موسوعه الامام الصادق عليه السلام المجلد 53

اشارة

سرشناسه : قزويني، سيدمحمدكاظم، 1308 - 1373.

عنوان و نام پديدآور : موسوعه الامام الصادق عليه السلام/ تاليف محمدكاظم القزويني.

مشخصات نشر : قم: الرافد، 14ق.-= 13 -

مشخصات ظاهري : 60ج.

شابك : ج.1 : 978-600-6588-19-1 ؛ ج.42 978-600-6593-06-7 : ؛ ج.44 978-600-6593-15-9 : ؛ ج.47 978-600-6593-23-4 : ؛ ج.59 978-964-8485-92-9 : ؛ ج.60 978-964-2581-88-7 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرست نويسي بر اساس جلد سي و چهارم، 1431ق. = 1389.

يادداشت : ج.24 (چاپ اول: 1431ق. = 1389).

يادداشت : ج.47 (چاپ اول: 1437ق. = 1394).

يادداشت : ج.59 (چاپ اول: 1440ق. = 1397).

يادداشت : ج.60 (چاپ اول: 1440ق. = 1398) (فيپا).

يادداشت : ناشر جلد پنجاه و نهم ، انتشارات دارالغدير است .

يادداشت : ناشر جلد شصتم، انتشارات دار الموده است .

يادداشت : كتابنامه.

مندرجات : .- ج.34. التجاره.- ج.42. الحدود والتعزيرات

موضوع : جعفربن محمد (ع)، امام ششم، 83 - 148ق.

رده بندي كنگره : BP45/ق4م8 1300ي الف

رده بندي ديويي : 297/9553

شماره كتابشناسي ملي : 2105726

ص: 1

اشارة

القزويني ، السيّد محمّد كاظم ، 1348 - 1415 ه-

موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) / تأليف السيّد محمّد كاظم القزويني (قدّس سرّه)،اعداد : أبناء المرحوم المؤلّف .

مؤسسة الرافد للمطبوعات قم ، 1438 ه- / 2017 م

9 - 68 - 5688 - 600 - 978 : ISBN

الكتاب عربى : 408 صفحة

المجلد الثالث والخمسون من موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام)

1. تفسير القرآن - أحاديث .

2. جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام) ، الإمام السادس ، 83 - 148 ه-

9م / 4ق / 45 BP 9553/297

هوية الكتاب :

الكتاب : موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) الجزء الثالث والخمسون

تأليف : المرحوم آية الله العلاّمة السيّد محمّد كاظم القزويني (قدّس سرّه)

إعداد وتنظيم : ابناء المرحوم المؤلّف

الناشر : مؤسسة الرافد للمطبوعات

المطبعة : عترت

التنضيد والإخراج : دار المجتبى (عليه السّلام) للطباعة الكومبيوتريّة

الطبعة : الاولى عام 1438 هجري

العدد : 1000 نسخة

9 - 68 - 5688 - 600 - 978 ISBN

------------------------------------------

مراكز التوزيع

مكتبة فدك - قم - صفائية - مجمع الإمام المهدي (عليه السّلام) - الرقم 116 - تليفون : 37833624

مؤسسة الرافد للمطبوعات - قم شارع معلّم - الفرع 12 - الرقم 3 arrafed_pub@yahoo.com

تليفون : 989125514426+ www.arrafed.com

مكتبة ابن فهد الحلي - كربلاء المقدّسة - شارع قبلة الإمام الحسين (عليه السّلام) - 07801558942

ص: 2

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْر مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَث إِلاَّ كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ)((1)).

(طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَاب مُّبِين * هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالاْخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)((2)) .

(قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلاَُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)((3)) .

(وَمَا مِنْ غَائِبَة فِي السَّمَاءِ وَالاَْرْضِ إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين * إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * وَإِنَّهُ لَهُدًى

ص: 3


1- - الشعراء 26 : 1 - 5 .
2- - النمل 27 : 1 - 3 .
3- - النمل 27 : 29 و30 .

وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)((1)) .

(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ)((2)) .

(وَمَا كُنتَ تَرْجُواْ أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِّلْكَافِرِينَ)((3)) .

(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)((4)) .

(وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاَءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ)((5)) .(الم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ)((6)) .

ص: 4


1- - النمل 27 : 75 - 77 .
2- - القصص 28 : 52 و53 .
3- - القصص 28 : 86 .
4- - العنكبوت 29 : 45 .
5- - العنكبوت 29 : 47 .
6- - لقمان 31 : 1 - 3 .

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المقدَّمة

« الحمد لله .. القويِّ في بَطشه ، الرفيعِ فوق عَرشه ، المطّلع على خَلقه والبالغ لما أراد مِن علمه »((1)) .

والصلاة والسلام على أمين وَحْيه وحافظ سرِّه ومبلّغ رسالاته سيدنا محمّد وآله الطيِّبين الطاهرين .. صفوته وخيرته وخلفائه في أرضه .

ولعنة الله على أعدائهم أجمعين .

وبعد : فهذا هو الجزء الثالث والخمسون من موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) المباركة والجزء العاشر من تفسير القرآن الكريم ، ويحتوي على الأحاديث التي رويتْ عن مولانا وسيدنا الامام جعفر الصادق (عليه السّلام) في تفسير سورة الفرقان - الى - سورة الأحزاب .

ص: 5


1- - من دعاء للسيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) . كتاب فلاح السائل للسيد بن طاوُس ص238 .

وقد ذكرنا - في هذا الجزء - كلمة توضيحيَّة حول :

1 - معنى قوله تعالى : (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) .

2 - ومعنى : « دابَّة الأرض » .

3 - وزَوجات رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) .

بالاضافة الى توضيحات اُخرى كثيرة ، دعت الحاجة الى ذكرها لتسهيل المعنى للقارئ الكريم .ولا شكَّ أن الأحاديث المرويَّة عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير القرآن الكريم كانت عشرات بل مئات أضعاف ما نذكره في هذه الأجزاء .. إلاّ أن يد الغدر والخيانة والعداء والحسد .. عمدتْ الى إتلافها وإبادتها أو فقدانها .

ولعلّ غيرنا - من أهل العلم والتحقيق - يحالفه الحظُّ والتوفيق فيحصل على المزيد ممّا ذكرناه ، وينشره للعالَم الاسلامي كي يتنوَّر بنور آل محمّد أكثر فأكثر .

نسأل الله تعالى لهم ولنا المزيد من التوفيق والقبول بفضله وكرمه إنّه قريب مجيب .

محمّد كاظم الق-زويني

قم المقدَّسة - ايران

ص: 6

سورة الفرقان

اشارة

قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (1) .

باب (1) الفرق بين القرآن والفرقان

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن سنان أو عن غيره ، عمّن ذكره قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن القرآن والفرقان ، أهما شيئان أو شيء واحد ؟

فقال (عليه السّلام) : القرآن : جملة الكتاب ، والفرقان : المحكم الواجِب العَمل به((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً

ص: 7


1- - الكافي : ج2 ص630 ح11 .

وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْء فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (2) .

باب (2) المشيئة والإرادة والقَدَر والقضاء

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبان ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : شاء وأراد وقدّر وقضى ؟

قال : نعم .

قلت : وأحبَّ ؟

قال : لا .قلت : وكيف شاء وأراد وقدّر وقضى ولم يحبّ ؟

قال : هكذا خرج إلينا((1)) .

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليّ بن معبد ، عن دُرست ابن أبي منصور ، عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : شاء وأراد ولم يحبّ ولم يرض ، شاء أن لا يكون شيء إلاّ بعلمه وأراد مثل ذلك ، ولم يحبّ أن يقال ثالث ثلاثة ، ولم يرض لعباده الكفر((2)) .

ص: 8


1- - الكافي : ج1 ص150 ح2 .
2- - الكافي : ج1 ص150 ح5 .

باب (3) هل أَفعال العباد مخلوقة ؟

التوحيد : حدثنا عبدالله بن محمد بن عبد الوهّاب قال : أخبرنا أحمد بن الفضل بن المغيرة قال : حدثنا منصور بن عبدالله بن ابراهيم الاصبهاني قال : حدثنا علي بن عبدالله قال : حدثنا أبو شعيب المحامليّ ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : إنّ أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين ومعنى ذلك أنّ الله (تبارك وتعالى) لم يزل عالماً بمقاديرها قبل كونها((1)) .

التوحيد : حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوزي قال : حدثنا أبو إسحاق ابراهيم بن محمد بن هارون الخوزيّ قال : حدثنا جعفر ابن محمد بن زياد الفقيه الخوزيّ قال : حدثنا أحمد بن عبدالله الجويباري الشيباني ، عن عليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إنّ الله (عزّوجلّ) قدّر المقادير ودبّر التدابير قبل أن يخلق آدم بألفي عام((2)) .

الخصال : حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجليّ ، وأحمد بن الحسن القطان ومحمد بن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم بن أحمد

ص: 9


1- - التوحيد : ص416 ح15 .
2- - التوحيد : ص376 ح22 .

ابن هشام المكتّب ، وعبدالله بن محمد الصائغ ، وعليّ بن عبدالله الورّاق (رضي الله عنهم) قالوا : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان قال : حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدثنا تميم بن بهلول قال : حدثنا أبو معاوية ، عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام) - في حديث شرايع الدين - قال : وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين والله خالق كلّ شيء((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً) (11) .

باب (4) الاشياء التي جعلها الله اثني عشر

غيبة النعماني : أخبرنا عبد الواحد بن عبدالله بن يونس الموصلي قال : حدثنا أحمد بن محمد بن رياح الزّهري قال : حدثنا أحمد بن علي الحميري قال : حدثنا الحسن بن أيوب ، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي ، عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : ما معنى قول الله (عزّوجلّ) : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ

ص: 10


1- - الخصال : ص608 ح9 .

سَعِيراً) ؟

قال لي : انّ الله خلق السَّنة اثني عشر شهراً ، وجعل الليل اثنتي عشرة ساعة ، وجعل النهار اثنتي عشرة ساعة ، ومنّا اثني عشر مُحدَّثاً ، وكان أمير المؤمنين (عليه السّلام) من تلك الساعات((1)) .

غيبة النعماني : أخبرنا عبد الواحد بن عبدالله قال : حدثنا محمد بن جعفر القرشي قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عمر ابن أبان الكلبي ، عن ابن سنان ، عن أبي السائب قال : قال أبو عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السّلام) : الليل اثنتا عشرة ساعة ، والنّهار اثنتا عشرة ساعة ، والشُهور اثنا عشر شهراً ، والائمّة اثناعشر اماماً ، والنقباء اثنا عشر نقيباً ، وانّ عليّاً ساعة من اثنتي عشرة ساعة ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً)((2)) .

تفسير القمي : حدثنا أحمد بن علي قال : حدثني الحسين بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، عن عمر الكلبي ، عن أبي الصامت قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : انّ الليل والنهار اثنتا عشرة ساعة ، وانّ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أشرف ساعة من اثنتي عشرة ساعة ، وهو قول

ص: 11


1- - غيبة النعماني : ص84 ح13 . منه تفسير البرهان : ج7 ص145 .
2- - غيبة النعماني : ص85 ح15 . منه تفسير البرهان : ج7 ص145 .

الله (تعالى) : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَان بَعِيد سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) (12) .

باب (5) شدَّة زفير جهنم

مجمع البيان : في قوله (تعالى) : (إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَان بَعِيد) قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من مسيرة سنة((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الاَْسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْض فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً) (20) .

باب (6) صبر أهل البيت على قضاء الله

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدثنا محمد بن

ص: 12


1- - تفسير القمي : ج2 ص112 . منه تفسير البرهان : ج7 ص145 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص163 . منه تفسير البرهان : ج7 ص146 .

همام ، عن محمد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجّار قال : حدثني مولاي أبو الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليهم السّلام) قال : جمع رسول الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وأغلقعليه وعليهم الباب وقال : يا أهلي وأهل الله ، إنّ الله (عزّوجلّ) يقرأ عليكم السّلام وهذا جبرئيل معكم في البيت يقول : إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : إنّي قد جعلت عدوّكم لكم فتنة فما تقولون ؟

قالوا : نَصبِر يا رسول الله لأمر الله ، وما نزَل من قضائه حتّى نقدم على الله (عزّوجلّ) ، ونستكمل جزيل ثوابِه فقد سمعناه يعد الصابرين الخير كلّه ، فبكى رسول الله حتّى سُمع نحيبه من خارج البيت ، فنزلت هذه الآية : (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْض فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً)انّهم سيصبرون أي سيصبرون كما قالوا صلوات الله عليهم((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً * وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً) (22 و23) .

ص: 13


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص372 ح3 . منه تفسير البرهان : ج7 ص148 .

باب (7) ترك التقوى يحبط الأعمال

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً) ؟

قال : أما والله إن كانت أعمالهم أشدّ بياضاً من القباطي((1)) ولكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يَدَعوه((2)) .

الكافي : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً) .فقال : إن كانت أعمالهم لأشدّ بياضاً من القباطي ، فيقول الله (عزّوجلّ) لها : كوني هباءً ، وذلك أنهم كانوا إذا شرع لهم الحرام أخذوه((3)) .

باب (8) عرض الأعمال على رسول الله كلَّ خميس

بصائرالدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن

ص: 14


1- - القَباطي : ثياب بيض رقيقة تُجلب من مصر ، نسبة إلى القِبط وهم أهل مصر (مجمع البحرين) .
2- - الكافي : ج2 ص81 ح5 .
3- - الكافي : ج5 ص126 ح10 .

منصور البزرج ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : انّ اعمال العباد تعرض كلّ خميس على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فإذا كان يوم عرفة حبط الربّ (تبارك وتعالى) ، وهو قول الله (تبارك وتعالى) : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً) .

فقلت : جُعلت فداك أعمال مَن هذه ؟

قال : أعمال مبغضينا ومبغضي شيعتنا((1)) .

باب (9) معنى الهباء المنثور

الجعفريات : باسناده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) إنّ رجلاً سأله فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول الله تعالى : (هَبَاءً مَّنثُوراً) ؟

فقال (عليه السّلام) : ما حملت الدّواب بحوافرها من الغبار((2)) .

* * * * *

ص: 15


1- - بصائر الدرجات : ص446 ح15 . منه تفسير البرهان : ج7 ص150 .
2- - الجعفريات : ص178 .

قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً) (25) .

باب (10) تأويل الغمام

تفسير القمي : حدثنا محمد بن همام قال : حدثنا جعفر بن محمد ابن مالك ، عن محمد بن حمدان ، عن محمد بن سنان ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ) ؟

قال : الغمام : أمير المؤمنين (عليه السّلام)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلاِْنسَانِ خَذُولاً) (27 - 29) .

باب (11) منافقان من قريش

تفسير البرهان : روي عن الباقر والصادق (عليهما السّلام) : انّ هذه

ص: 16


1- - تفسير القمي : ج2 ص113 . منه تفسير البرهان : ج7 ص157 .

الآيات نزلت في رجلين من مشايخ قريش أسلما بألسنتهما وكانا ينافقان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وآخى بينهما يوم الاخاء ، فصدَّ أحدُهما صاحبَه عن الهدى فهلكا جميعاً ، فحكى الله (تعالى) حكايتهما في الآخرة وقولهما عندما ينزل عليهما من العذاب ، فيحزن ويتأسف على ما قدم ، ويتندم حيث لم ينفَعه النَّدم((1)) .

باب (12) القرآن وقريش

مجمع البيان : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ليس رجل من قريش إلاّ وقد نزلت فيه آية أو آيتان تقوده إلى جنّة أو تسوقه إلى نار تجري فيمن بعده إنْ خيراً فخيراً وإن شرّاً فشرّاً((2)) .

باب (13) الامام علي : السبيل الى الرسول

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد السياري ، عن محمد بن خالد ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه قال : قوله (عزّوجلّ) : (يَا

ص: 17


1- - تفسير البرهان : ج7 ص169 ح12 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص166 .

لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) يعني علي بن أبي طالب (عليه السّلام)((1)) .

تأويل الآيات الظاهرة : محمد بن اسماعيل (رحمه الله) باسناده عن جعفر بن (محمد) الطيار ، عن أبي الخطّاب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه قال : والله ما كنى الله في كتابه حتّى قال : (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً) وإنّما هي في مصحف علي (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ) الثاني (خَلِيلاً) وسيظهر يوماً((2)) .

تفسير البرهان : الشيباني عن الباقر والصادق (عليهما السّلام) : السبيل هاهنا : علي (عليه السّلام) : (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ) يعني علياً (عليه السّلام)((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (30) .

باب (14) الدنيا دار هُدنة والقرآن خير دليل

الكافي : عليّ بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن

ص: 18


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص373 ح5 . منه تفسير البرهان : ج7 ص158 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص374 ح8 . منه تفسير البرهان : ج7 ص159 .
3- - تفسير البرهان : ج7 ص168 ح11 .

أبي عبدالله ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : أيّها الناس إنَّكم في دار هدنة وأنتم على ظهر سفر والسّير بكم سريع وقد رأيتم اللّيل والنهار والشّمس والقمر يبليان كلّ جديد ويقرّبان كلّ بعيد ويأتيان بكلّ موعود فاعدّوا الجهاز لبعد المجاز قال : فقام المقداد بن الأسود فقال : يا رسول الله وما دار الهدنة ؟قال : دار بلاغ((1)) وانقطاع فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فانّه شافع مشفّع وماحل مصدّق((2)) ومن جعله أمامه قاده إلى الجنّة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار ، وهو الدليل يدلّ على خير سبيل وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل وهو الفصل ليس بالهزل وله ظهر وبطن ، فظاهره حكم وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق ، له نجوم وعلى نجومه نجوم ، لا تُحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعرفة لمن عرف الصّفة ، فليُجْل جال بَصَره وليبلغ الصّفة نظره ينجُ مِن عَطب((3)) ويتخلّص مِن

ص: 19


1- - أي انّ الدنيا محلّ عمل واكتساب غير دائم ، فالأفضل اغتنام الفرص الثمينة قبل فوات أوانها وانقطاعها .
2- - ماحل مصدَّق : أي خصمٌ مجادل مصدَّق ، وقيل : ساع مصدَّق ، يعني أنَّ من اتّبعه وعمل بما فيه فانّه شافع له مقبول الشفاعة ، ومصدَّق عليه فيما يرفع من مساويه اذا ترك العمل به (النهاية لابن الأثير) .
3- - العَطَب : الهلاك ، يكون في الناس وغيرهم (لسان العرب) .

نَشَب((1)) فانّ التفكّر حياة قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور ، فعليكم بحُسن التخلّص وقلّة التربّص((2)) .

باب (15) جزاء مَن نَبَذ القرآن

الكافي : أبو علي الأشعري ، عن بعض أصحابه ، عن الخشّاب ، رفعه قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : لا والله لا يرجع الأمر والخلافة إلى آل أبي بكر وعمر أبداً ولاإلى بني أميّة أبداً ولا في ولد طلحة والزبير أبداً وذلك أنّهم نبذوا القرآن وأبطلوا السنن وعطّلوا الأحكام ، وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : القرآن هدى من الضلالة وتبيان من العمى واستقالة من العثرة ونور من الظلمة وضياء من الأحداث وعصمة من الهلكة ورشد من الغواية وبيان من الفتن وبلاغ من الدُّنيا إلى الآخرة وفيه كمال دينكم وما عدل أحد عن القرآن الاّ إلى النار((3)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوّاً مِّنَ الْم-ُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً) (31) .

ص: 20


1- - نشب فلان منشب سوء : اذا وقع فيما لا مخلص منه (لسان العرب) .
2- - الكافي : ج2 ص598 ح2 . والتربُّص : الانتظار (لسان العرب) .
3- - الكافي : ج2 ص600 ح8 .

باب (16) لكلّ نبيّ عدوٌ يُؤذيه

مشكاة الأنوار : عنه ] الإمام الصادق (عليه السّلام) [ أنّه قال : ما كان ولا يكون وليس بكائن نبيّ ولا مؤمن إلاّ وقد سلّط عليه حميم((1)) يؤذيه ، فإن لم يكن حميم فجارٌ يؤذيه ، وذلك قوله (تعالى) : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوّاً مِّنَ الْم-ُجْرِمِينَ)((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً) (38) .

باب (17) حرمة المساحقة بين النساء

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ، عن محمد ابن أبي حمزة وهشام وحفص ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهنّ عن السحق ؟

فقال : حدّها حدّ الزاني .

ص: 21


1- - الحميم : القريب في النسب (مجمع البحرين) .
2- - مشكاة الأنوار : ص610 ح1681 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج7 ص204 .

فقالت المرأة : ما ذكر الله (عزّوجلّ) ذلك في القرآن ؟

فقال : بلى .

قالت : أين هو ؟

قال : هنّ أصحاب الرسّ((1)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَأَصْحَابَ الرَّسِّ) .

قيل : أصحاب الرّس كان نساؤهم سحاقات ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((2)) .تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : دخلت امرأة مع مولاة لها على أبي عبدالله (عليه السّلام) فقالت : ما تقول في اللّواتي مع اللّواتي ؟

قال : هُنَّ في النّار ، إذا كان يوم القيامة يؤتى بهن فأُلبسن جلباباً من نار ، وخُفّين من نار ، وقناعاً من نار ، وأدخل في أجوافِهن وفروجِهن أعمِدَة من النار ، وقذف بهن في النار .

فقالت : أليس هذا في كتاب الله ؟

قال : بلى .

قالت : أين هو ؟

ص: 22


1- - الكافي : ج7 ص202 ح1 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص170 .

قال : قوله : (وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ) فهن الرسيّات((1)) .

باب (18) قصة أصحاب الرّسّ

علل الشرايع : حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال : حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه قال : حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال : حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال : أتى عليَّ بن أبي طالب (عليه السّلام) - قبل مقتله بثلاثة أيام - رجل من أشراف بني تميم يقال له : عمرو ، فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرسّ ، في أي عصر كانوا ؟ وأين كانت منازلهم ؟ ومن كان ملكهم ، وهل بعث الله (عزّوجلّ) إليهم رسولاً أم لا ؟ وبماذا أهلكوا ؟ فإنّي لا أجد في كتاب الله (عزّوجلّ) ذكرهم ، ولا أجد خبرهم ؟فقال له علي (عليه السّلام) : لقد سألت من حديث ما سألني عنه أحد قبلك ، ولا يحدّثك به أحد بعدي ، وما في كتاب الله (عزّوجلّ) آية

ص: 23


1- - تفسير القمي : ج2 ص113 . منه تفسير البرهان : ج7 ص175 .

إلاّ وأنا أعرف تفسيرها ، وفي أي مكان نزلت ، من سهل أو جبل ، وفي أيّ وقت نزلتْ من ليل أو نهار ، وانَّ هاهنا لعلماً جمّاً - وأشار إلى صدره - ولكن طلاّبه يسيرة ، وعن قليل يندمون لو يفقدوني .

وكان من قصّتهم يا أخا تميم انّهم كانوا قوماً يعبدون شجرة صَنَوبَر ، يقال لها : شاه دِرَخت ، وكان يافث بن نوح غرسها على شفير عَين ، يقال لها : روشاب كانت أنبعت لنوح بعد الطوفان ، وإنّما سموا أصحاب الرّس لأنَّهم رسوا نبيّهم في الأرض ، وذلك بعد سليمان بن داود وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له : (الرّس) من بلاد المشرق ، وبهم سمّي ذلك النهر ، ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر ولا أعذب منه ولا أقوى ، ولا قرى أكثر ولا أعمر منها ، تسمّى إحداهن : أبان ، والثانية آذر ، والثالثة دي ، والرّابعة بهمَن ، والخامسة اسفنديار ، والسادسة فروردين ، والسّابعة اُردي بهشت ، والثامنة ارداد ، والتاسعة مرداد ، والعاشرة تير ، والحادية عشرة مِهر ، والثانية عشرة شهريور ، وكانت أعظم مدائنهم اسفنديار ، وهي التي ينزِلها ملكهم ، وكان يسمّى : تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان - فرعون ابراهيم (عليه السّلام) ، وبها العين والصنوبر ، وقد غرسوا في كلّ قرية منها حبّة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبّة وصارت

ص: 24

شجرة عظيمة وأجْرَوا اليها نهراً من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الصنوبرة وصارَت شجرة عظيمة ، وحرموا ماء العين والأنهار ، فلا يشربون منها ولا أنعامهم ، ومن فعل ذلك قتلوه ، ويقولون : هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها ، ويشربون هم وأنعامهم من نهر الرّس ، الذي عليه قراهم .وقد جعلوا في كلّ شهر من السنة في كلّ قرية عيداً يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كِلّة((1)) من حرير ، فيها من أنواع الصُّور ثمَّ يأتون بشاة وبقر فيذبحونها قرباناً للشجرة ويشعلون فيها النيران بالحَطب ، فإذا سطع دخان تلك الذبايح وقتارُها((2)) في الهواء وحال بينهم وبين النّظر إلى السماء خرّوا للشجرة سجداً من دون الله (عزّوجلّ) يبكون ويتضرّعون إليها أن ترضى عنهم ، فكان الشيطان يجيء ويحرّك أغصانها ويَصيح من ساقها صياح الصبيّ : إنّي قد رضيت عنكم عبادي ، فطيّبوا نفساً وقرّوا عَيْناً فيرفعون رؤسهم عند ذلك ويشرَبون الخمر ويضربون بالمعازف ، ويأخذون الدستبند فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثمّ ينصَرفون ، وإنّما سمّت العجَم شهورها بأبان ماه ، وآذر ماه وغيرها ، اشتقاقاً من أسماء تلك القرى لقول أهلها بعضهم لبعض : هذا

ص: 25


1- - الكِلة - بالكسر - : الستر الرّقيق وغشاء رقيق يُخاط كالبيت يُتوقّى به من البعوض ، ويعرف عند العامّة : بالناموسية (أقرب الموارد) .
2- - القُتار : الدخان من المطبوخ ، وقيل : ريح اللحم المشوي المحترق أو العظم ، أو غير ذلك (مجمع البحرين) .

عيد قرية كذا ، حتّى إذا كان عيد قريتهم العظمى ، إجتمع إليها صغيرهم وكبيرهم فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقاً من ديباج ، عليه أنواع الصُّور وجعَلوا له اثني عشر باباً ، كلّ باب لأهل قرية منهم ، فيسجدون للصنوبرة خارجاً من السرادق ، ويقرّبون لها الذبايح أصناف((1)) ما قرّبوا للشجرة التي في قراهم ، فيجيء إبليس عند ذلك ، فيحرك الصنوبرة تحريكاً شديداً ويتكلّم من جوفها كلاماً جهوريّاً ويعدهم ويمنيهم بأكثر ممّا وعدتهم ومنتهم الشياطين في تلك الشجرات الاخر للبقاء فيرفعون رؤسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلّمون ، من الشرب والعزف ، فيكونون على ذلك اثني عشر يوماً ولياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ، ثمّ ينصرفون .

فلمّا طال كفرهم بالله (عزّوجلّ) وعبادتهم غيره بعَث الله (عزّوجلّ) إليهم نبيّاً من بني اسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب فلبث فيهم زماناً طويلاً يدعوهم إلى عبادة الله(عزّوجلّ) ومعرفة ربوبيته ، فلا يتبعونه فلمّا رأى شدّة تماديهم في الغي والضّلال وتَرْكِهم قبول ما دعاهم إليه من الرّشد والنّجاح ، وحضرعيد قريتهم العظمى ، قال : يا ربّ إنّ عبادك أبوا الاّ تكذيبي والكفر بك ، وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضرّ ، فأيبس شجرهم أجمع ، وأرهم قدرتك وسلطانك ، فأصبح القوم

ص: 26


1- - في تفسير البرهان : أضعاف . والظاهر أنّه هو الصحيح .

وقد يبس شجرهم كلّها فها لهم ذلك وقطع بهم ، وصاروا فرقتين : فرقة قالت : سحر آلهتكم هذا الرجل الذي يزعم انّه رسول ربّ السماء والأرض اليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه ، وفرقة قالت : لا ، بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت حسنها وبهائها لكي تغضبوا لها ، فتنتصروا منه فاجتمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص ، واسعة الأفواه ، ثمّ أرسَلوها في قرار العين إلى أعلى الماء ، واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ((1)) ، ونزحوا ما فيها من الماء ، ثمّ حفروا في قرارها من الأرض بئراً عميقة ضيقة المدخل ، وأرسلوا فيها نبيّهم ، وألقَموا فاها صخرة عظيمة ، ثمّ أخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا : نرجوا الآن أن ترضى عنّا آلهتنا ، إذا رأت أنّا قد قتلنا من كان يقَع فيها ويصُدّ عن عِبادتها ودفنّاه تحتَ كبيرها ليشتفي منه ، فيعود لنا نورها ونضرتها كما كان ، فبقوا عامّة يومهم يسمعون أنين نبيّهم وهو يقول : سيدي قد ترى ضيق مكاني ، وشدّة كَرْبتي ، فارحم ضعف ركني ، وقلّة حيلتي ، وعجّل بقَبضِ روحي ، ولا تؤخّر إجابةَ دعائي حتّى مات (عليه السّلام) .

فقال الله (تبارك وتعالى) لجبرئيل : يا جبرئيل أيظن عبادي هؤلاء الذين غرّهم حلمي ، وأمنوا مكري ، وعبدوا غيري ، وقتلوا رسلي ، ان

ص: 27


1- - البرابخ : البالوعة الواسعة من الخزف (أقرب الموارد) .

يقوموا لغضبي ، أو يخرجوا من سلطاني ؟ كيف وأنا المنتقم ممّن عصاني ، ولم يخش عقابي ، وإنّي حلفت بعزّتي لأجعلنّهم عبرة ونكالاً للعالمين ، فلم يدعهم وهم في عيدهم ذلك إلاّ بريح عاصف شديدة الحمرة فتحيّروا فيها وذرعوا منها((1))

وتضام بعضهم إلىبعض ، ثمّ صارت الأرض من تحتِهم حجر كبريت يتوقّد وأظلّتْهُم سحابة سوداء مظلمة فانكبت عليهم كالقبّة جمرة تتلهب((2)) ، فذابت أبدانهم كما يذوب الرّصاص في النار ، فتعوّذ((3)) بالله من غضبه ونزول نقمته((4)) .

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : بهذا الاسناد قال : أتى علي ابن أبي طالب (عليه السّلام) قبل مقتله بثلاثة أيام ... وذكر قريباً من ذلك((5)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الاَْمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً) (39) .

ص: 28


1- - في تفسير البرهان : وذعروا منها . والظاهر هو الصحيح . والذُعْر : الخوف . وذعره ذعراً : خوَّفه وأفزعه (أقرب الموارد) .
2- - في تفسير البرهان : جمراً يلتهب .
3- - في تفسير البرهان : فنعوذ .
4- - علل الشرايع : ص40 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص171 .
5- - عيون أخبار الرضا : ج1 ص205 ح1 .

باب (19) معنى التتبير

تفسير القمي : أخبرنا أحمد بن ادريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً) يعني كسرنا تكسيراً قال : هي لفظة بالنبطية (بالقبطية - ط)((1)) .

معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد البرقي ، عمّن ذكره ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً) قال : يعني كسرنا تكسيراً . قال : وهي بالنبطية((2)) .أقول : قوله تعالى : (تَبَّرْنَا تَتْبِيراً) هو باللغة النبطية أو القبطية ومعناه باللغة العربية : كسّرنا تكسيراً ، فالأُولى هي لغة قوم كانوا يسكنون العراق وهكذا كان كلامهم ، والقبطية نسبة إلى أقباط مصر حسب النسخة الأخرى .

* * * * *

قوله تعالى : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالاَْنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) (44) .

ص: 29


1- - تفسير القمي : ج2 ص114 . منه تفسير البرهان : ج7 ص176 .
2- - معاني الأخبار : ص220 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص175 .

باب (20) ثمانية ليسوا من الناس الكاملين

الخصال : حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) قالا : حدثنا محمد بن يحيى العطّار وأحمد بن ادريس جميعاً قالا : حدثنا محمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال : حدثني بعض أصحابنا يعني جعفر بن محمد بن عبيد ، عن أبي يحيى الواسطي ، عمّن ذكره أنّه قال لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أترى هذا الخلق كلّه من الناس ؟

فقال : ألق منهم التّارك للسواك ، والمتربّع في موضع الضيق ، والداخل فيما لا يعنيه ، والمماري فيما لا علم له ، والمتمرّض من غير علّة ، والمشعث من غير مصيبة ، والمخالف على أصحابه في الحق وقد اتفقوا عليه ، والمفتخر يفتخر بآبائه وهو خلو من صالح أعمالهم فهو بمنزلة الخلنج((1)) يقشّر لحاء عن لحاء حتّى يوصل إلى جوهريّته وهو كما قال الله (عزّوجلّ) : (إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالاَْنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً)((2)) .

* * * * *

ص: 30


1- - الخَلَنْج : شجر كالطرفاء وزهره أحمر وأصفر وأبيض وحبُّه كالخَرْدل وخشبه تصنع منها القصاع ، فارسي معرَّب (أقرب الموارد) . والمعنى : أنّ هذه أخلاق مذمومة ينبغي تركها حتّى يصل الإنسان إلى الكمال .
2- - الخصال : ص409 ح9 .

قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً) (53) .

باب (21) معنى الحجر المحجور

الجعفريات : باسناده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه علي ابن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أنّه قال : سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : (وَحِجْراً مَّحْجُوراً)قال : أي حراماً محرّماً شَرْي الثمار حتّى تطعم ، والنّخل حتّى تزهو ، والحبّة حتّى تفرك((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (54) .

باب (22) النسب من الرجال والصهر بسبب النساء

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن

ص: 31


1- - الجعفريات : ص179 . أفرك السنبل : صار فريكاً وهو حين يصلح أن يُفرك فيؤكل (أقرب الموارد) .

سالم ، عن بريد العجلي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) ؟

قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) خلق آدم من الماء العذب ، وخلق زوجته من سنخه فبرأها من أسفل أضلاعه ، فجرى بذلك الضلع بينهما نسب ، ثمّ زوّجها إيّاه فجرى بينهما بسبب ذلك صهر ، فذلك قوله : (نَسَباً وَصِهْراً) ، فالنسب - يا أخا بني عجل - ما كان من نسب الرّجال ، والصهر ما كان بسبب النساء((1)) .

أقول : لقد اختلفت الروايات حول مبدأ خلقة حواء ، فبعضها ذكر أنّها خُلقت من ضلع آدم الأيسر ، وبعضها من فضل طينة آدم ، أمّا الروايات التي تقول بأنّها خُلقت من ضلع آدم الأيسر فهي موافقة لمذهب العامّة ولهذا فهي محمولة على التقيّة ومرفوضة عند الأئمّة (عليهم السلام) والروايات التي تقول بأنّها خُلقت من فضل طينة آدم هي الصحيحة ويؤيدها الحديث المروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال : « أخبرني أبي ، عن آبائه قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إنّ الله (تباركوتعالى) قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه - وكلتا يديه يمين - فخلق منها آدم وفضلتْ فضلة من الطين فخلق منها

ص: 32


1- - تفسير القمي : ج2 ص114 . منه تفسير البرهان : ج7 ص180 .

حواء »((1)) .

باب (23) من فضل الإمامين الحسن والحسين

أمالي الطوسي : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن ابراهيم العلوي النصيبي قال : حدثني محمد بن علي بن حمزة العلوي قال : حدثني أبي قال : حدثني الحسين ابن زيد بن علي قال : سألت أبا عبدالله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السّلام) عن سن جدّنا علي بن الحسين (عليهما السّلام) فقال : أخبرني أبي ، عن أبيه علي بن الحسين قال : كنت أمشي خلف عمّي الحسن وأبي الحسين في بعض طرقات المدينة في العام الذي قُبض فيه عمّي الحسن ، وأنا يومئذ غلام لم أراهق أو كدت ، فلقيهما جابر بن عبدالله ، وأنس بن مالك الأنصاريان في جماعة من قريش والأنصار ، فما تمالك جابر بن عبدالله حتّى أكبّ على أيديهما وأرجلهما يقبّلهما ، فقال رجل من قريش كان نسيباً لمروان : أتصنع هذا يا أبا عبدالله وأنت في سنّك هذا ، وموضعك من صحبة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؟! وكان جابر قد شهد بدراً .

ص: 33


1- - بحار الأنوار : ج11 ص116 .

فقال له : إليك عنّي ، فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما ومكانهما ما أعلم لقبَّلت ما تحت أقدامهما من التراب .

ثمّ أقبل جابر على أنس بن مالك ، فقال : يا أبا حمزة ، أخبرني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فيهما بأمر ما ظننته أنّه يكون في بشر .

قال له أنس : وبماذا أخبرك يا أبا عبدالله ؟

قال علي بن الحسين : فانطلق الحسن والحسين ، ووقفت أنا اسمع محاورة القوم ، فأنشأ جابر يحدّث ، قال : بينا رسول الله ذات يوم في المسجد وقد خفّ((1))

من حوله ،إذ قال لي : يا جابر ، ادع لي حسناً وحسيناً ، وكان (صلّى الله عليه وآله) شديد الكلف بهما((2)) ، فانطلقت فدعوتهما ، وأقبلت أحمل هذا مرّة وهذا أخرى حتّى جئته بهما ، فقال لي - وأنا أعرف السرور في وجهه لما رأى من محبّتي لهما وتكريمي إيّاهما - : أتحبّهما يا جابر ؟

فقلت : وما يمنعني من ذلك فداك أبي وأُمّي ، وأنا أعرف مكانهما منك !

قال: أفلا أُخبرك عن فضلهما ؟

ص: 34


1- - خفَّ القوم : ارتحلوا مسرعين وقلُّوا وقد خفَّت زحمتهم (أقرب الموارد) .
2- - كَلِف به : أحبَّه شديداً وأولع به ولهج ، يقال : « هو كَلِف بأقاربه » شديد الحبّ لهم (أقرب الموارد) .

قلت : بلى ، بأبي أنت وأُمي .

قال : إنّ الله (تعالى) لمّا أحبّ أن يخلقني ، خلقني نطفة بيضاء طيّبة ، فأودعها صُلب أبي آدم ، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رَحم طاهر ، إلى نوح وابراهيم ، ثمّ كذلك إلى عبد المطلب ، فلم يُصبني من دَنَس الجاهلية ، ثمّ افترقت تلك النطفة شطرين : إلى عبدالله وأبي طالب ، فولدني أبي فختم الله بي النبوّة ، ووُلد علي فخُتمت به الوصية ، ثمّ اجتمعت النطفتان منّي ومن علي ، فولدنا الجهر والجهير ، الحسنين ، فختم الله بهما أسباط النبوّة ، وجعل ذريتي منهما ، والذي يفتح مدينة - أو قال : مدائن - الكفر ، فمن ذريّة هذا - وأشار إلى الحسين - رجل يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، فهما طاهران مطهّران ، وهما سيّدا شباب أهل الجنّة ، طوبى لمن أحبّهما وأباهما وأُمّهما ، وويل لِمَن حاربهم وأبغضهم((1)) .

باب (24) لا كفو لفاطمة الاّ علي

مناقب آل أبي طالب : المفضّل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لولا أنّ الله تعالى خلق أمير المؤمنين لم يكن لفاطمة كفؤ في وجه الأرض

ص: 35


1- - أمالي الطوسي : ص499 ح1095 . منه تفسير البرهان : ج7 ص182 .

آدم فمن دونه((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (الَّذي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّام) (59) .تقدّمت الأحاديث المرتبطة بالآية في تفسير سورة الأعراف 7 : 54 .

* * * * *

قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) (62) .

باب (25) وجوب قضاء الصلاة الفائتة

التهذيب : محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن اسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن منصور بن يونس ، عن عنبسة العابد قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) ؟

قال : قضاء صلاة الليل بالنهار ، وقضاء صلاة النهار بالليل((2)) .

ص: 36


1- - مناقب آل أبي طالب : ج2 ص181 . منه تفسير البرهان : ج7 ص185 .
2- - التهذيب : ج2ص275 ح1093 .

من لا يحضره الفقيه : قال الصادق (عليه السّلام) : كلّما فاتك بالليل فاقضه بالنّهار قال الله (تبارك وتعالى) : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) يعني أن يقضي الرّجل ما فاته بالليل بالنّهار وما فاته بالنهار بالليل((1)) .

باب (26) استحباب قضاء صلاة الليل

تفسير القمّي : حدثني أبي ، عن صالح بن عقبة ، عن جميل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال له رجل : جعلت فداك يا بن رسول الله ربّما فاتتني صلاة الليل ، الشهر والشهرين والثلاثة ، فاقضيها بالنهار أيجوز ذلك ؟

قال : قرّة عين لك ، والله قرّة عين لك - ثلاثاً - إنّ الله يقول : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً) الآية ، فهو قضاء صلاة النهار بالليل ، وقضاء صلاة الليل بالنهار ، وهو من سِرّ آل محمد المكنون((2)) .مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً) أي يخلف كلّ واحد منهما صاحبه فيما يحتاج أن يعمل فيه فمن

ص: 37


1- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص496 ح1425 .
2- - تفسير القمّي : ج2 ص116 . منه تفسير البرهان: ج7 ص188 .

فاته عمل الليل استدركه بالنهار ، ومن فاته عمل النهار استدركه بالليل ، وهو قوله : (لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ) روى ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الاَْرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً)(63 و64) .

باب (27) من صفات عباد الله الصالحين

مجمع البيان : في قوله تعالى : (يَمْشُونَ عَلَى الاَْرْضِ هَوْناً) قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : هو الرجل يمشي بسجيَّته التي جُبِل عليها ، لا يتكلّف ولا يتبختر((2)) .

باب (28) عباد الرَّحمن هم الأوصياء

تفسير فرات الكوفي : قال : حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد

ص: 38


1- - مجمع البيان : ج4 ص178 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص179 . منه تفسير البرهان : ج7 ص189 .

معنعناً ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قوله تعالى : (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الاَْرْضِ هَوْناً) إلى قوله : (حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً) .

قال : هم الأوصياء (يَمْشُونَ عَلَى الاَْرْضِ هَوْناً) فإذا قام القائم عرفوا كلّ ناصب عليه ، فإن أقرّ بالإسلام وهو الولاية وإلاّ ضربت عنقه أو أقرّ بالجزية فأداها كما يؤدّي أهل الذمّة((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) (67) .

باب (29) استحباب الوَسَط بين الانفاق والإِقتار

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن جميل بن صالح ، عن عبد الملك بن عمرو الأحول قال : تلا أبو عبدالله (عليه السّلام) هذه الآية (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) قال : فأخذ قبضة من حصى ، وقبضها بيده فقال : هذا الاقتار الذي ذكره الله في كتابه ، ثمّ قبض قبضة اُخرى فأرخى كفّه كلّها ، ثمّ قال : هذا الاسراف ، ثمّ أخذ قبضة

ص: 39


1- - تفسير فرات الكوفي : ص292 ح395 . منه بحار الأنوار : ج52 ص373 .

اُخرى ، فأرخى بعضها وأمسك بعضها وقال : هذا القوام((1)) .

تفسير العياشي : عن عبد الرحمن قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قوله تعالى : (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ)((2)) قال : (الَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) ؟

قال : نزلت هذه بعد هذه ، هي الوسط((3)) .

باب (30) أَربعة لا تستجاب دعوتهم

الكافي : أبو عليّ الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن ابن فضّال ، عن عبدالله بن ابراهيم ، عن جعفر بن ابراهيم، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أربعة لا تستجاب لهم دعوة : رجلٌ جالس في بيته يقول : اللهم ارزقني ، فيقال له : ألم آمرك بالطلب .

ورجل كانت له امرأة فدعا عليها ، فيقال له : ألم أجعل أمرها إليك .

ورجل كان له مال فأفسده فيقول : اللهم ارزقني ، فيقال له : ألم آمرك بالاقتصاد ، ألم آمرك بالاصلاح ، ثمّ قال : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) .

ورجل كان له مال فأدانه بغير بيّنة ، فيقال له : ألم آمرك بالشهادة((4)) .مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) .

ص: 40


1- - الكافي : ج4 ص54 ح1 .
2- - البقرة 2 : 219 .
3- - تفسير العياشي : ج1 ص219 ح419 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج7 ص191 .
4- - الكافي : ج2 ص511 ح2 .

قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : القوام هو الوسط .

وقال (عليه السّلام) : أربعة لا يستجاب لهم دعوة : رجل فاتح فاه جالس في بيته فيقول : يا ربّ ارزقني .

فيقول له : ألم آمرك بالطلب ؟

ورجل كانت له امرأة يدعو عليها يقول : يا ربّ أرحني منها .

فيقول : ألم أجعل أمرها بيدك ؟

ورجل كان له مال فأفسده فيقول : يا ربّ ارزقني .

فيقول : ألم آمرك بالاقتصاد ؟

ورجل كان له مال فأدانه بغير بيّنة .

فيقول : ألم آمرك بالشهادة((1)) ؟

باب (31) ما هو حدُّ الإِسراف ؟

الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن

ص: 41


1- - مجمع البيان : ج4 ص179 .

اسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن سليمان بن صالح قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أدنى ما يجيىء من حدّ الإسراف ؟

فقال : إبذالك ثوبَ صَونك ، وإهراقك فضل إنائك ، وأكلك التمر ورميك النوى هاهنا وهاهنا((1)) .

أقول : الأمور المذكورة - في هذا الحديث الشريف - مكروهة ومذمومة وينبغي اجتنابها ، وهي من الأسراف المكروه الذي وَرد النهي عنه .

* * * * *

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِمُهَاناً * إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَات وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً * وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (68 - 74) .

ص: 42


1- - الكافي : ج4 ص56 ح10 .

باب (32) من صفات الأَئمة وشيعتهم

المحاسن : البرقي ، عن ابن فضّال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، عن سليمان بن خالد قال : كنت في محمل اقرأ ، إذ ناداني أبو عبدالله (عليه السّلام) : اقرأ يا سليمان وأنا في هذه الآيات التي في آخر تبارك (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ) فقال : هذه فينا ، أما والله لقد وَعَظَنا وهو يعلم أنّا لا نزني ، اقرأ يا سليمان ، فقرأتُ حتّى انتهيت إلى قوله : (إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَات) قال : قف ، هذه فيكم انّه يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتّى يوقف بين يدي الله (عزّوجلّ) ، فيكون هو الذي يلي حسابه فيوقفه على سيّئاته شيئاً فشيئاً ، فيقول : عملت كذا وكذا في يوم كذا في ساعة كذا .

فيقول : أعرف يا ربّ ، قال : حتّى يوقفه على سيّئاته كلّها ، كلّ ذلك يقول : أعرف ، فيقول : سترتها عليك في الدُّنيا ، وأغفرها لك اليوم ، أبدلوها لعبدي حسنات .

قال : فتُرفع صحيفته للنّاس ، فيقولون : سبحان الله أما كانت لهذا العبد ولا سيئة واحدة ؟!! فهو قول الله (عزّوجلّ) : (فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ

ص: 43

سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَات) .

قال : ثمّ قرأتُ حتّى انتهيت إلى قوله : (وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) فقال : هذه فينا ، ثمّ قرأت (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً) فقال : هذه فيكم إذا ذَكرتم فضلَنا لم تشكّوا ، ثمّ قرأتُ (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن) إلى آخر السورة .فقال : هذه فينا((1)) .

باب (33) المغفرة لشيعة أميرالمؤمنين

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : إنّ الله مثّل لي اُمّتي في الطين ، وعلّمني أسمائهم كما علّم آدم الأسماء كلّها ، فمرّ بي أصحاب الرّايات ، فاستغفرت لعليّ وشيعته ، إنّ ربّي وعدني في شيعة عليّ خصلة .

قيل : يا رسول الله ، وما هي ؟

ص: 44


1- - المحاسن : ج1 ص273 ح533 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج7 ص192 .

قال : المغفرة لمن آمن منهم ، وأن لا يغادر((1)) منهم صغيرة ولا كبيرة ، ولهم تبدّل السيئات حسنات((2)) .

بصائر الدرجات : أحمد بن محمد ويعقوب بن يزيد ، عن الحسن ابن علي بن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((3)) .

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : بالأسانيد الثلاثة((4))

عن الرضا ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إذا كان يوم القيامة تجلّى الله (عزّوجلّ) لعبده المؤمن فيوقفه على ذنوبه ذنباً ذنباً ثمّ يغفر الله له ، لا يطلع الله على ذلك ملكاً مقرّباً ولا نبيّاً مرسلاًويستر عليه ما يكره أن يقف عليه أحد ثمّ يقول لسيّئاته : كوني

حسنات((5)) .

ص: 45


1- - في الوافي : وإن كان لا يغادر . والمغادرة : الترك (لسان العرب) . والمعنى إنّ الله يغفر للشيعة سيئاتهم الصغيرة منها والكبيرة وتُبدَّل حسنات وذلك كرامة لرسول الله وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وآلهما) .
2- - الكافي : ج1 ص443 ح15 .
3- - بصائر الدرجات : ص103 ح1 .
4- - المذكورة في عيون أخبار الرضا : ج2 ص24 ح4 .
5- - عيون أخبار الرضا : ج2 ص33 ح57 .

باب (34) أَقلُّ ما يكسبه زائر الامام الحسين

كامل الزيارات : حدّثني أبو العبّاس محمّد بن جعفر ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن منيع ، عن صفوان بن يحيى ، عن صفوان ابن مهران الجمّال ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أهوَن ما يكسب زائر الحسين في كلّ حسنة ألف ألف حسنة ، والسيئة واحدة ، وأين الواحدة من ألف ألف ؟!

ثمّ قال : يا صفوان ، أبشر فانّ لله ملائكة معها قضبان من نور ، فاذا أراد الحفظة أن تكتب على زائر الحسين سيّئة ، قالت الملائكة للحفظة : كفّي فتَكُفَّ ، فإذا عمل حسنة قالت لها : اكتبي ، أُولئك الذين يبدّل الله سيّئاتهم حسنات((1)) .

باب (35) حُبُّ أهل البيت يُكفِّر الذنوب ويُضاعف الحسنات

أمالي الطوسي : أخبرنا محمد بن محمد قال : أخبرني أبو الحسن علي بن الحسين البصري البزّاز قال : حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن مهدي ، عن أبيه ، عن الرضا علي بن موسى ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن آبائه

ص: 46


1- - كامل الزيارات : ص545 ح6 . منه تفسير البرهان : ج7 ص196 .

(عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : حبّنا أهل البيت يُكفّر الذُنوب ، ويضاعف الحسنات ، وإنّ الله (تعالى) ليتحمل عن محبّينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد ، إلاّ ما كان منهم فيها على إصرار((1)) وظلم للمؤمنين ، فيقول للسيّئات : كُوني حسنات((2)) .

باب (36) المؤمن لا يستمع الى الغناء

الكافي : علي بن ابراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، وأبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ) .

ص: 47


1- - في نورالثقلين : على اضرار .
2- - أمالي الطوسي : ص164 ح274 . منه تفسير البرهان : ج7 ص196 . ونور الثقلين : ج4 ص34 .

قال : هو الغناء((1)) .

الكافي : أبو علي الاشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي الصباح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال في قوله (عزّوجلّ) : (وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ) .

قال : الغناء((2)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ) قيل : هو الغناء ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((3)) .

تفسير البرهان : ومثله رواه الشيباني عنهما (عليهما السّلام) في (نهج البيان)((4)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن سعيد بن جناح ، عن حمّاد ، عن أبي أيوب الخزّاز قال : نزلنا المدينة ، فأتينا أبا عبدالله (عليه السّلام) فقال لنا : أين نزلتم ؟

فقلنا : على فلان صاحب القيان((5)) .

فقال : كونوا كِراماً . فوالله ما علمنا ما أراد به ، وظنّنا أنّه يقول : تفضّلوا عليه ، فعدنا إليه فقلنا : إنّا لا ندري ما أَردت بقولك : كونوا كراماً ؟فقال : أما سمعتم قول الله (عزّوجلّ) في كتابه : (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) ؟((6)) .

ص: 48


1- - الكافي : ج6 ص433 ح13 .
2- - الكافي : ج6 ص431 ح6 .
3- - مجمع البيان : ج4 ص181 .
4- - تفسير البرهان : ج7 ص199 ضمن حديث 4 .
5- - القيان : جمع القينات ، وهنّ الاماء المغنِّيات (مجمع البحرين) .
6- - الكافي : ج6 ص432 ح9 .

باب (37) البصيرة في الدِّين

الكافي : علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن محمد بن زياد ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً) ؟

قال : مستَبصِرين ، ليسوا بشكّاك((1)) .

باب (38) أهل البيت أئمَّة المتّقين

تفسير القمي : حدثنا محمد بن أحمد قال : حدثنا الحسن بن محمد ، عن حمّاد ، عن أبان بن تغلب قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) ؟

قال : نحن هم أهل البيت((2)) .

تفسير فرات الكوفي : قال : حدثنا فرات بن ابراهيم الكوفي ، عن

ص: 49


1- - الكافي : ج8 ص178 ح199 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص117 . منه تفسير البرهان : ج7 ص200 .

أبان بن تغلب قال : سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) ... وذكر مثله((1)) .

تأويل الآيات الظاهرة : محمد بن جمهور ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) .

قال : لقد سألت ربّك عظيماً ، إنّما هي واجعل لنا من المتّقين إماماً ، وإيّانا عنى بذلك((2)) .أقول : هذا بناءاً على تأويل الآية بهم (عليهم السلام) فإنّهم الفرد الأكمل والأعلى لإمامة المتقين .

بحار الأنوار : في قوله : (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) في الجوامع عن الصادق (عليه السّلام) إيّانا عنى((3)) .

تفسير القمي : قُرأ عند أبي عبدالله (عليه السّلام) (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) فقال : قد سألوا الله عظيماً ، أن يجعَلهم للمتقين أئمّة !

فقيل له : كيف هذا ، يا بنَ رسول الله ؟

قال : إنّما أَنزل الله : والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذريّاتنا

ص: 50


1- - تفسير فرات الكوفي : ص294 ح398 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص384 ح26 . منه تفسير البرهان : ج7 ص201 .
3- - بحار الأنوار : ج69 ص262 .

قرَّة أعين واجعل لنا من المتّقين إماماً((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ مَا يَعْبَؤُاْ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً) (77) .

باب (39) الدنيا عَناء وفَناء

أمالي الطوسي : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا عبدالله بن أبي داود السجستاني ، قال : حدثنا ابراهيم بن الحسن المقسمي الطرسوسي قال : حدثنا بشر بن زاذان ، عن عمر بن صبيح ، عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام) ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) أنّه قال : إنّما الدُّنيا عَناء وفَناء ، وعِبَر وغِيَر .

فمن فَنائها : أنّ الدهر موتر قوسه ، مفوّق نبله ، يصيب الحيَّ بالموت والصحيحَ بالسُّقم .

ومن عَنائها : أنّ المرء يجمع ما لا يأكل ، ويبني ما لا يسكن .ومن عِبَرها : أنّك ترى المغبوط مَرحوماً((2)) ، ليس بينهما إلاّ نعيم زال ،

ص: 51


1- - تفسير القمي : ج2 ص117 . منه تفسير البرهان : ج7 ص200 .
2- - وزاد في تفسير البرهان : والمرحوم مغبوطاً .

أو بؤس نزل .

ومن غِيَرها : انّ المرء يشرف عليه أمله فيختطفه دونه أجله .

قال : وقال (علي) (عليه السّلام) : أربع للمرء لا عليه : الايمان والشكر ، فانّ الله تعالى يقول : (مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ)((1)) والاستغفار ، فإنّه قال : (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)((2)) والدعاء ، فانّه قال : (قُلْ مَا يَعْبَؤُاْ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ)((3)) .

ص: 52


1- - النساء 4 : 147 .
2- - الأنفال 8 : 33 .
3- - أمالي الطوسي : ص493 ح1081 . منه تفسير البرهان : ج7 ص202 .

سورة الشعراء

باب (1) ثواب قراءة سورة الشعراء في ليلة الجمعة

ثواب الأعمال : حدثني محمد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدثني محمد بن يحيى قال : حدثني محمد بن أحمد ، عن محمد بن حسّان ، عن اسماعيل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قرأ الطواسين الثلاثة((1)) في ليلة الجمعة كان من أولياء الله وفي جوار الله وكنفه ، ولم يُصبه في الدُّنيا بؤس أبداً ، واُعطي في الآخرة من الجنّة حتّى يرضى وفوق رضاه ، وزوّجه الله مائة زوجة من الحور العين((2)) .

أقول : الطواسين والطواسيم كلاهما تطلقان على سورة الشعراء والنمل والقصص ، وقد جاءت كلمة « طسم » في سورتين و « طس » في

ص: 53


1- - يقال : قرأت طواسين ، أي السورة المفتتحة بطاء وسين . والطواسيم : السور المفتتحة بطاء وسين وميم (أقرب الموارد) .
2- - ثواب الأعمال : ص136 . منه تفسير البرهان : ج7 ص207 .

سورة واحدة .

وقال ابن منظور في (لسان العرب) : الطواسيم والطواسين : سور في القرآن جُمعت على غير قياس ، والصواب أن تُجمع بذوات وتضاف إلى واحد فيقال : ذوات طسم ، وذوات حم .

مجمع البيان : روى أبو بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قرأ الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة كان من أولياء الله وفي جواره وكنفه ، وأسكنه الله في جنة عدن وسط الجنّة مع النبيين والمرسلين والوصيين الراشدين ، ولم يصبه في الدنيابؤس أبداً ، واُعطي في الآخرة من الأجر الجنّة حتّى يرضى وفوق رضاه ، وزوّجه الله مائة حوراء من الحور العين((1)) .

باب (2) فائدة كتابة سورة الشعراء

تفسير البرهان : من كتاب (خواصّ القرآن) عن الصادق (عليه السّلام) : من كتبها وعلّقها على ديك أبيض أَفرق((2)) وأطلقه ، فإنّه يمشي ويقف مَوضعاً ، فحيث ما وقف فإنّه يحفر موضِعَه فيه يلقى كنزاً ، أو

ص: 54


1- - مجمع البيان : ج4 ص183 .
2- - ديك أفرق : ذو عُرفَين للذي عُرفُه مفروق ، وذلك لانفراج ما بينهما (لسان العرب) .

سحراً مدفوناً ، وإذا عُلّقت على مطلّقة ، يصعب عليها الطلاق ، وربّما خيف فليتّق فاعله ، فإذا رش ماؤها في مَوضع ، خربَ ذلك الموضع بإذن الله تعالى((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) (1 - 4) .

باب (3) النداء من السماء باسم الإمام المهدي

غيبة النعماني : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال : حدثنا علي ابن الحسن ، عن أبيه ، عن أحمد بن عمر الحلبي ، عن الحسين بن موسى ، عن فضيل بن محمد مولى محمد بن راشد البجلي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه قال : اما انّ النداء من السماء باسم القائم في كتاب الله لبيّن .

فقلت : فأين هو أصلحك الله ؟فقال : في (طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) قوله : (إِن نَّشَأْ

ص: 55


1- - تفسير البرهان : ج7 ص208 ح4 .

نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) قال : إذا سمعوا الصوت ، أصبحوا وكأنّما على رؤوسهم الطير((1)) .

باب (4) خمس علامات قبل ظهور الامام المهدي

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن عمر بن حنظلة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : خمس علامات قبل قيام القائم (عليه السّلام) : الصيحة ، والسفياني ، والخسف ، وقتل النّفس الزكية ، واليماني .

فقلت : جعلت فداك ان خرج أحد من أهل بيتك قبلَ هذه العلامات ، أنخرج معه ؟

قال : لا ، فلمّا كان من الغد تلوت هذه الآية : (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) .

فقلت له : أهي الصّيحة ؟

فقال : أما لو كانت ، خضعت أعناق أعداء الله (عزّوجلّ)((2)) .

ص: 56


1- - غيبة النعماني : ص263 ح23 . منه تفسير البرهان : ج7 ص213 .
2- - الكافي : ج8 ص310 ح483 .

باب (5) الصيحة السماويَّة

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : تخضع رقابهم - يعني بني اُميّة - وهي الصّيحة من السماء باسم صاحب الأمر((1)) .

غيبة النعماني : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال : حدثنا علي ابن الحسن التيملي قال : حدثنا عمرو بن عثمان ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن سنان قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فسمعت رجلاً من همدان يقول له : إنّ هؤلاءالعامّة يعيِّرونا ، ويقولون لنا : إنّكم تزعمون أنّ منادياً ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر ، وكان متّكئاً ، فغضب وجلس ، ثمّ قال : لا ترووه عنّي ، وارووه عن أبي ، ولا حرج عليكم في ذلك ، أشهدُ أني قد سمعت أبي (عليه السّلام) يقول : والله إنّ ذلك في كتاب الله (عزّوجلّ) لبيّن ، حيث يقول : (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلاّ خضَع وذلّت رقبتُه لها ، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصّوت من السماء : ألا انّ الحقّ في علي بن أبي طالب وشيعته قال : فإذا كان من الغد ، صعد إبليس في الهواء ، حتّى يتوارى عن أهل

ص: 57


1- - تفسير القمي : ج2 ص118 . منه تفسير البرهان : ج7 ص211 .

الأرض ، ثمّ ينادي : ألا إنّ الحقّ في عثمان بن عفّان وشيعته ، فإنّه قُتل مظلوماً فاطلبوا بدمه .

قال : فيثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحقّ ، وهو النداء الأوّل ويرتاب يومئذ الّذين في قلوبهم مرض ، والمرض والله عداوتنا فعند ذلك يتبرؤون منّا ويتناولونا ، فيقولون : انّ المنادي الأوّل سحر من سحر أهل ] هذا [ البيت ، ثمّ تلا أبو عبدالله (عليه السّلام) قول الله (عزّوجلّ) : (وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)((1)) .

حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال : حدثنا محمد بن المفضّل بن ابراهيم ، وسعدان بن اسحاق بن سعيد ، وأحمد بن الحسين بن عبد الملك ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني جميعاً ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن سنان مثله سواء بلفظه((2)) .

غيبة النعماني : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال : حدثنا القاسم ابن محمد بن الحسين بن حازم قال : حدثنا عبيس بن هشام الناشري ، عن عبدالله بن جبلة ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السّلام) وقد سأله عمارة الهمداني فقال له : أصلحك الله انّ ناساً يعيّرونا ، ويقولون : إنّكم تزعمون أنّه سيكونصوت من السماء ،

ص: 58


1- - القمر 54 : 2 .
2- - غيبة النعماني : ص260 ح19 . منه تفسير البرهان : ج7 ص211 .

فقال له : لا تَروِ عنّي وأروه عن أبي ، كان أبي يقول : هو في كتاب الله : (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)فيؤمن أهل الأرض جميعاً للصوت الأول ، فإذا كان من الغد صَعد إبليس اللعين حتّى يتوارى من الأرض في جوّ السماء ، ثمّ ينادي : ألا انّ عثمان قُتل مظلوماً ، فاطلبوا بدمه فيرجع من أراد الله (عزّوجلّ) به سوءاً ، ويقولون : هذا سِحر الشيعة ، وحتّى يتناولونا ويقولون : هو من سِحرهم ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)((1)) .

غيبة الطوسي : أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن أبي جعفر محمد ابن سفيان البزوفريّ ، عن أحمد بن إدريس ، عن عليّ بن محمد بن قتيبة النيشابوري ، عن الفضل بن شاذان النيشابوري ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن المثنّى الحنّاط ، عن الحسن بن زياد الصيقل قال : سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السّلام) يقول : إنّ القائم لا يقوم حتّى ينادي مناد من السماء تسمع الفتاة في خدرها ، ويسمع أهل المشرق والمغرب وفيه نزلت هذه الآية (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)((2)) .

ص: 59


1- - غيبة النعماني : ص261 ح20 . منه تفسير البرهان : ج7 ص212 .
2- - غيبة الطوسي : ص110 . منه بحار الأنوار : ج52 ص285 .

باب (6) انتظار الفَرَج في ثلاث

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس قال : حدثنا صفوان بن يحيى ، عن أبي عثمان ، عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : انتظروا الفَرج في ثلاث .

قيل : وما هن ؟

قال : اختلاف اهل الشام بينهم ، والرّايات السود من خراسان ، والفزعة في شهر رمضان .فقيل له : وما الفزعة في شهر رمضان ؟

قال : أما سمعتم قول الله (عزّوجلّ) في القرآن : (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) ؟ قال : انّه تخرج الفتاة من خدْرها ، ويستيقظ النائم ، ويفزع اليقظان((1)) .

قوله تعالى : (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ * فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ * وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ * قَالَ فِرْعَوْنُ

ص: 60


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص387 ح4 . منه تفسير البرهان : ج7 ص214 .

وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلاَ تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الاَْوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَم-َجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لاََجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْء مُّبِين * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ لِلْمَلاَِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّار عَلِيم * فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْم مَّعْلُوم * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لاََجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ * فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لاَُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَف وَلاَُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا لاَ ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ

ص: 61

الْمُؤْمِنِينَ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ * فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَالَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّات وَعُيُون * وَكُنُوز وَمَقَام كَرِيم * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَا الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْق كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) (18 - 63) .

باب (7) بين النبي موسى وفرعون

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن أبان ابن عثمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا بعث الله موسى إلى فرعون أتى بابه ، فاستأذن عليه فلم يُؤذن له ، فضرب بعصاه الباب فاصطكّت الأبواب ففُتحت ، ثمّ دخل على فرعون فاخبره انّه رسول ربّ العالمين ، وسأله أن يُرسِلَ معه بني اسرائيل ، فقال له فرعون : كما حكى الله : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ) أي قتلت الرجل (وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) يعني كفرت نعمتي ، قال موسى كما حكى الله : (فَعَلْتُهَا

إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ * فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) إلى قوله : (أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ) فقال فرعون :

ص: 62

(وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ) وإنّما سأله عن كيفية الله ، فقال موسى : (رَبُّ

السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ) فقال فرعون متعجباً لأصحابه : (أَلاَ

تَسْتَمِعُونَ) أسأله عن الكيفية ، فيجيبني عن الصفات ، فقال موسى : (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الاَْوَّلِينَ) ]قال فرعون لأصحابه : اسمعوا ، قال : ربّكم وربّ آبائكم الأوّلين[((1)) ثمّ قال لموسى : (لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لاََجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) قال موسى : (أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْء مُّبِين) قال فرعون : (فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ) فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلاّ هرب ، ودخل فرعون من الرّعب ما لم يملك به نفسه ، فقال فرعون : أنشدك بالله وبالرّضاع إلاّ ما كفَفتها عنّي فكفّها ثمّ (نَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ) فلمّا أخذ موسى العصا رجعت إلى فرعون نفسه ، وهم بتصديقه فقام إليه هامان فقال له : بينما أنت اله تُعبد إذ صرت تابعاًلعبد ، ثمّ قال فرعون للملأ الذين حوله : (إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) إلى قوله : (لِمِيقَاتِ يَوْم مَّعْلُوم) وكان فرعون وهامان قد تعلّما السّحر وإنّما غلبا الناس بالسحر ، وادّعى فرعون الرّبوبيّة بالسحر ، فلمّا أصبح بعث في المدائن حاشِرين مَدائن مصر كلّها وجمعوا ألف ساحر واختاروا من الألف مائة ، ومن

ص: 63


1- - ما بين المعقوفتين من تفسير البرهان .

المائة ثمانين فقال السّحرة لفرعون : قد علمت انّه ليس في الدنيا اسحر منّا ، فان غَلبْنا موسى فما يكون لنا عندك ؟

قال (إِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) عندي اشارككم في ملكي .

قالوا : فإن غلبنا موسى وأبطل سحرنا علمنا انّ ما جاء به ليس من قِبَل السِّحر ولا من قِبَل الحيلة ، وآمنا به وصدّقناه ، فقال فرعون : ان غلبكم موسى صدّقته أنا أيضاً معكم ، ولكن أجمِعوا كيدَكم ، أي حيلتكم .

قال : وكان موعدهم يوم عيد لهم ، فلمّا ارتفع النّهار من ذلك اليوم جمع فرعون النّاس والسّحرة وكانت له قبّة طولها في السماء ثمانون ذراعاً ، وقد كان كُسيت بالحديد والفولاذ المصقول ، فكانت إذا وقعت الشمس عليها لم يقدِر أحد أن ينظر إليها ، من لمع الحديد ووهج الشّمس ، وجاء فرعون وهامان وقَعدا عليها ينظران ، وأقبل موسى ينظر إلى السماء ، فقالت السَحَرة لفرعون : إنّا نرى رجلاً ينظر إلى السماء ، ولن يبلغ سحرنا إلى السماء وضَمنت السّحرة من في الأرض فقالوا لموسى : إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون نحن الملقين (قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ) فأقبلت تضطرب وصارت مثل الحيات (وَقَالُوا

بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ) (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى)

فنودي : (لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الاَْعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ

ص: 64

تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِر وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى)((1))فألقى موسى العصا ، فذابت في الأرض مثل الرّصاص ، ثم طلع رأسها وفتحت فاها ووضعت شِدْقَها العليا على رأس قبة فرعون ثمّ دارت وأرخت شفتها السفلى والتقَمت عصي السحرة وحبالها وغُلب كلّهم وانهزم النّاس حين رأوها وعظمها وهولها ممّا لمتر العين ولا وصف الواصفون مثله ، فقتل في الهزيمة من وطي النّاس عشرة آلاف رجل وامرأة وصبيّ ودارت على قبة فرعون ، قال : فأحدَث فرِعَون وهامان في ثيابهما ، وشاب رأسُهما وغشِي عليهما من الفَزَع ومرَّ موسى في الهزيمة مع الناس ، فناداه الله : (خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الاُْولَى)((2))فرجَع موسى ولف على يده عباءاً كانت عليه ، ثمّ ادخل يده في فمها، فإذا هي عصا كما كانت وكان كما قال الله : (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ) لمّا رأوا ذلك (قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ) فغضب فرعون عند ذلك غضباً شديداً ، وقال : (آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ) يعني موسى (الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لاَُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَف وَلاَُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) فقالوا له كما حكى الله : (لاَ ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن

ص: 65


1- - طه 20 : 67 - 69 .
2- - طه 20 : 21 .

كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) .

فحبس فرعون من آمن بموسى حتّى أنزل الله عليهم الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدّم فاطلق فرعون عنهم فأوحى الله إلى موسى : (أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ) فخرج موسى ببني إسرائيل ، ليقطع بهم البحر وجمع فرعون أصحابه ، وبعث في المدائن حاشرين ، وحشر الناس ، وقدم مقدمته في ستمائة ألف ، وركب هو في ألف ألف ، وخرج كما حكى الله (عزّوجلّ) : (فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّات وَعُيُون * وَكُنُوز وَمَقَام كَرِيم * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ) فلمّا قرب موسى البحر وقرب فرعون من موسى (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) قال موسى : (كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) أي سينجيني فدنا موسى (عليه السّلام) من البحر فقال له : انفلق .

فقال البحر له : استكبرت - يا موسى - أن تقول لي : انفلق لك ، ولم أعص الله طرفة عين وقد كان فيكم المعاصي .

فقال له موسى : فاحذر أن تعصي وقد علمت أنّ آدم اخرج من الجنّة بمعصيته ، وإنّما إبليس لُعن بمعصيته .

فقال البحر : ربّي عظيم ، مطاعٌ أمره ، ولا ينبغي لشيء أن يعصيه .فقام يوشع بن نون فقال لموسى : يا رسول الله ، ما أمرك ربّك ؟

ص: 66

فقال : بعبور البحر فاقتحم يوشع فرسه في الماء ، وأوحى الله إلى موسى : (أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ) فضربه (فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْق كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) أي كالجبل العظيم ، فضرب له في البحر اثني عشر طريقاً ، فأخذ كلّ سبط منهم في طريق ، فكان الماء قد ارتفع وبقيت الأرض يابسة طلعت فيه الشمس فيبست كما حكى الله (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَى)((1)) ودخل موسى البحر وكان أصحابه اثني عشر سبطاً ، فضرب الله لهم في البحر اثني عشر طريقاً فأخذ كلّ سبط في طريق وكان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال ، فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى (عليه السّلام) في طريقه ، فقالوا : يا موسى أين أخواننا ؟

فقال لهم موسى : معكم فى البحر فلم يُصدّقوه فأمر الله البحر فصارت طاقات حتّى كان ينظر بعضهم إلى بعض ويتحدّثون .

وأقبل فرعون وجنوده فلمّا انتهى إلى البحر قال لأصحابه : ألا تعلَمون انّي ربّكم الأعلى ؟ قد فرج لي البحر فلم يجسر أحد أن يدخل البحر وامتنعت الخيل منه لهول الماء ، فتقدم فرعون حتّى جاء إلى ساحل البحر فقال له مُنجّمه : لا تدخل البحر وعارضه فلم يقبل منه ، وأقبل على فرس حصان فامتنع الحصان أن يدخل الماء فعطَف عليه جبرئيل وهو

ص: 67


1- - طه 20 : 77 .

على ماديانة فتقدّمه ودخل فنظر الفرس إلى الرمكة((1)) فطلبها ودخل البحر واقتحم أصحابه خلفه فلمّا دخلوا كلّهم حتّى كان آخر من دخل من أصحابه ، وآخر من خرج من أصحاب موسى أمر الله الرّياح فضرَبت البحر بعضه ببعض فأقبل الماء يقع عليهم مثل الجبال ، فقال فرعون عند ذلك : (آمَنتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُواْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)((2)) فأخذ جبرئيل كفّاً من حَمَأة فدسّها في فيه ثمّ قال : (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)((3)) و((4)) .

باب (8) غيبة الامام المهدي

تفسير البرهان : المفيد في كتاب (الغيبة) باسناده عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه قال : إذا قام القائم تلا هذه الآية مخاطباً للناس : (فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ)((5)) .

ص: 68


1- - الرمكة : الفرس التي تتخذ للنسل (لسان العرب) .
2- - يونس 10 : 90 .
3- - يونس 10 : 91 .
4- - تفسير القمي : ج2 ص118 . منه تفسير البرهان : ج7 ص215 .
5- - تفسير البرهان : ج7 ص222 ح7 .

كمال الدين : حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق (رضي الله عنه) قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام ، عن جعفر بن محمد بن مالك قال : حدثني الحسن بن محمد بن سماعة قال : حدثنا أحمد بن الحارث ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه أبي جعفر الباقر (عليهما السّلام) قال : إذا قام القائم قال : (فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) الآية((1)) .

باب (9) جزاء من صار مع الظالمين

كتاب الزهد : النّضر ، عن محمد بن هاشم ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ قوماً ممّن آمن بموسى قالوا : لو أتينا عسكر فرعون وكنّا فيه ونلنا من دنياه ، فإذا كان الذي نَرجوه من ظهور موسى صرنا إليه ، ففعلوا فلمّا توجه موسى ومن معه هاربين ركبوا دوابَّهم ، وأسرعوا في السير ليوافوا موسى ومن معه فيكونوا معهم ، فبعث الله ملائكة فضرَبتْ وجوه دوابَّهم فردَّتهم إلى عسكر فرعون ، فكانوا فيمن غرق مع فرعون((2)) .

ص: 69


1- - كمال الدين : ص328 ح10 .
2- - كتاب الزهد : ص65 ح172 . منه تفسير البرهان : ج7 ص220 .

باب (10) المرجئة منحرفون

تفسير العياشي : عن موسى بن بكر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أشهد أنّ المرجئة على دين الذين قالوا : (أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ)((1)) .* * * * *

قوله تعالى : (وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْق فِي الاْخِرِينَ) (84) .

باب (11) النبي ابراهيم وولاية امير المؤمنين

تفسير البرهان : من طريق المخالفين ، قوله تعالى : (وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْق فِي الاْخِرِينَ) عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال : هو علي بن أبي طالب ، عُرضت ولايته على إبراهيم فقال : اللهم اجعله من ذريَّتي ففعل الله ذلك((2)) .

باب (12) لسان الصدق خيرٌ من المال

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن

ص: 70


1- - تفسير العياشي : ج2 ص156 ح1605 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص164 .
2- - تفسير البرهان : ج7 ص223 ح3 .

عثمان بن عيسى ، عن يحيى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : ولسان الصّدق للمرء يجعله الله في النّاس خيرٌ من المال يأكله ويورّثه((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْب سَلِيم) (89) .

باب (13) ما هو القلب السليم ؟

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْب سَلِيم) ؟

قال : القلب السليم الذي يلقى ربّه وليس فيه أحد سواه .

قال : وكلّ قلب فيه شرك أو شكّ فهو ساقط وإنّما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة((2)) .الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه

ص: 71


1- - الكافي : ج2 ص154 ح19 .
2- - الكافي : ج2 ص16 ح5 .

السّلام) وهو يقول : كلّ قلب فيه شك أو شرك فهو ساقط وإنّما أرادوا بالزّهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة((1)) .

مجمع البيان : في قوله : (إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْب سَلِيم) روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : هو القلب الذي سلم من حُبِّ الدُّنيا((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ)(94) .

باب (14) من هم الغاوُون ؟

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن الحسين بن إسحاق ، عن علي بن مهزيار ، عن عبدالله بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : في قول الله (عزّوجلّ) : (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ) .

قال : يا أبا بصير هم قوم وصفوا عدلاً بألسنتهم ثمّ خالفوه إلى غيره((3)) .

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : نزلت في قوم وصَفوا

ص: 72


1- - الكافي : ج2 ص129 ح5 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص194 . منه تفسير البرهان : ج7 ص224 .
3- - الكافي : ج2 ص300 ح4 .

عدلاً ، ثمّ خالفوه إلى غيره .

وفي خبر آخر قال : هم بنو أُميّة (وَالْغَاوُونَ) هم بنو فلان((1)) .

تفسير البرهان : عن عبدالله بن بحر ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ) فقال : يا أبا بصير ، هم قوم وصَفوا عدلاً ، وعَمِلوا بخلافه((2)) .المحاسن : البرقي في رواية عثمان بن عيسى أو غيره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ) .

قال : من وصف عدلاً ثمّ خالفه إلى غيره((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (100 - 102) .

باب (15) مكانة السيدة فاطمة يوم القيامة

تفسير فرات الكوفي : قال : حدثنا سهل بن أحمد الدينوري معنعناً ،

ص: 73


1- - تفسير القمي : ج2 ص123 . منه تفسير البرهان : ج7 ص226 .
2- - تفسير البرهان : ج7 ص226 ح4 .
3- - المحاسن : ج1 ص212 ح383 الطبعة الحديثة .

عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال : قال جابر لأبي جعفر (عليه السّلام) : جعلت فداك يا بن رسول الله ، حدثني بحديث في فضل جدّتك فاطمة (عليها السّلام) إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك .

قال أبو جعفر : حدثني أبي ، عن جدّي ، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : إذا كان يوم القيامة نُصب للأنبياء والرّسل منابر من نور فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة ، ثمّ يقول الله : يا محمد اخطب ، فأخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل بمثلها ، ثمّ ينصب للأوصياء منابر من نور وينصب لوصيّي علي بن أبي طالب في أوساطهم منبر من نور فيكون منبره أعلى منابرهم ، ثمّ يقول الله : يا علي أخطب، فيخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأوصياء بمثلها ، ثمّ يُنصب لأولاد الأنبياء والمرسلين منابر من نور ، فيكون لابنيّ وسبطيّ وريحانتيّ أيام حياتي منبر من نور ، ثمّ يقال لهما : اخطبا ، فيخطبان بخطبتين لم يسمع أحد من أولاد الأنبياء والمرسلين بمثلهما .

ثمّ ينادي المنادي وهو جبرئيل : أين فاطمة بنت محمد ؟

أين خديجة بنت خويلد ؟أين مريم بنت عمران ؟

أين آسية بنت مزاحم ؟

أين أُم كلثوم أُم يحيى بن زكريا ؟

ص: 74

فيقمن ، فيقول الله (تبارك وتعالى) : يا أهل الجمع لمن الكرم اليوم ؟

فيقول محمد وعلي والحسن والحسين : لله الواحد القهار .

فيقول الله (جلّ جلاله) : يا أهل الجمع إنّي قد جعلت الكرم لمحمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة ، يا أهل الجمع طأطؤا الرؤوس وغضّوا الأبصار فانّ هذه فاطمة تسير إلى الجنّة ، فيأتيها جبرئيل بناقة من نوق الجنّة مدبّجة((1)) الجنبين ، خطامها من اللؤلؤ المحقق الرّطب ، عليها رحل من المرجان ، فتناخ بين يديها فتركبها ، فيبعث إليها مائة ألف ملك فيصيروا على يمينها ] ويبعث إليها مائة ألف ملك ليسيروا عن يسارها [((2)) ويبعث إليها مائة ألف ملك يحملونها على أجنحتهم حتّى يصيّروها عند باب الجنّة ، فإذا صارت عند باب الجنّة تلتفت ، فيقول الله : يا بنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بكِ إلى جنّتي ؟

فتقول : يا ربّ أحببت أن يُعرَف قدري في مثل هذا اليوم .

فيقول الله : يا بنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حبّ لك أو لأحد من ذرّيتك خذي بيده فأدخليه الجنّة .

قال أبو جعفر : والله يا جابر إنّها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبّيها

ص: 75


1- - دبَّج الشيء : حسَّنه وزيَّنه (أقرب الموارد) .
2- - ما بين المعقوفتين من بحار الأنوار .

كما يلتقط الطير الحبّ الجيّد من الحبّ الرديء ، فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنّة يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا ، فإذا التفتوا يقول الله : يا أحبّائي ما التفاتكم وقد شفّعت فيكم فاطمة بنت حبيبي ؟

فيقولون : يا ربّ أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم .فيقول الله : يا أحبّائي ارجعوا وانظروا من أحبّكم لحبّ فاطمة ، انظروا من أطعمكم لحبّ فاطمة ، انظروا من كساكم لحبّ فاطمة ، انظروا من سقاكم شربة في حبّ فاطمة ، انظروا من ردّ عنكم غيبة في حبّ فاطمة خذوا بيده وأدخلوه الجنّة .

قال أبو جعفر : والله لا يبقى في الناس إلاّ شاكّ أو كافر أو منافق ، فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم) فيقولون : (فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) .

قال أبو جعفر : هيهات هيهات مُنعوا ما طلبوا (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)((1)) .

باب (16) الائمة والشفاعة للشيعة

تفسير القمّي : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي

ص: 76


1- - تفسير فرات الكوفي : ص298 ح403 . منه بحار الأنوار : ج8 ص51 . والآية الأخيرة في سورة الانعام 6 : 28 .

اُسامة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) وأبي جعفر (عليه السّلام) قالا : والله لنشفعن في المذنبين من شيعتنا ، حتّى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) قال : من المهتدين ، قال : لأنّ الإيمان قد لزمهم بالإقرار((1)) .

المحاسن : البرقي ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن مفضّل أو غيره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم) .

قال : الشافعون : الأئمّة ، والصَديقُ من المؤمنين((2)) .

تأويل الآيات الظاهرة : روى البرقي ، عن ابن سيف ، عن أخيه ، عن أبيه ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن سليمان بن خالد قال : كنّا عند أبي عبدالله (عليه السّلام)فقَرأ (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم)وقال : والله لنشفعن - ثلاثاً - ولتشفعن شيعتنا - ثلاثاً - حتّى يقول عدوّنا : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم) .

] علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي اُسامة ، عن أبي عبدالله وأبي جعفر (عليهما السّلام) مثله [((3)) .

ص: 77


1- - تفسير القمي : ج2 ص123 . منه تفسير البرهان : ج7 ص230 .
2- - المحاسن : ج1 ص293 ح584 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج7 ص230 .
3- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص390 ح11 . منه تفسير البرهان : ج7 ص229 .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم) روى العياشي بالإسناد عن حمران بن أعين ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : والله لنشفعن لشيعتنا ، والله لنشفعن لشيعتنا حتّى يقول النّاس : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم) إلى قوله : (فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) .

وفي رواية اُخرى : حتّى يقول عدوّنا((1)) .

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن محمد بن الحسين الخثعمي ، عن عباد بن يعقوب ، عن عبدالله بن زيدان((2)) ، عن الحسن بن محمد بن أبي عاصم((3)) ، عن عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد (عليه السّلام) قال : نزلتْ هذه الآية فينا وفي شيعتنا ، وذلك أنّ الله سبحانه يُفضّلنا ويُفضّل شيعتنا حتّى إنّا لنشفع ويشفعون ، فإذا رأى ذلك من ليس منهم قالوا : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم)((4)) .

ص: 78


1- - مجمع البيان : ج4 ص195 . منه تفسير البرهان : ج7 ص230 .
2- - في تفسير البرهان : عبدالله بن زيد .
3- - في تفسير البرهان : عن الحسن بن محمد ، عن أبي عاصم .
4- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص389 ح9 . منه تفسير البرهان : ج7 ص229 .

تفسير فرات الكوفي : قال : حدثنا فرات بن ابراهيم الكوفي معنعناً ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : نزلت هذه الآية فينا ... وذكر مثله((1)) .تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثنا أحمد بن موسى معنعناً ، عن جعفر قال : نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا(فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم) وذلك حين باها الله بفضلنا وبفضل شيعتنا حتّى إنّا لنشفع ويشفعون .

قال : فلمّا رأى ذلك من ليس منهم قالوا : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم)((2)) .

تأويل الآيات الظاهرة : محمد بن العباس : حدثنا أحمد بن ادريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن رجل ، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم) ؟

فقال : لما يرانا هؤلاء وشيعتنا نشفع يوم القيامة يقولون : (فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) يعني بالصديق : المعرفة ، وبالحميم : القَرابة((3)) .

ص: 79


1- - تفسير فرات الكوفي : ص297 ح401 .
2- - تفسير فرات الكوفي : ص298 ح402 .
3- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص389 ح10 . منه تفسير البرهان : ج7 ص229 .

باب (17) منزلة الصديق في الآخرة

أمالي الطوسي : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن يونس القاضي الهمداني قال : حدثنا أحمد بن خليل النوفلي قال : حدثنا عثمان بن سعيد المزني قال : حدثنا الحسن بن صالح ابن حي قال : سمعت جعفر بن محمد (عليه السّلام) يقول : لقد عظمت منزلة الصديق حتّى أنّ أهل النار ليستغيثون به ، ويدعونه في النار قبل القريب والحميم ، قال الله (عزّوجلّ) مخبراً عنهم : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق حَمِيم)((1)) .

أمالي الطوسي : حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسيّ قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدثنا اسحاق بن محمد بن مروان الغزال قال : حدثنا أبي قال : حدثنا أبو حفص الاعشي قال : سمعت الحسن بنصالح بن حيّ قال : سمعت جعفر بن محمد (عليهما السّلام) يقول ... وذكر نحوه((2)) .

ص: 80


1- - أمالي الطوسي : ص517 ح1133 . منه تفسير البرهان : ج7 ص228 .
2- - أمالي الطوسي : ص609 ح1259 . منه تفسير البرهان : ج7 ص227 .

باب (18) المؤمن والشفاعة

مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) عن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : انّ المؤمن ليشفع يوم القيامة لأهل بيته ، فيشفع فيهم حتّى يبقى خادمه فيقول ويرفع سبّابتيه : يا ربّ خُويدمي كان يقيني الحرّ والبرد فيشفع فيه((1)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه (رحمه الله) ، عن حمزة بن عبدالله ، عن اسحاق بن عمّار ، عن علي الخدمي قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الجار يشفع لجاره ، والحميم لحميمه ولو أنّ الملائكة المقرّبين والأنبياء المرسلين شفعوا في ناصب ما شُفّعوا((2)) .

باب (19) التحفة الالهيَّة للمؤمن حين موته

أمالي الطوسي : أخبرني أبو عبدالله محمد بن محمد قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله) قال : حدثني محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن شريف

ص: 81


1- - مجمع البيان : ج4 ص195 . منه تفسير البرهان : ج7 ص230 . والخويدم : مصغر الخادم .
2- - المحاسن : ج1 ص294 ح587 الطبعة الحديثة .

ابن سابق ، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك ، عن أبي عبدالله جعفر ابن محمد (عليهما السّلام) ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : أوّل عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ما يقول النّاس فيه إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ ، وأوّل تحفة المؤمن أن يغفر له ولمن تبع جنازته .ثمّ قال : يا فضل لا يأتي المسجد من كلّ قبيلة إلاّ وافدها ، ومن كلّ أهل بيت إلاّ نجيبُها .

يا فضل : إنّه لا يرجع صاحب المسجد بأقلّ من إحدى ثلاث : إمّا دُعاء يدعو به يدخله الله به الجنّة ، وإمّا دعاء يدعو به فيصرف الله به عنه بلاء الدُّنيا ، وامّا أخ يستفيده في الله (عزّوجلّ) قال : ثمّ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام مثل أخ يستفيده في الله .

ثمّ قال : يا فضل لا تزهدوا في فقراء شيعتنا ، فانّ الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر .

ثمّ قال : يا فضل إنّما سُمّي المؤمن مُؤمناً لأنّه يؤمّن على الله فيجيز الله أمانه .

ثمّ قال : أما سمعت الله تعالى يقول في أعدائكم إذ رأوا شفاعة الرّجل منكم لصديقه يوم القيامة : (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيق

ص: 82

حَمِيم)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْم مَّعْلُوم)(155) .

باب (20) ممّا أوحى الله الى النبي صالح

الكافي : علي بن محمّد ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال :

ثمّ أوحى الله (تبارك وتعالى) إليه : أن يا صالح ، قل لهم : إنّ الله قد جعل لهذه الناقة ]من الماء[ شرب يوم ولكم شرب يوم ، وكانت الناقة إذا كان يوم شربها شربت الماء ذلك اليوم فيحلبونها فلا يبقى صغير ولا كبير الاّ شرب من لبنها يومهم ذلك ، فإذا كان الليل وأصبحوا غدوا إلى مائهم فشربوا منه ذلك اليوم ، ولم تشرب الناقة ذلك اليوم فمكثوا بذلك ما شاء الله ... الى آخر الحديث((2)) .

* * * * *

ص: 83


1- - أمالي الطوسي : ص46 ح57 . منه تفسير البرهان : ج7 ص228 .
2- - الكافي : ج8 ص187 ح214 .

قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَْمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) (192 - 194) .

باب (21) الولاية نزلت من السماء

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن حسان (حنان) ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَْمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) .

قال : الولاية نزلت لأمير المؤمنين (عليه السّلام) يوم الغدير((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (بِلِسَان عَرَبِيّ مُّبِين) (195) .

باب (22) القرآن العربي

الكافي : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن الحجّال ، عمّن ذكره ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (بِلِسَان عَرَبِيّ مُّبِين) ؟

ص: 84


1- - تفسير القمي : ج2 ص124 . منه تفسير البرهان : ج7 ص234 .

قال : يُبيّن الألسن ولا تبيّنه الألسن((1)) .

أقول : قال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (المراد أنّ القرآن لا يحتاج إلى الاستشهاد بأشعار العرب وكلامهم ، بل الأمر بالعكس لأنّ القرآن أفصح الكلام) .

باب (23) الوحي الالهي بالعربيَّة

علل الشرايع : حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال : حدثنا أبو العبّاس أحمد بن اسحاق الماذراني قال : حدثنا أبو قلابة عبدالملك بن محمد قال : حدثنا غانم بن الحسن السعدي قال : حدثنا مسلم بن خالد المكّي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : ما أنزل الله تعالى كتاباً ولا وحياً إلاّ بالعربيّةفكان يقع في مسامع الأنبياء بألسنة قومهم وكان يقع في مسامع نبيّنا بالعربيّة فإذا كلّم به قومه كلّمهم بالعربيّة فيقع في مسامعهم بلسانهم وكان أحد لا يخاطب رسول الله بأي لسان خاطبه إلاّ وقع في مسامعه بالعربيّة كلّ ذلك يترجم جبرئيل عنه تشريفاً من الله (عزّوجلّ) له((2)) .

* * * * *

ص: 85


1- - الكافي : ج2 ص632 ح20 .
2- - علل الشرايع : ص126 ح8 . منه بحار الأنوار : ج16 ص134 .

قوله تعالى : (وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الاَْعْجَمِينَ * فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) (198 و199) .

باب (24) الحكمة في نزول القرآن على العرب

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : لو أُنزل القرآن على العجم ما آمنت به العرب ، وقد نزل على العرب فآمنت به العجم فهذه فضيلة العجم((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) (205 - 207) .

باب (25) الرؤيا المحزنة للرسول

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن محمد بن الوليد ، ومحمد بن أحمد ، عن يونس بن يعقوب ، عن علي بن عيسى القمّاط ، عن عمّه ، عن أبي عبدالله (عليه

ص: 86


1- - تفسير القمي : ج2 ص124 . منه تفسير البرهان : ج7 ص236 .

السّلام) قال : رأى((1)) رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في منامه بني اُميّة ] لعنهم الله [ يصعدون ] على [ منبره من بعدهويُضِلّون الناس عن الصّراط القهقرى((2)) ، فأصبح كئيباً حزيناً ، قال : فهبط عليه جبرئيل فقال : يا رسول الله مالي أراك كئيباً حزيناً ؟

قال((3)) : ياجبرئيل إنّي رأيت بني اُميّة في ليلتي هذه ، يصعَدون منبري من بعدي ويُضلّون الناس عن الصِّراط القهقرى .

فقال : والّذي بعثك بالحقّ ] نبيّاً [ إنّ هذا شيء ما اطَّلعتُ عليه ، فعرج((4)) إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يونسه بها ، قال : (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) وأنزل ] الله [ عليه : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر)((5)) ] و [ جعل الله (عزّوجلّ) ليلة القدر لنبيّه (صلّى الله عليه وآله) خيراً من ألف شهر ، ملك

ص: 87


1- - في التهذيب : اُري .
2- - القهقرى : المشي الى خلف من غير التفات بالوجه ، أي يرجعون الناس الى خلف بسبب إضلالهم (مجمع البحرين) .
3- - في التهذيب : فقال .
4- - في التهذيب : ثمَّ عرج .
5- - القدر 97 : 1 - 3 .

بني اُميّة ] لعنهم الله [((1)) .

التهذيب : محمد بن يعقوب ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن محمد بن الوليد ، عن محسن بن أحمد ، عن يونس بن يعقوب((2)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عبدالحميد ، عن يونس ، عن علي بن عيسى القمّاط ، عن عمّه قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : هبط جبرئيل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ورسول الله كئيب حزين ، فقال : يا رسول الله ، مالي أراك كئيباً حزيناً ؟

فقال : إنّي رأيت الليلة رؤيا .

قال : وما الذي رأيت ؟قال : رأيت بني أمية يصعدون المنابر وينزلون منها ! قال : والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ما علمت بشيء من هذا ، وصعد جبرئيل إلى السماء ، ثمّ أهبطه الله (جلّ ذكره) بآي من القرآن يُعَزّيه بها ، قوله : (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) وأنزل الله (عزّ ذكره :) (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ

ص: 88


1- - الكافي : ج4 ص159 ح10 .
2- - التهذيب : ج3 ص59 ح202 .

مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) للقوم فجعل الله (عزّوجلّ) ليلة القدر لرسوله خيراً من ألف شهر((1)) .

باب (26) خروج القائم المهدي

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي عثمان ، عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) .

قال : خروج القائم (مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) قال : هم بنو أُمية الذين متِّعوا في دنياهم((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ) (214) .

باب (27) آية الانذار في قراءة ابن مسعود

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ) في

ص: 89


1- - الكافي : ج8 ص222 ح280 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص392 ح18 . منه تفسير البرهان : ج7 ص237 .

قراءة عبدالله بن مسعود : « وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين » وروي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .تفسير فرات الكوفي : قال : حدثني الحسين بن سعيد معنعناً ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : قال النبي (صلّى الله عليه وآله) : لمّا نزلت عليّ « وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك المخلصين » فقال أبو جعفر : هذه قراءة عبدالله((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (219) .

باب (28) ايمان آباء النبي وأجداده

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) قيل : معناه وتقلُّبك في أصلاب الموحّدين من نبي إلى نبي ، حتّى أخرجك نبيّاً ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((3)) .

ص: 90


1- - مجمع البيان : ج4 ص206 . منه تفسير البرهان : ج7 ص244 .
2- - تفسير فرات الكوفي : ص302 ح407 .
3- - مجمع البيان : ج4 ص207 . منه تفسير البرهان : ج7 ص249 .

باب (29) نور أبي طالب يزهر يوم القيامة

أمالي الطوسي : أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال : أخبرنا أبو محمد قال : حدثنا محمد بن همام قال : حدثنا علي بن الحسين الهمداني قال : حدثني محمد بن خالد البرقي قال : حدثنا محمد بن سنان ، عن المفضّل ابن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن آبائه (عليهم السّلام) ، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال : كان ذات يوم ] من الأيام [ جالساً بالرحبة والنّاس حوله مجتمعون ، فقام إليه رجل فقال ] له [ : يا أمير المؤمنين ، إنّك بالمكان الذي أنزلك الله به ، وأبوك يُعذّب بالنار ؟!

فقال ] له [ : مه فضّ الله فاك ، والذي بعث محمّداً (صلّى الله عليه وآله) بالحقّ نبيّاً ، لو شفع أبي في كلّ مُذنب على وجه الأرض لشفّعه الله تعالى فيهم ، أبي يعذب بالنّار وابنه قسيم النّار !

ثمّ قال : والذي بعث محمّداً (صلّى الله عليه وآله) بالحقّ نبيّاً إنّ نور أبي طالب يوم القيامة ليُطفى أنوار الخلق إلاّ خمسة أنوار : نور محمّد (صلّى الله عليه وآله)ونوري ونور فاطمة ونوري الحسن والحسين ومن ولده من الأئمّة ، لأنّ نورَه من نورنا الذي خلقَه الله (عزّوجلّ) من قبل خلق آدم بألفي عام((1)) .

* * * * *

ص: 91


1- - أمالي الطوسي : ص305 ح612 . منه تفسير البرهان : ج7 ص247 .

قوله تعالى : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاك أَثِيم) (221 و222) .

باب (30) نزول الشياطين على سبعة من الضالّين

الخصال : أبي ، ومحمد بن الحسن (رضي الله عنه) قالا : حدثنا محمد بن يحيى العطّار ، وأحمد بن إدريس جميعاً ، عن محمد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الأشعري ، عن يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن داود بن أبي يزيد ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاك أَثِيم) .

قال : هم سبعة : المغيرة ، وبنان وصايد ، وحمزة بن عمارة البربري ، والحارث الشامي ، وعبدالله بن الحارث ، وأبو الخطّاب((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) (224) .

باب (31) الشعراء والغاوون

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) روى

ص: 92


1- - الخصال : ص402 ح111 . منه تفسير البرهان : ج7 ص250 .

العياشي بالاسناد عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : هم قومٌ تعلّموا وتفقّهوا بغير علم فَضلّوا وأضلّوا((1)) .

تأويل الآيات الظاهرة : روى محمد بن جمهور باسناده يرفعه إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) .فقال : من رأيتم من الشعراء يُتَّبع ؟ إنّما عنى هؤلاء الفقهاء الذين يُشعِرون قلوب الناس بالباطل ، فهم الشُّعراء الذين يُتَّبعون((2)) .

أقول : الحالة الغالبة عند الشعراء أنّهم ينظمون القصائد في الباطل من اللّهو والغَزَل ومدح الملوك والطغاة وهجاء الأبرياء والأولياء وغير ذلك .

وهناك طائفة من الناس يعيشون حالة اللاّهدفيَّة في الحياة ، فتراهم يردِّدون قصائد هؤلاء الشعراء وينشرون أباطيلهم في النوادي والمحافل والمجامع وغيرها .

والقليل من الشعراء هم الذين يحملون رسالة مقدَّسة ويتّخذون من الشِّعر وسيلة للتقرُّب إلى الله تعالى من خلال نظم القصائد في مدح أولياء الله الصالحين والمواعظ والتشجيع على الفضائل والزهد في الدنيا

ص: 93


1- - مجمع البيان : ج4 ص208 . منه تفسير البرهان : ج7 ص251 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص399 ح28 . منه تفسير البرهان : ج7 ص251 .

والتحذير من الرذائل والمنكرات وغيرها .

والآية الكريمة - بظاهرها - تقصد الطائفة الأولى من الناس .

إلاّ أنّ هناك معنى أدقّ من الظاهر ، وهو الذي ذكره الإمام الصادق (عليه السّلام) بقوله : « إنّما عنى هؤلاء الفقهاء ... » .

فهناك الفقهاء المنحرفون الذين يتقرَّبون إلى الشيطان الرجيم من خلال نشر الأفكار المنحرفة والفتاوى الباطلة والحكم بغير ما أنزل الله تعالى ... فتراهم يُحرّمون الحلال ويُحلّلون الحرام ويتصرّفون في الدين حسَب أهوائهم الشخصيَّة وما تمليه عليهم السُلطات والطغاة .. ويقولون للناس بأنّ هذا هو حكم الله ، وبهذا يُشعرون قلوب الناس بالباطل .

وترى الجاهلين يتَّبعونهم ويأخذون بفتاواهم المنحرفة وآرائهم الضالّة ، وهم يحسبون أنّهم يُحسنون صُنعاً .

* * * * *

قوله تعالى : (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُونَ) (227) .

باب (32) التأكيد على الولاية والتحذير من المخالفة

كمال الدين : حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) قال : حدثنا علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن

ص: 94

خالد ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من أحبّ أن يتمسّك بديني ، ويركب سفينة النجاة بعدي ، فليقتد بعلي بن أبي طالب وليعاد عدوه وليوال وليّه ، فإنّه وصيِّي وخليفتي على اُمّتي في حياتي وبعد وفاتي، وهو إمام كلّ مسلم وأمير كلّ مؤمن بعدي ، قوله قولي ، وأمره أمري ، ونهيه نهيي ، وتابعه تابعي ، وناصره ناصري ، وخاذله خاذلي .

ثمّ قال (صلّى الله عليه وآله) : من فارق عليّاً بعدي لم يَرَني ولم أره يوم القيامة ، ومَن خالف عليّاً حرّم الله عليه الجنّة ، وجعل مأواه النار ] وبئس المصير [ ومن خذل عليّاً خذله الله يوم يُعرَض عليه ، ومَن نصر عليّاً نصره الله يوم يلقاه ، ولقّنه حجَّته عند المساءلة .

ثمّ قال (عليه السّلام) : الحسن والحسين إماما اُمّتي بعد أبيهما ، وسيّدا شباب أهل الجنّة ، واُمّهما سيّدة نساء العالمين ، وأبوهُما سيّد الوصيين ومن ولد الحسين تسعة أئمّة ، تاسعهم القائم من ولدي ، طاعتهم طاعتي ، ومعصيتهم معصيتي ، إلى الله أشكو المنكِرين لفضلهم ، والمضَيّعين لحرمتهم بعدي ، وكفى بالله وليّاً وناصراً لعترتي وأئمّة اُمّتي ، ومنتقماً من الجاحدين لحقّهم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُونَ)((1)) .

ص: 95


1- - كمال الدين : ص260 ح6 . منه تفسير البرهان : ج7 ص252 .

سورة النمل

باب (1) فائدة كتابة سورة النمل

تفسير البرهان : من كتاب (خواص القرآن) - عن الصادق (عليه السّلام) من كتبها ليلة في رقّ غزال وجعلها في رق مدبوغ لم يقطع منه شيء وجعَلها في صندوق ، لم يقرب ذلك البيت حيّة ولا عقرب ولا بعوض ولا شيء يؤذيه بإذن الله تعالى((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوء فِي تِسْعِ آيَات إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ) (12) .

باب (2) اليد البيضاء من غير سوء

معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن

ص: 96


1- - تفسير البرهان : ج7 ص255 ح2 .

أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن سنان ، عن خلف بن حمّاد ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : وقال لموسى (عليه السّلام) : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوء) قال : من غير برص((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (14) .

باب (3) إنكار آيات الله مع المعرفة

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن يزيد ، عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله (عزّوجلّ) قال : الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه (إلى أن قال :) وأمّا الوجه الآخر من الجحود على معرفة ، وهو أن يجحد الجاحد وهو يعلم أنّهحقّ قد استقرّ عنده ، وقد قال الله (عزّوجلّ) : (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً

ص: 97


1- - معاني الأخبار : ص172 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص257 .

وَعُلُوّاً) ... الى آخر الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْم-َانَ عِلْماً وَقَالاَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِير مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْم-َانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْء إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) (15 و16) .

باب (4) آل محمّد وَرثة الأنبياء

الكافي : أحمد بن ادريس ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ابن يحيى ، عن شعيب الحدّاد ، عن ضريس الكناسي قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) وعنده أبو بصير ، فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : انّ داود ورث علم الأنبياء ، وانّ سليمان ورث داود ، وانّ محمداً ورث سليمان ، وإنّا ورثنا محمّداً (صلّى الله عليه وآله) وإنَّ عندنا صحف ابراهيم وألواح موسى .

فقال أبو بصير : انّ هذا لهو العلم ؟

فقال : يا أبا محمّد ليس هذا هو العلم ، انّما العلم ما يحدث بالليل

ص: 98


1- - الكافي : ج2 ص389 ح1 .

والنهار يوماً بيوم وساعة بساعة((1)) .

بصائر الدرجات : حدثنا سلمة بن الخطّاب ، عن عبدالله بن القاسم ، عن زرعة ، عن المفضّل قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ورث سليمان داود وإنّ محمداً ورث سليمان وإنّا ورثنا محمداً (صلّى الله عليه وآله) ... الى آخر الحديث((2)) .

باب (5) أربعة ملكوا الأرض كلّها

الخصال : حدثنا علي بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال : حدثنا أبي ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه محمد بن خالد باسناده رفعه إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ملك الأرض كلّها أربعة : مؤمنان ، وكافران ، فأمّا المؤمنان : فسليمان بن داود وذو القرنين ، والكافران : نمرود وبخت نصّر ، واسم ذي القرنين عبدالله بن ضحّاك بن معد((3)) .

ص: 99


1- - الكافي : ج1 ص225 ح4 .
2- - بصائر الدرجات : ص158 ح15 . منه بحار الانوار : ج26 ص187 .
3- - الخصال : ص255 ح130 . منه تفسير البرهان : ج7 ص261 .

باب (6) العلوم التي منحها الله للنبي سليمان

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : وأعطي سليمان بن داود - مع علمه - معرفة المنطق بكلّ لسان ، ومعرفة اللُّغات ، ومنطق الطير والبهائم والسّباع ، فكان إذا شاهد الحروب تكلّم بالفارسية ، وإذا قعد لعمّاله وجنوده وأهل مملكته تكلّم بالرومية ، وإذا خلا بنسائه تكلّم بالسريانية والنبطية ، وإذا قام في محرابه لمناجات ربّه تكلّم بالعربية ، وإذا جلس للوفود والخصماء تكلّم بالعبرانية((1)) .

مجمع البيان : روى الواحدي بالاسناد : عن محمد بن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : اُعطي سليمان بن داود مُلكَ مشارق الأرض ومغاربها فملك سبعمائة سنة وستّة أشهر ، ملك أهل الدُّنيا كلّهم من الجنّ والإنس والشياطين والدّوابّ والطّير والسّباع واُعطي علم كلّ شيء ، ومنطق كلّ شيء ، وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة الّتي سمع بها النّاس ، وذلك قوله : (عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْء)((2)) .

ص: 100


1- - تفسير القمي : ج2 ص129 . منه تفسير البرهان : ج7 ص264 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص214 . منه تفسير البرهان : ج7 ص260 .

باب (7) معرفة آل محمّد بمنطق الطير

الاختصاص : علي بن اسماعيل بن عيسى ، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات ، عن أبيه ، عن الفيض بن المختار قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ سليمان بن داود (عليه السّلام) قال : (عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْء) وقد والله عُلّمنا منطق الطير ، واُوتينا كلّ شيء((1)) و((2)) .

بصائر الدرجات : حدثنا علي بن اسماعيل ، عن محمد بن عمرو الزيّات ، عن أبيه ، عن الفيض بن المختار مثله((3)) .

الاختصاص : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن بعض رجاله يرفعه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : فتلا رجل عنده هذه الآية (عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْء) فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ليس فيها « من » ولكن هو : اُوتينا كلّ شيء((4)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن خلف ،

ص: 101


1- - في بصائر الدرجات : وعلم كلّ شيء .
2- - الاختصاص : ص293 .
3- - بصائر الدرجات : ص364 ح17 . منهما تفسير البرهان : ج7 ص269 .
4- - الاختصاص : ص293 .

عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((1)) .

أقول : الحديث ضعيف السند لكونه مرفوعاً ، من هنا فلا يُستند إليه ، يضاف إلى ذلك أنّ القرآن الذي بين الدفّتين وبأيدينا هو الحجة وهو الملاك في آياته وكلماته وجُمَله ، ويُحمل غير ذلك على أنحاء من التأويل .

وبالنسبة إلى هذه الآية نقول إنّ نبي الله سليمان (عليه السّلام) هو الذي أُوتي من كلّ شيء وأمّا المعصومون الأربعة عشر فقد آتاهم الله كلّ شيء ، وهذا على تأويل الآية . والله العالم .بصائر الدرجات : حدثنا عبدالله بن محمد ، عمّن رواه ، عن محمد ابن عبد الكريم ، عن عبدالله بن عبد الرحمن ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) لابن عبّاس : إنّ الله علّمنا منطق الطير ، كما علّمه سليمان بن داود (عليه السّلام) ومنطق كلّ دابة في برّ أو بحر((2)) .

الاختصاص : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن يوسف ، عن علي بن داود الحدّاد ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبدالله (عليه

ص: 102


1- - بصائر الدرجات : ص362 ح3 . منهما تفسير البرهان : ج7 ص268 .
2- - بصائر الدرجات : ص363 ح12 . منه تفسير البرهان : ج7 ص261 .

السّلام) قال : كنت عنده إذ نظرتُ إلى زوج حمام عنده ، فهدل((1)) الذكر على الانثى فقال : أتدري ما يقول ؟ يقول : يا سكني وعرسي ، ما خلق الله خلقاً أحبُّ إليَّ منك ، إلاّ أن يكون مولاي جعفر بن محمد((2)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن أحمد بن يوسف ، عن داود الحدّاد ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((3)) .

الاختصاص : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ] علي بن [ أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابه قال : اُهدي إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) فاختة((4)) وورشان((5)) وطير راعبيُّ((6)) ، فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : امّا الفاختة فتقول : فقدتكم فقدتكم ، فافقدوها قبل أن تفقدكم ، وأمر((7))

بها فذبحت ، وأمّا الورشان فيقول :قدّستم قدّستم ، فوهبه لبعض أصحابه ،

ص: 103


1- - هَدَل الحمام : صوَّت (أقرب الموارد) .
2- - الاختصاص : ص293 . منه تفسير البرهان : ج7 ص268 .
3- - بصائر الدرجات : ص362 ح4 . منه تفسير البرهان : ج7 ص268 .
4- - الفاختة : ضربٌ من الحمام المطوّق (لسان العرب) .
5- - الوَرَشان : طائر شِبْهُ الحمامة (لسان العرب) .
6- - الرَّاعبي : جنس من الحمام (لسان العرب) .
7- - في بصائر الدرجات : فأمر .

والطير الراعبيّ يكون عندي آنس به((1)) و((2)) .

بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابنا مثله((3)) .

باب (8) الأمر برعاية الخطّاف

بصائر الدرجات : أحمد بن محمد ، عن الجاموراني ، عن الحسن ابن علي بن أبي حمزة ، عن محمد بن سيف التميمي ، عن محمد بن جعفر ، عن أبيه (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : استوصوا بالصّائنات خيراً((4)) يعني الخطّاف((5)) فإنّه آنس طير بالنّاس .

ثمّ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : أتدرون ما تقول الصائنية إذا ترنمت ؟ تقول : (بِسْ-مِ اللّهِ الرَّحْمَ-نِ الرَّحِ-يمِ الْحَ-مْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) حتّى تقرأ اُمّ الكتاب ، فإذا كان في آخر ترنّمها قالت : (وَلاَ

ص: 104


1- - في بصائر الدرجات : أسرّ به .
2- - الاختصاص : ص294 . منه تفسير البرهان : ج7 ص279 .
3- - بصائر الدرجات : ص363 ح7 .
4- - استوصوا بالصينيات خيراً : وكأنّ المراد بها الطيور التي تأوي البيوت المكناة ببنات السند والهند (مجمع البحرين) .
5- - الخطّاف : العصفور الأسود ، وهو الذي تدعوه العامّة : عصفور الجنّة (لسان العرب) .

الضَّالِّينَ)((1)) .

باب (9) الطائر المشوم

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن بكر بن صالح ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن عمر بن محمد الأصبهاني قال : أُهديتْ لإسماعيل بن أبي عبدالله (عليه السّلام) صلصلاً((2)) ، فدخل ابو عبدالله (عليه السّلام) فلمّا رآه قال : ما هذا الطير المشوم ؟! اخرجوه فإنّه يقول : فقدتكم ، فافقدوه قبل أن يفقدكم((3)) .بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد والبرقي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبدالله بن مسكان ، عن داود بن فرقد ، عن علي بن سنان قال : كنّا عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فسُمع صوت في الدّار ، فقال : أين هذه التي أسمع صوتها ؟

قلنا : هي في الدار أُهديتْ لبعضهم .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) له : أما لنفقدنكِ قبل أن تفقدنا . قال :

ص: 105


1- - بصائر الدرجات : ص366 ح24 . منه تفسير البرهان : ج7 ص272 .
2- - الصلصل : طائر صغير تسمّيه العجم الفاختة (لسان العرب) .
3- - بصائر الدرجات : ص365 ح22 . منه تفسير البرهان : ج7 ص271 .

ثمّ أمر بها فاُخرجت من الدّار((1)) .

باب (10) دعاء العصافير

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ثعلبة ، عن سالم مولى أبان بياع الزُطّي قال : كنّا في حائط لأبي عبدالله (عليه السّلام) ونفر معي قال : فصاحت العصافير ، فقال : أتدري ما تقول ؟

فقلنا : جعلنا الله فداك لا ندري ما تقول .

قال : تقول : اللهم إنّا خَلق من خَلقك ولابدّ لنا من رزقك فأطعمنا واسقنا((2)) .

باب (11) نعيق الغراب

بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن البرقي((3)) ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ،

ص: 106


1- - بصائر الدرجات : ص366 ح23 . منه تفسير البرهان : ج7 ص271 .
2- - بصائر الدرجات : ص365 ح20 . منه تفسير البرهان : ج7 ص270 .
3- - في تفسير البرهان : والبرقي .

عن عبدالله بن فرقد قال : خرجنا مع أبي عبدالله (عليه السّلام) متوجِّهين إلى مكّة ، حتّى إذا كنّا بسرف((1)) استقبله غراب ينعق في وجهه ، فقال : متّ جوعاً ، ما تعلم شيئاً إلاّ ونحن نعلمه ، ألا أنا أعلم بالله منك .فقلنا : هل كان في وجهه شيء ؟

قال : نعم سقَطت ناقة بعرفات((2)) .

باب (12) ما يقوله بعض الطيور

مناقب آل أبي طالب : تفسير الثعلبي - قال الصادق (عليه السّلام) : قال الحسين بن علي (عليه السّلام) : إذا صاح النسر قال : يابن آدم عش ما شئت آخره الموت ، وإذا صاح الغراب قال : إنّ في البعد من الناس انساً ، وإذا صاح القنبرة قال : اللهمّ ألعن مبغضي آل محمّد ، وإذا صاح الخطّاف قرأ الحمد لله ربّ العالمين ويمدّ الضّالّين كما يمدّها القارئ((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَحُشِرَ لِسُلَيْم-َانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالاِْنسِ وَالطَّيْرِ

ص: 107


1- - سرف : موضع قريب من التنعيم ، وهو من مكّة على عشرة أميال ، وقيل : أقل أو أكثر (مجمع البحرين) .
2- - بصائر الدرجات : ص365 ح21 . منه تفسير البرهان : ج7 ص270 .
3- - مناقب آل أبي طالب : ج4 ص68 .

فَهُمْ يُوزَعُونَ) (17) .

باب (13) وادي الذهب

تفسير القمي : عن الصادق (عليه السّلام) : إنّ لله وادياً يُنبت الذّهب والفضّة ، وقد حماه الله بأضعف خلقه ، وهو النمل لو رامته البخاتي من الإبل ما قدرتْ عليه((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ الن-َّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا الن-َّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْم-َانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (18 و19) .

باب (14) ما جرى بين النبي سليمان والنملة

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : حدثنا عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب القرشي قال : حدثنا منصور بن عبدالله الأصفهاني الصوفي قال :

ص: 108


1- - تفسير القمي : ج2 ص126 . منه تفسير البرهان : ج7 ص262 .

حدثني علي بن مهرويه القزويني قال : حدثنا داود بن سليمان الغازي قال : سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) يقول عن أبيه موسى ابن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهم السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا) وقال لمّا قالت النملة : (يَا أَيُّهَا الن-َّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْم-َانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ)حملت الريح صوت النملة إلى سليمان وهو مارٌّ في الهواء ، والريح قد حملته ، فوقف وقال : عليّ بالنملة ، فلمّا اُتي بها قال سليمان : يا أيّتها النملة ، أما علمت أنّي نبي الله وأنّي لا أظلم أحداً ؟

قالت النملة : بلى .

قال سليمان : فَلِم حذَّرْتِهم ظلمي فقلتِ : (يَا أَيُّهَا الن-َّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) ؟

قالت النملة : خشيت أن ينظروا إلى زينتك فيفتتنوا بها ، فيبعدون عن ذكر الله تعالى .

ثمّ قالت النملة : أنت أكبر أم أبوك داود ؟

قال سليمان : بل أبي داود .

قالت النملة : فلِمَ زيد في حروف اسمك حرفٌ على حروف إسم أبيك داود ؟

قال سليمان : مالي بهذا علم .

ص: 109

قالت النملة : لأنّ أباك داود داوى جرحه بودّ فسمّى داود وأنت يا سليمان أرجو أن تلحق بأبيك .

قالت النملة : هل تدري لِمَ سُخِّرتْ لك الرّيح من بين سائر المملكة ؟

قال سليمان : مالي بهذا علم .

قالت النملة : يعني (عزّوجلّ) بذلك ، لو سَخَّرتُ لك جميع المملكة كما سَخَّرتُ لك هذه الرّيح لكان زوالها من يدك كزوال الرّيح ، فحينئذ تبسَّم ضاحكاً من قولها((1)) .* * * * *

قوله تعالى : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ) (20) .

باب (15) النبي سليمان يتفقّد الهدهد

مجمع البيان : روى العياشي بالاسناد ، قال : قال أبو حنيفة لأبي عبدالله (عليه السّلام) : كيف تفقّد سليمان الهدهد من بين الطير ؟

قال : لأنّ الهدهد يرى الماء في بطن الأرض كما يرى أحدكم

ص: 110


1- - عيون أخبار الرضا : ج2 ص78 ح8 . منه تفسير البرهان : ج7 ص265 .

الدّهن في القارورة ، فنظر أبو حنيفة إلى أصحابه وضحك .

قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما يضحكك ؟

قال : ظَفِرتُ بك جُعلت فداك .

قال : وكيف ذلك ؟

قال : الذي يرى الماء في بطن الأرض ، لا يرى الفخ((1)) في التراب حتّى يؤخذ بعنقه ؟

قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا نعمان أما علمت أنّه إذا نزل القدر أغشى البصر((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَؤُاْ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْم-َانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَؤُاْ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّة وَأُولُوا بَأْس شَدِيد وَالاَْمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّة فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ * فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْم-َانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَال فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا

ص: 111


1- - الفَخّ : آلة يصاد بها (أقرب الموارد) .
2- - مجمع البيان : ج4 ص217 . منه تفسير البرهان : ج7 ص274 .

آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُود لاَّ قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ * قَالَ يَا أَيُّهَاالْمَلَؤُاْ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) (29 - 39) .

باب (16) البسملة منحة إلهيَّة لرسول الله

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) - أمالي الصدوق : حدثنا محمد بن القاسم المفسّر المعروف بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه) قال : حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعليّ بن محمد بن سيّار ، عن أبويهما، عن الحسن بن علي ، عن أبيه علي بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه الرضا علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أَبيه جعفر ابن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أخيه الحسن بن علي (عليهم السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : إن بسم الله الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب (إلى أن قال :) وإنّ الله (عزّوجلّ) خُصّ محمّداً (صلّى الله عليه وآله) وشرّفه بها ولم يشرك معه فيها أحداً من أنبيائه ما خلا سليمان فإنّه أعطاه منها بسم الله الرحمن الرحيم ، ألا تراه يحكي عن بلقيس حين قال : (أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْم-َانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ

ص: 112

الرَّحِيمِ)((1)) .

باب (17) الامام المهدي يخرج في أولي قوّة

كمال الدين : حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس (رضي الله عنه) قال : حدثنا أبي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب ، عن أبي بصير قال : سأل رجل من أهل الكوفة أبا عبدالله (عليه السّلام) كم يخرج مع القائم فإنّهم يقولون : إنّه يخرج معه مثل عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ؟

قال : وما يخرج إلاّ في أولى قوّة وما تكون اُولُوا القوّة أقلّ من عشرة آلاف((2)) .

باب (18) الهديَّة على ثلاثة وجوه

الخصال : حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) قال : حدثني عمّي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن منصور بن العباس ، عن علي بن أسباط ، عن أحمد بن عبد الجبّار ، عن

ص: 113


1- - عيون أخبار الرضا : ج1 ص302 ح60 - أمالي الصدوق : ص148 ح2 .
2- - كمال الدين : ص654 ح20 .

جدّه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الهديّة على ثلاثة وجوه : هديّة مكافأة ، وهديّة مصانعة ، وهديّة لله (عزّوجلّ)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (40) .

باب (19) عِلم الكتاب عند أهل البيت

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، عن الخشّاب ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : (قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) قال : ففرج أبو عبدالله (عليه السّلام) بين أصابعه فوضعها في صدره((2)) ثمّ قال : وعندنا والله علم الكتاب كلّه((3)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن موسى ، عن الحسن بن موسى

ص: 114


1- - الخصال : ص89 ح26 .
2- - في بصائر الدرجات : على صدره .
3- - الكافي : ج1 ص229 ح5 .

الخشّاب عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((1)) .

الكافي : أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن عبّاد بن سليمان ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن سدير قال : كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزّاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبدالله (عليه السّلام) إذ خرج إلينا وهو مغضب فلمّا أخذ مجلسه قال : يا عجباً لأقوام يزعمون انّا نعلم الغيب ما يعلم الغيب إلاّ الله (عزّوجلّ) لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت منّي ، فما علمت في أي بيوت الدار هي .قال سدير : فلمّا أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير وميسّر وقلنا له : جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنّك تعلم علماً كثيراً ولا ننسبك إلى علم الغيب ؟!

قال : فقال : يا سدير ألم تقرء القرآن ؟

قلت : بلى .

قال : فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله (عزّوجلّ) : (قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) ؟

قال : قلت : جعلت فداك قد قرأته .

قال : فهل عرفت الرجل ؟ وهل علمت ما كان عنده من علم

ص: 115


1- - بصائر الدرجات : ص232 ح2 .

الكتاب ؟

قال : قلت : أخبرني به ؟

قال : قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب ؟

قال : قلت : جعلت فداك ما أقلّ هذا .

فقال : يا سدير ما أكثر هذا أن ينسبه الله (عزّوجلّ) إلى العلم الذي أخبرك به .

يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله (عزّوجلّ) أيضاً : (قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)((1)) ؟

قال : قلت : قد قرأته جعلت فداك .

قال : أفمن عنده علم الكتاب كلّه أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه ؟

قلت : لا بل من عنده علم الكتاب كلّه .

قال : فأومأ بيده إلى صدره وقال : علم الكتاب والله كلّه عندنا ، علم الكتاب والله كلّه عندنا((2)) .

بصائر الدرجات : حدثنا ابراهيم بن هاشم ، عن محمد بن سليمان

ص: 116


1- - الرعد 13 : 43 .
2- - الكافي : ج1 ص257 ح3 .

ابن سدير قال : كنت أنا ... وذكر نحوه((1)) .

باب (20) من وجوه الكفر : كفر النعم

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن يزيد ، عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله (عزّوجلّ) ؟

قال : الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه . (إلى أن قال :) والوجه الثالث من الكفر : كفر النّعم وذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان (عليه السّلام) : (هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) ... الى آخر الحديث((2)) .

باب (21) النبي سليمان والاسم الاعظم

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن شعيب العقرقوفي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان سليمان عنده إسم الله الأكبر الذي إذا سأله أعطى ، وإذا دعى به أجاب

ص: 117


1- - بصائر الدرجات : ص233 ح3 .
2- - الكافي : ج2 ص389 ح1 .

ولو كان اليوم لاحتاج إلينا((1)) .

باب (22) عدد حروف الاسم الاعظم

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن محمد بن الفضيل ، عن سعد أبي عمرو الجلاّب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ إسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً ] وإنّما [ كان عند آصف منها حرف واحد ، فتكلّم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس ، ثمّ تناول السرير بيده ثمّ عادت الأرض كما كان أسرع من طرفة عين ، وعندنا ] نحن [ من الاسم إثنان وسبعون حرفاً وحرف عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب المكنون((2)) عنده((3)) .بصائر الدرجات : حدثنا ابراهيم بن هاشم ، عن محمد بن حفص ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((4)) .

ص: 118


1- - بصائر الدرجات : ص231 ح2 . منه تفسير البرهان : ج7 ص281 .
2- - في بصائر الدرجات ح7 : المكتوب .
3- - بصائر الدرجات : ص230 ح8 . منه تفسير البرهان : ج7 ص279 .
4- - بصائر الدرجات : ص229 ح7 .

باب (23) الأنبياء والاسم الاعظم

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، ومحمد بن خالد ، عن زكريا بن عمران القمي ، عن هارون بن الجهم ، عن رجل من أصحاب أبي عبدالله (عليه السّلام) لم أحفظ اسمه ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ عيسى بن مريم اُعطي حرفين كان يعمل بهما ، واُعطي موسى أربعة أحرف ، واُعطي إبراهيم ثمانية أحرف ، وأُعطي نوح خمسة عشر حرفاً ، وأُعطي آدم خمسة وعشرين حرفاً ، وإنّ الله (تبارك وتعالى) جمع ذلك كلّه لمحمد (صلّى الله عليه وآله) وإنّ اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً أعطى محمّداً (صلّى الله عليه وآله) اثنين وسبعين حرفاً ، وحجب عنه حرف واحد((1)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن خالد ، عن زكريا بن عمران القمي ، عن هارون بن الجهم ، عن رجل من أصحاب أبي عبدالله (عليه السّلام) لم يحفظ اسمه قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ... وذكر نحوه((2)) .

بصائر الدرجات : أحمد بن محمد ، عن أبي عبدالله البرقي يرفعه

ص: 119


1- - الكافي : ج1 ص230 ح2 .
2- - بصائر الدرجات : ص228 ح2 .

إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) قال: إنّ الله (عزّوجلّ) جعل اسمه الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً ، فأعطى آدم منها خمسة وعشرين حرفاً ، وأعطى نوحاً منها خمسة عشر حرفاً ، وأعطى منها ابراهيم ثمانية أحرف ، وأعطى موسى منها أربعة أحرف ، وأعطى عيسى منها حرفين وكان يحيي بهما الموتى ويبرئ بهما الأكمه والأبرص ،وأعطى محمداً (صلّى الله عليه وآله) اثنين وسبعين حرفاً واحتجب حرفاً لئلا يعلم ما في نفسه ، ويعلم ما في نفس العباد((1)) .

باب (24) الأرض تُطوى لصاحب سليمان

الاختصاص : ذكر علي بن مهزيار ، عن أحمد بن محمد ، عن حمّاد ابن عثمان ، عن زرارة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ما زاد صاحب سليمان على أن قال بإصبعه هكذا فإذا قد جاء بعرش صاحبة سبأ .

فقال له حمران : كيف هذا ، أصلحك الله ؟

فقال : إنّ أبي كان يقول : إنّ الأرض طُوِيت له إذا أراد طواها((2)) .

ص: 120


1- - بصائر الدرجات : ص228 ح3 . منه تفسير البرهان : ج7 ص279 .
2- - الاختصاص : ص270 . منه تفسير البرهان : ج7 ص283 .

أقول : صاحب سليمان هو وزيره آصف بن برخيا وكان يَعرف الأسم الأعظم . وقوله : « قال بإصبعه » أي أشار .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الأرض طويت له((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ * وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْم كَافِرِينَ * قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْم-َانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (41 - 44) .

باب (25) استحباب الرجاء وتوقع الأفضل من الله

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن علي بن محمد القاساني ، عمّن ذكره ، عن عبدالله بن القاسم ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه (عليهم السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : كن

ص: 121


1- - مجمع البيان : ج4 ص323 .

لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإنّ موسى بن عمران خرج يقتبس لأهله ناراً فكلّمه الله (عزّوجلّ) ورجع نبيّاً مرسلاً ، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان (عليه السّلام) وخرجت سحرة فرعون يطلبون العزّ لفرعون فرجعوا مؤمنين((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لِّقَوْم يَعْلَمُونَ) (51 و52) .

باب (26) آخر أربعاء من الشهر ثقيل

الخصال : حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبدالله البصري قال : حدثنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن أحمد بن جبلة الواعظ قال : حدثنا أبو القاسم عبدالله بن أحمد بن عامر الطائي قال : حدثنا أبي قال : حدثنا علي بن موسى الرضا قال : حدثنا موسى بن جعفر قال : حدثنا جعفر بن محمد قال : حدثنا محمد بن علي قال : حدثنا علي ابن الحسين قال : حدثنا الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال : قام رجل

ص: 122


1- - الكافي : ج5 ص83 ح3 .

إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) في الجامع بالكوفة فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء والتطيّر منه وثقله وأيّ أربعاء هو ؟

فقال (عليه السّلام) : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق (إلى أن قال :) ويوم الأربعاء قال الله (عزّوجلّ) : (أَنَّا

دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) ويوم الأربعاء أخذتهمالصيحة ، و يوم الأربعاء عقروا الناقة ، ويوم الأربعاء أمطر عليهم حجارة من سجّيل ... الى آخر الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (أَمَّن جَعَلَ الاَْرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) (61) .

باب (27) لا شرعية لإمام ضلال مع امام هدى

تأويل الآيات الظاهرة : روى علي بن اسباط ، عن ابراهيم الجعفري ، عن أبي الجارود ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (أَءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) قال : أي إمام هدى مع إمام ضلال في قرن واحد((2)) .

ص: 123


1- - الخصال : ص388 ح78 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص401 ح2 . منه تفسير البرهان : ج7 ص287 .

أَقول : لا تخلو الأرض من حجَّة لله على عباده ولا تخلو من إمام هدىً ظاهر أو مستتر ، ولا شرعيَّة لإمام ضلال مع إمام هدىً بل لا شرعية له أبداً .

ويجب إزالة إمام الضلال حتى يكون الحكم لامام الهدى كما فعل الانبياء والمرسلون مع فراعنة الأَرض وطواغيتها وكما فعل الامام أَمير المؤمنين (عليه السّلام) مع الناكثين والقاسطين والمارقين ، فالحكم لأولياء الله الصالحين من نبي أو وصي .

فيكون معنى الحديث أن امام الهدى وامام الضلال لا يجتمعان ، بهذا المعنى . والله العالم .

* * * * *

قوله تعالى : (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الاَْرْضِ أَءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) (62) .

باب (28) خطبة الامام المهدي حين ظهوره

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ القائم (عليه السّلام) إذا خرج دخل المسجد الحرام ، فيستقبل الكعبة ، ويجعل ظهره إلى المقام ، ثمّ يصلّي

ص: 124

ركعتين ، ثمّ يقوم فيقول : يا أيُّها الناس ، أنا أولَى الناس بآدم ، يا أيُّها النّاس أنا أولى الناس بابراهيم ، يا أيها الناس أنا أولى الناس بإسماعيل ، يا أيُّها الناس أنا أولى الناس بمحمد (صلّى الله عليه وآله) ، ثمّ يرفع يديه إلى السماء فيدعو ويتضرّع، حتّى يقع على وجهه ، وهو قوله (عزّوجلّ) : (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الاَْرْضِ أَءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ)((1)) .

باب (29) تأويل آية « المضطرَّ » بالقائم

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : نزلت في القائم من آل محمّد (عليهم السّلام) هو والله المضطر ، اذا صلّى في المقام ركعتين ودعا الى الله فأجابه ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الاَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً

ص: 125


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص402 ح5 . منه تفسير البرهان : ج7 ص289 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص129 . منه تفسير البرهان : ج7 ص289 .

مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (82 - 84) .

باب (30) من هو دابَّة الله ؟

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انتهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين وهو نائمفي المسجد قد جمع رملاً ووضع رأسه عليه ، فحرّكه برجله ثمّ قال له : قم يا دابّة الله((1)) .

فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله أيسمّي بعضنا بعضاً بهذا الاسم ؟

فقال : لا والله ، ما هو إلاّ له خاصّة ، وهو الدابّة التي ذكرها الله تعالى في كتابه : (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الاَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ) ثمّ قال : يا علي إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك مِيْسَم((2)) ، تَسِم به أعداءك .

فقال رجل لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الناس يقولون : هذه

ص: 126


1- - في تفسير البرهان : يا دابّة الأرض .
2- - المِيْسَم : المكواة يوسم به الحيوان ويعلّم ، يقال في يده المِيْسَم وهي الحديدة التي يكوى بها (أقرب الموارد) .

الدابّة إنّما تَكْلِمُهم ؟

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : كَلَمَهم الله في نار جهنّم ، إنّما هو يُكلّمهم من الكلام ، والدليل على أنّ هذا في الرّجعة قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) قال : الآيات : أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السّلام) .

فقال الرجل لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّ العامّة تزعم أنّ قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً) عنى يوم القيامة ؟

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : أفيحشر الله من كلّ اُمّة فوجاً ويدع الباقين ؟! لا ، ولكنّه في الرّجعة ، وأمّا آية القيامة فهي : (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)((1)) و((2)) .

مختصر بصائر الدرجات : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((3)) .أقول : في هذا الحديث الشريف جاءت الإشارة إلى مواضيع متعددة نذكر منها موضوعين :

ص: 127


1- - الكهف 18 : 47 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص130 . منه تفسير البرهان : ج7 ص293 .
3- - مختصر بصائر الدرجات : ص42 .

الأول : دابَّة الله .

كلمة الدابَّة تُطلق على الذكر والانثى وكلّ ماش على وجه الأرض حتّى الطير ، لأنّه يدبُّ برجليه في بعض حالاته - كما في مجمع البحرين - .

وإذا نُسبت الدابَّة إلى الله تعالى تغيَّر المعنى حينئذ ، وكان بمعنى ذلك الموجود الذي تنبعث وتنطلق حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله بأمر الله وإذنه ... .

ومن هذا المنطلق خاطب رسولُ الله خليفته أمير المؤمنين بهذا الاسم ، لأنّ الإمام عليّاً (عليه السّلام) كان خيرة الله ولسانه الناطق وحجّته البالغة ونعمته السابغة ونقمته الدامغة ، فقال له : قم يا دابَّة الله .

وهذا وسام نبويٌ عظيم مَنَحه خاتم الأنبياء لسيّد الأوصياء وإمام الأتقياء ، وليست فيه منقصة أبداً ، لأن نسبة شيء إلى الله تعالى تدلّ على منزلة خاصة له ، كما في قوله تعالى : (نَاقَةُ اللّهِ)((1)) .

الثاني : الرَّجعة ، وهي من العقائد الثابتة الراسخة عند الشيعة الاثني عشريَّة .. وقد تحدَّثنا عنها بشيء من التفصيل في كتابنا : الإمام المهدي من المهد إلى الظّهور ، وسيأتي بعض ما روي حولهافي باب (31) الآتي .

مختصر بصائر الدرجات : سعد بن عبدالله ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن محمد بن سنان ، وغيره عن عبدالله بن

ص: 128


1- - الأعراف 7 : 73 ، هود 11 : 64 .

سنان قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : قال الله تعالى في حديث قدسي : يا محمد ، عليٌ أوّل من آخذ ميثاقه من الائمّة ، يا محمّد ، عليٌ آخر من أقبض روحه من الائمّة ، وهو الدابّة التي تُكلّم النّاس((1)) .أقول : الظاهر أنّ هذا الحديث إشارة إلى الرجعة وأنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) هو آخر من يفارق الحياة من الأئمّة الطاهرين . والله العالم .

تأويل الآيات الظاهرة : روي في الخبر أنّ رجلاً قال لأبي عبدالله (عليه السّلام) : بلغني أنّ العامّة يقرءون هذه الآية هكذا : تَكْلِمُهم ، أي تجرحهم .

فقال : كَلَمَهم الله في نار جهنّم ما نزلت إلاّ تُكلّمهم من الكلام((2)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن المفضّل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً) .

قال : ليس أحد من المؤمنين قُتل إلاّ يرجع حتّى يموت ولا يرجع إلاّ من محض الإيمان محضاً ، ومن محض الكفر محضاً .

قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : قال رجل لعمّار بن ياسر : يا أبا

ص: 129


1- - مختصر بصائر الدرجات : ص36 و63 . منه تفسير البرهان : ج7 ص297 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص407 ح12 .

اليقظان ، آية في كتاب الله قد أفسدَت قلبي وشكّكتني .

قال عمّار : وأي آية هي ؟

قال : قول الله : (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الاَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ) فأيّ دابة هي ؟

قال عمّار : والله ما أجلس ، ولا آكل ، ولا أشرب حتّى أريكها ، فجاء عمّار مع الرجل إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهو يأكل تمراً وزبداً ، فقال له : يا أبا اليقظان هلمّ ، فجلس عمّار وأقبل يأكل معه ، فتعجب الرجل منه ، فلمّا قام عمّار قال له الرجل : سبحان الله - يا أبا اليقظان - حلفت أنّك لا تأكل ، ولا تشرب ، ولا تجلس حتّى تُرينيها .

قال عمّار : قد أريتكها إن كنت تَعقل((1)) .

مختصر بصائر الدرجات : حدثني أبي قال : حدثني ابن أبي عمير ، عن المفضّل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((2)) .

باب (31) رجوع المؤمنين الى الدنيا قبل القيامة

مختصر بصائر الدرجات : يعقوب بن يزيد ، ومحمد بن الحسين

ص: 130


1- - تفسير القمي : ج2 ص131 . منه تفسير البرهان : ج7 ص294 .
2- - مختصر بصائر الدرجات : ص43 .

ابن أبي الخطّاب ، ومحمد بن عيسى بن عبيد وإبراهيم((1)) بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اُذينة قال : حدثنا محمد بن الطيّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً) .

فقال : ليس أحد من المؤمنين قُتل إلاّ سيرَجِع حتّى يموت ، ولا أحد من المؤمنين مات إلاّ سيرجع حتّى يُقتل((2)) .

تفسير البرهان : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير مثله((3)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما يقول النّاس في هذه الآية : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً) ؟

قلت : يقولون : انّها في القيامة .

قال : ليس كما يقولون ، إنّ ذلك في الرّجعة أيحشر الله يوم القيامة من كلّ أمّة فوجاً ويَدع الباقين ؟! إنّما آية القيامة قوله : (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)((4)) .

ص: 131


1- - في تفسير البرهان : عن ابراهيم .
2- - مختصر بصائر الدرجات : ص25 . منه تفسير البرهان : ج7 ص297 .
3- - تفسير البرهان : ج7 ص298 ح17 .
4- - تفسير القمي : ج1 ص24 . منه تفسير البرهان : ج7 ص294 .

تفسير القمي : سُئل عن قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً) ؟

فقال : ما يقول الناس فيها ؟

قلت : يقولون : انّها في القيامة .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : أيحشر الله في يوم القيامة من كلّ اُمّة فوجاً ويذر الباقين ؟ إنّما ذلك في الرّجعة ، فأمّا آية القيامة فهذه : (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً * وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً)إلى قوله : (مَّوْعِداً)((1)) .تأويل الآيات الظاهرة : قال علي بن ابراهيم : وأمّا قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً) فإنّها نزلت في الرجعة .

فقال رجل لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّ العامّة يزعمون أنّ هذا يوم القيامة .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : كذبوا إنّما ذلك في الرّجعة ، وأمّا آية القيامة : قوله تعالى : (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)((2)) .

الإرشاد : روى عبد الكريم الخثعمي (الجعفري) قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : كم يملك القائم (عليه السّلام)((3)) ؟

ص: 132


1- - تفسير القمي : ج2 ص36 ، والآيتان الأخيرتان في سورة الكهف 18 : 47 و48 . منه تفسير البرهان : ج6 ص237 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص409 ح14 .
3- - في المصدر : كم يملك الناس من القائم (عليه السّلام) . والظاهر أنّه تصحيف . وما أثبتناه من بحار الأنوار .

قال : سبع سنين تطول له الأيّام حتّى تكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم فيكون سنو ملكه سبعين سنة من سنيكم هذه ، وإذا آن قيامه مطر النّاس جمادى الآخرة وعشرة أيّام من رجب مطراً لم ير الخلائق مثله ، فيُنبت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم فكأنّي أنظر إليهم مقبلين من قبل جهينة ينفضون شعورهم من التراب((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَع يَوْمَئِذ آمِنُونَ * وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (89 و90) .

باب (32) تأويل الحسنة والسّيّئة

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن محمد بن اُورمة ، ومحمد بن عبدالله ، عن علي بن حسّان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال أبو جعفر (عليه السّلام) : دخل أبو عبدالله الجدلي على أمير المؤمنين فقال (عليه السّلام) : يا أبا عبدالله ألا أخبرك بقول الله (عزّوجلّ) : (مَن

جَاءَ بِالْحَسَنَةِفَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا

ص: 133


1- - الإرشاد للمفيد : ص363 . منه بحار الانوار : ج52 ص337 .

وَهُم مِّن فَزَع يَوْمَئِذ آمِنُونَ * وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) ؟

قال : بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك .

فقال : الحسنة : معرفة الولاية وحبّنا أهل البيت ، والسيّئة : إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت . ثمّ قرأ عليه هذه الآية((1)) .

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العبّاس : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمّار الساباطي قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) وسأله عبدالله بن أبي يعفور عن قول الله (عزّوجلّ) : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَع يَوْمَئِذ آمِنُونَ) .

فقال : وهل تدري ما الحسنة ؟ إنّما الحسنة معرفة الإمام وطاعته ، وطاعته من طاعة الله((2)) .

وبالاسناد المذكور : عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الحسنة : ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام)((3)) .

مناقب آل أبي طالب : أبو عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى :

ص: 134


1- - الكافي : ج1 ص185 ح14 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص411 ح18 . منه تفسير البرهان : ج7 ص302 .
3- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص411 ح19 . منه تفسير البرهان : ج7 ص302 .

(مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا) الآية ، قال : الحسنة : معرفة الإمام وطاعته ، (وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ) الآية ، وإنّما أراد بالسيئة إنكار الإمام الذي هو من الله((1)) .

باب (33) الحسنة بعشر أَ مثالها

معاني الأخبار : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل قال : حدثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي أيّوب الخزّاز قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : لمّا أنزلت هذه الآية على النبي (صلّى اللهعليه وآله) (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : اللهمّ زدني ، فأنزل الله (تبارك وتعالى) : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)((2))فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : اللهمّ زدني ، فأنزل الله (عزّوجلّ) عليه : (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً)((3))فعلم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّ الكثير من الله (عزّوجلّ) لا

ص: 135


1- - مناقب آل أبي طالب : ج4 ص420 .
2- - الأنعام 6 : 160 .
3- - البقرة 2 : 245 .

يُحصى وليس له منتهى((1)) .

تفسير القمي : حدثنا محمد بن سلمة قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا يحيى بن زكريا اللؤلؤي ، عن علي بن حسان (حنان - خ ل) ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) .

قال : هي للمسلمين عامّة ، والحسنة : الولاية ، فمن عمل من حسنة كتبت له عشراً فإن لم تكن له ولاية رفع عنه بما عمل من حسنة في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق((2)) .

باب (34) معرفة الامام ضمان قبول الأعمال

أمالي الطوسي : أخبرنا محمد بن محمد قال : أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد الزراري قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام ابن سالم ، عن عمّار بن موسى الساباطي قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّ أبا اُميّة يوسف بن ثابت حدّث عنك انّك قلت : لا يضرّ مع

ص: 136


1- - معاني الأخبار : ص397 ح54 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص131 . منه بحار الأنوار : ج27 ص168 .

الإيمان عمل ، ولا ينفع مع الكفر عمل .

فقال (عليه السّلام) : انّه لم يسألني أبو اُميّة عن تفسيرها ، إنّما عنيت بهذا أنّه من عرف الإمام من آل محمّد وتولاّه ثمّ عمل لنفسه بما شاء من عمل الخير قُبل منه ذلك ، وضوعف له أضعافاً كثيرة ، فانتفع بأعمال الخير مع المعرفة ، فهذا ما عنيتُ بذلك ،وكذلك لا يقبل الله من العباد الأعمال الصالحة التي يعملونها إذا تولّوا الإمام الجائر الذي ليس من الله تعالى .

فقال له عبدالله بن أبي يعفور : أليس الله تعالى قال : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَع يَوْمَئِذ آمِنُونَ) ؟ فكيف لا ينفع العمل الصالح ممّن تولّى أئمّة الجور ؟

فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : وهل تَدري ما الحسنة التي عناها الله تعالى في هذه الآية ؟ هي والله معرفة الإمام وطاعته ، وقال (عزّوجلّ) : (وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) وإنّما أراد بالسيّئة انكار الإمام الذي هو من الله تعالى .

ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من جاء يوم القيامة بولاية امام جائر ليس من الله ، وجاء منكراً لحقِّنا جاحداً بولايتنا أكبّه الله تعالى يوم القيامة في النار((1)) .

ص: 137


1- - أمالي الطوسي : ص417 ح939 . منه تفسير البرهان : ج7 ص301 .

باب (35) ثواب إحترام الكبير

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من عرف فضل كبير لسنّه فَوقَّره آمنه الله من فزع يوم القيامة((1)) .

الكافي : بهذا الاسناد قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من وقّر ذا شيبة في الإسلام آمنه الله (عزّوجلّ) من فزع يوم القيامة((2)) .

باب (36) العُبّاد على ثلاثة أقسام

الخصال : حدثنا محمد بن أحمد السنائي المكتب (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى الحبّال الطبري قال : حدثنا محمد بن الحسين الخشّاب قال : حدثنا محمد بن محصن ، عن يونس بن ظبيان قال : قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) : انّ النّاس يعبدون الله (عزّوجلّ) علىثلاثة أوجه : فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه ، فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع ،

ص: 138


1- - الكافي : ج2 ص658 ح2 .
2- - الكافي : ج2 ص658 ح3 .

وآخرون يعبدونه فَرَقاً((1)) من النار فتلك عبادة العبيد وهي الرّهبة ، ولكنّي أعبده حبّاً له (عزّوجلّ) فتلك عبادة الكرام ، وهو الأمن لقوله (عزّوجلّ) : (وَهُم مِّن فَزَع يَوْمَئِذ آمِنُونَ) ولقوله (عزّوجلّ) : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)((2)) فمن أحبّ الله أحبّه الله (عزّوجلّ) ، ومن أحبّه الله (عزّوجلّ) كان من الآمنين((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْء وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (91) .

باب (37) الكلمات التي وجدوها في قواعد الكعبة

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن سعيد الأعرج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ قريشاً لمّا هدموا الكعبة وجدوا في قواعده حجراً فيه كتاب لم يحسنوا قرائته حتّى دعوا رجلاً فقرأه فإذاً فيه : أنا الله ذو بكّة حرّمتها يوم خلقت السماوات والأرض ووضعتها بين هذين الجبلين وحففتها بسبعة

ص: 139


1- - الفَرَق : الخوف (لسان العرب) وفي تفسير البرهان : خوفاً .
2- - آل عمران 3 : 31 .
3- - الخصال : ص188 ح259 . منه تفسير البرهان : ج7 ص305 .

أملاك حفّاً((1)) .

باب (38) ماذا قال رسول الله عند فتح مكة ؟

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا قدم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مكّة يوم أفتتحهافتح باب الكعبة فأمر بصور في الكعبة فطُمست فأخذ بعضادتي((2)) الباب فقال : لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ماذا تقولون وماذا تظنون ؟

قالوا : نظنّ خيراً ونقول خيراً أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت .

قال : فانّي أقول كما قال أخي يوسف : (لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)((3)) ألا إنّ الله قد حرّم مكّة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة لا ينفر

ص: 140


1- - الكافي : ج4 ص225 ح1 ، والحفاف : الاحداق بالشيء والاطافة به (أقرب الموارد) .
2- - الطموس : الدروس والإنمحاء . وعُضادتا الباب : خشبتاه من جانبيه (مجمع البحرين) .
3- - يوسف 12 : 92 .

صيدها ولا يعضد شجرها ولا يختلى خلالها((1)) ولا تحلّ لقطتها إلاّ لمُنشِد((2)) .

فقال العبّاس : يا رسول الله إلاّ الأذخر فإنّه للقبر والبيوت ؟

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إلاّ الأذخر((3)) .

ص: 141


1- - ولا يختلى خلالها : أي لا يجزّ نبتها الرّقيق ولا يقطع ما دام رطباً (مجمع البحرين) .
2- - المُنشِد : المعرِّف (أقرب الموارد) .
3- - الكافي : ج4 ص225 ح3 .

سورة القصص

باب (1) فائدة كتابة سورة القصص وشرب مائها

تفسير البرهان : من كتاب (خواصّ القرآن) عن الصادق (عليه السّلام) : من كتبها وعلّقها على المبطون ، وصاحب الطحال ، ووجع الكبد ووجع الجوف ، يكتبها ويعلِّقها عليه ، وأيضاً يكتبها في اناء ويغسلها بماء المطر ، ويشرب ذلك الماء ، زال عنه ذلك الوجع والألم ، ويشفى من مرضِه ، ويهون عنه الورم بإذن الله (تعالى)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْم يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الاَْرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (1 - 4) .

ص: 142


1- - تفسير البرهان : ج7 ص209 ح3 .

باب (2) إخبار النبي يوسف بالنبي موسى من بعده

كمال الدين : حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما) قالا : حدثنا سعد بن عبدالله وعبدالله بن جعفر الحميري ، ومحمد بن يحيى العطّار ، وأحمد بن إدريس جميعاً ، قالوا : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ يوسف بن يعقوب (صلوات الله عليهما) حين حضرته الوفاة جمع آليعقوب - وهم ثمانون رجلاً - فقال : إنّ هؤلاء القبط((1))سيظهرون عليكم ، ويسومونكم سوء العذاب ، وإنّما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوي بن يعقوب ، اسمه موسى بن عمران (عليه السّلام) غلام ، طوال ، جَعدٌ ، آدم((2)) ، فجعل الرّجل من بني اسرائيل يسمّي ابنه عمران ، ويسمّي عمران ابنه موسى((3)) .

ص: 143


1- - القِبط : جيل بمصر ، وقيل : هم أهل مصر (لسان العرب) . ويُطلق في زماننا هذا على المسيحيين المتواجدين في مصر .
2- - الآدم من الناس : الأسمر (لسان العرب) .
3- - كمال الدين : ص147 ح13 . منه تفسير البرهان : ج7 ص310 .

باب (3) شكوى الامام زين العابدين من أهل زمانه

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لقى المنهال بن عمرو علي بن الحسين بن علي (عليهم السّلام) فقال له : كيف أصبحت يا بن رسول الله ؟

قال : ويحك أما آن لك أن تعلم كيف أصبحت ؟ أصبحنا في قومنا مثل بني اسرائيل في آل فرعون يذبّحون أبنائنا ، ويستحيون نسائنا ، وأصبح خير البرية بعد محمد (صلّى الله عليه وآله) يُلعن على المنابر ، وأصبح عدوّنا يُعطى المال والشّرف ، وأصبح من يحبّنا محقوراً منقوصاً حقّه ، وكذلك لم يزل المؤمنون ، وأصبحت العجم تعرف للعرب حقّها بأنّ محمداً (صلّى الله عليه وآله) كان منها ، وأصبحت قريش تفتخر على العرب بأنّ محمّداً كان منها ، وأصبحت العرب تعرف لقريش حقّها بأنّ محمداً كان منها ، وأصبحت العرب تفتخر على العجم بأنّ محمّداً (صلّى الله عليه وآله) كان منها ، وأصبحنا أهل البيت لا يُعرَف لنا حقّ ، فهكذا أصبحنا يا منهال((1)) .

* * * * *

ص: 144


1- - تفسير القمي : ج2 ص134 . منه تفسير البرهان : ج7 ص325 .

قوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (5) .

باب (4) القرآن يبشّر بحكومة آل محمّد

معاني الأخبار : حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه) قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان قال : حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نظر إلى علي والحسن والحسين فبكى وقال : أنتم المستضعفون بعدي .

قال المفضّل : فقلت له : ما معنى ذلك يا بن رسول الله ؟

قال : معناه أنّكم الائمّة بعدي ، أنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة((1)) .

تفسير البرهان : الشيباني في (كشف البيان) ، روي في أخبارنا عن

ص: 145


1- - معاني الأخبار : ص79 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص316 . والظاهر أنّ معنى الحديث أنّ القيامة تقوم والإمامة فينا ولا إمام غيرنا .

أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) أنّ هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الذي يظهر في آخر الزمان ، ويبيد الجبابرة والفراعنة ، ويملك الأرض شرقاً وغرباً ، فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً((1)) .

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الوشّاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي الصباح الكناني قال : نظر أبو جعفر (عليه السّلام) إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) يمشي فقال : ترى هذا ؟ هذا من الذين قال الله (عزّوجلّ) : (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)((2)) .

الإرشاد : روى أبان بن عثمان ، عن أبي الصباح الكناني قال : ... وذكر مثله((3)) .مجمع البيان : روى العياشي بالإسناد ، عن أبي الصباح الكناني قال : نظر أبو جعفر (عليه السّلام) إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال : هذا والله من الذين قال الله تعالى : (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ) الآية((4)) .

ص: 146


1- - تفسير البرهان : ج7 ص323 .
2- - الكافي : ج1 ص306 ح1 .
3- - الارشاد للمفيد : ص271 .
4- - مجمع البيان : ج4 ص239 . منه تفسير البرهان : ج7 ص320 .

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) : قال أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : لتعطفنّ علينا الدّنيا بعد شماسها عطف الضروس((1)) عن ولدها ، ثمّ قرأ (عليه السّلام) (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) الآية((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الاَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (6) .

باب (5) الانتقام من الصَّنمين

تفسير البرهان : الشيباني روي عن الباقر والصادق (عليهما السّلام) : انّ فرعون وهامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش ، يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمّد في آخر الزمان ، فينتقم منهما بما

ص: 147


1- - شمس الرجل : امتنع وأبى . وشمس فلان لفلان : تنكّر وابدى له العداوة وهمَّ له بالشرّ . والضروس : الناقة السّيئة الخُلق تعضّ حالبها (أقرب الموارد) . والمعنى : سوف ترجع الدنيا إلينا وتعطف علينا ونأخذ أزمّتها بأيدينا وذلك بعد ظهور الإمام المهدي (عليه السّلام) وقيام دولته .
2- - خصائص أمير المؤمنين (عليه السّلام) : ص40 . منه تفسير البرهان : ج7 ص319 .

أسلفا((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْن لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) (7 - 9) .

باب (6) الامام الصادق يتحدَّث عن الامام المهدي

كمال الدّين : حدثنا محمد بن علي بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني قال : حدثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشّاء البغدادي قال : حدثنا أحمد بن طاهر ] القمي [ قال : حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني قال : أخبرنا علي بن الحارث ، عن سعيد بن منصور الجواشني قال : أخبرنا أحمد بن علي البديلي قال : أخبرنا أبي عن سدير الصيرفي قال : دخلت أنا والمفضّل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبدالله الصادق (عليه السّلام) فرأيناه جالساً على التّراب وعليه مِسْح

ص: 148


1- - تفسير البرهان : ج7 ص323 ح14 .

خيبريّ((1)) مطوّق بلا جيب مقصّر الكمّين وهو يبكي بكاء الواله((2)) الثكلى ذات الكبد الحرّى قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغيير في عارضيه وأبلى الدّموع محجريه وهو يقول : سيّدي غيبتك نفت رقادي وضيّقت عليَّ مهادي وابتزّت منّي راحة فؤادي ، سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجايع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد يفنى الجمع والعدد فما أحسُّ بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلاّ مثل بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها وبواقي أشدّها وأنكرها ونوائب مخلوطة بغضبك ونوازل معجونة بسخطك .

(إلى أن قال :) انّ الله (تبارك وتعالى) أدار للقائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل ، قدّر مولده تقدير مولد موسى ، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى ، وقدَّر إبطاءه تقدير إبطاء نوح ، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح - أعني الخضر - دليلاً على عمره .

فقلنا له : اكشف لنا يابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني .

قال (عليه السّلام) : أمّا مولد موسى فانَّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة فدلّوه على نسبه وانّه يكون من بني اسرائيل ولم يزل يأمر أصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني

ص: 149


1- - المِسْح : الكساء من شعر كثوب الرهبان (أقرب الموارد) .
2- - وَلَه الرجل : حزن فهو والِه (أقرب الموارد) .

اسرائيل حتّى قتل في طلبه نيفاً وعشرين ألف مولود ، وتعذّر عليه الوصول إلى قتل موسى بحفظ الله (تبارك وتعالى) إيّاه ، وكذلك بنو أميّة وبنو العبّاس لمّا وقفوا على انّ زوال ملكهم وملك الأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا ناصبونا العداوة ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرّسول (صلّى الله عليه وآله) وإبادة نسله طمعاً منهم في الوصول إلى قتل القائم ويأبى الله (عزّوجلّ) أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره المشركون ... الى آخر الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْم-ُحْسِنِينَ) (14) .

باب (7) متى يبلغ الانسان أشدَّه ؟

معاني الأخبار : حدثنا أبي (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن عبدالله بن رباط ، عن محمد بن النعمان الأحول ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً) .

ص: 150


1- - كمال الدين : ص352 ح50 .

قال : أشدّه : ثمان عشر سنة ، وإستوى : إلتحى((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَة مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ) (15) .

باب (8) اسم الشيعة في القرآن

مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) روى أبو بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ليهنئكم الاسم .

قال : قلت : وما الاسم ؟

قال : الشيعة .

قال : أما سمعت الله سبحانه يقول : (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ)((2)) .

* * * * *

ص: 151


1- - معاني الأخبار : ص226 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص334 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص244 . منه تفسير البرهان : ج7 ص334 .

قوله تعالى : (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِيرٌ * فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (24 و25) .

باب (9) النبي موسى يسأل الله الطعام

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) - حكاية عن ] قول [موسى (عليه السّلام) - : (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِيرٌ) .

قال : سأل الطعام((1)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (تبارك وتعالى) : ... وذكر مثله((2)) .

تفسير العياشي : عن الحفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول موسى لفتاه : (آتِنَا غَدَاءَنَا)((3)) وقوله : (رَبِّ إِنِّي لِمَا

ص: 152


1- - الكافي : ج6 ص287 ح5 .
2- - المحاسن : ج2 ص415 ح2455 الطبعة الحديثة .
3- - الكهف 18 : 62 .

أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِيرٌ) فقال : إنّما عنى الطعام . وقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ موسى لذو جَوَعات((1)) .

أقول : قوله (عليه السّلام) : « ... لذو جوعات » معناه : أنّ نبي الله موسى طلب الطعام عدّة مرّات تارة من فتاه وأُخرى من الله مباشرة .

* * * * *

قوله تعالى : (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الاَْمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَج فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الاَْجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) (26 - 28) .

باب (10) زواج النبي موسى

مجمع البيان : روى الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سُئل أيّتها التي قالت : إنّ أبي يدعوك ؟

قال : التي تزوّج بها .

قيل : فأيَّ الأجلين قضى ؟

قال : أوفاهما وأبعدهما عشر سنين .

ص: 153


1- - تفسير العياشي : ج3 ص98 ح2668 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج7 ص334 .

قيل : فدخل بها قبل أن يمضي الشّرط أو بعد انقضائه ؟

قال : قبل أن ينقضي .

قيل له : فالرجل يتزوّج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين ، أيجوز ذلك ؟

قال : إنّ موسى علم انّه سيتم له شرطه .

قيل : كيف ؟

قال : علم انّه سيبقى حتّى يفي((1)) .تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم - في حديث - قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أيَّ الأجلين قضى ؟

قال : أتمّها عشر حجج .

قلت له : فدخل بها قبل أن يقضى الأجل أو بعده ؟

قال : قبل .

قلت : فالرجل يتزوّج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين أيجوز ذلك ؟

قال : انّ موسى علم انّه يتمّ له شرطه فكيف لهذا أن يعلم أنّه يبقى حتّى يفي ؟

ص: 154


1- - مجمع البيان : ج4 ص250 . منه تفسير البرهان : ج7 ص336 .

قلت له : جعلت فداك أيّتهما زوّجه شعيب من بناته ؟

قال : التي ذهبت إليه فدعته وقالت لأبيها : (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الاَْمِينُ)((1)) .

باب (11) لا يحلّ النكاح بالإجارة

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا يحلّ النكاح اليوم في الإسلام بإجارة أن يقول : أعمل عندك كذا وكذا سنة على أن تزوّجني ابنتك أو أُختك قال : ] هو [ حرام لأنّه ثمن رقبتها وهي أحقّ بمهرها((2)) .

من لا يحضره الفقيه : روى اسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) أنّ عليّاً (عليه السّلام) قال : لا يحلّ ... وذكر مثله بزيادة .

وفي حديث آخر : إنّما كان ذلك لموسى بن عمران لأنّه علم من طريق الوحي هل يموت قبل الوفاء أم لا فوفى بأتمّ الأجلين((3)) .

* * * * *

ص: 155


1- - تفسير القمي : ج2 ص139 .
2- - الكافي : ج5 ص414 ح2 .
3- - من لا يحضره الفقيه : ج3 ص423 ح4471 .

قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الاَْجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لاَِهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَر أَوْ جَذْوَة((1)) مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الاَْيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (29 و30) .

باب (12) ما هي البقعة المباركة ؟

التهذيب : أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن الحكم ، عن مخرمة بن ربعي قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : شاطئ الوادي الأيمن - الذي ذكره الله تعالى في القرآن - هو الفرات والبقعة المباركة هي كربلاء((2)) .

كامل الزيارات : حدثني محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن مهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن علي بن الحكم ، عن عرفة ، عن ربعي قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ... وذكر نحوه((3)) .

ص: 156


1- - الجذوة : قطعة غليظة من الحطب فيها نار بغير لهب (مجمع البحرين) .
2- - التهذيب : ج6 ص38 ح80 .
3- - كامل الزيارات : ص109 ح10 .

باب (13) بعثة النبي موسى

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي جميلة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإنّ موسى ذهب ليقتبس لأهله ناراً فانصرف إليهم وهو نبيٌّ مرسل((1)) .

باب (14) اصلاح أمر الإمام المهدي في ليلة

كمال الدين : روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال لبعض أصحابه : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإنّ موسى بن عمران خرج ليقتبس لأهله ناراً فرجعإليهم وهو رسول نبي فأصلح الله (تبارك وتعالى) أمر عبده ونبيّه موسى في ليلة ، وهكذا يفعل الله (تبارك وتعالى) بالقائم الثاني عشر من الأئمّة يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسى ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور((2)) .

ص: 157


1- - الكافي : ج5 ص83 ح2 .
2- - كمال الدين : ص151 .

باب (15) عصا موسى

مجمع البيان : روى عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : كانت عصا موسى قضيب آس من الجنّة ، أتاه به جبرئيل لمّا توجّه تلقاء مدين((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنصَرُونَ) (41) .

باب (16) أئمّة الحق وأئمّة الكفر

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، ومحمد بن الحسين ، عن محمد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال : إنّ الأئمة في كتاب الله (عزّوجلّ) إمامان ، قال الله (تبارك وتعالى) : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا)((2)) لا بأمر النّاس

ص: 158


1- - مجمع البيان : ج4 ص350 . منه تفسير البرهان : ج7 ص338 .
2- - الانبياء 21 : 73 .

يقدّمون أمر الله قبل أمرهم ، وحكم الله قبل حكمهم ، قال : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) يقدّمون أمرهم قبل أمر الله ، وحكمهم قبل حكم الله ، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله (عزّوجلّ)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الاَْمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (44) .

باب (17) النبي والوصي شاهدان

تأويل الآيات الظاهرة : جاء في تفسير أهل البيت (صلوات الله عليهم) قال : روى بعض أصحابنا ، عن سعيد بن الخطّاب حديثاً يرفعه إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الاَْمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّما هي : أَوَ ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشّاهدين .

قال أبو عبدالله (عليه السّلام) في بعض رسائله : ليس موقف أوقف الله سبحانه نبيّه فيه ليشهده ويستشهده إلاّ ومعه أخوه وقرينه وابن عمّه

ص: 159


1- - الكافي : ج1 ص216 ح2 .

ووصيّه ويؤخذ ميثاقهما معاً((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِير مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (46) .

باب (18) خطاب الله الى شيعة آل محمّد

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك ، عن الحسن بن علي بن مروان ، عن ظاهر بن مدرار ، عن أخيه ، عن أبي سعيد المدائني قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا) ؟

قال : كتاب كتبه الله (عزّوجلّ) في ورقة آس قبل أن يخلق الخلق بألفي عام ، فيها مكتوب : يا شيعة آل محمد أعطيتُكم قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني ، من أتى منكم بولاية محمّد وآل محمّد (عليهم السّلام) اسكنته جنّتي برحمتي((2)) .الاختصاص : حدثني سهل بن زياد الأدمي قال : حدثني عروة بن

ص: 160


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص417 ح8 و9 . منه تفسير البرهان : ج7 ص343 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص417 ح10 . منه تفسير البرهان : ج7 ص343 .

يحيى ، عن أبي سعيد المدائني قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : ما معنى قول الله (عزّوجلّ) في محكم كتابه ... وذكر نحوه((1)) .

تفسير فرات الكوفي : قال فرات : حدثني جعفر بن محمد الفزاري ] قال : حدثنا الحسين بن علي بن مروان ، عن ظاهر بن مدار ، عن أخيه [عن أبي سعيد المدائني قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : ما معنى قوله : ... وذكر نحوه((2)) .

تأويل الآيات الظاهرة : يؤيده ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) بإسناده ، عن الفضل بن شاذان يرفعه إلى سليمان الديلمي ، عن مولانا جعفر بن محمد (عليه السّلام) قال : قلت لسيدي أبي عبدالله (عليه السّلام) : ما معنى قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا) ؟

قال : كتاب كتبه الله (عزّوجلّ) قبل أن يخلق الخلق بألفي عام ، في ورَقة آس فوضَعها على العرش .

قلت : يا سيدي وما في ذلك الكتاب ؟

قال : في الكتاب مكتوب : يا شيعة آل محمد ، أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم قبل أن تعصوني ، وعفوت عنكم قبل أن تذنبوا ،

ص: 161


1- - الاختصاص : ص111 . منه تفسير البرهان : ج7 ص344 .
2- - تفسير فرات الكوفي : ص316 ح426 .

من جاءَني منكم بالولاية أسكنته جنّتي برحمتي((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَاب مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (49 و50) .

باب (19) المنحرف عن آل محمّد في ضلال مبين

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن المعلّى بن خنيس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ) يعني من يتَّخذ دينه رأيه بغير هدى أئمّة من أئمّة الهُدى((2)) .

تأويل الآيات الظاهرة : روى علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم ابن سليمان ، عن المعلّى بن خنيس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في

ص: 162


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص417 ح11 . منه تفسير البرهان : ج7 ص344 .
2- - بصائر الدرجات : ص33 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص347 .

قوله : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ) قال : هو من يتخذ دينه برأيه بغير هدى إمام من الله من أئمة الهدى((1)) .

بصائر الدرجات : حدثنا عبدالله بن محمد بن الحسين ، عن الحجّال ، عن غالب النحوي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (تعالى) : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ) .

قال : اتّخذ رأيه ديناً((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (51) .

باب (20) إمام بعد إمام

أمالي الطوسي : أخبرنا أبو محمد الفحام قال : حدثني المنصوري قال : حدثني عمّ أبي أبو موسى عيسى بن أحمد قال : حدثني الإمام علي ابن محمد قال : حدثني أبي ، عن أبيه علي بن موسى قال : حدثني أبي موسى بن جعفر قال : قال الصادق (عليه السّلام) : (وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ) قال : إمام بعد إمام((3)) .

ص: 163


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص420 ح13 . منه تفسير البرهان : ج7 ص347 .
2- - بصائر الدرجات : ص33 ح4 .
3- - أمالي الطوسي : ص294 ح576 .

تفسير القمي : أخبرنا أحمد بن ادريس ، عن أحمد بن محمد ، عن معاوية بن حكيم ، عن أحمد بن محمد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله ... وذكر مثله((1)) .

مختصر بصائر الدرجات : علي بن اسماعيل بن عيسى وأحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله((2)) .

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا الحسين بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن حمران ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله((3)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن بعض أصحابه ومحمّد بن الهيثم جميعاً ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله((4)) .

* * * * *

ص: 164


1- - تفسير القمي : ج2 ص141 .
2- - مختصر بصائر الدرجات : ص64 .
3- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص420 ح14 . منها تفسير البرهان : ج7 ص348 .
4- - بصائر الدرجات : ص535 ح38 .

قوله تعالى : (أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (54) .

باب (21) الصبر على التقيَّة

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، وغيره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا) .

قال : بما صبروا على التقيّة (وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) قال : الحسنة : التقية ، والسيّئة : الإذاعة((1)) .المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام ابن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((2)) .

باب (22) صبر الشيعة

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : نحن صبرنا وشيعتنا أصبر منّا ، لأنّا صَبْرنا

ص: 165


1- - الكافي : ج2 ص217 ح1 .
2- - المحاسن : ج1 ص400 ح900 الطبعة الحديثة .

بعلم ، وصبروا على ما لا يعلمون((1)) .

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : نحن صبرنا ، وشيعتنا أصبر منّا ، وذلك إنّا صبرنا على ما نعلم ، وهم صبروا على ما لا يعلمون((2)) .

باب (23) الصبر يكون مع المؤمن في قبره

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله ابن كولوم ، عن أبي سعيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه ، والزكاة عن يساره ، والبِرّ يطلّ عليه ، ويتنحّى الصَّبر ناحية ، وإذا دخل عليه الملكان اللّذان يليان مساءلته قال الصّبر للصلاة والزكاة : دونكما صاحبكم ، فان عجزتم عنه فأنا دونه((3)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله ابن مرحوم ، عن أبي سيّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : اذا دخل المؤمن في قبره ، كانت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره والبِرّ مظلّ عليه ويتنحّى الصبر ناحية ، فاذا دخل عليه الملكان اللّذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة والبِرّ : دونكم صاحبكم ،فان عجزتم عنه

ص: 166


1- - تفسير القمي : ج1 ص365 . منه تفسير البرهان : ج7 ص350 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص141 . منه تفسير البرهان : ج7 ص350 .
3- - الكافي : ج3 ص240 ح13 .

فأنا دونه((1)) .

باب (24) استحباب المداراة مع الناس

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) معناه : يدفعون بالمداراة مع النّاس أذاهم عن أنفسهم ، وروي مثل ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْء رِزْقاً مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) (56 و57) .

باب (25) النهي عن مخالطة العامَّة

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضّال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : اجعلوا أمركم لله ولا تجعلوه للنّاس فإنّه ما كان لله فهو لله وما كان للنّاس

ص: 167


1- - الكافي : ج2 ص90 ح8 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص258 . منه تفسير البرهان : ج7 ص350 .

فلا يصعد إلى الله ولا تخاصموا النّاس لدينكم فإنّ المخاصمة ممرضة للقلب إنّ الله (عزّوجلّ) قال لنبيّه (صلّى الله عليه وآله) : (إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ) وقال : (أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ)((1)) ذروا النّاس فإنّ الناس أخذوا عن النّاس وانّكم أخذتم عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إنّي سمعت أبي (عليه السّلام) يقول : إنّ الله (عزّوجلّ) إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطّير إلى وكره((2)) .التوحيد : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد مثله((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْم-ُحْضَرِينَ) (61) .

باب (26) الانتقام من أعداء الولاية وعْدٌ الهي

تأويل الآيات الظاهرة : روى الحسن بن أبي الحسن الديلمي

ص: 168


1- - يونس 10 : 99 .
2- - الكافي : ج1 ص166 ح3 .
3- - التوحيد : ص414 ح13 .

(رحمه الله) بإسناده عن رجاله إلى محمد بن علي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ) .

قال : الموعود : علي بن أبي طالب ، وعده الله تعالى أن ينتقم له من أعدائه في الدُّنيا ، ووعده الجنّة له ولأوليائه في الآخرة((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) (65) .

باب (27) ماذا يجري على الإِنسان في القبر ؟

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبد الحميد الطائي ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ العبد إذا دخل قبرَه جاءه منكر ، فزع منه يسأل عن النبي (صلّى الله عليه وآله) فيقول له : ماذا تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم ؟ فان كان مؤمناً ، قال : « أشهد أنّه رسول الله جاء بالحقّ » .

فيقال له : أرقد رقدة لا حلم فيها ، ويتنحّى عنه الشّيطان ، ويُفسَح له في قبره سبعة أذرع ورأى مكانه في الجنّة . قال : وإذا كان كافراً قال : ما أدري ، فيُضرَبضربة يسمعها كلّ من خلق الله إلاّ الإنسان ، ويسلّط عليه

ص: 169


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص422 ح18 . منه تفسير البرهان : ج7 ص360 .

الشيطان ، وله عينان من نحاس أو نار يلمعان كالبرق الخاطف ، فيقول له : أنا أخوك ويسلّط عليه الحيّات والعقارب ، ويُظلم عليه قبره ، ثمّ يضغطه ضغطة تختلف اضلاعه عليه ، ثمّ نال بأصابعه فشرجها((1)) و((2)) .

أقول : قوله (عليه السّلام) : « ... تختلف أضلاعه عليه ... » أي تدخل أضلاع صدره في عظام ظهره من شدّة الضغطة كمن يُدخل أصابع يده اليمنى في اليسرى .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) (76) .

باب (28) كان قارون من بني اسرائيل

مجمع البيان : في قوله تعالى : (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى) أي كان من بني اسرائيل ثمّ من سبط موسى وهو ابن خالته ، عن عطا عن ابن عباس وروي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((3)) .

ص: 170


1- - شَرَجتُ اللِّبَنَ شَرجاً : نضدتها أي ضممت بعضها إلى بعض (مجمع البحرين) .
2- - تفسير القمي : ج2 ص143 . منه تفسير البرهان : ج7 ص361 .
3- - مجمع البيان : ج4 ص266 .

باب (29) استحباب ذكر الله على كلّ حال

الخصال : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطّار (رضي الله عنه) قال : حدثني أبي ، عن الحسين بن اسحاق التّاجر ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن اسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : أوحى الله (تبارك وتعالى) إلى موسى : لا تفرح بكثرة المال ، ولا تَدَع ذكري على كلّ حال ، فإنّ كثرة المال تنسي الذّنوب ، وترك ذكري يُقسي القلوب((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَابْتَغِ فِيم-َا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الاْخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الاَْرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (77) .

باب (30) لا تنس خمسة أمور

معاني الأخبار : حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري قال : حدثنا محمد بن أحمد القشيري قال : حدثنا أبو الحويش

ص: 171


1- - الخصال : ص39 ح23 .

أحمد بن عيسى الكوفي قال : حدثنا موسى بن اسماعيل بن موسى بن جعفر قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) .

قال : لا تنس صحّتك وقوّتك وفراغَك وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الآخرة((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (83) .

باب (31) الأخذ من الدنيا بقدر الضرورة

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا حفص ما منزلة الدُّنيا من نفسي إلاّ بمنزلة الميتة ، إذا اضطررت إليها أكلت منها ، يا حفص إنّ الله (تبارك وتعالى) علم ما العباد عاملون ، وإلى ما هم صايرون ، فحلم عنهم عند أعمالهم السيّئة لعلمه السّابق فيهم ، فلا

ص: 172


1- - معاني الأخبار : ص325 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص369 .

يغرنّك حُسن الطلب ممّن لا يخاف الفوت ، ثمّ تلا قوله : (تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ) الآية ، وجعل يبكي ويقول : ذهبت والله الأماني عند هذه الآية .ثمّ قال : فاز والله الأبرار أتدري من هم ؟ هم الذين لا يؤذون الذر((1)) ، كفى بخشية الله علماً ، وكفى بالاغترار بالله جهلاً .

يا حفص إنّه يُغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يُغفَر للعالم ذنب واحد ، من تعلّم وعلّم وعمل بما عَلِم دُعي في ملكوت السماوات عظيماً فقيل : تعلّم لله وعمل لله وعلّم لله .

قلت : جعلت فداك ما حدّ الزّهد في الدّنيا ؟

فقال : قد حدّ الله في كتابه ، فقال (عزّوجلّ) : (لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)((2)) انّ أعلم الناس بالله أخوفهم لله ، وأخوفهم له أعلمهم به ، وأعلمهم به أزهدهم فيها .

فقال له رجل : يا بن رسول الله أوصِني .

فقال : اتق الله حيث كنت فإنّك لا تستوحش .

وقال أبو عبدالله (عليه السّلام) أيضاً في قوله : (عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً) قال : العلوّ : الشّرف ، والفساد : النساء((3)) .

* * * * *

ص: 173


1- - الذّر : جمع ذرّة وهي أصغر النمل (الصحاح) .
2- - الحديد 57 : 23 .
3- - تفسير القمي : ج2 ص146 . منه تفسير البرهان : ج7 ص372 . وفيه : والفساد : البناء .

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَاد قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَل مُّبِين) (85) .

باب (32) رجوع بعض المعصومين إلى الدنيا

تأويل الآيات الظاهرة : محمد بن العباس قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك ، عن الحسن بن علي بن مروان ، عن سعيد بن عمر ، عن أبي مروان قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَاد) ؟قال : فقال لي : لا والله ، لا تنقضي الدُّنيا ولا تَذهب حتّى يجتمع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعلي بالثّوية ، فيلتقيان ويبنيان بالثوية مسجداً له اثنا عشر ألف باب ، يعني موضعاً بالكوفة((1)) .

مختصر بصائر الدرجات : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، ومحمد بن خالد البرقي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن المعلّى بن عثمان ، عن المعلّى بن خنيس قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : أوّل من يرجع إلى الدُّنيا الحسين ابن علي فيملك حتّى يسقط حاجباه على عينيه من الكبر .

ص: 174


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص424 ح21 . منه تفسير البرهان : ج7 ص376 .

قال : فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَاد) قال : نبيّكم (صلّى الله عليه وآله) راجع اليكم((1)) .

أقول : قد ذكرنا بعض الأحاديث المرتبطة بالرّجعة في سورة النمل - باب 31 - من هذا الجزء كما تحدَّثنا عن الرجعة في كتابنا : الإمام المهدي من المهد إلى الظهور .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (88) .

باب (33) لا تَدْعُ مع الله إلهاً آخر

تفسير القمي : قوله : (وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ) المخاطبة للنبي والمعنى للناس ، وهو قول الصادق (عليه السّلام) : إنّ الله بعث نبيّه بإيّاك أعني واسمعي يا جارة((2)) .

ص: 175


1- - مختصر بصائر الدرجات : ص28 . منه تفسير البرهان : ج7 ص375 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص147 . منه تفسير البرهان : ج7 ص377 .

باب (34) الوجه الذي لا يهلك

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) .

قال : من أتى الله بما اُمر به من طاعة((1)) محمد (صلّى الله عليه وآله) فهو الوجه الذي لا يهلك ، وكذلك((2)) قال : (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ)((3)) و((4)) .

المحاسن : البرقي ، عن أحمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله ... وذكر مثله((5)) .

التوحيد : حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) ، عن محمد ابن يحيى العطّار ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((6)) .

ص: 176


1- - في المحاسن : من طاعته وطاعة .
2- - في المحاسن : ولذلك .
3- - النساء 4 : 80 .
4- - الكافي : ج1 ص143 ح2 .
5- - المحاسن : ج1 ص345 ح715 الطبعة الحديثة .
6- - التوحيد : ص149 ح3 .

باب (35) الأَئمَّة وجه الله الذي يُؤتى منه

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن سيف بن عميرة ، عمّن ذكره ، عن الحارث بن المغيرة النصري قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (تبارك وتعالى) : (كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) ؟

فقال : ما يقولون فيه ؟

قلت : يقولون : يهلك كلّ شيء إلاّ وجه الله .

فقال : سبحان الله ! لقد قالوا قولاً عظيماً ، إنّما عَنى بذلك وَجْهَ الله الذي يُؤتى منه((1)) .بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن علي بن أبي حمزة ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بصير ، عن الحارث بن المغيرة قال : كنّا عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فسأله رجل عن قول الله تعالى ... وذكر نحوه وزاد : ونحن وجهه الذي يؤتى منه((2)) .

الكافي : محمّد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن إسماعيل ، عن

ص: 177


1- - الكافي : ج1 ص143 ح1 .
2- - بصائر الدرجات : ص84 ح1 .

الحسين بن الحسن ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن((1)) بن سعيد ، عن الهيثم بن عبدالله ، عن مروان بن صباح قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : انّ الله خلقنا فأحسن خلقنا ، وصوّرنا فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه في عباده ، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ، ووجهه الذي يؤتى منه ، وبابه الذي يدلّ عليه وخزّانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار ، وبنا ينزل غيث السماء وينبت عشب الأرض وبعبادتنا عُبد الله ، ولولا نحن ما عُبد الله((2)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين ، عن بعض أصحابنا ، عن سيف بن عميرة ، عن ابن المغيرة قال : كنّا عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فسأله رجل عن قول الله تعالى : (كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) ؟

قال : ما يقولون فيه ؟

قلت : يقولون : يهلك كلّ شيء إلاّ وجهه .

فقال : يهلك كلّ شيء إلاّ وجهه الذي يؤتى منه ونحن وجه الله الذي يؤتى منه((3)) .

ص: 178


1- - في تفسير البرهان : الحسين .
2- - الكافي : ج1 ص144 ح5 . منه تفسير البرهان : ج7 ص379 .
3- - بصائر الدرجات : ص86 ح6 .

التوحيد : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن علي بن سيف ، عن أخيه الحسين بن سيف ، عن أبيه سيف بن عميرةالنخعي ، عن خيثمة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) ؟

قال : دينه ، وكان رسول الله وأمير المؤمنين دين الله ، ووجهه وعينه في عباده ولسانه الذي ينطق به ويده على خلقه ، ونحن وجه الله الذي يؤتى منه ، لن نزال في عباده ما دامت لله فيهم رويّة .

قلت : وما الرَّويّة ؟

قال : الحاجة فإذا لم يكن لله فيهم حاجة رَفَعنا إليه وصَنع ما أحبّ((1)) .

كمال الدين : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن جعفر بن بشير ، عن عمر بن أبان ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) .

قال : نحن الوجه الذي يؤتى الله (عزّوجلّ) منه((2)) .

مناقب آل أبي طالب : أبو حمزة ، عن الباقر ، وضريس الكناسي ،

ص: 179


1- - التوحيد : ص151 ح7 .
2- - كمال الدين : ص231 ح34 . منه تفسير البرهان : ج7 ص380 .

عن الصادق (عليه السّلام) في قوله تعالى : (كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) .

قال : نحن الوجه الذي يؤتى الله منه((1)) .

التوحيد : حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) ، عن محمد ابن يحيى العطّار ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمّال قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : نحن وجه الله الذي لا يهلك((2)) .

معاني الأخبار - التوحيد : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن ربيع الورّاق ،عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) .

قال : نحن((3)) .

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : أخبرنا عبدالله بن العلاء المخاري ، عن محمد بن الحسن بن شمّون ، عن عبدالله بن عبد الرحمن ، عن عبدالله بن القاسم ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : (كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) .

ص: 180


1- - مناقب آل أبي طالب : ج4 ص214 .
2- - التوحيد : ص150 ح4 . منه تفسير البرهان : ج7 ص381 .
3- - معاني الأخبار : ص13 ح2 - التوحيد : ص150 ح5 . منه تفسير البرهان : ج7 ص381 .

قال : نحن وجه الله (عزّوجلّ)((1)) .

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، (عن يونس بن عبد الرحمن) عن يونس ابن يعقوب ، عمّن حدثه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) ما أريد به وجه الله ، ووجه الله علي (عليه السّلام)((2)) .

مناقب آل أبي طالب : قال الصادق (عليه السّلام) : نحن وجه الله ونحن الآيات ونحن البيّنات ونحن حدود الله((3)) .

باب (36) المنحرف عن الحق هالك

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي سعيد ، عن أبي بصير ، عن الحارث بن المغيرة النضري قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله تعالى : (كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) ؟

قال : كلّ شيء هالك إلاّ من أخذ طريق الحقّ((4)) .

ص: 181


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص426 ح26 . منه تفسير البرهان : ج7 ص382 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص426 ح27 . منه تفسير البرهان : ج7 ص383 .
3- - مناقب آل أبي طالب : ج3 ص272 .
4- - المحاسن : ج1 ص344 ح714 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج7 ص380 .

التوحيد : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن الحارث ابن المغيرة النصري مثله((1)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن الحارث بن المغيرة النضري قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله تعالى : (كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) ؟

فقال : كلّ شيء هالك إلاّ من أخذ الطريق الذي أنتم عليه((2)) .

ص: 182


1- - التوحيد : ص149 ح2 .
2- - المحاسن : ج1 ص316 ح628 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج7 ص379 .

سورة العنكبوت

باب (1) استحباب تلاوة سورة العنكبوت وسورة الرّوم

ثواب الأعمال : حدثني محمد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدّثني محمد بن يحيى قال : حدثني محمد بن أحمد ، عن محمد بن حسّان ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قرأ سورة العنكبوت والرّوم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين ، فهو - والله يا أبا محمد - من أهل الجنّة ، ولا أستثني فيه أبداً ، ولا أخاف أن يكتب الله عليّ في يميني إثماً ، وإنّ لهاتين السورتين من الله مكاناً((1)) .

باب (2) فائدة كتابة سورة العنكبوت

تفسير البرهان : من كتاب (خواص القرآن) قال الصادق (عليه

ص: 183


1- - ثواب الأعمال : ص136 . منه تفسير البرهان : ج7 ص385 .

السّلام) : من كتبها وشربها زال عنه حُمَّى الرّبع((1)) والبرد والألم ، ولم يغتم من وجع أبداً الاّ وجع الموت الذي لابدّ منه ، ويكثر سروره ما عاش .

وشُرْب مائها يُفرِح القلب ، ويشرح الصدر ، وماؤها يُغسَل به الوجه للحمرة والحرارة ، ويزيل ذلك .

ومن قرأها على فراشه وإصبعه في سُرَّته يديره حولها ، فإنّه ينام من أوّل الليل إلى آخره ولم ينتبه إلاّ الصّبح بإذن الله (تعالى)((2)) .* * * * *

قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ) (1 و2) .

باب (3) الامتحان بالابتلاء في النفس والمال

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ) قيل : إنّ معنى يفتنون يبتلون في أنفسهم وأموالهم . وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((3)) .

ص: 184


1- - الرِّبْع في الحُمّى : أن يُحمَّ يوماً ويُترك يومين لا يُحمّ ويُحمّ في اليوم الرابع ، وهي حُمَّى رِبْع (لسان العرب) .
2- - تفسير البرهان : ج7 ص385 ح4 .
3- - مجمع البيان : ج4 ص272 . منه تفسير البرهان : ج7 ص390 .

باب (4) الاختبار الالهي على الولاية

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا أحمد بن هوذة ، عن ابراهيم بن اسحاق ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن سماعة بن مهران ] عن أبي عبدالله (عليه السّلام) [ قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذات ليلة في المسجد ، فلمّا كان قرب الصُّبح دخل أمير المؤمنين ، فناداه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال : يا علي .

قال : لبّيك .

قال : هلمّ إليّ ، فلمّا دنا منه قال : يا علي بتُّ الليلة حيث تراني فقد سألت ربّي ألف حاجة فقضاها لي ، وسألت لك مثلها فقضاها لي ، وسألت ربّي أن يجمع لك اُمّتي من بعدي ، فأبى عليَّ ربِّي فقال : (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (3) .

ص: 185


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص428 ح4 . منه تفسير البرهان : ج7 ص389 .

باب (5) قراءة الإمام علي لهذه الآية

مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) قرأ علي (عليه السّلام) : فليُعْلمن الّذين صدقوا وليُعلِمن الكاذبين ، بضم الياء وكسر اللاّم فيهما . وهو المروي عن جعفر ابن محمد (عليهما السّلام)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الاِْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (8) .

باب (6) النبي والوصي : الوالدان

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي الجارود قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : وذكر هذه الآية (وَوَصَّيْنَا الاِْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً) فقال : رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أحد الوالدين .

ص: 186


1- - مجمع البيان : ج4 ص271 .

فقال عبدالله بن عجلان : من الآخر ؟

فقال : علي (عليه السّلام) ونساؤه علينا حرام وهي لنا خاصّة((1)) .

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا أحمد بن ادريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن بشير الدهان أنه سمع أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : رسول الله أحد الوالدين .

قال : قلت : والآخر ؟

قال : هو علي بن أبي طالب((2)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ) (11) .

باب (7) علامة الإيمان والنفاق

مناقب آل أبي طالب : الصادق (عليه السّلام) (وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) يعني : بولاية علي (وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ) يعني : الذين أنكروا

ص: 187


1- - الكافي : ج5 ص420 ح2 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص437 ح4 . منه تفسير البرهان : ج7 ص475 .

ولايته((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَة إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) (14) .

باب (8) من قصص النبي نوح

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : عاش نوح (عليه السّلام) ألفي سنة وثلاثمائة سنة ، منها ثمانمائة وخمسين سنة قبل أن يبعث ، وألف سنة إلاّ خمسين عاماً وهو في قومه يدعوهم ، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء ، فمصّر الأمصار ، واسكن ولده البلدان .

ثمّ إنّ مَلك الموت جاءه وهو في الشمس ، فقال : السّلام عليك ، فردّ عليه نوح قال : ما جاء بك يا ملك الموت ؟

قال : جئتك لأقبض روحك .

قال : دعني أدخل من الشمس إلى الظل ؟

ص: 188


1- - مناقب آل أبي طالب : ج3 ص206 .

فقال له : نعم فتحوّل ، ثمّ قال : يا ملك الموت ، كلّ ما مرّ بي من الدّنيا مثل تحويلي من الشمس إلى الظل ، فامض لما اُمرت به فقبض روحه (عليه السّلام)((1)) .

أمالي الصدوق : حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ابراهيم بن هاشم ، عن علي ابن الحكم ، عن هشام بنسالم ، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السّلام) قال : عاش نوح ألفي سنة وخمسمائة سنة ، منها ثمان مائة وخمسون سنة قبل أن يبعث ، وألف سنة إلاّ خمسين عاماً وهو في قومه يدعوهم ، ومائتا سنة في عمل السفينة ، وخمسمائة عام بعدما نزل من السّفينة ونضب الماء ، فمصر الأمصار ، واسكن ولده البلدان .

ثمّ إنّ ملك الموت جاءه وهو في الشّمس فقال : السلام عليك ، فردّ عليه نوح وقال له : ما جاء بك يا ملك الموت ؟

فقال : جئت لأقبض روحك .

فقال له : تدعني أدخل من الشمس إلى الظلّ ؟

فقال له : نعم ، فتحوّل نوح ، ثمّ قال : يا ملك الموت ، فكأنّ ما مرّ بي في الدُّنيا مثل تحوّلي من الشمس إلى الظل ، فامض لما أُمرت به .

ص: 189


1- - الكافي : ج8 ص284 ح429 .

قال : فقبض روحه (عليه السّلام)((1)) .

الكافي : محمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد ابن سنان ، عن اسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو وعبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : عاش نوح بعد الطُّوفان خمسمائة سنة ، ثمّ أتاه جبرئيل فقال : يا نوح انّه قد انقضت نبوّتك ، واستكملت أيّامك فانظر إلى الاسم الأكبر ، وميراث العلم وآثار علم النبوّة التي معك فادفعها إلى ابنك سام ، فإنّي لا أترك الأرض إلاّ وفيها عالم تُعرَف به طاعتي ، ويُعرف به هداي ، ويكون نجاة فيما بين مقبض النبي ومبعث النبي الآخر ، ولم أكن أترك النّاس بغير حجّة لي ، وداع إليّ وهاد إلى سبيلي ، وعارف بأمري ، فإنّي قد قضيت أن أجعل لكلّ قوم هادياً أهدي به السُّعداء ، ويكون حجّة لي على الأشقياء .

قال : فدفع نوح الاسم الأكبر ، وميراث العلم ، وآثار علم النبوّة إلى سام ، وأمّا حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به قال : وبشّرهم نوح بهود وأمرهم باتّباعه ، وأمرهم أن يفتحوا الوصيّة في كلّ عام ، وينظروا فيها ، ويكون عيداً لهم((2)) .

ص: 190


1- - أمالي الصدوق : ص413 ح7 . منه تفسير البرهان : ج7 ص397 .
2- - الكافي : ج8 ص285 ح430 .

باب (9) من أسماء النبي نوح

علل الشرايع : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن عليّ بن مهزيار ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : كان اسم نوح (عليه السّلام) عبد الغفّار وإنّما سمّي نوحاً لأنّه كان ينوح على نفسه((1)) .

علل الشرايع : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن سعيد بن جناح ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان اسم نوح عبد الملك وإنّما سمّي نوحاً لأنّه بكى خمسمائة سنة((2)) .

علل الشرايع : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، عمّن ذكره ، عن سعيد بن جناح، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان اسم نوح عبد الأعلى وإنّما سمّي نوحاً لأنّه بكى

ص: 191


1- - علل الشرايع : ص28 ح1 .
2- - علل الشرايع : ص28 ح2 .

خمسمائة عام((1)) .

أقول : لا منافاة في اختلاف أسماء النبي نوح (عليه السّلام) فكلّها تخصُّ معنى العبودية . واسم نوح من النياحة أي كان ينوح على نفسه عما كان فيه قومه من الضلالة .

* * * * *

قوله تعالى : (وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْض وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ) (25) .

باب (10) من أقسام الكفر : كفر البراءة

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن يزيد ، عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله (عزّوجلّ) .

قال : الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه - وذكر الحديث إلى أن قال : - والوجه الخامس من الكفر كفر البراءة وذلك قوله (عزّوجلّ) يحكي قول ابراهيم : (كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ

ص: 192


1- - علل الشرايع : ص28 ح3 .

أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)((1)) يعني تبرّأنا منكم ، وقال يذكر ابليس وتبرئته من أوليائه من الانس يوم القيامة : (إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ)((2)) وقال : (إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْض وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً) يعني يتبرَّء بعضكم من بعض((3)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن حمزة بن عبد الله ، عن جميل بن درّاج ، عن مالك بن أعين قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا مالك أما ترضون أن يأتي كلّ قوم يلعن بعضهم بعضاً إلاّ أنتم ومن قال بقولكم((4)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن النّضر ، عن الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن مالك الجهنيّ قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّه ليس من قوم أئتمّوا بإمامهم في الدنيا إلاّ جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلاّ أنتم ومن كان على مثل حالكم((5)) .

ص: 193


1- - الممتحنة 60 : 4 .
2- - ابراهيم 14 : 22 .
3- - الكافي : ج2 ص389 ح1 .
4- - المحاسن : ج1 ص239 ح438 الطبعة الحديثة .
5- - المحاسن : ج1 ص239 ح437 الطبعة الحديثة .

باب (11) من مات على الولاية مات شهيداً

الكافي : يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن مالك الجهني ، قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفّوا وتدخلوا الجنّة .

يا مالك : إنّه ليس من قوم إئتمّوا بإمام في الدنيا إلاّ جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلاّ أنتم ومن كان على مثل حالكم .

يا مالك : إنّ الميّت والله منكم على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (26) .

باب (12) النبي ابراهيم والنبي لوط

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعاً ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابراهيم بن أبي زياد الكرخي

ص: 194


1- - الكافي : ج8 ص146 ح122 .

قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ ابراهيم كان مولده بكوثى ربا وكان أبوه من أهلها وكانت اُمّ ابراهيم واُمّ لوط((1)) سارة وورقة - وفي نسخة رقيّة - أختين وهما ابنتان للاحج وكان اللاّحج نبيّاً منذراً ولم يكن رسولاً ... إلى آخر الحديث((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَد مِّنَ الْعَالَمِينَ) (28) .

باب (13) ابليس معلّم اللّواط

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قوم لوط (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَد مِّنَ الْعَالَمِينَ)فقال : إنّ إبليس أتاهم في صورة حسنةً فيه تأنيث عليه ثياب حسنة فجاء إلى شباب((3)) منهم فأمرهم أن يقعوا به ، فلو طلب إليهم أن يقع

ص: 195


1- - في بعض النسخ : امرأة ابراهيم وامرأة لوط . وهو أظهر . وفي كامل التواريخ : ان لوطاً كان ابن اخي ابراهيم (مرآة العقول ج26 ص556) .
2- - الكافي : ج8 ص370 ح560 .
3- - في علل الشرايع : شبّان .

بهم لأبوا عليه ولكن طلب إليهم أن يقعوا به((1)) فلمّا وقعوا به التذّوه ، ثمّ ذهب منهم وتركهم فأحال بعضهم على بعض((2)) .

علل الشرايع : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل قال : حدثنا عبدالله بن جعفر ، عن محمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي مثله((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (29) .

باب (14) من منكرات قوم لوط

التهذيب : ابراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) إنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) أبصر رجلاً يخذف((4)) بحصاة في المسجد فقال : ما زالت تلعن حتّى

ص: 196


1- - يقع به : يلوط به .
2- - الكافي : ج5 ص544 ح4 .
3- - علل الشرايع : ص547 ح3 .
4- - الخذف : الرّمي بالحصى الصغار بأطراف الأصابع (لسان العرب) .

وقعت .

ثمّ قال : الخذف في النادي من أخلاق قوم لوط ، ثمّ تلا (عليه السّلام) : (وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ) قال : هو الخذف((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُواْ أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ * قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * وَلَمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُوا لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) (30 - 33) .

تقدم في تفسير سورة هود 11 : 71 وما بعدها ما يناسب الآيات من الأحاديث .

* * * * *

قوله تعالى : (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (45) .

ص: 197


1- - التهذيب : ج3 ص262 ح741 .

باب (15) من علائم قبول الصلاة

مجمع البيان : في قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ) روى أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من أحبَّ أن يعلم أقُبلت صلاته أم لم تقبل ، فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء والمنكر ؟ فبقدر ما منعته قبلتْ منه((1)) .

باب (16) ذكر الله عند الحرام والحلال

تفسير البرهان : العياشي قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : وَلَذكرُ الله أكبر عندما أحلّ وحرم((2)) .

باب (17) الصلاة تحجز عن المعاصي

التوحيد : روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : الصلاة حجزة الله وذلك أنّها تحجز المصلّي عن المعاصي ما دام في صلاته قال الله

ص: 198


1- - مجمع البيان : ج4 ص285 . منه تفسير البرهان : ج7 ص414 .
2- - تفسير البرهان : ج7 ص415 ح4 .

(عزّوجلّ) : (إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ)((1)) .* * * * *

قوله تعالى : (وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (46) .

باب (18) ما فرض الله على اللسان

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقرّ به ، قال الله (تبارك وتعالى) : (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) فهذا ما فرض الله على اللسان وهو عمله ... الى آخر الحديث((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا

ص: 199


1- - التوحيد : ص166 ح4 .
2- - الكافي : ج2 ص35 .

يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ) (49) .

باب (19) الأَئمة هم الذين أُوتوا العلم

الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن يزيد شعر ، عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) .

قال : هم الائمّة خاصّة((1)) .

بصائر الدرجات : حدثنا محمّد بن الحسين ، عن يزيد مثله((2)) .الكافي : أحمد بن مهران ، عن محمّد بن علي ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) . قال : هم الائمّة (عليهم السّلام)((3)) .

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي ، عن ابراهيم بن اسحاق ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن عبدالعزيز العَبدي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله

ص: 200


1- - الكافي : ج1 ص214 ح4 .
2- - بصائر الدرجات : ص225 ح5 .
3- - الكافي : ج1 ص214 ح2 .

(عزّوجلّ) : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ؟

قال : هم الائمّة من آل محمد (عليهم السّلام)((1)) .

مجمع البيان : قال سبحانه : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قيل : هم الائمة (عليهم السّلام) من آل محمّد . عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((2)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ؟

قال : هم الائمّة (عليهم السّلام) خاصّة((3)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد مثله . إلاّ أنّه أسقط قوله : خاصّة((4)) .

بصائر الدرجات : حدثنا عباد بن سليمان ، عن أبيه سليمان ، عن سدير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : قول الله (تبارك وتعالى) : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) .

ص: 201


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص432 ح14 . منه تفسير البرهان : ج7 ص422 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص288 .
3- - الكافي : ج1 ص214 ح5 .
4- - بصائر الدرجات : ص226 ح8 .

قال : هم الائمّة .

وقوله تعالى : (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ)((1)) .

قال : الذين أوتوا العلم : الائمّة ، والنبأ : الإمامة((2)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن حجر ، عن حمران ، عن أبي جعفر (عليه السّلام) وأبي عبدالله البرقي ، عن أبي الجهم ، عن أسباط ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (تبارك وتعالى) : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) .

قال : نحن((3)) .

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا أحمد بن القاسم الهمداني ، عن أحمد بن محمد السيّاري ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن علي بن أسباط قال : سأل رجل أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ؟

ص: 202


1- - ص 38 : 67 و68 .
2- - بصائر الدرجات : ص227 ح1 .
3- - بصائر الدرجات : ص225 ح4 . منه تفسير البرهان : ج7 ص420 .

قال : نحن هم ... الى آخر الحديث((1)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله تعالى : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ؟

قال : نحن وإيّانا عنى((2)) .

بصائر الدرجات : محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير والحسن ابن عليّ بن فضّال ، عن المثنّى بن الحنّاط ، عن الحسن الصيقل قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) .قال : نحن وإيّانا عنى((3))

ص: 203


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص432 ح13 . منه تفسير البرهان : ج7 ص422 .
2- - بصائر الدرجات : ص227 ح15 .
3- - بصائر الدرجات : ص227 ح16 . منه تفسير البرهان : ج7 ص420 .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن موسى ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : ايّانا عنى((1)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن أيوب بن حر ، عن حمران قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (تبارك وتعالى) : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)قلت : أنتم هم ؟

قال : من عسى أن يكون ؟!((2))

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن أيوب بن حر ، عن حمران ابن علي جميعاً ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن هذه الآية : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ؟

فقال : والله ما قال في المصحف ؟

قلت : فأنتم هم ؟

قال: فمن عسى أن يكون ؟!((3))

بصائر الدرجات : حدثني محمد بن الحسين ، عن يزيد بن سعد((4)) ، عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) .

ص: 204


1- - بصائر الدرجات : ص226 ح10 .
2- - بصائر الدرجات : ص225 ح6 . منه تفسير البرهان : ج7 ص420 .
3- - بصائر الدرجات : ص226 ح9 .
4- - في تفسير البرهان : يزيد شعر .

قال : هم الائمة خاصّة ، وما يعقلها إلاّ العالمون ، فزعم أن من عرف الإمام والآيات ممّن يعقل ذلك((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) (56) .

باب (20) استحباب الهجرة من أرض المعصية

مجمع البيان : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : معناه إذا عُصي الله في أرض أنت فيها فاخرج منها إلى غيرها((2)) .

ص: 205


1- - بصائر الدرجات : ص227 ح17 . منه تفسير البرهان : ج7 ص420 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص291 .

سورة الروم

اشاره

قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الاَْرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الاَْمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (1 - 6) .

باب (1) يفرح المؤمنون بقيام القائم

تأويل الآيات الظاهرة : محمد بن العباس قال : حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور القمي ، عن أبيه ، عن جعفر بن بشير الوشّا ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن تفسير (الم * غُلِبَتِ الرُّومُ) ؟

قال : هم بنو أمية ، وإنّما أنزلها الله (عزّوجلّ) : (الم * غُلِبَتِ الرُّومُ) بنو أميّة (فِي أَدْنَى الاَْرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي

ص: 206

بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الاَْمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ) عند قيام القائم (عليه السّلام)((1)) .

تفسير البرهان : أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة) قال : حدثني أبو المفضّل محمد بن عبدالله قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال : حدثنا اسحاق بن محمد بن سميع ، عن محمد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبدالله الصادق (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَيَوْمَئِذ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ) .

قال : في قُبورهم بقيام القائم (عليه السّلام)((2)) .

باب (2) خلق نور فاطمة الزهراء

معاني الأخبار : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن يعقوب بن يزيد قال : حدثنا الحسن بن علي بن فضّال ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن سدير الصيرفي ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : خلق نور فاطمة

ص: 207


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص434 ح2 . منه تفسير البرهان : ج7 ص428 .
2- - تفسير البرهان : ج7 ص429 ح3 .

(عليها السّلام) قبل أن تخلق الأرض والسماء .

فقال بعض الناس : يا نبيُّ الله فليست هي إنسيّة ؟

فقال (صلّى الله عليه وآله) : فاطمة حوراء إنسيّة .

قال : يا نبي الله ، وكيف هي حوراء إنسيّة ؟

قال : خلقها الله (عزّوجلّ) من نوره قبل أن يخلق آدم إذ كانت الأرواح ، فلمّا خلق الله (عزّوجلّ) آدم عرضت على آدم .

قيل : يا نبي الله وأين كانت فاطمة ؟

قال : كانت في حقّه تحت ساق العرش .

قالوا : يا نبي الله ، فما كان طعامها ؟

قال : التسبيح والتهليل والتحميد فلمّا خلق الله (عزّوجلّ) آدم وأخرجني من صلبه ] و [ أحبّ الله (عزّوجلّ) أن يخرجها من صلبي جعلها تفاحة في الجنّة ، وأتاني بها جبرئيل فقال لي : السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا محمد .

قلت : وعليك السلام ورحمة الله ، حبيبي جبرئيل .

فقال : يا محمّد إنّ ربّك يقرؤك السلام .

قلت : منه السلام ، وإليه يعود السلام .

قال : يا محمد إنّ هذه تفاحة أهداها الله (عزّوجلّ) إليك من الجنّة فأخذتها وضممتها إلى صدري .

ص: 208

قال : يا محمد يقول الله (جلّ جلاله) : كُلها ففلقتها فرأيت نوراً ساطعاً ففزعت منه .فقال : يا محمد ما لك لا تأكل ؟ كُلْها ، ولا تخف فإنّ ذلك النور : المنصورة في السماء ، وهي في الأرض فاطمة .

قلت : حبيبي جبرئيل ، ولِمَ سمّيت في السماء « المنصورة » وفي الأرض « فاطمة » ؟

قال : سمّيت في الأرض « فاطمة » لأنّها فُطمت وشيعتها من النار ، وفطم أعدائها عن حبّها ، وهي في السماء « المنصورة » ، وذلك قول الله (عزّوجلّ) : (وَيَوْمَئِذ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ)يعني نصر فاطمة لمحبّيها((1)) .

تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثني موسى بن علي بن موسى ابن محمد بن عبد الرحمن المحاربي معنعناً ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : معاشر الناس تدرون لما خلقت فاطمة ؟

قالوا : الله ورسوله أعلم .

قال : خلقت فاطمة حوراء إنسيّة لا إنسيّة ، قال : خُلقت من عَرق جبرئيل ومن زَغَبه .

ص: 209


1- - معاني الأخبار : ص396 ح53 . منه تفسير البرهان : ج7 ص430 .

قالوا : يا رسول الله اُشكل علينا((1)) ، تقول : حوراء إنسيّة لا إنسيّة ثمّ تقول : من عَرق جبرئيل ومن زغبه ؟!

قال : إذاً أُنبّئكم ، أهدى إليَّ ربّي تفاحة من الجنّة أتاني بها جبرئيل فضمّها إلى صدره فعرق جبرئيل وعرقت التفاحة فصار عرقهما شيئاً واحداً ، ثمّ قال : السّلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته .

قلت : وعليك السلام يا جبرئيل .

فقال : إنّ الله أهدى إليك تفّاحة من الجنّة فأخذتها فقبّلتها ووضعتها على عيني وضممتها إلى صدري ، ثمّ قال : يا محمد كلها .قلت : حبيبي جبرئيل هدية ربّي تؤكل ؟

قال : نعم ، قد أُمرت بأكلها فأفلقتها فرأيت منها نوراً ساطعاً فزعت من ذلك النّور .

قال : كُل فإنَّ ذلك نور المنصورة فاطمة .

قلت : يا جبرئيل ومن المنصورة ؟

قال : جارية تخرج من صلبك اسمها في السَّماء المنصورة ، وفي الأرض فاطمة .

فقلت : يا جبرئيل ولِمَ سمّيت في السماء منصورة وفي الأرض فاطمة ؟

ص: 210


1- - في بحار الأنوار : استشكل ذلك علينا .

قال : سمّيت فاطمة في الأرض لأنه فطمت شيعتها من النار وفطمت أعداؤها عن حبّها ، وذلك قول الله في كتابه : (وَيَوْمَئِذ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ) بنصر فاطمة((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الاْخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) (7) .

باب (3) عِلم الزجر والنجوم

مجمع البيان : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عن قوله : (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) ؟

فقال : منه الزّجر والنّجوم((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الاَْرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الاَْرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا

ص: 211


1- - تفسير فرات الكوفي : ص321 ح435 . منه بحار الأنوار : ج43 ص18 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص295 . والزَّجْر : العيافة ، وهو ضرب من التَّكهُّن (لسان العرب) .

أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (9) .

باب (4) القرآن كتاب عبرة

الخصال : سُئل الصادق (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الاَْرْضِ) ؟

قال : معناه أولم ينظروا في القرآن((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْم-ُجْرِمُونَ) (12) .

باب (5) تقوم القيامة يوم الجمعة

الخصال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : ويقوم القيامة يوم الجمعة وما من عمل يوم الجمعة أفضل من الصلاة على محمّد وآله((2)) .

* * * * *

ص: 212


1- - الخصال : ص396 .
2- - الخصال : ص394 ح101 .

قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الاَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) (19) .

باب (6) ما معنى « يُخرج الحيَّ من الميت » ؟

معاني الأخبار : حدثنا محمد بن القاسم المفسّر قال : حدثنا أحمد ابن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن علي بن محمد (عليهم السّلام) أنه سُئل عن الموت ما هو ؟

فقال : هو التصديق بما لا يكون . حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الصادق (عليه السّلام) قال : انَّ المؤمن إذا مات لم يكن ميّتاً فانّ الميّت هو الكافر ، انّ الله (عزّوجلّ) يقول : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) يعني المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن((1)) .مجمع البيان : في قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) روي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) أنّ معناه : تخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن((2)) .

* * * * *

ص: 213


1- - معاني الأخبار : ص290 ح10 . منه تفسير البرهان : ج2 ص377 .
2- - مجمع البيان : ج1 ص428 . منه تفسير البرهان : ج2 ص378 .

قوله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ) (21) .

باب (7) مكانة الزوج في قلب الزوجة

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : انصرف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من سريَّة قد كان اُصيب فيها ناس كثير من المسلمين فاستقبلته النساء يسألنه عن قتلاهنّ فدنت منه إمرأة فقالت : يا رسول الله ما فعل فلان ؟

قال : وما هو منك ؟

قالت : أبي .

قال : احمدي الله واسترجعي فقد استشهد ، ففعلت ذلك ، ثمّ قالت : يا رسول الله ما فعل فلان ؟

فقال : وما هو منك ؟

فقالت : أخي .

فقال : احمدي الله واسترجعي فقد استشهد ، ففعلت ذلك ، ثمّ قالت : يا رسول الله ما فعل فلان ؟

ص: 214

فقال : وما هو منك ؟

فقالت : زوجي .

قال : احمدي الله واسترجعي فقد استشهد .فقالت : واويلي .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : ما كنت أظنّ أنّ المرأة تجد((1))بزوجها هذا كلّه حتّى رأيت هذه المرأة((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِّلْعَالِمِينَ) (22) .

باب (8) معرفة الامام بحقائق الناس وعواقبهم

الكافي : أحمد بن ادريس ، ومحمد بن يحيى ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عبيس بن هشام ، عن عبدالله بن سليمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الإمام : فوّض الله إليه كما فوّض إلى سليمان بن داود ؟

ص: 215


1- - وَجَد به : حزن به (أقرب الموارد) .
2- - الكافي : ج5 ص506 ح1 .

فقال : نعم ، وذلك أنّ رجلاً سأله عن مسألة فأجابه فيها ، وسأله آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الأوّل ، ثمّ سأله آخر فأجابه بغير جواب الأوّلين ، ثمّ قال : هذا عطاؤنا فامْنُنْ أو اعط بغير حساب ، وهكذا هي في قراءة علي (عليه السّلام) .

قال : قلت : أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الإمام ؟

قال : سبحان الله ! أما تسمع الله يقول : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِّلْمُتَوَسِّمِينَ)((1)) وهم الائمة (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيل مُّقِيم)((2)) لا يخرج منها أبداً .

ثمّ قال لي : نعم ، إنّ الإمام إذا أبصر إلى الرجل عرفه ، وعرف لونَه وانْ سمع كلامه من خلف حائط عَرفَه ، وعَرف ما هو ، إنّ الله يقول : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِّلْعَالِمِينَ) وهم العلماء فليس يسمع شيئاً من الأمر ينطق به إلاّ عرفه ناج أو هالك ، فلذلك يُجيبهم بالذي يُجيبهم((3)) .بصائر الدرجات : حدثنا الحسن بن علي بن عبدالله ، عن عبيس بن هشام ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن عبدالله بن سليمان ، عن أبي عبدالله

ص: 216


1- - الحجر 15 : 75 .
2- - الحجر 15 : 76 .
3- - الكافي : ج1 ص438 ح3 .

(عليه السّلام) قال : سألته عن الإمام ... وذكر نحوه((1)) .

أقول : قوله (عليه السّلام) : « ... عرفه وعرف لونه » معناه أنّ الإمام ينظر بنور الله (عزّوجلّ) فإذا رأى رجلاً فإنّه يعرفه معرفة كاملة ، يعرف دينه ومذهبه وإتّجاهه وهل هو من الشيعة أم من غيرهم ، وقد جاء في الحديث : « إتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله »((2)) فإذا كان المؤمن هكذا فكيف بأئمّة المؤمنين وسادة المتقين وقادة المهتدين ؟!!

* * * * *

قوله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِّقَوْم يَسْمَعُونَ) (23) .

باب (9) استحباب ذكر الله في الصباح والمساء

علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن الحسن الميثميّ ، عن يعقوب بن شعيب قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إنّ في بني آدم ثلاثمائة وستّين عرقاً ، ثمانون ومائة متحرّكة

ص: 217


1- - بصائر الدرجات : ص407 ح13 .
2- - الكافي : ج1 ص218 .

وثمانون ومائة ساكنة ، فلو سكن المتحرّك لم ينم أو تحرك الساكن لم ينم ، فكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إذا أصبح قال : « الحمد لله ربّ العالمين كثيراً على كلّ حال » ثلاثمائة وستّين مرّة وإذا أمسى قال مثل ذلك((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُاْ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الاَْعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (27) .

باب (10) لله المَثَل الأَعلى

التوحيد : حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدثنا محمد بن اسماعيل البرمكي قال : حدثنا الحسين بن الحسن قال : حدثني أبي ، عن حنّان بن سدير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث قال : - ولله المَثَلُ الأعلى الذي لا يشبهه شيء ولا يوصف ولا يتوهّم فذلك المَثَل الأعلى((2)) .

* * * * *

ص: 218


1- - علل الشرايع : ص353 .
2- - التوحيد : ص324 ح1 .

قوله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (30) .

باب (11) الاخلاص في إقامة الدِّين

التهذيب : علي بن الحسن الطاطري ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) ؟

قال : أمره أن يقيم وجهه للقبلة ليس فيه شيء من عبادة الأوثان خالصاً مُخلصاً((1)) .

تفسير القمي : أخبرنا أحمد بن ادريس ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن حمّاد بن عثمان الناب وخلف بن حمّاد ، عن الفضيل بن يسار وربعي بن عبدالله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) .

قال : قُم في الصلاة ، ولا تلتفت يميناً ولا شمالاً((2)) .

ص: 219


1- - التهذيب : ج2 ص42 ح133 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص155 . منه تفسير البرهان : ج7 ص441 .

باب (12) فطرة التوحيد

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن ابن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) .

قال : فطرهم على التوحيد((1)) .

التوحيد : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه مثله((2)) .

التوحيد : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن ابراهيم بن هاشم ويعقوب بن يزيد ، عن ابن فضّال ، عن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) .

قال : فطرهم على التوحيد((3)) .

المحاسن : البرقي ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله

ص: 220


1- - الكافي : ج2 ص13 ح5 .
2- - التوحيد : ص329 ح5 .
3- - التوحيد : ص329 ح4 . منه تفسير البرهان : ج7 ص439 .

(عزّوجلّ) : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) ؟

قال : فُطِروا على التوحيد((1)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) ؟

قال : فطرهم جميعاً على التوحيد((2)) .التوحيد : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد وعبدالله ابني محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب مثله((3)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) .

قال : التوحيد((4)) .

التوحيد : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن محمد

ص: 221


1- - المحاسن : ج1 ص375 ح823 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج7 ص440 .
2- - الكافي : ج2 ص12 ح3 .
3- - التوحيد : ص329 ح6 .
4- - الكافي : ج2 ص12 ح1 .

ابن أبي عمير مثله((1)) .

التوحيد : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن فضيل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) ؟

قال : التوحيد((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) ما تلك الفطرة ؟

قال : هي الإسلام فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد قال((3)) : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)((4)) وفيه المؤمن والكافر((5)) .

التوحيد : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل (رحمه الله) قال : حدثنا علي بن ابراهيم قال : حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس

ص: 222


1- - التوحيد : ص328 ح2 .
2- - التوحيد : ص328 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص438 .
3- - في التوحيد : فقال .
4- - الأعراف 7 : 172 .
5- - الكافي : ج2 ص12 ح2 .

ابن عبد الرحمن مثله((1)) .

باب (13) الفطرة على التوحيد والنبوَّة والامامة

التوحيد : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن علي بن حسّان الواسطي ، عن الحسن بن يونس ، عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) .

قال : التوحيد ، ومحمّد رسول الله ، وعلي أمير المؤمنين (صلّى الله عليهما وآلهما)((2)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن موسى ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن علي بن حسّان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) .

قال : فقال : على التوحيد و ]أنّ[ محمداً رسول الله و]أنّ[ عليّاً أمير

ص: 223


1- - التوحيد : ص329 ح3 .
2- - التوحيد : ص329 ح7 . منه تفسير البرهان : ج7 ص440 .

المؤمنين((1)) .

تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد معنعناً ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله ... وذكر مثله((2)) .

باب (14) الهداية من الله تعالى

علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن غير واحد ، عن الحسين بن نعيم الصحّاف قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أيكون الرجل مؤمناً قد ثبت له الإيمان ، ثمّ ينقله الله بعد الإيمان إلى الكفر ؟قال : إنّ الله هو العدل ، وإنّما بعث الرُّسل ليدعوا النّاس إلى الإيمان بالله ، ولا يدعوا أحداً إلى الكفر .

قلت : فيكون الرجل كافراً قد ثبت له الكفر عند الله فينقله الله بعد ذلك من الكفر إلى الإيمان ؟

قال : إنّ الله (عزّوجلّ) خلق الناس على الفطرة التي فطرهم الله عليها ، لا يعرفون إيماناً بشريعة ، ولا كفراً بجحود ، ثمّ ابتعث الله الرُّسل

ص: 224


1- - بصائر الدرجات : ص98 ح7 . منه تفسير البرهان : ج7 ص442 .
2- - تفسير فرات الكوفي : ص322 ح436 .

إليهم يدعونهم إلى الإيمان بالله حجّة لله عليهم ، فمنهم من هداه الله ومنهم من لم يهده((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (38) .

باب (15) السيدة فاطمة تخاصم أبا بكر في فَدَك

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عثمان بن عيسى ، وحمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا بويع لأبي بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار ، بعث إلى فدك فأخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) منها فجائت فاطمة (عليها السّلام) إلى أبي بكر ، فقالت : يا أبا بكر منعتني ميراثي من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأخرجت وكيلي من فدك وقد جعلها لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بأمر الله ؟!

فقال لها : هاتي على ذلك شُهوداً !!!

فجائت باُمّ أيمن فقالت : لا أشهد حتّى أحتجَّ - يا أبا بكر - عليك

ص: 225


1- - علل الشرايع : ص121 ح5 . منه تفسير البرهان : ج7 ص442 .

بما قال رسول الله .

فقالت : اُنشدك الله ، ألستَ تعلم أنّ رسول الله قال : إنّ اُمّ أيمن من أهل الجنّة ؟

قال : بلى .قالت : فاشهد أنّ الله أوحى إلى رسول الله (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)فجعل فدك لفاطمة بأمر الله .

وجاء علي فشهد بمثل ذلك .

فكتب لها كتاباً بفدك ، ودفعه إليها ، فدخل عمر ، فقال : ما هذا الكتاب ؟

فقال أبو بكر : انّ فاطمة ادّعت في فدك ، وشهدت لها اُمّ أيمن وعلي ، فكتبت لها بفدك ، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فمزّقه ، وقال : هذا فيء المسلمين ، وقال : أوس بن الحدثان وعائشة وحفصة يشهدون على رسول الله بأنّه قال : إنّا معاشر الأنبياء لا نُورّث ، ما تركناه صدقة ، فإنّ عليّاً زوجها يجرُّ إلى نفسه واُمّ أيمن فهي إمرأة صالحة ، لو كان معها غيرها لنظرنا فيه .

فخرجت فاطمة (عليها السّلام) من عندهما باكية حزينة ، فلمّا كان بعد هذا جاء علي (عليه السّلام) إلى أبي بكر - وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار - فقال : يا أبا بكر ! لِمَ منعتَ فاطمة ميراثَها من

ص: 226

رسول الله وقد ملكتْه في حياة رسول الله ؟

فقال أبو بكر : هذا فيء المسلمين ، فإن أقامت شُهوداً أنّ رسول الله جعله لها ، وإلاّ فلا حقّ لها فيه .

فقال أمير المؤمنين : يا أبا بكر ! تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين ؟

قال : لا .

قال : فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه ادَّعيتُ أنا فيه مَن تسأل البيّنة ؟

قال : ايّاك كنتُ أسأل البيّنة على ما تدَّعيه على المسلمين .

قال : فإذا كان في يدي شيء وادّعى فيه المسلمون فتسألني البيّنة على ما في يدي ! وقد ملكتُه في حياة رسول الله وبعده ولم تسأل المسلمين البيّنة على ما ادَّعوا عليّ شهوداً كما سألتني على ما ادَّعيتُ عليهم ؟فسكت أبو بكر ، ثمّ قال عمر : يا علي دَعْنا من كلامك ، فإنّا لا نَقوى على حججك ، فإن أتيتَ بشهود عدول ، وإلاّ فهو فيء المسلمين ، لا حقّ لك ولا لفاطمة فيه .

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : يا أبا بكر ! تقرأ كتاب الله ؟

قال : نعم .

ص: 227

قال : فأخبرني عن قول الله : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)((1)) فيمنْ نزلتْ ، أفينا أم في غيرنا ؟!

قال : بل فيكم .

قال : فلو انّ شاهدين شهدا على فاطمة بفاحشة ما كنت صانعاً ؟

قال : كنتُ أقيم عليها الحدّ كما أقيم على ساير المسلمين !!

قال : كنتَ إذاً عند الله من الكافرين .

قال : ولِمَ ؟

قال : لأنّك رددتَ شهادة الله بالطهارة ، وقبلت شهادة الناس عليها ، كما رددتَ حكم الله وحكم رسوله أنْ جعل رسول الله لها فدك وقبضتْه في حياته ، ثمّ قبلتَ شهادة أعرابي بايل على عقبه عليها ، فأخذتَ منها فدك((2)) ، وزعمتَ أنّه فيء المسلمين ، وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : البيّنة على من ادّعى واليمين على من اُدّعي عليه .

قال : فدمدم الناس وبكى بعضهم فقالوا : صدق - والله - علي ، ورجع علي (عليه السّلام) إلى منزله .

قال : ودخلت فاطمة إلى المسجد وطافت بقبر أبيها (عليه وآله السلام) وهي تبكي ، وتقول :

ص: 228


1- - الأحزاب 33 : 33 .
2- - في تفسير البرهان : بوّال على عقبيه ، مثل أوس بن الحدثان ، وأخذت منها فدك .

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها *** واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغبقد كان بعدك انباءٌ وهنبثة((1)) *** لو كنتَ شاهدها لم تكثر الخُطُب

قد كان جبريلُ بالآيات يؤنسنا *** فغاب عنّا وكلّ الخير مُحتَجب

وكنت بدراً ونوراً يستضاء به *** عليك تنزل من ذي العزّة الكُتب

فقمصتنا((2)) رجال واستُخفّ بنا *** إذ غبتَ عنّا فنحن اليوم نُغتصبُ

فكلُّ أهل له قُربٌ ومنزلةٌ *** عند الإله على الأدنين يقترب((3))

ابدتْ رجالٌ لنا فحوى صدورهم *** لمّا مضيتَ وحالت دونك الكُثب((4))

ص: 229


1- - الهنبثة : واحدة الهنابث ، وهي الأمور الشداد المختلفة (لسان العرب) .
2- - قمص منها قمصاً : أي نفر وأعرض (لسان العرب) . وفي تفسير البرهان : تقمّصتها .
3- - في تفسير البرهان : مقترب .
4- - الكثيب من الرمل : هو ما اجتمع واحدودب ، والجمع : كثب (لسان العرب) .

فقد رُزينا بما لم يُرزه أحدُ *** من البريّة لا عُجم ولا عُرُبُ

وقد رُزينا به محضاً خليقته *** صافي الضرائب والأعراقُ والنسبُ

فأنت خيرُ عباد الله كلّهم *** وأصدقُ النّاس حين الصّدق والكذب

فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيتْ *** منّا العيون بهمال((1)) لها سكب

سيعلم المتولّي ظلم خامتنا((2)) *** يوم القيامة أنّى كيف ينقلب

قال : فرجع ابو بكر إلى منزله وبعث إلى عمر فدعاه ثمّ قال : أما رأيت مجلس علي منّا اليوم ؟ والله لأن قعد مقعداً مثله ليفسدن أمرنا ، فما الرأي ؟

قال عمر : الرأي أن تأمر بقتله .

قال : فمن يقتله ؟

ص: 230


1- - انهملت عينه : فاضت وسالت (أقرب الموارد) .
2- - الخامة : هي الطاقة الغضّة اللينة من الزرع (النهاية) . وفي تفسير البرهان : حامتنا . والحامَّة : خاصة الرجل من أهله وولده وذي قرابته (لسان العرب) .

قال : خالد بن الوليد ، فبعثا إلى خالد فأتاهما ، فقالا : نريد أن نحملك على أمر عظيم .

قال : حملاني ما شئتما ، ولو قتل علي بن أبي طالب .

قالا : فهو ذاك .فقال خالد : متى اقتله ؟

قال أبو بكر : إذا حضر المسجد ، فقم بجنبه في الصلاة ، فإذا أنا سلّمت فقم إليه فاضرب عنقه .

قال : نعم ، فسمعت أسماء بنت عميس ذلك ، وكانت تحت أبي بكر فقالت لجاريتها : اذهبي إلى منزل علي وفاطمة فاقرئيهما السّلام وقولي لعلي : (إِنَّ الْمَلاََ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)((1)) فجائت الجارية اليهما ، فقالت لعلي : انّ اسماء بنت عميس تقرأ عليكما السّلام وتقول : (إِنَّ الْمَلاََ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) .

فقال علي (عليه السّلام) : قولي لها : انّ الله يحيل بينهم وبين ما يريدون ، ثمّ قام وتهيَّأ للصلاة وحضر المسجد ووقف خلف أبي بكر وصلّى لنفسه((2)) وخالد بن الوليد إلى جنبه ومعه السيف ، فلمّا جلس أبو بكر

ص: 231


1- - القصص 28 : 20 .
2- - هذه الجملة تدلّ على أن الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) لم يأتمَّ في صلاته بالحاكم الغاصب بل كان يصلّي لنفسه ، أي بنيّة الفرادى لا الجماعة .

في التشهد ندم على ما قال ، وخاف الفتنة ، وشدة علي وبأسه فلم يزل متفكراً لا يجسر أن يُسلّم حتى ظنّ النّاس أنّه قد سَها ، ثمّ التفت إلى خالد فقال : يا خالد ، لا تفعل ما أمرتك به ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : يا خالد ، ما الذي أمرك به ؟

قال : أمرني بضرب عنقك .

قال : وكنت تفعل ؟

قال : أي والله ، لولا أنّه قال لي : لا تفعل لقتلتك بعد التسليم .

قال : فأخذه علي (عليه السّلام) فضرب به الأرض ، واجتمع النّاس عليه ، فقال عمر : يقتله وربّ الكعبة .

فقال الناس : يا أبا الحسن ، الله الله بحقّ صاحب هذا القبر !! فخلّى عنه .قال : فالتفت إلى عمر وأخذ بتلابيبه وقال : يا بن الصهّاك لولا عهد من رسول الله وكتاب من الله سَبق لعلمتَ أيّنا أضعفُ ناصراً وأقلّ عدداً . ثمّ دخل منزله((1)) .

تفسير العياشي : عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أتت فاطمة (عليها السّلام) أبا بكر تريد فدك .

ص: 232


1- - تفسير القمي : ج2 ص155 . منه تفسير البرهان : ج7 ص443 .

قال : هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك .

قال : فأتت باُم أيمن . فقال لها : بِمَ تشهدين ؟

قالت : أشهد أنّ جبرئيل أتى محمداً (صلّى الله عليه وآله) فقال : إنّ الله يقول : (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) ، فلم يدر محمّد مَن هم ؟

فقال : يا جبرئيل ! سل ربّك مَن هم ؟

فقال : فاطمة ذو القربى ، فأعطاها فدكاً ، فَزَعموا أنّ عمر محا الصّحيفة ، وقد كان كتبها أبو بكر((1)) .

باب (16) فدك هديَّة الله للسيدة الزهراء

تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثنا علي بن الحسين معنعناً ، عن أبان بن تغلب ، عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال : لمّا نزلت الآية (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) دعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فاطمة فأعطاها فدك .

قال أبان بن تغلب : قلت لجعفر بن محمد : رسول الله أعطاها ؟

قال : بل الله أعطاها((2)) .

ص: 233


1- - تفسير العياشي : ج3 ص45 ح2493 الطبعة الحديثة . منه بحار الأنوار : ج29 ص120 .
2- - تفسير فرات الكوفي : ص323 ح439 .

تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثنا أحمد بن جعفر معنعناً ، عن أبان بن تغلب ، عن جعفر (عليه السّلام) : لمّا نزلت هذه الآية (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) دعا رسول الله فاطمة فأعطاها فدك .

قال أبو مريم : وزعم أبان أنّه قال لجعفر : رسول الله أعطاها ؟قال : بل الله أعطاها((1)) .

تفسير العياشي : عن عبد الرحمن ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أنزل الله (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) قال رسول الله : يا جبرئيل قد عرفت المسكين ، فمن ذو القربى ؟

قال : هم أقاربك ، فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة ، فقال : إنّ ربّي أمرني أن اُعطيكم ممّا أفاء عليّ .

قال : أعطيتكم فدكاً((2)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) لمّا نزلت هذه الآية على النبي (صلّى الله عليه وآله) أعطى فاطمة فدكاً وسلّمه إليها . وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((3)) .

* * * * *

ص: 234


1- - تفسير فرات الكوفي : ص323 ح440 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص45 ح2490 الطبعة الحديثة .
3- - مجمع البيان : ج4 ص306 . منه تفسير البرهان : ج7 ص447 .

قوله تعالى : (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاة تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) (39) .

باب (17) أقسام الربا

الكافي - التهذيب : عليّ بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ابراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الرّبا ربائان : رباً يؤكل ، ورباً لا يؤكل ، فأمّا الذي يؤكل فهديّتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضَل منها فذلك الرّبا الذي يؤكل وهو قوله (عزّوجلّ)((1)) : (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ اللَّهِ)وأمّا الذي لا يؤكل فهو ] الربا [ الذي نهى الله (عزّوجلّ) عنه وأوعَد عليه النار((2)) .تفسير القمي : حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : الرّبا ربائان : أحدهما حلال ، والآخر حرام ، فأمّا الحلال فهو أن يُقرض الرجل أخاه قرضاً طمعاً أن يزيده ويعوضه بأكثر ممّا يأخذه بلا شرط

ص: 235


1- - في التهذيب : قول الله (عزّوجلّ) .
2- - الكافي : ج5 ص145 ح6 - التهذيب : ج7 ص17 ح73 .

بينهما فإن أعطاه أكثر ممّا أخذه على غير شرط بينهما فهو مُباح له ، وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه وهو قوله : (فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ اللَّهِ) وأما الرّبا الحرام ، فالرجل يقرض قرضاً ويشترط أن يردّ أكثر ممّا أخذه ، فهذا هو الحرام((1)) .

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ابراهيم بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ اللَّهِ) .

قال : هو هديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها ، فذلك ربا يُؤكل((2)) .

باب (18) ثواب القرض أكثر من ثواب الصدقة

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : على باب الجنّة مكتوب : القرض بثمانية عشرة ، والصّدقة بعشرة((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ

ص: 236


1- - تفسير القمي : ج2 ص159 . منه تفسير البرهان : ج7 ص448 .
2- - التهذيب : ج7 ص15 ح67 .
3- - تفسير القمي : ج2 ص159 . منه تفسير البرهان : ج7 ص449 .

لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (41) .

باب (19) قلّة الأمطار من كثرة الذنوب

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : حياة دوابِّ البحر بالمطر ، فإذا كفّ المطر ظهر الفساد في البرّ والبحر ، وذلك إذا كثرت الذنوب والمعاصي((1)) .

باب (20) انواع الذنوب وآثارها

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن العلا ، عن مجاهد ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الذنوب التي تُغيّر النّعم : البغي ، والذنوب التي تورث الندم : القتل ، والتي((2)) تنزل النقم : الظلم ، والتي تهتك الستر : شرب الخمر((3)) ، والتي تحبس الرّزق : الزّنا ، والتي تُعجّل الفناء : قطيعة الرّحم ، والتي تردُّ الدُّعاء وتُظلم الهواء : عقوق الوالدين((4)) .

ص: 237


1- - تفسير القمي : ج2 ص160 . منه تفسير البرهان : ج7 ص450 .
2- - في معاني الأخبار : والذنوب التي .
3- - في معاني الأخبار : والذنوب التي تهتك العصم - وهي الستور - : شرب الخمر .
4- - الكافي : ج2 ص447 ح1 .

معاني الأخبار : حدثنا أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن المعلّى بن محمد قال : حدثنا العباس بن العلاء ، عن مجاهد ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((1)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن اسحاق ابن عمّار قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : كان أبي (عليه السّلام) يقول : نعوذ بالله من الذنوب التي تُعجّل الفناء ، وتقرّب الآجال ، وتُخلي الدّيار ، وهي : قطيعة الرّحم والعقوق وترك البِرّ((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أيوب بن نوح - أو بعض أصحابه ، عن أيوب - عن صفوان بن يحيى قال : حدثني بعض أصحابنا قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إذا فشا أربعة ظهرت أربعة : إذا فشا الزّنا ظهرت الزلزلة ، وإذا فشا الجور في الحكماحتبس القطر ، وإذا خفرت الذّمة اديل((3)) لأهل الشّرك من أهل الإسلام ، وإذا مُنعت الزّكاة ظهرت الحاجة((4)) .

* * * * *

ص: 238


1- - معاني الأخبار : ص269 ح1 .
2- - الكافي : ج2 ص448 ح2 .
3- - خَفَره خَفْراً : نقض عهده وغدر به ، يقال : خُفِرَت ذمّة فلان : إذا لم يوف بها ولم تتم . والأدالة : الغلبة (أقرب الموارد) .
4- - الكافي : ج2 ص448 ح3 .

قوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الاَْرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ) (42) .

باب (21) إخبار القرآن عن عاقبة الامم السالفة

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعاً ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبدالله بن مسكان ، عن زيد بن الوليد الخثعمي ، عن أبي الربيع الشامي - في حديث - قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (قُلْ سِيرُوا فِي الاَْرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ) ؟

فقال : عنى بذلك أي انظروا في القرآن فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم وما أخبركم عنه ... الى آخر الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلاَِنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) (44) .

ص: 239


1- - الكافي : ج8 ص248 ح349 .

باب (22) آثار العمل الصالح

مجمع البيان : روى منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ العمل الصالح ليسبق صاحبه إلى الجنّة ، فيمهد له كما يُمهد لأحدكم خادمه فراشه((1)) .كتاب الزهد : ابن النعمان ، عن داود بن فرقد قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ العمل الصالح ليذهب إلى الجنّة فيسهل لصاحبه كما يبعث الرجل غلاماً فيفرش له ، ثمّ قرأ : « وأمّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلأنفسهم يمهدون »((2)) .

أمالي المفيد : حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي قال : حدثني أحمد بن محمد ، عن أبيه محمد ابن الحسن بن الوليد القمي ، عن محمد بن الحسن الصفّار ، عن العباس ابن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن علي بن النعمان ، عن داود بن فرقد قال : سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد (صلوات الله عليهما)

ص: 240


1- - مجمع البيان : ج4 ص307 . منه تفسير البرهان : ج7 ص454 .
2- - كتاب الزهد : ص21 ح46 . منه تفسير البرهان : ج7 ص454 . والآية في المصحف الشريف هكذا : (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلاَِنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) .

يقول : ... وذكر نحوه((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْف ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْف قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّة ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (54) .

باب (23) قدرة الخالق تتجلّى في مخلوقاته

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم ، عن أحمد بن محسن الميثمي - في حديث يتضمن الاستدلال على الصانع (سبحانه وتعالى) فقال ابن أبي العوجاء للامام الصادق (عليه السّلام) - : ما منعه ان كان الأمر كما يقولون : أن يظهر لخلقه ، ويدعوهم إلى عبادته حتّى لا يختلف منهم اثنان ، ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرُّسل ؟ ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به ؟فقال لي : ويلك وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك : نشوءك ولم تكن ، وكبرك بعد صغرك وقوّتك بعد ضعفك ، وضعفك بعد

ص: 241


1- - أمالي المفيد : ص195 ح26 .

قوّتك ، وسقمك بعد صحتك ، وصحتك بعد سقمك ، ورضاك بعد غضبك ، وغَضبك بعد رضاك ، وحزنك بعد فرحك ، وفرحك بعد حزنك ، وحبّك بعد بغضك ، وبغضك بعد حبّك ، وعزمك بعد أناتك ، وأناتك بعد عزمك ، وشهوتك بعد كراهتك ، وكراهتك بعد شهوتك ، ورغبتك بعد رهبتك ، ورهبتَك بعد رغبتك ، ورجاءك بعد يأسك ، ويأسك بعد رجاءك ، وخاطرك بما لم يكن في وهمك ، وعزوب ما أنت معتقده عن ذهنك .

وما زال يعدّد عليَّ قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتّى ظننت أنّه سيظهر فيما بيني وبينه((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ) (60) .

باب (24) الانصات للقرآن

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الرجل يؤمُّ القوم ،

ص: 242


1- - الكافي : ج1 ص74 ح2 .

وأنت لا ترضى به في صلاة يجهر((1)) فيها بالقراءة ؟

فقال : إذا سمعت كتاب الله يُتلى فانصت له .

قلت : فإنّه يشهد عليّ بالشّرك ؟

قال : إنْ عصى الله فأطع الله ، فرددتُ عليه فأبى أن يُرخّص لي .

قال : فقلت له : أُصلي إذاً ] أنا [ في بيتي ثمّ أخرج إليه ؟

فقال : أنت وذاك ، وقال : إنّ عليّاً (عليه السّلام) كان في صلاة الصبح، فقرأ ابن الكوّا وهو خلفه : (وَلَقَدْ

أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَوَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)((2)) فانصت علي (عليه السّلام) تعظيماً للقرآن حتّى فرغ من الآية ، ثمّ عاد في قرائته ، ثمّ أعاد ابن الكوا الآية ، فانصت علي (عليه السّلام) أيضاً ثمّ قرأ فأعاد ابن الكوا فأنصت علي (عليه السّلام) ، ثمّ قال : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ) ثمّ أتمّ السورة ثمّ ركع((3)) .

الاستبصار : الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن معاوية ابن وهب مثله إلى قوله : أنت وذاك((4)) .

ص: 243


1- - في الاستبصار : تجهر .
2- - الزمر 39 : 65 .
3- - التهذيب : ج3 ص35 ح127 .
4- - الاستبصار : ج1 ص430 ح1661 .

أقول : إبن الكوّا هو عبدالله بن عمرو اليشكري .

ذكره الشيخ الطوسي في رجاله في أصحاب الامام أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) وقال : « خارجي ملعون » .

ووجد ابن الكوّا ذات يوم علياً (عليه السّلام) يخطب فقال : قاتلك الله من شيطان ، ما أفهمك وما أفصحك .

وأكثر ابن الكوّا يوماً في إهراق الماء في وضوئه فقال له علي (عليه السّلام) : أسرفتَ في الماء ، فقال ابن الكوّا : ما أسرفتَ به من دماء المسلمين أكثر .

وخلاصة القول أنّ هذا الملعون كان من الخوارج النواصب المعادين لأمير المؤمنين (عليه السّلام) ويستفاد من قصصه أنّه كان خبيثاً حقوداً ، وأراد بعض أصحاب الإمام أن يقتلوه فمنعهم الإمام (عليه السّلام) رغم انه كان مستحقاً للقتل .

ص: 244

سورة لقمان

باب (1) فائدة كتابة سورة لقمان

تفسير البرهان : من كتاب (خواصّ القرآن) قال الصادق (عليه السّلام) : من كتبها وسقى بها رجلاً أو امرأة في جوفها غاشية((1)) ، أو علة من العلل ، عوفي وأمن من الحمى ، وزال عنه كلّ أذى بإذن الله (تعالى)((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْم وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (6) .

باب (2) حرمة الغناء

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مهران

ص: 245


1- - الغاشية : داء في الجوف (أقرب الموارد) .
2- - تفسير البرهان : ج7 ص459 ح4 .

ابن محمد ، عن الحسن بن هارون قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : الغناء مجلس لا ينظر الله إلى أهله ، وهو ممّا قال الله (عزّوجلّ) : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)((1)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مهران ابن محمد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : الغناء ممّا قال الله : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)((2)) .الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الوشّاء قال : سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) يقول : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عن الغناء ؟

فقال : هو قول الله (عزّوجلّ) : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)((3)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) أكثر المفسرين على أنّ المراد بلهو الحديث الغناء وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبدالله وأبي الحسن الرضا (عليهم السّلام) قالوا : منه الغناء .

ص: 246


1- - الكافي : ج6 ص433 ح16 .
2- - الكافي : ج6 ص431 ح5 .
3- - الكافي : ج6 ص432 ح8 .

وروي أيضاً عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : هو الطعن بالحقّ والإستهزاء به((1)) .

معاني الأخبار : حدثنا المظفّر بن جعفر بن المظفر العلوي (رحمه الله) قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدثنا الحسين ابن اشكيب قال : حدثنا محمد بن السري ، عن الحسين بن سعيد، عن أبي أحمد محمد بن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن عبد الأعلى - في حديث - قال : سألت جعفر بن محمد (عليه السّلام) قلت : قوله (عزّوجلّ) : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) ؟ .

قال : منه الغناء((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (12 و13) .

باب (3) ما هي الحكمة التي أعطاها الله للقمان ؟

تفسير القمي : أخبرنا الحسين بن محمد ، عن المعلّى بن محمد ،

ص: 247


1- - مجمع البيان : ج4 ص313 .
2- - معاني الأخبار : ص349 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص461 .

عن علي بن محمد ، عن بكر بن صالح ، عن جعفر بن يحيى ، عن علي ابن النضر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت : جعلت فداك قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ) .

قال : أُوتي معرفة إمام زمانه((1)) .

باب (4) نماذج من سيرة لقمان ومواعظه

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حمّاد قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله (عزّوجلّ) ؟

فقال : أما والله ما أُوتي لقمان الحكمة بحَسَب ، ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال ولكنّه كان رجلاً قويّاً في أمر الله ، متورّعاً في الله ساكتاً سكيناً((2)) ، عميق النّظر ، طويل الفكر ، حديد النّظر ، مستعبراً بالعبر((3)) ، لم ينم نهاراً قط ، ولم يره أحد من النّاس على بول ولا غايط ولا اغتسال لشدّة تستُّره وعمق نظره ، وتحفّظه في أمره ، ولم يضحك من

ص: 248


1- - تفسير القمي : ج2 ص161 . منه تفسير البرهان : ج7 ص467 .
2- - في تفسير البرهان : سكّيتاً . ورجل سكيت : كثير السكوت (لسان العرب) .
3- - في تفسير البرهان : مستغن عن الغير .

شيء قطّ مخافة الإثم ولَم يغضَب قطّ ، ولم يمازح إنساناً قطّ ، ولم يفرح بشيء ان أتاه من أمر الدُّنيا ولا حزن منها على شيء قطّ ، وقد نكح من النّساء ووُلد له من الأولاد الكثير ، وقدَّم أكثرهم أفراطاً((1)) ، فما بكى على موت أحد منهم .

ولم يمرّ برجلين يختصمان أو يقتتلان إلاّ أصلح بينهما ، ولم يمضِ عنهما حتّى يحابّا ، ولم يسمع قولاً قطّ من أحد استحسنه إلاّ سأل عن تفسيره وعمّن أخذه ، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين ، فيرثي للقضاةما ابتلوا به ، ويرحم للملوك والسلاطين لعزّتهم((2)) بالله ، وطمأنينتهم في ذلك ويعتبر ، ويتعلّم ما يغلِب به نفسه ، ويجاهد به هواه ويحترز به من الشيطان ، فكان يداوي قلبه بالفكر ، ويداوي نفسه بالعِبَر ، وكان لا يظعن((3)) إلاّ فيما ينفعه فبذلك اُوتي الحكمة ومُنح العصمة ، فإنّ الله (تبارك وتعالى) أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النّهار وهدأت العيون بالقائلة((4)) ، فنادَوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم فقالوا : يا لقمان ، هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض

ص: 249


1- - فَرَط ولداً : ماتوا له صغاراً (أقرب الموارد) .
2- - في تفسير البرهان : لغرّتهم .
3- - ظعن : سار (أقرب الموارد) .
4- - القائلة : النوم في الظهيرة (أقرب الموارد) .

تحكم بين الناس ؟

فقال لقمان : انْ أمرني الله بذلك فالسَّمع والطاعة ، لأنّه إنْ فَعلَ بي ذلك أعانني عليه وعلّمني وعصمني ، وإن هو خيّرني قبلت العافية .

فقالت الملائكة : يا لقمان لِمَ قلت ذلك ؟

قال : لأنّ الحكم بين النّاس من اشدّ المنازل من الدين وأكثرها فتناً وبلاءً ، وما يخذل ولا يعان ، ويغشاه الظلم من كلّ مكان ، وصاحبه فيه بين أمرين : انْ أصاب فيه الحقّ فبالحريّ أن يسلم ، وانْ أخطأ أخطأ طريق الجنّة ، ومن يكن في الدُّنيا ذليلاً وضعيفاً ، كان أهون عليه في المعاد أن يكون فيه حَكماً سريّاً شريفاً ، ومَن اختار الدُّنيا على الآخرة يخسَرهما كلتيهما ، تزول هذه ولا تُدرَك تلك .

قال : فتعجبت الملائكة من حكمته واستحسن الرّحمن منطقه .

فلمّا أمسى وأخذ مضجعه من الليل ، أنزل الله عليه الحكمة فغشّاه بها من قَرنه إلى قدمه وهو نائم ، وغطاّه بالحكمة غطاءاً ، فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه ، وخرج على الناس ينطِق بالحكمة ويثبتها فيها .

قال : فلمّا أُوتي الحُكم بالخلافة ولم يقبلها أمر الله الملائكة فنادت داود بالخلافة فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان ، فأعطاه الله الخلافة في الأرض وابتلي فيها غير مرّة وكلّ ذلك يهوي في الخطأ ويقيله الله ويغفر له .

ص: 250

وكان لقمان يكثر زيارة داود ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه ، وكان داود يقول له : طوبى لك - يا لقمان - اوتيت الحكمة ، وصُرفت عنك البليّة ، وأُعطي داود الخلافة ، وابتلي بالحكم والفتنة ، ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) قال : فوعظ لقمان لابنه بآثار حتّى تفطر وانشق ، وكان فيما وعظه به - يا حمّاد - أن قال : يا بني إنّك منذ سقطت إلى الدُّنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة ، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد .

يا بني : جالس العُلماء وزاحمهم بركبتيك ، لا تجادلهم فيمنَعوك ، وخذ من الدُّنيا بلاغاً ، ولا ترفُضها فتكون عيالاً على الناس ، ولا تدخل فيها دخولاً يضرّ بآخرتك ، وصم صوماً يقطع شهوتك ، ولا تصم صوماً يمنعك عن الصلاة ، فإنّ الصلاة أحبُّ إلى الله من الصيام .

يا بني : إنّ الدُّنيا بحرٌ عميق قد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الإيمان ، واجعل شراعها التوكّل ، واجعل زادك فيها تقوى الله ، فإن نجوت فبرحمة الله ، وإن هلكت فبذنوبك .

يا بني : انْ تأدَّبتَ صغيراً انتفعتَ به كبيراً ، ومن عني بالأدب اهتمّ به ، ومن اهتمّ به تكلّف عِلمه ، ومن تكلّف عِلمه اشتدّ طلبه ، ومن اشتدّ طلبه أدرَك منفعتَه ، فاتّخِذه عادة ، فإنّك تخلف في سلفك ، وتنفع به من

ص: 251

خلفك ، ويرتجيك فيه راغب ، ويخشى صولتك راهب ، وإيّاك والكسل عنه والطلب لغيره ، فإن غُلبت على الدنيا فلا تُغلبنَّ على الآخرة ، وإذا فاتك طلب العلم في مظانِّه فقد غُلبتَ على الآخرة ، واجعل في أيّامك ولياليك وساعاتِك لنفسك نصيباً في طلب العِلم ، فإنّك لن تجد له تضييعاً أشدّ من تَركه ، ولا تمارينَّ فيه لَجوجاً ، ولا تجادلنَّ فقيهاً ، ولا تعادينَّ سلطاناً ، ولا تماشينَّظلوماً ولا تصادقنَّه ، ولا تُصاحبنَّ فاسقاً نطفاً((1)) ، ولا تصاحبنَّ متَّهماً ، واخزن عِلمك كما تخزن ورقك((2)) .

يا بني : خف الله خوفاً لو أتيت القيامة ببرِّ الثقلين خفتَ أن يعذّبك وارج الله رجاءً لو وافيتَ القيامة بإثم الثَقلين رجوتَ أن يغفر لك .

فقال له ابنه : يا أبت ، وكيف اُطيق هذا وإنّما لي قلب واحد ؟

فقال له لقمان : يا بني لو استُخرج قلب المؤمن فشُقَّ لوُجد فيه نوران : نور للخوف ، ونور للرجاء ، لو وُزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرَّة فمن يؤمن بالله يُصدّق ما قال الله ، ومن يُصدّق ما قال الله يفعل ما أمر الله، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدّق ما قال الله ، فإنّ هذه الأخلاق تشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن بالله إيماناً صادقاً يعمل لله خالصاً ناصحاً ، ومن عمل لله خالصاً ناصحاً ، فقد آمن بالله صادقاً ، ومن

ص: 252


1- - النِّطِف : النجس والرجل المريب (أقرب الموارد) .
2- - الورق : الدراهم المضروبة (الصحاح) .

أطاع الله خافه ، ومن خافه فقد أحبّه ، ومن أحبّه اتبع أمره ، ومن اتبع أمره استوجب جنّته ومرضاته ، ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه نعوذ بالله من سخط الله .

يا بني : لا تركن إلى الدُّنيا ، ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق الله خلقاً هو أهون عليه منها ، ألا ترى أنّه لم يجعل نعيمها ثواباً للمطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين ؟((1))

مجمع البيان : روى سليمان بن داود المنقري ، عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : في وصيّة لقمان لابنه : يا بني سافر بسيفك وخُفّك وعمامتك وخبائك وسقائك وخيوطك ومخرزك((2)) ، وتزوّد معك من الأدوية ما تنتفع به أنت ومن معك ، وكن لأصحابك موافقاً إلاّ في معصية الله (عزّوجلّ) .يا بني : إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك واُمورهم ، وأكثر التبسُّم في وجوههم ، وكن كريماً على زادك بينهم فإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعنهم ، واستعمل طول الصّمت ، وكثرة الصّلاة ، وسخاء النّفس بما معك من دابَّة أو ماء أو زاد ، وإذا استشهدوك

ص: 253


1- - تفسير القمي : ج2 ص162 . منه تفسيرالبرهان : ج7 ص464 .
2- - المِخرز : ما يخرز به الجراب والسقاء من الجلود (مجمع البحرين) . والذي يسمّى في زماننا بالابرة .

على الحقّ فاشهد لهم ، وأجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثمّ لا تعزم حتّى تتثبَّت وتنظر ، ولا تُجب في مشورة حتّى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلّي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورته فإنّ من لم يمحض النّصيحة((1)) من استشاره سلبه الله رأيه .

وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم فإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، واسمع لمن هو أكبر منك سنّاً ، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئاً فقل : نعم ، ولا تقل : لا ، فإنّ لا عيٌّ ولؤم ، وإذا تحيّرتم في الطريق فأنزلوا ، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا((2)) ، وإذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه ، فإنّ الشخص الواحد في الفلاة مريب ، لعلّه يكون عين اللُّصوص ، أو يكون هو الشيطان الذي حيَّركم ، واحذروا الشخصين أيضاً إلاّ أن تروا ما لا أرى، لأنّ العاقل إذا أبصر بعينه شيئاً عرف الحقّ منه ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب .

يا بني : إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخّرها لشيء ، صلّها واسترح منها فإنّها دَيْن ، وصلّ في جماعة ولو على رأس زج((3)) ، ولا تنامن على دابتك

ص: 254


1- - أمحضَه النصيحة : صدّقه (لسان العرب) . والمعنى انه ينصحه بما يعتقده ويطمئن به ويراه .
2- - آمره في أمره : شاوره (أقرب الموارد) .
3- - الزُجّ : الحديدة التي في أسفل الرمح (أقرب الموارد) .

فإنّ ذلك سريع في دَبَرها((1)) ، وليس ذلك من فعل الحكماء الاّ أن تكون في محمل يمكنك التمدُّد لاستِرخاء المفاصل ، فإذا قربت من المنزل فأنزل عن دابّتك ، وابدأ بعَلفها قبل نفسك فإنّها نفسك .

وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لوناً ، وألينها تربة ، وأكثرها عُشباً ، وإذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس وإذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهبفي الأرض ، وإذا ارتحلت فصلّ ركعتين ، ثمّ ودِّع الأرض التي حللتَ بها ، وسلّم على أهلها فإنّ لكلِّ بقعة أهلاً من الملائكة ، وإن استطعت أن لا تأكل طعاماً حتّى تبتدأ فتصدّق منه((2)) فافعل ، وعليك بقراءة كتاب الله ما دُمتَ راكباً ، وعليك بالتسبيح ما دُمت عاملاً عملاً ، وعليك بالدُّعاء ما دمت خالياً ، وإيّاك والسير في أوّل الليل إلى آخره ، وإيّاك ورَفع الصوت في مسيرك .

وقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : والله ما اُوتي لقمان الحكمة لحَسَب ولا مال ولا بسط في جسم ، ولا جمال ولكنّه كان رجلاً قويّاً في أمر الله ... إلى آخره وقد تقدم مع اختلاف في بعض الألفاظ((3)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن

ص: 255


1- - الدَبَر : الجراحة تحدث من الرحل ونحوه . ومنه « دبر ظهر الدابَّة » (مجمع البحرين) .
2- - في تفسير البرهان : حتى تبدأ فتتصدَّق منه .
3- - مجمع البيان : ج4 ص317 . منه تفسير البرهان : ج7 ص468 .

حديد ، عن منصور بن يونس ، عن الحارث بن المغيرة ، أو أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : ما كان في وصيّة لقمان ؟

قال : كان فيها الأعاجيب ، وكان أعجب ما كان فيها أن قال لإبنه : خف الله (عزّوجلّ) خيفة لو جئته ببرّ الثقلين لعذّبك ، وأرج إليه رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك .

ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : كان أبي يقول : انّه ليس من عبد مؤمن إلاّ ] و [في قلبه نوران : نور خيفة ونور رجاء ، لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا((1)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان أبي (عليه السّلام) يقول : إنّه ليس من عبد مؤمن ... وذكر مثله((2)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الاِْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْن وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ

ص: 256


1- - الكافي : ج2 ص67 ح1 .
2- - الكافي : ج2 ص71 ح13 .

تَعْمَلُونَ) (14 و15) .

باب (5) الاحسان الى الوالدين

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن بحر ، عن عبدالله بن مسكان ، عمّن رواه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال - وأنا عنده - لعبدالواحد الأنصاري في برّ الوالدين في قول الله (عزّوجلّ) : (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) فظننّا أنّها الآية التي في بني اسرائيل (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ]وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً[)((1)) فلمّا كان بعد سألته فقال : هي التي في لقمان (وَوَصَّيْنَا الاِْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ .... وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا) فقال : إنّ ذلك أعظم ] من [ أن يأمر بصلتهما وحقّهما على كلّ حال (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) فقال : لا بل يأمر بصلتهما ، وإن جاهداه على الشرك ما زاد حقّهما إلاّ عظماً((2)) .

أقول : الحديث ضعيف من حيث السند لجهالة حال بعض رواته ولا يخلو من اضطراب في بعض ألفاظه ، ومن هنا فإنّا نُعرض عن التعليق

ص: 257


1- - الإسراء 17 : 23 .
2- - الكافي : ج2 ص159 ح6 .

عليه .

وقد ذكر العلاّمة المجلسي له بعض التوجيهات والاحتمالات فليراجع((1)) .

باب (6) تأويل « الوالدين » في القرآن

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا أحمد بن ادريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن أبان بنعثمان ، عن بشير الدّهان أنّه سمع أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : رسول الله أحد الوالدين .

قال : قلت : والآخر ؟

قال : هو علي بن أبي طالب (عليه السّلام)((2)) .

تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثني جعفر بن محمد الفزاري معنعناً ، عن معلّى بن خنيس قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : أنا أحد الوالدين وعليّ الآخر وهما عند الموت يعاينان((3)) .

ص: 258


1- - مرآة العقول : ج8 ص400 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص437 ح4 . منه بحار الأنوار : ج36 ص13 .
3- - تفسير فرات الكوفي : ص104 ح95 . منه بحار الأنوار : ج36 ص13 .

باب (7) البر بالوالدين في الحياة وبعد الممات

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن الحكم بن مسكين ، عن محمد بن مروان قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما يمنع الرجل منكم أن يبرّ والديه حيّين وميّتين يُصلّي عنهما ويتصدّق عنهما ويحجّ عنهما ويصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك فيزيده الله (عزّوجلّ) ببرّه وصلته خيراً كثيراً((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل فَتَكُن فِي صَخْرَة أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الاَْرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (16) .

باب (8) النهي عن استصغار الذنوب الصغيرة

مجمع البيان : روى العياشي بالاسناد عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : اتّقوا المحقّرات من الذنوب ، فإنّ لها طالباً ، لا

ص: 259


1- - الكافي : ج2 ص159 ح7 .

يقولنَّ أحدكم : أذنب وأستغفر الله ، إنّ الله تعالى يقول : (إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل فَتَكُن) الآية((1)) .* * * * *

قوله تعالى : (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الاُْمُورِ) (17) .

باب (9) الصلاة أحبّ الاعمال الى الله

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن هارون بن خارجة ، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : أحبّ الأعمال إلى الله (عزّوجلّ) الصلاة وهي وصايا الأنبياء (عليهم السّلام) فما أحسن الرّجل يغتسل أو يتوضّأ فيسبغ الوضوء ثمّ يتنحى حيث لا يراه أنيس فيشرف عليه وهو راكع أو ساجد إنّ العبد إذا سجد فأطال السُّجود نادى إبليس : يا ويلاه أطاع وعصيت وسجد وأبيت((2)) .

ص: 260


1- - مجمع البيان : ج4 ص319 . منه تفسير البرهان : ج7 ص478 .
2- - الكافي : ج3 ص264 ح2 .

باب (10) لزوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن بكر بن محمد الأزدي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : أيُّها الناس آمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر فإنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر لم يقرّبا أجلاً ولم يباعدا رزقاً فإنّ الأمر ينزل من السماء إلى الأرض كقطر المطر في كلّ يوم إلى كلّ نفس بما قدّر الله لها من زيادة أو نقصان في أهل أو مال أو نفس وإذا أصاب أحدكم مصيبة في مال أو نفس ورأى عند أخيه عفوة((1))فلا يكونن له فتنة فإنّ المرء المسلم ما لم يغش دناءة تظهر ويخشع لها إذا ذكرت ويغري بها لئام الناس كان كالياسر الفالج الذي ينتظر أوّل فوز من قداحه((2))

يوجب له بها المغنم ويدفع عنه المغرم كذلك المرء المسلم البريء من الخيانة والكذب ينتظر إحدى الحسنيين إمّا داعياً من الله فما عند الله خير له ، وإمّا رزقاً من الله فهو ذوأهل ومال ومعه دينه وحسبه ، والمال والبنون حرث الدُّنيا والعمل الصالح حرث الآخرة ، وقد يجمعهما

ص: 261


1- - عفوة كلّ شيء : صفوه وكثرته (لسان العرب) .
2- - القِدْح : السهم قبل أن يُنصل ويُراش ، وسهم الميسر أيضاً ، وجمعه قداح (أقرب الموارد) .

الله لأقوام((1)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن عبدالله بن مسكان ، عن داود بن فرقد ، عن أبي سعيد الزهري ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قال : ويلٌ لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر((2)) .

باب (11) لزوم أخْذ حق الضعيف من القوي

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جماعة من أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما قدست أمّة لم يؤخذ لضعيفها من قويّها بحقّه غير متعتع((3)) .

باب (12) لزوم الصبر في جميع الامور

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، وعليّ بن محمد القاساني ، جميعاً ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ،

ص: 262


1- - تفسير القمي : ج2 ص36 . منه تفسير البرهان : ج6 ص233 .
2- - الكافي : ج5 ص56 ح4 .
3- - الكافي : ج5 ص56 ح2 .

عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا حفص إنّ من صبر صبر قليلاً وإنّ من جزع جزع قليلاً ، ثمّ قال : عليك بالصبر في جميع أمورك ... الى آخر الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الاَْرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَال فَخُور * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الاَْصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (18 و19) .

باب (13) من مواعظ لقمان الحكيم

تفسير البرهان : الطبرسي بحذف الاسناد ، عن حمّاد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان لقمان الحكيم مُعمّراً قبل داود (عليه السّلام) في أعوام كثيرة ، وانّه أدرك أيّامه ، وكان معه يوم قتل جالوت ، وكان طول جالوت ثمانمائة ذراع ، وطول داود عشرة أذرع ، فلمّا قتل داود جالوت رزقه الله النبوّة بعد ذلك ، وكان لقمان معه إلى أن ابتُلي بالخطيئة ، وإلى أن تاب الله عليه وبعده .

وكان لقمان يعظ ابنه بآثار حتّى تفطّر وانشقّ ، وكان فيما وعظه أنّه

ص: 263


1- - الكافي : ج2 ص88 ح3 .

قال : يا بنيّ ، مذ سقطت إلى الدُّنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة ، فدارٌ أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد .

يا بنيّ : لا خير في الكلام إلاّ بذكر الله تعالى ، وإنّ صاحب السكوت تَعلوه السكينة والوقار .

يا بني : جالس العلماء ، فلو وضع الله العلم في قلب كلب لأعزّه الله وأحبّه .

يا بنيّ : جالس العُلماء وزاحمهم بركبتك ، ولا تجادلهم فيمقتوك((1)) ، وخذ من الدُّنيا بلاغاً((2)) ، ولا ترفضها فتكون عيالاً على الناس ، ولا تدخل فيها دخولاً يضرّ بآخرتك ، وصُم صوماً يقطع شهوتك ، ولا تصُمْ صوماً يمنعك ويُضعِفك عن الصلاة ، فإنّ الصلاة أحبّ إلى الله من الصيام ، والصلاة أفضل الأعمال .

يا بنيّ : إنّ الدنيا بحرٌ عميق قد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الإيمان ، واجعل شراعها التوكّل ، واجعل زادك فيها تقوى الله ، فإن نجوتَ فبرحمة الله ، وإن هلكت فبذنوبك .

يا بنيّ : إن تأدّبت صغيراً انتفعتَ به كبيراً ، ومن عُني بالأدب اهتمّ به ، ومن اهتمّ به تكلَّف عمله ، ومن تكلّف عمله اشتدّ طلبه ، ومن اشتدّ

ص: 264


1- - مقته مقتاً : أبغضه أشدّ البغض عن أمر قبيح (أقرب الموارد) .
2- - البلاغ : الكفاية (أقرب الموارد) .

طلبه أدرك منفعته فاتّخذه عادة فإنّك تُخلف به في سلَفِك وتنفع به خلفك ويرتجيك فيه راغب ويخشىصولتك راهب ، وإيّاك والكسل عن العلم والطلب لغيره ، فإن غُلبت على الدُّنيا فلا تُغلب على الآخرة .

يا بنيّ : من أدرك العلم ، فأيّ شيء فاته ؟ ومن فاته العلم فأيّ شيء أدرك ؟

يا بنيّ : إذا فاتك طلب العلم فإنّك لم تَجد له تضييعاً أشدّ من تركه ، ولا تمارينّ فيه لجوجاً ، ولا تجادلنّ فقيهاً ، ولا تعادينّ سلطاناً ولا تماشينّ ظالماً ، ولا تصادقنّ عدوّاً ، ولا تؤاخينّ فاسقاً نَطِفاً((1)) ولا تصاحبنّ متّهماً ، واخزن علمك كما تخزن وَرِقك((2)) .

يا بنيّ : لا تصعّر خدك للناس ، ولا تمش في الأرض مرحاً ، واغضُضْ من صوتك ، إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير ، واقصد في مشيك .

يا بنيّ : خف الله تعالى خوفاً لو أتيت يوم القيامة ببرّ الثقلين خِفْت أن يعذّبك ، وارج الله تعالى رجاء لو وافيت يوم القيامة باثم الثقلين ان يغفر الله لك .

فقال له ابنه : يا أبت وكيف أُطيق هذا وإنّما لي قلب واحد ؟

ص: 265


1- - النَطِف : النجس والرجل المريب (أقرب الموارد) .
2- - الوَرِق : الفضة . والوَرْق : الدراهم المضروبة (مجمع البحرين) .

فقال لقمان : يا بنيّ لو استُخرج قلب المؤمن وشُقّ لوُجد فيه نوران : نور للخوف ونور للرّجاء ولو وُزنا ما رجح أحدهما على الآخر شيئاً ولا مثقال ذرّة ، فمن يؤمن بالله ويصدّق ما قال الله تعالى يفعل ما أمر الله ، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يُصدّق ما قال الله ، فانّ هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن بالله إيماناً صادقاً يعمل لله خالصاً ، ومن عمِل لله عملاً خالصاً ناصحاً آمن بالله صادقاً ، ومن يُطِع الله تعالى خافه ، ومن خافَه فقد أحبّه ومن أحبّه اتبع أمره ، ومن اتّبع أمره استوجب جنّته ومرضاته ، ومن لم يتّبع رضوان الله فقد خان الله ، ومن خان الله استوجب سخطه وعذابه ، نعوذ بالله من سخط الله وعذابه وخزيه ونكاله .

يا بنيّ : لا تركن إلى الدنيا ، ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق الله خلقاً أهون عليه منها ، ألا ترى أنّه لم يجعل نعيمها ثواباً للمُطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين ؟يا بنيّ : من أحيا نفساً فكأنّما أحيى النّاس جميعاً ، أي من استنقذَها من قَتْل ، أو غرق أو حرق أو هدم أو سَبُع أو كفله حتّى يستغني ، أو أخرجه من فقر إلى غنى وأفضل من ذلك كلّه من أخرجه من ضلال إلى هدى .

يا بنيّ : أقم الصلاة وأْمُر بالمعروف ، وانْهَ عن المنكر ، واصبر على ما أصابك انّ ذلك من عزم الأمور((1)) .

ص: 266


1- - تفسير البرهان : ج7 ص470 ح6 .

مجمع البيان : في قوله تعالى :(وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) أي ولا تمل وجهك من الناس تكبّراً ، ولا تعرض عمّن يكلّمك استخفافاً به ، وهذا معنى قول ابن عباس وأبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ومحمد بن سنان ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في هذه الآية (وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) .

قال : ليكن الناس عندك في العلم((2)) سواء((3)) .

باب (14) ذمِّ العطسة القبيحة

الكافي : أحمد بن محمد الكوفي ، عن علي بن الحسن ، عن علي ابن أسباط ، عن عمّه يعقوب بن سالم ، عن أبي بكر الحضرمي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ أَنكَرَ الاَْصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) ؟

قال : العطسة القبيحة((4)) .

ص: 267


1- - مجمع البيان : ج4 ص319 . منه تفسير البرهان : ج7 ص479 .
2- - يعني في بذل العلم وتعليمه .
3- - الكافي : ج1 ص41 ح2 .
4- - الكافي : ج2 ص656 ح21 .

مجمع البيان : في قوله : (إِنَّ أَنكَرَ الاَْصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : هي العطسة المرتفعة القَبيحة((1)) .* * * * *

قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْم وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَاب مُّنِير * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) (20 و21) .

باب (15) نِعم الله وأيّامه

أمالي الطوسي : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن ابراهيم العلوي النصيبي (رحمه الله) قال : سمعت جدي ابراهيم بن علي يحدّث ، عن أبيه علي بن عبيد الله قال : حدثني شيخان برّان من أهلنا سيّدان ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه . وحدّثنيه الحسين بن زيد بن علي ذو الدّمعة قال : حدثني عمّي عمر بن علي قال : حدثني أخي

ص: 268


1- - مجمع البيان : ج4 ص320 . منه تفسير البرهان : ج7 ص480 .

محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه الحسين (عليهم السّلام) .

قال أبو جعفر (عليه السّلام) : وحدثني عبدالله بن العباس وجابر بن عبدالله الأنصاري((1))

- وكان بدريّاً اُحديّاً شجريّاً وممّن محض من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في مودَّة أمير المؤمنين (عليه السّلام) - قالا : بينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في مسجده في رهط من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن ورجلان من قرّاء الصحابة من المهاجرين هما عبدالله بن أُمّ عبد ، ومن الأنصار أُبيّ بن كعب ، وكانا بدريين فقرأ عبدالله من السورة التي يذكر فيها لقمان ، حتّى أتى على هذه الآية (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)

الآية ، وقرأ أُبيّ من السورة التي يذكر فيها ابراهيم (عليه السّلام) : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِّكُلِّ صَبَّار شَكُور)((2)) قالوا : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : أيّام الله نعماؤه وبلاؤه ] و [ مثلاتهسبحانه ، ثمّ أقبل (صلّى الله عليه وآله) على من شهده من أصحابه فقال : إنّي لأتخوّلكم((3)) بالموعظة تخوّلاً

ص: 269


1- - أقول : جابر بن عبدالله الأنصاري كان من الأنصار الأوائل والذي اشترك مع النبي (صلّى الله عليه وآله) في بدر وأُحد وبايع بيعة الشجرة وأدرك أيام الإمام الباقر (عليه السّلام) .
2- - إبراهيم 14 : 5 .
3- - يتخوّلنا بالموعظة : أي يتعهّدنا (النهاية) .

مخافة السآمة((1)) عليكم ، وقد أوحى إليّ ربّي (جلّ جلاله) أن أذكّركم بالنعمة واُنذركم بما اقتصّ عليكم من كتابه ، وتلا (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ) الآية ، ثمّ قال لهم : قولوا الآن قولكم : ما أَوّل نعمة رغّبكم الله فيها وبلاكم بها ؟

فخاض القوم جميعاً ، فذكروا نِعَم الله التي أنعم عليهم وأحسن إليهم بها من المعاش والرياش والذرية والأزواج إلى سائر ما بلاهم الله (عزّوجلّ) به من أنعمه الظاهرة ، فلمّا أمسك القوم أقبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على عليّ فقال : يا أبا الحسن قل فقد قال أصحابك .

فقال : فكيف لي بالقول - فداك أبي وأمّي - وإنّما هدانا الله بك .

قال : ومع ذلك فهات ، قل ما أوَّل نعمة بلاك الله (عزّوجلّ) وأنعم عليك بها ؟

قال : أن خلقني (جل ثناؤه) ولم أكُ شيئاً مذكوراً .

قال : صدقت ، فما الثانية ؟

قال : أن أحسَن بي اذ خلقني فجعلني حيّاً لا ميتاً .

قال : صدقت ، فما الثالثة ؟

قال : أن أنشأني - فله الحمد - في أحسن صورة ، وأعدَل تركيب .

قال : صدقت ، فما الرابعة ؟

ص: 270


1- - السآمة : الملل والضجر (النهاية) .

قال : أن جعلني متفكراً راغباً ، لا بلهة((1)) ساهياً .

قال : صدقت ، فما الخامسة ؟

قال : أن جعل لي شواعر أدرك ما ابتغيت بها وجعل لي سراجاً منيراً .

قال : صدقت ، فما السادسة ؟

قال : أن هداني ولم يُضلّني عن سبيله .

قال : صدقت ، فما السابعة ؟قال : أن جعل لي مردّاً في حياة لا انقطاع لها .

قال : صدقت ، فما الثامنة ؟

قال : أن جعلني ملكاً مالكاً لا مملوكاً .

قال : صدقت ، فما التاسعة ؟

قال : ان سخّر لي سماءه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقه .

قال : صدقت ، فما العاشرة ؟

قال : أن جعلنا سبحانه ذكراناً لا إناثاً((2)) .

قال : صدقت ، فما بعد هذا ؟

قال : كثرتْ نعم الله - يا نبيّ الله - فطابت ، وتلا : (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ

ص: 271


1- - البُله : هو الذي فيه البَلَه يعني الغفلة . ويقال بَلِه الرجل بلهاً : ضعف عقله فهو أبله (مجمع البحرين) .
2- - في تفسير البرهان : ذُكراناً قُوّاماً على حلائلنا ، لا إناثاً .

اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا)((1)) فتبسّم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقال : لتهنك الحكمة ليهنك العلم((2)) - يا أبا الحسن - وأنت وارث علمي، والمبيّن لأُمّتي ما اختلفت فيه من بعدي ، من أحبّك لدينك وأخذ بسبيلك فهو ممّن هُدي إلى صراط مستقيم ومن رغب عن هواك وأبغضك لقي الله يوم القيامة لا خلاق له((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الاُْمُورِ) (22) .

باب (16) العروة الوثقى مودّة أهل البيت

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن أبيه ، عن حصين بن مخارق ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) .

ص: 272


1- - ابراهيم 14 : 34 ، النحل 16 : 18 .
2- - في تفسير البرهان : ليُهنئُك الحكمة ، ليُهنئُك العلم .
3- - الأمالي للطوسي : ص490 ح1077 . منه تفسير البرهان : ج7 ص482 .

قال: مودّتنا أهل البيت((1)) .

مائة منقبة لابن شاذان : حدثني قاضي القضاة أبو عبدالله الحسين ابن هارون الضبيّ (رحمه الله) قال : حدثني أحمد بن محمد قال : حدثني علي بن الحسن ، عن أبيه قال : حدثني علي بن موسى ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : ستكون بعدي فتنة مظلمة ، الناجي منها من تمسّك بالعروة الوثقى .

فقيل : يا رسول الله ، وما العروة الوثقى ؟

قال : ولاية سيّد الوصيّين .

قيل : يا رسول الله ، ومن سيّد الوصيّين ؟

قال : أمير المؤمنين .

قيل : يا رسول الله ، ومن أمير المؤمنين ؟

قال : مولى المسلمين وإمامهم بعدي .

قيل : يا رسول الله ، ومن مولى المسلمين وإمامهم بعدك ؟

قال : أخي علي بن أبي طالب((2)) .

* * * * *

ص: 273


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص439 ح10 . منه تفسير البرهان : ج7 ص486 .
2- - مائة منقبة : ص142 منقبة 81 . منه تفسير البرهان : ج7 ص487 .

قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الاَْرْضِ مِن شَجَرَة أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (27) .

باب (17) قراءة الامام الصادق لهذه الآية

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ) قرأ جعفر بن محمد (عليه السّلام) : والبحر مداده((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَاز عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (33) .

باب (18) من آثار الزهد في الدنيا

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن الهيثم بن واقد الحريريّ ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من زهد في الدُّنيا أثبت الله الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه ، وبصّره عيوب الدُّنيا داءها ودواءها ، وأخرجه من الدُّنيا سالماً إلى

ص: 274


1- - مجمع البيان : ج4 ص321 . منه تفسير البرهان : ج7 ص488 .

دار السلام((1)) .

باب (19) ذَمّ الدنيا والتعلّق بها

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن غياث بن ابراهيم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ في كتاب علي (صلوات الله عليه) : إنّما مثل الدُّنيا كمثل الحيّة ما ألين مسّها وفي جوفها السّمّ الناقع يحذرها الرّجل العاقل ويهوي إليها الصبيّ الجاهل((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة وغيره ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : مَثَل الدُّنيا كمثل ماء البحر كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتّى يقتله((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الاَْرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْض تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (34) .

ص: 275


1- - الكافي : ج2 ص128 ح1 .
2- - الكافي : ج2 ص136 ح22 .
3- - الكافي : ج2 ص136 ح24 .

باب (20) خمسة أشياء لم يطّلع عليها أحد إلاّ الله

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : هذه الخمسة أشياء لم يطّلعْ عليها مَلَك مقرّب ، ولا نبيٌ مرسل ، وهي من صفات الله (عزّوجلّ)((1)) .

من لا يحضره الفقيه : قال (الصادق) (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْض تَمُوتُ) .

فقال : مِن قَدم إلى قدم((2)) .

الخصال : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن عبدالرحمن بن حمّاد ، عن ابراهيم بن عبدالحميد ، عن أبي أسامة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال لي أبي : ألا أخبرك بخمسة لم يطّلع الله عليها أحداً من خلقه ؟

قلت : بلى .

قال : (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الاَْرْحَامِ

ص: 276


1- - تفسير القمي : ج2 ص167 . منه تفسير البرهان : ج7 ص490 .
2- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص139 ح380 .

وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْض تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)((1)) .

أقول : الأجهزة الطبية الحديثة تستطيع أن تكشف جنسية الجنين وأنّه ذكر أو أنثى وأنّه واحد أو أكثر ، لكنها لا تستطيع أن تكشف أنّه جميل أو قبيح وأنّه سعيد أو شقي ، وماذا يكسب غداً في حياته وأين يموت وكيف يموت وكم يعيش وهكذا ، فإنّ هذه أمور لا يعلمها إلاّ الله والراسخون في العلم الذين علمهم من علم الله (عزّوجلّ) .

ص: 277


1- - الخصال : ص290 ح49 .

سورة السجدة

باب (1) من آثار قراءة سورة السجدة

ثواب الأعمال : حدثني محمد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدثني محمد بن يحيى قال : حدثني محمد بن أحمد ، عن محمد بن حسّان ، عن اسماعيل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قرأ سورة السجدة في كلّ ] ليلة [ جمعة أعطاه الله كتابه بيمينه ، ولم يحاسبه بما كان منه ، وكان من رفقاء محمّد وأهل بيته (عليهم السّلام)((1)) .

مجمع البيان : روى الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((2)) .

ص: 278


1- - ثواب الأعمال : ص136 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص491 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص325 .

باب (2) من آثار كتابة سورة السجدة

تفسير البرهان : من كتاب (خواصّ القرآن) قال الصادق (عليه السّلام) : من كتبها وعلّقها عليه أمِنَ من الحمّى ، وإن شرب مائها زال عنه الزّيغ والمثلثة((1)) بإذن الله (تعالى)((2)) .

باب (3) العزائم أربع سُوَر

الخصال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ العزائم أربع : اقرأ باسم ربّك الذي خلق ، والنّجم ، وتنزيل السّجدة ، وحم السّجدة((3)) .

ص: 279


1- - الزيغ : الشك . والحمّى المثلثة : التي تأتي في اليوم الثالث (مجمع البحرين) يعني أنّها تأتي في كلّ ثلاثة أيّام يوماً واحداً .
2- - تفسير البرهان : ج3 ص281 ح4 .
3- - الخصال : ص252 ح124 .

باب (4) ما يُقرأ في سجدة العزائم

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذّاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا قرأ أحدكم السجدة من العزائم فليقل في سجوده : « سجدتُ لك تعبّداً ورقّاً لا مستكبراً عن عبادتك ولا مستنكفاً ولا مستعظماً بل أنا عبد ذليل خائف مستجيرٌ »((1)) .

أقول : هناك اذكار اخرى تُقرأ في سجدة العزائم موجودة في كتب الأدعية ومنها : « لا إله إلاّ الله حقّاً حقّاً لا إله إلاّ الله إيماناً وتصديقاً لا إله إلاّ الله عبودية ورقّاً سجدت لك يا ربّ تعبّداً ورقّاً لا مستنكفاً ولا مستكبراً بل أنا عبدٌ ذليلٌ خائفٌ مستجير »((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيّ وَلاَ شَفِيع أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ) (4) .

ص: 280


1- - الكافي : ج3 ص328 ح23 .
2- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص306 ح922 .

باب (5) خَلْق الخير والسماوات والأرضين

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنَّ الله خلق الخير يوم الأحد ، وما كان ليخلق الشرّ قبل الخير ، وفي يوم الأحد والاثنين خلق الأرضين ، وخلق أقواتها في يوم الثلاثاء ، وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس ، وخلق أقواتها يوم الجمعة ، وذلك قوله (عزّوجلّ) : (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّام)((1)) .

أقول : تقدّمت الأحاديث المرتبطة بالآية الشريفة في تفسير سورة الأعراف آية : 54 .

* * * * *

قوله تعالى : (يُدَبِّرُ الاَْمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الاَْرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَة مِّمَّا تَعُدُّونَ) (5) .

باب (6) الاعتماد على الله والاستغناء عن الناس

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أَبيه ، وعلي بن محمد جميعاً ، عن

ص: 281


1- - الكافي : ج8 ص145 ح117 .

القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئاً إلاّ أعطاه فليأيس من الناس كلّهم ولا يكون له رجاء الاّ من عند الله (عزّ ذكره) ، فإذا علم الله (عزّوجلّ) ذلك من قلبه لم يسأله شيئاً إلاّ أعطاه ، فحاسبُوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبُوا عليها فإنّ للقيامة خمسين موقفاً كلّ موقف مقداره ألف سنة ثمّ تلا : (فِي يَوْم كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَة مِّمَّا تَعُدُّونَ)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (11) .

باب (7) مَلَك الموت وقبْض الأرواح

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : لمّا اُسري بي إلى السماء رأيت ملكاً من الملائكة بيده لوح من نور ، لا يلتفت يميناً ولا شمالاً ، مقبلاً عليه كهيئة الحزين .

ص: 282


1- - الكافي : ج8 ص143 ح108 .

فقلت : مَن هذا يا جبرئيل ؟

فقال : هذا مَلَك الموت ، مشغول في قبض الأرواح .

فقلت : ادنيني منه يا جبرئيل لأكلّمه ، فأدناني منه ، فقلت له : يا ملك الموت ، أكلُّ من مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه ؟

قال : نعم .

قلت : وتحضرهم بنفسك ؟

قال : نعم ، وما الدنيا كلّها عندي فيما سخّرها الله لي ومكّنني منها ، إلاّ كالدّرهم في كف الرجل يقلّبه كيف يشاء ، وما من دار في الدنيا إلاّ وأدخلها في كلّ يوم خمس مرّات ، وأقول إذا بكى أهل البيت على ميّتهم : لا تبكوا عليه ، فإنّ لي إليكم عودة وعودة ، حتى لا يبقى منكم أحد .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : كفى بالموت طامة يا جبرئيل !

فقال جبرئيل : إنّما بعد الموت أطمُّ وأعظَم من الموت((1)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما من أهل بيت شَعَر ولا وَبَر إلاّ

ص: 283


1- - تفسير القمي : ج2 ص168 . منه تفسير البرهان : ج7 ص494 .

وملك الموت يتصفّحهم في كلّ يوم خمس مرّات((1)) .

من لا يحضره الفقيه : قال الصادق (عليه السّلام) : قيل لملك الموت : كيف تقبض الأرواح وبعضُها في المغرب وبعضُها في المشرق في ساعة واحدة ؟

فقال : أدعوها فتُجيبني .قال : فقال ملك الموت : إنّ الدُّنيا بين يديّ كالقصعة بين أحدكم يتناول منها ما شاء ، والدُّنيا عندي كالدّرهم في كف أحدكم يقلّبه كيف يشاء((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن المفضّل بن صالح ، عن زيد الشحّام قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عن ملك الموت يقال : الأرض بين يديه كالقصعة ، يمدُّ يده منها حيث يشاء ؟

قال : نعم((3)) .

الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن ابن فضّال ، عن علي بن عقبة ، عن أسباط بن سالم مولى أبان قال : قلت لأبي

ص: 284


1- - الكافي : ج3 ص256 ح22 .
2- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص134 ح354 .
3- - الكافي : ج3 ص256 ح24 .

عبدالله (عليه السّلام) : جُعلت فداك يعلم ملك الموت بقبض من يقبض ؟

قال : لا ، إنّما هي صكاك تنزل من السماء : اقبض نفس فُلان بن فلان((1)) .

الكافي : علي ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الميت إذا حضره الموت ، أوثقه ملك الموت ، ولولا ذلك ما استقرّ((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُن جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (15 - 17) .

باب (8) عِظمُ ثواب صلاة الليل

مجمع البيان : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : ما من

ص: 285


1- - الكافي : ج3 ص255 ح21 .
2- - الكافي : ج3 ص250 ح2 .

حسنة إلاّ ولها ثواب مبيّن في القرآن إلاّ صلاة اللّيل فإنّ الله (عزّ اسمه) لم يبيّن ثوابها لعظم خطرها ، قال : (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُن) وقرّة العين رؤية ما تقرّ به العين((1)) .

باب (9) كرامة الهيّة للمؤمن يوم الجمعة

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما من عَمل حَسن يعمله العبد إلاّ وله ثواب في القرآن الاّ صلاة الليل فإنّ الله لم يُبيّن ثوابها لِعظم خطرها عنده ، فقال : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) إلى قوله : (يَعْمَلُونَ) .

ثمّ قال : إنّ لله كرامة في عباده المؤمنين في كلّ يوم جمعة ، فإذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمنين ملكاً معه حُلَّتان فينتهي إلى باب الجنّة فيقول : استأذنوا لي على فلان .

فيقال له : هذا رسول ربّك على الباب .

فيقول لأزواجه : أي شيء ترين عليّ أحسن ؟

فيقلن : يا سيّدنا والذي أباحك الجنّة ، ما رأينا عليك شيئاً أحسن

ص: 286


1- - مجمع البيان : ج4 ص331 .

من هذا قد بعث إليك ربّك ، فيتّزر بواحدة ويتعطف((1)) بالاُخرى ، فلا يمرّ بشيء الاّ أضاء له ، حتّى ينتهي إلى الموعد ، فإذا اجتمعوا تجلّى لهم الرّب (تبارك وتعالى) ، فإذا نظروا إليه أي إلى رحمته (خَرُّوا سُجَّداً) .فيقول : عبادي ارفَعوا رؤوسكم ليس هذايوم سجود ولا عبادة قد رفعتُ عنكم المؤنة((2)) .

فيقولون : يا رب وأيَّ شيء أفضل ممّا أعطيتنا ! أعطيتنا الجنّة .

فيقول : لكم ما في أيديكم سبعين ضعفاً ، فيرى المؤمن في كلّ جمعة سبعين ضعفاً مثل ما في يده وهو قوله : (وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)((3)) وهو يوم الجمعة ، إنّها ليلة غرّاء ويوم أزهر فاكثروا فيها من التسبيح والتهليل والتكبير والثناء على الله والصلاة على رسوله (صلّى الله عليه وآله) .

قال : فيمرّ المؤمن فلا يمرّ بشيء الاّ أضاء له حتّى ينتهي إلى أزواجه فيقلن : والذي أباحنا الجنّة - يا سيّدنا - ما رأينا أحسن منك الساعة .

فيقول : انّي قد نظرت إلى نور ربّي .

ص: 287


1- - تعطّف بالرداء : ارتدى وسُمّي الرداء عطافاً لوقوعه على عطفي الرجل (لسان العرب) .
2- - المؤونة : التعب والشدّة (الصحاح) .
3- - ق 50 : 35 .

ثمّ قال : انّ أزواجه لا يَغِرن ولا يحِضن ولا يصلفن((1)) .

قال الراوي : قلت : جعلت فداك ، إنّي أردت أن أسألك عن شيء استحي منه .

قال : سل .

قلت : جعلت فداك هل في الجنّة غناء ؟

قال : إنّ في الجنّة شجرة يأمر الله رياحها فتهبُّ ، فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها حسناً ، ثمّ قال : هذا عِوَض لمن ترك السماع للغناء في الدُّنيا من مخافة الله .

قال : قلت : جعلت فداك ، زدني .

فقال : إنّ الله خلق الجنّة بيده ، ولم ترها عين ولم يطلع عليها مخلوق ، يفتحها الربّ كلّ صباح فيقول : ازدادي ريحاً ازدادي طيباً ، وهو قول الله تعالى : (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُن جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)((2)) .

باب (10) الاهتمام بصلاة العشاء

أمالي الطوسي : أبو محمد الفحّام قال : حدثني المنصوري قال :

ص: 288


1- - صَلِفَت المرأة : إذا لم تحظ عند زوجها وأبغضها (الصحاح) .
2- - تفسير القمي : ج2 ص168 . منه تفسير البرهان : ج7 ص501 .

حدثني عمّ أبي أبو موسى عيسى بن أحمد قال : حدثني الإمام علي بن محمد قال : حدثني أبي ، عن أبيه عليّ بن موسى قال : حدثني أبي موسى ابن جعفر قال : قال الصادق (عليه السّلام) - في حديث - وفي قوله تعالى : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) قال : كانوا لا ينامون حتّى يُصلّواالعتمة((1)) .

باب (11) الاهتمام بصلاة الليل

مجمع البيان : في قوله تعالى : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)أي ترتفع جنوبهم عن مواضع اضطجاعهم لصلاة الليل ، وهم المتهجّدون بالليل ، الذين يقومون عن فُرشهم للصلاة ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهم السّلام)((2)) .

باب (12) ثلاث عبادات مهمَّة

التهذيب : الحسين بن محمد بن سماعة قال : حدثني ابن رباط ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)

ص: 289


1- - أمالي الطوسي : ص294 ح576 . منه تفسير البرهان : ج7 ص506 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص331 . منه تفسير البرهان : ج7 ص506 .

قال : جاء رجل إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال : يا رسول الله أخبرني عن الإسلام : أصله وفرعه وذروته وسنامه .

فقال : أصله الصلاة ، وفرعه الزّكاة ، وذروته وسنامه الجهاد في سبيل الله (تعالى) .

قال : يا رسول الله أخبرني عن أبواب الخير .

قال : الصيام جُنّة ، والصدقة تُذهب الخطيئة ، وقيام الرّجل في جوف الليل يُناجي ربّه ، ثمّ قال : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)((1)) .المحاسن : البرقي ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن علي بن عبدالعزيز قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ألا أخبرك بأصل الإسلام وفرعه وذروته وسنامه ؟

قال : قلت : بلى جعلت فداك .

قال : أصله الصلاة ، وفرعه الزكاة ، وذروته وسنامه الجهاد في سبيل الله .

ألا أخبرك بأبواب الخير ؟

قلت : نعم جعلت فداك .

قال : الصوم جُنّة من النار ، والصدقة تُحط الخطيئة ، وقيام الرجل

ص: 290


1- - التهذيب : ج2 ص242 ح958 .

في جوف الليل يناجي ربّه ، ثمّ تلا (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)((1)) .

باب (13) الجنَّة الخاصَّة

كتاب الزهد : محمد بن الحصين (الحسين) ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال: إنّ الله خلق بيده((2)) جنّة لم يرها عين (غيره) ولم يطّلع عليها مخلوق يفتحها الرّبّ (تبارك وتعالى) كلّ صباح ، فيقول : ازدادي طيباً ، ازدادي ريحاً فتقول : (ويقول :) قد افلح المؤمنون ، وهو قول الله (تبارك وتعالى) : (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُن جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)((3)) .

باب (14) الشيعة مع إمامهم في الجنة

تأويل الآيات الظاهرة : روى الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه ، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفّار ،

ص: 291


1- - المحاسن : ج1 ص450 ح1038 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج7 ص501 .
2- - اليد بمعنى القدرة . كما في قوله تعالى : (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) .
3- - كتاب الزهد : ص102 ح278 . منه تفسير البرهان : ج7 ص504 .

عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن الحارث بن محمد الأحول ، عنأبي عبدالله ، عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قال : سمعته يقول : انّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لمّا أُسري به ] إلى السماء [ قال لعلي : يا علي إنّي رأيت في الجنّة نهراً أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل وأشدّ استقامة من السّهم فيه أباريق عدد نجوم السماء على شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدُّر الأبيض ، فضرب جبرائيل بجناحه على جانبه فإذا هو مسك أذفر .

ثمّ قال : والذي نفس محمّد بيده إنّ في الجنّة لشجراً يتصفّق بالتّسبيح لم يسمع الأوّلون والآخرون بمثله ، يُثمر ثمراً كالرّمان وتُلقى الثمرة إلى الرجل فيشقّها عن سبعين حُلّة ، والمؤمنون على كراسي من نور وهم الغرّ المحجّلون ، أنت إمامهم يوم القيامة على الرجل منهم نعلان شراكهما من نور يضيء أمامه حيث شاء من الجنّة فبينما هو كذلك إذ أشرفت إمرأة من فوقه ، فتقول : سبحان الله ، أما لك فينا دولة ؟

فيقول لها : من أنت ؟

فتقول : أنا من اللّواتي قال الله (عزّوجلّ) : (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُن جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ثمّ قال : والذي نفس محمّد بيده انّه ليجيئه كلّ يوم سبعون ألف ملك يسمّونه باسمه واسم أبيه((1)) .

ص: 292


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص441 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص504 .

فضائل الشيعة : حدثني محمد بن الحسن الصفّار ، عن الحارث بن محمد الأحول ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) عن أبي جعفر (عليه السّلام) نحوه((1)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه والحسن بن علي بن فضّال جميعاً ، عن علي بن النعمان ، عن الحارث بن محمد الأحول ، عمّن حدثه ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قالا : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعلي : يا علي انّي لمّا أُسري بي ، رأيت في الجنّة نهراً أبيض من اللبن وأحلى من العسل ، وأشدّ استقامة من السّهم فيه أباريق عدد النّجوم ، على شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدرّ الأبيض ، فضرب جبرئيل بجناحيه إلى جانبه فإذا هو مِسْكة ذَفِرة((2)) .ثمّ قال : والذي نفس محمّد بيده أن في الجنّة لشجراً يتصفّق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأوّلون والآخرون بمثله يثمر ثمراً كالرُمّان يلقي((3)) الثمرة إلى الرّجل فيشقّها عن سبعين حلّة ، والمؤمنون على كراسي من نور ، وهم الغرّ المحجلون ، أنت إمامهم يوم القيامة على الرّجل منهم نعلان شراكهما من نور ، يُضيء أمامهم حيث شاءوا من الجنّة ، فبينا هُم

ص: 293


1- - فضائل الشيعة : ص35 ح36 .
2- - مِسْك ذَفِر : جيّد إلى الغاية (أقرب الموارد) .
3- - في تفسير البرهان : تُلقى .

كذلك إذ أشرفت عليه إمرأة من فوقه ، تقول : سبحان الله - يا عبدالله - أما لنا منك دولة ؟

فيقول : من أنت ؟

فتقول : أنا من اللّواتي قال الله تعالى : (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُن جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ثمّ قال : والذي نفس محمّد بيده أنّه ليجيئه كلّ يوم سبعون ألف ملك يُسمّونه باسمه واسم أبيه((1)) .

باب (15) المؤمن مع الحور العين

تفسير البرهان : كتاب (الجنّة والنار) بالاسناد عن الصادق (عليه السّلام) - في حديث يذكر فيه أهل الجنّة - قال (عليه السّلام) : وإنّه لتشرف على وليّ الله المرأة ، ليست من نسائه ، من السجف((2)) فتملأ قصوره ومنازله ضوءاً ونوراً ، فيظن وليُّ الله أنّ ربّه أشرف عليه أو ملك من الملائكة ، فيرفع رأسه فإذا هو بزوجة قد كادت يذهب نورها نورَ عينيه قال : فتناديه : قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة .

قال : فيقول لها : ومن أنتِ ؟

ص: 294


1- - المحاسن : ج1 ص288 ح569 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج7 ص503 .
2- - السَجف والسِجْف : الستر (مجمع البحرين) .

قال : فتقول : أنا ممّن ذكر الله في القرآن (لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)((1)) فيجامعها في قوة مائة شاب ، ويعانقها سبعين سنة من أعمار الأولين وما يدري أينظر إلى وجهها أم إلى خلفها أم إلى ساقها ، فما من شيء ينظر إليه منها الاّ ويرى وجههمن ذلك المكان من شدّة نورها وصفائها ، ثمّ تشرف عليه اُخرى أحسن وجهاً وأطيب ريحاً من الأولى ، فتناديه : قد آن لنا أن يكون لنا منك دولة .

قال : فيقول لها : ومن أنت ؟

فتقول : أنا ممّن ذكر الله في القرآن : (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُن جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ الْعَذَابِ الاَْدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الاَْكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (21) .

باب (16) العذاب الأدنى والأكبر

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ الْعَذَابِ الاَْدْنَى دُونَ

ص: 295


1- - سورة ق 50 : 35 .
2- - تفسير البرهان : ج7 ص505 ح9 .

الْعَذَابِ الاَْكْبَرِ) قيل : هو عذاب القبر ، وروي أيضاً عن أبي عبدالله (عليه السّلام) والأكثر في الرواية عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) انّ العذاب الأدنى : الدابّة والدجال((1)) .

أقول : المقصود من قوله (عليه السّلام) : « الدابة » أي دابة الأرض - كما في الحديث التالي - وأنها الامام أمير المؤمنين (عليه السّلام) كما في قوله تعالى : (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الاَْرْضِ) من سورة النمل الآيات 82 - 84 وذكرنا توضيحاً مختصراً هناك فراجع .

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن مفضّل بن صالح ، عن زيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : العذاب الأدنى : دابّة الأرض((2)) .تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا علي بن حاتم ، عن حسن بن محمد بن عبدالواحد ، عن حفص بن عمر ابن سالم ، عن محمد بن حسين بن عجلان ، عن مفضّل بن عمر قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ الْعَذَابِ الاَْدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الاَْكْبَرِ) ؟

ص: 296


1- - مجمع البيان : ج4 ص332 . منه تفسير البرهان : ج7 ص512 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص444 ح7 . منه تفسير البرهان : ج7 ص512 .

قال : الأدنى : غلاء السعر ، والأكبر : المهدي بالسّيف((1)) .

أقول : تأويل هذه الآية الكريمة أنّ الله يغضب على عباده العصاة فيرميهم بغلاء الأسعار ويغضب على الطغاة والحكّام والظالمين في آخر الزمان فيُظهر الإمام المهدي (عليه السّلام) ليقيم العدل ويُطهّر الأرض من رجسهم .

تفسير البرهان : الشيباني في (كشف البيان) قال : روي عن جعفر الصادق (عليه السّلام) أنّ الأدنى : القَحْط والجدب ، والأكبر : خروج القائم المهدي بالسّيف في آخر الزمان((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) (24) .

باب (17) الأَمر بالصبر والرفق

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) :

ص: 297


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص444 ح6 . منه تفسير البرهان : ج7 ص511 .
2- - تفسير البرهان : ج7 ص512 ح7 .

يا حفص انّ من صبر صبر قليلاً وانّ من جزع جزع قليلاً ثمّ قال : عليك بالصبر في جميع أمورك فإنّ الله بعث محمداً وأمره بالصبر والرفق - إلى أن قال - : فصبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في جميع أحواله ، ثمّ بشّر في الائمّة من عترته ، ووصفوا بالصّبر (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)((1)) .

باب (18) الأَئمة في كتاب الله إِ مامان

تفسير القمي : حدثنا حميد بن زياد قال : حدثنا محمد بن الحسين ، عن محمد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : الائمّة في كتاب الله إمامان : إمام عدل وإمام جور ، قال الله : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) لا بأمر الناس يُقدّمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم ، قال : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ)((2)) يقدّمون أمرهم قبل أمر الله ، وحكمَهم قبل حكم الله ، ويأخذون بأهوائهم خلافاً لما في كتاب الله((3)) .

* * * * *

ص: 298


1- - تفسير القمي : ج1 ص196 . منه تفسير البرهان : ج7 ص513 .
2- - القصص 28 : 41 .
3- - تفسير القمي : ج2 ص170 . منه تفسير البرهان : ج7 ص513 .

قوله تعالى : (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ) (29) .

باب (19) تأويل يوم الفتح

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا الحسين بن عامر ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمد ابن سنان ، عن ابن درّاج قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : في قول الله (عزّوجلّ) : (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ) قال : يوم الفتح يوم تفتح الدّنيا على القائم لا ينفع أحداً تقرّب بالإيمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمناً وبهذا الفتح موقناً ، فذلك الذي ينفعه إيمانه ويَعْظم عند الله قدرُه وشأنه وتُزخرف له يوم ] القيامة و [ البعث جِنانُه ، وتُحجب عنه نيرانه وهذا أجر الموالين لأمير المؤمنين وذريّته الطيّبين (عليهم السّلام)((1)) .

ص: 299


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص445 ح9 . منه تفسير البرهان : ج7 ص514 .

سورة الأحزاب

باب (1) ثواب قراءة سورة الاحزاب

ثواب الأعمال : حدثني محمد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدثني محمد بن يحيى قال : حدثني محمد بن أحمد ، عن محمد بن حسّان ، عن اسماعيل بن مهران ، عن الحسن ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من كان كثير القراءة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد (صلّى الله عليه وآله) وأزواجه((1)) .

مجمع البيان : روى عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من كان ... وذكر مثله((2)) .

أقول : المقصود من « أزواجه » هنَّ اللاّتي كنّ صالحات مؤمنات

ص: 300


1- - ثواب الأعمال : ص137 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص515 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص334 .

مَرضيّات عند الله ورسوله ، لا اللاّتي كنّ يؤذينه ويتآمرن ويتظاهرن عليه ، مثل عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، حتى نزل فيهما قوله تعالى : (إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)((1)) .

وقد ثبت أنهما كانا على خلاف نهجه (صلّى الله عليه وآله) في حياته وبعد شهادته ، وقد سقتاه السُّم وفارق رسول الله الحياة مسموماً((2)) .وكانت عائشة تكذب على رسول الله وتنسب إليه ما لا يليق به من القبائح والمحرَّمات مثل أنه (صلّى الله عليه وآله) كان يأتيهن وهنَّ في فورة الحيض !! وأنه كان يصبح جُنباً في شهر رمضان !! وغيرها من الأكاذيب .

ولا تسل عن حرب الجمل وما قامت به عائشة من الخروج إلى حرب خليفة رسول الله بالحق : الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وما ارتكبته من الجرائم والمحرَّمات في تلك الحرب الظالمة من ازهاق أرواح الآلاف من المسلمين والمؤمنين ، وتركت آلاف الأرامل واليتامى والجرحى ، وغير ذلك ممّا يعلمه الله تعالى((3)) .

ص: 301


1- - سورة التحريم 66 : 4 .
2- - قال الإمام الصادق (عليه السّلام) : « إنّهما سمَّتاه » بحار الأنوار : ج28 ص21 .
3- - للتفصيل راجع الكتب التي تتحدّث عن حرب الجمل والبصرة وما رافقتْها من المآسي والويلات .

بالإضافة إلى موقفها الحاقد يوم تشييع جثمان سيّد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله : الإمام الحسن المجتبى (عليه السّلام) وركوبها على بغلة وقولها لبني هاشم : نَحُّوا ابنكم عن بيتي !! وما قام به مَن حولها برمي جثمان سبط رسول الله .. حتى أصابت السهام كفنه (عليه السّلام) وبلغتْ سبعين سهماً ، ويعلم الله تعالى كم عدد السهام التي مزّقت كفنه وجرحت جسده الشريف .

باب (2) فائدة كتابة سورة الأحزاب

تفسير البرهان : من كتاب (خواص القرآن) - قال الصادق (عليه السّلام) : من كتبها في رق ظبي ، وجعلها في منزله جائت إليه الخُطّاب في منزله ، وطلب التزويج في بناته وأخواته ، وجميع أهله وأقربائه ، بإذن الله (تعالى)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً) (1) .

ص: 302


1- - تفسير البرهان : ج7 ص516 ح4 .

باب (3) الخطاب للنبي والمعنيُّ به هم الناس

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : إنّ الله بعث نبيّه بإيّاك أعني وأسمعي يا جارة ، فالمخاطبة للنبي (صلّى الله عليه وآله) والمعنى للناس((1)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالله بن بكير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : نزل القرآن بايّاك أعني واسمعي يا جارة .

وفي رواية أخرى : عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : معناه ما عاتب الله (عليه السّلام) به على نبيّه (صلّى الله عليه وآله) فهو يعني به ما قد مضى في القرآن مثل قوله : (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلا)((2)) عنى بذلك غيره((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُل مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ

ص: 303


1- - تفسير القمي : ج2 ص171 . منه تفسير البرهان : ج7 ص517 .
2- - الاسراء 17 : 74 .
3- - الكافي : ج2 ص630 ح14 .

ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لاِبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيم-َا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) (4 و5) .

باب (4) لا يجتمع حُبُّ آل محمّد وحبُّ أعدائهم في قلب واحد

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع ، عن جعفر بن عبدالله المحمدي ، عن كثير بن عياش ، عن أبي الجارود ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُل مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)

قال : قال علي بن أبي طالب (عليه السّلام) : ليس عبد من عبيد الله ، ممّن امتحن الله قلبه للإيمان الاّ وهو يجد مودّتنا على قلبه فهو يودّنا ، وما عبد من عبيد الله ممّن سخط الله عليه الاّ وهو يجد بغضنا على قلبه فهو يبغضنا فأصبحنا نفرحبحبّ المحبّ لنا ونغتفر له ، ونبغض المبغض ، وأصبح محبنا ينتظر رحمة الله (جلَّ وعزَّ) فكأنّ أبواب الرّحمة قد فتحت له وأصبح مبغضنا على شفا جرف من النّار فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم فهنيئاً لأهل الرَّحمة رحمتهم ، وتعساً لأهل النار مثواهم انّ الله

ص: 304

(عزّوجلّ) يقول : (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)((1)) وانّه ليس عبد من عبيد الله يقصّر في حبّنا لخير جعله الله عنده اذ لا يستوي من يحبّنا ومن يبغضنا ولا يجتمعان في قلب رجل أبداً ، انّ الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه يحب بهذا ويبغض بهذا أما محبنا فيخلص الحبّ لنا كما يخلص الذّهب بالنار لا كدر فيه ، ومبغضنا على تلك المنزلة نحن النجباء وافراطنا((2)) افراط الأنبياء وأنا وصي الأوصياء والفئة الباغية من حزب الشيطان والشّيطان منهم ، فمن أراد أن يعلم حبّنا فليمتحن قلبه فإن شارك في حبّنا عدوّنا فليس منّا ، ولسنا منه والله عدوّه وجبرئيل وميكائيل والله عدوٌّ للكافرين((3)) .

مجمع البيان : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه يحب بهذا قوماً ويحب بهذا أعداءهم((4)) .

باب (5) قصَّة زيد بن حارثة

تفسير القمي : في قوله : (وَمَا

جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ)

قال :

ص: 305


1- - النحل 16 : 29 .
2- - الفَرَط : ما لم يُدرِك من الولد ، يقال سبقه فَرَط كثير أي : ولد ماتوا ولم يُدرِكوا (أقرب الموارد) .
3- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص446 ح1 . منه تفسير البرهان : ج7 ص517 .
4- - مجمع البيان : ج4 ص336 . منه تفسير البرهان : ج7 ص519 .

حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان سبب نزول ذلك أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لمّا تزوّج بخديجة بنت خويلد خرج إلى سوق عكاظ في تجارة لها ورأى زيداً يباع ورآه غلاماً كيساً حصيفاً((1)) ،

فاشتراه فلمّا نبأ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دعاه إلى الإسلام فأسلم ، وكان يدعى زيد مولى محمد ، فلمّابلغ حارثة بن شراحبيل الكلبي خبر ولده زيد قدم مكة وكان رجلاً جليلاً ، فأتى أبا طالب فقال : يا أبا طالب ، إنّ ابني وقع عليه السبي وبلغني أنّه صار إلى ابن أخيك فسله إمّا أن يبيعَه وإمّا أن يفاديه وإما أن يعتقه .

فكلّم أبو طالب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال رسول الله : هو حرٌّ فليذهَب كيف يشاء ، فقام حارثة فأخذ بيد زيد فقال له : يا بني الحق بشرفك وحسبك .

فقال زيد : لست أفارق رسول الله أبداً .

فقال له أبوه : فتدع حسبك ونسبك ، وتكون عبداً لقريش ؟

فقال زيد : لست أفارق رسول الله ما دمت حيّاً .

فغضب أبوه فقال : يا معشر قريش إشهدوا انّي قد برئت منه وليس هو ابني .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إشهدوا انّ زيداً ابني أرثه

ص: 306


1- - الحصيف : الجيد الرأي المحكم العقل (لسان العرب) .

ويرثني ، فكان يُدعى زيد بن محمد فكان رسول الله يحبّه وسمّاه : زيد الحبّ . فلمّا هاجر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى المدينة زوّجه زينب بنت جحش وأبطأ عنه يوماً ، فأتى رسول الله منزله يسأل عنه فإذا زينب جالسة وسط حجرتها تسحق طيباً بفهر((1)) فنظر إليها - وكانت جميلة حسنة - فقال : سبحان الله خالقِ النُّور ، وتبارك الله أحسن الخالقين ، ثمّ رجع رسول الله إلى منزله ووقعت زينب في قلبه موقعاً عجيباً ، وجاء زيد إلى منزله فأخبرته زينب بما قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .

فقال لها زيد : هل لك أن أطلِّقك حتّى يتزوّجك رسول الله ؟ فلعلّك قد وقعتِ في قلبه .

فقالت : أخشى أن تُطلّقني ولا يتزوّجني رسول الله .

فجاء زيد إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال : بأبي أنت وأمّي - يا رسول الله - أخبرتني زينب بكذا وكذا ، فهل لك أن أُطلّقها حتّى تتزوّجها ؟

فقال رسول الله : لا ، إذهب فاتَّق الله وأمسك عليك زوجك ، ثمّ حكى الله ، فقال : (أَمْسِكْ

عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنتَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا) إلى قوله : (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً)((2)) فزوّجه الله من فوق

ص: 307


1- - الفِهر : الحجر قدر ما يُدق به الجوز ونحوه (لسان العرب) .
2- - الأحزاب 33 : 37 .

عرشه .

فقال المنافقون : يُحرّم علينا نساء أبنائنا ويتزوّج امرأة ابنه زيد ! فأنزل الله في هذا : (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ) إلى قوله : (يَهْدِي السَّبِيلَ) ثمّ قال : (ادْعُوهُمْ لاِبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ) إلى قوله : (وَمَوَالِيكُمْ)((1)) .

أقول : هذه الرواية محمولة على التقيَّة لموافقتها لما ورد في كتب العامّة - كما في تفسير الزمخشري والبيضاوي - وقد روي عن الإمام الباقر (عليه السّلام) قوله : « ... فمكثتْ عند زيد ما شاء الله ، ثمّ إنهما تشاجرا - في شيء - إلى رسول الله ، فنظر إليها النبي فأعجبتْه ، فقال زيد : يا رسول الله تأذن لي في طلاقها فإن فيها كبْراً وإنها لتؤذيني بلسانها ؟

فقال رسول الله : اتّق الله وأمسك عليك زوجك وأحسِن إليها ، ثم ان زيداً طلَّقها وانقضتْ عدَّتها ، فأنزل الله نكاحها على رسول الله فقال : (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا)((2)) .

وهذه الرواية أنسب وأولى ، والله العالِم .

* * * * *

قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ

ص: 308


1- - تفسير القمي : ج2 ص172 . منه تفسير البرهان : ج7 ص519 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص194 .

وَأُوْلُواْ الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً) (6) .

باب (6) النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم

مجمع البيان : روي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) : أنّهم كانوا يقرأون : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه اُمّهاتهم وهو أبٌ لهم((1)) .

من لا يحضره الفقيه : روى علي بن حسان الواسطي ، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث ذكر فيه الكبائر وقال : - وامّا عقوق الوالدين فقد انزل الله (عزّوجلّ) ذلك في كتابه فقال : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) فعقّوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في ذرّيته وعقّوا أُمّهم خديجة في ذرّيّتها((2)) .

الخصال : حدثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا أحمد بن

ص: 309


1- - مجمع البيان : ج4 ص338 .
2- - من لا يحضره الفقيه : ج3 ص561 ح4931 .

يحيى بن زكريّا القطّان قال : حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدثني محمد بن عبدالله قال : حدثني عليّ بن حسان ، عن عبدالرحمن بن كثير مثله((1)) .

باب (7) الموالي يرث بعضهم بعضاً

الكافي : محمد بن يحيى ، وغيره ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن الجهم ، عن حنان قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أيُّ شيء للموالي ؟

فقال : ليس لهم من الميراث الاّ ما قال الله (عزّوجلّ) : (إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفاً)((2)) .

الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ابن يحيى ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : كان علي (عليه السّلام) إذا مات مولى له وترك ذا قرابة لم يأخذ من ميراثه شيئاً ، ويقول : (وَأُوْلُواْ الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض)((3)) .التهذيب : علي بن الحسن بن فضّال ، عن محمد بن عبيد الله

ص: 310


1- - الخصال : ص363 ح56 .
2- - الكافي : ج7 ص135 ح3 . والموالي جمع المولى وهو العبد (أقرب الموارد) .
3- - الكافي : ج7 ص135 ح5 .

الحلبي ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : اختلف أمير المؤمنين (عليه السّلام) وعثمان بن عفان في الرجل يموت وليس له عصبة يرثونه ، وله ذو قرابة لا يرثون .

فقال علي (عليه السّلام) : ميراثه لهم ، يقول الله تعالى : (وَأُوْلُواْ الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض) وكان عثمان يقول : يجعل في بيت مال المسلمين((1)) .

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : اختلف علي (عليه السّلام) ... وذكر مثله((2)) .

أقول : إن عثمان بن عفّان كان كثيراً ما يُفتي بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى لجهله بالأحكام الإلهية فكان يفتي برأيه ولا يردعه رادع من صحابة وتابعين .

وكان أمير المؤمنين (عليه السّلام) له بالمرصاد فينهاه عن ذلك - بقدر المستطاع - ومن جملة تلك المسائل التي بيّن الإمام الحق في الأمر أنّ الرجل إذا مات ولا وارث له من العُصبة فيرثه قرابته من غير العصبة خلافاً لعثمان ، فإنّه كان يجعل ماتركه في بيت المال .

ص: 311


1- - التهذيب : ج9 ص327 ح1175 .
2- - التهذيب : ج9 ص396 ح1416 .

باب (8) اولوا الارحام بعضهم أولى ببعض

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا الحسين بن عامر ، عن محمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الرحيم بن روح القصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أنّه سُئل عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَأُوْلُواْ الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ) ؟

قال : نزلت في وُلد الحسين .

قال : قلت : جعلت فداك نزلت في الفرائض ؟قال : لا .

قلت : ففي المواريث ؟

قال : لا ، ثمّ قال : نزلت في الإمرة((1)) .

أقول : كل هذا بناءاً على تأويل الآية بالحسين (عليه السّلام) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا

ص: 312


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص447 ح4 . منه تفسير البرهان : ج7 ص527 . والإمرة : الولاية (مجمع البحرين) .

تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبداً ، إنّما جرت من علي ابن الحسين كما قال الله (تبارك وتعالى) : (وَأُوْلُواْ الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللَّهِ) فلا تكون بعد علي بن الحسين (عليه السّلام) إلاّ في الأعقاب ، وأعقاب الأعقاب((1)) .

وتقدم في تفسير سورة الأنفال 8 : 75 ما يناسب الآية ويرتبط بها .

باب (9) من أسباب اسلام اليهود

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي وعلي بن ابراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان ابن داود المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قال : أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه وعليٌّ أولى به من بعدي .

فقيل له : ما معنى ذلك ؟

فقال : قول النبي (صلّى الله عليه وآله) : من ترك دَيْناً أو ضَياعاً فعليَّ ، ومن ترك مالاً فلورثته ، فالرّجل ليست له على نفسه ولاية إذا لم يكن له مال ، وليس له على عياله أمر ولا نهي إذا لم يُجرِ عليهم النّفقة ،

ص: 313


1- - الكافي : ج1 ص285 ح1 .

والنّبي وأمير المؤمنين وَمَن بعدهما ألزمهم هذا ، فمن هناك صاروا أولى بهم من أنفسهم ، وما كان سبب إسلام عامّةاليهود إلاّ من بعد هذا القول من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنّهم أَمنوا على أنفسهم وعلى عيالاتهم((1)) .

أقول : معنى الحديث النبوي : « من ترك دَيْناً أو ضَياعاً »((2)) ومات ولم يستطع أن يفي دَينه وبقي أهلُه وعياله لا يعولهم أحد فعليَّ أن أُؤدّي دَينه وأُنفق على عياله ، وإن ترك مالاً فلورثته ، فأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم وعليٌ أولى بهم من بعدي ، وبلغ اليهود - الذين كانوا في المدينة وحواليها - هذا الخبر فأسلم الكثير منهم .

وقوله (صلّى الله عليه وآله) : « أنا أولى » إمّا بمعنى القُرب أو بمعنى المالكيّة نظير قوله تعالى في القرآن الكريم : (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ)((3)) أي مالكهم .

أو بمعنى الولاية والقيمومة مثل وليّ القتيل واليتيم فهو يتولّى أمرهما .

أو بمعنى الناصر والمعين لهم مثل قوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى

ص: 314


1- - الكافي : ج1 ص406 ح6 .
2- - الضَّياع : العيال (مجمع البحرين) .
3- - الأنعام 6 : 62 .

الَّذِينَ آمَنُوا)((1)) أي ناصرهم .

وخلاصة الكلام أنّ النبي والوصي ومن يقوم مقامهما يتكفّلان أداء دين المدين وإعالة الفقير وعائلته وولاية اليتيم الصغير والانفاق عليهم من بيت المال حتّى يستغنوا .

باب (10) الامام علي أولى الناس بالناس

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن فضّال ، عن علي بن عقبة وعبدالله بن بكير ، عن سعيد بن يسار قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : الحمد لله ، صارت فرقة مرجئة وصارت فرقة حروريّة((2))

وصارت فرقةقدريّة((3)) وسُمّيتم الترابيّة وشيعة عليّ ، أما والله ما هو الاّ الله وحده لا شريك له ورسوله وآل رسول الله وشيعة آل رسول الله وما النّاس إلاّ هم ، كان عليّ أفضل النّاس بعد رسول الله وأولى النّاس

ص: 315


1- - محمد (صلّى الله عليه وآله) 47 : 11 .
2- - المرجئة : هم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنّه لا يضرّ مع الإيمان معصية كما أنّه لا ينفع مع الكفر طاعة . والحروريَّة : طائفة من الخوارج نُسبوا إلى حروراء ، وهو موضع قريب من الكوفة ، كان أوّل مجتمعهم وتحكيمهم فيها (النهاية لابن الأثير) .
3- - القَدَرية : هم المنسوبون إلى القَدَر ويزعمون أن كلّ عبد خالقُ فِعله ، ولا يرون المعاصي والكفر بتقدير الله ومشيّته (مجمع البحرين) .

بالنّاس - حتّى قالها ثلاثاً -((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوح وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً) (7) .

باب (11) النبي محمّد سيّد الانبياء وأفضلهم

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن سنان قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - : فأوّل ما أخذ الله (عزّوجلّ) الميثاق على الأنبياء له بالربوبيّة ، وهو قوله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ) فذكر جملة الأنبياء ، ثمّ أبرز (عزّوجلّ) أفضلهم بالأسامي فقال : ومنك يا محمد ، فقدّم رسول الله لأنّه أفضلهم ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى بن مريم فهؤلاء الخمسة أفضل الأنبياء ، ورسول الله أفضلهم ، ثمّ أخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله على الأنبياء بالإيمان به ، وعلى أن ينصروا أمير المؤمنين ، فقال : (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَاب وَحِكْمَة ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ) يعني رسول الله (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ)((2)) يعني أمير

ص: 316


1- - الكافي : ج8 ص80 ح36 .
2- - آل عمران 3 : 81 .

المؤمنين (عليه السّلام) فأخبروا أممكم بخبره ، وخبر وليّه من الائمّة (عليهم السّلام)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً) (8) .

باب (12) يُسأل الصادقون عن صدقهم

مجمع البيان : في قوله تعالى : (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ)قال الصادق (عليه السّلام) : إذا سأل((2)) عن صدقه على أي وجه قاله ، فيجازى بحسبه ، فكيف يكون حال الكاذب((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً) (9) .

ص: 317


1- - تفسير القمي : ج1 ص246 . منه تفسير البرهان : ج7 ص529 .
2- - في تفسير البرهان : إذا سُئل الصادق .
3- - مجمع البيان : ج4 ص339 . منه تفسير البرهان : ج7 ص530 .

باب (13) المسلمون في مواجهة الكفّار

إعلام الورى : قال أبان بن عثمان : حدثني من سمع أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : قام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على التلّ الذي عليه مسجد الفتح في ليلة ظلماء ذات قرَّة((1)) قال : من يذهب فيأتينا بخبرهم وله الجنّة فلم يقم أحد ، ثمّ عاد ثانية وثالثة فلم يقم أحد ، وقام حذيفة وقال((2)) : انطلق حتّى تسمع كلامهم وتأتيني بخبرهم ، فذهب فقال : اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله حتى تردّه اليّ وقال : لا تُحدث شيئاً حتّى تأتينا ، ولمّا توجه حذيفة قام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يصلّي ، ثمّ نادى بأشجى صوت : « يا صريخ المكروبين يا مجيب دعوة المضطرين اكشف همّي وكربي ، فقدترى حالي وحال من معي » .

فنزل جبرئيل فقال : يا رسول الله إنَّ الله (عزّوجلّ) سمع مقالتك ، واستجاب دعوتك وكفاك هول من تحزّب عليك وناوأك ، فجثا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على ركبتيه ، وبسط يديه ، وأرسل بالدمع عينيه ثمّ نادى : شكراً شكراً كما آويتني ،وآويت من معي ، ثمّ قال جبرئيل : يا

ص: 318


1- - القِرَّة : البرد (أقرب الموارد) .
2- - في تفسير البرهان : وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .

رسول الله قد نصرك((1)) وبعث عليهم ريحاً من سماء الدُّنيا فيها الحصى ، وريحاً من السماء الرّابعة فيها الجنادل((2)) .

قال حذيفة : فخرجت فإذا أنا بنيران القوم قد طفئت وأخمدت ، وأقبل جند الله الأوّل ريح شديدة فيها الحصى ، فما ترك لهم ناراً الاّ أخمدها ، ولا خباء إلاّ طرحها ، ولا رمحاً الاّ ألقاها ، حتّى جعلوا يتترسون من الحصى ، وكنت أسمع وقع الحصا في الترسة ، وأقبل جند الله الأعظم ، فقام أبو سفيان إلى راحلته ثمّ صاح في قريش : النجاء النجاء ، ثمّ فعل عيينة بن حصن مثلها ، وفعل الحارث بن عوف مثلها ، وذهب الأحزاب ورجع حذيفة إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فأخبره الخبر ، فأنزل الله على رسوله (اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا) إلى ما شاء الله من السورة ، وأصبح رسول الله بالمسلمين حتّى دخل المدينة فضربت فاطمة ابنته غسولاً فهي تغسل رأسه إذ أتاه جبرئيل على بغلة معتجراً بعمامة بيضاء ، عليه قطيفة من استبرق معلّق عليها الدرّ والياقوت ، عليه الغبار ، فقام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فمسح الغبار من وجهه فقال جبرئيل : رحمك ربّك وضعت السلاح ولم يضعه أهل السماء ما زلت اتبعهم

ص: 319


1- - في تفسير البرهان : يا رسول الله انّ الله قد نصرك .
2- - الجَنْدل : الحجارة (لسان العرب) .

حتّى بلغت الروحاء .

ثمّ قال جبرئيل : انهض إلى اخوانهم من أهل الكتاب فوالله لأدقنّهم دق البيضة على الصَّخرة ، فدعا رسول الله عليّاً فقال : قدّم راية المهاجرين إلى بني قريظة ، وقال : عزمتُ عليكم أن لا تصلّوا العصر الاّ في بني قريظة ، فقام علي (عليه السّلام) ومعه المهاجرون ، وبنو عبد الأشهل وبنو النجّار كلّها ، لم يتخلّف عنه منهم أحد ، وجعل النبي (صلّى الله عليه وآله) يُسرِّب((1))

إليه الرجال ، فما صلّى بعضهم العصر الاّ بعد العشاء ، فأشرفوا عليه وسبّوه وقالوا : فعل الله بك وبابن عمّك ، وهو واقف لا يُجيبهم ، فلمّا أقبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والمسلمون حوله تلقّاه أمير المؤمنين وقال : لا تأتِهم يا رسول الله - جعلني الله فداك - فإنّ الله سيجزيهم ، فعرفرسول الله أنّهم قد شتموه ، فقال : أما إنّهم لو رأوني ما قالوا شيئاً ممّا سمعتَ ، وأقبل ثمّ قال : يا إخوة القردة انّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ، يا عبّاد الطاغوت اخسؤوا اخسأكم الله . فصاحوا يميناً وشمالاً : يا أبا القاسم ما كنت فحّاشاً فما بدا لك ؟!

قال الصادق (عليه السّلام) : فسقطت العنزة((2)) من يده وسقط رداؤه

ص: 320


1- - سرَّبتُ إليه الشيء : اذا أرسلته واحداً واحداً (لسان العرب) .
2- - العنزة : عَصَا في قدر نصف الرُّمح أو أكثر شيئاً ، فيها سنان مثل سنان الرُّمح (لسان العرب) .

من خَلفه وجعل يمشي إلى ورائه حياءً ممّا قال لهم ، فحاصرهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خمساً وعشرين ليلة حتّى نزلوا على حكم سعد ابن معاذ ، فحكم فيهم بقتل الرجال ، وسبي الذراري والنساء وقسمة الأموال ، وأن يُجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار .

فقال له النبي (صلّى الله عليه وآله) : لقد حكمتَ فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة ، فلمّا جيئ بالأسارى حُبسوا في دار ، وأمر بعشرة فاُخرجوا فضرب أمير المؤمنين أعناقهم ، ثمّ أمر بعشرة فاُخرجوا فضرب الزبير أعناقهم ، وقال رجل من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : ألا قتل الرجل والرجلين ، قال : ثمّ انفجرت رمية سعد ، والدم ينفح حتّى قضى ، ونزع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) رداءه فمشى في جنازته بغير رداء ، وبعث عبدالله بن عتيك إلى خيبر ، فقتل أبا رافع بن أبي الحقيق((1)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن هشام بن سالم ، عن أبان بن عثمان ، عمّن حدثه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على التلّ الذي عليه مسجد الفتح في غزوة الأحزاب في ليلة ظلماء قُرَّة ، فقال : من يذهب فيأتينا بخبرهم وله الجنّة ؟ فلم يقم أحد ، ثمّ أعادها ، فلم يقم

ص: 321


1- - اعلام الورى : ص92 . منه تفسير البرهان : ج7 ص559 .

أحد .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) بيده : وما أراد القوم ؟! أرادوا أفضل من الجنّة؟! ثمّ قال : من هذا ؟فقال : حذيفة .

فقال : أما تسمع كلامي منذ الليلة ، ولا تكلم ؟ أقبرت((1)) فقام حذيفة وهو يقول : القرُّ والضرُّ((2)) جعلني الله فداك منعني أن اُجيبك .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : انطلق حتّى تسمع كلامَهم وتأتيني بخبرهم ، فلمّا ذهب قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، حتّى تردَّه وقال له رسول الله : يا حذيفة ، لا تُحدِث شيئاً حتّى تأتيني فأخذ سيفه وقوسه وحجفته((3)) .

قال حذيفة : فخرجت ، وما بي من ضرّ ولا قرّ فمررت على باب الخندق وقد اعتراه المؤمنون والكفّار ، فلمّا توجه حذيفة قام رسول الله ونادى : « يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرّين ، اكشف همّي

ص: 322


1- - أقبره : جعل له قبراً يوارى فيه ويُدفن فيه (لسان العرب) والمعنى : هل جعلت نفسك ميتاً ومدفوناً ؟ وفي نسخة تفسير البرهان : اقترب . ولعلّه أنسب .
2- - القُرّ : البرد . والضُرّ : سوء الحال (مجمع البحرين) .
3- - الحجفة : الترس، وذلك إذا كانت من جلود وليس فيها خشب ، وتسمّى درقة أيضاً (مجمع البحرين) .

وغمّي وكربي ، فقد ترى حالي وحال أصحابي » ، فنزل عليه جبرئيل فقال : يا رسول الله ، إنّ الله (عزّ ذكره) قد سمع مقالتك ودعاءك وقد أجابك ، وكفاك هول عدوّك ، فجثا رسول الله على ركبتيه وبسط يديه وأرسل عينيه ، ثمّ قال : شكراً شكراً كما رحمتني ورحمت أصحابي ، ثمّ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : قد بعث الله (عزّوجلّ) عليهم ريحاً من السّماء الدُّنيا فيها حصى وريحاً من السماء الرّابعة فيها جندل((1)) .

قال حذيفة : فخرجت فإذا أنا بنيران القوم ، وأقبل جند الله الأوّل ريحٌ فيها حصى فما تركت لهم ناراً الاّ أذرتها ، ولا خباءً الاّ طرحته ، ولا رمحاً الاّ ألقته حتّى جعلوا يتترسون من الحصى ، فجعلنا نسمع وقع الحصى في الأترسة ، فجلس حذيفة بين رجلين من المشركين ، فقام إبليس في صورة رجل مطاع في المشركين ، فقال : أيّهاالناس إنّكم قد نزلتم بساحة هذا السّاحر الكذّاب ، ألا وإنّه لن يفوتكم من أمره شيء فإنّه ليس سنة مقام((2)) قد هلك الخفّ والحافر فارجعوا ولينظر كلّ رجل منكم من جليسه .

قال حذيفة : فنظرتُ عن يميني فضربت بيدي فقلت : من أنت ؟

ص: 323


1- - الجندل : الحجارة (مجمع البحرين) .
2- - السِّنَة : النعاس من غير نوم ، وثَقْلة النوم (لسان العرب) . ولعلّ معناه انّه ليس هذا وقت مقام واستراحة ، قوموا وتحرّكوا وارجعوا من حيث ما أتيتم .

فقال : معاوية .

فقلت للذي عن يساري : من أنت ؟

فقال : سهيل بن عمرو .

قال حذيفة : وأقبل جند الله الأعظم ، فقام أبو سفيان إلى راحلته ثمّ صاح في قريش : النّجاء النجاء ، وقال طلحة الأزدي : لقد زادكم محمّد بشرّ ، ثمّ قام إلى راحلته وصاح في بني أشجع : النجاء النجاء وفعل عيينة ابن حصن مثلها ، ثمّ فعل الحارث بن عَوف المزني مثلها ، ثمّ فعل الأقرع ابن حابس مثلها وذهب الأحزاب ، ورجع حذيفة إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فأخبره الخبر . وقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : انّه كان ليشبه يوم القيامة((1)) .

أقول : قال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (قوله (عليه السّلام) : « انّه كان ليشبه يوم القيامة » أي ليلة الكفار من هبوب الرياح بينهم ، واضطرابهم وحيرتهم وخوفهم ، ويحتمل أن يكون الغرض بيان شدة حال المسلمين قبل نزول هذا الظفر من البرد والخوف والجوع)((2)) .

ص: 324


1- - الكافي : ج8 ص277 ح420 .
2- - مرآة العقول : ج26 ص295 .

باب (14) النصر الالهي يوم الخندق

الاحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) ، عن الحسين بن علي (عليهما السّلام) قال : إنّ يهودياً من يهود الشام وأحبارهم - في حديث- قال لأمير المؤمنين (عليه السّلام) : فإنّ هذا هود قد انتصر الله له من أعدائه بالريح ، فهل فعل لمحمد شيئاً من هذا ؟

قال له علي (عليه السّلام) : لقد كان كذلك ، ومحمد (صلّى الله عليه وآله) أعطي ماهو أفضل من هذا ، إنّ الله (عزّوجلّ) قد انتصر له من أعدائه بالرّيح يوم الخندق ، إذ أرسل عليهم ريحاً تذرو الحصى ، وجنوداً لم يروها فزاد الله تعالى محمداً (صلّى الله عليه وآله) بثمانية آلاف ملك ، وفضّله على هود بأن ريح عاد ريح سخط ، وريح محمد (صلّى الله عليه وآله) ريح رحمة ، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الاْخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (21) .

ص: 325


1- - الاحتجاج : ص212 . منه تفسير البرهان : ج7 ص546 .

باب (15) هل نام رسول الله عن صلاة الصبح ؟

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن سعيد الأعرج قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : نام رسول الله عن الصّبح والله (عزّوجلّ) أنامه حتّى طلعت الشمس عليه وكان ذلك رحمة من ربّك للناس ألا ترى لو أنّ رجلاً نام حتّى تطلع الشمس لعيّره الناس وقالوا : لا تتورَّع لصلواتك ، فصارت أسوة وسنّة ، فإن قال رجل لرجل : نُمت عن الصلاة ، قال : قد نام رسول الله ، فصارت أسوة ورحمة رحم الله سبحانه بها هذه الاُمّة((1)) .

أقول : هذا الحديث فيه ملاحظات :

الأولى : أنّه محمول على التقيَّة ، لأنه موافق لما رواه المخالفون .

الثانية : أنه مُعارَض بالأحاديث الأخرى التي هي أقوى من هذا الحديث .الثالثة : أن الفقهاء أعرضوا عن الاستناد بهذا الحديث ولا شك أنَّ إعراضهم دليل على عدم قبوله .

الرابعة : أنه معارض بالأحاديث الصحيحة المصرِّحة بأن المعصوم - من النبي والإمام - « تنام عينُه ولا ينام قلبه » فكيف ينام عن صلاة

ص: 326


1- - الكافي : ج3 ص294 ح9 .

الصبح ؟

الخامسة : أن بلال المؤذّن كان يطرق الباب على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إذا تأخَّر عن الخروج إلى المسجد فكيف نام النبي عن الصلاة والمسلمون في المسجد ينتظرونه وبلال لم يطرق الباب عليه ؟!!

باب (16) الرسول الأَعظم قدوة واُسوة

الكافي : عليّ بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان إذا صلّى العشاء الآخرة أمر بوَضوئه وسواكه يوضع عند رأسه مُخمّراً ، فيرقد ما شاء الله ثمّ يقوم فيستاك ويتوضّأ ويصلّي أربع ركعات ثمّ يرقد حتّى إذا كان في وجه الصّبح قام فأوتر ثمّ صلّى الرّكعتين ثمّ قال : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) .

قلت : متى كان يقوم ؟

قال : بعد ثلث اللّيل . وقال في حديث آخر : بعد نصف الليل((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الاَْحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ

ص: 327


1- - الكافي : ج3 ص445 ح13 .

وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً) (22) .

باب (17) بكاء الملائكة عند هذا الدعاء

الكافي : حميد ، عن ابن سماعة ، عن عبدالله بن جبلة ، عن محمد ابن مسعود الطائي ، عن عنبسة بن مصعب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من استقبل جنازة أو رآها فقال : « الله أكبر هذا ما وعدنا اللهورسولُه وصدق الله ورسولُه اللهمّ زدنا إيماناً وتسليماً الحمد لله الذي تعزّز بالقدرة وقهر العباد بالموت » لم يبق في السماء ملك الاّ بكى رحمة لصوته((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (23) .

باب (18) المؤمن مؤمنان

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن نصير أبي الحكم الخثعمي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)

ص: 328


1- - الكافي : ج5 ص167 ح3 .

قال : المؤمن مؤمنان : فمؤمن صدق بعهد الله ، ووفى بشرطه ، وذلك قول الله (عزّوجلّ) : (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) فذلك الذي لا تصيبه أهوال الدُّنيا ، ولا أهوال الآخرة ، وذلك ممّن يشفع ولا يُشفع له ، ومؤمن كخامة((1)) الزرع ، تعوج أحياناً وتقوم أحياناً ، فذلك ممّن تصيبه أهوال الدُّنيا وأهوال الآخرة ، وذلك ممّن يشفع له ولا يشفع((2)) .

باب (19) الشيعة هم المؤمنون

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) إذ دخل عليه أبو بصير - وذكر الحديث إلى أن قال (عليه السّلام) : - يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) انكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا ، وانكم لم تبدلوا بنا غيرنا ، ولو لم تفعلوالعيّركم الله كما عيّرهم حيث يقول (جلّ ذكره) : (وَمَا وَجَدْنَا لاَِكْثَرِهِم مِّنْ عَهْد وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ)((3)) ... الى آخر الحديث((4)) .

ص: 329


1- - الخامة : الغَضّة الرطبة من النبات (الصحاح) .
2- - الكافي : ج2 ص248 ح1 .
3- - الأعراف 7 : 102 .
4- - الكافي : ج8 ص33 ح6 .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبدالله بن ميمون القدّاح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : يا علي من أحبّك ثمّ مات فقد قضى نحبه ، ومن أحبّك ولم يمت فهو ينتظر ، وما طلعت شمس ولا غربت إلاّ طلعت عليه برزق وإيمان - وفي نُسخة : نور -((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً) (25) .

باب (20) كفى الله المؤمنين القتال بالامام علي

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ) قيل: بعلي بن أبي طالب (عليه السّلام) وقَتْلِه عمرو بن عبد ود ، وكان ذلك سبب هزيمة القوم . عن عبدالله بن مسعود وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((2)) .

مناقب آل أبي طالب : ابن مسعود والصادق (عليه السّلام) في قوله

ص: 330


1- - الكافي : ج8 ص306 ح475 .
2- - مجمع البيان : ج4 ص350 . منه تفسير البرهان : ج7 ص554 .

تعالى : (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ) بعلي بن أبي طالب (عليه السّلام) وقَتْلِه عمرو بن عبد ود((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لاَِزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاْخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) (28 و29) .

باب (21) تخيير النبي زوجاته بين البقاء أو الطلاق

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن اسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : ذكر أبو عبدالله (عليه السّلام) أنّ زينب قالت لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) : لا تعدل وأنت رسول الله ؟ وقالت حفصة : إن طلّقنا وجَدنا أكفاءنا في قومنا فاحتبس الوحيّ عن رسول الله عشرين يوماً قال : فأنف الله (عزّوجلّ) لرسوله فأنزل : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لاَِزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ) إلى قوله : (أَجْراً عَظِيماً) قال : فاخترن الله

ص: 331


1- - مناقب آل أبي طالب : ج3 ص134 . منه تفسير البرهان : ج7 ص554 .

ورسوله ولو اخترن أنفسهنّ لبنّ وان اخترن الله ورسوله فليس بشيء((1)) .

الكافي : حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن جعفر بن سماعة ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ زينب بنت جحش قالت : أيرى رسول الله ان خلّى سبيلنا انّا لا نجد زوجاً غيره ، وقد كان اعتزل نساءه تسعاً وعشرين ليلة ، فلمّا قالت زينب الذي قالت ، بعث الله (عزّوجلّ) جبرئيل إلى محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : (قُل لاَِزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ)الآيتين كلتيهما .

فقُلن : بل نختار الله ورسوله ، والدّار الآخرة((2)) .

الكافي : حميد ، عن ابن سماعة ، عن ابن رباط ، عن عيص بن القاسم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن رجل خيّر امرأته فاختارت نفسها بانت منه ؟قال : لا ، إنّما هذا شيء كان لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) خاصّة اُمر بذلك ففعل ، ولو اخترن أنفسهن لطلّقهن ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (قُل لاَِزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً)((3)) .

ص: 332


1- - الكافي : ج6 ص138 ح2 .
2- - الكافي : ج6 ص138 ح4 .
3- - الكافي : ج6 ص137 ح3 .

التهذيب - الاستبصار : محمد بن يعقوب ، عن حميد بن زياد مثله((1)) .

الكافي : حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن محمد بن زياد وابن رباط ، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّي سمعت أباك يقول : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خيّر نساءه فاخترن الله ورسوله فلم يمسكهنّ على طلاق ولو اخترن أنفسهنّ لبنّ .

فقال : إنّ هذا حديث كان يرويه أبي عن عائشة ، وما للنّاس وللخيار((2)) ؟! إنّما هذا شيء خصّ الله (عزّوجلّ) به رسوله (صلّى الله عليه وآله)((3)) .

التهذيب - الاستبصار : محمد بن يعقوب ، عن حميد بن زياد مثله((4)) .

الكافي : حميد بن زياد ، عن عبدالله بن جبلة ، عن يعقوب بن سالم ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في الرجل إذا

ص: 333


1- - التهذيب : ج8 ص87 ح299 - الاستبصار : ج3 ص312 ح1111 .
2- - في التهذيب والاستبصار : والخيار .
3- - الكافي : ج6 ص136 ح2 .
4- - التهذيب : ج8 ص88 ح300 - الاستبصار : ج3 ص312 ح1112 .

خيّر امرأته ؟ فقال : إنّما الخيرة لنا ليس لأحد وإنّما خُيّر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لمكان عائشة ، فاخترن الله ورسوله ولم يكن لهن أن يخترن غير رسول الله (صلّى الله عليه وآله)((1)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الأعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ بعض نساء النبي قالت : أيرى محمّد أنّه ان طلقنا لا نجد الأكفاء من قومنا ؟قال : فغضب الله (عزّوجلّ) من فوق سبع سماواته ، فأمره فخيّرهن حتّى انتهى إلى زينب بنت جحش فقامت وقبّلته فقالت : أختار الله ورسوله((2)) .

تفسير القمي : قوله : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لاَِزْوَاجِكَ) إلى قوله : (أَجْراً عَظِيماً) فإنّه كان سبب نزولها : أنّه لمّا رجع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من غزاة خيبر ، وأصاب كنز آل أبي الحقيق قُلن أزواجه : أعطنا ما أصبت .

فقال لهن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : قسّمته بين المسلمين على ما أمر الله ، فغضبن من ذلك ، وقلن : لعلَّك ترى أنّك إن طلّقتنا أن لا

ص: 334


1- - الكافي : ج6 ص139 ح6 .
2- - الكافي : ج6 ص138 ح3 .

نجد الأكفاء من قومنا يتزوّجونا ! فأنف الله لرسوله ، فأمره أن يعتزلهن فاعتزلهن رسول الله في مشربة أُم إبراهيم تسعة وعشرين يوماً ، حتّى حضن وطهرن ، ثمَّ أنزل الله هذه الآية وهي آية التخيير ، فقال : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لاَِزْوَاجِكَ) إلى قوله : (أَجْراً عَظِيماً)فقامت أُم سلمة وهي أوّل من قامت وقالت : قد اخترت الله ورسوله فقمن كلّهن فعانقنه وقلن مثل ذلك ، فأنزل الله : (تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ)الآية .

قال الصادق (عليه السّلام) : من آوى فقد نكح ، ومن أرجى فقد طلّق((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة مُّبَيِّنَة يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) (30) .

باب (22) الفاحشة : الخروج بالسيف

تفسير القمي : حدثنا محمد بن أحمد قال : حدثنا محمد بن عبدالله ابن غالب ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن حمّاد ، عن حريز قال :

ص: 335


1- - تفسير القمي : ج2 ص192 . منه تفسير البرهان : ج7 ص564 .

سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة مُّبَيِّنَة يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ) ؟

قال : الفاحشة الخروج بالسّيف((1)) .تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن كرام ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال لي: أتدري ما الفاحشة المبيّنة ؟

قلت : لا .

قال : قتال أمير المؤمنين (عليه السّلام) يعني أهل الجمل((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (33) .

باب (23) الجاهليّة الأُخرى

تفسير القمي : حدثنا حميد بن زياد ، عن محمد بن الحسين ، عن

ص: 336


1- - تفسير القمي : ج2 ص193 . منه تفسير البرهان : ج7 ص565 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص453 ح13 . منه تفسير البرهان : ج7 ص565 .

محمد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) عن أبيه (عليه السّلام) في هذه الآية (وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى)قال : أي سيكون جاهلية اُخرى((1)) .

باب (24) نزول آية التطهير في الخمسة الطاهرة

علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن علي بن حسان الواسطي ، عن عمّه عبدالرحمن بن كثير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : ما عنى الله (عزّوجلّ) بقوله : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ؟

قال : نزلت في النبي ، وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة (صلوات الله عليهم أجمعين) ، فلمّا قبض الله (عزّوجلّ) نبيّه (صلّى الله عليه وآله) كان أمير المؤمنين ، ثمّ الحسن ثمّ الحسين (عليهم السّلام) ، ثمّ وقع تأويل هذه الآية : (وَأُوْلُواْالاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللَّهِ)((2)) وكان علي بن الحسين إماماً ، ثمّ جرت في الائمّة من ولده

ص: 337


1- - تفسير القمي : ج2 ص193 . منه تفسير البرهان : ج7 ص566 .
2- - الأنفال 8 : 75 .

الأوصياء (عليهم السّلام) فطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله (عزّوجلّ)((1)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضّال ، عن المفضّل بن صالح ، عن محمد بن علي الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) يعني الأئمّة وولايتهم ، من دخل فيها دخل في بيت النبي (صلّى الله عليه وآله)((2)) .

باب (25) الائمة على منهاج الحق

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا عبدالعزيز بن يحيى ، عن محمد بن زكريا ، عن جعفر بن محمد بن عمارة قال : حدثني أبي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : قال علي بن أبي طالب (عليه السّلام) : إنّ الله (عزّوجلّ) فضّلنا أهل البيت ، وكيف لا يكون كذلك والله (عزّوجلّ) يقول في كتابه : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ؟ فقد طهّرنا الله من

ص: 338


1- - علل الشرايع : ص205 ح2 . منه تفسير البرهان : ج8 ص10 .
2- - الكافي : ج1 ص423 ح54 .

الفواحش ، ما ظهر منها وما بطن ، فنحن على منهاج الحق((1)) .

معاني الأخبار : حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما) قالا : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال : حدثنا النّضر بن شعيب ، عن عبدالغفار الجازي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) .

قال : الرّجس: هو الشكّ((2)) .أقول : الشكّ من مصاديق الرجس ، ولعلّ معناه : الشكّ في التوحيد أو في اليوم الآخر أو في غيره من العقائد الثابتة .

باب (26) الامام الحسن يتحدَّث عن فضائل آل البيت

أمالي الطوسي : حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (رضي الله عنه) قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني قال : حدثنا محمد بن المفضّل بن ابراهيم بن قيس الأشعري قال : حدثنا

ص: 339


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص458 ح22 . منه تفسير البرهان : ج8 ص17 .
2- - معاني الأخبار : ص138 ح1 . منه تفسير البرهان : ج8 ص9 .

علي بن حسان الواسطي قال : حدثنا عبد الرحمن بن كثير ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين (عليهم السّلام) قال : لمّا أجمع الحسن بن علي (عليه السّلام) على صلح معاوية خرج حتّى لقيه ، فلمّا اجتمعا قام معاوية خطيباً ، فصعد المنبر ، وأمر الحسن (عليه السّلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة ، ثمّ تكلّم معاوية ، فقال : أيُّها النّاس ، هذا الحسن بن علي وابن فاطمة ، رآنا للخلافة أهلاً ، ولم ير نفسه لها أهلاً ، وقد أتانا ليبايع طوعاً .

ثمّ قال : قم يا حسن ، فقام الحسن (عليه السّلام) فخطب فقال: الحمد لله المستحمد بالآلاء ، وتتابع النّعماء - وذكر الخطبة إلى أن قال : - وأحل الله (تعالى) خمس الغنيمة لرسوله (صلّى الله عليه وآله) وأوجبها له في كتابه ، وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له وحرّم عليه الصدقة ، وحرّمها علينا معه ، فأدخلنا - فله الحمد - فيما ادخل فيه نبيّه (صلّى الله عليه وآله) وأخرجنا ونزّهنا ممّا أخرجه منه ونزّهه عنه ، كرامة أكرمنا الله (عزّوجلّ) بها ، وفضيلة فضّلنا بها على سائر العباد ، فقال الله (تعالى) لمحمّد (صلّى الله عليه وآله) حين جَحَده كفرة أهل الكتاب وحاجّوه : (فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)((1)) فأخرج رسول الله (صلّى الله

ص: 340


1- - آل عمران 3 : 61 .

عليه وآله) من الأنفس معه أبي ، ومن البنين إيّاي وأخي ، ومن النساء أمي فاطمة من النّاس جميعاً ، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ، ونحن منه وهومنّا ، وقد قال الله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فلمّا نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنا وأخي واُمّي وأبي فجلّلنا ونفسه في كساء لأُمّ سلمة خيبري ، وذلك في حجرتها وفي يومها ، فقال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وهؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً .

فقالت اُمّ سلمة (رضي الله عنها) : أدخُل معهم يا رسول الله ؟

فقال لها (صلّى الله عليه وآله) : يرحمكِ الله أنت على خير وإلى خير وما أرضاني عنك ! ولكنّها خاصّة لي ولهم . ثمّ مكث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعد ذلك بقيّة عمره حتّى قبضه الله إليه يأتينا كلّ يوم عند طلوع الفجر فيقول : الصلاة يرحمكم الله (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) .

وأمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بسدّ الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا فكلّموه في ذلك فقال : ] اما [ انّي لم أسدّ أبوابكم وافتح باب علي من تلقاء نفسي ، ولكنّي اتّبع ما يوحى إليّ ، وإنّ الله أمر بسدّها وفتح بابه فلم يكن من بعد ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله ، ويولد فيه الأولاد غير رسول الله وأبي علي بن أبي طالب ، تكرمة من الله

ص: 341

تعالى لنا وفضلاً اختصنا به على جميع النّاس ، وهذا باب أبي قرين باب رسول الله في مسجده ، ومنزلنا بين منازل رسول الله ، وذلك أنّ الله أمر نبيّه أن يبني مسجده ، فبنى فيه عشرة أبيات ، تسعة لبنيه وأزواجه ، وعاشرها - وهو متوسطها - لأبي فها هو لبسبيل مقيم ، والبيت هو المسجد المطهّر ، وهو الذي قال الله تعالى : (أَهْلَ الْبَيْتِ)فنحن أهل البيت ، ونحن الذين اذهب الله عنّا الرّجس ، وطهّرنا تطهيراً ... الى آخر الحديث((1)) .

باب (27) تطبيق آية التطهير على بيت علي وفاطمة

تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثنا عثمان بن محمد قراءة عليه معنعناً ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السّلام) : ابتنى أمير المؤمنين بفاطمة فاختلفرسول الله إلى بابها أربعين صباحاً كلّ غداة يدقّ الباب ، ثمّ يقول : السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة ومعدن الرّسالة ومختلف الملائكة الصلاة رحمكم الله (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : ثمّ يدق دقاً أشدّ من ذلك ويقول : أنا سِلمٌ لمن سالمتم وحربٌ لمن حاربتم((2)) .

ص: 342


1- - أمالي الطوسي : ص564 ح1174 . منه تفسير البرهان : ج8 ص24 .
2- - تفسير فرات الكوفي : ص339 ح463 .

باب (28) شهادة القرآن بطهارة السيدة فاطمة

علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا منع أبو بكر فاطمة (عليها السّلام) فدكاً وأخرج وكيلها جاء أمير المؤمنين (عليه السّلام) الى المسجد وأبو بكر جالس وحوله المهاجرون والانصار (إلى أن قال :) فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) لأبي بكر : يا أبا بكر تقرّ بالقرآن ؟

قال : بلى .

قال : فأخبرني عن قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) أفينا أو في غيرنا نزلت ؟

قال : فيكم .

قال : فأخبرني لو أنّ شاهدين من المسلمين شهدا على فاطمة (عليها السّلام) بفاحشة ما كنت صانعاً ؟

قال : كنت أقيم عليها الحدّ كما أقيم على نساء المسلمين .

قال : كنت إذاً عند الله من الكافرين .

قال : ولِم ؟

قال : لأنّك كنت تردّ شهادة الله وتقبل شهادة غيره لأنّ الله

ص: 343

(عزّوجلّ) قد شهد لها بالطهارة فإذا رددت شهادة الله وقبلت شهادة غيره كنت عند الله من الكافرين .قال : فبكى الناس وتفرّقوا ودمدموا((1)) ... الى آخر الحديث((2)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عثمان بن عيسى وحمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - نحوه((3)) .

الاحتجاج : عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قريب من ذلك((4)) .

باب (29) الامام علي يقيم الحجّة على الغاصبين

أمالي الطوسي : حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي (قدس الله روحه) قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدثني أبو علي أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة البرقي قال : حدثنا ] أبي قال : حدثنا [ الرضا أبو الحسن علي بن موسى قال :

ص: 344


1- - الدمدمة : الغضب . ودمدم عليه : كلَّمه مغضباً ، وتكون الدمدمة الكلام الذي يُزعج الرجل (لسان العرب) .
2- - علل الشرايع : ص190 ح1 .
3- - تفسير القمي : ج2 ص155 .
4- - الاحتجاج : ص92 .

حدثني أبي موسى بن جعفر قال : حدثني أبي جعفر بن محمد قال : حدثني أبي محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن الحسين قال : حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال : لمّا أتى أبو بكر وعمر إلى منزل أمير المؤمنين (عليه السّلام) وخاطباه في البيعة ، وخرجا من عنده ، خرج أمير المؤمنين (عليه السّلام) إلى المسجد فحمد الله واثنى عليه ممّا اصطَنع عندهم أهل البيت ، إذ بعث فيهم رسولاً منهم وأذهب عنهم الرِّجس وطهّرهم تطهيراً .

ثمّ قال : « إنّ فلاناً وفلاناً اتياني وطالباني بالبيعة لمن سبيله أن يبايعني ، أنا ابن عمّ النبي وأبو ابنيه والصدّيق الأكبر وأخو رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لا يقولها أحد غيري إلاّ كاذب ، وأسلمت وصلّيت ، وأنا وصيّه وزوج ابنته سيّدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد وأبو حسن وحسين سبطي رسول الله ونحن أهل بيت الرّحمة ، بناهداكم الله وبنا استنقذكم من الضلالة ، وأنا صاحب يوم الدَّوح((1)) وفيَّ نزلت سورة من القرآن ، وأنا الوصيّ على الأموات من أهل بيته (صلّى الله عليه وآله) وأنا بقيّته((2)) على الأحياء من اُمّته ، فاتَّقوا الله يثبّت أقدامكم ويتمّ نعمته عليكم » .

ص: 345


1- - المقصود من يوم الدَّوح : يوم الغدير .
2- - في تفسير البرهان :ثقته .

ثمّ رجع (عليه السّلام) إلى بيته((1)) .

باب (30) وصيَّة الرسول بالثقلين

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، وعلي ابن محمد ، عن سهل بن زياد أبي سعيد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي ، فإنّي سألت الله (عزّوجلّ) أن لا يفرّق بينهما حتّى يوردهما عليّ الحوض ، فأعطاني ذلك ، وقال : لا تُعلّموهم فهم أعلم منكم ، وقال : انّهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم في باب ضلالة فلو سكت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلم يبيّن من أهل بيته لإدَّعاها آل فلان وآل فلان ، لكنَّ الله (عزّوجلّ) أنزله في كتابه تصديقاً لنبيّه (صلّى الله عليه وآله) : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فكان علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السّلام) فأدخلهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تحت الكساء في بيت اُم سلمة ، ثمّ قال : اللهم إنّ لكلّ نبي أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهل بيتي وثقلي .

ص: 346


1- - الأمالي للطوسي : ص568 ح1175 . منه تفسير البرهان : ج8 ص32 .

فقالت أم سلمة : ألست من أهلك ؟

فقال : إنّك إلى خير ، ولكن هؤلاء أهلي وثقلي ... الى آخر الحديث .

محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن أيوب بن الحروعمران بن علي الحلبي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثل ذلك((1)) .

باب (31) من هم آل محمّد وأهل بيته وعترته ؟

أمالي الصدوق : حدثنا أبي قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السّلام) : مَن آل محمد ؟

قال : ذريته .

فقلت : من أهل بيته ؟

قال : الائمّة الأوصياء .

ص: 347


1- - الكافي : ج1 ص286 ح1 .

فقلت : مَن عترته ؟

قال : أصحاب العباء .

فقلت : مَن اُمّته ؟

قال : المؤمنون الّذين صدّقوا بما جاء به من عند الله (عزّوجلّ) المتمسكون (المستمسكون) بالثقلين الَّذَيْن امروا بالتمسك بهما : كتاب الله وعترته أهل بيته الذين أذهبَ الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً ، وهما الخليفتان على الأُمة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (35) .

باب (32) ثواب من بات على تسبيح الزهراء

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ)

ص: 348


1- - أمالي الصدوق : ص200 ح10 . منه تفسير البرهان : ج4 ص237 .

روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : من بات على تسبيح فاطمة (عليها السّلام) كان من الذاكرين الله كثيراً والذّاكرات((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً) (36) .

باب (33) قضاء الله خيرٌ للانسان

التوحيد : حدثنا علي بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال : حدثنا أبي ، عن جدّه أحمد بن أبي عبدالله ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله الصادق ، عن أبيه ، عن جدّه (عليهم السّلام) قال : ضحك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذات يوم حتّى بدت نواجذه ثمّ قال : ألا تسألوني ممَّ ضحكت ؟

قالوا : بلى يا رسول الله .

قال : عجبتُ للمرء المسلم انّه ليس من قضاء يقضيه الله (عزّوجلّ)

ص: 349


1- - مجمع البيان : ج4 ص358 .

إلاّ كان خيراً له في عاقبة أمره((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (41 و42) .

باب (34) ثواب وآثار الذكر الكثير

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما من شيء إلاّ وله حدٌّ ينتهي إليه إلاّ الذِّكر فليس له حدّ ينتهي إليه ، فَرضَ الله (عزّوجلّ) الفرايض ، فمن أدّاهنّ فهو حدُّهن ، وشهرَ رمضان فمن صامه فهو حدّه ، والحجَّ فمَن حجّ فهو حدّه ، إلاّ الذّكر فانّ الله (عزّوجلّ) لم يرض منه بالقليل ولم يجعل له حدّاً ينتهي إليه ، ثمّ تلا هذه الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)فقال : لم يجعل الله (عزّوجلّ) له حدّاً ينتهي إليه .

قال : وكان أبي كثير الذّكر ، لقد كنت أمشي معه وإنّه ليذكر الله (تعالى) وآكل معه الطعام وانّه ليذكر الله تعالى ، ولقد كان يُحدّث القوم

ص: 350


1- - التوحيد : ص401 ح5 .

] و [ ما يشغله ذلك عن ذكر الله ، وكنتُ أرى لسانه لازقاً بحَنكه يقول : لا إله إلاّ الله . وكان يجمعنا فيأمرنا بالذّكر حتّى تطلع الشمس ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منّا ، ومن كان لا يقرأ منّا أَمرَه بالذّكر ، والبيت الذي يُقرأ فيه القرآن ويُذكر الله (عزّوجلّ) فيه تكثر بركته ، وتحضره الملائكة ، وتهجره الشياطين ، ويُضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدُّري لأهل الأرض ، والبيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن ، ولا يُذكر الله فيه تقل بركته ، وتهجره الملائكة ، وتحضره الشياطين ، وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : ألا أخبركم بخير أعمالكم لكم أرفعها في درجاتكم ، وأزكاها عند مليككم وخير لكم من الدّينار والدّرهم ، وخير لكم من أن تلقوا عدوَّكم فتقتلوهم ويقتلوكم ؟

فقالوا : بلى .

فقال : ذكر الله (عزّوجلّ) كثيراً . ثمّ قال : جاء رجل إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) فقال : من خَير أهل المسجد ؟

فقال : أكثرهم لله ذكراً . وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من أُعطي لساناً ذاكِراً فقد أُعطي خير الدُّنيا والآخرة . وقال في قوله : (وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ)((1)) .

ص: 351


1- - المدّثر 74 : 6 .

قال : لا تستكثر ما عملت من خير لله((1)) .

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، وعدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد جميعاً ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من أكثر ذكر الله (عزّوجلّ) أحبّه الله ، ومَنْ ذكر الله كثيراً كُتبت له برائتان : برائة من النار ، وبرائة من النفاق((2)) .

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الوشّاء ، عن داود الحمار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من أكثر ذكر الله (عزّوجلّ) أظلّه الله في جنّته((3)) .

باب (35) الشيعة وذكر الله تعالى

الكافي : حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : شيعتنا الذين إذا خَلوا ذكَروا الله كثيراً((4)) .

ص: 352


1- - الكافي : ج2 ص498 ح1 .
2- - الكافي : ج2 ص499 ح3 .
3- - الكافي : ج2 ص500 ح5 .
4- - الكافي : ج2 ص499 ح2 .

باب (36) ثواب تسبيح فاطمة الزهراء

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن بكر بن أبي بكر ، عن زرارة ابن أعين ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السّلام) من الذِّكر الكثير الذي قال الله (عزّوجلّ) : (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) .محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي أُسامة زيد الشحّام ، ومنصور بن حازم ، وسعيد الأعرج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((1)) .

معاني الأخبار : عن الصادق (عليه السّلام) أنّه سُئل عن قول الله (عزّوجلّ) : (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) ما هذا الذكر الكثير ؟

قال : من سبّح تسبيح فاطمة (عليها السّلام) فقد ذكر الله الذكر الكثير((2)) .

مجمع البيان : عن زرارة وحمران ابني أعين ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من سبّح تسبيح فاطمة فقد ذكر الله ذكراً كثيراً((3)) .

ص: 353


1- - الكافي : ج2 ص500 ح4 .
2- - معاني الأخبار : ص193 ح5 . منه تفسير البرهان : ج8 ص57 .
3- - مجمع البيان : ج4 ص362 . منه تفسير البرهان : ج8 ص57 .

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن اسماعيل بن عمارة قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : قوله (عزّوجلّ) : (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) ما حدّه ؟

قال : انّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) علّم فاطمة أن تكبّر أربعاً وثلاثين تكبيرة ، وتسبّح ثلاثاً وثلاثين تسبيحة ، وتحمد ثلاثاً وثلاثين تحميدة ، فإذا فعلت ذلك بالليل مرّة ، وبالنهار مرّة فقد ذكرت الله كثيراً((1)) .

باب (37) أَدنى الذِّكر الكثير

قرب الاسناد : محمد بن الوليد ، عن عبدالله بن بكير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (تبارك وتعالى) : (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) .

قال : قلت : ما أدنى الذكر الكثير ؟

قال : فقال : التسبيح في دبر كلّ صلاة ثلاثين مرّة((2)) .التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن بكير قال : قلت

ص: 354


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص454 ح16 . منه تفسير البرهان : ج8 ص57 .
2- - قرب الاسناد : ص169 ح621 الطبعة الحديثة . منه بحار الأنوار : ج86 ص24 .

لأبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) ماذا الذكر الكثير ؟

قال : إنّه يسبّح في دبر المكتوبة ثلاثين مرّة((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (43) .

باب (38) ثواب الصلاة على محمّد وآله

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن يعقوب بن عبدالله ، عن اسحاق بن فروخ مولى آل طلحة قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا إسحاق بن فروخ من صلّى على محمّد وآل محمد عشراً صلّى الله عليه وملائكته مائة مرّة ، ومن صلّى على محمّد وآل محمد مأة ] مرّة [ صلّى الله عليه وملائكته ألفاً ، أما تسمع قول الله (عزّوجلّ) : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) ؟((2))

ص: 355


1- - التهذيب : ج2 ص107 ح405 .
2- - الكافي : ج2 ص493 ح14 .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من صلّى عليَّ صلّى الله عليه وملائكته ، ومن شاء فليُقلّ ومن شاء فليُكثر((1)) .

جمال الأسبوع : حدثني جماعة قد قدّمت أسمائهم في عدّة مواضع باسنادهم إلى جدّي أبي جعفر الطوسي بإسناده إلى محمد بن الحسن الصفّار ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي محمد الأنصاري ، عن يحيى بن عبدالله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال :من قال : صلّى الله على محمد النبي ، قال الله (تبارك وتعالى) : صلّى الله عليك ، فليُكثر أو ليُقلّ((2)) .

باب (39) استحباب الاكثار من الصلاة على النبي حين ذِكره

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن اسماعيل بن مهران ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه وحسين ابن أبي العلا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال : إذا ذُكر النبي (صلّى الله عليه وآله) فاكثروا الصلاة عليه ، فإنّه من صلّى على النبي صلاة واحدة صلّى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة ،

ص: 356


1- - الكافي : ج2 ص492 ح7 .
2- - جمال الأسبوع : ص155 الطبعة الحديثة . منه بحار الأنوار : ج94 ص71 .

ولم يبق شيء ممّا خلقه الله إلاّ صلّى على العبد لصلاة الله عليه وصلاة ملائكته ، فمن لم يرغَب في هذا فهو جاهل مغرور ، قد برئ الله منه ورسوله وأهل بيته((1)) .

ثواب الأعمال : أبي (رحمه الله) قال : حدثني سعد بن عبدالله قال : حدثني سلمة بن الخطّاب ، عن اسماعيل بن جعفر ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا ذُكر النبي (صلّى الله عليه وآله) ... وذكر نحوه((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً * تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّكُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا

ص: 357


1- - الكافي : ج2 ص492 ح6 .
2- - ثواب الأعمال : ص185 ح1 .

فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً * لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء رَّقِيباً) (50 - 52) .

باب (40) ما أَحلّ الله لنبيّه من النساء

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد ابن محمد جميعاً ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ) قلت : كم أحلَّ له من النساء ؟

قال : ما شاء من شيء .

قلت : قوله : (لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج) ؟

فقال : لرسول الله أن ينكح ما شاء من بنات عمّه وبنات عمّاته وبنات خاله وبنات خالاته وأزواجه اللاتي هاجرن معه ، وأحلَّ له أن ينكح من عرض((1)) المؤمنين بغير مهر ، وهي الهبة ولا تحلّ الهبة إلاّ لرسول

ص: 358


1- - العَرِض : جانب الرجل الذي يصونه من نفسه أو سلفه أو من يلزمه أمره (أقرب الموارد) . والمعنى أنّ الله أحلّ لنبيّه أن يتزوّج من أراد من النساء المؤمنات بغير مهر وهذا خاص به (صلّى الله عليه وآله) .

الله (صلّى الله عليه وآله) فأمّا لغير رسول الله فلا يصلح نكاح إلاّ بمهر ، وذلك معنى قوله تعالى : (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيّ) .

قلت : أرأيت قوله تعالى : (تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ) ؟

قال : من آوى فقد نكح ، ومن ارجى فلم ينكح .

قلت : قوله : (لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ) ؟

قال : إنّما عنى به النساء اللاتي حرّم عليه في هذه الآية (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ)((1)) إلى آخر الآية - ولو كان الأمر كما يقولون ، كان قد أحلّ لكم ما لم يحلّ له إن أحدكم يستبدل كلّما أراد ، ولكن ليس الأمر كما يقولون إنّ الله (عزّوجلّ)أحلَّ لنبيّه (صلّى الله عليه وآله) ما أراد من النساء ، إلاّ ما حرَّم عليه في هذه الآية التي في النِّساء((2)) .

أقول : قوله تعالى : (لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ ...) .

في معنى الآية وتفسيرها احتمالات وأقوال :

1 - لا يحلّ لك النساء من بعد اللاّتي آتيتَ أُجورهن .

2 - لا تحلّ لك اليهوديّات والنصرانيّات .

3 - لا تُبدّل الكتابيَّة بالمسلمة إلاّ ما ملكتَ من الجواري

ص: 359


1- - النساء 4 : 23 .
2- - الكافي : ج5 ص387 ح1 .

والمسبيّات .

4 - لا يحلّ لك المحرّمات المذكورات في قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ...) .

5 - لا يحلّ لك النساء إلاّ التسع اللاّتي إخترن الله ورسوله .

6 - الآية منسوخة بقوله تعالى : (إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ...) .

7 - النهي محمول على الكراهة .

والظاهر من الآية الكريمة أنّ الله (عزّوجلّ) بعدما أباح للنبي النساء اللاتي أشار إليهن في الآية السابقة أُوجب عليه في هذه الآية الإكتفاء بمن هي في عصمته فعلاً وكنّ تسعاً ، وحَرّم عليه أن يُطلّق واحدة منهنّ ويتزوّج مكانها أُخرى ولو أعجبه حُسنها وجمالها ، وإستثنى الله الإماء والمسبيّات فإنّ له (صلّى الله عليه وآله) أن يتزوّج منهن ما شاء .

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن جميل بن درّاج ومحمد بن حمران ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قالا : سألنا أبا عبدالله (عليه السّلام) كم أحلَّ لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) من النساء ؟

قال : ما شاء ، يقول بيده هكذا وهي له حلال - يعني يقبض يدَه -((1)) .

ص: 360


1- - الكافي : ج5 ص389 ح3 .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ) ؟

فقال: أراكم وأنتم تزعمون أنّه يحلّ لكم ما لم يَحِلّ لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) ! وقد أحلَّ الله تعالى لرسوله أن يتزوّج من النساء ما شاء ، إنّما قال : لا يحلّ لك النساء من بعد الذي حرّم عليك قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ) إلى آخر الآية((1)) .

الكافي : أحمد بن محمد العاصمي ، عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن علي بن أسباط ، عن عمّه يعقوب بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : أرأيت قول الله (عزّوجلّ) : (لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ) ؟

فقال : إنّما لم يحلّ له النساء التي حرَّم الله عليه في هذه الآية (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ) في هذه الآية كلّها ، ولو كان الأمر كما يقولون لكان قد أحلّ لكم ما لم يحلّ له هو لأنّ أحدكم يستبدل كلّما أراد ، ولكن ليس الأمر كما يقولون أحاديث آل محمد (عليهم السّلام) خلاف أحاديث الناس ، إنّ الله (عزّوجلّ) أحلّ لنبيّه (صلّى الله عليه وآله)

ص: 361


1- - الكافي : ج5 ص388 ح2 .

أن ينكح من النساء ما أراد ، إلاّ ما حرّم عليه في سورة النساء في هذه الآية((1)) .

باب (41) عدد زوجات الرسول الأَعظم

الخصال : حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال : حدثنا الحسين بن علي بن الحسين السكري قال : حدثنا محمد بن زكريّا الجوهري ، عن جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن أبي عبدلله جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) قال : تزوّج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بخمس عشرة امرأة ودخلبثلاث عشرة منهن وقبض عن تسع ، فامّا اللتان لم يدخل بهما : فعمرة والسّنى((2)) ، وامّا الثلاث عشرة اللاتي دخل بهن : فأوّلهن خديجة بنت خويلد ، ثمّ سورة((3)) بنت زمعة ، ثمّ اُم سلمة واسمها : هند بنت أبي أُميّة ، ثمَّ أُم عبدالله عايشة بنت أبي بكر ، ثمّ حفصة بنت عمر ، ثمَّ زينب بنت خزيمة بن الحارث أُمّ المساكين ، ثمّ زينب بنت جحش ، ثمّ أُم حبيبة رملة بنت أبي سفيان ، ثمّ ميمونة بنت الحارث ، ثمّ زينب بنت عميس ، ثمّ جويرية بنت الحارث ،

ص: 362


1- - الكافي : ج5 ص391 ح8 .
2- - في تفسير البرهان : والشنباء .
3- - في تفسير البرهان : سودة . وكذا في المورد الآتي .

ثمّ صفية بنت حُيَيِّ بن أخطب ، والتي وهبت نفسها للنبي (صلّى الله عليه وآله) خولة بنت حكيم السلمي ، وكان له سريّتان((1)) يقسّم لهما مع أزواجه : مارية ، وريحانة الخندقيّة .

والتسع اللاتي قُبض عنهن : عايشة ، وحفصة ، وأُم سلمة ، وزينب بنت جحش ، وميمونة بنت الحارث ، واُم حبيبة بنت أبي سفيان ، وصفية بنت حيي بن أخطب ، وجويرية بنت الحارث ، وسورة بنت زمعة .

وأفضلهن : خديجة بنت خويلد ، ثمّ اُم سلمة بنت الحارث((2)) و((3)) .

باب (42) زواج الرسول بالسيدة اُم سلمة

الكافي : محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن عاصم بن حميد ، عن ابراهيم بن أبي يحيى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : تزوّج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أُم سلمة زوّجها إيّاه عمر بن أبي سلمة ، وهو صغير لم يبلغ الحلم((4)) .

ص: 363


1- - السّرية : الأمة التي أنزلتها بيتاً (أقرب الموارد) .
2- - في تفسير البرهان : ثمّ اُم سلمة بنت أبي اُميّة ، ثمّ جويرية بنت الحارث .
3- - الخصال : ص419 ح13 . منه تفسير البرهان : ج8 ص64 .
4- - الكافي : ج5 ص391 ح7 .

باب (43) عدم زواج الرسول على خديجة في حياتها

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) : انّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يتزوّج على خديجة((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَام غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيث إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْت-ُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً) (53) .

باب (44) زوجات الرسول محارم للحَسَنين

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن

ص: 364


1- - الكافي : ج5 ص391 ح6 .

الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) انّه قال : لو لم يَحْرُم على النّاس أزواج النبي (صلّى الله عليه وآله) لقول الله (عزّوجلّ) : (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً) حَرُمْن على الحسن والحسين لقول الله (تبارك وتعالى) (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ)((1)) ولا يَصْلح للرجل أن ينكح امرأة جدّه((2)) .

باب (45) النهي عن ايذاء النبي في أهل بيته

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن النّضر ، عن محمد بن مروان رفعه اليهم في قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ) في علي والائمّة (كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُواْ)((3)) و((4)) .

* * * * *

قوله تعالى : (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ

ص: 365


1- - النساء 4 : 22 .
2- - الكافي : ج5 ص420 ح1 .
3- - الأحزاب 33 : 69 .
4- - الكافي : ج1 ص414 ح9 .

وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَائِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيداً) (55) .

باب (46) ما يحلّ للمملوك من مولاته

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن ابراهيم بن أبي البلاد ، ويحيى بن ابراهيم ، عن أبيه إبراهيم ، عن معاوية بن عمّار قال : كنّا عند أبي عبدالله (عليه السّلام) نحواً من ثلاثين رجلاً إذ دخل عليه أبي ، فرحّب به أبو عبدالله (عليه السّلام) وأجلسه إلى جنبه ، فأقبل عليه طويلاً ، ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ لأبي معاوية حاجة ، فلو خفَّفْتم ، فقمنا جميعاً ، فقال لي أبي : ارجع يا معاوية ، فرجعت .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : هذا ابنك ؟

قال : نعم ، وهو يزعم انّ أهل المدينة يصنعون شيئاً لا يحل لهم .

قال : وما هو ؟

قلت : إنّ المرأة القرشية والهاشمية تركب وتضع يدها على رأس الأسود وذراعيها على عنقه .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا بني أما تقرأ القرآن ؟

قلت : بلى .

ص: 366

قال : اقرأ هذه الآية : (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ)حتّى بلغ (وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ) ثمّ قال : يا بني لا بأس أن يَرى المملوك الشَّعر والساق((1)) .

أقول : اختلف الفقهاء في حكم نظر المملوك إلى شَعر مولاته أو ساقها ، فذهب أكثرهم إلى حرمة النظر وحملوا أخبار الجواز على التقيَّة ، وقال بعضهم بالجواز ، والتفصيل في الكتب الفقهية المفصّلة .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) (56) .

باب (47) كيفية الصلاة على النبي وآله

تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثني جعفر بن محمد الفزاري معنعناً ، عن أبي هاشم قال : كنت مع جعفر بن محمد (عليهما السّلام) في مسجد الحرام فصعد الوالي يخطب يوم الجمعة فقال : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) .

ص: 367


1- - الكافي : ج5 ص531 ح2 .

فقال جعفر : يا أبا هاشم لقد قال ما لا يعرف تفسيره قال : وسلّموا لعليّ تسليماً((1)) .

معاني الأخبار : حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه) قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر قال : حدثنا المعلّى بن محمد البصري ، عن محمد بن جمهور العمّي ، عن أحمد بن حفص البزّاز الكوفي ، عن أبيه ، عن ابن أبي حمزة ، عن أبيه قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) ؟

فقال : الصلاة من الله (عزّوجلّ) رحمة ومن الملائكة تزكية ، ومن الناس دعاء وأمّا قوله (عزّوجلّ) : (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) فإنّه يعني التسليم له فيما ورد عنه .قال : فقلت له : فكيف نُصلّي على محمّد وآله ؟

قال : تقولون : « صلوات الله ، وصلوات ملائكته وأنبيائه ورُسُله وجميع خلقه على محمّد وآل محمّد ، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته » .

قال : فقلت : فما ثواب من صلّى على النبيّ وآله بهذه الصّلاة ؟

ص: 368


1- - تفسير فرات الكوفي : ص342 ح467 .

قال : الخروج من الذنوب والله كهيئته يوم ولدته أمّه((1)) .

جمال الأسبوع : حدّث أحمد بن موسى ، عن الحسن بن موسى ، عن علي بن حسّان ، عن عبد الرحمن بن كثير قال : سألته عن قول الله (تبارك وتعالى) : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) ؟

فقال : صلاة الله عليه تزكيته له في السّماء .

قلت : ما معنى تزكية الله إيّاه ؟

قال: زكّاه بأن برّأه من كلّ نقص وآفة يلزم مخلوقاً .

قلت : فصلاة المؤمنين ؟

قال : يبرِّؤنه ويعرّفونه بأنّ الله قد برّأه من كلِّ نقص هو في المخلوقين من الآفات التي تصيبهم في بُنية خلقهم ، فمن عرّفه ووصفه بغير ذلك ، فما صلّى عليه .

قلت : فكيف نقول نحن إذا صلّينا عليهم ؟

قال : تقولون : « اللهم إنّا نصلّي على محمّد نبيّك وعلى آل محمد كما أمرتنا به ، وكما صلّيت أنت عليه ، فكذلك صلاتنا عليه »((2)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عمّن ذكره ، عن

ص: 369


1- - معاني الأخبار : ص367 ح1 . منه تفسير البرهان : ج8 ص73 .
2- - جمال الأسبوع : ص155 الطبعة الحديثة . منه بحار الأنوار : ج94 ص71 .

أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) .

فقال : اثنوا عليه وسلّموا له ... الى آخر الحديث((1)) .تأويل الآيات الظاهرة : روي عن الصادق (عليه السّلام) قال : لمّا نزل قوله (عزّوجلّ) : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) قالوا : يا رسول الله قد عرفنا كيف السّلام (عليك) فكيف الصلاة عليك ؟

قال : تقولون : « اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وآل ابراهيم إنّك حميد مجيد »((2)) .

قرب الإسناد : حدثنا أحمد بن اسحاق بن سعد قال : حدثنا بكر بن محمد الأزدي قال : وسمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول وقال بعض أصحابه : اللهم صلّ على محمّد وآل محمد كما صلّيت على ابراهيم .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : لا ، ولكن : كأفضل ما صلّيت وباركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنّك حميد مجيد((3)) .

ص: 370


1- - المحاسن : ج2 ص53 ح1156 الطبعة الحديثة .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص460 ح27 .
3- - قرب الإسناد : ص40 ح130 الطبعة الحديثة . منه بحار الأنوار : ج94 ص49 .

باب (48) لزوم التسليم والوفاء لمحمّد وآل محمّد

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) ؟

قال : الصلاة عليه والتسليم له في كلّ شيء جاء به((1)) .

معاني الأخبار : حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقري ، قال : حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر المُقري الجرجاني قال : حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي قال : حدثنا محمد بن عاصم الطريفي قال : حدثنا أبو زيد عيّاش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحّال مولى زيد ابن علي قال : حدثنا أبي - يزيد بن الحسن - قال : حدثني موسى بن جعفر (عليه السّلام) قال : ] قال الصادق جعفر بن محمد (عليهالسّلام) : [من صلّى على النبي (صلّى الله عليه وآله) فمعناه : إنّي أنا على الميثاق والوفاء الذي قبلت حين قوله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى)((2)) و((3)) .

ص: 371


1- - المحاسن : ج1 ص422 ح967 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج8 ص73 .
2- - الأعراف 7 : 172 .
3- - معاني الأخبار : ص115 ح1 . منه تفسير البرهان : ج8 ص73 .

باب (49) استجابة الدعاء ببركة الصلاة على النبي وآله

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم وعبد الرحمن بن أبي نجران جميعاً ، عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كلّ دعاء يدعى الله (عزّوجلّ) به محجوب عن السماء حتّى يُصلّي على محمّد وآل محمّد((1)) .

تأويل الآيات الظاهرة : روى الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه (رحمه الله) ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : كلّ دعاء محجوب عن السماء حتّى يُصلّي على النبيّ وآله صلوات الله عليهم أجمعين((2)) .

الخصال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ، ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : حدثني أبي ، عن جدّي ، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال (في حديث الأربعمائة) : صلّوا على محمّد وآل محمّد فإنّ الله (عزّوجلّ) يقبل دعاءكم عند ذكر

ص: 372


1- - الكافي : ج2 ص493 ح10 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص462 ح31 .

محمد ودعائكم له وحفظكم إيّاه (إلى أن قال :) وإذا قرأتم (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) فصلّوا عليه ، في الصلاة كنتم أو في غيرها((1)) .

باب (50) ثواب من صلّى على النبي وأتبعها بأهل بيته

أمالي الصدوق : حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال : حدثنا الحسن بن محمد بن عامر ، عن عمّه عبدالله بن عامر ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله الصادق (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذات يوم لعلي (عليه السّلام) : ألا أبشرك ؟

فقال : بلى بأبي أنت وأمّي فإنّك لم تزل مبشراً بكلّ خير .

فقال : أخبرني جبرائيل آنفاً بالعجب .

فقال له علي (عليه السّلام) : وما الذي أخبرك يا رسول الله ؟

فقال : أخبرني أنّ الرّجل من أُمّتي إذا صلّى عليَّ واتبع بالصلاة على أهل بيتي فتحت له أبواب السماء وصلّت عليه الملائكة سبعين صلاة ، وإن كان مذنباً خطأ (وإنّه لمذنب خطأ) ثمّ تتحات عنه الذّنوب كما

ص: 373


1- - الخصال : ص613 و 629 ح10 .

يتحات الورق من الشجر ويقول الله (تبارك وتعالى) : لبيك يا عبدي وسعديك ويقول الله لملائكته : يا ملائكتي أنتم تصلّون عليه سبعين صلاة وأنا أُصلّي عليه سبعمائة صلاة ، وإذا صلّى عليَّ ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي كان بينها وبين السماء سبعون حجاباً ويقول الله (جلّ جلاله) : لا لبيك ولا سعديك يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه إلاّ أن يُلحق بنبيّه عترته ، فلا زال محجوباً حتّى يلحق بي أهل بيتي((1)) .

ثواب الأعمال : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن واصل بن عبدالله ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذات يوم لأمير المؤمنين (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((2)) .

باب (51) استحباب الصلاة على النبي وآله ليلة الجمعة

الكافي : علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمد بن عذافر ، عن عمر بن يزيد قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا عمر انّه إذا كان ليلة الجمعة نزل من السماء ملائكة بعدد

ص: 374


1- - أمالي الصدوق : ص464 ح18 .
2- - ثواب الأعمال : ص188 ح1 .

الذر((1)) ، في أيديهم أقلام الذّهب وقراطيس الفضّة لا يكتبون إلى ليلة السّبت إلاّ الصلاة على محمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وعليهم فأكثِر منها .

وقال : يا عمر ، إنّ من السُنّة أن تصلّي على محمّد وعلى أهل بيته في كلّ يوم جمعة ألف مرّة ، وفي سائر الأيّام مائة مرّة((2)) .

الخصال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : إذا كانت عشيّة الخميس وليلة الجمعة نزلت ملائكة من السَّماء ، معها أقلام الذّهب وصحف الفضّة ، لا يكتبون عشيّة الخميس وليلة الجمعة ويوم الجمعة إلى أن تغيب الشمس إلاّ الصّلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله) ... الى آخر الحديث((3)) .

المقنعة : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنه قال : إذا كانت عشيّة الخميس ، وليلة الجمعة نزلت ملائكة من السَّماء معها أقلام الذهب ، وصحف الفضّة لا يكتبون إلاّ الصلاة على النبي وآله إلى أن

ص: 375


1- - الذَرّ : صغار النمل ، والهباء المنبثّ في الهواء (أقرب الموارد) .
2- - الكافي : ج3 ص416 ح13 .
3- - الخصال : ص393 ح95 . منه بحار الأنوار : ج94 ص50 .

تغيب الشمس من يوم الجمعة((1)) .

المقنعة : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : الصَّدقة ليلة الجمعة ويومها بألف ، والصَّلاة على محمد وآله ليلة الجمعة بألف من الحسنات ، ويحط الله فيها ألفاً من السيئات ويرفع فيها ألفاً من الدرجات ، وإنّ المصلّي على النبي وآله في ليلة الجمعة يزهر نوره في السماوات إلى يوم الساعة ، وإنّ ملائكة الله (عزّوجلّ) فيالسماوات ليستغفرون له ، ويستغفر له الملَك الموكّل بقبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى أن تقوم الساعة((2)) .

باب (52) استحباب الحمد والصلاة على النبي وآله عند العطاس والرياح

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من عطس ثمّ وضع يده على قصبة أنفه ثمّ قال : « الحمد لله ربّ العالمين ] الحمد لله [ حمداً كثيراً كما هو أهله ، وصلّى الله على محمّد النبيّ وآله

ص: 376


1- - المقنعة : ص156 .
2- - المقنعة : ص156 .

وسلم » خرج من منخره الأيسر طائر أصغرمن الجراد ، وأكبر من الذّباب حتّى يسير تحت العرش يستغفر الله له إلى يوم القيامة((1)) .

أقول : هذا الحديث ضعيف السند ولا يعتمد عليه ، وعلى فرض صحّته ينبغي القول بأنَّه يعتبر من الأحاديث الغيبيَّة التي لا يمكن لنا أن ندركها بالحواسّ الظاهرة ، فكما أننا نؤمن بوجود الملكين معنا دائماً ولا نشعر بهما ولا نستطيع لمسَهما ، كذلك ذلك الموجود الذي يخرج من منخر القائل لهذه الكلمات لا يستطيع أن يشعر به ويُدركه .

الخصال : حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجليّ وأحمد بن الحسن القطّان ومحمد بن أحمد السناني والحسين بن ابراهيم بن أحمد ابن هشام المكتّب وعبدالله بن محمد الصّائغ وعليّ بن عبدالله الورّاق (رضي الله عنهم) قالوا : حدثنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان قال : حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدثنا تميم بن بهلول قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن جعفر بن محمد (عليه السّلام) (في حديث يبيِّن به شرائع الدين لمن أراد أن يتمسك بها وأراد الله هُداه) قال : والصلاة على النبي واجبة في كلّ المواطن وعند العطاس والرّياح وغير ذلك((2)) .

ص: 377


1- - الكافي : ج2 ص657 ح22 .
2- - الخصال : ص607 ح9 . منه بحار الأنوار : ج94 ص50 .

باب (53) الصلاة على النبي وآله تُثقل ميزان الحسنات

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : ما في الميزان شيء أثقل من الصلاة على محمّد وآل محمّد ، وإنّ الرّجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به ، فيخرج (صلّى الله عليه وآله) الصلاة عليه ، فيضعها في ميزانه فيرجَح ] به [((1)) .

ثواب الأعمال : حدثني أحمد بن محمد (رضي الله عنه) عن أبيه ، عن محمد بن أحمد ، عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : أنا عند الميزان يوم القيامة ، فمن ثقلت سيّئاته على حسناته جئت بالصلاة عليّ حتّى أثقل بها حسناته((2)) .

قرب الاسناد : محمد بن عيسى قال : حدثنا ابراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبدالله - أو عن أبي جعفر - (عليهما السّلام) قال : أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الصلاة على محمّد وعلى أهل بيته((3)) .

ص: 378


1- - الكافي : ج2 ص494 ح15 .
2- - ثواب الأعمال : ص186 ح1 .
3- - قرب الاسناد : ص14 ح45 الطبعة الحديثة . منه بحار الأنوار : ج94 ص49 .

باب (54) المجلس الذي لا يُذكر فيه الله ورسوله حسرة

الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ابن يحيى ، عن حسين بن زيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم الله (عزّوجلّ) ولم يصلّوا على نبيّهم إلاّ كان ذلك المجلس حسرة ووبالاً عليهم((1)) .

باب (55) الصلاة على النبي تبلُغه

الخصال : حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال : حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عائذ الأحمسي ،عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أربعة اُوتوا سمع الخلائق : النبي وحور العين والجنّة والنّار ، فما من عبد يصلّي على النبي ويسلّم عليه إلاّ بلغه ذلك وسمعه ... الى آخر الحديث((2)) .

ص: 379


1- - الكافي : ج2 ص497 ح5 .
2- - الخصال : ص202 ح17 .

باب (56) الملائكة لا يفترون عن الصلاة على محمّد وآله

جمال الأسبوع : عن محمد بن الحسن الصفّار ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن أبي عبدالله البرقي يرفعه إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) قال رجل لأبي عبدالله (عليه السّلام) : جعلت فداك أخبرني عن قول الله (تبارك وتعالى) وما وصف من الملائكة : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ)((1))ثمّ قال : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) كيف لا يفترون وهم يصلّون على النبي ؟

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الله (تبارك وتعالى) لمّا خلق محمداً أمر الملائكة فقال : انقصوا من ذكري بمقدار الصلاة على محمّد في الصلاة مثل قوله : « سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ، والله أكبر »((2)) .

باب (57) الصلاة على محمّد وآله أعظم من سجود الملائكة لآدم

إرشاد القلوب : عن موسى بن جعفر (عليه السّلام) قال : حدثني

ص: 380


1- - الأنبياء 21 : 20 .
2- - جمال الأسبوع : ص156 الطبعة الحديثة . منه بحار الأنوار : ج94 ص71 .

أبي جعفر ، عن أبيه الباقر (عليه السّلام) قال : حدثني أبي علي قال : حدثني أبي الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال : بينما أصحاب رسول الله جلوس في مسجده بعد وفاته يتذاكرون فضله إذ دخل علينا حبر من أحبار اليهود من أهل الشام - الى أن قال - :

فقال اليهودي : إنّ آدم أسجد الله الملائكة له فهل فضلٌ لمحمد بمثل ذلك ؟

فقال علي (عليه السّلام) : قد كان ذلك ولئن اسجد الله (عزّوجلّ) لآدم ملائكته فان ذلك لما أودع الله (عزّوجلّ) صلبه من الأنوار والشرف اذ كان هو الوعاء ، ولم يكنسجودهم عبادة له ، وإنّما كان سجودهم طاعة لأمر الله وتكرمة وتحيّة ، مثل السلام من الانسان على الانسان ، واعترافاً لآدم بالفضيلة ، ولقد أعطى محمداً أفضل من ذلك ، وهو أنّ الله تعالى صلّى عليه وأمر ملائكته أن يصلّوا عليه ، وأمر جميع خلقه بالصلاة عليه إلى يوم القيامة ، فقال (جلّ ثناؤه) : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) فلا يصلّي عليه في حياته أحد ، وبعد وفاته إلاّ صلّى الله عليه بذلك عشراً وأعطاه من الحسنات عشراً بكل صلاة صلّى عليه ولا أحد يصلّي عليه بعد وفاته إلاّ وهو يعلم بذلك ويرد على المصلّي والمسلّم مثل ذلك ، انّ الله تعالى جعل دعاء أُمته فيما يسألون ربهم (جلّ ثناؤه) مرفوعاً من اجابته حتّى

ص: 381

يصلّوا فيه عليه (صلّى الله عليه وآله) فهذا أكبر وأعظم ممّا أعطى الله (تبارك وتعالى) لآدم((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً) (57) .

باب (58) حرمة إيذاء النبي الكريم

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن عبدالله بن سنان - في حديث - قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : اخَّر رسول الله ليلة من اللّيالي العشاء الآخرة ما شاء الله فجاء عمر فدقَّ الباب فقال : يا رسول الله نام النساء نام الصبيان ، فخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال : ليس لكم أن تؤذوني ولا تأمروني إنّما عليكم أن تسمعوا وتطيعوا((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا

ص: 382


1- - ارشاد القلوب : ص406 . منه بحار الأنوار : ج94 ص69 .
2- - التهذيب : ج2 ص28 ح81 .

اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) (58) .

باب (59) عقاب الصادّين لأولياء الله

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن منذر بن يزيد ، عن المفضّل بن عمر قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الصَّدود لأوليائي فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم فيقال : هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ونصبوا لهم وعاندوهم وعنّفوهم في دينهم ، ثمَّ يُؤمر بهم إلى جهنّم((1)) .

باب (60) ثواب من أَدخل السرور على المؤمن

الكافي : الحسين بن محمد ، عن أحمد بن اسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن عبدالله بن سنان قال : كان رجل عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فقرأ هذه الآية (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) .

قال : فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : فما ثواب من ادخل عليه السرور ؟

ص: 383


1- - الكافي : ج2 ص351 ح2 .

فقلت : جعلت فداك عشر حسنات .

فقال : إي والله وألف ألف حسنة((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً) (69) .

باب (61) تهمة بني اسرائيل للنبي موسى

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن صفوان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) : أنّ بني اسرائيل كانوا يقولون : ليس لموسى ما للرجال وكان موسى إذا أراد الاغتسال يذهب إلى موضع لا يراه فيه أحد من الناس فكان يوماً يغتسل على شطّ نهر وقد وضع ثيابه على صخرة ، فأمر الله الصخرة فتباعدت عنهحتّى نظر بنو اسرائيل إليه ، فعلموا أنّه ليس كما قالوا ، فأنزل الله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً)((2)) .

أمالي الصدوق: حدثنا أبي قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة ، عن

ص: 384


1- - الكافي : ج2 ص192 ح13 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص197 . منه تفسيرالبرهان : ج8 ص86 .

حمدان بن سليمان ، عن نوح بن شعيب ، عن محمد بن اسماعيل ، عن صالح ، عن علقمة قال : قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) - في حديث - : ألم ينسبوا موسى إلى أنّه عنّين وآذوه حتّى برّأه الله ممّا قالوا ، وكان عند الله وجيهاً ؟! ... إلى آخر الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (70 و71) .

باب (62) القول السديد علامة قبول العمل

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) لعبّاد بن كثير البصري الصوفي: ويحك - يا عبّاد - غرّك أن عفّ بطنك وفرجك ؟ إنّ الله (عزّوجلّ) يقول في كتابه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) اعلم أنّه لا يتقبّل الله (عزّوجلّ) منك شيئاً حتّى تقول قولاً عدلاً((2)) .

ص: 385


1- - أمالي الصدوق : ص91 ح3 . منه تفسير البرهان : ج8 ص87 .
2- - الكافي : ج8 ص107 ح81 .

باب (63) ولاية علي والائمة هو الفوز العظيم

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) في ولاية علي ] وولاية [ الائمة من بعده (فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) هكذا نزلت((1)) .تفسير القمي : أخبرنا الحسين بن محمد ، عن المعلّى بن محمد ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((2)) .

تأويل الآيات الظاهرة : روى محمد بن العباس (رحمه الله) ، عن أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد السياري ، عن محمد بن علي ] عن علي [ بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((3)) .

مناقب آل أبي طالب : أبو بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((4)) .

ص: 386


1- - الكافي : ج1 ص414 ح8 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص197 .
3- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص469 ح39 .
4- - مناقب آل أبي طالب : ج3 ص106 .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِْنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (72) .

باب (64) الولاية الأمانة العظمى

الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن الحكم بن مسكين ، عن اسحاق بن عمّار ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِْنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) .

قال : هي ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام)((1)) .

تأويل الآيات الظاهرة : روى محمد بن العباس (رحمه الله) ، عن الحسين بن عامر ، عن محمد بن الحسين ، عن الحكم بن مسكين ، عن اسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((2)) .معاني الأخبار : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه)

ص: 387


1- - الكافي : ج1 ص413 ح2 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص470 ح40 .

قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن مروان بن مسلم ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) :(إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِْنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) ؟

قال : الأمانة : الولاية ، والإنسان : أبو الشرور المنافق((1)) .

أقول : أبو الشرور هو الذي غَصب الخلافة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأبعدَ عنها أهلها وغصبَ فدكاً من فاطمة الزهراء (عليها السّلام) وهو أبو بكر .

باب (65) قبول توبة آدم وحواء ببركة محمّد وآله

معاني الأخبار : حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه) قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان قال : حدثنا أبو محمد بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - : فلمّا أراد الله (عزّوجلّ) أن يتوب عليهما (آدم

ص: 388


1- - معاني الأخبار : ص110 ح2 . منه تفسيرالبرهان : ج8 ص91 .

وحواء) جائهما جبرئيل فقال لهما : انّكما انّما ظلمتما أنفسكما بتمنّي منزلة من فُضِّل عليكما ، فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله (عزّوجلّ) الى أرضه فسلا ربّكما بحقّ الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتّى يتوب عليكما .

فقالا : اللهم إنّا نسألك بحقّ الأكرمين عليك محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، والائمة إلاّ تبت علينا ورحمتنا ، فتاب الله عليهما انّه هو التوّاب الرّحيم ، فلم يزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة ، ويُخبرون بها أوصيائهم والمخلصين من أُممهم فيأبون حملها ، ويشفقون من ادعائها ، وحملها الإنسان الذي قد عرف ، فأصل كلّ ظلم منه إلى يوم القيامة ، وذلك قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّا

عَرَضْنَا الاَْمَانَةَعَلَى السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِْنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)((1)) .

باب (66) لزوم الأمانة عند البيع والشراء

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن الحسن بن علي ، عن علي بن النعمان وأبي المعزا والوليد بن مدرك ، عن اسحاق قال : سألت أبا عبدالله

ص: 389


1- - معاني الأخبار : ص108 ح1 . منه تفسيرالبرهان : ج8 ص89 .

(عليه السّلام) عن الرّجل يبعث إلى الرّجل يقول له : ابتع لي ثوباً فيطلب له في السوق فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق فيعطيه من عنده ؟

قال : لا يقربن هذا ولا يدنس نفسه إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِْنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) وإن كان عنده خير ممّا يجد له في السوق فلا يعطيه من عنده((1)) .

أقول : لا مانع للإنسان أن يُعطي المشتري ثوباً من عنده إذا كان مثل ما كان في السُوق وبنفس السعر والثمن ، ولعلّ المنع الوارد في الحديث عن ذلك في حال التهمة في الأمر . والله العالم .

ص: 390


1- - التهذيب : ج6 ص352 ح999 .

كلمة الختام

أيُّها القارئ الكريم : لقد وصلنا - بحمد الله وفضله - إلى نهاية الجزء الثالث والخمسين من موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) والجزء العاشر من تفسير القرآن الكريم وذكرنا فيه ما روي عنه (عليه السّلام) حول تفسير سورة الفرقان - الى - سورة الأحزاب .

وسنلتقي بك - إن شاء الله تعالى - في الجزء الرابع والخمسين والجزء الحادي عشر من تفسير القرآن الكريم ونذكر فيه ما روي عنه (عليه السلام) حول تفسير سورة سبأ وما بعدها من السور الشريفة .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله المعصومين .

محمّد كاظم الق-زويني

قم المقدَّسة - ايران

ص: 391

فهرس الكتاب

ديباجة الكتاب 3

المقدّمة 5

سورة الفرقان

باب (1) الفرق بين القرآن والفرقان 7

باب (2) المشيئة والإرادة والقَدَر والقضاء 8

باب (3) هل أَفعال العباد مخلوقة ؟ 9

باب (4) الاشياء التي جعلها الله اثني عشر 10

باب (5) شدَّة زفير جهنم 12

باب (6) صبر أهل البيت على قضاء الله 12

باب (7) ترك التقوى يحبط الأعمال 14

باب (8) عرض الأعمال على رسول الله كلَّ خميس 14

باب (9) معنى الهباء المنثور 15

باب (10) تأويل الغمام 16

ص: 392

باب (11) منافقان من قريش 16

باب (12) القرآن وقريش 17

باب (13) الامام علي : السبيل الى الرسول 17

باب (14) الدنيا دار هُدنة والقرآن خير دليل 18

باب (15) جزاء مَن نَبَذ القرآن 20باب (16) لكلّ نبيّ عدوٌ يُؤذيه 21

باب (17) حرمة المساحقة بين النساء 21

باب (18) قصة أصحاب الرّسّ 23

باب (19) معنى التتبير 29

باب (20) ثمانية ليسوا من الناس الكاملين 30

باب (21) معنى الحجر المحجور 31

باب (22) النسب من الرجال والصهر بسبب النساء 31

باب (23) من فضل الإمامين الحسن والحسين 33

باب (24) لا كفو لفاطمة الاّ علي 35

باب (25) وجوب قضاء الصلاة الفائتة 36

باب (26) استحباب قضاء صلاة الليل 37

باب (27) من صفات عباد الله الصالحين 38

باب (28) عباد الرَّحمن هم الأوصياء 38

باب (29) استحباب الوَسَط بين الانفاق والإِقتار 39

ص: 393

باب (30) أَربعة لا تستجاب دعوتهم 40

باب (31) ما هو حدُّ الإِسراف ؟ 41

باب (32) من صفات الأَئمة وشيعتهم 43

باب (33) المغفرة لشيعة أميرالمؤمنين 44

باب (34) أَقلُّ ما يكسبه زائر الامام الحسين 46

باب (35) حُبُّ أهل البيت يُكفِّر الذنوب ويُضاعف الحسنات 46

باب (36) المؤمن لا يستمع الى الغناء 47

باب (37) البصيرة في الدِّين 49

باب (38) أهل البيت أئمَّة المتّقين 49

باب (39) الدنيا عَناء وفَناء 51سورة الشعراء

باب (1) ثواب قراءة سورة الشعراء في ليلة الجمعة 53

باب (2) فائدة كتابة سورة الشعراء 54

باب (3) النداء من السماء باسم الإمام المهدي 55

باب (4) خمس علامات قبل ظهور الامام المهدي 56

باب (5) الصيحة السماويَّة 57

باب (6) انتظار الفَرَج في ثلاث 60

باب (7) بين النبي موسى وفرعون 62

ص: 394

باب (8) غيبة الامام المهدي 68

باب (9) جزاء من صار مع الظالمين 69

باب (10) المرجئة منحرفون 70

باب (11) النبي ابراهيم وولاية امير المؤمنين 70

باب (12) لسان الصدق خيرٌ من المال 70

باب (13) ما هو القلب السليم ؟ 71

باب (14) من هم الغاوُون ؟ 72

باب (15) مكانة السيدة فاطمة يوم القيامة 73

باب (16) الائمة والشفاعة للشيعة 76

باب (17) منزلة الصديق في الآخرة 80

باب (18) المؤمن والشفاعة 81

باب (19) التحفة الالهيَّة للمؤمن حين موته 81

باب (20) ممّا أوحى الله الى النبي صالح 83

باب (21) الولاية نزلت من السماء 84

باب (22) القرآن العربي 84باب (23) الوحي الالهي بالعربيَّة 85

باب (24) الحكمة في نزول القرآن على العرب 86

باب (25) الرؤيا المحزنة للرسول 86

باب (26) خروج القائم المهدي 89

ص: 395

باب (27) آية الانذار في قراءة ابن مسعود 89

باب (28) ايمان آباء النبي وأجداده 90

باب (29) نور أبي طالب يزهر يوم القيامة 91

باب (30) نزول الشياطين على سبعة من الضالّين 92

باب (31) الشعراء والغاوون 92

باب (32) التأكيد على الولاية والتحذير من المخالفة 94

سورة النمل

باب (1) فائدة كتابة سورة النمل 96

باب (2) اليد البيضاء من غير سوء 96

باب (3) إنكار آيات الله مع المعرفة 97

باب (4) آل محمّد وَرثة الأنبياء 98

باب (5) أربعة ملكوا الأرض كلّها 99

باب (6) العلوم التي منحها الله للنبي سليمان 100

باب (7) معرفة آل محمّد بمنطق الطير 101

باب (8) الأمر برعاية الخطّاف 104

باب (9) الطائر المشوم 105

باب (10) دعاء العصافير 106

باب (11) نعيق الغراب 106

ص: 396

باب (12) ما يقوله بعض الطيور 107

باب (13) وادي الذهب 108

باب (14) ما جرى بين النبي سليمان والنملة 108

باب (15) النبي سليمان يتفقّد الهدهد 110

باب (16) البسملة منحة إلهيَّة لرسول الله 112

باب (17) الامام المهدي يخرج في أولي قوّة 113

باب (18) الهديَّة على ثلاثة وجوه 113

باب (19) عِلم الكتاب عند أهل البيت 114

باب (20) من وجوه الكفر : كفر النعم 117

باب (21) النبي سليمان والاسم الاعظم 117

باب (22) عدد حروف الاسم الاعظم 118

باب (23) الأنبياء والاسم الاعظم 119

باب (24) الأرض تُطوى لصاحب سليمان 120

باب (25) استحباب الرجاء وتوقع الأفضل من الله 121

باب (26) آخر أربعاء من الشهر ثقيل 122

باب (27) لا شرعية لإمام ضلال مع امام هدى 123

باب (28) خطبة الامام المهدي حين ظهوره 124

باب (29) تأويل آية « المضطرَّ » بالقائم 125

باب (30) من هو دابَّة الله ؟ 126

ص: 397

باب (31) رجوع المؤمنين الى الدنيا قبل القيامة 130

باب (32) تأويل الحسنة والسيئة 133

باب (33) الحسنة بعشر أَ مثالها 135

باب (34) معرفة الامام ضمان قبول الأعمال 136

باب (35) ثواب إحترام الكبير 138باب (36) العُبّاد على ثلاثة أقسام 138

باب (37) الكلمات التي وجدوها في قواعد الكعبة 139

باب (38) ماذا قال رسول الله عند فتح مكة ؟ 140

سورة القصص

باب (1) فائدة كتابة سورة القصص وشرب مائها 142

باب (2) إخبار النبي يوسف بالنبي موسى من بعده 143

باب (3) شكوى الامام زين العابدين من أهل زمانه 144

باب (4) القرآن يبشّر بحكومة آل محمّد 145

باب (5) الانتقام من الصَّنمين 147

باب (6) الامام الصادق يتحدَّث عن الامام المهدي 148

باب (7) متى يبلغ الانسان أشدَّه ؟ 150

باب (8) اسم الشيعة في القرآن 151

باب (9) النبي موسى يسأل الله الطعام 152

ص: 398

باب (10) زواج النبي موسى 153

باب (11) لا يحلّ النكاح بالإجارة 155

باب (12) ما هي البقعة المباركة ؟ 156

باب (13) بعثة النبي موسى 157

باب (14) اصلاح أمر الإمام المهدي في ليلة 157

باب (15) عصا موسى 158

باب (16) أئمّة الحق وأئمّة الكفر 158

باب (17) النبي والوصي شاهدان 159

باب (18) خطاب الله الى شيعة آل محمّد 160

باب (19) المنحرف عن آل محمّد في ضلال مبين 162باب (20) إمام بعد إمام 163

باب (21) الصبر على التقيَّة 165

باب (22) صبر الشيعة 165

باب (23) الصبر يكون مع المؤمن في قبره 166

باب (24) استحباب المداراة مع الناس 167

باب (25) النهي عن مخالطة العامَّة 167

باب (26) الانتقام من أعداء الولاية وعْدٌ الهي 168

باب (27) ماذا يجري على الإِنسان في القبر ؟ 169

باب (28) كان قارون من بني اسرائيل 170

ص: 399

باب (29) استحباب ذكر الله على كلّ حال 171

باب (30) لا تنس خمسة أمور 171

باب (31) الأخذ من الدنيا بقدر الضرورة 172

باب (32) رجوع بعض المعصومين إلى الدنيا 174

باب (33) لا تَدْعُ مع الله إلهاً آخر 175

باب (34) الوجه الذي لا يهلك 176

باب (35) الأَئمَّة وجه الله الذي يُؤتى منه 177

باب (36) المنحرف عن الحق هالك 181

سورة العنكبوت

باب (1) استحباب تلاوة سورة العنكبوت وسورة الرّوم 183

باب (2) فائدة كتابة سورة العنكبوت 183

باب (3) الامتحان بالابتلاء في النفس والمال 184

باب (4) الاختبار الالهي على الولاية 185

باب (5) قراءة الإمام علي لهذه الآية 186باب (6) النبي والوصي : الوالدان 186

باب (7) علامة الإيمان والنفاق 187

باب (8) من قصص النبي نوح 188

باب (9) من أسماء النبي نوح 191

ص: 400

باب (10) من أقسام الكفر : كفر البراءة 192

باب (11) من مات على الولاية مات شهيداً 194

باب (12) النبي ابراهيم والنبي لوط 194

باب (13) ابليس معلّم اللّواط 195

باب (14) من منكرات قوم لوط 196

باب (15) من علائم قبول الصلاة 198

باب (16) ذكر الله عند الحرام والحلال 198

باب (17) الصلاة تحجز عن المعاصي 198

باب (18) ما فرض الله على اللسان 199

باب (19) الأَئمة هم الذين أُوتوا العلم 200

باب (20) استحباب الهجرة من أرض المعصية 205

سورة الروم

باب (1) يفرح المؤمنون بقيام القائم 206

باب (2) خلق نور فاطمة الزهراء 207

باب (3) عِلم الزجر والنجوم 211

باب (4) القرآن كتاب عبرة 212

باب (5) تقوم القيامة يوم الجمعة 212

باب (6) ما معنى « يُخرج الحيَّ من الميت » ؟ 213

ص: 401

باب (7) مكانة الزوج في قلب الزوجة 214

باب (8) معرفة الامام بحقائق الناس وعواقبهم 215

باب (9) استحباب ذكر الله في الصباح والمساء 217

باب (10) لله المَثَل الأَعلى 218

باب (11) الاخلاص في إقامة الدِّين 219

باب (12) فطرة التوحيد 220

باب (13) الفطرة على التوحيد والنبوَّة والامامة 223

باب (14) الهداية من الله تعالى 224

باب (15) السيدة فاطمة تخاصم أبا بكر في فَدَك 225

الامام علي يخاصم أبا بكر في فدك 227

السيدة فاطمة ترثي أباها الفقيد 229

محاولة اغتيال الامام علي 231

باب (16) فدك هديَّة الله للسيدة الزهراء 233

باب (17) أقسام الربا 235

باب (18) ثواب القرض أكثر من ثواب الصدقة 236

باب (19) قلّة الأمطار من كثرة الذنوب 237

باب (20) انواع الذنوب وآثارها 237

باب (21) إخبار القرآن عن عاقبة الامم السالفة 239

باب (22) آثار العمل الصالح 240

ص: 402

باب (23) قدرة الخالق تتجلّى في مخلوقاته 241

باب (24) الانصات للقرآن 242

سورة لقمان

باب (1) فائدة كتابة سورة لقمان 245باب (2) حرمة الغناء 245

باب (3) ما هي الحكمة التي أعطاها الله للقمان ؟ 247

باب (4) نماذج من سيرة لقمان ومواعظه 248

باب (5) الاحسان الى الوالدين 257

باب (6) تأويل « الوالدين » في القرآن 258

باب (7) البر بالوالدين في الحياة وبعد الممات 259

باب (8) النهي عن استصغار الذنوب الصغيرة 259

باب (9) الصلاة أحبّ الاعمال الى الله 260

باب (10) لزوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 261

باب (11) لزوم أخْذ حق الضعيف من القوي 262

باب (12) لزوم الصبر في جميع الامور 262

باب (13) من مواعظ لقمان الحكيم 263

باب (14) ذمِّ العطسة القبيحة 267

باب (15) نِعم الله وأيّامه 268

باب (16) العروة الوثقى مودّة أهل البيت 272

ص: 403

باب (17) قراءة الامام الصادق لهذه الآية 274

باب (18) من آثار الزهد في الدنيا 274

باب (19) ذَمّ الدنيا والتعلّق بها 275

باب (20) خمسة أشياء لم يطّلع عليها أحد إلاّ الله 276

سورة السجدة

باب (1) من آثار قراءة سورة السجدة 278

باب (2) من آثار كتابة سورة السجدة 279

باب (3) العزائم أربع سُوَر 279باب (4) ما يُقرأ في سجدة العزائم 280

باب (5) خَلْق الخير والسماوات والأرضين 281

باب (6) الاعتماد على الله والاستغناء عن الناس 281

باب (7) مَلَك الموت وقبْض الأرواح 282

باب (8) عِظمُ ثواب صلاة الليل 285

باب (9) كرامة الهيّة للمؤمن يوم الجمعة 286

باب (10) الاهتمام بصلاة العشاء 288

باب (11) الاهتمام بصلاة الليل 289

باب (12) ثلاث عبادات مهمَّة 289

باب (13) الجنَّة الخاصَّة 291

باب (14) الشيعة مع إمامهم في الجنة 291

ص: 404

باب (15) المؤمن مع الحور العين 294

باب (16) العذاب الأدنى والأكبر 295

باب (17) الأَمر بالصبر والرفق 297

باب (18) الأَئمة في كتاب الله إِ مامان 298

باب (19) تأويل يوم الفتح 299

سورة الأحزاب

باب (1) ثواب قراءة سورة الاحزاب 300

باب (2) فائدة كتابة سورة الأحزاب 302

باب (3) الخطاب للنبي والمعنيُّ به هم الناس 303

باب (4) لا يجتمع حُبُّ آل محمّد وحبُّ أعدائهم في قلب واحد 304

باب (5) قصَّة زيد بن حارثة 305

باب (6) النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم 309باب (7) الموالي يرث بعضهم بعضاً 310

باب (8) اولوا الارحام بعضهم أولى ببعض 312

باب (9) من أسباب اسلام اليهود 313

باب (10) الامام علي أولى الناس بالناس 315

باب (11) النبي محمّد سيّد الانبياء وأفضلهم 316

باب (12) يُسأل الصادقون عن صدقهم 317

باب (13) المسلمون في مواجهة الكفّار 318

ص: 405

باب (14) النصر الالهي يوم الخندق 325

باب (15) هل نام رسول الله عن صلاة الصبح ؟ 326

باب (16) الرسول الأَعظم قدوة واُسوة 327

باب (17) بكاء الملائكة عند هذا الدعاء 328

باب (18) المؤمن مؤمنان 328

باب (19) الشيعة هم المؤمنون 329

باب (20) كفى الله المؤمنين القتال بالامام علي 330

باب (21) تخيير النبي زوجاته بين البقاء أو الطلاق 331

باب (22) الفاحشة : الخروج بالسيف 335

باب (23) الجاهليّة الأُخرى 336

باب (24) نزول آية التطهير في الخمسة الطاهرة 337

باب (25) الائمة على منهاج الحق 338

باب (26) الامام الحسن يتحدَّث عن فضائل آل البيت 339

باب (27) تطبيق آية التطهير على بيت علي وفاطمة 342

باب (28) شهادة القرآن بطهارة السيدة فاطمة 343

باب (29) الامام علي يقيم الحجّة على الغاصبين 344

باب (30) وصيَّة الرسول بالثقلين 346باب (31) من هم آل محمّد وأهل بيته وعترته ؟ 347

باب (32) ثواب من بات على تسبيح الزهراء 348

ص: 406

باب (33) قضاء الله خيرٌ للانسان 349

باب (34) ثواب وآثار الذكر الكثير 350

باب (35) الشيعة وذكر الله تعالى 352

باب (36) ثواب تسبيح فاطمة الزهراء 353

باب (37) أَدنى الذِّكر الكثير 354

باب (38) ثواب الصلاة على محمّد وآله 355

باب (39) استحباب الاكثار من الصلاة على النبي حين ذِكره 356

باب (40) ما أَحلّ الله لنبيّه من النساء 358

باب (41) عدد زوجات الرسول الأَعظم 362

باب (42) زواج الرسول بالسيدة اُم سلمة 363

باب (43) عدم زواج الرسول على خديجة في حياتها 364

باب (44) زوجات الرسول محارم للحَسَنين 364

باب (45) النهي عن ايذاء النبي في أهل بيته 365

باب (46) ما يحلّ للمملوك من مولاته 366

باب (47) كيفية الصلاة على النبي وآله 367

باب (48) لزوم التسليم والوفاء لمحمّد وآل محمّد 371

باب (49) استجابة الدعاء ببركة الصلاة على النبي وآله 372

باب (50) ثواب من صلّى على النبي وأتبعها بأهل بيته 373

باب (51) استحباب الصلاة على النبي وآله ليلة الجمعة 374

ص: 407

باب (52) استحباب الحمد والصلاة على النبي وآله عند العطاس

والرياح 376باب (53) الصلاة على النبي وآله تُثقل ميزان الحسنات 378

باب (54) المجلس الذي لا يُذكر فيه الله ورسوله حسرة 379

باب (55) الصلاة على النبي تبلُغه 379

باب (56) الملائكة لا يفترون عن الصلاة على محمّد وآله 380

باب (57) الصلاة على محمّد وآله أعظم من سجود الملائكة

لآدم 380

باب (58) حرمة إيذاء النبي الكريم 382

باب (59) عقاب الصادّين لأولياء الله 383

باب (60) ثواب من أَدخل السرور على المؤمن 383

باب (61) تهمة بني اسرائيل للنبي موسى 384

باب (62) القول السديد علامة قبول العمل 385

باب (63) ولاية علي والائمة هو الفوز العظيم 386

باب (64) الولاية الأمانة العظمى 387

باب (65) قبول توبة آدم وحواء ببركة محمّد وآله 388

باب (66) لزوم الأمانة عند البيع والشراء 389

كلمة الختام 391

فهرس الكتاب 392

ص: 408

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.