الزبده الفقهیه فی شرح الروضه البهیه الجزء9

اشارة

سرشناسه:ترحینی عاملی، محمدحسن

الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه .شرح

عنوان و نام پدیدآور:الزبده الفقهیه فی شرح الروضه البهیه/تالیف محمدحسن ترحینی العاملی.

مشخصات نشر:قم: دارالفقه للطباعه والنشر، 1427ق.= 1385.

مشخصات ظاهری:9 ج.

شابک:دوره 964-8220-31-X : ؛ 300000 ریال: ج.1، چاپ سوم 964-8220-32-8 : ؛ ج.2 964-8220-33-6 : ؛ ج.3 964-8220-34-4 : ؛ 300000 ریال (ج. 2، چاپ سوم) ؛ 300000 ریال (ج.3، چاپ سوم) ؛ ج.4 964-8220-35-2 : ؛ 300000 ریال (ج.4، چاپ سوم) ؛ ج.5 964-8220-36-0 : ؛ 300000 ریال (ج.5، چاپ سوم) ؛ 30000 ریال (ج.6، چاپ سوم) ؛ 35000 ریال : ج.6، چاپ چهارم 964-8220-37-9 : ؛ 300000 ریال : ج.7، چاپ سوم 964-8220-38-7 : ؛ 35000 ریال (ج.7، چاپ چهارم) ؛ ج. 8، چاپ سوم 964-8220-39-5 : ؛ 350000 ریال ( ج.8 ، چاپ چهارم ) ؛ 300000 ریال (ج. 9، چاپ سوم) ؛ 35000 ریال: ج.9، چاپ چهارم 964-8220-40-9 :

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری(ج.6، چاپ سوم)

یادداشت:عربی.

یادداشت:چاپ قبلی: مهدیس، 1383.

یادداشت:ج. 1، 6(چاپ سوم: 1426ق.=1384).

یادداشت:ج.6، 7 و 9 (چاپ چهارم 1427ق. = 1385) .

یادداشت:ج.2 - 9 (چاپ سوم: 1426ق. = 1384).

یادداشت:چ.8 ( چاپ چهارم : 1427ق. = 1385 )

یادداشت:کتاب حاضر شرحی است بر کتاب "روضه البهیه" شهید ثانی که خود شرحی است بر "اللمعه الدمشقیه" شهید اول.

یادداشت:کتابنامه.

موضوع:شهید ثانی، زین الدین بن علی، 911-966ق . الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه-- نقد و تفسیر

موضوع:شهید اول، محمد بن مکی، 734-786ق . اللمعه الدمشقیه-- نقد و تفسیر

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

شناسه افزوده:شهید اول، محمد بن مکی، 734-786ق . اللمعه الدمشقیه. شرح

شناسه افزوده:شهید ثانی، زین الدین بن علی، 911-966ق . الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه.شرح

رده بندی کنگره:BP182/3/ش9ل80212 1385

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:1033560

ص :1

اشارة

ص :2

ص :3

ص :4

ص :5

ص :6

کتاب المیراث

اشارة

(کتاب المیراث (1) (1)ففی خبر ابن مسعود عن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلم: (تعلموا الفرائض و علّموها الناس، فإنی امرؤ مقبوض و إن العلم سیقبض، و تظهر الفتن حتی یختلف الاثنان فی الفریضة فلا یجدان من یفصل بینهما)(1).

و عنه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: (تعلموا الفرائض فإنها من دینکم، فإنها نصف العلم، و هو ینسی، و هو أول شیء ینتزع من أمتی)(2).

و اختلفوا فی نصفیته للعلم، فقیل: لأنه مختص بإحدی حالتی الإنسان، و هی حالة الممات، بخلاف سائر العلوم فإنها تختص بحال الحیاة.

و قیل: لأنه مختص بأحد سببی الملک، و هو السبب الاضطراری للتملیک بالموت فی قبال السبب الاختیاری للتملیک من بیع و إجارة، و الإرث مختص بالسبب الأول و بقیة العلوم مختصة بالثانی.

و قیل: إن العلم قسمان، قسم یقصد فیه بالذات التعلم و التعلیم و العمل تابع، و قسم بالعکس، و الأول الإرث و الفرائض و الثانی باقی الفقه.

و قیل: إنه نصف العلم باعتبار المشقة، لأن معرفته و تعلم مسائله فیه مشقة عظیمة، بخلاف باقی العلوم.

ص:7


1- (1) سنن البیهقی ج 6 ص 208.
2- (2) سنن البیهقی ج 6 ص 209.

و هو (1): مفعال من الإرث (2)، و یاؤه منقلبة عن واو (3)، أو من الموروث (4)

و هو علی الأول (5): «استحقاق إنسان بموت آخر بنسب أو سبب (6) شیئا بالأصالة (7).

و علی الثانی (8): «ما یستحقه (9) إنسان..» إلی آخر بحذف الشیء (10) و هو أعم من «الفرائض» (11)

-و قیل: إنه نصف العلم باعتبار الثواب، لما روی أن ثواب مسألة من الفرائض ثواب عشرة من غیره.

(1)أی المیراث، و أصله موراث، قلبت واوه یاء لکسر ما قبلها، و هذا الوزن أعنی مفعال من أوزان اسم الآلة، و اسم الآلة فیه جهة مصدریة وجهة اسمیة.

فإن لوحظت الأولی، فالمیراث هو استحقاق الإنسان بموت الآخر شیئا، إذا کان بینهما نسب أو سبب.

و إن لوحظت الثانیة دون الأولی؛ فالمیراث هو ما یستحقه الإنسان بموت الآخر شیئا إذا کان بینهما نسب أو سبب.

(2)إن لوحظت الجهة المصدریة فی اسم الآلة.

(3)لکسر ما قبلها.

(4)إن لوحظت الجهة الاسمیة فی اسم الآلة.

(5)أی من الإرث.

(6)احتراز عن الوصیة.

(7)احتراز عن الوقف الذری، فلو کان الوقف علی الأولاد ثم علی أولادهم فیصدق علی انتقال الموقوف من الأولاد إلی أولادهم عند موت الأوائل أنه استحقاق إنسان بموت آخر شیئا، إلا أنه لیس فی أصل الشرع بل بسبب عروض الوقف.

(8)أی الموروث.

(9)و هو المنتقل من المورث إلی الوارث.

(10)و السبب فی حذفه لأن الشیء الوارد فی تعریف الإرث هو عین المستحق، و قد ذکر أولا فی التعریف الثانی.

(11)تعریض بالکثیر من الفقهاء، حیث عبروا عنه بکتاب الفرائض، و وجه الأعمیة: أن الفرائض جمع فریضة بمعنی السهم، و الفریضة هی المنصوص علیها فی الکتاب و السنة، -

ص:8

مطلقا (1)، إن أرید بها (2) المفروض بالتفصیل.

و إن أرید بها (3) ما یعمّ الإجمال (4) کإرث أولی الأرحام، فهو بمعناه (5)، و من ثمّ کان التعبیر بالمیراث أولی (6).

(و فیه فصول)

الفصل الأوّل فی الموجبات و الموانع

اشارة

(الأول) البحث (فی الموجبات) (7) للإرث (و الموانع) منه (8).

الموجب شیئان

اشارة

(یوجب الإرث) أی یثبته شیئان:(النسب و السبب،)

الأوّل النسب

(فالنسب) هو (9):

الاتصال بالولادة بانتهاء أحدهما إلی الآخر، کالأب و الابن (10)، أو بانتهائهما إلی ثالث (11)، -کالنصف للأخت و الربع و الثمن للزوجة و هکذا، فهی لا تشمل إرث القرابة المستفاد من قوله تعالی: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ (1) بخلاف الإرث فإنه یشمل الفرائض المنصوصة و إرث القرابة.

(1)قید للعموم أی عموما مطلقا، لا من وجه.

(2)بالفرائض.

(3)بالفرائض.

(4)أی ما یعم السهام المفروضة و المنصوص علیها فی الکتاب و السنة و إرث القرابة.

(5)أی فلفظ الفرائض کلفظ الإرث معنی.

(6)وجه الأولویة: أن انطباق الإرث علی إرث القرابة بلا تأویل، بخلاف لفظ الفرائض فإن انطباقه علی إرث القرابة بحاجة إلی تأویل بعد کونه موضوعا لما هو مفروض تفصیلا.

(7)و المراد بها الأسباب.

(8)من الإرث.

(9)تعریف له بما له من معنی عرفی، و لیس للشارع فیه معنی خاص.

(10)فانتهاء اتصال الابن من جهة العلو، و انتهاء اتصال الأب من جهة النزول، و لا یتجاوز أحدهما الآخر.

(11)کالأخوین یرجعان إلی أب واحد، و العم و ابن أخیه یرجعان إلی أب العم وجد ابن الأخ و هو واحد.

ص:9


1- (1) الأنفال الآیة: 75.

مع صدق اسم النّسب عرفا (1) علی الوجه الشرعی (2).

و هو ثلاث مراتب (3)، لا یرث أحد من المرتبة التالیة مع وجود واحد من المرتبة السابقة، خال (4) من الموانع.

فالأولی:(الآباء) دون آبائهم (5)(و الأولاد) و إن نزلوا.

(ثم) الثانیة:(الإخوة) و المراد بهم: ما یشمل الأخوات للأبوین، أو أحدهما (6)(و الأجداد) و المراد بهم: ما یشمل الجدات (فصاعدا. و أولاد الإخوة) و الأخوات (فنازلا) ذکورا و إناثا.

و أفردهم عن الإخوة (7) لعدم إطلاق اسم الإخوة علیهم فلا یدخلون، و لو قیل (8):

(1)لیخرج البعید، لأن کل بنی آدم ینتهی إلی ثالث و هو آدم علیه السّلام.

(2)قید لیخرج الانتساب بالزنا، و إن سمی نسبا عرفا، و المراد بالوجه الشرعی ما کان بوط ء صحیح أو ما بحکمه کوط ء الشبهة.

(3)أی النسب، المرتبة الأولی: الأبوان من غیر ارتفاع و الأولاد، ذکرانا و إناثا، و إن نزلوا.

المرتبة الثانیة: الإخوة و الأخوات و أولادهم و إن نزلوا، و الأجداد و إن علوا.

المرتبة الثالثة: الأخوال و الأعمام و الخالات و العمات و أولادهم و إن نزلوا بشرط صدق اسم القرابة علیهم، و إلا لعمّم النسب و بطل الولاء.

و فی کل هذه المراتب تجری قاعدة منع الأبعد بالأقرب، فالولد یمنع ولد الولد، و الأخ یمنع ابن أخیه، و العم یمنع ابنه و هکذا.

و هنا إشکال حاصله: لو کان الولد یمنع ولد الولد و یمنع الإخوة، فلم جعل ولد الولد من الطبقة الأولی، و الإخوة من الطبقة الثانیة.

و الجواب: قد جعل ولد الولد من الطبقة الأولی لأنه یرث مع وجود الأب، کما یرث الولد مع وجود الأب، و المساوی للمساوی مساو.

(4)صفة لواحد من المرتبة السابقة، و إلا لو کان فیه مانع الإرث لانتقل الإرث إلی ما یوجد فی المرتبة التالیة.

(5)أی آباء الآباء.

(6)أحد الأبوین.

(7)أی أفرد المصنف أولاد الإخوة عن الإخوة.

(8)لو وصلیة، و المعنی لا یدخل أولاد الإخوة تحت الإخوة و إن قال المصنف: الإخوة و إن نزلوا.

ص:10

و إن نزلوا و نحوه. بخلاف الأجداد و الأولاد (1).

(ثم) الثالثة:(الأعمام و الأخوال) للأبوین، أو أحدهما (2) و إن علوا کأعمام الأب و الأم، و أعمام الأجداد (و أولادهم) فنازلا ذکورا و إناثا.

الثانی السبب

(و السبب) (3) هو الاتصال بالزوجیة، أو الولاء (4). و جملته (5)(أربعة الزوجیة) من الجانبین مع دوام العقد، أو شرط الإرث علی الخلاف (6)(و) ولاء (الإعتاق) (و) ولاء (ضمان الجریرة)(و) ولاء (الإمامة).

و الزوجیة من هذه الأسباب تجامع جمیع الورّاث، و الإعتاق لا یجامع النسب، و یقدّم علی ضمان الجریرة المقدّم علی ولاء الإمامة فهذه أصول موجبات الإرث.

الموانع للإرث

اشارة

و أما الموانع فکثیرة قد سبق بعضها (7) و یذکر هنا بعضها فی تضاعیف الکتاب (8)، و غیره (9)، و قد جمعها المصنف فی الدروس إلی عشرین (10) و ذکر هنا ستة:

(1)فالجد یطلق علی الأدنی و الأعلی، و الولد یطلق علی الابن و ابنه، فلذا عبر المصنف بالأجداد و أراد الجد و ما علی، و عبر بالأولاد و أراد به الولد و إن نزل.

(2)أحد الأبوین.

(3)و هو قسیم النسب، و هما موجبا الإرث، إلا أن السبب فی هذا الکتاب قد أرید به السبب الخاص و هو الاتصال بما عدا الولادة من زوجیة أو ولاء.

(4)بفتح الواو، و أصله القرب و الدنو، و المراد تقرب أحد الشخصین بالآخر علی وجه یوجب الإرث بغیر نسب و لا زوجیة.

(5)أی جملة السبب.

(6)إذا کان العقد منقطعا و قد اشترط الإرث فی متن العقد، فمع عدم الشرط لا توارث، و مع شرط التوارث خلاف، قد تقدم فی کتاب النکاح.

(7)کاللعان و الدین المستغرق للترکة و الزنا.

(8)کتاب الإرث.

(9)غیر کتاب الإرث.

(10)و هی: 1 - الرق، 2 - الکفر، 3 - القتل، 4 - اللعان، 5 - الزنا، 6 - التبرؤ عند السلطان من جریرة الابن و میراثه، 7 - الشک فی النسب، 8 - الغیبة المنقطعة، 9 - الدین المستغرق، 10 - العلم باقتران موت المتوارثین، 11 - الحمل ما لم ینفصل حیّا،

ص:11

أحدها: الکفر

أحدها: الکفر (1)(و یمنع الإرث) للمسلم (الکفر) بجمیع أصنافه، و إن انتحل معه الإسلام (فلا یرث الکافر) حربیا أم ذمیا أم خارجیا أم ناصبیا أم غالیا (2)(المسلم) و إن لم یکن مؤمنا (3)(و المسلم یرث الکافر) (4) و یمنع ورثته -12-بعد الدرجة مع وجود أقرب، 13 - عقد المریض علی امرأة ما لم یأذن الورثة، 14 - الطفل یقع من غیر استهلال و لا تعلم حیاته، 15 - اشتباه الوارث بالعبد، 16 - المنع بقدر الحبوة، 17 - المنع بمقدار الکفن، 18 - المنع بقدر الوصیة فیما دون الثلث، 19 - کون العین موقوفة، 20 - کون العبد جانیا فلا یرثه الورثة لو استرقه المجنی علیه أو ولیه.

(1)اتفق المسلمون علی أن الکفر یمنع الکافر من إرث المسلم للأخبار، منها: خبر أبی خدیجة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا یرث الکافر المسلم، و للمسلم أن یرث الکافر، إلا أن یکون المسلم قد أوصی للکافر بشیء)(1).

(2)لأن المراد بالکافر فی الخبر من کان خارجا عن الإسلام، سواء کان قد دخل فیه أولا کالمرتد، و سواء کان مع کفره منتحلا للإسلام کالناصبی، و سواء أقرّ علی دینه کالکتابی الذمی أو لا، کل ذلک عملا بعموم الخبر.

(3)أی علی ولایة أمیر المؤمنین و بنیه المعصومین علیهم السّلام. لعموم الخبر السابق.

(4)بلا خلاف فیه بیننا، ففی خبر عبد الرحمن بن أعین عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی النصرانی یموت، و له ابن مسلم، أ یرثه؟ قال: نعم، إن اللّه (عز و جل) لم یزدنا بالإسلام إلا عزا، فنحن نرثهم و هم لا یرثونا)(2)، و خبر سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن المسلم هل یرث المشرک؟ قال: نعم، فأما المشرک فلا یرث المسلم)(3).

و خالف أکثر العامة للنبوی (لا یتوارث أهل ملتین)، و هو محمول علی نفی التوارث من الجانبین، لأن التفاعل یقتضی ذلک، و هذا لا ینفی ثبوت الإرث من أحد الطرفین، و هذا ما صرحت به الأخبار، ففی روایة جمیل و هشام عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أنه قال: فیما روی الناس عن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أنه قال: لا یتوارث أهل ملتین، قال: نرثهم و لا یرثونا، إن الإسلام لم یزده فی حقه إلا شدة)(4) و فی خبر أبی العباس: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: لا یتوارث أهل ملتین، یرث هذا هذا و یرث هذا هذا، إلا أن المسلم یرث الکافر-

ص:12


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث حدیث 4.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث حدیث 5.
4- (4) الوسائل الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث حدیث 14.

الکفار، و إن قربوا و بعد (1). و کذا یرث المبتدع من المسلمین لأهل الحق و لمثله (2)، و یرثونه علی الأشهر (3).

و قیل: یرثه المحق، دون العکس.

(و لو لم یخلّف المسلم قریبا مسلما کان میراثه للمعتق (4)، ثمّ ضامن الجریرة، ثم الإمام علیه السّلام. و لا یرثه الکافر بحال)، بخلاف الکافر فإن الکفّار یرثونه مع فقد الوارث المسلم، و إن بعد کضامن الجریرة. و یقدّمون (5) علی الإمام علیه السّلام.

(و إذا أسلم الکافر علی میراث قبل قسمته) (6) بین الورثة، حیث یکونون متعددین (شارک) فی الإرث بحسب حاله (إن کان مساویا) لهم فی المرتبة، کما لو کان الکافر ابنا و الورثة إخوته (و انفرد) بالإرث (إن کان أولی) منهم کما لو -و الکافر لا یرث المسلم)(1).

(1)أی و إن قرب الکفار الورثة، و بعد المسلم الوارث.

(2)لعموم أدلة التوارث بین المسلمین، و بدعته لا تخرجه عن الإسلام، و خالف المفید فمنع إرث المعتزلی و المرجئ و أهل الحشویة من المؤمن، و قال فی الجواهر: «و لعل الوجه فیه إطلاق الکفر علی المخالفین فی بعض الأخبار، و هو محمول علی الکفر الإیمانی دون الإسلامی».

(3)بل المشهور لأن المخالف لیس کثیرا.

(4)و إن کان المسلم قد ترک وراثا کفارا فلا یرثوه، بلا خلاف فیه بعد ما عرفت من عدم إرث الکافر للمسلم.

(5)أی الورثة الکفار، و إن اختلفوا فی الملل و النحل، لأن الکفر ملة واحدة، نعم شرط التوارث فقد الوارث المسلم غیر الإمام، و لو منعهم الإمام المعصوم لما ثبت أصلا إرث بینهم لوجود الإمام دائما، و هذا الحکم لا خلاف فیه من أحد.

(6)أی قسمة المیراث، فله حصة، فإن انفرد فالمیراث کله له، و إن شارک فله نصیبه بلا خلاف فیه، ففی خبر ابن مسکان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من أسلم علی میراث قبل أن یقسّم فله میراثه، و إن أسلم بعد ما قسّم فلا میراث له)(2) و مثله غیره.

ص:13


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب موانع الإرث حدیث 15.
2- (2) الوسائل الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث حدیث 2.

کانوا إخوة مسلما کان المورّث أم کافرا (1)، و نماء الترکة کالأصل (2).

(و لو) أسلم بعد القسمة (3)، أو (کان الوارث واحدا فلا مشارکة) (4)، و لو کان الوارث الإمام (5) حیث یکون المورّث مسلما ففی تنزیله (6) منزلة الوارث الواحد، أو اعتبار نقل الترکة إلی بیت المال، أو توریث المسلم مطلقا (7) أقوال.

و وجه الأول واضح (8) دون الثانی، و الأخیر مروی.

(1)لإطلاق الأدلة.

(2)لأن النماء المتجدد بعد الموت هو میراث قبل القسمة.

(3)فلا یرث، بلا خلاف فیه، و لأخبار تقدم بعضها.

(4)لأن المیراث قد انتقل إلی الوارث الوحید من حین موت المورّث.

(5)فعلی المشهور أن الذی أسلم أولی بالمیراث من الإمام، لخبر أبی بصیر قال: (سألت أبا جعفر علیه السّلام: عن رجل مسلم مات و له أم نصرانیة، و له زوجة و ولد مسلم، فقال علیه السّلام: إن أسلمت أمه قبل أن یقسّم میراثه أعطیت السدس، قلت: فإن لم یکن له امرأة، و لا ولد، و لا وارث له سهم فی الکتاب من المسلمین، و أمه نصرانیة و له قرابة نصاری ممن له سهم فی الکتاب لو کانوا مسلمین، لمن یکون میراثه؟

قال: إن أسلمت أمه فإن جمیع میراثه لها، و إن لم تسلم أمه و أسلم بعض قرابته ممن له سهم فی الکتاب فإن میراثه له)(1).

و ذهب الشیخ فی المبسوط و ابن حمزة إلی التفصیل فإذا کان إسلام الوارث قبل نقل الترکة إلی بیت المال فیرث، و إلا فلا، و قال فی المسالک: «و وجهه غیر واضح»، و قال فی الجواهر: «و لم نعرف لهم مستندا».

و ذهب الشیخ فی النهایة و ابن البراج إلی أنه لا یرث الکافر إذا أسلم لأن الإمام کالوارث الواحد، فلا قسمة فی حقه فینتقل المال من المورّث إلی الإمام عند الموت فیکون اسلام الکافر و لا میراث.

إلا أنه ردّ للأخبار التی تقدم بعضها، و لذا قال فی الجواهر: «إنه اجتهاد فی مقابل النص».

(6)أی تنزیل الإمام.

(7)سواء نقل المال إلی بیت المال أو لا.

(8)لأنه لا قسمة فی حق الوارث الواحد، و لکنه اجتهاد فی قبال النص.

ص:14


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1.

و لو کان الوارث أحد الزوجین (1)، فالأقوی: أن الزوج کالوارث المتحد، و الزوجة کالمتعدد لمشارکة الإمام علیه السّلام لها دونه (2) و إن کان غائبا (3).

و لو کان الإسلام بعد قسمة البعض (4)، ففی مشارکته فی الجمیع (5) أو فی الباقی (6) أو المنع منهما (7) أوجه أوسطها (8) الوسط.

(و المرتد عن فطرة) و هو الذی انعقد (9) و أحد أبویه مسلم (لا تقبل توبته) (10)

(1)بحیث کان للمورّث زوج أو زوجة، و وارث کافر قد أسلم.

فإن کان الوارث هو الزوج فلا یصدق علی الوارث الآخر أنه أسلم علی میراث قبل القسمة لأن المیراث انتقل بتمامه إلی الزوج من حین الموت، غایته یأخذ الزوج نصیبه بالفرض و الباقی بالرد.

و إن کان الوارث هو الزوجة فالزوجة تأخذ نصیبها بالفرض، و لا ردّ علیها، و الباقی للإمام، فإن انتقل المال إلی بیت الإمام فلا شیء للکافر إذا أسلم بعد ذلک، و إن لم ینتقل فالباقی له، هذا ما علیه المشهور، و ذهب الشیخ و القاضی ابن البراج إلی أن الکافر لو أسلم یأخذ ما یفضل عن نصیب الزوجة، و فیه: إن هذا یتم فی الزوجة قبل مشارکة الإمام لها لا مطلقا.

(2)دون الزوج فلا یشارکه الإمام.

(3)أی الإمام.

(4)أی کان إسلام الکافر الوارث بعد قسمة بعض المیراث.

(5)فی جمیع المیراث کما هو قول العلامة فی التحریر و القواعد و الإرشاد، لأن المیراث هو الجمیع، و الجمیع لم یقسّم بعد حسب الفرض.

(6)أی باقی المیراث الذی لم یقسّم کما هو قول المشهور، لأن الباقی میراث أسلم علیه قبل قسمته، و أما ما قسّم فقد ارتفع عنوان المیراث علیه بالقسمة.

(7)من الجمیع و الباقی، فلا یرث الکافر لو أسلم بعد قسمة البعض و لم یعرف قائله، و قال فی الجواهر «فما عن بعضهم من احتمال العدم - عدم المشارکة مطلقا - لصدق القسمة فی الجملة فی غایة الضعف».

(8)أعدلها.

(9)ماؤه.

(10)جری الدیدن علی ذکر المرتد الفطری فی باب الإرث، لأن ماله یقسّم علی ورثته و إن کان حیا إذا کان رجلا، و استطردوا بذکر بعض الأحکام المترتبة علی الارتداد هذا من -

ص:15

ظاهرا و إن قبلت باطنا علی الأقوی (1)(و تقسّم ترکته) بین ورثته بعد قضاء دیونه منها، إن کان علیه دین (و إن لم یقتل) بأن فات السلطان، أو لم تکن ید المستوفی (2) مبسوطة (و یرثه المسلمون لا غیر) (3) لتنزیله منزلة المسلم (4) فی کثیر من الأحکام کقضاء عبادته الفائتة زمن الردة (5).

(و) المرتد (عن غیر فطرة) (6) و هو الذی انعقد و لم یکن أحد أبویه مسلما لا یقتل معجّلا، بل (یستتاب) (7) عن الذنب الذی ارتدّ بسببه (فإن تاب، و إلا قتل) و لا یقسّم ماله حتی یقتل، أو یموت، و سیأتی بقیة حکمه فی باب الحدود إن شاء اللّه تعالی.

(و المرأة لا تقتل بالارتداد) (8)، لقصور عقلها (و لکن تحبس و تضرب أوقات) -جهة، و من جهة أخری فلا تقبل توبته ظاهرا بمعنی وجوب قتله لو ارتد و إن تاب، لصحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (من رغب عن الإسلام و کفر بما أنزل اللّه علی محمد صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بعد إسلامه فلا توبة له، و وجب قتله، و بانت امرأته، فلیقسّم ما ترک علی ولده)(1). و مثله غیره.

(1)أی بینه و بین اللّه، و ذهب المشهور إلی عدم قبولها باطنا عملا بإطلاق الأخبار المتقدم بعضها، و الحق قبولها باطنا لوجوب التوبة علیه فلو لم تقبل باطنا لکان لغوا.

(2)للأحکام.

(3)فلو کان وارثه الأقرب کافرا فلا یرث، بل ینتقل المیراث إلی الوارث المسلم الأبعد.

(4)و المسلم لا یرثه الکافر.

(5)و أما وجوب قتله و بینونة امرأته و تقسیم ماله فلدلیل خاص.

(6)ذکر المرتد الملی فی باب الإرث لیس فی محله، لأن قسمة ماله متوقفة علی قتله، و هذا ما یتساوی فیه مع الجمیع بخلاف المرتد الفطری فإن قسمة ماله ثابتة من حین الارتداد و إن لم یقتل.

(7)لأخبار کثیرة منها: ما کتبه أمیر المؤمنین علیه السّلام إلی عامله (أما من کان من المسلمین ولد علی الفطرة ثم تزندق فاضرب عنقه و لا تستتبه، و من لم یولد منهم علی الفطرة فاستتبه، فإن تاب و إلا فاضرب عنقه)(2).

(8)سواء کان ارتدادها عن فطرة أو ملة، لأخبار منها: خبر الحسن بن محبوب عن أبی-

ص:16


1- (1) الوسائل الباب - 6 - من أبواب موانع الإرث حدیث 5.
2- (2) الوسائل الباب - 5 - من أبواب حد المرتد حدیث 5.

(الصلوات (1) حتی تتوب، أو تموت، و کذلک الخنثی) للشک فی ذکوریته المسلّطة علی قتله.

و یحتمل أن یلحقه حکم الرجل، لعموم قوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «من بدّل دینه فاقتلوه» (2)، خرج منه المرأة فیبقی الباقی (3) داخلا فی العموم إذ لا نصّ علی الخنثی بخصوصه و هذا متجه لو لا أن الحدود تدرأ بالشبهات.

ثانیها القتل

(و) ثانیها (القتل) أی قتل الوارث لولاه المورّث (4) و هو (مانع) من الإرث (إذا کان عمدا ظلما) (5) إجماعا، مقابلة له بنقیض مقصوده، و لقوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «لا میراث للقاتل» (6) و احترزنا بالظلم عما لو قتله حدّا أو قصاصا و نحوهما من القتل بحق (7) فإنه لا یمنع.

-عبد اللّه علیه السّلام (المرأة إذا ارتدت استتیبت، فإن تابت و رجعت، و إلا خلّدت فی السجن و ضیّق علیها فی حبسها)(1).

(1)کما فی خبر غیاث بن إبراهیم (لا تقتل و تستخدم خدمة شدیدة، و تمنع الطعام و الشراب إلا ما یمسک نفسها، و تلبّس خشن الثیاب، و تضرب علی الصلوات)2.

(2)سنن ابن ماجة ج 2 کتاب الحدود الباب الثانی.

(3)المشتمل علی الخنثی.

(4)قتل الوارث من باب إضافة المصدر إلی فاعله، و لولاه أی لو لا القتل، و المعنی: إن القاتل یرث المورّث لو لا القتل، فلو بدل الوارث بالقاتل لارتفع الإبهام.

(5)لأخبار منها: صحیح هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: لا میراث للقاتل)(2).

و موثق أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یتوارث رجلان قتل أحدهما صاحبه)4 و قال فی المسالک: «و الحکمة الکلیة فیه أنه لو ورثنا القاتل لم یأمن مستعجل الإرث أن یقتل مورّثه، فاقتضت المصلحة حرمانه مؤاخذة له بنقیض مطلوبه».

(6)الوسائل الباب - 7 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1.

(7)لخبر غیاث بن إبراهیم (سألت جعفر بن محمد علیهم السّلام عن طائفتین من المؤمنین إحداهما-

ص:17


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد المرتد حدیث 6 و 1.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 7 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1 و 5

(و لو کان) قتله (خطأ) محضا (منع من الدیة خاصة) علی أظهر الأقوال (1)، لأنه جامع بین النصین، و لأن الدیة یجب علیه (2) دفعها إلی الوارث للآیة (3)، و لا -باغیة و الأخری عادلة اقتتلوا، فقتل رجل من أهل العراق أباه أو ابنه أو أخاه أو حمیمه، و هو من أهل البغی و هو وارثه، أ یرثه؟ قال: نعم، لأنه قتله بحق)(1).

و التعلیل عام.

(1)الأقوال ثلاثة:

الأول: إنه یرث مطلقا و إلیه ذهب المفید و سلاّر و المحقق لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (سألته عن رجل قتل أمه أ یرثها؟ قال: إن کان خطأ ورثها، و إن کان عمدا لم یرثها)(2) و مثله غیره.

الثانی: إنه لا یرث مطلقا و إلیه ذهب ابن أبی عقیل لعموم قوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فی صحیح هشام بن سالم المتقدم (لا میراث للقاتل)، و لخصوص روایة الفضیل بن یسار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (و لا یرث الرجل أباه إذا قتله و إن کان خطأ)(3) و فی نسخة (و لا یرث الرجل الرجل).

الثالث: إنه یرث ما عدا الدیة و إلیه ذهب المشهور جمعا بین الدلیلین، و لأن الدیة یجب علیه دفعها إلی الوارث علی تقدیر کونه الخطأ شبیه العمد، و تدفعها عاقلته علی تقدیر کونه خطأ محضا، و علی الأول یجب الدفع إلی نفسه لو قلنا بإرثه من الدیة و هو لغو، و علی الثانی یجب الدفع إلیه من العاقلة عوضا عما جنی و هو غیر معقول، و لروایة عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده أن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قال: (ترث المرأة من مال زوجها و من دیته، و یرث الرجل من مالها و دیتها، ما لم یقتل أحدهما صاحبه فإن قتل أحدهما صاحبه عمدا فلا یرثه من ماله و لا من دیته، و إن قتله خطأ ورث من ماله و لا یرث من دیته)(4) و هی نص فی المقام، مع أن ذکر الزوجین لیس مخصصا بل یعمم الحکم لغیرهما من الورثة من باب إسقاط الخصوصیة.

(2)علی القاتل إذا کان القتل شبیه العمد.

(3)و هی قوله تعالی فَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلی أَهْلِهِ النساء الآیة: 92.

ص:18


1- (1) الوسائل الباب - 13 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 9 - من أبواب موانع الإرث حدیث 2.
3- (3) الوسائل الباب - 9 - من أبواب موانع الإرث حدیث 3.
4- (4) سنن البیهقی ج 6 ص 221.

شیء من الموروث للقاتل یدفع إلیه (1). و الدفع إلی نفسه لا یعقل (2) و به (3) صریحا روایة عامیة (4).

و قیل (5): یمنع مطلقا (6)، لروایة الفضیل بن یسار عن الصادق علیه السّلام:

«لا یرث الرجل الرجل إذا قتله، و إن کان خطأ» (7).

و قیل: یرث مطلقا (8)، لصحیحة عبد اللّه بن سنان عنه علیه السّلام فی رجل قتل أمّه أ یرثها؟ قال: «إن کان خطأ ورثها، و إن کان عمدا لم یرثها (9)» و ترک الاستفصال (10) دلیل العموم فیما ترکته مطلقا و منه الدیة (11). و روایة الفضیل مرسلة (12)

(1)فی الخطأ المحض، فالدیة علی العاقلة فلو ورث القاتل منها لوجب علی العاقلة أن تدفع إلیه عوضا عما جنی و هو غیر معقول.

(2)فی الخطأ شبیه العمد فالدیة علیه فلو ورث القاتل منها لوجب علیه أن یدفع لنفسه و هو لغو.

(3)بالمنع من الدیة خاصة.

(4)و هی روایة عمرو بن شعیب المتقدمة.

(5)و هو قول ابن أبی عقیل.

(6)من الدیة و غیرها.

(7)الوسائل الباب - 9 - من أبواب موانع الإرث حدیث 3، و فی نسخة «و لا یرث الرجل أباه»، و علی هذه النسخة فیکون الحکم مختصا بالابن فقط لا فی مطلق الوارث القاتل.

(8)من الدیة و غیرها و هو قول المفید و سلاّر و المحقق.

(9)الوسائل الباب - 9 - من أبواب موانع الإرث حدیث 2.

(10)أی عدم التفصیل.

(11)أی مما ترکته.

(12)فسندها قد روی بطریقین:

الأول: محمد بن یعقوب بإسناده عن علی بن الحسن بن فضال عن رجل عن محمد بن سنان عن حماد بن عثمان عن فضیل بن یسار.

الثانی: محمد بن یعقوب عن الحسین بن محمد عن معلّی بن محمد عن بعض أصحابه عن حماد بن عثمان عن فضیل بن یسار.

ص:19

فلا تعارض الصحیح (1).

و فی إلحاق شبه العمد به (2) أو بالخطإ (3) قولان، أجودهما الأول لأنه (4) عامد فی الجملة.

و وجه العدم: کونه خاطئا کذلک (5)، و لأن التعلیل (6) بمقابلته (7) بنقیض مقصوده لا یجری فیه (8).

و لا فرق بین الصبی و المجنون و غیرهما (9)، لکن فی إلحاقهما بالخاطئ أو العامد (10) نظر، و لعل الأول أوجه (11).

و لا بین المباشر و السبب (12) فی ظاهر المذهب (13)، للعموم (14).

(و یرث الدیة) (15) دیة المقتول سواء وجبت أصالة کالخطإ و شبهه، أم صلحا (1)و هو صحیح عبد اللّه بن سنان.

(2)بالعمد، کما عن الفضل و القدیمین و العلامة فی القواعد و فخر المحققین و جماعة.

(3)کما عن المعظم.

(4)لأن القاتل.

(5)فی الجملة.

(6)و هو حکمة منع القاتل من الإرث.

(7)بمقابلة القاتل.

(8)لأنه لم یقتل مورّثه لیستعجل إرثه.

(9)فی انطباق عنوان القاتل علیه، و غیرهما کالنائم و الساقط من غیر اختیار.

(10)عند قتل العمد، لأن عند قتلهما خطأ فلا معنی للقول بأنه قتل عمدی.

(11)إلحاق عمدهما بالخطإ لرفع التکلیف عنهما، و دلیل الثانی أن العمد تابع للقصد و هو حاصل فی الصبی و المجنون، و هو ضعیف لرفع حکم العمد عنهما لرفع القلم عنهما.

(12)فی صدق القاتل علیهما، و المراد بالمباشر هو الذی باشر القتل، و بالسبب هو الذی حفر حفرة فی الطریق - مثلا - أو فی غیر أرضه بحیث من یقع فیها یقتل، و قد ذهب الفاضل الهندی فی کشف اللثام و الصدوق و الکلینی إلی عدم صدق القاتل علی المسابب، و هو ضعیف.

(13)مذهب الإمامیة کأن المخالف معدوم.

(14)عموم لفظ القاتل الشامل لهما.

(15)اختلف الأصحاب فی وارث الدیة علی أقوال:

ص:20

کالعمد (1)(کلّ مناسب) للمقتول (و مسابب له) کغیرها من أمواله، لعموم آیة «أولی الأرحام (2)» فإنهم جمع مضاف.

(و فی) إرث (المتقرب بالأم) لها (3)(قولان) مأخذهما: ما سلف (4)، و دلالة -الأول: یرثها من یرث غیرها من أمواله و إلیه ذهب الشیخ فی المبسوط و موضع من الخلاف و ابن إدریس فی أحد قولیه لعموم آیة وَ أُولُوا الْأَرْحامِ (1) و هی مطلق یشمل الدیة و غیرها.

الثانی: یرثها من عدا المتقرب بالأم، ذهب إلیه الشیخ فی النهایة و أتباعه و ابن إدریس فی القول الآخر لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن أمیر المؤمنین علیه السّلام قضی أن الدیة یرثها الورثة علی کتاب اللّه و سهامهم إذا لم یکن علی المقتول دین إلا الإخوة من الأم و الأخوات من الأم، فإنهم لا یرثون من الدیة شیئا)(2). و لروایة محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام (الدیة یرثها الورثة علی فرائض المواریث إلا الاخوة من الأم فإنهم لا یرثون من الدیة شیئا)3.

و لخبر عبید بن زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یرث الإخوة من الأم من الدیة شیئا)(3).

و هذه الروایات و إن دلت علی حرمان الإخوة للأم لکن یعمم الحکم إلی کل متقرب إلی المیت بها بالأولی لأن الإخوة للأم هم إخوته من أمه، و هم أقرب إلیه من أخواله و أولادهم.

الثالث: یمنع من الدیة من تقرب إلی المیت بالأم وحدها، و من تقرب إلی المیت بالأب وحده، و یرثها من یتقرب إلی المیت بالأبوین، و هو قول الشیخ فی موضع من الخلاف، و هو کما تری لا دلیل علیه.

و الأولی الاقتصار علی مورد النص و هو منع إخوة المیت من أمه من الدیة فقط.

(1)لأن الأصل فی العمد القتل إلا أن یعفو ولی الدم و یأخذ المال عوضا عن عفوه. ففی خبر إسحاق عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قال: إذا قبلت دیة العمد فصارت مالا فهی میراث کسائر الأموال)(4).

(2)الأنفال الآیة: 75.

(3)للدیة.

(4)من الآیة.

ص:21


1- (1) الأنفال الآیة: 75.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 10 - من أبواب موانع الإرث حدیث 2 و 4.
3- (4) الوسائل الباب - 10 - من أبواب موانع الإرث حدیث 5.
4- (5) الوسائل الباب - 14 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1.

روایة محمد بن قیس، و عبد اللّه بن سنان و عبید بن زرارة (1) عن الباقر و الصادق علیهما السّلام بحرمان الإخوة من الأم، و ألحق غیرهم من المتقرب بها بهم (2)، لمفهوم الموافقة (3) و استقر به المصنف فی الدروس بعد حکمه بقصر المنع علی موضع النص.

(و یرثها الزوج و الزوجة) (4) فی الأشهر (5)، و روایة السکونی (6) بمنعهما ضعیفة، أو محمولة علی التقیة (و لا یرثان القصاص) (7) اتفاقا (و) لکن (لو صولح علی الدیة) فی العمد (ورثا منها) (8) کغیرها من الأموال، و غیرهما من الورّاث (9) (1)الوسائل الباب - 10 - من أبواب موانع الإرث حدیث 4 و 2 و 5.

(2)و المعنی: ألحق غیر الإخوة من المتقرب إلی المیت بالأم بالإخوة.

(3)بل للقیاس و لذا کان المتعین الاقتصار علی الإخوة للأم.

(4)أی یرث کل منهما دیة الآخر، لوجود المقتضی و عدم المانع، أما الأول فلعموم ما دل علی التوارث بین الزوجین مما ترک الآخر، و أما الثانی فلأن ما یتوهم أنه مانع هو روایة السکونی عن جعفر عن أبیه (أن علیه السّلام کان لا یورث المرأة من دیة زوجها شیئا، و لا یورث الرجل من دیة امرأته شیئا، و لا الإخوة من الأم من الدیة شیئا)(1).

و هی ضعیفة بالسکونی لأنه عامی و محمولة علی التقیة لمعارضتها لأخبار، منها: خبر عبید بن زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (للمرأة من دیة زوجها، و للرجل من دیة امرأته ما لم یقتل أحدهما صاحبه)(2).

(5)لیس إشارة إلی خلاف، بل إشارة إلی وجود خبر مخالف.

(6)الوسائل الباب - 11 - من أبواب موانع الإرث حدیث 4.

(7)لأن القصاص یثبت لولی الدم للتشفی، و لا نسب فی الزوجیة من حیث هی زوجته توجب الولایة علی دمه.

(8)من الدیة، لأنها کسائر أمواله فیصدق علیها المیراث، و فی خبر إسحاق عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قال: إذا قبلت دیة العمد فصارت مالا، فهی میراث کسائر الأموال)(3).

(9)أی غیر الزوجین یرث من الدیة أیضا.

ص:22


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب موانع الإرث حدیث 4.
2- (2) الوسائل الباب - 11 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 14 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1.

للعموم (1).

ثالثها الرقّ

(و) ثالثها (الرقّ) و هو (مانع) من الإرث (فی الوارث) (2) و إن کان المورّث مثله. بل یرثه الحرّ (3) و إن کان ضامن جریرة، دون الرقّ و إن کان ولدا (و) فی (المورّث) (4) فلا یرث الرقّ قریبه الحرّ و إن قلنا بملکه، بل ماله لمولاه بحقّ الملک، لا بالإرث، مطلقا (5).

(و لو کان للرقیق) ولد المیّت (ولد) حرّ (ورث جدّه (6)، دون الأب)، لوجود المانع فیه دونه (7)، و لا یمنع برقّ أبیه (و کذا الکافر و القاتل لا یمنعان) من الإرث (من یتقرب بهما)، لانتفاء المانع منه دونهما (8).

(1)فی خبر إسحاق المتقدم (فهی میراث کسائر الأموال).

(2)للأخبار منها: خبر عمر بن یزید عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یرث عبد حرا)(1)، و خبر علی بن رئاب (قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: العبد لا یرث)2.

(3)أی یرث المیت وارثه الحر و إن کان بعیدا، و لا یرثه وارثه العبد و إن کان قریبا. ففی خبر مهزم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی عبد مسلم و له أمّ نصرانیة و للعبد ابن حر، قیل:

أ رأیت إن ماتت أمّ العبد و ترکت مالا؟ قال: یرثها ابن ابنها الحر)(2).

(4)أی الرق مانع من إرثه، فلا یرثه أقرباؤه لأن العبد و ما یملک لمولاه، فالمال لمولاه حینئذ.

(5)سواء فی ذلک القن و المکاتب و المشروط و المدبّر.

(6)أی یرث ولد العبد جدّه دون أبیه.

(7)أی لوجود مانع الإرث فی الأب دون ابنه، و قد تقدم خبر مهزم (أ رأیت إن ماتت أم العبد و ترکت مالا، قال علیه السّلام: یرثها ابن ابنها الحر) و روایة الفضل بن عبد الملک قال (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن المملوک و المملوکة هل یحجبان إذا لم یرثا؟ قال علیه السّلام:

لا)(3).

(8)أی لانتفاء مانع القتل و الکفر من الولد دون الکافر و القاتل فالمانع موجود.

و بعبارة أخری: إن القاتلیة و الکفر فی الأب لا تصلح للمانعیة فی ابنه لأخبار منها: خبر-

ص:23


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 16 - من أبواب موانع الإرث حدیث 6 و 7.
2- (3) الوسائل الباب - 17 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1.
3- (4) الوسائل الباب - 16 - من أبواب موانع الإرث حدیث 9.

(و المبعّض) (1) أی من تحرّر بعضه و بقی بعضه رقّا (یرث بقدر ما فیه من الحریة، و یمنع) من الإرث (بقدر الرقیة)، فلو کان للمیت ولد نصفه حر، و أخ حر فالمال بینهما نصفان (2)، و لو کان نصف الأخ حرا أیضا فللابن النصف، و للأخ الربع (3). و الباقی للعمّ الحر إن کان، فلو کان نصفه حرا (4) فله الثمن و الباقی لغیره من المراتب المتأخرة عنه. و هکذا (و یورّث المبعّض کذلک) (5) فإذا -جمیل عن أحدهما علیه السّلام (فی رجل قتل أباه قال: لا یرثه و إن کان للقاتل ولد ورث الجدّ المقتول)(1) و فی خبره الآخر (لا یرث الرجل إذا قتل ولده أو والده، و لکن یکون المیراث لورثة القاتل)2.

و قد تقدم خبر أبی بصیر فی رجل مسلم قد مات و أمه نصرانیة فقال علیه السّلام: (و إن لم تسلم أمه و أسلم بعض قرابته ممن له سهم فی الکتاب فإن میراثه له)(2).

(1)یرث بقدر ما فیه من الحریة و یمنع بقدر ما فیه من الرقیة، بلا خلاف فیه بیننا للأخبار، منها: معتبرة منصور بن حازم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (المکاتب یرث و یورّث علی قدر ما أدی)(3) و فی خبر محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام فی مکاتب کانت تحته امرأة حرة (فقضی أنه یرث بحساب ما أعتق منه)5.

و خالف جماعة من العامة فحکم بعضهم بأنه لا یرث و لا یورث، و قال بعضهم: إنه یرث و لا یورّث، و یرد قولهم ما أوردوه من النبوی (فی العبد یعتق بعضه یرث و یورّث علی قدر ما أعتق منه)(4).

(2)لأنه لو لم یکن للمیت ولد سوی العبد لکان له علی تقدیر حریته المال کله، فله نصفه علی تقدیر نصف الحریة، و النصف الآخر من المیراث لمن بعده من الطبقات و هو الأخ فی المقام.

(3)لأن له النصف علی تقدیر حریته فله نصفه علی تقدیر نصف حریته و نصف النصف ربع.

(4)أی العم، فله الربع علی تقدیر حریته فیکون له الثمن الذی هو نصف الربع علی تقدیر نصف حریته.

(5)علی ما فیه من الحریة و قد تقدم دلیله.

ص:24


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 12 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1 و 2.
2- (3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1.
3- ( (4 و 5) الوسائل الباب - 19 - من أبواب موانع الإرث حدیث 3 و 1.
4- (6) المغنی لابن قدامة ج 7 ص 135.

کان نصفه حرا فلمولاه نصف ترکته، و لوارثه الحرّ النصف و هکذا.

(و إذا أعتق) الرقّ (علی میراث قبل قسمته فکالإسلام) (1) قبل القسمة یرث إن کان الوارث متعددا و لم یقتسموا الترکة، و یمنع مع اتحاده، أو سبق القسمة علی عتقه إلی آخر ما ذکر.

(و إذا لم یکن للمیّت وارث سوی المملوک أشتری من الترکة) (2) و لو قهرا علی مولاه (3). و المتولی له (4) الحاکم الشرعی، فإن تعذّر تولاه غیره کفایة (5) (و أعتق و ورث) باقی الترکة (أبا کان) الرق (للمیّت أو ولدا أو غیرهما) من الأنساب علی الأشهر (6)، أما الأبوان (7) و الأولاد (8) فموضع وفاق، و به نصوص (1)بحیث لو أعتق قبل القسمة فله نصیبه و إن کان بعد القسمة فلا میراث له، بلا خلاف فیه، ففی صحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما علیهما السّلام (من أعتق علی میراث قبل أن یقسّم المیراث فهو له، و من أعتق بعد ما قسّم فلا میراث له)(1). و خبر ابن مسکان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (من أعتق علی میراث قبل أن یقسّم فله میراثه، و إن أعتق بعد ما قسّم فلا میراث له)(2).

(2)یشتری من الترکة و یعتق و یعطی باقی المیراث بلا خلاف فیه، ففی خبر سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (کان أمیر المؤمنین علیه السّلام یقول فی الرجل الحر یموت و له أم مملوکة: تشتری من مال ابنها ثم تعتق ثم تورث)(3) و خبر عبد اللّه بن سنان (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول فی رجل توفی و ترک مالا و له أمّ مملوکة: تشتری أمه و تعتق ثم یدفع إلیها بقیة المال)4.

(3)بلا خلاف لأن عتقه واجب علی مالکه فیجبر علی بیعه لو امتنع.

(4)للشراء و العتق، لأنه من وظائفه.

(5)غیر الحاکم لأن الشراء و العتق من الأمور الحسبیة.

(6)لوقوع الخلاف فی ما عدا الأب.

(7)اقتصر الصدوق علی الأم فقط.

(8)اقتصر سلار علی الأبوین.

ص:25


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب موانع الإرث حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 18 - من أبواب موانع الإرث حدیث 2.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1 و 2.

کثیرة (1).

و ربما قیل بعدم فک الأولاد (2) و الأول هو المذهب.

و أما غیرهما من الأرحام (3) فببعضه (4) نصوص غیر نقیة السند (5)، و لم یفرّق أحد بینهم (6) فحکم الأکثر بفکّ الجمیع (7)، و توقف العلامة فی المختلف لذلک (8)، و له وجه.

و فی شراء الزوجة روایة صحیحة (9)،

(1)الوسائل الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث، و قد تقدم خبر سلیمان بن خالد و خبر ابن سنان الواردان فی الأم، و أما الأب ففی مرسل ابن بکیر عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا مات الرجل و ترک أباه و هو مملوک، أو أمه و هی مملوکة، أو أخاه أو أخته، و ترک مالا، و المیت حرّ أشتری مما ترک أبوه أو قرابته، و ورث ما بقی من المال)(1)و أما الأولاد ففی خبر جمیل بن دراج (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: الرجل یموت و له ابن مملوک قال: یشتری و یعتق ثم یدفع إلیه ما بقی)2.

و خبر إسحاق بن عمار قال (مات مولی لعلی علیه السّلام فقال: انظروا هل تجدون له وارثا، فقیل له: إن له ابنتین بالیمامة مملوکتین، فاشتراهما من مال المیت ثم دفع إلیهما بقیة المیراث)(2).

(2)و هو قول سلاّر.

(3)أی غیر الأبوین و الأولاد.

(4)و هو الأخ و الأخت.

(5)و هو مرسل ابن بکیر المتقدم الوارد فی الأخت و الأخ.

(6)بین بقیة الأرحام مما عدا الأولاد و الأبوین.

(7)لأن النصوص و إن وردت فی الأخ و الأخت لکن عمموا الحکم لعدم خصوصیة لهما.

(8)لأجل عدم نقاء السند.

(9)و هی صحیحة سلیمان بن خالد (قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: کان أمیر المؤمنین علیه السّلام إذا مات الرجل و له امرأة مملوکة اشتراها من ماله فأعتقها ثم ورّثها)(3).

ص:26


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث حدیث 3 و 4.
2- (3) الوسائل الباب - 20 - من أبواب موانع الإرث حدیث 8.
3- (4) الوسائل الباب - 53 - من کتاب العتق حدیث 1.

و حمل علیها (1) الزوج بطریق أولی (2).

و لو قصر المال عن قیمته (3) ففی فکه قولان، أشهرهما: العدم. وقوفا فیما خالف الأصل علی موضع الوفاق. و هذا یتجه فی غیر من اتفق علی فکه (4) و فیه (5) یتجه شراء الجزء و إن قلّ. عملا بمقتضی الأمر (6) بحسب الإمکان (7)، و لحصول الغرض به فی الجملة (8).

و علی المشهور (9) لو تعدد الرقیق و قصر المال عن فکّ الجمیع و أمکن أن یفک (1)علی الزوجة.

(2)لأنه أکثر نصیبا و أقوی سببا و لذا رد علیه دونها.

(3)قیل لا یفک و یکون المیراث للإمام علیه السّلام و هو المشهور بین الأصحاب، لأن الفک علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی موضع الیقین وصف ما لو کان المال بقدر قیمة الرق أو أزید، و لأصالة عدم وجوب الفک خرج منه ما إذا وفت الترکة بالقیمة فیبقی الباقی.

و قیل: یفک بما وجد من المیراث و یسعی فی الباقی، لأن المیسور لا یسقط بالمعسور، و قال فی الجواهر عنه: «لم نتحقق قائله».

(4)أی و عدم الفک متجه فی غیر الأبوین و الأولاد أما فیهما فیجب الفک لأن المیسور لا یسقط بالمعسور.

(5)من اتفق علی فکه.

(6)بوجوب الشراء و العتق الوارد فی الأخبار المتقدمة.

(7)لأن المیسور لا یسقط بالمعسور.

(8)أی فک الجزء تحصیل لغرض تملیک الوارث إذا کان عبدا للمیراث. و فی تفصیل الشارح ضعف لأن الأمر بفک جمیع الأرحام وارد فی مرسل ابن بکیر المنجبر بعمل الأصحاب.

(9)المشهور علی عدم الفک إذا لم تف الترکة بالعتق، فلو کان الرقیق القریب متعددا و متساوی الدرجة و قصرت الترکة عن شراء الجمیع و وفّت ببعضهم ففیه ثلاثة أوجه:

الأول: التخییر، لأن الأمر بوجوب شراء العبد ثابت، و الترکة غیر وافیة للجمیع فیتعین فک أحدهم، و لا ترجیح لأحدهم فیتخیر فی فک أحدهم.

الثانی: القرعة لأنها لکل أمر مشکل.

الثالث: عدم الفک، و هو الأشهر بل المشهور بل فی السرائر نفی الخلاف، لأن الفک علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی موطن الیقین و هو ما لو وفت الترکة بقیمة المملوک، و المفروض أن المملوک متعدد و المیراث لا یفی بقیمتهم.

ص:27

به البعض ففی فکه بالقرعة، أو التخییر، أو عدمه أوجه.

و کذا الإشکال لو وفت حصة بعضهم بقیمته (1) و قصر البعض، لکن فک الموفی هنا أوجه (2).

و ظاهر النصوص (3) توقف عتقه بعد الشراء علی الإعتاق کما یظهر من العبارة (4)، فیتولاه من یتولی الشراء (5).

(و لا فرق بین أم الولد، و المدبّر، و المکاتب المشروط، و المطلق (6) الذی لم یؤدّ شیئا) من مال الکتابة (و بین القنّ)، لاشتراک الجمیع فی أصل الرقیة، و إن تشبّث بعضهم بالحریة، و النهی عن بیع أم الولد مخصوص بغیر ما فیه تعجیل لعتقها، لأنه زیادة فی مصلحتها (7) التی نشأ منها المنع (8) فیصح (9)

(1)فلو فرض أن الترکة مائة دینار، و الورثة اثنان فلکل واحد خمسون، إلا أن قیمة أحدهم خمسون و الآخر أزید لمزیة فیه فیأتی نفس الإشکال من القرعة و التخییر أو عدم الفک.

(2)بدون تخییر و لا قرعة، لأن حصته تفی بذلک فیکون هو المرجح لعتقه.

(3)و هی حسنة جمیل بن دراج و صحیحة سلیمان بن خالد فهما الدالتان علی عتقه بعد الشراء، أما بقیة الأخبار فلا تدل علی العتق بعد الشراء.

ففی الأولی قال علیه السّلام (یشتری و یعتق) و فی الثانیة (کان أمیر المؤمنین علیه السّلام إذا مات الرجل و له امرأة مملوکة اشتراها من ماله فأعتقها).

(4)عبارة المصنف.

(5)أی یتولی الإعتاق، و هو الحاکم و قد تقدم الکلام فیه.

(6)لا فرق بین الجمیع للعموم الوارد فی الأخبار الآمرة بشراء العبد و عتقه.

فلا یتوهم ترجیح القن علی غیره بدعوی أن الغیر قد تشبث بالحریة کالمکاتب و أم الولد.

إن قلت: لو کان الجمیع علی نسق واحد فیصح شراء أم الولد و إخراجها من مال سیدها ثم عتقها، مع أنه قد ورد النهی عن بیعها.

قلت: النهی مخصوص بغیر ما فیه تعجیل عتقها کما لو کان الشراء لأجل الانتقال إلی مالک آخر.

(7)أی شراؤها و عتقها.

(8)أی مصلحتها هی القاضیة بالنهی عن بیع أم الولد کما ورد فی الخبر.

(9)شراؤها من أجل العتق.

ص:28

بطریق أولی (1).

و لو کان المطلق قد أدّی شیئا (2) و عتق منه بحسابه فکّ الباقی و إن کان یرث بجزئه الحر، لأن ما قابل جزءه الرقّ من الإرث بمنزلة من لا وارث له.

رابعها اللعان

(و) رابعها (اللعان) (3) و هو (مانع من الإرث) بین الزوجین (4) و بین الزوج و الولد المنفی به (5) من جانب الأب و الولد (6)(إلا أن یکذّب) الأب (نفسه) فی نفیه (7)(فیرثه الولد من غیر عکس) (8)

(1)و وجهه: أن العبد القن الذی لم یرد فیه نهی عن شرائه و بیعه و لم یلاحظ مصلحة تعجیل عتقه یصح فکه من المیراث، فأم الولد التی لوحظت مصلحة تعجیل عتقها بالنهی عن بیعها ففکها أولی.

(2)أی المکاتب المطلق، و الفرق بینه و بین المکاتب المشروط هو: أن الأول یتحرر منه بمقدار ما یدفع إلی سیده بخلاف الثانی فلا یتحرر منه شیء حتی یدفع تمام ما علیه.

(3)ظاهر العبارة أن اللعان من جملة الموانع، مع أن اللعان ملحق بالموانع کما علیه المشهور، فاللعان سبب لسقوط النسب فلا إرث لعدم مقتضیه بخلاف الکفر و القتل و الرق فالمقتضی للإرث موجود و هو النسب، فلذا ألحق اللعان الذی یوجب نفی المقتضی بالموانع التی یفترض فیها وجود المقتضی.

(4)لأن اللعان موجب لبطلان سبب الزوجیة ففی حسنة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (و إن لا عن لم تحل له أبدا)(1).

(5)باللعان.

(6)أی أن اللعان مانع من الجهتین فالولد المنفی لا یرث أباه، و لا الأب یرثه، لسقوط النسب بینهما بالملاعنة، ففی خبر زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام (إن میراث ولد الملاعنة لأمّه، فإن لم تکن أمّه حیّة فلأقرب الناس إلی أمه أخواله)2 و فی خبر محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی اللعان (فسألته من یرث الولد؟ فقال: أمّه، فقلت: أ رأیت إن ماتت الأم فورثها الغلام ثم مات الغلام بعد، من یرثه؟ فقال: أخواله)(2).

(7)نفی الولد.

(8)ففی خبر محمد بن مسلم (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل لاعن امرأته و انتفی من-

ص:29


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث ولد الملاعنة حدیث 1 و 2.
2- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث ولد الملاعنة حدیث 4.

و هل یرثه حینئذ (1) أقارب الأب مع اعترافهم به (2)، أو مطلقا (3)، أو عدمه مطلقا (4) أوجه، أشهرها: الأخیر، لحکم الشرع بانقطاع النّسب فلا یعود (5)، و إنما ورثه الولد بالتکذیب بدلیل خارج.

و لو اتفق للولد قرابة من الأبوین، و أخری من الأمّ کالأخوة (6) اقتسموه بالسویة، لسقوط نسب الأب، و لو کان المنفی توأمین توارثا بالأمومة (7).

خامسها الحمل

(و) خامسها (الحمل) (8) و هو (مانع من الإرث إلا أن ینفصل حیا) (9). فلو -ولدها، ثم أکذب نفسه بعد الملاعنة و زعم أن ولدها ولده هل تردّ علیه؟ قال: لا، و لا کرامة لا تردّ علیه و لا تحلّ له إلی یوم القیامة. إلی أن قال. فقلت: إذا أقرّ به الأب هل یرث الأب؟ قال: نعم و لا یرث الأب الابن)(1).

(1)حین تکذیب الأب نفسه.

(2)ذهب العلامة فی القواعد إلی جعل التوارث بین أقارب الأب بعد اعترافهم به سواء اعترف الأب أو لا وجها.

(3)سواء اعترف الأقارب بالولد أو لا فیرثه المتقرب بالأب و یرثه الولد.

(4)أی عدم الإرث بینهما سواء اعترف الأقارب به أم لا.

(5)أما حکمه بالانقطاع فهو عند اللعان و تقدم النص فی ذلک، و لا یعود النسب لو کذب الأب نفسه للاستصحاب.

(6)بأن کان للولد الملاعن إخوة من أبویه و إخوة من أمه، فالجمیع متقرب إلیه من ناحیة الأم فقط لأن قرابة الأب سقطت باللعان.

(7)بحیث لو مات أحدهما ورثه الآخر بقرابته من أمه لسقوط نسب الأب.

(8)و هو من لواحق الموانع لعدم المقتضی للإرث فیه، لأن المقتضی ولادته حیا.

(9)ففی صحیح الفضیل (سأل الحکم بن عتبة أبا جعفر علیه السّلام عن الصبی یسقط من أمّه غیر مستهلّ أ یورث، فأعرض عنه فأعاد علیه فقال: إذا تحرک تحرکا بیّنا ورّث، فإنه ربما کان أخرس)(2).

و منه یعلم إرادة المثال من نصوص الاستهلال کصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یصلی علی المنفوس و هو المولود الذی لم یستهلّ و لم یصح، و لم یورّث من الدیة و لا من غیرها، فإذا استهلّ فصلّ علیه و ورّثه)3.

ص:30


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث ولد الملاعنة حدیث 2.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 8 و 5.

سقط میتا لم یرث، لقوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «السقط لا یرث و لا یورّث» (1) و لا تشترط حیاته عند موت المورّث بل لو کان نطفة ورث، إذا انفصل حیا، و لا یشترط استقرار حیاته بعد انفصاله و لا استهلاله، لجواز کونه أخرس، بل مطلق الحیاة المعتبرة بالحرکة البینة (2)، لا بنحو التقلّص الطبیعی (3) کما لو خرج بعضه حیا و بعضه میتا (4).

و کما یحجب الحمل عن الإرث إلی أن ینفصل حیا یحجب غیره ممن هو دونه لیستبین أمره. کما لو کان للمیت امرأة أو أمة حامل و له إخوة (5) فیترک الإرث حتی تضع.

نعم لو طلبت الزوجة الإرث أعطیت حصة ذات الولد، لأنه المتیقن (6)، بخلاف الإخوة.

و لو کان هناک أبوان أعطیا السدسین (7)، أو أولاد (8) أرجئ سهم ذکرین (9)،

(1)مما روته العامة.

(2)کالبکاء و العطاس و التثاؤب و امتصاص الثدی ففی خبر ربعی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام یقول فی المنفوس إذا تحرک ورّث، إنه ربما کان أخرس)(1) و فی خبره الآخر (إذا سقط من بطن أمّه فتحرک تحرکا بیّنا، یرث و یورّث فإنه ربما کان أخرس)(2).

(3)کالتقلص فی العصب و اختلاج العضو الذی یحدث للضغط.

(4)فلا یرث، فهو کما لو خرج میتا، لأن إرثه مشروط بخروجه حیا.

(5)أی للمیت، فلا یعطی الإخوة من المیراث لاحتمال خروج الحمل حیا فإنه یحجب إخوة المیت.

(6)لأن الزوجة لها الثمن سواء خرج الحمل حیا أو لا، نعم لو خرج میتا فیکمل لها إلی الربع.

(7)لأنهما حصّة الأبوین علی فرض خروج الحمل حیا، فلو خرج میتا فیکمل لهما نصیبهما.

(8)أولاد المیت الذین هم إخوة الحمل.

(9)للحمل.

ص:31


1- (1) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 4.

لندور الزائد، فإن انکشف الحال بخلافه (1) استدرک زیادة و نقصانا.

و یعلم وجود الحمل حال موت المورّث بأن یوضع حیا لدون ستة أشهر منذ موته (2)، أو لأقصی الحمل (3) إن لم توطأ الأمّ وطئا یصلح استناده إلیه (4) فلو وطئت و لو بشبهة لم یرث، لاحتمال تجدده (5) مع أصالة عدم تقدمه.

سادسها: الغیبة المنقطعة

و سادسها: الغیبة المنقطعة (6) و هی مانعة من نفوذ الإرث ظاهرا (7) حتی یثبت الموت شرعا. و قد نبّه علیه بقوله:(و الغائب غیبة منقطعة) بحیث لا یعلم خبره (لا یورث حتی تمضی له) من حین ولادته (مدة لا یعیش مثله إلیها عادة) (8)، و لا عبرة بالنادر، و هی (9) فی زماننا مائة و عشرون سنة (10)، و لا یبعد الآن (11) الاکتفاء بالمائة، لندور التعمیر إلیها فی هذه البلاد (12).

فإذا مضت للغائب المدة المعتبرة حکم بتوریث من هو موجود حال الحکم.

و لو مات له قریب فی تلک المدة (13)، عزل له نصیبه منه (14) و کان بحکم ماله (15).

(1)بخلاف ما أرجئ.

(2)موت المورث.

(3)و هو سنة.

(4)استناد الحمل إلی هذا الوط ء.

(5)تجدد الحمل بعد وط ء الشبهة، و مع الاحتمال لا یمکن نسبته إلی الوط ء السابق بالإضافة إلی أصالة عدم تقدم الحمل عن الوط ء اللاحق.

(6)أی التی ینقطع فیها خبر الغائب، و هو المفقود.

(7)لاحتمال حیاته.

(8)و هو المشهور بین المتأخرین.

(9)المدة المعتادة للحیاة بین بنی البشر.

(10)کما قدرها بعضهم کما فی المسالک.

(11)فی زمن الشارح.

(12)البلاد الشامیة.

(13)المدة المعتادة للحیاة.

(14)عزل للمفقود نصیبه من قریبه الذی مات.

(15)أی المعزول.

ص:32

و الحکم بالتربص بمیراث الغائب المدّة المذکورة هو المشهور بین الأصحاب، و هو مناسب للأصل (1)، لکن لیس به (2) روایة صریحة. و ما ادعی له من النصوص (3) لیس دالا علیه (4).

و فی المسألة أقوال أخر مستندة إلی روایات بعضها صحیح.

منها (5): أن یطلب أربع سنین فی الأرض فإن لم یوجد قسّم ماله بین (1)و هو استصحاب حیاته.

(2)بهذا الحکم من التربص.

(3)و هی صحیحة هشام بن سالم (سأل خطاب الأعور أبا إبراهیم علیه السّلام و أنا جالس فقال:

إنه کان عند أبی أجیر یعمل عنده بالأجرة، ففقدناه، و بقی من أجره شیء - و فی التهذیب و لا نعرف له وارثا - قال علیه السّلام: فاطلبوه، قال: قد طلبناه فلم نجد، فقال:

مساکین و حرّک یدیه فأعاد علیه فقال: أطلب و اجهد، فإن قدرت علیه و إلا فهو کسبیل مالک حتی یجیء له طالب، فإن حدث بک حدث فأوصی به إن جاء له طالب یدفع إلیه)(1)، و هو ظاهر فی استمرار حیاة الغائب حتی تحصیل العلم بموته، و هو لا یتم إلا بمضی مدة لا یعلم ببقائه بعدها. و روایة معاویة بن وهب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل کان له علی رجل حق ففقده، و لا یدری أین یطلبه، و لا یدری أ حیّ هو أم میت؟ و لا یعرف له وارثا و لا نسبا و لا ولدا قال: أطلبه، قال: فإن ذلک قد طال فأتصدق به؟ قال علیه السّلام: أطلبه)2. و وجه الدلالة کالسابق. و مثله غیره من النصوص.

(4)للفرق بین مورد الأخبار و هو المفقود الذی لا یعلم وارثه و بین المفقود الذی یعرف وارثه کما فی مقامنا.

(5)من الأقوال و هو قول الصدوق و المرتضی و أبو الصلاح و قواه فی الدروس و مال إلیه فی المختلف، و یدل علیه موثق سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (المفقود یحبس ماله علی الورثة قدر ما یطلب فی الأرض أربع سنین، فإن لم یقدر علیه قسّم ماله بین الورثة)(2).

و موثق إسحاق بن عمار (قال لی أبو الحسن علیه السّلام: المفقود یتربّص بماله أربع سنین ثم یقسّم)4.

و یؤیده ما تقدم من الحکم باعتداد زوجته بعد أربع سنین عدة الوفاة بعد طلبه فی الأرض، و لذا حملت هذه الأخبار علی ما لو بحث عنه فی الأرض فی هذه المدة.

ص:33


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 1 و 2.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 9 و 5.

ورثته. ذهب إلیه المرتضی و الصدوق. و قواه المصنف فی الدروس و جنح إلیه العلامة، و هو قوی مروی. و یؤیده الحکم السابق باعتداد زوجته عدة الوفاة، و جواز تزویجها بعدها (1)، و لو لم یطلب کذلک (2) فالعمل علی القول المشهور.

و قیل: یکفی انتظاره عشر سنین من غیر طلب (3). و هو مروی (4) أیضا.

الحجب یلحق بالموانع
اشارة

(و یلحق بذلک (5) الحجب (6)

(1)بعد أربع سنین.

(2)أی أربع سنین.

(3)و هو قول ابن الجنید.

(4)و یدل علیه صحیحة علی بن مهزیار (سألت أبا جعفر الثانی علیه السّلام عن دار کانت لامرأة و کان لها ابن و ابنة، فغاب الابن فی البحر و ماتت المرأة فادّعت ابنتها أن أمها کانت صیّرت هذه الدار لها، و باعت أشقاصا منها و بقیت فی الدار قطعة إلی جنب دار رجل من أصحابنا، و هو یکره أن یشتریها لغیبة الابن، و ما یتخوّف أن لا یحل شراؤها و لیس یعرف للابن خبر، فقال لی: و منذ کم غاب؟ قلت: منذ سنین کثیرة؟ قال: ینتظر به غیبة عشر سنین ثم یشتری، فقلت: إذا انتظر به غیبة عشر سنین یحلّ شراؤها؟ قال:

نعم)(1).

و ذهب المفید إلی جواز قسمة میراثه لورثته الملاء مع ضمانهم له علی تقدیر ظهوره و یدل علیه موثق إسحاق بن عمار عن أبی الحسن الأول علیه السّلام (سألته عن رجل کان له ولد فغاب بعض ولده فلم یدر أین هو؟ و مات الرجل فأی شیء یصنع بمیراث الرجل الغائب من أبیه؟ قال: یعزل حتی یجیء، قلت: فعلی ماله زکاة؟ قال: لا حتی یجیء، قلت: فإذا جاء یزکّیه؟ قال: لا، حتی یحول علیه الحول فی یده، قلت: فقد الرجل فلم یجیء، قال: إن کان ورثة الرجل ملاء بماله اقتسموه بینهم فإذا هو جاء ردّوه علیه)(2).

(5)بالموانع.

(6)الحجب لغة هو المنع، و ألحق بالموانع لأن الوارث إن کان ممنوعا لأمر راجع إلی الغیر فذلک الحجب و إن کان لأمر حاصل فیه فذلک المنع، و خصّ الفقهاء المانع بالثانی لذا کان-

ص:34


1- (1) الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 7.
2- (2) الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 8.
فی الحجب عن أصل الإرث

(و هو تارة عن أصل الإرث (1) کما فی حجب القریب) فی کل مرتبة (البعید) عنها و إن کان قریبا فی الجملة (فالأبوان و الأولاد) و هم أهل المرتبة الأولی (یحجبون (2) الإخوة و الأجداد): أهل المرتبة الثانیة،(ثم الإخوة) و أولادهم (و الأجداد) و إن علوا (یحجبون (3) الأعمام و الأخوال، ثم هم) أی الأعمام و الأخوال (یحجبون أبناءهم) (4) ثم أبناؤهم للصلب یحجبون أبناءهم أیضا. و هکذا و کذا الأولاد للصلب و الإخوة یحجبون أبناءهم. فکان ینبغی التعرض لهم، لکن ما ذکره علی وجه بیان حکم الحجب لا للحصر.

و لو أعید ضمیر «هم» إلی المذکورین فی کل مرتبة لدخل الأولاد و الإخوة، و تبیّن: أنهم یحجبون أولادهم، لکن یشکل بالأجداد فإنه یستلزم أن یحجبوا الآباء و الجدّ البعید یحجب القریب. و هو فاسد، و إن صحّ حجب الأجداد لأولادهم الذین هم الأعمام و الأخوال، إلا أنه مستغنی عنهم بالتصریح بذکرهم.

-الأول ملحقا به.

و الحجب علی قسمین حجب حرمان و هو الحجب عن الإرث بالکلیة و حجب نقصان و هو الحجب عن نصیبه الأعلی إلی الأدنی.

(1)و هو حجب الحرمان.

(2)ففی خبر محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (لا یرث مع الأم و لا مع الأب و لا مع الابن و لا مع الابنة إلا الزوج و الزوجة)(1).

(3)أی أهل المرتبة الثانیة یمنعون أهل المرتبة الثالثة، ففی خبر أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السّلام (الخال و الخالة یرثان إذا لم یکن معهما أحد، إن اللّه تبارک و تعالی یقول:

وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللّهِ (2) و خبر أبی عبیدة عن أبی جعفر علیه السّلام (سئل عن ابن عم وجد، قال علیه السّلام: المال للجد)3.

(4)أی أن أهل المرتبة الثالثة یمنع الأقرب منهم الأبعد لقوله تعالی: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللّهِ (3).

ص:35


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 12 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 1 و 2.
3- (4) الأنفال الآیة: 75.

و الضابط أنه: متی اجتمع فی المرتبة الواحدة طبقات ورث الأقرب إلی المیت فیها فالأقرب.

(ثم القریب) مطلقا (1)(یحجب المعتق. و المعتق و) من قام مقامه (2) یحجب (ضامن الجریرة (3). و الضامن یحجب الإمام (4)، و المتقرب إلی المیت بالأبوین) فی کل مرتبة من مراتب القرابة (یحجب المتقرب) إلیه (بالأب مع تساوی الدرج (5) کأخوة من أبوین مع إخوة من أب، لا مع اختلاف الدرج، کأخ لأب مع ابن أخ لأب و أمّ فإنّ الأقرب أولی من الأبعد و إن متّ (6) الأبعد بالطرفین دونه (7).

(1)من أی مرتبة کان یمنع المعتق لقوله تعالی: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللّهِ (1)، و لأخبار منها: خبر علی بن یقطین (سأل أبا الحسن عن الرجل یموت و یدع أخته و موالیه، قال: المال لأخته)(2) و خبر محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی خالة جاءت تخاصم فی مولی رجل مات، فقرأ هذه الآیة وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللّهِ فدفع المیراث إلی الخالة و لم یعط المولی)3.

(2)و هم ذریته.

(3)کما سیأتی إن شاء اللّه تعالی.

(4)ففی خبر محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (من مات و لیس له وارث من قرابته، و لا مولی عتاقه قد ضمن جریرته فماله من الأنفال)(3) و فی خبر الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (من مات و ترک دینا فعلینا دینه و إلینا عیاله، و من مات و ترک مالا فلورثته، و من مات و لیس له موالی فماله من الأنفال)5.

(5)أی التساوی فی الدرجة، ففی صحیح یزید الکناسی عن أبی جعفر علیه السّلام (ابنک أولی بک من ابن ابنک، و ابن ابنک أولی بک من أخیک، و أخوک لأبیک و أمک أولی بک من أخیک لأبیک، و أخوک لأبیک أولی بک من أخیک لأمک)(4) الخبر.

(6)أی اتصل.

(7)أی بالأبوین دون القریب فإنه متصل بطرف واحد.

ص:36


1- (1) الأنفال آیة: 75.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث ولاء العتق حدیث 1 و 3.
3- ( (4 و 5) الوسائل الباب - 3 - من أبواب ولاء ضمان الجریرة و الإمامة حدیث 1 و 4.
4- (6) الوسائل الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 2.

(إلا فی ابن عم للأب و الأم فإنه یمنع العمّ للأب) خاصة (و إن کان) العم (أقرب منه (1)، و هی مسألة إجماعیة) منصوصة (2)

(1)من ابن العم للأب و الأم.

(2)قال الشارح فی المسالک «مع أن الأخبار الواردة بها لیست معتبرة الإسناد، فلا مستند لها إلا الإجماع، و حیث کانت مخالفة للأصل یجب الاقتصار فیها علی محل الوفاق، و هو ما إذا کان الوارث ابن عم لأب و أم مع عم لأب لا غیر». نعم فی محکی الفقیه قال: «فإن ترک عما لأب، و ابن عمّ لأب و أم، فالمال کله لابن العم للأب و الأم، لأنه قد جمع الکلالتین کلالة الأب و کلالة الأم، و ذلک بالخبر الصحیح المأثور عن الأئمة علیهم السّلام»(1).

و فی فقه الرضا «و کذا لو ترک خالا و ابن عم فالخال أولی، لأن ابن العم قد نزل ببطن، إلا أن یترک عما لأب و ابن عم لأب و أم فإن المیراث لابن العم للأب و الأم، لأن ابن العم جمع کلالتین کلالة الأب و کلالة الأم، فعلی هذا یکون المیراث»(2).

و قال المفید فی المقنعة «لأن ابن العم یتقرب إلی المیت بسببین، و العم یتقرب بسبب واحد».

و ظاهر کلام الصدوق و المفید أن المسألة جاریة علی وفق القواعد، فالمتقرب إلی المیت بسببین یمنع المتقرب للمیت بسبب و یلزمهم تقدیم ابن العم سواء تعدد أو لا و سواء تعدد العم أو لا و سواء دخل معهم زوجة أو زوج و سواء دخل معهم خال أو خالة و سواء کان ابن العم ذکرا أو أنثی و کان المتقرب للمیت عما أو عمة، مع أن هذه الفروع لیس الحکم فیها بتقدیم ابن العم فیستکشف أن التقدیم لیس جاریا علی وفق القواعد.

و قد سمعت کلام الشهید الثانی فی المسالک و هنا فی الروضة من أنها إجماعیة، و قال ابن إدریس: إنهم أجمعوا علی العین و الصورة و الصبغة، بمعنی أن التقدیم فی خصوص ابن العم للأبوین علی العم للأب فقط، و هذا الکلام ظاهره أن التقدیم بسبب الإجماع و هو الحجة لو لا ما یظهر من البعض کصاحب الجواهر و غیره أن المستند هو خبر الحسن بن عمارة (قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: أیّما أقرب ابن عم لأب و أم أو عم لأب؟ قلت: حدثنا أبو إسحاق السبیعی عن الحارث الأعور عن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السّلام أنه کان یقول: أعیان بنی الأم أقرب من بنی العلات، قال: فاستوی جالسا ثم قال: جئت بها من عین صافیة، إن عبد اللّه أبا رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أخو أبی طالب لأبیه و أمه)(3).

ص:37


1- (1) الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 5.
2- (2) مستدرک الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 2.

خرجت بذلک (1) عن حکم القاعدة (2).

و لا یتغیّر الحکم (3) بتعدد أحدهما (4)، أو تعددهما (5)، و لا بالزوج و الزوجة المجامعین لهما (6) لصدق الفرض (7) فی ذلک کله.

و فی تغیره (8) بالذکورة و الأنوثة (9) قولان أجودهما: ذلک (10) لکونه خلاف الفرض المخالف للأصل، فیقتصر علی محله.

و وجه العدم (11): اشتراک الذکر و الأنثی فی الإرث و المرتبة و الحجب فی الجملة (12)،

-و الخبر عام یشمل کل الصور المتقدمة التی ألزمنا بها الصدوق و المفید، و لا وجه لتخصیصه فی ابن العم للأبوین مع العم للأب إلا أن یقال إن المخصص هو الإجماع أو ذیل الخبر حیث اقتصر الإمام علیه السّلام علی أبی طالب و أبی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم لأجل الإشارة من أن أمیر المؤمنین علیه السّلام هو أولی بمیراث النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم من عمه العباس لو لا وجود فاطمة الزهراء علیها السّلام.

و علی کل فالحکم فی هذه الصورة علی خلاف قاعدة تقدیم الأقرب للمیت و إن انتسب إلیه بطرف علی الأبعد و إن انتسب إلیه بطرفین، فلا بدّ من الاقتصار علیها لعدم وجود عموم و إطلاق یتمسک به فی غیر هذه الصورة.

(1)بالإجماع أو بالنص أو بهما.

(2)و هی تقدیم الأقرب للمیت و إن اتصل به بطرف علی الأبعد و إن انتسب إلیه بطرفین.

(3)فی تقدیم ابن العم.

(4)فیما لو تعدد ابن العم أو العم.

(5)فیما لو تعدد ابن العم للأبوین و العم للأب.

(6)لابن العم و العم.

(7)لأن ابن العم للأبوین مع العم للأب کما هو مورد الإجماع أو النص صارت فی جمیع هذه الصور.

(8)تغیر الحکم بتقدیم ابن العم.

(9)کأن یکون بنت عم لأبوین مع عم لأب، أو ابن عم لأبوین مع عمة لأب.

(10)أی التغیر.

(11)عدم التغیر.

(12)بمعنی اشتراک العم و العمة فی السببیة و کذا ابن العم و بنت العم.

ص:38

و هو مذهب الشیخ فألحق العمة بالعمّ (1).

و کذا الخلاف فی تغیّره (2) بمجامعة الخال.

فقیل: یتغیر فیکون المال بین العمّ و الخال، لأنه (3) أقرب من ابن العمّ، و لا مانع له (4) من الإرث بنصّ و لا إجماع، فیسقط ابن العمّ رأسا، و یبقی فی الطبقة عمّ و خال، فیشترکان. لانتفاء مانع العم حینئذ (5)، ذهب إلی ذلک عماد الدین بن حمزة، و رجّحه المصنف فی الدروس، و قبله المحقق فی الشرائع.

و قال قطب الدین الراوندی و معین الدین المصری: المال للخال و ابن العم، لأن الخال لا یمنع العمّ فلأن لا یمنع ابن العم الذی هو أقرب (6) أولی.

و قال المحقق الفاضل سدید الدین محمود الحمصی: المال للخال، لأن العمّ محجوب بابن العم، و ابن العم محجوب بالخال.

و لکل واحد من هذه الأقوال وجه وجیه (7)، و إن کان أقواها الأول وقوفا فیما خالف الأصل (8) علی موضع النص و الوفاق، فیبقی عموم آیة أولی (1)و کذا بنت العم بابنه.

(2)تغیر الحکم بتقدیم ابن العم.

(3)أی الخال ففی خبر سلمة بن محرز عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (قال: فی ابن عم و خالة، المال للخالة، و فی ابن عم و خال، قال: المال للخال)(1).

(4)للخال.

(5)حین سقوط ابن العم بالخال و یکون المال أثلاثا ثلثاه للعم و ثلث للخال.

(6)أی أقرب من العم.

(7)و هناک قول رابع ذکره فی المسالک و لم ینسبه لقائله و هو «حرمان العم و الخال و المال کله لابن العم، فالخال مساو للعم فی الرتبة، و ابن العم یمنع العم و مانع أحد المتساویین مانع للآخر و إلا لما کانا متساویین».

(8)من تقدیم القریب علی البعید.

ص:39


1- (1) الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 4.

الأرحام (1) التی استدل بها الجمیع علی تقدیم الأقرب خالیا من المعارض.

و توقف العلامة فی المختلف لذلک (2) و قد صنف هؤلاء الأفاضل علی المسألة رسائل تشتمل علی مباحث طویلة، و فوائد جلیلة.

فی الحجب عن بعض الإرث

(أما الحجب عن بعض الإرث) دون بعض (3)(ففی) موضعین، أحدهما:

(الولد) ذکرا أو أنثی فإنه یحصل به (الحجب) للزوجین (عن نصیب الزوجیّة الأعلی) إلی الأدنی (4)(و إن نزل) الولد (5)(و) کذا (یحجب) الولد (الأبوین عما زاد عن السدسین) واحدهما عما زاد عن السدس (6)(إلا) أن یکونا (7) أو أحدهما (8) (1)الأنفال الآیة: 75.

(2)لتضارب الأقوال و الوجوه.

(3)و هو المسمی بحجب النقصان، و هو أن یحجبه عن نصیبه الأوفر إلی الأدنی.

(4)الأعلی هو النصف للزوج و الربع للزوجة إذا لم یکن ولد، و الأدنی هو الربع للزوج و الثمن للزوجة إذا کان للمیت ولد.

و ذلک لقوله تعالی وَ لَکُمْ نِصْفُ ما تَرَکَ أَزْواجُکُمْ إِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ کانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَکُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَکْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُوصِینَ بِها أَوْ دَیْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَکْتُمْ إِنْ لَمْ یَکُنْ لَکُمْ وَلَدٌ فَإِنْ کانَ لَکُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّا تَرَکْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَیْنٍ (1)و لأخبار منها: خبر محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (لا یرث مع الأم، و لا مع الأب، و لا مع الابن، و لا مع الابنة إلا الزوج و الزوجة، لا ینقص من النصف شیئا إذا لم یکن ولد، و الزوجة لا تنقص من الربع شیئا إذا لم یکن ولد، فإذا کان معهما ولد فللزوج الربع و للمرأة الثمن)(2).

(5)لإطلاق الأدلة السابقة بشرط کونه ولدا للمیت لا للوارث.

(6)لقوله تعالی وَ لِأَبَوَیْهِ لِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَکَ إِنْ کانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ (3)، سواء کان الولد ذکرا أو أنثی و إن نزل لإطلاق الدلیل.

(7)الأبوان.

(8)أحد الأبوین.

ص:40


1- (1) النساء الآیة: 120.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 1.
3- (3) النساء الآیة: 11.

(مع البنت) الواحدة (مطلقا) (1) أی سواء کان معها الأبوان أم أحدهما فإنهما لا یحجبان و لا أحدهما عن الزیادة عن السدس بل یشارکانها فیما زاد عن نصفها و سدسیهما بالنسبة (2)

(1)سواء کانت مع الأبوین أو أحدهما.

(2)لأن الباقی هو (6/1)، فیقسم علی الأبوین و البنت علی نسبة سهامهم و الحاصل: (2/1) للبنت + (6/2) للأبوین (3 + 2) 6 6/5، و الباقی سدس یقسم أخماسا. خمساه للأبوین و ثلاثة أخماسه للبنت، هذا إذا کانت البنت مع الأبوین و لو کانت مع أحد الأبوین فالحاصل:

(2/1) للبنت + (6/1) لأحد الأبوین (3 + 1)/6/46، و الباقی (6/2) یقسم أرباعا، ثلاثة أرباعه للبنت و ربعه لأحد الأبوین.

و للتفصیل نقول: إن الترکة فی الصورة الأولی من ثلاثین ناشئة من ضرب ستة التی هی المخرج بالخمسة التی هی قدر نصیب الورقة من الباقی و علیه:

(30/15) بالفرض للبنت + (30/10) بالفرض للأبوین 30/25، و الباقی (30/5) یقسم أخماسا، ثلاثة أخماسه للبنت و هو (30/3)، و خمساه للأبوین و هو (30/2) فالنتیجة للبنت (30/15 بالفرض + 30/3 بالرد) 30/18، و لکلا الأبوین: (30/10 بالفرض + 30/2 بالرد) 30/12، فیکون لکل واحد من الأبوین (30/6). و الحاصل للبنت ثلاثة أخماس الترکة و کل من الأبوین خمس، و یدل علیه نصوص منها: صحیح محمد بن مسلم (أقرأنی أبو جعفر علیه السّلام صحیفة کتاب الفرائض التی هی إملاء رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم و خطّ علی علیه السّلام بیده فوجدت فیها: - إلی أن قال - و وجدت فیها: رجل ترک أبویه و ابنته، فللابنة النصف و لأبویه لکل واحد منهما السدس، یقسم المال علی خمسة أسهم فما أصاب ثلاثة فللابنة و ما أصاب سهمین فللأبوین)(1).

و أما الترکة فی الصورة الثانیة فهی من أربعة عشرین ناشئة من ضرب ستة التی هی المخرج بالأربعة التی هی حصص الورثة و علیه:

(24/12 بالفرض للبنت + 24/4 لأحد الأبوین بالفرض) 24/16، و الباقی 24/8 یقسم أرباعا، ثلاثة أرباعه للبنت و الباقی لأحد الأبوین فالنتیجة: للبنت (24/12 بالفرض + 24/6 بالرد) 24/18 و لأحد الأبوین (24/4 بالفرض + 24/2 بالرد) 6 / 24، و علیه فیکون للبنت ثلاثة أرباع الترکة و لأحد الأبوین الربع الأخیر، و یدل علیه-

ص:41


1- (1) الوسائل الباب. 17 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.

(أو البنات) أی البنتین فصاعدا (مع أحد الأبوین) (1) فإنهن لا یمنعنه (2) عما زاد (3) أیضا (4)، بل یردّ علیهنّ و علیه ما بقی من المفروض بالنسبة کما سیأتی تفصیله، -بالخصوص روایة حمران بن أعین عن أبی جعفر علیه السّلام (فی رجل ترک ابنته و أمه قال:

إن الفریضة من أربعة أسهم، فإن للبنت ثلاثة أسهم و للأم السدس سهم، و بقی سهمان، فهما أحق بهما من العم و ابن الأخ و العصبة، لأن البنت و الأم سمّی لهما و لم یسم لهم، فیردّ علیهما بقدر سهامهما)(1).

(1)لأنه مع الأبوین فالسهام علی قدر الترکة فالبنتان لهما الثلثان بالفرض و الأبوان لهما الثلث الذی هو السدسان فالمجموع تمام الترکة فلا ردّ.

و أما مع أحد الأبوین، فالبنتان الثلثان و أحد الأبوین السدس فالمجموع (6/5) و الباقی (6/1) یقسم علیهم بحسب سهامهم فیردّ أخماسا فأربعة أخماسه للبنتین و خمسه لأحد الأبوین.

و تفصیله للبنتین (30/20 بالفرض و هو الثلثان + 30/5 لأحد الأبوین بالفرض و هو السدس) فالمجموع 30/25، و الباقی 30/5 یرد أخماسا أربعة أخماسه للبنات و خمسه لأحد الأبوین.

فحصة البنات: (30/20 بالفرض + 5/4 بالرد) 30/24.

و حصة أحد الأبوین: (30/5 بالفرض + 30/1 بالرد) 30/6.

و خالف فی ذلک ابن الجنید فحکم بحجب البنتین أحد الأبوین عما زاد عن السدس، فأحد الأبوین له السدس و الباقی من الترکة و هو الثلثان مع السدس الباقی عن السهام للبنتین فیکون للبنتین خمسة أسداس الترکة و لأحد الأبوین سدس تمسکا بموثق أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل مات و ترک ابنتیه و أباه، قال: للأب السدس و للابنتین الباقی)(2).

و فیه: إنها معارضة بروایة حمران بن أعین التی ورد فیها التعلیل بأن من سمّی له یردّ علیه بقدر سهامه و کلّ من البنتین و أحد الأبوین له نصیب مفروض فلا بدّ من الرد علیهما.

(2)لا یمنعن أحد الأبوین.

(3)عن فرضه من السدس.

(4)کما لم تمنع البنت الواحدة.

ص:42


1- (1) الوسائل الباب - 17 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 17 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 7.

و لو کان معهنّ أبوان استغرقت سهامهم الفریضة فلا ردّ فمن ثمّ (1) أدخلهما فی قسم الحجب.

و فی المسألة قول نادر (2) بحجب البنتین فصاعدا أحد الأبوین عما زاد عن السدس، لروایة أبی بصیر (3) عن الصادق علیه السّلام و هو متروک (4).

(و) ثانیهما (5):(الإخوة، تحجب الأمّ عن الثلث إلی السدس (6) بشروط) خمسة:

الأول (وجود الأب) (7) لیوفروا علیه ما حجبوها عنه، و إن لم یحصل لهم (1)أی من کون البنتین یمنعن الأبوین عن زیادة السدس أدخلت البنتان فی حجب النقصان بخلاف البنتین مع أحد الأبوین فإن لأحد الأبوین سدسا و زیادة کما تقدم.

(2)أی فی مسألة البنتین مع أحد الأبوین قول لابن الجنید و قد تقدم.

(3)الوسائل الباب - 17 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 7.

(4)أی القول النادر لأنه مخالف للتعلیل فی روایة حمران بن أعین المتقدمة.

(5)ثانی الموضعین من حجب النقصان.

(6)لقوله تعالی: فَإِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ کانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُوصِی بِها أَوْ دَیْنٍ (1).

(7)علی المشهور و دلیلهم الآیة المتقدمة، فظاهرها أن الإخوة یحجبون عند ما یرثه أبواه، و لخبر بکیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (الأم لا تنقص عن الثلث أبدا، إلا مع الولد و الإخوة إذا کان الأب حیا)(2).

و خالف الصدوق فلم یشترط فی حجب الأم وجود الأب لخبر زرارة (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: امرأة ترکت زوجها و أمها و إخوتها لأمها، و إخوة لأبیها و أمها فقال:

لزوجها النصف و لأمها السدس و للإخوة من الأم الثلث و سقط الإخوة من الأم و الأب)(3). و خبره الآخر عنه علیه السّلام (فی أم و أخوات لأب و أم و أخوات لأم، أن للأم السدس و لکلالة الأب الثلثین و لکلالة الأم السدس)4. و هما ظاهران فی أن الإخوة

ص:43


1- (1) النساء الآیة: 11.
2- (2) الوسائل الباب - 12 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 13 و 12.

منه شیء. فلو کان معدوما (1) لم یحجبوها عن الثلث.

(و) الثانی (کونهم رجلین) أی ذکرین (فصاعدا، أو أربع نساء، أو رجلا) أی ذکرا (و امرأتین) أی ابنتین (2) و إن لم یبلغا (3)، و الخنثی هنا کالأنثی، للشک فی الذکوریة الموجب للشک فی الحجب، و استقرب المصنف فی الدروس هنا (4) القرعة (5).

(و) الثالث (کونهم إخوة للأب و الأمّ، أو للأب) أو بالتفریق (6) فلا تحجب کلالة الأم (7).

(و) الرابع (انتفاء) موانع الإرث من (القتل و الکفر و الرق عنهم) (8) و کذا -یحجبون الأم عما زاد عن السدس و إن لم یکن الأب حیا، و هما محمولان علی التقیة لموافقتهما للعامة لأن فیهما توریث الإخوة مع الأم و هو ممنوع عندنا.

(1)ای الأب.

(2)للأب، و هما أختا المیت و لو عبّر بالأختین لکان أولی.

(3)لأخبار منها: صحیح محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یحجب الأم من الثلث إذا لم یکن ولد إلا أخوان أو أربع أخوات)(1) و خبر العلاء بن فضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (و لا یحجبها إلا أخوان أو أخ و أختان، أو أربع أخوات لأب، أو لأب و أم، أو أکثر من ذلک، و المملوک لا یحجب و لا یرث)(2) و الأخبار أطلقت لفظ الأخ و الأخت و هو شامل لأخوة المیت و أخواته ذکورا و إناثا سواء کانوا بالغین أو لا، و لذا بدّل الشارح لفظ المصنف بالرجل و المرأتین بالذکر و الأنثیین.

(4)أی فی الحجب.

(5)لأنها لکل أمر مشکل، و فیه أنها تجری بعد تعذر جریان جمیع الأصول العملیة و الموضوعیة و مقامنا لیس منه.

(6)بمعنی أن بعضهم إخوة لأب و أم و البعض الآخر إخوة لأب.

(7)لأخبار منها: خبر العلاء بن فضیل المتقدم، و خبر عبید بن زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی الإخوة من الأم لا یحجبون الأم عن الثلث)(3).

(8)عن الإخوة، أما القتل فعلی المشهور للإجماع المحکی عن الشیخ فی الخلاف، و تردد-

ص:44


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 4.
2- (2) الوسائل الباب - 13 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 10 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.

اللعان (1)، و یحجب الغائب (2) ما لم یقض بموته شرعا.

(و) الخامس (کونهم منفصلین بالولادة (3) لا حملا) (4) فلا یحجب الحمل و لو بکونه متمما للعدد المعتبر فیه (5) علی المشهور، إما لعدم إطلاق اسم الإخوة علیه (6) حینئذ، أو لکونه لا ینفق علیه الأب و هو (7)

علة التوفیر علیه (8).

-المحقق، و عن الصدوق و العمانی و ابن أبی عقیل أنه لیس بشرط فی الإخوة لعدم الدلیل.

و أما العتق ففی خبر العلاء بن فضیل المتقدم (و المملوک لا یحجب و لا یرث)(1)، و أما الکفر ففی خبر محمد بن مسلم سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام (عن المملوک و المشرک یحجبان إذا لم یرثا؟ قال علیه السّلام: لا)(2) و مثله غیره.

(1)لأن بالملاعنة یسقط النسب بین الأب و ولده، فإذا کان له إخوة من أبیه و أمه فهو أخوهم من أمه فقط، فلو مات أحدهم فلا یحجب الأم لأنه أخوه من أمه.

(2)لإحرازه جمیع الشرائط، و کونه غائبا لیس بمانع ما لم یقض بموته شرعا.

(3)علی المشهور للشک فی تحقق الإخوة ما دام حملا لأنه قد یصیر سقطا، و لخبر العلاء بن فضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن الطفل و الولید لا یحجبک و لا یرث إلا من أذن بالصراخ، و لا شیء أکنه البطن و إن تحرک)(3)، و لانتفاء العلة فی الحمل و هی إنفاق الأب فالإخوة یحجبون الأم عما زاد عن السدس حتی یوفروا علی الأب للإنفاق علیهم.

(4)قیل بأنه یحجب و أنه متمم للعدد، و القائل غیر معروف کما فی المسالک و الجواهر، نعم فی الدروس جعل عدم حجبه قولا مشعرا بتمریضه و هذا کاشف عن کون الحمل عنده حاجبا، و هو ضعیف بما سمعت.

(5)فی الحجب.

(6)علی الحمل لاحتمال سقوطه.

(7)أی الإنفاق.

(8)علی الأب، کما فی خبر ابن أذینة (فإن کان له إخوة - یعنی المیت - إخوة لأب و أم، أو إخوة لأب فلأمه السدس و للأب خمسة أسداس و إنما وفّر للأب من أجل عیاله)(4) و فی-

ص:45


1- (1) الوسائل الباب - 13 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 14 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 13 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.
4- (4) الوسائل الباب - 10 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 4.

و فی الثانی منع ظاهر (1). و العلة غیر متحققة (2)، و فی الدروس جعل عدم حجبه (3) قولا، مؤذنا بتمریضه (4).

و یشترط سادس (5)، و هو کونهم أحیاء عند موت المورّث (6) فلو کان بعضهم میتا، أو کلّهم عنده (7) لم یحجب، و کذا لو اقترن (8) موتاهما أو اشتبه التقدم و التأخر (9)، و توقف المصنف فی الدروس لو کانوا غرقی من حیث إن فرض موت کل واحد منهما یستدعی کون الآخر حیا فیتحقق الحجب (10). و من -خبر علی بن سعید عن زرارة (و إنما صار لها السدس و حجبها الإخوة من الأب و الإخوة من الأب و الأم لأن الأب ینفق علیهم فوفّر نصیبه و انتقصت الأم من أجل ذلک)(1).

(1)إذ الإنفاق علی الحمل متحقق و لو بالإنفاق علی أمه، و لذا کانت نفقة الحامل أکثر.

(2)أی غیر منصوصة، و فیه: قد عرفت التنصیص علیها فی الخبرین السابقین نعم هما مرویان عن زرارة لا عن المعصوم علیه السّلام، إلا أن روایة زرارة کانت حجة و ترجع الأصحاب إلیه فی باب الإرث لأنه قد اطلع علی صحیفة الفرائض المکتوبة بخط علی، و کان هو الذی یمیز بین أخبار التقیة و غیرها فراجع أخبار الإرث تجد صدق ما قلنا.

(3)عدم حجب الحمل.

(4)بأن أتی به بلفظ قیل.

(5)أی یشترط شرط سادس.

(6)إذ لو کانوا أمواتا عند موت المورّث الذی هو أخوهم لم یحجبوا ضرورة أن المنصرف من الإخوة الحاجبین للأم من الآیة هم الإخوة الأحیاء قال تعالی: فَإِنْ کانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ (2).

(7)أی کلهم موتی عند موت المورّث.

(8)لم یحجب.

(9)فکذا لا حجب لأن الشک فی تقدم موت أحدهما شک فی حیاة أخ المیت عند موت المورّث، و الشک فیه موجب للشک فی الحجب و الأصل عدمه.

(10)فیما لو کانوا غرقی و اشتبه المتقدم بالمتأخر، أما لو علم تحقق موتهما معا فلا یأتی هذا الفرض، هذا من جهة و من جهة أخری فعلی احتمال التقدم و التأخر ففرض المورّث میتا أولا یستدعی أن یکون أخوه حیا حال وفاته فیتحقق حجبه.

ص:46


1- (1) الوسائل الباب - 10 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 3.
2- (2) النساء الآیة: 11.

عدم القطع بوجوده (1) و الإرث حکم شرعی (2) فلا یلزم منه اطراد الحکم بالحیاة.

قال: و لم أجد فی هذا کلاما لمن سبق.

و الأقوی عدم الحجب، للشک (3)، و الوقوف فی ما خالف الأصل (4) علی مورده.

- و سابع - و هو المغایرة (5) بین الحاجب و المحجوب. فلو کانت الأمّ أختا لأب (6) فلا حجب کما یتفق ذلک فی المجوس، أو الشبهة، بوط ء الرجل ابنته فولدها أخوها لأبیها (7).

الفصل الثانی فی بیان السّهام

اشارة

(الفصل الثانی) (فی) بیان (السّهام) المقدّرة (8)(و) بیان (أهلها) (9). و هی فی کتاب اللّه تعالی) ستة:

فی السهام الستة

الأول -(النّصف) (10) و قد ذکر فی ثلاثة مواضع. قال تعالی: وَ إِنْ کانَتْ (1)بوجود أخ المورّث حیا حال وفاة المورّث و هذا هو الوجه الثانی.

(2)دفع وهم، و حاصل الوهم: لو لم یحکم بوجود أخ المورّث لزم أن لا یحکم بإرثه من أخیه، و قد حکموا بإرثه کما سیأتی فی میراث الغرقی.

و الدفع: أن الإرث حکم شرعی ورد من الشارع فی خصوص الإرث و لا یلزم منه اطراد حکم الحیاة فی أخ المورّث حتی یتحقق حجبه، فوجوده مشکوک فلا یکون حاجبا و إن کان وارثا بنص خاص.

(3)فی وجود أخ المورّث فلا یکون حاجبا.

(4)من إرث الغرقی فیحکم بإرث أخ المورّث.

(5)إذ لا یتصور عقلا بأن یحجب الإنسان نفسه.

(6)أی أخت المیت لأبیه و هی أمه.

(7)فلو مات الولد فهی أمه و هی أخته من أبیه، فهل هی من حیثیة کونها أختا تحجب نفسها من حیثیة کونها أما إذا کان هناک بقیة العدد، و قد عرفت العدم.

(8)فی الکتاب، و هی ستة: الربع و الثلث و ضعفهما و نصفهما.

(9)أهل السهام.

(10)و هو سهم لثلاثة، للبنت و للزوج مع عدم الولد من الزوجة، و للأخت للأبوین أو للأب.

ص:47

یعنی البنت واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ (1) وَ لَکُمْ نِصْفُ ما تَرَکَ أَزْواجُکُمْ (2) وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَکَ (3).

(و) الثانی. نصف النصف و هو (الربع) (4) و هو مذکور فیه (5) فی موضعین أحدهما: فَلَکُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَکْنَ (6)، و ثانیهما: وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَکْتُمْ (7).

(و) الثالث. نصفه (8) و هو (الثمن) (9) ذکره اللّه تعالی مرة واحدة فی قوله:

فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّا تَرَکْتُمْ (10).

(و) الرابع.(الثلثان) (11) ذکره اللّه تعالی فی موضعین.

أحدهما فی البنات قال: فَإِنْ کُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَیْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَکَ (12).

و ثانیهما فی الأخوات. قال تعالی: فَإِنْ کانَتَا اثْنَتَیْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَکَ (13).

(و) الخامس. نصفه (14)

(1)النساء الآیة: 11.

(2)النساء الآیة: 12.

(3)النساء الآیة: 176.

(4)و هو سهم لاثنین، للزوج مع وجود ولد الزوجة، و للزوجة مع عدم وجود ولد للزوج.

(5)فی القرآن.

(6)النساء الآیة: 12.

(7)النساء الآیة: 12.

(8)أی نصف نصف النصف.

(9)و هو سهم لواحد و هو سهم الزوجة مع وجود ولد الزوج.

(10)النساء الآیة: 12.

(11)و هو سهم لاثنین: سهم البنتین فصاعدا إذا انفردن عن الإخوة، و سهم الأختین فصاعدا للأبوین أو للأب.

(12)النساء الآیة: 11، و وجه الدلالة أن اللّه ذکر النصف للبنت و الثلثین لما فوق البنتین و لما یذکر حکم الاثنتین، لکن الأخبار الآتیة دلت علی أن حکم الاثنتین کحکم الثلاث.

(13)النساء الآیة: 176.

(14)نصف الثلثین.

ص:48

و هو (الثلث) (1) و قد ذکره اللّه تعالی فی موضعین أیضا قال تعالی: فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ (2) و قال: فَإِنْ کانُوا . أی أولاد الأم. أَکْثَرَ مِنْ ذلِکَ فَهُمْ شُرَکاءُ فِی الثُّلُثِ (3).

(و) السادس. نصف نصفه (4). و هو (السدس) (5) و قد ذکره اللّه تعالی فی ثلاثة مواضع، فقال: وَ لِأَبَوَیْهِ لِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ (6). فَإِنْ کانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ (7) و قال فی حق أولاد الأم: وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ (8).

فی أهل هذه السهام

و أما أهل هذه السهام فخمسة عشر:

(فالنصف لأربعة: الزوج مع عدم الولد) للزوجة (و إن نزل) سواء کان منه أم من غیره (9)(و البنت) الواحدة،(و الأخت للأبوین و الأخت للأب) مع فقد أخت الأبوین (10)(إذا لم یکن ذکر) فی الموضعین (11).

(و الربع لاثنین: الزوج مع الولد) للزوجة و إن نزل (و الزوجة) و إن تعددت (1)و هو سهم لاثنین، سهم للأم إذا لم یکن للمیت إخوة حاجبة، و سهم کلالة الأم أی إخوة المیت من أمه إذا کانوا اثنین فما زاد.

(2)النساء الآیة: 11.

(3)النساء الآیة: 12.

(4)أی نصف نصف الثلثین.

(5)و هو سهم لثلاثة، سهم لکل واحد من الأبوین مع وجود ولد للمیت، و سهم الأم إذا کان لها حاجب من الإخوة، و سهم الواحد من کلالة الأم ذکرا کان أو أنثی.

(6)النساء الآیة: 11.

(7)النساء الآیة: 11.

(8)النساء الآیة: 12.

(9)أی الولد لصدق ابن الزوجة علیه لقوله تعالی: فَإِنْ کانَ لَهُنَّ وَلَدٌ (1).

(10)لأن المتقرب للمیت بالطرفین یمنع المتقرب له بطرف واحد مع تساوی الدرجة.

(11)موضع الأخت و موضع البنت، أما مع الذکر فالبنت و الأخت ترث بالقرابة علی قاعدة الذکر مثل حظ الأنثیین.

ص:49


1- (1) النساء الآیة: 12.

(مع عدمه) (1) للزوج.

(و الثمن لقبیل واحد) و هو (الزوجة و إن تعددت مع الولد) و إن نزل.

(و الثلثان لثلاثة: البنتین فصاعدا. و الأختین لأبوین فصاعدا. و الأختین للأب) - مع فقد المتقرب بالأبوین - فصاعدا (کذلک) إذا لم یکن ذکر فی الموضعین (2).

(و الثلث لقبیلین: للأم مع عدم من یحجبها) من الولد و الإخوة (و للأخوین، أو الأختین، أو للأخ و الأخت فصاعدا من جهتها) (3) و لو قال: للاثنین فصاعدا من ولد الأمّ ذکورا أم إناثا أم بالتفریق کان أجمع.

(و السدس لثلاثة: للأب مع الولد) ذکرا کان أم أنثی و إن حصل له مع ذلک (4) زیادة بالردّ، فإنها بالقرابة (5)، لا بالفرض (و للأمّ معه) أی مع الولد، و کذا مع الحاجب من الإخوة (و للواحد من کلالة الأمّ) أی أولادها.

سمّی الإخوة (6) کلالة من الکلّ و هو الثقل، لکونها ثقلا علی الرجل (7) لقیامه بمصالحهم مع عدم التولد (8) الذی (9) یوجب مزید الإقبال و الخفة علی النّفس أو من الإکلیل و هو ما یزیّن بالجوهر شبه العصابة، لإحاطتهم بالرجل کإحاطته (10) بالرأس.

(1)عدم الولد للزوج.

(2)فی البنتین و الأختین و إلا فیرثن بالقرابة.

(3)جهة الأم.

(4)أی حصل للأب مع السدس، کما تقدم من اجتماع الأب و البنت فله زیادة علی السدس ربع الباقی بعد إخراج النصف للبنت، إلا أن الزائد بالقرابة.

(5)أی الزیادة عن السدس.

(6)إخوة المیت.

(7)أبی المیت.

(8)أی مع عدم کون الکلالة أولادا للأب لأنهم إخوة المیت من أمه.

(9)أی التولد منه.

(10)کإحاطة الإکلیل.

ص:50

هذا حکم السهام المقدّرة منفردة (1). و إما منضمة بعضها إلی بعض فبعضها یمکن، و بعضها یمتنع.

و صور اجتماعها (2) الثنائی (3) مطلقا (4) إحدی و عشرون، حاصلة من ضرب السّهام الستة فی مثلها (5) ثم حذف المکرر منها و هو خمسة عشر (6).

(1)فیما لو وجد واحد فمن له سهم فی الکتاب.

(2)أی السهام.

(3)یذکر عادة الاجتماع الثنائی، و یقاس علیه غیره من الثلاثی فصاعدا.

(4)الممتنع منها و الممکن بعد حذف المکرر.

(5)لأن النصف کسهم قد یجتمع مع النصف و الربع و الثمن و الثلثین و الثلث و السدس، و کذا غیره من السهام الباقیة. فیکون المجموع ستا و ثلاثین صورة.

(6)أی المکرر، لأنک لو نظرت إلی النصف فتراه مجتمعا مع الستة ثم لو نظرت إلی الربع لرأیته مجتمعا مع الستة بما فیها النصف، فیکون اجتماع النصف مع الربع مکررا فی الصورتین و لو نظرت إلی سهم ثالث لتکررت صورتان، و فی السهم الرابع تتکرر ثلاث صور، و فی السهم الخامس تتکرر أربع صور، و فی السهم السادس تتکرر خمس صور فیکون مجموع المتکرر خمس عشرة صورة. و إلیک التفصیل مع بیان الممکن و الممتنع.

صور اجتماع النصف:

1 - النصف مع النصف - ممکن - کأخت و زوج.

2 - النصف مع الربع - ممکن - کأخت و زوجة أو کبنت و زوج.

3 - النصف مع الثمن - ممکن - کبنت و زوجة.

4 - النصف مع الثلثین - ممتنع - لزیادتهما عن الفریضة.

5 - النصف مع الثلث - ممکن - کزوج و أم.

6 - النصف مع السدس - ممکن - کبنت و أم، أو زوج و واحد من کلالة الأم.

صور اجتماع الربع.

7 - الربع مع النصف - مکرر فی النصف -.

8 - الربع مع الربع - ممتنع لاستحالة اجتماع زوجین مع موت أحدهما -.

9 - الربع مع الثمن - ممتنع - لأن الثمن نصیب الزوجة مع الولد و هذا لا یجتمع مع الولد و هذا لا یجتمع مع نصیبها بدون الولد و لا یجتمع مع نصیب الزوج مع الولد.

10 - الربع مع الثلثین - ممکن - کزوج و بنتین.

11 - الربع مع الثلث - ممکن - کزوجة مع أم.

ص:51

-12-الربع مع السدس - ممکن - کزوج و أحد الأبوین إذا کان للمیت ولد، و زوج مع واحد من کلالة الأم.

صور اجتماع الثمن.

13 - الثمن مع النصف - مکرر فی النصف -.

14 - الثمن مع الربع - مکرر فی الربع -.

15 - الثمن مع الثمن - ممتنع - لأنه نصیب الزوجة مع الولد و لا یوجد لغیرها حتی تجتمع معه.

16 - الثمن مع الثلثین - ممکن - کزوجة مع ابنتین للمیت.

17 - الثمن مع الثلث - ممتنع لأن الثمن نصیب الزوجة مع إذا کان للمیت ولد و هو لا یجتمع مع الثلث لأن الثلث إما للأم مع عدم الولد، و الولد قد فرض فی ثمن الزوجة فلا یجتمعان، و إما لکلالة الأم و هم من الطبقة الثانیة فلا یرثون إذا کانت الزوجة لها الثمن الکاشف عن وجود ولد للمیت و هو من الطبقة الأولی.

18 - الثمن مع السدس - ممکن - کزوجة و أحد الأبوین إذا کان للمیت ولد.

صور اجتماع الثلثین.

19 - الثلاثان مع النصف - مکرر فی النصف -.

20 - الثلاثان مع الربع - مکرر فی الربع -.

21 - الثلاثان مع الثمن - مکرر فی الثمن -.

22 - الثلاثان مع الثلثین - ممتنع - لزیادتهما عن الفریضة و لعدم اجتماع البنتین مع الأختین لاختلاف الرتبة.

23 - الثلاثان مع الثلث - ممکن - کالأختین للمیت من أبیه مع کلالة الأم إن تعددوا.

24 - الثلاثان مع السدس - ممکن - کبنتین مع أحد الأبوین.

25 - الثلث مع النصف - مکرر فی النصف -

26 - الثلث مع الربع - مکرر فی الربع -

27 - الثلث مع الثمن - مکرر فی الثمن -

28 - الثلث مع الثلثین - مکرر فی الثلثین -

29 - الثلث مع الثلث - ممتنع - لأن الثلث سهم الأم إذا لم یکن للمیت ولد، و معها لا تعطی کلالة الأم الذین لهم الثلث لأنهم طبقة ثانیة.

30 - الثلث مع السدس - ممتنع - لأن الثلث إما للأم و إما لکلالة الأم مع التعدد، و علی -

ص:52

منها ثمان ممتنعة (1)، و هی: واحدة من صور اجتماع النصف مع غیره و هو (2): اجتماعه مع الثلثین، لاستلزامه (3) العول (4)، و إلا فأصله واقع، کزوج مع أختین فصاعدا لأب، لکن یدخل النقص علیهما فلم یتحقق الاجتماع مطلقا (5).

و اثنتان من صور اجتماع الرّبع مع غیره، و هما: اجتماعه مع مثله (6)، لأنه سهم الزوج مع الولد، و الزوجة لا معه (7)

-الأول لا تجتمع مع من فرض له السدس و هو أحد الأبوین إذا کان للمیت ولد، أو للأم مع وجود الحاجب علی فرض وجوب الأب و إلا لو کان الأب موجودا فلیس لها الثلث، أو لواحد من کلالة الأم لأنه من الطبقة الثانیة.

و علی الثانی فکلالة الأم مع التعدد و طبقة ثانیة لا تجتمع مع من فرض له السدس و هو أحد الأبوین إذا کان للمیت ولد لأنه من الطبقة الأولی، أو الأم مع وجود الحاجب لأنها کذلک من الطبقة الأولی، أو الواحد من کلالة الأم لأننا فرضنا الکلالة متعددة فکیف نفرضها واحدا.

صور اجتماع السدس.

31 - السدس مع النصف - مکرر فی النصف -

32 - السدس مع الربع - مکرر فی الربع -

33 - السدس مع الثمن - مکرر فی الثمن -

34 - السدس مع الثلثین - مکرر فی الثلثین -

35 - السدس مع الثلث - مکرر فی الثلث -

36 - السدس مع السدس - ممکن - کأب مع أم مع وجود ولد للمیت.

و علیه فالمکرر خمس عشرة صورة، و الممتنع ثمانی صور، و الممکن ثلاث عشرة صورة.

(1)و هی 1 - النصف مع الثلثین، 2 - الربع مع الربع، 3 - الربع مع الثمن، 4 - الثمن مع الثمن، 5 - الثمن مع الثلث، 6 - الثلثان مع الثلثین، 7 - الثلث مع الثلث، 8 - الثلث مع السدس.

(2)أی الغیر.

(3)أی استلزام الاجتماع.

(4)و هو زیادة السهام عن الفریضة.

(5)بعد دخول النقص علی الأختین.

(6)اجتماع الربع مع الربع.

(7)لا مع الولد.

ص:53

فلا یجتمعان، و اجتماعه (1) مع الثّمن، لأنه نصیبها (2) مع الولد و عدمه (3)، أو نصیب الزوج معه (4).

و اثنتان من صور الثّمن مع غیره، و هما: هو مع مثله، لأنه نصیب الزوجة و إن تعددت خاصة (5). و هو مع الثّلث، لأنه نصیب الزوجة مع الولد، و الثلث نصیب الأم لا معه (6)، أو الاثنین من أولادها لا معهما (7).

و واحدة من صور الثلثین، و هی: هما مع مثلهما، لعدم اجتماع مستحقهما متعددا فی مرتبة واحدة (8) مع بطلان العول (9).

و اثنتان من صور الثلث، و هما: اجتماعه مع مثله، و إن فرض فی البنتین و الأختین. حیث إن لکلّ واحدة ثلثا، إلا أن السّهم هنا هو جملة الثلثین، لا بعضهما.

و هو مع السّدس، (10)، لأنه نصیب (11) الأمّ مع عدم الحاجب، و السّدس نصیبها معه (12)، أو مع الولد فلا یجامعه (13).

(1)أی الربع.

(2)أی لأن الثمن نصیب الزوجة.

(3)و عدم الولد فیکون نصیبها الربع و لا یجتمعان.

(4)مع الولد فیکون له الربع مع أن الثمن للزوجة مع الولد و لا یمکن اجتماع الزوجین معا فی مسألة الإرث.

(5)فلا یکون فرض ثمن آخر.

(6)لا مع الولد.

(7)أی لا مع الأم و لا مع الأولاد مع أن الثمن نصیب الزوجة مع الولد.

(8)لعدم اجتماع البنتین مع الأختین المفروض لکل منهما الثلثان.

(9)لزیادة السهام علی الفریضة.

(10)أی الثلث مع السدس.

(11)أی الثلث.

(12)أی نصیب الأم مع الحاجب.

(13)أی مع الولد فیکون نصیبها السدس و هو لا یجامع الثلث المعطی للأم علی تقدیر عدم الولد، و الفرق بین المقالین تارة فی الولد و أخری فی الإخوة الحاجب للأم عما زاد عن السدس.

ص:54

و یبقی من الصور ثلاث عشرة (1)، فرضها واقع صحیح قد أشار المصنف منها إلی تسع بقوله.

(و یجتمع النصف مع مثله) کزوج و أخت لأب (و مع الرّبع) کزوجة و أخت کذلک (2) و کزوج و بنت (و) مع (الثمن) کزوجة و بنت. و قد تقدم أنّه لا یجتمع (3) مع الثلثین، لاستلزامه العول (و) یجتمع (مع الثلث) کزوج و أمّ. و ککلالة الأمّ المتعددة مع أخت لأب (و) مع (السدس) کزوج و واحد من کلالة الأم، و کبنت مع أمّ، و کأخت لأب مع واحد من کلالة الأمّ.

(و یجتمع الربع و الثمن مع الثلثین) فالأول (4) کزوج و ابنتین و کزوجة و أختین لأب، و الثانی (5) کزوجة و ابنتین.

(و یجتمع الربع مع الثلث) کزوجة و أمّ. و زوجة مع متعدد من کلالة الأم.

(1)و هی:

1 - النصف مع النصف.

2 - النصف مع الربع.

3 - النصف مع الثمن.

4 - النصف مع الثلث.

5 - النصف مع السدس.

6 - الربع مع الثلثین.

7 - الربع مع الثلث.

8 - الربع مع السدس.

9 - الثمن مع الثلثین.

10 - الثمن مع السدس.

11 - الثلثان مع الثلث.

12 - الثلثان مع السدس.

13 - السدس مع السدس.

(2)أی لأب.

(3)أی النصف.

(4)الربع مع الثلثین.

(5)الثمن مع الثلثین.

ص:55

و مع السدس (1) کزوجة و واحد من کلالة الأمّ و کزوج و أحد الأبوین مع ابن.

(و یجتمع الثمن مع السدس) کزوجة و ابن و أحد الأبوین.

و یجتمع الثلثان مع الثلث (2)، کإخوة لأمّ مع أختین فصاعدا لأب و مع السدس (3) کبنتین و أحد الأبوین. و کأختین لأب مع واحد من کلالة الأمّ.

و یجتمع السّدس مع السّدس (4) کأبوین مع الولد (5).

فهذه جملة الصّور التی یمکن اجتماعها بالفرض ثنائیا و هی ثلاث عشرة.

(و أمّا) صور (الاجتماع لا بحسب الفرض) بل بالقرابة اتفاقا (6)(فلا حصر له) (7) لاختلافه باختلاف الوارث کثرة و قلة، و یمکن معه (8) فرض ما امتنع (9) لغیر العول (10)، فیجتمع الرّبع مع مثله فی بنتین و ابن (11) و مع الثمن (12) فی زوجة و بنت و ثلاث بنین (13)،

(1)أی یجتمع الربع مع السدس، و هی أول الصور من الصور الممکنة التی ترکها المصنف.

(2)ثانی الصور الممکنة التی ترکها المصنف.

(3)أی یجتمع الثلثان مع السدس و هی ثالث الصور الممکنة التی ترکها المصنف.

(4)رابع الصور الممکنة التی ترکها المصنف.

(5)فلکل واحد من أبویه السدس.

(6)قید للاجتماع بالقرابة.

(7)للاجتماع بالقرابة.

(8)مع الاجتماع بالقرابة.

(9)اجتماعه بالفرض.

(10)و المعنی: ما امتنع اجتماعه فی الاجتماع بالفرض یمکن اجتماعه فی الاجتماع بالقرابة بشرط أن یکون امتناعه ناشئا من العول الذی هو زیادة السهام عن الفریضة فإنه ممتنع سواء کان السهم بالفرض أو بالقرابة.

(11)فالابن له النصف و لکل بنت ربع علی قاعدة للذکر مثل حظ الأنثیین فاجتمع ربع البنت الأولی مع ربع البنت الأخری، مع أن الربع مع مثله بحسب الفرض لا یجتمعان کما فی الصورة الثامنة.

(12)أی و یجتمع الربع مع الثمن.

(13)فالزوجة لها الثمن و الباقی و هو سبعة أثمان یقسم علی البنین و البنت للذکر مثل حظ الأنثیین، فالذکر له 8/2 و البنت لها 8/1 و علیه فاجتمع ثمن البنت مع ربع الذکر، و قد -

ص:56

و الثّلث مع السّدس فی زوج و أبوین (1)، و علی هذا.

و إذا خلّف المیت ذا فرض أخذ فرضه، فإن تعدد فی طبقة (2) أخذ کلّ فرضه، فإن فضل من الترکة شیء عن فروضهم ردّ علیهم (3) علی نسبة الفروض (4) مع تساویهم فی الوصلة (5) عدا الزوج و الزوجة (6) و المحجوب عن الزیادة (7).

(و لا میراث) عندنا (للعصبة) (8) علی تقدیر زیادة الفریضة عن السّهام (9)(إلا مع) -کان ممتنعا بالفرض کما فی الصورة التاسعة.

(1)فالزوج له النصف و الأم لها الثلث و الباقی للأب و الباقی 6/1 لأن نصیب الزوج 6/3 و نصیب الأم 6/2، و قد اجتمع ثلث الأم مع سدس الأب، مع أنه کان ممتنعا بالفرض کما فی الصورة الثلاثین.

(2)کأم و بنت فالأولی لها السدس و الثانیة النصف.

(3)علی المتعددین من ذوی الفرائض فی الطبقة الواحدة.

(4)ففی مثال الأم و البنت یبقی 6/2 و یردّ علیهما أرباعا ثلاثة أرباعه للبنت و الربع الأخیر منه للأم.

(5)أی فی الطبقة.

(6)و سیأتی الکلام فیهما إن شاء اللّه فی جواز الرد و عدمه.

(7)کالأم مع وجود إخوة للمیت و بنت و أب، فالبنت لها النصف و الأم لها السدس لوجود الحاجب من الإخوة، و الأب له سدس فیبقی سدس، لا یرد منه علی الأم لوجود الحاجب لها عما زاد عن السدس، بل یقسم بین الأب و البنت أرباعا.

(8)محرکة، و هو کل ذکر قریب إلی المیت ما عدا الولد و الوالد، سواء کان هذا الذکر من الطبقة الأولی کابن الابن، أو من الطبقة الثانیة کالأخ و ابن الأخ، أو من الطبقة الثالثة کالعم و ابن العم).

(9)فالباقی لمن؟ فالإمامیة علی أن الباقی یقسم علی ذوی الفروض بقدر سهامهم، و قالت العامة: إن الباقی یعطی للعصبة، و مثاله: ما لو اجتمع بنت مع أخ، فالبنت لها النصف بالفرض و یردّ علیها الباقی بالقرابة عندنا، و علی مذهب العامة یعطی النصف الباقی للأخ لأنه من العصبة، و کذا لو کان بنت مع ابن الابن، فالنصف لها بالفرض و الباقی بالرد عندنا، و عند العامة أن الباقی لابن الابن و هکذا.

ففی خبر الحسین الرزّاز (أمرت من یسأل أبا عبد اللّه علیه السّلام المال لمن هو؟ للأقرب أو-

ص:57

(عدم القریب) أی الأقرب منهم، لعموم آیة أولی الأرحام، و إجماع أهل البیت علیهم السّلام (1)، و تواتر أخبارهم بذلک (2)(فیردّ) فاضل الفریضة (علی البنت و البنات (3)، و الأخت و الأخوات (4) للأب و الأم، أو للأب) مع فقدهم (5)(و علی الأمّ (6)،) -العصبة؟ فقال: المال للأقرب و العصبة فی فیه التراب)(1) و خبر سلمة بن محرز (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: إن رجلا مات و أوصی إلی بترکته و ترک ابنته، فقال لی: أعطها النصف، قال: فأخبرت زرارة بذلک فقال لی: اتّقاک إنما المال لها، قال: فدخلت علیه بعد فقلت: أصلحک اللّه إن أصحابنا زعموا أنک اتّقیتنی فقال: لا و اللّه ما اتقیتک، و لکنّی اتقیت علیک أن تضمن، فهل علم بذلک أحد؟ قلت: لا، قال: فأعطها ما بقی)(2)و خبر حمّاد بن عثمان (سألت أبا الحسن علیه السّلام عن رجل ترک أمّه و أخاه، قال: یا شیخ ترید علی الکتاب؟ قلت: نعم، قال: کان علیّ علیه السّلام یعطی المال الأقرب فالأقرب، قلت: فالأخ لا یرث شیئا؟ قال: قد أخبرتک أن علیا علیه السّلام کان یعطی المال الأقرب فالأقرب)(3).

بل لو التزمنا بالعصبة لکان نصیب العم أکثر من نصیب الابن فی ما لو ترک المیت ابنا و ثمانی و عشرین بنتا، فکل بنت لها جزء من الثلاثین و له جزءان، أما لو ترک عما و ثمانی و عشرین بنتا، فالبنات لهن الثلثان و هو عشرون جزءا و الباقی و هو الثلث و هو عشرة أجزاء للعم فیکون نصیب العم أکثر من نصیب الابن.

(1)لا یشترط إجماعهم بل یکفی قول أحدهم، و إنما هذا إشارة إلی ابن عباس و أمثاله ممن کان منقطعا إلیهم علیهم السّلام فی الفقه، و رأی ابن عباس فی عدم التعصیب مشهور و مبثوث فی کتب العامة.

(2)بعدم التعصیب.

(3)فیما لو اجتمعن مع الأخ أو ابن الابن أو العم.

(4)إذا کان معهن ابن أخ أو عم.

(5)أی فقد الأخت و الأخوات للأبوین و الأولی تأنیث الضمیر، لإمکان إرجاعه باعتبار الورثة.

(6)إذا اجتمعت مع الأخ و ابنه و مع العم.

ص:58


1- (1) الوسائل الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 3.
3- (3) الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 6.

(و علی کلالة الأمّ (1) مع عدم وارث فی درجتهم) و إلا اختص غیرهم من الإخوة للأبوین (2)، أو للأب بالردّ دونهم (3).

(و لا یردّ علی الزّوج و الزوجة (4) إلا مع عدم کلّ وارث عدا الإمام) بل الفاضل عن نصیبهما لغیرهما من الورّاث و لو ضامن الجریرة.

(1)فیما لو کان معها عم.

(2)لو اجتمعوا مع کلالة الأم.

(3)دون کلالة الأم، أما لو اجتمع الإخوة للأبوین مع الأخت و الأخوات فالأخت ترث بالقرابة لا بالفرض.

(4)مع وجود وارث غیر الإمام و هذا مما لا خلاف فیه، و لکن لو فقد الوارث ما عدا الإمام فهل یردّ علی الزوج و الزوجة فنقول: أما الزوج فیرد علیه علی المشهور للأخبار منها:

صحیحة أبی بصیر (کنت عند أبی عبد اللّه علیه السّلام فدعا بالجامعة فنظر فیها فإذا امرأة ماتت و ترکت زوجها لا وارث لها غیره، المال له کله)(1)، و صحیحة محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام (فی امرأة توفیت و لم یعلم لها أحد، و لها زوج، فقال: المیراث لزوجها)2، خلافا للدیلمی من المیل أن الباقی للإمام و لا یردّ علی الزوج لموثق جمیل بن دراج عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یکون ردّ علی زوج و لا علی زوجة)(2)، و حمل علی ما لو کان مع الزوج وارث غیر الإمام.

و أما الزوجة فقد اختلف فی الرد علیها علی أقوال:

القول الأول: عدم الرد و هو المشهور لصحیح أبی بصیر (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن امرأة ماتت و ترکت زوجها لا وارث لها غیره قال: إذا لم یکن غیره فله المال، و المرأة لها الربع و ما بقی فللإمام)(3)، و خبر محمد بن مروان عن أبی جعفر علیه السّلام (فی رجل مات و ترک امرأة، قال: لها الربع و یدفع الباقی إلی الإمام)5 بناء علی أن المراد من المرأة هو الزوجة کما هو الظاهر.

و خبر الصحاف (مات محمد بن أبی عمیر و أوصی إلیّ و ترک امرأة، و لم یترک وارثا غیرها، فکتبت إلی العبد الصالح علیه السّلام، فکتب إلیّ: اعط المرأة الربع و احمل الباقی إلینا)6.

القول الثانی: الرد علیها کالزوج و هو للمفید لصحیح أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:-

ص:59


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 3 و 1.
2- (3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 8.
3- ( (4 و 5 و 6) الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 8 و 7 و 2.

و لو فقد من عدا الإمام من الورّاث ففی الرد علیهما مطلقا (1) أو عدمه مطلقا (2)، أو علیه مطلقا، دونها مطلقا (3)، أو علیهما (4) إلا حال حضور الإمام علیه السّلام فلا یردّ علیها خاصة (5) أقوال. مستندها (6): ظواهر الأخبار المختلفة ظاهرا و الجمع بینها (7).

و المصنف اختار هنا القول الأخیر (8) -(قلت له: رجل مات و ترک امرأته قال: المال لها)(1).

القول الثالث: التفصیل بالرد علیها مع غیبة الإمام، و عدم الرد مع حضوره، و هو المحکی عن الصدوق و الشیخ و یحیی بن سعید و العلامة و الشهید بحمل نصوص الرد علی زمن الغیبة و نصوص عدم الرد علی زمن حضوره، و فیه: إن نصوص الرد علی الزوجة هو خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام، و الإمام حی ظاهر و قد أمر بکون المال لها فکیف یحمل هذا الخبر علی زمن عدم حضوره.

نعم حمل الشیخ الخبر الصحیح بالرد علی الزوجة إذا کانت قریبة للزوج و استشهد علی ذلک بخبر محمد بن القاسم البصری (سألت أبا الحسن الرضا علیه السّلام عن رجل مات و ترک امرأة قرابة، لیس له قرابة غیرها، قال: یدفع المال کله إلیها)(2).

(1)مع حضور الإمام أو عدمه، و هو القول الأول فی مسألة الزوج و القول الثانی فی مسألة الزوجة کما علیه المفید.

(2)مع حضور الإمام أو عدمه، و هو القول الثانی فی مسألة الزوج و القول الأول فی مسألة الزوجة.

(3)و هو القول الأول فی مسألة الزوج مع القول الأول فی مسألة الزوجة کما علیه المشهور.

(4)علی الزوج و الزوجة.

(5)فلا یرد علی الزوجة بخلاف الزوج فإنه یرد علیه و لو کان الإمام حاضرا، و هو القول الأول فی مسألة الزوج و القول الثالث فی مسألة الزوجة کما علیه الصدوق و الشیخ و الشهید و غیرهم.

(6)أی مستند هذه الأقوال.

(7)عطف علی الظواهر و هو أحد أسباب نشوء الأقوال.

(8)أی فی اللمعة قد اختار بأنه یرد علی الزوج مطلقا و یرد علی الزوجة إلا إذا کان الإمام حاضرا فلا یرد علیها.

ص:60


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 9.
2- (2) الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 1.

کما یستفاد (1) من استثنائه (2) من المنفی (3) المقتضی (4) لإثبات الردّ علیهما (5) دون الإمام مع قوله:(و الأقرب إرثه) أی الإمام (مع الزوجة إن کان حاضرا).

أما الردّ علی الزوج مطلقا (6) فهو المشهور، بل ادعی جماعة علیه الإجماع و به أخبار کثیرة، کصحیحة أبی بصیر عن الصادق علیه السّلام: أنه قرأ علیه فرائض علی علیه السّلام فإذا فیها: «الزوج یجوز المال کلّه إذا لم یکن غیره» (7).

و أما التفصیل فی الزوجة (8) فللجمع بین روایة أبی بصیر عن الباقر علیه السّلام أنه سأله عن امرأة ماتت و ترکت زوجها و لا وارث لها غیره قال علیه السّلام: «إذا لم یکن غیره فله المال، و المرأة لها الرّبع، و ما بقی فللإمام» (9).

و مثلها روایة محمد بن مروان عن الباقر علیه السّلام (10) و بین صحیحة أبی بصیر عن الباقر علیه السّلام أنه قال له: رجل مات و ترک امرأة قال علیه السّلام: «المال لها» (11) بحمل هذه (12) علی حالة الغیبة (13)، و ذینک (14) علی حالة الحضور (15) (1)أی القول الأخیر.

(2)استثناء القول الأخیر.

(3)و هو لا یردّ علی الزوج و الزوجة.

(4)أی الاستثناء.

(5)علی الزوج و الزوجة.

(6)مع حضور الإمام و عدمه.

(7)الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 2.

(8)فیرد علیها مع غیاب الإمام، و لا یرد علیها مع حضوره.

(9)الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 8.

(10)الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 7.

(11)الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 9، إلا أنه مروی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام.

(12)صحیحة أبی بصیر.

(13)غیبة الإمام.

(14)روایتا أبی بصیر و ابن مروان عن الباقر علیه السّلام.

(15)حضور الإمام علیه السّلام.

ص:61

حذرا من التناقض.

و المصنف فی الشرح (1) اختار القول الثالث (2)، المشتمل علی عدم الردّ علیها مطلقا (3) محتجا بما سبق (4) فإنّ ترک الاستفصال (5) دلیل العموم و للأصل (6) الدال علی عدم الزیادة علی المفروض (7).

و خبر الردّ (8) علیها مطلقا (9) و إن کان صحیحا إلا أنّ فی العمل به مطلقا (10) اطراحا لتلک الأخبار، و القائل به نادر جدا، و تخصیصه بحالة الغیبة بعید جدا، لأن السؤال فیه للباقر علیه السّلام فی «رجل مات» بصیغة الماضی و أمرهم علیهم السّلام حینئذ ظاهر، و الدفع إلیهم ممکن، فحمله علی حالة الغیبة المتأخرة عن زمن السؤال عن میّت بالفعل بأزید من مائة و خمسین سنة أبعد - کما قال ابن إدریس - مما بین المشرق و المغرب.

و ربما حمل (11) علی کون المرأة قریبة للزوج، و هو (12) بعید عن الإطلاق (13) إلا أنه وجه فی الجمع (14). و من هذه الأخبار (15) ظهر وجه القول بالردّ علیهما (1)شرح الارشاد.

(2)و هو قول المشهور فی المسألتین، بالرد علی الزوج مطلقا و بعدم الرد علی الزوجة مطلقا.

(3)مع حضور الإمام و عدمه.

(4)من صحیح أبی بصیر و خبر محمد بن مروان عن الباقر علیه السّلام.

(5)أی ترک التفصیل بین الحضور و عدمه.

(6)أصالة عدم إرثها.

(7)علی الربع فلا ردّ علیها مطلقا.

(8)و هو صحیحة أبی بصیر الثانیة.

(9)علی الزوجة مع حضور الإمام و عدمه.

(10)حضورا و غیبة.

(11)و الحمل للشیخ کما تقدم.

(12)أی هذا الحمل.

(13)فی الخبر.

(14)و یؤیده خبر محمد بن القاسم فراجع.

(15)و هی صحیحة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی الزوج، و صحیحة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام أیضا فی الزوجة.

ص:62

مطلقا کما هو ظاهر المفید، و روی جمیل فی الموثق عن الصادق علیه السّلام «لا یکون الردّ علی زوج و لا زوجة» (1) و هو دلیل القول الثانی، و أشهرها الثالث (2)(و لا عول (3)

(1)الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 8.

(2)و هو الرد علی الزوج مطلقا و عدم الرد علی الزوجة مطلقا.

(3)العول هو زیادة السهام عن الفریضة بحیث یدخل النقص علی ذوی السهام بالنسبة، و سمّی عولا من الزیادة فیقال: عالت الفریضة أی زاد سهامها، أو من النقصان حیث نقصت الفریضة عن السهام، أو من المیل و منه قوله تعالی: ذلِکَ أَدْنی أَلاّ تَعُولُوا (1)و سمیت الفریضة عائلة لمیلها بالجور علی أهل السهام بنقصانها علیهم.

و أمثلة العول کثیرة منها: ما لو کانت الفریضة ستة أسهم فعالت إلی سبعة، فی مثل الزوج و الأختین للأبوین، فإن الزوج له النصف و هو ثلاثة من ستة، و للأختین الثلثان و هما أربعة من ستة فتزید السهام واحدا.

أو تعول الفریضة إلی ثمانیة، کما إذا کان معهم أخت لأم، فإن لها السدس و هو واحد من ستة فتکون السهام ثمانیة مع أن الفریضة ستة.

أو تعول إلی تسعة، بأن کانت کلالة الأم متعددة فلها الثلث، و هو اثنان من ستة، فتکون السهام تسعة و الفریضة ستة.

و قال الشارح فی المسالک «و قد اختلف المسلمون فی هذه المسألة، فذهب الجمهور منهم إلی القول بالعول، بأن یجمع السهام کلها و تقسم الفریضة علیها لیدخل النقص علی کل واحد بقدر فرضه، کأرباب الدیون إذا ضاق المال عن حقهم، و أول مسألة وقع فیها العول فی الإسلام فی زمن عمر، حین ماتت امرأة فی عهده عن زوج و أختین، فجمع الصحابة و قال لهم: فرض اللّه تعالی جدّه للزوج النصف و للأختین الثلثین، فإن بدأت بالزوج لم یبق للأختین حقهما، و إن بدأت بالأختین لم یبق للزوج حقه، فأشیروا علیّ، فاتفق رأی أکثرهم علی العول، ثم أظهر ابن عباس (رضوان اللّه علیه) الخلاف و بالغ فیه».

و أدلتنا علی عدم العول هی: أنه یستحیل أن یجعل اللّه المال نصفین و ثلثا کما لو اجتمع زوج مع أخت لأب مع کلالة الأم، أو ثلثین و نصفا کما فی اجتماع الزوج مع أختین لأب، و نحو ذلک مما لا یفی بالمال، و إلا لکان جاهلا أو عابثا، تعالی اللّه عن ذلک علوا-

ص:63


1- (1) النساء الآیة: 3.

(فی الفرائض) أی لا زیادة فی السّهام علیها (1) علی وجه یحصل النقص علی الجمیع بالنسبة (2)، و ذلک (3) بدخول الزوج و الزوجة (4)

-کبیرا و لأخبار متواترة منها: خبر محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (السهام لا تعول)(1)، و مثله2 صحیح الفضلاء زرارة و برید و الفضیل و ابن مسلم، و صحیح ابن مسلم (أقرأنی أبو جعفر علیه السّلام صحیفة کتاب الفرائض التی هی إملاء رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم و خط علیّ علیه السّلام بیده، فإذا فیها: إن السهام لا تعول)3، و خبر الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السّلام فی کتابه إلی المأمون (و الفرائض علی ما أنزل اللّه فی کتابه، و لا عول فیها)4.

و السبب فی عدم العول هو: أن اللّه قد جعل السهام للأبوین من الطبقة الأولی مع وجود الولد، و للبنتین من الطبقة الأولی، و سهامهم تمام الفریضة فلو أدخل معهم زوج أو زوجة لعالت الفریضة، إلا أن اللّه جل جلاله قد جعل ذوی السهام علی قسمین، قسم له سهم، و إن أزیل عنه فله سهم آخر، کالزوج فله النصف و إلا فالربع، و الزوجة لها الربع و إلا فالثمن، و الأم لها الثلث مع عدم الولد و إلا فمع وجود الحاجب فلها السدس و قسم آخر له سهم و إن أزیل عنه فلم یحدّد له سهما آخر، کالبنتین فلهما الثلثان.

فعدم العول ناشئ من تقدیم ذوی السهام من القسم الأول فیعطی سهمه، و الباقی من الترکة یعطی لذوی السهام من القسم الثانی، فیدخل النقص علی البنات دون الزوج و الزوجة و الأم، فلو اجتمع زوج و بنتان و أم، فللزوج النصف لأنه من القسم الأول، و کذا للأم السدس، و الباقی و هو السدسان و هو ثلث الفریضة للبنتین، و هذا ما صرحت به الأخبار و سیأتی بعضها.

(1)علی الفرائض.

(2)بنسبة سهامهم، و هو تفسیر للمنفی لا للنفی.

(3)أی العول، و زیادة السهام علی الفریضة.

(4)أی أن العول بسبب دخولهما علی الورثة من ذوی السهام، لأنهما خارجان عن النسب، و بیان ذلک:

أن ذوی السهام من الطبقة الأولی الأم و الأب و البنت و البنات و لو اجتمعوا فلا عول، کاجتماع البنتین مع الأبوین فالثلثان مع الثلث تمام الفریضة، فلو دخل الزوج أو الزوجة معهم لحصل العول.-

ص:64


1- ( (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 6 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 1 و 10 و 11 و 16.

(بل) علی تقدیر الزیادة (1)(یدخل النقص) عندنا (2)(علی الأب (3) و البنت و البنات، و الأخت و الأخوات (4) للأب و الأم، أو للأب) خلافا للجمهور حیث جعلوه (5) موزّعا علی الجمیع (6) بإلحاق السهم الزائد للفریضة، و قسمتها (7) علی الجمیع سمّی هذا القسم عولا، إما من المیل و منه قوله تعالی: ذلِکَ أَدْنی أَلاّ تَعُولُوا (8)، و سمیت الفریضة عائلة علی أهلها لمیلها بالجور علیهم بنقصان سهامهم، أو من عال الرجل إذا کثر عیاله لکثرة السّهام فیها، أو من عال إذا غلب، لغلبة أهل السّهام بالنقص، أو من عالت الناقة ذنبها إذا رفعته لارتفاع الفرائض علی أصلها بزیادة السّهام، و علی ما ذکرناه (9) إجماع أهل البیت علیهم السّلام، و أخبارهم به متظافرة، قال الباقر علیه السّلام: کان أمیر المؤمنین علیه السّلام یقول: «إن الذی أحصی رمل عالج لیعلم أن السّهام لا تعول علی ستة لو یبصرون وجهها لم تجز ستة» (10). و کان ابن عباس -و ذوو السهام من الطبقة الثانیة أخت المیت من أبیه فلها النصف، و أختاه من أبیه فلهما الثلثان، و کلالة الأم الثلث لو تعددت، و السدس لو انفردت، و لو اجتمعوا فلا عول کاجتماع الأختین من الأب مع کلالة الأم المتعددة، و لو دخل الزوج أو الزوجة معهم لحصل العول.

(1)أی زیادة السهام عن الفریضة، شروع فی السر بعدم العول.

(2)عند الإمامیة.

(3)سیأتی الکلام فیه و أنه لا یدخل علیه نقص.

(4)و ذلک لأنهن من ذوی السهام القسم الثانی، الذی لم یفرض اللّه له إلا سهما واحدا فلو أزیل عنه لکان له الباقی.

(5)حیث جعل الجمهور النقص.

(6)جمیع ذوی السهام.

(7)قسمة السهام بما فیها السهم الزائد.

(8)النساء الآیة: 3.

(9)من عدم العول فی الفرائض لدخول النقص علی القسم الثانی من ذوی السهام دون القسم الأول.

(10)الوسائل الباب - 6 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 9 و 14 و السبب فی حصرها بالستة لأن السهام کلها تنقسم علی ستة ففی خبر أبی عمر العبدی عن علی بن أبی طالب علیه السّلام (الفرائض من ستة أسهم، الثلثان أربعة أسهم، و النصف ثلاثة أسهم،-

ص:65

(رضی اللّه عنه) یقول: من شاء باهلته عند الحجر الأسود أن اللّه لم یذکر فی کتابه نصفین و ثلثا (1).

و قال أیضا (2): «سبحان اللّه العظیم أ ترون أن الذی أحصی رمل عالج (3) عددا جعل فی مال نصفا و نصفا و ثلثا، فهذان النصفان قد ذهبا بالمال فأین موضع الثلث! فقال له زفر (4): یا أبا العباس (5) فمن أوّل من أعال الفرائض؟ قال: عمر لما التفّت الفرائض عنده و دفع بعضها بعضا قال: و اللّه ما أدری أیّکم قدّم اللّه و أیّکم أخّر؟ و ما أجد شیئا هو أوسع من أن أقسّم علیکم هذا المال بالحصص».

ثم قال ابن عباس: و أیم اللّه لو قدم من قدّم اللّه (6) و أخر من أخر اللّه (7) ما عالت فریضة.

فقال له زفر: و أیها قدّم و أیها أخّر؟ فقال: کل فریضة لم یهبطها اللّه (عزّ و جلّ) عن فریضة إلا إلی فریضة فهذا ما قدّم اللّه، و أما ما أخر فکل فریضة إذا زالت عن فرضها و لم یکن لها إلا ما بقی فتلک التی أخر اللّه، و أما التی قدم -و الثلث سهمان، و الربع سهم و نصف، و الثمن ثلاثة أرباع سهم)(1).

(1)کما لو اجتمع زوج و أخت للمیت من أبیه و کلالة الأم المتعددة، و الخبر قد رواه الجمهور عن ابن عباس راجع المسالک الجزء الثانی ص 323 الطبعة الحجریة.

(2)ابن عباس، و هذا مما روته الخاصة.

(3)قال فی المصباح المنیر «و رمل عالج، جبال متواصلة، یتصل أعلاها بالدهناء، و الدهناء بقرب الیمامة، و أسفلها بنجد، و یتسع اتساعا کثیرا، حتی قال البکری: رمل عالج یحیط بأکثر أرض العرب»، و نقل عن بعضهم العالج: ما تراکم من الرمل و دخل بعضه فی بعض.

(4)زفر بن أوس البصری کما فی الخبر.

(5)کنیة عبد اللّه بن العباس.

(6)و هو القسم الأول من ذوی السهام الذین فرض لهم سهم و إن أزیلوا عنه فقد فرض لهم سهم آخر.

(7)و هو القسم الثانی من ذوی السهام، الذین فرض لهم سهم، و إن أزیلوا عنه فلهم الباقی لأنه لم یفرض اللّه لهم سهما آخر.

ص:66


1- (1) الوسائل الباب - 7 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 12.

فالزوج له النصف فإذا دخل علیه ما یزیله عنه رجع إلی الربع و لا یزیله عنه شیء و الزوجة لها الرّبع فإذا زالت عنه صارت إلی الثّمن لا یزیلها عنه شیء.

و الأمّ لها الثلث فإذا زالت عنه صارت إلی السّدس و لا یزیلها عنه شیء.

فهذه الفروض التی قدّم اللّه (عزّ و جلّ).

و أما التی أخّر اللّه ففریضة البنات و الأخوات لها النصف و الثلثان فإذا أزالتهن الفرائض عن ذلک (1) لم یکن لهن إلا ما بقی، فإذا اجتمع ما قدّم اللّه و ما أخّر بدئ بما قدّم اللّه و أعطی حقه کاملا فإن بقی شیء کان لمن أخر اللّه (2)، الحدیث.

و إنما ذکرناه مع طوله، لاشتماله علی أمور مهمة.

منها: بیان علة حدوث النّقص علی من ذکر (3).

و اعلم أن الوارث مطلقا (4) إما أن یرث بالفرض خاصة و هو من سمّی اللّه فی کتابه له سهما بخصوصه، و هو الأمّ و الإخوة من قبلها، و الزوج و الزوجة حیث لا ردّ (5)، أو بالقرابة خاصة و هو من دخل فی الإرث بعموم الکتاب فی آیة أولی الأرحام (6) کالأخوال و الأعمام، أو یرث بالفرض تارة، و بالقرابة أخری و هو الأب و البنت و إن تعددت و الأخت للأب کذلک، فالأب مع الولد یرث بالفرض (7)، و مع غیره (8)، أو منفردا بالقرابة (9).

(1)عن النصف و الثلثین.

(2)الوسائل الباب - 7 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 6.

(3)من ذوی السهام القسم الثانی.

(4)سواء کان إرثه بالفرض أو بالقرابة.

(5)لأنه مع الرد فیرثون الرد بالقرابة.

(6)الأنفال الآیة: 75.

(7)فله السدس.

(8)غیر الولد کاجتماعه مع الزوج و الزوجة أو مع الأم.

(9)فالباقی له.

ص:67

و البنات یرثن مع الولد بالقرابة (1)، و مع الأبوین بالفرض (2).

و الأخوات یرثن مع الإخوة بالقرابة (3)، و مع کلالة الأمّ بالفرض (4) أو یرث بالفرض و القرابة معا، و هو ذو الفرض علی تقدیر الردّ علیه (5).

و من هذا التقسیم یظهر أن ذکر المصنف الأب مع من یدخل النقص علیهم من ذوی الفروض لیس بجید لأنّه مع الولد (6) لا ینقص عن السّدس و مع عدمه (7) لیس من ذوی الفروض (8). و مسألة العول مختصة بهم (9) و قد تنبه لذلک (10) المصنف فی الدروس فترک ذکره (11)، و قبله العلامة فی القواعد، و ذکره فی غیرها (12) و المحقق فی کتابیه (13).

و الصواب ترکه (14).

مسائل خمس

اشارة

(مسائل خمس)

الأولی - إذا انفرد کلّ واحد من الأبوین

(الأولی - إذا انفرد کلّ) واحد (من الأبوین) فلم یترک المیت قریبا فی (1)علی قاعدة للذکر مثل حظ الأنثیین.

(2)فلهن الثلثان.

(3)علی قاعدة للذکر مثل حظ الأنثیین.

(4)فلهن الثلثان و کلالة الأم المتعددة لها الثلث، و لو انفردت فلها السدس.

(5)فالرد بالقرابة و فرضه بالفرض.

(6)لأن الأب.

(7)عدم الولد.

(8)لأنه یرث بالقرابة الباقی.

(9)بذوی الفروض.

(10)بأن الأب لا یدخل علیه النقص لأنه لیس من ذوی الفروض.

(11)ذکر الأب.

(12)أی ذکر العلامة الأب فیمن دخل علیهم النقص فی غیر القواعد.

(13)الشرائع و مختصر النافع.

(14)ترک الأب فیمن یدخل علیهم النقص من ذوی الفرائض.

ص:68

مرتبته (1) سواه (فالمال) کله (له، لکن للأمّ ثلث المال بالتسمیة) (2) لأنه (3) فرضها حینئذ (4)(و الباقی بالرد) (5) أما الأب فإرثه للجمع بالقرابة إذ لا فرض له حینئذ (6) کما مرّ (و لو اجتمعا (7) فللأم الثلث مع عدم الحاجب) من الإخوة (و السدس مع الحاجب و الباقی) من الترکة عن الثلث أو السدس (للأب).

الثانیة - للابن المنفرد المال

(الثانیة - للابن المنفرد المال (8)، و کذا للزائد) عن الواحد من الأبناء (بینهم بالسویة (9)، و للبنت المنفردة النصف تسمیة و الباقی ردّا (10) و للبنتین فصاعدا الثلثان تسمیة (11) و الباقی ردّا (12) و لو اجتمع الذکور و الإناث فللذکر مثل حظ الأنثیین (13)،) (1)مرتبة أحد الأبوین.

(2)لقوله تعالی: فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ (1).

(3)لأن الثلث.

(4)أی حین عدم وجود ولد للمیت.

(5)لبطلان التعصیب و لقوله تعالی: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ (2).

(6)حین عدم الولد للمیت.

(7)فالأم لها الثلث فرضا إن لم یکن له إخوة، و معهم فلها السدس لقوله تعالی: فَإِنْ کانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ (3)، و الباقی للأب لآیة أولی الأرحام.

(8)لأنه لا فرض له فیرث الجمیع بالقرابة لآیة أولی الأرحام.

(9)فهم سواء فی المال لعدم الترجیح فالأصل التساوی.

(10)فلها النصف لقوله تعالی: وَ إِنْ کانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ (4)، و الباقی ردّ علیها لبطلان التعصیب عندنا و لآیة أولی الأرحام.

(11)لقوله تعالی: فَإِنْ کُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَیْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَکَ (5).

(12)لبطلان التعصیب، و لآیة أولی الأرحام.

(13)لقوله تعالی: یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (6).

ص:69


1- (1) النساء الآیة: 11.
2- (2) الأنفال الآیة: 75.
3- (3) النساء الآیة: 11.
4- (4) النساء الآیة: 11.
5- (5) النساء الآیة: 11.
6- (6) النساء الآیة: 11.

(و لو اجتمع مع الولد) ذکرا کان أم أنثی متحدا أم متعددا (الأبوان (1) فلکلّ) واحد منهما (السدس و الباقی) من المال (للابن) (2) إن کان الولد المفروض ابنا (أو البنتین (3)، أو الذکور و الإناث علی ما قلناه) (4) للذکر منهم مثل حظ الأنثیین.

(و لهما) أی الأبوین (مع البنت الواحدة السدسان (5) و لها النصف (6) و الباقی) و هو السدس (یردّ) علی الأبوین و البنت (أخماسا) علی نسبة الفریضة (7).

فیکون جمیع الترکة بینهم (8) أخماسا (9). للبنت ثلاثة أخماس و لکل واحد منهما خمس، و الفریضة حینئذ (10) من ثلثین، لأن أصلها ستة: مخرج السدس (11) و النصف (12) ثم یرتقی (13) بالضرب فی مخرج الکسر (14) إلی ذلک (15).

(1)قال تعالی: وَ لِأَبَوَیْهِ لِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَکَ إِنْ کانَ لَهُ وَلَدٌ (1).

(2)بالقرابة.

(3)فلهما الثلثان بالفرض، و الباقی هنا ثلثان.

(4)من الإرث بالقرابة علی قاعدة الذکر مثل حظ الأنثیین.

(5)بالفرض.

(6)بالفرض.

(7)أی علی نسبة سهامهم فالبنت لها 6/3 و هو النصف، و الأبوان لهما 6/2 و حصتهم خمسة أسداس، فیقسم السدس علی خمسة، ثلاثة أخماسه للبنت و خمساه للأبوین.

(8)بین الأبوین و البنت.

(9)کما ستعرف.

(10)حین وجود الباقی و هو السدس، و نرید أن نقسمه علی خمسة بمقدار سهامهم.

(11)الذی هو نصیب کل واحد من الأبوین.

(12)الذی هو نصیب البنت.

(13)المخرج.

(14)و هو الخمسة.

(15)ثلاثین. و الحاصل: [15 (نصف الترکة فرضا للبنت) + 3 (ثلاثة أخماس السدس بالرد للبنت أیضا) + 10 (سدسان للأبوین بالفرض) + 2 (خمسا السدس للأبوین بالرد] / 30 30/30 فالبنت لها 30/18 و هو ثلاثة أخماس المجموع، و الأبوان لهما 30/12 و هو خمسا المجموع.

ص:70


1- (1) النساء الآیة: 11.

هذا إذا لم یکن للأم حاجب عن الزیادة علی السدس (و مع الحاجب یردّ) الفاضل (علی البنت و الأب) خاصة (أرباعا) و الفریضة حینئذ (1) من أربعة و عشرین (2). للأمّ سدسها: أربعة. و للبنت اثنا عشر بالأصل (3)، و ثلاثة (4) بالردّ، و للأب أربعة بالأصل (5) و واحد بالردّ (6)(و لو کان بنتان فصاعدا مع الأبوین فلا ردّ) لأن الفریضة حینئذ بقدر السّهام (7).

(و) و لو کان البنتان فصاعدا (مع أحد الأبوین خاصة یردّ السدس) الفاضل عن سهامهم علیهم جمیعا (أخماسا) علی نسبة السّهام (8).

(و لو کان) مع الأبوین، أو أحدهما، و البنت، أو البنتین فصاعدا (زوج أو زوجة (9) أخذ) کلّ واحد من الزوج و الزوجة (نصیبه الأدنی) و هو الربع أو الثمن (1)حین ردّ الباقی علی الأب و البنت فقط.

(2)حاصلة من ضرب الستة بالأربعة التی هی حصص البنت و الأب.

(3)بالفرض.

(4)لأنها ثلاثة أرباع السدس الذی هو أربعة.

(5)بالفرض.

(6)لأن الواحد هو ربع السدس الذی هو أربعة، و خالف معین الدین البصری فجعل السدس الباقی أخماسا ثلاثة منه للأب، و خمسان للأب، لأن سهم الأم المحجوبة للأب لا للبنت، لکن المشهور خلافه لأن الباقی یقسم علی ذوی السهام بحسب سهامهم.

(7)فالأبوان لهما السدسان و البنتان لهما الثلثان، و هذا تمام الفریضة.

(8)للبنتین 6/4 و هو الثلثان، و لأحد الأبوین 6/1 فالباقی 6/1 یقسم علی خمسة و هی سهام البنتین و أحد الأبوین، و أربعة أخماسه للبنتین و خمسه الأخیر لأحد الأبوین.

فالبنتان لهما: 20 بالفرض + 4 بالرد 24.

و لأحد الأبوین: 5 بالفرض + 1 بالرد 6.

(9)فهی ثمانی مسائل:

فالأولی: الأبوان مع البنت مع الزوج، و فیها عول و ذلک:

3/1 للأبوین + 2/1 للبنت + 4/1 للزوج (8 + 12 + 6)/24/2624.

و الثانیة: أبوان مع بنت و زوجة، و فیها تعصیب و ذلک:

3/1 للأبوین + 2/1 للبنت + 8/1 للزوجة (8 + 12 + 6)/24/2324.

و الثالثة: أحد الأبوین مع بنت و زوج، و فیها تعصیب و ذلک:-

ص:71

(و للأبوین السدسان) إن کانا (و لأحدهما السدس) و الباقی للأولاد.

(و حیث یفضل) من الفریضة شیء بأن کان (1) الوارث بنتا واحدة و أبوین و زوجة (2)، -1/ 6 لأحد الأبوین + 2/1 للبنت + 4/1 للزوج (4 + 12 + 6)/24/2224.

و الرابعة: أحد الأبوین مع بنت و زوجة، و فیها تعصیب و ذلک:

6/1 لأحد الأبوین + 2/1 للبنت + 8/1 للزوجة (4 + 12 + 3)/24/1924.

و الخامسة: الأبوان مع بنتین و زوج، و فیها عول و ذلک:

3/1 للأبوین + 3/2 للبنتین + 4/1 للزوج (8 + 16 + 6)/24/3024.

و السادسة: الأبوان مع البنتین و زوجة، و فیها عول و ذلک:

3/1 للأبوین + 3/2 للبنتین + 8/1 للزوج (8 + 16 + 3)/24/2724.

و السابعة: أحد الأبوین مع بنتین و زوج، و فیها عول و ذلک:

6/1 لأحد الأبوین + 3/2 للبنتین + 4/1 للزوج (4 + 16 + 6)/24/2624.

و الثامنة: أحد الأبوین مع بنتین و زوجة، و فیها تعصیب و ذلک:

6/1 لأحد الأبوین + 3/2 للبنتین + 8/1 للزوج (4 + 16 + 3)/24/2324.

ففی مسائل التعصیب یردّ الفاضل علی ذوی السهام ما عدا الزوج و الزوجة بحسب سهامهم، و مسائل التعصیب أربعة و سیأتی التفصیل إن شاء اللّه تعالی.

و فی مسائل العول فیقدم القسم الأول من ذوی السهام و هو الزوج و الزوجة و الأم، و لا یرث القسم الثانی من ذوی السهام إلا الباقی.

(1)شروع فی مسائل التعصیب الأربعة.

(2)و هی المسألة الثانیة فی الشرح، و قد تقدم أنها:

(8 للأبوین + 12 للبنت + 3 للزوجة) / 24 24/23، فالباقی 24/1 یرد علی الأبوین و البنت أخماسا لأن للبنت 6/3، و للأبوین 6/2، فالمجموع 6/5، و یکون للبنت من الباقی ثلاثة أخماسه، و خمسان للأبوین لکل واحد خمس.

و علیه فنضرب 24 مخرج الفریضة بخمسة مخرج حصصهم فتکون الفریضة من 120.

40 للأبوین بالفرض + 60 للبنت بالفرض + 15 للزوجة بالفرض/ 120 120/115 و الباقی 120/5 ثلاثة أخماسه للبنت و خمساه للأبوین و علیه:

فحصة البنت: 60 بالفرض + 3 بالرد 63.

و حصة الأبوین: 40 بالفرض + 2 بالرد 42.

و حصة الزوجة: 15 بالفرض 15-

ص:72

أو بنتین و أحد الأبوین و زوجة (1)، أو بنتا و أحدهما و زوجا (2)، -فالمجموع 120.

هذا إذا لم یکن للمیت إخوة تحجب الأم عما زاد عن السدس، فإن کان إخوة تحجب فالباقی یقسم بین الأب و البنت أرباعا و علیه فنضرب مخرج الفریضة 24 بأربعة التی هی قدر سهامهم فتکون الفریضة: 32 للأبوین + 48 للبنت + 12 للزوجة/ 96 96/92 و الباقی 96/4، ثلاثة أرباعه للبنت و الربع الأخیر للأب.

فحصة الأب: 16 بالفرض + 1 بالرد 17.

و حصة الأم: 16 بالفرض 16

و حصة البنت: 48 بالفرض + 3 بالرد 51

و حصة الزوجة: 12 بالفرض 12

فالمجموع 96.

(1)و هی المسألة الثامنة فی الشرح، و قد تقدم أنها:

(4 لأحد الأبوین بالفرض + 16 للبنتین بالفرض + 3 للزوجة بالفرض) / 24 23 / 24.

و الباقی 24/1 یقسم علی البنتین و أحد الأبوین أخماسا بقدر حصصهم لأن حصصهم خمسة، 6/4 للبنتین و 6/1 لأحد الأبوین، فلا بد أن نضرب مخرج الفریضة 24 بالخمسة فالفریضة من 120.

[(20 لأحد الأبوین بالفرض) + (80 للبنتین بالفرض) + (15 للزوجة بالفرض)] / 120 120/115 و الباقی 120/5 ینقسم أخماسا، أربعة أخماسه للبنتین، و خمسه الباقی لأحد الأبوین.

فحصة أحد الأبوین: 20 بالفرض + 1 بالرد 21

و حصة البنتین: 80 بالفرض + 4 بالرد 84

و حصة الزوجة: 15 بالفرض 15

فالمجموع 120

(2)هذه هی المسألة الثالثة، و قد تقدم أنها:

[(4 لأحد الأبوین بالفرض) + (12 للبنت بالفرض) + (6 للزوج بالفرض)] / 24 24/22 و الباقی 24/2 یرد علی البنت و أحد الأبوین أرباعا، ثلاثة أرباعه للبنت، و ربعه الأخیر لأحد الأبوین، و بما أن الباقی لا ینقسم أرباعا فنضرب مخرج الفریضة بأربعة، فتکون الفریضة من 96، و علیه:

[(16 لأحد الأبوین بالفرض) + (48 للبنت بالفرض) + 24 للزوج بالفرض)] /96-

ص:73

أو زوجة (1)(یردّ) علی البنت أو البنتین فصاعدا، و علی الأبوین أو أحدهما مع عدم الحاجب، أو علی الأب خاصة معه (بالنسبة) دون الزوج و الزوجة.

(و لو دخل نقص) (2) بأن کان الوارث أبوین و بنتین مع الزوج (3)، أو الزوجة (4)، -88/ 96 و الباقی 96/8

فالبنت لها: 48 بالفرض + 6 بالرد 54

و أحد الأبوین له: 16 بالفرض + 2 بالرد 18

و الزوج له: 24 بالفرض 24

فالمجموع 96

(1)و هی المسألة الرابعة فی الشرح و قد تقدم أنها:

[(4 لأحد الأبوین بالفرض) + (12 للبنت بالفرض) + (3 للزوجة بالفرض)] / 24 24/19 و الباقی 24/5 یرد علی أحد الأبوین و البنت أرباعا بقدر حصصهم، فنضرب مخرج الفریضة بأربعة فتکون الفریضة من 96

[(16 لأحد الأبوین بالفرض) + (48 للبنت بالفرض) + (12 للزوجة بالفرض)] / 96 76 /و الباقی 96/20.

فحصة البنت: 48 بالفرض + 15 بالرد 63

و حصة أحد الأبوین: 16 بالفرض + 5 بالرد 21

و حصة الزوجة: 12 بالفرض 12

فالمجموع 96

(2)شروع فی مسائل العول.

(3)و هی المسألة الخامسة المتقدمة فی الشرح، و هی:

(8 للأبوین + 16 للبنتین + 6 للزوج) / 24 24/30

فیعطی الزوج الربع لأنه فرضه لا ینقص عنه، و کذا الأبوان یرثان فرضهما من دون نقص، فالمعطی لهما (24/8 + 24/6)24/14، و الباقی 24/10 یعطی للبنتین لأنهما من القسم الثانی من ذوی السهام بحیث إذا أزیل هذا القسم عن فرضه کان له الباقی.

(4)و هی المسألة السادسة المتقدمة فی الشرح، و هی:

(8 للأبوین + 16 للبنتین + 3 للزوج) / 24 24/27

فالزوجة مع الأبوین یأخذون حصتهم من دون نقص فالمعطی لهم: 8 + 1124/3 / 24، و الباقی 24/13 للبنتین.

ص:74

أو بنتا و أبوین مع الزوج (1)، أو بنتین و أحد الأبوین معه (2)(کان) النقص (علی البنتین فصاعدا) أو البنت (دون الأبوین و الزوج) لما تقدم.

(و لو کان مع الأبوین) خاصة (زوج (3)، أو زوجة (4) فله نصیبه الأعلی) لفقد الولد (و للأم ثلث الأصل) مع عدم الحاجب، و سدسه معه (5)(و الباقی للأب) و لا یصدق اسم النّقص علیه (6) هنا (7)

(1)هی المسألة الأولی المتقدمة و هی: (8 للأبوین + 12 للبنت + 6 للزوج) / 24 24/26

فیعطی الزوج و الأبوان فرضهما من دون نقص، فالمعطی لهما 8 + 24/1424/6 و الباقی 24/10 یعطی للبنت.

(2)مع الزوج و هی المسألة السابعة و هی: (4 لأحد الأبوین + 16 للبنتین + 6 للزوج) / 24 24/26.

فیعطی الزوج واحدا لأبوین فرضهما، و هو: (4 + 6)/24/1024، و الباقی 14 / 24 یعطی للبنتین.

(3)فله النصف لعدم الولد للمیت، و للأم الثلث إن لم یکن لها حاجب، فالمعطی لهما: (3 للزوج + 2 للأم) / 6 6/5، و الباقی 6/1 یعطی للأب بالقرابة لأن لا فرض له فی صورة عدم الولد.

و لو کان للأم حاجب فتعطی السدس و المعطی لها و للزوج: (3 + 1)/6/46، و الباقی 6/2 للأب.

(4)فلها الربع لعدم الولد للمیت، و للأم الثلث مع عدم الحاجب فالمعطی لهما:

(3 للزوجة + 4 للأم) / 12 12/7، و الباقی 12/5 للأب بالقرابة.

و مع الحاجب فالمعطی للأم و الزوجة: (3 + 2)/12/512، و الباقی 12/7 للأب بالقرابة.

(5)أی سدس الأصل مع الحاجب.

(6)علی الأب.

(7)مع عدم الولد للمیت، و ذلک ففی مسألة الزوج تعطی الأم 6/2 و هو ثلث مع عدم الحاجب و یعطی الأب 6/1، و مع الحاجب تعطی 6/1 و یعطی الأب 6/2 و هو ثلث.

و فی مسألة الزوجة تعطی الأم 12/4 و هو ثلث مع عدم الحاجب و یعطی الأب 12/5 و هو ثلث و نصف السدس.

و مع الحاجب تعطی الأم 12/2 و هو سدس، و یعطی الأب 12/7، و هو نصف و نصف السدس.-

ص:75

لأنه حینئذ لا تسمیة له (1)، و هذا (2) هو الذی أوجب إدخال الأب فیمن ینقص علیه کما سلف.

الثالثة - أولاد الأولاد یقومون مقام آبائهم عند عدمهم

(الثالثة - أولاد الأولاد یقومون مقام آبائهم عند عدمهم) سواء کان الأبوان (3) موجودین أم أحدهما أم لا علی أصح القولین (4)، خلافا للصدوق حیث -فلم تنقص حصة الأب عن حصة الأم إلا فی صورة واحدة و هی فیما لو اجتمع الأبوان مع الزوج مع عدم الحاجب للأم، فتعطی الثلث و یکون للأب السدس، فمن هنا توهم أن النقص داخل علیه إلا أنه مردود لأن الأب هنا لم یرث بالفرض و إنما بالقرابة.

(1)أی لأن الشأن و الواقع حین اجتماع الأبوین مع الزوج لا تسمیة للأب.

(2)أی نقصان حصة الأب عن الأم فیما لو اجتمعا مع الزوج.

(3)أبوا المیت.

(4)هل یشترط فی توریث أولاد الأولاد عدم أبوی المیت أم لا، ذهب الصدوق فی الفقیه و المقنع إلی الاشتراط لخبر سعد بن أبی خلف عن أبی الحسن الأول علیه السّلام (بنات الابنة یقمن مقام البنات إذا لم یکن للمیت بنات و لا وارث غیرهن، و بنات الابن یقمن مقام الابن إذا لم یکن للمیت أولاد و لا وارث غیرهن)(1) و لفظ - لا وارث غیرهن - نفی للوالدین لا غیر، و مثله صحیح عبد الرحمن بن الحجاج2.

و یؤیده: أن الأبوین فی مرتبة الولد الصلبی للمیت، و الولد الصلبی أقرب إلی المیت من ولد الولد فیکون المساوی للأقرب أقرب.

و ذهب الأکثر إلی توریث ولد الولد و إن کان أبوا المیت موجودین، لأخبار منها: خبر محمد بن سماعة (دفع إلیّ صفوان کتابا لموسی بن بکیر فقال: هذا سماعی من موسی بن بکیر و قراءة علیه، فإذا فیه: موسی بن بکیر عن علی بن سعید عن زرارة قال: هذا ما لیس فیه اختلاف عند أصحابنا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام و أبی جعفر علیه السّلام - و ذکر مسائل إلی أن قال - و لا یرث أحد من خلق اللّه مع الولد إلا الأبوان و الزوج و الزوجة، فإن لم یکن ولد کان ولد الولد - ذکورا کانوا أو إناثا - فإنهم بمنزلة الولد، و ولد البنین بمنزلة البنین یرثون میراث البنین، و ولد البنات بمنزلة البنات یرثون میراث البنات، و یحجبون الأبوین و الزوجین عن سهامهم الأکثر، و إن سفلوا ببطنین و ثلاثة و أکثر، یرثون ما یرث الولد للصلب، و یحجبون ما یحجب الولد للصلب)(2) و هو نص فی المطلوب، و مثله غیره.-

ص:76


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 3 و 4.
2- (3) الوسائل الباب - 18 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 3، مع اختلاف یسیر فی النقل، إلا أن الکافی قد نقله بعین ما أوردناه ج 7 ص 97.

شرط فی توریثهم عدم الأبوین (و یأخذ کل منهم نصیب من یتقرب به) (1) فلابن البنت ثلث، و لبنت الابن ثلثان، و کذا مع التعدد. هذا هو المشهور بین الأصحاب روایة و فتوی.

و قال المرتضی و جماعة: یعتبر أولاد الأولاد بأنفسهم، فللذکر ضعف الأنثی و إن کان یتقرب بأمّه و تتقرب الأنثی بأبیها، لأنهم أولاد حقیقة فیدخلون فی عموم یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (2)، إذ لا شبهة فی کون أولاد الأولاد - و إن کنّ إناثا - أولادا، و لهذا حرمت حلائلهم بآیة: وَ حَلائِلُ -و أجیب عن التأیید بأنه إخراج للولد النازل عن الطبقة الأولی، مع أنه لم یدخل فیها إلا لأنه یرث مع أب المیت و أمه.

(1)علی المشهور، فیرث ولد البنت نصیب أمه ذکرا کان أو أنثی، و یرث ولد الابن نصیب أبیه ذکرا کان أو أنثی، للأخبار منها ما تقدم کخبر محمد بن سماعة و صحیح عبد الرحمن، و لصحیح عبد الرحمن الآخر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (بنات البنت یرثن إذا لم یکن بنات، کن مکان البنات)(1).

و ذهب المرتضی و ابن إدریس و معین الدین المصری و جماعة إلی أن أولاد الأولاد یتقاسمون المیراث کتقاسم الأولاد الصلبیین من غیر اعتبار من تقربوا به، فلو خلف بنت ابن و ابن بنت لکان للذکر الثلثان و للأنثی الثلث.

و احتجوا بأن ولد الولد ولد حقیقة فیندرج تحت قوله تعالی: یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (2)، و لذا استدل علی تحریم حلائلهم بقوله تعالی: حَلائِلُ أَبْنائِکُمُ (3) و علی تحریمهم علی أبوی المیت بقوله تعالی: وَ بَناتُکُمْ 5 و علی جواز إبداء زینة أم المیت لهم بقوله تعالی: أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ (4).

و ردّ بأن الأخبار المتقدمة مخصصة لعموم الأبناء الوارد فی هذه الآیات فلا بد من التمسک بها.

(2)النساء الآیة: 11.

ص:77


1- (2) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.
2- (3) النساء الآیة: 11.
3- ( (4 و 5) النساء الآیة: 23.
4- (6) النور الآیة: 31.

أَبْنائِکُمُ (1)، و حرّمت بنات الابن و البنت بقوله تعالی: وَ بَناتُکُمْ (2)، و أحلّ رؤیة زینتهنّ لأبناء أولادهنّ مطلقا بقوله تعالی: أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ (3) کذلک إلی غیر ذلک من الأدلة (4)، و هذا کله حق لو لا دلالة الأخبار الصحیحة علی خلافه هنا (5) کصحیحة عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق علیه السّلام قال:

بنات الابنة یقمن مقام الابنة إذا لم یکن للمیت ولد و لا وارث غیرهن (6)، و صحیحة سعد بن أبی خلف عن الکاظم علیه السّلام قال: بنات الابنة یقمن مقام البنات إذا لم یکن للمیت بنات و لا وارث غیرهن، و بنات الابن یقمن مقام الابن إذا لم یکن للمیت أولاد و لا وارث غیرهن (7)، و غیرهما (8) و هذا هو المخصص لآیة الإرث.

فإن قیل: لا دلالة للروایات علی المشهور، لأن قیامهن (9) مقامهم (10) ثابت علی کل حال فی أصل الإرث، و لا یلزم منه القیام فی کیفیته (11) و إن احتمله (12)، و إذا قام الاحتمال لم یصلح لمعارضة الآیة الدالة بالقطع علی أن لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ .

قلنا: الظاهر من قیام الأولاد مقام الآباء و الأمهات تنزیلهم منزلتهم لو کانوا موجودین مطلقا (13) و ذلک یدل علی المطلوب مضافا إلی عمل الأکثر، و لو تعدد (1)النساء الآیة: 23.

(2)النساء الآیة: 23.

(3)النور الآیة: 31.

(4)المتضمنة لفظ الولد، و قد جعله الفقهاء و شاملا لولد الولد.

(5)علی خلاف أن ولد الولد ولد موضوعا و حکما، و هنا أی فی باب إرثهم.

(6)الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 4.

(7)الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 3.

(8)راجع الباب السابع من أبواب میراث الأبوین و الأولاد من الوسائل.

(9)أی قیام بنات البنت و بنات الابن.

(10)مقام البنت و الابن.

(11)کیفیة الإرث.

(12)أی احتمل القیام للکیف.

(13)أی فی جانب الذکوریة و الأنوثیة، فنفرض بنت الابن ابنا، و ابن البنت بنتا فی المیراث.

ص:78

أولاد الأولاد فی کل مرتبة، أو فی بعضها فسهم کل فریق (یقتسمونه بینهم) کما اقتسم آباؤهم (لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ ) (1)(و إن کانوا) أی الأولاد المتعددون (أولاد بنت) علی أصح القولین (2)، لعموم قوله تعالی: لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ و لا معارض لها هنا.

و قیل (3): یقتسم أولاد البنت بالسویة کاقتسام من ینتسب إلی الأمّ کالخالة و الإخوة للأم، و یعارض بحکمهم (4) باقتسام أولاد الأخت للأب متفاوتین (5).

الرابعة فی الحبوة

(الرابعة - یحبی) أی یعطی (الولد الأکبر) (6) (1)لدخولهم تحت قوله تعالی: یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (1) و هذا مما لا خلاف فیه فی أولاد الابن.

(2)و هو المشهور لدخولهم تحت عموم الآیة.

(3)و القائل هو الشیخ فی المبسوط و القاضی إنهم یقتسمونه بالسویة، لأن المتقرب إلی المیت بالأنثی یقتسم نصیبه بالسویة مثل کلالة الأم المتعددة، و هم إخوة المیت من أمه فلهم الثلث بالسویة.

و فیه: إن هذا قیاس لا نقول به و منقوض بأولاد أخت المیت فلهم میراث أمهم مع أن المال بینهم علی قاعدة لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ .

(4)بحکم الفقهاء بما فیهم الشیخ و القاضی.

(5)لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ .

(6)هذه المسألة من منفردات الإمامیة و من ضروریات مذهبهم، و خالفهم فیها العامة، و مستند الإمامیة أخبار متواترة عن الأئمة علیهم السّلام.

منها: صحیح ربعی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا مات الرجل فلأکبر ولده سیفه و مصحفه و خاتمه و درعه)(2) و حسنة حریز عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا هلک الرجل و ترک بنین فللأکبر الدرع و السیف و الخاتم و المصحف، فإن حدث به حدث فللأکبر منهم)3و مرسل ابن أذینة عن أحدهما علیهما السّلام (إذا ترک الرجل سیفا و سلاحا فهو لابنه، فإن کان له بنون فهو لأکبرهم)4 و صحیح ربعی الآخر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا مات الرجل فسیفه و مصحفه و خاتمه و کتبه و رحله و راحلته و کسوته لأکبر ولده، فإن کان الأکبر ابنة-

ص:79


1- (1) النساء الآیة: 11.
2- ( (2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 2 و 3 و 4.

أی أکبر الذکور (1) إن تعددوا و إلا فالذکر (2)(من ترکة أبیه) زیادة علی غیره من الورّاث (بثیابه، و خاتمه، و سیفه، و مصحفه) (3).

و هذا الحباء (4) من متفردات علماءنا، و مستنده روایات کثیرة عن أئمة الهدی.

و الأظهر: أنه علی سبیل الاستحقاق (5).

-فللأکبر من الذکور)(1) و خبر شعیب العقرقوفی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (المیت إذا مات، فإن لابنه السیف و الرحل و الثیاب ثیاب جلده)2.

(1)لإخراج الولد الأکبر إن کان أنثی.

(2)کما دل علیه مرسل ابن أذینة المتقدم (فهو لابنه فإن کان له بنون فهو لأکبرهم)، و علیه فالمراد من الأکبر: من لیس هناک ذکر أکبر منه، سواء وجد غیره أو لا.

(3)المشهور علی تخصیص الحبوة بهذه الأربعة، و هذه الأربعة لم توجد فی روایة بخصوصها لأن الروایات مختلفة فی تعداد الحبوة، نعم فی صحیحة ربعی الثانیة ذکرت هذه الأربعة و زیادة الکتب و الرحل و الراحلة، و لم یقل أحد بدخول هذه الزیادة فی الحبوة إلا ما یظهر من الصدوق حیث ذکر الروایة فی الفقیه و هو ملتزم بأنه لا یروی فیه إلا ما یعمل به، فالاقتصار علی هذه الأربعة مع أنها لیست مذکورة فی روایة بخصوصها مشکل، و ربما قیل إن الإجماع هو مستند التخصیص بالأربعة و قال فی المسالک «و لا یخفی ما فیه فإن الإجماع خصوصا بین الأصحاب لا بد له من مستند و المستند غیر ظاهر».

(4)کعطا لفظا و معنی.

(5)ذهب الأکثر إلی الحبوة علی نحو الوجوب للأخبار المصرحة بأن الحبوة للولد الأکبر، و اللام تفید الاستحقاق له سواء أفادت الملکیة منه کقولنا: المال لزید، أو الاختصاص کقولنا: المسجد للمصلی بمعنی أن منافع المسجد للمصلی، و هذا لا یتم إلا علی القول بالوجوب فلو کان رضا الورثة شرطا فی الحبوة فلا تکون الحبوة للأکبر اختصاصا و استحقاقا.

و ذهب المرتضی و ابن الجنید و أبو الصلاح و العلامة فی المختلف أنها علی نحو الاستحباب، لأن ترجیح الأکبر ببعض المیراث علی خلاف الأصل و مخالف لعموم قوله تعالی: یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (2)، فیقتصر فیه علی محل-

ص:80


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1 و 7.
2- (3) النساء الآیة: 11.

و قیل: علی سبیل الاستحباب، و فی الروایات ما یدل علی الأول لأنه (1) جعلها (2) فیها له (3) بالأم المفیدة للملک، أو الاختصاص أو الاستحقاق.

و الأشهر: اختصاصه بها (4) مجانا (5)، لإطلاق النصوص به (6).

و قیل: بالقیمة اقتصارا فیما خالف الأصل و نص الکتاب علی موضع الوفاق.

و المراد بثیابه: ما کان یلبسها، أو أعدها للّبس و إن لم یکن لبسها (7)، لدلالة العرف علی کونها ثیابه و لباسه، و ثیاب جلده علی ما ورد فی الأخبار (8). و لو فصّلت و لم تکمل خیاطتها ففی دخولها وجهان. من إضافتها إلیه (9) بذلک (10) -الیقین و هو الاستحباب، و یؤیده اختلاف الروایات فی مقدار ما یحبی به الأکبر فهناک أخبار زادت علی الأربعة بحیث لو عمل بها علی نحو الوجوب بالاستلزام إجحافا بحق الورثة فالاستحباب أنسب لهذا الاختلاف.

(1)لأن الشأن و الواقع.

(2)جعل الحبوة.

(3)فی الأخبار للأکبر.

(4)اختصاص الأکبر بالحبوة.

(5)لإطلاق النصوص المتقدمة، و لأصالة براءة ذمة المحبو من قیمتها، و هذا ما علیه الأکثر، و ذهب السید المرتضی و ابن الجنید إلی أنه بالقیمة لقوله تعالی: یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (1) و غیره. من آیات الإرث التی تقتضی مشارکة الجمیع فیما یخلفه المیت من سیف و مصحف و غیرهما، فلو خصصنا الأکبر بهذه الأشیاء من دون القیمة فنکون قد ترکنا العمل بظواهر آیات الإرث القاضیة بمشارکة الجمیع فی الجمیع، فاحتساب الحبوة علیه بالقیمة یکون أوفق للجمع بین آیات الإرث و أدلة الحبوة.

و فیه: إن هذا اطراح لأخبار الحبوة.

(6)باستحقاق الولد الأکبر للحبوة.

(7)لصدق ثیاب جلده کما فی خبر شعیب العقرقوفی علی هذا کله.

(8)خبر شعیب العقرقوفی المتقدم.

(9)إلی المیت.

(10)بالتفصیل فیصدق عنوان الثیاب.

ص:81


1- (1) النساء الآیة: 11.

و من عدم صدق کونها ثیابا بالإضافات المذکورة عرفا (1).

و الأقوی: أن العمامة منها (2) و إن تعددت، أو لم تلبس إذا اتخذها له، و کذا السراویل، و فی دخول شد الوسط (3) نظر (4).

أما الحذاء و نحوه (5) مما یتخذ للرجل فلا (6)، و کذا لو کان المتخذ لشد الوسط غیر ثوب (7)، و فی بعض الأخبار إضافة السلاح، و الدرع و الکتب، و الرحل، و الراحلة. و لکنّ الأصحاب أعرضوا عنه (8) و خصوها بالأربعة (9)، مع أنها (10) لم تذکر فی خبر مجتمعة، و إنما اجتمعت فی أخبار و الروایة الجامعة لهذه الأشیاء صحیحة (11)، و ظاهر الصدوق اختیارها (12)، لأنه ذکرها فی الفقیه مع التزامه أن لا یروی فیه إلا ما یعمل به، و لم یذکر الأصحاب الدرع، مع أنه ذکر فی عدة أخبار.

و الاقتصار علی ما ذکروه أولی (13) إن لم یناف الأولویة أمر آخر (14).

أما غیر الدرع من آلات الحرب کالبیضة (15) (1)لأنه ما لم تخط لا تسمی ثوبا حتی تندرج تحت ثیابه.

(2)من الثیاب للعرف.

(3)و هو الحزام.

(4)ناشئ من صدق الثیاب علیه.

(5)کالجورب.

(6)لعدم صدق الثیاب علیه.

(7)أی من غیر القماش کالمأخوذ من الجلد.

(8)عن هذا البعض.

(9)و هی الثیاب و الخاتم و السیف و المصحف.

(10)أن الأربعة.

(11)و هی صحیحة ربعی الثانیة المتقدمة، الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.

(12)اختیار الصحیحة الشاملة لغیر الأربعة.

(13)اقتصارا علی ما خالف الأصل علی موطن الیقین و الوفاق.

(14)کما لو کان المحبو طفلا و باقی الورثة إناثا، فالاحتیاط یقتضی مراعاة جانبه.

(15)توضع علی الرأس.

ص:82

فلا یدخل قطعا (1)، لعدم دخوله فی مفهوم شیء مما ذکر.

و فی دخول القلنسوة و الثوب من اللبد (2) نظر، من عدم دخولهما فی مفهوم الثیاب، و تناول الکسوة المذکورة فی بعض الأخبار (3) لهما.

و یمکن الفرق، و دخول الثانی دون الأول: بمنع کون القلنسوة من الکسوة، و من ثمّ لم یجز (4) فی کفارة الیمین المجزی فیها (5) ما یعد کسوة.

و لو تعددت هذه الأجناس فما کان منها (6) بلفظ الجمع (7) کالثیاب تدخل أجمع، و ما کان بلفظ الوحدة کالسیف و المصحف (8) یتناول واحدا، و یختص (9) ما کان یغلب نسبته إلیه (10)، فإن تساوت تخیّر الوارث (11) واحدا منها علی الأقوی و یحتمل القرعة (12).

و العمامة من جملة الثیاب فتدخل المتعددة (13)، و فی دخول حلیة السیف، و جفنه (14)، و سیوره (15)، و بیت المصحف وجهان: من تبعیتها (16)

(1)لعدم دخوله تحت السیف و الخاتم و الثیاب و المصحف.

(2)مصنوع من شعر أو صوف.

(3)صحیح ربعی الثانی الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.

(4)أی الأول و هو القلنسوة.

(5)فی کفارة الیمین.

(6)من هذه الأجناس و هی الثیاب و الخاتم و السیف و المصحف.

(7)فی الأخبار.

(8)و الخاتم أیضا.

(9)الواحد من هذه الأجناس.

(10)إلی المیت.

(11)المحبو.

(12)لأنها لکل أمر مشکل.

(13)أی لو تعددت العمامة فتدخل کلها فی الحبوة.

(14)أی غمده.

(15)قال فی مصباح المنیر: (السیر الذی یعدّ من الجلد جمعه سیور مثل فلس و فلوس).

(16)تبعیة المذکورات، و هو وجه الدخول.

ص:83

لهما (1) عرفا، و انتفائها (2) عنهما حقیقة.

و الأقوی: دخولها (3).

و لا یشترط بلوغ الولد، للإطلاق (4)، و عدم ظهور (5) الملازمة بین الحبوة و القضاء.

و فی اشتراط انفصاله حیّا حال موت أبیه نظر: من عدم صدق الولد الذکر حینئذ (6). و من تحققه (7) فی نفس الأمر (8) و إن لم یکن ظاهرا و من ثمّ عزل له نصیبه من المیراث.

و یمکن الفرق: بین کونه جنینا تاما متحقق الذکوریة فی الواقع حین الموت، و بین کونه علقة، أو مضغة، أو غیرهما (9).

و الأقوی: الأول (10). و عدم اشتراط (11) انتفاء قصور نصیب کل وارث عن (1)للسیف و المصحف.

(2)أی انتفاء هذه المذکورات.

(3)لتقدیم العرف علی اللغة.

(4)فی الأخبار لأنها صرحت بالولد الأکبر و أکبر الذکور، و اشترط ابنا إدریس و حمزة فی السرائر و الوسیلة بلوغه و سیأتی دلیله.

(5)قد یتوهم أن الحبوة فی قبال القضاء عن المیت، و القضاء لا یکلف به إلا البالغ فتکون الحبوة للبالغ من الولد الأکبر و لذا اشترط بلوغه و فیه أن الملازمة بین الحبوة و القضاء مما لم توجد فی الأخبار، و إنما هی أمر منتزع، و لا یصح الاعتماد علیه فی ابتناء الأحکام الشرعیة.

(6)حین کونه حملا.

(7)تحقق الولد الأکبر.

(8)فی عالم الأجنة.

(9)فلا یصدق علیه الذکر.

(10)اشتراط انفصاله حیا، لا أقل من الانصراف.

(11)عطف علی الأول، و المعنی و الأقوی عدم الاشتراط، فقد ذهب العلامة فی القواعد إلی اشتراط أن لا یقصر نصیب کل وارث عن الحبوة لئلا یلزم الإجحاف، و یردّ بإطلاق الأخبار.

ص:84

قدرها، و زیادتها (1) عن الثلث، للعموم (2).

و فی اشتراط خلوّ المیت عن دین (3) أو عن دین مستغرق للترکة (4) وجهان من انتفاء الإرث (5)، علی تقدیر الاستغراق، و توزیع الدین (6) علی جمیع الترکة (7)، لعدم الترجیح (8). فیخصها منه (9) شیء و تبطل بنسبته (10). و من إطلاق النص (11)، و القول (12) بانتقال الترکة إلی الوارث و إن لزم المحبو ما قابلها (13) من الدین إن أراد فکها، و یلزم علی المنع (14) من مقابل الدین - إن لم یفکه - المنع من (1)عطف علی انتفاء قصور نصیب، و المعنی: و الأقوی عدم اشتراط زیادة الحبوة عن الثلث، بحیث لو زادت فلا حبوة للإطلاق، و قد اشتراط بعضهم فی الحبوة أن لا تزید عن الثلث و لم یعرف.

(2)و الأولی القول للإطلاق، و هو تعلیل لعدم اشتراط زیادة الحبوة عن الثلث و لعدم اشتراط انتفاء قصور نصیب کل وارث عنها.

(3)فلو کان علیه دین فلا حبوة لأکبر ولده الذکور.

(4)کما اشترطه جماعة، لعدم الإرث حینئذ لأن المیراث سیبذل فی وفاء الدین، و فی الدین غیر المستغرق یبطل من الحبوة بمقدار ما یوزع علیها من الدین و رد بأن النص مطلق و لم یقید الحبوة بعدم الدین علی المیت، و فیه أن النص و إن کان مطلقا إلا أن الحبوة نوع من الإرث، و هو مشروط بعدم الدین کما فی قوله تعالی: مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُوصِی بِها أَوْ دَیْنٍ (1).

(5)دلیل الاشتراط.

(6)علی تقدیر عدم استغراقه للترکة.

(7)فیبطل من الحبوة بما یخصها من الدین.

(8)تعلیل لتوزیع الدین علی جمیع الترکة بما فیها الحبوة.

(9)فیخص الحبوة من الدین.

(10)و تبطل الحبوة بنسبة ما یخصها.

(11)دلیل عدم الاشتراط.

(12)دلیل ثان لعدم الاشتراط.

(13)ما قابل الحبوة.

(14)منع المحبو من الحبوة بما یقابل الدین إن لم یفکه.

ص:85


1- (1) النساء الآیة: 11.

مقابل الوصیة النافذة إذ لم تکن (1) بعین مخصوصة خارجة عنها (2) و من مقابل الکفن الواجب (3) و ما فی معناه (4)، لعین ما ذکر (5) و یبعّد ذلک بإطلاق النص، و الفتوی بثبوتها (6)، مع عدم انفکاک المیت عن ذلک (7) غالبا، و عن الکفن حتما.

و الموافق للأصول الشرعیة (8) البطلان (9) فی مقابلة ذلک کله (10) إن لم یفکه المحبوّ بما یخصه لأن الحبوة نوع من الإرث و اختصاص فیه (11)، و الدین و الوصیة، و الکفن، و نحوها (12) تخرج من جمیع الترکة، و نسبة الورثة إلیه (13) علی السواء.

نعم لو کانت الوصیة بعین من أعیان الترکة خارجة عن الحبوة فلا منع (14) کما لو کانت تلک العین معدومة و لو کانت الوصیة ببعض الحبوة اعتبرت (15) من الثلث (16) کغیرها من ضروب الإرث إلا أنها تتوقف علی إجازة المحبوّ خاصة (17).

(1)الوصیة.

(2)عن الحبوة.

(3)و المنع من الحبوة بما یخصها من الکفن الواجب.

(4)فی معنی الکفن من سائر أسباب التجهیز.

(5)لأن الوصیة و الکفن حقّ کالدین، فإذا کان الدین مانعا من الإرث و الحبوة لأنه حق فکذلک الوصیة و الکفن لأنهما حقّ.

(6)أی و إطلاق الفتوی بثبوت الحبوة، و قد عرفت لابدّیة التقیید بالآیة الشریفة.

(7)من الوصیة.

(8)لأن حق الدین متعلق بالترکة کما هو مفاد الآیة الشریفة المتقدمة.

(9)بطلان الحبوة.

(10)من الدین و الوصیة و الکفن.

(11)فی الإرث.

(12)مما یتعلق بالترکة کأسباب تجهیز المیت.

(13)إلی ما ذکر مما یتعلق بالترکة.

(14)من الحبوة.

(15)الوصیة.

(16)ثلث الحبوة، لأن الثلث للمیت.

(17)إذا زادت الوصیة عن ثلث الحبوة.

ص:86

و یفهم من الدروس: أن الدین غیر المستغرق غیر مانع لتخصیصه (1) المنع (2) بالمستغرق (3) و استقرب ثبوتها (4) حینئذ (5) لو قضی الورثة الدین من غیر الترکة، لثبوت الإرث حینئذ (6)، و یلزم مثله (7) فی غیر المستغرق بطریق أولی.

و کذا الحکم (8) لو تبرع متبرع بقضاء الدین، أو أبرأه (9) المدین مع احتمال انتفائها (10) حینئذ (11) مطلقا (12)، لبطلانها (13) حین الوفاة بسبب الدین (14).

و فیه: أنه بطلان مراعی (15)، لا مطلقا (16).

(و علیه) أی علی المحبوّ (قضاء ما فاته) أی فات المیت (من صلاة و صیام).

و قد تقدم تفصیله و شرائطه فی بابه (17).

(1)تخصیص المصنف فی الدروس.

(2)عن الحبوة.

(3)بالدین المستغرق.

(4)ثبوت الحبوة.

(5)حین الاستغراق.

(6)حین قضاء الورثة للدین من غیر الترکة.

(7)من ثبوت الحبوة علی تقدیر إیفاء الدین من غیر الترکة.

(8)بثبوت الحبوة.

(9)أبرأ المیت، کل ذلک لانتفاء الحق المالی الذی تعلق بالترکة و الذی کان مانعا من الحبوة فلو ارتفع لثبتت الحبوة.

(10)مع احتمال انتفاء الحبوة.

(11)أی حین تعلق حق مالی و هو الدین بالترکة.

(12)قضاه الورثة من غیر الترکة أو أبرأه المدین أو تبرع الأجنبی.

(13)لبطلان الحبوة.

(14)فینتقل المیراث إلی المدین.

(15)بعدم وفاء الدین.

(16)و إن استوفی.

(17)من کتاب الصلاة، هذا و قد عرفت عدم الملازمة بین الحبوة و بین قضاء ما فات المیت من صلاة و صیام لإطلاق النص، و إلا لو قلنا بالملازمة فلا حبوة لو کان الذکر الأکبر صغیرا غیر مکلف، و کذا لا قضاء علیه لو لم یترک المیت حبوة، و کذا لا حبوة إذا لم یکن علی المیت قضاء.

ص:87

(و) المشهور أنه (1)(یشترط) فی المحبوّ (أن لا یکون سفیها (2)، و لا فاسد الرأی) (3) أی الاعتقاد بأن یکون مخالفا للحقّ، ذکر ذلک (4) ابن إدریس و ابن حمزة (5) و تبعهما الجماعة، و لم نقف له (6) علی مستند.

و فی الدروس نسب الشرط إلی قائله مشعرا بتمریضه (7). و إطلاق النصوص یدفعه.

و یمکن إثبات الشرط الثانی خاصة إلزاما للمخالف بمعتقده (8) کما یلزم (9) بغیره من الأحکام (10) التی تثبت عنده لا عندنا، کأخذ سهم العصبة منه و حلّ مطلّقته ثلاثا لنا، و غیرهما (11) و هو حسن.

و فی المختلف اختار استحباب الحبوة کمذهب ابن الجنید و جماعة، و مال إلی قول السید باحتسابها بالقیمة و اختار فی غیره (12) الاستحقاق مجانا.

(1)أن الشأن و الواقع.

(2)فمع إطلاق النص یشکل هذا الاشتراط بعد کون السفه غیر مانع من الاستحقاق و إن منع من التصرف.

(3)أی مخالفا بعقیدة الولایة، و کذا لا دلیل علی هذا الشرط بعد کون النص مطلقا، نعم بناء علی قاعدة الإلزام المستفادة من قول أبی الحسن علیه السّلام فی خبر علی بن أبی حمزة (ألزموهم بما ألزموا أنفسهم)(1) فلو کان الذکر الأکبر فاسد الرأی فلا یعطی الحبوة إلزاما لما یراه من عدم استحقاقه لذلک.

(4)من اشتراط عدم السفه و عدم فساد الرأی.

(5)فی السرائر و الوسیلة.

(6)للاشتراط.

(7)بأن جعله بصیغة قیل.

(8)لأنه لا یری استحقاقه للحبوة.

(9)المخالف.

(10)کالتعصیب.

(11)کحق الشفعة بالجوار.

(12)غیر المختلف.

ص:88


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 5.

(و) کذا (یشترط أن یخلف المیت مالا غیرها) (1) و إن قل، لئلا یلزم الإجحاف بالورثة، و النصوص خالیة عن هذا القید، إلا أن یدّعی أن الحباء یدل بظاهره علیه (2).

(و لو کان الأکبر أنثی أعطی) الحبوة (أکبر الذکور) إن تعددوا و إلا فالذکر و إن کان أصغر منها و هو مصرّح فی صحیحة ربعی عن الصادق علیه السّلام (3).

الخامسة - لا یرث الأجداد مع الأبوین

(الخامسة - لا یرث الأجداد مع الأبوین)، و لا مع أحدهما، و لا مع من هو فی مرتبتهما (4)، و هو موضع وفاق إلا من ابن الجنید فی بعض الموارد (5)(و) لکن (یستحب لهما (6) الطعمة) لأبویهما (7)

(1)غیر الحبوة.

(2)أی بظاهر الحباء بحسب معناه علی وجوب بقاء شیء للورثة، لأن الحبوة هی إعطاء لشخص زیادة عن غیره، فلا بد أن یبقی للغیر شیء. و فیه: إن لفظ الحبوة لم یرد فی النصوص و إنما هو لفظ شائع علی ألسنة الفقهاء.

(3)الثانیة: قال علیه السّلام: (إذا مات الرجل فسیفه و مصحفه و خاتمه و کتبه و رحله و راحلته و کسوته لأکبر ولده، فإن کان الأکبر ابنة فللأکبر من الذکور)(1).

(4)أی مرتبة الأبوین و هم الأولاد، فلا یرث مع الأولاد و الأبوین أحد من الأجداد علی المشهور لقوله تعالی: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ و الأبوان أقرب إلی المیت من الأجداد، و لأخبار منها: خبر أبی بصیر (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل مات و ترک أباه و عمّه و جدّه فقال: حجب الأب الجد عن المیراث و لیس للعم و لا للجد شیء)(2).

و نسب الخلاف إلی ابن الجنید فتارة نسب إلیه أن الفاضل عن سهام البنت و الأبوین و هو السدس للأجداد، و أجیب بأنه محمول علی الطعمة و سیأتی البحث فیها، و أخری نسب إلیه أن الطعمة واجبة فی قبال المشهور أنها مستحبة، و علی کل فلم یحرز خلافه فی هذه المسألة.

(5)و هو ما لو اجتمع بنت مع أبوین فیبقی سدس فیعطی للجد.

(6)لأبوی المیت.

(7)أی أبوی أبوی المیت، فیستحب للأبوین أو أحدهما إطعام الجد أو الجدة أو کلیهما علی-

ص:89


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 19 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 3.

(حیث یفضل لأحدهما (1) سدس فصاعدا فوق السدس) المعین لهما (2)، علی تقدیر مجامعتهما للولد فیستحب لهما (3) إطعام هذا السدس الزائد (4).

و لو زاد نصیبهما عنه (5) فالمستحب إطعام السدس خاصة (6).

(و ربما قیل) و القائل ابن الجنید: یستحب أن یطعم (حیث یزید نصیبه عن) -تقدیر اجتماعهما السدس و یدل علیه أخبار کثیرة منها: حسنة جمیل بن دراج عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: أطعم الجدة السدس)(1) و خبر زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام (إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أطعم الجدة السدس و لم یفرض لها شیئا)(2) و خبر إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن اللّه فرض الفرائض فلم یقسم للجد شیئا، و إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أطعمه السدس فأجاز اللّه له ذلک)3.

(1)لأحد الأبوین.

(2)للأبوین إذا اجتمعا مع الولد.

(3)للأبوین.

(4)و هذا لا یتم علی تقدیر وجود ولد للمیت، نعم علی تقدیر عدمه فلأمه الثلث مع عدم الحاجب و السدس معه و الباقی للأب و حینئذ یستحب لهما إعطاء الجد السدس طعمة.

و دلیل هذا الاشتراط هو لو لم یکن للأبوین إلا سدس لکل منهما فلو أطعم الجد السدس فلم یبق لهما شیء فلا معنی للطعمة حینئذ، بل لا بد من زیادة نصیب المطعم عن السدس حتی یبقی له شیء و هذا محل وفاق.

و ذهب المشهور إلی اشتراط أن یبقی للمطعم سدس لأنه حصته المفروضة علی تقدیر وجود الولد، فعلی تقدیر عدمه لا بد أن یبقی سدس لو أطعم.

و نسب لابن الجنید عدم اشتراط بقاء السدس للمطعم، بل یکفی أن یبقی له شیء و إن کان أقل من السدس المفروض لأحد الأبوین علی تقدیر وجود ولد للمیت. و ردّ بأنه یلزم منه تفضیل الأجداد علی الأبوین، حیث کان للجد السدس طعمة و لأحد الأبوین أقل من السدس.

(5)أی نصیب الأبوین عن السدس المفروض لهما علی تقدیر إطعام السدس طعمة للجد.

(6)للأخبار المتقدمة.

ص:90


1- (1) الوسائل الباب - 20 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 2.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 20 - من أبواب میراث الأبوین و الأولاد حدیث 3 و 5.

(السدس) و إن لم تبلغ الزیادة سدسا و الأشهر الأول.

(و تظهر الفائدة) بین القولین (فی اجتماعهما مع البنت (1) أو أحدهما مع البنتین (2) فإن الفاضل) من نصیب أحد الأبوین (3)(ینقص عن سدس) الأصل (فیستحب له (4) الطعمة علی القول الثانی) دون الأول، لفقد الشرط و هو زیادة نصیبه عن السدس بسدس.

و المشهور أن قدر الطعمة - حیث یستحب - سدس الأصل (5).

و قیل: سدس ما حصل للولد (6) الذی تقرب به (7).

و قیل: یستحب مع زیادة النصیب عن السدس إطعام أقل الأمرین من سدس الأصل (8)، و الزیادة (9) بناء علی عدم اشتراط بلوغ الزیادة سدسا.

و الأخبار (10) ناطقة باستحباب طعمة السدس، و هی (11) تنافی ذلک (12).

(1)فلکل واحد من الأبوین السدس و للبنت النصف و یبقی سدس یرد علیهم أخماسا، و قد زاد نصیب کل من الأبوین عن السدس بحیث لو أطعم الجد السدس فیبقی له شیء و إن کان دون السدس المفروض.

(2)فالبنتان لهما الثلثان و أحد الأبوین له السدس فیبقی سدس یرد علیهم أخماسا.

(3)لو أطعم الجد السدس.

(4)لأحد الأبوین.

(5)أی سدس أصل الترکة لا سدس حصة المطعم لظاهر الأخبار.

(6)الذی هو أب المیت أی سدس حصة المطعم، و هو قول منسوب لابن الجنید.

(7)أی سدس حصة الولد المطعم الذی تقرب الجد إلی المیت به.

(8)فیما لو کان المطعم له نصیب من المیت علی تقدیر عدم وجود ولد للمیت فحصته تکون ثلثا فما زاد إذا لم یکن حاجب للأم.

(9)فیما لو اجتمع مع الأبوین ولد للمیت کبنت، فحصة کل واحد من الأبوین سدس بالفرض و خمس السدس بالرد، أو اجتمع أحد الأبوین مع بنتین فله السدس بالفرض و خمس السدس بالرد.

(10)قد تقدم بعضها.

(11)أی الأخبار.

(12)من کون سدس حصة المطعم و من کون أقل الأمرین من السدس و الزیادة.

ص:91

و الاستحباب مختص بمن (1) یزید نصیبه کذلک (2) لأبویه، دون أبوی الآخر (3) فلو کانت الأم محجوبة بالإخوة فالمستحب إطعام الأب خاصة و لو کان معهما (4) زوج من غیر حاجب (5) فالمستحب لها خاصة. و لو لم یکن سواهما (6) و لا حاجب (7) استحب لهما (8) و إنما یستحب طعمة الأجداد (9) من الأبوین (10)، فلا یستحب للأولاد (11) طعمة الأجداد (12) للأصل (13)، و لو کان أحد الجدین مفقودا فالطعمة للآخر (14)، فإن وجدا (15) فهی بینهما (16) بالسّویة.

القول - فی میراث الأجداد و الإخوة و فیه مسائل:

اشارة

(القول - فی میراث الأجداد و الإخوة) (و فیه مسائل:)

(1)یراد به أحد الأبوین.

(2)عن سدس الأصل بسدس.

(3)فلو فرض أن الأم محجوبة بالإخوة فلها السدس و الباقی للأب، فیستحب للأب فقط دون الأم أن یطعم أبویه دون أبوی أم المیت، لأنه هو الظاهر من الأخبار.

(4)مع الأبوین.

(5)للأم، فالأم لها الثلث فرضا و الزوج له النصف و الباقی و هو السدس للأب، فالمستحب الإطعام للأم فقط لأبویها دون أبوی أبوی المیت.

(6)سوی الأبوین.

(7)للأم.

(8)للأبوین إطعام أبویهما، لأن الأم لها الثلث فرضا و الباقی و هو الثلثان للأب بالقرابة.

(9)أی أجداد المیت.

(10)أبوی المیت.

(11)الذین هم أبوا المیت.

(12)أی أجداد أبوی المیت.

(13)و هو أصالة عدم الطعمة عند الشک فیها.

(14)بتمام السدس.

(15)الجدان.

(16)أی فالطعمة بینهما بالسویة للعدل و عدم اعتبار الذکورة و الأنوثة، و الذکر مثل حظ الأنثیین إنما هو جار فی الإرث لا فی الطعمة.

ص:92

الأولی - للجد إذا انفرد وحده المال

(الأولی - للجد) إذا انفرد (وحده المال) کلّه (1)(لأب) (2) کان (أو لأم (3)، و کذا الأخ للأب و الأم، أو للأب) علی تقدیر انفراده (4)،(و لو اجتمعا) أی الأخ و الجد (و کانا) معا (للأب فالمال بینهما نصفان) (5).

(و للجدة المنفردة لأب) کانت،(أو لأمّ المال) (6).

(و لو کان جدا، أو جدة، أو کلیهما لأب مع جد) واحد،(أو جدة أو کلیهما لأم فللمتقرب) من الأجداد (بالأب الثلثان) اتحد أم تعدد (للذکر مثل حظّ الأنثیین) علی تقدیر التعدد،(و للمتقرب بالأم) من الأجداد (الثلث) اتحد أم تعدد (بالسّویة) علی تقدیر التعدد (7).

(1)لآیة أولی الأرحام(1)، فإنه أقرب إلی المیت من عمه و خاله.

(2)أی أبو أب المیت.

(3)أی أبو أم المیت.

(4)فله المال کله لآیة أولی الأرحام، و لقوله تعالی: إِنِ امْرُؤٌ هَلَکَ لَیْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَکَ وَ هُوَ یَرِثُها إِنْ لَمْ یَکُنْ لَها وَلَدٌ (2) و لخبر عبد اللّه بن سنان (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل مات و ترک أخاه و لم یترک وارثا غیره، قال: المال له)(3).

(5)لخبر عبد اللّه بن سنان المتقدم (قلت: فإن کان مع الأخ للأم جدّ؟ قال: یعطی الأخ للأم السدس و یعطی الجد الباقی، قلت: فإن کان الأخ للأب؟ قال: المال بینهما سواء)، و لأن کلا منهما یتقرب إلی المیت بالأب فمقتضی العدل تقسیم المال بینهما بالسویة.

(6)لآیة أولی الأرحام و لروایة سالم (إن علیا علیه السّلام أعطی الجدة المال کله)(4).

(7)هاهنا حکمان:

الأول: أن المتقرب من الأجداد للمیت بالأب له الثلثان، و المتقرب للمیت بالأم له الثلث، علی المشهور لأن المتقرب إلی المیت بواسطته یرث نصیب الواسطة، فالمتقرب بالأب یأخذ نصیب الأب و هو الثلثان، و المتقرب بالأم یأخذ نصیب الأم و هو الثلث ففی خبر أبی أیوب الخزاز عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن فی کتاب علیّ علیه السّلام أن کل ذی رحم-

ص:93


1- (1) الأنفال الآیة: 75.
2- (2) النساء الآیة: 176.
3- (3) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 1.
4- (4) الوسائل الباب - 9 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 1.

هذا هو المشهور بین الأصحاب، و فی المسألة أقوال نادرة:

منها: قول الصّدوق: للجد من الأم مع الجد للأب أو الأخ للأب السدس، و الباقی للجد للأب، أو الأخ.

و منها: أنه لو ترک جدّته: أمّ أمه، و أخته للأبوین (1) فللجدة السدس.

-بمنزلة الرحم الذی یجرّ به)(1).

و فی خبر یونس عن رجل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا التفّت القرابات فالسابق أحق بمیراث قریبه، فإن استوت قام کل واحد مقام قریبه)2.

و لخصوص موثق محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (إذا لم یترک المیت إلا جده أبا أبیه، و جدته أم أمه، فإن للجدة الثلث و للجد الباقی)(2).

و خالف فی ذلک الصدوق أن الجد للأم له السدس و الباقی للجد للأب تنزیلا لهما منزلة الإخوة، فجد المیت لأمه یتقرب إلیه بالأم کأخ المیت من أمه و کلالة الأم المتحدة لها السدس، و الباقی لإخوة المیت من أبیه الذین هم بمنزلة أجداد المیت بالأب.

و خالف فی ذلک ابن أبی عقیل العمانی أیضا فأعطی الجدة للأم السدس و أعطی الجدة للأب النصف و الباقی یرد علیهما بالنسبة، لو لم یکن إلا جدة لأم و جدة لأب، تنزیلا لهما منزلة الأختین أختا لأب و أختا لأم و أیضا خالف فی ذلک الفضل بن شاذان حیث أعطی الجدة لأم السدس تنزیلا لها منزلة الکلالة إذا اجتمعت مع أخت لأبوین.

و أیضا خالف فی ذلک ابن زهرة و القطب الکیدری حیث نزلوا الجد و الجدة للأم منزلة کلالة الأم فإن اتحدت فلها السدس و إن تعددت فلها الثلث بالسویة. و علی کل فیجمع هذه الأقوال الأربعة المخالفة لقول المشهور أنها نزلت أجداد المیت لأمه منزلة کلالة الأم، بخلاف قول المشهور فإنه أعطی أجداد المیت لأمه نصیب الأم. و قال فی المسالک عن هذه الأقوال «و لم نقف علی مأخذ هذه الأقوال إلا إلحاق الأجداد بکلالة الأم و ضعفه ظاهر».

الحکم الثانی: إن أجداد المیت لأبیه یقتسمون الثلثین علی قاعدة للذکر مثل حظ الأنثیین لأنها الأصل فی باب الإرث، و أجداد المیت لأمه یقتسمون الثلث بالسویة لأن الأصل فی المتقرب إلی المیت بأمه هو ذلک ککلالة الأم المتعددة فلهم الثلث بالسویة.

(1)و هو قول الفضل بن شاذان.

ص:94


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 1 و 3.
2- (3) الوسائل الباب - 9 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 2.

و منها: أنه لو ترک جدّته: أمّ أمّه، و جدّته: أمّ أبیه (1)، فلأمّ الأم السدس، و لأم الأب النصف، و الباقی یردّ علیهما بالنسبة. و الأظهر الأول.

الثانیة - للأخت للأبوین، أو للأب منفردة

(الثانیة - للأخت للأبوین، أو للأب منفردة النصف تسمیة (2)، و الباقی ردّا (3)، و للأختین فصاعدا الثلثان) تسمیة (و الباقی ردّا) و قد تقدم (و للإخوة و الأخوات من الأبوین، أو من الأب) مع عدم المتقرب بالأبوین (المال) أجمع (للذکر الضعف) (4): ضعف الأنثی.

الثالثة - للواحد من الإخوة و الأخوات للأمّ

(الثالثة - للواحد من الإخوة و الأخوات للأمّ) علی تقدیر انفراده (السدس) تسمیة،(و للأکثر) من واحد (الثلث بالسویة) ذکورا کانوا أم إناثا أم متفرقین (5) (و الباقی) عن السدس فی الواحد (6)، (1)و هو قول ابن أبی عقیل.

(2)قد تقدم فی باب السهام.

(3)بالقرابة لآیة أولی الأرحام.

(4)لأن قاعدة للذکر مثل حظ الأنثیین هی الأصل فی باب الإرث، و لا یأتی فرض النصف للبنت و فرض الثلثین للبنتین لأنه مختص بعدم وجود ذکر، ففی خبر بکیر عن أبی جعفر علیه السّلام (- إلی أن قال -: و إن کانوا إخوة رجالا و نساء فللذکر مثل حظ الأنثیین، ذلک کله إذا لم یکن للمیت ولد أو أبوان)(1).

(5)لقوله تعالی: وَ إِنْ کانَ رَجُلٌ یُورَثُ کَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ کانُوا أَکْثَرَ مِنْ ذلِکَ فَهُمْ شُرَکاءُ فِی الثُّلُثِ (2) و الأخبار هی التی صرحت بکون الکلالة هی کلالة الأم، ففی خبر بکیر بن أعین عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال:

(الذی عنی اللّه فی قوله - وَ إِنْ کانَ رَجُلٌ یُورَثُ کَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ کانُوا أَکْثَرَ مِنْ ذلِکَ فَهُمْ شُرَکاءُ فِی الثُّلُثِ - إنما عنی بذلک الإخوة و الأخوات من الأم خاصة)(3).

(6)من کلالة الأم.

ص:95


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 5.
2- (2) النساء الآیة: 12.
3- (3) الوسائل الباب - 8 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 11.

و عن الثلث فی الأزید (1) یردّ علیهم (2)(ردّا).

الرابعة - لو اجتمع الإخوة من الکلالات

(الرابعة - لو اجتمع الإخوة من الکلالات) الثلاث (3)(سقط کلالة الأب وحده) بکلالة الأبوین (4)،(و لکلالة الأم السدس إن کان واحدا، و الثلث إن کان أکثر بالسویة) کما مرّ،(و لکلالة الأبوین الباقی) اتحدت أم تعددت (بالتفاوت) للذکر مثل حظّ الأنثیین علی تقدیر التعدد مختلفا (5).

الخامسة - لو اجتمع أخت للأبوین مع واحد من کلالة الأمّ

(الخامسة - لو اجتمع أخت للأبوین مع واحد من کلالة الأمّ، أو جماعة أو أختان لأبوین مع واحد من کلالة الأمّ فالمردود) و هو الفاضل (6) من الفروض (علی قرابة الأبوین) و هو الأخت، أو الأختان علی الأشهر (7). و تفرد الحسن بن أبی (1)من واحد من کلالة الأم کما لو لم یکن هناک وارث للمیت غیر کلالة الأم.

(2)علی الإخوة من کلالة الأم، و الرد لآیة أولی الأرحام، و لبطلان التعصیب عندنا، و لأخبار منها: روایة ابن سنان (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل ترک أخاه لأمه و لم یترک وارثا غیره، قال علیه السّلام: المال له)(1).

(3)الإخوة للأبوین و الإخوة للأب و الإخوة للأم.

(4)حتی لو کان من کلالة الأبوین أنثی و کان من کلالة الأب ذکر، و حتی لو کان من کلالة الأبوین واحد و کان من کلالة الأب متعدد لأن المتقرب إلی المیت بسببین یحجب المتقرب إلی المیت بسبب لخبر یزید الکناسی عن أبی جعفر علیه السّلام (أخوک لأبیک و أمک أولی بک من أخیک لأبیک)(2).

(5)بالذکورة و الأنوثة.

(6)ففی الصورة الأولی للأخت من الأبوین النصف، و لکلالة الأم المتحدة السدس و الباقی سدسان، و فی الصورة الثانیة فالأخت للأبوین لها النصف و لکلالة الأم المتعددة الثلث و الباقی سدس.

و فی الصورة الثالثة فالأختان لهما الثلثان و للواحد من کلالة الأم السدس، و الباقی سدس.

(7)لخبر بکیر بن أعین (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: امرأة ترکت زوجها و إخوتها لأمها و إخوتها و أخواتها لأبیها، فقال: للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الأم الثلث-

ص:96


1- (1) الوسائل الباب - 8 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 2.

عقیل، و الفضل بن شاذان بأن الباقی یردّ علی الجمیع بالنسبة أرباعا (1)، أو أخماسا (2).

السادسة - إذا اجتمع کلالة الأمّ مع الأخت للأب

(السادسة - الصورة بحالها) بأن اجتمع کلالة الأمّ مع الأخت أو الأختین (لکن کانت الأخت، أو الأخوات للأب وحده ففی الردّ علی قرابة الأب هنا) (3) -الذکر و الأنثی فیه سواء، و ما بقی فهو للإخوة و الأخوات من الأب للذکر مثل حظ الأنثیین، لأن السهام لا تعول و لا ینقص الزوج من النصف و لا الإخوة من الأم من ثلثهم، لأن اللّه (عز و جل) یقول: فَإِنْ کانُوا أَکْثَرَ مِنْ ذلِکَ فَهُمْ شُرَکاءُ فِی الثُّلُثِ ، و إن کانت واحدة فلها السدس، و الذی عنی اللّه تبارک و تعالی فی قوله - وَ إِنْ کانَ رَجُلٌ یُورَثُ کَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ کانُوا أَکْثَرَ مِنْ ذلِکَ فَهُمْ شُرَکاءُ فِی الثُّلُثِ - إنما عنی بذلک الإخوة و الأخوات من الأم خاصة، و قال فی آخر سورة النساء: - یَسْتَفْتُونَکَ قُلِ اللّهُ یُفْتِیکُمْ فِی الْکَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَکَ لَیْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ - یعنی أختا لأب و أم أو أختا لأب - فَلَها نِصْفُ ما تَرَکَ وَ هُوَ یَرِثُها إِنْ لَمْ یَکُنْ لَها وَلَدٌ وَ إِنْ کانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَ نِساءً فَلِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ -، فهم الذین یزادون و ینقصون)(1) الخبر.

(1)کما فی الصورة الأولی فالباقی سدسان یرد أرباعا علی حسبة سهام الورثة فثلاثة أرباع الباقی للبنت و الربع الأخیر منه لکلالة الأم المتحدة.

(2)کما فی الصورة الثانیة و الثالثة، ففی الثانیة فالباقی سدس یقسم أخماسا علی نسبة سهامهم، ثلاثة أخماسه للأخت، و خمسا الباقی لکلالة الأم المتعددة.

و فی الثالثة فالباقی سدس یقسم أخماسا أیضا علی قدر نصیبهم، أربعة أخماسه للأختین و الخمس الأخیر منه للواحد من کلالة الأم.

هذا و لا مستند لقولهما و لذا قال فی الجواهر: «خلافا للمحکی عن الفضل و الحسن - إلی أنه قال - و لا ریب فی ضعفه بعد النص و الإجماع».

(3)أی فیما لو کانت الکلالة من الأب فقط، و هذا ما ذهب إلیه الصدوق و الشیخ فی النهایة و الخلاف و ابن البراج و أبو الصلاح و أکثر المتأخرین، لأن من کان علیه الخسران فله الجبران، أما النقص فیدخل علیهن کما لو دخل زوج فی البین، فللزوج النصف و لکلالة الأم المتعددة الثلث، و الباقی سدس لکلالة الأب، و کذا لو کانت کلالة الأم متحدة التی لها السدس فالباقی سدسان، و کلاهما أنقص من فرضهن الذی هو الثلثان إن کانت کلالة-

ص:97


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 2.

خاصة، أو علیهما (1)(قولان) مشهوران.

أحدهما قول الشیخین و أتباعهما: یختص به (2) کلالة لأب، لروایة محمد بن مسلم عن الباقر علیه السّلام «فی ابن أخت لأب، و ابن أخت لأمّ. قال: لابن الأخت للأم السدس، و لابن الأخت للأب الباقی (3)» و هو یستلزم کون الأم کذلک (4)، لأن الولد إنما یرث بواسطتها، و لأن النقص یدخل علی قرابة الأب، دون الأخری، و من کان علیه الغرم فله الغنم (و ثبوته) أی ثبوت الردّ علی قرابة الأب خاصة (قویّ) للروایة (5)، و الاعتبار (6).

و الثانی - قول الشیخ أیضا (7) و ابن إدریس و المحقق و أحد قولی العلامة یردّ علیهما (8) لتساویهما فی المرتبة (9) و فقد المخصّص (10)، استضعافا للروایة فإن فی طریقها علی بن فضّال و هو فطحی، و منع اقتضاء دخول النقص الاختصاص (11)، -الأب متعددة، أو النصف إن کانت کلالة الأب واحدة.

و لروایة محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن ابن أخت لأب و ابن أخت لأم، قال علیه السّلام: لابن الأخت من الأم السدس، و لابن الأخت للأب الباقی)(1) لکن فی طریقها علی بن فضال و هو من الفطحیة إلا أنه ثقة.

(1)علی کلالة الأب و کلالة الأم بنسبة سهامهم، و إلیه ذهب الإسکافی و الحلی و المحقق و الشیخ فی المبسوط استضعافا للخبر المتقدم، و لتساویهما فی النسبة إلی المیت.

(2)بالرد.

(3)الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 1.

(4)کأبنائها، و هی أخت المیت.

(5)و هی خبر ابن مسلم المتقدم.

(6)من کان علیه الخسران فله الجبران.

(7)فی المبسوط فقط.

(8)علی کلالة الأب و کلالة الأم.

(9)فکل منهما یتقرب إلی المیت بواسطة.

(10)الموجب لتخصیص الرد بکلالة الأب.

(11)بالرد، و المعنی لیس دخول النقص علیهم سببا فی کون الزیادة لهم.

ص:98


1- (1) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 1.

لتخلفه (1) فی البنت مع الأبوین (2).

و أجاب المصنف عنهما (3) بأن ابن فضّال ثقة و إن کان فاسد العقیدة.

و تخلّف الحکم فی البنت لمانع (4). و هو وجود معارض (5) یدخل (6) النقص علیه (7) أعنی الأبوین (8).

السابعة - تقوم کلالة الأب مقام کلالة الأبوین عند عدمهم

(السابعة - تقوم کلالة الأب مقام کلالة الأبوین عند عدمهم (9) فی کل موضع) انفردت (10)، (1)لتخلف الاقتضاء بین النقص و الرد.

(2)فلو اجتمعا بدون زوج فالرد علیهما و لو کان معهم زوج فالنقص علی البنت فقط.

(3)عن استضعاف الروایة و منع الاعتبار.

(4)إن المقتضی إرجاع النقص علی البنت و الأبوین، إلا أن الأبوین من ذوی السهام و الفروض المقدّمة علی البنت و إن کانت من ذوی السهام، لأن الأبوین من ذوی السهام الذین إذا أزیلوا عنها رجعوا إلی سهم آخر، بخلاف البنت فإنها و إن کانت من ذوی السهام إلا أن لها الباقی لو أزیلت عن سهمها، و لو لا هذا لکان النقص داخلا علی الأبوین کدخوله علی البنت.

(5)و هو عدم تنزل الأبوین عن فرضهما الثانی بعد نزولهما عن فرضهما الأول.

(6)ضمیر الفاعل راجع إلی المعارض.

(7)علی سهم البنت لأن لها الباقی لو أزیلت عن فرضها.

(8)أی المعارض.

(9)بلا خلاف فیه، لأنه مع اجتماع الکلالتین، تمنع کلالة الأبوین کلالة الأب خاصة، و مع عدمها تقوم کلالة الأب مقامها ففی خبر بکیر بن أعین عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (- إلی أن قال - و قال فی آخر سورة النساء - یَسْتَفْتُونَکَ قُلِ اللّهُ یُفْتِیکُمْ فِی الْکَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَکَ لَیْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ - یعنی أختا لأب و أم أو أختا لأب - فَلَها نِصْفُ ما تَرَکَ وَ هُوَ یَرِثُها إِنْ لَمْ یَکُنْ لَها وَلَدٌ وَ إِنْ کانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَ نِساءً فَلِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ فهم الذین یزادون و ینقصون، و کذلک أولادهم هم الذین یزادون و ینقصون)(1) فنزل کلالة الأب مقام کلالة الأبوین عند فقدها.

(10)فلها المال و یقسم بینهم علی قاعدة الذکر مثل حظ الأنثیین.

ص:99


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 2.

أو جامعت کلالة الأم (1)، أو الأجداد (2)، أو هما (3) فلها (4) مع کلالة الأم ما زاد عن السدس (5)، أو الثلث (6) و مع الأجداد ما فصّل فی کلالة الأبوین من المساواة (7)، و التفضیل (8) و الاستحقاق بالقرابة (9) إلا أن تکون إناثا فتستحق النصف، أو الثلثین تسمیة. و الباقی ردّا إلی آخر ما ذکر فی کلالة الأبوین.

الثامنة - لو اجتمع الإخوة و الأجداد

(الثامنة - لو اجتمع الإخوة و الأجداد فلقرابة الأم من الإخوة و الأجداد الثلث بینهم بالسویة) (10) ذکورا کانوا أم إناثا، أم ذکورا و إناثا متعددین فی الطرفین أم (1)فلکلالة الأم الثلث أو السدس، و الباقی لکلالة الأب.

(2)فینزل الجد مکان الأخ و الجدة مکان الأخت و یقسم المال بینهم علی قاعدة الذکر مثل حظ الأنثیین.

(3)أی اجتمعت کلالة الأب مع کلالة الأم مع الأجداد، و سیأتی الحکم فیها.

(4)لکلالة الأب.

(5)إن کانت کلالة الأم واحدا.

(6)إن کانت کلالة الأم متعددة.

(7)کما لو اجتمعت کلالة الأب مع الأجداد للأب فینزل الجد منزلة الأخ و الجدة منزلة الأخت و یقسم المال علی قاعدة للذکر مثل حظ الأنثیین، فالمساواة بین الجد و الأخ من کلالة الأب و بین الجدة لأب و الأخت من کلالة الأب.

(8)کما لو اجتمعت کلالة الأب مع الأجداد لأم، فالأجداد لهم الثلث نصیب الواسطة التی یتقربون بها إلی المیت، و الباقی و هو الثلثان لکلالة الأب، و الثلثان أکثر فلذا وقعت المفاضلة.

(9)کما لو کانت کلالة الأب منفردة فإنها ترث بالقرابة و لا فرض لها إلا أن تکون الکلالة إناثا لا ذکر فیها، فإن کانت بنتا فلها النصف تسمیة و الباقی ردّ، و إن کانت أکثر فلها الثلثان تسمیة و الباقی ردّ.

(10)فینزل الأجداد للأم منزلة الإخوة و یعطی الجمیع الثلثان بالسویة، بلا خلاف فیه، و لأخبار منها مرسل الحسن بن عقیل (إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أملی علی علیّ أمیر المؤمنین علیه السّلام فی صحیفة الفرائض أن الجد مع الإخوة یرث حیث ترث الإخوة و یسقط حیث تسقط، و کذلک الجدة أخت مع الأخوات، ترث حیث یرثن و تسقط حیث یسقطن)(1).

ص:100


1- (1) الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 22.

متحدین،(و لقرابة الأب من الإخوة، و الأجداد الثلثان بینهم للذکر ضعف الأنثی (1) کذلک) (2). فلو کان المجتمعون فیهما (3) جدّا و جدّة للأم، و أخا و أختا لها، و جدا و جدة للأب، و أخا و أختا له فلأقرباء الأم الثلث: واحد من ثلاثة أصل الفریضة، و سهامهم أربعة (4) و لأقرباء الأب اثنان منها (5)، و سهامهم ستة (6) فیطرح المتداخل (7) و العددان یتوافقان بالنصف (8) فیضرب الوفق (9) و هو اثنان فی ستة (10) ثم المرتفع فی أصل الفریضة (11) یبلغ ستة و ثلاثین، و ثلثها (12) لأقرباء (1)بلا خلاف فیه و لأخبار منها: صحیح الفضلاء زرارة و بکیر و محمد بن مسلم و برید عن أحدهما علیهما السّلام (إن الجد مع الإخوة من الأب یصیر مثل واحد من الإخوة ما بلغوا)(1).

و خبر إسماعیل الجعفی (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن الجد فقال: یقاسم الإخوة ما بلغوا و إن کانوا مائة ألف)2.

(2)متعددین فی الطرفین أو متحدین.

(3)فی الأجداد و الإخوة.

(4)لأن الثلث ینقسم بینهم بالسویة أرباعا.

(5)أی من ثلاثة التی هی أصل الفریضة.

(6)أی أقرباء الأب، و کانت ستة لأن الذکر ضعف الأنثی فهما ذکران و لهما أربعة و أنثیان و لهما اثنان.

(7)المتداخل إذا کان أحد العددین ینقسم علی الآخر بدون کسر، فالآخر داخل فی الأول بمعنی ما ینقسم علیه الأول ینقسم علیه الثانی، و التداخل هنا هو الاثنان، حصة أقرباء الأب من أصل الفریضة بالنسبة للستة التی هی سهامهم.

(8)أی عدد سهام أقرباء الأب مع عدد سهام أقرباء الأم، فالأربعة متوافقة مع الستة بالنصف الذی هو اثنان، و التوافق هو أن یکون کلا العددین ینقسم علی عدد ثالث من غیر کسر.

(9)وفق العددین السابقین.

(10)التی تداخلت فیها الاثنان.

(11)و هو مخرج کسر الفریضة و هو ثلاثة.

(12)ثلث الستة و الثلاثین و هو اثنی عشر.

ص:101


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 9 و 14.

الأم الأربعة لکل ثلاثة، و ثلثاها (1) لأقرباء الأب الأربعة بالتفاوت فلکل أنثی أربعة، و لکل ذکر ثمانیة.

و کذا الحکم لو کان من طرف الأم أخ و جدّ، و مثلهما من طرف الأب و إن اختلفت الفریضة (2).

و لو کان اجتمع من طرف الجدودة للأم جدا واحدا، أو جدة مع الأجداد و الإخوة المتعددین من طرف الأب (3)، فللجد أو الجدة للأم الثلث، و الباقی للإخوة و الأجداد للأب بالسویة مع تساویهم ذکوریة و أنوثیة و بالاختلاف مع الاختلاف.

و لو فرض جدة لأم، و جد لأب و أخ لأب (4) فلکل واحد منهم ثلث.

و لو کان بدل الجد للأب جدة فلها ثلث الثلثین (5): - اثنان من تسعة (6) - و کذا لو کان بدل الأخ أختا فلها ثلثهما (7).

(1)ثلثا الستة و الثلاثین و هما أربعة و عشرون.

(2)فلأقرباء الأم الثلث بالسویة و لأقرباء الأب الثلثان بالسویة، فالفریضة من ستة، ثلثها لأقرباء الأم لکل واحد واحد و ثلثاها لأقرباء الأب و هما أربعة لکل واحد اثنان.

(3)فالمتقرب بالأم واحد إما جد أو جدة، و المتقرب بالأب متعدد، فالمتقرب بالأم و إن کان واحدا له الثلث لأنه نصیب الواسطة التی یتقرب بها إلی المیت، و کلالة الأم من الإخوة بأن له السدس للنص، و أما المتقرب بالأب فله الثلثان فمع تعددهم و اتحادهم بالذکورة کما لو ترک جدا لأب و إخوة لأب، أو تعددوا و اتحدوا بالأنوثة کما لو ترک جدة لأب و أخوات لأب فالمال الذی هو الثلثان بینهم بالسویة، و مع تعددهم و اختلافهم ذکورة و إناثا فالذکر مثل حظ الأنثیین.

(4)فالمتقرب بالأم له الثلث، و الباقی و هو الثلثان یقسم علی جد لأب و أخ لأب بالسویة،.

فکل واحد له الثلث.

(5)أی فللجدة لأب ثلث الثلثین و للأخ لأب ثلثا الثلثین.

(6)أی من تسعة التی هی أصل الفریضة فثلثها ثلاثة للجدة لأم، و ثلث ثلثیها و هو اثنان للجدة لأب، و ثلثا ثلثیها و هو أربعة للأخ لأب.

(7)أی للأخت من أب ثلث الثلثین، و ثلثا الثلثین للجد لأب، و هذا تمام الثلثین، و الثلث الباقی من الفریضة للجدة لأم.

ص:102

و لو خلّف أخا أو أختا لأم مع الأجداد مطلقا (1) للأب، فللأخ أو الأخت السدس، و الباقی للأجداد، و لو تعدد الإخوة للأم فلهم الثلث و هذا بخلاف الجد و الجدة للأم فإن له الثلث و إن اتحد (2).

و لو خلّف الجدین للأم، أو أحدهما مع الإخوة للأم، و جدا أو جدة للأب فللمتقرب بالأمّ من الجدودة و الإخوة الثلث، و للجدة للأب الثلثان و علی هذا قس ما یرد علیک.

التاسعة - الجد و إن علا یقاسم الإخوة

(التاسعة - الجد و إن علا یقاسم الإخوة) (3) و لا یمنع بعد الجد الأعلی بالنسبة إلی الجد الأسفل المساوی للإخوة، لإطلاق النصوص (4) بتساوی الإخوة و الأجداد الصادق بذلک (5)،(و) کذا (ابن الأخ و إن نزل یقاسم الأجداد) (6) الدّنیا و إن کانوا (7) (1)واحدا أو متعددا ذکرا کان أو أنثی.

(2)لأنه یرث نصیب الواسطة و هی الأم، غایته إخوة المیت من أمه لهم السدس مع الاتحاد للنص القرآنی. ففی موثق محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (إذا لم یترک المیت إلا جدّه أبا أبیه و جدّته أم أمّه فإن للجدة الثلث و للجد الباقی)(1).

(3)لصدق الجد علی الأعلی، فیندرج تحت الأخبار الدالة أن الجد مع الإخوة کأحدهم، و قد تقدم بعضها. نعم یشترط فی إرث الجد الأعلی عدم الجد الأسفل لأنه مع وجوده یکون أقرب للمیت فیحجبه لآیة أولی الأرحام.

(4)الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد.

(5)بکون الأعلی جدا کالأسفل.

(6)لأن ابن الأخ یقوم مقام أبیه فیأخذ نصیبه، بلا خلاف فیه و للأخبار منها: خبر محمد بن مسلم (نشر أبو جعفر علیه السّلام صحیفة، فأول ما تلقانی فیها ابن أخ وجد المال بینهما نصفان، فقلت: جعلت فداک إن القضاة عندنا لا یقضون لابن الأخ مع الجد بشیء فقال: إن هذا الکتاب بخط علیّ و إملاء رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم)(2) و خبر القاسم بن سلیمان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (أن علیّا علیه السّلام کان یورّث ابن الأخ مع الجد میراث أبیه)3.

(7)أی الأجداد الدنیا.

ص:103


1- (1) الوسائل الباب - 9 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 2.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 1 و 2.

مساوین للإخوة المتقدمین رتبة علی أولادهم (1) لما ذکر.

(و إنما یمنع الجدّ) بالرفع (الأدنی) و الجدّة و إن کانا للأم (الجدّ) بالنصب (الأعلی) و إن کان للأب (2)، دون أولاد الإخوة (3) مطلقا (4) و کذا یمنع کل طبقة من الأجداد من فوقها و لا یمنعهم (5) الإخوة.(و یمنع الأخ) و إن کان للأم و مثله الأخت (ابن الأخ) و إن کان للأبوین لأنهما جهة واحدة (6) یمنع الأقرب منها الأبعد (و کذا یمنع ابن الأخ) مطلقا (7)(ابن ابنه) مطلقا (8)(و علی هذا القیاس) یمنع کلّ أقرب بمرتبة و إن کان للأمّ الأبعد و إن کان للأبوین، خلافا للفضل بن شاذان من قدمائنا حیث جعل للأخ من الأم السدس، و الباقی لابن الأخ للأبوین کأبیه (9) و کذا الحکم فی الأولاد المترتبین (10) محتجا باجتماع السببین (11).

و یضعف بتفاوت الدرجتین (12) المسقط لاعتبار السبب (13).

(1)أولاد الإخوة.

(2)لأن الأدنی أقرب إلی المیت من الأعلی فهو أولی بالمیراث لآیة أولی الأرحام.

(3)أی فالجد و إن کان أدنی لا یمنع أولاد الإخوة المنزلین منزلة الإخوة المساوین فی الرتبة للأجداد.

(4)و إن نزلوا.

(5)یمنع الأجداد العلیا.

(6)و هی الإخوة.

(7)لأب کان أو لأم لأنه أقرب.

(8)لأب کان أو لأم.

(9)فإن له الباقی بالقرابة.

(10)فیما لو اجتمع ابن أخ لأم مع ابن ابن أخ للأبوین.

(11)أی یتصل إلی المیت بالطرفین.

(12)حیث إن ابن الأخ لیس فی درجة الأخ.

(13)و یدل علیه مرسل یونس عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا التفت القرابات فالسابق أحق بمیراث قریبه، فإن استوت قام کل واحد منهم مقام قریبه)(1).

ص:104


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 3.
العاشرة - الزوج و الزوجة مع الإخوة الأجداد

(العاشرة - الزوج و الزوجة مع الإخوة) و أولادهم (و الأجداد) مطلقا (1) (یأخذان نصیبهما الأعلی) و هو النصف و الربع (2)،(و لأجداد الأم (3) أو الإخوة للأم (4)، أو القبیلتین (5) ثلث الأصل، و الباقی لقرابة الأبوین) الأجداد و الإخوة (6)، (أو) لإخوة (الأب مع عدمهم) فلو فرض أن قرابة الأم جد، و جدة، و أخ، و أخت، و قرابة الأب کذلک مع الزوج فللزوج النصف:

ثلاثة من ستة أصل الفریضة، لأنها (7) المجتمع من ضرب أحد مخرجی النصف (8) و الثلث فی الآخر (9)، و لقرابة الأم الثلث: اثنان، و عددهم (10) أربعة و لقرابة الأب واحد (11) و عددهم ستة ینکسر علی الفریقین (12) و یدخل النصیب فی السّهام (13) و تتوافق (14) فیضرب وفق أحدهما فی الآخر (15)، ثم المجتمع فی أصل الفریضة (16) تبلغ اثنین و سبعین (17).

(1)لأب کانوا أو لأم.

(2)لأنه لا أولاد للمیت.

(3)الثلث فإنه نصیب الواسطة، و یقتسمونه بینهم بالسویة.

(4)لهم الثلث فرضا بالسویة.

(5)من الأجداد و الإخوة للأم فلهم الثلث بالسویة تنزیلا للجد منزلة الأخ و تنزیلا للجدة منزلة الأخت.

(6)علی قاعدة للذکر مثل حظ الأنثیین.

(7)لأن الستة.

(8)و هو اثنان و النصف للزوج.

(9)و مخرج الثلث ثلاثة، و الثلث لقرابة الأم.

(10)أی عدد سهامهم من الثلث أربعة.

(11)أی واحد من ستة و هو السدس و هو الباقی بعد نصیب الزوج و قرابة الأم.

(12)أی حصة کل من الفریقین ینکسر علی عدد سهامهم.

(13)فیدخل الواحد فی الستة و الاثنان فی الأربعة.

(14)الأربعة و الستة التی هی سهام القرابتین.

(15)فإما أن یضرب وفق الأربعة - الذی هو اثنان - بالستة، و إما أن یضرب وفق الستة - الذی هو ثلاثة - بالأربعة و الحاصل هو اثنی عشر.

(16)فیضرب الاثنی عشر بستة أصل الفریضة.

(17)36 للزوج و هو النصف + 24 لقرابة الأم و هو الثلث لکل من الجد و الجدة و الأخ -

ص:105

الحادیة عشرة - لو ترک ثمانیة أجداد

(الحادیة عشرة - لو ترک ثمانیة أجداد (1): الأجداد الأربعة لأبیه) (2) أی جدّ أبیه (3)، و جدّته لأبیه (4)، و جدّه و جدّته (5) لأمّه (6)(و مثلهم لأمه) (7). و هذه الثمانیة أجداد المیت فی المرتبة الثانیة (8)، فإن کلّ مرتبة تزید عن السابقة بمثلها، فکما أن له (9) فی الأولی أربعة ففی الثانیة ثمانیة و فی الثالثة ستة عشر و هکذا (فالمسألة) یعنی أصل مسألة الأجداد الثمانیة (من ثلاثة أسهم) و هی (10) مخرج ما فیها (11) من الفروض و هو (12) الثلث (13) و ذلک هو ضابط أصل کل مسألة فی هذا الباب.

-و الأخت ستة + 12 لقرابة الأب الذی هو الباقی لکل من الجد و الأخ أربعة و للجدة و الأخت اثنان 72.

(1)قد جرت عادة الفقهاء علی ذکر مرتبة الأجداد الدنیا و هم أجداد المیت الأربعة، و یذکرون مرتبة أجداد أب المیت و أمه و هی المرتبة الثانیة من مراتب الأجداد حتی یقاس علیها باقی المراتب من الأجداد مع ندرة هذه المراتب و مرتبة أجداد أب المیت و أمه بالنسبة للمیت هم ثمانیة: أربعة أجداد لأبیه، و أربعة أخری أجداد لأمه.

(2)لأب المیت.

(3)جد أب المیت.

(4)أی و جدة أب المیت، لأبیه أی لأب أب المیت.

(5)أی جد و جدة أب المیت.

(6)أی لأم أب المیت.

(7)أی لأم المیت.

(8)لأن أجداد المیت فی المرتبة الأولی هم أربعة و هم أجداده و فی المرتبة الثانیة ثمانیة و هم أجداد أب المیت و أمه. و فی المرتبة الثالثة ستة عشر و هم أجداد أجداد المیت.

(9)للمیت.

(10)الثلاثة.

(11)فی مسألة أجداد المیت الثمانیة.

(12)أی الفرض.

(13)و هو فرض أجداد أم المیت الأربعة ینقسم علیهم بالسویة، و الباقی لأجداد أب المیت الأربعة ینقسم أثلاثا، ثلثاه لمن یتقرب إلی أب المیت بالأب علی قاعدة الذکر مثل حظ الأنثیین و ثلث الباقی لمن یتقرب إلی أب المیت بالأم و ینقسم علی قاعدة للذکر مثل حظ الأنثیین، و علیه فالثلثان ینقسم أثلاثا، و لثلثه ثلث و لثلثیه ثلث فلا بد أن ینقسم علی-

ص:106

(سهم) من الثلاثة (لأقرباء الأم) و هو ثلثها (لا ینقسم) علی عددهم (و هو أربعة، و سهمان لأقرباء الأب لا ینقسم) علی سهامهم و هی (1) تسعة (2) لأن ثلثی الثلثین لجد أبیه و جدته لأبیه بینهما أثلاثا، و ثلثه لجد أبیه و جدته لأمه أثلاثا أیضا، فترتقی سهام الأربعة (3) إلی تسعة فقد انکسرت (4) علی الفریقین و بین عدد کل فریق و نصیبه مباینة (5).

و کذا بین العددین (6) فیطرح النصیب (7) و یضرب أحد العددین فی الآخر (8) (و مضروبهما) (9) أی مضروب الأربعة فی التسعة (ست و ثلاثون) ثم یضرب المرتفع فی أصل الفریضة و هو الثلاثة (و مضروبها فی الأصل (10) مائة و ثمانیة، ثلثها):

-تسعة، و هو أقل عدد لثلثه ثلث و لثلثیه ثلث.

و ثلث الفریضة ینقسم علی أربعة، فنضرب الأربعة بالتسعة فالحاصل ستة و ثلاثون، فنضربها فی أصل الفریضة، فالحاصل مائة و ثمانیة.

ثلثها لأجداد أم المیت الأربعة و هو: 36 یعطی کل جد تسعة.

و ثلثاها لأجداد أب المیت الأربعة و هو: 72، و ثلث الاثنین و السبعین 24 ینقسم علی أجداد أب المیت لأمه علی قاعدة الذکر مثل حظ الأنثیین فیعطی الجد 16 و الجدة ثمانیة.

و ثلثا الاثنین و السبعین 48، ینقسم علی أجداد أب المیت لأبیه علی قاعدة للذکر ضعف الأنثی فیعطی الجد 32 و الجدة 16.

هذا ما علیه الشیخ و جماعة بل نسب إلی الشهرة استنادا إلی أن من یتقرب إلی المیت بأب لا بد أن یعطی علی قاعدة للذکر ضعف الأنثی.

(1)أی سهام أقرباء الأب.

(2)لأن أجداد الأب لهم الثلثان، و هذا ینقسم أثلاثا، لثلثه ثلث و لثلثیه ثلث، و أقل عدد ینقسم بهذا الشکل هو التسعة.

(3)من أجداد أب المیت.

(4)السهام.

(5)بین التسعة و الأربعة، و بین الواحد و الأربعة.

(6)أی عدد سهام کل فریق و هی التسعة و الأربعة.

(7)نصیب کل فریق من الثلث و الثلثین لأنهما متداخلان فی سهام کل فریق.

(8)أی یضرب سهام کل فریق بالآخر.

(9)أی الست و الثلاثین.

(10)و هو ثلاثة.

ص:107

ست و ثلاثون (ینقسم علی) أجداد أمّه (الأربعة) بالسویة، ثمانیة، فلجد الأب و جدته لأبیه ثلثا ذلک (1): ثمانیة و أربعون، ثلثها للجدّة: ستة عشر. و ثلثاها للجدّ: اثنان و ثلاثون، و لجد الأب و جدته لأمه أربعة و عشرون، ثلثا ذلک للجد:

ستة عشر. و ثلثه للجدة ثمانیة.

هذا هو المشهور بین الأصحاب، ذهب إلیه الشیخ و تبعه الأکثر، و فی المسألة قولان آخران: -

أحدهما للشیخ معین الدین المصری (2): أن ثلث الثلث لأبوی أمّ الأم بالسویة، و ثلثاه لأبوی أبیها بالسویة أیضا. و ثلث الثلثین لأبوی أم الأب بالسویة، و ثلثاهما لأبوی أبیه أثلاثا، فسهام قرابة الأم ستة و سهام قرابة الأب ثمانیة عشر فیجتزأ بها (3) لدخول الأخری (4) فیها و تضرب فی أصل المسألة یبلغ أربعة و خمسین، ثلثها: ثمانیة عشر لأجداد الأم، منها (5) اثنا عشر لأبوی أبیها بالسویة، و ستة لأبوی أمها کذلک (6)، و ستة و ثلاثون لأجداد الأب، منها اثنا عشر لأبوی أمه بالسویة، و أربعة و عشرون لأبوی أبیه أثلاثا. و هو ظاهر (7).

و الثانی (8)، للشیخ زین الدین محمد بن القسم البرزهی: أن ثلث الثلث (1)ثلثا الاثنین و السبعین.

(2)أجداد الأم لهم ثلث الفریضة، و هذا الثلث ینقسم أثلاثا، ثلثاه لأجداد الأم لأبیها، و ثلثه لأجداد الأم لأمها، و الجمیع ینقسم بالسویة لأن من یتقرب بالأم لا تفاضل بین ذکره و أنثاه.

و الباقی من الفریضة و هو الثلثان، ثلثاهما لأجداد المیت لأبیه علی قاعدة الذکر ضعف الأنثی و ثلثهما لأجداد أب المیت لأمه بالسویة، لأن التقرب إلی أب المیت بالأم فتأتی قاعدة التسویة.

(3)بالثمانیة عشر.

(4)و هی الستة.

(5)من الثمانیة عشر.

(6)بالسویة.

(7)أی تقسیمه ظاهر.

(8)أی القول الثانی.

ص:108

لأبوی أم الأم بالسویة، و ثلثیه لأبوی أبیها أثلاثا و قسمة أجداد الأب کما ذکره الشیخ، و صحتها أیضا من أربعة و خمسین لکن یختلف وجه الارتفاع، فإن سهام أقرباء الأم هنا ثمانیة عشر و أقرباء الأب تسعة تداخلها (1) فیجتزی بضرب الثمانیة عشر فی الثلاثة أصل الفریضة.

و منشأ الاختلاف: النظر إلی أن قسمة المنتسب إلی الأم بالسویة، فمنهم من لاحظ الأمومة فی جمیع أجداد الأم (2)، و منهم من لاحظ الأصل (3)، و منهم من لاحظ الجهتین (4).

الثانیة عشرة - أولاد الإخوة یقومون مقام آبائهم عند عدمهم

(الثانیة عشرة - أولاد الإخوة یقومون مقام آبائهم عند عدمهم (5)، و یأخذ کل) واحد من الأولاد (نصیب من یتقرب به) فلأولاد الأخت المنفردة للأبوین أو الأب، النصف (6) تسمیة. و الباقی ردّا، و إن کانوا ذکورا، و لأولاد الأخ للأب المنفرد المال و إن کان أنثی قرابة، و لولد الأخ أو الأخت للأم السدس و إن تعدد الولد، و لأولاد الإخوة المتعددین لها (7) الثلث، و الباقی لأولاد المتقرب بالأبوین إن وجدوا، و إلا فللمتقرب بالأب، و إلا ردّ الباقی علی ولد الأخ للأم و علی هذا القیاس باقی الأقسام.

(1)أی تدخل التسعة فی الثمانیة عشر.

(2)و هو قول المشهور، بأن لاحظ أن جمیع أجداد الأم ینتسبون إلی المیت بالأم فالتقسیم بالسویة فیکون قد لاحظ الانتساب إلی الأم من ناحیة المیت فقط.

(3)و هو الجد، و المراد ملاحظة حال الجد إلی المیت فهل ینتسب إلی أب المیت أو أمه بالأب أو الأم، فإن انتسب إلی أب المیت بالأب فعلی قاعدة للذکر مثل حظ الأنثیین، و إن انتسب إلی أب المیت أو أمه بالأم فعلی التسویة کما هو القول الثانی.

(4)و هو القول الثالث حیث لاحظ الأمومة من ناحیة المیت و الأمومة من ناحیة انتساب الجد إلی أب المیت أو أمه و هذا ینحصر فی أجداد أم المیت من أمها فقط فلا بد من التسویة و الباقی علی قاعدة للذکر ضعف الأنثی، هذا و قال الشارح فی المسالک: «و لیس هنا دلیل قاطع یرجح أحد الأقوال، و إن کان الأشهر الأول» و قال فی الجواهر: «و الجمیع کما تری، حتی المشهور مجرد اعتبارات لا تصلح مدرکا للحکم الشرعی».

(5)عدم الإخوة و قد تقدم أنه لا خلاف فیه.

(6)نصیب الواسطة.

(7)للأم.

ص:109

و اقتسام الأولاد مع تعددهم و اختلافهم ذکوریة و أنوثیة کآبائهم:(فإن کانوا أولاد کلالة الأم فبالسویة) أی الذکر و الأنثی سواء (و إن کانوا أولاد کلالة الأبوین أو الأب فبالتفاوت) للذکر مثل حظّ الأنثیین.

القول فی میراث الأعمام و الأخوال و أولادهم و فیه مسائل

اشارة

(القول فی میراث الأعمام و الأخوال و أولادهم) (1) و هم أولو الأرحام، إذ لم یرد علی إرثهم نص فی القرآن بخصوصهم و إنما دخلوا فی آیة أولی الأرحام، و إنما یرثون مع فقد الإخوة و بنیهم، و الأجداد (2) فصاعدا علی الأشهر، و نقل عن «الفضل» أنّه لو خلف خالا و جدة لأمّ اقتسما المال نصفین.

(و فیه مسائل -)

الأولی - العمّ المنفرد یرث المال

(الأولی - العمّ) المنفرد (یرث المال) (3) أجمع لأب کان أم لأم (و کذا العمة) المنفردة.

(1)هم أهل الطبقة الثالثة، فلا یرث أحد منهم مع وجود واحد من أهل الطبقة الثانیة، بلا خلاف فیه، و لأخبار منها: خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (الخال و الخالة یرثان إذا لم یکن معهم أحد یرث غیرهم، إن اللّه تبارک و تعالی یقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللّهِ (1)، و خبر أبی عبیدة عن أبی جعفر علیه السّلام (سئل عن ابن عم وجد، قال: المال للجد)2 و خبر یزید الکناسی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (و ابن أخیک من أبیک أولی بک من عمک)(2).

و لذا قال الشارح فی المسالک: «و هذه المرتبة مأخوذة من آیة أولی الأرحام، و لیست مذکورة بخصوصها فی القرآن، و لکن وردت بها أیضا نصوص صحیحة، و استنباط باقی أحکامها بالنظر».

و نقل عن الفضل أنه لو خلف المیت خالا و جدة لأم فالمال بینهما نصفین، و یؤیده خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (عن رجل ترک خالة و جدّة قال: المال بینهما)(3) و سنده ضعیف بأبی سمینة فإنه غال کذاب.

(2)أی و فقد الأجداد.

(3)لآیة أولی الأرحام و کذا العمة.

ص:110


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 12 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 1 و 2.
2- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 2.
3- (4) الوسائل الباب - 12 - من أبواب میراث الإخوة و الأجداد حدیث 3.

(و للأعمام) أی العمین فصاعدا المال بینهم (بالسویة و) (1) کذا (العمات) مطلقا فیهما (2).

(و لو اجتمعوا): الأعمام و العمات (3)(اقتسموه بالسویة إن کانوا) جمیعا أعماما أو عمات (لأم) أی إخوة أب المیت من أمّه خاصة (و إلا) یکونوا لأم خاصة، بل للأبوین، أو للأب (فبالتفاوت): للذکر مثل حظّ الأنثیین.

(و الکلام فی قرابة الأب وحده) (4) من الأعمام و الأخوال (کما سلف فی الإخوة) من أنها لا ترث إلا مع فقد قرابة الأبوین مع تساویهما فی الدرجة و استحقاق الفاضل عن حقّ قرابة الأمّ من السدس و الثلث و غیر ذلک.

الثانیة - للعم الواحد للأم أو العمة الواحدة لها

(الثانیة - للعم الواحد للأم (5) أو العمة) الواحدة لها (مع قرابة الأب) أی (1)مقتضی العدل مع فقدان الترجیح.

(2)أی سواء کان الأعمام و العمات لأب أم لأم.

(3)فإن کانوا إخوة أب المیت من أبیه و أمه أو من أبیه فالمال بینهم علی قاعدة الذکر ضعف الأنثی، بلا خلاف، و لروایة سلمة بن محرز عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی عم و عمة، للعم الثلثان و للعمة الثلث)(1).

و إن کانوا إخوة أب المیت من أمه ففیه خلاف، ذهب الصدوق و ابن زهرة و الفضل و المفید و المحقق إلی أنهم یرثون علی قاعدة للذکر ضعف الأنثی لإطلاق خبر سلمة المتقدم.

و ذهب العلامة فی القواعد و الشهید فی الدروس بل عن الریاض و الکفایة نفی الخلاف من أن المال یقسم بینهم بالسویة، لأن التسویة مقتضی العدل خرج منه ما خرج من الأعمام و العمات لأب بالنص فیبقی الباقی تحته.

(4)أی أعمام و عمات المیت فهم إخوة أب المیت من أبیه، فیرثون عند فقد إخوة أب المیت من أبویه، و ذلک لأن المتقرب إلی المیت بالطرفین أولی، و لخبر یزید الکناسی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (و عمک أخو أبیک لأبیه و أمه أولی بک من عمک أخ أبیک لأبیه)(2).

(5)شروع فی اجتماع الأعمام، فلو اجتمع عمومة المیت إخوة أبیه من أبیه و أمه و إخوة أب-

ص:111


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 9.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 1.

العم أو العمة للأب الشامل للأبوین و للأب وحده (السدس، و للزائد) عن الواحد (1) مطلقا (2)(الثلث) بالسویة کما فی الإخوة (و الباقی) عن السدس و الثلث من المال (لقرابة الأب) و الأم أو الأب مع فقده (و إن کان) قرابة الأب (واحدا) ذکرا أو أنثی، ثم إن تعدد و اختلف بالذکورة و الأنوثة فللذکر مثل حظ الأنثیین کما مرّ.

الثالث - للخال، أو الخالة، أو هما، أو الأخوال

(الثالث - للخال (3)، أو الخالة، أو هما (4)، أو الأخوال) أو الخالات (مع الانفراد المال بالسویة) لأب کانوا أم لأم أم لهما.

(و لو) اجتمعوا (و تفرقوا) (5) بأن خلف خالا لأبیه أی أخا أمّه لأبیها، -المیت من أمه، فالمتقرب إلی أب المیت من أمه له السدس إن کان واحدا، و الثلث إن کان متعددا، یقسم علیهم بالسویة لأنهم یرثون المیت کما یرثون أباه لو مات، فلو مات أبو المیت فهم إخوته من کلالة الأم لهم الثلث بالسویة، فکذلک هم من کلالة الأم بالنسبة لابنه، و هذا لا خلاف فیه.

و أما المتقرب إلی أب المیت من أبیه و أمه فله الباقی عن السدس أو الثلث یقسم بینهم علی قاعدة للذکر ضعف الأنثی و کذلک هذا بلا خلاف فیه.

(1)من أعمام المیت الذین هم إخوة أبیه من أمه.

(2)سواء کانوا ذکورا أو إناثا أو مختلفین.

(3)المال کله لو انفرد بلا خلاف فیه، لآیة أولی الأرحام، و لخبر سلمة بن محرز عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی ابن عم و خال، قال: المال للخال)(1)، و کذا الکلام فی الخالة.

(4)الخال و الخالة لو انفردا. فلهما المال بالسویة، أما أن المال لهما لآیة أولی الأرحام، و أما أنه بالسویة لروایة الدعائم عن جعفر بن محمد علیه السّلام (فی من ترک خالا و خالة و عما و عمة، فللخال و الخالة الثلث بینهما سواء)(2).

(5)أخوال و خالات المیت بحیث بعضهم إخوة أم المیت من أبویها و بعضهم إخوة أم المیت من أبیها فقط و بعضهم إخوة أم المیت من أمها.

فتسقط کلالة الأب من الخئولة بکلالة الأبوین، و لکلالة الأم الثلث مع التعدد بالسویة، و السدس إذا لم یکن إلا واحد منها، و الباقی عن الثلث أو السدس لکلالة الأبوین بالسویة بینهم-

ص:112


1- (1) الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 4.
2- (2) مستدرک الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 3.

و خالا لأمّه أی أخاها لأمها خاصة، و خالا لأبویه أی أخاها لأبویها، أو خالات کذلک أو مجتمعین (سقط کلالة الأب) وحدها بکلالة الأبوین (و کان لکلالة الأمّ السدس إن کان واحدا، و الثلث إن کان أکثر بالسویة) و إن اختلفوا فی الذکورة و الأنوثة (و لکلالة الأب الباقی بالسویة) أیضا علی الأظهر، لاشتراک الجمیع فی التقرب بالأم و نقل الشیخ فی الخلاف عن بعض الأصحاب أنهم یقتسمونه للذکر ضعف الأنثی و هو نادر.

الرابعة - لو اجتمع الأعمام و الأخوال

(الرابعة - لو اجتمع الأعمام و الأخوال) (1) أی الجنسان لیشمل الواحد منهما -لأصالة التسویة بعد ما کانوا متقربین إلی المیت بواسطة الأم. هذا هو المشهور.

و نقل عن بعضهم أن المال بتمامه ینقسم بالسویة علی کلالة الأبوین و کلالة الأم من الخئولة لأن الجمیع متقرب إلی المیت بواسطة الأم و إلا فلو اقتضی التفضیل هنا لکان الثلث بالسویة لکلالة الأم من الخئولة و الزائد لکلالة الأبوین من الخئولة علی قاعدة للذکر ضعف الأنثی، لأن هذه الکلالة تتصل بأم المیت بأبیها فلا تجری قاعدة التسویة بل قاعدة التفضیل.

(1)فیما لو اجتمع أعمام المیت و أخواله، کان للأخوال الثلث سواء کانوا واحدا أو أکثر، ذکرا أو أنثی، و سواء کانوا إخوة أم المیت لأبویها أو لأمها أو لأبیها.

و الباقی و هو الثلثان للأعمام سواء کانوا واحدا أو أکثر، و سواء کانوا إخوة أب المیت لأبویه أو لأبیه، أو لأمه، و هو المشهور بین الأصحاب و ذلک لأن کل طرف یأخذ نصیب الواسطة فالأعمام یأخذون نصیب الأب و الأخوال یأخذون نصیب الأم، و یدل علیه أیضا خبر أبی أیوب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن العمة بمنزلة الأب و الخالة بمنزلة الأم و بنت الأخ بمنزلة الأخ، و کل ذی رحم فهو بمنزلة الرحم الذی یجرّ به، إلا أن یکون هناک وارث أقرب إلی المیت منه فیحجبه)(1) و خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل ترک عمته و خالته قال: للعمة الثلثان و للخالة الثلث)2.

و ذهب جماعة منهم ابن أبی عقیل و المفید و القطب الکیدری و معین الدین المصری تنزیل الخئولة و العمومة منزلة الإخوة، فالواحد من الأخوال له السدس، و إن تعدد فله الثلث، و الباقی للأعمام، فإن کانت عمة فلها النصف و الباقی ردّ علیها و علی من معها من الخئولة بنسبة سهامهم.-

ص:113


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 6 و 3.

و المتعدد (فللأخوال الثلث و إن کان واحدا لأم علی الأصح، و للأعمام الثلثان و إن کان واحدا)، لأن الأخوال یرثون نصیب من تقربوا به و هو الأخت (1) و نصیبها الثلث و الأعمام یرثون نصیب من یتقربون به و هو الأخ (2) و نصیبه الثلثان.

و منه یظهر عدم الفرق بین اتحاد الخال و تعدده، و ذکوریته و أنوثیته، و الأخبار مع ذلک متظافرة به.

ففی صحیحة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام أن فی کتاب علی (صلوات اللّه علیه) «رجل مات و ترک عمه و خاله؟ فقال: للعمّ الثلثان، و للخال الثلث» (3).

و أن فیه (4) أیضا (5): «أن العمة بمنزلة الأب و الخالة بمنزلة الأم، و بنت -و قال فی الجواهر عن هذا القول: «واضح الفساد بل هو کالاجتهاد فی مقابل النص، من دون داع حتی الاعتبار، ضرورة کونهم إخوة لأب المیت و أمه لا له». و قال فی المسالک عنه: «و الأخبار حجة علیه».

هذا من جهة و من جهة أخری فقد نقل عن ابن أبی عقیل من أنه بناء علی القول الثانی لو کان هناک عم فله النصف و الباقی عن سهمه و سهم من یجتمع معه من الخئولة یرد علیهم بالنسبة، و فی هذا اشتباه واضح لأن العم لو صح تنزیله منزلة أخ المیت فلا فرض له بل یرث بالقرابة، بخلاف العمة المنزلة منزلة أخت المیت الذی لها النصف فرضا.

و من جهة ثالثة فعلی القول المشهور، فالثلث بین الأخوال بالسویة لأنهم متقربون إلی المیت بالأم و لدلالة خبر الدعائم السابق، و الثلثان بین الأعمام ففیه تفصیل: فإن کانوا إخوة أب المیت من أبویه أو من أبیه فعلی قاعدة للذکر ضعف الأنثی، و إن کانوا إخوة أب المیت من أمه فبالتساوی عند جماعة و بالتفاوت عند جماعة أخری کما مرّ الخلاف فیه، و إن کانوا من القبیلین فالمتقرب إلی أب المیت من أمه فله الثلث إن کان متعددا بالسویة و السدس إن کان واحدا، و الباقی للمتقرب إلی أب المیت من أبویه أو أبیه فعلی قاعدة للذکر ضعف الأنثی.

(1)أی الذی تقربوا به إلی المیت هو أختهم التی هی أم المیت.

(2)الذی هو أب المیت.

(3)الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 1.

(4)فی کتاب علی.

(5)کما فی خبر أبی أیوب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام الذی أورده الشارح بتمامه، الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 6.

ص:114

الأخ بمنزلة الأخ. قال: و کلّ ذی رحم فهو بمنزلة الرحم الذی یجر به إلا أن یکون وارث أقرب إلی المیت منه فیحجبه».

و مقابل الأصح قول ابن أبی عقیل: إن للخال المتحد السدس و للعم (1) النصف حیث یجتمع العم و الخال، و الباقی یردّ علیهما بقدر سهامهما و کذا لو ترک عمة و خالة، للعمة النصف، و للخالة السدس، و الباقی یردّ علیهما بالنسبة. و هو نادر و مستنده غیر واضح.

و قد تقدم ما یدل علی قدر الاستحقاق (2) و کیفیة القسمة لو تعددوا. فلو کانوا متفرقین (3) فللأخوال من جهة الأم (4) ثلث الثلث، و مع الاتحاد سدسه و الباقی من الثلث للأخوال من جهة الأب (5) و إن کان واحدا. و الثلثان للأعمام، سدسهما للمتقرب منهم بالأم (6) إن کان واحدا، و ثلثهما إن کان أکثر بالسویة، و إن اختلفوا فی الذکوریة و الأنوثیة. و الباقی للأعمام المتقربین بالأب (7) بالتفاوت (8).

الخامسة - للزوج و الزوجة مع الأعمام و الأخوال

(الخامسة - للزوج و الزوجة مع الأعمام و الأخوال نصیبه الأعلی):

النصف (9) أو الربع (10)(و للأخوال) و إن اتحدوا أو کانوا لأم کما مرّ (الثلث من الأصل) (11)

(1)و قد عرفت أنه اشتباه لأن العم المنزّل منزلة الأخ الذی لا یرث بالفرض بل بالقرابة.

(2)أی استحقاق الأخوال و الأعمام عند الانفراد.

(3)کل من الأعمام و الأخوال.

(4)أی إخوة أم المیت من أمها.

(5)أی إخوة أم المیت من أبیها.

(6)أی إخوة أب المیت من أمه.

(7)أی إخوة أب المیت من أبیه.

(8)علی قاعدة للذکر ضعف الأنثی.

(9)للزوج.

(10)للزوجة.

(11)أصل الترکة، لأنهم یأخذون نصیب أختهم التی هی أم المیت و فیه خلاف سیأتی.

ص:115

لا من الباقی (و للأعمام الباقی) (1) و هو (2) السدس علی تقدیر الزوج (3)، و هو مع الربع (4) علی تقدیر الزوجة (5).

و لو تفرق الأعمام و الأخوال مع أحد الزوجین أخذ (6) نصیبه الأعلی، و للأخوال الثلث، سدسه (7) لمن تقرب بالأم منهم (8) إن کان واحدا و ثلثه (9) إن کان (10) أکثر، و الباقی من الثلث للأخوال من قبل الأبوین، أو الأب.

و الباقی (11) بعد نصیب أحد الزوجین و الأخوال للأعمام سدسه (12) للمتقرب منهم بالأم (13) إن کان واحدا، و ثلثه (14) إن کان أکثر (15) بالسویة، و الباقی (16) للمتقرب منهم بالأبوین، أو بالأب بالتفاوت (17).

و لو اجتمع الزوجان مع الأعمام خاصة، أو الأخوال فلکلّ منهما (18) نصیبه (1)لأن العم یأخذ نصیب أخیه الذی هو الواسطة إلی المیت.

(2)أی الباقی.

(3)فالزوج له النصف و الخئولة لها الثلث فالباقی سدس.

(4)أی السدس مع الربع.

(5)فالزوجة لها الربع و الخئولة لها الثلث فالمجموع (5، 1 / + 6/2)5، 6/3 فالباقی 5، 2 / 6، فالواحد: سدس. و الواحد و نصف: ربع.

(6)أحد الزوجین.

(7)سدس الثلث.

(8)من الخئولة، أی إخوة أم المیت من أمها.

(9)ثلث الثلث.

(10)إن کان المتقرب بالأم من الخئولة.

(11)من الترکة.

(12)سدس الباقی.

(13)أی للعمومة الذین هم إخوة أبی المیت من أمه.

(14)ثلث الباقی.

(15)أی إن کان المتقرب من العمومة بأبی المیت من أمه أکثر من واحد.

(16)و الباقی من نصیب العمومة.

(17)للذکر ضعف الأنثی.

(18)من الزوجین.

ص:116

الأعلی کذلک (1). و الباقی للأعمام، أو للأخوال و إن اتحدوا (2)، و مع التعدد و اتفاق الجهة کالأعمام من الأب خاصة، أو من الأم، أو الأخوال کذلک (3) یقتسمون الباقی کما فصل (4).

و لو اختلفت (5) کما لو خلّفت زوجا و خالا من الأم، و خالا من الأبوین أو الأب، فللزوج النصف، و للخال من الأمّ سدس الأصل کما نقله المصنف فی الدروس عن ظاهر کلام الأصحاب، کما لو لم یکن هناک زوج، لأن الزوج لا یزاحم المتقرب بالأم (6)، و أشار إلیه هنا بقوله:

(و قیل: للخال من الأمّ مع الخال من الأب و الزوج - ثالث الباقی) تنزیلا لخال الأمّ (7) منزلة الخئولة (8) حیث تقرب بالأم (9) و خال الأب منزلة العمومة (10) حیث تقرب به (11). و هذا القول لم یذکره المصنف فی الدروس، و لا العلامة حیث نقل الخلاف.

(و قیل: سدسه) أی سدس الباقی. و هذا القول نقله المصنف فی الدروس و العلامة فی القواعد و التحریر عن بعض الأصحاب و لم یعیّنوا قائله.

(1)کما لو اجتمع مع الأعمام و الأخوال.

(2)حتی لو کان واحدا.

(3)من الأب خاصة أو من الأم.

(4)فالأخوال و الأعمام من الأم یقتسمون المال بالسویة، و الأعمام من الأب یقتسمونه بالتفاوت.

(5)اختلفت جهة العمومة أو الخئولة.

(6)من الأخوة فکذا الخئولة.

(7)أی خال المیت و هو أخ أم المیت من أمها.

(8)فیما لو اجتمعت مع العمومة.

(9)أی تقرب خال المیت إلی أم المیت بأمها، کما تقرب خال المیت إلی المیت بأم المیت.

(10)أی خال المیت الذی تقرب إلی أم المیت بأبیها کالعم الذی تقرب إلی المیت بأبی المیت.

و بعبارة أخری: فقد نزّل أخا أم المیت من أمها منزلة الخال، و أخاها من أبیها منزلة العم.

(11)بأبی أم المیت.

ص:117

و اختار المصنف فی الدروس و العلامة و ولده السعید أن له (1) سدس الثلث، لأن الثلث نصیب الخئولة، فللمتقرب بالأمّ منهم (2) سدسه (3) مع اتحاده (4) و ثلثه مع تعدده (5).

و یشکل بأن الثلث إنما یکون نصیبهم (6) مع مجامعة الأعمام، و إلا (7) فجمیع المال لهم (8) فإذا راحمهم أحد الزوجین زاحم المتقرب منهم بالأب، و بقیت حصة المتقرب بالأم و هو السدس مع وحدته، و الثلث مع تعدده خالیة عن المعارض (9).

و لو کان مع أحد الزوجین أعمام متفرقون فلمن تقرّب منهم بالأم سدس الأصل، أو ثلثه بلا خلاف علی ما یظهر منهم (10)، و الباقی للمتقرب بالأب.

و یحتمل علی ما ذکروه فی الخئولة أن یکون للعمّ للأمّ سدس الباقی خاصة (11)، أو (1)لخال المیت، و هو أخو أمه من أمها.

(2)من الخئولة.

(3)سدس الثلث.

(4)اتحاد المتقرب بالأم من الخئولة.

(5)ثلث الثلث مع تعدد المتقرب بالأم من الخئولة.

(6)نصیب الخئولة.

(7)فمع عدم مجامعتهم للأعمام کما هو المفروض فی مسألتنا.

(8)للخئولة.

(9)و فیه: إن الخئولة مع الزوج کالأم مع الزوج لأنهم یأخذون نصیبها عند فقدها، فالأم لها النصف و الزوج له النصف الآخر، فالخئولة کلهم لهم النصف یقسم بینهم، ثلثه أو سدسه لمن تقرب إلی أم المیت من أمها و الباقی لمن تقرب إلی أم المیت من أبیها.

و مفروض مسألتنا خال لأم مع خال لأب مع زوج فیکون للزوج نصف الترکة، و للخال لأم سدس الباقی، و خمسة أسداس الباقی للخال للأب، و به تعرف بطلان بقیة الأقوال من أن له ثلث الباقی أو ثلث الأصل، و أما القول بأن له سدس الثلث فقد بیّن الشارح بطلانه.

(10)و الحق أن للعم لأم سدس الباقی بعد فرض الزوج و هو النصف، و هذا ما جزم به فی الجواهر و هو الحق الموافق للقواعد و قال: «و إن قال فی الریاض: إنه لا خلاف فیه یظهر، و به صرح فی المسالک و الروضة، و غیرهما من کتب الجماعة، لکن فیه إنه لا یخفی علی من لاحظ المقام عدم تحقق إجماع فی المسألة لقلة من تعرض لها).

(11)و هو الحق مع کون العم للأم واحدا.

ص:118

ثلثه (1) أو سدس الثلثین (2) خاصة، أو ثلثهما (3) بتقریب ما سبق.

السادسة عمومة المیت و عمامته

(السادسة عمومة المیت و عمامته) لأب و أم، أو لأحدهما (و خئولته و خالاته) کذلک (4) و أولادهم و إن نزلوا عند عدمهم (أولی من عمومة أبیه (5) و عماته و خئولته و خالاته و من عمومة أمه و عماتها و خئولتها و خالاتها)، لأنهم أقرب منهم بدرجة.

(و یقومون) أی عمومة الأب و الأم و خئولتها (مقامهم عند عدمهم (6) و عدم أولادهم و إن نزلوا) و یقدّم الأقرب منهم إلی المیت و أولاده فالأقرب فابن العم مطلقا أولی من عم الأب، و ابن عم الأب أولی من عم الجد، و عم الجد أولی من عم أب الجد. و هکذا، و کذا الخئولة، و کذلک الخال للأم (7) أولی من عم الأب.

و یقاسم کلّ منهم الآخر مع تساویهم فی الدرجة، فلو ترک المیت عمّ أبیه و عمّته، و خاله و خالته، و عمّ أمّه و عمّتها، و خالها و خالتها ورثوا جمیعا، لاستواء درجتهم. فالثلث لقرابة الأمّ (8) بالسویة (9) علی المشهور، و الثلثان لقرابة الأب (10):

عمومة و خئولة، ثلثهما (11)

(1)ثلث الباقی مع کون العم للأم متعددا.

(2)فی قبال سدس الثلث للخال کما هو قول المصنف فی الدروس و العلامة و ولده السعید، لأن العم له الثلثان فی قبال ثلث للخال.

(3)أی ثلث الثلثین إذا کان العم للأم متعددا.

(4)لأب و أم أو لأحدهما.

(5)أبی المیت، و هذا محل وفاق و لخبر أبی أیوب المتقدم (و کل ذی رحم فهو بمنزلة الرحم الذی یجرّ به إلا أن یکون هناک وارث أقرب إلی المیت منه فیحجبه)(1).

(6)عند عدم عمومة المیت و عماته و أخواله و خالاته.

(7)أی خال المیت و هو أخو أم المیت من أمها.

(8)لأنهم یرثون نصیب الواسطة التی یتقربون بها إلی المیت و هی الأم. و نصیبها الثلث و هذا قول المشهور تبعا للشیخ فی النهایة.

(9)علی المشهور لاشتراک الکل فی التقرب إلی المیت بالأم.

(10)لأن الثلثین نصیب الأب الذی یتقربون به إلی المیت.

(11)ثلث الثلثین.

ص:119


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 6.

للخال و الخالة بالسویة (1)، و ثلثاهما (2) للعمّ و العمة أثلاثا (3).

و صحتها (4) من مائة و ثمانیة کمسألة الأجداد الثمانیة، إلا أن الطریق هنا:

أن سهام أقرباء الأب ثمانیة عشر (5) توافق سهام أقرباء الأم (6) الأربعة بالنصف (7)، فیضرب نصف أحدهما فی الآخر ثم المجتمع فی أصل الفریضة و هو ثلاثة (8).

و قیل (9) لخال الأم و خالتها ثلث الثلث بالسویة، و ثلثاه لعمها و عمتها (1)لأنهم یتقربون إلی أبی المیت بواسطة أمه فیأخذون نصیبها منه، و قاعدة التسویة هی الأصل فی الخئولة.

(2)أی ثلث الثلثین.

(3)للذکر ضعف الأنثی.

(4)صحة الفریضة.

(5)لأنه أقل عدد ینقسم أثلاثا، و لثلثه تنصیف، و لثلثیه ثلث.

(6)أربعة.

(7)فنضرب الثمانیة عشر باثنین الذی هو نصف الأربعة، أو نضرب الأربعة بتسعة الذی هو نصف الثمانیة عشر.

(8)و تکون الفریضة علی هذا النحو:

لأقرباء الأم: 36، ثلث الفریضة و یکون کل من عمها و عمتها و خالها و خالتها تسعة.

لأقرباء الأب: 72، ثلثا الفریضة، فیعطی خال الأب و خالته 24 لکل واحد اثنا عشر، و یعطی عم الأب و عمته 48، للعم 32 و للعمة 16.

(9)و هو المحقق الطوسی إنّ الثلث لأقرباء الأم یقسم أثلاثا، ثلثه لخال الأم و خالتها، و ثلثاه لعم الأم و عمتها، کل ذلک بالسویة کمذهب معین الدین المصری فی مسألة الأجداد.

فسهام أقرباء الأم ستة لأنه أقل عدد لثلثه نصف، و لثلثیه نصف، و سهام أقرباء الأب ثمانیة عشر و هما متداخلان، فیضرب أصل الفریضة بثمانیة عشر، فالمجموع أربعة و خمسون.

ثلثها 18 لأقرباء الأم، و ثلث 18 6، تعطی لخال الأم و خالتها بالسویة، و ثلثاه 12، تعطی لعم الأم و عمتها بالسویة.

و ثلثا الفریضة 36 لأقرباء الأب، فیعطی الثلث لخال الأب و خالته بالسویة فیکون لکل واحد ستة لأن الثلث اثنا عشر، و یعطی الثلثین لعم الأب و عمته بالتفاوت فیکون للعم -

ص:120

بالسویة. فهی کمسألة الأجداد علی مذهب معین الدین المصری.

و قیل (1): للأخوال الأربعة الثلث بالسویة، و للأعمام الثلثان: ثلثه لعم الأم و عمتها بالسویة أیضا، و ثلثاه لعم الأب و عمته أثلاثا و صحتها من مائة و ثمانیة کالأول.

السابعة - أولاد العمومة و الخئولة یقومون مقام آبائهم

(السابعة - أولاد العمومة و الخئولة یقومون مقام آبائهم) و أمّهاتهم (عند عدمهم (2) و یأخذ کلّ منهم نصیب من یتقرب به) فیأخذ ولد العمة - و إن کان أنثی - الثلثین، و ولد الخال و إن کان ذکرا الثلث (3)، و ابن العمة مع بنت العم الثلث کذلک (4)، و یتساوی ابن الخال و ابن الخالة (5)، و یأخذ أولاد العم للأم السدس إن کان واحدا (6)، و الثلث إن کان أکثر (7) و الباقی لأولاد العم للأبوین، أو للأب.

و کذا القول فی أولاد الخئولة المتفرقین. و لو اجتمعوا جمیعا (8). فلأولاد الخال الواحد أو الخالة للأم سدس الثلث، و لأولاد الخالین أو الخالتین أو هما (9) ثلث الثلث، و باقیه (10)

-ستة عشر و للعمة ثمانیة، لأن الثلثین أربعة و عشرون.

(1)کما استظهره کاشف اللثام.

(2)فابن العم أقرب إلی المیت من عم أبیه کما أن عم المیت أقرب إلیه من عم أبیه، ففی خبر أبی أیوب المتقدم (و کل ذی رحم بمنزلة الرحم الذی یجرّ به)(1).

(3)لأن العمة لها الثلثان لو اجتمعت مع الخال الذی له الثلث.

(4)لأنه یأخذ نصیب الواسطة التی هی العمة هنا، و تأخذ بنت العم الثلثین.

(5)لأن الخال و الخالة متساویان.

(6)أی العم لا أولاده.

(7)لأن العم للأم له السدس مع الاتحاد و الثلث مع التعدد.

(8)أولاد الخئولة و أولاد العمومة، و أولاد الخئولة بعضهم ابن خال لأم و بعضهم ابن خال لأب و کذا فی أولاد العمومة.

(9)أولاد الخال و الخالة.

(10)باقی الثلث المعطی لأولاد الخئولة.

ص:121


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 6.

للمتقرب منهم (1) بالأب، و کذا القول فی أولاد العمومة المتفرقین بالنظر إلی الثلثین. و هکذا.

(و یقتسم أولاد العمومة من الأبوین) إذا کانوا إخوة (2) مختلفین بالذکوریة و الأنوثیة (بالتفاوت) (3) للذکر مثل حظّ الأنثیین (و کذا) أولاد العمومة (من الأب) حیث یرثون مع فقد المتقرب بالأبوین.

(و) یقتسم (أولاد العمومة من الأم بالتساوی (4)، و کذا أولاد الخئولة مطلقا) (5) و لو جامعهم زوج أو زوجة فکمجامعته لآبائهم، فیأخذ النصف، أو الربع و من تقرّب بالأمّ نصیبه الأصلی من أصل الترکة، و الباقی لقرابة الأبوین، أو الأب.

الثامنة - لا یرث الأبعد مع الأقرب فی الأعمام و الأخوال

(الثامنة - لا یرث الأبعد مع الأقرب فی الأعمام و الأخوال) و إن لم یکن من صنفه (6). فلا یرث ابن الخال و لو للأبوین مع الخال (7) و لو للأم، و لا مع العمّ مطلقا (8)، و لا ابن العم مطلقا (9) مع العمة کذلک (10) و لا مع الخال مطلقا (11) (و) کذا (أولادهم) لا یرث الأبعد منهم عن المیت مع الأقرب إلیه کابن ابن العم مع ابن العم، أو ابن الخال.

(إلا فی مسألة ابن العم) للأبوین (و العم) للأب فإنها خارجة من القاعدة (12) (1)من أولاد الخئولة.

(2)أی الأعمام.

(3)کتقسیم میراث العمومة للأبوین.

(4)کتقسیم میراث العمومة للأم.

(5)أی بالتساوی سواء کانوا أولاد خئولة من الأم أو من الأبوین أو من الأب أو متفرقین.

(6)أی و إن لم یکن البعید من صنف القریب.

(7)لأن الخال أقرب.

(8)سواء کان أخو أبی المیت من أمه أو من أبیه أو من کلیهما.

(9)سواء کان أبوه أخا لأبی المیت من أبویه أو من أمه أو من أبیه.

(10)أی و لو کانت أختا لأبی المیت من أمه.

(11)سواء کان الخال أخا لأم المیت من أبویها أو من أمها أو من أبیها فلا یرث معه ابن العم لأن الخال أقرب.

(12)قاعدة تقدیم الأقرب علی الأبعد.

ص:122

بالإجماع و قد تقدمت. و هذا بخلاف ما تقدم فی الإخوة و الأجداد فإن قریب کل من الصنفین (1) لا یمنع بعید الآخر.

و الفرق: أن میراث الأعمام و الأخوال ثبت بعموم آیة أولی الأرحام، و قاعدتها تقدیم الأقرب فالأقرب مطلقا (2)، بخلاف الإخوة و الأجداد فإنّ کلّ واحد ثبت بخصوصه من غیر اعتبار الآخر فیشارک البعید القریب، مضافا إلی النصوص الدالة علیه (3)، فروی سلمة بن محرز عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال فی ابن عمّ و خالة: المال للخالة. قال: و قال فی ابن عم و خال: المال للخال» (4).

و أما النصوص الدالة علی مشارکة الأبعد من أولاد الإخوة للأقرب من الأجداد فکثیرة جدا، ففی صحیحة محمد بن مسلم قال: «نظرت إلی صحیفة ینظر فیها أبو جعفر علیه السّلام قال: و قرأت فیها مکتوبا: ابن أخ و جدّ المال بینهما سواء.

فقلت لأبی جعفر علیه السّلام: إن من عندنا لا یقضی بهذا القضاء لا یجعلون لابن الأخ مع الجدّ شیئا! فقال أبو جعفر علیه السّلام: أما إنه إملاء رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم و خطّ علی علیه السّلام (5). و عن محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام قال: حدثنی جابر عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم - و لم یکن یکذب جابر - أن ابن الأخ یقاسم الجدّ (6).

التاسعة - من له سببان

(التاسعة - من له سببان) (7) أی موجبان للإرث، أعم من السبب السابق (1)الأخوة و الأجداد.

(2)و إن لم یکونوا من صنف واحد.

(3)علی تقدیم الأقرب علی الأبعد فی مسألة الأعمام و الأخوال.

(4)الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الأعمام و الأخوال حدیث 4.

(5)الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الأخوة و الأجداد حدیث 5.

(6)الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الأخوة و الأجداد حدیث 3.

(7)المراد بالسبب موجب الإرث الذی هو مقسم السبب الخاص و النسب، فإذا اجتمع لشخص سببان ورث بهما ما لم یمنع أحد السببین الآخر و لم یکن من هو أقرب إلی المیت منه فی السببین، فلو کان شخص أقرب للمیت منه بسبب ورث من له السببان بالسبب الثانی.

و السببان إما سبب خاص و نسب کمثل زوجة هی بنت عم، فإذا لم یکن للمیت أقرب منها بالنسب ورثت حصة الزوجیة و حصة بنت العم.-

ص:123

فإن هذا یشمل النسب (یرث بهما) إذا تساویا فی المرتبة (کعمّ هو خال) کما إذا تزوّج أخوه لأبیه أخته لأمه فإنه یصیر عمّا لولدهما للأب، خالا للأمّ فیرث نصیبهما لو جامعه غیره کعم آخر أو خال. و هذا مثال للنسبین. أما السببان بالمعنی الأخص فیتفقان کذلک (1) فی زوج هو معتق، أو ضامن جریرة.

(و لو کان أحدهما) أی السببان بالمعنی الأعم (یحجب الآخر (2) ورث) من جمعهما (من جهة) السبب (الحاجب) خاصة (کابن عم هو أخ لأم) فیرث بالأخوّة، هذا فی النسبین. و أما فی السببین الذین یحجب أحدهما الآخر کالإمام -و إمّا أن یکون السببان نسبیین کعم للمیت هو خاله، و هذا یتم فیما لو تزوج شخص بامرأة فأولدت له ولدا ثم طلقها، فتزوج المطلّق ثانیة و أتت له بولد و تزوجت المطلّقة بآخر فأتت له ببنت، و لا حرمة و لا نسب بین الولد من الرجل المطلق و امرأته الثانیة و بین البنت من المطلّقة و زوجها الثانی فیجوز أن یتزوج هذا الولد من تلک البنت فلو تزوج و أتت له بولد فهو بالنسبة لابن المطلق و المطلقة ابن أخ و ابن أخت، فلو مات الولد فابن المطلق و المطلقة عم و خال فهذا العم و الخال یرث نصیب العمومة و الخئولة إن لم یجامعه أحد من الأعمام و الأخوال، و لو جامعه عم آخر کان نصیب العمومة بینهما، و نصیب الخئولة له بمفرده، و لو جامعه خال کان نصیب الخئولة بینهما مع انفراده بنصیب العمومة، و لو جامعه عم و خال کان نصیب العمومة بینه و بین العم الآخر، و نصیب الخئولة بینه و بین الخال الآخر، بشرط أن یکون العم الآخر مثله، عما للمیت لأب فلو کان العم الآخر لأبوین منعه من نصیب العمومة، و لا یشترط ذلک فی الخال لأن الخال الآخر لو کان لأبوین لکان هو خالا لأم فله سدس الثلث.

و إما أن یکون السببان سببین خاصین کمعتق و زوج، کمن أعتق أمته ثم تزوجها فإنه یرث بالزوجیة و بولاء العتق.

(1)إذا تساویا فی الرتبة.

(2)مثاله فی النسبیین کأخ لأم هو ابن عم لأب، و ذلک لو تزوج رجل امرأة فأولدت له ولدا ثم مات الرجل، فتزوجها أخوه فأنجبت له ولدا أیضا فالولد الثانی أخو الولد الأول من أمه، و ابن عمه من أبیه، فلو مات أحدهما فالآخر یرثه بالأخوة الحاجبة لنصیب أبناء العمومة.

و مثاله فی السببین الخاصین کالإمام علیه السّلام و هو معتق، فیرث الإمام المیت بولاء العتق دون ولاء الإمامة.

و مثاله فی النسب و السبب کعم أو أخ و هو معتق، فالنسب یحجب السبب.

ص:124

إذا مات عتیقه فإنه یرث بالعتق لا بالإمامة و کمعتق هو ضامن جریرة.

و یمکن فرض أنساب متعددة لا یحجب أحدها الباقی کابن ابن عم لأب، هو ابن ابن خال لأم، هو ابن بنت عمة، هو ابن بنت خالة (1)

و قد یتعدد (2) کذلک (3) مع حجب بعضها لبعض کأخ لأم هو ابن عم، و ابن خال (4).

القول فی میراث الأزواج

اشارة

(القول فی میراث الأزواج)

الزوجان یتوارثان و یصاحبان جمیع الورثة

(و) الزوجان (یتوارثان) و یصاحبان جمیع الورثة (5)

(1)قد تقدم تصور شخص هو عمّ و خال للمیت، فأخته تکون عمة و خالة أیضا، فلو کان لهذا العم الخال ولد و لأخته بنت و تزوجا و أنجبا ولدا. فهذا الولد بالنسبة للمیت ابن ابن عم و ابن ابن خال، و کذلک هو ابن بنت عمة و ابن بنت خالة.

(2)النسب.

(3)أکثر من طرفین.

(4)و ذلک لو تزوج شخص بامرأة فأتت له بولد ثم طلقها فتزوجت المطلقة بخاله فأولدت له ولدا. فالولد الأول أخو الولد الثانی من أمه، و ابن خال الولد الثانی من أبیه ثم لو تزوج الولد الأول امرأة فأتت له بولد، ثم طلقها فتزوجت بالولد الثانی فأتت له بولد فابن الولد الأول هو أخو ابن الولد الثانی من أمه لأن أمهما واحدة.

و ابن الولد الأول هو ابن عم ابن الولد الثانی لأن أبویهما إخوة من الأم و ابن الولد الأول هو ابن ابن خال أبی أبی الولد الثانی، لأن جد ابن الولد الأول هو خال جد الولد الثانی.

و لا یمکن فرض ابن خال قریب مع کونهما إخوة لأم إلا إذا وطأ الأخ أخته و هذا لا یتم إلا بالشبهة أو علی مذهب المجوس، و عبارة الشارح تأبی ذلک لأن ظاهرها کون الأنساب المتعددة بحسب العقد الصحیح عندنا و هذا لا یتم إلا فی ابن ابن الخال البعید، و لا ضیر فیه ما دام یصدق الابن علی ابن الابن، و یصدق الخال علی البعید کصدقه علی القریب.

و علیه فابن الولد الأول یرث ابن الولد الثانی بالأخوة الحاجبة عن العمومة و الخئولة.

(5)لعموم الآیة وَ لَکُمْ نِصْفُ ما تَرَکَ أَزْواجُکُمْ إِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ کانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَکُمُ -

ص:125

مع خلوهما من الموانع (1)(و إن لم یدخل) الزوج (2)(إلا فی المریض (3) الذی تزوج فی مرضه فإنه لا یرثها، و لا ترثه (إلا أن یدخل، أو یبرأ) من مرضه فیتوارثان بعده و إن مات قبل الدخول، و لو کانت المریضة هی الزوجة توارثا و إن لم یدخل -اَلرُّبُعُ مِمّا تَرَکْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُوصِینَ بِها أَوْ دَیْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَکْتُمْ إِنْ لَمْ یَکُنْ لَکُمْ وَلَدٌ فَإِنْ کانَ لَکُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّا تَرَکْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَیْنٍ (1).

و للمرسل عن أبی جعفر علیه السّلام: (إن اللّه أدخل الزوج و الزوجة علی جمیع أهل المواریث فلم ینقصهما من الربع و الثمن)(2).

(1)کالقتل و الکفر و الرق.

(2)بل کان مجرد العقد و ذلک لصدق الزوجیة بینهما، و لأخبار. منها: صحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (سألته عن الرجل یتزوج المرأة ثم یموت قبل أن یدخل بها فقال: لها المیراث و علیها العدة أربعة أشهر و عشرا، و إن کان سمّی لها مهرا یعنی صداقا فلها نصفه، و إن لم یکن سمّی لها مهرا فلا مهر لها)(3).

(3)و هو الذی تزوج فی حال المرض، و مات فیه قبل الدخول، فنکاحه باطل و لا إرث لها و لا مهر، جزم بذلک الأکثر من غیر أن یذکر خلاف، للأخبار منها: خبر زرارة عن أحدهما علیه السّلام (لیس للمریض أن یطلق و له أن یتزوج، فإن هو تزوج و دخل بها فهو جائز، و إن لم یدخل بها حتی مات فی مرضه، فنکاحه باطل و لا مهر لها و لا میراث)(4).

و خبر أبی ولاّد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (عن رجل تزوج فی مرضه فقال: إذا دخل بها فمات فی مرضه ورثته، و إن لم یدخل بها لم ترثه و نکاحه باطل)5.

نعم نسب الحکم فی الدروس إلی الشهرة مشعرا بتردده فیه، إلا أن الأخبار تقطع هذا التردد، و علیه فلو تزوج بها و کان مریضا و قد دخل ثم مات فترثه، و لو لم یمت فی مرضه بل فی مرض آخر بعد شفائه من الأول فترثه و إن لم یدخل لأن العقد لم یکن فی المرض المتصل بالموت، و لو کانت هی المریضة مرض الموت ورثها کمثل إرث الزوج من الزوجة الصحیحة حین العقد بعد عدم المانع إذ المانع فی إرثها منه، لا فی إرثه منها.

ص:126


1- (1) النساء الآیة: 12.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 2.
3- (3) الوسائل الباب - 12 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 1.
4- ( (4 و 5) الوسائل الباب - 18 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 3 و 1.

علی الأقرب کالصحیحة (1) عملا بالأصل (2).

و تخلّفه (3) فی الزوج (4) لدلیل خارج (5) لا یوجب إلحاقها به (6)، لأنه قیاس (7).

فی أنّ الطلاق الرجعی لا یمنع من الإرث

(و الطلاق الرجعی (8) لا یمنع من الإرث) من الطرفین (إذا مات أحدهما فی العدة الرجعیة)، لأن المطلقة رجعیا بحکم الزوجة،(بخلاف البائن) فإنه لا یقع بعده توارث فی عدته (9)(إلا) أن یطلق و هو (فی المرض) (10) فإنها ترثه إلی سنة، (1)أی کالزوجة غیر المریضة.

(2)الموجب للتوارث بین الزوجین عند موت أحدهما.

(3)تخلف الأصل الموجب للتوارث.

(4)فلا ترثه.

(5)و هو الأخبار.

(6)إلحاق الزوجة بالزوج، بحیث لو ماتت هی فی مرضها فلا یرثها الزوج.

(7)لأن الإلحاق.

(8)المطلقة الرجعیة ترث زوجها، و یرثها، إذا وقع موت أحدهما فی العدة للأخبار منها:

صحیح محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (إذا طلقت المرأة ثم توفی زوجها و هی فی عدة منه لم تحرم علیه، فإنها ترثه و یرثها ما دامت فی الدم من حیضتها الثانیة من التطلیقتین الأولتین، فإن طلقها الثالثة فإنها لا ترث من زوجها شیئا و لا یرث منها)(1).

و صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا طلق الرجل و هو صحیح لا رجعة له علیها لم یرثها، و قال علیه السّلام: و هو یرث و یورث ما لم تر الدم من الحیضة الثالثة إذا کان له علیها رجعة)2.

و مقتضی التعلیل الوارد فی هذه الأخبار: (إذا کان له علیها رجعة) و (و هی فی عدة منه لم تحرم علیه) أن الطلاق لو کان بائنا لا رجعة للزوج فیه لم یرث و لم ترثه و هذا ما ورد فی صحیح الحلبی المتقدم: (لا رجعة له علیها لم یرثها).

(9)عدة الطلاق البائن.

(10)ذهب المشهور إلی أن الزوج لو کان مریضا و طلقها بائنا أو رجعیا ورثته إلی مدة سنة، إذا مات فی مرضه و لم تتزوج، و لا یرثها إن ماتت، أما عدم إرثه منها لانقطاع العصمة،-

ص:127


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 13 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 1 و 2.

و لا یرثها هو (علی ما سلف) فی کتاب الطلاق، ثم الزوجة إن کانت ذات ولد (1) -و إما إرثها منه إلی سنة فللأخبار منها: معتبرة أبی العباس عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا طلق الرجل المرأة فی مرضه، ورثته ما دام فی مرضه ذلک و إن انقضت عدتها إلا أن یصح منه، قلت: فإن طال به المرض، قال: ما بینه و بین سنة)(1).

(1)اعلم أن هذه المسألة من منفردات مذهب الإمامیة کالحبوة و عدم التعصیب و عدم العول و تقدیم ابن العم للأبوین علی العم للأب، و علی کل حال فقد وقع الاتفاق علی حرمان الزوجة فی الجملة من شیء من الترکة و لم یخالف إلا ابن الجنید و البحث یقع فی مواضع.

الموضع الأول: فیما تحرم منه الزوجة و قد اختلف فیه الأصحاب علی أقوال:

القول الأول: و هو المشهور حرمانها من نفس الأرض عینا و قیمة، سواء کانت الأرض خالیة أو مشغولة بزرع أو بناء، و حرمانها من عین الآلات و الأرض و أبنیتها و تعطی قیمة ذلک، و إلیه ذهب الشیخ فی النهایة و أتباعه کالقاضی ابن البراج و ابن حمزة و أبو الصلاح، و إلیه ذهب المحقق فی الشرائع و العلامة فی المختلف و الشهید فی اللمعة هنا.

و یدل علیه حسنة الفضلاء - زرارة و فضیل و برید و محمد بن مسلم و بکیر - عن الباقر أو الصادق علیهما السّلام: (المرأة لا ترث من ترکة زوجها من تربة دار أو أرض، إلا أن یقوّم الطوب و الخشب قیمة فتعطی ربعها أو ثمنها)(2).

القول الثانی: مثل القول الأول بإضافة الشجر إلی الآلات فی الحرمان من العین دون القیمة، و إلیه ذهب أکثر المتأخرین بل قیل إنه المشهور، بل قال بعضهم إنه عین القول الأول لأن الخشب الوارد فی صحیح الفضلاء المتقدم أعم من خشب الأشجار و الخشب المستعمل فی البیوت.

و علی کل فیدل علی إضافة الشجر صحیح الأحول عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا یرثن النساء من العقار شیئا، و لهنّ قیمة البناء و الشجر و النخل)(3).

القول الثالث: حرمانها من الرباع و هی الدور و المساکن، دون البساتین و الضیاع، و تعطی قیمة الآلات و الأبنیة من الدور و المساکن، و هو قول المفید و ابن إدریس و المحقق فی النافع و الآبی فی کشف الرموز، و مال إلیه العلامة فی المختلف.

لروایة العلاء عن محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (ترث المرأة الطوب و لا ترث-

ص:128


1- (1) الوسائل الباب - 14 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 5.
3- (3) الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 16.

من الزوج ورثت من جمیع ما ترکه کغیرها من الورثة علی المشهور، خصوصا بین -من الرباع شیئا)(1): و روایة یزید الصائغ عن أبی جعفر علیه السّلام: (إن النساء لا یرثن من رباع الأرض شیئا لکن لهنّ قیمة الطوب و الخشب.

قلت: إن الناس لا یأخذون بهذا، قال علیه السّلام: (إذا ولیناهم ضربناهم بالسوط فإن انتهوا و إلا ضربناهم بالسیف علیه)2، و هذه الروایات اقتصرت علی الرباع دون البساتین، و فیه: إن صحیح الفضلاء المتقدم قد صرح بغیر الرباع بقوله: (من تربة دار أو أرض) و لفظ الأرض شامل لأرض البساتین و غیرها الخالیة عن الأشجار.

القول الرابع حرمانها من عین الرباع دون قیمتها فقط، و الباقی من ترکة الزوج لجمیع الورثة بما فیهم الزوجة کل بحسب نصیبه.

و هو قول المرتضی و استحسنه العلامة فی المختلف، فیقتصر علی الرباع لأنه القدر المتیقن، و تحرم من عینها دون القیمة جمعا بین عموم آیات الإرث و بین هذه الروایات النافیة لإرث الزوجة، فتحمل علی أن النفی من عین الرباع فقط. و مذهبه هنا علی نحو ما اختاره فی الحبوة من إعطائها للولد الأکبر بالقیمة.

و فیه: إن هذا القول مناف لصریح الأخبار المتقدمة النافی لإرث الزوجة من الرباع قیمة و عینا و حصر إرثها فی قیمة آلاتها و أبنیتها.

القول الخامس: عدم حرمانها مطلقا بل ترث کبقیة الورثة، و إلیه ذهب ابن الجنید، لصحیح ابن أبی یعفور عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن الرجل هل یرث من دار امرأته أو أرضها من التربة شیئا، أو یکون فی ذلک بمنزلة المرأة فلا یرث من ذلک شیئا؟ فقال علیه السّلام: یرثها و ترثه من کل شیء ترک و ترکت)(2).

و فیه: إنه لا یصلح لمعارضة تلک الأخبار المصرحة بحرمانها فی الجملة فلا بد من حمله علی التقیة خصوصا حرمان الزوجة من الأرض کان مرکوزا فی ذهن السائل و هذا یدل علی شیوعه بین أصحاب الأئمة (عم)، و هذا یؤید أن جواب الإمام بنفی الحرمان محمول علی التقیة.

الموضع الثانی: هل الحرمان لمطلق الزوجة أم لخصوص غیر ذات الولد من زوجها المیت، فالمشهور خصوصا بین المتأخرین أنّ الحرمان لخصوص غیر ذات الولد، و أما ذات الولد فترثه کما یرثها و دلیلهم صحیحة ابن أبی یعفور الدالة علی إرث الزوجة کإرث الزوج-

ص:129


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 2 و 11.
2- (3) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 1.

المتأخرین، و کذا یرثها الزوج مطلقا (1).

فی منع الزوجة غیر ذات الولد من الأرض

(و تمنع الزوجة غیر ذات الولد من الأرض) مطلقا (عینا و قیمة) و تمنع (من) -بحملها علی خصوص الزوجة ذات الولد، و لخصوص حسنة ابن أذینة: (فی النساء إذا کان لهنّ ولد أعطین من الرباع)(1).

و فیه: إن حسنة ابن أذینة مقطوعة، و قال فی الجواهر: «و دعوی القطع بکونه - أی الخبر - من الإمام علیه السّلام واضحة المنع»، مع أن حمل صحیحة ابن أبی یعفور علی الزوجة ذات الولد لا شاهد له من الأخبار فهو تبرعی.

و لذا ذهب إلی حرمان الزوجة ذات الولد و غیرها کل من الکلینی و المفید و السید و الشیخ فی الاستبصار و الحلی و الحلبی و المحقق فی النافع و جماعة من المتأخرین بل ادعی ابن إدریس الإجماع علیه عملا بإطلاق الأخبار الشامل للجمیع و هو الأقرب.

الموضع الثالث: فی بیان حکمة الحرمان، و کما یستفاد من الأخبار أن الزوجة لا نسب بینها و بین الورثة فلو تزوجت بعد المیت بغیره، فلو أورثت من أرض زوجها الأول و بیوته لأسکنت زوجها الجدید فی هذه المساکن و سلطته علی الدور فیحصل بذلک غضاضة علی الورثة و تقع بینهم و بین الزوج الجدید مفاسد، فالحکمة الإلهیة اقتضت الحرمان حسما لباب النزاع.

ففی روایة محمد بن مسلم: (قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: ترث المرأة من الطوب و لا ترث من الرباع شیئا، قلت: کیف ترث من الفرع و لا ترث من الرباع شیئا، فقال علیه السّلام:

لیس لها منهم نسب ترث به، و إنما هی دخیل علیهم فترث من الفرع و لا ترث من الأصل، و لا یدخل علیهم داخل بسببها)(2)، و روایة حماد بن عثمان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إنما جعل للمرأة قیمة الخشب و الطوب لئلا تتزوج فتدخل علیهم من یفسد مواریثهم)3، و فی خبر میسر بیاع الزطی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لأن المرأة لیس لها نسب ترث به، و إنما هی دخیل علیهم، إنما صار هذا کذا لئلا تتزوج المرأة فیجیء زوجها أو ولدها من قوم آخرین فیزاحم قوما آخرین فی عقارهم)4.

و هذه الحکمة تقتضی حرمان الزوجة مطلقا سواء کانت ذات ولد أو لا و هذا یؤید ما اخترناه سابقا.

(1)سواء کان ذا ولد منها أو لا.

ص:130


1- (1) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 2.
2- ( (2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 2 و 9 و 3.

(الآلات) أی آلات البناء من الأخشاب و الأبواب (و الأبنیة) من الأحجار و الطوب و غیرها (عینا لا قیمة) فیقوّم البناء و الدور (1) فی أرض المتوفی خالیة عن الأرض باقیة فیها إلی أن تفنی بغیر عوض علی الأظهر، و تعطی من القیمة الربع، أو الثمن.

و یظهر من العبارة (2) أنها ترث من عین الأشجار المثمرة و غیرها (3) لعدم استثنائها (4) فتدخل (5) فی عموم الإرث، لأن کلّ ما خرج عن المستثنی ترث (6) من عینه کغیرها (7). و هو أحد الأقوال (8) فی المسألة، إلا أن المصنف لا یعهد ذلک من مذهبه، و إنما المعروف منه و من المتأخرین حرمانها من عین الأشجار کالأبنیة، دون قیمتها.

و یمکن حمل الآلات علی ما یشمل الأشجار کما حمل هو و غیره کلام الشیخ فی النهایة علی ذلک مع أنه (9) لم یتعرض للأشجار، و جعلوا کلامه کقول المتأخرین (1)اختلفوا فی طریقة التقویم علی ثلاثة أقوال.

الأول: أن تقوّم الآلات و الأشجار بلحاظ بقائها فی أرض الغیر مجانا إلی أن تفنی، لأنها کانت کذلک بحق و إطلاق النصوص یؤیده، و هذا ما علیه صاحب الریاض و الجواهر و الشهید الثانی و جماعة.

القول الثانی: أن تقوم باقیة فی أرض الغیر بالأجرة جمعا بین حق الورثة فی الأرض و بین حقها فی قیمة الآلات و الشجر.

القول الثالث: أن تقوم الأرض خالیة ثم تقوم مع الآلات و الأشجار، و مقدار التفاوت هو قیمة الأشجار و الآلات، و هذا ما ذهب إلیه الصیمری.

و الحق هو الأول لأن الظاهر من النصوص أنها ترث من قیمة ما یوجد فی الأرض بما هو باق فیها لا بما هو هو کما هو مبنی التقویم عند الصیمری.

(2)عبارة المصنف.

(3)بل من مطلق الشجر الذی له قیمة.

(4)أی لعدم استثناء الأشجار.

(5)الأشجار.

(6)الزوجة.

(7)من بقیة الورثة.

(8)و هو القول الأول المتقدم.

(9)مع أن الشیخ فی النهایة لم یتعرض للأشجار بل اکتفی بالآلات.

ص:131

فی حرمانها من عین الأشجار حیث ذکر الآلات، و هو حمل بعید علی خلاف الظاهر، و مع ذلک (1) یبقی فرق بین الآلات هنا (2) و بینها (3) فی عبارته (4) فی الدروس، و عبارة المتأخرین حیث ضموا إلیها (5) ذکر الأشجار (6)، فإن المراد بالآلات فی کلامهم: ما هو الظاهر منها، و هی آلات البناء و الدور، و لو حمل کلام المصنف هنا، و کلام الشیخ و من تبعه علی ما یظهر من معنی الآلات و یجعل قولا برأسه فی حرمانها (7) من الأرض مطلقا (8)، و من آلات البناء عینا، لا قیمة، و إرثها من الشجر کغیره (9) کان أجود (10)، بل النصوص الصحیحة و غیرها دالة علیه (11) أکثر من دلالتها (12) علی القول المشهور بین المتأخرین (13).

و الظاهر عدم الفرق فی الأبنیة بین ما اتخذ للسکنی، و غیرها من المصالح کالرحی، و الحمام، و معصرة الزیت، و السمسم، و العنب، و الإصطبل، و المراح، و غیرها، لشمول الأبنیة لذلک کله و إن لم یدخل فی الرباع المعبر عنه فی کثیر من الأخبار لأنه جمع ربع و هو الدار (14).

(1)لو سلّم بحمل الآلات علی ما یشمل الأشجار.

(2)فی اللمعة حیث إن الآلات تشمل الأشجار.

(3)و بین الآلات.

(4)عبارة المصنف.

(5)إلی الآلات.

(6)الکاشف عن کون الآلات لا تشمل الأشجار و إلا لما صح العطف.

(7)حرمان الزوجة.

(8)عینا و قیمة.

(9)کغیر الشجر مما ترکه الزوج.

(10)و هذا ما فعلناه سابقا بحیث جعلناه القول الأول فی المسألة.

(11)علی الحرمان للآلات فقط دون الشجر.

(12)دلالة النصوص.

(13)من الحرمان للآلات و الشجر عینا لا قیمة، و هو الحق لصحیح الأحول المتقدم فراجع.

(14)المتخذ للسکنی، لکن ظاهر بعض النصوص لا ترث من قیمة أی بناء، ففی خبر یزید الصائغ عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن النساء هل یرثن من الأرض؟ فقال: لا -

ص:132

و لو اجتمع ذات الولد و الخالیة عنه (1) فالأقوی اختصاص ذات الولد (2) بثمن الأرض أجمع (3)، و ثمن ما حرمت الأخری من عینه، و اختصاصها (4) بدفع القیمة (5) دون سائر الورثة (6)، لأن سهم الزوجیة منحصر فیهما فإذا حرمت إحداهما من بعضه (7) اختص بالأخری (8)، و إن دفع القیمة علی وجه القهر لا الاختیار (9). فهو کالدین (10)، لا یفرّق فیه (11) بین بذل الوارث العین، و عدمه، و لا بین امتناعه من القیمة، و عدمه، فیبقی فی ذمته (12) إلی أن یمکن الحاکم إجباره (13) علی أدائها (14)، أو البیع علیه (15) قهرا کغیره من الممتنعین من أداء الحق، و لو تعذر ذلک کله بقی فی ذمته (16)

-و لکن یرثن قیمة البناء)(1)، و هو شامل لکل الأبنیة التی ذکرها الشارح و لغیرها.

(1)عن ولد من الزوج المتوفی.

(2)بناء علی اختصاص الحرمان بالزوجة الخالیة عن الولد، و قد عرفت ضعفه.

(3)لأن الثانیة محرومة.

(4)ذات الولد.

(5)ممن تحرم الزوجة الخالیة عن الولد من عینه.

(6)لأن لهما الثمن فلو حرمت إحداهما من نصف الثمن عینا فعلی الأخری دفع القیمة حینئذ حتی یبقی الثمن بینهما.

(7)عینا.

(8)و علیها دفع القیمة، نعم لو کانت الزوجة واحدة فالدافع للقیمة هم بقیة الورثة.

(9)کما هو ظاهر النصوص.

(10)بمعنی عدم جواز التصرف فی المال حتی یدفع الوارث القیمة للزوجة، و الدین للمدین.

(11)فی وجوب دفع القیمة.

(12)ذمة الوارث.

(13)إجبار الوارث.

(14)أداء القیمة.

(15)أی بیع ما حرمت الزوجة من عینه.

(16)بقی أداء القیمة للزوجة فی ذمة الوارث.

ص:133


1- (1) الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 8.

إلی أن یمکن للزوجة تخلیصه (1) و لو مقاصّة سواء فی ذلک (2) الحصة (3) و غیرها (4).

و اعلم أن النصوص مع کثرتها فی هذا الباب خالیة عن الفرق بین الزوجتین (5)، بل تدل علی اشتراکهما فی الحرمان، و علیه جماعة من الأصحاب.

و التعلیل الوارد فیها له (6) و هو الخوف من إدخال المرأة علی الورثة من یکرهون:

شامل لهما أیضا (7)، و إن کان (8) فی الخالیة من الولد أقوی (9).

و وجه فرق المصنف و غیره بینهما (10) وروده (11) فی روایة ابن أذینة (12) و هی مقطوعة تقصر عن تخصیص تلک الأخبار الکثیرة (13)، و فیها الصحیح و الحسن، إلا أن فی الفرق (14) تقلیلا لتخصیص آیة إرث الزوجة (15) مع وقوع الشبهة بما ذکر (16) (1)تخلیص ما فی ذمة الوارث من قیمة ما حرمت منه عینا.

(2)فی التقاص.

(3)أی الحصة التی حرمت من عینها بالإرث، غایته تأخذ الحصة هنا من باب التقاص عما لها من القیمة فی ذمة الوارث لا من باب أنها إرث لها.

(4)غیر الحصة من بقیة أموال الوارث.

(5)ذات الولد و الخالیة عنه.

(6)فی النصوص للحرمان.

(7)کشمول الأخبار.

(8)التعلیل.

(9)لعدم المانع من الزواج بخلاف ذات الولد فإن نفس الولد مانع لها خصوصا عند الکثرة.

(10)بحرمان الزوجة الخالیة دون ذات الولد.

(11)ورود الفرق.

(12)الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 2، و قد صرحت بعدم حرمان ذات الولد، و قد تقدمت سابقا فی الشرح.

(13)و المطلقة.

(14)بین الزوجتین و حرمان الخالیة عن الولد خاصة.

(15)بخلاف التعمیم فإنه تکثیر لتخصیص الآیة الشریفة، و فیه: إن تقلیل التخصیص لیس بوجه بعد قیام الدلیل علی التعمیم.

(16)من المقطوعة فی تخصیص الحرمان بالخالیة عن الولد فضلا عن أنه مذهب المشهور.

ص:134

فی عموم الأخبار (1) فلعله (2) أولی من تقلیل تخصیص الأخبار (3) مضافا إلی ذهاب الأکثر إلیه (4).

و فی المسألة أقوال أخر، و مباحث طویلة حققناها فی رسالة منفردة تشتمل علی فوائد مهمة فمن أراد تحقیق الحال فلیقف علیها.

فی ما لو طلّق ذو الأربع إحدی الأربع

(و لو طلّق) ذو الأربع (إحدی الأربع و تزوج) بخامسة (5)(و مات) قبل تعیین المطلّقة، أو بعده (6)(ثم اشتبهت المطلّقة) من الأربع (فللمعلومة) بالزوجیة و هی التی تزوج بها أخیرا (7)(ربع النصیب) الثابت للزوجات و هو (8) الربع، أو الثمن (و ثلاثة أرباعه بین) الأربع (الباقیات) التی اشتبهت المطلّقة فیهن بحیث احتمل أن یکون کل واحدة هی المطلقة (بالسویة) (9).

هذا هو المشهور بین الأصحاب لا نعلم فیه مخالفا غیر ابن إدریس، و مستنده روایة أبی بصیر عن الباقر علیه السّلام (10) و محصولها ما ذکرناه، و فی طریق (1)فقول المشهور و مقطوعة ابن أذینة توجب الشبهة فی عموم الأخبار لکلتا الزوجتین.

(2)تقلیل تخصیص الآیة الشریفة فی إرث الزوجة.

(3)من باب إضافة المصدر إلی مفعوله أی تخصیص الأخبار العامة بمقطوعة ابن أذینة، فجعلها مخصّصة لیلزم تقلیل التخصیص فی الآیة الشریفة أولی من جعلها عامة غیر مخصصة فیلزم تکثیر التخصیص فی الآیة الشریفة، و لذا فالتقلیل الثانی بمعنی العدم بخلاف التقلیل الأول فإنه علی معناه اللغوی.

(4)إلی الفرق.

(5)بعد انقضاء عدة المطلّقة.

(6)بعد التعیین.

(7)أی الزوجة الجدیدة لأن المطلقة اشتبهت بالزوجات السابقات.

(8)النصیب.

(9)للعدل و لعدم ترجیح واحدة منهن.

(10)سأله: (عن رجل تزوج أربع نسوة فی عقد واحد، أو قال فی مجلس واحد و مهورهن مختلفة، قال: جائز له و لهن، قال: أ رأیت إن هو خرج إلی بعض البلدان فطلق واحدة من الأربع و أشهد علی طلاقها قوما من أهل تلک البلاد و هم لا یعرفون المرأة ثم تزوج امرأة من أهل تلک البلاد بعد انقضاء عدة تلک المطلّقة، ثم مات بعد ما دخل بها کیف یقسم میراثه؟

ص:135

الروایة علی بن فضّال و حاله مشهور (1)، و مع ذلک (2) فی الحکم مخالفة للأصل من توریث من یعلم عدم إرثه، للقطع بأن إحدی الأربع غیر وارثة.

(و) من ثمّ (قیل) و القائل ابن إدریس:(بالقرعة) (3)، لأنها لکلّ أمر مشتبه (4) أو مشتبه فی الظاهر مع تعیینه فی نفس الأمر (5). و هو هنا کذلک، لأن إحدی الأربع فی نفس الأمر لیست وارثة، فمن أخرجتها القرعة بالطلاق منعت من الإرث، و حکم بالنصیب للباقیات بالسویة و سقط عنها (6) الاعتداد (7) أیضا، لأن المفروض انقضاء عدّتها (8) قبل الموت، من حیث إنه قد تزوج بالخامسة.

و علی المشهور (9) -فقال: إن کان له ولد فإن للمرأة التی تزوجها أخیرا من أهل تلک البلاد ربع ثمن ما ترک، و إن عرفت التی طلقت من الأربع بعینها و نسبها فلا شیء لها من المیراث و لیس علیها العدة، قال: و یقتسمن الثلاثة النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترک و علیهن العدة، و إن لم تعرف التی طلقت من الأربع قسمن النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترک بینهنّ جمیعا و علیهن جمیعا العدة)(1).

(1)أنه فطحی.

(2)و مع الضعف فی السند أن متنه مخالف للأصل لأن توریث الأربعة ثلاثة أرباع الثمن توریث لما یقطع بکونها غیر وارثة واقعا.

(3)لاستخراج المطلقة بین النسوة السابقات.

(4)واقعا و ظاهرا.

(5)أی فی الواقع کما هو مفروض المسألة.

(6)عن التی خرجت بالقرعة.

(7)عدة الوفاة.

(8)عدة طلاقها.

(9)و هو الصحیح لأن ابن فضال ثقة و إن کان فطحیا، و التوریث لما یقطع بأنه غیر وارث إنما کان بحکم الشارع و هذا لا إشکال فیه، بالإضافة إلی أن العمل بالقرعة یحتاج إلی جابر لأن عموم القرعة لکل أمر مشکل ضعیف لکثرة التخصیص الوارد علیه.

ص:136


1- (1) الوسائل الباب - 9 - من أبواب میراث الأزواج حدیث 1.

هل یتعدی الحکم (1) إلی غیر المنصوص کما لو اشتبهت المطلقة فی اثنتین (2)، أو ثلاث خاصة، أو فی جملة الخمس، أو کان للمطلّق دون أربع زوجات فطلّق واحدة و تزوج بأخری و حصل الاشتباه بواحدة أو بأکثر، أو لم یتزوج (3) و اشتبهت المطلقة بالباقیات، أو ببعضهن، أو طلق أزید من واحدة و تزوج کذلک (4) حتی لو طلّق الأربع و تزوج بأربع و اشتبهن، أو فسخ نکاح واحدة لعیب و غیره، أو أزید و تزوج غیرها، أو لم یتزوج؟ وجهان.

القرعة، کما ذهب إلیه ابن إدریس فی المنصوص، لأنه (5) غیر منصوص، مع عموم أنها (6) لکل أمر مشتبه.

و انسحاب الحکم السابق (7) فی کل هذه الفروع، لمشارکته (8) للمنصوص فی المقتضی و هو (9) اشتباه المطلقة بغیرها من الزوجات، و تساوی الکل فی الاستحقاق (10) فلا ترجیح، و لأنه (11) لا خصوصیة ظاهرة فی قلة الاشتباه و کثرته فالنص علی عین لا یفید التخصیص بالحکم، بل التنبیه علی مأخذ الحکم (12)، و إلحاقه (13)

(1)من توریث المشتبهة.

(2)بحیث کان عنده أربع نسوة فطلق واحدة ثم تزوج بأخری و اشتبهت المطلقة باثنتین فقط من نسوته، أو بثلاث فقط دون الأربع الذی هو موطن النص أو اشتبهت بالخمسة بما فیها الزوجة الجدیدة و هو خارج مورد النص.

(3)و قد اشتبهت المطلقة بنسوته السابقات.

(4)أی أکثر من واحدة.

(5)لأن ما ذکر من الفروض.

(6)أن القرعة.

(7)من توریث المشتبهة فی المنصوص.

(8)لمشارکة ما ذکر من الفروع.

(9)أی المقتضی.

(10)أی فی احتمال الاستحقاق.

(11)لأن الشأن و الواقع.

(12)و هو الاشتباه.

(13)إلحاق النص.

ص:137

بکلّ ما حصل فیه الاشتباه (1).

فعلی الأول (2) إذا استخرجت المطلّقة قسّم النصیب (3) بین الأربع، أو ما ألحق بها (4) بالسویة.

و علی الثانی (5) یقسّم نصیب المشتبه و هو ربع النصیب إن اشتبهت (6) بواحدة (7)، و نصفه (8) إن اشتبهت باثنتین بین الاثنتین أو الثلاث (9) بالسویة، و یکون للمعینتین نصف النصیب، و للثلاث ثلاثة أرباعه و هکذا.

و لا یخفی: أن القول بالقرعة فی غیر موضع النص هو الأقوی، بل فیه (10) إن لم یحصل الإجماع (11) و الصلح فی الکل (12) خیر.

الفصل الثالث - فی الولاء

اشارة

(الفصل الثالث - فی الولاء) بفتح الواو و أصله: القرب و الدنوّ، و المراد هنا: قرب أحد شخصین فصاعدا إلی آخر علی وجه یوجب الإرث بغیر نسب و لا زوجیة.

و أقسامه ثلاثة کما سبق: ولاء العتق، و ضمان الجریرة، و الإمامة.

یرث المعتق عتیقه إذا تبرّع بعتقه

(و یرث المعتق عتیقه إذا تبرّع) بعتقه (13)(و لم یتبرّأ) المعتق (من ضمان) (1)و هو الحق للقطع بعدم دخل کل ما ورد فی الخبر فی مناط الحکم إلا الاشتباه.

(2)علی القرعة.

(3)نصیب الزوجیة من الربع أو الثمن.

(4)بالأربع من هذه الفروع.

(5)من توریث المشتبهة.

(6)المطلقة.

(7)و ثلاثة أرباع النصیب للنسوة الثلاث الباقیات.

(8)نصف نصیب الزوجیة.

باثنتین: و نصفه الآخر للنسوة الاثنتین.

(9)یقسم ربع النصیب بین الاثنتین أو نصفه بین الثلاث علی نحو اللف و النشر المرتبین.

(10)فی موضع النص.

(11)علی العمل بالنص، و فیه: لا داعی لترک النص و العمل بالقرعة بعد کون الخبر موثقا.

(12)موضع النص و غیره.

(13)المعتق المنعم یرث بشروط ثلاثة: الأول أن یکون عتقه تبرعا، و الثانی أن لا یتبرأ من-

ص:138

(جریرته) (1) عند العتق مقارنا له، لا بعده علی الأقوی (و لم یخلّف العتیق) وارثا له -جریرته، و الثالث فقدان کل وارث نسبی للمیت.

أما الشرط الأول فالمراد منه ما کان عتقه لیس بواجب علیه، أما لو کان واجبا علیه کالکفارة و النذور لا یثبت للمنعم میراث، و یدل علیه أخبار منها: خبر ابن أبی الأحوص: (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن السائبة، فقال: انظروا فی القرآن، فما کان فیه فتحریر رقبة فتلک السائبة التی لا ولاء علیها لأحد إلا للّه، فما کان ولاؤه للّه فهو لرسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، و ما کان لرسول اللّه فإن ولاءه للإمام و جنایته علی الإمام و میراثه له)(1)، و خبر برید العجلی: (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن رجل کان علیه عتق رقبة فمات قبل أن یعتق رقبة، فانطلق ابنه فابتاع رجلا من کسبه، فأعتقه عن أبیه، و أن المعتق أصاب بعد ذلک مالا ثم مات و ترکه، لمن یکون میراثه؟

قال: إن کانت الرقبة التی کانت علی أبیه فی ظهار أو شکر أو واجبة علیه فإن المعتق سائبة لا سبیل لأحد علیه، و إن کان توالی قبل أن یموت إلی أحد من المسلمین فضمن جنایته و حدثه کان مولاه و وارثه إن لم یکن له قریب یرثه، و إن لم یکن توالی إلی أحد حتی مات فإن میراثه لإمام المسلمین إن لم یکن له قریب یرثه من المسلمین، و إن کانت الرقبة التی علی أبیه تطوعا و قد کان أبوه أمره أن یعتق عنه نسمة فإن ولاء المعتق هو میراث لجمیع ولد المیت من الرجال، و یکون الذی اشتراه فأعتقه بأمر أبیه کواحد من الورثة إذا لم یکن للمعتق قرابة من المسلمین أحرار یرثونه.

و إن کان ابنه الذی اشتری الرقبة فأعتقها عن أبیه من ماله بعد موت أبیه تطوعا منه من غیر أن یکون أبوه أمره بذلک، فإن ولاءه و میراثه للذی اشتراه من ماله فأعتقه عن أبیه إذا لم یکن للمعتق وارث من قرابته)(2).

(1)جریرة المعتق، و هذا هو الشرط الثانی و یدل علیه خبر أبی الربیع: (سئل أبو عبد اللّه علیه السّلام عن السائبة، فقال: الرجل یعتق غلامه و یقول له: اذهب حیث شئت لیس لی من میراثک شیء و لا علیّ من جریرتک شیء، و یشهد علی ذلک شاهدین)(3)، و قد تقدم أن السائبة ولاؤها و میراثه للإمام لا للمعتق، فیدل الخبر علی أن التبری من الجریرة یسقط الإرث بولاء العتق. ثم وقع هنا بحثان:-

ص:139


1- (1) الوسائل الباب - 43 - من أبواب کتاب العتق حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 40 - من أبواب کتاب العتق حدیث 2.
3- (3) الوسائل الباب - 43 - من أبواب کتاب العتق حدیث 2.

(مناسبا) (1).

(فالمعتق فی واجب) (2) کالکفارة و النذر (سائبة) (3) أی لا عقل (4) بینه و بین معتقه، و لا میراث.

قال ابن الأثیر: قد تکرر فی الحدیث ذکر السائبة و السوائب، کان الرجل -الأول: هل یشترط أن یکون التبری عند العتق کما هو ظاهر الخبر و إلیه ذهب الأکثر، أو أنه یکفی التبری و لو بعد العتق، و هذا ما مال إلیه صاحب الریاض لإطلاق الخبر الشامل للتبری بعد العتق خصوصا أن الروایة فی الکافی و الفقیه هکذا: (ثم یقول له اذهب حیث شئت لیس لی من میراثک شیء و لا علیّ من جریرتک شیء).

و ثمّ للتراخی المفید لتأثیر التبری بعد العتق.

و فیه: إن ثمّ للترتیب الذکری هنا لیس إلا، فلا بد من الاقتصار علی موطن اتفاق و هو التبری عند العتق لعموم قوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: (الولاء لمن اعتق) کما ورد فی خبر محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام(1)، الشامل للتبری بعد العتق.

البحث الثانی: هل یشترط الإشهاد فی التبری من ضمان جریرته کما هو ظاهر الخبر کما ذهب إلیه الشیخ فی النهایة و ابن إدریس فی السرائر و جماعة، أو لا یشترط الإشهاد لأن الأمر بالإشهاد فی الخبر من أجل إثبات ذلک عند الحاکم لا من أجل ثبوت عدم الضمان بالتبری واقعا، و هذا ما ذهب إلیه الأکثر.

(1)أی ذا نسب، و هذا هو الشرط الثالث، بلا خلاف فیه، و یدل علیه الأخبار الکثیرة منها: خبر علی بن یقطین: (سأل أبا الحسن علیه السّلام عن الرجل یموت و یدع أخته و موالیه، قال: المال لأخته)(2)، و خبر جابر عن أبی جعفر علیه السّلام: (أن علیا علیه السّلام کان یعطی أولی الأرحام دون الموالی)3، و صحیح أبی الصباح الکنانی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی امرأة أعتقت رجلا لمن ولاؤه؟ و لمن میراثه؟ فقال: للذی أعتقه إلا أن یکون له وارث غیره)(3).

(2)تفریع علی عدم الشرط الأول.

(3)کما تقدم فی خبر ابن أبی الأحوص، و یکون ولاؤه و میراثه للإمام علیه السّلام.

(4)لا ضمان لجریرته.

ص:140


1- (1) الوسائل الباب - 35 - من أبواب کتاب العتق حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث ولاء العتق حدیث 1 و 2.
3- (4) الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث ولاء العتق حدیث 1.

إذا أعتق عبدا فقال: هو سائبة فلا عقل بینهما و لا میراث.

و فی إلحاق انعتاق أم الولد بالاستیلاد (1)، و انعتاق القرابة (2)، و شراء العبد نفسه (3) - لو أجزناه - بالعتق (4) الواجب، أو التبرع قولان: أجودهما الأول، لعدم تحقق الإعتاق الذی هو شرط ثبوت الولاء.

(و کذا لو تبرّأ) المعتق تبرّعا (من ضمان الجریرة) حالة الإعتاق (و إن لم یشهد) علی التبری شاهدین علی أصح القولین، للأصل (5)، و لأن المراد من الإشهاد (6) الإثبات عند الحاکم، لا الثبوت فی نفسه.

(1)ذهب الشیخ و ابن حمزة إلی ثبوت الولاء علی أم الولد لورثة مولاها بعد انعتاقها من نصیب ولدها، و فیه: أنه لا یصدق أن مولاها قد أعتقها حتی یکون الولاء له و لورثته، بل هو انعتاق قهری من قبل المولی جل جلاله فیلحق بالعتق الواجب کالسائبة.

(2)کما لو اشتری الإنسان أباه فانعتق علیه فقد ذهب الشیخ و ابن حمزة أن للولد ولاء أبیه سواء اشتراه اختیارا أو اضطرارا و یشهد لهما موثق سماعة بن مهران: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل یملک ذا رحم، یحلّ له أن یبیعه أو یستعبده؟ قال: لا یصلح له أن یبیعه و هو مولاه و أخوه، فإن مات ورثه دون ولده، و لیس له أن یبیعه و لا یستعبده)(1) و هذا ما رواه الشیخ فی التهذیب و فیه: أن نفس الخبر مرویّ فی الفقیه قال: (لا یصلح له بیعه و لا یتخذه عبدا و هو مولاه و أخوه فی الدین، و أیهما مات ورثه صاحبه إلا أن یکون له وارث أقرب إلیه منه)(2) و هو ظاهر فی کون الإرث حاصلا بالقرابة لا بالولاء خصوصا کون الحکم بالتوارث ثابتا للطرفین، و هو الموافق للقواعد لأن انعتاق الوالد علی ولده عند التملک لا یسمی عتقا بل انعتاق فلا یؤخذ بالخبر علی روایة الشیخ فی التهذیب.

(3)بناء علی صحته لأن العبد و ما یملک لمولاه إلا فی المکاتب المطلق و المشروط، و علی کل هل یصدق أن مولاه أعتقه، ربما یقال إنه یصدق، و إن ذهب کل من تعرض لهذا الفرع أنه لا یصدق فیلحق بالعتق الواجب و لا یکون ولاؤه لمولاه.

(4)متعلق بقوله: و فی إلحاق.

(5)و هو أصالة عدم وجوب الإشهاد عند الشک فیه.

(6)فی خبر أبی الربیع المتقدم.

ص:141


1- (1) الوسائل الباب - 13 - من أبواب کتاب العتق حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 13 - من أبواب کتاب العتق حدیث 5.

و ذهب الشیخ و جماعة إلی اشتراطه (1)، لصحیحة ابن سنان عن الصادق علیه السّلام: «من أعتق رجلا سائبة فلیس علیه من جریرته شیء، و لیس له من المیراث شیء، و لیشهد علی ذلک» (2)، و لا دلالة لها علی الاشتراط، و فی روایة أبی الربیع عنه علیه السّلام (3) ما یؤذن بالاشتراط (4) و هو قاصر من حیث السند.

(و المنکّل به) من مولاه (أیضا سائبة) (5) لا ولاء له علیه، لأنّه لم یعتقه، و إنما أعتقه اللّه تعالی قهرا و مثله من انعتق بإقعاد، أو عمی، أو جذام، أو برص عند القائل به (6) لاشتراک الجمیع فی العلّة، و هی عدم إعتاق المولی (7)، و قد قال صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «الولاء لمن أعتق» (8).

للزوج و الزوجة مع المعتق نصیبهما الأعلی

(و للزوج و الزوجة مع المعتق) و من بحکمه (9)(نصیبهما الأعلی) (10):

النصف، أو الربع، و الباقی للمنعم أو من بحکمه (و مع عدم المنعم فالولاء للأولاد) (11) أی أولاد المنعم (الذکور و الإناث علی المشهور بین الأصحاب)

(1)اشتراط الإشهاد و قد تقدم الکلام فیه.

(2)الوسائل الباب - 41 - من أبواب کتاب العتق حدیث 2.

(3)الوسائل الباب - 43 - من أبواب کتاب العتق حدیث 2.

(4)بل دلالته کدلالة صحیح ابن سنان من عدم الاشتراط، حیث قال علیه السّلام: (و یشهد علی ذلک شاهدین) فلا داعی للنظر فی السند.

(5)بلا خلاف فیه لصحیح أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی من نکل بمملوکه فهو حرّ و لا سبیل له علیه، سائبة یذهب فیتولی إلی من أحبّ، فإذا ضمن حدثه فهو یرثه)(1).

(6)بأن هذه المذکورات توجب انعتاق العبد قهرا.

(7)بل انعتاق فی الجمیع.

(8)الوسائل الباب - 35 - من أبواب کتاب العتق حدیث 1.

(9)ورثة المعتق.

(10)قد تقدم أن الزوج و الزوجة قد أدخلهما اللّه علی جمیع الطبقات، و لهما النصیب الأعلی هنا لعدم ولد للمیت کما هو واضح.

(11)اختلف الأصحاب فی من یقوم مقام المعتق المنعم علی أقوال:-

ص:142


1- (1) الوسائل الباب - 22 - من أبواب کتاب المعتق حدیث 2.

-الأول: ما ذهب إلیه الصدوق و استحسنه المحقق فی الشرائع فی أن الولاء ینتقل إلی ورثة المنعم ذکورا و إناثا و سواء کان المنعم ذکرا أو أنثی للنبوی: (الولاء لحمة کلحمة النسب)(1) و الولد ذکرا أو أنثی یشترک فی النسب سواء اتصل بذکر أو أنثی، و لخبر الدعائم عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (یرث الولاء من یرث المیراث)(2) و مما یدل علی أن ولاء المنعم ینتقل إلی ورثته و إن کانوا أنثی موثق عبد الرحمن بن الحجاج عمن حدثه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (مات مولی لحمزة بن عبد المطلب فدفع رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم میراثه إلی بنت حمزة)(3) فجعل هذا القول هو المشهور بین الأصحاب کما فعل المصنف فی اللمعة لیس فی محله.

القول الثانی: ما ذهب إلیه الشیخ فی الخلاف و هو عین الأول بشرط کون المنعم رجلا لا امرأة، لأن الولاء مع فقدها لعصبتها دون ولدها سواء کانوا ذکورا أو إناثا، و استدل علی الاستثناء بإجماع الفرقة و هو کما تری، و بأخبارهم منها: خبر محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علی امرأة أعتقت رجلا و اشترطت ولاءه، و لها ابن، فألحق ولاءه بعصبتها الذین یعقلون عنها دون ولدها)(4).

و صحیح یعقوب بن شعیب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سأله عن امرأة أعتقت مملوکا ثم ماتت، قال علیه السّلام: یرجع الولاء إلی بنی أبیها)5.

القول الثالث: للمفید إنّ الولاء لأولاد المنعم الذکور دون الإناث، ذکرا کان المعتق أو أنثی، فإن لم یکن للمنعم ولد ذکر ورثه عصبة المعتق المنعم، و تبعه علیه ابن زهرة فی الغنیة لأخبار منها: صحیح محمد بن قیس الآخر عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی علیّ فی رجل حرّر رجلا فاشترط ولاءه، فتوفی الذی أعتق - المنعم - و لیس له ولد إلا النساء، ثم توفی المولی - المعتق - و ترک مالا و له عصبة، فأحنق فی میراثه بنات مولاه و العصبة، فقضی بمیراثه للعصبة الذین یعقلون عنه إذا أحدث حدثا یکون فیه عقل)(5).

و مکاتبة محمد بن عمر لأبی جعفر علیه السّلام: کما فی التهذیب، و فی الوسائل لأبی الحسن موسی بن جعفر علیهما السّلام (عن رجل مات و کان مولی لرجل و قد مات مولاه قبله،-

ص:143


1- (1) الوسائل الباب - 42 - من أبواب کتاب العتق حدیث 2.
2- (2) دعائم الإسلام ج 2 ص 316.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث ولاء العتق حدیث 10.
4- ( (4 و 5) الوسائل الباب - 39 - من أبواب کتاب العتق حدیث 1 و 2.
5- (6) الوسائل الباب - 40 - من أبواب کتاب العتق حدیث 1.

لقوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «الولاء لحمة کلحمة النسب» (1) و الذکور و الإناث یشترکون فی إرث النسب فیکون کذلک فی الولاء، سواء کان المعتق رجلا أو امرأة.

و فی جعل المصنف هذا القول هو المشهور نظر و الذی صرّح به فی شرح الإرشاد: أن هذا قول المفید و استحسنه المحقق و فیهما معا نظر (2) و الحقّ أنه قول الصدوق خاصة (3)، و کیف کان فلیس بمشهور.

و فی المسألة أقوال کثیرة أجودها - و هو الذی دلت علیه الروایات الصحیحة -: ما اختاره الشیخ فی النهایة و جماعة (4): أنّ المعتق إن کان رجلا ورثه أولاده -و للمولی ابن و بنات، فسأله عن میراث المولی فقال: هو للرجال دون النساء)(1).

و خبر برید العجلی عن أبی جعفر علیه السّلام: (و إن کانت الرقبة علی أبیه تطوعا و قد کان أبوه أمره أن یعتق عنه نسمة فإن ولاء المعتق هو میراث لجمیع ولد المیت من الرجال)(2).

القول الرابع: و هو قول الشیخ فی النهایة و تبعه علیه جماعة بل هو المشهور المنصور من أن الولاء لأولاد المنعم الذکور إن کان المنعم المعتق رجلا، و إن کان امرأة فالولاء لعصبتها جمعا بین الأخبار السابقة التی حصرت الولاء بأولاد المنعم الذکور کخبر برید العجلی و مکاتبة محمد بن عمر و صحیح محمد بن قیس الثانی و التی جعلت الولاء لعصبة المرأة إن کانت هی المعتق کصحیح یعقوب بن شعیب و خبر محمد بن قیس الأول، و هذه الطائفة الثانیة صالحة لتخصیص النبوی: (الولاء لحمة کلحمة النسب)، بل النبوی أجنبی عن المقام لأن الخبر هکذا: (الولاء لحمة کلحمة النسب لا تباع و لا توهب) و ذیله قرینة علی أن الولاء لا یمکن إسقاطه و لا هبته و لا انتقاله و هو لیس فی مقام بیان ورثة الولاء عند فقدان المنعم، و أما إعطاء رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم ولاء العبد لبنت حمزة فمحمول علی أن النبی دفعه بعد ما تملکه لکونه من عصبة حمزة.

(1)الوسائل الباب - 42 - من أبواب کتاب العتق حدیث 2.

(2)أی فی قولی المصنف فی اللمعة و شرح الإرشاد.

(3)و فیه: إنه استحسنه المحقق فی الشرائع و قد اعترف الشارح بذلک فی المسالک.

(4)و هو القول الرابع.

ص:144


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث ولاء العتق حدیث 18.
2- (2) الوسائل الباب - 40 - من أبواب کتاب العتق حدیث 2.

الذکور دون الإناث، فإن لم یکن له ولد ذکور ورثه عصبته، دون غیرهم، و إن کان امرأة ورثه عصبتها مطلقا (1).

و المصنف فی الدروس اختار مذهب الشیخ فی الخلاف (2)، و هو کقول النهایة إلا أنه جعل الوارث للرجل ذکور أولاده و إناثهم، استنادا فی إدخال الإناث إلی روایة عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق علیه السّلام: «أن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم دفع میراث مولی حمزة إلی ابنته» (3) و إلی قوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «الولاء لحمة کلحمة النّسب» (4)، و الروایتان ضعیفتا السند، الأولی بالحسن بن سماعة (5)، و الثانیة بالسکونی (6) مع أنها عمدة القول الذی اختاره هنا و جعله المشهور.

و العجب من المصنف کیف یجعله هنا مشهورا و فی الدروس قول الصدوق خاصة، و فی الشرح قول المفید (7) و أعجب منه أن ابن إدریس مع اطراحه خبر الواحد الصحیح تمسک هنا بخبر السکونی محتجا بالإجماع علیه مع کثرة الخلاف، و تباین الأقوال، و الروایات.

و لو اجتمع مع الأولاد الوارثین أب (8) شارکهم علی الأقوی (9).

و قیل: الابن أولی (10)،

(1)سواء کان لها ولد ذکر أو لا.

(2)و هو القول الثانی.

(3)الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث ولاء العتق حدیث 10

(4)الوسائل الباب - 42 - من أبواب کتاب العتق حدیث 2.

(5)لأنه واقفی إلا أنه ثقة.

(6)لأنه عامی غیر أنه ثقة یعمل بخبره عند الأصحاب.

(7)مع أن قوله هو الثالث المتقدم فی الشرح.

(8)أب للمعتق المنعم.

(9)لأن الولاء یرثه من یرث المیراث کما تقدم فی خبر الدعائم، فلو ترک المنعم مالا کان لأبیه و أولاده فکذلک الولاء خرجت منه النساء بالنص و خالف ابن الجنید فحکم باختصاص الولاء بولد المعتق فقط للأخبار السابقة التی صرحت بالولد، و فیه إنها منزلة علی الغالب مع عدم بقاء أب المعتق بعده.

(10)علی نحو التعیین لا علی نحو الأولویة، و القول لابن الجنید.

ص:145

و کذا یشترک الجدّ للأب و الأخ من قبله (1) أن الأم فیبنی إرثها علی ما سلف (2).

و الأقوی أنها تشارکهم أیضا، و لو عدم الأولاد اختص الإرث بالأب.

(ثمّ) مع عدمهم (3) أجمع یرثه (4)(الإخوة و الأخوات) (5) من قبل الأب و الأم، أو الأب (و لا یرثه المتقرب بالأم) من الإخوة و غیرهم کالأجداد و الجدات و الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات لها (6) و مستند ذلک کله (7) روایة السکونی فی اللحمة (8) (1)من قبل الأب عند فقد الطبقة الأولی من الأولاد و الأب، و خصه بالأخ من الأب لأن الأخ المتقرب إلی المیت بالأم لا یرث الولاء کما لم ترث الأم الولاء و سیأتی، هذا و قد قال فی المسالک: «و خالف ابن الجنید فی التسویة بین الأخ و الجد و جعل الجد أولی و هو شاذ، بل الأخ أدخل فی الحکم لأنه من العاقلة قطعا بخلاف الجد فإن فیه الخلاف».

(2)من شراکة النساء فی إرث ولاء العتق، و الأخبار قد صرحت بحرمان البنات و هذا إیماء إلی حرمان الأم، لأن البنات حرمن من الولاء لخروجهن عن العاقلة فکذا الأم، فتقویة الشارح لدخول الأم فی إرث الولاء لیس فی محله.

(3)عدم الأولاد و الأب و أیضا الأم علی مذهب الشارح.

(4)یرث الولاء.

(5)و فیه: إن الأخبار السابقة خصت الولاء بالعصبة ففی خبر صحیح محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام المتقدم: (فقضی بمیراثه للعصبة الذین یعقلون عنه إذا أحدث حدثا یکون فیه عقل)(1).

و العصبة العاقلة هی کل ذکر تقرب إلی المیت بالأب، فذکر الأخوات من الطبقة الثانیة و العمات من الطبقة الثالثة لیس فی محله، بل ذکر الأم سابقا من الطبقة الأولی مع أنها لیست من العاقلة کذلک لیس فی محله و لذا قال صاحب الجواهر: «و من الغریب ما فی المسالک من موافقته هنا علی عدم إرث الإناث من الأخوات و العمات و الخالات و مخالفته فی الأم، فجعلها وارثة کالأب مع عدم دلیل یخصها».

(6)للأم.

(7)من دخول الأم و الأخوات من قبل الأب.

(8)الولاء لحمة کلحمة النسب، و قد تقدم الخبر.

ص:146


1- (1) الوسائل الباب - 40 - من أبواب کتاب العتق حدیث 1.

خصّ بما ذکرناه (1)، للأخبار الصحیحة (2) فیبقی الباقی.

و الأقوی أن الإناث منهم فی جمیع ما ذکر لا یرثن، لخبر العصبة (3) و علی هذا فیستوی إخوة الأب، و إخوة الأبوین لسقوط نسبة الأم، إذ لا یرث من یتقرب بها و إنما المقتضی التقرب بالأب و هو مشترک (فإن عدم قرابة المولی) أجمع (فمولی المولی) هو الوارث إن اتفق (ثمّ) مع عدمه فالوارث (قرابة مولی المولی) علی ما فصّل (4)، فإن عدم فمولی مولی المولی ثم قرابته.

(و علی هذا فإن عدموا) أجمع (فضامن الجریرة) و هی الجنایة (5)(و إنما یضمن سائبة) (6) کالمعتق فی الواجب، و حرّ الأصل حیث لا یعلم له قریب، فلو علم له (1)من عدم إرث البنات و من یتقرب بالأم.

(2)و قد تقدمت سابقا.

(3)و هو خبر محمد بن قیس المتقدم.

(4)من اختصاص الإرث بأولاده و العصبة الذکور.

(5)لغة، قال الشارح فی المسالک: «هذا العقد کان فی الجاهلیة یتوارثون به دون الأقارب، فأقرهم اللّه تعالی فی صدر الإسلام علیه، و أنزل فیه قوله تعالی: وَ الَّذِینَ عَقَدَتْ أَیْمانُکُمْ فَآتُوهُمْ نَصِیبَهُمْ ثم نسخ بالإسلام و الهجرة، فإذا کان للمسلم ولد لم یهاجر ورثه المهاجر دون ولده، و إلیه الإشارة بقوله تعالی: وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یُهاجِرُوا ما لَکُمْ مِنْ وَلایَتِهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ ثم نسخ بالتوارث بالرحم و القرابة و أنزل اللّه تعالی فیه آیات الفرائض، و قوله تعالی: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ ، و بقی الإرث بضمان الجریرة منسوخا عند الشافعی مطلقا، و عندنا أنه باق لکن علی بعض الوجوه لا مطلقا».

(6)المضمون واحد من اثنین، إما معتق فی واجب فهو السائبة و إما حرّ الأصل لا وارث له مناسب، و هذا لا خلاف فیه، و یدل علی الأول: خبر برید العجلی عن أبی جعفر علیه السّلام: (فإن المعتق سائبة لا سبیل لأحد علیه و إن کان توالی قبل أن یموت إلی احد من المسلمین فضمن جنایته و حدثه کان مولاه و وارثه إن لم یکن قریب یرثه)(1)، و یدل علی الثانی خبر العلاء عن ابن مسلم عن أحدهما علیهما السّلام: (سألته عن السائبة و الذی کان من أهل الذمة إذا والی أحدا من المسلمین علی أن یعقل عنه فیکون میراثه له، أ یجوز ذلک قال: نعم)(2)، و خبر الحذاء: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل أسلم-

ص:147


1- (1) الوسائل الباب - 40 - من أبواب کتاب العتق حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب ولاء ضمان الجریرة و الإمامة حدیث 1.

قریب وارث، أو کان له معتق، أو وارث معتق کما فصّل لم یصح ضمانه.

و لا یرث المضمون الضامن (1) إلا أن یشترک الضمان بینهما. و لا یشترط فی الضامن عدم الوارث، بل فی المضمون. و لو کان للمضمون زوج، أو زوجة فله نصیبه الأعلی. و الباقی للضامن.

و صورة عقد ضمان الجریرة أن یقول المضمون (2): عاقدتک علی أن تنصرنی، و تدفع عنی، و تعقل عنی، و ترثنی، فیقول: قبلت.

و لو اشترک العقد بینهما قال أحدهما: علی أن تنصرنی و أنصرک، و تعقل عنی و أعقل عنک، و ترثنی و أرثک، أو ما أدّی هذا المعنی فیقبل الآخر.

و هو من العقود اللاّزمة فیعتبر فیه ما یعتبر فیها (3)، و لا یتعدی الحکم الضامن و إن کان له وارث.

و لو تجدّد للمضمون وارث بعد العقد ففی بطلانه (4)، أو مراعاته بموت المضمون کذلک (5) وجهان (6) أجودهما: الأول لفقد شرط الصحة فیقدح طارئا کما یقدح ابتداء.

-فتوالی إلی رجل من المسلمین قال: إن ضمن عقله و جنایته ورثه و کان مولاه)(1) باعتبار أن الذمی إذا أسلم لا وارث له مناسب لأن أهله من الکفار.

(1)لأن ولاء الضمان عقد بین الطرفین من إیجاب و قبول و إذا تم فالضامن یرث و أما المضمون فهو بحاجة إلی عقد ثان حتی یکون ضامنا، إلا أن یقع التضامن بینهما فی عقد واحد.

(2)بل کل لفظ یدل علی المطلوب من ضمان جریرته و حدثه و عقله و له میراثه فهو کاف.

(3)من اللفظ الصریح و مقارنة القبول للإیجاب و نحو ذلک.

(4)بطلان عقد الضمان.

(5)أی فاقدا للوارث النسبی.

(6)من أن صحة عقد الضمان مشروطة بعدم الوارث، و قد وجد فیمنع صحته استدامة کما یمنع صحته ابتداء.

و من أن عقد الضمان قد وجد قبل وجود الوارث فیحکم بصحته و بعد وجود الوارث یشک فی بطلانه فتستصحب الصحة.

ص:148


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب ولاء ضمان الجریرة و الإمامة حدیث 5.

فی وراثة الإمام علیه السّلام

(ثمّ) مع فقد الضامن فالوارث (الإمام علیه السّلام) (1) مع حضوره، لا بیت المال علی الأصح فیدفع إلیه یصنع به ما شاء، و لو اجتمع معه أحد الزوجین فله نصیبه الأعلی کما سلف.

و ما کان یفعله أمیر المؤمنین علیه السّلام من قسمته (2) فی فقراء بلد المیت و ضعفاء جیرانه (3) فهو تبرع منه.

(1)بلا خلاف فیه و یدل علیه أخبار منها: خبر برید العجلی عن أبی جعفر علیه السّلام: (و إن لم یکن توالی إلی أحد حتی مات فإن میراثه لإمام المسلمین إن لم یکن له قریب یرثه من المسلمین)(1).

و مرسل حماد بن عیسی عن أبی الحسن الأول علیه السّلام: (الإمام وارث من لا وارث له)(2).

و خبر عمار بن أبی الأحوص: (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن السائبة فقال: انظروا فی القرآن مما کان فیه فتحریر رقبة فتلک یا عمار السائبة التی لا ولاء لأحد علیها إلا اللّه، فما کان ولاؤه للّه فهو لرسول اللّه، و ما کان ولاؤه لرسول اللّه فإن ولاءه للإمام، و جنایته علی الإمام و میراثه له)3.

نعم فی بعض الأخبار أن المیراث ینقل إلی بیت مال المسلمین فیکون مالا لجمیعهم، ففی خبر معاویة بن عمار عن أبی عبد اللّه: (من أعتق سائبة فلیتوال من شاء، و علی من والی جریرته، و له میراثه، فإن سکت حتی یموت أخذ میراثه فجعل فی بیت المسلمین إذا لم یکن له ولیّ)(3).

و هو اختیار الشیخ فی الاستبصار و الإسکافی، و حملت علی التقیة لموافقتها للعامة.

(2)قسمة إرث من لا وارث له.

(3)کما فی خبر خلاد السندی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کان علی علیه السّلام یقول فی الرجل یموت و یترک مالا و لیس له أحد: أعط المال همشاریجه)(4) أی أبناء بلده، و مرسل داود عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (مات رجل علی عهد أمیر المؤمنین علیه السّلام لم یکن له وارث-

ص:149


1- (1) الوسائل الباب - 40 - من أبواب کتاب العتق حدیث 2.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب ضمان ولاء الجریرة و الإمامة حدیث 5 و 6.
3- (4) الوسائل الباب - 3 - من أبواب ضمان ولاء الجریرة و الإمامة حدیث 9.
4- (5) الوسائل الباب - 4 - من أبواب ولاء ضمان الجریرة و الإمامة حدیث 1.

مع غیبة الإمام یصرف فی الفقراء

(و مع غیبته (1) یصرف فی الفقراء و المساکین من بلد المیت) و لا شاهد لهذا التخصیص (2) إلا ما روی من فعل أمیر المؤمنین علیه السّلام (3) و هو مع ضعف سنده لا یدلّ علی ثبوته فی غیبته (4).

و المرویّ صحیحا عن الباقر و الصادق علیهما السّلام: «أن مال من لا وارث له من الأنفال» (5) و هی لا تخص ببلد المال. فالقول بجواز صرفها إلی الفقراء و المساکین من المؤمنین مطلقا (6) - کما اختاره جماعة منهم المصنف فی الدروس - أقوی إن لم نجز صرفه (7) فی غیرهم (8) من مصرف الأنفال.

و قیل (9): یجب حفظه له کمستحقّه فی الخمس و هو أحوط (و لا) یجوز أن (یدفع إلی سلطان الجور مع القدرة) علی منعه، لأنه غیر مستحق له عندنا فلو دفعه -فدفع أمیر المؤمنین علیه السّلام میراثه إلی همشهریجة)(1).

لکنه محمول جمعا بینه و بین ما تقدم علی أنه تبرع منه (صلوات اللّه علیه).

(1)غیبة الإمام علیه السّلام کما فی هذه العصور.

(2)فی فقراء بلد المیت.

(3)الوسائل الباب - 4 - من أبواب ولاء ضمان الجریرة و الإمامة حدیث 1 و 2 و 3.

(4)بل صریحها أن الفعل کان فی حضوره علیه السّلام.

(5)کما فی خبر العلاء عن محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام، و کما فی خبر الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام، الوسائل الباب - 3 - من أبواب ولاء ضمان الجریرة و الإمامة حدیث 1 و 3.

(6)سواء فی بلد المیت أو غیره.

(7)صرف إرث من لا وارث له.

(8)غیر المساکین و الفقراء بل فی کل ما یقطع برضا اللّه من مصالح الدین.

(9)إنه یجب الوصیة به أو الدفن إلی حین ظهوره کسائر حقوقه بل عن ظاهر الخلاف الإجماع علیه کما فی الجواهر، و هو ضعیف لأن فیه تعریضا لتلفه، مع أنه لو کان من الأنفال لوجب القول بتحلیله للشیعة حتی ورد فی الخبر: (و ما کان لنا فهو لشیعتنا)(2).

ص:150


1- (1) المصدر السابق حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب الأنفال حدیث 17.

إلیه دافع اختیارا کان ضامنا له، و لو أمکنه دفعه عنه ببعضه وجب، فإن لم یفعل ضمن ما کان یمکنه منعه منه، و لو أخذه الظالم قهرا فلا ضمان علی من کان بیده.

الفصل الرابع - فی التوابع و فیه مسائل

اشارة

(الفصل الرابع - فی التوابع) [و فیه مسائل]:

الأولی - فی میراث الخنثی

(الأولی - فی میراث الخنثی (1)، و هو من له فرج الرجال و النساء و حکمه أن یورّث (2) علی ما) أی للفرج الذی یبول منه، فإن بال منهما فعلی الذی (سبق منه) (1)و الخنثی من له فرج الذکر و فرج الأنثی، و أحدهما أصلی و الآخر فرعی زائد، و الخنثی إما ذکر و إما أنثی إذ لا یعقل وجود طبیعة ثالثة لقوله تعالی: فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَیْنِ الذَّکَرَ وَ الْأُنْثی (1) و قوله تعالی: یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ إِناثاً وَ یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ الذُّکُورَ (2).

(2)الخنثی علی قسمین واضح و مشکل، أما الواضح هو الذی یعرف الأصلی من فرجیه عن الزائد، و یحکم بذکوریته أو أنوثیته تبعا لعلامات و هی:

الأولی: البول فإن بال من أحدهما دون الآخر یحکم بأنه أصلی و الآخر زائد، و هو محل وفاق کما فی المسالک، و یدل علیه خبر طلحة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کان أمیر المؤمنین علیه السّلام یورّث الخنثی من حیث یبول)(3)، و خبر داود بن فرقد (إن کان یبول من ذکره فله میراث الذکر، و إن کان یبول من القبل فله میراث الأنثی)4.

الثانیة: فإن بال من کلیهما فیعتبر أسبقهما بحیث من یخرج منه البول أولا، و یدل علیه صحیح هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (یورّث من حیث یبول فإن خرج منهما سواء فمن حیث ینبعث فإن کانا سواء ورّث میراث الرجال و میراث النساء)(4)، و خبر إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه عن أبیه علیهما السّلام: (أن علیا علیه السّلام کان یقول: الخنثی یورّث من حیث یبول، فإن بال منهما جمیعا فمن أیهما سبق البول ورّث منه، فإن مات و لم یبل فنصف عقل المرأة و نصف عقل الرجل)6.-

ص:151


1- (1) القیامة الآیة: 39.
2- (2) الشوری الآیة: 49.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 2 و 1.
4- ( (5 و 6) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 1 و 2.

(البول) بمعنی إلحاقه بلازمه من ذکوریة و أنوثیة، سواء تقارنا فی الانقطاع أم اختلفا، و سواء کان الخارج من السابق أکثر من الخارج من المتأخر أم أقل علی الأشهر.

و قیل: یحکم للأکثر (1).

(ثمّ) مع الخروج منهما دفعة یورّث (علی ما ینقطع منه أخیرا) علی الأشهر.

و قیل: أوّلا. و مع وجود هذه الأوصاف یلحقه جمیع أحکام من لحق به، و یسمی واضحا.

(ثمّ) مع التساوی فی البول أخذا و انقطاعا (یصیر مشکلا) و قد اختلف الأصحاب فی حکمه حینئذ (2).

-هذا و الکثیر عبّر بالسبق مع أن المفید و المرتضی و الدیلمی اعتبروا الغلبة و الکثرة، و قد جمع صاحب الریاض بینهما بأن الأسبق هو الذی یخرج منه أکثر و لذا کان التعبیر بالکثرة ملازما للأسبق و لذا لم ینقل خلاف فی العلامة الثانیة، و قد اعترف بعدم الخلاف الشارح فی المسالک، فجعل الخلاف فیها کما فی الروضة هنا عند قوله: قیل یحکم بالأکثر لیس فی محله، بعد ما عرفت أنه ملازم للأسبق.

العلامة الثالثة: فإن بدر البول منهما معا فعلی الذی ینقطع منه البول أخیرا، و هو ما اختاره الشیخ و أکثر الأصحاب و یدل علیه المرسل المروی فی الکافی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی المولود له ما للرجال و له ما للنساء قال: من أیهما سبق، قیل: فإن خرج منهما جمیعا، قال: فمن أیهما استدر، قیل: فإن استدرا جمیعا، قال: فمن أبعدهما)(1) بناء علی أن معنی الأبعدیة هی الأبعدیة الزمانیة و لیس ذلک إلا الذی ینقطع أخیرا بعد فرض تساویهما ابتداء.

و عن القاضی ابن البراج أنه لمن ینقطع أولا، و هو ضعیف لعدم الدلیل علیه کما فی الریاض، و نسب إلی الوهم کما فی المسالک، و عن الصدوق و الإسکافی و المرتضی عدم اعتبار الانقطاع أخیرا علامة.

هذا کله فی علامات الخنثی الواضح. فإن کان فاقدا لهذه العلامات فهو الخنثی المشکل.

(1)و قد عرفت عدم الخلاف فیه.

(2)أی فی حکم الخنثی حین کونه مشکلا، قد اختلفوا فی کیفیة توریث المشکل علی أقوال:-

ص:152


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 4.

فقیل: تعدّ أضلاعه، فإن کانت ثمانی عشرة فهو أنثی، و إن کانت سبع -القول الأول: للشیخ فی الخلاف أنه یعمل فیه بالفرقة مدعیا علیه إجماع الفرقة و أخبارهم، و مراده من الأخبار ما ورد أن القرعة لکل أمر مشکل، و لخصوص أخبار وردت فی الخنثی المشکل منها: خبر إسحاق: (سئل - یعنی أبا عبد اللّه علیه السّلام - و أنا عنده عن مولود ولد لیس بذکر و لا أنثی و لیس له إلا دبّر کیف یورّث؟ قال: یجلس الإمام علیه السّلام و یجلس معه ناس فیدعو اللّه و یجیل السهام علی أیّ میراث یورّثه میراث الذکر أو میراث الأنثی، فأی ذلک خرج ورّثه علیه، ثم قال: و أیّ قضیة أعدل من قضیة یجال علیها بالسهام، إن اللّه تبارک و تعالی یقول: فَساهَمَ فَکانَ مِنَ الْمُدْحَضِینَ (1)مع أن إجماعه معارض بإجماع غیره فضلا عن ورود أخبار فی کیفیة توریث المشکل معارضة لهذه الأخبار.

القول الثانی: للشیخ المفید و السید المرتضی و الإسکافی و ابن إدریس من أنه یعدّ أضلاعه فإن اختلف أحد الجانبین عن الآخر عددا فهو ذکر، و إن تساویا فهو انثی، و یدل علیه خبر میسرة بن شریح و هو طویل، و الشاهد منه أن أمیر المؤمنین علیه السّلام قال عن الخنثی:

(جردوها من ثیابها و عدّوا أضلاع جنبیها، ففعلوا ثم خرجوا إلیه فقالوا له: عدد الجنب الأیمن اثنا عشر ضلعا و الجنب الأیسر أحد عشر ضلعا، فقال علی علیه السّلام: اللّه أکبر ایتونی بالحجام فأخذ من شعرها و أعطاها رداء و حذاء و ألحقها بالرجال، فقال الزوج: یا أمیر المؤمنین علیه السّلام، امرأتی و ابنة عمی ألحقتها بالرجال؟ ممن أخذت هذه القضیة؟ فقال: إنی ورثتها من أبی آدم، و حواء خلقت من ضلع آدم علیه السّلام، و أضلاع الرجال أقل من أضلاع النساء بضلع)(2).

و طعن الأکثر فی سند هذه الروایة إلا أن الصدوق قد رواها بسند صحیح فی الفقیه3إلا أن فی روایة الصدوق أن أضلاعها کانت سبعة عشر، تسعة فی الیمین و ثمانیة فی الیسار.

القول الثالث: للشیخ فی النهایة و المبسوط و الإیجاز و للمفید و الصدوقین و سلاّر و ابنی حمزة و زهرة و المحقق الطوسی و العلامة و ولده و الصیمری و الفاضل المقداد و الشهیدین بل هو المشهور أنّها تعطی نصف میراث ذکر و نصف میراث الأنثی، و یدل علیه خبر هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (- إلی أن قال - فإن خرج منهما سواء فمن حیث-

ص:153


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 3 و 5.

عشرة: من الجانب الأیمن تسع، و من الأیسر ثمان فهو ذکر (1). و کذا لو تساویا و کان فی الأیسر ضلع صغیر ناقص (2).

و مستند هذا القول ما روی (3) من قضاء علی علیه السّلام به معلّلا بأن حوّاء خلقت من ضلع آدم علیه السّلام و إن خالفت (4) فی عدد الأضلاع. و انحصار أمره (5) بالذکورة و الأنوثة، بمعنی أنه لیس بطبیعة ثالثة (6)، لمفهوم الحصر فی قوله تعالی:

یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ إِناثاً وَ یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ الذُّکُورَ (7).

و فی الروایة ضعف. و فی الحصر منع و جاز خروجه (8) -ینبعث، فإن کانا سواء ورّث میراث الرجال و میراث النساء)(1)، و خبر إسحاق بن عمار: (فإن مات و لم یبل فنصف عقل المرأة و نصف عقل الرجل)2، و خبر أبی البختری: (فإن لم یبل من واحد منهما حتی یموت فنصف میراث المرأة و نصف میراث الرجل)3 و حمل أخبار القرعة علی من لیس له فرج بل له دبر فقط کما هو صریحها و سیأتی الکلام فیه، و أما أخبار عدّ الأضلاع فأعرضوا عنها لضعف فی سند بعضها و عدم موافقتها للواقع لأن الأضلاع متساویة فی الجانبین بلا فرق بین الذکر و الأنثی کما نصّ علیه أهل التشریح، و عن بعض کصاحب الجواهر العمل بعدّ الأضلاع أولا فإن تعذر فیعمل علی تنصیف میراث الذکر و میراث الأنثی له.

(1)اعتمادا علی روایة الصدوق فی الفقیه، مع أنه فی روایة ابن شریح أن الأضلاع فی الجانب الأیمن اثنا عشر ضلعا و فی الأیسر أحد عشر ضلعا.

(2)فیحکم بأنه ذکر.

(3)الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 3 و 4 و 5.

(4)أی و إن خالفت الروایة ما ذکره الأصحاب فی عدد الأضلاع، ففی روایة میسرة أن الأضلاع فی الأیمن اثنا عشر و فی الأیسر أحد عشر، و الأصحاب ذکروا فی الأیمن تسعة أضلع و فی الأیسر ثمانیة أضلع تبعا لروایة الصدوق فی الفقیه.

(5)أمر الخنثی.

(6)حتی یورث نصف میراث الذکر و نصف میراث الأنثی لا بل لا بد من علامة یعرف بها و لا یوجد إلا عدّ الأضلاع.

(7)الشوری آیة: 49.

(8)خروج الحصر.

ص:154


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 1 و 2 و 6.

مخرج الأغلب (1).

و قیل: یورّث بالقرعة، لأنها (2) لکل أمر مشتبه (3).

(و المشهور) و بین الأصحاب أنه (4) حینئذ (5) یورّث (نصف النصیبین):

نصیب الذکر و نصیب الأنثی، لموثقة هشام بن سالم عن الصادق علیه السّلام قال:

قضی علی علیه السّلام فی الخنثی - له ما للرجال، و له ما للنساء - قال: «یورّث من حیث یبول، فإن خرج منهما جمیعا فمن حیث سبق، فإن خرج سواء فمن حیث ینبعث، فإن کانا سواء ورث میراث الرجال و النّساء» (6).

و لیس المراد الجمع بین الفریضتین إجماعا، فهو (7) نصفهما، و لأنّ المعهود فی الشرع (8) قسمة ما یقع فیه التنازع بین الخصمین مع تساویهما (9) و هو هنا (10) کذلک، و لاستحالة الترجیح من غیر مرجّح.

(فله مع الذّکر خمسة من اثنی عشر) (11)، لأن الفریضة علی تقدیر (1)و لذا قد یکون من لیس له إلا الدبر فقط.

(2)لأن القرعة.

(3)و لخصوص أخبار فی الخنثی قد تقدم بعضها.

(4)أن الخنثی.

(5)حین کونه مشکلا.

(6)الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 1.

(7)میراث الخنثی.

(8)المعهود من الشرع عند اختلاف الدعویین مع عدم الحجة لأحدهما هو تقسیم المدعی علیهما کما لو أودع زید درهما عند عمرو، و قد أودع عنده ثالث درهما آخر، و ضاع أحد الدرهمین و تنازع الودعیان فی الدرهم الموجود فیحکم بتنصیفه بینهما.

(9)فی عدم الحجة.

(10)أی الاختلاف فی کونه ذکرا أو أنثی مع عدم الحجة لترجیح أحدهما.

(11)علی المشهور و ذلک فالخنثی تفرض مرة أنثی و یقسم المیراث علیها و علی الذکر، و تفرض مرة ذکر و یقسم المیراث علیه و علی الذکر الآخر، و المجموع المعطی للخنثی فی العملیتین ینقسم علی اثنین و الحاصل هو نصیبها، فعلی فرض کونها أنثی فلها أربعة و للذکر ثمانیة، و علی فرض أنها ذکر فلها ستة و للذکر الآخر ستة، فالمعطی لها فی العملیتین عشرة، و إذا -

ص:155

ذکوریته (1) من اثنین و علی تقدیر الأنوثیة من ثلاثة و هما متباینان فیضرب إحداهما فی الأخری، ثم یضرب المرتفع (2)...

-قسمت علی اثنین فیکون المعطی لها خمسة من اثنی عشر، و المعطی للذکر فی العملیتین أربعة عشر و مع قسمتها علی اثنین فیکون الحاصل للذکر سبعة من اثنی عشر.

و هذا یلزم منه تنصیف النصیبین للخنثی، و تنصیف نصیب الذکر مع الأنثی و نصیبه مع الذکر فیعطی للذکر المجتمع معها، مع أن الروایة قد صرحت بتنصیف النصیبین للخنثی فقط و أما من معها فیعطی حصته علی کل حال من دون تنصیف نصیبه فی عملیتین، و لذا ذهب الشیخ فی النهایة و جعله فی المبسوط أنه الأصل و استحسنه العلامة فی التحریر إلی طریقة أخری سماها بطریق التحقیق و هو:

أن یأخذ الذکر حصته بما هو ذکر، و أما الخنثی فیعطی نصف نصیب الذکر و الأنثی، فلو کان للذکر أربعة لکان للأنثی اثنان فتعطی الخنثی ثلاثة حینئذ التی هی نصف الستة الحاصلة من مجموع نصیب الذکر و الأنثی و هو الأوفق بقوله علیه السّلام: (نصف عقل الرجل و نصف عقل المرأة)(1).

بخلاف طریقة المشهور المبنیة علی أن الخنثی تعطی حصة الأنثی یقینا و للذکر حصته، فیبقی التفاوت بین حصة الذکر و الأنثی لا یعلم مستحقه فیقسم بینهما بالسویة و هذا بعید عن ظاهر الأخبار.

و الفرق بین الطریقتین یظهر فی کل الفروض و مثاله: ما لو اجتمع خنثی و ذکر فالخنثی علی تقدیر الذکوریة لها ستة من اثنی عشر، و علی تقدیر الأنوثیة لها أربعة من اثنی عشر، فالمجموع المعطی لها علی التقدیرین عشرة، ثم تنقسم علی اثنین لأن النصیب علی تقدیرین فیکون المعطی لها 12/5 هذا ما علیه المشهور.

و أما علی طریقة التحقیق فالخنثی المعطی لها نصف نصیب الذکر و نصف نصیب الأنثی فتکون حصتها ثلاثة أرباع الذکر دائما فلو کان الذکر له أربعة لکانت الخنثی لها ثلاثة و هکذا.

و حتی بیان الفرق فیقال للخنثی علی طریقة المشهور 12/5 و علی طریقة التحقیق 7/3، فلو اردنا توحید المخرجین فنضرب الاثنی عشر بسبعة فالحاصل 84، (35 للخنثی علی طریقة المشهور) / 84، (36 علی طریقة التحقیق) / 84، فالفرق 84/1 بین الطریقتین.

(1)الخنثی.

(2)و هو الستة.

ص:156


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الخنثی الحدیث 2.

فی اثنین، و هو (1) قاعدة مطردة فی مسألة الخناثی، للافتقار إلی تنصیف کل نصیب (2) و ذلک اثنا عشر، له منها (3) علی تقدیر الذکوریة ستة، و علی تقدیر الأنوثیة أربعة فله نصفهما: خمسة و الباقی للذکر.

(و مع الأنثی سبعة) بتقریب ما سبق، إلا أن له علی تقدیر الذکوریة ثمانیة، و علی تقدیر الأنوثیة ستة و نصفهما سبعة.

(و معهما) معا (4)(ثلاثة عشر من أربعین سهما)، لأن الفریضة علی تقدیر الأنوثیة من أربعة (5)، و علی تقدیر الذکوریة من خمسة (6)، و مضروب إحداهما فی الأخری عشرون، و مضروب المرتفع فی اثنین أربعون. فله (7) علی تقدیر فرضه ذکرا «ستة عشر» (8)، و علی تقدیره انثی «عشرة» (9). و نصفهما ثلاثة عشر، و الباقی بین الذکر و الأنثی أثلاثا.

(و الضابط) فی مسألة الخنثی (أنّک تعمل المسألة تارة أنوثیة) أی تفرضه (10) أنثی (و تارة ذکوریة و تعطی کلّ وارث) منه و ممن اجتمع معه (نصف ما اجتمع له فی المسألتین) مضافا (11) إلی ضرب المرتفع فی اثنین کما قررناه.

فعلی هذا لو کان مع الخنثی أحد الأبوین فالفریضة علی تقدیر الذکوریة ستة (12)، (1)ضرب المرتفع فی اثنین.

(2)لأن النصیب ناتج من عملیتین حسابیتین علی تقدیرین، تقدیر أنها انثی و تقدیر أنها ذکر.

(3)للخنثی من الاثنی عشر.

(4)أی و للخنثی مع الأنثی و الذکر.

(5)للذکر اثنان و لکل أنثی واحد.

(6)للأنثی واحد و لکل ذکر اثنان.

(7)للخنثی.

(8)و ستة عشر للذکر الآخر و ثمانیة للأنثی.

(9)و لکل ذکر عشرون.

(10)تفرض الخنثی.

(11)أی بعد ضرب المرتفع.

(12)فأحد الأبوین له السدس و الباقی للذکر المفروض بالقرابة.

ص:157

و علی تقدیر الأنوثیة أربعة (1). و هما (2) متوافقان بالنصف فتضرب ثلاثة فی أربعة (3) ثم المجتمع فی اثنین یبلغ أربعة و عشرین. فلأحد الأبوین خمسة، و للخنثی تسعة عشر.

و لو اجتمع معه (4) الأبوان ففریضة الذکوریة ستة (5)، و فریضة الأنوثیة خمسة (6). و هما (7) متباینان فتضرب إحداهما فی الأخری، ثم المرتفع فی الاثنین و یبلغ ستین. فللأبوین اثنان و عشرون، و للخنثی ثمانیة و ثلاثون.

و لو اجتمع مع خنثی و أنثی أحد الأبوین ضربت «خمسة»: مسألة الأنوثیة (8) فی «ثمانیة عشر»: مسألة الذکوریة (9) لتباینهما تبلغ «تسعین» ثم تضربها فی الاثنین (10) تبلغ «مائة و ثمانین»، لأحد الأبوین ثلاثة و ثلاثون، لأن له ستة و ثلاثین تارة (11) (1)فأحد الأبوین له السدس و البنت لها النصف فرضا و الباقی یرد علیهما أرباعا و علیه فالبنت لها ثلاثة أرباع الفریضة من الفرض و الرد و أحد الأبوین له ربع الفریضة من الفرض و الرد، و قد تقدم الکلام فی ذلک.

(2)الستة و الأربعة.

(3)أو اثنین فی الستة.

(4)مع الخنثی.

(5)الأبوان لهما الثلث لکل واحد السدس و الباقی للذکر بالقرابة.

(6)فالبنت لها النصف و الأبوان لکل واحد سدس، فیبقی سدس یرد أخماسا، فیکون للبنت ثلاثة أخماس الفریضة من الفرض و الرد، و لکل واحد من الأبوین الخمس.

(7)الستة و الخمسة.

(8)أی علی تقدیر کون الخنثی أنثی فالفریضة من خمسة لأحد الأبوین السدس و للبنتین الثلثان فیبقی سدس یرد أخماسا علیهم بحسب حصصهم، فیکون المعطی للبنتین فرضا وردا أربعة أخماس و لأحد الأبوین الخمس.

(9)أی علی تقدیر کون الخنثی ذکرا فالفریضة من ثمانیة عشر، لأحد الأبوین السدس و هو ثلاثة و للذکر عشرة و للأنثی خمسة.

(10)لأنه الأصل فی قاعدة الخناثی.

(11)إذا کان الخنثی أنثی.

ص:158

و ثلاثین أخری (1) فله نصفهما، و للأنثی واحد و ستون، و للخنثی ستة و ثمانون.

فقد سقط من سهام أحد الأبوین نصف الرد (2)، لأن المردود (3) علی تقدیر أنوثیتها (4) ستة و هی فاضلة (5) علی تقدیر الذکوریة (6).

و لو اجتمع معه (7) فی أحد الفروض (8) أحد الزوجین ضربت مخرج (1)علی تقدیر کون الخنثی ذکرا.

(2)علی تقدیر کون الخنثی ذکرا، فأحد الأبوین له السدس و الباقی للذکر و الأنثی بالقرابة فلا یوجد باق حتی یرد علیهم، فلا داعی لتنصیفه بعد ضربه بالاثنین و بیانه:

فالفریضة من مائة و ثمانین کما عرفت، سدسها لأحد الأبوین و هو ثلاثون، و الباقی یقسم بین الذکر و الأنثی أثلاثا فالذکر له مائة و الأنثی لها خمسون هذا علی تقدیر کون الخنثی ذکرا.

و أما علی تقدیر کونه أنثی، فالسدس لأحد الأبوین و هو ثلاثون و الثلثان للبنتین و هو مائة و عشرون، و الباقی ثلاثون یرد علیهم أخماسا، أربعة أخماسه للبنتین، فأربعة و عشرون منه بالرد مع مائة و عشرین فیکون المعطی للبنتین مائة و أربعة و أربعین، لکل بنت اثنان و سبعون.

فالخنثی علی تقدیر الذکوریة لها مائة و علی تقدیر الأنوثیة اثنان و سبعون، فالمجموع فی المسألتین یساوی مائة و اثنین و سبعین فلو قسمناها علی اثنین لقاعدة الخناثی فالحاصل هو:

ستة و ثمانون.

و المعطی لأحد الأبوین علی تقدیر الذکوریة ثلاثون، و هو السدس لأن أحد الأبوین له السدس و خمسة أسداس بین الذکر و الأنثی أثلاثا و بما أن الخمسة لا تنقسم علی الثلاثة فتضرب الستة - مخرج الفریضة - بالثلاثة، فالحاصل ما ذکرنا، و علی تقدیر الأنوثیة ستة و ثلاثون، و هی السدس مع خمس الباقی، فقد رددنا علی أحد الأبوین علی تقدیر الأنوثیة ستة و لا بد من تنصیفها لقاعدة الخناثی مع أننا لم نرد علی أحد الأبوین علی تقدیر الذکوریة فلا داعی لتنصیفه، فالمجموع المعطی لأحد الأبوین ستة و ثلاثون، یقسم علی اثنین فیکون ثلاثة و ثلاثین، فهذه الثلاثة هی نصف الرد علی تقدیر الأنوثیة.

(3)علی أحد الأبوین.

(4)أنوثیة الخنثی.

(5)أی الستة.

(6)لأنه علی تقدیر کون الخنثی ذکرا فلا فاضل.

(7)مع الخنثی.

(8)المتقدمة.

ص:159

نصیبه (1) فی الفریضة ثم أخذت منها (2) نصیبه (3) و قسمت الباقی کما سلف (4) إلاّ (1)نصیب أحد الزوجین.

(2)من الفریضة.

(3)نصیب أحد الزوجین من دون تنصیف، لأنک لم تضرب الفریضة بمخرج نصیبه ثم ضربت الحاصل باثنین، و عدم الضرب بالاثنین فی مسألة أحد الزوجین لأن أحد الزوجین له نصیبه المقرر لا یتغیر سواء فرضت الخنثی ذکرا أو أنثی.

(4)فلو أخذنا مسألة و هی ما لو اجتمع ذکر و أنثی حقیقیان مع خنثی کما هی المسألة الثالثة المتقدمة مع زوج، فلا بد من تصحیح مسألة الخنثی و مشارکیها أولا و قد عرفت أن الفریضة لهم هی من أربعین ثم تضرب الأربعین فی أربعة الذی هو مخرج نصیب الزوج لأن الخنثی و مشارکیها أولاد للزوجة، فیصیر المجموع مائة و ستین.

فیعطی الزوج أربعین من دون حساب التقدیرین لأن له الربع سواء کان الخنثی ذکرا أو أنثی.

و الباقی مائة و عشرون لا بد من تقسیمها علی الخنثی و الذکر و الأنثی فنقول: فعلی تقدیر ذکوریتها فالقسمة علی خمسة للذکر خمسان و هو 48، و للأنثی خمس و هو 24.

و علی تقدیر أنوثیتها فالقسمة علی أربعة للذکر سهمان و هو ستون، و للأنثی سهم و هو ثلاثون.

فالمعطی للخنثی علی التقدیرین: 48 + 30 78، و ینقسم علی اثنین فالحاصل: 39.

و المعطی للذکر علی التقدیرین: 48 + 60 108، ینقسم علی اثنین فالحاصل 54.

و المعطی للأنثی علی التقدیرین: 24 + 30 54، ینقسم علی اثنین فالحاصل 27 و علیه فالمعطی للخنثی هنا مع الزوج یساوی ثلاثة أضعاف المعطی لها علی تقدیر عدم الزوج و کذا المعطی للذکر و المعطی للأنثی، فهنا للخنثی 39 و هناک 13، و هنا للذکر 54 و هناک 18، و هنا للأنثی 27 و هناک 9، هذا کله إذا معهم زوج، و أما إذا کان معهم زوجة ضربت أصل الفریضة بعد تصحیح مسألة الخنثی مع مشارکیها فی مخرج نصیب الزوجة، و الفریضة أربعون فتضرب بثمانیة فالحاصل 320.

للزوجة الثمن و هو: 408/320.

و الباقی 240 یقسم علی الخنثی و الذکر و الأنثی فیقال:

للخنثی علی تقدیر الذکوریة: 112 مع 112 للذکر الآخر و 56 للأنثی، لأن الباقی یقسم أخماسا هنا ذکران و أنثی. فللذکر خمسان و للأنثی خمس.

و للخنثی علی تقدیر الأنوثیة: 70 مع 70 للأنثی و 140 للذکر، لأن الباقی یقسم أرباعا حصتان للذکر و حصتان للأنثیین.

ص:160

أنک هنا تقسمه علی ثلاثة (1).

و من استحق بدون أحد الزوجین من الفریضة شیئا أخذ قدره ثلاث مرات إن کان زوجا، و سبع مرات إن کان زوجة. و علی هذا قس ما یرد علیک من الفروض.

الثانیة - من لیس له فرج

(الثانیة - من لیس له فرج) الذکر و لا الأنثی، إما بأن تخرج الفضلة من دبره، أو یفقد الدبر و یکون له ثقبة بین المخرجین یخرج منه الفضلتان، أو البول (2) مع وجود الدبر، أو بأن یتقیأ ما یأکله (3)، أو بأن یکون له لحمة رابیة یخرج منها الفضلتان کما نقل ذلک کلّه (یورّث بالقرعة) علی الأشهر. و علیه شواهد من الأخبار.

منها صحیحة الفضیل بن یسار عن الصادق علیه السّلام (4): «یکتب علی سهم -فالخنثی علی التقدیرین: 112 + 70 182، و نصفها 91 للخنثی.

و الأنثی علی التقدیرین: 56 + 70 126، و نصفها 63 للأنثی.

و الذکر علی التقدیرین: 112 + 140 252، و نصفها 126 للذکر.

هذا و اعلم أن حصة الواحد منهم علی تقدیر الزوجة یساوی حصته مع عدم الزوجة مضروبة بسبعة، فالخنثی هنا 91 و هناک 13، و الأنثی هنا 63 و هناک 9، و الذکر هنا 128 و هناک 18.

(1)لیس مراده أن نصیب الخنثی أو مشارکیها علی التقدیرین ینقسم علی ثلاثة، کیف و قد عرفت أن القسمة علی الاثنین ناشئة من کون النصیب علی تقدیرین.

بل مراده أن ما تأخذه الخنثی هنا - مع وجود الزوج - لو قسمته علی ثلاثة لکان عین نصیبها علی تقدیر عدم الزوج، و کذا الأنثی و الذکر، و قد تقدم هذا فی الشرح السابق، فلذا قال الشارح عقیب هذه الجملة ما مضمونه أن ما تأخذه الخنثی هناک لو ضربته بثلاثة لکان نصیبها علی تقدیر وجود الزوج، و الثلاثة ناشئة من کون الفریضة علی تقدیر عدم الزوج قد زادت أربع علی تقدیر وجوده فالربع له و الباقی ثلاثة و علی هذا فالفریضة علی تقدیر عدم الزوجة قد زادت علی تقدیر وجودها ثمان مرات، فالثمن لها و الباقی سبعة فلو ضربت حصة الخنثی هناک بسبعة لکان الحاصل هو عین نصیبها هنا.

و هذا ما صرح به فی المسالک فراجع.

(2)عطف علی (الفضلتان).

(3)و یشربه أیضا.

(4)و الخبر بتمامه: (سأله عن مولود لیس له ما للرجال و لا له ما للنساء، قال: یقرع علیه -

ص:161

عبد اللّه، و علی سهم أمة اللّه و یجعل فی سهام مبهمة و یقول ما رواه الفضیل:

«اللّهمّ أنت اللّه لا إله إلاّ أنت عالم الغیب و الشّهادة أنت تحکم بین عبادک فیما کانوا فیه یختلفون بیّن لنا أمر هذا المولود کیف یورّث ما فرضت له فی الکتاب» ثم یجیل السّهام و یورّث علی ما تخرج.

و الظاهر أنّ الدعاء مستحب (1)، لخلوّ باقی الأخبار منه، و کذا نظائره مما فیه القرعة.

و فی مرسلة (2) عبد اللّه بن بکیر: «إذا لم یکن له إلا ثقب یخرج منه البول -الإمام أو المقرع یکتب علی سهم عبد اللّه و علی سهم أمة اللّه، ثم یقول الإمام أو المقرع:

اللهم أنت اللّه لا إله إلا أنت عالم الغیب و الشهادة أنت تحکم بین عبادک فیما کانوا فیه یختلفون، بیّن لنا أمر هذا المولود کیف یورّث ما فرضت له فی الکتاب، ثم تطرح السهام فی سهام مبهمة ثم تجال السهام، علی ما خرج ورّث علیه)(1)، و مرسل ثعلبة بن میمون عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سئل عن مولود لیس بذکر و لا أنثی، لیس له إلا دبر کیف یورث؟ فقال علیه السّلام: یجلس الإمام و یجلس عنده ناس من المسلمین فیدعون اللّه، و تجال السهام علیه علی أیّ میراث یورّث علی میراث الذکر أو میراث الأنثی، فأی ذلک خرج علیه ورثه، ثم قال: و أیّ قضیة أعدل من قضیة تجال علیها السهام یقول اللّه تعالی: فَساهَمَ فَکانَ مِنَ الْمُدْحَضِینَ (2).

(1)کما فی الدروس و غیرها، لخلو مرسل ثعلبة عن خصوص الدعاء المأثور بل فیه الأمر بمطلق الدعاء الدال علی استحبابه، و عن بعضهم القول بوجوب مطلق الدعاء و إن لم یکن خصوص المأثور تمسکا بظاهر الأخبار.

(2)ذهب ابن الجنید و ابن حمزة و عن الشیخ فی الاستبصار المیل إلیه أن من لا فرج له یؤمر بالبول فإن بال علی مباله فهو أنثی و إن کان ینحی البول فهو ذکر لمرسل ابن بکیر: (فی مولود لیس له ما للرجال و لا ما للنساء إلا ثقب یخرج منه البول، علی أیّ میراث یورّث؟ فقال: إن کان إذا بال فنحی بوله ورّث میراث الذکر، و إن کان لا ینحی بوله ورّث میراث الأنثی)(3) و قد جعلها الشارح فی المسالک مقطوعة و فی الوسائل أنها-

ص:162


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 3.
3- (3) الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 5.

فنحّی بوله عند خروجه عن مباله فهو ذکر، و إن کان لا ینحی بوله عن مباله فهو أنثی» (1) و عمل بها ابن الجنید و الأول مع شهرته أصح سندا و أوضحه.

(و من له رأسان و بدنان علی حقو) (2) بفتح الحاء فسکون القاف: معقد الإزار عند الخصر (واحد)، سواء کان ما تحت الحقو ذکرا أم غیره، لأنّ الکلام هنا فی اتحاد ما فوق الحقو و تعدده، لیترتب علیه الإرث.

و حکمه: أن،(یورّث بحسب الانتباه فإذا) کانا نائمین و (نبّه أحدهما فانتبه الآخر فواحد. و إلاّ) ینتبه الآخر (فاثنان) کما قضی به علی علیه السّلام (3) و علی التقدیرین (4) یرثان إرث ذی الفرج الموجود فیحکم بکونهما أنثی واحدة (5)، أو أنثیین (6)، أو ذکرا واحدا (7)،...

-عنهم علیهم السّلام و فی الجواهر أنّها عنهما علیهما السّلام، مع أن اعتبار القرعة متعین لصحة روایتها و أکثر عددا، و هذه ضعیفة بالقطع أو الإرسال.

(1)الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 5.

(2)ففی الجواهر: «عن أبی جمیلة أنه رأی بفارس امرأة لها رأسان و صدران فی حقو واحد، متزوجة تغار هذه علی هذه و هذه علی هذه، و عن غیره أنه رأی رجلا کذلک و کانا حائکین یعملان جمیعا علی حقو واحد».

(3)فی خبر حریز عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (ولد علی عهد أمیر المؤمنین علیه السّلام مولود له رأسان و صدران علی حقو واحد، فسئل أمیر المؤمنین علیه السّلام یورّث میراث اثنین أو واحدا؟

فقال: یترک حتی ینام ثم یصاح به فإن انتبها جمیعا کان له میراث واحد، و إن انتبه واحد و بقی الآخر نائما فإنما یورّث میراث اثنین)(1).

و فی السند علی بن أحمد بن أشیم و محمد بن القاسم الجوهری و هما مجهولان إلا أنه منجبر بعمل الأصحاب کما فی المسالک و کشف اللثام و الجواهر.

(4)من انتباه الآخر و عدمه.

(5)إذا انتبها معا و للحقو فرج.

(6)إذا انتبه أحدهما دون الآخر و للحقو فرج.

(7)إذا انتبها معا و للحقو إحلیل.

ص:163


1- (1) الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 1.

أو ذکرین (1). و لو لم یکن له فرج (2)، أو کانا معا (3) حکم لهما (4) بما سبق.

هذا من جهة الإرث. و مثله الشهادة، و الحجب، لو کان أخا (5).

أما فی جهة العبادة فاثنان مطلقا (6)، فیجب علیه غسل أعضائه کلّها و مسحها فیغسل کلّ منهما وجهه و یدیه و یمسح رأسه و یمسحان معا علی الرجلین، و لو لم یتوضأ أحدهما ففی صحة صلاة الآخر نظر (7)، من الشک فی ارتفاع حدثه، لاحتمال الوحدة (8) فیستصحب المانع إلی أن یتطهر الآخر، و لو أمکن الآخر إجبار الممتنع، أو تولی طهارته ففی الإجزاء نظر (9): من الشک المذکور (10) المقتضی لعدم الإجزاء.

و کذا القول لو امتنع من الصلاة.

و الأقوی أن لکلّ واحد حکم نفسه فی ذلک (11) و کذا القول فی الغسل و التیمم، و الصوم.

(1)إذا انتبه أحدهما دون الآخر و للحقو إحلیل.

(2)أقرع علیه.

(3)فبالعلامات من خروج البول أو سبقه أو انقطاعه أخیرا.

(4)لمن لا فرج له، أو له فرجان.

(5)لأن مقتضی إطلاق الخبر بجعله اثنین شامل لباب الشهادات و باب الحجب أیضا.

(6)سواء انتبها معا أو لا، لأن العبادة مشروطة بقصد القربة، فالإتیان بقصد القربة من أحدهما موجب للشک فی فراغ الذمة، و الاشتغال الیقینی یستدعی صدور القصد منهما معا و هذا معنی أنهما اثنان فی العبادة.

(7)لاحتمال کونهما واحدا مع کون الشق الذی توضأ هو لحمة زائدة فیکون الأصلی علی غیر وضوء و الصلاة مشروطة بالطهارة.

(8)مع احتمال کون الأصل غیر متوضئ فیستصحب الحدث المانع من دخول الصلاة.

(9)لأنه یشترط فی الطهارة صدورها من المکلف باختیاره و مباشرته.

(10)أی الشک فی ارتفاع الحدث الناشئ من الشک فی اعتبار الاختیار و المباشرة فی طهارة الشق الممتنع.

(11)فی الوضوء و الصلاة بل فی کل العبادات لأن النفس الواحدة لا تکون فی حال واحدة ذات إرادتین مختلفتین، فمع تعدد الإرادة نستکشف أنهما اثنان.

ص:164

أما فی النّکاح (1) فهما واحد من حیث الذکورة و الأنوثة أما من جهة العقد (2) ففی توقف صحته علی رضاهما معا نظر. و یقوی توقفه فلو لم یرضیا معا لم یقع النّکاح، و لو اکتفینا برضا الواحد ففی صحة نکاح الآخر لو کان أنثی إشکال و کذا یقع الإشکال فی الطلاق.

و أما العقود کالبیع فهما اثنان مع احتمال الاتحاد.

و لو جنی أحدهما لم یقتصّ منه و إن کان عمدا، لما یتضمن من إیلام الآخر أو إتلافه. نعم لو اشترکا فی الجنایة اقتصّ منهما. و هل یحتسبان بواحد، أو باثنین، نظر.

و تظهر الفائدة فی توقف قتلهما علی ردّ ما فضل عن دیة واحد.

و لو ارتدّ أحدهما لم یقتل و لم یحبس و لم یضرب، لأدائه إلی ضرر الآخر. نعم یحکم بنجاسة العضو المختص بالمرتد، دون المختص بغیره، و فی المشترک نظر (3)، و تبین الزوجة بارتداده مطلقا (4) و لو ارتدا معا لزمهما حکمه (5).

(1)المراد به الوط ء بقرینة ذکر العقد فیما بعد و علیه فهو إما واطئ أو موطوء و لا یمکن أن یکون واطئا و موطوءا معا.

(2)و هذا یتم فیما لو کانا أنثیین فیصح لذکر أن یوقع العقد علیهما، أما لو کانا ذکرین فلا یصح منهما إیقاع عقدین أو عقد علی اثنتین إلا أن یقال بأن الضرورات تبیح المحظورات فی کون کل شق سیطلع علی فرج زوجة الشق الآخر.

و یقوی فی النظر أنهما تبعا للعلامة الواردة فی الخبر من الانتباه للآخر و عدمه أو تحصیل القطع و لو من وجود إرادتین مختلفتین فیحکم علیه بأنه اثنان أو واحد فی جمیع العقود و الإیقاعات و العبادات و الطهارات، إلا فی مسألة الوط ء فمشکل مع احتمال تحکیم أن الضرورات تبیح المحظورات.

نعم فی القصاص و إقامة الحد علی أحد الشقین بناء علی التعدد فممنوع إذا استلزم إیلام و إضرار الشق الثانی، و التفصیل الذی أتی به الشارح بین الإرث و الشهادات و الحجب و بین غیره لا شاهد له بل إطلاق الخبر بالحکم علیه یدفعه.

(3)لا داعی للتنظر بل یحکم بطهارته تبعا لإسلام الشق الآخر.

(4)سواء قلنا إنّه اثنان أو واحد.

(5)حکم الارتداد.

ص:165

و هذه الفروض لیس فیها شیء محرر (1). و للتوقف فیها مجال و إن کان الفرض نادرا.

(الثالثة - الحمل یورّث (2) إذا انفصل حیا) مستقرّ الحیاة (أو تحرک) بعد خروجه (حرکة الأحیاء ثمّ مات)، و لا اعتبار بالتقلّص الطبیعی، و کذا لو خرج بعضه میتا، و لا یشترط الاستهلال (3)، لأنه قد یکون أخرس، بل تکفی الحرکة الدالة علی الحیاة. و ما روی من اشتراط سماع صوته حمل علی التقیة.

و اعلم أن الاحتمالات الممکنة عادة بأن یفرض ما لا یزید عن اثنین، عشرة (4) أکثرها نصیبا فرضه ذکرین، فإذا طلب الولد الوارث نصیبه من الترکة (1)فی کلمات الأصحاب.

(2)قد تقدم البحث فی موانع الإرث من أنه لا یورّث إلا إذا انفصل حیا، ففی خبر ربعی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سمعته یقول فی المنفوس إذا تحرک ورّث، إنه ربما کان أخرس)(1) و فی خبره الآخر: (إذا سقط من بطن أمه فتحرک تحرکا بیّنا، یرث و یورّث فإنه ربما کان أخرس)2، و قد تقدم أن لا اعتبار بالتقلص الطبیعی فإنه قد یحدث بالأموات، و تقدم أنه لا اعتبار بخروج بعضه حیا و بعضه میتا.

(3)قد تقدم أن صوت المنفوس لیس بشرط، و إنما الشرط تحرکه و ذلک لجواز کونه أخرس، و ما ورد من استهلاله کما فی روایة عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی میراث المنفوس قال: لا یرث شیئا حتی یصیح و یسمع صوته)(2) لا بدّ من حمله علی کون الاستهلال قیدا غالبیا، و قال فی الجواهر: «و إن أبیت فلا مناص من حملها علی التقیة ممن یری اعتبار الاستهلال فی میراثه من العامة» و قال الشارح فی المسالک: إن هذا الحمل من الشیخ و تبعه جماعة بعد ما رماها بالضعف.

(4)فرض للحمل ما لا یزید علی الاثنین لأن الأغلب عدم الزیادة، فلو ترک المیت ابنا و حملا أعطی الابن الثلث و أبقی الثلثان للحمل لاحتمال کونه ذکرین، و بناء علی أن الحمل لا یزید عن الاثنین، فالاحتمالات علی هذا التقدیر عشرة إما أن یولد ذکر واحد أو أنثی أو خنثی، أو ذکران أو أنثیان أو خنثیان، أو ذکر و أنثی أو ذکر و خنثی أو أنثی و خنثی أو یسقط میتا، و أکثر هذه الاحتمالات نصیبا أن یکون ذکرین، فلذا یفرض له نصیب-

ص:166


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 7 و 4.
2- (3) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث الخنثی حدیث 1.

أعطی منها علی ذلک التقدیر. و قد تقدم الکلام فی باقی أحکامه.

(الرابعة - دیة الجنین) (1) و هو الولد ما دام فی البطن، فإذا جنی علیه جان فأسقطه، فدیته (یرثها أبواه و من یتقرب بهما) مع عدمهما کما لو ماتا معه أو مات أبوه قبله و أمه معه (أو) من یتقرب (بالأب بالنّسب) کالإخوة (و السبب) کمعتق الأب، و یفهم من تخصیص الإرث بالمتقرب بالأب عدم إرث المتقرب بالأم مطلقا (2). و قد تقدم الخلاف فیه، و توقف المصنف فی الحکم (3).

الخامسة - ولد الملاعنة ترثه أمّه

(الخامسة - ولد الملاعنة ترثه أمّه) دون أبیه (4)، لانتفائه عنه (5) باللعان حیث -ذکرین، مع أنه قد یکون الحمل ثلاثة أو أربعة أو خمسة، و قد نقل الشارح فی المسالک عن امرأة بالأنبار ألقت اثنی عشر مولودا.

(1)لا فرق بین الجنین و غیره، و قد تقدم أن الدیة یرثها المتقرب بالأب مناسبا أو مساببا، و أما المتقرب بالام فلا لصحیح ابن سنان: (قضی أمیر المؤمنین أن الدیة یرثها الورثة علی کتاب اللّه و سهامهم إذا لم یکن علی المقتول دین إلا الأخوة من الأم و الأخوات من الأم فإنهم لا یرثون من الدیة شیئا)(1) و مثله غیره، و قد عدی الحکم إلی الأخوال و الخالات و الأجداد لأم بطریق أولی، و هذا هو مذهب المشهور.

و تقدم أن الشهید فی الدروس قصر المنع علی مورد النص مع أنه فی اللمعة توقف فی إرث المتقرب بالأم مطلقا.

و تقدم أن الشیخ فی المبسوط و ابن إدریس فی أحد قولیه ذهب إلی أن الدیة یرثها من یرث غیرها من أموال المقتول لقوله تعالی: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ (2).

(2)سواء کان أخا للمقتول من أمه کما هو مورد النص أو غیره من الأخوال و الأجداد للأم.

(3)فی اللمعة مع أنه اقتصر علی مورد النص فی الدروس.

(4)قد تقدم لسقوط النسب بینهما باللعان، و یدل علیه نصوص منها: خبر زرارة الوارد فی ولد الملاعنة: (ترثه أمه فإن ماتت ورثه أخواله)(3).

(5)لانتفاء الولد عن الأب.

ص:167


1- (1) الوسائل الباب - 10 - من أبواب موانع الإرث حدیث 2.
2- (2) الأنفال الآیة: 75.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث ولد الملاعنة حدیث 5.

کان اللعان لنفیه (و) کذا یرثه (ولده و زوجته علی ما سلف) فی موانع الإرث من أن الأب لا یرثه، أو فی باب اللعان من انتفائه عنه باللعان، و عدم إرثه الولد (1)، و بالعکس، إلاّ أن یکذّب الأب نفسه (2).

أما حکم إرث أمّه و زوجته و ولده فلم یتقدم التصریح به. و یمکن أن یکون قوله: علی ما سلف إشارة إلی کیفیة إرث المذکورین بمعنی أن میراث أمه (3) و ولده و زوجته یکون علی حدّ ما فصّل فی میراث أمثالهم من الأمهات، و الأولاد، و الزوجات.

(و مع عدمهم) أی عدم الأم و الولد و الزوجة (فلقرابة أمه) الذکر و الأنثی (بالسویة) کما فی إرث غیرهم من المتقرب بها کالخئولة و أولادهم (و یترتبون) فی الإرث علی حسب قربهم إلی المورّث (فیرثه الأقرب) إلیه منهم (فالأقرب) کغیرهم (و یرث) هو (أیضا قرابة أمّه) (4) لو کان فی مرتبة الوارث دون قرابة أبیه، إلا أن (1)أی عدم إرث الأب للولد.

(2)فیرثه ابنه و لا یرث الأب الابن بلا خلاف فیه و لأخبار منها خبر محمد بن مسلم (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام: عن رجل لاعن امرأته و انتفی من ولدها ثم أکذب نفسه بعد الملاعنة و زعم أن ولدها ولده هل تردّ علیه قال: لا و لا کرامة، لا تردّ علیه و لا تحلّ له إلی یوم القیامة - إلی أن قال - فقلت: إذا أقرّ به الأب هل یرث الأب؟ قال: نعم، و لا یرث الأب الابن)(1).

(3)فلها الثلث تسمیة و الباقی بالرد لإطلاق الأدلة و یشهد له خبر زرارة المتقدم لقوله علیه السّلام: (ترثه أمه)، نعم ورد فی خبر زرارة الآخر(2) و خبر أبی عبیدة3 و النص للأول عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی ابن الملاعنة ترث أمه الثلث و الباقی للإمام لأن جنایته علی الإمام، و هما محمولان علی التقیة لموافقتهما للعامة، إلا أن الشیخ و الصدوق حملا هاتین الروایتین علی ظهور الإمام أو علی ما لم یکن للأم عصبة و فیه: إن الأم أولی من الإمام و لو کان ظاهرا و أولی من عصبتها فالباقی لها لآیة أولی الأرحام).

(4)علی المشهور و ذلک لأن نسبه من الأم ثابت فیشمله عموم التوارث و لأخبار منها: خبر-

ص:168


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث ولد الملاعنة حدیث 2.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث ولد الملاعنة حدیث 4 و 3.

یکذبوا الأب فی لعانه علی قول (1).

السادسة - ولد الزنا من الطرفین یرثه ولده

(السادسة - ولد الزنا) من الطرفین (یرثه ولده و زوجته، لا أبواه (2)، و لا من) -زید الشحام عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی ابن الملاعنة من یرثه؟ قال: ترثه أمه، قلت:

أ رأیت إن ماتت أمه و ورثها ثم مات هو من یرثه؟ قال: عصبة أمه و هو یرث أخواله)(1).

و ذهب الشیخ فی الاستبصار إلی أن ولد الملاعنة یرثهم إذا اعترف الأب به و إلا فلا، استنادا إلی حسنة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فإن لم یدّعه أبوه فإن أخواله یرثونه و لا یرثهم)2 و العمل بالطائفة الأولی لأنها أشهر و موافقة للکتاب.

(1)و هو قول أبی الصلاح الحلبی و الفاضل فی کتبه إلی أن ولد الملاعنة یرث أقارب أبیه إن کذبوا الأب فی دعواه لأن الإقرار کالبیّنة فی إثبات النسب، و ذهب المشهور إلی أنه لا یرثهم و لا یرثونه لانقطاع النسب باللعان فیستصحب، و تکذیب الأب نفسه فی دعواه إقرار منه بالنسب فیختص حکم الإقرار حینئذ بالمقرّ فلذا کان الابن یرث أباه و لا عکس.

(2)أما أبوه فلا توارث بینهما بلا خلاف فیه و لخبر الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أیّما رجل وقع علی ولیدة قوم حراما ثم اشتراها فادّعی ولدها فإنه لا یورّث منه شیء، فإن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قال: الولد للفراش و للعاهر الحجر، و لا یورث ولد الزنا إلا رجل یدعی ابن ولیدته)(2).

و التعلیل الوارد (الولد للفراش و للعاهر الحجر) یفید نفی النسب بین الزانی و الزانیة و بین الولد فلا توارث بینهما.

نعم ذهب الصدوق و أبو الصلاح الحلبی و ابن الجنید إلی أن ولد الزنا یرث أمه و من یتقرب بها و یرثونه علی حسب حال ابن الملاعنة لخبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام: (أن علیا علیه السّلام کان یقول: ولد الزنا و ابن الملاعنة ترثه أمه و أخوته لأمه و عصبتها)(3)، و خبر یونس: (میراث ولد الزنا لقرابته من قبل أمه علی میراث ابن الملاعنة)5 و الأولی ضعیفة لأن فی سندها غیاث بن کلوب و هو مجهول، و الثانیة مقطوعة و لعلها من کلام یونس و مذهبه.

ص:169


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب میراث ولد الملاعنة حدیث 1 و 7.
2- (3) الوسائل الباب - 8 - من أبواب میراث ولد الملاعنة حدیث 1.
3- ( (4 و 5) الوسائل الباب - 8 - من أبواب میراث ولد الملاعنة حدیث 9 و 6.

(یتقرب بهما) لانتفائه عنهما شرعا فلا یرثانه، و لا یرثهما، و لو اختص الزنا بأحد الطرفین انتفی عنه خاصة، و ورثه الآخر و من یتقرب به (و مع العدم) أی عدم الوارث له من الولد و الزوجة و من بحکمهما علی ما ذکرناه (فالضامن لجریرته) و مع عدمه (فالإمام) و ما روی خلاف ذلک (1) من أن ولد الزنا ترثه أمه و إخوته منها، أو عصبتها و ذهب إلیه جماعة کالصدوق و التقی و ابن الجنید فشاذ، و نسب الشیخ الراوی إلی الوهم (2) بأنه کولد الملاعنة (3).

السابعة - لا عبرة بالتبری من النّسب

(السابعة - لا عبرة بالتبری من النّسب) عند السلطان (4) فی المنع من إرث (1)من خبر إسحاق بن عمار و خبر یونس.

(2)بالنسبة لخبر إسحاق بن عمار کما فی المسالک.

(3)أی بأن ولد الزنا کولد الملاعنة، و حاصل کلام الشیخ أن الروایة واردة فی ابن الملاعنة فقط إلا أن الراوی قد توهم أن ولد الزنا مثله فی الحکم فأدخله فی الروایة، و فیه: إن هذا مستلزم لتکذیب الراوی و لذا قال الشارح فی المسالک إنّه حمل بعید.

(4)لو تبرأ الأب من جریرة ابنه و من میراثه عند السلطان فقد ذهب الشیخ فی النهایة و الاستبصار و ابن حمزة فی الوسیلة و القاضی فی المهذب و الکیدری فی الإصباح أن المیراث لعصبة أبیه و یحرم الأب لخبر یزید بن خلیل کما فی کتب الفقه أو برید بن خلیل کما فی الوسائل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (عن رجل تبرأ من جریرة ابنه و میراثه، فمات الابن و ترک مالا من یرثه؟ قال: میراثه لأقرب الناس إلی أبیه)(1)، و لمضمرة أبی بصیر:

(سألته عن المخلوع یتبرأ منه أبوه عند السلطان و من میراثه و جریرته لمن میراثه؟ فقال:

قال علی علیه السّلام: هو لأقرب الناس إلی أبیه)2 کما فی الفقیه، أو (لأقرب الناس إلیه) کما فی التهذیب.

و ظاهر الخبرین خصوصا الثانی مع ملاحظة المخلوع الذی یعزل عن الولایات أن المراد من السلطان هو السلطان الجائر، إلا أن الخبر الأول ضعیف لجهالة یزید بن خلیل و الخبر الثانی مضمر کما قیل، و إن کان متنه مع نسبة القیل إلی أمیر المؤمنین علیه السّلام یدل علی أنه صادر من المعصوم.

إلاّ أن الأکثر قد ذهب إلی عدم الأثر لهذا التبری لأصالة بقاء النسب و لذا ذهب الشیخ فی-

ص:170


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 7 - من أبواب میراث ولد الملاعنة حدیث 2 و 3.

المتبری علی الأشهر، للأصل (1)، و عموم القرآن الدال علی التوارث مطلقا (2)(و فیه قول شاذ) للشیخ فی النهایة، و ابن البراج (أنه) أی المتبری من نسبه (ترثه عصبة أمّه (3)، دون أبیه لو تبرأ أبوه من نسبه) استنادا إلی روایة أبی بصیر عن أحدهما علیه السّلام، قال: «سألته عن المخلوع یتبرأ منه أبوه عند السلطان و من میراثه و جریرته، لمن میراثه؟ فقال: قال علی علیه السّلام: هو لأقرب الناس إلیه».

و لا دلالة لهذه الروایة علی ما ذکروه لأن أباه أقرب الناس إلیه من عصبة أمه (4)، و قد رجع الشیخ عن هذا القول صریحا فی «المسائل الحائریة».

الثامنة - فی میراث الغرقی و المهدوم علیهم

(الثامنة - فی میراث الغرقی و المهدوم علیهم) (5) اعلم أن من شرط التوارث -الحائریات إلی تأیید مذهب الأکثر مع أنه فی الاستبصار و النهایة قد ذهب إلی العمل بالخبرین.

و العجب من الشارح حیث جعل روایة أبی بصیر مسندة إلی أحدهما علیهما السّلام مع أنه فی المسالک وصفها بأنها مضمرة، هذا من جهة و من جهة أخری ففی جمیع نسخ الروضة المطبوعة: «ترثه عصبة أمه دون أبیه» مع أن الخبر و جمیع کتب الفقه و کلامه فی المسالک تدل علی أنه «ترثه عصبة أبیه دون أبیه».

(1)أصالة بقاء النسب.

(2)تبرأ منه أبوه أو لا.

(3)و الأصح عصبة أبیه.

(4)و الصحیح من عصبة أبیه.

(5)اعلم أنه من شرط التوارث العلم بتقدم موت المورّث بحیث یکون الوارث حیا بعد موته، فمع اقتران موتهما أو الشک فی ذلک لا یثبت الإرث لأن الشک فی الشرط شک فی المشروط و هذا أصل حاکم فی کل مسائل الإرث، و خرجت منه صورة واحدة و هی ما لو مات اثنان بینهما نسب و سبب یتوارثان به بالغرق أو الهدم و اشتبه الحال فی تقدم موت أحدهما علی الآخر، فإنه یرث کل منهما الآخر بحیث یفرض موت أحدهما أولا فیرثه الآخر ثم یفرض موت الآخر أولا فیرثه الأول.

و توارث الغرقی و المهدوم علیهم. مشروط بثلاثة شروط:

الأول: أن یکون لهما أو لأحدهما مال، و إلا لو لم یکن لهما مال فلا إرث، و لو کان لأحدهما مال ورثه الآخر الذی لا مال عنده ثم ینتقل المال إلی وارثه الحی.

الثانی: أن یکون بینهما توارث و إلا لو غرق أخوان و کان لکل منهما ولد أو لأحدهما فلا توارث بینهما، و هذان الشرطان واضحان.-

ص:171

بین المتوارثین العلم بتأخّر حیاة الوارث عن حیاة المورّث و إن قل (1)، فلو ماتا دفعة، أو اشتبه المتقدم منهما بالمتأخر (2)، أو اشتبه السبق، و الاقتران فلا إرث، سواء کان الموت حتف الأنف أم بسبب، إلا أن یکون السبب الغرق، أو الهدم علی الأشهر. و فیهما (3)(یتوارث الغرقی، و المهدوم علیهم إذا کان بینهم نسب، أو)

-الثالث: أن لا یکون موتهما حتف الأنف، فلو ماتا حتف أنفهما و اشتبه تقدم أحدهما علی الآخر فلا توارث بینهما لخبر القداح عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (ماتت أم کلثوم بنت علی علیه السّلام و ابنها زید بن عمر بن الخطاب فی ساعة واحدة، و لا یدری أیهما هلک قبل، فلم یورّث أحدهما من الآخر و صلی علیهما جمیعا)(1).

فلا بدّ أن یکون موتهما بسبب، و ذهب المعظم إلی حصر السبب بالهدم و الغرق للأخبار منها: صحیح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن القوم یغرقون فی السفینة أو یقع علیهم البیت فیموتون فلا یعلم أیّهم مات قبل صاحبه قال: یورث بعضهم من بعض، کذلک هو فی کتاب علی علیه السّلام)(2).

و صحیح ابن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی رجل سقط علیه و علی امرأته بیت قال:

تورث المرأة من الرجل و یورث الرجل من المرأة)(3) و مثله غیرهما و ذهب الشیخ فی النهایة و ابن الجنید و أبو الصلاح و جماعة إلی تعمیم الحکم فی کل سبب لأن العلة فی التوارث هو اشتباه التقدم و التأخر فی الموت المستند إلی سبب و هی موجودة فی غیر الغرق و الهدم من الأسباب.

و أما ذکر الهدم و الغرق فهی من کلام السائل لا من کلام المعصوم حتی ینحصر السبب فیهما. و یرده ما تقدم من عدم توریث أمیر المؤمنین علیه السّلام لابنته أم کلثوم و ولدها لما ماتا معا بغیر هدم و لا غرق، و ما رواه فخر المحققین: «قد روی أن قتلی الیمامة و قتلی صفین لم یرث بعضهم من بعض بل ورّثوا الأحیاء»(4).

(1)التأخر.

(2)أی علم بالسبق و شک فی السابق.

(3)فی الهدم و الغرق.

ص:172


1- (1) الوسائل الباب - 5 - من أبواب میراث الغرقی و المهدوم علیهم حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث الغرقی و المهدوم علیهم حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الغرقی و المهدوم علیهم حدیث 1.
4- (4) إیضاح الفوائد ج 4 ص 277.

(سبب) یوجبان (1) التوارث (و کان بینهم مال) لیتحقق به الإرث و لو من أحد الطرفین (2)(و اشتبه المتقدم) منهم (و المتأخر) فلو علم اقتران الموت فلا إرث، أو علم المتقدم من المتأخر ورث المتأخر المتقدم دون العکس (و کان بینهم توارث) (3) بحیث یکون کل واحد منهم یرث من الآخر و لو بمشارکة غیره. فلو انتفی (4) کما لو غرق أخوان و لکلّ واحد منهما ولد، أو لأحدهما فلا توارث بینهما، ثم إن کان لأحدهما مال، دون الآخر صار المال لمن لا مال له، و منه إلی وارثه الحی، و لا شیء لورثة ذی المال (5).

(و لا یرث الثانی) (6)

(1)ضمیر التثنیة راجع إلی السبب و النسب.

(2)أی وجود المال فینتقل المال حینئذ إلی الآخر.

(3)أی کانت الموارثة دائرة بینهما و هو الشرط الثانی المتقدم.

(4)التوارث.

(5)لأن صاحب المال إذا کان موروثا انتقل المال منه إلی الآخر مع أن الآخر لا مال له بحسب الفرض فوارثه لا شیء له و یدل علیه صحیح عبد الرحمن: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن بیت وقع علی قوم مجتمعین فلا یدری أیّهم مات قبل، قال علیه السّلام:

یورث بعضهم من بعض، قلت: فإن أبا حنیفة أدخل فیها شیئا قال علیه السّلام: و ما أدخل؟ قلت: رجلین أخوین أحدهما مولای و الآخر مولی لرجل، لأحدهما مائة ألف درهم و الآخر لیس له شیء رکبا فی السفینة فغرقا، فلم یدر أیّهما مات أولا کان المال لورثة الذی لیس له شیء و لم یکن لورثة الذی له المال شیء، فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام:

لقد سمعها، و هو هکذا)(1).

(6)شروع فی کیفیة الإرث بین الغرقی و المهدوم علیهم، ذهب الأکثر إلی أن کلا منهما یرث مما ترکه الآخر من ماله الأصلی حتی الوفاة دون ما ورثه کل منهما من الآخر، بأن یفرض کل منهما حیا بعد موت الآخر و یأخذ نصیبه منه، و یدل علیه صحیح عبد الرحمن المتقدم(2) بجعل المال لمن لا شیء له و الذی عنده مال لا شیء له و هذا کاشف عن أن التوریث من مالهم الأصلی حین الوفاة، و مرسل حمران عمن ذکره عن أمیر-

ص:173


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الغرقی و المهدوم علیهم حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الغرقی و المهدوم علیهم حدیث 1.

-المؤمنین علیه السّلام: (فی قوم غرقوا جمیعا أهل البیت، قال: یورث هؤلاء من هؤلاء و هؤلاء من هؤلاء، و لا یرث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شیئا، و لا یورّث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شیئا)(1).

و صحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی رجل سقط علیه و علی امرأته بیت قال: تورث المرأة من الرجل و یورث الرجل من المرأة، معناه یورث بعضهم من بعض من صلب أموالهم، لا یورثون مما یورث بعضهم بعضا شیئا)2.

و احتجوا له أیضا بأن الثانی المفروض حیاته ثانیا لا یرث من الأول مما ورثه الأول منه إلا بعد فرض الثانی حیا بعد فرض موته و فرض الحیاة بعد الموت محال عادة.

و ذهب المفید و سلاّر إلی أن الثانی یرث من الأول من ماله الأصلی الذی ترکه حین الوفاة و مما ورثه الأول منه، و احتجا بدلیلین:

الأول: إطلاق أدلة التوارث بینهم، و فیه أنها مقیدة بما سمعت من تخصیص التوارث بالمال الأصلی.

الثانی: أن الأضعف نصیبا یجب تقدیر حیاته أولا فی هذه المسألة، و لا فائدة لهذا الحکم إلا لأن الثانی یرث مما ترکه الأول و مما ورثه الأول منه بیانه:

لو کان الغرقی اثنین واحدهما أقل نصیبا من الآخر کالزوج و الزوجة، فقد ذهب جماعة منهم الشیخان و ابن إدریس و المحقق فی النافع إلی تقدیم الأضعف نصیبا بحیث یفرض موت الأکثر نصیبا أولا فیأخذ الأضعف نصیبه منه ثم یفرض الأضعف میتا ثانیا و یأخذ الأکثر منه نصیبه حینئذ، و فی موردنا یفرض موت الزوج فتأخذ الزوجة نصیبها ثم یفرض موت الزوجة فیأخذ الزوج نصیبه، و یدل علیه صحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما علیهما السّلام: (فی رجل سقط علیه و علی امرأته بیت، فقال: تورث المرأة من الرجل ثم یورث الرجل من المرأة)(2)، و خبر عبید بن زرارة: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل سقط علیه و علی امرأته بیت، فقال: تورث المرأة من الرجل ثم یورث الرجل من المرأة)4 و لفظ ثم حقیقة فی الترتیب.

و ذهب جماعة منهم الشیخ فی الإیجاز و ابن زهرة فی الغنیة و القاضی إلی عدم وجوب-

ص:174


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الغرقی و المهدوم علیهم حدیث 2 و 1.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 6 - من أبواب میراث الغرقی و المهدوم علیهم حدیث 2، فکلا الخبرین أوردهما تحت هذا الرقم.

المفروض موته ثانیا (مما ورث منه الأول) للنص (1)، و استلزامه (2) التسلسل (3)، -تقدیم الأضعف نصیبا بأن یفرض الأکثر میتا أولا لخبر محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (تورث المرأة من الرجل و یورث الرجل من المرأة) و العطف بالواو لا یفید الترتیب بل مطلق الجمع.

و ذهب الشارح فی المسالک إلی عدم المنافاة بین الأخبار لقوله: (بأن الجمع المطلق لا ینافی الترتیب فلا منافاة بین الواو و ثم، بل یجب حمل الواو علی ثم کما یجب حمل المطلق علی المقید). و لذا ذهب بعضهم إلی استحباب التقدیم کالشهید فی الدروس.

و علی کل فوجوب تقدیم الأضعف نصیبا لا تظهر له فائدة إلا إذا کان الثانی یرث من مال الأصلی للأول و مما ورثه الأول منه.

و ردّ بأنه یحتمل أن یکون وجوب تقدیم الأضعف نصیبا من باب التعبد، لأن أکثر علل الشرائع و المصالح المعتبرة فی نظر الشارع خفیة عنا لعجز عقولنا عن إدراکها فضلا عن أنه غیر مسموع فی قبال النصوص الصریحة السابقة بحصر الإرث فی المال الأصلی. نعم أشکل علی قول المفید بإشکال عام الورود و هو: أن قول المفید بتوریث الثانی مما ورثه الأول منه یلزم منه فرض الثانی حیا بعد موته و هو محال، مع أن هذا الإشکال وارد علی قول الأکثر لأن الثانی قد فرض حیاته بعد فرض موته و إن لم یرث الثانی مما ورثه الأول منه و علیه فهو عام الورود لا یصلح للاستدلال لأحد القولین.

و أشکل علی قول المفید أیضا بأنه مستلزم للتسلسل، لأن الثانی إن ورث مما یرثه الأول منه، فهذا یستدعی أن یرث الأول مما ورثه الثانی منه أیضا، و لو تم لوجب أن یرث الثانی مرة أخری من الأول ما ورثه الأول منه بالفرض الثانی و هکذا دوالیک و هذا ما یلزم منه التسلسل.

و أیضا هو غیر وارد لأن الثانی یرث مما ورثه الأول منه لأننا فرضنا أولا أن الأول حیّ و الثانی میت فما یأخذه الأول من الثانی بالإرث یصیر جزءا من ماله، فلو فرضنا بعد ذلک أن الثانی حیّ و الأول میت فلا بد أن یرث الثانی من جمیع مال الأول بما فیه ما ورثه الأول منه و إلی هنا ینتهی فرض حیاة کلّ منهما و لا یأتی فرض ثالث بأن نفرض الأول حیا حتی یرث من الثانی ما ورثه الثانی من الأول، لأن حیاة الأول قد فرضت أولا فلا معنی لفرضها ثانیا.

(1)قد تقدم.

(2)أی استلزام توریث الثانی مما ورثه الأول منه.

(3)قد عرفت بیانه و عرفت ما فیه من الضعف.

ص:175

و المحال عادة (1). و هو فرض الحیاة بعد الموت، لأن التوریث منه (2) یقتضی فرض موته فلو ورث (3) ما انتقل عنه لکان حیا بعد انتقال المال عنه. و هو ممتنع عادة.

و أورد مثله فی إرث الأول من الثانی (4).

و ردّ بأنّا نقطع النظر عما فرض أولا و نجعل الأول (5) کأنه المتأخر حیاة (6)، بخلاف ما إذا ورثنا الأول من الثانی مما کان قد ورثه الثانی منه فإنه یلزم فرض موت الأول (7) و حیاته (8) فی حالة واحدة. و فیه تکلف (9). و المعتمد النص: روی عبد الرحمن بن الحجاج فی الصحیح عن الصادق علیه السّلام: «فی أخوین ماتا، لأحدهما مائة ألف درهم، و الآخر لیس له شیء رکبا فی السفینة فغرقا فلم یدر أیهما مات أولا، قال: المال لورثة الذی لیس له شیء» (10). و عن علی علیه السّلام فی (1)عطف علی التسلسل، و قد عرفت أنه عام الورود فلا یرد علی قول المفید فقط.

(2)من الثانی الذی فرض حیاته ثانیا.

(3)أی الثانی الذی فرض حیاته ثانیا.

(4)و هو قول الأکثر، و توضیح معناه: أن المحال عادة یرد أیضا علی ما لو ورثنا الأول الذی فرض موته أولا من المال الأصلی للثانی الذی فرض موته ثانیا، و جعلنا الأول هو المفروض موته أولا تبعا لمتن الروضة حیث صرح بذلک فی عبارته: «و لا یرث الثانی المفروض موته ثانیا»، مع أن الثانی الذی هو مفروض موته ثانیا هو بعینه الأول الذی فرض حیاته أولا کما تقدم فی الشرح، فلو جعل الثانی هو المفروض حیاته ثانیا لکان هو الموافق لقول بقیة الفقهاء و لکان هو الموافق للثانی الذی بنی علیه دلیل التسلسل و المحال عادة، و لذا عند ما أراد بیان المحال عادة جعل الثانی هو المفروض حیاته ثانیا لا المفروض موته ثانیا فراجع فإنه من مزالّ الأقدام.

(5)الذی فرض موته أولا.

(6)فی الفرض الثانی المبنی علی فرض موت الثانی.

(7)لأن الثانی وارثه.

(8)لأن الثانی یرث مما ورثه الأول منه، و جعل الأول وارثا حینئذ فرض لحیاته.

(9)أی و فی الرد تکلف بل یکفینا النص الدال علی قول الأکثر و هو کاف فی بطلان قول المفید.

(10)الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الغرقی و المهدوم علیهم حدیث 1، فلو کان الثانی المفروض حیاته ثانیا یرث مما ورثه الأول منه لکان لکل منهما شیء کما هو واضح.

ص:176

قوم غرقوا جمیعا أهل بیت ما قال: «یرث هؤلاء من هؤلاء و هؤلاء من هؤلاء، و لا یرث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء (1).

و هذا حجة علی المفید و سلاّر حیث ذهبا إلی توریث کل (2) مما ورث منه أیضا، استنادا إلی وجوب تقدیم الأضعف (3) فی الإرث، و لا فائدة (4) إلا التوریث مما ورث منه (5).

و أجیب بمنع وجوب تقدیمه بل هو علی الاستحباب (6)(و) لو سلم فإنما (یقدّم الأضعف تعبّدا) لا لعلة معقولة، فإن أکثر علله الشرع و المصالح المعتبرة فی نظر الشارع خفیة عنا تعجز عقولنا عن إدراکها، و الواجب اتباع النص (7) من غیر نظر إلی العلة. و لتخلفه (8) مع تساویهما فی الاستحقاق کأخوین لأب فینتفی اعتبار التقدیم و یصیر مال کل منهما لورثة الآخر (9).

و علی اعتبار تقدیم الأضعف - وجوبا کما یظهر من العبارة، و ظاهر الأخبار تدل علیه. و منها صحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما علیهما السّلام (10)، أو (1)الوسائل الباب - 3 - من أبواب میراث الغرقی و المهدوم علیهم حدیث 1.

(2)ظاهر العبارة توریث کلا الطرفین مما ورثه الآخر و هو لیس فی محله، لأن قول المفید و سلار هو توریث الثانی المفروض حیاته ثانیا مما ورثه الأول منه فقط.

(3)بأن یفرض الأکثر نصیبا هو المیت أولا فیرث ذو النصیب الأضعف و لذا قال الشارح إنّ التقدیم فی الإرث المستدعی لفرض موت صاحب النصیب الأکثر.

(4)لهذا التقدیم.

(5)و إلا فما دام کلّ منهما سیرث من المال الأصلی للآخر فلا یفرق الحال سواء قدمنا الأضعف أو الأکثر.

(6)أیضا لا بد للاستحباب من فائدة و ما ذلک إلا لتوریث الثانی مما ورثه الأول منه، فجعل الحکم استحبابیا حتی یبطل استدلال المفید لیس فی محله.

(7)من کون التوریث من المال الأصلی فقط.

(8)تخلف تقدیم الأضعف.

(9)مع أنه لو قلنا بمقالة المفید لکان إرث الثانی من الأول أکثر من إرث الأول من الثانی مع أنه لا دلیل علی هذا الترجیح بعد کونهما متساویین فی الإرث.

(10)الوسائل الباب - 6 - من أبواب الغرقی و المهدوم علیهم حدیث 2.

(11)لأن العطف بالواو کما فی خبر محمد بن مسلم الآخر فراجع ما تقدم فی الشرح.

ص:177

استحبابا (1) علی ما اختاره فی الدروس - لو غرق الأب و ولده قدّم موت الابن فیرث الأب (2) نصیبه منه، ثم یفرض موت الأب فیرث الابن نصیبه منه، و یصیر مال کل إلی ورثة الآخر الأحیاء، و إن شارکهما مساو انتقل إلی وارثه (3) الحی ما ورثه، و لو لم یکن لهما وارث صار مالهما للإمام.

و ذهب بعض الأصحاب إلی تعدی هذا الحکم إلی کل سبب یقع معه الاشتباه کالقتیل، و الحریق، لوجود العلة (4). و هو ضعیف، لمنع التعلیل (5) الموجب للتعدی مع کونه (6) علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی موضع النص و الوفاق، و لو کان الموت حتف الأنف، فلا توارث مع الاشتباه إجماعا.

التاسعة فی میراث المجوس

(التاسعة) فی میراث (المجوس) (7) إذا ترافعوا إلی حکام الإسلام (8)، و قد اختلف الأصحاب فیه (9):

فقال یونس بن عبد الرحمن (10): إنهم یتوارثون بالنسب و السبب الصحیحین (11)، دون الفاسدین (12)، و تبعه التقی و ابن إدریس، محتجا (13) ببطلان ما سواه (14) (1)لأنه الأقل نصیبا حیث یرث السدس.

(2)وارث کل من الغرقی و المهدوم علیهم.

(3)و هی اشتباه التقدم فی موت أحدهما علی الآخر.

(4)لأن التعلیل غیر منصوص حتی یتمسک بعمومه.

(5)کون الحکم بالتوارث فی مسألة الغرقی و المهدوم علیهم.

(6)و هو من ینکح المحرمات کالأخت و البنت باعتقاد حلیة ذلک.

(7)إذا أسلموا أو إذا ترافعوا إلی حکام المسلمین و هم علی دین المجوسیة.

(8)فی المیراث علی أقوال ثلاثة.

(9)من قدمائنا و تبعه أبو الصلاح و ابن إدریس و نقل عن المفید و اختاره العلامة فی المختلف.

(10)فیما لو تزوج المجوسی بنت عمه فأولدها فالنسب و السبب صحیحان.

(11)فیما لو تزوج المجوسی أخته فأولدها فالنسب و السبب فاسدان.

(12)و هو استدلال ابن إدریس حیث قال فی السرائر: (فإذا حکم الحاکم بما لا یجوز فی شرع الإسلام فقد حکم بغیر الحق و بغیر ما أنزل اللّه و بغیر القسط).

(13)ما سوی الصحیح.

ص:178

فی شرع الإسلام فلا یجوز لحاکمهم (1) أن یرتب علیه (2) أثرا.

و قال الشیخ و جماعة (3): یتوارثون بالصحیحین و الفاسدین، لما رواه السکونی عن علی علیه السّلام: «أنه کان یورّث المجوسی إذ تزوج بأمه، و أخته، و ابنته من جهة أنها أمه و أنها زوجته (4)»، و قول الصادق علیه السّلام لمن سبّ مجوسیا و قال: إنه تزوج بأمه -: «أ ما علمت أن ذلک عندهم هو النکاح» (5) بعد أن زبر السابّ.

و قوله علیه السّلام: «إن کل قوم دانوا بشیء یلزمهم حکمه» (6).

و قال الفضل بن شاذان و جماعة منهم المصنف فی هذا المختصر (7) و الشرح (8):(إنّ المجوس یتوارثون بالنسب الصحیح و الفاسد، و السبب الصحیح لا الفاسد).

أما الأول (9) فلأن المسلمین یتوارثون بهما حیث تقع الشبهة، و هی (10) موجودة فیه (11).

و أما الثانی (12) فلقوله تعالی: وَ أَنِ احْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ (13) وَ قُلِ (1)لحاکم المسلمین.

(2)علی ما سوی الصحیح.

(3)بل فی التحریر أنه المشهور.

(4)الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث المجوسی حدیث 1.

(5)و هو مرسل الشیخ فی التهذیب راجع الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث المجوسی حدیث 2.

(6)الوسائل الباب - 1 - من أبواب میراث المجوسی حدیث 3 و هو مرسل الشیخ أیضا فی التهذیب.

(7)أی اللمعة.

(8)شرح الإرشاد، بل فی الریاض نسبته إلی أکثر من تأخر.

(9)النسب الصحیح و الفاسد.

(10)أی الشبهة.

(11)فی المجوسی حیث یعتقد حلیة نکاح الأخت و البنت.

(12)و هو السبب الصحیح دون الفاسد.

(13)المائدة الآیة: 49.

ص:179

اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ (1). وَ إِنْ حَکَمْتَ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (2)، و لا شیء من الفاسد بما أنزل اللّه، و لا بحق و لا بقسط. و هذا هو الأقوی.

و بهذه الحجة احتج أیضا ابن إدریس علی نفی الفاسد منهما (3). و قد عرفت فساده (4) فی فاسد النسب (5).

و أما أخبار الشیخ (6) فعمدتها خبر السکونی و أمره واضح (7). و الباقی (8) لا ینهض علی مطلوبه.

و علی ما اخترناه (9)(فلو نکح) المجوسی (أمه فأولدها ورثته بالأمومة و ورثه ولدها بالنسب الفاسد، و لا ترثه الأم بالزوجیة) لأنه (10) سبب فاسد.

(و لو نکح المسلم بعض محارمه بشبهة وقع التوارث) بینه و بین أولاده (بالنسب أیضا) و إن کان فاسدا: و یتفرع علیهما (11) فروع کثیرة یظهر حکمها مما تقرر فی قواعد الإرث:

فلو أولد المجوسی بالنکاح (12)، (1)الکهف الآیة: 29.

(2)المائدة الآیة: 42.

(3)من النسب و السبب، و قد تقدم کلامه.

(4)فساد احتجاج ابن إدریس.

(5)عند قوله أما الأول فلأن المسلمین یتوارثون بهما.

(6)التی استدل بها علی قوله.

(7)أنه عامی، و العجب من الشارح حیث ترک العمل هنا بخبر السکونی لأنه عامی مع أنه فی المسالک قال: «و روایة السکونی قد أودعها المصنفون کتبهم و فتواهم بما فیها غالبا» و هذا یوجب جبر ضعف السند.

(8)مرسل الشیخ فی التهذیب کما تقدم.

(9)و هو التوارث بالنسب الصحیح و الفاسد، و بالسبب الصحیح دون الفاسد.

(10)أی الزواج من أمه.

(11)علی المسألتین من زواج المجوسی بمحارمه اعتقادا للحلیة و من زواج المسلم ببعض محارمه شبهة.

(12)المعتقد حلیته.

ص:180

أو المسلم بالشبهة من ابنته ابنتین ورثن (1) ماله بالسویة.

فلو ماتت إحداهما (2) فقد ترکت أمها و أختها فالمال لأمها (3).

فإن ماتت الأم دونهما ورثها ابنتاها.

فإن ماتت إحداهما ورثتها الأخری.

و لو أولدها بنتا (4) ثم أولد الثانیة بنتا، فماله بینهن (5) بالسویة.

فإن ماتت العلیا (6) ورثتها الوسطی (7) دون السفلی (8).

و إن ماتت الوسطی فللعلیا نصیب الأمّ، و للسفلی نصیب البنت، و الباقی یردّ أرباعا.

و إن ماتت السفلی ورثتها الوسطی لأنها أمّ، دون العلیا لأنها جدّة و أخت، و هما محجوبتان بالأمّ. و قس علی هذا.

العاشرة - مخارج الفروض خمسة

(العاشرة - مخارج الفروض) (9): أقلّ عدد تخرج منه صحیحة (10) و هی (1)البنات الثلاث المال بالسویة لأن السبب الفاسد لا أثر له علی قول الشارح فلا ترث إحداهن نصیب الزوجیة.

(2)إحدی البنتین.

(3)لو کان أبوها قد مات سابقا.

(4)أی اولد إحدی بنتیه الآتیة من السبب الفاسد علی ابنته الأولی.

(5)بین البنات الخمس بالسویة و هذا بعد عدم وجود الأب.

(6)أی البنت التی نکحها أولا و التی أتت له ببنتین اللتین أولدا له بنتین بنکاحین.

(7)أی بنتها التی هی أولدتها من أبیها.

(8)أی بنت بنت البنت.

(9)قال الشارح فی المسالک: «کان حق هذه الخاتمة أن تجعل مقدمة لکتاب الفرائض لیحفظ مضمونها و تستعمل فی مسائل الکتاب کما فعل الشهید فی الدروس، و أما جعلها فی الآخر کما فعل المصنف - أی المحقق فی الشرائع - و الأکثر فلا یعلم الطالب مضمونها إلی أن یفرغ عن بحث المسائل بغیر قاعدة یرجع إلیها فیقلّ فائدتها، و قد وقع بسبب ذلک خلل کثیر فی حساب الفرائض یقف علیه من تأمل کلام جماعة من الفقهاء فی ذلک».

(10)أی أقل عدد تخرج منه الفریضة صحیحة، اعلم أن هذه المسألة العاشرة تتکلم فی -

ص:181

-شیئین:

الأول: تصحیح المسائل.

الثانی: قسمة الفریضة علی الورثة.

أما الشیء الأول فبیانه متوقف علی مقدمات:

المقدمة الأولی: السهام المقدرة فی الکتاب ستة کما تقدم و هی: النصف و الربع و الثمن و الثلثان و الثلث و السدس، و مخرج هذه السهام الستة خمسة، لأن المخرج هو أقل عدد یخرج منه السهم صحیحا فالنصف یخرج من اثنین و الربع من أربعة و الثمن من ثمانیة و السدس من ستة، و الثلثان و الثلث من ثلاثة.

المقدمة الثانیة: إما أن یقع فی مسألة الإرث سهم واحد کالنصف مثلا أو سهمان فصاعدا، و علی الأول فالمخرج المأخوذ منه ذلک السهم هو أصل المسألة، فالنصف إن وقع فی مسألة الإرث وحیدا فمخرج الفریضة اثنان، و إن وقع الثلث فمخرج الفریضة ثلاثة و هکذا.

و علی الثانی فإن کان السهمان من مخرج واحد کالثلثین و الثلث فمخرج الفریضة من ثلاثة، و إن کان السهمان من مخرجین مختلفین فإن کانا متداخلین کالثمن و النصف أو السدس و النصف، فأکثر المخرجین هو أصل الفریضة و هو الثمن فی المثال الأول و السدس فی الثانی.

و إن لم یکن بینهما تداخل فلینظر هل هما متوافقان کالسدس و الربع فی مثل زوجة و واحد من کلالة الأم بحیث کل منهما ینقسم علی اثنین فیضرب أحدهما بنصف الآخر.

و إن لم یکن تداخل و لا توافق فهو التباین کالربع و الثلث فی مثل زوجة و أم فیضرب أحد المخرجین بالآخر و الحاصل هو مخرج الفریضة. ففی المثال یکون مخرجها من اثنی عشر.

المقدمة الثالثة: بناء علی ما تقدم کل فریضة فیها نصف و الباقی بالقرابة کزوج و أخ أو نصفان کزوج و أخت فهی من اثنین.

و کل فریضة فیها ثلثان و الباقی بالقرابة کبنتین أو أختین فلهما الثلثان فرضا و الباقی ردا بالقرابة، أو ثلثان و ثلث کأختین من أب مع إخوة من الأم فهو من ثلاثة.

و کل فریضة فیها ربع و الباقی بالقرابة کزوجة و إخوة، أو ربع و نصف و الباقی بالقرابة کزوج و بنت فهی من أربعة.

و کل فریضة فیها سدس و الباقی بالقرابة کأحد الأبوین مع ابن، أو فیها سدس و نصف کأخت و واحد من کلالة الأم فهی من ستة.-

ص:182

(خمسة) (1) للفروض الستة، لدخول مخرج الثلث فی مخرج الثلثین. فمخرج (النصف من اثنین، و الثلث و الثلثان من ثلاثة، و الربع من أربعة، و السدس من ستة، و الثمن من ثمانیة) فإذا کان فی الفریضة نصف لا غیر کزوج مع المرتبة -و کل فریضة فیها ثمن و الباقی بالقرابة کزوجة مع ابن، أو ثمن مع نصف کزوجة مع بنت فهی من ثمانیة.

و کل فریضة فیها ثلثان و ربع کزوج و بنتین، أو ربع و ثلث کزوجة و أم، أو ربع و سدس کزوج و أم و ابن فهی من اثنی عشر.

و کل فریضة فیها ثمن و ثلثان و الباقی بالقرابة کزوجة و بنتین، أو ثمن و سدس و الباقی بالقرابة کزوجة و أحد الأبوین مع ابن فهی من أربعة و عشرین، و هکذا هذا إذا کان فی الفریضة صاحب فرض سواء کان معه غیره أو لا.

المقدمة الرابعة: لا بد من تفسیر التداخل و التوافق و التباین و التماثل، أما المتماثلان فهما کل عددین متساویین کخمسة و خمسة.

و أما المتداخلان فهما عددان أحدهما أکبر من الآخر بحیث لو أسقطت الأقل من الأکثر مرتین فصاعدا لا یبقی شیء کالأربعة مع الاثنین و التسعة مع الثلاثة، فالأقل داخل فی الأکثر مرتین فصاعدا فلذا سمیا بالمتداخلین و أما المتوافقان فهما عددان یفنیهما عدد ثالث کالستة مع العشرة فینقسمان علی اثنین، و کسره النصف فتضرب أحد العددین بنصف الآخر، و لو انقسما علی ثلاثة فتضرب أحدهما بثلث الآخر و هکذا.

و أما المتباینان فهما العددان اللذان لا توافق و لا تداخل و لا تماثل بینهما.

المقدمة الخامسة: إذا لم یکن بین الوراث صاحب فرض، فأصل المسألة بعدد رءوسهم إذا کانت حصصهم متساویة کأربعة أولاد ذکور و مخرج الفریضة حینئذ أربعة.

و إن اختلفوا بالذکوریة و الأنوثیة و کان للذکر ضعف الأنثی فیجعل لکل ذکر سهمان و للأنثی سهم فما أجتمع فهو أصل الفریضة فمثلا اجتماع ثلاثة ذکور مع بنتین، فالذکور الثلاثة لهم سهام ستة مع سهمی الأنثیین فأصل الفریضة من ثمانیة.

هذا إذا انقسمت الفریضة علی الورثة بدون کسر و إلا فسیأتی تفصیله.

و إذا کان بین الوراث صاحب فرض فأصل الفریضة تابع لمخرج سهمه کما تقدم، فیأخذ صاحب الفرض سهمه و الباقی یقسم علی باقی الورثة إذا کانوا متساوین، و مع اختلاف الذکوریة و الأنوثیة فعلی قاعدة للذکر ضعف الأنثی، هذا کله إذا کان الباقی ینقسم بدون کسر و إلا فسیأتی تفصیله، هذا تمام الکلام فی تصحیح المسائل و أما کیفیة قسمة الفریضة علی الورثة فستأتی فی المسألة الحادیة عشرة.

(1)إشارة إلی المقدمة الأولی.

ص:183

الثانیة فأصل الفریضة اثنان، فإن انقسمت علی جمیع الورثة بغیر کسر، و إلا عملت کما سیأتی.

إلی أن تصححها من عدد ینتهی إلیه الحساب. و کذا لو کان فی الفریضة نصفان (1).

و إن اشتملت علی ثلث، أو ثلثین، أو هما فهی من ثلاثة أو علی ربع فهی من أربعة. و هکذا.

و لو اجتمع فی الفریضة فروض متعددة (2) فأصلها أقل عدد ینقسم علی تلک الفروض صحیحا:

و طریقه: أن تنسب بعضها إلی بعض فإن تباینت ضربت بعضها فی بعض فالفریضة ما ارتفع من ذلک، کما إذا اجتمع فی الفریضة نصف و ثلث فهی من ستة.

و إن توافقت ضربت الوفق من أحدهما فی الآخر کما لو اتفق فیها ربع و سدس فأصلها اثنا عشر.

و إن تماثلت اقتصرت علی أحدهما کالسدسین.

أو تداخلت فعلی الأکثر کالنصف و الربع. و هکذا.

و لو لم یکن فی الورثة ذو فرض (3) فأصل المال عدد رءوسهم مع التساوی کأربعة أولاد ذکور، و إن اختلفوا فی الذکوریة و الأنوثیة فاجعل لکل ذکر سهمین، و لکل أنثی سهما فما اجتمع فهو أصل المال.

و لو کان فیهم ذو فرض و غیره فالعبرة بذی الفرض خاصة کما سبق، و یبقی حکم تمامها و انکسارها کما سیأتی.

و حیث توقّف البحث علی معرفة النسبة بین العددین بالتساوی و الاختلاف (1)إشارة إلی المقدمة الثالثة.

(2)إشارة إلی المقدمة الثانیة.

(3)إشارة إلی المقدمة الخامسة.

ص:184

و تأتّی الحاجة إلیه أیضا فلا بد من الإشارة إلی معناها (1):

فالمتماثلان هما: المتساویان قدرا.

و المتباینان هما: المختلفان اللذان إذا أسقط أقلهما من الأکثر مرة (2)، أو مرارا (3) بقی واحد. و لا یعدّهما (4) سوی الواحد، سواء تجاوز أقلهما نصف الأکثر کثلاثة و خمسة، أم لا کثلاثة و سبعة.

و المتوافقان هما: اللذان یعدّهما غیر الواحد (5) و یلزمهما (6) أنه إذا أسقط أقلهما من الأکثر مرة (7) أو مرارا (8) بقی أکثر من واحد و توافقهما بجزء ما یعدّهما (9).

فإن عدهما (10) الاثنان خاصة فهما متوافقان بالنصف، أو الثلاثة فبالثلث، أو الأربعة فبالربع. و هکذا.

و لو تعدد ما یعدهما من الأعداد فالمعتبر أقلهما جزءا (11) کالأربعة مع الاثنین (12) فالمعتبر الأربعة.

ثم إن کان أقلهما (13) لا یزید عن نصف الأکثر، و نفی الأکثر و لو مرارا، (1)إشارة إلی المقدمة الرابعة.

(2)إذا کان الأقل أکثر من نصف الأکثر.

(3)إذا کان الأقل أقل من نصف الأکثر.

(4)أی لا ینقسمان علی عدد ثالث غیر الواحد.

(5)أی ینقسمان علی عدد ثالث غیر الواحد.

(6)یلزم المتوافقین.

(7)إذا کان الأقل أکثر من نصف الأکثر.

(8)إذا کان الأقل أقل من نصف الأکثر.

(9)أی الوفق بین المتوافقین هو کسر العدد الذی ینقسمان علیه، فالستة و التسعة تنقسمان علی ثلاثة فوفقهما ثلث، فیضرب أحدهما بثلث الآخر.

(10)أی انقسما علی الاثنین خاصة.

(11)أی کسرا.

(12)تمثیل للوفق المتعدد فهما عدد ثالث ینقسم علیهما الاثنی عشر و الستة عشر فیؤخذ بالأربعة لأن کسرها الربع و الربع أقل من النصف.

(13)شروع فی تعریف المتداخلین.

ص:185

کالثلاثة و الستة، و الأربعة و الاثنی عشر، فهما المتوافقان بالمعنی الأعمّ (1)، و المتداخلان أیضا.

و إن تجاوزه فهما المتوافقان بالمعنی الأخص کالستة و الثمانیة یعدهما الاثنان، و التسعة و الاثنی عشر یعدهما الثلاثة، و الثمانیة و الاثنی عشر یعدهما الأربعة.

و لک هنا (2) اعتبار کل من التوافق و التداخل و إن کان اعتبار ما تقل معه الفریضة (3) أولی (4)، و یسمی المتوافقان - مطلقا (5) - بالمتشارکین، لاشتراکهما فی جزء الوفق (6).

فیجتزی عند اجتماعهما بضرب أحدهما فی الکسر الذی ذلک العدد المشترک (7) سمی له کالنصف فی الستة و الثمانیة، و الربع فی الثمانیة و الاثنی عشر.

و قد یترامی إلی «الجزء من أحد عشر» (8) فصاعدا فیقتصر علیه کأحد عشر مع اثنین و عشرین، أو اثنین و عشرین مع ثلاثة و ثلاثین، أو ستة و عشرین مع تسعة و ثلاثین فالوفق فی الأولین جزء من أحد عشر، و فی الأخیر من ثلاثة عشر.

الحادیة عشرة - الفریضة إذا کانت بقدر السّهام

(الحادیة عشرة (9) - الفریضة إذا کانت بقدر السّهام و انقسمت) علی مخارج (1)و علق سلطان العلماء بأنه غیر معروف هذا المعنی للمتوافقین.

(2)فی المتوافقین بالمعنی الأعم.

(3)و هو التداخل.

(4)و هذا کاشف عن أن التوافق له معنی واحد و هو المعنی الأخص.

(5)سواء کانا بالمعنی الأعم أو الأخص.

(6)فی کسر الوفق.

(7)و هو الوفق.

(8)بمعنی أن تقسم أحد العددین علی أحد عشر و الحاصل تضربه بالعدد الثانی.

(9)شروع فی تقسیم الفریضة علی الورثة بعد تصحیح مخرج الفریضة، و کان فیها صاحب فرض أو فروض، و کانت الفریضة بقدر السهام لا تعصیب فیها و لا عول، إذ لو کان فیها تعصیب أو عول فتقدم الکلام فی کیفیة المعالجة و سیأتی أیضا، فنقول: فإذا انقسمت-

ص:186

السهام (بغیر کسر فلا بحث کزوج و أخت لأبوین، أو لأب فالمسألة من سهمین)، لأن فیها نصفین و مخرجهما اثنان و تنقسم علی الزوج و الأخت بغیر کسر.

و إن لم تنقسم علی السّهام بغیر کسر مع کونها مساویة لها (1)، فإما أن تنکسر علی فریق واحد أو أکثر، ثم إما أن یکون بین عدد المنکسر علیه (2) و سهامه وفق بالمعنی الأعم (3) أو لا، فالأقسام أربعة (4).

-الفریضة علی جمیع الورثة بغیر کسر مثل أخت لأب مع زوج فالفریضة من اثنین و کل واحد من الورثة یأخذ النصف فلا کلام، و کذلک مثل بنتین و أبوین فالفریضة من ستة لکل واحد من الأبوین سدس و للبنتین أربعة أسداس لکل بنت سدسان، و مثل أبوین و زوج فالزوج له النصف و للأم الثلث و الباقی للأب فالفریضة من ستة و یکون للزوج ثلاثة و للأم اثنان و للأب واحد.

و إن لم تنقسم من دون کسر فسیأتی الکلام فی ذلک.

(1)أی مع کون الفریضة مساویة للسهام، فلا یخلو إما أن تنکسر الفریضة علی فریق من الوراث أو أکثر.

و علی الأولی إما أن یکون بین عدد هذا الفریق و نصیبه وفق أو تداخل أو لا، فإذا لم یکن بین عدد الفریق و نصیبه وفق و لا تداخل فهما متباینان فنضرب أصل الفریضة بعدد الفریق و الحاصل هو الفریضة و مثاله: أبوان و خمس بنات، فالثلثان اللذان هما أربعة أسداس الفریضة لا تنقسم علی عدد فریق البنات الخمسة بلا کسر، فیضرب أصل الفریضة بعدد فریق البنات أی الستة بخمسة و الحاصل ثلاثون فیعطی لکل واحد من الأبوین السدس و هو خمسة، و یعطی لکل بنت خمس الثلثین و هو أربعة و إذا کان بین عدد الفریق و نصیبه وفق أو تداخل فیکتفی بالأکثر علی تقدیر التداخل، و یضرب أصل الفریضة بوفق عددهن و الحاصل هو الفریضة و مثاله: أبوان و ست بنات، فالثلثان اللذان هما أربعة أسداس الفریضة لا تنقسم علی عدد فریق البنات الستة بلا کسر إلا أن بین عدد فریق البنات و بین نصیبهن وفق و هو اثنان فیضرب الستة التی هی أصل الفریضة بنصف عددهن الذی هو ثلاثة فالحاصل ثمانیة عشر، لکل واحد من الأبوین السدس و هو ثلاثة و لکل بنت سدس الثلثین و هو اثنان، و کان الوفق هو اثنان لأن الاثنین هو وفق عدد الفریق مع نصیبه هنا.

(2)أی عدد الفریق.

(3)الشامل للتوافق و التداخل.

(4)الأول: أن تنکسر علی فریق واحد مع التوافق بین عدده و نصیبه.-

ص:187

(فإن انکسرت علی فریق واحد ضربت عدده) لا نصیبه (فی أصل الفریضة إن عدم الوفق (1) بین العدد و النصیب کأبوین و خمس بنات). أصل فریضتهم ستة، لاشتمالها علی السدس و مخرجه (2) ستة و (نصیب الأبوین) منها (اثنان) لا ینکسر علیهما (3)(و نصیب البنات أربعة) تنکسر علیهن (4)، و تباین (5) عددهنّ و هو (6) خمسة لأنک إذا أسقطت أقل العددین من الأکثر بقی واحد (فتضرب) عددهن و هو (الخمسة فی الستة: أصل الفریضة) تبلغ ثلاثین، فکل من حصل له شیء من أصل الفریضة (7) أخذه مضروبا فی خمسة فهو نصیبه، و نصیب البنات منها عشرون لکل واحدة أربع.

و إن توافق النصیب و العدد (8) کما لو کن (9) ستا، أو ثمانی فالتوافق (10) بالنصف فی الأول، و الربع فی الثانی فتضرب نصف عددهن (11)، أو ربعه (12) فی أصل الفریضة تبلغ ثمانیة عشر فی الأول (13)، و اثنی عشر فی الثانی (14) فللبنات -الثانی: أن تنکسر علی فریق واحد مع عدم التوافق بین عدده و نصیبه.

الثالث: أن تنکسر علی أکثر من فریق مع التوافق بین عدد کل فریق و نصیبه.

الرابع: أن تنکسر علی أکثر من فریق مع عدم التوافق بین عدد کل فریق و نصیبه.

(1)و هو القسم الثانی من الأقسام الأربعة.

(2)أی السدس.

(3)علی الأبوین فلکل واحد سدس.

(4)لأن الأربعة تنکسر علی الخمسة.

(5)أی الأربعة تباین.

(6)أی العدد.

(7)لما کان مخرجها ستة.

(8)و هو القسم الأول من الأقسام الأربعة.

(9)أی البنات.

(10)بین عددهن و نصیبهن بالنصف إذا کان عددهن ستا و بالربع إذا کان عددهن ثمان.

(11)و هو ثلاثة.

(12)و هو اثنان.

(13)و قد تقدم تفصیلها.

(14)فلکل واحد من الأبوین السدس و هو اثنان، و لکل بنت ثمن الثلثین و هو واحد.

ص:188

اثنا عشر (1) ینقسم علیهن بغیر کسر. و ثمانیة (2) کذلک (3).

(و إن انکسرت علی أکثر) من فریق (4)، فإما أن یکون بین نصیب کل فریق (1)فی الأول.

(2)فی الثانی.

(3)أی ینقسم علیهن بغیر کسر.

(4)و هذا إشارة إلی القسم الثالث و الرابع من الأقسام الأربعة، و الانکسار إما أن یستوعب الجمیع أو أن یحصل للبعض الزائد علی فریق دون البعض الآخر، و علی التقدیرین إما أن یکون بین نصیب کل فریق و عدده وفق أو یکون للبعض أو لا یکون للجمیع فالصور ست، و علی التقادیر الستة و بعد رد عدد کل فریق إلی جزء الوفق و کسره الآتی من ملاحظة عدد الفریق مع نصیبه أو بعد بقائه علی حاله إن لم یکن هناک وفق بین نصیب الفریق و عدده، فعدد کل فریق بالنسبة إلی عدد بقیة الفرقاء إما أن تکون متماثلة أو متداخلة أو متوافقة أو متباینة فالحاصل أربع و عشرون صورة.

فلو کان الکسر علی الجمیع و کان بین نصیب کل فریق و عدده وفق فیرد عدد کل فریق إلی جزء الوفق ثم تعتبر الأعداد فإما أن تبقی متماثلة أو متداخلة أو متوافقة أو متباینة.

1 - فالتماثل کست زوجات و یتفق ذلک فی المریض یطلق ثم یتزوج و یدخل ثم یموت قبل الحول و ثمانیة من کلالة الأم و عشرة من کلالة الأب، فالفریضة من اثنی عشر مخرج الثلث و الربع، للزوجات ثلاثة توافق عددهن بالثلث، و لکلالة الأم أربعة توافق عددهم بالربع، و لکلالة الأب خمسة توافق عددهم بالخمس، فترد کلا من الزوجات و الأخوة من الکلالتین إلی اثنین، لأن الاثنین ثلث عدد الزوجات و ربع إخوة الأم و خمس إخوة الأب فتتماثل الأعداد فیجتزئ باثنین فیضرب بها أصل الفریضة فیبلغ أربعة و عشرین، للزوجات ستة و هی ربع الأربع و العشرین لکل زوجة واحد، و لأخوة الأم ثمانیة و هی ثلث الفریضة لکل واحد منهم واحد، و لأخوة الأب عشرة لکل واحد سهم.

2 - و التداخل کست زوجات و ستة عشر من کلالة الأم و عشرة من کلالة الأب فالفریضة من اثنی عشر إلا أن الوفق بین نصیب الزوجات و عددهن هو الثلث و هو اثنان، و الوفق فی کلالة الأم الربع و هو أربعة و الوفق فی کلالة الأب الخمس و هو اثنان و الاثنان داخلة فی الأربعة فیکتفی بها و یضرب بها أصل الفریضة فیکون الحاصل ثمانیة و أربعین، للزوجات ربعها (12) لکل زوجة اثنان، و لکلالة الأم الثلث (16) لکل واحد سهم، و لکلالة الأب (20) لکل واحد اثنان.

3 - و التوافق کست زوجات و عشرون من کلالة الأب و أربعة و عشرون من کلالة الأم، -

ص:189

-و الفریضة من اثنی عشر، و الوفق بین نصیب الزوجات و عددهن الثلث و هو اثنان، و الوفق فی کلالة الأم الربع و هو ستة، و الوفق فی کلالة الأب الخمس و هو أربعة، و بین الستة و الأربعة توافق بالنصف فیضرب الستة بنصف الأربعة و الحاصل فی أصل الفریضة فیکون: 12 * 12 144، و أسقطنا وفق الزوجات لأنه متداخل فی وفق غیره.

فللزوجات ربعها (36) لکل زوجة 6، و لکلالة الأم ثلثها (48) لکل واحد اثنان، و لکلالة الأب الباقی (60) لکل واحد ثلاثة.

4 - و التباین کست زوجات و اثنی عشر من کلالة الأم و خمسة و عشرین من کلالة الأب، فالفریضة من اثنی عشر، و الوفق فی الزوجات الثلث و هو اثنان، و الوفق فی کلالة الأم الربع و هو ثلاثة، و الوفق فی کلالة الأب الخمس و هو خمسة، و بین الاثنین و الثلاثة و الخمسة تباین فیضرب بعضها ببعض فالحاصل ثلاثون، فیضرب بها أصل الفریضة فیکون: 12 * 30 360.

للزوجات الربع (90) لکل زوجة 6، و لکلالة الأم الثلث (120) لکل واحد عشرة، و لکلالة الأب الباقی (150) لکل واحد ستة.

و أما إذا کان الکسر علی الجمیع و لا وفق بین نصیب کل فریق و عدده، فعدد کل فریق مع الآخر إما متماثل أو متداخل و إما متوافق و إما متباین.

5 - أما التماثل کثلاثة من کلالة الأب و ثلاثة من کلالة الأم، فالفریضة من ثلاثة لأن فی الفریضة ثلث کلالة الأم، و نصیب کل فریق لا ینقسم علی عدده و لا توافق بینهما، إلا أن عدد کل فریق مماثل لعدد الآخر فیکتفی بأحدهما و یضرب به أصل الفریضة فالحاصل: تسعة.

لکلالة الأب الثلثان (6) لکل واحد اثنان، و لکلالة الأم الثلث (3) لکل واحد واحد.

6 - و أما التداخل کثلاثة من کلالة الأب و ستة من کلالة الأم، فیکتفی بالستة لأن الثلاثة داخلة فیها، فیضرب بها أصل الفریضة و الحاصل: 18.

لکلالة الأب (12) لکل واحد أربعة، و لکلالة الأم (6) لکل واحد واحد.

7 - و أما التوافق کستة من إخوة الأب و أربعة من کلالة الأم، و الوفق بینهما بالنصف فیضرب أحدهما بنصف الآخر و الحاصل اثنا عشر، فیضرب به أصل الفریضة فتکون:

36 لکلالة الأب (24) لکل واحد أربعة، و لکلالة الأم (12) لکل واحد ثلاثة.

8 - و أما التباین کأربعة من کلالة الأب و ثلاثة من کلالة الأم فالفریضة من ثلاثة، و الأربعة و الثلاثة متباینة فیضرب أحدهما بالآخر و الناتج منهما یضرب بأصل الفریضة فتکون: 36.-

ص:190

-لکلالة الأب (24) لکل واحد ستة، و لکلالة الأم (12) لکل واحد أربعة، و أما إذا کان الکسر علی الجمیع و هناک وفق بین نصیب بعض الفرقاء و عددهم دون البعض الآخر، فلو ردّ عدد الفریق إلی جزء وفقه فإما أن یکون بینه و بین بقیة أعداد الفرقاء الذین لا وفق بین نصیبهم و عددهم تماثل أو تداخل أو توافق أو تباین.

9 - أما التماثل کزوجتین و ستة من کلالة الأب، و الفریضة من أربعة، و نصیب الکلالة ثلاثة و عددهم ستة و هما متوافقان بالثلث، فلو رد عدد هذا الفریق إلی جزء الوفق و کسره لکان اثنین حاصلة من قسمة الستة علی ثلاثة.

و الاثنان تماثل عدد الزوجات الذی انکسر علیه نصیبهم و لا وفق بینهما، فیکتفی بأحدهما و نضربه بأصل الفریضة: 8.

للزوجات (2) لکل زوجة سهم، و لکلالة الأب (6) لکل واحد واحد.

10 - و أما التداخل کأربع زوجات و ستة من کلالة الأب فالفریضة من أربعة، و نصیب کلالة الأب ثلاثة و عددهم ستة و هما متوافقان بالثلث، فلو رد عدد الفریق إلی وفقه لکان اثنین و هما متداخلتان مع الأربعة عدد الزوجات الذی انکسر علیهن نصیبهن فیکتفی بالأربعة و یضرب بها أصل الفریضة فالحاصل: 16

للزوجات (4) لکل زوجة سهم، و لکلالة الأب (12) لکل واحد سهمان.

11 - و أما التوافق کزوجتین و ستة من کلالة الأب و ستة عشر من کلالة الأم، و الفریضة من اثنی عشر حاصل ضرب الربع مع الثلث.

و نصیب کلالة الأم أربعة و عددهن ستة عشر و الوفق بینهن بالربع، فلو رد عددهن إلی جزء الوفق فیکون أربعة، و هی توافق الستة عدد کلالة الأب بالنصف فیضرب إحداهما بنصف الآخر فیکون اثنی عشر، فنضربها بأصل الفریضة فیکون: 144 و لم ننظر إلی عدد الزوجات لأنه متداخل مع عدد غیره.

للزوجات الربع (36) لکل زوجة 18، و لکلالة الأم (48) لکل واحد ثلاثة، و لکلالة الأب (84) لکل واحد عشرة.

12 - و أما التباین کزوجتین و خمسة من کلالة الأم و سبعة من کلالة الأب، فالفریضة من اثنی عشر لأنه مخرج الربع و الثلث.

و نصیب کل فریق ینکسر علی عدده، و أعداد کل فریق متباینة مع أعداد غیره، فنضرب أعداد الفرقاء بعضها فی بعض فالحاصل: 70، ثم نضربها بأصل الفریضة فیکون: 840 للزوجتین الربع (210) لکل زوجة 105، و لکلالة الأم الثلث (280) لکل واحد 56، و لکلالة الأب الباقی (350) لکل واحد خمسون.-

ص:191

و عدده وفق، أو تباین، أو بالتفریق (1).

فإن کان الأول (2)(نسبت الأعداد بالوفق) و رددت کل فریق إلی جزء وفقه (3). و کذا لو کان لبعضهم وفق دون بعض.

(أو) کان (غیره) أی غیر الوفق بأن کان بین کل فریق و عدده تباین، أو بین بعضها کذلک جعلت کل عدد بحاله، ثم اعتبرت الأعداد (4).

فإن کانت متماثلة (5) اقتصرت منها (6) علی واحد و ضربته فی أصل الفریضة.

و إن کانت متداخلة (7) اقتصرت علی ضرب الأکثر.

و إن کانت متوافقة (8) ضربت أحد المتوافقین فی عدد الآخر.

و إن کانت متباینة (9) ضربت أحدها فی الآخر ثم المجتمع فی الآخر، و هکذا (و ضربت ما یحصل منها فی أصل المسألة).

-هذا تمام الکلام فیما لو کان الکسر فی الجمیع، و منه تعرف فیما لو کان الکسر فی البعض الذی هو أکثر من فریق و فیه اثنا عشر صورة أیضا.

(1)سواء کان کسر النصیب علی العدد فی الجمیع أو البعض.

(2)أی وجود وفق بین النصیب و العدد.

(3)کما تقدم تفصیله فی الصور الاثنی عشر.

(4)أی الأعداد الحاصلة إما وفق العدد أو نفس العدد إذا کان هناک تباین.

(5)کما فی الصورة الأولی و الخامسة و التاسعة فیما لو کان الکسر علی الجمیع و قد تقدم الکلام فیها.

(6)من الأعداد.

(7)کما فی الصورة الثانیة و السادسة و العاشرة فیما لو کان الکسر علی الجمیع، و قد تقدم الکلام فیها.

(8)کما فی الصورة الثالثة و السابعة و الحادیة عشرة فیما لو کان الکسر علی الجمیع، و قد تقدم الکلام فیها.

(9)کما فی الصورة الرابعة و الثامنة و الثانیة عشرة فیما لو کان الکسر علی الجمیع و قد تقدم الکلام فیها.

ص:192

فالمتباینة (1)(مثل زوج و خمسة إخوة لأمّ، و سبعة لأب فأصلها ستة)، لأن فیها نصفا و ثلثا و مخرجهما ستة، مضرب اثنین - مخرج النصف - فی ثلاثة - مخرج الثلث - لتباینهما (للزوج) منه النصف:(ثلاثة، و للإخوة للأم) الثلث (سهمان) ینکسر علیهم (و لا وفق) بینهما و بین الخمسة (و للإخوة للأب سهم) واحد و هو ما بقی من الفریضة،(و لا وفق) بینه و بین عددهم و هو السبعة، فاعتبر نسبة عدد الفریقین، المنکسر علیهما و هو الخمسة و السبعة إلی الآخر تجدهما متباینین إذ لا یعدهما إلا واحد و لأنک إذا أسقطت أقلهما من الأکثر بقی اثنان فإذا أسقطتهما من الخمسة مرتین بقی واحد.

(فتضرب الخمسة فی السبعة یکون) المرتفع (خمسة و ثلاثین تضربها فی) ستة (أصل الفریضة یکون) المرتفع (مائتین و عشرة) و منها تصح.

(فمن کان له) من أصل الفریضة (2)(سهم أخذه مضروبا فی خمسة و ثلاثین فللزوج ثلاثة) من الأصل یأخذها (مضروبة فیها) أی فی الخمسة و الثلاثین یکون (مائة و خمسة، و لقرابة الأم) الخمسة (سهمان) من أصلها تأخذهما (مضروبین فیها) (1)هذا مثال لما لم ینکسر النصیب علی العدد فی کل الفرقاء، بل فی البعض الأزید من واحد، و قد عرفت أن له اثنتی عشرة صورة، و قد مثّل الشارح لواحدة منها، و حتی تعرف موضعها فنقول: إن الکسر علی أکثر من فریق إما أن یکون بین نصیب کل فریق و عدده المنکسر علیه وفق أو لا یکون وفق، أو یکون وفق فی البعض دون البعض فالأقسام ثلاثة، و علی کل فلو نظرنا إلی عدد الفریق بعد رده إلی وفقه أو بنفسه إذا لم یکن له وفق مع بقیة الأعداد فی کل الفرقاء فإما أن یکون هناک تماثل أو تداخل أو توافق أو تباین فالصور اثنتا عشرة صورة، و الشارح قد مثل للصورة الأخیرة فیما لو لم یکن بین نصیب کل فریق و عدده وفق أو تداخل، مع أن أعداد الفرقاء متداخلة کزوج و خمسة و إخوة من أم و سبعة من أب، فالفریضة من ستة، لأنها مخرج النصف و الثلث.

و نصیب کل من الکلالتین علی عددهم منکسر، نعم لا کسر فی نصیب الزوج لأنه واحد، غیر أن لا وفق و لا تداخل بین نصیب الکلالتین و عددهم، فنضرب عدد الکلالتین ببعضها فالحاصل: 35، ثم نضربه فی أصل الفریضة فیکون: 210.

للزوج النصف (105)، و لکلالة الأم الثلث (70) لکل واحد 14، و لکلالة الأب الباقی (35) لکل واحد خمسة.

(2)عند ما کانت من ستة.

ص:193

أی فی الخمسة و الثلاثین و ذلک سبعون (لکل) واحد منهم (أربعة عشر): خمس السبعین (و لقرابة الأب سهم) من الأصل و مضروبة فیها (خمسة و ثلاثون لکل) واحد منهم (خمسة): سبع المجتمع (1).

و ما ذکر مثال للمنکسر علی أکثر من فریق مع التباین، لکنه لم ینکسر علی الجمیع.

و لو أردت مثالا لانکسارها علی الجمیع أبدلت الزوج بزوجتین (2)، و یصیر أصل الفریضة اثنی عشر: مخرج الثلث و الربع، لأنها المجتمع من ضرب إحداهما فی الأخری، لتباینهما فللزوجتین الربع: ثلاثة، و للإخوة للأم الثلث: أربعة، و للإخوة للأب الباقی و هو خمسة، و لا وفق بین نصیب کل و عدده، و الأعداد أیضا متباینة، فتضرب أیها شئت فی الآخر، ثم المرتفع فی الباقی، ثم المجتمع فی أصل الفریضة فتضرب هنا اثنین فی خمسة، ثم المجتمع فی سبعة یکون سبعین، ثم تضرب السبعین فی اثنی عشر تبلغ ثمانمائة و أربعین.

فکل من کان له سهم من اثنی عشر أخذه مضروبا فی سبعین.

و لا یعتبر هنا توافق مضروب المخارج (3) مع أصل المسألة، و لا عدمه فلا یقال: العشرة توافق الاثنی عشر بالنصف فتردها إلی نصفها و لا السبعون توافق الاثنی عشر بالنصف أیضا.

و لو کان إخوة الأم ثلاثة صح الفرض أیضا (4). لکن هنا تضرب اثنین فی (1)من ضرب سهم الأصل فی خمسة و ثلاثین.

(2)و هی الصورة الثانیة المتقدمة فی الانکسار علی الجمیع.

(3)أی مخارج الأعداد المتباینة للفرقاء و هی سبعون کما فی المثال فیما لو ضربت عدد کل فریق بعدد غیره، أو العشرة فیما لو ضربت عدد الزوجات بعدد إخوة الأم. أو الأربعة عشر فیما لو ضربت عدد الزوجات بعدد إخوة الأب، أو الخمسة و الثلاثین فیما لو ضربت عدد کلالة الأم بعدد کلالة الأب.

(4)أی لکانت مثالا للصورة الثانیة عشرة من الکسر علی جمیع الفرقاء مع وجود التباین بین الأعداد، و ذلک فیما لو اجتمع زوجتان مع ثلاثة من کلالة الأم و سبعة من کلالة الأب.

فالفریضة من اثنی عشر و کل نصیب لا ینقسم علی عدد فریقه، و بین عدد الفرقاء تباین -

ص:194

ثلاثة، ثم فی سبعة تبلغ اثنین و أربعین، ثم فی أصل الفریضة تبلغ خمسمائة و أربعة، و من کان له سهم (1) أخذه مضروبا فی اثنین و أربعین.

و لا یلتفت إلی توافق الاثنی عشر (2)، و الاثنین و الأربعین (3)، فی السدس.

و مثال المتوافقة مع الانکسار علی أکثر من فریق (4): ست زوجات - کما یتفق فی المریض یطلّق، ثم یتزوج و یدخل، ثم یموت قبل الحول - و ثمانیة من کلالة الأمّ، و عشرة من کلالة الأب. فالفریضة: اثنا عشر: مخرج الربع و الثلث.

و للزوجات ثلاثة و توافق عددهن بالثلث و لکلالة الأم أربعة و توافق عددهن بالربع و لکلالة الأب خمسة توافق عددهم بالخمس. فترد کلا من الزوجات و الإخوة من الطرفین إلی اثنین، لأنهما ثلث الأول، و ربع الثانی، و خمس الثالث فتتماثل الأعداد فیجتزی باثنین فتضربهما فی اثنی عشر تبلغ أربعة و عشرین. فمن کان له سهم أخذه مضروبا فی اثنین. فللزوجات ستة و لإخوة الأم ثمانیة، و لإخوة الأب عشرة. لکل سهم.

و مثال المتماثلة (5): ثلاث إخوة من أب. و مثلهم من أمّ. أصل الفریضة ثلاثة و النسبة بین النصیب و العدد مباینة. و العددان متماثلان فیجتزی بضرب أحدهما فی أصل الفریضة تصیر تسعة.

-فنضرب الاثنین عدد الزوجات بالثلاثة عدد کلالة الأم و الحاصل بسبعة عدد کلالة الأب فالناتج هو 42، ثم یضرب بأصل الفریضة فالحاصل: 504 فللزوجتین الربع (126) لکل زوجة 63، و لکلالة الأم الثلث (168) لکل واحد 56، و لکلالة الأب الباقی (210) لکل واحد 30.

(1)من أصل الفریضة أعنی اثنی عشر.

(2)الذی هو أصل الفریضة.

(3)حاصل ضرب أعداد الفرقاء بعضها ببعض.

(4)أی علی جمیع الفرقاء و کان بین نصیب کل فریق و عدده توافق و کان الوفق فی الجمیع متماثلا. و هی الصورة الأولی المشروحة فلا نعید.

(5)فیما لو کان الکسر علی الجمیع مع عدم الوفق بین نصیب کل فریق و عدده، إلا أن أعداد الفرقاء متماثلة و هی الصورة الخامسة المشروحة سابقا.

ص:195

و مثال المتداخلة (1) بین الأعداد کما ذکر، إلا أنّ إخوة الأم ستة فتجتزی بها و تضربها فی أصل الفریضة تبلغ ثمانیة عشر.

و قد لا تکون متداخلة ثم تئول إلیه (2) کأربع زوجات و ستة إخوة أصل الفریضة أربعة: مخرج الربع، ینکسر علی الفریقین، و عدد الإخوة یوافق نصیبهم بالثلث فتردّهم إلی اثنین. و عدد الزوجات تباین نصیبهنّ فتبقیهن بحالتهن. فیدخل ما بقی من عدد الإخوة فی عددهن فتجتزی به و تضربه فی الأربعة یکون ستة عشر.

و بما ذکرناه من الأمثلة یظهر حکم ما لو کان لبعضها وفق دون الباقی، أو بعضها متماثل، أو متداخل دون بعض.

الثانیة عشرة - أن تقصر الفریضة عن السّهام

(الثانیة عشرة - أن تقصر الفریضة عن السّهام) (3) و إنما تقصر،(بدخول أحد الزوجین) کبنتین و أبوین مع أحد الزوجین و بنتین و أحد الأبوین مع الزوج و أختین لأب و أختین لأم مع أحد الزوجین. و هذه مسألة العول (فیدخل النقص علی البنت و البنات) إن اتفقن (و علی قرابة الأب من الأخوات، لا علی الجمیع.

و قد تقدم).

و هذه العبارة أجود مما سلف حیث لم یذکر الأب (4) فیمن یدخل علیه النقص.

(الثالثة عشرة - أن تزید) الفریضة (علی السّهام) (5) کما لو خلّف بنتا واحدة، أو بنات أو أختا أو أخوات أو بنتا و أبوین، أو أحدهما، أو بنات (1)فیما لو کان الکسر علی الجمیع مع عدم الوفق بین نصیب کل فریق و عدده، إلا أن أعداد الفرقاء متداخلة و هی الصورة السادسة المشروحة سابقا.

(2)أی إلی التداخل، فیما لو کان الکسر علی الجمیع مع وجود وفق بین نصیب البعض و عددهم إلا أن عدد الفریق إذا ردّ إلی وفقه مع أعداد الفرقاء البقیة متداخلة و هی الصورة العاشرة المشروحة سابقا.

(3)و هی مسألة العول، و قد تقدم البحث فیها بالتفصیل.

(4)هنا مع ذکره هناک.

(5)و هی مسألة التعصیب و قد تقدم الکلام فیها بالتفصیل.

ص:196

واحدهما.(فیرد الزائد علی ذوی السهام عدا الزوج و الزوجة و الأم مع الإخوة)، أما مع عدمهم فیرد علیها.

(أو یجتمع ذو سببین) کالأخت من الأبوین (مع ذی سبب واحد) کالإخوة من الأم فیختص الرد بذی السببین (کما مرّ) و لا شیء عندنا للعصبة بل فی فیه التراب (1).

الرابعة عشرة - فی المناسخات

(الرابعة عشرة - فی المناسخات) (2) و تتحقق بأن یموت شخص، ثم یموت أحد ورّاثه قبل قسمة ترکته، فإنه یعتبر حینئذ قسمة الفریضتین من أصل واحد، لو طلب ذلک، فإن اتحد الوارث و الاستحقاق (3) کإخوة ستة و أخوات ست لمیت، فمات بعده أحد الإخوة، ثم إحدی الأخوات، و هکذا، حتی بقی أخ و أخت فمال الجمیع بینهما أثلاثا، إن تقربوا بالأب، و بالسویة إن تقربوا بالأم.

و إن اختلف الوارث خاصة (4)، کما لو ترک الأول ابنین، ثم مات أحدهما و ترک ابنا فإن جهة الاستحقاق فی الفریضتین واحدة و هی البنوة لکن الوارث مختلف (5).

(1)ففی خبر حسین الرزاز قال: (أمرت من یسأل أبا عبد اللّه علیه السّلام المال لمن هو؟ للأقرب أو للعصبة، فقال: المال للأقرب و العصبة فی فیه التراب)(1).

(2)مفاعلة من النسخ و هو النقل و التحویل، و ذلک فیما لو مات شخص ثم مات أحد ورثته و أردنا تصحیح المسألتین من أصل واحد، فإن عدد الورثة عند موت الأول قد ینسخ بعدد آخر، و کذا النصیب.

(3)بأن کان ورثة المیت الأول هم ورثة الثانی و کانت الجهة التی یرثون بها واحدة فی کلتا المسألتین و مثاله: ثلاثة من کلالة الأبوین و ثلاثة من کلالة الأم، فمات أحد الأخوة ثم الآخر ثم ماتت إحدی الأخوات ثم الثانیة و بقی أخ و أخت، فمال الموتی بینهم أثلاثا إن کانت الجهة واحدة بینهما و بین المیت من الأب، و بالسویة إن کانت من الأم.

(4)أما جهة الاستحقاق فواحدة فی کلا الطائفتین من الوراث.

(5)فورثة المیت الأول ابناه، و ورثة المیت الثانی ابنه، مع أن وارث الثانی ابن أخ الوارث الأول الذی هو ما زال علی قید الحیاة.

ص:197


1- (1) الوسائل الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 1.

أو الاستحقاق خاصة (1) کما لو مات رجل و ترک ثلاثة أولاد، ثم مات أحد الأولاد و لم یترک غیر أخویه. فإن الوارث فیهما واحد (2) لکن جهة الاستحقاق مختلفة (3).

أو اختلفا معا (4) فقد تحتاج المسألة إلی عمل آخر غیر ما احتاجت إلیه الأولی و قد لا تحتاج.

و تفصیله أن نقول:(لو مات بعض الورثة قبل قسمة الترکة) الأولی (صححنا الأولی، فإن نهض نصیب المیت الثانی بالقسمة علی وراثه) من غیر کسر (صحت المسألتان من المسألة الأولی) کزوجة ماتت عن ابن و بنت بعد زوجها و خلف معها ابنا و بنتا، فالفریضة الأولی أربعة و عشرون (5) و نصیب الزوجة منها ثلاثة تصح (6) علی ولدیها (7) و هنا الوارث و الاستحقاق مختلف (8) و کزوج مع أربع إخوة لأب (9)، ثم یموت الزوج عن ابن و بنتین أو أربعة بنین فتصح المسألتان من الأولی و هی ثمانیة (10).

(1)أما الوراث فمتحدون.

(2)و هم ابنا المیت الأول، و هما أخوا المیت الثانی.

(3)فیرثون الأول بالبنوة و الثانی بالأخوة.

(4)أی الوارث و الاستحقاق کما لو مات شخص و ترک أخوین، ثم مات أحدهما و ترک ابنین، فالوارث مختلف و الاستحقاق مختلف.

(5)لأنها مخرج الثمن بعد کون الباقی منقسما أثلاثا.

(6)أی تنقسم الثلاثة.

(7)من غیر الزوج الأول.

(8)أما ورثة الأول فزوجته و ابن و بنت، و ورثة الثانی ولدها من غیر زوجها الأول، و علی الأول فیرثون بالزوجیة و بجهة البنوة من الأب و علی الثانی فیرثون بجهة البنوة من الأم، و فیه: أن جهة البنوة واحدة.

(9)و الذی مات هو الزوجة.

(10)لأنها مخرج النصف الذی هو نصیب الزوج بعد کون الباقی منقسما أرباعا.

و للزوج أربعة فیعطی ابنه اثنین و بنتیه اثنین فی المثال الأول أو کل ابن سهما واحدا فی المثال الثانی، و هذا کله مثال لاختلاف الوارث مع اختلاف جهة الاستحقاق.

ص:198

(و إن لم ینهض) نصیب الثانی بفریضته (1) فانظر النسبة بین نصیب المیت الثانی و سهام ورثته، فإن کان بینهما وفق (فاضرب الوفق بین نصیبه و سهام ورثته) من الفریضة لا من النصیب (فی المسألة الأولی فما بلغ صحت منه) مثل أبوین و ابن (2) ثم یموت الابن و یترک ابنین و بنتین فالفریضة الأولی ستة و نصیب الابن منها أربعة، و سهام ورثته ستة توافق نصیبهم (3) بالنصف فتضرب ثلاثة: وفق الفریضة الثانیة فی ستة (4) تبلغ ثمانیة عشر و منها تصح الفریضتان (5).

و کأخوین من أمّ و مثلهما من أب و زوج (6)، مات الزوج عن ابن و بنتین فالفریضة الأولی اثنا عشر: مخرج النصف و الثلث، ثم مضروبة (7) فی اثنین لانکسارها (8) علی فریق واحد و هو الإخوان للأب، و بین نصیب الزوج منها و هو ستة و فریضته (9) و هی أربعة توافق بالنصف، فتضرب الوفق من الفریضة و هو اثنان، فی اثنی عشر تبلغ أربعة و عشرین.

و منها تصح الفریضتان (10).

(1)التی نرید تقسیمها علی ورثته، و توضیحه أن هنا صورتین:

الأولی: أن یکون بین نصیب المیت الثانی من فریضة الأول و بین الفریضة الثانیة وفق فیضرب وفق الفریضة الثانیة - لا وفق نصیب الثانی من الأول - بالفریضة الأولی، فما بلغ تصح منه الفریضتان.

الثانیة: أن لا یکون هناک وفق و سیأتی تفصیلها.

(2)هذه هی الفریضة الأولی و هی من ستة.

(3)الذی هو أربعة.

(4)التی هی الفریضة الأولی.

(5)فلکل واحد من الأبوین السدس (3)، و للابن (12)، ثم لکل ابن من أبناء المیت الثانی (4) و لکل بنت (2).

(6)و هذه هی الفریضة الأولی و هی من اثنی عشر مخرج النصف و الثلث.

(7)أی مضروب مخرج النصف و الثلث الذی هو ستة.

(8)لانکسار الستة.

(9)و هی الفریضة الثانیة فإنها من أربعة للذکر سهمان و لکل بنت سهم.

(10)للزوج النصف (12) و لکلالة الأم الثلث (8) لکل واحد أربعة، و لکلالة الأب (4) لکل واحد اثنان، ثم نصیب الزوج فیقسم علی أربعة - سهمان للذکر و سهم لکل أنثی - فالذکر له ستة و لکل أنثی ثلاثة.

ص:199

(و لو لم یکن) بین نصیب الثانی و سهامه (وفق (1) ضربت المسألة الثانیة فی الأولی) فما ارتفع صحت منه المسألتان. کما لو کان ورثة الابن فی المثال الأول (2) ابنین و بنتا، فإن سهامهم حینئذ خمسة تباین نصیب مورّثهم (3) فتضرب خمسة (4) فی ستة (5) تبلغ ثلاثین (6).

و کذا لو کان ورثة الزوج فی المسألة الثانیة ابنین و بنتا (7) فتضرب خمسة فی اثنی عشر.

(و لو) کانت المناسخات أکثر من فریضتین، بأن (مات بعض ورثة المیّت الثانی) قبل القسمة أو بعض ورثة الأول، فإن انقسم نصیب الثالث علی ورثته بصحة و إلا (عملت فیه کما عملت فی المرتبة الأولی و هکذا) لو فرض کثرة التناسخ فإن العمل واحد.

(1)و هذه هی الصورة الثانیة، و المعنی عدم التوافق بین نصیب الثانی من الأول و بین فریضته المنقسمة علی ورثته، فنضرب الفریضة الثانیة بالأولی.

(2)و فی المثال الأول: الفریضة الأولی أبوان و ابن، و فی الفریضة الثانیة ابنان و بنتان، فتکون الفریضة الثانیة هنا: ابنین و بنتا فالفریضة الثانیة أخماسا لکل ذکر خمسان و للبنت خمس.

(3)من الفریضة الأولی الذی هو أربعة.

(4)الفریضة الثانیة.

(5)الفریضة الأولی.

(6)فالأبوان لهما السدسان (10) لکل واحد خمسة، و للابن الباقی (20)، ثم حصة الابن تنقسم علی أولاده أخماسا فکل ذکر له (8) و الأنثی لها (4).

(7)فالفریضة الأولی ماتت زوجة و ترکت زوجا و أخوین لأم و أخوین لأب، و مخرج الفریضة اثنا عشر، و نصیب الزوج ستة.

ثم مات الزوج و ترک ابنین و بنتا و سهامهم خمسة، و الستة لا تنقسم علی الخمسة فنضرب الفریضة الثانیة أی خمسة بالفریضة الأولی فالحاصل: 60.

للزوج نصفها (30) لکل ذکر من أبنائه 12 و للبنت 6، و لکلالة الأم الثلث (20) لکل أخ عشرة، و لکلالة الأب الباقی (10) لکل واحد خمسة.

ص:200

کتاب الحدود و فیه فصول

اشارة

ص:201

ص:202

(کتاب الحدود (1) و فیه فصول)

الفصل الأوّل فی حد الزنا

اشارة

(الأول فی) حد (الزنا) (2) (1)جمع حد، و هو لغة: المنع، و منه أخذ الحد الشرعی لکونه ذریعة إلی منع الناس عن فعل الفاحشة، و شرعا هو عقوبة خاصة تتعلق بإیلام البدن، عیّن الشارع کمیّتها فی جمیع الأفراد.

و التعزیر لغة: التأدیب، و شرعا عقوبة أو إهانة لا تقدیر لها بأصل الشرع غالبا، و إلاّ فقد ورد تحدید لبعض أفراد التعزیر کتعزیر المجامع زوجته فی نهار رمضان بخمسة و عشرین سوطا.

ثم قد دل علی تشریع الحدود و التعزیر آیات و أخبار کثیرة منها: خبر سدیر قال: (قال أبو جعفر علیه السّلام: حد یقام فی الأرض أزکی فیها من مطر أربعین لیلة و أیامها)(1).

و عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبی إبراهیم علیه السّلام فی قوله تعالی: یُحْیِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها (2) قال: (لیس یحییها، و لکن یبعث اللّه رجلا فیحیون العدل فتحیی الأرض بإحیاء العدل، و لإقامة حد فیه أنفع فی الأرض من القطر أربعین صباحا)3.

(2)من الکبائر، بل أجمع علی تحریمه کل الملل، و هو من الأصول الخمسة التی یجب تقریرها فی کل شریعة، و الأصول الخمسة هی التی علیها مدار نظام العالم و هی تحریم الزنا-

ص:203


1- ( (1 و 3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 2 و 3.
2- (2) الروم الآیة: 19.

فی معنی الزنا و ما یرد علیه

بالقصر لغة حجازیة، و بالمد تمیمیة،(و هو) (1) أی الزنا (إیلاج) أی إدخال الذکر (2) (البالغ (3) العاقل (4) فی فرج امرأة)، بل مطلق أنثی (5) قبلا أو دبرا (6)(محرمة) علیه (7)(من غیر عقد) نکاح بینهما (و لا ملک) (8) من الفاعل (9) للقابل (و لا) -و القتل، و السرقة و ترک الضائع و الظلم، و حاصل الجمیع ما یوجب الفساد فی الأنفس و الأولاد و الأموال.

(1)شروع فی تحقیق معنی الزنا، و أحسن تعاریفه ما عن الریاض: (إیلاج الإنسان و إدخاله فرجه و ذکره الأصلی فی فرج امرأة محرمة علیه أصالة من غیر عقد نکاح و لو متعة بینهما، و لا ملک من الفاعل القابل، و لا شبهة دارئة).

(2)لیس المراد به المذکر فی قبال المؤنث کما توهم، بل آلة المذکر و هی القضیب.

(3)قید لإخراج الصبی لحدیث رفع القلم عنه حتی یحتلم.

(4)قید لإخراج المجنون لحدیث رفع القلم حتی یفیق، و لکن هذان الحدان لیسا فی محلهما، لأن الکلام فی تعریف معنی الزنا لا فی ثبوت الحد علیه، و الزنا واضح عرفا ففی الخبر: (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم لماعز - بعد إقراره بالزنا أربعة - أ تعرف الزنا؟ فقال: هو أن یأتی الرجل حراما کما یأتی أهله حلالا)(1).

(5)لأنه لا یشترط بلوغ الأنثی لیتحقق الزنا، بل لو دخل فی الصغیرة لکان زنا و یجب علیه الحد دونها، نعم لو کانت کبیرة لوجب الحد علیهما.

(6)علی المشهور کما فی المختلف، أو بلا خلاف کما فی الریاض، لکن عن الوسیلة التردد فی دبر المرأة علی قولین، أحدهما أنه زنا - و هو الأثبت -، و الثانی أنه لواط، و عن المقنعة خصّه فی الفرج خاصة و کذا الشیخ فی النهایة، و فیه: إن الزنا عرفا هو للأعم و هذا ما صرّح به ابن إدریس بالإضافة إلی إطلاق الأخبار الشامل لهما ففی الخبر: (إذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم)(2).

(7)بالأصالة، و ذلک لا یکون إلا إذا کانت أجنبیة من دون عقد و لو متعة، و لا ملک من طرفه، أما لو کانت محرمة علیه بالعارض کالحائض و النفساء و المظاهرة و نحوه فلا یتحقق مفهوم الزنا و لا حدّ علیه لانصراف أخبار حد الزنا عنه.

(8)لتحقیق الحرمة بالأصالة و قد عرفت ذلک آنفا.

(9)أی لو کان الرجل الفاعل مالکا للمرأة القابل فهی أمته فیجوز نکاحها، أما لو کانت هی-

ص:204


1- (1) سنن البیهقی ج 8 ص 227.
2- (2) الوسائل الباب - 6 - من أبواب الجنابة حدیث 1.

(شبهة) (1) موجبة لاعتقاد الحل (قدر الحشفة) (2) مفعول المصدر (3) المصدّر به (4) و یتحقق قدرها بإیلاجها نفسها، أو إیلاج قدرها من مقطوعها و إن کان تناولها (5) للأول (6) لا یخلو من تکلف (7). فی حالة کون المولج (عالما) بالتحریم (8)(مختارا) -المالکة فلا یصح نکاحها بالملک

(1)قید لمعنی الزنا الموجب للحد، لأنه مع الشبهة تدرأ الحدود کما فی مرسل الصدوق:

(قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: ادرءوا الحدود بالشبهات)(1)، و المراد بالشبهة هو اعتقاد حلیة وطئها کمن وجد علی فراشه امرأة فاعتقد أنها زوجته.

(2)یتحقق الزنا بالإیلاج، و یتحقق الإیلاج بإدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها، و لا یشترط إدخال تمام العضو حتی یتحقق الإیلاج و الإدخال کما احتمله فی کشف اللثام مستدلا علیه بما تقدم: (إذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم)(2) الظاهر منه إدخال الجمیع، و ذلک لأن المناط علی التقاء الختانین کما فی صحیحة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا التقی الختانان فقد وجب الحد)(3)، و التقاء الختانان متحقق بإدخال الحشفة فقط.

(3)أعنی الإیلاج.

(4)أی المأتی به فی صدر التعریف.

(5)تناول العبارة.

(6)إیلاجها بنفسها.

(7)لأنه مع وجودها لا داعی لتقدیر قدرها.

(8)قید لثبوت الحد لا لتحقیق معنی الزنا، فالجاهل القاصر لا حد علیه للبراءة الشرعیة و العقلیة، و لصحیحة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لو أن رجلا دخل فی الإسلام و أقرّ به، ثم شرب الخمر و زنی و أکل الربا و لم یتبین له شیء من الحلال و الحرام، لم أقم علیه الحد إذا کان جاهلا، إلا أن تقوم علیه البینة أنه قرأ السورة التی فیها الزنا و الخمر و أکل الربا، و إذا جهل ذلک أعلمته و أخبرته، فإن رکبه بعد ذلک جلدته و أقمت علیه الحد)(4).

ص:205


1- (1) الوسائل الباب - 24 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 4.
2- (2) الوسائل الباب - 6 - من أبواب الجنابة حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد الزنا حدیث 17.
4- (4) الوسائل الباب - 14 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.

فی الفعل (1).

فهنا قیود:

أحدها: الإیلاج. فلا یتحقق الزنا بدونه کالتفخیذ و غیره (2)، و إن کان محرما یوجب التعزیر.

و ثانیها: کونه من البالغ (3)، فلو أولج الصبی أدّب خاصة.

و ثالثها: کونه عاقلا (4) فلا یحدّ المجنون علی الأقوی لارتفاع القلم عنه، (1)مع الإکراه لا حد، لسقوط التکلیف عقلا عن المکره و لصحیحة أبی عبیدة عن أبی جعفر علیه السّلام: (إن علیا علیه السّلام أتی بامرأة مع رجل فجر بها، فقالت: استکرهنی و اللّه یا أمیر المؤمنین، فدرأ عنها الحد)(1) و مثلها غیرها.

(2)کاللعب بالعضو.

(3)قد عرفت أنه قید للحد لا لمعنی الزنا.

(4)قید للحد لا لمعنی الزنا، هذا و قد ذهب الشیخان و الصدوق و القاضی و ابن سعید إلی أن المجنون لو زنی یجلد و إن کان محصنا یرجم لروایة أبان بن تغلب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا زنی المجنون أو المعتوه جلد الحد، و إن کان محصنا رجم)(2).

و فی سندها إبراهیم بن الفضل و هو مجهول بالإضافة إلی معارضته بأخبار تفید أنه لا حد علی المجنون منها: صحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما علیهما السّلام: (فی امرأة مجنونة زنت، قال: إنها لا تملک أمرها لیس علیها شیء)(3). فهی و إن کانت واردة فی المجنونة لکن تشمل المجنون لأنه لا یملک أمره أیضا.

و صحیحة فضیل بن یسار: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: لا حد لمن لا حد علیه، یعنی لو أن مجنونا قذف رجلا لم أر علیه شیئا)(4).

و صحیح حماد بن عیسی عن جعفر عن أبیه عن علی علیهم السّلام: (لا حد علی مجنون حتی یفیق و لا علی صبی حتی یدرک و لا علی النائم حتی یستیقظ)(5) فلا بد من حمل الخبر-

ص:206


1- (1) الوسائل الباب - 18 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 21 - من أبواب حد الزنا حدیث 2.
3- (3) الوسائل الباب - 21 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.
4- (4) الوسائل الباب - 19 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.
5- (5) الوسائل الباب - 8 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.

و یستفاد من إطلاقه عدم الفرق بین الحر و العبد، و هو کذلک و إن افترقا فی کمیة الحد و کیفیته.

و رابعها: کون الإیلاج فی فرجها فلا عبرة بإیلاجه فی غیره من المنافذ و إن حصل به الشهوة و الإنزال. و المراد بالفرج العورة کما نص علیه الجوهری فیشمل القبل و الدبر، و إن کان إطلاقه علی القبل أغلب

و خامسها: کونها امرأة و هی البالغة تسع سنین، لأنها تأنیث المرء و هو الرجل و لا فرق فیها بین العاقلة و المجنونة و الحرة و الأمة الحیة و المیتة، و إن کان المیتة أغلظ کما سیأتی، و خرج بها إیلاجه فی دبر الذکر فإنه لا یعد زنا و إن کان أفحش (1) و أغلظ عقوبة (2).

و سادسها: کونها محرمة علیه. فلو کانت حلیلة بزوجیة، أو ملک لم یتحقق الزنا، و شملت المحرمة الأجنبیة المحصنة (3)، و الخالیة من بعل، و محارمه و زوجته الحائض و المظاهرة (4)، و المولی منها (5)، و المحرمة و غیرها (6) و أمته المزوجة، و المعتدة (7) و الحائض و نحوها (8) و سیخرج بعض هذه المحرمات.

و سابعها: کونها غیر معقود علیها، و لا مملوکة، و لا مأتیة بشبهة، و به (9) یخرج وط ء الزوجة المحرّمة لعارض مما ذکر و کذا الأمة فلا یترتب علیه الحد و إن حرم و لهذا احتیج إلی ذکره بعد المحرمة (10)، -الأول علی ما لو کان جنونه أدواریا و کانت فاحشته حال تعقله.

(1)لکونه أشد انحرافا من الزنا.

(2)لأن حده القتل مطلقا.

(3)ذات البعل.

(4)التی ظاهرها بأن جعلها علیه کظهر أمه.

(5)التی وقع الإیلاء بینه و بینها بأن حلف علی ترک وطئها.

(6)کالمعتکفة، و الصائمة.

(7)من غیره.

(8)کالنفساء و هما وصفان للأمة.

(9)بهذا القید.

(10)أی احتیج إلی ذکر هذا القید السابع بعد قید المحرمة فی تعریف الزنا.

ص:207

إذ لولاه (1) لزم کونه (2) زنا یوجب الحد و إن کان بالثانی یستغنی عن الأول (3) إلا أن بذلک (4) لا یستدرک القید (5)، لتحقق الفائدة مع سبقه و المراد بالعقد: ما یشمل الدائم و المنقطع، و بالملک: ما یشمل العین و المنفعة (6) کالتحلیل و بالشبهة (7). ما أوجب ظن الإباحة، لا ما لو لا المحرمیة لحللت (8) کما زعمه بعض العامة.

و ثامنها: کون الإیلاج بقدر الحشفة فما زاد. فلو أولج دون ذلک لم یتحقق الزنا کما لا یتحقق الوط ء لتلازمهما (9) هنا (10) فإن کانت الحشفة صحیحة اعتبر مجموعها، و إن کانت مقطوعة أو بعضها اعتبر إیلاج قدرها و لو ملفقا منها و من الباقی، و هذا الفرد (11) أظهر فی القدریة (12) منها نفسها (13).

و تاسعها: کونه عالما بتحریم الفعل. فلو جهل التحریم ابتداء لقرب عهده بالدین (14)، (1)لو لا القید السابع.

(2)کون وطأ زوجته المحرمة علیه لعارض.

(3)أی و إن کان بالقید السابع یستغنی عن قید المحرمة.

(4)بذکر الثانی بعد الأول.

(5)أی الأول فیبقی لذکره فائدة کفائدة ذکر کل عام بعده خاص.

(6)لأنه أعم من ملک الرقبة و ملک منفعة البضع.

(7)أی و المراد بالشبهة، و هی توهم الفاعل أو المفعول أو کلیهما أن ذلک الفعل سائغ له، و ذهب أبو حنیفة إلی أن الرجل لو عقد علی امرأة لا یحل له وطؤها کالأم عالما بالتحریم و وطئها فلا حد علیه، و کذلک إذا استأجرها للوط ء و ذلک لأنه وطئ شبهة إذ بالعقد اشتبه.

و فیه: مع الفرض أنه عالم بالحرمة کیف یشتبه بالعقد.

(8)له بالعقد.

(9)أی الإیلاج و الوط ء.

(10)فی باب الحدود.

(11)إذا کانت مقطوعة أو بعضها.

(12)عند قول المصنف: «قدر الحشفة»، فإنه ینطبق علی مقطوع الحشفة و لو بعضها دون ما لو کان سلیم الحشفة.

(13)أی من الحشفة نفسها.

(14)قد تقدم الخبر فیه.

ص:208

أو لشبهة کما لو أحلته نفسها فتوهم الحل مع إمکانه فی حقه (1) لم یکن زانیا، و یمکن الغنی عن هذا القید بما سبق (2) لأن مرجعه إلی طروء شبهة. و قد تقدم اعتبار نفیها و الفرق (3) بأن الشبهة السابقة (4) تجامع العلم بتحریم الزنا کما لو وجد امرأة علی فراشه فاعتقدها زوجته مع علمه بتحریم وط ء الأجنبیة و هنا (5) لا یعلم أصل تحریم الزنا، غیر کاف فی الجمع بینهما (6) مع إمکان إطلاق الشبهة علی ما یعم الجاهل بالتحریم.

و عاشرها: کونه مختارا. فلو أکره علی الزنا لم یحد علی أصح القولین (7) فی الفاعل و إجماعا فی القابل. و یتحقق الإکراه بتوعد القادر المظنون فعل ما توعّد به لو لم یفعل (8) بما یتضرر به فی نفسه (9)،...

(1)أی إمکان توهم الحل فی حقه.

(2)فی القید السابع من قوله: «و لا مأتیة بشبهة».

(3)بین القید التاسع و بین ما ذکر من الشبهة فی القید السابع.

(4)المذکورة فی القید السابع.

(5)فی القید التاسع، و الحاصل أن السابق مختص بالشبهة الموضوعیة و هذا مختص بالشبهة الحکمیة.

(6)لأن إحداهما موضوعیة و الأخری حکمیة.

(7)لا خلاف فی أنه لا حد علی الزنا مع الإکراه لسقوط التکلیف عقلا عن المکره، و کذلک لا خلاف فی وقوع الإکراه فی طرف المرأة، ففی صحیحة محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام فی امرأة أقرت علی نفسها أنه استکرهها رجل علی نفسها، قال: هی مثل السائبة لا تملک نفسها فلو شاء لقتلها، فلیس علیها جلد و لا نفی و لا رجم)(1) و مثلها غیرها.

و لکن وقع الخلاف فی وقوع الإکراه فی طرف الرجل، فعن ابن زهرة أنه لا یقع، لأن الإکراه یمنع من انتشار العضو و انبعاث القوی، و فیه: إن الإکراه علی ارتکاب ما حرم اللّه و لیس عن أصل الشهوة.

(8)ضمیر الفاعل راجع إلی المکره، و المفعول به محذوف و تقدیره الزنا.

(9)نفس المکره.

ص:209


1- (1) الوسائل الباب - 18 - من أبواب حد الزنا حدیث 4.

أو من یجری مجراه (1) کما سبق تحقیقه فی باب الطلاق.

فهذه جملة قیود التعریف (2) و مع ذلک فیرد علیه أمور.

الأول: أنه لم یقید المولج بکونه ذکرا فیدخل فیه (3) إیلاج الخنثی قدر حشفته.. إلخ مع أن الزنا لا یتحقق فیه (4) بذلک (5)، لاحتمال زیادته (6)، کما لا یتحقق به الغسل، فلا بد من التقیید بالذکر (7) لیخرج الخنثی.

الثانی: اعتبار بلوغه و عقله (8) إنما یتم فی تحقق زنا الفاعل، و أما فی زنا المرأة فلا (9) خصوصا العقل، و لهذا یجب علیها الحد بوطئهما لها و إن کان فی وط ء الصبی یجب علیها الجلد خاصة (10)، لکنه حد فی الجملة بل هو الحد المنصوص فی القرآن الکریم (11).

الثالث: اعتبار کون الموطوءة امرأة (12) و هی کما عرفت مؤنث الرجل.

و هذا إنما یعتبر فی تحقق زناها.

(1)أی مجری الضرر النفس کالضرر فی المال أو الولد أو العرض.

(2)تعریف الزنا عند المصنف.

(3)تعریف المصنف للزنا.

(4)فی الخنثی.

(5)بإدخال قدر الحشفة.

(6)أی لاحتمال کون ما أدخله عضوا زائدا و لذا لم یثبت فی حقه الغسل.

(7)إلا أن یقال إن مراد المصنف من قوله إیلاج الذکر، أی إیلاج المذکر فلا إشکال.

(8)و فیه: إنهما قیدان للحد لا لمعنی الزنا، و علی کل فهما شرطان لثبوت الحد علی الفاعل.

(9)إذ یکفی فی تحقق زناها الموجب للحد أن یزنی بها الصبی أو المجنون.

(10)و إن کانت محصنة.

(11)لم ینص القرآن إلا علی الجلد فقط فی قوله تعالی: اَلزّانِیَةُ وَ الزّانِی فَاجْلِدُوا کُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْکُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِی دِینِ اللّهِ إِنْ کُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ (1).

(12)أی اعتبارها فی تعریف المصنف، هذا بالنسبة لزنا المرأة، أما الرجل فلا، إذ یکفی فی تحقق زناها الإیلاج فی الصغیرة دون التاسعة.

ص:210


1- (1) النور الآیة: 2.

أما زنا الفاعل فیتحقق بوط ء الصغیرة کالکبیرة و إن لم یجب به الرجم لو کان محصنا، فإن ذلک لا ینافی کونه زنا یوجب الحد کالسابق.

الرابع: إیلاج قدر الحشفة (1) أعم من کونه من الذکر و غیره لتحقق المقدار فیهما، و المقصود هو الأول فلا بد من ذکر ما یدل علیه بأن یقول: قدر الحشفة من الذکر، و نحوه إلا أن یدّعی: أن المتبادر هو ذلک و هو محل نظر (2).

الخامس: الجمع بین العلم، و انتفاء الشبهة (3) غیر جید فی التعریف کما سبق إلا أن یخصص العالم بفرد خاص کالقاصد، و نحوه (4).

السادس: یخرج زنا المرأة العالمة (5) بغیر العالم (6) کما لو جلست علی فراشه متعمدة قاصدة للزنا مع جهله بالحال فإنه یتحقق من طرفها و إن انتفی عنه و مثله (7) ما لو أکرهته (8).

و لو قیل: إن التعریف لزنا الفاعل خاصة سلّم من کثیر مما ذکر (9) لکن یبقی فیه (10) الإخلال (11) بما یتحقق به زناها.

(1)کما نص علیه المصنف، و لم یقید أنه من القضیب فیشمل ما لو کان قدر الحشفة من الإصبع و لذا کان علیه أن یقید أن هذا القدر من القضیب لإخراج غیره.

(2)لاحتمال کون الانصراف بدویا ناشئا من کثرة الوجود لا من کثرة الاستعمال.

(3)لأنه مع کونه عالما فتنتفی فی حقه الشبهة، و مع انتفاء الشبهة فهو عالم، فهما متلازمان فیکفی ذکر أحدهما.

(4)أو یجعل بکون انتفاء الشبهة لرفع الجهل فی الشبهات الموضوعیة و یکون العلم لرفع الجهل فی الشبهات الحکمیة و هو المتعین.

(5)عن تعریف المصنف، لأنه اشترط علم الفاعل و لم یشترط علم المفعول بها.

(6)فیما کانت زانیة بمن یعتقد أنها حلال له، و الجار و المجرور متعلقان بزنا المرأة العالمة.

(7)فی الخروج عن تعریف المصنف.

(8)فإنه زنا من طرفها و لا یشمله تعریف المصنف لأنه اشترط اختیار الفاعل فقط لا الأعم منه و من اختیارها.

(9)و هو الإشکال الثانی و الثالث و السادس.

(10)فی تعریف المصنف.

(11)بمعنی أنه لا داعی لترک زنا المرأة فی مقام تعریف الزنا.

ص:211

و حیث اعتبر فی الزنا انتفاء الشبهة (فلو تزوج الأم) أی أمّ المتزوج (أو المحصنة) المتزوجة بغیره (ظانا الحل) لقرب عهده من المجوسیة، و نحوها من الکفر، أو سکناه فی بادیة بعیدة عن أحکام الدین (فلا حد) علیه للشبهة و الحدود تدرأ بالشبهات.

(و لا یکفی) فی تحقق الشبهة الدارئة للحد (العقد) علی المحرمة (بمجرده) من غیر أن یظن الحل إجماعا، لانتفاء معنی الشبهة حینئذ (1) و نبه بذلک علی خلاف أبی حنیفة حیث اکتفی به (2) فی درء الحدود، و هو (3) الموجب لتخصیصه (4) البحث عن قید الشبهة، دون غیرها من قیود التعریف.

(و یتحقق الإکراه) علی الزنا (فی الرجل) علی أصح القولین (5)(فیدرأ الحد عنه به (6) کما) یدرأ (عن المرأة بالإکراه لها) لاشتراکهما فی المعنی (7) الموجب لرفع الحکم، و لاستلزام عدمه (8) فی حقه (9) التکلیف بما لا یطاق.

و ربما قیل (10) بعدم تحققه فی حقه (11) بناء علی أن الشهوة غیر مقدورة (12) و أن الخوف یمنع من انتشار العضو و انبعاث القوة.

و یضعف بأن القدر الموجب للزنا و هو تغییب الحشفة غیر متوقف علی ذلک (1)أی حین عدم ظنه للحل.

(2)بالعقد مجردا و لو کان عالما بالحرمة، و أنها لا تحل له بالعقد.

(3)أی خلاف أبی حنیفة.

(4)لتخصیص المصنف.

(5)و قد تقدم الکلام فیه.

(6)عن الرجل بالإکراه.

(7)لاشتراک الرجل و المرأة فی معنی الإکراه.

(8)أی عدم تحقق الإکراه الموجب لرفع الحکم و لو أکره.

(9)فی حق الرجل.

(10)و القائل ابن زهرة.

(11)حق الرجل.

(12)عند الإکراه.

ص:212

کله (1) غالبا لو سلّم توقفه (2) علی الاختیار، و منع الخوف منه (3).

فی ما یثبت به الزنا

(و یثبت الزنا) (4) فی طرف الرجل و المرأة (5)(بالإقرار به أربع مرات مع کمال المقر) ببلوغه (6) و عقله (7)(و اختیاره (8) (1)انبعاث القوی و انتشار العضو.

(2)توقف انتشار العضو و انبعاث القوی.

(3)أی و سلّم کون الخوف مانعا من انتشار العضو.

(4)فالمشهور أنه یثبت بالإقرار أربع مرات، و خالف ابن أبی عقیل فاکتفی بالمرة.

و دلیل المشهور أخبار منها: خبر جمیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: (لا یقطع السارق حتی یقرّ بالسرقة مرتین، و لا یرجم الزانی حتی یقرّ أربع مرات)(1). و مرسل جمیل عن بعض أصحابنا عن أحدهما علیهما السّلام: (لا یرجم الزانی حتی یقرّ أربع مرات بالزنا إذا لم یکن شهود)(2).

و احتج ابن أبی عقیل بصحیحة الفضیل: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: من أقر علی نفسه عند الإمام بحق من حدود اللّه مرة واحدة - حرا کان أو عبدا، أو حرة کانت أو أمة - فعلی الإمام أن یقیم الحد علیه للذی أقر به علی نفسه کائنا من کان، إلا المحصن فإنه لا یرجم حتی یشهد علیه أربع شهود)(3).

و فیه: أن الفرق بین المحصن و غیره فی الإقرار کما هو ظاهر الخبر لم یعمل به ابن أبی عقیل، و لا فرق بین العبد و الحر بظاهر الخبر، و هو موافق للعامة و معارض بغیره فلا بدّ من تقدیم الغیر.

(5)لإطلاق الأدلة السابقة.

(6)لأنه لا عبرة بإقرار الصبی مع رفع القلم عنه فلا یثبت علیه حد، نعم یؤدب إما لکذبه، أو لصدور الفعل منه.

(7)لا عبرة بإقرار المجنون مع رفع القلم عنه فلا یثبت علیه الحد.

(8)لو أکره علی الإقرار فلا یصح بلا خلاف و لا إشکال، و فی خبر أبی البختری عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (من أقر عند تجرید أو حبس أو تخویف أو تهدید فلا حدّ علیه)(4).

ص:213


1- (1) الوسائل الباب - 16 - من أبواب حد الزنا حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 12 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 5.
3- (3) الوسائل الباب - 32 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.
4- (4) الوسائل الباب - 4 - من کتاب الإقرار حدیث 1.

(و حریته (1)، أو تصدیق المولی له) فیما أقر به، لأن المانع من نفوذه کونه إقرارا فی حق المولی. و فی حکم تصدیقه انعتاقه (2)، لزوال المانع من نفوذه.

و لا فرق فی الصبی بین المراهق و غیره (3) فی نفی الحد عنه بالإقرار.

نعم یؤدّب لکذبه، أو صدور الفعل عنه، لامتناع خلوه (4) منهما و لا فی المجنون (5) بین المطبق و من یعتوره الجنون أدوارا إذا وقع الإقرار حالة الجنون.

نعم لو أقر حال کماله (6) حکم علیه.

و لا فرق فی المملوک بین القن (7) و المدبر (8)، و المکاتب بقسمیه (9) و إن تحرر بعضه، و مطلق المبعض (10) و أم الولد، و کذا لا فرق فی غیر المختار (11) بین من (1)لأن إقرار العبد لیس إقرارا فی حقه بل فی حق مولاه لأنه ملک له، فیتوقف نفوذه علی تصدیق المولی له، و علیه یحمل صحیح ضریس عن أبی جعفر علیه السّلام: (العبد إذا أقرّ علی نفسه عند الإمام مرة أنه قد سرق قطعه، و الأمة إذا أقرت بالسرقة قطعها)(1)، و إلا فهی مطروحة، أو محمولة علی التقیة.

(2)کما یتوقف نفوذ إقرار العبد علی تصدیق المولی، کذلک یتوقف نفوذه علی انعتاقه بعد الإقرار، لأن المقتضی من وقوع الإقرار منه ثابت فإذا ارتفع المانع و هو حق الغیر فیه فلا بد أن یؤثر المقتضی أثره.

(3)لإطلاق دلیل رفع القلم عن الصبی، و المراد بالمراهق هو القریب من البلوغ.

(4)الصبی.

(5)أی لا فرق فی المجنون، و کل ذلک لإطلاق دلیل رفع القلم عن المجنون.

(6)لأنه إقرار من عاقل فینفذ لعموم: (إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز).

(7)الذی لم یتشبث بالحریة.

(8)هو الذی یعتق دبر وفاة سیده.

(9)المشروط و المطلق.

(10)سواء کان تبعضه بالمکاتبة أو غیرها، و لا فرق فی هذه الأقسام لأنه إقرار فی حق المولی لا فی حقهم.

(11)أی فی المکره سواء أکره حتی ارتفع قصده أو لا، لصدق الإکراه فی الحالتین.

ص:214


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد السرقة حدیث 2.

ألجئ إلیه بالتوعد، و بین من ضرب حتی ارتفع قصده.

و مقتضی إطلاق اشتراط ذلک (1): عدم اشتراط تعدد مجالس الإقرار بحسب تعدده. و هو أصح القولین، للأصل، و قول الصادق علیه السّلام فی خبر جمیل: «و لا یرجم الزانی حتی یقر أربع مرات» من غیر شرط التعدد فلو اشترط لزم (2) تأخر البیان (3).

(1)أی مقتضی إطلاق اشتراط ثبوت الزنا بالإقرار أربعا عدم اشتراط تعدد المجالس بل یکفی لو وقعت الإقرارات الأربعة فی مجلس واحد کما ذهب إلیه الأکثر، لأصالة عدم اشتراط التعدد فی المجالس، و لخبر جمیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا یرجم الزانی حتی یقرّ أربع مرات)(1) من دون تقییده بالمجالس الأربعة، و مثله غیره.

و ذهب الشیخ فی الخلاف و ابن حمزة إلی اشتراط تعدد المجالس بحیث لو أقرّ أربعا فی مجلس واحد لا یثبت الزنا الموجب للحد لما وقع لماعز فی زمن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم حیث أقرّ فی أربعة مواضع، فقد روی من طرق العامة: (أن ماعز بن مالک جاء إلی النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فقال: یا رسول اللّه إنی زنیت، فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الأیمن فقال: یا رسول إنی زنیت فأعرض عنه، ثم جاءه فقال: إنی قد زنیت، ثم جاءه فقال: إنی قد زنیت، قال ذلک أربع مرات، فقال: أ بک جنون؟ قال: لا یا رسول اللّه، فقال: فهل أحصنت؟ قال: نعم، فقال رسول اللّه: اذهبوا به فارجموه)(2).

و فی روایة أخری أنه قال: (لعلک قبّلت أو غمزت أو نظرت، قال: لا یا رسول اللّه، قال: أ نکتها لا تکنی؟ قال: نعم کما یغیب المرود فی المکحلة و الرشا فی البئر، قال:

فهل تدری ما الزناء؟ قال: نعم أتیت منها حراما کما یأتی الرجل من امرأته حلالا)3.

و مثله ما ورد فی خبر أبی بصیر(3) عند ما أتت امرأة إلی أمیر المؤمنین علیه السّلام و أقرت أربعا ففی کل مرة یأمرها بالانصراف لوضع الولید أو لإرضاعه أو لکفالته.

و فیه: إن تعدد المجالس فی قضیة ماعز اتفاقی و لا دلالة فی الأخبار علی اعتبار تعدد المجالس مع أن الأمیر علیه السّلام قد أمرها بالانصراف فی کل مرة لا لتحصیل تعدد المجالس بل من أجل ما فی بطنها.

(2)أی تعدد المجالس و لم یذکره الإمام علیه السّلام فی خبر جمیل.

(3)عن وقت الحاجة و هو قبیح.

ص:215


1- (1) الوسائل الباب - 12 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 5.
2- ( (2 و 3) سنن البیهقی ج 8 ص 225-227.
3- (4) الوسائل الباب - 16 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.

و قیل: یعتبر کونه فی أربعة مجالس. لظاهر خبر ماعز بن مالک الأنصاری حیث أتی النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فی أربعة مواضع و النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم یردده و یوقف عزمه بقوله:

لعلک قبّلت، أو غمزت، أو نظرت الحدیث.

و فیه أنه لا یدل علی الاشتراط و إنما وقعت المجالس اتفاقا، و الغرض من تأخیره إتیانه بالعدد المعتبر.

(و یکفی) فی الإقرار به (1)(إشارة الأخرس) (2) المفهمة یقینا کغیره و یعتبر تعددها أربعا (3) کاللفظ بطریق أولی (4)، و لو لم یفهمها الحاکم اعتبر المترجم، و یکفی اثنان (5)، لأنهما شاهدان علی إقرار، لا علی الزنا (و لو نسب) المقر (الزنا إلی امرأة) معینة کأن یقول: زنیت بفلانة (6)(أو نسبته) المرأة المقرة به (إلی رجل) (1)بالزنا.

(2)بلا خلاف لإطلاق ما دل علی أن إشارة الأخرس کنطق غیره ففی خبر مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمد یقول: (إنک قد تری من المحرم من العجم لا یراد منه ما یراد من العالم الفصیح و کذلک الأخرس فی القراءة فی الصلاة و التشهد و ما أشبه ذلک)(1).

(3)لما دل علی أن الزنا لا یثبت إلاّ بالإقرار أربعا.

(4)إن اعتبار التعدد أربعا قد ثبت فی اللفظ الدال علی الإقرار وضعا، فاعتبار التعدد أربعا فی الإشارة - التی هی فعل - الدالة علی الإقرار من غیر وضع فبطریق أولی.

(5)لأن الترجمة شهادة علی المعنی المراد من الإشارة ممن یعرفون مدالیل أفعال الأخرس، فیکفی فیها اثنان و لیست شهادة علی الزنا حتی یشترط کونهم أربعا.

(6)لا إشکال فی احتیاج ثبوت الزنا فی حقه إلی إقراره أربع مرات و هذه واحدة، و أما ثبوت القذف منه للمرأة ففیه تردد، من أن ظاهره القذف عرفا، و أنه هتک لحرمتها و یؤید بقول النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فی خبر السکونی: (لا تسألوا الفاجرة من فجر بک، فکما هان علیها الفجور یهون علیها أن ترمی البریء المسلم)(2). و خبره الآخر عن علی علیه السّلام: (إذا سألت الفاجرة من فجر بک فقالت: فلان، جلدتها حدین، حدا للفجور، و حدا لفریتها علی الرجل المسلم)3.-

ص:216


1- (1) الوسائل الباب - 59 - من أبواب القراءة فی الصلاة حدیث 2.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 41 - من أبواب حد الزنا حدیث 1 و 2.

معین بأن تقول: زنیت بفلان (وجب) علی المقر (حد القذف) لمن نسبه إلیه (1) (بأول مرة) (2)، لأنه قذف صریح، و إیجابه (3) الحد لا یتوقف علی تعدده.

(و لا یجب) علی المقر (حد الزنا) الذی أقر به (إلا بأربع مرات) کما لو لم ینسبه إلی معین، و هذا موضع وفاق، و إنما الخلاف فی الأول.

و وجه ثبوته ما ذکر فإنه قد رمی المحصنة أی غیر المشهورة بالزنا، لأنه المفروض، و من أنه (4) إنما نسبه إلی نفسه بقوله: زنیت. و زناه لیس مستلزما لزناها، لجواز الاشتباه علیها أو الإکراه. کما یحتمل المطاوعة و عدم الشبهة، و العام لا یستلزم الخاص.

و هذا (5) هو الذی اختاره المصنف فی الشرح. و هو متجه (6)، إلا أن الأول أقوی (7) إلا أن یدعی ما یوجب انتفاءه عنها کالإکراه و الشبهة عملا بالعموم (8).

و مثله القول فی المرأة و قد روی عن علی علیه السّلام قال: إذا سألت الفاجرة من فجر بک فقالت: فلان جلدتها حدین: حدا للفجور و حدا لفریتها علی الرجل -و وجه العدم أنه نسب الزنا إلی نفسه، و ثبوت الزنا فی حقه لا یستلزم ثبوته فی حقها لاحتمال أن تکون مکرهة، أو مشتبهة.

(1)للذی نسب الزنا إلیه.

(2)لأن القذف غیر مشروط بتکراره أربعا.

(3)إیجاب القذف.

(4)وجه العدم.

(5)أی عدم الحد.

(6)لأن الحدود تدرأ بالشبهات و لم نقطع بأنه أراد قذفها.

(7)أی ثبوت القذف أقوی لأن قوله ظاهر فی ذلک إلا أن یعقبه بما یدل علی کرهها أو اشتباهها.

(8)بعموم دلیل القذف، و هو قوله تعالی: وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِینَ جَلْدَةً (1).

ص:217


1- (1) النور الآیة: 4

المسلم (و) کذا یثبت الزنا (بالبینة کما سلف) فی الشهادات من التفصیل.

فی ما لو شهد به أقل من النصاب

(و لو شهد به (1) أقل من النصاب) المعتبر فیه (2) و هو (3) أربعة رجال (4)، أو ثلاثة و امرأتان (5) (1)بالزنا.

(2)فی الزنا.

(3)أی النصاب.

(4)بلا خلاف و یدل علیه قوله تعالی: وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِینَ جَلْدَةً (1).

(5)علی المشهور لأخبار منها: صحیحة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن شهادة النساء فی الرجم، فقال: إذا کان ثلاثة رجال و امرأتان، و إذا کان رجلان و أربع نسوة لم تجز فی الرجم)(2). و صحیحة عبد اللّه بن سنان: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: لا تجوز شهادة النساء فی رؤیة الهلال، و لا یجوز فی الرجم شهادة رجلین و أربع نسوة، و یجوز فی ذلک ثلاثة رجال و امرأتان)3.

و خالف العمانی و المفید و الدیلمی إلی أن الزنا لا یثبت بذلک لصحیح محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا شهد ثلاثة رجال و امرأتان لم یجز فی الرجم)(3). و هو مؤید بما دلّ علی عدم قبول شهادتهن فی الحدود کخبر غیاث بن إبراهیم عن جعفر بن محمد عن أبیه عن علی علیه السّلام: (لا تجوز شهادة النساء فی الحدود و لا فی القود)5.

و رجحت الطائفة الثانیة بموافقتها لظاهر القرآن حیث لم یصرح إلاّ بأربعة رجال، و رجحت الطائفة الأولی بصحیح الحلبی الآخر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (عن رجل محصن فجر بامرأة فشهد علیه ثلاثة رجال و امرأتان وجب علیه الرجم، و إن شهد علیه رجلان و أربع نسوة فلا تجوز شهادتهم و لا یرجم و لکن یضرب حد الزانی)(4). و بخبر عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سأله عن المرأة یحضرها الموت و لیس عندها إلا امرأة تجوز شهادتها؟ فقال: تجوز شهادة النساء فی العذرة و المنفوس، و قال: تجوز شهادة النساء فی الحدود مع الرجال)(5) إلا أن هذا الخبر المشتمل علی الذیل-

ص:218


1- (1) النور الآیة: 4.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 24 - من أبواب الشهادات حدیث 3 و 10.
3- ( (4 و 5) الوسائل الباب - 24 - من أبواب الشهادات حدیث 28 و 29.
4- (6) الوسائل الباب - 30 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.
5- (7) الوسائل الباب - 24 - من أبواب الشهادات حدیث 21.

أو رجلان و أربع نسوة (1) و إن ثبت بالأخیر الجلد خاصة (حدّوا) (2) أی من شهد و إن کان واحدا (للفریة) (3) و هی الکذبة العظیمة، لأن اللّه تعالی سمّی من قذف و لم یأت بتمام الشهداء کاذبا فیلزمه کذب من نسبه و جزم به (4) من غیر أن یکون الشهداء کاملین و إن کان صادقا فی نفس الأمر. و المراد أنهم یحدّون للقذف.

فی ما یشترط فی قبول الشهادة به

(و یشترط) فی قبول الشهادة به (5)(ذکر المشاهدة) للإیلاج (کالمیل فی المکحلة) (6) -قد رواه الشیخ فی التهذیب عن القاسم عن أبان عن عبد الرحمن.

و قد رواه مجردا عن الذیل عن عبد اللّه بن سلیمان(1) تارة و عن عبد اللّه بن سنان2 تارة أخری و قد رواه الکلینی مجردا أیضا عن عبد الرحمن3، و هذا ما یوجب احتمال أن یکون الذیل من زیادات الراوی.

(1)علی المشهور لصحیح الحلبی الثانی المتقدم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و إن شهد علیه رجلان و أربع نسوة فلا تجوز شهادتهم و لا یرجم و لکن یضرب حد الزانی)4، و خالف الصدوقان و العلاّمة فی المختلف بدعوی أن الشهادة المذکورة لو أثبتت الزنا الموجب للجلد لأثبتت الزنا الموجب للرجم للتلازم.

و فیه: إنه اجتهاد فی قبال النص المذکور.

(2)أی من شهد دون النصاب، و سیأتی الکلام فیه.

(3)الافتراء هو الکذب، لأن اللّه سماه کاذبا فی قوله تعالی: لَوْ لا جاؤُ عَلَیْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ یَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِکَ عِنْدَ اللّهِ هُمُ الْکاذِبُونَ (2).

(4)أی من نسب الزنا و جزم به فهو کاذب

(5)بالزنا.

(6)لصحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (حد الرجم أن یشهد علیه أربعة أنهم رأوه یدخل و یخرج)(3). و صحیحة محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: لا یرجم رجل و لا امرأة حتی یشهد علیه أربعة شهود علی الإیلاج و الإخراج)7. و فی صحیحه الآخر: (لا یجلد رجل و لا امرأة)8، و فی معتبرة أبی-

ص:219


1- ( (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 24 - من أبواب الشهادات حدیث 21 و 14 و 24.
2- (5) النور الآیة: 13.
3- ( (6 و 7 و 8) الوسائل الباب - 12 - من أبواب حد الزنا حدیث 1 و 2 و 11.

فلا یکفی الشهادة بالزنا مطلقا (1) و قد تقدم فی حدیث ماعز (2) ما ینبه علیه، و روی أبو بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: «لا یرجم الرجل و المرأة حتی یشهد علیهما أربعة شهداء علی الجماع و الإیلاج، و الإدخال کالمیل فی المکحلة» (3).

و فی صحیحة الحلبی عنه قال: «حد الرجم أن یشهد أربعة أنهم رأوه یدخل و یخرج» و کذا لا یکفی دعوی المعاینة حتی یضموا إلیها (4) قولهم: من غیر عقد، و لا شبهة إلی آخر ما یعتبر. نعم تکفی شهادتهم به (5)(من غیر علم بسبب التحلیل) بناء علی أصالة عدمه (فلو لم یذکروا) فی شهادتهم (المعاینة) علی الوجه المتقدم (6)(حدوا) للقذف، دون المشهود علیه، و کذا لو شهدوا بها و لم یکملوها بقولهم: و لا نعلم سبب التحلیل و نحوه.

-بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا یجب الرجم حتی یشهد الشهود الأربع أنهم قد رأوه یجامعها)(1). و فی خبره الآخر: (لا یرجم الرجل و المرأة حتی یشهد علیهما أربعة شهداء علی الجماع و الإیلاج و الإدخال کالمیل فی المکحلة)2. و فی خبره الثالث: (أنهم رأوه یدخل و یخرج)3. و من هذه الأخبار فاشتراط المعاینة کما عن البعض فی محله، و دعوی أنه لا تشترط المعاینة بل یکفی مطلق العلم و إلا لانسد باب الشهادة علی الزنا مع أنه قد ثبت الحد علی الزنا فی زمن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، و فی زمن أمیر المؤمنین علیه السّلام.

غیر مسموعة بعد هذا التصریح و الاشتراط فی هذه الأخبار الصحیحة، و مع أنه غالب ما ثبت فی زمن المعصومین إنما کان بالإقرار لا بالشهادة فلا تغفل.

(1)من دون ذکر المشاهدة.

(2)من قوله: (کما یغیب المرود فی المکحلة).

(3)و هو خبره الثانی المتقدم فی الشرح.

(4)إلی المعاینة.

(5)بالزنا کأن یشهدوا علی المعاینة مع قولهم لا نعلم سببا للتحلیل فتکون شهادة علی الزنا، لأصالة عدم وجود السبب المحلّل عند الشک، غایته لو ادعی وجود السبب المحلّل من زوجیة أو ملکیة یسقط عنه الحد و لا یکلف ببینة.

(6)من الإیلاج و الإدخال، لم یحدّ المشهود علیه، و حدّ الشهود حدا للقذف.

ص:220


1- ( (1 و 2 و 3) المصدر السابق حدیث 3 و 4 و 5.

(و لا بد) مع ذلک (من اتفاقهم علی الفعل الواحد فی الزمان الواحد و المکان الواحد، فلو اختلفوا) فی أحدها بأن شهد بعضهم علی وجه مخصوص و الباقون علی غیره، أو شهد بعضهم بالزنا غدوة و الآخرون عشیة، أو بعضهم فی زاویة مخصوصة، أو بیت و الآخرون فی غیره (حدوا للقذف) (1).

و ظاهر کلام المصنف و غیره (2) أنه لا بد من ذکر الثلاثة (3) فی الشهادة و الاتفاق علیها، فلو أطلقوا، أو بعضهم حدوا، و إن لم یتحقق الاختلاف. مع احتمال الاکتفاء بالإطلاق، لإطلاق الأخبار السابقة و غیرها.

و اشتراط عدم الاختلاف (4) حیث یقیدون بأحد الثلاثة.

و کذا یشترط اجتماعهم حال إقامتها دفعة (5) بمعنی أن لا یحصل بین (1)لأن کل واحد من الفعل الواقع علی أحد الوجوه غیر الفعل الآخر، فلم یقم علی الفعل الواحد أربعة شهداء.

و الکلام فی وجوب تعرض الشهداء لهذه القیود، فظاهر المحقق و العلاّمة اشتراط ذلک فلا یکفی إطلاقهم الشهادة علی الزنا بل لا بد من التصریح بالقیود الثلاثة من الزمان و المکان و الفعل بحیث لو أطلق البعض و قید الآخرون حدوا، مع أن ظاهر کلمات المتقدمین کالنصوص خالیة عن اشتراط التقیید بهذه القیود، نعم لو تعرض الشهود لهذه القیود و اختلفوا لحدوا حینئذ.

(2)و هو المحقق و العلاّمة.

(3)الفعل الواحد و الزمان و المکان.

(4)عطف علی الاکتفاء و المعنی لا یجب علیهم التقیید نعم لو تعرضوا لهذه القیود فیجب أن لا یختلفوا.

(5)أی حال إقامة الشهادة و علیه فلو أقام البعض الشهادة فی وقت عدم حضور الباقین علی وجه لا یحصل به اتصال الشهادة عرفا، حدوا للقذف و لا یرتقب إتمام البینة لأنه لا تأخیر فی حد و یدل علیه خبر السکونی عن جعفر عن أبیه عن علی علیه السّلام: (فی ثلاثة شهدوا علی رجل بالزنا، فقال علی علیه السّلام: أین الرابع؟ قالوا: الآن یجیء فقال علی علیه السّلام: حدوهم فلیس فی الحدود نظر ساعة)(1). و خبر عباد البصری: (سألت أبا-

ص:221


1- (1) الوسائل الباب - 12 - من أبواب حد الزنا حدیث 8.

الشهادات تراخ عرفا، لا بمعنی تلفظهم بها دفعة و إن کان جائزا.

(و لو أقام بعضهم الشهادة فی غیبة الباقی حدوا و لم یرتقب الإتمام) لأنه لا تأخیر فی حد. و قد روی عن علی علیه السّلام فی ثلاثة شهدوا علی رجل بالزنا فقال علی علیه السّلام: «أین الرابع فقالوا: الآن یجیء فقال علی علیه السّلام: حدّوهم فلیس فی الحدود نظر ساعة».

و هل یشترط حضورهم فی مجلس الحکم دفعة قبل اجتماعهم علی الإقامة (1) قولان (2) اختار أولهما العلاّمة فی القواعد، و ثانیهما فی التحریر. و هو الأجود، لتحقق الشهادة المتفقة (3)، و عدم ظهور المنافی (4). مع الشک فی اشتراط الحضور (5) دفعة، و النص لا یدل علی أزید من اعتبار عدم تراخی الشهادات (6).

و یتفرع علیهما (7) ما لو تلاحقوا (8) و اتصلت شهادتهم بحیث لم یحصل -جعفر علیه السّلام عن ثلاثة شهدوا علی رجل بالزنا و قالوا: الآن یأتی بالرابع، قال: یجلدون حد القذف ثمانین جلدة کل رجل منهم)(1).

(1)إقامة الشهادة.

(2)قول باشتراط اجتماعهم فی مجلس الحکم قبل الإدلاء بالشهادة و إلیه ذهب العلاّمة فی القواعد، و ولده فخر المحققین فی إیضاح الفوائد.

و قول بعدم اشتراط اجتماعهم قبل الإدلاء لعدم الدلیل علی ذلک و هو مذهب غیرهم.

(3)أی المتفقة من الأربع فی مجلس واحد بحیث لم یحصل تراخ بین الشهادات.

(4)لأن المنافی هو عدم اجتماعهم حال الشهادة و المفروض حصوله، فعدم حضورهم للمجلس دفعة قبل الشهادة لا دلیل علی کونه منافیا للشهادة.

(5)و الأصل عدمه.

(6)فالنص دال علی اشتراط الاجتماع حال الأداء لا علی الاجتماع حال الحضور للمجلس.

(7)علی القولین من اشتراط حضورهم للمجلس فضلا عن اجتماعهم حال الشهادة، و من عدم اشتراط حضورهم للمجلس مع اشتراط اجتماعهم حال الأداء بحیث لا یحصل التراخی بین الشهادات.

(8)بالحضور.

ص:222


1- (1) المصدر السابق 12 و 9.

التأخیر. فعلی الأول (1) یحدون هنا بطریق أولی (2)، و علی الثانی (3) یحتمل القبول و عدمه نظرا (4) إلی فقد شرط الاجتماع حالة الإقامة دفعة (5)، و انتفاء العلة الموجبة (6) للاجتماع و هی تأخیر حد القاذف فإنه (7) لم یتحقق هنا. و حیث یحد الشاهد أولا قبل حضور أصحابه إما مطلقا (8)، أو مع التراخی (9).

(فإن جاء الآخرون) بعد ذلک (و شهدوا حدوا أیضا) لفقد شرط القبول فی المتأخر کالسابق (10).

(و لا یقدح تقادم الزنا) (11) (1)من اشتراط حضورهم المجلس دفعة.

(2)لأنهم لو اجتمعوا حال الشهادة یحدون إن لم یجتمعوا حال الحضور، فمن باب أولی حدهم إذا لم یجتمعوا حال الشهادة.

(3)من اشتراط عدم التراخی بین الشهادات، فالتردد ناشئ من اشتراط حضورهم حال الشهادة و إن لم یحصل التراخی أم یکفی عدم حصول التراخی. و إن کان النص دالا علی عدم التراخی بین الشهادات فلو تلاحقوا حضورا و لم یحصل التراخی فتقبل شهادتهم لأنه لا تأخیر فی الحد حینئذ.

(4)دلیل لعدم قبول الشهادة.

(5)و لا دلیل علی اعتباره کما عرفت.

(6)دلیل لقبول الشهادة، و «انتفاء العلة» معطوف علی «فقد شرط»، و المعنی: و نظرا إلی انتفاء العلة، و الحاصل أن العلة الموجبة لاجتماع الشهود حال أداء الشهادة هی التأخیر فی الحد، و لم یحصل هنا تأخیر لعدم التراخی فی الشهادات کما هو المفروض، و بعبارة أخری فلو حضر ثلاثة و شهدوا بالزنا فقد ثبت قذفهم له فیحدّون و لا ینتظر حضور الرابع لیرتفع القذف عنهم لأنه لا تأخیر فی الحد، و مع عدم حصول التراخی فلا تأخیر فی حد القذف.

(7)فإن التأخیر.

(8)مع التراخی أولا بناء علی اشتراط الاجتماع حال الأداء.

(9)فحضروا بعد مدة.

(10)فالمتأخر یحدّ بنفس مناط حد السابق لفقد شرط القبول، و هو توالی الشهادات أو اجتماعهم حال الأداء.

(11)بحیث أنه زنا قبل سنة أو أکثر، و هذا لا یضر فی صحة الشهادة لإطلاق الأخبار السابقة.

ص:223

المشهود به (فی صحة الشهادة) للأصل (1) و ما روی (2) فی بعض الأخبار من أنه متی زاد عن ستة أشهر لا یسمع شاذ.

(و لا یسقط) الحد، و لا الشهادة (بتصدیق الزانی الشهود و لا بتکذیبهم) أما مع التصدیق فظاهر (3) و أما مع التکذیب (4) فلأن تکذیب المشهود علیه لو أثر لزم تعطیل الأحکام (و التوبة قبل قیام البینة) (5) علی الزانی (تسقط الحد) عنه جلدا کان أم رجما (6) (1)أصالة البقاء.

(2)و هو مرسل جمیل بن دراج عن رجل عن أحدهما علیهما السّلام: (فی رجل سرق أو شرب الخمر أو زنی، فلم یعلم ذلک منه و لم یؤخذ حتی تاب و صلح، فقال: إذا صلح و عرف منه أمر جمیل لم یقم علیه الحد، قال ابن أبی عمیر: فإن کان أمرا قریبا لم تقم؟ قال: لو کان خمسة أشهر أو أقل و قد ظهر منه أمر جمیل لم تقم علیه الحدود)(1). کما هو موجود فی کتب الفقه، و الموجود فی الوسائل من قول ابن أبی عمیر: (فإن کان امرأ غریبا)، و الأول أصح لتطابق الجواب فیه مع السؤال. و علی کل فهو موافق لقول بعض العامة فمحمول علی التقیة کما عن الشارح فی المسالک.

(3)لأنه یؤکد شهادتهم فکیف تسقط خلافا لأبی حنیفة حیث أنه بالتصدیق یکون قد أقرّ و مع الإقرار الواحد لا یثبت علیه الحد حتی یصیر أربعا، و فیه: إن إعمال أدلة الإقرار هنا تعطیل لأدلة الشهادة.

(4)بلا خلاف حتی من أبی حنیفة کما فی الجواهر، لإطلاق الأدلة، و لأنه لو سقط الحد و الشهادة بالتکذیب للزم تعطیل الأحکام.

(5)تسقط الحد بلا خلاف، لمرسل جمیل المتقدم: (فی رجل سرق أو شرب الخمر أو زنی فلم یعلم ذلک منه و لم یؤخذ حتی تاب و صلح، قال: إذا صلح و عرف منه أمر جمیل لم یقم علیه الحد)(2)، و لأن التوبة تسقط عقوبة الآخرة فإسقاطها لعقوبة الدنیا أولی.

(6)بلا خلاف فیه، فقول الشهید الثانی هنا علی المشهور المشعر بوقوع الخلاف فیه لیس فی محله، لأن الخلاف فی وقوع التوبة بعد قیام البینة لا قبلها، هذا من جهة و من جهة أخری قد عرفت أن المستند هو مرسل جمیل و هذا ما اعترف به الشارح فی المسالک، فما-

ص:224


1- (1) الوسائل الباب - 16 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 16 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 3.

علی المشهور، لاشتراکهما فی المقتضی (1) للإسقاط،(لا) إذا تاب (بعدها) فإنه لا یسقط علی المشهور (2)، للأصل.

و قیل: یتخیر الإمام فی العفو عنه و الإقامة. و لو کانت التوبة قبل الإقرار فأولی بالسقوط (3)، و بعده یتخیر الإمام فی إقامته، و سیأتی.

فی سقوط الحد بدعوی الجهالة بالتحریم، أو الشبهة

(و یسقط) الحد (بدعوی الجهالة (4) بالتحریم،(أو الشبهة) (5) بأن قال:

ظننت أنها حلت بإجارتها نفسها، أو تحلیلها، أو نحو ذلک (6)(مع إمکانهما) أی -علقه هنا علی هذا الحکم بقوله: «لم نقف علی مستند هذه الأحکام لکنها مشهورة» لیس فی محله، و حاول البعض رفع التناقض بین قوله بأن مراده من المستند هو المستند المعتبر و مرسل جمیل لیس منه.

(1)و هو التوبة.

(2)للأصل من ثبوت الحد حین قیام البینة و الشک فی السقوط حال التوبة فیستصحب، و یؤیده خبر أبی بصیر - و هو مرسل - عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل أقیمت علیه البینة بأنه زنی، ثم هرب قبل أن یضرب، قال: إن تاب فما علیه شیء و إن وقع فی ید الإمام أقام علیه الحد، و إن علم مکانه بعث إلیه)(1) بناء علی أن المراد به أن إقامة الحد علیه أمر محتم و لذا لو سقط فی ید الإمام أو علم مکانه أقام علیه الحد، و لکن لو لم یقم علیه الحد و تاب بینه و بین اللّه فما علیه شیء فی الآخرة.

و ذهب المفید و أبو الصلاح الحلبی إلی تخییر الإمام بین إقامة الحد و بین العفو کما لو تاب بعد الإقرار، بعد حمل خبر أبی بصیر المتقدم علی أنه لو تاب بعد قیام البینة کما هو الظاهر من تطابق الجواب مع السؤال فلا شیء علیه، و إن وقع فی ید الإمام و لم تصدر منه توبة أقام علیه الحد، و هذا الخبر بهذا الحمل هو الدلیل لهما إلاّ أن الخبر یحتم سقوط الحد بعد التوبة فدعواهما بالتخییر بین الحد و عدمه لا معنی له و لذا قال الشارح فی المسالک: «و لم نقف علی المستند».

(3)لأن البینة توجب رده إلی حفیرته لو هرب منها بخلاف الإقرار فلا یجب رده، فإذا کانت التوبة تسقط الحد قبل البینة حینئذ فهی تسقطه قبل الإقرار من باب أولی.

(4)لأنه قریب العهد فی الإسلام و قد تقدم الخبر فی ذلک.

(5)أی بدعوی الشبهة فلا حد لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

(6)کالصلح و الهبة.

ص:225


1- (1) الوسائل الباب - 16 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 4.

الجهالة و الشبهة (فی حقه) فلو کان ممن لا یحتمل جهله بمثل ذلک لم یسمع (و إذا ثبت الزنا علی الوجه المذکور (1) وجب الحد) علی الزانی (و هو أقسام ثمانیة).

فی أقسام حد الزنا و من وجب علیه

أحدها: القتل بالسیف

(أحدها: القتل بالسیف) و نحوه (2)(و هو للزانی بالمحرم) النسبی من النساء (کالأم و الأخت) و العمة و الخالة و بنت الأخ و الأخت أما غیره من المحارم بالمصاهرة (3) کبنت الزوجة و أمها فکغیرهن من الأجانب علی ما یظهر من (1)بالبینة أو الإقرار.

(2)کالسکین، و القتل یثبت فیمن زنا بذات محرم للنسب کالأم و البنت و الأخت و شبهها، بلا خلاف فیه، و لأخبار منها: صحیح بکیر بن أعین عن أحدهما علیهما السّلام: (من زنی بذات محرم حتی یواقعها ضرب ضربة بالسیف أخذت منه ما أخذت، و إن کانت تابعته ضربت ضربة بالسیف أخذت منها ما أخذت، قال: فمن یضربهما و لیس لهما خصم؟ قال:

ذلک إلی الإمام إذا رفعا إلیه)(1). و صحیح جمیل بن دراج: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام:

أین یضرب الذی یأتی ذات محرم بالسیف، أین هذه الضربة؟ قال علیه السّلام: یضرب عنقه أو قال: تضرب رقبته)2.

و مرسل عبد اللّه بن مهران عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن رجل وقع علی أخته قال: یضرب ضربة بالسیف، قلت: فإنه یخلص، قال: یحبس أبدا حتی یموت)3.

و خبر عامر بن السمط عن علی بن الحسین علیهما السّلام: (فی الرجل یقع علی أخته قال:

یضرب ضربة بالسیف بلغت منه ما بلغت، فإن عاش خلد فی السجن حتی یموت)4.

و لقد أجاد صاحب الریاض بقوله: إن (ظاهر أکثر النصوص المزبورة الاکتفاء بالضربة الواحدة مطلقا أو فی الرقبة و هی لا تستلزم القتل فی صریح بعضها، أی المشتمل علی التخلید فی الحبس مع فرض عدم إتیانها علیه).

و مناقشة الجواهر له بأن الإجماع قد قام علی القتل مؤیّدا بصحیح جمیل بن دراج الظاهر فی القتل بقرینة قوله: (یضرب عنقه أو رقبته) مضافا إلی النبوی: (من وقع علی ذات محرم فاقتلوه)(2) غیر مسموعة، أما النبوی فقد ورد من طرق العامة، و أما صحیح جمیل فهو ظاهر بالضربة الواحدة لا فی القتل، و أما الإجماع فلم یثبت إذ لعلهم اعتمدوا علی هذه النصوص بدعوی أنها ظاهرة فی القتل.

(3)وقع الخلاف فی إلحاق المحرمة بالسبب بالمحرم النسبی، و کذا المحرم بالرضاع، ففی-

ص:226


1- ( (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد الزنا حدیث 1 و 3 و 4 و 10.
2- (5) سنن البیهقی ج 8 ص 237.

الفتاوی، و الأخبار خالیة من تخصیص النسبی، بل الحکم فیها معلق علی ذات المحرم مطلقا (1).

أما من حرمت بالملاعنة و الطلاق (2) و أخت الموقب و بنته و أمه فلا و إن حرمن مؤبدا (3).

و فی إلحاق المحرم بالرضاع بالنسب وجه مأخذه إلحاقه فی کثیر من الأحکام للخبر (4)، لکن لم نقف علی قائل به (5) -کشف اللثام قصر الحکم علی المحرم النسبی لأنه المتیقن من النصوص فالمنصرف من المحرم هو النسبی فقط و إن کان یطلق علی غیره لکن لا یتبادر ذلک الغیر منه عند إطلاقه.

و ذهب المحقق و ابن إدریس و حمزة و زهرة إلی إلحاق زوجة الأب بالمحرم النسبی، و فی المبسوط و الخلاف و الجامع لابن سعید إلحاق الرضاع بالنسب دون السبب إلا امرأة الأب، مع أنه لو بنینا علی الإلحاق لوجب تعمیم الحکم إلی کل من یحرم نکاحه بسبب أو نسب أو رضاع فالاقتصار علی زوجة الأب من السببی تحکم، و کذا علی الرضاع دون السبب.

(1)لکن المنصرف منه خصوص النسبی، لا أقل من کونه قدرا متیقنا فیقتصر علیه لأن التهجم علی الدماء مشکل من دون دلیل.

(2)أی التاسع الموجب للحرمة المؤبدة.

(3)و وجهه انصراف الأدلة عما حرمت تأدیبا کما فی هذه الأمثلة.

(4)الأخبار کثیرة منها: صحیح برید العجلی عن أبی جعفر علیه السّلام: (أن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قال: یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب)(1).

و فیه: أن ظاهره التنزیل من ناحیة حرمة النکاح فقط، لا فی کل ما رتب علی الأنساب کوجوب نفقة الوالدین و حرمة عقوقهما و نحو ذلک، فإنها لم تثبت للأبوین الرضاعیین.

(5)و قد عرفت أنه قول للشیخ و لیحیی بن سعید و لذا قال فی الریاض: «و من هنا یظهر ضعف إلحاق المحرم بالرضاع بالنسب مع عدم ظهور قائل به عدا الشیخ فی الخلاف و المبسوط و ابن عم الماتن - أی یحیی بن سعید فإنه ابن عم المحقق صاحب النافع - و هما شاذان، و لذا لم یمل إلی مختارهما أحد من المتأخرین عدا شیخنا فی الروضة مع ظنه عدم-

ص:227


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب ما یحرم بالرضاع حدیث 1.

و الأخبار تتناوله (1).

و فی إلحاق زوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملک بالمحرم النسبی قولان؛ من دخولهن فی ذات المحرم، و أصالة العدم.

و لا یخفی أن إلحاقهن بالمحرم، دون غیرهن من المحارم بالمصاهرة تحکّم (2).

نعم یمکن أن یقال: دلت النصوص علی ثبوت الحکم فی ذات المحرم مطلقا فیتناولهن (3) و خروج غیرهن (4) بدلیل آخر کالإجماع (5) لا ینفی الحکم فیهن مع ثبوت الخلاف (6) لکن یبقی الکلام فی تحقق الإجماع فی غیرهن.

(و) کذا یثبت الحد بالقتل (للذمی إذا زنی بمسلمة) (7) مطاوعة أو مکرهة (8) عاقدا علیها أم لا (9). نعم لو اعتقده (10) حلالا بذلک (11) لجهله بحکم الإسلام احتمل قبول عذره، لأن الحد یدرأ بالشبهة (12)،...

-القائل به فقد جعله وجها».

(1)قد عرفت العدم.

(2)بل لو بنینا علی عموم الأخبار لکل محرم لشمل المحرم النسبی و السببی مطلقا.

(3)أی یتناول زوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملک.

(4)کأم الزوجة و بنتها من ذوات المصاهرة.

(5)فهو غیر موجود، و إنما الموجود هو انصراف الأخبار عن السببی مطلقا.

(6)فی زوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملک.

(7)بلا خلاف فیه و لأخبار منها: موثق حنان بن سدیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سئل عن یهودی فجر بمسلمة فقال: یقتل)(1)، نعم تخصیصه بالذمی نصرانیا أو حربیا لیس فی محله، بل یعمم إلی مطلق الکافر و لو کان حربیا - کما فی الریاض - لشمول النص له، و لأولویة غیر الذمی من الذمی بالحکم لو فجر.

(8)لإطلاق النص.

(9)فوجود العقد کعدمه لأنه لا یصح عقده علیها.

(10)أی اعتقد الوط ء.

(11)بالعقد علیها.

(12)و هو مشتبه.

ص:228


1- (1) الوسائل الباب - 36 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.

و عدمه (1) للعموم، و لا یسقط عنه القتل بإسلامه (2).

(و الزانی مکرها للمرأة) (3) و الحکم فی الأخبار و الفتوی معلق علی المرأة و هی کما سلف لا تتناول الصغیرة. ففی إلحاقها (4) بها هنا نظر من فقد النص، و أصالة (1)أی و یحتمل عدم القبول، لعموم الخبر، و فیه: إن الخبر عام بمن فجر بمسلمة و هو ظاهر بمن أقدم علی الفاحشة مع علمه بذلک فلا عموم له حتی یشمل المشتبه.

(2)لأنه بعد ثبوت الحد لو أسلم نشک فی السقوط فیستصحب، و لخصوص خبر جعفر بن رزق: (قدم إلی المتوکل نصرانی فجر بامرأة مسلمة، و أراد أن یقیم علیه الحد فأسلم، فقال یحیی بن أکثم: قد هدم إیمانه شرکه و فعله، و قال بعضهم: یضرب ثلاثة حدود، و قال بعضهم: یفعل به کذا و کذا، فأمر المتوکل بالکتاب إلی أبی الحسن الثالث علیه السّلام و سؤاله عن ذلک، فلما قدم الکتاب کتب أبو الحسن علیه السّلام: یضرب حتی یموت، فأنکر یحیی بن أکثم و أنکر فقهاء العسکر ذلک، و قالوا: یا أمیر المؤمنین سله عن هذا، فإنه شیء لم ینطق به کتاب و لم تجیء به السنّة.

فکتب: إن فقهاء المسلمین قد أنکروا هذا و قالوا: لم تجیء به سنّة و لم ینطق به کتاب، فبیّن لنا بما أوجبت علیه الضرب حتی یموت؟

فکتب علیه السّلام: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ وَ کَفَرْنا بِما کُنّا بِهِ مُشْرِکِینَ * فَلَمْ یَکُ یَنْفَعُهُمْ إِیمانُهُمْ لَمّا رَأَوْا بَأْسَنا * سُنَّتَ اللّهِ الَّتِی قَدْ خَلَتْ فِی عِبادِهِ وَ خَسِرَ هُنالِکَ الْکافِرُونَ (1).

قال: فأمر به المتوکل فضرب حتی مات)(2)، و ذهب الفاضل الهندی فی کشف اللثام إلی سقوط الحد عنه لو أسلم استضعافا للروایة، و لأن الإسلام یجب ما قبله، و للاحتیاط فی الدماء، و یسقط عنه الجلد أیضا للأصل.

و فیه: إنه اجتهاد فی قبال هذا النص المنجبر بعمل الأصحاب و المؤید بالاستصحاب.

(3)علی الزنا، فیقتل بلا خلاف، للأخبار منها: صحیح برید العجلی: (سئل أبو جعفر علیه السّلام عن رجل اغتصب امرأة فرجها، قال: یقتل محصنا کان أو غیر محصن)(3)و صحیح زرارة عن أحدهما علیهما السّلام: (فی رجل غصب امرأة نفسها قال: یقتل)4.

(4)إلحاق الصغیرة بالمرأة.

ص:229


1- (1) غافر الآیتان: 84-85.
2- (2) الوسائل الباب - 36 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 17 - من أبواب حد الزنا حدیث 1 و 4.

العدم (1)، و من أن الفعل أفحش و التحریم فیها أقوی (2).

(و لا یعتبر الإحصان هنا) فی المواضع الثلاثة (3)، لإطلاق النصوص بقتله، و کذا لا فرق بین الشیخ و الشاب، و لا بین المسلم و الکافر، و الحر و العبد، و لا تلحق به المرأة لو أکرهته (4)، للأصل مع احتماله (5).

(و یجمع له) أی للزانی فی هذه الصور (6)(بین الجلد، ثم القتل علی الأقوی) جمعا بین الأدلة (7)، فإن الآیة دلت علی جلد مطلق الزانی، و الروایات دلت علی (1)دلیل لعدم ثبوت القتل لعدم النص إذ النص مختص بالمرأة و لأصالة عدم ثبوت القتل عند الشک فیه.

(2)دلیل الثبوت للأولویة، و فیه: إنه من القیاس المحرم، و لو ادعی أن لفظ المرأة قد ورد فی لسان السائل مع أن ظاهر الخبر أن القتل قد ثبت للاغتصاب بما هو هو لکانت دعوی غیر بعیدة.

(3)من الزنا بذات محرم، و من زنا الذمی بالمسلمة، و من الزنا بالمرأة کارها لها، فیثبت القتل سواء کان محصنا أو لا، بلا خلاف فیه کما فی الجواهر، علی أنه فی المکرهة قد نص علی التعمیم لغیر المحصن بالإضافة إلی إطلاق النصوص السابقة الواردة فی المواضع الثلاثة، و کذلک لا فرق - للإطلاق - بین کونه شیخا أو شابا و بین کونه حرا أو عبدا، و بین کونه مسلما أو کافرا.

(4)فلا تقتل المرأة لو أکرهت الرجل علی الزنا بها لعدم تناول النصوص لها، لأنها مختصة بالرجل، بالإضافة إلی أصالة عدم القتل لو فعلت للشک فیه.

(5)احتمال قتلها لو أکرهته بدعوی أن القتل قد ثبت علی الإکراه و لا خصوصیة لإکراه الرجل فیعم إکراه المرأة، و فیه:

أولا: لو کان القتل علی مطلق الإکراه لوجب الحکم بقتل الرجل إذا اغتصب الصغیرة مع أن الشارح قد حکم بالعدم.

و ثانیا: إن إسقاط خصوصیة الرجل لیس فی محله لأن الخبر و لو من ناحیة تطابق الجواب مع السؤال ظاهر فی إکراه الرجل فلا یمکن إسقاط خصوصیة الرجولیة کما لا یمکن إسقاط خصوصیة الإکراه فلا معنی لهذا الاحتمال.

(6)الثلاث.

(7)کما ذهب إلیه الشهیدان فقوله تعالی: اَلزّانِیَةُ وَ الزّانِی فَاجْلِدُوا کُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (1). ظاهر فی جلد کل زان سواء کان زانیا بذات محرم أو کان مکرها للمرأة أو-

ص:230


1- (1) النور الآیة: 12.

قتل من ذکر، و لا منافاة بینهما فیجب الجمع.

و قال ابن إدریس: إن هؤلاء (1) إن کانوا محصنین جلدوا، ثم رجموا، و إن کانوا غیر محصنین جلدوا ثم قتلوا بغیر الرجم جمعا بین الأدلة.

و فی تحقق الجمع بذلک (2) مطلقا (3) نظر، لأن النصوص دلت علی قتله بالسیف. و الرجم یغایره (4)، إلا أن یقال: إن الرجم أعظم عقوبة (5) و الفعل هنا فی الثلاثة أفحش، فإذا ثبت الأقوی (6) للزانی المحصن بغیر من ذکره (7) ففیه (8) -کان ذمیا و قد زنی بمسلمة أو لا فلا بد من الأخذ بإطلاقه بالإضافة إلی الروایات السابقة التی أوجبت القتل علی الزانی فی هذه المواضع الثلاثة فالجمع بینهما یقتضی ثبوت الجلد و القتل علیه.

و فیه: أن الروایات کانت بصدد بیان الحکم الواقعی لمن زنی فی هذه المواضع الثلاثة و لم تذکر الجلد، فلو کان الجلد حکما واقعیا أیضا للزم تأخیر البیان عن وقت الحاجة و هو قبیح، فلا بد من الأخذ بالروایات المتعرضة للزانی بهذه الخصوصیات الثلاثة دون الآیة لأنها مطلقة و ستری موردها فیما بعد، و هذا ما ذهب إلیه المشهور.

و ذهب ابن إدریس إلی قتله تبعا لهذه الروایات و إلی جلده تبعا للآیة، و إلی رجمه إذا کان محصنا لما دل علی الرجم فی المحصن و علیه ففی غیر المحصن یجلد ثم یقتل و فی المحصن یجلد ثم یرجم، و بالرجم نکون قد امتثلنا الأمر بالقتل و الأمر بالرجم.

و فیه: بالإضافة إلی أن النصوص السابقة فی هذه المواضع الثلاثة قد اقتصرت علی القتل و هی فی مقام بیان الحکم الواقعی، فلا یصح الاکتفاء بالرجم عن القتل للتغایر بینهما مفهوما و مصداقا.

(1)أی الزناة فی المواضع الثلاثة.

(2)بما قاله ابن إدریس.

(3)من جمیع الوجوه، حیث إن الجمع فی بعض وجوهه موافق لقول الشارح من الجمع بین الجلد و القتل.

(4)ففی المحصن لم نجمع بین جلد مطلق الزانی و قتل الزانی فی هذه المواضع الثلاثة.

(5)من القتل.

(6)و هو الرجم.

(7)و الذی ذکره هو الزنا فی المواضع الثلاثة.

(8)أی ففی الرجم للزانی فی هذه المواضع الثلاثة.

ص:231

أولی (1) مع صدق أصل القتل به (2) و ما اختاره المصنف أوضح فی الجمع (3).

ثانیها: الرجم
فی من یجب علیه

(و ثانیها (4): الرجم (5) و یجب علی المحصن) بفتح الصاد (6)(إذا زنا ببالغة عاقلة) حرة کانت أم أمة. مسلمة أم کافرة (7)(و الإحصان (8) إصابة البالغ العاقل الحر فرجا) أی قبلا (مملوکا له بالعقد الدائم أو الرق) متمکنا بعد ذلک منه بحیث (یغدو علیه و یروح) أی یتمکن منه أول النهار و آخره (إصابة معلومة) بحیث غابت الحشفة، أو قدرها فی القبل (فلو أنکر) من یملک الفرج علی الوجه المذکور (1)و هذه الأولویة استحسانیة فلا یصح جعلها مدرکا للحکم الشرعی، مع أن ابن إدریس اقتصر علی الرجم لأنه محقق لمعنی القتل لا لأنه أشدّ.

(2)بالرجم.

(3)بل ما ذکره المشهور هو الواضح و المتعین.

(4)ثانی أقسام الحد.

(5)یثبت علی المحصن إذا زنی ببالغة عاقلة، و کذا علی المرأة إذا زنی بها بالغ عاقل بلا خلاف للأخبار منها: صحیح أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الرجم حد اللّه الأکبر و الجلد حد اللّه الأصغر، فإذا زنی الرجل المحصن رجم و لم یجلد)(1). و موثق سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الحر و الحرة إذا زنیا جلد کل واحد منهما مائة جلدة، فأما المحصن و المحصنة فعلیهما الرجم)2.

(6)لأنه محصن بزوجه، و یجوز الکسر لأنه أحصن نفسه بالزواج من الغیر.

(7)کل ذلک لإطلاق الأخبار السابقة.

(8)قال الشارح فی المسالک: «الإحصان و التحصین فی اللغة المنع، قال اللّه تعالی:

لِتُحْصِنَکُمْ مِنْ بَأْسِکُمْ و قال: فِی قُریً مُحَصَّنَةٍ ، و ورد فی الشرع بمعنی الإسلام و بمعنی البلوغ و العقل، و کل منهما قد قیل فی تفسیر قوله تعالی: فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَیْنَ بِفاحِشَةٍ ، و بمعنی الحریة و منه قوله تعالی: فَعَلَیْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَی الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ یعنی الحرائر، و بمعنی التزوج و منه قوله تعالی: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَکَتْ أَیْمانُکُمْ یعنی المنکوحات، و بمعنی العفة عن الزنا و منه قوله تعالی: وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ و بمعنی الإصابة فی النکاح و منه قوله تعالی: مُحْصِنِینَ غَیْرَ مُسافِحِینَ ، و یقال: أحصنت المرأة عفت، و أحصنها زوجها هی محصنة، و أحصن الرجل تزوج».

ص:232


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد الزنا حدیث 1 و 3.

(وط ء زوجته (1) صدّق) بغیر یمین (و إن کان له منها ولد لأن الولد قد یخلق من استرسال المنی) بغیر وط ء. فهذه قیود ثمانیة:

أحدها: الإصابة أی الوط ء قبلا (2) علی وجه یوجب الغسل فلا یکفی مجرد العقد، و لا الخلوة التامة، و لا إصابة الدبر، و لا ما بین الفخذین، و لا فی القبل علی وجه لا یوجب الغسل (3)، و لا یشترط الإنزال (4) و لا سلامة الخصیتین (5) فیتحقق (6) من الخصی و نحوه (7)، لا من المجبوب (8) و إن ساحق.

و ثانیها: أن یکون الواطئ بالغا (9) فلو أولج الصبی حتی غیّب مقدار الحشفة لم یکن محصنا و إن کان مراهقا.

و ثالثها: أن یکون عاقلا (10). فلو وطأ مجنونا و إن عقد عاقلا لم یتحقق (1)لعارض یمنعه من الوط ء.

(2)للأخبار منها: صحیح رفاعة: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الرجل یزنی قبل أن یدخل بأهله أ یرجم؟ قال علیه السّلام: لا)(1) و صحیح محمد بن مسلم: (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن الرجل یزنی و لم یدخل بأهله أ یحصن؟ قال: لا، و لا بالأمة)2، و ظاهر الأخبار أن الدخول هو الدخول فی القبل علی نحو یوجب الغسل.

(3)کل ذلک لخروجه عن ظاهر الأخبار السابقة.

(4)لتحقق الإدخال بغیبوبة الحشفة فقط.

(5)لتحقق الإدخال منه.

(6)الإدخال.

(7)و هو الذی سحقت خصیتاه أو لم یکن له خصیة من أول الولادة.

(8)أی مقطوع الذکر، و وطؤه مساحقة فلا یتحقق منه إدخال الحشفة لعدمها.

(9)فلو زنی غیر البالغ و إن کان قد وطئ زوجته فلا حد علیه لرفع القلم عنه و لخصوص أخبار منها: خبر أبی العباس عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا یحدّ الصبی إذا وقع علی المرأة و یحدّ الرجل إذا وقع علی الصبیة)(2).

(10)ذهب جماعة منهم الشیخان إلی ثبوت الرجم علی المجنون المحصن لو زنی لخبر أبان بن-

ص:233


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 7 - من أبواب حد الزنا حدیث 1 و 9.
2- (3) الوسائل الباب - 9 - من أبواب حد الزنا حدیث 3.

الإحصان و یتحقق بوطئه عاقلا و إن تجدد جنونه.

و رابعها: الحریة (1) فلو وطئ العبد زوجته حرة، أو أمة لم یکن محصنا و إن عتق ما لم یطأ بعده (2)، و لا فرق بین القن و المدبر و المکاتب بقسمیه، و المبعض (3).

و خامسها: أن یکون الوط ء بفرج فلا یکفی الدبر، و لا التفخیذ، و نحوه کما سلف. و فی دلالة الفرج و الإصابة (4) علی ذلک (5) نظر، لما تقدم من أن الفرج یطلق لغة علی ما یشمل الدبر و قد أطلقه علیه (6) فتخصیصه (7) هنا مع الإطلاق و إن دل علیه العرف (8) لیس بجید.

و فی بعض نسخ الکتاب زیادة قوله قبلا بعد قوله فرجا (9) و هو تقیید لما -تغلب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا زنی المجنون أو المعتوه جلد الحد و إن کان محصنا رجم)(1)، و حملت الروایة علی ما لو کان جنونه أدواریا و قد صدر منه الزنا حال تعقله بدلیل ذیله حیث قال علیه السّلام: (و الرجل یأتی و إنما یزنی إذا عقل کیف یأتی اللذة).

(1)بلا خلاف فیه و تدل علیه أخبار منها: صحیح أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی العبد یتزوج الحرة ثم یعتق فیصیب فاحشة، فقال: لا رجم علیه حتی یواقع الحرة بعد ما یعتق)(2)، و صحیحة محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی العبید إذا زنی أحدهم أن یجلد خمسین جلدة و إن کان مسلما أو کافرا أو نصرانیا و لا یرجم و لا ینفی)(3).

(2)بعد العتق.

(3)لإطلاق الأخبار السابقة.

(4)الواردین فی تعریف المصنف للإحصان.

(5)علی الوط ء قبلا.

(6)أی أطلق المصنف الفرج علی ما یشمل الدبر سابقا عند تعریف الزنا.

(7)أی فتخصیص المصنف للفرج علی القبل هنا.

(8)حیث أن الفرج عرفا مختص بالقبل.

(9)فی تعریف الإحصان.

ص:234


1- (1) الوسائل الباب - 21 - من أبواب حد الزنا حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 7 - من أبواب حد الزنا حدیث 5.
3- (3) الوسائل الباب - 31 - من أبواب حد الزنا حدیث 5.

أطلق منه (1). و معه (2) یوافق ما سلف.

و سادسها: کونه مملوکا له (3) بالعقد الدائم، أو ملک الیمین فلا یتحقق (1)من الفرج.

(2)مع التقیید.

(3)أی کون الفرج مملوکا للواطئ، فلو وطئ بشبهة أو زنی فلا یتحقق الإحصان و هو اتفاقی کما فی کشف اللثام و یدل علیه صحیح إسماعیل بن جابر عن أبی جعفر علیه السّلام: (قلت له: ما المحصن یرحمک اللّه؟ قال: من کان له فرج یغدو علیه و یروح فهو المحصن)(1) و مثله غیره، نعم التقیید بالعقد الدائم لیخرج ما لو ملکه بالعقد المنقطع فإنه لا یحقق الإحصان لأخبار منها: موثق إسحاق بن عمار: (سألت أبا إبراهیم علیه السّلام عن الرجل إذا هو زنی و عنده السریة و الأمة یطؤها تحصنه الأمة؟ فقال:

نعم إنما ذاک لأن عنده ما یغنیه عن الزنا، قلت: فإن کان عنده أمة زعم أنه یطأها، فقال: لا یصدق، قلت: فإن کان عنده امرأة متعة تحصنه، قال: لا، إنما هی علی الشیء الدائم)(2).

و مرسل أبی البختری عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الرجل یتردد فی المتعة أ تحصنه؟ قال: لا إنما ذلک علی الشیء الدائم عنده)3، کما أن الإحصان یتحقق بوط ء الأمة کما هو المشهور و یدل علیه أخبار منها: موثق إسحاق بن عمار المتقدم و صحیح علی بن جعفر عن أخیه علیه السّلام: (سألته عن الحر تحته المملوکة هل علیه الرجم إذا زنی؟ قال:

نعم)(3).

و ذهب القدیمان و الصدوق و الدیلمی إلی عدم تحقق الإحصان بملک الیمین لصحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (و کما لا تحصنه الأمة و الیهودیة و النصرانیة إن زنی بحرة، فکذلک لا یکون علیه حد المحصن إن زنی بیهودیة أو نصرانیة أو أمة و تحته حرة)(4) و مثله غیره، و الترجیح للطائفة الأولی لموافقتها للأخبار العامة الدالة علی تحقق الإحصان إذا کان عنده فرج یغدو علیه و یروح و هو شامل للأمة مثل صحیح إسماعیل بن جابر عن أبی جعفر علیه السّلام: (قلت: و ما المحصن رحمک اللّه؟ قال: من کان له فرج-

ص:235


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد الزنا حدیث 2 و 3.
3- (4) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد الزنا حدیث 11.
4- (5) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد الزنا حدیث 9.

بوط ء الزنا، و لا الشبهة و إن کانت (1) بعقد فاسد (2)، و لا المتعة.

و فی إلحاق التحلیل بملک الیمین وجه (3)، لدخوله فیه من حیث الحل، و إلا (4) لبطل الحصر المستفاد من الآیة (5) و لم أقف فیه هنا علی شیء (6).

و سابعها: کونه متمکنا منه غدوا و رواحا (7). فلو کان بعیدا عنه لا یتمکن -یغدو علیه و یروح فهو محصن)(1).

(1)الشبهة.

(2)بمعنی اعتقد أنه صحیح و هو فاسد واقعا فهو لا یحصن.

(3)لدخول التحلیل فی ملک الیمین فکل منهما ینکح بالملک، غایته أحدهما یملک الرقبة و الآخر یملک منفعة البضع.

(4)لو لم یدخل التحلیل فی ملک الیمین.

(5)و هی قوله تعالی: وَ الَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلاّ عَلی أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَکَتْ أَیْمانُهُمْ (2)، فقد حصرت الحل باثنین مع أن الوط ء یجوز بأربعة بالدائم و المنقطع و ملک الیمین و التحلیل، فیستفاد کما أن الدائم و المنقطع یدخلان فی الزوجیة کذلک ملک الیمین و التحلیل یدخلان فی الملک، و هذا کاشف عن دخول التحلیل فی ملک الیمین، غایته خرج عدم تحقق الإحصان بالمتعة بدلیل خارجی فیبقی الباقی تحت عموم الآیة.

و فیه: إن الآیة عامة فی أن الاستغناء یتم فی هذه الأربعة لا الإحصان، مع أن الأخبار قد قیدت الإحصان بالدائم و بملک الیمین علی خلاف فی الثانی، فالأصل فی التحلیل عدم الإحصان الموجب لسقوط الرجم.

(6)من کلمات الفقهاء.

(7)أی کون المحصن متمکنا من الفرج غدوا و رواحا، و هو کنایة عن تمکنه من الوط ء متی شاء و یدل علیه صحیح إسماعیل بن جابر المتقدم: (قلت: و ما المحصن رحمک اللّه؟ قال: من کان له فرج یغدو علیه و یروح فهو محصن)(3). و خبر أبی عبیدة عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی الرجل الذی له امرأة بالبصرة ففجر بالکوفة أن یدرأ عنه الرجم و یضرب حد الزانی، و قضی فی رجل محبوس فی السجن و له-

ص:236


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد الزنا حدیث 4.
2- (2) المؤمنون الآیتان: 4-5.
3- (3) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد الزنا حدیث 4.

منه فیهما (1) و إن تمکن فی أحدهما دون الآخر (2)، أو فیما بینهما (3)، أو محبوسا لا یتمکن من الوصول إلیه (4) لم یکن محصنا و إن کان قد دخل قبل ذلک. و لا فرق فی البعید بین کونه دون مسافة القصر و أزید (5).

و ثامنها: کون الإصابة معلومة (6)، و یتحقق العلم بإقراره بها أو بالبینة، لا بالخلوة، و لا الولد، لأنهما أعم کما ذکر (7).

-امرأة حرّة فی بیته فی المصر و هو لا یصل إلیها فزنی فی السجن، قال: علیه الحد - و فی نسخة یجلد الجلد - و یدرأ عنه الرجم)(1). و مثله غیره.

(1)أی لا یتمکن من الفرج فی الغدو و الرواح.

(2)أی تمکن فی الغدو دون الرواح أو بالعکس و هما أول النهار و آخره.

(3)بین أول النهار و آخره، هذا کله بناء علی حمل الغدو و الرواح فی الخبر علی المعنی الحقیقی مع أنک عرفت أنه کنایة عن التمکن من الوط ء و عدم التمکن من الوط ء ساعة من نهار لا یضرّ، و العجب من الشارح حیث حمله علی المعنی الحقیقی هنا جازما به مع أنه أبداه احتمالا فی المسالک حیث قال: «و یحتمل اعتبار حقیقته بمعنی التمکن منه أول النهار و آخره».

(4)إلی الفرج.

(5)اتفقوا علی أن المراد من البعید هو الذی لا یتمکن من الوصول إلی الفرج من دون تحدید مسافة البعد سواء قصرت عن مسافة القصر أو زادت.

نعم قد ورد تحدید البعد بمسافة السفر فی أخبار منها: خبر عمر بن یزید: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: أخبرنی عن الغائب عن أهله یزنی، هل یرجم إذا کان له زوجة و هو غائب عنها؟ قال: لا یرجم الغائب عن أهله و لا المملک الذی لم یبن بأهله، و لا صاحب المتعة، قلت: ففی أی حد سفره لا یکون محصنا؟ قال: إذا قصّر و أفطر فلیس بمحصن)(2). و هی مهجورة عند الأصحاب کما فی الجواهر بعد کون المناط فی السفر علی عدم التمکن من الفرج متی شاء.

(6)أی قطعیة بمعنی أن وطأه للفرج الحلال معلوم، و یعلم بإقراره أو بقیام البینة علیه.

(7)أما الخلوة فهی أعم من الوط ء کما هو واضح و أما الولد فلاحتمال أنه من استرسال المنی المنصب علی فم الفرج کما تقدم سابقا.

ص:237


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد الزنا حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.

و اعلم أن الإصابة أعم مما یعتبر منها (1)، و کذا الفرج (2) کما ذکر. فلو قال: تغیب قدر حشفة (3) البالغ.. إلخ فی قبل (4) مملوک له... إلخ کان أوضح. و شمل إطلاق إصابة الفرج ما لو کانت صغیرة و کبیرة عاقلة و مجنونة و لیس کذلک (5)، بل یعتبر بلوغ الموطوءة کالواطئ و لا یتحقق فیهما بدونه (6).

(و بذلک) المذکور کله (تصیر المرأة محصنة) أیضا. و مقتضی ذلک صیرورة الأمة و الصغیرة محصنة، لتحقق إصابة البالغ... إلخ فرجا مملوکا. و لیس کذلک، بل یعتبر فیها (7) البلوغ و العقل و الحریة کالرجل، و فی الواطئ البلوغ دون العقل. فالمحصنة حینئذ: المصابة حرة (8) بالغة عاقلة من زوج بالغ دائم فی القبل بما یوجب الغسل إصابة معلومة، فلو أنکرت ذات الولد منه (9) وطأه لم یثبت إحصانها (10) و إن ادعاه (11) و یثبت فی حقه (12).

(1)أی أن لفظ الإصابة الوارد فی تعریف المصنف بما له من المعنی أعم مما یعتبر من لفظ الإصابة، و ذلک لأن الإصابة ظاهرة فی الوط ء الطبیعی المتحقق فیه إدخال العضو بتمامه مع أن المراد منها إدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها.

(2)فإنه لغة أعم من القبل و الدبر مع أن المراد من لفظ الفرج الوارد فی التعریف هو خصوص القبل.

(3)بدل الإصابة.

(4)بدل الفرج.

(5)بالنسبة للصغیرة إذ الإحصان فی الواطئ لا یتحقق إلا مع بلوغ الموطوءة.

(6)أی لا یتحقق الإحصان فی الواطئ و الموطوءة بدون البلوغ.

(7)فی المرأة المحصنة.

(8)ففی صحیح الحلبی: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الرجل أ یحصن المملوکة؟ قال: لا یحصن الحر المملوکة، و لا یحصن المملوک الحرة)(1).

(9)من أبیه.

(10)لاحتمال کون الولد من المنی المنصب علی فم الفرج.

(11)أی و إن ادعی أبو الولد الوط ء.

(12)أی و یثبت الإحصان فی حق الوالد المدعی للوط ء.

ص:238


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد الزنا حدیث 7.

کعکسه (1). و أما التمکن من الوط ء فإنما یعتبر فی حقه خاصة فلا بد من مراعاته (2) فی تعریفها أیضا (3).

و یمکن أن یرید بقوله: و بذلک تصیر المرأة محصنة: أن الشروط المعتبرة فیه (4) تعتبر فیها بحیث تجعل بدله بنوع من التکلف فتخرج الصغیرة و المجنونة و الأمة و إن دخل حینئذ ما دخل فی تعریفه (5).

فی أنه لا یشترط فی الإحصان الإسلام و لا عدم الطلاق

(و لا یشترط فی الإحصان الإسلام) (6) فیثبت فی حق الکافر و الکافرة مطلقا (7) إذا حصلت الشرائط. فلو وطئ الذمی زوجته الدائمة تحقق الإحصان.

و کذا لو وطئ المسلم زوجته الذمیة حیث تکون دائمة (8).

(و لا عدم الطلاق) (9) فلو زنی المطلّق، أو تزوجت المطلّقة عالمة بالتحریم، (1)کأن تدعی هی الوط ء فیثبت إحصانها، دونه فلا یثبت الإحصان فی حقه.

(2)مراعاة التمکن من الوط ء.

(3)المرأة المحصنة، غایته إذا کان الزوج متمکنا منها قادرا علی وطئها متی شاء فهذا یحقق إحصانه و إحصانها ففی صحیح أبی عبیدة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سأله عن امرأة تزوجت برجل و لها زوج، فقال: إن کان زوجها مقیما معها فی المصر الذی هی فیه تصل إلیه و یصل إلیها فإن علیها ما علی الزانی المحصن الرجم)(1).

(4)فی المحصن.

(5)فقد دخل فی تعریف المحصن ما لو وطئ الصغیرة فیدخل فی تعریفها ما لو وطئها الصغیر و لا بدّ من إخراجه.

(6)لصحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و الیهودی یحصن النصرانیة و النصرانی یحصن الیهودیة)(2).

(7)و إن کان من غیر ملتها، أو کانا ذمیین أو أحدهما.

(8)بناء علی تجویز ذلک شرعا.

(9)فالمطلقة رجعیا لا تخرج عن الإحصان و کذا المطلق کذلک لأن الرجعیة بحکم الزوجة و هو متمکن منها متی شاء، بلا خلاف فی ذلک للأخبار منها: صحیح یزید الکناسی:-

ص:239


1- (1) الوسائل الباب - 27 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد الزنا حدیث 8.

أو زنت رجمت (إذا کانت العدة رجعیة)، لأنها فی حکم الزوجة و إن لم تتمکن هی من الرجعة کما لا یعتبر تمکنها من الوط ء (بخلاف البائن)، لانقطاع العصمة به (1) فلا بد فی تحقق الإحصان بعده (2) من وط ء جدید (3) سواء تجدد الدوام بعقد جدید أم برجوعه فی الطلاق حیث رجعت فی البذل.

و کذا یعتبر وط ء المملوک بعد عتقه (4) و إن کان مکاتبا (5).

فی الجمع بین الجلد و الرجم

(و الأقرب الجمع بین الجلد و الرجم فی المحصن (6) و إن کان شابا) جمعا بین -(سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن امرأة تزوجت فی عدتها قال: إن کانت تزوجت فی عدة طلاق لزوجها علیها الرجعة فإن علیها الرجم، و إن کانت تزوجت فی عدة لیس لزوجها علیها الرجعة فإن علیها حد الزانی غیر المحصن)(1).

(1)بالطلاق البائن.

(2)بعد الطلاق البائن.

(3)منه إلیها فهی بحکم الزوجة الجدیدة سواء کان الوط ء الجدید بعقد جدید أو رجع بالطلاق بعد ما رجعت بالبذل.

(4)بلا خلاف و یدل علیه صحیح أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی العبد یتزوج الحرة ثم یعتق فیصیب فاحشة، قال: لا رجم علیه حتی یواقع الحرة بعد ما یعتق)(2).

(5)للإطلاق.

(6)رجم المحصن لا خلاف فیه و إنما الخلاف فی ضم الجلد إلیه، ففی الشیخ و الشیخة لم ینقل الخلاف إلا من العمانی علی الجمع بین الجلد و الرجم، لأخبار منها: صحیحة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الشیخ و الشیخة جلد مائة و الرجم، و البکر و البکرة جلد مائة و نفی سنة من مصره)(3). و هی محمولة علی ما لو کانا محصنین بدلیل روایة عبد اللّه بن طلحة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا زنی الشیخ و العجوز جلدا ثم رجما عقوبة لهما، و إذا زنی النصف من الرجال رجم، و لم یجلد إذا کان قد أحصن و إذا زنی الشاب الحدث السن جلد و نفی سنة من مصره)4.

و فی المرسل عن علی علیه السّلام: (أنه جلد شراحة الهمدانیة یوم الخمیس و رجمها یوم الجمعة و قال: حددتها بکتاب اللّه و رجمتها بسنة رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم)5. و العمانی اقتصر علی-

ص:240


1- (1) الوسائل الباب - 27 - من أبواب حد الزنا حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 7 - من أبواب حد الزنا حدیث 5.
3- ( (3 و 4 و 5) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد الزنا حدیث 9 و 11 و 3.

-الرجم فی الشیخ و الشیخة لإطلاق نصوص الرجم منها: موثق سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الحر و الحرة إذا زنیا جلد کل واحد منهما مائة جلدة فأما المحصن و المحصنة فعلیهما الرجم)(1)، و هو محجوج بما دل علی تقییدها بالجمع بین الجلد و الرجم فی الشیخ و الشیخة کما فی النصوص المتقدمة.

و أما فی الشاب و الشابة إذا کانا محصنین فقد وقع بینهم الخلاف فقد ذهب إلی الجمع بین الجلد و الرجم فیها الشیخان و المرتضی و الحلی و عامة المتأخرین کما فی الجواهر، و جعله المرتضی من منفردات الإمامیة لأخبار منها: صحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی المحصن و المحصنة جلد مائة ثم الرجم)(2). و صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی المحصن و المحصنة جلد مائة ثم الرجم)3، و للجمع بین دلالة الآیة بالجلد و بین نصوص رجم المحصن الشامل للشاب کخبر سماعة المتقدم.

و ذهب الشیخ فی النهایة و کتابی الحدیث و الاستبصار و بنو زهرة و سعید و حمزة و جماعة من المتأخرین إلی رجم الشاب المحصن فقط دون الجلد لروایة عبد اللّه بن طلحة المتقدمة:

(و إذا زنی النصف من الرجال رجم و لم یجلد إذا کان قد أحصن)4 و لخبر أبی العباس عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (رجم رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم و لم یجلد، و ذکروا أن علیا رجم بالکوفة و جلد، فأنکر ذلک أبو عبد اللّه علیه السّلام و قال: ما نعرف هذا، أی لم یحد رجلا حدین جلد و رجم فی ذنب واحد)5. و لصحیحة عاصم بن حمید عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الرجم حد اللّه الأکبر و الجلد حد اللّه الأصغر، فإذا زنی الرجل المحصن رجم و لم یجلد)6.

و أشکل بأن روایة عبد اللّه بن طلحة ضعیفة السند کما فی المسالک و ذلک لأن عبد اللّه بن طلحة مجهول و کذلک إبراهیم بن صالح الواقع فی السند مع أن هذه الروایة هی التی یقع فیها الجمع بین الأخبار، لأنها حددت حکم الشیخ و حکم المحصن و حکم غیر المحصن و أشکل علی روایة أبی العباس بأنه لا یصح الاعتماد علیها للنصوص الواردة فی الشیخ و قد جمعت بین حدین فی ذنب واحد.

و مع ذلک تبقی صحیحة عاصم بن حمید لا إشکال فیها من ناحیة السند و هی صریحة فی عدم جلد المحصن فتصلح دلیلا للجمع بین الأخبار و مؤیدا لخبر عبد اللّه بن طلحة-

ص:241


1- (1) سنن البیهقی ج 8 ص 220.
2- ( (2 و 3 و 4 و 5 و 6) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد الزنا حدیث 8 و 14 و 11 و 5 و 1.

دلیل الآیة (1)، و الروایة (2).

و قیل: إنما یجمع بینهما علی المحصن إذا کان شیخا أو شیخة (3)، و غیرهما یقتصر فیه (4) علی الرجم (5).

و ربما قیل (6) بالاقتصار علی رجمه مطلقا (7).

و الأقوی ما اختاره المصنف، لدلالة الأخبار الصحیحة علیه (8). و فی کلام علی علیه السّلام (9) حین جمع للمرأة بینهما، جلدتها بکتاب اللّه، و رجمتها بسنة رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم. و مستند التفصیل (10) روایة (11) تقصر عن ذلک (12) متنا (13) و سندا (14).

و حیث یجمع بینهما (15) -فالأقوی أن المحصن لا یثبت فی حقه إلاّ الرجم فقط بحمل کل نصوص الجلد و الرجم علی الشیخ و الشیخة.

(1)و هی قوله تعالی: اَلزّانِیَةُ وَ الزّانِی فَاجْلِدُوا کُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (1).

(2)و هی موثق سماعة المتقدم.

(3)بالاتفاق إلا من العمانی.

(4)فی الغیر.

(5)کما هو الأقوی.

(6)للعمانی.

(7)أی علی رجم المحصن سواء کان شیخا و عجوزا أو لا.

(8)أی علی الجمع فی المحصن و هی صحیح محمد بن مسلم و صحیح زرارة المتقدمان.

(9)فی مرسل البیهقی المتقدم.

(10)بین الشیخ و الشیخة فالجمع بین الجلد و الرجم و بین الشاب و الشابة فالرجم فقط.

(11)و هی روایة عبد اللّه بن طلحة.

(12)عن التفصیل.

(13)أی لم تذکر حکم الشاب المحصن کما صرح به فی المسالک، و فیه: إنه داخل فی النصف من الرجال.

(14)قد تقدم، غیر أنک عرفت وجود صحیح عاصم بن حمید الدال علی عدم جلد المحصن.

(15)قدم الجلد وجوبا لئلا یفوت الجلد فی العکس بلا خلاف فیه و لأخبار منها: صحیح-

ص:242


1- (1) النور الآیة: 2.

(فیبدأ بالجلد) أولا وجوبا لتحقق فائدته (1) و لا یجب الصبر به (2) حتی یبرأ جلده علی الأقوی، للأصل (3) و إن کان التأخیر أقوی فی الزجر. و قد روی (4) أن علیا علیه السّلام جلد المرأة یوم الخمیس، و رجمها یوم الجمعة.

و کذا القول فی کل حدین اجتمعا و یفوت أحدهما بالآخر فإنه یبدأ بما یمکن معه الجمع، و لو استویا تخیر.

فی کیفیة الرجم

(ثم تدفن المرأة إلی صدرها، و الرجل إلی حقویه) (5)...

-زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام: (أیما رجل اجتمعت علیه حدود فیها القتل، یبدأ بالحدود التی هی دون القتل ثم یقتل بعد ذلک)(1). و خبر محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الرجل یؤخذ و علیه حدود أحدها القتل فقال: کان علی علیه السّلام یقیم الحدود ثم یقتله و لا تخالف علیا)2. فما عن بعض العامة من الاکتفاء بالقتل لأنه یأتی علی الجمیع لا وجه له.

(1)فائدة الجمع فلا یفوت الجلد کما فی العکس.

(2)أی بالمحدود حتی یبرأ جلده، قیل: نعم کما عن الشیخین و بنی زهرة و حمزة و البراج تأکیدا فی الزجر، و قال ابن إدریس و المتأخرون لا یجب، و إنما هو مستحب لأن القصد الإتلاف فلا فائدة فی الانتظار مع ما ورد سابقا أنه لا نظرة فی الحدود، و بالأخیر تمسک الأردبیلی فی مجمع البرهان علی عدم جواز التأخیر، و عن بعضهم أنه یقتل بعد یوم من جلده کما فعل أمیر المؤمنین علیه السّلام ذلک فی شراحة حیث جلدها یوم الخمیس و رجمها یوم الجمعة.

(3)أصالة عدم وجوب التأخیر عند الشک فیه.

(4)من طرق العامة فقط و قد تقدم.

(5)الحقو بفتح الحاء و هو الخصر و مشد الإزار، أما فی الرجل فقد ورد معتبرة سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: (تدفن المرأة إلی وسطها ثم یرمی الإمام و یرمی الناس بأحجار صغار، و لا یدفن الرجل إذا رجم إلا إلی حقویه)(2).

و أما فی المرأة فإلی صدرها فهو الأشهر لما روی من طرق العامة أن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: (حفر للغامدیة إلی الصدر)(3)، و ما قاله الفاضل الهندی فی کشف اللثام من أنه روی من دفن-

ص:243


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 15 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1 و 4.
2- (3) الوسائل الباب - 14 - من أبواب حد الزنا حدیث 3.
3- (4) سنن البیهقی ج 8 ص 239.

و ظاهره کغیره (1): إن ذلک علی وجه الوجوب. و هو فی أصل الدفن حسن للتأسی أما فی کیفیته فالأخبار مطلقة، و یمکن جعل ذلک (2) علی وجه -شراحة إلی منکبها أو ثدییها، مع أنه فی معتبرة إسحاق المتقدمة أن الدفن إلی وسطها و فی خبر أبی مریم - و هو صحیح السند - عن أبی جعفر علیه السّلام فی قضیة المرأة التی أقرت أربعا بالزنا فی عهد أمیر المؤمنین علیه السّلام - إلی أن قال -: (ثم أمر بها بعد ذلک فحفر لها حفیرة فی الرحبة و خاط علیها ثوبا جدیدا، و أدخلها الحفیرة إلی الحقو و موضع الثدیین)(1)، کما فی الوسائل و الفقیه، مع أنه فی الجواهر: (إلی الحقو دون موضع الثدیین) و هو الصحیح لأن الحقو دون الثدیین لا فی موضع الثدیین کما احتمله بعضهم من أن موضع الثدیین تحدید لموطن الحقو.

و علی کل فالأخبار المعتبرة تدل علی الحفر إلی وسطها المقارب للحقو فلا فرق بینها و بین الرجل أو أن الفرق کالفرق بین السرة و الحقو، و الاختلاف فی الروایات لیس بأشد من الاختلاف بین الفقهاء، فالأشهر إلی الثدیین کما عرفت، و عن المقنع أن الرجم أن یحفر له حفیرة مقدار ما یقوم فیها بطوله إلی عنقه، و عن الغنیة و المقنعة التسویة بین الرجل و المرأة إلی الصدر، و عن المراسم الحفر للرجل إلی صدره و للمرأة إلی وسطها، و عن ابن حمزة نفی الحفر و الدفن إذا ثبت الزنا بالإقرار لما روی من أن النبی حفر للعامریة و لم یحفر للجهنیة(2)، و لما رواه أبو سعید الخدری فی قصة ماعز: (أمرنا رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم برجمه فانطلقنا به إلی بقیع الفرقد فما أوثقناه و لا حفرنا له حفیرة و رمیناه بالعظام و المدر و الخرق ثم اشتد و اشتددنا حتی أتی الحرة فانتصب لنا فرمیناه بجلامید الحرة حتی سکت)(3). إلا أنه معارض بخبر الحسین بن خالد عن أبی الحسن علیه السّلام - إلی أن قال -: (و ذلک أن ماعز بن مالک أقرّ عند رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بالزنا فأمر به أن یرجم فهرب من الحفیرة)(4).

و لذا مال الشهید الثانی فی المسالک إلی استحباب أصل الدفن لأن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قد حفر للعامریة و لم یحفر للجهنیة کما تقدم و استحسن فی الروضة وجوب أصل الدفن للتأسی و أما الکیفیة فالمستحب إلی صدرها لأن الوارد إلی وسطها کما فی معتبرة إسحاق.

(1)أی ظاهر المصنف کغیره من الفقهاء.

(2)جعل الدفن إلی الثدیین فی المرأة.

ص:244


1- (1) الوسائل الباب - 16 - من أبواب حد الزنا حدیث 5.
2- (2) سنن البیهقی ج 8 ص 221.
3- (3) سنن البیهقی ج 8 ص 221.
4- (4) الوسائل الباب - 15 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.

الاستحباب، لتأدی الوظیفة المطلقة بما هو أعم (1). و روی سماعة عن الصادق علیه السّلام قال: «تدفن المرأة إلی وسطها، و لا یدفن الرجل إذا رجم إلا إلی حقویه» و نفی فی المختلف البأس عن العمل بمضمونها.

و فی دخول الغایتین فی المغیّا (2) وجوبا و استحبابا نظر. أقربه العدم (3) فیخرج الصدر و الحقوان عن الدفن، و ینبغی علی الوجوب إدخال جزء منهما (4) من باب المقدمة (فإن فرّا) (5) من الحفیرة بعد وضعهما فیها (أعیدا إن ثبت) الزنا (بالبینة (6)،) (1)من الدفن إلی الصدر أو غیره.

(2)من دخول الصدر و الحقو فی ما یدفن من المرأة و الرجل.

(3)لعدم مفهوم الغایة.

(4)من الصدر و الحقو.

(5)فإذا کان الزنا ثابتا بالبینة وجب إعادة المرجوم إلی الحفیرة لأنه محکوم بالإتلاف و إعادته مقدمة لإتلافه فتجب، بلا خلاف فیه، لأخبار سیأتی التعرض لبعضها، و إذا کان الزنا ثابتا بالإقرار لم یعد إلی الحفیرة سواء أصابته الحجارة أو لا - کما عن المفید و الحلبی و سلار بل نسب إلی الشهرة - لأنه یتضمن الرجوع عن الإقرار أو هو رجوع عن الإقرار و الرجوع عن الإقرار مسقط للرجم و للمرسل: (عن المرجوم یفرّ قال: إذا کان أقرّ علی نفسه فلا یردّ و إن کان شهد علیه الشهود یردّ)(1).

و عن النهایة و الوسیلة إن فرّ قبل إصابته بالحجارة أعید و إلا فلا لخبر الحسین بن خالد:

(قلت لأبی الحسن علیه السّلام: أخبرنی عن المحصن إذا هرب من الحفیرة هل یردّ حتی یقام علیه الحد؟ فقال: یردّ و لا یردّ، قلت: و کیف ذاک؟ فقال: إن کان هو المقرّ علی نفسه ثم هرب من الحفیرة بعد ما یصیبه شیء من الحجارة لم یردّ، و إن کان إنما قامت علیه البینة و هو یجحد ثم هرب ردّ و هو صاغر حتی یقام علیه الحد، و ذلک أن ماعز بن مالک أقرّ عند رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بالزنا فأمر به أن یرجم فهرب من الحفرة، فرماه الزبیر بن العوام بساق بعیر فعقله فسقط فلحقه الناس فقتلوه، ثم أخبروا رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بذلک فقال لهم:

فهلا ترکتموه إذا هرب یذهب، فإنما هو الذی أقرّ علی نفسه، و قال لهم: أما لو کان علی حاضرا معکم لما ضللتم، و وداه رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم من بیت مال المسلمین)2، و التفصیل هو المتعین إذا کان الزنا ثابتا بإقراره.

(6)أصابته الحجارة أو لا.

ص:245


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 15 - من أبواب حد الزنا حدیث 4 و 1.

(أو لم تصب الحجارة) بدنهما (1)(علی قول) الشیخ و ابن البراج، و الخلاف فی الثانی خاصة (2)، و المشهور عدم اشتراط الإصابة (3)، للإطلاق (4)، و لأن فراره بمنزلة الرجوع عن الإقرار و هو أعلم بنفسه (5)، و لأن الحد مبنی علی التخفیف (6).

و فی هذه الوجوه نظر.

و مستند التفصیل (7) روایة الحسین بن خالد عن الکاظم علیه السّلام و هو مجهول (8) (و إلا) یکن ثبوته بالبینة، بل بإقرارهما و إصابتهما الحجارة علی ذلک القول (لم یعادا) اتفاقا. و فی روایة ماعز أنه لما أمر رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم برجمه هرب من الحفیرة فرماه الزبیر بساق بعیر فلحقه القوم فقتلوه، ثم أخبروا رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بذلک فقال: هلا ترکتموه إذ هرب یذهب فإنما هو الذی أقر علی نفسه، و قال صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: أما لو کان علیّ حاضرا لما ضللتم، و وداه رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم من بیت المال (9).

(1)إذا کان الزنا ثابتا بإقراره.

(2)أی فیما لم تصبه الحجارة و کان الزنا ثابتا بالإقرار.

(3)فلا یردّ.

(4)و الروایة المطلقة هی مرسلة الصدوق: (سئل الصادق علیه السّلام عن المرجوم یفرّ، قال: إن کان أقرّ علی نفسه فلا یردّ و إن کان شهد علیه الشهود یرد)(1). و هذه المرسلة لا تقاوم الأخبار المقیدة بین إصابة الحجارة و عدمها کخبر الحسین بن خالد المتقدم و خبر صفوان عن رجل عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قلت له: المرجوم یفرّ من الحفیرة فیطلب؟ قال: لا، و لا یعرض له إن کان أصابه حجر واحد لم یطلب، و إن هرب قبل أن تصیبه الحجارة ردّ حتی یصیبه ألم العذاب)2.

(5)و هذا غیر سدید إذ لعل هروبه خوفا من ألم الحد فلا یکون رجوعا بعد الإقرار.

(6)و هو حدّ الزنا و لذا توقف علی شهادة الأربع مع المعاینة و هذا أمر نادر، إلا أنه أمر استحسانی لا یصلح مدرکا للحکم الشرعی.

(7)بین عدم الرد إذا أصابته الحجارة و الرد إذا لم تصبه الحجارة بناء علی أن الزنا ثابت بالإقرار.

(8)إلا أن خبره مؤید بخبر أبی بصیر المحمول علی الزنا الثابت بالإقرار.

(9)کما فی روایة الحسین بن خالد المتقدمة.

ص:246


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 15 - من أبواب حد الزنا حدیث 4 و 3.

و ظاهر الحکم بعدم إعادته سقوط الحد عنه فلا یجوز قتله حینئذ (1) بذلک الذنب، فإن قتل عمدا اقتص من القاتل، و خطأ الدیة (2). و فی الروایة إرشاد إلیه (3). و لعل إیداءه (4) من بیت المال لوقوعه منهم خطأ مع کونه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قد حکّمهم فیه فیکون کخطإ الحاکم، و لو فر غیره (5) من المحدودین أعید مطلقا (6).

(و) حیث یثبت الزنا بالبینة (یبدأ) برجمه (الشهود) وجوبا (7).

(و فی) رجم (المقر) یبدأ (الإمام علیه السّلام) و یکفی فی البداءة مسمی الضرب (و ینبغی) علی وجه الاستحباب (إعلام الناس) بوقت الرجم لیحضروا، و یعتبروا، و ینزجر من یشاهده ممن أتی مثل ذلک، أو یریده، و لقوله تعالی: وَ لْیَشْهَدْ (1)حین فراره من الحفرة بعد إصابة الحجارة له.

(2)أی و إذا قتل خطأ فالدیة.

(3)إلی عدم جواز قتله بعد فراره و لذا قال: (لو کان علی حاضرا لما ضللتم) فیکون قتله ضلالا و هذا یدل علی عدم جواز قتله.

(4)أی دفع الدیة من بیت المال مع أنه قد قتل خطأ فالدیة علی عاقلة القاتل لا من بیت المال، و أجاب عنه الشارح بأنه لما حکّمهم رسول اللّه فیه برجمه فلما قتلوه و لم یعرفوا الحکم فیکون خطؤهم کخطإ الحاکم و خطأ الحاکم من بیت المال.

(5)أی غیر المرجوم و هو المجلود لثبوت الحد فلا بد من استیفائه و لخبر عیسی بن عبد اللّه:

(قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: الزانی یجلد فیهرب بعد أن أصابه بعض الحد، أ یجب علیه أن یخلا عنه و لا یردّ کما یجب للمحصن إذا رجم؟ قال: لا، و لکن یردّ حتی یضرب الحد کاملا.

قلت: فما فرق بینه و بین المحصن و هو حدّ من حدود اللّه؟ قال: المحصن هرب من القتل و لم یهرب إلاّ إلی التوبة لأنه عاین الموت بعینه، و هذا إنما یجلد فلا بد من أن یوفی الحد لأنه لا یقتل)(1).

(6)سواء کان الحد ثابتا بالبینة أو الإقرار، و یمکن تعلیله لغیر المحدود فی الزنا فیشمل ما لو وجب قتله کاللوطی إلاّ أن یعارضه التعلیل فی الخبر المتقدم.

(7)ففی کشف اللثام نسبته إلی الأکثر و یدل علیه مرسل صفوان عمن رواه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا أقرّ الزانی المحصن کان أول من یرجمه الإمام ثم الناس، فإذا قامت-

ص:247


1- (1) الوسائل الباب - 35 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.

عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ (1) و لا یجب للأصل (2).

(و قیل) و القائل ابن إدریس و العلاّمة و جماعة:(یجب حضور طائفة) عملا بظاهر الأمر. و هو الأقوی.

(و) اختلف فی أقل عدد الطائفة (3) التی یجب حضورها، أو یستحب فقال -علیه البینة کان أول من یرجمه البینة ثم الإمام ثم الناس)(1)، و موثق سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (تدفن المرأة إلی وسطها ثم یرمی الإمام و یرمی الناس بأحجار صغار)2المحمول علی ما لو أقرت بالزنا أربعا و عن بعض حمله علی الاستحباب لعدم حضور النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم رجم ماعز مع أنه قد أقرّ بالزنا و لم یثبت علیه بالبینة، مع أنه قیل: لعل عدم حضوره لعذر فهی قضیة فی واقعة فلا بد من العمل بأخبار بدء الإمام بالرجم المنجبر سندها بعمل الأصحاب.

(1)النور الآیة: 2، و لما روی من فعل أمیر المؤمنین علیه السّلام فإنه نادی عند إرادة قیام الحد علی الرجل المقر فقال: (یا معشر المسلمین اخرجوا لیقام علی هذا الرجل الحد و لا یعرفنّ أحدکم صاحبه)(2) و لما أراد إقامة الحد علی المرأة المقرة أمر قنبر بالنداء فیهم بالصلاة جامعة ثم صعد المنبر فقال: (یا أیها الناس إن إمامکم خارج بهذه المرأة إلی هذا الظهر لیقیم علیها الحد للّه، فعزم علیکم أمیر المؤمنین لمّا خرجتم و أنتم متنکرون)4.

(2)أی أصالة عدم وجوب الإعلام عند الشک فیه، و فیه: إن ظاهر الآیة الوجوب، نعم علی نحو الکفائی، و هذا ما علیه الحلی و جماعة منهم العلاّمة، و الذی ذهب إلی الاستحباب جماعة منهم الشیخ فی المبسوط، و فی الخلاف نفی الخلاف عنه.

(3)ففی القواعد و النافع و النهایة و الجامع و مجمع البیان و التبیان بل حکی عن ابن عباس أن أقل العدد واحد لشمول لفظ الطائفة له کما عن الفراء بناء علی أن المراد من الطائفة القطعة بدلیل قوله تعالی: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا - إلی أن قال - فَأَصْلِحُوا بَیْنَ أَخَوَیْکُمْ (3) فعبر عن کل طائفة بالأخ الذی هو الواحد، و لخبر غیاث بن إبراهیم عن جعفر عن أبیه عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (فی قول اللّه عز و جل - وَ لا تَأْخُذْکُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِی دِینِ اللّهِ - قال: فی إقامة الحدود، و فی قوله تعالی: وَ لْیَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ -

ص:248


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 14 - من أبواب حد الزنا حدیث 2 و 3.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 31 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 3 و 1.
3- (5) الحجرات الآیتان: 9-10.

العلاّمة و الشیخ فی النهایة:(أقلها واحد)، لأنه أقل الطائفة لغة فیحمل الأمر المطلق علی أقلّه لأصالة البراءة من الزائد.

(و قیل) و القائل ابن إدریس: أقلها (ثلاثة) لدلالة العرف علیه فیما إذا قیل:

جئنا فی طائفة من الناس، و لظاهر قوله تعالی: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ وَ لِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ (1) فإن أقل الجمع فیما دل علیه الضمیر ثلاثة و لیتحقق بهم الإنذار (2).

(و قیل) و القائل الشیخ فی الخلاف:(عشرة). و وجهه غیر واضح. و الأجود الرجوع إلی العرف، و لعل دلالته علی الثلاثة فصاعدا أقوی.

فی صفة الحجارة

(و ینبغی کون الحجارة صغارا (3)، لئلا یسرع تلفه) بالکبار و لیکن مما یطلق -مِنَ الْمُؤْمِنِینَ - قال: الطائفة واحد)(1).

و قیل: إن الطائفة اثنان کما عن عکرمة لقوله تعالی: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ (2) و وجه الاستدلال: إن أقل الفرقة ثلاثة فالنافر منهم إما اثنان أو واحد.

و عن الشافعی أنها أربعة لمناسبتها لما اعتبر فی الشهادة.

و قیل: إنها عشرة کما عن الشیخ فی الخلاف محتجبا بالاحتیاط.

و قیل: إنها ثلاثة کما عن قتادة و ابن إدریس و غیرهما للعرف و لقوله تعالی: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِیَتَفَقَّهُوا 3 و الواو للجمع، و أقله ثلاثة.

(1)التوبة الآیة: 123.

(2)أی بالثلاثة بناء علی أن الإنذار متضمن القطع و لا قطع فی أخبار الاثنین أو الواحد، و فیه: إن الإنذار متضمن تخویفا سواء أفاد قول المنذر قطعا أو ظنا.

(3)لموثق سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (تدفن المرأة إلی وسطها ثم یرمی الإمام و یرمی الناس بأحجار صغار)(3)، و لأن رمیه بحجر کبیر کالصخرة یجهز علیه و یقتله فلا یسمی رجما عند العرف، و لذا علل الفقهاء عدم رمیه بالکبار لئلا یسرع إلیه التلف.

هذا مع أن المراد من الصغار هی المعتدلة لا الصغار جدا لئلا یعذب بطول الضرب مع بقاء الحیاة.

ص:249


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد الزنا حدیث 5.
2- ( (2 و 3) التوبة الآیة: 123.
3- (4) الوسائل الباب - 14 - من أبواب حد الزنا حدیث 3.

علیه اسم الحجر. فلا یقتصر علی الحصی، لئلا یطول تعذیبه أیضا.

فی رجم من علیه الحد

(و قیل: لا یرجم من للّه فی قبله حدّ)، للنهی عنه (1). و هل هو للتحریم، أو الکراهة؟ وجهان؟ من أصالة عدم التحریم (2)، و دلالة ظاهر النهی علیه (3).

و ظاهر العبارة کون القول المحکی علی وجه التحریم، لحکایته (4) قولا مؤذنا (1)فی خبر میثم عن أمیر المؤمنین علیه السّلام فی المرأة المقرة بالزنا فقال علیه السّلام قبل الرجم و بعد اجتماع الناس: (أیها الناس إن اللّه عهد إلی نبیّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم عهدا، عهده صلّی اللّه علیه و آله و سلّم إلی بأنه لا یقیم الحد من للّه علیه حد، فمن کان للّه علیه مثل ما له علیها فلا یقیم علیها الحد، قال: فانصرف الناس یومئذ کلهم ما خلا أمیر المؤمنین و الحسن و الحسین علیهم السّلام)(1) و فی خبر ابن أبی عمیر عن زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام: (أوتی أمیر المؤمنین علیه السّلام برجل قد أقرّ علی نفسه بالفجور فقال أمیر المؤمنین علیه السّلام لأصحابه: أغدوا غدا علیّ متلثمین، فقال لهم: من فعل مثل فعله فلا یرجمه و لینصرف قال: فانصرف بعضهم و بقی بعضهم فرجمه من بقی منهم)2 و فی مرفوعة ابن خالد: (فمن کان للّه فی عنقه حق فلینصرف و لا یقیم حدود اللّه من فی عنقه حد)(2). و فی خبر الأصبغ عن أمیر المؤمنین علیه السّلام:

(نشدت اللّه رجلا منکم للّه علیه مثل هذا الحق أن یأخذ للّه به، فإنه لا یأخذ للّه بحق من یطلبه اللّه بمثله)4 و ظاهر النهی التحریم.

و ذهب المشهور إلی الکراهة بل فی غایة المرام دعوی الاتفاق علیه لأنه لو حمل النهی علی التحریم لتعذر إیجاد شخص لیس للّه علیه حد.

و ردّ علیهم ابن إدریس فی السرائر بقوله: «و هو غیر متعذر لأنه یتوب فیما بینه و بین اللّه تعالی ثم یرمیه»، و یؤید الإشکال ما ورد فی خبر میثم المتقدم لما نادی أمیر المؤمنین علیه السّلام بذلک: (فانصرف الناس یومئذ کلهم ما خلا أمیر المؤمنین و الحسن و الحسین علیهم السّلام)، و به یضعّف تعلیل ابن إدریس لإمکان أن یتوب من حضر عند نداء أمیر المؤمنین علیه السّلام إلاّ أن یقال: لا یعلمون بهذا الحکم فلذا تفرقوا.

(2)دلیل الکراهة.

(3)دلیل الحرمة.

(4)دفع وهم، و حاصل الوهم أنه یمکن أن یکون ما حکاه المصنف محمولا علی الکراهة-

ص:250


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 31 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1 و 2.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 31 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 3 و 4.

بتمریضه. إذ لا یتجه توقفه فی الکراهة. و هل یختص الحکم بالحد الذی أقیم علی المحدود، أو مطلق الحد؟ إطلاق العبارة و غیرها یدل علی الثانی. و حسنة زرارة عن أحدهما علیه السّلام قال: أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام برجل قد أقرّ علی نفسه بالفجور فقال أمیر المؤمنین علیه السّلام لأصحابه: اغدوا غدا علیّ متلثمین فغدوا علیه متلثمین فقال لهم: من فعل مثل فعله فلا یرجم فلینصرف (1)، تدل علی الأول، و فی خبر آخر عنه (2) علیه السّلام فی رجم امرأة أنه نادی بأعلی صوته: یا أیها الناس إن اللّه تبارک و تعالی عهد إلی نبیه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم إلیّ بأنه لا یقیم الحد من للّه علیه حد فمن کان للّه علیه حد مثل ما علیها فلا یقیم علیها الحد (3) و صدر هذا الخبر یدل بإطلاقه علی الثانی (4) و آخره یحتملهما (5) و هو علی الأول أدل، لأن ظاهر المماثلة اتحادهما صنفا (6). مع احتمال إرادة ما هو أعم. فإن مطلق الحدود متماثلة فی أصل العقوبة.

و هل یفرق بین ما حصلت التوبة منها (7)، و غیره؟ (8) ظاهر الأخبار و الفتوی ذلک، لأن ما تاب عنه فاعله سقط حق اللّه منه. بناء علی وجوب قبول التوبة فلم یبق للّه علیه حد.

و یظهر من الخبر الثانی (9) عدم الفرق، لأنه قال فی آخره: فانصرف الناس -فالعبارة تحتمل ذلک، و الدفع أن حکایته بلفظ قیل المشعر بتمریضه دلیل علی أنه قول للتحریم و إلاّ فلو کان للکراهة فلا معنی للتوقف.

(1)قد تقدم الخبر فی الشرح.

(2)و هو خبر میثم عن أمیر المؤمنین علیه السّلام و قد تقدم.

(3)فیدل علی الأول.

(4)حیث قال: (لا یقیم الحد من للّه علیه حد) إلا أنه إطلاق بدوی حیث فسر الحد بمثل ما علیها.

(5)حیث قال: (فمن کان للّه علیه حد مثل ما علیها) فالتماثل إن کان بالشخص فیدل علی الأول و هو الأظهر و إن کان بالنوع فیدل علی الثانی.

(6)و هو التماثل بالشخص، هذا فضلا، و هو المتعین و علیه یحمل الإطلاق فی مرفوعة ابن خالد المتقدمة: (فمن کان للّه فی عنقه حق فلینصرف، و لا یقیم حدود اللّه من فی عنقه حد).

(7)من الفاحشة.

(8)أی غیر التائب، و الضمیر راجع إلی الموصول فی: (ما حصلت) و المراد منه التائب.

(9)و هو خبر میثم عن أمیر المؤمنین علیه السّلام.

ص:251

ما خلا أمیر المؤمنین و الحسنین علیه السّلام، و من البعید جدا أن یکون جمیع أصحابه لم یتوبوا من ذنوبهم ذلک الوقت (1)، إلا أن فی طریق الخبر ضعفا (2)

فی تجهیز المرجوم

(و إذا فرغ من رجمه) لموته (دفن (3) إن کان قد صلّی علیه بعد غسله و تکفینه حیا)، أو میتا، أو بالتفریق (و إلا) یکن ذلک (جهّز) بالغسل و التکفین و الصلاة (ثم دفن). و الذی دلت علیه الأخبار و الفتوی أنه یؤمر حیا بالاغتسال و التکفین ثم یجتزی به بعده، أما الصلاة فبعد الموت، و لو لم یغتسل غسّل بعد الرجم، و کفّن و صلّی علیه، و العبارة قد توهم خلاف ذلک (4)، أو تقصر عن المقصود منها.

(1)و فیه: إن احتمال عدم علمهم بأن التوبة قبل الثبوت عند الحاکم توجب سقوط الحد لیس ببعید فلذا انصرفوا، فیکون الخبر ظاهرا فی الأول لا الثانی، نعم الخبر الأول المتقدم فی الروضة و هو قول أمیر المؤمنین علیه السّلام فی خبر زرارة: (من فعل مثل فعله فلا یرجم فلینصرف) ظاهر فی أنه لا فرق بین التائب و غیره.

(2)ففیه علی بن أبی حمزة البطائنی و هو کذاب متهم ملعون کما فی الخلاصة عن ابن فضال.

(3)بعد الصلاة علیه لعدم جواز إهماله ففی النبوی: (لما أمر برجم الجهنیة فرجمت صلّی علیها، فقال له عمر: تصلی علیها یا رسول اللّه و قد زنت، فقال صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: لقد تابت توبة لو قسمت بین سبعین من أهل المدینة لوسعتهم، و هل وجدت توبة أفضل من أن جاءت بنفسها للّه)(1)، و کذا ورد فی أخبارنا ما یدل علی صلاة أمیر المؤمنین علیه السّلام علی المرجومة بعد رجمها غیر أن الاکتفاء بالصلاة علی المرجوم لأنه قد وقع منه الغسل و التحنیط و التکفین فی حال الحیاة لخبر کردویه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (المرجوم و المرجومة یغتسلان و یحنطان و یلبسان الکفن قبل ذلک و یصلی علیهما، و المقتص منه بمنزلة ذلک یغتسل و یتحنط و یلبس الکفن و یصلی علیه)(2)، و إن لم یکن قد فعل ذلک بنفسه فإنه یغسل و یحنط و یکفن و یصلی علیه بعد الرجم کما یفعل بغیره من موتی المسلمین لخبر أبی مریم عن أبی جعفر علیه السّلام عند ما رجم أمیر المؤمنین المرأة التی أقرت علی نفسها بالزنا: (فقالوا له: قد ماتت کیف نصنع بها؟ قال: فادفعوها إلی أولیائها و مروهم أن یصنعوا بها کما یصنعون بموتاهم)(3).

(4)ظاهرهما أن الصلاة علیه حال الحیاة.

ص:252


1- (1) سنن البیهقی ج 8 ص 225.
2- (2) الوسائل الباب - 17 - من أبواب غسل المیت حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 16 - من أبواب حد الزنا حدیث 5.
ثالثها الجلد خاصة

(و ثالثها الجلد خاصة) مائة سوط (و هو حد البالغ المحصن إذا زنی بصبیة) (1) لم تبلغ التسع،(أو مجنونة) و إن کانت بالغة شابا کان الزانی أم شیخا (و حدّ المرأة (2) إذا زنی بها طفل) لم یبلغ (و لو زنی بها المجنون) البالغ (3)(فعلیها الحد) (1)أو مجنونة فعلیه الجلد لا الرجم کما عن الشیخ فی النهایة و یحیی بن سعید فی جامعه قیاسا علی المرأة إذا زنی بها الصبی فلا ترجم و إن کانت محصنة کما فی صحیح أبی بصیر و سیأتی، و لذا علل حکم الجلد هنا بنقص اللذة فی الصبیة کعلة حکم الجلد فی زنا المرأة بالصبی المنتزعة من صحیح أبی بصیر.

و فیه: إن الأدلة الدالة علی ثبوت الرجم مع الإحصان مطلقة تشمل المحصن فیما إذا زنا بالصبیة أو المجنونة، و تقییدها بزنا المحصن بالصبیة و المجنونة قیاسا علی زنا المرأة بالصبی لیس فی محله لأنه من القیاس المحرم، هذا فضلا عن خصوص موثق ابن بکیر عن أبی مریم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (عن جاریة لم تبلغ وجدت مع رجل یفجر بها قال:

تضرب الجاریة دون الحد و یقام علی الرجل الحد)(1) فهو لم یصرح بالجلد مع أنه فی مقام البیان و حد المحصن هو الرجم، و لذا ذهب أبو الصلاح و ابن زهرة و الحلی و غیرهم إلی وجوب الرجم علیه لأنه محصن.

(2)أی الجلد خاصة حد المرأة المحصنة إذا زنی بها الصبی غیر البالغ لصحیح أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی غلام صغیر لم یدرک ابن عشر سنین زنی بامرأة قال: یجلد الغلام دون الحد و تجلد المرأة الحد کاملا، قیل له: فإن کانت محصنة قال: لا ترجم لأن الذی نکحها لیس بمدرک فلو کان مدرکا لرجمت)(2).

و خالف جماعة منهم ابن إدریس و ابن زهرة و أبو الصلاح فأثبتوا الرجم لأنها محصنة، و فیه: إنه اجتهاد فی قبال النص.

(3)لأن المجنون الصغیر یصدق علیه لفظ الطفل فیندرج فی السابق، و الحکم برجمها أو الرجم و الجلد علی الخلاف السابق إذا کانت محصنة عند الأکثر لإطلاق أدلة المحصن، و خالف یحیی بن سعید فساوی بین المجنون و الصغیر من أنها لا ترجم حینئذ و قال عنه فی الجواهر: «و هو مع شذوذه غیر واضح الوجه».

و أما المجنون فقد اختلف فی حکمه فعن الشیخین و جماعة وجوب الحد علیه فإن کان محصنا رجم لخبر أبان بن تغلب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا زنی المجنون أو المعتوه-

ص:253


1- (1) الوسائل الباب - 9 - من أبواب حد الزنا حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 9 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.

(تاما) و هو الرجم بعد الجلد إن کانت محصنة لتعلیق الحکم برجمها فی النصوص علی وط ء البالغ مطلقا (1) فیشمل المجنون، و لأن الزنا بالنسبة إلیها تام، بخلاف زنا العاقل بالمجنونة. فإن المشهور (2) عدم إیجابه (3) الرجم، للنصّ (4)، و أصالة البراءة.

و ربما قیل بالمساواة (5)، اطراحا للروایة (6)، و استنادا إلی العموم و لا یجب الحد علی المجنونة إجماعا.

(و الأقرب عدم ثبوته (7) علی المجنون)، لانتفاء التکلیف الذی هو مناط العقوبة الشدیدة علی المحرّم، و للأصل (8). و لا فرق فیه بین المطبق و غیره إذا وقع الفعل منه حالته (9). و هذا هو الأشهر.

-جلد الحد و إن کان محصنا رجم قلت: و ما الفرق بین المجنون و المجنونة و المعتوه و المعتوهة؟ فقال: المرأة إنما تؤتی، و الرجل یأتی و إنما یزنی إذا عقل کیف یأتی اللذة و أن المرأة إنما تستکره و یفعل بها و هی لا تعقل ما یفعل بها)(1). و ظاهر الروایة أن زناه حال تعقله فیحمل جنونه علی الأدواری و لذا ذهب الشیخ و ابن إدریس و علیه المتأخرون إلی عدم الحد علی المجنون لسقوط التکلیف عنه.

(1)مجنونا أو لا.

(2)قال فی الجواهر: «لم نتحققه» نعم هو منقول عن الشیخ و ابن سعید و قد تقدم.

(3)عدم إیجاب زنا البالغ بالمجنونة.

(4)أی النص الوارد فی المرأة إذا زنی بها الصبی و هو صحیح أبی بصیر المتقدم، فقاسوا علیه زنا البالغ بالصبیة و المجنونة بدعوی نقصان اللذة فی الجمیع.

(5)بین المجنونة و العاقلة لو زنی بهما البالغ المحصن فإنه یرجم.

(6)و هی صحیح أبی بصیر، و المعرض عنها هو ابن إدریس و ابن زهرة و أبو الصلاح حتی حکموا برجم المرأة إذا زنی بها الصغیر مع أن هذا هو مورد الروایة التی حکمت علی المرأة بالجلد دون الرجم و إن کانت محصنة.

(7)عدم ثبوت الحد.

(8)أی البراءة.

(9)حال الجنون.

ص:254


1- (1) الوسائل الباب - 21 - من أبواب حد الزنا حدیث 2.

و ذهب الشیخان و تبعهما ابن البراج إلی ثبوت الحد علیه کالعاقل من رجم و جلد، لروایة أبان بن تغلب عن الصادق علیه السّلام قال: إذا زنی المجنون أو المعتوه جلد الحد، و إن کان محصنا رجم.

قلت: و ما الفرق بین المجنون و المجنونة، و المعتوه و المعتوهة؟

فقال: المرأة إنما تؤتی، و الرجل یأتی، و إنما یأتی إذا عقل کیف یأتی اللذة، و إن المرأة إنما تستکره و یفعل بها و هی لا تعقل ما یفعل بها. و هذه الروایة مع عدم سلامة سندها (1) مشعرة بکون المجنون حالة الفعل عاقلا. إما لکون الجنون یعتریه أدوارا، أو لغیره (2) کما یدل علیه التعلیل فلا یدل علی مطلوبهم.

(و یجلد) الزانی (أشد الجلد) لقوله تعالی: وَ لا تَأْخُذْکُمْ بِهِما رَأْفَةٌ (3)، و روی ضربه متوسطا (4).

(و یفرّق) الضرب (علی جسده (5)، و یتّقی رأسه و وجهه. و فرجه) و قبله (1)لاشتماله علی إبراهیم بن الفضل و هو مجهول الحال حیث لم یمدح و لم یذم.

(2)کأن یکون جنونه خفیفا لا یذهب العقل الذی یناط التکلیف بوجوده.

(3)النور الآیة: 2، علی المشهور و لأخبار منها: موثق إسحاق بن عمار: (سألت أبا إبراهیم علیه السّلام عن الزانی کیف یجلد؟ قال: أشد الجلد، قلت: فمن فوق ثیابه؟ قال:

بل تخلع ثیابه، قلت: فالمفتری؟ قال: یضرب بین الضربین جسده کله فوق ثیابه)(1)و موثق سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (حد الزانی کأشد ما یکون من الحدود)2.

(4)و هو مرسل حریز عمن أخبره عن أبی جعفر علیه السّلام: (یفرّق الحد علی الجسد کله و یتّقی الفرج و الوجه و یضرب بین الضربین)(2) مع أنه یمکن حمله علی المحدود بغیر الزنا بقرینة خبر إسحاق بن عمار المتقدم.

(5)لصحیح زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام: (یضرب الرجل الحد قائما و المرأة قاعدة و یضرب علی کل عضو و یترک الرأس و المذاکیر)(3) کما فی الکافی، و فی الفقیه: (و یترک الوجه-

ص:255


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد الزنا حدیث 2 و 4.
2- (3) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد الزنا حدیث 6.
3- (4) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.

و دبره، لروایة زرارة عن الباقر علیه السّلام: «یتّقی الوجه و المذاکیر» (1)(و روی عنه علیه السّلام قال: «یفرّق الحد علی الجسد و یتّقی الفرج و الوجه» (2).) و قد تقدم استعمال الفرج فیهما، و أما اتقاء الرأس فلأنه مخوف علی النفس و العین (3)، و الغرض من الجلد لیس هو إتلافه، و اقتصر جماعة (4) علی الوجه و الفرج تبعا، للنص (5).

(و لیکن الرجل قائما (6) مجردا) (7) مستور العورة (و المرأة قاعدة قد ربطت) -و المذاکیر) و لخبر محمد بن سنان عن الرضا علیه السّلام فیما کتب إلیه: (و علة ضرب الزانی علی جسده بأشد الضرب لمباشرته الزنا و استلذاذ الجسد کله به، فجعل الضرب عقوبة له و عبرة لغیره و هو أعظم الجنایات)(1).

(1)کما فی الفقیه، و فی الکافی و یترک الرأس و المذاکیر، و المذاکیر جمع الذکر و هو العضو المخصوص، جمع علی غیر قیاس فرقا بینه و بین الذکور الذی هو جمع الذکر الذی هو الفحل.

(2)کما فی مرسل حریز المتقدم.

(3)و لروایة زرارة علی ما فی الکافی.

(4)منهم الشیخ فی المبسوط و الخلاف.

(5)لروایة زرارة فی الفقیه و لمرسل حریز.

(6)لصحیح زرارة المتقدم: (یضرب الرجل الحد قائما و المرأة قاعدة).

(7)ما عدا عورته، و عن غایة المرام أنه المشهور لخبر إسحاق بن عمار المتقدم: (قلت: فمن فوق ثیابه؟ قال: بل تخلع ثیابه) و فی خبره الآخر: (بل یجرد)(2)، و قیل کما عن الشیخ و جماعة أنه یجلد علی الحال التی وجد علیها، إن کان عاریا فعاریا و إن کان کاسیا فکاسیا، و قید ابن إدریس الثوب إن کان کاسیا بغیر المانع من إیصال شیء من الضرب، و أما المانع کالفروة و الجبة المحشوة فینزع و یترک بقمیص أو قمیصین لخبر طلحة بن زید عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام: (لا یجرد فی حد و لا یشنح - یعنی یمدّ - و قال: و یضرب الزانی علی الحال التی وجد علیها، إن وجد عریانا ضرب عریانا، و إن وجد و علیه ثیابه ضرب و علیه ثیابه)(3).

ص:256


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد الزنا حدیث 8.
2- (2) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد الزنا حدیث 3.
3- (3) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد الزنا حدیث 7.

(ثیابها علیها) (1) لئلا یبدو جسدها فإنه عورة، بخلاف الرجل و روی ضرب الزانی علی الحال التی یوجد علیها. إن وجد عریانا ضرب عریانا، و إن وجد و علیه ثیابه ضرب و علیه ثیابه، سواء فی ذلک الذکر و الأنثی، و عمل بمضمونها الشیخ و جماعة.

و الأجود الأول (2). لما ذکرناه من أن بدنها عورة، بخلافه (3). و الروایة (4) ضعیفة السند.

رابعها الجلد و الجز و التغریب

(و رابعها الجلد و الجز) للرأس (و التغریب (5)، و یجب) الثلاثة (علی الزانی) (1)لخبر أبی مریم عن أبی جعفر علیه السّلام عند ما أراد أمیر المؤمنین علیه السّلام أن یرجم المرأة المقرة: (فحفر لها حفیرة فی الرحبة و خاط علیها ثوبا جدیدا)(1)، و إن کان واردا فی المرجومة لکن یدل علی وجوب ستر بدنها لأنه عورة، و ذهب الصدوق فی المقنع إلی أنها تضرب مجردة إن وجدت مجردة، و أشکل علیه فی المختلف بأن بدنها عورة لا یجوز تجریدها کعورة الرجل علی أن خبر طلحة بن زید الدال علی ضرب الزانی بحسب حالته عند الزنا ظاهر فی الرجل فقط، و قد نسب قول المقنع إلی الشیخ و جماعة و قال فی الجواهر: «و إن کنا لم نتحققه و لکن علی کل حال هو واضح الضعف».

(2)من تجرید الرجل و ستر المرأة عند الجلد.

(3)بخلاف الرجل.

(4)و الدالة علی جلد الزانی بحسب الحالة التی وجد علیها، و هی خبر طلحة بن زید إلا أنه عامی المذهب کما فی النجاشی، و فی الفهرست أن کتابه معتمد.

(5)هذه الثلاثة ثابتة علی البکر بالاتفاق کما فی المسالک للنبوی: (البکر بالبکر جلد مائة و تغریب عام، و الثیب بالثیب جلد مائة ثم الرجم)(2)، و صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی الشیخ و الشیخة أن یجلدا مائة و قضی للمحصن الرجم، و قضی فی البکر و البکرة إذا زنیا جلد مائة و نفی سنة فی غیر مصرهما، و هما اللذان قد أملکا و لم یدخل بها)(3) هذا بالنسبة للجلد و التغریب، و أما الجز فقد ورد فی صحیحة حنان: (سأل رجل أبو عبد اللّه علیه السّلام و أنا أسمع عن البکر یفجر،-

ص:257


1- (1) الوسائل الباب - 16 - من أبواب حد الزنا حدیث 5.
2- (2) سنن البیهقی ج 8 ص 222.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد الزنا حدیث 2.

(الذکر الحر غیر المحصن و إن لم یملک) أی یتزوج من غیر أن یدخل، لإطلاق الحکم (1) علی البکر. و هو شامل للقسمین، بل هو علی غیر المتزوج (2) أظهر، و لإطلاق قول الصادق علیه السّلام فی روایة عبد اللّه بن طلحة: «و إذا زنی الشاب الحدث السن جلد و حلق رأسه و نفی سنة من مصره». و هو عام فلا یتخصص، و إلا لزم تأخیر البیان.

-و قد تزوج ففجر قبل أن یدخل بأهله؟ فقال: یضرب مائة و یجز شعره و ینفی من المصر حولا و یفرق بینه و بین أهله)(1) و فی صحیحة علی بن جعفر عن أخیه علیه السّلام: (سألته عن رجل تزوج امرأة و لم یدخل بها فزنی، ما علیه؟ قال: یجلد الحد و یحلق رأسه و یفرق بینه و بین أهله و ینفی سنة)2.

و لکن وقع الخلاف فی تفسیر البکر فقیل: هو من أملک أی عقد دواما علی امرأة و لم یدخل بها ذهب إلی ذلک الشیخ فی النهایة و ابنا زهرة و سعید و الکیدری و سلاّر و العلاّمة فی التحریر و ذلک لخبر زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام: (الذی لم یحصن یجلد مائة و لا ینفی، و الذی قد أملک و لم یدخل بها یجلد مائة و ینفی سنة)(2)، و صحیح محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی الشیخ و الشیخة أن یجلدا مائة و قضی للمحصن الرجم، و قضی فی البکر و البکرة إذا زنیا جلد مائة و نفی سنة فی غیر مصرهما، و هما اللذان قد أملکا و لم یدخل بها)4 و قد تقدم صحیح الحلبی القریب منه، و أیضا أخبار الجز السابقة صریحة فی أن الجز و التغریب فی المملک الذی لم یدخل.

و ذهب الشیخ و ابن إدریس و فخر المحققین فی الإیضاح إلی أن المراد بالبکر غیر المحصن و إن لم یکن مملکا لإطلاق بعض الأخبار مثل خبر عبد اللّه بن طلحة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و إذا زنی الشاب الحدث السن جلد و نفی سنة من مصره)(3) و فی خبر الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الشیخ و الشیخة جلد مائة و الرجم و البکر و البکرة جلد مائة و نفی سنة)6، و هو محمول علی المملک جمعا بین الأخبار.

(1)من الجلد و النفی.

(2)أی البکر.

ص:258


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 7 - من أبواب حد الزنا حدیث 7 و 8.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد الزنا حدیث 7 و 2.
3- ( (5 و 6) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد الزنا حدیث 11 و 9.

(و قیل) و القائل الشیخ و جماعة:(یختص التغریب بمن أملک) و لم یدخل، لروایة زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام قال: «الذی لم یحصن یجلد مائة جلدة و لا ینفی، و الذی قد أملک و لم یدخل بها یجلد مائة و ینفی»، و روایة محمد بن قیس عنه علیه السّلام قال: «قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی البکر، و البکرة إذا زنیا جلد مائة و نفی سنة فی غیر مصرهما. و هما اللذان قد أملکا و لم یدخلا بها».

و هاتان الروایتان مع سلامة سندهما یشتملان علی نفی المرأة و هو (1) خلاف الإجماع علی ما ادعاه الشیخ. کیف و فی طریق الأولی (2) موسی بن بکیر، و فی الثانیة محمد بن قیس و هو مشترک بین الثقة و غیره (3)، حیث یروی عن الباقر علیه السّلام. فالقول الأول أجود (4) و إن کان الثانی أحوط من حیث بناء الحد علی التخفیف.

(و الجز حلق الرأس) أجمع (5)، دون غیره کاللحیة، سواء فی ذلک المربّی (1)أی نفی المرأة، فقد ذهب المشهور علی عدم نفیها و ادعی الشیخ الإجماع علی اختصاص النفی بالرجل، و لأن الشهوة غالبة فیهن و الغالب أنهن ینزجن من الأقارب و المعارف، فلو غربت إلی غیر مصرها لخرجت عن أیدی الحفاظ لها من الرجال و قلّ حیاؤها لبعدها عن معارفها و ربما اشتدّ فقرها فیصیر المجموع سببا لانفتاح باب الفاحشة علیها، و لقد أجاد الشارح فی المسالک حیث قال: «فإن تم الإجماع فهو الحجة، و إلاّ فمقتضی النص ثبوته علیهما - أی ثبوت النفی علی الرجل و المرأة - لأنه شامل لهما فراجع، و هو مختار ابن أبی عقیل و ابن الجنید - إلی أن قال - و هذا التعلیل لا یقابل النص».

(2)أی روایة زرارة و فی سندها موسی بن بکر و هو واقفی کما عن النجاشی.

(3)هذا و اعلم أنه الثقة بروایة عاصم بن حمید کما وقع هنا فی الخبر و لذا قال الکاظمی فی مشترکاته: (و أنه أبو عبد اللّه البجلی بروایة عاصم بن حمید عنه) و أبو عبد اللّه البجلی ثقة عین کوفی کما فی النجاشی.

بل نقل الکاظمی فی مشترکاته عن بعض المحققین قوله: (الذی ینبغی تحقیقه أن محمد بن قیس إن کان راویا عن أبی جعفر علیه السّلام فالظاهر أنه الثقة إن کان الناقل عنه عاصم بن حمید).

(4)أی ثبوت الثلاثة فی مطلق البکر، و قد عرفت أن الجودة فی تقیید المطلقات بخصوص المملک.

(5)کما فی صحیح علی بن جعفر المتقدم حیث قال: (و یحلق رأسه)، و عن المقنعة و المراسم و الوسیلة تخصیص الجز بشعر الناصیة، لأصالة البراءة عن الزائد، و فیه: إنه لا معنی-

ص:259

و غیره و إن انتفت الفائدة فی غیره ظاهرا (1).

(و التغریب نفیه عن مصره) (2) بل مطلق وطنه (إلی آخر) قریبا کان أم بعیدا بحسب ما یراه الإمام علیه السّلام مع صدق اسم الغربة، فإن کان غریبا غرّب إلی بلد آخر غیر وطنه و البلد الذی غرّب منه (عاما) هلالیا، فإن رجع إلی ما غرّب منه قبل إکماله أعید حتی یکمل بانیا علی ما سبق (3) و إن طال الفصل.

(و لا جزّ علی المرأة، و لا تغریب) (4)، بل تجلد مائة لا غیر، لأصالة البراءة، و ادعی الشیخ علیه الإجماع و کأنه لم یعتدّ بخلاف ابن أبی عقیل حیث أثبت التغریب علیها، للأخبار السابقة، و المشهور أولی بحال المرأة و صیانتها. و منعها من الإتیان بمثل ما فعلت.

خامسها خمسون جلدة

(و خامسها خمسون جلدة (5)، و هی حدّ المملوک و المملوکة) البالغین -لهذا الأصل مع وجود الخبر، نعم جز الرأس الوارد فی الخبر و إن کان یعم اللحیة لأنها من الرأس إلا أن المنصرف هو خصوص شعر الهامة دون اللحیة.

(1)لعدم التشهیر بحلقه.

(2)کما فی صحیح الحلبی و صحیح حنان المتقدمین، و المصر هو الوطن الذی یسکنه و لذا ورد فی بعض الأخبار المتقدمة: (یفرق بینه و بین أهله سنة)، و عن المبسوط أنه المصر الذی زنی فیه، و هذا لا دلیل علیه.

(3)حتی یتحقق نفیه عن مصره عاما کما جاء فی الخبر.

(4)أما التغریب فقد تقدم الکلام فیه، و أما الجز فهو مختص بالرجل بلا خلاف بینهم لظاهر الأخبار المتقدمة فیبقی أصل البراءة فیها سالما عن المعارض.

(5)و هی حد المملوک محصنا کان أو غیر محصن، شیخا أو شابا، بکرا مملکا أو غیر مملک، ذکرا أو أنثی، بلا خلاف فیه للأخبار منها: حسنة محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی العبید إذا زنی أحدهم أن یجلد خمسین جلدة و إن کان مسلما أو کافرا أو نصرانیا، و لا یرجم و لا ینفی)(1)، و صحیحة سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام و قد سئل عن المکاتب و قد زنی قال: (هو حق اللّه یطرح عنه من الحد خمسین جلدة و یضرب خمسین)2 و صحیحة الحسن بن السری عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا زنی العبد و الأمة و هما محصنان فلیس علیهما الرجم، إنما-

ص:260


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 31 - من أبواب حد الزنا حدیث 5 و 1.

العاقلین (1)(و إن کانا متزوجین، و لا جز، و لا تغریب (2) علی أحدهما) إجماعا، لقوله علیه السّلام: «إذا زنت أمة أحدکم فلیجلدها» (3) و کان هذا (4)

کل الواجب (5). و لا قائل بالفرق (6).

و ربما استدل بذلک (7) علی نفی التغریب علی المرأة، لقوله تعالی: فَعَلَیْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَی الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ (8) فلو ثبت التغریب علی الحرة لکان علی الأمة نصفها (9).

-علیهما الضرب خمسین نصف جلدة)(1) و خبر عبید بن زرارة أو برید العجلی: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: أمة زنت؟ قال: تجلد خمسین جلدة، قلت: فإنها عادت، قال:

تجلد خمسین، قلت: فیجب علیها الرجم فی شیء من الحالات؟ قال: إذا زنت ثمانی مرات یجب علیها الرجم - إلی أن قال - و ما العلة فی ذلک؟ قال: لأن اللّه (عز و جل) رحمها أن یجمع علیها ربق الرّق و حدّ الحر)(2).

(1)لأنه مع عدم البلوغ أو عدم العقل لا تکلیف لرفع القلم عنهما.

(2)بلا خلاف کما فی الجواهر، و هو مذهب الأصحاب کما فی المسالک، و لما فیه من الإضرار بالسید و تفویت المنفعة علیه، و لأن التغریب للتشدید و العبد قد اعتاد الانتقال من بلد إلی آخر فلیس فی تغریبه تشدید، بالإضافة إلی أن الإمام علیه السّلام لم یثبت علیه إلاّ الجلد خمسین فی کل الحالات کما فی خبر عبید بن زرارة أو برید العجلی المتقدم فضلا عن نفی التغریب عنه بالصرامة فی خبر محمد بن قیس المتقدم و هو المعتمد. غیر أن الشافعی فی التغریب سنة أو نصفها، قولان له عملا بعموم النص من التغریب علی الزانی غایته نصف الحد المقرّر للزانی، و قال فی الجواهر: «و لا ریب فی بطلانه» للأدلة السابقة.

(3)سنن ابن ماجة ج 2 ص 857، و فی ما روی من طرقنا غنی و کفایة.

(4)أی الجلد.

(5)لأنه فی مقام البیان و لم یذکر إلا الجلد.

(6)بین العبد و الأمة، فالخبر الوارد فی الأمة یدل علی حد العبد حینئذ.

(7)بعدم الفرق.

(8)النساء الآیة: 25.

(9)أی نصف سنة تغریب المرأة، مع أن الأمة لا تغریب علیها بالاتفاق فیستکشف عدم-

ص:261


1- (1) المصدر السابق حدیث 3..
2- (2) الوسائل الباب - 32 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.
سادسها الحد المبعّض

(و سادسها الحد المبعّض (1) و هو حد من تحرر بعضه فإنه یحد من حد الأحرار) الذی لا یبلغ القتل (2)(بقدر ما فیه من الحریة) أی بنسبته إلی الرقّیة (و من حد العبید بقدر العبودیة). فلو کان نصفه حرا حد للزنا خمسا و سبعین جلدة:

خمسین لنصیب الحریة، و خمسا و عشرین للرقّیة، و لو اشتمل التقسیط علی جزء من سوط - کما لو کان ثلثه رقا فوجب علیه ثلاثة و ثمانون و ثلث (3) - قبض علی ثلثی السوط و ضرب بثلثه. و علی هذا الحساب (4).

سابعها الضغث

(و سابعها الضغث) بالکسر و أصله الحزمة (5) من الشیء، و المراد هنا القبض -تغریب المرأة، و هذا الاستدلال للشیخ فی الخلاف.

و فیه: إنه دلیل منعکس و ذلک أن الأخبار الکثیرة قد دلت علی أن الأمة لیس علیها إلاّ الجلد فلوجب أن لا یثبت علی المرأة إلاّ الجلد دون الرجم و إن اختلف عدده بین الحرة و الأمة مع أنه علی خلاف الاتفاق من ثبوت الرجم علی المحصنة من النساء.

(1)و هو حد الأحرار بنسبة ما أعتق منه و حد الممالیک بنسبة الرقیة، فمن أعتق نصفه مثلا یحدّ خمسة و سبعون سوطا، خمسون لأنها نصف ما علی الحر و خمسة و عشرون نصف ما علی العبد، للأخبار منها: صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی المکاتب: (یجلد فی الحد بقدر ما أعتق منه)(1) و خبر محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی مکاتبة زنت و قد أعتق منها ثلاثة أرباع و بقی الربع، فجلدت ثلاثة أرباع الحد حساب الحرة علی مائة فذلک خمس و سبعون جلدة، و ربعها علی حساب الخمسین من الأمة اثنا عشر سوطا و نصف، فذلک سبعة و ثمانون جلدة و نصف)2.

(2)إذ لا قتل علی الرق، و لعدم صحة تبعیض القتل.

(3)لأن ثلثی الحریة ستة و ستون سوطا و ثلثان، و ثلث الرقیة ستة عشر سوطا و ثلثان، فالمجموع ثلاثة و ثمانون سوطا و ثلث.

(4)و یدل علیه أخبار منها ذیل خبر محمد بن قیس المتقدم بروایة الکلینی حیث فسر نصف السوط بقوله علیه السّلام: (یؤخذ السوط من نصفه فیضرب به و کذلک الأقل و الأکثر)(2).

(5)بضم الحاء، مجموعة من الحطب أو غیره، من تحزم إذا شد وسطه بالحزام.

ص:262


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 33 - من أبواب حد الزنا حدیث 1 و 3.
2- (3) الوسائل الباب - 33 - من أبواب حد الزنا حدیث 4.

علی جملة من العیدان و نحوها (1)(المشتمل علی العدد) المعتبر فی الحد (2) و ضربه به دفعة واحدة مؤلمة بحیث یمسه الجمیع أو ینکبس بعضها علی بعض فیناله ألمها، و لو لم تسع الید العدد أجمع ضرب به مرتین فصاعدا إلی أن یکمل، و لا یشترط وصول کل واحد من العدد إلی بدنه (و هو حد المریض (3) مع عدم احتماله الضرب المتکرر) متتالیا و إن احتمله فی الأیام متفرقا (4).

(و اقتضاء المصلحة التعجیل) و لو احتمل سیاطا خفافا فهی أولی (5) من الضغث فلا یجب إعادته (6) بعد برئه مطلقا (7). و الظاهر الاجتزاء فی الضغث بمسمی المضروب (8) به مع حصول الألم به فی الجملة و إن لم یحصل بآحاده، و قد (1)کالقصب.

(2)کالمائة بالنسبة للزنا و الثمانین لشرب الخمر.

(3)بل هو حد المریض و المستحاضة، فإذا وجب رجمهما یرجمان بلا خلاف لإطلاق أدلة رجم المحصن و للنهی عن تعطیل الحدود و لو ساعة، و أما إذا وجب جلدهما فلا یجلدان توقیا من السرایة إلی القتل أو غیره، و یتوقع بالحد البرء حینئذ و یدل علیه أخبار منها: خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام برجل أصاب حدا و به قروح فی جسده کثیرة فقال: أخّروه حتی یبرأ لا تنکثوها فتقتلوه)(1) و خبر السکونی الآخر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا یقام الحد علی المستحاضة حتی ینقطع الدم عنها)2.

نعم إذا اقتضت المصلحة التعجیل و لو لعدم رجاء البرء کالسل و الزمانة أو خیف موته فیبقی فی ذمته الحد ضرب بالضغث المشتمل علی العدد لأخبار منها: خبر سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أتی النبی برجل کبیر البطن قد أصاب محرّما، فدعا رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بعرجون فیه مائة شمراخ، فضربه مرة واحدة فکان الحد)(2).

(4)بأن یضرب کل یوم بعض الحد.

(5)لأنه بالسیاط الخفاف یتحقق الحد الأصلی.

(6)إعادة الحد لبراءة ذمته فلا موجب للضرب ثانیة.

(7)سواء ضرب بالسیاط ضربا خفیفا أو بالضغث.

(8)للنص المتقدم.

ص:263


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 13 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 4 و 3.
2- (3) الوسائل الباب - 13 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 7.

روی أن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فعل ذلک فی مریض زان بعرجون (1) فیه مائة شمراخ فضربه ضربة واحدة.

و لو اقتضت المصلحة تأخیره إلی أن یبرأ ثم یقیم علیه الحد تاما فعل. و علیه یحمل ما روی عن تأخیر أمیر المؤمنین علیه السّلام حد مریض إلی أن یبرأ.

ثامنها الجلد و معه عقوبة زائدة

(و ثامنها الجلد) المقدر (و) معه (عقوبة زائدة (2) و هو حد الزانی فی شهر رمضان لیلا، أو نهارا) و إن کان النهار أغلظ حرمة و أقوی فی زیادة العقوبة (أو غیره من الأزمنة الشریفة) کیوم الجمعة و عرفة، و العید (أو فی مکان شریف) کالمسجد، و الحرم، و المشاهد المشرفة (أو زنی بمیتة (3) و یرجع فی الزیادة إلی رأی) (1)العذق الصغیر.

(2)کمن زنی فی شهر رمضان لیلا أو نهارا عوقب زیادة علی الحد بحسب ما یراه الحاکم لانتهاکه حرمة شهر رمضان، و کذا لو کان فی مکان شریف کالمساجد و المشاهد الشریفة أو زمان شریف بلا خلاف فیه کما فی الجواهر للمرسل: (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام بالنجاشی الشاعر قد شرب الخمر فی شهر رمضان فضربه ثمانین ثم حبسه لیلة ثم دعا به من الغد فضربه عشرین فقال له: یا أمیر المؤمنین ضربتنی ثمانین فی شرب الخمر، و هذه العشرون ما هی؟ قال: هذا لتجرئک علی شرب الخمر فی شهر رمضان)(1) و من التعلیل یستفاد الحکم لغیر مورد الخبر.

(3)لا فرق بین الحیة و المیتة فی الزنا ففی خبر الجعفی عبد اللّه بن محمد عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی رجل نبش امرأة فسلبها ثیابها ثم نکحها، قال: إن حرمة المیت کحرمة الحی تقطع یده لنبشه و سلبه الثیاب، و یقام علیه الحد فی الزنا إن أحصن رجم، و إن لم یکن أحصن جلد مائة)(2) و روایة إبراهیم بن هاشم: (لما مات الرضا علیه السّلام حججنا فدخلنا علی أبی جعفر علیه السّلام و قد حضر خلق من الشیعة - إلی أن قال - فقال أبو جعفر علیه السّلام: سئل أبی عن رجل نبش قبر امرأة فنکحها، فقال أبی: یقطع یمینه للنبش و یضرب حد الزنا، فإن حرمة المیتة کحرمة الحیة)(3)، فزیادة الحد لشناعة الفعل حسب ما یراها الحاکم.

ص:264


1- (1) الوسائل الباب - 9 - من أبواب حد المسکر حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب نکاح البهائم و وط ء الأموات حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد السرقة حدیث 6.

(الحاکم) الذی یقیم الحد، و لا فرق بین أن یکون مع الجلد رجم و غیره. و لو کان الزنا لا جلد فیه، بل القتل عوقب قبله (1)، لمکان المحترم ما یراه (2) و هذا لا یدخل فی العبارة. (3)

تتمة - لو شهد لها أربع بالبکارة بعد شهادة الأربعة بالزنا

(تتمة - لو شهد لها أربع) نساء (بالبکارة بعد شهادة الأربعة بالزنا قبلا فالأقرب درء الحد) (4) أی دفعه (عن الجمیع): المرأة و الشهود بالزنا، لتعارض الشهادات ظاهرا فإنه کما یمکن صدق النساء فی البکارة یمکن صدق الرجل فی الزنا. و لیس أحدهم أولی من الآخر فتحصل الشبهة الدارئة للحد عن المشهود علیه، و کذا عن الشهود، و لإمکان عود البکارة (5).

و للشیخ قول بحد شهود الزنا للفریة. و هو بعید، نعم لو شهدن أن المرأة رتقاء (6)، أو ثبت أن الرجل مجبوب (7)

(1)عوقب بالزیادة قبل القتل لئلا تفوت.

(2)أی لسبب المحترم بحسب ما یراه الحاکم.

(3)أی عبارة المصنف، فکون الزیادة علی الحد قبل الحد لا تدل علیها عبارة المصنف.

(4)عن المرأة بلا خلاف فیه لخبر السکونی عن أبی عبد اللّه عن أبیه علیهما السّلام: (أنه أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام بامرأة بکر زعم أنها زنت فأمر النساء فنظرن إلیها فقلن هی عذراء، فقال علیه السّلام: ما کنت لأضرب من علیها خاتم من اللّه)(1) و خبر زرارة عن أحدهما علیهما السّلام: (فی أربعة شهدوا علی امرأة بالزنا، فقالت: أنا بکر فنظر إلیها النساء فوجدنها بکرا، فقال: تقبل شهادة النساء)(2) و لکن هل یحدّ الشهود للفریة؟ قال ابن الجنید و الشیخ فی النهایة و ابن إدریس فی کتاب الشهادات من السرائر نعم، لأن تقدیم شهادة النساء مستلزم لرد شهادتهم المستلزم لکذبهم الموجب للقذف.

و غیرهم علی أنه لا حد علی الشهود، لعدم النص علیه مع أنه الإمام علیه السّلام کان فی مقام البیان فی خبر زرارة المتقدم، و ثانیا یحتمل صدقهم واقعا بالتحام البکارة بعد الزنا.

(5)بمعنی التحامها.

(6)بحیث کان الفرج ملتحما لا مدخل للقضیب فیه.

(7)أی مقطوع الذکر حتی مقدار الحشفة.

ص:265


1- (1) الوسائل الباب - 25 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 24 - من أبواب الشهادات حدیث 44.

حدّ الشهود، للقذف (1)، مع احتمال السقوط فی الأول (2)، للتعارض، و لو لم یقیدوه بالقبل فلا تعارض (3)

فی عمل الحاکم بعلمه فی إقامة الحد و حقوق الناس

(و یقیم الحاکم الحد) مطلقا (4)(بعلمه)، سواء الإمام (5) و نائبه (6)، (1)للعلم بکذب الشهود حینئذ.

(2)إذ فی الثانی قد ظهر کذبهم إذ لا قضیب له فکیف ادعوا معاینة الإیلاج. و أما الأول فیحتمل صدق الجمیع أما الشهود علی الزنا إذ لا فرج إلاّ و له قضیب یناسبه هذا فضلا عن إمکان الدخول قدر الحشفة بدون فض البکارة و حتی لو کانت رتقاء، و بهذا یحتمل صدق الجمیع عند شهادة النساء ببکارتها و هی لیست برتقاء.

(3)إذ من الممکن أن یکون الزنا فی الدبر، بل قد عرفت إمکان الزنا فی القبل مع وجود البکارة.

(4)سواء کان الحد من حقوق اللّه أو من حقوق الناس، غایته یتوقف الثانی علی مطالبة أربابه به.

(5)أی المعصوم، و هو لا خلاف فیه لعصمته المانعة من تطرق التهمة، غایته إن کان الحد من حقوق اللّه أقامه من دون توقف، و إن کان من حقوق الناس توقف إقامته علی المطالبة حدا کان أو تعزیرا و یدل علی التفصیل أخبار منها: خبر الحسین بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الواجب علی الإمام إذا نظر إلی رجل یزنی أو یشرب الخمر أن یقیم علیه الحد و لا یحتاج إلی بینة مع نظره لأنه أمین اللّه فی خلقه، و إذا نظر إلی رجل یسرق فالواجب علیه أن یزبره و ینهاه و یمضی و یدعه، قلت: و کیف ذلک؟ قال: لأن الحق إذا کان للّه فالواجب علی الإمام إقامته و إذا کان للناس فهو للناس)(1) و صحیح الفضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من أقرّ علی نفسه عند الإمام بحق أحد من المسلمین فلیس علی الإمام أن یقیم علیه الحد الذی أقرّ به عنده حتی یحضر صاحب الحد أو ولیه و یطلبه بحقه)2.

(6)الخاص أو العام فقد وقع الخلاف فیه، فذهب المشهور إلی أنه یحکم بعلمه غایته فی حق اللّه یقیمه مباشرة و فی حقوق الناس یتوقف علی المطالبة، لأن العلم أقوی من الظن الحاصل من الشهود، فإذا جاز فی الثانی ففی الأول من باب أولی، و لعموم الأدلة الدالة علی الحد المعلق علی وجود الوصف کقوله تعالی: وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُما (2) و قوله تعالی: اَلزّانِیَةُ وَ الزّانِی فَاجْلِدُوا کُلَّ واحِدٍ مِنْهُما (3) فإذا علم الحاکم-

ص:266


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 32 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 3 و 2.
2- (3) المائدة الآیة: 40.
3- (4) النور الآیة: 2.

و سواء علم بموجبه (1) فی زمن حکمه أم قبله، لعموم قوله تعالی: اَلزّانِیَةُ وَ الزّانِی فَاجْلِدُوا وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُما ، و لأن العلم أقوی دلالة من الظن المستند إلی البینة، و إذا جاز الحکم مع الظن جاز مع العلم بطریق أولی، و خالف فی ذلک ابن الجنید و قد سبقه الإجماع و لحقه، مع ضعف متمسکه بأن حکمه بعلمه تزکیة لنفسه (2)، و تعریض لها للتهمة، و سوء الظن به (3). فإن التزکیة (4) حاصلة بتولیة الحکم، و التهمة حاصلة فی حکمه بالبینة و الإقرار و إن اختلفت (5) بالزیادة و النقصان. و مثل هذا لا یلتفت إلیه (و کذا) یحکم بعلمه (فی حقوق الناس)، لعین ما ذکر، و عدم الفارق (إلاّ أنه بعد مطالبتهم) به کما فی حکمه لهم بالبینة و الإقرار (حدا (6) کان) ما یعلم بسببه (أو تعزیرا) (7)، لاشتراک الجمیع فی المقتضی (و لو وجد مع زوجته رجلا یزنی بها فله قتلهما) (8) فیما بینه -بالوصف فلا بد أن یعمل بالحکم المترتب علیه و إلاّ لزم فسقه أو تعطیل الحد.

و قیل: لا یجوز إقامة الحد بعلم الحاکم و قد نسب هذا القول إلی ابن الجنید للنبوی فی قضیة الملاعنة: (لو کنت راجما من غیر بینة لرجمتها)(1)، و لأن الحکم بعلمه فیه تزکیة لنفسه و هذا منهی عنه، و موجب للتهمة فی حقه، و فیه: أما الروایة فهی من طرق العامة و أما التزکیة و التهمة فجاریتان فی الشهود مع أنه لا یضرهم ذلک فکذلک الحاکم، بالإضافة إلی أنها أمور استحسانیة لا تصلح مدرکا للحکم الشرعی، و ذهب ابن إدریس إلی منع إقامة حدود اللّه بعلمه نعم یجوز فی حقوق الناس، و ذلک لأن الحدود فی حقوق اللّه مبنیة علی الرخصة و المسامحة - کما فی المسالک - فلا یناسبها الحکم بعلمه، و فیه إنه استحسان محض.

(1)موجب الحد و هو فعل الزانی أو السارق و هکذا.

(2)بأنه صادق فیما علم.

(3)فقد یتهم بأن حکمه من أجل عداوته له.

(4)بیان ضعف دلیل ابن الجنید، و کان یکفی فی الرد أنها أمور استحسانیة.

(5)أی التهمة کما لو وقع الإقرار فی خلوة، و یتهم بأنه تهاون فی تشخیص الشهادة.

(6)کحد القذف.

(7)کما لو أهان محصنة.

(8)لو اطلع الإنسان علی زوجته تزنی و لم یکن من أهل استیفاء الحدود فمقتضی الأصل عدم-

ص:267


1- (1) سنن البیهقی ج 7 ص 407.

-جواز استیفاء الحد منهما بنفسه، لکن وردت الرخصة فی جواز قتل الزوجة و الزانی بها، سواء کان الزوجان حرین أو عبدین أو مختلفین، و سواء کان الزوج دخل بها أو لا و سواء کان العقد دواما أو متعة، و سواء کان الفعل موجبا للرجم أو للجلد، نعم لا بد من تقیید ذلک بمطاوعة الزوجة له و إلاّ فلا یجوز قتلها لو اغتصبها الزانی، و عن ابن إدریس تقیید الحکم بإحصانهما حتی یثبت قتلهما و إلاّ فلا یستحقان إلا الجلد.

و لو قتلهما الزوج فلا إثم علیه فی نفس الأمر، و إن کان علیه إقامة بینة الزنا ظاهرا لو ادعی علیه عند الحاکم، و لو لم یستطع إقامة البینة اقتص منه إذا لم یصدقه ولی الدم، و إنما وسیلته مع الفعل باطنا الإنکار ظاهرا أو یوری بما یخرجه عن الکذب، ففی خبر الفتح بن یزید الجرجانی قال لأبی الحسن علیه السّلام: (رجل دخل دار غیره لیتلصص أو للفجور فقتله صاحب الدار، فقال: من دخل دار غیره هدر دمه و لا یجب علیه شیء)(1)و صحیحة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أیّما رجل اطلع علی قوم فی دارهم لینظر إلی عوراتهم ففقئوا عینه أو جرحوه فلا دیة علیهم و قال: من اعتدی فاعتدی علیه فلا قود له)(2) و خبر سعید بن المسیب: (أن معاویة کتب إلی أبی موسی الأشعری: إن ابن أبی الجسرین وجد رجلا مع امرأته فقتله فاسأل لی علیا عن هذا، قال أبو موسی:

فلقیت علیا علیه السّلام فسألته - إلی أن قال - فقال: أنا أبو الحسن إن جاء بأربعة یشهدون علی ما شهد و إلاّ دفع برمته)(3).

و هذه الأخبار لا تدل علی مدعاهم، أما الخبر الأول و الثانی فیدلان علی جواز قتل الرجل من باب الدفاع عن العرض، و لذا لو دخل للواط و لتقبیل زوجته جاز قتله و لو لغیر الزوج کالأخ و الأب و الولد لکن الدفاع عن العرض مشروط بکون الزوجة کارهة و الکره منفی هنا بحسب الفرض، و لا یدلان علی قتل المرأة لأنها متلبسة بالزنا، و أما الخبر الثالث فهو یدل علی أن القاتل مطالب بالبینة ظاهرا و إلاّ قتل به و هذا لا إشکال فیه، و لکن لا یدل علی جواز قتله واقعا فضلا عن جواز قتل المرأة.

و لذا ورد فی صحیح داود بن فرقد عدم جواز القتل قال: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: إن أصحاب رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قالوا لسعد بن عبادة: أ رأیت لو وجدت علی بطن-

ص:268


1- (1) الوسائل الباب - 27 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 25 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 7.
3- (3) الوسائل الباب - 69 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 2.

و بین اللّه تعالی (و لا إثم علیه) بذلک و إن کان استیفاء الحد فی غیره (1) منوطا بالحاکم.

هذا هو المشهور بین الأصحاب لا نعلم فیه مخالفا، و هو مروی أیضا (2)، و لا فرق فی الزوجة بین الدائم، و المتمتع بها، و لا بین المدخول بها و غیرها، و لا بین الحرة و الأمة، و لا فی الزانی بین المحصن و غیره، لإطلاق الإذن المتناول لجمیع ذلک.

و الظاهر اشتراط المعاینة علی حد ما یعتبر فی غیره (3)، و لا یتعدی إلی غیرها (4) و إن کان رحما، أو محرما اقتصارا فیما خالف الأصل علی محل الوفاق.

و هذا الحکم بحسب الواقع کما ذکر (و لکن) فی الظاهر (یجب) علیه (القود) مع إقراره بقتله، أو قیام البینة به (إلا مع) إقامته (البینة) علی دعواه (أو التصدیق) من -امرأتک رجلا ما کنت صانعا به؟ قال: کنت أضربه بالسیف، فخرج رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فقال: ما ذا یا سعد؟ فقال سعد: قالوا لو وجدت علی بطن امرأتک رجلا ما کنت صانعا به فقلت: اضربه بالسیف، فقال: یا سعد فکیف بالأربعة شهود؟

فقال: یا رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بعد رأی عینی و علم اللّه أن قد فعل، قال: إی و اللّه بعد رأی عینک و علم اللّه أن قد فعل، إن اللّه قد جعل لکل شیء حدا و جعل لمن تعدی ذلک الحد حدا)(1). و فی روایة أبی مخلّد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام مثله و زاد: (و جعل ما دون الأربعة الشهداء مستورا علی المسلمین). و هو ظاهر فی عدم جواز قتل المرأة و الرجل الزانیین بحسب واقع الأمر إلاّ بعد إقامة البینة.

(1)غیر الزنا بالزوجة کما لو کانت قریبة له.

(2)ما هو مروی قد تقدم و قد عرفت الإشکال فی دلالته، نعم قال الشهید فی الدروس:

(روی أن من رأی زوجته تزنی فله قتلهما)(2)، و فیه: إنه مرسل بالإضافة إلی أن هذا المرسل لو کان موجودا قبل الشهید لوجد فی کتب الفقه و الأحادیث فمن المحتمل جدا أن یکون قد فهم من الأخبار المتقدمة هذا الحکم و أورده بعنوان الروایة.

(3)من مطلق الزنا.

(4)إلی غیر الزوجة کالأم و الأخت و البنت.

ص:269


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 45 - من أبواب حد الزنا حدیث 2.

ولی المقتول، لأصالة عدم استحقاقه (1) القتل، و عدم الفعل المدعی.

و فی حدیث سعد بن عبادة المشهور لما قیل له: لو وجدت علی بطن امرأتک رجلا ما کنت صانعا به؟ قال: کنت أضربه بالسیف فقال له النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: فکیف بالأربعة الشهود إن اللّه تعالی جعل لکل شیء حدا، و جعل لمن تعدی ذلک الحد حدا (2).

فی من تزوج بأمة علی حرة مسلمة

(و من تزوج بأمة علی حرة مسلمة و وطئها قبل الإذن) من الحرة و إجازتها عقد الأمة (فعلیه ثمن حد الزانی) (3): اثنا عشر سوطا و نصف. بأن یقبض فی النصف (4) علی نصفه (5).

(1)أی أصالة عدم استحقاق المقتول القتل.

(2)قد تقدم الخبر، و المشهور حملوه علی مطالبة الزوج بالشهود ظاهرا مع جواز القتل واقعا، مع أن صریح الخبر عدم جواز القتل واقعا.

(3)لخبر منصور بن حازم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن رجل تزوج أمة علی مسلمة و لم یستأمرها قال: یفرّق بینهما، قلت: فعلیه أدب؟ قال: نعم اثنا عشر سوطا و نصف، ثمن حد الزانی و هو صاغر، قلت: فإن رضیت المرأة الحرة المسلمة بفعله بعد ما کان فعل؟ قال: لا یضرب و لا یفرّق بینهما، یبقیان علی النکاح الأول)(1) کما فی روایة الشیخ فی التهذیب إلاّ أن الکلینی رواه بنفس السند و المتن مع ذکر الذمیة بدل الأمة، نعم فی خبر حذیفة بن منصور تصریح بالأمة من دون إشکال و تردد قال: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل تزوج أمة علی حرة لم یستأذنها؟ قال: یفرّق بینهما، قلت: علیه أدب؟ قال: نعم اثنا عشر سوطا و نصف ثمن حد الزانی و هو صاغر)(2).

(4)أی عند ضربه نصف سوط.

(5)علی نصف السوط لصحیح هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال: فی نصف الجلدة و ثلث الجلدة، أن یؤخذ بنصف السوط و ثلث السوط)(3)، و بهذا صرح غیر واحد، کما فی الجواهر.

و قیل: و لم یعرف قائله أنه یضرب بین الضربین الشدید و الضعیف فهو تنصیف کیفی-

ص:270


1- (1) الوسائل الباب - 49 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 47 - من أبواب ما یحرم بالمصاهرة حدیث 2.
3- (3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.

و قیل: أن یضربه ضربا بین ضربین.

فی من افتض بکرا بإصبعه

(و من افتض بکرا بإصبعه) فأزال بکارتها (لزمه مهر نسائها) (1) و إن زاد عن مهر السنة إن کانت حرة، صغیرة کانت أم کبیرة مسلمة أم کافرة (2)(و لو کانت أمة فعلیه عشر قیمتها) لمولاها علی الأشهر (3). و به روایة فی طریقها طلحة بن زید (4)، و من ثم قیل بوجوب الأرش (5)، و هو ما بین قیمتها بکرا و ثیبا، لأنه (6) موجب الجنایة علی مال الغیر و هذا الحکم فی الباب عرضی (7)، و المناسب فیه (8) الحکم بالتعزیر لإقدامه علی المحرّم.

و قد اختلف فی تقدیره (9) فأطلقه جماعة (10)، و جعله بعضهم من ثلاثین إلی ثمانین (11)، -و الخبر حجة علیه إذ قد دل علی التنصیف الکمّی.

(1)بلا خلاف فیه.

(2)کل ذلک لإطلاق الخبر الآتی.

(3)لروایة طلحة بن زید عن جعفر عن أبیه عن علی علیه السّلام: (إذا اغتصب أمة فافتضها فعلیه عشر قیمتها و إن کانت حرة فعلیه الصداق)(1) و صحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی امرأة افتضت جاریة بیدها، قال: علیها مهرها و تجلد ثمانین)(2)و فی خبره الآخر: (علیها المهر و تضرب الحد)3.

(4)بتری عامی المذهب، إلا أن کتابه معتمد کما فی الفهرست.

(5)و القائل ابن إدریس اطراحا لروایة طلحة بن زید الدالة علی عشر القیمة، و مال الشارح فی المسالک إلی وجوب أکثر الأمرین من الأرش و عشر الثمن.

(6)لأن الأرش.

(7)أی الحکم بلزوم مهر نسائها فی الحرة و عشر قیمتها فی الأمة عرضی فی باب الحدود.

(8)فی هذا الفعل الحکم بالتعزیر لأنه فعل محرم.

(9)تقدیر التعزیر.

(10)کما عن الصدوق فی المقنع و یؤیده صحیح ابن سنان المتقدم.

(11)کما عن المفید.

ص:271


1- (1) الوسائل الباب - 39 - من أبواب حد الزنا حدیث 5.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 39 - من أبواب حد الزنا حدیث 4 و 1.

و آخرون إلی تسعة و تسعین (1)، و فی صحیحة ابن سنان عن الصادق علیه السّلام فی امرأة افتضت جاریة بیدها: «قال علیها المهر و تضرب الحد (2)» و فی صحیحته أیضا أن أمیر المؤمنین علیه السّلام قضی بذلک، و قال: تجلد ثمانین (3).

فی من أقر بحد و لم یبینه

(و من أقر بحد و لم یبینه ضرب حتی ینهی عن نفسه (4)، أو یبلغ المائة) (5) (1)کما عن ابن إدریس، و عن الشیخ من ثلاثین إلی سبعة و تسعین، و عن الأکثر أنه یناط برأی الحاکم، و السبب فی الاختلاف أن صحیح ابن سنان أثبت الحد، و فی خبره الآخر حدده بثمانین فهذا یشعر بکونه تعزیرا فاختلفوا فی تقدیره.

(2)الوسائل الباب - 39 - من أبواب حد الزنا حدیث 1.

(3)الوسائل الباب - 39 - من أبواب حد الزنا حدیث 2.

(4)فلا یکلف البیان بلا خلاف فیه کما عن الریاض، و أشکل علیه بأنه تعطیل لحد اللّه تعالی فلا بد أن یکلف بالبیان کما لو أقر بحق الآدمی و سکت فیکلف بالبیان.

و هو مردود لإطلاق الخبر الآتی حیث لم یکلفه المعصوم بذلک، نعم نذهب أنه یضرب حتی ینهی عن نفسه لخبر محمد بن قیس عن أبی جعفر عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (فی رجل أقرّ علی نفسه بحد و لم یسمّ أیّ حد هو، قال: أمر أن یجلد حتی یکون هو الذی ینهی عن نفسه فی الحد)(1). و نوقش فی السند بأن محمد بن قیس مشترک بین الثقة و غیره و بأن سهل بن زیاد أمره معلوم من التهمة له بالغلو و الکذب، و ردّ بأن محمد بن قیس هو الثقة بروایة عاصم بن حمید و الأمر فی سهل سهل مع انجباره بعمل الأصحاب.

(5)قد اختلف فی تحدید الضرب، فقیل: لا یزاد علی المائة لأن أعلی الحدود حد الزنا و هو مائة، و قیل - کما عن ابن إدریس -: یجلد أقله ثمانین و أکثره مائة، لأن أقل حد هو ثمانون لشرب الخمر و یدل علیه مرسل الصدوق فی المقنع: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل أقرّ علی نفسه بحد و لم یبین أیّ حد هو، أن یجلد ثمانین، فجلد ثم قال: لو أکملت جلدک مائة ما ابتغیت علیه بینة غیر نفسک)(2) هذا و هناک إشکال عام علی هذه الأخبار و الفتاوی و هو: أنه قد یکون الحد رجما أو قتلا فکیف یکتفی بالجلد بالإضافة إلی أن الحد لا یثبت بالإقرار مرة فکیف یجلد بعد إقراره مرة واحدة هذا فضلا عن أنه لو-

ص:272


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.
2- (2) مستدرک الوسائل الباب - 9 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 2.

و الأصل فیه روایة محمد بن قیس عن الباقر علیه السّلام أن أمیر المؤمنین علیه السّلام قضی فی رجل أقر علی نفسه بحد و لم یسم أی حد هو قال: أمر أن یجلد حتی یکون هو الذی ینهی عن نفسه الحد و بمضمونها عمل الشیخ و جماعة، و إنما قیده المصنف بکونه لا یتجاوز المائة، لأنها أکبر الحدود و هو حد الزنا.

و زاد ابن إدریس قیدا آخر و هو أنه لا ینقص عن ثمانین نظرا إلی أن أقل الحدود حد الشرب.

و فیه نظر (1) إذ حد القواد خمسة و سبعون (2)، و المصنف و العلاّمة و جماعة لم یحدوه فی جانب القلة کما أطلق فی الروایة، لجواز أن یرید بالحد التعزیر و لا تقدیر له قلة، و مع ضعف المستند (3) فی کل واحد من الأقوال (4) نظر.

أما النقصان عن أقل الحدود (5) فلأنه و إن حمل علی التعزیر، إلا أن تقدیره للحاکم لا للمعزّر فکیف یقتصر علی ما یبینه، و لو حمل (6) علی تعزیر مقدّر وجب -سلم بالجلد و بثبوته مرة فقد یکون أزید من المائة کما لو زنا فی مکان محترم أو زمان شریف فتکون الزیادة بنظر الحاکم لا بنظر المحدود هذا کله بالنسبة للزیادة، و أما بالنسبة للأقل فلیس أقل حد الثمانین بل الخمسة و السبعین و هی حد القیادة، بل یمکن أن یکون مقصوده من الحد التعزیر و هو أقل من هذا بکثیر علی أن التعزیر بنظر الحاکم لا بنظر المحدود حتی یناط الجلد بما إذا نهی عن نفسه.

(1)فی قول ابن إدریس.

(2)أما لو کان مستند ابن إدریس مرسل الصدوق فلا إشکال إلاّ من ناحیة أن مذهبه عدم العمل بأخبار الآحاد فضلا عن المراسیل.

(3)من ناحیة کون محمد بن قیس مشترکا بین الثقة و غیره، و قد عرفت رده.

(4)الثلاثة المتقدمة و هی:

الأول: عدم تجاوز المائة کما علیه المصنف.

الثانی: یضرب ما بین المائة و الثمانین کما علیه ابن إدریس.

الثالث: عدم تحدید الحد لا من جانب القلة و لا من جانب الکثرة لاحتمال إرادة التعزیر منه.

(5)و هو القول الثالث.

(6)أی الحد فی الروایة.

ص:273

تقییده (1) بما لو وقف علی أحد المقدرات منه (2)، مع أن إطلاق الحد علی التعزیر خلاف الظاهر و اللفظ إنما یحمل علی ظاهره، و مع ذلک فلو وقف علی عدد لا یکون حدا (3) کما بین الثمانین و المائة أشکل قبوله منه (4)، لأنه خلاف المشروع.

و کذا عدم تجاوز المائة (5) فإنه یمکن زیادة الحد عنها بأن یکون قد زنی فی مکان شریف أو زمان شریف، و مع ذلک فتقدیر الزیادة علی هذا التقدیر إلی الحاکم، لا إلیه.

ثم یشکل بلوغ الثمانین (6) بالإقرار مرة، لتوقف حد الثمانین علی الإقرار مرتین، و أشکل منه بلوغ المائة بالمرة و المرتین.

(و هذا) هو بلوغ المائة (إنما یصح إذا تکرر) الإقرار (أربعا) (7) کما هو (8) مقتضی الإقرار بالزنا (و إلا فلا یبلغ المائة). و بالجملة فلیس فی المسألة فرض یتم مطلقا (9) لأنا إن حملنا الحد علی ما یشمل التعزیر لم یتجه الرجوع إلیه (10) فی (1)أی تقیید الحد فی الفتاوی.

(2)من التعزیر کخمسة و عشرین سوطا لمن وط ء زوجته، و ثمن الحد لمن تزوج أمة علی حرة و هکذا.

(3)إشکال.

(4)أی قبول العدد المتوقف علیه من قبل المقرّ، و وجه الإشکال أنه لا حد بین الثمانین و المائة و هذا معنی قوله: لأنه علی خلاف المشروع و فیه: إن مراد ابن إدریس أنه لا یتجاوز المائة و لا یقل عن الثمانین تبعا لمرسل الصدوق فیکون الحد إما ثمانین أو مائة، لا أنه ما بین المائة و الثمانین.

(5)إشکال علی القول الأول.

(6)إشکال علی قول ابن إدریس و قول المصنف، حیث إن الثمانین حد شرب الخمر و هو لا یثبت إلاّ بالإقرار مرتین فکیف ثبت هنا بمرة واحدة، و المائة حد الزنا و هو لا یثبت إلاّ بالإقرار أربعا فکیف ثبت هنا بمرة واحدة.

(7)و هذا القید من المصنف و إن رفع الإشکال الأخیر، إلا أنه یشکل علیه بأن قید الأربعة لم یرد فی الروایة.

(8)أی التکرار أربعا.

(9)من الأقوال السابقة.

(10)إلی المحدود بل یکون بنظر الحاکم.

ص:274

المقدار، إلا أن نخصه بمقدار تعزیر من التعزیرات المقدرة. و حینئذ یتجه أنه یقبل بالمرة (1)، و لا یبلغ الخمسة و السبعین (2)، و إن أقر مرتین لم یتجاوز الثمانین (3)، و إن أقر أربعا جاز الوصول إلی المائة (4) و أمکن القول بالتجاوز (5)، لما ذکر، مع أنه فی الجمیع (6) کما یمکن حمل المکرر علی التأکید لحد واحد، یمکن حمله علی التأسیس فلا یتعین کونه حدّ زنا، أو غیره، بل یجوز کونه تعزیرات متعددة، أو حدودا کذلک (7) مبهمة، و من القواعد المشهورة أن التأسیس أولی من التأکید (8)، فالحکم مطلقا (9) مشکل، و المستند ضعیف (10).

و لو قیل بأنه مع الإقرار مرة لا یبلغ الخمسة و السبعین فی طرف الزیادة، و فی طرف النقیصة یقتصر الحاکم علی ما یراه کان حسنا (11).

فی التقبیل المحرم و المضاجعة

(و فی التقبیل) المحرم (و المضاجعة) أی نوم الرجل مع المرأة (فی إزار) أی ثوب (واحد)، أو تحت لحاف واحد (12)(التعزیر بما دون الحد)، لأنه فعل محرم (1)لأن التعزیرات المقدرة تثبت بالإقرار مرة واحدة.

(2)لأنها حد القوّاد، و التعزیرات دون الحدود و لو بسوط.

(3)لأنها حد الشرب و هو یثبت بالمرتین.

(4)حد الزنا.

(5)عن المائة إذا لم ینه عن نفسه فیکون إقرارا منه بأنه زنی فی مکان محترم أو زمان شریف، و هذه الزیادة تعزیر و التعزیر یثبت بالمرة، و سکوته بعد المائة إقرار منه و هذا یکفی فی ثبوت التعزیر، إلا أن هذه الزیادة منوطة بنظر الحاکم لا بنظره.

(6)أی الإقرار فیما لو تکرر مرتین أو أربعا.

(7)متعددة و یکون کل إقرار عن حد، و لا شیء من الحدود یثبت بإقرار واحد فلا یثبت الجمیع.

(8)لأن الإفادة خیر من الإعادة عند العرف.

(9)بالنسبة إلی جمیع الأقوال.

(10)قد عرفت عدمه، مع أنه لعل الحد من أجل ما فی إقراره مرة واحدة من شیوع الفاحشة فیکون حدا مستقلا فلا بد من التمسک بظاهر الروایة.

(11)و هذا لا یتم إلاّ بناء علی أن الحد فی الروایة بمعنی التعزیر، و قد اعترف الشارح سابقا، بأنه خلاف الظاهر.

(12)قد اختلفت الأخبار بمن وجدا تحت لحاف واحد، فطائفة تدل علی ما دون الحد کصحیح -

ص:275

لا یبلغ حد الزنا، و المرجع فی کمیة التعزیر إلی رأی الحاکم.

و الظاهر أن المراد بالحد الذی لا یبلغه هنا حد الزنا، کما ینبه علیه فی بعض الأخبار: أنهما یضربان مائة سوط غیر سوط.

(و روی) الحلبی فی الصحیح عن الصادق علیه السّلام و رواه غیره أیضا أنهما یجلدان کل واحد (مائة جلدة) حد الزانی، و حملت (1) علی ما إذا أضاف إلی ذلک (2) وقوع الفعل (3) -حریز عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن علیا علیه السّلام وجد رجلا و امرأة فی لحاف واحد فجلد کل واحد منهما مائة سوطا إلاّ سوطا)(1) و خبر زید الشحام عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الرجل و المرأة یوجدان فی لحاف واحد فقال: یجلدان مائة غیر سوط)2 و مثله خبر أبان3.

و طائفة تدل علی الحد منها: صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (حد الجلد أن یوجدا فی لحاف واحد)4 و خبر عبد الرحمن بن الحذاء عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا وجد الرجل و المرأة فی لحاف واحد جلد مائة)5 و خبر عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا وجد الرجل و المرأة فی لحاف واحد، قامت علیهما البینة بذلک و لم یطلع منهما علی ما سوی ذلک جلد کل واحد منهما مائة جلدة)6.

و المشهور قد عمل بالطائفة الأولی ما دون الحد، إلاّ أنهم فهموا من الحد التعزیر و هو مناط برأی الحاکم فلذا اختلفوا فی تحدیده ففی الشیخ فی النهایة أوجب التعزیر و أطلق، و فی الخلاف جعله أقلّ من الحد، و عن المفید أنه ما بین عشر جلدات إلی تسعة و تسعین تبعا لما یراه الحاکم، و قال عنه فی الجواهر: «لا دلیل علیه»، و عن المحقق و جماعة إلی أن هذا التعزیر منوط بنظر الحاکم مطلقا، و قد اتفقوا علی أن الروایات و إن لم تذکر إلاّ الوجدان تحت لحاف واحد لکن أسقطوا خصوصیة هذا النحو من الاستمتاع و عمموه إلی کل استمتاع دون الزنا کالتقبیل و التفخیذ و کل ما هو دون الفرج.

(1)صحیحة الحلبی.

(2)أی النوم تحت لحاف واحد.

(3)أی وقوع الزنا و قد علم الإمام بذلک و هذا الجمع للشیخ کما فی المسالک، و عن الصدوق حمل نصوص المائة علی ما لو ثبت الزنا بالبینة أو الإقرار و نصوص المائة إلاّ-

ص:276


1- ( (1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد الزنا حدیث 20 و 3 و 19 و 1 و 5 و 9.

جمعا بین الأخبار،(و لو حملت) المرأة و لا بعل (لها) (1) و لا مولی و لم یعلم وجهه (لم تحد)، لاحتمال کونه بوجه حلال، أو شبهة (إلا أن تقر أربعا بالزنا) فتحد -واحدا علی ما لو ثبت الزنا بعلم الإمام و قال فی الجواهر: «لم أجده لغیره و لا الشاهد علیه».

مع أن حمل نصوص المائة علی التقیة غیر بعید لصحیح عبد الرحمن بن الحجاج: (کنت عند أبی عبد اللّه علیه السّلام فدخل علیه عبّاد البصری و معه أناس من أصحابه فقال له:

حدثنی عن الرجلین إذا أخذا فی لحاف واحد، فقال له: کان علی علیه السّلام إذا أخذ الرجلین فی لحاف واحد ضربهما الحد، فقال له عبّاد: إنک قلت لی: غیر سوط، فأعاد علیه ذکر الحد حتی أعاد ذلک مرارا فقال: غیر سوط، فکتب القوم الحضور عند ذلک الحدیث)(1)، و هو ظاهر بکون نصوص المائة للتقیة هذا مع أن حد الرجلین فی اللحاف الواحد کحد الرجل و المرأة فی اللحاف الواحد لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (حد الجلد فی الزنا أن یوجدا فی لحاف واحد، و الرجلان یوجدان فی لحاف واحد، و المرأتان توجدان فی لحاف واحد)(2) فتبقی نصوص المائة إلاّ سوطا فهی محمولة علی التعزیر و علی أن یکون التعزیر ما بین الثلاثین إلی تسعة و تسعین جمعا بین ما تقدم و بین روایة سلیمان بن هلال: (سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللّه علیه السّلام فقال: جعلت فداک، الرجل ینام مع الرجل فی لحاف واحد، فقال:

ذوا محرم؟ فقال: لا، قال: من ضرورة؟ قال: لا، قال: یضربان ثلاثین سوطا ثلاثین سوطا)(3).

(1)و لا مولی، لا تحد عندنا بالاتفاق، لأن الحمل لا یستلزم الزنا لاحتمال أن یکون من شبهة أو إکراه أو دخول منی الغیر فی فرجها بنحو حلال کما لو دخلت الحمام و جلست علی الأرض و کان علیها منی الغیر، و لأصالة حمل فعل المسلم علی الصحة و لأصالة البراءة من وجوب الحد، فلا یجب علینا حینئذ البحث و الفحص عن کیفیة الحمل، و ذهب الشیخ فی المبسوط و العلامة فی القواعد إلی أنها تسأل فإن أقرت بالزنا أربعا حدت و إلاّ فلا، و هو مما لا وجه له کما فی الجواهر، و عن مالک حدها و مما تقدم تعرف ضعفه الظاهر.

ص:277


1- (1) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد الزنا حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد الزنا حدیث 4.
3- (3) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد الزنا حدیث 21.

لذلک، لا للحمل (و تؤخر) الزانیة الحامل (1)(حتی تضع الحمل) و إن کان من الزنا، و تسقیه اللباء، و ترضعه إن لم یوجد له کافل ثم یقیم علیها الحد إن کان رجما، و لو کان جلدا فبعد أیام النفاس (2) إن أمن علیها التلف، أو وجد له مرضع، و إلا فبعده و یکفی فی تأخیره عنها: دعواها الحمل لا مجرد الاحتمال.

فی ما لو أقر بما یوجب الحد ثم أنکر

(و لو أقر) بما یوجب الحد (ثم أنکر (3) سقط الحد إن کان مما یوجب الرجم و لا یسقط غیره) و هو الجلد و ما یلحقه (4).

هذا إذا لم یجمع فی موجب الرجم بینه و بین الجلد (5)، و إلا ففی سقوط (1)فلا یقام الحد و لا القصاص سواء کان جلدا أو رجما، علی الحامل و لو من الزنا حتی تضع ولدها و تخرج من نفاسها و ترضع ولدها إن لم تجد مرضعة بلا خلاف، لخوف الضرر علی ولدها إن کان جلدا، و لخوف قتله إن کان رجما إذ السبیل علیها و لا سبیل علیه و لأخبار منها: مرسل المفید فی الإرشاد عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (أنه قال لعمر و قد أتی بحامل قد زنت فأمر برجمها، فقال له علی علیه السّلام: هب لک سبیل علیها، أیّ سبیل لک علی ما فی بطنها و اللّه یقول: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری ، فقال عمر: لا عشت لمعضلة لیس لها أبو الحسن، ثم قال: فما أصنع بها یا أبا الحسن؟ قال: احتط علیها حتی تلد، فإذا ولدت و وجدت لولدها من یکفله فأقم الحد علیها)(1) و فی خبر عمار الساباطی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أنه سئل عن محصنة زنت و هی حبلی قال: تقر حتی تضع ما فی بطنها و ترضع ولدها ثم ترجم)2 و مثله غیره.

(2)لأن النفاس مرض و لا یقام الحد علی المریض إن کان الحد جلدا.

(3)لو أقر بما یوجب الرجم ثم أنکر سقط الرجم عنه بلا خلاف لأخبار منها: حسنة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا أقرّ الرجل علی نفسه بحد أو فریة ثم جحد جلد، قلت: أ رأیت إن أقرّ علی نفسه بحد یبلغ فیه الرجم أ کنت ترجمه؟ قال: لا، و لکن کنت ضاربه)(2) و صحیح محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من أقرّ علی نفسه بحد أقمته علیه إلاّ الرجم فإنه إذا أقرّ علی نفسه ثم جحد لم یرجم)4.

(4)من التغریب و الجز علی المشهور و مستندهم الأخبار السابقة، و ذهب الشیخ فی الخلاف و ابن زهرة فی الغنیة و قالا بالسقوط و ادعی علیه الشیخ الإجماع بدعوی أن الأقوی الذی هو الرجم یسقط بالإنکار فسقوط الأضعف أولی، و فیه: إنه اجتهاد فی قبال النص.

(5)فلو أقرّ بما یوجب الرجم و الجلد معا کزنا المحصن إذا کان شیخا ثم جحد فیسقط-

ص:278


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 16 - من أبواب حد الزنا حدیث 7 و 6.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 12 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 2 و 3.

الحد مطلقا (1) بإنکاره ما یوجب الرجم نظر، من إطلاق سقوط الحد الشامل للأمرین، و من أن الجلد لا یسقط بالإنکار لو انفرد فکذا إذا انضم، بل هنا أولی لزیادة الذنب فلا یناسبه (2) سقوط العقوبة مطلقا مع ثبوت مثلها فی الأخف.

و الأقوی سقوط الرجم دون غیره.

و فی إلحاق ما یوجب القتل (3) کالزنا بذات محرم أو کرها قولان. من تشارکهما (4) فی المقتضی و هو الإنکار لما بنی علی التخفیف، و نظر الشارع (5) إلی عصمة الدم، و أخذه فیه بالاحتیاط. و من عدم النص علیه (6)، و بطلان القیاس (7).

فی ما لو أقر بما یوجب الحد ثم أنکر

(و لو أقر بحد ثم تاب تخیر الإمام (8) فی إقامته علیه) و العفو عنه (رجما کان) -الرجم بلا خلاف و لکن هل یسقط الجلد، وجه السقوط من إطلاق الروایات الدالة علی سقوط موجب الرجم بالإنکار و هو الموجب للجلد هنا فإذا سقطت موجب الرجم فلا مقتضی للجلد، و وجه عدم السقوط من أن الجلد لا یسقط بالإنکار إذا کان منفردا فکذا إذا انضم إلی الرجم.

(1)أی الشامل للجدل و الرجم.

(2)فلا یناسب الذنب الأشد.

(3)بالرجم، لأن الرجم قتل، و ما یوجب القتل کالزنا بذات محرم أو الزنا بامرأة کرها لها.

ذهب ابن حمزة و سید الریاض إلی إلحاقه بالرجم و أنه یسقط بالإنکار للاحتیاط فی الدماء و یؤیده مرسل جمیل بن دراج عن أحدهما علیهما السّلام: (إذا أقرّ الرجل علی نفسه بالقتل قتل إذا لم یکن علیه شهود، فإن رجع و قال: لم أفعل ترک و لم یقتل)(1).

و غیرهما قد ذهب إلی عدم الإلحاق، لخروجه عن النص المعتبر إذ المعتبر وارد فی الرجم.

(4)أی القتل و الرجم فهما مشترکان فی الإنکار للحد و الحد مبنی علی التخفیف.

(5)دلیل ثان و هو المعبر عنه بالاحتیاط فی الدماء.

(6)علی القتل، و هو دلیل لعدم الإلحاق.

(7)و فیه: من ذهب إلی الإلحاق لم یتمسک بالقیاس و إنما بالمرسلة المتقدمة.

(8)فی إقامة الحد علیه أو العفو عنه، و علی المشهور سواء کان الحد رجما أم جلدا، و قیده ابن إدریس بالرجم دون الجلد.-

ص:279


1- (1) الوسائل الباب - 12 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 4.

الحد (أو غیره) علی المشهور، لاشتراک الجمیع فی المقتضی (1) و لأن التوبة إذا أسقطت تحتم أشد العقوبتین (2)، فإسقاطها لتحتم الأخری (3) أولی، و نبه بالتسویة بینهما علی خلاف ابن إدریس حیث خص التخییر بما إذا کان الحد رجما، و حتم إقامته لو کان جلدا محتجا بأصالة البقاء (4)، و استلزام التخییر تعطیل الحد المنهی عنه فی غیر موضع الوفاق (5)، و ینبغی علی قول ابن إدریس إلحاق ما یوجب القتل بالرجم، لتعلیله بأنه یوجب تلف النفس، بخلاف الجلد.

الفصل الثانی فی اللواط و السحق و القیادة

اشارة

(الفصل الثانی) (فی اللواط) (6)

-و مستند المشهور أخبار منها: مرسل البرقی: (جاء رجل إلی أمیر المؤمنین علیه السّلام فأقرّ بالسرقة، فقال له: أ تقرأ شیئا من القرآن؟ قال: نعم سورة البقرة، قال: قد وهبت یدک لسورة البقرة، فقال الأشعث: أ تعطل حدا من حدود اللّه؟ فقال: و ما یدریک ما هذا، إذا قامت البینة فلیس للإمام أن یعفو، و إذا أقرّ الرجل علی نفسه فذاک إلی الإمام إن شاء عفا و إن شاء قطع)(1)، و التعلیل عام یشمل کل ما یوجب الحد و منه الزنا.

و خبر تحف العقول عن أبی الحسن الثالث: (و أما الرجل الذی اعترف باللواط فإنه لم یقم علیه البینة و إنما تطوع بالإقرار من نفسه، و إذا کان للإمام الذی من اللّه أن یعاقب عن اللّه کان له أن یمنّ عن اللّه، أ ما سمعت قول اللّه: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِکْ بِغَیْرِ حِسابٍ 2 و لم تصرح الروایتان بالتوبة، إلاّ أن الثانیة مشعرة بها لقوله: (تطوع بالإقرار)، و التطوع لا یکون إلا عن توبة و ندم.

(1)أی الجلد و الرجم یشترکان فی الاعتراف بالذنب.

(2)و هو الرجم.

(3)و هو الجلد.

(4)بقاء الجلد بعد ثبوت موجبه من الإقرار.

(5)إذ موضع الوفاق فی سقوط تحتم الرجم.

(6)و هو وط ء الذکران من الآدمیین، و اشتقاقه من فعل قوم لوط، و حرمته ضروری من الدین، و یدل علیه مضافا إلی الکتاب أخبار کثیرة منها: روایة الحضرمی عن أبی-

ص:280


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 18 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 3 و 4.

و هو وط ء الذکر. و اشتقاقه من فعل قوم لوط (و السحق) (1) و هو دلک فرج المرأة بفرج أخری (و القیادة) (2) و سیأتی أنها الجمع بین فاعلی هذه الفواحش.

فی اللواط

فی الفاعل

أما الأول (فمن أقر بإیقاب ذکر) (3) أی إدخال شیء من الذکر فی دبره و لو -عبد اللّه علیه السّلام: (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: من جامع غلاما جاء یوم القیامة جنبا لا ینقیه ماء الدنیا، و غضب اللّه علیه و لعنه و أعد له جهنم و ساءت مصیرا ثم قال: إن الذکر یرکب الذکر فیهتز العرش)(1) و فی خبره الآخر: (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: و إن الرجل لیؤتی من حقبه فیحبسه اللّه علی جسر جهنم حتی یفرغ اللّه من حساب الخلائق ثم یؤمر به إلی جهنم فیعذب بطبقاتها طبقة طبقة حتی یرد إلی أسفلها و لا یخرج منها)(2).

و خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: لو کان ینبغی لأحد أن یرجم مرتین لرجم اللوطی)(3).

(1)و هو وط ء المرأة مثلها، و هو فی أصحاب الرس کاللواط فی قوم لوط و حرمته کذلک من الضروریات ففی خبر بشیر النبال: (رأیت عند أبی عبد اللّه علیه السّلام رجلا فقال له: ما تقول فی اللواتی مع اللواتی فقال: لا أخبرک حتی تحلف لتحدثن بما أحدثک النساء قال: فحلف له فقال: هما فی النار علیهما سبعون حلة من نار، فوق تلک الحلل جلد جان غلیظ من نار، علیهما نطاقان من نار و تاجان من نار فوق تلک الحلل، و خفان من نار و هما فی النار)(4).

(2)و هی الجمع بین اثنین علی الفاحشة، و الحرمة ضروریة ففی الخبر عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم:

(و من قاد بین امرأة و رجل حراما حرم اللّه علیه الجنة و مأواه جهنم و ساءت مصیرا و لم یزل فی سخط اللّه حتی یموت)(5).

(3)الإیقاب مطلق الإدخال و لو بعض الحشفة، و عن الفاضل حدّه بغیبوبة الحشفة و لا دلیل له فتحرم أخت الموقب و بنته و أمه علی الموقب، و أما بالنسبة للحد فاشترطوا مقدار الحشفة و قال فی الریاض: (و ظاهرهم الاتفاق علی ذلک) و لعله لأن الحدود مبنیة علی التخفیف.

ص:281


1- (1) الوسائل الباب - 17 - من أبواب النکاح المحرم حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 18 - من أبواب النکاح المحرم حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد اللواط حدیث 2.
4- (4) الوسائل الباب - 24 - من أبواب النکاح المحرم حدیث 4.
5- (5) الوسائل الباب - 27 - من أبواب النکاح المحرم حدیث 2.

مقدار الحشفة. و ظاهرهم هنا الاتفاق علی ذلک (1) و إن اکتفوا ببعضها (2) فی تحریم أمه و أخته و بنته فی حالة کون المقر (مختارا) (3) غیر مکره علی الإقرار (أربع مرات) (4) و لو فی مجلس واحد (أو شهد علیه أربعة رجال) (5) عدول (بالمعاینة) للفعل کالزنا (و کان) الفاعل المقر، أو المشهود علیه (حرا بالغا (6) عاقلا (7) قتل) (8).

و اعتبار بلوغه و عقله واضح، إذ لا عبرة بإقرار الصبی و المجنون، و کذا لا یقتلان و لو شهد علیهما به (9)، لعدم التکلیف.

(1)أی بالنسبة للحد لا بدّ من غیبوبة الحشفة أو مقدارها.

(2)ببعض الحشفة لتحقق معنی الإیقاب.

(3)إذ لا أثر مع الإکراه.

(4)و ظاهرهم الاتفاق علیه للأخبار منها: خبر مالک بن عطیة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

(بینما أمیر المؤمنین علیه السّلام فی ملاء من أصحابه إذ أتاه رجل فقال: یا أمیر المؤمنین إنی أوقبت علی غلام فطهرنی، فقال له: یا هذا امض إلی منزلک لعلّ مرارا هاج بک، فلما کان من غد عاد إلیه فقال له: یا أمیر المؤمنین: إنی أوقبت علی غلام فطهرنی، فقال له:

اذهب إلی منزلک لعلّ مرارا هاج بک حتی فعل ذلک ثلاثا بعد مرته الأولی، فلما کان فی الرابعة قال له: یا هذا إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم حکم فی مثلک بثلاثة أحکام فاختر أیّهن شئت، قال: و ما هنّ یا أمیر المؤمنین؟ قال: ضربة بالسیف فی عنقک بالغة ما بلغت، أو دهداه: (إهداء) من جبل مشدود الیدین و الرجلین أو إحراق بالنار.

قال: یا أمیر المؤمنین أیّهن أشدّ علیّ؟ قال: الإحراق بالنار، قال: فإنی قد اخترتها)(1).

(5)بلا خلاف فیه، و لا یوجد نصوص تدل علی اعتبار أربعة شهود فی اللواط و المساحقة، غایته قد استفید الحکم من أن اللواط لا یثبت إلاّ بالإقرار أربعا کما تقدم فی خبر مالک بن عطیة و غیره فلا بد من أربعة شهود مثل الزنا.

(6)لأن إقرار العبد غیر نافذ لأنه إقرار فی حق الغیر فیتوقف علی تصدیق المولی، هذا بخصوص الإقرار و أما الشهادة علیه فحکمه حکم الحر لإطلاق أدلة قتل اللوطی.

(7)فمع عدمهما لا حد علیهما لرفع القلم عنهما.

(8)سیأتی الدلیل علیه بلا فرق بین المحصن و غیره و بین الحر و غیره.

(9)باللواط.

ص:282


1- (1) الوسائل الباب - 5 - من أبواب حد اللواط حدیث 1.

أما الحریة فإنما تعتبر فی قبول الإقرار، لأن إقرار العبد یتعلق بحق سیده فلا یسمع، بخلاف الشهادة علیه فإنه لا فرق فیها بینه و بین الحر فیقتل حیث یقتل، و کذا لو اطلع علیها الحاکم، و بالجملة فحکمه حکم الحر، إلا فی الإقرار و إن کانت العبارة توهم خلاف ذلک (1).

و یقتل الفاعل (محصنا) کان (أو لا) (2). و قتله (إما بالسیف، أو الإحراق) (1)إذ اشتراط الحریة فی القتل یوهم أنه لا یقتل مطلقا حتی بالشهادة علیه مع أنه لا یقتل العبد فی خصوص الإقرار، لأنه لیس إقرارا فی حق نفسه.

(2)مع الإیقاب، بلا خلاف فیه، و فی المسالک: «مذهب الأصحاب أن حد اللائط الموقب القتل لیس إلاّ».

و یتخیر الإمام فی جهة قتله إما بالسیف أو إلقاء من شاهق أو إحراقه بالنار و هذا ما دل علیه خبر مالک بن عطیة المتقدم أو بالرجم أو بإلقاء جدار علیه، أما الرجم فلخبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: لو کان ینبغی لأحد أن یرجم مرتین لرجم اللوطی)(1) و خبره الآخر: (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: إذا کان الرجل کلامه کلام النساء و مشیته مشیة النساء و یمکّن من نفسه ینکح کما تنکح المرأة فارجموه و لا تستحیوه)2.

و أما إلقاء الجدار علیه فلیس علیه نص خاص و لذا قال فی الجواهر: «نعم لم أقف علی الأخیر - أی إلقاء الجدار - إلاّ ما فی کشف اللثام من أن فیه خبرا عن الرضا علیه السّلام، و هو و إن کان مرسلا إلاّ أنه کضعف غیره منجبر بما عرفت».

نعم یوجد فی المقنع للصدوق: (و اعلم أن عقوبة من لاط بغلام أن یحرق بالنار أو یهدم علیه حائط أو یضرب ضربة بالسیف)(2) و فی فقه الرضا: (و من لاط بغلام فعقوبته أن یحرق بالنار أو یهدم علیه حائط أو یضرب ضربة بالسیف)4.

و یعارض هذه الطائفة طائفة أخری تدل علی أن اللواط کالزنا فالمحصن یقتل رجما و غیر المحصن یجلد منها: روایة العلاء بن الفضیل: (قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: حد اللوطی مثل حد الزانی، و قال: إن کان قد أحصن رجم و إلاّ جلد)(3) و روایة حماد بن عثمان: (قلت لأبی-

ص:283


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد اللواط حدیث 2 و 5.
2- ( (3 و 4) مستدرک الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد اللواط حدیث 8 و 9.
3- (5) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد اللواط حدیث 3.

(بالنار، أو الرجم) بالحجارة و إن لم یکن بصفة الزانی (1) المستحق للرجم (أو بإلقاء جدار علیه أو بإلقائه من شاهق) کجدار رفیع. یقتل مثله.

(و یجوز الجمع بین اثنین منها) (2) أی من هذه الخمسة بحیث یکون (أحدهما الحریق)، و الآخر أحد الأربعة بأن یقتل بالسیف، أو الرجم أو الرمی به (3)، أو علیه (4) ثم یحرق زیادة فی الردع.

-عبد اللّه علیه السّلام: رجل أتی رجلا؟ قال: علیه إن کان محصنا القتل، و إن لم یکن محصنا فعلیه الجلد، قلت: فما علی المؤتی به؟ قال: علیه القتل علی کل حال محصنا کان أو غیر محصن)(1).

و الترجیح للطائفة الأولی لأن الثانیة محمولة علی ما إذا لم یوقب لخبر سلیمان بن هلال عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الرجل یفعل بالرجل، قال: إن کان دون الثقب فالجلد، و إن کان ثقب أقیم قائما ثم ضرب بالسیف ضربة أخذ السیف منه ما أخذ، فقلت له: هو القتل، قال: هو ذاک)2.

نعم هذا الحمل و هو القتل لمن أوقب مطلقا لا یعارضه إلا صحیح أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و إن کان ثقب و کان محصنا رجم)(2) و مرسل ابن أبی عمیر عن عدة من أصحابنا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الذی یوقب أن علیه الرجم إن کان محصنا، و علیه الجلد إن لم یکن محصنا)4، و هذان الخبران محمولان علی التقیة کما فعل الشیخ.

(1)أی و إن لم یکن رجم اللوطی کرجم الزانی من وضعه فی حفرة إلی وسطه أو حقویه، لأن رجم اللوطی لا یشترط فیه ذلک.

(2)یجوز أن یجمع بین واحد من هذه المذکورات فی قتل اللوطی و بین إحراقه بلا خلاف فی ذلک کما فی الجواهر لصحیح عبد الرحمن العرزمی فی اللوطی الذی أتی به فی زمن عمر: (فما تقول یا أبا الحسن؟ قال: اضرب عنقه فضرب عنقه ثم أراد أن یحمله فقال علیه السّلام: مه إنه قد بقی من حدوده شیء، قال: أی شیء بقی؟ قال: ادع بحطب فدعا عمر بحطب، فأمر به أمیر المؤمنین علیه السّلام فأحرق به)(3).

(3)أی الرمی باللوطی من شاهق.

(4)أو إلقاء الجدار علیه.

ص:284


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد اللواط حدیث 4 و 2.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد اللواط حدیث 7 و 8.
3- (5) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد اللواط حدیث 4.
فی المفعول به

(و المفعول به یقتل کذلک (1) إن کان بالغا عاقلا مختارا، و یعزر الصبی) (2) فاعلا و مفعولا.

فی تأدیب المجنون

(و یؤدب المجنون) کذلک (3)، و التأدیب فی معنی التعزیر هنا و إن افترقا من حیث إن التعزیر یتناول المکلف و غیره، بخلاف التأدیب (4).

و قد تحرر من ذلک أن الفاعل و المفعول إن کانا بالغین قتلا حرین کانا أم عبدین أم بالتفریق. مسلمین کانا أم بالتفریق و إن کانا صبیین أو مجنونین، أو بالتفریق أدّبا، و إن کان أحدهما مکلفا و الآخر غیر مکلف قتل المکلف و أدب غیره.

فی ما لو أقر به دون الأربع

(و لو أقر به دون الأربع لم یحد) کالإقرار بالزنا (و عزر) بالإقرار (5) و لو مرة، و یمکن اعتبار المرتین کما فی موجب کل تعزیر و سیأتی (6)، و کذا الزنا و لم یذکره ثم.

(1)ما یجری فی الفاعل یجری فی المفعول، بلا خلاف، و قد تقدم خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: إذا کان الرجل کلامه کلام النساء و مشیته مشیة النساء و یمکن من نفسه ینکح کما تنکح النساء فارجموه و لا تستحیوه)(1).

(2)و یدل علیه خبر أبی بکر الحضرمی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام بامرأة و زوجها، قد لاط زوجها بابنها من غیره و ثقبه، و شهد علیه بذلک الشهود، فأمر به علیه السّلام فضرب بالسیف حتی قتل، و ضرب الغلام دون الحد، و قال: أما لو کنت مدرکا لقتلتک لإمکانک إیاه من نفسک بثقبک)(2).

(3)فاعلا أو مفعولا، نعم عن الشیخین و جماعة من ثبوت الحد علی المجنون دون المجنونة استنادا إلی وجوبه علیه فی الزنا، و قد عرفت أن الأصل ممنوع مع أن إعطاء حکم الزنا للوطی قیاس لا نقول به.

(4)فإنه مختص بالصبی.

(5)لثبوت الفسق بذلک، و قد ناقش سید الریاض فی ذلک حیث لم یعزّر أمیر المؤمنین علیه السّلام فی الإقرارات الثلاثة قبل أن تتم أربعا علی ما فی خبر مالک بن عطیة المتقدم.

(6)فی مسائل حد القذف.

ص:285


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد اللواط حدیث 5.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد اللواط حدیث 1.

(و لو شهد) علیه به (دون الأربعة) أو اختل بعض الشرائط (1) و إن کانوا أربعة (حدوا للفریة و یحکم الحاکم فیه (2) بعلمه) کغیره من الحدود، لأنه (3) أقوی من البینة (و لا فرق) فی الفاعل و المفعول (بین العبد و الحر هنا) أی فی حالة علم الحاکم، و کذا لا فرق بینهما مع البینة کما مر، و هذا منه مؤکد لما أفهمته عبارته سابقا من تساوی الإقرار و البینة فی اعتبار الحریة (4).

فی ما لو ادعی العبد الإکراه

(و لو ادعی العبد الإکراه) من مولاه علیه (درئ عنه الحد) (5) دون المولی، لقیام القرینة علی ذلک (6)، و لأنه شبهة محتملة فیدرأ الحد بها (7)، و لو ادعی الإکراه من غیر مولاه فالظاهر أنه کغیره (8) و إن کانت العبارة تتناوله (9) بإطلاقها (و لا فرق) فی ذلک کله (10)(بین المسلم و الکافر)، لشمول الأدلة (11) لهما

فی ما دون الإیقاب

(و إن لم یکن) الفعل (إیقابا کالتفخیذ أو) (12) جعل الذکر (بین الألیین) بفتح الهمزة، (1)کفسق أحد الشهود أو اختلاف شهادتهم.

(2)فی اللواط.

(3)لأن العلم.

(4)و قد عرفت أن الإقرار نافذ فی حق الحر دون العبد.

(5)إذ لا تکلیف مع الإکراه.

(6)من کون العبد محلا للإکراه من سیده.

(7)بدعوی الإکراه.

(8)ممن یعترف باللواط و یدعی الإکراه، فلا تقبل دعواه بخلاف الزنا فلو ادعت المرأة الإکراه قبل منها لأنها محل لذلک و للأخبار و قد تقدم خبر أبی عبیدة فراجع.

(9)تتناول ما لو ادعی العبد الإکراه من غیر سیده.

(10)من قتل اللوطی فاعلا أو مفعولا مع الإیقاب.

(11)أدلة قتل اللوطی.

(12)یجلد إن لم یکن محصنا و یرجم إن کان محصنا کما عن الشیخ فی النهایة و الخلاف و المبسوط و القاضی أبو الصلاح و جماعة جمعا بین الأخبار المتقدمة فی ما لو أوقب فراجع.

و عن الانتصار و الغنیة بل قیل إنه المشهور أنه یجلد سواء کان محصنا أو لا لخبر سلیمان بن هلال عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن کان دون الثقب فالحد و إن کان ثقب أقیم قائما ثم ضرب بالسیف)(1).-

ص:286


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد اللواط حدیث 2.

و الیاءین المثناتین من تحت من دون تاء بینهما (فحده مائة جلدة) للفاعل و المفعول مع البلوغ و العقل و الاختیار کما مر (حرا کان) کل منهما،(أو عبدا، مسلما أو کافرا محصنا أو غیره) علی الأشهر، لروایة سلیمان بن هلال عن الصادق علیه السّلام قال: «إن کان دون الثقب فالحد، و إن کان ثقب أقیم قائما ثم ضرب بالسیف».

و الظاهر أن المراد بالحد الجلد.

(و قیل یرجم المحصن)، و یجلد غیره جمعا بین روایة العلاء بن الفضیل عن الصادق علیه السّلام أنه قال: حد اللوطی مثل حد الزانی. و قال: إن کان قد أحصن رجم، و إلاّ جلد و قریب منها روایة حماد بن عثمان، و بین ما روی من قتل اللائط مطلقا (1).

و قیل: یقتل مطلقا (2)، لما ذکر، و الأخبار من الطرفین غیر نقیة السند، و المتیقن المشهور، و الأصل عدم أمر الآخر.

فی تکرّر الفعل

(و لو تکرر منه الفعل) الذی لا یوجب القتل ابتداء (3)(مرتین مع تکرار الحد) علیه بأن حدّ لکل مرة (قتل فی الثالثة) (4)، لأنه کبیرة و أصحاب الکبائر -و ذهب الصدوقان و ابن الجنید إلی وجوب القتل إن لم یوقب و إما الإیقاب فهو الکفر لخبر حذیفة بن منصور عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سأله عن اللواط، فقال: بین الفخذین و سأله عن الموقب، فقال: ذلک الکفر بما أنزله اللّه علی نبیه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم)(1).

(1)سواء کان محصنا أو لا، و هذه الأخبار قد تقدمت سابقا.

(2)و إن لم یوقب کما عن الصدوقین و ابن الجنید.

(3)کالتفخیذ.

(4)کما عن ابن إدریس لصحیح یونس عن أبی الحسن الماضی علیه السّلام: (أصحاب الکبائر کلها إذا أقیم علیهم الحد مرتین قتلوا فی الثالثة).

و ذهب المشهور إلی أنه یقتل فی الرابعة لموثق أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الزانی إذا زنا یجلد ثلاثا و یقتل فی الرابعة) و هی و إن کانت واردة فی الزنا إلاّ أنه لا فرق بین الزنا و اللواط خصوصا ما ورد سابقا أن حکم اللواط کحکم الزنا، و علیه فهذه الروایة خاصة و مستند ابن إدریس عام و لا بد من تقدیم الخاص، و للاحتیاط فی الدم.

ص:287


1- (1) الوسائل الباب - 47 - من أبواب النکاح المحرم حدیث 2.

مطلقا (1) إذا أقیم علیهم الحد مرتین قتلوا فی الثالثة، لروایة یونس عن أبی الحسن الماضی علیه السّلام قال: «أصحاب الکبائر کلها إذا أقیم علیهم الحد مرتین قتلوا فی الثالثة».

(و الأحوط) و هو الذی اختاره المصنف فی الشرح قتله (فی الرابعة) لروایة أبی بصیر قال: «قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: الزانی إذا جلد ثلاثا یقتل فی الرابعة»، و لأن الحد مبنی علی التخفیف، و للاحتیاط فی الدماء، و ترجّح هذه الروایة بذلک (2)، و بأنها خاصة، و تلک عامة. فیجمع بینهما بتخصیص العام بما عد الخاص. و هو الأجود، و لم لم یسبق حده مرتین لم یجب سوی الجلد مائة (3).(و لو تاب قبل قیام البینة سقط الحد عنه قتلا) کان الحد (أو رجما أو جلدا) علی ما فصّل (4).

(و لو تاب بعده لم یسقط الحد، و کذا) لو تاب (مع الإقرار و لکن یتخیر الإمام فی المقر) قبل التوبة (و بین العفو و الاستیفاء) کالزنا (5).

فی من قبّل غلاما بشهوة

(و یعزر من قبّل غلاما بشهوة) (6) بما یراه الحاکم، لأنه من جملة المعاصی، (1)سواء کانت الکبیرة لواطا أو لا.

(2)بکون الحد مبنیا علی التخفیف و بالاحتیاط.

(3)لأن النص الدال علی قتله قیّد القتل بما إذا حد سابقا، فمع عدم الجلد سابقا یشک فی قتله فالأصل عدمه.

(4)فی الزنا.

(5)فقد تقدم مرسل البرقی: (إذا قامت البینة فلیس للإمام أن یعفو، و إذا أقرّ الرجل علی نفسه فذاک إلی الإمام إن شاء عفا و إن شاء قطع)(1).

(6)بلا خلاف، لکون التقبیل بشهوة من المحرمات التی فیها التعزیر بحسب ما یراه الحاکم.

و قیّد التقبیل بالشهوة لیخرج ما لو کان التقبیل برأفة أو صداقة دنیویة أو عادة عرفیة فلا حرج فیه و لا إثم بل قد روی استحباب تقبیل القادم من مکة بلا خلاف، و هذا لا فرق فیه بین الرجل و المرأة فی الفاعل و لا بین الصغیر و الصغیرة فی المفعول به، نعم فی خبر إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی محرم قبّل غلاما بشهوة قال: یضرب-

ص:288


1- (1) الوسائل الباب - 18 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 3.

بل الکبائر المتوعد علیه بخصوصه بالنار، فقد روی «أن من قبّل غلاما بشهوة لعنته ملائکة السماء، و ملائکة الأرضین، و ملائکة الرحمة، و ملائکة الغضب و أعدّ له جهنم و ساءت مصیرا» (1) و فی حدیث آخر «من قبّل غلاما بشهوة ألجمه اللّه یوم القیامة بلجام من نار» (2).

فی المجتمعین تحت إزار واحد

(و کذا) یعزر (الذکران المجتمعان تحت إزار واحد مجردین و لیس بینهما رحم) أی قرابة (من ثلاثین سوطا إلی تسعة و تسعین) علی المشهور (3).

-مائة)(1). و حمل تغلیظه علی الإحرام فیکون فیه جهتان للتعزیر و لذا ساوی الحد، و إلا فالتعزیر لا بد أن یکون أقلّ من الحد.

(1)مستدرک الوسائل الباب - 18 - من أبواب النکاح المحرم حدیث 3.

(2)مستدرک الوسائل الباب - 18 - من أبواب النکاح المحرم حدیث 4.

(3)ذهب إلیه الشیخ و ابن إدریس و المحقق و أکثر المتأخرین جمعا بین خبر سلیمان بن هلال:

(سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللّه علیه السّلام فقال: جعلت فداک، الرجل ینام مع الرجل فی لحاف واحد، قال: ذوا رحم؟ فقال: لا، قال: أ من ضرورة؟ قال: لا، قال: یضربان ثلاثین سوطا)(2)، و بین خبر ابن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجلین یوجدان فی لحاف واحد فقال: یجلدان غیر سوط واحد)(3) و الأخبار لم تشترط التجرد من الثیاب فاشتراط کما فی فتاوی الأصحاب لیس فی محله، نعم لو کان القید أنهما ناما تحت لحاف واحد بریبة جلدا کان أولی.

و کذلک التقیید بعدم الرحمیة بینهما لأن الغالب من غیر الأرحام یکون نومهم بریبة إذا اجتمعوا تحت لحاف واحد، و علیه فلو کانا أخوین و کان نومهما بریبة فلا بد من ثبوت الحکم علیهما بتنقیح المناط.

و ذهب الصدوق و ابن الجنید إلی الجلد مائة تمام الحد لصحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (حد الجلد أن یوجدا فی لحاف واحد، و الرجلان یجلدان إذا وجدا فی لحاف واحد الحد، و المرأتان تجلدان إذا وجدتا فی لحاف واحد)4، و حسنة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کان علی علیه السّلام إذا أخذ الرجلین فی لحاف ضربهما الحد، و إذا أخذ المرأتین فی لحاف ضربهما الحد)5 و مثلها غیرها.

ص:289


1- (1) الوسائل الباب - 21 - من أبواب النکاح المحرم حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد الزنا حدیث 18.
3- ( (3 و 4 و 5) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد الزنا حدیث 18 و 1 و 6.

أما تحدیده فی جانب الزیادة فلأنه لیس بفعل یوجب الحد کملا. فلا یبلغ به، و لقول الصادق علیه السّلام فی المرأتین تنامان فی ثوب واحد فقال: تضربان فقلت: حدا؟ قال: لا و کذا قال فی الرجلین (1)، و فی روایة ابن سنان (2) عنه علیه السّلام: «یجلدان حدا غیر سوط واحد».

و أما فی جانب النقیصة فلروایة سلیمان بن هلال عنه قال: یضربان ثلاثین سوطا.

و طریق الجمع الرجوع فیما بین الحدین إلی رأی الحاکم، و التقیید بنفی الرحم بینهما ذکره المصنف کغیره. تبعا للروایة (3).

و یشکل بأن مطلق الرحم لا یوجب تجویز ذلک (4)، فالأولی ترک القید، أو التقیید بکون الفعل محرّما.

فی السّحق

فی ما یثبت به

(و السّحق یثبت بشهادة أربعة رجال) عدول، لا بشهادة النساء منفردات، و لا منضمات (أو الإقرار أربعا) من البالغة الرشیدة الحرة المختارة کالزنا (5)(و حدّه مائة جلدة (6) حرة کانت کل واحدة منهما أو أمة. مسلمة أو کافرة. محصنة أو) (1)الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد الزنا حدیث 16.

(2)قد تقدمت فی الشرح سابقا.

(3)مع أنه علیه أن یقید بغیر الضرورة کما فی الروایة هذا من جهة، و من جهة أخری فعدم الرحمیة لإثبات أن النوم لریبة فالاولی الاقتصار علیه.

(4)أی نومهما تحت لحاف واحد.

(5)و قد تقدم أن إثباته کإثبات اللواط فراجع، نعم لا تقبل شهادتهن منفردات لما ورد من عدم قبول شهادتهن فی الحدود إلاّ ما خرج مثل خبر غیاث بن إبراهیم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا تجوز شهادة النساء فی الحد و لا فی القود)(1).

(6)کما علیه الأکثر لموثق زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام: (السحاقة تجلد)(2) و ظاهر الحد مائة لأنه فی قبال الرجم، و للمرسل عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (السحق فی النساء کاللواط فی الرجال و لکن فیه جلد مائة، لأنه لیس فیه إیلاج)3، و عن الشیخ فی النهایة و القاضی و أبو الصلاح و ابن حمزة أنها ترجم مع الإحصان و تجلد مع عدمه لصحیح ابن-

ص:290


1- (1) الوسائل الباب - 24 - من أبواب الشهادات حدیث 29.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد السحق و القیادة حدیث 2 و 3.

(غیر محصنة. فاعلة أو مفعولة) و لا ینتصف هنا فی حق الأمة (1). و یقبل دعواها إکراه مولاتها کالعبد (2)، کل ذلک (3) مع بلوغها و عقلها، فلو ساحقت المجنونة، أو الصغیرة أدّبتا خاصة، و لو ساحقتهما بالغة حدّث دونهما.

و قیل: ترجم مع الإحصان، لقول الصادق علیه السّلام (4): «حدها حد الزانی» و ردّ بأنه أعم من الرجم فیحمل علی الجلد جمعا.

(و تقتل) المساحقة (فی الرابعة (5) لو تکرر الحد ثلاثا). و ظاهرهم هنا عدم الخلاف و أن حکمنا بقتل الزانی و اللائط فی الثالثة کما اتفق فی عبارة المصنف.

فی ما لو تابت قبل البینة

(و لو تابت قبل البینة سقط الحد) لا إذا تابت بعدها (و یتخیر الإمام لو تابت بعد الإقرار) کالزنا و اللواط.

-أبی حمزة و هشام و حفص عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أنه دخل علیه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق فقال: حدها حد الزانی، فقالت المرأة: ما ذکر اللّه ذلک فی القرآن؟ فقال علیه السّلام: بلی، قالت: أین؟ قال: هنّ أصحاب الرس)(1)، و حد الزانی مشترک بین الجلد و الرجم و التفریق بینهما بالإحصان و عدمه.

و فیه: إن حد الزانی أعم من الرجم و الجلد فیحمل علی الجلد جمعا بینها و بین موثق زرارة و المرسل. هذا ما أشکل علیه، إلاّ أنه سیأتی أن حکم المحصنة هو الرجم فی مسألة ما لو ساحقت المحصنة بکرا من نصوص صحیحة السند فلا بد من العمل بها حینئذ.

(1)أی الحد فی باب المساحقة لعموم الدلیل المتقدم الشامل لکل ما ذکر.

(2)لأن المساحقة کاللواط فکل ما ثبت هناک یثبت هنا.

(3)من جلدها مائة بالإقرار أو الشهادة.

(4)فی صحیح ابن أبی حمزة و هشام و حفص المتقدم.

(5)علی الخلاف المتقدم فی باب اللواط کما صرح به غیر واحد کما فی الجواهر، فجعل الشارح المسألة هنا غیر خلافیة لیس فی محله خصوصا بعد تصریحه فی المسالک بأن الکلام فی هذه المسألة کالکلام فی نظائرها هذا من جهة و من جهة أخری العجب من المصنف أنه حکم بالقتل هنا فی الرابعة و فی الزنا و اللواط فی الثالثة مع أن الجمیع من واد واحد.

ص:291


1- (1) مستدرک الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد السحق و القیادة حدیث 4.
فی تعزیر الأجنبیتین إذا تجردتا تحت إزار

(و تعزر الأجنبیتان إذا تجردتا تحت إزار) بما لا یبلغ الحد (1)(فإن عزرتا مع تکرار الفعل مرتین حدتا فی الثالثة) (2) فإن عادتا عزرتا مرتین ثم حدتا فی الثالثة (و علی هذا) أبدا.

و قیل: تقتلان فی الثالثة.

و قیل: فی الرابعة. و المستند ضعیف و قد تقدم وجه التقیید بالأجنبیتین.

فی ما لو وطئ زوجته فساحقت بکرا فحملت البکر

(و لو وطئ زوجته فساحقت بکرا فحملت البکر (3) فالولد للرجل) لأنه مخلوق (1)من ثلاثین إلی تسعة و تسعین علی المشهور، و من تمام الحد عند غیره کما تقدم فی باب اللواط.

(2)حدا کاملا أی جلد مائة و علیه مشهور المتأخرین، و ذهب ابن إدریس إلی القتل فی الثالثة لأن النوم تحت لحاف واحد کبیرة و أصحاب الکبائر یقتل فاعلها فی الثالثة کما تقدم.

و ذهب الشیخ فی النهایة و ابن البراج و العلامة فی المختلف إلی قتلهما بالرابعة لروایة أبی خدیجة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا ینبغی لامرأتین تنامان فی لحاف واحد إلا و بینهما حاجز، فإن فعلتا نهیتا عن ذلک، فإن وجدتا فی الثالثة حدتا، فإن وجدتا فی الرابعة قتلتا)(1)، و لضعف المستند و للاحتیاط فی التهجم علی الدماء لم یذهب المشهور إلی القتل فی الرابعة و إنما التعزیر فی کل مرة و الجلد فی کل ثالثة.

(3)ذهب الشیخ و أتباعه أنه علی المرأة الرجم و علی الصبیة الجلد بعد الوضع، و یلحق الولد بالرجل و تلزم المرأة بالمهر للبکر لصحیح ابن مسلم: (سمعت أبا جعفر و أبا عبد اللّه علیهما السّلام یقولان: بینما الحسن بن علی فی مجلس أمیر المؤمنین علیه السّلام إذ أقبل قوم فقالوا: یا أبا محمد أردنا أمیر المؤمنین، قال: و ما حاجتکم؟ قالوا: أردنا أن نسأله عن مسألة، قال: و ما هی تخبرونا بها؟ قالوا: امرأة جامعها زوجها فلما قام عنها قامت بحموتها فوقعت علی جاریة بکر فساحقتها فوقعت النطفة فیها فحملت، فما تقول فی هذا؟

فقال الحسن: معضلة و أبو الحسن لها، و أقول: فإن أصبت فمن اللّه و من أمیر المؤمنین و إن أخطأت فمن نفسی، فأرجو أن لا أخطئ إن شاء اللّه، یعمد إلی المرأة فیؤخذ منها مهر الجاریة البکر فی أول وهلة لأن الولد لا یخرج منها حتی تشق فتذهب عذرتها، ثم ترجم المرأة لأنها محصنة و ینتظر بالجاریة حتی تضع ما فی بطنها و یرد الولد إلی أبیه صاحب النطفة ثم تجلد الجاریة الحدّ، فانصرف القوم من عند الحسن علیه السّلام فلقوا أمیر-

ص:292


1- (1) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد الزنا حدیث 25.

من مائه، و لا موجب لانتفائه عنه، فلا یقدح کونها (1) لیست فراشا له، و لا یلحق بالزوجة قطعا، و لا بالبکر علی الأقوی (2)(و تحدان) المرأتان حد السحق (3)، لعدم الفرق فیه بین المحصنة و غیرها (4)(و یلزمها) أی الموطوءة (5) ضمان (مهر المثل للبکر) -المؤمنین علیه السّلام فقال: ما قلتم لأبی محمد و ما قال لکم؟ فأخبروه، فقال: لو أننی المسئول ما کان عندی فیها أکثر مما قال ابنی)(1) و مثله غیره.

و ناقش ابن إدریس:

أولا: بأن الأصحاب لا یرجمون المساحقة فکیف حکم برجم المساحقة فی الخبر.

و ثانیا: بأن الولد غیر مولود علی فراش الرجل لأن الجاریة لیست زوجة و لا ملکا له فکیف یلحق به.

و ثالثا: إلزام المهر علی الفاعلة لیس فی محله لأن البکر لیست مکرهة بل مطاوعة و لذا تجلد و لا مهر لبغی فکیف یکون لها مهر. و بعضهم وافقه علی إشکال الرجم ترجیحا لما دل علی الجلد، و أما الإشکالان الأخیران فمردودان أما الولد فیلحق بالرجل لأنه من نطفته فیلحق به شرعا و عرفا و هذا أصل خرج منه ماء الزانی للنص فیبقی الباقی.

و أما المهر لأن المرأة سبب فی إذهاب عذرة البکر، و دیة العذرة مهر نسائها فقیاسها علی الزانیة فی سقوط دیة العذرة لیس فی محله لأن الزانیة أذنت فی الافتضاض و أما البکر فلم تأذن، هذا فضلا عن أن النص السابق حائز علی شرائط العمل به لأنه صحیح و یوافقه غیره من الأخبار فلا بد من العمل به، و لعل رجمها إما لخصوصیة فی هذه المسألة و إما لأن حکم المحصنة إذا ساحقت هو الرجم و هو الظاهر کما علیه الشیخ و جماعة و یؤیده صحیح ابن أبی حمزة و هشام و حفص عن أبی عبد اللّه المتقدم سابقا فراجع.

(1)کون البکر.

(2)قال الشارح فی المسالک: «إلحاقه بها وجهان من حیث إنه ولدته من غیر زنا فیلحق بها، و من انتفاء سبب الإلحاق و هو العقد الصحیح أو الشبهة لأنه بحکم الزنا و لهذا یجب علیها الحد و هو أقوی».

(3)و هو الجلد علی مبنی الشارح.

(4)و قد عرفت الفرق فضلا عن دلالة الصحیحة علیه فترجم المحصنة و تجلد البکر.

(5)أی زوجة الرجل.

ص:293


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد السحق و القیادة حدیث 1.

لأنها سبب فی إذهاب عذرتها، و دیتها مهر نسائها، و لیست کالزانیة المطاوعة، لأن الزانیة أذنت فی الافتضاض، بخلاف هذه.

و قیل: ترجم الموطوءة استنادا إلی روایة ضعیفة السند (1) مخالفة لما دل علی عدم رجم المساحقة مطلقا (2) من الأخبار الصحیحة (3).

و ابن إدریس نفی الأحکام الثلاثة.

أما الرجم فلما ذکرناه، و أما إلحاق الولد بالرجل فلعدم ولادته علی فراشه و الولد للفراش، و أما المهر فلأن البکر بغی بالمطاوعة فلا مهر لها. و قد عرفت جوابه.

فی القیادة

(و القیادة: الجمع بین فاعلی الفاحشة) من الزنا و اللواط و السحق (و تثبت بالإقرار مرتین (4) من الکامل) بالبلوغ و العقل و الحریة (المختار) غیر المکره، و لو أقر مرة واحدة عزر (أو بشهادة شاهدین (5) ذکرین عدلین (و الحد) للقیادة (خمس و سبعون جلدة (6) حرا کان) القائد (أو عبدا. مسلما) کان (أو کافرا.) (1)و قد عرفت أنها صحیحة السند بالإضافة إلی تصریحه بالصحة فی المسالک، فضلا عن موافقتها لعدة أخبار و قد عقد لها صاحب الوسائل بابا فراجع، و هذا ما یوجب الاطمئنان بصدورها.

(2)سواء کانت محصنة أو لا.

(3)و قد عرفت أن التی حکمت بجلد المساحقة هی موثق زرارة و المرسل عن أمیر المؤمنین علیه السّلام، بل الصحیح قد دل علی رجم المحصنة.

(4)فلا نص خاص فی ذلک، فیجب أن یکتفی بالإقرار مرة، و لکن ظاهرهم الاتفاق علی المرتین هنا و قال سید الریاض: «و مستندهم غیر واضح»، نعم عن المراسم و المختلف أن کل ما فیه بینة شاهدین من الحدود فالإقرار فیه مرتان، و فیه: إن تم الإجماع فهو و إلاّ فعموم نفوذ الإقرار یوجب الاکتفاء بالواحد.

و عن التحریر أنه لو أقرّ مرة عزر لما مرّ فی نظائره من أنه فعل محرّم من الکبائر، و کل ما کان من الکبائر یوجب إقراره أکثر من مرة الحد فلا بدّ أن یعزّر فی المرة الأولی، و کما تری أرسله من دون دلیل قد استند علیه.

(5)بلا خلاف فیه لعموم أدلة البینة، و لا یثبت بشهادة النساء منفردات أو منضمات لما مرّ من عدم قبول شهادتهن فی الحد کما فی خبر غیاث بن إبراهیم المتقدم.

(6)ثلاثة أرباع حد الزانی بلا خلاف فیه لخبر عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

ص:294

(رجلا) کان (أو امرأة).

(و قیل) و القائل الشیخ: یضاف إلی جلده أن (یحلق رأسه و یشهّر) فی البلد (و ینفی) عنه إلی غیره من الأمصار من غیر تحدید لمدة نفیه (بأول مرة)، لروایة عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام و وافقه المفید علی ذلک، إلا أنه جعل النفی فی الثانیة (و لا جزّ علی المرأة، و لا شهرة، و لا نفی) (1) للأصل، و منافاة النفی لما یجب مراعاته من ستر المرأة.

(و لا کفالة فی حد) (2) بأن یکفل لمن ثبت علیه الحد إلی وقت متأخر عن -(سأله عن القواد فقال علیه السّلام: یضرب ثلاثة أرباع حد الزانی خمسة و سبعین سوطا و ینفی من المصر الذی هو فیه)(1) و هو عام یشمل الرجل و المرأة و المسلم و الکافر و الحر و العبد.

إلاّ أنهم اختلفوا فی ثبوت آخر مع الجلد، فعن الشیخ فی النهایة أثبت مع الجلد حلق الرأس و شهرته فی البلد و النفی من بلده إلی غیره، و عن المفید یجلد فی المرة الأولی و یحلق رأسه و یشهّر فإن عاد ثانیة جلد و نفی و تبعه أبو الصلاح و سلاّر، و زاد أبو الصلاح فإن عاد ثالثة جلد و إن عاد رابعة استتیب فإن تاب قبلت توبته و جلد و إن أبی التوبة قتل، و إن تاب فی الرابعة ثم أحدث بعد التوبة خامسة قتل علی کل حال.

و الروایة لم تذکر مع الجلد إلاّ النفی، و ادعی الإجماع کما فی الانتصار و الغنیة علی الحلق و التشهیر، و هذا هو مستند قول الشیخ.

و لا یوجد ما یدل علی قول المفید، نعم ما ذکره أبو الصلاح یؤیده ما قاله ابن زهرة فی الغنیة: «و روی أنه إن عاد ثالثة جلد فإن عاد رابعة عرضت علیه التوبة فإن أبی قل، و إن أجاب قبلت توبته و جلد فإن عاد خامسة بعد التوبة قتل من غیر أن یستتاب» إلا أن المشهور بین المتأخرین اقتصروا علی الضرب لأن فی طریقها محمد بن سلیمان و هو مشترک بین الثقة و غیره فیقتصر فی مقام العمل بها علی القدر المتیقن و هو الجلد، و أما غیره من النفی و التشهیر و الحلق فمشکوک فالأصل البراءة بعد ضعف ما رواه ابن زهرة.

(1)نفی الثلاثة عن المرأة موطن اتفاق کما فی الجواهر، لأن الخبر محمول علی الرجل ففی المرأة فالأصل العدم مضافا إلی أن النفی و الشهرة یخالف صون المرأة و وجوب الحفاظ علیها حتی لا تقع فی طریق الفاحشة.

(2)الکفالة هی تأخیر الحد بطلب من شخص مع کفالته بإحضاره، و هی منفیة سواء کان-

ص:295


1- (1) الوسائل الباب - 5 - من أبواب حد السحق و القیادة حدیث 1.

وقت ثبوته (و لا تأخیر فیه) (1)، بل یستوفی متی ثبت، و من ثم حدّ شهود الزنا قبل کمالهم فی مجلس الشهادة (2) و إن کان الانتظار یوجب کمال العدد (إلا مع العذر) المانع من إقامته (3) فی ذلک الوقت (أو توجه ضرر به) (4) فتشرع الکفالة و التأخیر إلی وقت القدرة (و لا شفاعة فی إسقاطه) (5)، -الحد للزنا أو لغیره بلا خلاف فیه لخبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: لا کفالة فی حد)(1).

(1)فی الحد، فلا یؤخر و لو ساعة بعد ثبوت موجبه، ففی خبر السکونی عن جعفر عن أبیه عن علی علیهم السّلام: (لیس فی الحدود نظر ساعة)(2) و فی مرسل الصدوق عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (إذا کان فی الحد لعلّ أو عسی فالحد معطّل)3.

(2)کما فی خبر السکونی عن جعفر عن أبیه عن علی علیهم السّلام: (فی ثلاثة شهدوا علی رجل بالزنا، فقال علی علیه السّلام: أین الرابع؟ قالوا: الآن یجیء، فقال علی علیه السّلام: حدّوهم فلیس فی الحدود نظر ساعة)(3).

(3)کما لو کان فی شدة البرد أو شدة الحر أو فی أرض العدو، فقد وردت الأخبار بالنهی عن إقامته فی هذه الموارد الثلاثة، ففی مرسل داود: (مررت مع أبی عبد اللّه علیه السّلام بالمدینة فی یوم بارد و إذا رجل یضرب بالسیاط، فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: سبحان اللّه فی مثل هذا الوقت یضرب؟ قلت له: و للضرب حدّ، قال: نعم إذا کان فی البرد ضرب فی حر النهار، و إذا کان فی الحر ضرب فی برد النهار)(4) و فی خبر إسحاق عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا تقام الحدود بأرض العدو مخافة أن تحمله الحمیة فیلحق بالعدو)(5).

(4)بالحد علی المحدود کما لو کان مریضا أو امرأة حامل.

(5)بلا خلاف فیه لأخبار منها: خبر المثنی الحنّاط عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم لأسامة بن زید: لا یشفع فی حد)(6) و خبر محمد بن قیس عن أبی-

ص:296


1- (1) الوسائل الباب - 21 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 25 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1 و 2.
3- (4) الوسائل الباب - 12 - من أبواب حد الزنا حدیث 8.
4- (5) الوسائل الباب - 7 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 2.
5- (6) الوسائل الباب - 10 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 2.
6- (7) الوسائل الباب - 20 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 2.

لأنه حق اللّه، أو مشترک (1) و لا شفاعة فی إسقاط حق اللّه تعالی. قال النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم:

لا کفالة فی حد و قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: «لا یشفعن أحد فی حدّ» و قال علیه السّلام: لیس فی الحدود نظرة ساعة.

الفصل الثالث - فی القذف

اشارة

(الفصل الثالث - فی القذف) (2)

فی معنی القذف

(و هو الرمی بالزنا، أو اللواط (3) مثل قوله: زنیت) بالفتح (أو لطت، أو) -جعفر علیه السّلام: (کان لأم سلمة زوج النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أمة فسرقت من قوم، فأتی بها النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فکلمته أم سلمة فیها فقال النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: یا أم سلمة هذا حدّ من حدود اللّه لا یضیع، فقطعها رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم)(1) و خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: لا یشفعنّ أحد فی حد إذا بلغ الإمام فإنه لا یملکه، و اشفع فیما لم یبلغ الإمام إذا رأیت الندم)2.

(1)بین حق اللّه و حق الناس کحد القذف.

(2)و هو لغة الرمی، و کأن الساب الذی یسبّ الآخر بالفعل الشنیع من الزنا أو اللواط یکون قد رماه بالکلمة المؤذیة.

و هو من الکبائر بل من السبع الموبقات ففی صحیح مسعدة بن صدقة: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام: الکبائر القنوط من رحمة اللّه و الیأس من روح اللّه و الأمن من مکر اللّه و قتل النفس التی حرم اللّه و عقوق الوالدین و أکل مال الیتیم ظلما، و أکل الربا بعد البینة و التعرب بعد الهجرة و قذف المحصنة و الفرار من الزحف)(2).

(3)و الرمی بهما موطن وفاق، و أما الرمی بالسحق فذهب بعضهم کابن الجنید و المحقق إلی تحققه بالرمی به، لأن السحق کالزنا من ثبوت الحد فیه و اعتبار شهادة الأربع و الإقرار کذلک، و ذهب العلاّمة و ابن إدریس إلی العدم للأصل، و لحصر الفریة فی ثلاثة وجوه - لیس الرمی بالسحق منها - فی حسنة ابن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن الفریة ثلاث - یعنی ثلاث وجوه -: رمی الرجل بالزنا، و إذا قال إن أمه زانیة، و إذا ادعی لغیر أبیه، فذلک فیه حدّ ثمانون)(3).

و فیه: إن الحصر إضافی إذ لم یذکر الرمی باللواط مع أنه وفاقی.

ص:297


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 20 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1 و 4.
2- (3) الوسائل الباب - 46 - من أبواب جهاد النفس حدیث 13.
3- (4) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد القذف حدیث 2.

(أنت زان أو لائط و شبهه) من الألفاظ الدالة علی القذف (مع الصراحة (1) و المعرفة) (2) أی معرفة القاذف (بموضوع اللفظ بأی لغة کان) و إن لم یعرف المواجه معناه، و لو کان القائل جاهلا بمدلوله فإن عرف أنه یفید فائدة یکرهها المواجه عزر (3)، و إلا فلا (أو قال لولده الذی أقر به (4). لست ولدی) أو لست لأبیک، أو زنت بک أمک، و لو لم یکن قد أقرّ به لکنه لاحق به شرعا بدون الإقرار فکذلک، لکن له دفع الحد باللعان، بخلاف المقرّ به فإنه لا ینتفی مطلقا (5)(و لو قال لآخر) غیر ولده:(زنا بک أبوک، أو یا ابن الزانی حدّ للأب) خاصة (6)، لأنه قذف له دون المواجه، لأنه لم ینسب إلیه فعلا لکن یعزر له کما سیأتی، لتأذیه به.

(و لو قال: زنت بک أمک أو یا ابن الزانیة حد للأم، و لو قال: یا ابن الزانیین فلهما، و لو قال: ولدت من الزنا (7) فالظاهر القذف للأبوین)، لأن تولده (1)أی تکون الألفاظ ظاهرة فی نسبة الزنا أو اللواط إلی المواجه.

(2)أی معرفة القاذف بما دفع له اللفظ لغة أو عرفا، و إن لم یعرف المخاطب، و جهل المخاطب لا یضر، کما أن جهل المتکلم بما وضع له اللفظ لا یحقق مفهوم الرمی و القذف بالفعل الشنیع من الزنا و نحوه.

(3)لإقدامه علی الفعل المحرم و إن لم یعرف ماهیته.

(4)أو حکم له به شرعا، فقال له: لست ولدی، فیجب علیه الحد بلا خلاف، لأنه قذف لأمه صراحة، و فی خبر السکونی عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (من أقرّ بولد ثم نفاه وجب الحد و ألزم الولد)(1).

(5)سواء لاعن القاذف أو لا.

(6)لأن القذف حقیقة للأب دون الولد، و إن کان الولد هو المخاطب بالکلام، نعم یعزّر القاذف لأنه قد أذّی المخاطب بتوجیه قذف أبیه إلیه بلا خلاف فیه.

(7)ففی وجوب الحد قولان:

الأول: ثبوت الحد - و هو الأشهر - لتصریحه بالقذف لکن وقع الاشتباه فی متعلق القذف الذی هو مستحق الحد و لذا ذهب الشیخان و القاضی و المحقق فی النکت أنه للأم، لاختصاصها بالولادة، و قد عدّی القاذف الولادة إلی الزنا بحرف الجر، و مقتضاه نسبة الأم إلی الزنا فیکون قد خصّ الأم بالقذف، و ذهبت جماعة إلی أن القذف للأبوین لأن-

ص:298


1- (1) الوسائل الباب - 23 - من أبواب حد القذف حدیث 1.

إنما یتحقق بهما و قد نسبه (1) إلی الزنا فیقوم بهما (2) و یثبت الحد لهما، و لأنه الظاهر عرفا.

و فی مقابلة الظاهر کونه قذفا للأم خاصة، لاختصاصها بالولادة ظاهرا.

و یضعف بأن نسبته (3) إلیهما واحدة، و الاحتمال قائم فیهما (4) بالشبهة فلا یختص أحدهما به (5).

و ربما قیل بانتفائه لهما (6)، لقیام الاحتمال بالنسبة إلی کل واحد و هو دارئ للحد إذ هو شبهة.

و الأقوی الأول إلا أن یدعی (7) الإکراه، أو الشبهة فی أحد الجانبین فینتفی حده.

فی من نسب الزنا إلی غیر المواجَه

(و من نسب الزنا إلی غیر المواجَه) کالأمثلة السابقة (فالحد للمنسوب إلیه و یعزر للمواجه أن تضمن شتمه و أذاه) کما هو الظاهر فی الجمیع.

-الولادة لا تتم إلا بهما فنسبة الولادة إلی الزنا هی نسبة الوالدین إلیه، و هو أحد قولی العلاّمة.

القول الثانی: إنه لا یثبت لأحد الأبوین و لا للمخاطب حدّ علی القاذف، أما المخاطب و هو الولد فلم ینسب الفعل إلیه، و إما الأبوان فلأن اللفظ المذکور یحتمل أن یحمل علی نسبة الزنا للأم لأن الأب مشتبه أو مکره، و یحتمل أن یحمل علی نسبة الزنا للأب لأن الأم کذلک، و یحتمل أن یحمل علی نسبة الزنا للوالدین، فإذا تعدد الاحتمال لم یعلم کونه قذفا صریحا لأحدهما، و حد القذف متوقف علی مطالبة المقذوف، و مع عدم تعینه فلا یثبت الحد، و فیه: إن الحد لا یخرج عن الأبوین فلو اجتمعا و طالبا بالحد فوجب أن یثبت لأن المستحق للحد لا یعدوهما فلا یمکن إسقاط الحد حینئذ.

(1)نسب التولد.

(2)أی التولد قائم بالأبوین.

(3)نسبة التولد.

(4)فی الأبوین.

(5)باحتمال الشبهة بل یعمهما.

(6)بانتفاء القذف للأبوین.

(7)القاذف.

ص:299

فی ما لو قال لامرأة: زنیت بک

(و لو قال لامرأة: زنیت بک (1) احتمل الإکراه فلا یکون قذفا لها) لأن المکره غیر زان، و مجرد الاحتمال کاف فی سقوط الحد، سواء ادعاه القاذف أم لا، لأنه شبهة یدرأ بها الحد.

(و لا یثبت الزنا فی حقه إلاّ بإقرار أربع مرات) کما سبق (2).

و یحتمل کونه قذفا، لدلالة الظاهر علیه، و لأن الزنا فعل واحد یقع بین اثنین، و نسبة أحدهما إلیه بالفاعلیة، و الآخر بالمفعولیة.

و فیه أن اختلاف النسبة یوجب التغایر و المتحقق منه کونه هو الزانی.

و الأقوی أنه قذف لها، لما ذکر (3)، و لروایة محمد بن مسلم عن الباقر (4) (1)سواء کانت امرأته أو لا، ففی کونه قذفا لها قولان:

الأول: أنه قذف لها لأن الزنا فعل واحد یقع من اثنین و نسبته إلی أحدهما بالفاعلیة و إلی الآخر بالمفعولیة، فإذا اعترف بنسبة الفاعلیة إلیه فیکون قد اعترف بنسبة المفعولیة إلیها، و هذا ما ذهب إلیه المفید و الشیخ فی النهایة و المبسوط و أتباعه.

الثانی: عدم کونه قذفا لأن نسبة الفاعلیة إلیها لا تستدعی نسبة مفعولیة الزنا إلیها، لاحتمال أن تکون مکرهة و إلیه ذهب ابن إدریس و المحقق و العلاّمة و جماعة.

و أشکل علی القول الثانی بأن لفظ: (زنیت بک) ظاهر فی القذف و احتمال الإکراه لا معنی له بدلیل ما لو قال شخص عن آخر: «إنه منکوح فی دبره» فإنه قذف یوجب الحد بالإجماع مع احتمال الإکراه.

و الإشکال مردود لأن الإکراه فی النساء عادة بخلاف الإکراه فی الرجال فهو نادر أو معدوم، و الأقوی أنه لیس بقذف لاحتمال الإکراه و لصحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی رجل قال لامرأته: یا زانیة، أنا زنیت بک، قال علیه السّلام: علیه حد واحد لقذفه إیاها، و أما قوله: أنا زنیت بک فلا حد علیه إلا أن یشهد علی نفسه أربع مرات عند الإمام)(1).

(2)فی باب الزنا و اللواط و صریح صحیح ابن مسلم المتقدم دال علیه.

(3)من دلالة الظاهر علیه عرفا، و فیه: قد تقدم ضعفه.

(4)و هی الصحیح المتقدم بدعوی أن صورها قد أوجب الحد علیه لأنه قال لها: أنا زنیت بک، و فیه: إن الحد فی الصور لأنه قال لها: یا زانیة، و أما قوله: «أنا زنیت بک» مجردا کما هو مفروض المسألة هنا فقد صرح ذیل الخبر بعدم الحد.

ص:300


1- (1) الوسائل الباب - 13 - من أبواب حد القذف حدیث 1.

فی ما تفید القذف فی عرف القائل

(و الدیوث و الکشخان و القرنان (1) قد تفید القذف فی عرف القائل فیجب الحد للمنسوب إلیه) مدلول هذه الألفاظ من الأفعال، و هو أنه قواد علی زوجته أو غیرها من أرحامه (و إن لم تفد) ذلک (فی عرفه) نظرا إلی أنها لغة غیر موضوعة لذلک، و لم یستعملها أهل العرف فیه (و أفادت شتما) لا یبلغ حد النسبة إلی ما یوجب الحد (عزّر) القائل کما فی کل شاتم بمحرّم. و الدیوث الذی لا غیرة له قاله الجوهری.

و قیل: الذی یدخل الرجال علی امرأته. قال تغلب: و القرنان و الکشخان لم أرهما فی کلام العرب. و معناه عند العامة مثل معنی الدیوث أو قریب منه.

و قیل: القرنان من یدخل علی بناته، و الکشخان من یدخل علی أخواته.

(و لو لم یعلم) القائل (فائدتها أصلا) بأن لم یکن من أهل العرف بوضعها لشیء من ذلک، و لا اطلع علی معناها لغة (فلا شیء علیه و کذا) القول (فی کل قذف جری علی لسان من لا یعلم معناه) لعدم قصد شیء من القذف و لا الأذی و إن أفاد فی عرف المقول له (و التأذی) (2) أی قول ما یوجب أذی المقول له من (1)هذه الألفاظ الثلاثة غیر موضوعة لمعنی بحسب أصل اللغة و إنما هی ألفاظ تداولتها العامة فیما بینهم، و قد اختلف فی تحدید معانیها العرفیة و لذا قال الشارح فی المسالک:

«هذه الألفاظ لیست موضوعة لغة لمعنی یوجب القذف، و إنما هی ألفاظ عرفیة یرجع فیها إلی عرف القائل، فإن أفادت القذف لزمه الحد و إلاّ فلا، قال تغلب: القرنان و الکشخان لم أرهما فی کلام العرب، و معناه عند العامة مثل معنی الدیوث أو قریب منه، و قد قیل: إن الدیوث هو الذی یدخل الرجال علی امرأته، و قیل: القرنان یدخلهم علی بناته، و الکشخان علی أخواته، و علی هذا فإن کان ذلک متعارفا عند القاذف ثبت علیه الحد ترجیحا لجانب العرف علی اللغة، و إلا فإن أفادت فائدة یکرهها المواجه دون ذلک - أی دون الزنا و اللواط و القیادة لهما - فعلیه التعزیر، و إن انتفی الأمران فلا شیء».

و منه تعرف ضعف ما أطلقه صاحب الجواهر عن أهل اللغة: (القرنان القذف بالأخت و الکشخان القذف بالأم و الدیوث القذف بالزوجة).

(2)أی لو قال شخص لآخر قولا یوجب أذیته کقوله: «یا خسیس أو یا حقیر أو یا وضیع، أو یا فاسق، أو یا خائن، و نحو ذلک مما یوجب الأذیة و لم یصل إلی حد القذف، فعلیه-

ص:301

الألفاظ الموجبة له مع العلم (1) بکونها مؤذیة و لیست موضوعة للقذف عرفا و لا وضعا

فی التعریض بالقذف

(و التعریض) (2) بالقذف دون التصریح به (یوجب التعزیر)، لأنه محرم (لا الحد) لعدم القذف الصریح (مثل قوله: هو ولد حرام) هذا یصلح مثالا للأمرین، لأنه یوجب الأذی و فیه تعریض بکونه ولد زنا، لکنه محتمل لغیره بأن یکون ولد بفعل محرم و إن کان من أبویه بأن استولده حالة الحیض أو الإحرام عالما. و مثله لست بولد حلال، و قد یراد به عرفا أنه لیس بطاهر الأخلاق، و لا وفیّ بالأمانات و الوعود، و نحو ذلک فهو أذی علی کل حال. و قد یکون تعریضا بالقذف.

(أو أنا لست بزان) (3) هذا مثال للتعریض بکون المقول له أو المنبه علیه -التعزیر بلا خلاف للأخبار.

منها: خبر أبی مریم عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی الهجاء بالتعزیر)(1) و خبر جرّاح المدائنیّ عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال: إذا قال الرجل أنت خبیث أو أنت خنزیر فلیس فیه حدّ و لکن فیه موعظة و بعض العقوبة)2 و خبر قرب الإسناد عن جعفر بن محمد عن أبیه علیهما السّلام: (فی رجل قال لرجل: یا شارب الخمر یا آکل الخنزیر قال: لا حدّ علیه و لکن یضرب أسواطا)3.

(1)لأنه مع الجهل لم یقصد أذیته.

(2)أی التعریض بالقذف دون التصریح به کقوله: إنه لیس بولد حلال أو إنه ولد حرام، فهو تعریض بالقذف لاحتمال إرادة الزنا و لاحتمال أنه انعقدت نطفته حال الحیض أو الإحرام أو أنه غیر نقی القلب و لیس بطاهر النفس و غیر حسن الأخلاق إذ یطلق ابن الحلال فی العرف علی المتصف بنقاوة القلب أو طهارة النفس أو الأخلاق الصالحة.

فإنه یعزر بلا خلاف لصحیح عبد الرحمن: (سئل أبو عبد اللّه علیه السّلام عن رجل سبّ رجلا بغیر قذف فعرّض به هل یجلد؟ قال: لا، علیه تعزیر)(2).

و خالف ابن إدریس فی لفظ: «ولد الحرام» و جعله کولد الزنا موجب لحد القذف لأنهما عند العرف واحد، و فیه: إن العرف کثیرا ما یطلق هذا اللفظ علی خبیث النفس و سیّئ الأخلاق و قبیح الفعل، و معه لا یکون هذا اللفظ صریحا فی القذف، و لا أقل من الاحتمال الموجب لسقوط الحد لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

(3)فلا حدّ لاعتبار التصریح فی ألفاظ القذف تمسکا بصحیح عبد الرحمن حیث التعریض-

ص:302


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد القذف حدیث 5 و 2 و 10.
2- (4) الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد القذف حدیث 1.

زانیا،(و لا أمی زانیة) تعریض بکون أم المعرّض به زانیة.

(أو یقول لزوجته: لم أجدک عذراء) (1) أی بکرا فإنه تعریض بکونها زنت قبل تزویجه و ذهبت بکارتها مع احتماله (2) غیره (3) بأن یکون ذهابها بالنزوة (4) أو الحرقوص (5) فلا یکون حراما. فمن ثم کان تعریضا، بل یمکن دخوله فیما یوجب التأذی مطلقا (6). و روی زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام فی رجل قال لامرأته: لم أجدک عذراء قال: «لیس علیه شیء، لأن العذرة تذهب بغیر جماع» و تحمل علی أن المنفی الحد، لروایة أبی بصیر عن الصادق علیه السّلام أنه قال:

یضرب.

فی التعزیر بکل قول یکرهه المواجَه

(و کذا یعزر بکل ما) أی قول (یکرهه المواجَه)، بل المنسوب إلیه و إن لم -موجبا للتعزیر، و إن کان قد قصد لازم المعنی من نسبة الزنا إلی المخاطب.

(1)فعلیه التعزیر لخبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل قال لامرأته: لم أجدک عذراء، قال: یضرب فإنه یوشک أن ینتهی)(1) و حمل الضرب علی التعزیر دون الحد مع أنه یشملهما لخبر یونس عن زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل قال لامرأته: لم تأتنی عذراء، قال: لیس بشیء لأن العذرة تذهب بغیر جماع)2 فیکون المنفی فی الخبر هو الحد.

و خالف فی ذلک ابن عقیل فأوجب الحد لصحیح ابن سنان: (إذا قال الرجل لامرأته لم أجدک عذراء و لیست له بینة یجلد الحد و یخلی بینه و بین امرأته)3 و حمل علی ما لو قال ذلک مع قرینة تدل علی إرادة نسبة الزنا إلیها، و إلاّ فالاقتصار علی هذا اللفظ المحتمل أن یکون مقصوده ذهاب بکارتها بغیر الزنا مع العلم بأنه یشترط التصریح بالقذف لیس فی محله.

(2)احتمال قوله: لم أجدک عذراء.

(3)غیر الزنا.

(4)أی القفزة.

(5)بالضم دویبة کالبرغوث حمّتها کحمّة الزنبور و القراد، تدخل فی فروج الجواری کما عن قاموس اللغة.

(6)سواء عرّض بالزنا أو لا.

ص:303


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 17 - من أبواب اللعان حدیث 2 و 1 و 5.

یکن حاضرا، لأن ضابط التعزیر فعل المحرم و هو غیر مشروط بحضور المشتوم (مثل الفاسق، و شارب الخمر و هو مستتر) (1) بفسقه و شربه فلو کان متظاهرا بالفسق لم یکن له حرمة (2).

(و کذا الخنزیر و الکلب و الحقیر و الوضیع) و الکافر و المرتد، و کل کلمة تفید الأذی عرفا، أو وضعا مع علمه بها فإنها توجب التعزیر (إلا مع کون المخاطب مستحقا للاستخفاف) به، لتظاهره بالفسق فیصح مواجهته بما تکون نسبته إلیه حقا، لا بالکذب.

و هل یشترط مع ذلک (3) جعله علی طریق النهی (4) فیشترط شروطه أم یجوز الاستخفاف به مطلقا (5) ظاهر النص و الفتاوی الثانی و الأول أحوط.

فی ما یعتبر فی القاذف

(و یعتبر فی القاذف) الذی یحد (الکمال) بالبلوغ و العقل (6)(فیعزر الصبی) (1)و قد تقدم البحث فی التأذی.

(2)فلو کان المقول له مستحقا للاستخفاف به إما لکفره أو لتجاهره بالفسق أو لکونه صاحب بدعة فلا حد و لا تعزیر فی توجیه کلام یؤذیه بلا خلاف فیه بل ففی الخبر: (إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غیبة)(1) و فی النبوی: (إذا رأیتم أهل الریب و البدع من بعدی فأظهروا البراءة منهم و أکثروا من سبهم و القول فیهم و أهینوهم - و فی نسخة و باهتوهم -)(2).

نعم أذیتهم بالقول مشروط بعدم کونه قذفا لصحیح ابن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

(نهی عن قذف من لیس علی الإسلام إلا أن یطلع علی ذلک منهم، و قال: أیسر ما یکون أن یکون قد کذب)(3).

(3)مع کونه مستحقا للاستخفاف.

(4)أی النهی عن المنکر.

(5)و لو لدواعی هزلیة.

(6)بلا خلاف فیه، ففی صحیح الفضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا حدّ لمن لا علیه حد، یعنی لو أن مجنونا قذف رجلا لم أر علیه شیئا، و لو قذفه رجل فقال له: یا زانی لم-

ص:304


1- (1) الوسائل الباب - 154 - من أحکام العشرة حدیث 4.
2- (2) الوسائل الباب - 39 - من أبواب الأمر و النهی حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد القذف حدیث 1.

خاصة (و یؤدب المجنون) (1) بما یراه الحاکم فیهما. و الأدب (2) فی معنی التعزیر کما سلف (و فی اشتراط الحریة فی کمال الحد) فیحد العبد و الأمة أربعین، أو عدم الاشتراط فیساویان الحرّ (قولان) (3) أقواهما و أشهرهما الثانی، لعموم وَ الَّذِینَ -یکن علیه حد)(1) و فی خبر أبی مریم عن أبی جعفر علیه السّلام: (سأله عن الغلام لم یحتلم یقذف الرجل هل یحدّ؟ قال: لا، و ذلک لو أن رجلا قذف الغلام لم یحد)(2) و هی تدل علی اشتراط البلوغ و العقل فی القاذف و المقذوف.

(1)بشرط أن یکون ذا شعور و الصبی ممیزا و إلاّ فلا وجه للتعزیر لا عقلا و لا شرعا.

(2)أی التأدیب فی معنی التعزیر و إن کان التعزیر یشمل المکلف و غیره بخلاف التأدیب فإنه یختص بغیر المکلف.

(3)فعلی المشهور شهرة عظیمة أنه لا تشترط الحریة و حد العبد کحد الحر لعموم الآیة:

وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِینَ جَلْدَةً (3) و لحسنة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا قذف العبد الحر جلد ثمانین، قال: هذا من حقوق الناس)(4) و من التعلیل یستفاد کلما کان من حقوق الناس لا ینتصف الحد علی العبد و خبر سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الرجل إذا قذف المحصنة جلد ثمانین، حرا کان أو مملوکا)5 و مثله غیره من الأخبار.

و ذهب الصدوق فی الهدایة و الشیخ فی المبسوط إلی أنه لو کان عبدا فیضرب نصف حد الحر لأصالة البراءة عن الزائد، و لقوله تعالی: فَإِنْ أَتَیْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَیْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَی الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ (5) و لخبر القاسم بن سلیمان: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن العبد إذا افتری علی الحر کم یجلد؟ قال: أربعین)(6).

و أجیب بأن مع عموم آیة القذف و تلک الأخبار ینقطع الأصل، و الآیة التی استدل بها الشیخان مختصة بالزنا لا بالقذف، و خبر القاسم بن سلیمان شاذ کما صرح نفس الشیخ فی التهذیب فلا یعمل به.-

ص:305


1- (1) الوسائل الباب - 19 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 5 - من أبواب حد القذف حدیث 1.
3- (3) النور الآیة: 4.
4- ( (4 و 5) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد القذف حدیث 4 و 1.
5- (6) النساء الآیة: 25.
6- (7) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد القذف حدیث 15.

یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ (1) و لقول الصادق علیه السّلام فی حسنة الحلبی: «إذا قذف العبد الحر جلد ثمانین جلدة» و غیرها من الأخبار. و القول بالتنصیف علی المملوک للشیخ فی المبسوط، لأصالة البراءة من الزائد، و قوله تعالی: فَإِنْ أَتَیْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَیْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَی الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ (2) و لروایة القاسم بن سلیمان عنه (3).

و یضعف بأن الأصل قد عدل عنه للدلیل، و المراد بالفاحشة (4): الزنا کما نقله المفسرون و یظهر (5) من اقترانهن بالمحصنات (6). و الروایة (7) مع ضعف سندها (8) و شذوذها لا تعارض الأخبار الکثیرة، بل الإجماع علی ما ذکره المصنف و غیره، و العجب أن المصنف فی الشرح (9) تعجب من المحقق و العلاّمة حیث نقلا فیها قولین و لم یرجحا أحدهما مع ظهور الترجیح. فإن القول بالأربعین نادر جدا (10) ثم تبعهم (11) علی ما تعجب منه هنا.

فی ما یشترط فی المقذوف

(و یشترط فی المقذوف الإحصان) (12) و هو یطلق علی التزویج کما فی قوله (1)النور الآیة: 4.

(2)النساء الآیة: 25.

(3)عن الصادق علیه السّلام.

(4)فی الآیة التی استدل بها الشیخان.

(5)أی کون المراد من الفاحشة هو الزنا.

(6)أی اقتران الإماء بالمحصنات، و وجه الظهور أن الفاحشة التی تأتی بها المحصنة لا بد أن تکون الزنا.

(7)روایة القاسم بن سلیمان.

(8)لأن القاسم بن سلیمان لم یمدح و لم یذم.

(9)شرح الإرشاد.

(10)تعلیل لتعجب المصنف من المحقق و العلامة لأن القول بالأربعین نادر فلا بد من ترجیح قسیمه فلم ترکا الترجیح.

(11)أی ثم المصنف تابعهم علی عدم الترجیح هنا فی اللمعة.

(12)قد تقدم أن الإحصان یطلق علی التزویج و علی الإسلام و علی الحریة و علی غیرها، و المراد منه هنا البلوغ و العقل و الحریة و الإسلام و العفة، فمن استکملها وجب الحد بقذفه و إلا -

ص:306

تعالی: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ (1). و مُحْصَناتٍ غَیْرَ مُسافِحاتٍ (2) و علی الإسلام و منه قوله تعالی: فَإِذا أُحْصِنَّ (3)، قال ابن مسعود: إحصانها إسلامها (4). و علی الحریة و منه قوله تعالی: وَ مَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ مِنْکُمْ طَوْلاً أَنْ یَنْکِحَ الْمُحْصَناتِ (5)، و قوله تعالی: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتابَ (6)، و علی اجتماع الأمور الخمسة التی نبه علیها هنا بقوله:

(و أعنی) بالإحصان هنا (البلوغ و العقل. و الحریة. و الإسلام. و العفة فمن اجتمعت فیه) هذه الأوصاف الخمسة (وجب الحد بقذفه، و إلا) تجتمع بأن فقدت جمع أو أحدها بأن قذف صبیا، أو مجنونا، أو مملوکا، أو کافرا أو متظاهرا بالزنا (فالواجب التعزیر) کذا أطلقه المصنف و الجماعة غیر فارقین بین المتظاهر بالزنا -التعزیر، بلا خلاف فیه، أما البلوغ و العقل فقد تقدم دلیلهما، و أما الحریة فلأخبار منها:

صحیحة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من افتری علی مملوک عزّر لحرمة الإسلام)(1) و صحیحة منصور بن حازم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الحر یفتری علی المملوک قال: یسأل فإن کانت أمه حرة جلد الحد)2 و مثله غیره.

و أما الإسلام فلخبر إسماعیل بن الفضل: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الافتراء علی أهل الذمة و أهل الکتاب هل یجلد المسلم الحد فی الافتراء علیهم؟ قال: لا، و لکن یعزّر)(2)، و مثله غیره.

و أما العفة فقد تقدم من کان متجاهرا بالفسق فلا حرمة له.

(1)النساء الآیة: 24.

(2)النساء الآیة: 25.

(3)النساء الآیة: 25.

(4)غیر أن سیاق الآیة یدل علی أنه بمعنی الزواج لا الإسلام.

(5)النساء الآیة: 25، قال تعالی: وَ مَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ مِنْکُمْ طَوْلاً أَنْ یَنْکِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَکَتْ أَیْمانُکُمْ و هی ظاهرة بدلیل التقابل أن الإحصان بمعنی الحریة.

(6)النساء الآیة: 5.

ص:307


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد القذف حدیث 12 و 11.
2- (3) الوسائل الباب - 17 - من أبواب حد القذف حدیث 4.

و غیره. و وجهه عموم الأدلة. و قبح القذف مطلقا (1)، بخلاف مواجهة المتظاهر به بغیره (2) من أنواع الأذی کما مر، و تردد المصنف فی بعض تحقیقاته فی التعزیر بقذف المتظاهر به. و یظهر منه المیل إلی عدمه محتجا بإباحته استنادا إلی روایة البرقی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: «إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غیبة» (3).

و فی مرفوع محمد بن بزیع: «من تمام العبادة الوقیعة فی أهل الریب» (4). و لو قیل بهذا لکان حسنا.

فی ما لو قال لکافر أمه مسلمة: یا بن الزانیة

(و لو قال لکافر أمه مسلمة (5): یا بن الزانیة فالحد لها)، لاستجماعها لشرائط وجوبه، دون المواجه (فلو) ماتت أو کانت میتة و (ورثها الکافر فلا حد (6)، لأن المسلم لا یحدّ للکافر بالأصالة فکذا بالإرث، و یتصور إرث الکافر (1)سواء تظاهر بالفاحشة أو لا.

(2)أی المتظاهر بالزنا بأن یخاطب بغیر الزنا من أنواع الأذی فجائز کما تقدم، و فیه: إن المتظاهر بالزنا لو خوطب بما یفعل فلا حد لأنه لا حرمة له کما فی الخبر و سیأتی الاستشهاد به من الشارح.

(3)الوسائل الباب - 154 - من أبواب أحکام العشرة حدیث 4.

(4)لم أعثر علیه عاجلا فی الوسائل و المستدرک.

(5)یا ابن الزانیة فالحد لها دون المواجه، لأنها مسلمة مستجمعة لشرائط الإحصان، فعلیه حد قذفها إن طالبت.

(6)حد القذف یورّث بلا خلاف و لا إشکال للأخبار منها: خبر عمار الساباطی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن الحد لا یورث کما تورث الدیة و المال و العقار، و لکن من قام به من الورثة و طلبه فهو ولیه، و من ترکه و لم یطلبه فلا حق له، و ذلک مثل رجل قذف رجلا و للمقذوف أخوان، فإن عفا أحدهما عنه کان للآخر أن یطالبه بحقه، لأنها أمهما جمیعا و العفو إلیهما جمیعا)(1)

و لیس إرثه علی حد إرث المال بحیث یکون لکل واحد حصة بل هو مجرد ولایة علی استیفائه فالواحد من الورثة له الحق بالمطالبة بتمام الحد، إلا أنک عرفت أن الکفر مانع من إرث المال فیکون مانعا من إرث الحد، فلا یقام الحد علی المسلم القاذف لأن المسلم لا یحدّ للکافر لو قذفه فکیف یحدّ له لو کان الحد بالإرث.

ص:308


1- (1) الوسائل الباب - 22 - من أبواب حد القذف حدیث 2.

للمسلم (1) علی تقدیر موت المسلم مرتدا عند الصدوق و بعض الأصحاب، أما عند المصنف فغیر واضح (2) و قد فرض المسألة کذلک فی القواعد (3)، لکن بعبارة أقبل من هذه للتأویل (4).

فی ما لو تقاذف المحصنان

(و لو تقاذف المحصنان) بما یوجب الحد (عزرا (5) و لا حد علی أحدهما، لصحیحة أبی ولاد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام برجلین قذف کل واحد منهما صاحبه بالزنا فی بدنه فقال: یدرأ عنهما الحد و عزّرهما.

(1)إذا کان هناک کافر أسلم ثم ارتد و مات فعلی المشهور کان میراثه لولده المسلم و لو لم یکن له وارث إلا الکافر ورثه الإمام حینئذ، و ذهب ابن بابویه و الشیخ فی النهایة أن میراثه لولده الکافر عند عدم المسلم من الورّاث اعتمادا علی روایة ابن أبی عمیر عن إبراهیم بن عبد الحمید (قلت للصادق علیه السّلام: نصرانی أسلم ثم رجع إلی النصرانیة ثم مات، قال:

میراثه لولده النصرانی، و مسلم تنصّر ثم مات قال: میراثه لولده المسلمین)(1) و الخبر دال علی إرث الکافر للمسلم بشرط أن یکون مرتدا و أن یکون ارتداده ملیا، فلو سلم بهذا القول فیقتصر علی المرتد الملی و إلا فقد عرفت أن الکافر لا یرث المسلم لأن الکفر مانع.

(2)إذ عبارته هنا (فلو ورثها الکافر فلا حد)، و لم یبین کیف یرثها الکافر مع أن المفروض أن الکفر مانع من الإرث إلا فی خصوص المرتد الملی.

(3)أی فرض العلاقة إرث الکافر للمسلم.

(4)إذ قال فی القواعد (و لو قال لکافر أمه مسلمة: یا ابن الزانیة و إن کانت میتة، و لا وارث لها سوی الکافر لم یحد) و وجه الأقبلیة: أن ظاهر العبارة أن الکافر یرثها و لکن من المحتمل أن یکون مراده أنه لا وارث لها سوی کافر و لم یحکم العلاقة بإرثه إذ لم یقل ورثها بخلاف المصنف حیث حکم بإرث الکافر من المسلم فافهم.

(5)و یسقط الحد بلا خلاف فیه لصحیح ابن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (عن رجلین افتری کل واحد منهما علی صاحبه قال: یدرأ عنهما الحد و یعزران)(2) و صحیح أبی ولاّد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام برجلین، قذف کلّ منهما صاحبه بالزنا فی بدنه فدرأ عنهما الحد و عزّرهما)3.

ص:309


1- (1) الوسائل الباب - 6 - من أبواب موانع الإرث حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 18 - من أبواب حد القذف حدیث 1 و 2.

فی ما لو تعدد المقذوف

(و لو تعدد المقذوف تعدد الحد (1)، سواء اتحد القاذف، أو تعدد)، لأن کل واحد سبب تام فی وجوب الحد فیتعدد المسبب.

(نعم لو قذف) الواحد (جماعة بلفظ واحد) بأن قال: أنتم زناة و نحوه (و اجتمعوا فی المطالبة) له بالحد (فحد واحد، و إن افترقوا) فی المطالبة (فلکل واحد حد) لصحیحة جمیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی رجل افتری علی قوم جماعة (1)سواء کان القذف من واحد أولا، أما لو تعدد المقذوف و القاذف فیتعدد الحد و هذا واضح لعموم أدلة وجوب حد القاذف. و أما لو تعدد المقذوف و القاذف واحد کأن یقذف فلانا و فلانا و فلانا فیتعدد الحد سواء جاءوا به مجتمعین أو متفرقین بلا خلاف فیه إلا من الإسکافی و سیأتی بیان مذهبه، و مستند المشهور قاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب و خبر برید العجلی عن أبی جعفر علیه السّلام (فی الرجل یقذف القوم جمیعا بکلمة واحدة فإذا لم یسمهم فإنما علیه حدّ واحد و إن سمّی فعلیه لکل واحد حد)(1)، و صحیح الحسن العطار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل قذف قوما جمیعا، فقال: بکلمة واحدة، قال: نعم، قال: یضرب حدا واحدا، و إن فرّق بینهم فی القذف ضرب لکل واحد منهم حدا)2.

و صدره دال علی أنه لو قذفهم بکلمة واحدة فعلیه حدّ واحد بشرط أن یأتوا به مجتمعین، و أما لو طالبوا به متفرقین فلکل واحد حدّ اعتمادا علی صحیح جمیل بن دراج عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (سألته عن رجل افتری علی قوم جماعة قال: إن أتوا به مجتمعین ضرب حدا واحدا، و إن أتوا به متفرقین ضرب لکل منهم حدا)(2)، و خبر محمد بن حمران عن أبی عبد اللّه (سألته عن رجل افتری علی قوم جماعة، فقال: إن أتوا به مجتمعین به ضرب حدا واحدا، و إن أتوا به متفرقین ضرب لکلّ رجل حدا)4، و عن الإسکافی فلو قذف الجمیع بلفظ واحد فعلیه حد واحد سواء أتوا به متفرقین أو مجتمعین، و إن قذفهم مع تسمیة کل واحد فإن جاءوا به مجتمعین فعلیه حد واحد، و إن تفرقوا فلکل واحد حدّ، و نفی عنه العلامة فی المختلف البأس، اعتمادا علی صحیح جمیل المتقدم فی الاجتماع و التفریق فی المطالبة، و اعتمادا علی صحیح العطار و خبر برید فیما لو کان ذلک مع تسمیة کل واحد منهم، و أن لو کان بلفظ واحد من دون تسمیة فعلیه حدّ واحد، علی عکس جمع المشهور.

ص:310


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد القذف حدیث 5 و 2.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد القذف حدیث 1 و 3.

قال: «إن أتوا به مجتمعین ضرب حدا واحدا و إن أتوا به متفرقین ضرب لکل واحد منهم حدا».

و إنما حملناه علی ما لو کان القذف بلفظ واحد مع أنه أعم (1) جمعا بینه و بین صحیحة الحسن العطار عنه علیه السّلام فی رجل قذف قوما جمیعا قال علیه السّلام: بکلمة واحدة؟ قلت: نعم، قال: یضرب حدّا واحدا فإن فرّق بینهم فی القذف ضرب لکل واحد منهم حدا بحمل الأولی (2) علی ما لو کان القذف بلفظ واحد (3) و الثانیة علی ما لو جاءوا به مجتمعین.

و ابن الجنید (رحمه اللّه) عکس فجعل القذف بلفظ واحد موجبا لاتحاد الحد مطلقا (4)، و بلفظ متعدد موجبا للاتحاد إن جاءوا مجتمعین، و للتعدد إن جاءوا متفرقین، و نفی عنه فی المختلف البأس محتجا بدلالة الخبر الأول (5) علیه و هو أوضح طریقا. (6)

و فیه نظر (7)، لأن تفصیل الأول (8) شامل للقذف المتحد و المتعدد فالعمل به یوجب التفصیل فیهما (9).

(1)فیشمل ما لو کان القذف بکلمة واحدة للجمیع أو مع تسمیة الجمیع.

(2)أی صحیحة جمیل.

(3)بخلاف الإسکافی فقد حملها علی ما لو کان القذف مع تسمیة کل واحد.

(4)أتوا مجتمعین أو متفرقین فی المطالبة.

(5)أی صحیح جمیل.

(6)لأن الرواة فی سنده کلهم إمامیون ثقات بخلاف صحیح العطار فإن فی سنده أبان و هو مشترک بین الثقة و غیره، هذا من جهة و من جهة أخری فصحیح جمیل یدل علی تفصیل الإسکافی بدعوی أن لفظ (جماعة) الوارد فی الصحیح هو صفة للقذف المدلول علیه بالفعل، فیکون القذف متعددا.

و فیه: إن لفظ (جماعة) صفة للقوم بحسب الظاهر فیکون الصحیح شاملا لما تعدد القذف أو اتحد فلا بد من ضمه إلی صحیح العطار المفصل بین وحدة القذف فعلیه حدّ واحد و بین تعدده فیتعدد الحد.

(7)أی فی قول ابن الجنید الذی نفی عنه البأس العلامة فی المختلف.

(8)أی صحیح جمیل.

(9)بعد الجمع بینه و بین صحیح العطار.

ص:311

و الظاهر أن قوله فیه (1): «جماعة» صفة للقوم، لأنه أقرب و أنسب بالجماعة، لا للقذف (2)، و إنما یتجه قوله (3) لو جعل (4) صفة للقذف المدلول علیه بالفعل، و أرید بالجماعة القذف المتعدد (5). و هو بعید جدا.

(و کذا الکلام فی التعزیر (6) فیعزر قاذف الجماعة بما یوجبه (7) بلفظ متعدد (8) متعددا (9) مطلقا، (10) و بمتحد (11)

(1)أی قول السائل فی صحیح جمیل.

(2)کما هو مستند العلامة فی المختلف.

(3)قوله ابن الجنید

(4)ای لفظ جماعة

(5)کما استدل بذلک العلامة هذا کله اذا کان مستند ابن الجنید خصوص صحیح جمیل کما جعله العلامة مع انک قد عرفت ان الجمع بین الاخبار قد یکون مستندا لقول ابن الجنید و قد یکون مستندا لقول المشهور.

(6)فلو قذف جماعة من الممالیک أو المجانین أو الکفار الذین لا یثبت علیه الحد بقذفهم، فعلیه التعزیر لقذفهم، لکن لو قذفهم مع تسمیة کل واحد فعلیه تعزیر لکل واحد سواء أتوا به مجتمعین أو متفرقین، و لو قذفهم بلفظ واحد فإن أتوا به مجتمعین فعلیه تعزیر واحد، و إن أتوا به متفرقین فلکل واحد تعزیر، هذا ما علیه المشهور و دلیلهم الأولویة لأن التفصیل المذکور ثابت فی الحد فثبوته فی التعزیر الذی هو أقل من الحد کمیّة من طریق أولی، و ذهب ابن إدریس إلی عدم ثبوت التفصیل المذکور فی التعزیر لقاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب مع منع الأولویة المذکورة لأنها من القیاس الممنوع.

و ذهب جماعة منهم المحقق فی الشرائع بأنه لا معنی للاختلاف ضمن لأن التعزیر منوط بنظر الحاکم، و لیس له حد محدود فهو یؤدب قاذف الجماعة بما یراه سواء کان بعنوانه عدة تعزیرات أو بعنوان تعزیر واحد و سواء کان قذفهم بلفظ واحد أو متعدد.

(7)فیراد من الموصول التعزیر، و ضمیر الفاعل راجع إلی القذف.

(8)بأن قذف کل واحد باسمه.

(9)متعلق بفعل (یعزّر)، و المعنی فیعزر تعزیرات متعددة أن قذف الجماعة بأسمائهم لکل واحد حدّ.

(10)أتوا به مجتمعین أو متفرقین فی المطالبة.

(11)عطف علی قوله (بلفظ متعدد)، أی قذفهم بلفظ واحد من دون تسمیة لکل واحد منهم، فیعزّر تعزیرات متعددة إن جاءوا به متفرقین.

ص:312

إن جاءوا به متفرقین، و متحد (1) إن جاءوا به مجتمعین، و لا نص فیه (2) علی الخصوص، و من ثم أنکره ابن إدریس و أوجب التعزیر لکل واحد مطلقا (3) محتجا بأنه قیاس (4)، و نحن نقول بموجبه (5)، لأنه قیاس مقبول، لأن تداخل الأقوی یوجب تداخل الأضعف بطریق أولی، و مع ذلک فقول ابن إدریس لا بأس به.

فی هذا الفصل («مسائل» حد القذف ثمانون جلدة (6) إجماعا، و لقوله تعالی: وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ إلی قوله: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِینَ جَلْدَةً (7)، و لا فرق فی القاذف بین الحر و العبد علی أصح القولین (8)، و من ثم أطلق (و یجلد) القاذف (بثیابه (9)

(1)عطف علی قوله (متعددا) أی یعزّر قاذف الجماعة تعزیرا متحدا أی واحدا إن قذف الجماعة بلفظ واحد من دون تسمیة لکل واحد إن جاءوا به مجتمعین.

(2)فی التعزیر.

(3)اجتمعوا أو تفرقوا فی المطالبة، و کان القذف بلفظ واحد أو متعدد.

(4)ردّ علی مستند المشهور من جریان التفصیل فی التعزیر لأنه جار فی الحد بطریق أولی.

(5)أی بموجب القیاس هذا لأنه من قسم الأولویة العقلیة فیکون خارجا عن القیاس الممنوع المنحصر فی القیاس المساوی، و هذا ردّ من الشارح علی ابن إدریس.

و فیه: إن أدلة القیاس تشمل المادی و الأولی، نعم الأولویة اللفظیة حجة إلا أنها راجعة إلی دلالة اللفظ و ظهوره و هذا خارج تخصصا عن القیاس المنهی عنه بجمیع أقسامه.

(6)بلا خلاف فیه و تدل علیه الآیة الشریفة وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِینَ جَلْدَةً (1) و للأخبار قد تقدم بعضها.

(7)النور الآیة: 4.

(8)قد تقدم الخلاف فیه و عرفت أن الأصح عدم التفریق لأنه من حقوق الناس.

(9)و لا یجرد، و علیه الاتفاق للأخبار منها: خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: أمر رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أن لا ینزع من ثیاب القاذف إلا الرداء)(2) و خبر إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (یجلد الزانی أشدّ الحدین، قلت: فوق ثیابه، قال: لا و لکن یخلع ثیابه، قلت: فالمفتری؟ قال: ضرب بین الضربین فوق الثیاب یضرب جسده کله)3.

ص:313


1- (1) سورة النور الآیة: 4.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 15 - من أبواب حد القذف حدیث 4 و 6.

المعتادة (1)، و لا یجرد کما یجرد الزانی، و لا یضرب ضربا شدیدا، بل (حدا متوسطا (2)، دون ضرب الزنا، و یشهّر (3) القاذف (لیجتنب شهادته).

فی ما یثبت القذف و التعزیر به

(و یثبت) القذف (بشهادة عدلین) (4) ذکرین (5)، لا بشهادة النساء منفردات، و لا منضمات و إن کثرن (و الإقرار مرتین (6) من مکلّف حر مختار (7). فلا عبرة بإقرار الصبی، و المجنون، و المملوک مطلقا (8)، و المکره علیه. و لو انتفت البینة و الإقرار فلا حد و لا یمین علی المنکر (9).

(و کذا ما یوجب التعزیر) (10) لا یثبت إلا بشاهدین ذکرین عدلین، أو (1)فالمعتاد منها غیر مانع من التألم، و أما إذا لم تکن معتادة و لبسها لتجنب الألم فإنها تنزع.

(2)کما دل علیه خبر إسحاق المتقدم و لخبر مسمع بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: الزانی أشد ضربا من شارب الخمر، و شارب الخمر أشدّ ضربا من القاذف، و القاذف أشد ضربا من التعزیر)(1).

(3)بمعنی یعلم الناس بحاله لتتجنب شهادته کما یشهر شاهد الزور، بقوله تعالی: وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً (2)، و هو لا یتحقق إلا بالتشهیر.

(4)بلا خلاف لعموم ما دل علی حجیة الشهادة.

(5)لما مرّ من أن قول النساء منفردات أو منضمات غیر مسموع فی الحدود.

(6)قال فی الجواهر «لا أجد فیه خلافا و إن لم نظفر بنص خاص فیه، و عموم إقرار العقلاء یقتضی الاجتزاء به مرة، اللهم إلا أن یکون من جهة بناء الحدود علی التخفیف فینزل إقراره منزلة الشهادة علی نفسه فیعتبر فیها التعدد».

(7)أما المکلف فهو البالغ العاقل إذ لا عبرة بإقرار الصبی و المجنون لحدیث رفع القلم، و اعتبار الحریة لأن إقرار العبد فی حق الغیر لا فی حق نفسه، و اعتبار الاختیار إذ مع الإکراه لا أثر لإقراره لحدیث الرفع.

(8)سواء کان قنا أو لا.

(9)بمعنی لو أنکر القذف و قد ادعاه علیه غیره مع عدم الشهادة من قبل المدعی و لا إقرار بالنسبة للمدعی علیه، فلا یطالب المنکر بالیمین فی الحدود لأنها مبنیة علی التخفیف.

(10)من حقوق اللّه تعالی، فإنه یثبت بشاهدین بلا خلاف، لعموم ما دل علی اعتبار البینة،-

ص:314


1- (1) الوسائل الباب - 15 - من أبواب حد القذف حدیث 5.
2- (2) النور آیة: 4.

الإقرار من المکلف الحر المختار.

و مقتضی العبارة اعتباره مرتین مطلقا، (1) و کذا أطلق غیره مع أنه (2) تقدم حکمه (3) بتعزیر المقر باللواط دون الأربع الشامل للمرة، إلا أن یحمل ذلک علی المرتین فصاعدا.

و فی «الشرائع» نسب اعتبار الإقرار به مرتین إلی قول مشعرا بتمریضه و لم نقف علی مستند هذا القول (4).

فی أنّ القذف موروث

(و هو) أی حد القذف (موروث) (5) لکل من یرث المال: من ذکر و أنثی لو مات المقذوف قبل استیفائه و العفو عنه (إلا للزوج و الزوجة (6)، و إذا کان الوارث جماعة) فلکل واحد منهم المطالبة به. فإن اتفقوا علی استیفائه فلهم حد واحد، -و یثبت بالإقرار مرتین علی المشهور لکن لا نص فیه مع أن إقرار العقلاء علی أنفسهم عام یقتضی الاجتزاء بالمرة و لذا نسب هذا الحکم إلی القیل المحقق فی الشرائع مشعرا بتمریضه، و قد عرفت أن الحدود مبنیة علی التخفیف فینزل إقراره منزلة الشهادة علی نفسه فلذا اعتبر فیه التعدد کما اعتبر فیها.

(1)أی اعتبار الإقرار مرتین مطلقا فی ثبوت التعزیر سواء کان فی القذف أو اللواط أو غیرهما.

(2)الشأن و الواقع.

(3)حکم المصنف بالتعزیر دون الأربع و هو شامل للمرة.

(4)و قد عرفت مستنده.

(5)إذا لم یکن قد استوفاه المقذوف و لم یعف عنه، بلا خلاف فیه للأخبار منها: موثق الساباطی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن الحد لا یورث کما تورث الدیة و المال و العقار، و لکن من قام به من الورثة و طلبه فهو ولیه، و من ترکه و لم یطلبه فلا حق له، و ذلک مثل رجل قذف رجلا و للمقذوف أخوان، فإن عفا أحدهما عنه کان للآخر أن یطالبه بحقه)(1).

(6)و ما شابههما من الأسباب إلا الإمام علی قول و لکن لیس له العفو، و علیه الإجماع کما فی التقیة و قال فی الریاض: «هو الحجة».

ص:315


1- (1) الوسائل الباب - 22 - من أبواب حد القذف حدیث 2.

و إن تفرقوا فی المطالبة و لو عفا بعضهم (لم یسقط) عنه شیء (بعفو البعض)، بل للباقین استیفاؤه کاملا (1) علی المشهور (2).

فی جواز العفو

(و یجوز العفو) من المستحق الواحد و المتعدد (بعد الثبوت کما یجوز قبله) (3) و لا اعتراض للحاکم، لأنه حق آدمی تتوقف إقامته علی مطالبته و یسقط (1)قد تقدم حکمه فی موثق الساباطی.

(2)علّق الشارح بقوله: (نبّه بالمشهور علی أن مستند الحکم روایة عمار، و هی مع ما یعلم بحاله مقطوعة، لکن لا نعلم مخالفا فی ذلک) انتهی.

هذا و الساباطی واقفی روایاته لیست مقطوعة لأن الشیخ فی التهذیب قد رواها عن أحمد بن محمد بن عیسی عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام.

(3)حد القذف قابل للإسقاط لأنه من حقوق الآدمیین القابلة للسقوط بالإسقاط و غیره، بلا فرق بین قذف الزوجة و غیرها، و لا فرق فی العفو قبل مراجعة الحاکم و قبل الثبوت أو بعده، لأن العفو أصل فی کل حق آدمی و لخبر ضریس عن أبی جعفر علیه السّلام (لا یعفی عن الحدود التی للّه دون الإمام، فأما ما کان من حق الناس فی حد فلا بأس بأن یعفی عنه دون الإمام)(1).

نعم لو عفا فلیس له المطالبة بعد العفو للأصل و لخبری سماعة، و فی أحدهما عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (سألته عن الرجل یفتری علی الرجل ثم یعفو عنه، ثم یرید أن یجلده الحد بعد العفو، قال: لیس ذلک له بعد العفو)(2).

خلاف للشیخ فی الاستبصار و التهذیب و لیحیی بن سعید من عدم العفو للزوجة بعد المرافعة لصحیح ابن مسلم (سألته عن الرجل یقذف امرأته، قال: یجلد، قلت: أ رأیت إن عفت عنه، قال: لا و لا کرامة)(3) و قد حمل الخبر علی ما لو کان العفو بعد المطالبة، و فیه: إنه حمل بلا شاهد، و لذا ذهب الشیخ الصدوق اعتمادا علی هذه الروایة إلی عدم جواز العفو عن الزوج لو قذفها مطلقا قبل المرافعة أو بعدها، و الروایة مضمرة قد أعرض عنها المشهور فترد إلی أهلها.

ص:316


1- (1) الوسائل الباب - 20 - من أبواب حد القذف حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 21 - من أبواب حد القذف حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 20 - من أبواب حد القذف حدیث 4.

بعفوه، و لا فرق فی ذلک بین قذف الزوج لزوجته، و غیره، خلافا للصدوق حیث حتّم علیها استیفاءه، و هو شاذ.

فی قتل القاذف فی الرابعة

(و یقتل) القاذف (فی الرابعة لو تکرر الحد ثلاثا) (1) علی المشهور، خلافا لابن إدریس حین حکم بقتله فی الثالثة کغیره من أصحاب الکبائر، و قد تقدم الکلام فیه، و لا فرق بین اتحاد المقذوف، و تعدده هنا (2)(و لو تکرر القذف) لواحد (قبل الحد فواحد) (3) و لو تعدد المقذوف تعدد الحد مطلقا (4) إلا مع اتحاد الصیغة کما مرّ.

فی سقوط الحد بتصدیق المقذوف

(و یسقط الحد بتصدیق المقذوف) (5) علی ما نسبه إلیه من الموجب للحد (و البینة) علی وقوعه منه (و العفو) أی عفو المقذوف عنه،(و بلعان الزوجة) لو کان القذف لها. و سقوط الحد فی الأربعة لا کلام فیه، لکن هل یسقط مع ذلک (1)إذا تکرر الحد بتکرر القذف مرتین قتل فی الثالثة کما عن ابن إدریس لصحیح یونس (إن أصحاب الکبائر یقتلون فی الثالثة)(1)، و قیل: یقتل فی الرابعة، و هو المشهور، للاحتیاط فی التهجم علی الدم و قد مضی نظیره فراجع.

(2)فی تکرار حد القذف، فالمدار علی تکرار الحد کفعل، و الحد کفعل یثبت بالتفصیل المتقدم فیما لو قذف الجمیع بلفظ واحد أو متعدد و جاءوا مطالبین به متفرقین أو مجتمعین.

(3)بلا خلاف لصحیح ابن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (فی الرجل یقذف الرجل فیعود علیه بالقذف - أی یکرر - قال: إن قال له إن الذی قلت لک حق لم یجلد، و إن قذفه بالزنا بعد ما جلد ففیه الحد، و إن قذفه قبل أن یجلد بعشر قذفات لم یکن علیه إلا حدّ واحد)(2).

(4)أی سواء حد قبل قذف الثانی أو لا.

(5)قد عرفت أن من شروط الحد علی القاذف إحصان المقذوف، و إحصانه مشتمل علی عفته، فمع تصدیقه للقاذف یتبین فی نفس الأمر أنه غیر عفیف فلا حد علی القاذف، و علیه فالحد یسقط عن القاذف إما بالبینة کما فی الآیة أو بتصدیق المقذوف أو بعفوه، و هذه الثلاثة مشترکة، و یزاد أمر رابع فی قذف الزوجة فإن الحد یسقط عن الزوج باللعان و قد تقدم فی کتابه.

ص:317


1- (1) الوسائل الباب - 5 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد القذف حدیث 1.

التعزیر (1)؟ یحتمله، خصوصا فی الأخیرین (2)، لأن الواجب هو الحد و قد سقط و الأصل عدم وجوب غیره، و یحتمل ثبوت التعزیر فی الأولین (3) لأن قیام البینة و الإقرار بالموجب لا یجوز القذف، لما تقدم من تحریمه مطلقا (4)، و ثبوت التعزیر به (5) للمتظاهر بالزنا (6) فإذا سقط الحد بقی التعزیر علی فعل المحرّم، و فی الجمیع (7)، لأن العفو عن الحد لا یستلزم العفو عن التعزیر، و کذا اللعان (8)، لأنه بمنزلة إقامة البینة علی الزنا (9)(و لو قذف المملوک فالتعزیر له لا للمولی (10) فإن عفی لم یکن لمولاه المطالبة کما أنه لو طالب فلیس لمولاه العفو (و) لکن (یرث المولی تعزیر عبده) و أمته (لو مات) المقذوف (بعد قذفه)، لما تقدم من أن الحد یورث، و المولی وارث مملوکه (11).

فی الکفار لو تنابزوا بالألقاب

(و لا یعزّر الکفار لو تنابزوا بالألقاب) (12) أی تداعوا بألقاب الذم (أو عیّر) (1) وجهان من أن الثابت علیه هو الحد و قد سقط و لا دلیل علی ثبوت التعزیر، و من أن القذف و إن جاز إظهاره عند الحاکم لإقامة الحد علیه لکن یجوز مع البینة، فإذا عدمت فهو أمر محرم و من الکبائر التی یثبت فیها التعزیر کما تقدم.

(2)العفو و اللعان.

(3)تصدیق المقذوف و البینة.

(4)سواء کان القاذف صادقا أو کاذبا.

(5)بالقذف.

(6)فلغیره من باب أولی.

(7)أی یحتمل ثبوت التعزیر فی الجمیع، أما الأولان فلما ذکر و أما الأخیران فلأن العفو إلخ...

(8)لا یسقط فیه التعزیر کالعفو.

(9)و فیه: إن إطلاق الآیة تدل علی عدم الحد و عدم التعزیر لو جاء بالشهادة أولا عن زوجته.

(10)لأن القذف له فهو من حقه، و هذا مما یحق له التعرف فیه من دون الرجوع إلی مولاه لأنه لیس من حقوق المالیة.

(11)قد عرفت أن القذف و إن کان موروثا إلا أنه لا یرثه الزوج و الزوجة و کل من یتقرب به بسبب أن الإمام علی قول، و لذا علّق الشارح (نسب فی الشرائع ذلک إلی القیل مشعرا بتمریضه و لم نقف علی مستنده).

(12)التنابز بالألقاب بین المسلمین یوجب التعزیر لأنه فعل محرم، و أما بین الکفار فلا تعزیر-

ص:318

(بعضهم بعضا بالأمراض) من العور و العرج و غیرهما، و إن کان المسلم یستحق بها التعزیر.

(إلا مع خوف) وقوع (الفتنة) بترک تعزیرهم علی ذلک فیعزرون حسما لها (1) بما یراه الحاکم.

فی تأدیب الصبی

(و لا یزاد فی تأدیب الصبی علی عشرة أسواط، و کذا المملوک) (2)، سواء کان التأدیب لقذف أم غیره..

و هل النهی عن الزائد علی وجه التحریم أم الکراهة؟ ظاهره الأول و الأقوی الثانی، للأصل، و لأن تقدیر التعزیر إلی ما یراه الحاکم.

-علی المشهور، بل لم یذکر فیه خلاف کما فی المسالک، نعم فی الشرائع نسبه إلی القیل مشعرا بتمریضه، و لعل مستند عدم التعزیر هو استحقاق الکافر للاستخفاف به بخلاف المسلم إلا أنه لا نص علیه.

(1)للفتنة.

(2)لمرسل الفقیه: (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: لا یحلّ لوال یؤمن باللّه و الیوم الآخر أن یجلد أکثر من عشرة أسواط إلا فی حد)(1) و ظاهرة الحرمة فی الزیادة علی العشرة، و یؤیده خبر حماد بن عثمان: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: فی أدب الصبی و المملوک، فقال: خمسة أو ستة و أرفق)(2)، و خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن أمیر المؤمنین علیه السّلام ألقی صبیان الکتّاب ألواحهم بین یدیه لیخیر بینهم، فقال: أما إنها حکومة و الجور فیها کالجور فی الحکم، أبلغوا معلمکم إن ضربکم فوق ثلاث ضربات فی الأدب اقتص منه)3و خبر زرارة بن أعین، (سئل أبو عبد اللّه علیه السّلام عن المملوک کم أضربه؟ قال: ثلاثة أربعة خمسة)4.

و لکن حملت الزیادة، علی العشرة علی الکراهة لأن التعزیر بنظر الحاکم، نعم یجب أن یکون تأدیب الصبی و المملوک بداعی التأدیب الراجع إلی مصلحة المضروب، لا بداعی الغضب و الدواعی النفسانیة و لذا قال فی الجواهر: «فینبغی أن یعلم أن مفروض الکلام فی التأدیب الراجع إلی مصلحة الصبی مثلا، لا ما یثیره الغضب النفسانی فإن المؤدّب حینئذ قد یؤدب».

ص:319


1- (1) الوسائل الباب - 10 - من أبواب بقیة الحدود حدیث 2.
2- ( (2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 8 - من أبواب بقیة الحدود حدیث 1 و 2 و 3.

فی تعزیر کل من ترک واجبا أو فعل محرما

(و یعزر کل من ترک واجبا، أو فعل محرما) (1) قبل أن یتوب (بما یراه الحاکم، ففی الحر لا یبلغ حدّه) أی مطلق حده فلا یبلغ أقله و هو خمسة و سبعون. نعم لو کان المحرم من جنس ما یوجب حدا مخصوصا کمقدمات الزنا فالمعتبر فیه حد الزنا. و کالقذف بما لا یوجب الحد فالمعتبر فیه حدّ القذف (و فی) تعزیر (العبد لا یبلغ حده) کما ذکرناه.

فی سابّ النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم

(و سابّ النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم (2)،)

(1)بشرط أن یکون المحرم أو ترک الواجب من الکبائر لا الصغائر بلا خلاف فیه، لأن الصغائر مکفر عنها باجتناب الکبائر لقوله تعالی إِنْ تَجْتَنِبُوا کَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُکَفِّرْ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ (1)، هذا من جهة و من جهة أخری لا بدّ أن یکون قد ردعه أولا بالنهی ثم بالتوبیخ فإن لم یرتدع یعزر بالضرب و الدلیل علیه نفس التدرج فی أخبار النهی عن المنکر من القلب إلی اللسان إلی الید، و لذا قال صاحب الریاض بعد إیراد مضمون ما تقدم: «فلا دلیل علی التعزیر إلا فی مواضع مخصوصة».

و من جهة ثالثة فالتعزیر منوط بنظر الحاکم حسب ما یراه، لکن بشرط أن لا یبلغ حد الحر فی الحر و هو مائة، و لا حد العبد فی العبد و هو خمسون.

و قیل: یجب أن لا یبلغ أدنی الحد فی الحر و هو خمسة و سبعون و أن لا یبلغ أدنی الحد فی العبد و هو أربعون.

و قیل: إن ما ناسب الزنا من المحرمات یجب أن لا یبلغ حده و إن تجاوز حد غیره و ما ناسب القذف أو الشرب أن لا یبلغ حدهما، و فیما لا مناسب له أن لا یبلغ أدنی الحدود و هو خمسة و سبعون سوطا، و الأخیر للشیخ و الفاضل فی المختلف.

و قد ورد فی خبر حماد بن عثمان أنه یضرب دون حد العبد، و الخبر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قلت له: کم التعزیر؟ قال: دون الحد، قلت: دون ثمانین، قال: لا، و لکن دون أربعین فإنها حد المملوک، قلت: و کم ذاک؟ قال: علی قدر ما یراه الوالی من ذنب الرجل و قوة بدنه)(2) و العمل علیها قوی إذ کل موارد التعزیر أدنی من أربعین.

(2)یقتل بلا خلاف فیه، للأخبار منها: صحیح هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

(سئل عمن شتم رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، فقال: یقتله الأدنی فالأدنی قبل أن یرفع إلی-

ص:320


1- (1) النساء الآیة: 31.
2- (2) الوسائل الباب - 10 - من أبواب بقیة الحدود حدیث 3.

(أو أحد الأئمة (1) علیهم السّلام یقتل) و یجوز قتله لکل من أطلع علیه (و لو من غیر إذن الإمام) (2) أو الحاکم (3)(ما لم یخف) القاتل (علی نفسه، أو ماله، أو علی مؤمن) نفسا أو مالا (4) فینتفی الجواز، للضرر، قال الصادق علیه السّلام أخبرنی أبی أن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قال: الناس فیّ أسوة سواء من سمع أحدا یذکرنی بسوء فالواجب علیه -الإمام)(1)، و خبر محمد بن مسلم: (قلت لأبی جعفر علیه السّلام: أ رأیت لو أن رجلا سبّ النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أ یقتل؟ قال: إن لم تخف علی نفسک فاقتله)(2)، و لذا قیّد الحکم بما لم یخف علی الضرر علی نفسه أو ماله مما یکون فواته فیه ضرر علی النفس أو عرضه.

(1)فکذلک یقتل بلا خلاف فیه للأخبار منها: صحیح هشام بن سالم: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: ما تقول فی رجل سبّ به لعلیّ علیه السّلام: فقال لی: حلال الدم، و اللّه لو لا أن تعمّ بریئا)(3)، و خبر العامری: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: أیّ شیء تقول فی رجل سمعته یشتم علیا علیه السّلام و یبرأ منه، فقال لی: و اللّه هو حلال الدم، و ما ألف منهم برجل منکم، دعه)4.

(2)کما هو صریح صحیح هشام بن سالم المتقدم، و خالف فی ذلک المفید و الفاضل و اشتراط إذن الإمام لخبر عمار السجستانی: (إن أبا عبد اللّه بن النجاشی سأل الصادق علیه السّلام فقال: إنی قتلت ثلاثة عشر رجلا من الخوارج، کلهم سمعتهم یبرأ من علیّ بن أبی طالب علیه السّلام، فقال: لو کنت قتلتهم بأمر الإمام لم یکن علیها فی قتلهم شیء، و لکنک سبقت الإمام فعلیک ثلاثة عشر شاة تذبحها بمنی و تصدق بلحمها)(4) و حمل علی الاستحباب لقصور سنده.

(3)لخبر علی بن جعفر: (أخبرنی أخی موسی علیه السّلام: - إلی أن قال - فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: أخبرنی أبی أن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قال: إن الناس فی أسوة سواء، من سمع أحدا یذکرنی فالواجب علیه أن یقتل من شتمنی، و لا یرفع إلی السلطان، و الواجب علی السلطان إذا دفع إلیه أن یقتل من نال منی)(5).

(4)بالنسبة للمؤمن.

ص:321


1- (1) الوسائل الباب - 7 - من أبواب حد المرتد حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 25 - من أبواب حد القذف حدیث 3.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 27 - من أبواب حد القذف حدیث 1 و 2.
4- (5) الوسائل الباب - 22 - من أبواب دیات النفس حدیث 2.
5- (6) الوسائل الباب - 25 - من أبواب حد القذف حدیث 2.

أن یقتل من شتمنی و لا یرفع إلی السلطان، و الواجب علی السلطان إذا رفع إلیه أن یقتل من نال منی.

و سئل علیه السّلام عن من سمع یشتم علیا علیه السّلام و برئ منه قال: فقال لی:

هو و اللّه حلال الدم، و ما ألف رجل منهم برجل منکم دعه. و هو إشارة إلی خوف الضرر علی بعض المؤمنین.

و فی إلحاق الأنبیاء علیهم السّلام بذلک وجه قوی (1)، لأن تعظیمهم و کمالهم قد علم من دین الإسلام ضرورة فسبهم ارتداد.

و ألحق فی التحریر بالنبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أمه و بنته (2) من غیر تخصیص بفاطمة (صلوات اللّه علیها).

و یمکن اختصاص الحکم بها علیه السّلام (3) للإجماع علی طهارتها بآیة التطهیر (4). و ینبغی تقیید الخوف علی المال بالکثیر المضر فواته، فلا یمنع القلیل بالجواز و إن أمکن منعه الوجوب. و ینبغی إلحاق الخوف علی العرض بالشتم و نحوه علی وجه لا یتحمل عادة بالمال بل هو أولی بالحفظ (5).

فی قتل مدّعی النبوة

(و یقتل مدّعی النبوة) بعد نبینا محمد صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، لثبوت ختمه للأنبیاء من الدین ضرورة فیکون دعواها کفرا (6).

(1)و ادعی فی الغنیة علیه الإجماع، و لأن کما لهم و تعظیمهم علم من دین الإسلام ضرورة فسبهم ارتداد، و فیه: إنه لا یدل علی قتله إذ لیس کل مرتد یقتل إلا إذا کان فطریا، و لمرسل الطبرسی عن الرضا عن آبائه علیهم السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: (من سب نبیا قتل و من سب صاحب نبی جلد)(1).

(2)مراعاة لقدره.

(3)إلا أن یرجع السب إلی النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فیقتل کما لو سب أم النبی بعنوان أنها أم للنبی أو بنته کذلک.

(4)الأحزاب الآیة: 33.

(5)لأن المال یبذل لحفظ العرض و لیس العکس.

(6)فیقتل إذا کان مرتدا فطریا، و الأولی الاستدلال بالأخبار التی أوجبت قتله مطلقا سواء-

ص:322


1- (1) الوسائل الباب - 25 - من أبواب حد القذف حدیث 4.

فی قتل الشاک فی نبوة نبینا

(و کذا) یقتل (الشاک فی نبوة نبینا محمد صلّی اللّه علیه و آله و سلّم) (1) أو فی صدقه (إذا کان علی ظاهر الإسلام) احترز به (2) عن إنکار الکفار لها کالیهود و النصاری فإنهم لا یقتلون بذلک، و کذا غیرهم من فرق الکفار و إن جاز قتلهم بأمر آخر (3).

فی قتل الساحر

(و یقتل الساحر) (4)

-کان مرتدا فطریا أو ملیا منها: خبر ابن أبی یعفور: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: إن بزیعا یزعم أنه نبی فقال: أن سمعته یقول ذلک فاقتله، قال: فجلست إلی جنبه غیرة مرة فلم یمکنّی ذلک)(1)، و خبر أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السّلام: (قال النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: أیها الناس إنه لا نبی بعدی و لا سنة بعد سنتی، فمن ادعی ذلک فدعواه و بدعته فی النار، فاقتلوه)2، و خبر ابن فضال عن الرضا علیه السّلام (إلی أن قال و لا نبی بعده إلی یوم القیامة فمن ادعی بعده نبیا أوتی بکتاب بعده فدمه مباح لکل من سمع منه)3.

(1)أو فی صدقه، فإنه یقتل بلا خلاف فیه لصحیح ابن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (من شک فی اللّه و فی رسوله فهو کافر)(2) و لخبر الحارث بن المغیرة (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: لو أن رجلا أتی النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فقال: و اللّه ما أدری أ نبی أنت أم لا، کان یقبل منه؟ قال: لا، و لکن کان یقتله، إنه لو قبل ذلک ما أسلم منافق أبدا)(3).

(2)احترز بالتقید (إذا کان علی ظاهر الإسلام).

(3)کما لو کانوا محاربین.

(4)إن کان مسلما و یؤدب إن کان کافرا، بلا خلاف فیه للأخبار، منها: خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: إن ساحر المسلمین یقتل و ساحر الکفار لا یقتل، قیل: یا رسول اللّه، لم لا یقتل ساحر الکفار؟ فقال: لأن الکفر أعظم من السحر، و لأن السحر و الشرک مقرونان)(4).

و خبر زید بن علی عن آبائه علیهم السّلام: (سئل رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم عن الساحر، فقال: إذا جاء رجلان عدلان فشهدا بذلک فقد حلّ دمه)(5)، و خبر إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن علیا علیه السّلام کان یقول: من تعلم شیئا من السحر کان آخر عهده بربه، و حدّه القتل إلا أن یتوب)8.

ص:323


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 7 - من أبواب حد المرتد حدیث 2 و 3 و 4.
2- (4) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد المرتد حدیث 22.
3- (5) الوسائل الباب - 5 - من أبواب حد المرتد حدیث 4.
4- (6) الوسائل الباب - 1 - من أبواب بقیة الحدود حدیث 1.
5- ( (7 و 8) الوسائل الباب - 3 - من أبواب بقیة الحدود حدیث 1 و 2.

و هو من یعمل بالسحر (1) و إن لم یکن مستحلا (2)(إن کان مسلما و یعزّر) الساحر (الکافر) قال النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «ساحر المسلمین یقتل، و ساحر الکفار لا یقتل» قیل: یا رسول اللّه و لم لا یقتل ساحر الکفار؟ فقال: لأن الکفر أعظم من السحر، و لأن السحر و الشرک مقرونان (3)، و لو تاب الساحر قبل أن یقام علیه الحد سقط عنه القتل، لروایة إسحاق بن عمار عن الصادق علیه السّلام «أن علیا علیه السّلام کان یقول:

من تعلم شیئا من السحر کان آخر عهده بربه وحده القتل إلا أن یتوب». و قد تقدم فی کتاب البیع تحقیق معنی السحر و ما یحرم منه.

فی قاذف أم النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم

(و قاذف أم النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم مرتد یقتل) (4) إن لم یتب (و لو تاب لم تقبل) توبته (إذا کان) ارتداده (عن فطرة) کما لا تقبل توبته فی غیره (5) علی المشهور (6)، و الأقوی قبولها و إن لم یسقط عنه القتل. و لو کان ارتداده عن ملة قبل إجماعا. و هذا بخلاف ساب النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فإن ظاهر النص و الفتوی وجوب قتله و إن تاب. و من ثم قیده هنا خاصة (7)، و ظاهرهم أن سابّ الإمام کذلک (8).

الفصل الرابع فی شرب المسکر

اشارة

(الفصل الرابع) (فی الشرب) (9)

(1)بل فی خبر إسحاق المتقدم قتل المتعلم و إن لم یعمل.

(2)أی و لم یکن یری حلیة السحر، لأن النص عام یشمل المستحل و غیره، و عن بعض اختصاصه بالمستحل و قال فی الجواهر: «لم نتحققه و علی تقدیره غیر واضح الوجه».

(3)فکما أن عقاب المشرک مؤخر إلی یوم القیامة فکذلک عقاب السحر بخلاف المسلم.

(4)لأن القذف بمعناه المصطلح إنکار للضرورة الدینیة من أن أمهات النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم عفیفات لم تنجسهن الجاهلیة بأنجاسها.

(5)غیر القذف.

(6)فقدم البحث فیه فی کتاب الإرث، و فیه: إنه تکلیف بما لا یطاق فلذا اختار الشارح قبولها.

(7)أی قید المصنف الحکم بکونه إذا کان ارتداده عن فطرة و لازمه إذا کان ارتداده ملیا فتقبل توبته و یسقط الحد.

(8)یقتل و إن تاب لعموم النصوص المتقدمة.

(9)أی فی حد شرب المسکر.

ص:324

فی معنی المسکر المحرم

أی شرب المسکر، و لا یختص عندنا بالخمر (1)، بل یحرم جنس کل مسکر، و لا یختص التحریم بالقدر المسکر منه (فما أسکر جنسه) أی کان الغالب فیه الإسکار و إن لم یسکر بعض الناس لإدمانه أو قلة ما تناول منه، أو خروج مزاجه عن حد الاعتدال (یحرم) تناول (القطرة منه) (2) فما فوقها.

(و کذا) یحرم (الفقاع) (3) و إن لم یسکر، لأنه عندنا بمنزلة الخمر، و فی بعض الأخبار هو خمر مجهول. و فی آخر هو خمر استصغره الناس (4) و لا یختص التحریم بتناولهما صرفا (5)، بل یحرمان (و لو مزجا بغیرهما) و إن استهلکا بالمزج (6).

(و کذا) یحرم عندنا (العصیر) العنبی (إذا غلی) (7) بأن صار أسفله أعلاه (1)أی لا یختص التحریم بالخمر، و الخمر هو المسکر المتخذ من العنب، سواء کان المسکر متخذا من التمر أو العنب أو الزبیب أو العسل أو الشعیر أو الحنطة أو الذرة خلافا لأبی حنیفة حیث أباح بعضها، و قد تقدم الکلام فی باب الأشربة المحرمة.

(2)بلا خلاف للنصوص الکثیرة منها: خبر إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (عن رجل شرب حسوة خمر، قال: یجلد ثمانین، قلیلها و کثیرها حرام)(1)، و قد تقدم الکلام فی باب الأشربة المحرمة.

(3)بلا خلاف للأخبار منها: خبر عمار بن موسی: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الفقاع، فقال: هو خمر)(2)، و خبر الحسن بن الجهم و ابن فضال: (سألنا أبا الحسن علیه السّلام عن الفقّاع فقال: هو خمر مجهول و فیه حد شارب الخمر)3.

(4)و هو خبر الوشاء عن الرضا علیه السّلام، الوسائل الباب - 28 - من أبواب الأشربة المحرمة حدیث 1.

(5)للمسکر و الفقاع.

(6)لخبر عمر بن حنظلة قال: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: ما تری فی قدح من مسکر یصبّ علیه الماء حتی تذهب عادیته و یذهب سکره؟ فقال: لا و اللّه، و لا قطرة قطرت فی حبّ إلا أهریق ذلک الحبّ)(3)، و استشکل الأردبیلی و الفاضل الهندی فی صدق اسم المسکر علی المستهلک بالماء، و فیه: إنه اجتهاد فی قبال النص.

(7)سواء کان الغلیان بنفسه أو بالنار، و إن لم یقذف الزبد، فیحرم بلا خلاف فیه و یدل علیه-

ص:325


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد المسکر حدیث 7.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 27 - من أبواب الأشربة المحرمة حدیث 4 و 11.
3- (4) الوسائل الباب - 26 - من أبواب الأشربة المحرمة حدیث 2.

(و اشتد) بأن أخذ فی القوام و إن قل، و یتحقق ذلک (1) بمسمی الغلیان إذا کان بالنار (2).

و اعلم أن النصوص و فتوی الأصحاب و منهم المصنف فی غیر هذه العبارة مصرحة بأن تحریم العصیر معلق علی غلیانه من غیر اشتراط اشتداده. نعم من حکم بنجاسته جعل النجاسة مشروطة بالأمرین (3).

-الأخبار الکثیرة منها: صحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کل عصیر اصابه النار فهو حرام حتی یذهب ثلثاه و یبقی ثلثه)(1) و حسنة حماد بن عثمان عنه علیه السّلام: (لا یحرم العصیر حتی یغلی)(2)، خبر حماد بن عثمان الآخر عنه علیه السّلام:

(سألته عن شرب العصیر، قال: تشرب ما لم یغل، فإذا غلی فلا تشربه، قلت: جعلت فداک: أی شیء الغلیان؟ قال: القلب)3.

و النصوص لم تشترط فی حرمته إلا الغلیان، و قد اعتبر فی القواعد الغلیان أو الاشتداد، و المراد بالغلیان هو قلب أسفله أعلاه کما فی الخبر و هو المعنی العرفی له، و المراد بالاشتداد أن یحصل له ثخانة و کثافة، إلا أن الاشتداد لم یدل علیه دلیل و منه تعرف ضعف قول العلامة فی القواعد، مع أنه قد اکتفی بالغلیان فقط فی التحریر و المختلف، و تعرف ضعف قول المحقق فی المعتبر من أنه یحرم عند الغلیان و لا ینجس إلا مع الاشتداد.

هذا من جهة و من جهة أخری فالنصوص لم تصرح إلا بحرمته، و أما نجاسته فلا، و لذا ذهب البعض إلی طهارته، و قد حققنا المسألة فی باب الطهارة و قلنا إن الأخبار قد صرحت بحرمته باعتبار أنه أحد أفراد المسکر إلا أنه فرد خفی فلا بد من الحکم بنجاسته إذا ثبتت حرمته و لذا شاع بین المتأخرین کما فی المسالک، القول بنجاسته.

و من جهة ثالثة یحدّ شاربه ثمانین جلدة و هو إجماعی کما فی التنقیح و غیره و قال فی الریاض: «و لم أقف علی حجة معتدّ بها سواه»، نعم علی القول بأنه من أفراد المسکر الخفیة فیکفی التمسک بعموم أدلة جلد شارب المسکر.

(1)أی الاشتداد.

(2)للقول بالتلازم بین الغلیان و الاشتداد إذا کان الغلیان بالنار أما لو کان الغلیان بنفسه فلا، و فیه: أنه لا تلازم بین مجرد و أوله و بین الاشتداد کما هو الظاهر بالوجدان.

(3)من الغلیان و الاشتداد.

ص:326


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب الأشربة المحرمة حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب الأشربة المحرمة حدیث 1 و 2.

و المصنف هنا جعل التحریم (1) مشروطا بهما، و لعله بناء علی ما ادعاه فی الذکری من تلازم الوصفین، و أن الاشتداد مسبّب عن مسمی الغلیان: فیکون قید الاشتداد هنا مؤکدا.

و فیه نظر، و الحق أن تلازمهما مشروط یکون الغلیان بالنار کما ذکرناه، أما لو غلی و انقلب بنفسه فاشتداده بذلک (2) غیر واضح (3). و کیف کان فلا وجه لاشتراط الاشتداد فی التحریم، لما ذکرناه من إطلاق النصوص بتعلیقه علی الغلیان، و الاشتداد و إن سلّم ملازمته لا دخل له فی سببیة التحریم.

و یمکن أن تکون النکتة فی ذکر المصنف له (4) اتفاق القائل بنجاسته علی اشتراطه فیها (5)، مع أنه لا دلیل ظاهرا علی ذلک مطلقا (6) کما اعترف به المصنف فی غیر هذا الکتاب، إلا أن یجعلوا الحکم بتحریمه دلیلا علی نجاسته (7). کما ینجس العصیر لما صار خمرا و حرم. و حینئذ فتکون نجاسته مع الاشتداد مقتضی الحکم بتحریمه معه (8)، لأنها مرتبة علیه (9)، و حیث صرحوا باعتبار الاشتداد فی النجاسة و أطلقوا القول بالتحریم بمجرد الغلیان لزم أحد الأمرین:

إما القول بعدم ترتب النجاسة علی التحریم (10)، أو القول بتلازم الاشتداد و الغلیان، لکن لما لم یظهر للنجاسة دلیل سوی التحریم الموجب لظن کونه کالخمر و غیره من الربوبات المسکرات لزم اشتراک التحریم و النجاسة فی معنی واحد و هو (1)لا النجاسة.

(2)أی بما لو غلی بنفسه.

(3)و کذا الغلیان بالنار إذا کان فی أوله.

(4)للاشتداد.

(5)أی اشتراط الاشتداد فی النجاسة.

(6)أی علی النجاسة سواء کان قبل الاشتداد أو بعده أو قبل الغلیان أو بعده.

(7)و هو الصحیح باعتبار أنه من الأفراد الخفیة للمسکر.

(8)أی بتحریم العصیر مع الاشتداد.

(9)أی لأن النجاسة مرتبة علی التحریم.

(10)لأن شرط النجاسة مغایر لشرط التحریم.

ص:327

الغلیان مع الاشتداد (1)، و لما کانا متلازمین کما ادعاه (2) لم یناف تعلیق التحریم علی الغلیان تعلیقه علی الاشتداد للتلازم، لکن فی التصریح بتعلیقه علیهما (3) تنبیه علی مأخذ الحکم (4)، و جمع (5) بین ما أطلقوه فی التحریم، و قیدوه فی النجاسة.

و هذا حس (6) لو کان (7) صالحا لدلیل النجاسة، إلا أن عدم دلالته أظهر (8) و لکن المصنف فی البیان اعترف بأنه لا دلیل علی نجاسته إلا ما دل علی نجاسة المسکر و إن لم یکن مسکرا فرتب بحثه علیه (9).

(و) إنما یحرم العصیر بالغلیان إذا (لم یذهب ثلثاه به، و لا انقلب خلاًّ) فمتی تحقق أحدهما حلّ و تبعته الطهارة أیضا.

أما الأول فهو منطوق بالنصوص (10).

(1)بل الغلیان فقط، و لم یشترط الاشتداد فی النجاسة إلا المحقق فی المعتبر، و العلامة فی القواعد، فراجع.

(2)المصنف سواء کان الغلیان بالنار أو بنفسه، أو بالنار فقط کما ادعاه الشارح فقط، و قد عرفت منع التلازم.

(3)أی بتعلیق التحریم علی الغلیان و الاشتداد.

(4)من أن دلیل النجاسة هو نفس التحریم، و ذلک لأن النجاسة مشروط بالاشتداد علی قول و التحریم علی الغلیان کما هو ظاهر النصوص و الفتاوی، فتقیید التحریم بالغلیان و الاشتداد تنبیه علی أن التحریم هو دلیل الحکم بالنجاسة المشروطة بالاشتداد.

(5)عطف علی (تنبیه).

(6)أتعب الشارح نفسه الشریفة للجمع بین وضعی الاشتداد و الغلیان فی التحریم، مع أنک قد عرفت أن الاشتداد لا أثر له فی الأخبار، و أن الغلیان فقط هو شرط التحریم و النجاسة و لا داعی لهذا البحث فی الجمع.

(7)أی التحریم.

(8)بدعوی أن الإمام فی مقام البیان و لم یصرح إلا بالتحریم فهو أدل علی الطهارة منه علی النجاسة، و قد عرفت أنه فی مقام بیان أنه من الأفراد الخفیة للمسکر فیحقه حکمه من التحریم و النجاسة.

(9)من أن التحریم هل هو دلیل علی النجاسة و إن لم یکن العصیر مسکرا، و أما لو کان مسکرا فیندرج تحت عموم أدلة حرمة و نجاسة المسکر.

(10)و قد تقدم بعضها فی أول البحث فراجع.

ص:328

و أما الثانی فللانقلاب إلی حقیقة أخری و هی مطهرة (1). کما لو انقلب الخمر خلا مع قوة نجاسته (2) بالإضافة إلی العصیر، و لو صار دبسا (3) قبل ذهاب الثلثین ففی طهره وجهان أجودهما العدم، مع أنه فرض نادر، عملا بالاستصحاب مع الشک فی کون مثل ذلک (4) مطهرا (5).

فی حدّ المسکر

(و یجب الحدّ ثمانون جلدة (6) (1)بلا خلاف فیتبع الحکم الماهیة، و بما أن ماهیة الخل الطهارة فیحکم بطهارته.

(2)أی فالانقلاب مطهر للخمر إذا انقلب خلا مع أن نجاسة الخمر مدلول النصوص حرامة، فبالأولی الحکم بطهارة العصیر إذا انقلب خلا مع أن نجاسته محل خلاف.

(3)قال فی المسالک «لا فرق مع عدم ذهاب ثلثیه فی تحریمه بین أن یصیر دبسا و عدمه، لإطلاق النصوص باشتراط ذهاب الثلثین - إلی أن قال - مع أن هذا فرض بعید، لأنه لا یصیر دبسا حتی یذهب أربعة أخماسه بالوجدان فضلا عن الثلثین.

و یحتمل الاکتفاء بصیرورته دبسا علی تقدیر إمکانه لانتقاله عن اسم العصیر کما یطهر بصیرورته خلا کذلک» انتهی.

و الاحتمال الثانی أقوی، لأن النصوص المصرحة باشتراط ذهاب الثلثین فی حلیته بشرط إبقاء کونه عصیرا.

(4)من الانقلاب إلی الدبس.

(5)و لا یجری الاستصحاب بعد القطع بکونه قد خرج عن ماهیة العصیر إلی ماهیة أخری یأخذ حکمها و هی الدبس، مع أنک عرفت أنه فرض غیر ممکن فلا داعی للبحث فی حکمه.

(6)بلا خلاف فیه للأخبار الکثیرة منها: موثق إسحاق بن عمار: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل شرب حسوة خمر، قال: یجلد ثمانین جلدة قلیلها و کثیرها حرام)،(1) و صحیح برید بن معاویة: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: إن فی کتاب علی علیه السّلام یضرب شارب الخمر ثمانین و شارب النبیذ ثمانین)(2)، و خبر زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام فی تعلیل الثمانین للحد: (أنه علیه السّلام قال: إذا شرب الرجل الخمر فسکر هذی، فإذا هذی افتری، فإذا فعل ذلک فاجلدوه جلد المفتری ثمانین)3.

ص:329


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المسکر حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد المسکر حدیث 1 و 7.

(بتناوله) أی تناول شیء مما ذکر من المسکر (1) و الفقاع (2) و العصیر (3). و فی إلحاق الحشیشة بها (4) قول حسن (5)، مع بلوغ المتناول (6) و عقله، و اختیاره، و علمه (و إن کان کافرا إذا تظاهر به) (7) أما لو استتر (8)، أو کان صبیا، أو مجنونا، أو مکرها، أو مضطرا لحفظ الرمق، أو جاهلا بجنسه، أو تحریمه فلا حد و سیأتی التنبیه علی بعض القیود. و لا فرق فی وجوب الثمانین بین الحر و العبد علی الأشهر (9)، (1)کما فی صحیح برید بن معاویة المتقدم.

(2)کما فی خبر ابن الجهم و ابن فضال المتقدم سابقا.

(3)للإجماع المتقدم کما فی الریاض، و لشمول أخبار المسکر له باعتباره أنه من أفراده.

(4)أی بالثلاثة.

(5)باعتبار أن الجمیع مسکر، و وجه عدم الإلحاق أن أدلة وجوب الحد منصرفة إلی المسکر المائع بالأصالة، و الخشیة لیس منه.

(6)شروع فی قیود ثبوت الحد علی شارب المسکر، أما البلوغ و العقل فلحدیث رفع القلم، و أما الاختیار و العلم فلحدیث رفع عن امتی تسعة أشیاء منها الجهل و عدم العلم و الإکراه.

و قیّد المصنف الشارب بکونه متناولا و هو قید خامس لیعم الشرب أو أخذه ممزوجا بغیره من الأدویة و غیرها و لذا قال فی المسالک «المراد بالتناول إدخاله إلی البطن بالأکل و الشرب خالصا و ممزوجا بغیره، سواء بقی مع مزجه ممیزا أو لا، و یخرج من ذلک استعماله بالاحتقان و السعوط حیث لا یدخل الحلق، لأنه لم یعدّ تناولا فلا یحدّ به و إن حرم».

(7)إن وصلیة، و الکافر لا یحدّ إذا شربها متسترا فی بیته للأخبار منها: موثق أبی بصیر عن أحدهما علیهما السّلام: (کان علیّ علیه السّلام یجلد الحر و العبد و الیهودی و النصرانی فی الخمر و النبیذ ثمانین، قلت: ما بال الیهودی و النصرانی؟ قال: إذا أظهروا ذلک فی مصر من الأمصار، لأنهم لیس لهم أن یظهروا شربها)(1)، و صحیح أبی بصیر الآخر: (حد الیهودی و النصرانی و المملوک فی الخمر و الفریة سواء، و إنما صولح أهل الذمة علی أن یشربوها فی بیوتهم)2.

(8)الکافر.

(9)للأخبار منها: خبرا أبی بصیر المتقدمین و هما قد صرحا بالتسویة بین العبد و الحر فی الجلد ثمانین.-

ص:330


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 6 - من أبواب حد المسکر حدیث 2 و 6.

لروایة أبی بصیر، و برید بن معاویة، و زرارة عن الصادق علیه السّلام (1).

(و فی العبد قول) للصدوق (بأربعین) (2) جلدة نصف الحر، و نفی عنه فی المختلف البأس. و قواه المصنف فی بعض تحقیقاته، لروایة أبی بکر الحضرمی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی مملوک قذف حرا.

قال: یحدّ ثمانین، هذا من حقوق المسلمین، فأما ما کان من حقوق اللّه (عز و جل) فإنه یضرب نصف الحد.

قلت: الذی من حقوق اللّه ما هو؟

قال: إذا زنی، أو شرب الخمر فهذا من الحقوق التی یضرب فیها نصف الحد، و حمله الشیخ علی التقیة، و روی یحیی بن أبی العلاء عنه علیه السّلام: حد -و منها: ما یشمله بإطلاقه کخبر برید بن معاویة: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: إن فی کتاب علی علیه السّلام یضرب شارب الخمر ثمانین، و شارب النبیذ ثمانین)(1)، و خبر زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام: (إذا شرب الرجل الخمر فسکر هذی، فإذا هذی افتری، فإذا فعل ذلک فاجلدوه جلد المفتری ثمانین)(2).

(1)قد تقدم أن الخبر عن أبی جعفر علیه السّلام، و قد صرح بذلک أیضا فی المسالک.

(2)لخبر أبی بکر الحضرمی: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن عبد مملوک قذف حرا، قال:

یجلد ثمانین هذا من حقوق المسلمین، فأما ما کان من حقوق اللّه فإنه یضرب نصف الحد، قلت: الذی من حقوق اللّه ما هو؟ قال: إذا زنی أو شرب الخمر فهذا من الحقوق التی یضرب فیها نصف الحد)(3)، و یؤیده خبر حماد بن عثمان: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: التعزیر کم هو؟ قال: دون الحد، قلت: دون ثمانین؟ قال: لا و لکن دون الأربعین فإنها حد المملوک)4 و هو شامل لکل حد للمملوک.

و خبر الحضرمی معلّل فهو المقدم عند التعارض لکونه آبیا عن التخصیص إلا أن المشهور الأول.

ص:331


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد المسکر حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد المسکر حدیث 7.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 6 - من أبواب المسکر حدیث 7 و 6.

المملوک نصف حد الحر (1) من غیر تفصیل (2). و خصه (3) بحد الزنا.

و التحقیق أن الأحادیث من الطرفین غیر نقیة الإسناد و أن خبر التنصیف أوضح (4)، و أخبار المساواة أشهر.

فی کیفیّة الضرب

(و یضرب الشارب) (5) و من فی معناه (6)(عاریا) مستور العورة (علی ظهره و کتفیه) و سائر جسده (و یتّقی وجهه، و فرجه، و مقاتله. و یفرّق الضرب علی جسده) غیر ما ذکر (7)(و لو تکرر الحد قتل فی الرابعة) (8)، لما رواه الصدوق فی (1)الوسائل الباب - 6 - من أبواب المسکر حدیث 9.

(2)بین حق اللّه و حق الناس، و یؤیده أیضا خبر حماد بن عثمان المتقدم.

(3)أی الشیخ.

(4)لأنه معلّل.

(5)غیر المرأة عاریا مستور العورة، فیضرب علی ظهره و کتفیه و سائر جسده و یتقی وجهه و فرجه و مقاتله للصحیح أبی بصیر (سألته عن السکران و الزانی قال: یجلدان بالسیاط مجردین بین الکتفین، فأما الحد فی القذف فیجلد علی ما به ضربا بین الضربین)(1)، و عن الشیخ فی المبسوط أنه یضرب بدون تجریده من ثیابه، لأن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أمر بالضرب و لم یأمر بالتجرید و هو ضعیف لما سمعت فی الخبر.

(6)و هو مطلق المتناول للمسکر و أنه لم یکن بطریق الشراب، و أیضا شارب الحشیشة علی قول الشارح لأنه یدخل دخانها و هو لیس بشرب حقیقة.

(7)من الفرج و المقاتل و الوجه.

(8)ذهب المشهور إلی أنه یقتل فی الثالثة للنصوص المستفیضة منها: صحیح أبی عبیدة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه)(2)و صحیح سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد الثالثة فاقتلوه)3 و صحیح سلیمان بن خالد الآخر (کان أمیر المؤمنین علیه السّلام یجلد فی النبیذ المسکر ثمانین کما یضرب فی الخمر، و یقتل فی الثالثة کما یقتل صاحب الخمر)4 و یؤیده صحیح یونس عن أبی الحسن الماضی علیه السّلام (أصحاب الکبائر کلها إذا أقیم علیهم الحدود مرتین قتلوا فی الثالثة)5.-

ص:332


1- (1) الوسائل الباب - 8 - من أبواب المسکر حدیث 1.
2- ( (2 و 3 و 4 و 5) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد المسکر حدیث 3 و 1 و 13 و 2.

الفقیه مرسلا أنه یقتل فی الرابعة (1)، و لأن الزنا أعظم منه ذنبا، و فاعله یقتل فی الرابعة کما مضی. فهنا أولی. و ذهب الأکثر إلی قتله فی الثالثة، للأخبار الکثیرة الصحیحة الصریحة فی ذلک بخصوصه، و صحیحة یونس عن الکاظم علیه السّلام یقتل «أصحاب الکبائر کلهم فی الثالثة إذا أقیم علیهم الحد مرتین». و هذا أقوی.

و المرسل غیر مقبول مطلقا (2) خصوصا مع معارضة الصحیح و یمنع قتل الزانی فی الرابعة و قد تقدم (و لو شرب مرارا) و لم یحد (فواحد) (3) کغیره مما یوجب الحد -و ذهب الشیخ فی الخلاف و المبسوط و الصدوق فی المقنع إلی أنه یقتل فی الرابعة و استدل الشیخ فی الخلاف بالنبوی (من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن من شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاقتلوه)(1)، و لأن الزنا أعظم من الشرب و لذا یجلد فی الزنا مائه و فی الشرب ثمانین، مع أنه لا یقتل فی الزنا إلا فی الرابعة فیکون فی الشرب کذلک من باب أولی، و للاحتیاط فی الدماء. و فیه: عدم حجیة النبوی لأنه من طرق العامة فضلا عن عدم مقاومته للنصوص الصریحة و الصحیحة علی قتله فی الثالثة، و لأنه یقتل فی الثالثة فی الزنا علی قول، و قد تقدم، و لا معنی لوجوب الاحتیاط فی الرابعة مع وجود هذه النصوص الصحیحة الدالة علی قتله فی الثالثة، فإن الاحتیاط هنا موجب لطرح الهدایة و هذا لا یجوز لأن فیهما حکما إلزامیا.

(1)قال فی الوسائل: «قال الصدوق فی الفقیه: و روی أنه یقتل فی الرابعة»(2) و قال الشیخ فی الوسائل أیضا: «قال الکلینی: قال جمیل: و روی عن بعض أصحابنا أنه یقتل فی الرابعة، قال ابن أبی عمیر: کأن المعنی أن یقتل فی الثالثة، و من کان إنما یؤتی به یقتل فی الرابعة»3 فهذا المرسل عن الصدوق تارة و عن جمیل کما فی الکافی تارة أخری لا یصلح لمعارضة النصوص السابقة فضلا عن أن قول ابن أبی عمیر یدل علی شیوع الحکم بقتله فی الثالثة فلذا حمل المرسل علی من یؤتی به فی الرابعة إلی الإمام بحیث لم یتحقق إتیانه مع حده ثلاث مرات بل مرتین فیقتل عند إتیانه للإمام ثالثا و إلا کان بالنسبة لشربه رابعة.

(2)مع المعارض أولا، و إن کان مع المعارض أولی بعدم القبول، فکیف إذا کان المعارض متعددا و صحیح السند.

(3)بلا خلاف فیه لصدق اسم الشرب علی الجمیع مع عدم تخلل الحد حتی یحسب مرة،-

ص:333


1- (1) سنن البیهقی ج 8 ص 314.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد المسکر حدیث 9 و 7.

فی مستحلّ الخمر

(و یقتل مستحل الخمر (1) إذا کان عن فطرة) و لا یستتاب، لأنه مرتد من حیث إنکاره ما علم من دین الإسلام ضرورة.

(و قیل): و القائل الشیخان:(یستتاب) شاربها عن فطرة. فإن تاب و إلا قتل و الأقوی الأول.

نعم لو کان عن ملة استتیب قطعا کالارتداد بغیره فإن تاب و إلا قتل و تستتاب المرأة مطلقا (2).

(و کذا یستتاب) الرجل (لو استحل بیعها فإن امتنع) من التوبة (قتل) (3) کذا -سواء اختلف جنس المشروب أو اتحد.

(1)لأنه قد کفر بإنکار ما علم ضرورة أنه من الدین، فیقتل إذا کان عن فطرة لأن هذا هو حکم المرتد الفطری و لا یستتاب.

و ذهب الشیخان إلی أن مستحل الخمرة یستتاب، فإن تاب أقیم علیه الحد، و إن امتنع قتل من غیر فرق بین الفطری و الملی، لا لما رواه المفید (أنه ردت العامة و الخاصة أن قدامة بن مظعون شرب الخمر، فأراد عمر أن یحدّه، فقال: لا یجب علیّ الحد، إن اللّه یقول: لَیْسَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِیما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا فدرأ عنه عمر الحد.

فبلغ ذلک أمیر المؤمنین علیه السّلام فمشی إلی عمر فقال: لیس قدامة من أهل هذه الآیة و لا من سلک سبیله فی ارتکاب ما حرّم اللّه، إن الذین آمنوا و عملوا الصالحات لا یستحلون حراما، فاردد قدامة فاستتبه مما قال، فإن تاب فأقم علیه الحد، و إن لم یتب فاقتله فقد خرج عن الملة، فاستیقظ عمر لذلک و عرف قدامة الخبر فأظهر التوبة و الإقلاع فدرأ عنه القتل و لم یدر کیف یحدّه، فقال لعلی علیه السّلام: أشر علیّ، فقال: حده ثمانین جلدة، إن شارب الخمر إذا شربها سکر، و إذا سکر هذی، و إذا هذی افتری، فجلده عمر ثمانین جلدة). و حمل الخبر علی کون المنکر لحرمة الخمر لشبهة فی حقه لقرب سهوه بالإسلام مثلا کقدامة فیتجه قول الشیخین حینئذ.

(2)سواء کان ارتدادها عن فطرة أو ملة، و قد تقدم البحث فیه فی کتاب الإرث فراجع.

(3)اعلم أنه لا نصوص علی کفر منکر الضرورة، و إنما هو حکم تبعا للقواعد بحیث إن إنکار الضرورة موجب لتکذیب النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، و تکذیبه موجب للکفر، و علیه فلا داعی لجعل الإنکار فی خصوص الضرورة کما فعل المشهور أو فی خصوص ما تم علیه إجماع -

ص:334

أطلقه المصنف من غیر فرق بین الفطری و الملی، و لو باعها غیر مستحل عزّر (1).

(و لا یقتل مستحلّ) شرب (غیرها) أی غیر الخمر من المسکرات، للخلاف فیه بین المسلمین. و هو کاف فی عدم کفر مستحله و إن أجمعنا علی تحریمه.

و ربما قیل (2) بإلحاقه بالخمر و هو نادر، و أولی بالعدم (3) مستحل بیعه.

فی ما لو تاب الشارب للمسکر

(و لو تاب الشارب) للمسکر (قبل قیام البینة) علیه (سقط الحد) عنه (4)(و لا یسقط) الحد لو کانت توبته (بعدها) أی بعد قیام البینة لأصالة البقاء و قد تقدم مثله.

(و) لو تاب (بعد إقراره) بالشرب (یتخیر الإمام) بین إقامته علیه، و العفو، -جمیع المسلمین و لم یقع فیه الخلاف کما فسر الضرورة بذلک الشارح فی المسالک بل إن ما ثبت علی نحو العلم أنه من الدین فإنکاره موجب للکفر لأنه موجب لتکذیب النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بنظر المنکر العالم، و منه تعرف ضعف ما قاله المصنف و الشارح فی مستحل بیع الخمر أو مستحل غیر الخمر من المسکرات بدعوی أن حکمها مختلف فیه.

(1)لإقدامه علی الفعل المحرم، و قد عرفت سابقا ثبوت التعزیر علی ارتکاب الکبائر بحسب ما یراه الحاکم.

(2)و هو قول ابن إدریس.

(3)عدم الإلحاق.

(4)بلا خلاف فیه، و دلیلهم الإجماع و لذا قال فی الریاض بعد ما حکی الإجماع (و هو الحجة مضافا إلی جمیع ما مرّ فی الزنا من الأدلة)، و أغلب الظن أن الحکم بالسقوط هنا من باب القیاس علی الزنا الذی هو أشد و إن تاب بعدها لم یسقط علی المشهور للاستصحاب خلافا لأبی الصلاح فجوّز للإمام العفو عنه و قال فی الریاض عنه (و حجته غیر واضحة).

و لو تاب قبل الإقرار فیسقط الحد عنه، و إن تاب بعده فالمشهور أن الإمام مخیّر بین العفو و الاستیفاء لتخیره فی باب الزنا و اللواط اللذین هما أعظم من الشرب.

و ذهب ابن إدریس إلی وجوب الاستیفاء و ذلک لأن التوبة لا توجب التخییر إلا فی الرجم فقط مع بطلان القیاس عندنا، و قول ابن إدریس أقوی اقتصارا علی مورد النص فی التخییر، و فی غیر مورد النص فیرجع إلی الأصول العملیة، و الأصل العملی هنا یقتضی بقاء الحد فیجب استیفائه.

ص:335

لأن التوبة إذا أسقطت تحتم أقوی العقوبتین (1) و هو القتل فإسقاطها (2) لأدناهما (3) أولی.

و قیل: یختص الحکم بما یوجب القتل، و یتحتم هنا (4) استیفاؤه عملا بالأصل و الأول أشهر.

فی ثبوت هذا الفعل

(و یثبت) هذا الفعل (بشهادة عدلین (5)، أو الإقرار مرتین) (6) مع بلوغ المقر (7)، و عقله، و اختیاره، و حریته (و لو شهد أحدهما بالشرب، و الآخر بالقیء (8) (1)فی الزنا و هو القتل.

(2)أی إسقاط التوبة.

(3)و هو الجلد.

(4)فی حد الشرب.

(5)بلا خلاف فیه لعموم ما دل علی اعتبار البینة، و اشتراط العدلین من الرجال لما مرّ من عدم اعتبار شهاد النساء لا منفردات و لا منضمات فی الحدود.

(6)علی المشهور و ادعی علیه الشیخ فی المبسوط الإجماع، و لا نص علیه خاص و إنما لتنزیل إقراره منزلة الشهادة علی نفسه فیعتبر فیه التعدد کما یعتبر فیها.

(7)قد تقدم أن إقرار الصبی و المجنون و المکره و العبد لا عبرة به لحدیث رفع القلم و حدیث الرفع و لأن إقرار العبد فی حق غیره لا فی حق نفسه.

(8)وجب الحد علی المشهور، بل عن الخلاف و التنقیح و السرائر دعوی الإجماع علیه، و الأصل فیه خبر الحسین بن زید عن أبی عبد اللّه عن أبیه علیهم السّلام قال (أتی عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون و قد شرب الخمر، فشهد علیه رجلان أحدهما خصیّ و هو عمرو التمیمی و الآخر المعلّی بن الجارود، فشهد أحدهما أنه رآه یشرب، و شهد الآخر أنه رآه یقیء الخمر، فأرسل عمر إلی ناس من أصحاب رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فیهم أمیر المؤمنین علیه السّلام فقال لأمیر المؤمنین علیه السّلام: ما تقول یا أبا الحسن، فإنک الذی قال له رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: أنت أعلم هذه الأمة و أقضاها بالحق، فإن هذین قد اختلفا فی شهادتهما؟ قال: ما اختلفا فی شهادتهما و ما قاءها حتی شربها)(1).

و فی الطریق ضعف لأن فیه موسی بن جعفر البغدادی و هو مجهول الحال، و جعفر بن-

ص:336


1- (1) الوسائل الباب - 14 - من أبواب حد المسکر حدیث 1.

قیل: یحد لما روی عن علی علیه السّلام) فی حق الولید (1) لمّا شهد علیه واحد بشربها، و آخر بقیئها فقال علی علیه السّلام:(ما قاءها إلا و قد شربها) قال المصنف فی الشرح (2): علیها فتوی الأصحاب و لم أقف فیه علی مخالف، لکن العلامة جمال الدین بن طاوس قال فی الملاذ: لا أضمن درک طریقه (3). و هو مشعر بالتوقف، و کذلک العلامة استشکل الحکم فی القواعد من حیث إن القیء و إن لم یحتمل إلا الشرب، إلا أن مطلق الشرب لا یوجب الحد، لجواز الإکراه. و یندفع بأن الإکراه خلاف الأصل، و لأنه لو کان کذلک لادعاه، و یلزم من قبول الشهادة کذلک (4) قبولها لو شهدا معا بالقیء (5) نظرا إلی التعلیل المذکور.

و قد یشکل ذلک (6) بأن العمدة فی الأول (7) الإجماع کما ادعاه ابن إدریس -یحیی و هو مجهول العین، و عبد اللّه بن عبد الرحمن و هو مشترک بین الثقة و غیره، و لذا قال السید جمال الدین بن طاوس فی ملاذ الشیعة: لا أضمن درک طریقه، و هو مشعر بتردده، و کذلک تردد فیه المحقق فی الشرائع و العلامة فی القواعد حیث إن القیء و إن استلزم الشرب إلا أن مطلق الشرب لا یکفی فی إثبات الحد بل لا بد من وقوعه علی وجه الاختیار.

و ردّ إشکال السند بأنه منجبر بعمل الأصحاب المؤید بدعوی الإجماع کما عن جماعة، و ردّ إشکال المتن بأن الأصل عدم الإکراه، و لو کان الإکراه واقعا لادّعاه، و لو ادعی الاکراه سمع منه بلا بینة و لا یمین لما تقدم من أن قول المنکر مقبول بلا یمین لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

(1)کما فی المسالک و الریاض و غیرهما، إلا أنه فی الوسائل و الجواهر أنه فی حق قدامة بن مظعون.

(2)شرح الإرشاد.

(3)الدرک هو العیب، و المراد أن طریقه معیوب أو یحتمل العیب فلا أتعهد بصحته.

(4)بحیث شهد أحدهما علی الشرب و الآخر علی القیء.

(5)نظرا إلی التعلیل الوارد فیها: ما قاءها حتی شربها، و هذا ما ذهب إلیه الشیخ جماعة بل قیل إنه المشهور، و اقتصر بعضهم علی مورد النص فلا تقبل الشهادة لو شهدا بالقیء لاحتمال أن القیء مستلزم لمطلق الشرب، و فیه: أنه مندفع بما سمعت سابقا.

(6)قبول الشهادة علی القیء.

(7)و هو الشهادة علی الشرب و القیء.

ص:337

و هو منفی فی الثانی (1) و احتمال الإکراه یوجب الشبهة و هی تدرأ الحد و قد علم ما فیه. نعم یعتبر إمکان مجامعة القیء للشرب المشهود به (2)، لو شهد أحدهما أنه شربها یوم الجمعة، و آخر أنه قاءها قبل ذلک، أو بعده بأیام لم یحد، لاختلاف الفعل و لم یقم علی کل فعل شاهدان (و لو ادعی الإکراه قبل)، لاحتماله فیدرأ عنه الحد، لقیام الشبهة (إذا لم یکذبه الشاهد) (3) بأن شهد ابتداء بکونه مختارا، أو أطلق الشهادة بالشرب، أو القیء ثم أکذبه فی الإکراه لمّا ادعاه.

فی حدّ معتقد حلّ النبیذ

(و یحد معتقد حلّ النبیذ) (4) المتخذ من التمر (إذا شربه) و لا یعذر (5) فی الشبهة (6) بالنسبة إلی الحد و إن أفادته (7) درء القتل لإطلاق النصوص الکثیرة، بحد شاربه کالخمر، و أولی بالحد لو شربه محرّما له و لا یقتل أیضا (8) کالمستحل (9)(و لا) (1)فی الشهادة علی القیء فقط.

(2)فلا بد أن یجامع القیء المشهور به للشرب المشهور به لتکون الشهادة من اثنین علی فعل واحد، أما لو شهد أحدهما بأنه شربها یوم الجمعة و شهد الآخر أنه قاءها یوم الخمیس فهی شهادة من اثنین علی فعلین بل هی شهادتان.

(3)فمع التکذیب لا تسمع دعوی الإکراه لوجود البینة علی عکسها.

(4)ادعی سید الریاض الاتفاق علی عدم سقوط الحد لو اعتقد الحلیة و شرب لإطلاق أدلة حد الشارب، و فیه:

أولا: لا معنی لتخصیص الکلام من المصنف فی النبیذ بل یعم سائر المسکرات التی وقع الخلاف بین المسلمین فی حرمته.

و ثانیا: کیف یحد مع أنه جاهل بالحرمة بل معتقد بالحلیة، و حدیث الرفع حاکم هنا حتی لو کان مقصرا فی مقدمات العلم بالحلیة کما لو شرب النبیذ بعنوان أنه ماء فالجهل عذر فی الشبهة الحکمیة کالشبهة الموضوعیة.

(5)و قد عرفت عذره للجهل.

(6)و هی شبهة حلیة النبیذ کما عن أبی حنیفة.

(7)أی أفادت الشبهة الشخص المعتقد للحلیة.

(8)أی معتقد الحلیة لو شرب النبیذ لا یقتل، و لکن قد عرفت مع تکرار الحد لا بد من قتله لو کان شربه فی کل مرة موجبا للحد و قد حدّ.

(9)أی لا یقتل معتقد الحلیة بخلاف المستحل للخمر فإنه یقتل، و ذلک لوضوح حکم الخمر بالحرمة بخلاف النبیذ فإنه مختلف فیه، و فیه: قد عرفت أن المدار فی کفر المنکر-

ص:338

(یحد الجاهل بجنس المشروب) (1) فاتفق مسکرا (أو بتحریمه (2)، لقرب إسلامه) (3) أو نشوئه فی بلاد بعیدة عن المسلمین یستحل أهلها الخمر فلم یعلم تحریمه، و الضابط إمکانه (4) فی حقه.

فی عدم الحد لمن اضطره العطش

(و لا من اضطره العطش (5) أو) اضطر إلی (إساغة اللقمة بالخمر) بحیث -و المستحل علی إنکار ما علم ثبوته فی الدین حتی یکون موجبا لتکذیب النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، و علیه فالمستحل یقتل إن علم بحرمة الخمر، و لذا لو اعتقد الحلیة و شرب الخمر و کان اعتقاده لشبهة معذورا فیها کما لو کان قریب عهد فی الإسلام فلا یقتل فضلا عن سقوط حد الشرب عنه و هذا لا خلاف فیه بین الأصحاب لحکم العقل بکون الجهل عذرا، و لخبر ابن بکیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (قال: شرب رجل الخمر علی عهد أبی بکر، فرفع إلی أبی بکر، فقال له: أشربت خمرا؟ قال: نعم، قال: و لم و هی محرّمة؟ قال: إنی أسلمت و حسن إسلامی و منزلی بین ظهرانی قوم یشربون الخمر و یستحلونه، و لو علمت أنها حرام اجتنبتها، فالتفت أبو بکر إلی عمر فقال: ما تقول فی أمر هذا الرجل؟ فقال عمر:

معضله و لیس لها إلا أبو الحسن.

فقال أبو بکر: ادعوا لنا علیا، فقال عمر: یؤتی الحکم فی بیته، فقاما و الرجل معهما و من حضرهما من الناس حتی أتوا أمیر المؤمنین علیه السّلام فأخبراه بقصة الرجل.

فقال علیه السّلام: ابعثوا معه من یدور به علی مجالس المهاجرین و الأنصار، من کان تلا علیه آیة التحریم فلیشهد علیه، ففعلوا ذلک به فلم یشهد علیه أحد بأنه قرأ علیه آیة التحریم، فخلی سبیله و قال له: إن شربت بعدها أقمنا علیک الحد)(1).

(1)لأن الجهل عذر فی الشبهة الموضوعیة کما تقدم.

(2)لأن الجهل عذر أیضا فی الشبهة الحکمیة کما تقدم.

(3)تعلیل للجهل بالتحریم، و هذا مورد خبر ابن بکیر المتقدم.

(4)إمکان الجهل.

(5)ذهب المشهور و منهم الشیخ فی النهایة إلی جواز الشرب حینئذ، لأهمیة حفظ النفس و لنفی الحرج و الضرر، و للأخبار منها: خبر عمار الساباطی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (عن الرجل أصابه عطش حتی خاف علی نفسه فأصاب خمرا، قال: یشرب منه قوته)(2).

و منه: تعرف جواز إساغة اللقمة بالخمر و المسکر إذا توقف حفظ النفس علی ذلک و ذهب-

ص:339


1- (1) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد المسکر حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 36 - من أبواب الأشربة المحرمة حدیث 1.

خاف التلف بدونه.

فی من استحل شیئا من المحرمات

(و من استحل شیئا من المحرمات المجمع علیها) من المسلمین بحیث علم تحریمها (1) من الدین ضرورة (کالمیتة، و الدم، و الربا، و لحم الخنزیر) و نکاح المحارم، و إباحة الخامسة و المعتدة، و المطلقة ثلاثا (قتل إن ولد علی الفطرة) لأنه مرتد. و إن کان ملّیّا استتیب فإن تاب و إلا قتل (2)، کل ذلک إذا لم یدّع شبهة ممکنة فی حقه، و إلا قبل منه.

و یفهم من المصنف و غیره أن الإجماع کاف فی ارتداد معتقد خلافه و إن لم یکن معلوما ضرورة و هو یشکل فی کثیر من أفراده علی کثیر من الناس.

(و من ارتکبها غیر مستحل) لها (عزّر) (3) إن لم یجب الحد کالزنا و الخمر، و إلا دخل التعزیر فیه. و أمثلة المصنف مستغنیة عن القید (4) و إن کان العموم (5) مفتقرا إلیه

فی ما لو أنفذ الحاکم إلی حامل لإقامة حد فأجهضت

(و لو أنفذ الحاکم إلی حامل لإقامة حد فأجهضت) أی أسقطت حملها خوفا (فدیته) أی دیة الجنین (فی بیت المال) (6)،...

-الشیخ فی المبسوط إلی عدم الجواز لخبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (المضطر لا یشرب الخمر لأنها لا تزیده إلا شرا، و لأنه إن شربها قتلته فلا یشرب منها قطرة)(1).

و لخبر الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا علیه السّلام (و المضطر لا یشرب الخمر لأنها تقتله)2.

(1)فالعلم بالحرمة هو المدار علی کفر المنکر، و لیس المدار علی کونه الحکم مجمعا علیه و قد تقدم سابقا.

(2)و قد تقدم فی أکثر من مورد حکم المرتد الفطری و الملی.

(3)لما تقدم أن التعزیر علی فعل الکبائر التی لا حدّ لها.

(4)أما الأمثلة فهی المیتة و الدم و الربا و لحم الخنزیر فهی مستغنیة عن قید (أن لم یجب فیها الحد).

(5)أی فعل الکبائر یوجب التعزیر إن لم یکن مستحلا.

(6)علی الأکثر، لأن قتله خطأ محض من الحاکم إذ لم یقصد باستدعائها قتل الجنین و إلا کان نفس الاستدعاء موجبا للقتل و یکون من شبیه العمد، و خطأ الحکام من بیت المال کما-

ص:340


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 36 - من أبواب الأشربة المحرمة حدیث 1 و 3 و 2.

لأنه (1) من خطأ الحکّام فی الأحکام و هو محله (2)(و قضی علی علیه السّلام فی مجهضة خوّفها عمر) حیث أرسل إلیها لیقیم علیها الحد: أن دیة جنینها (علی عاقلته) أی عاقلة عمر، لا فی بیت! المال (و لا تنافی بین الفتوی) بکون صدوره (3) عن انفاذ -هو المعروف، و ذهب ابن إدریس إلی أن قتله و أن کان خطأ إلا أن دیة الخطأ علی العاقلة أی عاقلة الحاکم محتجا بروایة یعقوب بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (کانت امرأة تؤتی فبلغ ذلک عمر فبعث إلیها فروعها و أمر أن یجاء بها إلیه ففزعت المرأة فأخذها الطلق فذهبت إلی بعض الدور فولدت غلاما فاستهلّ الغلام ثم مات، فدخل علیه من روعة المرأة و من موت الغلام ما شاء اللّه، فقال له بعض جلسائه: یا أمیر المؤمنین ما علیک من هذا شیء، و قال بعضهم: و ما هذا؟ قال: سلموا أبا الحسن علیه السّلام فقال لهم أبو الحسن علیه السّلام: لئن کنتم اجتهدتم ما أصبتم، و لئن کنتم برأیکم قلتم لقد أخطأتم، ثم قال: علیک دیة الصبی)(1) و رواه المفید فی الإرشاد مرسلا إلا أنه قال فی الأخیر:

(فقال علیّ علیه السّلام: الدیة علی عاقلتک لأن قتل الصبی خطأ تعلق بک، فقال: أنت نصحتنی من بینهم، لا تبرح حتی تجری الدیة علی بنی عدی، ففعل ذلک أمیر المؤمنین علیه السّلام)2.

و أجیب عن الروایة بجوابین:

الأول: إنه لم یرسل إلیها بعد ثبوت موجب الحد علیها، و إنما أرسل إلیها قبل ذلک، فلذا کانت الدیة علی العاقلة و إلا فلو أرسل إلیها بعد ثبوت موجب الحد فالدیة من بیت المال.

الثانی: إن عمر لم یکن حاکما شرعیا بحسب الواقع فلذا کانت الدیة علی عاقلته، و إلا لو کان حاکما فالدیة من بیت المال و فی الأول نظر لأن جواز الإرسال خلف الغریم لا یتوقف علی ثبوت الحد فإن مجرد الدعوی علیه کافیة.

و فی الثانی أیضا: بأن عمر و إن لم یکن حاکما شرعیا بحسب الواقع إلا أن أمیر المؤمنین علیه السّلام لم یکن یتجاهر بذلک أمام الصحابة و لو تجاهر لم یقبلوا منه، فالأولی فی الجواب ما قاله الشارح فی المسالک: (من أن الروایة لم ترد بطریق معتبر و الرجوع إلی الأصول المقررة متعین، و هی تقتضی کون الدیة من بیت المال).

(1)أی إسقاط الجنین.

(2)أی بیت المال محل خطأ الحکام.

(3)أی صدور الإجهاض.

ص:341


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 30 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1 و 2.

الحاکم بیت المال،(و الروایة) لان عمر لم یکن حاکما شرعیا و قد تسبب بالقتل خطأ فتکون الدیة علی عاقلته، او لان عمر لم یرسل إلیها بعد ثبوت ما ذکر عنها.

و لعل هذا أولی بفعل علی علیه السّلام لأنه ما کان فی وقته یتجاهر بمعنی الأول (1)، و لا کان یقبل ذلک منه خصوصا بعد فتوی جماعة من الصحابة بخلاف قوله علیه السّلام، و نسبته إیاهم إلی الجهل، أو الغش (2)، و تعلیله (3) بکونه قد قتله خطأ.

فی من قتله الحد، أو التعزیر

(و من قتله الحد، أو التعزیر فهدر) (4) بالسکون أی لا عوض لنفسه، سواء (1)من کون عمر لیس بحاکم شرعی.

(2)و قد ورد فی نفس الواقعة قوله علیه السّلام: (إن کان القوم قد قاربوک لها فقد غشوک و إن کانوا قد ارتابوا فقد قصروا، الدیة علی عاقلتک)(1).

(3)عطف علی قوله: (فتوی الصحابة) و المعنی: أن تعلیله یکون القتل خطأ بعد فتوی الصحابة بأنه لا شیء علیه ظاهر فی أن أمیر المؤمنین علیه السّلام لا یقبل منه لو تجاهر بعدم شرعیة عمر.

(4)أی لا دیة له علی المشهور، سواء کان الحد أو للناس، و عن الشیخ أنه مذهبنا لصحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (أیّما رجل قتله الحد أو القصاص فلا دیة له)(2) و لفظ (أی) من صیغ العموم و کذلک اللام فی الحد و القصاص تفید العموم لکل حد من حدود اللّه و حدود الناس، و مثله خبر أبی الصباح الکنانی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (من قتله الحد فلا دیة له)3.

و عن المفید أن الإمام ضامن إذا کان الحد للناس لخبر الحسن بن صالح الثوری عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (من ضربناه حدا من حدود الناس فمات فلا دیة له علینا، و من ضربناه حدا من حدود الناس فمات فإن دیته علینا)(3).

و عن الشیخ فی الاستبصار جعل الدیة من بیت مال المسلمین إذا کان الحد للناس جمعا بین صحیح الحلبی الثانی للدیة بمعنی نفیها من مال الإمام و بین خبر الثوری المثبت لها، بمعنی إثباتها من بیت المال.

و عن الشیخ فی المبسوط أن من قتله التعزیر فدیته من بیت مال المسلمین بخلاف الحد-

ص:342


1- (1) جواهر الکلام ج 41 ص 472.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 24 - من أبواب قصاص النفس حدیث 9 و 1.
3- (4) الوسائل الباب - 24 - من أبواب قصاص النفس حدیث 3.

کان للّه أم لآدمی، لأنه فعل سائغ فلا یتعقبه الضمان، و لحسنة الحلبی عن الصادق علیه السّلام أیما رجل قتله الحد، أو القصاص فلا دیة له، و «أی» من صیغ العموم، و کذا «الحد» عند بعض الأصولیین.

(و قیل): یضمن (فی بیت المال) و هذا القول مجمل قائلا (1)، و محلا (2)، و مضمونا فیه (3)، فإن المفید قال: یضمن الإمام دیة المحدود للناس، لما روی أن علیا علیه السّلام کان یقول: من ضربناه حدا من حدود اللّه فمات فلا دیة له علینا، و من ضربناه حدا فی شیء من حقوق الناس فمات فإن دیته علینا (4). و هذا القول یدل علی أن الخلاف فی حد الناس، و أن الضّمان فی بیت مال الإمام، لا بیت مال المسلمین.

و فی الاستبصار: الدیة فی بیت المال جمعا بین الأحادیث، و یظهر من المبسوط: أن الخلاف فی التعزیر و صرح به غیره. بناء علی أن الحد مقدر و التعزیر اجتهادی.

و فیه نظر، لان التعزیر ربما کان من امام معصوم لا یفعل بالاجهاد الذی یجوز فیه الخطا، و الحق ان الخلاف فیهما معا (5) و ان عدم الضمان مطلقا (6) أوجه، لضعف مستمسک الضمان (7).

-لأن الحد محدود من قبل الشارع و الحاکم محسن بامتثاله الأمر فلا دیة علیه لو أدی الحد إلی القتل، بخلاف التعزیر فلو أدی إلی القتل لکانت زیادته الموجبة للقتل خطأ من الحاکم و خطأ الحکام فی بیت المال.

(1)لم یعرف قائله.

(2)إن الضمان من بیت المال أو من مال الحاکم.

(3)من أن الضمان فی الحدود مطلقا أو فی خصوص حدود الناس.

(4)هذا خبر الحسن بن صالح المتقدم إلا أنه مروی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام، و أما المروی عن أبی جعفر عن أمیر المؤمنین فهو مرسل الصدوق و قد أورد فی الوسائل الباب - 3 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 4.

(5)فی الحد و التعزیر.

(6)فی الحد أو التعزیر.

(7)و مستند الضمان هو إما مرسل الصدوق و هو واضح الضعف لإرساله و إما خبر الحسن-

ص:343

(و لو بان فسوق الشهود) (1) بفعل یوجب القتل (بعد القتل ففی بیت المال):

مال المسلمین، دیة المقتول (لأنه من خطأ الحاکم) و لا ضمان علی الحاکم، و لا علی عاقلته.

الفصل الخامس - السرقة

اشارة

(الفصل الخامس - السرقة)

فی من یتعلق الحکم به

(و یتعلق الحکم) و هو هنا (2) القطع (بسرقة البالغ (3)

-بن صالح الثوری فلأن الثوری زیدی تبری متروک العمل بما یختص بروایته.

(1)بحیث أقام الحاکم الحد بالقتل تبعا لشهادة البینة ثم بان فسق الشهود، فلا یضمن الحاکم و لا عاقلته، و الدیة من بیت مال المسلمین، بلا خلاف فیه إلا من الحلبی، لأن قتله کان خطأ من الحاکم و خطأ الحاکم فی بیت المال. و ذهب الحلبی إلی أن الدیة من ماله و هو واضح الضعف بعد کونه غیر مقصر فی تحقیق شرائط الشهادة.

(2)فی باب السرقة.

(3)فلو سرق الطفل لا یحدّ و إنما یؤدب بما یراه الحاکم، و لو تکررت سرقته إلی الخامسة فما فوق وفاقا للمشهور لحدیث رفع القلم عن الصبی.

و عن الشیخ فی النهایة و تبعه أبو الصلاح و العلاقة فی المختلف إلی أنه یعفی عن الصبی أولا فإن عاد أدب فإن عاد حکت أنامله حتی تدمی، فإن عاد قطعت أنامله، فإن عاد قطع کما یقطع البالغ استنادا إلی أخبار منها: صحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (عن الصبی یسرق قال: یعفی عنه مرة و مرتین و یعزّر فی الثالثة، فإن عاد قطعت أطراف أصابعه، فإن عاد قطع أسفل من ذلک)(1).

و صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا سرق الصبی عفی عنه، فإن عاد عزّر، فإن عاد قطع أطراف الأصابع، فإن عاد قطع أسفل من ذلک)2، و هذه الأخبار علی کثرتها لا تدل علی التفصیل الذی ذهب إلیه الشیخ فضلا عن أن بعضها دل علی عدم التعزیر فی المرة الأولی و بعضها دل علی عدمه فی الأولی و الثانیة و فی بعضها التخییر بین قطع الأنامل أو الحک حتی الإدماء فی المرة الثانیة کما فی صحیح ابن سنان الآخر3، و فی بعضها قطع الید مطلقا کالبالغ کما فی خبر محمد بن مسلم4، و فی بعضها التعلیق علی مشیئة اللّه الظاهر فی تخییر الحاکم کما فی خبر علی بن جعفر عن أخیه علیه السّلام (سألته-

ص:344


1- ( (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 28 - من أبواب حد السرقة حدیث 1 و 2 و 7 و 10.

العاقل (1) المختار (2)(من الحرز (3) بعد هتکه) و إزالته (بلا شبهة) (4) موهمة للملک عارضة للسارق، أو للحاکم (5)، کما لو ادعی السارق ملکه مع علمه (6) باطنا بأنه لیس ملکه (ربع دینار) (7) ذهب خالص مضروب بسکة المعاملة (أو) مقدار (قیمته) -عن الصبی یسرق ما علیه؟ قال: إذا سرق و هو صغیر عفی عنه، فإن عاد قطعت أنامله، و إن عاد قطع أسفل من ذلک أو ما شاء اللّه)(1)، و الحاصل من اختلاف الأخبار أن الحاکم یؤدبه بهذه الأمور أو بغیرها مما یراه مناسبا للمصلحة و هذا ما حملت الأخبار عند المشهور، و الأولی التقید بما ورد من التعزیر فی هذه الأخبار خصوصا لمن بلغ سبع سنین، و بقطع الأصابع لمن بلغ تسع سنین کما جاء فی الأخبار.

(1)فلا یقطع المجنون بلا خلاف لحدیث رفع القلم و لکن یؤدب بما یراه الحاکم، و فی التحریر للعلامة نسبة التأدیب إلی القیل مشعرا بالتردد، و وجهه کما فی المسالک (و لعله لعدم تمیزه الموجب لارتداعه بالتأدیب علی المعاودة) ثم قال الشارح فیه: (و لکن هذا یختلف باختلاف المجانین فإن منهم من یردعه التأدیب و هو الأکثر، و منهم من لا یشعر بذلک؛ و الجنون فنون، و إناطة التأدیب برأی الحاکم یحصل المطلوب).

هذا کله فی الجنون المطبق، و أما الأدواری فإن سرق حال جنونه فکذلک، و لو سرق عند إفاقته ثم جنّ قبل قیام الحد فیحدّ للاستصحاب.

(2)فلا یحد المکره علی السرقة لحدیث الرفع.

(3)و هو الموضع الحصین، و حرز کل شیء بحسبه فبعض الأشیاء حرزها أن توضع فی بیت مقفل و بعضها فی صندوق مقفل، و لا تحدید للحرز فی الشریعة و إنما هو راجع للعرف و العادة.

نعم اشتراط الحرز بلا خلاف فیه للأخبار منها: خبر السکونی عن أمیر المؤمنین علیه السّلام (لا یقطع إلا من ثقب ثقبا أو کسر قفلا)(2)

(4)من السارق، أما لو اشتبه و ظن أن المال ماله فهتک الحرز لا یقطع لأن الحدود تدرأ بالشبهات، بل لا یعدّ عند العرف سارقا.

(5)و لو کانت شبهة الحاکم ناشئة من دعوی السارق أنه قد اشتبه علیه الأمر.

(6)علم السارق.

(7)لا قطع إلا فی ربع دینار من الذهب الخالص المضروب علیه السکة أو ما بقیمته علی-

ص:345


1- (1) الوسائل الباب - 28 - من أبواب حد السرقة حدیث 16.
2- (2) الوسائل الباب - 18 - من أبواب حد السرقة حدیث 3.

کذلک (1)(سرا) (2) من غیر شعور المالک به مع کون المال المسروق (من غیر مال ولده) (3)

-المشهور للأخبار منها: النبوی (لا قطع إلا فی ربع دینار)(1).

و صحیح محمد بن مسلم (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: فی کم یقطع السارق؟ قال: فی ربع دینار، قلت له: فی درهمین؟ قال: فی ربع دینار بلغ الدینار ما بلغ.

قلت له: أ رأیت من سرق أقلّ من ربع دینار هل یقع علیه حین سرق اسم السارق، و هل هو عند اللّه سارق؟ قال: کل من سرق من مسلم شیئا قد حواه و أحرزه فهو یقع علیه اسم السارق و هو عند اللّه سارق، و لکن لا یقطع إلا فی ربع دینار أو أکثر، و لو قطعت أیدی السرّاق فیما أقل هو من ربع دینار لألغیت عامة الناس مقطعین)(2).

و ذهب الصدوق إلی أن القطع بخمس الدینار فصاعدا لصحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (أدنی ما یقطع فیه السارق خمس الدینار)(3) و مثله صحیح الحلبی4.

و ذهب ابن أبی عقیل إلی اعتبار الدینار لصحیح الثمالی (سأل أبا جعفر علیه السّلام فی کم یقطع السارق فجمع کفیه و قال: فی عددها من الدراهم)(4) و حمل ما قابل المشهور علی التقیة.

(1)من الذهب الخالص.

(2)فلو هتک الحرز قهرا ظاهرا فهو غاصب و لیس بسارق.

(3)فلو سرق الوالد مال ولده فلا قطع بلا خلاف للخبر (أنت و مالک لأبیک)(5) و لفحوی ما دل علی عدم قتل الأب بالولد و عدم جلده لو قذفه کما فی صحیح محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن رجل قذف ابنه بالزنا قال: لو قتله ما قتل به و إن قذفه لم یجلد له)(6).

و ألحق أبو الصلاح الأم بالأب و نفی عنه العلامة فی المختلف البأس، لأنها أحد الأبوین و لاشتراکها فی وجوب التعظیم بل هی أولی بالبر و الاعظام، و ألحق بعض العامة کل من-

ص:346


1- (1) سنن البیهقی ج 8 ص 254.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد السرقة حدیث 3 و 12.
4- (5) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد السرقة حدیث 9.
5- (6) الوسائل الباب - 78 - من أبواب ما یکتسب به من کتاب التجارة حدیث 1.
6- (7) الوسائل الباب - 14 - من أبواب حد القذف حدیث 1.

أی ولد السارق (و لا) مال (سیده) (1)، و کونه (غیر مأکول فی عام سنت) (2) بالتاء الممدودة و هو الجدب و المجاعة، یقال: أسنت القوم إذا أجدبوا فهذه عشرة قیود.

قد أشار إلی تفصیلها بقوله:(فلا قطع علی الصبی و المجنون) إذا سرقا کذلک (3) (بل التأدیب) خاصة و إن تکررت منهما السرقة، لاشتراط الحد بالتکلیف.

و قیل (4): یعفی عن الصبی أول مرة، فإن سرق ثانیا أدب، فإن عاد ثالثا حکّت أنامله حتی تدمی، فإن سرق رابعا قطعت أنامله، فإن سرق خامسا قطع کما یقطع البالغ.

و مستند هذا القول أخبار کثیرة صحیحة و علیه الأکثر (5)، و لا بعد فی تعیین -تجب نفقته علی الآخر بین الفروع و الأصول، و ردّ کما فی المسالک بقوله: (و تخصیص العموم بمثل هذه الأدلة لا یخفی ما فیه).

(1)بلا خلاف فیه للأخبار: منها صحیح محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام (إذا سرق عبد أو أجیر من مال صاحبه فلیس علیه قطع)(1).

(2)أسنت القوم أجدبوا، و أصله من السنة قلبوا الواو تاء لیفرقوا بینه و بین قولهم أسنی القوم إذا قاموا سنة فی موضع، و قال الفراء: إن الهاء أصلیة إذا وجدوها ثالثة قلبوها تاء فیقال: أصابتهم السنة بالتاء و رجل سنت کثیر الخیر) عن الصحاح.

و المراد أنه لا قطع علی من سرق مأکولا فی عام المجاعة بلا خلاف و یدل علیه أخبار منها: مرسل زیاد القندی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یقطع السارق فی سنة المحل فی شیء مما یؤکل مثل الخبز و اللحم و أشباه ذلک)(2).

و خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یقطع السارق فی عام سنت، یعنی عام مجاعة)3 و مرسل عاصم بن حمید عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (کان أمیر المؤمنین علیه السّلام لا یقطع السارق فی أیام المجاعة)4.

(3)بهذه القیود المذکورة.

(4)للشیخ فی النهایة و تبعه أبو الصلاح و العلامة فی المختلف و قد تقدم.

(5)و هو مخالف لما قاله فی المسالک و غیره فی غیره من (عدم ثبوت القطع علی الصبی مطلقا و هو المشهور بین المتأخرین).

ص:347


1- (1) الوسائل الباب - 29 - من أبواب حد السرقة حدیث 5.
2- ( (2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 25 - من أبواب حد السرقة حدیث 1 و 2 و 3.

الشارع (1) نوعا خاصا من التأدیب، لکونه لطفا و إن شارک خطاب التکلیف فی بعض أفراده (2).

و لو سرق المجنون حال إفاقته لم یسقط عنه الحد بعروض الجنون و احترزنا بالاختیار عما لو أکره علی السرقة فإنه لا یقطع. و شمل إطلاق الشرطین (3) الذکر و الأنثی (4)، و الحر و العبد (5) إلاّ علی وجه یأتی، و البصیر و الأعمی (6)، و المسلم و الکافر، لمسلم و کافر إذا کان ماله محترما (و لا) قطع (علی من سرق من غیر حرز) کالصحراء، و الطریق، و الرحا، و الحمام، و المساجد، و نحوها من المواضع المنتابة و المأذون فی غشیانها مع عدم مراعاة المالک لماله (و لا من حرز) فی الأصل (بعد أن هتکه غیره) (7) بأن فتح قفله، أو بابه، أو نقب جداره فأخذ هو. فإنه لا قطع علی أحدهما، لأن المهتّک لم یسرق و السارق لم یأخذ من الحرز (و لو تشارکا فی الهتک) بأن نقباه و لو بالتناوب علیه (فأخرج أحدهما المال قطع المخرج خاصّة) (8)، لصدق هتکه الحرز و سرقته منه، دون من شارکه فی الهتک. کما لو (1)أی أن هذا التفصیل فی حکم الصبی الذی هو مدلول الأخبار إنما هو نوع من أنواع التأدیب، و التأدیب یشمل الصبی فلا إشکال حینئذ برفع الحد عنه لرفع القلم، و تعیین الشارع لنوع من أنواع التأدیب جائز لکون التأدیب لطفا من الشارع علی عباده.

(2)أی و إن شارک هذا النوع من التأدیب خطاب التکلیف للبالغ فی بعض الأفراد و هو القطع.

(3)من البلوغ و العقل.

(4)بلا خلاف فیه لعموم الأدلة.

(5)لإطلاق الأدلة خلافا للحنفیة حیث فصلوا بین الآبق و غیره من کون الآبق لو سرق لا یقطع.

(6)لإطلاق الأدلة و کذا بالنسبة للمسلم و الکافر.

(7)فلو أخذ المال بعد ما هتک الغیر الحرز فلا حد علیهما، و إن جاءا معا بقصد التعاون بلا خلاف فیه ضرورة عدم صدق اسم السارق علی من هتک الحرز و عدم صدق الآخذ من الحرز علی من أخذ المال، نعم یجب علی الآخذ رد المال و علی من هتک الحرز إصلاح ما أفسد، و عن بعض العامة أنه یجب القطع علی من أخذ لئلا یتخذ ذلک ذریعة إلی إسقاط الحد، و هو واضح الفساد بناء علی أصولنا لعدم حجیة الاستحسان.

(8)لأنه السارق دون الآخر بلا خلاف فیه و لا إشکال.

ص:348

انفرد به (1)(و لو أخرجاه (2) معا قطعا) إذا بلغ نصیب کل واحد نصابا، و إلا فمن بلغ نصیبه النصاب (3) و إن بلغ المجموع نصابی فصاعدا علی الأقوی.

و قیل: یکفی بلوغ المجموع نصابا فی قطع الجمیع، لتحقق سرقة النصاب و قد صدر عن الجمیع فیثبت علیهم القطع. و هو ضعیف و لو اشترکا فی الهتک ثم أخرج أحدهما المال إلی قرب الباب فأدخل الآخر یده و أخرجه قطع (4)، دون الأول، و بالعکس لو أخرجه الأول إلی خارجه فأمره فحمله الآخر (5).

و لو وضعه فی وسط النقب، أو الباب فأخذه الآخر ففی قطعهما أو عدمه عنهما وجهان (6): أجودهما الثانی، لانتفاء الإخراج من الحرز فیهما.

(1)بالهتک.

(2)بعد ما تشارکا فی الهتک قطعا لصدق السارق علیهما بلا خلاف فیه.

(3)و هذا یتضمن صورا:

الأولی: لم یبلغ مقدار الإخراج عند کل واحد حد النصاب و لکن یبلغ المجموع حد النصاب.

الثانیة: لم یبلغ مقدار المجموع حد النصاب فضلا عن نصیب کل واحد، ففی الصورة الأولی ذهب الشارح فی المسالک و سید الریاض إلی عدم القطع علی کلیهما لعدم تحقق سرقة ما بلغ النصاب لکل واحد، و لهذا لا قطع فی الصورة الثانیة، و عن الشیخ فی النهایة و الاقتصاد و الصدوق فی المقنع و بنی زهرة و حمزة و سعید القطع علیهما فی الصورة الأولی التی بلغ المجموع حد النصاب لإرادة الجنس من السارق فی النصوص لا خصوص الشخص، نعم لا قطع فی الصورة الثانیة.

الثالثة: لم یکن نصیب کل واحد، بل کان نصیب أحدهما النصاب فما زاد و الآخر دونه و إن بلغ المجموع نصابین فما زاد، فعلی قول المسالک و الریاض فالقطع علی من بلغ نصیبه حد النصاب دون الآخر، و علی قول الشیخ و أتباعه القطع أیضا لأن المجموع بلغ نصابین فضلا عن النصاب الواحد.

(4)فالقطع علی من أخرج المال إلی خارج الباب لصدق اسم إخراج المال من حرزه علیه دون الآخر خلافا لأبی حنیفة من عدم القطع علیهما بدعوی عدم صدق الإخراج من الحرز علیهما و هو ضعیف ضرورة صدق الإخراج علی أحدهما.

(5)فالقطع علی المخرج لا الحامل

(6)عن الشیخ فی المبسوط و تبعه علیه أبو الصلاح لا قطع علی أحدهما، لأن کل واحد -

ص:349

و وجه الأول تحققه منهما بالشرکة کتحقق الهتک بها (1)(و لا مع توهم الملک) (2) أو الحل (3) فظهر غیر ملک و غیر حلال کما لو توهمه ماله فظهر غیره، أو سرق من مال المدیون الباذل بقدر (4) ماله معتقدا إباحة الاستقلال بالمقاصة.

و کذا لو توهم ملکه للحرز (5) أو کونهما (6) أو أحدهما لابنه.

لو سرق من المال المشترک قدر نصیبه

(و لو سرق من المال المشترک ما یظنه قدر نصیبه) (7) و جواز مباشرته القسمة -منهما لم یخرجه من کمال الحرز و تمامه، و عن ابن إدریس قال: (إن الذی یقتضیه أصول مذهبنا أن القطع علی الآخذ الخارج لأنه نقب و هتک الحرز و أخرج المال منه - إلی أن قال - فمن أسقط القطع عنه فقد أسقط حدا من حدود اللّه بغیر دلیل بل بالقیاس و الاستحسان - إلی أن قال - و لا ینبغی أن تعطل الحدود بحسن العبارات و تزویقها و صقلها و توریقها و هو قوله ما أخرجه عن کمال الحرز، أی شیء هذه المغالطة؟ بل الحق أن یقال: أخرجه من الحرز أو من غیر الحرز، و لا عبارة عند التحقیق سوی ذلک، و ما لنا حاجة إلی المغالطات بعبارات کمال الحرز) انتهی کلامه.

و ذهب جماعة إلی القطع علیهما لأن الإخراج تم بتعاونهما فهو کما لو أخرجاه دفعة، و لأنه یصیر ذریعة إلی إسقاط الحد.

(1)بالشرکة.

(2)فلا قطع مع الشبهة و قد تقدم.

(3)فلا قطع مع اعتقاد الحلیة.

(4)متعلق بسرق، أی سرق قدر حاله من المدیون الباذل مقاصة متوهما الحل، فهنا لا قطع مع اعتقاد الحلیة، نعم تجوز المقاصة للمدیون الممتنع بشرط إذن الحاکم الشرعی.

(5)فأراد أخذ ماله فهتک الحرز و أخرج مال الغیر منه فلا قطع علیه، لأن هتکه للحرز باعتقاد أنه تصرف فی ماله، نعم یضمن مال الغیر الموجود فیه.

(6)الحرز و المال.

(7)بتوهم أن له ذلک بدون إذن الشریک، فإنه شبهة فلا قطع لأن الحدود تدرأ بالشبهات، حتی لو فرض زیادة نصیبه عن نصاب السرقة، بلا فرق بین کون المال المشترک قابلا للقسمة و هو مثلی کالحبوب أو غیر قابل و هو قیمی کالثیاب، و ذهب العلامة فی القواعد إن هذا یتم فی ما هو قابل للقسمة لیمکن فرض تعاطیه القسمة بنفسه من دون إذن الشریک فتکون شبهة تدرأ الحد، أما لو کان المال غیر قابل للقسمة فیما هو قیمی قطع لأنه لا یجری فیه تحقق الشبهة لأن إذن الشریک فیه واضح-

ص:350

بنفسه (فزاد نصابا فلا قطع) للشبهة کتوهم الملک فظهر عدمه فیه (1) أجمع، بل هنا أولی (2). و لو علم عدم جواز تولی القسمة کذلک (3) قطع (4) أن بلغ نصیب الشریک نصابا، و لا فرق بین قبوله (5) القسمة و عدمه علی الأقوی.

فی السرقة من مال الغنیمة

(و فی السرقة) أی سرقة بعض الغانمین (من مال الغنیمة) (6) حیث یکون له نصیب منها (نظر) منشأه اختلاف الروایات. فروی محمد بن قیس عن -و فیه: إنه نقاش فی الصغری و إنما الکلام فیما لو فرض توهم جواز القسمة فلا حد علیه.

(1)أی ظهر عدم ملکه فی المال المأخوذ بأجمعه.

(2)أی التوهم الدارئ للحد أولی هنا لتحقق ملکه بالجملة فی المال المشترک دون تحقق الملک فی الفرع السابق.

(3)بنفسه بدون إذن الشریک.

(4)إن کان قد أخذ من مال الشریک ما یوازی نصاب السرقة لعموم الأدلة مع عدم الشبهة الدارئة.

(5)قبول المال المشترک للقسمة و عدمه و هذا رد علی العلامة فی القواعد.

(6)وقع الخلاف بینهم فذهب المفید و سلاّر و فخر الدین و المقداد إلی عدم القطع لخبر محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام (أن علیا علیه السّلام قال: فی رجل أخذ بیضة من الغنم، فقالوا: قد سرق اقطعه، فقال: إنی لم أقطع أحدا له فیما أخذ شرک)(1) و خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (أربعة لا قطع علیهم: المختلس و الغلول و من سرق من المغنم و سرقة الأجیر فإنها خیانة)(2).

و ذهب الإسکافی و الشیخ و القاضی و العلامة بل فی المسالک نسبته إلی الأکثر إلی أنه یقطع لو أخذ أکثر من نصیبه بما یوازی نصاب السرقة لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل سرق من المغنم أیّ شیء الذی یجب علیه أ یقطع؟ قال: ینظر کم نصیبه، فإن کان الذی أخذ أقل من نصیبه عزّر و دفع إلیه تمام ماله، و إن کان أخذ مثل الذی له فلا شیء علیه، و إن کان أخذ فضلا بقدر ثمن مجن و هو ربع دینار قطع)(3)، و العمل بهذه الصحیحة أولی لصحتها و لأنها مفصلة.

ص:351


1- (1) الوسائل الباب - 24 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 12 - من أبواب حد السرقة حدیث 3.
3- (3) الوسائل الباب - 24 - من أبواب حد السرقة حدیث 4.

الباقر علیه السّلام عن علی علیه السّلام فی رجل أخذ بیضة من المغنم فقال: إنی لم أقطع أحدا له فیما أخذ شرک. و روی عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه عن الصادق علیه السّلام أن أمیر المؤمنین (علیه الصلاة و السلام) قطع فی البیضة التی سرقها رجل من المغنم (1)، و روی عبد اللّه بن سنان عنه علیه السّلام أنه قال: ینظرکم الذی نصیبه؟ فإذا کان الذی أخذ أقل من نصیبه عزّر و دفع إلیه تمام ماله، و إن کان الذی أخذ مثل الذی له فلا شیء علیه، و إن کان أخذ فضلا بقدر ربع دینار قطع، و هذه الروایة أوضح سندا من الأولیین (2)، و أوفق بالأصول. فإن الأقوی أن الغانم یملک نصیبه بالحیازة (3) فیکون شریکا و یلحقه ما تقدم من حکم الشریک فی توهمه حلّ ذلک، و عدمه و تقیید القطع بکون الزائد بقدر النصاب. فلو قلنا بأن القسمة کاشفة عن ملکه بالحیازة فکذلک، و لو قلنا بأن الملک لا یحصل إلا بالقسمة (4) اتجه القطع مطلقا (5) مع بلوغ المجموع نصابا، و الروایة الثانیة (6) تصلح شاهدا له. و فی إلحاق ما للسارق فیه حق کبیت المال (7)، و مال الزکاة، و الخمس نظر، و استقرب (1)الوسائل الباب - 24 - من أبواب حد السرقة حدیث 3، و قد جعلها الشارح من الأدلة علی عدم وجوب القطع لیس فی محله، بل هی من أدلة وجوب القطع إذا کان قد أخذ أکثر من نصیبه بمقدار نصاب السرقة.

(2)أما خبر محمد بن قیس ففی سنده سهل بن زیاد و الأمر فیه واضح و محمد بن قیس مشترک بین الثقة و غیره، إلا أنه الثقة بروایة عاصم بن حمید، و أما خبر عبد الرحمن فهو صحیح السند فضلا عن أنه من أدلة القطع، من أدلة عدم القطع.

(3)واقعا و تکون القسمة کاشفة عن مقدار ما یملکه بالحیازة، و علی هذا فتتوافق الروایة مع القاعدة.

(4)بالحیازة فتکون القسمة مملکة لا کاشفة عن التملیک.

(5)من غیر التفصیل السابق بأن مآخذه إن ساوی نصیبه فلا شیء علیه و إن زاد علی نصیبه و کان الزائد بمقدار نصاب السرقة قطع، نعم بشرط کون المأخوذ علی هذا القول بمقدار نصاب السرقة.

(6)أی صحیح عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه من کون القسمة مملکة لا کاشفة عن التملیک، لأن أمیر المؤمنین علیه السّلام قطعه بمجرد أخذه البیضة من دون اعتبار زیادة قیمتها عن نصیبه، و فیه: إن الروایة مجملة من هذه الناحیة کما أنها مجملة من کونه من الغانمین أولا.

(7)ففی القواعد الجزم بالقطع إن زاد علی نصیبه بقدر النصاب و إلا فلا قطع و قد سبقه إلی ذلک الشیخ فی الخلاف مدعیا الإجماع علی ذلک.-

ص:352

العلامة عدم القطع (و لا فیما نقص عن ربع دینار، ذهبا خالصا مسکوکا) بسکة المعاملة عینا، أو قیمة علی الأصح.

و فی المسألة أقوال نادرة: اعتبار دینار (1). و خمسة (2) و درهمین (3) و الأخبار الصحیحة دلت علی الأول و لا فرق فیه (4) بین عین الذهب، و غیره (5).

فلو بلغ العین ربع دینار وزنا غیر مضروب و لم تبلغ قیمته قیمة المضروب فلا قطع (6)، و لو انعکس بأن کان سدس دینار مصوغ قیمته ربع دینار قطع علی -ثم استغرب العلامة فی القواعد عدم القطع لعدم تعین شیء منها لمالک بعینه، و لا تقدیر لنصیب أحد من الشرکاء و لا أقل من الشبهة، و یؤیده خبر مسمع بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن علیا علیه السّلام أتی برجل سرق من بیت المال، فقال: لا تقطعه فإن له فیه نصیبا)(1) و یعارضه خبر علی بن أبی رافع عن أمیر المؤمنین علیه السّلام (فی عقد لؤلؤ استعارته ابنته من خازن بیت المال عاریة مضمونة، فقال: لو کانت أخذت العقد علی عیر عاریة مضمونة لکانت إذن أول هاشمیة قطعت یدها فی سرقة)(2) و حملها فی کشف اللثام علی ما لو کانت ابنته علیه السّلام لیس لها نصیب فی بیت المال.

(1)کما عن العمانی و قد تقدم.

(2)کما عن الصدوق و قد تقدم.

(3)لخبر إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل سرق من بستان غدقا قیمته درهمان، قال: یقطع به)(3)، و قال فی الجواهر لم نتحقق القائل به، بعد ما حمل الخبر علی مدعی الصدوق من خمس الدینار لأن الدینار عشرة دراهم، و علیه فلیس هو قولا فی قبال قول الصدوق.

(4)فی المسروق.

(5)مما یبلغ قیمته ربع دینار، بلا خلاف فیه، لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یقطع ید السارق إلا فی شیء تبلغ قیمته مجنا و هو ربع دینار)(4).

(6)لأن الدینار لغة و عرفا حقیقة فی المسکوک من الذهب، فإذا تبلغ قیمة المسروق ربع-

ص:353


1- (1) الوسائل الباب - 24 - من أبواب حد السرقة حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 26 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد السرقة حدیث 14.
4- (4) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد السرقة حدیث 2.

الأقوی (1). و کذا لا فرق بین علمه بقیمته، أو شخصه، و عدمه (2)، فلو ظن المسروق فلسا فظهر دینارا، أو سرق ثوبا قیمته أقل من النصاب فظهر مشتملا علی ما یبلغه و لو معه (3) قطع علی الأقوی (4)، لتحقق الشرط، و لا یقدح عدم القصد إلیه (5) لتحققه (6) فی السرقة إجمالا. و هو کاف و لشهادة الحال بأنه لو علمه لقصده (7). و شمل إطلاق العبارة (8) إخراج النصاب دفعة: و متعددا. و هو کذلک -دینار فلا قطع و إن بلغ قیمته ربع دینار ذهبی غیر مسکوک خلافا للشیخ فی الخلاف و المبسوط فلم یعتبر السکة و الضرب بحمل الدینار علی الذهب فقط، و هو شاذ کما فی الجواهر و الریاض.

(1)لصدق سرقة ربع دینار مسکوک، و علی قول الشیخ المتقدم فلا قطع لأن المسروق سدس دینار و لیس بربع.

(2)فلو علم السارق أنه شخص المسروق هو ربع دینار أو علم أن قیمته تبلغ ربع دینار قطع بلا کلام

أما لو سرق ربع دینار بظن أنه فلس فیقطع لتحقق شرط القطع و هو سرقة ربع دینار.

و کذا لو سرق ثوبا ظنا منه أنه یساوی فلسا فتبین أنه یساوی النصاب فیقطع لتحقق شرط القطع.

(3)بأن سرق الثوب و قد تبین أنه مشتمل علی شیء لو انضم إلی الثوب لبلغ المجموع النصاب، و أما السابق بأن سرق الثوب فتبین أنه مشتمل علی ما یبلغ النصاب من دون ضم الثوب.

(4)لم یحک الخلاف عن أحد.

(5)أی عدم القصد إلی سرقة النصاب.

(6)لتحقق شرط القطع و هو سرقة النصاب، لأنه لا یشترط فی القطع القصد إلی سرقة النصاب.

(7)و فیه: إنه لا یحاسب علی النیة.

(8)أی عبارة المصنف فی أول الفصل بقوله: (و یتعلق الحکم بسرقة البالغ العاقل من الحرز بعد هتکه بلا شبهة ربع دینار أو قیمته) و هو یشمل ما لو سرق ربع دینار دفعة أو دفعات بالإطلاق.

و قد اختلفت أقوال الفقهاء فی اشتراط اتحاد إخراج النصاب و عدمه، فذهب أبو الصلاح إلی الاشتراط مطلقا، لأنه لما هتک الحرز أولا و أخرج دون النصاب فلا یجب علیه القطع لفقد الشرط، فلما عاد ثانیا لم یخرج من حرز فلا قطع و إن بلغ الثانی نصابا فضلا عن -

ص:354

إلا مع تراخی الدفعات. بحیث لا یعد سرقة واحدة، أو اطلاع المالک بینهما فینفصل ما بعده، و سیأتی حکایته لهذا المفهوم (1) قولا مؤذنا بعدم اختیاره (و یعتبر اتحاد الحرز (2) فلو أخرج النصاب من حرزین لم یقطع (إلا أن یشملهما ثالث) فیکونان فی حکم الواحد.

و قیل: لا عبرة بذلک (3)، للعموم (و لا فی الهاتک) للحرز (قهرا) أی هتکا ظاهرا، لأنه لا یعد سارقا بل غاصبا (4)، أو مستلبا.

-کونه مکملا للنصاب.

و ذهب القاضی ابن البراج إلی عدم الاشتراط مطلقا و رجحه المحقق لصدق إخراج النصاب فی الدفعات، مع أصالة عدم اشتراط اتحاد الإخراج فیتناوله عموم الأدلة الدالة علی قطع سارق النصاب.

و تردد الشیخ بین القولین و کذا ابن إدریس، و اختلفت آراء العلامة ففی القواعد فصّل بین قصر الزمان بین الإخراجین و عدمه، فجعل الأول بمنزلة المتحد دون الثانی، و فی المختلف فصّل بأمر آخر فحکم بالقطع مع التعدد إن هتک الحرز و لم یشتهر بین الناس هتکه، أما إذا هتک الحرز فی المرة الأولی و اشتهر بین الناس فلا قطع فی المتعدد الذی یبلغ قیمة المسروق فیه نصاب السرقة لخروجه عن کونه حرزا بالاشتهار.

و فصّل فی التحریر بتفصیل ثالث من وجوب القطع علی سرقة النصاب بالإخراج المتعدد إن لم یتخلل بینها اطلاع المالک و لم یطل الزمان بحیث یسمی سرقة واحدة، و أما إذا تخلل بینها اطلاع المالک فلا قطع و إن بلغ المجموع النصاب لعدم اتحاد السرقة بنظر العرف، و الشارح أخذ بالأخیر من تفصیلات العلامة

(1)و هو إخراج النصاب دفعة أو دفعات کما ذهب إلیه القاضی فیحکیه قولا مؤذنا بعدم اختیاره.

(2)لأنه مع التعدد فی الحرز تصدق سرقتان، فلو کانت کل سرقة أقل من ربع دینار فلا قطع و إن بلغ المجموع النصاب، نعم لو کان الحرزان فی داخل حرز ثالث بحیث یسمی الإخراج منهما سرقة واحدة فعلیه القطع إن بلغ المجموع النصاب.

(3)باتحاد الحرز و لم یعرف قائله، و مستنده عموم أدلة قطع السارق سواء اتحد الحرز أو لا.

(4)الاستلاب هو الاختلاس، ففی خبر عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لیس علی الذی یستلب قطع)(1) و مثله غیره.

ص:355


1- (1) الوسائل الباب - 13 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

فی من لا یقطع

(و کذا المستأمن) بالإیداع، و الإعارة، و الضیافة، و غیرها (1)(لو خان لم یقطع)، لعدم تحقق الهتک (و لا من سرق من مال ولده) (2) و إن نزل (3)، (و بالعکس) (4) و هو ما لو سرق الولد مال والده و إن علا (أو سرقت الأم) مال ولدها (یقطع) کل منهما، لعموم الآیة خرج منه الوالد فیبقی الباقی. و قال أبو الصلاح (رحمه اللّه): لا تقطع الأم بسرقة مال ولدها کالأب، لأنها أحد الوالدین، و لاشتراکهما فی وجوب الإعظام. و نفی عنه فی المختلف البأس، و الأصح المشهور و الجد للأم کالأم (5).

(و کذا) لا یقطع (من سرق المأکول المذکور) فی عام المجاعة (و إن استوفی) باقی (الشرائط) لقول الصادق علیه السّلام (6) «لا یقطع السارق فی عام سنت:، یعنی فی عام مجاعة، و فی خبر آخر (7) کان أمیر المؤمنین علیه السّلام لا یقطع السارق فی أیام المجاعة. و عن الصادق علیه السّلام (8) قال: لا یقطع السارق فی سنة المحل فی کل شیء یؤکل مثل الخبز، و اللحم، و أشباه ذلک و المطلق فی الأولین مقید بهذا الخبر، و فی الطریق ضعف و إرسال (9) لکن العمل به (10) مشهور و لا راد له.

(1)کالإجارة، لعدم تحقق الحرز بالنسبة إلیهم، ففی خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: أربعة لا قطع علیهم: المختلس و الغلول و من سرق من الغنیمة و سرقة الأجیر فإنها خیانة)(1) و مرسل ابن أبی عمیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یقطع الأجیر و الضیف إذا سرقا لأنهما مؤتمنان)2.

(2)و قد تقدم.

(3)الولد کالحفید.

(4)الواو استئنافیة.

(5)یقطع لو سرق من مال ولدها للعموم مع عدم شمول المخصص له.

(6)فی خبر السکونی و قد تقدم.

(7)و هو مرسل عاصم بن حمید و قد تقدم.

(8)و هو مرسل زیاد القندی و قد تقدم.

(9)فی خبر السکونی ضعف لأنه عامی، و الأخیران مرسلان.

(10)بالحکم من عدم القطع فی سنة المجاعة.

ص:356


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 14 - من أبواب حد السرقة حدیث 2 و 5.

و أطلق المصنف و غیره الحکم کذلک من غیر تقیید بکون السارق مضطرا إلیه، و عدمه تبعا لإطلاق النص (1)، و ربما قیده بعضهم بکونه مضطرا و إلا قطع إذ لا دخل للمجاعة مع غنی السارق و لا بأس به. نعم لو اشتبه حاله اتجه عدم القطع أیضا عملا بالعموم (2) و بهذا یندفع ما قیل: إن المضطر یجوز له أخذه قهرا فی عام المجاعة و غیره، لأن المشتبه حاله لا یدخل فی الحکم (3) مع أنّا نمنع من جواز أخذ المضطر له قهرا مطلقا (4)، بل مع عدم إمکان إرضاء مالکه بعوضه کما سبق و هنا الثابت الحکم بکونه لا قطع إذا کان مضطرا مطلقا (5) و إن حرم علیه (1)حیث لم یقید الحکم فی الأخبار بکونه مضطرا إلیه، و عن الشیخ فی المبسوط التفصیل بین المضطر و غیره فأوجب القطع علی غیر المضطر، و تبعه علیه بعض المتأخرین کصاحب الجواهر و غیره و ذلک لأن تقیید السنة بالمجاعة یفید الاضطرار عند السارق و إلا فإذا لم یکن مضطرا فالسنة کغیرها بالنسبة إلیه و أشکل علی ذلک بأن التقیید سنین المجاعة بالمضطر لیس فی محله، لأن المضطر یجوز له أخذ مال الغیر و لو سرقة إن توقف رفع الاضطرار علیه بلا فرق بین عام المجاعة و غیره فلا معنی لحمل نصوص المجاعة علی المضطر فقط.

و رده الشارح بأن لو لا نصوص المجاعة لکان المشتبه حاله أنه مضطر تقطع یده لعموم دلیل القطع، خرج منه المضطر عقلا فیبقی تحته الباقی بما فیه المشتبه، أما مع نصوص المجاعة المقیّدة بالاضطرار یخرج منها القادر و الباقی یبقی تحتها بما فیه المشتبه، فلذا کان للنصوص سنوات المجاعة فائدة غیر فائدة المضطر فافهم.

(2)أی بعموم نصوص سنوات المجاعة.

(3)أی حکم جواز الأخذ قهرا.

(4)أی أمکن تحصیل رضا المالک أولا، و هذا جواب ثان من الشارح و حاصله: أن المضطر یجوز له الأخذ قهرا بشرط عدم إمکان إرضاء المالک، أما مع إمکان الإرضاء فیشترط الرضا کما تقدم فی باب الأطعمة و الأشربة

و علیه فهناک فرق بین نصوص المجاعة المحمولة علی الاضطرار و بین حکم المضطر، و مع التغایر لا یستغنی أحدهما عن الآخر، لأن نصوص المجاعة تدل علی عدم القطع لمن سرق مال الغیر و لو أمکن تحصیل رضا ذلک الغیر، و حکم المضطر قهرا مشروط بعدم تحصیل رضا المالک.

(5)مع إمکان تحصیل الرضا و عدمه.

ص:357

أخذه (1)، فالفرق واضح. و المراد بالمأکول هنا (2) مطلق المأکول بالقوة أو فعلا (3) کما ینبه علیه المثال فی الخبر (و کذا) لا یقطع (العبد) (4) لو سرق مال سیده و إن انتفت عنه الشبهة، بل یؤدب، أما لو سرق مال غیره فکالحر (و لو کان العبد من الغنیمة فسرق منها لم یقطع) (5)، لأن فیه (6) زیادة إضرار (7). نعم یؤدب بما یحسم جرأته.

هنا مسائل

اشارة

(و هنا مسائل)

الأولی - لا فرق بین الإخراج بنفسه أو بسببه

(الأولی - لا فرق بین إخراج) السارق (8)(المتاع بنفسه أو بسببه مثل) (1)إذا أمکن تحصیل رضا المالک.

(2)فی السرقة الحاصلة فی عام المجاعة.

(3)بالقوة ما کان محتاجا إلی صناعة و إصلاح حتی یؤکل و یدل علیه لفظ اللحم الوارد فی مرسل زیاد القندی المتقدم (مثل الخبز و اللحم و أشباه ذلک) و هو شامل للمطبوخ و غیره، و لذا قال الشارح کما ینبه علیه المثال فی الخبر.

و عن بعضهم الاقتصار علی المأکول فعلا للانسباق من الخبر و لأن الخبز ظاهر فی المأکول فعلا، و هو ضعیف لما تقدم من قرینة ذکر اللحم.

(4)قد تقدم الکلام فیه.

(5)بلا خلاف لأخبار منها: صحیح محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجلین سرقا من مال اللّه، أحدهما عبد حال اللّه، و الآخر من عرض الناس، فقال: أما هذا فمن مال اللّه لیس علیه شیء، مال اللّه أکل بقصة بعضه بعضا، و أما الآخر فقدمه و قطع یده)(1).

و خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: عبدی إذا سرقنی لم أقطعه، و عبدی إذا سرق غیری قطعته، و عبد الإمارة إذا سرق لم أقطعه لأنه فیء)2.

(6)فی قطع ید عبد الغنیمة.

(7)علی الغانمین فالضرر داخل علیهم بالسرقة من الغنیمة، و یزاد بقطع ید عبد الغنیمة.

(8)من شروط القطع فی السرقة أن یخرج السارق النصاب من حرزه بعد هتکه، و الإخراج یتم إما بالمباشرة بأن یخرجه بنفسه و إما بالتسبیب کأن یربطه بحبل و یشده إلی الخارج أو یضعه علی دابة فی داخل الحرز و یسوقها أو یقودها إلی خارجه، بل و کذا إذا سارت بنفسها حتی خرجت أو علی جناح طیر من شأنه العود إلی السارق، ففی الجمیع یتحقق-

ص:358


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 29 - من أبواب حد السرقة حدیث 4 و 2.

(أن یشده بحبل) ثم یجر به من خارج الحرز (أو یضعه علی دابة) فی الحرز و یخرجها به (أو یأمر غیر ممیز) من صبی، أو مجنون (بإخراجه) فإن القطع یتوجه علی الآمر، لا علی الصبی و المجنون لضعف المباشر فی جنب السبب لأنهما کالآلة له.

الثانیة - یقطع الضیف و الأجیر

(الثانیة - یقطع الضیف و الأجیر) (1) إذا سرقا مال المضیف و المستأجر (مع الإحراز من دونه) أی دون کل منهما علی الأشهر.

و قیل: لا یقطعان مطلقا (2) استنادا إلی أخبار ظاهرة فی کون المال غیر محرز -الإخراج المنسوب إلی السارق.

و کذا لو أمر صبیا غیر ممیز أو مجنونا کذلک بالإخراج فأخرجه فالقطع علی الآمر لا علی المخرج لأن الصبی و المجنون هنا کالآلة، نعم لو کان الصبی ممیزا فلا قطع علی الآمر لأن الصبی هنا لیس کالآلة.

(1)أما الأجیر فإذا أحرز المال دونه و سرق فهو کغیره من السارقین، یقطع علی المشهور بین الأصحاب للآیة و لعموم الأخبار و ذهب الشیخ فی النهایة إلی عدم القطع استنادا إلی روایة سلیمان بن خالد (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الرجل یستأجر أجیرا یسرق من بیته، هل تقطع یده فقال: هذا مؤتمن لیس بسارق، هذا خائن)(1) و مثله غیره و قد حملت هذه الأخبار عند المشهور ما لو کان المستأجر قد استأمنه علی المال و لم یحرز المال دونه کما وقع بذلک التصریح فی روایة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل استأجر أجیرا فأقعده علی متاعه فسرقه فقال: هو مؤتمن(2).

و أما الضیف فالقول بعدم قطعه مطلقا أحرز المال دونه أو لا للشیخ فی النهایة و جماعة منهم ابن الجنید و الصدوق و ابن إدریس و مستندهم موثق سماعة (الأجیر و الضیف امینان لیس یقع علیهما حد السرقة)(3) و خبر محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام (الضیف إذا سرق لم یقطع، و إذا أضاف الضیف ضیفا فسرق، قطع ضیف الضیف)(4).

و أیضا قد حمل المشهور هذه الأخبار علی ما لو لم یحرز المال دونه فلا قطع و یکون مؤتمنا حینئذ، أما لو أحرز المال دونه فلیس بمؤتمن و لا بد من قطعه.

(2)أحرز المال من دونهما أو لا.

ص:359


1- (1) الوسائل الباب - 14 - من أبواب حد السرقة حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 14 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 14 - من أبواب حد السرقة حدیث 4.
4- (4) الوسائل الباب - 17 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

عنهما (1). فالتفصیل حسن.

نعم لو أضاف الضیف ضیفا بغیر إذن صاحب المنزل فسرق الثانی قطع، لأنه (2) بمنزلة الخارج (3)(و کذا) یقطع (الزوجان) (4) أی کل منهما بسرقة مال الآخر (مع الإحراز) عنه، و إلا فلا.

(و لو ادعی السارق الهبة، أو الإذن له) (5) من المالک فی الأخذ (أو الملک حلف المالک (6) و لا قطع)، لتحقق الشبهة بذلک (7) علی الحاکم و إن انتفت عن السارق فی نفس الأمر.

الثالثة - الحرز

(الثالثة - الحرز) (8) لا تحدید له شرعا فیرجع فیه إلی العرف و ضابطه (ما) (1)بدلیل التعلیل بأنهما مؤتمنان.

(2)ضیف الضیف.

(3)لأنه دخل من دون إذن المالک.

(4)إذا سرق أحدهما من مال الآخر بقدر النصاب، و کان الآخر قد أحرز المال دونه، فیقطع السارق منهما بلا خلاف لعموم الأدلة، نعم مع عدم الإحراز فلا قطع لعدم تحقق شرطه، و کذا لا بأس بسرقة الزوجة مقدار النفقة إذا منعها منها کما یرشد إلیه خبر هند حین قالت للنبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: (إن أبا سفیان رجل شحیح و أنه لا یعطینی و ولدی إلا ما آخذ منه سرا و هو لا یعلم، فهل علیّ فیه شیء؟ فقال: خذی ما یکفیک و ولدک بالمعروف)(1)

(5)بحیث قال صاحب المنزل: سرقت هذا المتاع فقال المخرج للمتاع: و هبته لی، أو أذنت لی فی إخراجه، سقط الحد للشبهة، و لحسنة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (سألته عن رجل أخذوه و قد حمل کارة من الثیاب، فقال: صاحب البیت أعطانیها، فقال علیه السّلام:

یدرأ عنه القطع، إلا أن تقوم علیه البینة، فإن قامت علیه البینة قطع)(2).

(6)لأنه المنکر للهبة أو الإذن أو دعوی الملک من قبل السارق.

(7)بما ادعاه السارق.

(8)لا شبهة فی اعتبار الحرز فی ثبوت قطع ید السارق، و إنما الکلام فی حقیقة الحرز، فالشارع اعتبر الحرز و لم یبین له حدا بطریق معتبر یعتمد علیه، لأن ما ورد فی تحدید-

ص:360


1- (1) سنن البیهقی ج 7 ص 466.
2- (2) الوسائل الباب - 8 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

(کان ممنوعا بغلق أو قفل) و ما فی معناه (أو دفن فی العمران أو کان مراعی) بالنظر (علی قول) (1)...

-حقیقته هو خبر السکونی عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: قال (لا یقطع إلا من نقب بیتا أو کسر قفلا)(1) و نحوه مرسل جمیل2 عن أحدهما علیهما السّلام، و الطریقان ضعیفان، فالأول بالسکونی لأنه عامی و الثانی بالإرسال.

و ما کان هذا شأنه لا بد أن یرجع فیه إلی العرف، و قد دل العرف علی أن القفل علی الظرف الذی لا ینقل عادة کالبیت و الصندوق الکبیر حرز له، و الفلق علی الدار و الدفن للمال حرز لهما فی الجملة، و الصندوق المقفل حرز للثّیاب، و الإصطبل و المراح مع القفل و الباب حرز للدواب و المواشی.

و ذهب الشیخ فی الخلاف إلی أن کل موضع حرز لشیء من الأشیاء و لا یخفی ما فیه فإن قارعة الطریق لیست حرزا لشیء

و ذهب فی النهایة إلی أن کل موضع لیس لغیر مالکه الدخول إلیه إلا بإذنه فهو حرز و ادعی علیه الإجماع فی التبیان و الغنیة و فی کنز العرفان نسبته إلی أصحابنا، و أشکل ابن إدریس علی هذا القول بأن الدار المفتوحة التی لیس لها باب لیس لغیر مالکها الدخول إلا بإذنه و لا یجب القطع بالسرقة منها لأنها لا تصلح حرزا لشیء علی الإطلاق. و اعتذر العلامة فی المختلف عن الشیخ بأن مراده (لیس لغیر المالک الدخول إلیه) هو سلب القدرة لا سلب الجواز الشرعی، فغیر المالک لا یقدر علی الدخول لا أنه لا یجوز له الدخول، و قال عنه الشارح فی المالک بأنه حمل بعید.

(1)إذا کان المسروق مأخوذا من المواضع المطروقة کالأرحیة و الحمامات و المواضع المأذون دخولها کالمساجد، فمع غیر مراعاة المالک لماله فهو غیر محرز، و السرقة منه لا توجب قطعا للید، و أما مع المراعات من المالک لماله بالنظر فهل هی محرزة أو لا؟.

ذهب الشیخ فی المبسوط و الخلاف إلی کونها محرزة، و لو سرقت یجب القطع علی السارق لقطع النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم سارق رداء صفوان بن أمیة من المسجد مع کون المسجد غیر محرز إلا بمراعاة المالک لماله، و الروایة وردت بطرق متعددة منها: صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن صفوان بن أمیة کان مضطجعا فی المسجد الحرام، فوضع رداءه و خرج یهریق الماء فوجود دراءه قد سرق حین رجع إلیه، فقال: من ذهب بردائی؟ فذهب یطلبه، فأخذ صاحبه فرفعه إلی النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، فقال النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: اقطعوا یده، فقال-

ص:361


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 18 - من أبواب حد السرقة حدیث 3 و 5.

لقضاء العادة بإحراز کثیر من الأموال بذلک (1)، و حکایته قولا بشعر بتمریضه کما ذهب إلیه جماعة (2)، لقول علی علیه السّلام (3): لا یقطع إلا من نقب بیتا أو کسر قفلا و فی طریقه ضعف.

و یمکن أن یقال: لا یتحقق الحرز بالمراعاة إلا مع النظر إلیه و مع ذلک (4) لا تتحقق السرقة، لما تقدم من أنها لا تکون إلا سرا و مع غفلته عنه و لو نادرا لا یکون مراعیا له فلا یتحقق إحرازه بها (5) فظهر أن السرقة لا تتحقق مع المراعاة -الرجل: تقطع یده من أجل ردائی یا رسول اللّه؟ قال: نعم، فقال: فأنا أهبه له، فقال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: فهلا کان هذا قبل أن ترفعه إلیّ)(1).

و أشکل علی هذا القول بأن الروایة لا تدل علی مراعاة صفوان لتوبة لأنه خرج من المسجد هذا بالإضافة إلی أنه لو اشترط النظر فی تحقیق الحرز لکان المأخوذ تحت النظر مأخوذا قهرا و لکان الآخذ غاصبا لا سارقا.

و لذا فرض الشیخ فی المبسوط أن حرز الثوب مثلا أن یتکئ علیه أو ینام أو یتوسده، و احتج بحدیث صفوان عند ما سرق منه الرداء و کان متوسدا علیه کما روته العامة(2).

نعم صحیح الحلبی المتقدم یصلح دلیلا لقول ابن أبی عقیل من کون السارق یقطع فی أیّ موضع سرق، و فیه: أنه مناف لاعتبار الحرز نصا و فتوی.

و عن بعضهم أنه فسر الحرز بما علی سارقه خطر لکون المسروق ملحوظا غیر مضیّع إما بنظر دائم أو نظر معتاد، و علی هذا یحمل صحیح الحلبی المتقدم و به یتم الجمع بینه و بین روایات اعتبار الحرز، لأن سارق الرداء من المسجد علی خطر من أن یطلع علیه صاحبه.

(1)أی بالنظر.

(2)أی إلی التمریض.

(3)فی خبر السکونی و مرسل جمیل، و حصر القطع بالکسر و الثقب دلیل علی أن النظر لیس حرزا یوجب القطع لذا جعله المصنف قولا، مع أن التمریض ناشئ من عدم دلالة صحیح جمیل لا تمسکا بخبر السکونی کما تقدم.

(4)أی و مع النظر الدائم فالمأخوذ یکون غصبا و قهرا لا سرقة.

(5)بالمراعاة من المالک بالنظر الدائم، إلا أن یقال: إن المدار علی النظر المعتاد الذی لا ینافیه الغفلة للحظة أو لحظات.

ص:362


1- (1) الوسائل الباب - 17 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 2.
2- (2) سنن البیهقی ج 8 ص 265.

و إن جعلناها حرزا.

و للشیخ قول (1) بأن الحرز کل موضع لم یکن لغیر المتصرف فیه الدخول إلیه إلا بإذنه، و ینتقض بالدار المفتحة الأبواب فی العمران و صاحبها لیس فیها.

و قیل: ما یکون سارقه علی خطر خوفا من الاطلاع علیه، و ینتقض بذلک أیضا (2). و علی الأول (3) تخرج المراعاة دون الثانی، و الأولی الرجوع فیه (4) إلی أموال العرف، و هو یختلف باختلاف الأموال، فحرز الأثمان و الجواهر، الصنادیق المقفلة، و الأغلاق الوثیقة فی العمران. و حرز الثیاب و ما خفّ من المتاع و آلات النحاس: الدکاکین و البیوت المقفلة فی العمران، أو خزانتها المقفلة و إن کانت هی مفتوحة علیه السّلام (5).

و الإصطبل حرز الدواب مع الغلق، و حرز الماشیة فی المرعی عین الراعی علی ما تقرر. و مثله متاع البائع فی الأسواق و الطرقات، و احترز بالدفن فی العمران عما لو وقع خارجه فإنه لا یعد حرزا و إن کان فی داخل بیت مغلق، لعدم الخطر علی سارقه، و عدم قضاء العرف به (6).

(و الجیب، و الکم الباطنان حرز (7) لا الظاهران) و المراد بالجیب الظاهر: ما (1)و هو قوله فی النهایة و قد تقدم.

(2)أی بالدار المفتوحة و صاحبها لیس فیها فالسارق علی خطر من الاطلاع علیه مع أنها لیست حرزا.

(3)من قول الشیخ فی النهایة، تخرج المراعاة عن کونها حرزا لأن الحرز بناء علی هذا القول هو عدم الإذن، و علی التعریف الثانی للحرز فتکون المراعاة حرزا.

(4)فی الحرز.

(5)أی الدکاکین و البیوت.

(6)أی بکونه حرزا للمال.

(7)علی المشهور بین الأصحاب، و مستندهم خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: (أتی أمیر المؤمنین بطرّار، قد طرّ دراهم من کمّ رجل، فقال: إن کان قد طرّ من قمیصه الأعلی لم أقطعه، و إن کان قد طرّ من قمیصه الداخل قطعته)(1). و خبر مسمع بن سیار-

ص:363


1- (1) الوسائل الباب - 13 - من أبواب حد السرقة حدیث 1، و قد أشار فی ذیله إلی الثانی.

کان فی ظاهر الثوب الأعلی (1)، و الباطن ما کان فی باطنه، أو فی ثوب داخل مطلقا (2).

أما الکم الظاهر فقیل (3): المراد به ما کان معقودا فی خارجه، لسهولة قطع السارق له فیسقط ما فی داخله و لو فی وقت آخر، و بالباطن ما کان معقودا من داخل کم الثوب الأعلی، أو فی الثوب الذی تحته مطلقا (4).

و قال الشیخ فی الخلاف: المراد بالجیب الباطن: ما کان فوقه قمیص آخر، و کذا الکم (5) سواء شده فی الکم من داخل، أم من خارج.

و فی المبسوط: اختار فی الکم عکس ما ذکرناه، فنقل عن قوم أنه إن جعلها فی جوف الکم و شدها من خارج فعلیه القطع، و إن جعلها من خارج -عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (أن أمیر المؤمنین علیه السّلام قد أتی بطرار قد طرّ من رجل فقال: إن کان قد طرّ من قمیصه الأعلی لم أقطعه، و إن کان قد طرّ من قمیصه الأسفل قطعناه)(1)، هذا و الروایات فصلت بین القمیص الأعلی و الأسفل عند تعدد قمصان المسروق منه، و الفقهاء فصلوا بین الجیب و الکم الظاهرین دون الباطنین، لأن موطن الأشیاء فی القمیص سابقا إنما کان فی الکم و الجیب.

(1)أی فی خارجه.

(2)أی فی ثوب تحت الثوب الأعلی سواء کان الجیب فی الثوب التحتانی من خارج أو داخل و هو الذی یدل علیه ظاهر الخبر.

(3)قال الشیخ فی المبسوط: (و أما إن شده فی کمه کالصرة ففیه القطع عند قوم سواء جعله فی جوف کمه و شده کالصرة من خارج الکم أو شده من داخل حتی صارت الصرة فی جوف کمه، و قال قوم: إن جعلها من جوف الکم و شدها من خارج فعلیه القطع و إن جعلها من خارج و شدها من داخل فلا قطع و هو الذی یقتضیه مذهبنا) و هو ظاهر فی أن هذا القول فی الشرح عن بعض العامة.

(4)أی الکم الباطنی هو کم الثوب التحتانی الذی فوقه ثوب آخر، سواء شده من داخل أو خارج، و هو الذی یقتضیه ظاهر الأخبار المتقدمة بل صریحها، و علیه لا معنی للنزاع فی تحدید الکم الظاهر و الباطن و أنه المشدود من داخل أو خارج.

(5)و هو الصحیح المدلول علیه بالأخبار المتقدمة.

ص:364


1- (1) الوسائل الباب - 13 - من أبواب حد السرقة حدیث 1، و قد أشار فی ذیله إلی الثانی.

و شدها فلا قطع، قال: و هو الذی یقتضیه مذهبنا و الأخبار فی ذلک (1) مطلقة (2) فی اعتبار الثوب الأعلی و الأسفل فیقطع فی الثانی، دون الأول، و هو موافق للخلاف و مال إلیه فی المختلف و جعله المشهور، و هو فی الکم حسن (3).

أما فی الجیب فلا ینحصر الباطن منه فیما کان فوقه ثوب آخر، بل یصدق به (4) و بما کان فی باطن الثوب الأعلی (5) کما قلناه.

الرابعة - لا قطع فی سرقة الثمر علی شجرة

(الرابعة - لا قطع فی سرقة الثمر علی شجرة) (6) و إن کان محرزا بحائط و غلق، لإطلاق النصوص الکثیرة بعدم القطع بسرقته مطلقا (و قال العلامة) جمال الدین (ابن المطهر) رحمه اللّه و تبعه ولده فخر المحققین:(إن کانت الشجرة داخل حرز فهتکه و سرق الثمرة قطع) لعموم الأدلة الدالة علی قطع من سرق من حرز فتختص روایات الثمرة بما کان منها فی غیر حرز. بناء علی الغالب من کون (1)فی جهة الشد.

(2)من الداخل أو الخارج.

(3)و کذا فی الجیب.

(4)أی یصدق الجیب الباطن بما کان فوقه ثوب آخر.

(5)لصدق الجیب الباطنی عرفا و هو صحیح، إلا أن لفظ الجیب الباطنی لم یرد فی الأخبار حتی یقال ذلک، بل الشارع اشترط فی القطع أن یکون المسروق من الثوب التحتانی فانتبه.

(6)علی المشهور بین الأصحاب للأخبار منها: خبر الأصبغ بن نباته عن أمیر المؤمنین علیه السّلام (لا یقطع من سرق شیئا من الفاکهة، و إذا مرّ بها فلیأکل و لا یفسد)(1).

و هی مطلقة سواء کان الشجر فی حرز کالدار المقفلة أو لا کالشجرة الموجودة فی الصحراء و علی قارعة الطریق، و هی مخالفة للأصول المقررة من ثبوت القطع بالسرقة من الحرز، و لذا ذهب العلامة فی القواعد و تبعه ولده فخر المحققین إلی التفصیل بین کون الشجرة محرزة فسرقة ثمرها توجب القطع و بین غیرها فلا قطع و یؤیده خبر إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل سرق من بستان عذقا قیمته درهمان، قال: یقطع به)(2)، إلا أن المشهور أعرض عنها من ناحیة تحدید المسروق بدرهمین.

ص:365


1- (1) الوسائل الباب - 23 - من أبواب حد السرقة حدیث 5.
2- (2) الوسائل الباب - 23 - من أبواب حد السرقة حدیث 7.

الأشجار فی غیر حرز کالبساتین (1) و الصحاری. و هذا حسن مع أنه یمکن القدح فی الأخبار الدالة علی عدم القطع بسرقة الثمر، إذ لیس فیها خبر صحیح، لکنها کثیرة و العمل بها مشهور، و کیف کان فهو غیر کاف (2) فی تخصیص ما علیه الإجماع (3) فضلا عن النصوص الصریحة الصحیحة و لو کانت مراعاة بنظر المالک فکالمحرزة إن ألحقناه (4) بالحرز.

الرابعة - لا قطع فی سرقة الثمر علی شجرة

(الخامسة - لا یقطع سارق الحر (5) و إن کان صغیرا) لأنه لا یعد مالا (فإن) (1)فالغالب فیها سابقا محرم تسویرها.

(2)أی عمل المشهور بالأخبار الکثیرة غیر الصحیحة سندا.

(3)من ثبوت القطع بالسرقة من الحرز.

(4)أی نظر المالک.

(5)من سرق حرا و باعه فلا یقطع کما ذهب إلیه جماعة منهم المحقق لأن الحر لیس بمال، و سرقه المال شرط فی ثبوت حد القطع و ذهب الشیخ فی النهایة و تبعه فی جماعة بل عن التنقیح أنه المشهور إلی القطع، لکن لا من حیث سرقته للمال بل من جهة کونه مفسدا فی الأرض استنادا للأخبار منها: خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن أمیر المؤمنین علیه السّلام أتی برجل قد باع حرا فقطع یده)(1).

و خبر عبد اللّه بن طلحة (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الرجل یبیع الرجل و هما حران، یبیع هذا هذا، و هذا هذا، و یفران من بلد إلی بلد فیبیعان أنفسهما و یفران بأموال الناس، قال: تقطع أیدیهما لأنهما سارقا أنفسهما و أموال الناس)2.

و خبر طریف (سألت جعفر بن محمد علیهما السّلام عن رجل سرق حرة فباعها، فقال: فیها أربعة حدود، أما أوّلها فسارق تقطع یده)(2).

و صریح الأولی عدم اشتراط صغر المسروق، و هذا ما أطلقه الشیخ فی النهایة و جماعة، إلا أن الشیخ فی المبسوط قیده بالصغر و تبعه جماعة علی ذلک نظرا إلی أن الکبیر متحفظ بنفسه فلا تتحقق سرقته و لا معنی لفرضه.

و أشکل علی القول بأن النصوص صرحت بکون القطع لحد السرقة لا لکونه للفساد فی الأرض، علی أن حکم المفسد فی الأرض لا یختص بالقطع بل یتخیر الإمام بین قطعه-

ص:366


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 20 - من أبواب حد السرقة حدیث 2 و 3.
2- (3) الوسائل الباب - 20 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

(باعه قیل) و القائل الشیخ و تبعه العلامة:(قطع) کما یقطع السارق، لکن لا من حیث إنه سارق، بل (لفساده فی الأرض) و جزاء المفسد القطع (لا حدا) بسبب السرقة.

و یشکل بأنه إن کان مفسدا فاللازم تخیر الحاکم بین قتله، و قطع یده و رجله من خلاف (1) إلی غیر ذلک من أحکامه (2) لا تعیین القطع خاصة.

و ما قیل: من أن وجوب القطع فی سرقة المال إنما جاء لحراسته (3) و حراسة النفس أولی فوجوب القطع فیه (4) أولی لا یتم أیضا، لأن الحکم معلق علی مال خاص یسرق علی وجه خاص: و مثله لا یتم فی الحر (5). و مطلق صیانته (6) غیر مقصودة فی هذا الباب کما یظهر من الشرائط، و حمل النفس علیه (7) مطلقا لا یتم (8)، و شرائطه (9)...

-کذلک و قطع رجله من خلاف و بین قتله.

و علّل العلامة فی المختلف حکم القطع لمن سرق الحر و باعه انتصارا للشیخ بأن القطع قد ثبت فی سرقة المال لیکون الحد دافعا لحراسة المال، مع أن حراسة النفس أولی فالقطع فی سرقة النفس یکون أولی، و فیه: إنه من القیاس الممنوع، نعم لو سرقه و لم یبعه أدّب بما یراه الحاکم لاختصاص الأخبار بالبیع بعد السرقة خلافا للمحکی عن المبسوط و السرائر من ثبوت القطع علیه، لأن القطع قد ثبت للسرقة کما هو صریح الأخبار مع غض البصر عن البیع و هو الأولی.

(1)بأن تقطع یده الیمنی و رجله الیسری.

(2)کالنفی فی الأرض.

(3)أی لحراسة المال.

(4)فی الحر المسروق.

(5)لأن الحر لیس بمال.

(6)أی صیانة المال غیر مقصودة فی باب السرقة، بل صیانة المال الخاص فی حرزه إذا بلغ ربع دینار.

(7)علی المال الخاص بالشرائط المذکورة فی ثبوت الحد.

(8)سواء کانت النفس لها مالیة کالعبد أو لا، و سواء کانت السرقة سرا أو لا.

(9)شرائط المال الخاص المسروق الموجب للحد لا تجری فی سرقة الصغیر الحر و بیعه لأن الحر لیس بمال.

ص:367

لا تنتظم فی خصوصیة سرقة الصغیر و بیعه دون غیره (1) من تفویته (2)، و إذهاب أجزائه (3). فإثبات الحکم بمثل ذلک (4) غیر جید، و من ثمّ حکاه المصنف قولا.

و علی القولین (5) لو لم یبعه لم یقطع، و إن کان علیه ثیاب أو حلی تبلغ النصاب، لثبوت یده علیها. فلم تتحقق سرقتهما (6).

نعم لو کان صغیرا علی وجه (7) لا تتحقق له الید اتجه القطع بالمال و مثله سرقة الکبیر بمتاعه و هو نائم، أو سکران، أو مغمی علیه، أو مجنون.

(و یقطع سارق المملوک الصغیر حدا) (8) إذا بلغت قیمته النصاب، و إنما أطلقه (1)دون غیر البیع کالقتل و قطع بعض أعضائه.

(2)بالقتل.

(3)بقطع بعض أعضائه.

(4)أی لو تم القطع فی سرقة الصغیر و بیعه قیاسا علی سرقة المال لوجب أن یتم القطع فی سرقة الصغیر و قتله أو قطع بعض أعضائه لأن فی الجمیع تفویت للنفس مع أنه یلتزم بذلک.

(5)من القطع و عدمه، لو لم یبعه لم یقطع و لکن عرفت أن القطع أولی تبعا لظاهر الأخبار کما عن المبسوط و السرائر.

(6)أی لم تتحقق سرقة الثیاب و الحلی لعدم ثبوت الید علیهما، نعم لو فرض سرقة المال مع سرقة الحر اتجه القطع حینئذ إذا بلغت النصاب.

(7)کما لو کان نائما أو ولیدا حدیثا.

(8)من سرق مملوکا صغیرا لا یمیز بین سیده و غیره تقطع یده حدا بلا خلاف فیه، إذا کانت السرقة مستجمعة للشرائط کالحرز و بلوغ النصاب، و ذلک لأن المملوک مال لسیده فیصدق أنه سرق مال الغیر إلی آخر الشرائط المعتبرة فی القطع.

و أما لو کان المملوک کبیرا فلا قطع لسرقته، لأنه متحفظ بنفسه إلا أن یکون نائما أو ما فی حکمه کالسکران بحیث لا یعرف سیده من غیره فإنه کالصغیر حینئذ.

و لا فرق فی ذلک بین القن و المدبّر و أم الولد لأن الجمیع مال لسیده، نعم إذا کان العبد مکاتبا و قد تحرر منه شیء فقد استشکل الفاضل فی القواعد من کون السید غیر تام المالیة فیه و من کونه لم یخرج عن مالیة سیده مطلقا و الوجه الثانی أولی فلذا جزم غیره بأن سیده إن کان له ما یوازی نصاب السرقة فیقطع سارق المکاتب حینئذ لتحقق شرط الحد من القطع.

ص:368

کغیره بناء علی الغالب (1)، و احترز بالصغیر عما لو کان کبیرا ممیزا فإنه لا یقطع بسرقته، إلا أن یکون نائما، أو فی حکمه أو أعجمیا لا یعرف سیده من غیره، لأنه حینئذ کالصغیر.

و لا فرق بین القن و المدبّر و أم الولد دون المکاتب، لأن ملکه غیر تام، إلا أن یکون مشروطا (2) فیتجه إلحاقه بالقن، بل یحتمل فی المطلق أیضا إذا بقی منه ما یساوی النصاب، لأنه فی حکم المملوک فی کثیر من الأحکام.

السادسة - یقطع سارق الکفن من الحرز

(السادسة - یقطع سارق الکفن من الحرز) (3) و منه القبر بالنسبة إلیه لقول أمیر (1)من کون المملوک الصغیر یساوی نصاب السرقة غالبا.

(2)بحیث إذا عجز عن أداء قسط من مال المکاتبة فیرد بتمامه إلی الرقیة.

(3)أی من القبر، لأن القبر حرز له بلا خلاف فیقطع لشمول الأدلة له، و لأخبار منها:

خبر الجعفی (کنت عند أبی جعفر علیه السّلام و جاءه کتاب هشام بن عبد الملک فی رجل نبش امرأة فسلبها ثیابها ثم نکحها، فإن الناس قد اختلفوا علینا، طائفة قالوا: اقتلوه، و طائفة قالوا: أحرقوه، فکتب إلیه أبو جعفر علیه السّلام: إن حرمة المیت کحرمة الحیّ، تقطع یده لنبشه و سلبه الثیاب، و یقام علیه الحد فی الزنا إن أحصن رجم و إن لم یکن أحصن جلد مائة)(1).

و خبر أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السّلام (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: یقطع سارق الموتی کما یقطع سارق الأحیاء)2.

و ذهب الصدوق إلی أنه لا یقطع و إن أخذ مقدار النصاب، إلا أن ینبش مرارا فیقطع لحد النباش لا لحد السرقة لأن القبر لیس حرزا للکفن من حیث هو قبر فلا یکون الآخذ له أخذا له من حرزه، لکن مع تکرر النبش تقطع یده لأخبار منها: خبر علی بن سعید عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (سألته عن رجل أخذ و هو ینبش، قال: لا أری علیه قطعا إلا أن یؤخذ و قد نبش مرارا فاقطعه)(2).

و فی خبره الآخر (إذا لم یکن النبش له بعادة لم یقطع و یعزّر)4.

و خبر الفضیل (النباش إذا کان معروفا بذلک قطع)5.

و ردّ بأن هذه الأخبار یمکن حملها علی أن حد النباش هو القطع و لا تدل علی أن القبر

ص:369


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد السرقة حدیث 2 و 4.
2- ( (3 و 4 و 5) الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد السرقة حدیث 11 و 13 و 15.

المؤمنین علیه السّلام (1): یقطع سارق الموتی کما یقطع سارق الأحیاء، و فی صحیحة حفص بن البحتری عن الصادق علیه السّلام حد النباش حد السارق (2).

و هل یعتبر بلوغ قیمة الکفن النصاب؟ قولان مأخذهما إطلاق الأخبار هنا (3)، و اشتراط مقدار النصاب فی مطلق السرقة. فیحمل هذا المطلق علیه (4) أو یحمل علی إطلاقها (5) تغلیظا علیه، لشناعة فعله.

و قوله:(و الأولی اشتراط بلوغ النصاب) یدل علی میله (6) إلی عدم الاشتراط -لیس حرزا للکفن جمعا بینها و بین ما تقدم الکلام فی أنه یقطع سارق الکفن مطلقا و إن لم یبلغ النصاب، أو یشترط بلوغه النصاب، فذهب المفید و سلاّر و ابنا زهرة و حمزة بل نسب إلی الأکثر إلی أنه یشترط بلوغه النصاب جمعا بین هذه الأخبار و بین الأخبار الدالة علی أن حد السرقة مشروط ببلوغ المسروق النصاب، بل خبر الفقیه عن أمیر المؤمنین علیه السّلام (أنه قطع نبّاش القبر، فقیل له: أ تقطع فی الموتی؟ فقال: إنا لنقطع لأمواتنا کما نقطع لأحیائنا)(1) ظاهر فی أن الشروط واحدة فی سرقة الأحیاء و الأموات.

و ذهب ابن إدریس إلی اشتراط بلوغ النصاب فی المرة الأولی دون الثانیة و الثالثة، و قال فی الجواهر: (و لکنه لم نجد لغیره بل هو قد رجع عنه فی آخر کلامه علی أنه کما تری غیر واضح الوجه و لا المستند).

و ذهب الشیخ فی الاستبصار إلی أنه یقطع لو سرق الکفن مطلقا أو اعتاد النبش و إن لم یخرج الکفن جمعا بین الأخبار، و قال المحقق عنه إنه جید إلا أن الأحوط اعتبار النصاب فی کل مرة.

(1)فی خبر أبی الجارود و قد تقدم.

(2)الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

(3)فی سرقة الکفن.

(4)أی یحمل ما أطلق من الأخبار فی سرقة الکفن علی الاشتراط فی مطلق السرقة.

(5)أی تبقی أخبار سرقة الکفن علی إطلاقها و إن لم یبلغ النصاب من أجل التغلیظ علی السارق لشناعة فعله و هو دلیل من لم یشترط بلوغ الکفن النصاب.

(6)لأنه عبّر عن الاشتراط بالأولی.

ص:370


1- ( (2) الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد السرقة حدیث 8.

لما ذکرناه، و لظاهر الخبر الصحیح المتقدم فإنه جعل (1) حده حد السارق و هو أعم من أخذه النصاب و عدمه، بل من عدم أخذه شیئا إلاّ أنه مخصوص بالأخذ إجماعا (2) فیبقی الباقی علی العموم.

و فیه نظر (3)، لأن تخصیصه بذلک (4) مراعاة للجمع (5) یقتضی تخصیصه بالنصاب (6). و الخبر الأول (7) أوضح دلالة (8)، لأنه جعل قطعه کقطعه (9)، و جعله (10) سارقا فیعتبر فیه شروطه. و کذا قول علی علیه السّلام (11): إنّا لنقطع لأمواتنا کما نقطع لأحیائنا.

و قیل (12): یعتبر النصاب فی المرة الأولی خاصة، لأنه بعدها مفسد.

و الأظهر اشتراطه مطلقا (13).

(1)أی فإن الخبر الصحیح جعل حد النباش کحد السارق، و فیه: إنه وارد فی النبّاش و إن لم یأخذ الکفن و لکن منافی سارق الکفن و إن لم ینبش.

(2)و فیه: إن المخصوص بالأخذ هو السارق لا النباش و قد تقدم عن بعض أن حکم النباش هو حکم السارق إذا کان معتادا للنبش.

(3)لأن الخبر الصحیح المتقدم له إطلاقان، إطلاق من ناحیة الأخذ و عدمه، و إطلاق من ناحیة الأخذ بمقدار النصاب و عدمه، فإذا قید إطلاقه الأول جمعا بینه و بین الإجماع المدعی بالأخذ فلا بد أن یقید إطلاقه الثانی جمعا بینه و بین ما دل علی اشتراط النصاب، فالتمسک به لإثبات عدم اشتراط بلوغ النصاب لیس فی محله.

(4)بالأخذ.

(5)بینه و بین الإجماع.

(6)جمعا بینه و بین ما دل علی اشتراط النصاب.

(7)أی خبر أبی الجارود عن أمیر المؤمنین علیه السّلام.

(8)للتشبیه بین سرقة المیت و سرقة الحیّ، فکما یشترط النصاب فی الثانی فیشترط فی الأول.

(9)أی جعل الخبر قطع سارق الموتی کقطع سارق الأحیاء.

(10)أی و جعل الخبر الأول النبّاش سارقا، و فیه: إن الخبر الأول ناظر للسارق لا للنباش و قد عرفت التغایر بینهما إذ قد ینبش شخص و یسرق آخر.

(11)فی مرسل الفقیه، الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد السرقة حدیث 8.

(12)و هو قول ابن إدریس المتقدم.

(13)فی کل مرة.

ص:371

(و یعزّر النباش) (1) سواء أخذ أم لم یأخذ، لأنه فعل محرم فیستحق التعزیر (و لو تکرر منه) النبش (2)(و فات الحاکم جاز قتله) لمن قدر علیه من حیث إفساده، و قد روی أن علیا علیه السّلام (3) أمر بوط ء النباش بالأرجل حتی مات، و لو سرق من القبر غیر الکفن فلا قطع (4)، لأنه لیس بحرز له، و العمامة من جملة الکفن المستحب (5)...

(1)فی المرة الأولی، لأن النبش فعل محرم من الکبائر، و یدل علیه روایة علی بن سعید المتقدمة (إذا لم یکن النبش له بعادة لم یقطع و عزّر)(1).

(2)فبعض الأخبار قد دل علی أن حکمه القطع کخبر حفص البختری عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (حد النباش حد السارق)(2)، و خبر عبد الرحمن العرزمی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (أن علیا علیه السّلام قطع نباشا)3، و خبر الفضیل المتقدم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (النباش إذا کان معروفا بذلک قطع)4. و بعض الأخبار قد دل علی أن حکمه القتل کمرسل أبی یحیی الواسطی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام بنبّاش فأخّر عذابه إلی یوم الجمعة، فلما کان یوم الجمعة ألقاه تحت أقدام الناس فما زالوا یتوطئونه بأرجلهم حتی مات)(3)، و مرسل ابن أبی عمیر (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام برجل نبّاش، فأخذ أمیر المؤمنین علیه السّلام بشعره فضرب به الأرض، ثم أمر الناس أن یطئوه بأرجلهم فوطئوه حتی مات)6، و القطع و القتل من أحکام المفسد.

و عن المقنعة و النهایة و الجامع لابن سعید أنه یقتل فیما بعد الأولی إن تکرر علیه التعزیر و قد فات السلطان و هرب منه، و فیه: إن النصوص خالیة عن الإشارة إلی فوته من ید السلطان.

و عن الشیخ حمل القتل علی ما لو تکرر علیه الحد و قد أقیم علیه لأن أصحاب الکبائر یقتلون فی الثالثة إذا أقیم علیه الحد سابقا.

(3)کما فی مرسل ابن أبی عمیر و مرسل أبی یحیی الواسطی المتقدمین.

(4)کما لو سرق غیر الکفن من الأموال کالحلی و الثیاب کما علیه بعض العادات لمصاحبة المیت، و عدم القطع لأن القبر لیس حرزا لها و إن کان حرزا للکفن.

(5)ذهب العلامة فی القواعد إلی أن العمامة لیست من الکفن استنادا إلی أخبار منها:-

ص:372


1- (1) الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد السرقة حدیث 13.
2- ( (2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد السرقة حدیث 1 و 9 و 15.
3- ( (5 و 6) الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد السرقة حدیث 17 و 3.

فتعتبر معه فی القیمة علی الأقوی، لا کغیره (1) کما ذهب إلیه العلامة استنادا إلی ما ورد فی بعض الأخبار من أنها لیست من الکفن، لأن الظاهر أنه یرید أنها لیست من الکفن الواجب بقرینة ذکر الخرقة الخامسة معها (2)، مع الإجماع علی أنها منه (3).

ثم الخصم للنباش (4): الوارث إن کان الکفن منه، و الأجنبی إن کان منه.

و لو کان من بیت المال فخصمه الحاکم، و من ثم لو ذهب المیت بسیل و نحوه و بقی الکفن رجع إلی أصله.

السابعة - تثبت السرقة بشهادة عدلین

(السابعة - تثبت السرقة بشهادة عدلین) (5) مفصّلین لها بذکر ما یعتبر فی القطع من الشرائط،(أو الإقرار مرتین (6)

-صحیح زرارة (قلت لأبی جعفر علیه السّلام: العمامة للمیت من الکفن هی؟ قال: لا)(1)، و القبر لیس حرزا لغیر الکفن فلا یقطع لو سرقها.

و حملت هذه الأخبار النافیة علی أن العمامة لیست من الکفن الواجب جمعا بینها و بین أخبار دلت علی أن العمامة من الکفن مثل صحیح ابن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (ثم الکفن قمیص غیر مزرور و لا مکفوف، و عمامة یعصّب بها رأسه و یرد فضلها علی رجلیه)2.

(1)أی و لیست العمامة کغیر الکفن.

(2)مع العمامة

(3)علی أن الخرقة الخامسة من الکفن.

(4)لا یقال: إن الکفن لیس ملکا للمیت فلا یصدق علی السارق أنه سرق مال الغیر، لأنه یقال: إن الکفن من مال الوارث إن کان الکفن منه أو من الترکة، و من مال الأجنبی إن تبرع به للمیت، و من بیت المال إن لم یتبرع به أحد، و علیه فالقطع ثابت عند مطالبة الوارث أو الأجنبی أو الحاکم.

(5)بلا خلاف فیه، لما دل علی اعتبار التعدد فی البینة، و لخصوص خبر جمیل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما علیهما السّلام (لا یقطع السارق حتی یقرّ بالسرقة مرتین، فإن رجع ضمن السرقة، و لم یقطع إذا لم یکن مشهود)(2).

(6)علی المشهور بین الأصحاب للأخبار منها: خبر جمیل المتقدم و خبر الدعائم عن أمیر-

ص:373


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب التکفین حدیث 1 و 8.
2- (3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

(مع کمال المقرّ) بالبلوغ و العقل (1)، و رفع الحجر بالسفه (2) بالنسبة إلی ثبوت المال، و الفلس بالنسبة إلی تنجیزه (و حریته (3)، و اختیاره (4) فلا ینفذ إقرار الصبی و إن کان مراهقا، و لا المجنون مطلقا (5)، و لا السفیه فی المال. و لکن یقطع، و کذا المفلس لکن یتبع بالمال بعد زوال الحجر، و لا العبد بدون موافقة المولی، لتعلقه بمال الغیر، أما لو صدّقه (6) فالأقرب القطع و ثبوت المال، و بدونه یتبع بالمال إذا أعتق و أیسر، و لا المکره فیهما (7).

-المؤمنین علیه السّلام (أتاه رجل فقال: یا أمیر المؤمنین: إنی سرقت، فانتهره، فقال: یا أمیر المؤمنین إنی سرقت، فقال: تشهد علی نفسک مرتین فقطعه)(1).

و فی الفقه الرضوی (و لا یقطع السارق حتی یقر مرتین إذا لم تکن شهود)2.

و عن الصدوق الاکتفاء بالمرة لصحیح الفضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا أقرّ الرجل الحر علی نفسه مرة واحدة عند الإمام قطع)(2) و هو موافق لبعض العامة فیحمل علی التقیة.

(1)بلا خلاف لأنه لا عبرة بإقرار الصبی و المجنون لحدیث رفع القلم.

(2)فالسفیه محجور علیه فلو أقر بالسرقة مرتین لا یؤخذ بإقراره بالنسبة للمال لأنه ممنوع من التصرف المالی، و إن کان یقطع.

و لو کان الحجر للمفلس فإذا ارتفع الفلس جاز للغیر المطالبة بالمال الذی اعترف المفلس بسرقته لوجود المقتضی من الإقرار و عدم المانع بحسب الفرض لأن الفلس قد ارتفع.

(3)یشترط فی نفوذ لإقرار عدم الرقیة لأن إقرار العبد فی حق مولاه، و هذا لا خلاف فیه و لصحیح الفضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا أقرّ العبد علی نفسه بالسرقة لم یقطع و إذا شهد علیه شاهدان قطع)(3) ، نعم بالنسبة للمال یثبت علی العبد و یتبع به بعد العتق.

(4)بلا خلاف فیه، فلا قطع علی المکره و الساهی و الغافل و النائم و المغمی علیه و السکران لو أقرّ بهذه الحالات لحدیث الرفع.

(5)لا بالنسبة للقطع و لا بالنسبة للمال.

(6)أی صدق المولی عبده فی إقراره فیکون إقرارا من المولی فیثبت و یکون الضمان علی المولی لأن العبد من جملة أمواله، نعم إذا لم یصدقه فلا قطع و یتبع بالمال العبد بعد عتقه.

(7)فی القطع و المال.

ص:374


1- ( (1 و 2) مستدرک الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد السرقة حدیث 1 و 5.
2- (3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد السرقة حدیث 3.
3- (4) الوسائل الباب - 35 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

(و لو ردّ المکره) علی الإقرار (1)(السرقة بعینها لم یقطع) علی الأقوی، لأن وجود العین فی یده لا یدل علی السرقة، و الإقرار وقع کرها فلا یعتد به.

و قیل: یقطع، لأن ردها قرینة السرقة کدلالة قیء الخمر علی شربها و لحسنة سلیمان بن خالد عن الصادق علیه السّلام فی رجل سرق سرقة فکابر عنها فضرب فجاء بها بعینها هل یجب علیه القطع؟ قال: نعم و لکن لو اعترف و لم یجیء بالسرقة لم تقطع یده، لأنه اعترف علی العذاب.

و لا یخفی ضعف العمل بالقرینة (2) فی هذا الباب، و الفرق بین القیء و المجیء بالسرقة، فإن القیء یستلزم الشرب، بخلاف المتنازع فیه فإنه أعم منه.

و أما الخبر فظاهر الدلالة، إلا أن إثبات الحکم به مجردا مشکل (3)..

(و لو رجع) عن الإقرار بالسرقة اختیارا (بعد الإقرار مرتین لم یسقط الحد) (4)، لثبوته بالإقرار السابق فلا یقدح فیه الإنکار کغیره من الحدود.

(1)لو ردّ نفس السرقة بعینها، فعن النهایة و المهذب و الجامع و المختلف أنه یقطع، لأن رد السرقة قرینة علی فعلها کالقیء فإنه قرینة علی شرب الخمر، و لحسنة سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (عن رجل سرق سرقة فکابر عنها فضرب فجاء بها بعینها، أ یقطع؟ قال علیه السّلام: نعم، و إذا اعترف و لم یأت بها فلا قطع لأنه اعترف علی العذاب)(1).

و ذهب ابن إدریس و العلامة فی أکثر کتبه و استحسنه المحقق و تبعه أکثر من تأخر إلی عدم القطع لأن الإقرار عن عذاب فلا عبرة به، و ردها بعینها دلیل علی وجود المال عنده، و وجود المال أعم من سرقته بخلاف القیء فإنه ملازم للشرب.

(2)و هی أن الرد مستلزم للسرقة.

(3)لکونه من غیر الصحاح فضلا عما علم من أن الحدود مبنیة علی العلم و الرد یستلزم السرقة ظنا لأنه أعم منها.

(4)للاستصحاب، و لصحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل أقرّ علی نفسه بحد ثم جحد بعد، فقال: إذا أقرّ علی نفسه عند الإمام أنه سرق ثم جحد قطعت یده و إن رغم-

ص:375


1- (1) الوسائل الباب - 7 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

(و یکفی فی الغرم) للمال المسروق (الإقرار به مرة) واحدة، لأنه إقرار بحق مالی فلا یشترط فیه تعدد الإقرار، لعموم إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز (1) و إنما خرج الحد (2) بدلیل خارج کقول الصادق علیه السّلام فی روایة جمیل (3): لا یقطع السارق حتی یقر بالسرقة مرتین.

الثامنة - یجب علی السارق إعادة العین

(الثامنة - یجب) علی السارق (4)(إعادة العین) مع وجودها، و إمکان إعادتها -أنفه)(1)، و عن الشیخ فی النهایة و کتابی الحدیث و القاضی و ابن زهرة و العلامة فی المختلف سقوط القطع لمرسل جمیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یقطع السارق حتی یقرّب بالسرقة مرتین، فإن رجع ضمن السرقة و لم یقطع إذا لم یکن شهود)(2) و الأول أشهر و موافق للقواعد.

(1)الوسائل الباب - 3 - من أبواب الإقرار حدیث 2.

(2)و اشترط فیه تعدد الإقرار.

(3)و قد تقدمت أکثر من مرة.

(4)یجب علی السارق و إن أقیم علیه الحد و قطعت یده إعادة العین المسروقة بعینها إن کانت باقیة، و إن تلفت أغرم مثلها إن کانت مثلیة و قیمتها إن کانت قیمیة، موسرا کان أو معسرا غایته مع الإعسار یرجئ حتی الإیسار للأخبار منها: خبر محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (السارق یتبع بسرقته و إن قطعت یده، و لا یترک أن یذهب بمال امرئ مسلم)(3).

و خبر سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا سرق السارق قطعت یده و أغرم ما أخذ)4.

و مرفوع صالح بن سعید عن أحدهما علیهما السّلام سألته عن رجل یسرق فتقطع یده بإقامة البینة علیه و لم یردّ ما سرق، کیف یصنع به فی مال الرجل الذی سرق منه، أو لیس علیه رده، و إن ادعی أنه لیس عنده قلیل أو کثیر و علم ذلک منه، قال علیه السّلام:

یستسعی حتی یؤدی آخر درهم سرقه)(4).

ص:376


1- (1) الوسائل الباب - 12 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد السرقة حدیث 4 و 1.
4- (5) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد السرقة حدیث 4.

(أو رد مثلها) إن کانت مثلیة،(أو قیمتها) إن کانت قیمیة (مع تلفها)، أو تعذر ردها، و لو عابت ضمن أرشها (1)، و لو کانت ذات أجرة لزمه مع ذلک أجرتها (2) (و لا یغنی القطع عن إعادتها)، لأنهما حکمان متغایران: الإعادة لأخذ مال الغیر عدوانا و القطع حد عقوبة علی الذنب.

التاسعة - لا قطع إلا بمرافعة الغریم له

(التاسعة - لا قطع) علی السارق (إلا بمرافعة الغریم له) (3) و طلب ذلک من -و خالف أبو حنیفة فقال: لا أجمع علیه بین القطع و الغرم للعین التالفة، فإن غرم له سقط القطع، و إن سکت المالک حتی قطع سقط الغرم، و قال أبو عبد اللّه علیه السّلام مشیرا إلی فتواه فی البغل المعضوب المعروفة و الشبیهة بهذه فی مخالفة الواقع (من هذه و شبهها تحبس السماء قطرها)(1).

(1)فعلیه أرش النقصان لأنه ضامن لقاعدة علی الید ما أخذت حتی تؤدی، و کذا لو زادت قیمة أو عینا فللمالک لأن الزیادة تابعة للعین فی الملک.

(2)أی مع ضمان عینها و نقصان أرشها یلزمه ضمان أجرتها لأنه بسرقته فوّت منافعها علی المالک فیکون ضامنا لأنه متعد.

و لو مات صاحبها دفعت العین إلی ورثته و إن لم یکن له وارث فإلی الإمام علیه السّلام بلا خلاف فیه للأخبار منها: خبر حمزة بن حمران (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن سارق عدا علی رجل من المسلمین فعقره و غصب ماله، ثم إن السارق بعد تاب، فنظر إلی مثل المال الذی کان غصبه و حمله إلیه و هو یرید أن یدفعه إلیه و یتحلل منه مما صنع منه، فوجد الرجل قد مات، فسأل معارفه هل ترک وارثا، فقالوا: لا، و قد سألنی أن أسألک عن ذلک حتی ینتهی إلی قولک، فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: إن کان الرجل المیت توالی أحدا من المسلمین فضمن جریرته و حدثه و أشهد بذلک علی نفسه فإن میراث المیت له، و إن کان المیت لم یتوال إلی أحد حتی مات فإن میراثه لإمام المسلمین، فقلت: فما حال الغاصب؟ فقال: إذا هو أوصل المال إلی إمام المسلمین فقد سلم، و أما الجراحة فإن الجراح تقتص منه یوم القیامة)(2).

(3)قطع السارق موقوف علی مطالبة المسروق بالقطع بأن یرفعه إلی الحاکم، فلو لم یرفعه إلی الحاکم لا تقطع یده و إن قامت علیه البینة حسبة، أو علم الحاکم بالسرقة، أو أقرّ بالسرقة عند الحاکم مرتین لنصوص منها: خبر الحسین بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام-

ص:377


1- (1) الوسائل الباب - 17 - من أبواب الإجارة حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 10 - من أبواب حد السرقة حدیث 5.

الحاکم (و لو قامت) علیه (البینة) بالسرقة أو أقرّ مرتین (فلو ترکه) المالک (أو وهبه المال سقط) القطع، لسقوط موجبه قبل تحتمه (و لیس له العفو) عن القطع (بعد المرافعة) و إن کان قبل حکم الحاکم به، لقول النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم لصفوان بن أمیة حین سرق رداؤه فقبض علی السارق و قدّمه إلی النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم ثم وهبه: «ألا کان ذلک قبل أن تنتهی به إلیّ». و قال الصادق علیه السّلام: إنما الهبة قبل أن یرفع إلی الإمام، و ذلک قول اللّه (عز و جل): وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ ، فإذا انتهی إلی الإمام فلیس لأحد أن یترکه،(و کذا لو ملک) السارق (المال) المسروق (بعد المرافعة لم یسقط) -(الواجب علی الإمام إذا نظر إلی رجل یزنی أو یشرب الخمر أن یقیم علیه الحد و لا یحتاج إلی بینة مع نظره، لأنه أمین اللّه فی خلقه، و إذا نظر إلی رجل یسرق فالواجب علیه أن یزبره و ینهاه و یمضی و یدعه.

قال: کیف ذلک؟ قال علیه السّلام: لأن الحق إذا کان للّه فالواجب علی الإمام إقامته، و إذا کان للناس فهو للناس)(1)، و عن الشیخ فی الخلاف و المبسوط لو أقر السارق علی نفسه مرتین قطع بدون مطالبة المسروق لعموم نصوص الإقرار السابقة، و فیه: إنها مقیّدة بهذا الخبر و أمثاله.

و علیه فلو وهب المالک المال المسروق للسارق قبل الرفع إلی الإمام سقط الحد، و کذا لو عفی عنه بلا خلاف لنصوص منها: خبر سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (من أخذ سارقا فعفی عنه فذاک له، فإذا رفعه إلی الإمام قطعه، فإن قال الذی سرق منه أنا أهب له لم یدعه الإمام حتی یقطعه إذا رفعه إلیه، و إنما الهبة قبل أن یرفع إلی الإمام و ذلک قول اللّه تعالی: وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ ، فإذا انتهی إلی الإمام فلیس لأحد أن یترکه)(2).

و صحیح الحلبی الوارد فی سارق رداء صفوان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (- إلی أن قال - تقطع یده لأجل ردائی یا رسول اللّه، قال: نعم، قال: فأنا أهبه له، فقال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: فهلا کان هذا قبل أن ترفعه إلیّ، قلت: فالإمام بمنزلته إذا رفع إلیه؟ قال:

نعم، و سألته عن العفو قبل أن ینتهی إلی الإمام، فقال: حسن)3

و یفرّع علی ذلک لو ملک السارق العین المسروقة قبل المرافعة سقط الحد لما سمعته من الهبة التی لا فرق بینها و بین غیرها من وجود التملک، نعم لو ملکها بعد المرافعة لا یسقط الحد.

ص:378


1- (1) الوسائل الباب - 32 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 3.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 17 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 3 و 2.

القطع (و یسقط بملکه) له (قبله) لما ذکر.

العاشرة - لو أحدث فی النصاب قبل الإخراج

(العاشرة - لو أحدث) السارق (1)(فی النصاب قبل الإخراج) من الحرز (ما ینقص قیمته) عن النصاب بأن خرق الثوب، أو ذبح الشارة (فلا قطع)، لعدم تحقق الشرط و هو إخراج النصاب من الحرز، و لا کذا لو نقصت قیمته بعد الإخراج و إن کان قبل المرافعة.

(و لو ابتلع النصاب) (2) کالدینار و اللؤلؤة (قبل الخروج فإن تعذّر إخراجه فلا حدّ)، لأنه کالتالف و إن اتفق خروجه بعد ذلک و إن لم یتعذر خروجه عادة قطع، لأنه یجری مجری إیداعه فی وعاء و یضمن المال علی التقدیرین، و أرش النقصان.

(1)لو أحدث السارق فی المال قبل إخراجه من الحرز حدثا یوجب نقصان قیمته عن نصاب السرقة ثم أخرجه، مثل خرقه للثوب أو ذبحه للشاة فلا قطع بالاتفاق، لعدم صدق شرط القطع من إخراج ما قیمته ربع دینار من الحرز، و إن کان ضامنا لما أحدثه بالمال لأنه متعد.

و لو أخرج النصاب من حرزه فنقصت قیمته بفعله أو فعل غیره، أو نقصت قیمته للسوق بعد الإخراج فعلیه القطع لتحقق شرطه من إخراج النصاب من حرزه، خلافا لأبی حنیفة من عدم القطع إذا نقصت قیمته بعد الإخراج للسوق و هو غیر واضح المستند.

(2)لو ابتلع النصاب داخل الحرز فإن استهلک بالابتلاع کالطعام لا یقطع لأنه لم یخرج النصاب من حرزه، نعم علیه الضمان لإتلافه مال الغیر.

و إن لم یستهلک بالابتلاع لکن تعذر خروجه من المعدة عادة فهو بحکم التالف فلا یقطع لأنه لم یخرج النصاب من حرزه نعم علیه الضمان.

و هذا المتعذر إخراجه من المعدة لو خرج اتفاقا بعد خروجه من الحرز فلا قطع ضرورة عدم صدق إخراج المال عن حرزه بعد عدم القصد إلی الإخراج لأنه قد اعتقد بکونه تالفا فکیف قصد إخراجه من حرزه.

و إن لم یستهلک بالابتلاع و لم یتعذر إخراجه من المعدة فعلیه القطع لأنه یجری مجری ما لو أودعه فی وعاء و خرج به، و لو اتفق فساده داخل المعدة علی خلاف العادة فذهب الشارح فی المسالک إلی عدم القطع و ذهب بعض العامة إلی القطع، و الأولی الحکم بالقطع إذا تیقنا بقاءه داخل الجوف حال الإخراج، و لو تیقنا فساده حال الإخراج فلا قطع، و إن شککنا فلا قطع للشبهة و هی دارئة للحد.

ص:379

(و لو أخرجه) أی أخرج النصاب (من الحرز الواحد مرارا) (1) بأن أخرج کل مرة دون النصاب و اجتمع من الجمیع نصاب (قیل: وجب القطع) ذهب إلی ذلک القاضی ابن البراج، و العلامة فی الإرشاد، لصدق سرقة النصاب من الحرز فیتناوله عموم أدلة القطع، و لقوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم من سرق ربع دینار فعلیه القطع (2). و هو متحقق هنا.

و قیل: لا قطع مطلقا (3) ما لم یتحد الأخذ، لأصالة البراءة، و لأنه لما هتک الحرز و أخرج أقل من النصاب لم یثبت علیه القطع، فلما عاد ثانیا لم یخرج من حرز، لأنه کان منبوذا قبله فلا قطع، سواء اجتمع منهما معا نصاب أم کان الثانی وحده نصابا من غیر ضمیمة.

و فرّق العلامة فی القواعد بین قصر زمان العود، و عدمه فجعل الأول بمنزلة المتحد، دون الثانی. و فصّل فی التحریر فأوجب الحد إن لم یتخلل اطلاع المالک و لم یطل الزمان بحیث لا یسمی (4) سرقة واحدة عرفا. و هذا أقوی (5)، لدلالة العرف علی اتحاد السرقة مع فقد الشرطین و إن تعدد الإخراج. و تعددها (6) بأحدهما.

الحادیة عشرة - الواجب قطع الأصابع الأربع

(الحادیة عشرة - الواجب) (7) فی هذا الحد أول مرة (قطع الأصابع الأربع) (1)قد تقدم البحث فیه مفصلا فلا یفید.

(2)سنن البیهقی ج 8 ص 254، مع تغییر بالألفاظ فالنبوی الوارد (لا قطع إلا فی ربع دینار).

(3)سواء کانت الدفعات متقاربة زمانا أو لا، و هذا القول لأبی الصلاح الحلبی.

(4)إن تحقق أحدهما.

(5)و له تفصیل ثالث فی المختلف أیضا و قد تقدم سابقا.

(6)عطف علی اتحاد السرقة، و المعنی: و لدلالة العرف علی تعدد السرقة بأحد الشرطین.

(7)الواجب فی هذا الحد أول مرة قطع الأصابع الأربع من الید الیمنی و تترک الراحة و الإبهام بلا خلاف فیه للأخبار منها: المرسل عن الحارث بن حصیرة قال: (مررت بحبشی و هو یستقی بالمدینة فإذا هو أقطع، فقلت له: من قطعک؟ قال: قطعنی خیر الناس، إنّا أخذنا فی سرقة و نحن ثمانیة نفر فذهب بنا إلی علی بن أبی طالب علیه السّلام فأقررنا بالسرقة، فقال لنا: تعرفون أنها حرام؟ فقلنا: نعم، فأمر بنا فقطعت أصابعنا من -

ص:380

و هی ما عدا الإبهام (من الید الیمنی و یترک له الراحة و الإبهام) هذا إذا کان له خمس أصابع.

أما لو کانت ناقصة (1) اقتصر علی الموجود من الأصابع و إن کانت واحدة عدا الإبهام، لصحیحة الحلبی عن الصادق علیه السّلام قال: قلت له: من أین یجب القطع؟ فبسط أصابعه و قال: من هاهنا، یعنی من مفصل الکف (2). و قوله فی روایة أبی بصیر: القطع من وسط الکف و لا یقطع الإبهام (3)، و لا فرق بین کون المفقود خلقة، أو بعارض و لو کان له إصبع زائدة لم یجز قطعها (4)، حملا علی المعهود، فلو توقف ترکها (5) علی إبقاء إصبع أخری (6) وجب (7) و لو کان علی -الراحة و خلّیت الإبهام، ثم أمر بنا فحبسنا فی بیت یطعمنا فیه السمن و العسل حتی برئت أیدینا، ثم أمر بنا فأخرجنا و کسانا فأحسن کسوتنا ثم قال لنا: إن تتوبوا و تصلحوا فهو خیر لکم یلحقکم اللّه بأیدیکم فی الجنة، و إلاّ تفعلوا یلحقکم اللّه بأیدیکم إلی النار)(1) و خبر محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام قال: (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أیدیهم من نصف الکف و ترک الإبهام و لم یقطعها، و أمرهم أنّ یدخلوا إلی دار الضیافة، و أمر أیدیهم أن تعالج فأطعمهم السمن و العسل و اللحم حتی برءوا فدعاهم فقال: یا هؤلاء إن أیدیکم سبقتکم إلی النار، فإن تبتم و علم اللّه منکم صدق النیة تاب علیکم و جررتم أیدیکم إلی الجنة، فإن لم تتوبوا و لم تقلعوا عمّا أنتم علیه جرّتکم أیدیکم إلی النار)2.

(1)اجتزئ بقطع الموجود من الأصابع ما عدا الإبهام، بلا خلاف لأن المیسور لا یسقط بالمعسور.

(2)الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

(3)الوسائل - 4 - من أبواب حد السرقة حدیث 2.

(4)لظهور الأخبار المتقدمة فی قطع الأصابع الأربعة المعروفة فقط، و ما زاد فلا یجب قطعه.

(5)أی ترک الزائدة.

(6)أصلیة.

(7)أی وجب إبقاء الأصلیة حینئذ لأن الزائدة یحرم إتلافها و یجب إبقاؤها، و بقاؤها متوقف علی إبقاء الأصلیة فیجب إبقاء الأصلیة من باب المقدمة.

ص:381


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 30 - من أبواب حد السرقة حدیث 1 و 2.

المعصم کفان قطع أصابع الأصلیة إن تمیزت، و إلا فإشکال (1).

(و لو سرق ثانیا) (2) بعد قطع یده (قطعت رجله الیسری من مفصل القدم، و ترک العقب) یعتمد علیه حالة المشی، و الصلاة، لقول الکاظم علیه السّلام (3): تقطع ید السارق، و یترک إبهامه، و صدر راحته، و تقطع رجله و یترک له عقبه یمشی علیها.

و الظاهر أنه لا التفات إلی زیادة الأصبع هنا (4)، لأن الحکم مطلق فی القطع (1)ناشئ من وجوب قطع الأصلیة و بما أنها مشتبهة فیتوقف تحصیل الامتثال علی قطعهما.

و من أن الزائد یحرم إتلافها و یجب إبقائها، و حفظها متوقف علی حفظ الجمیع للاشتباه، و یحتمل القرعة لأنها لکل أمر مشکل.

(2)بعد قطع یده فتقطع رجله الیسری بلا خلاف للأخبار منها: خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (القطع من وسط الکف و لا یقطع الإبهام، و إذا قطعت الرجل ترک العقب و لم یقطع)(1).

خبر سماعة بن مهران (إذا أخذ السارق قطعت یده من وسط الکف، فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم، فإن عاد استودع السجن، فإن سرق فی السجن قتل)2.

و صحیح عاصم بن حمید عن محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی السارق إذا سرق قطعت یمینه، و إذا سرق مرة أخری قطعت رجله الیسری، ثم إذا سرق مرة أخری سجنه و ترکت رجله الیمنی یمشی علیها إلی الغائط و یده الیسری یأکل بها و یستنجی بها، فقال: إنی لأستحی من اللّه أن أترکه لا ینتفع بشیء و لکنی أسجنه حتی یموت فی السجن و قال: ما قطع رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم من سارق بعد یده و رجله)(2).

(3)فی خبر إسحاق بن عمار، الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد السرقة حدیث 4.

(4)أی فی الرجل الیسری، بل یقطع الزائد لأن الحکم قد تعلق بقطع الرجل مهما کانت أصابعها، و فیه: إن هذا یأتی فی الید الیمنی لأن الحکم قد تعلق بقطعها کما فی خبر صحیح عاصم بن حمید المتقدم، و یکفینا قوله تعالی: وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُما (3).

ص:382


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد السرقة حدیث 2 و 3.
2- (3) الوسائل الباب - 5 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.
3- (4) المائدة الآیة: 38.

من المفصل من غیر نظر إلی الأصابع، مع احتماله (1)، و لو کان قدمان علی ساق واحد فکالکف (2).

(و فی) السرقة (الثالثة) بعد قطع الید و الرجل (یحبس أبدا) (3) إلی أن یموت، و لا یقطع من باقی أعضائه.

(و فی الرابعة) بأن سرق من الحبس، أو من خارجه لو اتفق خروجه لحاجة، أو هرب به (یقتل) (4).

(و لو ذهبت یمینه (5)...) (1)أی احتمال عدم قطع الزائد لأن المعهود هو قطع القدم من المفصل بأصابعها الخمسة فقط، و هو ضعیف إذ إبقاء الأصبع الزائد یستدعی إبقاء شیء من القدم بخلاف إبقاء الزائد من الید فهو و إن واجب ترک الکف إلا أنه لا یجب قطع الکف فی الید و لذا فرّق بین الزائد فی الید فیترک و الزائد فی الرجل فیقطع.

(2)من اعتبار الأصلیة إن تمیزت و إلا فإشکال.

(3)بلا خلاف فیه للأخبار و قد تقدم بعضها.

(4)بلا خلاف فیه للأخبار و قد تقدم بعضها.

(5)فهنا مسائل:

الأولی: لا تقطع الیسار مع وجود الیمین الصحیحة بلا خلاف للأخبار المتقدمة بل تقطع الیمین.

الثانیة: لو کانت الیمین شلاء و الیسار صحیحة لا تقطع الیسار، بل تقطع الیمین لعموم الأدلة الموجبة لقطع الیمین.

الثالثة: لو کانت الیسار شلاء و الیمین صحیحة، فمقتضی الأدلة قطع الیمین لوجود المقتضی لقطعها و انتفاء المانع، إذ المانع لیس إلا شکل الیسری و لم یثبت کونه مانعا شرعا، و لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل أشلّ الید الیمنی أو أشل الشمال فسرق، قال: تقطع یده الیمنی علی کل حال)(1).

و ذهب ابن الجنید إلی الیسار إذا کانت شلاء لم تقطع الیمین لأن الشلاء کالمعدومة فلو قطعت الیمین و الحال هذه لبقی بلا یدین، و لم یعهد من حکمة الشارع إبقاءه بدون یدین-

ص:383


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

-و لمرسل المفضل بن صالح عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا سرق الرجل و یده الیسری شلاء لم تقطع یمینه و لا رجله)(1)

و لو کانتا شلاءین فلا قطع عنده بالأولی، و عند المشهور تقطع الیمین علی کل حال، و المرسل لا یقاوم الصحیح المتقدم فالمتعین هو قول المشهور.

الرابعة: لو لم یکن له یسار، إما مقطوعة فی قصاص أو معدومة خلقة، و کانت له یمین صحیحة فإذا سرق هل یقطع؟

ذهب الشیخ فی المبسوط و تبعه الأکثر أنه تقطع الیمین لعموم الأدلة، و ذهب ابن الجنید إلی أنه لا تقطع یمینه لأنه لم یعرف من حکمة الشارع ترکه بلا یدین و لصحیح عبد الرحمن بن الحجاج عن ابن عبد اللّه علیه السّلام (لو أن رجلا قطعت یده الیسری فی قصاص فسرق ما یصنع به؟ فقال: لا یقطع و لا یترک بغیر ساق)(2).

الخامسة: لو کانت له یمین حین السرقة و ذهبت قبل القطع فهل تقطع الیسار أو یسقط الحکم بالقطع، فلا خلاف بینهم فی سقوط الحکم و لا تقطع الیسار لأن الحکم قد تعلق بالیمین، و یذهب الحکم بذهابها.

السادسة: لو سرق و لا یمین له إما خلقة و إما قصاصا، فهل یسقط الحکم أو یتعلق بالیسار أو برجله

قال الشیخ فی النهایة: تقطع یساره لعموم قوله تعالی: فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُما (3) الصادق علی قطع الیسار، غایته تقدیم الیمنی علیها للأخبار عند وجودها، فإذا لم توجد قطعت الیسار لوجوب امتثال الأمر.

و قال فی المبسوط: ینتقل إلی رجله الیسری لأنها محل القطع حدا للسرقة بعد قطع الیمین، و الیمین هنا مفقودة فینتقل إلی الرجل.

و الأولی القول بسقوط الحکم لأنه تعلق بالیمین فیذهب بذهابها کما فی المسألة الخامسة.

السابعة: لو لم یکن له ید یمنی و لا یسری و سرق أول مرة، فعن المبسوط أنه تقطع رجله الیسری لما تقدم، و عن النهایة أنه تقطع الرجل الیمنی لأنها أقرب للید الیمنی، و الأولی القول بسقوط الحکم لأنه تعلق بالیمنی فیذهب بذهابها.-

ص:384


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد السرقة حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 11 - من أبواب حد السرقة حدیث 3.
3- (3) المائدة الآیة: 38.

(بعد السرقة لم یقطع الیسار) (1)، لتعلق الحکم بقطع الیمین و قد فاتت، أما لو ذهبت الیمین قبل السرقة بغیرها (2) ففی قطع الید الیسری، أو الرجل قولان. و لو لم یکن له یسار (3) قطعت رجله الیسری قطع به العلامة و قبله الشیخ. کما أنه لو لم یکن له رجل حبس (4).

و یحتمل سقوط قطع غیر المنصوص (5) مرتبا وقوفا فی التجری علی الدم المحترم علی موضع الیقین، و لأنه تخط عن موضع النص من غیر دلیل، و لظاهر قول علی علیه السّلام (6): إنی لأستحی من ربی أن لا أدع له یدا یستنجی بها أو رجلا یمشی علیها، و سأل عبد اللّه بن هلال أبا عبد اللّه علیه السّلام عن علة قطع الید الیمنی و رجله الیسری فقال: ما أحسن ما سألت إذا قطعت یده الیمنی، و رجله الیمنی سقط علی جانبه الأیسر و لم یقدر علی القیام. فإذا قطعت یده الیمنی، و رجله الیسری اعتدل و استوی قائما (7).

-الثامنة: و لو سرق و لا ید و لا رجل، ففی النهایة حبس دائما لأن الحبس قد ثبت عقوبة فی السرقة عند فقد الید و الرجل، و هو فاقد لهما، و فیه: إن الحبس عقوبة إنما یثبت بعد قطع الید و الرجل عقوبة، و الشرط هنا غیر متحقق فالأقرب القول بسقوط الحکم لما تقدم، و قد توقف جماعة فی هذه الثلاثة الأخیرة لعدم النص و قال المحقق فی الشرائع:

«و فی الکل إشکال من حیث إنه تخط عن موضع القطع فیقف علی إذن الشارع و هو مفقود»، و قد عرفت أن مقتضی القواعد سقوط الحکم لذهابه بذهاب موضوعه کما وقع الاتفاق علی ذلک فی المسألة الخامسة.

(1)المسألة الخامسة.

(2)أی بغیر السرقة و هی المسألة السادسة.

(3)المسألة السابعة.

(4)و هی المسألة الثامنة.

(5)أی ففی السرقة الأولی تقطع الیمین علی کل حال و فی الثانیة تقطع الرجل الیسری علی کل حال، و فی المرة الثالثة الحبس و إلا فلا حکم علیه عند اختلال أی قید من القیود المذکورة.

(6)فی صحیح عبد الرحمن بن الحجاج، الوسائل الباب - 5 - من أبواب حد السرقة حدیث 9.

(7)الوسائل الباب - 5 - من أبواب حد السرقة حدیث 8.

ص:385

(و یستحب) بعد قطعه (حسمه بالزیت المغلی) (1) إبقاء له و لیس بواجب للأصل. و مئونته علیه إن لم یتبرع به أحد أو یخرجه الحاکم من بیت المال.

الثانیة عشرة - لو تکررت السرقة

(الثانیة عشرة - لو تکررت السرقة) (2) و لم یرافع بینها (فالقطع واحد)، لأنه (1)للنبوی (أنه أتی بسارق فقال: اذهبوا فاقطعوه ثم احسموه)(1)، و لخبر محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أیدیهم من نصف الکف و ترک الإبهام و لم یقطعها، و أمرهم أنّ یدخلوا إلی دار الضیافة، و أمر بأیدیهم أن تعالج)(2)، و لخبر حذیف بن منصور عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی قوم لصوص قطعت أیدیهم فی زمن أمیر المؤمنین علیه السّلام فقال: (یا قنبر ضمّهم إلیک فداو کلومهم و أحسن القیام علیهم فإذا برءوا فأعلمنی)3.

نعم مئونته علی السارق و لیس علی الحاکم، نعم یجوز للحاکم إخراجه من بیت المال لأنه معدّ لمصالح المسلمین و مداواتهم من مصالحهم.

(2)لو تکررت السرقة و لم یرافع بینها ثم ظفر به، فالحد واحد علیه بلا خلاف کما فی الجواهر، بشرط أن تکون البینتان قد أقیمتان دفعة أو أقرّ بالسرقتین دفعة واحدة لخبر بکیر بن أعین عن أبی جعفر علیه السّلام (فی رجل سرق فلم یقدر علیه، ثم سرق مرة أخری فأخذ، فجاءت البینة فشهدوا علیه بالسرقة الأولی و السرقة الأخیرة.

فقال علیه السّلام: تقطع یده بالسرقة الأولی، و لا تقطع رجله بالسرقة الأخیرة، فقال: کیف ذاک؟ فقال علیه السّلام: لأن الشهود شهدوا جمیعا فی مقام واحد بالسرقة الأولی و الأخیرة قبل أن تقطع بالسرقة الأولی، و لو أن الشهود شهدوا علیه بالسرقة الأولی ثم أمسکوا حتی تقطع یده، ثم شهدوا علیه بالسرقة الأخیرة قطعت رجله الیسری)(3).

و قد اختلفوا فی أن القطع للأولی أو للأخیرة، فعن الکافی و المقنعة و المقنع و القواعد أن القطع للأولی لدلالة الروایة علی ذلک، و عن المحقق أنه للأخیرة لأنه أخذ بها، و فیه: أنه اجتهاد فی قبال النص.

و قیل: تظهر الفائدة بین القولین فیما لو عفی من له الحکم بالقطع، فإن قلنا إن القطع للأولی و عفی أصحاب المال المسروق بالسرقة الأولی فیسقط الحد و لو عفی أصحاب المال المسروق بالأخیرة لا یسقط، و العکس علی القول الثانی.-

ص:386


1- (1) سنن البیهقی ج 8 ص 271.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 30 - من أبواب حد السرقة حدیث 2 و 3.
3- (4) الوسائل الباب - 9 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

حدّ فتتداخل أسبابه لو اجتمعت کالزنا، و شرب الخمر.

و هل هو بالأولی، أو الأخیرة؟ قولان.

و تظهر الفائدة فیما لو عفی من حکم بالقطع له و الحق أنه یقطع علی کل حال حتی لو عفی الأول قطع بالثانی، و بالعکس. هذا إذا أقرّ بها دفعة أو شهدت البینات بها کذلک.

(و لو شهدا علیه بسرقة، ثم شهدا علیه بأخری قبل القطع (1) فالأقرب عدم تعدد القطع) کالسابق، لاشتراکهما فی الوجه و هو کونه حدا فلا یتکرر بتکرر سببه إلی أن یسرق بعد القطع.

و قیل: تقطع یده و رجله، لأن کل واحدة توجب القطع فتقطع الید للأولی، و الرجل للثانیة. و الأصل عدم التداخل.

و لو أمسکت البینة الثانیة حتی قطعت یده، ثم شهدت ففی قطع رجله قولان (2) أیضا، و أولی بالقطع هنا لو قیل به ثمّ.

-و ردّ کما فی کشف اللثام بأنه لا عفو بعد المطالبة و حسب الفرض أن البینات قد أقیمت عند الحاکم فلا مجال للعفو، و فیه: إن البینة قد تقوم حسبة مع غیاب أصحاب المال فیجوز لهم العفو، نعم لو اتی صاحب المال بالسارق و أقیمت البینة فلا عفو حینئذ.

و رد الفائدة الشارح فی المالک بقوله: (و الحق أنه یقطع علی کل حال حتی لو عفی أحدهما قطع بالأخری، لأن کل واحدة سبب تام فی استحقاق القطع مع المرافعة، و تداخل الأسباب علی تقدیر الاستیفاء لا یقتضی تداخلها مطلقا لأنه علی خلاف الأصل) و أشکل علیه فی الجواهر بأنه اجتهاد و فی قبال النص.

(1)فلم تجتمع البینات دفعة و لکن کانت الثانیة قبل القطع للأولی، فذهب الصدوق و الشیخ فی النهایة و الخلاف إلی أنه تقطع الید للأولی و رجله للثانیة، و ادعی الشیخ فی الخلاف الوفاق علیه، و استدلوا بروایة بکیر بن أعین المتقدمة بحسب ذیله.

و قول الشیخ فی المبسوط عن هذا القول و تبعه علیه الحلی و الفاضلان و الشهیدان و غیرهم من المتأخرین إلی أنه تقطع یده بالأولی فقط لأن روایة ابن أعین أثبتت القطع للرجل الیسری بعد قطع الید الأولی، و مفروض مسألتنا أن الید لم تقطع للأولی فلا مجال للتمسک بها و لا بد من الاحتیاط فی الدم.

(2)أقول للشیخ فی النهایة و ابنی حمزة و سعید و الصدوق إلی أنه تقطع رجله الیسری بالثانیة -

ص:387

و الأقوی عدم القطع أیضا، لما ذکر (1)، و أصالة البراءة و قیام الشبهة الموجبة لدرء الحد. و مستند القطع روایة بکیر بن أعین عن الباقر علیه السّلام و فی الطریق ضعف (2).

الفصل السادس - فی المحاربة

اشارة

(الفصل السادس - فی المحاربة)

فی معنی المحاربة

(و هی (3)...) -بعد قطع یده بالأولی تمسکا بذیل خبر بکیر المتقدم و هو نص فی ذلک و قول للشیخ فی المبسوط و ابن إدریس و العلامة فی التحریر و المختلف بل عن المحقق الاعتراف بقوته إلی أنه لا تقطع رجله الیسری بالثانیة، لضعف خبر بکیر بن أعین بسهل بن زیاد و للاحتیاط فی الدماء فلا بد من التوقف.

و فیه: إن الخبر معمول به عند الأصحاب بحسب صدره فسنده منجبر علی أن الأمر فی سهل سهل.

(1)من التداخل فی الأسباب.

(2)علّق الشارح بقوله: (فی طریقها سهل بن زیاد و هو ضعیف مع أنه رواها عن الحسن بن محبوب و لم توجد فی کتاب مشیخته).

(3)عرّف المحارب بأنه کل من جرّد السلاح لإخافة الناس، و هو شامل للذکر و الأنثی عند المشهور، بل عن کنز العرفان نسبته إلی القدماء، لعموم الآیة إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أَنْ یُقَتَّلُوا (1) و للأخبار منها: صحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (من شهر السلاح فی مصر من الأمصار فعقر اقتص منه و نفی من تلک البلد)(2) و لفظ (من) عام، و خالف فی ذلک ابن الجنید فخص المحارب بالذکور فقط، و هو قول بعض العامة أیضا، نظرا إلی ضمیر المذکر فی قوله تعالی:

اَلَّذِینَ یُحارِبُونَ اللّهَ مع عود الضمائر علیه بالتذکیر، و فیه: إنه یراد منه کل من وصف بالمحاربة و هو شامل للإناث، و لو سلم تخصیصه بالرجال فالأخبار عامة تشمل الأنثی.

و التعریف شامل للصغیر و الکبیر، و لا بدّ من تقییده بالمکلف لأن الحدّ منوط بالتکلیف، و إن کان الصغیر یضمن المال و النفس مع الإتلاف کما یضمن ما یتلفه فی غیر هذا الفرض.

ص:388


1- (1) المائدة الآیة: 33.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المحارب حدیث 1.

(تجرید (1) السلاح (2) برا أو بحرا (3)، لیلا أو نهارا (4)، لإخافة الناس فی مصر و غیره، من ذکر أو أنثی، قوی أو ضعیف (5) من أهل الریبة أم لا (6). قصد الإخافة أم لا (7) علی أصح الأقوال، لعموم الآیة (8) المتناول لجمیع من ذکر.

و خالف ابن الجنید فخص الحکم بالرجال بناء علی أن الضمیر فی الآیة للذکور.

و دخول الإناث فیهم مجاز.

(1)و هو إظهار السلاح و حمله للمقاتلة.

(2)خص أبو حنیفة المحارب بمن شهر السلاح من الحدید، و احتمله العلامة فی التحریر، و عند الأکثر ما یشمل حتی المحدد و العصا و کل ما یحقق عنوان المحاربة لعموم الأدلة.

(3)و سواء کان فی مصر أو بادیة لصدق عنوان المحاربة تمسکا بعموم الآیة و الأخبار، و بعض العامة حضه فی البرد فی المواضع البعیدة عن العمران، و هو ضعیف بما سمعت.

(4)لعموم الآیة و لخبر ضریس عن أبی جعفر علیه السّلام (من حمل السلاح باللیل فهو محارب إلا أن یکون رجلا لیس من أهل الریبة)(1).

(5)فلو ضعف المجرّد للسلاح عن الإخافة بسلاحه، فهل ینطبق علیه عنوان المحاربة إشکال، لانطباق عنوان المحاربة لغة لتجریده السلاح، و عدم الانطباق عرفا لعدم تحقق الإخافة، و ذهب المحقق و الشارح فی المسالک إلی الانطباق إذا قصد الإخافة، و مع عدم القصد فلا.

(6)ذهب الأکثر إلی عدم اشتراط أن یکون من أهل الریبة لعموم الآیة و الأخبار، و ذهب الشیخ فی النهایة و القاضی و الراوندی و الشهید فی الدروس إلی اشتراط کونه من أهل الریبة استنادا إلی مفهوم خبر ضریس المتقدم، و ردّ بأن مفهومها من حمل السلاح فی اللیل و لم یکن من أهل الریبة فهو لیس بمحارب، و لا تفید عدم حکم المحارب علی من قصد الإخافة و لم یکن من أهل الریبة.

(7)أما فی الضعیف فقد عرفت اشتراط القصد عند الشارح فی المسالک و أما فی القوی فکذلک، و لذا قال فی الجواهر: «و لکن فی الروضة قصد الإخافة أم لا علی أصح الأقوال، و إن کنا لم نجده قولا صریحا لأحد، و علی تقدیره فلا ریب فی شذوذه و إن کان قد یستدل له بإطلاق الأدلة» و لکن الإطلاق منزل عرفا علی قصد الإخافة فلو شهر السلاح لا لقصد الإخافة بل للتباهی به فلا یعدّ محاربا عرفا.

(8)المائدة الآیة: 33 و قد تقدمت.

ص:389


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب حد المحارب حدیث 1.

و فیه مع تسلیمه أن فی صحیحة محمد بن مسلم (1) «من شهر السلاح»، و «من» عامة حقیقة للذکور و الإناث، و الشیخان (2) حیث شرطا کونه من أهل الریبة و عموم النص یدفعه، و أخذ «تجدید السلاح» تبع (3) فیه الخبر (4)، و إلا فالأجود عدم اعتباره. فلو اقتصر علی الحجر و العصا و الأخذ بالقوة فهو محارب، لعموم الآیة، و شمل إطلاقه (5) کغیره الصغیر و الکبیر، لعموم الأدلة.

و یشکل فی الصغیر فإن الحد مشروط بالتکلیف خصوصا القتل، و شرط ابن الجنید فیه البلوغ و رجحه المصنف فی الشرح، و هو حسن.

(لا الطلیع) (6) للمحارب و هو الذی یرقب له من یمر بالطریق فیعلمه به، أو یرقب له من یخاف علیه منه فیحذره منه (و الردء) (7) بکسر الراء فسکون الدال فالهمز و هو المعین له فی ما یحتاج إلیه من غیر أن یباشر متعلّق المحاربة فیما فیه أذی الناس، و إلا کان محاربا.

(و لا یشترط) فی تحقق المحاربة (أخذ النصاب) (8)، و لا الحرز (9)، و لا أخذ شیء، للعموم.

فی ما تثبت به المحاربة

(و تثبت) المحاربة (بشهادة ذکرین عدلین (10)، و بالإقرار) بها (و لو) (1)الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المحارب حدیث 1.

(2)أی و خالف الشیخان و مقصوده الشیخ و القاضی کما صرح بذلک فی المسالک.

(3)أی تبع المصنف فی هذا القید.

(4)و هو صحیح محمد بن مسلم المتقدم.

(5)أی إطلاق تعریف المصنف للمحارب کتعریف غیره للکبیر و الصغیر.

(6)و هو المراقب للمحارب لیخبره بمن یمرّ علی الطریق، أو یترقب له ممن یخاف المحارب منه، فلا یصدق علیه عنوان المحارب فلا یشمله حکمه.

(7)و هو المعین للمحارب فیما یحتاج إلیه من غیر أن یباشر معه ما یحقق عنوان المحاربة علیه کأن یعینه علی ضبط الأموال عند سلبها أو إمداده بالطعام و تسلیته و نحو ذلک.

(8)لأن المحارب صادق علی من جرّد السلاح لإخافة الناس.

(9)أی هتک الحرز.

(10)بلا خلاف و لا إشکال لعموم ما دل علی اعتبار البینة العادلة.

ص:390

(مرة) (1) واحدة، لعموم إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز، خرج منه ما اشترط فیه التکرار بدلیل خارج، فیبقی غیره علی العموم (مع کمال المقر) (2) و حریته (3) و اختیاره (4).

(و لا تقبل شهادة بعض المأخوذین لبعض (5)، للتهمة). نعم لو شهد اثنان علی بعض اللصوص أنهم أخذوا مال غیرهما و شهد ذلک الغیر علی بعض آخر، غیر الأول أنه أخذ الشاهدین حکم بالجمیع، لعدم التهمة (6)، و کذا لو قال الشاهدان: عرضوا لنا جمیعا و أخذوا هؤلاء خاصة (7).

فی الحد للمحارب

(و الحد) للمحارب (8)(القتل، أو الصلب، أو قطع یده الیمنی و رجله) (1)لعموم حدیث (إقرار العقلاء و علی أنفسهم جائز)(1) نعم عن الدیلمی فی المراسم و العلامة فی المختلف أن کل حد یثبت بشهادة عدلین فیعتبر فیه الإقرار مرتین، و ردّ بأنه لا دلیل علی هذه الکلیة فالمحکّم عموم الإقرار.

(2)ببلوغه و عقله لحدیث رفع القلم.

(3)لأن إقرار العبد إقرار فی حق الغیر فلا یؤخذ به إلا إذا صدّقه المولی.

(4)إذ لا عبرة بإقرار المکره لحدیث الرفع.

(5)بأن یکون المحارب قد أخذ من أهل القافلة، فلو شهد بعضهم علی أنه قد أخذ حال البعض الآخر لا تقبل الشهادة للتهمة الحاصلة منهم علی القاطع، و لخبر محمد بن الصلت عن الرضا علیه السّلام سأله (عن رفقة کانوا فی طریق، قطع علیهم الطریق و أخذوا اللصوص فشهد بعضهم لبعض، قال: لا تقبل شهادتهم إلا بإقرار من اللصوص أو شهادة من غیرهم علیهم)(2).

(6)و فیه أن التهمة حاصلة إذا کان اللصوص قد تعرض للجمیع و إن کان بعض اللصوص قد أخذ مال بعض أهل القافلة، و البعض الآخر من اللصوص سطا علی البعض الآخر من القافلة، فشهد کل فریق للآخر مع تغایر الآخذ لإطلاق الخبر المتقدم.

(7)فالقبول مبنی علی أن التهمة منفیة لعدم الأخذ من الشاهدین، و إطلاق الخبر ینفی القبول فتأمل.

(8)فهو القتل أو الصلب أو القطع مخالفا بمعنی قطع الید الیمنی و الرجل الیسری أو النفی،-

ص:391


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب کتاب الإقرار حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 27 - من أبواب الشهادات حدیث 2.

-و یدل علیه قوله تعالی: إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أَنْ یُقَتَّلُوا أَوْ یُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَیْدِیهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ یُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِکَ لَهُمْ خِزْیٌ فِی الدُّنْیا وَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِیمٌ (1). و اختلف الأصحاب فی هذه العقوبات أنها علی نحو التخییر أو الترتیب حسب جنایاتهم، فذهب المفید و الصدوق و الدیلمی و الحلی و العلامة فی أحد قولیه، بل قیل: علیه أکثر المتأخرین إلی أنها علی نحو التخییر لأن (أو) للتخییر لغة و یدل علیه خبر أبی حمزة عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام (أن علیا علیه السّلام قال: فوّض اللّه إلی الناس فی کفارة الیمین کما فوّض إلی الإمام فی المحارب أن یضع ما یشاء، و قال: کل شیء فی القرآن أو فصاحبه فیه بالخیار)(2)، و لحسنة جمیل بن دراج(3) و قد نقلها الشارح فی المتن.

و ذهب الشیخ و أتباعه و أبو الصلاح و العلامة فی أحد قولیه بل فی کشف اللثام بعد نسبته إلی أکثر الکتب قد ادعی علیه الإجماع و أنها علی نحو الترتیب بحسب جنایاتهم و یدل علیه صحیح برید بن معاویة (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن قول اللّه (عز و جل):

إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ ، قال: ذلک علی الإمام یفعل ما شاء، قلت:

فمفوّض ذلک إلیه؟ قال: لا و لکن نحو الجنایة)4.

و اختلفوا فی الترتیب فعن النهایة و المهذب وفقه الراوندی و التلخیص للعلامة إلی أنه یقتل قصاصا إن قتل بشرط أن یکون المقتول مکافئا له و لم یعف الولی، و إن عفی أو کان المقتول غیر مکافئ قتله الإمام حدا، و لو قتل و أخذ المال استعید منه المال عینا أو قیمة و قطعت یده الیمنی و رجله الیسری ثم یقتل و یصلب، و إن أخذ المال و لم یقتل قطع مخالفا و نفی، و لو جرح و لم یأخذ المال اقتص منه و نفی، و لو اقتصر علی شهر السلاح نفی لا غیر.

و مستند هذا التفصیل روایات منها: روایة عبد اللّه بن إسحاق المدائنیّ عن أبی عبد اللّه علیه السّلام عند ما سأله عن آیة إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللّهَ ، قال علیه السّلام:

(خذها أربعا بأربع، إذا حارب اللّه و رسوله و سعی فی الأرض فسادا فقتل قتل، و إن قتل و أخذ المال قتل و صلب، و إن أخذ المال و لم یقتل قطعت یده و رجله من خلاف،-

ص:392


1- (1) المائدة الآیة: 33.
2- (2) الوسائل الباب - 12 - من أبواب الکفارات حدیث 7.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المحارب حدیث 3 و 2.

(الیسری) للآیة الدالة بأو علی التخییر و إن احتملت غیره (1) لما روی صحیحا (2) أن «أو» فی القرآن للتخییر حیث وقع، و لحسنة جمیل بن دراج (3) عن الصادق علیه السّلام حیث سأله عن قوله تعالی: إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ الآیة، و قال: أی شیء علیه من هذه الحدود التی سمّی اللّه (عز و جل)؟ قال علیه السّلام:

ذاک إلی الإمام إن شاء قطع، و إن شاء صلب، و إن شاء نفی، و إن شاء قتل، -و من حارب اللّه و رسوله و سعی فی الأرض فسادا و لم یقتل و لم یأخذ من المال نفی من الأرض)(1).

و صحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام (من شهر السلاح فی مصر من الأمصار فعقر اقتص منه و نفی من تلک البلدة، و من شهر السلاح فی مصر من الأمصار و ضرب و عقر و أخذ المال و لم یقتل فهو محارب، فجزاؤه جزاء المحارب و أمره إلی الإمام إن شاء قتله و صلبه، و إن شاء قطع یده و رجله، قال: و إن ضرب و قتل و أخذ المال فعلی الإمام أن یقطع یده الیمنی بالسرقة ثم یدفعه إلی أولیاء المقتول فیتبعونه بالمال ثم یقتلونه)(2)و خبر عبید بن بشر الخثعمی (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن قاطع الطریق، و قلت: الناس یقولون: إن الإمام فیه مخیّر أیّ شیء شاء صنع؟ قال: لیس أی شیء شاء صنع و لکنه یصنع بهم علی قدر جنایتهم، من قطع الطریق فقتل و أخذ المال قطعت یده و رجله و صلب، و إن لم یقتل قطعت یده و رجله، و من قطع الطریق فلم یأخذ مالا و لم یقتل نفی من الأرض)(3).

و التفصیل المذکور لا یستفاد من واحد من هذه الروایات و إنما یجمع بینها علی اختلاف فیها لیتم هذا القول، و ذهب الشیخ فی التبیان و المبسوط و الخلاف إلی أنه إن قتل قتل، و إن قتل و أخذ المال قتل و صلب، و إن اقتصر علی أخذ المال قطعت یده و رجله من خلاف و لم یقتل، و إن اقتصر علی الإخافة فالنفی.

(1)أی غیر التخییر لأن أو قد تکون بمعنی الواو.

(2)و قد تقدم فی خبر أبی حمزة.

(3)و قد تقدم تخریجها فی الهامش.

ص:393


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المحارب حدیث 4، و قد أشار إلیه إشارة إلا أن الشیخ قد رواه فی التهذیب ج 10 ص 31.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المحارب حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المحارب حدیث 5.

قلت: ینفی إلی أین؟ قال علیه السّلام: ینفی من مصر إلی آخر و قال: إن علیا علیه السّلام نفی رجلین من الکوفة إلی البصرة و مثله حسنة برید، أو صحیحته عنه علیه السّلام (1).

و لم یذکر المصنف هنا النفی و لا بد منه، لأنه أحد أفراد الواجب المخیر فی الآیة، و الروایة (2) و لیس فی المسألة قول ثابت یشتمل علی ترکه. و لعل ترکه سهوا.

نعم لو قتل المحارب تعین قتله (3) و لم یکتف بغیره من الحدود، سواء قتل مکافئا أم لا، و سواء عفا الولی أم لا، علی ما ذکره جماعة من الأصحاب (4)، و فی بعض أفراده نظر (5).

(و قیل) و القائل الشیخ و جماعة: إن ذلک لا علی جهة التخییر، بل (یقتل إن قتل قودا) إن طلب الولی قتله (أو حدا) إن عفا عنه، أو لم یطلب،(و إن قتل و أخذ المال قطع مخالفا، ثم قتل و صلب) مقتولا.

فی ما یَفعل المحارب

(و إن أخذ المال لا غیر) قلیلا کان أم کثیرا من حرز و غیره (قطع مخالفا و نفی) و لا یقتل.

(و لو جرح و لم یأخذ مالا) و لا قتل نفسا و لو بسرایة جراحته (اقتص منه) (1)قد تقدمت، و هی دالة علی الترتیب بحسب الجنایة لا علی التخییر.

(2)روایة جمیل بن دراج المتقدمة فی المتن.

(3)بناء علی القول بالترتیب، و أما علی القول بالتخییر فقد یختار الإمام غیر القتل، و هذا کله فی القتل بما هو حدّ، و أما قتله قصاصا فهو بید أولیاء الدم و قد یعفون، و قول الشارح فیما بعد: سواء عفی الولی أم لا، شاهد علی أن المراد من القتل بما هو حد.

(4)و هم أصحاب القول بالترتیب و قد تقدمت الإشارة إلیهم.

(5)أی بعض أفراد الحکم بقتله علی کل حال نظر من ناحیة أن قتله لیس حدا بل بعنوان القصاص فلا بد أن یکون المقتول مکافئا و لم یعف الولی، و لذا قال فی الجواهر «فلو عفی ولی الدم أو کان المقتول ممن لا یقتص له من القاتل سقط القتل قصاصا و ثبت حدا مخیّرا بینه و بین باقی الأفراد و لعله إلی هذا نظر شیخنا فی الروضة حیث تنظّر فی ما أطلقه الجماعة من تعین القتل فی تلک الصورة).

ص:394

بمقدار الجرح (و نفی).

(و لو اقتصر علی شهر السلاح و الإخافة) فلم یأخذ مالا و لم یقتل و لم یجرح (نفی لا غیر).

و مستند هذا التفصیل روایات لا تخلو من ضعف فی سند، و جهالة (1)، و اختلاف فی متن تقصر بسببه عن إفادة ما یوجب الاعتماد علیه و مع ذلک (2) لم یجتمع جمیع ما ذکر من الأحکام فی روایة منها و إنما یتلفق کثیر منه (3) من الجمیع (4)، و بعضه لم نقف علیه فی روایة (5)، و بسبب ذلک (6) اختلف کلام الشیخ «رحمه اللّه» أیضا ففی النهایة ذکر قریبا مما ذکر هنا، و فی الخلاف أسقط القطع علی تقدیر قتله و أخذه المال و لم یذکر حکم ما لو جرح، و لکن یمکن استفادة حکمه من خارج. فإن الجارح عمدا یقتصّ منه مطلقا (7) فالمحارب أولی، و مجرد المحاربة (8) یجوّز النفی و هی حاصلة معه.

لکن فیه أن القصاص حینئذ (9) لیس حدا فلا وجه لإدخاله فی بابه (10)، و لو لوحظ جمیع ما یجب علیه لقیل مع أخذه المال: إنه یؤخذ منه عینه، أو مثله، أو قیمته مضافا إلی ما یجب علیه (11)...

(1)إلا روایة محمد بن مسلم فهی صحیحة إلا أنها لا تفی بهذا التفصیل و قد تقدمت.

(2)أی و مع الضعف و الجهالة و الاختلاف.

(3)من التفصیل المذکور.

(4)أی جمیع الروایات.

(5)و هو فیما لو جرح و أخذ المال، أو جرح فقط، نعم فی صحیح محمد بن مسلم تعرض للعقر الذی هو الجرح لکن لا یوافق ما فی التفصیل المذکور.

(6)من کون بعض الأحکام فی التفصیل غیر موجودة فی الروایات، مع اختلاف فی الروایات و ضعف أسانیدها.

(7)سواء کان محاربا أو لا.

(8)تجوّز النفی، فإذا کانت مع الجرح فأیضا ینفی مع الاقتصاص منه، و لوضوح هذا الحکم لم یذکره الشیخ فی الخلاف.

(9)حین استفادته من الخارج.

(10)أی باب المحاربة بما هو حد.

(11)علی المحارب من قتل أو صلب أو قطع.

ص:395

و هو (1) خروج عن الفرض (2)، أو قصور فی الاستیفاء (3).

و فی هذا التقسیم (4) مع ذلک تجاوز لما یوجد فی الروایات (5) و لیس بحاصر للأقسام، فإن منها (6) أن یجمع بین الأمور کلها فیقتل و یجرح آخر، و یأخذ المال.

و حکمه، مضافا إلی ما سبق (7) أن یقتص منه للجرح قبل القتل، و لو کان فی الید (8)، أو الرجل فقبل القطع أیضا، و منها (9) ما لو أخذ المال و جرح (10)، و منها ما لو قتل و جرح و لم یأخذ المال، و حکمهما (11) الاقتصاص للجرح (12)، و القطع فی الأولی (13) و القتل فی الثانیة.

لو تاب المحارب قبل القدرة علیه

(و لو تاب) المحارب (قبل القدرة علیه سقط الحد) (14) من القتل و القطع.

(1)أی أخذ المال عینا أو قیمة.

(2)إذ المفروض التکلم فی حد المحارب فقط.

(3)أی إذا جوزنا التکلم عن استرداد المال من المحارب عند البحث فی حکم المحارب و لم نذکر المال فیکون تقصیرا فی استیفاء ما یجب علی الحاکم عمله ضد المحارب.

(4)أی تقسیم الشیخ فی النهایة.

(5)و التجاوز هو الحکم علی المحارب فیما لو جرح سواء أخذ المال أو لا، و الروایات لم تذکر حکم الجرح إلا روایة محمد بن مسلم علی ما تقدم، و عرفت أن حکم الجرح فیها مغایرا لحکم الجرح فی هذا التفصیل، و لهذا التجاوز نعرف أن مراد الشارح من التقسیم هو تقسیم الشیخ فی النهایة، لأن تقسیمه فی الخلاف لم یذکر فیه حکم من جرح بل أسقطه کما صرّح بذلک الشارح سابقا.

(6)من الأقسام.

(7)فی تقسیم الشیخ فی النهایة من قطع یده و رجله مخالفا و قتله و صلبه أن یقتص منه للجرح قبل القتل.

(8)أی کان الجرح فی الید.

(9)من الأقسام التی لم یذکرها الشیخ فی النهایة.

(10)حیث لم یذکر الشیخ فی التقسیم السابق إلا الجرح مع عدم أخذه للمال.

(11)أی حکم القسمین الأخیرین.

(12)لأنه جرح فی کلا القسمین.

(13)أی فی المسألة الأولی المفروضة من القسمین.

(14)سقط الحد کغیره من الحدود بلا إشکال و یدل علیه قوله تعالی: إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ -

ص:396

و النفی (دون حق الآدمی) من القصاص فی النفس، و الجرح، و المال (و توبته بعد الظفر) أی ظفر الحاکم به (لا أثر لها فی إسقاط حد أو غرم) لمال،(أو قصاص) فی نفس، أو طرف أو جرح. بل یستوفی منه جمیع ما تقرر.

فی صلبه

(و صلبه) (1) علی تقدیر اختیاره (2)، أو وجود مرتبته (3) فی حالة کونه (حیا أو مقتولا (4) علی اختلاف القولین) فعلی الأول، الأول، و علی الثانی الثانی.

(و لا یترک) علی خشبته (5)...

-یُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ - إلی قوله - إِلاَّ الَّذِینَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَیْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (1) و مرسل داود الطائی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی المحارب (و إذا أخذ و لم یقتل قطع و إن هو فرّ و لم یقدّر علیه ثم أخذ قطع إلا أن یتوب فإن تاب لم یقطع)(2) هذا بالنسبة لحق اللّه، و أما حقوق الأولیین فیما لو قتل أو جرح أو أخذ المال فلا یسقط إلا بإسقاط المستحق و لا مدخل للتوبة فیه.

و أما لو تاب بعد الظفر به و القدرة علیه فلا یسقط الحد بلا خلاف فیه للاستصحاب.

(1)اعلم أن الصلب أحد أقسام حد المحارب، فعلی القول بالتخییر یصلب حیا، و إلا إذا قتل و صلب فیکون الإمام قد اختار قسمین من أقسام الواجب المخیر، و علی القول بالترتیب فإنه یصلب بعد القتل إن قتل و أخذ المال، و علیه فعلی القول بالتخییر یصلب حیا فإن مات فی الأیام الثلاثة من صلبه فهو و إلا أجهز علیه بالقتل لأنه یحرم إبقاؤه مصلوبا أکثر من ثلاثة کما سیأتی.

(2)أی علی تقدیر اختیار الإمام له بناء علی القول بالتخییر.

(3)أی مرتبة الصلب بناء علی القول بالترتیب.

(4)فیصلب حیا علی القول بالتخییر و یصلب مقتولا علی القول بالترتیب.

(5)مصلوبا أزید من ثلاثة أیام بلا خلاف للأخبار منها: خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (أن أمیر المؤمنین علیه السّلام صلب رجلا بالحیرة ثلاثة أیام، ثم أنزله فی الیوم الرابع فصلّی علیه و دفنه)(3) و خبره الآخر عنه علیه السّلام (أن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قال: لا تدعوا المصلوب بعد ثلاثة أیام حتی ینزل فیدفن)4. -

ص:397


1- (1) المائدة الآیة: 34.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المحارب حدیث 6.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 5 - من أبواب حدّ المحارب حدیث 1 و 2.

حیا، أو میتا، أو بالتفریق (1)(أزید من ثلاثة أیام) من حین صلبه و لو ملفقة (2).

و الظاهر أن اللیالی غیر معتبرة، نعم تدخل اللیلتان المتوسطتان تبعا للأیام، لتوقفها علیهما، فلو صلب أول النهار وجب إنزاله عشیة الثالث مع احتمال اعتبار ثلاث لیال مع الأیام بناء علی دخولها فی مفهومها (3).

(و ینزل) بعد الثلاثة أو قبلها (4)(و یجهّز) بالغسل، و الحنوط، و التکفین، إن صلب میتا أو اتفق موته فی الثلاثة، و إلا جهز (5) علیه قبل تجهیزه.

(و لو تقدم غسله و کفنه) و حنوطه قبل موته (صلّی علیه) (6) بعد إنزاله (و دفن).

فی نفیه عن بلده

(و ینفی) (7) علی تقدیر اختیار نفیه أو وجود مرتبته (عن بلده) الذی هو بها -و عن بعض العامة أنه یترک حتی یسیل صدیدا، و عن آخر منهم حتی یسیل صلیبه و هو الدبر، و سمی الصلب صلبا لسیلان صلیب المصلوب و هو الورک، و هما کما تری بعد ما سمعت من النصوص.

(1)بأن صلب حیا ثم مات علی الخشبة، و علی کل فلا یبقی أزید من ثلاثة أیام من حین صلبه لا من حین موته، لأنه المنساق من الأخبار الناهیة عن إبقاء المصلوب أکثر من ثلاثة أیام.

(2)بأن صلب فی وسط الیوم الأول فیبقی إلی وسط یوم الرابع، إلا أن النصوص المتقدمة أعم من ذلک، فلو صلب فی أی جزء من الیوم یصدق علیه أنه مصلوب ذلک الیوم.

(3)أی دخول اللیالی فی مفهوم الأیام، و الظاهر أن الیوم یبدأ من غروب شمس الیوم السابق و لذا اعتبر اللّه دخول شهر رمضان عند هلاله بعد غروب شمس آخر یوم من شعبان.

(4)إشارة إلی عدم وجوب إبقائه مصلوبا ثلاثة أیام إذ یجوز إنزاله بعد تحقق عنوان الصلب هذا من جهة و من جهة أخری یحرم إبقاؤه أکثر من ثلاثة أیام.

(5)إذا لم یتحقق قتله بالصلب لأن المراد من صلبه قتله، فإن لم یتحقق القتل به و انتهی أمده فلا بد من تحقق القتل بغیره.

(6)کما فی نظائره من موتی المسلمین، و تقدیم الغسل و الکفن و الحنوط جائز للمصلوب و قد تقدم البحث فیه فی بابه.

(7)المراد بالنفی أن ینفی من بلده و یکتب إلی کل بلد یأوی إلیه بالمنع من مؤاکلته و مشاربته و مجالسته و مبایعته للأخبار، منها: خبر المدائنیّ عن الإمام الرضا علیه السّلام (قلت: کیف -

ص:398

إلی غیرها (و یکتب إلی کل بلد یصل إلیه بالمنع من مجالسته، و مؤاکلته، و مبایعته) و غیرها من المعاملات إلی أن یتوب فإن لم یتب استمر النفی إلی أن یموت (و یمنع من دخول بلاد الشرک فإن مکّنوه) من الدخول (قوتلوا حتی یخرجوه) (1) و إن کانوا أهل ذمة أو صلح (2).

فی أنّ اللص محارب

(و اللص محارب) (3) بمعنی أنه بحکم المحارب فی أنه (یجوز دفعه) و لو -ینفی و ما حد نفیه؟ قال: ینفی من المصر الذی فعل فیه ما فعل إلی مصر آخر غیره، و یکتب إلی أهل ذلک المصر بأنه منفی فلا تجالسوه و لا تبایعوه و لا تناکحوه و لا تؤاکلوه و لا تشاربوه فیفعل ذلک به سنة، فإن خرج من ذلک المصر إلی غیره کتب إلیهم بمثل ذلک حتی تتم السنة)(1).

و تقیید النفی بالسنة تبعا للخبر هو المحکی عن ابن سعید، و الأکثر ذهبوا إلی أن النفی حتی یتوب أو یموت تمسکا بإطلاق حسنة جمیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (سأله عن النفی إلی أین؟ قال علیه السّلام: من مصر إلی مصر آخر)(2) مع حمل خبر المدائنیّ فی تقیید النفی بالسنة علی ما لو تاب، و فیه: إن الحمل لا شاهد له و لا بد من تقیید خبر جمیل بخبر المدائنیّ.

و عن بعض العامة أن المراد بالنفی هو السجن، و هو مجموع بما سمعت من الأخبار.

(1)کما فی خبر المدائنیّ المتقدم (قلت: فإن توجه إلی أرض الشرک لیدخلها، قال: إن توجه إلی أرض الشرک لیدخلها قوتل أهلها).

(2)لأن علیهم نفیه، و إلا فیکونوا قد نقضوا شروط الذمة أو الصلح.

(3)کما فی إطلاق الفتاوی تبعا للنصوص منها: خبر منصور بن حازم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (اللص محارب للّه و رسوله فاقتلوه، فما دخل علیک فعلیّ)(3) و خبر غیاث بن إبراهیم عن أبی عبد اللّه عن أبیه علیهما السّلام (إذا دخل علیک اللص یرید أهلک و مالک فإن استطعت أن تبدره و تضربه فابدره و اضربه، و قال: اللص محارب للّه و رسوله فاقتله فما منک منه فهو علیّ)4.

فاللص محارب من ناحیة کیفیة الدفاع و إذا قتل فلا دیة إلا أن الفقهاء قیدوا حکم دفاع اللص بالقواعد المقررة، فإذا کان یرید المال فیجوز دفعه و لو بالمحاربة مع عدم التعزیر-

ص:399


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد المحارب حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المحارب حدیث 3.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 7 - من أبواب حد المحارب حدیث 1 و 2.

بالقتال (و لو لم یندفع إلا بالقتل کان) دمه (هدرا) أما لو تمکن الحاکم منه لم یحده حد المحارب مطلقا (1) و إنما أطلق علیه اسم المحارب تبعا لإطلاق النصوص. نعم لو تظاهر بذلک (2) فهو محارب مطلقا و بذلک قیده (3) المصنف فی الدروس، و هو حسن.

(و لو طلب) اللص (النفس وجب) علی المطلوب نفسه (دفعه إن أمکن) مقتصرا فیما یندفع به علی الأسهل فالأسهل (4)، فإن لم یندفع إلا بقتله فهدرا (و إلا) یمکن دفعه (وجب الهرب)، لأنه أحد أفراد ما یدفع به عن النفس الواجب حفظها.

و فی حکم طلبه النفس طلبه الفساد بالحریم فی وجوب دفعه مع الإمکان.

و یفهم منه أنه لو اقتصر علی طلب المال لم یجب دفعه و إن جاز، و سیأتی البحث فی ذلک کله.

فی المختلس

(و لا یقطع المختلس) (5) و هو الذی یأخذ المال خفیة من غیر الحرز (و لا) -بالنفس، أما مع التعزیر فلا یجب دفعه لخبر أبی بصیر (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن الرجل یقاتل عن ماله، فقال: إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قال: من قتل دون ماله فهو بمنزلة شهید، فقلنا: أ یقاتل اللص؟ فقال: إن یقاتل فلا بأس أما لو کنت أنا لترکته)(1).

و إن کان اللص یرید مع المال العرض أو النفس فیجب دفعه مطلقا ففی مرسل أبان بن عثمان عن الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: إذا دخل علیک اللص المحارب فاقتله، فما أصابک فدمه فی عنقی)(2).

(1)سواء أخذ المال أو لا، نعم مع أخذه للمال من حرزه یقطع.

(2)بأن جرّد السلاح لإخافة الناس.

(3)أی قید اللص بعدم تظاهره بالمحاربة و إلا فهو محارب.

(4)تبعا للتدرج فی النهی عن المنکر، و لا یؤخذ بالأخبار المتقدمة المجوّزة للقتل مطلقا لضعف سندها.

(5)و هو الذی یأخذ الأموال من صاحبه خلسة ففی خبر أبی بصیر عن أحدهما علیهما السّلام (قال-

ص:400


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب الدفاع حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 46 - من أبواب جهاد العدو حدیث 7.

(المستلب) (1) و هو الذی یأخذه جهرا و یهرب مع کونه غیر محارب (و لا المحتال (2) علی) أخذ (الأموال بالرسائل الکاذبة) و نحوها (بل یعزر کل واحد منهم بما یراه الحاکم)، لأنه فعل محرم لم ینص الشارع علی حده. و قد روی أبو بصیر عن أحدهما علیه السّلام «قال: قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: لا أقطع فی الدغارة المعلنة (3) - -أمیر المؤمنین علیه السّلام: لا أقطع فی الدغارة المعلنة و هی الخلسة و لکن أعزر)(1) و فی خبر محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل اختلس ثوبا من السوق، فقالوا: قد سرق هذا الرجل، فقال: لا أقطع فی الدغارة المعلنة و لکن أقطع من یأخذ ثم یخفی)2.

(1)و یدل علیه خبر عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لیس علی الذی یستلب قطع)(2) لأنه لم یأخذ المال سرا من حرز بل أخذه جهرا من دون تجرید السلاح و إلا فیکون محاربا.

(2)ففی صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل أتی رجلا و قال: أرسلنی فلان إلیک لترسل إلیه بکذا و کذا، فأعطاه و صدقه، فقال له: إن رسولک أتانی فبعثت إلیک معه بکذا و کذا، فقال: ما أرسلته إلیک و ما أتانی بشیء، فزعم الرسول أنه قد أرسله و قد دفعه إلیه.

فقال علیه السّلام: إذا وجد علیه بینة أنه لم یرسله قطع یده، و إن لم یجد بینة. فیمینه باللّه ما أرسلته و یستوفی الآخر من الرسول المال.

قلت: أ رأیت أن زعم أنه حمله علی ذلک الحاجة، فقال علیه السّلام: یقطع لأنه سرق مال الرجل)(3).

و حملها الشیخ علی أن القطع لإفساده لا لسرقته، و فیه: إن ظاهرها أن القطع للسرقة، و المشهور حملوها علی أنها قضیة فی واقعة و لم یأخذوا بها لأن المحتال لا یصدق علیه عنوان السارق شرعا و لا المحارب حتی یقطع، نعم یعزر لأنه أتی بمجرم، و عن بعض أنه یشهّر به لتتحذر الناس منه کما فی المقنعة و النهایة و السرائر، و حمل ذلک علی ما لو رأی الحاکم مصلحة فی ذلک.

(3)أی الصریحة، و الدغارة لغة الرفع، کأنه یدفعه عن ماله بالخلسة یأخذه للمال.

ص:401


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 12 - من أبواب حد السرقة حدیث 1 و 2.
2- (3) الوسائل الباب - 13 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.
3- (4) الوسائل الباب - 15 - من أبواب حد السرقة حدیث 1.

و هی الخلسة - و لکن أعزره و فی حسنة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قطع من أخذ المال بالرسائل الکاذبة و إن حملته علیه الحاجة» و حملها الشیخ فی قطعه حدا، لإفساده، لا لأنه سارق، مع أن الروایة صریحة فی قطعه للسرقة (و لو بنّج غیره) (1) أی أطعمه البنج حتی ذهب عقله، عبثا أو لغرض (أو سقی مرقدا و جنی) علی المتناول بسببه (شیئا ضمن) ما جناه (و عزّر) علی فعله المحرم و یستثنی من ذلک ما لو استعمله للدواء، فإنه جائز حیث یتوقف علیه، لمکان الضرر، أو یکون قدرا لا یضر بالمزاج.

الفصل السابع - فی عقوبات متفرقة

اشارة

(الفصل السابع - فی عقوبات متفرقة)

فمنها - إتیان البهیمة

اشارة

(فمنها - إتیان البهیمة) و هی ذات الأربع من حیوان البر و البحر (2).

و قال الزجاج: هی ذات الروح التی لا تمیّز سمیت بذلک لذلک (3) و علی الأول فالحکم مختص بها فلا یتعلق الحکم بالطیر و السمک و نحوهما (4) و إن حرم الفعل (5)، و علی الثانی (6) یدخل. و الأصل (7) یقتضی الاقتصار علی ما تحقق دخوله خاصة و العرف یشهد له (8).

فی تعزیر فاعله

(إذا وطأ البالغ العاقل (9) بهیمة عزّر (10)...) (1)و أخذ أمواله لا قطع علیه لعدم صدق المحارب أو السارق علیه، و لکن یعزر بما یراه الحاکم لأنه فعل محرما من الکبائر.

(2)فیخرج الطیر و الحشرات.

(3)أی سمیت بالبهیمة لإبهامها من جهة النطق و الفهم و التمییز.

(4)مما یدرج و یدبّ علی اثنین کالدجاجة و البط و الإوز.

(5)بأن کان وطئها محرما و لکن لا یترتب علیه الأحکام التی ستذکر.

(6)أی علی تعریف الزجاج.

(7)و هو هنا القدر المتیقن لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

(8)أی للمعنی الأول.

(9)لأن التکلیف منوط بهما لحدیث رفع القلم.

(10)بلا إشکال کما فی الجواهر، و یدل علیه نصوص منها: خبر الفضیل و ربعی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل یقع علی البهیمة، قال علیه السّلام: لیس علیه حد و لکن یضرب

ص:402

(و أغرم ثمنها) (1) و هو قیمتها حین الوط ء لمالکها إن لم تکن ملکا للفاعل

فی حرمة أکلها و نسلها

(و حرم أکلها إن کانت مأکولة) (2) أی مقصودة بالأکل عادة کالنعم الثلاثة (و نسلها) -تعزیرا)(1) و خبر الحسین بن علوان عن جعفر عن أبیه عن علی علیهم السّلام (سئل عن راکب البهیمة فقال: لا رجم علیه و لا حد و لکن یعاقب عقوبة موجعة)2 لکن فی روایة إسحاق بن عمار عن أبی إبراهیم موسی علیه السّلام تقدیره بخمسة و عشرین سوطا(2)، و حملت علی أنها بیان لأحد أفراد التعزیر إذا رأی الإمام المصلحة فی ذلک.

و فی خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل أتی بهیمة فأولج، قال: علیه الحد)(3) و خبره الآخر فی الکافی (قال: علیه حد الزانی)5، و عن الشیخ فی کتابیه بأن ما دل علی التعزیر محمول علی ما دون الإیلاج و ما دل علی الحد محمول علی الإیلاج، و قد حملتا عند غیره علی التقیة.

و فی صحیح جمیل بن دراج عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی رجل أتی بهیمة، قال: یقتل)6و مثله مرسل سلیمان بن هلال عن أبی عبد اللّه علیه السّلام7، و حملت علی ما لو تکرر منه الفعل و تکرر التعزیر فإنه یقتل فی الثالثة.

(1)کما تدل علیه أخبار منها: خبر إسحاق بن عمار عن أبی إبراهیم موسی علیه السّلام (فی الرجل یأتی البهیمة، قال: إن کانت البهیمة للفاعل ذبحت فإذا ماتت أحرقت بالنار و لم ینتفع بها، و ضرب هو خمسة و عشرون سوطا، ربع حد الزانی، و إن لم تکن البهیمة له قوّمت و أخذ ثمنها منه و دفع إلی صاحبها و ذبحت و أحرقت بالنار و لم ینتفع بها و ضرب خمسة و عشرون سوطا، فقلت: و ما ذنب البهیمة؟ فقال: لا ذنب لها و لکن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فعل هذا و أمر به لکیلا یجتزئ الناس بالبهائم و ینقطع النسل)(4).

(2)فتحریم لحمها مما یدل علیه خبر مسمع عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (أن أمیر المؤمنین علیه السّلام سئل عن البهیمة التی تنکح فقال: حرام لحمها و کذلک لبنها)(5)، و فی خبر إسحاق بن عمار المتقدم (و لم ینتفع بها)(6) و حسنة سدیر عن أبی جعفر علیه السّلام (و یغرّم قیمة البهیمة لصاحبها لأنه أفسدها علیه و تذبح و تحرق إن کانت مما یؤکل لحمه، و إن کانت مما یرکب

ص:403


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 5 و 11.
2- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 1.
3- ( (4 و 5 و 6 و 7) الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 8 و 8 و 6 و 7.
4- (8) الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 1.
5- (9) الوسائل الباب - 30 - من أبواب الأطعمة المحرمة حدیث 3.
6- (10) الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 1.

المتجدد بعد الوط ء، لا الموجود حالته (1) و إن کان حملا علی الأقوی (2).

و فی حکمه (3) ما یتجدد من الشعر، و الصوف، و اللبن، و البیض (و وجب ذبحها و إحراقها)، لا لکونه عقوبة لها، بل إما لحکمة خفیة، أو مبالغة فی إخفائها لتجتنب إذ یحتمل اشتباه لحمها بغیره لو لا الإحراق فیحل علی بعض الوجوه (4).

فی غیر المأکول

(و إن کانت غیر مأکولة) أصلا (5)، أو عادة (6) و الغرض الأهم غیره کالفیل، و الخیل، و البغال، و الحمیر (لم تذبح) (7) و إن حرم لحمها علی الأقوی (8) (بل تخرج من بلد الواقعة) إلی غیره قریبا کان أم بعیدا (9)...

-ظهره غرّم قیمتها و جلد دون الحد، و أخرجها من المدینة التی فعل بها إلی بلاد أخری حیث لا تعرف فیبیعها فیها کیلا یعیّر بها صاحبها)(1) و هی شاملة لحرمة لبنها و صوفها و وبرها و بیضها بل و نسلها الأعم من الموجود حال الوط ء أو المتجدد، و ذبحها و إحراقها إما تعبدا من الشارع و إما للردع عن هذا الفعل الشنیع و إما من أجل أن لا یعیّر صاحبها بها کلما شوهدت، و هذا الحکم ثابت فی البهیمة سواء کان الواطئ کبیرا أو صغیرا مختارا أو مکرها عاقلا أو مجنونا و إن کان التعزیر مختصا بالمکلف فقط.

(1)أی حال الوط ء فإنه نسل قبل الوط ء فلا یحرم.

(2)و لعله أخرجه عن عموم التحریم لأنه قد انعقد قبل الوط ء فهو کالنسل المتولد منها قبل الوط ء، إلا أنک عرفت أن الحمل یحرم لأن الانتفاع به انتفاع بها و هی موطوءة فیندرج تحت عموم التحریم.

(3)أی حکم النسل المتجدد.

(4)أی فیحل لحمها، و ذلک لو لا الإحراق لبقیت، و لو بقیت فقد تشتبه بالمحلّلة المذبوحة، و مع الاشتباه فقد تحل عند ما تصیر الشبهة غیر محصورة، أو لو لم تحرق فقد یغفل المالک أو ینسی و یتناول لحمها.

(5)کالهرة.

(6)بحیث کان المقصود رکوبها کالخیل.

(7)بل تخرج إلی بلد آخر کما فی النصوص المتقدمة، و عن بعض العامة أنها تذبح.

(8)قید لعدم الذبح، فی قبال من قال بذبحها من العامة.

(9)لإطلاق النص، و عن بعض و لم یعرف أنه یشترط بعد البلد بحیث لا یظهر للواطئ فیه-

ص:404


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 4.

علی الفور (1).

و قیل: یشترط بعد البلد بحیث لا یظهر فیه خبرها عادة، و ظاهر التعلیل یدل علیه، و لو عادت بعد الإخراج إلی بلد الفعل لم یجب إخراجها (2)، لتحقق الامتثال (و تباع) بعد إخراجها، أو قبله (3) إن لم یناف الفوریة إما تعبدا (4)، أو لئلا یعیر فاعلها بها، أو مالکها (5).

(و فی الصدقة به) (6) أی بالثمن الذی بیعت به، المدلول علیه (7) بالبیع، عن المالک إن کان هو الفاعل، و إلا عن الفاعل (أو إعادته علی الغارم) (8) و هو المالک (9)،...

-خبرها عادة و یدل علیه تعلیل خبر سدیر المتقدم، و فیه: إن التعلیل اقتضی عدم معرفته بما فعل فی بلد البیع، و قد یتحقق فی البلد القریب فاشتراط بعده لا معنی له حینئذ.

(1)لأن المنصرف من النصوص فوریة الأمور المذکورة من تغریم و بیع و إحراق، و إن لم نقل بدلالة الأمر علی الفوریة.

(2)لتحقق الإجزاء بالإخراج الأول، و فیه: إن الأمر بالإخراج لیس أمرا بالإخراج مرة واحدة، بل بجنس الإخراج کیلا یعیّر الفاعل، فلا بد من الإخراج مرة ثانیة لو عادت و هکذا.

(3)أی قبل الإخراج علی شخص من بلد آخر موجود فی بلد الفعل، إن لم یناف البیع فوریة الإخراج.

(4)أی إخراجها و بیعها فی بلد آخر إما للتعبد بالنص الوارد فی ذلک.

(5)بأن یعیّر بأنها موطوءة، و ظاهر حسنة سدیر المتقدمة أن التعییر للمالک فراجع.

(6)أی بالثمن الذی بیعت به، فذهب الشیخ و ابن حمزة بوجوب التصدق بثمنها علی الفقراء و المساکین سواء کان الواطئ مالکا بها أو لا، و علّل بأنه عقوبة عن الجنایة فلا یناسبها عود الثمن إلی المالک، لأن المالک قد أخذ القیمة من الواطئ فالثمن لا مالک له فلا بد من التصدق به، و ذهب غیرهما إلی عود الثمن علی الغارم لأنه دفع ثمنها إلی المالک مع أن العقوبة عن الجنایة هو التعزیر و لیس التصدق بالثمن، و ذهب ابن إدریس إلی عود الثمن علی المالک لاستصحاب بقاء ملکه، و فیه: إنه قد خرجت البهیمة عن ملکه بالتغریم فکیف یعود الثمن علیه.

(7)علی الثمن.

(8)و هو الواطئ کما عرفت.

(9)بناء علی قول ابن إدریس اعتمادا علی أن الغارم هو الخاسر، و المالک قد خسر البهیمة -

ص:405

لکونه غارما للبهیمة، أو الفاعل (1)، لکونه غارما للثمن (وجهان)، بل قولان و وجه الأول (2) کون ذلک عقوبة علی الجنایة فلو أعید إلیه (3) الثمن لم تحصل العقوبة، و لتکون الصدقة مکفرة لذنبه.

و فیه نظر، لأن العقوبة بذلک (4) غیر متحققة، بل الظاهر خلافها (5) لتعلیل بیعها فی الأخبار فی بلد لا تعرف فیه کی لا یعیر بها، و عقوبة الفاعل حاصلة بالتعزیر، و تکفیر الذنب متوقف علی التوبة و هی کافة (6).

و وجه الثانی (7) أصالة بقاء الملک علی مالکه (8)، و البراءة من وجوب الصدقة. و الأخبار خالیة عن تعیین ما یصنع به، و کذا عبارة جماعة من الأصحاب.

ثم إن کان الفاعل هو المالک فالأصل فی محله، و إن کان غیره فالظاهر أن تغریمه القیمة یوجب ملکه لها، و إلا (9) لبقی الملک بغیر مالک، أو جمع للمالک بین العوض و المعوض و هو غیر جائز.

و فی بعض الروایات «ثمنها» (10) کما عبر المصنف و هو عوض المثمن -بالوط ء، و قد عرفت صفقه.

(1)و هو المتعین.

(2)أی التصدق.

(3)إلی الواطئ، باعتبار أنه أصبح مالکا للبهیمة بالتغریم.

(4)بالتصدق.

(5)خلاف الصدقة بالثمن.

(6)أی التوبة.

(7)أی عود الثمن علی الغارم.

(8)و لازمه عود الثمن علیه.

(9)و إن لم یکن التغریم موجبا لتملک الواطئ للزم أحد أمرین، إما بقاء البهیمة علی ملک المالک الأول و لازمه الجمع بین البهیمة و الغرامة و هو جمع بین العوض و المعوض و هذا باطل عقلا، و إما خروجها عن ملک الأول و عدم دخولها فی ملک الواطئ و لازمه بقاء الملک من دون مالک و هو باطل أیضا.

(10)کما فی روایة إسحاق بن عمار المتقدمة (و إن لم تکن البهیمة له قوّمت و أخذ ثمنها منه-

ص:406

المقتضی لثبوت معاوضة، و هو السر فی تخصیص المصنف لهذه العبارة.

و فی بعض الروایات «قیمتها» (1) و هی أیضا عوض و هذا (2) هو الأجود.

ثم إن کان بمقدار ما غرمه للمالک (3) أو أنقص فالحکم واضح (4) و لو کان -و دفع إلی صاحبها و ذبحت و أحرقت بالنار)(1) و التعبیر بالثمن یدل علی تملک الفاعل الواطئ، إذ لا یکون الثمن إلا فی البیع، غایته بیع قهری علی المالک و الواطئ.

(1)کما فی حسنة سدیر المتقدمة (یجلد دون الحد و یغرّم قیمة البهیمة لصاحبها)2.

(2)أی و عود الثمن علی الفاعل هو الأجود دون التصدق به.

(3)أی تارة یکون الثمن مساویا للغرامة و أخری یکون ناقصا عنها و ثالثة یکون زائدا علیها.

فعلی القول بالتصدق أو أن الثمن للمالک فلا إشکال، و کذا لا إشکال لو کان الثمن للفاعل و کان مساویا لأنه بمقدار ما دفع رجع إلیه، و کذا لا إشکال لو کان الثمن ناقصا عن الغرامة لأن التفاوت یتحمله لما أقدم علیه من فعله الشنیع، و إنما الکلام فیما لو کان الثمن زائدا عنها، فیرجع إلیه بمقدار غرامته، و أما الزائد فهل للغارم أو المالک أو التصدق به وجوه ثلاثة؟

دلیل الوجه الأول أن الفاعل قد تملک البهیمة بالغرامة، و مقتضی ذلک أن یعود ثمنها إلیه بالغا ما بلغ، و لذا کان الثمن ناقصا عنها فیتحمل النقصان و من کان علیه الغرم فله الغنم.

و دلیل الوجه الثانی أنه لو کان الزائد للفاعل لتحقق له ربح، إذا انتقلت إلیه البهیمة بالغرامة بسبب الوط ء و انتقلت عنه بأزید من الغرامة عند البیع، و لا یلیق الربح بحاله لفعلته الشنیعة و ردّ: بأن عدم اللیاقة کلام استحسانی و إلا فمقتضی القواعد عود الربح إلیه لأنه المالک.

و دلیل الوجه الثالث أن البهیمة لیست فی ملک المالک و الفاعل و لذا لا یشترط إذنهما فی البیع، فالزائد عن الغرامة من دون مالک فلا بد من التصدق به، غایته ما یساوی الغرامة من الثمن یعود إلی الفاعل بسبب الغرامة لیس إلا.

و ردّ: بأن الملک بلا مالک غیر معقول فهو باطل، و عدم اشتراط إذنهما فی البیع لیس دلیلا علی عدم ملکیة أحدهما و ذلک لأنه لا یعتبر إذن المالک مع وجود إذن الشارع.

(4)لعدم وجود الزیادة.

ص:407


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 1 و 4.

أزید فمقتضی المعاوضة أن الزیادة له (1) لاستلزامها (2) انتقال الملک إلی الغارم کما یکون النقصان علیه، و یحتمل دفعها (3) إلی المالک، لأن الحیوان ملکه و إنما أعطی عوضه للحیلولة (4) فإذا زادت قیمته کانت له لعدم تحقق الناقل للملک، و لأن إثبات الزیادة (5) للفاعل إکرام و نفع لا یلیقان بحاله.

و فی المسألة احتمال ثالث و هو الصدقة بالزائد عما غرم و إن لم نوجبها (6) فی الأصل، لانتقالها (7) عن ملک المالک بأخذ العوض، و عدم انتقالها إلی ملک الفاعل، لعدم وجود سبب الانتقال (8)، ورد ما غرم إلیه (9) لا یقتضی ملک الزیادة. فتتعین الصدقة.

و یدل علی عدم ملکهما (10) عدم اعتبار إذنهما فی البیع.

و یضعف باستلزامه (11) بقاء الملک بلا مالک، و أصالة عدم انتقاله بعد تحققه فی الجملة و إن لم یتعین (12)، و عدم استئذانهما بحکم الشارع لا ینافی الملک کما (1)للفاعل الواطئ.

(2)أی لاستلزام المعارضة عند التغریم.

(3)دفع الزیادة.

(4)دفع دخل، أما الدخل فهو: إذا کانت البهیمة فی ملک المالک الأول فلم أوجبتم الغرامة علی الفاعل، و الدفع: إن الغرامة لأنه حال بین المالک و ملکه بسبب الوط ء، لأنه أفسدها علیه فلا یصح أن تبقی فی ملکه، و فیه: إن الحیلولة إن فسرت بوجوب بیع البهیمة فقط فلا معنی للتغریم، و إن فسرت ببیعها علی الفاعل فما زاد علی الغرامة یجب أن یرجع إلی الفاعل لأنه مالکها.

(5)دلیل ثان لکون الزیادة للمالک، و قد عرفت ما فیه.

(6)أی لم نوجب الصدقة فی أصل الثمن.

(7)لانتقال البهیمة عن ملک المالک.

(8)إذ ما یتوهم أنه السبب هو الغرامة، و هی للحیلولة لیس إلا.

(9)أی إلی الفاعل لا یقتضی رد ما زاد.

(10)المالک و الفاعل.

(11)أی باستلزام هذا الاحتمال من الصدقة کون البهیمة عند البیع بلا مالک.

(12)أی أن ملک البهیمة متحقق إما للمالک و إما للغارم و الأصل عدم الانتقال و إن کنا لم نعرف المالک الفعلی.

ص:408

فی کثیر من موارد المعاوضات الإجباریة. و علی تقدیر انتقالها إلی الفاعل ففی وقت الانتقال وجهان (1).

أحدهما: أنه بمجرد الفعل، لأنه السبب التام فی الغرم فیکون هو الناقل، و لاعتبار قیمتها عنده.

و الثانی: کون وقت دفع العوض لیتحقق به المعاوضة الإجباریة.

و تظهر الفائدة فیما لو تلفت قبل دفع العوض (2)، فعلی الأول یکون من مال الفاعل، و علی الثانی من مال المالک.

و فیما جنی علیها قبله (3). فالأرض للفاعل علی الأول، و للمالک علی الثانی.

و أما مئونتها بعد دفع العوض إلی زمن البیع فی غیر البلد و أرشها و نماؤها فللفاعل إن قلنا بملکه بدفع العوض (4)، و کذا تلفها قبل البیع فإنه علیه (5) علی کل حال.

و احترز بالبالغ العاقل عن الطفل و المجنون فلا یتعلق بهما (6) جمیع هذه (1)هل وقت الوط ء أو وقت الغرامة، و دلیل الأول أن الوط ء هو السبب التام فی الغرامة، فیکون الوط ء هو السبب فی الانتقال، فیکون الانتقال من حین الوط ء، و لأن الغرامة لا بدّ من اعتبار قیمتها وقت الوط ء کما هو ظاهر الأخبار المتقدمة و هذا دلیل علی أن الانتقال وقت الوط ء و لذا لوحظت قیمتها حال الوط ء. و دلیل الثانی أن الغرامة ثمن کما أن البهیمة مثمن فلا یتحقق دخول المثمن فی ملک المشتری إلا عند خروج الثمن من ملکه للتعارض بینهما.

(2)فعلی الأول فهی من مال الفاعل و علیه دفع الغرامة، و علی الثانی فهی من مال المالک و بعد تلفها فلا وجود لها فلا غرامة علیه.

(3)أی قبل دفع العوض فلها نفس الحکم السابق.

(4)أو من حین الوط ء، نعم علی القول بالتصدق فیکون الجمیع کالأصل یتصدق به، و علی القول بأنها للمالک فیرجع فیه إلی المالک.

(5)أی من ینفق علی البهیمة فهو علی الفاعل، إذا قلنا بملکه أو بالتصدق و أما إذا قلنا ببقائها علی ملک المالک فالمئونة علی المالک لا علی الفاعل، و منه تعرف الضعف فی إطلاق الشارح حیث قال: علی کل حال.

(6)بالطفل و المجنون.

ص:409

الأحکام (1) و إن تعلق بهما بعضها (2).

أما التحریم (3) فالظاهر تعلقه بمطلق الذکر (4) کما سلف (5).

و أما الحد فینتفی عن غیر المکلف و إن أدّب، و یلزم من تحریمها: وجوب إتلافها، لئلا تشتبه کما هو الحکمة فیه (6) فیستوی فیه الجمیع أیضا (7).

و بقی بیع ما لا یقصد لحمه و إخراجه (8) و هو منفی فی فعل الصغیر (9)، لأن الحکم معلق فی النصوص علی فعل الرجل، و ظاهر الفتوی یوافقه.

و أما المجنون فإن الرجل یتناوله (10)، و التقیید بالبالغ العاقل یخرجه. و لعل اقتران الحکم فی النصوص المعبر فیها بالرجل بالحدّ قرینة إرادة المکلف فیخرج المجنون، و هذا أجود. وقوفا فیما خالف الأصل علی موضع الیقین. أما وط ء (1)بما فیها التعزیر.

(2)کالتغریم علی ولیهما و الذبح و الإحراق أو البیع.

(3)تحریم البهیمة.

(4)و إن کان الواطئ صغیرا أو مجنونا.

(5)فی باب الأطعمة.

(6)فی الإحراق.

(7)من وطئ الصغیر و المجنون و البالغ و العاقل.

(8)إلی بلد آخر.

(9)لأن البیع فی بلد آخر من أجل عدم التعییر و هو غیر ثابت فی وط ء الصغیر، و فیه: إن التعییر لیس من جهة بلوغ الواطئ بل من جهة کون البهیمة موطوءة و هذا لا فرق فیه بین وط ء الصغیر و الکبیر، هذا من جهة و من جهة أخری إن قلت: إن النصوص علقت الحکم بالبیع و الإخراج علی الرجل فیخرج الصغیر و هذا ما أورده الشارح قلت: إن لفظ الرجل قد ورد فی السؤال و المورد لا یخصص الوارد.

(10)أی فإن لفظ الرجل الوارد فی النصوص و الفتاوی یتناول المجنون، إلا أن العقل حاکم بعدم التکلیف علیه فلا بد من تقییده، و هذا متعین بالنسبة للحد و أما بالنسبة لبقیة الأحکام من البیع و الإحراق و الذبح فلا کما عرفت سابقا و منه تعرف ضعف ما أتی به الشارح من جعل العاقل البالغ هو مورد الیقین فلا بد من الاقتصار علی مورد الیقین فی جمیع أحکام وط ء البهیمة.

ص:410

الخنثی فلا یتعلق به حکم (1) و هو وارد (2) علی تعبیر المصنف - فیما سبق - الحکم بالتحریم علی وط ء الإنسان. و لا فرق فی الموطوء بین الذکر و الأنثی (3)، و لا بین وط ء القبل و الدبر (4).

و لو انعکس الحکم بأن کان الآدمی هو الموطوء فلا تحریم للفاعل (5) و لا غیره من الأحکام، للأصل (6).

و حیث یحکم بتحریم موطوء الطفل و المجنون یلزمهما قیمته (7) لأنه (8) بمنزلة الإتلاف، و حکمه غیر مختص بالمکلف فإن کان لهما مال، و إلا أتبعا به بعد الیسار.

و لو کان المقصود منه الظهر (9) فلا شیء علیهما (10)، إلا أن یوجب نقص (1)لاحتمال عدم کونه ذکرا و أن ما أدخله کان لحمة زائدة، مع القطع بأن وط ء الأنثی للبهیمة لا حکم له لأن الأحکام السابقة مختصة بالذکر.

(2)أی وط ء الخنثی یکون إشکالا واردا علی عبارة المصنف فی کتاب الأطعمة عند ما رتب الأحکام المذکورة علی موطوء الإنسان، و هو یشمل موطوء الخنثی، و أیضا یرد علی عبارة المصنف هنا، حیث جعل المصنف الأحکام مترتبة علی وط ء البالغ العاقل و هو شامل للخنثی.

(3)أی لا فرق فی البهیمة الموطوءة بین الذکر و الأنثی لإطلاق النصوص و توقف البعض کما فی الجواهر، و احتمل اختصاص الحکم بالأنثی لدعوی انصراف الأخبار و فیه: إن لفظ البهیمة أعم من الذکر و الأنثی فلا معنی لهذا الانصراف.

(4)لصدق إتیان البهیمة علیهما.

(5)أی لا یحرم أکل لحم البهیمة الواطئ.

(6)من البراءة فی التعزیر علی المفعول الآدمی، و من استصحاب حلیة لحمها و لبنها و ما تنتجه، و من أصالة عدم وجوب ذبحها و عدم إحراقها و عدم إخراجها و عدم بیعها، لأن الأحکام السابقة ثابتة فی النصوص إذا کانت البهیمة موطوءة لا واطئة.

(7)أی یلزم الطفل و المجنون قیمة الموطوء.

(8)لأن الوط ء.

(9)أی من الموطوء.

(10)لعدم وجوب إخراج الموطوء و بیعه لأن هذه الأحکام منوطة بکون الواطئ بالغا عاقلا، و قد عرفت ضعفه سابقا.

ص:411

القیمة. لتحریم لحمه، أو لغیره (1) فیلزمهما الأرش.

و لو کان الواطئ بالغا (2) و بیع فی غیر البلد لغیر العالم بالحال (3) فعلم أحتمل قویا جواز الفسخ (4) مع استلزامه نقص القیمة بالنسبة إلی العالم، لأنه حینئذ عیب.

فی أنّ التعزیر موکول إلی نظر الإمام

(و التعزیر) الثابت علی الفاعل (موکول إلی نظر الإمام علیه السّلام) أو من قام مقامه (5) کما فی کل تعزیر لا تقدیر له شرعا. و قد ورد مطلقا (6) فی کثیر من الأخبار (7).

(و قیل) و القائل الشیخ (8): إن قدره (خمسة و عشرون سوطا) لحسنة عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (9)، و روایة إسحاق بن عمار عن الکاظم علیه السّلام، و الحسن بن خالد عن الرضا علیه السّلام.

(و قیل): یحدّ (کمال الحد) (10) مائة جلدة حد الزانی، لصحیحة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی رجل أتی بهیمة فأولج قال: «علیه الحد»، و فی أخری «حد الزانی» (11).

(1)أو لنفرة الناس عن الموطوء فإنه موجب لنقصان القیمة.

(2)لأن غیر البالغ لا یجب بیع موطوءة علی مبناه.

(3)لأنه مع علمه بالحال فیکون قد أقدم مع علمه فلا یکون مغبونا.

(4)لکون الوط ء عیبا فیها، و هذا ما یستلزم نقصان القیمة بالنسبة للعالم فیکون عیبا موجبا للفسخ.

(5)کالحاکم الشرعی.

(6)أی ورد التعزیر من دون تقیید.

(7)و قد تقدم بعضها فراجع.

(8)بشرط عدم الإیلاج.

(9)الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 1، و قد أوردها مع روایة إسحاق بن عمار و روایة الحسین بن خالد تحت رقم واحد.

(10)هو للشیخ بشرط الإیلاج.

(11)الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 8.

ص:412

(و قیل: القتل) (1) لصحیحة جمیل بن دراج عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی رجل أتی بهیمة قال: یقتل (2).

و جمع الشیخ فی الاستبصار بین هذه الأخبار بحمل التعزیر علی ما إذا کان الفعل دون الإیلاج، و الحد إذا أولج حد الزانی و هو الرجم أو القتل إن کان محصنا، و الجلد إذا لم یکن محصنا، و بحمل أخبار القتل علی ما إذا تکرر منه الفعل ثلاثا مع تخلل التعزیر لما روی (3) من قتل أصحاب الکبائر مطلقا إذا أقیم علیهم الحد مرتین و التعزیر یطلق علیه الحد (4). و لکن یبقی علی الثانی (5) خبر الحد منافیا للتعزیر بما دونه.

فی ثبوت هذا الفعل

(و یثبت) هذا الفعل (بشهادة عدلین (6)، و بالإقرار مرة) (7) فی جمیع الأحکام (1)لیس قولا لأحد، نعم وردت الروایة به و قد حملت علی ما لو تکرر منه الفعل و قد تقدم ذلک مشروحا فراجع.

(2)الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 6.

(3)فی خبر یونس، الوسائل الباب - 5 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.

(4)إن قلت: إن خبر یونس اشترط القتل بعد تکرار الحد مرتین، و لم یثبت هنا حد بل تعزیر قلت: إن الحد یطلق علی التعزیر فلا إشکال.

(5)أی علی الحمل الثانی من حمل خبر القتل علی ما لو تکرر الفعل منه ثلاثا مع تخلل التعزیر، و ذلک فحمل لفظ الحد الوارد فی خبر القتل علی التعزیر مع أن التعزیر دون الحد فهو مناف لکمال الحد الوارد فی خبر أبی بصیر، هذا و قد عرفت أن خبری أبی بصیر محمولان علی التقیة فلا إشکال.

(6)لعموم أدلة البینة، و عن ظاهر المبسوط اشتراط أربعة رجال أو ثلاثة مع امرأتین، و قال فی الجواهر «و هو علی تقدیره لا دلیل له سوی القیاس علی الزنا الذی لیس من مذهبنا».

(7)ذهب ابنا حمزة و إدریس و العلامة فی المختلف إلی اشتراط الإقرار مرتین، لأن کل حد یثبت بشهادتین لا بد فیه من الإقرار مرتین.

و فیه: إن الأصل فی الإقرار ثبوته مرة واحدة لعموم إقرار العقلاء و علی أنفسهم جائز، إلا ما خرج بنص خاص، و هو منفی هنا، و لذا ذهب المشهور إلی إثباته بمرة واحدة.

ثم إن کان الفاعل المقرّ قد فعل ذلک فی بهیمة له، فتثبت جمیع الأحکام من التعزیر و الذبح و الحرق أو البیع و الإخراج لأن الإقرار ثابت فی حق نفسه و ماله و إن کانت البهیمة لغیره فالتعزیر یثبت بإقراره لأنه فی حق نفسه، و أما بقیمة الأحکام فهی تتعلق-

ص:413

(و إن کانت الدابة له) لعموم إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز خرج منه ما افتقر إلی التعدد بنص خاص فیبقی غیره،(و إلا) تکن الدابة له (ف) الثابت بالإقرار مطلقا (1)(التعزیر) خاصة دون غیره من الأحکام المذکورة لأنه إقرار فی حق الغیر فلا یسمع (إلا أن یصدقه المالک) فتثبت باقی الأحکام، لزوال المانع من نفوذه حینئذ. هذا بحسب الظاهر.

أما فی نفس الأمر (2) فإن کانت له، هل یجب علیه فعل ما ذکر من الذبح و الإحراق؟ الظاهر ذلک، لقوله علیه السّلام فی الروایة السابقة (3): إن کانت البهیمة للفاعل ذبحت فإذا ماتت أحرقت بالنار و لم ینتفع بها.

-بالبهیمة و هی مال الغیر فلا تثبت هذه الأحکام فی حال الغیر إلا إذا صدقه الغیر، و بالتصدیق ینفذ.

(1)مرة کان أو أکثر.

(2)فلا یخلو الأمر إما أن تکون البهیمة له و إما لغیره، فإن کانت له و کانت البهیمة مما یؤکل لحمها عادة فیجب علیه ذبحها و إحراقها لظاهر النصوص منها روایة إسحاق المتقدمة عن الکاظم علیه السّلام (فی الرجل یأتی البهیمة فقال علیه السّلام: إن کانت البهیمة للفاعل ذبحت فإذا ماتت أحرقت بالنار و لم ینتفع بها)(1)، و هی عامة سواء اعترف عند الحاکم أو لا، و سواء قامت علیه البینة أو لا و إن کانت البهیمة مما یراد ظهرها عادة أو أصلا فهل یجب علیه بیعها و إخراجها إلی بلد آخر وجهان:

وجه العدم للأصل، و لأن النصوص قد دلت علی بیعها و إخراجها إذا کانت الدابة لغیره حتی لا یعیّر بذلک صاحبها، و المفروض عدم إفشاء الأمر مع کون الدابة له لا لغیره و وجه الثبوت، لأن البیع و الإخراج ثابت للبهیمة الموطوءة و هنا قد تحقق الوط ء، و التعلیل السابق الموجود فی حسنة سدیر معارض بالتعلیل الوارد فی خبر إسحاق بن عمار من أجل أن لا یجتزئ بها و ینقطع النسل فیکون التعلیل تعبدیا ففی خبر إسحاق بن عمار (قلت: و ما ذنب البهیمة؟ فقال علیه السّلام: لا ذنب لها، و لکن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فعل هذا و أمر به لکیلا یجتزئ الناس بالبهائم و ینقطع النسل)(2).

(3)و هی روایة إسحاق بن عمار.

ص:414


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 1

و لو لم تکن مأکولة ففی وجوب بیعها خارج البلد وجهان. أجودهما العدم، للأصل، و عدم دلالة النصوص علیه، و للتعلیل بأن بیعها خارجه لیخفی خبرها.

و هو مخفی هنا.

و لو کانت لغیره (1) فهل یثبت علیه الغرم و یجب علیه التوصل إلی إتلاف المأکولة بإذن المالک و لو بالشراء منه: الظاهر العدم. نعم لو صارت ملکه بوجه من الوجوه وجب علیه إتلاف المأکولة، لتحریمها فی نفس الأمر.

و فی وجوب کونه (2) بالذبح ثم الإحراق وجه قوی (3)، و لو لم تنتقل إلی ملکه لکن ذبحها المالک، أو غیره لم یحل للفاعل الأکل من لحمها لعلمه بتحریمه.

و کذا القول فی نسلها، و لبنها، و نحوه.

و منها وط ء الأموات

(و منها (4)

(1)هذا هو الشق الثانی، فإن کانت البهیمة مما یراد لحمها فهل یجب علی الفاعل فی نفس الأمر إتلافها بالذبح و الإحراق و یجب التوصل إلی ذلک و لو بالشراء من المالک وجهان بل قولان:

لأن النصوص قد صرحت بوجوب ذبحها و إحراقها إذا علم منه الفعل الشنیع و هو هنا منتف و هذا ما استظهره الشارح، و الحق هو القول الآخر من وجوب ذبحها و إحراقها لأن النصوص حرّمت لحم الموطوءة مطلقا کما فی خبر مسمع المتقدم سابقا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (أن أمیر المؤمنین علیه السّلام سئل عن البهیمة التی تنکح فقال: حرام لحمها و کذلک لبنها)(1)، و إذا حرم لحمها حرم الانتفاع بها فیجب إتلافها و لو توقف علی شرائها من المالک بالإضافة إلی التعلیل التعبدی الوارد فی روایة إسحاق المتقدمة (فقال علیه السّلام: لا ذنب لها و لکن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فعل هذا و أصر به لکیلا یجتزئ الناس بالبهائم و ینقطع النسل)(2)

و لو کانت مما یراد ظهرها فلا یجب علی الفاعل إخراجها و بیعها فی بلد و لو بالشراء من المالک لعدم العلم بفعله الشنیع فلا یعیّر بذلک مالکها.

(2)کون الإتلاف.

(3)لدلالة النصوص علیه.

(4)أی و من العقوبات المتفرقة.

ص:415


1- (1) الوسائل الباب - 30 - من أبواب الأطعمة المحرمة حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 1.

(وط ء الأموات) (1) زنا و لواطا (و حکمه حکم الأحیاء) فی الحد، و الشرائط (و) یزید هنا أنه (تغلظ علیه العقوبة) بما یراه الحاکم (إلا أن تکون) الموطوءة (زوجته) (2)، أو أمته المحللة له (فیعزر) خاصة، لتحریم وطئها، و لا یحد لعدم الزنا إذ لم تخرج بالموت عن الزوجیة و من ثم جاز له تغسیلها.

(و یثبت) هذا الفعل (بأربعة) شهود ذکور (3)(علی الأقوی) کالزنا و اللواط، (1)إن وط ء المیتة من بنات آدم کوط ء الحیة فی تعلق الإثم و الحد و اعتبار الإحصان و عدمه بلا خلاف فیه للأخبار منها: خبر عبد اللّه بن محمد الجعفی (کنت عند أبی جعفر علیه السّلام و جاءه کتاب هشام بن عبد الملک فی رجل نبش امرأة فسلبها ثیابها و نکحها، فإن الناس قد اختلفوا علینا فی هذا، فطائفة قالوا: اقتلوه، و طائفة قالوا: أحرقوه، فکتب إلیه: إن حرمة المیت کحرمة الحی، حدّه أن تقطع یده لنبشه و سلبه الثیاب و یقام علیه الحد فی الزنا، إن أحصن رجم و إن لم یکن أحصن جلد مائة)(1) و منه تعرف أن اللواط بالمیت کاللواط بالحی لعموم قوله: (إن حرمة المیت کحرمة الحی)، نعم الجنایة فی المیت أفحش، و لذا تغلظ علیه العقوبة زیادة عن الحد بما یراه الحاکم من المصلحة بلا خلاف فی التغلیظ لمرسل ابن أبی عمیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی الذی یأتی المرأة و هی میتة، وزره أعظم من ذلک الذی یأتیها و هی حیة)(2).

(2)فیقتصر علی التأدیب له بما یراه الحاکم لأنه أقدم علی فعل محرم، و أما سقوط الحد فهو مما لا خلاف فیه لبقاء العلقة الزوجیة و لذا جاز له تغسیلها.

(3)ذهب الشیخان و ابنا حمزة و سعید إلی أنه یثبت بشاهدین و عن المختلف اختیاره لعموم أدلة البینة، و لأنه شهادة علی فعل واحد و هو زنا الحی بالمیتة، بخلاف الزنا بالحیّة فهو شهادة علی اثنین فیحتاج إلی تعدد البینة و لذا احتیج الزنا بالحیة إلی أربعة شهود و یدل علیه خبر إسماعیل بن أبی حنیفة عن أبی حنیفة (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: کیف صار القتل یجوز فیه شاهدان و الزنا لا یجوز فیه إلا أربعة شهود، و القتل أشدّ من الزنا فقال علیه السّلام: لأن القتل فعل واحد و الزنا فعلان، فمن ثمّ لا یجوز إلا أربعة شهود، علی الرجل شاهدان و علی المرأة شاهدان)(3).

و لأنه فعل واحد تجوز فیه شهادة اثنین فقد اقتصر علی شهادة الاثنین فی وط ء البهیمة-

ص:416


1- (1) الوسائل الباب - 19 - من أبواب حد السرقة حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 2.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دعوی القتل حدیث 1.

لأنه زنا و لواط فی الجملة (1)، بل أفحش فیتناوله عموم أدلة توقف ثبوته علی الأربعة.

و قیل: یثبت بشهادة عدلین، لأنه شهادة علی فعل واحد یوجب حدا واحدا کوط ء البهیمة، بخلاف الزنا و اللواط بالحی فإنه یوجب حدین فاعتبر فیه الأربعة، لأنها شهادة علی اثنین.

و فیه نظر، لانتقاضه بالوط ء الإکراهی و الزنا بالمجنونة فإنه کذلک (2) مع اشتراط الأربعة إجماعا. و المتحقق اعتبار الأربعة من غیر تعلیل (3)، بل فی کثیر من النصوص ما ینافی تعلیله (4)، و إن توقف الزنا (5) علی الأربعة، و القتل علی الاثنین مع أنه أعظم، دلیل علی بطلان القیاس. و الإقرار فرع الشهادة (6). فحیث اعتبرنا -لأنه فعل واحد.

و ذهب المشهور، بل قیل لا خلاف فیه بین المتأخرین إلی أنه یعتبر فیه أربعة شهود لأنه زنا فیتناوله عموم أدلته، و أما خبر إسماعیل المتقدم فبالإضافة إلی ضعف سنده یحتمل حمل التعلیل علی الحکمة و لا یجب اطرادها، علی أنه لو حمل التعلیل المطرد فهو منقوض بالشهادة علی الزنا بالمکرهة و علی الزنا بالنائمة و المجنونة فهو فعل واحد لا یوجب إلا حدا واحدا فیجب فیه الاقتصار حینئذ علی شهادة اثنین مع أنهم اعتبروا الأربعة، هذا و إذا ثبت لا بدیة الأربعة فیکفی فیه ثلاثة رجال و امرأتین لما مرّ فی الزنا.

(1)لیس قیدا لإخراج شیء بل هو إشارة إلی أن غالب الزنا و اللواط فی الأحیاء.

(2)أی أن الزنا بالمکرهة و المجنونة فعل واحد یوجب حدا واحدا.

(3)أی أن الأخبار اشترطت الأربعة فی الزنا من دون تعلیله بأنه فعلان.

(4)لأن الکثیر من النصوص أوجبت شهادة الأربع علی فعل الزانی بما هو فعل واحد لا بما هو فعلان منها: خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (لا یجب الرجم حتی یشهد الشهود الأربع أنهم قد رأوه یجامعها)(1).

(5)عطف علی قوله: (بل فی کثیر من النصوص ما ینافی تعلیله) و المعنی: إن ثبوت الأربعة فی الزنا و الاثنین فی القتل مع أن القتل أعظم دلیل علی بطلان القیاس و منه تعرف بطلان قیاس الزنا بالمیتة علی وط ء البهیمة مع أن الزنا بالمیتة أعظم.

(6)بلا خلاف فیه فمن اعتبر أربعة شهود فلا بد أن یعتبر الإقرار أربعا، و من اقتصر علی شاهدین فلا بد من الاکتفاء بالاقرار مرتین.

ص:417


1- (1) الوسائل الباب - 12 - من أبواب حد الزنا حدیث 3.

الأربعة یثبت بها (1)(أو إقراره أربع مرات) بشرائطها السابقة (2). و من اکتفی بالشاهدین اکتفی بالإقرار مرتین. و حیث ألحقنا المیت بالحی فما یثبت بشهادة النساء فی الزنا بالحیة یثبت هنا علی الأقوی (3)، للعموم (4) مع احتمال العدم (5) لقیام الشبهة الدارئة للحد، و ما تقدم (6).

و منها - الاستمناء

(و منها - الاستمناء) (7) و هو استدعاء إخراج المنی (بالید) (8) أی ید المستمنی (1)أی یثبت الإقرار بالأربعة.

(2)من کون المقر کاملا ببلوغه و عقله و حریته و اختیاره.

(3)کامرأتین و ثلاثة رجال کما هو محل الوفاق فی الزنا، أو أربعة نساء و رجلین کما هو خلاف هناک.

(4)أی عموم أدلة الزنا الشامل للزنا بالمیتة.

(5)استشکل بذلک العلامة فی القواعد، و لعله من أجل ابتناء الحدود علی التخفیف فلا تقبل شهادتهن إلا علی موطن النص و هو الزنا بالحیة، و أما الزنا بالمیتة فیبقی قولهن مردودا لعدم قبول قولهن فی الحدود.

(6)من عدم قبول شهادتین فی الحدود إلا ما خرج بالنص و هذا لیس منه.

(7)فهو محرم فعلیه التعزیر للأخبار منها: خبر أحمد بن عیسی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (سأله عن الخضخضة، فقال علیه السّلام: إثم عظیم قد نهی اللّه عنه فی کتابه و فاعله کناکح نفسه، و لو علمنا بمن یفعله ما أکلت معه، فقال: بیّن لی یا بن رسول اللّه من کتاب اللّه فیه، فقال: قول اللّه فَمَنِ ابْتَغی وَراءَ ذلِکَ الآیة، و هو مما وراء ذلک، فقال الرجل: أی أکبر الزنا أو هی؟ فقال: هو ذنب عظیم)(1).

و هذا التعزیر کغیره منوط بنظر الإمام، و فی خبر طلحة بن زید عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن أمیر المؤمنین علیه السّلام أتی برجل عبث بذکره فضرب یده حتی أحمرت ثم زوجه من بیت المال)2.

و مثله روایة زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام3، و هما محمولان علی أن هذا ما قد رآه الإمام رادعا لهما، و أما التزویج فهو لیس بلازم علی الإمام و إنما هو تدبیر استصلاحی یتبع فیه نظر الحاکم.

(8)بل هو استدعاء إخراج المنی بیده أو بشیء من أعضائه أو أعضاء غیره سوی الزوجة-

ص:418


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب نکاح البهائم حدیث 4 و 1 و 2.

(و هو) حرام (یوجب التعزیر) بما یراه الحاکم لقوله تعالی: وَ الَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ * إِلاّ عَلی أَزْواجِهِمْ - إلی قوله - فَمَنِ ابْتَغی وَراءَ ذلِکَ فَأُولئِکَ هُمُ العادُونَ (1) و هذا الفعل مما وراء ذلک، و عن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أنه لعن الناکح کفه (2). و فی معنی الید إخراجه بغیرها من جوارحه. و غیرها (3) مما عدا الزوجة، و المملوکة. و فی تحریمه بید زوجته و مملوکته المحللة له وجهان (4) من وجود المقتضی للتحریم و هو إخراج المنی، و تضییعه بغیر الجماع. و به قطع العلامة فی التذکرة. و من منع کون ذلک هو المقتضی، و عدم تناول الآیة (5) و الخبر (6) له، إذ لم یخص حفظ الفرج فی الزوجة، و ملک الیمین بالجماع (7) فیتناول محل النزاع.

و فی تعدی التحریم (8) إلی غیر أیدیهما من بدنهما غیر الجماع احتمال.

و أولی بالجواز هنا لو قیل به ثم لأنه ضرب من الاستمتاع (و روی) بسند ضعیف -و الأمة المحلّلة له.

(1)المؤمنون الآیة: 5-6-7.

(2)مستدرک الوسائل الباب - 23 - من أبواب النکاح الدائم حدیث 2.

(3)أی غیر أعضائه.

(4)بل قولان، الحرمة و إلیه ذهب العلامة فی التذکرة لتضییع الماء بغیر الجماع و لذا حرم الإنزال بیده لما فیه من التضییع، و الجواز لدلالة الآیة علیه لقوله تعالی: إِلاّ عَلی أَزْواجِهِمْ (1) فلا یجب حفظ الفرج عن الزوجة بأی وجه من وجوه الاستمتاع و هذا منه، و لیس تضییع المنی حراما و إلا لحرم الإنزال بالتفخیذ فی الزوجة و الأمة.

(5)فقوله تعالی: فَمَنِ ابْتَغی وَراءَ ذلِکَ لا یشمله لاندراجه تحت الاستثناء و هو قوله تعالی: إِلاّ عَلی أَزْواجِهِمْ .

(6)المتقدم فی المتن إذ لا یصدق علیه أنه ناکح نفسه.

(7)بل یجوز مطلق الاستمتاع للزوجة بالفرج، و هذا منه.

(8)أی إذا قلنا بتحریم الاستمناء بید الزوجة فلا بد أن نقول بتحریم الاستمناء ببقیة أعضاء بدنها ما عدا الفرج لما فی ذلک من تضییع المنی کما هو دلیل العلامة المتقدم، و قد عرفت ضعفه.

ص:419


1- (1) المؤمنون الآیة: 7.

عن أبی جعفر (1) و أبی عبد اللّه (2)(عما)(أن علیا علیه السّلام ضرب یده) أی ید رجل استمنی بیده، و فی الأخری عبث بذکره إلی أن أنزل (حتی أحمرت) یده من الضرب (و زوجه من بیت المال) و هو مع ما فی سنده حکم فی واقعه مخصوصة بما رآه، لا أن ذلک (3) تعزیره مطلقا.

(و یثبت) ذلک (بشهادة عدلین (4) و الإقرار مرة) واحدة (5)، لعموم الخبر إلا ما أخرجه الدلیل من اعتبار العدد و هو هنا منفی. و قال ابن إدریس یثبت بالإقرار مرتین و ظاهره أنه لا یثبت بدونه فإن أراد ذلک فهو ضعیف، لما ذکرناه.

و منها - الارتداد

اشارة

(و منها - الارتداد،)

فی معنی الارتداد

(و هو الکفر بعد الإسلام أعاذنا اللّه مما یوبق الأدیان) (6) و الکفر یکون بنیة، و بقول کفر، و فعل مکفّر فالأول العزم علی الکفر (7) و لو فی وقت مترقب. و فی حکمه (8) التردد فیه (9). و الثانی (10) کنفی الصانع لفظا، أو الرسل، و تکذیب رسول (11)، و تحلیل محرم بالإجماع (12) کالزنا، و عکسه (13) (1)کما فی روایة زرارة المتقدمة، و فی السند ابن فضال و هو واقفی.

(2)کما فی روایة طلحة بن زید المتقدمة، و فی السند محمد بن سنان و أمره معلوم فقد نسب إلی الغلو و طلحة بن زید عامی.

(3)و هو الضرب حتی الاحمرار.

(4)لعموم أدلة البینة و هو مما لا خلاف فیه.

(5)لعموم إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز، خرج منه ما یعتبر فیه التعدد للنص الخاص و هو مفقود هنا.

و ذهب ابن إدریس إلی اشتراط التعدد فی الإقرار و هو ضعیف کما فی المسالک.

(6)أی یفسدها.

(7)فهو موجب للکفر لأنه مخالف لاعتقاد الأصول.

(8)حکم العزم.

(9)أی التردد فی الکفر.

(10)و هو الکفر بالقول.

(11)جعله منکرا لیدل علی العموم.

(12)و قد تقدم أن المناط هو تحلیل محرم معلوم عنده، فالمناط علی ثبوته بالعلم لا علی ثبوته بالإجماع.

(13)و هو تحریم حلال ثبتت حلیته بالعلم عنده أو عند الجمیع کالنکاح.

ص:420

کالنکاح، و نفی وجوب مجمع علیه (1) کرکعة من الصلوات الخمس، و عکسه (2) کوجوب صلاة سادسة یومیة.

و الضابط إنکار ما علم من الدین ضرورة، و لا فرق فی القول بین وقوعه عنادا (3)، أو اعتقادا (4)، أو استهزاء (5) حملا علی الظاهر (6) و یمکن رد هذه الأمثلة إلی الأول (7) حیث یعتقدها من غیر لفظ. و الثالث (8) ما تعمده استهزاء صریحا بالدین، أو جحودا له (9) کإلقاء مصحف، أو بعضه فی قاذورة قصدا، أو سجود لصنم.

و یعتبر فیما خالف الإجماع: کونه مما یثبت حکمه فی دین الإسلام ضرورة کما ذکر (10) لخفاء کثیر من الإجماعیات علی الآحاد (11)، و کون الإجماع من أهل (1)و الأولی ففی وجوب ثابت عنده، إذ الکثیر من الإجماعات لا تقید حتی الظن.

(2)أی إیجاب ما علم نفیه.

(3)بحیث أنکرها عنادا مع الیقین القلبی بالثبوت.

(4)بحیث أنکرها لفظا مع عدم الیقین بالثبوت.

(5)بحیث یعتقد بها و لکن أنکرها لفظا من باب الاستهزاء و السخریة بها.

(6)قید للاستهزاء.

(7)بمعنی إجراء هذه الأمثلة الثلاثة فی القسم الأول بحیث لا یعتقد بالأصول عنادا و إن قام الدلیل عنده، أو لا یعتقد بها لأن اعتقاده علی خلافها أو لا یعتقد بها استهزاء و إن قام الدلیل عنده علیها و الأولی تفسیر کلامه بتفسیر آخر و هو: أن الأمثلة المتقدمة من نفی الصانع و تکذیب رسول و تحلیل حرام و تحریم حلال و نفی وجوب ما ثبت أو إثبات ما علم نفیه کما تجری باللفظ تجری فی الاعتقاد بأن یعتقد نفی الصانع و تکذیب الرسول و هکذا من غیر تلفظ بلفظ، و یساعده قوله فیما بعد: (حیث یعتقدها من غیر لفظ).

(8)و هو الکفر بصدور فعل مکفّر.

(9)أی یفعل فعلا فیه استهزاء بالدین أو جحود به کإلقاء المصحف فی القاذورة أو السجود لصنم.

(10)لیکون نفیه نفیا لضرورة من ضروریات الدین، و نفی الضرورة مستلزم لنفی النبوة، و من هنا تعرف أن المدار علی نفی ما هو معلوم أنه من الدین فیثبت نفی النبوة به، و لیس المدار علی نفی ما ثبت بالإجماع.

(11)أی آحاد المسلمین، فما خفی عنهم لا یکون من الأمور الضروریة لأن الضروری ما -

ص:421

الحل و العقد (1) من المسلمین فلا یکفر المخالف فی مسألة خلافیة (2) و إن کان نادرا (3).

و قد اختلفت عبارات الأصحاب و غیرهم فی هذا الشرط (4) فاقتصر بعضهم علی اعتبار مطلق الإجماع، و آخرون علی إضافة ما ذکرناه (5) و هو الأجود (6)، و قد یتفق للشیخ «رحمه اللّه» الحکم بکفر مستحل ما خالف إجماعنا خاصة (7) کما تقدم نقله عنه فی باب الأطعمة. و هو نادر (8)، و فی حکم الصنم (9) ما یقصد به العبادة للمسجود له فلو کان مجرد التعظیم مع اعتقاد عدم استحقاقه للعبادة لم یکن کفرا (10)، بل بدعة قبیحة و إن استحق التعظیم بغیر هذا النوع (11)، لأن اللّه تعالی لم ینصب السجود تعظیما لغیره.

فی قتل المرتد

(و یقتل) المرتد (12)(إن کان) ارتداده (عن فطرة) الإسلام لقوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «من -علمه الجاهل فضلا عن العالم، و فیه أن المدار علی نفی ما علمه المنکر سواء علمه غیره أو لا.

(1)تقیید الإجماع به لا معنی له، نعم علیه أن یقیده بما کان إجماعا بین المسلمین لیکون ضروریا.

(2)لأنها مما لم یجمع علیها المسلمون.

(3)أی المخالف.

(4)و هو کون الإجماع ضروریا.

(5)من کونه ضروریا.

(6)لیکون نفیه مستلزما لنفی النبوة الموجب للکفر.

(7)أی ما کان ضروریا فی المذهب لا فی الدین.

(8)أی لم یذهب إلیه أحد سوی الشیخ، و قد عرفت أن المناط علی إنکار المعلوم و لا یستوحش من قلة سالکی الحق.

(9)أی و فی حکم السجود للصنم الموجب للکفر کل سجود یقصد به العبادة للمسجود له.

(10)لعدم نفیه لما ثبت من أن السجود بعنوان العبادة منحصر فی السجود للّه (جل و علا).

(11)من السجود، هذا تقسیم الشارح للکفر و لغیره تقسیم آخر، و المدار فی الجمیع علی عدم الاعتقاد و باللّه و عدم الاعتقاد و بالنبوة الخاصة، فکل ما ینافی اعتقاد هذین الأصلین فهو موجب للکفر.

(12)المرتد إما عن فطرة و إما عن ملة، و المرتد الفطری من کان مسلما و قد ارتد فلا تقبل -

ص:422

بدل دینه فاقتلوه» (1) و صحیحة محمد بن مسلم عن الباقر علیه السّلام «من رغب عن الإسلام و کفر بما أنزل علی محمد صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بعد إسلامه فلا توبة له، و قد وجب قتله، و بانت منه امرأته، و یقسم ما ترکه علی ولده» (2) و روی عمار (3) عن الصادق علیه السّلام قال: «کل مسلم بین مسلمین ارتد عن الإسلام و جحد محمدا صلّی اللّه علیه و آله و سلّم نبوته و کذبه فإن دمه مباح لکل من سمع ذلک منه، و امرأته بائنة منه یوم ارتد فلا تقربه، و یقسّم ماله علی ورثته و تعتد امرأته عدة المتوفی عنها زوجها، و علی الإمام أن یقتله و لا یستتیبه»(و لا تقبل توبته) ظاهرا (4) لما ذکرناه، و للإجماع فیتعین قتله مطلقا (5). و فی قبولها باطنا قول قوی (6). حذرا من تکلیف ما لا یطاق لو کان -توبته و یتحتم قتله و تبین منه زوجته و تعتد عدة الوفاة و تقسم أمواله بین ورثته. بلا خلاف فی شیء من ذلک للأخبار منها: صحیح الحسین بن سعید (قرأت بخط رجل إلی أبی الحسن الرضا علیه السّلام: رجل ولد علی الإسلام ثم کفر و أشدک و خرج عن الإسلام هل یستتاب، أو یقتل و لا یستتاب؟ فکتب علیه السّلام: یقتل)(1).

و صحیح علی بن جعفر (سأل أخاه علیه السّلام عن مسلم ارتد، قال: یقتل و لا یستتاب، قال: نصرانی أسلم ثم ارتد عن الإسلام، قال: یستتاب فإن رجع و إلا قتل)2.

و خبر عمار الساباطی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (کل مسلم بین مسلمین ارتد عن الإسلام و جحد محمدا صلّی اللّه علیه و آله و سلّم نبوته و کذبه فإن دمه مباح لکل من سمع ذلک منه، و امرأته بائنة منه یوم ارتد فلا تقربه، و یقسّم ماله علی ورثته، و تعتدّ امرأته عدة المتوفی عنها زوجها، و علی الإمام أن یقتله و لا یستتیبه)(2).

(1)کما فی خبر دعائم الإسلام، مستدرک الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المرتد حدیث 2.

(2)الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المرتد حدیث 2.

(3)قد تقدم الخبر.

(4)بمعنی لو تاب فلا یسقط حکم القتل عنه و بینونة امرأته و قسمة أمواله بین ورثته، فهی ثابتة علی کل حال.

(5)تاب أو لا.

(6)بمعنی أنه لا یعاقب فی الآخرة، و الدلیل إما أن یبقی مکلفا أو لا، و علی الثانی یلزم-

ص:423


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المرتد حدیث 6 و 5.
2- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب حد المرتد حدیث 3.

مکلفا بالإسلام، أو خروجه عن التکلیف ما دام حیا کامل العقل، و هو باطل بالإجماع، و حینئذ (1) فلو لم یطلع أحد علیه (2)، أو لم یقدر علی قتله (3)، أو تأخر قتله بوجه و تاب قبلت توبته فیما بینه بین اللّه تعالی، و صحت عباداته و معاملاته، و طهر بدنه، و لا یعود ماله و زوجته إلیه بذلک (4) عملا بالاستصحاب، و لکن یصح له (5) تجدید العقد علیها بعد العدة، و فی جوازه فیها وجه (6)، کما یجوز للزوج العقد علی المعتدة عنه بائنا.

و بالجملة فیقتصر فی الأحکام بعد توبته علی الأمور الثلاثة (7) فی حقه، و حق غیره و هذا أمر آخر وراء القبول باطنا.

فی بینونة زوجته منه

(و تبین منه زوجته، و تعتد للوفاة) و إن لم یدخل علی الأصح (8) لما تقدم (9) (و تورث أمواله) الموجودة حال الردة (بعد قضاء دیونه) السابقة علیها (10)(و إن) -خروجه عن التکلیف و هو حائز لشرائطه و هو باطل عقلا و علی الأول فلو کان مکلفا و لا یقبل منه واقعا للزم التکلیف بالمحال و هو محال، فیتعین قبول توبته واقعا حینئذ.

(1)أی و حین القول بقبول توبته واقعا.

(2)عند کفره.

(3)أی أو لم یقدر الحاکم علی قتله.

(4)أی بتوبته و إن حکمنا بقبولها واقعا.

(5)لکونه مسلما بتوبته.

(6)أی جواز العقد فی العدة وجه ناشئ من کون حرمة العقد علی الأجنبیة فی العدة خوفا من اختلاط مائه بماء غیره، و هذا منتف هنا لأن الجمیع ماؤه، و لذا یجوز للزوج العقد علی البائنة فی عدتها، و نقیده بالبائنة لأن الرجعیة لیست بحاجة إلی عقد بل یکفی الرجوع و العدول عن الطلاق.

(7)من تحتم قتله و اعتداد زوجته و تقسیم أمواله.

(8)لأن المرتد الفطری بحکم المیت لوجوب قتله، فضلا عن التصریح بعدة الوفاة فی خبر عمار الساباطی المتقدم، و هو شامل للدخول و عدمه و قد أورد فخر المحققین دلیل العدم بأنه نکاح قد انفسخ بغیر الموت قبل الدخول فلا یجب فیه العدة للأصل، و فیه: إنه اجتهاد فی قبال النص.

(9)من خبر عمار.

(10)علی الردة، لأن الدین متعلق بأصل الترکة، دون الدیون بعد الردة فهی لا تتعلق بأصل المال لانتقاله إلی الورثة بالارتداد.

ص:424

(کان حیا باقیا)، لأنه فی حکم المیت فی ذلک.

و هل یلحقه باقی أحکامه (1) من إنفاذ وصایاه السابقة علی الردة، و عدم قبوله التملک بعدها (2) نظر من مساواته له (3) فی الأحکام، و کونه حیا (4) و لا یلزم من مساواته المیت فی جملة من الأحکام (5) إلحاقه به مطلقا (6). و لو أدخلنا المتجدد فی ملکه کالاحتطاب و الاحتشاش صار إرثا (7)، و علی هذا لا ینقطع إرثه ما دام حیا و هو بعید (8) و معه (9) ففی اختصاص وارثه عند ارتداده به (10) أو عند التکسب (11)

(1)أی هل یلحق المرتد الذی لم یقتل حکم المیت من نفوذ وصایاه حال إسلامه وجهان و ذکر الشارح دلیلهما.

(2)بعد الردة.

(3)دلیل الإلحاق و المعنی أن المرتد بحکم المیت فی کل شیء فتنفذ وصایاه السابقة علی الردة.

(4)دلیل عدم الإلحاق و المعنی أن المرتد ما زل حیا فکیف تنفذ وصایاه السابقة المقیدة بعد الموت، و الموت لم یتحقق.

(5)من تقسیم ماله و اعتداد زوجته عدة الوفاة.

(6)أی إلحاق المرتد بالمیت فی کل حکم لعدم الدلیل علی العموم.

(7)لحکم الشارع بکونه إرثا بین ورثته.

(8)وجه البعد، أن القول بکون ماله إرثا منافیا لقبول توبته واقعا، لأنه مع قبول التوبة فهو مسلم و لا یحل مال امرئ مسلم إلا بطیب نفس، نعم تحمل الأخبار علی تقسیم ماله أی ماله الموجود حال الردة لا المتجدد بعد التوبة.

(9)أی و مع القول بأن کل مال یدخل فی ملک المرتد یصیر إرثا بین الورثة، فیصح التساؤل أن الوارث بملکه من حین الردة أو من حین التکسب.

(10)و المعنی ففی اختصاص وارثه بالمال منه ارتداده، و دلیله لأن الردة هی سبب انتقال الورثة.

(11)لا من حین الردة لأنه لا مال له بحسب الفرض حال الردة لأنه متجدد، و تظهر الفائدة فیما لو کان للمرتد ولدان عند الارتداد، و مات أحدهما عن ولد قبل التکسب، فعلی الأول یکون المال المتجدد بین الولد و عمه، و علی الثانی یختص العم بالمال المتجدد لأنه الوارث حال التکسب، و بهذا علّق الشارح بقوله: (منشأهما کون سبب الانتقال هو الارتداد فیکون المعتبر هو الوارث عنده، و تظهر الفائدة فیما لو کان للمرتد ولدان عند -

ص:425

وجهان و یعتبر فی تحقق الارتداد البلوغ (1) و العقل و الاختیار (2).

فی ارتداد الصبی و المجنون، و المکرَه

(و لا حکم لارتداد الصبی، و المجنون، و المکره) لکن یؤدب الأولان.

و السکران فی حکم المجنون (3) فلا یرتد بتلفظه فی حالته بکلمة الکفر أو فعله (4) ما یوجبه (5)، کما لا یحکم بإسلامه بکلمة الإسلام لو کان کافرا.

و إلحاقه بالصاحی فی وجوب قضاء العبادات لا یوجب إلحاقه به مطلقا (6) -الارتداد، و مات أحدهما عن ولد قبل التکسب، فعلی الأول یکون المال المکتسب بین الولد و عمه، و علی الثانی یختص به العم لأنه الوارث حینئذ، کما لو ارتد عن ولد و ولد ولد).

(1)لحدیث رفع القلم، و لکن یؤدب إذا کان ممیزا، و عن الشیخ فی الخلاف قد اعتبر إسلام المراهق و حکم بقتله لو ارتد إن لم یتب للخبر (الصبی إذا بلغ عشر سنین أقیمت علیه الحدود التامة و اقتص منه، و تنفذ وصیته و عتقه)(1) و هو مع شذوذه معارض بما هو أقوی منه فلا یلتفت إلیه.

(2)لعدم الحد علی المجنون و المکره لحدیث رفع القلم و حدیث الرفع، و لکن یؤدب المجنون إذا کان له شعور و تمییز.

(3)لارتفاع العقل فی کلیهما، غایته فی المجنون غیر اختیاری و فی السکران بالاختیار.

خلافا للشیخ حیث ألحق السکران بالصاحی فی الارتداد و الإسلام، بحیث لو ارتد حال السکر أو أسلم فی هذه الحال فیترتب الأثر علیه، بدلیل أنه یجب علی السکران قضاء ما فاته من العبادات حال السکر کما یحکم علی الصاحی و هذا کاشف عن ثبوت التکلیف فی حقه.

و ردّ بأن العقل شرط فی التکلیف و هو مرتفع حال السکر فلا بد أن یرتفع المشروط، و أما وجوب القضاء علیه بعد الصحوة فإنما هو بأمر جدید، نعم لو دل نفس دلیل الأداء علی القضاء لکان کاشفا عن ثبوت التکلیف فی حقه حال السکر و أنی له بإثبات ذلک.

(4)فعل السکران.

(5)ما یوجب الکفر.

(6)فی جمیع الأحکام لکون القضاء بأمر جدید.

ص:426


1- (1) أورده فی الجواهر ج 41 ص 609، و لم أعثر علیه عاجلا فی الوسائل.

مع العلم بزوال عقله الرافع للخطاب.

و کذا لا حکم لردة الغالط، و الغافل، و الساهی، و النائم، و من رفع الغضب قصده (1) و تقبل دعوی ذلک کله (2)، و کذا الإکراه مع القرینة کالأسر.

و فی قبول دعوی عدم القصد (3) إلی مدلول اللفظ مع تحقق الکمال نظر من الشبهة الدارئة للحد (4)، و کونه خلاف الظاهر (5).

فی استتابة المرتد

(و یستتاب) المرتد (6)(إن کان) ارتداده (عن کفر) أصلی (فإن تاب، و إلا قتل، و مدة الاستتابة ثلاثة أیام (7) فی المروی) عن الصادق علیه السّلام بطریق ضعیف.

(1)و المغمی علیه أیضا، لعدم العبرة بألفاظهم لأنها صدرت من غیر قصد لمعانیها، و یدل علی البعض خبر علی بن عطیة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (کنت جالسا عنده و سأله رجل عن رجل یجیء من الشیء علی حد الغضب، یؤاخذه اللّه، فقال: اللّه أکرم من أن یستغلق عبده)(1).

(2)ترجیحا لحقن الدم و لاستصحاب الإسلام، و لدرء الحد بالشبهات.

(3)من دون غفلة و لا غلط و لا سهو، و إنما لم یقصد المعنی فقط و هو ملتفت إلی ذلک.

(4)وجه عدم الحد.

(5)وجه ثبوت الحد.

(6)یستتاب المرتد الملی فإن تاب و إلا قتل، بلا خلاف للأخبار و قد تقدم بعضها.

و خالف بعض العامة فجعل جمیع أقسام المرتد واحدا و حکمه أن یستتاب و إلا قتل، و هو ضعیف بما سمعت من النصوص.

و خالف أبو حنیفة و الشافعی و جعلا الاستتابة مستحبة و لیست بواجبة لعموم النبوی (من بدّل دینه فاقتلوه)(2)، و هو ضعیف لأن ظاهر الأمر فی الاستتابة فی النصوص المتقدمة أنه للوجوب.

(7)ذهب الشیخ إلی عدم تحدید المدة بل ترجئ ما دام یؤمل منه الاستتابة کما فی المبسوط و علیه العمل بین المشهور، و قیل و لم یعرف القائل کما فی الجواهر أن مدة الاستتابة ثلاثة أیام لخبر مسمع بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إن أمیر المؤمنین قال: المرتد یعزل-

ص:427


1- (1) الوسائل الباب - 28 - من أبواب حد القذف حدیث 1.
2- (2) مستدرک الوسائل - 1 - من أبواب حد المرتد حدیث 2.

و الأقوی تحدیدها بما یؤمل معه عوده، و یقتل بعد الیأس منه و إن کان (1) من ساعته.

و لعل الصبر علیه ثلاثة أیام أولی رجاء لعودته (2)، و حملا للخبر علی الاستحباب.

فی المرتد عن ملة

(و) المرتد عن ملة (لا یزول ملکه (3) عن أمواله إلا بموته) و لو بقتله لکن -عن امرأته و لا تؤکل ذبیحته و یستتاب ثلاثة أیام فإن تاب و إلا قتل یوم الرابع)(1).

و رد بأن فی السند محمد بن الحسن بن شمون و هو ضعیف جدا و فاسد المذهب و لا یلتفت إلیه و لا إلی و صفاته و سائر ما ینسب إلیه کما فی الخلاصة، بالإضافة إلی أنه من رضی بخبر أبی الطفیل (أن بنی ناجیة قوما کانوا یسکنون الأسیاف، و کانوا قوما یدعون فی قریش نسبا و کانوا نصاری فأسلموا، ثم رجعوا عن الإسلام، فبعث أمیر المؤمنین علیه السّلام معقل بن قیس التمیمی فخرجنا معه، فلما انتهینا إلی القوم جعل بیننا و بینه أمارة، فقال: إذا وضعت یدی علی رأسی فضعوا فیهم السلاح، فأتاهم فقال: ما أنتم علیه؟ فخرجت طائفة فقالوا: نحن نصاری فأسلمنا لا نعلم دینا خیرا من دیننا فنحن علیه، و قالت طائفة: نحن کنا نصاری ثم أسلمنا ثم عرفنا أنه لا خیر من الدین الذی کنا علیه، فرجعنا إلیه، فدعاهم إلی الإسلام ثلاث مرات فأبوا، فوضع یده علی رأسه، قال: فقتل مقاتلیهم و سبی ذراریهم، فأتی بهم علیا علیه السّلام فاشتراهم مصقلة بن هبیرة بمائة ألف درهم فأعتقهم ثم حمل إلی علیّ (علیه الصلاة و السلام) خمسین ألفا فأبی أن یقبلها، قال: فخرج بها فدفنها فی داره و لحق بمعاویة، قال: فخرّب أمیر المؤمنین علیه السّلام داره و أجاز عتقهم)(2) و الخبر ظاهر فی عدم وجوب الاستتابة ثلاثة أیام.

(1)أی و إن کان الیأس من ساعة الارتداد.

(2)حتی مع الیأس احتیاطا بالدم و حملا للخبر علی الاستحباب.

(3)بلا خلاف فیه، للاستصحاب مع عدم وجود نص دال علی خروج المال عن ملکه بالردة، و لا یزول إلا بموته و لو کان موته بالقتل کغیره، و ترکته لورثته المسلمین دون غیرهم، فإن لم یکن له وارث مسلم فهو للإمام دون أقربائه من الکفار.

و أیضا لا خلاف - کما فی الجواهر - أنه یحجر الحاکم علی أمواله، و التحجیر هو منعه-

ص:428


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد المرتد حدیث 5.
2- (2) الوسائل الباب - 3 - من أبواب حد المرتد حدیث 6.

یحجر علیه بنفس الردة عن التصرف فیها فیدخل فی ملکه ما یتجدد و یتعلق به الحجر، و ینفق علیه منه ما دام حیا (1)(و) کذا (لا) تزول (عصمة نکاحه (2) إلا ببقائه علی الکفر بعد خروج العدة) التی تعتدها زوجته من حین ردته (و هی عدة الطلاق) فإن خرجت و لما یرجع بانت منه (و تؤدی نفقة واجب النفقة) علیه من والد، و ولد، و زوجة، و مملوک (من ماله) (3) إلی أن یموت (و وارثهما) أی المرتدّین فطریا و ملیا ورثتهما (المسلمون، لا بیت المال) عندنا، لما تقدم (4) و لو لم یکن لهما (وارث) مسلم (فالإمام) و لا یرثهما الکافر مطلقا (5)، لأنهما (6) مرتبة فوق الکافر (7) و دون المسلم (8).

فی ارتداد المرأة

(و المرأة لا تقتل (9) و إن کانت) ردتها (عن فطرة، بل تحبس دائما، و تضرب) -من التصرف فیها حتی ما یتجدد له من ملک جدید بعد الردة باحتطاب و اتهاب و تجارة و غیر ذلک، لئلا یتصرف فیها بالإتلاف مما فیه الضرر علی وارثه المسلم، فالمال بعد الردة بحکم الموقوف علی الوارث نعم إن عاد إلی الإسلام فهو أحق بماله من غیره.

(1)أی و ینفق علی المرتد المحجور علیه من ماله ما دام حیا سواء کان فی ضمن مدة الاستتابة أو بعدها، لأنه ما لم یتحقق قتله یبقی المال فی ملکه، غایته محجور علیه بالتصرف لیس إلا.

(2)ینفسخ العقد بینه و بین زوجته بمجرد ردته لعدم جواز نکاح الکافر علی المسلمة ابتداء و استدامة، و یجب علیها أن تعتد عدة الطلاق، فإن تاب داخل العدة فهو أحق بزوجته، و إن تاب خارج العدة فهو بحاجة إلی عقد جدید.

(3)لأن المال ما زال علی ملکه فیخرج من المال دیونه و نفقة نفسه و من یجب علیه نفقته کولده و والده و زوجته ضرورة أنه ما زال مخاطبا بالإنفاق غایته محجور علیه فلا یخرجها بنفسه بل یخرجها الحاکم نیابة عنه.

(4)فی کتاب الإرث.

(5)أی سواء کان لهما وارث مسلم أو لا، لأن الکفر مانع من الإرث کما تقدم.

(6)المرتد الفطری و الملی.

(7)لتشرفهما بالإسلام مدة.

(8)لخروجهما عن الإسلام، و لیس هذا الاستحسان دلیلا علی منع إرث الکافر لهما بل الدلیل ما تقدم فی کتاب الإرث من کون الکفر مانعا.

(9)بل تحبس دائما و تضرب أوقات الصلاة بلا خلاف للأخبار، منها: صحیح حریز عن أبی-

ص:429

(أوقات الصلوات) بحسب ما یراه الحاکم (1)(و تستعمل) فی الحبس (فی أسوإ الأعمال، و تلبس أخشن الثیاب) المتخذة للّبس عادة (و تطعم أجشب الطعام) و هو ما غلظ منه و خشن قاله ابن الأثیر، و یعتبر فیه عادتها (2) فقد یکون الجشب حقیقة فی عادتها صالحا، و بالعکس یفعل بها ذلک کله (إلی أن تتوب (3)، أو تموت) لصحیحة الحلبی (4) عن أبی عبد اللّه علیه السّلام و غیرها فی المرتدة عن الإسلام قال علیه السّلام: «لا تقتل، و تستخدم خدمة شدیدة، و تمنع عن الطعام و الشراب إلا ما یمسک نفسها، و تلبس أخشن الثیاب، و تضرب علی الصلوات».

و فی خبر آخر عنه علیه السّلام (5) «المرأة تستتاب فإن تابت، و إلا حبست فی السجن و أضرّ بها» و لا فرق فیها بین الفطریة و الملیة. و فی إلحاق الخنثی بالرجل، أو بالمرأة وجهان تقدما فی الإرث و أن الأظهر إلحاقه بالمرأة (6).

فی تکرر الارتداد

(و لو تکرر الارتداد) (7) و الاستتابة من الملی (قتل فی الرابعة)، أو الثالثة علی -عبد اللّه علیه السّلام (لا یخلد فی السجن إلا ثلاثة: الذی یمسک علی الموت و المرأة ترتد عن الإسلام و السارق بعد قطع الید و الرجل)(1).

و صحیح حماد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (فی المرتدة عن الإسلام لا تقتل و تستخدم خدمة شدیدة، و تمنع الطعام و الشراب إلا ما تمسک نفسها، و تلبس خشن الثیاب و تضرب علی الصلوات)2.

(1)بالنسبة للضرب.

(2)أی ما یعتبر جشبا بحسب عادتها.

(3)لمرسل ابن محبوب عن أبی جعفر و أبی عبد اللّه علیهما السّلام (و المرأة إذا ارتدت عن الإسلام استتیبت، فإن تابت و إلا خلدت فی السجن و ضیّق علیها فی حبسها)(2) و هو ظاهر فی أنها لو تابت فلا شیء علیها.

(4)أشیر إلیه فی الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد المرتد حدیث 1.

(5)و هو خبر عباد بن صهیب، الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد المرتد حدیث 4.

(6)للشک فی ذکوریة الخنثی الموجب للشک فی قتله، لأن القتل مختص بالمرتد الذکر، و الحدود تدرأ بالشبهات.

(7)من الملی مع تخلل الاستتابة و توبته فی کل مرة، فقال الشیخ فی الخلاف یقتل فی الرابعة-

ص:430


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد المرتد حدیث 3 و 1.
2- (3) الوسائل الباب - 4 - من أبواب حد المرتد حدیث 6.

الخلاف السابق، لأن الکفر باللّه تعالی أکبر الکبائر و قد عرفت أن أصحاب الکبائر یقتلون فی الثالثة، و لا نص هنا بالخصوص (1) و الاحتیاط فی الدماء یقتضی قتله فی الرابعة.

فی توبة المرتد

(و توبته الإقرار بما أنکره) (2) فإن کان الإنکار للّه، و للرسول فإسلامه بالشهادتین و لا یشترط التبری من غیر الإسلام (3) و إن کان آکد، و إن کان مقرا بهما منکرا عموم نبوته صلّی اللّه علیه و آله و سلّم (4) لم تکف الشهادتان، بل لا بد من الإقرار بعمومها، و إن کان بجحد فریضة علم ثبوتها من الدین ضرورة فتوبته الإقرار بثبوتها علی وجهها (5)، و لو کان باستحلال محرم فاعتقاد تحریمه مع إظهاره (6) إن کان أظهر الاستحلال. و هکذا (و لا تکفی الصلاة) فی إسلام الکافر مطلقا (7) و إن کان -مدعیا علیه الإجماع، و فی المبسوط قال: «روی عنهم علیهم السّلام أن أصحاب الکبائر یقتلون فی الرابعة».

نعم فی خبر یونس عن أبی الحسن الماضی (أصحاب الکبائر کلها إذا أقیم علیهم الحد مرتین قتلوا فی الثالثة)(1)، غیر أن الاحتیاط فی الدماء و لما قاله الشیخ فی المبسوط أنه مروی یقتضی القتل فی الرابعة.

و قد ورد فی خبر علی بن حدید (قیل لجمیل بن دراج فما تقول: إن تاب ثم رجع عن الإسلام قال: یستتاب، قیل: فما تقول إن تاب ثم رجع؟ قال: لم أسمع فی هذا شیئا و لکنه عندی بمنزلة الزانی الذی یقام علیه الحد مرتین ثم یقتل بعد ذلک)(2) إلا أنه لا یمکن الاعتماد علیه لأنه فتوی لجمیل و لیس قولا لمعصوم.

(1)قد عرفت أن الشیخ فی المبسوط أشار إلی أن القتل فی الرابعة مروی.

(2)لو أقرّ بما کان سببا فی خروجه عن الإسلام لکان إقراره موجبا لدخوله فی الدین حینئذ.

(3)لأن الإسلام ناف لغیره من الاعتقادات المضلة.

(4)کما لو اعتقد أن الرسول بین العرب فقط فلا بد من الإقرار بعموم النبوة.

(5)من وجوب أو استحباب.

(6)أی مع إظهار اعتقاد التحریم.

(7)سواء کان کفره بالنیة أو بالقول أو بالفعل، فقد ذهب بعض العامة إلی أن الکافر یکفی-

ص:431


1- (1) الوسائل الباب - 5 - من أبواب مقدمات الحدود حدیث 1.
2- (2) الکافی الجزء السابع باب حد المرتد حدیث 5.

یجحدها، لأن فعلها أعم من اعتقاد وجوبها فلا یدل علیه و إن کان کفره (1) بجحد الإلهیة، أو الرسالة و سمع تشهده فیها، لأنه لم یوضع شرعا ثمّ للإسلام، بل لیکون جزء من الصلاة و هی لا توجبه، فکذا جزؤها، بخلاف قولها منفردة لأنها موضوعة شرعا له.

فی الجنون بعد الارتداد

(و لو جنّ بعد ردته) (2) عن ملة (لم یقتل) ما دام مجنونا، لأن قتله مشروط بامتناعه من التوبة و لا حکم لامتناع المجنون، أما لو کان عن فطرة قتل مطلقا.

(و لا یصح له تزویج ابنته) (3) المولّی علیها، بل مطلق ولده لأنه محجور علیه فی نفسه، فلا تثبت ولایته علی غیره، و لأنه کافر و ولایة الکافر مسلوبة عن المسلم.

(قیل: و لا أمته) (4)...

-فی رجوعه أن یصلی فی دار الکفر، أما لو صلی فی دار الإسلام فلا لاحتمال التقیة.

و ردّ بأن الصلاة أعم من إسلامه لاحتمال الریاء فیها و لو فی دار الکفر.

(1)إن وصلیة، و المعنی أن الصلاة لا تدل علی إسلامه إذا کان کفره بسبب جحوده الألوهیة أو النبوة و إن تشهد بالشهادتین فی الصلاة، و ذلک لأن الصلاة لم توضع شرعا للدلالة علی إسلامه فکذلک جزؤها أعنی التشهد بطریق أولی، نعم لو تشهد الشهادتین منفردة فهذا یدل علی إسلامه لأن الشهادتین موضوعة للدلالة علی الإسلام شرعا، و فیه: إن الشهادتین منفردة تدل علی الإسلام لما فی معناها من الإقرار بالألوهیة و النبوة فکذلک لها نفس هذا المعنی حال کونها جزءا فی الصلاة.

(2)و قبل استتابته لا یقتل، لأن القتل مشروط بامتناعه عن التوبة و لا حکم لامتناع المجنون، نعم لو طرأ الجنون بعد الامتناع المبیح لقتله قتل کما یقتل الفطری مطلق إذا جن بعد ردته سواء امتنع أو لا لوجوب قتله علی کل حال.

(3)لا یصح للمرتد الفطری و الملی أن یزوج ابنته المسلمة بلا خلاف، لقصور ولایته علی التسلط علی المسلم لقوله تعالی: وَ لَنْ یَجْعَلَ اللّهُ لِلْکافِرِینَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلاً (1).

و یزاد فی الملی أنه محجور علیه فی نفسه فلا تکون له الولایة علی غیره من باب أولی.

(4)فعن المحقق فی الشرائع و العلامة فی التحریر أنه یصح للمرتد تزویج أمته لاستصحاب-

ص:432


1- (1) النساء الآیة: 141.

مسلمة کانت الأمة أم کافرة (1)، لما ذکر فی البنت، و استقرب فی التحریر بقاء ولایته علیها مطلقا (2) مع جزمه فی القواعد بزوالها کالولد. و حکایته هنا قولا یشعر بتمریضه. نظرا إلی الأصل (3) و قوة الولایة المالکیة مع الشک فی المزیل، و ثبوت الحجر یرفع ذلک کله.

و منها - الدفاع عن النفس و المال و الحریم

اشارة

(و منها - الدفاع عن النفس و المال و الحریم)

فی جوازه

و هو جائز فی الجمیع (4) مع عدم ظن العطب (5). و واجب فی الأول (6) و الأخیر (7)(بحسب القدرة) و مع العجز یجب الهرب مع الإمکان، أما الدفاع عن المال فلا یجب إلا مع اضطراره إلیه.

-الولایة المالکیة الثابتة له قبل الارتداد، و ذهب العلامة فی القواعد و الشهید فی الدروس إلی زوال الولایة المالکیة عن الأمة فلا یصح له تزویجها لانتفاء السبیل له علیها، و للحجر الثابت علیه المانع من التصرف فی الأمة، لأنها مال و لا یصح له التصرف المالی.

(1)فیستدل علی عدم صحة تزویجها له بالحجر.

(2)سواء کانت الأمة مسلمة أو کافرة.

(3)أی الاستصحاب.

(4)بلا خلاف و لا إشکال للأخبار منها: خبر غیاث بن إبراهیم عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام (إذا دخل علیک رجل یرید أهلک: و مالک فأبدره بالضربة إن استطعت، فإن اللص محارب للّه و لرسوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، فما تبعک منه من شیء فهو علیّ)(1).

(5)سیأتی البحث فیه.

(6)و هو الدفاع عن النفس، و وجوبه لوجوب حفظ النفس و إن علم بالهلاک، لأنه هالک بدون الدفاع أیضا.

(7)و هو الدفاع عن العرض للأخبار منها: خبر غیاث المتقدم و مرسل البرقی عن الإمام الرضا علیه السّلام (عن الرجل یکون فی السفر و معه جاریة له فیجیء قوم یریدون أخذ جاریته أ یمنع جاریته من أن تؤخذ و إن خاف علی نفسه القتل؟ قال: نعم.

قلت: و کذلک إذا کانت معه امرأة؟ قال: نعم، قلت: و کذلک الأم و البنت و ابنة العم و القرابة یمنعهن و إن خاف علی نفسه القتل؟ قال: نعم، قلت: و کذلک المال یریدون أخذه فی سفر فیمنعه و إن خاف القتل؟ قال: نعم)(2).

ص:433


1- (1) الوسائل الباب - 5 - من أبواب الدفاع حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 46 - من أبواب جهاد العدو حدیث 12.

و کذا یجوز الدفع فی غیر من ذکر (1) مع القدرة، و الأقرب وجوبه مع الضرورة، و ظن السلامة (معتمدا) فی الدفاع مطلقا (2)(علی الأسهل) فالأسهل (3) کالصیاح، ثم الخصام ثم الضرب، ثم الجرح، ثم التعطیل (4)، ثم التدفیف (5).

-و خبر أبی مریم عن أبی جعفر علیه السّلام (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم من قتل دون مظلمته فهو شهید، ثم قال: یا أبا مریم هل تدری ما دون مظلمته؟ قلت: جعلت فداک، الرجل یقتل دون أهله و دون ماله و أشباه ذلک، فقال: یا أبا مریم إن من الفقه عرفان الحق)(1)، و هذه النصوص تجوز الدفاع عن العرض و إن استلزم قتل النفس، إلا أن العلامة فی التحریر و غیره استشکل فی ذلک، و ذهب إلی جواز حفظ العرض إن سلمت النفس و إلا لوجب حفظ النفس و هو مقدم علی حفظ العرض، و هو اجتهاد فی قبال النصوص المتقدمة، نعم لو عجز عن الدفاع و استطاع الهرب بعرضه أو بنفسه فیجب حینئذ.

و أما الدفاع عن المال فمقتضی روایة غیاث المتقدمة وجوب الدفاع إلا أنه محمول علی الجواز لخبر أبی بصیر (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن الرجل یقاتل عن ماله، فقال: إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قال: من قتل دون ماله فهو بمنزلة شهید، فقال له: أ یقاتل أفضل؟ فقال: إن لم یقاتل فلا بأس، أما أنا لو کنت لترکته و لم أقاتل)(2) و لا یجب الدفاع عن ماله إلا إذا کان حفظ النفس متوقفا علی المال فیکون الدفاع عن ماله دفاعا عن نفسه، و من باب أولی إذا علم بإتلاف نفسه فلا یجب علیه الدفاع عن ماله بل یحرم، و من هنا تعرف أن قید الشارح مع عدم ظن العطب إنما هو قید فی الدفاع عن المال مطلقا و فی الدفاع عن الحریم علی قول.

(1)و هو الدفاع عن نفس الغیر و حریمه و ماله، بلا إشکال للأخبار منها: خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: من سمع رجلا ینادی یا للمسلمین فلم یجبه فلیس بمسلم)(3).

(2)سواء کان الدفاع عن نفسه و ماله و حریمه أو الدفاع عن الغیر کذلک.

(3)مع النصوص مطلقة، و ذلک لما تقدم من ضعف سند الکثیر منها فلا بدّ من تقییدها بالقواعد الشرعیة المقررة فی النهی عن المنکر.

(4)بأن یعطل أحد أعضائه.

(5)بمعنی أن یجهز علیه فیقتله، من دفّ بمعنی أجهز علیه.

ص:434


1- (1) الوسائل الباب - 46 - من أبواب جهاد العدو حدیث 9.
2- (2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب الدفاع حدیث 2.
3- (3) الوسائل الباب - 7 - من أبواب الدفاع حدیث 1.
دم المدفوع هدر

(و دم المدفوع هدر (1) حیث یتوقف) الدفاع علی قتله، و کذا ما یتلف من ماله إذا لم یمکن بدونه.

فی ما لو قُتل الدافع

(و لو قتل) الدافع (کان کالشهید) فی الأجر (2)، أما فی باقی الأحکام من التغسیل و التکفین فکغیره (3)(و لا یبدأ إلا مع العلم) (4) أو الظن (بقصده) و لو کفّ کف عنه. فإن عاد عاد، فلو قطع یده مقبلا و رجله مدبرا ضمن الرجل. فإن سرتا (5) ضمن النصف قصاصا (6) أو دیة (7)، و لو أقبل بعد ذلک (8) فقطع عضوا (1)بلا خلاف للنصوص منها خبر غیاث المتقدم.

(2)لما تقدم من خبر بصیر (من قتل دون ماله فهو بمنزلة شهید)، و أما بقیة أحکامه مثل التغسیل و التحنیط و غیرهما فیبقی تحت عموم الأدلة من وجوبها.

(3)من موتی المسلمین.

(4)لا إشکال و لا خلاف - کما فی الجواهر - أنه لا یجوز للدافع أن یبدأ بالدفاع ما لم یتحقق قصد المهاجم من أنه یرید نفسه أو عرضه أو ماله و لو بالطریق الظنی، لأنه یکفی عادة الظن بالعدوان فی الشروع بالدفاع.

و علی ما تقدم فله دفعه ما دام مقبلا علیه، و مع إدباره یجب الکف لعدم قصد الهجوم فلو قطع یده مقبلا و رجله مدبرا فلا شیء علیه فی قطع الید لأنه مدافع و علیه ضمان قطع الرجل لأنه متعد، و کذا لو ضربه معطله و انتهی الهجوم فلا یجوز للدافع أن یضربه فیما بعد أو یقتله و لو فعل ضمن.

(5)أی الید و الرجل فمات المهاجم فیثبت علی المدافع القصاص فی النفس بعد ردّ نصف الدیة علیه لأن المقتول قد قتل بسببین، قطع الید و قطع الرجل، و أحدهما غیر مضمون دون الآخر، فیثبت علی القاطع القتل فی قبال القتل إلا أنه یرد علیه نصف الدیة فی قبال السبب غیر المضمون.

و عن الشیخ فی المبسوط أن علیه نصف الدیة فقط، و اعترف فی الجواهر بعدم وضوح مستنده.

(6)علی قول المشهور.

(7)علی قول الشیخ.

(8)أی قطع المدافع ید المهاجم مقبلا، رجله مدبرا فی المرة الأولی، ثم عاد المقطوع مهاجما فقطع المدافع عضوا ثالثا کیده الأخری مثلا، و سرت جمیع الجراحات حتی مات فیثبت علی المدافع إما القتل مع رد ثلثی الدیة علیه علی المشهور و إما أن یدفع ثلث الدیة علی قول الشیخ و هکذا.

ص:435

ثالثا رجع الضمان إلی الثلث.

فی من وجد مع زوجته، أو مملوکته، أو غلامه من ینال دون الجماع

(و لو وجد مع زوجته، أو مملوکته، أو غلامه) أو ولده (1)(من ینال دون الجماع (2) فله دفعه) بما یرجو معه الاندفاع کما مر (فإن أتی الدفع علیه، و أفضی إلی قتله) حیث لم یمکن دفعه بدونه (فهو هدر، و لو قتله فی منزله فادعی) القاتل (إرادة) المقتول (نفسه، أو ماله) أو ما یجوز مدافعته عنه و أنه لم یندفع إلا بالقتل (فعلیه البینة أن الداخل کان معه سیف مشهور مقبلا علی رب المنزل) و إن لم تشهد بقصده القتل، لتعذر العلم به فیکتفی بذلک، لدلالة القرائن علیه المرجحة لصدق المدعی.

فی ما لو اطلع علی عورة قوم

(و لو اطلع علی عورة قوم) (3) و لو إلی وجه امرأة لیست بمحرم للمطلع (1)باعتبار أنهما من جملة عرضه، و أن اللواط فحش من الزنا.

(2)فإن أراد الجماع فقد تقدم فی باب الزنا أن له قتل من یرید الزنا مطلقا من دون التدرج من الأسهل إلی غیره.

و إن أراد دون الجماع فلا إشکال و لا خلاف فی وجوب دفعه من الأسهل إلی غیره متدرجا، فإن أتی الدفع علیه و قتل فدمه هدر للأخبار منها: خبر غیاث بن إبراهیم المتقدم عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام (إذا دخل علیک رجل یرید أهلک و مالک فأبدره بالضربة إن استطعت، فإن اللص محارب للّه و لرسوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، فما تبعک منه من شیء فهو علیّ)(1).

هذا کله فیما بینه و بین اللّه، و أما فی مقام الإثبات فلو ادعی أن المقتول کان یرید نفسه أو عرضه أو ماله فقتله فهو المدعی فإن صدقه ورثة المقتول فهو و إلا فإن أقام البینة علی أن المقتول کان یرید ذلک فیسقط عنه الضمان و إذا لم یمکن له ذلک فالقول قول ورثة المقتول، نعم بما أن قصد النفس و العرض و المال مما لا یمکن للرائی أن یعلمه لأن القصد من الأمور النفسانیة الخفیة فیکفی فی البینة أن تشهد بعلامات مفیدة للاطمئنان علی قصد الداخل کشهر سیفه و نحو ذلک.

(3)بقصد النظر إلی ما یحرم علیه منهم، فلهم زجره إذ هو من المدافعة عن الحریم، فلو أصرّ فرموه بحجر أو عود فاتفق قتله کانت الجنایة هدرا بلا خلاف فیه للأخبار منها: روایة العلاء بن الفضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (إذا اطلع رجل علی قوم یشرف علیهم أو ینظر-

ص:436


1- (1) الوسائل الباب - 5 - من أبواب الدفاع حدیث 1.

(فلهم زجره، فإن امتنع) و أصرّ علی النظر جاز لهم رمیه بما یندفع به، فإن فعلوا (فرموه بحصاة و نحوها فجنی علیه کان هدرا) و لو بدروه من غیر زجر ضمنوه (1) (و الرحم) الذی یجوز نظره للمطلع علیهم (یزجر لا غیر (2) إلا أن یکون) المنظور امرأة (مجردة فیجوز رمیه بعد زجره) کالأجنبی، لمساواته له فی تحریم نظر العورة.

و یجب التدرج فی المرمی به من الأسهل إلی الأقوی علی وجه ینزجر به، فإن لم یندفع إلا برمیه بما یقتله فهدر و لا فرق بین المطلع من ملک المنظور و غیره حتی الطریق، و ملک الناظر (3)، و لو کان المنظور فی الطریق لم یکن له رمی من ینظر إلیه، لتفریطه (4) نعم له زجره، لتحریم نظره مطلقا (5)

فی جواز دفع الدابة الصائلة

(و یجوز دفع الدابة الصائلة) -من خلل شیء لهم فرموه فأصابوه فقتلوه أو فقئوا عینه فلیس علیهم غرم، و قال: إن رجلا اطلع من خلل حجرة رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، فجاء رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بمشقص لیفقأ عینه فوجده قد انطلق، فقال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: أی خبیث، أما و اللّه لو ثبتّ لی لفقأت عینک)(1).

و صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام (أیّما رجل اطلع علی قوم فی دارهم لینظر إلی عوراتهم ففقئوا عینه أو جرحوه فلا دیة علیهم)2.

(1)مقتضی إطلاق النصوص المتقدمة جواز المبادرة إلی الضرب و القتل و الجرح من دون التقیید بالزجر، إلا أنهم قیدوا النصوص بقواعد النهی من المنکر لضعف سند الکثیر منها، و لقد أجاد صاحب الجواهر حیث مال إلی العمل بإطلاق النصوص لأن کثرتها توجب الاطمئنان بصدورها فلا بد من العمل بإطلاقها من دون تقییدها بقواعد التدرج المقررة فی باب النهی عن المنکر.

(2)إذا نظر إلی ما یجوز له النظر منهن فیجوز لصاحب المنزل زجره، نعم لو نظر إلی موطن لا یجوز للرحم النظر إلیه کما لو کانت المرأة مجردة جاز زجره و رمیه علی النحو المتقدم فی الأجنبی.

(3)إذا کان المنظور داخل البیت.

(4)أی تفریط المنظور بحیث خرجت إلی الطریق علی نحو یمکن معه النظر إلی محاسنها.

(5)أی لتحریم نظر الناظر سواء کان المنظور علی نحو یسمح بالنظر إلی محاسنه أو لا، و سواء کان المنظور فی الطریق أو لا.

ص:437


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 25 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 6 و 7.

(عن نفسه (1)، فلو تلفت بالدفع) حیث یتوقف علیه (فلا ضمان) و لو لم تندفع إلا بالقتل جاز قتلها ابتداء (2)، و لا ضمان علیه

فی ما لو أدّب الصبیّ فمات

(و لو أدّب الصبیّ). بل مطلق الولد الصغیر (ولیّه (3)، أو الزوجة زوجها فماتا ضمن دیتهما فی ماله علی قول) جزم به فی الدروس، لاشتراط التأدیب بالسلامة.

و یحتمل عدم الضمان، للإذن فیه فلا یتعقبه ضمان حیث لا تفریط کتأدیب الحاکم و کذا معلم الصبیة (و لو عضّ علی ید غیره فانتزعها (4) فندرت أسنانه) بالنون أی سقطت (فهدر) لتعدیه (و له) أی للمعضوض (التخلص) منه (باللکم،) (1)و عن ماله، فلو تعیبت أو تلفت بالدفع فلا ضمان بلا خلاف، لأنه کما یجوز دفع أذی الغیر الداخل علیه فیجوز دفع أذی ماله المتوجه إلیه.

(2)و لا معنی للتدرج من الزجر إلی الصیاح إلی الدفع إلی الضرب، لأنها لیست بذات شعور، نعم لو توقف الدفع علی ضربها فلا یجوز قتلها.

(3)لو ضرب الأب أو الجد الابن للتأدیب فاتفق موته فعلی الولی الضارب الدیة من ماله لأن الإذن بالضرب یرفع الإثم و لا ینافی الضمان لعموم أدلته و لذا اشترط فی جواز الضرب للتأدیب السلامة.

و إنما الخلاف فی تأدیب الزوجة فالشیخ و جماعة ذهبوا إلی أن الحکم فیها کالحکم فی الولد، و به قطع العلامة فی الإرشاد.

و المحقق و جماعة استشکلوا فی ذلک من حیث إن ضربها تعزیر سائغ قد ورد الأمر به فی الکتاب فلا ضمان کالتعزیر السائغ من الحاکم، و ردّ الفرق بینهما و اشترط فی الجمیع أن یکون الضرب للتأدیب، فلو کان الضرب للتشفی أو لغیره من الدواعی فإنه یضمن، و منه تعرف الحکم فی ضرب المعلم و إن أذن الولی فعلیه الضمان.

(4)لو عضّ علی ید إنسان ظلما، فانتزع المعضوض یده فندرت و أسقطت أسنان العاضّ کان ذلک هدرا بلا خلاف فیه، لأن سحب المعضوض یده دفاع و فی الدفاع لا ضمان و إلی ما روته العامة (أن رجلا فعل ذلک فأتی النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فأهدر سنه)(1).

و خالف ابن أبی لیلی من العامة فحکم بالضمان، و هو محجوج بما سمعت.

و لو تعذر التخلص فعلیه أن ینتقل من الأسهل إلی غیره کضربه و جرحه و هکذا فلو تعسر جاز أن یبعجه بسکین و لو أدی إلی قتله لما عرفت من جواز الدفاع.

ص:438


1- (1) الجواهر ج 41 ص 665.

(و الجرح، ثم السکین، و الخنجر) و نحوها (متدرجا) فی دفعه (إلی الأیسر)، فإن انتقل إلی الصعب مع إمکان ما دونه ضمن، و لو لم یندفع إلا بالقتل فعل، و لا ضمان.

ص:439

ص:440

کتاب القصاص

اشارة

ص:441

ص:442

(کتاب القصاص) القصاص - بالکسر (1) - و هو اسم (2) لاستیفاء مثل الجنایة من قتل، أو قطع، أو ضرب، أو جرح. و أصله اقتفاء الأثر. یقال: قصّ أثره إذا تبعه فکأن المقتص یتبع أثر الجانی فیفعل مثل فعله.

(و فیه فصول:)

الفصل الأول فی قصاص النفس

اشارة

(الأول).

(فی قصاص النفس.)

فی موجب القصاص

(و موجبه (3): إزهاق النفس) أی إخراجها، قال (1)و هو فعال من قصّ أثره إذا تتبعه و منه قوله تعالی: وَ قالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّیهِ (1) أی اتبعی أثره، و المراد به هنا استیفاء أثر الجنایة من قتل أو قطع أو جرح أو ضرب، فکأن المقتصّ یتّبع أثر الجانی فیفعل مثل فعله و یدل علیه الکتاب و السنة، و من الأول قوله تعالی:

وَ لَکُمْ فِی الْقِصاصِ حَیاةٌ یا أُولِی الْأَلْبابِ (2) و قوله تعالی: مِنْ أَجْلِ ذلِکَ کَتَبْنا عَلی بَنِی إِسْرائِیلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِی الْأَرْضِ فَکَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِیعاً وَ مَنْ أَحْیاها فَکَأَنَّما أَحْیَا النّاسَ جَمِیعاً (3) و قوله تعالی: وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ (4)

(2)أی اسم مصدر.

(3)أی سببه، و المراد بسبب قصاص النفس هو قتل النفس المحترمة و عرّف بأنه إزهاق النفس-

ص:443


1- (1) القصص الآیة: 11.
2- (2) البقرة الآیة: 179.
3- (3) المائدة الآیة: 32.
4- (4) النحل الآیة: 126.

الجوهری: زهقت نفسه زهوقا أی خرجت، و هو هنا مجاز فی إخراجها عن التعلق بالبدن إذ لیست داخلة فیه حقیقة کما حقق فی محله (المعصومة) التی لا یجوز إتلافها، مأخوذ من العصم و هو المنع (المکافئة) لنفس المزهق لها فی الإسلام، و الحریة، و غیرهما من الاعتبارات الآتیة (عمدا) قید فی الإزهاق أی إزهاقها فی حالة العمد، و سیأتی تفسیره (عدوانا) احترز به عن نحو المقتول قصاصا فإنه یصدق علیه التعریف، لکن لا عدوان فیه فخرج به.

و یمکن إخراجه بقید المعصومة، فإن غیر المعصوم أعم من کونه بالأصل کالحربی، و العارض کالقاتل علی وجه یوجب القصاص، و لکنه أراد بالمعصومة: ما لا یباح إزهاقها للکل.

و بالقید الأخیر (1) إخراج ما یباح قتله بالنسبة إلی شخص دون شخص آخر.

-المعصومة المکافئة عمدا و عدوانا.

و المراد بإزهاق النفس إخراجها، قال الجوهری: «زهقت نفسه زهوقا أی خرجت، و الإزهاق مجاز فی الإخراج هنا، لأن النفس متعلقة بالبدن و لیست داخلة حقیقة فیه، فیعبر عن قطع الصلة بین النفس و البدن بالخروج». و المراد بالمعصومة هی التی لا یجوز إتلافها، مأخوذ من العصم أی المنع فتخرج النفس غیر المعصومة کالکافر الحربی و المحارب و اللص و نحوها.

و المراد بالمکافئة هی النفس المکافئة لنفس القاتل فی الإسلام و الحریة و البلوغ و العقل و غیر ذلک من الشرائط الآتیة.

و التقیید بالعمد لإخراج قتل النفس خطأ، و لإخراج قتل الصبی و المجنون الذی لا یتحقق منهما العمد بعد أن کان عمدهما خطأ.

و التقیید بالعدوان لإخراج قتل القاتل، فإن قتله لیس عدوانا و إن کان عمدا، لأنه بحق و علیه فالمراد من العدوان هو القتل بغیر حق.

و ترک المحقق فی النافع قید العدوان استغناء عنه بقید المعصومة، إذ المقتول قصاصا أو دفاعا غیر معصوم النفس و الدم بالنسبة للقاتل، و إن کان معصوما بالنسبة إلی غیره.

و ردّ بأنه لا بد من قید العدوان، لأن المراد بالمعصومة هو أنه لا یباح إزهاقها لکل مسلم، و نفس المقتول قصاصا أو دفاعا لا یباح إزهاقها للکل، و إن أبیح قتله بالنسبة للورثة.

(1)أی و یمکن بالقید الأخیر.

ص:444

فإن القاتل معصوم بالنسبة إلی غیر ولی القصاص.

و یمکن أن یرید بالعدوان: إخراج فعل الصبی و المجنون. فإن قتلهما للنفس المعصومة المکافئة لا یوجب علیهما القصاص، لأنه (1) لا یعد عدوانا، لعدم التکلیف و إن استحقا التأدیب. حسما للجرأة. فإن العدوان هنا بمعنی الظلم المحرّم و هو منفی عنهما.

و من لاحظ فی العدوان المعنی السابق (2) احتاج فی إخراجهما (3) إلی قید آخر فقال: هو إزهاق البالغ العاقل النفس المعصومة انتهی.

و یمکن إخراجهما بقید العمد، لما سیأتی من تفسیره بأنه قصد البالغ إلی آخره. و هو أوفق بالعبارة (4)(فلا قود بقتل المرتد) (5) و نحوه من الکفار الذین لا عصمة لنفوسهم. و القود - بفتح الواو -: القصاص سمّی قودا، لأنهم یقودون الجانی بحبل و غیره، قاله الأزهری.

(و لا یقتل غیر المکافئ) کالعبد بالنسبة إلی الحر (6).

و إزهاق نفس الدابة المحترمة (7) بغیر إذن المالک، و إن کان محرما، إلا أنه (1)لأن قتلهما.

(2)هو القتل بغیر حق و لذا أخرج المقتول قصاصا به.

(3)أی إخراج قتل الصبی و قتل المجنون.

(4)لأن إخراجهما بالعمد إذا تحقق کما هو الواقع، فلا معنی لإخراجهما بالقید الذی بعده.

(5)القود بفتح القاف و الواو، و هو القصاص، یقال: أقدت القاتل بالقتیل، أی قتلته به، و سمی قودا لأنهم یقودون الجانی بحبل أو غیره قاله الأزهری.

و لا قود بقتله لأنه یجب قتله کما تقدم فی باب الحدود، و مثله الکفار الذین یجوز قتلهم کالکافر الحربی، و سیأتی أن القصاص شرطه التساوی فی الدین.

(6)لأن القصاص شرطه التساوی فی الحریة و الرقیة کما سیأتی.

(7)لا ینطبق علیها موجب القصاص، لأن إزهاقها و إن کان محرما لأنه إتلاف مال محترم فهو تعد و یضمن، و لکن لا ینطبق علیها أنها معصومة إن فسرت بأنها ما لا یجوز إزهاقها لکل مسلم، لأنه یجوز إزهاقها بالنسبة لمالکها و إن فسرت المعصومة بأنها ما لا یجوز إزهاقها لشخص دون آخر فلا تخرج عن التعریف بهذا القید، و إنما تخرج بقید المکافئة.

ص:445

یمکن إخراجه بالمعصومة حیث یراد بها: ما لا یجوز إتلافه مطلقا (1)، و لو أرید بها (2): ما لا یجوز إتلافه لشخص دون آخر - کما تقدم (3) - خرجت بالمکافئة.

و خرج بقید «العمد» القتل خطأ و شبهه (4) فإنه لا قصاص فیهما.

فی القتل العمد

(و العمد یحصل بقصد البالغ (5) إلی القتل بما یقتل غالبا) (6) و ینبغی قید «العاقل» أیضا (7)، لأن عمد المجنون خطأ، کالصبی، بل هو أولی بعدم القصد (1)أی لا یجوز إزهاقها لکل مسلم.

(2)بالمعصومة.

(3)عند ما أخرج المقتول قصاصا بقید المعصومة و هذا کاشف عن تفسیرها بما لا یباح إزهاقها لشخص دون آخر.

(4)أی شبه الخطأ.

(5)تحقق العمد بالقصد هو المتبادر لغة و عرفا، و تقیید القصد بالبالغ للأخبار منها: صحیح ابن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (عمد الصبی و خطأه واحد)(1).

و خبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام: (أن علیا علیه السّلام یقول: عمد الصبیان خطأ یحمل علی العاقلة)2.

(6)إما أن یستعمل آلة تقتل غالبا کالسیف، أو یستعمل آلة و یکرر استعمالها حتی یتحقق القتل کتکرار الضرب بالعصا حتی الموت، فالفعل فی المثالین قاتل، بل لو صدر منه الفعل القاتل فهو قاتل عمدا و إن لم یقصد القتل و یدل علیه إطلاق خبر أبی الصباح الکنانی و الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألناه عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم یقلع عنه الضرب حتی مات، أ یدفع إلی ولیّ المقتول فیقتله؟ قال: نعم و لکن لا یترک یعبث به و لکن یجیز علیه بالسیف)(2)، و مثله خبر موسی بن بکیر4، و خبر سلیمان بن خالد5.

(7)فی تحقق العمد للأخبار منها: صحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (کان أمیر المؤمنین علیه السّلام یجعل جنایة المعتوه علی عاقلته خطأ کان أو عمدا)(3).

و خبر إسماعیل بن زیاد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أن محمد بن أبی بکر کتب إلی أمیر المؤمنین علیه السّلام یسأله عن رجل مجنون قتل رجلا عمدا، فجعل الدیة علی قومه، و جعل خطأه و عمده سواء)7.

ص:446


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 11 - من أبواب العاقلة حدیث 2 و 3.
2- ( (3 و 4 و 5) الوسائل الباب - 11 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 2 و 10 و 12.
3- ( (6 و 7) الوسائل الباب - 11 - من أبواب العاقلة حدیث 1 و 5.

من الصبی الممیز (1). و بعض الأصحاب جعل العمد هو القصد إلی القتل إلخ...

من غیر اعتبار القیدین (2) نظرا إلی إمکان قصدهما الفعل، فاحتاج إلی تقیید ما یوجب القصاص بإزهاق البالغ العاقل کما مر.

(قیل: أو) یقتل (نادرا) (3) إذا اتفق به القتل. نظرا إلی أن العمد یتحقق بقصد القتل من غیر نظر إلی الآلة فیدخل فی عموم أدلة العمد و هذا أقوی.

(و إذا لم یقصد القتل بالنادر) (4) أی بما یقع به القتل نادرا (فلا قود و إن اتفق) (1)لتحقق العمد من الصبی الممیز بالقصد، بخلاف المجنون الفاقد للشعور و المسلوب منه قصد الفعل.

(2)أی البلوغ و العقل، کالمحقق، لأن العمد متقوم بالقصد و القصد قد یصدر من الصبی و المجنون، و لأجل إخراج عمد الصبی و المجنون عن موجب القصاص عرّف موجب القصاص بأنه إزهاق البالغ العاقل لنفس معصومة إلی آخر القیود.

(3)لو قصد القتل و استعمل آلة أو فعلا لا تقتل غالبا فاتفق القتل فهو قتل عمدی، علی الأشهر بل نسب إلی الأکثر کما فی کشف اللثام لأن العمد متقوم بالقصد و هو متحقق هنا بالإضافة إلی إطلاق الأخبار منها: صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (العمد کل ما اعتمد شیئا فأصابه بحدیدة أو بحجر أو بعصا أو بوکزة فهذا کله عمد)(1).

و خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لو أن رجلا ضرب رجلا بخزفة أو بآجرة أو بعود فمات کان عمدا)2.

و لم یعرف المخالف و لذا قال فی الجواهر: «لم أجد فیه خلافا»، و لعله للاحتیاط فی الدم إذا استعمل آلة غیر قاتلة، فغایة ما صدر منه قصد القتل، و قصد القتل مع الآلة غیر القاتلة کقصد القتل بلا ضرب بها أصلا غیر موجب للقتل، و فیه: إنه لا یمکن الاحتیاط مع ظهور الأخبار فی کونه عمدا.

(4)بحیث لم یقصد القتل و لم یستعمل آلة قاتلة کأن ضربه بالکف فمات، فقد ذهب المشهور إلی أنه شبیه العمد لعدم تحقق قصد القتل، فینتفی العمد لأنه متقوم بالقصد، و للأخبار منها: خبر یونس عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن ضرب رجل رجلا بعصا أو حجر فمات من ضربة واحدة قبل أن یتکلم فهو یشبه العمد)3.

ص:447


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 11 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 3 و 8 و 5.

(الموت کالضرب بالعود الخفیف، أو العصا) الخفیفة فی غیر مقتل بغیر قصد القتل، لانتفاء القصد إلی القتل، و انتفاء القتل بذلک عادة، فیکون القتل شبیه الخطأ.

و للشیخ قول بأنه - هنا - عمد استنادا إلی روایات ضعیفة أو مرسلة لا تعتمد فی الدماء المعصومة (1).

(أما لو کرر ضربه بما لا یحتمل (2) مثله بالنسبة إلی بدنه)، لصغره، أو -و صحیحة أبی العباس عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قلت له: أرمی الرجل بالشیء الذی لا یقتل مثله، قال: هذا خطأ)(1).

و خبره الآخر عنه علیه السّلام: (سألته عن الخطأ الذی فیه الدیة و الکفارة، أ هو أن یعتمد ضرب الرجل و لا یعتمد قتله، فقال: نعم)(2) و هی صریحة بانتفاء العمد عند عدم قصد القتل کما فی المقام، و کذلک صحیحة أبی العباس و زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن العمد أن یتعمده فیقتله بما یقتل مثله، و الخطأ أن یتعمده و لا یرید قتله فیقتله بما لا یقتل مثله)3.

و ذهب الشیخ فی المبسوط إلی أنه عمد یجب فیه القود لصحیح الحلبی المتقدم: (إن العمد کل من اعتمد شیئا فأصابه بحدیدة أو بحجر أو بعصا أو بوکزة)(3)، و لخبر أبی بصیر المتقدم: (لو أن رجلا ضرب رجلا بخزفة أو بآجرة أو بعود فمات کان عمدا)5، و لخبر جمیل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما علیهما السّلام: (قتل العمد کلما عمد به الضرب ففیه القود)6.

و ردّ بأن هذه الأخبار محمولة علی ما لو قصد القتل، و المفروض عدمه فی مقامنا.

(1)فالمرسل هو خبر جمیل بن دراج، و الضعیف هو خبر أبی بصیر و ذلک لوقوع علی بن أبی حمزة فی السند، و کذلک خبر الحلبی لوقوع محمد بن عیسی عن یونس و هو ضعیف کما فی المسالک، و فیه: أن الشارح قد اعتمد قول ابن الولید من أن ما انفرد به محمد بن عیسی عن یونس لا یعتمد علیه، و الأقوی قبول قوله فقد أثنی علیه الفضل بن شاذان و یقول لیس فی أقرانه مثله فلذا وصفنا الخبر بالصحیح، و مع ذلک، یصلح مستندا لقول الشیخ لأنه محمول علی ما لو قصد القتل.

(2)أی بما لا یحتمله مثله، بالنسبة إلی زمانه و بدنه من حیث الضعف و المرض و الصغر-

ص:448


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 7.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 11 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 9 و 13.
3- ( (4 و 5 و 6) الوسائل الباب - 11 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 3 و 8 و 6.

مرضه،(و زمانه) لشدة الحر أو البرد (فهو عمد)، لأنه حینئذ یکون الضرب بحسب العوارض مما یقتل غالبا.

(و کذا لو ضربه دون ذلک) (1) من غیر أن یقصد قتله (فأعقبه مرضا فمات)، لأن الضرب مع المرض مما یحصل معه التلف، و المرض مسبّب عنه، و إن کان لا یوجبه منفردا.

و یشکل بتخلف الأمرین معا، و هما: القصد إلی القتل و کون الفعل مما یقتل غالبا، و السببیة غیر کافیة فی العمدیة (2)، کما إذا اتفق الموت بالضرب بالعود الخفیف، و لو اعتبر هنا القصد (3) لم یشترط أن یتعقبه المرض.

(أو رماه بسهم، أو بحجر غامز) أی کابس علی البدن لثقله (أو خنقه بحبل و لم) -و نحوها من الحر و البرد فمات فهو عمد، بلا خلاف و لا إشکال سواء قصد القتل أو لا لأنه قاصد للفعل الممیت فهو بمنزلة ما لو قصد القتل، و لمرسل یونس المتقدم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و إن علاه و ألح علیه بالعصا أو بالحجارة حتی یقتله فهو عمد یقتل به)(1)، و صحیح الحلبی و أبی الصباح الکنانی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألناه عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم یقلع عنه الضرب حتی مات، أ یدفع إلی ولیّ المقتول فیقتله؟ قال:

نعم)2.

(1)أی ضربه بما یتحمله مثله مع عدم قصد القتل فأعقبه المرض المسبّب له الموت فهو عمد، لأن المرض صیّر الضرب سببا للقتل بواسطته، و فیه: کیف یحکم علیه بالعمد مع انتفاء قیدی العمد من قصد القتل و من کون الفعل قاتلا بحسب الغالب.

(2)لا یقال: إن الضرب سبب للموت بواسطة المرض فلذا کان عمدا فإنه یقال: لا تکفی السببیة فی انطباق العمدیة ما لم یتحقق أحد قیدی العمدیة و هما منتفیان هنا بحسب الفرض. و لذا لو اتفق موته بالضرب بعود خفیف مع عدم قصد القتل فهو لیس عمدا بالاتفاق.

(3)لا یعتبر القصد إلی القتل فی هذا الفرع و لذا لم یذکره المصنف و قد نبّه علی ذلک الشارح أیضا و ذلک لأن العمدیة هنا متحققة بحسب مبنی المصنف من سببیّة الضرب للموت بواسطة المرض، و أما لو اعتبر القصد إلی القتل فلا داعی لذکر المرض المسبّب للموت و المسبّب عن الضرب و علیه فاشتراط المرض دلیل علی أنه غیر قاصد للقتل.

ص:449


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 11 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 5 و 2.

(یرخ عنه حتی مات (1)، أو بقی المخنوق ضمنا) (2) بفتح الضاد و کسر المیم أی مزمنا (و مات) بذلک (أو طرحه فی النار فمات) (3) منها (إلاّ أن یعلم قدرته علی الخروج) (4) لقلتها، أو کونه فی طرفها یمکنه الخروج بأدنی حرکة فیترک. لأنه حینئذ قاتل نفسه.

(أو) طرحه (فی اللجّة) (5) فمات منها و لم یقدر علی الخروج أیضا إلی آخره.

(1)عادة الفقهاء أنهم یعرّفون العمد ثم یقسمونه إلی ما یحصل بالمباشرة و إلی ما یحصل بالتسبیب، و المراد بالأول هو أن یصدر الفعل من الفاعل و المترتب علیه الموت مباشرة، و المراد بالثانی هو أن الفعل الصادر من الفاعل لا یترتب علیه الموت مباشرة و إنما یکون الفعل مسببا للموت کحفر البئر بقصد القتل، فالموت لیس مستندا للحفر بل لوقوع المقتول فیها غیر أن الحفر کان سببا فی جعل خطی المقتول سببا فی قتله.

و ذکروا للأول الذبح و الخنق بالید و سقی السم القاتل بإیجاره فی حلقه و الضرب بالسیف و السکین و الضرب بالحجر الغامز أی الکابس علی بدنه لثقله و الجرح فی المقتل و لو بغرز الإبرة، و ذکروا للثانی حفر البئر فی طریق الغیر و تقدیم الطعام المسموم فأکل منه الآخر مع عدم علمه بأنه مسموم و هکذا.

و ربما أن النصوص خالیة عن لفظی المباشرة و التسبیب کان التفریق بینهما غیر مجد نعم ورد فی النصوص القتل العمدی و علیه فکل ما صدق علیه هذا العنوان فهو عمد سواء کان بالمباشرة أو بالتسبیب و لذا قال فی الجواهر: «و لکن التحقیق عدم الثمرة لذلک، بعد صدق اسم القتل عمدا أو خطأ بهما، إذ لیس فی شیء من الأدلة عنوان الحکم بلفظ المباشرة أو السبب، و إنما الموجود - قتل متعمدا - و نحوه، فالمراد فی القصاص مثلا علی صدقه».

و لعل لهذا خلّط المصنف بین أمثلة القسمین مع عدم ذکره للتقسیم بین المباشرة و التسبیب، فیصدق علی الأمثلة الثلاثة أنه قتل عمدی إما من جهة قصد القتل و إما من جهة کون الفعل الصادر قاتلا بحسب الغالب.

(2)أی خنقه بالحبل و ترکه باقی النفس إلا أنه أبقاه مریضا بسبب الخنق فمات من ذلک المرض فیصدق القتل العمدی إما لقصد القتل و إما لکون الفعل قاتلا علی نحو التسبیب.

(3)إن لم یکن قادرا علی الخروج منها إما لکون النار فی حفیرة لا یمکن له الخروج منها و إما لکونه خفیف الحرکة فقهرته النار و إما لکونه مکتوفا و نحو ذلک فیصدق علیه القتل العمدی إما لقصد القتل و إما لکون الفعل قاتلا بحسب الغالب.

(4)فترک الخروج تخاذلا حتی مات فلا قصاص علی الفاعل، لأن المفعول قد أعان علی نفسه بلبثه الذی هو کون غیر کون الإلقاء فیستند القتل إلی المفعول لا إلی الفاعل.

(5)و هو غیر قادر علی الخروج من الماء سواء کان یعلم السباحة أو لا، فهو عمد و فیه القصاص.-

ص:450

و ربما فرق بینهما (1) و أوجب ضمان الدیة فی الأول، دون الثانی، لأن الماء لا یحدث به ضرر بمجرد دخوله، بخلاف النار و یتجه وجوبها (2) مع عدم العلم باستناد الترک إلی تقصیره، لأن النار قد تدهشه (3) و تشنج أعضاءه بالملاقاة فلا یظفر بوجه المخلص.

و لو لم یمکنه الخروج من الماء إلا إلی مغرق آخر فکعدمه (4)، و کذا من أحدهما إلی الآخر (5)، أو ما فی حکمه (6). و یرجع فی القدرة و عدمها إلی إقراره بها (7)، أو قرائن الأحوال.

(أو جرحه عمدا فسری) الجرح علیه (و مات) (8) و إن أمکنه المداواة (9) لأن -و لو ألقاه و هو قادر علی الخروج و ترکه حتی مات فلا قصاص علی الفاعل لأن المفعول قد أعان علی نفسه، و لو شک فی قدرته علی الخروج و عدمها فالأصل الضمان مع عدم العلم بالمسقط إذ قد یتحیر أو یندهش فیعجز عن الخروج.

(1)لم أجد من قال بالفرق و لعله احتمال من الشارح لیس إلا، و الفرق هو الضمان فی الإلقاء فی النار دون الضمان فی الإلقاء فی الماء و ذلک لأن الماء لا تحدث ألما بمجرد الدخول بخلاف النار.

ورد هذا الفارق بأن الضمان بسبب الدخول هو ضمان الضرر لا ضمان الدیة، فلا یثبت ضمان الدیة إلا بعد الموت مع العلم بعدم قدرته علی الخروج و هذا جار فی الإلقاء فی الماء.

(2)أی الدیة عند الشک فی قدرته علی الخروج.

(3)و کذا الماء فلا وجه لتخصیص البحث فی الإلقاء فی النار فقط.

(4)أی الخروج من مفرق إلی آخر کالعدم إذ لا فائدة منه ما دام أنه غریق علی کل حال.

(5)أی من النار إلی الماء و بالعکس و لکن لا قدرة له للخروج من الثانی فهو کالأول فی عدم القدرة علی الخروج.

(6)أی فیما لو کان قادرا علی الخروج من الماء إلی ما هو بحکم الماء الذی یغرق فیه، کما لو کان قادرا علی الخروج من الماء إلی متلف کالسبع أو إلی وقوع من شاهق و هکذا.

(7)أی إقرار المقتول بالقدرة و ذلک قبل الإلقاء.

(8)مع عدم نفع الدواء لهذا الجرح أو مع عدم إمکانه المداواة فسری الجرح حتی مات فعلی الفاعل القود بلا خلاف و لا إشکال لصدق القتل عمدا.

(9)و ترک التداوی تقصیرا فحکموا علی الجانی القود أیضا لصدق القتل عمدا، و فیه ما تقدم من أن الموت مستند إلی تهاونه لا إلی الجانی و إن کان الجرح مضمونا علی الجانی فیتحمل ضرر الجرح لا ضرر القتل.

ص:451

السرایة مع ترکها من الجرح المضمون، بخلاف الملقی فی النار مع القدرة علی الخروج فترکه تخاذلا، لأن التلف حینئذ مستند إلی الاحتراق المتجدد، و لو لا المکث لما حصل (1).

و أولی منه ما لو غرق بالماء (2)، و مثله (3) ما لو فصده فترک المفصود شدّه (4)، لأن خروج الدم هو المهلک و الفاصد سببه. و یحتمل کونه کالنار، لأن التلف مستند إلی خروج الدم المتجدد الممکن قطعه بالشد.

(أو ألقی نفسه من علوّ علی إنسان) (5) فقتله قصدا (6)، أو کان مثله یقتل غالبا (7). و لو کان الملقی له غیره (8) بقصد قتل الأسفل قید به مطلقا (9)، (1)و کذلک الموت فی فرعنا مستند إلی تهاونه لا إلی فعل الجانی.

(2)أی و أولی من الإلقاء فی النار مسألة الإلقاء فی الماء من عدم القصاص علی الجانی فی المسألتین لو أمکن له الخروج و لم یخرج تخاذلا.

و وجه الأولویة: أن الفرق بتمامه مستند إلی استمرار الکون فی الماء المستند إلی تخاذل الغریق دون أن یکون نفس الإلقاء و ابتداء الکون فی الماء سببا فی الغریق بخلاف مسألة الإلقاء فی النار فإن الاحتراق و إن حصل عن استمرار الکون المستند إلی تخاذل المفعول إلا أن ابتداء الکون المستند إلی فعل الفاعل له أثر فی الضرر و إن لم یصل إلی درجة الاحتراق.

(3)أی و مثل الجرح الذی سری فأوجب الموت.

(4)أی شد مکان الفصد إلی أن سری الدم فمات، فإن هلاکه مستند إلی سریان الجرح و من آثاره و الجرح مضمون فیکون أثره مضمونا، و فیه: إن الهلاک مستند إلی تقصیره فی الشد لأن خروج الدم الموجب للموت مستند إلی تقصیره فی ترک الشد فیکون قد أعان علی نفسه و هذا ما ذهب إلیه المشهور هنا.

(5)فهلک الأسفل فعلی الأعلی القود لأنه قتل عمدی إما لقصده القتل و إما لکون الفعل قاتلا غالبا و هما شرطا القتل العمدی.

(6)أی قصد القتل بالوقوع و إن لم یکن الوقوع قاتلا غالبا.

(7)و إن لم یقصد القتل.

(8)لو ألقی الأول الثانی من مکان مرتفع علی ثالث بقصد قتل الثالث، فلو قتل کان القود علی الأول لأنه قتل عمدی، لأنه المسبّب للفعل و هو قاصد للقتل و هو أحد شرطی العمد، و المباشر و هو الثانی لا شیء علیه لأنه کالآلة هنا لوقوعه بغیر اختیاره.

(9)أی قید الملقی بالمقتول سواء کان الإلقاء مما یقتل غالبا أو لا لقصده القتل.

ص:452

و بالواقع (1) إن کان الوقوع مما یقتل غالبا، و إلا (2) ضمن دیته، و لو انعکس انعکس (3).

(أو ألقاه من مکان شاهق) (4) یقتل غالبا، أو مع قصد قتله (أو قدّم إلیه طعاما مسموما (5) یقتل مثله) کمیّة و کیفیة (و لم یعلمه) بحاله (أو جعله) أی الطعام المسموم (فی منزله (6) و لم یعلمه به).

و لو کان السم مما یقتل کثیره خاصة فقدّم إلیه قلیله بقصد القتل فکالکثیر (7)، و إلا فلا (8)، و یختلف باختلاف الأمزجة و الخلیط أما لو وضعه فی طعام نفسه، أو فی ملکه، فأکله غیره بغیر إذنه فلا ضمان (9). سواء قصد بوضعه قتل الآکل (10) کما لو علم دخول الغیر داره کاللّص أم لا، و کذا لو دخل بإذنه (1)و هو الثانی و المعنی: قید الملقی بالواقع - الذی هو الثانی - إن مات بالإلقاء مع کون الوقوع مما یقتل غالبا و إن لم یقصد قتله لتحقق أحد شرطی العمد.

(2)أی و إن لم یکن الوقوع یقتل غالبا هذا من جهة و لم یقصد الملقی قتل الواقع الذی هو الثانی و مع ذلک مات بالإلقاء فهو شبیه العمد فعلیه الدیة فقط.

(3)أی لو قصد الملقی قتل الثانی بالوقوع، فإن مات الثانی فعلیه القود لقصده القتل و إن لم یکن الوقوع مما یقتل غالبا، و لو مات الثالث فعلیه القود إن کان الوقوع مما یقتل غالبا، و إن لم یکن الوقوع قاتلا غالبا فعلیه الدیة لأنه شبیه العمد بعدم فرض عدم قصد القتل بالنسبة للثالث.

(4)فهو قتل عمدی إما لکونه مما یقتل غالبا و إما لقصد القتل.

(5)فهو عمد لقصده القتل بالتقدیم و لکون الطعام المسموم مما یقتل غالبا.

(6)فهو قتل عمدی، و استشکل فیه بأنه لم یقدمه للأکل لیکون تسبیبا فالمباشر و هو الآکل أقوی من السبب، و ردّ بأن المباشرة فی الأکل ساقطة لجهله بالحال فکأنه قدمه إلیه بلا فرق بینهما.

(7)فی أنه قتل عمدی لقصد القتل و إن کان ما قدم لا یقتل غالبا.

(8)أی فلا عمد لعدم قصد القتل بعد فرض کون القلیل مما لا یقتل غالبا، نعم علیه الدیة لأنه شبیه العمد.

(9)من قصاص أو دیة، للأصل بعد أن کان الآکل متعدیا بأکله من الطعام بغیر إذن المالک فضلا عن عدم الإذن بالدخول.

(10)لعدم صدق عنوان التعدی حینئذ.

ص:453

و أکله بغیر إذنه (1).

(أو حفر بئرا بعیدة القعر فی طریق)، أو فی بیته بحیث یقتل وقوعها غالبا، أو قصده (و دعا غیره إلی المرور علیها مع جهالته) بها (2)(فوقع فمات) (3).

أما لو دخل بغیر إذنه فوقع فیها فلا ضمان (4) و إن وضعها لأجل وقوعه کما لو وضعها للّص.

(أو ألقاه فی البحر فالتقمه الحوت إذا قصد إلقام الحوت) (5) أو کان وجوده (6) و التقامه غالبا فی ذلک الماء (و إن لم یقصد) إلقامه و لا کان غالبا فاتفق ذلک (7)(ضمنه أیضا علی قول) لأن الإلقاء کاف فی الضمان، و فعل الحوت أمر (1)فیصدق أن الآکل متعدیا فلا ضمان علی الواضع.

(2)أی جهالة المارّ بالبئر.

(3)فهو قتل عمدی لقصد القتل أو لکون الوقوع مما یقتل غالبا.

(4)لعدم تعدیه علی الواقع، لعدم دعوته له بالمرور.

(5)لو ألقاه فی الماء بقصد التقام الحوت له فالتقمه سواء کان قبل الوصول إلی الماء أو بعده، فعلیه القود بلا خلاف و لا إشکال، لأنه قتل عمدی لتحقق شرطیه من قصد القتل و من کون إلقائه إلی الحوت مما یقتل غالبا.

(6)أی وجود الحوت، فلو رماه إلی الماء مع قصد الرمی إلی الماء مع وجود الحوت فیه غالبا و التقامه له فیکون قصد الرمی إلی الماء قصدا لالتقام الحوت له فعلیه القود بالاتفاق لاندراجه تحت الفرع السابق حینئذ.

(7)بأن ألقاه فی الماء مع قصد الرمی فی الماء و لیس وجود الحوت غالبا فی ذلک فاتفق وجوده و التقامه، فذهب الشیخ و العلامة أن علیه القود لأن الإلقاء فی الماء إتلاف بحسب العادة فیکون الفعل مما یقتل غالبا و به یتحقق القتل العمدی، و هو مثل ما ألقاه من علو یقتل مثله فأصابته سکین فی القعر فقتلته فعلیه القود بالاتفاق فکذلک فی موردنا، و أیضا هو قتل عمدی لتحقق قصد القتل غایته قصد قتله بالإلقاء إلی الماء فتحقق قتله بسبب آخر و هو التقام الحوت له و تحقق الموت بغیر السبب الذی قصده لا یضرّ لأن القصد إلی سبب معین قصد إلی مطلق السبب ضرورة تحقق المطلق فی المقید، و مطلق السبب صادق علی الابتلاع.

و عن جماعة منهم المحقق عدم القود لأن تلفه بالتقام الحوت غیر مقصود و ما قصد من موته بالإلقاء فی البحر لم یتحقق و علیه فلم یتحقق ما قصده لیکون عمدا فعلیه الدیة -

ص:454

زائد علیه، کنصل منصوب فی عمق البئر الذی یقتل غالبا، و لأن البحر مظنة الحوت، فیکون قصد إلقائه فی البحر کقصد إلقامه الحوت (1).

و وجه العدم أن السبب الذی قصده لم یقتل به و الذی قتل به غیر مقصود فلا یکون عمدا و إن أوجب الدیة. و حکایة المصنف له قولا یشعر بتمریضه. و قد قطع به العلامة، و هو حسن، لأن الغرض کون الإلقاء موجبا للضمان کما ظهر من التعلیل (2). و کذا الخلاف (3) لو التقمه الحوت قبل وصوله إلی الماء من حیث إن الإلقاء فی البحر إتلاف فی العادة (4). و عدم قصد إتلافه بهذا النوع (5) و الأول أقوی (6).

(أو أغری به کلبا عقورا فقتله و لا یمکنه التخلص) منه (7). فلو أمکن بالهرب أو قتله أو الصیاح به و نحوه فلا قود، لأنه أعان علی نفسه بالتفریط. ثم -فقط، و فیه: إنه عمد لتحقق قصد القتل و إن لم یتحقق القتل بعین السبب المقصود، إذ لا یشترط فی العمد قصد سبب القتل و أن یکون القتل بنفس السبب المقصود، بل یشترط قصد القتل و تحقق القتل المقصود بأی سبب کان.

(1)إذا کان وجود الحوت غالبا، و حسب الفرض عدم الغلبة و معه فلا دلیل علی الملازمة بین القصدین، بالإضافة إلی أن الشیخ و العلامة لم یستدلا بهذا التلازم بین القصدین.

(2)تعلیل الشارح بقوله السابق: «لأن الإلقاء کاف فی الضمان».

(3)أی وقع الخلاف بینهم کالخلاف فی الفرع السابق.

(4)فعلیه الضمان.

(5)فلا ضمان.

(6)أی الضمان.

(7)و کان الکلب العقور مما یقتل غالبا، أو لم یکن کذلک إلا نادرا إلا أنه قصد القتل به فهو عمد و علیه القود، لأن الکلب کالآلة التی لا ینسب إلیها القتل، و إن کان للکلب شبه اختیار إلا أن القاتل حقیقة و عرفا هو المغری و لیس الکلب، هذا کله إذا لم یمکنه التخلص، و أما إذا أمکنه التخلص و لو بالهرب أو بالصیاح و نحوه و لم یفعل حتی قتل فلا قود علی المغری لأن المقتول قد أعان علی نفسه بالتفریط.

نعم إن کان التخلص تخلصا من القتل فقط بعد أذیة کالعضة مما لا یمکن التخلص منها فیضمن ضرر العضة فقط.

ص:455

إن کان التخلص الممکن من مطلق أذاه (1) فکإلقائه فی الماء فیموت مع قدرته علی الخروج، و إن لم یمکن إلا بعد عضة لا یقتل مثلها فکإلقائه فی النار کذلک (2) فیضمن جنایة لا یمکنه دفعها (3).

(أو ألقاه إلی أسد (4) بحیث لا یمکنه الفرار منه) فقتله، سواء کان فی مضیق أم بریة (أو أنهشه حیة قاتلة فمات (5) أو طرحها علیه فنهشته فهلک) أو جمع بینه و بینها فی مضیق، لأنه مما یقتل غالبا.

(أو دفعه فی بئر حفرها الغیر) متعدیا بحفرها أم غیر متعد فی حالة کون الدافع (عالما بالبئر) (6)، لأنه مباشر للقتل فیقدم علی السبب لو کان (7)(و لو جهل) الدافع بالبئر (فلا قصاص علیه) (8) لعدم القصد إلی القتل حینئذ لکن علیه الدیة، لأنه شبیه عمد.

(1)القتل و غیره.

(2)أی مع قدرته علی الخروج.

(3)أی فیضمن المغری جنایة لا یمکن للمقتول دفعها.

(4)البحث فیه کالبحث فی إغراء الکلب العقور به، بلا خلاف فیه بیننا، نعم یزیدون هنا قیدا و هو: سواء کان الإلقاء إلیه فی مضیق أو فی بریة خلافا لبعض العامة حیث فرق بینهما فحکم بالقود فی الأول دون الثانی.

و ردّ بأن المفروض لا یمکنه التخلص، نعم لو أمکنه الخلاص سواء کان الإلقاء فی مضیق أو فی بریة و لم یتخلص فلا ضمان لأن المقتول فرّط فی حفظ نفسه.

(5)بأن یقبض علی حیة و ینهشها بدنه فیموت، فعلیه القود لأنه مباشر للإتلاف لأن الحیة کالآلة، و کذا لو طرحه إلیها أو ألجأه إلیها فیأتی الکلام السابق من إمکان التخلص فلا ضمان، و من عدم إمکان التخلص فالضمان.

و ذهب بعض العامة إلی أنه لو جمع بینه و بینها فی مضیق فنهشته فمات فلا قود علی الفاعل، لأن الحیة تهرب من الإنسان فی المضیق بخلاف السبع، و فیه: إن المفروض عدم التمکن من الخلاص فلا بد من الضمان، فلو هربت کما قاله هذا البعض لکان قادرا علی الخلاص فلو لم یتخلص ثم تعرض لها فلا ضمان حینئذ لتفریطه.

(6)فلو حفر الأول بئرا فوقع الثانی بها بدفع من الثالث فالقاتل هو الدافع دون الحافر بلا خلاف و لا إشکال، لأن المباشر للقتل هو الدافع، و الحافر و إن کان سببا إلا أنه سبب بعید و المباشر أقوی منه، إذ استند الإلقاء إلی فعل الدافع دون أن یستند إلی المباشر.

(7)أی لو کان قتل، بمعنی لو قتل المدفوع بالإلقاء.

(8)لعدم قصده إلی القتل، و لا قصاص علی الحافر أیضا لعدم قصده القتل بالحفر.

ص:456

(أو شهد علیه زورا بموجب القصاص فاقتص منه) (1) لضعف المباشر بإباحة الفعل بالنسبة إلیه فیرجح السبب (إلا أن یعلم الولی التزویر و یباشر) القتل (فالقصاص علیه)، لأنه حینئذ قاتل عمدا بغیر حق.

هنا مسائل

اشارة

(و هنا مسائل)

الأولی - الإکراه علی القتل

(الأولی - لو أکرهه علی القتل (2) فالقصاص علی المباشر) لأنه القاتل عمدا (1)لو شهد اثنان علی رجل بالقتل أو الارتداد، أو شهد أربعة علیه بالزنا بما یوجب القتل فحکم الحاکم بقتله فقتل، ثم تبیّن أن الشهادة کانت زورا و بهتانا، فالمباشر للقتل و هو الجلاد و الآمر به و هو الحاکم لا ضمان علیهما، لأن الشهود هم السبب و السبب مقدّم هنا علی المباشر و الآمر، لعدم تعدی المباشر و الآمر لاعتمادهما علی البینة و یدل علیه أخبار منها: مرسل ابن محبوب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی أربعة شهدوا علی رجل محصن بالزنا، ثم رجع أحدهم بعد ما قتل الرجل، فقال علیه السّلام: إن قال الراجع وهمت ضرب الحد و غرّم الدیة، و إن قال تعمدت قتل)(1).

و خبر مسمع بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن أمیر المؤمنین علیه السّلام قضی فی أربعة شهداء علی رجل أنهم رأوه مع امرأة یجامعها فرجم، ثم رجع واحد منهم، فقال:

یغرم ربع الدیة إذا قال شبّه علیّ، فإن رجع اثنان و قالا شبّه علینا غرما نصف الدیة، و إن رجعوا و قالوا شبّه علینا غرموا الدیة، و إن قالوا شهدنا بالزور قتلوا جمیعا)(2).

نعم لو علم الحاکم بزور الشهود و مع ذلک أمر بالقتل کان القصاص علیه دون الشهود لقصده إلی القتل مع کون المباشر أقوی لکون القتل مستندا إلی أمره.

(2)لو توعد الظالم شخصا بالقتل إن لم یقتل الآمر، فلو أقدم المکره علی قتل الآخر فالقصاص علی المباشر دون الآخر المکره، بل لا دیة علیه و لا کفارة نعم یحبس حتی الموت، بلا خلاف فیه، و ذلک لعدم تحقق الإکراه عندنا فی القتل و یدل علیه صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله، قال: یقتل به الذی قتله، و یحبس الآمر بقتله فی الحبس حتی یموت)(3). و خالف فی ذلک بعض العامة فأوجب القصاص علی الآمر دون المباشر محتجا بأنه قتله دفعا عن نفسه فأشبه قتل-

ص:457


1- (1) الوسائل الباب - 63 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 64 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 13 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.

ظلما، إذ لا یتحقق حکم الإکراه فی القتل عندنا، و لو وجبت الدیة (1) کما لو کان المقتول غیر مکافئ فالدیة علی المباشر أیضا (دون الآمر) فلا قصاص علیه، و لا دیة (و لکن یحبس الآمر) دائما (حتی یموت) و یدل علیه مع الإجماع صحیحة زرارة عن الباقر علیه السّلام فی رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله فقال: «یقتل به الذی قتله، و یحبس الآمر بقتله فی الحبس حتی یموت» هذا إذا کان المقهور (2).

(و لو أکره الصبی غیر الممیز (3)، أو المجنون فالقصاص علی مکرههما) لأن المباشر حینئذ کالآلة. و لا فرق فی ذلک بین الحر و العبد (4).

-الصائل، و أجیب بمنع القیاس مع وجود الفارق بین الموردین.

(1)یعنی لو أکره علی القتل فقتل و لم تجب إلا الدیة إما لعفو ولی الدم عن القاتل و إما لکون المقتول غیر مکافئ للقاتل، فالدیة حینئذ علی المباشر دون الآمر لما تقدم.

(2)لأنها شرائط التکلیف.

(3)و کذا المجنون فالقصاص علی المکره بلا خلاف لأنهما بالنسبة کالآلة فی نسبة الفعل.

و أما الصبی الممیز فذهب الشیخ فی المبسوط و النهایة إلی أنه یقتص منه إن بلغ عشرا، و عن الصدوق و المفید فی المقنع و المقنعة إلی أنه یقتص منه إن بلغ خمسة أشبار لخبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال أمیر المؤمنین: إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتص منه و إذا لم یکن بلغ خمسة أشبار قضی بالدیة)(1)، و المشهور ذهبوا إلی أنه لا تکلیف فی حقه لنصوص أن عمد الصبی و خطأه واحد و قد تقدمت.

(4)أما الحر فقد تقدم و أما العبد فلو أمر السید عبده بالقتل فقتل، ففی خبر إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل أمر عبده أن یقتل رجلا فقتله، فقال: یقتل السید به)(2)، و فی خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل أمر عبده أن یقتل رجلا فقتله، فقال أمیر المؤمنین علیه السّلام: و هل عبد الرجل إلا کسوطه أو کسیفه؟ یقتل السید و یستودع العبد فی السجن)3. فقد حملهما الشیخ فی الخلاف علی ما لو کان العبد صغیرا أو کبیرا غیر ممیز، و فی التهذیب جعلهما مخالفین للقرآن حیث نطق أن اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (3)، ثم حملهما علی ما لو کان عادة السید أن-

ص:458


1- (1) الوسائل الباب - 36 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 14 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1 و 2.
3- (4) المائدة الآیة: 45.

(و یمکن الإکراه فیما دون النفس) (1) عملا بالأصل (2) فی غیر موضع النص (3) کالجرح و قطع الید فیسقط القصاص عن المباشر (و یکون القصاص علی المکره) بالکسر علی الأقوی، لقوة السبب بضعف المباشر بالإکراه خصوصا لو بلغ الإکراه حد الإلجاء.

و یحتمل عدم الاقتصاص منه (4)، لعدم المباشرة فتجب الدیة و یضعّف (5) بأن المباشرة أخص من سببیة القصاص فعدمها أعم من عدمه.

الثانیة - الاشتراک فی القتل

(الثانیة - لو اشترک فی قتله جماعة) (6)...

-یأمر عبده بقتل الناس، و الأوفق ترک العمل بهما لأن صحیح زرارة المتقدم بإطلاقه معارض لهما و هو مقدم علیهما لموافقته للقواعد.

(1)بحیث أکرهه علی ما دون قتل الآخر و إلا قتل، فیجوز له الإقدام علی الفعل المکره علیه، و لا شیء علی المکره لعدم العدوان بسبب الإکراه، و القصاص علی الآمر المسبّب الذی هو أقوی من المباشر.

و استشکل العلامة فی القواعد بأن الآمر المسبّب لم یباشر القتل و لم یلجئه إلیه إلجاء فتثبت الدیة دون القصاص لعدم مباشرته للقتل، و فیه: إن الأقوائیة فی السبب علی المباشرة المقتضیة لثبوت الدیة علی الآمر هی بعینها تقتضی القصاص منه.

(2)من تحقق الإکراه الموجب لرفع التکلیف فی کل فعل کان التوعد علی ترکه أزید من فعله.

(3)و هو القتل إذ لا یتحقق الإکراه فیه کما تقدم.

(4)من السبب المکره.

(5)و الحاصل أن سبب القصاص لیس منحصرا فی المباشرة حتی یرتفع القصاص عند ارتفاع المباشرة، بل قد یثبت القصاص مع عدم المباشرة کما فی مسألة حافر البئر لیقع به الغیر الجاهل بالحال، و علیه فالمباشرة أخص من القصاص، فلا محالة یکون عدمها أعم من عدمه إذ قد یثبت عدم المباشرة و لا یثبت عدم القصاص کما فی مسألة حافر البئر.

(6)لو اشترک جماعة فی قتل واحد کان الولیّ بالخیار بین قتل الجمیع و بین قتل البعض، فإن قتل الولی واحدا من القتلة فقد استوفی حقّه، و یردّ علی المقتول قصاصا ما زاد من دیته عن جنایته و یکون الرد من القتلة الباقین، و إن قتل الجمیع أو أزید من واحد فیلزم الولی أن یرد علیهم الزائد عن جنایتهم، فمثلا لو کان القتلة اثنین و قتل الولی أحدهما فالمقتول قد أهدر نصفه بجنایته، و یرد القاتل المتروک النصف الثانی، و لو کان القتلة اثنین و قتلهما -

ص:459

بأن ألقوه من شاهق (1)، أو فی بحر. أو جرحوه جراحات مجتمعة، أو متفرقة و لو مختلفة کمیة و کیفیة فمات بها (قتلوا به) جمیعا إن شاء الولی (بعد أن یرد علیهم ما فضل عن دیته) فیأخذ کل واحد ما فضل من دیته عن جنایته (و لو قتل البعض فیرد الباقون) من الدیة (بحسب جنایتهم فإن فضل للمقتولین فضل) عما ردّه شرکاؤهم (قام به الولی). فلو اشترک ثلاثة فی قتل واحد و اختار ولیه قتلهم أدی إلیهم دیتین یقتسمونها بینهم بالسویة فنصیب کل واحد منهم ثلثا دیة و یسقط ما یخصه من الجنایة و هو الثلث الباقی.

و لو قتل اثنین أدی الثالث ثلث الدیة عوض ما یخصه من الجنایة و یضیف الولی إلیه دیة کاملة، لیصیر لکل واحد من المقتولین ثلثا دیة. و هو فاضل دیته عن جنایته، و لأن الولی استوفی نفسین بنفس فیرد دیة نفس.

-الولی فعلی الولی لکل واحد نصف نفس لا تدارک لها إلا بالدیة فیرد علی ولیّ کلّ منهما نصف الدیة و هکذا، و یدل علیه أخبار منها: خبر الفضیل بن یسار قلت لأبی جعفر علیه السّلام: (عشرة قتلوا رجلا فقال: إن شاء أولیاؤه قتلوهم جمیعا و غرّموا تسع دیات، و إن شاءوا تخیروا رجلا و أدی التسعة الباقون إلی أهل المقتول الآخر عشر الدیة علی کل رجل منهم، ثم الولی بعد یلی أدبهم و حبسهم)(1).

و خبر ابن مسکان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجلین قتلا رجلا: إذا أراد أولیاء المقتول قتلهما أدوا دیة کاملة و قتلوهما و تکون الدیة بین أولیاء المقتولین، فإن أرادوا قتل أحدهما فقتلوه أدی المتروک نصف الدیة إلی أهل المقتول)(2)، و عن بعض العامة أنه لیس للولی إلا قتل واحد منهم و یأخذ حصة الآخرین، و عن بعض آخر منهم أن الولی له الحق فی قتل الجمیع من غیر رد عما زاد عن جنایتهم، و قال فی الجواهر: «کما تری مجرد تهجس و تخمین لا یوافق عقلا و لا نقلا».

(1)لا فرق فی السبب الذی اشترکوا به فی قتله سواء صدر من کل واحد سبب قاتل أو اجتمعوا علی سبب واحد قاتل، و سواء کانت المشارکة بینهم بالتساوی أو بالتفاوت ما دام قد تحقق قصد القتل من الجمیع لتحقق اشتراکهم فی القتل و هو المدار فی الحکم علی ما ورد فی النصوص.

ص:460


1- (1) الوسائل الباب - 12 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 6.
2- (2) الوسائل الباب - 12 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 4.

و لو قتل واحدا أدی الباقیان إلی ورثته ثلثی الدیة و لا شیء علی الولی.

و لو طلب الدیة کانت علیهم بالسویة إن اتفقوا علی أدائها و إلا فالواجب تسلیم نفس القاتل.

هذا کله مع اتحاد ولی المقتول، أو اتفاق المتعدد علی الفعل الواحد (1)، و لو اختلفوا فطلب بعضهم القصاص، و بعض الدیة قدّم مختار القصاص بعد رد نصیب طالب الدیة منها (2). و کذا لو عفا البعض إلا أن الرد هنا علی القاتل (3) و ستأتی الإشارة إلیه.

الثالثة - اشتراک النساء فی القتل

(الثالثة - لو اشترک فی قتله) (4) أی قتل الذکر (امرأتان قتلتا به و لا رد) إذ لا فاضل لهما عن دیته، و له قتل واحدة و ترد الأخری ما قابل جنایتها و هو دیتها و لا شیء للمقتولة (و لو اشترک) فی قتله (خنثیان) مشکلان (قتلا به) إن شاء الولی کما یقتل الرجلان و المرأتان المشترکتان (و یرد علیهما نصف دیة الرجل (5) بینهما نصفان) لأن دیة کل واحد نصف دیة رجل و نصف دیة امرأة و ذلک ثلاثة أرباع دیة الرجل فالفاضل لکل واحد من نفسه عن جنایته ربع دیة الرجل. و لو اختار قتل أحدهما (6) (1)أی اتفاق أولیاء المقتول المتعددین علی الفعل الواحد من القصاص أو الدیة.

(2)من الدیة، و الرد من بقیة أولیاء المقتول.

(3)أی فی صورة ما لو عفا بعض أولیاء المقتول، فیرد علی القاتل حصة من عفا و الدافع هو بقیة أولیاء المقتول.

(4)بحیث اشترکت امرأتان فی قتله، فإن شاء الولی قتلهما و لا ردّ و لا فاضل لهما عن دیة المقتول، لأن دیة المرأة نصف دیة الرجل، و لصحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی امرأتان قتلتا رجلا عمدا، قال: تقتلان به ما یختلف فیه أحد).

و لو اختار الولی قتل إحداهنّ، فالمقتولة لا شیء لها لأن نفسها تساوی نصف نفس الرجل و هذا هو مقدار جنایتها، و علی المتروکة أن تدفع إلی الولی نصف دیة الرجل.

(5)لأن دیة الخنثی نصف دیة الرجل و نصف دیة المرأة، و هذا ما یساوی ثلاثة أرباع دیة الرجل، فدیتهما دیة رجل و نصف، فلو قتلهما الولی فعلیه أن یضمن ما زاد عن جنایتهما و هو النصف، و هذا النصف یقسم علی أولیائهما مناصفة لکل واحد ربع.

(6)کان علی الولی ما زاد من دیة الخنثی عن جنایته و هو الربع، لأن دیته ثلاثة أرباع دیة الرجل و جنایته علی النصف لأنه مشترک مع غیره فی قتل رجل، و هذا الربع المردود علی -

ص:461

رد علیه ربع دیة هو ثلث دیته و دفع الباقی (1) نصف دیة الرجل فیفضل للولی ربع دیته (2).

(و لو اشترک) فی قتل الرجل (نساء قتلن) (3) جمع إن شاء الولی (و یرد علیهن ما فضل عن دیته) فلو کن ثلاثا فقتلهن رد علیهن دیة امرأة بینهن بالسویة، أو أربعا فدیة امرأتین کذلک (4) و هکذا. و لو اختار فی الثلاث قتل اثنتین ردت الباقیة ثلث دیته بین المقتولتین بالسویة، لأن ذلک (5) هو الفاضل لهما عن جنایتهما.

-ولی الخنثی نسبته إلی دیة الخنثی الثلث لأن دیة الخنثی ثلاثة أرباع، و أما المتروک فعلیه نصف دیة الرجل یدفع منها الربع الذی یستحقه الخنثی المقتول فیدفعه إلی ولیه، و یدفع الربع الآخر إلی ولی المقتول الأول.

(1)أی الخنثی المتروک.

(2)ربع دیة المقتول الأول.

(3)بحیث کانت النساء أکثر من اثنتین، فلو کن ثلاثا و قتلهن الولی کان علیه رد دیة امرأة علی الجمیع، لأن الاثنتین منهن بمساواة دیة الرجل فیکون الفاضل عن جنایتهن دیة امرأة.

و لو قتل اثنتین منهن فلا رد علیه، و لکن ترد الثالثة المتروکة ثلث دیة الرجل و هو مقدار جنایتها علی أولیاء القتیلتین بالسویة.

و لو قتل واحدة منهن فترد الباقیتان علی أولیاء المقتولة ثلث دیتها، و هو الفارق بین دیتها و جنایتها، فدیتها نصف دیة الرجل و جنایتها ثلث دیة الرجل و الفارق بین النصف و الثلث هنا هو ثلث دیة المرأة، و ترد الباقیتان علی ولی المقتول نصف دیة الرجل، فالولی قد استوفی مقدار دیة الرجل بحیث کان النصف فی قبال قتل امرأة و النصف الآخر أخذه دیة و الباقیتان قد دفعتا بمقدار جنایتهما و هو ثلثا دیة الرجل فدفعتا إلی ولی المقتول نصف دیة الرجل و إلی ولی المقتولة ثلث دیتها و المجموع ثلث دیة الرجل فلو فرضنا أن دیة الرجل تسعة فدیة المرأة نصفها أربعة و نصف، و جنایتها ثلاثة التی هی الثلث، و الفارق بین جنایتها و دیتها واحد و نصف، و هو ثلث الأربعة و نصف، هذا من جهة و من جهة أخری فلو ضممنا الأربعة و نصف التی هی نصف دیة الرجل مع الواحد و نصف الذی هو ثلث دیة المرأة لکان المجموع ستة، و هو ثلثا دیة الرجل و هذا هو مقدار جنایة الباقیتین.

(4)یردها الولی علیهن بالسویة.

(5)و هو ثلث دیة الرجل.

ص:462

و هو ثلث دیتهما (1)، أو قتل واحدة ردت الباقیتان علی المقتولة ثلث دیتها (2).

و علی الولی نصف دیة الرجل. و کذا قیاس الباقی.

(و لو اشترک) فی قتل الرجل (رجل و امرأة) (3) و اختار الولیّ قتلهما (فلا رد للمرأة) إذ لا فاضل لها من دیتها عما یخص جنایتها (و یرد علی الرجل نصف دیته) لأنه الفاضل من دیته عن جنایته و الرد (من الولی إن قتلهما)، أو من المرأة لو لم تقتل، لأنه مقدار جنایتها.

(1)أی ثلث دیة الرجل هو ثلث دیة المرأتین کما هو واضح.

(2)و هو الفاضل من دیتها عن جنایتها.

(3)فعلی کل واحد نصف دیة الرجل، فإن اختار الولی قتلهما فلا شیء للمرأة لأن جنایتها و هی نصف دیة الرجل تساوی دیتها فلا یبقی لها شیء، و أما الرجل القاتل فجنایته نصف دیته فلو قتله الولی فعلیه نصف دیته هذا ما ذهب إلیه المشهور و هو الموافق للقواعد المقرّرة. و عن المقنعة للشیخ المفید أن الرد و هو نصف دیة الرجل یرده الولی علی الرجل و المرأة إذا قتلهما أثلاثا، ثلثان للرجل و ثلث للمرأة، و ذلک لأن الجنایة أثلاثا یتحمل الرجل منها ثلثین و تتحمل المرأة الثلث الباقی، لأن الجانی من الرجل و المرأة هو نفس و نصف نفس، و قد جنی علی نفس فتکون الجنایة أثلاثا، فتتحمل المرأة ثلث دیة الرجل و هذا جنایتها مع أن دیتها نصف دیة الرجل فلها التفاوت علی الولی و التفاوت هو ثلث نصف دیة الرجل أو فقل هو ثلث دیتها و یتحمل الرجل ثلثی دیة الرجل و هذا جنایته مع أن دیته دیة رجل کاملة فله التفاوت علی الولی و التفاوت هو ثلث نصف دیة الرجل، فإذن النصف الذی یرده الولی یقسم أثلاثا، ثلثاه للرجل و ثلثه للمرأة.

و ردّ: بأن الجانی نفسان و لیس نفسا و نصف نفس، و النفسان جنتا علی نفس واحدة، غایته دیة نفسها نصف دیة نفس الرجل.

و لو اختار الولی قتل المرأة فقط فلا شیء علیها لأن دیتها بقدر جنایتها و علی الرجل المتروک نصف دیة الرجل یدفعه للولی، و لم یخالف المفید فی هذا الفرع، مع أنه علی مبناه المتقدم فیثبت للمرأة ثلث دیتها لأن الجنایة علیها ثلث دیة الرجل و لیس النصف.

و لو اختار الولی قتل الرجل فقط فعلی المرأة المتروکة أن تدفع إلی أولیاء الرجل المقتول قصاصا نصف دیته بمقدار جنایتها، و الولی قد استوفی حقه نفسا بنفس مساویة، و ذهب الشیخ فی النهایة و تبعه القاضی فی المهذب إلی أنها ترد علی الرجل نصف دیتها لا نصف دیة الرجل، و أجاب المحقق عن ذلک فی نکت النهایة بأنه و هم، لأنه لا بد من دفع جنایتها و هی نصف دیة الرجل لا نصف دیتها.

ص:463

(و لو قتلت المرأة) خاصة فلا شیء لها و (رد الرجل علی الولی نصف الدیة) مقابل جنایته. هذا هو المشهور بین الأصحاب و علیه العمل.

و للمفید (رحمه اللّه) قول بأن المردود علی تقدیر قتلهما یقسم بینهما أثلاثا:

للمرأة ثلثه بناء علی أن جنایة الرجل ضعف جنایة المرأة لأن الجانی نفس و نصف نفس جنت علی نفس فتکون الجنایة بینهما أثلاثا بحسب ذلک.

و ضعفه ظاهر، و إنما هما نفسان جنتا علی نفس فکان علی کل واحدة نصف، و مع قتلهما فالفاضل للرجل خاصة، لأن القدر المستوفی أکثر قیمة من جنایته بقدر ضعفه، و المستوفی من المرأة بقدر جنایتها فلا شیء لها کما مر. و کذا علی تقدیر قتله خاصة (1).

الرابعة - لو اشترک عبید فی قتله

(الرابعة - لو اشترک عبید فی قتله) (2) أی قتل الذکر الحر فللولی قتل الجمیع، أو البعض، فإن قتلهم أجمع (رد علیهم ما فضل من قیمتهم عن دیته إن کان) هناک (فضل ثم) علی تقدیر الفضل لا یرد علی الجمیع کیف کان بل (کل عبد نقصت قیمته عن جنایته أو ساوت) قیمته جنایته (فلا رد له، و إنما الرد لمن زادت قیمته عن جنایته) ما لم تتجاوز دیة الحر فترد إلیها (3). فلو کان العبید ثلاثة (1)فالفاضل للرجل خاصة و هو نصف الدیة إلا أن الدافع هو المرأة المتروکة.

(2)من المقرّر أن دیة العبد ما یساوی قیمته إلا أن تزید علی دیة الحر فترد إلیها و لا یزاد للعبد أکثر من الحر و سیأتی دلیله إن شاء اللّه تعالی، و علیه فلو اشترک عبید فی قتل رجل فإن کانوا اثنین فعلی کل واحد نصف دیة الرجل، فلو قتلهما الولی و کان قیمة کل عبد نصف دیة الرجل فلا شیء علیه، و إن زادت قیمة أحدهما ردّ الولی علی سیده ما زاد من قیمته عن جنایته، و إن نقصت قیمته عن جنایته فلا شیء للولی لأن له نفس العبد، و یدل علی أنه لو نقصت قیمته عن جنایته فلا شیء للولی، صحیح ضریس: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن امرأة و عبد قتلا رجلا - إلی أن قال - و إن کانت قیمة العبد أقل من خمسة آلاف درهم فلیس لهم إلا العبد)(1)، و منه تعرف حکم ما لو قتل البعض فقط.

(3)أی فترد دیة العبد إلی دیة الحر.

ص:464


1- (1) الوسائل الباب - 34 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 2.

قیمتهم عشرة آلاف درهم فما دون بالسویة و قتلهم الولی فلا رد (1)، و إن زادت قیمتهم عن ذلک فعلی کل واحد ثلث دیة الحر، فمن زادت قیمته عن الثلث ردّ علی مولاه الزائد و من لا فلا.

(الخامسة - لو اشترک حر و عبد فی قتله (2) فله) أی لولیه (قتلهما) معا (و یرد علی الحر نصف دیته) لأنها الفاضل عن جنایته (و علی مولی العبد ما فضل من قیمته عن نصف الدیة إن کان له فضل) ما لم یتجاوز دیة الحر فترد إلیها (و إن قتل أحدهما (3) فالرد علی الحر من مولی العبد أقل الأمرین من جنایته (4) و قیمة عبده) إن اختار قتل الحر، لأن الأقل إن کان هو الجنایة و هو نصف دیة المقتول فلا یلزم الجانی سواها، و إن کان هو قیمة العبد فلا یجنی الجانی علی أکثر من نفسه و لا یلزم مولاه الزائد. ثم إن کان الأقل هو قیمة العبد فعلی الولی (5) إکمال نصف الدیة لأولیاء الحر.

(و الرد علی مولی العبد (6) من) شریکه (الحر) إن اختار الولیّ العبد (و کان له) (1)لأن قیمتهم عشرة آلاف بحسب الفرض و جنایتهم هی عشرة آلاف التی هی دیة الرجل الحر المقتول.

(2)أی قتل الحر الذکر، فعلی کل واحد نصف دیة الرجل قصاصا، فإن اختار الولی قتلهما، فقد استوفی من الحر نفسا کاملة و جنایتها نصف فعلی الولی النصف الآخر لأولیاء المقتول قصاصا، و أما العبد فإن کانت قیمته بقدر نصف دیة الحر فقد استوفی المولی الحق من رقبته و لا شیء علیه، و إن نقصت قیمته عن جنایته التی هی نصف الدیة فلا شیء علی مولاه لأن الجانی لا یجنی علی أکثر من نفسه، و إن زادت قیمته عن جنایته فیردّ الولی المستوفی علی مولی العبد الزائد ما لم تتجاوز القیمة دیة الحر فترد إلیها.

(3)أی فإذا اختار الولی قتل أحدهما، فإن قتل الحر خاصة فیرد الولی المستوفی علی أولیاء الحر المقتول قصاصا نصف دیته کما هو واضح، و یلزم مولی العبد عند قتل الحر خاصة بأقل الأمرین من جنایة العبد و قیمته، لأن الأقل إن کان هو القیمة، فلا یلزم مولاه الزائد عن القیمة بالنسبة للجنایة لأن الجانی لا یجنی علی أکثر من نفسه، و إن کان الأقل هو الجنایة فلا یلزم العبد سوی بجنایته، و هذا الرد من مولی العبد إنما یکون لولی المقتول قصاصا و التفاوت یتحمله الولی المستوفی حتی یرد علی ولی المقتول قصاصا نصف دیته.

(4)جنایة العبد.

(5)المستوفی لحقه بقتل الحر.

(6)أی و إن اختار الولی قتل العبد خاصة، فإن کانت قیمته نصف دیة الحر فما دون فلا-

ص:465

(فاضل) من قیمته عن جنایته بأن تجاوزت قیمته نصف دیة الحر، ثم إن استوعبت قیمته الدیة فله جمیع المردود من الحر و إن کانت أقل فالزائد من المردود عن قیمته بعد حط مقابل جنایته لولی المقتول.

(و إلا) یکن له فضل بأن کانت قیمة العبد نصف دیة الحر أو أنقص (ردّ) الحر عوض جنایته و هو نصف الدیة (علی المولی) إن شاء.

هذا هو المحصل فی المسألة (1) و فیها أقوال أخر مدخولة (2)(و منه یعرف حکم اشتراک العبد و المرأة) فی قتل الحر (3)(و غیر ذلک) من الفروض کاشتراک کل -شیء لمولاه و کان للولی المستوفی علی الحر نصف الدیة الذی تعلق به بسبب جنایته.

و إن زادت قیمته عن جنایته و بلغت دیة الحر أو أزید فعلی الحر المتروک أن یدفع نصف دیة الرجل إلی مولی العبد فقط، لأن ولی الدم قد استوفی حقه بقتل نفس بنفس، و کان قیمة النفس تساوی دیة قتیله.

و إن زادت قیمة العبد عن جنایته و لم تبلغ دیة الحر، فما زاد من قیمته عن جنایته لمولاه و یأخذها من الولی المستوفی، و علی الحر المتروک نصف دیة الرجل یدفعها للولی المستوفی.

و لو لم یقتلهما فعلی الحر نصف الدیة، و علی مولی العبد أقل الأمرین من جنایته و قیمة عبده لما تقدم، و یتخیر ولی الدم بین استرقاق العبد و أخذه العوض المذکور إن کانت الجنایة بمقدار قیمته، و إن زادت القیمة استرق منه بقدر الجنایة لا غیر.

(1)بحسب القواعد الشرعیة و علیه عمل الأکثر.

(2)کقول أبی الصلاح لو اختار ولی الدم قتلهما، فیرد الولی قیمة العبد علی مولاه و علی ورثة الحر بالتساوی، لأن الحر فی قبال الحر فلا بد أن یضمن ولی الدم قیمة العبد لأنه استوفی حقه من الحر، و إن قتل الحر خاصة فعلی مولی العبد نصف دیة الحر لورثة المقتول قصاصا، و إن قتل العبد خاصة فعلی الحر المتروک نصف قیمة العبد لسیده.

و کقول الشیخ فی النهایة و المفید فی المقنعة و ابن البراج فی المهذب، أنه لو اختار ولی الدم قتلهما فیرد الولی قیمة العبد علی مولاه فقط، و لو قتل الحر فیؤدی سید العبد نصف دیة الرجل إلی ورثة المقتول قصاصا أو یسلّم العبد إلیهم، و لو قتل العبد فلیس لمولاه شیء أبدا.

(3)فالولی له قتلهما معا، و لا شیء علیه للمرأة لأن جنایتها بقدر دیتها، و أما العبد فإن کانت جنایته تساوی قیمته فلا شیء علی الولی المستوفی، و إن کانت قیمته أزید فیرد الولی المستوفی الزیادة علی مولاه ما لم تزد علی دیة الحر فترد إلیها. و إن کانت قیمته أنقص من -

ص:466

من الحر و العبد و المرأة مع الخنثی (1) و اجتماع الثلاثة و غیرها (2).

و ضابطه: اعتبار دیة المقتول (3) إن کان حرا. فإن زادت عن جنایته (4) دفع إلیه الزائد، و إن ساوت (5)، أو نقصت (6) اقتصر علی قتله، و قیمة العبد کذلک ما لم تزد عن دیة الحر و رد الشریک الذی لا یقتل ما قابل جنایته من دیة المقتول (7) علی الشریک، إن استوعب فاضل دیته (8) أو قیمته للمردود، و إلا رد الفاضل إلی الولیّ. و کذا القول لو کان الاشتراک فی قتل امرأة، أو خنثی (9)، و یجب تقدیم الرد علی الاستیفاء (10) فی جمیع الفروض.

-جنایته فلا شیء علی مولاه لأن العبد لا یجنی علی أکثر من نفسه.

و لو قتل المرأة خاصة فلا رد علیها، لأن جنایتها بقدر دیتها، و لا یجب علی مولی العبد إلا أقل الأمرین من جنایته و قیمته، فلو کانت قیمته أزید من جنایته و استرقه ولی الدم فعلیه الزائد عن الجنایة إلی مولاه، و لو قتل العبد خاصة فعلی المرأة المتروکة أن تدفع نصف دیة الرجل لولیه، و العبد إن ساوت قیمته جنایته أو کانت أنقص فلا ردّ علی مولاه، و إن زادت ردّ الولی علی المولی ما زاد عن جنایته.

(1)فیکون القاتل أربعة.

(2)و المعنی: کاجتماع الثلاثة فقط فهو فرض، أو اجتماع غیر الثلاثة کاجتماع الحر مع تبعض العبد و هذا فرض و هکذا.

(3)أی دیة المقتول قصاصا.

(4)کما إذا قتل حر بحرة فیرد إلیه الزائد.

(5)کما لو قتل حر بحرّ.

(6)کما إذا قتلت حرة بحرّ، لأن الجانی لا یجنی علی أکثر من نفسه.

(7)أی من دیة المقتول ظلما، و المعنی: أن المتروک یدفع بمقدار جنایته من المقتول ظلما إلی المقتول قصاصا إذا کان المقتول قصاصا قد استوفی منه بأزید من جنایته، فیما لو کان الزائد المستوفی بمقدار ما یرد الشریک المتروک، و إلا فلو کان المقتول قصاصا قد استوفی منه بمقدار جنایته، فالشریک المتروک یرد ما قابل جنایته علی ولی الدم.

(8)أی إن استوعب فاضل دیة المقتول قصاصا أو فاضل قیمة العبد المقتول قصاصا للمردود من قبل الشریک.

(9)أی ما تقدم کان الاشتراک فی قتل الرجل، و یأتی نفس الکلام لو اشترک فی قتل امرأة أو خنثی.

(10)یجب رد الفاضل من قیمته أو دیته عن جنایته قبل استیفاء القصاص، فمثلا لو اشترک -

ص:467

القول فی شرائط القصاص و هی خمسة

اشارة

(القول فی شرائط القصاص) و هی خمسة

فمنها - التساوی فی الحریة أو الرق

(فمنها - التساوی فی الحریة أو الرق (1) فیقتل الحرّ بالحر) سواء کان القاتل ناقص الأطراف، عادم الحواس و المقتول صحیح، أو بالعکس، لعموم الآیة، سواء تساویا فی العلم، و الشرف، و الغنی، و الفقر، و الصحة، و المرض، و القوة، و الضعف و الکبر، و الصغر، أم تفاوتا و إن أشرف المریض علی الهلاک (2)، -رجل و امرأة فی قتل رجل، و أراد الولی قتلهما فعلیه رد فاضل دیة الرجل ثم یقتله، و لو اختار قتل الرجل فقط ردت المرأة علیه نصف دیة الرجل ثم یقتص الولی.

و قد ذهب إلیه المحقق و العلامة فی القواعد بدلیل أن لوجود زیادة المستوفی علی الحق لا یجوز للولی القتل، نعم بعد الرد یصح للولی أن یستوفی تمام النفس بعضها قصاصا و بعضها ردا.

و أشکل علیهما بأن المقتول قصاصا لا یستحق الفاضل ما لم یستوف الولی، و لذا تضمنت الأخبار الرد علی الورثة و هذا یفید أن الرد بعد القتل، و الإنصاف أن الأخبار صرحت بالرد بعد القتل کما فی خبر أبی بصیر(1) الوارد فی اشتراک غلام و امرأة فی قتل الرجل، و صرحت بالرد قبل القتل کما فی صحیحی ابن مسکان و الحلبی(2) الواردین فی قتل الرجل امرأة، و کما فی صحیح أبی مریم الأنصاری عن أبی جعفر علیه السّلام(3) الوارد فی قصاص الأعضاء، و هی توجب التخییر أو تحمل علی أن الرد قبل الاستیفاء إذا کان الرد من الولی فلا یجوز له الاستیفاء قبل الرد، و علی أن الرد بعد الاستیفاء إذا کان من الشریک لأن الشریک لا یثبت فی ذمته مال إلا إذا استوفیت جنایته من غیره و هو الأولی.

(1)بمعنی أن الحر یقتل بالحر و لا یقتل بالعبد، و یقتل العبد بالعبد و یدل علیه الکتاب، و منه قوله تعالی: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُتِبَ عَلَیْکُمُ الْقِصاصُ فِی الْقَتْلی الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثی بِالْأُنْثی (4) و النصوص کثیرة و ما تقدم من الآیة فیه الکفایة.

(2)أی و إن کان المقتول مریضا مشرفا علی الهلاک أو طفلا مولودا فإنه یقتل بهما الحر البالغ الصحیح لعموم الآیة المتقدمة.

ص:468


1- (1) الوسائل الباب - 34 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 33 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 2 و 3.
3- (3) الوسائل الباب - 25 - من أبواب قصاص الطرف حدیث 1.
4- (4) البقرة الآیة: 178.

أو کان الطفل مولودا فی الحال.

(و) الحر (بالحرة (1) مع رد) ولیها علیه (نصف الدیة)، لأن دیته ضعف دیتها، و بالخنثی مع رد ربع الدیة (2)، و الخنثی بالمرأة (3) مع رد الربع علیه کذلک.

(و الحرة بالحرة) و لا رد إجماعا (و الحر (4) و لا یرد) أولیاؤها علی الحر شیئا (1)و لکن مع رد فاضل دیته، و هو النصف بلا خلاف للأخبار منها: خبر أبی بصیر عن أحدهما علیهما السّلام: (إن قتل رجل امرأة، و أراد أهل المرأة أن یقتلوه أدّوا نصف الدیة إلی أهل الرجل)(1). و خبره الآخر عن أحدهما علیهما السّلام: (قلت له: رجل قتل امرأة، فقال:

إن أراد أهل المرأة أن یقتلوه أدّوا نصف دیته و قتلوه و إلا قبلوا نصف الدیة)2.

(2)أی و یقتل الحر بالخنثی مع رد ربع الدیة علی ولی الرجل، و الربع هو التفاوت بین الدیتین.

(3)أی و یقتل الخنثی بالمرأة مع رد ربع الدیة من أولیائها علی أولیائه لأنه التفاوت بین الدیتین.

(4)أی و تقتل الحرة بالحر، و لا فاضل للمقتول ظلما و لا ردّ، و هو المعروف من المذهب کما فی المسالک و یدل علیه أخبار منها: صحیح ابن سنان: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام فی امرأة قتلت زوجها متعمدة، قال: إن شاء أهله أن یقتلوها قتلوها و لیس یجنی أحد أکثر من جنایته علی نفسه)(2).

و صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و إن قتلت المرأة الرجل قتلت به لیس لهم إلا نفسها)4.

و خبر هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی المرأة تقتل الرجل ما علیها؟ قال: لا یجنی الجانی علی أکثر من نفسه)5، و لا یوجد مخالف، نعم قد ورد فی خبر أبی مریم الأنصاری عن أبی جعفر علیه السّلام أن علی أولیائها رد الفاضل، و الخبر: (فی امرأة قتلت رجلا، قال: تقتل و یؤدی ولیّها بقیة المال)(3)، و قال الشیخ فی کتابی الأخبار: و هذه شاذة لم یروها غیر أبی مریم و هی مخالفة للأخبار و لظاهر القرآن فی قوله: اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (4).

ص:469


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 33 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 6 و 7.
2- ( (3 و 4 و 5) الوسائل الباب - 33 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1 و 3 و 10.
3- (6) الوسائل الباب - 33 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 17.
4- (7) المائدة الآیة: 45.

(علی الأقوی)، لعموم «اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ » (1) و خصوص صحیحتی الحلبی، و عبد اللّه بن سنان عن الصادق علیه السّلام الدالتین علی ذلک صریحا، و إن الجانی لا یجنی علی أکثر من نفسه.

و مقابل الأقوی روایة أبی مریم الأنصاری عن الباقر علیه السّلام فی امرأة قتلت رجلا قال: «تقتل و یؤدی ولیها بقیة المال» و هی مع شذوذها لا قائل بمضمونها من الأصحاب. قال المصنف فی الشرح: و لیس ببعید دعوی الإجماع علی هذه المسألة.

و أولی منه قتل المرأة بالخنثی، و لا ردّ (2). و قتل الخنثی بالرجل کذلک (3).

(و یقتص للمرأة من الرجل فی الطرف من غیر رد (4) حتی تبلغ) دیة الطرف -و فی الریاض و الجواهر أنه یحکی عن الراوندی العمل بها و حملها علی یسار المرأة و الصحاح الدالة علی عدم الرد علی إعسارها، و هو مردود للنص المتقدم بأنها لا تجنی علی أکثر من نفسها.

(1)أی لقوله تعالی: وَ کَتَبْنا عَلَیْهِمْ فِیها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَیْنَ بِالْعَیْنِ (1).

(2)من أولیائها علی أولیاء الخنثی بالربع، و وجه الأولویة أنه لا یجب علی أولیائها الرد فیما لو کان المقتول ظلما رجلا فمن باب أولی لا یجب علیهم الرد فیما لو کان خنثی لاحتمال کونه امرأة.

(3)أی بالأولویة، و ذلک لأنه یحتمل أن یکون الخنثی رجلا فلا رد من أولیائه علی أولیاء الرجل فیما لو کانا رجلین.

(4)لا خلاف و لا إشکال فی أنه یقتص للمرأة من الرجل فی الأطراف من غیر رد، و تتساوی دیتهما فی ذلک ما لم تبلغ جراحة المرأة ثلث دیة الرجل أو تتجاوزه علی الخلاف الآتی، فإن بلغت الثلث ترجع إلی النصف من دیة الرجل، فلا یقتص لها منه إلا مع رد التفاوت و یدل علی ذلک الأخبار، و قد ذکر الشارح خبرین و به کفایة.

یبقی أن المشهور جعلوا التساوی بین جراحة المرأة و جراحة الرجل قبل الوصول إلی الثلث، فإن بلغت الجراحة الثلث فما زاد ترجع إلی النصف، و دلیلهم الأخبار التی ذکر الشارح بعضها.

و ذهب الشیخ فی النهایة إلی أنها ترجع إلی النصف إن جاوزت الثلث اعتمادا علی أخبار-

ص:470


1- (1) المائدة الآیة: 45.

(ثلث دیة الحر) فصاعدا (فتصیر علی النصف) و کذا البحث فی الجراح یتساویان فیها دیة و قصاصا ما لم تبلغ ثلث الدیة فإذا بلغته ردت المرأة إلی النصف.

و مستند التفصیل أخبار کثیرة منها: صحیحة أبان بن تغلب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام «قال: قلت له: ما تقول فی رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة کم فیها؟ قال: عشر من الإبل. قلت: قطع اثنتین؟ قال: عشرون من الإبل. قلت:

قطع ثلاثا؟ قال: ثلاثون من الإبل. قال: قلت: قطع أربعا؟ قال: عشرون من الإبل، قلت: سبحان اللّه یقطع ثلاثا فیکون علیه ثلاثون، و یقطع أربعا فیکون علیه عشرون! إن هذا کان یبلغنا و نحن بالعراق، فنبرأ ممن قاله، و نقول: الذی جاء به شیطان! فقال علیه السّلام: مهلا یا أبان، إنّ هذا حکم رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: إن المرأة تعاقل الرجل إلی ثلث الدیة، فإذا بلغت الثلث رجعت إلی النصف. یا أبان إنک أخذتنی بالقیاس، و السنة إذا قیست محق الدین» (1).

و روی تفصیل الجراح جمیل بن دراج عنه علیه السّلام «قال سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن المرأة بینها و بین الرجل قصاص قال: نعم فی الجراحات، حتی تبلغ الثلث سواء، فإذا بلغت الثلث سواء ارتفع الرجل و سفلت المرأة» (2).

و قال الشیخ (رحمه اللّه): ما لم تتجاوز الثلث (3)، و الأخبار الصحیحة حجة المشهور.

-منها: خبر سماعة: (سألته عن جراحة النساء، فقال: الرجال و النساء فی الدیة سواء حتی تبلغ الثلث، فإذا جازت الثلث فإنها مثل نصف دیة الرجل)(1).

و خبر ابن أبی یعفور: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل قطع إصبع امرأة، فقال:

تقطع إصبعه حتی تنتهی إلی ثلث المرأة فإذا جاز الثلث أضعف الرجل)(2)، و أخبار المشهور أکثر و أصح.

(1)الوسائل الباب - 44 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

(2)الوسائل الباب - 1 - من أبواب قصاص الطرف حدیث 3.

(3)أی الرجل و المرأة متساویان ما لم تتجاوز جراحات المرأة ثلث دیة الرجل، و علیه فإن ساوت الثلث فهی مساویة له.

ص:471


1- (1) الوسائل الباب - 44 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب قصاص الطرف حدیث 4.

إذا تقرر ذلک فلو قطع منها ثلاث أصابع استوفت مثلها منه قصاصا من غیر رد (1). و لو قطع أربعا لم تقطع منه الأربع إلا بعد رد دیة إصبعین.

و هل لها القصاص فی اصبعین من دون رد (2)؟ وجهان، منشؤهما وجود المقتضی لجوازه کذلک، و انتفاء المانع. أما الأول (3) فلأن قطع إصبعین منها یوجب ذلک (4) فالزائد أولی.

و أما الثانی (5) فلأن قطع الزائد (6) زیادة فی الجنایة فلا یکون سببا فی منع ما ثبت أولا (7) و من النص (8) الدال علی أنه لیس لها الاقتصاص فی الجنایة الخاصة إلا بعد الرد (9).

و یقوی الإشکال (10) لو طلبت القصاص فی ثلاث، و العفو فی الرابعة (1)کما نص علیه خبر أبان المتقدم.

(2)إذا قطع لها الأربع، و الفرق بین الفرع السابق و هذا الفرع أن المرأة فی الفرع السابق قطعت له أربعا مع الرد لو قطع لها أربعا، و هنا لو قطع لها أربع فهل یجوز لها أن تقطع له اصبعین من دون رد لأن جراحاتها علی النصف من جراحاته إذا بلغت الثلث، و قد بلغته هنا.

(3)أی المقتضی، لأن لها قطع إصبعین إذا قطع منها إصبعین، فلها قطع إصبعین إذا قطع أربع.

(4)أی قطع إصبعین من الرجل.

(5)أی انتفاء المانع، لأن قطع ما زاد عن الإصبعین من أصابعها لیس بمانع من القصاص بقطعها إصبعین من أصابع الرجل.

(6)أی الزائد عن الإصبعین.

(7)من قطع الإصبعین.

(8)وجه عدم الجواز، و ذلک لأن الأخبار قد دلت إما علی أخذ الدیة عشرین من الإبل کما فی خبر أبان لو قطع لها أربع أصابع، أو القصاص مع رد عشرین علیه کما یستفاد من خبر جمیل المتقدم، و موردنا من قطع إصبعین بدون ردّ لا یندرج تحتهما.

(9)کما یستفاد من خبر جمیل، و ترک النص الدال علی أن لها عشرین من الإبل کما هو نص خبر أبان.

(10)و وجه الأقوائیة کونه مخالفا للنصوص، حیث لم یذکر هذا الحکم فی خبر.

ص:472

و عدم إجابتها هنا أقوی.

و علی الأول (1) تتخیر بین قطع إصبعین من غیر رد، و بین قطع أربع مع رد دیة إصبعین.

و لو طلبت الدیة فلیس لها أکثر من دیة إصبعین.

هذا إذا کان القطع بضربة واحدة (2)، و لو کان بأزید (3) ثبتت لها دیة الأربع، أو القصاص فی الجمیع من غیر رد، لثبوت حکم السابق (4) فیستصحب.

و کذا حکم الباقی (5).

(و یقتل العبد بالحر (6) و الحرة) و إن زادت قیمته عن الدیة، و لا یردّ علی مولاه الزائد (7) - لو فرض - کما لا یلزمه الإکمال - لو نقص -(و بالعبد) (1)أی جواز القصاص فی إصبعین.

(2)کما هو الظاهر من النصوص.

(3)من ضربة.

(4)إذ کل ما جنی علیها جنایة یثبت لها حکمها، فالجنایة السابقة بالضربة الأولی کانت بإصبعین فیثبت لها القصاص بإصبعین، و عند الجنایة الثانیة نستصحب الأولی مع ثبوت القصاص لها بإصبعین لهذه الجنایة اللاحقة.

(5)أی الجنایة الثانیة فلها القصاص بإصبعین فالمجموع أربع أصابع من غیر رد.

(6)بلا خلاف للأخبار منها: صحیح زرارة عن أحدهما علیهما السّلام: (فی العبد إذا قتل الحر دفع إلی أولیاء المقتول فإن شاءوا قتلوه، و إن شاءوا استرقوه)(1).

و معتبرة سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (یقتل العبد بالحر و لا یقتل الحر بالعبد)(2)، و منه تعرف جواز قتله بالحرة.

(7)لأن الجنایة تعلقت برقبته و القصاص نفس بنفس، بالإضافة إلی أنها لو زادت قیمته عن دیة الحر فترد إلیها، و لذا لو نقصت قیمته عن دیة المقتول ظلما فلا یلزم المولی بالإکمال لأن القاتل لا یجنی علی أکثر من نفسه.

ص:473


1- (1) الوسائل الباب - 41 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 40 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 3.

(و بالأمة) (1) سواء کانا لمالک واحد (2) أم مالکین (3)، و سواء تساوت قیمتهما أم اختلفت.

(و تقتل الأمة بالحر و الحرة و بالعبد و الأمة) مطلقا (4).

(و فی اعتبار القیمة هنا) أی فی قتل المملوک مثله (قول) (5) فلا یقتل الکامل بالناقص، إلا مع ردّ التفاوت علی سید الکامل، لأن ضمان المملوک یراعی فیه المالیة فلا یستوفی الزائد بالناقص بل بالمساوی.

و یحتمل جواز القصاص مطلقا (6) من غیر رد لقوله تعالی: اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (7)، و قوله (8): اَلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ (9) أما قتل الناقص بالکامل (1)بلا خلاف لقوله تعالی: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُتِبَ عَلَیْکُمُ الْقِصاصُ فِی الْقَتْلی الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ (1) و لقوله تعالی: اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (2).

(2)أی القاتل و المقتول لإطلاق الآیتین المتقدمتین، و لخبر إسحاق بن عمار سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام: (عن رجل له مملوکان قتل أحدهما صاحبه، أ له أن یقیده به دون السلطان إن أحبّ ذلک؟ قال: هو ما له یفعل به ما شاء، إن شاء قتل و إن شاء عفا)(3).

(3)فلو تساوت قیمة القاتل و المقتول فلا إشکال، و لو زادت قیمة القاتل عن المقتول، فعن العلامة فی القواعد و تبعه علیه غیره أن مولی المقتول لو قتل العبد القاتل قصاصا فعلیه رد التفاوت علی مولاه، لأن قیمة المملوک بمنزلة الدیة فی غیره، و عن ابن حمزة فی الوسیلة أنه لا ردّ و إن کان هناک تفاوت لإطلاق ما سمعته من النصوص و لأن العبد لا یجنی علی أکثر من نفسه و لذا توقف العلامة فی التحریر.

(4)سواء کانا لمالک أو مالکین مع تفاوت القیمة و عدمه لإطلاق النصوص المتقدمة.

(5)قد تقدم أنه للعلامة فی القواعد.

(6)مع التفاوت فی القیمة و عدمه.

(7)المائدة الآیة: 45.

(8)أی قوله تعالی.

(9)البقرة الآیة: 178.

ص:474


1- (1) البقرة الآیة: 178.
2- (2) المائدة الآیة: 45.
3- (3) الوسائل الباب - 44 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.

فلا شبهة فیه، و لا یلزم مولاه الزائد عن نفسه مطلقا (1).

(و لا یقتل الحر بالعبد) (2) إجماعا، و عملا بظاهر الآیة (3)، و صحیحة الحلبی، و غیره عن الصادق علیه السّلام: «لا یقتل الحر بالعبد» و رواه العامة عن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم (4) و ادعی فی الخلاف إجماع الصحابة علیه.

و هذا الحکم ثابت له و إن اعتاد قتل العبید (5) عملا بعموم الأدلة و إطلاقها.

(1)أی و لا یلزم مولی القاتل أن یدفع الزائد من جنایته عن نفسه إلی مولی المقتول، سواء کان الزائد قلیلا أو کثیرا کما عن بعض المحشین، أو سواء قلنا بعکسه بوجوب الرد أو لا کما عن بعض آخر، أو سواء کان فی جنایة أو قتل کما عن بعض ثالث.

(2)لا یقتل الحر و لو کان أنثی بالعبد و لو کان أمة بلا خلاف فیه، لأخبار منها: صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا یقتل الحر بالعبد، و إذا قتل الحرّ العبد غرّم ثمنه و ضرب ضربا شدیدا)(1).

و معتبرة سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (یقتل العبد بالحر و لا یقتل الحر بالعبد، و لکن یغرّم ثمنه و یضرب ضربا شدیدا حتی لا یعود)2، بلا فرق بین عبد نفسه و عبد غیره، و بین القنّ و المدبّر و أم الولد و المکاتب و المشروط و المطلق، و سواء کانت قیمة العبد أقل من دیة الحر أو أکثر أو مساویة.

(3)و هی قوله تعالی: اَلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ (2).

(4)فقد روت العامة عنه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: (لا یقتل حر بعبد)(3).

(5)لإطلاق ما تقدم من الأدلة، و ذهب الشیخ و ابنا حمزة و زهرة و سلاّر و أبو الصلاح، و عن الغنیة نفی الخلاف فیه، أنه إذا اعتاد الحر قتل العبید قتل حسما للجرأة، سواء کان عبدا له أو لا، و یدل علیه أخبار منها: خبر الفتح بن یزید الجرجانی عن أبی الحسن علیه السّلام:

(فی رجل قتل مملوکه أو مملوکته، قال: إن کان المملوک له أدّب و حبس إلا أن یکون معروفا بقتل الممالیک فیقتل به)(4).

و خبر یونس عنهم علیهم السّلام: (سئل عن رجل قتل مملوکه، قال: إن کان غیر معروف-

ص:475


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 40 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 2 و 3.
2- (3) البقرة الآیة: 178.
3- (4) سنن البیهقی ج 8، ص 35.
4- (5) الوسائل الباب - 38 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.

(و قیل) و القائل الشیخ و جماعة:(إن اعتاد قتلهم قتل حسما لجرأته)، و فساده، و استنادا إلی روایات لا تنهض فی مخالفة ظاهر الکتاب و صحیح الأخبار و فتوی أکثر الأصحاب. و علی هذا القول فالمرجع فی الاعتیاد إلی العرف. و هل یردّ علی أولیاء الحر ما فضل من دیته عن قیمة المقتول الذی تحققت به العادة قیل:

نعم نظرا إلی زیادته عنه کما لو قتل امرأة. و الأخبار خالیة من ذلک، و التعلیل بقتله لإفساده لا یقتضیه (1).

(و لو قتل المولی عبده) أو أمته (کفّر) کفارة القتل (2)،(و عزّر) (3) و لا یلزمه شیء غیر ذلک علی الأقوی (4). و قیل: تجب الصدقة بقیمته استنادا إلی روایة -بالقتل ضرب ضربا شدیدا و أخذ منه قیمة العبد و یدفع إلی بیت مال المسلمین، و إن کان متعوّدا للقتل قتل به)(1). و ردّ بأن الأخبار ظاهرة فی قتل الحر المعتاد إذا قتل عبده لا عبد غیره، هذا فضلا عن ضعف خبر الجرجانی لأنه مجهول الحال و لضعف خبر یونس لأنه مقطوع، فلذا لا بد من التمسک بإطلاق النصوص السابقة من عدم جواز قتل الحر بالعبد سواء کان عبده أو لا، کما هو المحکی عن الصدوق و المفید و ابنی البراج و حمزة و الطبرسی و الصهرشتی و ابن إدریس و الفاضلین بل علیه کافة الأصحاب عدا من سمعت من أصحاب القول الأول.

ثم وقع الخلاف بناء علی أن المعتاد یقتل، فهل یقتل قصاصا أو حدا للفساد، و یترتب علیه فائدة، فإذا قلنا أنه حد للفساد فلا ردّ علی الحر و إن کانت دیته أکثر من قیمة العبد الذی قتل به، و إن قلنا أنه یقتل قصاصا فیردّ علی الحر التفاوت بین دیته و قیمة العبد إذا کان العبد لغیره، و هو المحکی عن الوسیلة و المراسم و الجامع. و فیه: إن الأخبار لم تصرح بالرد مع أنها فی مقام البیان، و لذا ذهب أکثر القائلین بقتل المعتاد إلی عدم الرد لأن قتله من باب کونه حدا للفساد.

(1)أی لا یقتضی الرد.

(2)و هی کفارة جمع و قد تقدم البحث فی ذلک فی باب الکفارات.

(3)لما دل علیه خبر الجرجانی و یونس المتقدمین و غیرهما.

(4)ذهب جماعة منهم الشیخان و أبو الصلاح و ابن البراج و الطبرسی و بنو زهرة و إدریس و حمزة إلی أنه یغرّم قیمته و یتصدق به إذا کان عبدا له لخبر یونس المتقدم: (و أخذ منه-

ص:476


1- (1) الوسائل الباب - 38 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 2.

ضعیفة، و یمکن حملها علی الاستحباب.

(و قیل: إن اعتاد ذلک قتل) کما لو اعتاد قتل غیر مملوکه، للأخبار السابقة، و هی مدخولة السند، فالقول بعدم قتله مطلقا (1) أقوی.

(و إذا غرم الحر قیمة العبد (2) أو الأمة) بأن کانا لغیره (لم یتجاوز بقیمة العبد دیة الحر، و لا بقیمة المملوکة دیة الحرة)، لروایة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

«إذا قتل الحر العبد غرم قیمته و أدّب قیل: فإن کانت قیمته عشرین ألف درهم؟ قال: لا یجاوز بقیمة عبد دیة الأحرار» (3).

-قیمة العبد و یدفع إلی بیت مال المسلمین)(1)، و خبر مسمع بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن أمیر المؤمنین علیه السّلام رفع إلیه رجل عذّب عبده حتی مات، فضربه مائة نکالا و حبسه سنة و غرّمه قیمة العبد فتصدق بها عنه)(2)، و مرسل یونس عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل قتل مملوکه أنه یضرب ضربا وجیعا و تؤخذ منه قیمته لبیت المال)3. و خبر یونس الأول مقطوع و الآخر مرسل و خبر مسمع ضعیف لوقوع محمد بن الحسن بن شمون فی سنده و هو ضعیف غال و لوقوع عبد اللّه الأصم و هو ضعیف أیضا، و من هنا توقف فی الحکم بالتغریم و الصدقة جماعة منهم المحقق و الفاضل و المقداد و الأردبیلی و حملوها علی الاستحباب لضعف سندها.

(1)سواء کان عبدا له أو لا.

(2)أی إذا قتل الحر عبد الغیر لا یقتل به، و لکن یغرم قیمته یوم قتله و لا یتجاوز بالعبد دیة الحر و لا بالمملوکة دیة الحرة بلا خلاف فیه و یدل علیه أخبار منها: خبر ابن مسکان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (دیة العبد قیمته و إن کان نفیسا، فأفضل قیمته عشرة آلاف درهم و لا یجاوز به دیة الحر)(3).

و عن ابن حمزة من ردّ قیمة العبد إلی أقل من دیة الحر و لو بدینار تفریقا بین الحر و العبد، و هو اجتهاد فی قبال النص إذ النص لم یمنع التساوی و إنما منع التجاوز.

و عن الشافعی و مالک من اعتبار القیمة ما بلغت و هو واضح الفساد بعد عدم دلیل لهم و مخالفته لنصوص أهل البیت علیهم السّلام.

(3)الوسائل الباب - 40 - من أبواب دیات النفس حدیث 4.-

ص:477


1- (1) الوسائل الباب - 38 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 2.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 37 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 5 و 10.
3- (4) الوسائل الباب - 6 - من أبواب دیات النفس حدیث 2.

(و لا یضمن المولی جنایة عبده) (1) علی غیره لأن المولی لا یعقل عبدا (و له) (1)بمعنی لو قتل العبد حرا عمدا فلا تکون جنایته فی رقبة مولاه للأخبار منها: خبر هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا یجنی الجانی علی أکثر من نفسه)(1).

و خبر الصدوق: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی مکاتب قتل - إلی أن قال - العبد لا یغرّم أهله وراء نفسه شیئا)(2)، و لکن ولیّ الدم بالخیار بین قتله و استرقاقه بلا خلاف فیه لنصوص منها: صحیح زرارة عن أحدهما علیهما السّلام: (فی العبد إذا قتل الحر دفع إلی أولیاء المقتول، فإن شاءوا قتلوه و إن شاءوا استرقّوه)(3).

و لکن وقع الخلاف بینهم فی أن ولی الدم إذا أراد استرقاقه فهل یتوقف علی رضا مولی العبد قولان، ظاهر النصوص أنه لا یتوقف، و من أن القتل العمدی یوجب القصاص و لا یثبت المال عوضا عنه إلا بالتراضی و استرقاقه من جملة أفراد المال.

و لو جرح العبد حرا عمدا جرحا موجبا للقصاص، فإن کانت الجراحة تحیط برقبته کان للمجروح الخیار بین استرقاقه و الاقتصاص منه لصحیح الفضیل بن یسار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی عبد جرح حرا قال: إن شاء الحر اقتص منه و إن شاء أخذه إن کانت الجراحة تحیط برقبته)(4)، و إن کانت الجنایة لا تحیط برقبته کان للمجروح الخیار بین الاقتصاص منه و الاسترقاق بمقدار الجنایة.

و إن طالب الدیة عند إحاطة الجراحة برقبته أو لا، فإن دفع المولی فعلیه أرش الجنایة بالغا ما بلغت سواء سادت قیمته أو لا، و هو قول الشیخ، و قال الشیخ فی الخلاف إنه یدفع أقل الأمرین من قیمته و أرش الجنایة فإذا کان الأقل هو القیمة فلأن العبد لا یجنی علی نفسه أکثر منها، و إن کان الأقل هو الأرش فلأنه غایة ما جنی فلا یتحمل الأکثر، هذا کله ما لو قتل أو جرح العبد حرا عمدا، و کذلک ما لو قتل أو جرح عبدا عمدا.

و أما لو قتل أو جرح خطأ فلیس فی رقبته القصاص و إنما هو الدیة و کان مولاه بالخیار بین فکه و دفعه إلی أولیاء المقتول یسترقونه سواء الذی هدر منه قتلا أو جنایة تحیط برقبته أو ببعضها، غایته إن أحاطت ببعضها فیسترقونه بمقدار الجنایة، و لیس لمولی المجنی علیه أو ولیّه هذا التخییر بل التخییر بید مولی العبد الجانی لأنه ما زال علی ملک سیده، و جنایته لیست سببا فی رفع الملک إلا برضا سیده، خرج منه ما لو کان القتل أو الجرح-

ص:478


1- (1) الوسائل الباب - 33 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 10.
2- (2) الوسائل الباب - 10 - من أبواب دیات النفس حدیث 2.
3- (3) الوسائل الباب - 41 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.
4- (4) الوسائل الباب - 3 - من أبواب قصاص الطرف حدیث 1.

(الخیار إن کانت) الجنایة صدرت عن المملوک (خطأ بین فکّه بأقل الأمرین: من أرش الجنایة. و قیمته)، لأن الأقل إن کان هو الأرش فظاهر، و إن کانت القیمة فهی بدل من العین فیقوم مقامها و إلا لم تکن بدلا، و لا سبیل إلی الزائد، لعدم عقل المولی. و قیل: بأرش الجنایة مطلقا. و الأول أقوی (و بین تسلیمه) إلی المجنی علیه أو ولیه لیسترقه أو یسترق منه ما قابل جنایته.

(و فی العمد التخییر) فی الاقتصاص منه، أو استرقاقه (للمجنی علیه، أو ولیه).

(و المدبر) فی جمیع ذلک (کالقن) (1) فیقتل إن قتل عمدا حرا، أو عبدا، أو -بالعمد للنصوص، هذا من جهة و من جهة أخری فلو أراد المولی فکه فهل یفکه بأرش الجنایة بالغا ما بلغت أو بالأقل من أرش الجنایة و قیمته فیجری الخلاف السابق و إن کان القول الثانی هو الأوفق.

(1)سواء کان عمدا أو خطأ أو کان قتلا أو جنایة أو کان المجنی علیه حرا أو عبدا، لکن وقع الکلام فی موردین:

الأول: إن المدبر لو جنی جنایة تستغرق قیمته و لم یفکه المولی و استرقه ولی الدم فهل بموت مولاه ینعتق قضاء لحق التدبیر أو یبطل التدبیر لثبوت الجنایة فی حقه و انتقاله إلی ولی آخر، ذهب الشیخان إلی الأول، و ابن إدریس و عامة المتأخرین إلی الثانی و توقف المحقق فی الشرائع، و احتج الأولون بحسنة جمیل بن دراج عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

(قلت له: مدبر قتل رجلا من یضمن عنه؟ قال: یصالح عنه مولاه فإن أبی دفع إلی أولیاء المقتول یخدمهم حتی یموت الذی دبره، ثم یرجع حرا لا سبیل علیه)(1)، و احتج الآخرون بصحیح أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن مدبّر قتل رجلا عمدا، قال: یقتل به، قلت: و إن قتل خطأ، قال: یدفع إلی أولیاء المقتول فیکون لهم فإن شاءوا استرقوا و لیس لهم قتله، ثم قال: یا أبا محمد إن المدبّر مملوک)(2). و قد عرفت أن حکم المملوک هو الاسترقاق الدائم، و رجح صحیح أبی بصیر لأن التدبیر جائز کالوصیة فیبطل بما یوجب خروجه عن الملک کالبیع.

الثانی: علی القول بعدم بطلان التدبیر و الحکم بعتقه بعد موت مولاه فهل یسعی فی-

ص:479


1- (1) الوسائل الباب - 9 - من أبواب دیات النفس حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 42 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.

یدفع إلی ولی المقتول یسترقه، أو یفدیه مولاه بالأقل کما مر.

ثم إن فداه، أو بقی منه شیء بعد أرش الجنایة بقی علی تدبیره و إلاّ بطل.

و لو مات مولاه قبل استرقاقه و فکّه فالأقوی انعتاقه، لأنه لم یخرج عن ملکه بالجنایة فعلا، و حینئذ فیسعی فی فکّ رقبته من الجنایة إن لم توجب قتله حرا.

(و کذا المکاتب المشروط (1) و المطلق الذی لم یؤد شیئا) (2) و لو أدی شیئا منها (3) تحرر منه بحسابه، فإذا قتل حرا عمدا قتل به، و إن قتل مملوکا فلا قود -شیء لأولیاء المقتول؟ قیل: لا لإطلاق حسنة جمیل المتقدمة، و قال الشیخ: یسعی فی دیة المقتول إن کان حرا و فی قیمته إن کان عبدا، و قال الصدوق: یسعی فی قیمة نفسه لروایة هشام بن أحمد: (سألت أبا الحسن علیه السّلام عن مدبّر قتل رجلا خطأ؟ قال: أیّ شیء رویتم فی هذا الباب؟ قال: روینا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام أنه قال: نقل برمته إلی أولیاء المقتول، فإذا مات الذی دبّره عتق، قال: سبحان اللّه فیطلّ دم امرئ مسلم، قلت: هکذا روینا، قال: غلطتم علی أبی، نقل برمته إلی أولیاء المقتول فإذا مات الذی دبره استسعی فی قیمته)(1).

و قیل: یسعی فی أقل الأمرین من قیمة نفسه و من دیة المقتول إن کان حرا و قیمته إن کان عبدا جمعا بین الأدلة.

و ذهب الشهید الثانی علی ما فی المسالک: إنه إذا استرقه ولی الدم بالفعل قبل موت مولاه بطل التدبیر، و إلا عتق بموت مولاه و سعی بفک قیمته إذا کانت جنایته لا توجب قتلا و إلا لکان لولی الدم قتله و لو کان مدبرا.

(1)و هو الذی اشترط علیه مولاه أنه ردّ فی الرق إذا عجز عن دفع تمام مال المکاتبة، فهو کالقن له نفس الأحکام السابقة.

(2)و هو الذی لم یشترط علیه مولاه الشرط السابق، إلا أنه لم یدفع شیئا فهو کالقن له نفس الأحکام السابقة.

(3)من المکاتبة فیتحرر منه بمقدار ما دفع، و حینئذ فإن قتل عمدا من کان مثله مساویا له فی الحریة أو أزید قتل به، و إن کان أقل منه کما لو قتل عبدا قنا فلا قتل لعدم التساوی و لکن تتعلق جنایته بذمته، فما یقابل نصیب الحریة یدفع بإزائها مالا و ما یقابل نصیب الرقیة کان ولی الدم بالخیار بین الاسترقاق منه بمقداره و بین الدیة بحسب هذا المقدار،-

ص:480


1- (1) الوسائل الباب - 9 - من أبواب دیات النفس حدیث 5.

و تعلقت الجنایة بما فیه من الرقیة مبعضة (1)، فیسعی فی نصیب الحریة، و یستوفی الباقی منه (2)، أو یباع فیه.

و لو کان القتل خطأ فعلی الإمام (3) بقدر ما فیه من الحریة و المولی بالخیار فی الباقی کما مر (4)، سواء أدی نصف ما علیه فصاعدا أم لا و کذا القول فی کل مبعض.

و لا یقتل المبعض مطلقا (5) بمن انعتق منه أقل مما انعتق من الجانی کما لا -هذا فإذا فداه مولاه تبقی الکتابة بحالها و إذا دفعه إلی أولیاء المقتول بطلت الکتابة فی هذا البعض من الرقیة، و هم بالخیار بین إبقائه فی مالهم و بین بیعه علی الغیر بمقدار ذلک البعض، و لو کان القتل خطأ فما یقابل نصیب الحریة تتحمله العاقلة و مع عدمها فعلی الإمام، و ما یقابل نصیب الرقیة فیأتی فیه نفس الکلام السابق، و هذا ما علیه أکثر المتأخرین و تقتضیه القواعد، و فی بعض الأخبار دلالة علیه.

و فی المسألة أقوال أخر منها: أن المطلق لو أدی نصف ما علیه فهو و إن تحرر منه نصفه إلا أنه بمنزلة الحر فیأخذ حکم الحر، فعلی العاقلة و عند عدمها فعلی الإمام نصیب الجنایة مطلقا عند الخطأ، و علیه عند العمد، ذهب إلی ذلک الصدوق و هو مذهب للشیخ فی الاستبصار، و مستندهما روایة علی بن جعفر عن أخیه علیه السّلام: (و سألته عن المکاتب إذا أدی نصف ما علیه، قال: هو بمنزلة الحر فی الحدود و غیر ذلک من قتل و غیره)(1).

و منها: أن ما قابل نصیب الرقیة فعلی مولاه، و ما قابل نصیب الحریة فعلی الإمام، و هو مذهب الشیخ فی النهایة و اختاره ابن إدریس و هو قول الصدوق.

(1)أی تعلقت الجنایة بالنسبة بین الحریة و الرقیة، و لکل حکم.

(2)أی یستوفی الباقی من الجنایة بمقدار الرقیة من العبد، و الاستیفاء إما باسترقاقه و إما بدفع مولاه، و لو امتنع المولی عن الدفع فیجوز بیعه بمقدار رقیته.

(3)لأنه عاقلته عند فقدان الحر من عاقلته.

(4)أی فالمولی بالخیار بالباقی من الجنایة المتعلق بمقدار رقیته، فإما أن یفکه بأقل الأمرین من قیمة هذا البعض و أرش ما تعلق به من الجنایة، و إما أن یدفعه إلی أولیاء المقتول یسترقونه بمقدار جنایة الرقیة.

(5)سواء تبعض بالکتابة أو بغیرها، و المعنی لا یقتل بالذی هو أقل منه حریة و لا یقتل بالقن لعدم التساوی فی الحریة.

ص:481


1- (1) الوسائل الباب - 10 - من أبواب دیات النفس حدیث 3.

یقتل بالقن، و یقتل بمن تحرر منه مثله أو أزید. کما یقتل بالحر (1)(و لو قتل حر حرین (2) فصاعدا فلیس لهم) أی لأولیائهم (إلا قتله) لقوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «لا یجنی الجانی علی أکثر من نفسه» (3) و لا فرق بین قتله لهم جمیعا و مرتبا. و لو عفا بعضهم فللباقی القصاص (4).

(1)لتحقق التساوی.

(2)فإن اجتمع أولیاء المقتولین فی الاستیفاء فلیس لهم إلا نفسه، و لیس لهم مع قتله دیة حتی یکون قتله بنفس و الدیة بنفس ثانیة، بلا خلاف للأخبار منها: صحیح ابن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و لیس یجنی أحد أکثر من جنایته علی نفسه)(1).

و خبر هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا یجنی الجانی علی أکثر من نفسه)2خلافا لبعض العامة فأوجب الدیة مع القتل و هو کما تری.

و لو اصطلحوا کان لکل مقتول دیته لأنه لا یطل دم امرئ مسلم، ثم لو قتله الأولیاء جمیعا بأن تمکنوا من ضرب عنقه دفعة أو وکّلوا من یقتله کان قتله استیفاء لحقهم، و لو بدر أیّ الولیین إلی قتله فقد استوفی حق الجمیع سواء کان القاتل قد قتلهما معا أو علی التعاقب و سواء بدر ولی المقتول السابق أو اللاحق، نعم لو تشاحّ الأولیاء فی البدار إلی قتله قدّم ولی الأول، و إذا قتلهما دفعة أو أشکل الأمر أقرع بینهم لأن القرعة لکل أمر مشکل.

و لو أراد أحد الولیین قتله دون الآخر فهل یستحق الآخر الدیة من ترکة المقتول قولان، أحدهما نعم کما عن ابنی الجنید و زهرة و فخر المحققین و المقداد، لأنه لو لم تثبت الدیة للثانی للزم طلّ دم امرئ مسلم و هو منهی عنه(2)، و عن المشهور أن لیس للثانی دیة، لأن الأصل فی القصاص القتل و بعد قتل ولی أحد المقتولین له قد فات محل حق الثانی فلا دیة له حینئذ لأن دیة العمد لا تثبت إلا صلحا و الصلح متوقف علی وجود القاتل و هو منتف بقتل ولی أحدهما.

(3)هذا وارد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی خبر هشام بن سالم(3) و لیس نبویا، نعم أورد ابن أبی جمهور الأحسائی هذا النبوی: (لا یجنی الجانی علی أکبر من نفسه)(4).

(4)کأن کان الباقی ولیا للمقتول أولا أو ثانیا.

ص:482


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 33 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1 و 10.
2- (3) الوسائل الباب - 29 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.
3- (4) الوسائل الباب - 33 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 10.
4- (5) غوالی اللآلی ج 2، ص 159، حدیث 440.

و هل لبعضهم المطالبة بالدیة، و لبعض القصاص؟ وجهان. من ظاهر الخبر (1) و تعدد المستحق (2)، و کذا (3) فی جواز قتله بواحد (4) أما الأول، أو بالقرعة، أو تخییرا (5) و أخذ الدیة من ماله للباقین. نعم لو بدر واحد منهم فقتله عن حقه استوفاه، و کان للباقین الدیة، لفوات محل القصاص إن قلنا بوجوبها (6).

حیث یفوت و سیأتی. و ظاهر العبارة منع ذلک کله (7) لتخصیصه (8) حقهم بقتله.

(و لو قطع) الحر (یمین اثنین) حرین (9)(قطعت یمینه بالأول و یسراه بالثانی) (1)المتقدم لا یجنی الجانی علی أکثر من نفسه، و لازمه عدم ثبوت الدیة للباقی.

(2)لأنه مع عدم ثبوت الدیة للباقی فیلزم طل دم امرئ مسلم.

(3)أی الوجهان السابقان یأتیان.

(4)إما المقتول الأول أو الذی أخرجته القرعة عند قتلهما دفعة أو أشکل الأمر.

(5)و التخییر للحاکم.

(6)أی بوجوب الدیة للباقین حیث یفوت حمل القصاص و قد تقدم أنه قول ابن الجنید و جماعة.

(7)أی منع ثبوت الدیة فی هذه التفاصیل.

(8)لتخصیص المصنف.

(9)قطعت یمینه للأول، و یسراه للثانی بلا خلاف فیه لخبر حبیب السجستانی عن أبی جعفر علیه السّلام: (سألته عن رجل قطع یدین لرجلین الیمنیین، فقال: یا حبیب تقطع یمینه للذی قطع یمینه أولا، و تقطع یساره للرجل الذی قطع یمینه أخیرا، لأنه إنما قطع ید الرجل الأخیر و یمینه قصاص للرجل الأول.

فقلت: إن علیا علیه السّلام إنما کان یقطع الید الیمنی و الرجل الیسری، فقال: إنما کان یفعل ذلک فیما یجب من حقوق اللّه، فأما یا حبیب حقوق المسلمین، فإنه تؤخذ لهم حقوقهم فی القصاص الید بالید إذا کانت للقاطع یدان، و الرجل بالید إذا لم یکن للقاطع ید.

فقلت له: أو ما تجب علیه الدیة و تترک له رجله؟ فقال: إنما تجب علیه الدیة إذا قطع ید رجل و لیس للقاطع یدان و لا رجلان فثمّ تجب علیه الدیة لأنه لیس له جارحة یقاصّ منها)(1).

ص:483


1- (1) الوسائل الباب - 12 - من أبواب قصاص الطرف حدیث 2.

لتساوی الیدین فی الحقیقة، و إن تغایرا من وجه یغتفر عند تعذر المماثلة من کل وجه، و لصحیحة حبیب (1) السجستانی عن أبی جعفر علیه السّلام فی رجل قطع یدین لرجلین الیمینین فقال علیه السّلام: «یا حبیب یقطع یمینه للذی قطع أولا و یقطع یساره للذی قطع یمینه أخیرا لأنه إنما قطع ید الرجل الأخیر و یمینه قصاص للرجل الأول».

و لو قطع ید ثالث (2) قیل: قطعت رجله لقوله علیه السّلام فی هذه الروایة:

(و الرجل بالید إذا لم یکن للقاطع یدان. فقلت له: أما توجب له الدیة و تترک رجله؟ فقال: إنما توجب علیه الدیة إذا قطع ید رجل و لیس للقاطع یدان و لا رجلان. فثم توجب علیه الدیة، لأنه لیس له جارحة یقاصّ منها و لأن المساواة الحقیقیة لو اعتبرت لم یجز التخطی من الیمنی إلی الیسری.

و قیل: ینتقل هنا إلی الدیة، لفقد المماثل الذی یدل قوله تعالی: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (3) علیه، و الخبر یدفع فقد التماثل (4) و یدل علی مماثلة الرجل للید شرعا و إن انتفت لغة و عرفا. نعم یبقی الکلام فی صحته (5) فإن الأصحاب و صفوه بالصحة مع أنهم لم ینصوا علی توثیق حبیب. و لعلهم أرادوا بصحته فیما عداه فإنهم کثیرا ما یطلقون ذلک (6). و حینئذ (7) فوجوب الدیة أجود. و أولی منه لو (1)لم ینص علی توثیق حبیب فی کتب الرجال کما فی المسالک، و مع ذلک وصفت روایته بالصحة لوقوع الحسن بن محبوب المجمع علی تصحیح ما یصح عنه فی سندها، و لورودها فی الکتب الثلاثة و هذا ما یفید الاطمئنان بصدورها.

(2)فذهب المشهور إلی أنه تقطع رجله الیمنی، أما رجله فلخبر حبیب المتقدم: (و الرجل بالید إذا لم یکن للقاطع ید)، و أما کونها یمینا فللمماثلة. و ذهب ابن إدریس إلی سقوط القصاص و ثبوت الدیة لفوات المحل بعد قطع الیدین، و أما الرجل بالید فلا تماثل بینهما بخلاف الیدین بعد تضعیف الخبر لکون حبیب لم ینص علی توثیقه.

(3)المائدة الآیة: 45.

(4)رد من الشارح علی ابن إدریس.

(5)أی صحة الخبر.

(6)أو لوقوع الحسن بن محبوب فی مسنده و هو الأولی.

(7)أی و حین عدم صحة خبر حبیب.

ص:484

قطع ید رابع و بعدها (1)، فالدیة قطعا.

(و لو قتل العبد حرین (2) فهو لأولیاء الثانی إن کان القتل) أی قتله للثانی (بعد الحکم به للأول) بأن اختار الأول استرقاقه قبل جنایته علی الثانی، و إن لم (1)أی أولی بالدیة بناء علی عدم صحة الخبر، و عند المشهور تقطع رجله الیسری للخبر و عند ابن إدریس تثبت الدیة، نعم لو قطع ید خامس و هذا هو مراد الشارح بقوله «و بعدها» فلا جارحة له فلا بد من الدیة و هذا ما نص علیه الخبر.

(2)فإن قتلهما دفعة واحدة اشترک ولیّهما فیه بلا خلاف، و لو قتلهما علی التعاقب کان لأولیاء الأخیر کما ذهب إلیه الشیخ فی النهایة، لانتقاله بالجنایة إلی ولی الأول، فإذا جنی الثانیة انتقل من الأول إلی الثانیة، و لخبر علی بن عقبة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (عن عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد، قال: هو لأهل الأخیر من القتلی إن شاءوا قتلوا و إن شاءوا استرقوا، لأنه إذا قتل الأول استحق أولیاؤه، فإذا قتل الثانی استحق منهم فصار لأولیاء الثانی، فإذا قتل الثالث استحق من أولیاء الثانی فصار لأولیاء الثالث، فإذا قتل الرابع استحق من أولیاء الثالث فصار لأولیاء الرابع، إن شاءوا قتلوا و إن شاءوا استرقوا)(1).

و ذهب المشهور حتی الشیخ فی الاستبصار إلی أنه لولی الثانی إن حکم الحاکم به للأول، و مع عدم الحکم فیشترکان فیه لصحیح زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی عبد جرح رجلین قال: هو بینهما إن کانت الجنایة محیطة بثمنه، قیل له: فإن جرح رجلا فی أول النهار و جرح آخر فی آخر النهار، قال: هو بینهما ما لم یحکم به الوالی فی المجروح الأول، فإن جنی بعد ذلک جنایة فإن جنایته علی الأخیر)2، و الخبر الأول ضعیف لوقوع الحسن بن أحمد بن سلمة فی سنده و هو لم یمدح و لم یذم، فضلا عن أنه غیر معارض لصحیح زرارة ضرورة أن الجنایة لا توجب انتقاله و إنما هی سبب فی استحقاق الاسترقاق فلا بد أن یحکم الحاکم أنه لهم حتی یستحقونه فعلا، أو یختارون الاسترقاق حتی یکون عبدا لهم فإذا جنی جنایة ثانیة فینتقل عنهم إلی أولیاء المقتول الثانی علی الخلاف بینهم، فذهب الشیخ فی الاستبصار إلی أن أولیاء المقتول الأول لا یملکون العبد إلا إذا حکم الحاکم، و ذهب المحقق و تبعه المشهور إلی أنه یکفی اختیار أولیاء المقتول الأول لأن حکم الحاکم تبعا لاختیاره و لذا جعل الخیار للولی بین الاسترقاق و القتل کما تقدم فی الکثیر من النصوص.

ص:485


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 45 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 3 و 1.

یحکم به حاکم لبراءته من الجنایة الأولی باسترقاقه لها (1)(و إلا) تکن جنایته علی الثانی بعد الحکم به للأول (فهو بینهما). لتعلق حقهما معا به، و هو علی ملک مالکه، و لصحیحة زرارة عن الباقر علیه السّلام فی عبد جرح رجلین، قال: «هو بینهما إن کانت الجنایة تحیط بقیمته قیل له: فإن جرح رجلا فی أول النهار و جرح آخر فی آخر النهار؟ قال: هو بینهما ما لم یحکم الوالی فی المجروح الأول. قال:

فإن جنی بعد ذلک جنایة؟ قال: جنایته علی الأخیر».

و قیل: یکون للثانی، لصیرورته لأولیاء الأول بالجنایة الأولی فإذا قتل الثانی انتقل إلی أولیائه، و لروایة علی بن عقبة عن الصادق علیه السّلام فی عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد؟ قال: فقال: «هو لأهل الأخیر من القتلی إن شاءوا قتلوه و إن شاءوا استرقوه، لأنه إذا قتل الأول استحقه أولیاؤه. فإذا قتل الثانی استحق من أولیاء الأول فصار لأولیاء الثانی. و هکذا و هذا الخبر مع ضعف سنده یمکن حمله علی ما لو اختار أولیاء السابق استرقاقه قبل جنایته علی اللاحق، جمیعا بینه، و بین ما سبق. و کذا الحکم لو تعدد مقتوله (2).

(و کذا لو قتل عبدین) (3) لمالکین یستوعب کل منهما قیمته (أو) قتل (حرا و عبدا) کذلک (4) فإن مولیی العبدین یشترکان فیه ما لم یسبق مولی الأول إلی (1)أی لمّا رضی أولیاء المقتول الأول الاسترقاق و قد استرقوه و أصبح عبدا لهم خرج من تبعة الجنایة الأولی فلو جنی فیما بعد فیخرج عن ملکهم إلی ملک ولی المقتول الثانی.

(2)أی کان أکثر من اثنین.

(3)و کانت قیمة کل واحد منهما تستوعب قیمة القاتل، فإن کان القتل دفعة فلا إشکال فی اشتراک المولیین فی الحق قصاصا و استرقاقا، و إن کان علی التعاقب فهو لأولیاء العبد الثانی إن حکم الحاکم أو اختار مولی الأول الاسترقاق، و إن لم یحکم الحاکم و لم یختر المولی شیئا ثم جنی جنایة بعد جنایته الأولی فقد ذهب المشهور إلی تعلق الجنایتین برقبته و لا وجه لترجیح إحداهما علی الأخری، و ذهب الشیخ فی المبسوط إلی تقدیم الجنایة الأولی لسبق الاستحقاق، و فیه: إن سبق أحد السببین لا یوجب ذلک لأن مجرد الجنایة لا توجب انتقاله عن ملک مالکه الأصلی ما لم یختار ولی الدم الاسترقاق و المفروض عدمه، و نفس الحکم فیما لو قتل حرا و عبدا و کان قیمة العبد المقتول ظلما تستوعب قیمة القاتل.

(4)أی تستوعب قیمته قیمة القاتل.

ص:486

استرقاقه قبل جنایته علی الثانی، فیکون لمولی الثانی و کذا ولی الحر و مولی العبد.

و لو اختار الأول المال (1) و رضی به المولی تعلّق حق الثانی برقبته.

و قیل: یقدم الأوّل لأن حقه أسبق و یسقط الثانی، لفوات محل استحقاقه.

و الأول أقوی.

و منها التساوی فی الدین

(و منها التساوی فی الدین (2). فلا یقتل مسلم بکافر حربیا کان) الکافر (أم ذمیا) و معاهدا کان الحربی أم لا (و لکن یعزر) القاتل (بقتل الذمی و المعاهد) لتحریم قتلهما (و یغرم دیة الذمی) و یستفاد من ذلک (3) جواز قتل الحربی بغیر إذن (1)أی اختار الدیة و لم یختر الاسترقاق و لا القتل، فالدیة تثبت فی ذمة مولی العبد القاتل فهی بحاجة إلی رضاه و یسقط حق الأول عن العبد، فلو جنی العبد فیما بعد جنایة کانت متعلقة برقبته.

(2)أی و من شرائط القصاص التساوی فی الدین، فلا یقتل المسلم بالکافر مطلقا سواء کان حربیا أم ذمیا أم مستأمنا، بلا خلاف فیه لقوله تعالی: وَ لَنْ یَجْعَلَ اللّهُ لِلْکافِرِینَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلاً (1) و إثبات القصاص لوارث الکافر إن کان کافرا سبیل واضح، و للأخبار منها: خبر محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (لا یقاد مسلم بذمی فی القتل و لا فی الجراحات)(2).

و عن بعض العامة و منهم أبو یوسف صاحب أبی حنیفة أنه یقتل به، و قد قال الشاعر فی ذلک:

یا قاتل المسلم بالکافر جرت و ما العادل کالجائر

یا من ببغداد و أطرافها من فقهاء الناس أو شاعر

جار علی الدین أبو یوسف بقتله المسلم بالکافر

فاسترجعوا و ابکوا علی دینکم و اصبروا فالأجر للصابر

نعم یعزر المسلم إن کان الذی قتله ممن یحرم قتله کالذمی و المستأمن، بخلاف الحربی منهم فإنه مهدور الدم فلا یعزر المسلم لو قتله عمدا و إن لم یستأذن الإمام علیه السّلام، و کذلک یغرّم دیة الذمی بلا خلاف فی ذلک.

(3)أی یستفاد من حصر التعزیر بقتل الذمی و المعاهد أنه لو قتل الحربی فلا تعزیر.

ص:487


1- (1) النساء الآیة: 141.
2- (2) الوسائل الباب - 47 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 5.

الإمام، و إن توقف جواز جهاده علیه (1)، و یفرق بین قتله و قتاله جهادا، و هو کذلک، لأن الجهاد من وظائف الإمام (2). و هذا یتم فی أهل الکتاب (3) لأن جهادهم یترتب علیه أحکام غیر القتل تتوقف علی الحاکم، أما غیرهم فلیس فی جهاده إلاّ القتل، أو الإسلام. و کلاهما لا یتوقف تحقیقه علی الحاکم لکن قد یترتب علی القتل أحکام أخر مثل أحکام ما یغنم منهم و نحوه و تلک وظیفة الإمام أیضا.

(و قیل) (4) - و القائل جماعات من الأصحاب منهم الشیخان، و المرتضی و المحقق، و العلامة فی أحد قولیه، و المصنف فی الشرح (5) مدعیا الإجماع فإن (1)علی إذن الإمام علیه السّلام.

(2)تعلیل لاحتیاج الجهاد لإذنه علیه السّلام، بخلاف قتل الحربی فإنه لیس من وظائف الإمام علیه السّلام.

(3)أی کون جهادهم من وظائف الإمام، لأن جهادهم قد ینتهی إلی قبول الجزیة و تعیین قدرها، و قد ینتهی إلی الإسلام، و قد ینتهی إلی القتال، و تعیین واحد منها بحاجة إلی الحاکم.

و أما جهاد غیرهم فهو دائر بین القتال و إسلامهم، و کلاهما غیر متوقف علی الحاکم، لأنهم إن أسلموا فهو و إلا فیجب القتال شرعا، نعم بعد قتالهم تترتب أحکام مثل تقسیم الغنیمة بینهم، و هی متوقفة علی الحاکم إلا أنها أجنبیة عن أهل الجهاد الذی هو مفروض الکلام.

(4)ما تقدم لا کلام فیه، و لکن لو قتل المسلم ذمیا و کان معتادا علی قتل الکفار فقد وقع الخلاف فی حکمه علی أقوال:

الأول: یقتل قصاصا بعد أن یردّ أولیاء المقتول فاضل دیة المسلم عن دیة الذمی، و إلیه ذهب المشهور للأخبار منها: صحیح إسماعیل بن الفضل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قلت له: رجل قتل رجلا من أهل الذمة، قال: لا یقتل به إلا أن یکون متعوّدا للقتل).

الثانی: إنه یقتل حدا لا قصاصا لإفساده فی الأرض و هو قول ابن الجنید و أبو الصلاح الحلبی.

الثالث: إنه لا یقتل به، و هو قول ابن إدریس، و تردد المحقق فی الشرائع و العلامة فی القواعد و الشهید فی اللمعة، و النصوص المتقدم بعضها حجة علی هذین القولین الأخیرین.

(5)شرح الإرشاد.

ص:488

المخالف ابن إدریس و قد سبقه الإجماع (1) -: إنه (إن اعتاد قتل أهل الذمة اقتصّ منه بعد رد فاضل دیته).

و مستند هذا القول مع الإجماع المذکور: روایة إسماعیل بن الفضل عن الصادق علیه السّلام «قال: سألته عن دماء المجوس، و الیهود، و النصاری هل علیهم و علی من قتلهم شیء إذا غشوا المسلمین و أظهروا العداوة لهم و الغش؟ قال: لا، إلاّ أن یکون متعودا لقتلهم، قال: و سألته عن المسلم هل یقتل بأهل الذمة و أهل الکتاب إذا قتلهم؟ قال: لا إلا أن یکون معتادا لذلک لا یدع قتلهم فیقتل و هو صاغر» (2).

و أنه مفسد فی الأرض (3) بارتکاب قتل من حرم اللّه قتله.

و العجب أن ابن إدریس احتج علی مذهبه (4) بالإجماع علی عدم قتل المسلم بالکافر و هو استدلال فی مقابلة الإجماع. قال المصنف فی الشرح: و الحق أن هذه المسألة إجماعیة، فإنه لم یخالف فیها أحد سوی ابن إدریس و قد سبقه الإجماع، و لو کان هذا الخلاف مؤثرا فی الإجماع لم یوجد إجماع أصلا، و الإجماع علی عدم قتل المسلم بالکافر یختص بغیر المعتاد.

و أعجب من ذلک نقل المصنف ذلک (5) قولا مشعرا بضعفه، بعد ما قرره من الإجماع علیه، مع أن تصنیفه لهذا الکتاب بعد الشرح.

و احتج فی المختلف لابن إدریس بروایة محمد بن قیس عن الباقر علیه السّلام قال: «لا یقاد مسلم بذمی» (6) و أجاب (7) بأنه مطلق فیحمل علی المفصل (8).

(1)فمخالفته لا تضر فلذا ادعی المصنف الإجماع، و أنت خبیر أن هکذا إجماع مبنی علی قاعدة اللطف، و قد حرر فی محله عدم حجیته.

(2)الوسائل الباب - 47 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.

(3)دلیل ثالث علی قتل المسلم المتعوّد، و فیه: إن هذا الدلیل یوجب قتله حدا بخلاف الدلیلین السابقین فإنهما ظاهران فی قتله قصاصا من ناحیة رد فاضل الدیة.

(4)من عدم قتل المسلم بالذمی و إن کان معتادا.

(5)أی قتل المسلم المتعود بالذمی کما فی اللمعة هنا.

(6)الوسائل الباب - 47 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 5.

(7)أی العلامة عن الاستدلال المذکور.

(8)و هو خبر إسماعیل المتقدم.

ص:489

و فیه (1): إنه (2) نکرة فی سیاق النفی فیعم، و معه (3) یخص العام بالمخصص المفصل (4)، و المناقشة لفظیة (5). و الأقوی المشهور.

ثم اختلف القائلون بقتله، فمنهم من جعله قودا کالشیخ و من تبعه، فأوجبوا رد الفاضل من دیته.

و منهم من جعله حدا، لفساده، و هو العلامة فی المختلف، و قبله ابن الجنید و أبو الصلاح.

و یمکن الجمع بین الحکمین (6) فیقتل لقتله و إفساده، و یرد الورثة الفاضل.

و تظهر فائدة القولین (7) فی سقوط القود بعفو الولی، و توقفه علی طلبه (8) علی الأول، دون الثانی. و علی الأول (9) ففی توقفه علی طلب جمیع أولیاء المقتولین (1)أی فی جواب العلامة.

(2)أی خبر محمد بن قیس.

(3)مع العموم.

(4)فکیف جعله العلامة مطلقا محمولا علی مقیده، بل عاما محمولا علی مخصصه.

(5)بل قد یطلق لفظ المطلق علی العام فی بعض الأحیان بحسب ما له من المعنی اللغوی.

(6)و ظاهر الأخبار أن قتله قصاصا خصوصا خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا قتل المسلم النصرانی، فأراد أهل النصرانی أن یقتلوه قتلوه و أدّوا فضل ما بین الدیتین) المحمول علی المتقوّد، فلو کان حدا فلا معنی لرد فاضل دیته و لا لکون قتله بید أهل المقتول النصرانی بل بید الحاکم، هذا من جهة و من جهة أخری فإذا ضعف القول بکونه حدا یظهر ضعف قول الشارح بالجمع بین الحکمین و لذا قال فی الجواهر: «و من الغریب ما فی الروضة من احتمال القول بالقتل حدا مع رد فاضل الدیة، إذ هو - مع أنه إحداث قول یمکن دعوی الإجماع المرکب علی خلافه، و إن سبقه إلیه الکرکی فی حاشیة الکتاب - غیر واضح الوجه و مناف لما سمعته من النصوص».

(7)فعلی القول بقتله قصاصا یسقط القتل بعفو الولی، و یتوقف القتل علی طلبه، و علی القول بکونه حدا فیجب قتله علی کل حال و بید الحاکم.

(8)أی توقف القود علی طلب الولی.

(9)أی علی القول بکون قتله قصاصا، فلا یقتل إلا إذا کان معتادا کما هو المفروض، و لازمه أنه قد قتل جماعة من الکفار حتی یصدق الاعتیاد فی حقه، و حینئذ فهل المعتبر طلب جمیع أولیاء المقتولین أو طلب ولی المقتول الأخیر الذی قد قتله بعد الاعتیاد، -

ص:490

أو الأخیر خاصة وجهان، منشؤهما: کون قتل الأول جزء من السبب، أو شرطا فیه. فعلی الأول الأول، و علی الثانی الثانی. و لعله أقوی.

و یتفرع علیه أن المردود علیه هو الفاضل عن دیات جمیع المقتولین، أو عن دیة الأخیر. فعلی الأول الأول أیضا و علی الثانی الثانی.

و المرجع فی الاعتیاد إلی العرف (1) و ربما یتحقق بالثانیة، لأنه مشتق من العود (2) فیقتل فیها (3)، أو فی الثالثة. و هو الأجود، لأن الاعتیاد شرط فی القصاص فلا بد من تقدمه علی استحقاقه.

(و یقتل الذمی بالذمی) (4) و إن اختلفت ملتهما کالیهودی و النصرانی (و بالذمیة (5) مع الرد) أی رد أولیاؤها علیه فاضل دیته عن دیة الذمیة و هو نصف دیته (و بالعکس) (6)...

-وجهان مبنیان علی أن الاعتیاد هل هو جزء فی سبب قتله أو شرط، فإن قلنا إنه جزء السبب، فیکون قتل کل واحد منهم جزءا لأن جزء الجزء جزء فیکون القتل متوقفا علی طلب الجمیع.

و إن قلنا إنه شرط للسبب لأن السبب هو قتل الذمی بعد الاعتیاد، فالقتل حینئذ متوقفا علی طلب ولی الأخیر فقط. إلا أن ظاهر النصوص هو رضا ولی المقتول الأخیر فقط.

(1)کما فی کل لفظ لیس للشارع فیه مصطلح خاص.

(2)و یتحقق العود بالثانیة فیجب قتله فی الثالثة حینئذ.

(3)أی فی الثانیة، و هو لیس فی محله لأن قتله بعد الاعتیاد.

(4)و إن اختلفت ملتهما، بلا خلاف فیه، لقوله تعالی: اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (1) و لخبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أن أمیر المؤمنین علیه السّلام کان یقول: یقتص الیهودی و النصرانی و المجوسی بعضهم من بعض، و یقتل بعضهم بعضا إذا قتلوا عمدا)(2).

(5)أی یقتل الذمی بالذمیة، بلا خلاف لنفس الأدلة السابقة، بعد ردّ فاضل دیته علی أولیائه، کما یقتل المسلم بالمسلمة بعد ردّ فاضل الدیة علی أولیائه.

(6)أی تقتل الذمیة بالذمی، بلا خلاف فیه لنفس الأدلة السابقة، و لا یستحق ولی المقتول-

ص:491


1- (1) المائدة الآیة: 45.
2- (2) الوسائل الباب - 48 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.

تقتل الذمیة بالذمی مطلقا (1)(و لیس علیها غرم) کالمسلمة إذا قتلت بالمسلم، لأن الجانی لا یجنی علی أکثر من نفسه.

(و یقتل الذمی بالمسلم (2) و یدفع ماله) الموجود علی ملکه حالة القتل (3) -ظلما إذا أراد القتل إلا نفس الجانی لما ورد فی خبر هشام بن سالم: (لا یجنی الجانی علی أکثر من نفسه)(1).

(1)أی بدون رد.

(2)لو قتل الذمی مسلما عمدا، رفع القاتل و ماله إلی أولیاء المقتول، و هم مخیرون بین قتله و استرقاقه علی المشهور، و یدل علیه خبر ضریس الکناسی عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی نصرانی قتل مسلما فلما أخذ أسلم، قال: اقتله به، قیل: و إن لم یسلم، قال: یدفع إلی أولیاء المقتول فإن شاءوا قتلوا، و إن شاءوا عفوا، و إن شاءوا استرقوا، قیل: و إن کان معه عین - مال - قال: دفع إلی أولیاء المقتول هو و ماله)(2).

بلا فرق فی ماله بین المساوی لفاضل دیة المسلم و الزائد علیه لعموم الأخبار خلافا للصدوق من جواز الأخذ من ماله بمقدار التفاوت بین دیة المسلم و الذمی، و لا فرق بین کون المال مما ینقل و غیره للإطلاق.

هذا و قد وقع الخلاف بین المشهور فی أن أخذ ماله هل لکونه قد خرج عن الذمة بقتله المسلم عمدا، و لما خرج صار حربیا فیجوز قتله أو استرقاقه و أخذ ماله کما ذهب إلیه الفاضل الهندی و ابن زهرة و غیرهما، أو أن جواز الأخذ لماله لکونه حکما لقتله المسلم کما هو ظاهر النص المتقدم، و إلا لو کان أخذ ماله لکونه خارجا عن الذمة لجاز لغیر أولیاء المقتول أخذ ماله و هو علی خلاف الفتوی و النص، و ذهب ابن إدریس إلی عدم جواز أخذ ماله إن أرادوا قتله، نعم إن استرقوه فهو و ماله لأولیاء المقتول لأن العبد و ما یملک لمولاه.

و وقع الخلاف بینهم أیضا فی استرقاق ولده الصغار، فذهب المفید و سلار و ابن حمزة إلی استرقاقهم للتبعیة لأبیهم المسترق لأنه صار حربیا بقتله المسلم و الحربی یجوز استرقاقه هو و أولاده الصغار، و غیرهم علی العدم و لا یجوز استرقاقهم لاستصحاب حریتهم و لمنع التبعیة لأن جنایة الأب لا تتخطاه إذ لا تزر وازرة وزر أخری و لخلو النص المتقدم عن ذلک مع أنه فی مقام البیان، و مما تقدم تعرف أنه لم یخرج عن أحکام الذمة فیبقی أولاده کذلک.

(3)ظاهره حال الجنایة مع أن ظاهر النصوص أن یدفع هو و ماله حال القصاص.

ص:492


1- (1) الوسائل الباب - 33 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 10.
2- (2) الوسائل الباب - 49 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.

(و ولده الصغار) غیر المکلفین (1)(إلی أولیاء المسلم) علی وجه الملک (علی قول) الشیخ المفید و جماعة، و ربما نسب إلی الشیخ أیضا. و لکن قال المصنف فی الشرح: إنه لم یجده فی کتبه.

و إنما نسب الحکم إلی القول، لعدم ظهور دلالة علیه، فإن روایة ضریس التی هی مستند الحکم خالیة عن حکم أولاده، و أصالة حریتهم لانعقادهم علیها.

و عموم: «لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری » (2) ینفیه. و من ثم رده ابن إدریس و جماعة.

و وجّه القول بأن الطفل یتبع أباه فإذا ثبت له الاسترقاق شارکه فیه، و بأن المقتضی لحقن دمه و احترام ماله و ولده: هو التزامه بالذمة و قد خرقها بالقتل فیجری علیه أحکام أهل الحرب.

و فیه: إن ذلک یوجب اشتراک المسلمین فیهم، لأنهم فیء أو اختصاص الإمام علیه السّلام بهم، لا اختصاص أولیاء المقتول.

و الأجود: الاقتصار علی ما اتفق علیه الأصحاب و وردت به النصوص من جواز قتله، و العفو، و الاسترقاق له، و أخذ ماله.

(و للولی استرقاقه إلا أن یسلم) قبله (3)(فالقتل لا غیر) لامتناع استرقاق المسلم ابتداء، و أخذ ماله باق علی التقدیرین (4).

(1)لأن المکلف یخرج عن تبعیة أبویه، فلو أسلم أو کفر یترتب علیه حکمه و إن کان علی خلاف ما ذهب إلیه أبواه.

(2)الأنعام الآیة: 164.

(3)أی قبل الاسترقاق فیتعین إما القتل و إما العفو، بلا إشکال فیه و لا خلاف و یدل علیه حسنة عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی نصرانی قتل مسلما فلما أخذ أسلم، قال: اقتله به، قیل: فإن لم یسلم قال یدفع إلی أولیاء المقتول هو و ماله)(1) و خبر ضریس المتقدم.

(4)أسلم أو لم یسلم، غایته مع عدم الإسلام یؤخذ ماله و یسترق، و فیه: إن جواز أخذ ماله مبنی علی فرض عدم إسلامه کما نص علیه الخبر فإذا أسلم فلا یجوز أخذ ماله لأنه لا-

ص:493


1- (1) الوسائل الباب - 49 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.

(و لو قتل الکافر مثله ثم أسلم القاتل (1) فالدیة) علیه لا غیر (إن کان المقتول ذمیا)، لامتناع قتل المسلم بالکافر فی غیر ما استثنی (2)، و لو کان المقتول الکافر غیر ذمی (3) فلا قتل علی قاتله مطلقا، و لا دیة.

(و ولد الزنا (4) إذا بلغ و عقل و أظهر الإسلام مسلم یقتل به ولد الرشیدة) بفتح الراء و کسرها: خلاف ولد الزنا، و إن کان لشبهة، لتساویهما فی الإسلام، و لو قتله قبل البلوغ لم یقتل به. و کذا لا یقتل به المسلم مطلقا (5) عند من یری أنه کافر و إن أظهر الإسلام.

(و یقتل الذمی بالمرتد) (6) فطریا کان أم ملیا. لأنه محقون الدم بالنسبة إلیه، لبقاء علقة الإسلام (7)، و کذا العکس علی الأقوی (8) لتساویهما فی أصل الکفر، -یحل مال امرئ مسلم إلا عن طیب نفس، نعم یتعین قتله قصاصا و هذا اقتصر علیه خبرا ضریس و ابن سنان.

(1)فلا یقتل به لعدم المساواة، بلا خلاف و لا إشکال، و یلزم القاتل الدیة إذا کان المقتول ذا دیة، و أما إذا کان حربیا فلا شیء علی القاتل لجواز قتل الحربی کما تقدم.

(2)من صورة الاعتیاد.

(3)أی کان حربیا فلا شیء علی قاتله سواء کان قاتله مسلما أو لا، معاهدا أو ذمیا، و لا شیء علیه من قتل أو دیة لأن الحربی مهدور الدم.

(4)فلو قتل ولد الزنا ولد الرشیدة، فإنه یقتل به لتساویهما فی الإسلام، نعم من حکم بکفره و أنه أظهر الإسلام لا یقتله به لعدم التساوی، و بناء علی الأول فلا بد من اشتراط البلوغ و العقل فی ولد الزنا حین القتل العمدی لیکون مسلما ذا تکلیف، و أما ما قبل البلوغ و الإسلام فهو لیس بمسلم إلا بالتبعیة و المفروض أنه منفی شرعا عمن تولد منه أبا و أما.

(5)سواء کان قبل البلوغ أو بعده فلا یقتل المسلم به عند من یحکم بکفره بعد البلوغ کابن إدریس.

(6)و لو کان المرتد عن فطرة، بلا خلاف و لا إشکال، لأن المرتد محقون الدم بالنسبة إلیه فیندرج تحت عموم أدلة القصاص و إن کان مباح الدم بالنسبة للمسلمین.

و عن الشافعیة أنه لا یقتل به لأنه مباح الدم فلا یجب القصاص بقتله کما لا یجب القصاص بقتل الذمی حربیا.

(7)و لذا یجب علیه قضاء ما فاته من العبادات حال الردة.

(8)أی یقتل المرتد بالذمی، فقد تردد العلامة فی القواعد بقتله، لأن المرتد متحرم بالإسلام -

ص:494

کما یقتل الیهودی بالنصرانی، أما لو رجع الملی إلی الإسلام فلا قود، و علیه دیة الذمی.

(و لا یقتل به المسلم) (1) و إن أساء بقتله، لأن أمره إلی الإمام علیه السّلام (و الأقرب: أن لا دیة) للمرتد مطلقا (2) بقتل المسلم له (أیضا) لأنه بمنزلة الکافر (3) الذی لا دیة له، و إن کان قبل استتابة الملی (4)، لأن مفارقته للکافر بذلک (5) لا یخرجه عن الکفر، و لأن مقدر الدیة شرعی فیقف ثبوتها علی الدلیل -و لذا یجب علیه قضاء ما فاته حال الردة، و کذلک یمنع أن یرثه الذمی و لا یجوز استرقاقه و یمنع أن ینکح الذمیة و هذه اللوازم کاشفة عن أنه أشرق من الذمی و أن الذمی أسوأ حالا منه، فلا یقتل به لعدم التساوی فی الدین.

و ذهب العلامة فی التحریر و الإرشاد و الشیخ فی الخلاف و المبسوط و المحقق فی الشرائع و غیرهم إلی أن المرتد یقتل بالذمی للتساوی فی الکفر کما یقتل الیهودی بالنصرانی لأنهما من ملة واحدة باعتبار أن الکفر ملة واحدة.

نعم لو رجع المرتد إلی الإسلام فلا یقتل بالذمی و إن صدرت الجنایة حال ردته لعموم (لا یقاد مسلم بذمی)(1)، و لکن علیه دیة الذمی.

(1)أی لو قتل المسلم مرتدا فلا یقتل به قطعا بلا خلاف و لا إشکال لعدم التساوی فی الدین.

و وقع الخلاف فی الدیة، فعن المحقق و العلامة أنه لا دیة علی المسلم لأن المرتد مباح الدم، و إن کان قتله إلی الإمام فقتله من دون إذنه یوجب إثما و لا یوجب دیة. و یحتمل وجوب الدیة لأنه محقون الدم بالنسبة إلی غیر الإمام، و هو ضعیف لأن الإمام لا یقتله بعنوان حق خاص بل لکونه مباح الدم، غایته اشتراط إذن الإمام لعدم لزوم الهرج و المرج لو جوزنا القتل بدون إذنه.

(2)فطریا کان أو ملّیا.

(3)استدل الشارح علی عدم وجوب الدیة بقتل المرتد بدلیلین:

الأول: إن المرتد کافر فیأخذ حکمه، و الکافر لا دیة له إلا ما خرج بالدلیل کالذمی.

الثانی: إن الدیة تقدیر شرعی لا تثبت إلا بدلیل، و المفروض عدمه فنتمسک بالبراءة.

(4)لأنه کافر حینئذ، و لا دیة لکافر.

(5)أی بالاستتابة.

ص:495


1- (1) الوسائل الباب - 47 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 5.

الشرعی و هو منتف، و یحتمل وجوب دیة الذمی (1) لأنه أقرب منه إلی الإسلام.

فلا أقل من کون دیته کدیته، مع أصالة البراءة من الزائد. و هو ضعیف (2).

و منها انتفاء الأبوة

(و منها انتفاء الأبوة (3) - فلا یقتل الوالد و إن علا (4) بابنه) و إن نزل لقوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «لا یقاد لابن من أبیه» (5) و البنت کالابن إجماعا، أو بطریق أولی (6)، و فی بعض الأخبار عن الصادق علیه السّلام: «لا یقتل والد بولده و یقتل الولد (1)أی و یحتمل وجوب دیة المرتد، و قد تقدم دلیله مع تضعیفه، غایته أن دیة المرتد هی دیة الذمی و ذلک لأن المرتد أشرف حالا من الذمی لبقاء علقة الإسلام فیه فتثبت دیة الذمی فی حقه قطعا و الزائد مشکوک ننفیه بالبراءة.

(2)أی احتمال الدیة.

(3)أی و من شرائط القصاص أن لا یکون القاتل أبا للمقتول، فلو قتل الوالد ولده لا یقتل به بلا خلاف فیه للأخبار منها: صحیح حمران عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لا یقاد والد بولده، و یقتل الولد إذا قتل والده عمدا)(1).

و صحیحة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن الرجل یقتل ابنه أ یقتل به، قال:

لا)2.

و خبر الفضیل بن یسار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: الفضیل (لا یقتل الرجل بولده إذا قتله، و یقتل الولد بوالده إذا قتل والده)3.

نعم علی الوالد کفارة القتل و هی کفارة الجمع لعموم أدلتها، و یعزره الحاکم بما یراه لخبر جابر عن أبی جعفر علیه السّلام (فی الرجل یقتل ابنه أو عبده، قال: لا یقتل به و لکن یضرب ضربا شدیدا و ینفی عن مسقط رأسه)(2) و هو محمول علی ما لو رآه الحاکم مصلحة.

(4)أی الجد و أبیه و هکذا، کما صرح به غیر واحد بناء علی إطلاق لفظ الأب علیهم لغة و عرفا، و تردد المحقق فی ذلک و اقتصر علی الأب الأدنی لکونه المتبادر من النصوص.

(5)الوسائل الباب - 32 - من أبواب القصاص حدیث 11، و الحدیث: (یا علی لا یقتل والد بولده).

(6)فالوالد لا یقتل بالابن مع أنهما ذکران، فعدم قتله بالبنت مع أن دیتها نصف دیة الذکر أولی.

ص:496


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 32 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1 و 2 و 3.
2- (4) الوسائل الباب - 32 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 9.

بوالده» (1) و هو شامل للأنثی و علّل أیضا (2) بأن الأب کان سببا فی وجوب الولد، فلا یکون الولد سببا فی عدمه، و هو لا یتم فی الأم.

(و یعزر) الوالد بقتل الولد (و یکفّر، و تجب الدیة) لغیره من الورثة (3)(و یقتل باقی الأقارب (4) بعضهم ببعض کالولد بوالده، و الأم بابنها) و الأجداد من قبلها (5)، و إن کانت لأب، و الجدات مطلقا (6)، و الأخوة و الأعمام، و الأخوال و غیرهم.

و لا فرق فی الوالد بین المساوی لولده فی الدین و الحریة، و المخالف فلا یقتل الأب الکافر بولده المسلم، و لا الأب العبد بولده الحر للعموم و لأن المانع شرف الأبوة. نعم لا یقتل الولد المسلم بالأب الکافر، و لا الحر بالعبد، لعدم التکافؤ.

و منها کمال العقل

(و منها کمال العقل (7) - فلا یقتل المجنون بعاقل و لا مجنون) سواء کان (1)و هو خبر الفضیل الآخر، غیر الخبر المتقدم، الوسائل الباب - 32 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 4.

(2)أی علل عدم قتل الوالد بولده، لأنه سبب فی وجود الولد فلا یحسن أن یصیر الولد سببا فی عدم الوالد، و هذا التعلیل من العامة و هو منقوض بالأم، فالأم سبب فی وجود الولد مع أنها تقتل به بلا خلاف فیه بیننا لعموم ما دلّ علی القصاص، و عدم المخصص إذ الأخبار أخرجت الأب فقط.

و عن الإسکافی منا و العامة أنها لا تقتل به قیاسا علی الأب و هو مردود لحرمة القیاس.

(3)لأن القتل مانع من الإرث کما تقدم فی کتاب الإرث، و الدیة من جملة مال المقتول.

(4)بلا خلاف لعموم أدلة القصاص و عدم شمول المخصص إلا للأب، و خالف الإسکافی منا و العامة فاستثنوا الجدات قیاسا علی الأجداد.

(5)أی من قبل الأم، و إن کانت الأجداد من قبلها من ناحیة أبیها.

(6)جدات لأم أو لأب.

(7)أی و من شرائط القصاص کمال العقل، فلا یقتل المجنون لو قتل عاقلا بلا خلاف، لحدیث رفع القلم، و لأخبار خاصة فی المقام منها: صحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام:

(کان أمیر المؤمنین علیه السّلام یجعل جنایة المعتوه علی عاقلته خطأ کان أو عمدا)(1).

ص:497


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب العاقلة من کتاب الدیات حدیث 1.

الجنون دائما أم أدوارا إذا قتل حال جنونه (و الدیة) ثابتة (علی عاقلته)، لعدم قصده القتل فیکون کخطإ العاقل، و لصحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام قال: «کان أمیر المؤمنین علیه السّلام یجعل جنایة المعتوه علی عاقلته خطأ کان أو عمدا».

و کما یعتبر العقل فی طرف القاتل کذا یعتبر فی طرف المقتول (1). فلو قتل العاقل مجنونا لم یقتل به، بل الدیة إن کان القتل عمدا، أو شبهه و إلا فعلی العاقلة (2). نعم لو صال المجنون علیه و لم یمکنه دفعه إلا بقتله فهدر (3).

-و خبر إسماعیل بن زیاد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أن محمد بن أبی بکر کتب إلی أمیر المؤمنین علیه السّلام یسأله عن رجل مجنون قتل رجلا عمدا، فجعل الدیة علی قومه، و جعل خطأه و عمده سواء)(1).

و الأخبار مطلقة سواء کان المقتول مجنونا أو عاقلا، و سواء کان القاتل مجنونا مطبقا أو أدواریا بشرط صدور الفعل منه حال الجنون.

(1)فلا یقتل العاقل بالمجنون بلا خلاف فیه، لصحیح أبی بصیر: (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن رجل قتل رجلا مجنونا، قال: إن کان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فلا شیء علیه من قود و لا دیة، و یعطی ورثته الدیة من بیت مال المسلمین، و إن کان قتله من غیر أن یکون المجنون أراده فلا قود لمن لا یقاد منه، و أری أن علی قاتله الدیة فی ماله یدفعها إلی ورثة المجنون و یستغفر اللّه (عز و جل) و یتوب إلیه)(2).

(2)بلا خلاف فی کل ذلک و لا إشکال و یقتضیه الخبر المتقدم و القواعد.

(3)ظاهره أنه لا دیة له و هو المشهور، و عن المفید و ابن سعید أن الدیة من بیت مال المسلمین لخبر أبی بصیر المتقدم و لخبر أبی الورد: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام أو لأبی جعفر علیهما السّلام: أصلحک اللّه، رجل حمل علیه رجل مجنون فضربه المجنون ضربة، فتناول الرجل السیف من المجنون فضربه فقتله، فقال: أری أن لا یقتل به و لا یغرم دیته و تکون دیته علی الإمام، و لا یبطل دمه)(3) و قد أعرض المشهور عن الذیل الموجب للدیة علی الإمام، لأن المجنون محارب، و دفع المحارب لا یوجب دیة إن توقف علی قتله کما تقدم فی مسألة المحارب.

ص:498


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب العاقلة من کتاب الدیات حدیث 5.
2- (2) الوسائل الباب - 28 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 28 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 2.

(و لا یقتل الصبی ببالغ) و لا صبی (1)(بل تثبت الدیة علی عاقلته) بجعل عمده خطأ محضا إلی أن یبلغ و إن میّز، لصحیحة محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: «عمد الصبی و خطؤه واحد» و عنه (2) أن علیا علیه السّلام کان یقول: «عمد الصبیان خطأ تحمله العاقلة» و اعتبر فی التحریر مع البلوغ الرشد و لیس بواضح (3).

(و یقتل البالغ بالصبی) (4)...

-و فیه: یحتمل الفرق بین المحارب العاقل و المجنون و یکفی فی إثباته هذان الخبران واحدهما صحیح.

(1)لأن البلوغ شرط فی القصاص بلا خلاف، لحدیث رفع القلم و لأخبار خاصة منها:

صحیح محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (عمد الصبی و خطأه واحد)(1).

و خبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام: (أن علیا علیه السّلام کان یقول: عمد الصبیان خطأ یحمل علی العاقلة)2.

و عن الشیخین و الصدوقین أنه یقتص منه إذا بلغ خمسة أشبار لروایة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن أمیر المؤمنین علیه السّلام سئل عن رجل و غلام اشترکا فی قتل رجل، فقال: إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتص منه، و إن لم یکن قد بلغ خمسة أشبار قضی بالدیة)3.

و عن الشیخ فی النهایة و المبسوط و الاستبصار أنه یقتص منه إذا بلغ عشرا، اعتمادا علی روایة تدل علی ذلک، و قد اعترف فی الجواهر بعدم عثوره علیها و قال: «إنه لم نظفر بها مسندة کما اعترف به غیر واحد من الأساطین». نعم فی روایة سلیمان بن حفص و الحسن بن راشد عن العسکری علیه السّلام: (إذا بلغ ثمان سنین فجائز أمره فی ماله و قد وجبت علیه الفرائض و الحدود)(2) إلا أنه لا عامل بها.

و قال الشارح فی المسالک: «و الحق أن هذه الروایات مع ضعف سندها شاذة مخالفة للأصول الممهدة، بل لما أجمع علیه المسلمون إلا ما شذّ فلا یلتفت إلیها».

(2)عن أبی عبد اللّه علیه السّلام.

(3)قال فی الجواهر: «لا وجه له إلا أن یرید به کمال العقل لا الرشد بالمعنی المصطلح».

(4)وفاقا للمشهور، و هو المذهب کما فی المسالک، و لم یخالف إلا أبو الصلاح.-

ص:499


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 11 - من أبواب العاقلة حدیث 2 و 3 و 4.
2- (4) الوسائل الباب - 15 - من أبواب الوقوف و الصدقات حدیث 4.

علی أصح القولین، لعموم «اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ» (1) و أوجب أبو الصلاح فی قتل البالغ (2) الدیة کالمجنون لاشتراکهما فی نقصان العقل، و یضعف بأن المجنون خرج بدلیل خارج و إلا کانت الآیة متناولة له بخلاف الصبی مع أن الفرق بینهما متحقق.

(و لو قتل العاقل) من یثبت علیه بقتله القصاص (ثم جنّ (3) اقتصّ منه) و لو حالة الجنون، لثبوت الحق فی ذمته عاقلا، فیستصحب کغیره من الحقوق.

و منها أن یکون المقتول محقون الدم

(و منها أن یکون المقتول محقون الدم) (4) أی غیر مباح القتل شرعا (فمن أباح) -و مستند المشهور عموم أدلة القصاص و لمرسل بن فضال عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کل من قتل شیئا صغیرا أو کبیرا بعد أن یتعمد فعلیه القود)(1)، و هو منجبر بعمل الأصحاب.

و مستند أبی الصلاح قد اختلف فیه، فعن کشف اللثام لم نظفر له بمستند، و فی المسالک أن الدلیل هو قیاسه علی العاقل لو قتل مجنونا لاشتراکهما فی نقص فی العقل، و ردّ أنه قیاس لا نقول به بالإضافة إلی وجود الفارق و هو أن الصبی عنده عقل بخلاف المجنون.

و الحق أن المستند هو التعلیل فی خبر أبی بصیر المتقدم فی قتل المجنون حیث ورد فیه:

(فلا قود لمن لا یقاد منه)(2) و هو عام یشمل المجنون و الصبی فلا یکون استدلاله قیاسا.

(1)المائدة الآیة: 45.

(2)من باب إضافة المصدر إلی فاعله، و المفعول هو الصبی.

(3)لم یسقط القود بلا خلاف، سواء ثبت القتل بالبینة أو بالإقرار للاستصحاب، و لخبر برید العجلی: (سئل أبو جعفر عن رجل قتل رجلا عمدا فلم یقم علیه الحد و لم تصح الشهادة حتی خولط و ذهب عقله، ثم إن قوما آخرین شهودا علیه بعد ما خولط أنه قتله.

فقال: إن شهدوا علیه أنه قتله حین قتله و هو صحیح لیس به علة من فساد عقل قتل به، و إن لم یشهدوا علیه بذلک و کان له مال یعرف دفعت إلی ورثة المقتول الدیة من مال القاتل، و إن لم یترک مالا أعطی الدیة من بیت المال، و لا یبطل دم امرئ مسلم)(3)، و عن بعض العامة المنع من الاقتصاص منه ما دام مجنونا.

(4)أی و من شرائط القصاص أن یکون المقتول محقون الدم بالنسبة للقاتل، و هو احتراز عن-

ص:500


1- (1) الوسائل الباب - 31 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 4.
2- (2) الوسائل الباب - 28 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 29 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.

(الشرع قتله) لزناء، أو لواط، أو کفر (لم یقتل به) قاتله و إن کان بغیر إذن الإمام، لأنه مباح الدم فی الجملة و إن توقفت المباشرة علی إذن الحاکم فیأثم بدونه خاصة.

و الظاهر عدم الفرق بین استیفائه (1) بنوع القتل الذی عینه الشارع کالرجم و السیف، و غیره لاشتراک الجمیع فی الأمر المطلوب شرعا و هو إزهاق الروح.

(و لو قتل من وجب علیه قصاص غیر الولی قتل به) لأنه محقون الدم بالنسبة إلی غیره (2).

القول فی ما یثبت به القتل و هو ثلاثة

اشارة

(القول فی ما یثبت به القتل) (و هو ثلاثة (3): الإقرار به، و البینة علیه، و القسامة) بفتح القاف و هی الأیمان یقسّم علی أولیاء الدم. قاله الجوهری.

فی الإقرار

(فالإقرار یکفی فیه المرة) (4)، لعموم «إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز» و هو -مباح الدم شرعا کالمرتد و الزانی و اللائط و من ثبت علیه الحد، فإن قتله لا یوجب القصاص علی القاتل و إن کان آثما لکونه بغیر إذن الإمام، فلا قود علی القاتل لأن المقتول مباح الدم فی الجملة.

(1)أی استیفاء القتل الذی أباحه الشارع.

(2)أی غیر ولی الدم، فیکون قتله عدوانا موجبا للقصاص.

(3)حصره بالثلاثة مما لا خلاف فیه و لا إشکال، و سیأتی دلیل کل واحد منها.

(4)وفاقا للأکثر لعموم (إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز)(1)، و لخبر الحسن بن صالح:

(سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل وجد مقتولا، فجاء رجلان إلی ولیه، فقال أحدهما:

أنا قتلته عمدا، و قال الآخر: أنا قتلته خطأ، فقال: إن هو أخذ بقول صاحب العمد فلیس له علی صاحب الخطأ سبیل، و إن أخذ بقول صاحب الخطأ فلیس له علی صاحب العمد سبیل)(2)، الظاهر منه قبول الإقرار مرة واحدة، و مثله غیره من الأخبار.

و ذهب الشیخ و ابنا إدریس و البراج و یحیی بن سعید و الطبرسی إلی أنه یشترط فیه التعدد،-

ص:501


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب الإقرار حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 3 - من أبواب دعوی القتل حدیث 1.

یتحقق بالمرة حیث لا دلیل علی اعتبار التعدد.

و قیل: تعتبر المرتان و هو ضعیف (و یشترط فیه أهلیة المقر) (1) بالبلوغ و العقل (و اختیاره و حریته) فلا عبرة بإقرار الصبی و المجنون و المکره و العبد ما دام رقا و لو بعضه، إلا أن یصدّقه مولاه فالأقرب القبول (2) لأن سلب عبارته هنا إنما کان لحق المولی حیث کان له نصیب فی نفسه فإذا وافقه زال المانع. مع وجود المقتضی و هو: قبول إقرار العقلاء علی أنفسهم.

و وجه عدم القبول مطلقا (3): کونه مسلوب أهلیة الإقرار کالصبی -عملا بالاحتیاط فی الدماء، و لأنه لا ینقص عن الإقرار بالسرقة الذی یشترط فیه التعدد ففیه أولی.

و ردّ بأن الاحتیاط معارض بالاحتیاط بعدم بطلان دم امرئ مسلم، و عن الثانی أنه قیاس لا نقول به.

(1)أی و یشترط فی المقر أهلیة المقر من البلوغ لسلب عبارة الصبی شرعا لحدیث رفع القلم، و من العقل لحدیث رفع القلم، و من الاختیار لحدیث الرفع، و علیه فلا عبرة بإقرار الصبی و إن کان مراهقا و لا المجنون و لا المکره و لا الساهی و الغافل و النائم و السکران.

و یشترط فی المقر الحریة، فلا عبرة بإقرار العبد لأنه إقرار فی حق المولی مع أن الإقرار نافذ فی حق نفسه، و لخبر أبی محمد الوابشی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن قوم ادعوا علی عبد جنایة تحیط برقبته فأقر العبد بها، فقال: لا یجوز إقرار العبد علی سیده)(1) و لا فرق فی العبد بین القن و أم الولد و المدبر و المکاتب، و إن انعتق بعضه، نعم مع عتق البعض ینفذ إقراره بمقدار نصیبه من الحریة لکن لا یقاد منه، بل تؤخذ الدیة منه بحساب حریته.

(2)لوجود المقتضی و عدم المانع، أما الأول فهو ثبوت الإقرار، و أما الثانی فلأن المانع هو کونه فی حق الغیر، و مع تصدیق المولی فیکون قد أذن السید لعبده بالتصرف فی نفسه.

(3)سواء صدقه المولی أو لا، و هو لیس قولا لأحد، و إنما هو احتمال و قد وجّهه الشارح من کون العبد مسلوب العبارة کالصبی فإقراره کالعدم، هذا فضلا عن أن تصدیق المولی لا أثر له إذ لیس للمولی قطع العبد أو جرحه فکیف یکون تصدیق المولی إقرارا فی حق عبده الموجب لقطعه.-

ص:502


1- (1) الوسائل الباب - 41 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 3.

و المجنون، لأن العبودیة صفة مانعة منه کالصبا، و لأن المولی لیس له تعلق بدم العبد، و لیس له جرحه، و لا قطع شیء من أعضائه فلا یقبل مطلقا.

و لا فرق فی ذلک بین القن و المدبر، و أم الولد، و المکاتب و إن انعتق بعضه کمطلق المبعض (1). نعم لو أقر بقتل یوجب علیه الدیة لزمه منها بنسبة ما فیه من الحریة، و لو أقر بالعمد (2) ثم کمل عتقه اقتص منه لزوال المانع.

(و یقبل إقرار السفیه و المفلس بالعمد) (3)، لأن موجبه القود و إنما حجر علیهما فی المال فیستوفی منهما القصاص فی الحال.

(و لو أقرّا بالخطإ (4) الموجب للمال علی الجانی لم یقبل من السفیه) مطلقا (5) (و یقبل من المفلس) لکن لا یشارک المقر له الغرماء علی الأقوی و قد تقدم فی بابه.

(و لو أقر واحد بقتله عمدا، و آخر بقتله خطأ تخیر الولی) (6) فی تصدیق من -و فی الدلیلین ضعف لأنهما علی خلاف ظاهر خبر الوابشی المتقدم من کون المنع من نفوذ إقرار العبد لکونه فی حق سیده، و هذا یقتضی أن إقراره یقتضی النفوذ لو لا المانع، فإذا صدّقه المولی فیرتفع المانع فلا بدّ أن یؤثر المقتضی أثره.

(1)و إن کان تبعضه لیس بالمکاتبة، کما لو کان مشترکا بین اثنین و أعتق أحدهما نصیبه منه.

(2)أی لو أقر المبعّض بالعمد ثم کمل عتقه بعد إقراره، فینفذ إقراره فی حقه لوجود المقتضی من الإقرار، و عدم المانع لارتفاع حق الغیر فیه بارتفاع العتق.

(3)أی یقبل إقرار المحجور علیه بالقتل العمدی، لأن المحجور علیه ممنوع من التصرف المالی و موجب العمد هو القتل و هو لیس ممنوعا من التصرف فی نفسه، فتشمله عمومات أدلة القصاص، و یستوفی منه القصاص من غیر انتظار لفک حجره، سواء کان حجره لسفه أو فلس.

(4)الشبیه بالعمد الموجب لثبوت الدیة علیه لا علی العاقلة، فیثبت المال فی ذمته بإقراره بالقتل إذا کان الحجر لفلس لأن الحجر إنما هو تحفظا علی حق الغرماء، و أما إذا کان الحجر لسفیه فلا ینفذ إقراره لأن الحجر إنما هو للمنع من التصرف المالی مطلقا لأنه غیر صالح للتصرف.

ثم إذا أقرّ المفلس و ثبتت الدیة فی ذمته فهل یشارک ولی الدم الغرماء فی مال المفلس أو لا، وقع الخلاف بینهم و قد تقدم فی باب الحجر.

(5)لا فی ماله و لا فی ذمته.

(6)فی تصدیق أحدهما، بلا خلاف فیه إلا من ابن زهرة، لأن إقرار کل منهما سبب فی -

ص:503

شاء منهما و إلزامه بموجب جنایته. لأن کل واحد من الإقرارین سبب مستقل فی إیجاب مقتضاه علی المقر به، و لما لم یمکن الجمع تخیر الولی و إن جهل الحال کغیره (1) و لیس له علی الآخر سبیل.

(و لو أقر بقتله عمدا (2) فأقر آخر ببراءة المقر) مما أقر به من قتله (و أنه هو) -إیجاب مقتضاه علی المقرّ به، و لا یمکن الجمع بین الأمرین فلا بد أن یتخیر إن جهل الحال و لیس له علی الآخر سبیل، و لخبر الحسن بن صالح المتقدم، و ذهب ابن زهرة إلی أن الولی بالخیار بین قتل المقرب بالعمد و بین أخذ الدیة منهما نصفین، و هو ضعیف لأنه اجتهاد فی قبال النص، و ذهب بعض العامة إلی قتلهما معا، أو أخذ الدیة منهما و هو واضح الفساد إذ لا دلیل علیه.

(1)من موارد التخییر.

(2)فأقر آخر أنه هو الذی قتله، و رجع الأول عن إقراره، درئ عنهما القصاص و الدیة، و ودی المقتول من بیت المال، کما هو المشهور، بل عن کشف الرموز لا أعرف مخالفا، استنادا إلی روایة علی بن إبراهیم عن أبیه قال: أخبرنی بعض أصحابنا رفعه إلی أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام برجل وجد فی خربة، و بیده سکین ملطخ بالدم و إذا رجل مذبوح یتشحّط فی دمه، فقال له أمیر المؤمنین علیه السّلام: ما تقول؟ قال: أنا قتلته، قال: فاذهبوا به فأقیدوه به، فلما ذهبوا به أقبل رجل مسرعا فقال: لا تعجلوا، و ردوه إلی أمیر المؤمنین علیه السّلام فردوه.

فقال: و اللّه یا أمیر المؤمنین ما هذا قتل صاحبه، أنا قتلته، فقال أمیر المؤمنین علیه السّلام للأول: ما حملک علی إقرارک علی نفسک؟ فقال: یا أمیر المؤمنین، ما کنت أستطیع أن أقول و قد شهد علیّ أمثال هؤلاء الرجال و أخذونی و بیدی سکین متلطخ بالدم و الرجل متشحط فی دمه، و أنا قائم علیه و خفت الضرب فأقررت، و أنا رجل کنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة فأخذنی البول فدخلت الخربة، فوجدت الرجل یتشحط فی دمه فقمت متعجبا، فدخل علیّ هؤلاء فأخذونی.

فقال علیه السّلام: خذوا هذین فاذهبوا بهما إلی الحسن، و قولوا له: ما الحکم فیهما؟

فذهبوا إلی الحسن علیه السّلام و قصوا علیه قصتهما، فقال الحسن علیه السّلام: قولوا لأمیر المؤمنین علیه السّلام: إن کان هذا ذبح هذا فقد أحیا هذا، و قد قال اللّه تعالی: وَ مَنْ أَحْیاها فَکَأَنَّما أَحْیَا النّاسَ جَمِیعاً ، یخلّی عنهما و تخرج دیة المذبوح من بیت المال)(1)-

ص:504


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دعوی القتل حدیث 1.

(القاتل و رجع الأول) عن إقراره (ودی المقتول من بیت المال) إن کان موجودا (و درئ) أی رفع (عنهما القصاص کما قضی به الحسن فی حیاة أبیه علی علیه السّلام) معللا «بأن الثانی إن کان ذبح ذاک فقد أحیا هذا و قد قال اللّه (عزّ و جل): وَ مَنْ أَحْیاها فَکَأَنَّما أَحْیَا النّاسَ جَمِیعاً (1)، و قد عمل بالروایة أکثر الأصحاب مع أنها مرسلة مخالفة للأصل و الأقوی تخییر الولی فی تصدیق أیهما شاء و الاستیفاء منه کما سبق.

و علی المشهور لو لم یکن بیت مال کهذا الزمان أشکل درء القصاص (2) عنهما، و إذهاب حق المقر له، مع أن مقتضی التعلیل ذلک.

و لو لم یرجع الأول عن إقراره فمقتضی التعلیل بقاء الحکم أیضا (3) و المختار التخییر مطلقا (4).

فی البینة

(و أما البینة - فعدلان ذکران) (5). و لا عبرة بشهادة النساء (6)، منفردات و لا -و ناقش فیها الشارح فی المسالک من أنها مرسلة مخالفة للأصل من ثبوت الحق علی أحدهما، و أن الحق لا یعدوهما فکیف یسقط عنهما القصاص، و بعد عدم العمل بالروایة فهذا الفرع مندرج تحت ما لو أقر شخصان فی أن کلاّ منهما قد قتله فیتخیر الولی فی الاستیفاء.

و فیه: إن الروایة علیها عمل الأصحاب کما فی التنقیح و غایة المرام، و عن السرائر نسبتها إلی روایة أصحابنا فهی منجبرة بذلک فلا بد من العمل بها.

(1)المائدة الآیة: 32.

(2)فبعد عدم القصاص و عدم الدیة من المقرین، فکذلک لا دیة له من بیت المال لعدمه و فی هذا إبطال لدم المسلم و هو مخالف للکثیر من النصوص من عدم إبطاله.

و ردّ بأن ظاهر التعلیل فی الخبر: (إن کان هذا ذبح هذا فقد أحیا هذا) یوجب عدم القصاص و إن عدم بیت المال و علیه فتوی المشهور.

(3)من سقوط القصاص و أن الدیة من بیت المال، و فتاوی الأصحاب تقیید الحکم برجوع الأول عن إقراره اقتصارا علی ما خالف الأصل علی المتیقن.

(4)سواء رجع الأول أو لا، و سواء وجد بیت المال أو لا، بناء علی مبناه من عدم الأخذ بالروایة المتقدمة فلا بد من الحکم بکون الولی بالخیار فی الاستیفاء.

(5)بلا خلاف لعموم أدلة البینة و قد تقدم البحث فیه فی باب الشهادات.

(6)أما منفردات فلا خلاف فیه للأخبار منها: خبر محمد بن الفضیل عن الإمام -

ص:505

منضمات، و لا بالواحد مع الیمین (1)، لأن متعلقهما المال (2) و إن عفی المستحق علی مال (3). و قیل: بالشاهد و المرأتین الدیة و هو شاذ.

(و لتکن الشهادة صافیة عن الاحتمال (4)، فلو قال: جرحه، لم یکف حتی یقول: مات من جرحه)، لأن الجرح لا یستلزم الموت مطلقا (5).

(و لو قال: أسأل دمه، تثبت الدامیة خاصة)، لأنها المتیقن من إطلاق -الرضا علیه السّلام: (لا یجوز شهادتهن فی الطلاق و لا فی الدم)(1).

أما لو کن منضمات مع الرجال کرجل و امرأتین فذهب الشیخ و ابن إدریس إلی عدم القبول عملا بالقاعدة المشهورة من کون شهادتهن لا تقبل إلا بالمال أو فیما لا یجوز النظر إلیه للرجال.

و ذهب الشیخ فی المبسوط و المحقق إلی قبول شهادتهن کذلک و یترتب علیه القود، و ذهب الشیخ فی النهایة و ابن الجنید و أبو الصلاح و القاضی و الفاضل فی المختلف إلی أنه یثبت ذلک و لکن تجب به الدیة دون القود.

و هذا الخلاف ناشئ من اختلاف الأخبار فبعضها یدل علی قبول شهادتهن فی الدم کصحیح جمیل بن دراج عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أ تجوز شهادة النساء فی الحدود؟ قال:

فی القتل وحده، إن علیا علیه السّلام کان یقول: لا یبطل دم امرئ مسلم)(2) و بعضها یدل علی عدم القبول فی الدم کصحیح محمد بن الفضیل المتقدم، و قد تقدم البحث فی باب الشهادات فراجع.

(1)کما هو المشهور بل عن الریاض الاتفاق علیه، و تقدم دلیله فی باب الشهادات.

(2)أی متعلق شهادة النساء منضمات و شهادة الواحد مع الیمین.

(3)أی عفا ولی الدم عن القصاص فعفا علی مال و هو الدیة، و مع ذلک لا یثبت بشهادة ما ذکر، لأن المال هنا عرضی و إنما المشهود به هو القتل و موجبه القصاص.

(4)یعتبر فی الشهادة علی الجنایة و غیرها أن تکون مفسّرة و مصرّحة بالغرض، فإذا کانت علی القتل فشرطها أن تضیف الهلاک إلی فعل المشهود علیه، لأن الشهادة هنا علی القتل، و کل شهادة لیست بهذا الشرط فلا تکون شهادة علی القتل کما هو واضح.

(5)قلیلا کان أو کثیرا و ضعیفا کان أو قویا.

ص:506


1- (1) الوسائل الباب - 24 - من أبواب الشهادات حدیث 7.
2- (2) الوسائل الباب - 24 - من أبواب الشهادات حدیث 1.

اللفظ، ثم یبقی الکلام فی تعیین الدامیة فإن استیفاءها مشروط بتعیین محلها فلا یصح بدونه.

(و لا بد من توافقهما علی الوصف الواحد) (1) الموجب لاتحاد الفعل (فلو اختلفا زمانا) بأن شهد أحدهما أنه قتله غدوة، و الآخر عشیّة (أو مکانا) بأن شهد أحدهما أنه قتله فی الدار، و الآخر فی السوق (أو آلة) بأن شهد أحدهما أنه قتله بالسکین و الآخر بالسیف (بطلت الشهادة) لأنها شهادة علی فعلین، و لم یقم علی کل واحد إلا شاهد واحد و لا یثبت بذلک لوث (2) علی الأقوی للتکاذب. نعم لو شهد أحدهما بإقراره و الآخر بالمشاهدة لم یثبت (3) و کان لوثا، لإمکان صدقهما، و تحقق الظن به.

فی القسامة
اشارة

(و أما القسامة (4)...) (1)لا خلاف و لا إشکال فی أنه یشترط فی شهادة الشاهدین تواردها علی الوصف الواحد فی القتل و غیره، فلو شهد أحدهما أنه قتله غدوة و الآخر عشیة، أو بالسکین و الآخر بالسیف، أو بالقتل فی مکان و الآخر فی غیره، لم تقبل شهادتهما لأنه لم یثبت علی فعل واحد شهادة اثنین.

(2)اللوث - کما سیأتی - فیما لو ادعی ولی الدم علی قوم بأنهم قتلوه و کان معه أمارة علی الظن بصدقه کالشاهد الواحد و شهادة النساء و نحو ذلک مما سیأتی تفصیله.

و علیه فمع اختلاف الشاهدین فی الوصف إلا أنهما متفقان فی أصل القتل فهل هذا یوجب صدق المدعی فیما لو ادعی القتل علی قوم فیکون لوثا کما ذهب إلیه الشیخ فی المبسوط.

أو أنه لا یحصل بذلک صدق المدعی لأنهما متکاذبان فی الوصف فیتساقطان و لا یحصل الظن بشهادتهما علی أصل القتل فلا یتحقق لوث و هذا ما ذهب إلیه غیره، بالإضافة إلی أن اللوث متحقق بشهادة الواحد مع عدم المعارض، و المعارض هنا موجود.

(3)أی القتل، و کان لوثا لتوریث ذلک الظن بصدق المدعی.

(4)القسامة لغة للأولیاء الذین یحلفون علی دعوی الدم، و فی لسان الفقهاء للأیمان، و فی الصحاح القسامة هی الأیمان تقسّم علی الأولیاء فی الدم، و هی علی التقدیرین اسم أقیم مقام المصدر فیقال: أقسم إقساما و قسامة، کما یقال: أکرم إکراما و کرامة، و لا اختصاص لها بأیمان الدماء لغة لکن الفقهاء خصّوها بها.

و صورتها: أن یوجد قتیل فی موضع لا یعرف من قتله و لا تقوم بینه، و یدّعی الولی علی -

ص:507

-أحد أو جماعة و تقترن الواقعة بما یشعر بصدق المدعی فی دعواه و یقال له اللوث فیحلف علی ما یدعیه و یحکم له علی ما سیأتی تفصیله، و الأصل فی القسامة أخبار کثیرة منها:

خبر العجلی: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن القسامة، فقال: الحقوق کلها البیّنة علی المدعی و الیمین علی المدعی علیه إلا فی الدم خاصة، فإن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بینما هو بخیبر إذ فقدت الأنصار رجلا منهم فوجدوه قتیلا، فقالت الأنصار: إن فلانا الیهودی قتل صاحبنا، فقال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم للطالبین: أقیموا رجلین عدلین من غیرکم أقیده برمته، فإن لم تجدوا شاهدین فأقیموا قسامة خمسین رجلا أقیده برمته، فقالوا: یا رسول اللّه ما عندنا شاهدان من غیرنا، و إنا لنکره أن نقسم علی ما لم نره، فوداه رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم من عنده، و قال: إنما حقن دماء المسلمین بالقسامة لکی إذا رأی الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة القسامة أن یقتل به فیکفّ عن قتله، و إلا حلف المدعی علیه قسامة خمسین رجلا ما قتلنا و لا علمنا قاتلا، و إلا أغرموا الدیة إذا وجدوا قتیلا بین أظهرهم إذا لم یقسم المدّعون)(1).

و القسامة خالفت غیرها من أیمان الدعاوی بأمور:

منها: کون الیمین ابتداء علی المدعی مع أن الیمین فی غیرها علی المنکر.

و منها: تعدد الحالفین مع أن الأمر فی غیرها وحدة الحالف.

و منها: جواز حلف الإنسان لإثبات حق غیره فی إثبات الدعوی، أو حلفه لنفی الدعوی عن غیره عند حلف الخمسین لصالح المدعی علیه.

و لو لم تجتمع شروط القسامة فالحکم فیها کغیرها من الدعاوی کیفا و کما، عملا بالعموم الوارد فی الأخبار الکثیرة من أن البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر.

ثم لما کانت القسامة منوطة بقرینة تفید صدق المدعی، فهذه القرینة تسمی باللوث، و قد ذکروا طرقا لهذه القرینة:

منها: أن یوجد قتیل فی قبیلة أو قریة صغیرة أو محلة منفصلة عن البلد فهو لوث فی حقهم، بحیث لو ادعی الولی علی بعضهم کان له أن یقسم و یثبت القتل حینئذ علی المدعی علیه.

و منها: لو وجد قتیل فی مکان کان معه جماعة قبل القتل ثم تفرقوا عنه.

و منها: لو وجد قتیل و بجانبه رجل معه سلاح متلطخ بالدم فهو لوث، و لو کان بقربه-

ص:508


1- (1) الوسائل الباب - 9 - من أبواب دعوی القتل حدیث 3.

-(فتثبت مع اللوث، و مع عدمه (1): یحلف المنکر یمینا واحدة) علی نفی الفعل (فإن نکل) عن الیمین (حلف المدعی یمینا واحدة) بناء علی عدم القضاء بالنکول (و یثبت الحق) علی المنکر بیمین المدعی (و لو قضینا بالنکول قضی علیه) به بمجرده.

فی اللوث

(و اللوث أمارة یظن بها صدق المدعی) فیما ادعاه من القتل (کوجود ذی سلاح ملطخ بالدم عند قتیل فی دمه) أما لو لم یوجد القتیل مهرق الدم لم یکن وجود الدم مع ذی السلاح لوثا (أو وجد) القتیل (فی دار قوم أو قریتهم) حیث لا یطرقها غیرهم (أو بین قریتین) لا یطرقهما غیر أهلهما (و قربهما) إلیه (سواء) و لو کان إلی إحداهما أقرب اختصت باللوث (2). و لو طرق القریة غیر أهلها (3) اعتبر فی ثبوت اللوث مع ذلک ثبوت العداوة بینهم و بینه (و کشهادة العدل) -سبع لم یوجب ذلک لوثا فی حقه.

و منها: لو رأینا شخصا من بعید یحرک یده کما یفعل من یضرب بالسیف أو السکین، ثم وجدنا فی نفس الموضع قتیلا، فهو لوث فی حق ذلک الرجل.

و منها: ما إذا شهد عدل واحد فهو لوث فی حق المشهود علیه، و إن لم تکن بشهادة الواحد بینة.

و منها: ما لو شهد الصبیان أو النساء مما لا تقبل شهادتهم إما مطلقا أو فی الدم، و لکن أفاد خبرهم الظن، فالمشهور علی عدم کونه لوثا، لأنه غیر معتبر شرعا، و بعضهم ذهب إلی أنه لوث ما دام قد أفاد ظنا بصدق المدعی.

(1)عدم اللوث فلا تأتی القسامة و یفعل فی هذه الواقعة کما یفعل فی بقیة الوقائع.

(2)لحسنة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن الرجل یوجد قتیلا فی القریة أو بین القریتین، قال: یقاس ما بینهما فأیهما کانت أقرب ضمنت)(1) و مثلها غیرها من الأخبار.

(3)فعن النهایة و المراسم أن اللوث یثبت علیهم إن کانت عداوة بینه و بینهم، و عن بعض أنه إذا وجد القتیل لیلا لا نهارا یثبت اللوث علیهم، و فیه: إن المدار علی حصول الظن بصدق المدعی، و قرائن الأحوال تختلف أشد الاختلاف فالمدار علی حصول الظن.

ص:509


1- (1) الوسائل الباب - 8 - من أبواب دعوی القتل حدیث 4.

الواحد بقتل المدعی علیه به (1)(و لا الصبی و لا الفاسق) و الکافر (2) و إن مأمونا فی مذهبه.

(أما جماعة النساء و الفسّاق فتفید اللوث مع الظن) بصدقهم و یفهم منه: إن جماعة الصبیان لا یثبت بهم اللوث، و هو کذلک، إلا أن یبلغوا حد التواتر، و کذا الکفار و المشهور حینئذ ثبوته بهم، و یشکل بأن التواتر یثبت القتل لأنه أقوی من البینة و اللوث یکفی فیه الظن، و هو قد یحصل بدون تواترهم.

فی من وجد قتیلا فی جامع عظیم أو شارع

(و من وجد قتیلا فی جامع عظیم (3) أو شارع) یطرقه غیر منحصر (أو فی فلاة أو فی زحام علی قنطرة، أو جسر، أو بئر أو مصنع (4) غیر مختص بمنحصر) (1)أی یشهد بالقتل علی من ادعی علیه القتل.

(2)ذهب جماعة إلی عدم ثبوت اللوث بشهادتهم معللین بعدم اعتبار إخبارهم شرعا، و عن کشف اللثام زیادة المرأة و إن کانت ثقة، و المحقق و جماعة قد حکموا بأن شهادة الصبیان لا الصبی الواحد، و الکفار لا تثبت لوثا ما لم تبلغ حد التواتر، و أما الفساق و النساء فیثبت اللوث بشهادتهم مع ارتفاع التواطؤ علی الکذب، و أشکل علی الجمیع بأن اللوث یدور مدار الظن و هو قد یتحقق بواحد من هذه الأمور بالإضافة إلی أنه لو اشترط فی قبول إخبار الفساق و النساء العلم بارتفاع التواطؤ عن الکذب، فهو شرط التواتر، و التواتر یفید العلم، و حجیة العلم أقوی من حجیة البینة فیجب الحکم بثبوت القتل لا بثبوت اللوث.

(3)أو علی قنطرة، أو جسر، أو فی موطن زحام، فدیته علی بیت مال المسلمین، ما لم یحصل لوث علی معیّن بلا خلاف، و یدل علیه أخبار منها: خبر مسمع بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن أمیر المؤمنین علیه السّلام قال: من مات فی زحام الناس یوم الجمعة أو یوم عرفة أو علی جسر لا یعلمون من قتله فدیته من بیت المال)(1).

و خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن وجد قتیل بأرض فلاة أدیت دیته من بیت المال، فإن أمیر المؤمنین علیه السّلام کان یقول: لا یبطل دم امرئ مسلم)(2).

(4)مجمع ماء المطر فی البراری.

ص:510


1- (1) الوسائل الباب - 6 - من أبواب دعوی القتل حدیث 5.
2- (2) الوسائل الباب - 8 - من أبواب دعوی القتل حدیث 3.

(فدیته علی بیت المال).

فی قدر القسامة

(و قدرها) أی قدر القسامة (خمسون یمینا باللّه تعالی فی العمد) إجماعا (1) (و الخطأ) علی الأشهر (2).

و قیل: خمسة و عشرون لصحیحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق علیه السّلام و الأول أحوط و أنسب بمراعاة النفس، [و لو تعدد المدعی علیه (3) فعلی کل واحد خمسون علی الأقوی].

یحلفها المدعی (4) مع اللوث إن لم یکن له قوم (فإن کان للمدعی قوم) (1)و یدل علیه الأخبار و قد تقدم بعضها، و خالف ابن حمزة فاعتبر خمسة و عشرین فی العمد إذا کان هناک شاهد واحد، و قال فی الجواهر عنه: «و هو مع ندرته غیر واضح الوجه عدا ما قیل من أنه مبنی علی أن الخمسین بمنزلة شاهدین و هو اعتبار ضعیف لا تساعده الأدلة».

(2)سواء کان خطأ محضا أو شبیها بالعمد، للاحتیاط فی الدماء، و عن جماعة منهم الشیخ و القاضی و ابن حمزة و الفاضل بل قیل إنه المشهور أن علیه خمسة و عشرین یمینا لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی القسامة خمسون رجلا فی العمد و فی الخطأ خمسة و عشرین رجلا)(1). و مثله غیره، و هو المتعین.

(3)فلو حلف المدعی و قومه کفاه خمسین یمینا من غیر خلاف، للنصوص السابقة، و إن توجهت الیمین علی المدعی علیهم ففی اشتراط کل واحد منهم العدد المعتبر أو الاکتفاء بحلف الجمیع للعدد المعتبر قولان، أولهما للشیخ فی المبسوط و ثانیهما له فی النهایة، و احتج الشیخ للثانی بإجماع الفرقة و أخبارها و أصالة براءة الذمة عن الزائد و استدل له:

بأن المدعی به جنایة واحدة لاتحاد موضوعها و قد قرّر الشارع علیها خمسین یمینا فتقسط الخمسین علیهم، و الأصح الأول لأن الدعوی واقعة علی کل واحد منهم بالدم و من حکم الدعوی بالدم حلف المنکر خمسین، و معنی کلام الشارح فی المتن: و لو تعدد المدعی علیه فعلی کل واحد من المدعی علیهم خمسون علی الأقوی.

(4)لو ادعی الولی القتل علی شخص مع اللوث فإن حلف هو و قومه، و هم أقاربه سواء کانوا دارئین أو لا، فهو لإطلاق النصوص، و لو عدم القوم أو امتنعوا أو امتنع البعض-

ص:511


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب دعوی القتل حدیث 1.

و المراد بهم هنا أقاربه و إن لم یکونوا وارثین (حلف کل) واحد (منهم یمینا) إن کانوا خمسین.

(و لو زادوا) عنها (اقتصر علی) حلف (خمسین و المدعی من جملتهم) و یتخیرون فی تعیین الحالف منهم.

(و لو نقصوا عن الخمسین کررت علیهم) أو علی بعضهم حسبما یقتضیه العدد إلی أن یبلغ الخمسین، و کذا لو امتنع بعضهم کررت علی الباذل متساویا و متفاوتا و کذا لو امتنع البعض من تکریر الیمین (و تثبت القسامة فی الأعضاء (1) -لعدم علمه بالحال حلف المدعی لوحده، أو مع من یوجد من قومه العدد المعتبر.

و إذا کان قومه أقل من العدد المعتبر فی القسامة کررت علیهم الأیمان بالسویة أو بالتفریق أو بالتخییر بینهم، کما لو زاد عددهم عن العدد المعتبر فلهم الخیار فی تعیین الحالف للعدد المعتبر.

و قال فی الجواهر عن هذا التفصیل و قد أجاد فیما قاله: «و إن لم یستفد صریحا من أخبار القسامة إلا أنه لا خلاف أجده فیه بل علیه الإجماع کما فی الغنیة، بل یمکن استفادته أیضا من التأمل فی النصوص فإنه و إن ذکر فی بعضها(1) الأمر بأن یقسم خمسون رجلا، إلا أن فی آخر(2): فلیتموا قسامة خمسین رجلا» انتهی کلامه.

(1)تثبت القسامة مع اللوث فی الأعضاء و هو موطن وفاق بینهم، و إنما الکلام فی عددها، فعن ابن إدریس و سلاّر بل هو مذهب الأکثر، إن کان دیة العضو تبلغ دیة کاملة کما لو کان العضو واحدا فی البدن کاللسان و الأنف أو قطعت کلتا الیدین أو الرجلین فخمسون یمینا، و لو قطع إصبعا فخمس أیمان و هکذا.

و قال الشیخ و جماعة: إن العضو الذی فیه الدیة فقسامته ست أیمان کما لو قطع کلتا الیدین، فلو قطع بعض الأصابع أو یدا واحدة فبحسابه من ست اعتمادا علی روایة ظریف بن ناصح عن عبد اللّه بن أیوب عن أبی عمرو المتطبّب قال: (عرضت علی أبی عبد اللّه علیه السّلام ما أفتی به أمیر المؤمنین علیه السّلام فی الدیات - إلی أن قال - و القسامة جعل فی النفس علی العمد خمسین رجلا، و جعل فی النفس علی الخطأ خمسة و عشرین رجلا، و علی ما بلغت دیته من الجروح ألف دینار ستة نفر، و ما کان دون ذلک فحسابه من ستة نفر)(3) الحدیث. و العمل بها متعین لروایتها بعدة أسانید، و بعضها صحیح.

ص:512


1- (1) الوسائل الباب - 10 - من أبواب دعوی القتل حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 9 - من أبواب دعوی القتل حدیث 3 (و لکن فیه: فأقیموا قسامة خمسین رجلا).
3- (3) الوسائل الباب - 11 - من أبواب دعوی القتل حدیث 2.

(بالنسبة) أی بنسبتها إلی النفس فی الدیة فما فیه منها الدیة فقسامته خمسون کالنفس، و ما فیه النصف فنصفها و هکذا.

و قیل: قسامة الأعضاء الموجبة للدیة ست أیمان و ما نقص عنها فبالنسبة.

و الأقوی الأول.

فی ما لم یکن له قسامة

(و لو لم یکن له قسامة) أی قوم یقسمون - فإن القسامة تطلق علی الأیمان و علی المقسم - و عدم القسامة إما لعدم القوم أو وجودهم مع عدم علمهم بالواقعة فإن الحلف لا یصح إلا مع علمهم بالحال أو لامتناعهم عنها تشهیا فإن ذلک غیر واجب علیهم مطلقا (1)(أو امتنع) المدعی (من الیمین) و إن بذلها قومه أو بعضهم (أحلف المنکر و قومه خمسین یمینا) (2) ببراءته (فإن امتنع) المنکر من الحلف أو بعضه (3)(ألزم الدعوی) (4) و إن بذلها قومه، بناء علی القضاء بالنکول، أو (1)مع العلم و عدمه ما لم یوجب تضییع الحق.

(2)بلا خلاف فیه و لو کانوا أقل کررت علیهم علی نحو ما سمعته فی المدعی لإطلاق النصوص المتقدمة.

(3)أو بعض الحلف، و هو المقدار الواقع علیه عند التوزیع فیما لو کان قومه الحالفون أقل من خمسین.

(4)علی الأشهر إما بناء علی القضاء بمجرد النکول، و قد تقدم الخلاف فی ذلک فی باب القضاء، و إما فی خصوص القسامة و إن لم نقل به فی بقیة الموارد للأخبار منها: صحیح برید العجلی المتقدم: (و إلا حلف المدّعی علیه قسامة خمسین رجلا ما قتلنا و لا علمنا قاتلا، و إلا أغرموا الدیة إذا وجدوا قتیلا بین أظهرهم إذ لم یقسم المدّعون)(1).

و خبر علی بن الفضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا وجد رجل مقتول فی قبیلة قوم حلفوا جمیعا ما قتلوه و لا یعلمون له قاتلا، فإن أبوا أن یحلفوا أغرموا الدیة فیما بینهم فی أموالهم)2.

و قال الشیخ فی المبسوط للمنکر رد الیمین علی المدعی کما فی غیر المقام لعموم أدلة جواز رد الیمین علی المدعی، و علیه فلو جوزنا ذلک فهل تردّ القسامة أم یکتفی بیمین واحدة، و ظاهر عبارته أنه ترد القسامة و هو واضح الضعف لعدم الدلیل علیه بعد دلالة النصوص علی الحکم بتغریم الدیة بمجرد النکول.

ص:513


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 9 - من أبواب دعوی القتل حدیث 3 و 5.

بخصوص هذه المادة من حیث إن أصل الیمین هنا (1) علی المدعی و إنما انتقل إلی المنکر بنکوله (2) فلا تعود إلیه کما لا تعود من المدعی إلی المنکر بعد ردها علیه (3).

(و قیل) و القائل الشیخ فی المبسوط:(له ردّ الیمین علی المدعی) کغیره من المنکرین (فیکفی) حینئذ الیمین (الواحدة) کغیره (4) و هو ضعیف لما ذکر.

(و یستحب للحاکم العظة) للحالف (قبل الأیمان) کغیره (5) بل هنا أولی (6) و روی السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام أن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم کان یحبس فی تهمة الدم ستة أیام فإن جاء أولیاء المقتول ببینة و إلا خلی سبیله (7) و عمل بمضمونها الشیخ.

و الروایة ضعیفة، و الحبس تعجیل عقوبة لم یثبت موجبها، فعدم جوازه أجود.

الفصل الثانی - فی قصاص الطرف

اشارة

(الفصل الثانی - فی قصاص الطرف) (8)

فی المراد به

و المراد به ما دون النفس و إن لم یتعلق بالأطراف المشهورة (1)فی القسامة.

(2)بنکول المدعی فلا تعود إلیه.

(3)أی بعد رد الیمین من المنکر علی المدعی فی غیر القسامة.

(4)أی غیر القتل.

(5)أی غیر القتل أیضا.

(6)لکونه قتلا.

(7)الوسائل الباب - 12 - من أبواب دعوی القتل حدیث 1، و أصل المسألة لو اتهم رجل بالدم و التمس الولی من الحاکم حبسه حتی یحضر بینة، ففی إجابته تردد، فعن الشیخ و جماعة نعم، استنادا إلی روایة السکونی المتقدمة، و عن غیرهم العدم، لأن السند ضعیف بالسکونی لأنه عامی، و الحبس تعجیل عقوبة لا مقتضی له.

(8)المراد بالطرف ما دون النفس، و هو أعم من الأطراف المشهورة کالید و الرجل و الأذن و الأنف کالجرح فی البطن أو الظهر و نحوهما، و هو مما لا خلاف فیه و یدل علیه بالإضافة إلی النصوص المستفیضة التی سیأتی بعضها قوله تعالی: وَ لَکُمْ فِی الْقِصاصِ حَیاةٌ یا أُولِی الْأَلْبابِ (1) و هو شامل لقصاص الطرف، و قوله تعالی: وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ (2).

ص:514


1- (1) البقرة الآیة: 179.
2- (2) المائدة الآیة: 45.

(و موجبه) (1) بکسر الجیم أی سببه (إتلاف العضو) و ما فی حکمه (2)(بالمتلف غالبا) و إن لم یقصد الإتلاف (أو بغیره) أی غیر المتلف غالبا (مع القصد إلی الإتلاف) کالجنایة علی النفس.

فی شروط قصاص النفس

(و شروطه (3): شروط قصاص النفس) من التساوی فی الإسلام و الحریة أو کون المقتص منه أخفض و انتقاء الأبوة إلی آخر ما فصّل سابقا،(و یزید هنا) علی شروط النفس اشتراط (التساوی) أی تساوی العضوین المقتص به و منه (فی السلامة) أو عدمها أو کون المقتص منه أخفض (فلا تقطع الید الصحیحة بالشلاء) (4) و هی الفاسدة (و لو بذلها) (5) أی بذل الید الصحیحة (الجانی)، لأن بذله لا یسوغ قطع ما منع الشارع من قطعه، کما لو بذل قطعها بغیر قصاص.

(1)أی سببه، و المراد منه سبب قصاص الطرف، و هو ما سمعته فی قصاص النفس إما بإتلاف العضو بما یتلفه عادة سواء قصد الإتلاف أو لا، و إما إتلاف العضو بما لا یتلفه عادة مع قصد الإتلاف، ضرورة عدم الفرق بین النفس و الطرف، لأن المدار علی صدق العمد، و مناطه واحد فی کلیهما.

(2)إما أن یراد به ما فی حکم إتلاف العضو کشکل الید فإنه فی حکم قطع الید و إما أن یراد به ما فی حکم العضو کالبطن و الظهر فإنهما فی حکم الید من ناحیة القصاص.

(3)أی شروط القصاص، و هی کشروط قصاص النفس من اعتبار التساوی فی الدین و الحریة و انتفاء الأبوة، و اشتراط البلوغ و العقل و کونه محقون الدم، بلا خلاف فیه، لإطلاق الکثیر من الأخبار المتقدمة فی قصاص النفس، و یزاد فی قصاص الأطراف التساوی فی السلامة و التساوی فی المحل مع وجوده، و التساوی بالمساحة فی الشجاج طولا و عرضا.

(4)بلا خلاف فیه لخبر سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل قطع ید رجل شلاء قال: علیه ثلث الدیة)(1).

(5)فلا یصح قطعها فی قبال الشلاء کما عن العلامة و الشهیدین، لأنه کما لا یصح قتل المسلم بالذمی و الحر بالعبد و إن رضی الجانی فکذلک هنا. و عن العلامة فی القواعد و الشیخ فی المبسوط و الفاضل الهندی أنه یصح قطعها مع البذل للأصل، و لا یضمن القاطع التفاوت.

ص:515


1- (1) الوسائل الباب - 28 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

(و تقطع) الید (الشلاء بالصحیحة) (1)، لأنها دون حق المستوفی (إلا إذا خیف) من قطعها (2)(السرایة) إلی النفس، لعدم انحسامها (فتثبت الدیة) حینئذ.

و حیث یقطع الشلاء یقتصر علیها، و لا یضم إلیها أرش التفاوت.(و تقطع الیمین بالیمین (3) لا بالیسری، و لا بالعکس) کما لا تقطع السبابة بالوسطی (1)لعموم أدلة القصاص، و لیس للمقتص أن یطلب الفرق بینهما، لأن الصحیحة و الشلاء متساویتان فی الجرم و المحل، و الاختلاف فی الصفة لا یقابل بالمال کالرجولیة و الأنوثیة فلو قتلت المرأة بالرجل فلا شیء حینئذ لولیه علی ولیها.

(2)بحیث یحکم أهل الخبرة بأن الشلاء لا تنحسم لو قطعت، لبقاء أفواه عروقها منفتحة، أو احتملوا ذلک احتمالا راجحا، فیعدل حینئذ عن القصاص إلی الدیة تفصیا من خطر السرایة إلی النفس، لأن النفس أهم من الطرف بلا خلاف فی ذلک کله.

(3)هذا هو الشرط الثانی و هو التساوی فی المحل مع وجوده، فتقطع الیمین بالیمین، و لا تقطع الیمین بالیسری کما لا تقطع الیسری بالیمین مع وجود ما ذکرنا عند الجانی، بلا خلاف فیه، نعم لو لم تکن للجانی یمین و قد جنی علی یمین الغیر تقطع یساره، و لو لم تکن له لا یمین و لا یسار قطعت رجله الیمنی، و مع عدمها تقطع رجله الیسری استنادا إلی روایة حبیب السجستانی المتقدمة و قد وصفها الأکثر بالصحیحة قال: (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن رجل قطع یدین لرجلین الیمینین، فقال: یا حبیب تقطع یمینه للذی قطع یمینه أولا، و تقطع یساره للذی قطعت یمینه أخیرا، لأنه إنما قطع ید الرجل الآخر و یمینه قصاص للرجل الأول.

قال: فقلت إن علیا علیه السّلام إنما کان یقطع الید الیمنی و الرجل الیسری، فقال: إنما کان یفعل ذلک فی ما یجب من حقوق اللّه تعالی، فأما - یا حبیب - حقوق المسلمین فإنه تؤخذ لهم حقوقهم فی القصاص الید بالید إذا کانت للقاطع یدان، و الرجل بالید إذا لم یکن للقاطع ید.

فقلت له: أما توجب علیه الدیة و تترک له رجله؟

فقال: إنما تجب علیه الدیة إذا قطع ید رجل، و لیس للقاطع یدان و لا رجلان، فثمّ تجب علیه الدیة، لأنه لیس له جارحة یقاص منها)(1)، و قد تقدم الکلام فی صحتها.

و الحاصل: لابدیة التساوی فی المحل المسمی بالتماثل فالعین الیمنی بالیمنی، و السبابة بالسبابة و کذا فی بقیة الأصابع و بقیة الأطراف إلا ما خرج بالدلیل.

ص:516


1- (1) الوسائل الباب - 12 - من أبواب قصاص الطرف حدیث 2.

و نحوها، و لا بالعکس.

(فإن لم تکن له) أی لقاطع الیمین (یمین فالیسری فإن لم تکن له یسری فالرجل) الیمنی فإن فقدت فالیسری (علی الروایة) التی رواها حبیب السجستانی عن الباقر علیه السّلام.

و إنما أسند الحکم إلیها (1)، لمخالفته (2) للأصل من حیث عدم المماثلة بین الأطراف خصوصا بین الرجل و الید، إلا أن الأصحاب تلقوها بالقبول، و کثیر منهم لم یتوقف فی حکمها هنا. و ما ذکرناه من ترتیب الرجلین مشهور، و الروایة خالیة عنه، بل مطلقة فی قطع الرجل للید حیث لا یکون للجانی ید.

و علی الروایة لو قطع أیدی جماعة قطعت یداه و رجلاه للأول فالأول، ثم تؤخذ الدیة للمتخلف و لا یتعدی هذا الحکم إلی غیر الیدین مما له یمین و یسار کالعینین و الأذنین وقوفا فیما خالف الأصل علی موضع الیقین.

و هو الأخذ بالمماثل، و کذا ما ینقسم إلی أعلی و أسفل کالجفنین و الشفتین، لا یؤخذ الأعلی بالأسفل، و لا بالعکس.

فی ما یثبت القصاص فیه من الأعضاء و ما لا یثبت

(و یثبت) القصاص (فی الحارصة) من الشجاج (و الباضعة و السمحاق و الموضحة) (3) و سیأتی تفسیرها (و یراعی) فی الاستیفاء (الشجة) العادیة (طولا و عرضا) (4) فیستوفی بقدرها فی البعدین (و لا یعتبر قدر النزول مع صدق الاسم) (1)إلی الروایة.

(2)لمخالفة الحکم المذکور.

(3)الحارصة ما تقشر الجلد، و الشجاج جمع شجة و هی فی الرأس، و الباضعة ما بضعت اللحم، و السمحاق هی التی نفذت إلی أول العظم، و الموضحة هی التی نفذت إلی العظم و أوضحته.

(4)هذا هو الشرط الثالث، و هو التساوی بالمساحة فی الشجاج طولا و عرضا، بلا خلاف فیه، و یدل علیه عموم أدلة القصاص کقوله تعالی: فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ (1) و قوله تعالی: فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ (2).

ص:517


1- (1) النحل الآیة: 126.
2- (2) البقرة الآیة: 194.

أی اسم الشجة المخصوصة من حارصة و باضعة و غیرها، لتفاوت الأعضاء بالسمن و الهزال. و لا عبرة باستلزام مراعاة الطول و العرض استیعاب رأس الجانی لصغره (1) دون المجنی علیه، و بالعکس. نعم لا یکمل الزائد عنه من القفا و لا من الجبهة، لخروجهما عن موضع الاستیفاء، بل یقتصر علی ما یحتمله العضو و یؤخذ للزائد بنسبة المتخلف إلی أصل الجرح من الدیة، فیستوفی بقدر ما یحتمله الرأس من الشجة و ینسب الباقی إلی الجمیع، و یؤخذ للفائت بنسبته، فإن کان الباقی ثلثا فله ثلث دیة تلک الشجة و هکذا.

(و لا یثبت) القصاص (فی الهاشمة) (2) للعظم (و المنقّلة) له (و لا فی کسر العظام لتحقق التغریر) (3) بنفس المقتص منه، و لعدم إمکان استیفاء نحو الهاشمة و المنقلة من غیر زیادة و لا نقصان.

(و یجوز) القصاص (قبل الاندمال) (4) أی اندمال جنایة الجانی لثبوت أصل -نعم لا یعتبر فی الشجاج العمق، بل غایة ما یعتبر اسم الشجة، لتفاوت الرءوس فی السمنة و الهزال و غلظ الجلد ورقته علی وجه لو اعتبر النزول و العمق لانتفی القصاص، و لذا لم یعتبر کما لم یعتبر الصغر و الکبر فی الأطراف العادیة، و لذا قال الشیخ فی المبسوط: «العمق فی الشجاج کالمساحة فی الأطراف».

(1)أی لو کانت مساحة الجنایة مقدارا معینا من الطول و العرض إلا أنها استوعبت رأس المجنی علیه، فیجب القصاص بحسب مساحة الجنایة من رأس الجانی و إن لم تستوعب رأسه، لأن المساحة هی موطن القصاص و لیس کل الرأس لاحتمال تفاوتهما صغرا و کبرا.

و علیه فلو کانت المساحة فی رأس المجنی علیه بمقدار ثلثی رأسه إلا أنها بمقدار رأس الجانی مساحة فلا بد من القصاص، و لو کانت المساحة من الجنایة أکبر من رأس الجانی فیقتص منه بمقدار رأسه و لا ینزل إلی الوجه أو الرقبة لإتمام المساحة لأنهما عضوان وراء الرأس، و ما تبقی من الجنایة لم یستوف تؤخذ دیته بالنسبة إلی أصل الجرح.

(2)الهاشمة هی توجب کسر العظم فی الرأس أو فی غیره کما عن بعض، و المنقّلة هی التی تؤدی إلی نقل العظام عن مواضعها، فلا یثبت فیها القصاص لأنها توجب عادة زیادة الاستیفاء أو إتلاف عضو آخر، فینتقل إلی الدیة.

(3)أی جعله عرضة للهلاک خصوصا فی عظام الرأس.

(4)أی قبل اندمال جرح المجنی علیه مع احتمال سرایته إلی إتلاف النفس، و إلیه ذهب -

ص:518

الاستحقاق (و إن کان الصبر) إلی الاندمال (أولی) حذرا من السرایة الموجبة لتغیر الحکم.

و قیل: لا یجوز، لجواز السرایة الموجبة للدخول (1).

فی أنه لا قصاص إلا بالحدید

(و لا قصاص إلا بالحدید) (2) لقوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «لا قود إلا بحدید»،(فیقاس الجرح) طولا و عرضا بخیط و شبهه (و یعلّم طرفاه) فی موضع الاقتصاص (ثم یشق من إحدی العلامتین إلی الأخری) و لا تجوز الزیادة فإن اتفقت عمدا اقتص من المستوفی (3)، أو خطأ فالدیة (4) و یرجع إلی قوله فیهما (5) بیمینه، أو لاضطراب المستوفی منه (6)، فلا شیء لاستنادها إلی تفریطه، و ینبغی ربطه علی خشبة و نحوها لئلا یضطرب حالة الاستیفاء.

-الشیخ فی الخلاف عملا بعموم أدلة القصاص، و ذهب الشیخ فی المبسوط إلی عدم جواز القصاص قبل الاندمال لموثق إسحاق بن عمار عن جعفر علیه السّلام: (إن علیا کان یقول:

لا یقضی فی شیء من الجراحات حتی تبرأ)(1) و هو المتعین و إن کان المشهور قد ذهب إلی الأول.

(1)أی لدخول قصاص الطرف فی قصاص النفس فیلزم زیادة الاستیفاء، بالإضافة إلی خبر إسحاق المتقدم.

(2)بحدید حاد غیر مسموم، و لا کالّ کالسکین و السیف و نحوهما، لخبر الجعفریات: (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: لا قود إلا بالسیف)(2) و مثله خبر دعائم الإسلام3.

(3)لأنه متعد بالزیادة.

(4)سواء کان خطأ محضا أو شبیه العمد، و لو زاد المستوفی فادعی الجانی أن الزیادة عمدا و أنکر المستوفی فالقول قوله مع یمینه.

(5)فی العمد و الخطأ.

(6)بحیث کانت الزیادة بسبب هذا الاضطراب، فلا شیء علی المستوفی لاستناد التفریط إلی المستوفی منه، و لو ادعی المستوفی الاضطراب و أنکره المستوفی منه فالقول قول الأخیر مع یمینه.

ص:519


1- (1) الوسائل الباب - 42 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 2.
2- ( (2 و 3) مستدرک الوسائل الباب - 51 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1 و 3.

فی تأخیر قصاص الطرف إلی اعتدال النهار

(و یؤخر قصاص الطرف) من الحر و البرد (إلی اعتدال النهار) حذرا من السرایة (1).

فی ثبوت القصاص فی العین

(و یثبت القصاص فی العین) (2) للآیة (و لو کان الجانی بعین واحدة و المجنی علیه باثنتین قلعت عین الجانی و إن استلزم عماه) (3)، فإن الحق أعماه، و لإطلاق قوله تعالی: وَ الْعَیْنَ بِالْعَیْنِ (4) و لا ردّ (5).

(و لو انعکس (6) بأن قلع عینه) أی عین ذی العین الواحدة (صحیح العینین) (1)أی السرایة إلی إتلاف النفس، بخلاف قصاص النفس فإنه لا یؤخر ما دام المطلوب إزهاق نفسه.

(2)بلا خلاف لقوله تعالی: اَلْعَیْنَ بِالْعَیْنِ (1).

(3)بلا خلاف لقوله تعالی: اَلْعَیْنَ بِالْعَیْنِ 2، و للأخبار منها: خبر محمد بن قیس: (قلت لأبی جعفر علیه السّلام: أعور فقأ عین صحیح، قال: تفقأ عینه، قلت: یبقی أعمی، قال:

الحق أعماه)(2)، و فی حکم الأعور من ذهبت عینه بجنایة أوجبت قودا.

(4)المائدة الآیة: 45.

(5)من المستوفی علی الأعور بسبب العمی لإطلاق النصوص.

(6)بأن فقأ الصحیح عین الأعور، سواء کانت عین الأعور تالفة حلقة أو بآفة من اللّه تعالی، فلا خلاف بین الأصحاب فی ثبوت الدیة علیه کاملة - أعنی دیة النفس - لأن عین الأعور جمیع بصره، و إذهاب البصر یوجب الدیة إذا وقع التراضی بینهما علی الدیة.

و أما إذا أراد الأعور الاقتصاص من الصحیح فیقتص منه بعین فی قبال عینه، و لکن هل له مع ذلک نصف الدیة کما ذهب إلیه الشیخ فی النهایة و العلامة و ابنا سعید و البراج و الطبرسی و الصهرشتی و أبی الصلاح و غیرهم، لأن الصحیح أذهب جمیع بصره و استوفی منه نصف البصر فیبقی علیه دیة النصف، و لروایة محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام:

(قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل أعور أصیبت عینه الصحیحة ففقئت: أن تفقأ إحدی عینی صاحبه و یعقل له نصف الدیة، و إن شاء أخذ دیة کاملة، و یعفی عن عین صاحبه)(3)، و خبر عبد اللّه بن الحکم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن رجل صحیح-

ص:520


1- ( (1 و 2) المائدة الآیة: 45.
2- (3) الوسائل الباب - 15 - من أبواب قصاص الطرف حدیث 1.
3- (4) الوسائل الباب - 17 - من أبواب قصاص الطرف حدیث 1.

فأذهب بصره (اقتص له بعین واحدة) لأن ذلک هو المماثل للجنایة.

(قیل) - و القائل ابن الجنید و الشیخ فی أحد قولیه و جماعة -:(و له مع القصاص) علی ذی العینین (نصف الدیة) لأنه أذهب بصره أجمع و فیه الدیة، و قد استوفی منه ما فیه نصف الدیة و هو العین الواحدة فیبقی له النصف، و لروایة محمد بن قیس عن الباقر علیه السّلام قال: «قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل أعور أصیبت عینه الصحیحة ففقئت، ان تفقأ إحدی عینی صاحبه و یعقل له نصف الدیة و إن شاء أخذ دیة کاملة و یعفو عن عین صاحبه» و مثلها روایة عبد اللّه بن الحکم عن الصادق علیه السّلام.

و نسبة المصنف الحکم إلی القیل مشعرة بردّه أو توقفه، و منشؤه قوله تعالی:

وَ الْعَیْنَ بِالْعَیْنِ (1) فلو وجب معها شیء آخر لم یتحقق ذلک (2) خصوصا علی -فقأ عین رجل أعور، فقال: الدیة کاملة فإن شاء الذی فقئت عینه أن یقتص من صاحبه و یأخذ منه خمسة آلاف درهم فعل، لأن له الدیة کاملة و قد أخذ نصفها بالقصاص)(1).

و نقل عن المفید و الشیخ فی الخلاف و ابن إدریس و مال إلیه المحقق و العلامة فی التحریر أنه مع القصاص لا ردّ للأصل، و لعموم قوله تعالی: اَلْعَیْنَ بِالْعَیْنِ (2)، و ردّ بمنع عمومیة العین فإنه مفرد معرّف لا عموم فیه حتی یتمسک به، و لو سلّم بأن فیه عموما فهو مخصص بالأخبار الواردة فی عین الأعور، و ردّ أیضا بأن قوله تعالی المتقدم إنما هو حکایة عن التوراة و لا یلزم حکمها فی شرعنا، و أجیب عنه بأن الآیة مقررة فی شرعنا لروایة زرارة عن أحدهما علیهما السّلام فی قوله تعالی: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ الآیة (قال علیه السّلام: هی محکمة)(3)، و هی محکمة أیضا لقوله تعالی عقیب هذه الآیة: وَ مَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِکَ هُمُ الظّالِمُونَ (4) و من للعموم تشمل المسلمین مع أن الظلم حرام و ترکه واجب و لا یتم ترک الظلم إلا بالحکم بمضمون الآیة السابقة.

(1)المائدة الآیة: 45.

(2)من مقابلة العین للعین.

ص:521


1- (1) الوسائل الباب - 27 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 4.
2- (2) المائدة الآیة: 45.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب قصاص الطرف حدیث 5.
4- (4) المائدة الآیة: 45.

القول بأن الزیادة علی النص نسخ (1) و أصالة البراءة من الزائد، و إلیه ذهب جماعة من الأصحاب منهم المحقق فی الشرائع و العلامة فی التحریر من موافقته فی المختلف للأول و تردده فی باقی کتبه.

و للتوقف وجه (2) و إن کان الأول لا یخلو من قوة و هو اختیار المصنف فی الشرح.

و أجیب عن الآیة بأن العین مفرد محلی فلا یعم، و الأصل یعدل عنه للدلیل.

و ما قیل من أن الآیة حکایة عن التوراة (3) فلا یلزمنا مندفع بإقرارها فی شرعنا لروایة زرارة عن أحدهما علیه السّلام «أنها محکمة» (4) و لقوله تعالی بعدها:

وَ مَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِکَ هُمُ الظّالِمُونَ (5) و من للعموم، و الظلم حرام، فترکه واجب، و هو لا یتم إلا بالحکم بها.

و قد ینقدح الشک فی الثانی (6) باحتمال کونه معطوفا علی اسم إنّ فلا یدل (1)فإذا کانت الآیة نصا فلا محالة، یکون الخبران الدالان علی نصف الدیة أیضا زیادة علی النص، و لازمه أن یکون الخبران ناسخین للآیة لأنهما متضمنان ما لا یوجد فی النص، مع أنه لا یجوز نسخ الکتاب إلا بالقطعی و الخبران غیر مقطوعی الصدور.

و فیه: إن الآیة نص علی التقابل بالعینین و هی مطلقة من ناحیة الزیادة فیکون الخبران مقیدین لهذا الإطلاق.

(2)لما ذکر من دلالة الآیة و أصالة البراءة مع عدم صلاحیة الروایتین لمعارضة ذلک، و فیه أن الجمیع قد حکم بتمام الدیة لو رضی بالدیة، و لازمه أنه لا بد من الرد بعد القصاص فیما لو اقتص بمقدار نصف الدیة، هذا فضلا عن أن الخبرین معتبران لأن أحدهما صحیح السند و هو خبر محمد بن قیس و لا تعارض بینهما و بین الآیة، لأنهما مقیدان لإطلاقها.

(3)لأن أولها: و کتبنا علیهم فیها.

(4)أی غیر منسوخة.

(5)المائدة الآیة: 45.

(6)أی فی الاستدلال بقوله تعالی: وَ مَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ بدعوی أنه یحتمل أن یکون معطوفا علی اسم إن فی الجملة السابقة و یکون المعنی و اللّه العالم: و کتبنا علیهم فیها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ... و کتبنا علیهم مَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِکَ هُمُ الظّالِمُونَ .

ص:522

علی بقائه عندنا لو لا النص علی کونها محکمة.

(و لو ذهب ضوء العین مع سلامة الحدقة (1) قیل) فی طریق الاقتصاص منه بإذهاب بصرها مع بقاء حدقتها:(طرح علی الأجفان) أجفان الجانی (قطن مبلول و تقابل بمرآة محماة مواجهة الشمس) بأن یفتح عینیه، و یکلّف النظر إلیها (حتی یذهب الضوء) من عینه (و تبقی الحدقة).

و القول باستیفائه علی هذا الوجه هو المشهور بین الأصحاب، و مستنده روایة رفاعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام «إن علیا علیه السّلام فعل ذلک فی من لطم عین غیره فأنزل فیها الماء و أذهب بصرها» و إنما حکاه قولا للتنبیه علی عدم دلیل یفید انحصار الاستیفاء فیه، بل یجوز بما یحصل به الغرض من إذهاب البصر، و إبقاء الحدقة بأی وجه اتفق، مع أن فی طریق الروایة ضعفا و جهالة (2) یمنع من تعیین ما دلت علیه و إن کان جائزا.

(1)لو جنی علیه فأذهب ضوء عینه دون الحدقة، فالواجب فی القصاص المماثلة کغیره من الموارد، و حینئذ فالقصاص یکون بإذهاب الضوء مع بقاء الحدقة بأی وسیلة اتفق ذلک و هو الذی یوافق الأصل، إلا أن المشهور اشترطوا أن یکون ذلک بطرح القطن المبلول علی أجفان الجانی و یقابل بمرآة محماة بمواجهة الشمس حتی تذوب الناظرة و تبقی الحدقة، استنادا إلی روایة رفاعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: (إن عثمان - عمر - أتاه رجل من قیس بمولی له قد لطم عینه فأنزل الماء فیها و هی قائمة لیس یبصر بها شیئا، فقال له: أعطیک الدیة فأبی، فأرسل بهما إلی علی علیه السّلام و قال: احکم بین هذین، فأعطاه الدیة فأبی قال: فلم یزالوا یعطونه حتی أعطوه دیتین فقال: لیس أرید إلا القصاص، قال: فدعا علی علیه السّلام بمرآة فحماها ثم دعا بکرسف فبلّه ثم جعله علی أشفار عینیه و علی جوانبها ثم استقبل بعینیه عین الشمس قال: و جاء بالمرآة و قال: انظر فنظر فذاب الشحم و بقیت عینه قائمة و ذهب البصر)(1).

و ذهبت جماعة إلی أن الروایة لا تفید حصر إذهاب البصر بهذه الطریقة، فیجوز بغیرها بإلقاء الکافور فی العین کما قبل، أو بغیر ذلک.

(2)ففی السند ابن فضال و هو واقفی و سلیمان الدهان و هو مجهول الحال.

ص:523


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب قصاص الطرف حدیث 1.

فی ثبوت القصاص فی الشعر

(و یثبت) القصاص (فی الشعر (1) إن أمکن) الاستیفاء المماثل للجنایة بأن یستوفی ما ینبت علی وجه ینبت، و ما لا ینبت کذلک علی وجه لا یتعدی إلی فساد البشرة، و لا الشعر زیادة عن الجنایة، و هذا أمر بعید و من ثم منعه جماعة، و توقف آخرون منهم العلامة فی القواعد.

فی ثبوت القصاص فی الذکر و الخصیتین

(و یقطع ذکر الشاب بذکر الشیخ (2)، و ذکر المختون بالأغلف، و الفحل بمسلول الخصیتین)، لثبوت أصل المماثلة، و عدم اعتبار زیادة المنفعة و نقصانها، کما تقطع ید القوی بید الضعیف، و عین الصحیح بالأعشی (3)، و لسان الفصیح بغیره. نعم لا یقطع الصحیح بالعنین (4). و یثبت فی العکس.

(و فی الخصیتین (5) و فی إحداهما القصاص إن لم یخف) بقطع الواحدة (ذهاب) (1)بلا فرق بین شعر الأهداب و اللحیة و الحاجبین و شعر الرأس و البدن لعموم أدلة القصاص.

و ذهب جماعة إلی أن إذهاب الشعر مستلزم لإفساد البشرة و هو زیادة فی الاستیفاء فلا بد من الحکم بالدیة ابتداء لتعذر القصاص، و یدل علیه إطلاق خبر مسمع بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی اللحیة إذا حلقت فلم تنبت الدیة کاملة، فإذا نبتت فثلث الدیة)(1)، و مرسل علی بن حدید عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

(قلت له: الرجل یدخل الحمام فیصب علیه صاحب الحمام ماء حارا فیمتعط شعر رأسه فلا ینبت فقال: علیه الدیة کاملة)2 حیث حکم بالدیة ابتداء من دون الاستفصال عن إمکان القصاص و عدمه.

(2)یثبت القصاص فی الذکر بلا خلاف و لا إشکال لعموم أدلة القصاص، فیتساوی ذکر الشاب بذکر الشیخ و الفحل بمسلول الخصیتین و الأغلف بالمجنون، و لم یخالف إلا مالک فلم یثبت القصاص بین ذکر الفحل و ذکر مسلول الخصیتین لأنه لا منفعة فیه لعدم مائه، و فیه: إن ذلک نقص فی الماء لا فی نفس العضو.

(3)الذی لا یبصر باللیل فقط.

(4)کما لا تقطع الصحیحة بالشلاء و الحر بالعبد لعدم المساواة لأن العنن کالشلل فی الید، نعم یقطع العنین بالصحیح کما تقطع الشلاء بالصحیحة بلا خلاف فی ذلک کله.

(5)یثبت القصاص فیها بلا خلاف فیه لعموم أدلة القصاص، بل یثبت القصاص فی إحداهما-

ص:524


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 37 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1 و 2.

(منفعة الأخری)، فإن خیف فالدیة، و لا فرق فی جواز الاقتصاص فیهما بین کون الذکر صحیحا و عدمه، لثبوت أصل المماثلة.

فی ثبوت القصاص فی الأذن

(و تقطع الأذن الصحیحة بالصمّاء) (1) لأن السمع منفعة أخری خارجة عن نفس الأذن، فلیس الأمر کالذکر الصحیح و العنین، حتی لو قطع أذنه فإن زال سمعه فهما جنایتان (2)، نعم لا تؤخذ الصحیحة بالمخرومة (3) بل یقتص إلی حد الخرم، و یؤخذ حکومة الباقی. أما الثقب فلیس بمانع (4).

-مع التساوی فی المحل إلا أن یخشی ذهاب منفعة الأخری فلا یجوز و یتعین أخذ الدیة لتعذر القصاص حینئذ.

بلا خلاف فی ذلک سواء کان المجنی علیه صحیح الذکر أو عنینا و سواء کان الجانی صحیح الذکر أو عنینا لثبوت أصل المماثلة فی الخصیتین.

و قد ادعی أن أصل العنن فی الخصیتین و علیه فلو کان المجنی علیه عنینا و اعتدی علیه بقطع خصیتیه فلا یجوز قطع خصیتی الجانی للزیادة فی الاستیفاء، و هو العنن مع الاقتصاص منه بقطع خصیتیه، إلا أن هذه الدعوی مردودة لعدم ثبوتها، علی أن الجانی قد أبطل الإیلاد من الغیر فللغیر إبطال ذلک منه.

(1)بلا خلاف و لا إشکال لعموم أدلة القصاص، لأن مرض الصمم لیس فی الأذن و إنما هو فی الصماخ أو ما ورائه من ناحیة الدماغ.

(2)لما سمعت أن الصمم لیس فی الأذن الخارجیة و إنما فی الصماخ أو ما ورائه.

(3)المخرومة هی الناقصة کما فی المسالک، و قد ذهب الشیخ و ابن حمزة و الفاضل و الشهیدان إلی عدم اقتصاص الصحیحة بالمخرومة لأنه ظلم، کما لا تقطع الصحیحة بالشلاء، نعم یقتص إلی حد الخرم و الحکومة فیما بقی.

و فی کشف اللثام و غیره أنه تقتص الصحیحة بتمامها بعد رد دیة الخرم علی المقتص منه لعموم قوله تعالی: اَلْأُذُنَ بِالْأُذُنِ (1).

(4)أی تؤخذ الصحیحة بالمثقوبة بلا خلاف، لأن الثقب مما یعدّ کمالا فی النساء، و فی غیرهن و إن کان لیس کمالا إلا أنه لا یفوت معه شیء من العضو فلا یغیّر حکم الأذن کما لم یغیّر ماهیة الأذن.

ص:525


1- (1) المائدة الآیة: 45.

فی ثبوت القصاص فی الأنف

(و الأنف الشام بالأخشم) (1) بالمعجمتین و هو الذی لا یشم، لأن منفعة الشّم خارجة عن الأنف، و الخلل فی الدماغ، لا فیه. و کذا یستوی الأقنی و الأفطس و الکبیر و الصغیر.

(واحد المنخرین بصاحبه) (2) المماثل له فی الیمین و الیسار، کما یعتبر ذلک فی نحوهما من الأذنین و الیدین، و کما یثبت فی جمیعه فکذا فی بعضه، لکن ینسب المقطوع إلی أصله (3) و یؤخذ من الجانی بحسابه، لئلا یستوعب بالبعض أنف الصغیر، فالنصف بالنصف، و الثلث بالثلث، و هکذا

فی ثبوت القصاص فی السّن

(و تقلع السن بالسن المماثلة) کالثنیة بالثنیة، و الرباعیة بالرباعیة و الضرس به (4).

و إنما یقتصّ إذا لم تعد المجنی علیها (5)، و یقض أهل الخبرة بعودها (و لو) (1)الأخشم هو عادم حاسة الشم، فیؤخذ الشامّ بالأخشم بلا خلاف فیه و لا إشکال لعموم أدلة القصاص، و لأن الشم من الدماغ فالخلل یکون منه لا من الأنف.

و الحکم ثابت بلا فرق بین الأنف الکبیر و الصغیر و الأقنی و الأفطس، و الأقنی من کان أنفه محدودبا و الأفطس من کانت أرنبة أنفه کبیرة و منتشرة.

(2)الیمین بالیمین و الیسار بالیسار، بلا خلاف فیه و لا إشکال لعموم أدلة القصاص مع اشتراط التماثل فی المحل لعموم قوله تعالی: فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ (1).

(3)فإن کان المقطوع نصف الأنف فیقطع من الجانی نصف أنفه، و لا یجوز القصاص بالمساحة هنا، بمعنی أن یحسب مقدار ما قطع من أنف المجنی علیه و یؤخذ بذلک المقدار من أنف الجانی، لاحتمال أن یکون أنف المجنی علیه کبیرا و أنف الجانی صغیرا بحیث یکون أنف الجانی بمقدار نصف أنف المجنی علیه و هذا ما یلزم منه القصاص بأنف الجانی بتمامه فی قبال نصف أنف المجنی علیه، فلذا عدل عن المساحة إلی النسبة إلی أصل الأنف.

(4)أی بالضرس، فاشتراط التماثل بلا خلاف فیه و لا إشکال لعموم قوله تعالی: فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ 2، فالسن بالسن و الرباعیة بالرباعیة و الناب بالناب و الضاحک بمثله و الضرس کذلک، و الناجذ المسمی بضرس العقل کذلک أیضا.

(5)أی أن السن لو قلعت و حکم أهل الخبرة بعودها فلا یقتص من الجانی إلی أن تمضی مدة یجعل معها الیأس من العود، و عن المبسوط و غایة المراد عدم الخلاف فیه، و إن لم یحکم أهل الخبرة بعودها أو حکموا بعدم العود استوفی الحق من الجانی، فإن لم تعد فلا کلام،-

ص:526


1- ( (1 و 2) النحل الآیة: 126.

(عادت السن فلا قصاص) کما أنه لو قضی بعودها أخّر إلی أن یمضی مدة القضاء، فإن لم تعد اقتص، و إن عادت بعده لأنها حینئذ هبة جدیدة، و علی هذا (1) فیقتص و إن عادت علی هذا الوجه (2) لأنها لیست بدلا عادة، بخلاف ما تقضی العادة بعودها، و لو انعکس الفرض بأن عادت سن الجانی بخلاف العادة لم یکن للمجنی علیه إزالتها، لما ذکر (3)(فإن عادت) السن المقتضی بعودها عادة (متغیرة فالحکومة) و هو الأرش، لتفاوت ما بینهما صحیحة و متغیرة کما هی.

(و ینتظر بسن الصبی) (4) الذی لم تسقط سنه و نبت بدلها، لقضاء العادة -و إن عادت قبل القصاص فإن کانت ناقصة أو متغیرة کان فیها الحکومة، و الحکومة أن یفرض المجنی علیه عبدا و تقدر قیمته بین کونه مقلوع السن مدة ثم نبتت متغیرة أو ناقصة و بین کونه بسن فی تلک المدة و ما بعدها و السن صحیحة.

و لو عادت کما کانت فلا قصاص و لا دیة بلا خلاف، و لکن مع الأرش لأنه نقص دخل علی المجنی علیه فلا یهدر و مع عدم الأرش ظلم، و لکن اختلفوا فی تقدیره، فقیل: یفرض عبدا و یقوّم مقلوعها مدة و غیر مقلوعها أصلا و التفاوت هو الأرش، و قیل: إن الأرش هو أرش ذلک الجرح الحاصل بالقلع.

و لو عادت بعد القصاص فلا شیء للجانی لأن سنه قد ذهبت قصاصا بسبب جنایته، و سنّ المجنی علیه العائدة هبة من اللّه تعالی.

(1)أی علی ما تقرر.

(2)أی بعد القصاص.

(3)من کونها هبة من اللّه تعالی، و حق المجنی علیه قد استوفاه بقلع السن أولا من الجانی.

(4)لا خلاف فی أنه ینتظر بها، لقضاء العادة بعودها عند الصبی و ینتظر بذلک إلی حد الیأس، و عن العلامة الانتظار سنة، و یعجب منه الشهید علی ما قیل: «بأنی لم أقف علیه فی کتب الأصحاب و لا سمعته من أحد من الفضلاء».

و علی کل فلو عادت ففیها الحکومة بلا خلاف لمرسل جمیل عن أحدهما علیهما السلام:

(فی سن الصبی یضربها الرجل فتسقط ثم تنبت، قال: لیس علیه قصاص و علیه الأرش)(1).

و قال الشیخ: المراد بالأرش هو أرش الجرح و إسالة الدم، و قال آخرون: المراد به تفاوت-

ص:527


1- (1) الوسائل الباب - 33 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

بعودها (فإن لم تعد) علی خلاف العادة (ففیها القصاص، و إلا فالحکومة) و هو أرش ما بین کونه فاقد السن زمن ذهابها و واجدها، و لو عادت متغیرة أو مائلة فعلیه الحکومة الأولی و نقص الثانیة (1)(و لو مات الصبی قبل الیأس من عودها فالأرش) (2).

(و لا تقلع سن بضرس)، و لا ثنیة برباعیة، و لا بناب،(و لا بالعکس) و کذا یعتبر العلو و السفل و الیمین و الیسار و غیرها من الاعتبارات المماثلة (3).

(و لا أصلیة بزائدة، و لا زائدة بزائدة مع تغایر المحل) بل الحکومة فیهما، و لو اتحد المحل قلعت

فی الانتقال إلی الدیة

(و کل عضو وجب القصاص فیه لو فقد انتقل إلی الدیة)، لأنها قیمة العضو حیث لا یمکن استیفاؤه.

فی ما لو قطع إصبع رجل، و ید آخر

(و لو قطع إصبع رجل، و ید آخر) (4) مناسبة لذات الأصبع (اقتص لصاحب) -ما بین کونه فاقد السن زمن ذهابها و واجدها لو کان عبدا.

و لو لم تعد کان فیها القصاص کما علیه المشهور لعموم قوله تعالی: اَلسِّنَّ بِالسِّنِّ (1)، و قیل: و لم یعرف قائله بعدم القصاص لأن سن الصبی فضلة و سن البالغ أصلیة فلا تتحقق المماثلة، إلا أنه ضعیف بعد صدق الاسم علیهما.

(1)هکذا فی النسخ المطبوعة للروضة، و الأولی فعلیه حکومة الأولی و نقص الثانیة، کما ذهب إلیه الشیخ فی المبسوط و العلاّمة فی القواعد أمّا الحکومة للأولی لقلعها و أمّا النقص للثانیة لأن النقص من فعله، و استشکل فیه بأن النقص لیس من فعله، بل قلع الأولی و قد تحمل الحکومة و یقتصر علیها.

(2)فالأرش لوارثه لاحتمال العود بعد الموت، و ردّ علیهم الشیخ بأن القلع متحقق و العود متوهم فعلی الجانی الدیة و لیس الأرش إلا أنها دیة ما قلع.

(3)تحقیقا للتماثل فی القصاص لقوله تعالی: فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ (2).

(4)بأن قطع إصبع رجل من یده الیمنی و قطع الید الیمنی لآخر، فیقتص للأول من إصبعه لسبقه، و یقتص للثانی عن یده إلا أن ید الجانی ناقصة فیرجع علی الثانی بدیة إصبع لعدم استیفاء تمام حقه و منه یعرف الحکم فی عکس الفرع المذکور.

ص:528


1- (1) المائدة الآیة: 45.
2- (2) النحل الآیة: 126.

(الأصبع إن سبق) فی الجنایة، لسبق استحقاقه إصبع الجانی قبل تعلق حق الثانی بالید المشتملة علیها (ثم یستوفی لصاحب الید) الباقی من الید و یؤخذ دیة الأصبع، لعدم استیفاء تمام حقه فیدخل فیما تقدم من القاعدة، لوجوب الدیة لکل عضو مفقود (و لو بدأ) الجانی (بقطع الید قطعت یده) للجنایة الأولی (و ألزمه الثانی دیة إصبع) لفوات محل القصاص.

الفصل الثالث - فی اللواحق

اشارة

(الفصل الثالث - فی اللواحق)

الواجب فی قتل العمد القصاص

(الواجب فی قتل العمد القصاص (1)، لا أحد الأمرین من الدیة و القصاص) کما زعمه بعض العامة، لقوله تعالی: اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (2) و قوله: کُتِبَ عَلَیْکُمُ الْقِصاصُ فِی الْقَتْلی الْحُرُّ بِالْحُرِّ (3) الآیة، و صحیحة الحلبی، و عبد اللّه بن سنان عن الصادق علیه السّلام قال: من قتل مؤمنا متعمدا قید منه إلا أن یرضی أولیاء المقتول أن یقبلوا الدیة فإن رضوا بالدیة و أحب ذلک القاتل فالدیة، إلی آخره.

(1)قتل العمد یوجب القصاص، لا الدیة، عینا لا تخییرا، علی المشهور و یدل علیه قوله تعالی: اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (1) و قوله تعالی: فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ (2)و لصحیحة الحلبی و عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سمعته یقول: من قتل مؤمنا متعمدا قید به إلا أن یرضی أولیاء المقتول أن یقبلوا الدیة)(3).

و ذهب ابن الجنید إلی أن ولی المقتول عمدا بالخیار بین القصاص و الدیة و العفو، للنبویین فالأول: (من قتل له قتیل فهو بخیر النظرین إما أن یفدی و إما أن یقتل)(4) و الآخر:

(من أصیب بدم أو خبل - و الخبل الجراح - فهو بالخیار بین إحدی ثلاث إما أن یقتص أو یأخذ العقل أو یعفو)5. و النبویان مرویان من غیر طرقنا فلا یقاومان ما سمعت من الأدلة.

(2)سورة المائدة: الآیة 45.

(3)سورة البقرة: الآیة 178.

ص:529


1- (1) المائدة الآیة: 45.
2- (2) البقرة الآیة: 194.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات النفس حدیث 9.
4- ( (4 و 5) سنن البیهقی ج 8، ص 52-53.

(نعم لو اصطلحا علی الدیة جاز) للخبر (1)، و لأن القصاص حق فیجوز الصلح علی إسقاطه بمال (2)(و یجوز الزیادة عنها) (3) أی عن الدیة (و النقیصة مع التراضی) أی تراضی الجانی و الولی، لأن الصلح إلیهما فلا یتقدر إلا برضاهما (و فی وجوبها) أی الدیة (علی الجانی (4) بطلب الولی وجه) بل قول لابن الجنید (لوجوب حفظ نفسه الموقوف علی بذل الدیة) فیجب مع القدرة، و لروایة الفضیل عن الصادق علیه السّلام قال: «و العمد هو القود، أو رضی ولی المقتول» (5). و لا بأس به و علی التعلیل لا یتقدر بالدیة، بل لو طلب منه أزید و تمکن منه وجب.

(و لو جنی علی الطرف و مات (6) و اشتبه استناد الموت إلی الجنایة فلا قصاص فی النفس)، للشک فی سببه، بل فی الطرف خاصة.

(1)أی صحیح الحلبی و عبد اللّه بن سنان المتقدم.

(2)لعموم أدلة الصلح کقوله تعالی: وَ الصُّلْحُ خَیْرٌ (1).

(3)أی و یجوز الصلح بأزید من الدیة کما یجوز بالأنقص بلا خلاف و لا إشکال لعموم أدلة الصلح.

(4)لو طلب ولی الدم الدیة فهل یجب علی الجانی القبول بها إن أمکنه دفعها حفظا لنفسه من القتل، کما یجب علی الجانی القبول بالأزید منها صلحا مع إمکان الدفع حفظا لنفسه، ذهب ابن الجنید إلی ذلک و قواه الفاضل و ولده، و نفی عنه البأس الشهید الأول و عن الکرکی أنه جید، و ذهب المشهور إلی عدم الوجوب إذ لا دلیل علی حفظ النفس فی المقام بعد تعلق حق الغیر بها و الأمر بإعطاء القصاص مع أن الأمر متوجه إلی الجانی.

(5)الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء، حدیث 13، و وجه الاستدلال إذا کان العمد منوطا برضا ولی المقتول بالدیة فیجب علی الجانی حینئذ القبول.

و فیه: إن الاقتصار علی رضا ولی المقتول مع السکوت عن رضا القاتل، لأن القاتل غالبا ما یقبل بدفع الدیة لا لأن الدفع واجب علیه علی کل حال إذا رضی ولی المقتول.

(6)و شک فی سبب موته و احتمل أنه مستند إلی سرایة الجرح، فلا خلاف و لا إشکال فی أنه یقتصر علی القصاص فی جنایة الجرح لأنهما المتیقنة، و لا یثبت القصاص فی النفس إلا بالبینة أو الإقرار.

ص:530


1- (1) النساء الآیة: 128.

فی ما یعتبر عند القصاص

(و یستحب إحضار شاهدین (1) عند الاستیفاء احتیاطا) فی إیقاعه علی الوجه المعتبر (و للمنع من حصول الاختلاف فی الاستیفاء) فینکره الولی فیدفع بالبینة.

(و تعتبر الآلة) (2) أی تختبر بوجه یظهر حالها (حذرا من) أن یکون و قد وضع المستوفی فیها (السم و خصوصا فی الطرف)، لأن البقاء معه مطلوب و السم ینافیه غالبا (فلو حصل منها) أی من الآلة المقتص بها فی الطرف (جنایة بالسم ضمن المقتص) إن علم به، و لو کان القصاص فی النفس أساء و استوفی و لا شیء علیه.

فی أنه یقتص إلا بالسیف

(و لا یقتص إلا بالسیف (3) فیضرب العنق لا غیر) إن کان الجانی أبانه، و إلا (1)فطنین بمواقع الاستیفاء و شرائطه احتیاطا فی الدماء، و لأنه لو حصلت مجاحدة بین المقتص و أولیاء المقتص منه فیمکن إقامة الشهادة حینئذ.

و مع تعبیر أکثر من واحد بالاستحباب قال فی الجواهر: «و إن کنا لم نعثر علی أثر فیه بالخصوص، و ما سمعته أقصاه الإرشاد - إلی أن قال - و لکن الأمر فی الندب سهل للتسامح».

(2)لا یجوز استیفاء القصاص بالآلة المسموعة، و لا إشکال فی تحریم ذلک فی قصاص الطرف، لأن المقصود فی قصاص الطرف إبقاء النفس غالبا بعد القصاص، مع أن الاستیفاء بالآلة المسمومة إجهاز علیه فیکون قد قتله عمدا فیضمن المقتص.

و أما فی قصاص النفس فهو و إن کان المقصود منه إزهاق النفس إلا أنه بالسم یوجب إفساد البدن و تقطعه و تعذر تغسیله و هتک حرمته بل هو بمنزلة المثلة به، و هو ما لو قطعه بعد القتل کما عن المبسوط. فیحرم حینئذ و إن لم یوجب قصاصا علی المقتص.

(3)بلا خلاف، فلو قتل بالسیف أو بغیره کالإحراق أو الفرق أو بالمنع عن الطعام فلا یقتص منه بنفس الطریقة التی قتل بها بل یقتص منه بالسیف، لخبر موسی بن بکر عن الإمام الکاظم علیه السّلام: (فی رجل ضرب رجلا بعصا، فلم یرفع العصا حتی مات، قال: یدفع إلی أولیاء المقتول و لکن لا یترک یتلذّذ به و لکن یجاز علیه بالسیف)(1) و مثله غیره.

و قال ابن الجنید: یجوز قتله بمثل القتلة التی قتل بها لقوله تعالی: فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ (2) و للنبوی الوارد من طرق العامة: (من حرّق حرّقناه و من غرّق-

ص:531


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 10.
2- (2) البقرة الآیة: 194.

ففی جوازه نظر من صدق استیفاء النفس بالنفس (1) و زیادة الاستیفاء (2) و بقاء حرمة الآدمی بعد موته (3)، و استقرب فی القواعد المنع.

(و لا یجوز التمثیل به) أی بالجانی بأن یقطع بعض أعضائه (و لو کانت جنایته تمثیلا أو) وقعت (بالتغریق و التحریق و المثقل) بل یستوفی جمیع ذلک بالسیف.

و قال ابن الجنید: یجوز قتله بمثل القتلة التی قتل بها، لقوله تعالی: بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ (4) و هو متجه لو لا الاتفاق علی خلافه.

(نعم قد قیل) و القائل الشیخ فی النهایة و أکثر المتأخرین: أنه مع جمع الجانی بین التمثیل بقطع شیء من أعضائه و قتله (یقتص) الولی منه (فی الطرف، ثم یقتص فی النفس إن کان الجانی فعل ذلک بضربات) متعددة، لأن ذلک بمنزلة جنایات متعددة (5) و قد وجب القصاص بالجنایة الأولی، فیستصحب، و لروایة محمد بن قیس عن أحدهما علیهما السّلام (6)، و لو فعل ذلک بضربة واحدة لم یکن علیه -غرّقناه)(1) و فی نبوی آخر کذلک: (أن یهودیا رضخ رأس جاریة بالحجارة، فأمر صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فرضخ رأسه بالحجارة)2، و لأن القصاص للتشفی و لا یحصل إلاّ إذا قتل القاتل بمثل ما قتل به، و الأول أولی لقوة أدلته بعد کون النبویین لا یقاومان أخبارنا المرویة عن أئمتنا علیهم السّلام، و أما کون القصاص للتشفی إلی آخر ما ذکره فإنه استحسان محض و الآیة مخصصة بالأخبار الحاصرة للقتل بالسیف.

(1)دلیل جواز قطع رأس الجانی و إن لم یقطع رأس المجنی علیه.

(2)دلیل العدم، لأن الزیادة محرمة.

(3)دلیل ثان لعدم الجواز، و حاصله أن الزیادة مثلة لبقاء حرمة الآدمی بعد موته، و فی أدلة العدم ضعف لأن النصوص السابقة قد حصرت القصاص بالسیف، و المتبادر منه هو ضرب العنق و إن لم یکن بمثل ما قتل به الجانی.

(4)سورة البقرة: الآیة 194.

(5)قد تقدم أن مع تعدد الضربات تتعدد الجنایات عرفا، و یکون لکل جنایة حکمها.

(6)(فی رجل فقأ عین رجل و قطع أنفه و أذنیه ثم قتله، فقال: إن کان فرّق ذلک اقتص منه-

ص:532


1- ( (1 و 2) سنن البیهقی ج 8، ص 43-42.

أکثر من القتل (1).

و قیل: یدخل قصاص الطرف فی قصاص النفس مطلقا (2) ذهب إلیه الشیخ فی المبسوط و الخلاف، و رواه أبو عبد اللّه عن الباقر علیه السّلام (3). و الأقرب الأول (4).

-ثم یقتل، و إن کان ضربه ضربة واحدة ضربت عنقه و لم یقتص منه)(1) و مثله حسنة حفص البختری: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل ضرب علی رأسه فذهب سمعه و بصره و اعتقل لسانه ثم مات، فقال: إن کان ضربه ضربة بعد ضربة اقتص منه ثم قتل، و إن کان أصابه هذا من ضربة واحدة قتل و لم یقتص منه)2.

(1)کما هو صریح النصوص المتقدمة.

(2)سواء وقع ذلک بضربة واحدة أو بضربات.

(3)کذا فی کل نسخ الروضة المطبوعة التی بأیدینا، و الصحیح و رواه أبو عبیدة - أعنی الحذاء - عن الباقر علیه السّلام، و الخبر صحیح: (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط علی رأسه ضربة واحدة فأجافه حتی وصلت الضربة إلی الدماغ فذهب عقله، قال: إن کان المضروب لا یعقل منها أوقات الصلاة و لا یعقل ما قال و لا ما قیل له فإنه ینتظر به سنة فإن مات فیما بینه و بین السنة أقید به ضاربه، و إن لم یمت فیما بینه و بین السنة و لم یرجع إلیه عقله أغرم ضاربه الدیة فی ماله لذهاب عقله، قلت: فما تری علیه فی الشجة شیئا؟ قال: لا لأنه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنایتین فألزمته أغلظ الجنایتین و هی الدیة، و لو کان ضربه ضربتین فجنت الضربتان جنایتین لألزمته جنایة ما جنتا کائنا ما کان إلا أن یکون فیهما الموت بواحدة، و تطرح الأخری فیقاد به ضاربه)(2) و ذیله محل الشاهد.

(4)اعلم أن الفقهاء قد اختلفوا فی هذه المسألة علی أقوال:

الأول: الدخول مطلقا و هو قول الشیخ فی الکتابین.

الثانی: عکسه عدم الدخول مطلقا و إلیه ذهب الشیخ فی المبسوط و الخلاف أیضا و تبعه ابن إدریس لعموم قوله تعالی: فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ (3) و لاستصحاب حکم الجنایة الأولی.

ص:533


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 51 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1 و 2.
2- (3) الوسائل الباب - 7 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.
3- (4) البقرة الآیة: 194.

(و لا یقتص بالآلة الکالة) (1) التی لا تقطع أو لا تقتل (2) إلا بمبالغة کثیرة لئلا یتعذب المقتص منه سواء فی ذلک النفس و الطرف (فیأثم) المقتص (لو فعل) و لا شیء علیه سواه.

فی السرایة بالقصاص

(و لا یضمن المقتص سرایة القصاص) (3) لأنه فعل سائغ فلا یتعقبه ضمان، و لقول الصادق علیه السّلام فی حسنة الحلبی: «أیّما رجل قتله الحد فی القصاص فلا دیة له» (4)، و غیرها (5).

و قیل: دیته فی بیت المال استنادا إلی خبر ضعیف (6).

-الثالث: التفصیل بین الضربة و الضربات، ففی الضربة یدخل الأضعف فی الأقوی، و إلیه ذهب الشیخ فی النهایة و أکثر المتأخرین، لقوة دلیله فضلا عن أنه صحیح أبی عبیدة یدل علیه من ناحیة صدره و لو إیماء.

(1)بلا خلاف فیه تجنبا للتعذیب، و للنبوی: (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة)(1)، و لکن لو فعل أساء و عزّر لأنه فعل محرم و لا شیء علیه.

(2)الأول فی قصاص الطرف و الثانی فی قصاص النفس.

(3)بلا خلاف فیه للنصوص منها: خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من اقتص منه فهو قتیل القرآن)(2).

و خبر محمد بن مسلم عن أحدهما علیهما السّلام: (و من قتله القصاص فلا دیة له)3.

و خبر أبی الصباح الکنانی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن رجل قتله القصاص، له دیة؟ فقال: لو کان ذلک لم یقتص من أحد، و قال: من قتله الحد فلا دیة له)4.

(4)الوسائل الباب - 24 - من أبواب قصاص النفس حدیث 9، و فی الوسائل: «قتله الحد أو القصاص فلا دیة له».

(5)تقدم بعضها.

(6)ذهب الشیخ فی الاستبصار إلی ذلک اعتمادا علی خبر الحسن بن صالح الثوری عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من ضربناه حدا من حدود اللّه فمات فلا دیة له علینا، و من ضربناه حدا من حدود الناس فمات فإن دیته علینا)(3)، و قال ابن إدریس فی السرائر: «إن قول-

ص:534


1- (1) سنن البیهقی ج 8، ص 60.
2- ( (2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 24 - من أبواب قصاص النفس حدیث 2 و 5 و 1.
3- (5) الوسائل الباب - 24 - من أبواب قصاص النفس حدیث 3.

(ما لم یتعد) حقه (1) فیضمن حینئذ الزائد قصاصا، أو دیة.

فی أجرة المقتص

(و أجرة المقتص من بیت المال) (2)، لأنه من جملة المصالح (فإن فقد) بیت المال (أو کان هناک) ما هو (أهم منه) کسد ثغر، و دفع عدو و لم یسع لهما (فعلی الجانی)، لأن الحق لازم له فتکون مئونته علیه.

و قیل: علی المجنی علیه، لأنه لمصلحته.

فی إرث القصاص

(و یرثه) أی القصاص (3)...

-الشیخ هنا مخالف للقرآن و الإجماع، و إن راوی الخبر زیدی و هو الحسن بن صالح».

(1)فیضمن و یدل علیه خبر أبی العباس عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عمن أقیم علیه الحد، أ یقاد منه أو تؤدی دیته؟ قال: لا، إلا أن یزاد علی القود)(1).

(2)إذا لم یستوفه الولی، فأجرة المقتص من بیت المال لأنه معدّ للمصالح و هذا منها، فإذا لم یکن بیت مال، أو کان و کان هناک ما هو أهم منها کالجهاد و لم یف بیت المال بالجمیع کانت الأجرة علی الجانی دون المستوفی کما عن الخلاف لأنها من مئونة التسلیم الواجب علی الجانی، فهی کأجرة الکیّال الواجبة علی البائع.

و عن المبسوط أنها واجبة علی المستوفی لأن المقتص عامل له فأجرته علیه، و ما علی الجانی إلاّ التمکین و لیس الفعل و هو الأقرب.

(3)یتولی القصاص من یرث المال ما عدا الزوج و الزوجة کما علیه الأکثر بلا فرق بین الذکر و الأنثی لعموم أدلة الإرث کقوله تعالی: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللّهِ (2) مع ضمیمة إطلاق قوله تعالی: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً (3) بناء علی إرادة الوارث من الولی فی الآیة.

و أما استثناء الزوج و الزوجة فهو موضع وفاق کما فی المسالک لأن القصاص یثبت للولی للتشفی و لا نسب فی الزوجیة، نعم مع التراضی بالدیة فالدیة مال للمقتول یلحقه حکم غیره من الأموال المنقولة فیکون ترکة بین الورثة بما فیهم الزوجان و قد تقدم الکلام فی باب الإرث.

ص:535


1- (1) الوسائل الباب - 24 - من أبواب قصاص النفس حدیث 7.
2- (2) الأنفال الآیة: 75.
3- (3) الإسراء الآیة: 33.

(و إرث المال) مطلقا (1)(إلا الزوجین) لعموم آیة أولی الأرحام (2) خرج منه الزوجان بالإجماع (3) فیبقی الباقی.

(قیل: ترثه العصبة) و هم الأب و من تقرب به (لا غیر) دون الأخوة و الأخوات من الأم و من یتقرب بها من الخئولة و أولادهم. و فی ثالث یختص المنع بالنساء (4) لروایة أبی العباس عن الصادق علیه السّلام و الأول أقوی.

فی المبادرة من غیر إذن الإمام

(و یجوز للولی الواحد المبادرة) (5) إلی الاقتصاص من الجانی (من غیر إذن) -و ذهب الشیخ فی النهایة و الاستبصار و جماعة منهم المحقق فی الشرائع و ادعی ابن إدریس علیه عدم الخلاف إلی أن الذی یتولی القصاص هم الورثة إلا المتقرب بالأم لصحیح ابن سنان: (قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام أن الدیة یرثها الورثة إلا الإخوة و الأخوات من الأم فإنهم لا یرثون من الدیة شیئا)(1)، و مثلها خبر سلیمان بن خالد2 و خبر محمد بن قیس3 و خبر عبید بن زرارة4. و الخبر و إن کان واردا فی الإخوة و الأخوات إلا أن الحکم یعمم لکل متقرب بها بالأولی لأن الإخوة أقرب من الأخوال و أولادهم، هذا و أیضا قد دل الخبر علی عدم إرثهم من الدیة إلا أنه دال بالأولویة علی عدم إرثهم القصاص، لأن الدیة فرع القصاص.

و ذهب الشیخ فی المبسوط، و نقل عن ابن البراج إلی أن النساء لیس لهن عفو و لا قود سواء تقربن بالأب أو الأم لمعتبرة أبی العباس البقباق عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قلت:

هل للنساء قود أو عفو؟ قال: لا، و ذلک للعصبة)(2)، و قال علی بن الحسن بن فضال الراوی لهذا الخبر: «و هذا خلاف ما علیه أصحابنا»، فلذا حمل علی التقیة.

(1)ذکرا أو أنثی.

(2)سورة الأنفال: الآیة 75.

(3)یستشعر من کلامه أن الزوجین من الأرحام، و الخروج تخصیصی مع أنک عرفت أن الخروج تخصص إذ لا نسب فی الزوجیة.

(4)سواء تقربن بالأب أو الأم.

(5)لو کان ولی الدم واحدا فهل یجوز له استیفاء القصاص من دون إذن الإمام أو نائبه الخاص أو العام، ذهب إلی ذلک الشیخ فی المبسوط و الفاضل و ولده و الشهیدان-

ص:536


1- ( (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 10 - من أبواب موانع الإرث حدیث 2 و 1 و 4 و 5.
2- (5) الوسائل الباب - 8 - من أبواب موجبات الإرث حدیث 6.

(الإمام)، لقوله تعالی: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً (1)، لأنه حقه، و الأصل براءة الذمة من توقف استیفاء الحق علی استئذان غیر المستحق (و إن کان استئذانه أولی) (2) لخطره، و احتیاجه إلی النظر (و خصوصا فی قصاص الطرف)، لأن الغرض معه بقاء النفس، و لموضع الاستیفاء حدود لا یؤمن من تخطیها لغیره.

و ذهب جماعة إلی وجوب استئذانه مطلقا (3). فیعزّر لو استقل (4) و اعتدّ به.

(و إن کانوا جماعة توقف) (5) الاستیفاء (علی إذنهم أجمع)، سواء کانوا حاضرین أم لا، لتساویهم فی السلطان، و لاشتراک الحق فلا یستوفیه بعضهم، -و الأردبیلی بل عن الریاض نسبته إلی أکثر المتأخرین بل و عامتهم، لعموم قوله تعالی:

فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً (1). و توقف الاستیفاء علی الإذن ینافی إطلاق سلطنته و قال الشیخ فی الخلاف و اختاره العلاّمة فی القواعد و عن الغنیة نفی الخلاف عنه إلی أنه یحتاج إلی الإذن لأن استیفاء القصاص محتاج إلی النظر و الاجتهاد لاختلاف الناس فی شرائط ثبوته و فی کیفیة الاستیفاء، و لأن الدماء أمر خطیر فلا وجه لتسلط الآحاد علیه لئلا یلزم الهرج و المرج، و لأنه عقوبة تتعلق ببدن الآدمی فلا بد من مراقبة الحاکم کحد القذف، و یشعر بذلک خبر محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (من قتله القصاص بأمر الإمام فلا دیة له فی قتل و لا جراحة)(2).

و عن المهذب البارع أن توقف قصاص الطرف علی الإذن لا خلاف فیه، و إنما الخلاف فی توقف قصاص النفس علی الإذن.

(1)سورة الإسراء: الآیة 33.

(2)وجه الأولویة من أجل الخروج عن شبهة الخلاف خصوصا فی الطرف حیث ادعی ابن البراج عدم الخلاف فی الإذن.

(3)فی الطرف و فی النفس.

(4)علی القول بالاستئذان فلو استوفاه الولی من دون الإذن فعلیه التعزیر فی المبسوط، و نفاه فی الخلاف، مع أنه لا بد من التعزیر لأنه فعل محرم، نعم لا دیة علیه و لا قصاص لأنه قد استوفی حقه و إن کان آثما لعدم أخذه الإذن.

(5)فلو کان ولی الدم متعددا فهل یتوقف الاستیفاء علی اجتماع الأولیاء، اختلف فی ذلک-

ص:537


1- (1) الإسراء الآیة: 33.
2- (2) الوسائل الباب - 24 - من أبواب قصاص النفس حدیث 8.

و لأن القصاص موضوع للتشفی و لا یحصل بفعل البعض.

(و قیل) و القائل به جماعة منهم الشیخ و المرتضی مدعین الإجماع:(للحاضر) من الأولیاء (الاستیفاء) من غیر ارتقاب حضور الغائب و لا استئذانه (و یضمن) المستوفی (حصص الباقین من الدیة) لتحقق الولایة للحاضر فیتناوله العموم، و لبناء القصاص علی التغلیب، و من ثم لا یسقط بعفو البعض علی مال أو مطلقا (1)، بل للباقین الاقتصاص مع أن القاتل قد أحرز بعض نفسه (2) فهنا أولی (3).

و تظهر الفائدة (4) فی تعزیر المبادر إلیه و عدمه، أما قتله فلا، لأنه مهدر بالنسبة إلیه.

(و لو کان الولی صغیرا (5) و له أب أو جد لم یکن له) أی لولیه من الأب -علی قولین، أحدهما: إنه لا یجوز الاستیفاء إلا بعد الاجتماع علی المشهور کما عن غایة المرام، لأنه حق مشترک. ثانیهما: ما ذهب إلیه الشیخ فی المبسوط و الخلاف و ابنا حمزة و زهرة بل عن الشیخ و السید المرتضی الإجماع علیه أنه یجوز المبادرة لکل منهم مع ضمان حصص الباقین لتحقق الولایة لکل واحد بانفراده فیتناوله عموم قوله تعالی: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً (1)، و لأن القصاص مبنی علی التغلیب بمعنی لو عفا بعضهم أو طالب بالدیة مع کون البعض لا یرضی إلا بالقصاص، قدّم حق من یطالب بالقصاص مع ضمان حقوق الآخرین المطالبین بالدیة.

(1)فیما لو کان العفو بلا مال.

(2)بالعفو.

(3)لأن الغائب قد لا یعفو و یطالب بالقصاص کالحاضر.

(4)فعلی الأول لو بادر بعضهم فإنه یعزّر لأنه فعل محرما لأنه استوفی حقه و حق غیره، و لکن لا قصاص علیه لأن المجنی علیه بالنسبة إلیه مهدور الدم، و علی الثانی لو بادر أحدهم فلا إثم و لا تعزیر و لکن یضمن حصص الباقین.

(5)فهل یؤخر الاستیفاء إلی أن یبلغ و کذا المجنون حتی یفیق أو لا، ذهب الشیخ فی المبسوط و الخلاف إلی الأول لأن حق الاستیفاء للصغیر و المجنون، و هما قاصران عن أهلیة الاستیفاء فیتعین تأخیره، و أما ولایة الأب و الجد علی الصغیر فهی قاصرة عن شمولها لمثل هذا الحق.

ص:538


1- (1) الإسراء الآیة: 33.

و الجد (الاستیفاء إلی بلوغه)، لأن الحق له و لا یعلم ما یریده حینئذ، و لأن الغرض التشفی و لا یتحقق بتعجیله قبله و حینئذ فیحبس القاتل حتی یبلغ.

(و قیل) و القائل الشیخ و أکثر المتأخرین:(تراعی المصلحة) فإن اقتضت تعجیله جاز، لأن مصالح الطفل منوطة بنظر الولی، و لأن التأخیر ربما استلزم تفویت القصاص. و هو أجود.

(و فی حکمه المجنون).

فی ما لو صالحه بعض الأولیاء

(و لو صالحه بعض) الأولیاء (1)(علی الدیة لم یسقط القود عنه للباقین علی) -و ذهب الشیخ أیضا و المحقق و العلاّمة و ولده بل و أکثر المتأخرین إلی أن لولی الطفل و المجنون جواز الاستیفاء لعموم الولایة له مع وجود المصلحة و بناء علی الأول فیجب حبس القاتل حتی یبلغ الصبی و یفیق المجنون لکونه مقدمة لحفظ حقهما، و هو ممنوع لأن الواجب هو القتل، و أما حبسه فهو تعجیل عقوبة لا مبرر لها، و یشتد الإشکال فی المجنون إذ یحتمل عدم إفاقته فهل یحبس إلی الأبد.

(1)المشهور بین الأصحاب أنه لو عفا بعض الأصحاب علی مال أو بدونه فلا یسقط حق الباقین من القود، و لکن من أراد القصاص علیه أن یرد علی المقتول مقدار نصیب من عفا، و علی الولی مقدار نصیبه إذا کان رضاه فی قبال مال.

لأن الولایة لکل واحد منهم لعموم قوله تعالی: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً (1)، و لصحیح أبی ولاّد الحناط: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام فی رجل قتل و له أب و أم و ابن، فقال الابن: أنا أرید أن أقتل قاتل أبی، و قال الأب: أنا أعفو، و قالت الأم: أنا آخذ الدیة، فقال علیه السّلام: فلیعط الابن أم المقتول السدس من الدیة، و یعطی ورثة القاتل السدس من الدیة حق الأب الذی عفا، و لیقتله)(2).

و فی قباله روایات تدل علی سقوط القصاص منها: صحیح زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی رجلین قتلا رجلا عمدا و له ولیّان، فعفا أحد الولیّین، فقال: إذا عفا عنهما بعض الأولیاء درئ عنهما القتل و طرح عنهما من الدیة بقدر حصة من عفا، و أدّی الباقی من أموالهما إلی الذی لم یعف)(3)، إلاّ أن المشهور لم یعملوا بها فحملوها-

ص:539


1- (1) الإسراء الآیة: 33.
2- (2) الوسائل الباب - 52 - من أبواب قصاص النفس حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 54 - من أبواب قصاص النفس حدیث 3.

(الأشهر) لا نعلم فیه خلافا. و قد تقدم ما یدل علیه و رواه الحسن بن محبوب عن أبی ولاد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی رجل قتل و له أب و أم و ابن؟ فقال الابن: أنا أرید أن أقتل قاتل أبی، و قال الأب: أنا أعفو، و قالت الأم: أنا آخذ الدیة! قال:

«فلیعط الابن أم المقتول السدس من الدیة، و یعطی ورثة القاتل السدس من الدیة حق الأب الذی عفا عنه و لیقتله، و کثیر من الأصحاب لم یتوقف فی الحکم.

و إنما نسبه المصنف إلی الشهرة لورود روایات بسقوط القود، و ثبوت الدیة کروایة زرارة عن الباقر علیه السّلام.

(و) علی المشهور (یردون) أی من یرید القود (علیه) أی علی المقتول (نصیب المصالح) من الدیة و إن کان قد صالح علی أقل من نصیبه، لأنه قد ملک من نفسه بمقدار النصیب فیستحق دیته.

لو اشترک الأب و الأجنبی فی قتل الولد

(و لو اشترک الأب و الأجنبی فی قتل الولد (1) اقتص من الأجنبی و ردّ الأب نصف الدیة علیه) (2) و کذا لو اشترک المسلم و الکافر فی قتل الذمی فیقتل الکافر إن شاء الولی و یرد المسلم نصف دیته (و کذا الکلام فی) اشتراک (العامد و الخاطئ) فإنه یجوز قتل العامد بعد أن یرد علیه نصف دیته (و الراد هنا العاقلة): عاقلة الخاطئ لو کان الخطأ محضا و لو کان شبیه عمد فالخاطئ.

فی جواز القصاص للمحجور علیه

(و یجوز للمحجور علیه) (3) للسفه و الفلس (استیفاء القصاص إذا کان بالغا) -إما علی التقیة و إما علی ما لو کان الذی یرید القصاص لا یرید أن یضمن حصة من عفا.

(1)إذا کان هناک مانع لقتل القاتل إما لکونه أبا للمقتول أو لکون القتل قد صدر خطأ أو لکون القاتل مسلما و المقتول ذمیا فقد عرفت سقوط القصاص فکذلک لو اشترک أکثر من واحد فی القتل و کان أحد الشریکین کذلک، و بناء علیه فعلی الشریک الذی لم یثبت علیه القصاص أن یدفع نصف الدیة إلی الشریک الذی ثبت علیه القصاص علی فرض قتله، إلا فی القتل الخطائی فالدافع هو العاقلة.

(2)عمل الأجنبی علی فرض قتله.

(3)لا خلاف فی أن مستحق القصاص إذا کان محجورا علیه و کان مسلوب العبارة کالصبی و المجنون فلا أثر لعفوه، لأنه مسلوب العبارة شرعا و استیفاء القصاص علی الخلاف من-

ص:540

(عاقلا)، لأن القصاص لیس بمال فلا یتعلق به الحجر فیهما، و لأنه موضوع للتشفی و هو أهل له،(و یجوز له العفو) أیضا عنه (و الصلح علی مال) لکن لا یدفع إلیه.

(و فی جواز استیفاء) ولی المقتول مدیونا (1)(القصاص من دون ضمان الدین) -أنه یستوفیه ولیه مع المصلحة أو ینتظر به حتی یکمل.

و إذا کان المحجور علیه غیر مسلوب العبارة سواء کان لفلس أو سفه فله استیفاء القصاص لاختصاص الحجر علیهما بالمال و القصاص لیس منه، و لهما العفو سواء کان بمال أو لا، فإن کان بمال فهو لیس تصرفا فی مال بل هو تکسب و التکسب لیس محرما علیها، غایته هذا المال یرجع إلی غرماء المفلس إذا کان الحجر لإفلاس، و إلی مال السفیه. و یمنع من التصرف فیه، و إن کان العفو مجردا عن التقابل بالمال فجائز لأن المحجور علیه لا یجب علیه التکسب.

(1)المدیون حال من المقتول، و علیه فلو قتل عمدا و علیه دین فإن أخذ الورثة الدیة صرفت فی دیون المقتول و وصایاه کباقی أمواله بلا خلاف و لا إشکال لروایة عبد الحمید بن سعید: (سألت أبا الحسن الرضا علیه السّلام عن رجل قتل و علیه دین و لم یترک مالا و أخذ أهله الدیة من قاتله، أ علیهم أن یقضوا الدین؟ قال: نعم، قلت: و هو لم یترک شیئا؟ قال علیه السّلام: إن أخذوا الدیة فعلیهم أن یقضوا الدین)(1).

ثم لو أراد الورثة استیفاء القصاص فهل یجب علیهم ضمان ما علیه من الدیون، ذهب ابن إدریس و جماعة إلی جواز الاستیفاء من دون الضمان، للأصل من عدم وجوب الضمان و لعموم قوله تعالی: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً (2).

و ذهب الشیخ فی النهایة و القاضی و ابن زهرة بل قیل: إنه المشهور، إلی أنه لا یجوز الاستیفاء مع عدم الضمان لخبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الرجل یقتل و علیه دین و لیس له مال، فهل للأولیاء أن یهبوا دمه لقاتله؟ فقال: إن أصحاب الدین هم الخصماء للقاتل، فإن وهب أولیاؤه دمه للقاتل فجائز، و إن أرادوا القود فلیس لهم ذلک حتی یضمنوا الدیة للغرماء)(3)، إلا أن الخبر نفسه قد رواه الشیخ فی التهذیب:

(إن أصحاب الدین هم الخصماء للقاتل فإن وهب أولیاؤه دمه للقاتل ضمنوا الدیة-

ص:541


1- (1) الوسائل الباب - 24 - من أبواب الدین و القرض حدیث 1.
2- (2) الإسراء الآیة: 33.
3- (3) الوسائل الباب - 24 - من أبواب الدین و القرض حدیث 2.

(علی المیت قولان) أصحهما الجواز، لأن موجب العمد القصاص، و أخذ الدیة اکتساب، و هو غیر واجب علی الوارث فی دین مورثه، و لعموم الآیة (1). و ذهب الشیخ و جماعة إلی المنع استنادا إلی روایات مع سلامة سندها (2) لا تدل علی مطلوبهم (3).

فی التوکیل فی الاستیفاء

(و یجوز التوکیل فی استیفائه) (4)، لأنه من الأفعال التی تدخلها النیابة إذ لا تعلق لغرض الشارع فیه بشخص معین (فلو عزله) الموکل (و اقتص) الوکیل (و لما) -للغرماء و إلاّ فلا)(1) فالضمان عند الهبة لا عند استیفاء القصاص بعد ما کان القصاص حقا لهم و لیس فیه تفویت علی الغرماء بخلاف العفو.

و فی خبر ثالث قد جعل الضمان علی الورثة عند العفو، و علی الإمام عند القتل و هو خبر أبی بصیر عن علی بن أبی حمزة عن أبی الحسن موسی علیه السّلام - إلی أن قال -:

(إن وهبوا دمه ضمنوا الدین، قلت: فإن أرادوا قتله؟ قال: إن قتل عمدا قتل قاتله و أدی عنه الإمام الدین من سهم الغارمین)2.

فهذه الروایة مع تبدل متنها، لا تصلح أن تکون مستندا للحکم.

(1)سورة الإسراء: الآیة 33.

(2)لأن الجمیع قد رواه أبو بصیر و هو مشترک بین الثقة و غیره.

(3)لتبدل متنها.

(4)أی استیفاء القصاص، و هو مما لا خلاف فیه و لا إشکال، لأن الشارع لم یتعلق له غرض فی استیفاء القصاص بشخص معیّن، بل یرید نفس إیقاع الفعل، و هو مما تجوز فیه الوکالة بلا إشکال، ثم لو لم یعزله و استمر علی ذلک حتی استوفی الوکیل الحق، فلا کلام لأنه قد وقع موقعه کما لو فعله الموکل. و لو رجع الموکل بالوکالة فلا یخلو الأمر فإما أن یعلم الوکیل بالعزل أو لا، فإن علم الوکیل بالعزل قبل الاستیفاء و مع ذلک استوفی فعلی الوکیل القصاص لأنه متعد، و إن لم یعلم بالعزل قبل الاستیفاء فعلی الخلاف المتقدم فی کتاب الوکالة فإن قلنا أنه لا ینعزل إلا بالعلم بالعزل فلا شیء علیه لو استوفی کمثل ما لو استوفی ثم عزله. و إن قلنا أنه ینعزل بمجرد العزل و إن لم یعلم، فلو استوفی الوکیل فلا قصاص علیه لأنه مأذون به ظاهرا فلیس بمتعد، و لکن علیه الدیة للمباشرة و یرجع فیها علی الموکل للتغریر.

ص:542


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 59 - من أبواب قصاص النفس حدیث 1 و 2.

(یعلم) بالعزل (فلا شیء علیه) (1) من قصاص و لا دیة لأن الوکیل لا ینعزل إلا مع علمه بالعزل کما تقدم فوقع استیفاؤه موقعه.

أما لو عفا الموکل (2) فاستوفی الوکیل بعده (3) قبل العلم فلا قصاص أیضا لکن علیه الدیة لمباشرته، و بطلان وکالته بالعفو، کما لو اتفق الاستیفاء بعد موت الموکل، أو خروجه (4) عن أهلیة الوکالة، و یرجع بها (5) علی الموکل لغروره بعدم إعلامه بالعفو، و هذا یتم مع تمکنه من الإعلام، و إلا فلا غرور، و یحتمل حینئذ (6) عدم وجوبها علی الوکیل، لحصول العفو بعد وجود سبب الهلاک (7) کما لو عفا بعد رمی السهم.

فی أنه لا یقتص من الحامل

(و لا یقتص من الحامل (8) حتی تضع) و ترضعه اللباء مراعاة لحق الولد (1)بناء علی أنه لا ینعزل بمجرد العزل.

(2)نفس الصورة السابقة إلا أن الموکل لم یعزل الوکیل و إنما عفا عن الجانی، فالعفو تارة قبل استیفاء الوکیل و أخری بعده، فإن کان بعده فلا حکم له و لا أثر لعدم موضوعه، و إن کان قبله فإن علم الوکیل بالعفو و مع ذلک استوفی القصاص، فعلیه القصاص لأنه متعد، و إن لم یعلم فلا قصاص علیه إلا أنه تجب الدیة للمباشرة و یرجع فیها علی الموکل للتغریر.

(3)بعد العفو.

(4)أی الموکل.

(5)أی بالدیة.

(6)أی حین عدم التمکن من الإعلام.

(7)و هو التوکیل فی الاستیفاء.

(8)المرأة الحامل لا یقام علیها القصاص قبل الوضع، لما فی إقامته من إهلاک الجنین مع أنه بریء لا یهلک بجریرة غیره، و لقوله تعالی: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ (1) و قتل الجنین معها إسراف فی القتل، بلا فرق بین أن یکون الولد من حلال أو حرام، و کذلک لا فرق بین کون نشوء تکونه قبل وجوب العقوبة أو بعده، ثم إذا وضعته فلا بدّ من تأخیر القصاص حتی ترضعه اللباء، لأنه لا یعیش إلا به غالبا.

ثم إذا أرضعته اللباء فإن لم یکن هناک من یرضعه و لو بلبن بهیمة فیجب الصبر إلی حین وجود مرضعة یعیش بها لئلا یموت.

ص:543


1- (1) الإسراء الآیة: 33.

(و یقبل قولها فی الحمل (1) و إن لم تشهد القوابل) به، لأن له أمارات قد تخفی علی غیرها، و تجدها من نفسها فتنتظر المخیلة (2) إلی أن تستبین الحال.

و قیل: لا یقبل قولها مع عدم شهادتهن، لأصالة عدمه، و لأن فیه دفعا للولی عن السلطان الثابت له بمجرد الاحتمال (3) و الأول أجود، و لا یجب الصبر بعد ذلک (4) إلا أن تتوقف حیاة الولد علی إرضاعها فینتظر مقدار ما تندفع حاجته.

لو هلک قاتل العمد

(و لو هلک قاتل العمد (5)،...) (1)لو ادعت المرأة الحمل و شهدت لها القوابل الأربعة بذلک، فیثبت الحمل بلا خلاف، لأن شهادة النساء الأربع کافیة فی ثبوته، و إن تجمدت دعواها عن شهادة القوابل، قیل: لا یؤخذ بدعواها لأن فیه دفعا للولی عن سلطانه المنصوص علیه فی قوله تعالی: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً (1)، و ذهب الفاضل و جماعة أنه یؤخذ بدعواها حتی یقطع بالعدم، لأن للحیض أمارات ظاهرة و خفیة، و مع خفاء الأمارات فیتعذر إقامة البینة علیها و مقتضی الاحتیاط مراعاة قولها حتی یثبت العکس.

(2)بصیغة اسم الفاعل، و المراد أن الأمارة التی أوجبت العلم بوجود الحمل لا بد من التریث لأجلها.

(3)عند اللوث.

(4)بعد الوضع و إرضاع اللباء.

(5)قد عرفت أن موجب العمد هو القصاص لا غیر علی مبنی المشهور، و علی مبنی ابن الجنید هو التخییر بین القصاص و الدیة، و علی الثانی فلو هلک قاتل العمد فیتعین وجوب الدیة بعد فوات محل القصاص، و علی الأول فهل یقع بدل للقصاص بعد فوات محله؟ فقد اختلفت کلمات الأصحاب فی ذلک.

فذهبت جماعة منهم الشیخ فی المبسوط و ابن إدریس مدعیا الإجماع إلی العدم، لأن الثابت هو القصاص بالأصالة و قد فات محله بالهلاک، و لا تثبت الدیة إلا بالتراضی و المفروض هلاک الجانی.

و ذهب الأکثر منهم الشیخ فی النهایة و ابن زهرة مدعیا الإجماع إلی وجوب الدیة فی ترکة-

ص:544


1- (1) الإسراء الآیة: 33.

(فالمروی) عن الباقر علیه السّلام (1)(أخذ الدیة من ماله، و إلا یکن) له مال (فمن الأقرب) إلیه (فالأقرب) و إنما نسب الحکم إلی الروایة لقصورها عنه من حیث السند فإنهما روایتان فی إحداهما ضعف، و فی الأخری إرسال لکن عمل بها جماعة، بل قیل أنه إجماع و یؤیده قوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: «لا یطل دم امرئ مسلم» و ذهب ابن إدریس إلی سقوط القصاص لا إلی بدل لفوات محله بل ادعی علیه الإجماع و هو غریب (2).

و اعلم أن الروایتین دلتا علی وجوب الدیة علی تقدیر هرب القاتل إلی أن مات. و المصنف جعل متعلق المروی هلاکه مطلقا (3) و لیس کذلک مع أنه فی -الجانی لقوله علیه السّلام: (لا یبطل دم امرئ مسلم)(1) فإذا فات القصاص لفوات موضوعه فتثبت الدیة.

و لخبر أبی بصیر: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل قتل رجلا متعمدا ثم هرب القاتل فلم یقدر علیه، قال: إن کان له مال أخذت الدیة من ماله، و إلا فمن الأقرب فالأقرب، فإن لم یکن له قرابة أدّاه الإمام فإنه لا یبطل دم امرئ مسلم)(2).

و خبر البزنطی عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی رجل قتل رجلا عمدا ثم فرّ، فلم یقدر علیه حتی مات، قال: إن کان له مال أخذ منه، و إلا أخذ من الأقرب فالأقرب)3و الخبران صریحان فی الدیة عند تفویت القصاص بهروبه مع وجوب التمکین علیه مع أن فتوی المشهور علی مطلق هلاکه و لو کان الهلاک بسبب عدم تقصیره، و لذا ذهب البعض إلی اختصاص وجوب الدیة فی مورد ما لو کان هلاکه بسبب تقصیره فی عدم التمکین للولی حتی یقتص.

و أشکل علی الخبرین بأن الأول ضعیف لأن أبا بصیر مشترک، و بأن الثانی مرسل لأن البزنطی لم یدرک الإمام الباقر علیه السّلام، و أجیب بأن المراد من أبی جعفر فی الخبر الثانی الجواد و قد أدرکه البزنطی فلا إرسال.

(1)و هو خبر البزنطی و قد عرفت أنه مروی عن الجواد علیه السّلام.

(2)لذهاب الأکثر إلی عکسه مع دعوی ابن زهرة الإجماع علی عکسه أیضا.

(3)سواء هرب أو لم یهرب.

ص:545


1- (1) الوسائل الباب - 29 - من أبواب قصاص النفس حدیث 1، و کذلک فی الباب - 46 - حدیث 2.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 4 - من أبواب العاقلة حدیث 1 و 3.

الشرح أجاب عن حجة المختلف «بوجوب الدیة (1) من حیث إنه فوّت العوض (2) مع مباشرة إتلاف العوض (3) فیضمن البدل» بأنه لو مات فجأة (4) أو لم یمتنع من القصاص و لم یهرب حتی مات لم یتحقق منه تفویت. قال: اللهم إلا أن تخصص الدعوی بالهارب فیموت. و به نطقت الروایة، و أکثر کلام الأصحاب، و هذا مخالف لما أطلقه هنا کما لا یخفی.

(1)کلام المختلف.

(2)أی فوّت الجانی العوض، و المراد به القصاص.

(3)أی مباشرة إتلاف الجانی المعوّض و هو المقتول فلا بد أن یضمن البدل و هو الدیة، لأنه بدل القصاص.

(4)جواب المصنف فی الشرح عن حجة المختلف.

ص:546

کتاب الدیات

اشارة

ص:547

ص:548

(کتاب الدیات) الدیات جمع دیة (1)، و الهاء عوض عن واو فاء الکلمة یقال: ودیت القتیل:

أعطیت دیته و فیه فصول أربعة:

الفصل الأول فی مورد الدیة

اشارة

(الأول) (فی مورد الدیة) بفتح المیم و هو موضع ورودها مجازا (2). و المراد بیان ما تجب فیه الدیة من أنواع القتل

فی الخطأ

(إنما تثبت الدیة بالأصالة فی الخطأ) (3) المحض (و شبهه) (4) و هو العمد الذی یشبه الخطأ. و احترز بالأصالة عما لو وجبت صلحا فإنها تقع حینئذ عن العمد (فالأول) (5) و هو الخطأ المحض (مثل أن یرمی حیوانا) (1)بکسر الدال و تخفیف الیاء، و تشدیدها لحن، و الهاء فیها عوض عن فاء الکلمة إذ الأصل فیها ودی کوعد، فتقول: وعد یعد عدة و وعدا و أیضا تقول: ودی یدی ودیا و دیة.

و ودیت القتیل أی أدیت ما لا دیة له، و یقال للدیة عقلا لمنعها من الجرأة علی الدم، لأن بها یعصم الجانی من القتل، و من معانی العقل المنع.

و المراد بالدیة: هی المال الواجب بالجنایة علی الحر فی النفس أو ما دونها، سواء کان له تقدیر شرعی أو لا، و ربما اختصت الدیة بالأول، و یسمی الثانی بالحکومة أو الأرش.

(2)و وجه المجاز أن الخطأ سبب للدیة و لیس محلا لها، فالتعبیر بالمورد عن السبب مجاز، و المراد من المورد ما یجب فیه الدیة.

(3)تعیینا کما تقدم فی القصاص.

(4)أی شبه الخطأ و هو المسمی بشبیه العمد و تقدم أیضا فی کتاب القصاص.

(5)أی الخطأ المحض، و ضابط التفریق بین الأقسام الثلاثة للقتل هو: فإذا قصد القتل أو-

ص:549

(فیصیب إنسانا، أو إنسانا معینا فیصیب غیره) و مرجعه إلی عدم قصد الإنسان، أو الشخص (1). و الثانی لازم للأول.

فی الخطأ الشبیه بالعمد

(و الثانی) و هو الخطأ الشبیه بالعمد، و بالعکس (2): أن یقصدهما (3) بما لا یقتل غالبا و إن لم یکن عدوانا (مثل أن یضرب للتأدیب) ضربا لا یقتل عادة (فیموت) المضروب.

(و الضابط) فی العمد و قسیمیه:(إن العمد هو أن یتعمد الفعل و القصد) بمعنی أن یقصد قتل الشخص المعین.

و فی حکمه (4) تعمد الفعل، دون القصد إذا کان الفعل مما یقتل غالبا کما سبق (5).

فی الخطأ المحض

(و الخطأ المحض أن لا یتعمد فعلا و لا قصدا) بالمجنی علیه و إن قصد الفعل فی غیره.

(و) الخطأ (الشبیه بالعمد أن یتعمد الفعل) و یقصد إیقاعه بالشخص المعین (و یخطئ فی القصد إلی القتل) أی لا یقصد، مع أن الفعل لا یقتل غالبا.

(فالطبیب یضمن (6)...) -قتل بما یقتل غالبا فهو عمد لتحققه عرفا فیهما، و إن قصد الفعل و لم یقصد القتل و کان الفعل مما لا یقتل غالبا فاتفق موته فهو شبیه العمد، و إن لم یقصد القتل و لم یقصد إیقاع الفعل المعین علی الشخص المعین إلا أنه اتفق وقوع الفعل علی الشخص المعین و أماته فهو الخطأ المحض، کما لو قصد رمی طائر فأصاب إنسانا فقتله.

(1)أی الشخص المعین.

(2)أی العمد الشبیه بالخطإ.

(3)أی یقصد الإنسان أو الشخص المعین بشرط عدم قصد القتل بالفعل الذی لا یقتل غالبا و لذا قیده الشارح بقوله: لم یکن عدوانا.

(4)أی حکم قصد القتل.

(5)فی باب القصاص من أن العمد متحقق بقصد القتل أو بصدور الفعل القاتل غالبا.

(6)لو أتلف الطبیب المریض بعلاجه، فتارة یکون الطبیب قاصرا بالمعرفة أو کان المعالج طفلا أو مجنونا بدون إذن الولی أو کان المعالج بالغا و لم یأذن فی العلاج فلا خلاف فی أنه-

ص:550

(فی ماله ما یتلف بعلاجه) نفسا و طرفا (1)، لحصول التلف المستند إلی فعله، و لا یطلّ دم امرئ مسلم، و لأنه قاصد إلی الفعل مخطئ فی القصد. فکان فعله شبیه عمد (و إن احتاط و اجتهد و أذن المریض)، لأن ذلک لا دخل له فی عدم الضمان هنا، لتحقق الضمان مع الخطأ المحض. فهنا أولی (2) و إن اختلف الضامن (3).

و قال ابن إدریس: لا یضمن مع العلم و الاجتهاد، للأصل و لسقوطه بإذنه، -یضمن ما أتلفه لقاعدة الضمان علی کل متلف خصوصا فی الدماء لأنه لا یبطل دم امرئ مسلم.

إن قلت: الطبیب یقدم علی العلاج من باب الإحسان و مقدمة لحفظ النفس و علیه فلا ضمان.

قلت: و إن وجب العلاج حفظا للنفس إلا أنه لا ینافی الضمان الذی هو من باب الأسباب و إسناد التلف إلی فاعله کما لو أدّب الرجل زوجته أو ولده لمصلحة المضروب بل قد یجب التأدیب و مع ذلک یضمن لو أتلفه الضرب.

و أخری یکون الطبیب حاذقا، و هو العارف فی العلم و العمل و أذن له المریض فی العلاج، ففی الضمان قولان، ذهب ابن إدریس إلی عدم الضمان للأصل، و لأن الضمان یسقطه الإذن، و لأنه فعل سائغ شرعا بل واجب کفائیا فلا یستعقبه الضمان، و إنما الذی یتعقبه الضمان هو المنهی عنه.

و ذهب الشیخان و ابن البراج و أبو الصلاح و الطبرسی و الفاضل و غیرهم إلی أنه یضمن لمباشرته الإتلاف، لقاعدة الضمان علی المتلف، و الإذن إنما کان للعلاج و لیس إذنا فی الإتلاف، و الجواز أو الوجوب الشرعی لا ینافی الضمان کما لا ینافیه التأدیب، و لروایة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أن علیا علیه السّلام ضمّن ختّانا قطع حشفة غلام)(1)بحملها علی ما لو أذن الولی، علی أنه یمکن حمل الروایة علی ما لو لم یأذن الولی - و هو بعید - إلا أن الخبر ضعیف لأن السکونی عامی و الأکثر یطرحون ما ینفرد به.

و علی القول بالضمان، فیکون من مال الطبیب بلا خلاف و لا إشکال لکون الفعل شبیه العمد بعد قصد الفعل و إن لم یقصد القتل.

(1)أی ما أوجب القتل أو أتلف العضو.

(2)لأنه شبیه العمد.

(3)حیث إن الضامن فی الخطأ هو العاقلة، و فی شبیه العمد هو نفس الفاعل.

ص:551


1- (1) الوسائل الباب - 24 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 2.

و لأنه فعل سائغ شرعا فلا یستعقب ضمانا.

و فیه: أن أصالة البراءة تنقطع بدلیل الشغل (1). و الإذن فی العلاج لا فی الإتلاف، و لا منافاة بین الجواز و الضمان، کالضارب للتأدیب و قد روی أن أمیر المؤمنین علیه السّلام ضمّن ختانا قطع حشفة غلام و الأولی الاعتماد علی الإجماع فقد نقله المصنف فی الشرح و جماعة لا علی الروایة لضعف سندها بالسکونی.

فی خطأ الطبیب

(و لو أبرأه) المعالج (2) من الجنایة قبل وقوعها (فالأقرب الصحة)، لمسیس الحاجة إلی مثل ذلک إذ لا غنی عن العلاج.

(1)أی دلیل الاشتغال.

(2)فإذا أبرأ المریض الطبیب من الضمان قبل العلاج فهل یبرأ؟ قیل: نعم، و القائل به الشیخان و أبو الصلاح و فخر المحققین بل فی المسالک أنه المشهور لروایة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: من تطبب أو تبیطر فلیأخذ البراءة من ولیه و إلاّ فهو ضامن)(1)، و لأن العلاج مما تمسّ الحاجة إلیه فلو لم یشرع الإبراء لتعذر العلاج لإعراض الأطباء عن الطبابة بسبب الضمان.

و قیل: لا یبرأ، و القائل به ابن إدریس، لأنه إسقاط حق قبل ثبوته مع احتمال حمل الخبر علی البراءة بعد الجنایة، و الحاجة الماسّة لا تصلح دلیلا لتشریع الحکم، مع أن الروایة ضعیفة بالسکونی هذا فضلا عن عدم الموجب لأخذ البراءة من ولیّ المریض مع أنه فی کمال العقل و أهلیة التصرف فلو کانت البراءة کافیة فی عدم الضمان فلتکن منه لا من ولیه.

و أجیب عن إشکال المتن بجوابین:

الأول: للمحقق فی نکت النهایة حیث قال: «و إنما عدل إلی الولی لأنه المطالب علی تقدیر التلف، فلما شرّع الإبراء قبل الاستقرار لمکان الضرورة صرف إلی من یتولی المطالبة بتقدیر وقوع ما یبرأ منه» انتهی، و فیه: إن الولی و إن کان هو المطالب علی تقدیر وقوع الجنایة لکن لا یرفع هذا سلطنة المریض علی نفسه قبل وقوع الجنایة فیجب أخذ البراءة من المریض لا من ولیّه.

و الثانی: بأن الولی المقصود من الخبر هو المریض، لأنه یتولی المطالبة بالضمان إذا کانت الجنایة لا توجب الهلاک، و فیه: إنه علی خلاف ظاهر الخبر.

ص:552


1- (1) الوسائل الباب - 24 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.

و إذا عرف الطبیب أنه لا مخلص له عن الضمان توقف عن العمل مع الضرورة إلیه، فوجب فی الحکمة شرع الإبراء. دفعا للضرورة، و لروایة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: «قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: من تطبّب أو تبیطر فلیأخذ البراءة من ولیه و إلاّ فهو ضامن» و إنما ذکر الولی، لأنه هو المطالب علی تقدیر التلف فلما شرع الإبراء قبل الاستقرار صرف إلی من یتولی المطالبة. و ظاهر العبارة (1) أن المبرئ المریض. و حکمه کذلک (2) للعلة الأولی.

و یمکن بتکلف إدخاله (3) فی الولی (4).

أو لأن المجنی علیه إذا أذن فی الجنایة سقط ضمانها فکیف بإذنه فی المباح (5) المأذون فی فعله.

و لا یخفی علیک ضعف هذه الأدلة فإن الحاجة لا تکفی فی شرعیة الحکم بمجردها، مع قیام الأدلة علی خلافه. و الخبر سکونی (6)، مع أن البراءة (7) حقیقة لا تکون إلا بعد ثبوت الحق، لأنها إسقاط لما فی الذمة من الحق و ینبه علیه (8) أیضا أخذها من الولی إذ لا حق له قبل الجنایة و قد لا یصار إلیه بتقدیر عدم بلوغها القتل إذا أدت إلی الأذی. و من ثم ذهب ابن إدریس إلی عدم صحتها (9) قبله. و هو حسن (10)...

(1)أی عبارة المصنف.

(2)أی لو أبرأه المریض لسقط الضمان عن الطبیب بنفس العلة الأولی من مسیس الحاجة إلی الطبابة.

(3)أی إدخال المریض.

(4)فیتطابق کلام المصنف مع الخبر، و یرتفع الإشکال عن الخبر کما تقدم و لکن قد عرفت أنه علی خلاف الظاهر.

(5)و هو الطبابة.

(6)إشکال فی مسند الخبر.

(7)إشکال فی متن الخبر.

(8)علی ضعف الخبر.

(9)أی عدم صحة الإبراء قبل وقوع الجنایة.

(10)هذا و لا بد من التنبیه علی فوائد:-

ص:553

فی خطأ النائم

(و النائم یضمن) (1) ما یجنیه (فی مال العاقلة) لأنه مخطئ فی فعله -الأولی: إن هذا فیما لو تولی الطبیب العلاج بنفسه. و أما لو قال: أظن أن هذا الدواء نافع لهذا المرض، أو لو کنت أنا لفعلت کذا ففعل المریض ما قاله الطبیب فلا ضمان علی الطبیب لعدم المباشرة، و للأصل مع الشک.

الثانیة: قد وردت أخبار تصرح بعدم الضمان منها: خبر إسماعیل بن الحسن المتطبب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إنی رجل من العرب ولی بالطب بصر، و طبی طب عربی و لست آخذ علیه صفدا، قال: لا بأس، قلت: إنّا نبط الجرح و نکوی بالنار، قال: لا بأس، قلت: و نسقی هذه السموم الاسمحیقون و الفاریقون، قال: لا بأس، قلت: إنه ربما مات، قال: و إن مات)(1) و مثله غیره من الأخبار إلا أن تحمل علی عدم المباشرة من الطبیب أو علی أخذ البراءة من المریض.

الثالثة: وردت الأخبار الکثیرة بالحث علی التطبیب منها: خبر أبان بن تغلب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کان المسیح (علی نبینا و آله و علیه السلام) یقول: إن التارک شفاء المجروح من جرحه شریک لجارحه لا محالة، و ذلک أن الجارح أراد فساد المجروح و التارک لإشفائه لم یشأ صلاحه، فإذا لم یشأ صلاحه فقد شاء فساده اضطرارا)(2) و فی المرسل: (أن موسی (علی نبینا و آله و علیه السلام) مرض فعاده بنو إسرائیل و وصفوا له دواء فامتنع منه، فأوحی اللّه إلیه إن اللّه یأمره بذلک و إلاّ لم یشفه)(3)، و هما یدلان علی وجوب المعالجة علی الطبیب إذا کان المریض بحاجة إلیها و علی وجوب السعی علی المریض إذا توقف مرضه علی ذلک.

(1)النائم غیر الظئر - و الظئر هی المرضعة لغیر ولدها و سیأتی الکلام فیها إن شاء اللّه تعالی - إذا أتلف نفسا أو طرفا بانقلابه أو بحرکته علی وجه یستند الإتلاف إلیه، فذهب الشیخ فی النهایة و المفید فی المقنعة و ابن سعید فی الجامع و العلامة فی التحریر إلی أنه شبیه العمد، فتکون الدیة فی ماله، و هو الذی استقر علیه ابن إدریس فی سرائره و نسبه إلی الروایة حیث قال: (و روی أن من نام فانقلب علی غیره فقتله کان ذلک شبیه العمد یلزمه الدیة فی ماله خاصة، و لیس علیه القود).

و ذهب المتأخرون إلی أنه من الخطأ المحض، لأن النائم غیر عامد فی فعله و لا فی قصده، و الخطأ فی الفعل و القصد هو ضابط الخطأ المحض فتکون الدیة علی العاقلة،-

ص:554


1- (1) روضة الکافی ج 8 ص 193.
2- (2) روضة الکافی ج 8 ص 345.
3- (3) الوسائل الباب - 4 - من أبواب الاحتضار حدیث 7.

و قصده (1). فیکون خطأ محضا.

(و قیل) و القائل الشیخ (رحمه اللّه): إنه یضمنه (فی ماله) جعلا له من باب الأسباب (2)، لا الجنایات و الأقوی الأول اطرادا للقاعدة (3).

فی حامل المتاع

(و حامل المتاع یضمن (4) لو أصاب به إنسانا فی ماله) (5). أما أصل الضمان -و أما الروایة فلم یشر إلیها أحد غیر ابن إدریس فمثلها مرسلة، فلا تصلح لتخصیص الأصول القطعیة فی تشخیص الخطأ المحض.

(1)أی غیر قاصد للفعل، و غیر قاصد للقتل.

(2)أی جعلا لفعل النائم من باب الأسباب، فیکون فعله سببا للإتلاف فیضمن لقاعدة الضمان.

(3)أی قاعدة الخطأ المحض فی الجنایات، و إلاّ لو تمسکنا بعموم قاعدة الضمان لما کان هناک مورد للخطإ المحض الجاری فی إتلاف النفس و الطرف المسمی بالجنایة.

(4)من حمل علی رأسه متاعا فکسره أو أصاب به إنسانا فقتله أو جرحه، کان علیه ضمان المال التالف أو الجنایة الحاصلة من فعله، و الضمان فی ماله لروایة داود بن سرحان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل حمل متاعا علی رأسه فأصاب إنسانا فمات أو انکسر منه، قال: هو ضامن)(1).

و استشکل فی المسالک علی سند الروایة بأن فیه سهل بن زیاد، و علی متنها من أنه مخالف للقواعد، لأن الضمان لا یکون فی ماله فی الجنایات إلا إذا قصد الفعل لیکون شبیه العمد، و هنا لم یقصد بالحمل ضرب الغیر بالمتاع فهو من الخطأ المحض، و ردّ إشکاله بأن الأمر فی سهل سهل علی أن الروایة مرویة بطریق صحیح فی الفقیه، و الأولی القول بأنه إذا کان مأمونا فلا ضمان و إذا کان غیر مأمون فعلیه الضمان و یدل علیه صحیح أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الرجل یستأجر الحمال فیکسر الذی یحمل علیه أو یهریقه قال: إن کان مأمونا فلیس علیه شیء و إن کان غیر مأمون فهو ضامن)(2) و یؤیده أن خبر داود بن سرحان المروی فی الفقیه فقد قال علیه السّلام: (هو مأمون) بدل هو ضامن، و هذا ما یؤکد عدم کون فعله من الأسباب الموجبة للضمان.

(5)متعلق بقوله: یضمن.

ص:555


1- (1) الوسائل الباب - 10 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 29 - من أبواب أحکام الإجارة حدیث 11.

فلاستناد تلفه إلی فعله، و أما کونه فی ماله فلقصده الفعل الذی هو سبب الجنایة.

و یشکل إذا لم یقصد الفعل بالمجنی علیه. فإنه حینئذ یکون خطأ محضا کما مر، إلا أنهم أطلقوا الحکم هنا.

فی المعنّف بزوجته جماعا

(و کذا) یضمن (المعنّف بزوجته (1) جماعا) قبلا، أو دبرا (أو ضما فیجنی علیها) فی ماله أیضا، و هو واضح، لقصده الفعل و إنما أخطأ فی القصد و کذا القول فی الزوجة إذا أعنفت به.

و للشیخ قول بأنهما إن کانا مأمونین فلا شیء علیهما، و إن کانا متهمین فالدیة، استنادا إلی روایة مرسلة. و الأقوی الأول، لروایة سلیمان بن خالد عن الصادق علیه السّلام، و لتحقق الجنایة و لیست بخطإ محض، و نفی التهمة ینفی العمد، لا أصل القتل.

(1)إذا أعنف الرجل بزوجته جماعا فی قبل أو دبر، أو ضمّا فماتت فعلیه الدیة من ماله، و کذا الزوجة لو أعنفت بزوجها و لو ضما فعلیها دیته من مالها، و علیه مشهور المتأخرین، لأن المعنّف قد قصد الفعل الذی لا یقتل غالبا و هو ضابط شبیه العمد، و لصحیح سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سئل عن رجل أعنف علی امرأته فزعم أنها ماتت من عنفه، قال: الدیة کاملة و لا یقتل الرجل)(1) و خبر زید عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی رجل نکح امرأة فی دبرها فألح علیها حتی ماتت من ذلک، قال:

علیه الدیة)2.

و ذهب الشیخ فی النهایة و ابن سعید فی الجامع إلی أنه لو کان مأمونا فلا شیء علیه، لمرسلة یونس عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن رجل أعنف علی امرأته، و امرأة أعنفت علی زوجها فقتل أحدهما الآخر، فقال: لا شیء علیهما إذا کانا مأمونین، فإن اتّهما ألزما بالیمین باللّه أنهما لم یردا القتل)(2).

و أشکل علی الخبر بأنه مرسل و بأن فی سنده صالح بن سعید و هو مجهول و لا جابر للخبر، و متنه الحاکم بدون شیء علیهما مخالف للقواعد القطعیة فی تشخیص شبیه العمد الموجب للدیة فی مال الجانی، بل یمکن حمل الخبر علی ما لو ادعی علی الآخر العمد حتی یثبت القود فیحلف حتی ترتفع التهمة بالعمد و هذا خارج عن موردنا، لأن الکلام فی أصل القتل المتحقق مع عدم العمد فهل یلحق بالخطإ المحض أو بشبیهه.

ص:556


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 31 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1 و 2.
2- (3) الوسائل الباب - 31 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 4.

فی الصائح بالطفل، أو المجنون، أو المریض

(و الصائح بالطفل (1)، أو المجنون، أو المریض) مطلقا (2)(أو الصحیح علی حین غفلة یضمن) فی ماله أیضا، لأنه خطأ مقصود.

(و قیل) و القائل الشیخ فی المبسوط: إن الضامن (عاقلته) جعلا له من قبیل الأسباب و هو ضعیف (3)، و لأن ضمان الغیر جنایة غیره علی خلاف الأصل. فلا یصار إلیه بمثل ذلک (4).

و لو کان الصیاح بالصحیح الکامل علی غیر غفلة فلا ضمان، لأنه لیس من أسباب الإتلاف، بل هو اتفاقی، لا بسبب الصیحة، إلا أن یعلم استناده إلیها فالدیة.

(1)الصیاح کغیره من الأفعال الصادرة عن الإنسان، فیرجع فیها إلی القواعد المقررة فی باب الجنایات، و علیه فلو صاح ببالغ صحیح غیر غافل فمات فلا دیة لعدم العلم باستناد الموت إلی الصیحة، بل قیل: للعلم بعدم استناد الموت للصیحة لأن الموت حینئذ اتفاقی، نعم لو قامت قرائن علی استناد الموت إلی الصیحة توجب العلم اتجه الضمان فی ماله لأنه شبیه العمد، إذ لم یقصد الصائح القتل و قصد الفعل الذی لم یقتل غالبا فاتفق الموت.

و أما الصیاح بالبالغ الغافل بحیث فاجأه بالصیحة فمات، أو الصیاح بالطفل سواء کان غافلا أو لا، و کذا الصیاح بالمجنون و المریض مع غفلتهما أو بدونها فلو تحقق الموت فیلزمه الدیة فی ماله لأنه شبیه العمد حیث لم یقصد القتل و قد قصد الفعل الذی لم یقتل غالبا بالنسبة للمذکورین، هذا ما علیه الأکثر.

و ذهب الشیخ إلی أن الدیة علی العاقلة جعلا له من باب الأسباب، و هو ضعیف لأن الأسباب تقتضی کون الدیة علیه لا علی العاقلة کما التزم به فی النائم. هذا من جهة و من جهة أخری فتفریق المشهور بین الغافل و غیره و بین البالغ و غیره و بین الصحیح و المریض لیس فی محله علی نحو الإطلاق بل یجب أن ینصب الکلام فی کیفیة الصیحة و سامعها و زمانها و مکانها و غیر ذلک من أحوالها بحیث إن أوجبت القتل کانت الدیة فی ماله بل و إن قصد بها القتل کانت قتلا عمدیا موجبا للقصاص.

و إن لم توجب القتل و لم یقصد بها القتل أیضا کانت من شبیه العمد بلا فرق بین الجمیع تحکیما للقواعد المقررة فی تشخیص شبیه العمد، و موردنا منه.

(2)غافلا کان أو لا.

(3)إذ لو کان من الأسباب کما هو الحق لوجبت الدیة فی ماله لکونه شبیه العمد.

(4)أی بقاعدة الأسباب، بل بما تقرر فی باب الجنایات.

ص:557

فی الصادم لغیره

(و الصادم) لغیره (1)(یضمن فی ماله دیة المصدوم)، لاستناد التلف إلیه مع قصد الفعل (و لو مات الصادم فهدر) لموته بفعل نفسه إن کان المصدوم فی ملکه أو مباح، أو طریق واسع.

(و لو وقف المصدوم فی موضع لیس له الوقوف فیه) فمات الصادم بصدمه (ضمن) المصدوم (الصادم)، لتعدیه بالوقوف فیما لیس له الوقوف فیه (إذا لم یکن له) أی للصادم (مندوحة) فی العدول عنه کالطریق الضیق.

(و لو تصادم حران (2) فماتا فلورثة کل) واحد منهما (نصف دیته و یسقط) (1)إذا صدم الأول الثانی، فمات المصدوم فدیته من مال الصادم، إذا قصد الصدم دون القتل، و إذا قصد القتل أو کان الصدم مما یقتل غالبا فالقصاص، و أما الصادم لو مات فدمه هدر إذا کان المصدوم فی ملکه أو فی موضع مباح أو فی طریق واسع أو نحو ذلک مما لا تفریط فیه من المصدوم سواء کان الصادم قاصدا أم لا بلا خلاف فی شیء من ذلک.

و لو کان المصدوم فی طریق المسلمین الضیّق فمات الصادم من الصدمة فقد ذهب الشیخ فی المبسوط إلی أن المصدوم یضمن دیة الصادم، لأنه فرّط بوقوفه فی موضع لیس له الوقوف فیه، کما إذا جلس فی الطریق الضیّق فعثر به إنسان مما کان السبب للقتل أقوی من المباشر.

و أشکل علیه بعدم إتلاف الصادم لا تسبیبا و لا مباشرة بالنسبة للمصدوم، لأن موت الصادم إنما حصل بفعل الصادم، و أما الوقوف فإنما هو من مرافق المشی، و المشی جائز فالوقوف مثله فلا یستعقب ضمانا.

هذا کله إذا کان المشی من الصادم لا عن قصد التصادم، أما لو کان قاصدا لذلک و له مندوحة و مع ذلک قصد السیر علی نحو یقطع معه بالصدمة فدمه هدر، و علیه ضمان المصدوم.

(2)بالغان عاقلان قاصدان للتصادم دون القتل، و کان التصادم مما لا یقتل غالبا، فماتا فهو من شبیه العمد فیکون لورثة کل واحد منهما نصف الدیة و یسقط النصف الآخر، لأن موت کل منهما قد استند إلی فعله و فعل غیره، فیهدر النصف مقابل فعله و یضمن شریکه النصف الآخر، کما لو جرح نفسه و جرحه غیره فمات، فیسقط نصف الدیة و هذا مما لا خلاف فیه بیننا، و عن بعض العامة وجوب الدیة تامة علی کل منهما و هو ضعیف لکون الفعل مشترکا بینه و بین غیره.

ص:558

(النصف) لاستناد موت کل منهما إلی سببین: أحدهما من فعله، و الآخر من غیره فیسقط ما قابل فعله و هو النصف.

(و لو کانا فارسین) (1) بل مطلق الراکبین (کان علی کل منهما) مضافا إلی نصف الدیة (نصف قیمة فرس الآخر) إن تلفت بالتصادم (و یقع التقاص) فی الدیة و القیمة و یرجع صاحب الفضل.

هذا إذا استند الصدم إلی اختیارهما، أما لو غلبتهما الدابتان (2) احتمل کونه کذلک (3). إحالة علی رکوبهما مختارین فکان السبب من فعلهما، و إهدار الهالک (4) إحالة علی فعل الدابتین. و لو کان أحدهما فارسا، و الآخر راجلا (5) ضمن الراجل نصف دیة الفارس، و نصف قیمة فرسه و الفارس نصف دیة الراجل، و لو کانا صبیین (6) و الرکوب منهما فنصف دیة کل علی عاقلة الآخر، لأن فعلهما خطأ (1)بلا فرق بین اتحاد جنس المرکوب و اختلافه و إن تفاوتا فی القوة و الضعف کما لا یفرّق بین الراجلین، فلو تصادم الراکبان فماتا و هلکت دابتهما، فأما الدیة کما مرّ، و أما الدابة فنصف قیمة الدابة علی شریکه مقابل فعله، و النصف الآخر هدر مقابل لفعله، و أوجب بعض العامة کمال القیمة و الدیة و هو ضعیف کما تقدم.

(2)بحیث غلبت الدابتان و جری الاصطدام، و الراکبان مغلوبان لا یستطیعان إیقاف دابتیهما ففیه وجهان.

الأول: إن هلاکهما و هلاک الدابتین حینئذ هدر، لأنه لا اختیار للراکبین فهو من جنایة الدواب غیر الصائلة فهو کما لو تلفوا بالآفة السماویة.

الثانی: الحکم هنا کما لو کانا غیر مغلوبین، لأن الرکوب بالاختیار و ما بعد الرکوب و إن کان خارجا عن الاختیار إلاّ أنه مستند إلی الرکوب الاختیاری فیکون اختیاریا، لأن الامتناع بالاختیار لا ینافی الاختیار.

و فیه: إن هذا یتم لو علما قبل الرکوب بأنه ستخرج الدابتان عن الاختیار بعد الرکوب مع أن مفروض المسألة أعم من ذلک.

(3)أی الضمان فی الدیة و قیمة الدابة مناصفة.

(4)أی و یحتمل إهدار الهالک من الراکب و المرکوب.

(5)فنصف الهالک من کل جانب علی الجانب الآخر، و النصف الآخر هدر و إن اختلفا قوة و ضعفا فی التصادم کالجراحات و إن اختلفا فی الجراحة موضعا و شدة و ضعفا.

(6)فإن کان الرکوب منهما فنصف دیة کل منهما علی عاقلة الآخر، بلا خلاف، لأن عمدهما خطأ و لا تقصیر من ولیّهما.

ص:559

مطلقا (1)، و کذا لو أرکبهما ولیهما (2)، و لو أرکبهما أجنبی ضمن دیتهما معا.

(و لو کانا عبدین بالغین (3) فهدر)، لأن نصیب کل منهما هدر و ما علی صاحبه فات بموته لا یضمنه المولی. و لو مات أحدهما خاصة (4) تعلقت قیمته (5) برقبة الحی. فإن هلک قبل استیفائها منه فاتت، لفوات محلها، و لو کان أحدهما حرا، و الآخر عبدا (6) فماتا تعلقت نصف دیة الحر برقبة العبد، و تعلقت نصف قیمة العبد بترکة الحر فیتقاصان. و لو مات أحدهما خاصة تعلقت جنایته بالآخر کما مر.

فی ما لو قال الرامی حَذارِ

(و لو قال الرامی حذار) (7) بفتح الحاء و کسر آخره مبنیا علیه. هذا هو (1)سواء قصد التصادم أو لا، لأن عمدهما خطأ.

(2)بشرط أن یکون الرکوب لمصلحتهما فالضمان علی عاقلة الصبیین و لیس علی الولی، لأنه یجوز له هذا الفعل، نعم لو أرکبهما الولی لغیر مصلحة لهما أو أرکبهما الأجنبی فإن ضمان دیة کل منهما بتمامها علی المرکّب و کذا قیمة الدابتین.

(3)سقطت جنایتهما بلا خلاف و لا إشکال، لأن نصیب کل واحد منهما هدر باعتبار کونه الجانی علی نفسه، و ما علی صاحبه من النصف الآخر قد فات بتلفه لأن جنایة العبد تتعلق برقبته و لا یضمن المولی عن عبده شیئا سواء کانت جنایته عمدا أو خطأ.

(4)أی أحد العبدین، فتتعلق نصف قیمة المیت برقبة الحی و أما نصفه الآخر فهو هدر فی قبال فعله.

و إذا تعلقت فی رقبة الحی نصف قیمة المیت فلا یضمنه المولی، لأن جنایة العبد علی رقبته فإن صار حرا فیؤدیه و إلاّ لو مات فلا شیء لأن المولی لا یضمن.

(5)و الصحیح تعلق نصف قیمته.

(6)فیتعلق نصف دیة الحر برقبة العبد لأن المولی لا یضمن عنه شیئا، ربما أن العبد قد مات فلا شیء علیه لفوات المحل، و أما نصف قیمة العبد ففی ترکة الحر و إن زادت عن نصف دیة الحر فتتحقق المقاصة کما فی المسالک و للسید أخذ الزیادة، و عن بعضهم أن للمولی نصف قیمة العبد فی ترکة الحر و إن زادت بدون تقاصّ، لأن نصف دیة الحر لیس فی عنق المولی بل فی ماله و بالخصوص فی العبد و قد فات بموته.

(7)إذا مرّ شخص بین الرماة فی مکان مباح له المرور فیه، فأصابه سهم أحدهم فقتله، فالدیة علی عاقلة الرامی بلا خلاف کما فی الجواهر، لکون الرامی لم یقصد القتل و لم یقصد إیقاع الفعل بالمقتول و إلا لو قصد أحدهما لکان علیه القصاص.-

ص:560

الأصل فی الکلمة، لکن ینبغی أن یراد هنا ما دل علی معناها (فلا ضمان) مع سماع المجنی علیه، لما روی من حکم أمیر المؤمنین علیه الصلاة و السلام فیه.

و قال: قد أعذر من حذّر، و لو لم یقل: حذار، أو قالها فی وقت لا یتمکن المرمی من الحذر، أو لم یسمع فالدیة علی عاقلة الرامی.

فی ما لو وقع من علو علی غیره

(و لو وقع من علو علی غیره) (1) قاصدا للوقوع علیه (و لم یقصد القتل فقتل) -و لو قال الرامی حذار، أو أی لفظ آخر یدل علی التحذیر حیث یسمع المرمی و یمکنه الحذر و العدول و لم یعدل فأصابه السهم فقتله فلا شیء علی العاقلة لخبر محمد بن الفضیل عن الکنانی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کان صبیان فی زمن علیّ علیه السّلام یلعبون بأخطار لهم، فرمی أحدهم بخطره فدقّ رباعیة صاحبه، فرفع ذلک إلی أمیر المؤمنین علیه السّلام، فأقام الرامی البینة، بأنه قال: حذار، فدرأ عنه القصاص و قال: قد أعذر من حذّر)(1).

و الخبر و إن لم یصرح بنفی الدیة إلا أن التحذیر کما یرفع القصاص یرفع الدیة لأنه معذور، و المعذور لا شیء علیه.

(1)فقتل الأسفل، فإن قصد الواقع القتل أو قصد الوقوع و کان مما یقتل غالبا فهو عمد یقاد به، و إن کان الوقوع مما لا یقتل غالبا و قد قصده و لم یقصد القتل فهو شبیه العمد، و إن وقع مضطرا إلی الوقوع أو قصد الوقوع لغیر ذلک فاتفق وقوعه علیه فقتل فهو خطأ محض فالدیة علی العاقلة.

و أما لو ألقته الریح أو زلق مما لا یسند إلیه الفعل فهو غیر مختار فلا ضمان علیه و لا علی عاقلته بلا خلاف حیث لا یصدق نسبة القتل إلیه و لو خطأ مضافا إلی النصوص منها:

صحیح محمد بن مسلم عن أحدهما علیه السّلام: (فی الرجل یسقط علی الرجل فیقتله، فقال: لا شیء علیه)(2)، و صحیح عبید بن زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (عن رجل وقع علی رجل فقتله، فقال: لیس علیه شیء)3 بناء علی أن الوقوع علی النحو المفروض.

و ذهب ابن إدریس فی سرائره و العلاّمة فی تحریره إلی أن دیة الأسفل من بیت المال لئلا یبطل دم امرئ مسلم، و أشکل علیه بأنه شبیه المقتول بالصاعقة أو بأی آفة سماویة و لا تکون دیته من بیت مال المسلمین.

ص:561


1- (1) الوسائل الباب - 26 - من أبواب قصاص النفس حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 20 - من أبواب قصاص النفس حدیث 2 و 1.

(فهو شبیه عمد) یلزمه الدیة فی ماله (إذا کان الوقوع لا یقتل غالبا)، و إلا فهو عامد.(و إن وقع مضطرا) إلی الوقوع،(أو قصد الوقوع علی غیره)، أو لغیر ذلک (فعلی العاقلة) دیة جنایته، لأنه خطأ محض، حیث لم یقصد الفعل الخاص المتعلق بالمجنی علیه و إن قصد غیره.

(أما لو ألقته الریح، أو زلق) فوقع بغیر اختیاره (فهدر جنایته) علی غیره (و نفسه).

و قیل: تؤخذ دیة المجنی علیه من بیت المال (و لو دفع) الواقع من إنسان غیره (1)(ضمنه الدافع و ما یجنیه) لکونه سببا فی الجنایتین.

و قیل: دیة الأسفل علی الواقع و یرجع بها علی الدافع، لصحیحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق علیه السّلام. و الأول أشهر.

هنا مسائل

اشارة

(و هنا مسائل)

الأولی - من دعا غیره لیلا فأخرجه من منزله

(الأولی (2) - من دعا غیره لیلا فأخرجه من منزله) بغیر سؤاله،(فهو ضامن) (1)أی لو دفع الواقع دافع، فوقع علی أسفل فقتل الأسفل، فإذا قصد الدافع القتل أو کان الدفع مما یقتل غالبا فعلی الدافع القود، و إلاّ فعلی الدافع دیة الأسفل.

و ذهب الشیخ فی النهایة و التهذیب و الاستبصار أن دیة الأسفل علی الواقع، و یرجع بها علی الدافع لروایة عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل دفع رجلا علی رجل فقتله، قال: فالدیة علی الذی وقع علی الرجل لأولیاء المقتول، و یرجع المدفوع بالدیة علی الذی دفعه، قال: و إن أصاب المدفوع شیء فهو علی الدافع)(1)، و باعتبار مخالفتها للقاعدة فی التسبیب حیث إن القاعدة تقتضی کون الجنایة علی الدافع لا علی الواقع لأن السبب أقوی من المباشر فلم یعمل بها المشهور.

(2)من دعا غیره فأخرجه لیلا من منزله فهو له ضامن حتی یرجع إلی البیت علی المشهور، و ذهب ابن إدریس إلی أنه إذا کان غیر متّهم فلیس بضامن، و إذا کان متهما لعداوة فإخراجه لوث یثبت القسامة إذا ادعی الأولیاء القتل علیه، و هو مردود لخبر عبد اللّه بن میمون عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا دعا الرجل أخاه بلیل فهو ضامن حتی یرجع إلی-

ص:562


1- (1) الوسائل الباب - 21 - من أبواب قصاص النفس حدیث 1.

-بیته)(1). و روایة عمرو بن أبی المقدام قال: (کنت شاهدا عند البیت الحرام و رجل ینادی بأبی جعفر المنصور و هو یطوف، و یقول: یا أمیر المؤمنین، إن هذین الرجلین طرقا أخی لیلا فأخرجاه من منزله فلم یرجع إلیّ، و و اللّه ما أدری ما صنعا به، فقال لهما أبو جعفر: ما صنعتما به؟ فقالا: یا أمیر المؤمنین کلّمناه ثم رجع إلی منزله، فقال لهما:

وافیانی غدا صلاة العصر فی هذا المکان، فوافیاه من الغد و حضرته، فقال لجعفر بن محمد علیهما السّلام و هو قابض علی یده: یا جعفر، اقض بینهم، فقال: یا أمیر المؤمنین، اقض بینهم أنت.

فقال: بحقی علیک إلاّ قضیت بینهم، فخرج جعفر علیه السّلام فطرح له مصلی من قصب فجلس علیه ثم جاء الخصماء فجلسوا قدامه، فقال: ما تقول؟ فقال: یا بن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، إن هذین طرقا أخی لیلا فأخرجاه من منزله فو اللّه ما رجع إلیّ، و و اللّه ما أدری ما صنعا به؟

فقال: ما تقولون؟ فقالا: یا ابن رسول اللّه کلّمناه ثم رجع إلی منزله، فقال جعفر علیه السّلام: یا غلام، اکتب: بسم اللّه الرحمن الرحیم، قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: کل من طرق رجلا باللیل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلاّ أن یقیم البینة أنه قد ردّه إلی منزله.

یا غلام، نحّ هذا و اضرب عنقه، فقال: یا بن رسول اللّه، و اللّه ما قتلته أنا، و لکن أمسکته فجاء هذا فوجأه فقتله.

فقال: أنا ابن رسول اللّه، یا غلام نحّ هذا و اضرب عنق الآخر، فقال: یا بن رسول اللّه و اللّه ما عذبته و لکن قتلته بضربة واحدة، فأمر أخاه فضرب عنقه، ثم أمر بالآخر فضرب جنبیه و حبسه فی السجن، و وقّع علی رأسه یحبس عمره و یضرب فی کل سنة خمسین جلدة)(2) و هذان الخبران نص علی أنه ضامن له.

هذا فإن عدم المخرج من منزله و لم یعرف له أثر فهو ضامن لدیته بلا خلاف فیه، لأن الأخبار قد دلت علی ضمانه، و الثابت من الضمان ضمان دیته بعد الشک فی ثبوت القود للشک فی سببه و هو القتل.

و إن وجد مقتولا فإن ادعی المخرج قتله علی غیره و أقام البینة فقد برئ بلا خلاف و لا-

ص:563


1- (1) الوسائل الباب - 36 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 18 - من أبواب قصاص النفس حدیث 1.

(له إن وجد مقتولا، بالدیة علی الأقرب) أما ضمانه فی الجملة (1)، فهو موضع وفاق، و رواه عبد اللّه بن میمون عن الصادق علیه السّلام قال: إذا دعا الرجل أخاه باللیل فهو ضامن له حتی یرجع إلی بیته، و رواه عبد اللّه بن المقدام عنه علیه السّلام فی حدیث طویل و فیه قال: قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: کل من طرق رجلا باللیل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلا أن یقیم البینة أنه رده إلی منزله.

و أما ضمانه بالدیة (2) فللشک فی موجب القصاص فینتفی للشبهة و الضمان المذکور فی الأخبار یتحقق بضمان الدیة، لأنها بدل النفس.

و أما تخصیصه (3) الضمان بما لو وجد مقتولا فلأصالة البراءة من الضمان دیة و نفسا حتی یتحقق سببه و هو فی غیر حالة القتل مشکوک فیه.

-إشکال، فإن عدم البینة فعن المفید و الفاضل فی الإرشاد أن علیه القود، و عن الغنیة الإجماع علی سقوط القود، و فی النهایة نسبته إلی الراویة و فی السرائر إلی الروایات. و من ذهب إلی سقوط القود قد وقع الخلاف بینهم فعن ابن إدریس فی سرائره و العلاّمة فی المختلف أنه یثبت بالإخراج لیلا مع العداوة اللوث، فلو حلف أولیاء المقتول القسامة أنه قتله فیقتل به و إلاّ فعلیه أن یحلف القسامة حتی ترتفع عنه التهمة و الآخرون حکموا بثبوت الدیة فقط لأنه له ضامن کما سمعته من النصوص.

و لو وجد میتا فعن ابن إدریس و الشیخ فی النهایة و المفید فی المقنعة و ابن حمزة فی الوسیلة و المحقق فی النافع و الآبیّ فی کشف الرموز أنه یضمن الدیة لإطلاق النصوص بالضمان، مضافا إلی قاعدة عدم بطلان دم امرئ مسلم، و عن العلاّمة فی التحریر و المختلف و المحقق فی الشرائع و جماعة أنه لا یضمن الدیة ضرورة أن الضمان من أجل احتمال القتل و هو منتف هنا، و لذا لو أقام بینة علی أن القاتل غیره لم یضمنه إجماعا مع أن القدر المتیقن من النصوص هو الضمان عند القتل، فیکون غیره لا ضمان فیه لأصالة البراءة.

(1)أعم من القصاص و الدیة.

(2)عند عدم الأثر و هو القدر المتیقن من الضمان علی کل حال الوارد فی النصوص.

(3)أی تخصیص المصنف الضمان بالدیة فیما لو وجد مقتولا مستلزما لعدم الضمان دیة و نفسا فیما لو لم یعرف له أثر لعدم العلم بسبب الضمان و هو القتل، و فیه: قد عرفت عدم الخلاف فی وجوب ضمان الدیة فیما لم یعرف له أثر، نعم جعل الضمان بالدیة فیما لو وجد مقتولا هو قول فی المسألة فراجع.

ص:564

(و لو وجد میتا ففی الضمان نظر) من إطلاق الأخبار و فتوی الأصحاب (1) ضمانه الشامل لحالة الموت، بل للشک فیه (2). و من أصالة البراءة (3)، و الاقتصار فی الحکم المخالف للأصل علی موضع الیقین و هو القتل، و لأنه مع الموت لم یوجد أثر القتل، و لا لوث، و لا تهمة، و علی تقدیرها (4) فحکمه حکم اللوث، لا أنه یوجب الضمان مطلقا (5)، و إلی الضمان ذهب الأکثر، بل حکموا به مع اشتباه حاله.

ثم اختلفوا فی أن ضمانه مطلقا (6) هل هو بالقود، أو بالدیة. فذهب الشیخ و جماعة إلی ضمانه بالقود إن وجد مقتولا، إلا أن یقیم البینة علی قتل غیره له، و الدیة إن لم یعلم قتله.

و اختلف کلام المحقق فحکم فی الشرائع بضمانه بالدیة إن وجد مقتولا و عدم الضمان لو وجد میتا. و فی النافع بضمانه بالدیة فیهما (7)، و کذلک العلاّمة (8) فحکم فی التحریر بضمان الدیة مع فقده، أو قتله حیث لا یقیم البینة علی غیره، و بعدمها لو وجد میتا. و فی المختلف بالدیة مع فقده، و بالقود إن وجد مقتولا مع التهمة و القسامة، إلاّ أن یقیم البینة علی غیره، و بالدیة إن وجد میتا مع دعواه موته حتف أنفه، و وجود اللوث، و قسامة الوارث، و توقف فی القواعد و الإرشاد فی الضمان مع الموت.

و الأجود فی هذه المسألة: الاقتصار بالضمان علی موضع الوفاق (9) لضعف (1)دلیل الضمان بالدیة، حیث إن الفتاوی لم تفصّل بین ما إذا وجد میتا أو مقتولا.

(2)و ذلک عند عدم الأثر فیشک فی سبب الضمان و هو القتل.

(3)دلیل عدم الضمان.

(4)أی تقدیر التهمة. فحکمها حکم اللوث من ثبوت الضمان بعد القسامة، لا أن الضمان یثبت مطلقا و لو قبل القسامة.

(5)و لو قبل القسامة.

(6)سواء وجد میتا أو مقتولا أو عدم أثره، هذا و أراد الشارح استعراض أقوال الفقهاء فی المسألة.

(7)فی الموت و القتل.

(8)أی و کذلک اختلف کلام العلاّمة.

(9)و هو ما لو وجد مقتولا.

ص:565

أدلته (1) فإن فی سند الخبرین من لا تثبت عدالته (2)، و المشترک بین الضعیف و الثقة (3)، و أصالة البراءة تدل علی عدم الضمان فی موضع الشک (4) مع مخالفة حکم المسألة للأصل (5) من ضمان الحر (6) بإثبات الید علیه، و اللازم من ذلک (7):

ضمانه بالدیة إن وجد مقتولا و لا لوث هناک (8)، و إلاّ (9) فبموجب ما أقسم علیه الولی من عمد، أو خطأ و مع عدم قسامته یقسم المخرج، و عدم ضمانه (10) إن وجد میتا، للشک مع احتمال موته حتف أنفه، و من یعتمد الأخبار یلزمه الحکم بضمانه مطلقا (11) إلی أن یرجع لدلالتها علی ذلک،

ثم یحتمل کونه (12) القود مطلقا، لظاهر الروایة، و الدیة (13) لما مر، و التفصیل (14) و لا فرق فی الداعی بین الذکر و الأنثی، و الکبیر و الصغیر، و الحر (1)أی أدلة الضمان.

(2)و هو عمرو بن أبی المقدام، أنظر الخلاصة فقد نقل تضعیفه عن بعضهم.

(3)کجعفر بن محمد فی خبر ابن میمون، و محمد بن الفضیل فی خبر عمرو بن أبی المقدام.

(4)عند عدم الأثر له.

(5)إذ الأصل أن الحر لا یضمن بوضع الید علیه لأنه لیس بمال بخلاف العبد.

(6)من باب إضافة المصدر إلی مفعوله.

(7)أی اللازم من الاقتصار فی الضمان علی موضع الوفاق.

(8)بحیث لم تکن أمارة تفید الظن بأنه القاتل.

(9)فإن کان هناک لوث فإن ادعی ولی المقتول القتل و حلف القسامة فیثبت القتل و مع عدم حلف الولی فیحلف المنکر القسامة.

(10)عطف علی قوله: ضمانه بالدیة إن وجد مقتولا، و عدم الضمان هنا للشک فی تحقق سبب الضمان، و هو القتل إذ یحتمل أنه مات حتف أنفه.

(11)سواء وجد مقتولا أو میتا أو عدم الأثر.

(12)أی یحتمل أن الضمان المنصوص فی الأخبار المطلقة هو القود مطلقا سواء وجد میتا أو مقتولا أو عدم الأثر مع احتمال أن یکون الضمان هو الدیة مطلقا فی الجمیع مع احتمال أن یکون الضمان علی التفصیل فإن وجد مقتولا فالقود و إن وجد میتا أو معدوم الأثر فالدیة.

(13)عطف علی القود و المعنی: و یحتمل کونه الدیة فی الجمیع لإطلاق الأخبار.

(14)عطف علی القود و المعنی: و یحتمل کونه ضمانا علی التفصیل المتقدم من القود عند القتل و من الدیة عند الموت و عدم الأثر.

ص:566

و العبد، للعموم (1)، أو الإطلاق (2) و لا بین أن یعلم سبب الدعاء و عدمه، و لا بین أن یقتل بسبب الدعاء و عدمه، و لا فی المنزل بین البیت و غیره، و یختص الحکم باللیل (3) فلا یضمن المخرج نهارا، و غایة الضمان وصوله إلی منزله (4) و إن خرج بعد ذلک، و لو ناداه و عرض علیه الخروج مخیرا له من غیر دعاء (5) ففی إلحاقه بالإخراج نظر. و أصالة البراءة تقتضی العدم مع أن الإخراج و الدعاء لا یتحقق بمثل ذلک (6).

(و لو کان إخراجه بالتماسه (7) الدعاء فلا ضمان)، لزوال التهمة، و أصالة البراءة. و یحتمل الضمان، لعموم النص (8) و الفتوی، و توقف المصنف فی الشرح هنا، و جعل السقوط احتمالا، و للتوقف مجال حیث یعمل بالنص (9)، و إلا فعدم الضمان أقوی (10).

نعم لا ینسحب الحکم لو دعا غیره فخرج هو قطعا، لعدم تناول النص و الفتوی له (11)...

(1)کما فی خبر عمرو بن أبی المقدام.

(2)کما فی خبر عبد اللّه بن میمون.

(3)و علیه فتوی الأصحاب، لأن ضمان الحر علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی موضع الیقین.

(4)و بعد الوصول فیرتفع الضمان عن المخرج.

(5)أی بدون طلب الخروج.

(6)من النداء و التخییر و هو استقراب للعدم.

(7)أی بالتماس المخرج فلا ضمان، لزوال التهمة و لأصالة البراءة و هو أشبه بالخروج منه بالإخراج الوارد فی النصوص.

(8)لأنه یصدق علیه إخراج من الغیر له و إن کان بالتماسه.

(9)لأن الوارد فی خبر ابن میمون المتقدم: (إذا دعا الرجل أخاه) و هو منصرف عن الإخراج بالتماس المخرج.

(10)و حیث لا یعمل بالنص لأنه ضعیف سندا، فالحکم بالضمان علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی المتیقن و هو ما لو وجد مقتولا و کان الإخراج باللیل و کان بدعاء المخرج، أما مع التماس المخرج فیرجع إلی الحکم بعدم ضمان الحر.

(11)لأنه خروج حقیقة و لیس إخراجا.

ص:567

و لو تعدد الداعی (1) اشترکوا فی الضمان حیث یثبت قصاصا و دیة کما لو اشترکوا فی الجنایة، و لو کان المدعو جماعة ضمن الداعی مطلقا (2) کل واحد منهم باستقلاله علی الوجه الذی فصّل.

الثانیة - لو انقلبت الظئر فقتلت الولد

(الثانیة - لو انقلبت الظئر) (3) بکسر الظاء المشالة فالهمز ساکنا: المرضعة غیر ولدها (فقتلت الولد) بانقلابها نائمة (ضمنته فی مالها إن کان) فعلها المظاءرة وقع (للفخر) به (و إن کان للحاجة).

(1)اشترکوا فی الضمان لاشتراکهم فی الإخراج.

(2)سواء کان الداعی واحدا أو متعددا.

(3)أی لو انقلبت المرضعة علی غیر ولدها الذی ترضعه فقتل، فقد ذهب الشیخ و الصدوق و العلاّمة فی الإرشاد إلی أنها إن طلبت الرضاع للمفاخرة فدیته من مالها، و إن طلبت الرضاع للضرورة من حاجة أو فقر فدیته علی عاقلتها، و مستندهم خبر محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (أیّما ظئر قوم قتلت صبیا لهم و هی نائمة فانقلبت علیه فقتلته فإن علیها الدیة کاملة من مالها خاصة إن کانت إنما ظئرت طلبا للعز و الفخر، و إن کانت إنما ظئرت من الفقر فإن الضمان علی عاقلتها)(1) و مثله خبر عبد الرحمن بن سالم الوارد فی المتن2 و خبر الحسین بن خالد3.

و ذهب أکثر المتأخرین إلی أن الدیة علی العاقلة مطلقا حیث إن سند الأخبار مشتمل علی ضعف و جهالة یمنع من العمل بها بالإضافة إلی مخالفتها للقواعد حیث إن فعل النائم خطأ محض حیث لم یقصد القتل و لم یقصد إیقاع الفعل بالمقتول، و طلب الفخر و العز لا یخرج الفعل عن وصفه بالخطإ الموجب للدیة علی العاقلة.

و ذهب المفید و سلاّر و ابنا زهرة و إدریس إلی أن الدیة من مالها مطلقا، لأن إضجاعها الصبی إلی جانبها شبیه العمد، و هو ضعیف إذ جعل الصبی إلی جانبها لیس فیه قصد القتل و لا هو بالفعل القاتل غالبا، و من هنا تعرف حکم الأم لو انقلبت علی ولدها فالدیة علی عاقلتها، بل حتی لو کان إرضاع الأم له طلبا للفخر و العز ضرورة خروجها عن نصوص الظئر فتبقی علی قاعدة الخطأ المحض.

و عن الشهید إلحاق الأم بالظئر و هو ضعیف لعدم الدلیل علی ذلک بل الدلیل علی عدمه.

ص:568


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 29 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1، و قد أوردت الأخبار الثلاثة تحت هذا الرقم.

و الضرورة إلی الأجرة و البر (1)(فهو) أی الضمان لدیته (علی عاقلتها).

و مستند التفصیل روایة عبد الرحمن بن سالم عن الباقر علیه السّلام قال: أیما ظئر قوم قتلت صبیا لهم و هی نائمة فانقلبت علیه فقتلته فإنما علیها الدیة من مالها خاصة إن کانت إنما ظائرت طلب العز و الفخر، و إن کانت إنما ظائرت من الفقر فإن الدیة علی عاقلتها، و فی سند الروایة ضعف، أو جهالة (2) تمنع من العمل بها و إن کانت مشهورة، مع مخالفتها للأصول من أن قتل النائم خطأ علی العاقلة أو فی ماله علی ما تقدم.

و الأقوی أن دیته علی العاقلة مطلقا (3)(و لو أعادت الولد فأنکره أهله صدقت) (4)، لصحیحة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام، و لأنها أمینة (إلا مع کذبها) یقینا (5)(فیلزمها الدیة حتی تحضره أو من یحتمله) لأنها لا تدّعی موته و قد تسلمته فیکون فی ضمانها، و لو ادعت الموت فلا ضمان (6)، و حیث تحضر من یحتمله یقبل و إن کذبت سابقا، لأنها أمینة لم یعلم کذبها ثانیا.

الثالثة - لو رکبت جاریة أخری فنخستها ثالثة

(الثالثة - لو رکبت جاریة أخری (7) فنخستها ثالثة فقمصت المرکوبة) أی (1)أی بر صاحب الولد بها.

(2)علّق الشارح بقوله: «رواها فی التهذیب بطریقین: أحدهما فیه محمد بن أسلم و هو ضعیف غال و الآخر فیه جماعة مجهولون».

(3)سواء کانت المظاءرة للفخر أو للحاجة.

(4)بلا خلاف لصحیح الحلبی: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل استأجر ظئرا فدفع إلیها ولده، فغابت بالولد سنین ثم جاءت بالولد و زعمت أمه أنها لا تعرفه و زعم أهلها أنهم لا یعرفونه، قال علیه السّلام: لیس لهم ذلک فلیقبلوه فإنما الظئر مأمونة)(1).

(5)إما لقصور سنّ من أحضرته عن الولد و إما لزیادته سنا، و إما لغیر ذلک فیلزمها الدیة حتی تحضره أو تحضر من یحتمل أنه الولد، و علیها الدیة مع عدم الإحضار للشک فی سبب القصاص.

(6)لأنها مأمونة بنص الخبر المتقدم.

(7)لو رکبت جاریة أخری فنخست ثالثة المرکوبة، فقمصت فوقعت الراکبة فماتت، فقد-

ص:569


1- (1) الوسائل الباب - 29 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 2.

نفرت و رفعت یدیها و طرحتها (فصرعت الراکبة فماتت فالمروی) عن أمیر المؤمنین علیه السّلام بطریق ضعیف (وجوب دیتها علی الناخسة و القامصة نصفین) و عمل بمضمونها الشیخ و جماعة. و ضعف سندها یمنعه.

(و قیل) و قائله المفید و نسبه إلی الروایة و تبعه جماعة منهم المحقق و العلاّمة فی أحد قولیهما:(علیهما) أی الناخسة و القامصة (الثلثان) و یسقط ثلث الدیة، لرکوبها عبثا، و کون القتل مستندا إلی فعل الثلاثة، و خرّج ابن إدریس ثالثا و هو وجوب الدیة بأجمعها علی الناخسة إن کانت ملجئة للمرکوبة إلی القموص، و إلا فعلی القامصة.

-روی أبو جمیلة عن سعد الإسکاف عن الأصبغ قال: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی جاریة رکبت أخری فنخستها ثالثة فقمصت المرکوبة فصرعت الراکبة فماتت أن دیتها نصفان علی الناخسة و المنخوسة)(1).

و عمل بمضمونها الشیخ و جماعة، إلا أن أبا جمیلة هو المفضل بن صالح کان یضع الحدیث کما فی الخلاصة، و سعد الإسکاف ضعیف فی الحدیث کما فی رجال النجاشی هذا فضلا عن أن متن الخبر مخالف للقواعد حیث المتجه هو الضمان علی الناخسة لأن الموت مستند إلی فعلها، و دعوی انجبارها بعمل المشهور غیر مسموعة لأن العامل بها هو الشیخ و أتباعه.

و عن المفید فی المقنعة و ابن زهرة فی الغنیة و المحقق و العلاّمة فی المختلف علی الناخسة و القامصة ثلثا الدیة، و یسقط الثلث لرکوبها عبثا، و نسب ذلک إلی قضاء أمیر المؤمنین علیه السّلام، ففی الإرشاد للمفید قال: (إن علیا علیه السّلام رفع إلیه خبر جاریة حملت جاریة علی عاتقها عبثا و لعبا، فجاءت جاریة أخری فقرصت الحاملة فقفزت لقرصها فوقعت الراکبة فاندق عنقها فهلکت، فقضی علی القارصة بثلث و علی القامصة بثلثها، و أسقط الثلث الباقی لرکوب الواقصة عبثا القامصة، فبلغ النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فأمضاه)(2).

و ذهب ابن إدریس علی مبناه من عدم العمل بالخبر الواحد خصوصا إذا کان مخالفا للقواعد المقررة کما هو فی موردنا إلی أن الناخسة إذا کانت ملجئة للقامصة فتمام الدیة علی الناخسة، و إلاّ فتمام الدیة علی القامصة، لأنه مع الإلجاء فیسند الفعل إلی الناخسة و مع عدمه فیسند إلی القامصة، و اختاره العلامة فی الإرشاد و الآبی فی کشف رموزه.

ص:570


1- (1) الوسائل الباب - 7 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 7 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 2.

أما الأول فلأن فعل المکره مستند إلی مکرهه فیکون توسط المکره کالآلة فیتعلق الحکم بالمکره.

و أما الثانی فلاستناد القتل إلی القامصة وحدها حیث فعلت ذلک مختارة.

و هذا هو الأقوی.

و لا یشکل بما أورده المصنف فی الشرح (1) من أن الإکراه علی القتل لا یسقط الضمان (2)، و إن القمص فی الحالة الثانیة ربما کان یقتل غالبا فیجب القصاص (3)، لأن الإکراه (4) الذی لا یسقط الضمان: ما کان معه قصد المکره إلی الفعل، و بالإلحاء یسقط ذلک فیکون کالآلة. و من ثمّ وجب القصاص علی الدافع، دون الواقع حیث یبلغ الإلجاء. و القمص لا یستلزم الوقوع (5) بحسب ذاته فضلا عن کونه مما یقتل غالبا فیکون من باب الأسباب (6)، لا الجنایات نعم لو فرض استلزامه له (7) قطعا و قصدته (8) توجه القصاص إلا أنه خلاف الظاهر (9).

الرابعة فی فی لص جمع ثیابا و وط ء امرأة و قتل ولدها

(الرابعة (10) - روی عبد اللّه بن طلحة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی لص جمع) (1)شرح الإرشاد.

(2)لأن المکره یبقی له اختیاره، و مع الاختیار یسند إلیه الفعل.

(3)فلم الحکم بالدیة.

(4)رد للأول، و هو أن المراد بالإکراه ما أوصل إلی حد الإلجاء و هو ما یرفع القصد و یصیر المکره کالآلة.

(5)رد للثانی، و المراد واضح منه.

(6)فغایة ما یوجب ضمان الدیة کالأسباب فی تلف الأموال و لا یوجب القود.

(7)أی استلزام القمص للوقوع و السقوط.

(8)أی و قصدت القامصة الوقوع و کان مما یقتل غالبا.

(9)أی استلزام القمص للوقوع و کونه مما یقتل غالبا أو أن قصد القامصة هو الوقوع.

(10)روی عبد اللّه بن طلحة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام - کما فی الکافی و التهذیب، و فی الفقیه عن یونس عن عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام و الثانی صحیح - (سألته عن رجل سارق دخل علی امرأة لیسرق متاعها فلما جمع الثیاب تابعته نفسه فکابرها علی نفسه فواقعها، فتحرک ابنها فقام فقتله بفأس کان معه، فلما فرغ حمل الثیاب و ذهب لیخرج-

ص:571

(ثیابا، وطأ امرأة، و قتل ولدها فقتلته) المرأة:(أنه هدر) أی دمه باطل لا عوض له (و فی ماله أربعة آلاف درهم) عوضا عن البضع (و یضمن موالیه) و ورثته (دیة الغلام) الذی قتله.

-حملت علیه بالفأس فقتلته، فجاء أهله یطلبون بدمه من الغد.

فقال علیه السّلام: اقض فی هذا کما وصفت لک، فقال: یضمن موالیه الذین طلبوا بدمه دیة الغلام، و یضمن السارق فیما ترک أربعة آلاف درهم بمکابرتها علی فرجها، إنه زان و هو فی ماله غرامة، و لیس علیها فی قتلها إیاه شیء لأنه سارق)(1) و زاد فی الکافی:

(قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: من کابر امرأة لیفجر بها فقتلته فلا دیة له و لا قود)(2).

و هذه الروایة بحسب شهادة غیر واحد لم یعمل بها أحد من الأصحاب لمخالفتها للأصول.

أولا: إن قتل العمد یوجب القود، و القود علی السارق و قد فات بقتله فلم تضمن عاقلته دیة الصبی، و ردّ هذا الإشکال بأن الواجب فی قتل العمد هو القود مع إمکانه، فإذا فات فتثبت الدیة، و أما إذا قلنا بأن الواجب فی قتل العمد أحد أمرین إما القود و إما الدیة کما ذهب إلیه البعض کما تقدم فمع فوات محل القود تثبت الدیة لا محالة، و یؤیده خبر أبی حمزة الثمالی عن أبی جعفر علیه السّلام: (قلت له: دخل رجل علی امرأة و هی حبلی فوقع علیها فقتل ما فی بطنها فوثبت علیه فقتلته، قال: ذهب دم اللص هدرا و کانت دیة ولدها علی المعقلة)(3).

ثانیا: الواجب فی الوط ء مکرها مهر المثل، فلم حکم بأربعة آلاف درهم خصوصا أن الإشکال یسند علی قول من ذهب أن مهر المثل لا یتجاوز مهر السنة و هو مائتا درهم، و أجیب بأنه یحتمل أن یکون مهر المثل لهذه المرأة هذا المقدار المذکور فی الخبر، مع منع کون مهر المثل لا یتجاوز مهر السنة علی أنه لو سلّم فإنما هو فیما إذا وقع فی ضمن عقد، لا فی الجنایة التی یغلب علیها جانب المالیة.

ثالثا: السارق یجب قطع یده فقط لا قتله، حتی یکون دمه هدرا، و أجیب بأن دمه هدر لأنه محارب و المرأة قتلته دفاعا عن مالها.

رابعا: قتلها له بعد قتل ابنها یکون قصاصا فتسقط دیة الغلام، فکیف تثبت علی العاقلة، و أجیب بأنها قتلته دفاعا، نعم لو قتلته قودا بابنها فلا شیء علی أولیائه.

ص:572


1- (1) الوسائل الباب - 22 - من أبواب قصاص النفس حدیث 5.
2- (2) الوسائل الباب - 23 - من أبواب قصاص النفس حدیث 2.
3- (3) الوسائل الباب - 13 - من أبواب العاقلة حدیث 3.

و وجه الأول: أنه محارب یقتل إذا لم یندفع إلاّ به و بحمل المقدّر من الدراهم علی أنه مهر أمثالها. بناء علی أنه لا یتقدّر بالسنة لأنه جنایة یغلب فیها جانب المالیة، کما یضمن الغاصب قیمة العبد المغصوب (1) و إن تجاوزت دیة الحر.

و وجه ضمان دیة الغلام مع أنه مقتول عمدا: فوات محل القصاص، و قد تقدم (2). و بهذا التنزیل لا تنافی الروایة الأصول، لکن لا یتعین ما قدّر فیها (3) من عوض البضع، و لو فرض قتل المرأة له قصاصا عن ولدها سقط غرم الأولیاء أو أسقطنا الحق (4)، لفوات محل القصاص فلا دیة، و إن قتلته دفاعا (5)، أو قتلته لا لذلک (6) قیدت به.

(و عنه علیه السّلام) بالطریق السابق (7)(فی صدیق عروس قتله الزوج) لما وجده (1)لأن الغاصب یؤخذ بأشق الأحوال و لا تکون قیمة العبد ردا إلی دیة الحر.

(2)فی آخر کتاب القصاص.

(3)من أربعة آلاف درهم، لأنه محمول علی أنه مهر أمثال المرأة المذکورة فی الخبر فقط.

(4)عطف علی قوله: و لو فرض، و المعنی لو قتلته دفاعا و أسقطنا الدیة عن اللص لفوات محل القصاص فلا دیة علی الأولیاء، کما لو قتلته قصاصا.

(5)إن وصلیة متعلقة بما قبلها.

(6)أی لا للدفاع و لا للقصاص فیکون قتله عدوانا فتقاد به.

(7)روی عبد اللّه بن طلحة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام - کما فی الکافی و التهذیب، و فی الفقیه روی یونس بن عبد الرحمن عن عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام، و هو طریق صحیح -: (قلت له: رجل تزوج امرأة فلما کان لیلة البناء عمدت المرأة إلی رجل صدیق لها فأدخلته الحجلة، فلما دخل الرجل یباضع أهله ثار الصدیق و اقتتلا فی البیت فقتل الزوج الصدیق، و قامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتلته بالصدیق، فقال علیه السّلام:

تضمن المرأة دیة الصدیق و تقتل بالزوج)(1).

و الحجلة بفتح الجیم، و هو بیت یزیّن بالثیاب و الأسرة و الستور قاله الجوهری، و لم یعمل بها أحد من الأصحاب لضعف سندها الأول، مع أنک عرفت أن سندها الثانی صحیح، و مخالفتها للقواعد لأن من دخل لیفجر بامرأة فدمه هدر فلا موجب لتضمین المرأة دیة الصدیق، و لذا استقرب المحقق أن دم الصدیق هدر و جزم به المحقق الکرکی و فخر-

ص:573


1- (1) الوسائل الباب - 23 - من أبواب قصاص النفس حدیث 3.

عندها فی الحجلة لیلة العرس (فقتلت) المرأة (الزوج) أنها (تقتل به) أی بالزوج (و تضمن دیة الصدیق) بناء علی أنها سبب تلفه، لغرورها إیاه.

(و الأقرب أنه) أی الصدیق (هدر إن علم) بالحال، لأن للزوج قتل من یجد فی داره للزنا فسقط القود عن الزوج.

و یشکل بأن دخوله أعم من قصد الزنا و لو سلّم منعنا الحکم بجواز قتل مریده مطلقا (1)، و الحکم المذکور (2) فی الروایة مع ضعف سندها (3) فی واقعة مخالفا للأصول (4). فلا یتعدی (5) فلعله علم بموجب ذلک (6).

-المحققین و الحلبی، و فی نکت النهایة للمحقق أن ضمانها لدم الصدیق لأنها غرّته بإدخالها إلی حجلتها، و لعله لا یعلم بأنها متزوجة، و لذا قوّی الشهید الأول أن دمه هدر إن علم بحالها بأنها متزوجة.

و أشکل الشارح فی المسالک بأن دخوله لحجلتها أعم من قصد الزنا فلا یدل الدخول علی أنه قد همّ بالزنا لیصدق علیه أنه دخله للفجور لیکون دمه هدرا، و لو سلّم فلا یجوز قتل من همّ بالزنا إلا إذا کان متلبسا بالفعل.

و عن العلامة فی التحریر أن ضمانها لدیة الصدیق لأنها أخرجته من منزله لیلا، و فیه: إن الروایة لا تدل علی ذلک مع أنه لو أخرجته نهارا أو أعلمته بالحال بأنها متزوجة فیجب أن لا تضمن مع أن الروایة علی ضمانها مطلقا.

(1)سواء تلبس بالفعل أو لا، و فیه: إنه مخالف لنصوص إهدار من دخل دار غیره للفجور، فإنها مطلقة تشمل من لم یتلبس بالفعل ما دام قد دخل و هو قاصد للزنا، منها: خبر الجرجانی عن أبی الحسن علیه السّلام: (فی رجل دخل دار رجل للتلصص أو الفجور فقتله صاحب الدار، أ یقتل أم لا؟ قال: اعلم من دخل دار غیره فقد أهدر دمه و لا یجب علیه شیء)(1).

(2)مبتدأ و خبره (فی واقعة).

(3)قد عرفت أن لها سندا صحیحا.

(4)لأن دم الصدیق إما هدر و إما تضمین الزوج له، فضمانه علی الزوجة یکون مخالفا لهذه الأصول.

(5)فلا یتجاوز بالحکم عن نفس الواقعة المسئول عنها الإمام علیه السّلام.

(6)أی لعل الإمام علم بموجب الدیة علی الزوجة و لذا حکم به.

ص:574


1- (1) الوسائل الباب - 27 - من أبواب قصاص النفس حدیث 2.

(و روی محمد بن قیس) (1) عن أبی جعفر علیه السّلام قال: قضی أمیر (1)روی عاصم بن حمید عن محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی أربعة شربوا مسکرا فأخذ بعضهم علی بعض السلاح فاقتتلوا، فقتل اثنان و جرح اثنان، فأمر المجروحین فضرب کل واحد منهما ثمانین جلدة، و قضی بدیة المقتولین علی المجروحین، و أمر أن تقاس جراحة المجروحین فترفع من الدیة، فإن مات المجروحان فلیس علی أحد من أولیاء المقتولین شیء)(1).

بل روی الشیخ فی التهذیب بسند متصل إلی عبد اللّه بن الحکم: (سألته عن أربعة نفر کانوا یشربون فی بیت فقتل اثنان و جرح اثنان، قال: یضرب المجروحان حد الخمر، و یغرمان قیمة المقتولین و تقوّم جراحتهما فیردّ علیهما مما أدیا من الدیة)(2).

و علی کل فالروایة الأولی قد رواها محمد بن قیس و هو الثقة بروایة عاصم بن حمید عنه، فلا معنی للإشکال من هذه الناحیة فضلا عن أنه قد عمل بمضمونها الکثیر من الأصحاب و هو جابر لضعف سندها، إلا أنه قد أشکل علی الروایة من ناحیة المتن بأمور: أولا: إن الاجتماع المذکور و الاقتتال لا یقتضی أن یکون القاتل هو المجروح حتی تکون دیة القتیل علیه.

ثانیا: لا یستلزم أن تکون الجراحة من المقتولین، إذ لعل أحد المجروحین قد جرح الآخر.

ثالثا: ما عن الشهید فی شرح الإرشاد أنه إذا حکم بأن المجروحین قاتلان فلم لا یقادان بالقتیلین، و أجیب بأن القتل قد وقع حالة السکر فلا یکون العمد موجبا للقصاص بل هو شبیه العمد الموجب للدیة فقط.

رابعا: ما عن الشهید أیضا فی شرح الإرشاد أنه إذا کانت الجراحة من القتیلین. فلو فرض أن المجروحین قد ماتا فیما بعد، فلم لا تؤخذ دیة القتیل لهما من أولیاء المقتولین، و أجیب بأن الموت فیما بعد لم یعلم استناده عن الجرح حتی یضمن المقتولین ذلک، و المتیقن ضمان دیة الجرح فقط.

خامسا: الجرح إذا کان عمدا فإنه یوجب القصاص لا الدیة، و أجیب بأن الانتقال إلی الدیة لفوات محل القصاص لأنه بحسب الفرض قد صدر الجرح من اللذین قتلا.

و لهذه الإشکالات أو بعضها استقرب الشارح فی المسالک أن تکون الواقعة تستوجب-

ص:575


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.
2- (2) التهذیب ج 10 ص 153-154.

المؤمنین علیه السّلام (فی أربعة سکاری فجرح اثنان) منهم (و قتل اثنان) و لم یعلم القاتل و الجارح:(یضمنهما الجارحان بعد وضع جراحاتهما) من الدیة.

و فی الروایة مع اشتراک محمد بن قیس (1) الذی یروی عن الباقر علیه السّلام بین الثقة و غیره: عدم استلزام الاجتماع المذکور و الاقتتال: کون القاتل هو المجروح (2)، و بالعکس (3) فیختص حکمها بواقعتها، لجواز علمه علیه السّلام بما أوجبه. نعم یمکن الحکم بکون ذلک (4) لوثا یثبت الفعل بالقسامة من عمد أو خطأ و قتل و جرح.

-لوثا علی المجروحین، فإن ادعی علیهما ولیّ القتیلین العمد أو الخطأ فمع القسامة یثبت القتل علیهما، و إلا لحلف المجروحین القسامة لرفع التهمة عنهما خصوصا أن الروایة السابقة معارضة بروایة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کان قوم یشربون فیسکرون فیتباعجون بسکاکین کانت معهم فرفعوا إلی أمیر المؤمنین علیه السّلام فسجنهم، فمات منهم رجلان و بقی رجلان، فقال أهل المقتولین: یا أمیر المؤمنین أقدهما بصاحبینا، فقال علی علیه السّلام للقوم: ما ترون؟ فقالوا: نری أن تقیدهما، قال علیه السّلام: فلعل ذینک اللذین ماتا قتل کل واحد منهما صاحبه؟ قالوا: لا ندری.

فقال علیه السّلام: بل اجعل دیة المقتولین علی قبائل الأربعة، و آخذ دیة جراحة الباقین من دیة المقتولین)(1) و ذکر إسماعیل بن الحجاج بن أرطاة عن سماک بن حرب عن عبد اللّه بن أبی الجعد قوله: (کنت أنا رابعهم فقضی علیّ علیه السّلام هذا القضیة فینا)(2).

و استقرب هذا الحکم بجعل الدیة علی عاقلة الأربعة جماعة من الأصحاب لأنه لا یبطل دم امرئ مسلم من دون ترجیح لأحد علی آخر، و فیه: إن الفعل قد وقع حالة السکر فهو من شبیه العمد فالدیة علی الفاعل لا علی العاقلة و بهذا تعرف أن الحکم فی الروایة الأخیرة أیضا مخالف للأصول المقررة فی تشخیص العمد و الخطأ.

(1)و قد عرفت أنه الثقة بروایة عاصم بن حمید عنه.

(2)هذا هو الإشکال الأول المتقدم.

(3)أی کون الجراحة من المقتولین و هذا هو الإشکال الثانی.

(4)من الاجتماع المذکور و الاقتتال.

ص:576


1- (1) التهذیب ج 10 ص 240، الفقیه ج 4 ص 118.
2- (2) التهذیب ج 10 ص 240.

و أما ما استشکله المصنف فی الشرح علی الروایة من أنه إذا حکم بأن المجروحین قاتلان (1) فلم لا یستعدی منهما، و أن إطلاق الحکم بأخذ دیة الجرح، و إهدار الدیة لو ماتا (2) لا یتم أیضا و کذا الحکم بوجوب الدیة فی جراحتهما (3)، لأن موجب العمد القصاص. فیمکن دفعه: بکون القتل وقع منهما حالة السکر فلا یوجب إلاّ الدیة علی أصح القولین (4). و فرض الجرح (5) غیر قاتل کما هو ظاهر الروایة، و وجوب دیة الجرح (6) لوقوعه أیضا من السکران کالقتل أو لفوات محل القصاص.

و الحق الاقتصار علی الحکم باللوث و إثبات ما یوجبه فیهما (و عن أبی جعفر الباقر (7) عن علی علیه السّلام فی ستة غلمان بالفرات فغرق) منهم (واحد) و بقی (1)هذا هو الإشکال الثالث.

(2)هذا هو الإشکال الرابع.

(3)هذا هو الإشکال الخامس.

(4)لکونه شبیه العمد و هو دفع للإشکال الأول.

(5)رد للإشکال الثانی.

(6)رد للإشکال الثالث، و أما الإشکالان الأخیران فقد عرفت ردهما.

(7)روی محمد بن قیس عن أبی جعفر الباقر علیه السّلام - کما فی التهذیب - (رفع إلی أمیر المؤمنین علیه السّلام ستة غلمان کانوا فی الفرات، فغرق واحد منهم فشهد ثلاثة منهم علی اثنین أنهما غرّقاه، و شهد اثنان علی الثلاثة أنهم غرّقوه، فقضی علی علیه السّلام بالدیة، ثلاثة أخماس علی الاثنین و خمسین علی الثلاثة)(1). و رواه فی الکافی و فی موضع من التهذیب عن السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام(2)، و رواه فی الفقیه مرسلا و کذا المفید فی إرشاده و مقنعته، و کذا فی النهایة و الغنیة، و السند الأول صحیح بروایة عاصم بن حمید عنه. فالتشکیک بالسند لیس فی محله، و القول بأنها متروکة کذلک لیس فی محله لأن الصدوق و الشیخ أورداها فی الفقیه و النهایة و هما ملتزمان بصحة ما فیهما من الأخبار، نعم عن المحقق فی نکت النهایة و العلاّمة فی التحریر أنها قضیة فی واقعة لمخالفتها للقواعد من حیث قبول شهادة المشهود علیه علی الشاهد، و من حیث قبول-

ص:577


1- (1) التهذیب ج 10 ص 240.
2- (2) الکافی ج 7 ص 284 و التهذیب ج 10 ص 239.

خمسة (فشهد اثنان) منهم (علی ثلاثة) أنهم غرّقوه،(و بالعکس) شهد الثلاثة علی الاثنین أنهم غرّقوه فحکم (أن الدیة أخماس) علی کل واحد منهم خمس (بنسبة الشهادة) و هی أیضا مع ضعف سندها (قضیة فی واقعة) مخالفة لأصول المذهب فلا یتعدی (1)، و الموافق لها (2) من الحکم: أن شهادة السابقین إن کانت مع استدعاء الولی و عدالتهم قبلت ثم لا تقبل شهادة الآخرین، للتهمة، و إن کانت الدعوی علی الجمیع، أو حصلت التهمة علیهم (3) لم تقبل شهادة أحدهم مطلقا (4) و یکون ذلک لوثا یمکن إثباته بالقسامة.

و اعلم أن عادة الأصحاب جرت بحکایة هذه الأحکام هنا بلفظ الروایة نظرا إلی مخالفتها للأصل، و احتیاجها، أو بعضها فی ردها إلیه (5) إلی التأویل، أو التقیید، أو للتنبیه علی مأخذ الحکم المخالف للأصل و قد یزید بعضهم التنبیه علی ضعف المستند تحقیقا لعذر اطراحها.

الخامسة (6) - یضمن معلم السباحة الصغیر

(الخامسة (6) - یضمن معلم السباحة) المتعلم (الصغیر) غیر البالغ لو جنی -شهادة الصبیان مع أن شهادتهم لا تقبل، و لذا ذهب البعض إلی أن الواقعة تقتضی لوثا و تجری أحکام القسامة.

(1)الحکم.

(2)للأصول.

(3)أی تهمة القتل علی الخمسة لوجود عداوة بینهم و بین الغریق.

(4)سابقا کان فی الإدلاء بالشهادة أو لا.

(5)إلی الأصل.

(6)لو سلّم الولیّ ولده لمعلم السباحة فغرق الولد بالتفریط ضمنه المعلم فی ماله، لأنه تلف بسببه، و لم یقصد القتل فیکون شبیه العمد.

و أما لو غرق الولد من غیر تفریط من المعلم فعن جماعة منهم المحقق علی ما هو ظاهر الشرائع أنه لا یضمن لأن القتل لا یسند إلی المعلم إلا مع التفریط و المفروض عدمه.

و ذهبت جماعة منهم العلاّمة فی الإرشاد إلی الضمان مطلقا، فرّط المعلم أو لا، لما ورد من ضمان الطبیب الحاذق و ضمان الصانع و إن اجتهد و کان حاذقا و إن لم یفرّطا و عن العلاّمة فی التحریر التوقف عند عدم التفریط إذ لا یسند القتل إلی المعلم حتی یضمن، و من إطلاق ضمان الطبیب و الصانع و إن لم یفرّط.

ص:578

علیه بها (فی ماله)، لأنه شبیه عمد، سواء فرّط أم لا علی ما یقتضیه إطلاق العبارة. و یؤیده ما روی من ضمان الصانع و إن اجتهد.

و فی القواعد علّل الضمان بالتفریط. و مقتضاه أنه لو لم یفرط فلا ضمان، و توقف فی التحریر فی الضمان علی تقدیر عدمه. هذا إذا کان قد دفعه إلیه ولیه و من بحکمه (1)، و إلا ضمن الصغیر مطلقا قطعا (2)، و فی حکمه المجنون.

(بخلاف البالغ الرشید) (3) فإنه لا یضمنه و إن فرّط، لأنه فی ید نفسه.

(و لو بنی مسجدا فی الطریق (4) ضمن) للعدوان بوضعه فیما لا یصح الانتفاع فیه بما ینافی الاستطراق،(إلا أن یکون) الطریق (واسعا) زائدا عن القدر المحتاج إلیه، للاستطراق کزاویة فی الطریق، أو کونه زائدا عن المقدار شرعا.

و اعلم أن الطریق مؤنث سماعی فکان ینبغی إلحاق التاء فی خبره (و یأذن الإمام له) فی عمارته فلا ضمان حینئذ. و هذا یدل علی عدم جواز إحیاء الزائد من الطریق عن المقدر بدون إذن الإمام، و فی الدروس أطلق جواز إحیاء الزائد و غرسه و البناء فیه، و کذا أطلق فی التحریر جواز وضع المسجد فی القدر الزائد.

و هو حسن مع عدم الحاجة إلیه (5) بحسب العادة فی تلک الطریق، و إلا فالمنع أحسن.

(1)کالوصی.

(2)سواء فرّط أو لا، لعدم جواز التصرف فی الصغیر بدون إذن الولی.

(3)باعتبار کونه عاقلا فهو فی ید نفسه فلا یضمن المعلم و إن فرّط، و عن البعض أنه یضمن مع التفریط، لأن البالغ فی الماء لیس فی یده بل فی ید المعلم بخلاف الحر فی غیر الماء فهو بید نفسه و یختار ما یشاء.

(4)قال الشیخ فی المبسوط: إن کان واسعا بإذن الإمام علیه السّلام لم یضمن ما یتلف بسببه، و کذا إذا لم یأذن و بناه للمصلحة العامة، و أما إذا بناه لنفسه ضمن.

و عن جماعة منهم المحقق فی الشرائع استبعاد أن یأذن الإمام فی بناء المسجد فی الطریق و ردّ علیهم أن هذا الاستبعاد فی محله لو کان المسجد یضرّ بالمارة مع أنه یجوز إحیاء الزائد عن الطریق و حریمه المقدّر شرعا سواء کان ذلک لمصلحة عامة أو خاصة.

و علیه فلو بناه فی الزائد عن الطریق و حریمه فی أرض الموات فلا یکون متعدیا فلا ضمان علیه، نعم لو بنی فی المکان الضیق من الطریق لکان عدوانا یستعقبه الضمان.

(5)أی مع عدم الحاجة إلی الزائد عن حریم الطریق و هو خمسة أذرع أو سبعة.

ص:579

(و یضمن واضع الحجر (1) فی ملک غیره) مطلقا (2) إذا حصل بسببه جنایة (أو طریق مباح) عبثا، أو لمصلحة نفسه، أو لیتضرر به المارة. أما لو وضعه لمصلحة عامة کوضعه فی الطین لیطأ الناس علیه أو سقّف به ساقیة فیها و نحوه فلا ضمان، لأنه محسن. و به قطع فی التحریر.

السادسة - لو وقع حائطه المائل و المیزاب

(السادسة (3) - لو وقع حائطه (4) المائل بعد علمه بمیله) إلی الطریق، أو ملک الغیر (و تمکنه من إصلاحه) بعد العلم و قبل الوقوع (أو بناه مائلا إلی الطریق) (1)لو وضع رجل حجرا فی ملکه فعثر به آخر فلا یضمن دیة العاثر کما صرح بذلک غیر واحد، و لو کان فی ملک غیره أو فی طریق مسلوک فیضمن دیة العاثر لصحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (عن الشیء یوضع علی الطریق فتمرّ الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره فقال علیه السّلام: کل شیء مضر بطریق المسلمین فصاحبه ضامن لما یصیبه)(1)و صحیح الکنانی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من أضرّ بشیء فی طریق المسلمین فهو له ضامن)(2). و هذه الأخبار دالة علی أنه لو وضعه للضرر فهو ضامن، و أما لو وضعه لمصلحتهم فلا ضمان علیه لأنه محسن و ما علی المحسنین من سبیل، و منه تعرف لو وضعه فی ملک الغیر مع إذنه فلا ضمان.

(2)عبثا کان أو لمصلحة.

(3)لا یضمن صاحب الحائط المبنی فی ملک صاحب الجدار، إذا وقع و تلف إنسان أو غیره بسبب وقوعه، لکونه مسلطا علی ماله بعد عدم التفریط منه. و لو بناه فی مکان مباح ملاصقا للشارع، فإن کان مستویا فسقط من غیر میل و لا استهدام فلا ضمان لأنه تصرف فیما یجوز به شرعا، و لو بناه فی ملکه مائلا فسقط فلا ضمان لأن له التصرف فی ملکه کیف شاء.

و لو بناه فی ملکه أو فی المباح و کان مائلا إلی الشارع یثبت الضمان إذ هو تصرف فی الشارع بما لا یجوز لکل مسلم أن یتصرف فیه.

و لو بناه فی ملکه أو فی المباح مستویا ثم مال إلی الشارع و سقط فیضمن إذا تمکن من الإزالة و لم یزله، و أما لو وقع قبل التمکن فلا ضمان لعدم التعدی.

(4)سواء کان فی ملکه أو فی مباح.

ص:580


1- (1) الوسائل الباب - 9 - من ابواب موجبات الضمان حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 8 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 2.

ابتداء. و مثله ما لو بناه علی غیر أساس مثله (1)(ضمن) (2) ما یتلف بسببه من نفس، أو مال،(و إلا) یتفق ذلک بقیوده أجمع (3) بأن لم یعلم بفساده حتی وقع مع کونه مؤسّسا علی الوجه المعتبر فی مثله، أو علم و لکنه لم یتمکن من إصلاحه حتی وقع، أو کان میله إلی ملکه، أو ملک أذن فیه و لو بعد المیل (فلا) ضمان، لعدم العدوان، إلا أن یعلم علی تقدیر علمه بفساده، کمیله إلی ملکه (4) بوقوع أطراف الخشب و الآلات إلی الطریق فیکون کمیله إلی الطریق، و لو کان الحائط لمولی علیه (5) فإصلاحه و ضمان حدثه متعلق بالولی (و لو وضع علیه إناء) و نحوه (6) (فسقط) فأتلف (فلا ضمان إذا کان) الموضوع (مستقرا) علی الحائط (علی العادة)، لأن له التصرف فی ملکه کیف شاء فلا یکون عادیا، و لو لم یکن مستقرا استقرار مثله ضمن للعدوان بتعریضه للوقوع علی المارة و الجار. و مثله ما لو وضعه علی سطحه (7) أو شجرته الموضوعة فی ملکه، أو مباح.

(و لو وقع المیزاب) (8) المنصوب إلی الطریق (و لا تفریط) بأن کان مثبتا علی (1)أی بناه علی أساس ضعیف لمثل هذا الحائط.

(2)للتعدی.

(3)بحیث لو انتفی قید مما تقدم فلا یضمن.

(4)بحیث یعلم أنه مائل إلی ملکه و یعلم بأنه لو سقط سیسقط فی ملکه لکن الآلات التی فیه کالأخشاب ستقع فی ملک الغیر فیضمن حینئذ للتعدی.

(5)کالصبی، کان الضمان علی الولی مع التفریط کما عن العلاّمة فی التحریر.

(6)فسقط و أتلف فلا ضمان، لأن له التصرف فی حائطه فلا یکون وضعه عدوانا فلا یستعقبه الضمان بلا خلاف و لا إشکال، نعم لو وضعه مائلا إلی الطریق ضمن کما فی القواعد کمثل ما لو بنی الحائط مائلا إلی الطریق، و کذا لو وضعه علی وجه یسقط مثله فیضمن کمثل ما لو بنی الحائط علی أساس ضعیف.

(7)أی و مثل الوضع علی الحائط، فلا ضمان فی الجمیع لأنه تصرف فی ملکه ما لم یکن عدوانا.

(8)نصب المیازیب إلی الطرق جائز، و علیه عمل الناس فی جمیع الأعصار و الأمصار، و عن السرائر نفی الخلاف عنه، و فی المروی: (کان للعباس میزاب إلی المسجد و کان رخّص له النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فقلعه عمر یوما لما قطر علیه منه، فخرج العباس فقال له: أ تقلع میزابا نصبه رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم بیده؟ فقال عمر: و اللّه لا ینصبه إلا من رقی علی ظهری، فرقی العباس -

ص:581

عادة أمثاله (فالأقرب عدم الضمان) للإذن فی وضع المیازیب شرعا کذلک فلا یتعقبه الضمان، و لأصالة البراءة.

و قیل: یضمن و إن جاز وضعه، لأنه سبب الإتلاف و إن أبیح السبب کالطبیب، و البیطار، و المؤدّب (1)، و لصحیحة أبی الصباح الکنانی عن الصادق علیه السّلام قال: قال أبو عبد اللّه علیه السّلام من أضر بشیء من طریق المسلمین فهو له ضامن، و لروایة السکونی عن الصادق علیه السّلام أن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قال: من أخرج میزابا، أو کنیفا، أو أوتد وتدا، أو أوثق دابة، أو حفر بئرا فی طریق المسلمین فأصاب شیئا فعطب فهو له ضامن، و هو نص فی الباب لو صح طریقه (2).

-علی ظهره فنصبه فی الجدار)(1)، و فی طرقنا: (أنه نصبه أمیر المؤمنین علیه السّلام من غیر رضا عمر)(2).

و لکن علی نحو لا یضرّ بالمارة، فإذا سقط المیزاب أو سقط شیء منه فهلک به إنسان أو مال ففی الضمان قولان:

الأول: ما اختاره الشیخ المفید و ابن إدریس من عدم الضمان لأنه من ضرورة البناء، و للإذن فی وضعه شرعا فلا یستعقبه الضمان.

الثانی: ما ذهب إلیه الشیخ فی المبسوط و الخلاف و ابن زهرة فی الغنیة أنه یضمن، و الإذن فی وضعه بشرط السلامة، فمع عدم السلامة لا بد أن یضمن، و لصحیحة أبی الصباح الکنانی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من أضرّ بشیء من طریق المسلمین فهو له ضامن)(3)، و صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کل شیء یضرّ بطریق المسلمین فصاحبه ضامن)(4)، و خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: من أخرج میزابا، أو کنیفا، أو وتدا، أو أوثق دابة، أو حفر بئرا فی طریق المسلمین فأصاب شیئا فهو له ضامن)(5) و هی نص فی الباب.

(1)فإنهم مأذونون فی عملهم و مع ذلک فعلیهم الضمان عند التلف.

(2)لأن السکونی عامی.

ص:582


1- (1) الخلاف ج 2 ص 407، مفتاح الکرامة ج 10 ص 299.
2- (2) مفتاح الکرامة ج 10 ص 300.
3- (3) الوسائل الباب - 8 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 2.
4- (4) الوسائل الباب - 9 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.
5- (5) الوسائل الباب - 11 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.

و فصل آخرون (1) فحکموا بالضمان مطلقا (2) إن کان الساقط الخارج منه عن الحائط، لأن وضعه فی الطریق مشروط بعدم الإضرار کالروشن و الساباط، و بضمان النصف إن کان الساقط الجمیع، لحصول التلف بأمرین أحدهما غیر مضمون لأن ما فی الحائط منه بمنزلة أجزاء الحائط و قد تقدم أنها لا توجب ضمانا (3) حیث لا تقصیر فی حفظها.

(و کذا) القول (فی الجناح و الروشن) (4) لا یضمن ما یتلف بسببهما، إلا مع التفریط، لما ذکر (5)، و علی التفصیل لو کانت خشبة موضوعة فی حائط ضمن النصف إن سقطت أجمع، و إن انتصفت و سقط الخارج عنه، أو کانت موضوعة علی غیر ملکه ضمن الجمیع هذا کله فی الطریق النافذة (6) أما المرفوعة (7) فلا یجوز (1)منهم العلاّمة، و ذلک لأن المیزاب تارة یکون بحذاء الحائط مسمرا علیه و أخری یکون بعضه فی الحائط و البعض الآخر خارجا عن الحائط.

فعلی الأول لا یضمن مثله مثل ما لو سقط الحائط، و علی الثانی فإن سقط من المیزاب ما هو خارج عن الحائط فقط فعلیه الضمان، و إن سقط من أصله فالضمان لعموم الأخبار السابقة و عدم الضمان کاملا لأن التلف قد حصل من مباح مطلق و هو ما کان مسمرا فی الحائط و من مباح بشرط السلامة، و هو ما کان خارجا عن الحائط و علیه فیضمن النصف لأن سبب التلف سببان: أحدهما غیر مضمون و الآخر مضمون.

(2)نفسا و مالا بتمام الدیة لا بنصفها.

(3)و منه تعرف عدم الضمان فی المیزاب المسمّر بحذاء الحائط.

(4)الجناح ما یخرج عن الحائط لا لإرادة الضوء، بل لتوسعة البیت تشبیها له بجناح الطائر، و الروشن ما یخرج عن الحائط لإرادة الضوء و هو شبیه الجناح، و الساباط هو سقف ما بین حائطه و الحائط المقابل و الطریق بینهما، و هذا السقف یضم إلی البیت من أجل التوسعة.

و علیه فیجوز إخراج الرواشن و الأجنحة و الساباطات إذا لم تضرّ بالمارة، بحیث تکون رفیعة لا یتضرر بها الراکب و لا الحامل و لا غیرهما، و لو أضرت منع صاحبها منها و ضمن ما یتولد منها من التلف.

و مع عدم الضرر فلو سقطت و أتلفت فالخلاف فیها کالخلاف فی المیزاب من عدم الضمان مطلقا للإذن الشرعی، و من الضمان لعموم الأخبار، و من التفصیل.

(5)من الإذن الشرعی فلا یستعقب ضمانا.

(6)أی النافذة إلی طریق أخری.

(7)و هی الممنوعة عن النفوذ لکونها ملک لجماعة تنتهی إلی أبوابهم فقط.

ص:583

فعل ذلک فیها، إلا بإذن أربابها (1) أجمع، لأنها ملک لهم و إن کان الواضع أحدهم، فبدون الإذن یضمن مطلقا (2)، إلا القدر الداخل فی ملکه لأنه سائغ لا یتعقبه ضمان.

السابعة - لو أجّج نارا فی ملکه

(السابعة (3) - لو أجّج نارا فی ملکه) و لو للمنفعة (4)(فی ریح معتدلة، أو ساکنة و لم تزد) النار (عن قدر الحاجة) التی أضرمها لأجلها (فلا ضمان)، لأن له التصرف فی ملکه کیف شاء (و إن عصفت) (5) الریح بعد إضرامها (بغتة)، لعدم التفریط.(و إلا) یفعل کذلک بأن کانت الریح عاصفة حالة الإضرام علی وجه یوجب ظن التعدی إلی ملک الغیر، أو زاد عن قدر الحاجة و إن کانت ساکنة (ضمن) سرایتها إلی ملک غیره. فالضمان علی هذا مشروط بأحد الأمرین (6):

الزیادة أو عصف الریح.

و قیل: یشترط اجتماعهما معا (7).

و قیل: یکفی ظن التعدی (8) إلی ملک الغیر مطلقا (9). و مثله القول فی (1)ممن یجوز له الاستطراق فیها.

(2)سواء سقط الجمیع أو البعض الخارجی.

(3)لو أجج نارا فتارة فی ملک الغیر و أخری فی ملکه، فإن أججها فی ملک الغیر فإنه یضمن لأنه عدوان محض سواء قصد الإتلاف أم لا، و إن أججها فی ملکه فمع عدم احتمال التعدی لا یضمن و لو اتفق أنها سرت إلی ملک الغیر بلا خلاف فیه بشرط عدم تجاوز قدر الحاجة منها لأن له التصرف فی ملکه.

و إن زادت علی قدر الحاجة مع غلبة الظن بالتعدی کما فی أیام الأهویة فإنه یضمن لو سرت بلا خلاف و لا إشکال لکونه متعدیا حینئذ.

و عن المحقق أنه یضمن إن غلب علی ظنه التعدی بسبب الأهویة و إن لم تزد عن قدر الحاجة، و عن الشهید أنه یکفی أحدهما إما ظن التعدی و إما الزیادة عن قدر الحاجة.

(4)منفعة نفسه بلا قصد العدوان.

(5)إن وصلیة.

(6)هو قول الشهید.

(7)هو موطن وفاق.

(8)هو قول المحقق.

(9)سواء زاد عن قدر الحاجة أو لا.

ص:584

إرسال الماء و قد تقدم الکلام فی ذلک کله فی باب الغضب و لا وجه لذکرها فی هذا المختصر مرتین.

(و لو أجج فی موضع لیس له ذلک فیه) کملک غیره (ضمن الأنفس و الأموال) مع تعذر التخلص فی ماله (1)، و لو قصد الإتلاف فهو عامد یقاد فی النفس مع ضمان المال، و لو أججها فی المباح (2) فالظاهر أنه کالملک، لجواز التصرف فیه.

الثامنة - لو فرط فی حفظ دابته فدخلت علی أخری

(الثامنة (3) - لو فرط فی حفظ دابته فدخلت علی أخری فجنت) علیها (1)أی یضمن فی ماله، لأنه شبیه العمد بدون قصد الإتلاف، و مع قصد الإتلاف یکون عمدا موجبا للقصاص بلا خلاف و لا إشکال.

(2)لم أجد من خالف فی أن حکمه حکم ما لو أجج فی ملکه.

(3)لو هجمت دابة علی أخری فجنت الداخلة، فعن الشیخین و الدیلمی و القاضی و ابن حمزة ضمن مالکها، و إن جنت المدخول علیها کان هدرا بلا خلاف و لا إشکال، أما الأول فلخبر مصعب بن سلام التمیمی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام عن أبیه علیه السّلام: (أن ثورا قتل حمارا علی عهد رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، فرفع ذلک إلیه و هو فی أناس من أصحابه فیهم أبو بکر و عمر، فقال: یا أبا بکر اقض بینهم، فقال: یا رسول اللّه بهیمة قتلت بهیمة ما علیها شیء، فقال: یا عمر، اقض بینهم، فقال مثل قول أبی بکر، فقال: یا علی اقض بینهم، فقال: نعم یا رسول اللّه، إن کان الثور دخل علی الحمار فی مستراحه ضمن أصحاب الثور، و إن کان الحمار دخل علی الثور فی مستراحه فلا ضمان علیهم، فرفع رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم یده إلی السماء فقال: الحمد للّه الذی جعل منّی من یقضی بقضاء النبیین)(1).

إلا أن السند ضعیف مع عدم الجابر له و هذا یمنع من العمل به علی إطلاقه، فلذا ذهب المحقق و جماعة المتأخرین إلی تقیید الضمان بکون مالک البهیمة الداخلة قد فرّط فی حفظها و یدل علیه مرسل الحلبی عن أبی جعفر علیه السّلام: (بعث رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم علیا إلی الیمن، فأفلت فرس لرجل من أهل الیمن و مرّ یعدو، فمرّ برجل فنفحه برجله فقتله، فجاء أولیاء المقتول إلی الرجل فأخذوه فرفعوه إلی علی علیه السّلام، فأقام صاحب الفرس البینة عند علی علیه السّلام أن فرسه أفلت من داره و نفح الرجل فأبطل علی علیه السّلام دم-

ص:585


1- (1) الوسائل الباب - 19 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.

(ضمن) جنایتها، لتفریطه (و لو جنی علیها) أی جنت المدخول علیها علی دابته (فهدر) و لو لم یفرط فی حفظ دابته بأن انتقلت من الإسطبل الموثوق، أو حلها غیره فلا ضمان، لأصالة البراءة.

و أطلق الشیخ و جماعة ضمان صاحب الداخلة ما تجنیه، لقضیة علی علیه السّلام فی زمن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم. و الروایة ضعیفة السند فاعتبار التفریط و عدمه متجه.

(و یجب حفظ البعیر المغتلم) (1) أی الهائج لشهوة الضراب،(و الکلب العقور) و شبههما علی مالکه (فیضمن) ما یجنیه (بدونه (2) إذا علم) بحاله و أهمل حفظه، و لو جهل حاله، أو علم و لم یفرط فلا ضمان.

و فی إلحاق الهرة الضاریة بهما (3) قولان من استناد التلف إلی تفریطه فی -صاحبهم، فجاء أولیاء المقتول من الیمن إلی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فقالوا: یا رسول اللّه، إن علیا ظلمنا و أبطل دم صاحبنا، فقال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: إن علیا لیس بظلاّم و لم یخلق للظلم، إن الولایة لعلیّ من بعدی و الحکم حکمه و القول قوله، و لا یردّ حکمه و قوله و ولایته إلا کافر، و لا یرضی ولایته و قوله و حکمه إلا مؤمن، فلما سمع الیمانیون قول رسول اللّه فی علیّ، قالوا: یا رسول اللّه رضینا بحکم علی علیه السّلام فقال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم:

هو توبتکم عما قلتم)(1).

(1)المغتلم هو الهائج من شهوة الضراب، فیجب حفظ الدابة الصائلة و البعیر المغتلم و الکلب العقور و الفرس العضوض و البغل الرامح بلا خلاف فیه لقاعدة الضرر، و لخبر الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سئل عن بختیّ اغتلم فقتل رجلا، فجاء أخو الرجل فضرب الفحل بالسیف فعقر، فقال: صاحب البختی ضامن للدیة، و یقتص ثمن بختیه)(2) و مثله غیره، نعم لو جهل المالک حال الدابة، أو علم و لم یفرّط فی الحفظ فلا ضمان بلا خلاف لأصالة البراءة بعد عدم کونه متعدیا.

(2)بدون الحفظ.

(3)بالبعیر و الکلب، فقال الشیخ: یضمن بالتفریط مع الضراوة و تبعه علیه ابن حمزة و ابن إدریس و العلاّمة، و استبعد المحقق الضمان إذ لم تجر العادة بربطها و حفظها بخلاف الدواب، نعم اتفقوا علی جواز قتلها کقتل غیرها من المؤذیات.

ص:586


1- (1) الوسائل الباب - 20 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 14 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.

حفظها، و عدم جریان العادة بربطها. و الأجود الأول. نعم یجوز قتلها (و لو دافعها عنه إنسان فأدی الدفع إلی تلفها، أو تعیبها فلا ضمان)، لجواز دفعها عن نفسه فلا یتعقبه ضمان، لکن یجب الاقتصار علی ما یندفع به. فإن زاد عنه ضمن. و کذا لو جنی علیها لا للدفع (و إذا أذن له قوم فی دخول دار (1) فعقره کلبها ضمنوه) و إن لم یعلموا أن الکلب فیها حین دخوله، أو دخل بعده، لإطلاق النص و الفتوی، و إن دخلها بغیر إذن المالک لم یضمن و لو أذن بعض من فی الدار، دون بعض.

فإن کان ممن یجوز الدخول مع إذنه (2) اختص الضمان به و إلا فکما لو لم یأذن (3)، و لو اختلفا فی الإذن قدم المنکر (4).

التاسعة - یضمن راکب الدابة ما تجنیه بیدیها و رأسها

(التاسعة (5) -...) (1)فعقره کلبها، ضمنوا إن دخل بإذنهم و إلا فلا ضمان بلا خلاف فیه للأخبار منها: خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل دخل دار قوم بغیر إذنهم فعقره کلبهم فقال: لا ضمان علیهم، فإن دخل بإذنهم ضمنوا)(1)، و إطلاق النص عدم الفرق بین کون الکلب حاضرا فی الدار عند الدخول و عدمه، و عدم الفرق بین علمهم بکونه یعقر الداخل و عدمه، و عدم الفرق بین علمهم بوجود الکلب حین الدعوة و عدمه.

(2)کصاحب الدار أو وکیله.

(3)فیما لو کان الإذن من الطفل أو الضیف أو الخادم.

(4)للأصل لأن البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر، و المنکر هنا هو صاحب الدار فیقدم قوله مع یمینه.

(5)یضمن راکب الدابة ما یجنیه یدیها بلا خلاف فیه للأخبار منها: خبر العلاء بن الفضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سئل عن رجل یسیر علی طریق من طرق المسلمین علی دابته فتصیب برجلها، قال: لیس علیه ما أصابت برجلها، و علیه ما أصابت بیدها، و إذا وقفت فعلیه ما أصابت بیدها و رجلها، و إن کان یسوقها فعلیه ما أصابت بیدها و رجلها)(2)، و صحیح الحلبی عنه علیه السّلام: (سئل عن الرجل یمرّ علی طریق من طرق المسلمین فتصیب دابته إنسانا برجلها فقال: لیس علیه ما أصابت برجلها و لکن علیه ما-

ص:587


1- (1) الوسائل الباب - 17 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 13 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 2.

(یضمن راکب الدابة ما تجنیه بیدیها و رأسها) (1) دون رجلیها (2)(و القائد لها کذلک) (3) یضمن جنایة یدیها و رأسها خاصة (و السائق یضمنها مطلقا (4) و کذا) یضمن جنایتها مطلقا (لو وقف بها الراکب (5)، أو القائد) (6) و مستند التفصیل أخبار کثیرة، نبّه فی بعضها علی الفرق بأن الراکب و القائد یملکان یدیها و رأسها و یوجهانها کیف شاءا، و لا یملکان رجلیها، لأنهما خلفهما. و السائق یملک الجمیع.

(و لو رکبها اثنان (7) تساویا) فی الضمان، لاشتراکهما فی الید و السببیة إلا أن یکون أحدهما ضعیفا، لصغر أو مرض، فیختص الضمان بالآخر، لأنه المتولی أمرها.

-أصابت بیدها، لأن رجلها خلفه إن رکب، فإن کان قائدها فإنه یملک بإذن اللّه یدها یضعها حیث یشاء)(1).

(1)فالضمان کما ذهب إلیه الشیخ فی المبسوط و الفاضلان و الشهیدان و غیرهم لمساواة الرأس للیدین فی التمکن من حفظهما، و ذهب الشیخ فی الخلاف إلی عدم الضمان لأصالة البراءة و للاقتصار علی المتیقن فیما خالف الأصل من الضمان مع عدم التفریط.

(2)لصریح النصوص المتقدمة.

(3)أی کالراکب فیضمن ما تجنیه بیدیها دون رجلیها لذیل صحیح الحلبی المتقدم، و أما الرأس فنفس الخلاف المتقدم.

(4)أی الذی یسوقها من خلفها فیضمن ما تجنیه بیدیها و رجلیها بلا خلاف و لذیل خبر العلاء المتقدم.

(5)بلا خلاف فیه لخبر العلاء بن فضیل المتقدم.

(6)لأن حکمه حکم الراکب.

(7)اشترکا فی الضمان، و عن کشف اللثام أن الأصحاب قاطعون به لصدق الراکب علی کل منهما مع أن الضمان علی الراکب فیتناصفان الضمان، و لخبر سلمة بن تمام عن علی علیه السّلام: (فی دابة علیها ردفان فقتلت الدابة رجلا أو جرحت، فقضی فی الغرامة بین الردفین بالسویة)(2).

ص:588


1- (1) الوسائل الباب - 13 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 43 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.

(و لو کان صاحبها معها) (1) مراعیا لها (فلا ضمان علی الراکب) و بقی فی المالک ما سبق من التفصیل باعتبار کونه سائقا، أو قائدا (2) و لو لم یکن المالک مراعیا لها بل تولی أمرها الراکب ضمن دون المالک.

(و یضمنه مالکها) (3) الراکب أیضا (لو نفّرها فألقته)، لا أن ألقته بغیر سببه، و لو اجتمع للدابة سائق، و قائد (4)، أو أحدهما و راکب، أو الثلاثة اشترکوا فی ضمان المشترک و اختص السائق بجنایة الرجلین.

و لو کان المقود أو المسوق قطارا (5) ففی إلحاق الجمیع بالواحد حکما وجهان: من صدق السوق و القود للجمیع، و من فقد علة الضمان و هی القدرة علی حفظ ما یضمن جنایته. فإن القائد لا یقدر علی حفظ یدی ما تأخر عن الأول غالبا، و کذا السائق بالنسبة إلی غیر المتأخر. و هذا أقوی. نعم لو رکب (1)فلا ضمان علی الراکب إذا کان صاحبها مراعیا لها کما ذهب إلیه المحقق فی النافع و العلاّمة فی القواعد، و یشکل ذلک علی إطلاقه إلا إذا کان المالک هو الموکل بحفظها و سیرها دون الراکب و ذلک فیما لو کان طفلا أو صغیرا، و هذا لا اختصاص له بالراکب بل لا ضمان علی القائد إذا فرض کون المراعاة بید المالک.

(2)فإن کان سائقا فیضمن الجمیع، و إن کان قائدا فلا یضمن ما تجنیه برجلها.

(3)أی و یضمن مالک الدابة راکبها، إذا ألقته بتنفیره، لأنه متعد حینئذ، نعم لو ألقته بدون تنفیر المالک فلا ضمان کما صرح بذلک جماعة لأصالة البراءة بعد عدم التعدی و عدم التفریط من المالک.

(4)فلو اجتمع سائق و قائد و راکب فیضمن الجمیع موطن الاشتراک و هو ما جنته بیدیها و رأسها، و یختص السائق بضمان جنایة الرجلین؛ و لو اجتمع سائق و قائد اشترکا فی جنایة الیدین و الرأس و ینفرد السائق بجنایة الرجلین، و مثله ما لو اجتمع سائق و راکب، و لو اجتمع قائد و راکب اشترکا فی جنایة الیدین و الرأس و لا یضمنان جنایة الرجلین.

(5)بحیث کان کل واحد من الإبل تلو الآخر مرتبطا به، فالمسوق هو الذی یسوقها من خلف و المقود هو الذی یقودها من أمام، فهل یلحق القطار بالواحد حکما وجهان، من صدق القود أو السوق فحکم الجمیع کحکم الواحد و هذا ما ذهب إلیه فی الوسیلة، و من فقد علة الضمان و هی القدرة علی الحفظ، فالقائد لا یقدر علی حفظ یدیّ ما تأخر عن الأول، و السائق بالنسبة إلی غیر المتأخر.

ص:589

واحدا وقاد الباقی تعلق به حکم المرکوب، و أول المقطور، و کذا لو ساق مع ذلک واحدا، أو أکثر.

العاشرة - یضمن المباشر لو جامعه السبب

(العاشرة (1) - یضمن المباشر لو جامعه السبب دونه) لأنه أقوی و أقرب (2).

هذا مع علم المباشر بالسبب (و لو جهل المباشر ضمن السبب). فالسبب (کالحافر) للبئر فی غیر ملکه،(و) المباشر (کالدافع) فیها. فالضمان علی الدافع، دون الحافر، إلا أن تکون البئر مغطاة و لا یعلم بها الدافع فالضمان علی الحافر، لضعف المباشر بالجهل (و یضمن أسبق السببین) (3) لو اجتمعا (کواضع الحجر) (1)یضمن المباشر لو جامعه السبب، کالدافع إلی البئر مع حافره، فالأول مباشر و الثانی سبب، و الذابح مع الممسک فالأول مباشر و الثانی سبب، و جاذب المنجنیق مع واضع الحجر فی کفته.

و ضمان المباشر لکونه أقوی من السبب، و لأن القتل أو التلف مستند إلی المباشر لا إلی السبب، لأن التلف و القتل من فعل المباشر عرفا، بلا خلاف فیه کما فی الجواهر، إلا إذا ضعف المباشر و کان السبب أقوی کما لو جهل المباشر حال السبب فإنه یضمن المسبّب کمن حفر بئرا فی غیر ملکه و غطاها فدفع غیره ثالثا و لم یعلم بالبئر فالضمان علی الحافر لأنه السبب فی التلف بلا خلاف فیه.

(2)الأقوائیة لأن التلف یسند إلیه، و الأقربیة واضحة.

(3)إذا اجتمع سببا الهلاک قدّم الأول منهما، و المراد بالأول هو الأسبق جنایة، و وجه ضمانه دون الثانی أنه بالجنایة قد تحققت نسبة الضمان إلیه قبل الثانی فیستصحب، کما لو حفر بئرا فی محل عدوانا - فی غیر ملکه - و وضع الآخر حجرا قریبا من البئر فعثر رجل بالحجر فوقع فی البئر فمات، فالضمان علی واضع الحجر لأنه متعد و صاحب الجنایة أولا و إن کان حفر البئر قبل وضع الحجر. و مثله من حفر بئرا عدوانا و قام الآخر بنصب سکین فی قعرها عدوانا، فوقع ثالث فی البئر فأصابته السکین فقتل فالضمان علی الحافر.

و فی المسألة احتمالان آخران:

الأول: تساوی السببین فی الضمان لأن التلف حصل منهما، و کلاهما متعد و لا ترجیح لأحدهما علی الآخر.

الثانی: ترجیح السبب الأقوی کما لو کان السکین قاطعا فی قاع البئر مع کون عمق البئر لا یقتل غالبا فیختص الضمان بناصب السکین دون حافر البئر، إلا أن القول الأول علیه العمل دون هذین الاحتمالین، و هما احتمالان أوردهما المحقق فی الشرائع.

ص:590

(و حافر البئر فیعثر بالحجر فیقع فی البئر فیضمن واضع الحجر) لأنه أسبق السببین فعلا و إن تأخر الوضع عن الحفر، و لو تقدم الحافر کما لو نصب إنسان سکینا فی قعر البئر فوقع فیها إنسان من غیر عثار فأصابته السکین فمات فالضمان علی الحافر.

هذا إذا کانا متعدیین (1)(فلو کان فعل أحدهما فی ملکه فالضمان علی الآخر)، لاختصاصه بالعدوان.

الحادیة عشرة - لو وقع واحد فی الزبیة

(الحادیة عشرة (2) - لو وقع واحد فی الزبیة) بضم الزای المعجمة و هی (1)أما لو کان أحدهما متعدیا دون الآخر کما لو حفر إنسان بئرا فی ملکه فقام الآخر فنصب سکینا فی القاع فالضمان علی الناصب للسکین لأنه متعد.

(2)حول مسألة الزبیة المشهورة، و الزبیة بضم الزاء، حفیرة تحفر للأسد، و سمیت بذلک لأنهم کانوا یحفرون له الحفیرة فی موضع عال فوق الأکمة و منه المثل: بلغ السّیل الزبا، و الزبا جمع زابیة مثل روابی جمع رابیة، و قد صغرت فسمیت زبیة أی حفیرة.

و هذه لها واقعة مشهورة فی کتب الخاصة و العامة و هی: لو وقع أحد فی زبیة الأسد فتعلق بثان، و تعلق الثانی بثالث، و تعلق الثالث برابع فافترسهم الأسد، فما الحکم؟ و قد قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی ذلک، و فی نقل قضائه روایتان.

الأولی: خبر محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی أربعة اطلعوا فی زبیة الأسد، فخرّ أحدهم فاستمسک بالثانی، و استمسک الثانی بالثالث، و استمسک الثالث بالرابع حتی أسقط بعضهم بعضا علی الأسد، فقتلهم الأسد، فقضی بالأول فریسة الأسد، و غرّم أهله ثلث الدیة لأهل الثانی، و غرّم الثانی لأهل الثالث ثلثی الدیة، و غرّم الثالث لأهل الرابع الدیة کاملة)(1) و الخبر صحیح، فما فی المسالک أنها ضعیفة لاشتراک محمد بن قیس لیس فی محله، لأنه الثقة بروایة عاصم بن حمید عنه کما اعترف بصحتها أکثر من واحد.

و الروایة الثانیة: هی روایة مسمع بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن قوما احتفروا زبیة للأسد فوقع فیها الأسد فازدحم الناس علیها ینظرون إلی الأسد، فوقع رجل فتعلق بآخر، فتعلق الآخر بآخر، و الآخر بآخر، فجرحهم الأسد فمنهم من مات من جراحة الأسد و منهم من أخرج فمات، فتشاجروا فی ذلک حتی أخذوا السیوف،-

ص:591


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 2.

-فقال أمیر المؤمنین علیه السّلام: هلموا أقضی بینکم فقضی أن للأول ربع الدیة و الثانی ثلث الدیة و الثالث نصف الدیة و الرابع الدیة کاملة، و جعل ذلک علی قبائل الذین ازدحموا، فرضی بعض القوم و سخط بعض، فرفع ذلک إلی النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم و أخبر بقضاء أمیر المؤمنین علیه السّلام فأجازه)(1).

و هذه الروایة ضعیفة بسهل بن زیاد و الأمر فیه سهل، و ضعیفة بمحمد بن الحسن بن شمون فهو غال ملعون، و بعبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم فهو غال ضعیف کان من کذبة أهل البصرة کما نص علیه علماء الرجال.

نعم ما روی من طرق العامة یوافق هذه الروایة الثانیة إلا أن الأولی مشهورة و علیها عمل المشهور، و هناک من توقف عن العمل بها و جعلها قضیة فی واقعة لمخالفتها للقواعد إلا أن من عمل بها قد وجّهها.

و التوجیه هو أن الأول لم یعتد علیه أحد فهو فریسة الأسد، إلا أن الثانی قد قتله الأول فیستحق الدیة إلا أنه یسقط منها بحسب ما جنی و هو قد جنی قتل الثالث و الرابع فیسقط من دیته الثلثان لأنه جنی علی الثالث و الرابع و یبقی له ثلث لأنه جنی علیه.

و الثالث قد قتله اثنان، و هما الأول و الثانی و هو قد قتل واحدا و هو الرابع، فیستحق تمام الدیة إلا أنه یسقط منه بمقدار ما جنی و هو الثلث و یبقی له الثلثان، و أما الرابع فقد قتله ثلاثة و هو لم یقتل أحدا فیستحق تمام الدیة، إلا أن هذا التوجیه ضعیف من جهتین:

أولا: فلا یلزم من قتله لغیره سقوط حصته عن قاتله.

و ثانیا: یجب أن یکون ثلثا دیة الثالث علی الثانی و الأول مع أنه فی الروایة هما علی الثانی فقط، و یجب أن تکون الدیة الکاملة للرابع علی الثلاثة مع أنها فی الروایة علی الثالث فقط. و حاول ابن أبی عقیل فی کتابه المستمسک علی ما نقل عنه أن یدفع الضعف من الجهة الثانیة بدعوی أن دیة الرابع علی الثلاثة و إنما نسبت إلی الثالث فقط لأن الثالث له علی من قتله ثلثا الدیة فیضیف إلیها الثلث الذی علیه من دیة الرابع فتصیر دیة کاملة، و تدفع إلی الرابع.

و ثلثا دیة الثالث علی الثانی و الأول إلا أن الثانی سیأخذ ثلثا من الأول و یضیف إلیه ثلثا فیصیر المجموع ثلثین فیدفعان إلی الثالث و لذا نسبت الثلثین إلی الثانی. فالأول سیدفع ثلثا للثانی و الثانی یضم إلیه ثلثا و یدفع الثانی الثلثین للثالث، و الثالث یضم إلیها ثلثا فتصیر-

ص:592


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.

الحفرة تحفر للأسد سمیت بذلک لأنهم کانوا یحفرونها فی موضع عال، و أصلها الزابیة التی لا یعلوها الماء و فی المثل بلغ السیل الزبا (فتعلق) الواقع (بثان، و الثانی بثالث، و الثالث برابع) فوقعوا جمیعا (فافترسهم الأسد ففی روایة محمد بن قیس عن الباقر عن علی علیه السّلام أنه قضی فی ذلک. أن الأول فریسة الأسد) لا یلزم أحدا (و یغرم أهله ثلث الدیة للثانی، و یغرم الثانی للثالث ثلثی الدیة و یغرم الثالث للرابع الدیة کاملة) و عمل بها أکثر الأصحاب. لکن توجیهها علی الأصول مشکل، و محمد بن قیس کما عرفت مشترک و تخصیص حکمها بواقعتها ممکن، فترک العمل بمضمونها مطلقا (1) متوجه.

و توجیهها بأن الأول لم یقتله أحد. و الثانی قتله الأول، و قتل هو (2) الثالث و الرابع. فقسطت الدیة علی الثلاثة فاستحق منها بحسب ما جنی علیه. و الثالث قتله اثنان و قتل هو واحدا فاستحق ثلثین کذلک. و الرابع قتله الثلاثة فاستحق تمام الدیة، تعلیل بموضع النزاع (3)، إذ لا یلزم من قتله لغیره سقوط شیء من دیته عن قاتله.

و ربما قیل (4) بأن دیة الرابع علی الثلاثة بالسویة، لاشتراکهم جمیعا فی سببیة قتله و إنما نسبها إلی الثالث، لأن الثانی استحق علی الأول ثلث الدیة فیضیف إلیه ثلثا آخر و یدفعه إلی الثالث فیضیف إلی ذلک ثلثا آخر و یدفعه إلی الرابع.

و هذا مع مخالفته لظاهر الروایة لا یتم فی الآخرین (5)، لاستلزامه کون دیة -دیة کاملة فیدفعها إلی الرابع.

و هذه المحاولة لیست فی محلها لأنها علی خلاف ظاهر الخبر، و لأنها علی خلاف القواعد لأن الثالث سبب فی قتل الرابع فعلیه دیة الرابع بتمامها، و کون الثانی قد قتل الثالث لا یسقط حق الرابع عن الثالث، و کذلک فی الثالث و الثانی، و لذا ذهبت جماعة إلی أنها قضیة فی واقعة لا یتعدی عنها إلی غیرها إذ لعل الإمام اطلع علی ما یوجب ذلک فیها.

(1)سواء کان فی الزبیة أو غیرها، و سواء کانوا أربعة أو لا.

(2)أی الثانی.

(3)خبر قوله: و توجیهها.

(4)توجیه ابن أبی عقیل.

(5)و هما الثانی و الثالث و إن تم فی الرابع.

ص:593

الثالث علی الأولین (1)، و دیة الثانی علی الأول. إذ لا مدخل لقتله من بعده فی إسقاط حقه کما مر، إلا أن یفرض کون الواقع علیه سببا فی افتراس الأسد له فیقرب (2)، إلا أنه خلاف الظاهر (3).

(و فی روایة أخری) رواها سهل بن زیاد عن ابن شمون عن عبد اللّه الأصم عن مسمع عن أبی عبد اللّه علیه السّلام أن علیا علیه السّلام قال:(للأول ربع الدیة و للثانی ثلث الدیة، و للثالث نصف الدیة، و للرابع الدیة کاملة) و جعل ذلک (کله علی عاقلة المزدحمین) و وجهت بکون البئر حفرت عدوانا، و الافتراس مستندا إلی الازدحام المانع من التخلص. فالأول مات (4) بسبب الوقوع فی البئر، و وقوع الثلاثة فوقه، إلا أنه بسببه، و هو ثلاثة أرباع السبب فیبقی الربع علی الحافر، و الثانی مات بسبب جذب الأول و هو ثلث السبب و وقوع الباقیین فوقه و هو ثلثاه و وقوعهما علیه من فعله فیبقی له ثلث، و الثالث مات من جذب الثانی و وقوع الرابع و کل منهما نصف السبب، لکن الرابع من فعله فیبقی له نصف، و الرابع موته بسبب جذب الثالث فله کمال الدیة.

و الحق أن ضعف سندها یمنع من تکلف تنزیلها. فإن سهلا عامی، و ابن شمون غال و الأصم ضعیف فردها مطلقا (5) متجه.

(1)أی الثانی و الأول مناصفة فیجب أن یأخذ الثانی من الأول النصف و یدفع النصف، و لاستلزامه کون دیة الثانی علی الأول فقط بتمامها مع أن الروایة لم تصرح بذلک.

(2)التوجیه، بحیث یصیر قتل کل واحد من الثانی و الثالث مستندا إلی مجموع الجاذب له و الواقع علیه لکن الوقوع علیه من فعله فیسقط ضمانه فیبقی من الدیة النصف علی الجاذب له، فیبقی نصف دیة الثالث علی الثانی لا ثلثاها، و نصف دیة الثانی علی الأول لا الثلث، و لذا قال الشارح: یقرب، و لم یقل: یتم.

(3)أی ظاهر الروایة لأن الافتراس من ناحیة الجذب له، لا من ناحیة الأعم من الجذب له و الوقوع علیه.

(4)بسببین: بسبب حفر البئر و بسبب وقوع الثلاثة علیه، مع أن وقوع الثلاثة من فعله فیسقط من دیته بمقدار فعله فیبقی له الربع، و هو علی الحافر لأنه حفره عدوانا مع أن الروایة قد جعلته علی عاقلة المزدحمین، و الأولی جعل السبب الأول هو الازدحام لا حفر البئر.

(5)سواء کان فی الزبیة أو الحفیرة و سواء کانوا أربعة أو أقل أو أزید.

ص:594

وردها المصنف بأن الجنایة إما عمد أو شبهه و کلاهما یمنع تعلق العاقلة به (1)، و أن فی الروایة «فازدحم الناس علیها ینظرون إلی الأسد» و ذلک ینافی ضمان حافر البئر (2). و حیث یطرح الخبران فالمتجه ضمان کل دیة من أمسکه أجمع، لاستقلاله بإتلافه. و هو خیرة العلاّمة فی التحریر.

الفصل الثانی - فی التقدیرات و فیه مسائل:

اشارة

(الفصل الثانی - فی التقدیرات و فیه مسائل:)

مسائل التقدیرات

الأولی - فی دیة النفس أحد أمور ستة
اشارة

(الأولی - فی النفس، دیة العمد أحد أمور ستة)

فی فی دیة العمد

یتخیر الجانی فی دفع ما شاء منها (3). و هی:

(1)أی بالعمد أو شبهه.

(2)کما فی التوجیه، و مع أنک عرفت أن الأولی جعل السبب هو الازدحام فلا یأتی الإشکال.

(3)لا خلاف بین الأصحاب فی کون دیة العمد واحدا من أمور ستة و هی: مائة من مسان الإبل و مائتا بقرة و ألف دینار و عشرة آلاف درهم و ألف شاة و مائتا حلة من حلل الیمن و یدل علیه الأخبار منها: صحیح عبد الرحمن بن الحجاج قال: (سمعت ابن أبی لیلی یقول: کانت الدیة فی الجاهلیة مائة من الإبل فأقرها رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، ثم إنه فرض علی أهل البقر مائتی بقرة و فرض علی أهل الشاة ألف شاة ثنیة و علی أهل الذهب ألف دینار و علی أهل الورق عشرة آلاف درهم و علی أهل الیمن الحلل مائتی حلة، قال عبد الرحمن بن الحجاج: فسألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عما روی ابن أبی لیلی فقال: کان علی علیه السّلام یقول: الدیة ألف دینار و قیمة الدینار عشرة دراهم و عشرة آلاف لأهل الأمصار، و علی أهل البوادی مائة من الإبل و لأهل السواد مائة بقرة أو ألف شاة)(1).

و صحیح جمیل بن دراج: (فی الدیة قال: ألف دینار أو عشرة آلاف درهم، و یؤخذ من أصحاب الحلل الحلل، و من أصحاب الإبل الإبل، و من أصحاب الغنم الغنم، و من أصحاب البقر البقر)2، و مرسل یونس عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الدیة عشرة آلاف درهم أو ألف دینار أو مائة من الإبل)3، و ما ورد معارضا لها لا بد من تأویله أو رده إلی أهله فقد ورد حصر الدیة فی الإبل کما فی صحیحة محمد بن مسلم و زرارة و غیرهما-

ص:595


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات النفس حدیث 1 و 4 و 7.

(مائة من مسان الإبل) (1) و هی الثنایا فصاعدا (2). و فی بعض کلام المصنف أن المسنة من الثنیة إلی بازل عامها.

(أو مائتا بقرة) (3) و هی ما یطلق علیه اسمها.

-عن أحدهما علیهما السّلام: (فی الدیة قال: هی مائة من الإبل و لیس فیها دنانیر و لا دراهم و لا غیر ذلک)(1).

و قد ورد فی أخبار أن قیمة کل بعیر عشرون شاة منها صحیحة معاویة بن وهب:

(سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن دیة العمد فقال: مائة من فحولة الإبل المسانّ، فإن لم یکن إبل فمکان کل جمل عشرون من فحولة الغنم)2 و هذه لا عامل بها، فضلا عن معارضتها بما دل علی أن الدیة ألف شاة فلا بد من حملها علی التقیة لموافقتها للعامة کما فی المغنی لابن قدامة علی ما قیل.

و قد ورد أن الدیة إذا کانت من الدراهم فهی اثنا عشر ألف درهم ففی صحیح عبید اللّه بن زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الدیة ألف دینار أو اثنا عشر درهم)(2) و مثله صحیح ابن سنان4.

و أما دلیل تخییر الجانی فی دفع ما شاء منها فسیأتی الکلام فیه إن شاء اللّه تعالی.

(1)قد تقدم خبر معاویة بن وهب فقال علیه السّلام: (مائة من فحولة الإبل المسانّ) و مثله غیره، و المسنّة کما نقل الشیخ فی المبسوط عن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: (المسنّة هی الثنیّة فصاعدا) و عن حواشی الشهید: (المسنّة من الثنیّة إلی بازل عامها)، و فی المهذب البارع و غیره (المسانّ جمع مسنّة و هی من الإبل ما دخل فی السادسة و تسمی الثنیّة أیضا، فإن دخلت فی السابعة فهی الرباع و الرباعیة، فإن دخلت فی الثامنة فهی السدیس بکسر الدال، فإن دخلت فی التاسعة فهی بازل أی طلع نابه، فإن دخلت فی العاشرة فهی بازل عام ثم بازل عامین)، و فی القاموس: «و المراد بالمسانّ الکبار» و عن المغرب:

«الثنی من الإبل الذی أثنی أی نبتت ثنیته و هو ما استکمل السنة الخامسة و دخل فی السادسة».

(2)سواء کان رباعیا أو سدیسا أو بازلا.

(3)اشترط فی المهذب البارع و الجامع لابن سعید کون البقرة مسنة، و لیس لهما دلیل بعد کون البقر اسم جنس یقع علی الذکر و الأنثی و المسنّ و غیره.

ص:596


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات النفس حدیث 7 و 2.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات النفس حدیث 10 و 9.

(أو مائتا حلّة) بالضم (کل حلة ثوبان (1) من برود الیمن) (2) هذا القید للتوضیح، فإن الحلة لا تکون أقل من ثوبین قال الجوهری: الحلة إزار و رداء لا تسمی حلة حتی تکون ثوبین. و المعتبر اسم الثوب (3).

(أو ألف شاة) و هی ما یطلق علیها اسمها (4).

(أو ألف دینار) أی مثقال ذهب خالص (5).

(أو عشرة آلاف درهم) (6).

(و تستأدی) دیة العمد (فی سنة واحدة) (7) لا یجوز تأخیرها عنها بغیر رضی (1)کما نص علیه أکثر الأصحاب و أهل اللغة، فقال أبو عبیدة - کما فی الصحاح -: (الحلل و برود الیمن، و الحلة إزار و رداء، لا تسمی حلة حتی تکون ثوبین)، و عن النهایة الأثیریة: (الحلة واحدة الحلل، و هی برود الیمن و لا تسمی حلّة إلا أن تکون ثوبین من جنس واحد)، و عن المصباح المنیر: (الحلة بالضم لا تکون إلاّ ثوبین من جنس واحد).

(2)کما فی السرائر و الشرائع و النافع و التحریر و غیرها، و قد دل علیه صحیح عبد الرحمن المتقدم، و زاد فی السرائر: أو من برود نجران، و قال فی الجواهر: «لم أجد له شاهدا».

(3)لا مجرد ما یستر العورة کما ربما یتوهم.

(4)بلا خلاف فیه من غیر فرق بین الذکر و الأنثی.

(5)بلا خلاف فیه، ففی موثقة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (دیة المسلم عشرة آلاف من الفضة و ألف مثقال من الذهب، و ألف من الشاة)(1)، هذا و اعلم أن الدیة توازی (3600) غراما من الذهب الخالص لأن المثقال الشرعی یساوی (3,6) غراما، و هی تعادل خمسمائة لیرة عثمانیة من الذهب الخالص کما فی الدرة البهیة للسید الأمین.

(6)بلا خلاف فیه، و الدیة تساوی حینئذ (25200) غراما من الفضة الخالصة لأن الدرهم الشرعی یساوی (2,52) غراما.

(7)بلا خلاف فیه، لصحیح أبی ولاّد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کان علیّ علیه السّلام یقول:

تستأدی دیة الخطأ فی ثلاث سنین، و تستأدی دیة العمد فی سنة)(2)، و عن أبی حنیفة أن أجلها إلی ثلاث سنین و هو ضعیف، فلا یجب علی الجانی المبادرة إلی إتمامها قبل تمام الحول، کما لا یجوز تأخیرها عن السنة إلاّ برضا المستحق.

ص:597


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات النفس حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات النفس حدیث 1.

المستحق، و لا یجب علیه المبادرة إلی أدائها قبل تمام السنة و هی (من مال الجانی) (1) حیث یطلبها الولی.

(و دیة الشبیه) للعمد (2)...

(1)بلا خلاف، لما ورد فی خبر السکونی عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام: (أن أمیر المؤمنین علیه السّلام قال: العاقلة لا تضمن عمدا و لا إقرارا و لا صلحا)(1) و مثله خبر أبی بصیر2، فضلا عن الأخبار المصرحة بکون دیة العمد علی الجانی منها: مضمرة سماعة:

(سألته عمّن قتل مؤمنا متعمدا هل له من توبة؟ قال: لا، حتی یؤدی دیته إلی أهله و یعتق رقبة و یصوم شهرین متتابعین، و یستغفر اللّه و یتوب إلیه و یتضرع، فإنی أرجو أن یتاب علیه إذا فعل ذلک، قلت: فإذا لم یکن له مال؟ قال: یسأل المسلمین حتی یؤدی دیته إلی أهله)(2).

(2)کدیة العمد لأن الدیة أحد هذه الأمور الستة المتقدمة، کما هو إطلاق النصوص المتقدمة، نعم دیة شبیه العمد مخففة عن دیة العمد بشیئین: الأول: فی سن الإبل، ففی العمد لا بد أن تکون مسنّة و هی ما دخلت فی السادسة، و فی شبیه العمد فالمائة من الإبل موزعة: ثلاث و ثلاثون حقة و هی ما أکملت الثالثة و قد دخلت فی الرابعة، و ثلاث و ثلاثون بنت لبون و هی التی کمل لها سنتان و دخلت فی الثالثة، و أربعة و ثلاثون ثنیّة طروقة الفحل و هی التی کمل لها الخامسة و دخلت فی السادسة، کما عن النهایة و القواعد و اللمعة و الروضة و النافع و غیرها، بل عن الخلاف دعوی إجماع الفرقة و إخبارها به، و فی النافع أنه أشهر الروایتین، و فی المفاتیح أنه المشهور و به روایتان، و المقصود هما خبر أبی بصیر و خبر العلاء بن فضیل و کلاهما غیر دال علی ما قالوه، و ذلک ففی خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (دیة الخطأ إذا لم یرد الرجل القتل مائة من الإبل أو عشرة آلاف من الورق أو ألف من الشیاه، و قال: دیة المغلظة التی تشبه العمد و لیست بعمد أفضل من دیة الخطأ بأسنان الإبل، ثلاثة و ثلاثون حقة، و ثلاثة و ثلاثون جذعة و أربع و ثلاثون ثنیّة کلها طروقة الفحل)(3). فالخبر قد دل علی الجذعة و هی التی دخلت فی الخامسة مع أنهم اکتفوا ببنت لبون و هی التی دخلت فی الثالثة.

و مثله خبر العلاء بن فضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و الدیة المغلظة فی الخطأ الذی یشبه العمد الذی یضرب بالحجر و العصا بالضربة و الاثنتین فلا یرید قتله فهی أثلاث:-

ص:598


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 3 - من أبواب العاقلة حدیث 2 و 1.
2- (3) الوسائل الباب - 10 - من أبواب قصاص النفس حدیث 5.
3- (4) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات النفس حدیث 4.

مائة من الإبل أیضا، إلا أنها دونها (1) فی السن، لأنها (أربع و ثلاثون ثنیة) سنها خمس سنین (2) فصاعدا (طروقة الفحل) حوامل (3)(و ثلاث و ثلاثون بنت لبون) سنها سنتان فصاعدا.(و ثلاث و ثلاثون حقة) سنها ثلاث سنین فصاعدا (أو أحد الأمور الخمسة) المتقدمة.

(و تستأدی فی سنتین) یجب آخر کل حول نصفها (من مال الجانی) أیضا (4).

-ثلاث و ثلاثون حقة و ثلاث و ثلاثون جذعة و أربع و ثلاثون ثنیة کلها خلفة من طروقة الفحل)(1) و الخلفة بفتح الخاء و کسر اللام و هی الحامل.

و لذا ذهبت جماعة منهم المحقق إلی الاعتماد علی هذین الخبرین فاستبدلوا ثلاث و ثلاثین بنت لبون بثلاث و ثلاثین جذعة، إلا أن الخبرین ضعیفان، أما الأول فلاشتماله علی علی بن أبی حمزة البطائنی و هو ضعیف، و الثانی یشتمل علی محمد بن سنان و هو لم یثبت توثیقه، و لذا ذهب الصدوق فی المقنع و ابن یحیی فی الجامع و ابن زهرة فی الغنیة و العلاّمة فی التحریر إلی أن أسنان الإبل هی: ثلاثون بنت لبون و ثلاثون حقة و أربعون خلفة استنادا علی صحیح عبد اللّه بن سنان: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: فی الخطأ شبه العمد أن یقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر أن دیة ذلک تغلّظ، و هی مائة من الإبل منها أربعون خلفة من بین ثنیة إلی بازل عامها، و ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون)(2).

الفارق الثانی: فی الزمن، فدیة شبیه العمد تستأدی فی سنتین کما عن المفید و نسب إلی الشهرة و ادعی علیه الشیخ فی المبسوط الإجماع، و یؤیّد أن دیة العمد إلی سنة و دیة الخطأ إلی ثلاث سنین فیتعین أن تکون دیة شبیه العمد إلی سنتین، و عن ابن حمزة أنها تؤدی إلی سنة إن کان موسرا و إلا فی سنتین، و لیس له دلیل و لا موافق کما فی الجواهر.

(1)أی دون الإبل فی العمد.

(2)أی أکملت الخمس فصاعدا.

(3)تقیید لطروقة الفحل، لأن الطروقة هی ما بلغت من السن بحیث تقبل الطروقة، لکن قیّدت بالحوامل لما ورد فی خبر العلاء بن فضیل المتقدم من کونها خلفة، و الخلفة هی الحامل کما عرفت.

(4)للإجماع عن أکثر من واحد، بعد حصر تحمل العاقلة لدیة الخطأ فقط، و عن الحلبی أنها-

ص:599


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات النفس حدیث 13.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات النفس حدیث 1.

و تحدید أسنان المائة بما ذکر أحد الأقوال فی المسألة. و مستنده روایتا أبی بصیر و العلاء بن الفضیل عن الصادق علیه السّلام و اشتملت الأولی علی کون الثنیة طروقة الفحل، و الثانیة علی کونها خلفة بفتح الخاء فکسر اللام و هی الحامل فمن ثمّ فسرناها بها (1) و إن کانت بحسب اللفظ أعم، لکن فی سند الروایتین ضعف.

و أما تأدیتها فی سنتین فذکره المفید و تبعه الجماعة و لم نقف علی مستنده و إنما الموجود فی روایة أبی ولاّد (2): تستأدی دیة الخطأ فی ثلاث سنین و تستأدی دیة العمد فی سنة.

(و فیها) أی فی دیة العمد (3)(روایة أخری) و هی صحیحة عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: فی الخطأ شبه العمد أن یقتل بالسوط، أو العصا، أو الحجر: إن دیة ذلک تغلّظ و هی مائة من الإبل. منها أربعون خلفة بین ثنیة إلی بازل عامها، و ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون و هذه هی المعتمد لصحة طریقها. و علیها العلامة فی المختلف و التحریر، و هو فی غیرهما علی الأول (4).

و المراد ببازل عامها ما فطر نابها أی انشق فی سنته و ذلک فی السنة التاسعة، و ربما بزل فی الثامنة، و لما کانت الثنیة ما دخلت فی السنة السادسة کان المعتبر من الخلفة ما بین ذلک، و یرجع فی معرفة الحامل إلی أهل الخبرة فإن ظهر الغلط -علی العاقلة و هو واضح الفساد إذ لا دلیل علیه، و تحمل العاقلة للدیة علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی المتیقن من دیة الخطأ فقط.

(1)أی فسرنا الطروقة بالحامل.

(2)عن أبی عبد اللّه علیه السّلام(1)، و هی صحیحة السند، و التمسک بإطلاق ذیلها یقتضی أن تکون دیة شبیه العمد إلی سنة أیضا، و فیه: إن الروایة لیس لها إطلاق لشبیه العمد بل هی فی مقام تحدید أجل دیة الخطأ و العمد، فیبقی أجل شبیه العمد مجمل فیأتی استحسان المشهور من أنه بین الأجلین، لأن شبیه العمد أغلظ من الخطأ و أخفّ من العمد.

(3)أی شبیه العمد.

(4)أی و العلاّمة فی غیر المختلف و التحریر علی القول الأول.

ص:600


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات النفس حدیث 1.

وجب البدل، و کذا لو أسقطت قبل التسلیم و إن أحضرها قبله.

فی دیة الخطأ المحض

(و دیة الخطأ) المحض (1)(عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون و ثلاثون بنت لبون، و ثلاثون حقة) و علی ذلک دلت صحیحة ابن سنان السابقة (و فیه روایة أخری) و هی روایة العلاء بن الفضل عنه علیه السّلام قال: فی قتل الخطأ مائة من الإبل خمس و عشرون بنت مخاض و خمس و عشرون بنت لبون، و خمس و عشرون حقة، و خمس و عشرون جذعة، و قد عرفت أن الأولی صحیحة الطریق دون الثانیة، ولیته (2)(رحمه اللّه) عمل بالصحیحة فی الموضعین (3) مع أنها أشهر روایة و فتوی.

(1)دیة الخطأ المحض کدیة العمد لإطلاق النصوص المتقدمة إلا أنها مخففة من جهتین:

الأولی: من ناحیة سنّ الإبل، فعن الأکثر أنها عشرون بنت مخاض و عشرون ابن لبون و ثلاثون بنت لبون و ثلاثون حقة، لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

(قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: و الخطأ یکون فیه ثلاثون حقة، و ثلاثون ابنة لبون و عشرون بنت مخاض و عشرون ابن لبون ذکر)(1).

و عن ابن حمزة التمسک بروایة أخری، و هی روایة العلاء بن فضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی قتل الخطأ من الإبل خمس و عشرون بنت مخاض و خمس و عشرون بنت لبون و خمس و عشرون حقة و خمس و عشرون جذعة)(2)، و طریقها ضعیف لأنه مشتمل علی محمد بن یونس عن محمد بن سنان، و ابن سنان لم یثبت توثیقه و لا مدحه.

و عن الشیخ فی المبسوط و ابن إدریس فی السرائر أن دیة الخطأ من الإبل عشرون بنت مخاض و عشرون ابن لبون و عشرون بنت لبون و عشرون حقة و عشرون جذعة، و هو مما لا دلیل علیه کما اعترف به غیر واحد.

الناحیة الثانیة: أن دیة الخطأ تستأدی فی ثلاث سنین، فی کل سنة ثلثها بلا خلاف لصحیح أبی ولاّد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کان علیّ علیه السّلام یقول: تستأدی دیة الخطأ فی ثلاث سنین و تستأدی دیة العمد فی سنة)(3).

(2)أی الشهید الأول.

(3)من شبیه العمد و الخطأ.

ص:601


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات النفس حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات النفس حدیث 13.
3- (3) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات النفس حدیث 1.

(و تستأدی) الخطأ (فی ثلاث سنین) کل سنة ثلث، لما تقدم.

و مبدأ السنة من حین وجوبها (1)، لا من حین حکم الحاکم (من مال العاقلة (2)، أو أحد الأمور الخمسة) و لا یشترط تساویها قیمة بل یجوز دفع أقلها علی الأقوی (3)، و کذا لا یعتبر قیمة الإبل (4)، بل ما صدق علیه الوصف.

و ما روی من اعتبار قیمة کل بعیر بمائة و عشرین درهما (5) محمول علی الأغلب، أو الأفضل، و کذا القول فی البقر. و الغنم و الحلل (6).

(و لو قتل فی الشهر الحرام) (7) و هو أحد الأربعة: ذو القعدة و ذو الحجة (1)أی من حین وقوع القتل.

(2)بلا خلاف فیه بیننا للأخبار منها: معتبرة إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام:

(أن علیا کان یقول: عمد الصبیان خطأ یحمل علی العاقلة)(1) و هی دالة علی أن کل خطأ علی العاقلة، و عن المفید و سلاّر أن العاقلة ترجع علی الجانی بعد التأدیة و هو لا دلیل علیه.

(3)لأن التخییر بید العاقلة فی الخطأ، بلا خلاف فی ذلک.

(4)لإطلاق النصوص.

(5)کما فی صحیح ابن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و قیمة کل بعیر مائة و عشرون درهما أو عشرة دنانیر، و من الغنم قیمة کل ناب من الإبل عشرون شاة)(2)، و فی صحیح معاویة بن وهب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (مائة من فحول الإبل المسانّ فإن لم یکن إبل فمکان کل جمل عشرون من فحولة الغنم)3.

(6)بحیث لا یعتبر قیمتها، بل المعتبر هو صدق الاسم.

(7)الأشهر الحرم رجب و ذو القعدة و ذو الحجة و محرم الحرام، فمن قتل فیها فعلیه دیة کاملة و ثلث من أی الأجناس، و الثلث تغلیظ، بلا خلاف فیه للأخبار منها: صحیحة کلیب الأسدی: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الرجل یقتل فی الشهر الحرام ما دیته؟ قال: دیة و ثلث)(3).

ص:602


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب العاقلة حدیث 3.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات النفس حدیث 1 و 2.
3- (4) الوسائل الباب - 3 - من أبواب دیات النفس حدیث 1.

و المحرم و رجب (أو فی الحرم) (1) الشریف المکی (زید علیه ثلث دیة) من أی الأجناس کان لمستحق الأصل (2)(تغلیظا) علیه لانتهاکه حرمتهما.

أما تغلیظها بالقتل فی أشهر الحرم فإجماعی. و به نصوص کثیرة.

و أما الحرم فألحقه الشیخان و تبعهما جماعة، لاشتراکهما (3) فی الحرمة و تغلیظ قتل الصید فیه (4) المناسب لتغلیظ غیره. و فیه نظر بیّن (5).

و ألحق به بعضهم (6) ما لو رمی فی الحل فأصاب فی الحرم، أو بالعکس.

(1)حرم مکة زاده اللّه شرفا، فقد ذهب الشیخان المفید فی المقنعة و الطوسی فی المبسوط و الخلاف و النهایة أنه یغلّظ علیه، و علیه دیة و ثلث، و هو مذهب الأکثر کما فی کشف اللثام.

و ذهب المحقق و الفاضل و الشهیدان و غیرهم إلی العدم لعدم الدلیل علی ذلک، حتی قال المحقق فی نکت النهایة: «و نحن نطالب الشیخین بدلیل ذلک»، نعم فی صحیحة زرارة:

(قلت لأبی جعفر علیه السّلام: رجل قتل رجلا فی الحرم قال: علیه دیة و ثلث)(1) بناء علی أن الحرم بفتح الحاء، مع أنه لو قرئ بضم الحاء و الراء فیکون المراد منه هو الأشهر الحرم و یؤیده ما فی الجواهر: «و قد حضرنی نسخة من الکافی معتبرة جدا و قد أعرب فیها الحرم بضمتین».

(2)أی الدیة.

(3)أی الأشهر الحرم و الحرم المکی.

(4)فی الحرم المکی، و هذا دلیل ثان لإلحاق الحرم المکی بالأشهر الحرم، و ذلک لأن قتل الصید فیه مغلّظ فهو یناسب تغلیظ قتل النفس.

(5)لأنه قیاس محض.

(6)أی بالحرم المکی ما لو رمی سهما و هو فی الحل فأصاب من فی الحرم فیلزمه التغلیظ أیضا لصدق القتل فی الحرم، و لو رمی سهما و هو فی الحرم فأصاب من فی الحل فقتله فوجهان، من عدم صدق القتل بالحرم فلا یجب التغلیظ، و من حصول سبب القتل فی الحرم، و فی الثانی ضعف ظاهر إذ لا یصدق القتل فی الحرم.

ص:603


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب دیات النفس حدیث 3.

و هو ضعف فی ضعف (1). و التغلیظ مختص بدیة النفس فلا یثبت فی الطرف (2) و إن أوجب الدیة للأصل.

(و الخیار إلی الجانی فی الستة فی العمد و الشبیه) (3)، لا إلی ولی الدم. و هو ظاهر (4) فی الشبیه، لأن لازمه الدیة، أما فی العمد فلما کان الواجب القصاص و إنما تثبت الدیة برضاه (5) کما مر (6) لم یتقید الحکم بالستة، بل لو رضی بالأقل، أو طلب الأکثر وجب الدفع مع القدرة، لما ذکر من العلة (7) فلا یتحقق التخییر حینئذ (8) و إنما یتحقق (9) علی تقدیر تعینها علیه مطلقة.

و یمکن فرضه (10) فیما لو صالحه علی الدیة و أطلق (11)، أو عفا علیها (12)، (1)إذ لم یثبت التغلیظ فی الحرم فکیف یثبت فیما لو رمی من الحرم.

(2)ذهب بعض العامة إلی إثبات التغلیظ فیه، و قال الشارح فی المسالک: «و لا دلیل علیه عندنا و لا قائل به من أصحابنا».

(3)أما فی شبیه العمد فلا خلاف فیه لأن النصوص المتقدمة ظاهرة فی التخییر له، و أما فی العمد فالأصل فیه القصاص و لا تثبت الدیة إلاّ بالتراضی بین القاتل و ولی الدم، و ما دام المدار علی التراضی فلو تراضیا علی تعیین واحد من الستة أو علی الأقل من الدیة أو الأکثر أو غیر الدیة لجاز، و قد تقدم فی کتاب القصاص.

(4)أی الخیار.

(5)برضا ولیّ الدم.

(6)فی کتاب القصاص.

(7)قد ذکر فی کتاب القصاص أنه یجب علی القاتل دفع الدیة مع القدرة إذا طلبها ولی الدم لوجوب حفظ النفس، فکذلک یجب دفع الزائد لعین هذا التعلیل.

(8)أی حین طلب ولی الدم شیئا من الدیة أو الأکثر أو الأقل و قلنا بوجوب البذل علی الجانی فلا یتحقق تخییر للجانی.

(9)الخیار للجانی.

(10)فرض تعین الدیة علیه مطلقة، و له تسع صور.

(11)هذه الصورة الأولی، و ذلک فیما لو صالح ولی الدم القاتل علی الدیة و لم یعین واحدا من الأمور الستة.

(12)هذه الصورة الثانیة، و ذلک فیما لو عفا ولی الدم عن القاتل بشرط الدیة و لم یعین واحدا منها.

ص:604

أو مات القاتل (1) أو هرب (2) فلم یقدر علیه و قلنا بأخذ الدیة من ماله، أو بادر بعض الشرکاء (3) إلی الاقتصاص بغیر إذن الباقین أو قتل فی الشهر الحرام (4) و ما فی حکمه فإنه یلزمه ثلث دیة، زیادة علی القصاص، أو قتل الأب ولده (5)، أو قتل العاقل مجنونا (6)، أو جماعة علی التعاقب (7) فقتله الأول و قلنا بوجوب الدیة حیث یفوت المحل.

(و التخییر) بین الستة (إلی العاقلة فی الخطأ) (8) و ثبوت التخییر فی الموضعین (9) هو المشهور، و ظاهر النصوص یدل علیه.

و ربما قیل (10): بعدمه، بل یتعین الذهب و الفضة علی أهلهما، و الأنعام (1)هذه الصورة الثالثة، و ذلک فیما لو مات القاتل فقد فات محل القصاص فتثبت الدیة فی ماله و الخیار بتعیین واحد منها بید الورثة.

(2)هذه هی الصورة الرابعة، فلو هرب القاتل و قلنا بأخذ الدیة من ماله فالخیار حینئذ له بالتعیین.

(3)الصورة الخامسة، فلو کان ولی الدم متعددا و قام بعضهم و قتل القاتل بغیر إذن الباقین، ضمن للبقیة حصتهم من الدیة إذا لم یرضوا بالقتل، و التخییر فی الدفع للذی اقتص

(4)الصورة السادسة، فیلزم الجانی الدیة و ثلثها، و دفع الثلث یتخیر الجانی فی تعیین صنفه، و کذا القتل فی الحرم المکی علی القول بالإلحاق.

(5)الصورة السابعة، فلا ترد علی الأب کما تقدم فی کتاب القصاص، و إنما علیه الدیة فیتخیر فی تعیینها.

(6)الصورة الثامنة، و قد مرّ فی کتاب القصاص أنه لا قود علیه، و إنما علیه الدیة و هو بالخیار فی تعیینها.

(7)الصورة التاسعة، فلو قتل جماعة علی التعاقب و قتل بالأول فیلزمه الدیة للباقین حیث فات محل القصاص، و التخییر حینئذ لورثة الجانی.

(8)قد تقدم أن ظاهر النصوص المتقدمة ذلک.

(9)من شبه العمد و الخطأ، و التخییر للجانی فی الأول و للعاقلة فی الثانی.

(10)لا قائل به، و إنما بعض النصوص صرحت بذلک منها: صحیح جمیل بن دراج: (فی الدیة، قال: ألف دینار أو عشرة آلاف درهم، و یؤخذ من أصحاب الحلل الحلل، و من أصحاب الإبل الإبل، و من أصحاب الغنم الغنم، و من أصحاب البقر البقر)(1)، و مثله-

ص:605


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات النفس حدیث 4.

علی أهلها. و الحلل علی أهل البز (1). و الأقوی الأول.

فی دیة المرأة و الخنثی المشکل

(و دیة المرأة النصف من ذلک کله (2)، و الخنثی) المشکل (ثلاثة أرباعه) فی الأحوال الثلاثة (3) و کذا الجراحات و الأطراف (4) علی النصف ما لم یقصر عن ثلث الدیة فیتساویان.

و فی إلحاق الحکم (5) بالخنثی نظر (6). و المتجه العدم للأصل.

فی دیة الذمی

(و دیة الذمی) (7) یهودیا کان أم نصرانیا أم مجوسیا ثمانمائة درهم علی الأشهر -صحیح عبد الرحمن المتقدم(1) ، و قد حملت هذه الأخبار علی الغالب من عادة الناس.

(1)أی أهل الثیاب.

(2)أی من الأمور الستة، بلا خلاف فیه و قد تقدم الکلام فیه فی کتاب القصاص، و مثله الخنثی.

(3)العمد و شبیهه و الخطأ.

(4)أی جراحات المرأة و قطع أطرافها، فهی علی النصف من جراحات الرجل و قطع أطرافه إن جاوزت ثلث الدیة أو ساوت الثلث فصاعدا علی الخلاف بین الشیخ و غیره، و إلا فالتساوی.

(5)من تنصیف جراحات المرأة و قطع أطرافها ما لم یقصر عن ثلث دیة الرجل.

(6)فهل یتساوی مع المرأة أو یکون علی قیاس دیته، و المتجه عدم التساوی للشک فی کونه امرأة و الأصل العدم.

(7)بشرط أن یکون حرا فدیته ثمانمائة درهم، بلا خلاف فیه، للأخبار منها: صحیح لیث المرادی: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن دیة الیهودی و النصرانی و المجوسی قال: دیتهم سواء ثمانمائة درهم)(2) و مثله صحیح ابن مسکان3.

نعم فی صحیح أبان بن تغلب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (دیة الیهودی و النصرانی و المجوسی دیة المسلم)(3)، و صحیح زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من أعطاه رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم ذمة فدیته کاملة)5.

و فی خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (دیة الیهودی و النصرانی أربعة آلاف درهم-

ص:606


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات النفس حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 13 - من أبواب دیات النفس حدیث 5 و 2.
3- ( (4 و 5) الوسائل الباب - 14 - من أبواب دیات النفس حدیث 2 و 3.

روایة و فتوی و روی صحیحا أن دیته کدیة المسلم، و أنها أربعة آلاف درهم، و العمل بها نادر، و حملها الشیخ علی من یعتاد قتلهم فللإمام أن یکلفه ما شاء منهما (1) کما له قتله.

(و) دیة (الذمیة نصفها) (2) أربعمائة درهم، و دیة أعضائهما و جراحاتهما من دیتهما کدیة أعضاء المسلم و جراحاته من دیته. و فی التغلیظ بما یغلظ به علی المسلم نظر من عموم الأخبار، و کون التغلیظ علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی موضع الوفاق (3). و لعل الأول أقوی، و کذا تتساوی دیة الرجل منهم و المرأة إلی أن تبلغ ثلث الدیة فتنتصف کالمسلم (4)، و لا دیة لغیر الثلاثة (5) من أصناف الکفار مطلقا (6)

فی دیة العبد

(و) دیة (العبد قیمته (7) ما لم تتجاوز دیة الحر فترد إلیها) إن تجاوزتها -و دیة المجوسی ثمانمائة درهم)(1).

و قد حملت علی التقیة لفتوی بعض العامة بکون الدیة أربعة آلاف درهم کما عن الشافعی و إسحاق و أبی ثور و عمرو بن دینار و عکرمة و الحسن و عطا و سعید بن المسیب بل نقل عن عمر و عثمان أیضا کما فی کتاب المغنی لابن قدامة.

و قد أفتی بعضهم بکون دیتهم دیة المسلم کعلقمة و مجاهد و الشعبی و الثوری و النخعی و أبی حنیفة.

(1)من دیة المسلم و من أربعة آلاف درهم بحسب ما یراه من المصلحة الموجبة لردعه، و الحمل علی التقیة أولی لعدم الشاهد علی حمل الشیخ.

(2)أی نصف دیة الذمی بلا خلاف فیه، و یدل علیه إطلاقات ما دل علی أن دیة المرأة نصف دیة الرجل.

(3)و هو المقتول المسلم، و قد توقف فی التغلیظ العلاّمة فی التحریر.

(4)علق الشارح بقوله: «هذا التفصیل مشهور بین الأصحاب و لم نقف علی مستنده».

(5)الیهودی و النصرانی و المجوسی.

(6)سواء کانوا من أهل الحرب أو من أهل العهد، بلغتهم الدعوة أو لا، بلا خلاف فیه کما فی الجواهر، لعدم الاحترام لهم، و لأن دمهم هدر و کما لا یثبت علی قاتلهم القصاص فلا یثبت علیه الدیة.

(7)قد تقدم الکلام فی ذلک کله فی کتاب القصاص.

ص:607


1- (1) الوسائل الباب - 14 - من أبواب دیات النفس حدیث 4.

و تؤخذ من الجانی (1) إن کان عمدا، أو شبه عمد، و من عاقلته إن کان خطأ، و دیة الأمة قیمتها ما لم تتجاوز دیة الحرة.

ثم الاعتبار بدیة الحر المسلم إن کان المملوک مسلما، و إن کان مولاه ذمیا علی الأقوی (2)، و بدیة الذمی إن کان المملوک ذمیا و إن کان مولاه مسلما.

و یستثنی من ذلک (3): ما لو کان الجانی هو الغاصب فیلزمه القیمة و إن زادت عن دیة الحر.

(و دیة أعضائه و جراحاته بنسبة دیة الحر) (4) فیما له مقدر منها (5)(و الحر أصل له فی المقدّر) (6) ففی قطع یده نصف قیمة. و هکذا (و ینعکس فی غیره) (1)إن کانت عمدا أو شبهه، و من العاقلة إذا کانت خطأ، بلا إشکال و لا خلاف لإطلاق أدلة الدیة، و عن ابن الجنید جعل الدیة فی الخطأ علی العبد إذا کان قاتلا لأنه مال.

(2)أی لو کان العبد رقا لذمی، فدیته قیمته علی أن تتجاوز الدیة، و لکن هل المعتبر دیة المسلم أو الذمی وجهان علی ما فی المسالک: (منشأهما اعتبار حال المقتول مضافا إلی عموم الأدلة السابقة، و من أن زیادة القیمة بسبب الإسلام، و الذمی لا یستقر ملکه علی المسلم، و عموم ما روی أن العبد لا یتجاوز بقیمته دیة مولاه و الأصح الأول).

(3)أی یستثنی من أن قیمة العبد لا تتجاوز دیة الحر فیما لو کان الجانی غاصبا له، فیؤخذ بقیمته بالغا ما بلغت، لأن الغاصب یؤخذ بأشق الأحوال، و هذا ما علیه الأکثر، و قد ذهب الشیخ فی المبسوط و الخلاف إلی العدم مساویا بین الغاصب و غیره لأصالة البراءة.

(4)أی فما فی أعضاء الحر و جراحاته الدیة کاملة ففی العبد تکون قیمته کاملة، کاللسان، و ما فی أعضاء الحر نصف الدیة أو عشرها ففی العبد نصف القیمة أو عشرها کالید و الإصبع، هذا کله إذا کان العضو المجنی علیه له دیة مقدّرة فی الشرع و إلا فالحکومة علی ما تقدم فی کتاب القصاص.

(5)أی فی الأعضاء التی لها تقدیر من الدیة شرعا.

(6)أی الحر أصل للعبد فی المقدر بحسب الشرع، فمثلا قد قدّر الشارع فی قطع اللسان من الحر الدیة کاملة فلو قطع لسان العبد فتکون القیمة کاملة و هکذا، و أما ما لا تقدیر له کإذهاب أرنبة أنفه فالعبد هو الأصل، بمعنی أن الحر یفرض عبدا ثم یقوّم سلیما عن الجنایة و یقوّم مصیبا، و ما هو التفاوت یحسب علی الدیة، فلو کان التفاوت العشر مثلا فله عشر الدیة و هکذا.

ص:608

فیصیر العبد أصلا للحر فیما لا تقدیر لدیته من الحر، فیفرض الحر عبدا سلیما فی الجنایة و ینظر کم قیمته حینئذ و یفرض عبدا فیه تلک الجنایة، و ینظر قیمته و تنسب إحدی القیمتین إلی الأخری و یؤخذ له من الدیة بتلک النسبة.

(و لو جنی علیه) (1) أی علی المملوک (بما فیه قیمته) کقطع اللسان و الأنف.

و الذکر (تخیر مولاه فی أخذ قیمته، و دفعه إلی الجانی و بین الرضی به) بغیر عوض، لئلا یجمع بین العوض و المعوض.

هذا إذا کانت الجنایة عمدا، أو شبهه، فلو کانت خطأ لم یدفع إلی الجانی، لأنه لم یغرم شیئا، بل إلی عاقلته علی الظاهر (2) إن قلنا: إن العاقلة تعقله.

و یستثنی من ذلک أیضا (3): الغاصب لو جنی علی المغصوب بما فیه قیمته فإنه یؤخذ منه القیمة و المملوک علی أصح القولین، لأن جانب المالیة فیه ملحوظة، و الجمع بین العوض و المعوض مندفع مطلقا (4)، لأن القیمة عوض الجزء الفائت، لا الباقی، و لو لا الاتفاق علیه هنا (5) اتجه الجمع مطلقا (6)، فیقتصر فی دفعه (7) (1)أی لو جنی علی المملوک بما یساوی قیمته کما لو قطعت یداه أو لسانه فلیس لمولاه المطالبة بالقیمة حینئذ إلاّ بعد دفعه للجانی لئلا یجمع مولاه بین العوض و المعوض، و لروایة أبی مریم عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی أنف العبد أو ذکره أو شیء یحیط بقیمته أنه یؤدی إلی مولاه قیمة العبد و یأخذ العبد)(1).

(2)إشارة منه إلی الخلاف فی أن العاقلة هل تضمن الخطأ فی الدیات فقط أو یعم الجراحات و الأعضاء، و سیأتی بحثه إن شاء اللّه تعالی.

(3)أی من أن المولی لا یجمع بین المعوض و العوض ما لو کان الجانی علی العبد غاصبا له، فقد تقدم أنه یؤخذ بأشق الأحوال فیجب علیه رد العبد إلی المولی لأنه مغصوب، و یجب علیه دفع قیمة الجنایة بسبب فعله، و هذا ما ذهب إلیه ابن إدریس و المحقق.

و قد ذهب الشیخ إلی أنه لا فرق بین الغاصب و غیره لعموم روایة أبی مریم المتقدمة.

(4)فی الغاصب و غیره، و وجه الدفع قد ذکره الشارح.

(5)من عدم الجمع بین العوض و المعوض فی العبد المجنی علیه.

(6)فی الغاصب و غیره.

(7)أی فی دفع محذور الجمع بین العوض و المعوض.

ص:609


1- (1) الوسائل الباب - 34 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

علی محل الوفاق (1).

الثانیة فی شعر الرأس أجمع الدیة

(الثانیة (2) فی شعر الرأس) (3) أجمع (الدیة) إن لم ینبت لرجل کان أم لغیره، لروایة سلیمان بن خالد و غیرها (و کذا فی شعر اللحیة) للرجل (4)، أما لحیة المرأة (5) ففیها الأرش مطلقا (6). و کذا الخنثی المشکل (7)(و لو نبتا) (8) شعر الرأس (1)فیما لو کان الجانی غیر غاصب.

(2)أی المسألة الثانیة من مسائل الفصل الثانی فی التقدیرات.

(3)صغیرا کان أو کبیرا، و سواء کان الشعر کثیفا أو خفیفا، فإن لم ینبت فالدیة کاملة لصحیح سلیمان بن خالد: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: رجل صبّ ماء حارا علی رأس رجل فأسقط شعره فلا ینبت أبدا، قال علیه السّلام: الدیة)(1)، و خبر سلمة بن تمام: (أهرق رجل علی رأس رجل قدرا فیها مرق فذهب شعره فاختصما فی ذلک إلی علی علیه السّلام، فأجله سنة فلم ینبت شعره فقضی علیه بالدیة)2. و هذه الروایات و إن ذکرت الرجل لکن یجری حکمها فی المرأة لأن المدار علی ثبوت الدیة لشعر الرأس، بل فیها أولی لأن شعرها أحد الجمالین، و لخبر عبد اللّه بن سنان الآتی.

(4)لمعتبرة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی اللحیة إذا حلقت فلم تنبت الدیة کاملة، فإذا نبتت فثلث الدیة)(2) و مثلها خبر مسمع بن عبد الملک4، و عن المفید فی شعر الرأس و شعر اللحیة أن فی کل منهما إذا لم ینبت مائة دینار و قد ذکر أن به روایة، و لم تثبت کما فی المسالک و لذا عبر أکثر من واحد بعدم المستند له فی ذلک.

(5)ففیها الأرش لأن إنبات اللحیة لیس من خصائصها فلا یکون التعدی فی إذهاب اللحیة عدوانا علی المرأة بإذهاب عضو من أعضائها حتی یتمسک بأن إذهاب العضو الوحید فی البدن فیه الدیة، و ما هو متعدد ففیه نصف الدیة.

(6)نبتت اللحیة أم لا.

(7)لاحتمال أنه أنثی، و لا یمکن الحکم بالدیة کاملة إلا بعد إثبات رجولیته و هی مشکوکة فالأصل العدم.

(8)فلو نبت شعر الرأس بعد الجنایة فقد ذهب الصدوق و الشیخ إلی أن فیه ثلث الدیة لخبری-

ص:610


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 37 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2 و 3.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 37 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

و اللحیة بعد الجنایة علیهما (فالأرش) إن لم یکن شعر الرأس لامرأة (و لو نبت شعر رأس المرأة ففیه مهر نسائها) و فی الشعرین (1) أقوال هذا أجودها.

(و فی شعر الحاجبین خمسمائة دینار) (2) و هی نصف الدیة، و فی کل واحد -السکونی و مسمع المتقدمین و الواردین فی اللحیة.

و ذهب الشیخ فی النهایة و بنو حمزة و إدریس و سعید و الفاضل و غیرهم إلی الأرش حیث لم یثبت لها تقدیر شرعی، لأن الخبرین المتقدمین واردان فی اللحیة لا فی الرأس، فعطف حکم الرأس علی اللحیة قیاس بالإضافة إلی ضعف سند الخبرین المتقدمین، فخبر السکونی مشتمل علی النوفلی و لم یثبت توثیقه مع کون السکونی عامیا، و خبر مسمع مشتمل علی سهل بن زیاد و الأمر فیه سهل، و علی محمد بن الحسن بن شمون و الثانی ضعیف، و علی عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم و هو ضعیف أیضا.

هذا کله بالنسبة لشعر رأس الرجل، و لو نبت شعر رأس المرأة بعد الجنایة ففیه مهر نسائها بلا خلاف فیه إلا من الإسکافی فجعل فیه ثلث الدیة، و هو مع شذوذه لا دلیل علیه مضافا إلی خبر عبد اللّه بن سنان: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: جعلت فداک فما علی رجل وثب علی امرأة فحلق رأسها؟ قال: یضرب ضربا وجیعا و یحبس فی سجن المسلمین حتی یستبرأ شعرها، فإن نبت أخذ منه مهر نسائها و إن لم ینبت أخذ منه الدیة کاملة.

قلت: فکیف صار مهر نسائها إن نبت شعرها؟ فقال: یا بن سنان إن شعر المرأة و عذرتها شریکان فی الجمال فإذا ذهب بأحدهما فقد وجب لها المهر کاملا)(1) و أما شعر لحیة الرجل فلو نبت بعد الجنایة ففیه الثلث کما عن الشیخ استنادا إلی خبری مسمع و السکونی المتقدمین، و هما ضعیفا السند فلذا ذهب عامة المتأخرین إلی الأرش باعتبار عدم التقدیر الشرعی له.

(1)شعر الرأس و شعر اللحیة.

(2)بحیث کل حاجب فیه نصف ذلک أی مائتان و خمسون دینارا وفاقا للمشهور لخبر أبی عمرو المتطبب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من إفتاء أمیر المؤمنین علیه السّلام إن أصیب الحاجب فذهب شعره کله فدیته نصف دیة العین مائتا دینار و خمسون دینارا، و ما أصیب منه فعلی حساب ذلک)(2)، و عن الغنیة أن فی شعر الحاجبین الدیة کاملة و ادعی علی-

ص:611


1- (1) الوسائل الباب - 30 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 3.

منهما نصف ذلک.

هذا هو المشهور، بل قیل: إنه إجماع.

و قیل: فیهما الدیة کغیرهما مما فی الإنسان منه اثنان.

و لو عاد شعرهما فالأرش علی الأظهر.

(و فی بعضه) أی بعض کل واحد من الشعور المذکورة (بالحساب) أی یثبت فیه من الدیة المذکورة بنسبة مساحة محل الشعر المجنی علیه إلی محل الجمیع و إن اختلف کثافة و خفة.

و المرجع فی نبات الشعر و عدمه إلی أهل الخبرة، فإن اشتبه فالمروی أنه ینتظر سنة (1) ثم تؤخذ الدیة إن لم یعد و لو طلب الأرش قبلها (2) دفع إلیه، لأنه (3) إما الحق (4)، أو بعضه (5). فإن مضت و لم یعد أکمل له علی الدیة (و فی الأهداب) (6) بالمعجمة و المهملة جمع هدب بضم الهاء فسکون الدال و هو شعر الأجفان (الأرش) -ذلک الإجماع مستدلا بعموم أن فیما کان فی البدن اثنان ففیه الدیة، و هو مخصص بالخبر المتقدم.

ثم إن المشهور لم یفصّل بین الإنبات بعد الجنایة و عدمه، و عن الغنیة إذا نبتا ففیه الأرش، و عن سلاّر إذا نبت ففیه ربع الدیة، و قال فی الجواهر: «لم نقف له علی دلیل».

(1)کما فی خبر سلمة بن تمام المتقدم.

(2)قبل السنة.

(3)أی الأرش.

(4)علی تقدیر الإنبات فیما بعد.

(5)علی تقدیر عدم الإنبات فیما بعد.

(6)الأربعة، و هی الشعور النابتة علی الأجفان الأربعة، فقد ذهب الشیخ فی المبسوط و الخلاف مدعیا علیه الإجماع و غیره بل قیل إنه الأکثر إلی أن فی الأهداب الدیة کاملة لعموم ما کان فی البدن اثنان ففیه الدیة.

و ذهب القاضی ابن البراج إلی أن فی الأهداب نصف الدیة و قال فی الجواهر عنه: «لا موافق له و لا دلیل لا من عموم و لا من خصوص».

و ذهب غیرهم إلی الأرش لأنه لا تقدیر شرعی لها، و لو قلع شعر الأجفان بقلع الأجفان فیسقط أرش الشعر و علیه دیة الأجفان و هی دیة کاملة کشعر الساعدین فیما لو قطع الساعدان فأرش شعر الساعد ساقط حینئذ.

ص:612

(علی قول) ابن إدریس و العلاّمة فی أکثر کتبه کشعر الساعدین و غیره (1)، لأصالة البراءة من الزائد حیث لا یثبت له مقدر.

(و الدیة علی قول آخر) للشیخ و الأکثر منهم العلاّمة فی القواعد، للحدیث العام الدال علی أن کل ما فی البدن منه واحد ففیه الدیة، أو اثنان ففیهما الدیة (2). و فیها قول ثالث للقاضی: أن فیهما نصف الدیة کالحاجبین. و الأول أقوی.

الثالثة - فی العینین الدیة

(الثالثة - فی العینین (3): الدیة، و فی کل واحدة النصف. صحیحة) کانت العین،(أو حولاء، أو عمشاء) و هی ضعیفة البصر مع سیلان دمعها فی أکثر أوقاتها (أو جاحظة) و هی عظیمة المقلة أو غیر ذلک کالجهراء (4) و الرمدی و غیرها.

أما لو کان علیها بیاض فإن بقی البصر معه تاما فکذلک (5)، و لو نقص (6) (1)کشعر الساقین.

(2)لخبر هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کل ما کان فی الإنسان اثنان ففیهما الدیة، و فی أحدهما نصف الدیة، و ما کان فیه واحد ففیه الدیة)(1) و مثله غیره.

(3)فیهما معا الدیة، و فی کل واحدة منهما نصف الدیة، بلا خلاف فیه بیننا لأخبار منها:

صحیح هشام بن سالم المتقدم، و صحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (ما کان فی الجسد منه اثنان ففیه نصف الدیة، مثل الیدین و العینین، قلت: رجل فقئت عینه؟ قال: نصف الدیة)(2). و صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الرجل یکسر ظهره، قال: فیه الدیة کاملة، و فی العینین الدیة و فی إحداهما نصف الدیة)(3).

و النصوص شاملة للعین سواء کانت صحیحة أو عمشاء أو حولاء أو جاحظة، و خالف ابن حمزة فی الوسیلة فجعل دیة العمشاء ثلث الدیة، و قال فی الجواهر عنه: «لم نعرف له دلیلا صالحا».

(4)و هی التی لا تبصر فی الشمس.

(5)أی ففیها نصف الدیة لبقاء العضو و فائدته فتشمله الأدلة.

(6)أی البصر.

ص:613


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 12.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 4.

نقص من الدیة بحسبه، و یرجع فیه إلی رأی الحاکم (1).

(و فی الأجفان) الأربعة (2)(الدیة، و فی کل واحد الربع) للخبر العام.

و قیل فی الأعلی: ثلثا الدیة، و فی الأسفل الثلث.

و قیل فی الأعلی: الثلث، و فی الأسفل: النصف فینقص دیة المجموع بسدس الدیة. استنادا إلی خبر ظریف و علیه الأکثر، لکن فی طریقه ضعف و جهالة (3).

(1)بل الأولی الرجوع إلی رأی أهل الخبرة فی ذلک.

(2)الدیة کاملة بلا خلاف فیه، و إنما الخلاف فی تقدیر دیة کل جفن علی ثلاثة أقوال:

ذهب الشیخ فی المبسوط و تبعه الفاضل و ولده و الشهیدان إلی أن فی کل جفن ربع الدیة لحدیث هشام بن سالم المتقدم: (کل ما کان فی الإنسان اثنان ففیهما الدیة، و فی أحدهما نصف الدیة)(1)، و أشکل علیه بالإضمار من جهة السند و فیه: إنه ثقة فالظاهر أنه یرویه عن الإمام هذا و قد رواه الصدوق فی الفقیه مسندا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام بالإضافة إلی صحیح عبد اللّه بن سنان المتقدم المؤید له. و أشکل علیه من ناحیة المتن بأن الأجفان أربعة فی الإنسان و لیست اثنین فلا یشملها الخبر، و ردّ بتنزیل جفنی کل عین بمنزلة الواحد.

و ذهب الشیخ فی الخلاف و ابن إدریس فی السرائر و ادعی الأول علیه الإجماع إلی أن فی الأعلی من الأجفان الثلثین، و فی الأسفل من الأجفان الثلث، و نسبه الشیخ إلی روایة أصحابنا، و قال عنه فی الجواهر: «و علی کل حال فلم نقف له علی دلیل سوی الدعوی المزبورة التی لم نقف فیها علی خبر، کما اعترف به غیرنا أیضا، بل و لا مفت غیره ممن تقدمه بل هو قد خالف نفسه فیما سمعته من المبسوط».

و ذهب ابن الجنید و المفید و الشیخ فی النهایة و ابن البراج و أبو الصلاح و غیرهم إلی أن فی الأعلی من الأجفان ثلث دیة العین و فی الأسفل نصفها و یسقط سدس الدیة لروایة ظریف بن ناصح عن أمیر المؤمنین علیه السّلام فی کتابه المشهور فی الدیات: (إن أصیب شفر العین الأعلی فشتر فدیته ثلث دیة العین مائة دینار و ستة و ستون دینارا و ثلثا دینار، و إن أصیب شفر العین الأسفل فشتر فدیته نصف دیة العین مائتا دینار و خمسون دینارا، فما أصیب منه فعلی حساب ذلک)(2).

(3)اعلم أن الخبر قد رواه المحمدون الثلاثة، و قد عرض هذا الکتاب علی أبی عبد اللّه و أبی-

ص:614


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 12.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 3.

و ربما قیل بأن هذا النقص (1) إنما هو علی تقدیر کون الجنایة من اثنین، أو من واحد بعد دفع أرش الجنایة للأولی، و إلا (2) وجب دیة کاملة إجماعا. و هذا هو الظاهر من الروایة (3)، لکن فتوی الأصحاب مطلقة (4) و لا فرق بین أجفان صحیح العین و غیره (5) حتی الأعمی و لا بین ما علیه هدب و غیره.

(و لا تتداخل) دیة الأجفان (مع العینین) لو قلعهما معا، بل تجب علیه الدیتان، لأصالة عدم التداخل (و فی عین ذی الواحدة (6) کمال الدیة إذا کان) -الحسن الرضا، و قد عمل به الفقهاء و هذه قرائن تفید الاطمئنان بصدوره فالتوقف فیه لیس فی محله.

(1)هو قول ابن البراج فی المهذب البارع، و حاصله: إن الجنایة حاصلة من اثنین بحیث جنی الأول علی الأسفل فعلیه نصف الدیة فلو جنی الثانی علی الأعلی فعلیه ثلث الدیة.

(2)لو کانت الجنایة من واحد دفعة واحدة.

(3)لا یخفی أن الروایة غیر ظاهرة فی ذلک إذ تکلمت فی الجفن الأعلی قبل الأسفل فکیف تکون ظاهرة فی کون الجنایة علی الأعلی بعد الجنایة علی الأسفل.

(4)من غیر تفصیل بین الجنایة الواحدة و تعددها.

(5)لصدق الجفن فتشمله الأدلة.

(6)أی فی عین الأعور، و البحث تارة فی عینه الصحیحة و أخری فی المعیبة، أما فی الصحیحة فالدیة کاملة إذا کان العور خلقة أو بآفة سماویة بلا خلاف فیه للأخبار منها:

صحیح محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل أعور أصیبت عینه الصحیحة ففقئت، أن تفقأ إحدی عینی صاحبه و یعقل له نصف الدیة، و إن شاء أخذ دیة کاملة و یعفو عن عین صاحبه)(1) و صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی عین الأعور الدیة کاملة)2.

و أما لو کان العور قد استحق دیته لجنایة غیره علیه فإذهاب الصحیحة فیه نصف الدیة بلا خلاف فیه و ذلک: لأن عینه المعیبة لو ذهبت خلقة أو بآفة سماویة لکانت عینه الصحیحة بمنزلة العینین ففیها الدیة کاملة، و لو کانت المعیبة قد ذهبت بجنایة فعینه الصحیحة بمنزلة إحدی العینین ففیها نصف الدیة لأن المعیبة قد استحق عوضها فتکون دیة الصحیحة علی أصلها.

ص:615


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 27 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1 و 2.

العور (خلقة، أو بآفة من اللّه سبحانه)، أو من غیره حیث لا یستحق علیه أرشا کما لو جنی علیه حیوان غیر مضمون (و لو استحق دیتها) و إن لم یأخذها أو ذهبت فی القصاص (فالنصف فی الصحیحة) أما الأول (1) فهو موضع وفاق علی ما ذکره جماعة.

و أما الثانی (2) فهو مقتضی الأصل فی دیة العین الواحدة، و ذهب ابن إدریس إلی أن فیها هنا (3) ثلث الدیة خاصة و جعله الأظهر فی المذهب و هو و هم (4).

(و فی خسف) العین (العوراء) (5) و هی هنا الفاسدة (ثلث دیتها) حالة کونها (صحیحة) علی الأشهر، و روی ربعها. و الأول أصح طریقا، سواء کان العور من اللّه تعالی أم من جنایة جان، و سواء أخذ الأرش أم لا. و وهم ابن إدریس هنا (1)فیما لو کانت المعیبة بآفة سماویة أو خلقة.

(2)فیما لو کانت المعیبة بجنایة غیره و قد استحق دیتها.

(3)أی فی الصحیحة لو کانت المعیبة بجنایة غیره.

(4)إذ لا دلیل له.

(5)هذا هو الشق الثانی من المسألة فلو ذهبت المعیبة المعبر عنه بالخسف ففیه روایتان:

الأولی: روایة عبد اللّه بن سلیمان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل فقأ عین رجل ذاهبة و هی قائمة، قال: علیه ربع دیة العین)(1) و عمل بمضمونها المفید و سلاّر، مع أن عبد اللّه بن سلیمان مجهول الحال و فی السند المفضل بن صالح و هو ضعیف.

الثانیة: صحیح برید عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی لسان الأخرس و عین الأعمی و ذکر الخصی و أنثییه ثلث الدیة)(2) مؤیدا بصحیح أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السّلام: (سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس، فقال: إن کان ولدته أمه و هو أخرس، فعلیه ثلث الدیة)(3). و قد عمل بمضمونها الأکثر منهم الشیخ و المحقق و العلاّمة.

ص:616


1- (1) الوسائل الباب - 29 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 31 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 31 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.

ففرق هنا أیضا (1) کالسابق و جعل فی الأول النصف، و فی الثانی الثلث.

الرابعة - فی الأذنین الدیة

(الرابعة - فی الأذنین الدیة (2)، و فی کل واحدة النصف) سمیعة کانت أم صماء (3)، لأن الصمم عیب فی غیرها (و فی) قطع (البعض) (4) منها (بحسابه) بأن تعتبر مساحة المجموع من أصل الأذن و ینسب المقطوع إلیه و یؤخذ له من الدیة بنسبته إلیه، فإن کان المقطوع النصف فالنصف، أو الثلث فالثلث و هکذا.

و تعتبر الشحمة فی مساحتها حیث لا تکون هی المقطوعة (و فی شحمتها ثلث دیتها) علی المشهور و به روایة ضعیفة (5)(و فی خرمها (6) ثلث دیتها) علی ما (1)فجعل فی خسف العوراء نصف الدیة إن کانت مصیبة خلقة أو بآفة سماویة، و الثلث إن کانت معیبة بجنایة جان، و هذا التفصیل مما لا دلیل علیه.

(2)فیها الدیة، و فی کل واحدة منهما النصف، بلا خلاف لعموم خبر هشام بن سالم و غیره: (کل ما کان فی الإنسان اثنان ففیهما الدیة و فی أحدهما نصف الدیة)(1)، و الأخبار الخاصة فی الأذن کثیرة.

(3)بلا خلاف فیه، لأن النقص لیس فی الأذن بل فی الدماغ.

(4)إذا لم یکن هذا البعض شحمتها، لأن فی الشحمة تقدیر خاص، و علیه فلو قطع بعضها فبحسابه من دیتها، بلا خلاف فیه، لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (فی الأذنین إذا قطعت إحداهما فدیتها خمسمائة دینار، و ما قطع منها فبحساب ذلک)(2)، و استثناء الشحمة لخبر مسمع عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أن علیا علیه السّلام قضی فی شحمة الأذن ثلث دیة الأذن)3.

(5)و هی روایة مسمع المتقدمة، و سندها مشتمل علی ابن شمون و عبد اللّه بن الأصم و هما فی غایة الضعف إلا أنه منجبر بعمل الأصحاب.

(6)ذهب الشیخ فی النهایة إلی أن فی خرمها ثلث الدیة، و استدل علی ذلک فی الخلاف بإجماع الفرقة و أخبارها، و قد فسر ابن حمزة و الفاضل فی الوسیلة و التبصرة کلامه بأن الخرم للأذن، و لکن ابن إدریس فسّر کلام الشیخ بخرم الشحمة و أن فیها الثلث أی ثلث دیة الشحمة، و قال عنه العلامة فی المختلف: هو تأویل بلا دلیل و الصحیح التفصیل بأن-

ص:617


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 12.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 7 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1 و 2.

ذکره الشیخ و تبعه علیه جماعة، و فسره ابن إدریس بخرم الشحمة و ثلث دیة الشحمة مع احتماله إرادة الأذن، أو ما هو أعم و لا سند لذلک یرجع إلیه.

الخامسة - فی الأنف الدیة

(الخامسة - فی الأنف (1) الدیة، سواء قطع مستأصلا، أو) قطع (مارنه) خاصة و هو ما لان منه فی طرفه الأسفل یشتمل علی طرفین و حاجز.

و قیل: إن الدیة فی مارنه خاصة (2)، دون القصبة حتی لو قطع المارن و القصبة معا فعلیه دیة و حکومة للزائد و هو أقوی. و لو قطع بعضه (3) فبحسابه من المارن.

-الخرم إن کان للشحمة ففیه ثلث دیة الشحمة، و إن کان للأذن ففیه ثلث دیة الأذن و یدل علیه عموم خبر معاویة بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی کل فتق ثلث الدیة)(1)مؤیدا بخبر مسمع عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أن أمیر المؤمنین علیه السّلام قضی فی خرم الأنف ثلث دیة الأنف)(2).

(1)و فیه الدیة کاملة إذا استؤصل کله، و کذا إذا قطع مارنه و هو ما لان منه، أما الأول فلأنه واحد فی بدن الإنسان ففیه الدیة فیشمله خبر هشام بن سالم المتقدم(3)، و لصحیح ابن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الأنف إذا استؤصل جدعه الدیة)(4) و معتبرة سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و فی الأنف إذا قطع الدیة کاملة)5.

و أما الثانی فلأخبار منها: صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الأنف إذا قطع المارن الدیة)6.

(2)هو خیرة الشیخ فی المبسوط علی ما نقل عنه حیث قال: «إن قطع المارن مع القصبة کان فی المارن الدیة و فی القصبة الحکومة»، و تبعه ابن البراج فی المهذب البارع و ابن حمزة فی الوسیلة، و وجهه أنه بعد الاتفاق علی ثبوت الدیة فی المارن فلا بدّ للجنایة علی القصبة من عوض، و ما هو إلا الحکومة.

و فیه: إن هذا لو تعددت الجنایة، أما لو کانت الجنایة دفعة واحدة و استوعبت المارن و القصبة لکان استئصالا للأنف و فیه الدیة فقط لما سمعته من النصوص.

(3)أی بعض المارن، فینسب المقطوع إلی مجموع المارن، و یؤخذ له من دیة المارن بنسبته.

ص:618


1- (1) الوسائل الباب - 32 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 12.
4- ( (4 و 5 و 6) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 5 و 7 و 4.

(و کذا لو کسر ففسد (1). و لو جبر علی صحة فمائة دینار) (2) و علی غیر صحة (3) مائة و زیادة حکومة (و فی شلله) (4) و هو فساده:(ثلثا دیته) صحیحا، و فی قطعه أشل (5): الثلث (و فی روثته) (6) بفتح الراء و هی الحاجز بین المنخرین:

(1)فتجب الدیة علی ما صرح به الشیخان و الفاضلان و الحلبی و ابن حمزة، بل عن الریاض أنه لا خلاف فیه، لأنه کالإبانة فکما فی الإبانة الدیة فکذلک فی الفساد.

(2)بلا خلاف فیه کما عن الریاض و یؤیده ما ورد فی خبر ظریف من ثبوت المائة فی کسر الظهر إذا جبر علی غیر عیب فعن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و إن انکسر الصلب فجبر علی غیر عثم و لا عیب فدیته مائة دینار)(1).

(3)بأن جبر معوجا ففیه المائة و زیادة، أما المائة فللکسر، و أما الزیادة فهی حکومة العوج.

(4)ثلثا دیته بلا خلاف فیه کسائر شلل الأعضاء التی یعطی للشلل ثلثا دیة ذلک العضو، و یدل علیه صحیح الفضیل بن یسار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا یبست منه الکف فشلّت أصابع الکف کلها فإن فیها ثلثی الدیة دیة الید، و إن شلت بعض الأصابع و بقی بعض فإن فی کل إصبع شلّت ثلثی دیتها، و کذلک الحکم فی الساق و القدم إذا شلت أصابع القدم)(2) و من الواضح لا خصوصیة للید و القدم و الساق بل هو جار فی کل الأعضاء.

(5)أی قطع المارن حال کونه مشلولا ففیه ثلث الدیة، و یکون لشلله ثلثا الدیة و لقطعه الثلث و هذه دیة کاملة، و یدل علیه خبر الحکم عن أبی جعفر علیه السّلام: (و کلما کان من شلل فهو علی الثلث من دیة الصحاح)(3).

(6)نصف الدیة علی المشهور کما فی المسالک استنادا إلی خبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (فإن قطع روثة الأنف فدیتها خمسمائة دینار نصف الدیة)(4)، إلا أن الخلاف فی تفسیر روثة الأنف ففی نفس الخبر قد فسرت الروثة بطرف الأنف و هو الموافق لأصل اللغة و هی المعروفة بالأرنیة، و عن جماعة من الفقهاء أنها الحاجز بین المنخرین، و فیه: إن الحاجز یسمونه بالوتیرة بالإضافة إلی أنه قد ورد فی خبر ظریف المتقدم أن فی الحاجز خمسین دینارا.

ص:619


1- (1) الوسائل الباب - 13 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 39 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 5.
3- (3) الوسائل الباب - 39 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
4- (4) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

(الثلث، و فی کل منخر: ثلث الدیة) (1) علی الأشهر، لأن الأنف الموجب للدیة یشتمل علی حاجز و منخرین و لروایة غیاث عن الصادق علیه السّلام أن علیا علیه السّلام قضی به.

و قیل: النصف، لأنه ذهب نصف المنفعة و نصف الجمال، و استضعافا لروایة غیاث به (2) لکنه أشهر موافقا (3) لأصالة البراءة من الزائد.

السادسة فی الشفتین الدّیة

(السادسة (4) -...) -و ذهب الشهید و جماعة إلی أن فی الروث الثلث لقاعدة تقسیط الدیة علی أجزاء العضو، و الأنف منقسم إلی ثلاثة أعضاء منخران و الحاجز بینهما، و فیه: إنه مؤلف من أربعة أجزاء منخران و الحاجز و الأرنبة فیجب أن یکون للحاجز المفسّر به الروثة الربع، و لذا قال الشارح فی المسالک عن الثلث بأنه لا مستند له.

(1)علی المشهور لروایة غیاث عن أبی جعفر عن أبیه عن علی علیهم السّلام: (أنه قضی فی شحمة الأذن بثلث دیة الأذن، و فی الإصبع الزائد ثلث دیة الإصبع، و فی کل جانب من الأنف ثلث دیة الأنف)(1)، و خبر العرزمی عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام: (و فی خشاش الأنف کل واحد ثلث الدیة)2، و الخشاش بکسر الخاء عوید یجعل فی أنف البعیر یشدّ به الزمام لیکون أسرع لانقیاده، فهو تسمیة المحل باسم الحال مجازا.

و ذهب الشیخ و تبعه ابن إدریس إلی أن فی کل منخر نصف الدیة، لأنه إذهاب نصف المنفعة و نصف الجمال و فی البدن منه اثنان فأحدهما فیه نصف الدیة.

و عن ابن زهرة أن فی کل منخر ربع الدیة لأن المارن الذی فیه الدیة مؤلف من أربعة أجزاء، منخران و حاجز و أرنبة، فتقسط الدیة علیها فکل جزء ربع، و یردّ هذان القولان بما سمعت من النصوص، فهی و إن کانت ضعیفة السند إلا أنها منجبرة بعمل الأصحاب.

(2)لأن غیاث بن إبراهیم عامی.

(3)أی الحکم بالثلث أشهر، و لأصالة البراءة من الزائد عن الثلث.

(4)فی الشفتین الدیة کاملة بلا خلاف، للأخبار منها: صحیح هشام بن سالم و صحیح عبد اللّه بن سنان المتقدمین و هما عامان، و لخصوص صحیح یونس: (أنه عرض علی أبی الحسن الرضا علیه السّلام کتاب الدیات، و کان فیه: فی ذهاب السمع کله ألف دینار - إلی-

ص:620


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 43 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1 و 2.

(فی کل من الشفتین نصف الدیة) للخبر العام (1) و هو صحیح، لکنه مقطوع (2) -أن قال - و الشفتین إذا استوصلا ألف دینار)(1).

و لکن الخلاف فی تقدیر کل شفة علی تقدیر انفرادها علی أقوال:

الأول: التسویة بینهما فی وجوب نصف الدیة لکل واحدة، ذهب إلیه الحسن بن أبی عقیل و استحسنه المحقق و العلاّمة فی القواعد لصحیح هشام العام: (کل ما کان فی الإنسان اثنان ففیهما الدیة و فی أحدهما نصف الدیة)(2)، و لمعتبرة سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الشفتان العلیا و السفلی سواء فی الدیة)3 و لخبر زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الشفتین الدیة و فی العینین الدیة و فی إحداهما نصف الدیة)4.

القول الثانی: إن فی العلیا الثلث و فی السفلی الثلثین، ذهب إلیه المفید و الشیخ فی المبسوط و سلاّر و أبو الصلاح و ابن زهرة مدعیا علیه الإجماع، بل عن المفید: «أن السفلی تمسک الطعام و الشراب، و شینها أقبح من شین العلیا و بهذا أثبتت الآثار عن أئمة الهدی علیهم السّلام».

القول الثالث: إن فی العلیا خمسا الدیة و فی السفلی ثلاثة أخماس، ذهب إلیه الصدوق و الشیخ فی النهایة و اختاره العلاّمة فی المختلف استنادا إلی روایة أبی جمیلة عن أبان بن تغلب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الشفة السفلی ستة آلاف درهم و فی العلیا أربعة آلاف، لأن السفلی تمسک الماء)(3) و أبو جمیلة ضعیف.

القول الرابع: إن فی العلیا النصف و فی السفلی الثلثین، و اختاره ابن الجنید، و نقله المحقق عن ابن بابویه استنادا إلی روایة ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و إذا قطعت الشفة العلیا و استؤصلت فدیتها خمسمائة دینار - إلی أن قال -: و دیة الشفة السفلی إذا استؤصلت ثلثا الدیة)6.

و أشکل علیه بأن فیه زیادة عن الدیة فی الشفتین، فلا وجه له.

(1)و هو حدیث هشام بن الحکم.

(2)کما فی التهذیب، و لکنه مسند إلی أبی عبد اللّه علیه السّلام کما فی الفقیه بالإضافة إلی أنه مؤید بصحیح ابن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (ما کان فی الجسد منه اثنان ففیه نصف الدیة)(4).

ص:621


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.
2- ( (2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 12 و 10 و 6.
3- ( (5 و 6) الوسائل الباب - 5 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2 و 1.
4- (7) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

و تعضده روایة سماعة عن الصادق علیه السّلام قال: الشفتان العلیا و السفلی سواء فی الدیة.

(و قیل فی السفلی الثلثان) لإمساکها الطعام و الشراب وردها اللعاب و حینئذ ففی العلیا الثلث.

و قیل: النصف (1). و فیه مع ندوره اشتماله علی زیادة لا معنی لها.

و فیهما قول رابع ذهب إلیه جماعة منهم العلامة فی المختلف و هو أن فی العلیا: أربعمائة دینار، و فی السفلی: ستمائة، لما ذکر (2) و لروایة أبان بن تغلب عن الصادق علیه السّلام. و فی طریقها ضعف (3).

(و فی بعضها بالنسبة مساحة) ففی نصفها النصف، و فی ثلثها الثلث.

و هکذا و حد الشفة السفلی (4) ما تجافی عن اللثة مع طول الفم، و العلیا کذلک متصلا بالمنخرین مع طول الفم، دون حاشیة الشدقین (5)(و لو استرختا (6) فثلثا الدیة)، لأن ذلک بمنزلة الشلل فلو قطعتا بعد ذلک فالثلث.(و لو تقلصتا) (7) (1)فی العلیا، و هو القول الرابع المتقدم فی الشرح.

(2)من کون السفلی تمنع الماء و تمسک الطعام و تردّ اللعاب.

(3)بأبی جمیلة، و لذا علّق الشارح: «فی طریقها أبو جمیلة المفضل بن صالح و هو کذّاب وضاع».

(4)عرضا ما تجافی عن اللثة مع طول الفم طولا، و حدّ العلیا کذلک و هو ما تجافی عن اللثة متصلا بالمنخرین مع طول الفم، و هو الحد العرفی لهما کما صرح به غیر واحد من أصحابنا، و بعض العامة ذهب إلی عدم القصاص فیهما لعدم حد لهما، و بعضهم ذهب إلی أن حدهما ما ینبو عند طباق الفم، و ثالث منهم إلی أنه إذا قطع لم ینطبق الباقی علی الشفة الأخری، و فی هذه التفسیرات ضعف لعدم مساعدة العرف علیها.

(5)لأن الشدق زاویة الفم عند فتحه.

(6)فثلثا الدیة، لأن الاسترخاء شلل لهما و قد عرفت أن الشلل فی العضو موجب لثلثی الدیة، کما عرفت أن قطع الأشل فیه ثلث الدیة.

(7)بحیث لا تنطبق علی الأسنان، فلا ینتفع بها بحال، فذهب الشیخ فی المبسوط إلی أنه تجب الدیة لأنه کالإتلاف، و وجّه کلام الشیخ بأن مع التقلص تزول المنفعة المخلوقة -

ص:622

أی انزوتا علی وجه لا ینطبقان علی الأسنان ضد الاسترخاء (فالحکومة)، لعدم ثبوت مقدر لذلک فیرجع إلیها.

و قیل: الدیة، لزوال المنفعة المخلوقة لأجلها و الجمال فیجری وجودها مجری عدمها.

و یضعف بأن ذلک لا یزید علی الشلل و هو لا یوجب زیادة علی الثلثین، مع أصالة البراءة من الزائد علی الحکومة.

السابعة (1) - فی استئصال اللسان الدیة

(السابعة (1) - فی استئصال اللسان) بالقطع بأن لا یبقی شیء منه (الدیة،) -لأجلها و یزول جمالها، بل توجب شینا فیکون وجودها متقلصة کالعدم و فی العدم الدیة.

و ردّ بأن التقلص عیب فتثبت الحکومة مع عدم التقدیر الشرعی، علی أن التقلص لا یزید عن الشلل و فی الشلل الثلثان فکیف یکون فی التقلص الدیة الکاملة بالإضافة إلی أصالة البراءة عن وجوب الزائد عن الحکومة.

(1)فی قطع اللسان الدیة بلا خلاف فیه، للأخبار منها: صحیح هشام بن الحکم و صحیح ابن سنان العامین المتقدمین، و منها: صحیح العلاء بن الفضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

(فی لسانه الدیة کاملة)(1)، و موثق سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و فی اللسان إذا قطع الدیة کاملة)2.

و إذا قطع من اللسان الصحیح شیء فالمعتبر بحروف المعجم حینئذ و لا تعتبر المساحة، بحیث تبسط الدیة علی الحروف فما نطق به فهو و إلا فیأخذ دیة ذلک الحرف علی المشهور للأخبار منها: صحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا ضرب الرجل علی رأسه بعصا فثقل لسانه، فقال: یعرض علیه حروف المعجم فما أفصح منها فلا شیء علیه و ما لم یفصح به کان علیه الدیة و هی تسعة و عشرون حرفا)(2) کما فی الکافی و التهذیب و فی الفقیه «و هی ثمانیة و عشرون حرفا».

و خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام برجل ضرب فذهب بعض کلامه و بقی البعض، فجعل دیته علی حروف المعجم، ثم قال: تکلم بالمعجم فما نقص من کلامه فبحساب ذلک، و المعجم ثمانیة و عشرون حرفا، فجعل-

ص:623


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 11 و 7.
2- (3) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات المنافع حدیث 2.

(و کذا فیما) أی فی قطع ما (یذهب به الحروف) أجمع و هی ثمانیة و عشرون حرفا (و فی) إذهاب (البعض بحساب) الذاهب من (الحروف) بأن تبسط الدیة علیها أجمع فیؤخذ للذاهب من الدیة بحسابه و یستوی فی ذلک اللسنیة (1) و غیرها.

و الخفیفة و الثقیلة لإطلاق النص.

و لا اعتبار هنا بمساحة اللسان. فلو قطع نصفه فذهب ربع الحروف فربع الدیة خاصة، و بالعکس.

و قیل: یعتبر هنا أکثر الأمرین من الذاهب من اللسان و من الحروف لأن اللسان عضو متحد فی الإنسان ففیه الدیة. و فی بعضه بحسابه و النطق منفعة توجب الدیة کذلک. و هذا أقوی.

(و فی لسان الأخرس ثلث الدیة) (2) تنزیلا له منزلة الأشل، لاشتراکهما -ثمانیة و عشرین جزءا فما نقص من کلامه فبحساب ذلک)(1)، و قال الشیخ الحر فی وسائله: «هذا أقوی و أشهر، و ما تضمن کونها تسعا و عشرین فیه اضطراب، لأن فی روایة الصدوق فی ذلک الحدیث بعینه ثمانیة و عشرین و اللّه أعلم»، انتهی.

و تتساوی الحروف فی توزیع الدیة علیها سواء منها اللینة و غیرها، ثقیلها و خفیفها بلا خلاف فیه لإطلاق النصوص المتقدمة، و عن بعض العامة اعتبار اللینة فقط، لأنه لا حظّ للسان فی غیرها و هو اجتهاد فی قبال النص.

و ذهب الشیخ و الفاضل و الشهیدان و سید الریاض فاعتبروا أکثر الأمرین من الذاهب من اللسان و من الحروف، لأن اللسان عضو واحد فی بدن الإنسان و فیه الدیة من غیر اعتبار الحروف، و لأن النطق بالحروف منفعة متحدة فی الإنسان و فیها الدیة من غیر اعتبار اللسان و علیه فإذا کان الذاهب من اللسان أکثر وجب دیة الزائد من حیث اللسان و کذا العکس، و فیه: إنه اجتهاد فی قبال النص المتقدم مع أنه لو سلم لوجب تعدد الدیة لا التداخل بین الدیتین.

(1)و هی الحروف اللینة.

(2)إذا قطع بلا خلاف فیه للأخبار منها: صحیح برید بن معاویة عن أبی جعفر علیه السّلام:

(فی لسان الأخرس و عین الأعمی و ذکر الخصی و أنثییه ثلث الدیة)(2).

ص:624


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات المنافع حدیث 6.
2- (2) الوسائل الباب - 31 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

فی فساد العضو المؤدی إلی زوال المنفعة المقصودة منه (و فی بعضه بحسابه) مساحة (1).

(و لو ادعی الصحیح ذهاب نطقه بالجنایة) (2) التی یحتمل ذهابه بها (صدّق بالقسامة) خمسین یمینا، بالإشارة لتعذر إقامة البینة علی ذلک و حصول الظن المستند إلی الإمارة بصدقه فیکون لوثا.

(و قیل: یضرب لسانه بإبرة فإن خرج الدم أسود صدّق) من غیر یمین، علی ما یظهر من الروایة (و إن خرج أحمر کذّب) و المستند روایة الأصبغ بن نباتة عن أمیر المؤمنین علیه السّلام. و فی طریقها ضعف و إرسال.

(1)لا منفعة لعدم قدرته علی النطق فالمنفعة مفقودة، بلا خلاف فی ذلک کله و لا إشکال کما فی نظائره کالشفتین و الأذنین.

(2)صدق مع القسامة، بلا خلاف ممن تعرض لهذا الفرع کما فی الجواهر، و ذلک لتعذر البینة علی ذلک مع حصول الظن المستند إلی الأمارة لصدقه فیکون لوثا موجبا للقسامة.

و علیه فإن ادعی ذهاب کل النطق فعلیه قسامة خمسین و إلا فبحسابه.

نعم فی روایة الأصبغ بن نباتة عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (سئل عن رجل ضرب رجلا علی هامته فادعی المضروب أنه لا یبصر شیئا و لا یشم الرائحة و أنه قد ذهب لسانه، فقال أمیر المؤمنین علیه السّلام: إن صدق فله ثلاث دیات فقیل: یا أمیر المؤمنین فکیف یعلم أنه صادق؟

فقال: أما ما ادّعاه أنه لا یشم رائحة فإنه یدنی منه الحراق فإن کان کما یقول و إلا نحّی رأسه و دمعت عینه، فأما ما ادّعاه فی عینیه فإنه یقابل بعینیه الشمس فإن کان کاذبا لم یتمالک حتی یغمض عینیه، و إن کان صادقا بقیتا مفتوحتین، و أما ما ادّعاه فی لسانه فإنه یضرب علی لسانه بإبرة فإن خرج الدم أحمر فقد کذب، و إن خرج الدم أسود فقد صدق)(1).

إلا أن الروایة ضعیفة السند بمحمد بن الولید فإنه فطحی و بمحمد بن فرات و هو ضعیف جدا غال لا یکتب حدیثه بل نقل أنه ادعی النبوة و هو لم یدرک الأصبغ فیکون مع الضعف إرسال.

ص:625


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.
الثامنة - فی الأسنان الدیة

(الثامنة - فی الأسنان) (1) بفتح الهمزة (الدیة، و هی ثمان و عشرون سنا) (2) توزع الدیة علیها متفاوتة کما یذکر، منها (فی المقادیم الاثنی عشر) و هی الثنیتان و الرباعیتان، و النابان من أعلی، و مثلها من أسفل (ستمائة دینار) فی کل واحدة خمسون.

(1)ففی جمیع الأسنان الدیة کاملة بلا خلاف فیه، و یدل علیه روایة العلاء بن الفضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا قطع الأنف من المارن ففیه الدیة تامة، و فی أسنان الرجل الدیة تامة)(1)، و مثله غیره و سیأتی.

(2)بلا خلاف فیه بین الأصحاب و خالف فی ذلک الشافعی فجعلها اثنین و ثلاثین سنا بضمیمة أضراس العقل الأربعة المسماة بالنواجذ و هو محجوج بخبر الحکم بن عتیبة:

(قلت لأبی جعفر علیه السّلام: بعض الناس فی فیه اثنان و ثلاثون سنا، و بعضهم له ثمانیة و عشرون سنا فعلی کم تقسّم دیة الأسنان؟ فقال: الخلقة إنما هی ثمانیة و عشرون سنا اثنا عشرة فی مقادیم الفم و ست عشرة فی مواخیره، فعلی هذا قسمة دیة الأسنان، فدیة کل سن من المقادیم إذا کسرت حتی تذهب خمسمائة درهم، فدیتها کلها ستة آلاف درهم، و فی کل سنّ من المواخیر إذا کسرت حتی تذهب فإن دیتها مائتان و خمسون درهما و هی ست عشرة سنا، فدیتها کلها أربعة آلاف درهم، فجمیع دیة المقادیم و المواخیر من الأسنان عشرة آلاف درهم، و إنما وضعت الدیة علی هذا فما زاد علی ثمانیة و عشرین سنا فلا دیة له و ما نقص فلا دیة له هکذا وجدناه فی کتاب علی علیه السّلام)(2)، و هو مؤید بما رواه فی الفقیه عن قضایا أمیر المؤمنین علیه السّلام: (أنه قضی فی الأسنان التی تقسّم علیها الدیة: أنها ثمانیة و عشرون سنا، ستة عشر فی مواخیر الفم و اثنا عشر فی مقادیمه، فدیة کل سن من المقادیم إذا کسر حتی یذهب خمسون دینارا یکون ذلک ستمائة دینارا، و دیة کل سن من المواخیر إذا کسر حتی یذهب علی النصف من دیة المقادیم خمسة و عشرون دینارا فیکون ذلک أربعمائة دینار، فذلک ألف دینار، فما نقص فلا دیة له و ما زاد فلا دیة له)3.

نعم ورد فی بعض الأخبار التسویة بین الأسنان و أن فی کل سن خمسمائة درهم کصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الأسنان کلها سواء، فی کل سن خمسمائة درهم)(3)، و معتبرة سماعة: (سألته عن الأسنان فقال: هی سواء فی الدیة)5 إلا أنها محمولة علی التقیة لموافقتها للعامة.

ص:626


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 8.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 38 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2 و 1.
3- ( (4 و 5) الوسائل الباب - 38 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 3 و 4.

(و فی المآخیر) الستة عشر أربعة من کل جانب من الجوانب الأربعة:

ضاحک، و ثلاثة أضراس (أربع مائة) فی کل واحد خمسة و عشرون.

(و یستوی) فی ذلک (البیضاء، و السوداء، و الصفراء خلقة) (1) بأن کانت قبل أن تثغر (2) متغیرة ثم نبتت کذلک، أما لو کانت بیضاء قبل أن تثغر ثم نبتت سوداء رجع إلی العارفین، فإن حکموا بکونه (3) لعلة فالحکومة (4)، و إلاّ فالدیة، (و تثبت دیة السن بقلعها مع سنخها) (5) إجماعا، و بدونه (6) مع استیعاب ما یبرز عن اللثة علی الأقوی (7).

(و فی الزائدة) عن العدد المذکور (8)(ثلث الأصلیة) بحسب ما تقرر لها، (1)لا فرق بین الجمیع لإطلاق الأخبار المتقدمة.

(2)أی بالنسبة لأسنان الطفل.

(3)بکون التغیر.

(4)فی قلعها.

(5)أی بقلعها من أصلها الثابت فی اللثة، و هو مما لا خلاف فیه و هو القدر المتیقن من النصوص المتقدمة.

(6)أی بدون القلع مع السنخ.

(7)و قد نسبه فی مجمع البرهان إلی الأکثر، لصدق السن علی ما شاهدته زائدا عن اللثة کما عن المبسوط، و ذهب البعض لأصالة البراءة عن ثبوت الدیة بل له الدیة بقدر المکسور لأن السن یطلق علی العضو بما فیه السنخ الداخل فی اللثة فلذا یقال: قلع سنه و انکشفت اللثة عن سنه و نحو ذلک.

(8)لا خلاف و لا إشکال فی أن قلع الزائدة إذا کانت منضمة إلی البواقی فی القلع فلا دیة لها للنصوص المتقدمة، و إنما الکلام فی قلع الزائدة منفردة، فقد نسب إلی المشهور أن فی القلع حینئذ ثلث دیة الأصلیة، فإن کانت فی المقادیم فثلث الخمسین دینارا و إن کانت فی المآخیر فثلث و الخمسة و عشرین دینارا، لما ورد فی أن قطع الإصبع الزائدة ثلث دیة الأصلیة کما فی معتبرة غیاث بن إبراهیم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الإصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دیة الصحیحة)(1).

ص:627


1- (1) الوسائل الباب - 39 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.

بمعنی أنها إن کانت فی الأضراس فثلث الخمسة و العشرین و فی المقادیم فثلث الخمسین. هذا (إن قلعت منفردة) عن الأصلیة المتصلة بها (و لا شیء فیها) لو قلعت (منضمة) إلیها کما لو قطع العضو المقدر دیته المشتمل علی غیره.

و قیل: فیه حکومة لو انقلعت منفردة، بناء علی أنه لا تقدیر لها شرعا.

و الأشهر الأول.

(و لو اسودت السن بالجنایة و لمّا تسقط فثلثا دیتها) (1)، لدلالته (2) علی فسادها (و کذا) یجب الثلثان (فی انصداعها) (3) و هو تقلقلها، لأنه فی حکم الشلل (4)، -و فیه: إن قیاس الأسنان علی الأصابع قیاس باطل، و لذا ذهب البعض منهم المفید فی المقنعة و المحقق فی نکت النهایة و ابن زهرة فی الغنیة إلی الحکومة، إلا أن یدعی أن للزائد ثلث دیة الأصلی قاعدة مطردة فی کل الأعضاء کما یظهر من کلام المسالک و مجمع البرهان إلا أنه محل للنظر لعدم الدلیل علی ذلک.

(1)بلا خلاف محقق کما فی الجواهر و الریاض لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (السن إذا ضربت انتظر بها سنة فإن وقعت أغرم الضارب خمسمائة درهم و إن لم تقع و اسودت أغرم ثلثی الدیة)(1)، نعم یعارضها خبران:

الأول: مرسلة أبان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کان أمیر المؤمنین علیه السّلام یقول: إذا اسودت الثنیة جعل فیها الدیة)2.

و الثانی: خبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (فإذا اسودت السن إلی الحول و لم تسقط فدیتها دیة الساقطة خمسون دینارا)(2) إلا أنه لا عامل بهما کما فی الجواهر.

و للشیخ فی المبسوط قول بالحکومة، و هو مندفع بالنص السابق، هذا و اعلم أن الحکم مختص بالسواد دون بقیة الألوان التی یرجع فیها إلی الحکومة.

(2)أی لدلالة الاسوداد.

(3)کما قطع بذلک جماعة منهم الشیخان و ابن حمزة و الفاضل و قد صرحوا بوجود روایة فی ذلک، إلا أنه لم تصل إلینا کما اعترف أکثر من واحد بذلک، و لذا ذهب المحقق و جماعة إلی الحکومة.

(4)و الشلل فیه ثلثا الدیة للأخبار منها: صحیح الفضیل بن یسار: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام

ص:628


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 8 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 4 و 3.
2- (3) الوسائل الباب - 40 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

و للروایة لکنها ضعیفة (1).

(و قیل) فی انصداعها:(الحکومة)، لعدم دلیل صالح علی التقدیر و إلحاقه بالشلل بعید، لبقاء القوة فی الجملة. و المشهور الأول و لو قلعها قالع بعد الاسوداد (2) أو الانصداع (3) فثلث دیتها (و سن الصبی) (4) الذی لم تبدل أسنانه -عن الذراع إذا ضرب فانکسر منه الزند، فقال: إذا یبست منه الکف فشلت أصابع الکف کلها فإن فیها ثلثی الدیة، دیة الید، - إلی أن قال - و کذلک الحکم فی الساق و القدم إذا شلت أصابع القدم)(1) الظاهر فی عدم اختصاص حکم الشلل بعضو دون آخر، و فیه منع لعدم صدق الشلل علی الانصداع لبقاء بعض المنافع فی السن المتصدعة.

(1)و المراد بالروایة هی الروایة التی صرح بوجودها البعض و لم یعثر علیها، و الحکم علیها بالضعف تبعا للمحقق فی الشرائع حیث قال: «و فی الروایة ضعف».

(2)فعلی المشهور ثلث دیتها لأن فی اسودادها الثلثان، فلا یبقی للقلع إلا الثلث و لخبر العرزمی عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام: (جعل فی السن السوداء ثلث دیتها)(2)، و الخبر ضعیف بیوسف بن الحارث و محمد بن عبد الرحمن العرزمی.

و ذهب الشیخ فی النهایة و ابن سعید إلی أن فی القلع ربع الدیة لخبر عجلان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی دیة السن الأسود ربع دیة السن)(3) و یؤیده خبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (فإن سقطت بعد و هی سوداء فدیتها اثنا عشر دینارا و نصف دینار)(4)بناء علی روایة الکافی و التهذیب.

و ذهب الشیخ فی المبسوط و تبعه بعض المتأخرین إلی الحکومة، و فیه: إن الرجوع إلی الحکومة بعد عدم الدیة المقدرة من قبل الشارع و قد عرفت تقدیرها فی النصوص السابقة.

(3)بناء علی أن الانصداع له ثلثا الدیة و قد عرفت ضعف المستند، فالأصح هو الحکومة کما ذهب إلیه البعض.

(4)ذهب المشهور إلی أنه لو قلع سن الصغیر أو کسرت تماما فینتظر بها سنة فإن نبتت لزم الأرش لمرسل جمیل عن أحدهما علیهما السّلام: (فی سن الصبی یضربها الرجل فتسقط ثم-

ص:629


1- (1) الوسائل الباب - 39 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 5.
2- (2) الوسائل الباب - 43 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.
3- (3) الوسائل الباب - 40 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 3.
4- (4) الوسائل الباب - 8 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

(ینتظر بها) مدة یمکن أن تعود فیها عادة.(فإن نبتت فالأرش) لمدة ذهابه (و إلا) تعد (فدیة المتغر) بالتاء المشددة مثناة، و مثلثة. و الأصل المثتغر بهما (1) فقلبت الثاء تاء ثم أدغمت. و یقال: المثغر بسکون المثلثة، و فتح الثالثة المعجمة و هو الذی سقطت أسنانه الرواضع التی من شأنها السقوط و نبت بدلها، و دیة سن المثغر ما تقدم من التفصیل فی مطلق السن (2).

(و قیل) و القائل الشیخ و جماعة منهم العلاّمة فی المختلف:(فیها بعیر مطلقا) (3)، لما روی من أن أمیر المؤمنین علیه السّلام قضی بذلک. و الطریق ضعیف.

فالقول به کذلک.

التاسعة - فی اللّحیین الدیة

(و التاسعة - اللّحیین) بفتح اللام. و هما: العظمان اللذان ینبت علی بشرتهما اللحیة، و یقال لملتقاهما: الذّقن بالتحریک المفتوح، و یتصل کل واحد منهما بالأذن، و علیهما نبات الأسنان السفلی.

إذا قلعا منفردین عن الأسنان کلحیی الطفل، و الشیخ الذی تساقطت أسنانه -تنبت قال: لیس علیه قصاص و علیه الأرش)(1) و إلا للزم الدیة لإطلاق النصوص المتقدمة الواردة فی الأسنان بلا فرق بین الرجل و غیره.

و ذهب الشیخ فی المبسوط و ابن فهد فی المهذب و ابن زهرة فی الغنیة و ابن حمزة فی الوسیلة إلی أن دیة سن الصبی بعیر مطلقا نبتت أو لم تنبت، لخبر مسمع عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن علیا علیه السّلام قضی فی سن الصبی قبل أن یثغر بعیرا فی کل سن)(2) و لخبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن أمیر المؤمنین علیه السّلام قضی فی سن الصبی إذا لم یثغر ببعیر)3، و هما ضعیفان، أما الأول فبابن شمون و الأصم و أما الثانی فبابن بطة و أبی المفضل.

(1)بالتاء و الثاء.

(2)بلا فرق بین الرجل و غیره.

(3)نبتت أو لا.

ص:630


1- (1) الوسائل الباب - 33 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 33 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2 و 3.

(الدیة) (1) و فیهما (مع الأسنان: دیتان) (2) و فی کل واحد منهما (3): نصف الدیة منفردا. و مع الأسنان بحسابها (4).

العاشرة - فی العنق الدیة

(العاشرة - فی العنق إذا کسر فصار أصور) أی مائلا:(الدیة (5)، و کذا لو منع الازدراد (6)، و لو زال) الفساد و رجع إلی الصلاح (فالأرش) لما بین المدتین، و لو لم یبلغ الأذی ذلک، بل صار الازدراد، أو الالتفات علیه عسرا فالحکومة (7).

الحادیة عشرة - فی کل من الیدین نصف الدیة

(الحادیة عشرة - فی کل من الیدین نصف الدیة) (8) سواء الیمین (1)بلا خلاف بین الأصحاب لما دل من الأخبار المتقدمة أن کل ما فی الإنسان منه اثنان ففیهما الدیة و فی کل واحد منهما نصف الدیة.

(2)دیة للحیین و دیة للأسنان بلا خلاف بین أصحابنا.

(3)من اللحیین.

(4)أی بحساب الأسنان الساقطة مع اللحیین أو أحدهما.

(5)بلا خلاف بین الأصحاب، لخبر مسمع عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: فی القلب إذا أرعد فطار الدیة، و قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: فی الصّعر الدیة، و الصّعر أن یثنی عنقه فیصیر فی ناحیة)(1).

نعم فی خبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و إن اعتری الرجل من ذلک صعّر لا یستطیع أن یلتفت فدیته خمسمائة دینار)(2) إلا أنه لا عامل به کما اعترف بذلک فی الجواهر.

(6)لأن هذه المنفعة أعظم من الذوق الذی فی ذهابه الدیة.

(7)لعدم التقدیر الشرعی لهذا العیب.

(8)و فیهما الدیة کاملة بلا خلاف بین الفقهاء للأخبار العامة و الخاصة، کخبر هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (کل ما کان فی الإنسان اثنان ففیهما الدیة و فی أحدهما نصف الدیة و ما کان فیه واحد ففیه الدیة)(3) و خبر زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الید نصف الدیة و فی الیدین جمیعا الدیة و فی الرجلین کذلک)4.

ص:631


1- (1) الوسائل الباب - 11 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 13 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
3- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 12 و 6.

و الشمال (1)(و حدّها المعصم) (2) بکسر المیم فسکون العین ففتح الصاد و هو المفصل الذی بین الکف و الذراع و تدخل دیة الأصابع فی دیتها حیث یجتمعان (3).

(و فی الأصابع) (4) حیث تقطع (وحدها دیتها) و هی دیة الید. فلو قطع آخر بقیة الید فالحکومة خاصة (5)(و لو قطع معها) أی مع الید (شیء من الزند) (6) بفتح الزای. و المراد شیء من الذراع، لأن الزند علی ذکره الجوهری: هو موصل طرف الذراع بالکف (فحکومة زائدة) علی دیة الید لما قطع من الزند. أما لو قطعت من المرفق، أو المنکب فدیة الید خاصة، و الفرق: تناول الید لذلک (7) حقیقة، و انفصاله بمفصل محسوس. کأصل الید، بخلاف ما إذا قطع شیء من الزند. فإن الید إنما صدقت علیها من الزند و الزند من جنایة لا تقدیر فیها (8) فیکون فیها الحکومة، کذا فرق المصنف و غیره.

و فیه نظر. و مثله ما لو قطعت من بعض العضد (و فی العضدین: الدیة) (9)، للخبر العام بثبوتها للاثنین فیما فی البدن منه اثنان (و کذا فی الذراعین).

(1)لإطلاق النصوص.

(2)بلا خلاف فیه کما فی کشف اللثام و الجواهر.

(3)بلا خلاف لإطلاق النصوص المتقدمة الدالة علی أن کل ید فیها نصف الدیة و هذا شامل للید مع الأصابع.

(4)لو قطعت منفردة فدیة الأصابع و هی خمسمائة دینار، بلا خلاف فیه، للأخبار منها:

صحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أصابع الیدین و الرجلین سواء فی الدیة فی کل إصبع عشر من الإبل)(1).

(5)بلا خلاف فیه کما فی الجواهر لعدم التقدیر الشرعی له حینئذ.

(6)ففی الید خمسمائة دینار و فی الزائد الحکومة علی المشهور و ذهب ابن إدریس إلی اعتبار المساحة فی الزائد، و قد تنظر فیه الشارح فی الروضة باعتبار صدق قطع الید علی المجموع فلا یجب إلا دیة الید کما لو قطع الید من المرفق أو المنکب.

(7)للمرفق أو المنکب.

(8)أی فی الجنایة الزائدة علی الزند.

(9)لصحیح هشام بن سالم المتقدم، بلا خلاف فیه.

ص:632


1- (1) الوسائل الباب - 39 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 4.

هذا إذا قطعا منفردین عن الیدین (1)، و أحدهما عن الآخر.

أما لو قطعت الید من المرفق، أو الکتف فالمشهور أن فیه دیة الید کما تقدم (2).

و یحتمل أن یرید (3) ما هو أعم من ذلک (4) حتی لو قطعها من الکتف وجب ثلاث دیات، لعموم الخبر. فإنه قول فی المسألة (5)، و وجوب دیة الید و حکومة فی الزائد فإنه قول ثالث (6). و کلام الأصحاب هنا لا یخلو من إجمال (7)، أو اختلاف أو إخلال و کذلک الحکم لا یخلو من إشکال (8)(و فی الید الزائدة الحکومة) (9) و تتمیز عن الأصلیة بفقد البطش أو ضعفه و میلها عن السمت (1)بأن قطعت الیدان أولا ثم الذراعان ثم العضدان و لذا قال الشارح عقیب هذه الجملة:

«و أحدهما عن الآخر».

(2)لصدق الید علی المقطوع فیکون فیه دیة الید فقط.

(3)أی المصنف.

(4)عند قوله: «و فی العضدین الدیة و کذا فی الذراعین» بحیث یکون مراده: أن فی قطع الید من الکتف ثلاث دیات دیة للید و دیة للعضد و دیة للذراع، لا أن قطع الید مطلقا فیه الدیة و قطع العضد منفردا و کذا الذراع فیه الدیة.

و القول بثلاث دیات لقطع الید من الکتف وجه فی المسألة کما فی المسالک لعموم صحیح هشام بن سالم المتقدم.

(5)و قد صرح بکونه وجها فی المسالک.

(6)بناء علی أن الزائد لا یستوعب الذراع أما مع الاستیعاب فدیة الید فقط.

(7)و هذا مخصوص فی کلام الشیخ فی المبسوط حیث حکم بالحکومة فی الزائد عن الید المحددة بالزند و جعل الحکومة تکثر کلما کانت الزیادة أکثر و قال: «إن جمیع ذلک فیه مقدّر ذکرناه فی تهذیب الأحکام» مع أنه فی التهذیب لا یوجد حکم مخصوص لهذا الغرض، و إنما فیه أن ما فی الإنسان منه اثنان ففی کل واحد نصف الدیة لیس إلا.

(8)بالنسبة ما لو قطع الید و شیء من الزند فقد تنظر الشارح فی حکومة الزائد بعد صدق الید علی المجموع فتجب دیة الید فقط.

(9)ذهب الشیخ فی المبسوط إلی ثلث دیة الید الأصلیة، لأن فی قطع الإصبع الزائد ثلث دیة الإصبع الأصلی کما فی الخبر و قد تقدم، و فیه: إنه قیاس لا نقول به فلا بد من الرجوع إلی الحکومة.

ص:633

الطبیعی، و نقصان خلقتها و لو فی إصبع، و لو تساوتا فیها (1) فإحداهما زائدة لا بعینها ففیهما جمیعا دیة و حکومة (2).

و قیل فی الزائدة: ثلث دیة الأصلیة. ففیهما هنا دیة و ثلث و لو قطعت إحداهما خاصة احتمل ثبوت نصف دیة ید و حکومة (3) لأنها نصف المجموع و حکومة خاصة للأصل (و فی الأصبع) (4) مثلث الهمزة و الباء (عشر الدیة) لید (1)أی فی الخلقة.

(2)فالدیة للأصلیة و الحکومة للزائدة.

(3)أی و نصف الحکومة، و بعبارة أخری فإذا کانت فی الید الأصلیة و الزائدة دیة و حکومة ففی إحداهما المشتبهة نصف المجموع کما عن المبسوط و التحریر و الإرشاد، لتکافؤ الاحتمالین من أن المقطوع هی الأصلیة أو الزائدة فالتنصیف مقتضی العدل.

و ذهب غیرهم إلی أن المقطوعة لم یحرز أنها أصلیة حتی تثبت دیة الید فلا محالة یکون الأصل هو الحکومة حیث لم یثبت تقدیر شرعی هنا ما لم تصل الحکومة إلی أکثر من دیة الید فترد إلیها لأن الزائدة لا تزید عن الأصلیة بالقیمة.

(4)ذهب المشهور إلی أن فی الإصبع عشر الدیة بلا فرق بین أصابع الیدین و أصابع الرجلین للأخبار منها: صحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أصابع الیدین و الرجلین سواء فی الدیة، فی کل إصبع عشر من الإبل)(1).

و عن جماعة منهم الشیخ فی الخلاف و ابن حمزة فی الوسیلة أن فی قطع الإبهام ثلث دیة الید أو الرجل، و فی کل واحد من البواقی سدس دیة الید أو الرجل لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (ففی الإبهام إذا قطع ثلث دیة الید مائة دینار و ستة و ستون دینارا و ثلثا دینار - إلی أن قال - و فی الأصابع فی کل إصبع سدس دیة الید ثلاثة و ثمانون دینارا و ثلث دینار)(2) و فی طریقه ضعف لا یقاوم الطائفة الأولی المشتملة علی صحاح.

و عن الحلبی ثلث دیة الید للإبهام و فی کل إصبع من البواقی عشر الدیة هذا فی الید و أما فی الرجل فالتساوی بین الجمیع.

و عن ابن زهرة فی الغنیة ثلث دیة الید للإبهام و فی کل إصبع من البواقی عشر الدیة بلا فرق بین أصابع الید و الرجل، و کلاهما ضعیفان لعدم المستند.

ص:634


1- (1) الوسائل الباب - 39 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 4.
2- (2) الوسائل الباب - 12 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

کانت أم لرجل، إبهاما کانت أم غیرها علی الأقوی، لصحیحة عبد اللّه بن سنان و غیرها.

و قیل فی الإبهام: ثلث دیة العضو. و باقی الثلثین یقسم علی سائر الأصابع (1).

(و فی الأصبع الزائدة ثلث دیة الأصلیة (2)، و فی شللها) (3) أی شلل الأصبع مطلقا (4)(ثلثا دیتها، و فی) قطع (الشلاء الثلث الباقی) (5) من دیتها، سواء کان الشلل خلقة أم بجنایة جان (6)(و فی الظفر) (7) بضم الظاء المشالة و الفاء (إذا لم) (1)فیکون لکل إصبع سدس، لأن الباقی من أصابع الید الواحدة أربعة.

(2)بلا خلاف فیه للأخبار منها: معتبرة غیاث بن إبراهیم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الإصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دیة الصحیحة)(1).

(3)أی شلل الأصابع ثلثا دیتها لروایة الحکم بن عتیبة عن أبی جعفر علیه السّلام: (و کلما کان من شلل فهو علی الثلث من دیة الصحاح)(2) و مثلها غیرها.

(4)بلا فرق بین الإبهام و غیره، و بین أصابع الید و الرجل، و لا بین الزائدة و غیرها.

(5)بلا خلاف لما دل علی أن الشلل فیه ثلثا الدیة فیکون الثلث الباقی لقطع المشلول مؤیدا بصحیح أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السّلام: (سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس فقال: إن کان ولدته أمه و هو أخرس فعلیه ثلث الدیة - إلی أن قال - و کذلک القضاء فی العینین و الجوارح)(3) الدال علی أن کل جارحة إذا کانت مشلولة فعلی قاطعها ثلث دیتها.

(6)لإطلاق النصوص المتقدمة.

(7)ذهب المشهور إلی أن فی الظفر عشرة دنانیر إذا لم ینبت، و کذا إذا نبت أسود لخبر مسمع بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی الظفر إذا قطع و لم ینبت أو خرج أسود فاسدا عشرة دنانیر، فإن خرج أبیض فخمسة دنانیر)(4) و السند-

ص:635


1- (1) الوسائل الباب - 39 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 39 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 31 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.
4- (4) الوسائل الباب - 41 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

(ینبت، أو نبت أسود عشرة دنانیر و لو نبت أبیض فخمسة) دنانیر علی المشهور.

و المستند روایة ضعیفة و فی صحیحة عبد اللّه بن سنان فی الظفر خمسة دنانیر و حملت علی ما لو عاد أبیض جمعا و هو غریب (1). و فی المسألة قول آخر (2) و هو: وجوب عشرة دنانیر متی قلع و لم یخرج، و متی خرج أسود فثلثا دیته، لأنه فی معنی الشلل (3)، و لأصالة براءة الذمة من وجوب الزائد (4) مع ضعف المأخذ، و بعد مساواة عوده لعدمه أصلا (5). و هو حسن (6).

الثانیة عشرة - فی الظهر إذا کسر الدیة

(الثانیة عشرة - فی الظهر (7) إذا کسر الدیة)، لصحیحة الحلبی عن الصادق علیه السّلام فی الرجل یکسر ظهره فقال: فیه الدیة کاملة (و کذا لو احدودب) (8) -مشتمل علی ابن شمون و الأصم و هما ضعیفان إلا أن السند منجبر بعمل الأصحاب کما فی الجواهر، و مع ذلک ترکها جماعة و عملوا بإطلاق صحیح ابن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و فی الظفر خمسة دنانیر)(1) و هو شامل للإنبات المتجدد و عدمه و شامل فیما لو نبت أسود أیضا، إلا أن الخبر محمول عند المشهور علی ما لو خرج أبیض جمعا بینه و بین ما تقدم.

(1)لأنه حمل للصحیح علی ما یوافق الضعیف.

(2)و هو لابن إدریس.

(3)أی الاسوداد.

(4)عن ثلثی الدیة.

(5)فکیف تساوت حالتان عدم عوده و عوده أسود عند المشهور.

(6)و قال عنه فی الجواهر: «إنه کالاجتهاد فی قبال النص»، فإن ترک خبر مسمع یقتضی العمل بصحیح ابن سنان و هو لا یوافق التفصیل بین عدم عوده فعشرة دنانیر و بین عوده أسود فثلثا الدیة.

(7)لا خلاف فی کسر الظهر الدیة بین الأصحاب للأخبار منها: صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الرجل یکسر ظهره، قال: فیه الدیة کاملة)(2).

(8)بلا خلاف و یدل علیه صحیح یونس أنه عرض علی أبی الحسن الرضا علیه السّلام کتاب الدیات، و کان فیه: (و الظهر إذا أحدب ألف دینار)(3).

ص:636


1- (1) الوسائل الباب - 41 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 4.
3- (3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.

أو صار بحیث لا یقدر علی القعود (1)(و لو صلح فثلث الدیة) (2). هذا هو المشهور، و فی روایة ظریف: إذا کسر الصلب فجبر علی غیر عیب فمائة دینار، و إن عثم (3) فألف دینار (و لو کسر فشلّت الرجلان (4) فدیة له) أی لکسره (و ثلثا دیة للرجلین) لأنهما دیة شلل کل عضو بحسبه (و لو کسر الصلب) و هو الظهر (فذهب مشیه و جماعه فدیتان) (5) إحداهما للکسر، و الأخری لفوات منفعة الجماع، ذکر ذلک الشیخ فی الخلاف و تبعه علیه الجماعة، و اقتصر المحقق و العلاّمة فی الشرائع و التحریر علی حکایته عنه قولا إشعارا بتمریضه. و علیه لو عادت إحدی المنفعتین وجبت دیة واحدة، و لو عادت ناقصة فدیة، و حکومة عن نقص العائدة، إلا أن یکون العود بصلاح الصلب. فالثلث کما مر مضافا إلی ذلک (6).

(1)بلا خلاف فیه و یدل علیه صحیح برید العجلی عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین فی رجل کسر صلبه فلا یستطیع أن یجلس أن فیه الدیة)(1).

(2)ذهب المشهور إلی أن الظهر لو کسر ثم صلح من دون عیب ففیه ثلث الدیة قیاسا علی اللحیة إذا نبتت و الساعد إذا صلح علی غیر عیب، و هو قیاس إذ لا دلیل علی اطراده لذا ذهب جماعة إلی أن فیه مائة دینار لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و إن انکسر الصلب فجبر علی غیر عثم و لا عیب فدیته مائة دینار، و إن عثم فدیته ألف دینار)(2).

(3)جبر العظم المکسور مع التواء.

(4)ففیه دیة کاملة و ثلثا الدیة، أما الدیة فلکسر الظهر و أما ثلثا الدیة فلشلل الرجلین، و قد عرفت أن الشلل فیه ثلثا دیة الصحیح.

(5)دیة لکسر الظهر و دیة لذهاب منفعة الجماع و یدل علیه صحیح إبراهیم بن عمر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه و بصره و لسانه و عقله و فرجه و انقطع جماعه و هو حیّ بست دیات)(3) الدال علی أن فی انقطاع الجماع دیة کاملة، فتوقف المحقق فی الشرائع فی الحکم لیس فی محله.

(6)من دیة المنفعة الفائتة.

ص:637


1- (1) الوسائل الباب - 14 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 13 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 6 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.
الثالثة عشرة - فی النخاع الدیة

(الثالثة عشرة - فی النخاع) (1) و هو الخیط الأبیض فی وسط فقر الظهر إذا قطع (الدیة) کاملة، لأنه واحد فی الإنسان، و مع ذلک لا قوام له بدونه.

الرابعة عشرة - الثدیان

(الرابعة عشرة - الثدیان) (2) و هما للرجل و المرأة، و لکن ذکر هنا (3) حکمهما لها (4) خاصة و هو أن (فی کل واحد) منهما (نصف دیة المرأة) سواء الیمین و الیسار. و هو موضع وفاق (و فی انقطاع اللبن) عنهما (الحکومة (5)، و کذا لو تعذر نزوله) (6)، لأنه حینئذ بمنزلة المنقطع (و فی الحلمتین) (7) و هما: اللتان فی رأسهما کالزر یلتقمهما الطفل (الدیة) لو قطعتا منفردتین (عند الشیخ)، لأنهما مما فی الإنسان منه اثنان فیدخلان فی الخبر العام، و نسبه إلی الشیخ مؤذنا برده لأنهما کالجزء من الثدیین اللذین فیهما جمیعا الدیة ففیهما الحکومة خاصة، لأصالة البراءة (1)ففی قطعه الدیة کاملة بلا خلاف فیه کما فی الجواهر و لا إشکال، لأنه عضو واحد فی البدن فیعمه الضابط المتقدم.

(2)ففی قطعهما الدیة کاملة و فی کل واحد نصف الدیة، بلا خلاف فیه و یدل علیه الخبر العام من أن کل ما فی الإنسان منه اثنان ففیه الدیة و فی أحدهما نصف الدیة، و صحیح أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل قطع ثدی امرأته، قال: إذن أغرمه لها نصف الدیة)(1).

(3)أی المصنف.

(4)أی حکم الثدیین للمرأة.

(5)لأنها جنایة لا مقدّر لها شرعا فلیس إلا الحکومة.

(6)بأن لم یکن وقت الجنایة لبن لکن تعذر نزوله فی وقته، بخلاف الفرع المتقدم فاللبن موجود عند الجنایة لکنه انقطع.

(7)بالنسبة للمرأة ففیهما الدیة کما عن الشیخ فی المبسوط و الفاضل و ابنی حمزة و إدریس للخبر العام بأن ما کان فی الإنسان منه اثنان ففیهما الدیة.

و استشکل المحقق من حیث إن الدیة فی الثدیین و الحلمتین بعضهما، و أجیب بانتقاضه بالیدین و الأنف فإنهما بعض البدن و یجب فیهما الدیة مع أنهما بعض مما یجب له الدیة، و ردّ بأنها خرجت و أمثالها بالنص الخاص، و أما مورد نزاعنا فلا، فالأولی فیه الحکومة.

ص:638


1- (1) الوسائل الباب - 36 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2، إلا أن فی الوسائل (فرج امرأته) بدل (ثدی امرأته) و هو سهو.

من الزائد (و کذا حلمتا الرجل) (1) فیهما: الدیة عند الشیخ فی المبسوط و الخلاف، لما ذکر (2).

(و قیل) و القائل ابن بابویه، و ابن حمزة:(فی حلمتی الرجل: الربع): ربع الدیة (و فی کل واحدة الثمن) استنادا إلی کتاب ظریف.

و قیل: فیهما الحکومة خاصة، و استضعافا لمستند غیرها.

الخامسة عشرة - فی الذَّکَر الدیة

(الخامسة عشرة - فی الذکر (3) مستأصلا، أو الحشفة) فما زاد (الدیة) لشیخ کان أم لشاب أم لطفل صغیر، قادر علی الجماع أم عاجز (و لو کان مسلول الخصیتین) (4) لأنه مما فی الإنسان منه واحد فتثبت فیه الدیة مطلقا (5)(و فی بعض) (1)فذهب الشیخ فی المبسوط و ابن إدریس و الفاضل فی جملة من کتبه إلی أن فیهما الدیة کاملة للخبر العام.

و ذهب الصدوق و ابن حمزة إلی ثمن الدیة فی کل حلمة استنادا لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و فی حلمة ثدی الرجل ثمن الدیة مائة و خمسة و عشرون دینارا)(1) و قد استشکل الشارح بذلک لضعف السند مع أن بعض طرقه صحیح کما تقدم، و ذهب إلی الحکومة و قواه فخر المحققین.

(2)من الخبر العام.

(3)ففی قطعه الدیة لصحیح یونس: (و الذکر إذا استؤصل ألف دینار)(2)، و فی قطع الحشفة فما فوق الدیة کاملة للأخبار منها: صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و فی الذکر إذا قطعت الحشفة فما فوق الدیة)3، و صحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و فی الذکر إذا قطع من موضع الحشفة الدیة)4، بلا فرق بین ذکر الغلام و الرجل لإطلاق النصوص المتقدمة، و لخصوص صحیح برید العجلی عن أبی جعفر علیه السّلام: (فی ذکر الغلام الدیة کاملة)(3) و مثله غیره.

(4)لو وصلیة، و الدیة کاملة لإطلاق النصوص المتقدمة.

(5)سواء کان لشاب أو شیخ أو صبی أو من سلّت خصیتاه.

ص:639


1- (1) الوسائل الباب - 13 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- ( (2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2 و 4 و 5.
3- (5) الوسائل الباب - 35 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

(الحشفة بحسابه) (1) أی حساب ذلک البعض منسوبا إلی مجموعها خاصة.

(و فی) ذکر (العنین ثلث الدیة) (2)، لأنه عضو أشل، و دیته ذلک کما أن فی الجنایة علیه صحیحا حتی صار أشل ثلثی دیته.

و لو قطع بعض ذکر العنین (3) اعتبر بحسابه من المجموع، لا من الحشفة، و الفرق بینه و بین الصحیح: أن الحشفة فی الصحیح هی الرکن الأعظم فی لذة الجماع، بخلافها فی العنین، لاستواء الجمیع فی عدم المنفعة، مع کونه عضوا واحدا. فینسب بعضه إلی مجموعه علی الأصل.

السادسة عشرة - فی الخصیتین معا الدیة

(السادسة عشرة - فی الخصیتین) (4) معا (الدیة، و فی کل واحدة نصف)، للخبر العام.

(1)بحساب هذا البعض بالنسبة للحشفة لا لجمیع الذکر ضرورة أن الدیة مقدرة للحشفة.

(2)علی المشهور باعتبار أن العنن شلل و دیة المشلول علی ثلث دیة الصحاح.

و قد خالف القاضی و جماعة إلی ثبوت الدیة کاملة لخبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

(قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: فی ذکر الصبی الدیة و فی ذکر العنین الدیة)(1). و هو المتعین.

(3)أی بعض حشفته، فقد اعتبروا نسبة المقطوع إلی مجموع الذکر لا الحشفة بخلاف الصحیح للفرق بینهما حیث کان الحشفة فی الصحیح هی الرکن الأعظم فی لذة الجماع و لذا ورد بخصوصها الدیة.

بخلاف حشفة العنین فیستوی مجموع الذکر فی عدم المنفعة، و هذا لازمه أن لا یکون فی حشفة العنین الدیة بناء علی أن فی ذکر العنین ثلث الدیة فقط کما ذهب إلیه المشهور، و أما قد عرفت أن الدیة کاملة فی ذکر العنین فلا بد أن یکون فی حشفته کحشفة الصحیح الدیة کاملة لإطلاق النصوص المتقدمة الواردة فی خصوص الحشفة. و علیه لا بد من اعتبار نسبة المقطوع إلی الحشفة فی العنین کالصحیح لا إلی مجموع الذکر.

(4)الدیة کاملة بلا خلاف للخبر العام و لخصوص صحیح یونس: (و البیضتین ألف دینار)(2)و صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و فی البیضتین الدیة)3.-

ص:640


1- (1) الوسائل الباب - 35 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2 و 4.

(و قیل) و القائل به جماعة منهم الشیخ فی الخلاف و أتباعه. و العلاّمة فی المختلف:(فی الیسری الثلثان)، و فی الیمنی الثلث، لحسنة عبد اللّه بن سنان عن الصادق علیه السّلام، و غیرها، و لما روی من أن الولد یکون من الیسری، و لتفاوتهما فی المنفعة المناسب لتفاوت الدیة.

و یعارض بالید القویة الباطشة و الضعیفة، و العین کذلک. و تخلق الولد منها -هذا و المشهور علی أن لکل خصیة نصف الدیة للتساوی بینهما و لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و فی خصیة الرجل خمسمائة دینار)(1).

و عن الصدوق فی الهدایة و الشیخ فی الخلاف و القاضی فی المهذّب و سلاّر و ابنی حمزة و سعید إلی أن فی الیسری ثلثا الدیة و فی الیمنی الثلث الباقی لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قلت: فرجل ذهبت إحدی بیضتیه؟ فقال: إن کانت الیسار ففیها ثلثا الدیة، قلت: و لم، أ لیس قلت ما کان فی الجسد منه اثنان ففیه نصف الدیة؟ فقال: لأن الولد من البیضة الیسری)(2)، و لخبر أبی یحیی الواسطی مرفوعا إلی أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الولد یکون من البیضة الیسری فإذا قطعت ففیها ثلثا الدیة و فی الیمنی ثلث الدیة)(3).

و قال الشارح فی المسالک: «و قد أنکر بعض الأطباء انحصار التولد فی الخصیة الیسری، و نسبه الجاحظ فی حیاة الحیوان إلی العامة، و قوة المنفعة لا تؤثر فی زیادة الدیة کما لا تزید الید الباطشة عن الضعیفة و کذلک العین و لو صح نسبة التولد إلی الأئمة علیه السّلام: لم یلتفت إلی إنکار منکره و لکن عرفت حاله)، و فیه: إن خبر ابن سنان صحیح و هو خاص فلا بد من تقدیمه علی التسویة المستفادة من الخبر العام و إنکار الأطباء له کاشف عن عدم اطلاعهم الکامل علی الواقع بعد ما ثبت ذلک عن المعصومین علیهم السّلام.

هذا من جهة و من جهة أخری فقد ذهب ابن الجنید إلی أن فی الیمنی نصف الدیة و فی الیسری تمام الدیة لأن الولد منها ففی فواتها تفوت منفعة تامة فتجب الدیة لذلک کغیرها من المنافع و هو کالاجتهاد فی قبال النص.

ص:641


1- (1) الوسائل الباب - 18 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 18 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2.

لم یثبت. و خبره مرسل (1) و قد أنکره بعض الأطباء.

(و فی أدرتهما) (2) بضم الهمزة فسکون الدال ففتح الراء و هی انتفاخهما (أربعمائة دینار، فإن فحج) بفتح الفاء فالحاء المهملة فالجیم أی تباعدت رجلاه أعقابا مع تقارب صدور قدمیه (فلم یقدر علی المشی) قید زائد علی الفحج، لأن مطلقه یمکن معه المشی. قال الجوهری: الفحج بالتسکین مشیة الأفحج. و تفحّج فی مشیته مثله، و فی حکمه إذا مشی مشیا لا ینتفع به (فثمانمائة دینار) علی المشهور. و مستنده کتاب ظریف.

السابعة عشرة - فی الشفرین الدیة

(السابعة عشرة - فی الشفرین) (3) بضم الشین. هما: اللحم المحیط بالفرج (1)أی خبر التولد من الیسری و هو یرید خبر الواسطی و قد عرفت أنه مرفوع و لکن خبر ابن سنان قد صرح بکون التولد من الیسری و هو صحیح.

(2)أربعمائة دینار بلا خلاف فی ذلک، فإن أوجب الانتفاخ فحج الرجل بحیث تتباعد فخذاه بسبب ذلک فلم یقدر علی المشی فثمانمائة دینار لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و إن أصیب رجل فأدر خصیتاه کلتاهما فدیته أربعمائة دینار، فإن فحج فلم یقدر علی المشی إلا مشیا لا ینفعه فدیته أربعة أخماس دیة النفس ثمانمائة دینار)(1)و هو صحیح فی بعض طرقه و الشهرة توجب وهنه لو فرضت، و لا یعارضه خبر معاویة بن عمار قال: (تزوج جار لی امرأة فلما أراد مواقعتها رفسته برجلها ففتقت بیضته فصار أدر، فکان بعد ذلک ینکح و یولد له فسألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن ذلک، و عن رجل أصاب سرة رجل ففتقها، فقال علیه السّلام: فی کل فتق ثلث الدیة)(2) لأن البحث فی الانتفاخ المجرد عن الفتق.

(3)ففی قطعهما الدیة کاملة و فی قطع الواحد منهما نصف الدیة بلا خلاف فیه للخبر العام و لخصوص صحیح عبد الرحمن بن سیابة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن فی کتاب علی علیه السّلام لو أن رجلا قطع فرج امرأته لأغرمنه لها دیتها)(3) المحمول علی الشفرین لتبادرهما من الفرج و لکون القطع لهما لأنهما ظاهران.

و لا فرق بین السلیمة و الرتقاء و القرناء و الصغیرة و الکبیرة و البکر و الثیب لعموم الخبر العام و لإطلاق صحیح ابن سیابة.

ص:642


1- (1) الوسائل الباب - 18 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 32 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 36 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

إحاطة الشفتین بالفم (الدیة) و فی کل واحدة النصف (من السلیمة و الرتقاء) و البکر، و الثیب، و الکبیرة، و الصغیرة.(و فی الرکب) (1) بالفتح محرکا و هو من المرأة مثل موضع العانة من الرجل (الحکومة).

الثامنة عشرة - فی الإفضاء الدیة

(الثامنة عشرة - فی الإفضاء الدیة (2) و هو تصییر مسلک البول و الحیض واحدا).

و قیل: مسلک الحیض و الغائط (3). و هو أقوی فی تحققه (4) فتجب الدیة (1)الحکومة لعدم المقدر الشرعی له.

(2)فلها الدیة کاملة إذا کان المفضی أجنبیا بلا خلاف فیه و یدل علی ذلک صحیح سلیمان بن خالد: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل وقع بجاریة فأفضاها و کانت إذا نزلت بتلک المنزلة لم تلد فقال: الدیة کاملة)(1)، و رواه الصدوق عن أمیر المؤمنین علیه السّلام(2).

و إذا کان المفضی زوجها فإن کان لها تسع سنین فلا شیء علیه، و إن لم تبلغ تسع سنین فإن طلقها فلها الدیة و إن أمسکها فلا شیء علیه و یدل علیه صحیح حمران بن أعین عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سئل عن رجل تزوج جاریة بکرا لم تدرک، فلما دخل بها افتضها فأفضاها فقال: إن کان دخل بها حین دخل بها و لها تسع سنین فلا شیء علیه، و إن کانت لم تبلغ تسع سنین أو کان لها أقل من ذلک بقلیل حین دخل بها فافتضها فإنه قد أفسدها و عطلها علی الأزواج فعلی الإمام أن یغرمه دیتها، و إن أمسکها و لم یطلقها حتی تموت فلا شیء علیه)(3) و مثلها خبر برید بن معاویة(4).

و ذهب المشهور إلی الدیة قبل بلوغها تسع سنین أمسک أو طلق اعتمادا علی صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من وطئ امرأته قبل تسع سنین فأصابها عیب فهو ضامن)(5)، و مثله صحیحه الآخر6 و خبر طلحة بن زید7.

إلا أنها مطلقة لا بد من تقییدها بصحیح حمران المتقدم.

(3)قد تقدم فی کتاب النکاح.

(4)فی تحقق الإفضاء.

ص:643


1- (1) الوسائل الباب - 9 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 26 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 45 - من أبواب مقدمات النکاح حدیث 9.
4- (4) الوسائل الباب - 44 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.
5- ( (5 و 6 و 7) الوسائل الباب - 45 - من أبواب مقدمات النکاح حدیث 5 و 8 و 6.

بأیهما کان، لذهاب منفعة الجماع معهما. و لا فرق بین الزوج و غیره إذا کان قبل بلوغها، و تختص (1) بغیره بعده (2)(و تسقط عن الزوج إذا کان بعد البلوغ)، لأنه فعل مأذون فیه شرعا (3) إذا لم یکن بتفریط، و إلا فالمتجه ضمان الدیة کالضعیفة التی یغلب الظن بإفضائها (4)(و لو کان قبله (5) ضمن مع المهر دیتها) (6) إن وقع بالجماع، لتحقق الدخول الموجب لاستقراره، و لو وقع بغیره بنی استقراره (7) علی عدم عروض موجب التنصیف (8)(و أنفق) الزوج (علیها حتی یموت أحدهما) (9) و قد تقدم فی النکاح أنها تحرم علیه مؤبدا مضافا إلی ذلک و إن لم تخرج عن حباله بدون الطلاق، و کذا لا تسقط عنه النفقة و إن طلقها، لصحیحة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: علیه الإجراء علیها ما دامت حیة.

و فی سقوطها بتزویجها (10) بغیره وجهان من إطلاق النص بثبوتها إلی أن (1)الدیة.

(2)أی بغیر الزوج بعد البلوغ.

(3)أی الوط ء الموجب للإفضاء.

(4)بحیث کان وطؤها موجبا لإفضائها و لو ظنا و مع ذلک أقدم الزوج فیکون ضامنا للدیة لأنه مفرّط.

(5)أی لو کان الإفضاء قبل البلوغ و کان الإفضاء من الزوج.

(6)فالمهر للدخول و الدیة للإفضاء، و قد تعرض الأصحاب إلی المهر هنا مع أنه یدور مدار الدخول لئلا یتوهم دخوله فی الدیة، هذا إذا تحقق الإفضاء بالوط ء، أما لو أفضاها بغیره لم یستقر المهر فی الزوجیة و لا یلزمه مهر فی الأجنبیة لأنه منوط بالدخول و هو مفقود.

(7)أی استقرار المهر.

(8)کالطلاق قبل الوط ء فإنه یوجب تنصیف المهر.

(9)لصحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن رجل تزوج جاریة فوقع علیها فأفضاها قال: علیه الإجراء علیها ما دامت حیة)(1).

(10)أی سقوط النفقة، فذهب المعظم إلی عدم السقوط لإطلاق صحیح الحلبی المتقدم المغیّا بالموت، لا بالطلاق أو بالزواج من الغیر و عن ابن فهد و الصیمری و فخر المحققین تقیید وجوب الإنفاق بما إذا لم تتزوج بغیره، لأن الإنفاق لعلة تعطیلها علی الأزواج و هی-

ص:644


1- (1) الوسائل الباب - 34 - من أبواب ما یحرم بالمصاهرة حدیث 4.

یموت أحدهما، و من حصول الغرض بوجوبها علی غیره (1)، و زوال الموجب لها (2)، و إن العلة عدم صلاحیتها لغیره بذلک (3)، و تعطلها عن الأزواج و قد زال فیزول الحکم.

و فیه منع انحصار الغرض فی ذلک (4)، و منع العلیة المؤثرة (5) و زوال الزوجیة لو کان کافیا لسقطت بدون التزویج (6). و هو باطل اتفاقا.

التاسعة عشرة - فی الألیین

(التاسعة عشرة - فی الألیین) (7) و هما: اللحم الناتئ بین الظهر و الفخذین (الدیة. و فی کل واحدة النصف) إذا أخذت إلی العظم الذی تحتها، و فی ذهاب بعضهما بقدرة (8)، فإن جهل المقدار قال فی التحریر: وجبت حکومة (9).

و یشکل بما لو قطع بزیادة مقداره عن الحکومة، أو نقصانه مع الجهل بمجموع المقدار، فینبغی الحکم بثبوت المحقق منه (10) کیف کان.

العشرون - الرجلان فیهما الدیة

(العشرون - الرجلان فیهما الدیة (11) و فی کل واحدة النصف و حدّهما مفصل) -منتفیة بعد تزویجها بغیره مع امتناع وجوب النفقة بالزوجیة علی أکثر من واحد، و فیه: إن الإنفاق للإفضاء لا للزوجیة.

(1)أی بوجوب النفقة علی غیر المفضی.

(2)للنفقة، و الموجب هو العلقة الزوجیة.

(3)أی الإفضاء و هو المعبّر عنه بتعطیلها علی الأزواج.

(4)رد للدلیل الأول و حاصله: إن الإنفاق عقوبة له للإفضاء، و لم تکن النفقة من باب الزوجیة حتی تنتفی إذا تزوجت بغیره و صارت النفقة الزوجیة علی الزوج الجدید.

(5)رد للدلیل الثانی و حاصله: إن الإنفاق للإفضاء و لیس للزوجیة حتی ینتفی بانتفائها.

(6)أی الإنفاق و هو رد للدلیل الثالث.

(7)ففی قطعهما الدیة کاملة و فی الواحد منهما نصف الدیة للخبر العام المتقدم مرارا.

(8)أی بقدر الذاهب بالنسبة للمجموع.

(9)و الأولی هو الصلح.

(10)أی المتیقن للأصل.

(11)بلا خلاف فیه للخبر العام، و لأخبار خاصة منها: معتبرة سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الرجل الواحدة نصف الدیة)(1)، بلا فرق بین الیمنی و الیسری.

ص:645


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 7.

(الساق) (1) و إن اشتملت علی الأصابع.(و فی الأصابع منفردة الدیة (2) و فی کل واحدة عشر)، سواء الإبهام و غیره. و الخلاف هنا کما سبق (و دیة کل إصبع مقسومة علی ثلاث أنامل) بالسویة (3)(و) دیة (الإبهام) مقسومة (علی اثنین) بالسویة أیضا.(و فی الساقین) و حدّهما الرکبة (الدیة (4)، و کذا فی الفخذین)، لأن کل واحد منهما مما فی الإنسان منه اثنان.

هذا إذا قطعا منفردین عن الرجل، و قطع الفخذ منفردا عن الساق أما لو جمع بینهما، أو بینها. ففیه ما مر فی الیدین من احتمال دیة واحدة إذا قطع من المفصل (5) و دیة و حکومة (6). و تعدد الدیة بتعدد موجبه (7). و الکلام فی الإصبع الزائدة و الرجل (8) ما تقدم (9).

الحادیة و العشرون - فی الترقوة أربعون دینارا

(الحادیة و العشرون - فی الترقوة) (10) بفتح التاء فسکون الراء فضم القاف (1)فالرجل تطلق من المفصل و من الرکبة و من الفخذ، فالقطع من أی موضع من هذه المواضع موجب للدیة لصدق قطع الرجل.

(2)کأصابع الیدین، و الخلاف هنا من ناحیة زیادة دیة الإبهام أو بالتساوی جار هنا لوحدة الدلیل.

(3)لأنه مؤلف من ثلاثة أنامل فتقسم دیته علیها.

(4)إذا قطعت الرجل من المفصل أولا ثم قطعت الساقان، ففیهما الدیة، و کذا فی قطع الفخذین بلا خلاف فیه للخبر العام.

(5)أی من أصل الفخذ.

(6)إذا قطعت القدم مع شیء من الساق.

(7)بحیث تکون دیة للقدم و دیة للساق و دیة للفخذ.

(8)أی الزائدة.

(9)فی الید.

(10)ففی کسرها إذا جبرت علی غیر عثم و لا عیب أربعون دینارا، و فی صدعها أربعة أخماس دیة کسرها، و فی موضحتها خمسة و عشرون دینارا و فی نقل عظامها نصف دیة کسرها، و فی نقبها ربع دیة کسرها، علی المشهور - علی ما قیل - بین الأصحاب لمعتبرة ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و فی الترقوة إذا انکسرت فجبرت علی غیر عثم و لا عیب أربعون دینارا، فإن انصدعت فدیتها أربعة أخماس کسرها اثنان و ثلاثون دینارا، فإن -

ص:646

و هی العظم الذی بین ثغرة النحر، و العاتق (1)(إذا کسرت فجبرت علی غیر عیب أربعون دینارا) روی ذلک فی کتاب ظریف. و لو جبرت علی عیب احتمل استصحاب الدیة کما لو لم تجبر، و الحکومة رجوعا إلی القاعدة.

و یشکل (2) لو نقصت عن الأربعین، لوجوبها فیما لو عدم العیب فکیف لا تجب معه. و لو قیل بوجوب أکثر الأمرین کان حسنا.(و ترقوة المرأة کالرجل) فی وجوب الأربعین عملا بالعموم (3) و لو کان ذمیا فنسبتها إلی دیة المسلم من دیته (4).

(و فی کسر عظم من عضو خمس دیة) ذلک (العضو (5)، فإن صلح علی) -أوضحت فدیتها خمسة و عشرون دینارا و ذلک خمسة أجزاء من ثمانیة من دیتها إذا انکسرت، فإن نقل منها العظام فدیتها نصف دیة کسرها عشرون دینارا، فإن نقبت فدیتها ربع دیة کسرها عشرة دنانیر)(1).

و أما إذا جبرت علی عیب أو عثم فالخبر لم یتعرض لحکمه و المرجع فیه الحکومة، و قد حکم الشیخ فی المبسوط و الخلاف فی الترقوتین الدیة، و لعله ناظر إلی غیر الکسر مما یوجب قطعها و عدم صلاحها بالمرة.

(1)من کل جانب.

(2)أی الحکومة.

(3)بعموم خبر ظریف.

(4)فتکون ترقوة الذمی باثنین و ثلاثین درهما.

(5)علی المشهور، و جعل الشارح کتاب ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام هو المستند کما فی المسالک، مع أن خبر ظریف موزع علی أبواب الفقه فی الوسائل لکن النظر فی متفرقاته یعطی أن خمس دیة العضو فی کسر المنکب و العضد و المرفق و الکف و الورک و الرکبة و الساق و القدم و الساعد کما فی روایة الکافی بالنسبة للأخیر، إذا صلحت علی غیر عثم و لا عیب فی جمیع المذکورات(2) مع أن المشهور قد التزم بأربعة أخماس دیة کسره لو صلح علی صحة فلا یکون خبر ظریف دالا علی قول المشهور کما اعترف بذلک فی مفتاح الکرامة. و نقل عن المحقق فی کتاب نکت النهایة: (إن هاتین المسألتین یعنی مسألة الکسر و الرض ذکرهما الشیخان و تبعهما المتأخرون و لم یشیروا إلی المستند».

ص:647


1- (1) الوسائل الباب - 9 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 9 و 10 و 11 و 15 و 16 - من أبواب دیات الأعضاء.

(صحة فأربعة أخماس دیة کسره، و فی موضحته ربع دیة کسره (1)، و فی رضه ثلث دیة) ذلک (العضو) (2).

و فی بعض نسخ الکتاب ثلثا دیته بألف التثنیة. و الظاهر أنه سهو، لأن الثلث هو المشهور و المروی (فإن صلح) المرضوض (علی صحة فأربعة أخماس دیة رضه) و لو صلح بغیر صحة فالظاهر استصحاب دیته (3)(و فی فکه (4) بحیث یتعطل العضو ثلثا دیته)، لأنه ذلک بمنزلة الشلل (فإن صلح علی صحة فأربعة أخماس دیة فکه) و لو لم یتعطل (5) فالحکومة، هذا هو المشهور. و الأکثر لم یتوقفوا فی حکمه، إلا المحقق فی النافع فنسبه إلی الشیخین. و المستند کتاب ظریف مع اختلاف یسیر. فلعله نسبه إلیهما، لذلک.

الثانیة و العشرون - فی کل ضلع مما یلی القلب

(الثانیة و العشرون - فی کل ضلع مما یلی القلب) (6) أی من الجانب الذی فیه (1)علی المشهور لخبر یونس و ابن فضال عن الإمام الرضا علیه السّلام: (و دیة موضحته ربع دیة کسره)(1).

(2)هذا إذا لم یبرأ، و إن برئ من غیر عیب فأربعة أخماس دیة رضه، و قد سمعت کلام المحقق فی الرض و الکسر و أنه هنا دون مستند، إلا أنه فی خبر ظریف فی رض کل من المنکب و المرفق و الورک و الرکبة إذا انجبر علی عثم ثلث دیة النفس(2)، بعد حمل المرضوض علی المنکبین و المرفقین و الورکین و الرکبتین و إن ورد فی الخبر بلفظ المفرد فیکون دلیلا للمشهور.

(3)أی ثلث دیة العضو کما لو لم یصلح.

(4)أی فک العظم عن العضو بحیث یتعطل العضو فثلثا الدیة، و إن صلح علی غیر عیب فأربعة أخماس دیة فکه علی المشهور و فی خبر ظریف ما یدل علی ذلک، بالإضافة إلی دعوی أن ذلک بمنزلة الشلل فی العضو و قد عرفت أن الشلل موجب لثلثی الدیة.

(5)أی العضو بعد فک العظم عنه فالحکومة لعدم المقدر الشرعی.

(6)علی المشهور لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و فی الأضلاع فیما خالط القلب من الأضلاع إذا کسر منها ضلع فدیته خمسة و عشرون دینارا، و فی صدعه اثنا عشر دینارا و نصف، و دیة نقل عظامها سبعة دنانیر و نصف، و موضحته علی ربع دیة کسره، و نقبه-

ص:648


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 3.
2- (2) الوسائل الباب - 9 و 10 و 11 و 15 - من أبواب دیات الأعضاء.

القلب (إذا کسرت خمسة و عشرون دینارا، و إذا کسرت) تلک الضلع (مما یلی العضد عشرة دنانیر) و یستوی فی ذلک جمیع الأضلاع و المستند کتاب ظریف (و لو کسر عصعصه) (1) بضم عینیه و هو عجب الذنب بفتح عینه و هو عظمه یقال: إنه أول ما یخلق، و آخر ما یبلی (فلم یملک) حیث کسر (غائطه) و لم یقدر علی إمساکه (ففیه الدیة)، لصحیحة سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی رجل کسر بعصوصه فلم یملک استه فقال: فیه الدیة کاملة. و البعصوص هو العصعص، لکن لم یذکره أهل اللغة فمن ثم عدل المصنف عنه إلی العصعص المعروف لغة.

و قال الراوندی: البعصوص عظم رقیق حول الدبر.

(و لو ضرب عجانه) (2) بکسر العین و هو ما بین الخصیة، و الفقحة (فلم یملک غائطه و لا بوله ففیه الدیة) أیضا (فی روایة) إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام و نسبه إلی الروایة، لأن إسحاق فطحی و إن کان ثقة. و العمل بروایته مشهور کالسابق (3) و کثیر من الأصحاب لم یذکر فیه خلافا.

-مثل ذلک، و فی الأضلاع مما یلی العضدین دیة کل ضلع عشرة دنانیر إذا کسر، و دیة صدعه سبعة دنانیر، و دیة نقل عظامه خمسة دنانیر، و فی موضحة کل ضلع منها ربع دیة کسره دیناران و نصف، فإن نقب ضلع منها فدیتها دیناران و نصف)(1)، و ابن إدریس لم یفرق فی دیة الأضلاع فحکم بأن دیة کل ضلع خمسة و عشرین دینارا و لا دلیل له علی هذا الإطلاق.

(1)بحیث لا یملک استه فالدیة کاملة لصحیح سلیمان بن خالد: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل کسر بعصوصه فلم یملک استه ما فیه من الدیة؟ فقال: الدیة کاملة)(2).

(2)فلم یملک غائطه و لا بوله ففیه الدیة کاملة لمعتبرة إسحاق بن عمار: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی الرجل یضرب علی عجانه فلا یستمسک غائطه و لا بوله أن فی ذلک الدیة کاملة)(3).

(3)کالخبر السابق الذی عمل به المشهور.

ص:649


1- (1) الوسائل الباب - 13 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 9 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 9 - من أبواب دیات المنافع حدیث 2.

(و من افتض بکرا بإصبعه فخرق مثانتها) بفتح المیم و هو مجمع البول (فلم تملک بولها فدیتها) (1) لخرق المثانة (و مهر مثل نسائها) للافتضاض علی الأشهر لتفویت تلک المنفعة الواحدة فی البدن، و لروایة هشام بن إبراهیم عن أبی الحسن علیه السّلام، لکن الطریق ضعیف (2).

(و قیل: ثلث دیتها)، لروایة ظریف أن علیا علیه السّلام قضی بذلک و هی أشهر، لکن الأولی أولی لما ذکرناه (3) و إن اشترکتا فی عدم صحة السند (4).

(و من داس بطن إنسان (5) حتی أحدث) بریح، أو بول، أو غائط (دیس بطنه) حتی یحدث کذلک (أو یفتدی ذلک بثلث الدیة علی روایة) السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام أن أمیر المؤمنین علیه السّلام قضی بذلک، و عمل بمضمونها الأکثر و نسبه المصنف إلی الروایة لضعفها و من ثم أوجب جماعة الحکومة، لأنه المتیقن و هو قوی.

(1)علی المشهور لخبر هشام بن إبراهیم عن أبی الحسن علیه السّلام: (الدیة)(1)، و قال فی الفقیه: «و أکثر روایات أصحابنا فی ذلک الدیة کاملة»2.

لکن فی خبر أبی عمرو المتطبب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل افتض جاریة بإصبعه فخرق مثانتها فلا تملک بولها فجعل لها ثلث الدیة مائة و ستة و ستین دینارا و ثلثی دینار، و قضی لها علیه بصداق مثل نساء قومها)(2)، و مثلها خبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام4، و الأخیران أشهر.

(2)فالخبر مرسل و هشام بن إبراهیم مشترک بین الثقة و غیره.

(3)من تفویت المنفعة الوحیدة فی البدن فیکون فیها دیة کاملة.

(4)و قد عرفت أن خبر ظریف صحیح فی بعض طرقه.

(5)بحیث خرج منه البول أو الغائط فعلیه ثلث الدیة أو یداس بطنه حتی یحدث فی ثیابه لمعتبرة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (رفع إلی أمیر المؤمنین علیه السّلام رجل داس بطن رجل حتی أحدث فی ثیابه، فقضی علیه أن یداس بطنه حتی یحدث فی ثیابه کما أحدث، أو یغرم ثلث الدیة)(3)

ص:650


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 30 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 3 و 4.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 30 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2 و 3.
3- (5) الوسائل الباب - 20 - من أبواب قصاص الطرف حدیث 1.

القول فی دیة المنافع و هی ثمانیة أشیاء:

اشارة

(القول فی دیة المنافع و هی ثمانیة أشیاء:)

الأول - فی ذهاب العقل الدیة

(الأول - فی ذهاب العقل الدیة) کاملة (1)(و فی) ذهاب (بعضه بحسابه) أی حساب الذاهب من المجموع (بحسب نظر الحاکم) (2) إذ لا یمکن ضبط الناقص علی الیقین.

و قیل: یقدر بالزمان فإن جنّ یوما و أفاق یوما فالذاهب النصف أو جنّ یوما و أفاق یومین فالثلث و هکذا (و لو شجه فذهب عقله لم تتداخل) دیة الشجة و دیة العقل، بل تجب الدیتان (و إن کان بضربة واحدة) و کذا لو قطع له عضوا غیر (1)بلا خلاف فیه لصحیح أبی عبیدة الحذّاء قال: (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط علی رأسه ضربة واحدة فأجافه حتی وصلت الضربة إلی الدماغ فذهب عقله، قال: إن کان المضروب لا یعقل منها أوقات الصلاة و لا یعقل ما قال و لا ما قیل له، فإنه ینتظر به سنة فإن مات فیما بینه و بین السنة أقید به ضاربه، و إن لم یمت فیما بینه و بین السنة و لم یرجع إلیه عقله أغرم ضاربه الدیة فی ماله لذهاب عقله، قلت: فما تری علیه فی الشجة شیئا؟ قال: لا، لأنه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنایتین فألزمته أغلظ الجنایتین و هی الدیة)(1). و تتداخل الجنایتان قد ذهب إلیه الشیخ فی النهایة و ابن سعید فی الجامع اعتمادا علی الخبر المذکور و ذهب المحقق فی الشرائع و جماعة إلی عدم تداخل الجنایتین للأصل و لصحیح إبراهیم بن عمرو عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه و بصره و لسانه و عقله و فرجه و انقطع جماعه و هی حیّ بست دیات)(2)، و قد تقدم الکلام فیه.

(2)علی رأی جماعة إذ لا طریق إلی تقدیر النقصان کی توزع علیه الدیة.

و ذهب الشیخ فی المبسوط و ابن حمزة فی الوسیلة و العلاّمة فی القواعد إلی التقدیر بالزمان: فلو جنّ یوما و أفاق یوما کان الذاهب نصف العقل، أو جنّ یوما و أفاق یومین فیکون الذاهب الثلث، و هذا تخمین و استحسان و لا دلیل شرعی علیه فلا یصلح أن یکون مستندا للحکم الشرعی، فالأولی الرجوع إلی الحکومة أو الصلح.

ص:651


1- (1) الوسائل الباب - 7 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 6 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.

الشجة فذهب عقله (و لو عاد العقل بعد ذهابه) و أخذ دیته (لم تستعد الدیة) (1) لأنه هبة من اللّه تعالی مجددة (إن حکم أهل الخبرة (2) بذهابه بالکلیة) أما مع الشک فی ذهابه فالحکومة.

الثانی - السمع و فیه الدیة

(الثانی - السمع (3) و فیه الدیة) إذا ذهب من الأذنین معا (مع الیأس) من عوده (و لو رجا) أهل الخبرة (عوده) و لو بعد مدة (انتظر، فإن لم یعد فالدیة) کاملة (و إن عاد فالأرش) لنقصه زمن فواته (و لو تنازعا فی ذهابه) فادعاه المجنی علیه و أنکره الجانی، أو قال: لا أعلم صدقه و حصل الشک فی ذهابه (اعتبر حاله عند الصوت العظیم، و الرعد القوی، و الصیحة عند غفلته، فإن تحقق) الأمر بالذهاب و عدمه حکم بموجبه (و إلا حلف القسامة) (4) و حکم له، و الکلام فی ذهابه بشجة (1)لخبر أبی حمزة الثمالی عن أبی جعفر علیه السّلام: (قلت له: - جعلت فداک - ما تقول فی رجل ضرب رأس رجل بعمود فسطاط فأمّه - یعنی ذهب عقله -؟ قال: علیه الدیة، قلت: فإن عاش عشرة أیام أو أقل أو أکثر فرجع إلیه عقله أ له أن یأخذ الدیة؟ قال:

لا، قد مضت الدیة بما فیها)(1).

(2)قید لعدم استعادة الدیة، لأنه قال فی المسالک بعد إیراد خبر أبی حمزة: «و فی الطریق جهالة و لو قیل بالرجوع إلی أهل الخبرة فی ذلک فإن قضوا بذهابه بالکلیة لم ترجع و إلاّ فالحکومة کانت حسنا».

(3)و فی ذهابه الدیة بلا خلاف فیه للأخبار منها: الخبر العام.

و منها: صحیح یونس: (أنه عرض کتاب الدیات علی أبی الحسن الرضا علیه السّلام و کان فیه: فی ذهاب السمع کله ألف دینار)(2)، و صحیح سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل ضرب رجلا فی أذنه بعظم فادعی أنه لا یسمع قال: یترصد و یستغفل و ینتظر به سنة فإن سمع أو شهد علیه رجلان أنه یسمع و إلا حلفه و أعطاه الدیة، قیل: یا أمیر المؤمنین فإن عثر علیه بعد ذلک أنه یسمع قال: إن کان اللّه ردّ علیه سمعه لم أر علیه شیئا)(3).

(4)لصحیح سلیمان بن خالد.

ص:652


1- (1) الوسائل الباب - 7 - من أبواب دیات المنافع حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.

و قطع أذن کما تقدم من عدم التداخل.

(و فی) ذهاب (سمع إحدی الأذنین) أجمع (النصف) (1) نصف الدیة (و لو نقص سمعها) من غیر أن یذهب أجمع (قیس إلی الأخری) بأن تسد الناقصة و تطلق الصحیحة ثم یصاح به بصوت لا یختلف کمیة کصوت الجرس حتی یقول: لا أسمع، ثم یعاد علیه ثانیا من جهة أخری فإن تساوت المسافتان صدق، و لو فعل به کذلک فی الجهات الأربع کان أولی، ثم تسد الصحیحة و تطلق الناقصة و تعتبر بالصوت کذلک حتی یقول: لا أسمع، ثم یکرر علیه الاعتبار کما مر، و ینظر التفاوت بین الصحیح و الناقص و یؤخذ من الدیة بحسابه (2).

و لیکن القیاس فی وقت سکون الهواء فی مواضع معتدلة (و لو نقصا معا (3) قیس إلی أبناء سنه) من الجهات المختلفة بأن یجلس قرنه بجبنه، و یصاح بهما بالصوت المنضبط من مسافة بعیدة لا یسمعه واحد منهما، ثم یقرب المنادی شیئا (1)بلا خلاف فیه للخبر العام.

(2)ففی روایة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل و جیء فی أذنه فادعی أن إحدی أذنیه نقص من سمعها شیئا، قال: تسدّ التی ضربت سدا شدیدا و یفتح الصحیحة فیضرب له بالجرس، و یقال له: اسمع، فإذا خفی علیه الصوت علّم مکانه، ثم یضرب به من خلفه و یقال له: اسمع فإذا خفی علیه الصوت علم مکانه، ثم یقاس ما بینهما فإن کان سواء علم أنه قد صدق، ثم یؤخذ به عن یمینه فیضرب به حتی یخفی علیه الصوت ثم یعلّم مکانه، ثم یؤخذ به عن یساره فیضرب به حتی یخفی علیه الصوت ثم یعلّم مکانه، ثم یقاس فإن کان سواء علم أنه قد صدق، ثم تفتح أذنه المعتلّة و تسدّ الأخری سدا جیدا ثم یضرب بالجرس من قدامه ثم یعلم حتی یخفی علیه الصوت، یصنع به کما صنع أول مرة بأذنه الصحیحة ثم یقاس فضل ما بین الصحیحة و المعتلّة فیعطی الأرش بحساب ذلک)(1)، و بما أن الروایة ضعیفة السند بعلی بن أبی حمزة البطائنی فاکتفی الأصحاب بما یتیقن من صدقه و لو بتکریر الامتحان من جهتین دون الجهات الأربع و إن کان للجهات الأربع أولی کما قال الشارح.

(3)أی السمعان.

ص:653


1- (1) الوسائل الباب - 3 - من أبواب دیات المنافع حدیث 2.

فشیئا - إلی أن یقول -: القرن سمعت فیعرف الموضع ثم یدام الصوت و یقرب إلی أن یقول المجنی علیه: سمعت فیضبط ما بینهما من التفاوت، و یکرر کذلک و یؤخذ بنسبته من الدیة حیث لا یختلف، و یجوز الابتداء من قرب کما ذکر (1).

الثالث - فی ذهاب الإبصار الدیة

(الثالث - فی ذهاب الإبصار) (2) من العینین معا (الدیة) و فی ضوء کل عین نصفها، سواء فقأ الحدقة أم أبقاها، بخلاف إزالة الأذن و إبطال السمع منها، و سواء صحیح البصر و الأعمش و الأخفش و من فی حدقته بیاض لا یمنع أصل البصر (3). و إنما یحکم بذهابه (إذا شهد به شاهدان) عدلان (4)(أو صدقة) (1)فی دعوی نقصان سمع إحدی الأذنین، و هذه التجربة فی معرفة نقص السمع فی الأذنین معتبرة لأنها تفید الاطمئنان و لخبر القداح - الوارد فی دعوی نقصان البصر - عن أبی عبد اللّه عن أبیه علیهما السّلام: (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام برجل قد ضرب رجلا حتی نقص من بصره، فدعا برجل من أسنانه ثم أراهم شیئا فنظر ما انتقص من بصره فأعطاه دیة ما انتقص من بصره)(1).

(2)ففی ذهابه من العینین الدیة کاملة و فی ذهابه من إحداهما نصف الدیة بلا خلاف فیه للخبر العام و لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و الضوء کله من العینین ألف دینار)(2)، و لصحیح إبراهیم بن عمر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه و بصره و لسانه و عقله و فرجه و انقطع جماعه و هو حیّ بست دیات)(3) و مثلها غیرها. و هی ظاهرة فی وجوب الدیة بذهاب البصر و لو بقیت الحدقة، نعم لو قلع الحدقتین ففیهما الدیة کاملة و فی إحداهما نصف الدیة و لو کان بسببها قد ذهب الضوء أیضا لصحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و فی العینین الدیة، و فی إحداهما نصف الدیة)(4)، و لخبر زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و فی العینین الدیة و فی إحداهما نصف الدیة)5، بخلاف السمع و الأذن فإن فی ذهاب کل منهما الدیة کاملة لأن السمع لیس فی الأذن بل بما ورائها بخلاف الضوء و البصر فإنه فی العین.

(3)لإطلاق النصوص المتقدمة.

(4)لعموم حجیة البینة.

ص:654


1- (1) الوسائل الباب - 8 - من أبواب دیات المنافع حدیث 4.
2- (2) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 3.
3- (3) الوسائل الباب - 6 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.
4- ( (4 و 5) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 4 و 6.

(الجانی (1)، و یکفی) فی إثباته (شاهد و امرأتان إن کان ذهابه من غیر عمد)، لأنه حینئذ یوجب المال و شهادتهما مقبولة فیه (2)، هذا کله مع بقاء الحدقة، و إلا لم یفتقر إلی ذلک (3).

(و لو عدم الشهود) حیث یفتقر إلیهما و کان الضرب مما یحتمل زوال النظر معه (حلف) المجنی علیه (القسامة (4) إذا کانت العین قائمة) و قضی له.

و قیل: یقابل بالشمس فإن بقیتا مفتوحتین صدق، و إلا کذب لروایة الأصبغ عن أمیر المؤمنین علیه السّلام و فی الطریق ضعف.

(و لو ادعی نقصان) بصر (إحداهما قیست إلی الأخری) کما ذکر فی السمع.

(1)فهو إقرار فی حقه فیکون نافذا.

(2)أی شهادة النساء مقبولة فی الأمور المالیة کما تقدم فی کتاب الشهادات.

(3)لأنه مع ذهاب الحدقة فلا داعی للبرهان مع بروز العیان.

(4)بلا خلاف بین من تعرض له کما فی الجواهر، لخبر یونس و ابن فضال عن أبی الحسن الرضا علیه السّلام عند ما عرضا علیه کتاب ظریف: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام إذا أصیب الرجل بإحدی عینیه فإنها تقاس ببیضة تربط علی عینه المصابة و ینظر ما منتهی عینه الصحیحة، ثم تغطی الصحیحة و ینظر ما منتهی نظر عینه المصابة فیعطی دیته من حساب ذلک، و القسامة مع ذلک من الستة الأجزاء علی قدر ما أصیب من عینه، فإن کان سدس بصره حلف هو وحده و أعطی، و إن کان ثلث بصره حلف هو و حلف معه رجل واحد، و إن کان نصف بصره حلف هو و حلف معه رجلان، و إن کان ثلثی بصره حلف هو و حلف معه ثلاثة نفر، و إن کان أربعة أخماس بصره حلف هو و حلف معه أربعة نفر، و إن کان بصره کله حلف هو و حلف معه خمسة نفر)(1).

و قد ورد فی خبر الأصبغ عن أمیر المؤمنین علیه السّلام فیمن ادعی ذهاب بصره بالجنایة:

(فأما ما ادّعاه فی عینیه فإنه یقابل بعینیه الشمس فإن کان کاذبا لم یتمالک حتی یغمّض عینیه و إن کان صادقا بقیتا مفتوحتین)(2) من دون اشتراط القسامة و فی طریق الخبر ضعف بمحمد بن فرات مع عدم إمکان روایته عن الأصبغ فیکون الخبر مرسلا.

ص:655


1- (1) الوسائل الباب - 12 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.

و أجود ما یعتبر به ما روی صحیحا عن الصادق علیه السّلام (1) أن تربط عینه الصحیحة و یأخذ رجل بیضة و یبعد حتی یقول المجنی علیه: ما بقیت أبصرها فیعلم عنده، ثم تشد المصابة، و تطلق الصحیحة و تعتبر کذلک، ثم تعتبر فی جهة أخری، أو فی الجهات الأربع فإن تساوت صدق و إلا کذب، ثم ینظر مع صدق ما بین المسافتین و یؤخذ من الدیة بنسبة النقصان (أو) ادعی (نقصانهما قیستا إلی أبناء سنه) (2) بأن یوقف معه و ینظر ما یبلغه نظره ثم یعتبر ما یبلغه نظر المجنی علیه و یعلم نسبة ما بینهما (فإن استوت المسافات الأربع (3) صدق، و إلا کذب).

و حینئذ فیحلف الجانی علی عدم النقصان (4) إن ادعاه (5) و إن قال: لا أدری لم یتوجه علیه الیمین، و لا یقاس النظر فی یوم غیم (6)، و لا فی أرض مختلفة الجهات (7) لئلا یحصل الاختلاف بالعارض.

الرابع - فی إبطال الشم الدیة

(الرابع - فی إبطال الشم) (8) من المنخرین معا (الدیة) و من أحدهما خاصة (1)و هو صحیح معاویة بن عمار، الوسائل الباب - 8 - من أبواب دیات المنافع، حدیث 1، و مثله غیره بالإضافة إلی خبر یونس و ابن فضال المتقدم.

(2)لصحیح عبد اللّه بن میمون القداح عن أبی عبد اللّه عن أبیه علیهما السّلام: (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام برجل قد ضرب رجلا حتی نقص من بصره، فدعا برجل من أسنانه ثم أراهم شیئا فنظر ما انتقص من بصره فأعطاه دیة ما انتقص من بصره)(1).

(3)بالنسبة لقیاس نقصان بصره عن بصر أبناء سنه قیاسا علی ما ورد فی قیاس العین المصابة علی الصحیحة.

(4)لأنه منکر.

(5)أی ادعی عدم النقصان فیکون منکرا لما ادعاه المجنی علیه من النقصان.

(6)لعدم ظهور القیاس فیه و لخبر محمد بن الفضیل عن أبی الحسن علیه السّلام: (لا تقاس عین فی یوم غیم)(2) و مثله معتبرة السکونی3.

(7)حزونة و سهولة و علوا و هبوطا لأنه یمنع من معرفة الحال فلا یظهر القیاس فیها.

(8)ففی إذهابه من المنخرین الدیة کاملة و من أحدهما نصفها بلا خلاف فیه للأخبار منها:

صحیح عاصم بن حمید عن محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (ضرب رجل رجلا-

ص:656


1- (1) الوسائل الباب - 8 - من أبواب دیات المنافع حدیث 4.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 5 - من أبواب دیات المنافع حدیث 2 و 1.

نصفها (و لو ادعی ذهابه) و کذبه الجانی عقیب جنایة یمکن زواله بها (اعتبر بالروائح الطیبة، و الخبیثة)، و الروائح الحادة، فإن تبین حاله حکم به (ثم) أحلف (القسامة) (1) إن لم یظهر بالامتحان و قضی له (و روی) عن أمیر المؤمنین علیه السّلام بالطریق السابق فی البصر (تقریب الحراق) بضم الحاء و تخفیف الراء و تشدیده من لحن العامة قاله الجوهری. و هو ما یقع فیه النار عند القدح أی یقرب بعد علوق النار به (منه فإن دمعت عیناه و نحی أنفه فکاذب، و إلا فصادق). و ضعف طریق الروایة بمحمد بن الفرات یمنع من العمل بها (2)، و إثبات الدیة بذلک (3)، مع أصالة البراءة.

(و لو ادعی نقصه (4) قیل: یحلف و یوجب له الحاکم شیئا بحسب اجتهاده) -فی هامته علی عهد أمیر المؤمنین علیه السّلام فادعی المضروب أنه لا یبصر بعینه شیئا و أنه لا یشم رائحة و أنه قد خرس فلا ینطق، فقال أمیر المؤمنین علیه السّلام: إن کان صادقا فقد وجبت له ثلاث دیات النفس - إلی أن قال -: و أما ما ادعاه فی خیاشیمه و أنه لا یشم رائحة فإنه یستبرأ ذلک بحراق یدنی من أنفه فإن کان صحیحا وصلت رائحة الحراق إلی دماغه و دمعت عیناه و نحّی برأسه) کما فی روایة الصدوق و فی روایة الکافی: (فإنه یدنی منه الحراق فإن کان کما یقول و إلا نحّی رأسه و دمعت عینه)(1) و قد رواه فی الکافی مرسلا.

(1)من باب الاستظهار و إلا فالخبر المتقدم خالیا عنها.

(2)اعلم أن هذا الخبر قد رواه الشیخ عن الأصبغ بن نباتة و طریقه مشتمل علی محمد بن فرات و قد رواه الکافی مرسلا و قد رواه الصدوق مسندا له إلی قضایا أمیر المؤمنین و سند الصدوق صحیح فراجع.

(3)أی و ضعف الطریق یمنع إثبات الدیة بهذا الامتحان الوارد فی الخبر مع أصالة البراءة عنها إلاّ إذا استظهرنا بالقسامة.

(4)قیل یحلف کما عن المبسوط إذ لا طریق إلی البینة و الامتحان و یوجب الحاکم له بما یؤدی إلیه اجتهاده، و تبعه علیه الفاضل.

و فیه: إن حلف المدعی علی خلاف الأصل مع أن الأصل البراءة، و یمکن القول بحلف المدعی بناء علی تقسیم القسامة علی ستة أجزاء کما سمعته فی البصر لخبر یونس و ابن فضال المتقدم.

ص:657


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.

إذ لا طریق إلی البینة، و لا إلی الامتحان. و إنما نسبه إلی القول، لعدم دلیل علیه مع أصالة البراءة، و کون حلف المدعی خلاف الأصل و إنما مقتضاه حلف المدعی علیه علی البراءة.

(و لو قطع الأنف فذهب الشم فدیتان) (1) إحداهما للأنف، و الأخری للشم، لأن الأنف لیس محل القوة الشامة فإنها منبثة فی زائدتی مقدم الدماغ المشبهتین بحلمتی الثدی تدرک ما یلاقیها من الروائح، و الأنف طریق للهواء الواصل إلیها.

و مثله قوة السمع، فإنها مودعة فی العصب المفروش فی مقعر الصماخ یدرک ما یؤدی إلیها الهواء فلا تدخل دیة إحداهما فی الأخری.

الخامس - الذوق فیه الدیة

(الخامس - الذوق (2) قیل) و القائل العلاّمة قاطعا به و جماعة:(فیه الدیة) کغیره من الحواس، و لدخوله فی عموم قولهم علیه السّلام: کل ما فی الإنسان منه واحد ففیه الدیة، و نسبه إلی القیل، لعدم دلیل علیه بخصوصه، و الشک فی الدلیل العام فإنه کما تقدم مقطوع (3)(و یرجع فیه (4) عقیب الجنایة) التی یحتمل إتلافها له (إلی دعواه مع الأیمان) البالغة مقدار القسامة (5)، لتعذر إقامة البینة (1)بلا خلاف فیه کالسمع و الأذن لأن الأصل عدم التداخل بعد أن کانا جنایتین ذاتا و محلا لأن الشم لیس فی الأنف بل فی الدماغ.

(2)قال فی الجواهر - و لقد أجاد -: «و یمکن أن یقال فیه الدیة لقولهم علیهم السّلام: کل ما فی الإنسان منه واحد ففیه الدیة، بل جزم به الحلی و ابن حمزة و یحیی بن سعید و الفاضل علی ما حکی عن بعضهم، لکن قد یشکل بما أسلفناه سابقا من تبادر العضو الواحد منه لا المنفعة، و الأصل البراءة، فیتجه حینئذ فیه الحکومة، و علی کل حال فیرجع فیه عقیب الجنایة التی یترتب علیها مثله غالبا إلی دعوی المجنی علیه مع الاستظهار بالأیمان کما صرح به الفاضل و غیره لأنه من اللوث فیجری علیه حکمه، نعم لو لم یکن ثمة لوث لعدم أمارة تقتضیه، و لا أمکن امتحانه بالأشیاء المرة جدا کان القول قول الجانی فی إنکاره للأصل، و مع تحقق النقصان یقضی الحاکم بما یحسم المنازعة تقریبا، لعدم تقدیر له شرعا، و عدم إمکان معرفة النسبة فیه).

(3)و فیه: إنه صحیح السند لکن هو ظاهر فی الأعضاء لا فی المنافع.

(4)فی الذوق.

(5)و هی الخمسین، و هذا لا دلیل له ظاهرا نعم من الممکن تقسیم القسامة علی الأجزاء الستة الواردة فی المنافع کما تقدم فی البصر لخبری یونس و ابن فضال.

ص:658

علیه، و امتحانه و فی التحریر یجرب بالأشیاء المرة المقرة (1) ثم یرجع مع الاشتباه إلی الأیمان و مع دعواه النقصان یقضی الحاکم بعد تحلیفه بما یراه من الحکومة تقریبا علی القول السابق (2).

السادس - فی تعذر الإنزال للمنی الدیة

(السادس - فی تعذر الإنزال للمنی) حالة الجماع (3)(الدیة)، لفوات الماء المقصود للنسل و فی معناه تعذر الإحبال (4)، و الحبل (5) و إن نزل المنی، لفوات النسل، لکن فی تعذر الحبل دیة المرأة إذا ثبت استناد ذلک إلی الجنایة، و ألحق به إبطال الالتذاذ بالجماع (6) لو فرض مع بقاء الإمناء و الإحبال. و هو بعید، و لو (1)و فی نسخه (المنقرة) و المقرة أی المرّة.

(2)الوارد فی الشم.

(3)علی المشهور، للخبر العام من أن کل ما کان فی الإنسان منه واحد ففیه الدیة و لخبر سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و فی الظهر إذا انکسر حتی لا ینزل صاحبه الماء الدیة کاملة)(1)، و لصحیح إبراهیم بن عمر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه و بصره و لسانه و عقله و فرجه و انقطع جماعه و هو حیّ بست دیات)(2).

و فیه: إن الخبر العام مختص بالأعضاء و لا یشمل المنافع، و خبر سماعة وارد فی کسر الظهر المستوجب لعدم إنزال الماء و لیس ظاهرا فی مطلق عدم الإنزال و لو بغیر کسر الظهر، نعم فلا یبقی إلا الخبر الأخیر الظاهر فی عدم إنزال الماء من لفظ انقطاع الجماع الوارد عقیب ذهاب الفرج بالعنن.

(4)أی فی معنی عدم إنزال الماء، و أوجب الفاضل فی عدم الإحبال و إن کان ینزل الدیة کاملة للخبر العام، و قد عرفت عدم شموله للمنافع.

(5)بالنسبة للمرأة و استدل له بخبر سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (عن رجل وقع بجاریة فأفضاها و کانت إذا نزلت بتلک المنزلة لم تلد، قال: الدیة کاملة)(3) و فیه:

إن الدیة للإفضاء لا لعدم الحبل.

(6)أی ألحق بعدم الإنزال، و فی القواعد الدیة لبطلان الالتذاذ بالطعام أو بالجماع بناء للخبر العام، و قد عرفت عدم شموله للمنافع.

ص:659


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 7.
2- (2) الوسائل الباب - 14 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 9 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.

فرض (1) فالمرجع إلیه فیه (2) مع وقوع جنایة تحتمله مع القسامة (3)، لتعذر الاطلاع علیه من غیره.

السابع - فی سلس البول الدیة

(السابع - فی سلس البول) (4) و هو نزوله مترشحا لضعف القوة الماسکة (الدیة) علی المشهور، و المستند روایة غیاث بن إبراهیم و هو ضعیف، لکنها مناسبة لما یستلزمه من فوات المنفعة المتحدة و لو انقطع (5) فالحکومة.

(و قیل: إن دام إلی اللیل ففیه الدیة، و) إن دام (إلی الزوال) ففیه (الثلثان، و إلی ارتفاع النهار) ففیه (ثلث) الدیة، و مستند التفصیل روایة إسحاق بن عمار عن (1)أی فرض بطلان الالتذاذ مع بقاء الإنزال.

(2)أی فالمرجع إلی المجنی علیه فی بطلان الالتذاذ، لا إلی أهل الخبرة، لأنه أمر لا یعرف إلا من قبله.

(3)الظاهرة فی الخمسین لأنها توجب الدیة کاملة، مع أنک عرفت احتمال أن تکون منقسمة علی ستة أجزاء کما تقدم فی بقیة المنافع.

(4)ففیه الدیة علی المشهور لخبر غیاث بن إبراهیم عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام: (أن علیا علیه السّلام قضی فی رجل ضرب حتی سلس بوله بالدیة کاملة)(1) و یؤیده خبر إسحاق بن عمار: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی الرجل یضرب علی عجانه فلا یستمسک غائطه و لا بوله: أن فی ذلک الدیة کاملة)2.

و ذهب الشیخ و بنو حمزة و سعید و إدریس و المقداد و سید الریاض أنه إذا دام إلی اللیل ففیه الدیة، و إن کان إلی الزوال فثلثا الدیة، و إن کان إلی ارتفاع النهار فثلث الدیة لخبر إسحاق بن عمار الآخر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سأله رجل - و أنا عنده - عن رجل ضرب رجلا فقطع بوله فقال له: إن کان البول یمرّ إلی اللیل فعلیه الدیة لأنه قد منعه المعیشة، و إن کان إلی آخر النهار فعلیه الدیة، و إن کان إلی نصف النهار فعلیه ثلثا الدیة، و إن کان إلی ارتفاع النهار فعلیه ثلث الدیة)(2).

و نقل الفاضل فی القواعد الدیة إلی اللیل و نصفها إلی الظهر و ثلثها إلی الضحوة عن البعض و لم یعرف قائله و لیس له مستند.

(5)أی انقطع السلس و برئ فالحکومة لعدم المقدر له شرعا.

ص:660


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 19 - من أبواب دیات المنافع حدیث 4 و 2.
2- (3) الوسائل الباب - 19 - من أبواب دیات المنافع حدیث 3.

الصادق علیه السّلام معللا الأول بمنعه المعیشة و هو یؤذن بأن المراد معاودته کذلک فی کل یوم کما فهمه منه العلاّمة، لکن فی الطریق إسحاق و هو فطحی، و صالح بن عقبة و هو کذاب غال فلا التفات إلی التفصیل. نعم یثبت الأرش فی جمیع الصور حیث لا دوام (1).

الثامن - فی إذهاب الصوت الدیة

(الثامن - فی إذهاب الصوت) (2) مع بقاء اللسان علی اعتداله و تمکنه من التقطیع و التردید (الدیة)، لأنه من المنافع المتحدة فی الإنسان، و لو أذهب معه حرکة اللسان فدیة و ثلثان (3)، لأنه فی معنی شلله و تدخل دیة النطق بالحروف فی الصوت، لأن منفعة الصوت أهمها النطق، مع احتمال عدمه، للمغایرة.

الفصل الثالث الشجاج و توابعها

اشارة

(الفصل الثالث)

فی معنی الشجاج

(الشجاج) (4) بکسر الشین جمع شجة بفتحها و هی الجرح المختص بالرأس و الوجه، و یسمی فی غیرهما جرحا بقول مطلق (5)(و توابعها) (6) مما خرج عن (1)فی جمیع آنات النهار.

(2)بلا خلاف فیه لخبر یونس عند ما عرض کتاب الدیات علی أبی الحسن الرضا علیه السّلام و کان فیه: (فی ذهاب السمع کله ألف دینار، و الصوت کله من الغنن و البحح ألف دینار)(1).

(3)فالدیة لذهاب الصوت و الثلثان لحرکة اللسان لأنه ذهاب حرکته بمعنی شلله، و هذا ما نص علیه العلامة فی التحریر، و فیه: إن ذهاب حرکة اللسان لا یدرجه تحت الشلل بل یدرجه تحت ذهاب النطق، و فی ذهابه الدیة، و فی الفرض دیتان کما لذهاب النطق و لذهاب الصوت لأنهما منفعتان متباینتان ذاتا و محلا فالنطق من اللسان و الصوت من تقطیع الهواء الخارج من الجوف.

و استشکل العلاّمة فی القواعد فی ذلک لأن معظم الصوت من النطق و لذا حکم بدیة واحدة.

(4)فهی الجرح المختص بالرأس و الوجه و یسمی فی غیرهما جرحا و هی علی المشهور ثمان:

الحارصة و الدامیة و المتلاحمة و السمحاق و الموضحة و الهاشمة و المنقّلة و المأمومة.

(5)غیر مقید.

(6)أی توابع الشجاج الثمانی و سیأتی الکلام فیها.

ص:661


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب دیات المنافع حدیث 1.

الأقسام الثمانیة من الأحکام

فی أنّ الشجاج ثمان

(و هی) أی الشجاج (ثمان: الحارصة و هی القاشرة للجلد و فیها بعیر (1). و الدامیة و هی التی تقطع الجلد و تأخذ فی اللحم یسیرا و فیها: بعیران (2) و الباضعة و هی الآخذة کثیرا فی اللحم) و لا یبلغ سمحاق العظم (و فیها: ثلاثة أبعرة و هی المتلاحمة) (3) علی الأشهر.

و قیل: إن الدامیة هی الحارصة، و إن الباضعة مغایرة للمتلاحمة فتکون الباضعة هی الدامیة بالمعنی السابق، و اتفق القائلان علی أن الأربعة الألفاظ (4) موضوعة لثلاثة معان، و إن واحدا منها مرادف، و الأخبار مختلفة أیضا ففی روایة منصور بن حازم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی الحارصة و هی الخدش بعیر، و فی الدامیة بعیران، و فی روایة مسمع عنه علیه السّلام فی الدامیة بعیر، و فی الباضعة بعیران، و فی المتلاحمة ثلاثة (5)، و الأولی تدل علی الأول، و الثانیة علی الثانی، و النزاع لفظی (6).

(1)بلا خلاف فی ذلک إلا من الإسکافی أن فیها نصف بعیر، و هو مع شذوذه لا یعرف له مستند، و یدل علی المشهور معتبرة منصور بن حازم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الخرصة شبه الخدش بعیر، و فی الدامیة بعیران، و فی الباضعة و هی ما دون السمحاق ثلاث من الإبل، و فی السمحاق و هی دون الموضحة أربع من الإبل، و فی الموضحة خمس من الإبل)(1) و فی خبر السکونی عبّر عن الخارصة بالدامیة، و هو عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قضی فی الدامیة بعیرا، و فی الباضعة بعیرین و فی المتلاحمة ثلاثة أبعرة و فی السمحاق أربعة أبعرة)(2).

(2)و هی المعبر عنها بالباضعة فی خبر السکونی و تدل علیه معتبرة منصور أیضا.

(3)کما فی خبر السکونی و تدل علیه معتبرة منصور المتقدمة.

(4)و هی الحارصة و الدامیة و الباضعة و المتلاحمة.

(5)الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 6، و مثله خبر السکونی المتقدم.

(6)لأن جعل البعیر فی الدامیة دلیل علی أن المراد منها الخارصة.

ص:662


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 14.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 8.

(و السمحاق) بکسر السین المهملة و إسکان المیم (و هی التی تبلغ السمحاقة و هی الجلدة) الرقیقة (المغشیة للعظم) و لا تقشرها (و فیها أربعة أبعرة) (1) و الموضحة و هی التی تکشف عن وضح (العظم) و هو بیاضه و تقشر السمحاقة (و فیها خمسة أبعرة) (2).

(و الهاشمة و هی التی تهشم العظم) أی تکسره و إن لم یسبق بجرح (و فیها عشرة أبعرة (3) أرباعا) علی نسبة ما یوزع فی الدیة الکاملة من بنات المخاض، و اللبون، و المحقق، و أولاد اللبون، فالعشرة هنا بنتا مخاض، و ابنا لبون، و ثلاث بنات لبون، و ثلاث حقق (إن کان خطأ و أثلاثا) علی نسبة ما یوزع فی الدیة الکاملة (إن کان شبیها) بالخطإ فیکون ثلاث حقق، و ثلاث بنات لبون، و أربع خلف حوامل. بناء علی ما دلت علیه صحیحة ابن سنان من التوزیع (4).

و أما علی ما اختاره المصنف (5) فلا یتحقق بالتحریر، و لکن ما ذکرناه منه (1)لدلالة خبری منصور بن حازم و السکونی و کذا خبر مسمع المتقدمین علی ذلک.

(2)لدلالة خبر منصور بن حازم المتقدم و مثله غیره.

(3)لخبر السکونی: (أن علیا علیه السّلام قضی فی الهاشمة بعشر من الإبل)(1).

و الخبر مطلق، لکن فی الشرائع و القواعد و المبسوط أن العشرة أرباعا علی هذا النحو: بنتا مخاض و ابنا لبون و ثلاث بنات لبون و ثلاث حقق، إن کان ذلک خطأ، و إن کان شبیه العمد فثلاث بنات لبون و ثلاث حقق و أربع خلف، و قال فی الجواهر: «و إن لم نقف علی نص علیه هنا بالخصوص و یمکن أن یکون حملوه علی النفس».

(4)فی دیة النفس، و الخبر صحیح ابن سنان: (سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: قال أمیر المؤمنین علیه السّلام فی الخطأ شبه العمد أن یقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر أن دیة ذلک تغلّظ و هی مائة من الإبل: منها أربعون خلفه من بین ثنیّة إلی بازل عامها، و ثلاثون حقّة و ثلاثون بنت لبون، و الخطأ یکون فیه ثلاثون حقة و ثلاثون ابنة لبون و عشرون بنت مخاض و عشرون ابن لبون ذکر)(2).

(5)فی أصل الدیة الکاملة بالنسبة لشبیه العمد من أربع و ثلاثین ثنیة و ثلاث و ثلاثین بنت لبون و ثلاث و ثلاثین حقة تبعا لخبر أبی بصیر کما تقدم البحث فی ذلک فلا یتحقق التحریر المذکور هنا بالنسبة.

ص:663


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الشجاج و المنافع حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات النفس حدیث 1.

مبرئ أیضا، لأنه أزید سنا فی بعضه (1).

(و المنقلة) بتشدید القاف مکسورة (و هی التی تحوج إلی نقل العظم) إما بأن ینتقل عن محله إلی آخر، أو یسقط.

قال المبرد: المنقلة ما یخرج منها عظام صغار و أخذه من النقل بالتحریک و هی الحجارة الصغار.

و قال الجوهری: هی التی تنقل العظم أی تکسره حتی یخرج منها فراش العظام بفتح الفاء قال: و هی عظام رقاق تلی القحف (و فیها خمسة عشر بعیرا (2).

و المأمومة و هی التی تبلغ أم الرأس أعنی الخریطة التی تجمع الدماغ) بکسر الدال و لا تفتقها (و فیها ثلاثة و ثلاثون بعیرا) (3) علی ما دلت علیه صحیحة الحلبی و غیره.

و فی کثیر من الأخبار - و منها صحیحة معاویة بن وهب -: فیها ثلث الدیة فیزید ثلث بعیر و ربما جمع بینها (4) بأن المراد بالثلث ما أسقط منه الثلث (5)، و لو دفعها من غیر الإبل لزمه إکمال الثلث (6)، محررا و الأقوی وجوب الثلث (7).

(1)و هو فی الخلف الحوامل.

(2)بلا خلاف فیه لصحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (و المنقلة خمس عشرة من الإبل)(1) و مثله غیره.

(3)بلا خلاف فیه لصحیح الحلبی المتقدم: (و المأمومة ثلاث و ثلاثون بعیرا من الإبل)(2)، و صحیح معاویة بن وهب عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی الشجة المأمومة ثلث الدیة)3.

(4)بین هذه الصحاح.

(5)أی ثلث بعیر لإطلاق صحیح الحلبی المتقدم.

(6)ثلث الدیة لإطلاق صحیح معاویة بن وهب و غیره.

(7)ثلث الدیة حتی لو کان من الإبل، و یرده إطلاق صحیح الحلبی المتقدم.

ص:664


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 4.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 4 و 12.

(و أما الدامغة، و هی التی تفتق الخریطة) الجامعة للدماغ (و تبعد معها السلامة) من الموت (فإن مات) بها (فالدیة (1) و إن فرض أنه سلم قیل: زیدت حکومة علی المأمومة)، لوجوب الثلث بالأمة فلا بد لقطع الخریطة من حق آخر و هو غیر مقدر فالحکومة، و هو حسن. فهذه جملة الجراحات الثمانیة المختصة بالرأس المشتملة علی تسعة أسماء.

فی التوابع

(و من التوابع: الجائفة و هی الواصلة إلی الجوف) من أی الجهات کان (و لو من ثغرة النحر و فیها ثلث الدیة) (2) بإضافة ثلث البعیر هنا اتفاقا.

(و فی النافذة فی الأنف) (3) بحیث تثقب المنخرین معا و لا تنسد (ثلث) (1)فالدامغة توجب بعد السلامة و تقتضی القصاص أو الدیة، و علی تقدیرها فهی أزید من دیة المأمومة لعدم المقدر الشرعی لها، نعم لو مات فالدیة کما هو واضح.

(2)بلا خلاف فیه للأخبار منها: صحیح معاویة بن وهب: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الشجة المأمومة فقال: ثلث الدیة و الشجة الجائفة ثلث الدیة)(1)، و روایة زید الشحام:

(سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الشجة المأمومة فقال: فیها ثلث الدیة و فی الجائفة ثلث الدیة)2 و هذان الخبران و غیرهما و إن کانا ظاهرین فی الشجة الجائفة فی خصوص الرأس لکن فی معتبرة ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام قال: (و فی الأضلاع فیما خالط القلب من الأضلاع إذا کسر منها ضلع فدیته خمسة و عشرون دینارا - إلی أن قال -: و فی الجائفة ثلث دیة النفس ثلاثمائة و ثلاثة و ثلاثون دینارا و ثلث دینار، و إن نفذت من الجانبین کلیهما رمیة أو طعنة فدیتها أربعمائة دینار و ثلاثة و ثلاثون دینارا و ثلث دینار)(2)، فهی ظاهرة فی الجائفة فی البدن، فجعل الجائفة الموجبة لثلث الدیة فی خصوص الرأس کما عن الأردبیلی لیس فی محله.

(3)علی المشهور لمعتبرة ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (فإن قطع روثة الأنف - و هی طرفه - فدیته خمسمائة دینار، و إن نفذت فیه نافذة لا تنسد بسهم أو رمح فدیته ثلاثمائة دینار و ثلاثة و ثلاثون دینارا و ثلث دینار، و إن کانت نافذة فبرئت و التأمت فدیتها خمس دیة (روثة) الأنف مائة دینار، فما أصیب منه فعلی حساب ذلک، و إن کانت نافذة فی إحدی المنخرین إلی الخیشوم و هو الحاجز بین المنخرین فدیتها عشر دیة روثة الأنف خمسون دینارا، لأنه النصف، و إن کانت نافذة فی أحد المنخرین أو الخیشوم إلی المنخر الآخر-

ص:665


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 12 و 5.
2- (3) الوسائل الباب - 13 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

(الدیة، فإن صلحت) و انسدت (فخمس الدیة).

(و فی النافذة فی أحد المنخرین) خاصة (عشر الدیة) إن صلحت و إلا فسدس الدیة (1)، لأنها (2) علی النصف فیهما (3)، و المستند کتاب ظریف، لکنه (4) أطلق العشر فی إحداهما کما هنا (5)، و التفصیل فیه (6) کالسابق (7) للعلامة.

(و فی شق الشفتین (8) حتی تبدو الأسنان ثلث دیتهما) (9) سواء استوعبهما -فدیتها ستة و ستون دینارا و ثلثا دینار)(1).

(1)لم یذکر خبر ظریف عشر الدیة عند صلاحه، و إنما ذکره العلامة و وجهه أن صلاح المنخرین فیه خمس الدیة عند صلاحه فلا بد أن یکون فی أحدهما عشر الدیة لأنه علی النصف، و لم یذکر خبر ظریف سدس الدیة عند عدم صلاحه و قد ذکره العلامة و وجهه أن خبر ظریف قد ذکر ثلث الدیة فی المنخرین عند عدم صلاحه ففی المنخر الواحد یکون السدس لأنه علی النصف.

(2)أی النافذة فی أحد المنخرین.

(3)فی المنخرین.

(4)خبر ظریف.

(5)کما فی المتن و لم یخصص العشر فیما لو صلح، و لم یذکر الخبر دیة عدم الصلاح و هی السدس.

(6)فی أحد المنخرین صلاحا و فسادا.

(7)کالمنخرین.

(8)لمعتبرة ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (فإن انشقت حتی تبدو الأسنان ثم دوویت و برأت و التأمت فدیتها مائة دینار فذلک خمس دیة الشّفة إذا قطعت و استؤصلت، و ما قطع منها فبحساب ذلک، و إن شترت فشینت شینا قبیحا فدیتها مائة دینار و ثلاثة و ثلاثون دینارا و ثلث دینار، و دیة الشفة السفلی إذا استؤصلت ثلثا الدیة ستمائة و ستة و ستون دینارا و ثلثا دینار، فما قطع منها فبحساب ذلک، فإن انشقّت حتی تبدو الأسنان منها ثم برأت و التأمت فدیتها مائة و ثلاثة و ثلاثون دینارا و ثلث دینار، و إن أصیبت فشینت شینا قبیحا فدیتها ثلاثمائة و ثلاثة و ثلاثون دینارا و ثلث دینار و ذلک نصف دیتها)(2).

(9)مع عدم الصلاح، و هو موافق للخبر بالنسبة للشفة العلیا، و أما فی السفلی فلا لأن الدیة

ص:666


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 5 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

الشق أم لا (و لو برأت) الجراحة (فخمس دیتهما) (1).

و فی شق إحداهما ثلث دیتها إن لم تبرأ (2)، فإن برأت فخمسها استنادا إلی کتاب ظریف.

(و فی احمرار الوجه بالجنایة) (3) من لطمة و شبهها (دینار و نصف).

(و فی اخضراره ثلاثة دنانیر) (4).

(و فی اسوداده ستة) (5) لروایة إسحاق بن عمار (و) المشهور أن هذه الجنایات الثلث (فی البدن علی النصف) (6) و الروایة خالیة عنه (7)، و ظاهرها أن ذلک یثبت -فی الخبر نصف دیة قطعها، و دیة قطعها ثلثا الدیة الکاملة فیکون ثلث الدیة الکاملة لا ثلث دیتها.

(1)بناء علی عدم التنصیف بینهما و إنما دیة الشفة العلیا النصف و خمسه مائة دینار، و دیة الشفة السفلی ثلثا الدیة و خمسهما مائة و ثلاثة و ثلاثون دینارا و ثلث دینار کما فی الخبر.

(2)قد عرفت أن الخبر قد نص علی نصف دیتها إن لم تبرأ بالنسبة للسفلی.

(3)لا خلاف فی ذلک بین الأصحاب و یدل علیه معتبرة إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی اللطمة یسود أثرها فی الوجه أن أرشها ستة دنانیر، فإن لم تسود و اخضرّت فإن أرشها ثلاثة دنانیر، فإن احمرّت و لم تخضر فإن أرشها دینار و نصف)(1) و لا خصوصیة للطمة بل یجری الحکم فی مطلق الجنایة الموجبة لاحمرار الوجه، و لذا عبر الماتن بالجنایة و علّق علیه الشارح من لطمه و غیرها.

(4)بلا خلاف فیه و یدل علیه خبر إسحاق بن عمار المتقدم.

(5)علی الأکثر لروایة إسحاق المتقدمة، و ذهب جماعة منهم السیدان إلی أن الدیة ثلاثة دنانیر بدعوی الإجماع علیه و هو کالاجتهاد فی قبال النص.

(6)علی المشهور لروایة إسحاق و علی روایة الصدوق حیث زاد فی آخره: (و فی البدن نصف ذلک)(2).

مع أن روایة الکلینی و الشیخ خالیة عن هذا القید لذا توقف المحقق فی الشرائع و النافع بل مال المحقق الأردبیلی إلی العدم و ذهب إلی الحکومة.

(7)قد عرفت أن روایة الصدوق قد دلت علیه.

ص:667


1- (1) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 4 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 1.

بوجود أثر اللطمة و نحوها فی الوجه و إن لم یستوعبه و لم یدم فیه عرفا (1).

و ربما قیل باشتراط الدوام (2)، و إلا فالأرش، و لو قیل بالأرش مطلقا (3) لضعف المستند إن لم یکن إجماع کان حسنا. و فی تعدی حکم المروی إلی غیره من الأعضاء التی دیته أقل (4) کالید و الرجل بل الإصبع وجهان (5)، و علی تقدیره (6) فهل یجب فیه بنسبة دیته إلی دیة الوجه، أم بنسبة ما وجب فی البدن إلی الوجه وجهان (7).

و لما ضعف مأخذ الأصل کان إثبات مثل هذه الأحکام أضعف، و إطلاق الحکم یشمل الذکر و الأنثی فیتساویان فی ذلک (8) و سیأتی التنبیه علیه أیضا.

(و دیة الشجاج) المتقدمة (فی الوجه و الرأس سواء) (9)، لما تقرر من أنها لا تطلق إلا علیها.

(1)أی لم یدم أثر اللطمة فی الوجه طویلا.

(2)قال فی الجواهر: «و هو مع عدم معروفیة قائله ضعیف لمخالفته للإطلاق المزبور».

(3)دام الأثر أو لا.

(4)أی أقل من دیة الوجه و کان له مقدر شرعی.

(5)لکن إطلاق النص المتقدم عدم الفرق بین أعضاء البدن کلها ما له مقدّر شرعا و ما لا مقدر له کذلک.

(6)تقدیر التعدی.

(7)و الثانی هو المتعین لإطلاق النص المتقدم.

(8)لإطلاق النص إلحاقا لهذه المذکورات بالجراح التی لم تبلغ ثلث الدیة.

(9)بلا خلاف فیه لخبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: إن الموضحة فی الوجه و الرأس سواء)(1) و روایة الحسن بن صالح الثوری عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (سألته عن الموضحة فی الرأس کما هی فی الوجه؟ فقال: الموضحة و الشجاج فی الوجه و الرأس سواء فی الدیة، لأن الوجه من الرأس)2، نعم یعارضهما خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی السمحاق و هی التی دون الموضحة خمسمائة درهم، و فیها إذا کانت فی الوجه ضعف الدیة علی قدر الشین)(2) فهی مرسلة-

ص:668


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 5 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 2 و 1.
2- (3) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 9.

(و فی البدن بنسبة دیة العضو إلی الرأس) ففی حارصة الید نصف بعیر (1)، و فیها (2) فی أنملة إبهامها (3) نصف عشر (4) و هکذا.

(و فی النافذة فی شیء من أطراف الرجل مائة دینار) (5) علی قول الشیخ و جماعة، و لم نقف علی مستنده (6)، و هو مع ذلک یشکل بما لو کانت دیة الطرف تقصر عن المائة کالأنملة إذ یلزم زیادة دیة النافذة فیها (7) علی دیتها، بل علی دیة أنملتین حیث یشتمل الإصبع علی ثلاث.

و ربما خصها بعضهم (8) بعضو فیه کمال الدیة و لا بأس به إن تعین العمل بأصله، و یعضده أن الموجود فی کتاب ظریف لیس مطلقا (9) کما ذکروه، بل قال (10): و فی الخد إذا کانت فیه نافذة یری منها جوف الفم فدیتها مائة -لا تقاوم ما تقدم من الأخبار. فضلا عن أن دیة السمحاق أربعة أبعرة لا خمسمائة درهم.

(1)لأن دیة الید نصف دیة الوجه أو الرأس، و قد تقدم أن الحارصة فی الرأس بعیر ففی الید یکون نصف بعیر.

(2)أی فی الحارصة.

(3)أی إبهام الید.

(4)أی نصف عشر البعیر، لأن الأنملة دیتها نصف دیة الإصبع، و دیة الإصبع عشر دیة الرأس.

(5)کما عن الشیخ و أتباعه علی ما فی المسالک لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام الذی عرفت صحة بعض طرقه: (و أفتی فی النافذة إذا نفذت من رمح أو خنجر فی شیء من البدن فی أطرافه فدیتها عشر دیة الرجل مائة دینار)(1).

(6)و قد قال فی المسالک: «هذا القول للشیخ و أتباعه استنادا إلی کتاب ظریف»، و لذا علّق الشارح هنا: «مستنده کتاب ظریف و قد عرفت حاله».

(7)فی الأنملة.

(8)أی خص دیة النافذة التی هی مائة دینار، و لم یعرف هذا البعض.

(9)حتی للأطراف التی دیتها أقل من دیة النافذة، و حتی لمطلق النافذة.

(10)أی الإمام علیه السّلام فی کتاب ظریف.

ص:669


1- (1) الوسائل الباب - 2 - من أبواب دیات الشجاج و الجراح حدیث 3.

دینار (1).

و تخصیصهم الحکم بالرجل (2) یقتضی أن المرأة لیست کذلک فیحتمل الرجوع فیها إلی الأصل من الأرش، أو حکم الشجاج بالنسبة و ثبوت خمسین دینارا علی النصف کالدیة و فی بعض فتاوی المصنف أن الأنثی کالذکر فی ذلک ففی نافذتها مائة دینار أیضا.

(و کلما ذکر فی الدینار فهو منسوب إلی صاحب الدیة التامة (3)، و المرأة الکاملة (4)، و فی العبد و الذمی بنسبتها إلی النفس) (5).

کتب المصنف علی الکتاب فی تفسیر ذلک أن ما ذکر فیه لفظ الدینار من الأبعاض کالنافذة و الاحمرار و الاخضرار فهو واجب للرجل الکامل، و المرأة الکاملة، فإذا اتفق فی ذمی، أو عبد أخذ بالنسبة، مثلا النافذة فیها مائة دینار.

ففی الذمی ثمانیة دنانیر (6) و فی العبد عشر قیمته، و کذا الباقی.

فی معنی الحکومة و الأرش

(و معنی الحکومة و الأرش) (7) فیما لا تقدیر لدیته واحد و هو (أن یقوم) (1)الوسائل الباب - 6 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1، و لکن فی الوسائل: (مائتا دینار) و هو سهو، و وجه التأیید أن الدیة للنافذة بشرط إظهار جوف الفم، و لیس لمطلق النافذة.

(2)قال فی المسالک: «و فی نافذة المرأة أوجه، أجودها الحکومة مطلقا عملا بالأصل، و کونها علی النصف من الرجل فیثبت فیها خمسون دینارا مطلقا، و مساواتها للرجل فی ذلک لأنها إنما تنتصف فی جنایة تبلغ الثلث و هنا لیس کذلک». و فی الجواهر عن بعضهم أنه صرّح بالتنصیف، و مقتضی الأصل أنها تساوی الرجل ما لم تبلغ الجراحات ثلث دیة النفس.

(3)و هو الرجل المسلم الحر.

(4)بالإسلام و الحریة.

(5)أی بنسبة الشجاج إلی الدیة الکاملة لهما.

(6)لأن دیة النافذة عشر الدیة الکاملة للرجل المسلم الحر فعشر النافذة فی الذمی ثمانیة دنانیر.

(7)فهما واحد اصطلاحا.

ص:670

المجنی علیه (مملوکا) و إن کان حرا (تقدیرا صحیحا) علی الوصف المشتمل علیه حالة الجنایة.

(و بالجنایة) (1) و تنسب إحدی القیمتین إلی الأخری (و یؤخذ من الدیة) أی دیة المجنی علیه کیف اتفقت (بنسبته).

فلو قوم العبد صحیحا بعشرة، و معیبا بتسعة وجب للجنایة عشر دیة الحر و یجعل العبد أصلا للحر فی ذلک (2)، کما أن الحر أصل له (3) فی المقدر (4)، و لو کان المجنی علیه مملوکا استحق مولاه التفاوت بین القیمتین و لو لم ینقص بالجنایة کقطع السلع (5)، و الذکر (6)، و لحیة المرأة فلا شیء، إلا أن ینقص حین الجنایة بسبب الألم فیجب (7) ما لم یستوعب القیمة ففیه ما مر (8)، و لو کان المجنی علیه قتلا أو جرحا خنثی مشکلا ففیه نصف دیة ذکر و نصف دیة أنثی.

و یحتمل دیة أنثی، لأنه المتیقن (9). و جرحه (10) فیما لا یبلغ ثلث الدیة کجرح الذکر کالأنثی، و فیما بلغه ثلاثة أرباع دیة الذکر بحسبه (11).

فی من لا ولی له

(و من لا ولی له فالحاکم ولیه (12) یقتص له من المتعمد)، و یأخذ الدیة فی الخطأ و الشبیه.

(1)أی و یقوم المجنی علیه بالجنایة مملوکا و إن کان حرا.

(2)فی الجنایات التی لا مقدر لها شرعا.

(3)للعبد.

(4)شرعا.

(5)بکسر السین و هو الزائد فی الجسد کالغدة بین الجلد و اللحم.

(6)فقطع ذکر العبد موجب لزیادته.

(7)أی الأرش ما لم یستوعب قیمة العبد.

(8)من تخییر مولاه بین أخذ قیمته و دفعه إلی الجانی و بین الرضا به بغیر عوض لئلا یجمع بین العوض و المعوض.

(9)أی لأن احتمال أنه أنثی متیقن، و الشک فی ذکوریته فالأصل العدم.

(10)مبتدأ و خبره کجرح الذکر.

(11)بحسب ذلک الجرح.

(12)بلا خلاف و لا إشکال لصحیح أبی ولاّد الحناط: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل-

ص:671

(و قیل) و القائل الشیخ و أتباعه و المحقق و العلاّمة، بل کاد یکون إجماعا:

(لیس له العفو عن القصاص، و لا الدیة)، لصحیحة أبی ولاد عن الصادق علیه السّلام فی الرجل یقتل و لیس له ولی إلا الإمام: إنه لیس للإمام أن یعفو و له أن یقتل و یأخذ الدیة و هو یتناول العمد و الخطأ.

و ذهب ابن إدریس إلی جواز عفوه عن القصاص و الدیة کغیره من الأولیاء، بل هو أولی بالحکم، و یظهر من المصنف المیل إلیه حیث جعل المنع قولا، و حیث کانت الروایة صحیحة و قد عمل بها الأکثر فلا وجه للعدول عنها.

الفصل الرابع - فی التوابع و هی أربعة

اشارة

(الفصل الرابع - فی التوابع)

الأول - فی دیة الجنین و المیّت

(و هی أربعة: الأول - فی دیة الجنین) و هو الحمل فی بطن أمه و سمی به لاستتاره فیه (1) من الاجتنان و هو الستر فهو بمعنی المفعول.

(فی النطفة إذا استقرت فی الرحم) و استعدت للنشوء (عشرون دینارا (2) -قتل مسلما عمدا فلم یکن للمقتول أولیاء من المسلمین إلا أولیاء من أهل الذمة من قرابته، فقال: علی الإمام أن یعرض علی قرابته من أهل بیته دینه الإسلام، فمن أسلم منهم فهو ولیّه یدفع القاتل إلیه فإن شاء قتل و إن شاء عفا و إن شاء أخذ الدیة، فإن لم یسلم أحد کان الإمام ولیّ أمره فإن شاء قتل و إن شاء أخذ الدیة فجعلها فی بیت مال المسلمین، لأن جنایة المقتول کانت علی الإمام فکذلک تکون دیته لإمام المسلمین.

قلت: فإن عفا عنه الإمام، فقال: إنما هو حق جمیع المسلمین، و إنما علی الإمام أن یقتل أو یأخذ الدیة و لیس له أن یعفو)(1).

و لذا ذهب الأکثر إلی عدم العفو، و ذهب ابن إدریس إلی جواز العفو عن القصاص و الدیة کغیره من الأولیاء بل هو أولی بالعفو، و هو اجتهاد فی مقابل النص الصحیح.

(1)أی و سمی الحمل بالجنین لاستتاره فی بطن أمه.

(2)البحث فیه منقسم إلی قسمین: تارة عند تمامیة خلقه و قبل ولوج الروح فیه و هو المسمی بالجنین و أخری قبل تمامیة خلقه.

فلو لم یتم خلقه ففیه قولان: أحدهما للشیخ فی المبسوط و موضع من الخلاف و کتابی-

ص:672


1- (1) الوسائل الباب - 60 - من أبواب القصاص فی النفس حدیث 1.

-الأخبار أن فیه غرة عبد أو أمة.

و الأکثر علی تفصیل لصحیح محمد بن مسلم: (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن الرجل یضرب المرأة فتطرح النطفة فقال: علیه عشرون دینارا، فقلت: یضربها فتطرح العلقة فقال: علیه أربعون دینارا، فقلت فیضربها فتطرح المضغة فقال: علیه ستون دینارا، فقلت: فیضربها فتطرحه و قد صار له عظم، فقال: علیه الدیة کاملة، و بهذا قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام)(1). و المراد بالدیة الکاملة دیة الجنین و هی مائة دینار بعد حمل صیرورة العظم له علی تمامیة الخلقة قبل ولوج الروح لأخبار منها: خبر سلیمان بن صالح عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی النطفة عشرون دینارا، و فی العلقة أربعون دینارا، و فی المضغة ستون دینارا، و فی العظم ثمانون دینارا فإذا کسی اللحم فمائة دینار، ثم هی دیته حتی یستهل فإذا استهل فالدیة کاملة)2، و خبر ظریف عن أمیر المؤمنین: (جعل دیة الجنین مائة دینار، و جعل منیّ الرجل إلی أن یکون جنینا خمسة أجزاء، فإذا کان جنینا قبل أن تلجه الروح مائة دینار، - إلی أن قال -: فجعل للنطفة خمس المائة عشرین دینارا و للعلقة خمسی المائة أربعین دینارا، و للمضغة ثلاثة أخماس المائة ستین دینارا، و للعظم أربعة أخماس المائة ثمانین دینارا، فإذا کسا اللحم کانت له مائة کاملة، فإذا نشأ فیه خلق آخر و هو الروح، فهو حینئذ نفس بألف دینار کاملة إن کان ذکرا، و إن کان أنثی فخمسمائة دینار)3، و مستند الشیخ أخبار الغرة منها: صحیح داود بن فرقد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (جاءت امرأة فاستعدت علی أعرابی قد أفزعها فألقت جنینا، فقال الأعرابی: لم یهل و لم یصح و مثله یطل، فقال النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: اسکت سجاعة، علیک غرة وصیف عبد أو أمة)(2)، و صحیح سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن رجلا جاء إلی النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم و قد ضرب امرأة حبلی فأسقطت سقطا میتا فأتی زوج المرأة إلی النبی فاستعدی علیه، فقال الضارب: یا رسول اللّه، ما أکل و لا شرب و لا استهلّ و لا صاح و لا استبشر، فقال النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: إنک رجل سجاعة فقضی فیه رقبة)5، و قد حملها الشیخ علی ما لو لم تتم خلقته جمعا بینها و بین صحیح أبی عبیدة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی امرأة شربت دواء و هی حامل لتطرح ولدها فألقت ولدها، قال: إن کان له عظم قد نبت علیه اللحم و شق له السمع و البصر فإن علیها دیة تسلمها إلی أبیه، و إن کان جنینا علقة أو مضغة فإن علیها أربعین دینارا أو غرة تسلمها إلی أبیه)6.-

ص:673


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 19 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 4 و 3 و 1.
2- ( (4 و 5 و 6) الوسائل الباب - 20 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 2 و 4 و 1.

(و یکفی) فی ثبوت العشرین (مجرد الإلقاء فی الرحم) مع تحقق الاستقرار (و لو أفزعه) أی أفزع المجامع - المدلول علیه بالمقام (مفزع) و إن کان هو المرأة (فعزل فعشرة دنانیر) (1) بین الزوجین أثلاثا (2).

و لو کان المفزع المرأة فلا شیء لها (3)، و لو انعکس انعکس إن قلنا بوجوب الدیة علیه مع العزل اختیارا (4) لکن الأقوی عدمه و جواز الفعل. و قد تقدم (5).

(و فی العلقة) و هی القطعة من الدم تتحول إلیها النطفة (أربعون دینارا، و فی المضغة) و هی القطعة من اللحم بقدر ما یمضغ (ستون دینارا).

(و فی العظم) أی ابتداء تخلقه من المضغة (ثمانون دینارا).

(و فی التام الخلقة قبل ولوج الروح فیه مائة دینار (6) ذکرا کان) الجنین (أو) -و فیه: إن أخبار الغرة توافق العامة فلا بد من حملها علی التقیة، هذا و المراد بالغرة هو العبد أو الأمة.

(1)بلا خلاف لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (فی منیّ الرجل یفرغ عن عرسه فیعزل عنها الماء و لم یرد ذلک نصف خمس المائة عشرة دنانیر)(1).

(2)لأنهما أبوان له، و الإرث بین الأبوین أثلاثا.

(3)لأنها السبب فی الإتلاف.

(4)من دون إذن الزوجة فعلیه عشرة دنانیر کما عن الشیخ و القاضی و أبی الصلاح و ابن حمزة و ابن زهرة و المحقق فی کتاب النکاح و الفاضل لکونه مفوتا للمنی فیکون کغیره.

و فیه: أنه لا دلیل علی وجوب الدیة علیه، بل الدلیل علی العدم لصحیح محمد بن مسلم: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن العزل، فقال: ذاک إلی الرجل)(2) و بهذا تعرف أن المنی لیس حقا للزوجة و أن هناک فرقا بین الزوج و غیره.

(5)فی کتاب النکاح.

(6)علی المشهور للأخبار منها: خبر سلیمان بن صالح عن أبی عبد اللّه علیه السّلام - إلی أن قال : (فإذا کسا اللحم فمائة دینار، ثم هی مائة حتی یستهل فإذا استهلّ فالدیة کاملة)(3)،

ص:674


1- (1) المصدر السابق حدیث 1.
2- ( (2 و 3) الوسائل الباب - 75 - من أبواب مقدمات النکاح و آدابه حدیث 1 و 2.
3- (4) الوسائل الباب - 19 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 3.

(أنثی) (1).

و مستند التفصیل أخبار کثیرة منها صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام.

و قیل: متی لم تتم خلقته ففیه غرة عبد، أو أمة صحیحا (2) لا یبلغ الشیخوخة، و لا ینقص سنه عن سبع سنین، لروایة أبی بصیر (3) و غیره عن أبی عبد اللّه علیه السّلام. و الأول أشهر فتوی، و أصح روایة.

(و لو کان) الجنین (ذمیا) أی متولدا عن ذمی ملحقا به (فثمانون درهما) (4) -و مرسل ابن مسکان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام - إلی أن قال -: (فإذا تم الجنین کان له مائة دینار، فإذا أنشئ فیه الروح فدیته ألف دینار أو عشرة آلاف درهم إن کان ذکرا، و إن کان أنثی فخمسمائة دینار)(1)، و خالف العمانی فأوجب فیه الدیة کاملة لصحیح أبی عبیدة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی امرأة طرحت ولدها بشرب الدواء: (إن کان له عظم قد نبت علیه اللحم و شق له السمع و البصر فإن علیها دیة تسلمها إلی أبیه)(2) و صحیح ابن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام: (فقلت: فیضربها فتطرحه و قد صار له عظم فقال:

علیه الدیة کاملة)(3)، و هما لا یصلحان للمعارضة بعد إمکان إرادة المائة دینار من الدیة الکاملة، و عبر عن المائة بالدیة لأنها دیة الجنین قبل ولوج الروح جمعا بینها و بین ما تقدم من الأخبار.

(1)لإطلاق الأخبار المتقدمة.

(2)أی غیر معیب، و لا یوجد فی الأخبار تحدیده بین الشیخوخة و السبع سنین، و إنما أخبار الغرة مختلفة ففی خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (الغرة تزید و تنقص و لکن قیمتها خمسمائة درهم)(4). و فی خبر عبید بن زرارة: (قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: إن الغرة قد تکون بمائة دینار و تکون بعشرة دنانیر فقال: بخمسین)5، و موثق إسحاق عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن الغرة تزید و تنقص و لکن قیمتها أربعون دینارا)6.

(3)الوسائل الباب - 20 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 5.

(4)علی المشهور، لأن النسبة بین دیة الجنین المسلم و دیة أبیه هی العشر فتکون هی النسبة-

ص:675


1- (1) الوسائل الباب - 21 - من أبواب دیات النفس حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 20 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 19 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 4.
4- ( (4 و 5 و 6) الوسائل الباب - 20 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 7 و 9 و 8.

عشر دیة أبیه. کما أن المائة عشر دیة المسلم، و روی ضعیفا عشر دیة أمه (و لو کان مملوکا فعشر قیمة الأم المملوکة) (1) ذکرا کان أم أنثی مسلما کان أم کافرا اعتبارا بالمالیة. و لو تعدد ففی کل واحدة عشر قیمتها کما تتعدد دیته (2) لو کان حرا.

(و لا کفارة هنا) أی فی قتل الجنین فی جمیع أحواله، لأن وجوبها (3) مشروط بحیاة القتیل (4).

(و لو ولجته الروح فدیة کاملة للذکر، و نصف للأنثی) (5) و إن خرج میتا (6) مع تیقن حیاته فی بطنها، فلو احتمل کون الحرکة لریح و شبهها لم یحکم بها (7).

-بین دیة الجنین الذمی و دیة أبیه، و العشر هنا ثمانون درهما.

لکن ورد فی خبر مسمع عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن أمیر المؤمنین علیه السّلام قضی فی جنین الیهودیة و النصرانیة و المجوسیة عشر دیة أمه)(1)، و مثله خبر السکونی2 و قد أعرض عنهما المشهور و حملهما العلاّمة علی ما لو أسلمت أمه قبل الجنایة فیلحق بها حکما و دیة.

(1)لخبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی جنین الأمة عشر قیمتها) و لم یخالف إلا الشیخ فی المبسوط فذهب إلی أن ذلک مختصا بالأنثی فلو کان الجنین ذکرا فعشر قیمة الأب، و هو لا مستند له کما اعترف بذلک فی الجواهر.

(2)دیة الجنین.

(3)وجوب الکفارة.

(4)و المفروض عدمها فی الجنین.

(5)بلا خلاف فیه و یدل علیه الأخبار منها: خبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (فإذا نشأ فیه خلق آخر و هو الروح فهو حینئذ نفس بألف دینار کاملة إن کان ذکرا، و إن کان أنثی فخمسمائة دینار)(2).

(6)إن وصلیة.

(7)أی بالحیاة.

ص:676


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 18 - من أبواب دیات النفس حدیث 1 و 2.
2- (3) الوسائل الباب - 19 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

(و مع الاشتباه) أی اشتباه حاله هل هو ذکر أو أنثی فعلی الجانی (نصف الدیتین) (1). دیة الذکر و دیة الأنثی، لصحیحة عبد اللّه بن سنان (2)، و غیرها.

و قیل: یقرع لأنها لکل أمر مشکل.

و یضعف بأنه لا إشکال مع ورود النص الصحیح بذلک و عمل الأصحاب حتی قیل: إنه إجماع. و یتحقق الاشتباه (بأن تموت المرأة و یموت) الولد (معها) و لم یخرج (مع العلم بسبق الحیاة) أی حیاة الجنین علی موته، أما سبق موته علی موت أمه و عدمه فلا أثر له.

(و تجب الکفارة) بقتل الجنین حیث تلجه الروح (3) کالمولود.

و قیل: مطلقا (4)(مع المباشرة) لقتله (5) لا مع التسبیب کغیره.

(1)علی المشهور لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و إن قتلت امرأة و هی حبلی متمّ فلم یسقط ولدها و لم یعلم أ ذکر هو أو أنثی، و لم یعلم أبعدها مات أم قبلها فدیته نصفین، نصف دیة الذکر و نصف دیة الأنثی و دیة المرأة کاملة بعد ذلک)(1)، و خبر عبد اللّه بن مسکان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (دیة الجنین خمسة أجزاء - إلی أن قال -: و إن قتلت المرأة و هی حبلی و لم یدر أ ذکرا کان ولدها أم أنثی فدیة الولد نصف دیة الذکر و نصف دیة الأنثی، و دیتها کاملة)(2).

و ذهب ابن إدریس إلی القرعة لأنها لکل أمر مشکل، و فیه: لا معنی للذهاب إلی القرعة مع وجود الخبر خصوصا خبر ظریف الذی علمت صحة بعض طرقه.

(2)لا یوجد خبر لابن سنان فی هذا الفرع، نعم الخبر هو لابن مسکان و لعله سهو من الشارح هذا من جهة، و من جهة أخری قد صرح الشارح فی المسالک بأن خبر ابن مسکان لیس بصحیح لاحتمال عدم اتصاله بالإمام علیه السّلام مع أنه لا یصغی إلیه لکثرة أخبار ابن مسکان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام کما فی مفتاح الکرامة، و من جهة ثالثة قد ناصر الشارح ابن إدریس فی الذهاب إلی القرعة فراجع.

(3)لتحقق القتل بخلاف ما قبل الولوج فلم یتحقق القتل، مع أن الکفارة تدور مدار القتل.

(4)ولجته الروح أو لا کما عن العلاّمة فی التحریر، و فیه عدم صدق القتل قبل ولوج الروح.

(5)اعلم أن الفاضل و الشهیدین خصوا وجوب الکفارة فی القتل العمدی عند المباشرة لا مع-

ص:677


1- (1) الوسائل الباب - 19 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 21 - من أبواب دیات النفس حدیث 1.

(و فی أعضائه و جراحاته بالنسبة) إلی دیته (1) ففی قطع یده خمسون دینارا، و فی حارصته دینار، و هکذا، و لو لم یکن للجنایة مقدر فالأرش و هو تفاوت ما بین قیمته صحیحا و مجنیا علیه بتلک الجنایة من دیته (2)(و یرثه وارث المال (3) الأقرب فالأقرب).

(و تعتبر قیمة الأم) (4) لو کانت أمة (عند الجنایة) لأنها وقت تعلق الضمان (لا) وقت (الإجهاض) و هو الإسقاط.

(و هی) أی دیة الجنین (فی مال الجانی إن کان) القتل (عمدا) حیث لا یقتل به (أو شبیها) بالعمد (و إلا ففی مال العاقلة) (5) کالمولود.

-التسبیب لعدم صدق نسبة القتل فی التسبیب المذکور و إن ضمن الدیة، و ناقشهم سید الریاض و تمام الکلام قد تقدم فی بحث الکفارات.

(1)بالنسبة للجنین قبل ولوج الروح، أما بعد ولوج الروح فیه فهو مثل غیره من الذکور و الإناث.

بلا خلاف فی ذلک لخبر ظریف عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (و قضی فی دیة جراح الجنین من حساب المائة علی ما یکون من جراح الذکر و الأنثی و الرجل و المرأة کاملة)(1) فجعل الدیة من مائة دلیل علی أن الجنین تام الخلقة و لم تلجه الروح فلو قطعت یداه ففیها مائة دینار و لو قطعت إحداهما ففیها خمسون و هکذا.

(2)بعد فرضه عبدا لأن العبد أصل للحر فی غیر المقدّر.

(3)أی یرث الجنین، و المراد دیته و الحکم واضح المستند، خلافا للیث بن سعید فلا ترثه إلا أمه لأنه بمنزلة العضو منها، و هو ضعیف لعدم الدلیل علیه.

(4)فی الجنین المملوک لو أسقط فقد تقدم أن دیته عشر قیمة الأم المملوکة، و الحساب علی قیمتها وقت الضمان و هو عند الجنایة لا عند الإجهاض.

(5)قال فی الجواهر: «بلا خلاف أجده بیننا، بل فی کشف اللثام التصریح بعدم الفرق فی ذلک بین دیة الجنین قبل ولوج الروح بجمیع مراتبه و بین ولوج الروح فیه، و کأنهم جعلوا الجنایة علی الجنین مطلقا بحکم القتل بالنسبة إلی الأحکام المزبورة، و ظاهرهم الاتفاق علیه مضافا إلی النصوص فی بعض الأحکام المزبورة، و لولاه لأمکن الإشکال فی ضمان العاقلة فی صورة عدم تحقق القتل کما فی الجنایة علیه قبل ولوج الروح فیه، خصوصا بعد إطلاق النصوص الضمان علی الجانی».

ص:678


1- (1) الوسائل الباب - 19 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1.

و حکمها فی التقسیط و التأجیل کغیره (1).

(و فی قطع رأس المیت المسلم الحر مائة دینار) (2) سواء فی ذلک الرجل (1)ففی العمد سنة و فی شبیهه سنتان و فی الخطأ ثلاث سنین.

(2)علی المشهور للأخبار منها: مرسل محمد بن الصباح عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی حدیث:

(أن المنصور سأله عن رجل قطع رأس رجل بعد موته، فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: علیه مائة دینار، فقیل: کیف صار علیه مائة دینار؟ فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: فی النطفة عشرون و فی العلقة عشرون و فی المضغة عشرون و فی العظم عشرون و فی اللحم عشرون، ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ، و هذا هو میتا بمنزلته قبل أن تنفخ فیه الروح فی بطن أمه جنینا، فسأله: الدراهم لمن هی لورثته أم لا؟ فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: لیس لورثته فیها شیء إنما هذا شیء أتی إلیه فی بدنه بعد موته یحجّ بها عنه أو یتصدق بها عنه، أو تصیر فی سبیل من سبیل الخبر)(1)، و خبر حسین بن خالد عن أبی الحسن علیه السّلام قال: (سئل أبو عبد اللّه علیه السّلام عن رجل قطع رأس میت فقال: إن اللّه حرّم منه میتا کما حرّم منه حیا، فمن فعل بمیّت فعلا یکون فی مثله اجتیاح نفس الحی فعلیه الدیة، فسألت عن ذلک أبا الحسن علیه السّلام فقال: صدق أبو عبد اللّه علیه السّلام، هکذا قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم.

قلت: فمن قطع رأس میّت أو شقّ بطنه أو فعل به ما یکون فیه اجتیاح نفس الحیّ فعلیه دیة النفس کاملة، فقال: لا، و لکن دیته دیة الجنین فی بطن أمه قبل أن تلج فیه الروح و ذلک مائة دینار و هی لورثته، و دیة هذا له لا للورثة، قلت: فما الفرق بینهما؟ قال:

إن الجنین أمر مستقبل مرجوّ نفعه، و هذا قد مضی و ذهبت منفعته، فلما مثّل به بعد موته صارت دیته بتلک المثلة له لا لغیره، یحج بها عنه و یفعل بها أبواب الخیر و البر من صدقة أو غیره)2.

و ذهب المفید إلی أنه لو قطع رأس المیت کأنه یرید قتله فعلیه دیته حیا و إلا فالمائة دینار لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی رجل قطع رأس المیت قال:

علیه الدیة لأن حرمته میتا کحرمته و هو حیّ)(2)، و مثله صحیح ابن مسکان عنه علیه السّلام4 و فیه: إنها محمولة علی المائة دینار لأنها دیة المیت الذی هو بمنزلة الجنین قبل ولوج الروح جمعا بینها و بین ما تقدم من الأخبار.

ص:679


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 24 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1 و 2.
2- ( (3 و 4) الوسائل الباب - 24 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 4 و 6.

و المرأة و الصغیر و الکبیر، للإطلاق (1)، و المستند أخبار کثیرة. منها حسنة سلیمان بن خالد (2) عن أبی الحسن علیه السّلام و فیها أن دیته دیة الجنین فی بطن أمه قبل أن تنشأ فیه الروح. و قد عرفت أن الذکر و الأنثی فیه سواء، و فی خبر آخر رواه الکلینی مرسلا عن الصادق علیه السّلام أنه أفتی بذلک للمنصور حیث قطع بعض موالیه رأس آخر بعد موته.

و علل وجوب المائة: بأن فی النطفة عشرین دینارا، و فی العلقة عشرین و فی المضغة عشرین، و فی العظم عشرین قال: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ، و هذا هو میت بمنزلته قبل أن تنفخ فیه الروح فی بطن أمه جنینا.

(و فی شجاجه و جراحه بنسبته) (3) ففی قطع یده خمسون دینارا و فی قطع إصبعه عشرة دنانیر، و فی حارصته دینار و هکذا.

و هذه الدیة لیست لورثته، بل (تصرف فی وجوه القرب) عن المیت، للأخبار المذکورة فارقا فیها بینه و بین الجنین حیث تکون دیته لورثته بأن الجنین مستقبل مرجو نفعه قابل للحیاة عادة بخلاف المیت فإنه قد مضی و ذهبت منفعته فلما مثل به بعد موته صارت دیته بتلک المثلة له لا لغیره یحج بها عنه و یفعل بها أبواب البر و الخیر من الصدقة و غیرها.

و قال المرتضی (4): تکون لبیت المال، و العمل علی ما دلت علیه الأخبار.

(1)بالنسبة للمسلم الحر، و أما المملوک و الذمی فیحتمل عشر قیمته بالنسبة للأول و عشر دیته بالنسبة للثانی کما صرح بذلک فی المسالک احتمالا، و جزم به العلامة فی القواعد لاختصاص النصوص بالمسلم و الحر فغیرهما علی الأصل من العدم.

(2)و الصحیح حسنة حسین بن خالد.

(3)بلا خلاف و یؤیده بل یدل علیه صحیحة صفوان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أبی اللّه أن یظن بالمؤمن إلا خیرا، و کسرک عظامه حیا و میتا سواء) و تنزیله منزلة الجنین قبل ولوج الروح و قد تقدم ثبوت الدیة فی أعضائه و جوارحه.

(4)و ابن إدریس أیضا أن دیته لبیت مال المسلمین لروایة إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قلت: میت قطع رأسه، قال علیه السّلام: الدیة، قلت: فمن یأخذ دیته؟ -

ص:680

و لو لم یکن للجنایة مقدر أخذ الأرش لو کان حیا منسوبا إلی الدیة (1)، و لو لم یبن الرأس بل قطع ما لو کان حیا لم یعش مثله فالظاهر وجوب مائة دینار أیضا عملا بظاهر الأخبار (2). و هل یفرق هنا (3) بین العمد و الخطأ کغیره (4) حتی الجنین؟ یحتمله، لإطلاق التفصیل (5) فی الجنایة علی الآدمی و إن لم یکن حیا کالجنین، و عدمه (6) بل یجب علی الجانی مطلقا (7) وقوفا فیما خالف الأصل (8) علی موضع الیقین (9) مؤیدا بإطلاق الأخبار (10)، و الفتوی بأن الدیة علی الجانی مع ترک الاستفصال فی واقعة الحال السابقة (11) الدال علی العموم (12).

-قال: الإمام، هذا للّه و إن قطعت یمینه أو شیء من جوارحه فعلیه الأرش للإمام)(1)، و فیه: مع ضعف السند لا یقاوم الأخبار المتقدمة، مع إمکان حمله علی أنها تدفع للإمام لأنه أخبر بمواردها فیصرفها فی وجوه البر و هو بها أبصر، و لذا قال المفید فی المقنعة علی ما حکی عنه: «یقبضها إمام المسلمین أو من نصبه للحکم فی الرعیة و یتصدق عن المیت بها».

(1)فیؤخذ الأرش بالنسبة لدیته التی هی مائة دینار کما فی الجنین.

(2)لخبر الحسین بن خالد المتقدم: (فمن قطع رأس میت أو شقّ بطنه، أو فعل به ما یکون فیه اجتیاح نفس الحیّ فعلیه دیة النفس کاملة).

(3)فی الجنایة علی المیت.

(4)من الأحیاء حتی الجنین حیث فرق بین العمد و الخطأ فیه.

(5)أی التفصیل بین العمد و الخطأ حیث إن الأخبار الدالة علیه مطلقة تشمل الجنایة علی الحی و المیت معا، و قد تقدمت سابقا فی أول الدیات.

(6)بالرفع أی و عدم الفرق.

(7)أی یجب علی الجانی علی المیت سواء کان عمدا أو خطأ.

(8)من جعل الدیة علی العاقلة حیث إنه علی خلاف الأصل.

(9)و هو الحی و الجنین فقط.

(10)المتقدمة فی الجنایة علی المیت.

(11)عند ما سئل الإمام عمن قطع رأس المیت.

(12)صفة لترک الاستفصال.

ص:681


1- (1) الوسائل الباب - 24 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 3.

و هل یجوز قضاء دینه من هذه الدیة وجهان، من عدم دخوله فی إطلاق الصدقة و وجوه البر، و کون قضاء الدین ملازما للإرث، لظاهر الآیة (1)، و من أن نفعه بقضاء دینه أقوی، و نمنع عدم دخوله فی البر، بل هو من أعظمها، و لأن من جملتها (2) قضاء دین الغارم و هو من جملة أفراده (3). و هذا أقوی (4) و لو کان المیت ذمیا فعشر دیته، أو عبدا فعشر قیمته (5) و یتصدق بها عنه کالحر، للعموم (6).

الثانی - فی العاقلة

(الثانی - فی العاقلة) التی تحمل دیة الخطأ سمیت بذلک (7).

أما من العقل و هو الشد و منه سمی الحبل عقالا، لأنها تعقل الإبل بفناء ولی المقتول المستحق للدیة، أو لتحملهم العقل و هو الدیة و سمیت الدیة بذلک، لأنها تعقل لسان ولی المقتول، أو من العقل و هو المنع، لأن العشیرة کانت تمنع القاتل بالسیف فی الجاهلیة ثم منعت عنه فی الإسلام بالمال (8).

(و هم (9): من تقرب) إلی القاتل (بالأب) کالإخوة و الأعمام و أولادهما (و إن) (1)لظاهر الآیة: سورة النساء الآیة: 11 فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُوصِی بِها أَوْ دَیْنٍ .

(2)أی جملة وجوه البر.

(3)أی و قضاء دین المیت من جملة أفراد قضاء دین الغارم.

(4)و مال إلیه المحقق فی نکت النهایة و استظهره صاحب الجواهر و کاشف اللثام.

(5)قد تقدم أنه أورده احتمالا، و هنا جزم به تبعا للعلامة فی القواعد و قد تقدم مستنده.

(6)أی عموم الأخبار المتقدمة.

(7)قال فی الجواهر: «لعقلها الإبل التی هی الدیة بفناء ولی الدم، أو لعقلها أی منعها القاتل من القتل، أو لعقلهم عنه أی تحملهم العقل و هو الدیة عنه».

(8)قال فی المسالک: «قال العلماء (رحمهم اللّه): و تغریم غیر الجانی خارج عن الأقلیة الظاهرة، إلا أن القبائل فی الجاهلیة کانوا یقومون بنصرة من جنی منهم و یمنعون أولیاء القتل من أن یدرکوا بثأرهم و یأخذوا من الجانی حقهم، فجعل الشرع بدل تلک النصرة بذل المال حیث لا یکون الجانی متعمدا آثما، و ربما شبه إعانة الأقارب بتحمل الدیة بإعانة الأجانب الذین غرّموا لإصلاح ذات البین بصرف سهم من الزکاة إلیهم و أجّلت علی العاقلة نظرا لهم لیتحملوا ما تحملوا فی مدة الأجل فلا یشقّ علیهم أداؤه).

(9)أی العاقلة، فهی العصبة لصحیح محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر-

ص:682

(لم یکونوا وارثین فی الحال).

و قیل (1): من یرث دیة القاتل لو قتل، و لا یلزم من لا یرث دیته شیئا مطلقا (2).

و قیل (3): هم المستحقون لمیراث القاتل من الرجال العقلاء من قبل أبیه و أمه. فإن تساوت القرابتان کإخوة الأب و إخوة الأم کان علی إخوة الأب الثلثان، و علی إخوة الأم الثلث.

و ما اختاره المصنف هو الأشهر بین المتأخرین، و مستند الأقوال غیر نقی.

-المؤمنین علیه السّلام علی امرأة أعتقت رجلا و اشترطت ولائه و لها ابن، فألحق ولائه بعصبتها الذین یعقلون عنه دون ولدها)(1).

و العصبة علی المشهور من یتقرب بالأب کالإخوة و أولادهم و العمومة و أولادهم مع عدم اشتراط کونه من أهل الإرث فی الحال، و هذا هو معناها لغة کما عن النهایة الأثیریة و الصحاح.

(1)هو للشیخ فی النهایة و ردّ بأن الزوجین و من یتقرب بالأم یرثون من الدیة و لیسوا بعصبة.

(2)و لو کان من الرجال و ممن یتقرب بالأب.

(3)و هو لابن الجنید و المستند روایة سلمة بن کهیل: (أتی أمیر المؤمنین علیه السّلام برجل قد قتل رجلا خطأ، فقال له أمیر المؤمنین علیه السّلام: من عشیرتک و قرابتک - إلی أن قال -: فکتب إلی عامله علی الموصل: أما بعد - إلی أن قال -: ثم انظر فإن کان رجل منهم یرثه له سهم فی الکتاب لا یحجبه عن میراثه أحد من قرابته فألزمه الدیة، و خذه بها نجوما فی ثلاث سنین، فإن لم یکن له من قرابته أحد له سهم فی الکتاب و کانوا قرابته سواء فی النسب و کان له قرابة من قبل أبیه و أمه سواء فی النسب ففضّ الدیة علی قرابته من قبل أبیه و علی قرابته من قبل أمه من الرجال المدرکین المسلمین، ثم اجعل الدیة علی قرابته من قبل أبیه ثلثی الدیة و اجعل علی قرابته من قبل أمه ثلث الدیة)(2) و الخبر ضعیف لأن سلمة بن کهیل بتری مذموم.

ص:683


1- (1) الوسائل الباب - 39 - من أبواب کتاب العتق حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب العاقلة حدیث 1، و فی الوسائل سقط و اتبعنا فیه الکافی و التهذیب و الفقیه فراجع.

(و لا تعقل المرأة (1) و الصبی و المجنون (2) و الفقیر (3) عند) استحقاق (المطالبة) و هو حلول أجل الدیة و إن کان غنیا أو عاقلا وقت الجنایة و إن ورثوا جمیعا من الدیة.

(و یدخل) فی العقل (العمودان) (4): الآباء و الأولاد و إن علوا أو سفلوا، لأنهم أخص القوم و أقربهم، و لروایة سلمة بن کهیل عن أمیر المؤمنین علیه السّلام فی القاتل الموصلی حیث کتب إلی عامله یسأل عن قرابة فلان من المسلمین فإن کان منهم رجل یرثه له سهم فی الکتاب لا یحجبه عن میراثه أحد من قرابته فألزمه الدیة و خذ بها نجوما فی ثلاث سنین الحدیث. و فی سلمة ضعف. و الأولویة هنا ممنوعة (5) لأنه حکم مخالف للأصل و المشهور عدم دخولهم فیه (6)، لأصالة (1)لخروجها عن مفهوم العصبة و لصحیح الأحوال قال: (قال ابن أبی العوجاء: ما بال المرأة المسکینة الضعیفة تأخذ سهما واحدا و یأخذ الرجل سهمین؟ فذکر ذلک بعض أصحابنا لأبی عبد اللّه علیه السّلام فقال: إن المرأة لیس علیها جهاد و لا نفقة و لا معقلة و إنما ذلک علی الرجال)(1) و قریب منها خبر إسحاق بن محمد النخعی2.

(2)لحدیث رفع القلم.

(3)علی المشهور و ادعی علیه الإجماع.

(4)علی ما ذهب إلیه الإسکافی و المفید و الشیخ فی النهایة و الحلی و ابن سعید بل نسب فی الإیضاح إلی الشهرة، و ذلک لأن العصبة هم المحیطون به من الذکور فتشمل الأب و الابن.

و ذهب الشیخ فی المبسوط و الخلاف و ابن حمزة و ابن فهد بل نسب إلی المشهور عدم الدخول لصحیح محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام علی امرأة أعتقت رجلا و اشترطت ولاءه و لها ابن فألحق ولاءه بعصبتها الذین یعقلون عنه دون ولدها)(2) و فیه: إن الولد کما هو صریح الروایة خارج عمن له الولاء لا أنه خارج عن عصبتها.

(5)لأن الأولویة فی الإرث لا تجری فی العقل لأنه حکم علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی المتیقن.

(6)أی فی العقل.

ص:684


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 2 - من أبواب میراث الأبوین حدیث 1 و 3.
2- (3) الوسائل الباب - 39 - من أبواب العتق حدیث 1.

البراءة، و قد روی أن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فرض دیة امرأة قتلتها أخری علی عاقلتها و برأ الزوج و الولد (1).

(و مع عدم القرابة) الذی یحکم بدخوله (فالمعتق) للجانی (2). فإن لم یکن فعصابته، ثم معتق المعتق، ثم عصابته ثم معتق أبی المعتق، ثم عصابته کترتیب المیراث، و لا یدخل ابن المعتق و أبوه و إن علا، أو سفل علی الخلاف (3)، و لو تعدد المعتق اشترکوا فی العقل کالإرث.

(ثم) مع عدمهم أجمع (فعلی ضامن الجریرة) (4) إن کان هناک ضامن (ثم) مع عدمه، أو فقره فالضامن (الإمام) من بیت المال (5).

(1)قد صرح الشیخ الحر فی هامش الوسائل الباب الثانی من أبواب العاقلة أن الخبر من حدیث العامة، و راجع سنن ابن ماجة ج 2 ح 2648.

(2)بلا خلاف فیه لصحیح هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إذا ولی الرجل فله میراثه و علیه معقلته)(1) الدالة علی أن من له الولاء فعلیه العقل. و لذا ورد فی صحیح إسماعیل بن الفضل: (سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الرجل إذا أعتق أ له أن یضع نفسه حیث شاء فتولی من أحبّ؟ فقال: إذا أعتق للّه فهو مولی للذی أعتقه، و إذا أعتق فجعل سائبة فله أن یضع نفسه و یتولی من شاء)(2).

(3)المتقدم فی دخول الأب و الابن فی العاقلة.

(4)لصحیح هشام بن سالم المتقدم، و غیره.

(5)بلا خلاف و یدل علیه أخبار منها: صحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

(قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی من أعتق عبدا سائبة أنه لا ولاء لموالیه علیه فإن شاء توالی إلی رجل من المسلمین فلیشهد أنه یضمن جریرته و کل حدث یلزمه فإذا فعل ذلک فهو یرثه، و إن لم یفعل ذلک کان میراثه یردّ علی إمام المسلمین)(3) مع ضمیمة أن من له الولاء فعلیه العقل، و لمرسل یونس عن أحدهما علیهما السّلام: (فی الرجل إذا قتل رجلا خطأ فمات قبل أن یخرج إلی أولیاء المقتول من الدیة أن الدیة علی ورثته، فإن لم یکن له عاقلة-

ص:685


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب ولاء ضمان الجریرة حدیث 2.
2- (2) الوسائل الباب - 36 - من أبواب العتق حدیث 1.
3- (3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب ولاء ضمان الجریرة و الإمامة حدیث 12.

(و لا تعقل العاقلة عمدا) محضا، و لا شبیها به، و إنما تعقل الخطأ المحض (1) (و) کذا (لا) تعقل (بهیمة) (2) إذا جنت علی إنسان و إن کانت جنایتها مضمونة علی المالک علی تقدیر تفریطه.

و کذا لا تعقل العصبة قتل البهیمة (3)، بل هی کسائر ما یتلفه من الأموال.

(و لا جنایة العبد) (4) بمعنی أن العبد لو قتل إنسانا خطأ، أو جنی علیه لا تعقل عاقلته جنایته، بل تتعلق برقبته کما سلف.

(و تعقل الجنایة علیه) (5) أی تعقل عاقلة الحر الجانی علی العبد خطأ جنایته علیه. کما تعقل جنایته علی الحر (6)، لعموم ضمان العاقلة الجنایة علی الآدمی.

-فعلی الوالی من بیت المال)(1).

و لخبر عمار بن أبی الأحوص: (سألت أبا جعفر علیه السّلام عن السائبة فقال: انظروا فی القرآن فما کان فیه فتحریر رقبة، فتلک یا عمار السائبة التی لا ولاء لأحد علیها إلا اللّه، فما کان ولاؤه للّه فهو لرسول اللّه، و ما کان ولاؤه لرسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فإن ولاءه للإمام و جنایته علی الإمام و میراثه له)(2).

(1)بلا خلاف و یدل علیه أخبار منها: خبر أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السّلام: (لا تضمن العاقلة عمدا و لا إقرارا و لا صلحا)(3) و قد تقدم الکلام فی أول باب الدیات.

(2)بل جنایتها علی مالکها مع تفریطه و قد تقدم الکلام فی ذلک.

(3)لو قتلها إنسان خطأ و ذلک لأن تحمیل العاقلة خطأ الغیر علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی المتیقن، و هو جنایة الآدمی علی الآدمی فقط.

(4)لأن جنایة العبد تتعلق برقبته کما تقدم فی باب القصاص.

(5)علی العبد لو کان الجانی حرا و کانت الجنایة خطأ لعموم أخبار العاقلة، و عن العلامة أن الجنایة الخطائیة علی العبد علی الجانی فقط، لأن العبد من جملة الأموال، و هذا علی خلاف إطلاق أخبار العاقلة.

(6)أی کما تعقل جنایة الحر علی الحر.

ص:686


1- (1) الوسائل الباب - 6 - من أبواب العاقلة حدیث 1.
2- (2) الوسائل الباب - 3 - من أبواب ولاء ضمان الجریرة و الإمامة حدیث 6.
3- (3) الوسائل الباب - 3 - من أبواب العاقلة حدیث 1.

و قیل: لا تضمن العاقلة الجنایة علیه أیضا، بل إنما تعقل الدیات (1) و المأخوذ عن العبید قیمة لا دیة کسائر قیم الأموال المتلفة، و به قطع فی التحریر فی باب العاقلة، و جعله تفسیرا لقوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: لا تعقل العاقلة عبدا (2). و الأجود الأول، و علیه نزل الحدیث (3)، و به (4) جزم فی أول الدیات منه أیضا (5) کغیره من کتبه.

و بالجملة فإنما تعقل العاقلة إتلاف الحر الآدمی مطلقا (6) إن کان المتلف صغیرا، أو مجنونا، أو خطأ إن کان مکلفا، لا غیره (7) من الأموال و إن کان حیوانا.

و شمل إطلاق المصنف ضمان العاقلة: دیة الموضحة فما فوقها و ما دونها (8).

و هو فی الأول محل وفاق، و فی الثانی خلاف. منشؤه عموم الأدلة علی (1)و الدیة مختصة بالحر.

(2)ففی دعائم الإسلام عن أمیر المؤمنین علیه السّلام: (لا تعقل العاقلة عمدا و لا عبدا و لا صلحا و لا اعترافا)(1).

(3)أی علی الأول من عدم عقل جنایة العبد علی غیره.

(4)بالأول.

(5)من التحریر.

(6)سواء کان إتلافه علی الحر أو علی العبد، و عمدا أو خطأ.

(7)أی لا غیر الآدمی.

(8)تضمن العاقلة دیة الموضحة فما زاد، بلا خلاف بینهم.

و ما دون الموضحة فذهب الشیخ فی الخلاف و المبسوط و الحلی فی السرائر إلی أنها تضمن أیضا لعموم أخبار تضمین العاقلة.

و ذهب المشهور إلی العدم لخبر أبی مریم عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام أن لا یحمل علی العاقلة إلا الموضحة فصاعدا)(2).

ص:687


1- (1) مستدرک الوسائل الباب - 3 - من أبواب العاقلة حدیث 4.
2- (2) الوسائل الباب - 5 - من أبواب العاقلة حدیث 1.

تحملها للدیة من غیر تفصیل، و خصوص قول الباقر علیه السّلام فی موثقة أبی مریم الأنصاری قال: قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام: أنه لا یحمل علی العاقلة إلا الموضحة فصاعدا مؤیدا بأصالة البراءة من الحکم المخالف للأصل و هذا هو الأشهر.

(و عاقلة الذمی نفسه) (1)، دون عصبته و إن کانوا کفارا (و مع عجزه) عن الدیة (فالإمام) عاقلته، لأنه یؤدی الجزیة إلیه. کما یؤدی المملوک الضریبة إلی مولاه فکان بمنزلته و إن خالفه فی کون مولی العبد لا یعقل جنایته، لأنه لیس مملوکا محضا کذا عللوه (2). و فیه نظر.

(و تقسط) الدیة علی العاقلة (3)(بحسب ما یراه الإمام) من حالتهم فی الغنی و الفقر، لعدم ثبوت تقدیره شرعا فیرجع إلی نظره.

(و قیل) و القائل الشیخ فی أحد قولیه و جماعة:(علی الغنی نصف دینار، و علی الفقیر ربعه)، لأصالة براءة الذمة من الزائد علی ذلک.

(1)لا خلاف فی أن دیة جنایة الذمی و إن کانت خطأ فی ماله دون عاقلته، و إن عجز لعدم المال عقلها الإمام علیه السّلام لصحیح أبی ولاّد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (لیس فیما بین أهل الذمة معاقلة فیما یجنون من قتل أو جراحة، إنما یؤخذ ذلک من أموالهم، فإن لم یکن لهم مال رجعت الجنایة علی إمام المسلمین، لأنهم یؤدون إلیه الجزیة کما یؤدی العبد الضریبة إلی سیده، و هم ممالیک للإمام فمن أسلم منهم فهو حر)(1).

(2)بل هکذا ورد فی الخبر الصحیح.

(3)قد وقع الخلاف علی ثلاثة أقوال:

الأول: التفصیل بین الغنی و الفقیر فعلی الأول نصف دینار و علی الثانی ربعه، و هو للشیخ فی المبسوط و الخلاف و للقاضی و العلاّمة فی القواعد و الإرشاد، و استدلوا علی ذلک بأنه من باب الاقتصار علی المتیقن، و الزائد مشکوک.

القول الثانی: إن أمر التقسیم بید الإمام علیه السّلام أو نائبه علی حسب ما یراه من المصلحة، و قیل: إنه القول المشهور بینهم.

القول الثالث: لصاحب الجواهر و جماعة أن التقسیط علی الجمیع بالسویة بعد إطلاق أدلة تضمین العاقلة، و مقتضی العدل یقتضی التسویة بینهم.

ص:688


1- (1) الوسائل الباب - 1 - من أبواب العاقلة حدیث 1.

و المرجع فیهما (1) إلی العرف، لعدم تحدیدهما شرعا و الأول أجود.

(و الأقرب الترتیب فی التوزیع) فیأخذ من أقرب الطبقات أولا، فإن لم یحتمل (2) تخطی إلی البعیدة، ثم الأبعد، و هکذا ینتقل مع الحاجة إلی المولی، ثم إلی عصبته، ثم إلی مولی المولی، ثم إلی الإمام (3).

و یحتمل بسطها علی العاقلة أجمع من غیر اختصاص بالقریب، لعموم الأدلة.

و علی القول بالتقدیر (4) لو لم تسع الطبقة القریبة الدیة بالنصف و الربع انتقل إلی الثانیة. و هکذا إلی الإمام حتی لو لم یکن له إلا أخ غنی أخذ منه نصف دینار. و الباقی علی الإمام.

(و لو قتل الأب ولده عمدا فالدیة لوارث الابن) إن اتفق و لا نصیب للأب منها (فإن لم یکن) له وارث (سوی الأب فالإمام (5)، و لو قتله خطأ فالدیة علی العاقلة، و لا یرث الأب منها شیئا) علی الأقوی (6)، لأن العاقلة تتحمل عنه جنایته فلا یعقل تحملها له، و لقبح أن یطالب الجانی غیره بجنایة جناها، و لو لا الإجماع علی ثبوتها علی العاقلة لغیره (7) لکان العقل یأبی ثبوتها علیهم مطلقا (8).

و قیل: یرث منها نصیبه إن قلنا بإرث القاتل خطأ هنا (9)، لعموم وجوب الدیة علی العاقلة، و انتقالها إلی الوارث، و حیث لا یمنع هذا النوع من القتل الإرث یرث الأب لها أجمع، أو نصیبه عملا بالعموم (10)، و لو قلنا: إن القاتل (1)فی الغنی و الفقیر.

(2)أی لم یسع الأخذ من الأقرب و لم یف بالدیة.

(3)و هو مناف لإطلاق أدلة تضمین العاقلة الشامل للجمیع بالسویة.

(4)أی النصف و الربع کما ذهب إلیه الشیخ.

(5)لأن القتل مانع من الإرث و قد تقدم فی بابه.

(6)و قد تقدم الکلام فی باب الإرث.

(7)لغیر الجانی القاتل.

(8)أی یأبی العقل ثبوت الدیة علی العاقلة سواء کانت الجنایة عمدا أو خطأ.

(9)أی فی الدیة.

(10)أی بعموم أدلة إرث الأب من ابنه.

ص:689

خطأ لا یرث مطلقا، أو من الدیة فلا بحث. و کذا القول لو قتل الابن أباه خطأ (1).

الثالث - فی الکفارة

(الثالث - فی الکفارة) اللازمة للقاتل بسبب القتل مطلقا (2)(و قد تقدمت) فی کتابها و أنها (3) کبیرة مرتبة فی الخطأ و شبهه و کفارة جمع فی العمد (4).

(و لا تجب مع التسبیب کمن طرح حجرا) فعثر به إنسان فمات (أو نصب سکینا فی غیر ملکه فهلک بها آدمی) و إن وجبت الدیة، و إنما تجب مع المباشرة (و تجب بقتل الصبی (5) و المجنون) ممن هو بحکم المسلم کما تجب بقتل المکلف و یستوی فیها الذکر و الأنثی. و الحر و العبد مملوکا للقاتل و لغیره (لا بقتل الکافر) (6) و إن کان ذمیا، أو معاهدا (و علی المشترکین) فی القتل و إن کثروا (کل واحد کفارة) (7) کملا (و لو قتل) القاتل (قبل التکفیر فی العمد) (8)، أو مات قبل (1)و قد تقدم فی باب الإرث.

(2)عمدا أو خطأ.

(3)أی کفارة القتل.

(4)و قد تقدم الکلام فی ذلک أیضا، هذا و اعلم أن الکفارة قد ترتبت علی عنوان القاتل، و القاتل یصدق مع المباشرة بلا خلاف بین الفقهاء، و أما مع التسبیب فعند صدق عنوان القاتل کما لو حفر بئرا بقصد قتل حیوان فوقع فیه إنسان فمات فهو قتل خطأ، و لو حفره بقصد قتل إنسان فوقع فیه الغیر و مات فهو قتل عمدی و هکذا فالمدار فی موارد و التسبیب علی صدق عنوان القاتل حتی تثبت الکفارة.

(5)بلا خلاف و لا إشکال لصدق عنوان قتل المؤمن علیه بلا فرق بین الصبی و البالغ و العاقل و المجنون و الذکر و الأنثی و الحر و العبد و لو کان عبدا للقاتل، بل المشهور وجوب الکفارة لقتل الجنین بعد ولوج الروح لعموم أخبار الکفارة المتقدمة فی بابها.

(6)بلا خلاف لأن الکفارة لقتل المؤمن کما یستفاد من الأدلة و الکافر خارج تخصصا، بلا فرق فی الکافر بین الذمی و غیره.

(7)بلا خلاف لإطلاق أدلة وجوب الکفارة.

(8)لا خلاف فی وجوب الکفارة علی القاتل عمدا إذا رضی ولی الدم بالدیة لإطلاق الأخبار المتقدمة فی باب الکفارات.

و لو قتله ولی الدم فهل علیه کفارة فی ماله؟ ففی ذلک قولان:

الأول عدم الوجوب و إلیه ذهب الشیخ فی المبسوط و ابن إدریس فی السرائر و ابن فهد -

ص:690

التکفیر (أخرجت الکفارات الثلاث من) أصل (ماله إن کان) له مال، لأنه حق مالی فیخرج من الأصل و إن لم یوص به کالدین، و کذا کل من علیه کفارة مالیة فمات قبل إخراجها، و غلبوا علیها (1) هنا جانب المالیة و إن کان بعضها بدنیا کالصوم، لأنها فی معنی عبادة واحدة فیرجح فیها حکم المال کالحج، و إنما قید بالعمد، لأن کفارة الخطأ و شبهه مرتبة، و الواجب قد یکون مالیا کالعتق و الإطعام، و بدنیا کالصیام، و الحقوق البدنیة لا تخرج من المال إلا مع الوصیة بها.

و مع ذلک تخرج من الثلث کالصلاة، و حینئذ فالقاتل خطأ إن کان قادرا علی العتق، أو عاجزا عنه و عن الصوم أخرجت الکفارة من ماله کالعامد، و إن کان فرضه الصوم لم تخرج إلا مع الوصیة فلذا قید، لافتقار غیر العمد إلی التفصیل.

الرابع - فی الجنایة علی الحیوان

(الرابع - فی الجنایة علی الحیوان) الصامت:(من أتلف ما تقع علیه الذکاة) سواء کان مأکولا کالإبل و البقر و الغنم أم لا کالأسد و النمر و الفهد (بها) (2) أی بالتذکیة بغیر إذن مالکه (فعلیه أرشه) (3) و هو تفاوت ما بین قیمته حیا و مذکّی مع -فی المهذب و ابن حمزة فی الوسیلة لصحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام:

(کفارة الدم إذا قتل الرجل مؤمنا متعمدا فعلیه أن یمکّن نفسه من أولیائه، فإن قتلوه فقد أدی ما علیه إذا کان نادما علی ما کان منه عازما علی ترک العود، و إن عفا عنه فعلیه أن یعتق رقبة و یصوم شهرین متتابعین و یطعم ستین مسکینا و أن یندم علی ما کان منه و یعزم علی ترک العود و یستغفر اللّه تعالی أبدا ما بقی)(1).

و الثانی الوجوب و هذا ما ذهب إلیه الشیخ فی الخلاف و العلاّمة فی المختلف و التحریر للاستصحاب و أنها من حقوق اللّه المتعلقة بالمال فلا تسقط بالموت، و فیه: إنه کالاجتهاد فی قبال النص، نعم علیک القول بوجوب الکفارة فی ماله لو مات بغیر القود للاستصحاب.

(1)علی کفارة القتل.

(2)أی أتلفه بالتذکیة.

(3)بلا خلاف بین الأصحاب لأن الحیوان لم یخرج عن ملک مالکه بالتذکیة فلا محالة فلم یخسر المالک إلا التفاوت بین کونه حیا و بینه میتا فله هذا التفاوت.

ص:691


1- (1) الوسائل الباب - 28 - من أبواب الکفارات حدیث 2.

تحقق النقصان، لا قیمته (1)، لأن التذکیة لا تعد إتلافا محضا، لبقاء المالیة غالبا، و لو فرض عدم القیمة أصلا کذبحه فی بریة لا یرغب أحد فی شرائه لزمه القیمة، لأنه حینئذ مقدار النقص (2).

(و لیس للمالک مطالبته بالقیمة) کملا (و دفعه إلیه علی الأقرب) (3) لأصالة براءة ذمة الجانی مما زاد علی الأرش، و لأنه باق علی ملک مالکه فلا ینتقل عنه إلا بالتراضی من الجانبین.

و خالف فی ذلک الشیخان و جماعة فخیروا المالک بین إلزامه بالقیمة یوم الإتلاف و تسلیمه إلیه، و بین مطالبته بالأرش نظرا إلی کونه مفوتا لمعظم منافعه فصار کالتالف.

و ضعفه ظاهر (4)(و لو أتلفه لا بها (5) فعلیه قیمته یوم تلفه إن لم یکن غاصبا) (6)، لأنه یوم تفویت مالیته الموجب للضمان (و یوضع منها (7) ما له قیمة من المیتة) کالشعر و الصوف و الوبر و الریش و فی الحقیقة ما وجب هنا (8) غیر (1)أی لا قیمة الحیوان أجمع، لأن الحیوان لم یتلف بالتذکیة بل نقص.

(2)أی لأن اللازم من قیمة الحیوان أجمع هو مقدار النقص علی المالک.

(3)هل للمالک دفع المذبوح و المطالبة بالقیمة؟ قیل: نعم و هو اختیار الشیخین فی المقنعة و النهایة و جماعة نظرا إلی إتلافه أهم منافعه فهو حینئذ بحکم التالف، و قیل: لا، کما عن الشیخ فی المبسوط و المتأخرین کما فی الجواهر لأنه إتلاف لبعض منافعه فقط فیضمن التلف فقط مع بقاء المالیة عرفا للحیوان المذبوح.

(4)لأنه باق علی مالیته عرفا و لیس بحکم التالف.

(5)أی أتلف الحیوان لا بالتذکیة، فیضمن الجانی قیمته یوم إتلافه کغیره من الأموال بلا خلاف فیه و لا إشکال، و مستنده واضح، نعم لو بقی فی الحیوان المقتول ما له مالیة کالصوف و الشعر و الوبر و الریش مما ینتفع به من المیتة فهو باق للمالک و یسقط من القیمة بإزائه.

(6)و إلا لو کان غاصبا فقد قیل یؤخذ بیوم التلف و قیل بیوم الأداء، و قیل بأعلی القیم و قد تقدم الکلام فیه فی باب الغصب.

(7)من القیمة التی یدفعها الجانی.

(8)ما نافیة.

ص:692

الأرش، لکن لما کان المضمون أکثر القیمة اعتبرها.

و لو کان المتلف غاصبا فقیل: هو کذلک.

و قیل: یلزمه أعلی القیم من حین الغصب إلی حین الإتلاف. و هو أقوی و قد تقدم، فمن ثم أهمله (و لو تعیب بفعله) من دون أن یتلف کأن قطع بعض أعضائه، أو جرحه، أو کسر شیئا من عظامه (فلمالکه الأرش) (1) إن کانت حیاته مستقرة، و إلاّ فالقیمة علی ما فصل (2) و کذا لو تلف بعد ذلک بالجنایة (3).

(و أما) لو أتلف (ما لا تقع علیه الذکاة (4) ففی کلب الصید أربعون) (1)و هو التفاوت بین قیمتی الصحیح و المعیب، لأن الأجزاء مضمونة لدخالتها فی مالیة الحیوان.

نعم فی فقأ العین فالمشهور علی الأرش، و الشیخ و جماعة منهم المحقق فی الشرائع أن علی الجانی ربع القیمة لصحیح أبی العباس عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (من فقأ عین دابة فعلیه ربع ثمنها)(1)، و صحیح محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی علی علیه السّلام فی عین فرس فقئت ربع ثمنها یوم فقئت العین)2 و قریب منهما صحیح عمر بن أذینة3.

(2)أی المصنف من کونها قیمة یوم التلف إن لم یکن غاصبا.

(3)فیضمن القیمة أیضا.

(4)لا خلاف بین الأصحاب أن إتلاف الخمر و آلات اللهو و ما لا یقبل التذکیة کالکلب و الخنزیر لا یوجب الضمان لعدم کونه مالا شرعا.

إلا أن یکون الخنزیر للذمی فیضمن لأنه مال عنده بشرط قیام الذمی بشرائط الذمة لمعتبرة غیاث بن إبراهیم عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام: (أن علیا علیه السّلام ضمّن رجلا أصاب خنزیر النصرانی)(2)، و لخبر مسمع بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (أن أمیر المؤمنین علیه السّلام رفع إلیه رجل قتل خنزیرا فضمنه، و رفع إلیه رجل کسر بربطا فأبطله)5 بحمل الخنزیر علی أنه ملک للذمی جمعا بین النصوص، و الدال علی القیام بشرائط الذمة صحیح زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم قبل الجزیة من أهل الذمة علی أن لا یأکلوا الربا و لا یأکلوا لحم الخنزیر و لا ینکحوا الأخوات و لا بنات الأخ و لا بنات الأخت فمن فعل ذلک منهم برئت منه ذمة اللّه تعالی و ذمة رسول-

ص:693


1- ( (1 و 2 و 3) الوسائل الباب - 47 - من أبواب دیات الأعضاء حدیث 1 و 3 و 2.
2- ( (4 و 5) الوسائل الباب - 26 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 2 و 1.

(درهما) (1) علی الأشهر روایة و فتوی.

و قیل (2): قیمته (3) کغیره من الحیوان القیمی إما لعدم ثبوت المقدار (4) أو لروایة السکونی عن الصادق علیه السّلام أن أمیر المؤمنین علیه السّلام: حکم فیه بالقیمة.

و بین التعلیلین بون بعید (5)، و خصه الشیخ (6) بالسلوقی نظرا إلی وصفه فی -اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم، قال: و لیست لهم الیوم ذمة)(1) بحمله علی التستر فی أکل لحم الخنزیر.

و أما کلب الغنم و الحائط و الزرع و الصید ففیه کلام سیأتی.

(1)علی المشهور للأخبار منها: معتبرة الولید بن صبیح عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: (دیة الکلب السلوقی أربعون درهما)(2)، و معتبرة عبد الأعلی بن أعین عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (فی کتاب علی علیه السّلام دیة کلب الصید أربعون درهما)3.

و ذهب الشارح إلی أن الروایات ضعیفة السند فالأجود الضمان بالقیمة، و فیه: إنها منجبرة بعمل الأصحاب.

و ذهب ابن الجنید إلی أن فی کلب الصید قیمته بشرط عدم تجاوزها أربعین درهما، و مع التجاوز فالأربعون جمعا بین ما تقدم و خبر السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (قال أمیر المؤمنین علیه السّلام، فیمن قتل کلب الصید، قال: یقوّمه، و کذلک البازی، و کذلک کلب الغنم، و کذلک کلب الحائط)4.

ثم هل المراد بکلب الصید هو المعلّم سواء کان سلوقیا أو لا، أو خصوص السلوقی، و هو المنسوب إلی قریة سلوق بالیمن أکثر کلابها معلّمة، فالأکثر علی الأول و الشیخان علی الثانی، و من الواضح أن السلوقی هو إشارة إلی کلب الصید المعلم و هذا یشمل غیر السلوقی فی البین.

(2)و هو الإسکافی.

(3)بشرط عدم تجاوز الأربعین.

(4)شرعا فالمتجه الضمان بالقیمة، لکن عرفت أن مستند حکم ابن الجنید هو الجمع بین الأخبار المتقدمة.

(5)بین عدم ثبوت المقدار شرعا و بین الحکم بالقیمة تبعا لروایة السکونی.

(6)بل الشیخان.

ص:694


1- (1) الوسائل الباب - 48 - من أبواب جهاد العدو حدیث 1.
2- ( (2 و 3 و 4) الوسائل الباب - 19 - من أبواب دیات النفس حدیث 1 و 5 و 3.

الروایة، و هو نسبة إلی سلوق قریة بالیمن أکثر کلابها معلمة، و الباقون حملوه علی المعلم مطلقا للمشابهة.

(و فی کلب الغنم کبش) (1) و هو ما یطلق علیه اسمه، لعدم تحدید سنه شرعا و لا لغة، لروایة أبی بصیر عن أحدهما.

(و قیل) و القائل الشیخان و ابن إدریس و جماعة: فی قتله (عشرون درهما)، لروایة ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام و هی ضعیفة مرسلة، و العجب من ابن إدریس المانع من الخبر الواحد مطلقا کیف یذهب هنا إلی ذلک، لکن لعله استند إلی ما توهمه من الإجماع، لا إلی الروایة.

و فی قول ثالث أن الواجب فیه القیمة کما مر (2).

(و فی کلب الحائط) (3) و هو البستان أو ما فی معناه (4)(عشرون درهما) علی المشهور، و لم نقف علی مستنده و القول بالقیمة أجود.

(1)علی الأکثر لروایة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (دیة الکلب السلوقی أربعون درهما - إلی أن قال -: و دیة کلب الغنم کبش و دیة کلب الزرع جریب من برّ، و دیة کلب الأهل قفیز من تراب لأهله)(1).

و ذهب البعض بل قیل المشهور کما فی کشف اللثام أن دیته عشرون درهما لمرسل ابن فضال عن أبی عبد اللّه علیه السّلام: (دیة کلب الصید أربعون درهما، و دیة کلب الماشیة عشرون درهما، و دیة الکلب الذی لیس للصید و لا للماشیة زنبیل من تراب علی القاتل أن یعطی و علی صاحبه أن یقبل)2.

و قیل: إن دیته قیمته لخبر السکونی المتقدم، و هو الأولی بعد حمل نصوص التقدیر علی تقدیره فی أزمنة صدور الأخبار المتقدمة.

(2)فی کلب الصید.

(3)ذهب المشهور إلی أن دیته عشرون درهما، و لیس له مستند کما اعترف بذلک غیر واحد، فالمتعین القول بالقیمة تبعا لخبر السکونی المتقدم.

(4)ککلب الدار.

ص:695


1- ( (1 و 2) الوسائل الباب - 19 - من أبواب دیات النفس حدیث 2 و 4.

(و فی کلب الزرع (1) قفیز من طعام) و هو فی روایة أبی بصیر المتقدمة، و خصه (2) بعض الأصحاب بالحنطة. و هو حسن (و لا تقدیر لما عداها (3)، و لا ضمان علی قاتلها) و شمل إطلاقه (4) کلب الدار (5) و هو أشهر القولین فیه، و فی روایة أبی بصیر عن أحدهما أن فی کلب الأهل قفیز من تراب و اختاره بعض الأصحاب.

(أما الخنزیر (6) فیضمن للذمی مع الاستتار به بقیمته عند مستحلیه) إن أتلفه. و بأرشه کذلک إن أعابه (و کذا لو أتلف المسلم علیه) أی علی الذمی المستتر. و ترک التصریح بالذمی لظهوره، و لعل التصریح کان أظهر (خمرا، أو آلة لهو (7) مع استتاره) بذلک، فلو أظهر شیئا منهما فلا ضمان علی المتلف مسلما کان أم کافرا فیهما.

(و یضمن الغاصب (8) قیمة الکلب السوقیة)، لأنه مؤاخذ بأشق الأحوال.

و جانب المالیة معتبر فی حقه مطلقا (بخلاف الجانی) فإنه لا یضمن إلا المقدر الشرعی، و إنما یضمن الغاصب القیمة (ما لم تنقص عن المقدر الشرعی) فیضمن (1)ذهب المشهور إلی أن دیته قفیز من بر لروایة أبی بصیر المتقدمة و إلی أن المراد بالبر هو الطعام بل هو خصوص الحنطة و استجوده فی المسالک، و ذهب جماعة إلی عدم وجوب شیء لقتله لعدم الدلیل الموجب لذلک، و ذهب الصدوق إلی أن فیه زنبیلا من تراب و علی القاتل أن یعطی و علی صاحب الکلب أن یقبل لمرسل ابن فضال المتقدم.

(2)أی خص الطعام.

(3)لما عدا هذه المذکورات.

(4)أی إطلاق المصنف بقوله: لما عداها.

(5)و ذهب ابن الجنید إلی أن فی کلب الدار زنبیلا من تراب لخبر أبی بصیر المتقدم و هو المسمی بکلب الأهل کما فی الروایة.

(6)فقد تقدم الکلام فیه.

(7)لأنها من ذوات المالیة بنظر الذمی المستتر قیاسا علی الخنزیر و إن کان فی خبر مسمع المتقدم عدم الضمان بکسر البربط مطلقا.

(8)لأن یده ید عدوان و قد تقدم فی کتاب الغصب أخذه بأشق الأحوال، فمن ثم اختلف حکمه عن حکم الجانی.

ص:696

المقدر. و بالجملة فیضمن الغاصب أکثر الأمرین من القیمة و المقدر الشرعی.

(و یضمن صاحب الماشیة جنایتها لیلا، لا نهارا) (1) علی المشهور، و المستند روایة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام عن أبیه قال: کان علی علیه السّلام لا یضمن ما أفسدت البهائم نهارا و یقول علی صاحب الزرع حفظه، و کان یضمن ما أفسدته لیلا، و روی ذلک عن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم (2).

(و منهم) و هم جلة المتأخرین کابن إدریس، و ابن سعید، و العلاّمة (من اعتبر التفریط) فی الضمان (مطلقا) لیلا و نهارا. إما استضعافا للروایة، أو حملا لها علی ذلک (3).

قال المصنف (4): و الحق أن العمل لیس علی هذه الروایة، بل إجماع الأصحاب. و لما کان الغالب حفظ الدابة لیلا، و حفظ الزرع نهارا أخرج الحکم علیه و لیس فی حکم المتأخرین رد لقول القدماء فلا ینبغی أن یکون الاختلاف هنا إلا فی مجرد العبارة عن الضابط أما المعنی فلا خلاف فیه. انتهی.

و لا یخفی ما فیه (5) و کیف کان فالأقوی اعتبار التفریط و عدمه.

(1)علی المشهور لروایة عبد اللّه بن المغیرة عن السکونی عن جعفر عن أبیه عن علی علیه السّلام:

(کان علی علیه السّلام لا یضمّن ما أفسدت البهائم نهارا، و یقول: علی صاحب الزرع حفظ زرعه و کان یضمّن ما أفسدت البهائم لیلا)(1).

و ذهب المتأخرون إلی الضمان مع اعتبار التفریط و عدمه مع العدم بلا فرق بین اللیل و النهار لضعف الخبر المذکور.

(2)ففی غوالی اللآلی عن الشهید عن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: (أنه قضی فی ناقة البراء بن عازب لما أفسدت حائطا أن علی أهل الحائط حفظها نهارا و علی أهل الماشیة حفظها لیلا)(2).

(3)من کون التفریط إنما یحدث لیلا من أهل الماشیة دون النهار.

(4)فی شرح الإرشاد.

(5)قال الشارح فی المسالک: (و ظاهر الخلاف معنوی لأن مقتضی التفصیل أن ما جنته البهائم نهارا غیر مضمون علی أربابها سواء فرّط فی حفظها أو لا، لأن علی صاحب-

ص:697


1- (1) الوسائل الباب - 40 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.
2- (2) مستدرک الوسائل الباب - 29 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.

(و روی) محمد بن قیس (1) عن أبی جعفر علیه السّلام (فی بعیر بین أربعة عقله أحدهم فوقع فی بئر فانکسر: أن علی الشرکاء ضمان حصته، لأنه حفظ و ضیعوا روی) ذلک أبو جعفر علیه السّلام (عن أمیر المؤمنین) صلوات اللّه و سلامه علیه و هو مشکل علی إطلاقه، فإن مجرد وقوعه أعم من تفریطهم فیه، بل من تفریط العاقل، و من ثم أوردها المصنف کغیره بلفظ الروایة.

و یمکن حملها علی ما لو عقله و سلمه إلیهم ففرطوا، أو نحو ذلک و الأقوی ضمان المفرط منهم، دون غیره، و الروایة حکایة فی واقعة محتملة للتأویل.

(و لیکن هذا آخر اللمعة، و لم نذکر سوی المهم) من الأحکام (و هو المشهور بین الأصحاب). هذا بحسب الغالب، و إلا فقد عرفت أنه ذکر أقوالا نادرة غیر مشهورة، و فروعا غیر مذکورة.

-الزرع حفظه نهارا، و أن ما جنته لیلا مضمون مطلقا لأن الحفظ متعلق بمالک البهائم.

و لو فرض عدم تفریطه فی حفظها فإن جنایتها لیلا مضمونة نظرا إلی تعلیق الحکم علی اللیل و النهار، لا علی التفریط و عدمه، خلاف مدلول اللفظ، و کیف کان فالرجوع إلی التفریط و عدمه هو الأظهر).

(1)فی الصحیح عن أبی جعفر علیه السّلام: (قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی أربعة أنفس شرکاء فی بعیر، فعقله أحدهم فانطلق البعیر یعبث بعقاله فتردی فانکسر، فقال أصحابه للذی عقله: أغرم لنا بعیرنا، قال: فقضی بینهم أن یغرموا له حظه، من أجل أنه أوثق حظه فذهب حظهم بحظّه منه)(1).

و الحکم بإطلاقه مشکل لأن مجرد وقوعه أعم من کونه بتفریطهم، بل و من تفریط العاقل، و لذا قال المحقق فی نکت النهایة: «إن صحت هذه الروایة فهی حکایة فی واقعة، و لا عموم للوقائع، فلعله عقله و سلمه إلیهم ففرطوا، و غیر ذلک» فالأقوی الضمان علی المفرّط دون غیره.

انتهی کتاب الدیات و للّه الحمد أولا و أخیرا

ص:698


1- (1) الوسائل الباب - 39 - من أبواب موجبات الضمان حدیث 1.

(و الباعث علیه) أی علی المذکور و المدلول علیه بالفعل، أو علی تصنیف الکتاب و إن کان اسمه مؤنثا (اقتضاء) أی طلب (بعض الطلاب) و قد تقدم بیانه (نفعه اللّه و إیانا به) و جمیع المؤمنین، و نفع بشرحه کما نفع بأصله بحق الحق و أهله (و الحمد للّه وحده و صلاته علی سیّدنا محمّد النبیّ، و عترته المعصومین الّذین أذهب اللّه عنهم الرّجس و طهّرهم تطهیرا).

هذا آخر کلام المصنف (قدس اللّه روحه)، و نحن نحمد اللّه تعالی علی توفیقه و تسهیله لتألیف هذا التعلیق، و نسأله من فضله و کرمه أن یجعله خالصا لوجهه الکریم، موجبا لثوابه الجسیم، و أن یغفر لنا ما قصرنا فیه من اجتهاد، و وقع فیه من خلل فی إیراد إنه هو الغفور الرحیم.

و فرغ من تسویده مؤلفه الفقیر إلی عفو اللّه و رحمته «زین الدین بن علی بن أحمد الشامی العاملی» عامله اللّه تعالی بفضله و نعمه و عفا عن سیئاته و زلاته بجوده و کرمه علی ضیق المجال، و تراکم الأهوال الموجبة لتشویش البال خاتمة لیلة السبت و هی الحادیة و العشرون من شهر جمادی الأولی سنة سبع و خمسین و تسعمائة من الهجرة النبویة حامدا مصلیا. اللّهم صلّ علی محمد و آل محمد، و اختم لنا بالخیر.

ص:699

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.