موسوعه الامام الصادق عليه السلام المجلد 57

اشارة

سرشناسه : قزويني، سيدمحمدكاظم، 1308 - 1373.

عنوان و نام پديدآور : موسوعه الامام الصادق عليه السلام/ تاليف محمدكاظم القزويني.

مشخصات نشر : قم: الرافد، 14ق.-= 13 -

مشخصات ظاهري : 60ج.

شابك : ج.1 : 978-600-6588-19-1 ؛ ج.42 978-600-6593-06-7 : ؛ ج.44 978-600-6593-15-9 : ؛ ج.47 978-600-6593-23-4 : ؛ ج.59 978-964-8485-92-9 : ؛ ج.60 978-964-2581-88-7 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرست نويسي بر اساس جلد سي و چهارم، 1431ق. = 1389.

يادداشت : ج.24 (چاپ اول: 1431ق. = 1389).

يادداشت : ج.47 (چاپ اول: 1437ق. = 1394).

يادداشت : ج.59 (چاپ اول: 1440ق. = 1397).

يادداشت : ج.60 (چاپ اول: 1440ق. = 1398) (فيپا).

يادداشت : ناشر جلد پنجاه و نهم ، انتشارات دارالغدير است .

يادداشت : ناشر جلد شصتم، انتشارات دار الموده است .

يادداشت : كتابنامه.

مندرجات : .- ج.34. التجاره.- ج.42. الحدود والتعزيرات

موضوع : جعفربن محمد (ع)، امام ششم، 83 - 148ق.

رده بندي كنگره : BP45/ق4م8 1300ي الف

رده بندي ديويي : 297/9553

شماره كتابشناسي ملي : 2105726

ص: 1

اشارة

موسوعة الإمام الصادق (علیه السّلام)

تألیف السیّد محمّد کاظم القزوینی (قدّس سرّه)

ص: 2

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

(وَإِذَا قِیلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَیْنَا وَیَکْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِیَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن کُنتُم مُّؤْمِنِینَ)((1)) .

(وَإِذَا قِیلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَیْنَا عَلَیْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ کَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ یَعْقِلُونَ شَیْئاً وَلاَ یَهْتَدُونَ)((2)) .

(... وَاذْکُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَیْکُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَیْکُمْ مِّنَ الْکِتَابِ وَالْحِکْمَةِ یَعِظُکُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِکُلِّ شَیْء عَلِیمٌ)((3)) .

(هُوَ الَّذِی أَنزَلَ عَلَیْکَ الْکِتَابَ مِنْهُ آیَاتٌ مُّحْکَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْکِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِینَ فی قُلُوبِهِمْ زَیْغٌ فَیَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِیلِهِ وَمَا یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ یَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ کُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا یَذَّکَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ)((4)) .

(وَإِذَا قِیلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَی مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَی الرَّسُولِ رَأَیْتَ

ص: 3


1- - البقرة 2 : 91 .
2- - البقرة 2 : 170 .
3- - البقرة 2 : 231 .
4- - آل عمران 3 : 7 .

الْمُنَافِقِینَ یَصُدُّونَ عَنکَ صُدُوداً)((1)) .

(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِکَ إِلاَّ رِجَالا نُّوحِی إِلَیْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّکْرِ إِن کُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * بِالْبَیِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَیْکَ الذِّکْرَ لِتُبَیِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَیْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ یَتَفَکَّرُونَ)((2)) .

(تَبَارَکَ الَّذِی نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَی عَبْدِهِ لِیَکُونَ لِلْعَالَمِینَ نَذِیراً)((3)) .

(أَوَلَمْ یَکْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَیْکَ الْکِتَابَ یُتْلَی عَلَیْهِمْ إِنَّ فِی ذَلِکَ لَرَحْمَةً وَذِکْرَی لِقَوْم یُؤْمِنُونَ)((4)) .

(وَالَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَی مُحَمَّد وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ کَفَّرَ عَنْهُمْ سَیِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ)((5))

(هُوَ الَّذِی یُنَزِّلُ عَلَی عَبْدِهِ آیَات بَیِّنَات لِّیُخْرِجَکُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَی النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِکُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِیمٌ)((6)) .

(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا لَیْلَةُ الْقَدْرِ)((7)) .

ص: 4


1- - النساء 4 : 61 .
2- - النحل 16 : 43 و 44 .
3- - الفرقان 25 : 1 .
4- - العنکبوت 29 : 51 .
5- - محمّد (صلّی الله علیه وآله وسلّم) 47 : 2 .
6- - الحدید 57 : 9 .
7- - القدر 97 : 1 و 2 .

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

المقدَّمة

« الحمد لله الذی .. لا تُدرکه الأبصار ، ولم تُحِطْ به الأخبار ، ولم یُعیِّنه مقدار ، ولم یتوهَّمْه اعتبار .. »((1)) .

والصلاة والسّلام علی عناصر الأبرار ودعائم الأخیار وحَمَلة الأسرار سیّدنا محمّد وآله الأطهار .

ولعنة الله علی أعدائهم الأشرار المستوجبینَ النار .

وبعد : فهذا هو الجزء السابع والخمسون من موسوعة الإمام الصادق (علیه السلام) والجزء الرابع عشر من تفسیر القرآن الکریم ، ویحتوی علی الأحادیث التی رویتْ عن الإمام جعفر الصادق (علیه السّلام) فی تفسیر سورة النبأ إلی سورة الناس التی هی آخر سورة فی القرآن .

وبهذا الجزء تمَّت أجزاء التفسیر التی بلغت أربعة عشر جزءً بعدد المعصومین الأربعة عشر (صلوات الله علیهم أجمعین) .

ص: 5


1- - من دعاء للسیدة فاطمة الزهراء (علیها السّلام) . کتاب فلاح السائل للسیّد ابن طاوس : ص251 .

وقد تحدَّثنا - فی هذا الجزء - عن نقاط کثیرة .. من أهمِّها :

1 - نفی نزول سورة (عَبَس) فی شأن رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلّم) الذی قال الله تعالی فیه : (وَإِنَّکَ لَعَلَی خُلُق عَظِیم)((1)) .

2 - نفی ما ورد فی شأن الإمام المهدی (علیه السّلام) أنّه یقیم مجزرة رهیبة ومذبحة عظیمة حتی یقول القائل : لو کان هذا من آل محمّد لَرحِم الناس .

وقد أثبتنا أن الإمام المهدی (علیه السّلام) یسیر بسیرة جدّه المصطفی (صلّی الله علیه وآله وسلّم) الذی أرسله الله رحمةً للعالمین ، والذی کان یقول : « اللّهمّ اهدِ قومی فإنّهم لا یعلمون »((2)) .

3 - الردُّ علی الکافر الذی عیَّر رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلّم) بأنّه أبتر .

4 - نفی تأثیر السِّحر علی خاتم الأنبیاء (صلّی الله علیه وآله وسلّم) .

وغیرها من النقاط ..

نسأل الله تعالی أن یتفضَّل علینا بالقبول بفضله وکرمه .. وأن یوفّقنا لاتمام هذه الموسوعة کما یحبّ ویرضی .. إنه سمیع الدعاء .

محمّد کاظم القزوینی

قم المقدَّسة - ایران

ص: 6


1- - سورة القلم 68 : 4 .
2- - الخرائج والجرائح : ج1 ص164 .

سورة النبأ

باب (1) ذفائدة قراءة سورة النبأ

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسین بن عمرو الرمانی ، عن أبیه ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث - قال : من قرأ (عَمَّ یَتَسَاءَلُونَ) لم تخرج سنته - إذا کان یدمنها فی کلّ یوم - حتّی یزور بیت الله الحرام إن شاء الله((1)) .

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها لمن أراد السَّهَر سَهَر ، وقراءتها لمن هو مسافر باللیل تحفظه من کلّ طارق باذن الله تعالی((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ عَمَّ یَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِیمِ * الَّذِی هُمْ فِیهِ مُخْتَلِفُونَ) (1 - 3) .

ص: 7


1- - ثواب الأعمال : ص149 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص155 .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص155 ح4 .

باب (2) ما هو النبأ العظیم ؟

الکافی : الحسین بن محمّد ، عن معلّی بن محمد ، عن محمد بن أورمة ومحمد بن عبدالله ، عن علی بن حسان ، عن عبدالله بن کثیر((1)) ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله تعالی : (عَمَّ یَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِیمِ) .

قال : النبأ العظیم : الولایة .

وسألته عن قوله : (هُنَالِکَ الْوَلاَیَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ)((2)) ؟

قال : ولایة أمیر المؤمنین (علیه السّلام)((3)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن أحمد بن إدریس ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن إبراهیم بن هاشم بإسناده ، عن محمد بن الفضیل قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (عَمَّ یَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِیمِ * الَّذِی هُمْ فِیهِ مُخْتَلِفُونَ) ؟

قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : کان أمیر المؤمنین (علیه السّلام)

ص: 8


1- - فی تفسیر البرهان : عبد الرحمن بن کثیر .
2- - الکهف 18 : 44 .
3- - الکافی : ج1 ص418 ح34 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص157 .

یقول : ما لله نبأ هو أعظم منّی ، ولقد عُرض فضلی علی الاُمم الماضیة باختلاف ألسنتها((1)) .

التهذیب : الحسین بن الحسن الحسینی قال : حدّثنا محمد بن موسی الهمدانی قال : حدّثنا علی بن حسّان الواسطی قال : حدّثنا علی ابن الحسین العبدی ، عن أبی عبدالله الصادق (علیه السّلام) - فی الدعاء بعد صلاة الغدیر - : « اللهم بلی شهدنا بمنّک ولطفک بأنّک أنت الله لا إله إلاّ أنت ربّنا ، ومحمد عبدک ورسولک نبیّنا ، وعلیٌ : أمیر المؤمنین والحجّة العظمی وآیتک الکبری والنبأ العظیم الّذی هم فیه مختلفون ... » إلی آخر الحدیث((2)) .

باب (3) شهادات نبویَّة فی شأن النبأ العظیم

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد ابن جعفر بن محمّد بن زید بن علی بن الحسین بن علیّ بن أبی طالب (علیه السّلام) ] قال : حدّثنی أبی قال : أخبرنی علی بن إبراهیم بن هاشم فیما کتب إلی [((3)) قال : حدّثنی أبی ، عن یاسر الخادم ، عن أبی الحسن علیّ

ص: 9


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص758 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص157 .
2- - التهذیب : ج3 ص146 ح317 .
3- - ما بین المعقوفتین من تفسیر البرهان .

ابن موسی الرضا ، عن أبیه ، عن آبائه ، عن

الحسین بن علیّ (علیهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) لعلیّ (علیه السّلام) :

یا علیّ : أنت حجّة الله وأنت باب الله وأنت الطریق إلی الله وأنت النبأ العظیم وأنت الصراط المستقیم وأنت المثلُ الأعلی .

یا علیّ : أنت إمام المسلمین وأمیر المؤمنین وخیر الوصیین وسیّد الصدّیقین .

یا علیّ : أنت الفاروق الأعظم وأنت الصدّیق الأکبر .

یا علیّ : أنت خلیفتی علی أُمّتی وأنت قاضی دَینی وأنت مُنجز عداتی .

یا علیّ : أنت المظلوم بعدی .

یا علیّ : أنت المفارَق بعدی .

یا علی : أنت المهجور بعدی ، أُشهد الله تعالی ومَن حَضر من اُمّتی أنّ حزبک حزبی وحزبی حزب الله ، وأنّ حزب أعدائک حزب الشیطان((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً) (13) .

ص: 10


1- - عیون أخبار الرضا : ج2 ص6 ح13 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص158 .

باب (4) عظمة نور الکرسی والعرش

الکافی : أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ابن یحیی ، عن عاصم بن حمید ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : ذاکرت أبا عبدالله (علیه السّلام) فیما یروون من الرؤیة ؟

فقال : الشمس جزء من سبعین جزءاً من نور الکرسیّ ، والکرسیّ جزء من سبعین جزءاً من نور العرش ، والعرش جزء من سبعین جزءاً من نور الحجاب ، والحجاب جزء من سبعین جزءاً من نور الستر ، فإن کانوا صادقین فلیملؤوا أعینهم من الشمس لیس دونها سحاب((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (لاَبِثِینَ فِیهَا أَحْقَاباً * لاَّ یَذُوقُونَ فِیهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً * إِلاَّ حَمِیماً وَغَسَّاقاً) (23 - 25) .

باب (5) معنی « الأحقاب »

تفسیر القمی : أخبرنا أحمد بن إدریس ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن النّضر بن سوید ، عن درست بن أبی منصور ، عن

ص: 11


1- - الکافی : ج1 ص98 ح7 .

الأحول ، عن حمران بن أعین قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله : (لاَبِثِینَ فِیهَا أَحْقَاباً * لاَّ یَذُوقُونَ فِیهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً * إِلاَّ حَمِیماً وَغَسَّاقاً) ؟

قال : هذه فی الّذین لا یخرجون من النار((1)) .

معانی الأخبار : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن یعقوب بن یزید ، عن جعفر بن محمّد بن عقبة ، عمّن رواه ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله (عزّوجلّ) : (لاَبِثِینَ فِیهَا أَحْقَاباً) .

قال : الأحقاب : ثمانیة أحقاب ، والحقبة : ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستّون یوماً ، والیوم : کألف سنة ممّا تعدّون((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِکَةُ صَفّاً لاَّ یَتَکَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً) (38) .

باب (6) آل محمّد یُؤذَن لهم بالکلام

المحاسن : البرقی ، عن أبیه ، عن سعدان بن مسلم ، عن معاویة بن وهب قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله (تبارک وتعالی) :

ص: 12


1- - تفسیر القمی : ج2 ص402 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص162 .
2- - معانی الأخبار : ص220 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص163 .

(لاَّ یَتَکَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً) ؟

قال : نحن والله المأذون لهم فی ذلک الیوم والقائلون صواباً .

قلت : جعلت فداک وما تقولون إذا تکلَّمتم ؟

قال : نمجّد ربّنا ، ونصلّی علی نبیّنا ، ونشفع لشیعتنا فلا یردّنا ربّنا((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن الحسین بن أحمد ، عن محمد بن عیسی ، عن یونس ، عن سعدان بن مسلم ، عن معاویة بن وهب ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) ... وذکر نحوه((2)) .

مجمع البیان : روی معاویة بن عمّار ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سئل عن هذه الآیة ؟

فقال : نحن والله المأذون لهم یوم القیامة والقائلون ]صواباً[ .

قال: جعلت فداک ما تقولون ؟

قال : نمجّد((3)) ربّنا ونصلّی علی نبیّنا (صلّی الله علیه وآله) ، ونشفع لشیعتنا فلا یردّنا ربّنا((4)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن

ص: 13


1- - المحاسن : ج1 ص292 ح579 الطبعة الحدیثة .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص760 ح8 . منهما تفسیر البرهان : ج10 ص164 .
3- - فی تفسیر البرهان : نحمد .
4- - مجمع البیان : ج5 ص427 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص165 .

أحمد بن هوذة ، عن إبراهیم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن أبی خالد القمّاط ، عن أبی عبدالله ، عن أبیه (علیهما السّلام) قال : قال : إذا کان یوم القیامة ، وجمع الله الخلائق من الأوّلین والآخرین فی صعید واحد ، خلع قول لا إله إلاّ الله من جمیع الخلائق إلاّ من أقرّ بولایة علیّ (علیه السّلام) وهو قوله تعالی : (یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِکَةُ صَفّاً لاَّ یَتَکَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً)((1)) .

باب (7) عظمة « الرُّوح »

مجمع البیان : (فی معنی الروح) روی علیّ بن إبراهیم بإسناده ، عن الصادق (علیه السّلام) قال : هو مَلَک أعظم من جبرائیل ومیکائیل((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (إِنَّا أَنذَرْنَاکُمْ عَذَاباً قَرِیباً یَوْمَ یَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ یَدَاهُ وَیَقُولُ الْکَافِرُ یَا لَیْتَنِی کُنتُ تُرَاباً) (40) .

باب (8) الکافر یتمنّی أنّه کان شیعیّاً

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا

ص: 14


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص761 ح9 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص165 .
2- - مجمع البیان : ج5 ص427 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص165 .

الحسین بن أحمد ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن یونس بن یعقوب ] و [عن خلف بن حمّاد ، عن هارون بن خارجة ، عن أبی بصیر ، عن سعید السمّان ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قوله تعالی : (یَوْمَ یَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ یَدَاهُ وَیَقُولُ الْکَافِرُ یَا لَیْتَنِی کُنتُ تُرَاباً) یعنی علویّاً یوالی أبا تراب .

وروی محمّد بن خالد البرقی ، عن یحیی الحلبی (عن هارون بن خارجة وخلف بن حمّاد) ، عن أبی بصیر مثله((1)) .

ص: 15


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص761 ح10 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص166 .

سورة النازعات

باب (1) فائدة تلاوة سورة النازعات

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمد بن حسان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسین بن عمرو الرمانی ، عن أبیه ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث - قال : من قرأ والنازعات لم یمت إلاّ ریّاناً ، ولم یبعثه الله إلاّ ریّاناً ، ولم یُدخله الجنّة إلاّ ریّاناً((1)) .

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الصادق (علیه السّلام) : من قرأها وهو مواجه أعداءه لم یبصروه وانحرفوا عنه ، ومن قرأها وهو داخل علی أحد یخافه نجا منه وأمن بإذن الله تعالی((2)) .

* * * * *

ص: 16


1- - ثواب الأعمال : ص149 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص169 .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص169 ح4 .

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً) (1) .

باب (2) معنی « النازعات »

مجمع البیان : (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً) اختلف فی معناها علی وجوه ، قیل : هو الموت ینزع النّفوس ، روی ذلک عن الصادق (علیه السّلام)((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً) (5) .

باب (3) أنوار المؤمنین تزهر فی السَّماوات

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانی (رضی الله عنه) قال : حدّثنا أحمد بن الحسن الحسینی ، عن الحسن بن علیّ ، عن أبیه ، عن محمّد بن علیّ ، عن أبیه الرضا ، عن أبیه موسی بن جعفر (علیهم السّلام) قال : کان قوم من خواصّ الصادق (علیه السّلام) جلوساً بحضرته فی لیلة مقمرة مضحیة((2)) ، فقالوا : یا بن رسول الله ما أحسن أدیم((3)) هذه السّماء ، وأنوار هذه النجوم

ص: 17


1- - مجمع البیان : ج5 ص429 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص170 .
2- - لیلة اضحیة : أی مضیئة . وضَحِیت اللیلة : لم یکن فیها غیم (أقرب الموارد) .
3- - أدیم السماء : وجهها (مجمع البحرین) .

والکواکب ؟

فقال الصادق (علیه السّلام) : إنّکم لتقولون هذا ، وإنّ المدبّرات الأربعة : جبرئیل ومیکائیل وإسرافیل وملک الموت ینظرون إلی الأرض فیرونکم وإخوانکم فی أقطار الأرض ونورکم إلی السماوات وإلیهم((1))أحسن من أنوار هذه الکواکب وإنّهم لیقولون کما تقولون : ما أحسن أنوار هؤلاء المؤمنین((2)) ؟!

* * * * *

قوله تعالی : (یَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) (6 و7) .

باب (4) تأویل « الراجفة » و« الرادفة » فی الرّجعة

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا جعفر بن محمد بن مالک ، عن القاسم بن إسماعیل ، عن علی بن خالد العاقولی ، عن عبد الکریم بن عمرو الخثعمی ، عن سلیمان بن خالد قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : قوله (عزّوجلّ) : (یَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) .

قال : الرَّاجفة : الحسین بن علی (صلوات الله علیهما) والرَّادفة :

ص: 18


1- - فی تفسیر البرهان : ونورکم إلی السماوات والأرض .
2- - عیون أخبار الرضا : ج2 ص2 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص171 .

علیّ بن أبی طالب ، وأوّل من ینفض عن رأسه التّراب الحسین بن علی فی خمسة وسبعین ألفاً ،

وهو قوله (عزّوجلّ) : (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَیَوْمَ یَقُومُ الاَْشْهَادُ * یَوْمَ لاَ یَنفَعُ الظَّالِمِینَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)((1)) و((2)) .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنا أبو القاسم العلوی قال : حدّثنا فرات معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (یَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) الراجفة : الحسین بن علی ، والرادفة : علی بن أبی طالب (علیهما السّلام) وهو أوّل من ینفض رأسه من التراب الحسین ابن علی فی خمسة وتسعین ألفاً ... وذکر مثله((3)) .

تفسیر البرهان : رجعة السیّد المعاصر ، عن جعفر بن محمّد بن مالک قال : حدّثنا محمّد بن القاسم بن إسماعیل ، عن علی بن خالد العاقولی ، عن عبد الکریم بن عمرو الخثعمی ، عن سلیمان بن خالد قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) فی قوله تعالی : (یَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) .

قال : الراجفة الحسین بن علی ، والرّادفة : علی بن أبی طالب ، وأول من ینشق عنه القبر وینفض عن رأسه التّراب الحسین بن علی (علیهما

ص: 19


1- - غافر 40 : 51 و52 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص762 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص172 .
3- - تفسیر فرات الکوفی : ص537 ح689 .

السّلام) فی خمسة وسبعین ألفاً ، وهو قوله تعالی : (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَیَوْمَ یَقُومُ الاَْشْهَادُ * یَوْمَ لاَ یَنفَعُ الظَّالِمِینَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (قَالُوا تِلْکَ إِذاً کَرَّةٌ خَاسِرَةٌ * فَإِنَّمَا هِیَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ) (12 - 14) .

باب (5) من الآیات الدالّة علی الرجعة

مختصر بصائر الدرجات : محمّد بن عیسی بن عبید ، عن القاسم ابن یحیی ، عن جدّه الحسن بن راشد قال : حدّثنی محمّد بن عبدالله بن الحسین قال : دخلت مع أبی

علی أبی عبدالله (علیه السّلام) فجری بینهما حدیث ، فقال أبی لأبی عبدالله (علیه السّلام) : ما تقول فی الکَرّة ؟

قال : أقول فیها ما قال الله (عزّوجلّ) ، وذلک أنّ تفسیرها صار إلی رسول الله (صلّی الله علیه وآله) قبل أن یأتی هذا الحرف بخمس وعشرین لیلة ، قول الله (عزّوجلّ) : (تِلْکَ إِذاً کَرَّةٌ خَاسِرَةٌ) إذا رجعوا إلی الدّنیا ولم یقضوا ذُحولهم .

ص: 20


1- - تفسیر البرهان : ج8 ص439 ح6 .

فقال له أبی : یقول الله (عزّوجلّ) : (فَإِنَّمَا هِیَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ) أی شیء أراد بهذا ؟

فقال : إذا انتقم منهم وماتت الأبدان بقیت الأرواح ساهرة لا تنام ولا تموت((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًی * اذْهَبْ إِلَی فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَی * فَقُلْ هَل لَّکَ إِلَی أَن تَزَکَّی * وَأَهْدِیَکَ إِلَی رَبِّکَ فَتَخْشَی * فَأَرَاهُ الاْیَةَ الْکُبْرَی * فَکَذَّبَ وَعَصَی * ثُمَّ أَدْبَرَ یَسْعَی * فَحَشَرَ فَنَادَی * فَقَالَ أَنَا رَبُّکُمُ الاَْعْلَی * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَکَالَ الاْخِرَةِ وَالاُْولَی * إِنَّ فِی ذَلِکَ لَعِبْرَةً لِّمَن یَخْشَی) (16 - 26) .

باب (6) أشدُّ الناس عذاباً یوم القیامة سبعة

الخصال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الولید (رضی الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن محبوب ، عن حنّان بن سدیر قال : حدّثنی رجل من أصحاب أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سمعته یقول : إنَّ أشدّ النّاس عذاباً یوم

ص: 21


1- - مختصر بصائر الدرجات : ص28 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص173 .

القیامة سبعة نفر أوّلهم : ابن آدم الّذی قتل أخاه ، ونمرود الّذی حاجّ إبراهیم فی ربّه ، واثنان من بنی إسرائیل هوّدا قومهم ونصّراهم ، وفرعون الّذی قال : أنا ربّکم الأعلی ، واثنان من هذه الاُمّة((1)) .

ثواب الأعمال : بهذا الاسناد نحوه وزاد فی آخره : أحدهما شرّهما فی تابوت من قواریر تحت الفلق فی بحار من نار((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (وَالاَْرْضَ بَعْدَ ذَلِکَ دَحَاهَا) (30) .

باب (7) دَحْو الأرض

الکافی : علیّ بن محمد ، عن سهل بن زیاد ، عن منصور بن العباس ، عن صالح اللّفائفی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إنّ الله (عزّوجلّ) دحا الأرض من تحت الکعبة إلی منی ثمّ دحاها من منی إلی عرفات ثمّ دحاها من عرفات إلی منی فالأرض من عرفات وعرفات من منی ومنی من الکعبة((3)) .

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علی بن

ص: 22


1- - الخصال : ص346 ح15 .
2- - ثواب الأعمال : ص255 ح1 .
3- - الکافی : ج4 ص189 ح3 .

الحکم ، عن سیف بن عمیرة ، عن أبی زرارة التمیمی ، عن أبی احسان ، عن أبی جعفر (علیه السّلام) قال : لمّا أراد الله (عزّوجلّ) أن یخلق الأرض أمر الرّیاح فضربن وجه الماء حتّی صار موجاً ثمّ أزبد فصار زبداً واحداً فجمعه فی موضع البیت ثمّ جعله جبلاً من زبد ثمّ دحا الأرض من تحته وهو قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ أَوَّلَ بَیْت وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَکَّةَ مُبَارَکاً)((1)) .

ورواه أیضاً عن سیف بن عمیرة ، عن أبی بکر الحضرمی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) مثله((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَی النَّفْسَ عَنِ الْهَوَی * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِیَ الْمَأْوَی) (40 و41) .

باب (8) مخالفة هوی النفس الطریق إلی الجنّة

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله (عزّوجلّ) : (وَلِمَنْ

ص: 23


1- - آل عمران 3 : 96 .
2- - الکافی : ج4 ص190 ح7 .

خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)((1)) قال : من علم أنّ الله یراه ویسمع ما یقول ویعلم ما یعمله من خیر أو شرّ فیحجزه ذلک عن القبیح من الأعمال ، فذلک الذی خاف مقام ربّه ونهی النّفس عن الهوی((2)) .

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون ، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصمّ ، عن عبد الرحمن ابن الحجّاج قال : قال لی أبو الحسن (علیه السّلام) : اتّق المرتقی السهل إذا کان منحدره وعراً .

قال : وکان أبو عبدالله (علیه السّلام) یقول : لا تدع النّفس وهواها فإنّ هواها ] فی [ رداها وترک النفس وماتهوی أذاها وکفّ النفس عمّا تهوی دواها((3)) .

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن ابن محبوب ، عن أبی محمد الوابشی قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : احذروا أهواءکم کما تحذرون أعداءکم فلیس شیء أعدی للرّجال من اتّباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم((4)) .

ص: 24


1- - الرحمن 55 : 46 .
2- - الکافی : ج2 ص70 ح10 .
3- - الکافی : ج2 ص336 ح4 .
4- - الکافی : ج2 ص335 ح1 .

سورة عَبسَ

باب (1) ثواب تلاوة سورة عَبسَ

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن معاویة بن وهب ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ سورة عبس وتولّی ، وإذا الشمس کُوِّرت ، کان تحت جناح الله من الجنان ، وفی ظلّ الله وکرامته ، وفی جنانه ، ولا یعظم ذلک علی ربّه إن شاء الله((1)) .

باب (2) فائدة تلاوة سورة عَبسَ

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) قال الصادق (علیه السّلام) : إذا قرأها المسافر فی طریقه یکفی ما یلیه فی طریقه فی ذلک السفر((2)) .

* * * * *

ص: 25


1- - ثواب الأعمال : ص149 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص179 .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص179 ح4 .

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ عَبَسَ وَتَوَلَّی * أَن جَاءَهُ الاَْعْمَی * وَمَا یُدْرِیکَ لَعَلَّهُ یَزَّکَّی * أَوْ یَذَّکَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّکْرَی * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَی * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّی * وَمَا عَلَیْکَ أَلاَّ یَزَّکَّی * وَأَمَّا مَن جَاءَکَ یَسْعَی * وَهُوَ یَخْشَی * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّی) (1 - 10) .

باب (3) مَن الذی عبس وتولّی ؟

مجمع البیان : روی عن الصادق (علیه السّلام) أنّها نزلت فی رجل من بنی اُمیة ، کان عند النبی (صلّی الله علیه وآله) فجاء ابن اُم مکتوم ، فلمّا رآه تقذّر منه وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه ، فحکی الله سبحانه ذلک وأنکره علیه((1)) .

مجمع البیان : روی عن الصادق (علیه السّلام) أنّه قال : کان رسول الله (صلّی الله علیه وآله) إذا رأی عبدالله بن اُمّ مکتوم قال : مرحباً مرحباً ، لا والله لا یعاتبنی الله فیک أبداً ، وکان یصنع به من اللُّطف حتّی کان یکفّ((2)) عن النبی (صلّی الله علیه وآله) ممّا یفعل به((3)) .

أَقول : قال علی بن ابراهیم القمّی - فی تفسیر آیة (عَبَسَ

ص: 26


1- - مجمع البیان : ج5 ص437 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص181 .
2- - کفَّ عن الشیء : ترکه (مجمع البحرین) .
3- - مجمع البیان : ج5 ص437 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص181 .

وَتَوَلَّی) - : نزلت فی عثمان وابن اُمّ مکتوم ، وکان ابن اُم مکتوم مؤذّناً لرسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلّم) وکان أعمی ، وجاء الی رسول الله - وعنده أصحابه وعثمان عنده - فقدَّمه رسول الله علیه ، فعبس وجهه وتولّی عنه ، فأنزل الله : (عَبَسَ وَتَوَلَّی) یعنی عثمان .

وقال الشریف المرتضی عَلَم الهدی (طاب ثراه) :

(لیس فی ظاهر الآیة دلالة علی توجُّهها الی النبی (صلّی الله علیه وآله وسلّم) بل هو خبر محض لم یصرّح بالمخبر عنه ، وفیها ما یدلّ علی أن المعنیّ بها غیره ، لأن العُبوس لیس من صفات النبی (صلّی الله علیه وآله وسلّم) مع الأعداء فضلاً عن المؤمنین المسترشدین .

ثم الوصف بأنّه یتصدّی للأغنیاء ویتلهّی عن الفقراء لا یشبه أخلاقه الکریمة ... فالظاهر أنّ قوله (عَبَسَ) المراد به غیره) .

وقال الشیخ الطوسی - فی تفسیر التبیان ردّاً علی الفخر الرازی وأمثاله الذین یعتقدون بأن المقصود من (عَبَسَ) هو الرسول - :

(.. وهذا فاسد ، لأن النبی (صلّی الله علیه وآله وسلّم) قد أجَلَّ اللهُ قَدْره عن هذه الصفات ، وکیف یصفه بالعبوس والتقطیب وقد وصفه بأنّه « علی خُلُق عظیم » ؟!!

وقال : (وَلَوْ کُنتَ فَظّاً غَلِیظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِکَ)((1)) .

ص: 27


1- - آل عمران 3 : 159 .

وکیف یعرض عمّن تقدّم وصْفُه مع قوله تعالی : (وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجْهَهُ)((1)) ؟!

ومَن عَرف النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلّم) وحُسن أخلاقه وما خصّه الله تعالی به من مکارم الأخلاق وحسن الصُّحبة - حتی قیل : إنه لم یصافح أحداً قطّ فینزع یده من یده حتی یکون ذلک الذی ینزع یده من یده - فمن هذه صفته کیف یقطّب فی وجه أعمی ... ؟!

علی أن الأنبیاء منزَّهون عن مثل هذه الأخلاق لما فی ذلک من التنفیر عن قبول قولهم) .

وقال الفیض الکاشانی - فی تفسیر الصافی - :

(وأمّا ما اشتُهر من تنزیل هذه الآیات فی النبی (صلّی الله علیه وآله وسلّم) دون عثمان ، فیأباه سیاق مثل هذه المعاتبات غیر اللاّئقة بمنصبه ، وکذا ما ذکر بعدها الی آخر السورة ، کما لا یخفی علی العارف بأسالیب الکلام ، ویشبه أن یکون من مختلقات أهل النفاق خذلهم الله)((2)) .

أیّها القارئ الکریم : لا شک ولا ریب فی أن هذه الآیات لا تقصد النبی الکریم الذی بعثه الله رحمةً للعالمین ، بل نزلت فی غیره ، سواء کان عثمان أم غیره من بنی اُمیّة .

وقد حاول بنو اُمیّة وأتباعهم تنزیه صاحبهم عن هذا العار فألصقوه

ص: 28


1- - الانعام 6 : 52 .
2- - تفسیر الصافی : ج5 ص285 .

بخاتم الأنبیاء .

ولیست هذه أوّل قارورة کُسرت فی الإسلام ، فکم من الأحادیث الموضوعة التی حاولت تشویه سمعة رسول الإسلام والاساءة إلی قدسیَّته ومنزلته الکریمة .. مثل حدیث الغناء والمزمار فی دار النبوّة وحدیث مرور الحبشیّة المغنّیة علی داره ، وحدیث ممارسته الجنس مع زوجته فی فورة حیضها ... وغیرها من الأحادیث المزیَّفة التی یندی لها جبین کلِّ مسلم یملک ذرَّة من الحیاء والضمیر .

أمّا حدیث : « کان رسول الله اذا رأی عبدالله بن اُمّ مکتوم قال : مرحباً ... » فهو ضعیف السند لأنه مرفوع ، فلا یمکن الاستدلال به اطلاقاً .

ومن المؤسف حقاً أن نجد بعض المفسّرین قد مالوا الی هذا القول الضعیف ، وضربوا بکلّ الاعتبارات عرض الجدار .

هذا ... وقد اطلنا الکلام حول شأن نزول هذه السورة انتصاراً للحق ودفاعاً عن خاتم الأنبیاء (صلّی الله علیه وآله وسلّم) والله الهادی الی الصواب .

* * * * *

قوله تعالی : (بِأَیْدِی سَفَرَة * کِرَام بَرَرَة) (15 و16) .

باب (4) الکرام البرَرة

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العبّاس (رحمه الله) ، عن

ص: 29

الحسین بن أحمد المالکی ، عن محمد بن عیسی ، عن یونس ، عن خلف بن حمّاد ، عن أبی أیوب الخزّاز ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله تعالی : (بِأَیْدِی سَفَرَة * کِرَام بَرَرَة) .

قال : هم الأئمّة (علیهم السّلام)((1)) .

مجمع البیان : روی فضیل بن یسار ، عن الصادق (علیه السّلام) قال : الحافظ للقرآن العامل به مع السَّفرة الکرام البررة((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (فَلْیَنظُرِ الاِْنسَانُ إِلَی طَعَامِهِ) (24) .

باب (5) ممّن یؤخذ العِلم ؟

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبیه ، عمَّن ذکره ، عن زید الشحّام ، عن أبی جعفر (علیه السّلام)((3)) فی قول الله (عزّوجلّ) : (فَلْیَنظُرِ الاِْنسَانُ إِلَی طَعَامِهِ) قال : قلت : ما طعامه ؟

قال : علمه الّذی یأخذه ، عمّن یأخذه((4)) .

ص: 30


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص763 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص181 .
2- - مجمع البیان : ج5 ص438 .
3- - فی تفسیر البرهان : عن أبی عبدالله (علیه السّلام) .
4- - الکافی : ج1 ص49 ح8 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص183 .

* * * * *

قوله تعالی : (وَفَاکِهَةً وَأَبّاً) (31) .

باب (6) الرُّمان سیّد الفواکه

الکافی : علیّ بن إبراهیم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زیاد ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : الفاکهة مائة وعشرون لوناً سیّدها الرمّان((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِیهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِیهِ * لِکُلِّ امْرِئ مِّنْهُمْ یَوْمَئِذ شَأْنٌ یُغْنِیهِ) (34 - 37) .

باب (7) یوم الفرار

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عمرو بن علیّ بن عبدالله البصری قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن عبدالله بن أحمد بن جبلة الواعظ قال : حدّثنا أبو القاسم عبدالله بن أحمد ابن عامر الطائی قال : حدّثنا أبی قال : حدّثنا علی بن موسی الرضا (علیه السّلام) قال : حدّثنا أبی موسی بن جعفر قال : حدّثنا أبی جعفر بن محمد

ص: 31


1- - الکافی : ج6 ص352 ح2 .

قال : حدّثنا أبی محمّد بن علی قال : حدّثنا أبی علیّ بن الحسین قال : حدّثنا أبی الحسین بن علی (علیهم السّلام) قال : کان علی بن أبی طالب (علیه السّلام) بالکوفة فی الجامع ، إذ قام إلیه رجل من أهل الشام (إلی أن قال :) وقام رجل آخر سأله وتعنَّته((1)) ، فقال : یا أمیر المؤمنین أخبرنا عن قول الله (عزّوجلّ) : (یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِیهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِیهِ * لِکُلِّ امْرِئ مِّنْهُمْ یَوْمَئِذ شَأْنٌ یُغْنِیهِ) من هم ؟

فقال (علیه السّلام) : قابیل یفرّ من هابیل((2)) ، والذی یفرّ من اُمّه موسی ، والّذی یفرّ من أبیه إبراهیم ، والّذی یفرّ من صاحبته لوط ، والّذی یفرّ من ابنه نوح ، یفرّ من ابنه کنعان ... الی آخر الحدیث((3)) .

الخصال : بهذا الإسناد قال : کان علی بن أبی طالب (علیه السّلام) بالکوفة فی الجامع إذ قام إلیه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل فکان فیما سأله أن قال : أخبرنی عن قول الله (عزّوجلّ) ... وذکر مثله((4)) .

أقول : قال الشیخ الصدوق (رحمه الله) : إنّما یفرّ موسی من اُمّه خشیة أن یکون قصّر فیما وجب علیه من حقّها ، وابراهیم إنّما یفرّ من

ص: 32


1- - تعنَّته : أدخل علیه الأذی وطَلب زَلَّته ومشقَّته . وتعنَّته فی السؤال : سأله علی جهة التلبیس علیه . (أقرب الموارد) .
2- - فی تفسیر البرهان : هابیل یفرّ من قابیل .
3- - عیون أخبار الرضا : ج1 ص245 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص185 .
4- - الخصال : ص318 ح102 .

الأب المربّی المشرک لا من الأب الوالد وهو تارخ .

* * * * *

قوله تعالی : (ضَاحِکَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ) (39) .

باب (8) ثواب توقیر المسجد

المحاسن : البرقی ، عن الحسین بن یزید النوفلی ، عن السکونی ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن علیّ (علیهم السّلام) قال : من وقّر مسجداً لقی الله یوم یلقاه ضاحکاً مستبشراً ، وأعطاه کتابه بیمینه .

وقال (صلّی الله علیه وآله) : من ردّ ریقه تعظیماً لحقّ المسجد جعل الله ذلک قوّة فی بدنه وکتب له بها حسنة وحطّ عنه بها سیّئة ، وقال : لا تمرّ بداء فی جوفه إلاّ أبرأته((1)) .

ص: 33


1- - المحاسن : ج1ص127 ح145 الطبعة الحدیثة .

سورة التکویر

اشارة

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ إِذَا الشَّمْسُ کُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انکَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُیِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَیِّ ذَنب قُتِلَتْ) (1 - 9) .

باب (1)قراءة اُخری لآیة « الموؤدة »

مجمع البیان : روی عن أبی جعفر وأبی عبدالله (علیهما السّلام) : وإذا المَوَدَّةُ سُئِلَت - بفتح المیم والواو -((1)) .

باب (2) تأویل « الموؤدة »

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنی علی بن محمد بن علی بن عمر

ص: 34


1- - مجمع البیان : ج5 ص442 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص190 .

الزهری معنعناً عن جعفر بن محمد (علیهما السّلام) فی قوله : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَیِّ ذَنب قُتِلَتْ) .

قال : هم قرابة رسول الله (صلّی الله علیه وآله)((1)) .

الکافی : محمّد بن الحسین ، وغیره ، عن سهل ، عن محمّد بن عیسی ، ومحمّد بن یحیی ومحمّد بن الحسین جمیعاً ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعیل بن جابر وعبد الکریم بن عمرو ، عن عبد الحمید بن أبی الدیلم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث - قال : فکان علی (علیه السّلام) وکان حقّه الوصیة التی جعلت له ، والاسم الأکبر ومیراث العلم وآثار علم النبوة ، فقال : (قُل

لاَّ أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی

الْقُرْبَی)((2)) ، ثمّ قال : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَیِّ ذَنب قُتِلَتْ) یقول : أسألکم عن المودّة التی أنزلت علیکم فضلها ، مودّة القربی ، بأیّ ذنب قتلتموهم ... إلی آخر الحدیث((3)) .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنی جعفر بن محمّد الفزاری معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله (عزّ ذکره) : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) یعنی : مودّتنا أهل البیت (بِأَیِّ ذَنب قُتِلَتْ) قال : ذلک

ص: 35


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص542 ح694 .
2- - الشوری 42 : 23 .
3- - الکافی : ج1 ص293 ح3 .

حقّنا الواجب علی الناس وحبّنا الواجب علی الخلق قتلوا مودّتنا((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا علی بن عبدالله ، عن إبراهیم بن محمّد ، عن إسماعیل بن یسار ، عن علیّ ابن جعفر الحضرمی ، عن جابر الجعفی قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَیِّ ذَنب قُتِلَتْ) ؟

قال : من قُتل فی مودّتنا سُئل قاتلُه عن قتله((2)) .

تأویل الآیات الظاهرة : محمّد بن العباس ، عن علیّ بن جمهور((3)) ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعیل بن جابر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قلت : قوله (عزّوجلّ) : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَیِّ ذَنب قُتِلَتْ) .

قال : یعنی الحسین (علیه السّلام)((4)) .

کامل الزیارات : حدّثنی أبی (رحمه الله) ، عن سعد بن عبدالله ، عن یعقوب بن یزید وإبراهیم بن هاشم ، عن محمد بن أبی عمیر ، عن بعض

ص: 36


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص542 ح696 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص766 ح7 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص192 .
3- - فی تفسیر البرهان : عن محمّد بن جمهور .
4- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص767 ح10 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص192 .

رجاله ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله (عزّوجلّ) : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَیِّ ذَنب قُتِلَتْ) .

قال : نزلت فی الحسین بن علی (علیهما السّلام)((1)) .

باب (3) عذاب قاتل الإمام الحسین

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : بالأسانید الثلاثة((2)) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : إنّ قاتل الحسین بن علی فی تابوت من نار ، علیه نصف عذاب أهل الدنیا وقد شُدّت یداه ورجلاه بسلاسل من نار ، منکّس فی النار ، حتّی یقع فی قعر جهنّم ، وله ریح یتعوّذ أهل النار إلی ربّهم من شدّة نتنه وهو فیها خالد ذائق العذاب الألیم ، مع جمیع من شایع علی قتله ، کلّما نضجت جلودهم بدّل الله (عزّوجلّ) علیهم الجلود((3)) حتّی یذوقوا العذاب الألیم لا یفترّ عنهم ساعة ، ویُسقون من حمیم جهنّم ، فالویل لهم من عذاب الله تعالی فی النار((4)) .

ص: 37


1- - کامل الزیارات : ص63 ح3 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص193 .
2- - المذکورة فی عیون أخبار الرضا : ج2 ص24 .
3- - إشارة إلی قوله (عزّوجلّ) فی سورة النساء 4 : 56 .
4- - عیون أخبار الرضا : ج2 ص47 ح178 .

باب (4) لا یغفر الله لقاتل الإمام الحسین

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : بالأسانید الثلاثة((1)) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلّم) : إنّ موسی بن عمران سأل ربّه (عزّوجلّ) فقال : یا ربّ إنّ أخی هارون مات فاغفر له ، فأوحی الله تعالی إلیه : « یا موسی لو سألتنی فی الأوّلین والآخرین لأجبتک ما خلا قاتل الحسین بن علی بن أبی طالب فأنّی أنتقم له من قاتله »((2)) .

باب (5) الجاهلیَّة قبل الإسلام

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن بعض أصحابه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قال أمیر المؤمنین (علیه السّلام) : أیّها النّاس ، إنّ الله (تبارک وتعالی) أرسل إلیکم الرسول وأنزل إلیه الکتاب بالحقّ ، وأنتم اُمّیّون عن الکتاب ومَن أنزله وعن الرسول ومَن أرسله ، علی حین فترة من الرّسل

وطول هجعة((3))

ص: 38


1- - المذکورة فی عیون أخبار الرضا : ج2 ص24 .
2- - عیون أخبار الرضا : ج2 ص47 ح179 .
3- - الهجعة : قد یُراد بها الغفلة والجهل والموت ، ورجل هُجْع : أی غافل (مجمع البحرین) .

من الاُمم ، وانبساط من الجهل ، واعتراض من الفتنة ، وانتقاض من المبرم ، وعمی عن الحقّ ، واعتساف((1)) من الجور ، وامتحاق من الدین ، وتلظّ-] -ی [ من الحروب ، علی حین اصفرار من ریاض جنّات الدُّنیا ، ویبس من أغصانها ، وانتثار من ورقها ، ویأس من ثمرها ، واغورار من مائها .

قد دُرست أعلام الهدی ، فظهرتْ أعلام الرّدی ، فالدُّنیا متهجّمة فی وجوه أهلها مکفهرَّة((2)) مدبرة غیر مقبلة ، ثمرتها الفتنة ، وطعامها الجیفة ، وشعارها الخوف ، ودثارها((3)) السیف ، مُزّقتم کلّ ممزّق ، وقد أعمت عیون أهلها ، وأظلمت علیها أیّامها ، قد قطعوا أرحامهم ، وسفکوا دماءهم ، ودفنوا فی التراب الموؤدة بینهم من أولادهم ، یجتاز((4)) دونهم طیب العیش ورفاهیّة خفوض((5)) الدّنیا ، لا یرجون من الله ثواباً ، ولا یخافون والله منه عقاباً ، حیّهم أعمی نجس ، ومیّتهم فی النار مبلس((6)) ،

ص: 39


1- - العَسْف : الأخذ علی غیر الطّریق والظلم ، وکذلک التعسّف والإعتساف (مجمع البحرین) .
2- - المکفهر : الوجه القلیل اللحم الغلیظ الذی لا یستحی ، وقیل : الضارب لونه إلی الغبرة مع غلظ والمتعبّس (أقرب الموارد) .
3- - الدِّثار : الثوب الذی فوق الشّعار ، والدِّثار : ما یتغطّی به النّائم (أقرب الموارد) .
4- - فی تفسیر البرهان : یختارون .
5- - الخَفض : الراحة والسکون (مجمع البحرین) .
6- - البَلس : الساکت علی ما فی نفسه وکذا المُبلِس (أقرب الموارد) .

فجاءهم بنسخة ما فی الصحف الأولی ، وتصدیق الّذی بین یدیه ، وتفصیل الحلال من ریب الحرام ، ذلک القرآن فاستنطقوه ، ولن ینطق لکم ، أخبرکم عنه ، إنّ فیه علم ما مضی ، وعلم ما یأتی إلی یوم القیامة ، وحکم ما بینکم وبیان ما أصبحتم فیه تختلفون ، فلو سألتمونی عنه لعلّمتکم((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (ذِی قُوَّة عِندَ ذِی الْعَرْشِ مَکِین * مُطَاع ثَمَّ أَمِین * وَمَا صَاحِبُکُم بِمَجْنُون * وَلَقَدْ رَآهُ بِالاُْفُقِ الْمُبِینِ * وَمَا هُوَ عَلَی الْغَیْبِ بِضَنِین * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَیْطَان

رَّجِیم * فَأَیْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِکْرٌ لِّلْعَالَمِینَ * لِمَن شَاءَ مِنکُمْ أَن یَسْتَقِیمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن یَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ) (20 - 29) .

باب (6)مکانة جبرئیل عند الله تعالی

تفسیر القمی : حدّثنا جعفر بن أحمد (محمّد - ط) قال : حدّثنا عبدالله (عبید الله - ط) بن موسی ، عن الحسن بن علیّ بن أبی حمزة ، عن أبیه ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (ذِی قُوَّة

ص: 40


1- - الکافی : ج1 ص60 ح7 .

عِندَ ذِی الْعَرْشِ مَکِین) .

قال : یعنی جبرئیل .

قلت : قوله : (مُطَاع ثَمَّ أَمِین) ؟

قال : یعنی رسول الله (صلّی الله علیه وآله) هو المطاع عند ربّه ، الأمین یوم القیامة .

قلت : قوله : (وَمَا صَاحِبُکُم بِمَجْنُون) ؟

قال : یعنی النبی (صلّی الله علیه وآله) ما هو بمجنون فی نصبه أمیر المؤمنین علَماً للناس .

قلت : قوله : (وَمَا هُوَ عَلَی الْغَیْبِ بِضَنِین) ؟

قال : ما هو (تبارک وتعالی) علی نبیّه بغیبه بضنین((1)) علیه .

قلت : قوله : (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَیْطَان رَّجِیم) ؟

قال : یعنی الکهنة الذین کانوا فی قریش ، فنسب کلامهم إلی کلام الشیاطین الذین کانوا معهم یتکلّمون علی ألسنتهم ، فقال : (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَیْطَان رَّجِیم) مثل أولئک .

قلت : قوله : (فَأَیْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِکْرٌ لِّلْعَالَمِینَ) ؟

قال : أین تذهبون فی علیّ یعنی ولایته ، أین تفرّون منها ؟ (إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِکْرٌ لِّلْعَالَمِینَ) لمن أخذ الله میثاقه علی ولایته .

ص: 41


1- - الضنین : البخیل الشحیح (مجمع البحرین) .

قلت : قوله : (لِمَن شَاءَ مِنکُمْ أَن یَسْتَقِیمَ) ؟

قال : فی طاعة علیّ والأئمّة من بعده .

قلت : قوله : (وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن یَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ) ؟

قال : لأنّ المشیّة إلیه (تبارک وتعالی) لا إلی الناس((1)) .

باب (7) عظمة مالک خازن النار

تفسیر القمی : حکی أبی ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن هشام بن سالم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث الإسراء بالنبی (صلّی الله علیه وآله) إلی أن قال - : حتّی دخلتُ سماء الدنیا ، فما لقینی مَلک إلاّ کان ضاحکاً مستبشراً ، حتّی لقینی ملک من الملائکة لم أرَ أعظم خلقاً منه ، کَرِیه المنظر ظاهر الغضب ، فقال لی مثل ما قالوا من الدُّعاء إلاّ أنّه لم یضحک ولم أرَ فیه من الاستبشار ما رأیتُ ممّن ضَحِک من الملائکة ، فقلت : من هذا یا جبرئیل فإنّی قد فزعت ؟

فقال : یجوز أن تفزع منه ، وکلّنا نفزع منه ، هذا مالک خازن النار ، لم یضحک قط ، ولم یزل منذ ولاّهُ الله جهنم یزداد کلّ یوم غضباً وغیظاً علی أعداء الله وأهل معصیته ، فینتقم الله به منهم ، ولو ضَحِک إلی أحد قبلک

ص: 42


1- - تفسیر القمی : ج2 ص408 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص196 .

أو کان ضاحکاً لأحد بعدک لَضَحِک إلیک ، ولکنّه لا یضحَک ، فسلّمت علیه ، فردّ علَیَّ السلام وبشّرنی بالجنّة .

فقلت لجبرئیل - وجبرئیل بالمکان الذی وصفه الله (مُطَاع ثَمَّ أَمِین) - : ألا تأمره أن یُرینی النار ؟

فقال له جبرئیل : یا مالک أَرِ محمّداً النار .

فکشف عنها غِطاءها وفتح باباً منها فخرج منها لهب ساطع فی السماء وفارت فارتعدت حتی ظننت لیتناولنی مما رأیت ، فقلت له : یا جبرئیل قل له فلیرد علیها غطاءها فأمرها ، فقال لها ارجعی فرجعت الی مکانها الذی خرجت منه ... إلی آخر الحدیث((1)) .

باب (8) الأُفق المبین

معانی الأخبار - الخصال : حدّثنا أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد ابن عبدالله قال : حدّثنا موسی بن جعفر البغدادی ، عن محمّد بن جمهور ، عن عبدالله بن عبد الرحمن ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قال فی کلّ یوم من شعبان سبعین مرّة : « استغفر الله الّذی لا إله إلاّ هو الرحمن الرحیم الحیّ القیوم وأتوب إلیه »

ص: 43


1- - تفسیر القمی : ج2 ص5 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص198 .

کُتب فی الاُفق المبین .

قال : قلت : وما الاُفق المبین ؟

قال : قاع((1)) بین یدی العرش ، فیه أنهار تَطَّرِد((2)) فیه من القدحان عدد النجوم((3)) .

ص: 44


1- - القاع : أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآکام (أقرب الموارد) .
2- - تَطَّرِد : أی تجری (مجمع البحرین) .
3- - معانی الأخبار : ص228 ح1 - الخصال : ص582 ح5 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص199 .

سورة الانفطار

باب (1) ثواب تلاوة سورة الانفطار والانشقاق

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسین بن أبی العلاء قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : من قرأ هاتین السورتین ، جعلهما نصب عینیه فی صلاة الفریضة والنافلة : (إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ) و(إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ)((1)) لم یحجبه الله من حاجته((2)) ، ولم یحجِزه من الله حاجز ، ولم یزَل ینظر ] إلی الله وینظر [ الله إلیه حتّی یفرغ من حساب الناس((3)) .

باب (2) فائدة تلاوة سورة الانفطار

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الصادق (علیه السّلام) :

ص: 45


1- - الإنشقاق 84 : 1 .
2- - فی تفسیر البرهان : لم یحجبه من الله حاجب .
3- - ثواب الأعمال : ص149 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص201 .

من قرأها عند نزول الغیث غفر الله له بکلّ قطرة تقطر ، وقراءتها علی العین یُقوّی نظرها ، ویزول الرمد والغِشاوة بقدرة الله تعالی((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (فِی أَیِّ صُورَة مَّا شَاءَ رَکَّبَکَ) (8) .

باب (3) صورة الإنسان

مجمع البیان : قال الصادق (علیه السّلام) : لو شاء رکّبک علی غیر هذه الصورة((2)) .

مجمع البیان : روی عن الرضا ، عن آبائه ، عن النبی (صلوات الله علیهم أجمعین) أنّه قال لرجل : ما ولد لک ؟

قال : یا رسول الله وما عسی أن یولد لی إمّا غلام وإمّا جاریة .

قال : فمن یشبه ؟

قال : یشبه أمّه أو أباه .

فقال (صلّی الله علیه وآله) : لا تقل هکذا ، إنّ النطفة إذا استقرّت فی الرّحم أحضر الله کلّ نسب بینها وبین آدم ، أما قرأت هذه الآیة : (فِی أَیِّ

ص: 46


1- - تفسیرالبرهان : ج10 ص202 ح4 .
2- - مجمع البیان : ج5 ص449 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص203 .

صُورَة مَّا شَاءَ رَکَّبَکَ) ؟((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (وَإِنَّ عَلَیْکُمْ لَحَافِظِینَ * کِرَاماً کَاتِبِینَ * یَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) (10 - 12) .

باب (4) أربعٌ مِن فضلِ الله علی عبده

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علیّ بن الحکم ، عن فضل بن عثمان المرادی قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : أربع من کنّ فیه لم یهلک علی الله بعدهنّ إلاّ هالک : یهمّ العبد بالحسنة فیعملها فإن هو لم یعملها کتب الله له حسنة بحُسن نیّته ، وإنْ هو عملها کتب الله له عشراً ، ویهمّ بالسیئة أن یعملها فإن لم یعملها لم یکتب علیه شیء وإن هو عملها أُجّل سبع ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السیّئات وصاحب الشمال : لا تعجل عسی أن یتبعها بحسنة تمحوها (إلی أن قال :) فإن هو قال : « استغفر الله الذی لا إله إلاّ هو عالم الغیب والشهادة العزیز الحکیم ، الغفور الرحیم ذو الجلال والإکرام وأتوب إلیه » لم یکتب

ص: 47


1- - مجمع البیان : ج5 ص449 .

علیه شیء وإن مضت سبع ساعات ولم یتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السیئات : اکتب علی الشقیّ المحروم((1)) .

باب (5) تأجیل کتابة الذنب

الکافی : علیّ بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن محمّد ابن حمران ، عن زرارة قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : إنّ العبد إذا أذنب ذنباً اُجّل عن غدوة إلی اللیل فإن استغفر الله لم یُکتب علیه((2)) .

الکافی : علیّ بن إبراهیم ، عن أبیه وأبو علیّ الأشعری ، ومحمّد بن یحیی جمیعاً ، عن الحسین بن إسحاق ، عن علیّ بن مهزیار ، عن فضالة ابن أیّوب ، عن عبد الصمد بن بشیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : العبد المؤمن إذا أذنب ذنباً أجّله الله سبع ساعات فإن استغفر الله لم یکتب علیه شیء ، وإن مضت الساعات ولم یستغفر کُتبت علیه سیّئة ، وإنّ المؤمن لیذکر ذنبه بعد عشرین سنة حتّی یستغفر ربّه فیُغفر له ، وإنّ الکافر لینساه من ساعته((3)) .

ص: 48


1- - الکافی : ج2 ص429 ح4 .
2- - الکافی : ج2 ص437 ح1 .
3- - الکافی : ج2 ص437 ح3 .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، وأبو علی الأشعری ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ، عن أبی أیّوب ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من عمل سیّئة اُجّل فیها سبع ساعات من النهار فإن قال : « استغفر الله الّذی لا إله إلاّ هو الحیّ القیّوم » - ثلاث مرّات - لم یکتب علیه((1)) .

باب (6) عصمة الإمام أمیر المؤمنین

تفسیر القمی : حدّثنی أبی ، عن النّضر بن سوید ، عن محمّد بن قیس ، عن ابن أبی یسار ] ابن سنان [ ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : أقبل رسول الله (صلّی الله علیه وآله) یوماً واضعاً یده علی کتف العبّاس فاستقبله أمیر المؤمنین فعانقه رسول الله وقبّل بین عینیه ثمّ سلّم العباس علی علی فردّ علیه ردّاً خفیفاً فغضب العبّاس ، فقال : یا رسول الله لا یَدَع علی زهوه((2)) .

فقال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : یا عبّاس لا تقل ذلک فی علی فإنّی لقیت جبرئیل آنفاً فقال لی : لقینی الملکان الموکّلان بعلی

ص: 49


1- - الکافی : ج2 ص437 ح2 .
2- - الزَهْو : الکبر والتیه والفخر (أقرب الموارد) .

الساعة فقالا : ما کتبنا علیه ذنباً منذ وُلد إلی هذا الیوم((1)) .

باب (7) العلّة فی کتابة أعمال الإنسان

الاحتجاج : عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث طویل وفیه یقول السائل - فما علّة الملائکة الموکّلین بعباده ، یکتبون علیهم ولهم ، والله عالم السرّ وما هو أخفی ؟

قال : استعبدهم بذلک وجعلهم شهوداً علی خلقه ، لیکون العباد لملازمتهم إیّاهم أشدّ علی طاعة الله مواظبة ، وعن معصیته أشدّ انقباضاً ، وکم من عبد یهمّ بمعصیته فذکر مکانهما فارعوی وکفّ ، فیقول : ربّی یرانی ، وحفظتی علَیَّ بذلک تشهد ، وإنّ الله برأفته ولطفه أیضاً وکّلهم بعباده ، یذبّون عنهم مردة الشیطان وهوامّ الأرض ، وآفات کثیرة من حیث لا یرون بإذن الله إلی أن یجیء أمر الله((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (إِنَّ الاَْبْرَارَ لَفِی نَعِیم * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِی جَحِیم)(13 و14) .

ص: 50


1- - تفسیر القمی : ج1 ص364 .
2- - الاحتجاج : ص348 .

باب (8) لماذا نکره الموت ؟

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن بعض أصحابه ، عن الحسن بن علی بن أبی عثمان ، عن واصل ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : جاء رجل إلی أبی ذرّ فقال : یا أبا ذرّ ما لنا نکره الموت ؟

فقال : لأنّکم عمّرتم الدُّنیا وأخربتم الآخرة فتکرهون أن تنقلوا من عمران إلی خراب .

فقال له : فکیف تری قدومنا علی الله ؟

فقال : أمّا المحسن منکم فکالغائب یَقْدُم علی أهله وأمّا المسیء منکم فکالآبق یُردّ علی مولاه .

قال : فکیف تری حالنا عند الله ؟

قال : أعرضوا أعمالکم علی الکتاب ، إنّ الله یقول : (إِنَّ الاَْبْرَارَ لَفِی نَعِیم * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِی جَحِیم) .

قال : فقال الرجل : فأین رحمة الله ؟

قال : رحمة الله قریب من المحسنین((1)) .

ص: 51


1- - الکافی : ج2 ص458 ح20 .

سورة المطفّفین

باب (1) ثواب تلاوة سورة المطفّفین

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن صفوان الجمّال ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ فی الفریضة : (وَیْلٌ لِّلْمُطَفِّفِینَ) أعطاه الله الأمن یوم القیامة من النار ولم تره ولا یراها ، ولم یمرّ علی جسر جهنّم ، ولا یُحاسب یوم القیامة((1)) .

باب (2) فائدة قراءة سورة المطفّفین

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : لم تُقرأ قطّ علی شیء إلاّ وحُفظ ، ووقی من حشرات الأرض بإذن الله تعالی((2)) .

* * * * *

ص: 52


1- - ثواب الأعمال : ص149 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص207 .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص207 ح4 .

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَیْلٌ لِّلْمُطَفِّفِینَ * الَّذِینَ إِذَا اکْتَالُواْ عَلَی النَّاسِ یَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا کَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ یُخْسِرُونَ * أَلاَ یَظُنُّ أُولَئِکَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِیَوْم عَظِیم * یَوْمَ یَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِینَ * کَلاَّ إِنَّ کِتَابَ الفُجَّارِ لَفِی سِجِّین * وَمَا أَدْرَاکَ مَا سِجِّینٌ * کِتَابٌ مَّرْقُومٌ * وَیْلٌ یَوْمَئِذ لِّلْمُکَذِّبِینَ * الَّذِینَ یُکَذِّبُونَ بِیَوْمِ الدِّینِ * وَمَا یُکَذِّبُ بِهِ إِلاَّ کُلُّ مُعْتَد أَثِیم * إِذَا تُتْلَی عَلَیْهِ آیَاتُنَا قَالَ أَسَاطِیرُ الاَْوَّلِینَ * کَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَی قُلُوبِهِم مَّا کَانُوا یَکْسِبُونَ * کَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ یَوْمَئِذ لَّ-مَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِیمِ * ثُمَّ یُقَالُ هَذَا الَّذِی کُنتُم بِهِ تُکَذِّبُونَ * کَلاَّ إِنَّ کِتَابَ الاَْبْرَارِ لَفِی عِلِّیِّینَ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا عِلِّیُّونَ * کِتَابٌ مَّرْقُومٌ * یَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الاَْبْرَارَ لَفِی نَعِیم * عَلَی الاَْرَائِکِ یَنظُرُونَ *

تَعْرِفُ فِی وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِیمِ * یُسْقَوْنَ مِن رَّحِیق مَّخْتُوم * خِتَامُهُ مِسْکٌ وَفِی ذَلِکَ فَلْیَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِیم * عَیْناً یَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الَّذِینَ أَجْرَمُوا کَانُواْ مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا یَضْحَکُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ یَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَی أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَکِهِینَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاَءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَیْهِمْ حَافِظِینَ * فَالْیَوْمَ الَّذِینَ آمَنُواْ مِنَ الْکُفَّارِ یَضْحَکُونَ * عَلَی الاَْرَائِکِ یَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْکُفَّارُ مَا کَانُوا یَفْعَلُونَ) (1 - 36) .

ص: 53

باب (3) تأویل آیات من سورة المطفّفین

تأویل الآیات الظاهرة : روی أحمد بن إبراهیم بن عبّاد بإسناده إلی عبدالله بن بکیر((1)) ، یرفعه إلی أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (وَیْلٌ لِّلْمُطَفِّفِینَ) یعنی الناقصین لخُمسک یا محمّد (الَّذِینَ إِذَا اکْتَالُواْ عَلَی النَّاسِ یَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا کَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ یُخْسِرُونَ) أی إذا صاروا إلی حقوقهم من الغنائم یستوفون (وَإِذَا کَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ یُخْسِرُونَ) أی إذا سألوهم خُمس آل محمّد (صلّی الله علیه وآله) نقصوهم .

وقوله تعالی : (وَیْلٌ یَوْمَئِذ لِّلْمُکَذِّبِینَ) بوصیّک یا محمّد .

وقوله تعالی : (إِذَا تُتْلَی عَلَیْهِ آیَاتُنَا قَالَ أَسَاطِیرُ الاَْوَّلِینَ) .

قال : یعنی تکذیبه بالقائم إذ یقول له : لسنا نعرفک ، ولست من ولد فاطمة ، کما قال المشرکون لمحمّد (صلّی الله علیه وآله)((2)) .

تفسیر القمی : حدّثنا أبو القاسم الحسینی قال : حدّثنا فرات بن إبراهیم ، عن محمّد بن إبراهیم ، عن محمّد بن الحسین بن إبراهیم ، عن

ص: 54


1- - فی تفسیر البرهان : روی أحمد بن إبراهیم بإسناده إلی عباد ، عن عبدالله بن بکیر .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص771 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص209 .

علوان بن محمّد قال : حدّثنا

محمّد بن معروف ، عن السندی((1)) ، عن الکلبی ، عن جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) فی قوله : (کَلاَّ إِنَّ کِتَابَ الفُجَّارِ لَفِی سِجِّین) .

قال : هو فلان وفلان (وَمَا أَدْرَاکَ مَا سِجِّینٌ) إلی قوله : (الَّذِینَ یُکَذِّبُونَ بِیَوْمِ الدِّینِ) زریق وحبتر (وَمَا یُکَذِّبُ بِهِ إِلاَّ کُلُّ مُعْتَد أَثِیم * إِذَا تُتْلَی عَلَیْهِ آیَاتُنَا قَالَ أَسَاطِیرُ الاَْوَّلِینَ) وهما زریق وحبتر ، کانا یکذّبان رسول الله (صلّی الله علیه وآله) إلی قوله : (إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِیمِ) هما (ثُمَّ یُقَالُ هَذَا الَّذِی کُنتُم بِهِ تُکَذِّبُونَ) یعنی هما ومن تبعهما (کَلاَّ إِنَّ کِتَابَ الاَْبْرَارِ لَفِی عِلِّیِّینَ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا عِلِّیُّونَ)((2)) إلی قوله : (عَیْناً یَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) وهم رسول الله وأمیر المؤمنین وفاطمة والحسن والحسین والأئمّة (علیهم السّلام) (إِنَّ الَّذِینَ أَجْرَمُوا) زریق وحبتر ومن تَبِعهما (کَانُواْ مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا یَضْحَکُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ یَتَغَامَزُونَ) برسول الله (صلّی الله علیه وآله) ، إلی آخر السورة فیهما((3)) .

ص: 55


1- - فی تفسیر البرهان : عن السُّدّی .
2- - فی تفسیر البرهان : (وَمَا أَدْرَاکَ مَا عِلِّیُّونَ * کِتَابٌ مَّرْقُومٌ * یَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ)أی الملائکة الذین یکتبون علیهم (إِنَّ الاَْبْرَارَ لَفِی نَعِیم * عَلَی الاَْرَائِکِ یَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِی وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِیمِ) .
3- - تفسیر القمی : ج2 ص410 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص210 .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنی علی بن محمّد الزهری معنعناً ، عن سعید بن عثمان الجزّار قال : سمعت أبا سعید المدائنی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : فی قول الله تعالی : (کَلاَّ إِنَّ کِتَابَ الفُجَّارِ لَفِی سِجِّین * وَمَا أَدْرَاکَ مَا سِجِّینٌ * کِتَابٌ مَّرْقُومٌ) ببغض محمّد وآل محمّد (کَلاَّ إِنَّ کِتَابَ الاَْبْرَارِ لَفِی عِلِّیِّینَ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا عِلِّیُّونَ * کِتَابٌ مَّرْقُومٌ)بحبّ محمّد وآل محمّد (صلّی الله علیه وآله)((1)) .

کنز الفوائد : ذکروا انّ أبا حنیفة أکل طعاماً مع الإمام الصادق جعفر ابن محمّد (علیه السّلام) فلمّا رفع الصادق (علیه السّلام) یده من أکله قال : الحمد لله رب العالمین اللهم هذا منک ومن رسولک .

فقال أبو حنیفة : یا أبا عبدالله أجعلت مع الله شریکاً ؟!!

فقال له : ویلک فانّ الله تعالی یقول فی کتابه : (وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ)((2)) ویقول فی موضع آخر : (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَیُؤْتِینَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ)((3)) .

ص: 56


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص543 ح697 .
2- - التوبة 9 : 74 .
3- - التوبة 9 : 59 .

فقال أبو حنیفة : والله لکأنّی ما قرأتهما قط من کتاب الله ولا سمعتهما إلاّ فی هذا الوقت .

فقال أبو عبدالله (علیه السّلام) : بلی قد قرأتهما وسمعتهما ولکنّ الله تعالی أنزل فیک وفی أشباهک : (أَمْ عَلَی قُلُوب أَقْفَالُهَا)((1)) وقال : (کَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَی قُلُوبِهِم مَّا کَانُوا یَکْسِبُونَ)((2)) .

باب (4) النبی عیسی یحیی الموتی ویکلّمهم

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن منصور بن العباس ، عن سعید بن جناح ، عن عثمان بن سعید ، عن عبد الحمید بن علی الکوفی ، عن مهاجر الأسدی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : مرّ عیسی بن مریم علی قریة قد مات أهلها وطیرها ودوابّها فقال : أما إنّهم لم یموتوا إلاّ بسخطة ولو ماتوا متفرّقین لتدافنوا .

فقال الحواریّون : یا روح الله وکلمته اُدع الله أن یحییهم لنا فیخبرونا ما کانت أعمالهم فنجتنبها ، فدعا عیسی ربّه فنودی من الجوّ : أن نادِهم فقام عیسی باللیل علی شُرف من الأرض فقال : یا أهل هذه القریة .

ص: 57


1- - محمّد (صلّی الله علیه وآله وسلّم) 47 : 24 .
2- - کنز الفوائد : ج2 ص36 .

فأجابه منهم مجیبٌ : لبیک یا روح الله وکلمته .

فقال : ویحکم ما کانت أعمالکم ؟

قال : عبادة الطاغوت وحبّ الدنیا مع خوف قلیل وأملٌ بعید وغفلة فی لهو ولعب .

فقال : کیف کان حبّکم للدُّنیا ؟

قال : کحبّ الصبیّ لأُمّه إذا أقبلت علینا فرحنا وسررنا وإذا أدبرت عنّا بکینا وحزنّا .

قال : کیف کانت عبادتکم للطاغوت ؟

قال : الطاعة لأهل المعاصی .

قال : کیف کان عاقبة أمرکم ؟

قال : بتنا لیلة فی عافیة وأصبحنا فی الهاویة .

فقال : وما الهاویة ؟

فقال : سجّین .

قال : وما سجّین ؟

قال : جبال من جمر توقد علینا إلی یوم القیامة ... إلی آخر الحدیث((1)) .

ص: 58


1- - الکافی : ج2 ص318 ح11 .

باب (5) طینة علیّین وطینة سجّین

علل الشرایع : حدّثنا علی بن أحمد قال : حدّثنا محمّد بن أبی عبدالله الکوفی ، عن محمّد بن إسماعیل رفعه إلی محمّد بن سنان ، عن زید الشحّام ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إنّ الله (تبارک وتعالی) خَلقنا من نور مبتدع من نور ، رسخ ذلک النّور فی طینة من أعلا علّیّین وخلق قلوب شیعتنا ممّا خلق منه أبداننا وخلق أبدانهم من طینة دون ذلک فقلوبهم تهوی إلینا لأنّها خُلقت ممّا خُلقنا منه ثمّ قرأ : (کَلاَّ إِنَّ کِتَابَ الاَْبْرَارِ لَفِی عِلِّیِّینَ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا عِلِّیُّونَ * کِتَابٌ مَّرْقُومٌ * یَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) وإنّ الله (تبارک وتعالی) خلق قلوب أعدائنا من طینة من سجّین وخلق أبدانه من طینة من دون ذلک ،

وخلق قلوب شیعتهم ممّا خلق منه أبدانهم فقلوبهم تهوی إلیهم ثمّ قرأ : (کَلاَّ إِنَّ کِتَابَ الفُجَّارِ لَفِی سِجِّین * وَمَا أَدْرَاکَ مَا سِجِّینٌ * کِتَابٌ مَّرْقُومٌ * وَیْلٌ یَوْمَئِذ لِّلْمُکَذِّبِینَ)((1)) .

باب (6) حالة الناس یوم القیامة

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، وعلیّ بن محمّد جمیعاً ، عن

ص: 59


1- - علل الشرایع : ص117 ح14 .

القاسم بن محمّد ، عن سلیمان بن داود المنقری ، عن حفص ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : مَثَل الناس یوم القیامة إذا قاموا لربّ العالمین مَثَل السَّهم فی القُرب ، لیس له من الأرض إلاّ موضع قَدمه کالسهم فی الکنانة لا یقدر أن یزول هاهنا ولا هاهنا((1)) .

أَقول : قال العلاّمة المجلسی (طاب ثراه) : (قوله (علیه السّلام) : « فی القُرب » أی فی قرب کلّ منهم بالآخر . وفی بعض النسخ : « فی القَرَن » . قال فی النهایة : القَرَن : جعبة من جلود تشقّ ویُجعل فیها النشّاب . ومنه الحدیث : « الناس یوم القیامة کالنّبل فی القَرَن » أی مجتمعون مثلها)((2)) .

باب (7) عَمَل المرائی فی سجّین

الکافی : علیّ بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن النوفلی ، عن السکونی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قال النبی (صلّی الله علیه وآله) : إنّ المَلَک لیصعد بعمل العبد مبتهجاً به فإذا صعد بحسناته یقول الله (عزّوجلّ) : اجعلوها فی سجّین إنّه لیس إیّای أراد به((3)) .

ص: 60


1- - الکافی : ج8 ص143 ح110 .
2- - مرآة العقول : ج25 ص344 .
3- - الکافی : ج2 ص294 ح7 .

باب (8) ثواب من ترک الخمر لغیر الله

تفسیر القمی : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : من ترک الخمر لغیر الله ، سقاه الله من الرّحیق المختوم .

قال : یا بن رسول الله من ترک الخمر لغیر الله ؟

قال : نعم - والله - صیانة لنفسه((1)) .

باب (9) جزاء من استهزأ بالإمام علی

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (إِنَّ الَّذِینَ أَجْرَمُوا کَانُواْ مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا یَضْحَکُونَ) إلی آخر السورة نزلت فی علی (علیه السّلام) وفی الذین استهزؤا به من بنی اُمیّة ، وذلک أنّ علیاً (علیه السّلام) مرّ علی قوم من بنی اُمیّة والمنافقین فسَخِروا منه((2)) .

ص: 61


1- - تفسیر القمی : ج2 ص411 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص214 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص781 ح16 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص218 .

باب (10) علاج صَدأ القلب

مجمع البیان : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : یصدأ القلب ، فإذا ذکّرته بآلاء الله انجلی عنه((1)) .

ص: 62


1- - مجمع البیان : ج5 ص453 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص218 .

سورة الانشقاق

باب (1) فائدة کتابة سورة الانشقاق

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : إذا عُلِّقت علی المطلوقة((1)) وضعت ، ویحرص الواضع لها أن ینزعها عن المطلوقة سریعاً لئلاّ یخرج جمیع ما فی بطنها ، وتعلیقها علی الدابّة یحفظها عن الآفات ، وإذا کُتبت علی حائط المنزل أَمِن من جمیع الهوام((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ) (1 و2) .

باب (2) دعاء للحاجة

مصباح المتهجد : روی أبان بن تغلب ، عن أبی عبدالله (علیه

ص: 63


1- - المطلوقة : المرأة التی أصابها وجع الولادة (أقرب الموارد) .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص221 ح3 .

السّلام) (فی دعاء یقرأ بعد صلاة الحاجة) « ... فاسألک باسمک الذی وضعتَه علی الجبال فنُسفت ، وعلی السماء فانشقّت ، وعلی النجوم فانتشرت ... » إلی آخر الدعاء((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ کِتَابَهُ بِیَمِینِهِ * فَسَوْفَ یُحَاسَبُ حِسَاباً یَسِیراً * وَیَنقَلِبُ إِلَی أَهْلِهِ مَسْرُوراً * وَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ کِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ یَدْعُواْ ثُبُوراً * وَیَصْلَی سَعِیراً * إِنَّهُ کَانَ فِی أَهْلِهِ مَسْرُوراً * إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن یَحُورَ * بَلَی إِنَّ رَبَّهُ کَانَ بِهِ بَصِیراً) (7 - 15) .

باب (3) المؤمن یؤتی کتابه بیمینه

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن الحسین بن أحمد ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن سماعة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : ] سألته عن [ قوله تعالی : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ کِتَابَهُ بِیَمِینِهِ * فَسَوْفَ یُحَاسَبُ حِسَاباً یَسِیراً * وَیَنقَلِبُ إِلَی أَهْلِهِ مَسْرُوراً) .

] فقال : [ هو علی وشیعته ، یؤتَون کتبهم بأیمانهم((2)) .

ص: 64


1- - مصباح المتهجد : ص299 . منه بحار الأنوار : ج90 ص33 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص782 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص224 .

کتاب الزهد : القاسم بن محمد ، عن علی قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : إنّ الله (تبارک وتعالی) إذا أراد أن یحاسب المؤمن أعطاه کتابه بیمینه ، وحاسبه فیما بینه وبینه ، فیقول : عبدی فعلت کذا وکذا ، وعملت کذا وکذا ؟

فیقول : نعم یا ربّ ، قد فعلت ذلک .

فیقول : قد غفرتها لک وأبدلتها حسنات .

فیقول الناس : سبحان الله أما کان لهذا العبد سیئة واحدة وهو قول الله (عزّوجلّ) : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ کِتَابَهُ بِیَمِینِهِ * فَسَوْفَ یُحَاسَبُ حِسَاباً یَسِیراً * وَیَنقَلِبُ إِلَی أَهْلِهِ مَسْرُوراً) .

قلت : أیَّ أهل ؟

قال : أهله فی الدُنیا هم أهله فی الجنّة إن کانوا مؤمنین .

قال : وإذا أراد بعبد شرّاً حاسبه علی رؤوس الناس وبَکّته((1)) ، وأعطاه کتابه بشماله ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (وَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ کِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ یَدْعُواْ ثُبُوراً * وَیَصْلَی سَعِیراً * إِنَّهُ کَانَ فِی أَهْلِهِ مَسْرُوراً) .

قلت : أیّ أهل ؟

قال : أهله فی الدنیا .

قلت : قوله : (إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن یَحُورَ) ؟

ص: 65


1- - بکّ عنقه : دقَّها (أقرب الموارد) .

قال : ظنّ أنّه لن یرجع((1)) .

باب (4) حال المؤمن إذا خرج من قبره

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن الحسن بن محبوب ، عن سدیر الصیرفی قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) (فی حدیث طویل) : إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال یقدم أمامه کلّما رأی المؤمن هولاً من أهوال یوم القیامة قال له المثال : لا تفزع ولا تحزن وأبشر بالسّرور والکرامة من الله (عزّوجلّ) حتّی یقف بین یدی الله (عزّوجلّ) فیحاسبه حساباً یسیراً ویأمر به إلی الجنّة والمثال أمامه .

فیقول له المؤمن : یرحمک الله نِعم الخارج خرجت معی من قبری وما زلت تبشّرنی بالسّرور والکرامة من الله حتّی رأیت ذلک ، فیقول : من أنت ؟

فیقول : أنا السرور الذی کنتَ أدخلتَ علی أخیک المؤمن فی الدُّنیا خلقنی الله (عزّوجلّ) منه لاُبشّرک((2)) .

ص: 66


1- - کتاب الزهد : ص92 ح246 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص224 .
2- - الکافی : ج2 ص190 ح8 .

باب (5) ما یقوله المؤمن وغیره حین الخروج من القبر

کتاب الزهد : إبراهیم بن أبی البلاد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبی عبدالله ، عن أبیه (علیهما السّلام) قال : أتی جبرئیل إلی النبی (صلّی الله علیه وآله) فأخذ بیده فأخرجه إلی البقیع ، فانتهی إلی قبر فصوّت بصاحبه ، فقال : قم بإذن الله ، قال : فخرج منه رجل مبیضّ الوجه یمسح التراب عن وجهه وهو یقول : الحمد لله والله أکبر ، فقال جبرئیل : عُد بإذن الله .

ثمّ انتهی به إلی قبر آخر ، فصوّت بصاحبه وقال له : قم بإذن الله ، فخرج منه رجل مسودّ الوجه وهو یقول : واحسرتاه ، واثبوراه ، ثمّ قال (له جبرئیل) : عُد (إلی ما کنت) بإذن الله .

ثمّ قال : یا محمّد ، هکذا یُحشرون یوم القیامة ، المؤمنون یقولون هذا القول وهؤلاء یقولون ما تری((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (لَتَرْکَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَق) (19) .

باب (6) الغیبة الطویلة للإمام المهدی

کمال الدین : حدّثنا المظفر بن جعفر بن المظفّر العلوی

ص: 67


1- - کتاب الزهد : ص94 ح253 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص225 .

السمرقندی (رضی الله عنه) قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، وحیدر بن محمّد السمرقندی جمیعاً قالا : حدّثنا محمّد بن مسعود قال : حدّثنا جبرئیل بن أحمد ، عن موسی بن جعفر البغدادی قال : حدّثنی الحسن بن محمّد الصیرفی ، عن حنان بن سدیر ، عن أبیه ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إنّ للقائم منّا غیبة یطول أمدها .

فقلت له : یا بن رسول الله ولِمَ ذلک ؟

قال : لأنّ الله (عزّوجلّ) أبی إلاّ أن تجری فیه سنن الأنبیاء (علیهم السّلام) فی غیباتهم ، وإنّه لابدّ له - یا سدیر - من استیفاء مدد غیباتهم ، قال الله تعالی : (لَتَرْکَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَق) أی سُنن من کان قبلکم((1)) .

علل الشرائع : بهذا الإسناد نحوه((2)) .

مجمع البیان : قیل : لترکبنّ سُنن من کان قبلکم من الأوّلین وأحوالهم ، روی ذلک عن الصادق (علیه السّلام)((3)) .

ص: 68


1- - کمال الدین : ص480 ح6 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص226 .
2- - علل الشرایع : ص245 ح7 .
3- - مجمع البیان : ج5 ص462 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص227 .

سورة البروج

باب (1) ثواب من قرأ سورة البروج فی فرائضه

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسین بن أحمد المقری ، عن یونس بن ظبیان ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ : (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) فی فرائضه - فإنّها سورة النبیّین - کان مَحشَره وموقفه مع النبیّین والمرسلین والصالحین((1)) .

باب (2) فائدة کتابة سورة البروج

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الصادق (علیه السّلام) : ما عُلِّقت علی مفطوم إلاّ سهّل الله فطامه ، ومن قرأها علی فِراشه کان

ص: 69


1- - ثواب الأعمال : ص150 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص229 .

فی أمان الله إلی أن یصبح((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (وَشَاهِد وَمَشْهُود) (3) .

باب (3) من هو الشاهد والمشهود ؟

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن علی بن حسّان ، عن عبد الرحمن بن کثیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله تعالی((2)) : (وَشَاهِد وَمَشْهُود) .

قال : النبیّ وأمیر المؤمنین((3)) .

معانی الأخبار : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا أحمد بن إدریس ، عن عمران بن موسی ، عن الحسن بن موسی الخشّاب ، عن علیّ بن حسّان ، عن عبد الرحمن بن کثیر الهاشمی مولی أبی جعفر محمد بن علی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) مثله((4)) .

معانی الأخبار : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الولید قال :

ص: 70


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص229 ح4 .
2- - فی معانی الأخبار : فی قول الله (عزّوجلّ) .
3- - الکافی : ج1 ص425 ح69 .
4- - معانی الأخبار : ص299 ح7 .

حدّثنی محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن ابن فضّال ، عن أبی جمیلة ، عن محمد بن علیّ الحلبی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (وَشَاهِد وَمَشْهُود) .

قال : الشّاهد : یوم الجمعة ، والمشهود : یوم عرفة((1)) .

معانی الأخبار : حدّثنا محمّد بن الحسن قال : حدّثنا الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن یعقوب بن شعیب قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَشَاهِد وَمَشْهُود) ؟

قال : الشاهد : یوم عرفة((2)) .

معانی الأخبار : حدّثنا أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا محمد بن یحیی العطّار ، عن أحمد بن محمّد ، عن موسی بن القاسم ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبدالله ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه قال : الشاهد : یوم الجمعة ، والمشهود : یوم عرفة ، والموعود : یوم القیامة((3)) .

معانی الأخبار : حدّثنا محمّد بن الحسن قال : حدّثنا الحسین بن

ص: 71


1- - معانی الأخبار : ص298 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص231 .
2- - معانی الأخبار : ص299 ح4 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص231 .
3- - معانی الأخبار : ص299 ح3 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص231 .

الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن أبان ، عن أبی الجارود ، عن أحدهما (علیهما السّلام) فی قول الله (عزّوجلّ) : (وَشَاهِد وَمَشْهُود) .

قال : الشاهد : یوم الجمعة ، والمشهود : یوم عرفة ، والموعود : یوم القیامة((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ ذَلِکَ الْفَوْزُ الْکَبِیرُ) (11) .

باب (4) الشیعة فی الجنّة

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن الحسین بن أحمد ، عن محمد بن عیسی ، عن یونس ، عن مقاتل ، عن عبدالله بن بکیر ، عن صباح الأزرق قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول فی قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ ذَلِکَ الْفَوْزُ الْکَبِیرُ) : هو أمیر المؤمنین وشیعته((2)) .

ص: 72


1- - معانی الأخبار : ص299 ح6 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص232 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص784 ح3 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص235 .

سورة الطَّارق

باب (1) ثواب قراءة سورة الطارق فی الفرائض

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبیه ، عن

المعلّی بن خنیس ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من کانت قراءته فی فرائضه بالسّماء والطارق ، کانت له عند الله یوم القیامة جاهاً ومنزلة ، وکان من رفقاء النبیّین((1)) وأصحابهم فی الجنّة((2)) .

باب (2) فائدة کتابة سورة الطارق

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من غسل بمائها الجراح سکنت ولم تقح ، ومن قرأها علی شیء

ص: 73


1- - فی تفسیر البرهان : من رفقاء المؤمنین .
2- - ثواب الأعمال : ص150 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص237 .

یُشرَب دواءً یکون فیه الشفاء((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (1 - 3) .

باب (3) تأویل النجم الثاقب

الخصال : حدّثنا محمّد بن موسی بن المتوکّل (رضی الله عنه) قال : حدّثنا علی بن الحسین السعدآبادی ، عن أحمد بن أبی عبدالله البرقی ، عن أبیه وغیره ، عن محمّد بن سلیمان الصنعانی ، عن إبراهیم بن الفضل ، عن أبان بن تغلب قال : کنت عند أبی عبدالله (علیه السّلام) إذ دخل علیه رجل من أهل الیمن فسلّم علیه فردّ علیه السلام ، وقال له : مرحباً بک یا سعد .

فقال له الرجل : بهذا الاسم سمّتنی أُمّی ، وما أقلَّ من یعرفنی به .

فقال له أبو عبدالله (علیه السّلام) : صدقت یا سعد المولی .

فقال الرجل : جُعلت فداک بهذا کنت أُلقَّب .

فقال له أبو عبدالله (علیه السّلام) : لا خیر فی اللّقب ، إنّ الله (تبارک

ص: 74


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص237 ح4 .

وتعالی) یقول فی کتابه : (وَلاَ تَنَابَزُوا بِالاَْلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الاِْیمَانِ)((1)) ما صناعتک یا سعد ؟

فقال : جعلت فداک ، أنا من أهل بیت ننظر فی النجوم ، لا نقول : إنّ بالیمن أحداً أعلم بالنّجوم منّا .

فقال له أبو عبدالله (علیه السّلام) : فأسألک ؟

(إلی أن قال :) فما زحل عندکم فی النجوم ؟

فقال الیمانیّ : نجم نحس .

فقال له أبو عبدالله (علیه السّلام) : مه ، لا تقولنّ هذا ، فإنّه نجم أمیر المؤمنین وهو نجم الأوصیاء (علیهم السّلام) وهو النجم الثاقب الذی قال الله (عزّوجلّ) فی کتابه .

فقال له الیمانی : فما یعنی بالثاقب ؟

قال : إنّ مطلعه فی السماء السابعة ، وإنّه ثقب بضوئه حتّی أضاء فی السماء الدنیا ، فمن ثَمّ سمّاه الله (عزّوجلّ) النجم الثاقب ... إلی آخر الحدیث((2)) .

الاحتجاج : عن أبان بن تغلب قال : ... وذکر نحوه((3)) .

ص: 75


1- - الحجرات 49 : 11 .
2- - الخصال : ص489 ح68 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص238 .
3- - الاحتجاج : ص352 .

أقول : قوله (علیه السلام) : « لا خیر فی اللَّقب » محمول علی اللَّقب السیّئ الذی یحمل معنی سیّئاً أو قبیحاً ، بدلیل استشهاد الامام (علیه السلام) بقوله تعالی : (وَلاَ تَنَابَزُوا بِالاَْلْقَابِ) .

قال الشیخ الطریحی - فی مجمع البحرین - : (النبز : اللَّقب ، تسمیةٌ بالمصدر ، والتلقیب المنهیّ عنه هو ما یدخل به علی المدعوّ کراهةً ، لکونه ذمّاً له وشیناً ، فأمّا ما یحبّه ممّا یزینه ویُنوّه به فلا بأس . وفی الحدیث : حقُّ المؤمن علی أخیه أن یُسمّیه بأحب اسمائه الیه) .

هذا .. وقد اختار الله تعالی الألقاب الحسنة الجمیلة للأئمّة الطاهرین (علیهم السلام) - کما وَرد ذلک فی الأحادیث الشریفة - وکان المعصومون (علیهم السلام) یلقّبون أولادهم بالألقاب الحسَنة ..

تفسیر القمی : حدّثنا جعفر بن أحمد ، عن عبدالله بن موسی ، عن الحسین بن علی ، عن ابن أبی حمزة((1)) ، عن أبیه ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) .

قال : قال : السماء فی هذا الموضع : أمیر المؤمنین ، والطارق : الذی یطرق الأئمّة من عند ربّهم ممّا یحدث باللیل والنّهار ، وهو الروح الذی مع الأئمّة یُسدّدهم .

قلت : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) ؟

ص: 76


1- - فی تفسیر البرهان : عن الحسن بن علی بن أبی حمزة . والظاهر أنّه هو الصحیح .

قال : ذاک رسول الله (صلّی الله علیه وآله)((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (فَمَا لَهُ مِن قُوَّة وَلاَ نَاصِر * وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالاَْرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ * إِنَّهُمْ یَکِیدُونَ کَیْداً * وَأَکِیدُ کَیْداً * فَمَهِّلِ الْکَافِرِینَ أَمْهِلْهُمْ رُوَیْداً) (10 - 17) .

باب (4) الانتقام من أعداء محمّد وآل محمّد

تفسیر القمی : حدّثنا جعفر بن أحمد ، عن عبید الله بن موسی ، عن الحسن بن علی ، عن ابن أبی حمزة((2)) ، عن أبی بصیر فی قوله :(فَمَا لَهُ مِن قُوَّة وَلاَ نَاصِر) قال : ما له قوّة یقوی بها علی خالقه ولا ناصر من الله ینصره إن أراد به سوءاً .

قلت : (إِنَّهُمْ یَکِیدُونَ کَیْداً) ؟

قال : کادوا رسول الله ، وکادوا علیّاً ، وکادوا فاطمة ، فقال الله : یا محمّد (إِنَّهُمْ یَکِیدُونَ کَیْداً * وَأَکِیدُ کَیْداً * فَمَهِّلِ الْکَافِرِینَ) یا محمد (أَمْهِلْهُمْ رُوَیْداً) لوقت بعث القائم فینتقم لی من الجبّارین والطواغیت من قریش وبنی اُمیّة وسائر الناس((3)) .

ص: 77


1- - تفسیر القمی : ج2 ص415 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص239 .
2- - فی تفسیر البرهان : عن عبدالله بن موسی ، عن الحسن بن علی بن أبی حمزة ، عن أبیه .
3- - تفسیر القمی : ج2 ص416 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص240 .

باب (5) السِّر فی شَبَه الإنسان بالأقرباء

علل الشرایع : حدّثنا أبی (رضی الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن علی ابن أبی حمزة ، عن أبی بصیر قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) فقلت له : إنّ الرجل ربّما أشبه أخواله وربّما أشبه أباه وربّما أشبه عمومته ؟

فقال : إنّ نطفة الرجل بیضاء غلیظة ونطفة المرأة صفراء رقیقة ، فإنْ غلبت نطفة الرّجل نطفة المرأة أشبه الرّجل أباه وعمومته وإنْ غلبتْ نطفة المرأة نطفة الرّجل أشبه الرجل أخواله((1)) .

علل الشرایع : أخبرنی علی بن حاتم (رضی الله عنه) فیما کتب إلیّ قال : أخبرنی القاسم بن محمد ، عن حمدان بن الحسین ، عن الحسین ابن الولید ، عن ابن بکیر ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قلت له : المولود یشبه أباه وعمّه ؟

قال : إذا سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأة فالولد یشبه أباه وعمّه وإذا سبق ماءُ المرأة ماءَ الرّجل یشبه الرّجل اُمّه وخاله((2)) .

ص: 78


1- - علل الشرایع : ص94 ح1 .
2- - علل الشرایع : ص94 ح2 .

سورة الأعلی

باب (1) ثواب تلاوة سورة الأعلی فی فریضة أو نافلة

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبیه ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّکَ الاَْعْلَی) فی فریضة أو نافلة قیل له یوم القیامة : ادخل الجنّة من أیِّ أبواب الجنّة شئت إن شاء الله((1)) .

باب (2) فائدة تلاوة سورة الأعلی

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : قراءتها علی الاُذن الدّویَّة التی فیها الدواثر((2)) تزیلها ، وقراءتها

ص: 79


1- - ثواب الأعمال : ص150 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص241 .
2- - الدَّوی : الفاسد الجوف من داء . والدَثَر : الوسخ (أقرب الموارد) .

علی الموضع المفسخ تزیله ، وقراءتها علی البواسیر تقطعها بإذن الله تعالی((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّکَ الاَْعْلَی) (1) .

باب (3) عظمة السماوات والعرش

روضة الواعظین : روی جعفر بن محمّد ، عن أبیه ، عن جدّه (علیهم السّلام) أنّه قال : فی العرش تمثال جمیع ما خلق الله فی البرّ والبحر ، قال : وهذا تأویل قوله :

(وَإِن مِّن شَیْء إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ)((2)) وإنّ بین القائمة من قوائم العرش ، والقائمة الثانیة خفقان الطیر المسرع مسیرة ألف عام ، والعرش یُکسی کلّ یوم سبعین ألف لون من النور ، لا یستطیع أن ینظر إلیه خلق من خلق الله ، والأشیاء کلّها فی العرش کحلقة فی فلاة ، وإنّ لله ملکاً یقال له : حزقائیل ، له ثمانیة عشر ألف جناح ، ما بین الجناح إلی الجناح خمسمائة عام ، فخطر له خاطر ، هل فوق العرش شیء ؟

ص: 80


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص242 ح5 .
2- - الحجر 15 : 21 .

فزاده الله مثلها أجنحة اُخری ، فکان له ست وثلاثون ألف جناح ، ما بین الجناح إلی الجناح خمسمائة عام ، ثمّ أوحی الله إلیه : أیُّها الملک طر ، فطار مقدار عشرین ألف عام ، لم ینل رأسه قائمة من قوائم العرش ، ثمّ ضاعف الله له فی الجناح والقوّة وأمره أن یطیر ، فطار مقدار ثلاثین ألف عام ، ولم ینل أیضاً ، فأوحی الله إلیه : أیُّها الملک ، لو طرت إلی نفخ الصّور مع أجنحتک وقُوّتک لم تبلغ إلی ساق العرش .

فقال الملک : سبحان ربّی الأعلی .

فأنزل الله (عزّوجلّ) : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّکَ الاَْعْلَی) .

فقال النبی (صلّی الله علیه وآله) : إجعلوها فی سُجودکم((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَکَّی * وَذَکَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی)(14 و15) .

باب (4) زکاة الفطرة قبل صلاة العید

التهذیب - الاستبصار : ابن أبی عمیر ، عن أبی بصیر ، عن زرارة ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه قال : من تمام الصوم إعطاء الزکاة ،

ص: 81


1- - روضة الواعظین : ص47 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص244 .

کالصلاة علی النبی (صلّی الله علیه وآله) من تمام الصلاة ، ومن صام ولم یؤدِّها فلا صوم له إذا ترکها متعمّداً ، ومن صلّی ولم یصلّ علی النبی (صلّی الله علیه وآله) وترک ذلک متعمّداً فلا صلاة له ، إنّ الله تعالی بدأ بها قبل الصلاة فقال : (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَکَّی * وَذَکَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی)((1)) .

من لا یحضره الفقیه : روی حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن أبی بصیر ، وزرارة قالا : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : إنّ من تمام الصوم إعطاء الزکاة - یعنی الفطرة - کما أنّ الصلاة علی النبی (صلّی الله علیه وآله) من تمام الصلاة ، لأنّه من صام ولم یؤد الزکاة فلا صوم له إذا ترکها متعمّداً ، ولا صلاة له إذا ترک الصلاة علی النبی (صلّی الله علیه وآله) ، إنّ الله (عزّوجلّ) قد بدأ بها قبل الصلاة قال : (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَکَّی * وَذَکَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی)((2)) .

من لا یحضره الفقیه : سئل الصادق (علیه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَکَّی) ؟

قال : من أخرج الفطرة .

فقیل له : (وَذَکَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی) ؟

قال : خرج إلی الجبّانة فصلّی((3)) .

* * * * *

ص: 82


1- - التهذیب : ج2 ص159 ح625 - الاستبصار : ج1 ص343 ح1292 .
2- - من لا یحضره الفقیه : ج2 ص183 ح2085 .
3- - من لا یحضره الفقیه : ج1 ص510 ح1474 . والجبَّانة : الصحراء (مجمع البحرین) .

قوله تعالی : (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَیَاةَ الدُّنْیَا * وَالاْخِرَةُ خَیْرٌ وَأَبْقَی * إِنَّ هَذَا لَفِی الصُّحُفِ الاُْولَی * صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَی) (16 - 19) .

باب (5) الولایة خیر وأبقی

الکافی : الحسین بن محمّد ، عن معلّی بن محمّد ، عن عبدالله بن إدریس ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السّلام) : قوله (جلّ وعزّ) : (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَیَاةَ الدُّنْیَا) ؟

قال : ولایتهم (وَالاْخِرَةُ خَیْرٌ وَأَبْقَی) قال : ولایة أمیر المؤمنین (علیه السّلام) (إِنَّ هَذَا لَفِی الصُّحُفِ الاُْولَی * صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَی)((1)) .

باب (6) صُحف الأنبیاء عند الأئمّة الطاهرین

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن محمّد ابن إسماعیل ، عن علی بن النعمان ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قال لی : یا أبا محمّد إنّ الله (عزّوجلّ) لم یعط الأنبیاء شیئاً إلاّ وقد أعطاه محمّداً (صلّی الله علیه وآله) قال : وقد

ص: 83


1- - الکافی : ج1 ص418 ح30 .

أعطی محمّداً جمیع ما أعطی الأنبیاء وعندنا الصُحف التی قال الله (عزّوجلّ) : (صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَی) .

قلت : جعلت فداک هی الألواح ؟

قال : نعم((1)) .

الکافی : أحمد بن محمّد بن أحمد الکوفی ، عن علی بن الحسن التیمی ، عن علی بن أسباط ، عن علی بن جعفر قال : حدّثنی معتّب أو غیره قال : بعث عبدالله بن الحسن إلی أبی عبدالله (علیه السّلام) یقول لک أبو محمّد : أنا أشجع منک وأنا أسخی منک وأنا أعلم منک ، فقال لرسوله : أمّا الشجاعة فوالله ما کان لک موقف یُعرف فیه جبنک من شجاعتک ، وأمّا السخاء فهو الذی یأخذ الشیء من جهته فیضعه فی حقّه ، وأمّا العلم فقد أعتق أبوک علی بن أبی طالب ألف مملوک فسَمِّ لنا خمسة منهم وأنت عالم ، فعاد إلیه فأعلمه ثمّ عاد إلیه فقال له : یقول لک : أنت رجل صحفی .

فقال له أبو عبدالله (علیه السّلام) : قل له : إی والله صحف إبراهیم وموسی وعیسی ورثتها عن آبائی (علیهم السّلام)((2)) .

بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ،

ص: 84


1- - الکافی : ج1 ص225 ح5 .
2- - الکافی : ج8 ص363 ح553 .

عن النّضر بن سوید ، عن الحلبی ، عن عبدالله بن مسکان ، عن أبی بصیر قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : یا أبا محمّد عندنا الصحف التی قال الله تعالی : (صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَی) .

قلت : الصُحف هی الألواح ؟

قال : نعم((1)) .

بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن عبدالله بن مسکان وشعیب الحدّاد ، عن أبی بصیر قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : عندنا الصُحف الأولی صحف إبراهیم وموسی .

فقال له ضریس : ألیست هی الألواح ؟

قال : نعم((2)) .

الکافی : محمّد بن الحسین وغیره ، عن سهل ، عن محمّد بن عیسی ومحمّد بن یحیی ومحمّد بن الحسین جمیعاً ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعیل بن جابر وعبد الکریم بن عمرو ، عن عبد الحمید بن أبی الدیلم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث - قال : فلمّا أن بعث الله (عزّوجلّ) المسیح قال المسیح لهم : إنّه سوف یأتی من بعدی نبی اسمه أحمد من ولد إسماعیل یجیء بتصدیقی وتصدیقکم وعذری

ص: 85


1- - بصائر الدرجات : ص157 ح8 .
2- - بصائر الدرجات : ص157 ح11 .

وعذرکم ، وجرت من بعده فی الحواریّین فی المستحفظین ، وإنّما سمّاهم الله (تعالی) المستحفَظین لأنّهم استُحفظوا الاسم الأکبر وهو الکتاب الذی یعلم به عِلم کلّ شیء الذی کان مع الأنبیاء (صلوات الله علیهم) یقول الله تعالی : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَیِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْکِتَابَ وَالْمِیزَانَ)((1)) الکتاب الاسم الأکبر وإنّما عرف ممّا یدعی الکتاب التوراة والانجیل والفرقان فیها کتاب نوح وفیها کتاب صالح وشعیب وإبراهیم فأخبر الله (عزّوجلّ) (إِنَّ هَذَا لَفِی الصُّحُفِ الاُْولَی * صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَی)فأین صحف إبراهیم إنّما صحف إبراهیم الاسم الأکبر وصحف موسی الاسم الأکبر فلم تزل الوصیَّة فی عالم بعد عالم حتّی دفعوها إلی محمّد (صلّی الله علیه وآله)((2)) .

ص: 86


1- - الحدید 57 : 25 .
2- - الکافی : ج1 ص293 ح3 .

سورة الغاشیة

باب (1) ثواب من قرأ سورة الغاشیة فی فریضة أو نافلة

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبی المغرا ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من أدمن قراءة : (هَلْ أَتَاکَ حَدِیثُ الْغَاشِیَةِ) فی فریضة أو نافلة ، غشّاه الله برحمته فی الدنیا والآخرة ، وآتاه الأمن یوم القیامة من عذاب النار((1)) .

باب (2) فائدة قراءة سورة الغاشیة

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها علی ضرس یُؤلم ویضرب سَکَن بإذن الله تعالی ،

ص: 87


1- - ثواب الأعمال : ص150 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص253 .

ومن قرأها علی ما یأکله أمن ما فیه ورزقه الله السّلامة فیه((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ هَلْ أَتَاکَ حَدِیثُ الْغَاشِیَةِ * وُجُوهٌ یَوْمَئِذ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَی نَاراً حَامِیَةً * تُسْقَی مِنْ عَیْن آنِیَة * لَّیْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِیع * لاَّ یُسْمِنُ وَلاَ یُغْنِی مِن جُوع)(1 - 7) .

باب (3) تأویل الآیات

الکافی : جماعة ، عن سهل ، عن محمّد ، عن أبیه ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قلت : (هَلْ أَتَاکَ حَدِیثُ الْغَاشِیَةِ) ؟

قال : یغشاهم القائم بالسیف .

قال : قلت : (وُجُوهٌ یَوْمَئِذ خَاشِعَةٌ) ؟

قال : خاضعة لا تطیق الامتناع .

قال : قلت : (عَامِلَةٌ) ؟

قال : عملت بغیر ما أنزل الله .

قال : قلت : (نَّاصِبَةٌ) ؟

ص: 88


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص253 ح4 .

قال: نصبت غیر ولاة الأمر .

قال : قلت : (تَصْلَی نَاراً حَامِیَةً) ؟

قال : تَصلی نار الحرب فی الدنیا علی عهد القائم ، وفی الآخرة نار جهنّم((1)) .

الکافی : علی ، عن علی بن الحسین ، عن محمّد الکناسی ، قال : حدّثنا من رفعه إلی أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث - فی قول الله (عزّوجلّ) : (هَلْ أَتَاکَ حَدِیثُ الْغَاشِیَةِ) .

قال : الذین یغشون الإمام إلی قوله (عزّوجلّ) : (لاَّ یُسْمِنُ وَلاَ یُغْنِی مِن جُوع) قال : لا ینفعهم ولا یغنیهم ، لا ینفعهم الدخول ولا یغنیهم القعود((2)) .

باب (4) عبادة الناصبی باطلة

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمرو ابن أبی المقدام قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : خرجت أنا وأبی حتّی إذا کنّا بین القبر والمنبر إذا هو بأُناس من الشیعة فسلّم علیهم

ص: 89


1- - الکافی : ج8 ص50 ح13 .
2- - الکافی : ج8 ص178 ح201 .

ثمّ قال : إنّی والله لاُحبّ ریاحکم

وأرواحکم (إلی أن قال :) کلُّ ناصب وإن تعبّد واجتهد منسوب إلی هذه الآیة (عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَی نَاراً حَامِیَةً) فکلّ ناصب مجتهد فعمله هباء ... إلی آخر الحدیث((1)) .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنی جعفر بن أحمد معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : خرجت أنا وأبی ... وذکر نحوه((2)) .

فضائل الشیعة : حدّثنا عبدالله بن محمّد بن عبد الوهاب قال : حدّثنا محمّد بن حمران((3)) ، عن أبیه ، عن أبی عبدالله جعفر بن محمّد الصادق (علیه السّلام) قال : خرجت أنا وأبی ... وذکر نحوه((4)) .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنا أبو القاسم العلوی قال : حدّثنا فرات بن إبراهیم الکوفی معنعناً ، عن جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) قال : کلّ عدوِّ لنا ناصب منسوب إلی هذه الآیة (وُجُوهٌ یَوْمَئِذ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَی نَاراً حَامِیَةً * تُسْقَی مِنْ عَیْن آنِیَة)((5)) .

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد قال : حدّثنی أبو عبدالله الرازی ، عن أحمد بن

ص: 90


1- - الکافی : ج8 ص212 ح259 .
2- - تفسیر فرات الکوفی : ص549 ح705 .
3- - فی تفسیر البرهان : محمّد بن عمران .
4- - فضائل الشیعة : ص8 ح8 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص255 .
5- - تفسیر فرات الکوفی : ص549 ح704 .

محمّد بن أبی نصر ، عن صالح بن سعید ، عن أبی سعید القمّاط ، عن أبان ابن تغلب قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : کلّ ناصب - وإن تعبّد واجتهد - یصیر إلی هذه الآیة (عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَی نَاراً حَامِیَةً)((1)) .

تفسیر القمی : حدّثنا جعفر بن أحمد قال : حدّثنا عبد الکریم بن عبد الرحیم قال : حدّثنا محمّد بن علی ، عن محمّد بن الفضیل ، عن أبی حمزة قال : سمعت أبا عبدالله

(علیه السّلام) یقول : من خالفکم - وإن تعبّد واجتهد - منسوب إلی هذه الآیة : (وُجُوهٌ یَوْمَئِذ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَی نَاراً حَامِیَةً)((2)) .

أمالی الصدوق : حدّثنا محمّد بن الحسن قال : حدّثنا الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن علی بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله الصادق (علیه السّلام) - فی حدیث - عن الباقر (علیه السّلام) أنّه قال : إنّ لکلّ شیء إماماً وإمام الأرض أرض یسکنها الشیعة ، والله لولا ما فی الأرض منکم لما أنعم الله علی أهل خلافکم ولا أصابوا الطیّبات ، ما لهم فی الدنیا والآخرة من نصیب ، کلّ ناصب وإنْ تعبّد واجتهد فمنسوب إلی هذه الآیة : (عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَی نَاراً حَامِیَةً * تُسْقَی مِنْ عَیْن آنِیَة)((3)) .

ص: 91


1- - ثواب الأعمال : ص247 ح3 .
2- - تفسیر القمی : ج2 ص419 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص255 .
3- - أمالی الصدوق : ص500 ح4 .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنی جعفر بن أحمد معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث - عن الباقر (علیه السّلام) أنّه قال : ألا وإنّ لکلّ شیء إماماً وإمام الأرض أرض یسکن فیها الشیعة ، ألا وإنّ لکلّ شیء سیّداً وسیّد المجالس مجالس الشیعة ، ألا وإنّ لکلّ شیء شهوة وإنّ شهوة الدنیا سکنی شیعتنا فیها ، والله لولا ما فی الأرض منکم ما استکمل أهل خلافکم طیبات ما لهم ، وما لهم فی الآخرة من نصیب .

کلُّ ناصب وإن تعبّد واجتهد منسوب إلی هذه الآیة : (وُجُوهٌ یَوْمَئِذ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَی نَاراً حَامِیَةً * تُسْقَی مِنْ عَیْن آنِیَة)((1)) .

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن ابن فضّال ، عن حنان ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه قال : لا یبالی الناصب صلّی أم زنا ، وهذه الآیة نزلت فیهم : (عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَی نَاراً حَامِیَةً)((2)) .

أقول : قال العلامة المجلسی (طاب ثراه) : (قوله (علیه السّلام) : « صلّی أم زنا » إذ هو معاقب بأعماله الباطلة لإخلاله بما هو من أعظم شروطها ، وهو الولایة ، فهو کمن صلّی بغیر وضوء)((3)) .

وقال المازندرانی (طاب ثراه) فی شرحه : (ولعل المراد انّ صلاته

ص: 92


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص549 ح705 .
2- - الکافی : ج8 ص160 ح162 .
3- - مرآة العقول : ج26 ص23 .

غیر نافعة له أو أنّ صلاته أیضاً معصیة کالزنا لأن الصلاة الفاقدة لبعض شرائط صحّتها معصیة یعذَّب بها صاحبها کما یعذَّب مَن صلّی بغیر طهارة وهذا أظهر)((1)) .

باب (5) الضَّریع

تفسیر القمی : حدّثنی أبی ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث - قال : لو أنّ قطرة من الضریع قطرت فی شراب أهل الدنیا لمات أهلها من نتنها((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (إِنَّ إِلَیْنَا إِیَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنَا حِسَابَهُمْ) (25 و26) .

باب (6) حساب الشیعة عند أهل البیت

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : حدّثنا أبو علی أحمد بن أبی

ص: 93


1- - شرح ملا صالح المازندرانی : ج12 ص174 .
2- - تفسیر القمی : ج2 ص81 . والضریع کما روی عن النبی (صلّی الله علیه وآله وسلّم) انّه شیء یکون فی النار یشبه الشوک أمرّ من الصبر وأنتن من الجیفة وأشدّ حرّاً من النار (بحار الأنوار ج101 ص194) .

جعفر البیهقی قال : حدّثنا علی بن جعفر المدنی((1))

قال : حدّثنی علی بن محمّد بن مهرویه القزوینی قال : حدّثنی داود بن سلیمان قال : حدّثنی علی بن موسی الرضا (علیه السّلام) ، عن أبیه موسی بن جعفر ، عن أبیه جعفر بن محمّد ، عن أبیه محمّد بن علی ، عن أبیه علی بن الحسین ، عن أبیه الحسین بن علی ، عن أبیه علی بن أبی طالب (علیهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : إذا کان یوم القیامة

وُلِّینا حساب شیعتنا ، فمن کانت مظلمته فیما بینه وبین الله (عزّوجلّ) حکمنا فیها فأجابنا ، ومن کانت مظلمته فیما بینه وبین الناس استوهبناها فوهبت لنا((2))ومن کانت مظلمته ] فیما [ بینه وبیننا کنّا أحقّ ممّن عفی وصفح((3)) .

تأویل الآیات الظاهرة : محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن أحمد ابن هوذة ، عن إبراهیم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إذا کان یوم القیامة وکّلنا الله بحساب شیعتنا ، فما کان لله سألنا الله أن یهبه لنا فهو لهم ، وما کان للآدمیّین سألنا الله أن یُعوّضهم بدله فهو لهم ، وما کان لنا فهو لهم ، ثمّ قرأ : (إِنَّ إِلَیْنَا إِیَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنَا حِسَابَهُمْ)((4)) .

ص: 94


1- - علی بن جعفر المدنی سقط من إسناد تفسیر البرهان .
2- - فی تفسیر البرهان : استوهبناها منهم فوهبوها لنا .
3- - عیون أخبار الرضا : ج2 ص57 ح213 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص259 .
4- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص788 ح4 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص260 .

تأویل الآیات الظاهرة : محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن أحمد ابن هوذة ، عن إبراهیم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن محمّد بن جعفر بن محمّد ، عن أبیه ، عن جدّه (علیهم السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (إِنَّ إِلَیْنَا إِیَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنَا حِسَابَهُمْ) .

قال : إذا کان یوم القیامة وکّلنا الله بحساب شیعتنا ، فما کان لله سألناه أن یهبه لنا فهو لهم ، وما کان لمخالفیهم فهو لهم ، وما کان لنا فهو لهم ، ثمّ قال : هم معنا حیث کنّا((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی عن الصادق (علیه السّلام) فی قوله : (إِنَّ إِلَیْنَا إِیَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنَا حِسَابَهُمْ) قال (علیه السّلام) : إذا حشر الله الناس فی صعید واحد أجّل الله أشیاعنا أن یناقشهم فی الحساب ، فنقول : إلهنا هؤلاء شیعتنا .

فیقول الله تعالی : قد جعلت أمرهم إلیکم ، وقد شفعتکم فیهم ، وغفرت لمسیئهم ، أدخلوهم الجنّة بغیر حساب((2)) .

أمالی الطوسی : قریء علی أبی القاسم علی بن شبل بن أسد الوکیل وأنا أسمع فی منزله ببغداد ، حدّثنا ظفر بن حمدون بن أحمد بن شداد البادرائی أبو منصور قال : حدّثنا إبراهیم بن اسحاق النهاوندی الأحمری ،

ص: 95


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص788 ح5 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص260 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص788 ح6 . منه تفسیر البرهان :ج10 ص261 .

عن عبد الرحمن بن أحمد التمیمی ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إذا کان یوم القیامة وکّلنا الله بحساب شیعتنا ، فما کان لله سألنا الله أن یهبه لنا فهو لهم ، وما کان لنا فهو لهم ، ثمّ قرأ أبو عبدالله (علیه السّلام) : (إِنَّ إِلَیْنَا إِیَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنَا حِسَابَهُمْ)((1)) .

مناقب آل أبی طالب : أبو عبدالله (علیه السّلام) : إذا کان یوم القیامة وکّلنا الله تعالی بحساب شیعتنا فما کان لله سألنا الله أن یهبه لنا وما کان لنا نهبه لهم ثمّ قرأ هذه الآیة((2)) .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنی جعفر بن محمّد الفزاری معنعناً ، عن قبیصة بن یزید الجعفی قال : دخلت علی الصادق جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) (إلی أن قال :) قلت : لوجه ربّی الحمد ، أسألک عن قول الله تعالی : (إِنَّ إِلَیْنَا إِیَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنَا حِسَابَهُمْ) ؟

قال : فینا التنزیل .

قال : قلت : إنّما أسألک عن التفسیر .

قال : نعم - یا قبیصة - إذا کان یوم القیامة جعل الله حساب شیعتنا علینا فما کان بینهم وبین الله استوهبه محمّد (صلّی الله علیه وآله) من الله ، وما کان فیما بینهم وبین الناس من المظالم أدّاه محمّد (صلّی الله علیه

ص: 96


1- - أمالی الطوسی : ص406 ح911 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص261 .
2- - مناقب آل أبی طالب : ج2 ص153 . منه بحار الأنوار : ج24 ص272 .

وآله) عنهم ، وما کان فیما بیننا وبینهم وهبناه لهم حتّی یدخلوا الجنّة بغیر حساب((1)) .

باب (7) الإمام أمیر المؤمنین قسیم الجنَّة والنار

علل الشرائع : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا أحمد بن یحیی بن زکریا أبو العباس القطّان قال : حدّثنا محمّد بن إسماعیل البرمکی قال : حدّثنا عبدالله بن داهر قال : حدّثنا أبی ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبی عبدالله جعفر بن محمّد الصادق (علیهما السّلام) : لِمَ صار أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب قسیم الجنّة والنار ؟

قال : لأنّ حُبّه إیمان وبغضه کفر ، وإنّما خلقت الجنّة لأهل الإیمان ، وخلقت النار لأهل الکفر ، فهو قسیم الجنّة والنار لهذه العلّة ، فالجنّة لا یدخلها إلاّ أهل محبّته ، والنار لا یدخلها إلاّ أهل بغضه .

قال المفضّل : فقلت : یا بن رسول الله فالأنبیاء والأوصیاء کانوا یحبّونه وأعداؤُهم کانوا یبغضونه ؟

قال : نعم .

ص: 97


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص552 ح707 .

قلت : فکیف ذلک ؟

قال : أما علمتَ أنّ النبی قال یوم خیبر : لأُعطینّ الرایة غداً رجلاً یحبّ الله ورسوله ، ویحبُّهُ الله ورسوله ما یرجع حتّی یفتح الله علی یدیه ، فدفع الرایة إلی علی ففتح الله تعالی علی یدیه ؟

قلت : بلی .

قال : أما علمت أنّ رسول الله لمّا أُتی بالطائر المشوی قال : اللهم إئتنی بأحبّ خلقک إلیک وإلیَّ یأکل معی من هذا الطائر - وعنی به علیّاً - ؟

قلت : بلی .

قال : فهل یجوز أن لا یحبّ أنبیاء الله ورسله وأوصیاؤهم رجلاً یحبّه الله ورسوله ویحبّ الله ورسوله ؟

فقلت له : لا .

قال : فهل یجوز أن یکون المؤمنون من أُممهم لا یحبّون حبیب الله وحبیب رسوله وأنبیائه ؟

قلت : لا .

قال : فقد ثبت أنّ جمیع أنبیاء الله ورسله وجمیع المؤمنین کانوا لعلی بن أبی طالب محبّین ، وثبت أنّ أعدائهم والمخالفین لهم کانوا لهم ولجمیع أهل محبّتهم مبغضین ؟

قلت : نعم .

ص: 98

قال : فلا یدخل الجنّة إلاّ من أحبّه من الأوّلین والآخرین ، ولا یدخل النار إلاّ من أبغضه من الأوّلین والآخرین فهو إذن قسیم الجنّة والنار .

قال المفضّل بن عمر : فقلت له : یا بن رسول الله فرّجت عنّی فرّج الله عنک ... إلی آخر الحدیث((1)) .

علل الشرایع : حدّثنا محمّد بن الحسن (رضی الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار قال : حدّثنا محمّد بن الحسین بن أبی الخطّاب ، عن موسی بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم الحضرمی ، عن سماعة بن مهران قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : إذا کان یوم القیامة وضع منبر یراه جمیع الخلایق یقف علیه رجل ، یقوم ملک عن یمینه وملک عن یساره ، فینادی الذی عن یمینه یقول : یا معشر الخلایق هذا علی بن أبی طالب صاحب الجنّة یُدخل الجنة من شاء ، وینادی الذی عن یساره : یا معشر الخلایق هذا علی بن أبی طالب صاحب النار یُدخلها من شاء((2)) .

ص: 99


1- - علل الشرایع : ص161 ح1 .
2- - علل الشرایع : ص164 ح4 .

سورة الفجر

باب (1) ثواب قراءة سورة الفجر فی الفرائض والنوافل

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن مندل ، عن داود بن فرقد ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : اقرؤوا سورة الفجر فی فرائضکم ونوافلکم ، فإنّها سورة الحسین بن علی (علیهما السّلام) من قرأها کان مع الحسین یوم القیامة فی درجته من الجنّة ، إنّ الله (عزّوجلّ) عزیز حکیم((1)) .

باب (2) سورة الفجر سورة الإمام الحسین

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن الحسن بن محبوب ، بإسناده عن صندل ، عن داود بن فرقد قال : قال أبو

ص: 100


1- - ثواب الأعمال : ص150 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص263 .

عبدالله (علیه السّلام) : إقرأوا سورة الفجر فی فرائضکم ونوافلکم ، فإنّها سورة الحسین بن علی وارغبوا فیها رحمکم الله .

فقال له أبو اُسامة - وکان حاضراً المجلس - کیف صارت هذه السورة للحسین خاصّة ؟

فقال : ألا تسمع إلی قوله تعالی : (یَا

أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِی إِلَی رَبِّکِ رَاضِیَةً مَّرْضِیَّةً * فَادْخُلِی فِی عِبَادِی * وَادْخُلِی جَنَّتِی) ؟ (إنّما) یعنی الحسین بن علی (صلوات الله علیهما) ، فهو ذو النفس المطمئنة الراضیة المرضیة ، وأصحابه من آل محمّد (صلوات الله علیهم) الراضون عن الله یوم القیامة وهو راض عنهم ، وهذه

السورة ] نزلت [ فی الحسین بن علی وشیعته وشیعة آل محمّد خاصّة ، من أدمن قراءة « الفجر » کان مع الحسین فی درجته فی الجنّة ، إنّ الله عزیز حکیم((1)) .

باب (3) فائدة تلاوة وکتابة سورة الفجر

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها عند طلوع الفجر أمن من کلّ شیء إلی طلوع الفجر فی الیوم الثانی ، ومن کتبها وعلّقها علی وسطه ثمّ جامع زوجته یرزقها الله

ص: 101


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص796 ح8 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص274 .

تعالی ولداً یقرّ به عینه ویفرح به((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَالْفَجْرِ * وَلَیَال عَشْر * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّیْلِ إِذَا یَسْرِ) (1 - 4) .

باب (4) تأویل الآیات

تأویل الآیات الظاهرة : روی بالإسناد مرفوعاً ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن یزید الجعفی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قوله (عزّوجلّ) : (وَالْفَجْرِ) هو القائم (علیه السّلام) (وَلَیَال عَشْر) الأئمّة (علیهم السّلام) من الحسن إلی الحسن (وَالشَّفْعِ) أمیر المؤمنین وفاطمة (علیهما السّلام) (وَالْوَتْرِ) هو الله وحده لا شریک له (وَاللَّیْلِ إِذَا یَسْرِ) هی دولة حبتر ، فهی تسری إلی قیام القائم (علیه السّلام)((2)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن الحسین بن أحمد ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس بن یعقوب ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه قال : (الشَّفْعِ) هو رسول الله وعلی (صلوات الله علیهما) (وَالْوَتْرِ) هو الله الواحد ] القهّار [ (عزّوجلّ)((3)) .

ص: 102


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص263 ح4 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص792 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص264 .
3- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص792 ح3 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص264 .

تفسیر البرهان : الشیبانی فی (نهج البیان) قال : روی عن الصادق جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) : أنّ الشفع : محمد وعلیّ ، والوتر : الله تعالی((1)) .

مجمع البیان : قیل : الشفع : یوم الترویة ، والوتر : یوم عرفة ، وروی ذلک عن أبی جعفر وأبی عبدالله (علیهما السّلام)((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (وَفِرْعَوْنَ ذِی الاَْوْتَادِ) (10) .

باب (5) معنی « ذی الأوتاد »

علل الشرایع : حدّثنا الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هشام المؤدب الرازی (رضی الله عنه) قال : حدّثنا علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن أبان الأحمر قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَفِرْعَوْنَ ذِی الاَْوْتَادِ) لأیّ شیء سُمّی ذا الأوتاد ؟

قال : لأنّه کان إذا عذّب رجلاً بسطه علی الأرض علی وجهه ، ومدّ یدیه ورجلیه فأوتدهما بأربعة أوتاد فی الأرض ، وربّما بسطه علی

ص: 103


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص265 ح5 .
2- - مجمع البیان : ج5 ص485 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص265 .

خشب منبسط فوتّد رجلیه ویدیه بأربعة أوتاد ، ثمّ ترکه علی حاله حتّی یموت ، فسمّاه الله (عزّوجلّ) فرعون ذا الأوتاد لذلک((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (إِنَّ رَبَّکَ لَبِالْمِرْصَادِ) (14) .

باب (6) المرصاد قنطرة علی الصراط

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن الحجّال ، عن غالب بن محمّد ، عمّن ذکره ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ رَبَّکَ لَبِالْمِرْصَادِ) .

قال : قنطرة علی الصراط ، لا یجوزها عبد بمظلمة((2)) .

عوالی اللئالی : قال الصادق (علیه السّلام) فی تفسیر قوله تعالی : (إِنَّ رَبَّکَ لَبِالْمِرْصَادِ) .

قال : قنطرة علی الصراط لا یجوزها عبد له مظلمة((3)) .

* * * * *

ص: 104


1- - علل الشرایع : ص69 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص266 .
2- - الکافی : ج2 ص331 ح2 . والمظلمة : ما تطلبه عند الظالم واسم ما اُخذ منک ظلماً (أقرب الموارد) .
3- - عوالی اللئالی : ج1 ص364 ح53 .

قوله تعالی : (کَلاَّ إِذَا دُکَّتِ الاَْرْضُ دَکّاً دَکّاً) (21) .

باب (7) حالة جهنم یوم القیامة

أمالی الطوسی : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن هارون بن الصلت الأهوازی ، عن ابن عقدة قال : حدّثنا علی بن محمّد ، قال : حدّثنا داود بن سلیمان قال : حدّثنی علی بن موسی ، عن أبیه ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن علی بن الحسین ، عن أبیه ، عن علی بن أبی طالب (علیهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : هل تدرون ما تفسیر هذه الآیة : (کَلاَّ إِذَا دُکَّتِ الاَْرْضُ دَکّاً دَکّاً) ؟

قال : إذا کان یوم القیامة تُقاد جهنم بسبعین ألف زمام بید سبعین ألف ملک ، فتشرد شردة لولا أنّ الله تعالی حبسها لأحرقت السماوات والأرض((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (یَا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِی إِلَی رَبِّکِ رَاضِیَةً مَّرْضِیَّةً * فَادْخُلِی فِی عِبَادِی * وَادْخُلِی جَنَّتِی) (27 - 30) .

ص: 105


1- - أمالی الطوسی : ص337 ح684 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص272 .

باب (8) لا یُکره المؤمن علی قبْض روحه

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن محمّد بن سلیمان ، عن أبیه ، عن سدیر الصیرفی قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السّلام) : جعلت فداک یا بن رسول الله هل یُکره المؤمن علی قبض روحه ؟

قال : لا والله ، إنّه إذا أتاه ملک الموت لقبض روحه جزع عند ذلک ، فیقول له ملک الموت : یا ولیّ الله ، لا تجزع فوالّذی بعث محمّداً (صلّی الله علیه وآله) لأنا أبرُّ بک وأشفق علیک من والد رحیم لو حضرک ، افتح عینک فانظر ، قال : ویُمثّل له رسول الله (صلّی الله علیه وآله) وأمیر المؤمنین وفاطمة والحسن والحسین والأئمّة من ذریّتهم (علیهم السّلام) فیقال له : هذا رسول الله وأمیر المؤمنین وفاطمة والحسن والحسین والأئمّة رفقاؤک ، قال : فیفتح عینه فینظر فینادی روحه مناد من قبل ربّ العزّة فیقول : (یَا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) إلی محمّد وأهل بیته (ارْجِعِی إِلَی رَبِّکِ رَاضِیَةً) بالولایة (مَّرْضِیَّةً) بالثواب (فَادْخُلِی فِی عِبَادِی) یعنی محمّداً وأهل بیته (وَادْخُلِی جَنَّتِی) فما شیء أحبّ إلیه من استلال رُوحه واللّحوق بالمنادی((1)) .

ص: 106


1- - الکافی : ج3 ص127 ح2 .

فضائل الشیعة : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی سعد بن عبدالله ، عن عبّاد بن سلیمان ، عن سدیر الصیرفی نحوه((1)) .

تفسیر فرات الکوفی: فرات قال : حدّثنا محمّد بن عیسی بن زکریا الدهقان معنعناً ، عن محمّد بن سلیمان الدیلمی قال : حدّثنا أبی قال : سمعت الأفریقی یقول : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن المؤمن أیستکره علی قبض روحه ؟

قال : لا والله .

قلت : وکیف ذاک ؟

قال : لأنّه إذا حضره ملک الموت جزع فیقول له ملک الموت : لا تجزع فوالله لأنا أبرُّ بک وأشفق علیک من والد رحیم لو حضرک ، افتح عینیک فانظر ، قال : ویتهلل

] یتمثل - خ [ له رسول الله (صلّی الله علیه وآله) وأمیر المؤمنین والحسن والحسین والأئمّة من بعدهم وفاطمة (علیهم السّلام) قال : فینظر إلیهم فیستبشر بهم ، فما رأیت شَخْصَتَه تلک ؟((2)) .

قلت : بلی .

ص: 107


1- - فضائل الشیعة : ص29 ح24 .
2- - شخص بصره : فتح عینیه وجعلها لا تطرف مع دوران فی الشحمة (أقرب الموارد) . والمعنی : ألم تر المؤمن - حین موته - یشخص ببصره إلی جهة معیَّنة ؟

قال : فإنّما ینظر إلیهم .

قال : قلت : جعلت فداک قد یشخص المؤمن والکافر ؟!

قال : ویحک أنّ الکافر یشخص منقلباً إلی خلفه لأنّ ملک الموت إنّما یأتیه لیحمله من خلفه ، والمؤمن ینظر أمامه وینادی روحَه مناد من قبل ربّ العزّة من بطنان العرش فوق الاُفق الأعلی ویقول : (یَا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) إلی محمّد وآله (ارْجِعِی إِلَی رَبِّکِ رَاضِیَةً مَّرْضِیَّةً * فَادْخُلِی فِی عِبَادِی * وَادْخُلِی جَنَّتِی) .

فیقول ملک الموت : إنّی قد اُمرت أن اُخیّرک الرجوع إلی الدنیا والمضیّ .

قال : فلیس شیء أحبّ إلیه من إسلال روحه((1)) .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنا أبو القاسم العلوی قال : حدّثنا فرات بن إبراهیم الکوفی معنعناً ، عن أبی بصیر قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السّلام) : جعلت فداک یُستکره المؤمن علی خروج نفسه ؟

قال : فقال : لا والله .

قال : قلت : وکیف ذاک ؟

قال : إنّ المؤمن إذا حضرته الوفاة حضر رسول الله (صلّی الله علیه

ص: 108


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص554 ح709 . والسلّ : انتزاعک الشیء وإخراجه برفق (مجمع البحرین) .

وآله) وأهل بیته ، أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب وفاطمة والحسن والحسین وجمیع الأئمّة - ولکن إلتوا((1)) عن اسم فاطمة - ، ویحضره جبرئیل ومیکائیل واسرافیل وعزرائیل .

قال : فیقول أمیر المؤمنین : یا رسول الله إنّه کان ممّن یحبّنا ویتولاّنا فأحبه .

قال : فیقول رسول الله : یا جبرئیل انّه کان ممّن یحبّ علیاً وذرّیته فأحبّه .

قال : فیقول جبرئیل لمیکائیل واسرافیل مثل ذلک .

قال : ثمّ یقولون جمیعاً لملک الموت : انّه کان یحبّ محمّداً وآله ویتولّی علیّاً وذرّیته فارفق به .

قال : فیقول ملک الموت : والذی اختارکم وکرّمکم واصطفی محمداً بالنبوّة وخصّه بالرسالة لأنا أرفق به من والد رفیق وأشفق من أخ شفیق ، ثمّ مال إلیه ملک الموت فیقول له : یا عبدالله أخذت فکاک رقبتک ؟ أخذت رهان أمانک ؟

فیقول : نعم .

فیقول : فبماذا ؟

فیقول : بحبّی محمّداً وآله وبولایتی علیاً وذریّته .

ص: 109


1- - فی نسخة : اکنّوا .

فیقول : أمّا ما کنت تحذر فقد أمنک الله منه وأمّا ما کنت ترجو فقد أتاک الله به ، إفتح عینیک فانظر إلی ما عندک ، قال : فیفتح عینیه فینظر إلیهم واحداً واحداً ویفتح له باب إلی الجنّة فینظر إلیها فیقول له : هذا ما أعدّ الله لک وهؤلاء رفقاؤک أفتحبّ اللحاق بهم أو الرجوع إلی الدُّنیا ؟

قال : فقال أبو عبدالله (علیه السّلام) : أما رأیت شخصته ورفع حاجبیه الی فوق من قوله : لا حاجة لی إلی الدنیا ولا الرجوع إلیها ، وینادیه مناد من بطنان العرش یسمعه ویسمع من بحضرته : (یَا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) إلی محمّد ووصیّه والأئمّة من بعده (ارْجِعِی إِلَی رَبِّکِ رَاضِیَةً) بالولایة((1)) (مَّرْضِیَّةً) بالثواب (فَادْخُلِی فِی عِبَادِی) مع محمّد وأهل بیته (وَادْخُلِی جَنَّتِی) غیر مشوبة((2)) .

المحاسن : البرقی ، عن محمد بن علی ، عن محمّد بن أسلم ، عن الخطّاب الکوفی ومصعب الکوفی((3)) ،

عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه قال لسدیر : والذی

بعث محمّداً بالنبوة وعجّل روحه إلی الجنّة ما بین أحدکم وبین أن یغتبط ویری السرور أو تبیّن له الندامة والحسرة إلاّ أن

ص: 110


1- - فی نسخة : بولایة علی .
2- - تفسیر فرات الکوفی : ص553 ح708 .
3- - الظاهر أنّ الصحیح : عن محمّد بن أسلم ، عن الخطاب بن مصعب الکوفی ، کما فی معجم رجال الحدیث .

یعاین ما قال الله (عزّوجلّ) فی کتابه : (عَنِ الْ-یَمِینِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِیدٌ)((1)) وأتاه ملک الموت یقبض روحَه فینادی روحه فتخرج من جسده ، فأمّا المؤمن فما یحسّ بخروجها وذلک قول الله تبارک وتعالی : (یَا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِی إِلَی رَبِّکِ رَاضِیَةً مَّرْضِیَّةً * فَادْخُلِی فِی عِبَادِی * وَادْخُلِی جَنَّتِی) ثمّ قال : ذلک لمن کان ورعاً مواسیاً لإخوانه وصولاً لهم ، وإن کان غیر ورع ولا وصول لاخوانه قیل له : ما منعک من الورع والمواساة لإِخوانک ؟ أنت ممّن انتحل((2)) المحبّة بلسانه ولم یصدّق ذلک بفعل ، وإذا لقی رسول الله وأمیر المؤمنین لقیهما مُعرضین مقطّبین فی وجهه غیر شافعین له .

قال سدیر : مَن جَدع الله أنفه .

قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : فهو ذلک((3)) .

باب (9) تأویل الآیة فی الإمام علی والحسین

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا

ص: 111


1- - سورة ق 50 : 17 .
2- - انتحل شِعر غیره أو قول غیره : ادَّعاه لنفسه وهو لغیره (أقرب الموارد) . والمعنی انه یدّعی محبة أهل البیت (علیهم السّلام) بلسانه ولم یُصدّق قولَه بفعل ولم یعمل بقولهم .
3- - المحاسن : ج1 ص283 ح558 الطبعة الحدیثة . منه بحار الأنوار : ج6 ص186 .

الحسین بن أحمد ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس بن یعقوب ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (یَا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِی إِلَی رَبِّکِ رَاضِیَةً مَّرْضِیَّةً * فَادْخُلِی فِی عِبَادِی * وَادْخُلِی جَنَّتِی) .

قال : نزلت فی علی بن أبی طالب (علیه السّلام)((1)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات بن إبراهیم الکوفی قال : حدّثنی علی ابن محمّد الزهری قال : حدّثنی إبراهیم بن سلیمان ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبی عبدالله جعفر بن محمد (علیهما السّلام) فی قوله ... وذکر مثله((2)) .

تفسیر القمی : حدّثنا جعفر بن أحمد قال : حدّثنا عبدالله بن موسی ، عن الحسن بن علی بن أبی حمزة ، عن أبیه ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (یَا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِی إِلَی رَبِّکِ رَاضِیَةً مَّرْضِیَّةً * فَادْخُلِی فِی عِبَادِی * وَادْخُلِی جَنَّتِی) یعنی الحسین بن علی (علیهما السّلام)((3)) .

ص: 112


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص795 ح6 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص274 .
2- - تفسیر فرات الکوفی : ص555 ح710 .
3- - تفسیر القمی : ج2 ص422 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص273 .

سورة البلد

باب (1) ثواب من قرأ سورة البلد فی الفریضة

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبیه ، والحسین بن أبی العلاء ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من کان قراءته فی فریضته (لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ) کان فی الدنیا معروفاً أنّه کان من الصالحین ، وکان فی الآخرة معروفاً أنّ له من الله مکاناً ، وکان یوم القیامة من رفقاء النبیین والشهداء والصالحین((1)) .

باب (2) فائدة کتابة سورة البلد

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه

ص: 113


1- - ثواب الأعمال : ص151 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص277 .

السّلام) : إذا عُلّقت علی الطفل أمِنَ من النقص ، وإذا سُعط من مائها أیضاً برأ ممّا یُؤلم الخیاشم((1)) ، ونشأ نشوءاً صالحاً((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِد وَمَا وَلَدَ) (1 - 3) .

باب (3) حرمة مکّة والرسول الأعظم

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن إسماعیل بن مرّار ، عن یونس ، عن بعض أصحابنا قال : سألته (أی أبی عبدالله (علیه السّلام)) عن قول الله (عزّوجلّ) : (فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ)((3)) ؟

قال : أعظَمَ إثمَ مَن یحلف بها ، قال : وکان أهل الجاهلیة یعظّمون الحرم ولا یُقسِمون به ، یستحلّون حرمة الله فیه ولا یعرضون لمن کان فیه ، ولا یُخرجون منه دابّة ، فقال الله (تبارک وتعالی) : (لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِد وَمَا وَلَدَ) قال : یعظّمون البلد أن یحلفوا به ، ویستحلّون فیه حرمة رسول الله (صلّی الله علیه وآله)((4)) .

ص: 114


1- - الخیشوم : أقصی الأنف (مجمع البحرین) .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص278 ح4 .
3- - الواقعة 56 : 75 .
4- - الکافی : ج7 ص450 ح5 .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله (عزّوجلّ) : (فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) قال : کان أهل الجاهلیة یحلفون بها فقال الله (عزّوجلّ) : (فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) قال : عظّم أمر من یحلف بها ، قال : وکانت الجاهلیة یعظّمون المحرّم ولا یُقسِمون به ولا بشهر رجب ، ولا یعرضون فیهما لمن کان فیهما ذاهباً أو جائیاً ، وإن کان قد قتل أباه ، ولا لشیء یخرج من الحرم ، دابّة أو شاة أو بعیراً أو غیر ذلک ، فقال الله (عزّوجلّ) لنبیّه (صلّی الله علیه وآله) : (لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ) قال : فبلغ من جهلهم أنّهم استحلّوا قتل النبی (صلّی الله علیه وآله) وعظّموا أیّام الشهر حیث یُقسِمون به فیفون((1)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنی علی بن محمد بن علی ابن عمر الزهری معنعناً ، عن إبراهیم بن أبی یحیی قال : سئل أبو عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله تعالی : (لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ) ؟

قال : إنّ قریشاً کانوا یُحرّمون البلد ویتقلدون اللّحاء الشجر((2)) - قال حمّاد : أغصانها - إذا خرجوا من الحرم ، فاستحلوا من نبی الله (صلّی الله

ص: 115


1- - الکافی : ج7 ص450 ح4 .
2- - فی بحار الأنوار : ویتقلدون لحاء الشجر .

علیه وآله) الشتم والتکذیب فقال : (لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ) إنّهم عظّموا البلد واستحلّوا ما حرّم الله تعالی((1)) .

مجمع البیان : قیل : معناه : لا اُقسم بهذا البلد وأنت حلٌّ فیه منتهَک الحرمة ، مستباح العرض لا تُحترم ، فلم یبن للبلد حرمة حیث هتکت حرمتک ، وهو المروی عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : کانت قریش تعظم البلد وتستحلّ محمّداً (صلّی الله علیه وآله) فیه ، فقال : (لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ) یرید أنّهم استحلّوک فیه فکذّبوک وشتموک ، وکانوا لا یأخذ الرجل منهم فیه قاتل أبیه ویتقلّدون((2)) لحاء شجر الحرم فیأمنون بتقلیدهم إیّاه ، فاستحلّوا من رسول الله (صلّی الله علیه وآله) ما لم یستحلّوا من غیره فعاب الله ذلک علیهم((3)) .

باب (4) تأویل الوالد والولد

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن علی بن عبدالله ، عن إبراهیم بن محمّد ، عن إبراهیم بن صالح الأنماطی ،

ص: 116


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص557 ح712 . منه بحار الأنوار : ج24 ح284 .
2- - تقلید البُدْن : أن یُجعل فی عنقها شعار یُعلم به أنّها هَدْی (لسان العرب) والمعنی أنهم کانوا یجعلون لحاء الشجر فی أعناقهم لیعصموا أنفسهم من الأعداء .
3- - مجمع البیان : ج5 ص493 .

عن منصور ، عن رجل ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله (عزّوجلّ) : (وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ) .

قال : یعنی رسول الله (صلّی الله علیه وآله) .

قلت : (وَوَالِد وَمَا وَلَدَ) ؟

قال : علیّ وما ولد((1)) .

مجمع البیان : قیل : آدم وما ولد من الأنبیاء والأوصیاء وأتباعهم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام)((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (لَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ فِی کَبَد) (4) .

باب (5) الإنسان فی کَبَد

علل الشرایع : حدّثنا محمّد بن موسی بن المتوکّل (رضی الله عنه) قال : حدّثنا علی بن الحسین السعدآبادی ، عن أحمد بن أبی عبدالله البرقی ، عن أبیه ، عن محمّد بن یحیی ، عن حمّاد بن عثمان قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السّلام) : إنّا نری الدّواب فی بطون أیدیها الرقعتین

ص: 117


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص798 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص280 .
2- - مجمع البیان : ج5 ص493 .

مثل الکیّ ، فمن أی شیء ذلک ؟

فقال : ذلک موضع منخریه فی بطن اُمّه ، وابن آدم منتصب فی بطن اُمّه ، وذلک قول الله تعالی : (لَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ فِی کَبَد) وما سوی ابن آدم فرأسه فی دبره ، ویداه بین یدیه((1)) .

أقول : تختلف حالة الجنین فی بطن أُمّه فتارة یکون منتصباً فاذا حان وقت الولادة إنقلب وصار رأسه إلی أسفل ثم یُولد بعد ذلک ویخرج من جهة رأسه وأُخری یکون خروجه من جهة رجلیه .

والکَبَد : الشدّة والمشقة ، وقوله تعالی : (فِی کَبَد) أی فی نَصَب وشدّة - کما فی مجمع البحرین - .

* * * * *

قوله تعالی : (وَهَدَیْنَاهُ النَّجْدَیْنِ) (10) .

باب (6) هدایة النجدین

أمالی الطوسی : حدّثنا الشیخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علی ابن الحسن الطوسی (رضی الله عنه) قال : أخبرنا أبو عبدالله الحسین بن إبراهیم القزوینی قال : أخبرنا أبو عبدالله محمّد بن وهبان الهنائی البصری

ص: 118


1- - علل الشرایع : ص495 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص282 .

قال : حدّثنی أحمد بن إبراهیم بن أحمد قال : أخبرنی أبو محمّد الحسن ابن علی بن عبد الکریم الزعفرانی قال : حدّثنی أحمد بن محمد بن خالد البرقی أبو جعفر قال : حدّثنی أبی ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن هشام ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله (عزّوجلّ) : (وَهَدَیْنَاهُ النَّجْدَیْنِ) .

قال : نجد الخیر والشر((1)) .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن ابن بکیر ، عن حمزة بن محمّد ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَهَدَیْنَاهُ النَّجْدَیْنِ) ؟

قال : نجْد الخیر والشر((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا الْعَقَبَةُ * فَکُّ رَقَبَة * أَوْ إِطْعَامٌ فِی یَوْم ذِی مَسْغَبَة * یَتِیماً ذَا مَقْرَبَة * أَوْ مِسْکِیناً ذَا مَتْرَبَة)(11 - 16) .

ص: 119


1- - أمالی الطوسی : ص660 ح1367 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص284 . والنجد : الطریق المرتفع - کما فی أقرب الموارد - والمعنی إنّا أریناه الطریق الواضح طریق الخیر والهدایة وطریق الشرّ والغوایة ، فمن اهتدی فلنفسه ومن ضلّ فعلیها .
2- - الکافی : ج1 ص163 ح4 .

باب (7) تأویل الرقَبة والعَقَبة

الکافی : الحسین بن محمّد ، عن معلّی بن محمّد ، عن محمد بن جمهور ، عن یونس قال : أخبرنی من رفعه إلی أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا الْعَقَبَةُ * فَکُّ رَقَبَة) یعنی بقوله : (فَکُّ رَقَبَة) ولایة أمیر المؤمنین (علیه السّلام) فإنّ ذلک فکُّ رقبة((1)) .

أقول : أی فکّ الرقبة من عذاب جهنّم بولایة الإمام أمیر المؤمنین (علیه السّلام) . وهذا علی التأویل .

الکافی : علی بن محمّد ، عن سهل بن زیاد ، عن محمّد بن سلیمان الدیلمی ، عن أبیه ، عن أبان بن تغلب ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قلت له : جعلت فداک قوله : (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) ؟

فقال : من أکرمه الله بولایتنا فقد جاز العقبة ، ونحن تلک العقبة التی من اقتحمها نجا .

قال : فسکت ، فقال لی : فهلاّ اُفیدک حرفاً خیراً لک من الدنیا وما فیها ؟

قلت : بلی جعلت فداک .

ص: 120


1- - الکافی : ج1 ص422 ح49 .

قال : قوله : (فَکُّ رَقَبَة) ثمّ قال : الناس کلّهم عبید النار غیرک وأصحابک ، فإنّ الله فکّ رقابکم من النار بولایتنا أهل البیت((1)) .

فضائل الشیعة : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی سعد بن عبدالله قال : حدّثنی عبّاد بن سلیمان ، عن أبان بن تغلب ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) نحوه((2)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن الحسین بن أحمد ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس بن یعقوب ، عن یونس بن زهیر ، عن أبان قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن هذه الآیة (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) ؟

فقال : یا أبان هل بلغک من أحد فیها شیء ؟

فقلت : لا .

فقال : نحن العقبة ، فلا یصعد إلینا إلاّ من کان منّا .

ثمّ قال : یا أبان ألا أزیدک فیها حرفاً ، خیر لک من الدنیا وما فیها ؟

قلت : بلی .

قال : (فَکُّ رَقَبَة) الناس ممالیک النار کلّهم (غیرک و) غیر أصحابک ، ففکّکم الله منها .

ص: 121


1- - الکافی : ج1 ص430 ح88 .
2- - فضائل الشیعة : ص25 ح19 .

(قلت : بما فکّنا منها ؟

قال :) بولایتکم أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السّلام)((1)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنی جعفر بن محمد الفزاری معنعناً ، عن یوسف بن بصیر((2)) ! قال : سأل أبان أبا عبدالله (علیه السّلام) عن هذه الآیة (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) ... وذکر نحوه((3)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنا محمّد بن القاسم بن عبید معنعناً ، عن أبان بن تغلب ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قلت له : جعلت فداک ما فکّ رقبة ؟

قال : النّاس کلّهم عبید النار غیرک وغیر أصحابک فإنّ الله فکّ رقابکم من النار بولایتنا ] بولایتکم [ أهل البیت((4)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس (رحمه الله) ، عن أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن محمّد ابن عمر ، عن أبی بکر الحضرمی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله تعالی : (فَکُّ رَقَبَة) .

ص: 122


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص799 ح5 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص286 .
2- - فی بحار الأنوار : عن یونس بن نصیر .
3- - تفسیر فرات الکوفی : ص558 ح714 . منه بحار الأنوار : ج24 ص281 .
4- - تفسیر فرات الکوفی : ص558 ح716 . منه بحار الأنوار : ج24 ص283 .

قال : الناس کلّهم عبید النار إلاّ من دخل فی طاعتنا وولایتنا ، فقد فکّ رقبته من النار ، والعقبة : ولایتنا((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا محمّد بن القاسم ، عن عبید بن کثیر ، عن إبراهیم بن إسحاق ، عن محمّد ابن الفضیل ، عن أبان بن تغلب ، عن الإمام جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) .

قال : نحن العقبة ، ومن اقتحمها نجا ، وبنا فکّ الله رقابکم من النار((2)) .

تفسیر القمی : حدّثنا جعفر بن أحمد قال : حدّثنا عبدالله بن موسی ، عن الحسن بن علی بن أبی حمزة ، عن أبیه ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (فَکُّ رَقَبَة) .

قال : بنا تفکّ الرقاب وبمعرفتنا ، ونحن المُطعِمون فی یوم الجوع وهو المسغبة((3)) .

باب (8) ثواب إطعام المؤمن

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن جعفر بن محمّد

ص: 123


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص799 ح6 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص287 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص800 ح8 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص287 .
3- - تفسیر القمی : ج2 ص423 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص286 .

الأشعری ، عن عبدالله بن میمون القدّاح ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من أطعم مؤمناً حتّی یشبعه لم یدر أحد مِن خَلْق الله ماله من الأجر فی الآخرة ، لا مَلَک مقرّب ولا نبیّ مرسَل إلاّ الله ربّ العالمین ، ثمّ قال : من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان((1)) ثمّ تلا قول الله (عزّوجلّ) : (أَوْ إِطْعَامٌ فِی یَوْم ذِی مَسْغَبَة * یَتِیماً ذَا مَقْرَبَة * أَوْ مِسْکِیناً ذَا مَتْرَبَة)((2)) .

المحاسن : البرقی ، عن جعفر بن محمد الأشعری ، عن ابن القدّاح ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) نحوه((3)) .

ص: 124


1- - سَغَب الرجل : جاع فهو سغبان (أقرب الموارد) .
2- - الکافی : ج2 ص201 ح6 .
3- - المحاسن : ج2 ص145 ح1381 الطبعة الحدیثة .

سورة الشمس

باب (1) ثواب قراءة سورة الشمس واللیل والضحی والانشراح

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن معاویة بن عمّار ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من أکثر قراءة : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) و (وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَی)و (وَالضُّحَی) ، و (أَلَمْ نَشْرَحْ) فی یوم أو لیلة ، لم یبق شیء بحضرته إلاّ شهد له یوم القیامة ، حتّی شَعره وبَشَره ولَحمه ودَمه وعُروقه وعَصبه وعظامه ، وجمیع ما أقلّت الأرض منه ، ویقول الرب (تبارک وتعالی) : قبلتُ شهادتکم لعبدی وأجَزْتُها له ، إنطلقوا به إلی جِنانی حتّی یتخیّر منها حیث ما أَحبَّ ، فاُعطوه إیّاها من غیر مَنٍّ منّی ولکن رحمة منّی وفضلاً علیه ، فهنیئاً هنیئاً لعبدی((1)) .

ص: 125


1- - ثواب الأعمال : ص151 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص289 .

باب (2) استحباب قراءة سورة الشمس لزیادة الرزق

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : یستحب لمن یکون قلیل الرزق والتوفیق کثیر الخسران والحسرات أن یدمن فی قراءتها یصیب فیها زیادة وتوفیقاً ، ومَن شَرب ماءها اُسکن عنه الرّجف بإذن الله تعالی((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا * وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالاَْرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَکَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا

* کَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْیَاهَا * فَکَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَیْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلاَ یَخَافُ عُقْبَاهَا) (1 - 15) .

باب (3) تأویل الآیات

الکافی : جماعة ، عن سهل ، عن محمّد ، عن أبیه ] عن أبی محمّد

[

ص: 126


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص290 ح4 .

عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) ؟

قال : الشمس : رسول الله (صلّی الله علیه وآله) به أوضح الله (عزّوجلّ) للناس دینهم .

قال : قلت : (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا) ؟

قال : ذاک أمیر المؤمنین تلا رسولَ الله ونَفَثه بالعلم نفثاً((1)) .

قال : قلت : (وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا) ؟

قال : ذاک أئمّة الجور الذین استبدّوا بالأمر دون آل الرسول وجلسوا مجلساً کان آل الرسول أولی به منهم ، فغشوا دین الله بالظلم والجور فحکی الله فعلهم فقال : (وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا) .

قال : قلت : (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا) ؟

قال : ذاک الإمام من ذریّة فاطمة یُسأل عن دین رسول الله فیجلّیه لمن سأله ، فحکی الله (عزّوجلّ) قوله فقال : (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا)((2)) .

تفسیر القمی : أخبرنی أبی ، عن سلیمان الدیلمی ، عن أبی بصیر ،

ص: 127


1- - النَّفث : شبیه بالنفخ وهو أقلّ من التفل لأنّ التفل لا یکون إلاّ ومعه شیء من الرِّیق والنفث نفخ لطیف بلا ریق (مجمع البحرین) . والمراد ما ألقی رسولُ الله (صلّی الله علیه وآله وسلّم) من العلوم الی أمیر المؤمنین (علیه السّلام) .
2- - الکافی : ج8 ص50 ح12 .

عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) ؟

قال : الشمس : رسول الله أوضح الله به للناس دینهم .

قلت : (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا) ؟

قال : ذلک أمیر المؤمنین .

قلت : (وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا) .

قال : ذلک أئمّة الجور ، الذین استبدّوا بالأمر دون آل الرسول وجلسوا مجلساً کان آل رسول الله أولی به منهم ، فغشوا دین رسول الله بالظلم والجور ، وهو قوله : (وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا) .

قال : یغشی ظلمهم ضوء النهار .

قلت : (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا) .

قال : ذلک الإمام من ذُرّیة فاطمة یُسأل عن دین رسول الله فیُجلّی لمن یسأله ، فحکی الله قوله : (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا) .

وقوله : (وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا) .

قال : خَلَقها وصوَّرها .

وقوله : (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) أی عرَّفها وألهمها ثمّ خیّرها فاختارت .

(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَکَّاهَا) یعنی نفسه طهّرها .

ص: 128

(وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) أی أغواها((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس (رحمه الله) فی المعنی ، عن محمد بن القاسم ، عن جعفر بن عبدالله ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن محمد بن عبدالله ، عن أبی جعفر القمی ، عن محمد بن عمر ، عن سلیمان الدیلمی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) ؟

قال : الشمس : رسول الله أوضح للناس دینهم .

قلت : (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا) ؟

قال : ذاک أمیر المؤمنین تلا رسولَ الله .

قلت : (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا) ؟

قال : ذاک الإمام من ذریّة فاطمة (نسل رسول الله فیجلی ظلام الجور والظلم) فحکی الله سبحانه عنه فقال : (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا) یعنی به القائم .

قلت : (وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا) ؟

قال : ذاک أئمّة الجور ، الذین استبدّوا بالأمور دون آل الرسول ، وجلسوا مجلساً کان آل محمد أولی به منهم ، فغشوا دین الله بالجور والظلم ، فحکی الله سبحانه فعلهم فقال : (وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا)((2)) .

ص: 129


1- - تفسیر القمی : ج2 ص424 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص292 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص805 ح3 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص292 .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنا محمّد بن القاسم بن عبید معنعناً ، عن سلیمان - یعنی الدیلمی - عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سألته عن قول الله تعالی : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) ؟

قال : الشمس : رسول الله أوضح للناس دینهم .

قلت : (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا) ؟

قال : ذلک أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب تلا رسول الله (صلّی الله علیه وآله) ونَفثَه بالعلم نَفثاً .

(وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا) ؟

قال : ذلک الإمام من ذرّیة فاطمة((1)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنی أحمد بن محمد بن أحمد بن طلحة الخراسانی معنعناً ، عن جعفر بن محمد (علیهما السّلام) فی قول الله (عزّوجلّ) : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) یعنی رسول الله (صلّی الله علیه وآله) .

(وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا) یعنی أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب .

(وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا) یعنی الأئمّة أهل البیت یملکون الأرض فی آخر الزمان فیملؤنها عدلاً وقسطاً ، المعین لهم کمعین موسی علی فرعون والمعین علیهم کمعین فرعون علی موسی((2)) .

ص: 130


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص563 ح723 .
2- - تفسیر فرات الکوفی : ص563 ح822 .

تأویل الآیات الظاهرة : روی علی بن محمد ، عن أبی جمیلة ، عن الحلبی ، ورواه (أیضاً) علیّ بن الحکم ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضل ابن العباس((1)) ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) (أنّه) قال : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) الشمس : أمیر المؤمنین (وَضُحَاهَا) قیام القائم لأنّ الله سبحانه قال : (وَأَن یُحْشَرَ النَّاسُ ضُحیً)((2)) .

(وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا) الحسن والحسین .

(وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا) هو قیام القائم .

(وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا) حبتر (ودولته قد غشی) علیه الحق .

وأمّا قوله : (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) .

قال : هو محمد - علیه وآله السلام - هو السماء الذی یسمو إلیه الخَلف((3)) فی العلم .

وقوله : (وَالاَْرْضِ وَمَا طَحَاهَا) .

قال : « الأرض » الشیعة .

(وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا) .

قال : هو المؤمن المستور وهو علی الحقّ .

ص: 131


1- - فی تفسیر البرهان : عن الفضل أبی العباس .
2- - طه 20 : 59 .
3- - فی تفسیر البرهان : الخلق .

وقوله : (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) .

قال : عرّفه الحقّ من الباطل ، فذلک قوله : (وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا) .

(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَکَّاهَا) .

قال : قد أفلحتْ نفس زکَّاها الله (وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) الله .

وقوله : (کَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا) .

قال : ثمود : رهط من الشیعة ، فإنّ الله سبحانه یقول : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَیْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَی عَلَی الْهُدَی فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ)((1)) وهو السیف إذا قام القائم (علیه السّلام) .

وقوله تعالی : (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ) هو النبی .

(نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْیَاهَا) .

قال : الناقة : الإمام الذی (فهم عن الله وفهم عن رسوله) (وَسُقْیَاهَا) أی عنده مستقی العلم .

(فَکَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَیْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا) .

قال : فی الرجعة .

(وَلاَ یَخَافُ عُقْبَاهَا) .

قال : لا یخاف من مثلها إذا رجع((2)) .

ص: 132


1- - فصّلت 41 : 17 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص803 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص293 .

أَقول : الرهط : قوم الرجل وقبیلته الأَقربون - کما فی مجمع البحرین - وقوله (علیه السّلام) : « رهط من الشیعة » أی جماعة منهم وهم الذین لم یقولوا بإمامة الأَئمة الإثنی عشر من الزیدیَّة والاسماعیلیَّة والواقفیَّة والفطحیَّة وغیرهم من الذین وقفوا علی بعض الأَئمة المعصومین (علیهم السّلام) وقد انقرض بعضهم کالفطحیّة الذین وقفوا علی إمامة الإمام الصادق (علیه السّلام) والواقفیّة الذین وقفوا علی إمامة الإمام الکاظم (علیه السّلام) .

وبقیت الزیدیة والاسماعیلیة الی یومنا هذا فهؤلاء شُبّهوا بثمود الذین لم یهتدوا بهدی الله (عزّوجلّ) ولم یؤمنوا بإمامة الأئمة الاثنی عشر ، ویکون العذاب فی إنتظارهم حین ظهور الامام المهدی (علیه السّلام) إن لم یهتدوا الی الحق والصراط المستقیم . والله العالم .

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن میمون ، عن حمزة بن محمّد الطیّار ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی حدیث قال : (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) قال : بیّن لها ما تأتی وما تترک ... إلی آخر الحدیث((1)) .

تفسیر القمی : حدّثنا محمد بن القاسم بن عبید الله قال : حدّثنا الحسن بن جعفر قال : حدّثنا عثمان بن عبدالله قال : حدّثنا عبدالله بن

ص: 133


1- - الکافی : ج1 ص163 ح3 .

عبید الفارسی((1)) قال : حدّثنا محمد بن علی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَکَّاهَا) .

قال : أمیر المؤمنین (علیه السّلام) زکّاه ربّه .

(وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) .

قال : هو زریق وحبتر فی بیعتهما إیّاه حیث مسحا علی کفّه((2)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنا محمّد بن القاسم بن عبید قال : حدّثنا الحسن بن جعفر قال : حدّثنا عمران بن عبدالله قال : حدّثنا عبدالله بن عبید القادسی قال : حدّثنا محمّد بن علی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله تعالی : (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَکَّاهَا) .

قال : أمیر المؤمنین علی زکّاه النبی (صلّی الله علیه وآله)((3)) .

باب (4) أقوال مستحبة عند تلاوة بعض الآیات

التهذیب : محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسین((4)) ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسی ، عن أبی

ص: 134


1- - فی تفسیر البرهان : عبید الله الفارسی .
2- - تفسیر القمی : ج2 ص424 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص295 .
3- - تفسیر فرات الکوفی : ص564 ح724 .
4- - والصحیح هو : أحمد بن الحسن ، کما فی معجم رجال الحدیث .

عبدالله (علیه السّلام) فی الرجل ینسی حرفاً من القرآن ، فذکر وهو راکع هل یجوز له أن یقرأه ؟

قال : لا ولکن إذا سجد فلیقرأه .

وقال : الرجل إذا قرأ : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) فیختمها أن یقول : صدق الله وصدق رسوله ، والرجل إذا قرأ : (ءَآللَّهُ خَیْرٌ أَمَّا یُشْرِکُونَ)((1))أن یقول : الله خیر ، الله خیر ، الله أکبر ، وإذا قرأ : (ثُمَّ الَّذِینَ کَفَرُواْ بِرَبِّهِم یَعْدِلُونَ)((2)) أن یقول : کذب العادلون بالله ،

والرجل إذا قرأ : (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِی لَمْ یَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم یَکُن لَّهُ شَرِیکٌ فِی الْمُلْکِ وَلَمْ یَکُن لَّهُ وَلِیٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَکَبِّرْهُ تَکْبِیراً)((3)) أن یقول : الله أکبر ، الله أکبر ، الله أکبر .

قلت : فإن لم یقل الرجل شیئاً من هذا إذا قرأ ؟

قال : لیس علیه شیء((4)) .

أَقول : ورد فی بعض الأحادیث النهی عن قراءة القرآن فی الرکوع - اذا نسی شیئاً منه فی القراءة - وجاء الإذن فی القراءة فی السجود ، ولعلّ المقصود منه الاتیان به بعد السجود فله أن یقضیه ، کما احتمل ذلک

ص: 135


1- - النمل 27 : 59 .
2- - الأنعام 6 : 1 .
3- - الاسراء 17 : 111 .
4- - التهذیب : ج2 ص297 ح1195 .

بعض الفقهاء - کصاحب الجواهر - لقوله (علیه السّلام) : « اذا سجد فلیقرأه » یعنی بعد سجوده . والله العالم .

ص: 136

سورة اللیل

باب (1) فائدة قراءة سورة اللیل

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها خمس عشرة مرّة ، لم یر ما یکره ، ونام بخیر ، وآمنه الله تعالی ، ومن قرأها فی أُذن مغشیّ علیه أو مصروع أفاق من ساعته((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَی * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّی * وَمَا خَلَقَ الذَّکَرَ وَالاُْنثَی * إِنَّ سَعْیَکُمْ لَشَتَّی * فَأَمَّا مَن أَعْطَی وَاتَّقَی * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَی * فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْیُسْرَی * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَی * وَکَذَّبَ بِالْحُسْنَی * فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْعُسْرَی * وَمَا یُغْنِی عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّی * إِنَّ عَلَیْنَا لَلْهُدَی * وَإِنَّ لَنَا لَلاْخِرَةَ وَالاُْولَی * فَأَنذَرْتُکُمْ نَاراً تَلَظَّی * لاَ یَصْلاَهَا إِلاَّ الاَْشْقَی * الَّذِی کَذَّبَ وَتَوَلَّی * وَسَیُجَنَّبُهَا الاَْتْقَی *

ص: 137


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص299 ح3 .

الَّذِی یُؤْتِی مَالَهُ یَتَزَکَّی * وَمَا لاَِحَد عِندَهُ مِن نِّعْمَة تُجْزَی * إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الاَْعْلَی * وَلَسَوْفَ یَرْضَی) (1 - 21) .

باب (2) تأویل الآیات

تأویل الآیات الظاهرة : روی باسناد متصل إلی سلیمان بن سماعة ، عن عبدالله بن القاسم ، عن سماعة بن مهران قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : (وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَی * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّی) الله خلق الزّوجین الذکر والاُنثی ، ولعلیّ الآخرة والاُولی((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمد بن خالد البرقی مرفوعاً بإسناده ، عن محمد بن أورمة ، عن الربیع بن بکر ، عن یونس بن ظبیان قال : قرأ أبو عبدالله (علیه السّلام) : (وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَی * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّی) الله خالق الزوجین الذکر والاُنثی ، ولعلی الآخرة والاُولی((2)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی إسماعیل بن مهران ، عن أیمن بن محرز ، عن سماعة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : نزلت هذه الآیة هکذا والله : الله خالق الزوجین الذکر والاُنثی ، ولعلی

ص: 138


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص808 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص305 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص808 ح4 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص305 .

الآخرة والأولی((1)) .

أَقول : ما ورد فی هذه الأحادیث ینبغی أن یُحمل علی التأویل فإنّ للقرآن بطوناً کثیرة ومنها ما هو المذکور فی هذه الاخبار . والله العالم .

تفسیر القمی : أخبرنا أحمد بن ادریس قال: حدّثنا أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن محمد بن الحصین ، عن خالد بن یزید ، عن عبد الأعلی ، عن أبی الخطّاب ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (فَأَمَّا مَن أَعْطَی وَاتَّقَی * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَی) قال : بالولایة (فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْیُسْرَی * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَی * وَکَذَّبَ بِالْحُسْنَی)قال : بالولایة (فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْعُسْرَی)((2)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنی علی بن محمّد الزهری معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله : (فَأَمَّا مَن أَعْطَی وَاتَّقَی * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَی) أی بالولایة (فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْیُسْرَی * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَی * وَکَذَّبَ بِالْحُسْنَی) أی بالولایة (فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْعُسْرَی)((3)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن

ص: 139


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص808 ح5 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص306 .
2- - تفسیر القمی : ج2 ص426 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص302 .
3- - تفسیر فرات الکوفی : ص568 ح728 .

محمد بن خالد ، عن أیمن بن محرز ، عن سماعة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه

قال : (فَأَمَّا مَن أَعْطَی) الخمس (وَاتَّقَی)ولایة الطواغیت (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَی) بالولایة (فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْیُسْرَی)فلا یرید شیئاً من الخیر إلاّ تیسّر له (وَأَمَّا مَن بَخِلَ) بالخمس (وَاسْتَغْنَی)برأیه عن أولیاء الله (وَکَذَّبَ بِالْحُسْنَی) بالولایة (فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْعُسْرَی)فلا یرید شیئاً من الشر إلاّ تیسّر له .

وأمّا قوله : (وَسَیُجَنَّبُهَا الاَْتْقَی) .

قال : رسول الله (صلّی الله علیه وآله) ومن تبعه .

و(الَّذِی یُؤْتِی مَالَهُ یَتَزَکَّی) قال : ذاک أمیر المؤمنین (علیه السّلام) وهو قوله تعالی : (وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ)((1)) .

وقوله : (وَمَا لاَِحَد عِندَهُ مِن نِّعْمَة تُجْزَی) فهو رسول الله الذی لیس لأحد عنده من نعمة تجزی ، ونعمته جاریة علی جمیع الخلق((2)) .

تأویل الآیات الظاهرة : محمد بن خالد البرقی ، عن یونس بن ظبیان ، عن علی بن أبی حمزة ، عن فیض بن مختار ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه قرأ : « إنّ علیاً للهدی ، وإنّ له الآخرة والأولی » وذلک حیث سُئل عن القرآن ، قال : فیه الأعاجیب ، فیه : (وَکَفَی اللَّهُ الْمُؤْمِنِینَ

ص: 140


1- - المائدة 5 : 55 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص809 ح7 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص306 .

الْقِتَالَ)((1)) بعلی .

وفیه : « إنّ علیاً للهدی ، وانّ له الآخرة والأولی »((2)) .

تفسیر القمی : حدّثنا محمد بن جعفر قال : حدّثنا یحیی بن زکریا ، عن علی بن حسّان ، عن عبد الرحمن بن کثیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (فَأَنذَرْتُکُمْ نَاراً تَلَظَّی * لاَ یَصْلاَهَا إِلاَّ الاَْشْقَی * الَّذِی کَذَّبَ وَتَوَلَّی) .

قال : فی جهنم واد فیه نارٌ لا یصلاها إلاّ الأشقی ، (أی فلان) الذی کذّب رسول الله فی علی وتولّی عن ولایته .

ثمّ قال (علیه السّلام) : النیران بعضها دون بعض ، فما کان من نار هذا الوادی فللنصّاب((3)) .

تأویل الآیات الظاهرة : جاء مرفوعاً ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ابن یزید ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَی) .

قال : دولة ابلیس (لعنه الله) إلی یوم القیامة ، وهو یوم قیام القائم (علیه السّلام) (وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّی) ، وهو القائم إذا قام .

وقوله : (فَأَمَّا مَن أَعْطَی وَاتَّقَی) أعطی نفسه الحقّ ، واتقی الباطل

ص: 141


1- - الأحزاب 33 : 25 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص808 ح3 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص305 .
3- - تفسیر القمی : ج2 ص426 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص302 .

(فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْیُسْرَی) ، أی الجنّة (وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَی) یعنی بنفسه عن الحقّ ، واستغنی بالباطل عن الحق (وَکَذَّبَ بِالْحُسْنَی) بولایة علی بن أبی طالب والأئمّة (علیهم السّلام) من بعده (فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْعُسْرَی) یعنی النار .

وأمّا قوله : (إِنَّ عَلَیْنَا لَلْهُدَی) یعنی أنّ علیاً هو الهدی (وَإِنَّ لَنَا لَلاْخِرَةَ وَالاُْولَی * فَأَنذَرْتُکُمْ نَاراً تَلَظَّی) قال : القائم إذا قام للغضب فیقتل من کلّ ألف تسعمائة وتسع وتسعین (لاَ یَصْلاَهَا إِلاَّ الاَْشْقَی)قال : هو عدوّ آل محمد (وَسَیُجَنَّبُهَا الاَْتْقَی) قال : ذاک أمیر المؤمنین وشیعته((1)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنا محمّد بن القاسم بن عبید معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله تعالی : (وَکَذَّبَ بِالْحُسْنَی) بولایة علی (فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْعُسْرَی) النار (وَمَا یُغْنِی عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّی) وما یغنی عنه علمه ] عمله - خ [ إذا مات (إِنَّ

عَلَیْنَا لَلْهُدَی)إنّ علیاً هذا الهدی (وَإِنَّ لَنَا) ] له [ (لَلاْخِرَةَ وَالاُْولَی * فَأَنذَرْتُکُمْ نَاراً تَلَظَّی) القائم إذا قام بالغضب فقتل من کلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعین (لاَ یَصْلاَهَا إِلاَّ الاَْشْقَی * الَّذِی کَذَّبَ) بالولایة (وَتَوَلَّی)عنها (وَسَیُجَنَّبُهَا الاَْتْقَی) المؤمن (الَّذِی یُؤْتِی مَالَهُ یَتَزَکَّی) الذی یعطی

ص: 142


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص807 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص304 .

العلم أهله (وَمَا لاَِحَد عِندَهُ مِن نِّعْمَة تُجْزَی) ما لأحد عنده

مکافأة (إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الاَْعْلَی) القربة إلی الله تعالی (وَلَسَوْفَ یَرْضَی) إذا عاین الثواب((1)) .

أَقول : ما جاء فی هذین الحدیثین من قوله : « القائم إذا قام للغضب ... » فهو ضعیف من حیث السند لجهالة حال بعض رواتهما ، ومن هنا فلا یُستند إلیهما ولا یُعتمد علیهما وهکذا حال غیرهما من الأَحادیث الواردة فی هذا الشأن والتی تُصرّح بأنّ الإمام المهدی المنتظر (علیه السّلام) حینما یَظهر یُقیم المذابح والمجازر ضد من یقف أمامه فیقتلهم شر قتلة وبدون رحمة حتی یضجّ الناس من کثرة القتل والقتلی ویفرّ بعضهم إلی بلاد الکفر فیلاحقهم أَصحاب الإمام إلی تلک البلاد ویستلموهم من تلک الحکومات فیقتلون الرجال ویسبون الناس ویبقرون بطون الحبالی .

وعلینا أن نشیر إلی بعض تلک الأَحادیث الموضوعة المکذوبة لنعرف حالها من حیث الضعف والسُقم فنقول : ان العشرات من هذه الأحادیث مکذوبة لأنّ فی سندها شخص یُقال له : محمّد بن علی الکوفی وهو کذّاب وضّاع غیر موثوق به فی نقل الحدیث ، فمنها هذا الحدیث : باسناده عن زرارة ، عن أبی جعفر (علیه السّلام) قال : قلت له : ... أَیسیر - الحجّة - بسیرة محمّد (صلّی الله علیه وآله وسلّم) ؟

ص: 143


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص567 ح727 .

قال : هیهات هیهات یا زرارة ما یسیر بسیرته .

قلت : جعلت فداک لِمَ ؟

قال : إنّ رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلّم) سار فی أُمّته بالمنّ کان یتألّف الناس والقائم یسیر بالقتل ... »((1)) .

ومنها : باسناده عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) یقول : « لو یعلم الناس ما یصنع القائم إذا خرج لأحبَّ أکثرهم أن لا یروه مما یقتل من الناس ... حتی یقول کثیر من الناس : لیس هذا من آل محمّد ، ولو کان من آل محمّد لرَحِم »((2)) .

ومنها : باسناده عن أبی بصیر قال : قال الإمام الباقر (علیه السّلام) : « ... لیس شأنه إلاّ السیف ، لا یستتیب أحداً »((3)) .

ومنها : باسناده عن أبی بصیر ، عن الإمام الصادق (علیه السّلام) أنّه قال : « ما تستعجلون بخروج القائم فوالله ما لباسه إلاّ الغلیظ ولا طعامه إلاّ الجَشِب((4)) وما هو إلاّ السیف والموت تحت ظل السیف »((5)) .

وفی رجال سند هذه الأحادیث محمّد بن علی الکوفی الوضّاع

ص: 144


1- - الغیبة للنعمانی : ص231 ح14 .
2- - الغیبة للنعمانی : ص233 ح18 .
3- - الغیبة للنعمانی : ص233 ح19 .
4- - الجَشِب : الغلیظ الخشن من الطعام ، وقیل : هو الذی لا أُدْمَ له . والأُدْم : ما یؤکل بالخبز أیّ شیء کان (لسان العرب) .
5- - الغیبة للنعمانی : ص233 ح20 .

الکذّاب .

وهناک أحادیث کثیرة یُشمُّ منها رائحة الدم وإزهاق الأرواح وکلّها ضعیفة السند .

وفی المقابل تجد طائفة اُخری من الروایات التی تصرّح بأنه (علیه السّلام) یسیر بسیرة جدّه رسول الله وجدّه أمیر المؤمنین (صلّی الله علیهما وآلهما) بالرأفة والرحمة والسیرة الحسنة .

فمنها : ما روی عن جعفر ، عن أبیه ، عن علی (علیهم السّلام) قال : سمعت النبی (صلّی الله علیه وآله وسلّم) یقول : - فی وصف الإمام المهدی (علیه السّلام) - : « مهدی اُمتی من أهل بیتی ، جواد بالمال ، رحیم بالمساکین »((1)) .

ومنها : ما روی عن الإمام أمیر المؤمنین (علیه السّلام) - فی روایة طویلة - أنّ الإمام المهدی (علیه السّلام) یبایع أصحابه علی اُمور فیقول : « أنا معکم علی أن لا تولّوا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا محرماً((2)) ،

ولا تأتوا فاحشة ، ولا تضربوا أحداً إلاّ بحقه ، ولا تکنزوا ذهباً ولا فضة ولا تبراً ولا شعیراً ، ولا تأکلوا مال الیتیم ، ولا تشهدوا بغیر ما تعملون ، ولا تخربوا مسجداً ، ولا تقبّحوا مسلماً ، ولا

تلعنوا مؤاجراً إلاّ بحقه ،

ص: 145


1- - مناقب الإمام أمیر المؤمنین - لمحمّد بن سلیمان الکوفی - : ج2 ص160 ح636 .
2- - المُحرَّم : من له ذمّة وحرمة - ویحتمل « مُحْرِماً » - أی المُسالم ومن فی حریمک وحمایتک (أقرب الموارد) .

ولا تشربوا مسکراً ، ولا تلبسوا الذهب ولا الحریر ولا الدیباج ، ولا تبیعوها رباً ، ولا تسفکوا دماً حراماً ، ولا تغدروا بمستأمن ... » إلی آخر الحدیث .

هذه بعض أخلاقیات الإمام المهدی المنتظر (علیه السّلام) وسیرته الصالحة ، وأین هو عمّا یُفتری علیه وینسب الیه من أنّه لا یعرف إلاّ لغة السلاح والقتل ؟؟!!

هذا ... وللتفصیل مجال آخر .

ص: 146

سورة الضحی

اشارة

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَالضُّحَی * وَاللَّیْلِ إِذَا سَجَی) (1 و2) .

باب (1) النهی عن الجمع بین سورتین فی الصلاة إلاّ ما اُستُثنی

مجمع البیان : روی العیاشی بإسناده عن المفضّل بن صالح ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سمعته یقول : لا تجمع سورتین فی رکعة واحدة إلاّ (الضُّحَی) و (أَلَمْ نَشْرَحْ) و (أَلَمْ تَرَ کَیْفَ) و (لاِِیلاَفِ قُرَیْش)((1)) .

التهذیب - الاستبصار : الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن زید الشحّام قال : صلّی بنا أبو عبدالله (علیه السّلام) الفجر فقرأ (والضُّحَی) و (أَلَمْ نَشْرَحْ) فی رکعة((2)) .

* * * * *

ص: 147


1- - مجمع البیان : ج5 ص544 .
2- - التهذیب : ج2 ص72 ح266 - الاستبصار : ج1 ص317 ح1182 .

قوله تعالی : (وَلَلاْخِرَةُ خَیْرٌ لَّکَ مِنَ الاُْولَی * وَلَسَوْفَ یُعْطِیکَ رَبُّکَ فَتَرْضَی * أَلَمْ یَجِدْکَ یَتِیماً فَآوَی * وَوَجَدَکَ ضَالاًّ فَهَدَی * وَوَجَدَکَ عَائِلاً فَأَغْنَی) (4 - 8) .

باب (2) الکَرَّة لرسول الله

تفسیر القمی : حدّثنا جعفر بن أحمد قال : حدّثنا عبدالله بن موسی عن الحسن بن علی بن أبی حمزة ، عن أبیه ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (وَلَلاْخِرَةُ خَیْرٌ لَّکَ مِنَ الاُْولَی) .

قال : یعنی الکرّة هی الآخرة للنبی (صلّی الله علیه وآله) .

قلت : قوله : (وَلَسَوْفَ یُعْطِیکَ رَبُّکَ فَتَرْضَی) ؟

قال : یعطیک من الجنّة فترضی((1)) .

أقول : الظاهر من تفسیر الآیة أنّ الآخرة خیرٌ لرسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلّم) من الاُولی وهی الدنیا وکذلک هی خیر لأنبیاء الله وأولیائه ، فهناک الرحمة الإلهیة الواسعة والتی لا حدود لها ولا زوال ولا إنقضاء ، وجاء فی هذا الحدیث أنّ الآخرة هی الرجعة والکرّة الی الدنیا ، وهذا علی التأویل فإنّ للقرآن بطوناً کثیرة ومعان متعددة لا یعرفها

ص: 148


1- - تفسیر القمی : ج2 ص427 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص308 .

إلاّ الراسخون فی العِلم .. والله العالم .

باب (3) مرارة الدنیا حلاوة الآخرة

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس ، عن محمد بن أحمد بن الحکم ، عن محمد بن یونس ، عن حمّاد بن عیسی ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبیه (صلّی الله علیهما) ، عن جابر بن عبدالله قال : دخل رسول الله (صلّی الله علیه وآله) علی فاطمة (علیها السّلام) وهی تطحن بالرّحی ، وعلیها کساء من أجلّة((1)) الإبل ، فلمّا نظر إلیها بکی ، وقال لها : یا فاطمة تعجّلی مرارة الدنیا لنعیم الآخرة غداً فأنزل الله علیه (وَلَلاْخِرَةُ خَیْرٌ لَّکَ مِنَ الاُْولَی * وَلَسَوْفَ یُعْطِیکَ رَبُّکَ فَتَرْضَی)((2)) .

مناقب آل أبی طالب : (تفسیر الثعلبی) ، عن جعفر بن محمد (علیهما السّلام) ، و(تفسیر القشیری) ، عن جابر الأنصاری : أنّه رأی النبیُّ (صلّی الله علیه وآله) فاطمة وعلیها کساء من أجلّة الإبل ، وهی تطحن بیدیها ، وترضع ولدها ، فدمعت عینا رسول الله فقال : یا بنتاه ، تعجّلی

ص: 149


1- - الجُلّ : واحد جِلال الدواب ، وهو کثوب الانسان الذی یُلبس . وجمع الجِلال أجِلّة (مجمع البحرین) .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص810 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص309 .

مرارة الدنیا بحلاوة الآخرة .

فقالت : یا رسول الله ، الحمد لله علی نعمائه ، والشکر لله علی آلائه .

فأنزل الله تعالی : (وَلَسَوْفَ یُعْطِیکَ رَبُّکَ فَتَرْضَی)((1)) .

باب (4) ممّا أنعم الله به علی رسوله

تفسیر القمی : حدّثنا علی بن الحسین ، عن أحمد بن أبی عبدالله ، عن أبیه ، عن خالد بن یزید ، عن أبی الهیثم الواسطی ، عن زرارة ، عن أحدهما (علیهما السّلام) فی قول الله : (أَلَمْ یَجِدْکَ یَتِیماً فَآوَی) فأوی إلیک الناس (وَوَجَدَکَ ضَالاًّ فَهَدَی) أی هدی إلیک قوماً لا یعرفونک حتّی عرفوک (وَوَجَدَکَ عَائِلاً فَأَغْنَی) أی وجدک تعول أقواماً فأغناهم بعلمک((2)) .

باب (5) علّة یُتم النبی من أبویه

مجمع البیان : سئل الصادق (علیه السّلام) لِمَ اُوتم النبی (صلّی الله علیه وآله) من أبویه ؟

ص: 150


1- - مناقب آل أبی طالب : ج3 ص342 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص310 .
2- - تفسیر القمی : ج2 ص427 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص311 .

فقال : لئلاّ یکون لمخلوق علیه حقّ((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ)(10 و11) .

باب (6) النهی عن ردّ السائل

من لا یحضره الفقیه : سئل الصادق (علیه السّلام) عن السائل یسأل ولا یُدری ما هو ؟

فقال : أعط من وقعتْ فی قلبک الرّحمة له .

وقال : أعطه دون الدرهم .

قلت : أکثر ما یعطی ؟

قال : أربعة دوانیق((2)) .

باب (7) استحباب الاقتصاد فی الانفاق

من لا یحضره الفقیه: روی عن الولید بن صبیح قال : کنت عند أبی

ص: 151


1- - مجمع البیان : ج5 ص505 .
2- - من لا یحضره الفقیه : ج2 ص68 ح1743 .

عبدالله (علیه السّلام) فجاءه سائل فأعطاه ثمّ جاءهُ آخر فأعطاه ثمّ جاءه آخر فأعطاه ثمّ جاءه آخر فقال : وسّع الله علیک ، ثمّ قال : إنّ رجلاً لو کان له مال یبلغ ثلاثین أو أربعین ألف درهم ثمّ شاء أن لا یبقی منها شیئاً إلاّ وضعه فی حقّ لَفَعل ، فیبقی لا مال له فیکون من الثلاثة الذین یُردُّ دعاؤهم .

قال : قلت : من هم ؟

قال : أحدهم رجل کان له مال فأنفقه فی ] غیر [ وجهه ثمّ قال : یا ربّ ارزقنی فیقول الربّ (عزّوجلّ) : ألم أرزقک ؟

ورجل جلس فی بیته ولا یسعی فی طلب الرّزق ویقول : یا ربّ ارزقنی فیقول الربّ (عزّوجلّ) : ألم أجعل لک سبیلاً إلی طلب الرزق ؟

ورجل له امرأة تؤذیه فیقول : یا ربّ خلّصنی منها فیقول الله (عزّوجلّ) : ألم أجعل أمرها بیدک ؟((1)) .

باب (8) استحباب التحدُّث بنعم الله سبحانه

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبی عبدالله ، عن أحمد ابن محمد بن أبی نصر ، عن داود بن الحصین ، عن فضل البقباق قال :

ص: 152


1- - من لا یحضره الفقیه : ج2 ص69 ح1747 .

سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ) ؟

قال : الذی أنعم علیک بما فضّلک وأعطاک وأحسن إلیک .

ثمّ قال : فحدّث بدینه وما أعطاه الله وما أنعم به علیه((1)) .

الکافی : علیّ بن محمّد رفعه ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إذا أنعم الله علی عبده بنعمة فظهرت علیه سُمّی : حبیب الله مُحدِّثاً بنعمة الله ، وإذا أنعم علی عبد بنعمة فلم تظهر علیه سُمّی بغیض الله مکذّباً بنعمة الله((2)) .

باب (9) استحباب إظهار النعمة

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر رفعه قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : إنّی لأکره للرّجل أن یکون علیه نعمة من الله فلا یظهرها((3)) .

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن القاسم بن یحیی ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه

ص: 153


1- - الکافی : ج2 ص94 ح5 .
2- - الکافی : ج6 ص438 ح2 .
3- - الکافی : ج6 ص439 ح9 .

السّلام) قال : قال أمیر المؤمنین (علیه السّلام) : إنّ الله جمیل یحبّ الجمال ویحبّ أن یری أثر النعمة علی عبده((1)) .

باب (10) النعم تزول وتشهد علی صاحبها

علل الشرایع : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عیسی بن عبید ، عن القاسم بن یحیی ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : حدّثنی أبی ، عن جدّی ، عن آبائه (علیهم السّلام) قال : إنّ أمیر المؤمنین (علیه السّلام) قال : أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها ، فإنّها تزول وتشهد علی صاحبها بما عمل فیها((2)) .

ص: 154


1- - الکافی : ج6 ص438 ح1 .
2- - علل الشرایع : ص464 ح12 .

سورة الانشراح

باب (1) فوائد قراءة سورة الانشراح

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها علی الصدر تنفع من ضرّه ، وعلی الفؤاد تُسکّنه بإذن الله ، وماؤها ینفع لمن به البرد((1)) بإذن الله تعالی((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ أَلَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ * وَوَضَعْنَا عَنکَ وِزْرَکَ * الَّذِی أَنقَضَ ظَهْرَکَ * وَرَفَعْنَا لَکَ ذِکْرَکَ * فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَی رَبِّکَ فَارْغَبْ) (1 - 8) .

ص: 155


1- - بَرَد بَرْداً : ضعف وفتر عن هزال أو مرض ، وأبرده الشیء : فتَّره وأضعفه . وبَرَد فلان : اذا ضعفت قوائمه (لسان العرب) .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص315 ح3 .

باب (2) تأویل الآیات

بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمد ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل ، والحسن بن راشد ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله (تبارک وتعالی) : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ) .

قال : فقال : بولایة أمیر المؤمنین علی (علیه السّلام)((1)) .

مناقب آل أبی طالب : الباقر (علیه السّلام) والصادق (علیه السّلام) فی قوله تعالی : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ) ألم نُعلمک مَن وصیُّک ؟ فجعلناه ناصرَک ومذلَّ عدوِّک

(الَّذِی أَنقَضَ ظَهْرَکَ) وأخرج منه سلالة الأنبیاء الذین یهتدون((2)) (وَرَفَعْنَا لَکَ ذِکْرَکَ) فلا اُذکر إلاّ ذُکِرتَ معی (فَإِذَا فَرَغْتَ) من دنیاک (فَانصَبْ) علیاً للولایة تُهتدی به الفُرقة((3)) .

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس قال : حدّثنا محمد بن همام ، عن عبدالله بن جعفر ، عن الحسن بن موسی ، عن علی بن حسان ، عن عبد الرحمن ، عن أبی عبدالله جعفر بن محمد (علیه السّلام) قال : قال الله (سبحانه وتعالی) : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ) بعلی

ص: 156


1- - بصائر الدرجات : ص92 ح3 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص316 .
2- - فی تفسیر البرهان : الذین یهتدی بهم .
3- - مناقب آل أبی طالب : ج3 ص23 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص317 .

(وَوَضَعْنَا عَنکَ وِزْرَکَ * الَّذِی أَنقَضَ ظَهْرَکَ ... فَإِذَا فَرَغْتَ) من نبوّتک (فَانصَبْ) علیّاً وصیّاً (وَإِلَی رَبِّکَ فَارْغَبْ) فی ذلک((1)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنا محمّد بن القاسم بن عبید معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قوله تعالی : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ) قال : بعلی (وَوَضَعْنَا عَنکَ وِزْرَکَ * الَّذِی أَنقَضَ ظَهْرَکَ ... * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) علیّاً (وَإِلَی رَبِّکَ فَارْغَبْ) فی ذلک((2)) .

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العبّاس : حدّثنا محمّد بن همام بإسناده ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن ابن أبی عمیر ، عن المهلبی ، عن سلمان قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السّلام) : قوله تعالی : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ) .

قال : بعلی فاجعله وصیّاً .

قلت : وقوله : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) ؟

قال : إنّ الله (عزّوجلّ) أمره بالصلاة والزکاة والصوم والحجّ ، ثمّ أمره إذا فعل ذلک أن ینصب علیّاً وصیّاً (وَإِلَی رَبِّکَ فَارْغَبْ) فی ذلک((3)) .

تفسیر القمی : حدّثنا محمّد بن جعفر ، عن یحیی بن زکریا ، عن

ص: 157


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص811 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص316 .
2- - تفسیر فرات الکوفی : ص573 ح726 .
3- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص812 ح3 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص317 .

علی بن حسّان ، عن عبد الرحمن بن کثیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (فَإِذَا فَرَغْتَ) من نبوتک (فَانصَبْ) علیّاً (وَإِلَی رَبِّکَ فَارْغَبْ) فی ذلک((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدّثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علی ، عن أبی جمیلة ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قوله : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَی رَبِّکَ فَارْغَبْ) کان رسول الله (صلّی الله علیه وآله) حاجّاً ، فنزلت (فَإِذَا فَرَغْتَ) من حجّتک (فَانصَبْ) علیّاً للناس((2)) .

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمّد بإسناده إلی المفضّل بن عمر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) علیّاً بالولایة((3)) .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الرحمن العلوی الحسنی قال : حدّثنا فرات بن ابراهیم الکوفی قال : حدّثنا جعفر معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) علیّاً للولایة((4)) .

ص: 158


1- - تفسیر القمی : ج2 ص429 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص318 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص812 ح4 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص317 .
3- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص812 ح5 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص317 .
4- - تفسیر فرات الکوفی : ص573 ح735 .

الکافی : محمّد بن الحسین وغیره ، عن سهل ، عن محمد بن عیسی ومحمد بن یحیی ومحمد بن الحسین جمیعاً ، عن محمد بن سنان ، عن اسماعیل بن جابر ، وعبد الکریم بن عمرو ، عن عبد الحمید ابن أبی الدیلم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث طویل - قال : فقال الله (جلّ ذکره) : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَی رَبِّکَ فَارْغَبْ)یقول : فإذا فرغت فانصب عَلَمک وأَعلن وصیّک ، فأَعلمهم فضْلَه علانیة ، فقال (صلّی الله علیه وآله) : من کنت مولاه فعلیٌ مولاه ، اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه - ثلاث مرّات -((1)) .

مناقب آل أبی طالب : أبو حاتم الرازی : أنّ جعفر بن محمّد قرأ : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) .

قال : فإذا فرغت من اکمال الشریعة فانصب لهم علیّاً إماماً((2)) .

باب (3) استحباب الدعاء بعد الصلاة

مجمع البیان : فی قوله تعالی : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَی رَبِّکَ فَارْغَبْ) معناه : فإذا فرغت من الصلاة المکتوبة فانصب إلی ربّک فی الدعاء ، وارغب إلیه فی المسألة یعطک ، وهو المروی عن أبی جعفر

ص: 159


1- - الکافی : ج1 ص294 ح3 .
2- - مناقب آل أبی طالب : ج3 ص23 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص318 .

وأبی عبدالله (علیهما السّلام) .

وقال الصادق (علیه السّلام) : هو الدعاء فی دُبُر الصلاة وأنت جالس((1)) .

قرب الاسناد : عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة قال : سمعت جعفراً یقول : کان أبی (رضی الله عنه) یقول فی قول الله (تبارک وتعالی) : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَی رَبِّکَ فَارْغَبْ) : إذا قضیتَ الصلاة بعد أن تسلّم وأنت جالس ، فانصب فی الدعاء مِن أمْر الدنیا والآخرة ، وإذا فرغت من الدعاء فارغب إلی الله (تبارک وتعالی) أن یتقبَّلها منک((2)) .

باب (4) عدم اکراه الزوج المعسِر

التهذیب : ابن قولویه ، عن أبیه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن أبیه ، عن عبدالله بن المغیرة ، عن السکونی ، عن جعفر ، عن أبیه (علیهما السّلام) عن علی (علیه السّلام) أنّ امرأة استعدت علی زوجها أنّه لا یُنفق علیها ، وکان زوجها معسراً ، فأبی (علیه السّلام) أن یحبسه وقال : إنّ مع العسر یسراً((3)) .

ص: 160


1- - مجمع البیان : ج5 ص509 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص319 .
2- - قرب الاسناد : ص7 ح22 الطبعة الحدیثة . منه تفسیر البرهان : ج10 ص319 .
3- - التهذیب : ج6 ص299 ح837 .

سورة التِّین

باب (1) ثواب من قرأ سورة التِّین فی الفرائض والنوافل

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن حسّان ، عن اسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن شعیب العقرقوفی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ « والتِّین » فی فرائضه ونوافله أُعطی من الجنّة حیث یرضی ، إن شاء الله تعالی((1)) .

باب (2) فائدة کتابة سورة التّین

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : إذا کُتِبت وقُرأت علی شیء من الطعام ، صَرفَ الله عنه ما یضرّه ، وکان فیه الشفاء بقدرة الله تعالی((2)) .

* * * * *

ص: 161


1- - ثواب الأعمال : ص151 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص321 .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص321 ح4 .

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَالتِّینِ وَالزَّیْتُونِ * وَطُورِ سِینِینَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الاَْمِینِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ فِی أَحْسَنِ تَقْوِیم * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِینَ * إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُون * فَمَا یُکَذِّبُکَ بَعْدُ بِالدِّینِ * أَلَیْسَ اللَّهُ بِأَحْکَمِ الْحَاکِمِینَ)(1 - 8) .

باب (3) تأویل التِّین والزیتون وطور سینین

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا محمّد بن همام ، عن عبدالله بن العلا ، عن محمّد بن شمّون ، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصم ، عن البطل ، عن

جمیل بن درّاج قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : قوله (عزّوجلّ) : (وَالتِّینِ وَالزَّیْتُونِ) التین : الحسن ، والزیتون : الحسین((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا الحسین بن أحمد ، عن محمد بن عیسی ، عن یونس ، عن یحیی الحلبی ، عن بدر ابن الولید ، عن أبی الربیع الشامی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله تعالی : (وَالتِّینِ وَالزَّیْتُونِ * وَطُورِ سِینِینَ) .

ص: 162


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص813 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص323 .

قال : التین والزیتون : الحسن والحسین ، وطور سینین : علی بن أبی طالب .

قلت : قوله : (فَمَا یُکَذِّبُکَ بَعْدُ بِالدِّینِ) ؟

قال : الدِّین : ولایة علی بن أبی طالب (علیه السّلام)((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی علی بن إبراهیم (رحمه الله) فی (تفسیره) ، عن یحیی الحلبی ، عن عبدالله بن مسکان ، عن أبی الربیع الشامی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (وَالتِّینِ وَالزَّیْتُونِ * وَطُورِ سِینِینَ) .

قال : التین والزیتون : الحسن والحسین ، وطور سینین : علی .

وقوله : (فَمَا یُکَذِّبُکَ بَعْدُ بِالدِّینِ) .

قال : الدِّین أمیر المؤمنین (علیه السّلام)((2)) .

معانی الأخبار : حدّثنا أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا محمّد بن یحیی العطّار قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن خالد قال : حدّثنی أبو عبدالله الرازی ، عن الحسن بن علی بن أبی عثمان ، عن موسی بن بکر ، عن أبی الحسن موسی بن جعفر ، عن أبیه ، عن آبائه (علیهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : إنّ الله (تبارک وتعالی) اختار من البلدان

ص: 163


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص813 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص323 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص813 ح3 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص324 .

أربعة ، فقال (عزّوجلّ) : (وَالتِّینِ وَالزَّیْتُونِ * وَطُورِ

سِینِینَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الاَْمِینِ) التین : المدینة ، والزیتون : بیت المقدس ، وطور سینین : الکوفة ، وهذا البلد الأمین : مکّة((1)) .

باب (4) قوام الإنسان بأربعة

الخصال : حدّثنا محمّد بن الحسن (رضی الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار قال : حدّثنا محمّد بن الحسین بن أبی الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قوام الإنسان وبقاءه بأربعة : بالنار والنور والریح والماء ، فبالنار یأکل ویشرب ، وبالنور یبصر ویعقل ، وبالرّیح یسمع ویشمّ ، وبالماء یجد لذّة الطعام والشّراب .

فلولا النار فی معدته لما هضمت الطعام والشّراب ، ولولا أنّ النور فی بصره لما أبصر ولا عقل ، ولولا الرّیح لما التهبت نار المعدة ، ولولا الماء لم یجد لذّة الطعام والشراب ... » إلی آخر الحدیث((2)) .

الخصال : حدّثنا محمّد بن موسی بن المتوکل (رضی الله عنه) قال :

ص: 164


1- - معانی الأخبار : ص364 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص322 .
2- - الخصال : ص227 ح62 .

حدّثنا محمّد بن یحیی العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن درست ، عن أبی الأصبغ ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : بُنی الجسد علی أربعة أشیاء : ] علی [ الروح والعقل والدّم والنفس ، فإذا خرج الروح تبعه العقل ، وإذا رأی الروح شیئاً حفظه علیه العقل وبقی الدّم والنفس((1)) .

باب (5) المؤمنون وأمیرهم

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنی علی بن محمّد الزهری معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله تعالی : (إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُون) .

قال : المؤمنون هم سلمان الفارسی والمقداد الأسود وعمّار وأبو ذر وأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُون) قال : هو أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السّلام)((2)) .

تفسیر فرات الکوفی : قال أبو القاسم العلوی : حدّثنا فرات بن إبراهیم الکوفی قال : حدّثنی جعفر بن محمّد الفزاری معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله تعالی : (فَمَا یُکَذِّبُکَ بَعْدُ بِالدِّینِ) .

ص: 165


1- - الخصال : ص226 ح61 .
2- - تفسیر فرات الکوفی : ص577 ح741 .

قال : علی بن أبی طالب (علیه السّلام)((1)) .

باب (6) ما یستحب قوله بعد الفراغ من السورة

الخصال : أبی (رضی الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثنی محمّد بن عیسی بن عبید الیقطینی ، عن القاسم بن یحیی ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبی بصیر ومحمد بن مسلم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : حدّثنی أبی ، عن جدّی ، عن آبائه (علیهم السّلام) أنّ أمیر المؤمنین (علیه السّلام) - قال فی حدیث الأربعمائة - : إذا قرأتم « والتّین » فقولوا فی آخرها : ونحن علی ذلک من الشاهدین((2)) .

ص: 166


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص577 ح740 .
2- - الخصال : ص629 ح10 .

سورة العَلَق

باب (1) ثواب قراءة سورة العَلَق

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ فی یومه أو لیلته (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ) ثمّ مات فی یومه أو لیلته مات شهیداً ، وبعثه الله شهیداً وأحیاه شهیداً ، وکان کمن ضرب بسیفه فی سبیل الله مع رسول الله (صلّی الله علیه وآله)((1)) .

باب (2) فائدة قراءة سورة العَلق

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها وهو متوجِّه فی سفره کُفی شرّه ، ومن قرأها وهو

ص: 167


1- - ثواب الأعمال : ص151 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص327 .

راکب البحر سَلِم من أَلمه بقدرة الله تعالی((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ الَّذِی خَلَقَ * خَلَقَ الاِْنسَانَ مِنْ عَلَق * اقْرَأْ وَرَبُّکَ الاَْکْرَمُ) (1 - 3) .

باب (3) أوّل سورة وآخر سورة نزلت علی رسول الله

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، وسهل بن زیاد ، عن منصور بن العباس ، عن محمّد بن الحسن بن السری ، عن عمّه علی بن السری ، عن أبی

عبدالله (علیه السّلام) قال : أوّل ما نزل علی رسول الله (صلّی الله علیه وآله) (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ)وآخره (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ)((2)) .

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : حدّثنا أحمد بن علی بن إبراهیم ابن هاشم (رضی الله عنه) قال : حدّثنی أبی ، عن جدّی إبراهیم بن هاشم ، عن علی بن معبّد ، عن الحسین بن خالد قال : قال الرضا (علیه السّلام) : سمعت أبی یحدّث ، عن أبیه (علیه السّلام) أنّ أوّل سورة نزلت (بِسْمِ

ص: 168


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص328 ح4 .
2- - الکافی : ج2 ص628 ح5 .

اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ) وآخر سورة نزلت (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (کَلاَّ إِنَّ الاِْنسَانَ لَیَطْغَی * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَی) (6 و7) .

باب (4) طغیان الانسان وبعض المخلوقات

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قال النبی (صلّی الله علیه وآله) : ما خلق الله (جلَّ وعزّ) خلقاً إلاّ وقد أمّر علیه آخر یغلبه فیه ، وذلک أنّ الله (تبارک وتعالی) لمّا خلق البحار السُّفلی فَخَرت وزخرت وقالت : أیُّ شیء یغلبنی ؟ فخلق الأرض فسطحها علی ظهرها فذلّت ، ثمّ قال : إنّ الأرض فخرت وقالت : أی شیء یغلبنی ؟ فخلق الجبال فأثبتها علی ظهرها أوتاداً من أن تمید بما علیها ، فذلّت الأرض واستقرّت ، ثمّ إنّ الجبال فخرت علی الأرض فشمخت واستطالت وقالت : أیُّ شیء یغلبنی ؟ فخلق الحدید فقطعها فقرّت الجبال وذلّت ، ثمّ إنَّ الحدید فخر علی الجبال وقال : أی شیء یغلبنی ؟ فخلق النار فأذابت الحدید فذلّ

ص: 169


1- - عیون أخبار الرضا : ج2 ص6 ح12 .

الحدید ، ثمّ إنّ النار زفرت وشهقت وفخرت وقالت : أی شیء یغلبنی ؟ فخلق الماء فأطفأها فذلّت ، ثمّ إنّ الماء فخر وزخر وقال : أی شیء یغلبنی ؟ فخلق الریح فحرّکت أمواجه وأثارت ما فی قعره وحبسته عن مجاریه فذلّ الماء ، ثمّ إنّ الریح فخرت

وعصفت وأرخت أذیالها وقالت : أی شیء یغلبنی ؟ فخلق الإنسان فبنی واحتال واتخذ ما یستتر به من الریح وغیرها فذلّت الریح ، ثمّ إنّ الإنسان طغی وقال : من أشدّ منّی قوّة ؟ فخلق الله له الموت فقهره فذلّ الإنسان ، ثمّ إنّ الموت فخر فی نفسه ، فقال الله (عزّوجلّ) : لا تفخر فإنّی ذابحک بین الفریقین : أهل الجنّة وأهل النار ، ثمّ لا اُحییک أبداً ، فتُرجی أو تُخاف .

وقال أیضاً : والحلم یغلب الغضب ، والرّحمة تغلب السخط ، والصدقة تغلب الخطیئة ، ثمّ قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : ما أشبه هذا ممّا قد یغلب غیره((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) (19) .

باب (5) أقرب ما یکون العبد من ربّه

من لا یحضره الفقیه : قال الصادق (علیه السّلام) : أقرب ما یکون

ص: 170


1- - الکافی : ج8 ص148 ح129 .

العبد إلی ربّه (عزّوجلّ) وهو ساجد ، قال الله تعالی (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)((1)) .

ص: 171


1- - من لا یحضره الفقیه : ج1 ص209 ح628 .

سورة القَدر

باب (1) ثواب من قرأ سورة القَدر فی الفریضة

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبیه ، عن الحسین بن أبی العلاء ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ) فی فریضة من فرائض الله نادی مناد : یا عبدالله ! غَفَر الله لک ما مضی ، فاستأنِف العمل((1)) .

باب (2) فائدة قراءة سورة القدر

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها بعد عشاء الآخرة خمس عشرة مرّة ، کان فی أمان الله إلی تلک اللیلة الأخری ، ومن قرأها فی کلّ لیلة سبع مرّات أمن فی تلک

ص: 172


1- - ثواب الأعمال : ص152 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص334 .

اللیلة إلی طلوع الفجر ، ومن قرأها علی ما یُدّخر ذهباً أو فضّة أو أثاث بارک الله فیه من جمیع ما یضرّه ، وإن قُرأت علی ما فیه غَلّة نفعه بإذن الله تعالی((1)) .

باب (3) عظمة لیلة القدر

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن عبدالله بن المغیرة ، عن عمرو الشامی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إنّ ] عدّة [ الشهور عند الله اثنا عشر شهراً فی کتاب الله یوم خلق السماوات والأرض ، فغرّة الشهور شهر الله (عزّ ذکره)

وهو شهر رمضان ، وقلب شهر رمضان لیلة القدر ، ونزل القرآن فی أوّل لیلة من شهر رمضان((2)) فاستقبل الشهر بالقرآن((3)) .

ص: 173


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص334 ح6 .
2- - أقول : قال العلاّمة المجلسی (طاب ثراه) : (أمّا نزول القرآن فی أول لیلة منه فیمکن الجمع بینه وبین ما دلّ علی أنّه نزل فی لیلة القدر بأن یحمل علی نزوله علی الرسول (صلّی الله علیه وآله) وذاک علی نزوله إلی البیت المعمور والسماء الدنیا ، أو أحدهما علی ابتداءالنزول والآخر علی اختتامه ، أو أحدهما علی النزول دفعة علی الرسول (صلّی الله علیه وآله) والآخر علی ابتداء النزول علیه تدریجاً) . (مرآة العقول : ج16 ص205) .
3- - الکافی : ج4 ص65 ح1 .

الکافی : محمّد بن أبی عبدالله ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن زیاد ومحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد جمیعاً ، عن الحسن بن العبّاس بن الحریش ، عن أبی جعفر الثانی (علیه السّلام) ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : کان علی بن الحسین (صلوات الله علیه) یقول : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ) صدق الله (عزّوجلّ) ، أنزل الله القرآن فی لیلة القدر .

(وَمَا أَدْرَاکَ مَا لَیْلَةُ الْقَدْرِ) .

قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : لا أدری .

قال الله (عزّوجلّ) : (لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) لیس فیها لیلة القدر .

قال لرسول الله (صلّی الله علیه وآله) : وهل تدری لِمَ هی خیر من ألف شهر ؟

قال : لا .

قال : لأنّها تنزّل فیهاالملائکة والروح بإذن ربّهم من کلّ أمر ، وإذا أذن الله (عزّوجلّ) بشیء فقد رضیه .

(سَلاَمٌ هِیَ حَتَّی مَطْلَعِ الْفَجْرِ)یقول : تُسلّم علیک یا محمّد ملائکتی وروحی بسلامی من أول ما یهبطون إلی مطلع الفجر .

ثمّ قال فی بعض کتابه : (وَاتَّقُواْ

فِتْنَةً لاَّ تُصِیبَنَّ الَّذِینَ ظَلَمُواْ مِنکُمْ

ص: 174

خَآصَّةً)((1)) فی (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ) وقال فی بعض کتابه : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَی أَعْقَابِکُمْ وَمَن یَنقَلِبْ عَلَی عَقِبَیْهِ فَلَن یَضُرَّ اللّهَ شَیْئاً

وَسَیَجْزِی اللّهُ الشَّاکِرِینَ)((2)) یقول فی الآیة الأُولی : إنّ محمّداً حین یموت یقول أهل الخلاف لأمر الله (عزّوجلّ) : مضت لیلة القدر مع رسول الله ، فهذه فتنة أصابتهم خاصّة ، وبها ارتدّوا علی أعقابهم لأنّهم إن قالوا : لم تذهب ، فلابدّ أن یکون لله (عزّوجلّ) فیها أمر ، وإذا أقروا بالأمر لم یکن له من صاحب بُدّ((3)) .

باب (4) الاستشفاء بسورة القدر

الکافی : الحسین بن محمّد ، عن أحمد بن اسحاق وعلیّ بن إبراهیم ، عن أبیه جمیعاً ، عن بکر بن محمد الأزدی ، عن رجل ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی العوذة قال : تأخذ قلّة جدیدة ، فتجعل فیها ماءً ثمّ تقرأ علیها (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ) ثلاثین مرّة ، ثمّ تُعلَّق وتشرب

ص: 175


1- - الأنفال 8 : 25 .
2- - آل عمران 3 : 144 .
3- - الکافی : ج1 ص248 ح4 .

منها وتتوضّأ ، ویُزاد فیها ماء ، إن شاء الله((1)) .

طب الأئمّة (علیهم السّلام) : محمد بن یوسف المؤذّن قال : حدّثنا محمّد بن عبدالله بن زید قال : حدّثنی بکر بن محمد الأزدی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) وأوصی أصحابه وأولیاءه : من کان به علّة فلیأخذ قلّة جدیدة ولیجعل فیها الماء ولیستق الماء بنفسه ولیقرأ علی الماء سورة إنّا أنزلناه علی الترتیل ثلاثین مرّة ثمّ لیشرب من ذلک الماء ولیتوضّأ ولیمسح به وکلّما نقص زاد فیه، فإنّه لا یظهر ذلک ثلاثة أیّام إلاّ ویعافیه الله تعالی من ذلک الدّاء((2)) .

باب (5) قراءة سورة القدر علی الثوب الجدید

الکافی : علی بن محمد ، عن صالح بن أبی حمّاد ، عن غیر واحد ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ) ثنتین وثلاثین مرّة فی إناء جدید ورشّ به ثوبه الجدید إذا لبسه لم یزل یأکل فی سعة ما بقی منه سلک((3)) .

ص: 176


1- - الکافی : ج2 ص623 ح19 . وقوله (علیه السّلام) : « ویزاد فیها ماء ... » أی کلّما ینقص ماؤه یصبّ علیه ماء آخر لیمتزج بالماء الباقی ویؤثر تأثیره دائماً .
2- - طب الأئمّة : ص123 .
3- - الکافی : ج6 ص459 ح4 .

باب (6) ثواب قراءة سورة القدر فی الصلاة

مصباح الکفعمی : عن الصادق (علیه السّلام) : من قرأها فی صلاة رُفعتْ فی علیّین مقبولة مضاعفة ، ومَن قرأها ثمّ دعا رُفع دعاءَه إلی اللَّوح المحفوظ مستجاباً ، ومن قرأها حُبّب إلی الناس ، فلو طلب من رجل أن یخرج منه ماله بعد قراءتها حین یقابله لَفَعل ، ومن خاف سلطاناً فقرأها حین ینظر إلی وجهه غلب عنه((1)) ، ومن قرأها حین یرید الخصومة أُعطی الظفر ، ومن یشفع بها إلی الله تعالی شفعه وأعطاه سؤله .

وقال (علیه السّلام) : لو قلتُ لصدقتُ : إنّ قاریها لا یفرغ من قراءتها ، حتّی یکتب له براءة من النار((2)) .

باب (7) سورة القدر نور

مصباح الکفعمی : عن الشیخ عزّ الدین الحسن بن ناصر بن إبراهیم الحدّاد العاملی فی کتابه (طریق النجاة) عن الصادق (علیه السّلام) : النور الذی یسعی بین یدی المؤمنین یوم القیامة : نور (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ)((3)) .

ص: 177


1- - فی مستدرک الوسائل : غلب له .
2- - مصباح الکفعمی : ص587 . منه مستدرک الوسائل : ج4 ص362 .
3- - مصباح الکفعمی : ص587 . منه مستدرک الوسائل : ج4 ص362 .

باب (8) الملائکة تُعظّم سورة القدر

مصباح الکفعمی : عن الباقرین (علیهما السّلام) : إنّ لسورة القدر لساناً وشفتین ، ولقد نَفَخ الله فیها من روحه ، کما نفخ فی آدم ، وإنّها لفی البیت المعمور ، یطوف بها کلَّ یوم ألف ملک یعظّمونها إلی یوم القیامة ، وإنّها لفی خزائن الرحمة((1)) .

باب (9) فائدة حفظ سورة القدر

مصباح الکفعمی : عن الصادق (علیه السّلام) : من حفظها فکأنّما حفظ جملة العِلم .

وعنه (علیه السّلام) : شُغل الشیطان عن قاریها حین یدخل بیته ویخرج منه((2)) .

باب (10) ارتباط سورة القدر بالنبیّ وأهل بیته

الکافی : محمّد بن أبی عبدالله ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن

ص: 178


1- - مصباح الکفعمی : ص451 . منه مستدرک الوسائل : ج4 ص364 .
2- - مصباح الکفعمی : ص451 . منه مستدرک الوسائل : ج4 ص365 .

زیاد ومحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد جمیعاً ، عن الحسن بن العباس بن الحریش ، عن أبی جعفر الثانی (علیه السّلام) ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : کان علی (علیه السّلام) کثیراً ما یقول : ] ما [ اجتمع التیمی والعدویّ عند رسول الله وهو یقرأ (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ)بتخشّع وبکاء فیقولان : ما أشدّ رقّتک لهذه السورة ؟

فیقول رسول الله : لِما رأت عینی ووعی قلبی ، ولما یری قلبُ هذا من بعدی .

فیقولان : وما الذی رأیت وما الذی یری ؟

قال : فیکتب لهما فی التراب : (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ وَالرُّوحُ فِیهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن کُلِّ أَمْر) .

قال : ثمّ یقول : هل بقی شیء بعد قوله (عزّوجلّ) : (کُلِّ أَمْر) ؟

فیقولان : لا .

فیقول : هل تعلمان مَن المنزَّل إلیه بذلک ؟

فیقولان : أنت یا رسول الله ؟

فیقول : نعم .

فیقول : هل تکون لیلة القدر من بعدی ؟

فیقولان : نعم .

قال : فیقول : فهل ینزل ذلک الأمر فیها ؟

ص: 179

فیقولان : نعم .

فیقول : إلی مَن ؟

فیقولان : لا ندری ، فیأخذ برأسی ویقول : إن لم تدریا فادریا ، هو هذا من بعدی ، قال : فإن کانا لیعرفان تلک اللیلة بعد رسول الله (صلّی الله علیه وآله) من شدّة ما یُداخلهما من الرُّعب((1)) .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أذینة، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی صلاة النبی (صلّی الله علیه وآله) فی السماء فی حدیث الاسراء - قال (علیه السّلام) : ثمّ أوحی الله (عزّوجلّ) إلیه : اقرأ یا محمّد نسبة ربّک (تبارک وتعالی) (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ * وَلَمْ یَکُن لَّهُ کُفُواً أَحَدٌ) وهذا فی الرکعة الأولی ، ثمّ أوحی الله (عزّوجلّ) إلیه : إقرأ بالحمد لله ، فقرأها مثل ما قرأ أوّلاً ، ثمّ أوحی إلیه : إقرأ (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ) فإنّها نسبتک ونسبة أهل بیتک إلی یوم القیامة((2)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس ، عن أحمد بن هوذة ، عن إبراهیم بن اسحاق ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن أبی یحیی الصنعانی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سمعته یقول : قال لی أبی

ص: 180


1- - الکافی : ج1 ص249 ح5 .
2- - الکافی : ج3 ص485 ح1 .

« محمّد » : قرأ علی بن أبی طالب (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ) وعنده الحسن والحسین فقال له الحسین : یا أبتاه کأنّ بها من فیک حلاوة .

فقال له : یا بن رسول الله وابنی ، إنّی أعلم فیها ما لا تعلم ، إِنّها لمّا نزلت بعث إلیّ جدُّک رسول الله فقرأها علَیَّ ، ثمّ ضرب علی کتفی الأیمن وقال : یا أخی ووصیِّی وولیّ اُمّتی بعدی ، وحربَ أعدائی إلی یوم یُبعثون ، هذه السورة لک من بعدی ، ولولدک من بعدک ، إنّ جبرئیل أخی من الملائکة حدّث إلیَّ أحداث اُمّتی فی سَنَتها ، وإنّه لیحدّث ذلک إلیک کأحداث النبوة ، ولها نور ساطع فی قلبک وقلوب أوصیائک إلی مطلع فجر القائم (علیه السّلام)((1)) .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنا أبو القاسم العلوی قال : حدّثنا فرات بن إبراهیم الکوفی معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه کان یقرأ هذه الآیة : (بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن کُلِّ أَمْر * سَلاَمٌ) أی بکلّ أمر إلی محمّد وعلی سلام((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا لَیْلَةُ الْقَدْرِ * لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر * تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ

ص: 181


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص820 ح9 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص352 .
2- - تفسیر فرات الکوفی : ص581 ح746 .

وَالرُّوحُ فِیهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن کُلِّ أَمْر * سَلاَمٌ هِیَ حَتَّی مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(1 - 5) .

باب (11) لیلة القدر فی کلّ عام

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن محمد بن أحمد ، عن السیاری ، عن بعض أصحابنا ، عن داود بن فرقد قال : حدّثنی یعقوب قال : سمعتُ رجلاً یسأل أبا عبدالله (علیه السّلام) عن لیلة القدر فقال : أخبرنی عن لیلة القدر ، کانت أو تکون فی کلّ عام ؟

فقال أبو عبدالله (علیه السّلام) : لو رُفعت لیلة القدر لرُفع القرآن((1)) .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : إذا کان الرجل علی عمل فلیدم علیه سنة ثمّ یتحوّل

عنه إن شاء إلی غیره وذلک أنّ لیلة القدر یکون فیها فی عامه ذلک ، ما شاء الله أن یکون((2)) .

أَقول : یُستفاد من هذا الحدیث وأَمثاله أنّ الإنسان إذا بدأ بعمل من الأعمال الخیریة فعلیه أن یواصل الإتیان به إلی سنة کاملة علی الأقل حتی

ص: 182


1- - الکافی : ج4 ص158 ح7 .
2- - الکافی : ج2 ص82 ح1 .

تشمله الرحمة الإلهیَّة فی لیلة القدر ویُضاعف له ثواب عمله فی تلک اللیلة ، ثمّ إذا شاء أن یغیّر عمله الی غیره من الأعمال الصالحة فله ذلک . وقد جاء فی الحدیث الشریف : « خیر العمل أَدومُه » ولهذا فان الدوام علی الأعمال الخیریّة وان کان قلیلاً أَفضل من عمل کثیر یترکه الانسان ویفارقه .

باب (12) نزول القرآن فی لیلة القدر

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمد ، عن علی بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : نزلت التوراة فی ست مضت من شهر رمضان ، ونزل الانجیل فی اثنی عشر لیلة (مضت) من شهر رمضان ، ونزل الزّبور فی لیلة ثمانی عشرة مضت من شهر رمضان ، ونزل القرآن فی لیلة القدر((1)) .

باب (13) تقسیم الأرزاق فی لیلة القدر

الکافی : محمد بن یحیی ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن

ص: 183


1- - الکافی : ج4 ص157 ح5 .

عیسی ، عن أبی عبدالله المؤمن ، عن اسحاق بن عمّار قال : سمعته یقول - وناس یسألونه یقولون - : الأرزاق تُقسّم لیلة النصف من شعبان ؟

قال : فقال : لا والله ، ما ذاک إلاّ فی لیلة تسع عشرة من شهر رمضان وإحدی وعشرین وثلاث وعشرین ، فإنّ فی لیلة تسع عشرة یلتقی الجمعان ، وفی لیلة إحدی

وعشرین یُفرّق کلّ أمر حکیم ، وفی لیلة ثلاث وعشرین یُمضی ما أراد الله (عزّوجلّ) من ذلک ، وهی لیلة القدر التی قال الله (عزّوجلّ) : (خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) .

قال : قلت : ما معنی قوله : « یلتقی الجمعان » ؟

قال : یجمع الله فیها ما أراد ] من [ تقدیمه وتأخیره وإرادته وقضائه .

قال : قلت : فما معنی یُمضیه فی ثلاث وعشرین ؟

قال : إنّه یفرقه فی لیلة إحدی وعشرین ] إمضاؤه [ ویکون له فیه البداء ، فإذا کانت لیلة ثلاث وعشرین أمضاه ، فیکون من المحتوم الذی لا یبدو له فیه (تبارک وتعالی)((1)) .

أقول : قد ذکرنا توضیحاً لهذا الحدیث فی الجزء السابع والعشرین ص :70 من هذه الموسوعة ونذکره هنا تتمیماً للفائدة :

قوله (علیه السّلام) : « ... یجمع الله فیها ما أراد » الظاهر أن الآیة - فی تفسیرها ونزولها - تتحدَّث عن یوم بدر والنّصرة الالهیّة عندما التقی

ص: 184


1- - الکافی : ج4 ص158 ح8 .

العسکران .

ولکنّ القرآن له بطون عدیدة ... فلعلّ ما ذکره (علیه السّلام) یکون مدلولاً ومصداقاً لهذه الآیة فی کلّ عام . والله العالم .

وقوله (علیه السّلام) : « ویکون له فیه البداء .. » البداء هو الظهور .. قال تعالی : (وَبَدَا لَهُمْ سَیِّئَاتُ مَا عَمِلُوا)((1)) .

وقد یُستعمل ذلک فی العِلم بالشیء بعد أن لم یکن حاصلاً ، وکذلک فی الظن . ومنه « بدا له فی الأمر » اذا ظهر له استصواب شیء غیر الأول وهو بهذا المعنی مستحیل علی الله تعالی((2)) ، لانه یستدعی الجهل .

ولهذا روی عن الإمام الصادق (علیه السّلام) أنه قال : « ما بَدا لله فی شیء إلاّ کان فی عِلمه قبل أن یبدو له »((3)) .

وقال (علیه السّلام) : « ... إنّ الله لا یبدو له من جهل »((4)) .

فیکون معنی البَداء - بالنسبة الی الله تعالی - هو الإبداء والإظهار .

باب (14) الرؤیا التی أحزنت رسول الله

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن محمد بن عبد

ص: 185


1- - الجاثیة 45 : 33 .
2- - راجع مجمع البحرین مادّة : بدا .
3- - الکافی : ج1 ص148 ح9 .
4- - تفسیر العیاشی : ج2 ص398 ح2250 الطبعة الحدیثة .

الحمید ، عن یونس ، عن علی بن عیسی القمّاط ، عن عمّه قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : هبط جبرئیل علی رسول الله ورسول الله کئیبٌ حزین فقال : یا رسول الله مالی أراک کئیباً حزیناً ؟

فقال : إنّی رأیت اللیلة رؤیاً .

قال : وما الذی رأیت ؟

قال : رأیت بنی أمیّة یصعدون المنابر وینزلون منها .

قال : والذی بعثک بالحقّ نبیّاً ما علمتُ بشیء من هذا ، وصعد جبرئیل إلی السماء ثمّ أهبطه الله (جلّ ذکره) بآی من القرآن یعزّیه بها قوله : (أَفَرَأَیْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِینَ * ثُمَّ جَاءَهُم مَّا کَانُوا یُوعَدُونَ * مَا أَغْنَی عَنْهُم مَّا کَانُوا یُمَتَّعُونَ)((1)) وأنزل الله (جلّ ذکره) (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا لَیْلَةُ الْقَدْرِ * لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر)للقوم فجعل الله (عزّوجلّ) لیلة القدر لرسوله خیراً من ألف شهر((2)) .

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحسین ، عن محمّد بن الولید ومحمد بن أحمد ، عن یونس بن یعقوب ، عن علی بن عیسی القمّاط ، عن عمّه ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : رأی رسول الله (صلّی الله علیه وآله) فی منامه بنی اُمیّة

ص: 186


1- - الشعراء 26 : 205 - 207 .
2- - الکافی : ج8 ص222 ح280 .

یصعدون علی منبره من بعده ویُضلّون الناس عن الصراط القهقری ، فاصبح کئیباً حزیناً . قال : فهبط علیه جبرئیل فقال : یا رسول الله ، مالی أراک کئیباً حزیناً ؟

قال : یا جبرئیل إنّی رأیتُ بنی اُمیّة فی لیلتی هذه یصعدون منبری من بعدی ، ویُضلّون الناس عن الصراط القهقری .

فقال : والذی بعثک بالحقّ نبیّاً ، إنّ هذا شیء ما اطّلعتُ علیه ، فعرج إلی السماء ، فلم یلبث أن نزل علیه بآی من القرآن یؤنسه بها قال : (أَفَرَأَیْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِینَ * ثُمَّ جَاءَهُم مَّا کَانُوا یُوعَدُونَ * مَا أَغْنَی عَنْهُم مَّا کَانُوا یُمَتَّعُونَ) وانزل علیه (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا لَیْلَةُ الْقَدْرِ * لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) جعل الله (عزّوجلّ) لیلة القدر لنبیّه (صلّی الله علیه وآله) خیراً من ألف شهر مُلک بنی اُمیّة((1)) .

أمالی الطوسی : حدّثنی الشیخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علی ابن الحسن الطوسی (رحمه الله) قال : أخبرنا أبو الحسن قال : حدّثنی ابن الخال أبو أحمد عبد العزیز بن جعفر بن قولویه قال : حدّثنی محمد بن عیسی قال : حدّثنی محمّد بن خلف قال : حدّثنی موسی بن إبراهیم المروزی قال : حدّثنی موسی بن جعفر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) نحوه((2)) .

ص: 187


1- - الکافی : ج4 ص159 ح10 .
2- - أمالی الطوسی : ص688 ح1464 .

الصحیفة السجادیّة : عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إنّ أبی حدّثنی عن أبیه ، عن جدّه ، عن علیّ (علیهم السّلام) أنّ رسول الله (صلّی الله علیه وآله) أخذتْه نَعسة وهو علی منبره فرأی فی منامه رجالاً ینزون علی منبره نزو القردة یردّون الناس علی أعقابهم القهقری ، فاستوی رسول الله جالساً والحزن یُعرف فی وجهه فأتاه جبریل بهذه الآیة (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْنَاکَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا یَزِیدُهُمْ إِلاَّ طُغْیَاناً کَبِیراً)((1)) یعنی بنی اُمیة .

قال : یا جبرئیل أعلی عهدی یکونون وفی زمنی ؟

قال : لا ، ولکن تدور رحی الإسلام من مهاجرک فتلبث بذلک عشراً ثمّ تدور رحی الإسلام علی رأس خمسة وثلاثین من مهاجرک فتلبث بذلک خمساً ثمّ لابدّ من رحی ضلالة هی قائمة علی قطبها ثمّ ملک الفراعنة .

قال : وأنزل الله (تعالی) فی ذلک (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا لَیْلَةُ الْقَدْرِ * لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) تملکها بنو أمیّة لیس فیها لیلة القدر ، قال : فأطلع الله (عزّوجلّ) نبیّه أنّ بنی اُمیّة تملک سلطان هذه الاُمّة وملکها طول هذه المدّة فلو طاولتهم الجبال لطالوا علیها حتّی یأذن الله (تعالی) بزوال ملکهم ... إلی آخر الحدیث((2)) .

ص: 188


1- - الإسراء 17 : 60 .
2- - الصحیفة السجادیة : ص18 .

باب (15) فضیلة العبادة فی لیلة القدر

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن غیر واحد ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قالوا : قال له بعض أصحابنا - قال : ولا أعلمه إلاّ سعید السمّان - : کیف یکون لیلة القدر خیراً من ألف شهر ؟

قال : العمل فیها خیر من العمل فی ألف شهر لیس فیها لیلة القدر((1)) .

باب (16) تعیین لیلة القدر

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن سیف بن عمیرة ، عن حسان بن مهران ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سألته عن لیلة القدر ؟

فقال : التمسها لیلة إحدی وعشرین أو((2)) ثلاث وعشرین((3)) .

الخصال : حدّثنا أبی (رضی الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علی بن الحکم مثله((4)) .

ص: 189


1- - الکافی : ج4 ص157 ح4 .
2- - فی الخصال : ولیلة .
3- - الکافی : ج4 ص156 ح1 .
4- - الخصال : ص519 ح8 .

من لا یحضره الفقیه : روی محمّد بن حمران ، عن سفیان بن السمط قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السّلام) : اللیالی التی یُرجی فیها من شهر رمضان ؟

فقال : تسع عشرة وإحدی وعشرین وثلاث وعشرین .

قلت : فإن أخذت إنساناً الفترة أو علّة((1)) ما المعتمد علیه من ذلک ؟

فقال : ثلاث وعشرین((2)) و((3)) .

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمّد الجوهری ، عن علی بن أبی حمزة الثمالی قال : کنت عند أبی عبدالله (علیه السّلام) فقال له أبو بصیر : جعلت فداک اللیلة التی یُرجی فیها ما یرجی ؟

فقال : فی إحدی وعشرین ، أو ثلاث وعشرین .

قال : فإن لم أقو علی کلتیهما ؟

فقال : ما أیسر لیلتین فیما تطلب .

قلت : فربّما رأینا الهلال عندنا ، وجائنا من یُخبرنا بخلاف ذلک من أرض اُخری ؟

ص: 190


1- - الفترة : الانکسار والضعف . والعِلّة : المرض الشاغل (مجمع البحرین) .
2- - هکذا فی المصدر والصحیح : ثلاث وعشرون . وکذا فی الفقرات المتقدمة .
3- - من لا یحضره الفقیه : ج2 ص160 ح2030 .

فقال : ما أیسر أربع لیال تطلُبها فیها .

قلت : جعلت فداک لیلة ثلاث وعشرین لیلة الجهنی ؟

فقال : إنّ ذلک لیُقال .

قلت : جعلت فداک إنّ سلیمان بن خالد روی : فی تسع عشرة یُکتب وفد الحاج ؟

فقال لی : یا أبا محمّد ، وفد الحاج یُکتب فی لیلة القدر ، والمنایا والبلایا والأرزاق وما یکون إلی مثلها فی قابل ، فاطلبها فی لیلة إحدی وعشرین وثلاث وعشرین ، وصلّ فی کلّ واحدة منهما مائة رکعة ، وأحیهما إن استطعت إلی النور((1)) ، واغتسل فیهما .

قال : قلت : فإن لم أقدر علی ذلک وأنا قائم ؟

قال : فصلّ وأنت جالس .

قلت : فإن لم أستطع ؟

قال : فعلی فراشک ، لا علیک أن تکتحل أوّل اللیل بشیء من النوم ، إنّ أبواب السماء تُفتح فی شهر رمضان وتُصفّد الشیاطین ، وتُقبل أعمال المؤمنین ، نعم الشّهر رمضان ، کان یُسمّی علی عهد رسول الله (صلّی الله علیه وآله) المرزوق((2)) .

ص: 191


1- - النور : الصباح (مجمع البحرین) .
2- - الکافی : ج4 ص156 ح2 . وقوله (علیه السّلام) : « ... المرزوق » لکثرة ما یکون فیه من الأرزاق للعباد (مجمع البحرین) .

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن علی بن الحکم ، عن ربیع المسلی وزیاد بن أبی الحلال ذکراه ، عن رجل ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : فی لیلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدیر ، وفی لیلة إحدی وعشرین القضاء ، وفی لیلة ثلاث وعشرین إبرام ما یکون فی السنة إلی مثلها لله (جلّ ثناؤه) یفعل ما یشاء فی خلقه((1)) .

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن ابن بکیر ، عن زرارة قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : التقدیر فی لیلة تسع عشرة ، والابرام فی لیلة إحدی وعشرین ، والامضاء فی لیلة ثلاث وعشرین((2)) .

باب (17) علامة لیلة القدر

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة بن أیوب ، عن العلاء بن رزین ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما (علیهما السّلام) قال : سألته عن علامة لیلة القدر ؟

فقال : علامتها أن تطیب ریحُها ، وإن کانت فی برد دفئت ، وإن

ص: 192


1- - الکافی : ج4 ص160 ح12 .
2- - الکافی : ج4 ص159 ح9 .

کانت فی حرّ بردت فطابت .

قال : وسئل عن لیلة القدر ؟

فقال : تنزّل فیها الملائکة والکتبة إلی السماء الدنیا ، فیکتبون ما یکون فی أمر السَّنة وما یصیب العباد ، وأمرُه عنده موقوف له ، وفیه المشیئة ، فیُقدّم منه ما یشاء ویُؤخّر منه ما یشاء ، ویمحو ویثبت وعنده اُمّ الکتاب((1)) .

باب (18) لیلة القدر بدایة السنة وآخرها

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن ابن فضّال ، عن أبی جمیلة ، عن رفاعة ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : لیلة القدر هی أوّل السنة وهی آخرها((2)) .

أقول : قال والد العلاّمة المجلسی (طاب ثراهما) : (الظاهر أنّ الأوَّلیّة باعتبار التقدیر أی أوّل السنة التی یقدّر فیها الأمور : لیلة القدر ، والآخریّة باعتبار المجاورة فإنّ ما قُدّر فی السنة الماضیة انتهی إلیها)((3)) .

ص: 193


1- - الکافی : ج4 ص157 ح3 .
2- - الکافی : ج4 ص160 ح11 .
3- - مرآة العقول : ج16 ص389 .

باب (19) حکومة بنی اُمیّة ألف شهر

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس ، عن أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن صفوان ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) .

قال : من مُلک بنی اُمیة .

قال : وقوله : (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ وَالرُّوحُ فِیهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم) أی من عند ربّهم علی محمّد وآل محمّد بکلّ أمر سلام((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی عن محمّد بن جمهور ، عن صفوان ، عن عبدالله بن مسکان ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قوله (عزّوجلّ) : (خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) هو سلطان بنی اُمیّة .

وقال : لیلة من إمام عادل خیر من ألف شهر مُلک بنی اُمیّة .

وقال : (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ وَالرُّوحُ فِیهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن کُلِّ أَمْر) أی من عند ربّهم علی محمّد وآل محمّد بکلّ أمر سلام((2)) .

ص: 194


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص820 ح8 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص352 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص817 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص353 .

باب (20) تأویل لیلة القدر بالسیّدة فاطمة الزهراء

تأویل الآیات الظاهرة : روی عن محمّد بن جمهور ، عن موسی بن بکر ، عن زرارة ، عن حمران قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عمّا یُفرق فی لیلة القدر ، هل هو ما یُقدّر الله (سبحانه وتعالی) فیها ؟

قال : لا توصف قدرة الله تعالی إلاّ أنّه قال : (فِیهَا یُفْرَقُ کُلُّ أَمْر حَکِیم)((1)) فکیف یکون حکیماً إلاّ ما فُرِق ، ولا توصف قدرة الله سبحانه ، لأنّه یُحدث ما یشاء ، وأمّا قوله : (لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) یعنی فاطمة ، وقوله تعالی : (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ وَالرُّوحُ فِیهَا) والملائکة فی هذا الموضع المؤمنون الذین یملکون علم آل محمد ، والرّوح روح القدس وهو فی فاطمة (مِّن کُلِّ أَمْر * سَلاَمٌ) یقول : من کلّ أمر مسلّمة (حَتَّی مَطْلَعِ الْفَجْرِ) یعنی حتّی یقوم القائم((2)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنا محمّد بن القاسم بن عبید معنعناً ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه قال : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ) اللیلة : فاطمة ، والقدر : الله ، فمن عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرک لیلة القدر ، وإنّما سمّیت فاطمة لأنّ الخلق فُطموا عن معرفتها - أو

ص: 195


1- - الدخان 44 : 4 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص818 ح3 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص353 .

من معرفتها - الشک ] من أبی القاسم [ وقوله : (وَمَا أَدْرَاکَ مَا لَیْلَةُ الْقَدْرِ * لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) یعنی خیر من ألف مؤمن ، وهی أُمُّ المؤمنین (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ وَالرُّوحُ فِیهَا) والملائکة المؤمنون الذین یملکون علم آل محمد (صلّی الله علیه وآله) والروح القدس هی فاطمة (بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن کُلِّ أَمْر * سَلاَمٌ هِیَ حَتَّی مَطْلَعِ الْفَجْرِ) یعنی حتّی یخرج القائم((1)) .

باب (21) زیارة الرُّوح للإمام المعصوم

مختصر بصائر الدرجات : أحمد بن الحسین ، عن المختار بن زیاد البصری ، عن محمد بن سلیمان ، عن أبیه ، عن أبی بصیر قال : کنت مع أبی عبدالله (علیه السّلام) فذکر شیئاً من أمر الإمام إذا وُلد فقال : استوجب زیارة الروح فی لیلة القدر .

فقلت له : جعلت فداک ألیس الروح جبرئیل ؟

فقال : جبرئیل من الملائکة ، والرّوح خلق أعظم من الملائکة ، ألیس الله (عزّوجلّ) یقول : (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ وَالرُّوحُ فِیهَا) ؟((2)) .

ص: 196


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص581 ح747 .
2- - مختصر بصائر الدرجات : ص4 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص335 .

سورة البیّنة

باب (1) فائدة کتابة سورة البیّنة

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من کتبها وعلّقها علیه وکان فیه یرقان زال عنه ، وإذا عُلّقت علی بیاض بالعین والبرص وشُرب ماؤها دفعه الله عنه ، وإن شربت ماءها الحوامل نفعتها وسلّمتها من سموم الطعام ، وإذا کُتبت علی جمیع الأورام أزالتها بقدرة الله تعالی((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (وَذَلِکَ دِینُ الْقَیِّمَةِ) (5) .

باب (2) تأویل « دین القیّمة »

تأویل الآیات الظاهرة : روی علی بن اسباط ، عن ابن أبی حمزة ،

ص: 197


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص358 ح4 .

عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (وَذَلِکَ دِینُ الْقَیِّمَةِ) قال : إنّما هو ذلک دین القائم (علیه السّلام)((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِکَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ) (7) .

باب (3) خیر البریّة وشرُّ البریّة

أمالی الطوسی : حدّثنی الشیخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علی ابن الحسن الطوسی (رحمه الله) قال : أخبرنا أبو عبدالله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر

قال : أخبرنا أبو الحسن علی بن محمد بن الزبیر القرشی قال : أخبرنا علی بن الحسن بن فضّال قال : حدّثنا العباس بن عامر ، عن أحمد بن رزق ، عن یحیی بن العلا الرازی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : دخل علیٌّ علی رسول الله وهو فی بیت اُم سلمة ، فلمّا رآه قال : کیف أنت یا علی إذا جُمعت الاُمم ووُضعت الموازین وبرز لعرض خلقه ، ودُعی الناس إلی ما لا بدَّ منه ؟

قال : فدمعت عین أمیر المؤمنین ، فقال رسول الله : ما یبکیک یا

ص: 198


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص831 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص360 .

علی ؟! تُدعی والله أنت وشیعتک غرّاً مُحجَّلین ، رُواء مرویِّین مُبیضَّة وجوهکم ، ویُدعی بعدوّک مسودَّة وجوههم ، أشقیاء معذَّبین ، أما سمعت إلی قوله تعالی : (إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِکَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ) ؟! أنت وشیعتک ، والذین کفروا وکذّبوا بآیاتنا أولئک هم شرُّ البریَّة : عدوّک یا علی((1)) .

أمالی الطوسی : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد قال : حدّثنی أبو الفضل عیسی بن المتوکّل علی الله قال : أخبرنی أبو عبدالله بن نصیر قال : حدّثنی محمد بن عیسی المقری قال : حدّثنا سعید بن أحمد بن محمد البزّاز قال : حدّثنا المنذر بن محمّد بن محمّد : أنّ أباه أخبره عن علیّ بن موسی الرضا ، عن أبیه موسی بن جعفر ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبیه ، عن علی بن الحسین ، عن أبیه ، عن علی بن أبی طالب (صلوات الله علیهم) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : ما من هدهد إلاّ وفی جناحه مکتوب بالسریانیة « آل محمّد خیر البریَّة »((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (رَّضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِکَ لِمَنْ خَشِیَ رَبَّهُ) (8) .

ص: 199


1- - أمالی الطوسی : ص671 ح1414 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص363 .
2- - أمالی الطوسی : ص350 ح723 .

باب (4) المؤمن رضی الله عنه ورضی عن الله

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن خالد البرقی مرفوعاً ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن یزید قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : الله راض عن المؤمن

فی الدنیا والآخرة ، والمؤمن وإن کان راضیاً عن الله فإنّ فی قلبه ما فیه ، لما یری فی هذه الدنیا من التمحیص ، فإذا عاین الثواب یوم القیامة رضی عن الله الحقّ حقّ الرضا ، وهو قوله : (وَرَضُوا عَنْهُ)وقوله : (ذَلِکَ لِمَنْ خَشِیَ رَبَّهُ) أی أطاع ربّه((1)) .

باب (5) منزلة الشیعة عندالله سبحانه

الکافی : أحمد بن محمّد بن أحمد ، عن علی بن الحسن التیمی ، عن محمد بن عبدالله ، عن زرارة ، عن محمد بن الفضیل ، عن أبی حمزة قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث یقول لرجل من الشیعة - : أنتم أهل تحیّة الله بسلامه وأهل اُثرة((2)) الله برحمته وأهل توفیق الله بعصمته وأهل دعوة الله بطاعته ، لا حساب علیکم ولا خوف ولا

ص: 200


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص830 ضمن حدیث 1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص360 .
2- - الاُثرة : المکرمة المتوارثة (أقرب الموارد) .

حزن ، أنتم للجنّة والجنّة لکم ، أسماؤکم عندنا الصالحون والمصلحون وأنتم أهل الرّضا عن الله (عزّوجلّ) برضاه عنکم والملائکة إخوانکم فی الخیر فإذا جهدتم ادعوا ، وإذا غفلتم اجهدوا ، وأنتم خیر البریَّة ، دیارکم لکم جُنّة((1)) وقبورکم لکم جَنّة ، للجنّة خُلقتم وفی الجنّة نعیمکم وإلی الجنّة تصیرون((2)) .

ص: 201


1- - الجُنّة : السترة (أقرب الموارد) .
2- - الکافی : ج8 ص365 ح556 .

سورة الزلزلة

باب (1) ثواب قراءة سورة الزلزلة فی النوافل

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن علی بن معبد ، عن أبیه ، عمّن ذکره ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه قال : لا تملّوا من قراءة إذا زلزلت الأرض زلزالها ، فإنّه من کانت قراءته بها فی نوافله لم یصبه الله (عزّوجلّ) بزلزلة أبداً ولم یمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنیا حتّی یموت ، وإذا مات نزل علیه ملک کریم من عند ربّه فیقعد عند رأسه فیقول : یا ملک الموت أرفق بولی الله فإنّه کان کثیراً ما یذکرنی ویذکر تلاوة هذه السورة ، وتقول له السورة مثل ذلک ویقول ملک الموت : قد أمرنی ربّی أن أسمع له واُطیع ولا اُخرج روحه حتّی یأمرنی بذلک فإذا أمرنی أخرجت روحه ، ولا یزال ملک الموت عنده حتّی یأمره بقبض روحه ، وإذا کشف له الغطاء فیری منازله فی الجنّة فیخرج روحه من ألین ما یکون من العلاج ، ثمّ یشیّع روحه إلی الجنّة سبعون ألف ملک یبتدرون بها إلی الجنّة((1)) .

ص: 202


1- - الکافی : ج2 ص626 ح24 .

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمد ابن أحمد ، عن محمد بن حسان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن علی بن معبد ، عن أبیه ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : لا تملّوا من قراءة (إِذَا زُلْزِلَتِ الاَْرْضُ) فإنّ من کانت قرائته فی نوافله لم یصبه الله (عزّوجلّ) بزلزلة أبداً ، ولم یمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنیا ، فإذا مات أُمر به إلی الجنّة فیقول الله (عزّوجلّ) : عبدی أبحتک جنّتی ، فاسکن منها حیث شئت وهویت لا ممنوعاً ولا مدفوعاً((1)) .

باب (2) فائدة کتابة سورة الزلزلة

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الصادق (علیه السّلام) : مَن کَتبها وعلّقها علیه أو قرأها وهو داخل علی سلطان یخاف منه نجا ممّا یخاف منه ویحذر ، وإذا کُتبت علی طشت جدید لم یُستعمل ونظر فیه صاحب اللّقوة((2)) أزیل وجعه بإذن الله تعالی بعد ثلاث أو أقَلّ((3)) .

ص: 203


1- - ثواب الأعمال : ص152 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص369 .
2- - اللَّقوة : داء یصیب الوجه یعوج منه الشدق إلی أحد جانبی العنق فیخرج البلغم والبصاق من جانب واحد ولا یحسن التقاء الشفتین ولا تنطبق إحدی العینین (أقرب الموارد) .
3- - تفسیر البرهان : ج10 ص370 ح5 .

باب (3) ثواب قراءة سورة الزلزلة أربع مرّات

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : بالأسانید الثلاثة((1)) ، عن الرضا ، عن آبائه (علیهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : من قرأ سورة (إِذَا زُلْزِلَتِ) أربع مرّات ، کان کمن قرأ القرآن کلّه((2)) .

صحیفة الإمام الرضا (علیه السّلام) : بإسناده عن الرضا ، عن آبائه (علیهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : ... وذکر مثله((3)) .

ص: 204


1- - المذکورة فی عیون أخبار الرضا : ج2 ص24 .
2- - عیون أخبار الرضا : ج2 ص37 ح102 .
3- - صحیفة الإمام الرضا : ص228 ح118 . منهما بحار الأنوار : ج92 ص333 .

سورة العادیات

باب (1) ثواب قراءة سورة العادیات

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمد ابن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبی عبدالله المؤمن ، عن ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ سورة العادیات وأدمن قرائتها بعثه الله (عزّوجلّ) مع أمیر المؤمنین (علیه السّلام) یوم القیامة خاصة ، وکان فی حجره((1)) ورفقائه((2)) .

باب (2) فائدة قراءة سورة العادیات

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه

ص: 205


1- - نشأ زید فی حجر عمرو : أی فی کنفه ومنعته وحفظه وستره (أقرب الموارد) .
2- - ثواب الأعمال : ص152 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص377 .

السّلام) : من قرأها للخائف أمن من الخوف ، وقرائتها للجایع یسکّن جوعه ، والعطشان یسکّن عطشه ، فإذا قرأها وأدمن قرائتها المدیون أدی الله عنه دینه بأذن الله (تعالی)((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَالْعَادِیَاتِ ضَبْحاً * فَالْمُورِیَاتِ قَدْحاً * فَالْمُغِیرَاتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً * إِنَّ الاِْنسَانَ لِرَبِّهِ لَکَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَی ذَلِکَ لَشَهِیدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَیْرِ لَشَدِیدٌ * أَفَلاَ یَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِی الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِی الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ یَوْمَئِذ لَّخَبِیرٌ) (1 - 11) .

باب (3) قصّة نزول سورة العادیات

تفسیر القمی : حدّثنا جعفر بن أحمد ، عن عبدالله بن موسی قال : حدّثنا الحسن بن علی بن أبی حمزة ، عن أبیه ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (وَالْعَادِیَاتِ ضَبْحاً * فَالْمُورِیَاتِ قَدْحاً)قال : هذه السورة نزلت فی أهل وادی الیابس .

قال : قلت : وما کان حالهم وقصّتهم ؟

ص: 206


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص378 ح4 .

قال : إنّ أهل وادی الیابس اجتمعوا اثنی عشر ألف فارس ، وتعاقدوا وتعاهدوا وتواثقوا((1))

علی أن لا یتخلّف رجل عن رجل ، ولا یخذل أحد أحداً ولا یفرَّ رجل عن صاحبه حتّی یموتوا کلّهم علی حلف واحد ، أو یقتلوا محمداً وعلی بن أبی طالب ، فنزل جبرئیل علی محمد (صلّی الله علیه وآله) وأخبره بقصّتهم وما تعاقدوا علیه وتواثقوا((2)) ،

وأمره أن یبعث أبا بکر إلیهم فی أربعة آلاف فارس من المهاجرین والأنصار ، فصعد رسول الله المنبر ، فحمد الله وأثنی علیه ، ثمّ قال : یا معشر المهاجرین والأنصار ، إنّ جبرئیل أخبرنی أنّ أهل وادی الیابس إثنی عشر ألف فارس ، قد استعدوا وتعاقدوا وتعاهدوا علی أن لا یغدر رجل ]منهم[ بصاحبه ولا یفرّ عنه ، ولا یخذله حتّی یقتلونی وأخی علی بن أبی طالب وقد أمرنی أن أُسیّر إلیهم أبا بکر فی أربعة آلاف فارس ، فخذوا فی أمرکم((3)) واستعدوا لعدوکم ، وانهضوا إلیهم علی اسم الله وبرکته یوم الاثنین إن شاء الله تعالی ، فأخذ المسلمون عدّتهم وتهیّئوا ، وأمر رسول الله (صلّی الله علیه وآله) أبا بکر بأمره ، وکان فیما أمره به أنّه إذا رآهم أن یعرض علیهم الإسلام ، فإن تابعوه وإلاّ واقعهم((4)) ،

فیقتل مقاتلیهم ویسبی

ص: 207


1- - فی تفسیر البرهان : وتوافقوا .
2- - فی تفسیر البرهان : وتوافقوا .
3- - فی تفسیر البرهان : فی مسیرکم .
4- - واقعه مواقعة : حاربه (أقرب الموارد) .

ذراریهم ویستبیح أموالهم ویخرب ضیاعهم ودیارهم ، فمضی أبو بکر ومن معه من المهاجرین والأنصار فی أحسن عُدَّة وأحسن هیئة ، یسیر بهم سیراً رفیقاً حتّی انتهوا إلی أهل وادی الیابس ، فلمّا بلغ القوم نزول القوم علیهم ونزل أبو بکر وأصحابه قریباً

منهم خرج إلیهم من أهل وادی الیابس مائتا رجل مدجّجین بالسلاح((1)) ، فلمّا صادفوهم قالوا لهم : من أنتم ؟ ومن أین أقبلتم ؟ وأین تریدون ؟ لیخرج إلینا صاحبکم حتی نکلّمه .

فخرج إلیهم أبو بکر فی نفر من أصحابه المسلمین ، فقال لهم : أنا أبو بکر صاحب رسول الله .

قالوا : ما أقدمک علینا ؟

قال : أمرنی رسول الله أن أعرض علیکم الإسلام ، فإن تدخلوا فیما دخل فیه المسلمون ، لکم ما لهم وعلیکم ما علیهم ، وإلاّ فالحرب بیننا وبینکم .

قالوا له : أما واللاّت والعزّی لولا رحم بیننا وقرابة قریبة لقتلناک وجمیع أصحابک قتلة تکون حدیثاً لمن یکون بعدکم ، فارجع أنت ومن معک واربحوا العافیة ، فإنّا إنّما نرید صاحبکم بعینه ، وأخاه علی بن أبی طالب .

ص: 208


1- - المدجّج : اللابس السلاح لأنّه یتغطّی به (أقرب الموارد) .

فقال أبو بکر لأصحابه : یا قوم ، القوم أکثر منکم أضعافاً ، وأعدّ منکم ، وقد نأت دارکم عن إخوانکم من المسلمین ، فارجعوا نُعلم رسول الله بحال القوم .

فقالوا له جمیعاً : خالفت یا أبا بکر قول رسول الله وما أمرک به ، فاتَّق الله وواقع القوم ، ولا تخالف ] قول [ رسول الله .

فقال : إنّی أعلم ما لا تعلمون ، الشاهد یری ما لا یری الغائب ، فانصرف وانصرف الناس أجمعون ، فأُخبر رسول الله بمقالة القوم ، وما ردّ علیهم فلان (أبو بکر) فقال رسول الله : یا أبا بکر خالفت أمری ولم تفعل ما أمرتک به ، وکنت لی والله عاصیاً فیما أمرتک .

فقام النبی وصعد المنبر ، فحمد الله وأثنی علیه ، ثمّ قال : یا معشر المسلمین إنّی أمرت أبا بکر أن یسیر إلی أهل وادی الیابس ، وأن یعرض علیهم الإسلام ویدعوهم إلی الله ، فإن أجابوه وإلاّ واقعهم ، وإنّه سار إلیهم وخرج إلیه منهم مائتا رجل ، فلمّا سمع کلامهم وما استقبلوه به انتفخ صدره ، ودخله الرُّعب منهم وترک قولی ولم یُطع

أمری ، وإنّ جبرئیل أمرنی عن الله أن أبعث إلیهم عمر مکانه فی أصحابه فی أربعة آلاف فارس ، فسر یا عمر علی اسم الله ، ولا تعمل کما عمل أخوک ، فإنّه قد عصی الله وعصانی ، وأمره بما أمر به الأوّل (أبا بکر) .

فخرج وخرج معه المهاجرون والأنصار الذین کانوا مع الأوّل

ص: 209

یقتصد بهم فی سیرهم حتّی شارف القوم وکان قریباً منهم بحیث یراهم ویرونه ، وخرج إلیهم مائتا رجل ، فقالوا له ولأصحابه مثل مقالتهم للأوّل ، فانصرف وانصرف الناس معه ، وکاد أن یطیر قلبه ممّا رأی من عدّة القوم وجمعهم ، ورجع یهرب منهم ، فنزل جبرئیل فأخبر محمداً (صلّی الله علیه وآله وسلّم) بما صنع عمر ، وإنّه قد انصرف وانصرف المسلمون معه .

فصعد النبی (صلّی الله علیه وآله) المنبر ، فحمد الله وأثنی علیه ، وأخبر بما صنع عمر وما کان منه وأنّه قد إنصرف وانصرف المسلمون معه مخالفاً لأمری ، عاصیاً لقولی ، فقدم علیه فأخبره مثل ما أخبره به صاحبه ، فقال له : یا عمر عصیت الله فی عرشه وعصیتنی ، وخالفت قولی ، وعملت برأیک ، ألا قبّح الله رأیک ، وإنّ جبرئیل قد أمرنی أن أبعث علی بن أبی طالب فی هؤلاء المسلمین ، وأخبرنی أنّ الله یفتح علیه وعلی أصحابه ، فدعا علیاً وأوصاه بما أوصی به الأوّل والثانی وأصحابه الأربعة آلاف فارس وأخبره أنّ الله سیفتح علیه وعلی أصحابه .

فخرج علی ومعه المهاجرون والأنصار ، فسار بهم سیراً غیر سیر أبی بکر وعمر ، وذلک أنّه أعنف بهم فی السیر حتّی خافوا أن ینقطعوا من التعب وتحفی دوابّهم((1)) ،

فقال لهم : لا تخافوا ، فإنّ رسول الله قد أمرنی

ص: 210


1- - حفی الفرس : انسحی - أی انقشر - حافره من کثرة السیر (أقرب الموارد) .

بأمر ، وأخبرنی أنّ الله سیفتح علَیَّ وعلیکم ، فابشروا فإنّکم علی خیر وإلی خیر ، فطابت نفوسهم وقلوبهم وساروا علی ذلک السیر والتعب ، حتّی إذا کانوا قریباً منهم حیث یرونهم ویراهم أمر أصحابه أن ینزلوا ، وسمع أهل وادی الیابس بقدوم علی بن أبی طالب وأصحابه ،

فخرجوا إلیه((1)) منهم مائتا رجل شاکّین بالسلاح ، فلمّا رآهم علی خرج إلیهم فی نفر من أصحابه ، فقالوا لهم : من أنتم ؟ ومن أین أقبلتم ؟ وأین تریدون ؟

قال : أنا علی بن أبی طالب ، ابن عم رسول الله وأخوه ، ورسوله إلیکم ، أدعوکم إلی شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله ، ولکم إن آمنتم ما للمسلمین وعلیکم ما علیهم من خیر وشر .

فقالوا له : إیّاک أردنا وأنت طَلِبتُنا ، قد سمعنا مقالتک وما عرضت علینا ، هذا ما لا یوافقنا ، فخذ حذرک واستعد للحرب العوان((2)) ، وأعلم إنّا قاتلوک وقاتلوا أصحابک ، والموعد فیما بیننا وبینک غداً ضحوة ، وقد اعذرنا فیما بیننا وبینکم .

فقال لهم علی : ویلکم تُهدّدونی بکثرتکم وجمعکم ، فأنا أستعین بالله وملائکته والمسلمین علیکم ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلی العظیم ،

ص: 211


1- - فی تفسیر البرهان : فخرج الیهم .
2- - العَوَان : الحرب التی قوتل فیها مرّة بعد اخری کأنهم جعلوا الاولی بکراً ، والحرب العوان هی أشد الحروب (أقرب الموارد) .

فانصرفوا إلی مراکزهم وانصرف علی إلی مرکزه .

فلمّا جنّه اللیل أمر أصحابه أن یُحسِنوا إلی دوَابّهم ، ویُقضِموا((1))] ویحسّوا [((2)) ویسرجوا((3)) ، فلمّا انشقّ عمود الصبح صلّی بالناس بغلس((4)) ، ثمّ أغار علیهم بأصحابه ، فلم یعلموا حتّی وطأتهم الخیل ، فما أدرک آخر أصحابه حتّی قتل مقاتلیهم ، وسبی ذراریهم واستباح أموالهم ، وخرّب دیارهم ، وأقبل بالأساری والأموال معه ، ونزل جبرئیل فأخبر رسول الله (صلّی الله علیه وآله) بما فتح الله بعلی وجماعة المسلمین ، فصعد رسول الله المنبر ، فحمد الله وأثنی علیه ،

وأخبر الناس بما فتح الله علی المسلمین ، وأعلمهم أنّه لم یصب منهم إلاّ رجلین ، فنزل وخرج یستقبل علیاً فی جمیع أهل المدینة من المسلمین حتّی لقیه علی ثلاثة أمیال من المدینة ، فلمّا رآه علی مقبلاً نزل عن دابته ، ونزل النبی حتّی التزمه ، وقبّل ما بین عینیه ، فنزل جماعة المسلمین إلی علی حیث نزل رسول الله وأقبل بالغنیمة والأساری وما رزقهم الله به من أهل وادی الیابس .

ص: 212


1- - القَضْم : أکل الشیء الیابس ، وقَضِم الشیء : أکله وقیل کسره بأطراف أسنانه ، وأقضم الدابَّة : علفها القضیم - أی شعیر الدابَّة - (أقرب الموارد) .
2- - ما بین المعقوفتین من تفسیر البرهان . حسّ الدابّة : نفض التراب عنها بالمحسَّة - وهی آلة ینفض بها الغبار عن الدابَّة ویقال لها : الفرجون أیضاً - (أقرب الموارد) .
3- - أسرج الفرس : شدَّ علیه السَرج - وهو الرحل - (أقرب الموارد) .
4- - الغَلَس : ظلمة آخر اللیل (أقرب الموارد) .

ثمّ قال جعفر بن محمّد (علیه السّلام) : ما غَنِم المسلمون مثلها قط إلاّ أن یکون من خیبر ، فإنّها مثل ذلک ، وأنزل الله (تبارک وتعالی) فی ذلک الیوم هذه السورة (وَالْعَادِیَاتِ ضَبْحاً) یعنی بالعادیات الخیل تعدو بالرجال ، والضبح : صیحتها فی أعنّتها ولجمها .

(فَالْمُورِیَاتِ قَدْحاً * فَالْمُغِیرَاتِ صُبْحاً) فقد أخبرتک أنّها أغارت علیهم صبحاً .

قلت : قوله : (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) ؟

قال : ] یعنی [ الخیل یأثرن بالوادی نقعاً (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) .

قلت : قوله : (إِنَّ الاِْنسَانَ لِرَبِّهِ لَکَنُودٌ) ؟

قال : لکفور .

(وَإِنَّهُ عَلَی ذَلِکَ لَشَهِیدٌ) ؟

قال : یعنیهما جمیعاً ، قد شهدا جمیعاً وادی الیابس ، وکانا لِحبِّ الحیاة لحریصین .

قلت : قوله : (أَفَلاَ یَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِی الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِی الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ یَوْمَئِذ لَّخَبِیرٌ) ؟

قال : نزلت الآیتان فیهما خاصّة ، کانا یضمران ضمیر السوء ویعملان به ، فأخبر الله خبرهما وفعالهما ، فهذه قصّة أهل وادی الیابس

ص: 213

وتفسیر العادیات((1)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنی عبدالله بن بحر بن طیفور معنعناً ، عن جعفر بن محمد (علیهما السّلام) فی قول الله (تبارک وتعالی) : (وَالْعَادِیَاتِ ضَبْحاً) قال : هذه السورة فی أهل وادی الیابس ... وذکر نحوه((2)) .

أمالی الطوسی : قری علی أبی القاسم علی بن شبل بن أسد الوکیل وأنا أسمع حدثنا ظفر بن حمدون بن أحمد بن شدّاد البادرائی أبو منصور قال : حدّثنا إبراهیم بن اسحاق الأحمری قال : حدّثنا محمد بن ثابت وأبو المغرا العجلی قالا : حدّثنا الحلبی قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالْعَادِیَاتِ ضَبْحاً) ؟

قال : وجَّه رسول الله عمر بن الخطّاب فی سریَّة ، فرجع منهزماً یُجبّن أصحابه ویجبّنونه أصحابه ، فلمّا انتهی إلی النبی (صلّی الله علیه وآله) قال لعلی : أنت صاحب القوم ، فتهیَّأ أنت ومن تُریده من فرسان المهاجرین والأنصار ، فوجَّهه رسول الله (صلّی الله علیه وآله) فقال له : أکمن النهار وسر اللیل ولا تفارقک العین .

قال : فانتهی علی إلی ما أمره به رسول الله (صلّی الله علیه وآله)

ص: 214


1- - تفسیر القمی : ج2 ص434 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص379 .
2- - تفسیر فرات الکوفی : ص599 ح761 .

فسار إلیهم ، فلمّا کان عند وجه الصبح أغار علیهم ، فأنزل الله علی نبیّه (صلّی الله علیه وآله) (وَالْعَادِیَاتِ ضَبْحاً) إلی آخرها((1)) .

باب (4) الإنسان الکنود

تأویل الآیات الظاهرة : روی ابن أورمة ، عن علی بن حسان ، عن عبد الرحمن بن کثیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (إِنَّ الاِْنسَانَ لِرَبِّهِ لَکَنُودٌ) قال : کفورٌ بولایة أمیر المؤمنین (علیه السّلام)((2)) .

ص: 215


1- - أمالی الطوسی : ص407 ح913 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص387 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص843 ح4 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص387 .

سورة القارعة

باب (1) فائدة قراءة وکتابة سورة القارعة

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : إذا عُلّقت علی من تعطَّل وکسدت سلعته رزقه الله تعالی نفاق((1))سلعته ، وکذا کلّ من أدمن فی قرائتها فعلت به ذلک بإذن الله تعالی((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا الْقَارِعَةُ * یَوْمَ یَکُونُ النَّاسُ کَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَکُونُ الْجِبَالُ کَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ * فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِینُهُ * فَهُوَ فِی عِیشَة رَّاضِیَة * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِینُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِیَةٌ * وَمَا أَدْرَاکَ مَا هِیَهْ * نَارٌ حَامِیَةٌ)(1 - 11) .

ص: 216


1- - النفاق : جمع النفقة وهو ما تنفقه من الدراهم (أقرب الموارد) . والمعنی إنّه یبیع سلعته بسرعة وسهولة .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص389 ح4 .

باب (2) الصلاة علی محمّد وآله أثقل شیء فی المیزان

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن أبی أیوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (علیهما السّلام) قال : ما فی المیزان شیء أثقل من الصلاة علی محمّد وآل محمّد ، وإنّ الرجل لتوضع أعماله فی المیزان فتمیل به فیُخرج (صلّی الله علیه وآله) الصلاة علیه فیضعها فی میزانه فیرجّح ] به [((1)) .

باب (3) معنی المیزان

الاحتجاج : عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی جواب قول السائل أولیس توزن الأعمال ؟ - قال (علیه السّلام) : لا ، إنّ الأعمال لیست بأجسام ، وإنّما هی صفة ما

عملوا وإنّما یحتاج إلی وزن الشیء مَن جَهل عددَ الأشیاء ، ولا یَعرف ثقلها أو خِفَّتها وإنّ الله لا یخفی علیه شیء .

قال : فما معنی المیزان ؟

قال (علیه السّلام) : العدل .

قال : فما معناه فی کتابه (ثَقُلَتْ مَوَازِینُهُ) ؟

قال (علیه السّلام) : فمن رجح عمله((2)) .

ص: 217


1- - الکافی : ج2 ص494 ح15 .
2- - الاحتجاج : ص351 .

باب (4) ذِکر الله یملأ المیزان

الکافی : علی ، عن أبیه ، عن النوفلی ، عن السکونی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قال أمیر المؤمنین (علیه السّلام) : التسبیح نصف المیزان ، والحمد لله یملأ المیزان ، والله أکبر یملأ ما بین السماء والأرض((1)) .

باب (5) تأویل مَن ثَقُلَ میزانُه وخَفّ میزانُه

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا الحسن بن علی بن زکریا بن عاصم (الیمنی) ، عن الهیثم بن عبد الرحمن قال : حدّثنا أبو الحسن علی بن موسی بن جعفر ، عن أبیه ، عن جدّه (صلوات الله علیهم) فی قوله (عزّوجلّ) : (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِینُهُ * فَهُوَ فِی عِیشَة رَّاضِیَة) قال : نزلت فی علی بن أبی طالب (علیه السّلام) (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِینُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِیَةٌ) قال : نزلت فی ثلاثة((2)) .

مناقب آل أبی طالب : الإمامان الجعفران (علیهما السّلام) فی قوله تعالی : (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِینُهُ) فهو أمیر المؤمنین (علیه السّلام)

ص: 218


1- - الکافی : ج2 ص506 ح3 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص849 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص392 .

(فَهُوَ فِی عِیشَة رَّاضِیَة * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِینُهُ) وأنکر ولایة علی (علیه السّلام) (فَأُمُّهُ هَاوِیَةٌ) فهی النار ، جعلها الله له أُمّاً ومأواه((1)) .

باب (6) علامة من کان خفیف المیزان

من لا یحضره الفقیه : روی محمّد بن أبی عمیر ، عن عیسی الفرّاء ، عن عبدالله بن أبی یعفور قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : قال أبو جعفر الباقر (علیه السّلام) : من کان ظاهره أرجح من باطنه خفّ میزانه((2)) .

باب (7) الکریم واللّئیم

من لا یحضره الفقیه : روی المفضّل ، عن الصادق (علیه السّلام) أنّه قال : وقع بین سلمان الفارسی (رحمة الله علیه) وبین رجل خصومة فقال الرجل لسلمان : من أنت ؟ وما أنت ؟

فقال سلمان : أمّا أوّلی وأوّلک فنطفة قذرة ، وأمّا آخری وآخرک فجیفة منتنة ، فإذا کان یوم القیامة ونصبت الموازین فمن ثقلت موازینه

ص: 219


1- - مناقب آل أبی طالب : ج2 ص151 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص392 .
2- - من لا یحضره الفقیه : ج4 ص404 ح5870 .

فهو الکریم ، ومن خفّت موازینه فهو اللئیم((1)) .

باب (8) قصّة مرور النبی عیسی علی قریة معذَّبة

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن منصور بن العباس ، عن سعید بن جناح ، عن عثمان بن سعید ، عن عبد الحمید بن علی الکوفی ، عن مهاجر الأسدی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : مرّ عیسی بن مریم علی قریة قد مات أهلها وطیرها ودوابّها ، فقال : أما أنّهم لم یموتوا إلاّ بسخطة ، ولو ماتوا متفرّقین لتدافنوا .

فقال الحواریون : یا روح الله وکلمته ، ادع الله أن یحییهم لنا فیخبرونا ما کانت أعمالهم فنجتنبها ، فدعی عیسی ربّه ، فنُودی من الجو : أن نادهم ، فقام عیسی باللیل علی شرف((2)) من الأرض ، فقال : یا أهل هذه القریة ، فأجابه منهم مجیب : لبیک یا روح الله وکلمته .

فقال : ویحکم ما کانت أعمالکم ؟

قال : عبادة الطاغوت وحب الدنیا مع خوف قلیل ، وأمل بعید ، وغفلة فی لهو ولعب .

ص: 220


1- - من لا یحضره الفقیه : ج4 ص404 ح5874 .
2- - الشَرَف : المکان العالی (أقرب الموارد) .

فقال : کیف کان حبُّکم للدنیا ؟

قال : کحُبِّ الصبی لأُمِّه ، إذا أقبلتْ علینا فرحنا وسررنا ، وإذا أدبرتْ عنّا بکینا وحزنا .

قال : کیف کانت عبادتکم للطاغوت ؟

قال : الطاعة لأهل المعاصی .

قال : کیف کان عاقبة أمرکم ؟

قال : بتنا لیلة فی عافیة وأصبحنا فی الهاویة .

فقال : وما الهاویة ؟

فقال : سجّین .

قال : وما سجّین ؟

قال : جبال من جَمر توقَد علینا إلی یوم القیامة .

قال : فما قلتم ، وما قیل لکم ؟

قال : قلنا : رُدّنا إلی الدنیا فنزهد فیها .

قیل لنا : کذبتم .

قال : ویحک کیف لم یکلّمنی غیرک من بینهم ؟

قال : یا روح الله إنّهم ملجَمون بلجام من نار بأیدی ملائکة غلاظ شداد ، وإنّی کنت فیهم ولم أکن منهم ، فلمّا نزل العذاب عَمَّنی معهم فأنا مُعلّق بشعرة علی شفیر جهنم ، لا أدری أکبکب فیها أم أنجو منها .

ص: 221

فالتفت عیسی إلی الحواریین فقال : یا أولیاء الله أکل الخبز الیابس بالملح الجریش((1)) والنوم علی المزابل خیر کثیر مع عافیة الدنیا والآخرة((2)) .

معانی الأخبار : حدّثنا أبی قال : حدّثنا محمّد بن یحیی العطّار قال : حدّثنا یعقوب بن یزید ، عن محمّد بن عمر ، عن صالح بن سعید ، عن أخیه سهل الحلوانی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : بینا عیسی بن مریم فی سیاحته إذ مرّ بقریة ، فوجد أهلها موتی فی الطریق والدور ، قال : فقال : إنّ هؤلاء ماتوا بسخطة ولو ماتوا بغیرها تدافنوا .

قال : فقال أصحابه : وددنا أنّا عرفنا قصّتهم .

فقیل له : نادهم یا روح الله .

قال : فقال : یا أهل القریة .

قال : فأجابهم مجیب منهم : لبیک یا روح الله .

قال : ما حالکم وما قصّتکم ؟

قالوا : أصبحنا فی عافیة وبتنا فی الهاویة .

قال : فقال : وما الهاویة ؟

قال : بحار من نار فیها جبال من نار .

قال : وما بلغ بکم ما أری ؟

ص: 222


1- - الملح الجریش : المجروش الذی لم ینعم دقه (مجمع البحرین) .
2- - الکافی : ج2 ص318 ح11 .

قال : حبّ الدنیا وعبادة الطاغوت .

قال : وما بلغ من حبّکم للدنیا ؟

فقال : کحبّ الصبی لاُمّه إذا أقبلت فرح وإذا أدبرت حزن .

قال : وما بلغ من عبادتکم الطواغیت ؟

قال : کانوا إذا أمرونا أطعناهم .

قال : فکیف أجبتنی أنت من بینهم ؟

قال : لأنّهم مُلجمون بلجم من نار ، علیهم ملائکة غلاظ شداد ، وإنّی کنت فیهم ولم أکن منهم ، فلمّا أصابهم العذاب أصابنی معهم ، فأنا معلّق بشجرة أخاف أن أکبکب فی النار((1)) .

قال : فقال عیسی لأصحابه : النوم علی المزابل ، وأکل خُبز الشعیر ، خیر کثیر مع سلامة الدین((2)) .

علل الشرایع : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن یعقوب بن یزید بهذا الاسناد نحوه((3)) .

ص: 223


1- - کُبکِب فی النار : أی أُلقی علی رأسه واُطرح فیها (مجمع البحرین) .
2- - معانی الأخبار : ص341 .
3- - علل الشرایع : ص466 ح21 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص392 .

سورة التکاثر

باب (1) ثواب قراءة سورة التکاثر

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن جعفر بن محمّد ابن بشیر ، عن عبید الله الدهقان، عن درست ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : من قرأ (أَلْهَاکُمُ التَّکَاثُرُ) عند النوم وُقی ] من [ فتنة القبر((1)) .

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی العطّار قال : حدّثنی محمد بن أحمد ، عن سهل بن زیاد ، عن جعفر بن محمّد بن یسار ، عن عبید الله الدهقان مثله((2)) .

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمد ابن أحمد ، عن محمد بن حسان ، عن اسماعیل بن مهران ، عن الحسن ،

ص: 224


1- - الکافی : ج2 ص623 ح14 .
2- - ثواب الأعمال : ص153 ح2 .

عن شعیب ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ سورة (أَلْهَاکُمُ التَّکَاثُرُ) فی فریضة کتب الله له ثواب وأجر مائة شهید ، ومن قرأها فی نافلة کتب الله له ثواب خمسین شهیداً ، وصلّی معه فی فریضته أربعون صفاً من الملائکة إن شاء الله تعالی((1)) .

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها وقت نزول المطر ، غفر الله له ، ومن قرأها وقت صلاة العصر کان فی أمان الله إلی غروب الشمس من الیوم الثانی بإذن الله تعالی((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (ثُمَّ کَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * کَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْیَقِینِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِیمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَیْنَ الْیَقِینِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ)(4 - 8) .

باب (2) معنی « عِلم الیقین »

المحاسن : البرقی ، عن أبیه ، عن محمد بن أبی عمیر ، عن هشام

ص: 225


1- - ثواب الأعمال : ص153 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص395 .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص396 ح4 .

ابن سالم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله : (لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْیَقِینِ) قال : المعاینة((1)) .

باب (3) من آیات الرّجعة

تأویل الآیات الظاهرة : فی تفسیر أهل البیت (علیهم السّلام) قال : حدّثنا بعض أصحابنا ، عن محمّد بن علی ، عن عمر بن عبد العزیز ، (عن عبدالله) بن نجیح الیمانی قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السّلام) : قوله (عزّوجلّ) : (کَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ کَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ) یعنی مرّة فی الکرّة ، ومرّة أخری یوم القیامة((2)) .

باب (4) الولایة هی النعیم

أمالی الطوسی : أخبرنا أبو عمر (عبد الواحد بن محمد بن عبدالله ابن محمد بن مهدی) قال : حدّثنا أحمد (بن محمد بن سعید بن عبد الرحمن بن عقدة الحافظ) قال : حدّثنا جعفر بن علی بن نجیح الکندی قال : حدّثنا حسن بن حسین قال : حدّثنا أبو حفص الصایغ - قال أبو

ص: 226


1- - المحاسن : ج1 ص385 ح852 الطبعة الحدیثة . منه تفسیر البرهان : ج10 ص397 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة: ج2 ص850 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص397 .

العباس : هو عمر بن راشد أبو سلیمان - عن جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) فی قوله : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) .

قال : نحن من النعیم .

وفی قوله : (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِیعاً)((1)) قال : نحن الحبل((2)) .

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : حدّثنا الحاکم أبو علی الحسین ابن أحمد البیهقی قال : حدّثنا محمّد بن یحیی الصولی قال : حدّثنا أبو ذکوان القاسم بن إسماعیل قال : حدّثنا إبراهیم بن عبّاس الصولی الکاتب قال : کنّا یوماً بین یدی علی بن موسی الرضا (علیهما السّلام) فقال لی : لیس فی الدنیا نعیم حقیقی .

فقال له بعض الفقهاء ممّن یحضره : فیقول الله (عزّوجلّ) : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) أما هذا النعیم فی الدنیا وهو الماء البارد ؟

فقال له الرضا (علیه السّلام) - وعلا صوته - : کذا فسّرتموه أنتم ، وجعلتموه علی ضروب فقالت طائفة : هو الماء البارد ، وقال غیرهم : هو الطعام الطیّب ، وقال آخرون : هو النوم الطیّب .

قال الرضا (علیه السّلام) : ولقد حدّثنی أبی ، عن أبیه أبی عبدالله الصادق (علیه السّلام) : أنّ أقوالکم هذه ذکرت عنده فی قول الله تعالی :

ص: 227


1- - آل عمران 3 : 103 .
2- - أمالی الطوسی : ص272 ح510 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص398 .

(ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) فغضب (علیه السّلام) وقال : إنّ الله (عزّوجلّ) لا یسأل عباده عمّا تفضّل علیهم به ، ولا یمنّ بذلک علیهم ، والامتنان بالأنعام مستقبح من المخلوقین ، فکیف یضاف إلی الخالق (عزّوجلّ) ما لا یرضی المخلوق به ؟! ولکنّ النعیم حبّنا أهل البیت وموالاتنا ، یسأل الله عباده عنه بعد التوحید والنبوّة ، لأنّ العبد إذا وفا بذلک أدّاه إلی نعیم الجنّة الذی لا یزول ... إلی آخر الحدیث((1)) .

تفسیر القمی : أخبرنا أحمد بن إدریس ، عن أحمد بن محمد ، عن سلمة بن عطا ، عن جمیل ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قلت له : (لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) .

قال : تسأل هذه الأمّة عمّا أنعم الله علیها برسوله ، ثمّ بأهل بیته المعصومین (علیهم السّلام)((2)) .

التهذیب : الحسین بن الحسن الحسینی قال : حدّثنا محمّد بن موسی الهمدانی قال : حدّثنا علی بن حسّان الواسطی قال : حدّثنا علی بن الحسین العبدی قال : سمعت أبا

عبدالله الصادق (علیه السّلام) - یذکر فی الدعاء بعد صلاة الغدیر - : « اللهمّ فکما کان من شأنک یا صادق الوعد ، یا من لا یخلف المیعاد ، یا من هو کلّ یوم فی شأن ، أن أنعمت علینا بموالاة

ص: 228


1- - عیون أخبار الرضا : ج2 ص129 ح8 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص399 .
2- - تفسیر القمی : ج2 ص440 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص398 .

أولیائک المسؤول عنها عبادک ، فإنّک قلت وقولک الحقّ : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ)... إلی آخر الحدیث((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن عمر بن عبد العزیز ، عن عبدالله بن نجیح الیمانی قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السّلام) : ما معنی قوله (عزّوجلّ) : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) ؟

قال : النعیم : الذی أنعم الله به علیکم من ولایتنا ، وحبّ محمّد وآل محمّد (صلوات الله علیهم)((2)) .

مناقب آل أبی طالب : التنویر فی معانی التفسیر : الباقر والصادق (علیهما السّلام) : النعیم ولایة أمیر المؤمنین (علیه السّلام)((3)) .

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا أحمد بن محمّد الورّاق ، عن جعفر بن علی بن نجیح ، عن حسن بن حسین ، عن أبی حفص الصایغ ، عن جعفر بن محمّد فی قوله (عزّوجلّ) : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) قال: نحن النعیم((4)) .

ص: 229


1- - التهذیب : ج3 ص146 ح317 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص850 ح4 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص401 .
3- - مناقب آل أبی طالب : ج2 ص153 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص403 .
4- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص850 ح3 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص401 .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنا أبو القاسم العلوی قال : حدّثنا فرات بن إبراهیم الکوفی قال : حدّثنی علی بن العباس قال : حدّثنا الحسن بن محمّد المزنی قال : حدّثنا الحسن بن الحسین ، عن أبی حفص الصائغ قال : سمعت جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) یقول فی قول الله تعالی : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) قال : نحن من النعیم الذی ذکر الله . ثمّ قال : قرأ جعفر : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِی أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَیْهِ)((1)) .

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عیسی ، عن أبی سعید ، عن أبی حمزة قال : کنّا عند أبی عبدالله (علیه السّلام) جماعة ، فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطیباً ، واُوتینا بتمر ننظر فیه إلی وجوهنا من صفائه وحسنه ، فقال رجل : لتُسألنّ عن هذا النعیم الذی نعمتم به عند ابن رسول الله (صلّی الله علیه وآله) ؟

فقال أبو عبدالله (علیه السّلام) : إنّ الله (عزّوجلّ) أکرم وأجلّ أن یُطعمکم طعاماً فیُسوّغکموه ثمّ یسألکم عنه ، ولکن یسألکم عمّا أنعم علیکم بمحمد وآل محمّد (صلّی الله علیه وعلیهم)((2)) .

تفسیر فرات الکوفی : فرات قال : حدّثنی محمّد بن الحسن معنعناً ،

ص: 230


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص605 ح762 . والآیة الأخیرة فی سورة الأحزاب 33 : 37 .
2- - الکافی : ج6 ص280 ح3 .

عن حنان بن سدیر قال : حدّثنی أبی قال : کنت عند جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) فقدّم إلینا طعاماً ما أکلتُ طعاماً مثله قط .

فقال لی : یا سدیر کیف رأیت طعامنا هذا ؟

قلت : بأبی أنت واُمّی یا بن رسول الله ما أکلتُ مثله قط ولا أظن آکل أبداً مثله ، ثمّ إنّ عینی تغرغرت فبکیت .

فقال : یا سدیر ما یبکیک ؟

قلت : یا بن رسول الله ذکرت آیة فی کتاب الله تعالی .

قال : وما هی ؟

قلت : قول الله فی کتابه : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) فخفت أن یکون هذا الطعام من النعیم الذی یسألنا الله عنه .

فضحک حتّی بدت نواجذه ، ثمّ قال : یا سدیر لا تُسأل عن طعام طیّب ولا ثوب لیّن ولا رائحة طیّبة، بل لنا خُلق وله خُلقنا ولنعمل فیه بالطاعة .

قلت له : بأبی أنت واُمّی یا بن رسول الله فما النعیم ؟

قال : حبُّ علی وعترته یسألهم الله یوم القیامة : کیف کان شکرکم لی حین أنعمت علیکم بحب علی وعترته ؟((1))

تأویل الآیات الظاهرة : محمد بن العباس قال : حدّثنا علی بن

ص: 231


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص605 ح763 .

أحمد بن حاتم ، عن حسن بن عبد الواحد ، عن القاسم بن الضحّاک ، عن أبی حفص الصائغ ، عن الإمام جعفر بن محمد (علیهما السّلام) أنّه قال : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) والله ما هو الطعام والشراب ، ولکن ولایتنا أهل البیت((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی الشیخ المفید ، بإسناده إلی محمّد بن السائب الکلبی قال : لمّا قدم الصادق (علیه السّلام) العراق ] و [نزل الحیرة ، فدخل علیه أبو حنیفة وسأله عن مسائل ، وکان ممّا سأله أن قال له : جعلت فداک ما الأمر بالمعروف ؟

فقال (علیه السّلام) : المعروف - یا أبا حنیفة - المعروف فی أهل السماء ، المعروف فی أهل الأرض ، وذاک أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب .

قال : جعلت فداک فما المنکر ؟

قال : اللّذان ظَلماه حقّه ، وابتزّاه أمره ، وحَملا الناس علی کتفه .

قال : ألا ما هو أن تری الرجل علی معاصی الله فتنهاه عنها ؟

فقال أبو عبدالله (علیه السّلام) : لیس ذلک أمراً بالمعروف ، ولا نهیاً عن المنکر إنّما ذاک خیر قدّمه .

قال أبو حنیفة : أخبِرنی - جعلت فداک - عن قول الله (عزّوجلّ) :

ص: 232


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص850 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص401 .

(ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) ؟

قال : فما هو عندک یا أبا حنیفة ؟

قال : الأمن فی السرب((1)) وصحّة البدن والقوت الحاضر .

فقال : یا أبا حنیفة لئن وقفک الله وأوقفک یوم القیامة حتّی یسألک عن کلّ أکلة أکلتها وشربة شربتها لیطولنّ وقوفک .

قال : فما النعیم جعلت فداک ؟

قال : النعیم نحن الذین أنقذالله الناس بنا من الضلالة، وبصّرهم بنا من العمی ، وعلّمهم بنا من الجهل .

قال : جُعلت فداک فکیف کان القرآن جدیداً أبداً ؟

قال : لأنّه لم یُجعل لزمان دون زمان فتُخلقه الأیام ، ولو کان کذلک لفُنی القرآن قبل فناء العالم((2)) .

مجمع البیان : روی العیاشی باسناده - فی حدیث طویل - قال : سأل أبو حنیفة أبا عبدالله (علیه السّلام) عن هذه الآیة ، فقال له : ما النعیم عندک یا نعمان ؟

قال : القوت من الطعام والماء البارد .

فقال : لئن أوقفک الله یوم القیامة بین یدیه حتّی یسألک عن کلّ أکلة

ص: 233


1- - السرب - بالفتح والکسر - : الطریق (أقرب الموارد) .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص852 ح8 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص402 .

أکلتها وشربة شربتها لیطولنّ وقوفک بین یدیه .

قال : فما النعیم جعلت فداک ؟

قال : نحن أهل البیت ، النعیم الذی أنعم الله بنا علی العباد ، وبنا ائتلفوا بعد أن کانوا مختلفین ، وبنا ألّف الله بین قلوبهم وجعلهم إخواناً بعد أن کانوا أعداء ، وبنا هداهم الله للإسلام وهی النعمة التی لا تنقطع ، والله سائلهم عن حقّ النعیم الذی أنعم الله به علیهم ، وهو النبی وعترته((1)) .

المحاسن : البرقی ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حفص بن البختری ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله تعالی : (لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) قال : إنّ الله أکرم من أن یسأل مؤمناً عن أکله وشربه((2)) .

باب (5) معان اخری للنعیم

مجمع البیان : عن أبی جعفر وأبی عبدالله (علیهما السّلام) فی معنی النعیم .

قیل : هو الأمن والصحة((3)) .

تفسیر البرهان : عن طریق المخالفین ، عن أبی نعیم الحافظ یرفعه

ص: 234


1- - مجمع البیان : ج5 ص534 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص403 .
2- - المحاسن : ج2 ص163 ح1446 الطبعة الحدیثة . منه بحار الأنوار : ج7 ص272 .
3- - مجمع البیان : ج5 ص534 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص404 .

إلی جعفر بن محمد فی قوله تعالی : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ)یعنی الأمن والصحة وولایة علی (علیه السّلام)((1)) .

أمالی الصدوق : حدّثنا الحسین بن إبراهیم بن ناتانه قال : حدّثنا علی بن إبراهیم بن هاشم ، عن أبیه، عن محمّد بن یحیی الخزّاز ، عن غیاث بن إبراهیم ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبیه ، عن آبائه (علیهم السّلام) ، عن علی بن أبی طالب (علیه السّلام) قال : من ذکر اسم الله علی الطعام لم یُسأل من نعیم ذلک الطعام أبداً((2)) .

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : بالأسانید الثلاثة((3)) ، عن الرضا ، عن آبائه (علیهم السّلام) قال : قال علی بن أبی طالب (علیه السّلام) فی قول الله (عزّوجلّ) : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ) قال : الرُّطب والماء البارد((4)) .

صحیفة الإمام الرضا (علیه السّلام) : بإسناده قال : حدّثنی أبی ، عن علی بن أبی طالب (علیه السّلام) فی قوله تعالی ... وذکر مثله((5)) .

أقول : قال العلاّمة المجلسی (طاب ثراه) : لعلّه محمول علی التقیة

ص: 235


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص404 ح21 .
2- - أمالی الصدوق : ص246 ح13 .
3- - المذکورة فی عیون أخبار الرضا : ج2 ص24 .
4- - عیون أخبار الرضا : ج2 ص38 ح110 . منه بحار الأنوار : ج7 ص273 .
5- - صحیفة الإمام الرضا : ص230 ح126 .

أو علی أنّه یُسأل المخالفون عنها لا المؤمنون .

باب (6) ثلاثة أشیاء لا یُحاسَب علیها العبد المؤمن

المحاسن : البرقی ، عن ابن محبوب ، عن علی بن رئاب ، عن الحلبی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : ثلاثة أشیاء لا یُحاسب العبد المؤمن علیهنّ : طعام یأکله ، وثوب یلبسه ، وزوجة صالحة تعاونه ویُحصن بها فرجه((1)) .

الخصال : حدّثنا محمّد بن الحسن (رضی الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن یعقوب بن یزید ، عن الحسن بن علی ، عن ابن زیاد ، عن الحلبی قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : ثلاثة أشیاء لا یحاسب الله علیها المؤمن : طعام یأکله ... وذکر مثله((2)) .

ص: 236


1- - المحاسن : ج2 ص163 ح1445 الطبعة الحدیثة . منه بحار الأنوار : ج7 ص265 .
2- - الخصال : ص80 ح2 . منه بحار الانوار : ج66 ص317 .

سورة العصر

باب (1) ثواب قراءة سورة العصر فی النوافل

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسان ، عن اسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسین بن أبی العلاء ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ والعصر فی نوافله بعثه الله یوم القیامة مُشرقاً وجهُه ، ضاحکاً سنّه ، قریراً عینه ، حتی یدخل الجنة((1)) .

باب (2) فائدة قراءة سورة العصر

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : اذا قُرأت علی ما یُدفن حُفظ باذن الله ، ووکّل به من یحرسه الی

ص: 237


1- - ثواب الأعمال : ص153 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص405 .

أن یُخرجه صاحبه((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِی خُسْر) (1 و2) .

باب (3) تأویل الآیة

کمال الدین : حدّثنا أحمد بن هارون القاضی((2)) ،

وجعفر بن محمد ابن مسرور ، وعلی بن الحسین بن شاذویه المؤدب (رضی الله عنهم) قالوا : حدّثنا محمّد بن عبدالله بن جعفر بن جامع الحمیری ، قال : حدّثنا أبی ، عن محمّد بن الحسین بن

أبی الخطّاب الدقاق((3)) ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر قال : سألت الصادق جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِی خُسْر) ؟

قال (علیه السّلام) : العصر : عصر خروج القائم (الاِْنسَانَ لَفِی خُسْر) یعنی أعداءَنا (إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا) یعنی بآیاتنا (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) یعنی بمواساة الإخوان (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) یعنی بالإمامة

ص: 238


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص405 ح4 .
2- - فی تفسیر البرهان : الفامی .
3- - هکذا فی المصدر والظاهر أنّ الأصح : الزیّات ، کما فی معجم الرجال .

(وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) یعنی فی الفترة((1)) و((2)) .

باب (4) الآیة مع التفسیر

تفسیر القمی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِی خُسْر) قال : هو قَسَم وجوابه (إِنَّ الاِْنسَانَ) .

وقرأ أبو عبدالله (علیه السّلام) : (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِی خُسْر) وإنّه فیه إلی آخر الدهر (إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)وأتمروا بالتقوی ، وأتمروا بالصبر((3)) .

* * * * *

قوله تعالی : (إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (3) .

باب (5) الإیمان بالولایة والتواصی بها

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا محمّد بن

ص: 239


1- - فی تفسیر البرهان : یعنی فی العُسرة .
2- - کمال الدین : ص656 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص406 . والفترة : ما بین کلّ نبیّین من الزمان ، وما بین کلّ رسولین من رُسُل الله (عزّوجلّ) الذی انقطعت فیه الرسالة (أقرب الموارد) .
3- - تفسیر القمی : ج2 ص441 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص407 .

القاسم بن سلمة ، عن جعفر بن عبدالله المحمدی ، عن أبی صالح الحسن بن إسماعیل ، عن عمران بن عبدالله المشرقانی ، عن عبدالله بن عبید ، عن محمّد بن علی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) قال : استثنی الله سبحانه أهل صفوته من خلقه حیث قال : (إِنَّ

الاِْنسَانَ لَفِی خُسْر * إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا) بولایة أمیر المؤمنین علی (علیه السّلام) (وَعَمِلُوا

الصَّالِحَاتِ) أی أدّوا الفرایض (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) أی بالولایة (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) أی وصوا ذراریهم ومن خلّفوا من بعدهم بها ، وبالصبر علیها((1)) .

تفسیر القمی : حدّثنا محمّد بن جعفر قال : حدّثنا یحیی بن زکریا ، عن علی بن حسّان ، عن عبد الرحمن بن کثیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله : (إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) فقال : استثنی أهل صفوته من خلقه حیث قال : (إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِی خُسْر * إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا) بولایة علی أمیر المؤمنین (علیه السّلام) (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) ذریّاتهم ومن خلّفوا بالولایة وتواصوا بها وصبروا علیها((2)) .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنا أبو القاسم العلوی قال : حدّثنا

ص: 240


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص853 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص407 .
2- - تفسیر القمی : ج2 ص441 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص407 .

فرات معنعناً ، عن أبی عبدالله الصادق (علیه السّلام) فی قوله تعالی : (إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) قال : استثنی الله تعالی أهل صفوته من خلقه حیث قال : (إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِی خُسْر * إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) أدّوا الفرائض (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) الولایة وأوصوا ذراریهم ومن خلّفوا بالولایة وبالصبر علیها((1)) .

ص: 241


1- - تفسیر فرات الکوفی : ص607 ح765 .

سورة الهمزة

باب (1) فوائد قراءة سورة الهمزة

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسین بن أبی العلاء ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ (وَیْلٌ لِّکُلِّ هُمَزَة لُّمَزَة) فی فرایضه بعّد الله عنه الفقر وجلب علیه الرزق ویدفع عنه میتة السوء((1)) .

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : إذا قُرأتْ علی من به عین زالت عنه العین بقدرة الله تعالی((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَیْلٌ لِّکُلِّ هُمَزَة لُّمَزَة * الَّذِی جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * یَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ) (1 - 3) .

ص: 242


1- - ثواب الأعمال : ص154 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص409 .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص409 ح4 .

باب (2) تأویل الآیة

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا أحمد بن محمّد النوفلی ، عن محمّد بن عبدالله بن مهران ، عن محمّد بن خالد البرقی ، عن محمد بن سلیمان الدیلمی ، عن أبیه سلیمان قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السّلام) : ما معنی قوله (عزّوجلّ) : (وَیْلٌ لِّکُلِّ هُمَزَة لُّمَزَة) ؟

قال : الذین همزوا آل محمّد حقّهم ولمزوهم((1)) ، وجلسوا مجلساً کان آل محمّد أحقّ به منهم((2)) .

باب (3) عذاب الهمّاز

الخصال : حدّثنا محمّد بن علی ماجیلویه (رضی الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن یحیی العطّار ، عن محمّد بن أحمد بن یحیی قال : حدّثنا محمّد بن الحسین ، عن علی بن أسباط ، عن علی بن جعفر ، عن مغیرة ، عن أبی عبدالله ، عن أبیه ، عن جدّه (علیهم السّلام) قال : المسوخ من بنی آدم ثلاثة عشر صنفاً (إلی أن قال :) وأمّا العقرب فکان رجلاً همّازاً لمّازاً((3))

ص: 243


1- - همزه : غمزه ودفعه وضربه . ولمزه : عابه ودفعه وضربه (أقرب الموارد) .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص854 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص410 .
3- - اللّمّاز : النمّام (أقرب الموارد) .

فمسخه الله عقرباً((1)) .

باب (4) النهی عن جمع المال والحرص علیه

التوحید : حدّثنا الحسین بن أحمد بن إدریس (رحمه الله) قال : حدّثنا أبی قال : حدّثنا محمّد بن أبی الصهبان قال : حدّثنا أبو أحمد محمّد بن زیاد الأزدی قال : حدّثنی أبان الأحمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) أنّه جاء إلیه رجل فقال له : بأبی أنت وأمّی عظنی موعظة .

فقال : إن کان الله (تبارک وتعالی) قد تکفّل بالرّزق فاهتمامک لماذا ؟ وإن کان الرزق مقسوماً فالحرص لماذا ؟ وإن کان الحساب حقّاً فالجمع لماذا ؟ وإن کان الخَلَف من الله (عزّوجلّ) حقّاً فالبخل لماذا ؟ ... إلی آخر الحدیث((2)) .

ص: 244


1- - الخصال : ص493 ح1 .
2- - التوحید : ص376 ح21 .

سورة الفیل

باب (1) ثواب قراءة سورة الفیل فی الفرائض

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسین بن أبی العلاء ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ فی فرائضه (أَلَمْ تَرَ کَیْفَ فَعَلَ رَبُّکَ) شهد له یوم القیامة کلّ سهل وجبل ومدر ، بأنّه کان من المصلّین وینادی له یوم القیامة مناد : صدّقتم علی عبدی ، قبلت شهادتکم له وعلیه ، أدخلوه الجنّة ولا تُحاسبوه ، فإنّه ممّن اُحبّه واُحبّ عمله((1)) .

أقول : المتّفق علیه بین جمیع الفقهاء أنّ من قرأ سورة الفیل فلیقرأ معها سورة « لإیلاف » فی صلاة الفریضة ، فإنّهما جمیعاً سورة واحدة ، ولا یجوز الاکتفاء بواحدة منهما فی رکعة الفریضة ، وهکذا سورة الضُّحی

ص: 245


1- - ثواب الأعمال : ص154 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص413 .

والإنشراح .

مجمع البیان : عن أبی العباس ، عن أحدهما (علیهما السّلام) قال : ألم تر کیف ] فعل ربّک [ ولإیلاف ] قریش [ سورة واحدة((1)) .

باب (2) فائدة قراءة سورة الفیل

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : ما قُرأتْ علی مصافّ((2)) إلاّ وانصرع المصاف الثانی المقابل للقارئ لها ، وما کان قرائتها إلاّ قوّة للقلب((3)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ أَلَمْ تَرَ کَیْفَ فَعَلَ رَبُّکَ بِأَصْحَابِ الْفِیلِ * أَلَمْ یَجْعَلْ کَیْدَهُمْ فِی تَضْلِیل *وَأَرْسَلَ عَلَیْهِمْ طَیْراً أَبَابِیلَ * تَرْمِیهِم بِحِجَارَة مِّن سِجِّیل * فَجَعَلَهُمْ کَعَصْف مَّأْکُول) (1 - 5) .

باب (3) عقاب اللّوطی وناکح البهائم

الخصال : حدّثنا محمّد بن علی ماجیلویه (رضی الله عنه) قال :

ص: 246


1- - مجمع البیان : ج5 ص544 .
2- - المصافّ - جمع المصفّ - : موقف القتال (أقرب الموارد) .
3- - تفسیر البرهان : ج10 ص414 ح4 .

حدّثنا محمّد بن یحیی العطّار ، عن محمّد بن أحمد بن یحیی قال : حدّثنا محمّد بن الحسین ، عن علی بن أسباط ، عن علی بن جعفر ، عن مغیرة ، عن أبی عبدالله ، عن أبیه ، عن جده (علیهم السّلام) قال : المسوخ من بنی آدم ثلاثة عشر صنفاً (إلی أن قال :) وأمّا الفیل فکان رجلاً ینکح البهائم فمسخه الله فیلاً((1)) .

الخصال : حدّثنا أبو الحسن علی بن أحمد الأسواری المذکّر قال : حدّثنا مکّی بن أحمد بن سعدویه البرذعی قال : حدّثنا أبو محمّد زکریا ابن یحیی بن عبید العطّار قال : حدّثنا القلانسی قال : حدّثنا عبد العزیز بن عبدالله الأویسی قال : حدّثنا علی بن جعفر ، عن معتّب مولی جعفر ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبیه ، عن جدّه ، عن علی بن أبی طالب (علیهم السّلام) قال : سألت رسول الله (صلّی الله علیه وآله) عن المسوخ ؟

فقال : هم ثلاثة عشر : الفیل والدّب والخنزیر (إلی أن قال :) أمّا الفیل فکان رجلاً لوطیّاً لا یدع رطباً ولا یابساً ... إلی آخر الحدیث((2)) .

باب (4) قصّة أصحاب الفیل

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن ابن

ص: 247


1- - الخصال : ص493 ح1 .
2- - الخصال : ص494 ح2 .

أبی عمیر ، عن محمّد بن حمران ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : لمّا أن وجّه صاحب الحبشة بالخیل ومعهم الفیل لیهدم البیت مرّوا بإبل لعبد المطلب

فساقوها ، فبلغ ذلک عبد المطلب ، فأتی صاحب الحبشة ، فدخل الآذنُ فقال : هذا عبد المطلب بن هاشم .

قال : وما یشاء ؟

قال الترجمان : جاء فی ابل له ساقوها یسألک ردّها .

فقال ملک الحبشة لأصحابه : هذا رئیس قوم وزعیمهم جئت إلی بیته الذی یعبده لأهدمه وهو یسألنی اطلاق إبله ! أما لو سألنی الامساک عن هدمه لفعلت ، رُدّوا علیه إبله .

فقال عبد المطلب لترجمانه : ما قال لک المَلِک ؟ فأخبره .

فقال عبد المطلب : أنا ربّ الإبل ، ولهذا البیت ربّ یمنعه ، فردّت علیه إبله ، وانصرف عبد المطلب نحو منزله ، فمرّ بالفیل فی منصرفه .

فقال للفیل : یا محمود ، فحرّک الفیل رأسه .

فقال له : أتدری لِمَ جاؤا بک ؟

فقال الفیل برأسه : لا .

فقال عبد المطلب : جاؤا بک لهدم بیت ربّک ، افتراک فاعل ذلک ؟

فقال برأسه : لا .

فانصرف عبد المطلب إلی منزله فلمّا أصبحوا غَدَوا به لدخول

ص: 248

الحرم ، فأبی وامتنع علیهم ، فقال عبد المطلب لبعض موالیه عند ذلک : اعْلُ الجبل فانظر تری شیئاً ؟

فقال : أری سواداً من قبل البحر .

فقال له : یُصیبه بصرک أجمع ؟

فقال له : لا ولأوشک أن یصیب ، فلمّا أن قرُب قال : هو طیر کثیر ولا أعرفه یحمل کلّ طیر فی منقاره حصاة مثل حصاة الخذف((1)) أو دون حصاة الخذف .

فقال عبد المطلب : وربّ عبد المطلب ماترید إلاّ القوم ، حتّی لمّا صاروا فوق رؤوسهم أجمع ألقت الحصاة ، فوقعت کلّ حصاة علی هامّة رجل ، فخرجت من دبره فقتلته ، فما انفلت منهم إلاّ رجل واحد یخبر الناس ، فلمّا أن أخبرهم ألقت علیه حصاة فقتلته((2)) .

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی عمیر ، عن محمّد بن حمران ، وهشام بن سالم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : لمّا أقبل صاحب الحبشة بالفیل یرید هدم الکعبة ، مرّوا بإبل لعبد المطلب فاستاقوها ، فتوجّه عبد المطلب إلی صاحبهم یسأله ردّ إبله

ص: 249


1- - فی تفسیر البرهان : حصاة الحذف . والخَذْف : رمیک بحصاة أو نواة تأخذها بین سبّابتیک فترمی بها (لسان العرب) .
2- - الکافی : ج1 ص447 ح25 .

علیه ، فاستأذن علیه فأذن له ، وقیل له : إنّ هذا شریف قریش - أو عظیم قریش - وهو رجل له عقل ومُروّة ، فأکرمه وأدناه ، ثمّ قال لترجمانه : سله ما حاجتک ؟

فقال له : إنّ أصحابک مرّوا بإبل لی فاستاقوها فأحببت أن تردّها علَیَّ .

قال : فتعجَّب من سؤاله إیّاه ردّ الإبل وقال : هذا الذی زعمتم أنّه عظیم قریش وذکرتم عقله ، یَدَعُ أن یسألنی أن أنصرف عن بیته الذی یعبده ! أما لو سألنی أن أنصرف عن هدّه((1)) لانصرفت له عنه ، فأخبره الترجمان بمقالة الملک .

فقال له عبد المطلب : إنّ لذلک البیت ربّاً یمنعه ، وإنّما سألتک ردَّ إبلی لحاجتی إلیها ، فأمر بردّها علیه ومضی عبد المطلب حتّی لقی الفیل علی طرف الحرم ، فقال له : محمود ، فحرّک رأسه .

فقال له : أتدری لما جیئ بک ؟

فقال برأسه : لا .

فقال : جاؤوا بک لتهدم بیت ربّک أفتفعل ؟

فقال برأسه : لا .

ص: 250


1- - هدّ البناء : هدمه شدیداً وضعضعه وکسّره بشدَّة صوت (أقرب الموارد) . وفی الکافی الطبعة الحدیثة : عن هدمه .

قال : فانصرف عنه عبد المطلب وجاؤوا بالفیل لیدخل الحرم ، فلمّا انتهی إلی طرف الحرم امتنع من الدخول فضربوه فامتنع فأداروا به نواحی الحرم کلّها ، کلّ ذلک یمتنع علیهم فلم یدخل ، وبعث الله علیهم الطیر کالخطاطیف ، فی مناقیرها حجر کالعدسة أو نحوها ، فکانت تحاذی برأس الرجل ثمّ تُرسِلها علی رأسه فتخرج من دبره ، حتّی لم یبق منهم أحد إلاّ رجل هرب فجعل یُحدّث الناس بما رأی إذ طلع علیه طائر منها فرفع رأسه ، فقال : هذا الطیر منها وجاء الطیر حتّی حاذی برأسه ، ثمّ ألقاها علیه فخرجت من دُبره فمات((1)) .

أمالی الطوسی : أخبرنا أبو عبدالله محمّد بن محمّد - یعنی المفید - قال : حدّثنا أبو الحسن علی بن بلال المهلبی قال : حدّثنا عبد الواحد بن عبدالله بن یونس الربعی قال : حدّثنا الحسین بن محمّد بن عامر قال : حدّثنا المعلّی بن محمّد البصری قال : حدّثنا محمّد بن جمهور العمّی قال : حدّثنا جعفر بن بشیر قال : حدّثنی سلیمان بن سماعة ، عن عبدالله ابن القاسم ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبی عبدالله جعفر بن محمّد ، عن أبیه ، عن جدّه (علیهم السّلام) قال : لمّا قصد أبرهة بن الصباح ملک الحبشة لیهدم البیت ، تسرّعت الحبشة فأغاروا علیها وأخذوا سرحاً((2)) لعبد

ص: 251


1- - الکافی : ج4 ص216 ح2 .
2- - السَّرْح : الماشیة ، والمال یُسام فی المرعی من الأنعام (لسان العرب) .

المطلب بن هاشم ، فجاء عبد المطلب إلی الملک فاستأذن علیه ، فأذن له وهو فی قبّة دیباج علی سریر له ، فسلّم علیه فردّ أبرهة السلام فجعل ینظر فی وجهه ، فراقه حسنه وجماله وهیئته فقال له : هل کان فی آبائک مثل هذا النور الذی أراه لک والجمال ؟

قال : نعم أیّها الملک ، کُلّ آبائی کان لهم هذا الجمال والنور والبهاء .

فقال له أبرهة : لقد فقتم الملوک فخراً وشرفاً ، ویحقّ لک أن تکون سیّد قومک .

ثمّ أجلسه معه علی سریره ، وقال لسائس فیله الأعظم - وکان فیلاً أبیض عظیم الخلق ، له نابان مرصعان بأنواع الدُرر والجواهر ، وکان الملک یُباهی به مُلوک الأرض - : ائتنی به ، فجاء به سائسه ، وقد زُیّن بکلّ زینة حسنة ، فحین قابل وجه عبد

المطلب سجد له، ولم یکن یسجد لملکه ، وأطلق الله لسانه بالعربیّة ، فسلّم علی عبد المطلب ، فلمّا رأی الملک ذلک ارتاع له وظنّه سحراً ، فقال : رُدّوا الفیل إلی مکانه .

ثمّ قال لعبد المطلب : فیم جئت ؟ فقد بلغنی سخاؤک وکرمک وفضلک ، ورأیت من هیبتک وجمالک وجلالک ما یقتضی أن أنظر فی حاجتک ، فسلنی ما شئت ، وهو یری أنّه یسأله فی الرجوع عن مکّة .

فقال له عبد المطلب : إنّ أصحابک غدوا علی سرح لی فذهبوا به فمُرهم بردّه علیَّ .

ص: 252

قال : فتغیظ الحبشی من ذلک وقال لعبد المطلب : لقد سقطتَ من عینی ، جئتنی تسألنی فی سرحک ، وأنا قد جئتُ لهدم شرفک وشرف قومک ، ومکرمتکم التی تتمیَّزون بها من کلّ جیل ، وهو البیت الذی یُحجّ إلیه من کلّ صقع فی الأرض ، فترکتَ مسألتی فی ذلک وسألتنی فی سرحک ؟ !

فقال له عبد المطلب :لستُ بربّ البیت الذی قصدتَ لهدمه ، وأنا رَبُّ سرحی الذی أخذه أصحابک ، فجئتُ اسألک فیما أنا ربّه ، وللبیت ربّ هو أمنع له من الخلق کلّهم ، وأولی به منهم .

فقال الملک : ردّوا إلیه سرحه ] فردّوه إلیه [ وانصرف إلی مکّة وأتبعه الملک بالفیل الأعظم مع الجیش لهدم البیت ، فکانوا إذا حملوه علی دخول الحرم أناخ ، وإذا ترکوه رجع مُهرولاً ، فقال عبد المطلب لغلمانه : ادعوا لی ابنی ، فجی بالعباس ، فقال : لیس هذا اُرید ، ادعوا لی ابنی فجی بأبی طالب ، فقال : لیس هذا أُرید ، ادعوا لی ابنی ، فجی بعبدالله أبی النبی (صلّی الله علیه وآله) ، فلمّا أقبل إلیه قال : اذهب یا بنی حتّی تصعد أبا قبیس((1)) ، ثمّ أضرب ببصرک ناحیة البحر فانظر أیّ شیء یجی من هناک وخبّرنی به .

قال : فصعد عبدالله أبا قبیس فما لبث أن جاء طیر أبابیل مثل السیل

ص: 253


1- - أبو قبیس : وهو جبل مشرف علی مسجد مکّة (لسان العرب) .

واللیل ، فسقط علی أبی قبیس ثمّ صار إلی البیت فطاف به سبعاً ، ثمّ صار إلی الصفا والمروة

فطاف بهما سبعاً فجاء عبدالله إلی أبیه فأخبره الخبر فقال : انظر یا بنی ما یکون من أمرها بعد فأخبرنی به ، فنظرها فإذا هی قد أخذت نحو عسکر الحبشة فأخبر عبد المطلب بذلک فخرج عبد المطلب وهو یقول : یا أهل مکّة أخرجوا إلی العسکر فخُذوا غنائمکم .

قال : فأتوا العسکر وهم أمثال الخشب النخرة ولیس من الطیر إلاّ ما معه ثلاثة أحجار فی منقاره ورجلیه یقتل بکلّ حصاة منها واحداً من القوم ، فلمّا أتوا علی جمیعهم انصرف الطیر ولم یُر قبل ذلک ولا بعده فلمّا هلک القوم بأجمعهم جاء عبد المطلب إلی البیت فتعلّق بأستاره وقال :

یا حابس الفیل بذی المغمّس((1)) *** حبسته کأنّه مکوکس((2))

فی محبس تزهق فیه الأنفس

فانصرف وهو یقول فی فرار قریش وجزعهم من الحبشة :

طارت قریش إذ رأت خمیساً *** فظلتُ فرداً لا أری أنیسا

ولا أحسّ منهم حسیساً *** إلاّ أخاً لی ماجداً نفیسا

مسوّداً فی أهله رئیساً((3))

ص: 254


1- - المُغمّس : موضع بطریق الطائف (أقرب الموارد) .
2- - کوَّسته علی رأسه : إذا قلبته وجعلت رأسه أسفله (مجمع البحرین) .
3- - أمالی الطوسی : ص80 ح120 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص418 .

تفسیر البرهان : قال الصادق (علیه السّلام) : وهذا الجُدریّ من ذلک الذی أصابهم فی زمانهم((1)) .

أقول : الجدری : بثور حُمر بیض الرؤس تنتشر فی جمیع البدن أو فی اکثره تتنفَّط وتتقیَّح سریعاً (أقرب الموارد) .

ولعلّ منشأ هذا المرض وابتداءه کان من ذلک الیوم ولم یکن معهوداً ولا معروفاً قبله ، والله العالم .

ص: 255


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص421 .

سورة قریش

باب (1) ثواب تلاوة سورة قریش

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبی المغرا ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من أکثر قراءة (لاِِیلاَفِ قُرَیْش) بعثه الله یوم القیامة علی مرکب من مراکب الجنّة حتّی یقعد علی موائد النور یوم القیامة((1)) .

باب (2) الاستشفاء بسورة قریش

تفسیر البرهان : من (خواصّ القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : إذا قُرأتْ علی طعام یُخاف منه کان شفاء من کلّ داء ، وإذا قرأتها علی ماء ثمّ رُشّ الماء علی من اُشغل قلبه بالمرض ولا یدری ما سببه یصرفه الله عنه((2)) .

ص: 256


1- - ثواب الأعمال : ص154ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص423 .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص423 ح4 .

سورة الماعون

باب (1) فائدة قراءة سورة الماعون

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها بعد صلاة العصر کان فی أمان الله وحفظه إلی وقتها فی الیوم الثانی((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ أَرَأَیْتَ الَّذِی یُکَذِّبُ بِالدِّینِ) (1) .

باب (2) المکذّب بالولایة

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا الحسن بن علی بن زکریا بن عاصم ، عن الهیثم ، عن عبدالله الرمادی ، قال : حدّثنا

ص: 257


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص527 ح4 .

علی بن موسی بن جعفر ، عن أبیه ، عن جدّه (صلوات الله علیهم أجمعین) فی قوله (عزّوجلّ) : (أَرَأَیْتَ الَّذِی یُکَذِّبُ بِالدِّینِ) قال : بولایة أمیر المؤمنین علی (علیه السّلام)((1)) .

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن جمهور ، عن عبد الرحمن ابن کثیر ، عن أبی جمیلة ، عن أبی أسامة ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قوله (عزّوجلّ) : (أَرَأَیْتَ الَّذِی یُکَذِّبُ بِالدِّینِ) قال : بالولایة((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (الَّذِینَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ) (5) .

باب (3) النهی عن تأخیرالصلاة والتساهل فیها

مجمع البیان : روی العیاشی بإسناده عن یونس بن عمّار ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سألته عن قوله : (الَّذِینَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ) أی وسوسة الشیطان ؟

فقال : لا ، کلّ أحد یصیبه هذا ، ولکن أن یغفلها ویَدَع أن یصلّی فی أوّل وقتها((3)) .

ص: 258


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص855 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص428 .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص855 ح2 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص428 .
3- - مجمع البیان : ج5 ص548 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص430 .

تفسیر القمی : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : تأخیر الصلاة عن أول وقتها لغیر عذر((1)) .

مجمع البیان : عن أبی أسامة زید الشحّام قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (الَّذِینَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ) ؟

قال : هو الترک لها والتوانی عنها((2)) .

الخصال : حدّثنا أبی (رضی الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثنی محمّد بن عیسی بن عبید الیقطینی ، عن القاسم بن یحیی ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبی بصیر ومحمد بن مسلم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : حدّثنی أبی ، عن جدّی ، عن آبائه (علیهم السّلام) : أنّ أمیر المؤمنین (علیه السّلام) علّم أصحابه فی مجلس واحد أربعمائة باب ممّا یصلح للمسلم فی دینه ودنیاه - ومن جملتها أنّه قال- : لیس عمل أحبّ إلی الله (عزّوجلّ) من الصلاة ، فلا یشغلنّکم عن أوقاتها شیء من أُمور الدنیا ، فإنّ الله (عزّوجلّ) ذمّ أقواماً فقال : (الَّذِینَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ) یعنی أنّهم غافلون ، استهانوا بأوقاتها((3)) .

* * * * *

ص: 259


1- - تفسیر القمی : ج2 ص444 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص428 .
2- - مجمع البیان : ج5 ص548 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص430 .
3- - الخصال : ص621 ح10 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص429 .

قوله تعالی : (وَیَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) (7) .

باب (4) النهی عن منْع الماعون

مجمع البیان : قیل : هی الزکاة المفروضة ، رُوی ذلک عن أبی عبدالله (علیه السّلام)((1)) .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة بن أیوب ، عن أبی المعزا ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث - فی قوله (عزّوجلّ) : (وَیَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال : القرضَ یُقرضه ، والمعروفَ یصطنعه ، ومتاع البیت یُعیره ، ومنه الزکاة .

فقلت له : إنّ لنا جیراناً إذا أعرناهم متاعاً کسروه وأفسدوه ، علینا جناح أن نمنعهم ؟

فقال : لا ، لیس علیکم جُناح أن تمنعوهم إذا کانوا کذلک((2)) .

مجمع البیان : روی أبو بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : هو القرض تقرضه ... وذکر نحوه((3)) .

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن

ص: 260


1- - مجمع البیان : ج5 ص548 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص430 .
2- - الکافی : ج3 ص499 ح9 .
3- - مجمع البیان : ج5 ص548 .

عیسی ، عن سماعة بن مهران ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) - فی حدیث - قال : والماعون هو القرض یُقرِضه والمتاع یُعیره والمعروف یصنعه((1)) .

ص: 261


1- - الکافی : ج3 ص498 ح8 .

سورة الکوثر

باب (1) ثواب قراءة سورة الکوثر فی الفرائض والنوافل

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن اسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسین بن أبی العلاء ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من کانت قراءته (إِنَّا أَعْطَیْنَاکَ الْکَوْثَرَ) فی فرائضه ونوافله ، سقاه الله من الکوثر یوم القیامة ، وکان مُحدّثه عند رسول الله (صلّی الله علیه وآله) فی أصل طوبی((1)) .

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها بعد صلاة یُصلیها نصف اللیل سرّاً من لیلة الجمعة ألف مرّة مکملة رأی النبی (صلّی الله علیه وآله) فی منامه بإذن الله تعالی((2)) .

* * * * *

ص: 262


1- - ثواب الأعمال : ص155 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص431 .
2- - تفسیر البرهان : ج10 ص432 ح4 .

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ إِنَّا أَعْطَیْنَاکَ الْکَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّکَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَکَ هُوَ الاَْبْتَرُ) (1 - 3) .

باب (2) حوض الکوثر

مجمع البیان : روی عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی معنی الکوثر ، قال : نهر فی الجنّة أعطاه الله نبیّه (صلّی الله علیه وآله) عوضاً عن ابنه ] قال : [ وقیل : هو الشفاعة ، رووه عن الصادق (علیه السّلام)((1)) .

الخصال : حدّثنا أبی (رضی الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثنی محمّد بن عیسی بن عبید الیقطینی ، عن القاسم بن یحیی ، عن جدّه الحسن بن راشد ،

عن أبی بصیر ومحمد بن مسلم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : حدّثنی أبی ، عن جدّی ، عن آبائه (علیهم السّلام) أنّ أمیر المؤمنین (علیه السّلام) - قال فی حدیث الأربعمائة - : أنا مع رسول الله (صلّی الله علیه وآله) ومعی عترتی وسبطیّ علی الحوض فمن أرادنا فلیأخذ بقولنا ولیعمل عملنا ، فإنّ لکلّ أهل بیت نجیباً ، ولنا شفاعة ولأهل مودّتنا شفاعة فتنافسوا فی لقائنا علی الحوض فإنّا نذود عنه أعداءنا ونسقی منه أحبّاءنا وأولیاءنا ، ومن شرب منه شربة لم یظمأ

ص: 263


1- - مجمع البیان : ج5 ص549 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص439 .

بعدها أبداً ، حوضنا مَترع فیه مثعبان((1)) ینصبّان من الجنّة : أحدهما من تسنیم ، والآخر من معین ، علی حافتیه الزعفران ، وحصاه اللؤلؤ والیاقوت ، وهو الکوثر((2)) .

أقول : قال الشیخ الطُریحی : (اختلف الناس فی معنی « الکوثر » فقیل : هو نهرٌ فی الجنَّة ....

وقیل : کثرة النَّسل والذریَّة ، وقد ظهر ذلک فی نَسله (صلّی الله علیه وآله وسلّم) من وُلد فاطمة (علیها السّلام) إذ لا یَنحصر عددهم ، ویتّصل - بحمدالله - الی آخر الدّهر مَددُهم .. )((3)) .

وهذا القول هو الأقرب ، تناسباً مع سیاق الآیات حیث یردُّ الله تعالی علی ذلک الکافر الذی عیَّر رسولَ الله (صلّی الله علیه وآله وسلّم) بأنه أبتر فإذا مات مات ذِکره ، فطیَّب الله تعالی خاطر رسوله الحبیب بأنّک لست أبتر ، بل رزقناک سیدة نساء العالمین ومنها یکون نسلُک مبارکاً کثیراً طیّباً ... الی یوم القیامة .

وبرغم ما تعرّضت له ذریَّة هذه السیدة - من القتل والابادة - طوال قرون وقرون ، فانّهم فی تکاثر وازدیاد مستمر ، وهم منتشرون فی أنحاء

ص: 264


1- - المثعب : مسیل السطح والحوض (أقرب الموارد) .
2- - الخصال : ص624 . منه بحار الأنوار : ج8 ص19 .
3- - مجمع البحرین : ج3 ص469 .

الکرة الأرضیَّة ، ویفتخرون بانتسابهم الی خاتم الأنبیاء عبر سیدة النساء وسیّد الأوصیاء ... نسأل الله تعالی لهذا النسل الطاهر .. المزید من الخیر والبرکة .

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن یزید النوفلی ، عن الحسین بن أعین أخو مالک بن أعین قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الرجل للرجل : جزاک الله خیراً ، ما یعنی به ؟

فقال أبو عبدالله (علیه السّلام) : إنّ خیراً نهرٌ فی الجنّة مخرجه من الکوثر والکوثر مخرجه من ساق العرش ، علیه منازل الأوصیاء وشیعتهم علی حافتی ذلک النهر جواری نابتات ، کلّما قلعت واحدة نبتت أخری ، سمّی بذلک النهر وذلک قوله تعالی : (فِیهِنَّ خَیْرَاتٌ حِسَانٌ)((1)) فإذا قال الرجل لصاحبه : جزاک الله خیراً فإنّما یعنی بذلک تلک المنازل التی قد أعدّها الله (عزّوجلّ) لصفوته وخیرته من خلقه((2)) .

معانی الأخبار : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا محمّد بن یحیی العطّار بهذا الاسناد نحوه((3)) .

ص: 265


1- - الرحمن 55 : 70 .
2- - الکافی : ج8 ص230 ح298 .
3- - معانی الأخبار : ص182 ح1 .

تأویل الآیات الظاهرة : روی محمّد بن العباس ، عن أحمد بن هوذة ، عن إبراهیم بن اسحاق ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن حمران بن أعین ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إنّ رسول الله (صلّی الله علیه وآله) صلّی الغداة ، ثمّ التفت إلی علی فقال : ما هذا النور الذی أراه قد غشیک ؟

قال : یا رسول الله أصابتنی جنابة فی هذه اللیلة ، فأخذت بطن الوادی فلم أُصب الماء ، فلمّا ولّیت نادانی مناد: یا أمیر المؤمنین ، فالتفتُ فإذا خلفی أبریق مملوء من ماء ، وطست من ذهب مملوء من ماء ، فاغتسلت .

فقال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : یا علی أمّا المنادی فجبرئیل والماء من نهر یقال له : الکوثر علیه اثنتا عشرة ألف شجرة ، کلّ شجرة لها ثلاثمائة وستون غصناً ، فإذا أراد أهل الجنّة الطرب هبّت ریح ، فما من شجرة ولا غصن إلاّ وهو أحلی صوتاً من الآخر ، ولولا أنّ الله (تبارک وتعالی) کتب علی أهل الجنّة أن لا

یموتوا ، لماتوا فرحاً من شدّة حلاوة تلک الأصوات ، وهذا النهر فی جنّة عدن ، وهو لی ولک ولفاطمة والحسن والحسین ، ولیس لأحد فیه شیء((1)) .

ص: 266


1- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص857 ح4 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص437 .

باب (3) معنی « واْنحر »

التهذیب : الحسین بن سعید ، عن النّضر ، عن ابن سنان ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی قول الله تعالی : (فَصَلِّ لِرَبِّکَ وَانْحَرْ) .

قال : هو رفع یدیک حذاء وجهک((1)) .

مجمع البیان : عن عمر بن یزید قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : فی قوله تعالی : (فَصَلِّ لِرَبِّکَ وَانْحَرْ) هو رفع یدیک حذاء وجهک ، وعن عبدالله بن سنان مثله((2)) .

مجمع البیان : عن جمیل قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قوله (عزّوجلّ) : (فَصَلِّ لِرَبِّکَ وَانْحَرْ) ؟

فقال بیده هکذا ، یعنی استقبل بیدیه حذو وجهه القبلة فی افتتاح الصلاة((3)) .

عوالی اللئالی : روی مقاتل ، عن حمّاد بن عثمان قال : سألت الصادق (علیه السّلام) ما النحر ؟ (فرفع یدیه إلی صدره فقال : هکذا ، ثمّ رفعهما فوق ذلک فقال : هکذا حتّی استقبل بیدیه القبلة فی استفتاح

ص: 267


1- - التهذیب : ج2 ص66 ح237 .
2- - مجمع البیان : ج5 ص550 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص440 .
3- - مجمع البیان : ج5 ص550 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص440 .

الصلاة)((1)) .

باب (4) السخیّ مخلوق من ماء الکوثر

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن آبائه (علیهم السّلام) أنّ رسول الله (صلّی الله علیه وآله) قال : السَّخی محبّب فی السماوات محبّب فی الأرض ، خُلق من طینة عذبة وخُلق ماء عینیه من ماء

الکوثر ، والبخیل مُبغَّض فی السماوات مُبغَّض فی الأرض ، خُلق من طینة سبخة وخُلق ماء عینیه من ماء العوسج((2)) .

باب (5) موقف ابن العاص من آیة « الأبتر »

تأویل الآیات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا محمّد بن مخلّد الدّهان ، عن علی بن أحمد العریضی ، عن إبراهیم بن علی بن جناح ، عن الحسن بن علی بن محمّد بن جعفر بن محمّد ، عن أبیه ، عن

ص: 268


1- - عوالی اللئالی : ج2 ص46 ح120 .
2- - الکافی : ج4 ص39 ح3 والسَّبَخة : الأرض المالحة . والعَوْسج : شجر من شجر الشَّوْک (لسان العرب) .

آبائه (علیهم السّلام) - فی حدیث قال الصادق (علیه السّلام) : - ولقد قال عمرو بن العاص علی منبر مصر : مُحی من کتاب الله ألف حَرف ، وحُرّف منه بألف حرف ، واُعطیتُ مأتی ألف درهم علی أن أمحی((1)) (إِنَّ شَانِئَکَ هُوَ الاَْبْتَرُ) فقالوا : لا یجوز ذلک ] قلت : [ فکیف جاز ذلک لهم ولم یجز لی ؟

فبلغ ذلک معاویة ، فکتب إلیه : قد بلغنی ما قلت علی منبر مصر ، ولست هناک((2)) .

أقول : الظاهر من قول ابن العاص : « مُحی من کتاب الله .. » التفسیر والتأویل وشأن نزول ما ورد فی فضائل أهل البیت (علیهم السّلام) لا نفس الآیات القرآنیّة .

ولکن عمرو بن العاص أراد محو قوله تعالی : (إِنَّ شَانِئَکَ هُوَ الاَْبْتَرُ) أو أراد تبدیله بکلمة اُخری .. فمنعه الناس من ذلک .

وقول ابن آکلة الأکباد له : لست هناک ، الظاهر أن معناه : لستَ بهذا المستوی أن تتصرَّف فی الآیة ، أو لا ینفعک ذلک لأن جمیع المسلمین یعلمون فیمن نزلت هذه السورة .. ولعلّ معاویة یقصد معنیً آخر .

ص: 269


1- - فی بحار الأنوار ج35 ص315 : وأعطیت مأتی ألف درهم علی أن یُمحی .
2- - تأویل الآیات الظاهرة : ج2 ص568 ح42 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص441 .

سورة الکافرون

باب (1) ثواب قراءة سورتی الکافرون والتوحید

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسین بن أبی العلاء ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ) و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فی فریضة من الفرائض غفر الله له ولوالدیه وما ولدا ، وإن کان شقیّاً مُحی من دیوان الأشقیاء ، وأثبت فی دیوان السُّعداء ، وأحیاه الله تعالی سعیداً ، وأماته شهیداً ، وبعثه شهیداً((1)) .

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن إسماعیل بن مهران ، عن صفوان بن یحیی ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه قال : من قرأ إذا أوی إلی فراشه (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ)

ص: 270


1- - ثواب الأعمال : ص155 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص443 .

و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) کتب الله (عزّوجلّ) له براءة من الشرک((1)) .

الکافی : أبو علی الأشعری ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ابن یحیی ، عن یعقوب بن شعیب ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : کان أبی (صلوات الله علیه) یقول : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثلث القرآن ، و(قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ) ربع القرآن((2)) .

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : بالأسانید الثلاثة((3))

عن الرضا ، عن آبائه (علیهم السّلام) قال : قال علی بن أبی طالب (علیه السّلام) : صلّی بنا رسول الله

(صلّی الله علیه وآله) صلاة السفر فقرأ فی الأولی : (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ) وفی الثانیة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثمّ قال : قرأت لکم ثلث القرآن وربعه((4)) .

صحیفة الإمام الرضا (علیه السّلام) : بإسناده عن الرضا ، عن آبائه (علیهم السّلام) قال : قال علی بن أبی طالب (علیه السّلام) ... وذکر نحوه((5)) .

ص: 271


1- - الکافی : ج2 ص626 ح23 .
2- - الکافی : ج2 ص621 ح7 .
3- - المذکورة فی عیون أخبار الرضا : ج2 ص24 ح4 .
4- - عیون أخبار الرضا : ج2 ص37 ح101 .
5- - صحیفة الإمام الرضا : ص228 ح117 .

باب (2) استحباب قراءة السورتین فی سبع مواطن

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن عبدالله بن المغیرة قال : حدّثنی معاذ بن مسلم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه قال : لا تدع أن تقرأ ب- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ) فی سبع مواطن : فی الرکعتین قبل الفجر ورکعتی الزوال ورکعتین بعد المغرب ورکعتین من أوّل صلاة اللیل ورکعتی الإحرام والفجر إذا أصبحت بها ورکعتی الطواف .

وفی روایة أخری : أنّه یبدأ فی هذا کلّه ب- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و فی الرکعة الثانیة ب- (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ) إلاّ فی الرکعتین قبل الفجر فإنّه یبدأ ب- (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ) ثمّ یقرأ فی الرکعة الثانیة ب- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)((1)) .

أقول : قال العلاّمة المجلسی (طاب ثراه) : (قوله (علیه السّلام) : « سبع مواطن » قیل : إنَّ إرادة الصلوات بالمواطن سَوَّغ حذف التاء من لفظ : السبع)((2)) .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل

ص: 272


1- - الکافی : ج3 ص316 ح22 .
2- - مرآة العقول : ج15 ص113 .

بن درّاج ، عن بعض أصحابنا قال : قال أحدهما (علیهما السّلام) : یُصلّی الرجل رکعتی الطواف طواف الفریضة والنافلة ب- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)و(قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ)((1)) .

من لا یحضره الفقیه : روی عن عمر بن یزید أنّه قال : شکوت إلی أبی عبدالله (علیه السّلام) السهو فی المغرب فقال : صلّها ب- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ) ، ففعلت ] ذلک [ فذهب عنّی((2)) .

باب (3) استحباب قراءة السورتین عند المنام

من لا یحضره الفقیه : روی عبدالله بن سنان ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال له : إقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و(قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ) عند منامک فإنّها براءة من الشرک ، و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) نِسبة الربّ (عزّوجلّ)((3)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلاَ

ص: 273


1- - الکافی : ج4 ص424 ح6 .
2- - من لا یحضره الفقیه : ج1 ص338 ح985 .
3- - من لا یحضره الفقیه : ج1 ص470 ح1353 .

أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَکُمْ دِینُکُمْ وَلِیَ دِینِ) (1 - 6) .

باب (4) علّة نزول سورة الکافرون

تفسیر القمی : حدّثنی أبی ، عن محمّد بن أبی عمیر قال : سأل أبو شاکر أبا جعفر الأحول عن قول الله تعالی : (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) فهل یتکلّم الحکیم بمثل هذا القول ویکرّره مرّة بعد مرّة ؟ فلم یکن عند أبی جعفر الأحول فی ذلک جواب ، فدخل المدینة فسأل أبا عبدالله (علیه السّلام) عن ذلک ؟

فقال : کان سبب نزولها وتکرارها أنّ قریشاً قالت لرسول الله (صلّی الله علیه وآله) : تعبد آلهتنا سنة ، ونعبد إلهک سنة ، وتعبد آلهتنا سنة ، ونعبد إلهک سنة ، فأجابهم الله بمثل ما قالوا ، فقال فیما قالوا : تعبد آلهتنا سنة (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) وفیما قالوا : نعبد إلهک سنة (وَلاَ

أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) وفیما قالوا : تعبد آلهتنا

سنة (وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ) وفیما قالوا : نعبد إلهک سنة (وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَکُمْ دِینُکُمْ وَلِیَ دِینِ) .

قال : فرجع أبو جعفر الأحول إلی أبی شاکر فأخبره بذلک ، فقال أبو شاکر : هذا ] ما [ حملتْه الإبل من الحجاز .

ص: 274

وکان أبو عبدالله (علیه السّلام) إذا فرغ من قراءتها یقول : « دینی الإسلام » ثلاثاً((1)) .

تفسیر فرات الکوفی : قال : حدّثنا أبو القاسم الحسنی قال : حدّثنا فرات بن إبراهیم الکوفی قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن إبراهیم قال : حدّثنا علوان بن محمّد قال : حدّثنا داود بن أبی داود ، عن أبیه قال : حدّثنا أبو حفص الصائغ ، عن جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) قال : لمّا نزلت علی النبی (صلّی الله علیه وآله) : (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاکَ لَقَدْ کِدتَّ تَرْکَنُ إِلَیْهِمْ شَیْئاً قَلِیلا * إِذاً لاََّذَقْنَاکَ ضِعْفَ الْحَیَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ)((2)) .

قال : تفسیرها قال قومه : تعال حتّی نعبد إلهک سنة وتعبد إلهنا سنة .

قال : فأنزل الله علیه : (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) إلی آخر السورة((3)) .

باب (5) ما یقال بعد قراءة آیات سورة الکافرون

مجمع البیان : عن داود بن الحصین ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام)

ص: 275


1- - تفسیر القمی : ج2 ص445 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص445 .
2- - الاسراء 17 : 74 و75 .
3- - تفسیر فرات الکوفی : ص611 ح768 .

قال : إذا قرأت (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ) فقل : یا أیّها الکافرون ، وإذا قلت : (لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) فقل : أعبد الله وحده ، وإذا قلت : (لَکُمْ دِینُکُمْ وَلِیَ دِینِ) فقل : ربّی الله ، ودینی الإسلام((1)) .

مجمع البیان : عن شعیب الحدّاد ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : کان أبی یقول : (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ) ربع القرآن ، وکان إذا فرغ منها قال : أعبد الله وحده ، أعبد الله وحده((2)) .

مجمع البیان : عن هشام بن سالم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إذا قلت : (لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) فقل : ولکن أعبد الله مخلصاً له دینی ، فإذا فرغت منها فقل : دینی الإسلام ثلاث مرّات((3)) .

باب (6) عدم جواز عدول المصلّی من هاتین السورتین

الکافی : الحسین بن محمّد ، عن عبدالله بن عامر ، عن علی بن مهزیار ، عن فضالة بن أیوب ، عن الحسین بن عثمان ، عن عمرو بن أبی نصر قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السّلام) : الرجل یقوم فی الصلاة فیرید أن یقرأ سورة فیقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و(قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ) ؟

ص: 276


1- - مجمع البیان : ج5 ص353 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص444 .
2- - مجمع البیان : ج5 ص551 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص444 .
3- - مجمع البیان : ج5 ص551 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص444 .

فقال : یرجع من کلّ سورة إلاّ من (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و] من [ (قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ)((1)) .

أقول : هذا الحدیث یشمل هاتین السورتین : الکافرون والاخلاص ، وقد اکتفینا بذکره هنا حذراً من التکرار .

ص: 277


1- - الکافی : ج3 ص317 ح25 .

سورة النصر

باب (1) ثواب قراءة سورة النصر فی الفرائض والنوافل

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبان بن عبد الملک ، عن کرام الخثعمی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) فی نافلة أو فریضة نصره الله علی جمیع أعدائه ، وجاء یوم القیامة ومعه کتاب ینطق ، قد أخرجه الله من جوف قبره فیه أمان من جسر جهنم((1)) ومن النار ومن زفیر جهنّم ، فلا یمرُّ علی شیء یوم القیامة إلاّ بشّره وأخبره بکلّ خیر حتّی یدخل الجنّة ، ویُفتَح له فی الدنیا من أسباب الخیر ما لم یتمنَّ ولم یخطر علی قلبه((2)) .

ص: 278


1- - فی تفسیر البرهان : من حرّ جهنم .
2- - ثواب الأعمال : ص155 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص447 .

تفسیر البرهان : من (خواصّ القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها عند کلّ صلاة سبع مرّات ، قُبلت منه الصلاة أحسن قبول((1)) .

أقول : قوله (علیه السّلام) : « عند کلِّ صلاة » الظاهر أن یقرأها قبل الدخول فی الصلاة .

باب (2) أوّل سورة وآخر سورة نزلت علی رسول الله

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، وسهل بن زیاد ، عن منصور بن العباس ، عن محمّد بن الحسن بن السری ، عن عمّه علی ابن السری ، عن أبی

عبدالله (علیه السّلام) قال : أوّل ما نزل علی رسول الله (صلّی الله علیه وآله) (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ)وآخره (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)((2)) .

عیون أخبار الرضا (علیه السّلام) : حدّثنا أحمد بن علی بن إبراهیم ابن هاشم (رضی الله عنه) قال : حدّثنی أبی ، عن جدّی إبراهیم بن هاشم ، عن علی بن معبد ، عن الحسین بن خالد قال : قال الرضا (علیه السّلام) :

ص: 279


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص448 ح4 .
2- - الکافی : ج2 ص628 ح5 .

سمعت أبی یحدّث عن أبیه (علیه السّلام) أنّ أوّل سورة نزلت (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ) وآخر سورة نزلت (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)((1)) .

ص: 280


1- - عیون أخبار الرضا : ج2 ص6 ح12 .

سورة اللَّهب ( المَسَد )

باب (1) استحباب الدعاء علی أبی لهب

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن علی بن شجرة ، عن بعض أصحاب أبی عبدالله (علیه السّلام) ، عنه (علیه السّلام) قال : إذا قرأتم (تَبَّتْ یَدَا أَبِی لَهَب) فادعوا علی أبی لهب فإنّه کان من المکذّبین الذین یُکذّبون بالنبی (صلّی الله علیه وآله) وبما جاء به من عند الله (عزّوجلّ)((1)) .

باب (2) فائدة قراءة سورة اللّهب

تفسیر البرهان : من (خواصّ القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها علی المغص((2)) سکنه الله وأزاله ، ومن قرأها فی فراشه

ص: 281


1- - ثواب الأعمال : ص155 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص453 .
2- - المَغْص : الوجع المعترض فی الجوف ، وتقطیع والتواء فی الامعاء (أقرب الموارد) .

کان فی حفظ الله وأمانه((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ تَبَّتْ یَدَا أَبِی لَهَب وَتَبَّ * مَا أَغْنَی عَنْهُ مَالُهُ وَمَا کَسَبَ * سَیَصْلَی نَاراً ذَاتَ لَهَب * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِی جِیدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَد) (1 - 5) .

باب (3) أبو طالب یستنصر أبا لهب لحفظ النبی

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن ابن أبی عمیر وعلی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن الحسین بن أبی حمزة ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : لمّا أرادت قریش قتل النبی (صلّی الله علیه وآله) قالت : کیف لنا بأبی لهب ؟

فقالت أُم جمیل : أنا أکفیکموه ] و [أنا أقول له : إنّی أُحب أن تقعد الیوم فی البیت نصطبح((2)) ، فلمّا أن کان من الغد وتهیّأ المشرکون للنبی (صلّی الله علیه وآله) قعد أبو لهب وامرأته یشربان ، فدعا أبو طالب علیّاً فقال له : یا بنی اذهب إلی عمّک أبی لهب فاستفتح علیه فإن فتح لک

ص: 282


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص453 ح3 .
2- - اصطبح فلاناً : شرب الصبوح . والصبوح : کلّ ما اُکل أو شُرب غدوةً (أقرب الموارد) .

فأدخل وإن لم یفتح لک فتحامل علی الباب واکسره وادخل علیه فإذا دخلت علیه فقل له : یقول لک أبی : إنّ امرءاً عمّه عینه فی القوم فلیس بذلیل .

قال : فذهب أمیر المؤمنین فوجد الباب مغلقاً ، فاستفتح فلم یُفتَح له فتحامل علی الباب وکسره ودخل ، فلمّا رآه أبو لهب قال له : ما لَکَ یابن أخی ؟

فقال له : إنّ أبی یقول لک : إنّ امرءاً عمّه عینه فی القوم لیس بذلیل .

فقال له : صدق أبوک ، فما ذاک یا بن أخی ؟

فقال له : یُقتل ابن أخیک وأنت تأکل وتشرب ؟! فوثب وأخذ سیفه فتعلّقت به أُم جمیل فرفع یده ولطم وجهها لطمة ففقأ عینها - فماتت وهی عوراء - وخرج أبو لهب ومعه السیف ، فلمّا رأته قریش عرفت الغضب فی وجهه ، فقالت : ما لَکَ یا أبا لهب ؟

فقال : أبایعکم علی ابن أخی ، ثمّ تریدون قتله ! واللاّت والعزّی لقد هممتُ أن أُسلم ثمّ تنظرون ما أصنع ، فاعتذروا إلیه ورجع((1)) .

أقول : قال العلاّمة المجلسی (طاب ثراه) : (قوله (علیه السّلام) : « انّ امرءً عمّه عینه فی القوم » والمراد بالعم إمّا أبو لهب أو نفسه والأول أظهر ، إذ الظاهر ان

الغرض حَمْله علی الحمیَّة ، والمراد بالعین السیّد أو

ص: 283


1- - الکافی : ج8 ص276 ح418 .

الرقیب والحافظ ، والحاصل أنّ من کان عمّه مثلک سید القوم وزعیمهم لا ینبغی أن یکون ذلیلاً بینهم .

قوله : « اُبایعکم علی ابن أخی » أی علی ایذائه وأنتم تفرطون فی ذلک ، وتریدون قتله)((1)) .

ص: 284


1- - مرآة العقول : ج26 ص290 .

سورة الاخلاص

باب (1) ثواب قراءة سورة الاخلاص

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن علی بن النعمان ، عن عبدالله بن طلحة ، عن جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : من قرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) مائة مرّة حین یأخذ مضجعه ، غفرالله له ذنوب خمسین سنة((1)) .

باب (2)استحباب قراءة سورة الاخلاص بعد الفریضة

الکافی : أبو علی الأشعری ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل ابن مهران ، عن الحسن بن سیف بن عمیرة ، عن أبی بکر الحضرمی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من کان یُؤمن بالله والیوم الآخر فلا یَدَع أن یقرأ فی دبر الفریضة ب- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فإنّه من قرأها جمع الله له

ص: 285


1- - الکافی : ج2 ص620 ح4 .

خیر الدنیا والآخرة ، وغفر له ولوالدیه وما ولدا((1)) .

باب (3) استحباب قراءة سورة الاخلاص فی مختلف الأحوال

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن النوفلی ، عن السکونی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّ النبی (صلّی الله علیه وآله) صلّی علی سعد ابن معاذ فقال : لقد وافی من الملائکة سبعون ألفاً وفیهم جبرئیل یصلّون علیه ، فقلت له : یا جبرئیل بما یستحق صلاتکم علیه ؟

فقال : بقراءته (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قائماً وقاعداً وراکباً وماشیاً وذاهباً وجائیاً((2)) .

التوحید : حدّثنا أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن الحسین بن یزید النوفلی ، عن إسماعیل بن أبی زیاد السکونی ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبیه (علیهما السّلام) أنّ النبی (صلّی الله علیه وآله) ... وذکر نحوه((3)) .

ثواب الأعمال : حدّثنی محمّد بن الحسن (رضی الله عنه) قال : حدّثنی محمّد بن الحسن الصفّار ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن النوفلی ،

ص: 286


1- - الکافی : ج2 ص622 ح11 .
2- - الکافی : ج2 ص622 ح13 .
3- - التوحید : ص95 ح13 .

عن السکونی ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبیه (علیهما السّلام) قال : إنّ النبی (صلّی الله علیه وآله) صلّی علی سعد بن معاذ فقال : لقد وافی من الملائکة تسعون ألف ملک وفیهم جبرئیل یصلّون علیه ، فقلت له : یا جبرئیل بما استحق صلاتکم علیه ؟ فقال : بقراءته (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)قائماً وقاعداً وراکباً وماشیاً وذاهباً وجائیاً((1)) .

أمالی الطوسی : أخبرنا أبو عبدالله الحسین بن عبید الله الغضائری قال : أخبرنا أبو جعفر محمّد بن علی بن الحسین بن بابویه القمی قال : حدّثنا أبی قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن الحسین بن یزید النوفلی ، عن إسماعیل بن أبی زیاد السکونی ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبیه (علیهما السّلام) قال : ... وذکر نحوه((2)) .

جامع الأخبار : عن السکونی ، عن جعفر بن محمّد (علیه السّلام) قال : إنّ النبی (صلّی الله علیه وآله) صلّی علی جنازة سعد بن معاذ فقال : لقد وافی من الملائکة تسعون ألف ملک وفیهم جبرائیل یصلّون علیه فقلت له : یا جبرائیل بما استحقّ صلاتکم علیه ؟

فقال : بقراءة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قائماً وقاعداً وراکباً وماشیاً وذاهباً وجائیاً .

ص: 287


1- - ثواب الأعمال : ص156 ح6 .
2- - أمالی الطوسی : ص437 ح975 .

قال : فقال النبی (صلّی الله علیه وآله) : من قرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)نظر الله إلیه ألف نظرة بالآیة الأولی ، وبالآیة الثانیة استجاب الله له ألف دعوة ، وبالآیة الثالثة أعطاه الله ألف مسألة ، وبالآیة الرابعة قضی له ألف حاجة وکلّ حاجة خیر له من الدنیا والآخرة((1)) .

باب (4) من فوائد قراءة سورة الاخلاص

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن ادریس الحارثی ، عن محمّد بن سنان ، عن مفضّل بن عمر قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : یا مفضّل احتجز من الناس کلّهم ببسم الله الرَّحمن الرَّحیم وب- : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إقرأها عن یمینک وعن شمالک ومن بین یدیک ومن خلفک ومن فوقک ومن تحتک ، فإذا دخلت علی سلطان جائر فاقرأها حین تنظر إلیه ثلاث مرّات واعقد بیدک الیسری ثمّ لا تفارقها حتّی تخرج من عنده((2)) .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن الحسن ابن عطیة ، عن عمر بن یزید قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : من قرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) حین یخرج من منزله عشر مرّات لم یزل فی حفظ

ص: 288


1- - جامع الأخبار : ص44 .
2- - الکافی : ج2 ص624 ح20 .

الله (عزّوجلّ) وکلائته((1)) حتّی یرجع إلی منزله((2)) .

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبان بن عثمان ، عن قیس بن الربیع ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من أوی إلی فراشه فقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إحدی عشرة مرّة حفظه الله فی داره وفی دویرات حوله((3)) .

جامع الأخبار : عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من أوی الی فراشه ... وذکر مثله((4)) .

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها وأهداها للموتی کان فیها ثواب ما فی جمیع القرآن ، ومن قرأها علی الرَّمد سکّنه الله وهدّأه بقدرة الله تعالی((5)) .

الخصال : حدّثنا أبی (رضی الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثنی محمّد بن عیسی بن عبید الیقطینی ، عن القاسم بن یحیی ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبی بصیر ، ومحمد بن مسلم ، عن أبی

ص: 289


1- - کلأک الله کلاءةً : أی حفظک وحرسک (لسان العرب) .
2- - الکافی : ج2 ص542 ح8 .
3- - ثواب الأعمال : ص156 ح7 .
4- - جامع الأخبار : ص44 .
5- - تفسیر البرهان : ج10 ص467 ح27 .

عبدالله (علیه السّلام) قال : حدّثنی أبی ، عن جدّی ، عن آبائه (علیهم السّلام) أنّ أمیر المؤمنین (علیه السّلام) علّم أصحابه فی مجلس واحد أربعمائة باب ممّا یصلح للمسلم فی دینه ودنیاه - ومنها ما قال (علیه السّلام) - : من قرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) من قبل أن تطلع الشمس ] احدی عشرة مرة[ ومثلها إنّا أنزلناه ومثلها آیة الکرسی منع ماله ممّا یخاف . من قرأ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ] وإنّا أنزلناه [ قبل أن تطلع الشمس لم یُصبه فی ذلک الیوم ذنب وإن جهد إبلیس .

إلی أن قال : إذا دخل أحدکم منزله فلیسلّم علی أهله یقول : « السلام علیکم » فإن لم یکن له أهل فلیقل : السلام علینا من ربّنا ، ولیقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) حین یدخل منزله فإنّه ینفی الفقر((1)) .

من لا یحضره الفقیه : روی عمر بن یزید أنّه قال : شکوت إلی أبی عبدالله (علیه السّلام) السهو فی المغرب فقال : صلّها بقل هو الله أحد وقل یا أیّها الکافرون ، ففعلت ] ذلک [ فذهب عنّی((2)) .

باب (5) النهی عن ترک قراءة سورة الإخلاص

الکافی : أبو علی الأشعری ، عن محمّد بن حسّان ، عن اسماعیل

ص: 290


1- - الخصال : ص622 و626 ضمن حدیث 10 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص462 .
2- - من لا یحضره الفقیه : ج1 ص338 ح985 .

ابن مهران ، عن الحسن بن علی بن أبی حمزة ، عن منصور بن حازم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من مضی به یوم واحد فصلّی فیه بخمس صلوات ولم یقرأ فیها ب- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قیل له : یا عبدالله ، لستَ من المصلّین((1)) .

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن سیف بن عمیرة ، عن منصور بن حازم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) نحوه((2)) .

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبی عبدالله((3)) ، عن اسحاق بن عمّار ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من مضت له جمعة ولم یقرأ فیها ب- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثمّ مات ، مات علی دین أبی لهب((4)) .

ثواب الأعمال : بهذا الاسناد ، عن الحسن ، عن مندل ، عن هارون

ص: 291


1- - الکافی : ج2 ص622 ح10 .
2- - ثواب الأعمال : ص155 ح1 .
3- - الظاهر ان المقصود من « الحسن » هنا هو الحسن بن علی البطائنی والمراد من « أبی عبدالله » هو المؤمن .
4- - ثواب الأعمال : ص156 ح2 .

ابن خارجة ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من مضت له جمعة ولم یقرأ فیها ب- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثمّ مات فی مرضه أو فی تلک الشدّة التی نزلت به فهو من أهل النار((1)) .

ثواب الأعمال : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنی سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إسماعیل بن مهران ، عن الحسن بن علی البطائنی ، عن أبی عبدالله المؤمن ، عن ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد قال : سمعت أبا عبدالله (علیه

السّلام) یقول : من مضت له ثلاثة أیّام لم یقرأ فیها (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فقد خذل ونزع ربقة الإیمان من عنقه فإن مات فی هذه الثلاثة الأیام کان کافراً بالله العظیم((2)) .

المحاسن : البرقی ، عن إسماعیل بن مهران بهذا الاسناد نحوه((3)) .

أقول : یدلُّ هذا الحدیث علی کراهة ترک قراءة سورة التوحید فی الصلاة کراهة شدیدة .

ولعلّ الذم الوارد فیه باعتبار من یستخف بهذه السورة المبارکة وقراءتها ویستخف بمحتواها الدال علی نفی الشریک ونفی الحدوث والترکیب عن الله سبحانه وتعالی .

ص: 292


1- - ثواب الأعمال : ص156 ح3 .
2- - ثواب الأعمال : ص282 ح1 .
3- - المحاسن : ج1 ص179 ح281 الطبعة الحدیثة .

ولا شک أن الکفر علی مراتب ودرجات فی الشّدّة والضَّعف .. وترک قراءة سورة الاخلاص فی الصلاة ثلاثة أیام من تلک الدرجات ، ومن قبیل کفران النعمة وکفران الإحسان وغیرهما .

ویقال لمن غطّی شیئاً وسَتَره : کافر ، فکأنّ التارک لقراءة هذه السورة المبارکة عدّة أیّام ساتر لجلال الله ومستخف بعظمته وتوحیده (عزّوجلّ) . والله العالم .

باب (6) استحباب قراءة سورة التوحید فی الصلوات الیومیة

الکافی : أبو داود ، عن علی بن مهزیار باسناده ، عن صفوان الجمّال قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : صلاة الأوّابین الخمسون کلّها ب- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)((1)) .

باب (7) کراهة قراءة السورة بنَفَس واحد

الکافی : حمید بن زیاد ، عن الحسن بن محمّد الأسدی ، عن أحمد ابن الحسن المیثمی ، عن أبان بن عثمان ، عن محمّد بن الفضیل قال :

قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : یکره أن یُقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)

ص: 293


1- - الکافی : ج3 ص314 ح13 .

بنفس واحد((1)) .

باب (8) سورة الاخلاص ثُلث القرآن

التهذیب : الحسین بن سعید ، عن النّضر بن سوید ، عن الحلبی ، عن الحارث بن المغیرة ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : کان أبی (علیه السّلام) یقول : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) تعدل ثُلث القرآن ، وکان یُحب أن یجمعها فی الوتر لیکون القرآن کلّه((2)) .

التوحید : حدّثنا الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هشام المکتب قال : حدّثنا محمّد بن أبی عبدالله الکوفی قال : حدّثنا موسی بن عمران النخعی ، عن عمّه الحسین بن یزید النوفلی ، عن علی بن سالم ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من قرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)مرّة واحدة فکأنّما قرء ثُلث القرآن ، وثلث التوراة ، وثلث الانجیل ، وثلث الزبور((3)) .

ص: 294


1- - الکافی : ج2 ص616 ح12 .
2- - التهذیب : ج2 ص127 ح482 .
3- - التوحید : ص95 ح15 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص462 .

باب (9) استحباب قراءة سورة الاخلاص فی صلاة الوَتْر

التهذیب : الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن القراءة فی الوَتر ؟

فقال : کان بینی وبین أبی باب فکان أبی إذا صلّی یقرأ فی الوَتر ب-(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فی ثلاثتهن ، و کان یقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فإذا فرغ منها قال : کذلک الله ربّی أو کذاک الله ربّی((1)) .

التهذیب - الاستبصار : الحسین بن سعید ، عن عثمان بن عیسی ، عن ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : الوَتر ثلاث رکعات یفصل بینهن ، ویقرأ فیهن جمیعاً ب-(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)((2)) .

باب (10) مَثَل الإمام علی مثل (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)

المحاسن : البرقی ، عن منصور بن العباس ، عن أحمد بن عبد الرحیم ، عمّن حدّثه ، عن عمرو بن أبی المقدام ، عن أبی عبدالله (علیه

ص: 295


1- - التهذیب : ج2 ص126 ح481 .
2- - التهذیب : ج2 ص127 ح484 - الاستبصار : ج1 ص348 ح1310 .

السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) لأمیر المؤمنین (علیه السّلام) : مَثَلک مَثل (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فإنّه من قرأها مرّة فکأنّما قرأ ثُلث القرآن ، ومن قرأها مرّتین فکأنّما قرأ ثلثی القرآن ، ومن قرأها ثلاث مرّات فکأنّما قرأ القرآن ، وکذلک من أحبّک بقلبه کان له مثل ثلث ثواب أعمال العباد ، ومن أحبَّک بقلبه ونصرک بلسانه کان له مثل ثلثی ثواب أعمال العباد ، ومن أحبَّک بقلبه ونصرک بلسانه ویده کان له مثل ثواب أعمال العباد((1)) .

باب (11) سلمان والعبادات الثلاث

أمالی الصدوق : حدّثنا أحمد بن محمّد بن یحیی العطّار قال : حدّثنی أبی ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن نوح بن شعیب النیسابوری ، عن عبید الله بن عبدالله الدهقان ، عن عروة بن أخی شعیب العقرقوفی ، عن شعیب ، عن أبی بصیر قال : سمعت الصادق جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) یُحدِّث ، عن أبیه ، عن آبائه (علیهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) یوماً لأصحابه : أیّکم یصوم الدهر ؟

فقال سلمان : أنا یا رسول الله .

ص: 296


1- - المحاسن : ج1 ص251 ح473 الطبعة الحدیثة . منه بحار الأنوار : ج27 ص94 .

فقال رسول الله : فأیّکم یُحیی اللیل ؟

قال سلمان : أنا یا رسول الله .

قال : فأیّکم یختم القرآن فی کلّ یوم ؟

فقال سلمان : أنا یا رسول الله .

فغضب بعض أصحابه فقال : یا رسول الله إنّ سلمان رجل من الفُرس یرید أن یفتخر علینا معاشر قریش ، قُلتَ : أیّکم یصوم الدهر ؟ فقال : أنا وهو أکثر أیّامه یأکل ، وقُلتَ : أیّکم یحیی اللیل ؟ فقال : أنا وهو أکثر لیلته نائم ، وقُلتَ : وأیّکم یختم القرآن فی کلّ یوم ؟ فقال : أنا وهو أکثر نهاره صامت .

فقال النبی (صلّی الله علیه وآله) : مه یا فلان (!) أنّی لک بمثل لقمان الحکیم ؟! سله فإنّه یُنبّؤک .

فقال الرجل لسلمان : یا أبا عبدالله ألیس زعمتَ أنّک تصوم الدهر ؟

فقال : نعم .

فقال : رأیتک فی أکثر نهارک تأکل .

فقال : لیس حیث تذهب إنّی أصوم الثلاثة فی الشهر ، وقال الله (عزّوجلّ) : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)((1)) وأَصِلُ ] شهر [ شعبان بشهر رمضان فذلک صوم الدهر .

ص: 297


1- - الأنعام 6 : 160 .

فقال : ألیس زعمت أنّک تحیی اللیل ؟

فقال : نعم .

فقال : أنت أکثر لیلتک نائم .

فقال : لیس حیث تذهب ولکنّی سمعتُ حبیبی رسول الله یقول : من بات علی طهر فکأنّما أحیی اللیل کلّه ، فأنا أبیت علی طهر .

فقال : ألیس زعمت أنّک تختم القرآن فی کلّ یوم ؟

قال : نعم .

قال : فإنّک أکثر أیامک صامت .

فقال : لیس حیث تذهب ولکنّی سمعت حبیبی رسول الله (صلّی الله علیه وآله) یقول لعلی : « یا أبا الحسن مَثَلک فی أُمّتی مَثَل (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فمن قرأها مرّة ] فقد [

قرأ ثلث القرآن ، ومن قرأها مرّتین فقد قرأ ثلثی القرآن ، ومن قرأها ثلاثاً فقد ختم القرآن ، فمن أحبّک بلسانه فقد کمل له ثلث الإیمان ، ومن أحبّک بلسانه وقلبه فقد کمل له ثلثا الإیمان ، ومن أحبّک بلسانه وقلبه ونصرک بیده فقد استکمل الإیمان ، والذی بعثنی بالحقّ یا علی لو أحبّک أهل الأرض کمحبّة أهل السماء لک لما عذّب الله أحداً بالنار » وأنا أقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فی کلّ یوم ثلاث مرّات . فقام وکأنّه قد أُلقم حَجراً((1)) .

ص: 298


1- - أمالی الصدوق : ص37 ح5 .

معانی الأخبار : بهذا الاسناد نحوه((1)) .

باب (12) کم یُقرأ من الآیات فی رکعات الزوال ؟

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن محمّد بن إسماعیل ، عن صالح بن عقبة ، عن أبی هارون المکفوف قال : سأل رجل أبا عبدالله (علیه السّلام) وأنا حاضر : کَمْ یُقرأ فی الزوال ؟

فقال : ثمانین آیة((2)) ، فخرج الرجل .

فقال : یا أبا هارون هل رأیت شیخاً أعجب من هذا الذی سألنی عن شیء فأخبرته ولم یسألنی عن تفسیره ؟!

هذا الذی یزعم أهل العراق أنّه عاقلهم .

یا أبا هارون : إنّ الحمد سبع آیات وقل هو الله أحد ثلاث آیات فهذه عشر آیات والزوال ثمان رکعات فهذه ثمانون آیة((3)) .

أقول : أرقام آیات سورة الاخلاص الموجودة فی المصاحف المتداولة هی أربع آیات .

ولکن الإمام الصادق (علیه السلام) اعتبرها ثلاثة - دون البسملة

ص: 299


1- - معانی الأخبار : ص234 ح1 .
2- - أی : یَقرأ ثمانین آیة .
3- - الکافی : ج3 ص314 ح14 .

طبعاً - هکذا :

(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ وَلَمْ یَکُن لَّهُ کُفُواً أَحَدٌ) .

باب (13) سورة الاخلاص نَسَبُ الرَّب

الکافی : أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ابن یحیی ، عن أبی أیوب ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إنّ الیهود سألوا رسول الله (صلّی الله علیه وآله) فقالوا : انْسِبْ لنا ربّک ؟ فلبث ثلاثاً لا یُجیبهم ، ثمّ نزلت (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إلی آخرها .

ورواه محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن أبی أیوب((1)) .

التوحید : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الولید (رضی الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن یحیی العطّار ، عن محمّد بن أحمد بن یحیی ابن عمران الأشعری ، عن علی بن إسماعیل ، عن صفوان بن یحیی ، عن أبی أیوب ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إنّ الیهود سألوا رسول الله (صلّی الله علیه وآله) فقالوا : انسب لنا ربّک ،

ص: 300


1- - الکافی : ج1 ص91 ح1 .

فلبث ثلاثاً لا یُجیبهم ، ثمّ نزلت هذه السورة إلی آخرها .

فقلت له : ما الصمد ؟

فقال : الذی لیس بمجوّف((1)) .

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ومحمّد ابن الحسین ، عن ابن محبوب ، عن حمّاد بن عمرو النصیبی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ؟

فقال : نِسْبة الله إلی خَلقه ، أحداً صمداً أزلیّاً صَمدیّاً لا ظلّ له یُمسِکه ، وهو یُمسِک الأشیاء بأظلّتها ، عارف بالمجهول ، معروف عند کلّ جاهل ، فردانیّاً لا خَلقُه فیه ولا هو فی خَلْقه ، غیرُ محسوس ولا مجسوس((2)) ،

لا تدرکه الأبصار ، عَلا فقرُب ودَنا فبعُد وعُصی فغفر واُطیع فشَکر ، لا تحویه أرضُه ولا تُقلّه سماواته ، حاملُ الأشیاء بقدرته ، دیمومیٌّ أَزلیٌّ ، لا ینسی ولا یلهو ولا یغلط ولا یلعب ، ولا لإرادته فَصْل ،

وفصله((3)) جزاء وأمره واقع ، لم یلد فیورَث ولم یولد فیشارَک ولم یکن له کفواً أحد((4)) .

* * * * *

ص: 301


1- - التوحید : ص93 ح8 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص476 .
2- - الجَسُّ : اللَّمْسُ بالید (لسان العرب) .
3- - فی نسخة : وفضله .
4- - الکافی : ج1 ص91 ح2 .

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ * وَلَمْ یَکُن لَّهُ کُفُواً أَحَدٌ) (1 - 4) .

باب (14) تفسیر سورة الاخلاص

التوحید : حدّثنا أبو محمّد جعفر بن علی بن أحمد الفقیه القمّی (رضی الله عنه) قال : حدّثنی أبو سعید عبدان بن الفضل ، قال : حدّثنی أبو الحسن محمّد بن یعقوب بن محمّد بن یوسف بن جعفر بن إبراهیم بن محمّد بن علی بن عبدالله بن جعفر بن أبی طالب (علیه السّلام) قال : حدّثنی أبو بکر ] بن [ محمّد بن أحمد بن شجاع الفرغانی قال : حدّثنی أبو محمّد الحسن بن محمّد بن حمّاد العنبری قال : حدّثنی إسماعیل بن عبد الجلیل البرقی ، عن أبی البختری وهب بن وهب القرشی ، عن أبی عبدالله الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبیه محمّد بن علی الباقر (علیهما السّلام) فی قول الله (تبارک وتعالی) : (قُلْ

هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قال : « قل » أی أظهِر ما أوحینا إلیک ونبّأناک به بتألیف الحروف التی قرأناها لک لیهتدی بها من ألقی السمع وهو شهید ، وهو اسم مکنّی مشار إلی غائب ، فالهاء تنبیه علی معنی ثابت ، والواو إشارة إلی الغائب عن الحواسّ ، کما أنّ قولک : هذا ، إشارة إلی الشاهد عند الحواسّ ، وذلک أنّ الکفّار نبّهوا عن آلهتهم بحرف إشارة الشاهد المدرک فقالوا : هذه آلهتنا المحسوسة

ص: 302

المدرکة بالأبصار ، فأَشِر أنت - یا محمّد - إلی إلهک الذی تدعو إلیه حتّی نراه ونُدرکه ولا نأله فیه ، فأنزل الله (تبارک وتعالی) : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)فالهاء تثبیت للثابت ، والواو إشارة

إلی الغایب عن درک الأبصار ولمْس الحواسّ وأنّه تعالی عن ذلک بل هو مُدرِک الأبصار ومُبدِع الحواسّ((1)) .

التوحید : حدّثنی أبی((2)) عن أبیه ، عن أمیر المؤمنین (علیه السّلام) قال : رأیت الخضر فی المنام قبل بدر بلیلة فقلت له : علِّمنی شیئاً أُنصر به علی الأعداء .

فقال : قل : « یا هو یا من لا هو إلاّ هو » فلمّا أصبحتُ قصصتُها علی رسول الله فقال لی : یا علی عُلّمت الاسم الأعظم ، فکان علی لسانی یوم بدر ، وإنّ أمیر المؤمنین قرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فلمّا فرغ قال : یا هو یا من لا هو إلاّ هو إغفر لی وانصرنی علی القوم الکافرین ، وکان علی یقول ذلک یوم صفّین وهو یطارد فقال له عمار بن یاسر : یا أمیر المؤمنین ما هذه الکنایات ؟

قال : اسم الله الأعظم وعماد التوحید الله لا إله إلاّ هو ، ثمّ قرأ (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ)((3)) وآخر الحشر ، ثمّ نزل فصلّی أربع رکعات قبل

ص: 303


1- - التوحید : ص88 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص471 .
2- - تتمة کلام الإمام الباقر (علیه السّلام) للحدیث السابق .
3- - آل عمران 3 : 18 .

الزوال .

قال : وقال أمیر المؤمنین (علیه السّلام) : الله معناه : المعبود الذی یأله فیه الخلق ویؤله إلیه والله هو المستور عن درک الأبصار ، المحجوب عن الأوهام والخطرات .

قال الباقر (علیه السّلام) : الله معناه : المعبود الذی أَلِه الخلق عن درک ماهیّته والإحاطة بکیفیته ، وتقول العرب : أله الرجل إذا تحیّر فی الشیء فلم یُحِط به علماً ، ووله إذا فزع إلی شیء ممّا یحذره ویخافه فالإله هو المستور عن حواسّ الخلق .

قال الباقر (علیه السّلام) : الأحد : الفرد المتفرّد ، والأحد والواحد بمعنی واحد ، وهو المتفرّد الذی لا نظیر له ، والتوحید : الإقرار بالوحدة وهو الانفراد ، والواحد : المتباین الذی لا ینبعث من شیء ولا یتّحد بشیء ، ومن ثمّ قالوا : إنّ بناء العدد من الواحد ، ولیس الواحد من العدد لأنّ العدد لا یقع علی الواحد بل یقع علی الاثنین ، فمعنی قوله : الله أحد ، ] أی [ المعبود الذی یأله الخلق عن إدراکه والإحاطة بکیفیته ، فرد بإلهیّته ، متعال عن صفات خلقه .

قال الباقر (علیه السّلام) : حدَّثنی أبی زین العابدین ، عن أبیه الحسین بن علی أنّه قال : الصمد : الذی لا جوف له ، والصمد : الذی قد انتهی سؤدده ، والصمد : الذی لا یأکل ولا یشرب ، والصمد : الذی لا

ص: 304

ینام ، والصمد : الدائم الذی لم یزل ولا یزال .

قال الباقر (علیه السّلام) : کان محمّد بن الحنفیّة یقول : الصمد : القائم بنفسه ، الغنی عن غیره ، وقال غیره : الصمد : المتعالی عن الکون والفساد ، والصمد : الذی لا یوصف بالتغایر .

قال الباقر (علیه السّلام) : الصمد : السیّد المطاع الذی لیس فَوقه آمر وناه .

قال : وسئل علی بن الحسین زین العابدین عن الصمد ؟

فقال : الصمد : الذی لا شریک له ، ولا یؤده حفظ شیء ، ولا یعزب عنه شیء .

قال وهب بن وهب القرشی : وحدّثنی الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبیه الباقر ، عن أبیه (علیهم السّلام) إنّ أهل البصرة کتَبوا إلی الحسین ابن علی یسألونه عن الصمد ؟

فکتب إلیهم : « بسم الله الرحمن الرحیم أمّا بعد فلا تخوضوا فی القرآن ] بغیر علم [ ولا تجادلوا فیه ولا تتکلّموا فیه بغیر علم ، فقد سمعت جدّی رسول الله یقول : من قال فی القرآن بغیر علم فلیتَبوّء مقعَده من النار ، وإنّ الله (سبحانه) قد فسّر الصمد فقال : (اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ)ثمّ

فسَّره فقال : (لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ * وَلَمْ یَکُن لَّهُ کُفُواً أَحَدٌ)(لَمْ یَلِدْ)لم یخرج منه شیء کثیف کالولد وسایر الأشیاء الکثیفة التی تخرج من

ص: 305

المخلوقین ، ولا شیء لطیف کالنفس ، ولا یتشعّب منه البدوات کالسِّنة والنوم والخطرة والهمّ والحزن والبهجة والضحک والبکاء والخوف والرجاء والرغبة والسأمة والجوع والشبع ، تعالی ] الله [أن یخرج منه شیء وأن یتولّد منه شیء کثیف أو لطیف (وَلَمْ یُولَدْ) لم یتولّد من شیء ، ولم یخرج من شیء ، کما یخرج الأشیاء الکثیفة من عناصرها ، کالشیء من الشیء والدابّة من الدابّة والنبات من الأرض والماء من الینابیع والثمار من الأشجار ، ولا کما یخرج الأشیاء اللّطیفة من مراکزها کالبصر من العین والسمع من الأذن والشمّ من الأنف والذوق من الفم والکلام من اللسان والمعرفة

والتمیز من القلب ، وکالنّار من الحَجر ، لا بل هو الله الصمد الذی لا من شیء ولا فی شیء ولا علی شیء ، مُبدع الأشیاء وخالقها ومنشئ الأشیاء بقُدرته ، یتلاشی ما خلق للفناء بمشیّته ، ویبقی ما خلق للبقاء بعلمه ، فذالکم الله الصمد الذی لم یلد ولم یولد ، عالم الغیب والشهادة الکبیر المتعال ، ولم یکن له کفواً أحد » .

قال وهب بن وهب القرشی : سمعت الصادق (علیه السّلام) یقول : قَدِم وفد من أهل فلسطین علی الباقر فسألوه عن مسائل ، فأجابهم ثمّ سألوه عن الصمد ؟

فقال : تفسیره فیه : الصمد خمسة أحرف : فالألف دلیل علی إنیّته ، وهو قوله (عزّوجلّ) : (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) وذلک تنبیه وإشارة

ص: 306

إلی الغائب عن درک الحواس .

واللاّم دلیل علی إلهیَّته بأنّه هو الله ، والألف واللاّم مُدغمان ، لا یظهران علی اللّسان ولا یقعان فی السَّمع ، ویظهران فی الکتابة ، دلیلان علی أنّ إلهیَّته بلطفه خافیة لا تُدرَک بالحواس ، ولا تقع فی لسان واصف ولا أُذن سامع ، لأنّ تفسیر الإله : هو الذی أَله الخلق عن درک ماهیَّته وکیفیّته بحسِّ أو بوهم ، لا بل هو مُبدع الأوهام ، وخالق الحواسّ ، وإنّما یظهر ذلک عند الکتابة ، دلیل علی أنّ الله سبحانه أظهر ربوبیّته فی إبداع الخلق وترکیب أرواحهم اللطیفة فی أجسادهم الکثیفة ، فإذا نظر عبد إلی نفسه لم یر رُوحه ، کما أنّ لام الصَّمَد لا تتبیّن ولا تَدخُل فی حاسّة من الحواسّ الخمس ، فإذا نظر إلی الکتابة ظهر له ما خفی وَلَطُف ، فمتی تفَکّر العبد فی ماهیّة البارئ وکیفیّته ، ألِه فیه وتحیّر ، ولم تُحط فِکرتُه بشیء یتصوّر له ، لأنَّه (عزّوجلّ) خالِقُ الصُوَر ، فإذا نظر إلی خَلقِه ثبّت له أنّه (عزّوجلّ) خالِقُهم ، ومُرکّب أرواحهم فی أجسادهم .

وأمّا الصّاد فدلیل علی أنّه (عزّوجلّ) صادق ، وقوله صدق وکلامه صدق ، ودعا عباده إلی اتّباع الصِّدق بالصِّدق ، ووَعَد بالصِّدق دار الصِّدق .

وأمّا المیم فدلیل علی مُلکه ، وأنّه المَلِک الحقّ ، لم یزل ولا یزال ولا یزول ملکه .

ص: 307

وأمّا الدال فدلیل علی دوام مُلکه ، وأنّه (عزّوجلّ) دائم ، تعالی عن الکون والزوال بل هو ] الله [ (عزّوجلّ) یکوّن الکائنات ، الذی کان بتکوینه کلّ کائن .

ثمّ قال (علیه السّلام) : لو وجدتُ لعلمی الذی آتانی الله (عزّوجلّ) حملةً لنشرتُ التوحید والإسلام والإیمان والدین والشرایع من الصَّمد ، وکیف لی بذلک ولم یجد جدّی أمیر المؤمنین حملةً لعلمه حتّی کان یتنفّس الصُعداء ویقول علی المنبر : سلونی قبل أن تفقدونی فإنّ بین الجوانح منّی عِلماً جمّاً ، هاه هاه ألا لا أجد من یحمله ، ألا وإنّی علیکم من الله الحُجّة البالغة ، فلا تتولّوا قوماً غضب الله علیهم قد یئسوا من الآخرة کما یئس الکفّار من أصحاب القبور .

ثمّ قال الباقر (علیه السّلام) : الحمد لله الذی منّ علینا ووفّقنا لعبادته ، الأحد الصمد الذی لم یلد ولم یولد ولم یکن له کفواً أحد ، وجنّبنا عبادة الأوثان ، حمداً سرمداً وشکراً واصباً .

وقوله (عزّوجلّ) : (لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ) یقول: لم یلد (عزّوجلّ) فیکون له ولد یرثه ] ملکه [ ولم یولد فیکون له والد یَشْرکه فی ربوبیَّته وملکه .

(وَلَمْ یَکُن لَّهُ کُفُواً أَحَدٌ) فیعاونه فی سلطانه((1)) .

ص: 308


1- - التوحید : ص89 - 93 ح2 - 6 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص471 - 475 .

سورة الفلق

باب (1) ثواب قراءة سورة الفلق

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها فی کلّ لیلة من لیالی شهر رمضان ، کانت فی نافلة أو فریضة ، کان کمن صام فی مکّة وله ثواب من حجّ واعتمر بإذن الله تعالی((1)) .

باب (2) المعوَّذتان من القرآن

طب الأئمّة (علیهم السّلام) : عن أبی عبدالله الصادق (علیه السّلام) أنّه سئل عن المعوّذتین ، أهما من القرآن ؟

فقال الصادق (علیه السّلام) : نعم هما من القرآن .

فقال الرجل : إنّهما لیستا من القرآن فی قراءة ابن مسعود ولا فی

ص: 309


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص487 ح6 .

مُصحفه .

فقال أبو عبدالله (علیه السّلام) : أخطأ ابن مسعود - أو قال : کذب ابن مسعود - هما من القرآن .

قال الرجل : فأقرأ بهما - یا بن رسول الله - فی المکتوبة ؟

قال : نعم ... إلی آخر الحدیث((1)) .

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن سیف بن عمیرة ، عن داود بن فرقد ، عن صابر مولی بسّام قال : أَمَّنا أبو عبدالله (علیه السّلام) فی صلاة المغرب فقرأ المعوَّذتین ثمّ قال : هما من القرآن((2)) .

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن ابن أبی نجران ، عن صفوان الجمّال قال : صلّی بنا أبو عبدالله (علیه السّلام) المغرب فقرأ بالمعوّذتین فی الرکعتین((3)) .

باب (3) سبب نزول المعوَّذتین

تفسیر القمی : حدّثنی أبی ، عن بکر بن محمّد ، عن أبی عبدالله

ص: 310


1- - طب الأئمّة : ص114 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص486 .
2- - الکافی : ج3 ص317 ح26 .
3- - الکافی : ج3 ص314 ح8 .

(علیه السّلام) قال : کان سبب نزول المعوّذتین أنّه وعک((1)) رسول الله (صلّی الله علیه وآله) فنزل ] علیه [ جبرئیل بهاتین السورتین فعوذّه بهما((2)) .

مجمع البیان : عن أبی خدیجة ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : جاء جبرئیل إلی النبی (صلّی الله علیه وآله) وهو شاک ، فرقاه بالمعوذتین و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وقال : بسم الله أرقیک ، والله یشفیک من کلّ داء یؤذیک ، خذها فلتُهنئک((3)) .

باب (4) ما یستحب قوله حین قراءة المعوَّذتین

مجمع البیان : روی عبدالله بن سنان ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إذا قرأت (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) فقل فی نفسک : أعوذ برب الفلق ، وإذا قرأت (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) قل فی نفسک : أعوذ برب الناس((4)) .

باب (5) آیات تحُول بین الإنسان وعدوّه

طب الأئمّة (علیهم السّلام) : سعد بن محمّد بن سعید قال : حدّثنا

ص: 311


1- - الوَعَک : الحمّی (مجمع البحرین) .
2- - تفسیر القمی : ج2 ص450 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص494 .
3- - مجمع البیان : ج5 ص569 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص495 .
4- - مجمع البیان : ج5 ص571 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص495 .

موسی بن قیس الحنّاط ، عن محمّد بن سعید - وهو والد سعید بن محمّد - عن الشعیری ، عن جعفر بن محمّد الصادق (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : من أراده إنسان بسوء فأراد أن یحجز الله بینه وبینه فلیقل حین یراه : أعوذ بحول الله وقوّته من حول خلقه وقوّتهم وأعوذ برب الفلق من شرّ ما خلق ، ثمّ یقول ما قال الله (عزّوجلّ) لنبیّه (صلّی الله علیه وآله) : (فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِیَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَیْهِ تَوَکَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ)((1)) صَرفَ الله عنه کید کلّ کائد ومکر کلّ ماکر وحسد کلّ حاسد ولا یقولنّ هذه الکلمات إلاّ فی وجهه فإنّ الله یکفیه بحوله((2)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِق إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِی الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِد إِذَا حَسَدَ) (1 - 5) .

باب (6) معنی الفلق

معانی الأخبار : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا محمّد بن أبی القاسم ،

ص: 312


1- - التوبة 9 : 129 .
2- - طب الأئمّة : ص122 .

عن محمّد بن علی الکوفی ، عن عثمان بن عیسی ، عن معاویة بن وهب قال : کنّا عند أبی عبدالله (علیه السّلام) فقرأ رجل (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) قال الرجل : وما الفلق ؟

قال : صَدْعٌ فی النار فیه سبعون ألف دار،

فی کلّ دار سبعون ألف بیت ، فی کلّ بیت سبعون ألف أسود ، فی جوف کلّ أسود سبعون ألف جرّة سم ، لابدّ لأَهل النار أن یمرّوا علیها((1)) .

باب (7) الإمام محفوظ بعین الله

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن الحسن بن محبوب ، عن اسحاق بن غالب ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) فی خطبة له یذکر فیها حال الأئمّة (علیهم السّلام) وصفاتهم قال (علیه السّلام) بعد أن ذکر الإمام : « لم یزل مرعیّاً بعین الله ، یحفظه ویکلؤه بستره ، مطروداً عنه حبائل إبلیس وجنوده ، مدفوعاً عنه وقوب الغواسق((2)) ونفوث کلّ فاسق((3)) .

ص: 313


1- - معانی الأخبار : ص227 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص481 . والأسود : العظیم من الحیَّات (أقرب الموارد) .
2- - وقب الظلام علی الناس : دخل وانتشر . والغاسق : القمر أو اللیل إذا غاب الشفق واشتدّت ظلمته (أقرب الموارد) .
3- - الکافی : ج1 ص204 ح2 .

باب (8) أشدُّ الناس عذاباً فی القیامة

ثواب الأعمال : حدّثنی محمّد بن الحسن قال : حدّثنی محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن محبوب ، عن حنان بن سدیر قال : حدّثنی رجل من أصحاب أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : سمعته یقول : إنّ أشد الناس عذاباً یوم القیامة لسبعة نفر : أولهم ابن آدم الذی قتل أخاه ، ونمرود الذی حاجّ إبراهیم فی ربّه ، واثنان فی بنی إسرائیل هوّدا قومهما ونصّراهم ، وفرعون الذی قال : أنا ربّکم

الأعلی ، واثنان من هذه الأُمّة : أحدهما شرّهما فی تابوت من قواریر تحت الفلق فی بحار من نار((1)) .

باب (9) یهودی یحاول أن یسحر رسول الله

طب الأئمّة : محمّد بن جعفر البرسی قال : حدّثنا أحمد بن یحیی الأرمنی قال : حدّثنا محمّد بن سیار قال : حدّثنا محمّد بن المفضّل بن عمر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قال أمیر المؤمنین (علیه السّلام) : إنّ جبرئیل أتی النبی (صلّی الله علیه وآله) وقال : یا محمّد .

قال : لبّیک یا ] أخی [ جبرئیل .

ص: 314


1- - ثواب الأعمال : ص255 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص482 .

قال : إنّ فلاناً الیهودی ] قد [ سَحرک وجعل السِّحر فی بئر بنی فلان ، فابعث إلیه - یعنی إلی البئر - أوثق الناس عندک وأعظمهم فی عینیک ، وهو عدیل نفسک حتّی یأتیک بالسِّحر .

قال : فبعث النبی علی بن أبی طالب وقال : انطلق إلی بئر ذروان فإنّ فیها سحراً سحرنی به لبید بن أعصم الیهودی فأتنی به .

قال علی : فانطلقت فی حاجة رسول الله ، فهبطت ] فی البئر [ فإذا ماء البئر قد صار کأنّه ماء الحیاض من السِّحر ، فطلبته مستعجلاً حتّی انتهیت إلی أسفل القلیب فلم أظفر به ، قال الذین معی : ما فیه شیء فاصعد ، فقلت : لا والله ما کذب وما کُذّبت وما نفسی به مثل أنفسکم - یعنی رسول الله - ثمّ طلبت طلباً بلطف ، فاستخرجت حُقّاً((1)) ،

فأتیت به النبی (صلّی الله علیه وآله) فقال : افتحه ، ففتحته فإذا فی الحُق قطعة کرب النخل ، فی جوفه وتر علیه إحدی وعشرون عقدة ، وکان جبرئیل أنزل یومئذ المعوَّذتین علی النبی ، فقال النبی : یاعلی اقرأهما علی الوتر ، فجعل أمیر المؤمنین

کلّما قرأ آیة انحلّت عقدة حتّی فرغ منها ، وکشف الله (عزّوجلّ) عن نبیّه ما سُحر به ، وعافاه((2)) .

أقول : الحدیث ضعیف السَّند فلا یُعتمد علیه ولا یُستند إلیه .

ص: 315


1- - الحُقَّة : وعاء من خشب وقد تسوّی من العاج (أقرب الموارد) .
2- - طب الأئمّة : ص113 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص485 .

بالاضافة إلی أنّه مردود من قبل القرآن الکریم ، قال تعالی : (وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً * انظُرْ کَیْفَ ضَرَبُوا لَکَ الاَْمْثَالَ فَضَلُّوا فَلاَ یَسْتَطِیعُونَ سَبِیلاً)((1)) والسّحر عمل شیطانی والأعمال الشیطانیَّة لا تؤثر فی أنبیاء الله ورسله .

ولهذا قال الشیخ الطبرسی : (وهذا لا یجوز لأنّ من وُصف بأنّه مسحور فکأنه قد خبل عقلُه ، وقد أبی الله سبحانه ذلک فی قوله : (وَقَالَ الظَّالِمُونَ ...) ولکن یمکن أن یکون الیهودی أو بناته - علی ما رُوی - اجتهدوا فی ذلک فلم یقدروا علیه وأطلع الله نبیَّه علی ما فعلوه من التمویه حتی استُخرج ، وکان ذلک دلالة علی صدقه (صلّی الله علیه وآله) وکیف یجوز أن یکون المرض من فِعلهم ولو قدروا علی ذلک لقتلوه وقتلوا کثیراً من المؤمنین مع شدّة عداوتهم له)((2)) .

باب (10) عوذة لإبطال السِّحر

طب الأئمّة : عن محمّد بن مسلم قال : هذه العوذة التی أملاها علینا أبو عبدالله (علیه السّلام) یذکر أنّها وراثة ، وإنّها تُبطِل السحر ، تُکتَب علی

ص: 316


1- - الفرقان 25 : 8 و9 .
2- - مجمع البیان : ج5 ص568 .

ورق وتُعلَّق علی المسحور : (قَالَ مُوسَی مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَیُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ یُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِینَ * وَیُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِکَلِمَاتِهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)((1)) (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْکَهَا فَسَوَّاهَا)((2)) الآیات (فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا کَانُواْ یَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ هُنَالِکَ

وَانقَلَبُواْ صَاغِرِینَ * وَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ سَاجِدِینَ * قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِینَ * رَبِّ مُوسَی وَهَارُونَ)((3))و((4)) .

باب (11) ذمّ الحسَد

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد والحسین بن سعید ، عن النّضر بن سوید ، عن القاسم بن سلیمان ، عن جرّاح المداینی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إنّ الحسد یأکل الإیمان کما تأکل النار الحطب((5)) .

معانی الأخبار : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الولید (رضی

ص: 317


1- - یونس 10 : 81 و82 .
2- - النازعات 79 : 27 و28 .
3- - الأعراف 7 : 118 - 122 .
4- - طب الأئمّة : ص115 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص487 .
5- - الکافی : ج2 ص306 ح2 .

الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) أنّه سئل عن الحسد ؟

قال : لحم ودم یدور فی الناس حتّی إذا انتهی إلینا یبس ، وهو الشیطان((1)) .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن النوفلی ، عن السکونی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : کاد الفقر أن یکون کفراً ، وکاد الحسد أن یغلب القَدَر((2)) .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقری ، عن الفضیل بن العیاض ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : إنّ المؤمن یغبط ولا یحسد ، والمنافق یحسد ولا یغبط((3)) .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن معاویة بن وهب قال : قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : آفة الدین الحسد والعُجب والفخر((4)) .

ص: 318


1- - معانی الأخبار : ص244 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص482 .
2- - الکافی : ج2 ص307 ح4 .
3- - الکافی : ج2 ص307 ح7 .
4- - الکافی : ج2 ص307 ح5 .

باب (12) اتَّقوا الحسد

الکافی : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقی قال : سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) یقول : اتّقوا الله ولا یحسُد بعضکم بعضاً ، إنّ عیسی بن مریم کان من شرائعه السیح((1)) فی البلاد ، فخرج فی بعض سیحه ومعه رجل من أصحابه قصیر ، وکان کثیر اللّزوم لعیسی ، فلمّا انتهی عیسی إلی البحر قال : بسم الله ، بصحّة یقین منه ، فمشی علی ظهر الماء ، فقال الرجل القصیر - حین نظر إلی عیسی جازه - : بسم الله ، بصحة یقین منه ، فمشی علی الماء ولحق بعیسی ، فدخله العُجب بنفسه ، فقال : هذا عیسی روح الله یمشی علی الماء وأنا أمشی علی الماء فما فضله علَیَّ .

قال : فَرُمِس فی الماء ، فاستغاث بعیسی فتناوله من الماء فأخرجه ، ثمّ قال له : ما قلت یا قصیر ؟

قال : قلت : هذا روح الله یمشی علی الماء وأنا أمشی علی الماء ، فدخلنی من ذلک عُجب .

فقال له عیسی : لقد وَضعت نفسک فی غیر الموضع الذی وضعک الله فیه ، فمقتک الله علی ما قلت ، فتُب إلی الله (عزّوجلّ) ممّا قلت .

ص: 319


1- - ساح الرجل سیاحة : ذهب فی الأرض للعبادة (أقرب الموارد) .

قال : فتاب الرجل وعاد إلی مرتبته التی وضعه الله فیها ، فاتقوا الله ولا یحسدنَّ بعضُکم بعضاً((1)) .

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن داود الرقی ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : قال الله (عزّوجلّ) لموسی بن عمران : یا بن عمران : لا تحسدنّ الناس علی ما آتیتُهم من فضلی ، ولا تمدّنَّ عینیک إلی ذلک ، ولا تُتبِعْه نفسک ، فإنّ الحاسد ساخط لنعمی ، صادٌّ لقَسْمی الذی قَسَمتُ بین عبادی ، ومن یک کذلک فلستُ منه ولیس منّی((2)) .

معانی الأخبار : أبی (رحمه الله) قال : حدّثنا أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن أحمد ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر رفعه ، فی قول الله (عزّوجلّ) : (وَمِن شَرِّ حَاسِد إِذَا حَسَدَ) قال : أما رأیته إذا فتح عینیه وهو ینظر إلیک ؟ هو ذاک((3)) .

باب (13) عوذة من النبی للحَسنین

الکافی : علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن بعض أصحابه ، عن القدّاح ،

ص: 320


1- - الکافی : ج2 ص306 ح3 .
2- - الکافی : ج2 ص307 ح6 .
3- - معانی الأخبار : ص227 ح1 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص481 .

عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : قال أمیر المؤمنین (علیه السّلام) : رقی النبی (صلّی الله علیه وآله) حسناً وحسیناً فقال : « أُعیذکما بکلمات الله التامات وأسمائه الحسنی کلّهاعامّة من شرّ السامّة والهامّة ومن شرّ کلّ عین لامّة ومن شرّ حاسد إذا حسد » ثمّ التفت النبی إلینا فقال : هکذا کان یعوّذ إبراهیمُ إسماعیلَ وإسحاق((1)) .

ص: 321


1- - الکافی : ج2 ص569 ح3 .

سورة الناس

باب (1) فائدة قراءة سورة الناس

تفسیر البرهان : من (خواص القرآن) - قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : من قرأها فی منزله کلّ لیلة ، أمن من الجنّ والوسواس ، ومن کتبها وعلّقها علی الأطفال الصغار حُفظوا من الجان بإذن الله تعالی((1)) .

* * * * *

قوله تعالی : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِکِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِی یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ) (1 - 6) .

باب (2) فی القلب اُذُنان

الکافی : محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن

ص: 322


1- - تفسیر البرهان : ج10 ص491 ح3 .

علی بن الحکم ، عن سیف بن عمیرة ، عن أبان بن تغلب ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : ما من مؤمن إلاّ ولقلبه اُذنان فی جوفه : أُذن ینفُث فیها الوسواس الخنّاس ، وأُذن ینفث فیها المَلَک ، فیؤید الله المؤمن بالمَلَک ، فذلک قوله : (وَأَیَّدَهُم بِرُوح مِّنْهُ)((1)) .

مجمع البیان : روی العیاشی بإسناده عن أبان بن تغلب ، عن جعفر ابن محمّد (علیهما السّلام) قال : قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : ما من مؤمن ... وذکر نحوه((2)) .

تفسیر القمی : قال الصادق (علیه السّلام) : ما من قلب إلاّ وله أُذنان ، علی أحدهما مَلَک مرشد ، وعلی الآخر شیطان مغتر ، هذا یأمره وهذا یزجره ، وکذلک من الناس شیطان یحمل الناس علی المعاصی ، کما یحمل الشیطانُ من الجن((3)) .

باب (3) الرُّمان یطرد الشیطان

الکافی : أبو علی الأشعری ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ابن یحیی ، عن منصور بن حازم ، عن أبی عبدالله (علیه السّلام) قال : من

ص: 323


1- - الکافی : ج2 ص267 ح3 . والآیة فی سورة المجادلة 58 : 22 .
2- - مجمع البیان : ج5 ص571 .
3- - تفسیر القمی : ج2 ص450 . منه تفسیر البرهان : ج10 ص492 .

أکل حبّة من رمّان أمرضت شیطان الوسوسة أربعین یوماً((1)) .

باب (4) ماذا یعمل الوسواس الخنّاس ؟

أمالی الصدوق : حدّثنا أبی قال : حدّثنا عبدالله بن جعفر الحمیری ، عن موسی بن جعفر بن وهب البغدادی ، عن علی بن معبد ، عن علی بن سلیمان النوفلی ، عن فطر بن خلیفة ، عن الصادق جعفر بن محمّد (علیه السّلام) قال : لمّا نزلت هذه الآیة (وَالَّذِینَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَکَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ)((2)) صعد إبلیس جبلاً بمکّة یقال له : - ثور - فصرخ بأعلی صوته بعفاریته فاجتمعوا إلیه فقالوا : یا سیّدنا لِمَ دعوتنا ؟ قال : نزلت هذه الآیة فمن لها ؟ فقام عفریت من الشیاطین فقال : أنا لها بکذا وکذا .

قال : لست لها .

فقام آخر فقال مثل ذلک .

فقال : لست لها .

فقال الوسواس الخنّاس : أنا لها .

ص: 324


1- - الکافی : ج6 ص353 ح8 .
2- - آل عمران 3 : 135 .

قال : بماذا ؟

قال : أعدهم وأمنّیهم حتّی یواقعوا الخطیئة ، فإذا واقعوا الخطیئة أنسیتهم الاستغفار .

فقال : أنت لها فوکّله بها إلی یوم القیامة((1)) .

ص: 325


1- - أمالی الصدوق : ص376 ح5 .

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

أیُّها القارئ الکریم : بالرغم من أنّ هذا الحدیث لم یُروَ عن الإمام جعفر الصادق (علیه السّلام) بل روی عن جدِّه الأکبر سیّد العترة وأبی الأئمة الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیهما الصلاة والسّلام) ولکنْ لمّا کان فیه الکثیر من الأجوبة علی الأسئلة التی کانت - ولا تزال - تدور فی بعض الأذهان فیما یتعلّق بالآیات المتشابهة فی القرآن الکریم .. لذلک رأینا من المناسب جدّاً أنْ نذکره فی نهایة هذا الجزء لیکون ختامَ المسک فی تفسیر القرآن الکریم ، ونسأل الله التوفیق والسّداد لما فیه الخیر والصواب :

ص: 326

رَدِّ مُتَشابِه القُرآن إلی تأوِیله

الاحتجاج : جاء بعض الزَنادقة إلی أمیر المؤمنین علی (علیه السّلام) وقال له : لولا ما فی القرآن من الاختلاف والتناقض لدخلتُ فی دینکم .

فقال له علیّ (علیه السّلام) : « وما هو ؟ » .

قال : قوله تعالی : (نَسُواْ اللّهَ فَنَسِیَهُمْ)((1)) .

وقوله تعالی : (فَالْیَوْمَ نَنسَاهُمْ کَمَا نَسُواْ لِقَاءَ یَوْمِهِمْ هَذَا)((2)) .

وقوله تعالی : (وَمَا کَانَ رَبُّکَ نَسِیّاً)((3)) .

وقوله تعالی : (یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِکَةُ صَفّاً لاَّ یَتَکَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً)((4)) .

وقوله تعالی : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا کُنَّا مُشْرِکِینَ)((5)) .

ص: 327


1- - التوبة 9 : 67 .
2- - الأعراف 7 : 51 .
3- - مریم 19 : 64 .
4- - النبأ 78 : 38 .
5- - الأنعام 6 : 23 .

وقوله تعالی : (یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَکْفُرُ بَعْضُکُم بِبَعْض وَیَلْعَنُ بَعْضُکُم بَعْضاً)((1)) .

وقوله تعالی : (إِنَّ ذَلِکَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)((2)) .

وقوله تعالی : (لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَیَّ)((3)) .

وقوله تعالی : (الْیَوْمَ نَخْتِمُ عَلَی أَفْوَاهِهِمْ وَتُکَلِّمُنَا أَیْدِیهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا کَانُوا یَکْسِبُونَ)((4)) .

وقوله تعالی : (وُجُوهٌ یَوْمَئِذ نَّاضِرَةٌ * إِلَی رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)((5)) .

وقوله تعالی : (لاَّ تُدْرِکُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ یُدْرِکُ الأَبْصَارَ)((6)) .

وقوله تعالی : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَی * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی)((7)) .

وقوله تعالی : (لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ)((8)) الآیتین .

ص: 328


1- - العنکبوت 29 : 25 .
2- - ص 38 : 64 .
3- - ق 50 : 28 .
4- - یس 36 : 65 .
5- - القیامة 75 : 22 و23 .
6- - الأنعام 6 : 103 .
7- - النجم 53 : 13 و14 .
8- - طه 20 : 109 .

وقوله تعالی : (وَمَا کَانَ لِبَشَر أَن یُکَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْیاً)((1)) .

وقوله تعالی : (کَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ یَوْمَئِذ لَّم-َحْجُوبُونَ)((2)) .

وقوله تعالی : (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِیَهُمُ الْمَلآئِکَةُ أَوْ یَأْتِیَ رَبُّکَ)((3)) .

وقوله تعالی : (بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ کَافِرُونَ)((4)) .

وقوله تعالی : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِی قُلُوبِهِمْ إِلَی یَوْمِ یَلْقَوْنَهُ)((5)) .

وقوله تعالی : (فَمَن کَانَ یَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ)((6)) .

وقوله تعالی : (وَرَأَی الْم-ُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا)((7)) .

وقوله تعالی : (وَنَضَعُ الْمَوَازِینَ الْقِسْطَ لِیَوْمِ الْقِیَامَةِ)((8)) .

وقوله تعالی : (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِینُهُ)((9)) ، (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِینُهُ)((10)) .

ص: 329


1- - الشوری 42 : 51 .
2- - المطففین 83 : 15 .
3- - الأنعام 6 : 158 .
4- - السجدة 32 : 10 .
5- - التوبة 9 : 77 .
6- - الکهف 18 : 110 .
7- - الکهف 18 : 53 .
8- - الأنبیاء 21 : 47 .
9- - المؤمنون 23 : 102 .
10- - المؤمنون 23 : 103 .

قال له أمیر المؤمنین (علیه السّلام) : « فأما قوله تعالی : (نَسُواْ اللّهَ فَنَسِیَهُمْ) إنّما یَعنی نَسُوا الله فی دارِ الدنیا ، لم یَعْمَلوا بطاعته فَنَسیهم فی الآخرة ، أی لم یجعَل لهُم مِن ثوابِه شیئاً ، فصاروا مَنْسِیّین من الخَیِر ، وکذلک تفسیر قوله (عزّ وجلّ) : (فَالْیَوْمَ نَنسَاهُمْ کَمَا نَسُواْ لِقَاءَ یَوْمِهِمْ هَذَا) یعنی بالنِسیان أنّه لم یُثِبهم کما یُثیبُ أولیاءه والذین کانوا فی دار الدُنیا مُطیعین ذاکرین حین آمنوا به وبرسوله ، وخافوه بالغَیب .

وأمّا قوله تعالی : (وَمَا کَانَ رَبُّکَ نَسِیّاً) فإنّ ربَّنا تبارک وتعالی علوّاً کبیراً ، لیس بالذی یَنسی ، ولا یَغفل ، بل هو الحَفیظُ العلیمُ ، وقد تقولُ العرَب : نَسِیَنا فُلانٌ فلا یذکُرنا ، أی إنّه لا یأمُر لهم بخَیر ولا یذکُرهم به » .

قال علی (علیه السّلام) : « وأمّا قوله عزّ وجلّ : (یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِکَةُ صَفّاً لاَّ یَتَکَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً) ، وقوله عزّ وجلّ : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا کُنَّا مُشْرِکِینَ) ، وقوله عزّ وجلّ : (یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَکْفُرُ بَعْضُکُم بِبَعْض وَیَلْعَنُ بَعْضُکُم بَعْضاً) ، وقوله عزّ وجلّ یوم القیامة : (إِنَّ ذَلِکَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) ، وقوله عزّوجلّ : (لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَیَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَیْکُم بِالْوَعِیدِ) ، وقوله عزّ وجلّ : (الْیَوْمَ نَخْتِمُ عَلَی أَفْوَاهِهِمْ وَتُکَلِّمُنَا أَیْدِیهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا کَانُوا یَکْسِبُونَ) فإنّ ذلک فی مَواطِنَ غیر واحد من مَواطن ذلک الیوم الذی کان مِقدارُه خَمسین ألف سنة ، المُراد یَکفُر أهْلُ المعَاصی بعضُهم

ص: 330

ببعض ، ویلَعن بعَضُهم بعضاً .

والکفرُ فی هذه الآیة : « البَراءة » یقول : فَیبرَأ بعضهم من بعض ، ونَظیرُها فی سورة إبراهیم ، قول الشیطان : (إِنِّی کَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَکْتُمُونِ مِن قَبْلُ)((1)) ، وقول إبراهیم خلیل الرحمن : (کَفَرْنَا

بِکُمْ)((2)) ، یعنی تَبرّأنا منکم ، ثمّ یجتمِعون فی مواطن أُخَر یَبکون فیها ، فَلو أنّ تلک الأصوات فیها بَدَت لأهلِ الدُنیا لأزالت جمیعَ الخَلق عن مَعایشهم وانصدعتِ قلوبُهم إلاّ ما شاء الله ، ولا یَزالون یَبکون حتّی یستنفِدوا الدُموعَ ویُفْضوا إلی الدماء ، ثمّ یجتَمعون فی مَواطِن أُخَر فیُسْتَنْطَقون فیه ، فیقولون : (وَاللّهِ

رَبِّنَا مَا کُنَّا مُشْرِکِینَ) ، وهؤلاء خاصّة هُم المقِرّونَ فی دار الدنیا بالتَوحید ، فلا یَنْفَعُهُم إیمانهم بالله تعالی لمخالفتهم رُسُلَه ، وشکِّهم فیما أتوا به عن ربّهم ، ونقضهم عهودهم فی أوصیائهم ، واستبدالِهم الذی هو أدنی بالذی هو خَیر ، فکذّبهم الله فیما انتحلوه من الإیمان ، بقوله عزّوجلّ : (انظُرْ کَیْفَ کَذَبُواْ عَلَی أَنفُسِهِمْ)((3)) ، فیختم الله علی أفواهِهم ، ویستنطقِ الأیدی والأرجُلَ والجُلودَ ، فَتَشهَد بکُلّ مَعْصِیة کانت منهم ، ثمّ یرفع عن ألسنتهم الخَتْم ، فیقولون لجُلودهم : (لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَیْنَا قَالُوا

ص: 331


1- - إبراهیم 14 : 22 .
2- - الممتحنة 60 : 4 .
3- - الأنعام 6 : 24 .

أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِی أَنطَقَ کُلَّ شَیْء)((1)) .

ثمّ یجتمِعون فی مَوطن آخر ، فیَفِرّ بعضُهم من بعض لِهَوْلِ ما یُشاهدونَه مِن صُعوبةِ الأمرِ وعِظم البَلاء ، فذلک قوله عزّ وجلّ : (یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِیهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِیهِ)((2)) الآیة .

ثمّ یجتمعون فی مَوطن آخَر یُستَنطَق فیه أولیاءُ الله وأصفیاؤه ، فلا یتکلم أحَدٌ إلاَّ مَنْ أَذِن له الرحمن وقال صَواباً ، فیقام الرُسل فیُسألون عن تأدِیَة الرّسالاتِ التی حُمِّلوها إلی اُمَمِهم ]فأخبروا أنّهم قد أدَّوا ذلک إلی أُمَمِهم[((3)) ، وتُسأل الأُمَمُ فَتَجحَد ، کما قال الله تعالی : (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِینَ أُرْسِلَ إِلَیْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِینَ)((4)) ، فیقولون : ما جاءنا من بشیر ولا نذیر ، فتُشهِد الرسُلُ رسولَ الله (صلّی الله علیه وآله) ، فیَشْهَدُ بصِدْق الرُسل وتکذیب مَن جَحَدها من الاُمم ، فیقول - لکلّ اُمّة منهم - : بلی قد جاءکم بشیرٌ ونذیرٌ والله علی کلّ شیء قدیرٌ ، أی مقتَدِر علی شهادة جوارحکم علیکم بتبلیغ الرُسل إلیکم رسالاتهم ، کذلک قال الله تعالی لنَبیّه : (فَکَیْفَ إِذَا جِئْنَا مِن کُلِّ أُمَّة بِشَهِید

وَجِئْنَا بِکَ عَلَی هَؤُلاَءِ

ص: 332


1- - فصلت 41 : 21 .
2- - عبس 80 : 34 - 36 .
3- - مابین المعقوفتین من تفسیر البرهان .
4- - الأعراف 7 : 6 .

شَهِیداً)((1)) ، فلا یستطیعون رَدّ شهادته خوفاً من أن یختِم الله علی أفواههم ، وأن تشهَد علیهم جَوارِحُهم بما کانوا یعملون .

ویشْهَد ]رسول الله[ علی منافقی قومه وأُمّته وکفّارهم بإلحادِهم وعِنادهم ، ونَقْضِهم عهده((2)) ، وتغییرِهم سُنّته ، واعتِدائهم علی أهل بیته ، وانقلابهم علی أعقابهم ، وارتِدادهم علی أدبارهم ، واحتِذائهم فی ذلک سُنّة مَن تقدَّمهم من الاُمم الظالمة الخائنة لأنبیائها ، فیقولون بأجَمعِهم : (رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَیْنَا شِقْوَتُنَا وَکُنَّا قَوْماً ضَالِّینَ)((3)) .

ثمّ یجتمعون فی مَوطن آخر یکون فیه مَقامُ محمّد (صلّی الله علیه وآله) ، وهو المقام المحمود ، فیُثنی علی الله عزّ وجلّ بما لَم یُثْنِ علیه أحَد قبله ، ثمّ یُثنی علی المَلائکة کلّهم ، فلا یَبقی مَلَک إلاّ أثنی علیه محمّد (صلّی الله علیه وآله) ، ثمّ یُثنی علی الأنبیاء بما لم یُثْنِ علیهم أَحَدٌ قبله((4)) ، ثمّ یُثنی علی کلّ مؤمن ومؤمنة ، یبدأ بالصدِّیقین والشهداء ثمّ الصالحین ، فیَحْمَده أهلُ السماوات وأهل الأَرضین ، فذلک قوله تعالی : (عَسَی أَن یَبْعَثَکَ رَبُّکَ مَقَاماً مَّحْمُوداً)((5)) ، فطُوبی لمَن کان له فی ذلک

ص: 333


1- - النساء 4 : 41 .
2- - فی تفسیر البرهان : عهوده .
3- - المؤمنون 23 : 106 .
4- - فی تفسیر البرهان : مثله .
5- - الإسراء 17 : 79 .

المکان((1)) حَظٌّ ونَصیب ، ووَیلٌ لِمَن لم یکن له فی ذلک المقام حَظٌّ ولا نَصیب .

ثمّ یجتمعون فی موطن آخر ویُزال بعضُهم عن بعض ، وهذا کلّه قبل الحِساب ، فإذا أُخِذ فی الحِساب ، شُغِل کلّ إنسان بما لدیه ، نسأل الله بَرکة ذلک الیوم » .

قال علی (علیه السّلام) : « وأمّا قوله تعالی : (وُجُوهٌ یَوْمَئِذ نَّاضِرَةٌ * إِلَی رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)((2)) ذلک فی موضع ینتهی فیه أولیاءُ الله عزّ وجلّ بعدَ ما یُفرَغ من الحساب إلی نهر یُسمّی : « نهر الحَیَوان » ، فیغتسلون فیه ، ویشرَبون من آخر ، فتَبیضّ

وجوههم ، فیَذهَب عنهم کلّ أذیً وقَذیً ووَعْث((3)) ، ثمّ یُؤمَرون بدُخول الجنّة ، فمِن هذا المقام ینَظُرون إلی ربّهم کیف یُثیبهُم ، ومنه یدخُلون الجنّة ، فذلک قول الله عزّ وجلّ فی تسلیم المَلائکة علیهم : (سَلاَمٌ عَلَیْکُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِینَ)((4)) ، فعند ذلک اُثیبوا بدُخول الجنّة ، والنّظَر إلی ما وعَدهم الله عزّ وجلّ ، وذلک قوله تعالی : (إِلَی رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) ، والناظرة فی بعض اللغة هی المُنتظرة ، ألم

ص: 334


1- - فی تفسیر البرهان : المقام .
2- - القیامة 75 : 22 و 23 .
3- - الوَعثُ : کلُّ أمر شاقّ من تعب وغیر ذلک (أقرب الموارد) .
4- - الزمر 39 : 73 .

تسمَع إلی قوله تعالی : (فَنَاظِرَةٌ بِمَ یَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)((1)) ، أی مُنتَظِرة بِمَ یَرْجِع المُرسَلون .

وأمّا قوله تعالی : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَی * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی)((2)) ، یعنی محمّداً (صلّی الله علیه وآله) حین کان عند سِدرة المُنتهی حیث لا یُجاوزها خَلقٌ من خَلْق الله عزّ وجلّ ، وقوله فی آخِر الآیة : (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَی * لَقَدْ رَأَی مِنْ آیَاتِ رَبِّهِ الْکُبْرَی)((3)) ، رأی جَبْرَئیل فی صورته مرّتین : هذه مرّة ، ومرّةً أُخری وذلک أنّ خلْق جَبْرَئیل خَلْقٌ عظیمٌ ، فهو من الرَّوحانیّین الَّذین لا یُدرِک خَلقهم ولا صِفتهم إلاّ الله ربّ العالمین » .

قال علی (علیه السّلام) : « وأمّا قوله تعالی : (وَمَا کَانَ لِبَشَر أَن یُکَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْیاً أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَاب أَوْ یُرْسِلَ رَسُولاً فَیُوحِیَ بِإِذْنِهِ مَا یَشَاءُ)((4)) کذلک قال الله تعالی ، قد کان الرّسول یُوحی إلیه رسُلٌ من السّماء ، فتبلّغ رسُلُ السّماء إلی رُسل((5)) الأرض ، وقد کان الکلام بین رُسل أهل الأرض وبینه ، من غیر أن یُرسل بالکلام مع رُسل أهل السماء ، وقد

ص: 335


1- - النمل 27 : 35 .
2- - النجم 53 : 13 و 14 .
3- - النجم 53 : 17 و 18 .
4- - الشوری 42 : 51 .
5- - (رسل) لیس فی المصدر وأثبتناه من تفسیر البرهان .

قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : یا جَبْرَئیل ، هل رأیتَ ربّک ؟ فقال جَبْرَئیل : إنّ ربّی لا یُری ، فقال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : من أین تأخُذ الوَحی ؟ قال : آخُذُه من إسرافیل ، قال : ومِن أین یأخُذه إسرافیل ؟ قال : یأخذُه من مَلَک

فَوقه مِن الروحانیّین ، قال : ومِن أینَ یأخُذ ذلک المَلَک ؟ قال : یُقذَف فی قلبه قَذْفاً ، فهذا وَحْیٌ ، وهو کلام الله عزّ وجلّ ، وکلام الله عزّ وجلّ لیس بنَحو واحِد ، منه : ما کلّم الله به الرُسلَ ، ومنه : ما قَذَف فی قلوبِهم ، ومنه : رُؤیا یُریها الرُسُلَ ، ومنه : وَحْی وتَنزیل یُتلی ویُقْرأ ، فهو کلام الله عزّ وجلّ » .

قال علی (علیه السّلام) : « وأمّا قوله تعالی : (کَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ یَوْمَئِذ لَّم-َحْجُوبُونَ)((1)) ، فإنّما یعنی ] به [ یوم القیامة عن ثواب ربّهم لمَحجوبون .

وقوله تعالی : (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِیَهُمُ الْمَلآئِکَةُ أَوْ یَأْتِیَ رَبُّکَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ)((2)) یُخبِر محمّداً (صلّی الله علیه وآله) عن المُشرکین والمُنافقین الذین لم یستجیبوا لله ولِرسوله ، فقال : (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِیَهُمُ الْمَلآئِکَةُ) حیث لم یستَجِیبوا لله ولِرسوله ، (أَوْ یَأْتِیَ رَبُّکَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ) ، یعنی بذلک العذاب یأتیهم فی دار

ص: 336


1- - المطففین 83 : 15 .
2- - الأنعام 6 : 158 .

الدُنیا کما عذّب القرون الأولی ، فهذا خبَر یُخبر به النبی (صلّی الله علیه وآله) عنهم ، ثمّ قال : (یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ لاَ یَنفَعُ نَفْساً إِیمَانُهَا لَمْ تَکُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ) الآیة ، یعنی لم تکن آمنت من قبل أن تأتی هذه الآیة ، وهذه الآیة هی طُلوع الشمس من مَغرِبها ، وقال فی آیة أُخری : (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَیْثُ لَمْ یَحْتَسِبُوا)((1)) یعنی أرسل علیهم عَذاباً ، وکذلک إتیانه بنیانهم ، حیث قال : (فَأَتَی اللّهُ بُنْیَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ)((2)) یعنی أرسل علیهم العذاب » .

وقال علی (علیه السّلام) : « وأمّا قوله عزّ وجلّ : (بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ کَافِرُونَ)((3)) ، وقوله تعالی : (الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ)((4)) ، وقوله تعالی : (إِلَی یَوْمِ یَلْقَوْنَهُ)((5)) ، وقوله تعالی : (فَمَن کَانَ یَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً)((6)) ،

یعنی البَعث ، سمّاه الله تعالی لقاءً ، وکذلک قوله تعالی : (مَن کَانَ یَرْجُواْ لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لاَت)((7)) ، یعنی مَن کان

ص: 337


1- - الحشر 59 : 2 .
2- - النحل 16 : 26 .
3- - السجدة 32 : 10 .
4- - البقرة 2 : 46 .
5- - التوبة 9 : 77 .
6- - الکهف 18 : 110 .
7- - العنکبوت 29 : 5 .

یُؤمِن أنّه مبعوثٌ فإنّ وَعد الله لآت من الثواب والعِقاب، فاللقاء هاهنا لیس بالرُؤیة ، واللقاء هو البَعْث ، وکذلک (تَحِیَّتُهُمْ یَوْمَ یَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ)((1))یعنی أنّه لا یَزول الإیمان عن قلوبهم یومَ یُبعثَون » .

قال علی (علیه السّلام) : « وأمّا قوله عزّ وجلّ : (وَرَأَی الْم-ُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا)((2)) یعنی : تیقّنوا أنّهم یَدْخُلونها ، وکذلک قوله تعالی : (إِنِّی ظَنَنتُ أَنِّی مُلاَق حِسَابِیَهْ)((3)) ، وأمّا قوله عزّ وجلّ للمُنافقین : (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)((4)) فهو ظَنُّ شَکٍّ ولیس ظَنَّ یقین ، والظّنُّ ظَنّان : ظَنّ شَکٍّ وظَنّ یقین ، فما کان من أمرِ المَعاد من الظنِّ فهو ظَنُّ یقین ، ومَا کان من أمرِ الدنیا ]من الظَّنِّ[ فهو ظَنُّ شَکٍّ » .

قال علی (علیه السّلام) : « وأمّا قوله عزّ وجلّ : (وَنَضَعُ الْمَوَازِینَ الْقِسْطَ لِیَوْمِ الْقِیَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً)((5)) فهو میزان العَدْل ، یُؤخَذُ به الخَلائق یوم القیامة ، یُدیل((6)) اللهُ تبارک وتعالی الخلائق بعضهم من بعض ، ویجزیهم بأعمالهم ، ویقتَصّ للمظلوم من الظالم .

ص: 338


1- - الأحزاب 33 : 44 .
2- - الکهف 18 : 53 .
3- - الحاقة 69 : 20 .
4- - الأحزاب 33 : 10 .
5- - الأنبیاء 21 : 47 .
6- - الادالة : النصرة والغلبة (مجمع البحرین).

ومعنی قوله عزّ وجلّ : (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِینُهُ)((1)) (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِینُهُ)((2)) فهو قِلّة الحِساب وکَثرتُه ، والناس یومئذ علی طبقات ومَنازل ، فمِنهم من یُحاسَب حساباً یسیراً وینقلب إلی أهله مسروراً ، ومنهم الذین یَدْخُلون الجنّة بغیر حساب لأنّهم لم یتَلبّسوا من أمر الدنیا بشیء ، وإنّما الحِساب هناک علی من تلَبّس بها هاهنا ، ومنهم من

یُحاسَب علی النّقیر والقِطمیر ویصیر إلی عذاب السَّعیر ، ومنهم أئمّة الکُفر وقادَة الضَّلالة ، فأولئک لا یُقیم لهم وَزْناً ، ولا یَعبأ بهم ، لأنّهم لم یَعبأوا بأمرِه ونَهیه ، یوم القیامة هم فی جَهنّم خالِدون ، تَلفَحُ وجوههم النّار ، وهم فیها کالِحون » .

ومن سؤال هذا الزندیق أنْ قال : أجِدُ الله یقول : (قُلْ یَتَوَفَّاکُم مَّلَکُ الْمَوْتِ الَّذِی وُکِّلَ بِکُمْ)((3)) ومن موضع آخر یقول : (اللَّهُ یَتَوَفَّی الاَْنفُسَ حِینَ مَوْتِهَا)((4)) و(الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِکَةُ طَیِّبِینَ)((5)) وما أشبه ذلک ، فمرّة یجعَل الفِعل لنفسه ، ومرّةً لمَلَک الموت ، ومرّة للمَلائکة .

وأجدُه یقول : (فَمَن یَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ کُفْرَانَ

ص: 339


1- - الأعراف 7 : 8 .
2- - الأعراف 7 : 9 .
3- - السجدة 32 : 11 .
4- - الزمر 39 : 42 .
5- - النحل 16 : 32 .

لِسَعْیِهِ)((1)) ، ویقول : (وَإِنِّی لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَی)((2)) وأعْلَمَ فی الآیة الاُولی أنّ الأعمال الصالحة لا تُکفّر ، وأعلمَ فی الثانیة أنّ الإیمان والأعمال الصالحة لا تنفع إلاّ بعد الاهتدِاء .

وأجدُه یقول : (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِکَ مِن رُّسُلِنَا)((3)) فکیف یسأل الحیّ من الأموات قبل البعث والنشور ؟

وأجدُه یقول : (إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَی السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَیْنَ أَن یَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِْنسَانُ إِنَّهُ کَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)((4)) فما هذه الأمانة ، ومن هذا الإنسان ؟ ولیس من صفة العزیز العلیم التَلبیس علی عباده .

وأجِدُه قد شَهر هفَوات أنبیائه بقوله : (وَعَصَی

آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَی)((5)) ، وبتکذیبه نُوحاً لمّا قال : (إِنَّ

ابْنِی مِنْ أَهْلِی)((6)) ، بقوله تعالی : (إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَهْلِکَ)((7)) ، وبوَصْفِه

إبراهیم بأنّه عبد کوکباً مرّة ، ومرّةً قمَراً ، ومَرّةً

ص: 340


1- - الأنبیاء 21 : 94 .
2- - طه 20 : 82 .
3- - الزخرف 43 : 45 .
4- - الأحزاب 33 : 72 .
5- - طه 20 : 121 .
6- - هود 11 : 45 .
7- - هود 11 : 46 .

شَمْساً ، وبقوله فی یوسف : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاَ أَن رَّأَی بُرْهَانَ رَبِّهِ)((1)) وبتَهْجینه موسی حیث قال : (رَبِّ أَرِنِی أَنظُرْ إِلَیْکَ قَالَ لَن تَرَانِی)((2)) الآیة ، وببعثه علی داود جَبْرَئیل ومیکائیل حیث تسوَّرا المِحراب ]إلی آخر القِصّة[ ، وبحَبسِه یونس فی بَطن الحوت حیث ذهب مُغضباً((3)) ، وأظهر خَطأ الأنبیاء وزَلَلهُم ، وواری اسمَ مَنِ اغتَرَّ وفتن خَلْقه وَضَلّ وَأضلّ ، وکنّی عن أسمائهم فی قوله : (وَیَوْمَ یَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَی یَدَیْهِ یَقُولُ یَا لَیْتَنِی اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِیلاً * یَا وَیْلَتَی لَیْتَنِی لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِیلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِی عَنِ الذِّکْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِی)((4)) فمَن هذا الظالم الذی لم یذکر من اسمِه ما ذکره من أسماء الأنبیاء ؟

وأجِدُه یقول : (وَجَاءَ رَبُّکَ وَالْمَلَکُ صَفّاً صَفّاً)((5)) و(هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِیَهُمُ الْمَلآئِکَةُ أَوْ یَأْتِیَ رَبُّکَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ)((6)) ، (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَی)((7)) فمرّةً یجیئهم ، ومرّةً یجیئونهُ .

ص: 341


1- - یوسف 12 : 24 .
2- - الأعراف 7 : 143 .
3- - فی تفسیر البرهان : مغاضباً مذنباً .
4- - الفرقان 25 : 27 - 29 .
5- - الفجر 89 : 22 .
6- - الأنعام 6 : 158 .
7- - الأنعام 6 : 94 .

وأَجِدُه یُخبِرُ أنّه یَتْلو نبیّه شاهِد منه ، وکان الذی تَلاه عبَد الأصنام بُرْهَةً من دَهْره .

وأجِدُه یقول : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنِ النَّعِیمِ)((1)) ، فما هذا النعیم الذی یُسأل العباد عنه ؟

وأجِدُه یقول : (بَقِیَّةُ اللّهِ خَیْرٌ لَّکُمْ)((2)) ما هذه البقیة ؟

وأجِدُه یقول : (یَا حَسْرَتَی عَلَی مَا فَرَّطتُ فِی جَنبِ اللَّهِ)((3))و(فَأَیْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ)((4)) و(کُلُّ شَیْء هَالِکٌ إِلاَّ وَجْهَهُ)((5))و(وَأَصْحَابُ الْی-َمِینِ مَا أَصْحَابُ الْی-َمِینِ)((6)) و(وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ)((7)) ما معنی الجَنْب والوجه والیمین والشمال ؟ فإنّ الأمر فی ذلک مُلتبس جدّاً .

وأَجِدُه یقول : (الرَّحْمَنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوَی)((8)) ویقول : (أَأَمِنتُم

ص: 342


1- - التکاثر 102 : 8 .
2- - هود 11 : 86 .
3- - الزمر 39 : 56 .
4- - البقرة 2 : 115 .
5- - القصص 28 : 88 .
6- - الواقعة 56 : 27 .
7- - الواقعة 56 : 41 .
8- - طه 20 : 5 .

مَّن فِی السَّمَاءِ)((1)) و(وَهُوَ الَّذِی فِی السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِی الاَْرْضِ إِلَهٌ)((2))و(وَهُوَ مَعَکُمْ أَیْنَ مَا کُنتُمْ)((3)) و(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ)((4))و(مَا یَکُونُ مِن نَّجْوَی ثَلاَثَة إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ)((5)) الآیة .

وَأَجِدُه یقول : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِی الْیَتَامَی فَانکِحُواْ مَا طَابَ لَکُم مِّنَ النِّسَاءِ)((6)) ، ولیس یُشبِه القِسْطُ فی الیتامی نکاحَ النساء ، ولا کلّ النساء أیتام ، فما معنی ذلک ؟

وأَجِدُه یقول : (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَکِن کَانُواْ أَنفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ)((7)) ، فکیف یُظلَم الله ، ومن هؤلاء الظَلَمة ؟

وَأَجِدُه یقول : (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُکُم بِوَاحِدَة)((8)) فما هذه الواحدة ؟

وأجِدُه یقول : (وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِینَ)((9)) ، وقد أری

ص: 343


1- - الملک 67 : 16 .
2- - الزخرف 43 : 84 .
3- - الحدید 57 : 4 .
4- - سورة ق 50 : 16 .
5- - المجادلة 58 : 7 .
6- - النساء 4 : 3 .
7- - الأعراف 7 : 160 .
8- - سبأ 34 : 46 .
9- - الأنبیاء 21 : 107 .

مُخالفی الإسلام مُعتَکِفین علی باطِلِهم غیرُ مُقْلِعین عنه ، وأری غیرهم من أهل الفساد مُختلفین فی مَذاهبهم یَلْعَنُ بعضُهم بعضاً ، فأیّ موضع للرّحمة العامّة لهم ، المُشتَمِلة علیهم ؟

وأَجِدُه قد بیّن فَضْلَ نبیّه علی سائر الأنبیاء ، ثمّ خاطبه فی أضعاف ما أثنی علیه فی الکتاب مِن الإزراء علیه وانتقاص محلّه ، وغیر ذلک من تهجینه وتأنیبه ما لم یُخاطب به أحَداً من الأنبیاء مثل قوله : (وَلَوْ شَاءَ اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَی الْهُدَی فَلاَ تَکُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِینَ)((1)) .

وقوله : (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاکَ لَقَدْ کِدتَّ تَرْکَنُ إِلَیْهِمْ شَیْئاً قَلِیلا * إِذاً لاََّذَقْنَاکَ ضِعْفَ الْحَیَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَکَ عَلَیْنَا نَصِیراً)((2)) .

وقوله تعالی : (وَتُخْفِی فِی نَفْسِکَ مَا اللَّهُ مُبْدِیهِ وَتَخْشَی النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ)((3)) .

وقوله : (وَمَا أَدْرِی مَا یُفْعَلُ بِی وَلاَ بِکُمْ)((4)) .

وقال : (مَّا فَرَّطْنَا فِی الکِتَابِ مِن شَیْء)((5)) ، (وَکُلَّ شَیْء أحْصَیْنَاهُ

ص: 344


1- - الأنعام 6 : 35 .
2- - الإسراء 17 : 74 و 75 .
3- - الأحزاب 33 : 37 .
4- - الأحقاف 46 : 9 .
5- - الأنعام 6 : 38 .

فِی إِمَام مُّبِین)((1)) فإذا کانت الأشیاء تُحصی فی الإمام المُبین وهو وصیُّ النبیّ ، فالنبیّ أولی أن یکون بعیداً من الصفة التی قال فیها : (وَمَا أَدْرِی مَا یُفْعَلُ بِی وَلاَ بِکُمْ)وهذه کلُّها صِفات مُختلفة ، وأحوالٌ مُتناقضةٌ ، وأُمور مُشکِلةٌ ، فإن یکُنِ الرَسول والکتاب حَقّاً ، فقد هلَکتُ لِشَکّی فی ذلک ، وإن کانا باطِلَین فما علیَّ من بأس !

فقال أمیر المؤمنین (علیه السّلام) : « سُبّوحٌ قُدّوس ربُّ المَلاَئکة والرّوح ، تبارک وتعالی هو الحیّ الدائم القائم علی کلّ نفس بما کسبَت » .

هاتِ أیضاً ما شَککْتَ فیه .

قال : حَسْبِی ما ذکرتُ ، یا أمیر المؤمنین .

قال علیّ (علیه السّلام) : « سَأُنَبِّئُکَ بتأویل ما سألتَ عنه ، وما توفیقی إلاّ بالله ، علیه توکّلت وإلیه أُنیب ، وعلیه فلیتوکّل المتوکّلون :

فأمّا قوله تعالی : (اللَّهُ یَتَوَفَّی الاَْنفُسَ حِینَ مَوْتِهَا)((2)) ، وقوله عزّوجلّ : (یَتَوَفَّاکُم مَّلَکُ الْمَوْتِ)((3)) و(تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا)((4)) و(الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِکَةُ طَیِّبِینَ)((5)) و(الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِکَةُ ظَالِمِی

ص: 345


1- - یس 36 : 12 .
2- - الزمر 39 : 42 .
3- - السجدة 32 : 11 .
4- - الأنعام 6 : 61 .
5- - النحل 16 : 32 .

أَنْفُسِهِمْ)((1)) فهو تبارک وتعالی أَجَلّ وأعظم من أن یتولّی ذلک بنفسه ، وفِعلُ رُسُلِه وملائکتهِ فِعله ، لأنّهم بأمرهِ یعملون ، فاصطفی (جلّ ذِکره) من الملائکة رُسُلاً وسَفَرَةً بینه وبین خلقه ، وهم الذین قال الله فیهم : (اللَّهُ یَصْطَفِی مِنَ الْمَلاَئِکَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ)((2)) ، فمَن کان من أهلِ الطاعة توَلّت قبضَ روحِه مَلائکةُ الرّحمة ، ومن کان من أهل المَعْصیة توَلّت قبضَ روحهِ ملائکةُ النِقْمَة ، ولمَلَک الموت أعوان من ملائکة الرَحمة والنِقْمة ، یَصْدُرونَ عن أمرِه ، وفعلهم فعلُه ، وکلّ ما یأتون به منسوبٌ إلیه ، وإذا کان فعلُهم فِعلُ مَلک الموت ، ففعلُ ملَک الموت فِعلُ الله ، لأنّه یتَوفّی الأنفس علی یَد مَن یشاء ، ویُعطی ویَمنع ، ویُثیب ویُعاقب علی یَدِ مَن یشاء ، وإنّ فِعلَ اُمَنائه فعلُه کما قال : (وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن یَشَاءَ اللَّهُ)((3)) .

وأمّا قوله : (فَمَن یَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ کُفْرَانَ لِسَعْیِهِ)((4)) وقوله تعالی : (وَإِنِّی لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَی)((5)) ، فإنّ ذلک کلّه لا یُغنی

إلاّ مع الاهتداء ، ولیس کلّ مَن وقَع علیه

ص: 346


1- - النحل 16 : 28 .
2- - الحج 22 : 75 .
3- - الإنسان 76 : 30 .
4- - الأنبیاء 21 : 94 .
5- - طه 20 : 82 .

اسمُ الإیمان کان حقیقاً بالنّجاةِ ممّا هلَک به الغُواة ، ولو کان ذلک کذلک لنَجتِ الیهود مع اعتِرافها بالتوحید وإقرارها بالله ، ونَجا سائر المُقرّین بالوَحدانیّة ، من إبلیس فمَن دونه فی الکُفر ، وقد بیّن الله ذلک بقوله : (الَّذِینَ آمَنُواْ وَلَمْ یَلْبِسُواْ إِیمَانَهُم بِظُلْم أُوْلَئِکَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)((1)) ، وبقوله : (الَّذِینَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ)((2)) .

وللإیمان حالاتٌ ومنازل یَطُول شَرحُها ، ومن ذلک أنّ الإیمان قد یکون علی وَجْهَین : إیمانٌ بالقلب ، وإیمانٌ باللسان ، کما کان إیمانُ المُنافقین علی عَهْدِ رسول الله (صلّی الله علیه وآله) لمّا قَهَرَهم بالسَّیف وشَملهم الخَوف ، فإنّهم آمنَوا بألسِنَتِهم ولم تُؤمنْ قلوبهُم ، فالإیمانُ بالقَلب هو التسلیم للربّ ، ومن سلّم الأُمور لمالکها لم یستکبر عن أمرِه ، کما استکبرَ إبلیس عن السجود لآدم ، واستکبر أکثر الأُمم عن طاعةِ أنبیائهم ، فلم ینفَعهُم التَوحید کما لم یَنْفَع إبلیس ذلک السُّجود الطَویل ، فإنّه سجَد سجْدةً واحِدةً أربَعة آلاف عام ، لم یُرِدْ بها غیر زُخرِف الدُنیا والتَمکین من النَظِرَةِ ، فلذلک لا تنفع الصلاة والصّدقة إلاّ مع الاهتداء إلی سبیل النّجاة وطُرق الحق ، وقد قطع الله عُذرَ عِباده بتبیین آیاتِه وإرسال رُسُله ، لئلاّ یکونَ للناس علی الله حُجّة بعد الرُسُل ، ولم یُخْلِ أرضه من

ص: 347


1- - الأنعام 7 : 82 .
2- - المائدة 5 : 41 .

عالم بما یحتاج إلیه الخلیقة ، ومتعلّم علی سبیل النجاة ، أولئک هم الأقلّون عدَداً .

وقد بیّن الله ذلک فی اُمم الأنبیاء ، وجعلهم مثَلاً لِمَن تأخّر ، مثل قوله فی قوم نوح : (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِیلٌ)((1)) ، وقوله فیمن آمن من اُمّة موسی : (وَمِن

قَوْمِ مُوسَی أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ یَعْدِلُونَ)((2)) ، وقوله فی حَوَاری عیسی ، حیث قال لسائر بنی إسرائیل : (مَنْ أَنصَارِی إِلَی اللّهِ قَالَ الْحَوَارِیُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا

مُسْلِمُونَ)((3)) یعنی بأنّهم مُسلّمون لأهل الفَضْل فضلَهم ، ولا یستکبرون عن أمر ربّهم ، فما أجابه منهم إلاّ الحواریون ، وقد جعل الله للعِلم أهلاً وفَرض علی العباد طاعتهم بقوله : (أَطِیعُواْ اللّهَ وَأَطِیعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِی الأَمْرِ مِنکُمْ)((4)) وبقوله : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَإِلَی أُوْلِی الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)((5)) ، وبقوله : (اتَّقُواْ اللّهَ وَکُونُواْ مَعَ الصَّادِقِینَ)((6)) ، وبقوله : (وَمَا

ص: 348


1- - هود 11 : 40 .
2- - الأعراف 7 : 159 .
3- - آل عمران 3 : 52 .
4- - النساء 4 : 59 .
5- - النساء 4 : 83 .
6- - التوبة 9 : 119 .

یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ)((1)) ، وبقوله : (وَأْتُواْ الْبُیُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا)((2)) ، والبیوت هی بیوت العلم الذی استوْدِعَته الأنبیاء ، وأبوابها أوصیاؤهم .

فکلّ من عمِل من أعمال الخیر فجری علی غیر أیدی أهل الأصطفاء وعُهودهم ]وحُدودهم[((3)) وشَرایعهم وسُنَنِهم وَمعالم دینهم ، مَردودٌ وغیر مقبول ، وأهلُه بمحلّ کفر وإن شَملَتْهُم صِفُة الإیمان ، ألم تسمَع إلی قوله تعالی : (وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ کَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ یَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ کُسَالَی وَلاَ یُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ کَارِهُونَ)((4)) ؟ ]وماتوا وهم کافرون[((5)) ، فمن لم یهتدِ من أهل الإیمان إلی سبیل النجاة لم یُغنِ عنه إیمانه بالله مع دفع حقّ أولیائه ، وحَبِط عَملُه وهو فی الآخرةِ من الخاسرین ، وکذلک قال الله سبحانه : (فَلَمْ یَکُ یَنفَعُهُمْ إِیمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا)((6)) وهذا کثیر فی کتاب الله عزّ وجلّ والهدایة هی الولایة ، کما قال الله عزّ وجلّ : (وَمَن یَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِینَ آمَنُواْ فَإِنَّ

ص: 349


1- - آل عمران 3 : 7 .
2- - البقرة 2 : 189 .
3- - مابین المعقوفتین من تفسیر البرهان .
4- - التوبة 9 : 54 .
5- - مابین المعقوفتین من تفسیر البرهان .
6- - غافر 40 : 85 .

حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)((1)) ، والذین آمنوا فی هذا

الموضع ، هم المُؤتَمَنون علی الخلائق مِن الحُجَج والأوصیاء فی عصر بعد عَصْر ، ولیس کلّ من أقرّ أیضاً من أهل القبلة بالشهادتین کان مؤمناً ، إنّ المُنافقین کانوا یشهَدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، ویَدْفعون عهْد رسول الله (صلّی الله علیه وآله) بما عَهِد به من دین الله وعزائمه وبَراهین نُبوّته إلی وصیّه ، ویُضمِرون من الکراهة لذلک ، والنَقْض لما أبرَمه منه ، عند إمکان الأمر لهم ، فیما قد بیّنه الله لنبیّه بقوله : (فَلاَ وَرَبِّکَ لاَ یُؤْمِنُونَ حَتَّی یُحَکِّمُوکَ فِیم-َا شَجَرَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ لاَ یَجِدُواْ فِی أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَیْتَ وَیُسَلِّمُواْ تَسْلِیماً)((2)) ، وبقوله : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَی أَعْقَابِکُمْ)((3)) ، ومثل قوله تعالی : (لَتَرْکَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَق)((4)) ، أی لَتَسلُکنّ سبیل من کان قبلکم من الأُمم فی الغَدر بالأوصیاء بعد الأنبیاء ، وهذا کثیر فی کتاب الله عزّ وجلّ ، وقد شقّ علی النبی (صلّی الله علیه وآله) ما یَؤول إلیه عاقبة أمرهم ، وإطلاع الله إیّاه علی بَوارهم ، فأوحی الله عزّ وجلّ إلیه : (فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُکَ

ص: 350


1- - المائدة 5 : 56 .
2- - النساء 4 : 65 .
3- - آل عمران 3 : 144 .
4- - الانشقاق 84 : 19 .

عَلَیْهِمْ حَسَرَات)((1)) و(فَلاَ تَأْسَ عَلَی الْقَوْمِ الْکَافِرِینَ)((2)) .

وأمّا قوله : (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِکَ مِن رُّسُلِنَا)((3)) فهذا من براهین نبیّنا (صلّی الله علیه وآله) التی آتاه الله إیّاها وأوجَب به الحُجّة علی سائر خَلقه ، لأنّه لمّا ختم به الأنبیاء وجعله الله رسولاً إلی جمیع الاُمم وسائر المِلَل ، خَصّه الله بالارتقاء إلی السماء عند المِعراج ، وجمَع له یومئذ الأنبیاء ، فعلِم منهم ما أُرسلوا به وحمّلوه من عزائم الله وآیاته وبَراهینه ، وأقرّوا أجَمعون بفضلِه وفضل الأوصیاء والحُجَج فی الأرض من بعده ، وفضل شیعة وصِیّه من المؤمنین والمؤمنات الذین سلّموا لأهل

الفَضْل فَضْلَهم ولم یستَکبروا عن أمرهم ، وعرف من أطاعهم وعصاهم من أُمَمِهم وسائر من مضی ومن غبر أو تقدّم أو تأخّر .

وأمّا هَفَوات الأنبیاء وما بیّنه الله فی کتابه ، ووقوع الکنایة عن أسماء من اجترَمَ أعظم ممّا اجترَمَتْه الأنبیاء ممّن شَهِد الکتاب بظُلمِهم ، فإنّ ذلک مِن أدلّ الدلائل علی حِکمة الله عزّ وجلّ الباهِرَةَ وقُدرتِه القاهِرَة وعِزّته الظاهِرَة ، لأنّه عَلِم أنّ براهین الأنبیاء تَکبُر فی صُدور أُممِهم ، وأنّ مِنهم من یتّخذ بعضهم إلهاً ، کالذی کان من النّصاری فی ابن مریم ،

ص: 351


1- - فاطر 35 : 8 .
2- - المائدة 5 : 68 .
3- - الزخرف 43 : 45 .

فذکرها دلالة علی تخلّفهم عن الکمال الذی تفرّد به (عزّوجلّ) .

ألم تسمع إلی قوله فی صفة عیسی حیث قال فیه وفی أُمّه : (کَانَا یَأْکُلاَنِ الطَّعَامَ)((1)) ؟ یعنی أنّ من أکل الطّعام کان لَه ثُفْل ، ومن کان له ثُفل فهو بعید ممّا ادّعته النّصاری لابنِ مریم .

ولم یُکَنِّ عن أسماء الأنبیاء تبجّراً وتعزّراً((2)) ، بل تعریفاً لأهلِ الاستبصار ، أنّ الکِنایة عن أسماء أصحاب الجَرائر العظیمة من المُنافقین فی القرآن لیست مِن فِعله تعالی ، وإنّها من فِعل المُغَیِّرین والمُبدِّلین الذین جَعلوا القرآن عِضین ، واعتاضوا الدُنیا من الدّین .

وقد بیّن الله تعالی قَصَص المُغیِّرین بقوله : (فَوَیْلٌ لِّلَّذِینَ یَکْتُبُونَ الْکِتَابَ بِأَیْدِیهِمْ ثُمَّ یَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِیَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِیلا)((3)) ، وبقوله : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِیقاً یَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْکِتَابِ)((4)) ، وبقوله : (إِذْ یُبَیِّتُونَ مَا لاَ یَرْضَی مِنَ الْقَوْلِ)((5)) بعد فقد الرسولِ مما یُقیمون به أوْدَ باطِلهم حسب ما فعلته الیهود والنّصاری بعد فَقْد موسی وعیسی من

ص: 352


1- - المائدة 5 : 75 .
2- - البجر : العیب . والتعزیر : اللّوم والتأدیب (أقرب الموارد) وفی تفسیر البرهان : تجبّراً وتعزّزاً .
3- - البقرة 2 : 79 .
4- - آل عمران 3 : 78 .
5- - النساء 4 : 108 .

تغییر التوراة والإنجیل ، وتحریف الکَلِم عن مَواضِعه ، وبقوله : (یُرِیدُونَ أَن

یُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَیَأْبَی اللّهُ إِلاَّ أَن یُتِمَّ نُورَهُ)((1)) ، یعنی أنّهم أثبتوا فی الکتاب ما لَمْ یَقُلْهُ الله لِیَلْبِسوا علی الخَلیقة ، فأعمی الله قلوبهم حتّی تَرکوا فیه ما دلّ علی ما أحدثوا فیه ]وحرّفوا منه[((2)) ، وبیّن عن إفکِهم وتَلبیسهم وکِتمان ما عَلِموه منه ، ولذلک قال لهم : (لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ)((3)) ، وضَرب مَثلهم بقوله : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَیَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا یَنفَعُ النَّاسَ فَیَمْکُثُ فِی الأَرْضِ)((4)) ، فالزَّبَدُ فی هذا المَوضِع کلامُ المُلحِدین الذین أثبتوه فی القرآن ، فهو یَضْمَحِلّ ویَبطُل ویَتلاشی عند التحصیل .

والذی ینفَع الناس منه : فالتنزیل الحقیقی الذی لا یأتیه الباطلُ من بین یدیه ولا من خلفه ، والقلوب تَقْبَله ، والأرض فی هذا الموضع هی محلّ العلم وقَراره .

ولیس یَسُوغ مع عموم التقیّة التصریح بأسماء المُبدّلین ، ولا الزیادة فی آیاتِه علی ما أثبتوه من تِلقائهم فی الکتاب ، لِمَا فی ذلک من تقویة

ص: 353


1- - التوبة 9 : 32 .
2- - مابین المعقوفتین من تفسیر البرهان .
3- - آل عمران 3 : 71 .
4- - الرعد 13 : 17 .

حُجَج أهلِ التعطیل والکُفر والمِلَل المُنحَرِفة عن قِبْلَتِنا وإبطال هذا العلم الظاهر الذی قد استَکان له المُوافق والمخالف بوقوع الاصطِلاح علی الائتمار لهم والرضا بهم ، ولأنّ أهلَ الباطل فی القدیم والحدیث أکثر عَدَداً من أهلِ الحقّ ، ولأنّ الصَبر علی وُلاة الأمرِ مفروضٌ ، لقول الله عزّوجلّ لنبیّه : (فَاصْبِرْ کَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)((1)) ، وإیجابه مثل ذلک علی أولیائه وأهل طاعته بقوله : (لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)((2)) ، فحسبُک من الجواب عن هذا الموضع ما سَمِعت ، فإنّ شریعة التقیّة تحظر التصریح بأکثر منه .

وأمّا قوله تعالی : (وَجَاءَ رَبُّکَ وَالْمَلَکُ صَفّاً صَفّاً)((3)) ، وقوله : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَی)((4)) ، وقوله : (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِیَهُمُ الْمَلآئِکَةُ أَوْ یَأْتِیَ رَبُّکَ)((5)) فذلک کلّه

حقّ ، ولیست جیئته (جلّ ذکره) کجیئة((6))خَلقِه ، فإنّه ربُّ ] کلّ [ شیء ، ومن کتاب الله (عزّ وجلّ) یکون تأویلُه علی غیر تنزیله ، ولا یُشبِه تأویلُه کلامَ البشر ولا فِعل البشَر ، وسَأُنَبِّئُکَ بمِثال

ص: 354


1- - الأحقاف 46 : 35 .
2- - الأحزاب 33 : 21 .
3- - الفجر 89 : 22 .
4- - الأنعام 6 : 94 .
5- - الأنعام 6 : 158 .
6- - فی تفسیر البرهان : ولیس مجیئه (جلّ ذکره) کمجی .

لذلک تکتفی به إن شاء الله تعالی ، وهو حکایة الله عزّ وجلّ عن إبراهیم حیث قال : (إِنِّی ذَاهِبٌ إِلَی رَبِّی سَیَهْدِینِ)((1)) ، فذهابُه إلی ربّه توجّهه إلیه فی عبادته واجتهاده ، ألا تری أنّ تأویله غیر تنزیله ! وقال : (وَأَنزَلَ لَکُم مِّنَ الاَْنْعَامِ ثَمَانِیَةَ أَزْوَاج)((2)) ، وقال : (وَأَنزَلْنَا الْحَدِیدَ فِیهِ بَأْسٌ شَدِیدٌ)((3)) ، فإنزالُه ذلک خَلقُه إیّاه ، وکذلک قوله : (قُلْ إِن کَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِینَ)((4)) ، أی الجاحدین ، فالتأویل فی هذا القول باطِنه مُضادّ لظاهِره .

ومعنی قوله : (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِیَهُمُ الْمَلآئِکَةُ أَوْ یَأْتِیَ رَبُّکَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ) ، فإنّما خاطَبَ نبیّنا محمداً (صلّی الله علیه وآله) : هل ینتظر المُنافقون والمُشرکون إلاّ أن تأتیهم الملائکة فیعاینونهم (أَوْ یَأْتِیَ رَبُّکَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ) یعنی بذلک أمْر ربّک ، والآیات هی العذاب فی دار الدُنیا کما عذّب الاُمم السالفة والقرون الخالیة ، وقال : (أَوَلَمْ یَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِی الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا)((5)) ، یعنی بذلک ما یَهلِک من القرون ، فسمّاه إتیاناً ، وقال : (قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّی یُؤْفَکُونَ)((6)) ، أی لَعنهم

ص: 355


1- - الصافات 37 : 99 .
2- - الزمر 39 : 6 .
3- - الحدید 57 : 25 .
4- - الزخرف 43 : 81 .
5- - الرعد 13 : 41 .
6- - التوبة 9 : 30 .

الله أنّی یؤفکون ، فسمّی اللعَنة قِتالاً ، وکذلک قال : (قُتِلَ الاِْنسَانُ مَا أَکْفَرَهُ)((1)) ، أی لُعِن الإنسانُ ، وقال : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَکِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ

وَلَکِنَّ اللّهَ رَمَی)((2)) ، فسمّی فِعلَ النبیّ (صلّی الله علیه وآله) فِعْلاً له ، ألا تَری تأویله علی غیر تنْزیله !

ومثل قوله : (بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ کَافِرُونَ)((3)) ، فسمّی البَعث لِقاءً ، وکذلک قوله : (الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ)((4)) ، أی یوقِنون أنّهم مبعوثون ، ومثله قوله : (أَلاَ یَظُنُّ أُولَئِکَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِیَوْم عَظِیم)((5)) ، أی : لیس یوقنون أنّهم مبعوثون ؟ واللّقاء عند المؤمن : البعث ، وعِند الکافر : المُعاینة والنظر ، وقد یکون بعض ظنّ الکافِر یقیناً ، وذلک قوله : (وَرَأَی الْم-ُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا)((6)) . أی : تیقّنوا أنّهم مواقعوها .

وأمّا قوله فی المنافقین : (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)((7)) ، فلیس ذلک

ص: 356


1- - عبس 80 : 17 .
2- - الأنفال 8 : 17 .
3- - السجدة 32 : 10 .
4- - البقرة 2 : 46 .
5- - المطففین 83 : 4 و5 .
6- - الکهف 18 : 53 .
7- - الأحزاب 33 : 10 .

بیقین ولکنَّه شَکٌّ فاللفظ واحِدٌ فی الظاهر ومُخالِف فی البَاطن ، وکذلک قوله : (الرَّحْمَنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوَی)((1)) ، یعنی استوی تَدبیرهُ وعَلا أمرُه .

وقوله : (وَهُوَ الَّذِی فِی السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِی الاَْرْضِ إِلَهٌ)((2)) ، وقوله : (وَهُوَ مَعَکُمْ أَیْنَ مَا کُنتُمْ)((3)) وقوله : (مَا یَکُونُ مِن نَّجْوَی ثَلاَثَة إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ)((4)) ، فإنّما أراد بذلک استیلاء اُمنائه بالقُدرة التی رکّبَها فیهم علی جمیع خَلْقِه ، وأنّ فعلَه فِعلهم ، فافهَمْ عنّی ما أقول لک ، فإنّی إنّما أزیدُک فی الشَرْح لاُثلِجَ صَدرَک وصَدْرَ مَن لعلّه بعد الیوم یشُکّ فی مثل ما شَککْتَ فیه ، فلا یَجِدُ مُجِیباً عمّا یسأل عنه لعُموم الطُغیان والافتِتان واضطِرار أهل العِلم بتأویل الکتاب إلی الاکتِتام والاحتجاب خیفَة أهلِ الظُلم والبغْی .

أما إنّه سیأتی علی الناس زمان یکون الحقّ فیه مَستوراً ، والباطِلُ ظاهِراً مشهوراً ، وذلک إذا کان أولی الناس بهم أعداهم له ، واقترب الوَعْدُ الحَقّ ، وعَظُم الإلحاد ، وظهر الفَساد ، هنالک ابتُلی المُؤمنون وزُلزِلوا زِلزَالاً شدیداً ، ونَحَلهم الکُفّار أسماء الأشرار ، فیکون جَهْد المؤمن أن

ص: 357


1- - طه 20 : 5 .
2- - الزخرف 43 : 84 .
3- - الحدید 57 : 4 .
4- - المجادلة 58 : 7 .

یَحْفَظ مُهجَتَه من أقرب الناس إلیه ، ثمّ یُتِیح الله الفَرَج لأولیائه ، ویُظهر صاحِبَ الأمر علی أعدائه .

وأمّا قوله تعالی : (وَیَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ)((1)) ، فذلک حُجّة الله أقامَها علی خَلقِه ، وعرّفهم أنّه لا یستحقّ مَجلِسَ النبیّ (صلّی الله علیه وآله) إلاّ من یقومُ مَقامه ، ولا یَتْلوه إلاّ من یکون فی الطهارة مِثله ]منزلةً[ ، لَئلاّ یتّسِع لِمَن ماسّه حس الکُفر((2)) فی وقت من الأوقات انتِحال الاستِحقاق بمَقام رسول الله (صلّی الله علیه وآله) ، ولیضیق العُذْر علی من یُعینه علی إثمه وظلمه ، إذ کان الله قد حظر علی من ماسّه الکفر تقلُّد ما فوّضه إلی أنبیائه وأولیائه بقوله لإبراهیم : (لاَ یَنَالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ)((3)) أی المشرکین ، لأنّه سمّی الظُلْم شِرکاً بقوله : (إِنَّ الشِّرْکَ لَظُلْمٌ عَظِیمٌ) ، فلمّا عَلِم إبراهیم أنّ عهد الله (تبارک وتعالی اسمُه) بالإمامة لا ینال عبَدةَ الأصنام ، قال : (وَاجْنُبْنِی وَبَنِیَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ)((4)) .

واعلم أنّ مَن آثر المنافقین علی الصادقین ، والکُفّارَ علی الأبرار ، فقد افتری إثماً عَظیماً ، إذ کان قد بیّن فی کتابه الفَرْق بین المُحِقّ

ص: 358


1- - هود 11 : 17 .
2- - فی تفسیر البرهان : رِجْس الکفر .
3- - البقرة 2 : 124 .
4- - إبراهیم 14 : 35 .

والمُبْطِل ، والطاهر والنَّجِس ، والمؤمن والکافِر ، وأنّه لا یَتلو النبیّ عند فَقْدِه إلاّ من حلّ محلّه صِدقاً وعَدلاً وطهارةً وفَضْلاً .

وأمّا الأمانة التی ذکَرتَها فهی الأمانة التی لا تجب ولا تجوز أن تکون إلاّ فی الأنبیاء وأوصیائهم ، لأنّ الله (تبارک وتعالی) إئتمنَهم علی خَلقِه وَجعَلهم حُجَجاً فی أرضِه ، فبالسامِریّ - ومَن اجتمع معه وأعانه من الکُفّار علی عِبادة العِجْلِ عند غَیْبة

موسی - ما تمّ انتحال محلّ موسی من الطَّغام ، والاحتمال لتلک الأمانة التی لا تنبغی إلاّ لطاهر من الرِّجس ، فاحتَمَل وزرَها ووِزْرَ مَن سَلک سَبیله من الظالمین وأعوانهم .

ولذلِک قال النبیّ (صلّی الله علیه وآله) : « من استَنّ سُنّةَ حقٍّ کان له أجرُها وأجرُ من عَمِل بها إلی یوم القیامة ، ]ومن استَنّ سُنّةَ باطِل کان علیه وِزرُها ووزِرُ مَن عَمِل بها إلی یوم القیامة[((1)) » .

ولهذا القَول من النبیّ (صلّی الله علیه وآله) شاهِدٌ من کِتاب الله ، وهو قول الله عزّ وجلّ فی قصّة قابیل قاتِل أخیه : (مِنْ أَجْلِ ذَلِکَ کَتَبْنَا عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْس أَوْ فَسَاد فِی الأَرْضِ فَکَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعاً وَمَنْ أَحْیَاهَا فَکَأَنَّمَا أَحْیَا النَّاسَ جَمِیعاً)((2)) ، والإحیاءُ فی هذا المَوضِع تأویلٌ فی الباطن لیس کظاهره ، وهو مَن هَداها ، لأنّ الهِدایة

ص: 359


1- - مابین المعقوفتین من تفسیر البرهان .
2- - المائدة 5 : 32 .

هی حیاة الأبد ، ومَن سمّاه الله حیّاً لم یَمُت أبَداً ، إنّما یَنقُله من دار مِحنَة إلی دار راحة ومِنْحَةً .

وأمّا ما کان من الخِطاب بالانفراد مرّةً وبالجَمع مرّةً من صِفَة الباری (جلّ ذِکرُه) ، فإنّ الله (تبارک وتعالی اسمُه) علی ما وصَف به نفسه بالانفِراد والوَحْدانیّة ، هو النّور الأَزلی القدیم ، الذی لیس کمثله شیء ، لا یتغیّر ، ویَحکُم ما یشاء ویختار ، ولا مُعقِّب لحُکمِه ، ولا رادّ لقضائه ، ولا ما خلق زادَ فی ملکِه وعِزّه ، ولا نَقص منه ما لم یَخْلقه ، وإنّما أراد بالخَلق إظهار قُدرَتِه ، وإبداء سُلطانِه ، وتَبیین بَراهین حِکمَتِه ، فخَلَق ما شاء کما شاء ، وأجری فِعلَ بعض الأشیاء علی أیدی من اصطفی من اُمنائه ، فکان فِعلُهم فِعلَه ، وأمرُهم أمرَه ، کما قال : (مَّنْ یُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ)((1)) .

وجعل السماء والأرض وِعاءً لمن یشاء من خلقه ، لیَمیزَ الخبیث من الطیّب ، مع سابق عِلمه بالفریقین من أهلها ، ولیجعَل ذلک مثالاً لأولیائه وأُمنائه ، وعرّف الخَلیقة فَضْل مَنزِلة أولیائه ، وفرَض علیهم من طاعتهم مثل الذی فرَض منه لنفسِه ، وألزمَهم الحُجّة بأن خاطبهم خِطاباً یدُلّ علی انفِراده وتَوحّده ، وبأنّ له أولیاء تَجری أفعالهم

وأحکامهم مَجری فِعْلِه ، فهم العِباد المُکرمون ، الذین لا یَسبقونه بالقولِ وهُم بأمره یعملون ، هم الذین أیّدهم بروح منه ، وعرّف الخلق اقتدارهم علی علم

ص: 360


1- - النساء 4 : 80 .

الغیب بقوله : (عَالِمُ الْغَیْبِ فَلاَ یُظْهِرُ عَلَی غَیْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَی مِن رَّسُول)((1)) ، وهم النّعیم الذی یُسأل العِباد عنه ، لأنّ الله تبارک وتعالی أنْعَم بهم علی من اتّبعَهم من أولیائهم » .

قال السائل : من هؤلاء الحُجَج ؟

قال : « هم رسول الله ، ومَن حلَّ محلّه من أصفیاء الله الذین قرَنهم الله بنفسه وبرَسوله ، وفرض علی العباد مِن طاعتهم مثلَ الذی فرَض علیهم منها لنفسِه ، وهم وُلاةُ الأمرِ الذین قال الله فیهم : (أَطِیعُواْ اللّهَ وَأَطِیعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِی الأَمْرِ مِنکُمْ)((2)) ، وقال فیهم : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَإِلَی أُوْلِی الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)((3)) » .

قال السائل : ما ذاک الأمر ؟

قال علیّ (علیه السّلام) : « الذی به تنزِل الملائکة فی اللیلة التی یُفرق فیها کلّ أمر حکیم ، مِن خلق ورِزْق ، وأَجَل وعَمَل ، وعُمْر وحیاة وموت ، وعِلم غیب السماوات والأَرْض ، والمُعجزات التی لا تَنبغی إلاّ لله وأصفیائه ، والسَّفرَةِ بینه وبین خَلقِه ، وهم وَجْهُ الله الذی قال : (فَأَیْنَمَا

ص: 361


1- - الجن 72 : 26 و27 .
2- - النساء 4 : 59 .
3- - النساء 4 : 83 .

تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ)((1)) .

هم بقیة الله ، یعنی المَهدیّ یأتی عند انقضاء هذه النَظِرَة ، فیملأ الأرض قِسْطاً وعَدلاً کما مُلِئت ظلماً وجَوراً ، ومن آیاته : الغَیْبَة والاکتِتام عند عُموم الطُغیان ، وحلول الانتقام .

ولو کان هذا الأمر - الذی عرّفتک بأنه((2)) للنبی (صلّی الله علیه وآله) دون غیره - لکانَ الخِطاب یدُلّ علی فِعل ماض غیر دائِم ولا مُستَقبل ، ولقَالَ : نزلت

الملائکة ، وفُرِق کَل أمر حکیم ، ولم یقُل (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ)((3)) و(یُفْرَقُ کُلُّ أَمْر حَکِیم)((4)) .

وقد زاد (جلّ ذِکره) فی التبیان وإثبات الحُجّة بقوله فی أصفیائه وأولیائه : (أَن تَقُولَ نَفْسٌ یَا حَسْرَتَی عَلَی مَا فَرَّطتُ فِی جَنبِ اللَّهِ)((5)) ، تعریفاً للخَلیقة قُربَهم ، ألا تری أنّک تقول : فلانٌ إلی جنب فُلان ، إذا أردتَ أن تَصِف قُرْبَه منه ؟

وإنّما جَعل الله تبارک وتعالی فی کتابه هذه الرُّموز - التی لا یَعلمُها غیرُه وغیر أنبیائه وحُججِه فی أرضه - لِعلْمه بما یُحدِثه فی کتابه المُبَدّلون

ص: 362


1- - البقرة 2 : 115 .
2- - فی تفسیر البرهان : عرّفتک نبأه .
3- - القدر 97 : 4 .
4- - الدخان 44 : 4 .
5- - الزمر 39 : 56 .

من إسقاطِ أسماء حُجَجهِ منه ، وتَلْبیسِهم ذلک علی الأُمّة ، لیُعینوهم علی باطِلهم ، فأثبتَ به الرُّموز ، وأعمی قُلوبهم وأبصارَهم ، لما علیهم فی تَرْکِها وتَرْکِ غیرها من الخطاب الدّالّ علی ما أحدثوه فیه ، وجعل أهل الکتاب المقیمین به((1)) والعالمین بظاهِره وباطنه ، من شجرة أصلُها ثابتٌ وفرعُها فی السماء ، تُؤتی أُکلَها کلّ حین بإذن ربّها ، أی یظهر مثل هذا العِلم لمُحتَمِلیه فی الوقت بعد الوقت ، وجعل أعداءها أهل الشجرة المَلعونة الذین حاوَلوا إطفاء نورِ الله بأفواههم فأبی الله إلاّ أن یُتِمّ نوره .

ولو عَلِم المُنافقون (لعنهم الله) ما علیهم من تَرْکِ هذه الآیات - التی بَیّنْتُ لک تأویلها - لأسقطوها مع ما أسقَطوا منه ، ولکنّ الله تبارک اسمُه ماض حُکمُه بایجابِ الحُجّة علی خَلْقِه کما قال : (فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ)((2)) ، أغشی أبصارهم ، وجعل علی قلوبهم أکِنَّةً عن تأمُّلِ ذلک ، فتَرکوه بحالِه ، وحُجبوا عن تأکیده المُلتبس بإبطالِه ، فالسُعَداء ینهون((3))علیه ، والأشقِیاء یُعمَون عنه (وَمَن لَّمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّور)((4)) .

ص: 363


1- - فی تفسیر البرهان : القائمین به .
2- - الأنعام 6 : 149 .
3- - فی تفسیر البرهان : یتثبّتون . وهو الصحیح .
4- - النور 24 : 40 .

ثم إنّ الله (جَلّ ذِکرُه) - لِسَعَةِ رحمتهِ ، ورأفتِه بخَلْقِهِ وعِلمِه بما یُحدِثه المُبَدّلون من تغییر کتابه - قسّم کلامه ثلاثة أقسام : فجعَل قِسماً منه یعرفه العالِمَ والجَاهل ، وقِسْماً لا یَعرِفه إلاّ من صَفا ذِهنُه ولَطُفَ حِسّه ، وصَحّ تمییزهُ مِمّن شَرَح الله صَدْرَه للإسلام ، وقسماً لا یعرِفه إلاّ الله واُمَناؤه والراسِخون فی العلم ، وإنّما فعل الله ذلک لئلاّ یدّعی أهلُ الباطِل - من المُسْتَولین علی میراث رسول الله (صلّی الله علیه وآله) - من عِلم الکتاب ما لم یجعَل الله لهم ، ولیقودهم الاضطرارُ إلی الائتمار لمن ولاّه أمرهم ، فاستکبروا عن طاعته تَعزّراً وافتراءً علی الله عزّ وجلّ ، واغتِراراً بکثرة مَن ظاهَرَهم وعاوَنهم وعاند الله عزّوجلّ ورسولَه .

فأما ما عَلِمَه الجاهِلُ والعالم من فَضل رسول الله (صلّی الله علیه وآله) من کتابِ الله ، فهو قول الله (عزّوجلّ) : (مَّنْ یُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ) ، وقوله : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِکَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِیماً)((1)) ، ولهذه الآیة ظاهِرٌ وباطِنٌ ، فالظاهر : قولُه : (صَلُّوا عَلَیْهِ) ، والباطن : قوله : (وَسَلِّمُوا تَسْلِیماً) أی سلّموا لِمَن وَصّاه واستخلَفه وفضّله علیکم ، وما عَهِد به إلیه تسلیماً ، وهذا ممّا أخبرتک أنّه لا یعلم تأویله إلاّ من لَطُف حِسّه ، وصَفا ذِهنُه ، وصَحّ

ص: 364


1- - الأحزاب 33 : 56 .

تَمییزه ، وکذلک قوله تعالی : ( سَلاَمٌ عَلَی إِلْ یَاسِینَ)((1)) لأنّ الله سمّی به النبیَّ (صلّی الله علیه وآله) حیث قال : (یس * وَالْقُرْآنِ الْحَکِیمِ * إِنَّکَ لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ)((2)) ، لعِلمه بأنهم یُسقطون قول الله : سلام علی آل محمّد ، کما أسقطوا غیره .

وما زال رَسولُ الله (صلّی الله علیه وآله) یتألّفُهم ویُقرّبهم ویُجلِسهم عن یمینه وشماله حتّی أذِن الله عزّ وجلّ فی إبعادهم بقوله : (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِیلاً)((3)) ، وبقوله : (فَمَالِ الَّذِینَ کَفَرُوا قِبَلَکَ مُهْطِعِینَ * عَنِ الْی-َمِینِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِینَ * أَیَطْمَعُ کُلُّ

امْرِئ مِّنْهُمْ أَن یُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِیم * کَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا یَعْلَمُونَ)((4)) ، وکذلک قول الله عزّوجلّ : (یَوْمَ نَدْعُواْ کُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ)((5)) ، ولم یُسمّهم بأسمائهم وأسماء آبائهم واُمّهاتهم .

وأمّا قوله : (کُلُّ شَیْء هَالِکٌ إِلاَّ وَجْهَهُ)((6)) ، فانّما اُنزلت کلّ شیء هالِکٌ إلاّ دینه ، لأنّ من المُحال أن یَهلِک منه کلّ شیء ویَبقی الوَجْه ، هو

ص: 365


1- - الصافات 37 : 130 .
2- - یس 36 : 1 - 3 .
3- - المزمل 73 : 10 .
4- - المعارج 70 : 36 - 39 .
5- - الإسراء 17 : 71 .
6- - القصص 28 : 88 .

أجَلّ وأکرَم وأعظم من ذلک ، وإنّما یَهلِک من لیس منه ، ألا تَری أنّه قال : (کُلُّ مَنْ عَلَیْهَا فَان * وَیَبْقَی وَجْهُ رَبِّکَ)((1)) ؟ ففصّل بین خَلقِه ووَجهه .

وأمّا ظهورک علی تَناکر قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِی الْیَتَامَی فَانکِحُواْ مَا طَابَ لَکُم مِّنَ النِّسَاءِ)((2)) ، ولیس یُشبِه القِسْطُ فی الیتامی نکاح النّساء ، ولا کلّ النّساء أیتامٌ ، فهو ممّا قدّمت ذِکرَه من إسقاط المُنافقین مِن القرآن ، وبین القول فی الیتامی وبین نکاح النساء من الخِطاب والقَصص أکثر من ثُلث القرآن((3)) ، وهذا وما أشبَهه ممّا ظهرَتْ حوادِثُ المُنافقین فیه لأهلِ النَّظَر والتأمّل ، ووَجَد المُعطّلون وأهلُ المِلَل المخالفة للإسلام

ص: 366


1- - الرحمن 55 : 26 و27 .
2- - النساء 4 : 3 .
3- - أَقول : القِسْط - فی اللغة - بمعنی العدل ، ومعنی الآیة یا أولیاء الیتامی إن خفتم أن لا تعدلوا إذا تزوّجتم بالبنات الیتیمات فانکحوا غیرهنّ من النساء البالغات وذلک ان وقع الظلم علیهنّ أمکن إسترضاءهنّ وطلب إسقاط حقّهنّ دون البنات الیتامی فلا یسهل إسترضاؤهن ان وقع ظُلمٌ وحَیفٌ فی حقّهن . هذا معنی هذه الآیة باختصار . وأمّا ما جاء فی قوله : « ان المنافقین أسقطوا أکثر من ثلث القرآن ، بین القول فی الیتامی وبین نکاح النساء » فنردّ علمه إلی أهله ، لأننا نعتقد أن القرآن محفوظ من التحریف والتزویر . قال الله تعالی فی سورة الحجر آیة (9) : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) . والله العالم .

مَساغاً إلی القَدْحِ فی القرآن ، ولو شرحتُ لک کلّ ما اُسقِط وحُرِّف وبُدّل مِمّا یَجری هذا المَجْری لَطالَ ، وظهَر ما تَحظُر التقیّة إظهارَه من مَناقب الأولیاء ومَثالب الأعداء .

وأمّا قوله : (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَکِن کَانُواْ أَنفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ)((1)) ، فهو (تبارک اسمه) أجَلّ وأعظَم من أن یَظلِم ، ولکن قرَن أُمناءه علی خَلقِه بنفسِه ، وعرّف الخَلیقةَ جَلالَةَ قدرِهم عنده ، وأنّ ظُلمَهم ظُلْمُه ، بقوله : (وَمَا ظَلَمُونَا) ببُغضهم أولیاءنا ، ومعونة أعدائهم علیهم ، (وَلَکِن کَانُواْ أَنفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ) إذ حَرموها الجنّة ، وأوجَبوا علیها خُلودَ النّار .

وأمّا قوله : (إِنَّمَا أَعِظُکُم بِوَاحِدَة)((2)) ، فإنّ الله (جلّ ذِکره) أنزَل عَزائِم الشرایع وآیات الفرائض فی أوقات مختلفة ، کما خلق السماوات والأرض فی ستة أیّام ، ولو شاء لخلقها فی أقَلّ مِن لَمْح البصَر ، ولکنّه جعل الأناة والمُداراة أمثالاً((3)) لاُمَنائه ، وإیجاباً للحُجّة علی خَلقِه ، فکان أوّل ما قیّدهم به الإقرارُ بالوَحدانیّة والرّبوبیّة والشّهادة بأن لا إله إلاّ الله ، فلمّا أقرّوا بذلک تَلاهُ بالإقرار لنبیّه (صلّی الله علیه وآله) بالنبوّة والشهادة له بالرّسالة ، فلمّا انقادوا لذلک فرَض علیهم الصلاة ثمّ الصَوم ثمّ الحَجّ ثمّ

ص: 367


1- - الأعراف 7 : 160 .
2- - سبأ 34 : 46 .
3- - فی تفسیر البرهان : مِثالاً .

الجهاد ثمّ الزکاة ثمّ الصّدَقات ، وما یجری مَجراها من مال الفیء ، فقال المنافقون : هل بقی لربّک علینا بعد الذی فرَضه شیء آخَر یفتَرضه ، فتَذْکُره لتَسکُن أنفُسنا إلی أنّه لم یَبْقَ غیرُه ؟

فأنزل الله فی ذلک (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُکُم بِوَاحِدَة) یعنی الولایة ، وأنزل (إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُواْ الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاَةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ)((1)) ، ولیس بین الأُمّة خِلاف أنّه لم یُؤتِ الزکاة یومئِذ أحَدٌ وهو راکعٌ غیر رَجُل واحِد ، ولو ذُکِر اسمُه فی الکتاب لاُسقِط مع ما اُسقِط من ذِکره ، وهذا وما أشبهه من الرموز التی ذکرتُ لک ثُبوتَها فی الکتاب لیجَهل معناها المُحرّفون فیبلُغ إلیک وإلی أمثالک ، وعند

ذلک قال الله عزّ وجلّ : (الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَرَضِیتُ لَکُمُ الإِسْلاَمَ دِیناً)((2)) .

وأمّا قوله للنبیّ (صلّی الله علیه وآله) : (وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِینَ)((3)) ، فإنّک تری أهل المِلل المُخالفة للإیمان - ومن یجری مَجراهم من الکفّار - مُقیمین علی کُفْرِهم إلی هذه الغایة ، وأنّه لو کان رحمةً علیهم لاهتَدوا جمیعاً ونَجوا من عذاب السعیر ، فإنّ الله (تبارک

ص: 368


1- - المائدة 5 : 55 .
2- - المائدة 5 : 3 .
3- - الأنبیاء 21 : 107 .

وتعالی) إنّما عنی بذلک أنّه جعَله سَبباً((1)) لإنظار أهلِ هذه الدار ، لأنّ الأنبیاء قبلَه بُعثوا بالتَصریح لا بالتعریض ، وکان النبیّ (صلّی الله علیه وآله) منهم إذا صدَع بأمرِ الله وأجابَه قومُه ، سَلِموا وسَلِم أهلُ دارِهم من سائر الخَلیقة ، وإن خالَفوه هَلَکوا وهَلَک أهلُ دارِهم بالآفةِ التی کان نبیُّهم یتوعّدهم بها ویُخوفهم حُلولَها ونُزولها بسَاحَتِهم من خَسْف أو قَذْف أو رَجْف أو ریح أو زَلْزلة أو غیر ذلک من أصناف العَذاب التی هلَکت بها الاُمم الخالیة ، وإنّ الله عَلِم من نبیّنا (صلّی الله علیه وآله) ومن الحُجَج فی الأرض الصَبْرَ علی ما لم یُطِق مَن تقدّمهم من الأنبیاء الصّبْرَ علی مثلهِ ، فبعثه الله بالتعریض لا بالتصریح ، وأثبَت حُجّة الله تعریضاً لا تصریحاً بقوله فی وصیّه : « من کنتُ مولاه فهذا((2)) مَولاه ، وهو منّی بمَنزلة هارون من موسی إلاّ أنّه لا نبیّ بعدی » .

ولیس من خَلیقة النبیّ ولا مِن النبوة((3)) أن یقولَ قولاً لا معنی له ، فلزم الأُمّة أن تعلَم أنّه لمّا کانت النُبوّة والاخوَّة((4))

موجودتین فی خِلقة هارون ، ومَعدومَتین فیمن جعَله النبی (صلّی الله علیه وآله) بمنزِلته أنّه قد

ص: 369


1- - فی تفسیر البرهان : سبیلاً .
2- - فی تفسیر البرهان : فعلیٌ .
3- - فی تفسیر البرهان : من شیمته .
4- - فی تفسیر البرهان : والخلافة .

استَخْلَفه علی اُمّته کما استَخْلَف موسی هارون حیث قال له : (اخْلُفْنِی فِی قَوْمِی)((1)) ، ولو قال لهم : « لا تقلّدوا

الإمامة إلاّ فُلاناً بعینهِ وإلاّ نزَل بکُم العَذاب » ، لأتاهُم العَذابُ ، وزال بابُ الإنظار والإمهال .

وبما أَمَر بسدّ باب الجمیع وتَرْک بابه ، ثمّ قال : « ما سَددتُ ولا ترَکتُ ، ولکنی اُمرتُ فأطَعتُ » فقالوا : سَدَدْتَ بابنا وتَرَکت لأحْدَثنا سِنّاً بابه ؟ !

فأمّا ما ذکروه من حَداثَةِ سِنّه ، فإنّ الله لم یَسْتَصْغِر یُوشع بن نُون حیث أمَر موسی أن یَعْهد بالوصیّة إلیه وهو فی سنّ ابن سَبع سِنین ، ولا استَصْغَر یحیی وعیسی لمّا استَوْدَعَهُما عَزائِمه وبَراهین حِکمته ، وإنّما فعَل ذلک (جلّ ذِکْره) لِعلمه بعاقبة الاُمور ، وأنّ وصیّه لا یرجع بعدَه ضالاًّ ولا کافراً .

وبأنْ عَمَد النبیّ (صلّی الله علیه وآله) إلی سورة براءة فدفعها إلی مَن عَلِم أنّ الاُمّة تُؤثره علی وصیّه ، وأمَره بقراءتها علی أهل مکّة ، فلمّا وَلّی من بین یدَیه أَتْبعَه بوصیّه ، وأمره بارتجاعها مِنه والنُفوذ إلی مکّة لیقرأها علی أهلها ، وقال : « إنّ الله جلّ جَلالُه أوحی إلیّ أنْ لا یُؤدّی عنّی إلاّ رجُلٌ مِنّی » ، دلالةً منه علی خِیانة مَن عَلِم أنّ الأُمّة اختارته علی وصیّه .

ص: 370


1- - الأعراف 7: 142 .

ثمّ شفّع ذلک بضمّ الرجُل الذی ارتجع سورة براءة منه ومن یؤازِره فی تقدّم المحلّ عند الأُمّة إلی عَلَم النِفاق عمرو بن العاص فی غزاة ذات السَلاسِل وَلاّهما عمرو حرس عسکَره ، وختَم أمرَهُما بأن ضمّهما عند وفاته إلی مَولاه أُسامة بن زَید ، وأمَرهما بطاعته والتصریف بین أمرِه ونَهیه ، وکان آخِر ما عَهِد به فی أمرِ اُمّته ، قوله : « أنفِذوا جیشَ أُسامة » ، یُکرّر ذلک علی أسماعِهم ، إیجاباً للحُجّة علیهم فی إیثار المُنافقین علی الصادقین .

ولو عَدَدتُ کلّ ما کان من أمر رسول الله (صلّی الله علیه وآله) فی إظهار مَعایب المُستَولین علی تُراثِه لَطالَ .

وإنّ السابق منهم إلی تقلّد ما لیس له بأهل قام هاتِفاً علی المنبر لعَجزه عن القیام بأمر الأُمّة ومُستقیلاً ممّا قلدوه((1)) لقُصور مَعرِفته عن تأویل ما کان یُسأل عنه ، وجهله بما یأتی ویَذَر .

ثمّ أقام علی ظُلمِه ولم یَرْضَ باحتقاب عَظیم الوِزْرِ فی ذلک حتّی عقَد الأمرَ مِن بَعدِه لِغَیره ، فأتی التالی بتَسفِیه رأیه ، والقَدْح والطَعْن علی أحکامِه ، ورَفع السیف عمّن کان صاحبُه وضَعَه علیه ، وردّ النساء اللاّتی کان سَباهُنّ إلی أزواجِهنّ وبَعضُهن حَوامِل ، وقوله : قد نَهیتُه عن قتال أهلِ القِبْلة فقال لی: إنّک لَحَدِبٌ((2)) علی أهلِ الکُفر ، وکان هو فی ظُلمِه لهم

ص: 371


1- - فی تفسیر البرهان : مما تقلّده .
2- - أی عطوف . حدب علیه : تعطَّف (أقرب الموارد) .

أولی باسم الکفر منهم .

ولم یزل یُخطّئه ویُظهر الإزراء علیه ویقول علی المِنبر : کانت بیعة أبی بکر فَلْتَةً وَقی الله شرّها ، فمن دعاکم إلی مثلها فاقتُلوه ، وکان یقول قبل ذلک قولاً ظاهراً : لیتَه حَسَنة من حسناته ، ویَوَدّ أنّه کان شعرةً فی صَدِره ، وغیر ذلک من القول المُتناقض المؤکّد لحُجَج الدافعین لدین الإسلام .

وأتی من أمر الشوری وتأکیده بها عقد الظُلم والإلحاد والبغَی والفَساد حتّی تقرّر علی إرادته ما لَم یَخْفَ علی ذی لُبٍّ مَوضِعُ ضَرَرِه .

ولم تُطِق الاُمّة الصَّبْرَ علی ما أظهَره الثالِث من سُوء الفِعل ، فعاجَلته بالقَتل ، فاتّسع بما جَنَوه من ذلک لِمَن وافقهم علی ظُلمِهم وکُفرِهم ونفاقهم مُحاولة مثل ما أتوه من الاستیلاء علی أمر الأُمّة .

کلّ ذلک لتَتِمّ النَظِرة التی أوحاها((1)) الله (تبارک وتعالی) لعدوّه إبلیس إلی أن یبلُغَ الکِتابُ أجَله ، ویَحِقَّ القولُ علی الکافرین ، ویقترب الوَعْد الحَقّ الذی بیّنه الله تعالی فی کتابِه بقوله : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنکُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُم فِی الاَْرْضِ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِینَ مِن قَبْلِهِمْ)((2)) .

ص: 372


1- - فی تفسیر البرهان : أوجبها .
2- - النور 24 : 55 .

وذلک إذا لَمْ یَبْقَ من الإسلام إلاّ اسمُه ومن القُرآن إلاّ رَسْمُه ، وغاب صاحِبُ الأمر بإیضاح العُذر له فی ذلک ، لاشتمال الفتنة علی القُلوب ، حتّی یکون أقرب الناس إلیه أشدّهم عداوةً له ، وعند ذلک یؤیّده الله بجُنود لم تروها ویُظهر دینَ نبیّه (صلّی الله علیه وآله) علی یدَیه علی الدِّین کلّه ولو کَرِه المُشرِکون .

وأمّا ما ذکرته من الخطاب الدالّ علی تَهجین((1)) النبیّ (صلّی الله علیه وآله) والإزراء به والتأنیب له ، مع ما أظهرَه الله (تبارک وتعالی) فی کتابه من تَفْضِیله إیّاه علی سائر أنبیائه ، فإنّ الله عزّ وجلّ جعَل لکلّ نَبیٍّ عَدوّاً من المشرکین - کما قال فی کتابه - وبحسَب جَلالَة منزلَة نبیّنا (صلّی الله علیه وآله) عند ربّه ، کذلک عظّم مِحنته لعدوّه الذی عاد منه فی شقاقه ونفاقه کلّ أذی ومَشقّة لدفع نبوّته وتَکذیبه إیّاه ، وسَعیه فی مَکارِهه ، وقَصْدهِ لِنقض کلّ ما أبرمه ، واجتهاده - ومَن مالأه علی کُفرِه وعِناده ونفاقه وإلحادِه - فی إبطال دَعواه ، وتَغییر مِلّته ، ومُخالفة سُنّته .

ولم یَر شیئاً أبلَغ فی تمام کَیْدِه من تنفیرهم عن مُوالاة وصیّه ، وإیحاشِهم منه ، وصدّهم عنه ، وإغرائهم بعَداوتِه ، والقَصْد لتغییر الکتاب الذی جاء به ، وإسقاط ما فیه من فضْل ذوی الفضل ، وکُفر ذوی الکُفر منه ، وممّن وافقه علی ظُلمِه وبَغْیهِ وشِرْکه .

ص: 373


1- - التهجین : التقبیح (لسان العرب) .

ولقد عَلِم الله ذلک منهم ، فقال : (إِنَّ الَّذِینَ یُلْحِدُونَ فِی آیَاتِنَا لاَ یَخْفَوْنَ عَلَیْنَا)((1)) ، وقال : (یُرِیدُونَ أَن یُبَدِّلُوا کَلاَمَ اللَّهِ)((2)) ولقد أحضروا الکتاب کَمَلاً مُشتملاً علی التأویل والتَنزیل ، والمُحْکَمِ والمُتشابه ، والناسِخ والمَنسوخ ، لم یَسْقُط منه حرفُ ألف ولا لام .

فلمّا وقفوا علی ما بیّنه الله من أسماء أهلِ الحَقّ والباطِل ، وأنّ ذلک إنْ ظَهر نقض ما عهدوه((3)) ، قالوا : لا حاجَة لنا فیه ، نحن مُستغنون عنه بما عندنا ، وکذلک قال : (فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِیلا فَبِئْسَ مَا یَشْتَرُونَ)((4)) .

ثمّ دفَعهم الاضطرار - بورود المَسائل علیهم عمّا لا یعْلمون تأویله - إلی جَمْعِه وتألیفه وتَضْمِینه من تِلقائهم ما یُقیمون به دَعائم کُفرِهم ، فصرَخ مُنادیهم : من کان عنده شیءٌ من القرآن فلیأتِنا به ، ووکَلوا تألیفه ونظمه إلی بعض من وافقهم علی مُعاداة أولیاء الله، فألّفه علی اختیارهم ، وما یدُلّ للمُتأمّل له علی اختلال تمییزهم وافترائهم ، وترکوا منه ما قدَّروا أنّه لهم وهو علیهم ، وزادوا فیه ما ظهر تناکُره وتنافره ، وعَلِم الله أنّ ذلک یَظهَر ویبین ، فقال : (ذَلِکَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ)((5)) ، وانکشف لأهلِ

ص: 374


1- - فصلت 41 : 40 .
2- - الفتح 48 : 15 .
3- - فی تفسیر البرهان : ما عقدوه .
4- - آل عمران 3 : 187 .
5- - النجم 53 : 30 .

الاستِبصار عوارهم وافتِراؤهم ، والذی بَدأ فی الکتاب من الإزراء علی النبیّ (صلّی الله علیه وآله) من فِرْیة المُلحِدین ، ولذلک قال : (لَیَقُولُونَ مُنکَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً)((1)) .

ویَذکُر (جلّ ذِکره) لنبیّه (صلّی الله علیه وآله) ما یُحدِثه عدوّه فی کتابه من بعده بقوله : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِکَ مِن رَّسُول وَلاَ نَبِیّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّی أَلْقَی الشَّیْطَانُ فِی أُمْنِیَّتِهِ فَیَنسَخُ اللَّهُ مَا یُلْقِی الشَّیْطَانُ ثُمَّ یُحْکِمُ اللَّهُ آیَاتِهِ)((2)) ، یعنی أنّه ما من نبیٍّ تمنّی مُفارقة ما یعانیه مِن نِفاق قومِه وعُقوقهم والانتقال عنهم إلی دار الإقامة ، إلاّ ألقی الشَیطانُ المُعرِّض لعداوته عند فَقْده فی الکتاب الذی أنزل علیه ذمَّه والقَدْحَ فیه والطَعْن علیه ، فینسَخ الله ذلک من قُلوب المؤمنین فلا تَقْبَله ، ولا تُصغی إلیه غیر قلوب المُنافقین والجاهلین ، ویُحْکِم الله آیاته بأن یَحمی أولیاءه من الضلال والعُدوان ومُشایعة أهل الکُفر والطُغیان الذین لم یَرضَ الله أن یجعلهم کالأنعام حتّی قال : (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلاً)((3)) .

فافهم هذا واعلمه ، واعمل به ، واعلم أنّک ما قد ترکت ممّا یجب علیک السؤال عنه أکثر ممّا سألت عنه ، وأنّی قد اقتصرت علی تفسیر

ص: 375


1- - المجادلة 58 : 2 .
2- - الحج 22 : 52 .
3- - الفرقان 25 : 44 .

یسیر من کثیر ، لعدم حَمَلة العِلم ، وقلّة الراغبین فی التِماسه ، وفی دون ما بَیَّنتُ لک بَلاغٌ لذَوی الألباب » .

قال السائل : حَسْبی ما سمِعتُ یا أمیر المؤمنین ! شکَر الله لک علی استنقاذی من عِمایة الشرک((1)) وطِخْیَة الإفْک((2)) ، وأجزَل علی ذلک مَثوبتَک ، إنّه علی کلّ شیء قدیر .

وصلّی الله أولاً وآخِراً علی أنوارِ الهدایات وأعلام البَرِیّات محمّد وآله أصحاب الدلالات الواضِحات وسلّم تسلیماً کثیراً((3)) .

التوحید : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان (رحمه الله) ، قال : حدّثنا أحمد بن یحیی ، عن بکر بن عبدالله بن حبیب قال : حدّثنی أحمد بن یعقوب بن مَطر ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن عبد العزیز الأحدَب ، قال : وجَدتُ فی کتاب أبی بخَطّه : حدّثنا طَلْحَة بن زید ، عن عبید الله بن عُبَید ، عن أبی مَعْمَر السَعدانی ، أنّ رجلاً أتی أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب (علیه السّلام) فقال : یا أمیر المؤمنین ، إنّی قد شَککتُ فی کتاب الله المُنزَل .

قال له علیّ (علیه السّلام) : « ثَکلَتْکَ أُمّک ، وکیف شَککت فی کتاب الله المُنزَل ؟ ! » .

ص: 376


1- - فی تفسیر البرهان : عمایة الشک .
2- - الطخیة : الظلمة . والإفک : الکذب (أقرب الموارد) .
3- - الاحتجاج : ص240 .

قال : لأنّی وجَدتُ الکِتابَ یُکذّبُ بعضُه بَعْضاً ، فکیف لا أشُکّ فیه ؟

فقال علیّ بن أبی طالب (علیه السّلام) : « إنّ کتابَ الله لَیُصدِّق بعضُه بعْضاً ، ولا یُکذّب بعضُه بَعضاً ، ولکنّک لم تُرزق عَقلاً تنتفِع به ، فهاتِ ما شککتَ فیه من کتاب الله عزّ وجلّ » .

قال له الرجل : إنّی وَجَدتُ الله یقول : (فَالْیَوْمَ نَنسَاهُمْ کَمَا نَسُواْ لِقَاءَ یَوْمِهِمْ هَذَا)((1)) ، وقال أیضاً : (نَسُواْ اللّهَ فَنَسِیَهُمْ)((2)) ، وقال : (وَمَا کَانَ رَبُّکَ نَسِیّاً)((3)) فمرّةً یُخبر أنّه یَنسی ، ومَرّةً یُخبر أنّه لا ینسی ، فأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین ؟

قال : « هاتِ ما شَکَکْتَ فیه أیضاً » .

قال : وأجِدُ الله یقول : (یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِکَةُ صَفّاً لاَّ یَتَکَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً)((4)) ، وقال واستُنطِقوا فقالوا : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا کُنَّا مُشْرِکِینَ)((5)) ، وقال : (یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَکْفُرُ بَعْضُکُم بِبَعْض

ص: 377


1- - الأعراف 7 : 51 .
2- - التوبة 9 : 67 .
3- - مریم 19 : 64 .
4- - النبأ 78 : 38 .
5- - الأنعام 6 : 23 ، قوله : واستُنْطِقوا ، إشارة إلی قوله تعالی : (وَیَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِیعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِینَ أَشْرَکُواْ أَیْنَ شُرَکَآؤُکُمُ) الأنعام 6 : 22 .

وَیَلْعَنُ بَعْضُکُم بَعْضاً)((1)) ، وقال : (إِنَّ ذَلِکَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)((2)) ، وقال : (لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَیَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَیْکُم بِالْوَعِیدِ)((3)) ، وقال : (الْیَوْمَ نَخْتِمُ عَلَی أَفْوَاهِهِمْ وَتُکَلِّمُنَا أَیْدِیهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا کَانُوا یَکْسِبُونَ)((4)) فمرّةً یُخبر أنّهم یتکلّمون ، ومرّةً یُخبر أنّهم لا یتکلّمون إلاّ من أذِن له الرحمن وقال صواباً ، ومرّةً یُخبر أنّ الخَلْق لا یَنْطِقون ، ویقول عن مقالتِهم : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا کُنَّا مُشْرِکِینَ) ومرّةً یُخبر أنّهم یختَصِمون ، فأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین وکیف لا أشُکّ فیما تسمع ؟

قال : « هاتِ - وَیْحَکَ - ما شَکَکْتَ فیه » .

قال : وأجِدُ الله عزّ وجلّ یقول : (وُجُوهٌ

یَوْمَئِذ نَّاضِرَةٌ * إِلَی رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)((5)) ، ویقول : (لاَّ تُدْرِکُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ یُدْرِکُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ)((6)) ، ویقول : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَی * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی)((7)) ، ویقول : (یَوْمَئِذ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِیَ لَهُ قَوْلاً *

ص: 378


1- - العنکبوت 29 : 25 .
2- - سورة ص 38 : 64 .
3- - سورة ق 50 : 28 .
4- - یس 36 : 65 .
5- - القیامة 75 : 22 و23 .
6- - الأنعام 6 : 103 .
7- - النجم 53 : 13 و14 .

یَعْلَمُ مَا بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ یُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً)((1)) ،

ومن أدْرَکَتْهُ الأبصارُ فقد أحاط به العِلم ، فأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین ، وکیف لا أشُک فیما تسمَع ؟

قال : « هات أیضاً - ویحَک - ما شَکَکْتَ فیه » .

قال : وأجد الله تبارک وتعالی یقول : (وَمَا کَانَ لِبَشَر أَن یُکَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْیاً أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَاب أَوْ یُرْسِلَ رَسُولاً فَیُوحِیَ بِإِذْنِهِ مَا یَشَاءُ)((2)) ، وقال : (وَکَلَّمَ اللّهُ مُوسَی تَکْلِیماً)((3)) ، وقال : (وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا)((4)) ، وقال : (یَا أَیُّهَا النَّبِیُّ قُل لاَِزْوَاجِکَ وَبَنَاتِکَ)((5)) ، وقال : (یَا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَیْکَ مِن رَّبِّکَ)((6)) ، فأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین ، وکیف لا أشُکّ فیما تسمَع ؟

قال : « هات - ویحک - ما شکَکْتَ فیه » .

قال : وأجِد الله جلّ ثناؤه یقول : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِیّاً)((7)) وقد یُسمّی

ص: 379


1- - طه 20 : 109 و110 .
2- - الشوری 42 : 51 .
3- - النساء 4 : 164 .
4- - الأعراف 7 : 22 .
5- - الأحزاب 33 : 59 .
6- - المائدة 5 : 67 .
7- - مریم 19 : 65 .

الإنسانُ سَمیعاً بصیراً ، ومَلِکاً وَرَبّاً ، فمرّةً یُخبر بأنّ لَهُ أسامِیَ کثیرةً مشترکَةً ، ومرّةً یقول : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِیّاً) فأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین ، وکیف لا أشُکّ فیما تسمَع ؟

قال : « هات - ویحَکَ - ما شَکَکْتَ فیه » .

قال : وَجَدتُ الله تبارک وتعالی یقول : (وَمَا یَعْزُبُ عَن رَّبِّکَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّة فِی الأَرْضِ وَلاَ فِی السَّمَاءِ)((1)) ، ویقول : (وَلاَ یَنظُرُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَلاَ یُزَکِّیهِمْ)((2)) ، ویقول : (کَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ یَوْمَئِذ لَّم-َحْجُوبُونَ)((3)) کیف ینظُر إلیهم من یحجُب عنهم ، وأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین ، وکیف لا أشُکّ فیما تسمَع ؟

قال : « هاتِ أیضاً - ویحک - ما شَکَکْتَ فیه » .

قال : وأجِدُ الله عزّ وجلّ یقول : (ءَأَمِنتُم مَّن فِی السَّمَاءِ أَن یَخْسِفَ بِکُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِیَ تَمُورُ)((4)) ، وقال : (الرَّحْمَنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوَی)((5)) ، وقال : (وَهُوَ اللّهُ فِی السَّمَاوَاتِ وَفِی الأَرْضِ یَعْلَمُ سِرَّکُمْ وَجَهْرَکُمْ)((6)) ،

ص: 380


1- - یونس 10 : 61 .
2- - آل عمران 3 : 77 .
3- - المطففین 83 : 15 .
4- - الملک 67 : 16 .
5- - طه 20 : 5 .
6- - الأنعام 6 : 3 .

وقال : (وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ)((1)) ، وقال : (وَهُوَ مَعَکُمْ أَیْنَ مَا کُنتُمْ)((2)) ، وقال : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ)((3)) فأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین ، وکیف لا أشُکّ فیما تسمَع ؟

قال : « هاتِ أیضاً - ویحکَ - ما شَکَکْتَ فیه » .

قال : وأجِدُ الله عزّ وجلّ یقول : (وَجَاءَ رَبُّکَ وَالْمَلَکُ صَفّاً صَفّاً)((4)) ، وقال : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَی کَمَا خَلَقْنَاکُمْ أَوَّلَ مَرَّة)((5)) ، وقال : (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن یَأْتِیَهُمُ اللّهُ فِی ظُلَل مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِکَةُ)((6)) ، وقال : (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِیَهُمُ الْمَلآئِکَةُ أَوْ یَأْتِیَ رَبُّکَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ لاَ یَنفَعُ نَفْساً إِیمَانُهَا لَمْ تَکُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ کَسَبَتْ فِی إِیمَانِهَا خَیْراً)((7)) فمرّةً یقول : (یَأْتِیَ رَبُّکَ) ومرّة یقول : (یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ) فأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین ، وکیف لا أشُکّ فیما تسمَع ؟

ص: 381


1- - الحدید 57 : 3 .
2- - الحدید 57 : 4 .
3- - سورة ق 50 : 16 .
4- - الفجر 89 : 22 .
5- - الأنعام 6 : 94 .
6- - البقرة 2 : 210 .
7- - الأنعام 6 : 158 .

قال : « هاتِ - ویحک - ما شککتَ فیه » .

قال : وأجِدُ الله تبارک وتعالی یقول : (بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ کَافِرُونَ)((1)) ، وذکر المؤمنین فقال : (الَّذِینَ

یَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَیْهِ رَاجِعُونَ)((2)) ، وقال :

(تَحِیَّتُهُمْ یَوْمَ یَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ)((3)) ، وقال : (مَن کَانَ یَرْجُواْ لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لاَت)((4)) ، وقال : (فَمَن کَانَ یَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً)((5)) فمرّة یُخبرُ أنّهم یلقَونه ، ومرّة یقول إنّه (لاَّ تُدْرِکُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ یُدْرِکُ الأَبْصَارَ) ومرّة یقول : (وَلاَ یُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً) فأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین ، وکیف لا أشُکّ فیما تسمَع ؟

قال : « هات ویْحَکَ ، ما شکَکْتَ فیه » .

قال : وأجِدُ الله تبارک وتعالی یقول : (وَرَأَی الْم-ُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا)((6)) وقال : (یَوْمَئِذ یُوَفِّیهِمُ اللَّهُ دِینَهُمُ الْحَقَّ وَیَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِینُ)((7)) ، وقال : (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)((8))

ص: 382


1- - السجدة 32 : 10 .
2- - البقرة 2 : 46 .
3- - الأحزاب 33 : 44 .
4- - العنکبوت 29 : 5 .
5- - الکهف 18 : 110 .
6- - الکهف 18 : 53 .
7- - النور 24 : 25 .
8- - الأحزاب 32 : 10 .

فمرّةً یُخبر أنّهم یَظُنّون ، ومرّةً یُخبِر أنّهم یعلَمون ، والظّنُ شَکٌّ ، فأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین ، وکیف لا أشکُّ فیما تسمَع » .

قال : هات ما شککت فیه .

قال : وأجِدُ الله تعالی یقول : (وَنَضَعُ الْمَوَازِینَ الْقِسْطَ لِیَوْمِ الْقِیَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً)((1)) ، وقال : (فَلاَ نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَزْناً)((2)) ، وقال : (فَأُوْلَئِکَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ یُرْزَقُونَ فِیهَا بِغَیْرِ حِسَاب)((3)) ، وقال : (وَالْوَزْنُ یَوْمَئِذ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِینُهُ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِینُهُ فَأُوْلَئِکَ الَّذِینَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا کَانُواْ بِآیَاتِنَا یَظْلِمُونَ)((4)) ، فأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین ، وکیف لا أشُکّ فیما تسمع ؟

قال : « هاتِ - وَیْحَکَ - ما شکَکْتَ فیه » .

قال : وأجِدُ الله تبارک وتعالی یقول: (قُلْ یَتَوَفَّاکُم مَّلَکُ الْمَوْتِ الَّذِی وُکِّلَ بِکُمْ ثُمَّ إِلَی رَبِّکُمْ تُرْجَعُونَ)((5)) ، وقال : (اللَّهُ یَتَوَفَّی الاَْنفُسَ حِینَ مَوْتِهَا)((6)) ، وقال : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ یُفَرِّطُونَ)((7)) ، وقال (الَّذِینَ

ص: 383


1- - الأنبیاء 21 : 47 .
2- - الکهف 18 : 105 .
3- - المؤمن 40 : 40 .
4- - الأعراف 7 : 8 و9 .
5- - السجدة 32 : 11 .
6- - الزمر 39 : 42 .
7- - الأنعام 6 : 61 .

تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِکَةُ طَیِّبِینَ)((1)) ، وقال : (الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِکَةُ ظَالِمِی أَنفُسِهِمْ)((2)) ، فأنّی ذلک یا أمیر المؤمنین ، وکیف لا أشُکّ فیما تسمع ؟ وقد هلَکتُ إن لم تَرْحَمنی ، وتَشْرَحْ لی صَدری فیما عسی أن یَجری ذلک علی یَدَیک ، فإن کان الرّبُّ تبارک وتعالی حَقّاً ، والکتابُ حقّاً ، والرُسل حقّاً ، فقد هَلَکتُ وَخَسِرت ، وإن تَکُن الرُسُل باطِلاً فما علیَّ بأسٌ وقد نَجَوتُ .

فقال علیّ (علیه السّلام) : « قُدّوسٌ رَبّنا قدُّوس ، تَبارک وتعالی علوّاً کبیراً ، نَشْهَد أنّه هو الدائم الذی لا یَزول ، ولا نَشُکّ فیه ، ولیس کمثله شیء ، وهو السمیع البصیر ، وأنّ الکتاب حقٌّ ، والرُسُلَ حَقٌّ ، وأنّ الثوابَ والعِقاب حقٌّ ، فإنْ رُزِقتَ زیادة إیمان أو حُرمْتَه فإنّ ذلک بیدِ اللهِ ، إن شاء رزَقک ، وإن شاء حَرمک ذلک ، ولکن ساُعلّمک ما شککتَ فیه ، ولا قوّة إلاّ بالله ، فإنْ أراد الله بک خیراً أعلمک بعِلمه وثبّتک ، وإن یکن شَرّاً ضلَلْت وهَلکتَ .

أمّا قوله : (نَسُواْ اللّهَ فَنَسِیَهُمْ) ، إنّما یعنی نَسوا الله فی دار الدنیا ، لم یعمَلوا بطاعتِه فَنَسیهم فی الآخرة ، أی لم یجعَل لهُم فی ثوابِه شیئاً فصاروا مَنْسِیّین من الخَیر ، وکذلک تفسیر قوله عزّ وجلّ : (فَالْیَوْمَ

ص: 384


1- - النحل 16 : 32 .
2- - النحل 16 : 28 .

نَنسَاهُمْ کَمَا نَسُواْ لِقَاءَ یَوْمِهِمْ هَذَا) یعنی بالنِسیان أنّه لم یُثِبهم کما یُثیبُ أولیاءه الذین کانوا فی دار الدُنیا مُطیعین ذاکرین حین آمنوا به وبرسله وخافوه بالغَیب .

وأمّا قوله : (وَمَا کَانَ رَبُّکَ نَسِیّاً) ، فإنّ ربَّنا (تبارک وتعالی علوّاً کبیراً) لیس بالذی یَنسی ، ولا یَغْفَل ، بل هو الحَفیظُ العلیمُ ، وقد یقولُ العرَب فی باب النِسیان : قد نَسِیَنا فُلانٌ فلا یذکُرنا ، أی أنّه لا یأمُر لنا بخَیر ولا یذکُرنا به ، فهل فَهمتَ ما ذَکره الله عزّ وجلّ ؟ » .

قال : نعم ، فرّجت عنّی فرّج الله عنک ، وحَلَلتَ عنّی عُقْدَةً فعَظّم الله أجرَک .

فقال (علیه السّلام) : « وأمّا قوله عزّ وجلّ : (یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِکَةُ صَفّاً لاَّ یَتَکَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً) ، وقوله : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا کُنَّا مُشْرِکِینَ) ، وقوله : (یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَکْفُرُ بَعْضُکُم بِبَعْض وَیَلْعَنُ بَعْضُکُم بَعْضاً) ، وقوله : (إِنَّ ذَلِکَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) ، وقوله : (لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَیَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَیْکُم بِالْوَعِیدِ) ، وقوله : (الْیَوْمَ نَخْتِمُ عَلَی أَفْوَاهِهِمْ وَتُکَلِّمُنَا أَیْدِیهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا کَانُوا یَکْسِبُونَ) ، فإنّ ذلک فی مواطن غیر واحد من مواطن ذلک الیوم الذی کان مقداره خمسین ألف سنَة ، یجمَع الله عزّ وجلّ الخَلائق یومئذ فی موطن یتفرّقون ، ویکلّم بعضُهم بعضاً ، ویستغفِر بعضُهم لبعض ، اُولئک

ص: 385

الذین کان منهم الطاعة فی دار الدنیا للرُؤساء والأتباع ، ویلعَنُ أهلُ المَعاصی الذین بَدَت منهم البَغضاء وتعاوَنوا علی الظُلم والعُدوان فی دار الدنیا المُستکبرین ، والمُستضعَفین یکفُر بعضهم ببعض ، ویلعَن بَعضُهم بَعضاً ، والکُفر فی هذه الآیة البراءة ، یقول : یبرأ بعضُهم من بعض ، ونَظیرها فی سورة إبراهیم ، قول الشیطان (إِنِّی کَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَکْتُمُونِ مِن قَبْلُ)((1)) ، وقول إبراهیم خلیل الرحمن : (کَفَرْنَا بِکُمْ)((2)) یعنی تَبرّأنا منکم .

ثمّ یجتمِعون فی مَوطن آخر یَبکون فیه ، فلو أنّ تلک الأصوات بَدَت لأهلِ الدُنیا لأذْهَلت جمیع الخَلق عن مَعایشهم ، ولتصدّعت قلوبُهم إلاّ ما شاء الله ، فلا یَزالون یَبکون الدَّمَ .

ثمّ یجتَمعون فی مَوطِن آخر ، فیُسْتَنْطَقون فیه ، فیقولون : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا کُنَّا مُشْرِکِینَ) فیختِم الله تبارک وتعالی علی أفواههم ویستنطِق الأیدی والأرجُل والجُلود ، فتَشهَد بکلّ مَعصِیة کانت منهم ، ثمّ یرفَع عن ألسنتهم الخَتم فیقولون لِجُلودهم : (لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَیْنَا قَالُواْ أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِی أَنطَقَ کُلَّ شَیْء)((3)) .

ثمّ یجتمِعون فی مَوطِن آخر فیُستنطقون فیفرّ بعضُهم من بعض ،

ص: 386


1- - إبراهیم 14 : 22 .
2- - الممتحنة 60 : 4 .
3- - فصّلت 41 : 21 .

فذلک قوله عزّ وجلّ : (یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِیهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِیهِ)((1)) فیُستنطقون فلا یتکلّمون إلاّ من أذِن له الرحمن وقال صَواباً ، فیقوم الرُسل (صلّی الله علیهم) فیشهدون فی هذا المَوطن ، فذلک قوله : (فَکَیْفَ إِذَا جِئْنَا مِن کُلِّ اُمَّة بِشَهِید وَجِئْنَا بِکَ عَلَی هَؤُلاَءِ شَهِیداً)((2)) .

ثمّ یجتمعون فی مَوطن آخر یکون فیه مَقامُ محمّد (صلّی الله علیه وآله) وهو المَقام المحمود ، فیُثنی علی الله عزّ وجلّ بما لم یُثنِ علیه أحَد قبله ، ثمّ یُثنی علی الملائکة کلّهم ، فلا یَبقی مَلک إلاّ أثنی علیه محمّد (صلّی الله علیه وآله) ، ثمّ یُثنی علی الرُسل بما لم یُثْنِ علیهم أحَد قبله ، ثمّ یُثنی علی کلّ مؤمن ومؤمنة ، یبدأ بالصِّدِّیقین والشُهَداء ثمّ بالصالحین ، فیَحْمَده أهلُ السماوات و الأَرض ، وذلک قوله : (عَسَی أَن یَبْعَثَکَ رَبُّکَ مَقَاماً مَّحْمُوداً)((3)) ، فطُوبی لمَن کان له فی ذلک المقام حَظّ ]ونَصیب[ ، ووَیلٌ لِمَن لم یکن له فی ذلک المقام حَظّ ولا نَصیب .

ثمّ یجتمعون فی مَوطِن آخر ، ویُدال بعضُهم من بعض ، وهذا کلّه قبل الحِساب ، فإذا أُخِذ فی الحِساب ، شُغِل کلّ إنسان بما لَدَیه ، نسأل الله

ص: 387


1- - عبس 80 : 34 - 36 .
2- - النساء 4 : 41 .
3- - الإسراء 17 : 79 .

برکة ذلک الیوم » .

قال : فرّجت عنّی فرّج الله عنک یا أمیر المؤمنین ، وحَلَلت عنّی عُقْدَةً ، فعظّم الله أَجْرَک .

فقال (علیه السّلام) : « وأمّا قوله عزّ وجلّ : (وُجُوهٌ یَوْمَئِذ نَّاضِرَةٌ * إِلَی رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) ، وقوله : (لاَّ تُدْرِکُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ یُدْرِکُ الأَبْصَارَ) ، وقوله : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَی * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی) ، وقوله : (یَوْمَئِذ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِیَ لَهُ قَوْلاً * یَعْلَمُ مَا بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ یُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً) ، فأمّا قوله : (وُجُوهٌ یَوْمَئِذ نَّاضِرَةٌ * إِلَی رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) ، فإنّ ذلک فی موضع ینتهی فیه أولیاء الله عزّوجلّ بعدما یُفرَغ من الحساب إلی نهر یسمّی الحَیَوان ، فیغتسِلون فیه ، ویشربون منه ، فتنضر((1)) وجوههم إشراقاً ، فیذهب عنهم کلّ قَذی ووعث((2)) ، ثمّ یُؤمَرون بدُخولِ الجنّة ، فمن هذا المقام یَنْظُرون إلی ربّهم کیف یُثیبهُم ، ومنه یدخُلون الجنّة ، فذلک قوله عزّ وجلّ فی تسلیم المَلائکة علیهم : (سَلاَمٌ عَلَیْکُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِینَ)((3)) ، فعند ذلک أیقَنوا بدخول الجنّة ، والنظَر إلی ما وَعدهم ربّهم ، فذلک قوله : (إِلَی رَبِّهَا

ص: 388


1- - فی تفسیر البرهان : فتضی .
2- - الوعث : الهزال ، ثمّ استعیر لکلّ أمر شاق من تعب واثم وغیر ذلک (أقرب الموارد) .
3- - الزمر 39 : 73 .

نَاظِرَةٌ) وإنّما یعنی بالنظر إلیه ، النَظَر إلی ثوابه تبارک وتعالی .

وأمّا قوله : (لاَّ تُدْرِکُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ یُدْرِکُ الأَبْصَارَ) فهو کما قال : (لاَّ تُدْرِکُهُ الأَبْصَارُ) یعنی لا تُحیط به الأوهام (وَهُوَ

یُدْرِکُ الأَبْصَارَ)یعنی

یُحیط بها (وَهُوَ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ) وذلک مَدْحٌ امتَدح به ربُّنا نفسَه تبارک وتعالی وتقدّس عُلوّاً کبیراً ، وقد سأل موسی (علیه السّلام) وجری علی لسانه من حَمْد الله عزّ وجلّ : (رَبِّ أَرِنِی أَنظُرْ إِلَیْکَ)((1)) ، فکانت مسألته تلک أمراً عظیماً ، وسأل أمراً جسیماً ، فعُوقب ، فقال الله تبارک وتعالی : لن ترانی فی الدُنیا حتّی تموت فترانی فی الآخرة ، ولکن إن أردتَ أن تَرانی فی الدُنیا فانظُر إلی الجَبَل ، فإن استَقَرّ مکانَهُ فسَوف تَرانی ، فأبدی الله سبحانه بعض آیاته ، وتجَلّی ربّنا للجبل فتقطّع الجبَل فصار رمیماً ، وخَرّ موسی صَعِقاً ]یعنی

مَیّتاً ، فکان عقوبته الموت[((2)) ، ثمّ أحیاه الله وبعثه وتاب علیه ، فقال : سبُحانک تُبت إلیک وأنا أول المؤمنین ، یعنی أوّل مؤمن آمن بک منهم ، أنّه لن یَراک .

وأمّا قوله تعالی : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَی * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی) ، یعنی محمّداً (صلّی الله علیه وآله) کان عند سِدرة المنتهی حیث لا یتجاوزها خلق من خَلْقِ الله ، وقوله فی آخر الآیة : (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا

ص: 389


1- - الأعراف 7 : 143 .
2- - ما بین المعقوفتین لم یوجد فی بعض النسخ .

طَغَی * لَقَدْ رَأَی مِنْ آیَاتِ رَبِّهِ الْکُبْرَی)((1)) ، رأی جَبْرَئیل (علیه السّلام) فی صورَتِه مرّتین : هذه المرّة ، ومرّةً أُخری وذلک أنّ خلق جَبْرَئیل عظیم ، فهو من الروحانیّین الَّذین لا یُدرِک خَلقهم وصِفَتَهم إلاّ الله ربّ العالمین .

وأمّا قوله : (یَوْمَئِذ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِیَ لَهُ قَوْلاً * یَعْلَمُ مَا بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ یُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً) لا یُحیط الخلائق بالله عزّ وجلّ عِلماً ، إذ هو تبارک وتعالی جعَل علی أبصار القلوب الغِطاء ، فلا فَهْم یَنالُه بالکَیف ، ولا قلب یُثبِته بالحدود ، فلا یَصِفه إلاّ کما وصَف نفسَه ، لیس کمثله شیء وهو السمیع البصیر ، الأول والآخر والظاهر والباطن ، الخالق البارئ المصوِّر ، خلق الأشیاء ، فلیس من الأشیاء شیءٌ مثله تبارک وتعالی » .

فقال : فرّجت عنّی ، فرّج الله عنک ، وحَلَلْت عنّی عُقْدَةً ، فأعظم الله أجْرَکَ یا أمیر المؤمنین .

فقال (علیه السّلام) : « وأمّا قوله : (وَمَا کَانَ لِبَشَر أَن یُکَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْیاً أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَاب أَوْ یُرْسِلَ رَسُولاً فَیُوحِیَ بِإِذْنِهِ مَا یَشَاءُ) ، وقوله : (وَکَلَّمَ اللّهُ مُوسَی تَکْلِیماً) ، وقوله : (وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا) ، وقوله : (یَا آدَمُ اسْکُنْ أَنتَ وَزَوْجُکَ الْجَنَّةَ)((2)) .

ص: 390


1- - النجم 53 : 17 و 18 .
2- - البقرة 2 : 35 .

فأمّا قوله : (وَمَا کَانَ لِبَشَر أَن یُکَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْیاً أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَاب) فإنّه ما ینبغی لبشر أن یکلّمه الله إلاّ وَحیاً ، ولیس بکائن إلاّ من وراء حجاب أو یُرسِل رَسولاً فیوحی بإذنه ما یشاء ، کذلک قال الله (تبارک وتعالی علوّاً کبیراً) .

قد کان الرسول یُوحی إلیه من رُسل السّماء ، فتبلّغ رُسُلُ السّماءِ رُسُلَ الأرض ، وقد کان الکلام بین رُسُل أهل الأرض وبینه من غیر أن یُرسِل بالکلام مع رُسُلِ أهل السّماء ، وقد قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : یا جَبرَئیل ، هل رأیتَ ربّک ؟ فقال جَبْرَئیل : إنّ ربّی لا یُری ، فقال رسول الله (صلّی الله علیه وآله) : فمن أین تأخُذ الوَحی ؟ فقال : آخذُه من إسرافیل ، فقال : ومن أینَ یأخُذُه إسرافیل ؟ قال : یأخُذه من ملَک فَوْقه مِن الروحانیّین ، قال : فمِن أین یأخذه ذلک الملک ؟ قال : یُقذَف فی قلبِه قَذْفاً .

فهذا وحیٌ وهو کلام الله عزّ وجلّ .

وکلام الله لیس بنحو واحد ، منه ما کلّم الله به الرُسُلَ ، ومنه ما قَذفه فی قُلوبهم ، ومنه رُؤیا یُریها الرُسُلَ ، ومنه وَحْیٌ وتَنزیل یُتلی ویُقْرأ ، فهو کلام الله عزّ وجلّ .

فاکتَفِ بما وصفتُ لک من کلام الله ، فإنّ معنی کلام الله لیس بنحو واحِد ، فإنّ منه ما یبلِّغ به رُسلُ السّماء رسُلَ الأرض » .

ص: 391

قال : فرّجت عنّی فرّج الله عنک ، وحَلَلْتَ عنّی عُقدَةً فعظّم الله أجرَک یا أمیر المؤمنین .

فقال (علیه السّلام) : « وأمّا قوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِیّاً) ، فإنّ تأویله : هل تعلم أحَداً اسمُه الله ، غیر الله تبارک وتعالی ؟

فإیّاک أن تُفسّر القرآن برأیک حتّی تفَقهه عن العلماء ، فإنّه رُبّ تنزیل یُشبِه کلام البشَر ، وهو کلام الله ، وتأویله لا یُشبِه کلام البشر ، کما لیس شیءٌ من خَلقه یُشبِهه ، کذلک لا یُشْبِهُ فِعله (تبارک وتعالی) شیئاً من أفعال البَشر ، ولا یُشبه شیء من کلامه کلام البشَر ، فکلام الله (تبارک وتعالی) صِفَتُه ، وکلامُ البَشر أفعالهم ، فلا تُشبّه کلام الله بکلام البشَر فتهلِک وتَضِلّ » .

قال : فرّجت عنّی ، فرّج الله عنک ، وحَلَلْت عنّی عُقدَةً فعظّم الله أجرک یا أمیر المؤمنین .

فقال (علیه السّلام) : « وأمّا قوله : (وَمَا یَعْزُبُ عَن رَّبِّکَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّة فِی الأَرْضِ وَلاَ فِی السَّمَاءِ) کذلک ربّنا لا یَعزُب عنه شیء ، وکیف یکونُ من خَلَق الأشیاء لا یعلَمُ ما خَلق وهو الخلاّق العَلیم !

وأمّا قوله : (وَلاَ یَنظُرُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ) ، یخبِرُ أنَّهُ لا یُصیبهُم بخیر ، وقد تقول العرب : واللهِ ما ینظُر إلینا فلان ، وإنّما یَعنون بذلک أنّه لا یُصیبنا منه بخیر ، فَذلک النَظَر هاهنا من الله تبارک وتعالی إلی خَلْقه ،

ص: 392

فنظَرُه إلیهم رحمة منه لهم .

]قال : فرّجت عنّی فرّج الله عنک ، وحَلَلْت عنّی عُقدَةً فعظّم الله أجرک یا أمیر المؤمنین .

قال :[((1)) وأمّا قوله : (کَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ یَوْمَئِذ لَّم-َحْجُوبُونَ) ، فإنّما یعنی بذلک یوم القیامة أنّهم عن ثواب ربّهم مَحْجُوبون » .

قال : فرّجت عنّی ، فرّج الله عنک ، وحَلَلْت عنّی عُقدةً فعظّم الله أجرَک .

فقال (علیه السّلام) : « وأمّا قوله : (ءَأَمِنتُم مَّن فِی السَّمَاءِ أَن یَخْسِفَ بِکُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِیَ تَمُورُ) ، وقوله : (وَهُوَ اللّهُ فِی السَّمَاوَاتِ وَفِی الأَرْضِ) ، وقوله : (الرَّحْمَنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوَی) ، وقوله : (وَهُوَ مَعَکُمْ أَیْنَ مَا کُنتُمْ) ، وقوله : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ) ، فکذلک الله (تبارک وتعالی سُبّوحاً قُدّوساً) ، تعالی أن یجری منه ما یَجری من المخلوقین ، وهو اللّطیف الخبیر ، وأجَلّ وأکبَر أن ینزِل به شیء ممّا ینزِل بخَلْقِه ، وهو علی العرش استوی عِلمُه شاهِد لکلّ نَجوی ، وهو الوکیل علی کلّ شیء ، والمُیَسّر لکلّ شیء والمُدَبّر للأشیاء کلّها ، تعالی الله عن أن یکون علی عَرْشِه علوّاً کبیراً .

وأمّا قوله : (وَجَاءَ رَبُّکَ وَالْمَلَکُ صَفّاً صَفّاً) ، وقوله : (وَلَقَدْ

ص: 393


1- - ما بین المعقوفتین من تفسیر البرهان .

جِئْتُمُونَا فُرَادَی کَمَا خَلَقْنَاکُمْ أَوَّلَ مَرَّة) ، وقوله : (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن یَأْتِیَهُمُ اللّهُ فِی ظُلَل مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِکَةُ) ، وقوله : (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِیَهُمُ الْمَلآئِکَةُ أَوْ یَأْتِیَ رَبُّکَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ) فإنّ ذلک حقّ کما قال الله عزّ وجلّ ، ولیس له جیئة کجِیئَة الخَلْق ، وقد أعلَمتُک أنْ

رُبّ شیء من کتاب الله تأویله علی غیر تنزیله ، ولا یُشبه کلام البشَر ، وسَأُنَبِّئُکَ بطَرَف منه ، فتکتَفی إن شاء الله تعالی :

من ذلک قول إبراهیم (علیه السّلام) : (إِنِّی ذَاهِبٌ إِلَی رَبِّی سَیَهْدِینِ)((1)) ، فَذَهابُه إلی ربّه توجُّههُ إلیه عبادةً واجتهاداً وقُرْبةً إلی الله عزّوجلّ ، ألا تری أنّ تأویله غیر تنزیله ؟

وقال : (وَأَنزَلْنَا الْحَدِیدَ فِیهِ بَأْسٌ شَدِیدٌ)((2)) ، یعنی السلاح وغیر ذلک .

وقوله : (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِیَهُمُ الْمَلآئِکَةُ) یُخبِر محمّداً (صلّی الله علیه وآله) عن المُشرکین والمنافقین الذین لم یستجِیبوا لله وللرسول فقال : (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِیَهُمُ الْمَلآئِکَةُ)حیث لم یَسْتَجیبوا لله ولرسوله (أَوْ یَأْتِیَ رَبُّکَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ) یعنی بذلک العَذاب یأتیهم فی دار الدنیا کما عذّب القرون الأولی ، فهذا خبرٌ یُخبِر به النبیّ

ص: 394


1- - الصافات 37 : 99 .
2- - الحدید 57 : 25 .

(صلّی الله علیه وآله) عنهم .

ثمّ قال : (یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیَاتِ رَبِّکَ لاَ یَنفَعُ نَفْساً إِیمَانُهَا لَمْ تَکُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ کَسَبَتْ فِی إِیمَانِهَا خَیْراً) یعنی من قبل أن تَجیء هذه الآیة ، وهذه الآیة طُلوع الشّمس من مَغربها ، وإنّما یکتَفی اُولوا الألباب والحِجا وأُولوا النُّهی أن یعلَموا أنّه إذا انکشَفَ الغِطاء رأوا ما یوعدون .

وقال فی آیة أُخری : (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَیْثُ لَمْ یَحْتَسِبُوا)((1)) یعنی أرسل علیهم عَذاباً ، وکذلک إتیانُهُ بُنیانهم ، قال الله عزّ وجلّ : (فَأَتَی اللّهُ بُنْیَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ)((2)) فإتیانُهُ بُنیانَهم من القواعد إرسال العَذاب علیهم ، وکذلک ما وصَف من أمر الآخِرة (تبارک اسمُه وتعالی علوّاً کبیراً) ، أنّه یُجری أُموره فی ذلک الیوم الذی کان مِقداره خمسین ألف سنة کما یُجری أُموره فی الدُنیا ، لا یَغیب ولا یأفَل مع الآفلین .

فاکتَفِ بما وصَفْتُ لک من ذلک ممّا جال فی صدرک ممّا وصَف الله عزّ وجلّ فی کتابه ، ولا تجعَل کلامَه ککلام البشَر ، هو أعظم وَأجَلّ وَأَکرَم وأعزّ ، تبارک وتعالی من أن یَصِفه الواصِفون إلاّ بما وصَف به نفسَه فی قوله عزّ وجلّ : (لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْءٌ وَهُوَ السَّمِیعُ البَصِیرُ)((3)) » .

ص: 395


1- - الحشر 59 : 2 .
2- - النحل 16 : 26 .
3- - الشوری 42 : 11 .

قال : فرّجتَ عنَّی یا أمیر المؤمنین ، فرّج الله عنک ، وحَلَلت عنّی عُقدةً .

فقال (علیه السّلام) : « وأمّا قوله : (بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ کَافِرُونَ) ، وذکر الله المؤمنین (الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ) ، وقوله لغیرهم : (إِلَی یَوْمِ یَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ)((1)) وقوله : (فَمَن کَانَ یَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً) .

فأمّا قوله : (بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ کَافِرُونَ)یعنی البعث فسمّاه الله عزّ وجلّ لقاءه ، وکذلک ذکر المؤمنین : (الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ) ، یعنی یُوقنون أنّهم یُبعثَون ویُحْشَرون ویُحاسَبون ویُجْزَونَ بالثَواب والعِقاب ، فالظّنُ هاهنا الیَقین خاصّة ، وکذلک قوله : (فَمَن کَانَ یَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً) ، وقوله : (مَن کَانَ یَرْجُواْ لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لاَت) یعنی : مَن کان یُؤمِن بأنّه مبعوثٌ ، فإنّ وَعْدَ اللهِ لآت من الثواب والعِقاب، فاللقاء هاهنا لیس بالرُؤیة ، واللقاء هو البَعث ، فافْهَم جمیعَ ما فی کتاب الله من لقائه ، فإنّه یعنی بذلک البَعث ، وکذلک قوله : (تَحِیَّتُهُمْ یَوْمَ یَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ) یعنی أنّه لا یزول الإیمانُ عن قُلوبهم یوم یُبعَثون » .

قال : فرَّجْتَ عنّی یا أمیر المؤمنین ، فرّج الله عنک ، فقد حَلَلْت عنّی

ص: 396


1- - التوبة 9 : 77 .

عُقْدةً .

فقال (علیه السّلام) : « وأمّا قوله : (وَرَأَی الْم-ُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا) یعنی أیقَنوا أنّهم داخِلوها .

وکذلک قوله : (إِنِّی ظَنَنتُ أَنِّی مُلاَق حِسَابِیَهْ)((1)) یقول : إنّی أیقنتُ أنّی اُبعث فاُحاسب ، وکذلک قوله : (یَوْمَئِذ یُوَفِّیهِمُ اللَّهُ دِینَهُمُ الْحَقَّ وَیَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِینُ) وأمّا قوله للمنافقین : (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا) فهَذا الظَنُّ ظَنُّ شَکٍّ ولیس ظَنُّ یقین ،

والظّنُّ ظَنّان : ظَنُّ شَکّ ، وَظنّ یقین ، فما کان من أمرِ مَعاد من الظَنّ فهو ظَنُّ یقین ، وما کان من أمرِ الدُنیا فهو ظَنُّ شَکٍّ ، فافْهَم ما فَسّرتُ لک » .

قال : فرّجتَ عنّی یا أمیر المؤمنین ، فرّج الله عنک .

فقال (علیه السّلام) : « وأمّا قوله تبارک وتعالی : (وَنَضَعُ الْمَوَازِینَ الْقِسْطَ لِیَوْمِ الْقِیَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً) ، فهو میزان العَدْل ، یُؤخَذُ به الخَلائق یوم القیامة ، یُدیل الله تبارک وتعالی الخلق بعضهم من بعض بالمَوازین » .

وفی غیر هذا الحدیث ، المَوازین هم الأنبیاء والأوصیاء (علیهم السّلام) .

« وأمّا قولُه عزّ وجلّ : (فَلاَ نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَزْناً) فإنّ ذلک

ص: 397


1- - الحاقة 69 : 20 .

خاصّ .

وأمّا قوله : (فَأُوْلَئِکَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ یُرْزَقُونَ فِیهَا بِغَیْرِ حِسَاب)فإنّ رسول الله (صلّی الله علیه وآله) قال : قال الله عزّ وجلّ : لقد حقّت کرامتی - أو قال : مَودّتی - لِمَن یُراقِبنی ویتَحابّ بجلالی أنّ وجوههم یوم القیامة من نور علی مَنابر من نور ، علیهم ثیابٌ خُضر ، قیل : من هم یا رَسول الله ؟ قال : قوم لیسوا بأنبیاء ولا شُهداء ، ولکنّهم تَحابّوا بجَلالِ الله ، ویدخلون الجنّة بغیر حِساب ، نسأل الله عزّ وجلّ أن یجعلنا منهم برَحمَته .

وأمّا قوله : (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِینُهُ) و(خَفَّتْ مَوَازِینُهُ) فإنّما یعنی الحساب ، تُوزَنُ الحَسنات والسیّئات ، والحَسنات ثِقْلُ المیزان ، والسیئات خِفّة المیزان .

وأمّا قوله : (قُلْ یَتَوَفَّاکُم مَّلَکُ الْمَوْتِ الَّذِی وُکِّلَ بِکُمْ ثُمَّ إِلَی رَبِّکُمْ تُرْجَعُونَ) و قوله : (اللَّهُ یَتَوَفَّی الاَْنفُسَ حِینَ مَوْتِهَا) ، وقوله : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ یُفَرِّطُونَ) ،

وقوله : (الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِکَةُ ظَالِمِی أَنفُسِهِمْ) ،

وقوله : (الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِکَةُ طَیِّبِینَ یَقُولُونَ سَلاَمٌ عَلَیْکُمُ) ، فإنّ الله (تبارک وتعالی) یُدبّر الاُمور کیف یشاء ، ویُوکّل مِن خَلقِه مَن یشاء بما یشاء ، أمّا مَلَک المَوت فإنّ الله یُوکّله بخَاصّة من یَشاء من خَلقِهِ ، ویُوکّل رُسُله من المَلائکة خاصّة بمَن یَشاء من خلقه ، والملائکة الذین سمّاهم الله عزّ ذکره وکّلهم بخاصّة من یشاء من خلقه ، إنّه تبارک وتعالی یُدبّر الاُمور کیف یَشاء ، ولیس کلّ العِلم یستَطیع

ص: 398

صاحِبُ العِلم أن یُفَسّره لکلّ الناس ، لأنّ منهم القویّ والضعیف ، ولأنّ منه ما یُطاق حَمْلُه ، ومنه ما لا یُطاق حَمْلُه ، إلاّ من یُسَهّل الله له حَمْلَه ، وأعانه علیه من

خاصّة أولیائه ، وإنّما یکفیک أن تعلَم أنّ الله هو المُحیی المُمیت وأنّه یتوفّی الأنفُسَ علی یَدی من یشاء من خلقه من ملائکته وغیرهم » .

قال : فرّجت عنّی ، فرّج الله عنک یا أمیر المؤمنین ، ونفَع الله المُسلمین بک .

فقال علیّ (علیه السّلام) للرجل : « إن کنتَ قد شرح الله صَدرک بما قد بیّنتُ لک ، فأنت والذی فلق الحبّة وبرأ النَسَمة من المؤمنین حقّاً » .

فقال الرجُل : یا أمیر المؤمنین ، کیف لی أن أعلَم بأنّی من المؤمنین حقّاً ؟

قال (علیه السّلام) : « لا یعلم ذلک إلاّ من أعلَمه الله علی لسان نبیّه (صلّی الله علیه وآله) ، وشَهِد له رسول الله (صلّی الله علیه وآله) بالجنّة أو شرَح الله صَدْرَه ، لیَعلَم ما فی الکُتب التی أنزَلها الله عزّ وجلّ علی رُسُله وأنبیائه » .

قال : یا أمیر المؤمنین ، ومن یُطیق ذلک ؟

قال : « من شرَح الله صدره ووفّقه له ، فعلیک بالعَمل لله فی سرِّ أمرک وعَلانیتک ، فلا شیء یعدِل العَمل »((1)) .

ص: 399


1- - التوحید : ص254 ح5 .

کلمة الختام

أیُّها القارئ الکریم : لقد وصلنا - بحمد الله تعالی - إلی نهایة الجزء السابع والخمسین من هذه الموسوعة والجزء الرابع عشر من تفسیر القرآن الکریم ، وبه تمَّت الأحادیث الواردة فی التفسیر والتی رویت عن الإمام الصادق (علیه السّلام) - حَسَب ما استطعنا جمعه - ولا شک أنّ هناک الکثیر من أحادیث التفسیر عنه (علیه السّلام) ، والتی لم یتیسَّر لنا الحصول علیها لأسباب عدیدة .

والمجال مفتوح للعلماء والمحقّقین وذوی الکفاءات العالیة والهِمم السامیة .. لجمع کمیَّات اُخری من أحادیث التفسیر المرویة عنه (علیه السّلام) ، وکما یقول المَثَل : کم تَرَک الأول للآخِر .

ونسأل الله تعالی ان یتقبَّل منّا هذه البضاعة المزجاة بفضله وکرمه ، وأن یعفو عن أیِّ قصور أو تقصیر فی هذا المجال ، إنه غفورٌ رحیم .

هذا .. وسنلتقی بک - أیها القارئ الکریم - فی الجزء الثامن والخمسین ونبدأ فیه بذکر أسماء أصحاب الإمام الصادق (علیه السّلام) وما تیسّر من تراجم حیاتهم وما یتعلّق بهم .. ان شاء الله تعالی .

ص: 400

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمین ، وصلّی الله علی محمّد وآله المعصومین .

محمّد کاظم القزوینی

قم المقدَّسة - ایران

ص: 401

فهرس الکتاب

دیباجة الکتاب 3

المقدّمة 5

سورة النبأ

باب (1) فائدة قراءة سورة النبأ 7

باب (2) ما هو النبأ العظیم ؟ 8

باب (3) شهادات نبویَّة فی شأن النبأ العظیم 9

باب (4) عظمة نور الکرسی والعرش 11

باب (5) معنی « الأحقاب » 11

باب (6) آل محمّد یُؤذَن لهم بالکلام 12

باب (7) عظمة « الرُّوح » 14

باب (8) الکافر یتمنّی أنّه کان شیعیّاً 14

سورة النازعات

باب (1) فائدة تلاوة سورة النازعات 16

باب (2) معنی « النازعات » 17

باب (3) أنوار المؤمنین تزهر فی السَّماوات 17

باب (4) تأویل « الراجفة » و« الرادفة » فی الرّجعة 18

باب (5) من الآیات الدالّة علی الرجعة 20

ص: 402

باب (6) أشدُّ الناس عذاباً یوم القیامة سبعة 21

باب (7) دَحْو الأرض 22

باب (8) مخالفة هوی النفس الطریق إلی الجنّة 23

سورة عَبسَ

باب (1) ثواب تلاوة سورة عَبسَ 25

باب (2) فائدة تلاوة سورة عَبسَ 25

باب (3) مَن الذی عبس وتولّی ؟ 26

باب (4) الکرام البرَرة 29

باب (5) ممّن یؤخذ العِلم ؟ 30

باب (6) الرُّمان سیّد الفواکه 31

باب (7) یوم الفرار 31

باب (8) ثواب توقیر المسجد 33

سورة التکویر

باب (1) قراءة اُخری لآیة « الموؤدة » 34

باب (2) تأویل « الموؤدة » 34

باب (3) عذاب قاتل الإمام الحسین 37

باب (4) لا یغفر الله لقاتل الإمام الحسین 38

باب (5) الجاهلیَّة قبل الإسلام 38

باب (6) مکانة جبرئیل عند الله تعالی 40

باب (7) عظمة مالک خازن النار 42

ص: 403

باب (8) الأُفق المبین 43

سورة الانفطار

باب (1) ثواب تلاوة سورة الانفطار والانشقاق 45

باب (2) فائدة تلاوة سورة الانفطار 45

باب (3) صورة الإنسان 46

باب (4) أربعٌ مِن فضلِ الله علی عبده 47

باب (5) تأجیل کتابة الذنب 48

باب (6) عصمة الإمام أمیر المؤمنین 49

باب (7) العلّة فی کتابة أعمال الإنسان 50

باب (8) لماذا نکره الموت ؟ 51

سورة المطفّفین

باب (1) ثواب تلاوة سورة المطفّفین 52

باب (2) فائدة قراءة سورة المطفّفین 52

باب (3) تأویل آیات من سورة المطفّفین 54

باب (4) النبی عیسی یحیی الموتی ویکلّمهم 57

باب (5) طینة علیّین وطینة سجّین 59

باب (6) حالة الناس یوم القیامة 59

باب (7) عَمَل المرائی فی سجّین 60

باب (8) ثواب من ترک الخمر لغیر الله 61

باب (9) جزاء من استهزأ بالإمام علی 61

ص: 404

باب (10) علاج صَدأ القلب 62

سورة الانشقاق

باب (1) فائدة کتابة سورة الانشقاق 63

باب (2) دعاء للحاجة 63

باب (3) المؤمن یؤتی کتابه بیمینه 64

باب (4) حال المؤمن إذا خرج من قبره 66

باب (5) ما یقوله المؤمن وغیره حین الخروج من القبر 67

باب (6) الغیبة الطویلة للإمام المهدی 67

سورة البروج

باب (1) ثواب من قرأ سورة البروج فی فرائضه 69

باب (2) فائدة کتابة سورة البروج 69

باب (3) من هو الشاهد والمشهود ؟ 70

باب (4) الشیعة فی الجنّة 72

سورة الطَّارق

باب (1) ثواب قراءة سورة الطارق فی الفرائض 73

باب (2) فائدة کتابة سورة الطارق 73

باب (3) تأویل النجم الثاقب 74

باب (4) الانتقام من أعداء محمّد وآل محمّد 77

باب (5) السِّر فی شَبَه الإنسان بالأقرباء 78

ص: 405

سورة الأعلی

باب (1) ثواب تلاوة سورة الأعلی فی فریضة أو نافلة 79

باب (2) فائدة تلاوة سورة الأعلی 79

باب (3) عظمة السماوات والعرش 80

باب (4) زکاة الفطرة قبل صلاة العید 81

باب (5) الولایة خیر وأبقی 83

باب (6) صُحف الأنبیاء عند الأئمّة الطاهرین 83

سورة الغاشیة

باب (1) ثواب من قرأ سورة الغاشیة فی فریضة أو نافلة 87

باب (2) فائدة قراءة سورة الغاشیة 87

باب (3) تأویل الآیات 88

باب (4) عبادة الناصبی باطلة 89

باب (5) الضَّریع 93

باب (6) حساب الشیعة عند أهل البیت 93

باب (7) الإمام أمیر المؤمنین قسیم الجنَّة والنار 97

سورة الفجر

باب (1) ثواب قراءة سورة الفجر فی الفرائض والنوافل 100

باب (2) سورة الفجر سورة الإمام الحسین 100

باب (3) فائدة تلاوة وکتابة سورة الفجر 101

ص: 406

باب (4) تأویل الآیات 102

باب (5) معنی « ذی الأوتاد » 103

باب (6) المرصاد قنطرة علی الصراط 104

باب (7) حالة جهنم یوم القیامة 105

باب (8) لا یُکره المؤمن علی قبْض روحه 106

باب (9) تأویل الآیة فی الإمام علی والحسین 111

سورة البلد

باب (1) ثواب من قرأ سورة البلد فی الفریضة 113

باب (2) فائدة کتابة سورة البلد 113

باب (3) حرمة مکّة والرسول الأعظم 114

باب (4) تأویل الوالد والولد 116

باب (5) الإنسان فی کَبَد 117

باب (6) هدایة النجدین 118

باب (7) تأویل الرقَبة والعَقَبة 120

باب (8) ثواب إطعام المؤمن 123

سورة الشمس

باب (1) ثواب قراءة سورة الشمس واللیل والضحی والانشراح 125

باب (2) استحباب قراءة سورة الشمس لزیادة الرزق 126

باب (3) تأویل الآیات 126

باب (4) أقوال مستحبة عند تلاوة بعض الآیات 134

ص: 407

سورة اللیل

باب (1) فائدة قراءة سورة اللیل 137

باب (2) تأویل الآیات 138

سورة الضحی

باب (1) النهی عن الجمع بین سورتین فی الصلاة إلاّ ما اُستُثنی 147

باب (2) الکَرَّة لرسول الله 148

باب (3) مرارة الدنیا حلاوة الآخرة 149

باب (4) ممّا أنعم الله به علی رسوله 150

باب (5) علّة یُتم النبی من أبویه 150

باب (6) النهی عن ردّ السائل 151

باب (7) استحباب الاقتصاد فی الانفاق 151

باب (8) استحباب التحدُّث بنعم الله سبحانه 152

باب (9) استحباب إظهار النعمة 153

باب (10) النعم تزول وتشهد علی صاحبها 154

سورة الانشراح

باب (1) فوائد قراءة سورة الانشراح 155

باب (2) تأویل الآیات 156

باب (3) استحباب الدعاء بعد الصلاة 159

باب (4) عدم اکراه الزوج المعسِر 160

ص: 408

سورة التِّین

باب (1) ثواب من قرأ سورة التِّین فی الفرائض والنوافل 161

باب (2) فائدة کتابة سورة التّین 161

باب (3) تأویل التِّین والزیتون وطور سینین 162

باب (4) قوام الإنسان بأربعة 164

باب (5) المؤمنون وأمیرهم 165

باب (6) ما یستحب قوله بعد الفراغ من السورة 166

سورة العَلَق

باب (1) ثواب قراءة سورة العَلَق 167

باب (2) فائدة قراءة سورة العَلق 167

باب (3) أوّل سورة وآخر سورة نزلت علی رسول الله 168

باب (4) طغیان الانسان وبعض المخلوقات 169

باب (5) أقرب ما یکون العبد من ربّه 170

سورة القَدر

باب (1) ثواب من قرأ سورة القَدر فی الفریضة 172

باب (2) فائدة قراءة سورة القدر 172

باب (3) عظمة لیلة القدر 173

باب (4) الاستشفاء بسورة القدر 175

باب (5) قراءة سورة القدر علی الثوب الجدید 176

ص: 409

باب (6) ثواب قراءة سورة القدر فی الصلاة 177

باب (7) سورة القدر نور 177

باب (8) الملائکة تُعظّم سورة القدر 178

باب (9) فائدة حفظ سورة القدر 178

باب (10) ارتباط سورة القدر بالنبیّ وأهل بیته 178

باب (11) لیلة القدر فی کلّ عام 182

باب (12) نزول القرآن فی لیلة القدر 183

باب (13) تقسیم الأرزاق فی لیلة القدر 183

باب (14) الرؤیا التی أحزنت رسول الله 185

باب (15) فضیلة العبادة فی لیلة القدر 189

باب (16) تعیین لیلة القدر 189

باب (17) علامة لیلة القدر 192

باب (18) لیلة القدر بدایة السنة وآخرها 193

باب (19) حکومة بنی اُمیّة ألف شهر 194

باب (20) تأویل لیلة القدر بالسیّدة فاطمة الزهراء 195

باب (21) زیارة الرُّوح للإمام المعصوم 196

سورة البیّنة

باب (1) فائدة کتابة سورة البیّنة 197

باب (2) تأویل « دین القیّمة » 197

باب (3) خیر البریّة وشرُّ البریّة 198

باب (4) المؤمن رضی الله عنه ورضی عن الله 200

ص: 410

باب (5) منزلة الشیعة عندالله سبحانه 200

سورة الزلزلة

باب (1) ثواب قراءة سورة الزلزلة فی النوافل 202

باب (2) فائدة کتابة سورة الزلزلة 203

باب (3) ثواب قراءة سورة الزلزلة أربع مرّات 204

سورة العادیات

باب (1) ثواب قراءة سورة العادیات 205

باب (2) فائدة قراءة سورة العادیات 205

باب (3) قصّة نزول سورة العادیات 206

باب (4) الإنسان الکنود 215

سورة القارعة

باب (1) فائدة قراءة وکتابة سورة القارعة 216

باب (2) الصلاة علی محمّد وآله أثقل شیء فی المیزان 217

باب (3) معنی المیزان 217

باب (4) ذِکر الله یملأ المیزان 218

باب (5) تأویل مَن ثَقُلَ میزانُه وخَفّ میزانُه 218

باب (6) علامة من کان خفیف المیزان 219

باب (7) الکریم واللّئیم 219

باب (8) قصّة مرور النبی عیسی علی قریة معذَّبة 220

ص: 411

سورة التکاثر

باب (1) ثواب قراءة سورة التکاثر 224

باب (2) معنی « عِلم الیقین » 225

باب (3) من آیات الرّجعة 226

باب (4) الولایة هی النعیم 226

باب (5) معان اخری للنعیم 234

باب (6) ثلاثة أشیاء لا یُحاسَب علیها العبد المؤمن 236

سورة العصر

باب (1) ثواب قراءة سورة العصر فی النوافل 237

باب (2) فائدة قراءة سورة العصر 237

باب (3) تأویل الآیة 238

باب (4) الآیة مع التفسیر 239

باب (5) الإیمان بالولایة والتواصی بها 239

سورة الهمزة

باب (1) فوائد قراءة سورة الهمزة 242

باب (2) تأویل الآیة 243

باب (3) عذاب الهمّاز 243

باب (4) النهی عن جمع المال والحرص علیه 244

ص: 412

سورة الفیل

باب (1) ثواب قراءة سورة الفیل فی الفرائض 245

باب (2) فائدة قراءة سورة الفیل 246

باب (3) عقاب اللّوطی وناکح البهائم 246

باب (4) قصّة أصحاب الفیل 247

سورة قریش

باب (1) ثواب تلاوة سورة قریش 256

باب (2) الاستشفاء بسورة قریش 256

سورة الماعون

باب (1) فائدة قراءة سورة الماعون 257

باب (2) المکذّب بالولایة 257

باب (3) النهی عن تأخیرالصلاة والتساهل فیها 258

باب (4) النهی عن منْع الماعون 260

سورة الکوثر

باب (1) ثواب قراءة سورة الکوثر فی الفرائض والنوافل 262

باب (2) حوض الکوثر 263

باب (3) معنی « واْنحر » 267

باب (4) السخیّ مخلوق من ماء الکوثر 268

باب (5) موقف ابن العاص من آیة « الأبتر » 268

ص: 413

سورة الکافرون

باب (1) ثواب قراءة سورتی الکافرون والتوحید 270

باب (2) استحباب قراءة السورتین فی سبع مواطن 272

باب (3) استحباب قراءة السورتین عند المنام 273

باب (4) علّة نزول سورة الکافرون 274

باب (5) ما یقال بعد قراءة آیات سورة الکافرون 275

باب (6) عدم جواز عدول المصلّی من هاتین السورتین 276

سورة النصر

باب (1) ثواب قراءة سورة النصر فی الفرائض والنوافل 278

باب (2) أوّل سورة وآخر سورة نزلت علی رسول الله 279

سورة اللَّهب ( المَسَد )

باب (1) استحباب الدعاء علی أبی لهب 281

باب (2) فائدة قراءة سورة اللّهب 281

باب (3) أبو طالب یستنصر أبا لهب لحفظ النبی 282

سورة الاخلاص

باب (1) ثواب قراءة سورة الاخلاص 285

باب (2) استحباب قراءة سورة الاخلاص بعد الفریضة 285

باب (3) استحباب قراءة سورة الاخلاص فی مختلف الأحوال 286

ص: 414

باب (4) من فوائد قراءة سورة الاخلاص 288

باب (5) النهی عن ترک قراءة سورة الإخلاص 290

باب (6) استحباب قراءة سورة التوحید فی الصلوات الیومیة 293

باب (7) کراهة قراءة السورة بنَفَس واحد 293

باب (8) سورة الاخلاص ثُلث القرآن 294

باب (9) استحباب قراءة سورة الاخلاص فی صلاة الوَتْر 295

باب (10) مَثَل الإمام علی مثل (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) 295

باب (11) سلمان والعبادات الثلاث 296

باب (12) کم یُقرأ من الآیات فی رکعات الزوال ؟ 299

باب (13) سورة الاخلاص نَسَبُ الرَّب 300

باب (14) تفسیر سورة الاخلاص 302

سورة الفلق

باب (1) ثواب قراءة سورة الفلق 309

باب (2) المعوَّذتان من القرآن 309

باب (3) سبب نزول المعوَّذتین 310

باب (4) ما یستحب قوله حین قراءة المعوَّذتین 311

باب (5) آیات تحُول بین الإنسان وعدوّه 311

باب (6) معنی الفلق 312

باب (7) الإمام محفوظ بعین الله 313

باب (8) أشدُّ الناس عذاباً فی القیامة 314

باب (9) یهودی یحاول أن یسحر رسول الله 314

ص: 415

باب (10) عوذة لإبطال السِّحر 316

باب (11) ذمّ الحسَد 317

باب (12) اتَّقوا الحسد 319

باب (13) عوذة من النبی للحَسنین 320

سورة الناس

باب (1) فائدة قراءة سورة الناس 322

باب (2) فی القلب اُذُنان 322

باب (3) الرُّمان یطرد الشیطان 323

باب (4) ماذا یعمل الوسواس الخنّاس ؟ 324

رَدِّ مُتَشابِه القُرآن إلی تأوِیله 327

کلمة الختام 400

فهرس الکتاب 402

ص: 416

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.