موسوعه الامام الصادق عليه السلام المجلد 49

اشارة

سرشناسه : قزويني، سيدمحمدكاظم، 1308 - 1373.

عنوان و نام پديدآور : موسوعه الامام الصادق عليه السلام/ تاليف محمدكاظم القزويني.

مشخصات نشر : قم: الرافد، 14ق.-= 13 -

مشخصات ظاهري : 60ج.

شابك : ج.1 : 978-600-6588-19-1 ؛ ج.42 978-600-6593-06-7 : ؛ ج.44 978-600-6593-15-9 : ؛ ج.47 978-600-6593-23-4 : ؛ ج.59 978-964-8485-92-9 : ؛ ج.60 978-964-2581-88-7 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرست نويسي بر اساس جلد سي و چهارم، 1431ق. = 1389.

يادداشت : ج.24 (چاپ اول: 1431ق. = 1389).

يادداشت : ج.47 (چاپ اول: 1437ق. = 1394).

يادداشت : ج.59 (چاپ اول: 1440ق. = 1397).

يادداشت : ج.60 (چاپ اول: 1440ق. = 1398) (فيپا).

يادداشت : ناشر جلد پنجاه و نهم ، انتشارات دارالغدير است .

يادداشت : ناشر جلد شصتم، انتشارات دار الموده است .

يادداشت : كتابنامه.

مندرجات : .- ج.34. التجاره.- ج.42. الحدود والتعزيرات

موضوع : جعفربن محمد (ع)، امام ششم، 83 - 148ق.

رده بندي كنگره : BP45/ق4م8 1300ي الف

رده بندي ديويي : 297/9553

شماره كتابشناسي ملي : 2105726

ص: 1

اشارة

القزويني ، السيد محمد کاظم ، 1368 - 1414 ه

موسوعة الإمام الصادق (عليه السلام) / تأليف السيد محمد کاظم القزويني

(قدس سره)

اعداد : أبناء المرحوم المؤلف .

مؤسسة الرافد للمطبوعات قم ، 1637 ه / 2019م

ISBN:978 -100-1093 00 - 0

الكتاب عربی : 600 صفحة

المجلد التاسع والأربعون من موسوعة الإمام الصادق (عليه السلام)

1. تفسير القرآن - أحاديث .

2. جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ، الإمام السادس ، 83 - 168 ه

هوية الكتاب :

الكتاب: موسوعة الإمام الصادق (عليه السلام) الجزء التاسع والأربعون

تأليف : المرحوم آية الله العلامة السيد محمد کاظم القزويني (قدس سره)

إعداد و تنظیم : ابناء المرحوم المؤلف

الناشر: مؤسسة الرافد للمطبوعات

المطبعة : عترت

التنضيد والإخراج : دار المجتبى (عليه السلام) للطباعة الكومبيوترية

الطبعة: الأولى عام 1437 هجري

العدد : 1000 نسخة

ISBN 978-900 - 1093 -10-0

مراكز التوزيع

مكتبة فدك - قم - صفائية - مجمع الإمام المهدي (عليه السلام) - الرقم 116 - تليفون : 37833626

مؤسسة الرافد للمطبوعات - قم شارع معلم - الفرع 12 - الرقم 3- مكتبة ابن فهد الحلي - كربلاء المقدسة - شارع قبلة الإمام الحسين (عليه السلام) - 07801508962

ص: 2

دیباجة الکتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ»(1) .

«وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»(2) .

«المص ٭ كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ»(3) .

«وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»(4) .

«الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ»(5) .

«وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي

ص:3


1- آل عمران 3: 58
2- الأنعام 6: 155
3- الأعراف 7: 1 و 2
4- الأعراف 7: 52
5- يونس 10: 1

بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(1) .

«الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ»(2) .

«وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»(3) .

«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٭ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»(4) .

«وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ»(5) .

«وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ»(6) .

ص:4


1- يونس 10: 37
2- هود 11: 1
3- هود 11: 6
4- النحل 16: 43 و 44
5- الأنبياء 21: 50
6- الشعراء 26: 5

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

«الحمد لله الذي لا يُدرك العالِمون عِلمه، ولا يَستخفُّ الجاهلون حِلمه،ولا يبلغ المادحون مِدحتَه، ولا يَصف الواصفون صِفَته،ولا یُحسن الخَلق وَصفْه...»(1) .

والصلاة والسلام على المبعوث بالرحمة والموصوف بالرأفة سیّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

وبعد:فهذا هو الجزء التاسع والأربعون من موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) ويحتوي على الأحاديث المروية عنه(عليه السّلام) في تفسير سورة التوبة ويونس وهود.

كما تقرأ-في هذا الجزء-بعض النقاط المهمّة الجديرة بالذكر...

مثل:

ص:5


1- من دعاء للسيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام). بحار الأنوار:ج83 ص102

2-احتجاج الصحابة على الغاصبين.

3-أهميّة ولاية آل محمّد.

4-قصّة المنافقين الذين رفضوا الولاية.

5-خطبة الإمام الحسن المجتبى(عليه السّلام)في فضائل أبيه سيّد العترة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه الصلاة والسّلام).

6-إيمان أبي الأئمّة وفخر الاُمّة سيّدنا أبي طالب(رضوان الله عليه).

بالإضافة إلى مواضيع أخرى جديرة بالقراءة والمطالعة وخاصّة في هذا العصر الذي دأب شیاطین بني اُميّة على إلقاء الشبهات المضلّلة لاغواء الشباب وتشويه الحقائق وقلب المفاهيم.. تقرُّباً إلى الشيطان الرجيم.

نسأل الله تعالى لهم ولنا الاستقامة على الولاية والثبات على الصراط المستقیم...إنّه قريب مجيب.

محمّد کاظم القزويني قم المقدَّسة-ایران

ص:6

سورة التوبة(البراءة)

اشارة

قوله تعالی:«بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ٭فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ٭وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيم٭إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ»(1-4).

باب(1) سورة في سورتين

مجمع البيان:روي عن أبي عبدالله(عليه السّلام)أُنّه قال:الأنفال والبراءة واحدة(1) .

ص:7


1- مجمع البيان:ج3ص1. منه تفسير البرهان:ج4ص381

أقول:لعلَ المقصود من قوله (عليه السّلام):«الانفال والبراءة واحدة»بمعنى أَنهما واحدة من حيث الموضوع والحكم فقد ذكر الله سبحانه في سورة الأَنفال بعض مسائل الحرب مع المشركين والاستعداد لمواجهتهم والبراءة من أَعمالهم وان الله ينصر المسلمين على المشركين وهم الأَعلون بايمانهم و استقامتهم، ولما بيّن هذه الأُمور افتتح سورة البراءة بقوله:«بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ »

باب(2) عزْل أبي بكر عن التبليغ

تفسير القمي:حدثني أبي،عن محمد بن الفضيل،عن أبي الصباح الكناني،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)من غزوة تبوك في سنة سبع (1) .من الهجرة قال:وكان رسول الله (صلّى الله عليه و آله وسلّم) لمّا فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة، وكان سُنّة من العرب في الحج أنَه من دخل مكة وطاف بالبيت في ثيابِه لم يحل له إمساكها وكانوا يتصدّقون بها،ولا يلبسونها بعد الطواف،وكان مَن وافي مكة يستعير ثوباً ويطوف فيه ثمَّ يرُدّه،ومن لم يَجد عاريةً اكتری ثياباً، ومن لم يجد عاريةً ولاكراءاً

ص:8


1- في تفسير البرهان:تسع

ولم يكُن له إلّا ثوب واحد طاف بالبيت عرياناً،فجائت إمرأة من العرب وسيمة جميلة،فطلبت ثوباً عاريةً أو كِراء فلم تجده فقالوا لها:إن طفت في ثيابك احتجت ان تتصدّقي بها.

فقالت:وكيف أتصدّق بها وليس لي غيرها؟!فطافت بالبيت عريانة واشرف عليها الناس،فوضعت إحدى يديها على قُبُلها والاُخرى على دُبِرها،فقالت مرتجزة:

اليوم يبدو بعضه أو كّله فما بدا منه فلا اُحله فلمّا فرغت من الطواف خطبها جماعة فقالت:انّ لي زوجاً.

وكانت سيرة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)قبل نزول سورة البراءة أن لا يقاتل إلّا من قاتله،ولا يحارب إلّا من حاربه وأراده، وقد كان نزل عليه في ذلك من الله(عزّوجلِّ):«اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا»(1) .فكان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)لا يقاتل أحداً قد تنحى عنه واعتزله،حتى نزلت عليه سورة براءة وأمره الله بقتل المشركين،مَن اعتزله ومن لم يعتزله إلّا الذين قد كان عاهدهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)يوم فتح مكة إلى مدّة،منهم:صفوان بن اُمية،وسهيل بن عمرو،فقال الله(عزّوجلّ):«بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ

ص:9


1- النساء 4: 90

مِنَ الْمُشْرِكِينَ٭«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ»ثمّ يقتلون حيث ما وجدوا،فهذه أشهر السياحة:عشرون من ذي الحجة والمحرَّم وصفر و شهر ربيع الأوّل وعشرة من شهر ربيع الآخر،فلمّا نزلت الآيات من أوّل براءة دفعها رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)إلى أبي بكر وأمره أن يخرج إلى مكة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر، فلما خرج أبو بکر نزل جبرئیل على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسّلم)فقال:يا محمّد لا يؤدّٙي عنك إلّا رجل منك،فبعَث رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)أمير المؤمنين(عليه السّلام)في طلبه فلحقه بالروحا،فأخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال:يا رسول الله ءَأنزل الله فيَّ شيئا؟ قال:لا إنّ الله أمرني أن لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي(1) .

باب(3) منى نزلت سورة البراءة؟

تفسير العياشي:عن داود بن سرحان،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:كان الفتح في سنة ثمان و «براءة» في سنة تسع، وحجّة الوداع في سنة عشر(2) .

ص:10


1- ج1ص281.منه تفسير البرهان:ج4ص382
2- تفسير العياشي:ج2ص213ح1769الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص381

باب(4) الامام على المبلّغ عن الله تعالى

تفسير العياشي:عن حريز،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:إنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على الناس،فنزل جبرئيل فقال:لا يبلغ عنك إلّا علي (عليه السّلام)،فدعا رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)علياً(عليه السّلام) فأمره أن يركب ناقته العضباء(1) ،وأمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة ويقرأها على النّاس بمكة.

فقال أبو بكر:اسخطَة؟(2) .

فقال:لا،إلّا أنّه أنزل عليه لا يبلغ الّا رجل منك،فلمّا قدم على (عليه السّلام)مكة - وكان يوم النحر بعد الظهر،وهو يوم الحجّ الأكبر- قام ثمّ قال:إنّي رسولُ رسولِ الله إليكم فقرأها عليهم:«بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ*فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ»عشرين من ذي الحجّة والمحرم و صفر و شهر ربيع الأول وعشراً

ص:11


1- العضباء:اسم ناقة كانت لرسول الله(صلّى الله عليه و آله و سلّم)قيل:هو عَلَم لها
2- السخط:ضد الرّضى،قيل:هو لا يكون إلّا من الكبراء والعظماء دون الاكفاء والنظراء (أقرب الموارد)

من شهر ربيع الآخر،وقال:لا يطوف بالبيت ولا عُريانة،ولا مُشرك إلّا من كان له عهد عند رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم)، فمدّته إلى هذه الأربعة الأشهر(1) .

معاني الأخبار:حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(ره) قال:حدثنا محمد بن الحسن الصفّار،عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب،عن علي بن أسباط،عن سيف بن عميرة،عن الحارث بن المغيرة بن النصري،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سألته عن قول الله(عزّوجلّ):«وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ»؟ فقال:اسمٌ نَحَله الله(عزّوجلّ)علياً(صلوات الله عليه)من السماء لأنّه هو الذي أدّى عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) براءة وقد كان بعث بها مع أبي بكر أولاً فنزل عليه جبرئيل فقال:يا محمد إنّ الله يقول لك:أنّه لا يبلّغ عنك إلّا أنت أو رجل منك،فبعث رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)عند ذلك علياً(عليه السلام)فلحق أبا بكر وأخذ الصحيفة من يده،ومضى بها إلى مكة فسمّاه الله تعالی أذاناً من الله،إنه اسم نحله الله من السّماء لعلي (عليه السّلام)(2) .

ص:12


1- تفسير العياشي:ج2ص213ح 1771 الطبعة الحديثة. منه تفسير البرهان:ج4ص 385
2- معانی الاخبار:ص298ح2.منه تفسير البرهان:ج4ص389

تفسیر فرات الكوفي:فرات قال:حدثني علي بن محمد بن علي بن عمر الزهري معنعناً:عن عیسی بن عبدالله قال:سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام)يقول:إنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسّلم)بعث أبا بكر ببراءة فسار حتى بلغ الجحفة فبعث رسول الله علياً في طلبه فأدرکه فقال أبو بكر لعلي:أنزل فيّ شيءٌ؟قال:لا ولكن لا يؤدّي إلّا نبيِّه أو رجل منه.

وأخذ على الصحيفة وأتي الموسم وكان يطوف في الناس ومعه السيف فيقول:«بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ٭فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ»فلا يطوف بالبيت بعد عامنا هذا عريان ولا مشرك،فَمن فَعل فان معاتبتنا إيّاه بالسيف.

قال:وكان يبعثه إلى الأصنام فیکسرها،ويقول:لا يؤدّي عنّي إلا أنا وأنت،فقال له يوم لَحِقه علي بالخندق في غزوة تبوك فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا انّه لا نبي بعدي وأنت خليفتي في أهلي وانّه لا يصلح إلّا أنا وأنت(1) .

ص:13


1- تفسیر فرات الكوفي:ص158ح197

باب(5) ما هو الحج الأكبر؟

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعاً،عن القاسم بن محمد،عن سليمان بن داود المنقري،عن فضيل بن عياض قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عن الحج الأكبر،فانّ ابن عباس كان يقول:يوم عرفة؟ فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):قال أمير المؤمنین(صلوات الله عليه):الحج الأكبر يوم النحر ويحتجّ بقوله(عزّوجلّ):«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ»وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشر من ربيع الآخر،ولو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهِر ويوماً(1) .

الكافي:أبو علي الأشعري،عن محمد بن عبد الجبّار،عن صفوان،عن ذريح،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:الحج الأكبر يوم النحر(2) .

معاني الأخبار:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا سعد بن عبدالله،عن يعقوب بن يزيد،عن صفوان بن يحيى،عن ذريح المحاربي مثله(3) .

ص:14


1- الكافي:ج4ص290ح3
2- الكافي:ج4ص290ح2
3- الكافي:ج4ص290ح2

الكافي:علي بن إبراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن معاوية ابن عمّار قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عن يوم الحج الأكبر؟ فقال:هو يوم النحر والحج الاصغر[هو]العمرة(1) .

من لا يحضره الفقيه:روي عن معاوية بن عمار قال:سألت...

وذكر مثله(2) .

معاني الأخبار:حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(ره) قال:حدثنا محمد بن الحسن الصفّار،عن أيوب بن نوح،عن صفوان ابن يحيى،عن معاوية بن عمّار نحوه(3) .

تفسير العياشي:عن عبد الرحمن،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:يوم الحج الأكبر:يوم النحر،والحجّ الأصغر:العمرة(4) .

معاني الأخبار:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم،عن أبيه،عن عبدالله بن المغيرة،عن عبدالله بن سنان،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:الحج الأكبر:يوم الأضحى.

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(ره)قال:حدثنا

ص:15


1- الكافي:ج4ص290ح1
2- من لا يحضره الفقيه:ج2ص 488ح3041
3- معاني الأخبار:ص290ح2
4- تفسير العياشي:ج2ص217ح1783الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص 388

محمد بن الحسن الصفّار،عن محمد بن عیسی بن عبيد،عن النّضر بن سوید،عن عبدالله بن سنان،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)مثل ذلك(1) .

معاني الأخبار:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري،عن ابراهیم بن مهزیار،عن أخيه علي،عن الحسين(2) ،عن حمّاد بن عيسى،عن شعيب،عن أبي بصير والنّضر،عن ابن سنان،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:الحج الأكبر يوم الأضحی(3) .

تفسير العياشي:عن زرارة وحمران و محمد بن مسلم،عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)في قوله تعالى:«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ».

قال:عشرين(4) . من ذي الحجة،والمحرم،وصفر،وشهر ربيع الأول وعشر من شهر ربيع الآخر(5) .

مجمع البيان:في قوله تعالى:«وَأَنَّ اللهَ مُخْزِی الْكَافِرِينَ» أي مذلّهم ومهينهم،واختلف في هذه الأشهر الأربعة فقيل:كان ابتداؤها يوم النحر الى العاشر من شهر ربيع الآخر.وهو المروي عن أبي عبدالله

ص:16


1- معاني الأخبار:ص295ح3.منه تفسير البرهان:ج4ص391
2- في تفسير البرهان:الحسن
3- معانی الاخبار:ص296ح4.منه تفسیر البرهان:ج4ص391
4- في تفسير البرهان:قالا:عشرون.وهو الصحيح
5- تفسير العياشي:ج2ص216ح1777الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص387

(عليه السّلام)(1) .

تفسير العياشي:جعفر بن أحمد،عن علي بن محمد بن شجاع قال:روى أصحابنا قيل لأبي عبدالله(عليه السّلام):لِمَ صار الحاج لا يِكتَبُ عليه ذنب أربعة أشهر؟ قال:إن الله(جّل ذكره)أمر المشركين فقال:«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ»ولم يكن يقصر بوفده عن ذلك(2) .

أقول:معنى الحديث:انّ الله تعالى أَذِن للمشركين بالبقاء في مكّة أربعة أشهر،رفقاً منه تعالى بهم،فكيف لا يكرم وفده الحُجّاجِ المسلمين؟!ولهذا أكرمهم بأن لا يُكتب عليهم الذنب أربعة أشهر.لكن هذا الحديث غیر معتبر لأنه ضعيف السَّند فلا يُعتمد عليه ولا يمكن العمل به.

معاني الأخبار:حدثنا أبي(ره)قال:حدثنا سعد بن عبدالله،عن القاسم بن محمد الأصبهاني،عن سليمان بن داود المنقري قال:حدثنا فضیل بن عیاض،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سألته عن الحج الأكبر؟ فقال:[أ]عندك فيه شيء؟

ص:17


1- مجمع البيان:ج3ص3
2- تفسير العياشي:ج2ص216ح 1778الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص387

فقلت:نعم كان ابن عباس يقول:الحج الأكبر يوم عرفة،يعني أنّه من أدرك يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج ومن فاته ذلك فاته الحج فجعل ليلة عرفة لما قبلها ولما بعدها والدليل على ذلك أنه من أدرك ليلة النحر إلى طلوع الفجر فقد أدرك الحجّ واجزء عنه من عرفة.

فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):قال أمير المؤمنين(عليه السّلام):

الحج الأكبر يوم النحر،واحتج بقول الله(عزوجلّ):«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ»فهي عشرون من ذي الحجة والمحرّم والصفر وشهر ربيع الأول وعشر من شهر ربيع الآخر ولو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان السيح أربعة أشهر ويوماً واحتج بقول الله(عزّوجلّ):«وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ»وكُنت أنا الأذان في الناس.

فقلت له:ما معنى هذه اللفظة:الحج الأكبر؟ فقال:اما سُمّي الأكبر لأنّها كانت سنة حجَّ فيها المسلمون والمشركون،ولم يحجّ المشركون بعد تلك السنة(1) .

من لا يحضره الفقيه:في رواية سليمان بن داود المنقري،عن فضیل بن عیاض،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في آخر حديث يقول فيه:إنّما سّمي الحجّ الأكبر لأنّها كانت سنة حجَّ فيها المسلمون

ص:18


1- معاني الاخبار:ص296ح5.منه تفسير البرهان:ج4ص390

والمشركون ولم يحجّ المشركون بعد تلك السنة(1) .

باب(6) من أسماء الإمام أمير المؤمنین

تأويل الآيات الظاهرة:روى أبو الحسن الديلمي باسناده عن رجاله إلى عبدالله بن سنان قال:قال الصادق(عليه السّلام):إنّ الأمير المؤمنين(عليه السّلام)أسماء لا يعلمها إلّا العالِمون وإنّ منها الأذان عن الله ورسوله،وهو الأذان(2) .

تفسير العياشي:عن حريز،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال في الأذان:هو اسم في كتاب الله،لا يعلم ذلك أحد غيري(3) .

علل الشرایع:حدثنا محمد بن الحسن(رحمه الله)قال:حدثنا محمد بن الحسن الصفّار،عن علي بن محمد القاشاني،عن القاسم بن محمد الأصبهاني،عن سليمان بن داود المنقري،عن حفص بن غياث النخعي القاضي قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عن قول الله تعالی:

«وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» فقال:قال أمير المؤمنين(عليه السّلام):كنت أنا الأذان في الناس.

ص:19


1- من لا يحضره الفقيه:ج2ص488ح3042
2- تأويل الآيات الظاهرة:ج1ص197ح2
3- تفسير العياشي:ج2ص217ح1780الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص387

قلت:فما معنى هذه اللفظة:«الحج الأكبر»؟ قال:إنّما سّمي الأكبر لأنّها كانت سنة حجّ فيها المسلمون والمشركون،ولم يحج المشركون بعد تلك السنة(1) .

باب(7) تأويل الأذان

تفسير العياشي:عن جابر،عن أبي جعفر(عليه السّلام)(2) .في قول الله تعالى:«وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ».

قال:خروج القائم(عليه السّلام)،وأذانُ دعوته إلى نفسه(3) .

باب(8) الامام على رابع الخلفاء

عيون أخبار الرضا( عليه السّلام):حدثنا أبو الحسن محمد بن ابراهيم بن اسحاق(رضي الله عنه)قال:حدثنا أبو سعيد النسوي،قال:حدثنا ابراهيم بن محمد بن هارون قال:حدثنا أحمد بن أبي الفضل البلخي قال:حدثني خال يحيى بن سعيد البلخي،عن علي بن موسی

ص:20


1- علل الشرایع:ص442ح1.منه تفسير البرهان:ج4ص392
2- زاد في بعض النسخ:وجعفر بن محمد
3- تفسير العياشي:ج2ص217ح1782الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص388

الرضا،عن أبيه موسی بن جعفر،عن أبيه جعفر بن محمد،عن أبيه محمد بن علي،عن أبيه علي بن الحسين،عن أبيه الحسين بن علي،عن أبيه علي بن أبي طالب(عليهم السّلام)قال:بينما أنا أمشي مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طويل،كثُّ اللحية(1) ،بعيد ما بين المنكبين،فسلّم على النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)ورحّب به،ثمّ التفت إليّ،فقال:السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته،أليس كذلك هو یا رسول الله؟ فقال له رسول الله:بلى،ثمِّ مضى.

فقلت:يا رسول الله ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ وتصديقُك له؟ قال:أنت كذلك والحمد لله،إن الله تعالى قال في كتابه:«إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً»(2) .والخليفة المجعول فيها:آدم وقال:«يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ»(3) .فهو الثاني،وقال(عزّوجلّ)حكاية عن موسى حين قال لهارون:«اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ»(4) .فهو هارون إذ استخلفَه موسى في قومه فهو الثالث،

ص:21


1- كثَّ اللحية:اجتمع شعرها وكثر نبته من غير طول وكثف وجعد(اقرب الموارد)
2- البقرة2: 30
3- سورة ص38: 26
4- الاعراف7: 142

وقال الله تعالى:«وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ»فكنَت أنت المبلَّغ عن الله وعن رسوله وأنت وصيي ووزيري وقاضي ديني والمؤدّي عنّي وأنت منّي بمنزلة هارون من مُوسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي،فأنت رابع الخلفاء كما سلّم عليك الشيخ،أو لا تدري مَن هو؟ قلت:لا.

قال:ذاك أخوك الخضر فاعلَم(1) .

باب(9) لا غدرَ في الإسلام

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن محمد بن يحيى،عن طلحة بن زيد،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:

سألته عن قريتين من أهل الحرب لكلّ واحدة منهما ملك على حدة، اقتتلوا ثمّ اصطلحوا،ثّم إنَّ أحد الملكين غدر بصاحبه فجاء إلى المسلمين فصالحهم على أن يغزو معهم تلك المدينة؟ فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):لا ينبغي للمسلمين أن يغدروا ولا يأمروا بالغدر ولا يقاتلوا مع الّذين غدروا ولكنّهم يقاتلون المشركين

ص:22


1- عيون أخبار الرضا:ج2ص9ح23.منه تفسير البرهان:ج4ص392

حيث وجدوهم ولا يجوز عليهم ما عاهد عليه الكفّارا(1) .

* * * * * قوله تعالى:«فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»(5).

باب(10) الصبر وسيلة النجاح والنجاة

الكافي:عليّ بن ابراهيم،عن أبيه،وعلي بن محمّد القاساني جميعاً،عن القاسم بن محمد الأصبهاني،عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):یا حفص إنّ مَن صَبر صَبر قليلاً،وانّ مَن جَزع جَزع قليلاً.

ثمّ قال:عليك بالصبر في جميع اُمورك،فإنّ الله(عزّوجلّ)بعث محمّداً(صلّى الله علیه و آله وسلّم)فأمره بالصبر والرّفق،فقال:«وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا»*«وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ»(2) .وقال(تبارك و تعالی):«ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ

ص:23


1- الكافي:ج2ص337ح4
2- الكافي:ج2ص337ح4

وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ*وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ»(1) .فصبَر رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)حتى نالوه بالعظائم ورموه بها،فضَاق صدره،فأنزل الله(عزّوجلّ):«وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ٭«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ»(2) .ثمَّ كذّبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله(عزّوجلِّ):«قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ*وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا»(3) .فأَلزم النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم) نفسه الصبر،فتعدَّوا،فذكروا الله(تبارك وتعالى)وكذّبوه،فقال:قد صبرتُ في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذِكر الهي،فأنزل الله(عزّوجلّ):«وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ٭فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ»(4) .فصبر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم)في جميع أحوالِه ثم بُشَّر في عترته بالائمة ووُصفوا بالصبر فقال:(جلّ ثناؤه):«وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ»(5) .فعند ذلك قال(صلّى الله عليه وآله وسلّم):الصبر من

ص:24


1- فصّلت 41 :34و 35
2- الحجر 15: 97 و 98
3- الأنعام6: 33 و 34
4- سورة ق50: 38و39
5- السجدة 32: 24

الايمان کالرأس من الجسد،فشكر الله(عزّوجلّ)ذلك له،فأنزل الله(عزّوجلّ):«وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ»(1) .فقال(صلّى الله عليه وآله وسلّم):انّه بشری وانتِقام،فأباحَ الله(عزّوجلّ)له قِتال المشركين،فأنزل[الله]:«فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ»، «وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ»(2) .فقتلهم الله على يدي رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأحبّائه وجعل له ثواب صبره مع ما ادَّخر له في الآخرة،فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدُّنيا حتى يقرّ[الله]له عينه في أعدائه،مع ما يدّخر له في الآخرة(3) .

باب(11) الرسول الأعظم والسيوف الخمسة

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه وعلي بن محمّد القاساني جميعاً،عن القاسم بن محمد،عن المنقري،عن حفص بن غياث،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين (عليه السّلام)وكان السّائل من محبّينا فقال له أبو جعفر(عليه السّلام):

ص:25


1- الاعراف7: 137
2- البقرة2: 191
3- الكافي:ج2ص88ح3

بعث الله محمّداً(صلّى الله عليه و آله وسلّم)بخمسة أسیاف:ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع(1) .الحرب أوزارها،ولن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشمس من مغربها،فإذا طلعت الشّمس من مغربها آمن النّاس كلّهم في ذلك اليوم فيومئذٍ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً،وسيف منها مكفوف،وسيف منها معغمود سلّه إلى غيرنا و حكمه إلينا.

وأمّا(2) .السيوف الثلاثة الشّاهرة فسيف على مشركي العرب،قال الله تعالى:«فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا»يعني فان آمنوا «وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»فهؤلاء لا يقبل منهم إلّا القتل أو الدّخول في الإسلام وأموالهم وذراريهم سبي على ما سنّ(3) . رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم)فإنّه سبی وعفا وقبل الفدا ...الى آخر الحديث(4) .

التهذيب:محمد بن الحسن الصفّار،عن عليّ بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد،عن سليمان بن داود المنقري مثله(5) .

ص:26


1- في التهذيب:لا تغمد إلى أن تضع
2- في التهذيب:فأمّا
3- في التهذيب:فأموالهم و ذراريهم تسبى على ما سبی
4- الكافي:ج5ص10ح2
5- التهذيب:ج4ص114ح336

تفسير العياشي:عن جعفر بن محمد،عن أبي جعفر(عليهما السّلام):إنَّ الله بعث محمداً(صلّى الله عليه و آله وسلّم)بخمسة أسیاف، فَسیف علی مشركي العرب،قال الله(جلّ وجهه):«فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا»يعني فإن آمنوا«فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ»(1) .لا يُقبل منهم إلّا القتل أو الدخول في الإسلام،ولا تُسبي لهم ذريّة ومالهم في(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ»(6).

باب(12) تعاليم حربيَّة إنسانيَّة

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن معاوية ابن عمار-قال:أظنّه-عن أبي حمزة الثمالي،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه ثمّ يقول:«سیروا بسم الله وبالله وفي

ص:27


1- التوبة9: 11
2- تفسير العياشي:ج2ص218ح 1788الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص399

سبيل الله وعلى ملّة رسول الله،لا تغلُّوا ولا تُمثّٙلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شیخاً فانياً ولا صبيّاً ولا امرأة ولا تقطعوا شجراً إلّا أن تضطرّوا إليها،وأيّما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى رجل من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله فإن تبعكم فأخوكم في الدّين وإن أبي فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله عليه»(1) .

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد،عن الوشّاء،عن محمد بن حمران و جمیل بن درّاج كلاهما،عن أبي عبدالل (عليه السّلام)قال:كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)إذا بعث سرّية دعا بأميرها فأجلسه إلى جنبه وأجلس أصحابه بين يديه ثمّ قال:«سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله لا تغدروا ولا تغلُّوا ولا تُمثّٙلوا ولا تقطعوا شجرة إلّا أن تضطرّوا إليها ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبيّاً ولا إمرأة وأيّما رجل من أدنى المسلمين وأفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله فإذا سمع كلام الله(عزّوجلّ) فإن تبعكم فأخوكم في دينكم وإن أبى فاستعينوا بالله عليه وأبلغوه مأمنه».

عليّ بن إبراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن جميل،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)مثله إلّا أنّه قال:وأيّما رجل من المسلمین نظر الى

ص:28


1- الكافي:ج5ص27ح1

رجل من المشركين في أقصى العسكر وادناه فهو جار(1) .

باب(13) إعطاء الأمان للكافر

الكافي:عليّ بن إبراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن محمد ابن الحكم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)-أو عن أبي الحسن(عليه السّلام)-قال:لو أن قوماً حاصروا مدينة فسألوهم الأمان فقالوا:لا، فظنّوا أنّهم قالوا:نعم فنزلوا إليهم كانوا آمنين(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ٭أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»(12 و 13).

باب(14) طلحة والزبير من أئمّة الكفر

قرب الاسناد:حدثني محمد بن عبد الحميد وعبد الصمد بن

ص:29


1- الكافي:ج5ص30ح9
2- الكافي:ج5ص31ح4

محمد جميعاً،عن حنان بن سدير قال:سمعت أبا عبد الله(عليه السّلام) يقول:دخل علىَّ اُناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة والزبير؟ فقلت لهم:كانا من أئمّة الكفر،إنّ علياً( عليه السّلام)يوم البصرة لمّا صفَّ الخيول قال لأصحابه:لا تعجلوا على القوم حتى اعذر فيما بيني وبين الله(عزّوجلّ)وبينهم،فقام إليهم فقال:يا أهل البصرة هل تجِدون عليّ جوراً في حكم؟ قالوا:لا.

قال:فحيفاً في قسم؟ قالوا:لا.

قال:فرغبة في دنيا أخذتُها لي ولأهل بيتي دونكم فنقمتُم عليّ فنكثتم بيعتي؟ قالوا:لا.

قال:فأقمت فیکم الحدود وعطّلتها عن غيركم؟ قالوا:لا.

قال:فما بال بیعتی تُنکث وبيعة غيري لا تنكث؟!إنّي ضربتُ الأمر انفه وعينه فلم أجد الّا الكفر أو السيف.

ثمّ ثني إلى صاحبه فقال:إنّ الله(تبارك وتعالى)يقول في كتابه:

«وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ

ص:30

الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ» فقال أمير المؤمنين(عليه السّلام):والذي فَلَق الحبّة وبرأ النسمة واصطفى محمّدأ بالنبوّة إنّهم لأصحابُ هذه الآية وما قُوتلوا منذ نزلتْ(1) .

تفسير العياشي:عن حنان بن سدير،عن أبي عبدالله( عليه السّلام) قال:سمعته يقول:.... وذكر نحوه(2) .

مجمع البيان:قرأ ابن عامر:«لا إيمان»–بكسر الهمزة - ورواه ابن عقدة باسناده عن عريف بن الوضّاح الجعفي،عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام)(3) .

باب(15) مَن طعن في الدّين فهو كافر

تفسير العياشي:عن عمّار،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:من طعن في دينكم هذا فقد کفر،قال الله:«وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ»إلى قوله:«ينتهون»(4) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:31


1- قرب الاسناد:ص96ح 327الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص400
2- تفسير العياشي:ج2ص219ح 1790الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص402
3- مجمع البيان:ج3ص10
4- تفسير العياشي:ج2ص220ح1793الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص403

قوله تعالى:«قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ*«وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»(14و 15).

باب(16) الشيعة على إحدى الحُسْنيَين

المحاسن:البرقي،عن ابن فضّال،عن علي بن عقبة بن خالد،عن أبيه قال:دخلت أنا ومعلّی بن خنيس على أبي عبد الله(عليه السّلام) فأذن لنا وليس هو في مجلسه فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه وليس عليه جلباب فلمّا نظر إلينا رحّب فقال:مرحباً بكما وأهلاً، ثمَّ جلس وقال:أنتُم أُولوا الألباب في كتاب الله،قال الله(تبارك و تعالی):

«إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ»(1) .فأبشروا،فأنتم على إحدى الحُسنيين من الله:أما إنّكم إن بقيتم حتى تروا ماتمدون إليه رقابكم،شفى الله صدوركم،وأذهب غیظ قلوبكم،وأدلّكُم على عدوّ كم،وهو قول الله (تبارك و تعالی):«وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ*وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ» وإن مضيتم قبل أن تروا ذلك،مضيتم على دين الله الذي رضيه لنبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم)و بعثه عليه(2) .

ص:32


1- الزمر39: 9
2- المحاسن:ج1ص272ح532الطبعة الحديثة.منه تفسیر البرهان:ج4ص404

تفسير العياشي:عن علي بن عقبة،عن أبيه قال:دخلت أنا والمعلّی على أبي عبدالله(عليه السلام)فقال:أبشروا إِنّكم على إحدى الحُسنيين:[إن بقيتم حتى تروا ما تمدّون إليه رقابكم]شفي الله صدوركم،وأذهب غيظ قلوبكم وأدالكم على عدوّكم،وهو قول الله:

«وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ»وإن مضيتم قبل أن تروا ذلك،مضيتم على دين الله الذي رضيه لنبيّه(عليه و آله السّلام)ولعليّ(عليه السّلام)(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ»(16).

باب(17) الأئمة الطاهرون خير وسيلة الى الله تعالی

تفسير العياشي:عن أبان قال:سمعت أبا عبدالله(عليه السّلام) يقول:يا معشر الأحداث اتَّقوا الله ولا تأتوا الرّؤساء،دَعوهم حتى يصيروا أذناباً،لا تتّخذوا الرّٙجال ولائج(2) .من دون الله إنّا والله خير لكم منهم،ثمّ ضرب بيده إلى صدره(3) س.

ص:33


1- تفسير العياشي:ج2ص221ح1799الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص404
2- وليجة الرجل:بطانته ودخلاؤه وخاصّته وما يتّخذه معتمداً عليه. (مجمع البحرین)
3- تفسير العياشي:ج2ص225ح1799الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص409

باب(18) الشدَّة في الايمان

تفسير العياشي:عن أبي العباس،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:أتى رجل النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)فقال:بايعني يا رسول الله.

فقال:على أن تقتل أباك؟ قال:فقبض الرجل يده.

ثمّ قال:بايعني يا رسول الله .

قال:على أن تقتل أباك؟ فقال الرجل:نعم على أن أقتُلَ أبي.

فقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):الآن لم تتخذ من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة،إنا لا نأمرك أن تقتُل والديك،ولكن نأمرك أن تكرمهما(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي

ص:34


1- تفسير العياشي:ج2ص 225ح1798الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص408

سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ»(19و20).

باب(19) أفضليَّة الايمان على غيره

الكافي:أبو علي الأشعري،عن محمد بن عبد الجبّار،عن صفوان ابن يحيى،عن ابن مسکان،عن أبي بصير،عن أحدِهما(عليهما السّلام) في قول الله(عزّوجلّ):«أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ»نزلت فی حمزة و علی و جعفر و العباس وشیبة،إنّهم فَخَروا بالسقایة والحجابة،فأنزل الله(جلّ و عزّ):«أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ»وكان علي وحمزة وجعفر(صلوات الله عليهم)الذين آمنوا بالله واليوم الاخر، وجاهدوا في سبيل الله لا يستوون عند الله(1) .

تفسير العياشي:عن أبي بصير،عن أحدهما(عليهما السّلام) مثله(2) .

تفسير العياشي:عن أبي بصير،عن أبي عبد الله (عليه السّلام)قال:

ص:35


1- الكافي:ج8ص203ح245
2- تفسير العياشي:ج2ص226ح1802الطبعة الحديثة

إن أمير المؤمنين(عليه السّلام)قيل له:يا أمير المؤمنين أخبِرنا بأفضل مناقِبك؟ قال:نعم،كنت أنا وعباس وعثمان بن أبي شيبة في المسجد الحرام.

قال عثمان بن أبي شيبة:أعطانی رسول الله الخزانة-يعني مفاتیح الكعبة-،وقال العباس:أعطاني رسول الله السقاية وهي زمزم ولم يعطك شيئاً يا علي،قال:فأنزل الله«أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ»(1) .

باب(20) السُّنن الخمس لعبد المطّلب

الخصال:حدثنا محمد بن علي بن الشاه قال:حدّثنا أبو حامد قال:

حدّثنا أبو يزيد قال:حدّثنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي،عن أبيه قال:حدّثنا أنس بن محمد أبو مالك،عن أبيه،عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن جدّه،عن علي بن أبي طالب(عليه السّلام)عن النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)أنه قال في وصيّته له:يا علي إنّ عبد المطلب سنّ في

ص:36


1- تفسير العياشي:ج2ص225ح1801الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص411

الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الاسلام(الى أن قال:)ولما حفر زمزم سمّاها سقاية الحاج،فأنزل الله«أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ»...الى آخر الحديث(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ*قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ»(23و24).

باب(21) الخيانة من أحد الصَّحابة

مجمع البيان:في قوله تعالى: ي«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ»إلى قوله:

«وِاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ»روي عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)أنّها نزَلت في حاطِب بن أبي بلتعة حيث كتب إلى

ص:37


1- الخصال:ص312ح90

قريش يخبرهم بخبر النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)لمّا أراد فتح مكة(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ٭ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ»(25و26).

باب(22) المواطن الكثيرة

معاني الأخبار:حدثنا محمد بن موسی بن المتوكل(رضي الله عنه) قال:حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي،عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي،عن أبيه،عن محمد بن أبي عمير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)أنّه قال:في رجل نذرأن يتصدّق بمال كثير فقال:

الكثير ثمانون فما زاد لقول الله(تبارك وتعالى):«لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ»و کانت ثمانین موطناً(2) .

ص:38


1- مجمع البيان:ج3ص19.منه تفسير البرهان:ج4ص414
2- معاني الأخبار:ص218ح1.منه تفسير البرهان:ج4ص416

مجمع البيان:في قوله تعالى:«لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ» ورد عن الصادقَين(عليهما السّلام)أنّهم قالوا:كانت المواطن ثمانين موطناً(1) .

باب(23) يوم حنين

علل الشرایع:حدثنا محمد بن الحسن(رحمه الله)قال:حدثنا محمد بن الحسن الصفّار،عن العبّاس بن معروف،عن ابن أبي عمير،عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:ما مرّ بالنبي(صلّى الله عليه و آله و سلّم)يوم كان أشدّ عليه من يوم حنين وذلك أنّ العرب تباغت عليه(2) و(3) .

مناقب آل أبي طالب:عن الصادق(عليه السّلام)سبی رسول الله يوم حنين أربعة آلاف رأس واثني عشر ألف ناقة سوى ما لا يُعلم من الغنائم(4) .

الكافي:حمید بن زیاد،عن عبيد الله بن أحمد الدهقان،عن علي

ص:39


1- مجمع البيان:ج3ص17
2- بغي على فلان:جنى عليه واستطال عليه وظلمه(أقرب الموارد)
3- علل الشرایع:ص462ح3.منه بحار الأنوار:ج21ص180
4- مناقب آل أبي طالب:ج1ص211.منه بحار الأنوار:ج21ص183

ابن الحسن الطاطري،عن محمد بن زیاد بیّاع السابري،عن عجلان أبي صالح قال:سمعت أبا عبد الله(عليه السّلام)يقول:قَتلَ علي بن أبي طالب بیده يوم حنين أربعين(1) .

تفسير العياشي:عن عجلان،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله تعالى:«وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ»الى«ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ» فقال:أبو فلان(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ»(29).

باب(24) من أحكام أهل الذمة

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،وعلي بن محمد القاساني جميعاً،عن القاسم بن محمد،عن المنقري،عن حفص بن غیاث،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سأل رجل أبي(صلوات الله عليه)عن

ص:40


1- الكافي:ج8ص376ح566
2- تفسير العياشي:ج2ص227ح1805الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص417

حروب أمير المؤمنين(عليه السّلام)وكان السائل من محبيّنا فقال له أبو جعفر(عليه السّلام):بعث الله محمد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بخمسة أسیاف ثلاثة منها شاهرة-الى أن قال -:

والسيف الثاني على أهل الذمّة قال الله تعالى:و«لِلنَّاسِ حُسْنًا»(1) .نزلت هذه الآية في أهل الذّمة ثم نسخها قوله(عزّوجلّ):

«قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ فمن كان منهم في دار الاسلام فلن يقبل منهم(2) .الّا الجزية أو القتل وما لهم فييء و ذراريهم سبي،واذا قبِلوا الجزية على أنفسهم حرّم علينا سبْيُهم وحرُمَت أموالُهم(3) .وحَلّت لنا مناكحتهم ومن كان منهم في دار الحرب حلَّ لنا سبيهم وأموالهم ولم تحلّ لنا مناكحتهم ولم يقبل منهم الّا الدُخول في دار الاسلام أو الجزية أو القتل(4) ...الى آخر الحديث(5) .

التهذيب:محمد بن الحسن الصفّار،عن علي بن محمد القاساني،

ص:41


1- البقرة2: 83
2- في التهذيب:فلم يقبل منه
3- في التهذيب:فاذا قبلوا الجزية حرم علينا سبيهم وأموالهم
4- في التهذيب:ولا يقبل منهم الّا الجزية أو القتل
5- الكافي:ج5ص10ح2

عن القاسم بن محمد مثله(1) .

تفسير العياشي:عن حفص بن غیاث،عن جعفر بن محمد،عن أبيه(عليهما السّلام)قال:إنّ الله بعث محمداً(صلّى الله عليه و آله وسلّم) بخمسة أسياف فسيف على أهل الذمَّة،قال الله:«وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا»نزلت في أهل الذمّة،ثمّ نسختها اُخرى،قوله:«قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ» الى« وَهِمْ صَاغِرُونَ»فمن كان منهم في دار الاسلام فلن يُقبَل منهم إلّا أداء الجزية أو القتل،ويؤخذ مالهم، وتسبی ذراريهم،فإذا قبلوا الجزية حلّ لنا نکاحهم لا ذبائحهم و[من كان منهم في دار الحرب،حلّ لنا سبيهم،ولم تحلّ لنا مناكحتهم]لا يُقبَل منهم إلّا أداء الجزية أو القتل(2) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن حمّاد بن عيسى،عن حریز،عن زرارة قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):ما حدّ الجزية على أهل الكتاب وهل عليهم في ذلك شيء موظَّف لا ينبغي أن يجوزوا إلى غيره؟ فقال:ذاك إلى الأمام أن يأخذ من كلّٙ انسان منهم ما شاء على قدر ماله بما يطيق،إنّما هم قوم فدَوا أنفسهم من أن يُستعبَدوا أو يُقتلوا

ص:42


1- التهذيب:ج4ص114ح336
2- تفسير العياشي:ج2ص228ح1809الطبعة الحديثة. منه تفسير البرهان:ج4ص427

فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له ان يأخذهم به حتى يسلّموا، فإنّ الله(تبارك وتعالى)قال:«حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ»وكيف يكون صاغراً وهو لا يكترث لمّا يؤخذ منه حتى يجد ذلّاً لما أخذ منه فيألم لذلك فيُسلِم.

قال:وقال ابن مسلم:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):أرأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس من أرض الجزية،ويأخذ من الدهاقین جزية رؤوسهم أما عليهم في ذلك شيء موظّف؟ فقال:كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم وليس للإمام أكثر من الجزية إن شاء الامام وضع ذلك على رؤوسهم وليس على أموالهم شيء،وإن شاء فعلى أموالهم وليس على رؤوسهم شيء.

فقلت:فهذا الخمس؟ فقال:إنّما هذا شيء كان صالحَهم عليه رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)(1) .

تفسير القمي:حدثنا محمد بن أبي عمير قال:حدثني ابراهيم بن مهزیار،عن أخيه عليّ بن مهزیار،عن اسماعيل بن سهل،عن حمّاد بن عيسى،عن حريز،عن زرارة قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام)...

وذكر نحوه الى قوله:فيُسلِم(2) .

ص:43


1- الكافي:ج3ص566ح1
2- تفسير القمي:ج1ص288

تفسير العياشي:عن زرارة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)نحو ما في تفسير القمي(1) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن حمّاد بن عيسى،عن حریز،عن محمد بن مسلم قال:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام)عن صدقات أهل الجزية وما يؤخذ منهم مِن ثمن خمورِهم ولحم خنازیرهم وميتَتِهم؟ قال:عليهم الجزيَة في أموالهم يؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو خمر وكلّ ما أخذوا منهم من ذلك فوزر ذلك عليهم وثَمن للمسلمين حلال يأخذونه في جزيتهم(2) .

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن سهل بن زیاد،عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:إنّ أرض الجزية لا ترفع عنها الجزية،وإنّما الجزية عطاءُ المهاجرين والصدقة لأهلها الذين سمّى الله في كتابه،وليس لهم من الجزية شيء.

ثمّ قال:ما أوسع[الله]العدل ثمّ قال:إنّ الناس يستغنون إذا عدل بينهم،و تنزل السّماءرزقها،وتخرج الأرض بركتها بإذن الله(تعالی)(3) .

ص:44


1- تفسير العياشي:ج2ص228ح1808الطبعة الحديثة
2- الكافي:ج3ص568ح5
3- الكافي:ج3ص598ح6

الكافي:علي بن ابراهيم عن أبيه،ومحمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن محمد بن يحيى جميعاً،عن عبدالله بن المغيرة،عن طلحة بن زید،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:جرت السُّنة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه ولا من المغلوب على عقله(1) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن حمّاد بن عيسى،عن حریز،عن محمد بن مسلم قال:سألته عن أهل الذمّة ماذا عليهم ممّا يحقنون به دماءهم وأموالهم؟ قال:الخراج فان اُخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على أرضهم، وان أُخذ من أرضهم فلا سبيل على رؤوسهم(2) .

باب(25) المجوس من أهل الكتاب

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن أبي يحيى الواسطي،عن بعض أصحابنا قال:سُئل أبو عبدالله(عليه السّلام)عن المجوس أكانَ لهم نبيُّ؟ فقال:نعم أما بَلَغَك کتاب رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم)

ص:45


1- الكافي:ج3ص567ح3
2- الكافي:ج3ص567ح2

إلى أهل مكة:أن أسلموا وإلّا نابذتكم بحرب.

فكتبوا إلى رسول الله:أن خذ منّا الجزية ودعنا على عبادة الأوثان.

فكتب إليهم النبي:إني لست آخذ الجزية إلّا من أهل الكتاب.

فكتبوا إليه-يريدون بذلك تكذيبه-:زعمت أنّك لا تأخذ الجزية إلّا من أهل الكتاب،ثمّ أخذتَ الجزية مِن مجوس هجر.

فكتب إليهم النبي:انّ المجوس كان لهم نبي فقتلوه وكتاب أحرقوه،اتاهم نبيُّهم بكتابهم في اثّني عشر ألف جلد ثور(1) .

باب(26) حكم مَن دعى الى نفسه وفي المسلمين أعلم منه

تفسير العياشي:عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي،عن أبي عبدالله، عن أبيه(عليهما السّلام)قال:قال:من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه،وفي المسلمين من هو أعلم منه،فهو ضالّ متكلف،قاله لعمر بن عبید حيث سأله أن يبايع[محمد بن]عبدالله بن الحسن(2) .

* * * * * قوله تعالى:«وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ

ص:46


1- الكافي:ج3ص567ح4
2- تفسير العياشي:ج2ص227ح1807.منه تفسير البرهان:ج4ص426

ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ»(30).

باب(27) الطلح والسّٙدر غضبتا لله تعالى

تفسير العياشي:عن يزيد بن عبد الملك،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:إنّه لن يغضب لله شيء كغضب الطلح والسدر،أّنّ الطلح(1) .

كانت كالاُترج(2) ،والسدر کالبطيخ،فلمّا قالت اليهود:يدُ الله مغلولة نقص حملهما فصغر فصار له عَجَم(3) .واشتدّ العجم،فلمّا أن قالت النصاری:

المسيح ابن الله اذعِر تا فخرَج لهما هذا الشوك،ونقصتا حملهما،وصارَ الشوك إلى هذا الحمل،وذهب حمل الطلح فلا يحمِل حتى يقوم قائمنا(عليه السّلام)أو تقوم الساعة،ثم قال:من سقى طلحة أو سِدرة، فكأنّما سقى مُؤمناً من ظمأ(4) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:47


1- الطَّلح:شجر عظام من شجر العضاه يرعاها الابل(أقرب الموارد)
2- الاُترج:ثمر شجر بستاني من جنس الليمون ناعم الورق والحطب(أقرب الموارد)
3- العجم:نوی کلّ شیءأی:کلّ ما کان فی جوف ماکول کالزّبیب و ما أشبهه(أقرب الموارد)
4- تفسير العياشي:ج2ص 229ح 1811الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص437

قوله تعالى:«اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ٭يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»(31و32).

باب(28) مَن اطاع غير الله في المعصية فقد عَبده

الكافي:عدة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد بن خالد،عن عبدالله بن يحيى،عن ابن مسکان،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله(عليه السّلام)قال:قلت له:«اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ».

فقال:أما والله ما دعوهم إلى عِبادة أنفسهم،ولو دعوهم ما أجابوهم،ولكن أحلّوا لهم حراماً،وحرّموا عليهم حلالاً،فعبَدوهم من حيث لا يشعُرون(1) .

تفسير العياشي:قال أبو بصير:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم...وذكر نحوه(2) س.

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد بن خالد،عن أبيه، عن عبدالله بن يحيى،عن عبدالله بن مسكان،عن أبي بصير قال:سألت

ص:48


1- الكافي:ج1ص53ح1
2- تفسير العياشي:ج2ص230ح1815الطبعة الحديثة

أبا عبدالله(عليه السّلام)عن قول الله(عزّوجلّ):«اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ»؟ فقال:أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لمّا(1) .أجابوهم ولكن أحلّوا لهم حراماً وحرَّموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون(2) .

المحاسن:البرقي،عن أبيه،عن عبدالله بن يحیی مثله(3) .

مجمع البيان:في قوله تعالی:«اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ»روي عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)انّهما قالا:أما والله ما صاموا ولا صَلّوا ولكنّهم أحلّوا لهم حراماً،وحرّموا عليهم حلالاً،فاتبعوهم وعَبدوهم من حيثُ لا يشعرون(4) .

المحاسن:البرقي،عن محمد بن خالد،عن حمّاد،عن ربعي بن عبدالله،عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله:«اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّه».

فقال:والله ما صلّوا لهم ولا صاموا(5) .ولكنّهم أحلّوا لهم حراماً

ص:49


1- في المحاسن:ما
2- الكافي:ج2ص398ح7
3- المحاسن:ج1ص383ح848الطبعة الحديثة
4- مجمع البيان:ج3ص23.منه تفسير البرهان:ج4ص441
5- في تفسير العياشي:قال:أما والله ما صاموا لهم ولا صلّوا

وحرّموا عليهم حلالاً فاتّبعوهم(1) .

تفسير العياشي:عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)مثله وزاد وقال في خبر آخر عنه(عليه السّلام):ولكنّهم أطاعوهم في معصيّة الله(2) .

تفسير العياشي:عن جابر،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:

سألته عن قول الله(عزّوجلّ):«اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّه»؟ قال:اما انّهم لم يتّخذوهم آلهة،إلّا أنهم أحلّوا لهم حراماً فأخذوا به،وحرّموا عليهم حلالاً فأخذوا به،فكانوا أربابهم من دون الله(3) .

الكافي:عليّ بن محمد،عن صالح بن أبي حمّاد وعليّ بن إبراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن رجل،عن أبي عبد الله(عليه السّلام)قال:من أطاع رجلا في معصية فقد عبده(4) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ

ص:50


1- المحاسن:ج1ص383ح867الطبعة الحديثة
2- تفسير العياشي:ج2ص229و230ح1812و1813الطبعة الحديثة.منهما تفسير البرهان:ج4ص639
3- تفسير العياشي:ج2ص230ح1814الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص440
4- الكافي:ج2ص398ح8

عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًام»(33).

باب(29) بالامام المهدي يَظهر الإسلام على كلّٙ الأديان

كمال الدين:حدثنا محمد بن موسی بن المتوكّل(رضي الله عنه) قال:حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي،عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي،عن أبيه،عن محمد بن أبي عمير،عن علي بن أبي حمزة،عن أبي بصير قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام)في قول الله(عزّوجلّ):

«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»؟فقال:والله ما نزل تأويلها بعد،ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم فاذا خرج القائم لم يبق کافر بالله العظيم ولا مشرك بالامام إلّا کره خروجه حتى أن لو كان كافراً أو مشركاً في بطن صخرة لقالت:يا مؤمن في بطني كافر فاکسرنی واقتله(1) .

تأويل الآيات الظاهرة:محمّد بن العباس(رحمه الله) حدّثنا أحمد بن هوذة،عن ابراهیم بن اسحاق،عن عبدالله بن حمّاد،عن أبي بصير قال:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام)عن قول الله(عزّوجلّ)في كتابه:

«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ

ص:51


1- كمال الدين:ص970ح16.منه تفسیر البرهان:ج4ص441

كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ».

فقال:والله ما نزل تأويلها بعد.

قلت:جعلت فداك ومتى ينزل تأويلها؟ قال:حين يقوم القائم-إن شاء الله-فإذا خرج القائم(عليه السّلام) لم يبق کافر ولا مشرك إلّا كره خروجه حتّى لو أنّ كافراً أو مشركاً في بطن صخرة لقالت الصخرة:يا مؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله.قال:

فيجيئه فيقتله(1) .

تفسیر فرات الكوفي:قال:حدثنا جعفر بن أحمد معنعناً عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قوله تعالى:«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ».

قال:إذا خرج القائم(عليه السّلام)لم يبق مشرك بالله العظيم ولا کافر إلّا كره خروجه حتّى لو كان في بطن صخرة لقالت الصخرة:یا مؤمن فيّٙ مشرك فاکسرني واقتله(2) .

تفسير العياشي:عن سماعة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام):«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ».

ص:52


1- تأويل الآيات الظاهرة:ج2ص688ح7.منه بحار الانوار:ج51ص60
2- تفسیر فرات الكوفي:ص481ح627

قال:إذا خرج القائم(عليه السّلام)،لم يبق مشرك بالله العظيم ولا کافر إلا كرِه خروجه(1) .

باب(30) حديثٌ عن الرّجعة

مختصر بصائر الدرجات:محمد بن عيسى بن عبيد،عن الحسین بن سفيان البزّاز،عن عمرو بن شمر،عن جابر بن يزيد،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:إنّ لعلي(عليه السّلام)في الأرض كرّة مع الحسين ابنه(صلوات الله عليهما)يقبل برایته حتى ينتقم له من بني أميّة ومعاوية و آل معاوية ومن شهد حربه،ثم يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذ من أهل الكوفة ثلاثين ألفاً ومن سائر الناس سبعين ألفاً، فيلقاهم بصفين مثل المرّة الأولى حتّى يقتلهم ولا يُبقي منهم مخبر،ثمَّ يبعثهم الله(عزّوجلّ) فيدخلهم أشد عذابه مع فرعون و آل فرعون ثمّ كرّة اُخرى مع رسول الله (صلّی الله عليه و آله و سلّم)حتى يكون خليفة في الأرض وتكون الأئمة (عليهم السّلام)عماله وحتى يعبد الله علانية فتكون عبادته علانية في الأرض كما عبدالله سراً في الأرض ثمّ قال:إي والله وأضعاف ذلك-ثمّ عقد بيده-أضعافاً،يعطي الله نبيّه(صلّی الله عليه و آله وسلّم)ملك جميع

ص:53


1- تفسير العياشي:ج2ص231ح1819الطبعة الحديثة. منه تفسير البرهان:ج4ص242

أهل الدُّنيا منذ يوم خلق الله الدُّنيا إلى يوم يفنيها حتى ينجز له موعده في كتابه كما قال:«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ٭يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ»(34و35).

باب(31) وجوب تسليم الكنوز الى الامام المهدي(عليه السّلام)

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن محمد بن سنان،عن معاذ بن كثير قال:سمعت أبا عبدالله(عليه السّلام)يقول:

موسّع على شيعتنا أن ينفقوا ممّا في أيديهم بالمعروف،فإذا قام قائمنا (عليه السّلام)حرّم على كلّٙ ذي كنز کنزَه حتى يأتيه[به]فيستعين به على عدوّه،وهو قول الله(عزّوجلّ)(2) :«يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا

ص:54


1- مختصر بصائر الدرجات:ص29.منه تفسير البرهان:ج6ص58
2- في تفسير العياشي:على عدوّه و ذلك قول الله تعالی

يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»(1) .

تفسير العياشي:عن معاذ بن کثیر صاحب الاكسية قال:سمعت أبا عبدالله(عليه السّلام)يقول:... وذكر مثله(2) .

تفسير العياشي:عن الحسين بن علوان،عمّن ذكره،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:المؤمن كان عنده من ذلك شيء ينفقه على عِياله ما شاء،ثمَّ إذا قام القائم(عليه السّلام)فيحمل إليه ما عنده وما بقي من ذلك يستعين به على أمره فقد أدّى ما يجب عليه(3) .

باب(32) عذاب مانع الزكاة

أمالي الطوسي:أخبرنا جماعة،عن أبي المفضّل قال:حدثنا الفضل بن محمد البيهقي قال:حدثنا هارون بن عمرو المجاشعي قال:حدثنا محمد بن جعفر قال:حدثنا أبي أبو عبدالله.

قال المجاشعي:وحدثنا الرضا علي بن موسى،عن أبيه موسی، عن أبي عبدالله،عن أبيه أبي جعفر(عليهم السّلام)أنّه سُئِل عن الدنانير والدراهم،وما على الناس فيها؟

ص:55


1- الكافي:ج4ص61ح4
2- تفسير العياشي:ج2ص231ح1821الطبعة الحديثة
3- تفسير العياشي:ج2ص231ح1822الطبعة الحديثة. منه تفسير البرهان:ج4ص444

فقال أبو جعفر(عليه السّلام):هي خواتيم الله في أرضه،جعلها الله مصلحة لخلقه،وبها تستقيم شؤونهم ومطالبهم، فمن اُكثر له منها فقام بحقّ الله تعالى فيها،وأدّى زكاتها،فذاك الذي طابت و خلصت له،ومن أُكثر له منها فبخِلَ بها،ولم يؤدّ حقّ الله فيها واتّخذ منها الآنية فذلك الذي حقّ عليه وعيدُ الله(عزّوجلّ)في كتابه،قال الله:«يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ»(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» (36) .

باب(33) نزول القرآن في شهر رمضان

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن عبدالله بن المغيرة،عن عمرو الشامي،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:«إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ

ص:56


1- أمالي الطوسي:ص520ح114.منه تفسير البرهان:ج4ص443

اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ»فغة الشهور شهر الله(عزّ ذكره)وهو شهر رمضان(1) ،وقلب شهر رمضان ليلة القدر،ونزل القرآن في اول ليلة من شهر رمضان فاستقبل الشهر بالقرآن(2) .

التهذيب:محمد بن يعقوب،عن علي بن ابراهيم مثله(3) .

من لا يحضره الفقيه:قال الصادق(عليه السّلام):... وذكر مثله(4) .

أمالي الصدوق:حدثنا أحمد بن عليّ بن إبراهيم قال:حدثنا أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم،عن عبدالله بن المغيرة،عن عمرو الشامي، عن الصادق جعفر بن محمد(عليهما السّلام)قال... وذكر مثلهه(5) .

أقول:يدلّ هذا الحديث على نزول القرآن في أوَّل ليلة من شهر رمضان مع انّ القرآن قد نَصَّ على نزوله في ليلة القدر، ولكن-مع الاغماض عن المناقشة في السند-يُحمل النزول في هذا الخبر على نزوله على الرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله وسلّم)والنزول في ليلة القدر على نزوله على البيت المعمور،أو يُحمل أحدهما على ابتداء

ص:57


1- في التهذيب:شهر الله شهر رمضان
2- الكافي:ج4ص65ح1
3- التهذيب:ج4ص192ح546
4- من لا يحضره الفقيه:ج2ص99ح1843
5- أمالي الصدوق:ص60ح4

النزول والاخر على اختتامه،أو أحدهما على النزول دفعة على الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)والآخر على ابتداء النزول تدريجاً.كذا افاد العلّامة المجلسي في مرآة العقول:ج16ص205.

باب(34) حديث اللَّوح الالهي الأخضر

تأويل الآيات الظاهرة:المقلد بن غالب الحسني(ره)،عن رجاله باسناد متّصل الى عبدالله بن سنان الأسدي،عن جعفر بن محمد(عليه السّلام)قال:قال أبي-يعني محمد الباقر(عليه السّلام)-الجابر بن عبدالله:لي إليك حاجة أخلو بك فيها،فلمّا خلا به قال:يا جابر أخبرني عن اللَّوح الذي رأيته عند أِّمي فاطمة؟ فقال جابر:أشهد بالله لقد دخلتُٸ على سيدتي فاطمة لأهنّٙئها بولدها الحسين فإذا بيدها لوح أخضر من زمردة خضراء فيه كتابة،أنور من الشمس وأطيب رائحة من المسك الأذفر فقلت:ما هذا يا بنت رسول الله؟ فقالت:هذا لوح أنزله الله(عزّوجلّ)على أبي،فقال لي:احفظيه.

ففعلت فاذا فيه اسم أبي وبعلي واسم ابْنيَ والأوصياء من بعد وَلَدي الحسين،فسألتُها أن تدفعه إليّ لأَنسخه ففعلت.

فقال له أبي:ما فعلتَ بنسختك؟

ص:58

فقال:هي عندي.

فقال:هل لك أن تعارضني عليها؟ قال:فمضى جابر الى منزله فأتاه بقطعةِ جلدٍ أحمر فقال له:انظُر في صحيفتك حتى أقرأها عليك فكان في صحيفته:

بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز العليم نزل به الرُّوح الأمين على محمّد خاتم النبيين».

یا محمد «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ».

یا محمد عظّم اسمائي،واشكر نعمائي،ولا تجحد آلائي،ولا ترج سوائي ولا تخش غيري،فإنّه من يرجو سوائي ويخش غيري أعذبه عذاباً لا اعذبه أحداً من العالمين.

يا محمد إنّي اصطفيتك على الأنبياء واصطفيت وصيّك علياً على الأوصياء،وجعلت الحسن عَيْبة(1) علمي بعد انقضاء مدّة أبيه،والحسين خَير أولاد الأوّلين والآخرين،فيه تَثبت الامامة ومنه العقب.

وعلي بن الحسين زين العابدین.

ص:59


1- العيبة:مستودع الثياب أو مستودع أفضل الثياب.وعَيْبة العلم-على الاستعارة- (مجمع البحرین)

والباقر العلم الداعي إلى سبيلي على منهاج الحقّ.

وجعفر الصادق في القول والعمل تلبس من بعده فتنة صماء، فالويل كلّ الويل لمن كذّب عترة نبيي وخيرة خلقي.

و موسى الكاظم الغيظ.

وعلىّ الرضا يقتله عفریت کافر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح الى جنب شرّ خلق الله.

ومحمد الهادي شبيه جدّه الميمون.

وعلي الداعي إلى سبيلي والذّاب عن حرمي والقائم في رغبتي.

والحسن الأغر يخرج منه ذو الاسمين خلف محمّد يخرج في آخر الزّمان وعلى رأسه عمامة بيضاء تظلّه عن الشمس،وينادي مناد بلسان فصیح يسمعه الثقلان ومن بين الخافقين:هذا المهدي من آل محمّد (صلّی الله عليه و آله وسلّم)فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً(1) .

باب(35) عدة الشهور عند الله تعالى

غيبة النعماني:أخبرنا سلامة بن محمد قال:حدثنا أبو الحسن علي 1-تأويل الآيات الظاهرة:ج1ص204ح13.منه تفسير البرهان:ج4ص448.

ص:60


1- تأويل الآيات الظاهرة:ج1ص204ح13.منه تفسير البرهان:ج4ص448

بن عمر المعروف بالحاجي قال:حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي الرازي قال:حدثنا جعفر بن محمد الحسني قال:حدثنا عبيد بن کثیر قال:حدثنا أبو أحمد بن موسى الأسدي،عن داود بن كثير الرقي قال:

دخلت على أبي عبدالله جعفر بن محمد(عليه السّلام) بالمدينة،فقال لي:ما الذي أبطأ بك يا داود عنّا؟ فقلت:حاجة عرضت بالكوفة.

فقال:من خلفت بها؟ فقلت:جعلت فداك خلّفت بها عمّك زيداً،تركته راكباً على فرس متقلّداً سيفاً(1) ينادي بأعلى صوته:سلوني[سلوني]قبل أن تفقدوني فبين جوانحي علم جم،قد عرفت الناسخ من المنسوخ،والمثاني والقرآن العظيم،وإني العلم بين الله وبينكم.

فقال لي:يا داود لقد ذهبت بك المذاهب،ثم نادى:يا سماعة بن مهران ائتني بسلّة الرّطب،فأتاه بسلة فيها رطب،فتناول منها رطبة فأكلها واستخرج النواة مِن فيه فغرسها في الأرض ففلقت،وانبتت واطلعت واغدقت(2) ،فضرب بيده إلى بسرة من عذق(3) فشقّها، واستخرج منها رقاً

ص:61


1- في تفسير البرهان:مصحفاً
2- غدقت الأرض غدقاً:اخصبت(أقرب الموارد)
3- العذق:القِنو وهو من النخل كالعنقود من العنب(اقرب الموارد)

أبيض،ففضَّه(1) ودفعه اليّ وقال:اقرَأه،فقرأته وإذا فيه سطران:السطر الاول:«لا اله الا الله محمد رسول الله»والثاني:«إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ»أمير المؤمنين علي بن أبي طالب،الحسن بن علي،الحسين بن علي،علي بن الحسين،محمد بن علي،جعفر بن محمد،موسی بن جعفر،علي بن موسی،محمد بن علي،علي بن محمد الحسن بن علي،الخلف الحجة.

ثمّ قال:يا داود أتدري متی کِتب هذا في هذا؟ قلت:الله أعلم ورسوله وأنتم.

فقال:قبل أن يخلق الله آدم بالفي عام(2) .

تأويل الآيات الظاهرة:أخبرنا سلامة بن محمد قال:قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر قال:حدثنا حمزة بن القاسم،عن جعفر بن محمد،عن عبيد بن كثير،عن أحمد بن موسى،عن داود بن كثير الرقي نحوه(3) .

الخصال:حدثنا محمد بن عليّ ماجيلويه(رضي الله عنه) قال:

ص:62


1- فضّ ختم الكتاب:كسره وفتحه(اقرب الموارد)
2- غيبة النعماني:ص87ح18.منه تفسير البرهان:ج4ص446
3- تأويل الآيات الظاهرة:ج1ص203ح12

حدثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم،عن أبيه،عن محمد بن أبي عمير رفعه إلى أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله(عزّوجلِّ): «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ».

قال:المحرّم وصفر وربيع الأول وربيع الآخر وجمادى الأولى وجمادى الآخرة ورجب وشعبان وشهر رمضان وشوّال وذو القعدة وذو الحجة،منها أربعة حرم:عشرون من ذي الحجة والمحرم و صفر وشهر ربيع الأول وعشر من شهر ربيع الآخرا(1) .

أَقول:الأَشهر الحُرُم هي رجب وذو القعدة وذو الحجّة ومحرم،أمّا ما جاء في هذا الحديث في عدّ هذه الأَيام حُرماً فهو إِشارة إلى أشهر السياحة للمشركين في قوله تعالى:«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ»(2) .كما مرتَّ الاشارة اليها سابقاً،والله العالم.

تفسير العياشي:عن زرارة،عن أبي جعفر(عليه السّلام)قال:كنت عنده قاعداً خلف المقام وهو محتب(3) ،مستقبل القبلة، فقال:أمّا النظر إليها عبادة،وما خلق الله بقعةً في الأرض أحبُّ إليه منها-ثم أهوى بيده إلى الكعبة-ولا أكرم عليه منها،لها حرّم الله الأشهر الحُرم في كتابه يوم

ص:63


1- الخصال:ص487ح64
2- التوبة9: 2
3- الإحتباء:ضم الساقين الى البطن بالثوب أو اليدين(مجمع البحرین)

خلق السماوات والأرض ثلاثة أشهر متوالية،وشهر مفرد للعمرة،قال أبو عبدالله(عليه السّلام):شوال،وذو القعدة،وذو الحجّة،ورجب(1) .

أقول:قد ذكرنا أَنّ الأَشهر الحُرُم هي ذو القعدة وذو الحجّة ومحرَّم ورجب،أمّا شهر شوال فهو من أشهر الحج لا اللحُرُم،والظاهر وقوع التصحيف في هذا الحديث.والله العالم.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (37).

باب(36) قراءة الامام الصادق لهذه الآية

مجمع البيان:قرأ جعفر بن محمد(عليهما السلام):النسي مخففاً في وزنَ الهَدْي بغير همزة(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا

ص:64


1- تفسير العياشي:ج2ص232ح1824الطبعة الحديثة. منه تفسير البرهان:ج4ص450
2- مجمع البيان:ج3ص28

ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»(40).

باب(37) أبو طالب حامي الرسول

اكمال الدين:حدثنا محمد بن الحسن(رضي الله عنه)قال:حدّثنا محمد بن الحسن الصفّار،عن أيوب بن نوح،عن العباس بن عامر،عن علي بن أبي سارة،عن محمد بن مروان،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:إنّ أبا طالب أظهر الكفر وأسرَّ الايمان،فلمَّا حضرته الوفاة أوحى الله (عزّوجلّ)إلى رسول الله(صلّى الله علیه و آله وسلّم)أُخرج منها فليس لك بها ناصر فهاجر إلى المدينة(1) .

باب(38) مِن معاجز الرسول الأعظم

الكافي:حمید بن زیاد،عن محمد بن أيوب،عن علي بن أسباط، عن الحكم بن مسکین،عن يوسف بن صهيب،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال:سمعت أبا جعفر(عليه السّلام)يقول:انَّ رسول الله(صلّی

ص:65


1- اكمال الدين:ص174ح31

الله عليه وآله وسلّم)أقبل يقول لأبي بكر في الغار:اسکن فإنّ الله معنا، وقد أخذثْه الرّعدة وهو لا يسكن،فلمّا رأى رسولُ الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)حاله قال له:تريد أن أُريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدّثون فأريك جعفراً و أصحابه في البحر يغوصون؟! قال:نعم فمسح رسول الله بيده على وجهه فنظر إلى الأنصار يتحدَّثون ونظر إلى جعفر وأصحابه في البحر يغوصون،فأضمر تلك السّاعة أنّه ساحر(1) .

تفسير القمي:حدثني أبي،عن بعض رجاله رفعه الى أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:لمّا كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)في الغار قال لفلان(2) :كأنّي أنظر إلى سفينة جعفر في أصحابه تعوم(3) في البحر وأنظر إلى الأنصار محتسبين(4) في أفنيتهم.

فقال فلان(5) :وتراهم یا رسول الله؟ قال:نعم.

قال:فأرنيهم،فمسح على عينَيه فرآهم(فقال في نفسه:الآن

ص:66


1- الكافي:ج8ص262ح377
2- في تفسير البرهان:قال لأبي بكر
3- العوم:سير السفينة(لسان العرب)
4- في تفسير البرهان:مُحتبین
5- في تفسير البرهان:فقال أبو بكر

صدَّقتُ انّك ساحر).

فقال له رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم):أنت الصّديق(1) .

أَّقول:الحديث ضعيف السَّند لكونه مرفوعاً.

وقوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)لأبي بكر:«أنت الصدّيق؟!»إنما هو من باب الاستنكار،أي:كيف تكون صدّيقاً وأنت لا تؤمن بما اريتُك من المعجزة وتنوي في قلبك أنه سِحر؟!!.

هذا...واعلم أنه وردت أحاديث كثيرة تصرّٙح أن رسول الله(صلّی الله عليه وآله وسلّم)اطلق لقب«الصدّيق»على خليفته الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليهما السّلام)واليك بعضها:

روی ابن حجر العسقلاني-في كتابه لسان الميزان ج2ص414، وابن عبد البر في الاستيعاب ج4ص307وابن الأثير في اُسد الغابة ج6ص265:

عن أبي ذر و سلمان(رضوان الله عليهما)قالا:أخذ النبي بيد علي فقال:«إنَّ هذا أول من آمن بي،وهذا أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصّٙدّيق الأكبر،وهذا فاروق هذه الاُمَّة،يُفرّٙق بين الحق والباطل ...».

وفي كتاب ينابيع المودَّة للقندوزي-وهو من علماء الحنفيّة-

ص:67


1- تفسير القمي:ج1ص290.منه تفسير البرهان:ج4ص454

ص62عن أبي رافع قال:أتيتُ أباذر بالرَّبذة(1) أودّعه،فلمّا أردتُ الإنصراف قال لي ولاُناس معي:ستكون فتنة فاتّقوا الله وعليكم بالشيخ علي بن أبي طالب،فانّي سمعتُ رسولَ الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم) يقول له:«أنت أوّل من آمن بي وأوَّل من يِصافحني يوم القيامة،وأنت الصدّيق الأكبر وأنت الفاروق الذي يفرّق بين الحق والباطل ..»إلى آخر الحديث.

وفي كتاب المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري الشافعي-ج3ص121-وأنساب الأشراف للبلاذري ج2ص 379، والخصائص للحافظ النسائي ص38والمعارف لابن قتيبة ص169 و تاریخ دمشق لابن عساکر ج42،ص33:أن علي بن أبي طالب قال:«أنا عبدالله وأخو رسوله،وأنا الصّٙديق الأكبر والفاروق الأعظم،لا يقوله غيري إلّا مفترٍ كذّاب» .

وعلى ضوء الأحاديث المذكورة-وغيرها.عرفتَ-أيُّها القارئ الكريم-أنّ لقب:الصديق والفاروق من الألقاب الخاصّة بالامام علي أمير المؤمنين(عليه السّلام)ولا يصح اطلاقهما على غير الامام.

ص:68


1- الرَّبذة:قرية تبعد عن المدينة المنوَّرة مسافة طويلة،وتعرف اليوم ب:الواسطة، وقد نفي عثمانُ بن عفان أبا ذر الغفاري(رضوان الله عليه)الى الربذة وبقي فيها حتى مات جوعاً

من معاجز الرسول الأعظم وقد سأل رجلٌ الصحابي الجليل سلمان الفارسي(رضوان الله عليه)-في حديث-...قال:فما بال القوم يسمُّون أبا بكر:الصديق، وعمر:الفاروق؟ فقال سلمان:نَحَلهما الناسُ اسم غيرهما،كما نحلوهما خلافة رسول الله وإمرة المؤمنین،لقد أمرنا رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)وأمرهما مَعَنا فسلَّمنا جميعاً على علي بن أبي طالب بإمرة المؤمنين(1) .

من هنا..فان اطلاق لقب:الصدّيق على أبي بكر،ولقب: الفاروق على عمر بن الخطاب يُعتبر مخالفة صريحة لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)ولا شكَّ أن مخالفة رسول الله مخالفة لله تعالى.. والآن لك الاختيار في اتخاذ القرار وعلى ضوئه:الجنّة أو النار.

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)أنّ رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم)لمّا خرج من الغار متوجهاً الى المدينة،وقد كانت قریش جعلت لمن اخذه مائة من الابل،فخرج سراقة بن مالك بن جعشم فيمن يطلب فلِحق برسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم).

فقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):اللهمّ اكفني شرّ سراقة

ص:69


1- بحار الأنوار:ج37ص293

بما شئتَ،فساخت قوائم فرسه فثني رجله ثمّ اشتدّ فقال:يا محمد إنّي علمتُ أنّ الذي أصاب قوائم فرسي إنّما هو من قِبَلك فادع الله أن يطلق لي فرسي،فلعمري إن لم يصبكم منّي خير لم يصبکم منّی شرّ.

فدعا رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)فأطلق الله(عزّوجلّ) فرسه فعاد في طلب رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)حتى فعل ذلك ثلاث مرّات كل ذلك يدعو رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فتأخذ الأرض قوائم فرسه،فلمّا أطلقه في الثالثة قال:يا محمد هذه إبلي بين يديك فيها غلامي فان احتجتَ إلى ظهر أو لَبن فخذ منه وهذا سهم من کِنانَتي علامة وأنا أرجع فأرد عنك الطلب.

فقال:لا حاجة لنا فيما عندك(1) .

باب(39) احتجاج الصَّحابة على الغاصبَين

تفسير البرهان:روی صاحب کتاب(سير الصحابة)قال:حدثنا أبو عبدالله الحسين بن أحمد بن موسى الهمداني،عن محمد بن علي الطالقاني،عن جعفر الكناني،عن أبان بن تغلب قال:قلت لسيدي جعفر الصادق(عليه السّلام):جعلت فداك هل في أصحاب رسول الله من

ص:70


1- الكافي:ج8ص263ح378

أنكر على أبي بكر؟ قال:نعم-يا أبان الذي أنكر على الأوّل اثنی عشر رجلاً:ستة من المهاجرين وستة من الأنصار وهم:خالد بن سعيد بن العاص الاموي وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري وعمّار بن یاسر والمقداد بن الاسود الكندي وبريدة الاسلمي.ومن الأنصار:قیس بن سعد بن عبادة وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وسهل بن حنیف و أبو الهيثم بن التيهان واُبي بن کعب وأبو أيوب الأنصاري.

وساق الحديث..وانّهم استأذنوا أمير المؤمنين(عليه السّلام)في إقامة الحجّة على أبي بكر وأنّ الحق لعليّ دونه، فاحتجَّ كلُّ واحد منهم على أبي بكر ممّا سمع من رسول الله في إقامة عليّ(عليه السّلام)خليفة من بعده(صلّى الله عليه وآله وسلّم).

وبعد احتجاج الاثني عشر عليه،قال أبو بكر:لستُ بخيّركم.

فقالوا له:إن كنتَ صادقاً فأنزل عن المنبر ولا تَعُد،فنزل.

فقال عمر بن الخطاب:والله ما أقلناك ولا استقَلْناك،ثمّ أخذ عمر بن الخطّاب بيد أبي بكر وانطلق به والناس قد ثاروا عليهم،فجاءوا إلى منزل أبي بكر.

هذا ما جرى لهم من الأمور حيث صَعِد أبو بكر المنبر،ومكث أبو بكر في منزله ثلاثة أيّام لم يظهر إلى الناس،فلمّا كان في اليوم الرّابع

ص:71

دخل عليه عمر وقال:ما الذي يُقعِدك إنَّ أصلع قریش قد طمع فيها؟ فقال أبو بكر:إليك عنّي-يا عمر-إنّي لفي شغل عنها،أما رأيت ما فعل بي الناس.

فدخل عليه عثمان بن عفان في ألف رجل وقال:ما يُقعِد كم عنها والله لقد طمعت فيها بنو هاشم؟وجاء معاذ بن جبل في الف رجل وقال:

ما يُقعِد كم عنها وقد طمع اصلع قريش فيها؟وجاء سالم مولی حذيفة في ألف رجل،وما زالوا يجتمعون حتى صاروا في أربعة آلاف رجل وجاءوا شاهرين أسیافهم يقدمهم عمر حتى توسطوا مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)و أمير المؤمنين(عليه السّلام)في نفر من أصحابه.

فقال عمر:يا أصحاب علي،لئن تكلّم اليوم أحدٌ منكم ما تكلم به بالأمس لنأخذنَّ ما فيه عيناه.

فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص الاموي فقال:يابن الخطّاب أبأسيافِكم تهدّٙوننا،وأسيافنا أحَدّ منها،ومنها ذوالفقار؟!! وبجمعكم تفزِعونا؟وبقتلنا-والله-مَدْحُنا وذمُّكم،وفينا من هو أكبر منكم:حجّة الله ووصيُّ رسول الله؟!ولولا انّي اُمرتُ بطاعة إمامي لشهرتُ سيفي وجاهدتكم في سبيل الله،وقد قال الله تعالى:«کَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ»(1) .

ص:72


1- البقرة2: 249

فقال له أمير المؤمنين(عليه السّلام):شَكَر الله مقامك.

ثمّ قال سلمان:الله أكبر،سمعت رسول الله(صلّى الله علیه و آله وسلّم)يقول:بَينا أخي وابن عمّي في مسجدي وهو في جماعة من أصحابه إذ نكبت عنهم جماعة من كلاب أهل النار،يريدون قتله وقتل من معه ولست أشك أنّكم هم،فهمَّ به عمر بن الخطّاب فنهَض علي (عليه السّلام)فتناول أثياب عمر بن الخطاب وخناقه،وجلد به الأرض ووضع رجله على صدره وقال:يابن صهاك لولا كتاب من الله سبَق وعهد من رسول الله لأهرقتُ دمك،أنت أقلّ صبراً وأضعف ناصراً. | ثمّ أقبل على أصحابه وقال:انصرفوا-يرحمكم الله-فوالله إن رفع أحدهم عليكم سيفاً أو طرفاً لألحقنّ آخرهم بأوّلهم،فنكسوا رؤوسهم جميعاً،ثمّ قال:والله لأدخلنَّ هذا المسجد كما دخل أخواي موسى وهارون إذ قال له قومه:«فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ»(1) والله لا أدخُلنَّه إلا لزيارة رسول الله أو لقضيَّة اقضِيها، فإنّه لا يجوز لحجة الله ووصيّ رسول الله أن يترُكَ من يَستَرشِدُه، ثمّ رفع رجله عن صدر عمر وركله وقال له:اذهب فإنّ لله فيك أمراً هو بالغه.

قال أبان:قال الصادق جعفر بن محمد(عليه السّلام):فما دَخَله إلّا

ص:73


1- المائدة5: 24

كما قال(عليه السّلام)ثمّ خرج وأصحابه ودخل أبو بكر وجمعه،ثمّ ارتَقى المنبر دون مقام رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)بدرجة،ثمّ حمدالله واثنی عليه وذكر النبي(صلّى الله عليه و آله وسلّم)فقال في الجماعة رجل:كيف يُصلّي عليه وقد خالف أمره الذي جاء من الله تعالی؟!ثمّ بدأ أبو بكر بنفسه فساعةَ ما ذَکر نفسَه انتقَض عليه عقبه الذي لدغه فيه الحريش،فقصَّر قامته وأسبل ثوبه على عقبه وأوجز في كلامه ونزل عن المنبر وأسرع الى منزله يستقیم حاله،فتبعه أبو ذر مسرعاً فلمّا دخل أبو بكر منزله هجم عليه ودخل خلفه،ثمّ قال له:يا أبا بكر بالله عليك هل انتقض عليك عقِبك الذي ضربك فيه الحريش في الغار، وقال لك رسول الله:ويلك لا تحزن فقلت:اخاف الموت؟فقال:لا تموت إنّما ينتقِض عليك ساعةَ تنقض عهدي و تظلِمُ وصيي؟ فقال له أبو بكر:من أين لك ذلك،وما كنت معنا في الغار؟ فقال:إنّ أمير المؤمنين علي(عليه السّلام)قال:اذهب فانظر إلى أبي بكر فإنّه يبلغ إلى داره فينتقِض عليه عقِبه الذي لدغه فيه الحريش فأتيتك كما أخبرني المظلوم الصادق،ثمّ دخل عمر وخرج أبو ذر مسرعاً(1) .

ص:74


1- تفسير البرهان:ج4ص455ح7

باب(40) الرسول الأعظم في الغار

الإحتجاج:روي عن موسی بن جعفر،عن أبيه،عن آبائه،عن الحسين بن عليّ(عليهم السّلام)-أنّ علياً(عليه السّلام)قال ليهوديّ في أثناء كلام طويل-:ولئن كان يوسف ألقي في الجُبّ فلقد حَبَس محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)نفسه مخافة عدوّه في الغار حتى قال:

لصاحبه:«لاَ تَحْزَنْ إنَّ اللهَ معنا»ومدحه إليه بذلك في كتابه(1) و(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ٭«لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ»(41و42) .

باب(41) ثواب الغزاة في سبيل الله

الكافي:عليّ بن إبراهيم،عن أبيه،عن النوفليّ،عن السكوني، عن

ص:75


1- هكذا في المصدر والظاهر انّ الصحيح:ومدحه الله بذلك في كتابه.أو مدحه إيّاه بذلك
2- الإحتجاج:ص215

أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):خيول الغزاة في الدّنيا خيولهم في الجنّة وإن أردية الغزاة السيوفهم.

وقال النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم):أخبرني جبرئيل بأمر قرّت به عيني وفرح به قلبي قال:يا محمد مَن غزا من أُمّتك في سبيل الله فأصابه قطرة من السماء أو صداع كتب الله(عزّوجلّ)له شهادة(1) .

باب(42) لزوم النَّفر على الشباب والشيوخ

دعائم الاسلام:عن جعفر بن محمد(عليهما السّلام)في قوله تعالى:«انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقالاً»شباباً وشيوخاً(2) .

باب(43) ذمّ القاعدين عن الجهاد

التوحيد:حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمهما الله)قالا:حدثنا سعد بن عبدالله،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن عبدالله بن محمد الحجال الأسدي،عن ثعلبة بن میمون،

ص:76


1- الكافي:ج5ص3ح3
2- دعائم الاسلام:ج1ص341

عن عبد الأعلى بن أعين،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في هذه الآية:

«لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)»إنهم كانوا يستطيعون،وقد كان في العلِم أنّه لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصداً لفَعلوا(1) .

تفسير العياشي:عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم،عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليهما السّلام)في قول الله:«لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ» الآية،إنّهم يستطيعون وقد كان في علم الله أنّه لو كان عَرَضاً قريباً وسفراً قاصداً لفعلوا(2) .

التوحيد:حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمهما الله)قالا:حدثنا سعد بن عبد الله قال:حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى،عن علي بن عبدالله،عن أحمد بن محمد البرقي،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله(عزّوجلّ):«وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ».

قال:أكذبهم الله(عزّوجلّ)في قولهم:«لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا

ص:77


1- التوحيد:ص351ح15.منه تفسير البرهان:ج4ص463
2- تفسير العياشي:ج2ص233ح1827الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص464

مَعَكُمْ»وقد كانوا مستطيعين للخروج(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ٭لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ٭إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ٭وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ*لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ» (43-47).

باب(44) ثواب المجاهدين

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن النوفلي،عن السكوني،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قال رسول الله(صلّى الله علیه و آله وسلّم):للجنّة باب يقال له:باب المجاهدين يمضون إليه فاذا هو مفتوح وهم متقلّدون بسيوفهم والجمع في الموقف والملائكة ترحّٙب بهم.

ص:78


1- التوحيد:ص351ح16.منه تفسير البرهان:ج4ص463

ثم قال:فمن ترك الجهاد ألبسه الله(عزّوجلّ)ذلّا وفقراً في معيشته و محقاً في دينه،إنّ الله(عزّوجلّ)اغنى أُمّتي بسنابك خيلها و مراکز رماحها(1) .

باب(45) الخير في السيف

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن علىّ بن الحكم،عن أبي حفص الكلبيّ،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:إن الله(عزّوجلّ)بعث رسوله بالإسلام إلى النّاس عشر سنين فأبوا أن يقبلوا حتّى أمره بالقتال فالخير في السّيف و تحت السّيف والأمر يعود كما بدأ(2) .

باب(46) الجهاد أربعة أقسام

الكافي:علي بن إبراهيم،عن أبيه،وعليّ بن محمد القاساني جميعاً،عن القاسم بن محمد،عن سليمان بن داود المنقري،عن فضيل ابن عیاض قال:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام)عن الجهاد سُنّة ام

ص:79


1- الكافي:ج5ص2ح2
2- الكافي:ج5ص7ح7

فريضة؟ فقال:الجهاد على أربعة أوجه:فجهادان فرض وجهاد سنّة لا يقام الّا مع الفرض،فأمّا أحد الفرضين:فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله(عزّوجلّ)وهو من أعظم الجهاد،ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض.

وأمّا الجهاد الذي هو سُنّة لا يقام إلّا مع فرض فإنّ مجاهدة العدوّ فرض على جميع الاُمّة،ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب،وهذا هو من عذاب الاُمّة وهو سنّة على الامام وحده أن يأتي العدوّ مع الاُمّة فيجاهدهم.

وأمّا الجهاد الذي هو سنّة فكل ستة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها، فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال لأنها احياء سنة،وقد قال رسول الله(صلّى الله عليه و آله و سلّم):مَن سَنَّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من اُجورهم شيء(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ*

ص:80


1- الكافي:ج5ص9ح1

فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ»(54و55).

باب(47) الايمان شرط قبول الأعمال

الكافي:علي بن إبراهيم،عن محمد بن عيسى،عن يونس، عن ابن بکیر،عن أبي أميّة يوسف بن ثابت قال:سمعت أبا عبدالله(عليه السّلام)يقول:لا يضرّ مع الإيمان عمل،ولا ينفع مع الكفرعمل،ألا ترى انّه قال:«وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ»«وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ»(1) .

المحاسن:البرقي،عن ابن محبوب،عن عليّ بن رئاب،وعبدالله ابن بكير،عن يوسف بن ثابت،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)نحوه(2) .

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن ابن فضّال،عن ثعلبة،عن أبي اُميّة يوسف بن ثابت بن أبي سعدة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)[قال]:قال:الإيمان لا يضرُّ معه عمل وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل(3) .

ص:81


1- الكافي:ج2ص464ح3. والآية الأخيرة في سورة التوبة:125
2- المحاسن:ج1ص268ح520الطبعة الحديثة
3- الكافي:ج2ص464ح4

أَقول:اذا كان الانسان مؤمناً كاملا في ایمانه فإنّ إِيمانه يجرّه الى الجنّة ولا تضرّ أعماله السيئة بإيمانه بل يغفرها الله له ولا يُخلد في النار بل تشمله شفاعة الشافعين،واذا كان الإنسان كافراً و عمل صالحاً فإن أعماله لا تنفعه مع كفره بل يحبطها الله،قال تعالى:«وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا»(1) فإنّ قبول العمل مشروط بالايمان والتقوى.

باب(48) أهميّة ولاية آل محمّد

الكافي:أبو علي الأشعري،عن محمد بن عبد الجبّار،عن الحسن ابن علي بن فضّال،عن ثعلبة بن میمون،عن أبي اُمية يوسف بن ثابت ابن أبي سعيدة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)أنّهم قالوا حين دخلوا عليه:إنّما أحبنا كم لَقرابتِکُم من رسول الله ولما أوجب الله(عزّوجلّ)من حقكُم،ما أحببناكم للدُّنيا نُصِيبُها منكم إلّا لوجه الله والدّار الآخرة وليُصلح لامرء منّا دينه.

فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):صدقتم ،صدقتم،ثم قال:مَنْ أحبَّنا كان معنا-أو جاء معنا-يوم القيامة هكذا ثمّ جمع بين السبّابتين،ثمّ قال:

والله لو أن رجلاً صام النّهار وقام الليل،ثم لقي الله(عزّوجلّ)بغیر ولايتنا

ص:82


1- الفرقان25: 23

أهل البيت للقِيَه وهو عنه غير راضٍ أو ساخط عليه،ثم قال: وذلك قول الله(عزّوجلّ):«وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ* فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ».

ثم قال:وكذلك الايمان لا يضرّ معه العمل،وكذلك الكفر لا ينفع معه العمل.

ثم قال:إنْ تكونوا وُحدانيّٙين فقد كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)و حدانيّاً يدعو الناس فلا يستجيبون له وكان أوّل مَنِ استجاب له علي بن أبي طالب وقد قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى،إلّا أنّه لا نبيَّ بعدي»(1) .

تفسير العياشي:عن يوسف بن ثابت،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قيل له لمّا دخلنا عليه:إنّا أحببناكم...وذكر نحوه إلى قوله:

لا ينفع معه عمل(2) .

أقول:المقصود من قوله(عليه السّلام):«وحدانيّين»أي قليلين والمعنى:لا تستوحشوا-أيّها الشيعة-لقلّة عددكم وكثرة المنحرفين،

ص:83


1- الكافي:ج8ص106ح80
2- تفسير العياشي:ج2ص233ح1829الطبعة الحديثة

فقد كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)وحيداً يدعو الناس الى الإسلام فلا يستجيبون له.

باب(49) وصيَّة رائعة للامام الصادق الى أحد الشيعة

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن عليّ بن الحكم،عن أبي المغرا،عن زيد الشحّام، عن عمرو بن سعید ابن هلال قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):إنّي لا أكاد ألقاك إلّا في السّنين فأوصني بشيء آخذ به.

قال:أُوصيك بتقوى الله وصدق الحديث والورع والإجتهاد،واعلم أنّه لا ينفع اجتهاد لا ورع معه،وإيّاك أن تطمح نفسك إلى من فوقك، وكفى بما قال الله(عزّوجلّ)لرسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):«فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ»وقال الله(عزّوجلّ) لرسوله(صلّى الله علیه و آله وسلّم):«وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»(1) فإن خِفت شيئاً من ذلك فاذکر عیش رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)فإنّما كان قوته الشعير وحلواه التمر ووقوده السعف إذا وجده،وإذا أُصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله(صلّى الله عليه و آله

ص:84


1- طه20: 131

وسلّم)فإنّ الخلق لم يصابوا بمثله(عليه السّلام)قطّ(1) .

أمالي الطوسي:حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي(ره)قال:أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال:

أخبرنا أبو عبدالله محمد بن وهبان الأزدي قال:حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن زكريا قال:حدثنا الحسن بن علي بن فضّال،عن علي بن عقبة،عن أبي كهمس،عن عمرو بن سعيد بن هلال قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السبلام):أوصني.

فقال:أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد،واعلم أنّه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه،وانظر إلى من هو دونك،ولا تنظر إلى من هو فوقك، فكثيراً ما قال الله(عزّوجلّ)لرسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)«فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ»،وقال(عزّ ذکره):ض«وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» فإن نازعتك نفسك إلى شيء من ذلك،فاعلم أنّ رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم)كان قوته الشعير،وحلواه التمر،ووقوده السّعف،واذا أُصبتَ بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)فانّ الناس لم يصابوا بمثله ابداً،ولن يصابوا بمثله أبداً(2) .

ص:85


1- الكافي:ج8ص168ح189
2- أمالي الطوسي:ص681ح1448

أقول:لا شك أن مصيبة استشهاد خاتم الأنبياء بالسُّم كانت مصيبة عظيمة تركت المدينة المنوَّرة تموج بالحزن والبكاء،وكان الناس حیاری مدهوشين قد سلبت المصيبة قرارهم واستقرارهم،حتى صار يوم وفاته (صلّى الله عليه و آله و سلّم)يُضرب به المثل فيقال:صارت المدينة كيومٍ مات فيه رسولُ الله.

وجاءت بعدها-بخمسين سنة-مصيبة اُخرى هزَّت السماوات والأرضين وأبكت جميع الموجودات والكائنات وبقيت صَداها الى يومنا هذا-وستبقى الى يوم القيامة-وهي مصيبة استشهاد ریحانة رسول الله وسيد شباب أهل الجنة:الامام الحسين(عليه السّلام)-بتلك الصورة الفجيعة والاليمة-مع الكوكبة الطاهرة من أهل بيته وأصحابه،فصار يوم عاشوراء-يوم استشهاده(عليه السّلام)-يوماً فريداً لا شبيه له ولا نظير، حتى قال الامام زین العابدین(عليه السّلام):«لا يوم كيوم الحسين»(1).

ولا منافاة بين هذا الحديث والذي سَبَقه..فمصيبة رسول الله هي بداية المصائب و مفتاح الرزايا،ولا يعدل رسولَ الله أحد من الكائنات...

ومصيبة إستشهاد الامام الحسين(عليه السّلام)وأصحابه-بتلك الصورة الوحشيَّة القاسية-لا تَشبهها مصيبة وليس مثلها رزيَّة .. ولا يوم کیوم الحسین.

ص:86


1- بحار الانوار:ج44ص298

صلوات الله على الحسين وأصحابه،ولعنة الله على أعدائه الظالمين.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ»(18).

باب(50) حالة الناس حينما يُعطَون المال أو يُمنعونه

الكافي:علي،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن ابراهيم بن عبد الحميد،عن اسحاق بن غالب قال:قال أبو عبد الله(عليه السّلام):يا اسحاق کم ترى أهل(1) هذه الاية «فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ»؟ قال:ثم قال:هم(2) أكثر من ثلثي الناس(3) .

كتاب الزهد:النّضر بن سوید،عن ابراهیم بن عبد الحميد،عن اسحاق بن غالب قال:قال لي أبو عبدالله(عليه السّلام):يا إسحاق ....

وذكر مثله(4) .

ص:87


1- في كتاب الزهد:أصحاب
2- في كتاب الزهد:ثم قال لي:هم،وفي تفسير العياشي:قال:هم
3- الكافي:ج2ص412ح4
4- كتاب الزهد:ص47ح126

تفسير العياشي:عن اسحاق بن غالب قال:قال أبو عبدالله (عليه السّلام)...وذكر مثله(1) .

مجمع البيان:في قوله تعالى:«وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ»قال أبو عبد الله(عليه السّلام):أهل هذه الآية أكثر من ثلثي الناس(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»(10).

باب(51) المستحقّون للصدقات

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن حمّاد بن عيسى،عن حريز،عن زرارة ومحمد بن مسلم أنّهما قالا لأبي عبد الله(عليه السّلام):

أرأيت قول الله(عزّوجلّ):«إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ 1- تفسير العياشي:ج2ص234ح1830الطبعة الحديثة.

2- مجمع البيان:ج3ص41.

ص:88


1- تفسير العياشي:ج2ص234ح1830الطبعة الحديثة
2- مجمع البيان:ج3ص41

وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ»أكُلُّ هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرِف؟ فقال:إنّ الامام يعطي هؤلاء جميعا،لأنّهم يقرّون له بالطاعة.

قال:قلت:فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال:يا زرارة لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرِف لم يوجد لها موضع وإنّما يعطى من لا يعرف ليرغب في الدّين فيثبت عليه،فأمّا اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلّا من يعرف،فمن وجدت من هؤلاء المسلمین عارفاً فاعطه دونَ الناس،ثمّ قال:سهم المؤلّفة قلوبهم وسهم الرّقاب عامُّ والباقي خاص.

قال:قلت:فإن لم يوجدوا؟ قال:لا تكون فريضة فرضها الله(عزّوجلّ)لا يوجد لها أهل.

قال:قلت:فان لم تسعهم الصدقات؟ فقال:إن الله(عزّوجلّ)فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم، ولو علم انّ ذلك لا يسعهم لزادهم إنّهم لم يؤتوا من قبَل فريضة الله، ولكن اُتوا مَن مَنعِ من منعهم حقّهم لا ممّا فرضَ الله لهم،ولو أنّ الناس أدُّوا حقوقهم لكانوا عائشين بخیر(1) .

تفسير العياشي:عن زرارة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:

قلت:أرأيت قوله...وذكر نحوه(2) .

ص:89


1- الكافي:ج3ص496ح1
2- تفسير العياشي:ج2ص235ح1836الطبعة الحديثة

من لا يحضره الفقیه:روی حریز،عن زرارة ومحمد بن مسلم أنّهما قالا لأبي عبدالله(عليه السّلام):أرأيت قول الله(عزّوجلّ):...وذكر مثله وزاد:

فإمّا الفقراء فهم أهل الزّمانة والحاجة،والمساكين أهل الحاجة من غير أهل الزمانة،والعاملون عليها هم السّعاة،وسهم المؤلّفة قلوبهم ساقط بعد رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)و سهم الرّقاب یعان به المكاتبون الّذين يعجزون عن أداء المكاتبة،والغارمون المستدينون في حقّ،وسبيل الله الجهاد،وابن السّبيل الذي لا مأوى له ولا مسكن مثل المسافر الضعيف ومارَّ الطريق.

ولصاحب الزكاة أن يضعها في صنف دون صنف متى لم يجد الأصناف كلّها(1) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أحمد بن محمد،عن محمد بن خالد،عن عبدالله بن يحيى،عن عبدالله بن مسكان،عن أبي بصير قال:

قلت لأبي عبدالله(عليه السلام):قول الله(عزّوجلّ):«إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ».

قال:الفقير:الذي لا يسأل الناس،والمسكين:أجهد منه،

ص:90


1- من لا يحضره الفقيه:ج2ص4ح1577.والظاهر أنَّ الزيادة من كلام الشيخ الصدوق(رحمه الله)

والبائس:أجهدهم،فكلّ ما فرض الله(عزّوجلّ)عليك فإعلانه أفضل من إسراره،وكلّ ما كان تطوّعاً فاسراره أفضل من اعلانه،ولو أنّ رجلاً يحمِل زكاة ماله على عاتقه فقسّمها علانية كان ذلك حسناً جميلاً(1) .

تفسير العياشي:عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ ...»...وذكر نحوه الى قوله:والبائس أجهدهما(2) .

الكافي:محمد بن يحيى،عن محمد بن الحسن(3) ،عن صفوان بن يحيى،عن العلاء بن رزین،عن محمد بن مسلم،عن أحدهما( عليهما السّلام)أنّه سأله عن الفقير والمسكين؟ فقال:الفقير:الذي لا يسأل،والمسكين:الذي هو أجهَد منه الذي يسأل(4) .

تفسير العياشي:عن محمد بن مسلم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)عن الفقير والمسكين؟ قال:الفقير:الذي يسأل،والمسكين:أجهد منه الذي لا يسأل(5) .

ص:91


1- الكافي:ج3ص501ح16
2- تفسير العياشي:ج2ص234ح1833الطبعة الحديثة
3- في تفسير البرهان:محمد بن الحسين.والظاهر هو الصحيح
4- الكافي:ج3ص502ح18
5- تفسير العياشي:ج3ص234ح182الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص483

باب(52) كيفيّة تقسيم الصدقات

الكافي:عليّ بن إبراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن عمر بن اُذينة،عن زرارة،عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال:كنت قاعداً عند أبي عبدالله(عليه السّلام)بمكّة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد(إلى أن قال:)قال(عليه السّلام)لعمرو بن عبيد:ما تقول في الصّدقة؟فقرأ عليه الآية «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا»إلى آخر الآية.

قال:نعم فكيف تقسّمها؟ قال:أُقسّمها على ثمانية أجزاءٍ فأُعطي كلّ جزءٍ من الثمانية جزءاً.

قال:وإن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف منهم رجلاً واحداً أو رجلين أو ثلاثة جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟ قال:نعم.

قال:و تجمع صدقات أهل الحضر وأهل البوادي فتجعلهم فيها سواء؟ قال:نعم قال:فقد خالفت رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)-في كلّ ما قلتَ في سيرته-كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقسّم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر،

ص:92

ولا يقسّمه بينهم بالسويّة وإنّما يقسّمه على قدر ما يحضره منهم وما یری،وليس عليه في ذلك شيء موقّت موظّف وإنّما يصنع ذلك بما يرى على قدر من يحضره منهم،فان كان في نفسك ممّا قلتُ شيء فألق فقهاء أهل المدينة فإنّهم لا يختلفون في انّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)كذا كان يصنع...الى آخر الحديث(1) .

تفسير العياشي:عن أبي مريم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله:«إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ»الى آخر الآية.

قال(عليه السّلام):إن جعلتها فيهم جميعاً،وإن جعلتها لواحدٍ أجزأ عنك(2) .

تفسير العياشي:عن سماعة قال:سألته(عليه السّلام)عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذَها؟ فقال:هي للذين قال الله في كتابه:«لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ»وقد تَحِلّ الزكاة لصاحب ثلاثمائة درهم، وتحرم علی صاحب خمسين درهماً.

فقلت له:وكيف يكون هذا؟

ص:93


1- الكافي:ج5ص23ح1
2- تفسير العياشي:ج2ص235ح1835الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص484

قال:اذا كان صاحب الثلاثمائة درهَم له عيال كثير،فلو قسّمها بينهم لم يكفهم،فليعفف عنها نفسه،وليأخذها لعياله،وأمّا صاحب الخمسين فإنّها تحرم عليه إذا كان وحدَه،وهو محترف يعمل بها،وهو يصيب فيها ما يَكفيه إن شاء الله(1) .

باب(53) حكم مَن أوصى بسهم من ماله

معاني الأخبار:حدثنا أبي(رحمه الله)قال:حدثنا علي بن ابراهيم ابن هاشم،عن أبيه،عن الحسين بن يزيد النوفلي،عن اسماعیل بن مسلم السكوني،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)أنّه سئل عن رجل يوصي بسهم من ماله،فقال:السهم واحد من ثمانية لقول الله(عزّوجلّ):«إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ»(2) .

باب(54) متى تحلُّ الصدقة لبني هاشم؟

الخصال:حدثنا أبي(رضي الله عنه)قال:حدّثنا أحمد بن إدريس،

ص:94


1- تفسير العياشي:ج2ص234ح1831الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص483
2- معانی الاخبار:ص216ح1

عن محمد بن أحمد،عن يوسف بن الحارث،عن محمد بن عبد الرّحمن العرزمي،عن أبيه،عن جعفر بن محمد،عن أبيه(عليهما السّلام)قال:لا تحلُّ الصدقة لبني هاشم إلّا في وجهين:إن كانوا عطاشاً وأصابوا ماء فشربوا،وصدقة بعضهم على بعض(1) .

التهذيب:محمد بن يعقوب،عن أحمد بن إدريس،عن محمد بن عبد الجبّار ومحمد بن اسماعيل،عن الفضل بن شاذان جميعاً،عن صفوان بن يحيى،عن عيص بن القاسم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:إن اُناساً من بني هاشم أتوا رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي وقالوا:يكون لنا هذا السهم الذي جعل الله(عزّوجلّ)للعاملين عليها فنحن أولى به؟ فقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):يا بني عبد المطلب إنّ الصدقة لا تحلّ لي ولا لكم،ولكنّي قد وِعدت الشفاعة-ثم قال أبو عبدالله(عليه السّلام):اشهدوا لقد وعدها-فما ظنّكم يا بَني عبد المطلب إذا أخذت بحلقة باب الجنّة أتروني مؤثراً عليكم غيركم؟!(2) تفسير العياشي:عن العيص بن القاسم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:إنّ اُناساً من بني هاشم أتَوا رسول الله(صلّى الله عليه وآله

ص: 95


1- الخصال:ص22ح88
2- التهذيب:ج4ص58ح154

وسلّم)فسألوه أن يستعمِلَهم على صدقة المواشي والنَّعَم ...وذکر نحوه(1) .

التهذيب:سعد بن عبدالله،عن موسی بن الحسن،عن محمد بن عبد الحميد،عن الفضل بن صالح،عن أبي أسامة زيد الشحّام،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:سألته عن الصدقة التي حرّمت عليهم؟ فقال:هي الزكاة المفروضة،ولم تحرم علينا صدقة بعضنا على بعض(2) .

التهذيب:محمد بن علي بن محبوب،عن أحمد بن محمد،عن الحسين،عن النّضر،عن ابن سنان،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:

لا تحلّ الصّدقة لولد العباس ولا لنظرائهم من بني هاشم(3) .

باب(55) سهم المؤلَّفة قلوبهم

تفسير العياشي:عن سماعة،عن أبي عبدالله-أو أبي الحسن (عليهما السّلام)-قال:ذكر أحدهما أنّ رجلاً دخل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم غنيمة حنين،وكان يعطي المؤلَّفة

ص:96


1- تفسير العياشي:ج2ص238ح1843الطبعة الحديثة
2- التهذيب:ج4ص59ح157
3- التهذيب:ج4ص59ح157

قلوبهم،يعطي الرجل منهم مائة راحلة ونحو ذلك،وقسّم رسول الله(صلّی الله عليه و آله و سلّم)حيث أُمر،فأتاه ذلك الرّجل-قد أزاغ الله قلبه وران عليه فقال له:ما عدلتَ حین قسَّمتَ.

فقال له رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):ويلك ما تقول؟ ألم تر قسَّمتُ الشياه حتّى لم يبق معي شاة؟!أو لم أُقسّٙم البقرة حتى لم يبق معي بقرة واحدة؟!أو لم أُقسَّم الإبل حتى لم يبق معي بعير واحد؟! فقال بعض أصحابه له:أُتركنا-یا رسول الله-حتى نضرب عنق هذا الخبيث؟ فقال:لا،هذا يخرج في قوم يقرأون القرآن،لا يجوز تراقيهم،بلی قاتِلُهم غيري(1) .

تفسير العياشي:عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم،عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)«وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ».

قال:قوم تألَّفهم رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم) وقسّم فيهم الفيء...الى آخر الحديث(2) .

ص:97


1- تفسير العياشي:ج2ص237ح1841الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص486
2- تفسير العياشي:ج2ص236ح1839الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص485

باب(56) العبد المكاتَب يؤدّی من مال الصدقة

التهذيب:محمد بن أحمد بن يحيى،عن أبي اسحاق،عن بعض أصحابنا،عن الصادق(عليه السّلام)قال:سُئل عن مكاتب عجز عن مکاتبته وقد أدّى بعضها؟ قال:يؤدّى عنه من مالِ الصدقة،إنّ الله تعالى يقول في كتابه:

«وَفِي الرِّقَابِ»(1) .

من لا يحضره الفقيه:سُئل الصادق(عليه السّلام)عن مكاتب...

وذكر مثله(2) .

تفسير العياشي:عن أبي اسحاق:عن بعض أصحابنا،عن الصادق (عليه السّلام)قال:سُئل...وذكر مثله(3) .

باب(57) عقوبة العبد الزانی

تفسير العياشي:عن زرارة قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):

عبد زنی.

ص:98


1- التهذيب:ج8ص275ح1002
2- من لا يحضره الفقيه:ج3ص125ح347
3- تفسير العياشي:ج2ص239ح1844الطبعة الحديثة

قال:يُجلد نصف الحد.

قال:قلت:فانه عاد؟ فقال:يُضرب مثل ذلك.

قال:قلت:فانه عاد؟ قال:لا يزاد على نصف الحدّ.

قال:قلت:فهل يجب عليه الرّجم في شيء من فعله؟ فقال:نعم يُقتل في الثامنة انْ فَعل ذلك ثمان مرّات.

فقلت:فما الفرق بينه وبين الحر وانّما فِعلهما واحد؟ فقال:إن الله تعالی رحمه ان يجمع عليه ربق الرّق و حدّ الحرّ.

قال:ثمّ قال:وعلى إمام المسلمين أن يدفع ثمنه إلى مولاه من سَهم الرّقاب(1) .

باب(58) حكم من أوصى بمالٍ في سبيل الله

تفسير العياشي:عن الحسن بن محمد قال:قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام):إنّ رجلاً أوصى إليَّ في السَّبيل؟ قال:فقال لي:اصرف في الحج.

ص:99


1- تفسير العياشي:ج2ص239ح1845الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص487

قال:قلت:انّه أوصى في السبيل؟ قال:اصرفه في الحج،فإنّي لا أعلم سبيلاً من سُبُله أفضل من الحج(1) .

معاني الأخبار:أبي(رحمه الله)قال:حدثني محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد،عن العبيدي،عن محمد بن سليمان البصري،عن الحسين بن عمر قال:قلت لأبي عبد الله(عليه السّلام):إنّ رجلاً أوصى إليَّ في السبيل؟ قال: فقال لي:أصرفه في الحج...وذكر قريباً من ذلك(2) .

باب(59) سهم الغارمين

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد،عن علي بن الحكم،عن أبان بن عثمان،عن صباح بن سیّابة،عن أبي عبدالله( عليه السّلام)قال:قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):أيّما مؤمن أو مسلم مات و ترك دَيناً لم يكن في فساد ولا إسراف فعلى الإمام أن يقضيه،فإن لم يقضه فعليه إثم ذلك،إنّ الله(تبارك و تعالی)يقول:«إِنَّمَا

ص:100


1- تفسير العياشي:ج2ص241ح1850الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص489
2- معانی الاخبار:ص167ح2

«إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ»الآية،فهو من الغارمين،وله سهم عند الأمام،فإن حبسه فاثمه عليه(1) .

تفسير العياشي:عن عبد الرحمن بن الحجّاج:أنّ محمد بن خالد سأل أبا عبد الله(عليه السّلام)عن الصدقات؟ قال:اقسمها فيمن قال الله،ولا يعطى من سهم الغارمين الذين يُنادون نِداء الجاهلية.

قلت:وما نداء الجاهلية؟ قال:الرجل يقول : يا آل بني فلان،فيقع فيهم القتل والدّماء،فلا يؤدّي ذلك من سهم الغارمين،والذين يغرمون من مهور النساء قال:

ولا أعلمه الاّ قال:ولا الذين لا يبالون بما صنعوا من أموال الناس(2) .

تفسير العياشي:عن محمد القصري(3) ،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سألته عن الصدقة؟ فقال:اقسمها فيمن قال الله،ولا يعطى من سهم الغارمين الذين يغرمون في مهور النساء،ولا الذين ينادون بنداء الجاهلية.

قال:قلت:وما نداء الجاهلية؟

ص:101


1- الکافی:ج1ص407ح7
2- تفسير العياشي:ج2ص240ح1874الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص488
3- في تفسير البرهان:محمد القسري

قال:الرّجل يقول:يا آل بني فلان،فيقع بينهم القتل،ولا يؤدّی ذلك من سهم الغارمين،ولا الذين لا يبالون ما صنعوا بأموال الناس(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»(61).

باب(60) النهي عن التعامل مع شارب الخمر

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن حمّاد بن عيسى،عن حريز قال:كانت لاسماعيل بن أبي عبدالله دنانير وأراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن فقال اسماعيل:يا أبتِ إنّ فلاناً يريد الخروج إلى اليمن وعندي كذا وكذا دیناراً فترى أن أدفعَها إليه يبتاع لي بها بضاعة من اليمن؟ فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):يا بني أما بلَغك انه يشرب الخمر؟ فقال اسماعيل:هكذا يقول الناس.

فقال:يا بني لا تفعل،فعصى إسماعيل أباه ودفع إليه دنانيره

ص:102


1- تفسير العياشي:ج2ص240ح1848الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص488

فاستهلكها ولم يأته بشيء منها،فخرج اسماعیل وقُضي ان أبا عبدالله (عليه السّلام)حجّ وحجّ اسماعيل تلك السنة فجعل يطوف بالبيت ويقول:اللهم اجرني واخلف عليّ.

فلحقه أبو عبدالله(عليه السّلام)فهمَزه بیده من خلفه فقال له:مه -يا بنی-فلا والله مالك على الله[هذا]حُجَّة ولا لك أن يأجرك ولا يخلف عليك وقد بلغك انّه يشرب الخمر فائتمنتَه.

فقال اسماعیل:يا أبت انّي لم أره يشرب الخمر إنّما سمعتُ الناس يقولون.

فقال:يا بني إن الله(عزّوجلّ)يقول في كتابه:«يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ» يقول:یُصدّق الله ويُصدّق المؤمنين فإذا شهد عندك المؤمنون قصدّقهم ولا تأتمن شارب الخمر فانّ الله(عزّوجلّ) يقول في كتابه:«وَلَا تُوْتُوا السُّفَهَاءَ أُمْوَالَكُمُ»(1) فأيّ سفيه أسْفَه من شارب الخمر؟!إنّ شارب الخمر لا يزوَّج إذا خَطب،ولا يُشفَّع إذا شفع،ولا یؤتَمن على امانة،فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها لم يكن للذي ائتَمنه على الله أن يأجره ولا يخلف عليه(2) .

الكافي:حمید بن زیاد،عن الحسن بن محمد بن سماعة،عن غير

ص:103


1- الكافي:ج5ص299ح1
2- الكافي:ج5ص299ح1

واحد،عن أبان بن عثمان،عن حمّاد بن بشیر،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قال رسول الله(صلّى الله علیه و آله وسلّم):من شرب الخمر بعد أن حرَّمها الله(تعالى)على لساني فليس بأهل أن يزوَّج إذا خطب ولا یُصدَّق إذا حدث ولا يشفّع إذا شفع ولا يؤتمن على امانة، فمن ائتمنه على أمانة فأكلها أو ضيّعها فليس للذي ائتمنه على الله (عزّوجلّ)أن يأجره،ولا يخلف عليه.

وقال أبو عبدالله(عليه السّلام):إنّي أردت أن استبضع بضاعة إلى اليمن فأتيت أبا جعفر(عليه السّلام)فقلت له:انّي أردت أن أستبضع فلاناً بضاعة؟ فقال لي:أما علمت أنه يشرب الخمر؟ فقلت:قد بلغني من المؤمنين أنّهم يقولون ذلك.

فقال لي:صدّقهم فإن الله(عزّوجلّ)يقول:«يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ»ثمّ قال:إنّك أن استبضعته فهلكتْ أو ضاعَتْ فليس لك على الله(عزّوجلّ)أن يأجرك ولا يُخلف عليك،فاستبضعته فضيّعها فدعوتُ الله(عزّوجلّ)أن يأجرني.

فقال:يا بني مه ليس لك على الله أن يأجرك ولا يخلف عليك.

قال:قلت له:ولِمَ؟ فقال لي:إنّ الله(عزّوجلّ)يقول:«وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا»فهل تعرف سفيهاً أسفه من شارب الخمر؟

ص:104

قال:ثمّ قال(عليه السّلام):لا يزال العبد في فسحة من الله (عزّوجلّ)حتّى يشرب الخمر فإذا شربها خرق الله(عزّوجلّ)عنه سرباله(1) وكان وليّه وأخوه ابلیس(لعنه الله)و سمعه و بصره و یده و رجله يسوقه إلى كلّ ضلال ويصرفه عن كلّ خير(2) .

أقول:جاء هذا الحديث في الجزء الأربعين والسادس والأربعين من هذه الموسوعة وذكرنا توضيحاً له نذكره هنا أيضاً لافادة القارئ ..

فنقول:

الحديث ضعيف السند لجهالة حال بعض رواته ومن هنا فلا يعتمد عليه،بالاضافة الى انّه يتنافى مع عصمة الأئمة(عليهم السّلام) ومنزلتهم الرفيعة،الا أنّ يقال ان نهي الامام الباقر(عليه السّلام) ابنه الصادق(عليه السّلام)عن هذه المعاملة كان ارشاديّا فليس في مخالفته (عليه السّلام)ما ينافي العصمة،كما احتمل ذلك العلّامة المجلسي في (مرآة العقول).

والذي يقوى عندنا انّ هذه القصة ترتبط باسماعیل بن الامام الصادق(عليه السّلام)كما مرَّ عليك في الخبر السابق الذي هو صحيح السند و معتبر عند علمائنا الابرار،و هو الأصح لانّ الامام الصادق(عليه

ص:105


1- السِربال:القميص(أقرب الموارد)
2- الكافي:ج6ص397ح9

السّلام)أعلى شأناً من أن يخالف أباه.

تفسير العياشي:عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:إنّي أردت أن أستبضع فلانا بضاعة إلى اليمن،فأتيت إلى أبي جعفر(عليه السّلام)فقلت:إنّي أُريد أن استبضع فلاناً؟ فقال لي:أما علمت أنّه يشرب الخمر؟ فقلت:قد بلغني من المؤمنين أنّهم يقولون ذلك.

فقال:صدّقهم فإنّ الله يقول:و«يُؤمِنُ بِاللهِ ويِؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ».

فقال:يعني يصدق الله ويصدّق المؤمنين،لأنه كان رؤوفاً رحيماً بالمؤمنين(1) .

باب(61) حكم المنير القاصر والمقصر

بصائر الدرجات:حدثنا عبد الله بن محمد،عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب،عن محمد بن عبدالله،عن يونس،عن عمر بن یزید قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):أرأيت من لم يقرّ بما يأتكم في ليلة القدر-كما ذُكر-ولم يجحده؟ قال:أمّا إذا قامت عليه الحجّة من يثق به في علمنا فلم يثق به فهو

ص:106


1- تفسير العياشي:ج2ص241ح1851الطبعة الحديثة. منه تفسير البرهان:ج4ص491

کافر،واما من لا يسمع ذلك فهو في عذر حتى يسمع،ثمّ قال(عليه السّلام):يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين(1) .

باب(62) المنافق الذي كان يعيب رسول الله

تفسير البرهان:في(نهج البيان)عن الصادق(عليه السّلام):أنّ هذه الآية نزلت في عبدالله بن نُفَيل المنافق،يسمع كلام رسول الله وينقله إلى المنافقين ويعيبه عندهم وينُمُّ عليه أيضا،فنزل جبرائيل فأخبره بذلك المنافق،فأحضره ونهاه عن ذلك واستتابه(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ»(70).

باب(63) المؤتفکات

الكافي:عليّ،عن عليّ بن الحسين،عن عليّ بن أبي حمزة،عن

ص:107


1- بصائر الدرجات:ص442ح15
2- تفسير البرهان:ج4ص493ح6

ابي بصير،عن أبي عبد الله(عليه السّلام)-في حديث-قلت:

«أوَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ»قال:أولئك قوم لوط،انتفکت عليهم، إنقلبت عليهم(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»(71).

باب(64) حکم سفر المرأة بلا مَحْرم

التهذيب:موسی بن القاسم،عن عبد الرحمن،عن صفوان بن مهران قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):تأتيني المرأة المسلمة قد عرفتْني بعمل،أعرفها بإسلامها،ليس لها مَحْرم؟ قال:فاحملها فانّ المؤمن مَحْرَم للمؤمن ثمّ تلا هذه الآية «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ»(2) .

ص:108


1- الكافي:ج8ص181ح202
2- التهذيب:ج5ص401ح1395

تفسير العياشي:عن صفوان الجمّال قال:قلت لأبي عبد الله(عليه السّلام):بأبي أنت وأمي تأتيني...وذكر نحوه(1) .

أقول:قوله(عليه السّلام):« فاحملها »أي على الدابّة للسفر.

من لا يحضره الفقيه:روى البزنطي،عن صفوان الجمّال قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):قد عَرَفتني بعملي تأتيني المرأة أعرفها باسلامها وحبّٙها إیّاکم وولايتها لكم ليس لها مَحْرمٌ.

قال : إذا جاءت المرأة المسلمة فاحملها فان المؤمن مخرم المؤمنة،ثمّ تلا هذه الآية:«وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ»(2) .

أقول:لا يُشترط وجود المَحْرم مع النساء في سفر الحج وغيره بل يكفي غلبة ظنّها بالسلامة،وهو المشهور بين الفقهاء وتدل على ذلك روايات كثيرة:

فمنها:هذا الخبر الذي مرَّ عليك.ومنها:ما روي عن معاوية بن عمّار قال:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام)عن المرأة تخرج الى مكة بغير ولي؟ فقال:لا بأس، تخرج مع قوم ثقات(3) .

ص:109


1- تفسير العياشي:ج2ص242ح1855الطبعة الحديثة
2- من لا يحضره الفقيه:ج2ص493،ح2912
3- من لا يحضره الفقيه:ج2ص438،ح2910

وأمّا قول صفوان:قد عَرَفتني بعمل،فمعناه أنّي جمّال اُكري الدّواب.

فيدلّ على جواز إِكراء الدابَّة للمرأة التي تريد أن تذهب الى سفر من غير وليّ وتولّي أُمورها.

قال السيّد العاملي في مدارك الأَحكام:

والظاهر أنّ المراد من قوله(عليه السّلام):«المؤمن مَحْرم المؤمنة»أنّ المؤمن كالمَحْرم في جواز مرافقته للمرأة المؤمنة.

ومقتضى هذه الروايات الأَكتفاء في المرأة بوجود الرفقة المأمونة وهي التي يغلب ظنّها بالسلامة معها...)(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ»(73).

باب(65) جهاد الكفّار والمنافقين

تفسير القمي:أخبرني الحسين بن محمد،عن المعلّیبن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدالله،عن يعقوب بن يزيد،عن سليمان

ص:110


1- مدارك الاحکام:ج7ص90

الكاتب،عن بعض اصحابه،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) في قوله تعالى:«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ».

قال:هكذا نزلت،فجاهد رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم) الكفّار وجاهد عليّ(عليه السّلام)المنافقين،فجاهَدَ عليّ(عليه السّلام) جهاد رسول الله(صلّى الله علیه و آله وسلّم)(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ».

باب(66) قصّة المنافقين الذين رفضوا الولاية وحلفواكذباً

تفسير العياشي:عن جعفر بن محمد الخزاعي،عن أبيه قال:

سمعت أبا عبد الله(عليه السّلام)يقول:لمّا قال النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)ما قال في غدیر خم وصاروا بالأخبية(2) ،مرّ المقداد بجماعة منهم

ص:111


1- تفسير القمی:ج2ص377
2- الخباء:ما يعمل من دُبر أو صوف أو شَعر و الجمع:أخبية،ويكون على عمودين أو ثلاثة وما فوق ذلك فهو بيت(مجمع البحرین)

وهم يقولون:والله إن كنا وقيصر لكنّا في الخز والوشي(1) والديباج والنساجات،وإنّا معه في الأخشنين:نأكل الخشن ونلبس الخشن،حتى اذا دنا موته وفنيت ايّامه وحضر أجله،أراد أن يولّيها علياً من بعده،أما والله ليعلمن.

قال:فمضى المقداد وأخبر النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)به فقال:الصلاة جامِعَة.

قال:فقالوا:قد رمانا المقداد،فقوموا نحلف عليه.

قال:فجاؤا حتى جثوا بين يديه،فقالوا:بأبائنا واُمهاتنا-یا رسول الله-لا والذي بعثك بالحقّ نبيّاً والذي أكرمك بالنبوّة،ما قلنا ما بلغك،لا والذي اصطفاك على البشر.

قال:فقال النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم):«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ٭يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا»بك-یا محمّد-ليلة العقبة«وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»كان أحدهم يبيع الرّؤوس وآخر يبيع الكراع(2) ويفتل القرامل(3) فأغناهم الله برسوله،ثم جعلواحدهم وحديدهم

ص:112


1- وشَى الثوب:حسّنه ونقشه،وثوب وَ شِئّ:ثوب منقوش(مجمع البحرین)
2- الكراع من البقر والغنم:بمنزلة الوظيف من الفرس وهو مستدق الساق مذكّر و مؤنث وقيل:الكراع من الدواب مادون الكعب و من الانسان ما دون الركبة(أقرب الموارد)
3- القرامل:ضفائر من شعر أو صوف أو ابریسم تصل به المرأة شعرها(لسان العرب)

عليه(1) .

تفسير العياشي:قال ابان بن تغلب،عنه (عليه السّلام):لّما نصب رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)علي(عليه السّلام) يوم غدير خم فقال:« من کنت مولاه فعليّ مولاه»ضمّ رجلان من قريش رؤوسهما، وقالا:والله لا نسلّم له ما قال أبداً،فأُخبر النبي(صلّى الله عليه و آله و سلّم) فسألهما عمّا قالا،فكذَّبا وحلفا بالله ما قالا شيئاً،فنزل جبرئیل علی رسول الله(صلّى الله عليه و آله و سلّم):«يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُواْ»الآية، قال أبو عبدالله(عليه السّلام):لقد تولَّيا وما تابا(2) .

مجمع البيان:قال الباقر(عليه السّلام):كانت ثمانية منهم من قريش وأربعة من العرب(3) .

تفسير البرهان:وقد تقدّم في قوله تعالى:«قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ»من سورة الأنعام حدیث مسند عن المفضّل بن عمر،عن الصادق(عليه السّلام)في قصّة النّضر بن الحارث الفهري مع جماعة من المنافقين الذين اجتمعوا عند عمر بن الخطّاب ليلاً،وذكر الحديث وقال فيه:فلمّا رأوه-يعني النضر الفهري-بظهر المدينة ميّتاً بحجرة من طين

ص:113


1- تفسير العياشي:ج2ص299ح1858الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص512
2- تفسير العياشي:ج2ص247ح1859الطبعة الحديثة
3- مجمع البیان:ج3ص51

موسوعة الإمام الصادق(عليه السّلام)ج49 انتحبوا وبكوا وقالوا:من أبغض علياً وأظهر بُغضَه قتله بسيفه و من خرج من المدينة بغضاً لعلي أنزل الله عليه ما نري،لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذل من شيعة علي مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمّار وأشباههم من ضعفاء الشيعة.

فأوحى الله إلى نبيه ما قالوا،فلمّا انصرفوا إلى المدينة أعلمهم رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)فحلَفوا بالله كاذبين انّهم لم يقولوا فأنزل الله فيهم«يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ»بظاهر القول لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)إنّا قد آمنا وأسلمنا لله وللرسول فيما أمرنا به من طاعة علي«وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا» من قتل محمّد ليلة العقبة واخراج ضعفاء الشيعة من المدينة بغضاً لعلي «وَمَا نَقَمُواْ»منهم«إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَوسُولُهُ مِن فَضْلِهِ»بسيف علي في حروب رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)وفتوحه«فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ»(1) .

تفسير القمّي:حدثنا أحمد بن الحسن التاجر قال:حدثنا الحسن ابن علي بن عثمان الصوفي قال:حدثنا زکریا بن محمد،عن محمد بن علي،عن جعفر بن محمد(عليهما السّلام)قال:لمّا أقام رسول الله

ص:114


1- تفسير البرهان:ج4ص513ح7

(صلّى الله عليه وآله وسلّم)أمير المؤمنين يوم غدیر خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين وهم:فلان وفلان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة.

قال الثاني:أما ترون عينه كأنّما عينا مجنون-يعني:النبي-الساعة يقوم ويقول:قال لي ربّي،فلمّا قام قال:أيُّها الناس من أولی بكم من أنفسكم؟ قالوا:الله ورسوله.

قال:اللّهم فاشهد،ثم قال:ألا من کنت مولاه فعليُّ مولاه وسلّموا عليه بإمرة المؤمنين،فنزل جبرئیل واعلم رسول الله بمقالة القوم فدعاهم وسألهم فأنكروا وحلفوا فأنزل الله:«يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُواْ» الآية(1) .َ ٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:و«وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ٭فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ*فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ٭أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ٭ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم نجواهم وأن الله علام الغيوب*«الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ

ص:115


1- تفسير القمي:ج1ص301

وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ٭«اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ»(80-75).

باب(67) ذم البخل والبخيل

أمالي الصدوق:حدثنا محمد بن أحمد السناني قال:حدثنا محمد ابن أبي عبدالله الكوفي،عن موسی بن عمران النخعي،عن عمّه الحسين ابن يزيد،عن محمد بن سنان،عن المفضّل بن عمر،عن يونس بن ظبيان،عن الصادق جعفر بن محمد(عليهما السّلام)أنّه قال:الإشهار بالعبادة ريبة،إنّ أبي حدثني عن أبيه،عن جدّه،عن علي(عليهم السّلام) أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)قال:أعبد الناس من أقام الفرائض(إلى أن قال:)وأقلّ الناس راحة البخيل وأبخل الناس من بخل بما افترض الله(عزّوجلّ)عليه(1) .

باب(68) من فضائل أمير المؤمنين

تفسير العياشي:عن أبي الجارود، عن أبي عبدالله(عليه السّلام)

ص:116


1- أمالي الصدوق:ص27ح4

في قول الله:«الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ».

قال:ذهب علي أمير المؤمنين(عليه السّلام)فآجر نفسه على أن يستقي كلَّ دلو بتمرة يختارها،فجمع تمراً فأتي به النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)،وعبد الرحمن بن عوف على الباب فلمزه-أي وقع فيه - فأنزلت هذه الآیه:«الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ»إلى قوله:«اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ»(1) .

باب(69) استحباب الوفاء بالوعد

الكافي:عليّ،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن شعيب العقرقوفي، عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قال رسول الله(صلّى الله علیه و آله وسلّم):من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليف إذا وعد(2) .

باب(70) الكذب على الله ورسوله من الكبائر

الكافي:الحسين بن محمد،عن معلّی بن محمد،وعلي بن

ص:117


1- تفسير العياشي:ج2ص248ح1861الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص516
2- الكافي:ج2ص364ح2

محمد،عن صالح بن أبي حمّاد جميعاً،عن الوشاء،عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:الكذب على الله وعلى رسوله(صلّى الله عليه و آله وسلّم)من الكبائر(1) .

باب(71) عِلم الله بما كان وما يكون

الكافي:عليّ بن إبراهيم،عن محمد بن عيسى،عن يونس، عن منصور بن حازم قال:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام)هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالأمس؟ قال:لا،من قال هذا فأخزاه الله.

قلت:أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله.

قال:بلى قبل أن يخلق الخلق(2) .

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن الحسين بن سعيد،عن الحسن بن محبوب،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:ما بدا لله في شيء إلّا كان في علمه قبل أن يبدو له(3) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:118


1- الكافي:ج2ص239ح5
2- الكافي:ج1ص148ح11
3- الكافي:ج1ص148ح9

قوله تعالى:«فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ٭فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ٭فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ٭وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ*وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ»(81-85).

باب(72) الصلاة على المؤمن خمس تكبيرات وعلى المنافق أربع

تفسير العياشي:عن محمد بن المهاجر،عن اُمّه اُمّ سلمة قالت:

دخلت على أبي عبد الله(عليه السّلام)فقلت له:أصلحَك الله صحبتنی امرأة من المرجئة،فلمّا أتينا الرّبذة أحرم الناس فأحرمت معهم،وأخّرتُ إحرامي إلى العقيق،فقالت:يا معشر الشيعة تخالفون الناس في كلّ شيء يحرم الناس من الزِّبدة و تحرمون من العقيق،وكذلك تخالفون الناس في الصلاة على الميّت،يكبّر الناس أربعاً وتكبّرون خمساً!وهي تشهد بالله أنّ التكبير على الميّت أربع.

ص:119

فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):كان رسول الله(صلّى الله علیه و آله وسلّم)إذا صلّى على الميّت كبّر فتشهد،ثمّ كبّر فصلّى على النبي(صلّی الله عليه وآله وسلّم)ودعا،ثمّ كبّر واستغفر للمؤمنين،ثمّ كبّر فدعا للميّت،ثم كبّر وانصرف،فلمّا نهاه الله عن الصلاة على المنافقين كبَّر وتشهد،ثم كبّر وصلّي على النبي،ثمّ كبّر فدعا للمؤمنين،ثمّ كبّر فانصرف ولم يدع للميّت(1) .

الكافي:علي بن إبراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن محمد ابن مهاجر،عن أُمّه أُمّ سلمة قالت:سمعت أبا عبدالله(عليه السّلام) يقول:كان رسول الله(صلّى الله عليه و آله و سلّم)إذا صلّى على میّت کبّر وتشهّد ثمّ كبّر ثمّ صلّى على الانبياء ودعا ثمّ كبّر ودعا للمؤمنين ثمّ كبّر الرابعة ودعا للميّت ثمّ كبّر وانصرف فلمّا نهاه الله(عزّوجلّ)عن الصلاة على المنافقين كبّر و تشهّد ثمّ كبّر وصلّي على النبيّين(صلّی الله عليهم) ثمّ كبّر ودعا للمؤمنين ثمّ كبّر الرابعة وانصرف ولم يدع للميّت(2) .

الكافي:عليّ بن إبراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن حمّاد بن عثمان،وهشام بن سالم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)يكبّر على قوم خمساً وعلى قوم آخرین

ص:120


1- تفسير العياشي:ج2ص249ح1864الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص518
2- الكافي:ج3ص181ح3

أربعاً فإذا كبّر على رجل أربعاً اتّهم،يعني بالنّفاق(1) .

باب(73) عمر يعترض على رسول الله

الكافي:علي بن إبراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن حمّاد بن عثمان،عن الحلبي،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:لمّا مات عبدالله ابن أبيّ بن سلول حضر النبي(صلّى الله عليه وآله وسلم) جنازته فقال عمر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):یا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟فسكت.

فقال:يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟ فقال له:ويلك وما يدريك ما قلت؟إنّي قلت:«اللهمّ احش جوفه ناراً واملأ قبره ناراً وأصله ناراً».

قال أبو عبدالله(عليه السّلام):فأبدی من رسول الله ما كان يكره(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى

ص:121


1- الكافي:ج3ص181ح2
2- الكافي:ج3ص188ح1

الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ*«وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ*اِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ»(91-93).

باب(74) القدرة شرط التكليف

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد بن خالد،عن علي ابن الحكم،عن أبان الاحمر،عن حمزة بن الطيّار،عن أبي عبدالله( عليه السّلام)قال:قال لي:اكتب فأملى عليّ:أنَّ من قولنا:انَّ الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم،ثم ارسل اليهم رسولا وانزل عليهم الكتاب فأمَر فيه ونهى،أمر فيه بالصلاة والصيام،فنام رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)عن الصلاة فقال:أنا اُنیمك وانا أُوقظك فاذا قمتَ فصلّٙ، ليعلموا اذا أصابهم ذلك كيف يصنعون،ليس كما يقولون:إذا نام عنها هلك،وكذلك الصيام،أنا أُمرّٙضك وأنا أُصځّٙك فإذا شفيتُك فاقضه.

ثمّ قال أبو عبدالله(عليه السّلام):وكذلك اذا نظرتَ في جميع الأشياء لم تجد أحداً في ضيق ولم تجد احداً إلّا ولله عليه الحجّٙة ولله فيه المشيئة،ولا أقول:إنّهم ما شاؤوا صنَعوا،ثمّ قال:إنّ الله يهدي ويضل

ص:122

وقال:وما أمروا إلا بدون سعتهم،وكلّ شيء أُمر الناس به فهم يسعون له،وكلّ شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم،ولكن الناس لا خير فيهم، ثمّ تلا(عليه السّلام):«لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ»فوضع عنهم٭مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ٭وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ» قال:فوضع عنهم لأنَّهم لا يجِدون(1) .

تفسير العياشي:عن الحلبي،عن زرارة وحمران و محمد بن مسلم،عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)قال:إنّ الله احتجّ على العباد بالذي آتاهم وعرفهم،ثمّ أرسل إليهم رسولاً،ثمّ أنزل عليهم کتاباً فأمر فيه ونهی،وأمر رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)بالصلاة فنام عنها فقال:أنا أنمتُك وانا أيقظتك،فإذا قمت فصلّ ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون وليس كما يقولون:إذا نام عنها هلك، وكذلك الصيام أنا أمرضتك وأنا أُصِحّك فإذا شفيتك فاقضه.وكذلك إذا نظرت في جميع الأمور لم تَجد أحداً في ضيقٍ،ولم تجد أحداً الّا ولله عليه الحجّة وله فيه المشيّة،قال:فلا يقولون:إنّه ما شاءوا صنعوا وما شاءوا لم يصنعوا،وقال:إنّ الله يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء،وما أُمر العِباد إلّا بدون سعتهم،وكلّ شيءٍ أُمر الناس فأخذوا به فهم يسعون له،

ص:123


1- الكافي:ج1ص164ح4

وما[الا]یسعون له فهو موضوع عنهم،ولكن الناس لا خير فيهم،ثمّ تلا هذه الآية:«لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ»قال:وضع عنهم«وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ٭وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ»قال:وضع عنهم إذ لا يجدون ما ينفقون.وقال:«إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ» الى قوله:«يَعْلَمُونَ»قال:وُضِع عليهم لأنّهم يطيقون«إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ»فجعل السبيل عليهم لانهم يطيقون «وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ»الآية،قال:عبدالله بن بدیل بن ورقاء الخزاعي أحدهم(1) .

باب(75) ما على المحسنين من سبيل

من لا يحضره الفقيه:قال الصادق(عليه السّلام):شفاعتنا لأهل الكبائر من شیعتنا وامّا التائبون فإن الله(عزّوجلّ)يقول:«مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ»(2) .

ص:124


1- تفسير العياشي:ج2ص252ح1862الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص522
2- من لا يحضره الفقيه:ج3ص574ح4964

تفسير العياشي:عن عبد الرحمن بن كثير قال:قال أبو عبدالله (عليه السّلام):يا عبد الرحمن شيعتنا والله لا تتختم(1) الذّنوب والخطايا، هم صفوة الله الذين اختارهم لدينه،وهو قول الله:«مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ»(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى: «يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»(94).

باب(76) معنى الغيب والشهادة

معاني الأخبار:حدثنا أبي(رحمه الله)قال:حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن الحسن بن علي بن فضّال، عن ثعلبة ابن میمون،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قوله

ص:125


1- هكذا في المصدر ولعلّه تصحيف.وفي بحار الانوار:لا يتيحهم.اتاح الله له الشرَّ : هيَّأه وقدَّره(أقرب الموارد).وفي تفسير البرهان:لا تتقحَّم.تقحَّم الانسان الأمر العظيم:رمى بنفسه فيه(أقرب الموارد)
2- تفسير العياشي:ج2ص253ح1899الطبعة الحديثة. منه تفسير البرهان:ج4ص523

(عزّوجلّ):«عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ».

فقال:الغيب:ما لم يكن،والشَّهادة:ما قَد كان(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ٭وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ٭وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»(97- 99).

باب(77) العَرب والأعراب

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن سهل بن زياد،عن يحيى بن المبارك،عن عبدالله بن جبلة،عن اسحاق بن عمّار أو غيره قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):نحن بنو هاشم و شیعتنا العرب وسائر الناس الأعراب(2) .

ص:126


1- معاني الاخبار:ص146ح1. منه تفسير البرهان:ج4ص526
2- الكافي:ج8ص166ح183

باب(78) الأمر بالتفقه في الدّٙين

الكافي:الحسين بن محمد،عن جعفر بن محمد،عن القاسم بن الربيع،عن مفضّل بن عمر قال:سمعت أبا عبد الله(عليه السّلام) يقول:

عليكم بالتفقُّه في دين الله ولا تكونوا اعراباً فإنّه من لم يتفقَّه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملاً(1) .

باب(79) الثواب على الانفاق في سبيل الله

تفسير العياشي:عن داود بن الحصين،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سألته عن قوله:«وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ»أيُثيبهم عليه؟ قال:نعم.

وفي رواية أُخرى عنه:يُثابون عليه؟ قال:نعم(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:127


1- الكافي:ج1ص31ح7
2- تفسير العياشي:ج2ص253ح1870و1871الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص525

قوله تعالى:«وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»(100).

باب(80) خطبة الامام الحسن في فضائل أمير المؤمنين وأهل البيت

أمالي الطوسي:حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي(رضي الله عنه)قال:أخبرنا جماعة،عن أبي المفضّل قال:

حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة وسألته،قال:حدثنا محمد بن المفضّل بن ابراهیم بن قیس الأشعري قال:حدثنا علي بن حسّان الواسطي قال:حدثنا عبد الرحمن ابن کثیر،عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن جدّه علي بن الحسين (عليهم السّلام)قال:لمّا أجمع الحسن بن علي(عليه السّلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه،فلمّا اجتمعا قام معاوية خطيباً،فصعد المنبر وأمر الحسن(عليه السّلام)أن يقوم أسفل منه بدرجة،ثمَّ تكلّم معاوية فقال:أيُّها النّاس،هذا الحسن بن علي وابن فاطمة،رآنا للخلافة أهلاً ولم ير نفسه لها أهلاً،وقد اتانا ليبايع طوعاً.

ثم قال:قّم يا حسن،فقام الحسن(صلوات الله عليه)فخطب، فقال:الحمد لله المستحمَد بالآلاء،وتتابع النعماء،وصارف الشدائد

ص:128

والبلاء،عند الفهماء وغير الفهماء،المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه،وعلوه عن لُحوق الأوهام ببقائه،المرتَفع عن كنه ظنانةِ المخلوقين،من أن تحيط بمكنون غیبه رویات عقول الرّائين.

وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده في ربوبيّتِه،ووجوده ووَحدانيته، صمداً لا شريك له،فرْداً لا ظهير له،وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، اصطفاه وانتجبه وارتضاه،و بعثه داعياً إلى الحقّٙ،وسراجاً منيراً، وللعِباد ممّا يَخافون نذيراً،ولما يأملون بشيراً،فنصح للاُمّة،وصدع بالرّٙسالة، وأبانَ لهم درجات العِمالة(1) ،شهادة عليها أموت وأحشر،وبها في الآجلة أقرب وأحبر.

وأقول:-معشر الخلائق-فاسمعوا،ولكم أفئدة وأسماع فعوا:إنَّا اهل بیت أكرمنا الله بالإسلام،واختارنا واصطفانا واجتبانا،فأذهب عنّا الرّجس وطهَّرنا تطهيراً،والرجس هو الشكّ،فلا نشك في الله الحقّ ودينه أبدا،وطهّرنا من كل افن وغيّة(2) ،مخلصين إلى آدم نعمة منه،لم يفترق النّاس قطّ فرقتين إلّا جعلنا الله في خيرهما،فأدّت الأُمور وأفضت الدُّهور إلی ان بعث الله محمّداً(صلّی الله علیه و آله سلّم) للنبوة،و اختاره للرّسلة،و أنزل علیه کتابه ثمَّ أمره بالدُّعاء إلى الله (عزّوجلّ)

ص:129


1- العمالة:حرفة الرئيس والوالي ومن تولّى ايالة(أقرب الموارد)
2- الأفن:النقص.والغيّة:الفساد،يقال:هو ولد غيّة:أي ولد زنية(لسان العرب)

فكان أبي(عليه السّلام)أوّل من استجاب الله(تعالی)،ولرسوله (صلّی الله عليه وآله وسلّم)وأوّل من آمن وصدّق الله ورسوله،وقد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيّه المرسل:«أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ»(1) فرسول الله الذي على بيّنة من ربّه،وأبي الذي يتلوه، وهو شاهد منه.

وقد قال له رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)حين أمره أن يسير الى مكة والموسم ببراءة:«سر بها يا علي،فإنّي أُمرت أن لا يسير بها إلّا أنا أو رجل منّي،وأنت هو يا علي»فعلي من رسول الله،ورسول الله منه.

وقال له نبي الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)حين قَضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب ومولاه زید بن حارثة في ابنة حمزة:«أمَّا أنت يا على فمنّي وأنا منك،وأنت وليُّ كلّ مؤمن من بعدي».فصدّق أبي رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)سابقاً ووقاه بنفسه،ثمَّ لم يزل رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)في كل موطن يقدّمه،ولكلّ شديدة يرسله ثقة منه وطمأنينة إليه،لعلمه بنصيحَته لله ورسوله وانّه أقرب المقربين من الله ورسوله،وقد قال الله(عزّوجلّ):«وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ*أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ»(2) وكان أبي سابق السابقين إلى الله

ص:130


1- هود 11: 17
2- الواقعة56: 10و 11

(عزّوجلّ)وإلى رسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)وأقرب الأقربين،فقد قال الله(تعالی):«لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً»(1) .

فأبي كان أوّلهم إسلاماً وإيماناً،وأَوّلهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقاً أوّلهم على وجده(2) ووسعه نفقة،قال سبحانه:«وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ»(3) فالناس من جميع الأمم يستغفرون له بسبقه إيّاهم الايمان بنبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم)وذلك أنّه لم يسبقه إلى الإيمان أحد،وقد قال الله تعالی:

«وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ»فهو سابق جميع السابقين،فكما أنّ الله(عزّوجلّ)فضّل السَّابقين على المتخلّفين والمتأخرين،فكذلك فضّل سابق السَّابقين على السَّابقين وقد قال الله(عزّوجلّ):«أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ»(4) [فكان أبي المؤمن بالله

ص:131


1- الحدید57: 10
2- الوجد:الغني والسعة(أقرب الموارد)
3- الحشر59: 10
4- التوبة9 : 19

واليوم الآخر]والمجاهد في سبيل الله حقّا،وفيه نزلت هذه الآية.

وكان ممّن استجاب لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):عمّه حمزة وجعفر ابن عمّه،فقتِلا شهیدین(رضي الله عنهما)في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)فجعل الله تعالی حمزة سيّد الشُّهداء من بينهم،وجعل لجعفر جَناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم،وذلك لمكانهما من رسول الله ومنزلتهما و قرابتهما منه(صلّى الله عليه وآله وسلّم)،وصلّى رسول الله على حمزة سبعين صلاة من بين الشُّهداء الَّذين استشهدوا معه.

وكذلك جعل الله(تعالی) لنساء النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم) للمحسنة منهن أجرين،وللمسيئة منهن وزرین ضعفَين،لمكانهن من رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم).

وجعل الصَّلاة في مسجد رسول الله بألف صلاة في سائر المساجد إلّا مسجد خليله إبراهيم(عليه السّلام)بمكة،وذلك لمكان رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم)من ربه.

وفرض الله(عزّوجلّ)الصلاة على نبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) على كافة المؤمنین.

فقالوا:يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ فقال:قولوا:«اللهم صلّ على محمد و آل محمّد،فَحقٌّ على كلّٙ

ص:132

مسلم أن يصلّي علينا مع الصلاة على النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فريضَة واجبة.

وأحلّ الله(تعالی)خمس الغنيمة لرسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)،وأوجبها له في كتابه،وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له،وحرّم عليه الصدقة وحرّمها علينا معه،فأدخلنا-فله الحمد-فيما أدخل فيه نبيّه (صلّى الله عليه و آله وسلّم)وأخرجنا ونزهنا ممّا أخرجه منه ونزهه عنه، کرامة أكرمنا الله(عزّوجلّ)بها،وفضيلة فضلنا بها على سائر العباد،فقال الله تعالی لمحمد(صلّی الله عليه وآله وسلّم)حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجّوه:«فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ»(1) فأخرج رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)من الأنفس معه أبي،ومن البنين ايّاي وأخي،ومن النّساء امي فاطمة من الناس جميعاً،فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه،ونحن منه وهو منّا.

وقد قال الله تعالى:«إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(2) فلمّا نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم)أنا وأخي وأمّي وأبي،فجلَّلنا و نفسه في كساء

ص:133


1- آل عمران3: 61
2- الاحزاب33: 33

الاُم سلمة خيبري،وذلك في حُجرتها وفي يومها،فقال:اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي،وهؤلاء أهلي وعترتي،فاذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً.

فقالت أم سلمة(رضي الله عنها):أدخل معهم یا رسول الله؟ فقال لها(صلّى الله عليه و آله وسلّم):يرحمك الله،أنت على خيرٍ وإلى خير،وما أرضاني عنك ولكنّها خاصَّة لي ولهم.

ثمَّ مكث رسول الله بعد ذلك بقيّة عمره حتى قبضه الله إليه،يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر،فيقول:«الصّلاة يرحمكم الله،إنّما يريد الله ليذهب عنکم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً».

وأُمر رسول الله بسدّ الأبواب الشارعة في مسجِده غير بابنا، فكلّموه في ذلك فقال:

«إنّي لم أسدَّ أبوابكم وأفتح باب عليّ من تلقاء نفسي،ولكنّي اتبع ما يُوحى إليَّ،وإنَّ الله أمر بسدّها و فتح بابه»فلم يكن من بعده ذلك أحد تصیبه جنابة في مسجد رسول الله ويولد فيه الأولاد غیر رسول الله وأبي علي بن أبي طالب تكرمة من الله(تعالی)لنا وفضلاً اختصّنا به علی جميع الناس.

وهذا باب أبي قرين باب رسول الله في مسجده،و منزلنا بين منازل رسول الله،وذلك أن الله أمر نبيّه أن يبني مسجده،فبنى فيه عشرة أبيات :

ص:134

تسعة لبنيه وأزواجه وعاشِرها وهو متوسطها لأبي فها هو لبسبيل مقیم، والبيت هو المسجد المطهّر،وهو الذي قال الله(تعالی)و«أَهْلَ الْبَيْتِ» فنحن أهل البيت،ونحن الذين أذهب الله عنّا الرّجس وطهّرنا تطهيراً.

أيُّها الناس:إنّي لو قمت حولاً فحولاً اذكر الذي أعطانا الله (عزّوجلّ)وخصّنا به من الفضل في كتابه وعلى لسان نبيّه لم أحصه،وأنا ابن النبي النذير البشير السراج المنير الذي جعله الله رحمة للعالمين، وأبي علي ولي المُؤمنين وشبيه هارون،وإنّ معاوية بن صخر زعم انّي رأيته للخلافة اهلاً،ولم أر نفسي لها أهلاً،فكذب معاوية،وأيم الله لأّنا أولى النّاس بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله،غير أنّا لم نزل أهل البيت مخيفين(1) مظلومين مضطَهدين منذ قُبض رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)،فالله بيننا وبين من ظلمنا حقّنا،ونزل على رقابنا، وحمل الناس على اكتافنا،ومَنعنا سهمنا في كتاب الله[من الفئ] والغنائم،ومنَع اُمّنا فاطمة إرثها من أبيها.

إنا لا نسمّٙي أحدة،ولكن أُقسم بالله قسماً تألياً(2) ،لو أنَّ الناس سمعوا قول الله(عزّوجلّ)ورسوله لأعطتهم السَّماء قطرها والأرض بركتها، ولما اختلف في هذه الأمة سيفان، ولأكلوها خضراء خضرة الى يوم

ص:135


1- هكذا في المصدر،ولا يبعد أن يكون الصحيح:مخافين،أو خائفين
2- تأتي تألية:اجتهد(اقرب الموارد)

القيامة،وما طمعتَ فيها یا معاوية،ولكنّها لمّا اُخرجت سالِفاً من معدنها،وزُحزحت(1) عن قواعدها،تنازعتها قريش بينها،وترامتها کترامي الكرة حتى طمعتَ فيها انت-یا معاوية-وأصحابك من بعدك، وقد قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):«ما ولت اُمَّة أمرها رجلاً قط وفيهم من هو أعلم منه إلّا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتى يرِجعوا إلى ما تركوا».

وقد تركتْ بنو اسرائيل-وكانوا أصحاب موسی-هارون أخاه وخليفته ووزيره،وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريهم،وهم يعلمون أنّه خليفة موسى،وقد سمعت هذه الاُمّة رسول الله يقول ذلك الأبي:«إنّه منّي بمنزلة هارون من موسى،إلّا أنّه لا نبي بعدي»وقد رأوا رسول الله حين نَصَبَه لهم بغَدير و سَمِعوه،ونادي له بالولاية،ثمّ أمرهم أن يبلّٙغ الشاهِدُ منهم الغائِب،وقد خرج رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)حذاراً من قومه إلى الغار-لمّا أجمعوا أن يمكروا به،وهو يدعوهم-لمّا لم يجد عليهم أعوانا،ولو وجد عليهم اعوانا لجاهدهم.

وقد كفَّ أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه لم يُغث ولم يُنصر، ولو وَجد عليهم أعواناً ما أجابهم،وقد جُعل في سعة كما جُعل النبي (صلّی الله عليه وآله وسلّم)في سعة.

ص:136


1- زحزحته عن كذا:أي باعدته(مجمع البحرین)

وقد خذلتني الاُمّة وبايعتك يابن حرب،ولو وجدتُ عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك،وقد جعل الله(عزّوجلّ)هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه،وكذلك أنا وأبي في سعة حين تركتنا الاُمّة وبايعت غيرنا،ولم نجد عليهم أعواناً،وإنّما هي السنن والأمثال تتبع بعضها بعضاً.

أيها النّاس:إنّكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلاً جدّه رسول الله وأبوه وصيّ رسول الله لم تجدوا غيري وغير أخي،فاتقوا الله ولا تضلّوا بعد البيان،وكيف بكم وأنّى ذلك منكم!ألا وَإني قد بايعت هذا-وأشار بيده إلى معاوية«وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ»(1) .

أيّها الناس:إنّه لا يُعاب أحد بترك حقّه،وإنّما يعاب أن يأخذ ما ليس له،وكلّ صواب نافع،وكلّ خطأٍ ضارّ لأهله،وقد كانت القضيّة ففهمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضرّ داود،فأمّا القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن انفع،قال رسول الله(صلّى الله علیه و آله وسلّم)لعمّه أبي طالب وهو في الموت:«قل لا إله إلّا الله،أشفع لك بها يوم القيامة»،ولم يكن رسول الله يقول له[ويعد]الّا ما يكون منه على يقين،وليس ذلك لأحد من الناس كلّهم غير شيخنا-أعني أبا طالب-

ص:137


1- الأَنبیاء21: 111

يقول الله(عزّوجلّ):«وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا»(1).

أيُّها الناس:اسمعوا وعوا،واتَّقوا الله وراجعوا،وهيهات منكم الرَّجعة إلى الحقّ،وقد صارعكم النكوص(2) ،وخامركم(3) الطغيان والجُحود «أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ»(4) والسَّلام علی من اتبع الهدی.

قال:فقال معاوية:والله ما نزل الحسن حتى أظلَمَت عليّ الأرضُ، وهَمَمت أن أبطِش به(5) ،ثمَّ علمتُ أنّ الإغضاء(6) أقربُ إلى العافية(7) .

أقول:قد ذكرنا في الجزء السادس والأربعين من هذه الموسوعة ص319کلمة حول سيدنا أبي طالب(رضوان الله عليه)ونعيدها هنا

ص:138


1- النساء4: 18
2- النكوص:الإحجام عن الشيء،ونكص على عقبيه:أي رجع القهقرى(مجمع البحرين)
3- خامر الشيء: قاربه وخالطه(لسان العرب)
4- هود11: 28
5- البطش:الأخذ بسرعة والأخذ بعنف و سطوة(مجمع البحرین)
6- الاعضاء:التغافل عن الشيء(مجمع البحرین)
7- أمالي الطوسي:ص561ح1174.منه تفسير البرهان:ج4ص525

تتميماً للفائدة وتسهيلاً للقارئ:من الثابت عند الشيعة الاماميَّة أن سيّدنا أبا طالب(رضوان الله عليه)كان مؤمناً بالله ورسوله ایماناً راسخاً،ولكنّه كان يكتم ایمانه ليتسنّى له حماية رسول الله(صلّى الله علیه و آله و سلّم) والدفاع عنه والوقوف في وجوه المشركين والمحاربين والمخالفين.

وكان(رضوان الله عليه)كمؤمن آل فرعون حيث كان يكتم ایمانه فآتاه الله اجره مرَّتين وكان كأصحاب الكهف الذين اسرُّوا الايمان وأظهروا الشرك-كما ستقرأه في الحديث القادم-ولو كان سيدنا أبو طالب(سلام الله عليه)يُعلن اسلامه لكان المشركون يعتبرونه مسلماً ويتّحدون ضده،ولكنهم كانوا يعتبرونه منهم.

ولسيدنا أبي طالب(رضوان الله عليه)أبيات كثيرة تكشف عن ایمانه العميق برسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)كقوله:

ولقد علمتُ بأن دين محمدٍ مِن خير أديان البريّة دينا والله لن يَصِلوا اليك بجمعهم حتى اُسَّود في التراب دفينا إلى غيرها من الأبيات،وهي كثيرة ...

وإن شئت المزيد من المعلومات عن مؤمن قريش وشیخ بني هاشم فراجع الجزء السابع من كتاب الغدير للشيخ عبد الحسين الأميني (رحمه الله تعالی).

هذا...والحديث المذكور-المرويّ عن الامام الحسن المجتبى

ص:139

(عليه السّلام)-هو-في الحقيقة-ردٌّ على ابن آكلة الأكباد الذي ادّعى عدم اهليَّة الامام الحسن(عليه السّلام)للخلافة بالرغم من قرابته لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)فكأنَّ الأمام يقول بأن القرابة نفعت سیدنا أبا طالب الذي كان مشركاً-على زعمكم-فكيف للمؤمن؟! وأن الامام الحسن(عليه السّلام)يستحقّ الخلافة بالقرابة والنَّص والمواصفات...بينما لا يستحقّها ابن آكلة الأكباد،لعدم القرابة وعدم النَّص وعدم المواصفات،ولهذا استولى عليها بالارهاب وسفك الدماء وشراء الضمائر وسحق القيم وقلب المفاهيم.

وعلى كل حال...فان هناك مجموعة من الكتب التي كُتبت حول سیدنا أبي طالب وايمانه العميق بالله ورسوله ومواقفه المشرّفة في الدفاع عن الإسلام ورسول الإسلام(صلّی الله عليه و آله وسلّم).

ويمكنك-أيّها القارئ الكريم-الحصول عليها و مطالعتها للوقوف على الحقيقة أكثر فأكثر.

باب(81) درجات الايمان والسابقين

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن بكر بن صالح،عن القاسم ابن بريد قال:حدثنا أبو عمرو الزبيري،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:قلت له:إنّ للإيمان درجات ومنازل،يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟

ص:140

قال:نعم.

قلت:صفه لي رحمك الله حتّى أفهمه.

قال:إنّ الله سَبّق بين المؤمنين كما يسبّق بين الخيل يوم الرّهان،ثم فضّلهم على درجاتهم في السبق إليه،فجعل كلَّ امريء منهم على درجة سبقه،لا ينقصه فيها من حقّه ولا يتقدّم مسبوق سابقاً ولا مفضول فاضلاً، تفاضل بذلك أوائل هذه الاُمّة وأواخرها ولو لم يكن للسابق إلى الإيمان فضل على المسبوق إذاً للحق آخر هذه الأمّة أوّلها،نعم ولتقدّموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الايمان الفضل على من أبطأ عنه ولكن بدرجات الإيمان قدّم الله السابقين وبالابطاء عن الإيمان أخّر الله المقصّرين لأنّا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملاً من الأوّلين وأكثرهم صلاة وصوماً وحجاً وزكاةً وجهاداً وإنفاقاً،ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضاً عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدَّمين على الأوّلين ولكن أبي الله(عزّوجلّ) أن يدرك آخر درجات الإيمان أوّلها، ويقدّم فيها من أخّر الله أو يؤخّر فيها من قدّم الله.

قلت:أخبرني عمّا ندب الله(عزّوجلّ)المؤمنين إليه من الاستباق إلى الإيمان؟ فقال:قول الله(عزّوجلّ):««سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ»(1)

ص:141


1- الحدید57: 21

وقال:«السَّابقُونَ السَّابِقُونَ*أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ»(1) وقال:«وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»،فبدأ بالمهاجرين الأوّلين على درجة سبقهم،ثم ثنّى بالأنصار،ثم ثلّث بالتابعين لهم بإحسان،فوضع كلَّ قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده...الى آخر الحديث(2) .

تفسير العياشي:عن أبي عمرو الزبيري،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:إنّ الله(عزّوجلّ)سَبّق بين المؤمنين كما سُبّق بين الخيل يوم الرّٙهان.

قلت:أخبرني عمّا ندب الله المؤمن من الاستباق إلى الايمان.

قال(عليه السّلام):قول الله(عزّوجلّ):«سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ»وقال:«السَّابقُونَ السَّابِقُونَ٭ُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ»وقال:

«وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقِهم ثمَّ ثنّى بالأنصار،ثمَّ ثلّث بالتابعين لهم بإحسان،فوضع كل قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده(3) .

ص:142


1- الواقعة56: 10و11
2- الكافي:ج2ص40ح1
3- تفسير العياشي:ج2ص253ح1872الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص532

تفسیر البرهان:فی( نهج البیان)عن الصادق(عليه السّلام)انّها نزلت في علي(عليه السّلام)ومن تبِعه من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدَّ لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ٭وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (101و102).

باب(82) الذين خلطوا العمل الصالح والسيّئ

تفسير العياشي:عن الحلبي،عن زرارة وحمران و محمد بن مسلم،عن أحدهما(عليهما السّلام)قال:المعترف بذنبِه:قوم «وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا»(2) .

ص:143


1- تفسير البرهان:ج4ص533ح6
2- تفسير العياشي:ج2ص254ح1875الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص535

تفسير العياشي:عن أبي بكر الحضرمي قال:قال محمد بن سعيد:

اسأل أبا عبد الله(عليه السّلام)فأعرض عليه كلامي،وقُل لَهُ:إنّي أتولاكم وأبرأ من عدوّ كم،وأقول بالقدر وقولي فيه قولك؟ قال:فعرضتُ كلامه على أبي عبدالله(عليه السّلام)فحرّك يده ثمَّ قال:«وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

قال:ثمَّ قال:ما أعرفه من موالي أمير المؤمنين(عليه السّلام).

قلت:ان سلطانَ هشام ليس من الله.

فقال:ويلَه!ماله!أما علم أنَّ الله جعل لآدم دولة ولابليس دولة(1) ! الخصال:ابن بابویه قال:حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال :

حدثنا الحسين بن محمّد بن عامر،عن عمّه عبدالله بن عامر،عن محمد ابن أبي عمير قال:حدثني جماعة من مشايخنا منهم أبان بن عثمان وهشام بن سالم و محمد بن حمران،عن الصادق(عليه السّلام) قال:

«عسى»موجِبة(2) .

أقول:أي أن قوله تعالى:«عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ»معناه قبول التوبة منهم.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:144


1- تفسير العياشي:ج2ص254ح1876الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص535
2- الخصال:ص218ح43. منه تفسیر البرهان:ج4ص534

قوله تعالى:«خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ*أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» (103 و 104).

باب(83) وجوب الزكاة بعد وجوب الصلاة

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن سهل بن زیاد،وأحمد بن محمد جميعا،عن ابن محبوب،عن عبدالله بن سنان قال:قال أبو عبدالله (عليه السّلام):لمّا اُنزلت آية الزكاة«خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا»وأنزلت في شهر رمضان فأمر رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) منادیه فنادى في الناس:إنّ الله فرض عليكم الزكاة كما فرض علیکم الصَّلاة،ففرض الله(عزّوجلّ)عليهم من الذّهب والفضّة،وفرض الصدقة من الابل والبقر والغنم،ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب، فنادى فيهم بذلك في شهر رمضان،وعفا لهم عمّا سِوى ذلك.

قال:ثمَّ لم يفرض لشيء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا وافطروا،فأمر منادیه فنادى في المسلمين:أيُّها المسلمون زکُّوا أموالكم تقبل صلاتكم.قال:ثمَّ وجّه عمّال الصدقة وعمّال

ص:145

الطسوق(1) .

من لا يحضره الفقيه:روى الحسن بن محبوب،عن عبدالله بن سنان قال:قال أبو عبد الله(عليه السّلام):اُنزلت اليه آية الزكاة «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا»في شهر رمضان فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)مناديه فنادى في الناس:انّ الله (تباركّ و تعالی) قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة،ففرض الله عليكم من الذّهب والفضة والإبل والبقر والغنم ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب،ونادى فيهم بذلك في شهر رمضان وعفا لهم عمّا سوى ذلك قال:ثمَّ لم يتعرّض لشيء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا وأفطروا،فأمر(عليه السّلام)منادیه فنادى في المسلمين:

أيّها المسلمون زكّوا أموالكم تُقبل صلاتكم قال:ثمَّ وجّه عمّال الصدقة وعمّال الطسوق(2) .

باب(84) عدم حاجة الامام الى الزكاة

الكافي:الحسين بن محمد بن عامر،باسناده رفعه قال:قال أبو

ص:146


1- الكافي:ج3ص497ح2.والطسق:ما يوضع من الوظيفة على الجربان من الخراج المقرّر على الأرض،فارسی معرّب(لسان العرب)
2- من لا يحضره الفقيه:ج2ص13ح1598

عبدالله(عليه السّلام):من زعم انّ الامام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر،إنّما الناس يحتاجون أن يقبل منهم الامام قال الله(عزّوجلّ):

«خذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا»(1) .

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن ابن فضال، عن ابن بكير قال:سمعت أبا عبدالله(عليه السّلام)يقول:إنّي لآخذ من أحدكم الدّرهم وإنّي لمن أكثر أهل المدينة مالاً،ما أريد بذلك إلّا أن تطهّروا(2) .

تفسير العياشي:عن علي بن حسان الواسطي،عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:سألته عن قول الله تعالى:«خذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا»جارية هي في الأمام بعد رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال:نعم(3) .

باب(85) الفرق بين الزكاة والصدقة

تفسير العياشي:عن زرارة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:

ص:147


1- الكافي:ج1ص537ح1
2- الكافي:ج1ص538ح7
3- تفسير العياشي:ج2ص255ح1879الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص538

قلت له:قوله:«خذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ»أهو قوله:«وَآتُوا الزَّكَاةَ»؟ قال:قال:الصّدقات في النبات والحيوان،والزكاة في الذَّهب والفضّة،وزكاة الصوم(1) .

باب(86) الصدقة تقع في يد الله تعالی

تفسير العياشي:عن محمد بن مسلم،عن أحدهما(عليهما السّلام)قال:كان علي بن الحسين(صلوات الله عليه)إذا أعطى السائل قبّل يد السائل،فقيل له:لم تفعل ذلك؟ قال:لأنّها تقع في يد الله قبل يد العبد،وقال:ليس من شيء إلّا وُ کّٙل به مَلَك الا الصدقة،فإنّها تقع في يد الله.

قال الفضل:أظنه يقبل الخبز أو الدرهم(2) .

تفسير العياشي:عن محمد بن مسلم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:ما من شيء إلّا وکّٙل به ملك الّا الصدقة،فإنّها تقع في يد الله(3) .

ص:148


1- تفسير العياشي:ج2ص255ح1880الطبيعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص538
2- تفسير العياشي:ج2ص257ح1880الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص539
3- تفسير العياشي:ج2ص257ح1883الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص539

تفسير العياشي: عن مالك بن عطية،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:قال علي بن الحسين(عليه السّلام):ضمنت على ربّي أنَّ الصدقة لا تقع في يد العبد حتى تقع في يد الرِّب،وهو قوله تعالى«أهُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ»(1) .

الكافي:علي بن ابراهيم،،عن أبیه،عن ابن أبی عمیر،عن هشام بن سالم،عن زرارة،عن سالم بن أبي حفصة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:إنَّ الله تبارك وتعالى يقول:ما من شيء إلّا وقد وکّلت به من يقبضه غيري إلّا الصّدقة فإنّي أتلقّفها بيدي تلقّفاً حتّى أن الرّجل ليتصدّق بالتمرة أو بشق تمرة فاُربّيها[لله]كما يربّي الرّجل فلوه وفصيله فيأتي يوم القيامة وهو مثل أُحد وأعظم من أُحد(2) .

التوحيد:حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي(رحمه الله) قال:حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان قال:حدثنا بكر بن عبدالله ابن حبيب قال:حدثنا تمیم بن بهلول،عن أبيه،عن أبي الحسن العبديّ، عن سليمان بن مهران،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)-في حديث-قال:

والقبض منه(عزّوجلّ)في وجه آخر الاخذ،والأخذ في وجهٍ القبول منه كما قال:«وَیَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ» أي يقبلها من أهلها ويُثبُ عليها(3) .

ص:149


1- تفسير العياشي:ج2ص257ح1886الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص540
2- الكافي:ج4ص47ح6
3- التوحيد:ص161ح2.منه تفسير البرهان:ج4ص538

باب(87) الامام الصادق وصدقة السّٙر

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد،عن محمد بن خالد،عن سعدان بن مسلم،عن معلّی بن خنیس قال:خرج أبو عبدالله (عليه السّلام)في ليلة قد رشّت وهو يريد ظلّة بني ساعدة فأتبعته فإذا هو قد سقط منه شيء فقال:بسم الله اللّهمّ ردّ علينا،[قال]:فأتيته فسلّمت(1) عليه.

قال:فقال:معلّی؟ قلت:نعم جعلت فداك.

فقال لي:إلتمس بيدك(2) فما وجدت من شيء فادفعه إلىّ فإذا أنا بخبز منتشر كثير فجعلت أدفع اليه ما وجدت فاذا أنا بجراب أعجز عن حمله من خبز فقلت:جعلت فداك أحمله على رأسي(3) ؟ فقال:لا أنا أولى به منك ولكن امض معي.

قال:فأتينا ظلّة بني ساعدة فإذا نحن بقومٍ نیام فجعل يدسّ(4)

ص:150


1- في التهذيب:وسلّمت
2- في التهذيب:عندك
3- في التهذيب:أحمل على عاتقي
4- في التهذيب:يقسّم

الرغيف والرّغيفين حتى اتي على آخرهم ثمّ انصرفنا،فقلت(1) :جعلت فداك يعرف هؤلاء الحقّ؟ فقال:لو عرفوه لواسيناهم بالدّقة-والدّقة هي الملح-إنّ الله (تبارك وتعالی)لم يخلق شيئاً إلا وله خازنه يخزنه إلّا الصّدقة فإنَّ الرّبّ يليها بنفسه،وكان أبي إذا تصدّق بشيء وضعه في يد السّائل ثمّ ارتدّه منه فقبّله وشمّه ثم ردّه في يد السائل،إنَّ صدقة اللّيل تطفيء غضب الرّب تعالی و تمحو الذّنب العظيم و تهوّن الحساب،وصدقة النّهار تثمر المال وتزيد في العمر،إنّ عیسی بن مریم لمّا أن مرّ على شاطيء البحر رمی بقُرص من قُوته في الماء.

فقال له بعض الحواريّين:يا روح الله وكلمته،لمَ فعلتَ هذا وإنّما هو من قُوتك؟ قال:فقال:فعلتُ هذا لدّابة تأكله من دوابّ الماء وثوابه عند الله عظیم(2) .

التهذيب:محمد بن يعقوب،عن عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد،عن محمد بن خالد،عن سعدان بن مسلم مثله(3) .

ص:151


1- في التهذيب:قلت
2- الكافي:ج4ص8ح3
3- التهذيب:ج4ص105ح300

ثواب الأعمال:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا عليّ بن الحسین السعد آبادي،عن أحمد بن أبي عبدالله،عن أبيه،عن سعدان بن مسلم، عن معلّی بن خنیس قال:خرج أبو عبدالله(عليه السّلام) في ليلة...وذکر نحوه(1) .

تفسير العياشي:عن معلّی بن خنیس قال:خرج أبو عبدالله(عليه السّلام)...وذكر نحوه إلى قوله:وتزيد في العُمر(2) .

باب(88) كراهة المشاركة في خصلتين

تفسير العياشي:عن أبي بكر،عن السكوني،عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه(عليهم السّلام)قال:قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):خصلتان لا اُحبّ أن يشاركني فيهما أحد:وضوئي فإنّه من صلاتي،وصدقتي من يدي إلى يد سائلٍ،فإنّها تقع في يد الرّحمن(3) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)»(105).

ص:152


1- ثواب الأعمال:ص173ح2
2- تفسير العياشي:ج2ص256ح1882الطبعة الحديثة
3- تفسير العياشي:ج2ص257ح1886الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص539

باب(89) عرضُ الأعمال على النبي وخلفائه الطاهرين

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن الحسين بن سعيد،عن القاسم بن محمد،عن علي بن أبي حمزة،عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:تعرض الأعمال على رسول الله (صلّى الله علیه و آله و سلّم)-أعمال العباد-كل صباح أبرارها وفجّارها فاحذروها وهو قول الله(تعالى):«اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ» وسکت(1) .

بصائر الدرجات:حدثنا أحمد بن محمد،عن الحسين بن سعيد بهذا الإسناد نحوه(2) .

معاني الأخبار:أبي (رحمه الله)قال:حدثنا محمد بن یحیی العطّار،عن أبي سعيد الآدمي،عن الحسن بن علي بن أبي حمزة،عن أبيه،عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):انَّ أبا الخطاب كان يقول:إن رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم)تُعرض عليه أعمال اُمته كل خميس؟!

ص:153


1- الكافي:ج1ص219ح1
2- بصائر الدرجات:ص488ح7

فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):ليس هكذا(1) ،ولكّن رسول الله (صلّی الله عليه و آله وسلّم)تُعرض عليه أعمال اُمّته(2) كل صباح،ابرارها وفجّارها،فاحذروا وهو قول الله(عزّوجلّ):«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ»وسكت.

قال أبو بصير:إنّما عنى الأئمّة(عليهم السّلام)(3) .

بصائر الدرجات:حدثنا أحمد بن محمد،عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد،عن علي،عن أبي بصير،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:قلت له:..وذكر مثله الى قوله:والمؤمنون(4) .

تفسير العياشي:عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) أَنّ أبا الخطّاب...وذكر نحوه(5) .

بصائر الدرجات:حدثنا عبّاد بن سليمان،عن سعد بن سعد،عن محمد بن الفضيل قال:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام)عن قوله تعالى:

«فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ »؟ فقال:إنّ رسول الله(صلّى الله علیه و آله و سلّم)تُعرض عليه أعمال

ص:154


1- في بصائر الدرجات وتفسير العياشي:هو هكذا
2- في بصائر الدرجات:اعمال هذه الامّة
3- معاني الأخبار:ص293ح37.منه تفسير البرهان:ج4ص545
4- بصائر الدرجات:ص444ح4
5- تفسير العياشي: ج2ص259ح1890الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص548

أُمّته كلّ صباح أبرارها وفجّارها فاحذروا(1) .

بصائر الدرجات:حدثنا يعقوب بن يزيد،عن محمد بن الحسين، عن حمّاد بن عيسى،عن حريز،عن محمد بن مسلم قال:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام):عن الأعمال تعرض على رسول الله(صلّى الله علیه و آله و سلّم)؟ قال:ما فيه شك،ثمَّ تلا هذه الآية قال:«اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ».

قال:إنّ لله شهداء في أرضه(2) .

بصائر الدرجات:حدثنا أبو طالب،عن حمّاد بن عيسى،عن حریز،عن محمد بن مسلم وزرارة قال:سألنا أبا عبد الله(عليه السّلام)...

وذكر مثله(3) .

تفسير العياشي:عن محمد بن مسلم،عن أحدهما(عليهما السّلام)قال:سُئل عن الأعمال هل تعرض على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ فقال:ما فيه شك.

ص:155


1- بصائر الدرجات:ص445ح6
2- بصائر الدرجات:ص50ح7
3- بصائر الدرجات:ص450ح6

قيل له:أرأيت قول الله:«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ»؟ قال:لله شهداء في أرضه(1) .

تفسير العياشي:عن محمد بن مسلم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قوله تعالى:«اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ»قال:إنّ الله شاهداً في أرضه،وإنّ أعمال العباد تعرض على رسول الله(عليه و آله السلام)(2) .

بصائر الدرجات:حدثنا عبدالله بن جعفر،عن محمد بن عیسی، عن الحسين بن سعيد،عن جعفر وفضالة،عن سعيد،عن عبدالله بن سنان،عن أبي عبد الله(عليه السّلام)قال:إنّ أعمال أُمَّة محمد (صلّی الله عليه وآله وسلّم)تُعرَض على رسول الله في كلّٙ خميس،فليستحي أحدكم من رسول الله أن تعرض عليه القبيح(3) .

تفسير القمّي:محمد بن الحسن الصفّار،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:إنّ أعمال العباد تُعرَض على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)كلَّ صباح،ابرارها وفجّارها فاحذروا فليستحيي أحدكم أن

ص:156


1- تفسير العياشي:ج2ص258ح1887الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص547
2- تفسير العياشي:ج2ص299ح1894الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص548
3- بصائر الدرجات:ص445ح12.منه بحار الأنوار:ج17ص150

يعرض على نبيّه العمل القبيح(1) .

بصائر الدرجات:حدثنا أحمد بن محمد،عن الحسين بن سعید، عن النّضر بن سويد،عن يحيى الحلبي،عن أديم بن الحرّ،عن معلّی بن خنیس،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله(تبارك وتعالى):

«اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ».

قال:هو رسول الله والأئمّة،تُعرض عليهم أعمال العباد کلَّ خميس(2) .

بصائر الدرجات:حدثنا أحمد بن موسى،عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير،عن حفص بن البختري،عنه(عليه السّلام) قال:تُعرض الأعمال يوم الخميس على رسول الله وعلى الأئمّة ( عليهم السّلام)(3) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن عثمان بن عيسى،عن سماعة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سمعته يقول:مالكم تسُوؤن رسول الله؟! فقال رجل:كيف نسوؤه؟

ص:157


1- تفسير القمي:ج1ص304
2- بصائر الدرجات:ص447ح2
3- بصائر الدرجات:ص446ح16.منه تفسير البرهان:ج4ص543

فقال:أما تعلمون أنّ اعمالكم تعرض عليه،فإذا رأى فيها معصية اساءه ذلك؟!فلا تسوؤا رسول الله وسُرُّوه(1) .

بصائر الدرجات:حدثنا إبراهيم بن هاشم،عن عثمان بن عیسی، عن سماعة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)نحوه(2) .

تفسير العياشي:عن بريد العجلي قال:قلت لأبي جعفر(عليه السّلام)في قول الله:«اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ».

فقال:ما من مؤمن يموت ولا کافِر يوضع في قبره حتى يعرض عمله على رَسول الله وعلى(عليهما السّلام)فهلمّ إلى آخر مَن فَرض الله طاعته على العباد.

وقال أبو عبدالله(عليه السّلام):«وَالمُؤمِنُونَ»هم الأئمّة(عليهم السّلام)(3) .

تفسير البرهان:بصائر الدرجات-عن أحمد بن موسى،عن الحسن بن علي بن فضّال،عن عبد الرحمن بن کثیر،عن أبي عبدالله

ص:158


1- الكافي:ج1ص219ح3
2- بصائر الدرجات:ص446ح17
3- تفسير العياشي:ج2ص259ح1892و1893الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان: ج4ص568

(عليه السّلام)في قوله:«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ».

قال:ما من مؤمن ولا كافر يوضع في قبره حتى يعرض عمله على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)وعلى علي فهلمّ جرة الى آخر من يفرض الله طاعته على العباد(1) .

بصائر الدرجات:حدثنا أحمد بن محمد ويعقوب بن يزيد،عن الحسن بن علي بن فضّال،عن أبي جميلة،عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:أنّ الأعمال تعرض عليّ في كل خميس فإذا كان الهلال اكملت(2) ،فاذا كان النصف من شعبان عرضت على رسول الله (صلّى الله عليه و آله وسلّم)وعلى علي(عليه السّلام)ثم تنسخ في الذكر الحكيم(3) .

أقول:قوله(عليه السّلام):«ثم تنسخ في الذكر الحكيم»يقال:

«نسخت کتابي من كتاب فلان»أي:اكتبته عنه حرفاً بحرف.ونسخ الكتاب:نقل صورته المجرّدة الی کتاب آخر-كما في أقرب الموارد- والمعنى أنّ الأَعمال بعد عرضها على النبيّ والوصيّ(صلّى الله

ص:159


1- تفسير البرهان:ج2ص158ح17
2- في تفسير البرهان:أجمِلت
3- بصائرالدرجات:ص444ح1.منه تفسیر البرهان:ج4ص542

عليهما وآلهما)تُنقل الى الذكر الحكيم وتكتب في صحيفة التقدير.والله العالم.

تفسير القمّي:حدثني أبي،عن يعقوب بن شعيب،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)في قوله:«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ»الموٴمنون هاهنا الأئمة الطاهرون(صلوات الله عليهم)(1) .

بصائر الدرجات:حدثنا أحمد بن موسى،عن الحسن بن علي الخشّاب،عن علي بن حسّان،عن عبد الرّحمن بن كثير،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قوله:«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ».

قال:هم الأئمة تعرض عليهم أعمال العباد كلّ يوم الى يوم القيامة(2) .

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد،عن الحسين بن سعيد،عن النضر بن سوید،عن يحيى الحلبي،عن عبد الحميد الطائي، عن يعقوب بن شعيب قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عن قول الله (عزّوجلّ):«اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ»؟ قال:هم الأئمة(3) .

ص:160


1- تفسير القمي:ج1ص304.منه تفسير البرهان:ج4ص545
2- بصائر الدرجات:ص447ح4
3- الكافي:ج1ص219ح2

بصائر الدرجات:حدّثنا أحمد بن محمد،عن الحسين بن سعيد مثله(1) .

بصائر الدرجات:حدّثنا أحمد بن محمد،عن الحسين بن سعید، عن الميثمي قال:سألت ابا عبدالله(عليه السّلام)...وذكر مثله(2) .

الكافي:أحمد،عن عبد العظيم،عن الحسين بن مَيّاح،عمّن أخبره قال:قرأ رجل عند أبي عبدالله(عليه السّلام)«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ»فقال:ليس هكذا هي، إنّما هي:

والمأمُونون،فنحن المأمونون(3) .

أقول:الحديث ضعيف السند لجهالة حال بعض رواته،لكن المعنى المذكور في هذا الحديث صحيح لأَنّ الأَئمة الطاهرين(عليهم السّلام)هم المأمونون على الدين والدنيا والآخرة،وهم الذين تُعرض أعمال العباد عليهم.

وهناك أحاديث كثيرة مذكورة في تفسير هذه الآية على القراءة المشهورة منَّ أى المقصود من«المؤمنون»هم الأَئمة المعصومون (عليهم السّلام)فليس المراد المؤمن في مقابل الكافر،بل المؤمن

ص:161


1- بصائر الدرجات:ص448ح11
2- بصائر الدرجات:ص447ح3
3- الكافي:ج1ص424ح12

الكامل المعصوم عن الخطأ،ولا شك أنهم المصداق الأَتمّ والأكمل لهذه الآية.

أمالي الطوسي:ابراهيم الأحمري،عن محمد بن الحسين ويعقوب بن يزيد،وعبدالله بن الصلت،والعباس بن معروف، ومنصور وأيوب، والقاسم،ومحمد بن عيسى،ومحمد بن خالد وغيرهم،عن ابن أبي عمير،عن ابن اذينة قال:كنت عند أبي عبدالله(عليه السّلام) فقلت له:جعلت فداك أخبرني عن قول الله(عزّوجلّ):«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ»؟ قال:ایّانا عني(1) .

بصائر الدرجات:محمّد بن الحسین و یعقوب بن يزيد،عن ابن أبي عمير،عن ابن اذينة،عن بريد العجلي قال:كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام)...وذكر نحوه(2) .

تفسير العياشي:عن يحيى بن مساور(3) قلت:حدّثني في علي (عليه السّلام)حديثاً.

فقال:أشرحه لك أم أجمعه؟

ص:162


1- أمالي الطوسي:ص409ح918.منه تفسير البرهان:ج4ص 546
2- بصائر الدرجات:ص447ح1.منه تفسير البرهان:ج4ص544
3- في تفسير البرهان:عن يحيى الحلبي،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)

قلت:بل إجمعه.

فقال:عليٌّ باب هدی،من تقدّمه كان كافراً،ومن تخلّف عنه كان کافراً.

قلت:زدني.

قال:إذا كان يوم القيامة نُصِب منبر عن يمين العرش له أربع وعشرون مرقاة،فيأتي عليٌّ(عليه السّلام)وبيده اللواء حتى [یرتقیه و] يركبه،ويعرض الخلق عليه،فمن عرفه دخل الجنّة،ومن أنكره دخل النار.

قلت له:توجدنيه من كتاب الله(1) .

قال:نعم،ما تقول هذه الآية،يقول(تبارك وتعالى):«فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ»هو والله علي بن أبي طالب(عليه السّلام)(2) .

تفسير العياشي:عن محمد بن حسان الكوفي،عن محمد بن جعفر،عن أبيه جعفر،عن أبيه(عليهما السّلام)قال:إذا كان يوم القيامة نصب منبر عن يمين العرش له أربع وعشرون مرقاة،ويجيء علي بن أبي طالب وبیده لواء الحمد،فيرتقيه ويركبه،و تعرض الخلائق عليه،

ص:163


1- في تفسير البرهان:قلت:هل فيه آية من كتاب الله؟
2- تفسير العياشي:ج2ص258ح1889الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص547

فمن عرفه دخل الجنّة،ومن أنكره دخل النار،و تفسير ذلك في كتاب الله «اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» قال:هو والله أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب(صلوات الله عليه)(1) .

بصائر الدرجات:حدثنا يعقوب بن يزيد،عن الحسن بن علي الوشاء،عن علي بن أبي حمزة،عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام):قول الله(تعالی):«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ».

قلت:من المؤمنون؟ قال:من عسى أن يكون الّا صاحبك؟!(2) .

الجعفريات:باسناده عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن جدّه علي ابن الحسين،عن أبيه،عن علي بن أبي طالب(عليهم السّلام) انه كان يقرأ هذه الآية:«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ»ثم يقطع الكلام،ثم يقول:والمؤمنون(3) .

أمالي الطوسي:أخبرنا محمد بن محمد قال:أخبرنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال:حدثنا علي بن سليمان قال:حدثنا أحمد بن

ص:164


1- تفسير العياشي:ج2ص260ح1895الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص548
2- بصائر الدرجات:ص449ح1.منه تفسير البرهان:ج4ص544
3- الجعفريات:ص293ح1210

القاسم الهمداني قال:حدثنا أحمد بن محمد السيّاري قال:حدثنا محمد ابن خالد البرقي قال:حدثنا سعید بن مسلم،عن داود بن كثير الرّقي قال:

كنت جالساً عند أبي عبدالله(عليه السّلام)إذ قال مبتدءاً من قبل نفسه:يا داود لقد عُرضت علىَّ أعمالكم يوم الخميس،فرأيت فيما عُرض عليَّ من عملِك صلتك لابن عمّك فلان فسرني ذلك،إنّي علِمت صلتك له أسرع لفناء عمره و قطْع أجله.

قال داود:وكان لي ابن عم معانداً ناصبة خبيثاً،بلغني عنه وعن عياله سوء حال فصککت له بنفقة قبل خروجي إلى مكة،فلمّا صرت في المدينة أخبرني أبو عبدالله(عليه السّلام)بذلك(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»(106).

باب(90) المرجَون لأمر الله

تفسير القمي:حدثني أبي،عن يحيى بن أبي عمران،عن يونس، عن أبي الطيار قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):المرجون لأمر الله قوم

ص:165


1- أمالي الطوسي:ص413ح929.منه تفسير البرهان:ج4ص 546

كانوا مشرکین قتلوا حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ثمّ دخلوا بعد ذلك في الاسلام فوحَّدوا الله وتركوا الشرك ولم يعرفوا الايمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنّة،ولم يكونوا على جحودهم فتجب لهم النار،فهم على تلك الحالة مرجون لأمر الله إمَّا يعذبهم وإمَّا يتوب عليهم(1).

تفسير العياشي:عن زرارة،عن أبي جعفر(عليه السّلام)قال:

المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين،فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما،ثمَّ دخلوا بعد في الاسلام،فوحّدوا الله وتركوا الشرك،ولم يعرفوا الايمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فيجب لهم الجنّة،ولم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النّار،فهم على تلك الحال إِمّا يُعذّٙبهم وإِمَّا يتوب عليهِم.

قال أبو عبدالله(عليه السّلام):يَرى فيهم رَأيه.

قال:قلت:جعلت فداك،من أين يرزَقون؟ قال:من حيث شاء الله(2) .

تفسير العياشي:عن هشام بن سالم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) في قول الله تعالى:«وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ»

ص:166


1- تفسير القمي:ج1ص304. منه تفسير البرهان:ج4ص550
2- تفسير العياشي:ج2ص261ح1901الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص551

قال:هم قَوم من المشركين أصابوا دماً من المسلمين ثمّ أسلموا، فهم المرجون لأمر الله(1) .

تفسير العياشي:عن زرارة وحمران، ومحمد بن مسلم،عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)قالا:المرجون هم قوم قاتلوا يومَ بدر واُحد ويوم حنين،وسلموا عن المشركين،ثمَّ أسلموا بعد تأخَّر فإمّا يُعذّبهم وإمّا يتوب عليهم(2) .

تفسير العياشي:قال حمران:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام)عن المستضعفين؟ قال:هم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفّار،وهم المرجون لأمر الله(3) .

تفسير العياشي:عن داود بن فرقد قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):المرجون قوم ذُكر لهم فضل علي(عليه السّلام)فقالوا:ما ندري لعلَّه كذلك،وما ندري لعله ليس كذلك؟ قال:أرجِه قال:«وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ» الآیه(4) .

تفسير العياشي:عن ابن الطيار قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):

الناس على ست فرق،يؤتون الى ثلاث فرق:الايمان والكفر والضلال،

ص:167


1- تفسير العياشي:ج2ص290ح1896الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص550
2- تفسير العياشي: ج2ص260ح1897الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص550
3- تفسير العياشي:ج2ص261ح1899الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص551
4- تفسير العياشي:ج2ص262ح1903الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص552

وهم أهل الوعد من الذين وعد الله الجنّة والنار،وهم:المؤمنون والكافرون،والمستضعفون،والمرجون لأمر الله إمّا يعذبهم وإمّا يتوب عليهم،والمعترفون بِذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّٙئا،وأهل الاعراف(1) .

تفسير العياشي:عن الحارث،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:

سألته بين الايمان والكفر منزلة؟ فقال:نعم،ومنازل لو يجحد شيئاً منها اكبه الله في النار،بينهما آخرون مرجون لأمر الله،وبينهما المستضعفون،وبينهما آخرون خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً،وبينهما قوله:«وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ»(2) .

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن الحسين بن سعید،عن فضالة بن أيوب،عن عمر بن أبان قال:سألت أبا عبدالله (عليه السّلام)عن المستضعفين؟ فقال:هم أهل الولاية.

فقلت:أيّ ولاية؟ فقال:أما إنّها ليست بالولاية في الدّين،ولكنّها الولاية في المناكحة

ص:168


1- تفسير العياشي:ج2ص261ح1900الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص551
2- تفسير العياشي:ج2ص292ح1902الطبعة الحديثة،والآية في سورة الأعراف7: 46.منه تفسير البرهان:ج4ص551

والموارثة والمخالطة،وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفّار ومنهم المرجون الأمر الله(عزّوجلّ)(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ٭لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ*أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»(107- 109).

باب(91) فضيلة مسجد قُبا

الكافي-التهذيب:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى(2) ،عن الحلبي،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:

سألته عن المسجد الذي اُسّٙس على التقوى؟

ص:169


1- الكافي:ج2ص405ح5
2- في التهذيب:حمّاد بن عثمان

قال(1) :مسجد قُبا(2) .

تفسير العياشي:عن الحلبي،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) مثله(3) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،ومحمد بن اسماعيل،عن الفضل بن شاذان،عن صفوان بن يحيى،وابن أبي عمير جميعاً،عن معاوية بن عمّار قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):لا تَدَع إتيان المشاهد كلّها،مسجد قباء فإنّه المسجد الذي أُسّس على التقوى من أول يوم ومشربة اُم إبراهيم،و مسجد الفضيخ و قبور الشهداء و مسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح.

قال:وبلغنا أنّ النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)كان إذا أتى قبور الشهداء قال:«السلام علیکم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار» وليكن فيما تقول عند مسجد الفتح:«یا صريخ المكروبين ويا مجيب[دعوة] المضطّرين اکشف همّي وغمّي وكربي كما كشفت عن نبيّك همّه وغمّه وكربه وكفيته هول عدوه في هذا المكان»(4) .

تفسير العياشي:عن زرارة وحمران و محمد بن مسلم،عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)عن قوله تعالى:«لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ

ص:170


1- في التهذيب وتفسير العياشي:فقال
2- الكافي:ج3ص299ح2-التهذيب:ج2ص261ح736
3- تفسير العياشي:ج2ص262ح1904الطبعة الحديثة
4- الكافي:ج4ص560ح1

«عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ».

قال:مسجد قبا.

وأما قوله:«أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ» قال:يعني من مسجد النفاق،وكان على طريقه إذا أتی مسجد قُبا، فكان ينضح بالماء والسدر،ويرفع ثيابه عن ساقيه،ويمشي على حَجَر في ناحية الطريق،ويسرع المشي،ويكره أن يصيب ثيابه منه شيء.

فسألته:هل كان النبي(صلّى الله علیه و آله وسلّم)يصلّي في مسجد قبا؟ قال:نعم،كان منزله على سعد بن خيثمة الأنصاري.

فسألته:هل كان لمسجد رسول الله سقف؟ فقال:لا،وقد كان بعض أصحابه قال:ألا تسقف مسجدنا یا رسول الله؟ قال:عریش کریش موسی(1) .

باب(92) استحباب الاستنجاء بالماء

التهذيب:أحمد بن محمد،عن البرقي،عن ابن أبي عمير،عن

ص:171


1- تفسير العياشي:ج2ص262ح1905الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص554

هشام بن الحكم،عن أبي عبد الله(عليه السّلام)قال:قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):يا معشر الانصار إنّ الله قد أحسن عليكم الثناء فماذا تصنعون؟ قال:نستنجي بالماء(1) .

تفسير العياشي:عن الحلبي،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:

سألته عن قول الله تعالى:«فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا»؟ قال:الذين يُحبّون أن يتطّهروا نظف الوضوء،وهو الاستنجاء بالماء.

وقال:قال(عليه السّلام):نزلت هذه الآية في أهل قبا(2) .

مجمع البيان : في قوله تعالى:«رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا»یحبُّون أن يتطهّروا بالماء عن الغائط والبول.وهو المروي عن السيدين الباقر والصادق(عليهما السّلام)(3) .

تفسير العياشي:في رواية ابن سنان،عنه( عليه السّلام) قال:قلت له:ما ذلك الطهر؟ قال:نظف الوضوء، إذا خرَج أحدُهم من الغائط،فمدحهم الله

ص:172


1- التهذيب:ج1ص354ح1052
2- تفسير العياشي:ج2ص263ح1906الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص555
3- مجمع البيان:ج3ص73.منه تفسیر البرهان:ج4ص555

بتطهّرهم(1) .

أقول:قال العلامة المجلسي(طاب ثراه):(قوله(عليه السّلام):

«نظف الوضوء »كأنَّ المراد بالوضوء الاستنجاء،أي النظافة الحاصلة بالاستنجاء،أو المراد بالنظف المبالغة في إزالة الغائط،من قولهم:

استنظف الشيء:إذا أخذه كلّه،ويحتمل الوضوء المصطلح،أي التنظّف قبل الوضوء ولأجله)(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»(110).

باب(93) قراءة الامام الصادق لهذه الآية»

مجمع البیان:فی قرأءة قوله تعالی:«إلَّا أَن تَقَطَّعَ»قرأ يعقوب وسهل(إلى أَنْ)على انّه حرف الجر وهو قراءة الحسن وقتادة والجحدري وجماعة ورواه البرقي عن أبي عبدالله(عليه السّلام)(3) .

٭٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:173


1- تفسير العياشي:ج2ص263ح1907الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص555
2- بحار الانوار:ج21ص257
3- مجمع البيان:ج3ص70. منه تفسير البرهان:ج4ص556

قوله تعالى:«إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»(111).

باب(94) متى يكون الجهاد أفضل من الحج؟

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن عثمان بن عيسى،عن سماعة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:لقِي عبّاد البصري علي بن الحسين(صلوات الله عليهما)في طريق مكة فقال له:يا علي بن الحسين تركت الجهاد وصُعوبَته وأقبلتَ على الحج ولينته إنّ الله(عزّوجلّ)يقول:

«إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

فقال له علي بن الحسين(عليهما السّلام):أتمّ الآية.

فقال:«التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ».

ص:174

فقال علي بن الحسين(عليهما السّلام):إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صِفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج(1) .

باب(95) شروط الجهاد والدعوة الى الله تعالى

الكافي:علي بن إبراهيم،عن أبيه،عن بكر بن صالح،عن القاسم ابن بريد،عن أبي عمرو الزّبيريّ،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:

قلت له:أخبرني عن الدُّعاء إلى الله والجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحِلُّ إلّا لهم،ولا يقوم به إلّا من كان منهم،أم هو مباحٌ لكلّ من وحّد الله (عزّوجلّ)وآمن برسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)،ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله(عزّوجلّ)وإلى طاعته،وأن يجاهد في سبيله؟ فقال:ذلك لقوم لا يحلُّ إلّا لهم،ولا يقوم بذلك إلّا من كان منهم.

قلت:من اُولئك؟ قال:من قام بشرائط الله(عزّوجلّ)في القتال والجهاد علی المجاهدين فهو المأذون له في الدُّعاء،إلى الله(عزّوجلّ)،ومن لم یکن قائماً بشرائط الله(عزّوجلّ)في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد،ولا الدُّعاء إلى الله حتّى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من

ص:175


1- الكافي:ج5ص22ح1

شرائط الجهاد.

قلت:فبيّن لي يرحمك الله.

قال:إنّ الله(تبارك و تعالی)أخبر[نبيّه]في كتابه الدُّعاء إليه ووصف الدُّعاة إليه فجعل ذلك لهم درجات،يعرّف بعضها بعضاً، ويستدلُّ ببعضها على بعض،فأخبر أنّه(تبارك وتعالی)أوّل من دعا إلى نفسه ودعا إلى طاعته واتّباع أمره،فبدأ بنفسه،فقال:«وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»(1) ثمّ ثنّی برسوله فقال:

«ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»(2) يعني بالقرآن ولم يكن داعياً إلى الله(عزّوجلّ)من خالف أمر الله ويدعو اليه بغير ما أمر[به]في كتابه،والّذي أمر أن لا يدعى إلّا به، وقال في نبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم):«وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»(3) يقول:تدعو،ثمّ ثلّث بالدُّعاءِ إليه بكتابه أيضاً فقال(تبارك وتعالی): «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ»أي يدعو«وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ»(4) .

ص:176


1- يونس10: 25
2- النحل16: 125
3- الشوری42: 52
4- الاسراء 17: 9

ثمّ ذكر من أذن له في الدُّعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال:

«وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»(1) ثم أخبَر عن هذه الاُمّة وممّن هي وأنّها من ذرّيّة إبراهيم ومن ذريّة إسماعيل من سكّان الحرم،ممّن لم يعبدوا غير الله قطّ،الّذين وجبت لهم الدّعوة،دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الّذين أخبر عنهم في كتابه أنّه أذهب عنهم الرّٙجس وطهّرهم تطهيراً،الّذين وصفناهم قبل هذا في صفَة أمّة إبراهيم(عليه السّلام) الّذين عناهم الله(تبارك و تعالی)في قوله:«أَدْعُواْ إِلَی اللهِ عَلَی بَصِیرَة أَنَاْ وَ مَنِ اتَّبَعَنِی»(2) يعني أوّل من اتّبعه على الإيمان به والتّصديق له بما جاء به من عند الله(عزّوجلّ) من الاُمّة الّتي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق،ممّن لم يشرِك بالله قطّ،ولم يلبس إيمانه بظلم وهو الشّرك.

ثمّ ذكر أتباع نبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم)وأتباع هذه الاُمّة الّتي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وجعلها داعية إليه وأذِن لها في الدُّعاء إليه فقال:«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»(3) .

ص:177


1- آل عمران3: 104
2- يوسف12: 108
3- الانفال8: 64

ثمّ وصف أتباع نبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم)من المؤمنين فقال (عزّوجلّ):«مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ»(1) وقال:«يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم»(2) يعني أولئك المؤمنين،وقال:«قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ»(3) ثمّ حلّاهم ووصَفهم كي لا يطمع في اللّحاق بهم إلّا من كان منهم،فقال فيما حلّاهم به ووصفهم:«الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ»إلى قوله:«أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»(4) وقال في صِفتهم وحليَتِهم أيضا:«وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا٭يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا»(5) ثمَّ أخبر أنّه اشتَرى مِنْ هؤلاء المؤمنين ومن كان على مثل صفتهم

ص:178


1- الفتح48: 29
2- التحريم 66: 8
3- المؤمنون23: 2
4- المؤمنون23: 22۔ 11
5- الفرقان23: 68 و69

«إأَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ».

ثمّ ذكر وفاءهم له بعهدِه ومبايعته فقال:«وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»فلمّا نزلت هذه الآية:«إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ»قام رجلٌ إلى النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)فقال:يا نبيّ الله أرأيتك الرّجل يأخذ سيفه فيقاتل حتّى يُقَتل إلّا أنّه يقتَرف من هذه المحارم أشهیدٌ هو؟ فأنزل الله(عزّوجلّ)على رسوله:«التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ»ففسّر النبيُّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)المجاهدين من المؤمنين الّذين هذه صفتهم وحليتهم بالشّهادة والجنّة،وقال:التّائبون من الذُّنوب،العابدون الّذين لا يعبدون إلّا الله،ولا يشركون به شيئاً،الحامدون الّذين يحمَدون الله على كلّ حال في الشدّة والرَّخاء،السّائحون وهم الصّائمون،الرَّاكعون السّاجدون الّذين يواظبون على الصّلوات الخمس،والحافظون لها والمحافظون عليها بركوعها وسجودها وفي الخشوع فيها وفي أوقاتها، الآمرون بالمعروف بعد ذلك والعاملون به،والنّاهون عن المنكر والمنتهون عنه.

ص:179

قال:فبشِّر من قُتل وهو قائمٌ بهذه الشروط بالشّهادة والجنّة، ثمّ أخبر(تبارك وتعالى)أنّه لم يأمر بالقتال إلّا أصحاب هذه الشّروط فقال (عزّوجلّ):«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ*الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّه»(1) .

وذلك أنَّ جميع ما بين السماءِ والأرض لله(عزّوجلّ) ولرسوله ولأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة،فما كان من الدُّنيا في أيدي المشرِكين والكفّار والظلمة والفجّار من أهل الخلاف لرسول الله(صلّی الله عليه وآله وسلّم)والمولّي عن طاعتهما،ممّا كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم عليه ممّا أفاء الله على رسوله فهو حقّهم أفاء الله عليهم وردَّه إليهم وإنّما معنى الفييء كلُّ ما صار إلى المشركين ثمّ رجع ممّا كان قد غلب عليه أو فيه،فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله(عزّوجلّ):«لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (2) أي رجَعوا ثمّ قال:«وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»(3) وقال:«وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى

ص:180


1- الحج22: 39و49
2- البقرة2: 226
3- البقرة2: 227

الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ»أي ترجع«فَإِنْ فَاءَتْ»أي رجعت« فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»(1) أي يعني بقوله:«تَفِيءَ»ترجع فذلك الدّليل على أنّ الفييء كلُّ راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه.ويقال للشمس إذا زالت:

قد فاءت الشمس حين يفيىء الفييء عند رجوع الشمس إلى زوالها وكذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفّار،فإنّما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفّار إيّاهم،فذلك قوله:«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا»(2) ما كان المؤمنون أحقَّ به منهم وإنّما اُذن للمؤمنين الّذين قاموا بشرائط الإيمان الّتي وصفناها،وذلك أنّه لا يكون مأذوناً له في القتال حتّى يكون مظلوماً،ولا يكون مظلوماً حتّى يكون مؤمناً،ولا يكون مؤمناً حتّى يكون قائماً بشرائط الإيمان الّتي اشترط الله(عزّوجلّ) على المؤمنين والمجاهدين فإذا تكامَلَت فيه شرائط الله(عزّوجلّ)كان مؤمناً،وإذا كان مؤمناً كان مظلوماً،وإذا كان مظلوماً كان مأذوناً له في الجهاد لقوله(عزّوجلّ):«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»وإن لم يكُن مستكملاً لشرائط الإيمان فهو ظالم ممّن يبغي ويجب جهاده حتّى يتوب وليس مثله مأذوناً له في الجهاد والدُّعاء

ص:181


1- الحجرات49: 9
2- الحج22: 39

إلى الله(عزّوجلّ)لأنّه ليس من المؤمنين المظلومين الّذين اُذن لهم في القرآن في القتال،فلمّا نزلت هذه الآیة«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا»في المهاجرين الّذين أخرجهم أهل مكّة من ديارهم وأموالهم، اُحلَّ لهم جهادهم بظلمهم إيّاهم،واُذن لهم في القتال.

فقلت:فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكّة لهم فما بالهم في قتالهم کسری و قیصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب؟ فقال:لو كان إنّما اُذِن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكّة فقط، لم يكن لهم إلى قتال جموع کسری و قیصر وغير أهل مكّة من قبائل العرب سبيل،لأنَّ الذين ظلموهم غيرهم وإنّما اُذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكّة لإخراجهم إيّاهم من ديارهم وأموالهم بغير حقّ، ولو كانت الآية إنّما عنتِ المهاجرين الّذين ظلمهم اهل مكّة كانت الآية مرتفعة الفرض عمّن بعدهم إذ[ا]لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد وكان فرضها مرفوعاً عن الناس بعدهم [إذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد]وليس كما ظننت ولا كما ذكرتَ ولكن المهاجرين ظلمِوا من جهتين:ظلمهم أهل مكّة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم فقاتَلوهم بإذن الله لهم في ذلك وظلَمهم کسری و قیصر ومن كان دونَهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيدهم ممّا كان المؤمنون أحقَّ به منهم فقد قاتلوهم بإذن الله(عزّوجلّ)لهم في ذلك،وبحجَّة هذه الآية

ص:182

يقاتل مؤمنوا كلّ زمان،وإنّما أذن الله(عزّوجلّ)للمؤمنين الّذين قاموا بما وصَف[ها]الله(عزّوجلّ)من الشرائط التي شرطها الله على المؤمنين في الإيمان والجهاد ومن كان قائماً بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين وليس بمأذون له في القتال ولا بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف،لأنّه ليس من أهل ذلك ولا مأذون له في الدعاء إلى الله (عزّوجلّ)لأنّه ليس يجاهد مثله وأمر بدعائه إلى الله ولا يكون مجاهداً من قد اُمر المؤمنون بجهاده وحظر الجهاد عليه ومنعه منه ولا يكون داعياً إلى الله(عزّوجلّ)من أُمر بدُعاء مثله إلى التوبة والحقّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به،ولا ينهي عن المنكر من قد أمر أن ينهي عنه،فمن كانت قد تمّت فيه شرائط الله (عزّوجلّ)الّتي وصف بها أهلها من أصحاب النبيّ(صلّى الله عليه و آله وسلّم)وهو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما أذن لهم في الجهاد لأنّ حكم الله(عزّوجلّ)في الأوّلين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلا من علة أو حادث يكون والأولون والآخرون أيضاً في منع الحوادث شرکاء والفرائض عليهم واحدة يسأل الآخرون عن أداء الفرائض عمّا يسأل عنه الأوّلون ويحاسبون عما به يحاسبون،ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين،فليس من أهل الجهاد وليس بمأذون له فيه

ص:183

حتّى يفِییء بما شرط الله(عزّوجلّ)عليه،فإذا تكاملت فيه شرائط الله (عزّوجلّ)على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد،فليتّق الله(عزّوجلّ)عبد ولا يغترّ بالأمانيّ الّتی نهی الله(عزّوجلّ)عنها من هذه الأحادیث الکاذبة علی الله الّتي يکذّبها القرآن، ويتبرّأ منها ومن حملتها ورواتها ولا يقدَم على الله(عزّوجلّ)بشبهة لا يعذر بها فإنّه ليس وراء المتعرّض للقتل في سبيل الله منزله يؤتي الله من قبلها وهي غاية الأعمال في عظم قدرها فليحكم امرءٌ لنفسه وليرِها کتاب الله(عزّوجلّ)ويعرضها عليه،فإنّه لا أحد أعرف بالمرء من نفسه فإن وجدَها قائمةً بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد،وإن علم تقصيراً فليصلحها وليقمها على ما فرض الله عليها من الجهاد ثمّ ليقدَم بها وهي طاهرة مُطهّرة من كل دنس يَحول بينها وبين جهادِها،ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله(عزّوجلّ)على المؤمنين والمجاهدين:لا تجاهدوا،ولكن نقول:قد علّمنا كم ما شرط الله(عزّوجلّ)على أهل الجهاد الّذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان فليصلح امرءٌ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك وليعرضها على شرائط الله،فإن رأى أنّه قد وفي بها و تکاملت فيه فإنّه ممن أذن الله(عزّوجلّ)له في الجهاد،فإن أبی أن لا يكون مجاهداً على ما فيه من الإصرار على المعاصي والمحارم والإقدام على

ص:184

الجهاد بالتخبيط والعمى والقدوم على الله(عزّوجلّ)بالجهل والرّوايات الكاذبة،فلقد-لعمري-جاء الأثر فيمَن فعل هذا الفعل«إنّ الله (عزّوجلّ)ينصر هذا الدّين بأقوام لا خلاق لهم»فليتّق الله(عزّوجلّ) أمرءٌ وليحذر أن يكون منهم،فقد بيّن لكم ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل،ولا قوّة إلّا بالله،وحسبُنا الله عليه توكّلنا وإليه المصير(1) .

باب(96) التجارة مع الله والثَمن الجنَّة

مجمع البيان:في قوله تعالى:«إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ»يروى أن الله سبحانه تاجر المؤمنين فأغلى لهم الثمن فجعل ثمنهم الجنة وكان الصَّادق(عليه السّلام)يقول:

أيا من ليست له همّة:انه ليس لأبدانكم ثمن إلَّا الجنّة فلا تبيعوها إلّا بها، وأنشد الأصمعي للصادق(عليه السّلام):

اُثامِن بالنفس النفيسة ربَّها فليس لها في الخلق كلّهم ثمَن بها نشتري الجنّات إن أنَابِعتُهَا بشيء سواها إنّ ذلکُمُ غَبَنٌ إذا ذَهَبت نفسي بدُنيا أَصَبتُها فقد ذَهب الدُّنيا وقد ذَهَب الثمن(2)

ص:185


1- الكافي:ج5ص13ح1
2- مجمع البيان:ج3ص75

باب(97) دعاء أمير المؤمنين اذا أراد القتال

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن سهل بن زیاد،عن جعفر بن محمد،عن ابن القدّاح،عن أبيه میمون،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) أنّ أمير المؤمنين(عليه السّلام)كان إذا أراد القتال قال هذه الدعوات:

«اللهمّ إنّك اعلمتَ سبيلاً من سُبلك جعلتَ فيه رضاك وندبتَ إليه أولياءك وجعلته أشرف سُبلك عندك ثواباً وأكرمها لديك(1) مآباً وأحبّها إليك مسلكاً،ثمّ اشتريتَ فيه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعداً عليك(2) حقّاً، فاجعلني ممّن اشتری(3) فيه منك نفسه ثمّ وفي لك ببيعه الذي بايعك عليه،غيرَ ناکث(4) ولا ناقض عهداً ولا مبدّلاً تبديلاً،بل استیجاباً لمحبّتك وتقرّباً به إليك فاجعله خاتمة عملي وصيّر فيه فناء عمري وارزقني فيه لك وبه مشهداً،توجب لي به منك الرّضا و تحطّ به عنّي الخطايا وتجعلني في الأحياء المرزوقين بأيدي العداة والعصاة تحت لواء الحقّ وراية الهُدی ماضياً على نصرتهم قُدُماً غير مولّی دُبُراً ولا حيث شكّاً،اللهم وأعوذ

ص:186


1- في تفسير العياشي:إليك
2- في تفسير العياشي:وعداً عليه
3- في تفسير العياشي:ممن اشتريت
4- في تفسير العياشي:بيعته التي بايعك عليها غير ناکثٍ

بك عند ذلك من الجُبن عند موارد الأهوال ومن الضَّعف عند مساورة الأبطال ومن الذنب المُحبِط للأعمال فاحجم من شك أو مضى بغیر يقين فيكون سعيي في تباب وعملي غير مقبول»(1) .

تفسير العياشي:عن عبدالله بن میمون القداح،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:كان علي(عليه السّلام)إذا أراد القتال...وذكر مثله إلى قوله:ولا مبدل تبدیلاً(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ»(112).

باب(98) قراءة الامامين الباقر والصادق لهذه الآية

مجمع البيان:في قوله تعالى:«التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ»في قراءة أبي وعبدالله بن مسعود والأعمش التائبين العابدين بالياء الى آخرها،وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)(3) .

ص:187


1- الكافي:ج5ص46ح1
2- تفسير العياشي:ج2ص265ح1912الطبعة الحديثة
3- مجمع البيان:ج3ص74.منه تفسير البرهان:ج4ص568

باب(99) متى يقام الحدُّ على السارق؟

الكافي:عدة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد بن خالد،عن عثمان بن عيسى،عن سماعة بن مهران،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:من أخذ سارقاً فعفا عنه فذاك له فان رفع إلى الأمام قطعه،فإن قال الذي سرق منه:أنا أهب له،لم يدعه الإمام حتى يقطعه إذا رفع اليه، وإنّما الهبة قبل أن يرفع إلى الأمام، وذلك قول الله(عزّوجلّ):

«وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ»،فإذا انتهى الحد إلى الإمام فليس لأحدٍ أن يترُكه(1) .

تفسير العياشي:عن يونس بن عبد الرحمن،عن أبي عبدالله( عليه السّلام)انّه قال:من أخذ سارقاً فعفا عنه [فذلك له]فاذا رفع إلى الأمام قطعه،وإنّما الهِبة قبل أن يرفع الى الأمام،وكذلك قول الله:«وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ»،فإذا انتهى الحد إلى الإمام،فليس لأحلدٍ أن يترُكه(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ»(114) .

ص:188


1- الكافي:ج7ص251ح1
2- تفسير العياشي:ج2ص265ح1914الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص568

باب(100) معنى الأوّاه

مجمع البيان:في قوله تعالى:«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ»أي دَعّاء،كثير الدعاء والبكاء.وهو المروي عن أبي عبدالله(عليه السّلام)(1) .

باب(101) عدم جواز الاستغفار للكافر

تفسير العياشي:عن ابراهيم بن أبي البلاد،عن بعض أصحابه، قال:قال أبو عبد الله(عليه السّلام):ما يقول الناس في قول الله تعالی:

«وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ»؟ قلت:يقولون:انّ ابراهيم وعد أباه ليستغفر له.

قال:ليس هو هكذا،إنّ إبراهيم وعده أن يسلم فاستغفر له،فلمّا تبين له انّه عدو الله تبرأ منه(2) .

تفسير العياشي:عن أبي اسحاق الهمداني،عن رجل(3) قال:صلّی رجل إلى جنبي،فاستغفر لأبويه،وكانا ماتا في الجاهلية.

فقلت:تستغفر لأبوَيك وقد ماتا في الجاهلية؟

ص:189


1- مجمع البيان:ج3ص77
2- تفسير العياشي:ج2ص266ح1915الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص568
3- في بحار الانوار:عن الخليل،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)

فقال:قد استغفر ابراهیم لأبيه،فلم أدر ما أردّ عليه،فذكرت ذلك للنبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)فأنزل الله:«وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ»،قال:

لمّا مات تبيّن أنه عدوّ لله،فلم يستغفر له(1) .

باب(102) كيفية الدعاء لغير المسلم

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد بن خالد،عن محمد بن عيسى بن عبيد،عن محمد بن عرفة،عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام)قال:قيل لأبي عبدالله(عليه السّلام):كيف أدعو لليهودي والنصراني؟ قال:تقول له:بارك الله لك في الدُّنيا(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»(115).

ص:190


1- تفسير العياشي:ج2ص266ح1917الطبعة الحديثة.منه بحار الانوار:ج75ص390
2- الكافي:ج2ص650ح9

باب(103) معرفة الهدى والضلال

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد بن خالد،عن ابن فضّال،عن ثعلبة بن میمون،عن حمزة بن محمّد الطيار،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)في قول الله(عزّوجلّ):«وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ».

قال:[حتى]يعرّٙفهم ما يرضيه وما يسخِطه.وقال:«فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا»(1) .قال:بيّن لها ما تأتي وما تترك.وقال:«إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا»(2) ؟قال:عرّفناه اما آخذ وإمّا تارك.

وعن قوله(3) :«وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى»(4) .

قال:عرّفناهم فاستحبُّوا العمى على الهدی وهم يعرفون؟ وفي رواية:بيّنا لهم(5) .

التوحيد:حدثنا محمد بن على ماجيلويه(رحمه الله)،عن عمه

ص:191


1- الشمس91: 8
2- الانسان76: 3
3- في التوحيد:امّا آخذاً وامّا تاركاً.وفي قوله(عزّوجلّ)
4- فصّلت41: 17
5- الكافي:ج1ص163ح3

محمّد بن أبي القاسم،عن أحمد بن أبي عبدالله،عن ابن فضّال،عن ثعلبة بن میمون،عن حمزة بن الطيّار،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)مثله إلى قوله:وهم يعرفون(1) .

المحاسن:البرقي،عن أبيه، عن فضالة بن أيّوب الأزدي،عن أبان الأحمر،وحدثنا به أحمد،عن ابن فضّال،عن ثعلبة بن میمون نحوه(2) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن محمد بن عيسى،عن يونس،عن حمّاد،عن عبد الأعلى قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):أصلحك الله هل جُعِل في الناس أداةٌ ينالون بها المعرفة؟ قال:فقال:لا.

قلت:فهل كُلّفوا المعرفة؟ قال:لا،على الله البيان «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»(3) و «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا»(4) .

قال:وسألته عن قوله(5) :«وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ»(6) ؟

ص:192


1- التوحید:ص411ح4
2- المحاسن:ج1ص430،ح993الطبعة الحديثة
3- البقرة2: 286
4- الطلاق65: 7
5- في التوحيد:عن قول الله(عزّوجلّ)
6- التوبة9: 115

قال:حتى يعرّٙفهم ما يرضيه وما يسخطه(1) .

التوحيد:حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(رضي الله عنه)قال:حدثنا محمد بن الحسن الصفّار،عن ابراهيم بن هاشم،عن اسماعیل بن مرّار،عن يونس بن عبد الرّحمن،عن حمّاد،عن عبد الأعلى قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):...وذكر مثله(2) .

تفسير العياشي:عن عبد الأعلى قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عن قول الله:«وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ»؟ قال:حتّى يعرّفهم ما يرضيه وما يسخطه،ثمّ قال:أما إنا أنكرنا المؤمن بما لا يعذِر الله الناس بجهالته،والوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة،وترك رواية حديث لم تحفظ خير لك من رواية حديث لم تحصة،إنّ على كلّ حقّ حقيقة،وعلى كلّ صواب نوراً،فما وافق كتاب الله فخذوه،وما خالف كتاب الله فدعوه،ولن يدعه كثير من أهل هذا العالم(3) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:193


1- الكافي:ج1ص163ح5
2- التوحید:ص414ح 11
3- تفسير العياشي:ج2ص267ح1919الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص571

قوله تعالى:«لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ»(117) .

باب(104) قبول توبة المهاجرين والأنصار

الاحتجاج:عن ابان بن تغلب،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في حديث أنَّه قرأ:لقد تاب الله بالنبي والمهاجرين والأنصار.

قال ابان:قلت له:يابن رسول الله إنّ العامة لا تقرأ كما عندك؟ قال:وكيف تقرأ ؟ قال:قلت:انّها تقرأ «لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ».

فقال:ويلهم وأيَّ ذنب كان الرسول الله حتى تاب الله عليه عنه؟! إنّما تاب الله به على أُمّته(1) .

أقول:هذا على التأويل،فانّ الله(عزّوجلّ)تاب ببركة النبي(صلّى الله عليه و آله و سلّم)على المهاجرين والأنصار،إلّا من أبطل توبته بالردَّة بعد وفاة الرسول الكريم.

ص:194


1- الاحتجاج:ص76.منه تفسير البرهان:ج4ص574

تفسير القمي:في قوله تعالى:«لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ»،قال الصادق (عليه السّلام)هكذا نزلت-أي:لقد تاب الله بالنبي والمهاجرين...-وهو أبوذر وأبو خثيمة وعمر بن وهب الذين تخلّفوا ثمّ لحقوا برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»(118) .

باب(105) قصة الثلاثة المتخلّفين

تفسير العياشي:عن علي بن أبي حمزة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سألته عن قول الله:«وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا»؟ قال:كعب،ومرارة بن الربيع،وهلال بن اُميّة(2) .

تفسير البرهان:في(نهج البیان)روي عن أبي جعفر وأبي عبدالله

ص:195


1- تفسير القمي:ج1ص297
2- تفسير العياشي:ج2ص267ح1920الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص573

(عليهما السّلام)أنّ السبب في هذه الآية أنّ النبي لمّا توجه إلى غزاة تَبوك تخَلّف عنه کعب بن مالك الشاعر،ومرارة بن الرّبيع،وهلال بن اُميّة الرافعي،تخلّفوا عن النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)على أن يتحوَّجوا(1) ويلحقوه فلهوا بأموالهم وحوائجهم عن ذلك،وندموا وتابوا،فلمّا رجع النبي مظفَّراً منصوراً أعرض عنهم فخرجوا على وجوههم وهَاموا في البرية مع الوحوش وندموا أصدق ندامة وخافوا أن لا يقبل الله توبتهم ورسوله لإعراضه عنهم،فنزل جبرئیل فتلا على النبي فأنفذ إليهم من جاء بهم فتلا عليهم وعرفهم أن الله قد قبِل توبتهم(2) .

تفسير العياشي:قال صفوان:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):كان أبو البابة أحدهم،يعني في آية «وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا»(3) .

مجمع البيان:في قوله تعالى:«الَّذِينَ خُلِّفُوا»القراءة المشهورة الذين خُلّٙفوا،وقرأ علي بن الحسین زین العابدين وأبو جعفر محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق(عليهم السّلام)و أبو عبد الرحمن السلمي:«خالفوا»(4) .

ص:196


1- تحّوج:طلب الحاجة يقال:«خرج فلان يتحوَّج»أي:يطلب ما يحتاج اليه من معیشته(أقرب الموارد)
2- تفسير البرهان:ج4ص573ح4
3- تفسير العياشي:ج2ص268ح1922الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص574
4- مجمع البيان:ج3ص78.منه تفسير البرهان:ج4ص572

الكافي:علي بن ابراهيم،عن صالح بن السندي،عن جعفر بن بشیر،عن فيض بن المختار قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام): کیف تقرأ «وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا»؟ قال:لو كان خلّفوا لكانوا في حال طاعة ولكنّهم«خالفوا » عثمان وصاحباه أما والله ما سمعوا صوت حافر ولا قعقعة حجر إلّا قالوا: اُتينا فسلّط الله عليهم الخوف حتى أصبحوا(1) .

تفسير العياشي:عن فيض بن المختار قال:قال أبو عبدالله( عليه السّلام):كيف تقرأ هذه الآية في التوبة:«وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا»؟ قال:قلت:«خُلِّفُوا».

قال:لو خلّٙفوا لكانوا في حال طاعة-وزاد الحسين بن المختار عنه:لو كانوا خلفوا ما كان عليهم من سبیل-ولكنّهم خالفوا... وذكر مثله(2) .

معاني الأخبار:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا سعد بن عبدالله،قال:

حدثنا محمد بن الحسين،عن ابن فضّال،عن علي بن عقبة،عن أبيه، عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله(عزّوجلّ):«ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ»

ص:197


1- الكافي:ج8ص377ح568
2- تفسير العياشي:ج2ص297ح1921الطبعة الحديثة

قال:هي الإقالة(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ»(119).

باب(106) كونوا مع الصادقین

تفسير العياشي:روى المعلّی بن خنیس،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قوله:«وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ»بطاعتهم(2) .

تفسير العياشي:عن هشام بن عجلان قال:قلت لأبي عبدالله( عليه السّلام):اسألك عن شيء لا أسأل عنه أحداً بعدك،أسألك عن الايمان الذي لا يسع الناس جهله؟ فقال:شهادة أن لا إله إلّا الله،وانّ محمداً رسول الله،والاقرار بما جاء من عند الله،وإقام الصَّلاة وإيتاء الزّكاة،وحجّ البيت،وصوم شهر رمضان،والولاية لنا،والبراءة من عدوِّنا،وتكون مع الصّديقين(3) .

تفسير البرهان:في(نهج البيان)عن أبي جعفر وأبي عبدالله

ص:198


1- معاني الأخبار:ص215ح1.منه تفسير البرهان:ج4ص573
2- تفسير العياشي:ج2ص269ح1925الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص577
3- تفسير العياشي:ج2ص269ح1926الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص577

(عليهما السّلام)أنّ الصادقين هاهنا هم الأئمة الطاهرون من آل محمد أجمعين(1) .

التهذيب:الحسين بن الحسن الحسيني قال:حدثنا محمد بن موسى الهمداني قال:حدثنا علي بن حسان الواسطي قال:حدثنا علي بن الحسين العبدي قال:سمعت أبا عبدالله الصادق(عليه السّلام) يقول:

صيام يوم غدیر خم يعدل صيام عمر الدنيا لو عاش انسان ثم صام ما عمرت الدنيا لكان له ثواب ذلك-الى أن قال-:واكثر من قولك في يومك وليلتك أن تقول:(اللهم العن الجاحدين والناكثين والمغيّرين والمكذّبين بيوم الدين من الأَولين والآخرين...ربّنا إنّك أمرتنا بطاعة ولاة أمرك وأمرتنا أن نكون مع الصادقین،فقلت:«اطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»(2) وقلت:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» فسمعنا وأطعنا ربّنا فثبّت أقدامنا وتوفّنا مسلمين مصدّقين لأولياءك ولا تّزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهّاب...) الى آخر الدعاء(3) .

مجمع البيان:في قوله تعالى:«وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ»في مصحف

ص:199


1- تفسير البرهان:ج4ص578ح13
2- النساء4: 59
3- التهذيب:ج3ص147ح317

عبدالله وقراءة ابن عباس:من الصادقين.وروي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»(122).

باب(107) وجوب معرفة الامام الآخَر بعد وفاة الامام الذي قبله

الكافي:محمد بن يحيى،عن محمد بن الحسين،عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):إذا حَدَث على الأمام حدثٌ،كيف يصنع الناس؟ قال:أين قول الله(عزّوجلّ):«فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»! قال:هُم في عذر ما داموا في الطلب،وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم(2) .

ص:200


1- مجمع البيان:ج3ص80.منه تفسير البرهان:ج4ص578
2- الكافي:ج1ص378ح1

علل الشرایع:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا عبد الله بن جعفر،عن علي بن اسماعيل،وعبدالله بن محمد بن عيسى،عن صفوان بن یحیی، عن يعقوب بن شعيب،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قلت له:إذا هلك الامام فبلغ قوماً ليسوا بحضرته؟ قال:يخرجون في الطلب،فإنّهم لا يزالون في عذر ما داموا في الطلب.

قلت:يخرجون كلُّهم أو يَكفيِهم أن يخرج بعضهم؟ قال:إن الله تعالى يقول:«وفَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ».

قال:هؤلاء المقيمون في السعة حتى يرجع إليهم أصحابُهم(1) .

تفسير العياشي:عن يعقوب بن شعيب،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قلت له:إذا حدثَ للإمام حدث،كيف يصنع الناس؟ قال:يكونون كما قال الله:«وفَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ»الى قوله:«يَحْذَرُونَ».

قال:قلت:فما حالُهم؟ قال:هم في عذر(2) .

ص:201


1- علل الشرایع:ص591ح41.منه تفسير البرهان:ج4ص582
2- تفسير العياشي:ج2ص269ح1927الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص583

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن محمد بن خالد،عن النّضر بن سوید، عن يحيى الحلبي،عن برید بن معاوية،عن محمد بن مسلم قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):

أصلحك الله بلغنا شكواك وأشفقنا(1) ،فلو أعلمتنا أو علّمتنا مَنْ؟ قال:إنّ علياً كان عالماً والعلم يتوارث،فلا يهلِك عالم إلّا بقي من بعده من يعلم مثل علمه أو ما شاء الله.

قلت:أفَيسع الناس إذا مات العالم ألّا يعرفوا الذي بعده؟ فقال:أمّا أهل هذه البلدة فلا-يعني المدينة-وأمّا غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم إنّ الله يقول:«وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ».

قال:قلت:أرأيت من مات في ذلك؟ فقال:هو بمنزلة من خرج من بيته مهاجراً الى الله ورسوله ثمَّ یدرکه الموت فقد وقع أجره على الله.

قال:قلت:فإذا قدموا بأي شيء يعرفون صاحبهم؟ قال:يُعطى السكينة والوقار والهيبة(2) .

ص:202


1- الشكوى:المرض.واشفق عليه:خاف وحاذر(اقرب الموارد)
2- الكافي:ج1ص379ح3

علل الشرایع:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن البرقي والحسين بن سعيد جميعاً،عن النضر بن سوید،عن يحيى الحلبي،عن برید بن معاوية مثله باختلاف يسير(1) .

الكافي:على بن ابراهيم،عن محمد بن عيسى،عن يونس بن عبد الرحمن قال:حدثنا حمّاد،عن عبد الأعلى قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عن قول العامّة:إنّ رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم)قال:

من مات وليس له إمام مات ميتة جاهليّة؟ فقال:الحقّ والله.

قلت:فإنّ إماماً هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيّه لم يسعه ذلك؟ قال:لا يسعه،إنّ الأمام إذا هلك وقعت حجة وصيّه على من هو معه في البلد،وحقّ النَّفْر على من ليس بحضرته إذا بلغهم،إنّ الله (عزّوجلّ)يقول:«فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ».

قلت:فنفر قومٌ فهلك بعضهم قبل أن يَصِل فيعلَم؟ قال:إن الله(عزّوجلّ)يقول:«وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ

ص:203


1- علل الشرایع:ص591ح4

وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ»(1) .

قلت:فبلغ البلد بعضهم فوجدك مغلقاً عليك بابك،ومرخى عليك سترك،لا تدعوهم إلى نفسك،ولا يكون من يدلّهم عليك فبما يعرفون ذلك؟ قال:بكتاب الله المنزل.

قلت:فيقول الله(جلّ وعزّ)كيف؟ قال:أراك قد تكلّمت في هذا قبل اليوم.

قلت:أجل.

قال:فذكّر ما أنزل الله في علي وما قال له رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)في حسن و حسین(عليهما السّلام)وما خصّ الله به علياً (عليه السّلام)وما قال فيه رسول الله من وصيّته إليه ونصبه إيّاه وما يصيبهم وإقرار الحسن والحسين بذلك ووصيّته إلى الحسن،وتسليم الحسين له بقول الله:«النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ»(2) .

قلت:فإنَّ الناس تكلَّموا في أبي جعفر(عليه السّلام)ويقولون:

كيف تخطّت من ولد أبيه مَنْ له مثل قرابته ومَنْ هو أسنُّ منه،وقَصُرت

ص:204


1- النساء4: 110
2- الاحزاب33: 6

عمّن هو أصغر منه؟ فقال: يُعرف صاحب هذا الأمر بثلاث خصال لا تكون في غيره:

هو أولى الناس بالّذي قبله وهو وصيّه،وعنده سلاح رسول الله (صلّى الله علیه و آله وسلّم)ووصيّته،وذلك عندي لا اُنازَع فيه.

قلت:إنَّ ذلك مستور مخافة السلطان؟ قال:لا يكون في ستر إلّا وله حجَّة ظاهرة،إنَّ أبي استودعني(1) ما هناك،فلمّا حضرتْه الوفاة قال:ادع لي شهوداً فدعوتُ أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبدالله بن عمر،قال:اكتب:هذا ما أوصى به يعقوب بنيه «يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»(2) وأوصى محمّد بن علي الى ابنه جعفر بن محمّد وأمره أن يكفّنه في بُرده الذي كان يصلّي فيه الجُمَع،وأن يعمّمه بعمامته ، وان يربّع قبره ويرفعه أربع أصابع،ثمَّ يخلّي عنه،فقال:اطووه،ثم قال للشهود:انصَرفوا رحمكم الله.

فقلت بعد ما انصرفوا:ما كان في هذا-يا أبت-أن تَشهِدَ عليه؟ فقال:إنّي كرهت أن تُغلَب وأن يقال:انّه لم يوص،فأردت أن تكون لك حجّة،فهو الّذي إذا قدم الرجل البلد قال:من وصئُّ فلان؟

ص:205


1- استودعته وديعة:استحفظته إياها(مجمع البحرین)
2- البقرة 2: 132

قيل:فلان .

قلت:فان أشرك في الوصيّة؟ قال:تسألونه فإنّه سيبيّٙن لكم(1) .

علل الشرایع:أبي(رحمه الله)عن عبدالله بن جعفر،عن محمد بن عبدالله بن جعفر،عن محمد بن عبد الجبّار،عمّن ذكره،عن يونس بن يعقوب،عن عبد الأعلى قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام): إن بَلغنا وفاة الامام كيف نصنَع؟ قال:علیکم النفير.

قلت:النفير جميعاً؟ قال:إنّ الله يقول:«فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ» الآية.

قلت:نفرنا فمات بعضهم في الطريق؟ قال:فقال:إنّ الله تعالى يقول:«وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ»(2) .

تفسير العياشي:عن عبد الأعلى قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):[إنْ]بلغنا وفاة الامام [كيف نصنع]؟

ص:206


1- الكافي:ج1ص378ح2
2- علل الشرایع:ص591ح42.منه تفسير البرهان:ج4ص582

قال:علیکم النفر.

قلت:جميعاً؟ قال:إنَّ الله يقول:«َفلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا» الآية.

قلت:نفَرنا،فماتَ بعضُنا في الطريق؟ قال:فقال:«وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ»إلى قوله: «أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ».

قلت:فقدمنا المدينة،فوجدنا صاحِب هذا الأمر مغلقاً عليه بابه مرخی عليه ستره؟ قال:إنّ هذا الأمر لا يكون الّا بأمر بيّن،هو الذي اذا دخلت المدينة قلت:إلى من أوصى فلان؟ قالوا:إلى فلان(1) .

علل الشرایع:حدثنا علي بن أحمد(رحمه الله)قال:حدثنا محمد ابن أبي عبدالله الكوفي،عن أبي الخير صالح بن أبي حمّاد،عن أحمد بن هلال،عن محمد بن أبي عمير،عن عبد المؤمن الأنصاري قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السّلام):إنَّ قوماً يروون انّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)قال:اختلاف أُمّتي رحمة؟

ص:207


1- تفسير العياشي:ج2ص270ح1930الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص584

فقال:صدقوا.

فقلت:إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب؟ قال:ليس حيث تذهب وذهبوا وانّما أراد قول الله(عزّوجلّ):

«فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله (صلّی الله عليه و آله و سلّم) ويختلفوا إليه فيتعلّموا ثمَّ يرجِعوا إلى قومهم فيعلّموهم،إنّما أرادَ إختلافهم مِنَ البُلدان لا اختلافاً في دين الله،إنّما الدين واحد،إنّما الدين واحد(1) .

باب(108) وجوب التفقُّه في الدين

الكافي:علي بن محمد بن عبدالله،عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى،عن علي بن أبي حمزة قال:سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام)يقول:تفقّهوا في الدّين فإنّه من لم يتفقّه منكم في الدّين فهو أعرابيّ إن الله يقول[في كتابه]:« لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»(2) .

ص:208


1- علل الشرایع:ص85ح4.منه تفسير البرهان:ج4ص583
2- الكافي:ج1ص31ح6

الكافي:الحسين بن محمد،عن جعفر بن محمد،عن القاسم بن الربيع،عن مفضّل بن عمر قال:سمعت أبا عبد الله(عليه السّلام)يقول:

عليكم بالتفقّه في دين الله ولا تكونوا أعراباً فإنّه من لم يتفقّه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملاً(1) .

الكافي:محمد بن اسماعيل،عن الفضل بن شاذان،عن ابن أبي عمیر،عن جميل بن درّاج،عن أبان بن تغلب،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:لوددت أنّ أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقّهوا(2) .

الكافي:علي بن محمد،عن سهل بن زياد،عن محمد بن عیسی، عن رواه،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قال له رجل:جعلت فداك رجل عرف هذا الأمر لزم بيته ولم يتعرّف إلى أحد من إخوانه؟ قال:فقال:كيف يتفقّه هذا في دينه(3) ؟

باب(109) الرجل الفقيه

الخصال:حدثنا أبي(رضي الله عنه)قال:حدّثنا محمد بن يحيى

ص:209


1- الكافي:ج1ص31ح7
2- الكافي:ج1ص31ح8
3- الكافي:ج1ص31ح9

العطّار،عن محمد بن أحمد،عن علي بن السندي،عن محمد بن عمرو ابن سعيد،عن موسى بن أكيل قال:سمعت أبا عبد الله(عليه السّلام) يقول:لا يكون الرّجل فقيهاً حتى لا يبالي أيّ ثوبيه ابتذل(1) وبما سدَّ فورة الجوع(2) و(3) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ»(123).

باب(110) لزوم قتال الكفّار

التهذيب:محمد بن أحمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،قال:

حدثنا بعض أصحابنا،عن محمد بن حميد،عن يعقوب القميّ،عن أخيه عمران بن عبدالله القمّي،عن جعفر بن محمد(عليهما السّلام)في قول الله(عزّوجلّ):«قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ»قال:الدّيلم(4) .

ص:210


1- ابتذل:لبس المِبذَل،والمِبذَل:الثوب الخَلَق(اقرب الموارد)
2- فورة الحرّ:شدّته،وفورة الغضب:حدَّته(أقرب الموارد)
3- الخصال:ص40ح27
4- التهذيب:ج6ص174ح345

تفسير العياشي:عن عمران بن عبدالله القمّي،عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام)مثله(1) .

أَقول:تقع بلاد الديلم في شمال إيران على بحر قزوين وكانت تقع على الحدود بين بلاد الإسلام وبلاد الشرك يومذاك،وكان أهلها من المجوس،وربّما اُطلق الديلم على المشركين من غير العرب.

ودلّت الآية على وجوب قتال الأقرب فالأَقرب اذا لم يكن الأَبعد أَشدّ خطرا من الأَقرب.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ*وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ»(124و125).

باب(111) الايمان درجات

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن بكر بن صالح،عن القاسم ابن بريد قال:حدثنا أبو عمرو الزبيري،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)-

ص:211


1- تفسير العياشي:ج2ص271ح1932الطبعة الحديثة

في حديث قال-:وقال فيما فرض على الجوارح من الطهور والصلاة بها وذلك أنّ الله(عزّوجلّ)لما صرف نبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الى الكعبة عن البيت المقدّس فأنزل الله(عزّوجلّ):«وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ»(1) فسمّى الصلاة إيماناً فمن لقي الله(عزّوجلّ)حافظاً لجوارحه موفّياً كلّ جارحة من جوارِحه ما فرض الله(عزّوجلّ)عليها لقي الله(عزّوجلّ)مستكملاً لإيمانه وهو من أهل الجنّة ومن خان في شيء منها أو تعدّی ما أمر الله(عزّوجلّ) فيها لقي الله (عزّوجلّ)ناقص الإيمان.

قلت:قد فهمتُ نقصان الايمان وتمامه،فمن أين جاءت زيادته؟ فقال:قول الله(عزّوجلّ):«وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ* «وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ» وقال:«نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى»(2) ولو كان كلُّه واحداً لا زيادة فيه ولا نقصان لم يكن لأحد منهم فضل على الآخر ولاستوت النعم فيه ولاستوى الناس وبطل التفضيل،ولكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنّة،وبالزيادة في الايمان تفَاضَلَ المؤمنون بالدرجات

ص:212


1- البقرة2: 143
2- الكهف18: 13

عند الله،و بالنقصان دخل المفرطون النّار(1) .

تفسير العياشي:عن أبي عمرو الزبيري،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قلت له:قد فهمت نقصان الإيمان وتمامه، فمن أين جاءت زيادته؟وما الحجة فيها؟ قال:قول الله:«وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا»إلى قوله:«رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ»وقال:«نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى»ولو كان كله .. وذکر نحوه(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ»(128) .

باب(112) الرسول رؤوف رحيم بالمؤمنين

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن سهل بن زياد،عن يحيى بن المبارك،عن عبدالله بن جبلة،عن اسحاق بن عمّار،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:هكذا انزل الله(تبارك و تعالی):لقد جاءنا رسول من

ص:213


1- الكافي:ج2ص37ح1
2- تفسير العياشي:ج3ص89ح2636الطبعة الحديثة

أنفسنا عزيز عليه ما عنِتّنا حريص علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم(1) .

أَقول:الحديث ضعيف من حيث السند فلا يُعتمد عليه ولا يُستند اليه،ومع فرض صحَّته فإِنّه على بعض الوجوه والتأويلات،ولعلّ ذلك كان في مصحفهم(عليهم السّلام)فإِنّه الجامع للتنزيل والتأويل للقرآن.

والله العالم بحقائق الأُمور.

تفسير العياشي:عن ثعلبة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:قال الله(تبارك و تعالی):«لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ»قال:فينا «عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ»قال:فينا«حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ»قال:فينا«بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ »قال:شَركنا المؤمنون في هذه الرابعة،وثلاثة لنا(2) .

مجمع البيان:في قوله تعالى:«لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ» قيل:معناه:أنه من نكاح لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية. عن الصادق ( عليه السّلام)(3) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»(129).

ص:214


1- الكافي:ج8ص378ح570
2- تفسير العياشي:ج2ص271ح1934الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج4ص592
3- مجمع البيان:ج3ص89

باب(113) العرش والكرسي

التوحيد:حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدّقاق(رحمه الله)قال:حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي قال:حدثنا محمد بن اسماعيل البرمكي قال:حدثنا الحسين بن الحسن قال:حدثني أبي،عن حنّان بن سدير قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عن العرش والكرسي؟ فقال:إنَّ للعرش صفات كثيرة مختلفة له في كلّ سبب وضع في القرآن صفة على حده فقوله:«رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»،يقول:الملك العظيم،وقوله:«الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى»(1) يقول:على الملك احتَوى وهذا ملك الكيفونية في الأشياء.ثم العرش في الوصل متفرد من الكرسي لأنّهما بابان من أكبر أبواب الغيوب،وهما جميعاً غيبان وهما في الغيب مقرونان لأنّ الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الأشياء كلّها،والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحدّ والأين والمشيَّة وصفة الإرادة وعِلم الألفاظ والحركات والترك،وعِلم العَود والبَدء فهما في العلم بابان مقرونان لأنّ ملك العرش سوى مَلك الكرسي،وعلمه أغيب من علم

ص:215


1- طه20: 5

الكرسي فمن ذلك قال«رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»أي صفته أعظم من صفة الكرسي وهما في ذلك مقرونان.

قلت:جعلت فداك فَلِمَ صار في الفضل جار الكرسي؟ قال:إنه صار جاره لأنّ علم الكيفوفية فيه،وفيه الظاهر من أبواب البداء وأينيتها،وحد رَتقِها وفَتقِها فهذان جاران أحدهما حمل صاحبه في الصرف،وبمثل صرف العُلماء ويستدلون على صدق دعواهما،لأنّه يختص برحمته من يشاء وهو القوي العزيز.فمن اختلاف صفات العرش انه قال(تبارك و تعالى):«رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ»(1) وهو وصف عرش الوحدانية لان قوماً اشركوا كما قلت لك،قال(تبارك و تعالی):«َبِّ الْعَرْشِ»ربّ الوحدانية عمّا يصِفون،وقوماً وصفوه بیدین فقالوا:«يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ»(2) وقوماً وصفوه بالرجلين فقالوا:وضَع رجله على صخرة بيت المقدّس،فمنها ارتقي الى السّماء،وقوماً وصفوه بالأنامل فقالوا:إنّ محمّداً(صلّى الله عليه وآله وسلّم)قال:إنّي وجدت برد أنامله على قلبي،فلمثل هذه الصفات قال:«رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ»يقول:ربّ المثل الأعلى عمّا به مثّلوه،ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء ولا يوصف ولا يتوَهّم فذلك المثل الأعلى،ووصف

ص:216


1- الأنبياء21: 22
2- المائدة5: 64

الذين لم يُؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربّهم بأدنى الأمثال وشبّهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به،فلذلك قال:«وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا»(1) فليس له شبه ولا مثل ولا عدل وله الأسماء الحُسني التي لا يسمّى بها غيره وهي التي وصفها في الكتاب فقال:«فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ»(2) جهلاً بغير علم فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يُشرك وهو لا يعلم ويكفر به وهو يظن أنّه يحسن فلذلك قال:

«وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ»(3) فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم،فيضعونها غير مواضعها.

یا حنّان:إنَّ الله(تبارك و تعالی)أمر أن يُتّخذ قوم أولياء فهم الذين أعطاهم الله الفضل وخصّهم بما لم يخص به غيرهم،فأرسل محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم)فكان الدليل على الله،بإذن الله (عزّوجلّ) حتى مضى دليلاً هادياً فقام من بعده وصيّه(عليه السّلام) دلیلاً هادياً على ما كان هو دل عليه من أمر ربّه،من ظاهر علمه ثمّ الأئمّة الرّاشدون (عليهم السّلام)(4) .

ص:217


1- الاسراء17: 85
2- الأعراف7: 180
3- يوسف12: 106
4- التوحيد:ص321ح1.منه تفسير البرهان:ج7ص275

ص:218

سورة يونس

باب(1) فضل تلاوة سورة يونس

ثواب الأعمال:أبي(رحمه الله)قال:حدّثني محمّد بن أبي القاسم،عن محمد بن عليّ الكوفي،عن إسماعيل بن مهران،عن الحسن بن عليّ،عن الحسين بن محمّد بن فرقد،عن فضيل الرسّان، عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:من قرأ سُورة يونس في كلّ شهرين أو ثلاثة،لم يخف[عليه]أن يكون من الجاهلين،وكان يوم القيامة من المقرَّبين(1) .

تفسير العياشي:عن فضيل الرسّان مثله(2) .

بحار الأنوار:الدروع الواقية-عن الصادق(عليه السّلام):من قرأ

ص:219


1- ثواب الأعمال:ص132
2- تفسير العياشي:ج2ص273ح1937الطبعة الحديثة.منهما تفسير البرهان:ج5ص7

سورة يونس في كلّ شهر لم يكن من الجاهلين وكان يوم القيامة من المقرّبين(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ»(2).

باب(2) شفاعة النبي وولاية الوصيّ

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن حمّاد بن عيسى،عن ابراهیم بن عمر اليماني،عمّن ذكره،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله(تبارك وتعالى):«وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ».

فقال(2) :هو رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)(3) .

تفسير العياشي:عن ابراهیم بن عمر،عمّن ذكره مثله(4) .

ص:220


1- بحار الأنوار:ج97ص134ضمن حديث2
2- في تفسير العياشي و تفسير القمي:قال
3- الكافي:ج8ص364ح554
4- تفسير العياشي:ج2ص274ح1940الطبعة الحديثة

تفسير القمي:حدثني أبي،عن حمّاد بن عيسى،عن إبراهيم بن عمر اليماني،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قوله...وذكر مثله(1) .

الكافي:الحسين بن محمد،عن معلّی بن محمد،عن محمد بن جمهور،عن يونس قال:أخبرني من رفعه الى أبي عبدالله(عليه السّلام) في قوله تعالى:««وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ».

قال:ولاية أمير المؤمنين(عليه السّلام)(2) .

تفسير العياشي:عن يونس بن عبد الرحمن،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)في قوله:«وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ».

قال:الولاية(3) .

مجمع البيان:في قوله تعالى:«قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ»قيل:

إن معنى«قَدَمَ صِدْقٍ»شفاعة محمد(صلّی الله عليه وآله وسلّم)لهم يوم القيامة،وهو المروي عن أبي عبدالله(عليه السّلام)(4) .

مناقب آل أبي طالب:أبو عبدالله(عليه السّلام):«وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ»قال:شفاعة النبي،والذي جاء

ص:221


1- تفسير القمي:ج1ص308
2- الكافي:ج1ص422ح50
3- تفسير العياشي:ج2ص274ح1939الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص9
4- مجمع البيان:ج3ص89.منه تفسیر البرهان:ج5ص10

بالصدق شفاعة علي،أولئك هم الصدّيقون شفاعة الأئمّة(عليهم السّلام)(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ٭إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ٭إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ٭أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ»(5 - 8).

باب(3) المصنوع يدلّ على الصانع

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن عباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الّذي أتى أبا عبدالله (عليه السلام)...

قال هشام:فكان من سؤال الزنديق أن قال:فما الدليل عليه؟ فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):وجود الأفاعيل دلّت على أنّ صانعاً

ص:222


1- مناقب آل أبي طالب:ج2ص165

صنعها ألا ترى أنّك إذا نظرت إلى بناء مشیّد مبنيّ علمت أنّ له بانياً وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده...الى آخر الحديث(1) .

باب(4) كلمة التوحيد عظيمة كريمة

التوحيد:حدثنا أبو منصور أحمد بن ابراهيم بن بكر الخوزي قال:

حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن هارون الخوزي قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن زياد الفقيه الخوزي قال:حدثنا أحمد بن عبدالله الجويباري ويقال له:الهروي،والنهرواني والشيباني،عن الرضا علي بن موسى،عن أبيه،عن آبائه،عن عليّ(عليهم السّلام)قال:قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):إنّ«لا إله إلا الله»كلمة عظيمة كريمة على الله(عزّوجلّ)من قالها مخلصاً استوجب الجنّة ومن قالها كاذباً عصمت ماله ودمه وكان مصيره إلى النّار(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ»(9).

ص:223


1- الكافي:ج1ص80ح5
2- التوحيد:ص23ح18

باب(5) الهداية والإضلال يوم القيامة

التوحيد-معاني الأخبار:حدثنا عليّ بن عبدالله الورّاق ومحمد بن أحمد السناني(1) وعلي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق(رحمهم الله)قالوا:حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان قال:حدثنا بکر بن عبدالله بن حبيب قال:حدثنا تمیم بن بهلول،عن أبيه، عن جعفر ابن سليمان البصري،عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال:سألت أبا عبدالله جعفر بن محمد(عليهما السّلام)عن قول الله(عزّوجلّ): «مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا»(2) ؟ فقال:إنّ الله(تبارك وتعالى) يضلّ الظّالمين يوم القيامة عن دار کرامته،ويهدي أهل الإيمان والعمل الصّالح إلى جنّته،كما قال[الله] (عزّوجلّ):«وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ»(3) وقال (عزّوجلّ):«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ»(4) ...الى آخر الحديث.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:224


1- في معاني الاخبار:الشيباني
2- الكهف18: 17
3- إبراهيم14: 27
4- التوحيد:ص241ح1-معاني الاخبار:ص20ح1.منهما تفسير البرهان:ج5ص14

قوله تعالى:«دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(10).

باب(6) ثواب التسبيح والتحميد

الاختصاص:قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال:حدثنا الحسين بن مهران قال:حدثني الحسين بن عبدالله،عن أبيه،عن جدّه، عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن جدّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام)،عن النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)-في حديث قال-:إذا قال العبد:«سبحان الله»سبّح كلّ شيء معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها وإذا قال:«الحمد لله»أنعم الله عليه بنعيم الدُّنيا حتى يلقاه بنعيم الآخرة،وهي الكلمة الّتي يقولها أهل الجنّة إذا دخلوها، والكلام ينقطع في الدُّنيا ما خلا الحمد وذلك قوله:«وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(1) .

تفسير العياشي:عن زيد الشحّام،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:سألته عن التسبيح؟

ص:225


1- الاختصاص:ص34.منه تفسير البرهان:ج5ص18

فقال:هو اسم من اسماء الله،ودعوى أهل الجنّة(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ»(15).

باب(7) تعيين وصىّ النبي من عند الله تعالى

تفسير القمي:أخبرني الحسن بن علي،عن أبيه،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي السفاتج،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله:

«ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ»يعني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام)«قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ»يعني في علي بن أبي طالب أمير المؤمنين(عليه السّلام)(2) .

تفسير العياشي:عن أبي السفاتج،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) في قول الله:«ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ»يعني أمير المؤمنين(عليه السّلام)(3) .

ص:226


1- تفسير العياشي:ج2ص275ح1944الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص18
2- تفسير القمی:ج1ص310.منه تفسير البرهان:ج5ص19
3- تفسير العياشي:ج2ص275ح1946الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص20

الكافي:علي بن محمد،عن سهل بن زیاد،عن أحمد بن الحسين ابن عمر بن يزيد،عن محمد بن جمهور،عن محمد بن سنان،عن المفضّل بن عمر قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عن قول الله تعالی:

«ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ»؟ قال:قالوا:أو بدّل علياً(عليه السّلام)(1) .

باب(8) الرسول في أمان من العذاب

تفسير العياشي:عن منصور بن حازم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:لَمْ يزل رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم) يقو:«إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ»حتى نزلت سورة الفتح،فلم يَعُد الى ذلك الكلام(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ»(18).

ص:227


1- الكافي:ج1ص419ح37
2- تفسير العياشي:ج2ص275ح1947الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص20

باب(9) بنو اسماعيل لم تعبد الأصنام

تفسير العياشي:عن الزّهري قال:أتى رجل أبا عبد الله(عليه السّلام)فسأله عن شيء فلم يجبه،فقال له الرّجل:فإن كنت إبن أبيك فإنّك من أبناء عبدة الأصنام.

فقال له:كذبت إنّ الله أمر إبراهيم أن يُنِزل إسماعيل بمكّة ففعل فقال إبراهيم:«رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ»(1) فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنماً قطّ ولكنّ العرب عبدةُ الأصنام وقالت بنو إسماعيل:«هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ»فكفرت ولم تعبد الأصنام(2) .

أقول:الحديث ضعيف السَّند.

وتوضيحه:أنّ الرجل-الذي لم یُذكر اسمه-سأل الامام الصادق (عليه السّلام)مسألة لم تُذكر في الحديث،فلم يجبه الأمام، ولعلّ الاجابة على المسألة كانت تتنافى مع التقيَّة أو كانت فوق مستوى السائل أو غير ذلك،فلم يجبه الإمام(عليه السّلام).

ويبدو أن السائل كان منحرفاً عن أهل البيت(عليهم السّلام) ولهذا

ص:228


1- ابراهيم14: 35
2- تفسير العياشي:ج2ص414ح2287الطبعة الحديثة.منه بحار الانوار:ج3ص252

صدر منه ما ينافي الأدب والاحترام و تكلّم بما لا يقوله من له ادنى معرفة بآل رسول الله الطاهرين،حيث نَسب آباء الامام الصادق(عليه السّلام) وأجداده الى عبادة الأصنام.

فأجابه الامام(عليه السّلام)بأن آباءه ينتهي نَسبَهم الى اسماعیل بن ابراهیم(عليهما السّلام)وأن ذريَّة اسماعيل لم يعبدوا صنماً قط،بل غيرهم من العرب هم الذين عبدوا الأصنام.

والظاهر أن في الحديث تقديم و تأخيراً،والصحيح هو:ولكن العرب عبدةُ الأصنام وقالت:«هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ»فكفرت ولم تعبد بنو اسماعيل الأصنام...والله العالِم.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى«فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»(23).

باب(10) ثلاثة ذنوب ترجع على صاحبها

تفسير العياشي:عن منصور بن يونس،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)ثلاث يرجعن على صاحبنَّ:النكث،والبغي،والمكر،قال الله:

ص:229

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُم»(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:««إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ *وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»(24و25).

باب(11) استحباب الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

الكافي:علي بن إبراهيم،عن أبيه،عن ابن محبوب،عن بعض أصحابه،عن ابن أبي يعفور قال:سمعت أبا عبد الله(عليه السّلام)يقول:

فيما ناجی الله(عزّوجلّ)به موسی(علیه السّلام):

«یا موسی لا تركن إلى الدنيا ركون الظّالمين،وركون من اتّخذها أباً وأُمّاً.

یا موسی لو وكّلتك إلى نفسك لتنظر لها إذاً لغلب عليك حبّ الدنيا وزهرتها.

ص:230


1- تفسير العياشي:ج2ص275ح1968الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص22

یا موسی نافس(1) في الخير أهله واستبقْهم إليه،فانّ الخير کاسمه، واترك من الدنيا ما بك الغني عنه،ولا تنظر عينك إلى كلّ مفتون بها و موكّل إلى نفسه.

واعلم أنّ كلّ فتنة بدؤها حبّ الدنيا،ولا تغبط أحداً بكثرة المال فإنّ مع كثرة المال تكثر الذنوب لواجب الحقوق،ولا تغبطنّ أحداً برضی الناس عنه،حتى تعلم أنّ الله راض عنه،ولا تغبطنّ مخلوقاً بطاعة الناس له،فإنّ طاعة النّاس له واتّباعهم إيّاه على غير الحقّ هلاك له ولمن اتبعه»(2) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان أو غيره،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)أنه ذكر خطبة الأمير المؤمنين(عليه السّلام)يوم الجمعة.

وفيها:«أوصيكم عباد الله وأُوصي نفسي بتقوى الله الّذي ابتدأ بدأ الأمور بعلمه،وإليه يصير غداً میعادها،وبیده فناؤها وفناؤكم،وتصرّم أيّامكم،وفناء آجالكم،وانقطاع مدّتكم،فكأنْ قد زالت عن قليل عنّا وعنكم كما زالت عمّن كان قبلكم،فاجعلوا-عبادَ الله-اجتهادکم فی هذه الدنيا التزوّد من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل فانّها دار عمل،

ص:231


1- نافس في الشيء:رغب فيه على وجه المباراة في الكرم(اقرب الموارد)
2- الكافي:ج2ص135ح21

والآخرة دار القرار والجزاء،فتجافوا عنها فإنّ المغترّ من اغترّ بها،لن تعدوا الدّنيا إذا تناهت إليها أُمنية أهل الرّغبة فيها المحبّين لها المطمأنّين إليها المفتونين بها،تكون كما قال الله(عزّوجلّ)«إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ»مع أنّه لم يصب امرء منكم في هذه الدنيا حبرة(1) إلّا اورثته عبرة ولا يصبح فيها في جناح آمن إلّا وهو يخاف فيها نزول جائحة(2) ،أو تغيُّر نعمة،أو زوال عافية،مع أنّ الموت من وراء ذلك،وهول المطّلع والوقوف بين يدي الحَكَم العَدل،تُجزى كلّ نفس بما عملت«وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى»(3) .

الكافي:عليّ بن إبراهيم،عن محمد بن عيسى،عن يحيى بن عقبة الأزدي،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قال أبو جعفر(عليه السّلام):

مَثَل الحريص على الدّنيا كمثل دودة القزّ،كلّما ازدادت على نفسها لفّاً كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غمّاً.

قال:وقال أبو عبدالله(عليه السّلام):كان فيما وعظ لقمان ابنه:یا

ص:232


1- الحَبْرَة:السرور والنعمة(أقرب الموارد)
2- الجائحة:كل مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة،يقال:جاحت الآفة المال:أهلكته(مجمع البحرين)
3- الكافي:ج8ص184ح194والآية الأخيرة في سورة النجم53: 31

بنيّ إنّ الناس قد جمعوا قبلك اولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له،وإنّما أنت عبد مستأجَر قد أُمرت بعمل ووُعدتَ عليه أجراً فأوف عملك،و استوف أجرک و لا تکن فی هذه الدنیا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت فكان حتفها(1) عند سمنها(2) ولكن اجعل الدّنيا بمنزلة قنطرة على نهر جُزتَ عليها وتركتها ولم ترجع إليها آخر الدهر،أخربها ولا تعمرها،فإنك لم تؤمر بعمارتها.

وإعلم أنّك ستُسأل غداً إذا وقفت بين يدي الله(عزّوجلّ)عن أربع:شبابك فيما أبليته،وعمرك فيما أفنيته،ومالك ممّا اكتسبته،وفيما أنفقته،فتأهّب لذلك وأعدّ له جواباً،ولا تأس على ما فاتك من الدنيا، فإنّ قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه وكثيرها لا يؤمن بلاؤه،فخذ حذرك،وجدّ في أمرك،واكشف الغطاء عن وجهك وتعرّض لمعروف ربّك وجدّد التوبة في قلبك واكمش في فراغك(3) قبل أن يقصد قصدك ويقضي قضاؤك ويحال بينك وبين ما تريد(4) .

الكافي:محمد بن يحيى،عن علي بن الحكم،عن المثنّى،عن

ص:233


1- الحتف:الموت(أقرب الموارد).والمعنى هو ذبحها وأًكل لحمها
2- سمن سمناً:كثر لحمه وشحمه(أقرب الموارد)
3- أي شمّر وجِدّ في الطلب،يقال:انكمش في هذا الأمر:شمّر وجدّ فيه(مجمع البحرين)
4- الكافي:ج2ص134ح20

أبي بصير،عن أبي عبد الله(عليه السّلام)قال:كان أبو ذر(رضي الله عنه) يقول في خطبته:یا مبتغي(1) العلم كأنّ شيئاً من الدّنيا لم يكن شيئاً إلّا ما ينفع خيره ويضرّ شرّه إلّا من رحم الله.

یا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك،أنت يوم تفارقهم كضيف بتّ فيهم ثمّ غدوت عنهم إلى غيرهم،والدّنيا والآخرة کمنزل تحوّلت منه الى غيره وما بين الموت والبعث إلّاکنومة نمتها ثمّ استيقظت منها.

یا مبتغي العلم قدّم لمقامك بين يدي الله(عزّوجلّ)فإنّك مثاب بعملك كما تدين تدان یا مبتغي العلم(2) .

باب(12) الدعوة الالهيَّة إلى دار السّلام

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن بكر بن صالح،عن القاسم ابن بريد،عن أبي عمرو الزبيريّ،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)-في حديث طويل قال:فأخبر أنّه(تبارك و تعالی)أوّل من دعا إلى نفسه، ودعا إلى طاعته واتّباع أمره فبدأ بنفسه فقال:«وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ

ص:234


1- بغيت الشيء:طلبته(مجمع البحرین)
2- الكافي:ج2ص134ح18

السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»(1) .

معاني الاخبار:حدثنا أحمد بن الحسن القطّان قال:حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطان قال:حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال:

حدثنا تمیم بن بهلول،عن أبيه،عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال:

سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عن معنى التسليم في الصلاة؟ فقال:التسليم علامة الأمن،و تحليل الصلاة-الى أن قال:والسلام اسم من أسماء الله(عزّوجلّ)(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»(26).

باب(13) فائدة البكاء من خشية الله تعالى

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن جمیل ابن درّاج ودرست،عن محمد بن مروان قال:سمعت أبا عبدالله (عليه السلام)يقول:ما من شيء إلّا وله كيل ووزن إلّا الدُّموع،فإنَّ القطرة [منها]تطفيء بحاراً من النّار فإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق

ص:235


1- الكافي:ج5ص13ح1
2- معاني الاخبار:ص175

وجهه(1) قَتَر ولا ذلّة،فإذا فاضت حرّمه الله على النّار ولو أنّ باكياً بكي في أُمَّهٍ لرُحموا(2) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن منصو ابن يونس،عن محمد بن مروان،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:ما من شيء...وذكر مثله(3) .

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن سهل بن زیاد،عن ابن فضّال،عن أبي جميلة ومنصور بن يونس،عن محمد بن مروان،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:ما من عين إلّا وهي باكية يوم القيامة إلّا عَيناً بكت من خوفِ الله،وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله(عزّوجلّ)إلّا حرّم الله (عزّوجلّ)سائر جسده على النار،ولا فاضت على خدّه فرهق ذلك الوجه قتر ولا ذّلة،وما من شيء إلّا وله کیل ووزن إلّا الدمعة، فإنّ الله (عزّوجلّ)يُطفيء باليسير منها البحار من النار،فلو أنّ عبداً بكي في اُمَّة لرحم الله(عزّوجلّ)تلك الاُمَّة ببكاء ذلك العبد(4) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:236


1- في الكافي ح1:وجهاً. ورهق الشيء:اذا غشيه-كما في قوله تعالى:«تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ» أي تغشاها غبرة-(مجمع البحرین)
2- الكافي:ج2ص482ح5
3- الكافي:ج2ص481ح1
4- الكافي:ج2ص482ح2

قوله تعالى:و«وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»(27) .

باب(14) الذنب يورث سواد الوجه

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن محمد بن خالد،والحسين بن سعيد جميعاً،عن النّضر بن سوید،عن يحيى الحلبي،عن المثنّى،عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) في قول الله:«كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ»قال:أما ترى البيت إذا كان الليل كان أشدَّ سواداً من خارج فلذلك هم يزدادون سواداً(1) .

تفسير العياشي:عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) نحوه(2) .

أَقول:وَصَف الله(عزّوجلّ)أَصحاب السيئات و حالهم في الآخرة بأَنهم يُعاملون جزاء سيئاتهم بمثلها مع الذلّة ولا يمنعهم شيء من الله (عزشأنه)وتكون وجوههم مظلمة تمام الظلمة وشدّتها،لأن الظلام فيه

ص:237


1- الكافي:ج8ص252ح355
2- تفسير العياشي:ج2ص277ح1952الطبعة الحديثة

زيادة ونقصان وقلّة وكثرة،حتى ذُكر في قصة النبي يونس«وفَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ»(1) وهي ظلمات ثلاث:ظلمة بطن الحوت وظلمة قعر البحر وظلمة الليل،فهم يزدادون سواداً الى سواد.نسأل الله العصمة من السيئات.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ٭ فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ٭هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ»(28- 30).

باب(15) النهي عن طاعة غير الله سبحانه

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد بن خالد،عن أبيه، عن عبدالله بن يحيى،عن عبدالله بن مسكان،عن أبي بصير قال:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام)عن قول الله(عزّوجلّ):«اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ»(2) .

ص:238


1- الانبياء21: 87
2- التوبة9: 31

فقال:أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوا ولكن أحوالهم حراماً وحرّموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون(1) .

الكافي:علي بن محمد،عن صالح بن أبي حمّاد وعلي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن رجل،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:من اطاع رجلاً في معصية فقد عبده(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»(35).

باب(16) الامام علي أعلم من أبي بكر وعمر

الكافي:عدة من أصحابنا،عن أحمد بن أبي عبد الله،عن عمرو بن عثمان،عن علي بن أبي حمزة،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله(عليه السّلام)قال:لقد قضى أمير المؤمنين(عليه السّلام) بقضية،ما قضى بها

ص:239


1- الكافي:ج2ص398ح7
2- الكافي:ج2ص398ح8

أحد كان قبله،وكانت أوّل قضية قضى بها بعد رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)وذلك أنّه لما قُبض رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأفضى الأمر إلى أبي بكر اُتي برجل قد شرب الخمر فقال له أبو بكر:

أشَربتَ الخمر؟ فقال الرجل:نعم.

فقال:ولِمَ شربتَها وهي مُحرّمة؟ فقال:إنني لمّا أسلمت و منزلي بين ظهراني قومٍ يشربون الخمر ويستحلّونها ولم أعلم أنها حرام فاجتنبها.

قال:فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال:ما تقول-يا أبا حفص-في أمر هذا الرجل؟ فقال:مُعضَلة وأبو الحسن لها.

فقال أبو بكر:يا غلام ادع لنا علياً.

قال عمر:بل يؤتى الحَكَمِ في منزله.

فأتوه ومعه سلمان الفارسي فأخبره بقصّة الرّجل،فاقتص عليه قصته فقال عليّ(عليه السّلام)لأبي بكر:ابعث معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار فمن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه،فان لم يكن تلا عليه آية التحريم فلا شيء عليه،ففعل أبو بكر بالرجل ما قال علي(عليه السّلام)فلم يشهد عليه أحد فخلّى سبيله.

ص:240

فقال سلمان لعلي(عليه السّلام):لقد أرشدتَهم.

فقال علي (عليه السّلام):إنّما أردتُ أن اُجَدّد تأكيد هذه الآية فيَّ وفيهم:«أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»(1) .

تفسير العياشي: عن عمرو بن[أبي]القاسم قال:سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام)وذكر أصحاب النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)ثم قرأ:

و«أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ»إلى قوله:«تَحْكُمُونَ».

فقلنا:من هو أصلحك الله ؟ فقال:بلغنا أنّ ذلك على(عليه السّلام)(2) .

باب(17) صيحتان عند قيام الامام المهدي

كمال الدين:حدثنا أبي(رضي الله عنه)قال:حدثنا سعد بن عبدالله قال:حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب،عن جعفر بن بشیر،عن هشام بن سالم،عن زرارة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:ينادي منادٍ باسم القائم(عليه السّلام).

ص:241


1- الكافي:ج7ص294ح4
2- تفسير العياشي:ج2ص277ح1953الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص36

قلت:خاصّ أو عام؟ قال:عام يسمع كلُّ قوم بلسانهم.

قلت:فمن يخالف القائم(عليه السّلام)و قد نُودي باسمه؟ قال:لا يَدَعهم إبليس حتى ينادي[في آخر الليل]ويشكَّك الناس(1) .

كمال الدين:حدثنا محمد بن علي ماجيلويه(ره)عن عمّه محمد ابن أبي القاسم،عن محمد بن علي الكوفي،عن أبيه،عن أبي المغرا، عن المعّلی بن خنیس،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:صوت جبرئيل من السماء،وصوت ابليس من الأرض،فاتبِعوا الصوت الأول، وإيِّاكم والأخير أن تفتتنوا به(2) .

الكافي:أبو علي الأشعري،عن محمد بن عبد الجبّار،عن ابن فضال والحجّال جميعاً،عن ثعلبة،عن عبد الرحمن بن مسلمة الجريري قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):يوبّخونا ويكذّبونا انّا نقول:إنّ صَيحتين تكونان،يقولون:مِن أين تُعرف المحقّة من المبطلة إذا كانتا؟ قال:فماذا تردّون عليهم؟ قلت:ما نَردّ عليهم شيئاً.

قال:قولوا:يُصدّق بها إذا كانت مَن كان يؤمن بها من قَبل،إن الله

ص:242


1- كمال الدين:ص650ح8.منه تفسير البرهان:ج5ص33
2- كمال الدين:ص252ح13.منه تفسير البرهان:ج5ص34

(عزّوجلّ)يقول:«أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»(1) .

غيبة النعماني:حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:حدثنا علي ابن الحسن التيملي،عن أبيه،عن محمد بن خالد،عن ثعلبة بن میمون، عن عبد الرحمن بن مسلمة الجريري قال:قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام):إنّ الناس يُوبّخونا ويقولون:من أين يعرف المحق من المبطل إذا كانتا؟ فقال:ما تَرُدّون عليهم؟ قلت:فما نردّ عليهم شيئاً.

قال:فقال:قولوا لهم:يُصدّق بها إذا كانت من كان مؤمناً يؤمن بها قبل أن تكون[قال]:إنّ الله(عزّوجلّ)يقول:«أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»(2) .

* * * * * قوله تعالى:«وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ»(36).

ص:243


1- الكافي:ج8ص208ح252
2- غيبة النعماني:ص299ح32.منه تفسير البرهان:ج5ص34

باب(18) عاقبة مَن عمل بلا عِلم

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن ابن فضّال، عمّن رواه،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ٭بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ»(38 و 39).

باب(19) النهي عن السؤال عمّا لم يحن وقته

مختصر بصائر الدرجات:أحمد بن محمد بن عیسی و محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حمّاد ابن عثمان،عن زرارة قال:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام)عن هذه الأُمور العظام من الرّجعة وأشباهها؟

ص:244


1- الكافي:ج1ص44ح3

فقال:إنّ هذا الذي تسألون عنه لم يجيء أوانُه،وقد قال الله(عزّوجلّ):«بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ»(1) .

تفسير العياشي:عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سُئل(عليه السّلام)عن الأُمور العِظام التي تكون ممّا لم یکن؟ فقال:لم يئن أوان كشفِها بعد،وذلك قوله:«بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ»(2) .

باب(20) نهى الله الاُمَّة عن أمرين

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن يونس [ابن عبد الرحمن]،عن أبي يعقوب إسحاق بن عبدالله،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:إن الله خصّ عباده بآيتين من كتابه:أن لا يقولوا حتى يعلموا ولا يردّوا ما لم يعلموا وقال(عزّوجلّ):«أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ»(3) .وقال:«بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ

ص:245


1- مختصر بصائر الدرجات:ص24.منه تفسير البرهان:ج5ص36
2- تفسير العياشي:ج2ص277ح1954الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص36
3- الاعراف7: 169

يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ»(1) .

مجمع البيان:روي عن أبي عبدالله(عليه السّلام)أنّه قال:ان الله خصّ...وذكر مثله(2) .

تفسير العياشي:عن أبي السفاتج قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام)....وذكر نحوه(3) .

تفسير العياشي:عن اسحاق بن عبد العزيز قال:سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام)يقول:إنّ الله خصّ هذه الأُمة بآيتَين من كتابه ألّا يقولوا ما لا يعلمون،وألا يردّوا ما لا يعلمون،ثم قرأ « َلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ»الآية،وقوله:«بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ»الى قوله:«الْظَّالِمِينَ»(4) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ»(49).

ص:246


1- الكافي:ج1ص43ح8
2- مجمع البيان:ج3ص110
3- تفسير العياشي:ج2ص277ح1956الطبعة الحديثة
4- تفسير العياشي:ج2ص278ح1957الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص37

باب(21) الأجَل المقدَّر

تفسير العياشي:عن حمران قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام) عن قول الله:«إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ»؟ قال:هو الذي سمّىَ لملك الموت في ليلة القدر(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ»(53).

باب(22) أمير المؤمنين الإمام بالحق

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن القاسم بن محمد الجوهري،عن بعض أصحابه،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) في قوله:

«وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ».

قال:ما تقول في علي(عليه السّلام)؟«قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ»(2) .

ص:247


1- تفسير العياشي:ج2ص287ح1959الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص38
2- الكافي:ج1ص30ح87

أمالي الصدوق:حدثنا محمد بن الحسن قال:حدثنا محمد بن الحسن الصفّار،عن علي بن محمد القاساني،عن سليمان بن داود المنقري،عن يحيى بن سعيد،عن أبي عبدالله الصادق،عن أبيه( عليهما السّلام)في قول الله(تبارك و تعالی):«وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ».

قال:يستنبئك يا محمّد أهل مكّة عن علي بن أبي طالب إمام هو؟ قل إي وربّي إنّه لحقٌّ(1) .

تفسير العياشي:عن يحيى بن سعيد،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) مثله(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ»(54) .

باب(23) السبب في إسرار الندامة لأهل النار

تفسير القمي:حدثني محمد بن جعفر قال:حدثني محمد بن

ص:248


1- أمالي الصدوق:ص535ح7
2- تفسير العياشي:ج2ص278ح1960الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص39

أحمد،عن أحمد بن الحسين،عن صالح بن أبي عمّار،عن الحسن بن موسى الخشّاب،عن رجل،عن حمّاد بن عیسی،عمّن رواه، عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سُئل عن قول الله(تبارك وتعالى): «وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ»؟ قال:قيل له:ما ينفعهم إسرار الندامة وهم في العذاب؟ قال:کرهوا شماتة الأعداء(1) .

تفسير العياشي:عن حمّاد بن عیسی،عمن رواه،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)مثله(2) .

مجمع البيان:في قوله تعالى:«وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ»روي عن أبي عبدالله(عليه السّلام)أنّه قال:إنّما أسرّوا الندامة وهم في النار کراهية لشماتة الأعداء على أنفسهم(3) .

باب(24) كلمات حكيمة

الكافي:حمید بن زیاد،عن الحسن بن محمد الكندي،عن أحمد

ص:249


1- تفسير القمي:ج1ص313. واسرار الندامة:أي اظهارها، ويقال:كتمانها،فهي من الاضداد-كما في مجمع البحرين-.والمقصود هنا هو الكتمان
2- تفسير العياشي:ج2ص279ح1961الطبعة الحديثة.منهما تفسير البرهان:ج5ص39
3- مجمع البيان:ج3ص116

ابن عدیس،عن أبان بن عثمان،عن أبي الصبّاح قال:سمعت كلاماً یُروي عن النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)وعن علي(عليه السّلام) وعن ابن مسعود فعرضته على أبي عبدالله(عليه السّلام)فقال:هذا قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)أعرفه قال:قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):الشقيّ من شقي في بطن اُمّه،والسعيد من وُعظ بغيره،وأكيس الكيس التقيّ،وأحمق الحمق الفجور،وشرّ الرّوي رويّ الكذب،وشرُّ الأمور مُحدَثاتها،وأعمى العمي عمى القلب،وشرّ الندامة ندامة يوم القيامة...الى آخر الحديث(1) .

أقول:قوله(عليه السّلام):«وشرّ الرَّوي رويّ الكذب»جاء في (أقرب الموارد):انّ الرويِّ بمعنى الشرب التام.

ومعنى الحديث:انّ شرّ الارتواء هو الارتواء من الكذب وكثرة سماعه.وفي نسخة الوافي للفيض الكاشاني نقلا عن الفقيه للشيخ الصدوق:«وشرّ الرواية رواية الكذب»،وهو الأقرب.

وخلاصة الكلام انّ رواية الكذب والاكثار منه ونقله للآخرين شرّ الرواية.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:250


1- الكافي:ج8ص81ح39

قوله تعالى:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ»(57).

باب(25) القرآن شفاء لما في الصدور

الكافي:علي،عن أبيه،عن النوفلي،عن السكوني،عن أبي عبدالله،عن آبائه(عليهم السّلام)قال:شکا رجل إلى النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)و جعا في صدره.

فقال(صلّى الله عليه وآله وسلّم):استشف بالقرآن فانّ الله (عزّوجلّ)يقول:«وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ»(1) .

تفسير العياشي:عن السكوني،عن أبي عبدالله،عن أبيه (عليهما السّلام)قال:شکا رجل...وذكر نحوه(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى :«قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ»(58).

ص:251


1- الكافي:ج2ص600ح7
2- تفسير العياشي:ج2ص279ح1962الطبعة الحديثة

باب(26) لا قيمة للدنيا عند الله تعالی

الكافي:عليّ بن إبراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن جمیل ابن درّاج،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:مرّ رسول الله (صلّى الله علیه و آله وسلّم)بجدي أسكّ(1) ملقى على مزبلة ميتاً،فقال لأصحابه:كم يساوي هذا؟ فقالوا:لعلّه لو كان حيّاً لم يساو درهماً.

فقال النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم):والّذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذا الجدي على أهله(2) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن عبدالله بن المغيرة وغيره، عن طلحة بن زيد،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:مثل الدّنيا كمثل ماء البحر كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتّى يقتله(3) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا

ص:252


1- سكَّ الجدي سَکَكاً:كان قصير الاُذن صغيرها.وقيل:قصير فوقها و ضيّق صماخها (أقرب الموارد)
2- الكافي:ج2ص129ح9
3- الكافي:ج2ص136ح24

تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»(61).

باب(27) بكاء الرسول حين قراءة هذه الآية

مجمع البيان:في قوله تعالى:«وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»قال الصادق(عليه السّلام):كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)إذا قرأ هذه الآية بكی بكاءً شديداً(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»(62).

باب(28) من صفات أولياء الله

کمال الدين:حدّثنا المظفر بن جعفر بن المظفّر العلويّ السمرقندي(رضي الله عنه)قال:حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، وحیدر بن محمّد بن نعيم السمرقندي جميعاً،عن محمد بن مسعود

ص:253


1- مجمع البيان:ج3ص119

العياشي قال:حدثني عليّ بن محمد بن شجاع،عن محمد بن عیسی، عن يونس بن عبد الرحمن،عن علي بن أبي حمزة،عن أبي بصير قال:

قال الصادق جعفر بن محمد(عليه السّلام)-في حديث-:يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته،والمطيعين له في ظهوره،أُولئك أولياء الله الّذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون(1) .

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد بن خالد،عن محمد بن علي،عن محمد بن سنان،عن عيسى النهریري،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):

مَن عرف الله وعظّمه منع فاه من الكلام وبطنه من الطعام وعفی نفسه بالصيام والقيام.

قالوا:بابائنا واُمّهاتنا یا رسول الله هؤلاء أولياء الله؟ قال:إنَّ أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذکراً،ونظروا فكان نظرهم عِبرة،و نطقوا فكان نطقهم حكمة،ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة، لولا الآجال التي قد كتبت عليهم لم تقرّ أرواحهم في أجسادهم خوفاً من العذاب وشوقاً إلى الثواب(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:254


1- كمال الدين:ص357ح54
2- الكافي:ج2ص237ح25

قوله تعالى:«الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ٭لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»(64) .

باب(29) المؤمن يرى النبي والوصي حين الموت

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن سهل بن زیاد،عن ابن فضّال،عن علي بن عقبة،عن أبيه قال:قال لي أبو عبدالله(عليه السّلام):يا عقبة لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلّا هذا الأمر الذي أنتم عليه،وما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّ به عينه إلّا أن تبلغ نفسه إلى هذه-ثم أهوى بيده إلى الوريد ثمَّ إتّكأ.وكان معي المعلّی فغمزني أَن أسأله.

فقلت:يابن رسول الله فإذا بلغت نفسه هذه أيّ شيء يرى؟فقلت له بضع عشرة مرَّة:أي شيء؟ فقال في كلّها:«یری»ولا يزيد عليها،ثمَّ جلس في آخرها فقال:يا عقبة! فقلت:لبيك وسعديك.

فقال:أبيَت الا أن تعلَم؟ فقلت:نعم يابن رسول الله إنّما ديني مع دينك فإذا ذهب دیني كان ذلك،كيف لي بك يابن رسول الله كلّ ساعة؟وبكيت فرَقّ لي.

فقال:يراهما والله.

ص:255

فقلت:بأبي واُمّي من هما؟ قال:ذلك رسول الله وعلى.

یا عقبة:لن تموت نفس مؤمنة أبداً حتى تراهما.

قلت:فإذا نظر إليهما المؤمن أيرجع الى الدُّنيا؟!! فقال:لا،يمضي أمامه،إذا نظر اليهما مضى أمامه.

فقلت له:يقولان شيئاً؟ قال:نعم يدخلان جميعاً على المؤمن فيجلسُ رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم)عند رأسه،وعلي(عليه السّلام)عند رجليه،فيكِبُّ عليه(1) رسول الله فيقول:يا وليَّ الله أبشر أنا رسول الله إنّي خير لك ممّا تركت من الدُّنيا،ثمَّ ينهض رسول الله فيقوم علىّ حتى يُكِبّ عليه، فيقول:يا وليّ الله أبشر أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبّه أما الأنفعنّك،ثمّ قال:إنّ هذا في كتاب الله(عزّوجلّ).

قلت:أين جعلني الله فداك هذا من كتاب الله؟ قال:في يونس قول الله(عزوجل)هاهنا:«الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ٭لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»(2) .

ص:256


1- أكبَّ عليه:أقبل ولزم(مجمع البحرین)
2- الكافي:ج3ص128ح1

تفسير العياشي:عن عقبة بن خالد قال:دخلت أنا والمعلّی علی أبي عبدالله(عليه السّلام)فقال:يا عقبة،لا يقبل الله من العباد يوم القيامة الّا هذا الدّين الذي أنتم عليه،وما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّ به عينيه الّا أن يبلغ نفسه الى هذه-وأومأ بيده الى الوريد ثمّ اتّكا-وغمزني المعلّى أن سله.

فقلت:يابن رسول الله إذا بلغتْ نفسه الى هذه،فأيّ شيء يری؟ فقال:پری.

فقلت له بضع عشرة مرّة:أيّ شيء يری؟ فقال في آخرها:یا عقبة.

فقلت:لبّيك وسعديك.

فقال:أبيت إلّا أن تعلَم؟ فقلت:نعم يابن رسول الله،إنّما دیني مع دمي،فإذا ذهب دیني كان ذلك،فكيف بك يابن رسول الله كلّ ساعة؟وبكيت،فرقّ لي.

فقال:يراهما والله.

فقلت:بأبي وأُمي من هما؟ فقال:رسول الله وعلي.

یا عقبة:لن تموت نفس مؤمنة أبداً حتى يراهما.

قلت:فإذا نظر إليهما المؤمن أيرجع الى الدُّنيا؟!

ص:257

قال:لا،يمضى امامه[إذا نظر اليهما مضى أمامه].

فقلت له:يقولان له شيئاً،جُعلت فداك؟ فقال:نعم،يدخلان جميعاً على المؤمن،فيجلس رسول الله (صلّى الله عليه و آله وسلّم)عند رأسه،وعلي(عليه السّلام)عند رجليه، فيکِبّ عليه رسول الله فيقول:يا ولي الله أبشر بأنّي رسول الله،إنّي خير لك ممّا تركت من الدُّنيا،ثمّ ينهض رسول الله فيقوم علي حتى يكِبّ عليه،فيقول:يا وليّ الله أبشر أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبّني، أما لأنفعنّك،ثم قال:أما إنّ هذا في كتاب الله.

قلت:جعلت فداك،أين في كتاب الله؟ قال:في يونس:«الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ٭لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ»الی قوله:«العَظِیمُ»(1) .

الكافي:ابان بن عثمان،عن عقبة أنّه سمع أبا عبدالله( عليه السّلام) يقول:انّ الرجل إذا وقعت نفسه في صدره پری.

قلت:جعلت فِداك وما یری؟ قال:يرى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)فيقول له رسول الله:أنا رسول الله أبشِر،ثمَّ يرى علي بن أبي طالب فيقول:أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبّه تحبّ أن أنفعك اليوم؟

ص:258


1- تفسير العياشي:ج2ص281ح1998الطبعة الحديثة. منه تفسير البرهان:ج5ص48

قال:قلت له:أيكون أحدٌ من الناس يرى هذا ثمّ يرجع إلى الدّنيا؟ قال:قال:لا،إذا رأى هذا أبداً مات،وأعظم ذلك،قال:وذلك في القرآن قول الله(عزّوجلّ):«الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ٭لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبدِیلَ لِکَلِمَاتِ اللهِ»(1) .

الكافي:أبو على الأشعري،عن محمد بن عبد الجبّار،عن صفوان ابن يحيى،عن أبي المستهل،عن محمد بن حنظلة قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):جعلت فداك حديث سمعته من بعض شيعتك ومواليك يرويه عن أبيك.

قال:وما هو؟ قلت:زعموا أنّه كان يقول:أغبط ما يكون امرءٌ بما نحن عليه إذا كانت النفس في هذه.

فقال:نعم إذا كان ذلك أتاه نبيُّ الله وأتاه علي وأتاه جبرئيل وأتاه ملك الموت فيقول ذلك الملك لعلي:يا علي إنّ فلاناً كان موالياً لك ولأهل بيتك،فيقول:نعم كان يتولّانا ويتبرّأ من عدوّنا، فيقول ذلك نبيُّ الله لجبرئيل فيرفع ذلك جبرئيل الى الله(عزّوجلّ)(2) .

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن سهل بن زیاد،عن ابن محبوب

ص:259


1- الكافي:ج3ص133ح8
2- الكافي:ج3ص134ح13

عن عبد العزيز العبدي،عن ابن أبي يعفور قال:كان خطّاب الجهني خليطاً لنا وكان شديد النُّصب لآل محمد(عليهم السّلام)وكان يصحب نجدة الحروريّة،قال:فدخلت عليه أعوده للخلطة و التقيّة فإذا هو مغمی عليه في حدّ الموت فسمعته يقول:مالي ولك يا عليّ،فأخبرت بذلك ابا عبدالله(عليه السّلام).

فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):رآه وربّ الكعبة رآه وربّ الكعبة(1) .

الكافي:عدة من أصحابنا،عن سهل بن زياد،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،عن حمّاد بن عثمان،عن عبد الحميد بن عوَّاض قال:

سمعت أبا عبد الله(عليه السّلام)يقول:إذا بلغت نفس أحدكم هذه قيل له:أمّا ما كنت تحذر من همّٙ الدنيا وحزنها فقد أمنت منه،ويقال له:

رسول الله وعليٌّ وفاطمة أمامك(2) .

مناقب آل أبي طالب:عن زريق،عن الصادق(عليه السّلام)في قوله تعالى:«لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا».

قال:هو ان يُبَشّٙراه بالجنّة عند الموت.يعني محمّداً وعليّاً( عليهما السّلام)(3) .

ص:260


1- الكافي:ج3ص133ح9
2- الكافي:ج3ص134ح10
3- مناقب آل أبي طالب:ج3ص223.منه تفسير البرهان:ج5ص50

باب(30) الرؤيا الصالحة والجنّة

تفسير البرهان:في(نهج البيان)في معنى ذلك:روي عن الباقر والصادق(عليهما السّلام)قالا:هي الرّؤيا الصّالحة يراها المؤمن، وفي الآخرة الجتّة ممّا أعدّه الله له من النّٙعم عند الموت،وهو قول الله تعالی:

««الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ»(1) أبداً ثمَّ في الجنّة(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ»(74) .

باب(31) أخذ الميثاق قبل عالَم الدنيا

تفسير العياشي:عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) في قوله:«ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ»الى«بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ» قال:بعث الله الرّسل إلى الخلق وهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء،

ص:261


1- النحل16: 32
2- تفسير البرهان:ج5ص50ح14

فمن صدّق حينئذٍ صدّق بعد ذلك،ومن كذّب حينئذ كذّب بعد ذلك(1) .

تفسير العياشي:عن عبدالله بن محمد الجعفي،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:إن الله خلق الخلق، فخلق من أحبَّ ممّا أحب،وكان ما أحبّ أن خلقه من طينة من الجنّة،وخلق من أبغض ممّا أبغَض،وكان ما أبغض آن خلقه من طينة النار،ثمّ بعثهم في الظّٙلال.

فقلت:وأي شيء الظّٙلال؟ فقال:أما ترى ظلَّك في الشمس شيء وليس بشيء؟ثمّ بعث فيهم النبييّن يدعونهم إلى الإقرار بالله،فأقرَّ بعضهم وأنكر بعض،ثمّ دعَوهُم الى ولايتنا،فأقرَّ بها-والله-من أحبّ الله،وأنكرها مَن أبغض،وهو قوله:«فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ»(2) .

تفسير العياشي:عن زرارة وحمران،عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)قالا:انّ الله خلق الخلق وهم أظلّة،فأرسل رسوله محمداً(صلّی الله عليه وآله وسلّم)،فمنهم من آمن به، ومنهم من كذّبه، ثمّ بعثه في الخلق الآخر،فآمن به من كان آمَن به في الأظلّة،وجحده من جحَد به يومئذ،فقال:«فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ»(3) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:262


1- تفسير العياشي:ج2ص282ح1971الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص53
2- تفسير العياشي:ج2ص283ح1972الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص53
3- تفسير العياشي:ج2ص282ح1970الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص52

قوله تعالى:«فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ»(85).

باب(32) الدعاء للأمان من الظالمين

تفسير العياشي:عن زرارة وحمران و محمد بن مسلم،عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)في قوله تعالى:«رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ»قالا:لا تسلّطهم علينا فتَفتنَهم بنا(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ٭قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» (88 و 89).

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

باب(33) أربعون سنة بين الدعاء على فرعون وهلاکه

الكافي:عليّ بن إبراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن هشام بن

ص:263


1- تفسير العياشي:ج2ص283ح1973الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص54

سالم،عن أبي عبد الله(عليه السّلام)قال:كان بين قول الله(عزّوجلّ):

«قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا»وبين أخذ فرعون أربعين عاماً(1) .

تفسير العياشي: عن هشام بن سالم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) نحوه(2) .

الاختصاص:قال الصادق(عليه السّلام)في قول الله(تبارك وتعالى):«قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا»...وذكر نحوه(3) .

مجمع البيان:قال ابن جریح:مکث فرعون بعد هذا الدُّعاء أربعين سنة،وروي ذلك عن أبي عبدالله(عليه السّلام)(4) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن النوفلي،عن السكوني،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):دعا موسی وامَّن هارون وأمّنَتِ الملائكة،فقال الله (تبارك و تعالی):«قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا»ومن غزا في سبيل الله اُستجيب له كما اُستجيب لكما يوم القيامة(5) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:264


1- الكافي:ج2ص489ح5
2- تفسير العياشي:ج2ص284ح1975الطبعة الحديثة
3- الاختصاص:ص266
4- مجمع البيان:ج3ص130.منه تفسير البرهان:ج5ص61
5- الكافي:ج2ص510ح8

قوله تعالى:«وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ*آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ»(90 و 91).

باب(34) عدم قبول توبة فرعون حين الموت

تفسير القمي:قال الصادق( عليه السّلام):ما أتی جبرئيل رسول الله(صلّى الله عليه و آله و سلّم)إلّا كئيباً حزيناً،ولم يزل كذلك منذُ أهلَكَ الله فرعون فلمّا أمره الله بنزول هذه الآية:«آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ»نزل عليه وهو ضاحِك مستبشر،فقال له رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم):ما أتيتني يا جبرئيل إلّا وتبيّنت الحُزنَ في وجهِك حتى الساعة؟ قال:يا محمّد لما أغرق الله فرعون قال:آمنت أنّه لا إله إلّا الله الذي(1) آمنت به بنو اسرائيل وأنا من المسلمين فأخذت حَمأةً فوضعتُها في فيه،ثمّ قلت له:«آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ»؟! وعملتُ ذلك من غير أمر الله،خِفت أن تلحقه الرحمة من الله، ويعذبني

ص:265


1- في تفسير البرهان:انّه لا إله إلّا الذي

على ما فعلت فلمّا كان الآن وأمرني الله أن أُؤدي إليك ما قُلته أنا لفرعون، أمِنتُ وعلِمتُ أنّ ذلك كان الله رضيً(1) .

باب(35) الأمر بالتقنيَّة من المخالفين

معاني الأخبار:حدثنا أحمد بن الحسن القطّان قال:حدثنا الحسن ابن علي السكّري قال:حدثنا محمد بن زكريّا الجوهري قال:حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة،عن أبيه،عن سفيان بن سعيد قال:سمِعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق(عليه السّلام)-وكان والله صادقاً كما سُمّي-يقول:يا سفيان عليك بالتقيّة فإنها سنة إبراهيم الخليل انّ الله (عزّوجلّ)قال لموسى وهارون:«اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى*فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى»(2) یقول الله(عزّوجلّ):کَنّٙياه و قولا له:«یا أبا مصعب»،وانّ رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم)كان إذا أراد سفراً ورّی بغَيره(3) وقال:أمرني ربّي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرايض، ولقد أدّبه الله(عزّوجلّ)بالتقنيّة فقال:«ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ*وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا

ص:266


1- تفسير القمی:ج1ص316.منه تفسير البرهان:ج5ص62
2- طه20: 43و44
3- ورّی عن كذا:أراده وأظهر غيره(أقرب الموارد)

يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ»(1) .

یا سفيان:من استعمل التّقية في دين الله فقد تسنّم الذّروة العليا من العزّ،إنّ عزّ المؤمن في حفظ لسانه ومن لم يملِك لسانه ندم.

قال سفيان:فقلت له:يابن رسول الله هل يجوز أن يُطمِع الله (عزّوجلّ)عبادَه في كونِ ما لا يكون؟ قال:لا.

فقلت:فكيف قال الله(عزّوجلّ) لموسى وهارون:«لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى»وقد علم أنّ فرعون لا يتذكّر ولا يخشی؟ فقال:إنَّ فرعون قد تذکَّر و خشي،ولكن عند رؤية البَأس حيث لم ينفعهُ الإيمان،ألا تسمَع الله(عزّوجلّ)يقول:«حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» فلم يقبل الله(عزّوجلّ)إيمانه قال:«آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ٭«فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً»يقول نُلقيك على نجوةٍ(2) من الأرض لتكون لمن بعدك علامة وعبرَة(3) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:267


1- فصلت41: 34و35
2- النجوة:ما ارتفع من الأرض(أقرب الموارد
3- معاني الأخبار:ص385ح20.منه تفسير البرهان:ج5ص

قوله تعالى:«فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ»(92) .

باب(36) فرعون عِبرة للطاغين

قصص الأنبياء:(باسناده)عن ابن بابویه،عن ابن الوليد،عن الصفّار،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن الحجّال،عن عبد الرحمن ابن حمّاد،عن جعفر بن غیاث،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:إنّ فرعون بنی سبع مدائن فتحصّن فيها من موسی.

إلى أن قال:ثمّ خرج موسی ببني اسرائيل يريد أن يقطع بهم البحر فأنجي الله موسى ومن معه وغرق فرعون ومن معه،فلمّا صار موسى في البحر اتّبعه فرعون وجنوده فتهیّب فرعون أن يدخل البحر فمثّل جبرئیل على ماديانة(1) وكان فرعون على فحل فلمّا رأى قوم فرعون الماديانة اتّبعوها فدخلوا البحر وغرقوا وأمر الله البحر فلفظ فرعون میّتاً حتّى لا يظنّ انه غائب وهو حيّ(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:268


1- ماديانة:لفظ اعجمی يقال للانثى من الخيل
2- قصص الأنبياء:ص155ح168.منه بحار الأنوار:ج13ص109

قوله تعالى:«فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ٭وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ»(94و 95).

باب(37) النبي لا يشكُّ فيما يوحي الله اليه

تفسير القمي:حدثني أبي،عن عمرو(عمران-ط)بن سعيد الراشدي،عن ابن مسکان،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:لمّا أُسري برسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)إلى السّماء،فأوحى الله إليه في علي(صلوات الله عليه)ما أوحي ما يشاء من شرفه وعِظَمِه عند الله،ورُدّ إلى البيت المعمور وجمَع له النبيين فصَلّوا خلفه،عرض في نفس رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)من عِظَم ما أوحي إليه في علي(عليه السّلام)فأنزل الله:«فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ»يعني الأنبياء،فقد أنزلنا عليهم في كُتُبِهم من فضله ما أنزلنا في كتابك «لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ٭وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ»فقال الصادق(عليه السّلام):فوالله ما شك وما سأل(1) .

ص:269


1- تفسير القمي:ج1ص316.منه تفسير البرهان:ج5ص66

أَقول:قوله(عليه السّلام):«... عرض في نفس رسول الله»وفي نسخة:«عرض في قلب رسول الله»أي خطر على قلبه ونفسه(صلّی الله علیه و آله و سلّم)عِظَمُ وحي الله اليه في علي(عليه السّلام) و فضله وعلو منزلته ومقامه عند الله(عزّوجلّ)ولا يخفى أنّ فضل علي من فضل رسول الله،والرسول فضَّله الله على العالمين أجمعين.

علل الشرایع:حدثنا محمد بن الحسن(رضي الله عنه)قال:حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان،عن الحسين بن سعيد،عن حمّاد بن عيسى،عن ابراهیم بن عمیر،رفعه إلى أحدِهما(عليهما السّلام)في قول الله(عزّوجلّ)لنبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم):«فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ»، قال:قال رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم):لا أشُكُّ ولا أسأل(1) .

مجمع البيان:في قوله تعالى:«فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ»روي عن الحسن وقتادة وسعيد بن جبير أنّهم قالوا:أنّ النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)لم يشك ولم يسأل،وهو المروي أيضاً عن أبي عبدالله(عليه السّلام)(2).

مجمع البيان:قال الزهري:إنّ هذه الآية نزلت في السماء فإن صحّ

ص:270


1- علل الشرایع:ص130ح2.منه تفسير البرهان:ج5ص68
2- مجمع البيان:ج3ص133

ذلك فقد كفي المؤونة ورواه أصحابنا أيضاً عن أبي عبدالله(عليه السّلام)(1) .

تفسير العياشي:عن عبد الصمد بن بشیر،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله تعالى:«فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ»قال:لمّا اسري بالنبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم)ففرَغ من مُناجاة ربّه،ردّ إلى البيت المعمور-وهو بيت في السّماء الرّابعة بحذاء الكعبة-فجمع الله النبيين والرُّسل والملائكة،وأمر جبرئيل فأذن وأقام،فتقدَّم بهم فصلّی بهم فلمّا فرغ التفت إليه فقال:

«فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ»إلى قوله:«مِنَ الْمُمْتَرِينَ»(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98).

ص:271


1- مجمع البيان:ج3ص133
2- تفسير العياشي:ج2ص285ح1978الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص69

باب(38) قصة قوم النبي يونس

تفسير القمي:حدثني أبي،عن ابن أبي عمير،عن جميل قال:قال لي أبو عبدالله(عليه السّلام):ما رَدّ الله العذاب إلّا عن قومِ يونس وكان يونس يدعوهم إلى الإسلام فيأبون ذلك،فهمَّ أن يدعو عليهم وكان فيهم رجلان عابد و عالم وكان اسم أحدهما ملیخا والآخر اسمه روبيل،فكان العابد شیر علی یونس بالدّعاء عليهم،وكان العالم ينهاه ويقول:لا تدْعُ عليهم فإنّ الله يستجيب لك ولا يحبُّ هلاك عباده،فقبل قول العابد ولم يقبل من العالم فدعا عليهم،فأوحى الله(عزّوجلّ)إليه:يأتيهم العذاب في سنة كذا وكذا في شهر كذا وكذا في يوم كذا وكذا،فلمّا قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبَقي العالم فيها،فلمّا كان في ذلك اليوم نزل العذاب فقال العالم لهم:يا قوم افزعوا إلى الله فلعلّه يرحمكم ويردّ العذاب عنكم.

فقالوا:كيف نصنع؟ قال:اجتمعوا واخرجوا إلى المفازة،وفرّٙقوا بين النساء والأولاد وبين الإبل وأولادها وبين البقر وأولادها وبين الغنم وأولادها ثمَّ ابكوا وادعوا،فذهبوا وفعَلوا ذلك وضجّوا وبكوا فرحمهم الله وصرف عنهم العذاب،وفرّٙق العذاب على الجبال،وقد كان نزل وقرب منهم،فأقبل

ص:272

يونس لينظر كيف أهلكهم الله،فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم.

قال لهم:ما فعل قوم يونس؟ فقالوا له ولم يعرفوه:إنَّ يونس دعا عليهم فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم فاجتمعوا و بكوا ودعوا فرحِمهم الله وصرف ذلك عنهم وفرّق العذاب على الجبال فهم اذاً يطلبون يونس ليؤمنوا به،فغضب يونس ومرَّ على وجهه مغاضباً لله كما حكى الله حتى انتهى إلى ساحل البحر فاذا بسفينة قد شحنت وأرادوا أن يدفعوها فسألهم يونُس أن يحملوه فحملوه فلما توسطوا البحر بعث الله حوتاً عظيماً فحبس عليهم السفينة من قدامها فنظر إليه يونس ففزع منه وصار إلى مؤخر السفينة فدار إليه الحوت وفتح فاه،فخرج أهل السفينة فقالوا:فينا عاصِ فتساهموا(1) فخرج سهم يونس وهو قول الله(عزّوجلّ):«فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ»(2) فأخرجوه فألقَوه في البحر فالتقمه الحوت ومرِّ به في الماء.

وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين(عليه السّلام)عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه؟

ص:273


1- تساهموا:تقارعوا(أقرب الموارد)
2- الصافات37: 141.وقوله (عزّوجلّ):«مِنَ الْمُدْحَضِينَ»أي قارع فكان من المقر وعين المغلوبين المقهورين(مجمع البحرین)

فقال:يا يهودي أمّا السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فإنّه الحوت الذي حُبس يونس في بطنه فدخل في بحر القلزم ثمَّ خرج الى بحر مصر ثمَّ دخل في بحر طبرستان ثمّ خرج في دجلة الغورا ثمّ مرَّت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون وكان قارون هلك في أيّام موسی، ووكّل الله به ملكاً يُدخله في الأرض كلّ يوم قامة رجل،وكان يونس في بطن الحوت يسبّٙح الله ويستغفره فسمع قارون صوته فقال للملك الموكّل به:انظرني فإنّي أسمع كلام آدمي،فأوحى الله إلى الملك الموكل به:انظره،فانظره ثمّ قال قارون:من أنت؟ قال يونس:أنا المذنب الخاطيء يونس بن متی.

قال:فما فعل الشديد الغضب لله موسی بن عمران؟ قال:هيهات!هلك.

قال:فما فعل الرَّؤوف الرَّحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال:هلك.

قال:فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سُمّٙيت لي؟ قال:هيهات!ما بقي من آل عمران أحد.

فقال قارون:واأسفاه على آل عمران،فشكر الله له ذلك فأمر الله الملك الموكّل به أن يرفع عنه العذاب أيّام الدُّنيا فرفع عنه،فلمّا رأى يونس ذلك«وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ

ص:274

الظَّالِمِينَ»(1) فاستجاب الله له،وأمر الحوت أن يلفظه فلفظه على ساحل البحر وقد ذهب جلده ولحمه وأنبت الله عليه شجرة من يقطين-وهي الدّباء-فأظلته من الشمس فشكر،ثمَّ أمر الله الشجرة فتنحت عنه ووقع الشمس عليه فجزع فأوحى الله إليه:يا يونس لِمَ لَمْ ترحم مائة ألف أو يَزيدون وأنت تجزَع من ألم ساعة؟ فقال:يا ربّ عفوك عفوك فردَّ الله عليه بدنه و رجَع إلى قومه و آمنوا به وهو قوله:«فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ» وقالوا:مکث يونس في بطن الحوت تسع ساعات(2) .

علل الشرایع:حدثنا علي بن أحمد بن محمد(رضي الله عنه)قال:

حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي،عن موسى بن عمران النخعي،عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي،عن علي بن سالم،عن أبيه،عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):لأي علّة صرف الله (عزّوجلّ)العذاب عن قوم يونس وقد أظلّهم ولم يفعل كذلك بغيرهم من الأمم؟ فقال:لأنه كان في علم الله(عزّوجلّ)انّه سيصرفه عنهم لتوبتهم،

ص:275


1- الانبياء21: 87
2- تفسير القمي:ج1ص317.منه تفسير البرهان:ج5ص72

وإنّما ترك اخبار یونس بذلك،لأنّه(عزّوجلّ)أراد أن يفرّغه لعبادته في بطن الحوت فيستوجب بذلك ثوابه وكرامته(1) .

تفسير العياشي:عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:

لمّا أظل قوم يونس العذاب دعوا الله فصرَفه عنهم(2) .

قلت:كيف ذلك؟ قال:كان في العلم انّه يصرف عنهم.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ٭وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ»(99 و 100).

باب (39) لا إكراه في الدّٙين

عيون أخبار الرضا(عليه السّلام):حدثنا تمیم بن عبدالله بن تميم القرشي قال:حدثنا أبي،عن أحمد بن علي الأنصاري،عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي-في حديث-قال:

سأل المأمون أبا الحسن علي بن موسى الرضا(عليهما السّلام):

ص:276


1- علل الشرایع:ص77ح1.منه تفسير البرهان:ج5ص71
2- تفسير العياشي:ج2ص294ح1980الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص82

یابن رسول الله ما معنى قول الله(عزّوجلّ):«وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ*وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ»؟ فقال الرضا(عليه السّلام):حدثني أبي موسى بن جعفر،عن أبيه جعفر بن محمد،عن أبيه محمد بن علي،عن أبيه علي بن الحسين،عن أبيه الحسين بن عليّ،عن أبيه علي بن أبي طالب(عليهم السّلام)قال:

إنّ المسلمين قالوا لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):لو اكرهت -یا رسول الله-من قدرت عليه من الناس على الاسلام لكثر عددنا وقوينا على عدوّنا.

فقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):ما كنت لألقى الله (عزّوجلّ)ببدعة لم يحدث اليّ فيها شيئاً،وما أنا من المتكلّفين ، فأنزل الله تعالى عليه:يا محمّد«وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا»على سبيل الالجاء والاضطرار في الدُّنيا كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة،ولو فعلت ذلك بهم لم يستحِقّوا منّي ثواباً ولا مدحاً،لكنّي أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرّين ليستحِقّوا منّي الزّلفي والكرامة ودوام الخلود في جنّة الخُلد«أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ».

وأمّا قوله تعالى:«وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ»فليس

ص:277

ذلك على سبيل تحريم الايمان عليها ولكن على معنى أنّها ما كانت التؤمن إلّا باذن الله،وإذنه أمره لها بالايمان ما كانت مكلّفة متعبّدة وألجأه إيّاها إلى الإيمان عند زوال التكليف والتبعد عنها...الى آخر الحديث(1) .

باب(40) الهداية من الله تعالی

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد،عن ابن فضّال، عن علي بن عقبة،عن أبيه قال:سمعت أبا عبدالله(عليه السّلام)يقول:

اجعلوا أمركم لله ولا تجعلوه للناس فانّه ما كان لله فهو لله وما كان للنّاس فلا يصعد إلى الله،ولا تخاصموا النّاس لدينكم فإنّ المخاصمة ممرضة للقلب،إن الله(عزّوجلّ)قال لنبيه(صلّى الله عليه وآله وسلّم):«إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ»(2) .

وقال:«أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ»ذروا الناس فإنّ الناس أخذوا عن النّاس وإنكم أخذتم عن رسول الله(صلّى الله عليه و آله وسلّم)إنّي سمعت أبي يقول:إنّ الله(عزّوجلّ)إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير الى وكره(3) .

ص:278


1- عيون أخبار الرضا(عليه السّلام):ج 1 ص 135 ح 33.منه تفسير البرهان:ج5ص86
2- القصص28: 56
3- الكافي:ج1ص166ح3.والوكر:عشُّ الطائر این كان في جبل أو شجر وان لم يكن فيه(أقرب الموارد)

التوحيد:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا عبد الله بن جعفر الحميريّ، عن أحمد بن محمد مثله(1) .

تفسير العياشي:عن علي بن عقبة،عن أبيه قال:سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام)يقول: ... وذكر نحوه(2) .

باب(41) الامام لا يشكُّ في الله أبداً

الكافي:علي بن ابراهيم،عن محمد بن عيسى،عن يونس وعلي ابن محمد،عن سهل بن زياد أبي سعيد،عن محمد بن عيسى،عن يونس،عن ابن مسكان،عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) -في حديث-قال:الرّجس هو الشّك،والله لا نشك في ربّنا أبداً.

محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن محمد بن خالد،والحسين بن سعيد،عن النّضر بن سوید،عن يحيى بن عمران الحلبي،عن أيوب بن الحرّ وعمران بن علي الحلبي،عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)مثل ذلك(3) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:279


1- التوحید:ص414ح13
2- تفسير العياشي:ج2ص295ح1983الطبعة الحديثة
3- الكافي:ج1ص288ح1

قوله تعالى:«قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ»(101).

باب(42) الأئمة والأنبياء:الآيات والنُذر

الكافي:الحسين بن محمد،عن معلی بن محمد،عن أحمد بن محمد بن عبدالله،عن أحمد بن هلال،عن اُمية بن علي،عن داود الرّقي قال:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام)عن قول الله(تبارك وتعالی):«وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ»؟ قال:«الْآيَاتُ»[هم]الأئمة(عليهم السّلام)«وَالنُّذُرُ»[هم] الأنبياء(عليهم السّلام)(1) .

تفسير القمي:أخبرني الحسين بن محمد،عن المعلّی بن محمد قال:حدثني أحمد بن محمد بن عبدالله،عن أحمد بن هلال،عن أمية ابن علي،عن داود بن كثير الرّقي قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)...

وذكر مثله(2) .

باب(43) المعاندون لا يؤمنون بالله ورسوله

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن عليّ بن

ص:280


1- الكافي:ج1ص207ح1
2- تفسير القمي:ج1ص320

الحكم،عن عبدالله بن يحيى الكاهلي،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله(عزّوجلّ):«تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ»قال:

لمّا أسري برسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)أتاه جبرئيل بالبراق فركبها فأتی بیت المقدس فلقي من لقي من إخوانه من الأنبياء،ثمّ رجع فحدّث أصحابه:انّي أتیت بیت المقدس ورجعت من الليلة وقد جاءني جبرئيل بالبُراق فركبتُها وآية ذلك أنّي مرت بعير(1) لأبي سفيان على ماء البني فلان،وقد أضلّوا جملاً لهم أحمر،وقد همّ القوم في طلبه.

فقال بعضهم لبعض:إنّما جاء الشام وهو راكب سريع ولكنّكم قد اتيتم الشام وعرفتموها فسلوه من أسواقها وابوابها وتجّارها فقالوا:يا رسول الله كيف الشام وكيف أسواقها؟ قال:كان رسول الله(صلّى الله علیه و آله و سلّم)إذا سُئل عن الشيء لا يعرفه شقّ عليه حتى يُرى ذلك في وجهه۔قال:فبينما هو كذلك إذ أتاه جبرئیل فقال:يا رسول الله هذه الشام قد رُفِعت لك،فالتفت رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم)فإذا هو بالشام بأبوابها وأسواقها وتُجّارها فقال:أين السائل عن الشام؟ فقالوا له:فلان وفلان،فأجابهم رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)في كلّ ما سألوه عنه فلم يؤمن منهم إلّا قليل وهو قول الله(تبارك

ص:281


1- العير:القافلة(مجمع البحرین)

و تعالی):«وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ».

ثمِّ قال أبو عبدالله(عليه السّلام):نعوذ بالله أن لا نؤمن بالله وبرسوله،آمنا بالله وبرسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)(1) .

تفسير العياشي:عن عبدالله بن يحيى الكاهلي،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:سمعته يقول...وذكر قريباً من ذلك(2) .

مجمع البيان:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):لمّا اُسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)...وذكر قريباً من ذلك(3) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ»(103).

باب(44) الشيعة مِن أهل الجنّة

تفسير العياشي:عن مصقلة الطحان،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:ما يمنعكم أن تشهدوا على من مات منكم على هذا الأمر أنّه من أهل الجنّة؟!إنّ الله يقول:«كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ»(4) .

ص:282


1- الكافي:ج8ص364ح555
2- تفسير العياشي:ج2ص296ح1984الطبعة الحديثة
3- مجمع البيان:ج3ص138
4- تفسير العياشي:ج2ص297ح1989الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص89

سورة هود

باب(1) فائدة كتابة سورة هود

تفسير البرهان:من كتاب(خواصّ القرآن)روي عن الصادق(عليه السّلام):من كتب هذه السورة على رق ظبْي ويأخذها معه أعطاه الله قوّة ونصراً،ولو حاربه مائة رجل لانتصر عليهم وغلبهم وإن صاح بهم انهزموا،وكلّ من رآه يخاف منه(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:««بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ*اَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ٭وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ (3)»

ص:283


1- تفسير البرهان:ج5ص94ح4

موسوعة الإمام الصادق(عليه السّلام)ج49 مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ٭إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(1- 4).

باب (2) القرآن كتاب الله الصادق

الكافي:علي،عن أبيه،عن عبدالله بن المغيرة،عن سماعة بن مهران قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):إنّ العزيز الجبّار أنزل عليكم کتابه وهو الصّادق البارّ،فيه خبركم وخبر من قبلكم وخبر من بعدكم وخبر السّماء والأرض ولو أَتاكم من يخبركم عن ذلك لتعجّبتم(1) .

باب(3) فضل التفرُّغ للعبادة

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد،عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:في التوراة مکتوب:ابن آدم تفرّغ(2) لعبادتي أملأ قلبك غنيً،ولا أَکِلْك إلى طلبك، وعليّ أن أسُدَّ فاقتك،واملأ قلبك خوفاً منّي،وإن لا تفرَّغ لعبادتي أملا قلبك شغلاً بالدنيا،ثمّ لا أَسُدّ فاقتك،وأَکِلْك إلى طلبك(3) .

ص:284


1- الكافي:ج2ص599ح3
2- تفرَّغ:تخلَّى من الشغل(أقرب الموارد)
3- الكافي:ج2ص83ح1

باب(4) تأجيل كتابة السيئة سبع ساعات

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن عليّ بن الحكم،عن أبي أيّوب،عن أبي بصير،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:من عمل سيّئة أُجّل فيها سبع ساعات من النّهار،فان قال:

«أستغفر الله الّذي لا إله إلّا هو الحيّ القيوم وأتوب إليه»-ثلاث مرات-لم تكتب عليه(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ»(5).

باب(5) يثنون صدورهم

مجمع البيان:في قوله تعالى:«أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ»روي عن علي بن الحسين وأبي جعفر محمد بن علي وجعفر بن محمد

ص:285


1- الكافي : ج2ص438ح5

(عليهم السّلام):يَثْنَونَي صدورهم على مثال يفعوعل(1) .

أقول:قال الطريحي في(مجمع البحرین):قوله:«أيَثْنُونَ صُدُورَهُمْ»أي يطوون على معاداة النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم) نقل:«أن قوماً من المشركين قالوا:اذا أغلقنا أبوابنا وأرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وثنینا صدورنا على عداوة محمّد كيف يعلم بنا؟!فأنبأه الله عما کتموه.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ»(7).

باب(6) تأكيد الولاية في عالَم الميثاق

الكافي:محمّد بن الحسن،عن سهل بن زياد،عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن كثير،عن داود الرّقي قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عن قول الله(عزّوجلّ):«وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»؟ فقال:ما يقولون؟

ص:286


1- مجمع البيان:ج3ص142.منه تفسير البرهان:ج5ص97

قلت:يقولون:إنّ العرش كان على الماء والربُّ فوقه! فقال:كَذَبوا،مَن زَعم هذا فقد صيّر الله محمولاً،وَوصَفه بصفة المخلوق ولزمه أنَّ الشيء الذي يحمله أقوى منه؟ قلت:بيّن لي جعلت فداك؟ فقال:إنّ الله حمّل دينه وعِلمه الماء،قبل أن يكون أرض أو سماء أو جن أو إنس أو شمس أو قمر،فلمّا أراد الله أن يخلق الخلق نثَرهم بين يديه فقال لهم:من ربّكم؟فأوّل من نطق:رسول الله وأمير المؤمنين والأئمّة فقالوا:أنت ربّنا،فحمّلهم العِلم والدين،ثمّ قال للملائكة:هؤلاء حَمَلَة ديني وعلمي واُمنائي في خَلقي وهم المسؤولون،ثمّ قال لبني آدم:أقرّوا لله بالرّبوبية ولهؤلاء النفر بالولاية والطاعة.

فقالوا:نعم ربنا اقررنا.

فقال الله للملائكة:اشهَدوا.

فقالت الملائكة:شهِدنا على أن لا يقولوا غداً: «إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ٭أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ»(1) .

یا داود:ولايتنا مؤكّدة عليهم في الميثاق(2) .

ص:287


1- الأعراف7: 172و173
2- الكافي:ج1ص132ح7

التوحید:حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقّاق( رحمه الله)قال:حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي،عن محمد بن اسماعيل البرمكي قال:حدثنا جذعان بن نصر أبو نصر الكندي قال:حدثني سهل ابن زياد الآدمي،عن الحسن بن محبوب،عن عبد الرحمن بن كثير،عن داود الرّقي قال:سألت أبا عبدالله(عليه السّلام)...وذكر نحوه(1) .

باب(7) كان موضع الكعبة دُرَّة بيضاء

الكافي:محمد بن يحيى،عن محمد بن الحسين،عن محمد بن سنان،عن محمد بن عمران العجلي قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):أيّ شيء كان موضع البيت حيث كان الماء في قول الله (عزّوجلّ):«وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»قال:كان مهاة بيضاء يعني درّة(2) .

تفسير العيّاشي:قال محمد بن عمران العجليّ قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام):أيّ شيء كان موضع البيت...وذكر مثله(3) .

أقول:قد ذكرنا بعض الأحاديث حول هذه الآية في تفسير سورة الأعراف7: 54.

ص:288


1- التوحید:ص319ح1
2- الكافي:ج4ص188ح1
3- تفسير العياشي:ج2ص300ح1992الطبعة الحديثة

باب(8) ما معنى العمل الخالص؟

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن القاسم بن محمد،عن المنقري،عن سفيان بن عيينة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) في قول الله(عزّوجلّ):«لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» قال:ليس يعني أكثر عملاً،ولكن أصوبَکم عملاً وإنّما الإصابة خشية الله والنيّة الصادقة والحسنة.

ثم قال:الابقاء على العمل حتى يخلص أشدّ من العمل،والعمل الخالص:الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلّا الله(عزّوجلّ)،والنيّة أفضل من العمل،الا وانّ النيّة هي العمل،ثمّ تلا قوله(عزّوجلّ):«قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ»(1) يعني على نيّته(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ»(8).

ص:289


1- الاسراء17: 84
2- الكافي:ج2ص16ح4

باب(9) اصحاب الامام المهدی

مجمع البيان:في قوله تعالى:«وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ»قيل:إنّ الاُمّة المعدودة هم أصحاب المهدي(عليه السّلام) في آخر الزمان ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً كعدّة أهل بدر،يجتمعون في ساعة واحدةٍ كما يجتمع قزع الخريف،وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)(1) .

غيبة النعماني:حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:حدثنا حمید ابن زیاد قال:حدثنا علي بن الصباح قال:حدثنا أبو علي الحسن بن محمد الحضرمي قال:حدثنا جعفر بن محمد،عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن اسحاق بن عبد العزيز،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قوله تعالى:«وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ».

قال:العذاب:خروج القائم،والاُمّة المعدودة:عِدّة اهل بدر وأصحابه(2) .

ص:290


1- مجمع البيان:ص144.منه تفسير البرهان:ج5ص105.وقزع الخريف:أي قطع السحاب المتفرّقة(مجمع البحرین)
2- غيبة النعماني:ص241ح36. منه تفسير البرهان:ج5ص103

تأويل الآيات الظاهرة:روی محمد بن جمهور،عن حمّاد بن عيسى،عن حريز قال:روی بعض أصحابنا،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قوله تعالى:«وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ».

قال:العذاب هو القائم(عليه السّلام)وهو عذاب على أعدائه والأُمة المعدودة هم الذين يقومون معه بعدد أهل بدرا(1) .

تفسير العياشي:عن الحسين،عن الخرّاز،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)«وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ».

قال(عليه السّلام):هو القائم وأصحابه(2) .

تفسير العياشي:عن ابان بن مسافر،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) في قول الله:«وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ»يعني عدّة «لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ»قال:

العذاب(3) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ»(11).

ص:291


1- تأويل الآيات الظاهرة:ج1ص223ح3.منه تفسير البرهان:ج5ص105
2- تفسير العياشي:ج2ص301ح1995الطبعة الحديثة.منه تفسیر البرهان:ج5ص104
3- تفسير العياشي:ج2ص301ح1993الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص104

باب(10) ثلاث حاجات سألها النبيُّ من ربّه

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن محمد بن خالد،والحسين بن سعيد،عن النّضر بن سوید،عن يحيى الحلبي،عن ابن مسكان،عن عمّار بن سويد قال:سمعت أبا عبد الله(عليه السّلام) يقول في هذه الآية «فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ»فقال:إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)لمّا نزل قُديْد(1) قال لعلي:يا علي إنّي سألت ربّي أن يوالي بيني وبينك ففعل،وسألت ربّي أن يؤاخي بيني وبينك ففعل،وسألت ربّي أن يجعلك وصييّ ففعل.

فقال رجلان من قريش:والله لصَاع من تمر في شِنّ(2) بال أحبُّ إلينا ممّا سأل محمد ربّه،فهلّا سأل ربّه مُلكاً يعضده على عدوّه،أو كنزاً يستغني به عن فاقته؟!والله ما دَعاه إلى حقّ ولا باطل إلّاأجابه إليه،فأنزل الله(سبحانه وتعالى):«فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ»-الى آخر الآية-(3) .

ص:292


1- قُدید-مصغّراً-:موضع بين مكة والمدينة بينها وبين ذي الحليفة مسافة بعيدة(مجمع البحرین)
2- الشِنّ: القرية الخَلِق(مجمع البحرین)
3- الكافي:ج8ص378ح572

أمالي الطوسي:أخبرنا أبو عبدالله محمد بن محمد قال:حدثنا أبو حفص عمر بن محمد المعروف بابن الزيّات قال:حدثنا أبو علي بن همام الاسكافي قال:حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال:حدثنا عبد الله ابن محمد بن عيسى قال:حدثني أبي،عن عبدالله بن المغيرة،عن ابن مسکان،عن عمّار بن يزيد،عن أبي عبدالله جعفر بن محمد(عليهما السّلام)نحوه(1) .

تفسير العياشي:عن عمّار بن سويد قال:سمعت أبا عبد الله (عليه السّلام)يقول في هذه الآية:«فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ»الى قوله:«أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ»قال:إنّ رسول الله(صلّى الله علیه و آله وسلّم)لمّا نزل قُديْداً قال لعلي:إنّي سألت ربّي أن يوالي بيني وبينك ففعل،وسألت ربّي أن يواخي بيني وبينك ففعل،وسألت ربّي أن يجعلك وصييّ ففعل.

فقال رجلان من قريش:والله لصاع من تمر في شِنّ بال أحبُّ إلينا مما سأل محمّد ربه،فهلّا سأله ملكاً يعضده على عدوَّه،أو كنزاً يستعين به على فاقته؟!والله ما دَعاه إلى باطل إلّا أجابه له،فأنزل الله عليه:

«فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ»إلى آخر الآية.

قال:ودعا رسول الله(عليه و آله السلام)لأمير المؤمنين في آخر

ص:293


1- أمالي الطوسي:ص107ح164

صلاته رافعاً بها صوته يُسمِع الناس يقول:اللهمّ هب لعلي المودَّة في صدور المؤمنين والهيبة والعظمة في صدور المنافقين،فأنزل الله«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا٭فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا»(1) بني اُميّة.

فقال رمع:والله لصاع من تمر في شن بالٍ أحبُّ إليَّ ممّا سأل محمّد ربه،أفلا سأله ملكاً يعضده أو كنزاً يستظهر به على فاقته؟!فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها:«فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ» إلى «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ»ولاية علي«قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ مُفتَرَیَاتٍ» إلى «فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَم»في ولاية على«فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»لعليّ ولايته «مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا»يعني فلاناً وفلاناً «نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا»،«أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ»رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)«وَ یَتلُوهُ شاهِدٌ مِّنهُ»أمير المؤمنين(عليه السّلام)«وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً» قال:كانت ولاية على في كتاب موسی «أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ»في ولاية علي «أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ»إلى قوله:«ووَيَقُولُ الْأَشْهَادُ»هم الأئم(عليهم السّلام) «هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ»

ص:294


1- مریم19: 96

إلى قوله:«هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ»(1) .

تفسير القمي:حدثني أبي،عن النضر بن سويد،عن يحيى الحلبي،عن ابن مسكان،عن عمارة بن سوید،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)أنّه قال:سبب نزول هذه الآية أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)خرج ذات يوم فقال لعلي:يا علي إنّي سألت الله الليلة بأن يجعلك وزيري ففعل،وسألته أن يجعلك وصيَّ ففعل،وسألته أن يجعلك خليفتي في اُمّتي ففعل.

فقال رجل من أصحابه المنافقين:والله لصاع من تمر في شن بال أحَبُّ إليَّ ممّا سأل محمد ربّه،ألا سأله ملكاً يعضده،أو مالاً يستعين به على ما فيه،ووالله ما دعا علياً قطّ إلى حقّ أو إلى باطل إلّا أجابه،فأنزل الله على رسوله:«فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ»الآية(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13).

ص:295


1- تفسير العياشي:ج2ص302ح1997الطبعة الحديثة.والآيات في سورة هود11: 13- 24
2- تفسير القمي:ج1ص324.منه تفسير البرهان:ج5ص107

باب(11) اكذوبة كفّار مكة

تفسير البرهان:الشيباني في(نهج البيان)عن مقاتل قال:إنّ كفّار مكّة قالوا:إنّ محمداً افترى القرآن،قال:وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ٭أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»(15و 16).

باب(12) الحج يوجب غفران الذنوب

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،وعلي بن محمّد القاساني جميعاً،عن القاسم بن محمّد،عن سليمان بن داود المنقري،عن سفيان ابن عيينة،عن أبي عبد الله(عليه السّلام)قال:سأل رجل أبي بعد منصرفه من الموقف فقال:أترى يخيّب الله هذا الخلق كلّه؟فقال أبي:ما وقف بهذا الموقف أحد إلّا غفر الله له،مؤمناً كان أو كافراً إلّا انّهم في مغفرتهم

ص:296


1- تفسير البرهان:ج5ص127ح1

على ثلاث منازل-وذكر المنازل الثلاث فقال في الثالثة-: وكافر وقف هذا الموقف زينة الحياة الدنيا غفر الله له ما تقدم من ذنبه آن تاب من الشرك فيما بقي من عمره وان لم يتب وفّاه أجره ولم يحرمه أجر هذا الموقف وذلك قوله(عزّوجلّ):«مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:و«أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ»(17).

باب(13) الشاهد الذي يتلو رسول الله

أمالي الطوسي:حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي(رضي الله عنه)قال:أخبرنا جماعة،عن أبي المفضّل قال:

حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني

ص:297


1- الكافي:ج4ص521ح10

وسألته قال:حدثنا محمد بن المفضّل بن ابراهیم بن قیس الأشعري قال:

حدثنا علي بن حسّان الواسطي قال:حدثنا عبد الرحمن بن کثیر،عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن جدّه علي بن الحسين(عليهم السّلام) قال:لمّا أجمع الحسن بن علي(عليه السّلام)على صلح معاوية خرج حتّى لقيه-وذكر الحديث إلى أن قال:وأقول معشر الخلائق-فاسمعوا ولكم افئدة واسماع فَعُوا:إنّا أهل بيت أكرمنا الله بالاسلام،واختارنا واصطفانا واجتبانا فأذهبَ عنا الرَّجس وطهرنا تطهيراً-والرّجس:هو الشّك-فلا نشك في الله الحقّ ودينه أبداً،وطهّرنا من كلّ أفن وغيّة(1) ، مُخلصين إلى آدم نعمة منه،لم يفترق الناس قطّ فرقتين إلّا جعلنا الله في خَيرِهما فأدّتِ الأُمور،وأفضت الدُّهور،إلى أن بعث الله محمّداً(صلّی الله عليه وآله وسلّم)للنبوة واختاره للرّسالة،وأنزل عليه كتابه،ثمَّ أمره بالدُّعاء إلى الله(عزّوجلّ)فكان أبي أوّل من استجاب الله تعالى ولرسوله وأَوّل من آمن وصدّق الله ورسوله وقد قال الله(عزّوجلّ)في كتابه المنزل على نبيّه المرسَل:«أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ» فَرسول الله الذي على بيّنة من ربّه،وأبي الّذي يتلوه وهو شاهِد منه...الى آخر الحديث(2).

ص:298


1- الأفَن:ضعف الرأي.وغيّة:نقيض رشدة(مجمع البحرین)
2- أمالي الطوسي:ص562ح117.منه تفسير البرهان:ج5ص116

مناقب آل أبي طالب:الطبري باسناده عن جابر بن عبدالله،عن علي(عليه السّلام)وروى الأصبغ وزين العابدين والباقر والصادق والرضا(عليهم السّلام):أنّه قال أمير المؤمنین(صلوات الله علیه):

«أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ»:أنا(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»(23) .

باب(14) لزوم التسليم لله وأوليائه

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن الحسين بن سعيد،عن حمّاد بن عيسى،عن الحسن بن المختار،عن زيد الشحّام، عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:قلت له:إنّ عندنا رجلاً يقال له:

كليب،فلا يجئ عنكم شيء إلّا قال:أَنا اُسلّم،فسمّيناه:کلیب تسلیم.

قال:فترحَّم عليه،ثمّ قال:أتدرون ما التسليم؟فسكتنا،فقال:هو والله الاخبات،قول الله(عزّوجلّ): «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ»(2) .

ص:299


1- مناقب آل أبي طالب:ج3ص85.منه تفسير البرهان:ج5ص119
2- الكافي:ج1ص390ح3

تفسير العياشي:عن أبي اُسامة قال:قلت لأبي عبد الله (عليه السّلام):إنّ عندنا رجلاً يسمی کلیب،لا يجيء...وذكر مثله(1) .

اختیار معرفة الرجال:علي بن اسماعيل،عن حمّاد بن عيسى،عن حسین بن مختار،عن أبي اسامة قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):

إنَّ عندنا رجلاً يسمی کلیباً فلا يجيء...وذكر نحوه(2) .

مختصر بصائر الدرجات:أحمد بن محمد بن عيسى،عن الحسين بن سعيد،عن حماد بن عيسى،عن الحسين بن المختار،عن أبي اسامة زيد الشحّام،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) نحوه(3) .

* * * * * قوله تعالى:و«وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ٭«وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ٭وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ٭فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ٭حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ

ص:300


1- تفسير العياشي:ج2ص143ح2001الطبعة الحديثة
2- اختیار معرفة الرجال:ج2ص630ح627
3- مختصر بصائر الدرجات:ص75

اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ* وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ*وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ*قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ*وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ*وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ*قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ*قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ*قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ»(36- 48).

باب(15) قصة هلاك قوم نوح

تفسير القمي:حدثني أبي،عن صفوان،عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:لما أراد الله(تعالی)هلاك قوم نوح عقم أرحام النساء أربعين سنة فلم يولد فيهم مولود،فلمّا فرغ نوح من اتخاذ السفينة

ص:301

أمره الله أن ينادي بالسريانية لا يبقى بهيمة ولا حيوان إلّا حضر فأدخل من كلّ جنس من أجناس الحيوان زوجين في السفينة،وكان الذين آمنوا به من جميع الدُّنيا ثمانين رجلاً فقال الله(عزّوجلّ):«احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ»وكان نجر السفينة في مسجد الكوفة فلمّا كان في اليوم الذي أراد الله هلاكهم كانت امرأة نوح تخبز في الموضع الذي يُعرَف بفار التنور في مسجد الكوفة وقد كان نوح اتّخذ لكلّ ضرب من اجناس الحيوان موضعاً في السفينة وجمع لهم فيها ما يحتاجون من الغذاء فصاحت امرأتُه لمّا فار التنور فجاء نوح إلى التنور فوضع عليه طيناً وختمه حتى أدخل جميع الحيوان السفينة ثمّ جاء إلى التنور ففضَّ الخاتم ورفع الطين وانكسفت الشمس وجاء من السماء ماء منهمر صبّ بلا قطر وتفجّرت الأرض عيوناً وهو قوله(عزّوجلّ):«فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ٭وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ٭وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ»(1) فقال الله(عزّوجلّ):«وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا»يقول:مجراها:أي مسيرها،ومُرساها:أي موقفُها .

فدارت السفينة و نظر نوح إلى ابنه يقَع ويقوم فقال له:«يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ».

ص:302


1- القمر54: 11۔13

فقال ابنه كما حكى الله(عزّوجلّ):«سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ».

قال نوح:«لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ»الله.

قال نوح:«رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ».

فقال الله:«يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ».

فقال نوح كما حكى الله:«رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ»فكان كما حكى الله:

«وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ».

فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):فدارت السفينة وضربتها الامواج حتى وافت مكة وطافت بالبيت و غرق جميع الدُّنيا إلّا موضع البيت وإنّما سمّي البيت العتيق لأنّه أُعتق من الغرق،فبقي الماء ينصبُّ من السماء أربعين صباحاً ومن الأرض العيون حتى ارتفعت السفينة فمسحت(1) السّماء.

قال:فرفع نوح يده فقال:يارهمان اخفرس(اتغرك)تفسيرها:

ص:303


1- في تفسير البرهان:فسحَّت.والظاهر هو الصحيح.سحَّ الماء:سال من فوق الی أسفل،وكذلك المطر(مجمع البحرین)

رب احسن(1) فأمر الله الأرض أن تبلع ماءَها وهو قوله«وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي»يعني أمسكي«و وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ»فبلعت الأرض ماءها فأراد ماء السّماء أن يدخل في الأرض،فامتنَعت الأرض عن قبوله وقالت:إنّما أمرني الله (عزّوجلّ)أن أبلع مائی،فبقي ماء السّماء على وجه الأرض واستوت السّفينة على جبل الجودي وهو بالموصل جبل عظيم فبعث الله جبرئیل فساق الماء الى البحار حول الدُّنيا.وأنزل الله على نوح:«يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ»فنزل نوح بالموصل من السفينة مع الثمانين وبنوا مدينة الثمانين وكانت لنوح ابنة ركبت معه في السفينة فتناسل الناس منها،وذلك قول النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم):نوح أحد الأبوين.ثم قال الله(عزّوجلّ)لنبيه:«تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ»(2) .

مجمع البيان:روى علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن صفوان،عن أبي بصیر،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:لمّا أراد الله اهلاك قوم نوح

ص:304


1- في تفسير البرهان:یاد همان،أيقن.وتفسيرها:یا رب احبس
2- تفسير القمي:ج1ص326.منه تفسير البرهان:ج5ص137.والآية في سورة هود11: 49

عقم أرحام النساء أربعين سنة فلم يلد لهم مولود،ولمّا فرغ نوح من اتخاذ السفينة أمره الله تعالى أن ينادي بالسريانية أن يجمع اليه جميع الحيوانات،فلم يبق حيوان إلّا وقد حضر فادخل من كلّ جنس من أجناس الحيوان زوجین ما خلا الفأر والسنور،وانّهم لما شكوا إليه سرقين الدواب والقذر دعا بالخنزير فمسح جبينه فعطس فسقط من انفه زوج فأرة فتناسل،فلما كثروا وشكوا إليه منهم دعا بالأسد ومسح جبينه فعطس فسقط من أنفه زوج سنور،وكان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانين رجلاً.

وفي حديث آخر:انهم شكوا إليه العذرة فأمر الله الفيل فعطس فسقط الخنزير(1) .

باب(16) عدد المؤمنين بالنبي نوح

مجمع البيان:في قوله تعالى:و«وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ»قيل:ثمانية أنفس،عن ابن جریح وقتادة وروي ذلك عن أبي عبدالله(عليه السّلام)(2) .

مجمع البيان:روى الشيخ أبو جعفر في كتاب(النبوّة)باسناده عن

ص:305


1- مجمع البيان:ج3ص160
2- مجمع البيان:ج3ص164

حنان بن سدير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:آمن مع نوح من قومه ثمانية نفر(1) .

أَقول:اختلفت الأَقوال في عدد المؤمنين الذين حملهم نبي الله نوح(عليه السّلام)معه في السفينة وذلك تبعاً لاختلاف بعض الأحاديث الواردة في هذا الشأن.

فبعضها تقول:كانوا ثمانین نفراً،وهو المشهور بین المفّسرين.

وقيل:هم ثمانية وسبعون إِنساناً.

وقيل:عشرة.وقيل:ثمانية.وقيل غير ذلك.والله العالم.

باب(17) قصَّة النبي نوح وصُنع السفينة

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن محبوب،عن هشام الخراساني،عن المفضّل بن عمر قال:كنت عند أبي عبدالله(عليه السّلام)بالكوفة أيّام قدم على أبي العباس فلمّا انتهينا الى الكناسة(2) قال:ها هنا صلب عمّي زيد(رحمه الله)ثمّ مضى حتّى انتهى إلى طاق الزيّاتين وهو آخر السرّاجين فنزل وقال:أنزل فانّ هذا الموضع كان

ص:306


1- مجمع البيان:ج3ص160
2- الكناسة:اسم موضع بالكوفة صُلب فيها زید بن علي بن الحسين(عليهم السّلام) (مجمع البحرین)

مسجد الكوفة الأوّل الذي خطه آدم(عليه السّلام)وانا أكره أن أدخله راكباً.

قال:قلت:فمن غيّره عن خطّته؟ قال:أمّا أوّل ذلك الطوفان في زمن نوح،ثم غيّره أصحاب کسری ونعمان،ثمّ غيّره بعد زیاد بن أبي سفيان.

فقلت:وكانت الكوفة ومسجدها في زمن نوح(عليه السّلام)؟ فقال لي:نعم يا مفضّل وكان منزل نوح وقومه في قرية على منزل من الفرات ممّا يلي غربيّ الكوفة.قال:وكان نوح رجلاً نجّاراً فجعله الله (عزّوجلّ)نبيّاً وانتجبه،ونوح اول من عمل سفينة تجري على ظهر الماء،قال:ولبث نوح(عليه السّلام)في قومه ألف سنة الاّ خمسين عاماً يدعوهم إلى الله(عزّوجلّ)فيهزؤون به ويسخرون منه،فلمّا رأى ذلك منهم دعا عليهم فقال:«وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا»(1) فأوحى الله (عزّوجلّ)إلى نوح أن أصنع سفينة وأوسعها وعجّل عملها فعمل نوح سفينة في مسجد الكوفة بيده فأتي بالخشب من بُعْد حتّى فرغ منها.

قال المفضّل:ثمَّ انقطع حديث أبي عبدالله(عليه السّلام)عند زوال الشّمس،فقام أبو عبدالله(عليه السّلام)فصلّى الظهر والعصر،ثمَّ

ص:307


1- نوح71: 26و 27

انصرف من المسجد فالتفت عن يساره وأشار بيده الى موضع دار الدّاريّين وهو موضع دار ابن حکیم وذاك فرات اليوم،فقال لي:يا مفضّل [و]هاهنا نصبت أصنام قوم نوح(عليه السّلام)«يغوث ويعوق ونسراً» ثم مضى حتى ركب دابّته.

فقلت:جعلت فداك في كم عمل نوح سفينته حتى فرغ منها؟ قال:في دورين.

قلت:وکم الدُّورین؟ قال:ثمانين سنة(1) .

قلت:وانَّ العامَّة يقولون:عملها في خمسمائة عام.

فقال:كلّا كيف والله يقول:«وَوَحْيِنَا».

قال:قلت:فأخبرني عن قول الله(عزّوجلّ):«حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ»فأين كان موضعه؟وكيف كان؟ فقال:كان التّنور في بيت عجوز مؤمنة في دبر قبلة ميمنة المسجد.

فقلت له:فانّ ذلك موضع زاوية باب الفيل اليوم.ثمَّ قلت له:وكان بدء خروج الماء من ذلك التنور؟

ص:308


1- الصحيح:وكم الدَّوران؟قال:ثمانون سنة.فالمذكور في الحديث إمّا من خطأ الراوي أو من خطأ الناسخ،وقد روي عنهم(عليهم السّلام):«أعربوا كلامنا فانّا قوم فُصَحاء»

فقال:نعم ان الله(عزّوجلّ)أحبّ أن یری قوم نوح آية،ثمّ أنّ الله (تبارك وتعالی)أرسل عليهم المطر يفيض فيضاً وفاض الفرات فيضاً والعيون كلهنّ فيضاً فغرقهم الله(عزّ ذكره)وأنجی نوحاً ومن معه في السفينة.

فقلت له:كم لبث نوح في السفينة حتّى نضب الماء(1) وخرجوا منها؟ فقال:لبثوا فيها سبعة أيّام ولياليها وطافت بالبيت اُسبوعاً ثمَّ استوت على الجودي(2) وهو فرات الكوفة.

فقلت له:انّ مسجد الكوفة قديم؟ فقال:نعم وهو مصلّى الأنبياء ولقد صلّى فيه رسول الله(صلّى الله علیه و آله وسلّم)حين اُسري به إلى السّماء فقال له جبرئیل:يا محمد هذا مسجد أبيك آدم ومصلّى الأنبياء فانزل فصلّ فيه،فنزل فصلّى فيه، ثم انّ جبرئیل عرج به إلى السّماء(3) .

تفسير العياشي:عن المفضّل بن عمر قال:كنت مع أبي عبدالله (عليه السّلام)...وذكر نحوه مجزئاً(4) .

ص:309


1- نضب الماء يَنضُب:إذا غار في الأرض وسفل(مجمع البحرین)
2- الجودي:اسم للجبل الذي وضعت عليه سفينة نوح(مجمع البحرین)
3- الكافي:ج8ص279ح421
4- تفسير العياشي:ج2ص305و307ح2005و2007الطبعة الحديثة

تفسير القمي:حدثني أبي،عن ابن أبي عمير،عن ابن سنان،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:بقي نُوح في قومه ثلاثمائة سنة يدعوهم الى الله فلم يُجيبوه فهمَّ أن يدعو عليهم،فوافاه عند طلوع الشمس اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة سماء الدُّنيا وهم العظماء من الملائكة فقال لهم نوح:من أنتم؟ فقالوا:نحن اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة سماء الدُّنيا،وإنّ مسيرة غلط سماء الدُّنيا خمسمائة عام ومن سماء الدُّنيا إلى الدُّنيا مسيرة خمسمائة عام،وخرجنا عند طلوع الشمس ووافيناك في هذا الوقت فنسألك أن لا تدعو على قومك.

فقال نوح:قد أجّلتهم ثلاثمائة سنة،فلمّا أتى عليهم ستمائة سنة ولم يؤمنوا همَّ أن يدعو عليهم فوافاه اثنا عشر ألف قبيل من قبایل ملائكة السماء الثانية.

فقال نوح:مَن أنتم؟ قالوا:نحن اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السّماء الثانية، وغلظ السّماء الثانية مسيرة خمسمائة عام،ومن السماء الثانية الى سماء الدُّنيا مسيرة خمسمائة عام وغلظ سماء الدُّنيا مسيرة خمسمائة عام ومن سماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام خرجنا عند طلوع الشمس، ووافيناك ضحوة نسألك أن لا تدعو على قومك.

ص:310

فقال نوح:قد أجّلتهم ثلاثمائة سنة،فلمّا أتى عليهم تسعمائة سنة هَمَّ أن يدعو عليهم فأنزل الله(عزّوجلّ):«أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ».

فقال نوح:«وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا*إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا».

فأمره الله أن يغرس النخل فكان قومه يمرُّون به فيسخرون منه ويستهزؤن به ويقولون:شيخ قد أتى له تسعمائة سنة يغرس النخل؟ وكانوا يرمونه بالحجارة فلمّا أتى لذلك خمسون سنة وبلغ النخل واستحكم أمر بقطعه فسخِروا منه،وقالوا:بلغ النخل مبلغه،وهو قوله:

«وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ٭فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ»فأمره الله أن ينحت السفينة وأمر جبرئیل ان ينزل عليه ويُعلّمه كيف يتّخذها فقدر طولها في الأرض ألفاً ومائتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع وطولها في السّماء ثمانون ذراعاً فقال:يا ربّ من يعينني على اتّخاذها؟ فأوحى الله إليه:ناد في قومك:مَن أعانني عليها ونجر منها شيئاً صار ما ينجره ذهباً وفضة،فنادى نوح فيهم بذلك فأعانوه عليها وكانوا يسخرون منه ويقولون:ينحت سفينة في البر(1) .

ص:311


1- تفسير القمي:ج1ص325.منه تفسير البرهان:ج5ص136

باب(18) مساحة سفينة النبي نوح

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن محبوب،عن الحسن ابن صالح،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سمعت أبا جعفر(عليه السّلام)يُحدّث عطاء قال:كان طول سفينة نوح ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع وطولها في السماء مائتين(1) ذراعاً وطافت بالبيت(2) وسعت بين الصفا والمروة سبعة أشواط ثمَّ استوت على الجوديّ(3) .

تفسير العياشي:عن الحسن بن صالح،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سمعت أبا جعفر(عليه السّلام)...وذكر مثله(4) .

الكافي:عليُّ،عن أبيه،عن ابن محبوب،عن الحسن بن صالح الثوري،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:كان طول سفينة نوح ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع وطولها في السماء ثمانين [ذراعا]وسعت بين الصفا والمروة وطافت بالبيت سبعة أشواط ثمَّ استوت على الجوديّ(5) .

ص:312


1- في تفسير العياشي:ثمانون
2- في تفسير العياشي:بالبيت سبعاً
3- الكافي:ج4ص212ح2
4- تفسير العياشي:ج2ص310ح2022الطبعة الحديثة
5- الكافي:ج8ص283ح426

باب(19) الأول من رجب تحرّكت السفينة

أمالي الطوسي:أخبرنا محمد بن محمد قال:أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد(رحمه الله)قال:حدثني محمد بن الحسن بن مت الجوهري،عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي،عن أبان بن عثمان،عن كثير النوا، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد(عليهما السّلام)قال:إن نوحاً ركب السفينة في أول يوم من رجب فأمر من معه ان يصوموا ذلك اليوم، وقال:

من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة،ومن صام سبعة أيّام غلقت عنه أبواب النار السبعة،ومن صام ثمانية أيّام فتحت له أبواب الجنان الثمانية،ومن صام خمسة عشر يوماً اُعطي مسألته،ومن زاد على ذلك زاده الله.

قال:وفي اليوم السابع والعشرين منه نزلت النبوّة فيه على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)و من صام هذا اليوم كان ثوابه ثواب من صام ستّین شهراً(1) .

من لا يحضره الفقيه:روی أبان بن عثمان،عن كثير النوا،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:إنّ نوحاً ركب السفينة أوّل يوم من رجب فأمر

ص:313


1- أمالي الطوسي:ص44ح52.منه تفسير البرهان:ج5ص140

(عليه السّلام)من معه أن يصوموا ذلك اليوم وقال:من صام ذلك اليوم تباعَدت عنه النار مسيرة سنة،ومن صام سبعة أيّام اغلقت عنه أبواب النيران السّبعة،ومن صام ثمانية أيّام فتحت له أبواب الجنان الثمانية، ومن صام خمسة عشر يوماً اُعطى مسألته،ومن زاده زاده الله (عزّوجلّ)(1) .

باب(20) کراهة ولد الزنا

تفسير العياشي:عن ابراهیم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام):أنّ نوحاً(عليه السّلام)حمل الكلب في السفينة،ولم يحمل وَلَد النزّنا(2) .

تفسير العياشي:عن عبيد الله الحلبي،عنه(عليه السّلام)قال:ينبغي الولد الزّنا أن لا تجوز له شهادة،ولا يؤمّ بالناس،لم يحمله نوح في السفينة،وقد حمل فيها الكلب والخنزير(3) .

أقول:المشهور بين الفقهاء-بل لعلّه المتفق عليه بينهم-عدم قبول شهادة ولد الزنا،للأحاديث الكثيرة المعتبرة.

نعم قال بعض الفقهاء:تُقبل شهادته في اليسير من المال مع

ص:314


1- من لا يحضره الفقيه:ج2ص91ح1820
2- تفسير العياشي:ج2ص309ح2013الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص144
3- تفسير العياشي:ج2ص309ح2014الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص144

عدالته،كما صرّح به الشيخ الطوسي في النهاية.

وكما لا تُقبل شهادته لا تجوز إمامته في صلاة الجماعة،والتفصيل في الكتب الفقهيَّة.

باب(21) فضل الصلاة في مسجد الكوفة

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن احمد بن محمد،عن أبي يوسف يعقوب بن عبدالله من ولد أبي فاطمة،عن اسماعیل بن زید مولی عبدالله ابن يحيى الكاهلي،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:جاء رجل الى أمير المؤمنین(صلوات الله عليه)وهو في مسجد الكوفة فقال:السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فرّد عليه،فقال:جعلت فداك إنّی أردت المسجد الأقصی فأردت أن اُسلّم علیک واودّٙعک.

فقال له:وأي شيء أردت بذلك؟ فقال:الفضل جعلت فداك.

قال:فبع راحلتك وكل زادك وصلٙ في هذا المسجد فانَّ الصلاة المكتوبة فيه حجّة مبرورة والنافلة عمرة مبرورة-الى أن قال:منه سارت سفينة نوح(1) .

ص:315


1- الكافي:ج3ص491ح2

باب(22) فَوران التنّور في بيت نوح

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن الحسن بن علي،عن بعض أصحابه،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:جاءت امرأة نوح وهو يعمل السفينة فقالت له:انّ التنور قد خرج منه ماء،فقام إليه مسرعاً حتى جعل الطبق عليه و ختمه بخاتمه فقام الماء فلمّا فرغ من السفينة جاء الى الخاتم ففضّه وكشف الطبق ففار الماء(1) .

تفسير العياشي:عن الحسن بن علي،عن بعض أصحابه،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)نحوه(2) .

باب(23) ثمانية أزواج حَملها نوح في السفينة

الكافي:محمد بن أبي عبدالله،عن محمد بن الحسين،عن محمد ابن سنان،عن اسماعيل الجعفي وعبد الكريم بن عمرو وعبد الحميد بن أبي الديلم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:حمل نوح في السفينة الأزواج الثمانية التي قال الله(عزّوجلّ):««ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ

ص:316


1- الكافي:ج8ص282ح423
2- تفسير العياشي:ج2ص307ح2008الطبعة الحديثة

وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ» «وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْن»(1) فكان من الضأن اثنين زوج داجنة يربّيها الناس والزوج الآخر الضأن التي تكون في الجبال الوحشية اُحلَّ لهم صيدها،ومن المعز اثنين زوج داجنة يربّيها الناس والزوج الآخر الظبي التي تكون في المفاوز،ومن الإبل اثنين البخاتي والعراب(2) ،ومن البقر اثنین زوج داجنة للناس والزوج الآخر البقر الوحشية،وكلُّ طير طيّب وحشي[أ]وإنسي ثم غرقت الأرض(3) .

تفسير العياشي:عن اسماعیل بن جابر الجعفي،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:صنعها في مائة سنة،ثمَّ أمره أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين،الأزواج الثمانية الحلال التي خرج بها آدم من الجنّة، لتكون معيشة لعقب نوح في الأرض،كما عاش عَقِب آدم فإنّ الأرض تغرق وما فيها إلّا ما كان معه في السفينة.

قال:فحمل نوح في السفينة من الأزواج الثمانية التي قال الله:

«وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ»(4) «مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ»«وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ»فكان زوجين من الضأن:

ص:317


1- الانعام6: 143و 144
2- البخاتي:الابل الخراسانية.وخیل عراب:کرائم سالمة عن الهجنة(أقرب الموارد)
3- الكافي:ج8ص283ح427
4- الزمر39: 6

زوج يربيها الناس ويقومون بأمرها وزوج من الضّأن التي تكون في الجبال الوحشيَّة أحلّ لهم صيدها،ومن المعز اثنين:يكون زوج يربيه النّاس وزوج من الظباء[سمي الزوج الثاني]،ومن البقر اثنين:زوج يربيه الناس وزوج هو البقر الوحشيِّ،ومن الإبل زوجَین:وهي البخَاتي والعِراب،وكل طير وحشيّ أو إنسيّ،ثم غرقت الأرض(1) .

باب(24) علة تسمية النجف بهذا الاسم

علل الشّرائع:حدثنا علي بن أحمد بن محمد(رضي الله عنه)قال:

حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي،عن موسى بن عمران النخعي،عن عمه الحسن بن يزيد النوفلي،عن علي بن أبي حمزة،عن أبي نعيم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:انّ النجف كان جبلاً وهو الذي قال ابن نوح:«سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ»ولم يكن على وجه الأرض جبل أعظم منه،فأوحى الله(عزّوجلّ)اليه:يا جبل أیُعتصم بك مني فتقطع قطعاً قطعاً إلى بلاد الشام،وصار رملاً دقيقاً،وصار بعد ذلك بحراً عظيماً وكان يسمّى ذلك البحر:بحر(ني)ثم(جفّ) بعد ذلك،فقيل:ني جف فسُمی بنجف ثم صار الناس بعد ذلك يسمّونه نجف،لأنّه كان أخفّ على ألسنتهم(2) .

ص:318


1- تفسير العياشي:ج2ص308ح2012الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص143
2- علل الشرائع:ص31ح1

من لا يحضره الفقیه:روی صفوان بن مهران الجمّال،عن الصادق جعفر بن محمد(عليهما السّلام)قال:سار وأنا معه في القادسية حتى اشرف على النجف فقال:هو الجبل الذي اعتصم به ابن جدّي نوح (عليه السّلام)فقال:«سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ».

فأوحى الله(عزّوجلّ) إليه:يا جبل أيعتصم بك مني أحد،فغار في الأرض وتقطع إلى الشام...الى آخر الحديث(1) .

باب(25) تكوُّن البحار بعد الطوفان

تفسير العياشي:عن ابراهیم بن أبي العلا،عن غير واحد،عن أحدهما(عليهما السّلام)قال:لما قال الله:«يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي»(2) .

قالت الأرض:إنّما اُمرتُ أن أبلَع مائي أنا فقط،ولم أُؤمر أن أبلع ماء السّماء.

قال:فبلعت الأرض ماءَها وبقي ماء السماء،فصُیّٙر بحراً حول الدُّنيا(3) .

ص:319


1- من لا يحضره الفقيه:ج2ص586ح3195
2- هود11: 44
3- تفسير العياشي:ج2ص310ح2019الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص144

باب(26) الأرض تبلع ماء الطوفان

تفسير العياشي:عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)في قوله:«وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ».

قال:نزلت بلغة الهند:اشربي(1) .

تفسير العياشي:وفي رواية عبّاد،عنه(عليه السّلام):«يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ»حبشية(2) .

باب(27) استقرار السفينة في مسجد الكوفة

التهذيب:أبو القاسم جعفر بن محمد،عن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري،عن أبيه،عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب،عن محمد بن سنان،عن المفضّل بن عمر الجعفي قال:دخلت على أبي عبدالله(عليه السّلام)فقلت له:اني اشتاق الى الغري.

فقال:فما شوقك اليه؟ فقلت له:انّي أحب أن أزور أمير المؤمنين(عليه السّلام).

ص:320


1- تفسير العياشي:ج2ص310ح2020الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص145
2- تفسير العياشي:ج2ص310ح2021الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص145

فقال:هل تعرف فضل زيارته؟ فقلت:لا يابن رسول الله الا أن تعرّفني ذلك.

قال:اذا زرت أمير المؤمنين(عليه السّلام)فاعلم انّك زائر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب(عليهم السّلام).

فقلت:أن آدم هبط بسراندیب في مطلع الشمس وزعموا انّ عظامه في بيت الله الحرام فكيف صارت عظامه بالكوفة؟ فقال:إنّ الله(عزّوجلّ)أوحى إلى نوح وهو في السفينة أن يطوف بالبيت اسبوعاً،فطاف بالبيت كما اوحى الله تعالى اليه،ثم نزل في الماء الى ركبتيه فاستخرج تابوتاً فيه عظام آدم(عليه السّلام)فحمله في جوف السفينة حتى طاف ما شاء الله أن يطوف،ثمّ ورد إلى باب الكوفة في وسط مسجدها ففيها قال الله تعالى للأرض:«ابْلَعِي مَاءَکِ»که فبلعت ماءها من مسجد الكوفة،كما بدأ الماء منه،و تفرّق الجمع الذي كان مع نوح في السفينة...الى آخر الحديث(1) .

كامل الزيارات:حدثني محمد بن يعقوب،عن أبي علي الأشعري،عمّن ذكره،عن محمد بن سنان وحدثني محمد بن عبدالله ابن جعفر الحميري،عن أبيه،عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال:حدثني ابن سنان قال:حدثني المفضّل بن عمر قال:دخلت على

ص:321


1- التهذيب:ج6ص22ح5

أبي عبدالله(عليه السّلام)فقلت:إنّي اشتاق إلى الغري...وذكر قريبة من ذلك(1) .

فرحة الغري:أخبرني والدي وعمّي رضي الدين علي بن طاووس (رحمهما الله)عن الفقيه محمد بن نما،عن محمد بن إدريس،عن عربي بن مسافر،عن الياس بن هشام الحايري،عن أبي علي،عن والده أبي جعفر،عن محمد بن النعمان،عن أبي القاسم جعفر بن محمد،عن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري،عن أبيه،عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب،عن محمد بن سنان،عن المفضّل بن عمر الجعفي قال:دخلت على أبي عبدالله(عليه السّلام)...وذكر نحوه(2) .

تفسير العياشي:عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:استوت على الجودي هو فرات الكوفة(3).

باب(28) عدم وجود الظالمين في سفينة نوح

تفسير العياشي:عن عبد الحميد بن أبي الديلم،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:لمّا ركب نوح في السفينة قيل:بعداً للقوم الظالمين(4) .

ص:322


1- كامل الزيارات:ص38ح2
2- فرحة الغري:ص72.منه بحار الانوار:ج100ص258
3- تفسير العياشي:ج2ص311ح2023الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص145
4- تفسير العياشي:ج2ص312ح2027الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص146

باب(29) کلام حول إبن نوح

تفسير القمي:أخبرنا أحمد بن ادریس قال:حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،عن أبان بن عثمان الأحمر،عن موسى بن أكيل النميري،عن العلاء بن سبابة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله:«وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ»(1) .

فقال:ليس بابنه إنّما هو ابنه من زوجته على لغة طي يقولون لابن المرأة ابنه(2) .

تفسير العياشي:عن موسى،عن العلاء بن سیِّابة،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)نحوه بزيادة قوله:قال نوح«رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ»إلى «الْخَاسِرِينَ»(3) .

قرب الاسناد:أحمد بن اسحاق بن(مسعدة)،عن بكر بن محمد قال:سمعت أبا عبد الله(عليه السّلام)يقول:«وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ»أي ابنها،وهي لُغة طيّ(4) .

ص:323


1- هود42: 11
2- تفسير القمی:ج1ص328.منه تفسير البرهان:ج5ص139
3- تفسير العياشي:ج2ص309ح2017الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص144
4- قرب الاسناد:ص41ح132الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص139

عيون أخبار الرضا(عليه السّلام):حدثنا أبي(رضي الله عنه)قال:

حدثنا سعد بن عبدالله،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن الحسن بن علي الوشّا،عن الرضا(عليه السّلام)قال:سمعته يقول:قال أبي(عليه السّلام):قال أبو عبد الله(عليه السّلام):إنّ الله(عزّوجلّ)قال لنُوح:«يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ»لأنّه كان مُخالفاً له وجعل من اتَّبعه من أهله.

قال:وسألني:كيف يقرؤن هذه الآية في ابن نُوح؟ فقلت:يقرؤها الناس على وجهين:«إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ»،و(إنّه عَمِلَ غيرَ صالح).

فقال:كَذَبوا هو ابنه،ولكن الله(عزّوجلّ)نفاه عنه حين خالفه في دينه(1) .

تفسير العياشي:عن الحسن بن على الوشّاء قال:سمعت الرضا (علیه السّلام)يقول:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):إنّ الله قال لنوح( عليه السّلام):«لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ» ...وذكر مثله(2) .

أَقول:هناك قولان في إبن نبي الله نوح(عليه السّلام):

الأول:إنّه كان ربيبه،أي ابن زوجته من غيره.

الثاني:انه كان إبنه وكان على خلاف دین أَبيه،فنفاه الله عنه.والله العالم بالواقع.

ص:324


1- عيون أخبار الرضا:ج2ص75ح3.منه تفسير البرهان:ج5ص135
2- تفسير العياشي:ج2ص312ح2028الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص146

باب(30) الامام المهدي في الكوفة

كمال الدين:حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(رضي الله عنه)قال:حدثنا محمد بن الحسن الصفّار،عن يعقوب بن يزيد،عن محمد بن أبي عمير،عن أبان بن عثمان،عن أبان بن تغلب قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):كأنّي أنظر إلى القائم على ظهر النجف فإذا استوی على ظهر النجف ركب فرساً أدهم أبلق،بين عينيه شمراخ ثم ينتفض به فرسه فلا يبقى أهل بلدة إلّا وهم يظنون أنّه معهم في بلادهم فإذا نشر راية رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)انحطّ إليه ثلاثة عشر ألف ملَك وثلاثة عشر ملكاً كلّهم ينتظر القائم(عليه السّلام)وهم الذين كانوا مع نوح(عليه السّلام)في السَّفينة.الى آخر الحديث(1) .

باب(31) ارتفاع الماء على رؤوس الجبال

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن الحسن بن علي،عن داود بن أبي يزيد،عمّن ذكره،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:ارتفع الماء على كل جبل، وعلى كل سهل خمسة عشر ذراعاً(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:325


1- كمال الدين:ص671ح22
2- الكافي:ج8ص284ح428

قوله تعالى:«وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا»إلى قوله:«أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ»(11- 68).

أَقول:يأتي في تفسير سورة القمر54: 23- 31ما يرتبط بهذه الآيات من الأحاديث.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ٭فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ٭وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ٭قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ٭قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ٭فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ٭إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ٭يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ٭وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ٭وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ٭قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ٭قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ

ص:326

قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ٭قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ٭فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ٭مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ»(69- 83).

باب(32) الملائكة في بيت ابراهيم الخليل

مجمع البيان:في قوله تعالى:«وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ»عن الصادق(عليه السّلام)قيل:كانوا أربعة:جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وکروبیل(1) .

باب(33) قصَّة قوم النبي لوط

تفسير البرهان:(تحفة الاخوان)قال الامام جعفر بن محمد الصادق(عليه السّلام):وكان أهل المؤتفكات من أجلّٙ الناس،وكانوا في حُسْن و جمال،فأصابهم الغلاء والقحط،فجاءهم ابليس اللّعين وقال لهم:إنّما جاءكم القحط لأنّكم منعتم الناس من دوركم ولم تمنعوهم من

ص:327


1- مجمع البيان:ج3ص179

فقالوا:وكيف السبيل إلى المنع؟ فقال لهم:اجعلوا السُنَّة بینکم إذا وجدتم غريباً في بلدكم سلبتموه ونکحتموه في دبره،حتى انّكم إذا فعلتم ذلك لم يتطرّقوا عليكم.

قال:فعزموا على ذلك فخرجوا إلى ظاهر البلد يطلبون من يجوز بهم،فتصوَّر لهم ابليس اللعين غلاماً أمرد فتزيّن فحملوا عليه،فلمّا رأوه سلبوه ونكحوه في دُبره فطاب لهم ذلك،حتى صار هذا عادة لهم في كلّٙ غریب وجدوه،حتی تعدّوا من الغرباء إلى أهل البلد،وفشا ذلك فيهم، وظهر ذلك من غير انتقام بينهم،فمنهم من يؤتي،ومنهم من يأتي.

وأوحى الله تعالى إلى ابراهيم(عليه السّلام):أنّي اخترت لوطاً نبيّاً فابعثه إلى هؤلاء القوم،فأقبل ابراهيم إلى لوط فأخبره بذلك،ثمّ قال له:

انطلق الى مدائن سدوم،وادعهم إلى عبادة الله،وحذّرهم أمر الله وعذابه،وذکّرهم بما نزل بقوم نمرود بن کنعان،فسار لوط حتى صار إلى المدائن،فوقف وهو لا يدري بأيّها يبدأ،فأقبل حتى دخل مدينة سدوم وهي أكبرها،وفيها ملكهم،فلمّا بلغ وسط السوق قال:يا قوم اتقوا الله وأطيعوني وازجروا أنفسكم عن هذه الفواحش التي لم تسبقوا إلى مثلها، وانتهوا عن عبادة الأصنام،فإنّي رسول الله إليكم،فذلك معنى قوله تعالى:«وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ

ص:328

الْعَالَمِينَ٭إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ٭وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ»(1) يعني عن إتيان الرّجال وقال في مكان آخر:«أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ»(2) يعني الحَذف بالحَصَى،والتصفيق،واللّعب بالحَمام،وتصفيق الطيور،ومُناقرة الديوك،ومهارشة الكلاب،والحبق(3) في المجالس،ولبس المُعَصفَرات(4) «فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ»(5) .

وبلغ ذلك ملكهم في سدوم فقال:ائتوني به،فلمّا وقف بين يديه قال له:من أنت ومن أرسلك وبماذا جئت،وإلى من بُعِثت؟ فقال له:أمّا اسمِي فلوط ابن أخي إبراهيم،وامّا الذي أرسلني فهو الله ربّي وربّكم،وأمّا ما جِئتُ به فأدعوكم إلى طاعة الله و[أمره]،وأنهاكم عن هذه الفواحش،فلمّا سمع ذلك من لوط وقع في قلبه الرُّعب والخوف،فقال له:إنّما أنا رجل من قومي،فَسِرْ إليهم فإن أجابوك

ص:329


1- الاعراف7: 80- 82
2- العنكبوت29: 29
3- المهارشة بالكلاب:هو تحريش بعضها على بعض.والحبق:الضُّراط (لسان العرب)
4- لغُضْفر:الذي يُصبَغ به(لسان العرب)والمقصود:الملابس الملوَّنة
5- العنکبوت29: 29

فأنا معهم.

قال:فخرج لوط من عنده ووقف على قومه وأخذ يدعوهم إلى عبادة الله وينهاهم عن المعاصي،ويُحذّرهم عذاب الله،حتى وثبوا عليه من كل جانب وقالوا:«لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ»من هذه الدعوة«لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ»أي من بلدنا «قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ» الخبيث «مِنَ الْقَالِينَ»أي من المبغضين«رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ»(1) يعني من الفواحش.

فأقام فيهم لوط عشرين سنة،وهو يدعوهم وتوفّٙيت امرأته وكانت مؤمنة فتروّج باُخرى من قومه،وكانت قد آمنت به يقال لها:(قواب)(2) فقام معها يدعوهم إلى طاعة الله،فجعلوا يشتمونه ويضربونه حتى بقي فيهم من أول ما بيث إلى أربعين سنة،فلم يُبالوا به ولم يُطيعوه، فضجّت الأرض إلى ربّها،واستغاثت الأشجار والأطيار،والجنّة والنار من فعلهم إلى الله تعالى،فأوحى الله تعالى إليهم:أنّي حليم لا أَعجل علی من

ص:330


1- الشعراء26: 167- 169
2- قال الله تعالى في سورة التحريم آية:10: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا»وهذا يدلّ على خيانة زوجة النبي لوط بزوجها،وقد قالوا:إنها خيانة في الدين،فقوله(عليه السّلام): «وكانت قد آمنت به»إمّا أنها ارتدّت عن ايمانها وصارت من الكافرين أو أنها زوجة اخرى له

عصاني حتى يأتي الأجل المحدود.

قال:فلمّا استخفّوا بنبي الله ولم يذعنوا إلى طاعته،و داموا على ما كانوا فيه من المعاصي،أمر الله تعالى أربعة من الملائكة وهم:جبرائیل و میکائیل و اسرافيل ودردائیل ان يمرّوا بابراهيم ويبشّرونه بولد من سارة بنت هاراز بن ناخور،وكانت قد آمنت به حين جعل الله عليه النار برداً وسلاماً،فأوحى الله إليه:أن تزوَّج بها يا إبراهيم-قال:-فتزوّج بها، فجاؤا على صورة البشر المعتجرين بالعمائم وكان إبراهيم لا يأكل إلّا مع الضَّيف-قال:-فانقطعت الأضياف عنه ثلاثة أيّام،فلمّا كان بعد ذلك قال:يا سارة قومي واعملي شيئاً من الطعام فلَعلّي أخرج عسى أن ألقي ضيفاً،فقامت لذلك وخرج ابراهيم في طلب الضيف فلم يجد ضيفاً فقعد في داره يقرأ الصُحف المنزلة عليه فلم يشعر إلّا والملائكة قد دخلوا عليه مفاجأة على خيلهم في زينتهم،فوقَفوا بين يديه ففزع من مفاجأتهم،حتى قالوا:سلاماً فسكن خوفُه فذلك معنى قوله تعالی:

«وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا»وقال تعالى في آية أُخرى:«هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ٭إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ»(1) لأنّه لا يعرف صورهم فرحّب بهم،وأمرهم بالجلوس ودخل على سارة،وقال لها:قد نزل عندنا

ص:331


1- الذریات51: 24و 25

أربعة أضياف حسان الوجوه واللباس،وقد دخلوا وسلّموا عليَّ بسلام الأبرار.

فقال لها:وحاجتي إليك أن تقومی و تخدميهم.

فقالت:عهدي بك يا إبراهيم وأنت أغيَر الناس.

فقال:هو كما تقولين،غير أَنّ هؤلاء أعزّاء خيار،ثمّ عمد إبراهيم إلى عجل سمين فذبحه،ونظّفه وعمد إلى التنور فسجره،فوضع العجل في التنور حتى اشتوى وذلك معنى قوله تعالى:«فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ»الذي يُشوى في الحفرة،وقد انتهى خبزه و نضاجتُه، فوضع إبراهيم العجل على الخوان،ووضع الخبز من حوله وقدّمه إليهم، ووقفت سارة عليهم تخدمهم وإبراهيم يأكل ولا ينظر إليهم،فلمّا رأت سارة ذلك منهم قالت:يا إبراهيم إنّ أضيافك هؤلاء لا يأكلون شيئاً فقال لهم إبراهيم(عليه السّلام):«أَلَا تَأْكُلُونَ»(1) وداخله الخوف من ذلك، وذلك معنى قوله تعالى:«فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً»أي أضمر منهم خوفاً.

ثمَّ قال إبراهيم:لو علمت أنّكم ما تأكلون ما قطعنا العجل عن البقرة،فمدّ جبرائيل يده نحو العجل وقال:قم بإذن الله تعالی فقام وأقبل نحو البقرة حتى التقم ضرعها،فعند ذلك اشتدّ خوف إبراهيم(عليه

ص:332


1- الذاريات51: 27

السّلام)وقال:«إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ٭قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ٭قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ٭قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ٭قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ»(1) قال:وكانت سارة قائمة فلمّا سمعت قالت:أوْهِ،وهي الصرّة التي قال الله تعالى:«فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا» يعني ضربت وجهها«وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ»(2) أي كبيرة لم تلد«قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ٭قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»الموجود ذو الشرف والمجد والكرم وفي آية اُخرى:

«وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ٭وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ»تخدمهم«فَضَحِكَتْ»أي حاضت«فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ»فإسحاق قد مضى عليه ثمانون سنة فكُفَّ بصره وكان ملازماً لمسجده فبينما هو ذات يوم جالس إلى جانب امرأته إذ راودها فضحكت حتى بدت نواجذها فقالت زوجته واسمها رباب بنت الوط-وقيل قدرة-:یا اسحاق.

فقال:نعم ان شاء الله فواقعها فحملت بولدین ذکرین واخبرته

ص:333


1- الحجر15: 52- 56
2- الذاريات51: 29

بحملها فقال لها اسحاق:لا تعجبي من ذلك،لأني رأيت في أوّل عمري في المنام ذات ليلة كأنّه خرجت من ظهري شجرة عظيمة خضراء لها أغصان وفروع كل واحد منها على لون،فقيل لي في المنام:هذه الأغصان أولادك الأنبياء على قدر أنوارهم،فانتبهت فزعاً مرعوباً فهذا تأويل رؤياي.

فقالت زوجته:يا نبي الله ورسوله إنّهما اثنان لأنّهما يتضاربان في بطني كالمتخاصِمَين.

فقال اسحاق:يكون خيراً إن شاء الله تعالى،فلما تمت مدّة الحمل وضعتْهما وأحدُهما بعقب صاحبه متعلّق بعقبه،فسمّي:يعقوب لأنّه بعقب أخيه والآخر اسمه عيص لأنّه أخر أخاه،وتقدّم عليه.

وقيل:إنّ سارة قد مضى من عمرها تسع وتسعون سنة،و ابراهیم ثماني وتسعون،وحملت سارة باسحاق في الليلة التي خسف الله فيها قوم لوط،فلمّا تمّت أشهرها وضعته في ليلة الجمعة يوم عاشوراء،وله نور شعشعاني فلمّا سقط من بطن اُمّه خيَّر الله ساجداً ثمّ استوى قاعداً ورفع يديه إلى السّماء بالثناء لله تعالى والتوحيد.

قال:فأخذت تُردّٙد قولها:عجوز عقيم وهي لا تدري أنّ هؤلاء ملائكة فرفع جبرائیل طرفه إليها،وقال لها:يا سارة«قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ

ص:334

هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ»(1) فلمّا فرغوا من ذلك قال لهم ابراهیم:«فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ»(2) يعني ما بالكم بعد هذه البشارة؟«قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ»(3) يعنون قوم لوط«لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ»(4) قال قتادة:كانت حجارة مخلوطة بالطين مطبوخة في نار جهنم «مُسَوَّمَةً»(5) يعني مُعلَّمة،وقيل:إنه كان مكتوباً على كلّ حَجَر اسمُ صاحبه من المسرفين من قوم لوط في معاصيهم.

قال:فعاد جبرائيل الى صورته حتى عرفه إبراهيم فأخبره:أنّ هذا أخي میکائیل،وهذان اسرافیل و دردائیل فاغتمَّ ابراهیم شفقة على ابن أخيه لوط وأهله،وذلك معنى قوله تعالى حكايةً عن ابراهیم(عليه السّلام)«قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ»(6) يعني من الباقين في العذاب ثمّ سألهم عن عدد المؤمنين في هذه المدائن،قال له جبرائیل:ما فيها إلّا لوط وابنتاه فذلك معنى قوله تعالى:«فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ٭فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»(7) قال الله تعالى «فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ

ص:335


1- الذاریات51: 30- 32
2- الذاریات51: 30- 32
3- الذاریات51: 30- 32
4- الذاريات51: 33و 34
5- الذاريات51: 33و 34
6- العنکبوت29: 32
7- الذاريات51: 35و 36

الرَّوْعُ»أي الخوف«وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى»يعني باسحاق«يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ»يعني ما جرى بينه وبين جبرائيل يقول الله تعالى:«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ»يعني هو مؤمن في الدعاء مقبل على عبادة ربّه،قال:

فعند ذلك قال لإبراهيم:«يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ»يعني عذابه «وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ»أي غير مصروف، قال:فعند ذلك قال إبراهيم(عليه السّلام):يا ملائكة ربّي ورسله امضوا حيث تؤمرون.

قال:فاستوت الملائكة على خيلهم وقاربت مدائن لوط وقت المساء فرأتهم رباب بنت لوط زوجة اسحاق وهي الكبرى،وكانت تستقي الماء،فنظرت إليهم وإذا هم قوم عليهم جمال وهيئة حسنة فتقدّمت إليهم وقالت لهم:مالكم تدخلون على قوم فاسقين،ليس فيهم من يضيّٙفكم إلّا ذلك الشيخ،وإنّه ليقاسي من القوم أمرا عظيماً،قال:

وعدلت الملائكة إلى لوط،وقد فرغ من حرثه فلمّا رآهم لوط اغتمّ لهم، وفزع عليهم من قومه،وذلك معنى قوله تعالى:«وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ»يعني شديد شرّة.وقال في آية أُخرى:«فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ٭قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ»(1) أنكرهم لوط كما أنكرهم ابراهیم.

ص:336


1- الحجر15: 61و 62

فقال لهم لوط:من أين أقبلتم؟ قال له جبرائيل ولم يعرفه:من موضع بعيد،وقد حللنا بساحتك فهل لك أن تضيفنا في هذه الليلة،وعند ربّٙك الأجر والثواب؟ قال:نعم ولكن أخاف عليكم من هؤلاء القوم الفاسقين عليهم لعنة الله.

فقال جبرائيل لاسرافيل:هذه واحدة،وقد كان الله تعالى أمرهم أن لا يدمّٙروهم إلّا بعد أربع شهادات تحصل من لوطٍ بفسقهم ولعنته عليهم، ثمّ اقبلوا عليه وقالوا:يا لوط،قد أقبل علينا الليل،ونحن أضيافك فاعمل على حسب ذلك.

فقال لهم لوط:قد أخبرتكم أنّ قومي يفسقون ويأتون الذكور شهوة ويتركون النساء عليهم لعنة الله.

فقال جبرائيل لاسرافيل:هذه ثانية،ثمّ قال لهم لوط:انزلوا عن دوابّٙكم واجلسوا هاهنا حتى يشتدّ الظلام،ثمّ تدخلون ولا يشعر بكم منهم أحد،فإنّهم قوم سوء فاسقين،عليهم لعنة الله.

فقال جبرائيل لاسرافيل:هذه الثالثة،ثمّ مضى لوط-بعد أن أسدل الظلام-بين أيديهم إلى منزله،والملائكة خلفه حتى دخلوا منزِلَه،فأغلق عليهم الباب،ثمّ دعا بإمرأته يقال لها:قواب،وقال لها:يا هذه إنّك عصیِت مدّة أربعين سنة،وهؤلاء أضيافي قد ملؤوا قلبي خوفاً اكفيني

ص:337

أمرهم هذه الليلة حتى اغفر لك ما مضى.

قالت:نعم.قال الله تعالى:«ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا»(1) .

ولم تكن خيانتهما في الفراش لأنّ الله تعالى لا يبتلي انبياءه بذلك، ولكن خيانة امرأة نوح أنّها كانت تقول لقومه:لا تضرِبوه لأنّه مجنون، وكان ملك قومه رجلاً جبّاراً قوياً عاتياً،يقال له:دوقيل بن عويل بن الامك بن جنح بن قابيل،وهو أوَّل من شرب الخمر وقعد على الأسرّة، وأوَّل مَن أمر بصنعة الحديد والرصاص والنحاس،وأول من اتّخذ الثياب المنسوجة بالذهب،وكان يعبد هو وقومه الأصنام الخمس:وُدّاً و سُواعاً ويغوثَ ويعوقَ ونَسراً،وهي أصنام قوم ادریس(عليه السّلام)، ثمّ اتَّخذوا في كثرة الأصنام حتّى صار لهم ألف وتسعمائة صنم علی کراسي الذهب،وأسرّة من الفضّة مفروشة بأنواع الفرش الفاخرة، مُتوّجين الأصنام بتيجان مرصّعة بالجواهر واللآلئ واليواقيت،ولهذه الأصنام خدم يخدمونها تعظيماً لها.

وخيانة امرأة لوط أنّها كانت إذا رأت ضيفاً نهاراً ادخنت وإذا اُنزل ليلاً أوقَدت فَعلم القوم أنّ هناك ضيوفاً،فلمّا كان في تلك الليلة خرجت وبيدها سراج كأنّها تريد أن تُشعله،وطافت على جماعة من قومها

ص:338


1- التحريم66: 10

وأهلها وأخبرتهم بجمال القوم وبحُسنهم،قال:فعلم لوط بذلك،فأغلَق الباب وأوثقَه،واقبل الفساق يهرَعون من كلّٙ جانب ومكان،ويُنادون حتى وقفوا على باب لوط ففزَّعوه،وذلك معنى قوله تعالى:«وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ»أي يسرعون إليه«وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ».

قال:فناداهم لوط(عليه السّلام)وقال:«يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ»يعني بالزواج والنكاح إن آمنتم«فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي»يعني لا تفضحوني في ضيافتي «أَلَيْسَ مِنْكُمْ»يا قوم«رَجُلٌ رَشِيدٌ»أي حليم يأمركم بالمعروف وينهاكم عن المنكر؟ فقالوا له:«قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ»أي من حاجة،ولا شهوة لنا فيهنّ «وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ»يعني عملهم الخبيث وهو اتيان الذكور،ثمّ كسروا الباب ودخلوا فقالوا:يا لوط «قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ»(1) ؟يعني عن الناس أجمعين،قال:فوقف لوط على الباب دون أضيافه،وقال:والله لا اُسلّم أضيفي إليكم وفيّ عرق يضرب دون أن تذهب نفسي أو لا اقدر على شيء،وذلك معنى قوله تعالى:«لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»فتقدّم بعضهم اليه فلطم وجهَه وأخذ بلحيته ودفعه عن الباب،فعند ذلك قال لوط:«لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً

ص:339


1- الحجر15: 70

أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»قال:فرفع لوط رأسه إلى السّماء وقال:الهي خُذْ لي من قَومي حقّي،والعنهم لعناً كثيراً.

فقال جبرئیل لاسرافيل:هذه الرابعة.

ثمّ قال جبرائیل:«يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ»فابشر ولا تحزن علينا،فهجم القوم عليه وهم يقولون:«قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ»أي لا تؤوي ضيفاً فرأوا جمال القوم وحسن وجوههم فبادروا نحوهم فطمس الله على اعينهم،وإذا هم عُمي لا يُبصرون وصارت وجوههم كالقار،وهم يدورون ووجوههم تضرب الحيطان،فذلك قوله تعالى:«وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ»(1) .

قال:وإذا نفرٌ آخرون قد لحقوا بهم،ونادوهم:إن کنتم قضيتم شهوتكم منهم فاخرجوا حتى ندخل ونقضي شهوتنا منهم،فصاحوا: یا قوم إنّ لوطاً أتي بقوم سحرة،لقد سحروا أعيننا فادخلوا إلينا وخذوا بأيدينا فدخلوا وأخرجوهم وقالوا:يا لوط إذا أصبح الصبح نأتيك ونريك ما تحبّ،فسکت عنهم لوط حتّى خرجوا،ثمّ قال لوط للملائكة:بماذا اُرسلتم؟فأخبروه بهلاك قومه.

فقال:متى ذلك؟

ص:340


1- القمر54: 37

فقال جبرئیل:«إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ»فقال جبرئیل:اُخرج الآن-یا لوط-و«فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ»يعني في آخر الليل«وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ»قواب«إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ»من العذاب.

قال:فجمع لوط بناته وأهله ومواشيه وأمتعته فأخرجهم جبرئیل من المدينة،ثمّ قال جبرئیل:یا لوط قد قضى ربّك و«أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ»(1) .

فقالت له امرأته:إلى أين تخرج-یا لوط-من دُورك؟فأخبرها أنّ هؤلاء رُسل ربّي جاؤالهلاك المدن.

فقالت:يا لوط وما لربُّك من القدرة حتى يقدر على هلاك هؤلاء المدائن السَّبع؟!فما استتمَّت كلامها حتى أتاها حَجَر من حجارة السجّيل،فوقع على رأسها فأهلكها،وقيل:إنها بقيت ممسوخة حجرة أسود عشرين سنة،ثمّ خُسف بها في بطن الأرض.

قال:وخرج لوط من تلك المدائن وإذا بجبرئيل الأمين قد بسط جناح الغضب،واسرافيل قد جمع أطراف المدائن،ودردائیل قد جعل جناحه تحت تخوم الأرض السابعة،وعزرائيل قد تهيَّأ لقبض أرواحهم في حراب النيران،حتى إذا برزعمود الصبح،صاح جبرئيل الأمين بأعلى

ص:341


1- الحجر15: 66

صوته:يا بئسَ صباح قوم کافرين،وصاح میکائیل من الجانب الثاني:يا بئس صباح قوم فاسقين،وصاح اسرافيل من الجانب الثالث:يا بئس صباح قوم مجرمين،وصاح دردائیل:یا بئس صباح قوم ضالّين،وصاح عزرائيل بأعلى صوته:يا بئس صباح قوم غافلين.

قال:فقلع جبرئيل الأمين-طاووس الملائكة المطوّقُ بالنور ذو القوَّة-تلك المدائن السبع عن آخرها،من تحت تخوم الأرض السابعة السفلی بجناح الغضب،حتى بلغ الماء الأسود ثم رفعها بجبالها ووديانها وأشجارها ودورها وغرفها وأنهارها و مزارعها و مراعيها حتى انتهى بها الى البحر الأخضر الذي في الهواء،حتى سمع أهل السماء صياح صبيانِهم،ونبيح كلابهم،وصقيع الديكة،فقالوا:من هؤلاء المغضوب عليهم؟ فقيل:هؤلاء قوم لوط،ولم تزل كذلك على جناح جبرئيل وهي ترتعد كأنها سعفة في ريح عاصف تنتظر متى يؤمر بهم،فنودي:دُرِ القرى بعضها على بعض،فقلَبها جبرئيل الأمين وجعل عاليهَا سافلها، فذلك معنى قوله تعالى:«وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى٭فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى»(1) يعني من رَمي الملائكة لهم بالحجارة من فوقهم.

قال الله تعالى:«فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا»يعني«جَعَلْنَا عَالِيَهَا

ص:342


1- النجم53: 53و 54

سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ»يعني متتابع بعضه على بعض وكل حجر عليه اسم صاحبه،قال:فاستيقظ القوم وإذا هم بالأرض تهوي بهم من الهواء والنيران من تحتهم،والملائكة تقذفُهم بالحجارة وهي مطبوخة بنار جهنَّم وهي عليهم كالمطر«فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ»(1) .

وروي أنّ كلّ واحد كان غائباً عن هذه المدائن،ممن كان على مثل حالهم في دينهم وفعلهم أتاه الحجر فانقَضّ على رأسه حتى قتله.

وكان النبي محمد بن عبد الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)يقول:

انّي لأسمع صوت القواصف من الريح والرَّعود،وأحسب أنها الحجارة التي وعد الله بها الظلمة،كما قال الله تعالى:«مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ»،وقوله تعالى:«قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ»يعني بالحجارة«أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ»(2) يعني الخسف» قال كعب:وجعل يخرُج من تلك المدائن دُخان أسود نتن لا يقدر أحد أن يشمّه لنتن رائحته،وبقیت آثار المدائن والقوم،يَعتبر بها كلّ من يراها،فذلك معنى قوله تعالى:«وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»(3) .

ص:343


1- الصافات37: 177
2- الأنعام6: 65
3- العنکبوت29: 35

قال:ومضى لوط إلى عمّه إبراهيم فأخبره بما نزل بقومه،فذلك معنى قوله تعالى:«وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ»(1) و(2) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن فضّال،عن داود بن فرقد،عن أبي يزيد الحمار،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:إنّ الله (عزّوجلّ)بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط:جبرئیل و میکائیل واسرافيل وكروبيل فمرٌّوا بإبراهيم وهم معتمُّون فسلموا عليه فلم يعرفهم ورأى هيئة حسنة فقال:لا يخدم هؤلاء إلّا أنا بنفسي،وكان صاحب ضيافة فشوي لهم عجلاً سميناً حتى أنضجه ثم قرَّبه إليهم،فلمّا وضعه بين أيديهم«رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً»فلمّا رأى ذلك جبرئیل حسر العمامة عن وجهه فعرفه ابراهیم فقال:أنت هو؟ قال:نعم،ومرّت سارة امرأته فبشّرها بإسحاق،ومن وراء اسحاق يعقوب.

فقالت ما قال الله(عزّوجلّ)،فأجابوها بما في الكتاب.

فقال لهم ابراهیم:لماذا جئتم؟

ص:344


1- الانبياء21: 74
2- تفسير البرهان:ج7ص401ح6

قالوا:في إهلاك قوم لوط.

فقال لهم:إن كان فيهم مائة من المؤمنين اتهلكونهم؟ فقال جبرئیل:لا.

قال:فان كان فيها خمسون؟ قال:لا.

قال:فان كان فيها ثلاثون؟ قال:لا.

قال:فان كان فيها عشرون؟ قال:لا.

قال:فان كان فيها عشرة؟ قال:لا.

قال:فإن كان فيها خمسة؟ قال:لا.

قال:فإن كان فيها واحد؟ قال:لا.

قال:فإنَّ فيها لوطاً.

قالوا:نحن أعلم بمن فيها لنُنجَّينَّه وأهله إلَّا امرأته كانت من الغابرين.

ص:345

قال الحسن بن علي قال:لا أعلم هذا القول إلّا وهو يستَبْقيهم وهو قول الله(عزّوجلّ):«يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ»فأتوا لُوطاً وهو في زراعة قُرب القرية،فسلّموا عليه وهم مُعتَمّون،فلمّا رأى هيئةً حسنة عليهم ثياب بيض وعمائم بیض فقال لهم:المنزل؟ فقالوا:نعم،فتقدَّمهم ومشَوا خلفه فندم على عرضه المنزل عليهم، فقال:أيّ شيء صنعتُ؟آتي بهم قومي وانا أعرفهم؟فالتفت إليهم فقال:

إنكم لتأتون شراراً من خلق الله.

قال:فقال جبرئیل:لا نعجل عليهم حتى يشهد عليهم-ثلاث مرات-فقال جبرئيل:هذه واحدة،ثم مشى ساعة ثمّ التفت إليهم فقال:

إنكم لتأتون شراراً من خلق الله،فقال جبرئيل:هذه ثنتان،ثم مشى فلمّا بلغ باب المدينة التفت اليهم فقال:إنكم لتأتون شراراً من خلق الله،فقال جبرئیل:هذه الثالثة.

ثم دخل ودخلوا معه حتى دخل منزله فلمّا رأتهم امرأتُه رأت هيئة حسنة فصعدت فوق السطح وصفقت فلم يسمعوا،فدخّنت،فلمّا رأوا الدخان أقبلوا الى الباب يهرعون حتى جاؤوا الى الباب فنزلت اليهم فقالت:عنده قوم ما رأيت قوماً قط أحسن هيئة منهم فجاؤوا الى الباب ليدخلوا،فلمّا رآهم لوط قام إليهم فقال لهم:«يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ»

ص:346

وقال:«هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ»فدعاهم الى الحلال فقالوا:«لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ»فقال لهم:قَالَ «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ».

فقال جبرئيل:لو يعلم أيّ قوة له! قال:فكاثَروه حتى دخلوا البيت فصاح به جبرئيل فقال:يا لوط دعهم يدخلون،فلمّا دخلوا أهوى جبرئیل بإصبعه نحوَهم فذهبت أعيُنهم،وهو قول الله(عزّوجلّ):«فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ»(1) ثم ناداه جبرئیل فقال له:«ِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ» وقال له جبرئیل:إنا بُعثنا في إهلاكهم.

فقال:يا جبرئیل عجّل.

فقال:«إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ»فأمره أن يحمل من معه(2) إلّا امرأته ثمّ اقتلعها-يعني المدينة-جبرئیل بجناحيه من سبعة أرضين ثمّ رفَعها حتى سمع أهل سماء الدُّنيا نباح الكلاب وصراخ الديوك،ثمّ قلبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجّيل(3) .

ص:347


1- القمر54: 37
2- في نسخة الكافي التي بأيدينا:«فأمره فيحمل هو ومن معه»وما أثبتناه من حاشية بعض النسخ
3- الكافي:ج5ص546ح6

الكافي:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن ابن فضّال بهذا الاسناد قريباً من ذلك(1) .

تفسير العياشي:عن أبي يزيد الحمار،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)نحوه(2) .

تفسير العياشي:عن أبي بصير،عن أحدهما(عليهما السّلام) قال:

إنّ جبرئيل لما أتی لوطاٌ في هلاك قومه،ودخلوا عليه،وجاءه قومه يُهرَعون اليه قال:فوضع يده على الباب ثم ناشدَهم فقال:«فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ»«قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ»(3) ثمّ عرض عليهم بَناته بنكاح فقالوا:«مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيد».

قال:فما منکم رجل رشید؟ قال:فأبوا فقال:و«لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ».

قال:وجبرئيل ينظر اليهم فقال:لو يعلم أي قوة له!ثمّ دعاه وأتاه ففتَحوا الباب ودخلوا فأشار جبرئیل بیده فرجعوا عميان يلمسون الجدران بأيديهم،يعاهدون الله لئن أصبحنا لا نستبقي أحداً من آل لوط.

ص:348


1- الكافي:ج8ص327ح505
2- تفسير العياشي:ج2ص314ح2032وص316ح2039الطبعة الحديثة
3- الحجر15: 70

قال:فلمّا قال جبرئیل:«إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ»قال له لوط:يا جبرئیل عجّل.

قال:نعم.ثمّ قال:يا جبرئیل عجّل.

قال:الصبح موعدهم أليس الصّبح بقریب؟ثم قال جبرئیل:یا لوط اخرج منها انت وولدك حتى تبلغ موضع كذا وكذا.

قال:يا جبرئيل إنّ حُمراتي حمرات ضعاف.

قال:ارتحل فاخرج منها،فارتحل حتى إذا كان السَّحر نزل إليها جبرئیل،فادخل جناحه تحتَها حتى اذا استقلَّت قلبَها عليهم،ورمی جبرئيل المدينة بحجارة من سجيل،وسمعتْ امرأة لوط الهَدَّة،فهلکت منها(1) .

علل الشرایع:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا سعد بن عبدالله،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،عن أبان، عن أبي بصير،وغيره،عن أحدهما(عليهما السّلام)قال:إنّ الملائكة لمّا جاءت في هلاك قوم لوط «قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ»(2) .

قالت سارة:عجبتُ من قلّتهم وكثرة أهل القرية،فقالت:ومن يطيق قوم لوط فبشَّروها باسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب،فصکّت

ص:349


1- تفسير العياشي:ج2ص318ح2040الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص166
2- العنکبوت29: 31

وجهها،وقالت:عجوز عقیم،وهي يومئذ ابنة تسعين سنة وإبراهيم يومئذ ابن عشرين ومائة سنة،فجادل إبراهيم عنهم،وقال:إن فيها لوطاً.

قال جبرئیل:نحن أعلم بمن فيها فزاده إبراهيم(1) .

فقال جبرئیل:و«يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ»قال:وإنّ جبرئيل لمّا أتی لوطاً في هلاك قومه فدخلوا عليه وجاءه قومه يهرعون إليه،قام فوضع يده على الباب،ثمّ ناشدهم،فقال:«فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي»«قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ»ثم عرض عليهم بناته نکاحاً «قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ»قال:«أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ»قال:فأبوا«قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»قال:وجبرئيل ينظر إليهم،فقال:لو يعلم أيَّ قوة له،ثم دعاه فأتاه ففتحوا الباب(2) ودخلوا فأشار إليهم جبرئیل بیده فرجعوا عمياناً يلتمسون الجدار بأيديهم،يعاهدون الله لئن أصبحنا لا نستبقي أحداً من آل لوط.

قال:لمّا قال جبرئيل ً«إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ»قال له لوط:يا جبرئیل عجّل.

ص:350


1- هكذا في المصدر ولعلّه تصحيف و الصحيح:فرادّه ابراهیم(عليه السّلام).أي فجادله
2- في تفسير البرهان:فكاثروه حتّى فتحوا الباب

قال:نعم.

قال:يا جبرئیل عجّل.

قال:«إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ»...الى آخر الحديث(1) .

تفسير العياشي:عن أبي بصير،عن أحدهما قال:إنّ ابراهیم(علیه السّلام)جادل في قوم لوط،وقال:«إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِیهَا»(2) فزاد ابراهیم(3) .

فقال جبرئیل:«يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ»(4) .

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن محمد ابن أبي حمزة،عن يعقوب بن شعيب،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول لوط(عليه السّلام):«هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ»قال:عرض عليهم التزویج(5) .

تفسير العياشي:عن علي بن أبي حمزة،عن أبي عبدالله(عليه

ص:351


1- علل الشرایع:ص551حة.منه تفسير البرهان:ج9ص221
2- العنکبوت29: 32
3- لعله تصحيف و الصحيح:فرادّه ابراهیم(عليه السّلام).أي فجادله
4- تفسير العياشي:ج2ص316ح2038الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص164
5- الكافي:ج5ص548ح7

السّلام)في قول الله:إ«إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ»مظلماً.

قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):وهكذا قراءة أمير المؤمنین (عليه السّلام)(1) .

باب(34) معنى«الحنيذ»

تفسير العياشي:عن عبدالله بن سنان قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)[يقول:]و«جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ»؟ قال:مشوياً نضيجا(2) ً.

باب(35) الأنبياء بعد لوط

تفسير القمي:أخبرنا الحسن بن علي بن مهزیار،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:ما بعث الله نبيّاً بعد لوط إلّا في عزّ من قومه(3) .

ص:352


1- تفسير العياشي:ج2ص321ح2005الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص169
2- تفسير العياشي:ج2ص315ح2034الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص163
3- تفسير القمي:ج1ص335.منه تفسير البرهان:ج5ص160

باب(36) معاني الأخبار:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا سعد بن عبد الله،عن

يعقوب بن يزيد،عن ابن أبي عمير،عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله(عزّوجلّ):«فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ».

قال:حاضت(1) .

تفسير العياشي:في رواية أبي عبدالله(عليه السّلام)«فَضَحِكَتْ» قال:حاضت وقالت:«يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ»الى قوله:«حَمِيدٌ مَجِيدٌ»فلمّا جائت إبراهيم البشارةُ بإسحاق،فذهب عنه الرّوع،وأقبل يُناجي ربّه في قوم لوط، ويسأله کشف البلاء عنهم،فقال الله:«يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ»بعد طلوع الشمس من يومك محتوماً «غَيْرُ مَرْدُودٍ»(2) .

ص:353


1- معاني الأخبار:ص224ح 1.منه تفسير البرهان:ج5ص160
2- تفسير العياشي:ج2ص314ضمن حدیث 2031الطبعة الحديثة. منه تفسیر البرهان:ج5ص161

باب(37) إخبار النبي ابراهيم بالمولود

تفسير العياشي:عن فضل بن أبي قرة قال:سمعت أبا عبدالله(عليه السّلام)يقول:أوحى الله إلى ابراهيم:انّه سيولد لك،فقال لسارة، فقالت:والله وأنا عجوز؟فأوحى الله إليه:أنّها ستلد ويُعذّب أولادها أربع مائة سنة بردّٙها الكلام عليّ.

قال:فلمّا طال على بني اسرائيل العذاب ضجُّوا وبَكوا إلى الله أربعين صباحاً،فأوحى الله إلى موسى وهارون أن يُخلّصهم من فرعون فحطّ عنهم سبعين ومائة سنة.

قال:وقال أبو عبدالله(عليه السّلام):هكذا أنتم لو فعلتم لفرّج الله عنّا،فاما إذا لم تكونوا فإنّ الأمر ينتهي الى منتهاه(1) .

أقول:الحديث ضعيف السَّند فلا يعتمَد عليه.

بالاضافة الى أنه لا يتّفق مع عدالة الله سبحانه ومع ما ورد في القرآن الكريم أنه «لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»فما ذنب أولاد سارة أن يعذَّبوا بكلامٍ صدر من اُمّهم؟!! ومن الواضح أن كلام سارة لم يكن-بظاهره-من باب الرّد على الله

ص:354


1- تفسير العياشي:ج2ص315ح2035الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص163

سبحانه،بل لعدم استعدادها الجسمي للحمل لكونها عجوزاً.

ولعلّ الأفضل أن نردّ عِلم هذا الحديث وأمثاله الى أهله،والله العالِم.

باب(38) جواز ردّ السلام بالأفضل

تفسیر نور الثقلين:معاني الاخبار-أن الصّادق(عليه السّلام)سلّم على رجل.

فقال الرجل:وعلیکم السّلام ورحمة الله وبركاته ورضوانه.

فقال:لا تجاوزوا بنا قول الملائكة لأبينا إبراهيم«رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»(1) .

أقول:الحديث ضعيف السَّند فلا يعتمد عليه،وقد ثبت استحباب ردّ السلام بالأفضل،قال تعالى:«حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا»(2) .

وبناءً على صحة الحديث المذكور فيحتمل قويًّا أنه صَدر من باب التقيَّة،ويؤيّد هذا الاحتمال ما ذكره الشيخ الكليني-في الكافي باب التقيّة

ص:355


1- تفسير نور الثقلين:ج2ص386ح170
2- النساء4: 86

عن حمّاد بن واقد قال:استقبلتُ أبا عبدالله(عليه السّلام)في طريق فأعرضت عنه بوجهي ومضيت،فدخلت عليه بعد ذلك،فقلت:جعلت فداك إنّي لألقاك فأصرف وجهي كراهة أن أشقّ عليك،فقال لي:رحمك الله ولكن رجلاً لقيني أمس في موضع كذا وكذا فقال:عليك السلام يا أبا عبدالله،ما أحسن ولا أجمل(1) .

باب(39) من خصال النبي ابراهيم

تفسير العياشي:عن عبد الرحمن،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) في قول الله تعالى:«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ».

قال:دَعّاء.

عن زرارة وحمران و محمد بن مسلم،عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السّلام)مثله(2) .

باب(40) قوّة الامام القائم وأصحابِه

كمال الدين:حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور(رضي الله عنه)

ص:356


1- الكافي :ج2ص218ح9
2- تفسير العياشي:ج2ص316ح2037الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص164

قال:حدثنا الحسين بن محمد بن عامر،عن عمه عبدالله بن عامر،عن محمد بن أبي عمير،عن ابن أبي حمزة،عن أبي بصير قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):ما كان قول لوط(عليه السّلام)لقومه:«لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»إلّا تمنّياً لقُوّة القائم(عليه السّلام)،ولا ذكر(1) إلّا شدّة أصحابه،وان الرّجل منهم ليُعطي قوّة أربعين رجلاً، وإنّ قلبه لأشدّ من زُبُر الحديد،ولو مرُّوا بجِبال الحديد لقلعوها(2) ،ولا يكفّون سيوفهم حتى يرضى الله(عزّوجلّ)(3) .

تفسير القمي:حدثني محمد بن جعفر قال:حدثنا محمد بن أحمد (مسلم - ط)،عن محمد بن الحسين،عن موسى بن سعدان،عن عبدالله بن القاسم،عن صالح،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:في قوله:«قُوَّةً» قال:القوَّة:القائم(عليه السّلام)والركن الشديد:ثلاثمائة وثلاثة عشر(4) .

تفسير العياشي:عن صالح بن سعد،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)

ص:357


1- في تفسير البرهان:وما الركن
2- في تفسير البرهان:لتدكدكت
3- كمال الدين:ص673ح26.منه تفسير البرهان:ج5ص169
4- تفسير القمي:ج1ص335.منه تفسير البرهان:ج5ص160

في قول الله:«لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ».

قال:قوّة القائم(عليه السّلام)،والركن الشديد:الثلاثمائة وثلاثة عشَر أَصحابه(1) .

باب(41) عقاب من مات مُصرّاً على اللّواط

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن عثمان بن سعيد،عن محمد بن سليمان،عن ميمون البان قال:كنت عند أبي عبدالله(عليه السّلام)فقُرىء عنده آيات من هود،فلمّا بلغ«وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ*مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ».

[قال]:فقال:من مات مُصرّاً على اللّواط لم يمت حتى يرميه الله بحَجر من تلك الحجارة،تكون(2) فيه منيّته ولا يَراه أحد(3) .

تفسير العياشي:عن ميمون اللبّان قال:كنت عند أبي عبدالله(عليه السّلام)فقرأ...وذكر مثله(4) .

تفسير القمي:حدثني أبي،عن سليمان الديلمي،عن أبي بصير،

ص:358


1- تفسير العياشي:ج2ص319ح2042الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص167
2- في تفسير العياشي:يكون
3- الكافي:ج5ص548ح9
4- تفسير العياشي:ج2ص321ح2046الطبعة الحديثة

عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قوله:«وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ*مُسَوَّمَةً» قال:ما من عبد يخرج من الدُّنيا يستحلّ عمل قوم لوط إلُّا رماه الله كبده من تلك الحجارة تكون منيّته فيها،ولكن الخلق لا يرونه(1) .

باب(42) سَخط الأرض والسماء على قوم لوط

تفسير العياشي:عن السكوني،عن جعفر،عن أبيه(عليهما السّلام)قال:قال النبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم):لمّا عَمِل قوم لوط ما عَمِلوا بکت الأرض إلى ربّها حتى بلغت دُمُوعها إلى السماء،وبكت السماء حتى بلغت دموعها العرش،فأوحى الله إلى السّماء:أن احصبيهم،وأوحى إلى الأرض:أن اخسفي بهم(2) .

أقول: لعلّ بكاء السماء والأرض كناية عن شكواهما وسخطهما الشديد على قوم لوط بسبب تماديهم في المعصية والرذيلة،وقد يكون للحديث معنى حقيقي لا تصل اليه عقولنا وأفهامنا القاصرة.والله العالم.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:359


1- تفسير القمي:ج1ص336.منه تفسير البرهان:ج5ص161
2- تفسير العياشي:ج2ص321ح2067الطبعة الحديثة.منه بحار الانوار:ج79ص72

قوله تعالى:«وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ٭وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ٭ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ»(84-86) .

باب(43) الامام الباقر في مدينة النبي شعيب

قصص الانبياء:بإسناده عن ابن بابویه،حدّثنا أحمد بن علي،عن أبيه،عن جدّه ابراهیم بن هاشم،عن علي بن معبد،عن علي بن عبد العزيز،عن يحيى بن بشیر،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله(صلوات الله عليه)في قصّة إشخاص هشام بن عبد الملك أبا جعفر(عليه السّلام)إلى الشام(الى أن قال:)ثمّ قال هشام:انصرف إلى أهلك إذا شئت،فخرج أبي متوجّهاً من الشام نحو الحجاز وأبرد هشام بريداً وكتب معه إلى جميع عمّاله ما بين دمشق إلى يثرب يأمرهم أن لا يأذنوا لأبي في شيء من مدينتهم ولا يبايعوه في أسواقهم ولا يأذنوا له في مخالفة أهل الشام حتى ينفذ الى الحجاز فلمّا انتهى إلى مدينة مدين ومعه حشمه وأتاهم بعضهم فأخبرهم أنّ زادهم قد نفد وأنّهم قد منعوا من السّوق وأنّ باب المدينة أغلق فقال أبي:فعلوها؟ائتوني بوضوء فأتي بماء فتوضّأ ثمَّ توكّا

ص:360

على غلام له ثمّ صعد الجبل حتى إذا صار في ثنيّة(1) استقبل القبلة فصلّی ركعتين فقام وأشرف على المدينة ثمّ نادى بأعلى صوته وقال:«وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ٭وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ٭بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»ثمّ وضع يده على صدره ثمّ نادى بأعلى صوته:أنا والله بقيّة الله،أنا والله بقيّة الله.

قال:وكان في أهل مدين شيخ كبير قد بلغ السنّ وأدّبته التّجارب وقد قرأ الكتب وعرفه أهل مدين بالصلاح فلمّا سمع النداء قال لأهله:

أخرجوني فحمل ووضع وسط المدينة فاجتمع النّاس إليه فقال لهم:ما هذا الذي سمعته من فوق الجبل؟ قالوا:هذا رجل يطلب السُوق فمنعه السلطان من ذلك وحال بينه وبين منافعه.

فقال لهم الشّيخ:تطيعونني؟ قالوا:اللهمّ نعم.

قال:قوم صالح إنّما ولي عقر النّاقة منهم رجل واحد وعذّبوا جميعاً

ص:361


1- الثنيَّة:الطريق العالي في الجبل(مجمع البحرین)

على الرّضا بفعله وهذا رجل قد قام مقام شعیب ونادی مثل نداء شعیب (صلوات الله عليه)[وهذا رجل ما بعده](1) فارفضوا السّلطان وأطيعوني وأخرجوا إليه بالسّوق فاقضوا حاجته وإلّا لم آمن والله عليكم الهلكة.

قال:ففتحوا الباب وأخرجوا السوق إلى أبي فاشتروا حاجتهم ودخلوا مدينتهم وكتب عامل هشام إليه بما فعلوه وبخبر الشّيخ فكتب هشام إلى عامله بمدین بحمل الشّيخ إليه فمات في الطّريق(رضي الله عنه)(2) .

باب(44) رخص الأسعار من الخير

تفسير العياشي:عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله:«إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ».

قال:كان سعرهم رخيصاً(3) .

الجعفريات:باسناده عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن جدّه علي ابن الحسين،عن أبيه،عن علي بن أبي طالب(عليه السّلام)في قوله

ص:362


1- ما بين المعقوفتين ليس في بحار الانوار
2- قصص الأنبیاء:ص143ح155.منه بحار الانوار:ج46ص315
3- تفسير العياشي:ج2ص372ح2048الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص171

(تبارك و تعالی)مخبراً عن شعيب،وقوله لقومه:«إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ» يعني خصباً ورخْص سعر،وقوله(تبارك وتعالى):«إِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا»(1) قال:كان شعيب أعمى بعينه(2) .

أَقول:المقصود من قوله تعالى:«ضَعِيفًا»أي ضعيف البدن،أو ضعيف القوَّة بمعنى عدم الناصر،وقيل:ضعيف البَصر.وقيل:العمى، والله العالم.

باب(45) الامام المهدي بقيَّة الله

الكافي:محمد بن يحيى،عن جعفر بن محمد قال:حدثني اسحاق بن ابراهيم الدينوري،عن عمر بن زاهر،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)قال:سأله رجل عن القائم(عليه السّلام)يسلم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال:لا،ذاك اسم سّمى الله به أمير المؤمنين(عليه السّلام)لم يسمّ به أحد قبله ولا يتسمّی به بعده الّا كافر.

قلت:جعلت فداك كيف يسلّم عليه؟

ص:363


1- هود11: 91
2- الجعفريات:ص179

قال:يقولون:السلام عليك يا بقية الله،ثم قرأ «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ»(100).

باب(46) القائم والحصيد

تفسير العياشي:عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)أنّه قرأ:فمنها قائماً و حصيداً.بالنصب،ثمّ قال:يا أبا محمد لا يكون حصيداً إلّا بالحديد.

وفي رواية أخرى : فمنها قائم وحصيد. أيكون الحصيد إلا بالحديد(2) .

أقول:قال الطريحي في مجمع البحرین:

قوله:«مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ»يعني القرى التي هلکت،منها قائم أي بقيت حيطانها،ومنها حصيد أي قد انمحى أثره کالزرع القائم على ساقه.

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:364


1- الكافي:ج1ص411ح2
2- تفسير العياشي:ج2ص322ح2050و2001الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان: ج5ص172

قوله تعالى:«وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ٭وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ٭إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ٭وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ»(101 - 104).

باب(47) ما هو اليوم المشهود والمجموع له؟

معاني الأخبار:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا أحمد بن ادریس،عن محمد بن أحمد بن يحيى،ومحمد بن علي بن محبوب،عن محمد بن عیسی بن عبيد،عن صفوان بن يحيى،عن اسماعیل بن جابر،عن رجاله،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله(عزّوجلّ):«ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ».

قال:المشهود:يوم عرفة،والمجموع له الناس:يومُ القيامة(1) .

تفسير العياشي:عن محمد بن مسلم،عن أحدهما(عليهما السّلام)قال:في قول الله:«ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ» فذلك يوم القيامة،وهو اليوم الموعود(2) .

ص:365


1- معاني الاخبار:ص298ح1.منه تفسير البرهان:ج5ص173
2- تفسير العياشي:ج2ص322ح2052الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص173

أمالي الصدوق:حدثنا محمد بن موسی بن المتوكّل قال:حدثنا محمد بن يحيى العطّار،عن محمد بن أحمد الأشعري،عن سلمة بن الخطّاب،عن الحسين بن سعيد الأزدي،عن اسحاق بن ابراهيم،عن عبدالله بن صباح،عن أبي بصير،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين في صعيد واحد فتغشاهم ظلمة شديدة فيضجّون إلى ربّهم ويقولون:ياربّ اكشف عنّا هذه الظلمة...الى آخر الحديث(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ٭ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ٭خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ٭وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ»(105 - 108).

باب(48) الخلود لأهل الجنة والنار

تفسیر العیاشی:عن مسعدة بن صدقه قال:قصَّ أبو عبدالله(عليه

ص:366


1- أمالي الصدوق:ص234ح18

السّلام)قصص أهل الميثاق من أهل الجنّة وأهل النار فقال في صفات أهل الجنّة:فمنهم من لقي الله شهيداً لرسله.

ثم مرّ(عليه السّلام)في صفتهم حتّى بلغ من قوله:ثمَّ جاء الاستثناء من الله في الفريقين جميعاً،فقال الجاهل بعلم التفسير:انّ هذا الاستثناء من الله إنّما هو لمن دخل الجنّة والنار،وذلك أنَّ الفريقين جميعاً يخرجان منهما فيبقيان وليس فيهما أحد،وكذبوا،لكن عنى بالاستثناء ان ولد آدم كلّهم وولد الجان معهم على الأرض والسماوات تظلّهم،فهو ينقل المؤمنين حتّى يخرجهم إلى ولاية الشياطين وهي النار.

فذلك الذي عنى الله في أهل الجنّة وأهل النار:«خمَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ»يقول في الدُّنيا،والله(تبارك و تعالی)ليس بمخرج أهل الجنّة منها أبداً،ولا كل أهل النار منها أبداً،وكيف يكون ذلك وقد قال الله في كتابه:«مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا»(1) ؟!ليس فيها إستثناء(2) .

کتاب الزهد:النّضر بن سوید،عن دُرست،عن أبي جعفر الأحول،عن حمران قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):أنه بلغنا أنه يأتي على جهنم حتى يصطفی عن أبوابها.

فقال:لا والله إنّه الخلود.

ص:367


1- الكهف18: 3
2- تفسير العياشي:ج2ص322ح20053الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص177

قلت:«خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ»؟ فقال:هذه في الذين يخرجون من النار(1) .

تفسير العياشي:في رواية حماد،عن حريز،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)«عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ»بالذال(2) و(3) .

باب(49) الخروج من النار الى الجنة

کتاب الزهد:فضالة،عن عمر بن أبان قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عمّن(أ)دخل في النّار ثم أخرج منها ثمّ أدخل الجنّة؟ فقال:إن شئت حدَّثتك بما كان يقول فيه أبي قال:إن(أ)ناساً يخرجون من النّار بعدما كانوا حمماً(حميماً)فينطلق بهم إلى نهر عند باب الجنّة يقال له:الحيوان فينضح عليهم من مائه فتنبت لحومهم ودماؤهم وشعورهم(4) .

کتاب الزهد:حدثنا الحسين بن سعيد قال:حدثنا فضالة،عن

ص:368


1- كتاب الزهد:ص 98 ح 265.منه تفسير البرهان:ج 5 ص 174
2- في تفسير البرهان:«عطاءّ غير مجدود»بالدال.والجذّ والجدّ:بمعنى واحد وهو القطع
3- تفسير العياشي:ج2ص324ح2057الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص177
4- كتاب الزهد:ص96ح258.منه تفسير البرهان:ج5ص175

القاسم بن بريد،عن محمد بن مسلم قال:سألت أبا عبد الله(عليه السّلام)عن الجهنمیّٙين؟ فقال:كان أبو جعفر(عليه السّلام)يقول:يخرجون منها فينتهی بهم إلى عين عند باب الجنّة تسمى عين الحيوان فينضح عليهم من مائها، فينبتون كما ينبت الزرع،لحومهم وجلودهم وشعورهم(1) .

باب(50) الجنة والنار متعددة

کتاب الزهد:فضالة بن أيوب،عن عمر بن أبان،عن أديم أخي أيوب،عن حمران قال:قلت لأبي عبدالله(عليه السّلام):إنهم يقولون:

لا تعجبون من قوم يزعمون أنّ الله يخرج قوماً من النار فيجعلهم من أصحاب الجنّة مع أوليائه؟ فقال:أما يقرأون قول الله(تبارك وتعالى):«وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ»(2) ؟! إنها جنّة دون جنّة،ونار دون نار،إنّهم لا يساکنون أولياء الله وقال:(إنّ)بينهما والله منزلة(منزلتين)ولكن لا أستطيع أن أتكلّم،إن أمرهم لأضيق من الحلقة،إنَّ القائم لو قام بدأ بهؤلاء(3) .

ص:369


1- كتاب الزهد:ص95ح256.منه تفسير البرهان:ج5ص174
2- الرحمن55: 62
3- كتاب الزهد:ص95ح257.منه تفسير البرهان:ج5ص174

باب(51) السُّعداء والأشقياء

الكافي:محمد بن اسماعيل،عن الفضل بن شاذان،عن صفوان ابن يحيى،عن منصور بن حازم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال:إنّ الله خلق السعادة والشقاء قبل أن يخلق خلقه،فمن خلقه الله سعيداً لم يُبغضه أبداً وإن عمل شراً أبغض عمله ولم يبغضه،وإن كان شقيّاً لم يحبّه أبداً وإن عمل صالحاً أحبّ عمله وأبغضه لما يصير إليه،فإذا أحبّ الله شيئاً لم يبغضه أبداً وإذا أبغض شيئاً لم يحبه أبداً(1) .

الكافي:علي بن محمد رفعه،عن شعيب العقرقوفي،عن أبي بصير قال:كنت بين يدي أبي عبدالله(عليه السّلام)جالساً وقد سأله سائل فقال:جعلت فداك يابن رسول الله من أين لَحِق الشقاء أهل المعصية حتى حكم الله لهم في علمه بالعذاب على عملهم؟ فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):أيها السائل حكم الله(عزّوجلّ) لا يقوم له أحد من خلقه بحقّه،فلمّا حكم بذلك وهب لأهل محبّته القوَّة على معرفته ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله،ووهب لأهل المعصية القوّة على معصيتهم لسبق علمه فيهم ومنعهم إطاقة القبول منه، فوافقوا ما سبق لهم في علمه ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه،

ص:370


1- الكافي:ج1ص152ح1

الأنّ علمه أولى بحقيقة التصديق وهو معنی شاء ما شاء وهو سرّه(1) .

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن أحمد بن محمد بن خالد،عن أبيه، عن النّضر بن سويد،عن يحيى بن عمران الحلبي،عن معلّی بن عثمان، عن عليّ بن حنظلة،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)أنّه قال:يسلك بالسعيد في طريق الأشقياء يقول الناس:ما أشبهه بهم بل هو منهم،ثمّ يتداركه السعادة،وقد يسلك بالشقىّ طريق السعداء حتى يقول الناس:

ما اشبهه بهم بل هو منهم،ثمّ يتداركه الشقاء،إنّ من كتبه الله سعيداً وإن لم يبق من الدنيا إلّا فواق ناقة(2) ختم له بالسعادة(3) .

التوحيد:حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(رحمه الله) قال:حدثنا محمد بن الحسن الصفّار وسعد بن عبدالله جميعاً قالا:حدثنا أيّوب بن نوح،عن محمد بن أبي عمير،عن هشام بن سالم،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)-في حديث-قال:إنّ الله(تبارك وتعالى)ينقل العبد من الشقاء إلى السعادة ولا ينقله من السعادة الى الشقاء(4) .

ص:371


1- الكافي:ج1ص13ح2
2- الفواق كغراب:ما بين الحلبتين من الوقت،لأنّها تحلب فتترك سويعة يرضعها الفصيل لتدرّ ثمّ تحلب،أو ما بين فتح يدك وقبضها على الضرع،ومنه الحديث:من كتبه الله سعيداً وإن لم يبق من الدنيا إلّا كفواق ناقة ختم له بالسعادة(مجمع البحرین)
3- الكافي:ج1ص154ح3
4- التوحید:ص358ح6

باب(52) حقيقة السعادة والشقاء

الخصال:حدثنا محمد بن علىّ ماجيلويه(رضي الله عنه)قال:

حدثني عمّي محمد بن أبي القاسم،عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه،عن وهب بن وهب،عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن آبائه، عن علي(عليهم السّلام)أنّه قال:حقيقة السعادة أن يختم الرجل عمله بالسّعادة و حقيقة الشقاء أن يختم المرء عمله بالشقاء(1) .

باب(53) من علامات الشقاء

الخصال:حدثنا محمد بن موسی بن المتوكّل(رضي الله عنه)قال:

حدثنا عليّ بن الحسين السعدآبادي،عن أحمد بن أبي عبدالله،عن النوفلي،عن السكوني،عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن آبائه،عن عليّ(عليهم السّلام)قال:قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):

علامات الشقاء:جمود العين،وقسوة القلب،وشدّة الحرص في طلب الرزق،والإصرار على الذنب(2) .

ص:372


1- الخصال:ص5ح14
2- الخصال:ص242ح96

الخصال:حدثنا محمد بن علي بن الشاه قال:حدثنا أبو حامد قال:

حدثنا أبو يزيد قال:حدثنا محمد بن أحمد بن الصالح التميمي،عن أبيه قال:حدثني أنس بن محمد أبو مالك،عن أبيه،عن جعفر بن محمد، عن أبيه،عن جدّه،عن علي(عليهم السّلام)عن النبي(صلّى الله عليه وآله وسلم)أنه قال:يا علي أربع خصال من الشّقاء:جمود العين، وقساوة القلب،وبعد الأمل،وحبّ البقاء(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:و«وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ»(113).

باب(54) النهي عن الرُّكون الى الظالمين

الكافي:عدّة من أصحابنا،عن سهل بن زیاد رفعه،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)في قول الله(عزّوجلّ):«وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ».

قال:هو الرجل يأتي السلطان فيحبّ بقاءه إلى أن يُدخل يده إلى کیسه فيُعطِيه(2) .

ص:373


1- الخصال:ص243ح97
2- الكافي:ج5ص108ح12

تفسير العياشي:عن عثمان بن عيسى،عن رجل،عن أبي عبدالله (عليه السّلام)«وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ»قال:اما انّه لم يجعلها خلوداً ولكن تمسّكم النار فلا تركنوا إليهم(1) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭ قوله تعالى:«وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ»(114).

باب(55) ما هي أرجی آية في القرآن؟

تفسير العياشي:عن أبي حمزة الثمالي قال:سمعت أحدهما (عليهما السّلام)يقول:انّ علياً(عليه السّلام)أقبل على الناس فقال:اي آية في كتاب الله أرجى عندكم؟ فقال بعضهم:«إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ»(2) .

قال:حسنة،وليست ایّاها.

فقال بعضهم:«يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ

ص:374


1- تفسير العياشي:ج2ص324ح2059الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص180
2- النساء4: 48و 116

رَحْمَةِ اللَّهِ»(1) .

قال:حسنة،وليست إيّاها.

وقال بعضهم:«وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ»(2) .

قال:حسنة،وليست ایّاها.

قال:ثم أحجم الناس فقال:مالكم يا معشر المسلمين؟ قالوا:لا والله ما عندنا شيء.

قال:سمعت رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)يقول:أرجی آية في كتاب الله:«وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ» وقرأ الاية كلها وقال:يا علي والذي بعثني بالحقّ بشيراً ونذيراً،إنّ أحدكم ليقوم إلى وضوئه فتساقط عن جوارحه الذّنوب،فإذا استقبل[الله]بوجهه وقلبه لم ينفتل عن صلاته وعليه من ذنوبه شيء،كما ولدته اُمّه،فإن أصاب شيئاً بين الصلاتين كان له مثل ذلك،حتى عدَّ الصلوات الخمس.

ثمَّ قال:يا علي إنّما منزلة الصلوات الخمس لأمّتي کنهر جار على باب أحدكم،فما ظنّ أحدكم لو كان في جسده درن ثمَّ اغتسل في ذلك النّهر خمس مرّات في اليوم،أكان يبقى في جسده درن؟فكذلك والله

ص:375


1- الزمر39: 53
2- آل عمران3: 135

الصلوات الخمس لاُمّتي(1) .

تفسير العياشي:عن حريز،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:

«وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ»وطرفاه:المغرب والغداة«وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ»وهي صلاة العشاء الآخرة(2) .

باب(56) صلاة الليل كفّارة ذنوب النهار

تفسير العياشي:عن ابراهیم بن عمر،يرفعه إلى أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله تعالى:«َأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَار»الى «السَّيِّئَاتِ» .

فقال:صلاة الليل بالليل تذهب بما عمل من ذنب النهار(3) .

الكافي:محمد بن اسماعيل،عن الفضل بن شاذان،عن حمّاد بن عيسى،عن ابراهیم بن عمر اليماني،عمن حدثه،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله(عزّوجلّ):«إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ».

قال:صلاة المؤمن بالليل تذهب(4) بما عمل من ذنب

ص:376


1- تفسير العياشي:ج2ص325ح2061الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص189
2- تفسير العياشي:ج2ص325ح2060الطبيعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص189
3- تفسير العياشي:ج2ص326ح2063الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص190
4- في علل الشرایع:يذهبن

بالنّهار(1) و(2) .

من لا يحضره الفقيه:قال الصادق(عليه السّلام)في قول الله (عزّوجلّ)...وذكر مثله(3) .

علل الشرایع:أبي(رحمه الله)قال:حدثنا علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن حمّاد بن عيسى،عن ابراهیم بن عمر،عمّن حدثه،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)مثله(4) .

ثواب الأعمال:حدثني محمد بن الحسن(رضي الله عنه)قال:

حدثني الحسين بن الحسن بن أبان،عن الحسين بن سعيد،عن حمّاد ابن عيسى،عن ابراهیم بن عمر رفعه الى أبي عبدالله(عليه السّلام)في قول الله(عزّوجلّ)...وذكر مثله(5) .

أمالي الطوسي:أخبرنا أبو محمد الفحام قال:حدثني المنصوري قال:حدثني عمّ أبي أبو موسی عیسی بن احمد قال:حدثني الإمام علي ابن محمد قال:حدّثني أبي،عن أبيه علي بن موسى قال:حدّثني أبي موسی بن جعفر قال:قال الصادق(عليه السّلام)في قوله تعالى :«إِنَّ

ص:377


1- في علل الشرایع:ذنب النهار
2- الكافي:ج3ص266ح10
3- من لا يحضره الفقيه:ج1ص473ح1368
4- علل الشرایع:ص363ح7
5- ثواب الأعمال:ص66ح11

«الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ»قال:صلاة الليل تُذهب بذنوب النّهار(1) .

تفسير العياشي:وقرأ عن ابن خِداش(2) ،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:«إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ»،قال:صلاة الليل تُكفّر ما كان من ذنوب النّهار(3) .

باب(57) الحسنات يُذهبن السيئات

تفسير العياشي:عن ابراهيم الكرخي قال:كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام)إذ دخل عليه رجل من أهل المدينة،فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام):من أين جئت؟ثمَّ قال له(4) :جئت من هاهنا وهاهنا لغير معاش تطلبه ولا لعمل آخرة،أنظر بماذا تقطع يومك وليلتك،واعلم أنّ معك ملكاً كريماً موكّلاً بك،يحفظ عليك ما تفعل،ويطّلع على سرّك الذي تُخفيه من الناس،فاستحي ولا تحقرنَّ سيئة،فانّها ستسوؤك يوماً، ولا تحقرنّ حسنةً وان صَغُرت عندك وقلّت في عينك فانّها ستسرّك يوماً.

ص:378


1- أمالي الطوسي:ص294ح572.منه تفسير البرهان:ج5ص189
2- في تفسير البرهان:عن ابن خِراش
3- تفسير العياشي:ج2ص328ح2068الطبعة الحديثة.منه تفسیر البرهان:ج5ص192
4- في تفسير البرهان:يا فلان من أين جئت؟فسكت.فقال أبو عبدالله(عليه السّلام)

واعلم أنّه ليس شيء أضرّ عاقبة ولا أسرع ندامة من الخطيئة، وانّه ليس شيء أشدّ طلباً ولا أسرع دركاً للخطيئة من الحسنة،أما إنّها لتُدرِك الذنب العظيم القديم المنسيّ عند عامله،فتجذبه وتُسقِطه وتذهب به بعد إثباته،وذلك قول الله:«إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ»(1) .

تفسير العياشي:عن ابراهيم الكرخي قال:كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام)فدخل عليه مولىً له فقال:يا فلان متی جئت؟ فسكت.

فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):جئت من هاهنا ومن هاهنا، انظر بما تقطع به يومك،فانّ معك ملكاً مُوكّلاً يحفظ عليك ما تعمل،فلا تحتقر سيئة وان كانت صغيرة،فإنّها ستسوؤك يوماً،ولا تحتقر حسنة فإنّه ليس شيء أشدّ طلباً ولا أسرع دركاً من الحسنة،انّها لتُدرك الذّنب العظيم القديم فتُذهب به،وقد قال الله في كتابه:«إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ»قال:قال:صلاة الليل تذهب بذنوب النّهار،وقال:تذهب بما جرحتم(2) .

ص:379


1- تفسير العياشي:ج2ص328ح2067الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص191
2- تفسير العياشي:ج2ص326ح2062الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:جه ص190.وجرح الرجل:اكتسب(اقرب الموارد).أي بواسطة الحسنات تُمحى عنکم السيئات التي اكتسبتموها وفعلتموها

ثواب الأعمال:أبي(رحمه الله)قال:حدثني محمّد بن يحيى،عن الحسين بن اسحاق التاجر،عن علي بن مهزیار،عمّن رواه،عن الحارث الأحول صاحب الطاق،عن جمیل بن صالح قال:قال أبو عبدالله(عليه السّلام):لا يغرّك الناس من نفسك،فإنّ الأمر يصل اليك [من]دونهم،ولا تقطع النّهار بكذا وكذا فإنّ معك من يحفظ عليك، ولم أر شيئاً قط أشدّ طلباً ولا أسرع دركاً من الحسنة للذنب القديم،ولا تصغّر شيئاً من الخير فإنّك تراهُ غداً حيث يسرك،ولا تصغّر شيئاً من الشرّ فإنّك تراه غداً حيث يسوؤك،أن الله(عزّوجلّ)يقول:«إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ»(1) .

أمالي المفيد:حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي قال:حدثني أحمد بن محمد،عن أبيه محمد ابن الحسن بن الوليد القميّ،عن محمد بن الحسن الصفّار،عن العباس ابن معروف،عن علي بن مهزیار،عن فضالة بن أيوب،عن عبد الله بن زيد،عن ابن أبي يعفور قال:قال لي أبو عبدالله جعفر بن محمد (صلوات الله عليهما):لا يغرّك...وذكر نحوه(2) .

کتاب الزهد:فضالة بن أيوب،عن عبدالله بن يزيد،عن علي بن

ص:380


1- ثواب الأعمال:ص162ح1.منه تفسير البرهان:ج5ص183
2- أمالي المفيد:ص181ح3

يعقوب قال:قال لي أبو عبدالله(عليه السّلام):لا يغرّنك الناس...وذکر نحوه(1) .

الاختصاص:قال الصادق(عليه السّلام):لا يغرّنك الناس من نفسك فإنّ الأمر يصل إليك دونهم،ولا تقطع عنك النّهار بكذا وكذا فانّ معك من يحفظ عليك،ولا تستقل قليل الخير فإنّك تراه غداً بحيث يسرّك،ولا تستقل قليل الشرّ فإنّك تراه غداً بحيث يسوؤك،وأحسن فإنّي لم أر شيئاً أشدّ طلباً ولا أسرع دركاً من حسنة لذنب قديم،إنّ الله (عزّوجلّ)يقول:«إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ»(2) .

باب(58) أربع خصال تفضَّل الله بها على عباده

الكافي:محمّد بن يحيى،عن أحمد بن محمد بن عيسى،عن علي بن الحكم،عن فضل بن عثمان المرادي قال:سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام)يقول:قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):أربع من كنّ فيه لم يهلِك على الله بعدهنّ إلّا هالك:يهمُّ العبد بالحسنة فيعملها(3)

ص:381


1- كتاب الزهد:ص16ح31
2- الاختصاص:ص231
3- في الطبعة الحديثة:أن يعملها.وهو الصحيح

فان هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته،وإن هو عملها كتب الله له عشراً،ويهمُّ بالسيئة أن يعملها،فان لم يعملها لم يكتب عليه شيء وان هو عملها أجّل سبع ساعات،وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال:لا تعجَل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها فانّ الله(عزّوجلّ)يقول:«إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ»أو الاستغفار، فان هو قال:«استغفر الله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة،العزيز الحكيم،الغفور الرّحیم،ذو الجلال والاكرام وأتوب إليه»لم يكتب عليه شيء،وان مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار،قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات:اكتب على الشقي المحروم(1) .

باب(59) حكم المال الحلال المختلط بالحرام

تفسير العياشي:عن سماعة بن مهران قال:سأل أبا عبدالله(عليه السّلام)رجل من أهل الجبال،عن رجل اصاب مالاً من اعمال السلطان فهو يتصدّق منه،ويصل قرابته،ويحج ليغفر له ما اكتسب،وهو يقول:

»ِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ».

فقال أبو عبدالله(عليه السّلام):إنّ الخطيئة لا تُكفّر الخطيئة،ولكنّ

ص:382


1- الكافي:ج2ص429ح4

الحسنة تكفّر الخطيئة،ثمّ قال أبو عبدالله(عليه السّلام):ان كان خلط الحرام حلالاً فاختلَط جميعاً فلم يعرف الحلال من الحرام فلا بأس(1) .

أقول:اذا اختلط المال الحلال بالحرام ولم يعلم الانسان مقدار الحرام المختلط بالحلال وجب عليه إخراج الخُمس و حَلَّ له الباقي،كذا قال الفقهاء والله العالم.

باب(60) كفّارة العمل عند السلطان

تفسير العياشي:عن المفضّل بن مزيد الكاتب قال:دخل عليّ أبو عبدالله(عليه السّلام)وقد اُمرت أن أُخرج لبني هاشم جوائز،فلم أعلم إلّا وهو على رأسي،وانا مستَخل،فوثبت إليه،فسألني عمّا أمر لهم، فناولتُه الكتاب فقال:ما أرى لاسماعيل هاهنا شيئاً؟ فقلت:هذا الذي خرج إلينا،ثمّ قلت له:جعلت فداك قد ترى مکانی من هؤلاء القوم؟ فقال لي:انظر ما أصبتَ به فعُد به على أصحابك،فإن الله يقول:

«إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ»(2) .

٭ ٭ ٭ ٭ ٭

ص:383


1- تفسير العياشي:ج2ص327ح2064 الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص190
2- تفسير العياشي:ج2ص327ح2066الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص191

قوله تعالى:«وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ٭إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»(118و 119).

باب(61) إقامة الحجَّة بالأنبياء

الكافي:علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن ابن أبي عمير،عن عبدالله ابن سنان قال:سئل أبو عبدالله(عليه السّلام)عن قول الله(عزّوجلّ):

«وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ٭إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ»؟ فقال:كانوا اُمَّة واحدة،فبعث الله النبيين ليتّخذ عليهم الحجّة(1) .

علل الشرایع:حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(رضي الله عنه)قال:حدثنا محمد بن الحسن الصفّار،عن أحمد بن محمد بن عیسی،عن الحسين بن سعيد،عن النّضر بن سويد،عن عبدالله بن سنان قال:سئل أبو عبدالله(عليه السّلام)عن قول الله(عزّوجلّ):«وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ٭ِالَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ»؟فقال:...وذكر مثله(2) .

ص:384


1- الكافي:ج8ص379ح573
2- علل الشرایع:ص120ح2

تفسير العياشي:عن عبدالله بن سنان قال:سئل أبو عبدالله (عليه السّلام)عن قول الله:«وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً»الى «مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ»قال:...وذكر مثله(1) .

باب(62) الهدف من خَلق الجن والإنس

التوحيد:حدثنا محمد بن أحمد الشيباني(رضي الله عنه)قال:

حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي قال:حدثنا موسی بن عمران النّخعي،عن عمّه الحسين بن يزيد النّوفلي،عن عليّ بن سالم،عن أبيه، عن أبي بصير،عن أبي عبدالله جعفر الصادق(عليه السّلام) قال:سألته عن قول الله(عزّوجلّ):«وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ٭الَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ»؟ قال:خلقهم ليفعلوا ما يستوجبوا به رحمته فيرحمهم(2) .

تفسير العياشي:عن يعقوب بن شعيب،عن أبي عبدالله(عليه السّلام)قال:سألته عن قول الله(عزّوجلّ):«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»(3) ؟

ص:385


1- تفسير العياشي:ج2ص329ح2069الطبعة الحديثة
2- التوحيد:ص403ح10
3- الذاریات51: 56

قال:خلَقهُمْ للعبادة.

قال:قلت:وقوله:«وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ٭الَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ»؟ فقال:نَزلت هذه الآية بعد تلك(1) .

ص:386


1- تفسير العياشي:ج2ص329ح2071الطبعة الحديثة.منه تفسير البرهان:ج5ص195

أيُّها القارئ الكريم:قد وصلنا-بحمد الله تعالى-إلى نهاية الجزء التاسع والأربعين من موسوعة الإمام الصادق(عليه السّلام)المباركة وذكرنا فيه الأحاديث المرويّة عنه(عليه السّلام)في تفسير سورة التوبة ويونس وهود،وكما ذكرنا فيه بعض النقاط الجديرة بالقراءة والمطالعة الترسيخ العقيدة والثبات على الصراط المستقيم وعدم الوقوع في مصاید الضّالين أتباع الشيطان الرجيم.

وسنلتقي بك-إن شاء الله تعالى-في الجزء الخمسين من هذه الموسوعة،ونواصل فيه ذكر الأحاديث المرويَّة عن سيّدنا الإمام جعفر الصادق(صلوات الله عليه)في تفسير سورة يوسف والرَّعد وإبراهيم والحِجر.

ونسأل الله تعالى أن يتفضَّل علينا بالقبول بفضله وكرمه إنّه ذو الفضل العظيم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمد و آله المعصومين.

محمّد کاظم القزويني قم المقدَّسة-ایران

ص:387

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.