موسوعه الامام الصادق عليه السلام المجلد 9

اشارة

سرشناسه : قزويني، سيدمحمدكاظم، 1308 - 1373.

عنوان و نام پديدآور : موسوعه الامام الصادق عليه السلام/ تاليف محمدكاظم القزويني.

مشخصات نشر : قم: الرافد، 14ق.-= 13 -

مشخصات ظاهري : 60ج.

شابك : ج.1 : 978-600-6588-19-1 ؛ ج.42 978-600-6593-06-7 : ؛ ج.44 978-600-6593-15-9 : ؛ ج.47 978-600-6593-23-4 : ؛ ج.59 978-964-8485-92-9 : ؛ ج.60 978-964-2581-88-7 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرست نويسي بر اساس جلد سي و چهارم، 1431ق. = 1389.

يادداشت : ج.24 (چاپ اول: 1431ق. = 1389).

يادداشت : ج.47 (چاپ اول: 1437ق. = 1394).

يادداشت : ج.59 (چاپ اول: 1440ق. = 1397).

يادداشت : ج.60 (چاپ اول: 1440ق. = 1398) (فيپا).

يادداشت : ناشر جلد پنجاه و نهم ، انتشارات دارالغدير است .

يادداشت : ناشر جلد شصتم، انتشارات دار الموده است .

يادداشت : كتابنامه.

مندرجات : .- ج.34. التجاره.- ج.42. الحدود والتعزيرات

موضوع : جعفربن محمد (ع)، امام ششم، 83 - 148ق.

رده بندي كنگره : BP45/ق4م8 1300ي الف

رده بندي ديويي : 297/9553

شماره كتابشناسي ملي : 2105726

ص :1

اشارة

موسوعه الامام الصادق عليه السلام/ تاليف محمدكاظم القزويني

ص:2

بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ * وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (1).

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (2).

اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (3).

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ وَ اللّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (4).

ص:3


1- - المائدة 5:55 و 56.
2- (2) - المائدة 5:67.
3- (3) - المائدة 5:3.
4- (4) - البقرة 2:207.

وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (1).

وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (2).

أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ وَ اللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ (3).

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (4).

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ * رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ (5).

اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (6).

ص:4


1- - الشعراء 26:214.
2- (2) - الحشر 59:9.
3- (3) - التوبة 9:19.
4- (4) - المائدة 5:35.
5- (5) - النور 24:36 و 37.
6- (6) - البقرة 2:274.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

المقدّمة

الحمد للّه ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على الرّحمة المهداة وآله الطاهرين الهداة، لا سيّما وصيّه وأخاه ومن للخلافة ارتضاه وللولاية اجتباه: الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المسلمين وخير الخلق بعد الصادق الأمين (صلوات اللّه عليهم أجمعين).

ولعنة اللّه على أعدائهم إلى يوم الدّين.

وبعد: فانّ هذا هو الجزء التاسع من موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) وهو يحتوي على الأحاديث التي رويت عنه (عليه السّلام) حول جدّه المرتضى، سيّد العترة وأبي الائمّة وقائد الامّة: الإمام علي أمير المؤمنين (عليه أفضل الصّلاة وأزكى السّلام وخير الثناء).

في البداية وقبل كلّ شيء.. يجب أن نعلم بانّ حياة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) لم تكن حياة عاديّة، بل كانت حياة تتفجّر عظمة وجلالا وقدرة وإعجازا.

حياة تتجلّى فيها البطولات والتّضحيات، وتزدحم فيها المواقف والوقائع والحوادث.

ص:5

حياة ذات أبعاد مختلفة وجوانب متعدّدة.

إنّها العظمة الإنسانية التي بلغت ذراها السامقة وغاياتها البعيدة.

إنّها القدوة الصالحة التي ترنو إليها النفوس الطاهرة وتنشدها الضمائر الحرّة.

إنّها النفس الكريمة والخصال الحميدة والشخصيّة الفاضلة والأخلاق النبيلة الكريمة.

لقد كانت حياته (عليه السّلام) رسالة، وكانت سيرته الطيّبة وسلوكه النزيه تعبيرا وافيا عن تلك الرّسالة.

إنّها رسالة الولاية والإمامة.

وما أعظمها من رسالة! وفي الحقيقة: عندما يقرأ الانسان كتاب حياة هذا الإمام العظيم، فإنّه يقف مدهوشا أمام تلك الشخصيّة المتألّقة التي كتب اللّه لها الكمال بكلّ صوره وأبعاده.

فهناك القدرة.. وإلى جانبها العفو والحلم.

وهناك الشموخ.. وإلى جانبه التواضع والخشوع.

وهناك الصرامة والحزم.. وإلى جانبهما الحنان والشفقة.

وهناك الحكومة على ثلاثة أرباع الكرة الأرضية.. وإلى جانبها الزّهد والبساطة.

ولقد أجاد الشاعر الأديب صفيّ الدين الحلّي حيث قال - مخاطبا الإمام (عليه السّلام) -.

جمعت في صفاتك الاضداد فلهذا عزّت لك الانداد زاهد حاكم حليم شجاع فاتك ناسك فقير جواد

ص:6

خلق يخجل النّسيم من اللّطف وبأس يذوب منه الجماد

ظهرت منه للورى مكرمات فاقرّت بفضلك الحسّاد

جلّ معناك أن يحيط به الشعر ويحصي صفاتك النّقّاد

فعندما يقف الإنسان بين يدي هذه الشخصية الإلهيّة فإنّ الإعجاب يملأ جوانح صدره وزوايا قلبه.. وتراه يصرخ من الاعماق.

سلام اللّه عليك يا شبل أبي طالب صلوات اللّه على الوالد وما ولد سلام اللّه عليك.. يا أبا الحسنين يا ربيب الوحي..

يافتى محمّد يا اعجوبة الدّهر..

نعم.. أيّها القاريء الكريم! إنّه.. «عليّ»! وما أدراك من عليّ؟! «المولود» الّذي اختار اللّه الكعبة له مولدا.

«الرّضيع» الذي نشأ وترعرع على سواعد رسول اللّه.

«الصبيّ» الذي تربّى في حجر الوحي والرّسالة(1).

ص:7


1- - قال (عليه السّلام) - في الخطبة القاصعة -: «... وقد علمتم موضعي من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد يضمّني الى صدره ويكنفني في فراشه، ويمسّني جسده ويشمّني عرفه، وكان يمضغ الشّيء ثمّ يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في

«الشاب» الذي سبق غيره إلى الإسلام والإيمان والفداء.

«الفتى» الذي هتف باسمه جبرئيل بين الأرض والسّماء.

«الأخ» الذي اصطفاه المصطفى لنفسه من بين الاخلاّء.

«الخليفة» الذي اختاره اللّه لسيّد الأنبياء.

«الوالد» الذي جعله الله أبا الائمّة الاطهار النجباء.

«الحاكم» الذي آثر الدّين على السياسة والأهواء.

نعم.. ذاك عليّ بن أبي طالب.

القرآن الناطق.

ومهوى الافئدة.

وقدوة الأحرار.

وإمام الابرار.

وهذه الصفحات تتحدّث عن هذا البطل العظيم والإمام الكبير وهي على لسان حفيده الإمام جعفر الصادق (عليه السّلام).

فما أعظم المتحدّث والمتحدّث عنه.

ص:8

لإمام يتحدّث عن الإمام.

المعصوم يتحدّث عن المعصوم.

الخليفة يتحدّث عن الخليفة.

ترى كيف يكون الحديث؟!

لاشك أنّه سوف يكون في القمّة.

والآن. اكتفي بهذا المقدار، وكم وددت لو يطول - في هذه المقدّمة - حديثي، ولكن دعوني أفسح لكم الطريق لتدخلوا إلى رحاب الإمام (عليه السّلام) وتلتقوا به على هذه الصفحات.

وفي الختام.. أسأل اللّه (تبارك وتعالى) أن يتفضّل عليّ بالقبول، وأن أحظى بشفاعة جدّي وسيّدي ومولاي أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) فهي الامل و الرّجاء.

محمد كاظم القزويني قم المقدّسة - ايران

ص:9

ص:10

تاريخ الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام

باب (1) ولادة الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام

4503 - البحار: المصباح الكبير - روى صفوان الجمّال، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: ولد أمير المؤمنين (عليه السّلام) في يوم الاحد لسبع خلون من شعبان(1).

4504 - العمدة: من مناقب الفقيه ابن المغازلي - (باسناده) قال.

أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد البيع قال: حدثنا أبو عبدالله ابن خالد الكاتب قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن محمّد بن مسلم الختلي قال: حدثني عمر بن أحمد بن روح الساجي، حدثني أبو طاهر يحيى بن الحسن العلوي قال. حدثني محمد بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن جعفر، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين قال: كنت جالسا مع أبي ونحن زائرون قبر جدّنا (صلّى الله

ص:11


1- - البحار: ج 35 ص 7.

عليه وآله) وهناك نسوان كثيرة اذ أقبلت امرأة منهن فقلت لها: من أنت رحمك اللّه؟

قالت: أنا زيدة بنت قريبة بن عجلان من بني ساعدة.

فقلت لها: فهل عندك شيء تحدثينا؟

فقالت: إي والله، حدثتني أمّي ام عمارة بنت عبادة بن نضلة بن مالك بن عجلان الساعدي أنها كانت ذات يوم في نساء من العرب اذ اقبل أبو طالب كئيبا حزينا فقلت له: ما شانك يا أبا طالب؟

فقال: إن فاطمة بنت أسد في شدّة المخاض. ثم وضع يديه على وجهه، فبينا هو كذلك إذ اقبل محمّد (صلّى الله عليه وآله) فقال له.

ما شأنك يا عمّ.

فقال: إن فاطمة بنت أسد تشتكي المخاض. فأخذ بيده وجاء وهي معه وقمنا معه فجاء بها الى الكعبة فاجلسها في الكعبة ثم قال.

اجلسي على اسم اللّه.

قال: فطلقت طلقة فولدت غلاما مسرورا(1) نظيفا منظفا لم أر كحسن وجهه، فسمّاه أبو طالب «عليا» وحمله النبي (صلّى اللّه عليه وآله) حتى أداه إلى منزلها.

قال علي بن الحسين (عليهما السّلام): فواللّه ما سمعت بشيء قط إلّا وهذا أحسن منه(2).

4505 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو الحسن

ص:12


1- - مسرورا: أي مقطوع السرة. (لسان العرب).
2- (2) - العمدة: ص 27 ح 8. منه البحار: ج 35 ص 30.

محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان قال: حدثني أحمد بن محمد بن ايّوب قال: حدثنا عمر بن الحسن(1) القاضي قال: حدثنا عبداللّه بن محمد قال: حدثني أبو حبيبة قال: حدثني سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عائشة.

قال محمد بن أحمد بن شاذان: وحدثني سهل بن احمد، قال.

حدثنا أحمد بن عمر الربيعي، قال: حدثنا زكريّا بن يحيى، قال.

حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن العبّاس بن عبدالمطّلب.

قال ابن شاذان: وحدّثني إبراهيم بن عليّ، بإسناده عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: كان العبّاس ابن عبدالمطّلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبدالعزّى بإزاء بيت اللّه الحرام إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم امّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) وكانت حاملة بأمير المؤمنين لتسعة(2)

أشهر، وكان يوم التمام.

قال: فوقفت بإزاء البيت الحرام - وقد أخذها الطلق - فرمت بطرفها نحو السماء وقالت: أي ربّ إنّي مؤمنة بك وبما جاء به من عندك الرسول، وبكلّ نبيّ من أنبيائك، وبكلّ كتاب أنزلته، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل، وإنّه بنى بيتك العتيق، فأسألك بحقّ هذا البيت ومن بناه، وبهذا المولود الّذي في أحشائي - الّذي يكلّمني ويؤنسني بحديثه، وأنا موقنة أنّه إحدى آياتك ودلائلك - لمّا

ص:13


1- - عمرو بن الحسن - البحار.
2- (2) - تسعة - البحار.

يسّرت علي ولادتي.

قال العبّاس بن عبدالمطّلب ويزيد بن قعنب: لمّا تكلمت(1) فاطمة بنت أسد ودعت بهذا الدعاء، رأينا البيت قد انفتح من ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت من أبصارنا، ثمّ عادت الفتحة والتزقت بإذن اللّه تعالى، فرمنا(2) أن نفتح الباب ليصل(3) إليها بعض نسائنا، فلم ينفتح الباب، فعلمنا أنّ ذلك أمر من امر اللّه تعالى، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام.

قال: وأهل مكة يتحدّثون بذلك في أفواه السكك، وتتحدّث المخدّرات فى خدورهن.

قال: فلمّا كان بعد ثلاثة أيام انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه، فخرجت فاطمة وعليّ (عليه السّلام) على يديها، ثمّ قالت: معاشر الناس إنّ اللّه (عزّوجلّ) اختارني من خلقه، وفضّلني على المختارات ممّن مضى قبلي، وقد اختار اللّه آسية بنت مزاحم، فإنّها عبدت اللّه سرّا في موضع لايحبّ (4) أن يعبد اللّه فيه إلّا اضطرارا، ومريم بنت عمران حيث اختارها اللّه، ويسّر عليها ولادة عيسى، فهزّت الجذع اليابس من النخلة في فلاة من الارض حتّى تساقط عليها رطبا جنيّا، وإن اللّه تعالى اختارني وفضّلني عليهما وعلى كلّ من مضى قبلي من نساء العالمين، لأنّي ولدت في بيته العتيق، وبقيت فيه

ص:14


1- - فلما تكلمت - البحار.
2- (2) - أي أردنا وقصدنا.
3- (3) - لتصل - البحار.
4- (4) - لا يجب - البحار.

ثلاثة أيام، آكل من ثمار الجنة وأوراقها، فلمّا أردت أن أخرج وولدي على يدي هتف بي هاتف وقال: يافاطمة سمّيه عليّا، فأنا العلي الأعلى، وإنّي خلقته من قدرتى، وعزّ جلالى وقسط عدلي، واشتققت اسمه من اسمي، وأدّبته بأدبي، وفوضت إليه أمري، ووقفته على غامض علمي، وولد في بيتي، وهو أوّل من يؤذّن فوق بيتي، ويكسّر الأصنام ويرميها على وجهها، ويعظّمني ويمجّدني ويهلّلني، وهو الإمام بعد حبيبي ونبيّي وخيرتي من خلقي محمّد رسولي، ووصيّه، فطوبى لمن أحبّه ونصره، والويل لمن عصاه وخذله وجحد حقّه.

قال: فلمّا رآه أبو طالب سره وقال علي (عليه السّلام). السلام عليك يا أبه ورحمة اللّه وبركاته.

قال: ثم دخل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فلما دخل اهتزّ له امير المؤمنين (عليه السّلام) وضحك في وجهه وقال: السلام عليك يارسول الله ورحمة اللّه وبركاته.

قال: ثمّ تنحنح بإذن الله تعالى وقال: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ إلى آخر الآيات. فقال رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله): قد أفلحوا بك، وقرأ تمام الآيات إلى قوله: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ * اَلَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (1) فقال رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله).

أنت والله أميرهم (أمير المؤمنين) تميرهم من علومك فيمتارون، وأنت

ص:15


1- - المؤمنون 23:1-11.

والله دليلهم وبك يهتدون.

ثمّ قال رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) لفاطمة: اذهبي إلى عمه حمزة فبشّريه به.

فقالت: فإذا خرجت أنا، فمن يروّيه؟

قال. أنا أروّيه.

فقالت فاطمة: أنت تروّيه؟!! قال: نعم. فوضع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لسانه في فيه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، قال: فسمّي ذلك اليوم يوم التروية، فل فل فلمّا أن رجعت فاطمة بنت أسد رأت نورا قد ارتفع من على إلى عنان السماء.

قال: ثمّ شدّته وقمّطته بقماط فبتر القماط، قال: فأخدت فاطمة قماطا جيدا فشدّته به فبتر القماط، ثمّ جعلته في قماطين فبترهما، فجعلته ثلاثة فبترها، فجعلته أربعة أقمطة من رقّ مصر لصلابته فبترها، فجعلته خمسة أقمطة ديباج لصلابته فبترها كلّها، فجعلته ستة من ديباج وواحدا من الادم، فتمطّى فيها فقطعها كلّها بإذن اللّه، ثمّ قال بعد ذلك: يا امّه لاتشدّى يدي، فإني أحتاج إلى أن ابصبص(1)

لربّي بإصبعي.

قال: فقال أبو طالب عند ذلك: إنه سيكون له شأن ونبأ.

قال: فل فل فلمّا كان من غد دخل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) على فاطمة، فلمّا بصر علي (عليه السلام) برسول اللّه (صلّى

ص:16


1- - البصبصة: هي أن ترفع سبابيتك إلى السّماء وتحركهما وتدعو. (مجمع البحرين).

الله عليه وآله) سلّم عليه، وضحك في وجهه، وأشار إليه أن خذني إليك، واسقني بما سقيتني بالامس، قال: فاخذه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقالت فاطمة: عرفه وربّ الكعبة، قال: فلكلام فاطمة سمّي ذلك اليوم يوم عرفة، يعني أنّ أميرالمؤمنين (عليه السّلام) عرف رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله)، فلمّا كان اليوم الثالث - وكان العاشر من ذي الحجّة - أذّن أبو طالب في الناس أذانا جامعا، وقال.

هلمّوا إلى وليمة ابني عليّ، قال: ونحر ثلاثمائة من الإبل وألف رأس من البقر والغنم، واتخذ وليمة عظيمة وقال: معاشر الناس، ألا من أراد من طعام عليّ ولدي فهلمّوا وطوفوا بالبيت سبعا [سبعا]، وادخلوا وسلّموا على ولدي عليّ فإن اللّه شرّفه.

ولفعل أبي طالب شرّف يوم النحر(1).

البحار - بيان: لا يخفى مخالفة هذا الخبر لما مرّ من التواريخ، ويكن حمله على النسيء الذي كانت قريش ابتدعوه في الجاهلية، بأن يكون ولادته (عليه السّلام) في رجب أو شعبان. وهم أوقعوا الحجّ في تلك السنة في أحدهما. وشعبان اوفق. والله يعلم.

أقول: إختلفت الاقوال في يوم ولادة مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) كما اختلفت في ميلاد بعض الأئمّة (عليهم السّلام) أيضا.

والأقوال متعددة ولكن المشهور بين الشيعة أنها كانت في الثالث عشر من شهر رجب، وفيه يقيمون الإحتفالات العظيمة بهذه المناسبة المجيدة ويقوم الخطباء والشّعراء بدكر فضائل الإمام علي أمير المؤمنين

ص:17


1- - أمالي الطوسي: ص 706 ح 1511. منه البحار: ج 35 ص 35. وكل ما مر بين معقوفتين من البحار.

(عليه السّلام) ومناقبه ومواقفه الفريدة في نصرة الإسلام وإعلاء كلمة التوحيد والقضاء على المشركين والمنافقين.

[باب (2)] النبيّ وعليّ عليهما السلام من نور واحد

4506 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر ابن محمد بن سلم بن البراء الجعابي، قال: حدثني أبو محمّد الحسن ابن عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السّلام)، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمد ابن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين ابن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): خلقت أنا وعليّ من نور واحد(1).

أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبو محمّد الحسن بن عبداللّه بن محمد بن علي بن العباس التميمي الرازي، قال: حدثني أبي، قال.

حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني

ص:18


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 58 ح 219.

أبي الحسين بن علي قال: حدثني أخي الحسن بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السّلام).... وذكر مثله(1).

الخصال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي بهذا الاسناد مثله(2).

4507 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الإسناد قال.

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ (عليه السّلام): الناس من أشجار شتّى، وأنا وأنت ياعليّ من شجرة واحدة(3).

4508 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمّد بن محمّد [المفيد] قال.

حدثنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابى قال: حدثنا أبو عبداللّه جعفر بن محمّد الحسني قال: حدثنا أحمد بن عبدالمنعم قال: حدثنا عبداللّه بن محمّد الفزاري، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهم السّلام)، عن جابر.

قال: وحدثني جعفر بن محمّد الحسني قال: حدثنا أحمد بن عبدالمنعم قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمّد ابن عليّ (عليهما السّلام)، عن جابر بن عبداللّه الأنصاريّ قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).

ألا ابشّرك؟ ألا أمنحك؟

قال: بلى يارسول اللّه.

قال: فإنّى خلقت أنا وأنت من طينة واحدة، ففضلت منها فضلة

ص:19


1- - أمالي الصدوق: ص 196 ح 10.
2- (2) - الخصال: ص 31 ح 108. منها البحار: ج 35 ص 34.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 63 ح 267. منه البحار: ج 35 ص 35.

فخلق منها شيعتنا، فإذا كان يوم القيامة دعي الناس بامّهاتهم إلّا شيعتك فإنّهم يدعون بأسماء آبائهم لطيب مولدهم(1).

4509 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): من كتاب (الدلائل) لمحمد بن جرير الطبري قال: حدثنا ابو الفضل محمد بن عبداللّه، قال: حدثنا عمران بن محسن بن محمد بن عمران بن طاووس مولى الصادق (عليه السّلام)، قال: حدثنا يونس بن زياد الحناط الكفربوتي قال: حدثنا الربيع بن كامل ابن عمّ الفضل بن الربيع، عن الفضل بن الربيع، أنّ المنصور كان - قبل الدولة - كالمنقطع إلى جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: سألت جعفر بن محمّد بن عليّ (عليه السّلام) على عهد مروان الحمار عن سجدة الشكر الّتي سجدها أمير المؤمنين (عليه السّلام) ما كان سببها؟

فحدّثني عن أبيه محمّد بن عليّ قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وجّهه في امر من اموره، فحسن فيه بلاؤه وعظم عناؤه، فلمّا قدم من وجهه ذلك أقبل إلى المسجد ورسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قد خرج يصلّي الصلاة، فصلّى معه، فلمّا انصرف من الصلاة أقبل على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فاعتنقه رسول اللّه ثمّ سأله عن مسيره ذلك وما صنع فيه؟ فجعل عليّ (عليه السّلام) يحدّثه وأسارير رسول اللّه تلمع سرورا بما حدّثه(2)، فلمّا أتى (عليه السّلام) على حديثه قال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه

ص:20


1- - أمالي الطوسي: ص 79 ح 118. منه البحار: ج 35 ص 25.
2- (2) - الاسارير: محاسن الوجه، والخدان، والوجنتان. (أقرب الموارد).

وآله): ألا ابشّرك يا أبا الحسن؟

قال: فداك أبي وامّي فكم من خير بشّرت به.

قال: إنّ جبرئيل هبط عليّ في وقت الزوال فقال لي: يامحمّد هذا ابن عمّك عليّ وارد عليك، وإنّ اللّه (عزّوجلّ) أبلى المسلمين به بلاء حسنا، وإنّه كان من صنعه كذا وكذا، فحدّثني بما أنبأتني به، فقال لي: يا محمّد إنّه نجا من ذرّيّة آدم من تولّى شيث بن آدم وصيّ أبيه آدم بشيث، ونجا شيث بأبيه، ونجا آدم باللّه.

يا محمّد: ونجا من تولّى سام بن نوح وصيّ أبيه نوح بسام، ونجا سام بنوح، ونجا نوح باللّه.

يا محمّد: ونجا من تولّى إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن وصيّ أبيه إبراهيم باسماعيل، ونجا إسماعيل بإبراهيم، ونجا إبراهيم باللّه.

يا محمّد: ونجا من تولّى يوشع بن نون وصيّ موسى بيوشع، ونجا يوشع بموسى، ونجا موسى باللّه.

يا محمّد: ونجا من تولّى شمعون الصفا وصيّ عيسى بشمعون، ونجا شمعون بعيسى، ونجا عيسى باللّه.

يامحمّد: ونجا من تولّى عليّا - وزيرك في حياتك ووصيّك عند وفاتك - بعليّ ونجا عليّ بك، ونجوت أنت باللّه (عزّوجلّ).

يا محمّد: إنّ اللّه جعلك سيّد الأنبياء وجعل عليّا سيّد الأوصياء وخيرهم، وجعل الأئمّة من ذرّيّتكما إلى أن يرث الارض ومن عليها.

فسجد عليّ (عليه السّلام) وجعل يقبّل الارض شكرا للّه تعالى.

وإنّ اللّه (جلّ اسمه) خلق محمّدا وعليّا وفاطمة والحسن

ص:21

والحسين (عليهم السّلام) أشباحا يسبّحونه ويمجّدونه ويهلّلونه بين يدي عرشه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فجعلهم نورا ينقلهم في ظهور الاخيار من الرجال وأرحام الخيّرات المطهّرات والمهذّبات من النساء من عصر إلى عصر، فلمّا أراد اللّه (عزّوجلّ) أن يبيّن لنا فضلهم ويعرّفنا منزلتهم ويوجب علينا حقّهم أخذ ذلك النور فقسّمه قسمين - جعل قسما في عبداللّه بن عبدالمطّلب، فكان منه محمّد سيّد النبيّين وخاتم المرسلين، وجعل فيه النبوّة، وجعل القسم الثاني في عبدمناف وهو أبو طالب بن عبدالمطّلب بن هاشم بن عبد مناف، فكان منه عليّ أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين، وجعله رسول اللّه وليّه ووصيّه وخليفته، وزوج ابنته، وقاضي دينه، وكا شف كربته، ومنجز وعده، وناصر دينه(1).

باب (3) شمائل الإمام امير المؤمنين عليه السلام

4510 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن العرزميّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يتختّم في يمينه(2).

4511 - شرح الأخبار: يحيى بن الحسن، باسناده، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (صلوات اللّه عليهما) أنه سئل عن صفات علي (صلوات اللّه عليه)؟

ص:22


1- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 51. منه البحار: ج 35 ص 26.
2- (2) - الكافي: ج 6 ص 470 ح 16.

فقال: كان ضخم الهامة، عريض ما بين المنكبين، اذا مشى لايسرع، وهو مع ذلك يقطع أصحابه، له أكليل من شعر، أشعر الجسد، أبيض الرأس واللحية، عظيم البطن، أخشن من الحجر في اللّه (عزّوجلّ)(1).

باب (4) معنى أبي تراب والأنزع البطين

4512 - علل الشرايع: حدثني أحمد بن الحسن القطان قال.

حدثنا أبو العباس احمد بن يحيى بن زكريا قال: حدثنا بكر بن عبداللّه ابن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه قال: حدثنا أبو الحسن العبديّ، عن سليمان بن مهران، عن عباية بن ربعيّ قال: قلت لعبداللّه بن عبّاس: لم كنّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا أبا تراب؟

قال: لانّه صاحب الارض وحجّة اللّه على أهلها بعده، وبه بقاؤها، وإليه سكونها، ولقد سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: إنّه إذا كان يوم القيامة ورأي الكافر ما أعدّ اللّه (تبارك وتعالى) لشيعة عليّ من الثواب والزلفى والكرامة قال: ياليتني كنت ترابا(2) - يعني من شيعة عليّ - وذلك قول اللّه (عزّوجلّ): وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (3).

ص:23


1- - شرح الاخبار: ج 2 ص 428 ح 773.
2- (2) - ترابيا - البحار.
3- (3) - علل الشرايع: ص 156 ح 2، والآية في سورة النباء 78:40.

معاني الأخبار: [أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا علي بن ابراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن خالد البرقي، عن أبي قتادة القمي رفعه الى أبي عبداللّه (عليه السّلام) و] حدثنا أحمد بن الحسن القطّان العدل.... وذكر نحوه(1).

4513 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة(2)، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام)] قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ إنّ اللّه قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ومحبّي شيعتك ومحبّي محبّي شيعتك فابشر فإنّك الأنزع البطين، منزوع من الشرك، بطين من العلم(3).

أمالي الطوسي: أخبرنا الشيخ الاجل الامام المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا الشيخ الامام السعيد الوالد ابو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (رضوان اللّه عليه) قال: حدثنا ابو محمد الفحام قال: حدثني المنصوري قال.

حدثني عمّ أبي أبو موسى عيسى بن احمد (بن عيسى المنصوري) قال.

حدثني الامام علي بن محمد قال: حدثني أبي، عن أبيه علي بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: قال الصادق (عليه السّلام): قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله):... وذكر مثله(4).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن

ص:24


1- - معاني الاخبار: ص 120 ح 1. منهما البحار: ج 35 ص 51.
2- (2) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24 ح 4.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 47 ح 182. منه البحار: ج 27 ص 79.
4- (4) - أمالي الطوسي: ص 293 ح 570.

آبائه (عليهم السلام) نحوه(1).

باب (5) موجز أخبار سيّدنا أبي طالب

والد الإمام علي امير المؤمنين عليهماالسلام 4514 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف، أسرّوا الأيمان وأظهروا الشرك فاتاهم اللّه أجرهم مرّتين(2).

أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني قال: حدثنا احمد بن محمد الهمداني قال: اخبرنا المنذر بن محمد، عن جعفر بن سليمان، عن عبداللّه بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) انه قال:... وذكر مثله وفيه: حين أسرّوا الايمان(3).

4515 - معاني الاخبار: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب، وعليّ بن عبداللّه الورّاق وأحمد بن زياد الهمداني، قالوا: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أسلم

ص:25


1- - صحيفة الامام الرضا: ص 171 ح 106. منهما البحار: ج 68 ص 101.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 448 ح 28.
3- (3) - أمالي الصدوق: ص 492 ح 12.

أبو طالب (رضي اللّه عنه) بحساب الجمل، وعقد بيده ثلاثة وستين.

ثمّ قال (عليه السّلام): إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف، أسرّوا الايمان وأظهروا الشرك فاتاهم اللّه أجرهم مرّتين(1).

البحار - بيان: لعلّ المعنى أنّ أبا طالب أظهر إسلامه للنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) أو لغيره بحساب العقود بأن أظهر الالف أوّلا بما يدلّ على الواحد ثمّ اللاّم بما يدلّ على الثلاثين وهكذا، وذلك لأنّه كان يتّقي من قريش كما عرفت، وقيل: يحتمل أن يكون العاقد هو العبّاس حين أخبر النبي (صلّى اللّه عليه وآله) بذلك، فظهر على التقديرين أنّ إظهار إسلامه كان بحساب الجمل، إذ بيان ذلك بالعقود لايتمّ إلاّ بكون كلّ عدد ممّا يدل على العقود دالا على حرف من الحروف بذلك الحساب.

وقد قيل في حلّ أصل الخبر وجوه اخر: منها أنّه أشار بإصبعه المسبّحة: «لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه» فإنّ عقد الخنصر والبنصر وعقد الإبهام على الوسطى يدلّ على الثلاث والستّين على اصطلاح أهل العقود، وكأنّ المراد بحساب الجمل هذا، والدليل على ما ذكرته ما ورد في رواية شعبة، عن قتادة، عن الحسن - في خبر طويل - ننقل منه موضع الحاجة، وهو أنّه لمّا حضرت أبا طالب الوفاة دعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وبكى وقال: يامحمّد إنّي أخرج من الدّنيا ومالي غمّ إلّا غمّك - إلى أن قال (صلّى اللّه عليه وآله) -: يا عمّ إنّك تخاف عليّ أذى أعاديّ ولا تخاف على نفسك عذاب ربّي؟! فضحك أبو طالب وقال: يا محمّد دعوتنى وكنت قدما أمينا، وعقد بيده على

ص:26


1- - معاني الاخبار: ص 285 ح 1. منه البحار: ج 35 ص 77.

ثلاث وستّين: عقد الخنصر والبنصر وعقد الإبهام على إصبعه الوسطى، وأشار بإصبعه المسبّحة، يقول: «لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه» فقام عليّ (عليه السّلام) وقال: اللّه أكبر والّذي بعثك بالحقّ نبيّا لقد شفّعك في عمّك وهداه بك، فقام جعفر وقال: لقد سدتنا في الجنّة يا شيخي كما سدتنا في الدّنيا، فلمّا مات أبو طالب أنزل اللّه تعالى: يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعْبُدُونِ (1)

رواه ابن شهرآشوب في المناقب. وهذا حلّ متين لكنّه لم يعهد إطلاق الجمل علي حساب العقود.

ومنها: أنّه أشار إلى كلمتي «لا» و «إلّا» والمراد كلمة التوحيد، فإنّ العمدة فيها والأصل النفي والإثبات.

ومنها: أنّ أبا طالب وأبا عبداللّه (عليهما السّلام)(2) أمرا بالإخفاء اتّقاء، فأشار بحساب العقود إلي كلمة سبّح من التسبيحة، وهي التغطية أي غط واستر فإنّه من الاسرار. وهذا هو المرويّ عن شيخنا البهائيّ (طاب رمسه).

ومنها: أنّه إشارة إلى أنّه أسلم بثلاث وستّين لغة، وعلى هذا كان الظرف في مرفوعة محمّد بن عبداللّه متعلّقا بالقول.

ومنها: أنّ المراد أنّ أبا طالب علم نبوّة نبيّنا (صلّى اللّه عليه وآله) قبل بعثته بالجفر، والمراد بسبب حساب مفردات الحروف بحساب الجمل.

ومنها: أنّه إشارة إلى سنّ أبي طالب حين أظهر الإسلام.

ص:27


1- - العنكبوت 29:56.
2- (2) - أو أبا عبداللّه - خ ل.

ولا يخفى ما في تلك الوجوه من التعسّف والتكلّف سوي الوجهين الاوّلين المؤيّدين بالخبرين، والاوّل منهما أوثق وأظهر لانّ المظنون أنّ الحسين بن روح لم يقل ذلك إلّا بعد سماعه من الإمام (عليه السّلام) [وأقول: في رواية السيّد فخّار كما سيأتي «بكلام الجمل» وهو يقرّب التأويل الثاني].

أقول: لاخلاف بين أهل الإيمان أنّ سيّدنا أبا طالب (رضوان اللّه عليه) كان مؤمنا وعاش مؤمنا ومات مؤمنا، ولهذا فإنّ رواية شعبة عن قتادة - بالإضافة إلى ضعفها سندا - مرفوضة إلّا أن تحمل على إعلان أبي طاب عن إسلامه حين الوفاة.

4516 - الكافي: عليّ بن محمد بن عبداللّه ومحمد بن يحيى، عن محمد بن عبداللّه رفعه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ أبا طالب أسلم بحساب الجمل(1)، قال بكلّ لسان(2).

4517 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبداللّه ابني

ص:28


1- - حساب الجمل - بضم الجيم وفتح الميم المشدّدة - كما في الصحاح وفي القاموس وقد يخفّف: حساب الأبجد. ويمكن أن يكون ضمير «قال» أوّلا راجعا إلى الراوي وثانيا إلى الامام (عليه السّلام) بأن يكون الراوي قال من نفسه أو ناقلا عن غيره انّ أبا طالب أظهر إسلامه للرسول (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بحساب الجمل كما سيأتي في الخبر الثاني. فأجاب (عليه السّلام) بانّه أظهر اسلامه بجميع الالسن فانه كان عارفا بها. ويحتمل أن يكون المراد انّه أظهر عند موته بحساب الجمل بعقود الأنامل، لكن قبل ذلك تكلم بعقائد الايمان بكل لسان ردّا على بعض العامة القائلين بأنه إنما أسلم بلسان الحبشة، أو المراد انّ إسلامه بحساب الجمل كان بكل لسان. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 449 ح 32.

محمّد بن عيسى، عن أبيهما، عن عبداللّه بن المغيرة، عن إسماعيل ابن أبي زياد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أسلم أبو طالب بحساب الجمل وعقد بيده ثلاثا وستّين(1).

4518 - إيمان أبي طالب: أخبرني شيخي أبو عبداللّه محمد بن ادريس (رحمه اللّه) باسناده الى الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن رجاله، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السّلام) قال: ما مات أبو طالب حتّى أعطى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من نفسه الرضا(2).

4519 - وبالإسناد عن حمّاد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّا لنري أنّ أبا طالب أسلم بكلام الجمل(3).

4520 - اكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أيّوب بن نوح، عن العبّاس ابن عامر، عن عليّ بن أبي سارة، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ أبا طالب أظهر الكفر(4) وأسرّ الإيمان، فلمّا حضرته الوفاة أوحى اللّه (عزّوجلّ) إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): اخرج منها فليس لك بها ناصر. فهاجر إلى المدينة(5).

4521 - إيمان أبي طالب: أخبرني الشيخ الفقيه أبو الفضل بن

ص:29


1- - الكافي: ج 1 ص 449 ح 33.
2- (2) - ايمان أبي طالب: ص 108.
3- (3) - إيمان أبي طالب: ص 108. منه البحار: ج 35 ص 113.
4- (4) - أظهر الشرك - البحار.
5- (5) - إكمال الدين: ص 174 ح 31. منه البحار: ج 35 ص 81.

الحسين الحلي الاحدب، قال: أخبرني الشريف أبو الفتح محمد بن محمد بن الجعفرية الحسيني، قال: حدثنا الشريف أبو الحسن محمّد ابن أحمد بن الحسن العلوي الحسيني، قال: حدثنا الشيخ أبو عبيداللّه محمد بن احمد بن شهريار الخازن، قال: حدثني والدي أبو نصر أحمد بن شهريار الخازن، عن الشيخ أبي الحسن بن شاذان، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القميّ، قال: حدثني أبو علي، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي قال: حدثنا أحمد بن هلال، قال: حدثني علي بن حسان، عن عمه عبدالرحمن بن كثير قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ الناس يزعمون أنّ أبا طالب في ضحضاح من نار.

فقال: كذبوا، ما بهذا نزل جبرئيل على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله).

قلت: وبما نزل؟

قال: أتى جبرئيل في بعض ما كان عليه فقال: يامحمّد إنّ ربّك يقرؤك السلام ويقول لك: إنّ أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان وأظهروا الشرك فآتاهم اللّه أجرهم مرّتين، وإنّ أبا طالب أسرّ الإيمان وأظهر الشرك فآتاه اللّه أجره مرّتين، وما خرج من الدنيا حتّى أتته البشارة من اللّه تعالى بالجنّة.

ثمّ قال (عليه السّلام): كيف يصفونه - بهذا - الملاعين وقد نزل جبرئيل ليلة مات أبو طالب فقال: يامحمّد اخرج عن مكة فمالك بها ناصر بعد أبي طالب؟!!(1).

ص:30


1- - إيمان أبي طالب: ص 83.

4522 - كنز الفوائد: أخبرني شيخي أبو عبداللّه الحسين بن عبداللّه بن علي المعروف بابن الواسطي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرني أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري، قال: أخبرني أبو علي بن همام، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمّد القمي الأشعري، قال.

حدثني منجح الخادم مولى بعض الطاهرية، قال: حدثني أبان، عن محمّد بن يونس، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنه قال.

يايونس ما يقول الناس في ايمان أبي طالب؟

قلت: جعلت فداك يقولون: هو في ضحضاح من نار يغلي منها ام رأسه!! فقال: كذّب أعداء اللّه. انّ أبا طالب من رفقاء النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا(1).

4523 - الكافي: بعض أصحابنا، عمّن ذكره، عن ابن محبوب، عن عمر بن أبان الكلبيّ، عن المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لمّا ولد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فتح لآمنة بياض فارس وقصور الشام، فجاءت فاطمة بنت أسد امّ أمير المؤمنين إلى أبي طالب ضاحكة مستبشرة، فأعلمته ما قالت آمنة، فقال لها أبو طالب: وتتعجّبين من هذا؟! إنّك تحبلين وتلدين بوصيّه ووزيره(2).

4524 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن محمد بن يحيى الفارسي، عن أبي حنيفة محمّد بن يحيي، عن الوليد بن أبان، عن

ص:31


1- - كنز الفوائد: ج 1 ص 182. منه البحار: ج 35 ص 111.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 454 ح 3.

محمّد بن عبداللّه بن مسكان، عن أبيه قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشّره بمولد النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال أبو طالب: اصبري سبتا(1) ابشّرك بمثله إلاّ النبوّة.

وقال: السبت ثلاثون سنة وكان بين رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين (عليه السّلام) ثلاثون سنة(2).

معاني الاخبار: حدثنا علي بن احمد بن موسى (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن يعقوب، عن الحسن بن محمد(3)، عن محمد بن يحيى الفارسي، بهذا الاسناد نحوه(4).

4525 - ايمان أبي طالب: أخبرني بالاسناد الى أبي الفرج الاصفهاني قال: حدثني أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري قال.

حدثنا أبو الحسن محمد بن علي المعمر الكوفي قال: حدثنا علي بن أحمد بن مسعدة بن صدقة، عن عمّه، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام) أنه قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يعجبه أن يروى شعر أبي طالب وأن يدوّن، وقال: تعلّموه وعلّموه أولادكم فإنه كان على دين اللّه، وفيه علم كثير(5).

4526 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن

ص:32


1- - السّبت: الدّهر والبرهة من الزّمان، وخصّ في الحديث بالثلاثين. (الوافي).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 452 ح 1.
3- (3) - هكذا في المصدر والصحيح هو الحسين بن محمد الذي يروي عن محمد بن يحيى الفارسي ويروي عنه محمد بن يعقوب.
4- (4) - معاني الاخبار: ص 403 ح 68.
5- (5) - إيمان أبي طالب: ص 129. منه البحار: ج 35 ص 115.

علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيي العطار قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين (الحسن) بن سعيد، عن علي بن جعفر، عن محمّد بن عمر الجرجانيّ قال: قال الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): أوّل جماعة كانت، أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يصلّي وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب معه، إذ مرّ أبو طالب به وجعفر معه، فقال: يابنيّ صل جناح ابن عمّك، فلمّا أحسّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) تقدّمهما، وانصرف أبو طالب مسرورا وهو يقول.

إنّ عليّا وجعفرا ثقتي عند ملمّ الزّمان والكرب

واللّه لا أخذل النبيّ ولا يخذله من بنيّ ذو حسب

لا تخذلا وانصرا ابن عمّكما أخي لامّي من بينهم وأبي

قال: فكانت أوّل جماعة جمعت ذلك اليوم(1).

4527 - إيمان أبي طالب: أخبرني الشيخ الفقيه أبو الفضل شاذان ابن جبرئيل (رحمه اللّه) بإسناده إلى محمّد بن عليّ بن بابويه القمي يرفعه إلى داود الرقّيّ قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) ولي على رجل دين وقد خفت تواه(2)، فشكوت ذلك إليه فقال: إذا مررت بمكة فطف عن عبدالمطّلب طوافا وصلّ عنه ركعتين، وطف عن أبي طالب طوافا وصلّ عنه ركعتين، وطف عن عبداللّه طوافا وصلّ

ص:33


1- - أمالي الصدوق: ص 410 ح 4. منه البحار: ج 35 ص 68.
2- (2) - توي المال: هلك، ويقال: «لاتوي عليه» أي لا ضياع ولا خسارة. (أقرب الموارد).

عنه ركعتين، وطف عن آمنة طوافا وصلّ عنها ركعتين، وطف عن فاطمة بنت أسد طوافا وصلّ عنها ركعتين، ثم ادع اللّه (عزّوجلّ) أن يردّ عليك مالك.

قال: ففعلت ذلك ثمّ خرجت من باب الصفا فإذا غريمي واقف يقول: يا داود [حبستني](1) جئني فاقبض حقّك(2).

4528 - روضة الواعظين: قال أبو عبداللّه الصادق (عليه السّلام): لمّا حضرت أبا طالب (رضي اللّه عنه) الوفاة جمع وجوه قريش فأوصاهم فقال: يا معشر قريش أنتم صفوة اللّه من خلقه، وقلب العرب، وأنتم خزنة اللّه في أرضه وأهل حرمه، فيكم السيّد المطاع، الطويل الذراع، وفيكم المقدّم الشجاع الواسع الباع، اعلموا أنّكم لم تتركوا للعرب في المفاخرة نصيبا إلاّ حزتموه ولا شرفا إلا أدركتموه، فلكم على الناس بذلك الفضيلة، ولهم به إليكم الوسيلة، والناس لكم حرب وعلى حربكم ألب، وإنّي موصيكم بوصيّة فاحفظوها، اوصيكم بتعظيم هذه البنيّة - أي الكعبة - فإنّ فيها مرضاة الربّ وقواما للمعاش وثبوتا للوطأة، وصلوا أرحامكم ففي صلتها منسأة في الاجل وزيادة في العدد، واتركوا العقوق والبغي ففيهما هلكت القرون قبلكم.

أجيبوا الداعي وأعطوا السائل فإنّ فيها شرفا للحياة والممات.

عليكم بصدق الحديث وأداء الامانة فإنّ فيهما نفيا للتهمة وجلالة في الاعين

ص:34


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - إيمان أبي طالب: ص 103. منه البحار: ج 35 ص 112.

أقلوا(1) الخلاف على الناس وتفضّلوا عليهم بالمعروف فإنّ فيهما محبّة للخاصّة ومكرمة للعامّة وقوّة لاهل البيت.

وإنّي اوصيكم بمحمّد خيرا فإنّه الامين في قريش الصدّيق في العرب، وهو جامع لهذه الخصال الّتي اوصيكم بها وقد جاءكم بأمر قبله الجنان وأنكره اللّسان مخافة الشنان، وايم اللّه لكأنّي أنظر إلى صعاليك العرب وأهل العزّ في الاطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته وصدّقوا كلمته وعظّموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت، فصارت رؤوس قريش وصناديدها أذنابا، ودورها خرابا، وضعفاؤها أربابا، وإذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه، وأبعدهم منه أخطأهم لديه، قد محضته العرب ودادها، وصفّت له بلادها، وأعطته قيادها، فدونكم - يا معاشر قريش - ابن أبيكم وامّكم، كونوا له ولاة ولحزبه حماة، واللّه لا يسلك أحد [منكم](2) سبيله إلاّ رشد، ولا يأخذ أحد بهديه إلاّ سعد، ولو كان لنفسي مدّة وفي أجلي تأخير لكفيته الكوافي ولدفعت عنه الدواهي، غير أنّي أشهد شهادته واعظّم مقالته(3).

البحار - بيان: قال في القاموس: ألب إليه القوم: أتوه من كلّ جانب. وهم عليه ألب وإلب - واحد -: مجتمعون عليه بالظلم والعداوة. قوله: «مخافة الشنان» هو - بفتح النون وسكونها -.

البغضاء أي لم اظهره باللّسان مخافة عداوة القوم.

ص:35


1- - واجتنبوا - البحار.
2- (2) - ما بين المعقوفتين من البحار.
3- (3) - روضة الواعظين: ص 139. منه البحار: ج 35 ص 106.

وقال الجوهري: الصعلوك: الفقير وصعاليك العرب.

ذؤبانها.

4529 - الكافي: الحسين بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد ابن إسحاق، عن بكر بن محمد الازدي، عن اسحاق بن جعفر، عن أبيه (عليه السّلام) قال: قيل له: إنّهم يزعمون أنّ أبا طالب كان كافرا؟

فقال: كذبوا كيف يكون كافرا وهو يقول.

ألم تعلموا أنّا وجدنا محمدا نبيّا كموسى خطّ في أوّل الكتب وفي حديث آخر: كيف يكون أبو طالب كافرا وهو يقول.

لقد علموا أن ابننا لا مكذّب لدينا ولا يعبأ بقيل الاباطل وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل(1)

4530 - كنز الفوائد: حدثنا الشيخ الفقيه أبو الحسن محمّد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القميّ (رضي اللّه عنه)، قال.

حدثني القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان بن عبداللّه النصيبي قال.

حدّثنا جعفر بن محمّد العلوي، قال: حدثنا عبيداللّه بن أحمد، قال.

حدثنا محمّد بن زياد، قال: حدّثنا مفضّل بن عمر، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليّ (عليهم السّلام) أنّه كان جالسا في الرحبة والناس حوله، فقام إليه رجل فقال له: يا أمير المؤمنين إنّك بالمكان الّذي أنزلك اللّه وأبوك

ص:36


1- - الكافي: ج 1 ص 448 ح 29.

معذب في النار؟!! فقال له: مه! فضّ اللّه فاك(1) والّذي بعث محمدا بالحقّ نبيّا لو شفع أبي في كلّ مذنب على وجه الأرض لشفّعه اللّه [فيهم](2) أأبي معذّب في النار وابنه قسيم الجنّة والنار؟! والّذي بعث محمّدا بالحقّ إن نور أبي طالب يوم القيامة ليطفيء أنوار الخلائق إلاّ خمسة أنوار: نور محمّد ونور فاطمة ونور الحسن و [نور]3 الحسين ونور ولده من الأئمّة، ألا إنّ نوره من نورنا، خلقه اللّه من قبل خلق آدم بألفي عام(3).

أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) قال: أخبرنا الحسين بن عبيداللّه، عن أبي هارون بن موسى، قال: حدثني أبو علي محمد بن همام، قال: حدثني محمد بن علي بن الحسين الهمداني، قال.

حدثني محمّد بن خالد البرقي، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) نحوه(4).

أمالي الطوسي: اخبرنا الشيخ الاجل الامام المفيد ابو علي الحسن بن محمد الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا الشيخ الامام السعيد الوالد ابو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (رضوان

ص:37


1- - فضّ اللّه فاه: نثر اسنانه. (1 قرب الموارد). وهذه الكلمة تقال لمن قال كلاما باطلا أو فحشا أو ما أشبه.
2- (2و3) - مابين المعقوفتين من البحار.
3- (4) - كنز الفوائد: ج 1 ص 183. منه البحار: ج 35 ص 111.
4- (5) - أمالي الطوسي: ص 701 ح 1499.

اللّه عليه) قال: اخبرنا الحسين بن عبيداللّه قال: اخبرنا ابو محمد قال: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني قال: حدثني محمد بن خالد البرقي قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(1).

الاحتجاج: عن الصادق، عن آبائه (عليهم السّلام) نحوه(2).

4531 - ايمان أبي طالب: أخبرني الشيخ أبو عبداللّه محمد بن إدريس قال: أخبرني الشريف أبو الحسن ابن العريضي قال: أخبرني الحسين بن طحال المقدادي، عن الشيخ أبي عليّ الحسن بن محمد الطوسي، عن والده الشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (رحمه اللّه)، عن رجاله، عن أبي بصير ليث المرادي قال: قلت لابي جعفر(3) (عليه السّلام): سيّدي إنّ الناس يقولون: إنّ أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه.

قال (عليه السّلام): كذّبوا واللّه إنّ إيمان أبي طالب لو وضع في كفّة ميزان وإيمان هذا الخلق في كفّة ميزان لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم.

ثمّ قال (عليه السّلام): كان واللّه أمير المؤمنين يأمر أن يحجّ عن أب النبيّ وامّه وعن أبي طالب في حياته، ولقد أوصى في وصيّته بالحجّ عنهم بعد مماته(4).

ص:38


1- - أمالي الطوسي: ص 305 ح 612.
2- (2) - الاحتجاج: ص 229. منه البحار: ج 35 ص 69.
3- (3) - قلت لابي عبداللّه - البحار.
4- (4) - إيمان أبي طالب: ص 84. منه البحار: ج 35 ص 112.

باب (6) موجز أخبار السيّدة فاطمة بنت أسد

4532 - علل الشرائع: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي (رضي اللّه عنه) قال: حدّثني جدي، عن يعقوب قال: حدثني إبن أبي عمير، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

إنّ فاطمة بنت أسد بن هاشم أوصت إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقبل وصيّتها.

فقالت: يارسول اللّه إنّي أردت أن أعتق جاريتي هذه.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ما قدّمت من خير فستجدينه.

فلمّا ماتت (رضوان اللّه عليها) نزع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قميصه وقال: كفّنوها فيه، واضطجع في لحدها.

فقال: أمّا قميصي فأمان لها يوم القيامة، وأمّا اضطجاعي في قبرها فليوسّع اللّه عليها(1).

4533 - الكافي: عليّ بن محمّد بن عبداللّه، عن السياريّ، عن محمّد بن جمهور، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ فاطمة بنت أسد - امّ أمير المؤمنين - كانت أوّل امرأة هاجرت إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) من مكة إلى المدينة على قدميها، وكانت من أبرّ الناس برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فسمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وهو

ص:39


1- - علل الشرايع: ص 469 ح 32. منه البحار: ج 35 ص 77.

يقول: إنّ الناس يحشرون يوم القيامة عراة كما ولدوا.

فقالت: و اسوأتاه.

فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): فاني أسأل اللّه أن يبعثك كاسية.

وسمعته يذكر ضغطة القبر، فقالت: واضعفاه.

فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): فأنّي أسأل اللّه أن يكفيك ذلك.

وقالت لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يوما: إنّي اريد أن أعتق جاريتي هذه.

فقال لها: إن فعلت أعتق الله بكلّ عضو منها عضوا منك من النار.

فلمّا مرضت أوصت إلى رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأمرت أن يعتق خادمها، واعتقل لسانها فجعلت توميء إلى رسول اللّه إيماء فقبل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وصيتها، فبينما هو ذات يوم قاعد إذ أتاه أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهو يبكي.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ما يبكيك؟

فقال: ماتت امّي فاطمة.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): وامّي واللّه، وقام مسرعا حتى دخل فنظر إليها وبكى، ثمّ امر النساء أن يغسّلنها وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إذا فرغتنّ فلا تحدثن شيئا حتّى تعلمنني.

فلمّا فرغن أعلمنه بذلك، فأعطاهن أحد قميصيه الّذي يلي جسده وأمرهنّ أن يكفّنّها فيه وقال للمسلمين: إذا رأيتموني قد فعلت

ص:40

شيئا لم أفعله قبل ذلك فسلوني لم فعلته.

فلمّا فرغن من غسلها وكفنها دخل (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فحمل جنازتها على عاتقه، فلم يزل تحت جنازتها حتّى أوردها قبرها، ثمّ وضعها ودخل القبر فاضطجع فيه، ثمّ قام فأخذها على يديه حتّى وضعها في القبر، ثمّ انكبّ عليها طويلا يناجيها ويقول لها: ابنك، ابنك [ابنك] ثمّ خرج وسوّى عليها. ثمّ انكبّ على قبرها فسمعوه يقول: لا إله إلاّ اللّه، اللهمّ إنّي أستودعها إيّاك، ثمّ انصرف.

فقال له المسلمون: إنّا رأيناك فعلت أشياء لم تفعلها قبل اليوم؟! فقال: اليوم فقدت برّ أبي طالب، إن كانت ليكون عندها الشيء فتؤثرني به على نفسها وولدها، وإنّي ذكرت القيامة وأن الناس يحشرون عراة، فقالت: واسوأتاه، فضمنت لها أن يبعثها اللّه كاسية، وذكرت ضغطة القبر فقالت: واضعفاه، فضمنت لها أن يكفيها اللّه ذلك فكفّنتها بقميصي واضطجعت في قبرها لذلك وانكببت عليها، فلقّنتها ما تسأل عنه، فانها سئلت عن ربّها؟ فقالت، وسئلت عن رسولها؟ فأجابت وسئلت عن وليّها وإمامها؟ فارتّج عليها، فقلت.

ابنك ابنك [ابنك](1).

خصائص أمير المؤمنين (عليه السّلام): حدثني هارون بن موسى، قال: حدثني محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد بن عبداللّه، عن السياري، عن محمد بن جمهور، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

ص:41


1- - الكافي: ج 1 ص 453 ح 2.
2- (2) - خصائص امير المؤمنين: ص 33.

4534 - دعائم الاسلام: عن أبي عبداللّه جعفر بن محمد (عليه السّلام) انه قال: أوصت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وقالت: يارسول اللّه أعتق خادمتي فلانة.

فقال: أما انك ما قدمت من خير تجديه.

فلمّا توفيت وقف رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله) على قبرها من قبل أن تنزل فيه، وقال: اصبروا، ثم نزل فاضطجع في لحدها، ثم خرج وقال: أنزلوها، انما فعلت ما فعلت أردت أن يوسعه الله (عزّوجلّ) عليها، فانه لم ينفعني أحد نفعها ونفع أبي طالب، وقام بوصيتها ونفّذها على ما أوصت(1).

4535 - شرح الاخبار: ابن أبي عمير، عن عبداللّه بن سنان، باسناده، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه قال.

أوصت فاطمة بنت أسد بن هاشم - ام علي بن أبي طالب - الى رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله) فقبل وصيتها فقالت له: يارسول الله اني اردت أن اعتق [جاريتي] هذه.

فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ما قدّمت من خير تجديه.

فلمّا توفيت نزع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قميصه، وقال: كفنوها [فيه] واضطجع في لحدها، وقال: أما قميصي فأمان لها يوم القيامة، واما اضطجاعي في قبرها فليوسع اللّه عليها(2).

4536 - شرح الاخبار: محمد بن عباد بن يعقوب، باسناده، عن

ص:42


1- - دعائم الاسلام: ج 2 ص 361 ح 1314. منه المستدرك: ج 14 ص 141.
2- (2) - شرح الأخبار: ج 3 ص 215 ح 1143.

جعفر بن محمد، أنه قال: كانت أم علي (عليه السلام) احدى أحد عشر امرأة بدرية(1) فلما أن ماتت نزع رسول الله قميصه فأعطاهم اياه.

وقال: كفنوها فيه ليدفع عنها ضغطة القبر، ونزل في قبرها، فاضطجع في لحدها. وقال: اردت أن يوسّع عليها، فانه لم ينفعني أحد بعد أبي طالب كنفعها(2).

4537 - بصائر الدرجات: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن عليّ بن أسباط، عن بكر بن جناح، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: لمّا ماتت فاطمة بنت أسد ام أمير المؤمنين (عليه السّلام) جاء عليّ عند النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)(3)، فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا أبا الحسن مالك؟

قال: أمّي ماتت.

قال: فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): وامّي والله، ثمّ بكى وقال: وا امّاه.

ثمّ قال لعليّ (عليه السلام): هذا قميصي فكفّنها فيه، وهذا ردائي فكفنها فيه، فإذا فرغتم فأذنوني، فلمّا اخرجت صلّى عليها النبيّ (صلّى الله عليه وآله) صلاة لم يصلّ قبلها و لا بعدها على أحد مثلها، ثمّ نزل في قبرها فاضطجع فيه، ثمّ قال لها: يافاطمة.

قالت: لبّيك يارسول اللّه.

فقال: فهل وجدت ما وعد ربّك حقّا؟

ص:43


1- - هكذا في المصدر ولعل الصحيح: واحدة من احدى عشرة امرأة بدرية.
2- (2) - شرح الأخبار: ج 3 ص 201 ح 1129.
3- (3) - جاء علي إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) - البحار.

قالت: نعم فجزاك الله [خير](1) جزاء.

وطالت مناجاته في القبر، فلمّا خرج قيل: يارسول اللّه لقد صنعت بها شيئا في تكفينك [إيّاها]2 ثيابك ودخولك في قبرها وطول مناجاتك وطول صلاتك ما رأينا بك صنعته بأحد قبلها.

قال: أمّا تكفيني إياها فإنّي لمّا قلت لها: يعرض الناس عراة يوم يحشرون من قبورهم، فصاحت وقالت: واسوأتاه، فلبستها ثيابي، وسألت اللّه في صلاتي عليها أن لايبلي أكفانها حتى تدخل الجنّة، فأجابني إلى ذلك، وأمّا دخولي في قبرها فإنّي قلت لها يوما: إنّ الميت إذا دخل(2) قبره، وانصرف الناس عنه، دخل عليه ملكان: منكر ونكير فيسألانه، فقالت: واغوثاه باللّه، فمازلت أسأل ربّي في قبرها حتّى فتح لها روضة من قبرها إلى الجنّة، وروضة من رياض الجنّة(3).

***

ص:44


1- (1و2) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (3) - أدخل - البحار. وهو المناسب.
3- (4) - بصائر الدرجات: ص 307 ح 9. منه البحار: ج 35 ص 81.

الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في القران

اشارة

أيّها القاريء الكريم: فيما يلي نذكر بعض الآيات الواردة في شان الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) سواء ما نزل في شأنه خاصّة أم ما ورد تأويله فيه (عليه السّلام).

باب (1) آية الولاية

4538 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محمّد الهاشميّ قال: حدثني أبي، عن أحمد بن عيسى قال: حدّثني جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) في قوله (عزّوجلّ): يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها (1) قال: لمّا نزلت: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (2) اجتمع نفر من

ص:45


1- - النحل 16:83.
2- (2) - المائدة 5:55.

أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في مسجد المدينة، فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في هذه الآية؟

فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها وإن آمنّا فانّ هذا ذلّ حين يسلّط علينا ابن أبي طالب.

فقالوا: قد علمنا أنّ محمّدا صادق فيما يقول ولكنّا نتولاّه ولا نطيع عليّا فيما أمرنا.

قال: فنزلت هذه الآية: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها

يعني: يعرفون ولاية عليّ بن أبي طالب وأكثرهم الكافرون بالولاية(1).

4539 - تفسير العياشي: عن المفضّل بن صالح، عن بعض أصحابه عن أحدهما (عليهما السّلام) قال انّه لمّا نزلت هذه الآية.

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا شقّ ذلك على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وخشي أن يكذّبه قريش، فانزل اللّه يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (2) الآية، فقام بذلك يوم غديرخم(3).

4540 - تفسير العياشي: عن أبي جميلة، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: إنّ اللّه أوحى إليّ أن احبّ أربعة: عليّا وأبا ذرّ وسلمان والمقداد.

فقلت: ألا فما كان من كثرة الناس، أما كان أحد يعرف هذا الامر؟

ص:46


1- - الكافي: ج 1 ص 427 ح 77.
2- (2) - المائدة 5:67.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 1 ص 328 ح 140. منه البحار: ج 35 ص 188.

فقال: بلى ثلاثة.

قلت: هذه الآيات التي انزلت إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وقوله: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ (1) أما كان أحد يسأل فيم نزلت؟

فقال: من ثمّ أتاهم، لم يكونوا يسألون(2).

4541 - تفسير العياشي: عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): أعرض عليك ديني الذي أدين اللّه به؟

قال: هاته.

قلت: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه، واقرّ بما جاء به من عند اللّه، قال: ثمّ وصفت له الائمّة حتّى انتهيت إلى أبي جعفر (عليه السّلام) قلت: واقرّ بك(3) ما أقول فيهم؟

فقال: أنهاك أن تذهب باسمي في الناس.

قال أبان: قال ابن أبي يعفور: قلت له مع الكلام الأوّل:(4)

وأزعم أنّهم الّذين قال اللّه في القران: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ .

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): والآية الأخرى فاقرا.

قال: قلت له: جعلت فداك أيّ آية؟

قال: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ

ص:47


1- - النساء 4:59.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 328 ح 1 41. منه البحار: ج 35 ص 187.
3- (3) - أقول فيك - البحار.
4- (4) - أي حين وصفت الائمّة (عليهم السّلام) واقررت بولايتهم.

اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ .

قال: فقال: رحمك اللّه.

قال: قلت: تقول رحمك اللّه على هذا الأمر؟

قال: فقال: رحمك اللّه على هذا الامر(1).

4542 - تأويل الآيات الظاهرة: قال: محمد بن العباس حدّثنا عبداللّه بن أبي العلا، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الأصمّ، عن عبداللّه بن القاسم [البطل]، عن صالح بن سهل قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقرأ: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (2).

قال: في أمير المؤمنين (عليه السّلام)(3).

4543 - كشف الغمة: ما أورده الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه في قوله تعالى: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ عن عبدالغفّار بن القاسم قال: سألت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) عن اولي الامر في هذه الآية؟

فقال: كان واللّه علي منهم(4).

4544 - تأويل الآيات الظاهرة: روى الحسن بن أبي الحسن الديلميّ بإسناده عن رجاله إلى محمّد بن علي، عن أبي عبداللّه (عليه

ص:48


1- - تفسير العياشي: ج 1 ص 327 ح 138. منه البحار: ج 35 ص 187.
2- (2) - يس 36:12.
3- (3) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 487 ح 2.
4- (4) - كشف الغمة: ج 1 ص 323. منه البحار: ج 36 ص 189.

السّلام) في قوله (عزّوجلّ): فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ (1).

قال: الموعود عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)، وعده اللّه تعالى أن ينتقم له من أعدائه في الدّنيا، ووعده الجنة له ولأوليائه في الآخرة(2).

4545 - تأويل الآيات الظاهرة: روى الحسن بن أبي الحسن الديلميّ، عن أبيه، عن رجاله، عن عبداللّه بن سليمان قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): قوله تعالى: قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (3).

قال: البرهان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، والنّور المبين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(4).

باب (2) سورة هل أتى

4546 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق قال: حدثنا أبو أحمد عبدالعزيز بن يحيى الجلودي البصري قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا شعيب بن واقد، قال: حدثنا القاسم بن بهرام عن ليث، عن مجاهد

ص:49


1- - القصص 28:61.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 422 ح 18. منه البحار: ج 24 ص 163.
3- (3) - النساء 4:174.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 144 ح 27. منه البحار: ج 23 ص 311.

عن ابن عباس. وحدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد بن عبدالعزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدثنا الحسن بن مهران قال: حدثنا مسلمة بن خالد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) في قوله (عزّوجلّ): يُوفُونَ بِالنَّذْرِ .

قالا: مرض الحسن والحسين (عليهما السّلام) وهما صبيّان صغيران فعادهما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ومعه رجلان، فقال أحدهما: يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا إن اللّه عافاهما.

فقال: أصوم ثلاثة أيّام شكرا للّه (عزّوجلّ)، وكذلك قالت فاطمة (عليها السّلام)، وقال الصبيّان: ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيّام، وكذلك قالت جاريتهم فضّة، فالبسهما اللّه عافيته، فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام، فانطلق علي (عليه السّلام) إلى جار له من اليهود يقال له: شمعون يعالج الصوف، فقال: هل لك أن تعطيني جزّة من صوف تغزلها لك ابنة محمّد بثلاثة أصوع(1) من شعير؟

قال: نعم، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير وأخبر فاطمة (عليها السّلام) فقبلت وأطاعت، ثمّ عمدت فغزلت ثلث الصوف، ثمّ أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، لكلّ واحد قرصا، وصلّى عليّ (عليه السّلام) مع النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) المغرب، ثمّ أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم، فأوّل لقمة كسرها عليّ (عليه السّلام) إذا مسكين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، أنا مسكين من مساكين

ص:50


1- - الصاع: مكيال يسع أربعة أمداد، وقدر الصاع بتسعة أرطال بالعراقي وستة بالمدني وأربعة ونصف بالمكي. (مجمع البحرين).

المسلمين، أطعموني ممّا تأكلون أطعمكم اللّه على موائد الجنّة، فوضع اللّقمة من يده ثمّ قال.

فاطم ذات المجد واليقين يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين جاء إلى الباب له حنين

يشكو إلى اللّه ويستكين يشكو إلينا جائعا حزين

كلّ امريء بكسبه رهين من يفعل الخير يقف سمين

موعده في جنّة رهين حرّمها اللّه على الضنين

وصاحب البخل يقف حزين تهوي به النار إلى سجّين

شرابه الحميم والغسلين فأقبلت فاطمة (عليها السّلام) تقول.

أمرك سمع يابن عم وطاعة ما بي من لؤم ولا وضاعة (ولا ضراعة)

غذيت باللبّ وبالبراعة أرجو إذا أشبعت من مجاعة

أن ألحق الأخيار والجماعة وأدخل الجنّة في شفاعة

وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين، وباتوا جياعا وأصبحوا صياما لم يذوقوا إلاّ الماء القراح.

ثمّ عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته، ثمّ أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقرصة لكلّ واحد قرصا، وصلّى عليّ (عليه السّلام) المغرب مع النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ثم أتى منزله فلمّا وضع الخوان بين يديه وجلسوا

ص:51

خمستهم فأوّل لقمة كسرها عليّ (عليه السّلام) إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني ممّا تأكلون أطعمكم اللّه على موائد الجنّة، فوضع عليّ (عليه السّلام) اللّقمة من يده ثمّ قال.

فاطم بنت السيّد الكريم بنت نبيّ ليس بالزنيم

قد جاءنا اللّه بذا اليتيم . من يرحم اليوم هو الرحيم

موعده في جنّة النعيم حرّمها اللّه على اللّئيم

وصاحب البخل يقف ذميم تهوي به النار إلى الجحيم

شرابها الصديد والحميم

[فأقبلت فاطمة (عليها السّلام) وهي تقول.

فسوف اعطيه ولا ابالي واؤثر اللّه على عيالي

أمسوا جياعا وهم أشبالي أصغرهم يفتل في القتال

بكربلا يقتل باغتيال لقاتليه الويل مع وبال

يهوي به النار إلى سفال كبوله زادت على الاكبال](1)

ثمّ عمدت فاعطته (عليها السّلام) جميع ما على الخوان، وباتوا جياعا لم يذوقوا إلّا الماء القراح(2)، وأصبحوا صياما، وعمدت فاطمة (عليها السّلام) فغزلت الثلث الباقي من الصوف، وطحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكلّ واحد قرصا، وصلّى علي (عليه السّلام) المغرب مع النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ أتى منزله، فقرّب إليه الخوان وجلسوا خمستهم فأوّل لقمة كسرها

ص:52


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - القراح - بفتح القاف -: الماء الخالص. (أقرب الموارد).

عليّ (عليه السّلام) إذا أسير من اسراء المشركين قد وقف بالباب فقال.

السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، تأسروننا وتشدّوننا ولا تطعموننا؟

فوضع علي (عليه السّلام) اللّقمة من يده ثمّ قال.

فاطم يابنت النبيّ أحمد بنت النبيّ سيّد مسوّد

قد جاءك الأسيرليس يهتدي مكبّلا في غلّه مقيّد

يشكو إلينا الجوع قد تقدّد من يطعم اليوم يجده في غد

عند العليّ الواحد الموحّد مايزرع الزارع سوف يحصد

فاعطنى (فاعطنه)(1) لاتجعليه ينكد

فأقبلت فاطمة (عليها السّلام) وهي تقول.

لم يبق ممّا كان غير صاع قد دبّرت كفّي مع الذراع

شبلاي والله هما جياع ياربّ لاتتركهما ضياع(2)

أبوهما للخير ذو اصطناع عبل الذراعين طويل الباع(3)

وماعلى رأسي من قناع إلاّ عبا نسجتها بصاع

وعمدوا إلى ما كان على الخوان فاتوه(4) وباتوا جياعا، وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شيء.

قال شعيب في حديثه: وأقبل عليّ بالحسن والحسين (عليهم السّلام) نحو رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وهما يرتعشان كالفراخ

ص:53


1- - فأعطيه - البحار.
2- (2) - الضياع - بفتح الضاد -: الهلاك. (مجمع البحرين).
3- (3) - الباع: قدر مد اليدين. ويقال: فلان طويل الباع ورحب الباع أي كريم واسع الخلق ومقتدر. (أقرب الموارد).
4- (4) - فاعطوه - البحار.

من شدّة الجوع، فلمّا بصر بهم النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) قال: يا أبا الحسن شدّ ما يسوءني ما أرى بكم، انطلق إلى ابنتي فاطمة، فانطلقوا إليها وهي في محرابها، قد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع وغارت عيناها(1)، فلمّا رآها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ضمّها إليه وقال: واغوثاه باللّه، أنتم منذ ثلاث فيما أري، فهبط جبرئيل فقال: يا محمّد خذ ما هيّأ اللّه لك في أهل بيتك.

قال: وما آخذ ياجبرئيل؟

قال: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ حتّى إذا بلغ إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (2).

وقال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى دخل منزل فاطمة (عليها السّلام) فرأى ما بهم فجمعهم ثمّ انكبّ عليهم يبكي ويقول: أنتم منذ ثلاث فيما أري وأنا غافل عنكم؟!! فهبط عليه جبرئيل بهذه الآيات: إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً

قال: هي عين في دار النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يفجّر إلى دور الانبياء والمؤمنين.

يُوفُونَ بِالنَّذْرِ يعني عليّا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام) وجاريتهم.

ص:54


1- - غارت عينه: دخلت في الرأس وانخسفت. (أقرب الموارد).
2- (2) - الانسان 76:1 و 22.

وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً يقولون عابسا كلوحا(1).

وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ يقول: على شهوتهم للطعام وإيثارهم له.

مِسْكِيناً من مساكين المسلمين.

وَ يَتِيماً من يتامى المسلمين.

وَ أَسِيراً من أسارى المشركين ويقولون إذا أطعموهم: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً قال: والله ما قالوا هذا لهم ولكنّهم أضمروه في أنفسهم فأخبر اللّه بإضمارهم، يقولون.

لانريد جزاء تكلّفوننا(2) به ولا شكورا تثنون علينا به، ولكنا إنّما أطعمناكم لوجه اللّه وطلب ثوابه.

قال اللّه (تعالى ذكره): فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقّاهُمْ نَضْرَةً في الوجوه وَ سُرُوراً في القلوب وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً يسكنونها وَ حَرِيراً يفرشونه ويلبسونه مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ والأريكة: السرير عليه الحجلة لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً (3).

قال ابن عبّاس: فبينا أهل الجنّة في الجنّة إذ رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان، فيقول أهل الجنّة: ياربّ إنّك قلت في كتابك.

لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً ؟! فيرسل اللّه (جلّ اسمه) إليهم جبرئيل

ص:55


1- - كلح وجهه: عبّس فافرط في تعبّسه. (أقرب الموارد).
2- (2) - تكافوننا - البحار.
3- (3) - الانسان 76:5-13.

فيقول: ليس هذه بشمس ولكنّ عليّا وفاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما، ونزلت هَلْ أَتى فيهم إلى قوله (تعالى).

وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (1).

4547 - تفسير القميّ: قوله (تعالى): وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً .

فإنّه حدثني أبي عن عبداللّه بن ميمون القدّاح، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان عند فاطمة (عليها السّلام) شعير فجعلوه عصيدة(2) فلمّا أنضجوها ووضعوها بين ايديهم جاء مسكين. فقال المسكين: رحمكم اللّه أطعمونا مما رزقكم اللّه. فقام علي (عليه السّلام) فأعطاه ثلثها. فما لبث أن جاء يتيم، فقال اليتيم: رحمكم اللّه أطعمونا ممّا رزقكم اللّه. فقام علي (عليه السّلام) فأعطاه ثلثها الثاني.

فما لبث أن جاء اسير. فقال الأسير: يرحمكم اللّه أطعمونا مما رزقكم اللّه. فقام علي (عليه السّلام)، فأعطاه الثلث الباقي وما ذاقوها فانزل اللّه فيهم هذه الآية. إلى قوله وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً في أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهي جارية في كل مؤمن فعل مثل ذلك، للّه (عزّوجلّ)(3).

4548 - تفسير فرات الكوفي: قوله (تعالى): يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً قال: حدثنا أبو القاسم العلوي قال: حدثنا فرات بن

ص:56


1- - أمالي الصدوق: ص 212 ح 11. منه البحار: ج 35 ص 237.
2- (2) - العصيدة: دقيق يلتّ بالسمن ويطبخ. (أقرب الموارد).
3- (3) - تفسير القميّ: ج 2 ص 398. منه البحار: ج 35 ص 243.

ابراهيم الكوفي قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن زكريا الغطفاني قال.

حدثني أبو الحسن هاشم بن أحمد بن معاوية، عن محمّد بن بحر، عن روح بن عبداللّه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: مرض الحسن والحسين (عليهما السّلام) مرضا شديدا فعادهما سيد ولد آدم محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وعادهما أبو بكر وعمر فقال عمر لعلي: يا أبا الحسن إن نذرت للّه نذرا واجبا فان كل نذر لايكون للّه فليس منه(1) وفاء.

فقال علي بن أبي طالب (عليه السّلام): إن عافا اللّه ولديّ مما بهما صمت للّه ثلاثة أيام متواليات، وقالت فاطمة مثل مقالة علي، وكانت لهم جارية نوبية تدعى فضة قالت: إن عافا اللّه سيديّ مما بهما صمت للّه ثلاثة أيام.

فلمّا عافا اللّه الغلامين ممّا بهما انطلق علي إلى جار يهودي يقال له: شمعون بن حارا فقال له: ياشمعون اعطني ثلاثة أصيع من شعير وجزّة من صوف تغزله لك إبنة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فأعطاه اليهودي الشعير والصوف فانطلق إلى منزل فاطمة (عليها السّلام)، فقال لها: يابنت رسول اللّه كلي هذا واغزلي هذا. فباتوا وأصبحوا صياما فلمّا أمسوا قامت الجارية إلى صاع من الشعير وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص: قرص لعلي وقرص لفاطمة وقرص للحسن وقرص للحسين وقرص للجارية، وإن عليا صلّى مع النبيّ (2) (صلى

ص:57


1- - وفي نسخة: فليس فيه.
2- (2) - في نسخة: مع رسول اللّه.

اللّه عليه وآله وسلّم) ثم أقبل إلى منزله(1) ليفطر فما أن وضع بين أيديهم الطعام وأرادوا أكله فاذا سائل قد قام بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة. فألقى علي وألقى القوم من أيديهم الطعام وأنشأ علي بن أبي طالب هذه الأبيات.

فاطم ذات الود واليقين يابنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين قد جاء بالباب له حنين

يشكو إلى اللّه ويستكين يشكو إلينا جائعا حزين

كل امريء بكسبه رهين من يفعل الخير غدا يدين

ويدخل الجنّة امنين حرمت الجنّة على الضنين

يهوى من النّار إلى سجين ويخرج منها إن خرج بعد حين(2)

قال: فأنشأت فاطمة (عليها السّلام) وهي تقول.

أمرك يابن العم سمع طاعة ما بي من لؤم ولا ضراعة

امط عني اللؤم والرقاعة غديت بالبر له صناعة

إني سأعطيه ولا انهيه ساعة أرجو إن اطعمت من مجاعة

أن ألحق الأخيار والجماعة وأدخل الجنة لي شفاعة

ص:58


1- - في نسخة: الى منزل فاطمة.
2- (2) - لايخفى على القاريء - الإختلال الموجود في هذا الشعر - من حيث النحو والوزن والقافية - وحاشا سيد البلغاء والمتكلّمين أن يكون هذا الإختلال قد صدر منه، فلابدّ أن يكون من الرّاوي أو من غيره. وهكذا الكلام في الشعر المنسوب إلى سيدة نساء العالمين وابنة خير من نطق بالضاد (صلوات الله عليهم أجمعين) ونحن نذكره كما في المصدر.

فأعطوه طعامهم وباتوا على صومهم لم يذوقوا إلا الماء، فلما أمسوا قامت الجارية إلى الصاع الثاني فعجنته وخبزت [خ: منه] أقراصا وإن عليا صلّى مع النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ثم أقبل إلى منزله ليفطر فلما وضع بين أيديهم الطعام وأرادوا أكله إذا يتيم قد قام بالباب فقال:(1) السلام عليكم يا أهل بيت محمّد اني [خ: أنا] يتيم من يتامى المسلمين أطعموني أطعمكم اللّه من موائد الجنة. قال.

فألقى علي وألقى القوم من بين أيديهم الطعام وأنشأ علي بن أبي طالب (عليه السّلام):(2)

فاطم بنت السيد الكريم بنت نبي ليس بالزنيم

قد جاءنا الله بذي اليتيم ومن يسلم فهو السليم

حرمت الجنّة على اللئيم لايجوز الصراط(3) المستقيم

طعامه الضريع في الجحيم فصاحب البخل يقف ذميم

قال: فأنشأت فاطمة (عليها السّلام) وهي تقول هذه الأبيات.

إنّي سأعطيه ولا أبالي وأوثر اللّه على عيالي

ص:59


1- - في نسخة: وقال.
2- (2) - وفي نسخة: وأنشأ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وهو يقول:
3- (3) - وفي نسخة: لايجوز على الصراط.

واقض هذا الغزل في الأغزال أرجو بذاك الفوز في المال

ان يقبل اللّه وينمي مالي ويكفني همّي في أطفال

أمسوا جياعا وهم أشبال أكرمهم علي في العيال

بكربلا يقتل اقتتال ولمن قتله الويل والوبال

كبوله فارت على الاكبال

قال: فأعطوا طعامهم وباتوا على صومهم [و] لم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صياما، فلما أمسوا قامت الجارية إلى الصاع الثالث فعجنته وخبزت منه خمسة أقراص وإن عليا صلّى مع النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ثم أقبل إلى منزله يريد أن يفطر فلما وضع بين أيديهم الطعام وأرادوا أكله فاذا أسير كافر قد قام بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد والله ما أنصفتمونا من أنفسكم تأسرونا وتقيّدونا(1)

ولا تطعمونا؟!! أطعموني فاني أسير محمّد.

فالقى علي وألقى القوم من(2) أيديهم الطعام. فأنشأ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وهو يقول:(3)

ص:60


1- - وفي نسخة: وتعبّدونا.
2- (2) - وفي نسخة: من بين.
3- (3) - وفي نسخة: فأنشأ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) هذه الأبيات وهو يقول:

يا فاطمة حبيبتي وبنت أحمد يا بنت من سمّاه اللّه فهو محمّد

قد زانه اللّه بخلق أغيد قد جاءنا اللّه بذي المقيد

بالقيد مأسور فليس يهتدي من يطعم اليوم يجده في غد

عند الاله الواحد الموحد وما زرعه الزارعون يحصد

أعطيه ولا تجعليه أنكد ثم اطلبي خزائن التي لم تنفد

قال: فأنشأت فاطمة (عليها السّلام) وهي تقول.

يابن عم لم يبق إلا صاع قد دبرت الكف مع الذراع

ابني والله هما جياع يارب لاتتركهما ضياع

أبوهما للخير صنّاع قد يصنع الخير بابتداع

عبل الذراعين شديد الباع وما على رأسي من قناع

إلا قناع نسجه نساع

قال: فأعطوه طعامهم وباتوا على صومهم [و] لم يذوقوا إلا الماء فأصبحوا وقد قضى اللّه عليهم نذرهم وإن عليا (عليه السّلام) أخذ بيد

ص:61

الغلامين وهما كالفرخين لاريش لهما يترججان من الجوع فانطلق بهما إلى منزل النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فلما نظر إليهما رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) اغرورقت عيناه بالدموع وأخذ بيد الغلامين فانطلق بهما إلى منزل فاطمة (عليها السّلام) فلمّا نظر إليها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) - وقد تغير لونها وإذا بطنها لاصق بظهرها - انكبّ عليها يقبل بين عينيها، ونادته باكية: واغوثاه باللّه ثم بك يا رسول اللّه من الجوع.

قال: فرفع رأسه إلى السماء وهو يقول: اللهم أشبع آل محمّد، فهبط جبرئيل (عليه السّلام) فقال: يامحمّد إقرأ.

قال: وما أقرأ؟

قال: إقرأ: إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً. * عَيْناً يَشْرَبُ إلى آخر ثلاث آيات.

ثم إنّ عليا (عليه السلام) مضى من فور ذلك حتى أتى أبا جبلة الأنصاري (رضي اللّه عنه) فقال له: يا أبا جبلة هل من قرض دينار؟

قال: نعم يا أبا الحسن أشهد اللّه وملائكته ان اكثر مالي لك حلال من اللّه ومن رسوله.

قال: لاحاجة لي في شيء من ذلك إن يك قرضا قبلته.

قال: فدفع إليه دينارا.

ومرّ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) يتخرق أزقة المدينة ليبتاع بالدينار طعاما فاذا هو بمقداد بن الأسود الكندي قاعدا على الطريق فدنا منه وسلّم عليه وقال: يامقداد مالي أراك في هذا الموضع كئيبا حزينا؟!

ص:62

فقال: أقول كما قال العبد الصالح موسى بن عمران: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (1).

قال: ومنذ كم يامقداد؟

قال: هذا أربع. فرجع علي مليا ثمّ قال: اللّه أكبر اللّه أكبر..

آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) منذ ثلاث وأنت يا مقداد مذ أربع؟!! أنت أحق بالدينار مني.

قال: فدفع إليه الدينار.

ومضى حتى دخل على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في مسجده فلما انفتل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ضرب بيده إلى كتفه ثم قال: يا علي انهض بنا إلى منزلك لعلّنا نصيب به طعاما فقد بلغنا أخذك الدينار من أبي جبلة.

قال: فمضى وعلي يستحي(2) من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) رابط على بطنه حجرا(3) من الجوع حتى قرعا على فاطمة الباب فلما نظرت فاطمة (عليها السّلام) إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وقد أثّر الجوع في وجهه ولّت هاربة قالت: واسوأتاه من اللّه ومن رسوله كأنّ أبا الحسن ما علم أن ليس عندنا مذ ثلاث؟!! ثمّ دخلت مخدعا لها فصلت ركعتين ثم نادت: يا إله محمّد هذا محمّد نبيّك وفاطمة بنت نبيّك وعلي ختن نبيك وابن عمّه وهذان الحسن والحسين سبطا نبيك، اللهم فان بني إسرائيل سالوك أن تنزل عليهم مائدة من السماء فأنزلتها عليهم وكفروا بها، اللهم فان آل محمّد

ص:63


1- - القصص 28:24.
2- (2) - في نسخة: مستحي.
3- (3) - في نسخة: رابط على بطنه حجر المجاعة.

لايكفرون بها.

ثم التفتت مسلّمة فاذا هي بصحفة مملوة ثريدا ومرقا فاحتملتها ووضعتها بين يدي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فأهوى بيده إلى الصحفة فسبّحت الصحفة والثريد والمرق فتلا النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (1) ثم قال: كلوا من جوانب القصعة ولا تهدموا صومعتها فان فيها البركة.

فأكل النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام) والنبي يأكل وينظر إلى علي متبسّما، وعلي يأكل وينظر إلى فاطمة متعجبا.

فقال له النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): كل ياعلي ولا تسأل فاطمة عن شيء، الحمد للّه الذي جعل مثلك ومثلها مثل مريم بنت عمران وزكريا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (2) ياعلي هذا بالدينار الذي أقرضته لقد أعطاك اللّه الليلة خمسة وعشرين جزء من المعروف فأما جزء واحد فجعل لك في دنياك أن أطعمك من جنّته وأربعة(3) وعشرون جزء قد ذخرها لك لآخرتك(4).

ص:64


1- - الاسراء 17:44.
2- (2) - آل عمران 3:37.
3- (3) - وفي نسخة: واما اربعة.
4- (4) - تفسير فرات الكوفي: ص 519 ج 676. منه البحار: ج 35 ص 249.

باب (3) قوله تعالى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى

4549 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا بكر بن عبداللّه، قال: حدثنا الحسن بن زياد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحكم، قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: لمّا مرض النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) مرضه الّذي قبضه اللّه فيه اجتمع عليه أهل بيته وأصحابه فقالوا: يارسول اللّه إن حدث بك حدث فمن لنا بعدك؟ ومن القائم فينا بأمرك؟

فلم يجبهم جوابا وسكت عنهم.

فلمّا كان اليوم الثاني أعادوا عليه القول فلم يجبهم عن شيء ممّا سألوه.

فلمّا كان اليوم الثالث قالوا له: يارسول اللّه إن حدث بك حدث فمن لنا من بعدك؟

ومن القائم فينا بأمرك؟

فقال لهم: إذا كان غدا هبط نجم من السماء في دار رجل من أصحابي، فانظروا من هو فهو خليفتي عليكم من بعدي والقائم فيكم بأمري....

ص:65

ولم يكن فيهم أحد إلاّ وهو يطمع أن يقول له: أنت القائم من بعدي.

فلمّا كان اليوم الرابع جلس كلّ رجل منهم في حجرته ينتظر هبوط النجم، إذا انقضّ نجم من السماء قد غلب نوره على ضوء الدّنيا حتّى وقع في حجرة عليّ (عليه السّلام) فهاج القوم وقالوا: واللّه لقد ضلّ هذا الرجل وغوي، وما ينطق في ابن عمّه إلاّ بالهوى.

فأنزل اللّه (تبارك وتعالى) في ذلك وَ النَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى * وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى

إلى آخر السورة(1).

مناقب آل أبي طالب: أبو جعفر بن بابويه في الأمالى بطرق كثيرة، عن جويبر، عن الضحاك، عن أبي هارون العبدي، عن ربيعة السعدي، وعن أبي اسحاق الفزاري، عن جعفر بن محمّد،، عن آبائه (عليهم السّلام)، كلهم عن ابن عباس. وروى عن منصور بن أبي الاسود، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السّلام) نحوه(2).

4550 - تأويل الآيات الظاهرة: روي محمّد بن العباس (رحمه اللّه) عن جعفر بن محمّد العلوي، عن عبداللّه بن محمّد الزيّات، عن جندل بن والق، عن محمّد بن أبي عمير(3)، عن غياث بن ابراهيم، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه

ص:66


1- - أمالي الصدوق: ص 468 ح 1، والآيات في سورة النجم 53:1-4.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 10. منهما البحار: ج 35 ص 273.
3- (3) - محمد بن يحيى - البحار.

وآله): أنا سيّد الناس ولا فخر، وعليّ سيد المؤمنين، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

فقال رجل من قريش: و اللّه ما يألو(1) يطريء ابن عمّه.

فانزل اللّه سبحانه: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى * وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى .

وما هذا القول الذي يقوله بهواه في ابن عمه إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى (2).

4551 - تأويل الآيات الظاهرة: قال: (محمد بن العباس) حدثنا أحمد بن القاسم، عن منصور بن العباس، عن الحصين عن العباس القصباني، عن داود بن الحصين، عن فضل بن عبدالملك، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا أوقف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أمير المؤمنين يوم الغدير افترق الناس ثلاث فرق، فقالت فرقة: ضلّ محمّد وفرقة قالت: غوي، وفرقة قالت: بهواه يقول في أهل بيته وابن عمّه، فأنزل اللّه سبحانه: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى الآيات(3).

4552 - تأويل الآيات الظاهرة: قال: (محمد بن العباس) حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن ابراهيم بن اسحاق النهاوندي، عن عبداللّه بن حماد الأنصاري، عن محمّد بن عبداللّه، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال.

ص:67


1- - والله لا يألو - البحار.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 623 ح 4. منه البحار: ج 24 ص 322.
3- (3) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 623 ح 6. منه البحار: ج 24 ص 323.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ليلة اسري بي إلى السماء صرت إلى سدرة المنتهى فقال لي جبرئيل: تقدّم يا محمّد، فدنوت دنوّة، - والدنوّة: مدّ البصر - فرأيت نورا ساطعا فخررت للّه ساجدا.

فقال لي: يامحمّد من خلّفت في الارض؟

قلت: ياربّ أعدلها وأصدقها وأبرّها وأسنمها عليّ بن أبي طالب وصيّي ووارثي وخليفتي في أهلي.

فقال لي: أقرئه منّي السلام، وقل له: إنّ غضبه عزّ، ورضاه حكم، يا محمّد إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا العلي الأعلى، وهبت لأخيك اسما من أسمائي فسمّيته عليا، وأنا العليّ الاعلى، يامحمّد إنّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا، فاطر السماوات والأرض، وهبت لابنتك اسما من أسمائي فسمّيتها فاطمة، وأنا فاطر كلّ شيء، يامحمّد إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا الحسن البلاء، وهبت لسبطيك اسمين من أسمائي، فسمّيتهما الحسن والحسين، وأنا الحسن البلاء.

قال: فلمّا حدّث النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) قريشا بهذا الحديث قال قوم: ما أوحى اللّه إلى محمّد بشيء، وإنّما تكلّم عن هوى نفسه، فأنزل اللّه (تبارك وتعالى) تبيان ذلك: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى * وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (1).

ص:68


1- - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 624 ح 7. منه البحار: ج 24 ص 323.

باب (4) سورة برآءة

4553 - تفسير القميّ: قوله تعالى: بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1).

قال: حدثني أبي، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: نزلت هذه الآية بعدما رجع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) من غزوة تبوك في سنة سبع من الهجرة.

قال: وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة وكان سنة في العرب في الحج انه من دخل مكة وطاف بالبيت في ثيابه لم يحلّ له امساكها وكانوا يتصدّقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف، وكان من وافى مكة يستعير ثوبا ويطوف فيه ثمّ يردّه. ومن لم يجد عارية اكترى ثيابا ومن لم يجد عارية ولاكراء(2)، ولم يكن له إلاّ ثوب واحد طاف بالبيت عريانا.

فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة، فطلبت ثوبا عارية أو كراء فلم تجده.

فقالوا لها: ان طفت في ثيابك احتجت أن تتصدقي بها.

فقالت: وكيف اتصدق بها وليس لي غيرها؟! فطافت بالبيت عريانة. واشرف عليها الناس فوضعت احدى

ص:69


1- - التوبة 9:1.
2- (2) - أي ما يستأجره.

يديها على قبلها والاخرى على دبرها فقالت مرتجزة.

اليوم يبدو بعضه أو كلّه فما بدا منه فلا أحلّه فلمّا فرغت من الطواف خطبها جماعة، فقالت: إنّ لي زوجا.

وكانت سيرة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قبل نزول سورة البراءة ان لايقاتل إلاّ من قاتله. ولا يحارب إلاّ من حاربه وأراده. وقد كان نزل عليه في ذلك من اللّه (عزّوجلّ): فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (1).

فكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لايقاتل احدا قد تنحى عنه واعتزله حتّى نزلت عليه سورة البراءة وامره اللّه بقتل المشركين، من اعتزله ومن لم يعتزله، إلاّ الذين قد كان عاهدهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يوم فتح مكة إلى مدّة منهم صفوان بن امية وسهيل بن عمرو. فقال اللّه (عزّوجلّ): بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ .

ثمّ يقتلون حيث ما وجدوا، فهذه أشهر السياحة: عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشرة من شهر ربيع الآخر.

فلمّا نزلت الآيات من اوّل براءة دفعها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الى أبي بكر وامره أن يخرج الى مكة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر.

فلمّا خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه

ص:70


1- - النساء 4:90.

وآله) فقال: يامحمّد لايؤدّي عنك إلاّ رجل منك. فبعث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السّلام) في طلبه فلحقه بالروحا.

فأخذ منه الآيات. فرجع أبو بكر إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يارسول اللّه أنزل فيّ شيء؟

قال: لا، إنّ اللّه أمرني أن لايؤدّي عني إلاّ أنا أو رجل منّي(1).

4554 - إقبال الاعمال: روي حسن بن أشناس في كتابه، فقال.

حدثنا أحمد بن محمّد قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا، قال.

حدثنا مالك بن إبراهيم النخعيّ، قال: حدثنا الحسين بن زيد قال.

حدّثني جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: لمّا سرّح رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أبا بكر بأوّل سورة براءة إلى أهل مكة أتاه جبرئيل (عليه السّلام) فقال: يامحمّد إنّ اللّه يأمرك أن لاتبعث هذا وأن تبعث عليّ بن أبي طالب، وانّه لايؤدّيها عنك غيره، فأمر النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فلحقه فأخذ منه [الصحيفة](2) وقال: ارجع إلى النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

فقال أبو بكر: هل حدث فيّ شيء؟

فقال علي (عليه السّلام): سيخبرك رسول اللّه.

فرجع أبو بكر إلى النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال.

يارسول اللّه ما كنت تري أنّي مؤدّ عنك هذه الرسالة؟!! فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): أبى اللّه أن يؤدّيها إلّا عليّ

ص:71


1- - تفسير القميّ: ج 1 ص 281. منه البحار: ج 35 ص 291.
2- (2) - ما بين المعقوفتين من البحار.

ابن أبي طالب فأكثر أبو بكر عليه من الكلام. فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): كيف تؤدّيها وأنت صاحبي في الغار؟!!(1).

قال: فانطلق عليّ (عليه السّلام) حتّى قدم مكة، ثمّ وافى عرفات، ثمّ رجع إلى جمع، ثمّ إلى منى، ثمّ ذبح وحلق، وصعد على الجبل المشرف المعروف بالشعب فأذّن ثلاث مرّات: ألا تسمعون؟

يا أيّها الناس إنّي رسول رسول اللّه إليكم ثمّ قال: بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ *. فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَ أَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ * وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إلى قوله: إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (2) تسع آيات من أوّلها، ثمّ بلغ بسيفه(3) فأسمع الناس وكرّرها فقال الناس: من هذا الّذي ينادي في الناس؟

فقالوا: عليّ بن أبي طالب.

وقال من عرفه من الناس: هذا ابن عمّ محمّد، وما كان ليجتريء على هذا غير عشيرة محمّد.

فأقام أيّام التشريق ثلاثة ينادي بذلك ويقرأ على الناس غدوة

ص:72


1- - هذا تعيير لابي بكر وتشنيع له، وايهام بانك كنت معي في الغار خائفا فزعا مع استظهارك بي وعدم علم أحد من الناس الى مكانك فكيف تقدر على تبليغ هذه السورة بملأ من الناس يوم الحج الاكبر؟ ولنعم ما قيل: خلق اللّه للحروب رجالا ورجالا لقصعة وثريد «هامش البحار: ج 35».
2- (2) - التوبة 9:1-5.
3- (3) - لمع بسيفه - البحار. أي أشار. (أقرب الموارد).

وعشيّة، فنادته الناس من المشركين: أبلغ ابن عمّك أن ليس له عندنا إلاّ ضربا بالسيف وطعنا بالرماح.

ثمّ انصرف عليّ (عليه السّلام) إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يقصد في السير، وابطأ الوحي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في امر عليّ (عليه السّلام) وما كان منه، فاغتمّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لذلك غمّا شديدا حتّى رئي ذلك في وجهه، وكفّ عن النساء من الهمّ والغمّ، فقال بعضهم لبعض: لعلّه قد نعيت إليه نفسه(1) أو عرض له مرض. فقالوا لأبي ذرّ: قد نعلم منزلتك من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وقد تري ما به، فنحن نحبّ أن يعلم(2) لنا أمره، فسأل أبو ذر (رحمه اللّه) النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) عن ذلك، فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): ما نعيت إليّ نفسي، وإنّي لميّت، وما وجدت في امّتي إلاّ خيرا، وما بيّ من مرض، ولكن من شدّة وجدي بعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وإبطاء الوحي عنّي في أمره، فإنّ اللّه (عزّوجلّ) قد أعطاني في عليّ (عليه السّلام) تسع خصال: ثلاثة لدنياي، واثنتان لآخرتي واثنتان أنا منهما آمن، واثنتان أنا منهما خائف، وقد كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إذا صلّى الغداة استقبل القبلة بوجهه إلى طلوع الشمس يذكر اللّه (عزّوجلّ) [و] يتقدّم عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) خلف النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ويستقبل الناس بوجهه فيستأذنون في حوائجهم، وبذلك أمرهم رسول

ص:73


1- - نعاه نعيا: أخبره بموته. (اقرب الموارد).
2- (2) - ان تعلم - البحار.

اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(1) فلمّا توجّه عليّ (عليه السّلام) إلى ذلك الوجه لم يجعل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) مكان عليّ لأحد وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إذا صلّى وسلّم استقبل الناس بوجهه، فأذن للناس، فقام أبو ذرّ فقال: يارسول اللّه لي حاجة.

قال: انطلق في حاجتك.

فخرج أبو ذرّ من المدينة يستقبل عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فلمّا كان ببعض الطريق إذا هو براكب مقبل على ناقته، فإذا هو عليّ (عليه السّلام) فاستقبله والتزمه وقبّله وقال: بأبي أنت وامّي اقصد في مسيرك حتّى أكون أنا الّذي ابشّر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فإنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من أمرك في غمّ شديد وهمّ.

فقال له عليّ (عليه السّلام): نعم.

فانطلق أبو ذرّ مسرعا حتّى أتى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: البشرى.

قال: وما بشراك يا أبا ذرّ؟

قال: قدم عليّ بن أبي طالب.

فقال له: لك بذلك الجنّة.

ثمّ ركب النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وركب معه الناس [فلمّا رآه](2) أناخ ناقته، ونزل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فتلقّاه والتزمه(3)

ص:74


1- - وربما يؤيد ذلك ما قاله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أنا مدينة العلم وعليّ بابها.
2- (2) - ما بين المعقوفتين من البحار.
3- (3) - التزم فلانا: اعتنقه. (أقرب الموارد).

وعانقه ووضع خدّه على منكب عليّ، وبكى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فرحا بقدومه وبكى علي (عليه السّلام) معه، ثمّ قال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ما صنعت بأبي أنت وامّي؟ فإنّ الوحي ابطأ عليّ في أمرك، فأخبره بما صنع.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): كان اللّه (عزّوجلّ) أعلم بك منّي حين أمرني بإرسالك(1).

4555 - معاني الأخبار: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عليّ بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن الحارث بن مغيرة النصريّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن قول اللّه (عزّوجلّ): وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ؟(2).

فقال: إسم نحله(3) اللّه (عزّوجلّ) عليّا (صلوات اللّه عليه) من السماء لانّه هو الّذي أدّى عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) براءة، وقد كان بعث بها مع أبي بكر أوّلا فنزل عليه جبرئيل (عليه السّلام) فقال: يامحمّد إنّ اللّه يقول لك: إنّه لايبلّغ عنك إلاّ أنت أو رجل منك. فبعث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عند ذلك عليا (عليه السّلام) فلحق أبا بكر وأخذ الصحيفة من يده ومضى بها إلى مكة،

ص:75


1- - إقبال الاعمال: ص 319. منه البحار: ج 35 ص 287.
2- (2) - التوبة 9:3.
3- (3) - نحل فلانا نحلا: أعطاه شيئا من غير عوض بطيب نفس أو عام وأباه بعضهم. (أقرب الموارد).

فسمّاه اللّه تعالى أذانا من اللّه، إنّه اسم نحله اللّه من السماء لعليّ (عليه السّلام)(1).

4556 - تفسير العياشي: عن حريز، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على الناس.

فنزل جبرئيل فقال: لايبلّغ عنك إلّا عليّ (عليه السّلام).

فدعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا فأمره أن يركب ناقته العضباء(2)، وأمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة ويقرأه على الناس بمكة.

فقال أبو بكر: أسخطة(3)؟

فقال: لا إلّا أنّه انزل عليه أنّه لايبلّغ إلّا رجل منك.

فلمّا قدم علي (عليه السّلام) مكة - وكان يوم النحر، بعد الظهر وهو يوم الحجّ الأكبر - قام ثمّ قال: إنّي رسول رسول اللّه إليكم، فقرأها عليهم بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عشرين من ذي الحجّة، والمحرّم، وصفر، وشهر ربيع الأوّل، وعشرا من شهر ربيع الاخر وقال.

لايطوف بالبيت عريان ولا عريانة ولا مشرك، إلا من كان له عهد عند رسول اللّه، فمدّته إلى هذه الاربعة الا شهر(4).

ص:76


1- - معاني الاخبار: ص 298 ح 2. منه البحار: ج 35 ص 292.
2- (2) - العضباء: لقب ناقة نبيّ الإسلام، إنّما لقبت به لنجابتها لا لشق اذنها. (أقرب الموارد).
3- (3) - سخطه سخطا: غضب ولم يرض. (أقرب الموارد).
4- (4) - تفسير العياشي: ج 2 ص 73 و 74 ح 4 و 5. منه البحار: ج 35 ص 295.

4557 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني عليّ بن محمّد ابن عليّ بن عمر الزهريّ معنعنا، عن عيسى بن عبداللّه [القميّ] قال.

سمعت أبا عبدالله [جعفر الصادق (عليه السّلام)] يقول: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بعث أبا بكر ببراءة، فسار حتّى إذا بلغ الجحفة(1)، بعث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليا [أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)] في طلبه، فأدركه، فقال أبو بكر لعليّ (عليه السّلام): أنزل فيّ شيء؟

قال: لا ولكن لايؤدّي(2) إلاّ نبيّه أو رجل منه، وأخذ عليّ (عليه السّلام) الصحيفة وأتى الموسم وكان يطوف في الناس ومعه السيف فيقول: بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ

فلا يطوف بالبيت بعد عامنا هذا عريان ولا مشرك، فمن فعل فإنّ معاتبتنا إيّاه بالسيف، قال: وكان يبعثه إلى الأصنام فيكسرها، ويقول: لايؤدّي عنّي إلاّ أنا وأنت، فقال له يوم لحقه عليّ (عليه السّلام) بالخندق في غزوة تبوك، فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ياعليّ أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟

إلاّ أنّه لانبيّ بعدي، وأنت خليفتي في أهلي، وانّه لايصلح [لها] إلاّ أنا وأنت(3).

ص:77


1- - الجحفة: موضع بالحجاز بين مكة والمدينة، وهي ميقات اهل الشام، وكان إسمها مهيعة فجاءهم سيل فاجتحفهم فسمّيت جحفة. (لسان العرب).
2- (2) - لايؤديه - البحار.
3- (3) - تفسير فرات الكوفي: ص 158 ح 197. منه البحار: ج 35 ص 299.

4558 - مناقب آل أبي طالب: في الحديث عن الباقرين (عليهما السّلام) قالا: قام خداش وسعيد أخوا عمرو بن عبدود فقالا: وما يسّرنا أربعة أشهر؟ بل برئنا منك ومن ابن عمّك، وليس بيننا وبين ابن عمّك إلاّ السيف والرّمح، وإن شئت بدأنا بك.

فقال عليّ (عليه السّلام): هلموا، ثمّ قال: وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ إلى قوله: إِلى مُدَّتِهِمْ (1).

4559 - تفسير العياشي: عن حريز، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال في الاذان: هو اسم في كتاب اللّه لايعلم ذلك أحد غيري(2).

4560 - علل الشرائع: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاشاني، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي القاضي قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه تعالى: وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ؟.

فقال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): كنت أنا الاذان في الناس.

قلت: فما معنى هذه اللّفظة اَلْحَجِّ الْأَكْبَرِ ؟

قال: إنّما سمّي الاكبر لانها كانت سنة حجّ فيها المسلمون

ص:78


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 127. منه البحار: ج 35 ص 304.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 2 ص 76 ح 13. منه البحار: ج 35 ص 297.

والمشركون، ولم يحجّ المشركون بعد تلك السنة(1).

البحار - بيان: الاذان: الإعلان ويحتمل أن يكون المعنى أن المؤذن بذلك الأذان كان عليّا (عليه السّلام).

باب (5) قوله تعالى: وَ لَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ

4561 - مناقب آل أبي طالب: أبو بصير، عن الصادق (عليه السّلام) لمّا قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ لولا انّني أخاف أن يقولوا فيك ماقالت النصارى في المسيح، لقلت اليوم فيك مقالة لاتمرّ بملأ من المسلمين إلاّ أخذوا التراب من تحت قدمك.

قال الحارث بن عمرو الفهريّ لقوم من أصحابه: ما وجد محمّد لابن عمّه مثلا إلّا عيسى بن مريم، يوشك أن يجعله نبيّا من بعده!! واللّه إنّ آلهتنا الّتي كنّا نعبد خير منه.

فانزل اللّه تعالى: وَ لَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إلى قوله.

وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَ اتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (2).

وفي رواية: أنّه نزل أيضا إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ الآية.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): ياحارث اتّق اللّه وارجع عمّا قلت من العداوة لعليّ بن أبي طالب.

ص:79


1- - علل الشرائع: ص 442. منه البحار: ج 35 ص 293.
2- (2) - الزخرف 43:57-61.

فقال: إذا كنت رسول اللّه وعلى وصيّك من بعدك وفاطمة بنتك سيّدة نساء العالمين، والحسن والحسين إبناك سيّدا شباب أهل الجنّة، وحمزة عمّك سيّد الشهداء، وجعفر الطيّار ابن عمّك يطير مع الملائكة في الجنّة، والسقاية للعبّاس عمّك فما تركت لسائر قريش وهم ولد أبيك؟

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ويلك ياحارث ما فعلت ذلك ببني عبدالمطّلب، لكنّ اللّه فعله بهم.

فقال:.... إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ الآية. فأنزل اللّه تعالى: وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ (1) ودعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الحارث فقال.

إمّا أن تتوب أو ترحل عنّا.

قال: فإنّ قلبي لايطاوعني إلى التوبة ولكنّي أرحل عنك فركب راحلته فلمّا أصحر(2) أنزل اللّه عليه طيرا من السماء في منقاره حصاة مثل العدسة، فأنزلها على هامته(3) وخرجت من دبره إلى الارض، ففحص برجله(4)، وأنزل اللّه تعالى على رسوله: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ....(5) و(6).

ص:80


1- - الانفال 8:32 و 33.
2- (2) - أصحر القوم: برزوا الى الصحراء لايواريهم شيء. (أقرب الموارد).
3- (3) - الهامة: هي وسط الرأس ومعظمه من كل شيء. (لسان العرب).
4- (4) - فحص برجله التراب، كناية عن تحرك رجليه عند النزع.
5- (5) - المعارج 70:1.
6- (6) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 342. منه البحار: ج 35 ص 320.

4562 - أمالي الطوسي: أخبرنا الشيخ أبو عليّ قال: حدثني والدي قال: أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة قال: حدّثنا علي بن محمّد بن علي الحسيني قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن عيسى قال: حدثنا عبيداللّه بن علي، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعلي، ان فيك مثلا من عيسى بن مريم، احبه قوم فأفرطوا في حبه فهلكوا فيه، وأبغضه قوم فافرطوا في بغضه فهلكوا فيه، واقتصد فيه قوم فنجوا(1).

4563 - مائة منقبة: حدثني أحمد بن محمّد بن سليمان (رحمه اللّه) قال: حدثني جعفر بن محمّد قال: حدثني يعقوب بن يزيد قال.

حدثني صفوان بن يحيى قال: حدثني داود بن الحصين قال: حدثني عمر بن أذينة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ياعليّ مثلك في امّتي مثل المسيح عيسى [بن مريم] افترق قومه ثلاث فرق: ففرقة منهم مؤمنون وهم الحواريّون، وفرقة عادوه وهم اليهود، وفرقة غلوا فيه فخرجوا عن الايمان، وإنّ امّتي ستفترق فيك ثلاث فرق: فرقة شيعتك وهم المؤمنون وفرقة عدوّك وهم الشاكون، وفرقة تغلو فيك وهم الجاحدون وانت ياعلي وشيعتك ومحبّو شيعتك في الجنة وأعداؤك والغلاة في محبتك في النار(2).

ص:81


1- - أمالي الطوسي: ص 344 ح 709. منه البحار: ج 35 ص 319.
2- (2) - مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين: ص 107 المنقبة 48. منه البحار: ج 25 ص 264.

[باب (6)] نزول العذاب على منكر الولاية

4564 - شرح الاخبار: أبو نعيم (الفضل بن دكين) عن سفيان بن عيينة، قال: سألت أبا عبداللّه (جعفر بن محمد) (عليه السّلام)، عن قول اللّه (عزّوجلّ): أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ؟(1).

فنظر اليّ كالمتعجب، فقال لي: ياسفيان، كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني عنها احد غيرك؟! ولقد سألت عنها أبي محمد بن علي (عليه السّلام) فقال لي.

يابني كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني احد غيرك؟ ولقد سألت عنها أبي علي بن الحسين (عليه السّلام) فقال لي مثل ذلك.

وإنّه سأل عنها أباه الحسين بن علي (عليه السّلام) فقال له مثل ذلك.

وأنه سأل عنها أباه علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فقال له مثل ذلك، وانه قال لأبيه علي (عليه السّلام) اذ قال ذلك له: اردت أن تخبرني عنها فيمن انزلت؟

قال: نعم، لما رجعنا من حجة الوداع نزل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بغديرخم، فقال: معاشر النّاس، انّي مسؤول عنكم وانتم مسؤولون عني، فما أنتم قائلون؟

قالوا: نشهد انّك لرسول اللّه، بلّغت رسالة ربك ونصحت لامّتك وعبدت ربك حتى اتاك اليقين، فجزاك للّه عنا من نبي خيرا.

ص:82


1- - الشعراء 26:204.

قال (صلّى اللّه عليه وآله): وأنتم، فجزاكم اللّه عنّي خيرا، فلقد صدقتموني واعنتموني على تبليغ وحي اللّه (عزّوجلّ) ورسالته، وجاهدتم معي فجزاكم اللّه عني خيرا.

ثمّ أخذ بيدي فرفعها كأنها مروحة، وقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنا وليّ جميعهم؟

قالوا: نعم.

قال: من كنت مولاه فهذا مولاه. هل سمعتم واطعتم؟

قالوا: نعم.

قال: اللهم اشهد.

فقام نعمان بن الحارث الفهري فقال: يارسول اللّه أتيتنا فذكرت لنا أنك رسول اللّه إلينا فقلنا لك: اعن اللّه ذلك؟ قلت: نعم، فصدقناك.

ثمّ اتيتنا بالفرائض - وذكرت كل فريضة منها - فقلنا لك: أعن اللّه هذا؟ قلت: نعم، فصدقناك.

ثمّ أخذت الان بيد ابن عمّك هذا، فأمرتنا بولايته، فاللّه أمرك بهذا؟

قال: نعم واللّه (عزّوجلّ) أمرني ان أقول ذلك لكم.

فقال كلمة يعني بها التكذيب، ثم ولّى مغضبا وهو يقول: اللّهم ان كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم أتى ناقته، فحلّ عقالها، وركبها، فانطلق يريد أهله، فأصابته حجارة من السّماء [فسقطت في رأسه وخرجت من دبره وسقط ميتا].

ص:83

وفي رواية أخرى: نار فقتلته قبل أن يصل الى أهله، فأنزل الله (عزّوجلّ): أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (1).

باب (7) قوله تعالى: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

4565 - الكافي: أحمد بن مهران، عن عبدالعظيم بن عبداللّه، عن يحيى بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا نزلت.

وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (2) قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

هي اذنك ياعلي(3).

4566 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمد، عن موسى، عن الحسن بن موسى، عن علي بن حسّان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

قال: وعت اذن أمير المؤمنين (عليه السّلام) ما كان وما يكون(4).

4567 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر ابن محمّد بن سلم بن البراء الجعابي قال: حدّثني أبو محمد الحسن بن عبداللّه بن محمّد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيدي علي ابن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن عليّ

ص:84


1- - شرح الاخبار: ج 1 ص 229 ح 219.
2- (2) - الحاقة 69:12.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 423 ح 57.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 537 ح 48. منه البحار: ج 35 ص 326.

قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) في قوله (عزّوجلّ): وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ قال: دعوت اللّه (عزّوجلّ) على أن يجعلها اذنك ياعليّ (1).

باب (8) قوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ

4568 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني الحسين بن سعيد [قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فرات]، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: سألته عن قول اللّه تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ؟(2).

قال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ : ابن آدم المقتول ومؤمن آل فرعون وحبيب النجار صاحب ياسين، وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ : [أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(3).

تأويل الآيات الظاهرة: قال محمد بن العباس (رحمه اللّه).

حدثنا محمد بن جرير، عن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن الحسين، عن محمد بن الفرات، عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام) نحوه(4).

ص:85


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 62 ح 256 منه البحار: ج 35 ص 326.
2- (2) - الواقعة 56:13 و 14.
3- (3) - تفسير فرات الكوفي: ص 465 ح 609. منه البحار: ج 38 ص 225.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 643 ح 7. منه البحار: ج 35 ص 333.

4569 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس (رحمه اللّه): حدثنا الحسن بن عليّ التميميّ، عن سليمان بن داود الصيرفيّ (1)، عن أسباط، عن أبي سعيد المدائنيّ، قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ؟(2).

قال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ حزقيل مؤمن آل فرعون وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).

قال الكراجكى: ومعنى الثلّة: الجماعة، وانما ذكر الواحد بمعنى الجمع تفخيما لشأنه وإجلالا لقدره. كما قال سبحانه: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً (3). والامة: الجماعة. وهذا كثير في القرآن المجيد وغيره(4).

4570 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الاسناد، عن عليّ (عليه السّلام) قال: وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ فيّ نزلت وقال (عليه السّلام): في قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ * اَلَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (5)[قال:] فيّ نزلت(6).

ص:86


1- - الصرمي - البحار.
2- (2) - الواقعة 56:39 و 40.
3- (3) - النحل 16:120.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 643 ح 8. منه البحار: ج 35 ص 333.
5- (5) - المؤمنون 23:10 و 11.
6- (6) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 65 ح 288. منه البحار: ج 35 ص 335.

باب (9) الإمام علي عليه السلام الدّين والمؤمن والإيمان والسّلم والإسلام

4571 - الكافي: الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن عليّ بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: وَ هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَ هُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (1).

قال: ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذرّ والمقداد بن الاسود وعمّار هدوا إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام). وقوله: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ يعني أمير المؤمنين وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ (2) الاوّل والثاني والثالث(3).

أقول: هذا على لتأويل كما لايخفا.

4572 - تفسير القمي: حدثنا محمد بن جعفر، عن يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ

يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام) وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ فلان وفلان وفلان(4).

ص:87


1- - الحج 22:24.
2- (2) - الحجرات 49:7.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 426 ح 71.
4- (4) - تفسير القمي: ج 2 ص 319.

4573 - تفسير القمي: بهذا الاسناد، عن عبدالرحمن بن كثير قال: سألت الصادق (عليه السّلام) عن قوله: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ ؟

قال: أمير المؤمنين وأصحابه كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ حبتر وزريق وأصحابهما أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ أمير المؤمنين وأصحابه كَالْفُجّارِ حبتر ودلام وأصحابهما. كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ [هم] أمير المؤمنين والأئمّة (عليهم السّلام) وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (1) فهم أهل الالباب الثاقبة قال: وكان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يفتخر بها ويقول: ما اعطي أحد قبلي ولا بعدي مثل ما اعطيت(2).

البحار - بيان: الحبتر: الثعلب. وعبّر به عن أبي بكر لكثرة خدعته ومكره. وزريق: كناية عن عمر إمّا لزرقة عينه أو لأنّ الزرقة ممّا يتشأم به العرب، كناية عن نحوسته والدلام أيضا كناية عنه.

وقال الفيروزآباديّ: الدلام - كسحاب - السواد والأسود. قال الجزريّ: فيه: «أميركم رجل طوال أدلم» الادلم: الاسود الطويل.

ومنه الحديث: «فجاء رجل أدلم فاستأذن على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله). قيل: هو عمر بن الخطّاب.

4574 - تأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العباس، قال.

حدثنا محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبدالرحمن بن سالم، عن

ص:88


1- - ص 38:28 و 29.
2- (2) - تفسير القمي: ج 2 ص 234. منه البحار: ج 35 ص 336.

أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ): إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (1) إلى آخر السورة نزلت في عليّ (عليه السّلام) وفي الّذين استهزؤوا به من بني أميّة، وذلك أنّ عليا مرّ على قوم من بني اميّة والمنافقين فسخروا منه(2).

4575 - مناقب آل أبي طالب: الباقر والصادق (عليهما السّلام) في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ (3)[قالا: إلى ولاية عليّ (عليه السّلام)](4).

4576 - مناقب آل أبي طالب: الباقر والصادق (عليهما السّلام) في قوله تعالى: إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ * وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (5).

قالا: الدين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(6).

4577 - أمالي الطوسي: أبو محمّد الفحام قال: حدثنا محمّد بن عيسى بن هارون، قال: حدثني أبو عبدالصمد ابراهيم، عن أبيه، عن جدّه محمّد بن إبراهيم قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: في قوله تعالى: اُدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً قال: في

ص:89


1- - المطففين 83:29.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 781 ح 16. منه البحار: ج 35 ص 339.
3- (3) - المؤمن 40:10.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 94. منه البحار: ج 35 ص 340 وما بين المعقوفتين من البحار.
5- (5) - الذاريات 51:5 و 6.
6- (6) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 95. منه البحار: ج 35 ص 341.

ولاية [أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ (1) قال: لاتتّبعوا غيره(2).

مناقب آل أبي طالب: زين العابدين وجعفر الصادق (عليهما السّلام) قالا:... وذكر مثله(3).

4578 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحكم بن بهلول، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى.

وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (4).

قال: يعني إن أشركت في الولاية غيره بَلِ اللّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ 5 يعني بل اللّه فاعبد بالطاعة وكن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك وابن عمّك(5).

4579 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عليّ بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ): اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ (6).

قال: بما جاء به محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) من الولاية

ص:90


1- - البقرة 2:208.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 299 ح 591.
3- (3) - مناقب آل ابي طالب: ج 3 ص 96. منهما البحار: ج 35 ص 342.
4- (4و5) - الزمر 39:65 و 66.
5- (6) - الكافي: ج 1 ص 427 ح 76.
6- (7) - الانعام 6:82.

ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان، فهو الملبّس بالظلم(1).

4580 - تفسير العياشي: عن [عمر بن] عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنّا (2).

قال: هو أمير المؤمنين (عليه السّلام) نودي من السماء أن آمن بالرسول، فآمن به(3).

باب (10) الهداية إلى الولاية

4581 - البحار: كتاب (الروضة) - بالأسانيد إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: لمّا نزلت هذه الآية: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ قال: بولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) ولم يخلطوا بولاية فلان وفلان، فإنّه التلبّس بالظلم(4).

4582 - وعنه في قوله تعالى: اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللّهُ (5) قال: إذا كان يوم القيامة دعا اللّه

ص:91


1- - الكافي: ج 1 ص 413 ح 3.
2- (2) - آل عمران 3:193.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 1 ص 211 ح 176. منه البحار: ج 36 ص 97.
4- (4) - البحار: ج 36 ص 114.
5- (5) - الاعراف 7:43.

بالنبى (صلّى اللّه عليه وآله) وبعلى (عليه السّلام) فيجلسان على كرسى الكرامة بين يدي العرش، كلّما خرجت زمرة من شيعتهم فيقولون هذا النبيّ وهذا عليّ الوصيّ فيقول بعضهم لبعض: اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللّهُ بولاية النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وبعليّ وبالأئمّة من ولدهم (عليهم السّلام)، فيؤمر بهم إلى الجنّة.

وفي قوله: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ (1) يعني بذلك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعليّا (عليه السّلام) النبيّ الشاهد، وعليّ المشهود(2).

4583 - البحار: كتاب (الروضة) - بالأسانيد، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) نزل جبرئيل بهذه الآية وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (3) في عليّ (4).

4584 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني الحسين بن سعيد معنعنا عن أبي مريم قال: سألت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) عن قول الله تعالى: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ ؟

قال: يا أبا مريم هذه والله في عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) خاصّة، ما ألبس ايمانه بشرك ولا ظلم و لا كذب و لا سرقة ولا خيانة [هذه

ص:92


1- - البروج 85:3.
2- (2) - البحار: ج 36 ص 114.
3- (3) - البقرة 2:23.
4- (4) - البحار: ج 36 ص 114 ح 61.

واللّه نزلت فيه خاصة - خ](1).

4585 - تفسير فرات الكوفي: قال أبو القاسم العلوي قال.

حدثنا فرات بن ابراهيم الكوفي قال: حدثني جعفر بن محمّد الفزاري: معنعنا عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (2).

قال: [أمير المؤمنين] عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(3).

باب (11) ضلالة منكرى الولاية

4586 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن الحسن بن عبدالرحمن، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ): وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِيًّا .

قال: كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) دعا قريشا إلى ولايتنا فنفروا وأنكروا، فقال الّذين كفروا من قريش للّذين آمنوا الّذين أقرّوا لأمير المؤمنين ولنا أهل البيت: أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِيًّا تعييرا منهم، فقال اللّه رداّ عليهم: وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ من الامم السالفة هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْياً .

ص:93


1- - تفسير فرات الكوفي: ص 134 ح 159. منه البحار: ج 35 ص 348.
2- (2) - التين 95:7.
3- (3) - تفسير فرات الكوفي: ص 577 ح 740. منه البحار: ج 35 ص 351.

قلت: قوله: مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا ؟

قال: كلّهم كانوا في الضلالة لايؤمنون بولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) ولا بولايتنا فكانوا ضالّين مضلّين، فيمدّ لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتّى يموتوا فيصيّرهم اللّه شرا مكانا وأضعف جندا.

قلت: قوله: حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السّاعَةَ * فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً ؟

قال: أمّا قوله: حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فهو خروج القائم وهو الساعة، فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من اللّه على يدي قائمه، فذلك قوله: مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً يعني عند القائم وَ أَضْعَفُ جُنْداً .

قلت: قوله: وَ يَزِيدُ اللّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً ؟

قال: يزيدهم ذلك اليوم هدي على هدى باتّباعهم القائم حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه.

قلت: قوله: لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً ؟

قال: إلّا من دان اللّه بولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) والائمّة من بعده فهو العهد عند اللّه.

قلت: قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ؟

قال: ولاية أمير المؤمنين هي الودّ الذي قال اللّه تعالى.

قلت: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا ؟(1).

ص:94


1- - مريم 19:73-97.

قال: إنّما يسّره اللّه على لسانه حين أقام أمير المؤمنين (عليه السّلام) علما، فبشّر به المؤمنين وأنذر به الكافرين وهم الذين ذكرهم اللّه في كتابه لدا إي كفارا.

قال: وسألته عن قول اللّه: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ ؟

قال: لتنذر القوم الذين أنت فيهم كما انذر آباؤهم فهم غافلون عن اللّه وعن رسوله وعن وعيده لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ ممّن لايقرّون بولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) والأئمّة من بعده فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بامامة أمير المؤمنين والأوصياء من بعده، فلمّا لم يقرّوا كانت عقوبتهم ما ذكر اللّه إِنّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ في نار جهنّم، ثمّ قال: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ عقوبة منه لهم حيث أنكروا ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) والأئمّة من بعده، هذا في الدنيا وفي الآخرة في نار جهنّم مقمحون، ثمّ قال: يامحمّد! وَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ باللّه وبولاية عليّ ومن بعده ثمّ قال: إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام) وَ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ يامحمّد بِمَغْفِرَةٍ وَ أَجْرٍ كَرِيمٍ (1) و(2).

ص:95


1- - يس 36:6-11.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 431 ح 90.

باب (12) ولاية علي عليه السلام عهد الله

4587 - تفسير القمي: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبيداللّه بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة (البطائنيّ)، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً .

قال: لايشفع ولا يشفع لهم ولا يشفّعون إِلاّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً إلاّ من أذن له بولاية أمير المؤمنين والأئمّة من بعده فهو العهد عند اللّه.

قلت: قوله: وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً ؟

قال: هذا حيث قالت قريش ان للّه ولدا وان الملائكة اناث فقال اللّه (تبارك وتعالى) رداّ عليهم: لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا أي عظيما تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ يعني مما قالوه وممّا موّهوا به(1)وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا ممّا قالوا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً فقال اللّه (تبارك وتعالى): وَ ما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلاّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً *. لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَ عَدَّهُمْ عَدًّا * وَ كُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً أي واحدا واحدا.

قلت: قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ

ص:96


1- - وفي نسخة: وممّا رموه به.

اَلرَّحْمنُ وُدًّا ؟

قال: ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) هي الودّ الذي ذكره اللّه.

قلت: قوله: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا ؟

قال: انما يسّره اللّه على لسان نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى أقام أمير المؤمنين علما فبشّر به المؤمنين وانذر به الكافرين وهم القوم الذين ذكرهم اللّه قَوْماً لُدًّا أي كفّارا.

قلت: قوله: وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً ؟

قال: أهلك اللّه من الأمم ما لايحصون له فقال: يا محمد هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً أي ذكرا(1).

4588 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني جعفر بن أحمد الأزدي معنعنا، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام): دخلت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقلت.

كيف أصبحت؟

فقال: أصبحت والله ياعلي عنك راضيا وأصبح والله ربّك عنك راضيا وأصبح كل مؤمن ومؤمنة عنك راضين إلى أن تقوم السّاعة.

قال: قلت: يارسول اللّه قد نعيت إليك نفسك(2) فياليت نفسي

ص:97


1- - تفسير القمي: ج 2 ص 56، والآيات في سورة مريم 19:87 إلى اخر السورة. منه البحار: ج 8 ص 36 وج 35 ص 35 4.
2- (2) - النعي: خبر الموت. (لسان العرب) وفي البحار: قد نعيت إليّ نفسك.

المتوفاة قبل نفسك.

قال: أبى اللّه في علمه إلا ما يريد.

قال: قلت: فادع اللّه لي بدعوات تصيبني بعد وفاتك.

قال: ياعلي ادع لنفسك بما تحب [وترضى](1) حتّى أؤمّن، فإن تأميني لك لايردّ.

قال: فدعا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السّلام): اللهم ثبّت مودّتي في قلوب المؤمنين والمؤمنات إلى يوم القيامة.

قال: فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): آمين.

فقال: ياعلي ادع.

فدعا بتثبيت مودته في قلوب المؤمنين والمؤمنات إلى يوم القيامة.

حتّى دعا ثلاث مرّات. كلّما دعا دعوة، قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): آمين. فهبط جبرئيل (عليه السّلام) فقال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا * فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا .

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): المتّقون علي بن أبي طالب وشيعته(2).

باب (13) الإمام علي عليه السلام السبيل والصّراط والميزان

4589 - بصائر الدرجات: حدّثنا أبو محمّد، عن عمران بن

ص:98


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - تفسير فرات الكوفي: ص 252 ح 343. منه البحار: ج 35 ص 358.

موسى بن جعفر(1) البغدادي، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام).

هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (2). قال: هو واللّه عليّ، هو واللّه على الميزان والصّراط(3).

4590 - تفسير العياشى: عن عبداللّه بن سليمان قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): قوله: قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (4).

قال: البرهان محمّد عليه وآله السّلام، والنور عليّ (عليه السّلام).

قال: قلت له: صراطا مستقيما؟

قال: الصّراط المستقيم علي (عليه السّلام)(5).

4591 - مناقب آل أبي طالب: الباقران (عليهما السّلام).

اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ قالا: دين اللّه الذي نزل به جبرئيل على محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ فهديتهم بالإسلام وبولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) ولم تغضب عليهم ولم يضلّوا غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ اليهود والنصاري والشكاك الذين

ص:99


1- - في البحار: عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن ابن اسباط. وهو الصحيح.
2- (2) - الحجر 15:41.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 532 ح 25. منه البحار: ج 35 ص 363.
4- (4) - النساء 4:174.
5- (5) - تفسير العياشي: ج 1 ص 285 ح 308. منه البحار: ج 35 ص 363.

لايعرفون إمامة أمير المؤمنين (عليه السّلام) وَ لاَ الضّالِّينَ (1) عن إمامة(2) عليّ بن أبي طالب(3).

4592 - معاني الاخبار: حدثنا أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن الصلت [عن عبداللّه بن الصلت] عن يونس بن عبدالرحمن، عمّن ذكره، عن عبيداللّه [بن] الحلبيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: الصراط المستقيم أمير المؤمنين علي (عليه السّلام)(4).

4593 - معاني الاخبار: حدثنا أحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم (رحمه اللّه) قال: حدّثنا أبي، عن جدّي، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ).

اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ .

قال: هو أمير المؤمنين (عليه السّلام) ومعرفته، والدليل على أنّه أمير المؤمنين قوله (عزّوجلّ): وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (5) وهو أمير المؤمنين في امّ الكتاب في قوله (عزّوجلّ): اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6).

4594 - تفسير القمي: قوله تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا

ص:100


1- - الفاتحة 1:6 و 7.
2- (2) - عن ولاية - البحار.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 73. منه البحار: ج 35 ص 365.
4- (4) - معاني الاخبار: ص 32 ح 2. منه البحار: ج 35 ص 366.
5- (5) - الزخرف 43:4.
6- (6) - معاني الاخبار: ص 32 ح 3. منه البحار: ج 35 ص 373.

لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ يعني أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) مكتوب في [سورة] الحمد في قوله: اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ .

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): هو أمير المؤمنين (عليه السّلام)(1).

4595 - البحار: كتاب (الروضة) - بالاسأنيد إلى جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: أوحى اللّه تعالى إلى نبيّه فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (2).

فقال: إلهي ما الصراط المستقيم؟

قال: ولاية عليّ بن أبي طالب، فعليّ هو الصراط المستقيم(3).

4596 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: الصراط الّذي قال إبليس: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ (4) الاية، هو عليّ (عليه السّلام)(5).

4597 - مناقب آل أبي طالب: جعفر وأبو جعفر (عليهما السّلام) في قوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا * يعني بني اميّة وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ * (6)عن ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(7).

ص:101


1- - تفسير القميّ: ج 2 ص 280. منه البحار: ج 35 ص 372.
2- (2) - الزخرف 43:43.
3- (3) - البحار: ج 35 ص 367 ح 9.
4- (4) - الا عراف 7:16 و 17.
5- (5) - تفسير العياشي: ج 2 ص 9 ح 6. منه البحار: ج 63 ص 220.
6- (6) - النساء 4:167.
7- (7) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 72. منه البحار: ج 35 ص 364.

4598 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدّثنا أحمد بن علي ابن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني أبي، عن جدّي، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أخبرني جبرئيل عن اللّه (عزّوجلّ) انه قال: عليّ بن أبي طالب حجتي على خلقي وديّان ديني، اخرج من صلبه أئمة يقومون بامري ويدعون الى سبيلي، بهم ادفع البلاء عن عبادي وامائي وبهم انزل من رحمتي(1).

باب (14) الإمام علي عليه السلام جنب اللّه

4599 - التوحيد - معاني الاخبار: حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد (رحمه اللّه) قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) في خطبة: أنا الهادي، وأنا المهتدي، وأنا أبو اليتامى والمساكين وزوج الارامل، وأنا ملجأ كلّ ضعيف، ومأمن كلّ خائف، وأنا قائد المؤمنين إلى الجنّة، وأنا حبل اللّه المتين، وأنا عروة اللّه الوثقى وكلمة التقوى، وأنا عين اللّه ولسانه الصادق ويده، وأنا جنب اللّه

ص:102


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 56 ح 208. منه البحار: ج 36 ص 244.

الّذي يقول: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ (1)

وأنا يد اللّه المبسوطة على عباده بالرحمة والمغفرة، وأنا باب حطّة، من عرفني وعرف حقّي فقد عرف ربّه لأنّي وصيّ نبيّه في أرضه، وحجّته على خلقه، لاينكر هذا إلاّ رادّ على اللّه و [على] رسوله(2).

قال الصدوق: الجنب: الطاعة في لغة العرب، يقال: هذا صغير في جنب اللّه أي في طاعة اللّه (عزّوجلّ)، فمعنى قول أمير المؤمنين (عليه السّلام): أنا جنب اللّه أي أنا الّذي ولايتي طاعة اللّه، قال اللّه (عزّوجلّ): أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ

أي في طاعة اللّه (عزّوجلّ).

4600 - التوحيد: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي الكوفي، عن عمّه الحسين بن يزيد (النوفلي)، عن علي بن الحسين، عمّن حدّثه، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إن أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال: أنا علم اللّه، وأنا قلب اللّه الواعي، ولسان اللّه الناطق، وعين اللّه [الناظرة](3)، وأنا جنب اللّه وأنا يد اللّه(4).

بصائر الدرجات: حدثنا عبداللّه بن محمد، عن محمد بن

ص:103


1- - الزمر 39:56.
2- (2) - التوحيد: ص 164 ح 2 - معاني الاخبار: ص 17 ح 14. منهما البحار: ج 39 ص 339.
3- (3) - مابين المعقوفتين من بصائر الدرجات.
4- (4) - التوحيد: ص 164 ح 1.

اسماعيل النيشابوري، عن أحمد بن الحسن الكوفي، عن اسماعيل بن نصر وعلي بن عبداللّه الهاشمي، عن عبدالمزاحم بن الكثير(1)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقول: أنا علم اللّه... وذكر مثله(2).

قال الصدوق (رحمه اللّه): معنى قوله (عليه السّلام): «وأنا قلب اللّه الواعي» أي أنا القلب الّذي جعله اللّه وعاء لعلمه، وقلبه الى طاعته، وهو قلب مخلوق للّه (عزّوجلّ). كما هو عبد للّه (عزّوجلّ) ويقال: قلب اللّه، كما يقال: عبداللّه وبيت اللّه وجنّة اللّه ونار اللّه.

وأمّا قوله: «عين اللّه» فإنّه يعني به الحافظ لدين اللّه، وقد قال اللّه (عزّوجلّ): تَجْرِي بِأَعْيُنِنا (3) أي بحفظنا، وكذلك قوله (عزّوجلّ): وَ لِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (4) معناه على حفظي.

4601 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي الربيع محمد المسلي، عن عبداللّه بن سليمان قال.

قال لابي عبداللّه (عليه السّلام): قول اللّه (عزّوجلّ): أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ (5).

قال: عليّ (عليه السّلام) جنب اللّه(6).

ص:104


1- - في البحار: عبدالرحمن بن كثير وهو الصحيح.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 84 ح 13. منهما البحار: ج 24 ص 198.
3- (3) - القمر 54:14.
4- (4) - طه 20:39.
5- (5) - الزمر 39:56.
6- (6) - بصائر الدرجات: ص 82 ح 8. منه البحار: ج 24 ص 195.

4621 - مناقب آل أبي طالب: الصادق والباقر والسجاد وزيد بن علي (عليهم السّلام) في هذه الآية يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ .

قالوا: جنب اللّه عليّ. وهو حجّة اللّه على الخلق يوم القيامة(1).

4603 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمد بن العبّاس: حدثنا أحمد بن هوذة، عن ابراهيم بن اسحاق، عن عبداللّه بن حماد، عن حمران بن أعين، عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) في قول اللّه تعالى: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ .

قال: خلقنا واللّه من نور جنب الله(2) وذلك قوله (عزّوجلّ).

يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ يعني في ولاية عليّ (عليه السّلام)(3).

باب (15) الإمام علي عليه السلام الشاهد والمشهود

4604 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عليّ بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ (4).

ص:105


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 273. منه البحار: ج 24 ص 191.
2- (2) - خلقنا اللّه جزءا من جنب اللّه - البحار.
3- (3) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 519 ح 24. منه البحار: ج 24 ص 192.
4- (4) - البروج 85:3.

قال: النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين (عليه السّلام)(1).

معاني الاخبار: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا أحمد بن ادريس، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسّان مثله(2).

4605 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان ابن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي اللّه عنه)، قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمّد قال: حدثنا أبي محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) انه كان يوم الجمعة يخطب على المنبر، فقال: والّذي فلق الحبّة وبريء النسمة، ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلّا وقد نزلت فيه آية من كتاب اللّه (عزّوجلّ)، أعرفها كما أعرفه.

فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين ما آيتك الّتي نزلت فيك؟

فقال: إذا سألت فافهم ولا عليك ألا تسأل عنها غيري، أقرأت سورة هود؟

قال: نعم يا أمير المؤمنين.

ص:106


1- - الكافي: ج 1 ص 425 ح 69.
2- (2) - معاني الاخبار: ص 299 ح 7.

قال: فسمعت اللّه (عزّوجلّ) يقول: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ (1)؟

قال: نعم.

قال: فالّذي على بيّنة من ربّه محمّد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) والّذي يتلوه شاهد منه - وهو الشاهد وهو منه - [أنا] عليّ بن أبي طالب، وأنا الشاهد، وأنا منه (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

البحار - بيان: المواسي جمع موسى وهو ما يحلق الشعر.

4606 - مناقب آل أبي طالب: الطبريّ بإسناده، عن جابر بن عبداللّه، عن عليّ (عليه السّلام)، وروي الاصبغ وزين العابدين والباقر والصادق والرضا (عليهم السّلام) أنّه قال أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ [محمّد](3)وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ أنا(4).

باب (16) الإمام علي عليه السلام الصادق والمصدّق والصدّيق

4607 - مناقب آل أبي طالب: علماء أهل البيت، عن الباقر والصادق والكاظم والرضا وزيد بن عليّ (عليهم السّلام) في قوله

ص:107


1- - هود 11:17.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 371 ح 800. منه البحار: ج 35 ص 386.
3- (3) - ما بين المعقوفتين من البحار.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 85. منه البحار: ج 35 ص 388.

تعالى: وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (1).

قالوا: هو عليّ (عليه السّلام).

الصادق والرضا (عليهما السّلام) قالا: إنّه محمّد وعليّ (صلوات اللّه عليهما)(2).

4608 - الكلبيّ وأبو صالح، عن ابن عبّاس يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ (3) أي كونوا مع عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) ذكره الثعلبيّ في تفسيره، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السّلام)، وعن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وذكره إبراهيم الثقفيّ، عن ابن عبّاس والسدّيّ وجعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام)(4).

4609 - تفسير فرات الكوفي: قال (أبو القاسم العلوي): حدّثنا فرات بن إبراهيم الكوفي معنعنا، عن محمّد بن عبيد بن عتبة والقاسم ابن حماد، زاد بعضهم الحرف ونقص بعضهم الحرف والمعنى فيه واحد إن شاء اللّه. قالوا: حدثنا جندل بن والق معنعنا، عن جعفر الصادق، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ .

قال: مع علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(5).

ص:108


1- - الزمر 39:33.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 92.
3- (3) - التوبة 9:119.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 92. منه البحار: ج 35 ص 407.
5- (5) - تفسير فرات الكوفي: ص 173 ح 220. منه البحار: ح 35 ص 414.

4610 - تأويل الآيات الظاهرة روى [محمّد بن العباس] عن جعفر بن محمّد بن مالك [الفزاريّ]، عن محمّد بن عمرو، عن عبداللّه بن سليمان، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن عمر بن الفضل البصري، عن عباد بن صهيب، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: هبط على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ملك له عشرون ألف رأس، فوثب(1) النبيّ. ليقبّل يده فقال له الملك: مهلا مهلا يا محمّد فأنت واللّه أكرم على اللّه من أهل السماوات وأهل الأرضين، - والملك يقال له: محمود - فإذا بين منكبيه مكتوب: لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه علي الصدّيق الاكبر.

فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): حبيبي محمود منذ كم هذا مكتوب بين منكبيك؟

قال: من قبل أن يخلق اللّه آدم أباك بإثني عشر ألف عام(2).

4611 - كشف الغمة: ما أورده الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه في قوله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ (3) عن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهماالسّلام) قال: هو من ردّ قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في عليّ (عليه السّلام)(4).

ص:109


1- - وثب: أي نهض وقام. (أقرب الموارد).
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 664 ح 18. منه البحار: ج 35 ص 410.
3- (3) - الزمر 39:32.
4- (4) - كشف الغمة: ج 1 ص 317. منه البحار: ج 35 ص 414.

باب (17) الولاية: الفضل والنعمة والرّحمة والنّور

4612 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمد بن العباس (رحمه اللّه): حدثنا عليّ بن العبّاس، عن حسن بن محمّد، عن عبّاد بن يعقوب، عن عمر بن جبير، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ): وَ لكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ قال: الرحمة ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وَ الظّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ (1) و(2).

4613 - تفسير فرات الكوفي: (فرات) قال: حدثنا جعفر بن محمّد الأودي معنعنا، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) في قوله تعالى: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ (3).

قال أبو جعفر (عليه السّلام): ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(4).

4614 - مناقب آل أبي طالب: التنوير في معاني التفسير [في قوله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (5)] الباقر والصادق (عليهما السّلام): النعيم ولاية أميرالمؤمنين (عليه السّلام)(6).

ص:110


1- - الشورى 42:8.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 542 ح 4. منه البحار: ج 24 ص 66.
3- (3) - الإنسان 76:31.
4- (4) - تفسير فرات الكوفي: ص 529 ح 683. منه البحار: ج 35 ص 254.
5- (5) - التكاثر 102:8.
6- (6) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 153. منه البحار: ج 24 ص 54.

4615 - مناقب آل أبي طالب: أبو جعفر وجعفر (عليهما السّلام) في قوله: لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ (1) يقول: من الكفر إلى الإيمان يعني إلى الولاية لعليّ (عليه السّلام)(2).

باب (18) الإمام علي عليه السلام الكتاب والهادي

4616 - تفسير القمي: حدثني أبي، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ .

قال: الكتاب عليّ لاشك فيه هُدىً لِلْمُتَّقِينَ قال (عليه السّلام): بيان(3) لشيعتنا(4).

4617 - تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): فينا نزلت هذه الآية: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (5) فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أنا المنذر وأنت الهادي ياعليّ [فمنّا الهادي والنجاة والسعادة الى يوم القيامة](6).

ص:111


1- - الاحزاب 33:43.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 80. منه البحار: ج 35 ص 396.
3- (3) - تبيان - البحار.
4- (4) - تفسير القمي: ج 1 ص 30، والآية في سورة البقرة 2:2. منه البحار: ج 35 ص 402.
5- (5) - الرعد 13:7.
6- (6) - تفسير العياشي: ج 2 ص 203 ح 5. منه البحار: ج 35 ص 403.

4618 - تفسير العياشي: عن عبدالرحيم القصير قال: كنت يوما من الايّام عند أبي جعفر (عليه السّلام) فقال: ياعبدالرحيم.

قلت: لبّيك.

قال: قول اللّه: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ إذ قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أنا المنذر وعليّ الهادي، ومن الهادي اليوم؟

قال: فسكتّ طويلا ثمّ رفعت رأسي فقلت: جعلت فداك هي فيكم توارثونها رجل فرجل حتّى انتهت إليك، فأنت - جعلت فداك - الهادي.

قال: صدقت يا عبدالرحيم، إنّ القران حيّ لايموت، والآية حيّة لاتموت، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام ماتوا فمات القرآن ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين.

وقال عبدالرحيم: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ القرآن حيّ لم يمت، وإنّه يجري كما يجري اللّيل والنهار، وكما تجري الشمس والقمر، ويجري على آخرنا كما يجري على أوّلنا(1).

باب (19) الإمام علي عليه السلام الذي عنده علم الكتاب

4619 - تفسير القمي: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: الّذي عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين (عليه السّلام).

ص:112


1- - تفسير العياشي: ج 2 ص 203 ح 6. منه البحار: ج 35 ص 404.

وسئل عن الّذي عنده علم من الكتاب أعلم أم الّذي عنده علم الكتاب؟

فقال: ما كان علم الّذي عنده علم من الكتاب عند الّذي عنده علم الكتاب إلاّ بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر(1).

4620 - الاحتجاج: عن محمد بن أبي عمير الكوفي، عن عبداللّه بن الوليد السمّان قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ما يقول الناس في اولي العزم وصاحبكم امير المؤمنين (عليه السّلام)؟

قال: قلت: ما يقدّمون على اولي العزم أحدا.

قال: فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ اللّه (تبارك وتعالى) قال لموسى (عليه السّلام): وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً (2) ولم يقل كلّ شيء موعظة، وقال لعيسى (عليه السّلام).

وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ (3) ولم يقل كلّ شيء، وقال لصاحبكم أمير المؤمنين (عليه السّلام): قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (4) وقال اللّه (عزّوجلّ). وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (5) وعلم هذا الكتاب عنده(6).

4621 - بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن

ص:113


1- - تفسير القمي: ج 1 ص 367. منه البحار: ج 35 ص 429.
2- (2) - الاعراف 7:145.
3- (3) - الزخرف 43:63.
4- (4) - الرعد 13:43.
5- (5) - الانعام 6:59.
6- (6) - الاحتجاج: ص 375. منه البحار: ج 35 ص 429.

محمّد بن عمرو الزيّات، عن عبداللّه بن الوليد قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): أيّ شيء تقول الشيعة في عيسى وموسى وأمير المؤمنين (عليهم السّلام)؟

قلت: يقولون: إنّ عيسى وموسى أفضل من أمير المؤمنين.

قال: فقال: أيزعمون أنّ أميرالمؤمنين قد علم ما علم رسول اللّه؟

قلت: نعم ولكن لايقدّمون على اولي العزم من الرسل أحدا.

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): فخاصمهم بكتاب اللّه.

قال: قلت: وفي أيّ موضع منه اخاصمهم؟

قال: قال اللّه (تبارك وتعالى) لموسى: وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ علمنا أنّه لم يكتب لموسى كلّ شيء، وقال اللّه (تبارك وتعالى) لعيسى: وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ وقال اللّه (تبارك وتعالى) لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله): وَ جِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ (1) و(2).

4622 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمّد، عن البرقيّ، عن رجل من الكوفيّين، عن محمّد بن عمر، عن عبداللّه بن الوليد قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ما يقول أصحابك في أمير المؤمنين وعيسى وموسى (عليهم السّلام) أيّهم أعلم؟

قال: قلت: ما يقدّمون على اولي العزم أحدا.

قال: أما إنّك لو حاججتهم بكتاب اللّه لحججتهم.

ص:114


1- - النحل 16:89.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 247 ح 1. منه البحار: ج 35 ص 432.

قال: قلت: وأين هذا في كتاب اللّه؟

قال: إنّ اللّه قال في موسى: وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً ولم يقل كلّ شيء، وقال في عيسى: وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ولم يقل كلّ شيء، وقال في صاحبكم.

كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (1).

4623 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمّد، عن الربيع بن محمّد، عن النضر بن سويد، عن موسى بن بكر، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه تعالى: قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ .

قال: علي (عليه السّلام)(2).

4624 - مناقب آل أبي طالب: محمّد بن مسلم وأبو حمزة الثماليّ وجابر بن يزيد، عن الباقر (عليه السّلام)، وعليّ بن فضّال والفضيل بن يسار وأبو بصير، عن الصادق (عليه السّلام)، وأحمد بن محمّد الحلبي ومحمّد بن الفضيل، عن الرضا (عليه السّلام) وقد روي عن موسى بن جعفر (عليهما السّلام)، وعن زيد بن عليّ وعن محمّد ابن الحنفيّة (رضي اللّه عنه) وعن سلمان الفارسيّ وعن أبي سعيد الخدريّ وعن إسماعيل السديّ أنّهم قالوا في قوله تعالى: قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ هو عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(3).

ص:115


1- - بصائر الدرجات: ص 249 ح 6. منه البحار: ج 35 ص 433.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 234 ح 8. منه البحار: ج 35 ص 430.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 29. منه البحار: ج 40 ص 145.

4625 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين ابن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيّوب بن حرّ، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ): قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ .

قال: هو علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(1).

4626 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمّد، عن الحسين ابن سعيد [الأهوازيّ]، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن قول اللّه (عزّوجلّ): قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ قلت: هو(2) عليّ بن أبي طالب؟

قال: فمن عسى أن يكون غيره؟(3).

4627 - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح: قال: حدثني حميد بن شعيب، عن جابر بن يزيد الجعفيّ، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: سمعته يقول: إنّ عليّا (عليه السّلام) كان يقول: اقتربوا اقتربوا واسألوا، فإنّ العلم يقبض قبضا. ويضرب بيده على بطنه ويقول: أما واللّه ما هو مملوّ شحماء، ولكنّه مملوّ علما، والله ما من آية نزلت في رجل من قريش ولافي الارض في برّ ولا بحر ولا سهل ولا جبل إلاّ أنا أعلم فيمن نزلت، وفي أيّ يوم وفي أيّ ساعة نزلت(4).

ص:116


1- - بصائر الدرجات: ص 235 ح 1 4. منه البحار: ج 35 ص 431.
2- (2) - قلت: أهو - البحار.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 235 ح 15. منه البحار: ج 35 ص 431.
4- (4) - الاصول الستة عشر: ص 63. منه البحار: ج 1 ص 186.

أقول: قوله: «ويضرب على بطنه» إمّا تسامح في التعبير بأن كان (عليه السّلام) يشير الى صدره فجاء التعبير بالبطن مجازا ومسامحة، وإمّا انه حقيقة من باب الجوار أي مجاورة البطن للصدر، إذ من الواضح إن البطن ليس محلا للعلم. كما أن اعتبار الصدر محلا للعلم مجاز أيضا.

[باب (20)] الإمام علي عليه السلام النبأ العظيم والصدّيق الاكبر والفاروق الاعظم

4628 - الكافي: الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن محمد بن اورمة ومحمّد بن عبداللّه، عن عليّ بن حسان، عن عبداللّه ابن كثير(1)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ .

قال: النبأ العظيم الولاية.

وسألته عن قوله: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ ؟(2).

قال: ولاية امير المؤمنين (عليه السّلام)(3).

4629 - تأويل الايات الظاهرة: روى محمد بن العباس (رحمه اللّه) عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن ابراهيم بن هاشم باسناده، عن محمد بن الفضيل قال: سألت

ص:117


1- - والصحيح عبدالرحمن بن كثير - معجم الرجال.
2- (2) - الكهف 18:44.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 418 ح 34.

أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ): عَمَّ يَتَساءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * اَلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ؟(1).

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقول: ما للّه نبأ هو أعظم منّي. ولقد عرض فضلي على الام الماضية باختلاف ألسنتها(2).

4630 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال: حدثني أبي، عن ياسر الخادم، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين ابن علي (صلوات اللّه عليهم) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعلي (عليه السّلام): ياعلي أنت حجة اللّه وانت باب اللّه وأنت الطريق الى اللّه وأنت النبأ العظيم وأنت الصراط المستقيم وأنت المثل الأعلى.

ياعلي أنت امام المسلمين وأمير المؤمنين وخير الوصيين وسيد الصديقين.

ياعلي أنت الفاروق الاعظم وأنت الصدّيق الاكبر.

ياعلي أنت خليفتي على امّتي وأنت قاضي ديني وأنت منجز عداتي.

ياعلي أنت المظلوم بعدي.

ياعلي أنت المفارق بعدي.

ص:118


1- - النبأ 78:1-3.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 758 ح 2. منه البحار: ج 36 ص 1.

ياعلي أنت المحجور بعدي، أشهد اللّه تعالى ومن حضر من امّتي أن حزبك حزبي وحزبي حزب اللّه وأنّ حزب اعدائك حزب الشيطان(1).

4631 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن علي ماجيلويه وأحمد بن علي بن ابراهيم بن هاشم وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي اللّه عنهم) قالوا: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لكلّ أمّة صديق وفاروق، وصديق هذه الامّة وفاروقها علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وانّه سفينة نجاتها وباب حطتها، إنه يوشعها وشمعونها وذو قرنيها.

معاشر الناس: ان عليا خليفة اللّه وخليفتي عليكم بعدي وانه لأمير المؤمنين وخير الوصيين من نازعه فقد نازعني، ومن ظلمه فقد ظلمني، ومن غالبه فقد غالبني، ومن برّه فقد برّني ومن جفاه فقد جفاني، ومن عاداه فقد عاداني، ومن والاه فقد والاني، وذلك أنه أخي ووزيري ومخلوق من طينتي، وكنت أنا وهو نورا واحدا(2).

ص:119


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 6 ح 13. منه البحار: ج 36 ص 4.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 13 ح 30. منه البحار: ج 38 ص 112.

باب (21) الإمام علي عليه السلام حبل اللّه تعالى

4632 - تفسير العياشي: عن يونس بن عبدالرحمن، عن عدّة من أصحابنا رفعوه إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: إِلاّ بِحَبْلٍ مِنَ اللّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النّاسِ (1).

قال: الحبل من اللّه كتاب اللّه والحبل من الناس هو عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(2).

4633 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني جعفر بن محمّد الفزاريّ معنعنا عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: بينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) جالس في جماعة من أصحابه إذ ورد عليه أعرابيّ، فبرك(3) بين يديه فقال: يارسول اللّه إنّي سمعت اللّه تعالى يقول في كتابه: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا (4)

فهذا الحبل الّذي امرنا بالاعتصام به ما هو؟

قال: فضرب النبي (صلّى اللّه عليه وآله) يده على كتف عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فقال: ولاية هذا.

قال: فقام الأعرابيّ وضبط بكفّيه بإصبعيه جميعا ثمّ قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه، وأعتصم بحبل اللّه،

ص:120


1- - آل عمران 3:112.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 196 ح 131. منه البحار: ج 36 ص 15.
3- (3) - ابترك القوم: جثوا على الركب. (لسان العرب).
4- (4) - آل عمران 3:103.

قال: وشدّ أصابعه(1).

باب (22) الإمام علي عليه السلام أحد الوالدين في القرآن

4634 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أحد الوالدين وعليّ الآخر.

فقلت: أين موضع ذلك في كتاب اللّه؟

قال: اقرأ: وَ اعْبُدُوا اللّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً (2).

4635 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني جعفر بن محمّد الفزاريّ معنعنا عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول: إنّ المؤمن إذا مات رأى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعليّا (عليه السّلام) يحضرانه، وقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أنا أحد الوالدين وعليّ الاخر.

قال: قلت: وأيّ موضع ذلك من كتاب اللّه؟

قال: قوله: وَ اعْبُدُوا اللّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً (3).

ص:121


1- - تفسير فرات الكوفي: ص 91 ح 74. منه البحار: ج 36 ص 18.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 241 ح 128، والآية في سورة النساء 4:36. منه البحار: ج 36 ص 8.
3- (3) - تفسير فرات الكوفي: ص 104 ح 96. منه البحار: ج 36 ص 13.

4636 - مناقب آل أبي طالب: أبان بن تغلب، عن الصادق (عليه السّلام) وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً قال: الوالدان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعليّ (عليه السّلام)(1).

4637 - مناقب آل أبي طالب: سالم(2) الجعفيّ، عن أبي جعفر (عليه السّلام) وأبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): نزلت في رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وفي عليّ (عليه السّلام).

وروي مثل ذلك في حديث ابن جبلة(3).

4638 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني سعيد بن الحسن بن مالك معنعنا عن أبي مريم الانصاري قال: كنّا عند جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فسأله أبان بن تغلب عن قول اللّه تعالى.

وَ اعْبُدُوا اللّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً قال: هذه الآية الّتي في النساء من الوالدان؟

قال جعفر (عليه السّلام): رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) هما الوالدان(4).

4639 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني جعفر بن محمّد الفزاريّ معنعنا عن معلّى بن خنيس قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أنا أحد

ص:122


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 105.
2- (2) - سلام - البحار.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 105. منه البحار: ج 36 ص 11.
4- (4) - تفسير فرات الكوفي: ص 104 ح 93. منه البحار: ج 36 ص 12.

الوالدين، وعليّ بن أبي طالب الآخر، وهما عند الموت يعاينان(1).

4640 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس (رحمه اللّه): حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبان بن عثمان، عن بشير الدهان أنّه سمع أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أحد الوالدين.

قال: قلت: وا لآخر؟

قال: هو عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(2).

باب (23) الإمام علي عليه السلام نائب رسول اللّه في الجهاد

4641 - تفسير القمي: حدثني أبي، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن يحيى بن سعيد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ ومحمّد من مكة إلى المدينة فَإِنّا

رادّوك إليها و مُنْتَقِمُونَ منهم بعليّ بن أبي طالب(3).

4642 - العمدة: قال ابن المغازلي في مناقبه في تفسير قوله تعالى: فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني، قال: حدّثنا هلال بن محمّد الحفّار قال.

ص:123


1- - تفسير فرات الكوفي: ص 104 ح 95. منه البحار: ج 36 ص 13.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 437 ح 4. منه البحار: ج 36 ص 13.
3- (3) - تفسير القمي: ج 2 ص 284. منه البحار: ج 36 ص 21.

حدثنا إسماعيل بن علي قال: حدثنا أبي: علي، قال: - حدثنا على بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، قال.

حدثنا أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثنا أبي محمد بن علي الباقر، عن جابر بن عبداللّه الانصاري قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) - واني لادناهم في حجة الوداع بمنى حين - قال: لا ألفينكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. وأيم اللّه لئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم.

ثم التفت الى خلفه فقال: أو علي؟ أو علي؟ ثلاثا.

فرأينا ان جبرئيل (عليه السّلام) غمزه وانزل اللّه سبحانه وتعالى على أثر ذلك فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (1) بعلي بن أبي طالب أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ 2.

ثمّ نزلت: قُلْ رَبِّ إِمّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ: * رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظّالِمِينَ (2) ثمّ نزلت: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ من أمر عليّ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (3) وإنّ عليّا لعلم للساعة وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ 5 عن عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(4)

4643 - مناقب آل أبي طالب: عن ابن بابويه عن الصادق (عليه

ص:124


1- (1و2) - الزخرف 43:41 و 42.
2- (3) - المؤمنون 23:93 و 94.
3- (4و5) - الزخرف 43:43 و 44.
4- (6) - العمدة: ص 353 ح 682. منه البحار: ج 36 ص 24.

السّلام) قال أمير المؤمنين في آخر احتجاجه على أبي بكر بثلاث وعشرين خصلة: نشدتكم باللّه هل علمتم أنّ عائشة قالت لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ إبراهيم ليس منك وإنّه من فلان القبطيّ، فقال: ياعلي فاذهب فاقتله.

فقلت: «يارسول اللّه إذا بعثتني أكون كالمسمار المحميّ في الوبر لما أمرتني» المعنى سواء(1).

4644 - مناقب آل أبي طالب: روى التاريخي في تاريخه والإصفهاني في حليته عن محمّد بن الحنفيّة أنّ الّذي قذفت به مارية هو خصيّ اسمه «مأبور» وكان المقوقس أهداه مع الجاريتين إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فبعث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليا وأمره بقتله، فلمّا رأى عليّا وما يريد به تكشّف حتّى بيّن لعليّ (عليه السّلام) أنّه أجبّ (2) لاشيء معه ممّا يكون مع الرجال، فكفّ عنه (عليه السّلام)(3).

4645 - مناقب آل أبي طالب: حلية الأولياء - محمّد بن إسحاق بإسناده في خبر أنّه كان ابن عمّ لها يزورها، فأنفذ عليا ليقتله فقلت.

يارسول اللّه أكون في أمرك إذا أرسلتني كالسبكة(4) المحماة - وفي رواية كالمسمار المحميّ في الوبر - ولا يثنيني شيء حتّى أمضي لما أرسلتني به؟

ص:125


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 225. منه البحار: ج 38 ص 302.
2- (2) - الجب: قطع الذكر أو ما لايبقى منه قدر الحشفة، ومنه «خصي مجبوب» أي مقطوع. (مجمع البحرين).
3- (3) - مناقب آل ابي طالب: ج 2 ص 225. منه البحار: ج 38 ص 301.
4- (4) - كا لسكة - البحار.

والشاهد يري ما لايرى الغائب؟

فقال: بل الشاهد قد يري ما لايري الغائب، فأقبلت متوشحا(1)

السيف فوجدته عندها، فاخترطت السيف، فلمّا أقبلت نحوه عرف أنّي اريده، فأتى نخلة فرقى فيها، ثمّ رمى بنفسه على قفاه وشغر برجليه(2)، فإذا هو أجبّ أمسح ماله ممّا للرجل قليل ولا كثير، فأغمدت سيفي ثمّ أتيت إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فأخبرته فقال: الحمد للّه الّذي يصرف عنّا أهل البيت الامتحان(3).

4646 - الكافي: حدّثنا محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن عليّ، عن صفوان، عن محمّد بن زياد بن عيسى، عن الحسين بن مصعب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) كنت أبايع لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) على العسر واليسر والبسط والكره إلى أن كثر الإسلام وكثف(4).

قال: وأخذ عليهم علي (عليه السّلام)(5) أن يمنعوا محمّدا وذرّيّته ممّا يمنعون منه أنفسهم وذراريهم فأخذتها عليهم، نجا من نجا وهلك من هلك(6).

ص:126


1- - موشحا - البحار.
2- (2) - الشغر: الرفع. السان العرب).
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 225. منه البحار: ج 38 ص 301 والحديثان الاخيران نقلناهما لتوضيح ما جاء في الحديث الذي قبلهما.
4- (4) - كثف الشيء: غلظ وكثر. (أقرب الموارد).
5- (5) - أي أخذ على الشيعة عند بيعتهم له فقوله: «فأخذتها عليهم» كلام الصادق (عليه السّلام) أي أنا أيضا أخذت على شيعتي هذا العهد. ولعله كان في الاصل: قال، «خذ عليهم ان يمنعوا» فصحف الى ما ترى فقوله: «فأخذتها» من كلام امير المؤمنين (عليه السّلام). (مرآة العقول).
6- (6) - الكافي: ج 8 ص 261 ح 374.

الإمام علي عليه السلام صالح المؤمنين 4647 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمد بن العباس: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد الحلبيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عرّف أصحابه أمير المؤمنين (عليه السّلام) مرّتين، وذلك أنّه قال لهم: أتدرون من وليّكم بعدي؟

قالوا: اللّه ورسوله أعلم.

قال: فإنّ اللّه (تبارك وتعالى) قد قال: فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ (1)- يعني امير المؤمنين - وهو وليّكم بعدي؟

والمرّة الثانية يوم غديرخمّ حين قال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه»(2).

4648 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): ما ذكره محمد بن العباس بن مروان الثقة في كتابه: (تأويل ما نزل من القرآن الكريم في النبي وآله (صلّى اللّه عليه وعليهم)) ما هذا لفظه: حدثنا أحمد بن ادريس حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى حدثنا ابن فضالة، عن أبي جميلة، عن محمّد الكلبي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) ان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عرّف أصحابه أمير المؤمنين مرتين أنه قال لهم: أتدرون من وليّكم بعدي؟

ص:127


1- - التحريم 66:4.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 699 ح 3. منه البحار: ج 36 ص 29.

قالوا: اللّه ورسوله أعلم.

قال: فإن اللّه (عزّوجلّ) قد قال: فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ يعني أمير المؤمنين. والمرة الثانية يوم غديرخمّ (1).

4649 - شرح الأخبار: محمّد بن سنان، عن أبي عبداللّه جعفر ابن محمّد (عليه السّلام) إنه سئل عن قول اللّه (عزّوجلّ): ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللّهَ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (2).

وقوله: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَ اللّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (3).

قال: إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أخذ عليهم المواثيق مرّتين لأمير المؤمنين (عليه السّلام): فقال: هل تدرون من وليّكم بعدي؟

فقالوا: اللّه ورسوله أعلم.

قال: إن اللّه (عزّوجلّ) يقول: وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وأشار إلى علي (عليه السّلام) فهو وليّكم بعدي.

والثانية: اشهدهم على أنفسهم يوم غديرخم. وقد كانوا يقولون: إن قبض - يعنون محمدا رسول اللّه - لانرجع الامر في آل محمّد، ولا نعطيهم الخمس. فأطلع اللّه (عزّوجلّ) نبيه (صلّى اللّه

ص:128


1- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 91. منه البحار: ج 37 ص 317.
2- (2) - سورة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:28.
3- (3) - سورة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:26.

عليه وآله) على أمرهم، وأنزل عليه: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (1).

وأنزل عليه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ * أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ * أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها * إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ (2) و(3).

باب (25) الإمام علي عليه السلام وآية السقاية والعمارة

4650 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني علي بن محمد الزهريّ معنعنا عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: لمّا فتح رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) مكة أعطى العباس السقاية، وأعطى عثمان بن طلحة الحجابة، ولم يعط عليّا شيئا، فقيل لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): إنّ النبي (صلّى اللّه عليه وآله) أعطى العبّاس السقاية، وأعطى عثمان بن طلحة الحجابة، ولم يعطك شيئا.

قال: فقال: ما أرضاني بما فعل اللّه ورسوله.

قال: فأنزل اللّه تعالى هذه الآية: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ

ص:129


1- - الزخرف 43:79 و 80.
2- (2) - سورة محمد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:22-25.
3- (3) - شرح الاخبار: ج 2 ص 351 ح 707.

اَلْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ الى أَجْرٌ عَظِيمٌ (1) نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(2).

4651 - الكافي: أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ): أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ نزلت في حمزة وعليّ وجعفر والعباس وشيبة، إنّهم فخروا بالسقاية والحجابة فأنزل اللّه (جلّ وعزّ) أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وكان عليّ وحمزة وجعفر(3) (صلوات اللّه عليهم) الّذين آمنوا باللّه واليوم الاخر وجاهدوا في سبيل اللّه لايستوون عند اللّه(4).

تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قول اللّه: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ ... وذكر مثله(5).

4652 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إن أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) قيل له: يا أمير

ص:130


1- - التوبة 9:19-22.
2- (2) - تفسير فرات الكوفي: ص 168 ح 216. منه البحار: ج 36 ص 37.
3- (3) - فكان عليّ وحمزة وجعفر والعباس - تفسير العياشي.
4- (4) - الكافي: ج 8 ص 203 ح 245.
5- (5) - تفسير العياشي: ج 2 ص 83 ح 35.

المؤمنين أخبرنا بافضل مناقبك.

قال: نعم كنت أنا وعبّاس وعثمان بن أبي شيبة في المسجد الحرام، قال عثمان بن أبي شيبة: أعطاني رسول اللّه الخزانة - يعني مفاتيح الكعبة - وقال العبّاس: أعطاني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) السقاية وهي زمزم، ولم يؤتك شيئا ياعليّ.

قال: فأنزل اللّه: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ (1).

باب (26) ولاية أمير المؤمنين عليه السلام شعار الصّادقين

4653 - كشف الغمّة: ما أورده الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه في قوله تعالى: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (2)

عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: هو عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) عرضت ولايته على إبراهيم (عليه السّلام).

فقال: اللهمّ اجعله من ذرّيّتي، ففعل اللّه ذلك(3).

4654 - الكافي: الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن يونس قال: أخبرني من رفعه إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ

ص:131


1- - تفسير العياشي: ج 2 ص 83 ح 34. منه البحار: ج 38 ص 236.
2- (2) - الشعراء 26:84.
3- (3) - كشف الغمة: ج 1 ص 320. منه البحار: ج 36 ص 57.

عِنْدَ رَبِّهِمْ (1).

قال: ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام)(2).

4655 - كشف الغمة: ما أورده الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه في قوله تعالى: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ . عن جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: نزلت في ولاية علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(3).

4656 - تفسير العياشي: عن يونس، عمّن ذكره [عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)](4) في قول اللّه: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ .

قال: الولاية5.

تفسير العياشي: عن يونس بن عبدالرحمن، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله6.

4657 - تفسير العياشي: عن ابراهيم بن عمر، عمن ذكره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ .

قال. هو رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)7.

ص:132


1- - يونس 10:2.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 422 ح 50.
3- (3) - كشف الغمة: ج 1 ص 322. منه البحار: ج 36 ص 58.
4- (4) - ما بين المعقوفتين من البحار.

4658 - البحار: بيان التنزيل لابن شهر آشوب - أبو بصير، عن الصادق (عليه السّلام) وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا يعني عليّا أمير المؤمنين (عليه السّلام)(1).

باب (27) الإمام علي عليه السلام والإيثار

4659 - تأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن كليب بن معاوية الاسدي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (2).

قال: بينما علي (عليه السّلام) عند فاطمة (عليها السّلام) إذ قالت له: ياعليّ اذهب إلى أبي فابغنا(3) منه شيئا.

فقال: نعم، فأتى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فأعطاه دينارا وقال له: ياعليّ اذهب فابتع به لأهلك طعاما، فخرج من عنده فلقيه المقداد بن الأسود (رحمه اللّه) وقاما ما شاء اللّه أن يقوما، وذكر له حاجته، فأعطاه الدينار وانطلق إلى المسجد، فوضع رأسه فنام، فانتظره رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فلم يأت، ثمّ انتظره فلم يأت، فخرج يدور في المسجد فإذا هو بعليّ (عليه السّلام) نائم في

ص:133


1- - البحار: ج 36 ص 59، والآية في سورة مريم 19:50.
2- (2) - الحشر 59:9.
3- (3) - تبغّى الشيء: طلبه. (أقرب الموارد).

المسجد، فحرّكه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقعد، فقال: ياعليّ ما صنعت؟

فقال: يارسول اللّه خرجت من عندك فلقينى المقداد بن الأسود، فذكر لي ما شاء اللّه أن يذكر، فأعطيته الدينار.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أما إن جبرئيل قد أنبأني بذلك، وقد أنزل اللّه فيك كتابا: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (1).

4660 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثنا محمّد بن علي قال: حدثنا الحسن بن جعفر بن إسماعيل الافطس قال: حدّثنا أبو موسى المسرقاني [المشرقاني - خ] عمران بن عبداللّه قال: حدّثنا عبداللّه بن عبيد القادسي قال: حدثنا محمّد بن علي، عن أبي عبداللّه [الصادق] (عليه السّلام) قوله تعالى: وَ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ (2).

قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(3).

4661 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر ابن محمد بن سلم بن البراء الجعابي، قال: حدثني أبو محمد الحسن ابن عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد

ص:134


1- - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 679 ح 5. منه البحار: ج 36 ص 59.
2- (2) - البقرة 2:265.
3- (3) - تفسير فرات الكوفي: ص 70 ح 41. منه البحار: ج 36 ص 61.

ابن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين ابن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال.

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): نزلت هذه الآية: اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً (1) في عليّ (عليه السّلام)(2).

باب (28) الندامة على ترك الولاية

4662 - مناقب آل أبي طالب: الباقر والصادق (عليهما السّلام) في قوله: فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً (3) نزلت في عليّ (عليه السّلام) وذلك لمّا رأوا عليّا يوم القيامة اسودّت وجوه الّذين كفروا. ولمّا رأوا منزلته ومكانه من اللّه أكلوا أكفّهم على ما فرّطوا في ولاية عليّ (عليه السّلام)(4).

4663 - تأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبّاس، عن الحسن ابن محمّد، عن محمّد بن عليّ الكناني، عن حسين بن وهب الأسدي، عن عبيس بن هشام(5)، عن داود بن سرحان، قال: سألت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) عن قوله تعالى: فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ؟

ص:135


1- - البقرة 2:274.
2- (2) - عيون اخبار الرضا: ج 2 ص 62 ح 255. منه البحار: ج 41 ص 35.
3- (3) - الملك 67:27.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 213. منه البحار: ج 36 ص 64.
5- (5) - عيسى بن هشام - البحار.

قال: ذلك عليّ (عليه السّلام) إذا رأوا منزلته ومكانه من اللّه أكلوا أكفّهم على ما فرّطوا في ولايته(1).

تفسير فرات الكوفي: قال: حدثنا أبو القاسم العلوي [قال.

حدثنا فرات بن ابراهيم الكوفي] قال: حدثني الحسين بن سعيد قال.

حدثنا محمد بن علي الكندي قال: حدثنا الحسين بن وهب الاسدي مثله(2).

تفسير فرات الكوفي: فرات [بن ابراهيم الكوفي] قال: حدثني الحسين بن سعيد [قال: حدثنا عباد] عن داود بن سرحان مثله3.

4664 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدّثنا جعفر بن محمّد الفزاري معنعنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ فقال.

إذا رأوا صورة أمير المؤمنين (عليه السّلام) يوم القيامة، سيئت واسودت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون(3).

4665 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني جعفر معنعنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا دفع اللّه لواء الحمد إلى محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) تحته كل ملك مقرب وكل نبيّ مرسل حتّى يدفعه إلى علي (عليه السّلام). سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ أي باسمه تسمون أمير المؤمنين(4).

ص:136


1- - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 704 ح 4. منه البحار: ج 36 ص 165.
2- (2و3) - تفسير فرات الكوفي: ص 493 ح 643 و 644. منه البحار: ج 36 ص 67.
3- (4) - تفسير فرات الكوفي: ص 494 ح 645. منه البحار: ج 36 ص 67.
4- (5) - تفسير فرات الكوفي: ص 494 ح 646.

باب (29) ميزان أمير المؤمنين عليه السلام وأعدائه في الآخرة

4666 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس (رحمه اللّه): حدثنا الحسن بن عليّ بن زكريا بن عاصم اليمني، عن الهيثم ابن عبدالرحمن قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه (صلوات اللّه عليهم) في قوله (عزّوجلّ): فَأَمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ .

قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): وَ أَمّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ. * فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (1) قال: نزلت في الثلاثة(2).

4667 - تأويل الآيات الظاهرة: روي محمّد بن العباس، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عمرو بن عثمان، عن حنان بن سدير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ): فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (3).

قال: هذا أمير المؤمنين (عليه السّلام)(4).

4668 - تأويل الآيات الظاهرة: روي الحسن بن أبي الحسن الديلميّ (رحمه اللّه) بإسناده عن رجاله، عن جابر بن يزيد، عن أبي

ص:137


1- - القارعة 101:6-9.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 849 ح 1. منه البحار: ج 36 ص 67.
3- (3) - الحاقة 69:19.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 717 ح 11. منه البحار: ج 36 ص 65.

عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ (1).

قال: السائق أمير المؤمنين (عليه السّلام) والشهيد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

باب (30) الولاية عند الصراط

4669 - تأويل الآيات الظاهرة: ما روي بحذف الإسناد، عن محمّد بن حمران قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قوله تعالى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ ؟(3).

فقال: إذا كان يوم القيامة وقف محمّد وعليّ (صلوات اللّه عليهما وآلهما) على الصراط، فلا يجوز عليه إلاّ من كان معه براءة.

قال: وما براءة؟

قال: ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) والائمة من ولده، وينادي مناد: يامحمّد ياعلي ألقيا في جهنّم كلّ كفّار بنبوتك عنيد لعليّ بن أبي طالب وولده (عليهم السّلام)(4).

4670 - تفسير فرات الكوفي: (فرات) قال: حدثني علي بن الحسين بن زيد قال: حدثنا علي - يعني ابن يزيد الباهلى - قال: حدثنا

ص:138


1- - ق 50:21.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 609 ح 2. منه البحار: ج 36 ص 71.
3- (3) - ق 50:24.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 609 ح 5. منه البحار: ج 36 ص 72.

محمّد بن الجحاف السلمي(1)، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: إذا كان يوم القيامة نادي مناد من بطنان العرش.

يامحمّد ياعليّ ألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد، فهما الملقيان في النار(2).

4671 - تأويل الآيات الظاهرة: [روي] محمد بن العباس (رحمه اللّه)، عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن قوله تعالى: فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً * وَ يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (3).

فقال: هو عليّ وشيعته يؤتون كتبهم بأيمانهم(4).

باب (31) آيات آخرى في شأن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

4672 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن يونس بن يعقوب، عمّن حدّثه(5)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام).

في قول اللّه (عزّوجلّ): كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ (6) ما اريد به

ص:139


1- - محمّد بن الحجّال السلمي - البحار.
2- (2) - تفسير فرات الكوفي: ص 437 ح 577. منه البحار: ج 36 ص 74.
3- (3) - الانشقاق 84:9.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 782 ح 1. منه البحار: ج 36 ص 67.
5- (5) - عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن جده - البحار.
6- (6) - القصص 28:88.

وجه اللّه. ووجه اللّه عليّ (عليه السّلام)(1).

4673 - تفسير القميّ: قال: حدثنا محمّد بن القاسم بن عبيداللّه قال: حدثنا الحسن(2) بن جعفر قال: حدثنا عثمان بن عبداللّه قال.

حدثنا عبداللّه بن عبيد الفارسي قال: حدثنا محمّد بن علي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها .

قال: أمير المؤمنين (عليه السّلام) زكاه ربه، وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسّاها (3).

قال: هو زريق وحبتر(4)، في بيعتهما إياه حيث مسحا على كفه(5).

البحار - بيان: قال الفيروزآباديّ: دسّاه تدسية: أغواه وأفسده.

ولعلّ ما في الخبر مأخوذ من هذا المعنى، وقال البيضاوي: أي نقصها وأخفاها بالجهالة والفسوق.

4674 - كشف الغمة: ما أورده الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه في قوله تعالى: تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّها نزلت في عليّ (عليه السّلام)(6).

4675 - كشف الغمة: قوله تعالى: يُعْجِبُ الزُّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ

ص:140


1- - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 426 ح 27. منه البحار: ج 36 ص 151. والظاهر أنّ «ما» هنا موصولة بمعنى: الذي.
2- (2) - الحسين - البحار.
3- (3) - الشمس 91:9 و 10.
4- (4) - هو الاوّل والثاني - البحار.
5- (5) - تفسير القمي: ج 2 ص 424. منه البحار: ج 36 ص 175.
6- (6) - كشف الغمة: ج 1 ص 322، والآية في سورة الفتح 48:29. منه البحار: ج 36 ص 187.

اَلْكُفّارِ ، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام). قال: هو علي بن أبي طالب (صلوات اللّه عليه)(1).

4676 - تفسير القمي: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر ابن محمّد بن مالك [الفزاري]، عن محمد بن حمدان، عن محمد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

سالته عن قول اللّه: وَ يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ ؟(2).

قال: الغمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)(3).

البحار - بيان: قيل المعنى: تتشقق السماء وعليها غمام. وقيل.

تتشقق عن الغمام الأبيض، لنزول الملائكة الحاملين لصحائف الأعمال.

4677 - تفسير فرات الكوفي: فرات بن ابراهيم الكوفي قال.

حدثني جعفر بن محمّد الفزاري قال: حدثني أحمد بن الحسين، عن محمّد بن حاتم، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبداللّه جعفر الصادق (عليه السّلام) في قوله تعالى: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (4) الآية.

قال: فذلك اليسر اميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(5).

ص:141


1- - كشف الغمة: ج 1 ص 325، والآية في سورة الفتح 48:29. منه البحار: ج 36 ص 187.
2- (2) - الفرقان 25:25.
3- (3) - تفسير القمي: ج 2 ص 113. منه البحار: ج 36 ص 190.
4- (4) - البقرة 2:185.
5- (5) - تفسير فرات الكوفي: ص 62 ح 28. منه البحار: ج 36 ص 128.

4678 - الكافي: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد ابن الحسين بن عمر بن يزيد، عن محمد بن جمهور، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه تعالى: اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ ؟(1).

قال: قالوا: أو بدّل عليّا (عليه السّلام)(2).

4679 - تفسير القمي: أخبرني الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي السفاتج، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (تعالى): اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ يعني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ ما يُوحى إِلَيَّ يعني في عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السّلام)(3).

4680 - تفسير العياشي: عن أبي السفاتج، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه تعالى: اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام)(4).

4681 - تفسير فرات الكوفي: قال (أبو القاسم العلوي): حدّثنا فرات بن إبراهيم الكوفي قال: حدثنا الحسين بن الحكم معنعنا، عن أبي جعفر محمّد بن علي(5) (عليهما السّلام) قال: إن ابراهيم (عليه

ص:142


1- - يونس 10:15.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 419 ح 37.
3- (3) - تفسير القمي: ج 1 ص 310. منه البحار: ج 36 ص 79.
4- (4) - تفسير العياشي: ج 2 ص 120 ح 11. منه البحار: ج 36 ص 148.
5- (5) - عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) - البحار.

السّلام) خليل اللّه دعا ربّه فقال: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (1) فنالت دعوته النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فأكرمه اللّه بالنبوة. ونالت دعوته أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فاختصه اللّه بالامامة والوصية(2).

4682 - تأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبّاس قال: حدثنا محمد بن همام بن سهل، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى ابن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: سألت أبي عن قول اللّه (عزّوجلّ): يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ ؟(3).

قال: الداعي أمير المؤمنين (عليه السّلام)(4).

4683 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد، قال: حدثنا الحسن بن جعفر قال: حدثني أبو موسى المشرقاني، قال: حدثنا عبداللّه بن عبيد، عن علي بن سعيد، عن أبي حمزة الثماليّ، عن جعفر الصادق (عليه السّلام) قال: قرأ جبرئيل (عليه السّلام) على محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) هذه الآية هكذا.

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ في علي قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (5) و(6).

ص:143


1- - ابراهيم 14:35.
2- (2) - تفسير فرات الكوفي: ص 221 ح 297. منه البحار: ج 36 ص 141.
3- (3) - طه 20:108.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 316 ح 13. منه البحار: ج 36 ص 127.
5- (5) - النحل 16:24.
6- (6) - تفسير فرات الكوفي: ص 234 ح 313. منه البحار: ج 36 ص 141.

4684 - تأويل الآيات الظاهرة: محمد بن العباس (رحمه الله).

حدثنا محمّد بن همام، عن محمّد بن إسماعيل [العلويّ]، عن عيسى ابن داود [النجّار] قال: حدثنا الامام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ): وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا إلى قوله: إِنَّ اللّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (1).

قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السّلام) خاصّة(2).

4685 - تأويل الآيات الظاهرة: بهذا الاسناد عن الامام موسى ابن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: سمعت أبي محمّد بن عليّ (عليه السّلام) كثيرا ما يردّد هذه الآية وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللّهُ (3).

فقلت: يا أبت جعلت فداك أحسب هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عليه السّلام) خاصّة؟

[قال: نعم](4).

4686 - مناقب آل أبي طالب: الرضا، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) في قوله تعالى: فِطْرَتَ اللّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها (5).

ص:144


1- - الحج 22:58 و 59. وفي المصدر والبحار «ان اللّه لعليم حكيم» وهو تصحيف.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 348 ح 35. منه البحار: ج 24 ص 361.
3- (3) - الحج 22:60.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 349 ح 36. منه البحار: ج 24 ص 361. وما بين المعقوفتين أثبتناه من البحار.
5- (5) - الروم 30:30.

قال: هو التوحيد، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) رسول اللّه، وعليّ (عليه السّلام) أمير المؤمنين، إلى هاهنا التوحيد(1).

4687 - تفسير فرات الكوفي: (فرات) قال: حدثني جعفر بن محمّد الأحمسيّ، قال: حدثنا مخول، عن أبي مريم، قال: سمعت أبان بن تغلب يسأل جعفرا (عليه السّلام) عن قول اللّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا ؟(2).

قال: استقاموا على ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(3).

4688 - تأويل الآيات الظاهرة: روي أبو عبداللّه الحسين بن جبير (رحمه اللّه) في كتابه (نخب المناقب) حديثا يرفعه إلى الصادق (عليه السّلام) في تفسير قوله تعالى: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ (4) أنّه قال.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): القصر المشيد والبئر المعطّلة عليّ (عليه السّلام)(5).

4689 - تأويل الآيات الظاهرة: روي الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه اللّه) بإسناده عن رجاله إلى حمّاد السندي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) وقد سأله سائل عن قول اللّه (عزّوجلّ): وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ؟(6).

ص:145


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 101. منه البحار: ج 36 ص 103.
2- (2) - فصلت 41:30.
3- (3) - تفسير فرات الكوفي: ص 382 ح 511. منه البحار: ج 36 ص 143.
4- (4) - الحج 22:45.
5- (5) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 344 ح 28. منه البحار: ج 36 ص 103.
6- (6) - الزخرف 43:4.

قال: هو أمير المؤمنين (عليه السّلام)(1).

4690 - تأويل الآيات الظاهرة: قال [محمّد بن العبّاس]: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى [الأشعريّ] عن إبراهيم بن هاشم، عن عليّ بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا صرع زيد بن صوحان يوم الجمل جاء أمير المؤمنين (عليه السّلام) حتّى جلس عند رأسه فقال: رحمك اللّه يازيد، قد كنت خفيف المؤنة، عظيم المعونة فرفع زيد رأسه إليه.

فقال: وأنت جزاك اللّه خيرا يا أمير المؤمنين، فواللّه ما علمتك إلاّ باللّه عليما، وفي امّ الكتاب عليّا حكيما، واللّه في صدرك عظيما(2).

4691 - تأويل الآيات الظاهرة: روي مرفوعا عن محمّد بن خالد البرقيّ، عن أحمد بن النضّر، عن أبي مريم، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي جعفر وأبي عبداللّه (عليهما السّلام) قالا: لمّا نزلت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ (3) يعني في حروبه قالت قريش: فعلى ما نتّبعه وهو لايدري ما يفعل به ولا بنا؟ فأنزل اللّه: إِنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (4).

قال: وقوله: إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ ما يُوحى إِلَيَّ 5 في عليّ، هكذا

ص:146


1- - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 552 ح 1. منه البحار: ج 23 ص 210.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 553 ح 5. منه البحار: ج 23 ص 211.
3- (3و5) - الاحقاف 46:9.
4- (4) - الفتح 48:1.

نزلت(1).

أقول: هذا الحديث - وأمثاله - مزج فيه التأويل مع التنزيل، لتوضيح دلالة الآية الكريمة، وقد ذكروا أنّ جبرئيل (عليه السّلام) كان - تارّة - يمزج بين التنزيل والتأويل، وتارة كان النبيّ أو الإمام (صلوات اللّه عليهما) يقوم بذلك.

من هنا.. فليس فى هذا الحديث - وأمثاله - أيّة دلالة على تحريف القرآن الكريم.

4692 - تفسير فرات الكوفي: (فرات) قال: حدثني محمّد بن الحسن بن إبراهيم، [قال: حدثنا علوان بن محمد قال: حدثنا محمّد ابن معروف، عن السدي، عن الكلبي]، عن جعفر (عليه السّلام) قال: نزلت الآيات كَلاّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ إلى قوله: يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (2) وهم رسول اللّه [النبيّ] (صلّى اللّه عليه وآله) [وعليّ](3) وفاطمة والحسن والحسين (عليهم الصّلاة والسّلام)(4).

4693 - تأويل الآيات الظاهرة: روي محمّد بن العباس (رحمه اللّه) عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه قال: وَ الشَّفْعِ هو

ص:147


1- - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 578 ح 2. منه البحار: ج 24 ص 320.
2- (2) - المطففين 83:18-28.
3- (3) - ما بين المعقوفتين من البحار.
4- (4) - تفسير فرات الكوفي: ص 543 ح 698. منه البحار: ج 36 ص 145.

رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعليّ (عليه السّلام)، وَ الْوَتْرِ (1)

هو اللّه الواحد (عزّوجلّ)(2).

4694 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه) حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن عبدالرحمن بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبادِي * وَ ادْخُلِي جَنَّتِي (3).

قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(4).

البحار - بيان: المخاطب بها علي (عليه السّلام) أو المراد بالمطمئنّة المطمئنّة بالولاية كما ورد في اخبار اخر.

4695 - تفسير فرات الكوفي: قال (أبو الخير مقداد بن علي الحجازي المدني): حدثنا أبو القاسم العلوي قال: حدثنا فرات بن ابراهيم الكوفي معنعنا عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه كان يقرأ هذه الآية: بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ (5) أي بكلّ أمر إلى محمّد وعليّ سلام(6).

4696 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن

ص:148


1- - الفجر 89:3.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 792 ح 3. منه البحار: ج 24 ص 350.
3- (3) - الفجر 89:27-30.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 795 ح 6. منه البحار: ج 36 ص 131.
5- (5) - القدر 97:4.
6- (6) - تفسير فرات الكوفي: ص 581 ح 746. منه البحار: ج 36 ص 1 45.

عبداللّه بن إدريس. عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال.

قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام) قوله (جلّ وعزّ): بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا .

قال: ولايتهم(1)وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى قال: ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى (2) و(3).

4697 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس (رحمه اللّه): حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد السياريّ، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه تلا [هذه الآية] سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ *. لِلْكافِرينَ بولايّة على لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ثمّ قال: هكذا هي في مصحف فاطمة (عليها السّلام)(4).

4698 - تأويل الآيات الظاهرة: روي محمّد البرقيّ، عن محمّد ابن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ): سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ * لِلْكافِرينَ بولايّة عليّ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ثم قال: هكذا واللّه نزل بها جبرئيل على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)، وهكذا هو مثبت في مصحف فاطمة (عليها السّلام)5.

ص:149


1- - في بعض النسخ بدل ولايتهم: ولاية شبوية، والشبوة: العقرب، والنسبة إليها شبوية، كأنّه شبّه الجائر بالعقرب (الوافي).
2- (2) - الاعلى 87:16-19.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 418 ح 30.
4- (4و5) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 723 ح 2 و 3. منه البحار: ج 37 ص 176.

أقول: جاء في أحاديث متعددة عن الإمام الصادق (عليه السّلام) أنّ مصحف فاطمة (عليها السّلام) ليس فيه حرف واحد من القران الكريم(1) وفي هذين الحديثين المنسوبين إلى الإمام الصادق (عليه السّلام) تقرأ: هكذا هو مثبت في مصحف فاطمة. فكيف التوفيق بين هذه الأحاديث المتعارضة؟

الجواب: هذان الحديثان ضعيفان، أمّا الأوّل فلوجود أحمد بن محمد السيّاري في سند الحديث وهو ضعيف الحديث فاسد المذهب - كما في رجال النجاشي -.

وأمّا الحديث الثاني فضعيف أيضا لوجود محمد بن سليمان في سنده. قال المجلسي - في مرآة العقول، في شرح هذا الحديث -.

ضعيف.

ولهذا فالمعتمد هو ما ورد في أحاديث متعددة أنّ مصحف فاطمة (عليها السّلام) ليس فيه حرف من القرآن الكريم.

4699 - تأويل الآيات الظاهرة: روى محمّد بن العباس، عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن مقاتل، عن عبداللّه بن بكير، عن صباح الأزرق قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول في قول اللّه (عزّوجلّ): إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ (2) هو أمير المؤمنين (عليه السّلام) وشيعته(3).

ص:150


1- - للتفصيل راجع كتابنا: فاطمة الزهراء (عليها السّلام) من المهد إلى اللّحد.
2- (2) - البروج 85:11.
3- (3) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 784 ح 3. منه البحار: ج 23 ص 389.

4700 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا الحسن بن جعفر بن اسماعيل الافطس قال: حدثنا أبو موسى المسرقاني [المشرقاني] عمران بن عبداللّه قال: حدثنا عبداللّه بن عبيد القادسي(1) قال: حدثنا محمّد بن عليّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: صِبْغَةَ اللّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً (2).

قال: صبغة المؤمنين بالولاية في الميثاق(3).

4701 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن يونس قال: أخبرني من رفعه إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ): فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ (4) يعني بقوله: فَكُّ رَقَبَةٍ ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) فانّ ذلك فك رقبة(5).

4702 - البحار: كتاب (منقبة المطهّرين) للحافظ أبي نعيم - عن محمّد بن عمر، عن عليّ بن الوليد، عن عليّ بن حفص،. عن محمّد ابن الحسين بن زيد، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) في قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (6).

ص:151


1- - الفارسي - البحار.
2- (2) - البقرة 2:138.
3- (3) - تفسير فرات الكوفي: ص 61 ح 25. منه البحار: ج 23 ص 366.
4- (4) - البلد 90:11-13.
5- (5) - الكافي: ج 1 ص 422 ح 49.
6- (6) - الانفال 8:64.

قال: نزلت في عليّ (عليه السّلام).

وعن محمّد بن عمر، عن القاسم وعبداللّه ابني الحسين بن زيد، عن أبيهما، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) مثله(1).

4703 - مناقب آل أبي طالب: الأعمش، عن شقيق وزرّ بن حبيش، عن حذيفة. وذكر السمعاني في (الفضايل) والدّيلمي في (الفردوس) عن جابر الأنصاري. وروي عن أبي جعفر وأبي عبداللّه (عليهما السّلام) واللفظ لهما في قوله: فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ (2) يا محمّد من مكة إلى المدينة فإنّا رادّوك منها ومنتقمون منهم [بعليّ](3).

4704 - [وعن]4 عمّار وحذيفة وابن عبّاس والباقر والصادق (عليهما السّلام) أنّه نزلت في عليّ (عليه السّلام) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (4) و(5).

باب (32) المسؤولية عن الولاية

4705 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر

ص:152


1- - البحار: ج 36 ص 54.
2- (2) - الزخرف 43:41.
3- (3و4) - ما بين المعقوفتين من البحار.
4- (5) - المائدة 5:54.
5- (6) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 147. منه البحار: ج 32 ص 283.

ابن محمّد بن سلم بن البراء الجعابي، قال: حدثني أبو محمّد الحسن ابن عبداللّه بن محمّد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في قول اللّه (عزّوجلّ): وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (1).

قال: عن ولاية عليّ (عليه السّلام)(2).

4706 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمد بن العباس (رحمه اللّه) حدثنا أحمد(3) بن هوذة الباهليّ، عن إبراهيم بن إسحاق النهاونديّ، عن عبداللّه بن حمّاد، عن عمرو بن شمر قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): امر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أبا بكر وعمر وعليّا (عليه السّلام) أن يمضوا إلى الكهف والرقيم فيسبغ أبو بكرالوضوء ويصفّ قدميه ويصلّي ركعتين وينادي ثلاثا، فإن أجابوه وإلّا فليقل مثل ذلك عمر، فإن أجابوه وإلاّ فليقل مثل ذلك عليّ (عليه السّلام)، فمضوا وفعلوا ما أمرهم به رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فلم يجيبوا أبا بكر ولا عمر، فقام عليّ (عليه السّلام) وفعل ذلك فأجابوه وقالوا. لبّيك لبّيك - ثلاثا -.

ص:153


1- - الصافات 37:24.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 59 ح 22. منه البحار: ج 36 ص 77.
3- (3) - محمد - البحار.

فقال لهم: مالكم لم تجيبوا الصوت الأوّل والثاني وأجبتم الثالث؟

فقالوا: إنّا أمرنا أن لانجيب إلاّ نبيّا أو وصيّا، ثم انصرفوا إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فسألهم ما فعلوا، فأخبروه، فأخرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه واله) صحيفة حمراء فقال لهم: اكتبوا شهادتكم بخطوطكم فيها بما رأيتم وسمعتم، فأنزل اللّه (عزّوجلّ) سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ (1) يوم القيامة(2).

4707 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سماعة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (جلّ وعزّ).

وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي قال: بولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (3) اوف لكم بالجنّة(4).

4708 - تفسير العياشي: عن سماعة بن مهران قال: سالت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ؟

قال: اوفوا بولاية عليّ فرضا من اللّه اوف لكم الجنة.(5)

4709 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني جعفر بن محمّد الفزاري قال: حدثنا محمد - يعني ابن الحسين الصائغ - قال.

حدثنا محمد بن عمران الوشاء، عن موسى بن القاسم(6)، عن عثمان

ص:154


1- - الزخرف 43:19.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 553 ح 7. منه البحار: ج 36 ص 153.
3- (3) - البقرة 2:40.
4- (4) - الكافي: ج 1 ص 431 ح 89.
5- (5) - تفسير العيّاشي: ج 1 ص 42 ح. 3. منه البحار: ج 36 ص 97.
6- (6) - محمّد بن الحسن الصائغ، عن موسى بن القاسم - البحار.

ابن عيسى، عن سماعة بن مهران(1)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قول اللّه تعالى: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ .

قال: أوفوا بولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فرض من اللّه لكم أوف لكم بالجنّة(2).

4710 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي اللّه عنه) قال.

حدثنا محمد بن أبي عبداللّه الكوفي قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي، عن عبدالعظيم بن عبداللّه الحسنى قال: حدثني سيدي علي ابن محمّد بن علي الرضا، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه الرضا، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ أبا بكر منّي بمنزلة السمع، وإنّ عمر منّي بمنزلة البصر، وإنّ عثمان منّي بمنزلة الفؤاد، قال: فلمّا كان من الغد دخلت إليه وعنده أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأبو بكر وعمر وعثمان، فقلت له: يا أبه سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا فما هو؟

فقال (صلّى اللّه عليه وآله): نعم، ثمّ أشار إليهم فقال: هم السمع والبصر والفؤاد، وسيسألون عن وصيّي هذا - وأشار إلى عليّ (عليه السّلام) - ثمّ قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) يقول: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (3) ثمّ قال: وعزّة ربّي إنّ جميع امّتي لموقفون يوم القيامة ومسؤولون عن ولايته، وذلك قول اللّه

ص:155


1- - عن سماعة، عن أبي بصير - البحار.
2- (2) - تفسير فرات الكوفي: ص 58 ح 19. منه البحار: ج 36 ص 130.
3- (3) - الاسراء 17:36.

(عزّوجلّ): وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (1).

باب (33) اللّه يطهّر أهل الولاية

4711 - تفسير العياشي: عن جابر، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: سألته عن هذه الآية في البطن وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ ؟(2).

قال: السّماء في الباطن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله). والماء عليّ (عليه السّلام) جعل اللّه عليّا من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فذلك قوله: ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ فذلك عليّ يطهّر اللّه به قلب من والاه. وامّا قوله: وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ من والى عليا يذهب الرجز عنه، ويقوّي قلبه.

وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ فانّه يعني عليّا، ومن والى عليّا يربط اللّه على قلبه بعليّ فثبت على ولايته(3).

ص:156


1- - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 313 ح 86. منه البحار: ج 36 ص 77.
2- (2) - الانفال 8:11.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 2 ص 50 ح 25. منه البحار: ج 36 ص 176.

باب (34) الجاحدون للولاية

4712 - الكافي: محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عبداللّه بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن يونس، عن صفاح المزني، عن أبي حمزة، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قول اللّه (جلّ وعزّ): بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ .

قال: إذا جحد إمامة أمير المؤمنين (عليه السّلام) فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (1) و(2).

4713 - تفسير القمي: حدثنا أحمد بن عليّ، قال: حدثنا محمّد ابن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن أسلم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ؟(3).

قال: قال اللّه (تبارك وتعالى وتقدّس): فبأيّ النعمتين تكفران.

بمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أم بعليّ (عليه السّلام)؟(4).

4714 - تفسير القمي: أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّما انزلت: لكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِما

ص:157


1- - البقرة 2:81.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 429 ح 82.
3- (3) - الرحمن 55:13.
4- (4) - تفسير القمي: ج 2 ص 344. منه البحار: ج 36 ص 173.

أَنْزَلَ إِلَيْكَ في عليّ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً (1) وقرأ أبو عبداللّه (عليه السّلام) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا

آل محمّد حقّهم لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً (2) و(3).

4715 - تفسير القمي: أخبرنا الحسين بن محمّد، عن المعلّى بن محمّد، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (4)

بولاية عليّ (عليه السّلام)(5).

4716 - تأويل الآيات الظاهرة: بهذا الاسناد، عن عيسى بن داود قال: حدثنا الامام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ): وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا (6) الآية.

قال: كان القوم إذا نزلت في أمير المؤمنين (عليه السّلام) آية في كتاب اللّه فيها فرض طاعته أو فضيلة فيه أو في أهله سخطوا ذلك وكرهوا حتّى همّوا به وأرادوا به العظيم، وأرادوا برسول اللّه (صلّى

ص:158


1- - النساء 4:166.
2- (2) - النساء 4:168 و 169.
3- (3) - تفسير القميّ: ج 1 ص 159. منه البحار: ج 36 ص 93.
4- (4) - الانعام 6:23.
5- (5) - تفسير القمي: ج 1 ص 199. منه البحار: ج 36 ص 93.
6- (6) - الحج 22:72.

اللّه عليه وآله) أيضا ليلة العقبة غيظا وغضبا وحسدا حتّى نزلت هذه الآية(1).

4717 - تفسير فرات الكوفي: (فرات) قال: حدثنا عليّ بن محمّد الجعفيّ، قال: حدثني الحسين بن عليّ بن أحمد العلويّ قال.

بلغني عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه قال لداود الرقّيّ: يا داود أيّكم ينال قطب سماء الدنيا؟!!(2).

فواللّه إنّ أرواحنا وأرواح النبيّين لتنال العرش كلّ ليلة جمعة.

يا داود قرأ أبي محمّد بن عليّ (عليهما السّلام) حم السجدة حتي إذا بلغ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * قال: نزل جبرئيل (عليه السّلام) على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنّ الإمام بعدك عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)، حتّى قرأ حم *- السجدة - تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ حتّى بلغ.

فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ قال: عن ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).

فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (3) و(4).

4718 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد، عن

ص:159


1- - تأويل الايات الظاهرة: ج 1 ص 350 ح 38. منه البحار: ج 24 ص 362.
2- (2) - وفي نسخة: السّماء الدّنيا. والقطب: نجم بين الجدي والفرقدين تبنى عليه القبلة. (أقرب الموارد).
3- (3) - فصلت 41:1-5.
4- (4) - تفسير فرات الكوفي: ص 281 ح 509. منه البحار: ج 36 ص 144.

محمّد بن خالد، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ * لِلْكافِرينَ بولايّة عليّ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (1) ثمّ قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل (عليه السّلام) على محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)(2).

أقول: سبق وان ذكرنا مزج التأويل بالتنزيل، على لسان جبرئيل أو النبيّ أو الإمام (صلوات اللّه عليهم أجمعين).

4719 - تأويل الآيات الظاهرة: ذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه اللّه) في تفسيره في تأويل هذه السورة (أي سورة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)) قال: حدثني أبي، عن إسماعيل بن مرار، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن قول اللّه (عزّوجلّ): [ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (3)

وقوله:](4)ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَ اللّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ ؟(5).

قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا أخذ الميثاق لأمير المؤمنين (عليه السّلام) قال: أتدرون من وليّكم بعدي؟

قالوا: اللّه ورسوله أعلم.

ص:160


1- - المعارج 70:1 و 2.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 422 ح 47.
3- (3) - سورة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:9.
4- (4) - ما بين المعقوفتين من البحار.
5- (5) - سورة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:26.

فقال: إنّ اللّه يقول: وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ (1) يعني عليّا، هو وليّكم من بعدي. هذه الاولى.

وأمّا المرّة الثانية لمّا أشهدهم يوم غديرخمّ وقد كانوا يقولون: لئن قبض اللّه محمّدا لانرجع هذا الأمر في آل محمّد، ولا نعطيهم من الخمس شيئا. فاطّلع اللّه نبيّه على ذلك، وأنزل عليه: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (2) وقال أيضا فيهم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ * أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ * أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها * إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى والهدى سبيل أمير المؤمنين (عليه السّلام) اَلشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ (3).

قال: وقرأ أبو عبداللّه (عليه السّلام) هذه الآية هكذا: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ وسلّطتم وملكتم أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ نزلت في بني عمّنا بني اميّة وفيهم يقول اللّه: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ * أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ

فيقضوا ما عليهم من الحقّ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (4).

ص:161


1- - التحريم 66:4.
2- (2) - الزخرف 43:80.
3- (3) - سورة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:22-25.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 588 ح 16. منه البحار: ج 23 ص 386.

4720 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس (رحمه اللّه): حدثنا محمد بن سهل العطّار، عن عمر بن عبدالجبار، عن أبيه، عن علي بن جعفر(1)، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: قال لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ ما بين من يحبّك وبين أن يري ما تقرّ به عينه إلاّ أن يعاين الموت، ثمّ تلا.

رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ يعني انّ أعداءنا إذا دخلوا النار قالوا: ربّنا أخرجنا نعمل صالحا في ولاية عليّ (عليه السّلام) غير الّذي كنّا نعمل في عداوته، فيقال لهم في الجواب.

أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جاءَكُمُ النَّذِيرُ وهو النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فَذُوقُوا فَما لِلظّالِمِينَ لآل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) مِنْ نَصِيرٍ (2) ينصرهم ولا ينجيهم منه ولا يحجبهم عنه(3).

4721 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس: حدثنا أحمد بن هوذة، عن ابراهيم بن اسحاق النهاونديّ، عن عبداللّه بن حمّاد الأنصاري، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) إنّه قال: فَأَبى أَكْثَرُ النّاسِ * بولاية عليّ (عليه السّلام) إِلاّ

ص:162


1- - محمد بن سهل، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن جعفر. البحار. وفي البحار: ج 27 ص 159 محمد بن سهل العطار، عن عمر بن عبدالجبار، عن أبيه، عن جدّه علي ابن جعفر.
2- (2) - فاطر 35:37.
3- (3) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 485 ح 13. منه البحار: ج 23 ص 361.

كُفُوراً (1) و(2).

4722 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس: حدثنا الحسن بن عليّ بن زكريّا بن عاصم، عن الهيثم، عن عبداللّه الرمادي قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) في قوله (عزّوجلّ): أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (3).

قال: بولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام)(4).

4723 - تأويل الآيات الظاهرة: روي محمّد بن جمهور، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي جميلة، عن أبي اسامة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ): أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ .

قال: بالولاية(5).

4724 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطيّ قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه تعالى.

وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ؟

قال: نزلت في أبي الفصيل إنّه كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عنده ساحرا فكان إذا مسّه الضرّ يعني السقم دعا ربّه منيبا إليه يعني تائبا إليه من قوله في رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما يقول

ص:163


1- - الاسراء 17:89.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 291 ح 31. منه البحار: ج 23 ص 381.
3- (3) - الماعون 107:1.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 855 ح 1. منه البحار: ج 23 ص 367.
5- (5) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 855 ح 2. منه البحار: ج 23 ص 367.

ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ يعني العافية نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ يعني نسي التوبة إلى اللّه (عزّوجلّ) ممّا كان يقول في رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله) إنّه ساحر ولذلك قال اللّه (عزّوجلّ): قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ يعني إمرتك على الناس بغير حقّ من اللّه (عزّوجلّ) ومن رسوله (صلّى اللّه عليه وآله).

قال: ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) ثمّ عطف القول من اللّه (عزّوجلّ) في عليّ (عليه السّلام) يخبر بحاله وفضله عند اللّه (تبارك وتعالى) فقال: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أنّ محمّدا رسول اللّه وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ أنّ محمّدا رسول اللّه وأنه ساحر كذّاب إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ .

قال: ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): هذا تأويله يا عمّار(1).

تأويل الآيات الظاهرة: روي الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه اللّه) عن رجاله، عن عمّار الساباطي قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر الحديث باختلاف يسير في بعض الالفاظ(2).

4725 - تفسير العياشي: عن أبي الجارود، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه: اَلَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ .

قال: ذهب عليّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) فاجر نفسه على أن

ص:164


1- - الكافي: ج 8 ص 204 ح 246، والآيتان في سورة الزمر 39:8 و 9.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 511 ح 1.

يستقي كلّ دلو بتمرة يختارها، فجمع تمرا فأتى به النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وعبدالرحمن بن عوف على الباب فلمزه - أي وقع فيه - فانزلت هذه الآية اَلَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ إلى قوله: اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ (1).

4726 - تفسير العياشي: عن عبداللّه النجاشي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً يعني والله فلانا وفلانا وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللّهِ إلى قوله.

تَوّاباً رَحِيماً يعني واللّه النبيّ وعليّا بما صنعوا أي لو جاؤك بها ياعليّ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ بما صنعوا وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِيماً * فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): هو واللّه علي بعينه ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ على لسانك يارسول اللّه، يعني به ولاية عليّ (عليه السّلام) وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (2) لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(3).

ص:165


1- - تفسير العياشي: ج 2 ص 101 ج 93، والآيتان في سورة التوبة 9:79 و 80. منه البحار: ج 38 ص 306.
2- (2) - النساء 4:63-65.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 1 ص 255 ح 182. منه البحار: ج 36 ص 98.

باب (35) التسليم للولاية

4727 - بصائر الدرجات: أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن عبداللّه النجاشي قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه تعالى: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ؟

قال: عنى بها عليّا (عليه السّلام)(1).

4728 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني جعفر بن محمّد الفزاريّ معنعنا عن أبي هاشم قال: كنت مع جعفر بن محمد (عليهما السّلام) في المسجد الحرام، فصعد الوالي [المنبر - خ] يخطب يوم الجمعة، فقال: إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (2) فقال جعفر (عليه السّلام): يا أبا هاشم لقد قال ما لايعرف تفسيره، قال: وسلّموا الولاية لعليّ تسليما(3).

4729 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، والحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن

ص:166


1- - بصائر الدرجات: ص 540 ح 2. منه البحار: ج 36 ص 95.
2- (2) - الاحزاب 32:56.
3- (3) - تفسير فرات الكوفي: ص 342 ح 467. منه البحار: ج 36 ص 143.

سويد، عن يحيي الحلبيّ، عن عبداللّه بن مسكان، عن زيد بن الوليد الخثعميّ، عن أبي الربيع الشاميّ قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ؟(1).

قال: نزلت في ولاية عليّ (عليه السّلام).

قال: وسألته عن قول اللّه (عزّوجلّ): وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ؟(2).

قال: فقال: الورقة السقط والحبّة الولد وظلمات الارض الارحام والرطب ما يحيى من الناس واليابس ما يقبض وكلّ ذلك في إمام مبين...(3).

4730 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفي قال: جدثنا فرات بن ابراهيم بن فرات الكوفي قال: حدثنا محمد بن ظهير قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن الحسين بن أخي يونس البغدادي قال: حدثنا محمد ابن يعقوب النهشلي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السّلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي،

ص:167


1- - الانفال 8:24.
2- (2) - الانعام 6:59.
3- (3) - الكافي: ج 8 ص 248 ح 349.

عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، عن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن اللّه (جلّ جلاله) انّه قال: أنا اللّه لا إله إلاّ أنا خلقت الخلق بقدرتي، فاخترت منهم من شئت من أنبيائي، واخترت من جميعهم محمّدا حبيبا وخليلا وصفيّا، فبعثته رسولا إلى خلقي، واصطفيت له عليّا فجعلته له أخا ووصيّا ووزيرا، ومؤدّيا عنه من بعده إلى خلقي، وخليفتي على عبادي، ليبيّن(1) لهم كتابي ويسير فيهم بحكمي، وجعلته العلم الهادي من الضلالة، وبابي الّذي اؤتى منه، وبيتي الّذي من دخله كان آمنا من ناري، وحصني الّذي من لجأ إليه حصّنه(2) من مكروه الدّنيا والآخرة، ووجهي الّذي من توجّه إليه لم أصرف وجهي عنه، وحجّتي في السّماوات والأرضين(3) على جميع من فيهنّ من خلقي، لا أقبل عمل عامل منهم إلاّ بالإقرار بولايته مع نبوّة أحمد(4) رسولي، وهو يدي المبسوطة على عبادي، وهو النعمة الّتي أنعمت بها على من أحببته من عبادي، فمن أحببته من عبادي وتولّيته عرّفته ولايته ومعرفته، ومن أبغضته من عبادي أبغضته لانصرافه(5) عن معرفته وولايته، فبعزّتي حلفت وبجلالي أقسمت أنّه لايتولّى عليّا عبد من عبادي إلاّ زحزحته عن النار وأدخلته الجنّة، ولا يبغضه عبد من عبادي ويعدل عن ولايته

ص:168


1- - يبيّن - عيون أخبار الرضا.
2- (2) - حصنته - عيون أخبار الرضا.
3- (3) - والأرض - عيون أخبار الرضا.
4- (4) - نبوة محمّد - عيون اخبار الرضا.
5- (5) - لعدوله - عيون أخبار الرضا.

إلاّ أبغضته وأدخلته النار وبئس المصير(1).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي بهذا الاسناد مثله(2).

4731 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبو الحسن علي ابن عيسى المجاور في مسجد الكوفة قال: حدثنا إسماعيل بن علي بن رزين بن أخي دعبل بن علي الخزاعي، عن أبيه قال: حدثنا الامام أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى ابن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمّد ابن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) تلا هذه الآية: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (3).

فقال (صلّى اللّه عليه وآله): أصحاب الجنّة من أطاعني وسلّم لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) بعدي وأقرّ بولايته، وأصحاب النار(4) من سخط الولاية ونقض العهد وقاتله بعدي(5).

أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي بهذا

ص:169


1- - أمالي الصدوق: ص 184 ح 10.
2- (2) - عيون اخبار الرضا: ج 2 ص 49 ح 191. منهما البحار: ج 38 ص 98.
3- (3) - الحشر 59:20.
4- (4) - فقيل: وأصحاب النّار؟ قال: - أمالي الطوسي.
5- (5) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 280 ح 22.

الاسناد مثله(1).

4732 - تأويل الآيات الظاهرة: روى الحسن بن أبي الحسن الديلميّ في كتابه باسناده، عن فرج بن أبي شيبة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: وقد تلا هذه الآية: وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ يعني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وَ لَتَنْصُرُنَّهُ (2) يعني وصيّه أمير المؤمنين (عليه السّلام)، ولم يبعث اللّه نبيّا ولا رسولا إلّا وأخذ عليه الميثاق لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بالنبوّة ولعليّ (عليه السّلام) بالامامة(3).

باب (36) الإمام علي عليه السلام هو الحق وغيره الباطل

4733 - تفسير العياشي: عن عمرو بن أبي القاسم قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) وذكر أصحاب النبي (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ قرأ: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ (4) إلى قوله: تَحْكُمُونَ

فقلنا: من هو أصلحك اللّه؟

فقال: بلغنا أن ذلك عليّ (عليه السّلام)(5).

ص:170


1- - أمالي الطوسي: ص 363 ح 762. منهما البحار: ج 38 ص 110.
2- (2) - آل عمران 3:81.
3- (3) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 116 ح 29. منه البحار: ج 26 ص 297.
4- (4) - يونس 10:35.
5- (5) - تفسير العياشي: ج 2 ص 122 ح 18. منه البحار: ج 36 ص 99.

4734 - الكافي عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهريّ، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: وَ يَسْتَنْبِئُونَكَ أَ حَقٌّ هُوَ .

قال: ما تقول في عليّ قُلْ إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (1) و(2).

4735 - تفسير العياشي: عن يحيى بن سعيد، عن أبى عبداللّه، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول اللّه: وَ يَسْتَنْبِئُونَكَ أَ حَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَ رَبِّي .

فقال: يستنبئك يامحمّد أهل مكة عن عليّ بن أبي طالب إمام هو؟ قُلْ إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ (3).

4736 - مناقب آل أبي طالب: عن الباقرين (عليهما السّلام) في قوله تعالى: أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ علي كَمَنْ هُوَ أَعْمى أعداؤه إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (4) الائمة الذين غرس في قلوبهم العلم من ولد آدم(5).

4737 - وعنهما (عليهما السّلام): قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): من يقبل منكم وصيّتي ويؤازرني على أمري ويقضي ديني وينجز عداتي من بعدي ويقوم مقامي؟ - في كلام له -.

ص:171


1- - يونس 10:53.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 430 ح 87.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 2 ص 123 ح 25. منه البحار: ج 36 ص 100.
4- (4) - الرعد 13:19.
5- (5) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 214. منه البحار: ج 36 ص 109.

فقال رجلان لسلمان: ماذا يقول آنفا محمّد؟

فقام إليه أمير المؤمنين (عليه السّلام) فضمّه إلى صدره وقال.

أنت لها يا عليّ، فأنزل اللّه: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ إلى قوله.

طَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ (1) و(2).

4738 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن اورمة، عن عليّ بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير قال.

سألت أباعبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ): أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً ؟ الآية(3).

قال: عنى بها قريشا قاطبة الّذين عادوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ونصبوا له الحرب وجحدوا وصيّة وصيّه(4).

4739 - تفسير العياشي: عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه: فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ؟(5).

قال: العمل الصالح المعرفة بالأئمّة (عليهم السّلام) وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً التسليم لعليّ (عليه السّلام) لايشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له ولا هو من أهله(6).

ص:172


1- - سورة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:16.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 214. منه البحار: ج 36 ص 109.
3- (3) - ابراهيم 14:28.
4- (4) - الكافي: ج 1 ص 217 ح 4، هكذا في المصدر ولعلّ الصحيح: وجحدوا وصيته في وصيه.
5- (5) - الكهف 18:110.
6- (6) - تفسير العياشي: ج 2 ص 353 ح 97. منه البحار: ج 36 ص 106.

البحار - بيان: لعلّ المراد بالعبادة هنا العبادة القلبيّة وهي الاعتقاد بالولاية أو هي أيضا داخلة فيها. والشرك فيها تشريك غير من جعل اللّه له الولاية مع من جعلها له.

4740 - تأويل الآيات الظاهرة: بهذا الاسناد، عن عيسى بن داود قال: حدثنا الامام موسى بن جعفر (عليه السّلام)، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: لمّا نزلت هذه الآية: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ جمعهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ قال: يامعشر المهاجرين والأنصار إنّ اللّه تعالى يقول: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ والمنسك هو الإمام لكل امّة بعد نبيّها حتّى يدركه نبيّ، ألا وإنّ لزوم الامام وطاعته هو الدين وهو المنسك وهو عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) إمامكم بعدي، فإنّي أدعوكم إلى هداه وإنّه على هدى مستقيم.

فقام القوم يتعجّبون من ذلك ويقولون: والله إذا لننازعنّ الأمر ولا نرضى طاعته أبدا وان كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) المفتون به، فأنزل اللّه (عزّوجلّ): وَ ادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ *.؟ وَ إِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ * اَللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ (1) و(2).

4741 - تفسير فرات الكوفي: (فرات) قال: حدثني عليّ بن

ص:173


1- - الحج 22:67-70.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 349 ح 37. منه البحار: ج 24 ص 362.

محمّد بن عمر الزهري معنعنا عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه تعالى: يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ .

قال: عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً (1) و(2).

البحار - بيان: أي ضرب هذا المثل لأمير المؤمنين (عليه السّلام) ومن غصب حقّه. فإنّ من أقرّ بامامته، وتبعه فقد دعا اللّه بالجهة الّتي أمره بها. ومن أنكر إمامته وتبع غيره فقد أعرض عن عونه تعالى وفضله، واتّكل على دعوة الّذين لن يخلقوا ذبابا، فهم لايقدرون على نصره وإنقاذه من عذاب اللّه.

4742 - تفسير القمي: أخبرنا الحسين بن محمّد، عن العلا(3) بن محمّد بإسناده عن إسحاق بن عمّار قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ في عليّ وَ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ هكذا نزلت(4).

4743 - وحدّثني أبي عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): في سورة محمّد آية فينا وآية في اعدائنا، والدليل على ذلك قوله: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ لِلنّاسِ أَمْثالَهُمْ قوله: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ إلى

ص:174


1- - الحج 22:73.
2- (2) - تفسير فرات الكوفي: ص 275 ح 373. منه البحار: ج 36 ص 1 42.
3- (3) - عن المعلى - البحار.
4- (4) - تفسير القمي: ج 2 ص 301. منه البحار: ج 36 ص 86.

قوله: لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ فهذا السيف الّذي [هو] على مشركي العجم من الزنادقة ومن ليس معه كتاب من عبدة النيران والكواكب، وقوله.

فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ والمخاطبة للجماعة والمعنى لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) والإمام بعده وقوله: وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ * وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ أي وعدها إيّاهم وادّخرها لهم لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ أي يختبر، ثمّ خاطب أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (1).

4744 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمد، عن محمّد بن اورمة، عن عليّ بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه تعالى: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ ؟(2).

قال. ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام)(3).

4745 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه): حدثنا عليّ بن سليمان الرازيّ، عن محمّد بن الحسين، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد بن عليّ الحلبيّ، عن أبي عبداللّه

ص:175


1- - تفسير القميّ: ج 2 ص 301، والآيات في سورة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) 47: 2-7. منه البحار: ج 36 ص 87.
2- (2) - الكهف 18:44.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 422 ح 52.

(عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ): إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى .

قال: الهدى هو سبيل عليّ (عليه السّلام)(1).

باب (37) الولاية: التجارة الرابحة

4746 - تأويل الآيات الظاهرة: روى الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه اللّه) عن رجاله باسناد متصل إلى النوفليّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): أنا التجارة المربحة المنجية من العذاب الأليم التي دلّ اللّه عليها في كتابه فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (2) و(3).

باب (38) الأمر الإلهي بنصب الإمام علي عليه السلام للإمامة

4747 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جميل والحسن بن راشد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (تبارك وتعالى): أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (4).

ص:176


1- - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 588 ح 16. منه البحار: ج 23 ص 386.
2- (2) - الصف 61:10.
3- (3) - تأويل الايات الظاهرة: ج 2 ص 689 ح 10. منه البحار: ج 24 ص 330.
4- (4) - الانشراح 94:1.

قال: فقال: بولاية امير المؤمنين (عليه السّلام)(1).

4748 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن عبداللّه بن جعفر، عن الحسن بن موسى، عن عليّ بن حسّان، عن عبدالرحمن، عن أبي عبداللّه جعفر [الصادق] (عليه السّلام) قال: قال اللّه سبحانه وتعالى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ بعليّ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ * اَلَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ... فَإِذا فَرَغْتَ من نبوّتك فَانْصَبْ عليّا وصيّا وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ في ذلك(2).

4749 - تأويل الآيات الظاهرة: قال أيضا: حدثنا محمّد بن همام، بإسناده عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن المهلّبيّ، عن سلمان(3) قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): قوله تعالى.

أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ .

قال: بعليّ فاجعله وصيّا.

قلت: وقوله: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ؟

قال: ان اللّه (عزّوجلّ) امره بالصلاة والزكاة والصوم والحج ثم أمره اذا فعل ذلك ان ينصب عليّا وصيّا وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ في ذلك(4).

4750 - تأويل الآيات الظاهرة: قال أيضا: حدّثنا أحمد بن

ص:177


1- - بصائر الدرجات: ص 92 ح 3. منه البحار: ج 36 ص 95.
2- (2) - تأويل الايات الظاهرة: ج 2 ص 811 ح 1. منه البحار: ج 36 ص 135.
3- (3) - سليمان - البحار.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 812 ح 3. منه البحار: ج 36 ص 135.

القاسم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن أبي جميلة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قوله تعالى: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ [عليّا](1) كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حاجّا فنزلت فَإِذا فَرَغْتَ من حجّك فَانْصَبْ عليّا للناس(2).

4751 - تأويل الآيات الظاهرة: قال أيضا: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد بإسناده إلى المفضّل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ عليّا بالولاية3.

البحار - بيان: إعلم أنّ قرّاء العامّة اتّفقوا على فتح الصاد - من النصب بالتحريك - بمعنى التعب والاجتهاد. وقيل في تأويله: إذا فرغت من عبادة فعقّبها باخرى. وقيل: إذا فرغت من الغزو فانصب في العبادة. أو من الصّلاة فانصب في الدعاء. وهو المرويّ عن الباقر والصادق (عليهما السّلام). والمستفاد من تلك الاخبار أنّه كان في قراءة أهل البيت (عليهم السّلام) بكسر الصاد - من النصب بالسكون بمعنى الرفع. وقد نسب الزمخشريّ هذه القراءة إلى الروافض، وعدّها من بدعهم! وأبدى فيها نصبه وعصبيّته.

ويمكن أن يكون قراءتهم أيضا بالفتح. ويكون المراد الجدّ والاهتمام وتحمّل المشاق في نصب الوصيّ. ويكون ما ذكروه بيانا لحاصل المعنى.

ولا يبعد مجيئه في اللّغة بالفتح أيضا بمعنى الكسر. أي النصب

ص:178


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2و3) - تاويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 812 ح 4 و 5، والآيات في سورة الانشراح. منه البحار: ج 36 ص 135.

والرفع. فإنّ كتب اللّغة لم تشتمل على جميع اللّغات.

4752 - مناقب آل أبي طالب: الباقر والصادق (عليهما السّلام) في قوله تعالى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ألم نعلّمك من وصيّك فجعلناه ناصرك ومذلّ عدوّك(1) الّذي أنقض ظهرك، وأخرج منه سلالة الأنبياء الّذين يهتدون؟ وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ فلا اذكر إلاّ ذكرت معي فَإِذا فَرَغْتَ من دنياك فَانْصَبْ علمّا للولاية، تهتدي به الفرقة(2).

4753 - مناقب آل أبي طالب: أبو حاتم الرازيّ أنّ جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قرأ: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ قال: فإذا فرغت من إكمال الشريعة فانصب لهم عليا إماما، الحمد للّه الّذي كون الأشياء فخص من بينها تكوينكم، الرحمن الذي أنزل عليه السكينة فضمن فيها تسكينكم. لين قلوبكم بقبول معرفته فألطف تليينكم.

ولقنكم كلمة توحيده فأحسن تلقينكم. وعلم أذان الشّهادة فأذن بلطفه تأذينكم. وملككم في دار الدّين على سرّ الاسلام فأتم دينكم3.

4754 - تفسير القمي: حدثنا محمد بن جعفر، عن يحيى بن زكريا، عن عليّ بن حسّان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: فَإِذا فَرَغْتَ من نبوّتك فَانْصَبْ عليّا (عليه السّلام) وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ في ذلك(3).

4755 - تفسير فرات الكوفي: قال (أبو الخير مقداد بن علي الحجازي المدني): حدّثنا أبو القاسم عبدالرحمن بن محمّد بن

ص:179


1- - يذلّ عدوّك - البحار.
2- (2و3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 23. منه البحار: ج 36 ص 134.
3- (4) - تفسير القمي: ج 2 ص 429. منه البحار: ج 36 ص 134.

عبدالرحمن العلوي الحسني قال: حدثنا فرات بن إبراهيم الكوفي قال: حدثنا جعفر معنعنا عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ عليا للولاية(1).

باب (39) تأويل «الدابّة» المذكورة في القران

4756 - تفسير القميّ: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: انتهى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهو نائم في المسجد قد جمع رملا ووضع رأسه عليه فحرّكه برجله ثمّ قال له: قم يا دابّة اللّه.

فقال رجل من أصحابه: يا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أيسمّي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟

فقال: لا والله ما هو إلّا له خاصّة وهو الدابّة التي ذكر اللّه في كتابه: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (2).

ثمّ قال: ياعليّ إذا كان آخر الزمان أخرجك اللّه في أحسن صورة ومعك ميسم(3) تسمّ به أعداءك.

فقال الرجل لابي عبداللّه (عليه السّلام): إن الناس يقولون هذه الدابة إنّما تكلمهم.

ص:180


1- - تفسير فرات الكوفي: ص 573 ح 735. منه البحار: ج 36 ص 134.
2- (2) - النمل 27:82.
3- (3) - الميسم: الحديدة التي يكوى بها. (أقرب الموارد).

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام): كلمهم اللّه في نار جهنّم إنّما هو يكلّمهم من الكلام(1).

4757 - تفسير القمي: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): قال رجل لعمّار بن ياسر: يا أبا اليقظان آية في كتاب اللّه قد أفسدت قلبي وشككتني.

قال عمّار: وأيّ آية هي؟

قال: قول اللّه: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ فأيّة دابّة هي؟

قال عمّار: واللّه ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتّى اريكها.

فجاء عمّار مع الرّجل إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهو يأكل تمرا وزبدا، فقال له: يا أبا اليقظان هلمّ، فجلس عمّار وأقبل يأكل معه، فتعجّب الرّجل منه، فلمّا قام عمّار قال له الرجل: سبحان اللّه يا أبا اليقظان حلفت أنّك لاتأكل ولا تشرب ولا تجلس حتّى ترينيها.

قال عمّار: قد أريتكها إن كنت تعقل(2).

ص:181


1- - تفسير القمي: ج 2 ص 130. منه البحار: ج 39 ص 243.
2- (2) - تفسير القمي: ج 2 ص 131. منه البحار: ج 39 ص 242.

أخبار الغدير

باب (1) آداب ومستحبّات يوم الغدير

4758 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت [له]: جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين؟

قال: نعم يا حسن اعظمهما واشرفهما.

[قال:] قلت: وأي(1) يوم هو؟

قال: هو يوم نصب أمير المؤمنين (عليه السّلام) [فيه] علما للناس.

قلت:(2) جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟

ص:182


1- - قلت له: فأي - الفقيه.
2- (2) - فقلت - التهذيب، قلت له - المصباح، وفي الفقيه وثواب الاعمال بعدها زيادة جعلت فداك واي يوم هو؟ قال: ان الأيام تدور وهو يوم ثمانية عشر من ذي الحجة قال: قلت.

قال: تصومه - يا حسن - وتكثر [فيه] الصّلاة على محمّد وآله(1)

وتبرأ الى اللّه (عزّوجلّ) ممن ظلمهم، [حقهم] فان(2) الأنبياء (صلوات اللّه عليهم) كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي [كان] يقام فيه الوصي أن يتخذ عيدا.

قال: قلت: فما لمن صامه(3)؟

قال: صيام ستين شهرا، ولا تدع صيام [يوم] سبعة وعشرين من رجب فانه [هو] اليوم الذي نزلت(4) فيه النبوة على محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) وثوابه مثل ستين شهرا لكم(5).

التهذيب: محمد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم مثله(6).

مصباح المتهجد: روي الحسن بن راشد مثله الى قوله: صيام ستين شهرا(7).

من لايحضره الفقيه: روى الحسن بن راشد مثله(8).

ثواب الأعمال: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثنا ابراهيم بن هاشم، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن ابن راشد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(9).

ص:183


1- - وأهل بيته - الفقيه.
2- (2) - وان - التهذيب.
3- (3) - ما لمن صامه منّا - الفقيه.
4- (4) - انزلت - الفقيه.
5- (5) - الكافي: ج 4 ص 148 ح 1.
6- (6) - التهذيب: ج 4 ص 305 ح 921.
7- (7) - مصباح المتهجد: ص 680.
8- (8) - من لايحضره الفقيه: ج 2 ص 90 ح 1816.
9- (9) - ثواب الاعمال: ص 99 ح 1.

4759 - التهذيب: الحسين بن الحسن الحسيني قال: حدثنا محمد ابن موسى الهمداني قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي قال: سمعت أبا عبداللّه الصادق (عليه السّلام) يقول: صيام يوم غديرخم يعدل صيام عمر الدّنيا، لو عاش انسان ثمّ صام ما عمرت الدّنيا لكان له ثواب ذلك، وصيامه يعدل عند اللّه (عزّوجلّ) في كل عام مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبّلات، وهو عيد اللّه الأكبر، وما بعث اللّه (عزّوجلّ) نبيّا قط إلاّ وتعيّد في هذا اليوم وعرف حرمته، واسمه في السّماء: يوم العهد المعهود، وفي الارض: يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود.

من صلّى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة يسأل اللّه (عزّوجلّ) يقرأ في كل ركعة سورة الحمد مرة وعشر مرّات قل هو اللّه أحد وعشر مرّات آية الكرسي وعشر مرّات إنا أنزلناه، عدلت عند اللّه (عزّوجلّ) مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة، وما سأل اللّه (عزّوجلّ) حاجة من حوائج الدّنيا وحوائج الآخرة إلاّ قضيت كائنة ما كانت الحاجة، وان فاتتك الركعتان والدّعاء قضيتهما بعد ذلك،.

ومن فطر فيه مؤمنا كان كمن اطعم فئاما وفئاما وفئاما - فلم يزل يعدّ الى أن عقد بيده عشرا -.

ثمّ قال: اتدري كم الفئام؟

قلت: لا.

قال: مائة ألف كل فئام كان له ثواب من اطعم بعددها من النبيّين والصدّيقين والشهداء في حرم اللّه (عزّوجلّ) وسقاهم في يوم ذي مسغبة.

ص:184

والدرهم فيه بألف ألف درهم.

قال (عليه السّلام): لعلك ترى ان اللّه (عزّوجلّ) خلق يوما أعظم حرمة منه؟! لا واللّه لا والله لا واللّه.

ثمّ قال: وليكن من قولكم إذا التقيتم أن تقولوا: «الحمد للّه الذي اكرمنا بهذا اليوم وجعلنا من الموفين بعهده الينا وميثاقه الذي واثقنا به من ولاية ولاة أمره والقوّام بقسطه ولم يجعلنا من الجاحدين والمكذّبين بيوم الدين».

ثم قال: وليكن من دعائك في دبر هاتين الركعتين ان تقول.

رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ كَفِّرْ عَنّا سَيِّئاتِنا وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ * رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَ لا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (1).

ثم تقول بعد ذلك: «اللهم اني أشهدك وكفى بك شهيدا وأشهد ملائكتك وحملة عرشك وسكان سماواتك وارضك بأنك أنت اللّه الذي لا إله إلاّ أنت المعبود الذي ليس من لدن عرشك الى قرار ارضك معبود يعبد سواك إلاّ باطل مضمحل غير وجهك الكريم، لا إله إلاّ أنت المعبود فلا معبود سواك، تعاليت عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا.

وأشهد أن محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) عبدك ورسولك، وأشهد أن عليا (صلوات اللّه عليه) أمير المؤمنين ووليّهم ومولاهم.

ربّنا اننا سمعنا بالنداء وصدّقنا المنادي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إذ نادي بنداء عنك بالذي أمرته به ان يبلّغ ما أنزلت اليه من ولاية

ص:185


1- - آل عمران 3:193 و 194.

ولي أمرك فحذّرته وأنذرته إن لم يبلّغ أن تسخط عليه، وانه ان بلّغ رسالاتك عصمته من النّاس، فنادى مبلّغا وحيك ورسالاتك: ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، ومن كنت وليّه فعلي وليّه، ومن كنت نبيّه فعلي أميره.

ربّنا فقد اجبنا داعيك النذير المنذر محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) عبدك ورسولك الى علي بن أبي طالب (عليه السّلام) - الذي انعمت عليه وجعلته مثلا لبني اسرائيل - أنه أمير المؤمنين ومولاهم ووليّهم الى يوم القيامة يوم الدّين، فإنّك قلت: إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (1).

ربّنا آمنا واتبعنا مولانا ووليّنا وهادينا وداعينا وداعي الانام وصراطك المستقيم السوي وحجّتك وسبيلك الدّاعي إليك على بصيرة هو ومن اتبعه، وسبحان اللّه عمّا يشركون بولايته وبما يلحدون باتخاذ الولائج دونه، فاشهد - يا إلهي - انه الامام الهادي المرشد الرشيد علي أمير المؤمنين، الذي ذكرته في كتابك فقلت: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (2) لا اشرك معه اماما(3) ولا اتخذ من دونه وليجة، اللهم فانا نشهد انه عبدك الهادي - من بعد نبيك النذير المنذر - وصراطك المستقيم وأمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين وحجتك البالغة ولسانك المعبّر عنك في خلقك والقائم بالقسط من بعد نبيّك وديّان دينك وخازن علمك وموضع سرّك وعيبة علمك وأمينك المأمون،

ص:186


1- - الزخرف 43:59.
2- (2) - الزخرف 43:4.
3- (3) - أي: من الّذين غصبوه حقّه وادّعوا الإمامة زورا.

المأخوذ ميثاقه مع ميثاق رسولك (صلّى اللّه عليه وآله) من جميع خلقك وبريّتك، شهادة بالاخلاص لك بالوحدانية بانك أنت اللّه الذي لا إله إلاّ أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وعليا أمير المؤمنين، وان الاقرار بولايته تمام توحيدك والاخلاص بوحدانيتك وكمال دينك وتمام نعمتك وفضلك على جميع خلقك وبريّتك فإنّك قلت وقولك الحق: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1)، اللهم فلك الحمد على ما مننت به علينا من الاخلاص لك بوحدانيتك اذ هديتنا لموالاة وليّك الهادي من بعد نبيّك المنذر، ورضيت لنا الاسلام دينا بموالاته وأتممت علينا نعمتك التي جدّدت لنا عهدك وميثاقك وذكرتنا ذلك وجعلتنا من أهل الاخلاص والتصديق بعهدك وميثاقك ومن أهل الوفاء بذلك، ولم تجعلنا من الناكثين والجاحدين والمكذّبين بيوم الدين، ولم تجعلنا من اتباع المغيّرين والمبدّلين والمنحرفين والمبتّكين(2) آذان الانعام والمغيّرين خلق اللّه، ومن الّذين استحوذ عليهم الشّيطان فأنساهم ذكر اللّه وصدّهم عن السّبيل وعن الصراط المستقيم.

واكثر من قولك - في يومك وليلتك - ان تقول: «اللهم العن الجاحدين والناكثين والمغيرين والمكذبين بيوم الدّين من الاوّلين والآخرين، اللهم فلك الحمد على انعامك علينا بالذي هديتنا الى ولاية ولاة أمرك من بعد نبيّك الأئمّة الهداة الراشدين الذين جعلتهم أركانا لتوحيدك وأعلام الهدي ومنار التقوى والعروة الوثقى وكمال

ص:187


1- - المائدة 5:3.
2- (2) - بتّك آذان الانعام: قطعها. (اقرب الموارد).

دينك وتمام نعمتك فلك الحمد، آمنا بك وصدّقنا بنبيك واتبعنا من بعده النذير المنذر ووالينا وليّهم وعادينا عدوّهم وبرئنا من الجاحدين والناكثين والمكذبين الى يوم الدّين.

اللهم فكما كان من شأنك - يا صادق الوعد يا من لايخلف الميعاد يا من هو كل يوم في شأن - أن أنعمت علينا بموالاة أوليائك المسؤول عنها عبادك فانك قلت وقولك الحق: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (1) وقلت: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (2) ومننت علينا بشهادة الاخلاص لك بموالاة أوليائك الهداة من بعد النّذير المنذر والسراج المنير واكملت الدين بموالاتهم والبراءة من عدوّهم وأتممت علينا النعمة التي جددت لنا عهدك وذكرتنا ميثاقك المأخوذ منّا في مبتدأ خلقك ايّانا وجعلتنا من أهل الاجابة وذكرتنا العهد والميثاق ولم تنسنا ذكرك، فإنّك قلت: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى (3) اللهم بلى شهدنا بمنّك ولطفك بأنّك أنت اللّه لا إله إلّا أنت ربّنا ومحمّد عبدك ورسولك نبيّنا وعلي أمير المؤمنين والحجّة العظمى وآيتك الكبرى والنبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون.

اللّهم فكما كان من شانك ان أنعمت علينا بالهداية الى معرفتهم فليكن من شأنك ان تصلي على محمّد وآل محمّد، وان تبارك لنا في يومنا هذا الذي ذكرتنا فيه عهدك وميثاقك واكملت ديننا وأتممت علينا

ص:188


1- - التكاثر 102:8.
2- (2) - الصافات 37:24.
3- (3) - الاعراف 7:172.

نعمتك وجعلتنا من أهل الاجابة والاخلاص بوحدانيتك ومن أهل الايمان والتصديق بولاية أوليائك والبراءة من أعدائك وأعداء أوليائك الجاحدين المكذّبين بيوم الدّين، وان لاتجعلنا من الغاوين ولا تلحقنا بالمكذّبين بيوم الدّين، واجعل لنا قدم صدق مع النبيين وتجعل لنا مع المتّقين إماما الى يوم الدّين، يوم يدعى كل اناس بامامهم، واحشرنا في زمرة الهداة المهديين، وأحينا ما أحييتنا على الوفاء بعهدك وميثاقك المأخوذ منا وعلينا لك واجعل لنا مع الرّسول سبيلا وثبت لنا قدم صدق في الهجرة.

اللّهم واجعل محيانا خير المحيا ومماتنا خير الممات ومنقلبنا خير المنقلب حتى توفانا وأنت عنّا راض قد أوجبت لنا حلول جنتك برحمتك والمثوى في دارك والانابة الى دار المقامة من فضلك لايمسّنا فيها نصب ولا يمسّنا فيها لغوب.

ربّنا إنّك أمرتنا بطاعة ولاة أمرك وأمرتنا أن نكون مع الصادقين، فقلت: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1) وقلت.

اِتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ (2) فسمعنا وأطعنا، ربّنا فثبّت اقدامنا وتوفّنا مسلمين مصدقين لأوليائك ولا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

اللّهم إنّي أسألك بالحقّ الذي جعلته عندهم وبالذي فضّلتهم على العالمين جميعا ان تبارك لنا في يومنا هذا الذي اكرمتنا فيه، وان تتمّ علينا نعمتك وتجعله عندنا مستقرّا ولا تسلبناه أبدا ولا تجعله

ص:189


1- - النساء 4:59
2- (2) التوبة 9:119.

مستودعا فإنّك قلت مستقر ومستودع فاجعله مستقرا ولا تجعله مستودعا، وارزقنا نصر دينك مع وليّ هاد منصور من أهل بيت نبيك، واجعلنا معه وتحت رايته شهداء صدّيقين في سبيلك وعلى نصرة دينك».

ثم تسأل بعدها حاجتك للدنيا والآخرة فانها - واللّه - مقضية في هذا اليوم(1).

4760 - مصباح المتهجد: وروي زياد بن محمد قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقلت: للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والفطر والأضحى؟

قال: نعم اليوم الذي نصب فيه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أمير المؤمنين (عليه السّلام).

فقلت: وايّ يوم هو يابن رسول اللّه؟

فقال: وما تصنع بذلك اليوم؟ والأيام تدور، ولكنّه لثمانية عشر من ذي الحجة ينبغي لكم أن تقرّبوا الى اللّه تعالى بالبرّ والصوم والصّلاة وصلة الرحم وصلة الاخوان فإنّ الأنبياء (عليهم السّلام) كانوا اذا أقاموا أوصياءهم فعلوا ذلك وأمروا به(2).

[باب (2)] يوم الغدير أعظم الأعياد

4761 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن

ص:190


1- - التهذيب: ج 3 ص 143 ح 317.
2- (2) - مصباح المتهجد: ص 679. منه الوسائل: ج 7 ص 326.

علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال: حدّثنا محمّد بن ظهير، قال: حدثنا عبداللّه بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام). قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

يوم غديرخم أفضل أعياد امتي وهو اليوم الذي أمرني اللّه (تعالى ذكره) فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب (عليه السّلام) علما لأمتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل اللّه فيه الدين وأتمّ على امّتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام دينا.

ثمّ قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): «معاشر الناس: إن عليا منّي وأنا من علي، خلق من طينتي، وهو إمام الخلق بعدي يبيّن لهم ما اختلفوا فيه من سنّتي، وهو أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجّلين، ويعسوب المؤمنين، وخير الوصيّين، وزوج سيدة نساء العالمين، وأبو الائمّة المهديين.

معاشر الناس: من أحبّ عليا أحببته، ومن أبغض عليا أبغضته، ومن وصل عليا وصلته، ومن قطع عليا قطعته، ومن جفا عليا جفوته، ومن والى عليا واليته، ومن عادى عليا عاديته.

معاشر الناس: أنا مدينة الحكمة وعلي بن أبي طالب بابها، ولن تؤتى المدينة إلاّ من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا.

معاشر الناس: والذي بعثني بالنبوّة واصطفاني على جميع البريّة، ما نصبت عليا علما لامّتى في الارض حتّى نوّه اللّه باسمه في

ص:191

سماواته وأوجب ولايته على ملائكته».

والحمد للّه ربّ العالمين وصلاته على خير خلقه محمّد وآله(1).

بشارة المصطفى: اخبرني الشيخ أبو محمّد الحسن بن بابويه، عن عمه، عن أبيه، عن عمّه أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه (رحمه اللّه) قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن سعيد الهاشمي بهذا الاسناد نحوه(2).

باب (3) الصّلاة في مسجد الغدير

4762 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يستحبّ الصّلاة في مسجد الغدير لأنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) أقام فيه أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهو موضع أظهر اللّه (عزّوجلّ) فيه الحق(3).

[باب (4)] عظمة يوم الغدير

4763 - التهذيب: محمد بن أحمد بن داود، عن أبي علي أحمد ابن محمد بن عمار الكوفي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن

ص:192


1- - أمالي الصدوق: ص 109 ح 8. منه البحار: ج 37 ص 109.
2- (2) - بشارة المصطفى: ص 23.
3- (3) - الكافي: ج 4 ص 567 ح 3.

الحسن بن فضال، عن محمّد بن عبداللّه بن زرارة، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: كنّا عند الرضا (عليه السّلام) والمجلس غاص بأهله فتذاكروا يوم الغدير، فانكره بعض الناس فقال الرّضا (عليه السّلام): حدثني أبي، عن أبيه (عليه السّلام) قال: ان يوم الغدير في السّماء أشهر منه في الأرض، ان للّه في الفردوس الاعلى قصرا لبنة من فضّة ولبنة من ذهب، فيه مائة ألف قبة من ياقوتة حمراء ومائة ألف خيمة من ياقوت اخضر، ترابه المسك والعنبر، فيه أربعة أنهار نهر من خمر ونهر من ماء ونهر من لبن ونهر من عسل، وحواليه أشجار جميع الفواكه، عليه طيور أبدانها من لؤلؤ واجنحتها من ياقوت تصوت بالوان الاصوات، إذا كان يوم الغدير ورد الى ذلك القصر أهل السّماوات يسبّحون اللّه ويقدّسونه ويهلّلونه، فتطاير تلك الطيور فتقع في ذلك الماء وتتمرّغ على ذلك المسك والعنبر، فاذا اجتمعت الملائكة طارت فتنفض ذلك عليهم، وإنهم في ذلك اليوم ليتهادون نثار فاطمة (عليها السّلام) فاذا كان اخر ذلك اليوم نودوا: انصرفوا الى مراتبكم فقد أمنتم من الخطأ والزلل إلى قابل في مثل هذا اليوم، تكرمة لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) وعلي (عليه السّلام).

ثمّ قال: يابن أبي نصر أين ما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين (عليه السّلام) فان اللّه يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة، ويعتق من النّار ضعف ما اعتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر، والدرهم فيه بألف درهم لاخوانك العارفين، فافضل(1) على اخوانك في هذا اليوم وسرّ فيه كلّ مؤمن ومؤمنة.

ص:193


1- - أفضل عليه: تطول وأحسن وأناله من فضله. (أقرب الموارد).

ثمّ قال: يا أهل الكوفة لقد اعطيتم خيرا كثيرا وانكم لممّن امتحن اللّه قلبه للايمان، مستقلّون مقهورون ممتحنون يصبّ عليكم البلاء صبا، ثمّ يكشفه كاشف الكرب العظيم.

والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كل يوم عشر مرّات، ولولا إنّي أكره التطويل لذكرت من فضل هذا اليوم - وما اعطى اللّه فيه من عرفه - ما لايحصى بعدد.

قال علي بن الحسن بن فضال: قال لي محمد بن عبداللّه: لقد ترددت إلى أحمد بن محمد أنا وأبوك والحسن بن الجهم اكثر من خمسين مرّة وسمعناه منه(1).

4764 - ثواب الاعمال: حدثنا محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفّار، قال: حدثنا محمّد بن عيسى اليقطيني، عن عليّ بن سليمان، عن يوسف البزّاز(2)، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد قال: قيل لابي عبداللّه (عليه السّلام): للمؤمنين من الأعياد غير العيدين والجمعة؟

قال: فقال: نعم لهم ما هو أعظم من هذا، يوم اقيم أمير المؤمنين (عليه السّلام) فعقد له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) الولاية في أعناق الرجال والنساء بغديرخمّ.

فقلت: وأي يوم ذاك؟

قال: الأيام تختلف، ثمّ قال: يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة، قال: ثمّ قال: والعمل فيه يعدل العمل في ثمانين شهرا، وينبغي أن

ص:194


1- - التهذيب: ج 6 ص 24 ح 52.
2- (2) - عن علي بن سليمان بن يوسف البزاز - وسائل الشيعة.

يكثر فيه ذكر اللّه (عزّوجلّ) والصّلاة على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، ويوسّع الرجل فيه على عياله(1).

4765 - إقبال الاعمال: روي محمّد بن علي بن محمد الطرازي في كتابه باسناده المتصل الى المفضل بن عمر قال: قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام): اذا كان يوم القيامة زفّت أربعة أيام الى اللّه (عزّوجلّ) كما تزفّ العروس الى خدرها: يوم الفطر ويوم الاضحى ويوم الجمعة، ويوم غديرخمّ بين الفطر والاضحى ويوم الجمعة كالقمر بين الكواكب وان اللّه ليوكل بغديرخمّ ملائكته المقرّبين - وسيّدهم يومئذ جبرئيل (عليه السّلام) - وأنبياء اللّه المرسلين - وسيّدهم يومئذ محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) - وأوصياء اللّه المنتجبين - وسيّدهم يومئذ أمير المؤمنين - وأولياء اللّه - وساداتهم سلمان وأبو ذر ومقداد وعمّار - حمّى يورده الجنان كما يورد الراعي بغنمه الماء والكلاء(2).

قال المفضل: سيدي تأمرني بصيامه؟

قال لي: إي واللّه إي واللّه إي والله إنّه اليوم الذي تاب اللّه فيه على آدم (عليه السّلام) فصام شكرا للّه تعالى ذلك اليوم، وإنّه اليوم الذي نجّى اللّه تعالى فيه إبراهيم (عليه السّلام) من النار، فصام شكرا للّه تعالى على ذلك اليوم، وإنّه اليوم الذي أقام موسى هارون (عليه السّلام) علما، فصام شكرا للّه تعالى ذلك اليوم، وإنّه اليوم الذي أظهر عيسى وصيّه شمعون الصّفا، فصام شكرا للّه (عزّوجلّ) ذلك

ص:195


1- - ثواب الاعمال: ص 99 ح 2. منه الوسائل: ج 7 ص 325.
2- (2) - الكلاء - بالفتح والهمز والقصر -: العشب رطبا كان أو يابسا والجمع الكلاء. (مجمع البحرين).

اليوم، وإنّه اليوم الذيّ أقام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليا (عليه السّلام) للنّاس علما وأبان فيه فضله ووصيّه، فصام شكرا لله (تبارك وتعالى) ذلك اليوم، وانه ليوم صيام وقيام وإطعام وصلة الاخوان، وفيه مرضاة الرحمن، ومرغمة الشيطان(1).

4766 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني جعفر بن محمّد الأزدي قال: حدثنا محمّد - يعني ابن الحسين الصائغ - قال.

حدثنا الحسن بن علي الصيرفي، عن محمّد البزّاز، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت [له]: جعلت فداك للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة؟

قال: فقال لي: نعم أفضلها وأعظمها وأشرفها عند اللّه منزلة، وهو اليوم الّذي أكمل اللّه فيه الدين، وأنزل على نبيّه (محمّد).

اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (2).

قال: قلت: وأيّ يوم هو؟

قال: فقال لي: إنّ أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن يعقد الوصيّة والإمامة للوصيّ من بعده ففعل ذلك جعلوا ذلك اليوم عيدا، وإنّه اليوم الّذي نصب فيه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عليّا للنّاس علما، وانزل فيه ما انزل، وكمل فيه الدين، وتمّت فيه النعمة على المؤمنين.

قال: قلت: وأيّ يوم هو في السنة؟

ص:196


1- - إقبال الاعمال: ص 466. منه الوسائل: ج 7 ص 327.
2- (2) - المائدة 5:3.

قال: فقال لي: إنّ الأيام تتقدّم وتتأخّر، فربّما كان يوم السبت والأحد والإثنين إلى آخر أيّام السبعة.

قال: قلت: فما ينبغي لنا أن نعمل في ذلك اليوم؟

قال: هو يوم عبادة وصلاة وشكر للّه تعالى وحمد له، وسرور لما منّ اللّه به عليكم من ولايتنا، وإنّي احبّ لكم أن تصوموه(1).

4767 - أمالي الطوسي: أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبداللّه محمد ابن محمد بن النعمان (رحمه اللّه) قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): اعطيت تسعا لم يعط أحد قبلي سوي النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

لقد فتحت لي السبل، وعلمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب.

ولقد نظرت في الملكوت باذن ربّي فما غاب عنّي ما كان قبلي ولا ماياتى بعدي.

وإنّ بولايتي أكمل اللّه لهذه الامّة دينهم وأتم عليهم النعم ورضي لهم إسلامهم إذ يقول يوم الولاية لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

يامحمّد أخبرهم أنّي أكملت لهم اليوم دينهم وأتممت عليهم النعم ورضيت إسلامهم(2).

ص:197


1- - تفسير فرات الكوفي: ص 117 ح 123. منه البحار: ج 37 ص 169.
2- (2) - إشارة إلى قوله تعالى: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً سورة المائدة 5:3.

كلّ ذلك منّ اللّه به عليّ فله الحمد(1).

4768 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): عن المظفر ابن جعفر بن الحسن من كتابه بخطه قال: عن أبي الحسين محمّد بن معمر الكوفي قال: حدثنا أبو جعفر حمدان بن المعافي، قال: حدثني علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جدّه [جعفر (عليه السّلام)](2)

قال: يوم غديرخمّ يوم شريف عظيم، أخذ اللّه الميثاق لأمير المؤمنين (عليه السّلام) أمر محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أن ينصبه للنّاس علما - وشرح الحال وقال ما هذا لفظه -: ثمّ هبط جبرئيل (عليه السّلام) فقال: يامحمّد إنّ اللّه يأمرك أن تعلم امّتك ولاية من فرضت طاعته ومن يقوم بأمرهم من بعدك، وأكد ذلك في كتابه فقال.

أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (3).

فقال: أي ربّ ومن وليّ أمرهم بعدي؟

فقال: من هو لم يشرك بي طرفة عين ولم يعبد وثنا ولا أقسم بزلم(4): عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمامهم وسيّد المسلمين وقائد الغرّ المحجّلين، فهو الكلمة الّتي ألزمتها المتّقين والباب الّذي اؤتى منه، من أطاعه أطاعني ومن عصاه عصاني.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أي ربّ إنّي

ص:198


1- - أمالي الطوسي: ص 205 ح 351. منه البحار: ج 26 ص 141.
2- (2) - ما بين المعقوفتين من البحار.
3- (3) - النساء 4:59.
4- (4) - الزلم - بضم الزاي - والجمع الازلام: وهي السهام التي كان أهل الجاهليّة يستقسمون بها. السان العرب).

أخاف قريشا والناس على نفسي وعليّ، فأنزل اللّه (تبارك وتعالى) وعيدا وتهديدا يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في عليّ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ ثمّ ذكر صورة ما جري بغدير خمّ من ولاية عليّ (عليه السّلام)(1).

[باب (5)] معنى: «من كنت مولاه...»

4769 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ الأمين أبو عبداللّه محمد ابن أحمد بن شهريار الخازن، قال: حدّثني أبو علي محمّد بن محمّد ابن يعقوب الكوفي قال: حدثنا محمّد بن عبدالرحمن العلوي قال.

حدثنا ابو المفضل محمّد بن عبداللّه الشيباني قال: حدثنا عبداللّه بن أحمد بن عامر قال: حدثني أبي أحمد بن عامر، قال: حدثني علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره(2).

أمالي الطوسي: أخبرنا ابن الصلت قال: اخبرنا ابن عقدة قال.

ص:199


1- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 131. منه البحار: ج 37 ص 324.
2- (2) - بشارة المصطفى: ص 103. منه البحار: ج 37 ص 222.

حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا داود بن سليمان قال: حدثني علي ابن موسى، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله):... وذكر مثله(1).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(2) عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله):... وذكر مثله(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) مثله(4).

4770 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ الأديب أبو علي محمّد بن علي بن قراوش التميمي، قال: أخبرني أبو الحسين محمّد بن محمد النقار الحميري، عن الشيخين أبي طالب محمّد بن محمّد بن محمد بن الحسين الصباغ القرشي وأبو القاسم الحسن بن زيد بن حمزة البزاز جميعا، عن علي بن عبدالرحمن بن ماني الكاتب، عن أبي جعفر محمّد بن منصور. قال: حدثني علي بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين، عن ابراهيم بن رجا الشيباني قال: قيل لجعفر بن محمّد (عليهما السّلام) ما أراد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بقوله لعليّ (عليه السّلام) يوم الغدير: «من كنت مولاه فعليّ مولاه

ص:200


1- - أمالي الطوسي: ص 343 ح 704.
2- (2) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 47 ح 183.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: ص 172 ح 109. منه البحار: ج 37 ص 222.

اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه».

قال: فاستوى جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قاعدا ثم قال.

سئل واللّه عنها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال: اللّه مولاي أولى بي من نفسي لا أمر لي معه، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم لا أمر لهم معي، ومن كنت مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معي فعليّ بن أبي طالب مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معه(1).

4771 - تفسير العياشي: عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) ابتداء منه: العجب يا أبا حفص لما لقي عليّ بن أبي طالب!! إنّه كان له عشرة آلاف شاهد لم يقدر على أخذ حقّه والرجل يأخذ حقّه بشاهدين، إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) خرج من المدينة حاجّا ومعه خمسة آلاف، ورجع من مكة وقد شيّعه خمسة الاف من أهل مكة، فلمّا انتهى إلى الجحفة نزل جبرئيل بولاية عليّ (عليه السّلام) وقد كانت نزلت ولايته بمنى وامتنع رسول اللّه من القيام بها لمكان الناس، فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ ممّا كرهت بمنى، فأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقمّت السمرات(2).

فقال رجل من الناس: أما واللّه ليأتينّكم بداهية.

فقلت لعمر:(3) من الرجل؟

ص:201


1- - بشارة المصطفى: ص 51. منه البحار: ج 37 ص 221.
2- (2) - السمر - بفتح السين وضم الميم -: شجر الطلح. ومنه: فأمر بسمرات فقمّ شوكهنّ. (مجمع البحرين).
3- (3) - أي عمر بن يزيد راوي الحديث. ولعل السائل هو من يروي عن عمر.

فقال: الحبشيّ (1).

البحار - بيان: الحبشي هو عمر لانتسابه الى الصهّاكة الحبشية.

4772 - مناقب آل أبي طالب: تفسير الثعالبيّ، قال جعفر بن محمّد (عليه السّلام) [في - قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ] معناه: بلّغ ما انزل إليك من ربّك في فضل عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)، فلمّا نزلت هذه الآية أخذ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بيد عليّ فقال من كنت مولاه فعليّ مولاه(2).

4773 - مناقب آل أبي طالب: العيّاشي، عن الصادق (عليه السّلام) اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بإقامة حافظه وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي بولايتنا وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً أي تسليم النفس لامرنا.

الباقر والصادق (عليهما السّلام): نزلت هذه الآية يوم الغدير، وقال يهوديّ لعمر: لو كان هذا اليوم فينا لاتّخذناه عيدا.

فقال ابن عبّاس: وأيّ يوم أكمل من هذا العيد؟(3).

4774 - بشارة المصطفى: اخبرني الشيخ أبو محمّد الحسن بن الحسين بن بابويه (رحمه اللّه) عن عمّه محمّد بن الحسن، عن أبيه الحسن بن الحسين، عن عمّه أبي جعفر محمد بن علي قال: حدثني

ص:202


1- - تفسير العياشي: ج 1 ص 332 ح 154، والآية في سورة المائدة 5:67. من البحار: ج 37 ص 140.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 21. منه البحار: ج 37 ص 155.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 23، والآية في سورة المائدة 5:3. منه البحار: ج 37 ص 156.

محمّد بن علي بن ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن حكم بن أيمن، عن محمّد الحلبي قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّه من عرف دينه من كتاب اللّه (عزّوجلّ) زالت الجبال قبل أن يزول، ومن دخل في أمر بجهل خرج منه بجهل.

قلت: وما هو في كتاب اللّه (عزّوجلّ)؟

قال: قول اللّه (عزّوجلّ): وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (1) وقوله (عزّوجلّ): مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ (2) وقوله (عزّوجلّ): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (3) وقوله (تبارك اسمه): إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (4) وقوله (جلّ جلاله): فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (5) وقوله (عزّوجلّ): يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ (6) ومن

ص:203


1- - الحشر 59:7.
2- (2) - النساء 4:80.
3- (3) - النساء 4:59.
4- (4) - المائدة 5:55.
5- (5) - النساء 4:65.
6- (6) - المائدة 5:67.

ذلك قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ (عليه السّلام): من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأحبّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه(1).

4775 - شرح الأخبار: جعفر بن محمّد، عن أبيه (صلوات اللّه عليهما) أن رجلا سأله، فقال: يابن رسول اللّه، بماذا فضّل عليّ (صلوات اللّه عليه) على النّاس؟

فقال: يقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

فقال الرجل: فهذا حديث معروف عند الناس يعرفه الخاص والعام، فهل غير ذلك؟

فقال له أبو جعفر (عليه السّلام): ويحك وهل تدري ما يجمعه هذا القول، وما يقتضيه؟ إن اللّه (عزّوجلّ) جعل له به على الامة ما جعله لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليها من السمع والطاعة(2).

4776 - شرح الاخبار: عن عباس، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (صلوات اللّه عليه) إنه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أنا سيد الناس ولا فخر، وعلي سيّد المؤمنين ولا فخر، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه(3).

ص:204


1- - بشارة المصطفى: ص 129. منه البحار: ج 23 ص 102.
2- (2) - شرح الاخبار: ج 2 ص 263 ح 566.
3- (3) - شرح الاخبار: ج 1 ص 233 ح 224.

باب (6) إبليس ويوم الغدير

4777 - تفسير القمي: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا أمر اللّه نبيّه أن ينصب أمير المؤمنين (عليه السّلام) للناس في قوله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (1) في عليّ بغديرخمّ فقال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه»، فجاءت الأبالسة إلى إبليس الاكبر وحثّوا التراب على رؤوسهم.

فقال لهم إبليس: مالكم؟

فقالوا: إنّ هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لايحلّها شيء إلى يوم القيامة.

فقال لهم إبليس: كلاّ إنّ الّذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني.

فأنزل اللّه على رسوله وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ (2) الآية(3)

4778 - شرح الأخبار: معاوية بن وهب، قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) يقول: لما كان يوم غديرخم وقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في علي (عليه السّلام) ما قال، قال أحد الرجلين لصاحبه: والله، ما أمره اللّه بهذا، ولا هو الا شيء

ص:205


1- - المائدة 5:67.
2- (2) - سبأ 34:20.
3- (3) - تفسير القمي: ج 2 ص 201. منه البحار: ج 37 ص 119.

تقوّله..

فأنزل اللّه تعالى: وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ * لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ * وَ إِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ يعني عليا (عليه السّلام) وَ إِنّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ يعني بولايته وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ * وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (1) و(2).

4779 - شرح الاخبار: سليمان الديملي، عن أبي عبداللّه جعفر ابن محمد (عليه السّلام) قال: لما نصب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليا وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، إفترق الناس في ذلك ثلاث فرق، فرقة قالوا: ضلّ محمّد، وفرقة قالوا: غوى، وفرقة قالوا: قال محمد في ابن عمه بهواه.

فأنزل اللّه تعالى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى * وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (3) و(4).

4780 - تفسير العياشي: عن جعفر بن محمّد الخزاعيّ، عن أبيه قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يذكر في حديث غديرخمّ أنّه لمّا قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لعليّ (عليه السّلام) ما قال

ص:206


1- - الحاقة 69:44.
2- (2) - شرح الاخبار: ج 1 ص 241 ح 259.
3- (3) - النجم 53:1-5.
4- (4) - شرح الأخبار: ج 1 ص 243 ح 265.

وأقامه للناس صرخ إبليس صرخة فاجتمعت له العفاريت.

فقالوا: ياسيّدنا ما هذه الصرخة؟

فقال: ويلكم يومكم كيوم عيسى، واللّه لأضلّنّ فيه الخلق.

قال: فنزل القرآن وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (1).

فقال: صرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت فقالوا.

ياسيّدنا ما هذه الصرخة الاخرى؟

فقال: ويحكم حكى اللّه والله كلامي قرآنا، وأنزل عليه وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ثمّ رفع رأسه إلى السماء ثمّ قال: وعزّتك وجلالك لالحقنّ الفريق بالجميع.

قال: فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ (2) قال: صرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت فقالوا: ياسيّدنا ما هذه الصرخة الثالثة؟

قال: والله من أصحاب عليّ، ولكن بعزّتك وجلالك ياربّ لأزيّننّ لهم المعاصي حتّى ابغّضهم إليك.

قال: فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): والّذي بعث بالحقّ محمّدا - للعفاريت والأبالسة على المؤمن أكثر من الزنابير على اللّحم، والمؤمن أشدّ من الجبل والجبل تدنو إليه بالفأس فتنحت(3) منه والمؤمن

ص:207


1- - سبا 34:20.
2- (2) - الاسراء 17:65.
3- (3) - والجبل يستقل منه بالفأس فينحت - البحار.

لايستقلّ عن دينه(1).

باب (7) الإمام الصادق عليه السلام في أرض الغدير

4781 - التهذيب: محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحجال، عن عبدالصمد بن بشير، عن حسّان الجمال قال: حملت أبا عبداللّه (عليه السّلام) من المدينة الى مكة، [قال:] فلما انتهينا الى مسجد الغدير نظر في(2) ميسرة المسجد فقال: ذاك(3)

موضع قدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم نظر في(4)

الجانب الآخر فقال: هذا(5) موضع فسطاط ابي فلان وفلان وسالم(6)

مولى ابي حذيفة وابي عبيدة بن الجراح فلمّا ان رأوه(7) رافعا يده قال بعضهم:(8) انظروا الى عينيه تدوران(9) كأنهما عينا مجنون!! فنزل جبرئيل (عليه السّلام) بهذه الآية وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا

ص:208


1- - تفسير العياشي: ج 2 ص 301 ح 111. منه البحار: ج 37 ص 164.
2- (2) - إلى - الكافي.
3- (3) - ذلك - الكافي.
4- (4) - إلى - الكافي - الفقيه.
5- (5) - ذلك - الكافي، ذاك - الفقيه: ج 2، وأما الجانب الآخر فذلك - الفقيه: ج 1.
6- (6) - فسطاط المنافقين وسالم - الفقيه: ج 2.
7- (7) - فسطاط المنافقين الذين لمّا رأوه - الفقيه: ج 1.
8- (8) - بعضهم لبعض - الكافي - الفقيه: ج 1.
9- (9) - تدور - الكافي.

لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَ ما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (1).

ثم قال: يا حسّان(2) لولا انك جمّالي لما حدّثتك بهذا الحديث(3).

الكافي: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين مثله إلى قوله.

ذكر للعالمين(4).

من لايحضره الفقيه: روي عن حسّان الجمال مثل الكافي(5).

من لايحضره الفقيه: ويستحب الصّلاة في مسجد الغدير في ميسرة المسجد فان ذلك موضع قدم... وذكر مثله(6).

ذكرى الشيعة: روي عن الحسّان الجمّال قال: حملت... وذكر نحوه(7).

4782 - تأويل الآيات الظاهرة: قال: محمّد بن العباس، حدثنا حسن بن أحمد المالكيّ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن عبداللّه بن سنان، عن حسان الجمّال قال: حملت أبا عبداللّه من المدينة إلى مكة، فلمّا بلغ غديرخمّ نظر إليّ وقال: هذا موضع قدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حين أخذ بيد

ص:209


1- - القلم 68:51 و 52.
2- (2) - أخبر الصادق (عليه السّلام) بذلك حسّان الجمّال لمّا حمله من المدينة الى مكة فقال له: ياحسّان - الفقيه: ج 1.
3- (3) - التهذيب: ج 3 ص 263 ح 746.
4- (4) - الكافي: ج 4 ص 566 ح 2.
5- (5) - من لايحضره الفقيه: ج 2 ص 559 ح 3144.
6- (6) - من لايحضره الفقيه: ج 1 ص 230 ح 686.
7- (7) - ذكرى الشيعة: ص 155.

عليّ (عليه السّلام) وقال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» وكان عن يمين الفسطاط أربعة نفر من قريش - سمّاهم لي - فلمّا نظروا إليه وقد رفع يده حتّى بان بياض إبطيه قالوا: أنظروا إلى عينيه قد انقلبتا كأنّهما عينا مجنون! فأتاه جبرئيل فقال: اقرأ وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَ ما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ والذكر عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).

فقلت: الحمد للّه الّذي أسمعني هذا منك.

فقال: لولا أنّك جمّالي لما حدّثتك بهذا لأنّك لاتصدّق إذا رويت عني(1).

4783 - شرح الاخبار: حسان الجمّال، قال: حملت أبا عبداللّه (جعفر بن محمّد) (عليه السّلام) من المدينة إلى مكة، فلمّا انتهى الى غديرخم، نظر الى المسجد، فقال: تري عن يسار المسجد ذاك؟

قلت: نعم.

قال: كان موضع قدمي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حين أخذ بيد علي (عليه السّلام) وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

ونظر الى الجانب الأيمن، فقال: ها هنا كان فسطاط أربعة من قريش - سمّاهم - فلمّا قام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) تغشاه الوحي، فنظروا الى عينيه قد انقلبتا، فقالوا: ماهو إلا جن. فأنزل اللّه تعالى فيهم وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا

ص:210


1- - تأويل الايات الظاهرة: ج 2 ص 712 ح 6. منه البحار: ج 37 ص 221.

اَلذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَ ما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ثم قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لولا انك جمّال لم احدّثك بهذا(1).

باب (8) أعداء الغدير

4784 - تفسير القمي: حدثنا أحمد بن الحسن التاجر قال: حدثنا الحسن بن علي بن عثمان الصوفي قال: حدثنا زكريا بن محمد، عن محمّد بن عليّ، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: لمّا أقام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أمير المؤمنين [عليّا](2) يوم غديرخمّ كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين، منهم فلان وفلان وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص وأبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة، قال الثاني: أما ترون عينيه كأنّهما عينا مجنون؟!! - يعني النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) - الساعة يقوم ويقول: قال لي ربّي.

فلمّا قام (صلّى اللّه عليه وآله) قال: أيّها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟

قالوا: اللّه ورسوله.

قال: اللهمّ فاشهد، ثمّ قال: ألا من كنت مولاه فعليّ مولاه، وسلّموا عليه بإمرة المؤمنين.

فنزل جبرئيل (عليه السّلام) وأعلم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه

ص:211


1- - شرح الاخبار: ج 1 ص 240 ح 258.
2- (2) - مابين المعقوفتين من البحار.

وآله وسلّم) بمقالة القوم، فدعاهم وسألهم فأنكروا وحلفوا، فأنزل اللّه: يَحْلِفُونَ بِاللّهِ ما قالُوا (1) و(2).

4785 - مناقب آل أبي طالب: معاوية بن عمّار، عن الصادق (عليه السّلام) في خبر: لمّا قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): من كنت مولاه فعليّ مولاه قال العدويّ (3): ولا واللّه ما أمره بهذا وما هو إلاّ شيء يتقوّله! فأنزل اللّه تعالى وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ إلى قوله.

عَلَى الْكافِرِينَ يعني محمّدا وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (4) يعني به عليّا(5).

4786 - مناقب آل أبي طالب: حسّان الجمّال، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في خبر فلمّا رأوه رافعا يده - يعني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) - قال بعضهم: انظروا إلى عينيه تدوران كأنّهما عينا مجنون! فنزل جبرئيل بهذه الآية وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ إلى آخر السورة6.

4787 - تفسير العياشي: عن جعفر بن محمّد الخزاعيّ، عن أبيه قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لمّا قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ما قال في غديرخمّ وصار بالآخبية(6) مرّ المقداد

ص:212


1- - التوبة 9:74.
2- (2) - تفسير القميّ: ج 1 ص 301. منه البحار: ج 37 ص 119.
3- (3) - نسبة الى بني عدي.
4- (4) - الحاقة 69:44-51.
5- (5و6) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 37. منه البحار: ج 37 ص 160.
6- (7) - وصاروا بالاخبية - البحار. أي دخلوا خيامهم.

بجماعة منهم وهم يقولون: والله إن كنّا [أصحاب كسرى](1) وقيصر لكنّا في الخزّ والوشي(2) والديباج والنساجات، وإنّا معه في الأخشنين، ناكل الخشن ونلبس الخشن، حتّى إذا دنا موته وفنيت أيّامه وحضر أجله أراد أن يولّيها عليّا من بعده، أما واللّه ليعلمنّ.

قال: فمضى المقداد وأخبر النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) به فقال: الصّلاة جامعة.

قال: فقالوا: قد رمانا المقداد فقوموا نحلفه عليه.

قال: فجاؤوا حتّى جثوا(3) بين يديه، فقالوا: بآبائنا وامّهاتنا يارسول اللّه لا والّذي بعثك بالحقّ والّذي أكرمك بالنبوّة ما قلنا ما بلغك، لا والّذي اصطفاك على البشر.

قال: فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بك يا محمّد ليلة العقبة بِما لَمْ يَنالُوا وَ ما نَقَمُوا إِلاّ أَنْ أَغْناهُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ (4) كان أحدهم يبيع الرؤوس وآخر يببع الكراع(5) ويفتل القرامل(6) فاغناهم اللّه برسوله، ثمّ

ص:213


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - الوشى - ثوب وشي: ثوب منقوش. (مجمع البحرين).
3- (3) - جثا الرجل يجثو: جلس على ركبتيه. (اقرب الموارد).
4- (4) - التوبة 9:74.
5- (5) - الكراع: هو مستدق الساق وقيل: الكراع من الدواب ما دون الكعب ومن الانسان ما دون الركبة. (أقرب الموارد).
6- (6) - القرامل: هي ضفائر من شعر أو صوف أو إبريسم تصل به المرأة شعرها. والقرمل: نبات طويل الفروع ليّن. (لسان العرب).

جعلوا حدّهم وحديدهم عليه!(1).

4788 - تفسير العياشي: قال أبان بن تغلب [عنه] (عليه السّلام): لمّا نصب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عليّا (عليه السّلام) يوم غديرخمّ فقال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» فهمّ (2)

رجلان من قريش رؤوسهما وقالا: واللّه لانسلّم له ما قال أبدا، فاخبر النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فسألهما عمّا قالا فكذّبا وحلفا باللّه ما قالا شيئا، فنزّل جبرئيل على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يَحْلِفُونَ بِاللّهِ ما قالُوا الآية.

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لقد تولّيا وما تابا(3).

4789 - مناقب آل أبي طالب: في رواية أبي بصير، عن الصادق (عليه السّلام) في خبر أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: أما جبرئيل نزل عليّ وأخبرني أنّه يؤتى يوم القيامة بقوم إمامهم ضبّ، فانظروا أن لاتكونوا اولئك فإنّ اللّه تعالى يقول: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (4).

4790 - تفسير فرات الكوفي: قال (أبو الخير مقداد بن علي الحجازي المدني): حدثنا أبو القاسم الحسنيّ [قال: حدثنا فرات] معنعنا عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لما نزلت ولاية [أمير

ص:214


1- - تفسير العياشي: ج 2 ص 99 ح 90. منه البحار: ج 37 ص 154.
2- (2) - فضمّ - البحار.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 2 ص 99 ح 91. منه البحار: ج 37 ص 154.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 42، والآية في سورة الاسراء 17:71. منه البحار: ج 37 ص 163.

المؤمنين] عليّ [بن أبي طالب] (عليه السّلام) أقامه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، فقال رجل: لقد فتن بهذا الغلام! فأنزل اللّه تعالى: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ * ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ * فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ * بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (1).

باب (9) بيعة يوم الغدير

4791 - إعلام الورى: عن الصادق (عليه السّلام): ان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ساق في حجته مائة بدنة فنحر نيفا وستين ثم أعطى عليا نيفا وثلاثين فلمّا رجع علي إلى جيشه وجد الناس قد لبسوا تلك الحلل فقال للذي استخلفه عليهم: ويحك الى ما فعلت من غير إذن رسول اللّه؟

قال: انهم سألوني أن ادفعها إليهم فيتجمّلوا بها ويحرموا فيها.

فقال: بئس ما فعلوا وبئس ما فعلت.

فانتزعها من القوم وشدها في الاعدال، فكثرت شكاية القوم عليا، فنادى منادي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ارفعوا ألسنتكم من شكاية علي فانه خشن في ذات اللّه.

ص:215


1- - تفسير فرات الكوفي: ص 495 ح 648، والآيات في سورة القلم 68:1-6. منه البحار: ج 37 ص 173.

ولما قدم النبي مكة وطاف وسعى نزل عليه جبرئيل (عليه السّلام) - وهو علي المروة - بهذه الآية وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (1) فخطب الناس وحمد اللّه واثنى عليه وقال: دخلت العمرة في الحج هكذا الى يوم القيامة - وشبك بين أصابعه - ثمّ قال: لو استقبلت من أمري ما استدبرته ما سقت الهدي، ثمّ امر مناديه فنادى: من لم يسق منكم هديا فليحل وليجعلها عمرة، ومن ساق منكم هديا فليقم على احرامه.

وقام اليه رجل من بني عدي وقال: يارسول اللّه أنخرجن الى منى ورؤسنا تقطر من النساء؟

فقال: إنك لن تؤمن بها حتى تموت.

فقام اليه سراقة بن مالك بن جشعم(2) فقال: يارسول اللّه ألعامنا هذا أم للأبد؟

قال: لا، بل لابد الابد، فاحل الناس اجمعون إلا من كان معه هدي.

وخطب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الناس يوم النفر بمنى فودعهم.

ولما قضى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) نسكه وقفل الى المدينة وانتهى الى الموضع المعروف بغديرخم - وليس بموضع للنزول

ص:216


1- - البقرة 2:196.
2- (2) - هكذا في المصدر والظاهر انه تصحيف والصحيح هو: سراقة بن مالك بن جعشم الكناني وهو الذي ساخت قوائم فرسه لمّا أراد الشرّ برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله). (سفينة البحار).

لعدم الماء والمرعى - فنزل عليه جبرئيل وامره ان يقيم عليا وينصبه إماما للناس، فقال: إن امّتي حديثوا عهد بالجاهلية، فنزل عليه انها عزيمة لارخصة فيها ونزلت الآية وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ فنزل رسول اللّه بالمكان الذي ذكرنا ونزل المسلمون حوله وكان يوما شديد الحرّ فأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بدوحات هناك فقمّ ما تحتها وامر بجمع الرحال في ذلك المكان ووضع بعضها على بعض، ثم امر مناديه فنادى بالناس: الصلاة جامعة، فاجتمعوا اليه وان اكثرهم ليلف رداءه على قدميه من شدة الرمضاء فصعد (صلّى اللّه عليه وآله) على تلك الرحال حتى صار في ذروتها ودعا عليا (عليه السّلام) فرقى معه حتى قام عن يمينه، ثم خطب الناس فحمد اللّه واثنى عليه ووعظ ونعى الى الامة نفسه فقال.

إني دعيت ويوشك ان اجيب وقد حان مني خفوق من بين اظهركم واني مخلف فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا: كتاب اللّه وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض.

ثم نادى بأعلى صوته: ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟

فقالوا: اللهم بلى.

فقال لهم على النسق وقد أخذ بضبعي عليّ فرفعهما حتى رئي بياض ابطيهما وقال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، ثمّ نزل وكانت وقت الظهيرة ثمّ صلّى ركعتين ثمّ زالت الشمس فاذن مؤذنه لصلاة الظهر فصلى بالناس وجلس في خيمته وامر عليا ان يجلس

ص:217

بخيمة له بازائه، ثمّ أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجا فهنوه(1)

بالامامة ويسلّمون عليه بامرة المؤمنين، ففعل الناس ذلك اليوم كلّهم ثمّ أمر أزواجه وجميع نساء المؤمنين معه ان يدخلن معه ويسلمن عليه بامرة المؤمنين ففعلن ذلك.

وكان ممن اطنب في تهنئته بذلك المقام عمر بن الخطاب وقال فيما قال: بخ بخ لك يا علي اصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

وأنشأ حسان يقول.

يناديهم يوم الغدير نبيّهم بخم واسمع بالرسول مناديا

وقال: فمن مولاكم ووليكم؟ فقالوا ولم يبدو هناك التعاديا

إلهك مولانا وأنت ولينا ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيا

فقال له: قم ياعلي فانني رضيتك من بعدي إماما وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليّه فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا اللّهم وال وليّه وكن للذي عادا عليا معاديا

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لاتزال يا حسّان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك.

ص:218


1- - هكذا في المصدر ولعل الاصح: فيهنوه.

ولم يبرح رسول اللّه من ذلك المكان حتى نزل: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً .

فقال: الحمد للّه على كمال الدين وتمام النّعمة ورضى الرّب برسالتي والولاية لعلي من بعدي.

ولما قدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) المدينة من حجة الوداع عقد لاسامة بن زيد الامرة وأمره أن يقصد حيث قتل أبوه وقال له.

اوطيء الخيل أواخر الشام من اوائل الروم، وجعل في جيشه أعيان المهاجرين ووجوه الانصار وفيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، وعسكر اسامة بالجرف(1)، فاشتكى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) شكواه الّتي توفي فيها وكان يقول في مرضه: نفّذوا جيش اسامة، ويكرّر ذلك، إنما فعل ذلك لئلا يبقى في المدينة عند وفاته من يختلف في الامامة ويطمع في الامارة ويستوسق الامر لأهله(2).

4792 - جامع الأخبار: حدثنا الحاكم الرئيس الامام مجد الحكام أبو منصور علي بن عبداللّه الزيادي، قال: حدثني الشيخ الامام أبو عبداللّه جعفر بن محمّد الدوريستي، قال: حدثني أبو محمّد بن احمد قال: حدثني الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين، قال.

حدثني أبي قال: حدثني سعيد بن عبداللّه(3) قال: حدثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن زرارة بن أعين الشيباني قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليه السّلام)

ص:219


1- - الجرف: اسم موضع قريب من المدينة. (لسان العرب).
2- (2) - اعلام الورى: ص 131. منه الوسائل: ج 8 ص 168.
3- (3) - هكذا في نسخة المصدر والظاهر انه «سعد بن عبداللّه» كما في البحار.

قال: لما خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلى مكة في حجّة الوداع فلمّا انصرف منها - وفي خبر آخر: وقد شيّعه من مكة اثنا عشر ألف رجل من اليمن وخمسة آلاف رجل من المدينة - جاءه جبرئيل [في الطريق] فقال له: يارسول اللّه إنّ اللّه تعالى يقرؤك السلام، وقرأ هذه الآية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ .

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ياجبرئيل إنّ الناس حديثو عهد بالإسلام فاخشى أن يضطربوا ولا يطيعوا.

فعرج جبرئيل إلى مكانه ونزل عليه في اليوم الثاني، وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) نازلا بغدير، فقال له: يامحمّد قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ .

فقال [له]: ياجبرئيل أخشى من أصحابي من أن يخالفوني.

فعرج جبرئيل ونزل عليه في اليوم الثالث وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بموضع يقال له: غديرخمّ وقال له: يارسول اللّه قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ فلمّا سمع رسول اللّه هذه المقالة قال للناس: أنيخوا ناقتي فواللّه ما أبرح من هذا المكان حتّى ابلّغ رسالة ربّي، وأمر أن ينصب له منبر من أقتاب الإبل، وصعدها وأخرج معه عليّا (عليه السّلام) وقام قائما وخطب خطبة بليغة ووعظ فيها وزجر، ثمّ قال في آخر كلامه.

يا أيّها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟

ص:220

فقالوا: بلى يارسول اللّه.

ثمّ قال: قم ياعليّ، فقام عليّ (عليه السّلام) فأخذ بيده فرفعها حتّى رئي بياض إبطيه، ثمّ قال: ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، ثمّ نزل من المنبر، وجاء أصحابه إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهنّؤوه بالولاية، وأوّل من قال له عمر بن الخطّاب، فقال له.

ياعليّ أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن و مؤمنة.

ونزل جبرئيل (عليه السّلام) بهذه الآية اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً .

سئل الصادق (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ): يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها ؟(1).

قال: يعرفون يوم الغدير وينكرونها يوم السقيفة! فاستأذن حسّان بن ثابت أن يقول أبياتا في ذلك اليوم فاذن له فأنشأ يقول.

يناديهم يوم الغدير نبيّهم (بخمّ) واسمع بالرسول مناديا

وقال: فمن مولاكم ووليّكم؟ فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا

الهك مولانا وانت وليّنا ومالك منا في المقالة عأصيا

ص:221


1- - النحل 16:83.

فقال له: قم ياعلي فانني نصبتك من بعدي اماما وهاديا

هناك دعا اللهم وال وليّه وكن للذي عادي عليّا معاديا

فخصّ بها دون البريّة كلّها عليّا وسمّاه الوزير المواخيا

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لاتزال ياحسّان مؤيّدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك فلما كان بعد ثلاثة أيّام فجلس (صلّى اللّه عليه وآله) مجلسه اتاه رجل من بني مخزوم يسمّى عمر بن عتبة - وفي خبر آخر حارث بن النعمان الفهريّ - فقال: يامحمّد أسألك عن ثلاث مسائل.

فقال: سل عمّا بدا لك.

فقال: أخبرني عن شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّدا رسول اللّه أمنك أم من ربّك؟

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): اوحي إليّ من اللّه والسفير جبرئيل والمؤذن أنا، وما أذنت إلاّ من أمر ربّي.

قال: فأخبرني عن الصّلاة والزّكاة والحجّ والجهاد أمنك أم من ربّك؟

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) مثل ذلك.

قال: فأخبرني عن هذا الرجل - يعني عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) - وقولك فيه: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه إلى اخره أمنك أم من ربّك؟

ص:222

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): الوحي إليّ من اللّه والسفير جبرئيل والمؤذن أنا وما أذنت إلاّ ما أمرني ربّي.

فرفع المخزوميّ رأسه إلى السماء فقال: اللهمّ إن كان محمّد صادقا فيما يقول فارسل عليّ شواظا(1) من نار - وفي خبر آخر في التفسير: فقال: اَللّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (2) وولى، فواللّه ما سار غير بعيد حتّى أظلّته سحابة سوداء فأرعدت وأبرقت فأصعقت، فاصابته الصاعقة فأحرقته النار، فهبط جبرئيل وهو يقول: اقرأ يا محمّد سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ * لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ * مِنَ اللّهِ ذِي الْمَعارِجِ (3).

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لاصحابه: رأيتم؟

قالوا: نعم.

وسمعتم؟

قالوا: نعم.

قال: طوبى لمن والاه والويل لمن عاداه، كأنّي أنظر إلى علي (عليه السّلام) وشيعته يوم القيامة يزفّون على نوق من رياض الجنّة شباب جعامور متوّجون مكحّلون لاخوف عليهم ولاهم يحزنون، قد ايّدوا برضوان من اللّه أكبر، ذلك هو الفوز العظيم، حتّى سكنوا في حظيرة القدس من جوار ربّ العالمين، لهم فيها ما تشتهي الانفس وتلذّ الأعين وهم فيها خالدون، وتقول لهم الملائكة: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما

ص:223


1- - الشواظ والشواظ: لهب لا دخان فيه. (اقرب الموارد).
2- (2) - الانفال 8:32.
3- (3) - المعارج 70:1-3.

صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ (1) و(2).

4793 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني محمد بن أحمد بن ظبيان معنعنا عن الحسين بن محمّد الخارقي قال: سألت سفيان بن عيينة عن سَأَلَ سائِلٌ فيمن نزلت؟

فقال: يابن أخي سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد [خلق] قبلك، لقد سألت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) عن مثل الّذي سألتني عنه فقال: أخبرني أبي، عن جدّي، عن أبيه، عن ابن عبّاس قال: لمّا كان يوم غديرخمّ قام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) خطيبا فأوجز في خطبته، ثمّ دعا [أمير المؤمنين] عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فأخذ بضبعه ثمّ رفع بيده حتّى رئي بياض إبطيهما [ابطيه].

قال: ألم ابلّغكم الرسالة؟ ألم أنصح لكم؟

قالوا: اللهمّ نعم.

فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه(3)، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، ففشت [هذه] في الناس فبلغ الحارث بن النعمان الفهريّ فرحل راحلته، ثم استوى عليها - ورسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إذ ذاك بمكة - حتّى انتهى إلى الابطح، فأناخ ناقته ثمّ عقلها، ثمّ جاء إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فسلّم، فردّ عليه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال.

ص:224


1- - الرعد 13:24.
2- (2) - جامع الاخبار: ص 10. منه البحار: ج 37 ص 165.
3- (3) - في نسخة البحار فهذا عليّ مولاه - وكذا في الموارد الآتية.

يامحمّد إنّك دعوتنا أن نقول: لا إله إلاّ اللّه فقلنا، ثمّ دعوتنا أن نقول: إنّك رسول اللّه فقلنا، وفي القلب ما فيه! ثمّ قلت: صلّوا فصلّينا، ثمّ قلت: صوموا فصمنا، فاظمأنا نهارنا واتعبنا أبداننا ثم قلت: حجّوا فحججنا، ثمّ قلت: إذا رزق أحدكم مائتي درهم فليتصدّق بخمسة في كلّ سنة ففعلنا، ثمّ إنّك أقمت ابن عمّك فجعلته علما وقلت: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، أفعنك أم عن اللّه؟

قال: بل عن اللّه - قال: فقالها ثلاثا -.

قال: فنهض وإنّه لمغضب وإنّه ليقول: اللهمّ إن كان ما قال محمّد حقّا فأمطر علينا حجارة من السّماء تكون نقمة في أوّلنا وآية في آخرنا، وإن كان ما قال محمّد كذبا فأنزل به نقمتك، ثمّ أثار ناقته(1)

فحلّ عقالها ثمّ استوى عليها، فلمّا خرج من الابطح رماه اللّه تعالى بحجر من السّماء فسقط على رأسه وخرج من دبره، وسقط ميّتا، فأنزل اللّه فيه سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ *. لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ * مِنَ اللّهِ ذِي الْمَعارِجِ (2).

تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس (رحمه اللّه).

حدثنا علي بن محمّد بن مخلد، عن الحسن بن القاسم، عن عمر بن الحسن، عن آدم بن حماد، عن حسين بن محمد قال: سالت سفيان ابن عيينة، عن قول اللّه (عزّوجلّ): سَأَلَ سائِلٌ فيمن نزلت؟

فقال: يابن اخي لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه احد قبلك

ص:225


1- - أثار ناقته: هاجها وأنهضها. (أقرب الموارد).
2- (2) - تفسير فرات الكوفي: ص 505 ح 663.

لقد سألت جعفر بن محمّد (عليه السّلام)... وذكر نحوه(1).

الطرائف: باسناد الثعلبي قال: سئل سفيان بن عيينة عن قوله (عزّوجلّ): سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ فيمن نزلت؟ فقال للسائل.

لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها احد قبلك، حدثني أبي، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (صلوات اللّه عليهم)... وذكر الحديث قريبا من ذلك(2).

4794 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني الحسين بن سعيد، قال: حدثنا علي بن حفص العوسي(3) قال: حدثنا يقطين الجواليقي، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) في قوله: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي .

قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السّلام) خاصّة دون النّاس(4).

4795 - شرح الاخبار: قال جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، عن أبيه، عن آبائه (صلوات اللّه عليهم أجمعين): إن آخر ما أنزل اللّه (عزّوجلّ) من الفرائض ولاية علي (عليه السّلام) فخاف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ان بلّغها الناس أن يكذّبون ويرتد أكثرهم حسدا له، لما علمه في صدور كثير منهم له، فلما حجّ حجة الوداع وخطب بالناس بعرفة، وقد اجتمعوا من كل افق لشهود الحج معه، علّمهم في

ص:226


1- - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 722 ح 1.
2- (2) - الطرائف: ص 152 ح 235. منها البحار: ج 37 ص 175 و 176.
3- (3) - في نسخة: العرسي.
4- (4) - تفسير فرات الكوفي: ص 119 ح 124. منه البحار: ج 36 ص 129.

خطبته معالم دينهم وأوصاهم وقال في خطبته: اني خشيت ألاّ أراكم ولا تروني بعد يومي هذا في مقامي هذا وقد خلفت فيكم ما ان تمسكتم به بعدي لن تضلّوا، كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، حبل ممدود من السّماء إليكم، طرفه بيد اللّه وطرفه بأيديكم، وأجمل (صلّى اللّه عليه وآله) ذكر الولاية في أهل بيته إذ علم ان ليس فيهم أحد ينازع فيها عليا (عليه السّلام) وأن الناس إن سلّموها لهم سلموا بما هم لعلي (عليه السّلام)، واتقى عليه وعليهم أن يقيمه هو بنفسه، فلمّا قضى حجّه، وانصرف وصار الى غديرخم، أنزل اللّه (عزّوجلّ) عليه: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ فقام بولاية علي (عليه السّلام) ونصّ عليه كما أمر اللّه تعالى فانزل اللّه (عزّوجلّ): اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1).

باب (10) التحذير من نقض بيعة الغدير

4796 - تفسير القميّ: حدثني أبي، عن حسّان (حنان) عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (2).

ص:227


1- - شرح الاخبار: ج 1 ص 104 ح 26.
2- (2) - الشعراء 26:192-194.

قال: الولاية نزلت لأمير المؤمنين (عليه السّلام) يوم الغدير(1).

4797 - تفسير القمي: حدثني أبي رفعه قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) لمّا نزلت الولاية وكان من قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بغديرخمّ: سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين فقالوا: أمن اللّه ومن رسوله؟

فقال لهم: نعم حقّا من اللّه ورسوله.

فقال: إنّه أمير المؤمنين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين يقعده اللّه يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنّة ويدخل أعداءه النار، وأنزل اللّه (عزّوجلّ) وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ يعني قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من اللّه و [من] رسوله، ثمّ ضرب لهم مثلا فقال.

وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ (2) و(3).

4798 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): فيما نذكره من كتاب الثقة أبي بكر محمد بن أبي الثلج في تسمية مولانا علي (عليه السّلام) بأمير المؤمنين نذكر المراد منه بلفظه وقال أبو عبداللّه جعفر الصادق (عليه السّلام): أنزل اللّه (تبارك وتعالى) على نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) بكراع الغميم يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ

ص:228


1- - تفسير القمي: ج 2 ص 124. منه البحار: ج 37 ص 120.
2- (2) - النحل 16:91 و 92.
3- (3) - تفسير القمي: ج 1 ص 389. منه البحار: ج 37 ص 120.

مِنَ النّاسِ نذكر قيام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بالولاية بغديرخم، قال: ونزل جبرئيل (عليه السّلام) بقول اللّه (عزّوجلّ).

اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً بعلي أمير المؤمنين في هذا اليوم اكمل لكم معاشر المهاجرين والأنصار دينكم واتم عليكم نعمته ورضي لكم الاسلام دينا.

فاسمعوا له واطيعوا تفوزوا وتغنموا(1).

4799 - تفسير العياشي: عن جعفر بن محمّد الخزاعيّ، عن أبيه قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لمّا نزل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عرفات يوم الجمعة أتاه جبرئيل (عليه السّلام) فقال له يا محمّد: إنّ اللّه يقرؤك السلام ويقول لك: قل لامّتك.

اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بولاية عليّ بن أبي طالب وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ولست أنزل عليكم بعد هذا، قد أنزلت عليكم الصّلاة والزكاة والصوم والحج وهي الخامسة، ولست أقبل هذه الأربعة إلاّ بها(2).

4800 - قرب الاسناد: السندي بن محمّد، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: لمّا نزلت الولاية لعليّ (عليه السّلام) قام رجل من جانب الناس فقال: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لايحلّها بعده إلاّ كافر، فجاءه الثاني فقال له: يا عبداللّه من أنت؟

ص:229


1- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 46. منه البحار: ج 37 ص 137.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 293 ح 21. منه البحار: ج 37 ص 138.

قال: فسكت، فرجع الثاني إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال: يارسول اللّه إنّي رأيت رجلا في جانب الناس وهو يقول: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لايحلّها إلّا كافر.

فقال: يافلان ذلك جبرئيل، فإيّاك أن تكون ممّن يحلّ العقدة فنكص(1) و(2).

4801 - الاحتجاج: روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: لمّا فرغ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) من هذه الخطبة رأي الناس رجلا جميلا بهيّا طيّب الريح فقال: تاللّه ما رأيت محمدا كاليوم قطّ ما أشدّ ما يؤكد لابن عمّه! وإنّه يعقد عقدا لايحلّه إلاّ كافر باللّه العظيم وبرسوله الكريم، ويل طويل لمن حلّ عقده، قال: والتفت إليه عمر بن الخطاب حين سمع كلامه فأعجبته هيئته، ثمّ التفت إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وقال: أما سمعت ما قال هذا الرجل قال: كذا وكذا.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ياعمر أتدري من ذلك الرجل؟

قال: لا.

قال: ذلك الروح الأمين جبرئيل، فإيّاك أن تحلّه، فإنّك إن فعلت فاللّه ورسوله وملائكته والمؤمنون منك برآء(3).

ص:230


1- - فينكص - البحار - نكص عن الامر: تكأكا عنه واحجم. نكص على عقبيه: رجع عمّا كان عليه. (أقرب الموارد).
2- (2) - قرب الاسناد: ص 29. منه البحار: ج 37 ص 120.
3- (3) - الاحتجاج: ص 66. منه البحار: ج 37 ص 219.

4802 - تفسير العياشي: عن صفوان الجمّال قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لمّا نزلت هذه الآية بالولاية امر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بالدوحات(1) دوحات غديرخمّ فقمّت(2) ثمّ نودي.

الصّلاة جامعة، ثمّ قال: أيّها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟

قالوا: بلى.

قال: فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، ربّ وال من والاه وعاد من عاداه.

ثمّ أمر الناس ببيعته، وبايعه الناس لايجيء أحد إلاّ بايعه ولا يتكلّم، حتّى جاء أبو بكر فقال: يا أبا بكر بايع عليّا بالولاية.

فقال: من اللّه أو من رسوله؟

فقال: من اللّه ومن رسوله.

ثمّ جاء عمر فقال: بايع عليّا بالولاية.

فقال: من اللّه أو من رسوله؟

فقال: من اللّه ومن رسوله.

ثمّ ثنّى عطفيه فالتقيا - عمر بأبي بكر - فقال لابي بكر: لشدّ ما يرفع بضبعي(3) ابن عمّه؟ ثمّ خرج هاربا من العسكر، فما لبث أن رجع الى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال: يارسول اللّه إنّي خرجت

ص:231


1- - الدوحات جمع الدوحة: هي الشجرة العظيمة المتّسعة من أي الشجر كانت. (لسان العرب).
2- (2) - أي نظّفت... والقميم ما بقي من نبات عام أول، ويقال ليبس البقل: قميم. (لسان العرب).
3- (3) - الضبع: مصدر وسط العضد بلحمه يكون للانسان وغيره. وقيل: العضد كلها. وقيل: الابط. (أقرب الموارد).

من العسكر لحاجة، فرأيت رجلا عليه ثياب بيض لم أر أحسن منه، والرجل من أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا، فقال: لقد عقد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لعليّ عقدا لايحلّه إلاّ كافر.

فقال: ياعمر أتدري من ذاك؟

قال: لا.

قال: ذاك جبرئيل فاحذر أن تكون أوّل من تحلّه فتكفر.

ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لقد حضر الغدير اثنا عشر ألف رجل يشهدون لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فما قدر على أخذ حقّه، وإنّ أحدكم يكون له المال وله شاهدان فيأخذ حقّه فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ في عليّ (عليه السّلام)(1).

4803 - مناقب آل أبي طالب: عبدالعظيم الحسنيّ، عن الصادق (عليه السّلام) - في خبر - قال رجل من بني عدّي: اجتمعت إليّ قريش فأتينا النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقالوا: يارسول اللّه إنّا تركنا عبادة الاوثان واتّبعناك، فأشركنا في ولاية عليّ فنكون شركاء، فهبط جبرئيل على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال: يامحمّد لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (2) الآية.

قال الرجل: فضاق صدري فخرجت هاربا لما أصابنى من الجهد، فإذا أنا بفارس قد تلقّاني على فرس أشقر(3)، عليه عمامة

ص:232


1- - تفسير العياشي: ج 1 ص 329 ح 143، والآية في سورة المائدة 5:56. منه البحار: ج 37 ص 138.
2- (2) - الزمر 39:65.
3- (3) - الشقرة: لون يؤخذ من الأحمر والأصفر. (المنجد).

صفراء يفوح منه رائحة المسك.

فقال: يارجل لقد عقد محمّد عقدة لايحلّها إلاّ كافر أو منافق.

قال: فأتيت النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فأخبرته.

فقال: هل عرفت الفارس؟ ذلك جبرئيل عرض عليكم عقد ولاية إن حللتم العقد أو شككتم كنت خصمكم يوم القيامة(1).

باب (11) السّلام على أمير المؤمنين بالولاية

4804 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن زيد بن الجهم الهلاليّ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: لمّا نزلت ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وكان من قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين، فكان ممّا أكد اللّه عليهما في ذلك اليوم - يا زيد - قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لهما: قوما فسلّما عليه بإمرة المؤمنين.

فقالا: أمن اللّه أومن رسوله يارسول اللّه؟

فقال لهما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): من اللّه ومن رسوله، فانزل اللّه (عزّوجلّ) وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ يعني به قول رسول

ص:233


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 38. منه البحار: ج 37 ص 161.

اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لهما وقولهما: أمن اللّه أو من رسوله وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ... إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ يعني بعليّ (عليه السّلام) وَ لَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ لَتُسْئَلُنَّ يوم القيامة عَمّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * وَ لا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها يعني بعد مقالة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في عليّ (عليه السّلام) وَ تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ يعني به عليّا (عليه السّلام) وَ لَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (1) و(2).

4805 - تفسير العياشي: عن زيد بن الجهم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: لمّا سلموا على عليّ (عليه السّلام) بإمرة المؤمنين قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) للأوّل: قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.

فقال: أمن اللّه ومن رسوله يا رسول اللّه؟

فقال: نعم من اللّه ومن رسوله.

ثمّ قال لصاحبه: قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.

فقال: من اللّه ومن رسوله؟

قال: نعم من اللّه ومن رسوله.

ثمّ قال: يا مقداد قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.

ص:234


1- - النحل 16:91-94.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 292 ح 1.

قال: فلم يقل ما قال صاحباه.

ثمّ قال: قم يا أبا ذرّ فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين، فقام وسلّم.

ثمّ قال: قم ياسلمان وسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين، فقام وسلّم.

[قال:] حتّى إذا خرجا وهما يقولان: لا واللّه لانسلّم له ما قال أبدا! فأنزل اللّه (تبارك وتعالى) على نبيّه وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً بقولكم: أمن اللّه ومن رسوله إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ * وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ.. .

إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ يعني عليّا وَ لَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * وَ لا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها بعد ما سلّمتم على عليّ بإمرة المؤمنين وَ تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ يعني عليا وَ لَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (1).

ثمّ قال لي: لمّا أخذ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بيد عليّ فأظهر ولايته قالا جميعا: واللّه ليس هذا من تلقاء اللّه، ولا هذا إلاّ شيء أراد أن يشرّف به ابن عمّه! فانزل اللّه عليه وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ * لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَما

ص:235


1- - اشارة الى الآيات من سورة النحل 16:91-94

مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ * وَ إِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَ إِنّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ يعني فلانا وفلانا وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ يعني عليّا وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ يعني عليّا فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (1) و(2).

4806 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): فيما نذكره عن محمّد بن العباس بن مروان من كتابه (تأويل ما نزل من القرآن الكريم في النبي وآله صلّى اللّه عليه وعليهم) [قال:] حدثنا محمّد بن الحسن قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن زيد بن الجهم الهلاليّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: في قول اللّه (عزّوجلّ): وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ

يعني به قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حين قال: قوموا فسلّموا على علي بإمرة المؤمنين.

فقالوا: من اللّه ومن رسوله(3)؟.

4807 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): فيما نذكره عن محمّد بن العباس بن مروان من كتابه ما هذا لفظه، حدثنا أحمد ابن ادريس حدثنا احمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن حديد ومحمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس بن بزرج، عن زيد بن الجهم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته وهو

ص:236


1- - الحاقة 69:44-52.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 2 ص 268 ح 64. منه البحار: ج 36 ص 148.
3- (3) - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 83. منه البحار: ج 37 ص 312.

يقول: لمّا سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لأبي بكر: قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.

فقال: من اللّه ومن رسوله يارسول اللّه؟

قال: نعم من اللّه ومن رسوله.

ثمّ قال لعمر: قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.

قال: من اللّه ومن رسوله؟

قال: نعم من اللّه ومن رسوله.

ثمّ قال: يا مقداد قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين، فلم يقل شيئا ثمّ قام فسلّم.

ثمّ قال: قم يا سلمان فسلّم على عليّ (عليه السّلام) بإمرة المؤمنين، فقام فسلّم.

ثم قال: قم يا أبا ذرّ فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين فقام ولم يقل شيئا ثمّ قام فسلّم.

ثمّ قال: قم يا حذيفة، فقام ولم يقل شيئا وسلّم.

ثمّ قال: قم يا ابن مسعود، فقام فسلّم.

ثم قال: قم ياعمار، فقام عمّار وسلّم.

ثمّ قال: قم يابريدة الأسلميّ، فقام فسلّم، حتّى إذا خرج الرجلان وهما يقولان: لانسلّم له ما قال أبدا، فانزل اللّه (عزّوجلّ) وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (1).

4808 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمّد بن عمر

ص:237


1- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 82. منه البحار: ج 37 ص 311.

الحافظ قال: حدثنا الحسن بن عبداللّه التميمي قال: حدّثني أبي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليهما السّلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ (عليهم السّلام) قال: قال لي بريدة: أمرنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أن نسلّم على أبيك بإمرة المؤمنين(1).

4809 - مناقب آل أبي طالب: إبراهيم الثقفيّ، عن عبداللّه بن جبلة الكنانيّ، عن ذريح المحاربيّ، عن الثماليّ، عن الصادق (عليه السّلام) أنّ بريدة كان غائبا بالشام فقدم وقد بايع الناس أبا بكر، فاتاه في مجلسه فقال: يا أبا بكر هل نسيت تسليمنا على علي بإمرة المؤمنين واجبة من اللّه ورسوله؟

قال: يابريدة إنّك غبت وشهدنا، وإنّ اللّه يحدث الامر بعد الامر، ولم يكن اللّه تعالى يجمع لأهل هذا البيت النبوّة والملك(2).

4810 - مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام): وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ (3) إلى أربع آيات نزلت في ولاية عليّ (عليه السّلام) وما كان من قوله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين(4).

ص:238


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 68 ح 312. منه البحار: ج 37 ص 290.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 53. منه البحار: ج 37 ص 334.
3- (3) - النحل 16:91.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 53. منه البحار: ج 37 ص 333.

باب (12) لقب «أمير المؤمنين» خاص بالإمام عليّ عليه السلام

4811 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): ماذكره الحسين بن سعيد، الثقة المجمع عليه من كتاب (البهار): عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) - في حديث له -.

إنّ عليّا مرض فعاده رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وعلى أهل بيته)، وأمر هؤلاء فعادوه، وقال لهم: سلّموا عليه بإمرة المؤمنين، فقام أبو بكر وعمر وعثمان فقالوا: أمن اللّه أو من رسوله؟

فقال لهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): من اللّه ومن رسوله.

قال: فانطلقوا فسلّموا عليه بإمرة المؤمنين، فدخل عليهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وعلى أهل بيته) وهم عنده فقال له: ياعليّ ما قالوا لك؟

فقال: سلّموا عليّ بإمرة المؤمنين.

قال: فقال لهم: إنّ هذا اسم نحله اللّه عليا، ليس هو إلاّ له، ثمّ ذكر تمام الحديث(1).

4812 - أمالي الطوسي: أبو محمّد الفحام قال: حدثني المنصوري قال: حدّثني عم أبي ابو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى ابن المنصور قال: حدثني الامام علي بن محمّد قال: حدّثني أبي محمد بن علي قال: حدّثني أبي علي بن موسى الرضا قال: حدثني

ص:239


1- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 95. منه البحار: ج 37 ص 322.

أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدّثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدّثني أبي الحسين بن علي قال: حدّثني امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لمّا اسري بي إلى السّماء كنت من ربّي كقاب قوسين أو أدنى، فأوحى إليّ ربّي ما أوحى.

ثمّ قال: يامحمّد اقرأ [على] عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين السّلام، فما سمّيت بهذا أحدا قبله ولا اسمّي بهذا أحدا بعده(1).

4813 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثنا محمّد بن يحيى العطار قال.

حدثنا سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد قال: سمعت يونس بن يعقوب يقول، عن سنان بن طريف، عن أبي عبداللّه الصادق (عليه السّلام) قال: قال: إنّا أوّل أهل بيت نوّه اللّه(2) بأسمائنا، إنّه لمّا خلق اللّه السّماوات والأرض امر مناديا فنادى: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه - ثلاثا - أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه - ثلاثا - أشهد أنّ عليّا أمير المؤمنين حقّا ثلاثا(3).

4814 - الاحتجاج: روي القاسم بن معاوية، قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): هؤلاء يروون حديثا في معراجهم أنّه لما اسري

ص:240


1- - أمالي الطوسي: ص 295 ح 578. منه البحار: ج 37 ص 290.
2- (2) - نوّه به: رفع ذكره ومدحه وعظّمه، ويقال: نوّه باسمه إذا دعاه أيضا. (أقرب الموارد).
3- (3) - أمالي الصدوق: ص 483 ح 4. منه البحار: ج 37 ص 295.

برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) رأى على العرش مكتوبا لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه أبو بكر الصديق.

فقال: سبحان اللّه، غيّروا كلّ شيء حتّى هذا.

قلت: نعم.

قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) لمّا خلق العرش كتب عليه(1) لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه عليّ أمير المؤمنين، ولمّا خلق اللّه (عزّوجلّ) الماء كتب في مجراه لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول الله، عليّ أمير المؤمنين، ولمّا خلق اللّه (عزّوجلّ) اللوح كتب فيه: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، علي أمير المؤمنين، ولمّا خلق اللّه (عزّوجلّ) اللوح كتب فيه لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ أمير المؤمنين، ولمّا خلق اللّه (عزّوجلّ) إسرافيل كتب على جبهته لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ أمير المؤمنين، ولمّا خلق اللّه (عزّوجلّ) جبرئيل كتب على جناحيه لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، علي أمير المؤمنين، ولمّا خلق اللّه (عزّوجلّ) السماوات كتب في أكنافها لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول الله، عليّ أمير المؤمنين، ولمّا خلق اللّه (عزّوجلّ) الأرضين كتب في أطباقها لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، علي أمير المؤمنين، ولمّا خلق اللّه (عزّوجلّ) الجبال كتب في رؤوسها لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، علي أمير المؤمنين، ولمّا خلق اللّه (عزّوجلّ) الشمس كتب عليها لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ أمير المؤمنين، ولمّا خلق اللّه (عزّوجلّ) القمر كتب عليه لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه، عليّ أمير المؤمنين وهو السواد الّذي ترونه في القمر، فاذا قال أحدكم: لا

ص:241


1- - كتب على قوائمه - البحار.

إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه فليقل: عليّ أمير المؤمنين (وليّ اللّه)(1) و(2).

4815 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): من كتاب (الامامة)، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

لمّا أخطأ آدم خطيئته توجّه بمحمّد وأهل بيته، فأوحى اللّه إليه: يا آدم ما علمك بمحمّد؟

قال: حين خلقتني رفعت رأسي فرأيت في العرش مكتوبا.

محمّد رسول اللّه، عليّ أمير المؤمنين(3).

4816 - البحار: روى الحسن بن سليمان في كتاب (المحتضر) من كتاب (المعراج) تأليف الشيخ الصالح أبي محمد الحسن باسناده عن الصدوق عن ماجيلويه، عن محمّد العطّار، عن الأشعريّ، عن ابن يزيد، عن ابن فضّال، عن مروان بن مسلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: مسطور بخطّ جليل(4) حول العرش: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ أمير المؤمنين(5).

4817 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): حدثني قاضي القضاة أبو عبداللّه الحسين بن مروان الضبي، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن

ص:242


1- - ما بين الهلالين من البحار.
2- (2) - الاحتجاج: ص 158. منه البحار: ج 27 ص 1.
3- (3) - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 55. منه البحار: ج 27 ص 7.
4- (4) - في المصدر: بخطّ جليّ. «هامش البحار».
5- (5) - البحار: ج 27 ص 11 ح 27.

موسى، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي بن الحسين [عن أبيه الحسين بن علي]، عن أبيه علي (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): سيكون بعدي فتنة مظلمة الناجي فيها من تمسّك بعروة اللّه الوثقى؟

فقيل: يارسول اللّه وما العروة الوثقى؟

قال: ولاية سيّد الوصيّين؟

قيل: يارسول اللّه ومن سيّد الوصيّين؟

قال: أمير المؤمنين.

قيل: ومن امير المؤمنين؟

قال: مولى المسلمين وإمامهم بعدي.

قيل: ومن مولى المسلمين؟

قال: أخي عليّ بن أبي طالب(1).

مائة منقبة لابن شاذان: حدثني قاضي القضاة أبو عبداللّه الحسين بن هارون الضبيّ (رحمه اللّه) قال: حدثني أحمد بن محمّد قال.

حدثني علي بن الحسن، عن أبيه قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد (بهذا الاسناد) نحوه(2).

4818 - تفسير العياشي: عن محمّد بن إسماعيل الرازيّ، عن رجل سمّاه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: دخل رجل على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين.

ص:243


1- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 62. منه البحار: ج 37 ص 307.
2- (2) - كتاب مائة منقبة: ص 142 المنقبة 81. منه البحار: ج 36 ص 20.

فقام على قدميه فقال: مه هذا اسم لايصلح إلاّ لأمير المؤمنين (عليه السّلام) اللّه سمّاه به، ولم يسمّ به أحد غيره فرضي به إلاّ كان منكوحا وإن لم يكن به ابتلي به. وهو قول اللّه في كتابه إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ إِناثاً وَ إِنْ يَدْعُونَ إِلاّ شَيْطاناً مَرِيداً (1).

قال: قلت: فماذا يدعى به قائمكم؟

قال: يقال له: السلام عليك يا بقيّة اللّه السلام عليك يابن رسول اللّه(2).

4819 - الاختصاص: عن علي بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن عليّ بن السنديّ، عن محمّد بن عمرو، عن أبي الصباح مولى آل سام قال: كنّا عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنا وأبو المغرا إذ دخل علينا رجل من أهل السواد فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه وبركاته.

قال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته، ثمّ اجتذبه وأجلسه إلى جنبه، فقلت لابي المغرا - أو قال لي أبو المغرا -: إن هذا الاسم ما كنت أرى (أنّ) أحدا يسلّم به إلاّ على أمير المؤمنين عليّ (عليه السّلام).

فقال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أبا الصباح إنّه لايجد عبد حقيقة الإيمان حتّى يعلم أنّ لآخرنا ما لأوّلنا(3).

ص:244


1- - النساء 4:117.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 276 ح 274. منه البحار: ج 37 ص 331.
3- (3) - الاختصاص: ص 267. منه البحار: ج 37 ص 332.

البحار - بيان: هذا الخبر نادر لايصلح لمعارضة الاخبار الكثيرة الدالّة على المنع من إطلاق أمير المؤمنين على غيره (عليه السّلام) ويمكن حمله على أنّه (عليه السّلام) إنّما ردّ السائل لتوهّمه أنّ معنى هذا الإسم غير حاصل فيهم (عليهم السّلام) ولا شك أنّ المعنى حاصل فيهم، وأنّ الممنوع إطلاق الإسم لمصلحة، على أنّه يحتمل أن يكون المنع أيضا على سبيل المصلحة لئلاّ يجتريء غيرهم في ذلك والله يعلم.

4820 - مناقب آل أبي طالب: قال رجل للصادق (عليه السّلام): يا أمير المؤمنين.

فقال: مه فإنّه لايرضى بهذه التسمية أحد إلاّ ابتلى ببلاء أبي جهل(1).

أقول: بلاء أبي جهل هو داء الابنة ويبتلى به أعداء أهل البيت (عليهم السّلام).

قال إبن أبي الحديد - ما ملخّصه -: إنّ الحجّاج كان مثفارا، أي ذا ابنة، وكان يمسك الخنفساء حيّة ليشفي بحركتها في الموضع حكاكه، وكل من كان فيه هذا الدّاء فهو من أهل الفسق والنصب، وكان أبو جهل بن هشام المخزومي من القوم، وكان أشدّ النّاس عداوة لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قالوا: ولذلك قال له عتبة بن ربيعة - يوم بدر -: يامصفّر إسته(2).

ص:245


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 55. منه البحار: ج 37 ص 334.
2- (2) - البحار: ج 34 ص 94.

4821 - مناقب آل أبي طالب: أبان بن الصلت عن الصادق (عليه السّلام): سمّي أمير المؤمنين، إنّما هو من ميرة العلم، وذلك أن العلماء من علمه امتاروا ومن ميرته استعملوا(1).

4822 - اليقين في إمرة امير المؤمنين (عليه السّلام): الحسين بن علي بن فضّال وابراهيم بن مهزيار، روي عن عقبة (عنبسة) بن خالد، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: حول العرش كتاب خلق مسطور: إنّى أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، محمّد رسول اللّه، عليّ أمير المؤمنين(2).

4823 - شرح الاخبار: محمد بن سنان، عن أبي عبداللّه جعفر ابن محمّد (عليه السّلام) انه قال في قوله (عزّوجلّ): وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا ايمانهم لمحمّد و إِيماناً (3) بولاية علي (عليه السّلام)(4).

4824 - شرح الاخبار: محمد بن سنان، عن أبي عبداللّه جعفر ابن محمّد (عليه السّلام) سئل عن قول اللّه (عزّوجلّ): قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللّهِ أَحَدٌ إن عصيته فيما أمرني وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً * إِلاّ بَلاغاً مِنَ اللّهِ وَ رِسالاتِهِ وَ مَنْ يَعْصِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ في ولاية علي فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ

ص:246


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 55. منه البحار: ج 37 ص 334. الميرة: الطّعام الذي يدّخره الإنسان. (المنجد). والمعنى أنّ الامام يعطى من علمه.
2- (2) - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 36. منه البحار: ج 37 ص 302.
3- (3) - المدثر 74:31.
4- (4) - شرح الأخبار: ج 2 ص 352 ح 708.

خالِدِينَ فِيها أَبَداً (1) قال لهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): الذي كرهتموه من ولاية علي ليس هو لي ولا عن امري هو اللّه (عزّوجلّ) امرنى به ولا أعصيه، ولو عصيته لعذبني كما تواعدني(2).

4825 - مناقب آل أبي طالب: وجاء فيما نزل من القرآن في أعداء آل محمّد (عليهم السّلام) عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذا رأى أبو فلان وفلان منزل عليّ يوم القيامة إذا دفع اللّه لواء الحمد إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) تحته كلّ ملك مقرّب وكلّ نبيّ مرسل حتى يدفعه إلى عليّ سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا اليوم اَلَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (3) أي باسمه تسمّون أمير المؤمنين(4).

4826 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): عن أبي العباس أحمد بن عقدة الحافظ حدّثنا يونس بن عبدالرحمن، عن أبي يعقوب رفعه إلى أبي عبداللّه، في قوله: فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ، قال: لمّا رأى فلان وفلان منزلة عليّ (عليه السّلام) يوم القيامة اذا رفع(5) اللّه (تبارك وتعالى) لواء الحمد إلى آل محمّد (عليهم السّلام) تحته(6) كلّ ملك

ص:247


1- - الجن 72:21 و 23.
2- (2) - شرح الاخبار: ج 2 ص 352 ح 709.
3- (3) - الملك 67:27.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 229. منه البحار: ج 39 ص 215.
5- (5) - دفع - البحار.
6- (6) - الى محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) يجيئه - البحار.

مقرّب وكل نبيّ مرسل فدفعه إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ أي تسمّون أمير المؤمنين(1).

***

ص:248


1- - اليقين في إمرة امير المؤمنين: ص 34. منه البحار: ج 37 ص 302.

من فضائل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

باب (1) حديث المنزلة

4827 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو. جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق (رحمه اللّه) قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدثنا أحمد بن صالح، عن حكيم بن عبدالرحمن قال: حدثني مقاتل بن سليمان، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): ياعليّ أنت منّي بمنزلة هبة اللّه من آدم، وبمنزلة سام من نوح، وبمنزلة إسحاق من إبراهيم، وبمنزلة هارون من موسى، وبمنزلة شمعون من عيسى، إلاّ أنّه لانبيّ بعدي.

يا عليّ أنت وصيّي وخليفتي، فمن جحد وصيّتك وخلافتك فليس منّي ولست منه، وأنا خصمه يوم القيامة.

ص:249

ياعليّ أنت أفضل امّتي فضلا، وأقدمهم سلما، وأكثرهم علما، وأوفرهم حلما، وأشجعهم قلبا، وأسخاهم كفّا.

ياعليّ أنت الإمام بعدي والأمير، وأنت الصاحب بعدي والوزير، ومالك في امّتي من نظير.

ياعليّ أنت قسيم الجنّة والنّار، بمحبّتك يعرف الابرار من الفجّار، ويميّز بين الاشرار والأخيار، وبين المؤمنين والكفّار(1).

4828 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبو الحسن محمّد بن ابراهيم بن اسحاق (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا ابو سعيد النسوي قال حدثنا ابراهيم بن محمّد بن هارون، قال: حدثنا أحمد بن أبي الفضل البلخي قال: حدثني خال يحيي بن سعيد البلخي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال.

بينما أنا أمشي مع النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) في بعض طرقات المدينة، اذلقينا شيخ طويل كث اللحية(2)، بعيد ما بين المنكبين، فسلم على النبي (صلّى اللّه عليه وآله) ورحب به، ثم التفت اليّ، فقال.

السلام عليك يارابع الخلفاء ورحمة اللّه وبركاته. أليس كذلك هو يا رسول اللّه؟.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): بلى، ثمّ مضى.

فقلت: يارسول اللّه ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ وتصديقك له؟

ص:250


1- - أمالي الصدوق: ص 47 ح 4. منه البحار: ج 37 ص 254.
2- (2) - كثّ اللحية: اجتمع شعرها وكثر نبته من غير طول. (اقرب الموارد).

قال: أنت كذلك والحمد للّه، ان اللّه (عزّوجلّ) قال في كتابه.

إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (1) والخليفة المجعول فيها ادم (عليه السّلام). وقال يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ (2) فهو الثاني. وقال (عزّوجلّ) حكاية عن موسى حين قال لهارون (عليهما السّلام): اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ (3). فهو هارون اذ استخلفه موسى (عليه السّلام) في قومه فهو الثالث. وقال (عزّوجلّ): وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ (4).

فكنت أنت المبلغ عن اللّه وعن رسوله وأنت وصيي ووزيري وقاضي ديني والمؤدي عني وأنت مني بمنزلة هارون من موسى. إلاّ أنه لانبي بعدي. فأنت رابع الخلفاء كما سلّم عليك الشيخ. أو لاتدري من هو؟

قلت: لا.

قال: ذاك أخوك الخضر (عليه السّلام) فاعلم(5).

4829 - أمالي الطوسي: أخبرنا ابن الصلت قال: أخبرنا ابن عقدة قال: أخبرني علي بن محمد بن علي قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن عيسى قال: حدثنا عبيداللّه(6) بن علي قال: حدثنا عليّ بن

ص:251


1- - البقرة 2:30.
2- (2) - ص 38:26.
3- (3) - الاعراف 7:142.
4- (4) - التوبة 9:3.
5- (5) - عيون اخبار الرضا: ج 2 ص 9 ح 23.
6- (6) - عبداللّه - البحار.

موسى، عن أبيه، عن جدّه، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال.

خلّف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا (عليه السّلام) في غزوة تبوك، فقال: يارسول اللّه تخلفنى بعدك؟

قال: ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لانبيّ بعدي(1).

4830 - شرح الأخبار: أبو البختري، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (صلوات اللّه عليهما)، أنه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعلي (عليه السّلام): منزلتي ومنزلتك ياعلي في الآخرة متواجهتان كمنزلتي الاخوان(2).

باب (2) الإمام علي عليه السلام أخو رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

4831 - البحار: روى ابن شيرويه في (الفردوس) من كتاب (الأربعين)، عن محمّد بن زياد، عن يحيى بن العلاء الرازيّ، عن جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه (عليهما السّلام)، عن ابن عبّاس قال: نظر عليّ في وجوه الناس فقال: إنّي لأخو رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ووزيره، ولقد علمتم أنّي أوّلكم إيمانا باللّه تعالى وبرسوله، ثمّ دخلتم بعدي في الإسلام، وأنا ابن عمّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأخوه وشريكه في نسبه وأبو ولديه وزوج ابنته سيّدة نساء أهل الجنّة، ولقد عرفتم أنّا ما خرجنا مع رسول اللّه (صلّى

ص:252


1- - أمالي الطوسي: ص 342 ح 702. منه البحار: ج 21 ص 232.
2- (2) - شرح الأخبار: ج 2 ص 476 ح 837.

اللّه عليه وآله) مخرجا إلاّ رجعنا وأنا أحبّكم إليه وأوثقكم في نفسه وأشدّ نكاية في العدوّ وآثر، ولقد رأيتم بعثه إيّاي مرّات ووقفته يوم غديرخمّ وقيامي معه ورفعه بيدي، ولقد آخى بين المسلمين فما اختار لنفسه أحدا غيري، ولقد قال لي: «أنت أخي وأنا أخوك في الدّنيا والآخرة» ولقد أخرج النّاس وتركني(1) ولقد قال لي: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لانبيّ بعدي»(2).

4832 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان (رضي اللّه عنه) قال: أخبرني أبو الحسن عليّ بن محمّد الكاتب قال: أخبرنا الحسن بن عليّ الزعفراني، قال.

أخبرنا ابراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة، عن عمرو بن ميمون، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) على منبر الكوفة: أيّها الناس إنّه كان لي من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عشر خصال هنّ أحب إليّ ممّا طلعت عليه الشمس، قال لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ أنت أخي في الدّنيا والآخرة، وأنت أقرب الخلائق إليّ يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبّار، ومنزلك في الجنّة مواجه منزلي كما يتواجه منازل الإخوان في اللّه (عزّوجلّ)، وأنت الوارث منّي، وأنت الوصيّ من بعدي في عداتي وأمري(3)، وأنت الحافظ لي في أهلي عند غيبتي، وأنت الإمام

ص:253


1- - لعلّه إشارة إلى سدّ الابواب الشارعة من بيوت بعض الصحابة إلى المسجد إلاّ باب بيت علي (عليه السّلام).
2- (2) - البحار: ج 38 ص 330 ح 2.
3- (3) - في عداتي وأسرتي - أمالي الطوسي.

لامّتي والقائم بالقسط في رعيّتي، وأنت وليّي ووليّي وليّ اللّه، وعدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ الله(1).

أمالي الطوسي: اخبرنا محمد بن محمد قال: حدثنا أبوالحسن علي بن محمد الكاتب مثله(2).

4833 - البحار: قال السيد المرتضى (رحمه اللّه) في كتاب (الشافي): روي حفص بن عمر بن ميمون قال: أخبرنا جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) أنّ عليّا (عليه السّلام) قال على المنبر بالكوفة: أيّها الناس إنّه كانت لي من رسول اللّه عشر خصال هنّ أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس، قال لي: ياعليّ أنت أخي في الدّنيا والآخرة، وأنت أقرب الخلق منّي يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبّار، ومنزلك في الجنّة يواجه منزلي كما يتواجه منازل الإخوان في اللّه، وأنت الوارث منّي، وأنت الوصيّ منّي في عداتي وأمري وفي كلّ غيبة يعني بذلك حفظه في أزواجه(3).

أقول: الظاهر أنّ هذا الحديث ناقص، لأنّ الخصال العشرة التى أشار إليها مولانا أمير المؤمنين (عليه السّلام) غير مذكورة بالكامل.

4834 - مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام): ولمّا آخى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بين الصحابة وترك عليّا، فقال له في ذلك، فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): إنّما اخترتك لنفسي، أنت

ص:254


1- - أمالي المفيد: ص 174 ح 4. منه البحار: ج 38 ص 135.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 193 ح 329. منه البحار: ج 38 ص 155.
3- (3) - البحار: ج 38 ص 332.

أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة، فبكى علي عند ذلك وقال.

أقيك بنفسي أيّها المصطفى الّذي هدانا به الرحمن من عمه الجهل

وأفديك حوبائي وما قدر مهجتي لمن أنتمي منه إلى الفرع والأصل(1)

ومن ضمّنى مذ كنت طفلا ويافعا وأنعشني بالبرّ والعلّ والنهل(2)

ومن جدّه جدّي ومن عمّه عمّي ومن أهله امّي ومن بنته أهلي

ومن حين اخى بين من كان حاضرا دعاني وآخاني وبيّن من فضلي

لك الفضل إنّي ما حييت لشاكر لإتمام ما أوليت يا خاتم الرسل(3)

4835 - مناقب آل أبي طالب: تفسير جابر بن يزيد، عن الامام الصادق (عليه السّلام) قال في هذه الآية: اَلنَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ

ص:255


1- - الحوباء: النفس أو روح القلب. والانتماء: الانتساب. (النهاية).
2- (2) - يفع الغلام: راهق العشرين وقيل: ترعرع وناهز البلوغ. (أقرب الموارد). وأنعشه: سدّ فقره، ونعشت فلانا: اذا جبرته بعد فقر أو رفعته بعد عثرة. (لسان العرب). وأنعش الضعيف: أي قوّاه وأقامه (مجمع البحرين). وعلّ الرّجل علا: شرب بعد الشرب تباعا، وعلّ فلانا: سقاه ثانية أو تباعا، والنهل: أوّل الشرب. وقيل: ما أكل من الطعام. (أقرب الموارد).
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 186. منه البحار: ج 38 ص 337.

أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ (1) فكانت لعليّ (عليه السّلام) من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الولاية في الدين والولاية في الرحم، فهو وارثه كما قال (صلّى اللّه عليه وآله): أنت أخي في الدّنيا والآخرة وأنت وارثي(2).

4836 - كشف الغمة: من كتاب (كفاية الطالب)، عن الامام علي بن موسى الرضا، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش: نعم الأب أبوك إبراهيم خليل الرحمن، ونعم الأخ أخوك عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(3).

4837 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمّد بن عمر ابن محمّد بن سلم بن البراء الجعابي قال: حدّثني أبو محمّد الحسن بن عبداللّه بن محمّد بن العباس الرازي التميمي قال: حدّثني سيدي علي ابن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السّلام) عن عليّ (عليه السّلام) قال: أنا عبداللّه وأخو رسوله لايقولها بعدي إلاّ كذّاب(4).

ص:256


1- - الاحزاب 33:6.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 188. منه البحار: ج 38 ص 340.
3- (3) - كشف الغمة: ج 1 ص 376. منه البحار: ج 38 ص 345.
4- (4) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 63 ح 262. منه البحار: ج 38 ص 33 4.

4838 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الاسناد، قال.

قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله): عليّ أوّل من اتبعني وهو أوّل من يصافحني بعد الحق(1).

البحار - بيان: مصافحة الحقّ، كناية عن بدوّ إحسانه وغاية امتنانه في القيامة. كما أنّ من يلقى غيره يبدأ بمصافحته، وبها يظهر غاية لطفه ومودّته.

4839 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا الحسين بن علي بن شعيب الجوهري، قال: حدثني أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبداللّه بن حبيب قال: حدثنا الفضل بن الصقر العبدي قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعليه خميصة قد اشتمل بها، فقيل: يارسول اللّه من كساك هذه الخميصة؟

فقال: كساني حبيبي وصفيّي وخاصتّي وخالصتي والمؤدّي عنّي ووصيّي ووارثي وأخي وأوّل المؤمنين إسلاما وأخلصهم ايمانا وأسمح الناس كفّا، سيّد الناس بعدي، قائد الغرّ المحجّلين، إمام أهل الأرض.

عليّ بن أبي طالب، فلم يزل يبكي حتّى ابتلّ الحصى من دموعه شوقا إليه(2).

البحار - بيان: قال الجزري: الخميصة: ثوب خزّ أو صوف

ص:257


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 59 ح 228. منه البحار: ج 38 ص 210.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 155 ح 13. منه البحار: ج 38 ص 96.

معلم. وقيل: لاتسمّى خميصة إلاّ أن تكون سوداء معلمة.

باب (3) الإمام علي عليه السلام يعسوب المؤمنين

4840 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): في كتاب عتيق تاريخه سنة ثمان وثمانين هجريّة قال: حدّثنا عبداللّه بن جعفر الزهريّ، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد [عن أبيه](1)، عن جدّه (عليهم السّلام) ثمّ قال ما هذا لفظه: وأنا كنت معه يوم قال يأتي تسع نفر من حضرموت فيسلم منهم ستّة ولا يسلم منهم ثلاثة، فوقع في قلوب كثير من كلامه ما شاء [اللّه] أن يقع، فقلت أنا: صدق اللّه ورسوله، هو كما قلت يارسول اللّه.

فقال: أنت الصدّيق الاكبر ويعسوب المؤمنين وإمامهم وتري ما أري وتعلم ما أعلم، وأنت أوّل المؤمنين إيمانا وكذلك خلقك اللّه، ونزع منك الشك والضلال، فأنت الهادي الثاني والوزير الصادق.

فلمّا أصبح رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وقعد في مجلسه ذلك وأنا عن يمينه أقبل التسعة رهط من حضرموت حتّى دنوا من النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وسلّموا فردّ عليهم السّلام وقالوا: يا محمّد اعرض علينا الإسلام، فأسلم منهم ستّة ولم يسلم الثلاثة فانصرفوا.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) للثلاثة: أمّا أنت يافلان فستموت بصاعقة من السّماء، وأمّا أنت يافلان فسيضربك أفعى في

ص:258


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.

موضع كذا وكذا، وأمّا أنت يافلان فإنّك تخرج في طلب ماشية وإبل لك فيستقبلك ناس من كذا فيقتلونك، فوقع في قلوب الّذين أسلموا، فرجعوا إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال لهم: ما فعل أصحابكم الثلاثة الّذين تولّوا عن الإسلام ولم يسلموا؟

فقال: والّذي بعثك بالحقّ نبيّا ما جاوزوا ما قلت وكلّ مات بما قلت، وإنّا جئناك لنجدّد الإسلام ونشهد أنّك رسول اللّه (صلّى اللّه عليك) أنت الأمين على الأحياء والأموات بعد هذا وهذه(1).

4841 - أمالي الطوسي: أخبرنا ابن الصلت قال: أخبرني ابن عقدة قال: اخبرني عبيداللّه بن عليّ قال: هذا كتاب جدّي عبيداللّه بن عليّ، فقرات فيه: أخبرني عليّ بن موسى أبو الحسن، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام): أنّ عليّا (عليه السّلام) أوّل من أسلم(2).

باب (4) الإمام علي عليه السلام أحد الرّكاب الاربعة في القيامة

4842 - أمالي الطوسي: أخبرنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (قدّس اللّه روحه) قال.

اخبرنا (احمد بن محمد) بن الصلت قال: اخبرنا ابن عقدة، قال.

ص:259


1- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 196. منه البحار: ج 38 ص 214.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 343 ح 703. منه البحار: ج 38 ص 225.

حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي قال.

حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ليس في القيامة راكب غيرنا ونحن أربعة.

قال: فقام إليه رجل من الأنصار فقال: فداك أبي وامّي أنت ومن؟

قال: أنا على دابة اللّه البراق، وأخي صالح على ناقة اللّه الّتي عقرت، وعمّي حمزة على ناقتي العضباء، وأخي عليّ بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنّة، وبيده لواء الحمد، واقف بين يدي العرش ينادي: لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه، قال: فيقول الآدميّون: ما هذا إلاّ ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو حامل عرش ربّ العالمين.

قال: فيجيبهم ملك من تحت بطنان العرش: معاشر الآدميين! ما هذا ملك مقرب، ولا نبيّ مرسل، ولا حامل عرش، هذا الصديق الاكبر، هذا عليّ بن أبي طالب.

قال ابن عقدة: أخبرني عبداللّه بن أحمد بن عامر في كتابه قال.

حدثني أبي، قال: حدثني عليّ بن موسى بهذا(1).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة(2) عن الرضا، عن آبائه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعلي ليس في القيامة راكب... وذكر نحوه الى قوله: هذا علي بن أبي طالب(3).

ص:260


1- - أمالي الطوسي: ص 345 ح 711 و 712.
2- (2) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 48 ح 189.

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) نحوه(1).

باب (5) الإمام علي عليه السلام خير البشر

4843 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبداللّه بن محمد بن علي بن العباس الرازي قال: حدثني أبي عبداللّه ابن محمّد بن علي بن العباس بن هارون التميمي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدّثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي (قال: حدثني أخي الحسن بن علي)(2) قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

[ياعلي](3) أنت خير البشر (و) لايشك فيك إلاّ كافر(4).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي بهذا الاسناد مثله(5).

ص:261


1- - صحيفة الامام الرضا: ص 247 ح 159. منها البحار: ج 7 ص 234 و 235.
2- (2) - مابين الهلالين ليس في العيون.
3- (3) - ما بين المعقوفتين من العيون.
4- (4) - أمالي الصدوق: ص 71 ح 7.
5- (5) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 59 ح 225. منهما البحار: ج 38 ص 4.

4844 - البحار: كتاب (المحتضر) من كتاب السيّد حسن بن كبش باسناده عن إسماعيل بن عليّ الدعبليّ، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): ياعليّ أنت خير البشر لايشك فيك إلا كافر(1).

مائة منقبة لابن شاذان: أخبرنا أبو عبداللّه الحسين بن محمد بن اسحاق بن أبي الخطاب السوطي قال: حدثني اسماعيل بن علي الدعبلي، عن أبيه قال: حدثني علي بن موسى الرض (عليه السّلام) مثله(2).

4845 - ثواب الاعمال: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني سعد بن عبداللّه قال: حدثني أحمد بن أبي عبداللّه، عن محمّد بن حسان السلمي، عن محمّد بن جعفر، عن أبيه (عليه السّلام) قال: عليّ (عليه السّلام) باب الهدى من خالفه كان كافرا، ومن أنكره دخل النار(3).

المحاسن: البرقي، عن محمّد بن حسان السلمي مثله(4).

ص:262


1- - البحار: ج 26 ص 308 ح 72.
2- (2) - مائة منقبة: ص 126.
3- (3) - ثواب الأعمال: ص 249 ح 12.
4- (4) - المحاسن: ص 89 ح 35. منهما البحار: ج 72 ص 133.

[باب (6)] الإمام علي عليه السلام علم اللّه تعالى

4846 - المحاسن: البرقي، عن علي بن عبداللّه، عن موسى بن سعدان، عن عبداللّه بن القاسم الحضرمي، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السّلام): إنّ اللّه (عزّوجلّ) جعل عليا علما بينه وبين خلقه، ليس بينه وبينهم علم غيره فمن تبعه كان مؤمنا، ومن جحده كان كافرا، ومن شك فيه كان مشركا(1).

ثواب الاعمال: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني سعد بن عبداللّه قال: حدثني أحمد بن أبي عبداللّه، عن علي بن عبداللّه مثله(2).

4847 - أمالي الطوسي: إبراهيم الاحمري قال: حدثني محمد ابن الحسين، عن الاصم، عن زرعة بن محمّد الحضرمي، عن المفضّل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه تعالى جعل عليّا (عليه السّلام) علما بينه وبين خلقه، ليس بينهم علم غيره، فمن أقرّ بولايته كان مؤمنا، ومن جحده(3) كان كافرا، ومن جهله كان ضالا، ومن نصب معه كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنّة، ومن أنكرها دخل النار(4).

ص:263


1- - المحاسن: ص 89 ح 34. منه البحار: ج 72 ص 127.
2- (2) - ثواب الاعمال: ص 249 ح 11. منه البحار: ج 38 ص 155.
3- (3) - جحدها - البحار.
4- (4) - أمالي الطوسي: ص 410 ح 922. منه البحار: ج 38 ص 117.

4848 - أمالي الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال.

حدثنا محمد بن جعفر الرزاز القرشي (رحمه اللّه) قال: حدثنا الحسن ابن موسى الخشاب قال: حدثني محمد بن المثنى الحضرمي، عن زرعة ابن محمد الحضرمي، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام) رفعه قال: قال رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه (عزّوجلّ) نصب عليّا علما بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن جهله كان ضالا، ومن عدل بينه وبين غيره كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنّة، ومن جاء بعداوته دخل النار(1).

4849 - أمالي الطوسي: الحسين بن عبيداللّه الغضائري قال.

أخبرنا أبو محمّد قال: حدثنا ابن همّام قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، قال: حدثنا محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين، قال: حدثنا أبو أيوب يحيى بن زكريا قال: حدثنا داود بن كثير بن أبي خالد الرقيّ، قال: حدثنا أبو عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): قال اللّه (عزّوجلّ): لولا اني أستحيي من عبدي المؤمن ما تركت عليه خرقة يتوارى بها، واذا أكملت له الايمان ابتليته بضعف في قوته وقلّة في رزقه، فان هو جزع اعدت عليه وان صبر باهيت به ملائكتي.

ألا وقد جعلت عليا علما للناس، فمن تبعه كان هاديا ومن تركه كان ضالا، لايحبّه إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلّا منافق(2).

ص:264


1- - أمالي الطوسي: ص 487 ح 1067. منه البحار: ج 38 ص 119.
2- (2) - أمالي الطوسي: صه 30 ح 613. منه البحار: ج 39 ص 253.

باب (7) عقاب من أنكر ولاية أمير المؤمنين عليه السلام

4850 - ثواب الاعمال: أبي (رحمه اللّه)، قال: حدثني سعد ابن عبداللّه قال: حدثني أحمد بن أبي عبداللّه، عن محمّد بن حسّان السلمي، عن محمد بن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: نزل جبرئيل (عليه السّلام) على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يامحمّد السلام يقرئك السلام ويقول: خلقت السّماوات السبع وما فيهنّ والأرضين السبع وما عليهنّ وما خلقت موضعا(1) أعظم من الركن والمقام، ولو أنّ عبدا دعاني منذ خلقت السّماوات والأرضين ثمّ لقيني جاحدا [لك و](2) لولاية عليّ (صلوات اللّه عليه) لأكببته في سقر(3).

المحاسن: البرقي، عن محمّد بن حسّان مثله(4).

4851 - ثواب الأعمال: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني سعد بن عبداللّه قال: حدثني أحمد بن أبي عبداللّه قال: حدثني أبو عمران الأرمني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لو جحد أمير المؤمنين (عليه السّلام) جميع من في الأرض لعذّبهم اللّه جميعا

ص:265


1- - وما خلقت خلقا - المحاسن.
2- (2) - ما بين المعقوفتين ليس في المحاسن.
3- (3) - ثواب الأعمال: ص 250 ح 15.
4- (4) - المحاسن: ص 90 ح 38. منهما البحار: ج 72 ص 133.

وأدخلهم النار(1).

المحاسن: البرقي، عن ابن عمر الأرمني مثله(2).

4852 - مناقب آل أبي طالب: أبو بصير، عن الصادق (عليه السّلام) في قوله تعالى: قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (3) الوصيّة لعليّ (عليه السّلام) بعدي. نزلت مشدّدة.(4).

4853 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان ابن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد قال: حدثنا أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي (عليهم السّلام)، عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله) أنّه تلا هذه الآية: فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (5).

قيل: يارسول اللّه من أصحاب النار؟

ص:266


1- - ثواب الاعمال: ص 249 ح 13.
2- (2) - المحاسن: ص 89 ح 36. منهما البحار: ج 72 ص 134.
3- (3) - الأنبياء 21:108.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 47. منه البحار: ج 23 ص 357.
5- (5) - البقرة 2:275.

قال: من قاتل عليّا بعدي، اولئك هم أصحاب النار مع الكفّار، فقد كفروا بالحقّ لمّا جاءهم، ألا وإنّ عليّا (عليه السّلام) [بضعة](1)

منّي، فمن حاربه فقد حاربني وأسخط ربّي، ثمّ دعا عليّا فقال: ياعليّ حربك حربي وسلمك سلمي، وأنت العلم فيما بيني وبين امّتي بعدي(2).

4854 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا علي بن عيسى قال: حدثنا علي بن محمد ماجيلويه قال: حدثنا احمد ابن محمد بن خالد البرقي، عن محمّد بن حسان السلمي، عن محمّد ابن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: نزل جبرئيل على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يامحمّد السلام يقرئك السلام ويقول: خلقت السّماوات السّبع وما فيهن والأرضين السّبع ومن عليهنّ وما خلقت موضعا أعظم من الركن والمقام، ولو أنّ عبدا دعاني هناك منذ خلقت السّماوات والأرضين ثمّ لقيني جاحدا لولاية علي (عليه السّلام) لأكببته في سقر(3).

باب (8) الامام علي عليه السلام والعصمة

4855 - التهذيب: محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن

ص:267


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 364 ح 763. منه البحار: ج 38 ص 117.
3- (3) - أمالي الصدوق: ص 392 ح 12. منه البحار: ج 27 ص 167.

عيسى العبيدي، عن الحسن بن عليّ، عن ابراهيم بن عبدالحميد قال.

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إن أمير المؤمنين (عليه السّلام) كان إذا أراد قضاء الحاجة وقف على باب المذهب ثمّ التفت يمينا وشمالا الى ملكيه فيقول: أميطا عنّي(1) فلكما اللّه عليّ أن لا أحدث حدثا حتى اخرج اليكما(2).

4856 - تفسير القمي: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن محمّد بن قيس، عن ابن أبي يسّار(3)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أقبل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يوما واضعا يده على كتف العبّاس، فاستقبله أمير المؤمنين (عليه السّلام) فعانقه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وقبّل بين عينيه، ثمّ سلّم العبّاس على عليّ فردّ عليه رداّ خفيفا، فغضب العبّاس فقال: يارسول اللّه لايدع عليّ زهوه(4).

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعبّاس لاتقل ذلك في عليّ فإنّي لقيت جبرئيل آنفا فقال لي: لقيني الملكان الموكلان بعليّ الساعة فقالا: ما كتبنا عليه ذنبا منذ ولد إلى هذا اليوم(5).

أقول: تحدّثنا - بالتفصيل - عن العصمة ومعانيها، في الجزء السابع من هذه الموسوعة، فراجع.

ص:268


1- - أي اذهبا عني وتنحيا. (مجمع البحرين).
2- (2) - التهذيب: ج 1 ص 351 ح 1040.
3- (3) - عن ابن أبي سيّار - البحار.
4- (4) - الزهو: الكبر. (اقرب الموارد).
5- (5) - تفسير القمي: ج 1 ص 364. منه البحار: ج 38 ص 65.

[باب (9)] عليّ مع الحقّ (والحق معه

4857 - الكافي: عدّة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبداللّه بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، وابن سنان، وسماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): طاعة عليّ (عليه السّلام) ذلّ (1) ومعصيته كفر باللّه.

قيل: يارسول اللّه [و] كيف يكون طاعة عليّ (عليه السّلام) ذلا ومعصيته كفرا باللّه؟

قال:(2) إنّ عليّا (عليه السّلام) يحملكم على الحقّ فان أطعتموه ذللتم وإن عصيتموه كفرتم باللّه (عزّوجلّ)(3).

الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه وعدة من أصحابنا، عن سهل مثله(4).

4858 - مناقب آل أبي طالب: عن الباقرين (عليهما السّلام) في قوله: وَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ (5) وهو الحق

ص:269


1- - أي ذل في الدّنيا وعند الناس لانّ طاعته توجب ترك الدّنيا وزينتها، والحكم للضعفاء على الأقوياء والرضا بتسوية القسمة بين الشريف والوضيع. (مرآة العقول).
2- (2) - فقال - الكافي: ج 8.
3- (3) - الكافي: ج 2 ص 388 ح 17.
4- (4) - الكافي: ج 8 ص 166 ح 182.
5- (5) - الرعد 13:36.

علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(1).

4859 - شرح الاخبار: حصن، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) انه قال: من شك في حرب علي (عليه السّلام) فقد شك في حرب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وذلك أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال له: حربك حربي وسلمك سلمي(2).

4860 - شرح الأخبار: الصادق جعفر بن محمد (صلوات اللّه عليه) إن سائلا سأله فقال: يابن رسول اللّه من أين اختلفت هذه الامة فيما اختلفت فيه من القضايا والأحكام [من الإحلال والإحرام]، ودينهم واحد، ونبيّهم واحد؟؟.

فقال (عليه السّلام): هل علمت إنهم اختلفوا في ذلك أيام حياة رسول اللّه (صلوات اللّه عليه وآله)؟

فقال: لا، وكيف يختلفون وهم يردّون إليه ما جهلوه واختلفوا فيه؟؟.

فقال: وكذلك، لو أقاموا فيه بعده من أمرهم بالاخذ عنه لم يختلفوا ولكنهم اقاموا فيه من لم يعرف كلما ورد عليه، فردوه الى الصحابة يسألونهم عنه فاختلفوا في الجواب، فكان سبب الاختلاف، ولو كان الجواب عن واحد والقصد في السؤال عن واحد - كما كان ذلك لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) - لم يكن الاختلاف(3).

ص:270


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 60. منه البحار: ج 38 ص 26.
2- (2) - شرح الأخبار: ج 1 ص 216 ح 193.
3- (3) - شرح الاخبار: ج 1 ص 90 ح 5.

باب (10) لماذا صعد أمير المؤمنين على كتف رسول اللّه؟

4861 - معاني الأخبار - علل الشرايع: حدثنا [أبو علي] أحمد ابن يحيي(1) المكتّب قال: حدثنا أحمد بن محمّد الورّاق قال: حدثنا بشر بن سعيد بن قلبويه المعدل بالرافقة(2) قال: حدثنا عبدالجبّار بن كثير التميميّ اليمانيّ قال: سمعت محمّد بن حرب الهلالي أمير المدينة يقول: سألت جعفر بن محمّد (عليه السّلام) فقلت له: يابن رسول اللّه في نفسي مسألة اريد أن أسألك عنها؟

فقال: إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألنى وإن شئت فسل.

قال: قلت له:(3) يابن رسول اللّه وبأيّ شيء تعرف ما في نفسي قبل سؤالي؟

فقال:(4) بالتوسّم والتفرّس، أما سمعت قول اللّه (عزّوجلّ).

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (5) وقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): «اتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور اللّه»؟

ص:271


1- - أحمد بن عيسى - معاني الاخبار.
2- (2) - قيلويه المعدل بالمرافقة - معاني الاخبار.
3- (3) - قال: فقلت له - معاني الاخبار.
4- (4) - قبل سؤالي عنه. قال: - معاني الأخبار.
5- (5) - الحجر 15:75.

قال: فقلت له:(1) يابن رسول اللّه فأخبرني بمسألتي.

قال: أردت أن تسألني عن رسول اللّه لم لم يطق حمله عليّ (عليه السّلام) عند حطّ الأصنام(2) من سطح الكعبة مع قوّته وشدّته و [مع](3) ما ظهر منه في قلع باب القموص بخيبر(4) والرمي به إلى ورائه أربعين ذراعا وكان لايطيق حمله أربعون رجلا، وقد كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه واله) يركب النّاقة والفرس والحمار(5) وركب البراق ليلة المعراج وكلّ ذلك دون عليّ في القوّة والشدّة؟

قال: فقلت له: عن هذا واللّه أردت أن أسألك يابن رسول اللّه فأخبرني.

فقال: إنّ عليّا (عليه السّلام) برسول اللّه تشرّف(6) وبه ارتفع وبه وصل إلى أن أطفأ نار الشرك وأبطل كلّ معبود من دون(7) اللّه (عزّوجلّ)، ولو علا [ه] النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لحطّ الاصنام لكان بعليّ مرتفعا وشريفا وواصلا إلى حطّ الاصنام، ولو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه(8)، ألا تري أنّ عليّا (عليه السّلام) قال: «لمّا علوت ظهر رسول اللّه شرّفت وارتفعت حتّى لو شئت أن أنال السماء لنلتها»؟ أما

ص:272


1- - قال: قلت له - معاني الاخبار.
2- (2) - عند حطه الاصنام - معاني الاخبار.
3- (3) - مابين المعقوفتين من البحار.
4- (4) - القموص: جبل بخيبر عليه حصن أبي الحقيق اليهودي. (القاموس).
5- (5) - يركب الناقة والفرس والبغلة والحمار - معاني الاخبار.
6- (6) - شرف - معاني الأخبار.
7- (7) - وبه وصل إلى إطفاء نار الشرك وإبطال كل معبود دون - معاني الاخبار.
8- (8) - أي لكان أمير المؤمنين (عليه السّلام) أفضل من رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله).

علمت أن المصباح هو الّذي يهتدى به في الظلمة وانبعاث فرعه من أصله وقد قال عليّ (عليه السّلام): «أنا من أحمد كالضّوء من الضّوء!» أما علمت أنّ محمّدا وعليّا (صلوات اللّه عليهما) كانا نورا بين يدي اللّه (عزّوجلّ) قبل خلق الخلق بألفي عام؟ وأنّ الملائكة لمّا رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعّب منه(1) شعاع لامع فقالت: إلهنا وسيّدنا ما هذا النّور؟ فأوحى اللّه (تبارك وتعالى) إليهم: هذا نور من نوري أصله نبوّة وفرعه إمامة، أمّا النبوّة فلمحمّد عبدي ورسولي، وأمّا الإمامة فلعليّ حجّتي ووليّي، ولولاهما ما خلقت خلقي.

أما علمت أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) رفع يد عليّ (عليه السّلام)(2) بغديرخمّ حتّى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعله مولى المسلمين وإمامهم؟ وقد احتمل الحسن والحسين (عليهما السّلام) يوم حظيرة بني النجّار فلمّا قال له بعض أصحابه: ناولني أحدهما يارسول اللّه قال: نعم الراكبان وأبوهما خير منهما(3)، وأنّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يصلّي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته، فلمّا سلّم قيل له: يارسول اللّه لقد أطلت هذه السجدة، فقال (صلّى اللّه عليه وآله): [نعم] إنّ ابني ارتحلني فكرهت أن اعاجله(4) حتّى

ص:273


1- - قد انشعب فيه - معاني الاخبار.
2- (2) - رفع يدي عليّ - معاني الاخبار.
3- (3) - نعم الحاملان ونعم الراكبان وأبوهما خير منهما (وروى في خبر آخر: أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حمل الحسن وحمل جبرئيل الحسين فلهذا قال: نعم الحاملان) - معاني الاخبار.
4- (4) - اعجله - معاني الأخبار.

ينزل، وإنما أراد بذلك (صلّى اللّه عليه وآله) رفعهم وتشريفهم، فالنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) إمام ونبيّ (1) وعليّ إمام ليس بنبيّ ولا رسول، فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوّة.

قال محمّد بن حرب الهلاليّ: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه.

فقال: إنّك لأهل للزيادة، إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حمل عليّا على ظهره يريد بذلك أنّه أبو ولده وإمام الائمّة من صلبه كما حوّل رداءه في صلاة الاستسقاء وأراد أن يعلم أصحابه بذلك أنّه قد تحوّل الجدب خصبا(2).

قال: قلت له:(3) زدني يابن رسول اللّه.

فقال: احتمل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا يريد بذلك أن يعلم قومه أنّه هو الّذي يخفف عن ظهر رسول اللّه ما عليه من الدّين والعداة والأداء عنه من بعده.

قال: فقلت له: يابن رسول اللّه زدني.

فقال: احتمله(4) ليعلم بذلك أنّه قد احتمله وما حمل إلاّ لأنّه معصوم لايحمل وزرا(5) فتكون أفعاله عند الناس حكمة وصوابا، وقد قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ (عليه السّلام): ياعليّ إنّ اللّه (تبارك وتعالى) حمّلني ذنوب شيعتك ثمّ غفرها لي، وذلك قوله

ص:274


1- - فالنبي رسول بني ادم - معاني الاخبار.
2- (2) - تجدّب المكان: إنقطع عنه المطر فيبست أرضه فهو جدب. وخصب المكان: كثر فيه العشب والخير فهو خصب. (المنجد).
3- (3) - قال: فقلت له - معاني الاخبار.
4- (4) - زدني يابن رسول اللّه، فقال: انه احتمله - معاني الاخبار.
5- (5) - لايحتمل وزرا - معاني الاخبار.

(عزّوجلّ): لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ (1) ولمّا أنزل اللّه (عزّوجلّ) عليه... عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ (2) قال النبيّ (صلّى اللّه عليه و له): «أيّها الناس عليكم أنفسكم لايضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم، وعليّ نفسي وأخي، أطيعوا عليّا فإنّه مطهّر معصوم لايضلّ ولا يشقى» ثم تلا هذه الآية: قُلْ أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَ إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (3).

قال محمّد بن حرب الهلالي: ثمّ قال [لي] جعفر بن محمّد.

أيّها الأمير لو أخبرتك بما في حمل النبيّ عليّا عند حطّ الاصنام من سطح الكعبة من المعاني الّتي أرادها به لقلت: إنّ جعفر بن محمّد لمجنون! فحسبك من ذلك ما قد سمعت(4)، فقمت إليه وقبّلت رأسه [ويديه] وقلت: اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.(5)

ص:275


1- - الفتح 48:2.
2- (2) - المائدة 5:105. وفي معاني الاخبار: ولما أنزل اللّه (تبارك وتعالى) عليه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ.
3- (3) - النور 24:54.
4- (4) - ما قد سمعته - معاني الأخبار.
5- (5) - معاني الاخبار: ص 350 ح 1 - علل الشرائع: ص 173 ح 1. منهما البحار: ج 38 ص 79.

باب (11) علي وأولاده المعصومون حجج اللّه بعد رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

4862 - أمالي الصدوق: حدثن ما الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: أخبرنا علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): من أحبّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل اللّه المتين فليوال عليّا بعدي وليعاد عدوّه وليأتمّ بالائمّة الهداة من ولده، فإنّهم خلفائي وأوصيائي وحجج اللّه على الخلق بعدي، وسادة امّتي وقادة الأتقياء إلى الجنّة، حزبهم حزبي وحزبي حزب اللّه، وحزب أعدائهم حزب الشيطان(1).

باب (12) الإمام علي عليه السلام المظلوم بعد رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

4863 - بشارة المصطفى: أخبرنا والدي أبو القاسم علي بن

ص:276


1- - أمالي الصدوق: ص 26 ح 5. منه البحار: ج 38 ص 92.

محمّد بن علي الفقيه (رحمه اللّه) وعمار بن ياسر وولده أبو القاسم سعد بن عبداللّه (رحمهم اللّه جميعا) عن ابراهيم بن نصر الجرجاني، عن السيد الزاهد محمّد بن حمزة الحسيني، عن أبي عبداللّه الحسين بن علي بن بابويه قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عيسى قال: حدثنا اسماعيل بن رزين بن أخي دعبل الخزاعي، عن أبيه قال: حدثني علي ابن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر ابن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ أنت المظلوم بعدي فويل لمن قاتلك، وطوبى لمن قاتل معك.

ياعليّ أنت الّذي تنطق بكلامي وتتكلّم بلساني بعدي، فويل لمن ردّ عليك وطوبى لمن قبل كلامك.

ياعليّ أنت سيّد هذه الامّة بعدي وأنت إمامها وخليفتي عليها، من فارقك فارقني يوم القيامة ومن كان معك كان معي يوم القيامة.

ياعليّ أنت أوّل من آمن بي وصدّقني وأوّل من أعانني على أمري وجاهد معي عدوّي، وأنت اوّل من صلى معي والناس يومئذ في غفلة الجهالة.

ياعلي أنت أوّل من تنشق عنه الارض معي، وأنت أوّل من يبعث معي، وأنت أول من يجوز الصراط معي وإن ربي (جلّ جلاله) أقسم بعزته لايجوز عقبة الصراط إلا من كان له براءة بولايتك وولاية الائمة من ولدك، وأنت اول من يرد حوضي تسقي منه اولياءك وتذود عنه اعداءك، وأنت صاحبي إذا قمت المقام المحمود، تشفع لمحبينا فتشفّع فيهم، وأنت أول من يدخل الجنة وبيدك لوائي لواء الحمد، وهو

ص:277

سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر، وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة أصلها في دارك وأغصانها في دور شيعتك ومحبيك(1).

باب (13) «لعن اللّه من خالف عليا»

4864 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسرور قال: حدثنا محمد بن عبداللّه بن جعفر بن جامع الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد قال: حدثني الحسن بن علي بن فضال، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): علي مني وأنا من علي، قاتل اللّه من قاتل عليا، لعن اللّه من خالف عليّا، علي امام الخليقة بعدي، من تقدّم عليا فقد تقدم عليّ، ومن فارقه فقد فارقني، ومن آثر عليه فقد آثر عليّ، أنا سلم لمن سالمه وحرب لمن حاربه ووليّ لمن والاه وعدوّ لمن عاداه(2).

باب (14) الإمام علي عليه السلام خليفة رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

4865 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمّد بن عمر

ص:278


1- - بشارة المصطفى: ص 125. منه البحار: ج 38 ص 139.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 525 ح 12. منه البحار: ج 38 ص 109.

ابن محمّد بن سلم بن البراء الجعابي قال: حدثني أبو محمّد الحسن بن عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيدي علي ابن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال.

قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ياعلي أنت تبريء ذمتي وأنت خليفتي على امّتي(1).

4866 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر الحافظ، قال: حدثنا الحسن بن عبداللّه التميمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين (عليهم السّلام) عن فاطمة بنت رسول اللّه (صلوات اللّه عليها): انّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) قال لعليّ (عليه السّلام): من كنت وليّه فعليّ وليّه. ومن كنت إمامه فعليّ امامه(2).

4867 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي، أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان بن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن

ص:279


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 59 ح 229. منه البحار: ج 38 ص 112.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 64 ح 278.

علي الخزاعي (رضي اللّه عنه) قال. حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمّد قال: حدثنا أبي محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): عليّ بن أبي طالب محنة(1) للعالم، به يميّز اللّه المنافقين من المؤمنين(2).

4868 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثنا سلمة بن الخطاب قال.

حدثنا أبو طاهر محمّد بن تسنيم الوراق، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ذات يوم لأصحابه: معاشر أصحابي إنّ اللّه (جلّ جلاله) يأمركم بولاية عليّ ابن أبي طالب والاقتداء به، فهو وليّكم وإمامكم من بعدي، لاتخالفوه فتكفروا ولا تفارقوه فتضلّوا، إنّ اللّه (جلّ جلاله) جعل عليّا علما بين الإيمان والنفاق، فمن أحبّه كان مؤمنا ومن أبغضه كان منافقا، إنّ اللّه (جلّ جلاله) جعل عليّا وصيّي ومنار الهدى بعدي، فهو موضع سرّي وعيبة علمي وخليفتي في أهلي، إلى اللّه أشكو ظالميه من امّتي(3).

4869 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن

ص:280


1- - المحنة: ما يمتحن به الانسان. (اقرب الموارد).
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 363 ح 761. منه البحار: ج 38 ص 39.
3- (3) - أمالي الصدوق: ص 234 ح 19. منه البحار: ج 38 ص 97.

علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسرور قال: حدثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبداللّه بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن سليمان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا عليّ أنت أخي وأنا أخوك.

ياعليّ أنت منّي وأنا منك.

ياعليّ أنت وصيى وخليفتي وحجّة اللّه على أمتى بعدي، لقد سعد من تولاّك وشقي من عاداك(1).

4870 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد ابن هلال، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن زرارة واسماعيل بن عباد القصري، عن سليمان الجعفي، عن أبي عبداللّه الصادق (عليه السّلام) قال: لما أسري بالنبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وانتهى إلى حيث أراد اللّه (تبارك وتعالى) ناجاه ربّه (جل جلاله). فلمّا ان هبط الى السّماء الرابعة ناداه يامحمّد.

قال: لبيك ربي.

قال: من اخترت من أمتك يكون من بعدك لك خليفة.

قال: اختر لي ذلك، فتكون أنت الختار لي.

ص:281


1- - أمالي الصدوق: ص 295 ح 12. منه البحار: ج 38 ص 102.

فقال له: اخترت لك خيرتك علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(1).

4871 - قرب الاسناد: محمّد بن عيسى، عن عبداللّه بن ميمون القدّاح، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهم السّلام) قال: وقف النبيّ بمعرج(2) ثمّ قال: اللهمّ إن عبدك موسى دعاك فاستجبت له وألقيت عليه محبّة منك، وطلب منك أن تشرح له صدره وتيسّر له أمره وتجعل له وزيرا من أهله وتحلّ العقدة من لسانه، وإنّي أسالك بما سألك به عبدك موسى أن تشرح لي صدري وتيسّر لي أمري وتجعل لي وزيرا من أهلي عليّا أخي(3).

باب (15) الإمام علي عليه السلام سيّد العرب

4872 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان ابن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد قال: حدثنا أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن

ص:282


1- - أمالي الصدوق: ص 474 ح 16. منه البحار: ج 38 ص 107.
2- (2) - المعارج: أي الدرجات التي عليها يعلو الانسان واحدها: معرج.
3- (3) - قرب الاسناد: ص 14. منه البحار: ج 38 ص 110.

أبيه الحسين بن علي، عن علي (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): عليّ سيّد العرب.

فقالت امرأة من نسائه: ألست أنت سيّد العرب؟

فقال (صلّى اللّه عليه وآله): اسكتي أنا سيّد ولد آدم، وعليّ بن أبي طالب سيّد العرب(1).

البحار - بيان: لعلّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إنّما اقتصر في سيادته على العرب تدريجا في بيان فضله وحذرا من تكذيب المنافقين وشك الضّعفاء من المسلمين.

باب (16) «إنّي تارك فيكم الثقلين»

4873 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه قال: حدثنا عمي محمّد بن أبي القاسم قال.

حدثنا محمّد بن علي القرشي، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه (جلّ جلاله) أوحى إلى الدّنيا أن أتعبي من خدمك واخدمي من رفضك، وإنّ العبد إذا تخلّى بسيّده في جوف اللّيل المظلم وناجاه أثبت اللّه النور في قلبه، فإذا قال: «ياربّ ياربّ» ناداه الجليل (جلّ جلاله) «لبّيك عبدي سلني اعطك وتوكل عليّ أكفك» ثمّ يقول (جلّ جلاله)

ص:283


1- - أمالي الطوسي: ص 365 ح 772. منه البحار: ج 38 ص 94.

لملائكته: «ياملائكتي انظروا إلى عبدي فقد تخلّى بي في جوف اللّيل المظلم والباطلون(1) لاهون والغافلون نيام، اشهدوا أنّي قد غفرت له».

ثمّ قال (صلّى اللّه عليه وآله): عليكم بالورع والاجتهاد والعبادة، وازهدوا في هذه الدنيا الزاهدة فيكم فإنّها غرّارة، دار فناء وزوال، كم من مغترّ فيها قد أهلكته، وكم من واثق بها قد خانته، وكم من معتمد عليها قد خدعته وأسلمته، واعلموا أنّ أمامكم طريقا مهولا وسفرا بعيدا، وممرّكم على الصراط، ولا بدّ للمسافر من زاد، فمن لم يتزوّد وسافر عطب وهلك، وخير الزاد التقوي، ثمّ اذكروا وقوفكم بين يدي اللّه (جلّ جلاله) فإنّه الحكم العدل، واستعدّوا لجوابه إذا سألكم فإنّه لابدّ سائلكم عمّا عملتم بالثقلين من بعدي كتاب اللّه وعترتي، فانظروا أن لاتقولوا: أمّا الكتاب فغيّرنا وحرّفنا وأمّا العترة ففارقنا وقتلنا، فعند ذلك لايكون جزاؤكم إلاّ النار، فمن أراد منكم أن يتخلّص من هول ذلك اليوم فليتولّ وليّي وليتّبع وصيى وخليفتي من بعدي عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)، فإنه صاحب حوضي يذود عنه أعداءه ويسقي أولياءه، فمن لم يسق منه لم يزل عطشانا ولم يرو أبدا، ومن سقي منه شربة لم يشق ولم يظمأ أبدا، وإنّ عليّ بن أبي طالب لصاحب لوائي في الآخرة كما كان صاحب لوائي في الدنيا، وإنّه أوّل من يدخل الجنّة لأنّه يقدمني وبيده لوائي تحته آدم ومن دونه من الأنبياء(2).

ص:284


1- - والبطالون - البحار.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 230 ح 9. منه البحار: ج 38 ص 99.

باب (17) الإمام علي عليه السلام حجّة اللّه على خلقه

4874 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ الفقيه أبو النجم محمّد ابن عبدالوهاب بن عيسى الرازي، قال: أخبرنا الشيخ أبو سعيد محمّد بن احمد النيشابوري قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن الحسين الحافظ قال: حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني أحمد بن محمّد قال: حدثني أبي قال: حدثني علي بن المغيرة ومحمّد بن يحيى الخثعمي قالا: حدثنا محمّد بن بهلول العبدي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه [علي ابن الحسين] قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لمّا اسري بي إلى السّماء وانتهي بي إلى حجب النّور كلّمني ربّي (جلّ جلاله) وقال لي: يامحمّد بلّغ عليّ بن أبي طالب منّي السلام وأعلمه أنّه حجّتي بعدك على خلقي، به أسقي العباد الغيث وبه أدفع عنهم السّوء وبه أحتجّ عليهم يوم يلقوني، فإيّاه فليطيعوا ولأمره فليأتمروا وعن نهيه فلينتهوا، أجعلهم عندي في مقعد صدق وابيح لهم جناني، وإن لايفعلوا أسكنتهم ناري مع الأشقياء من أعدائي ثمّ لا ابالي(1).

ص:285


1- - بشارة المصطفى: ص 79. منه البحار: ج 38 ص 138.

باب (18) ولاية أمير المؤمنين عليه السلام

4875 - شرح الاخبار: عيسى بن عبداللّه بن عمر، قال: كنت جالسا عند أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) فسمع الرعد، فقال: سبحان من سبّحت له.

ثمّ قال: يا أبا محمّد أخبرني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الصديق الأكبر علي (عليه السّلام) انه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فان ولاءه ولائي. وولائي ولاءه، أمر أمرني به ربي (عزّوجلّ) وعهد عهده إليّ، وأمرني أن ابلّغكموه وإن منكم من ينقصه حقّه ويركب عقّه.

قالوا: يارسول اللّه أولا تعرّفنا بهم؟

قال: أما إني قد عرفتهم، ولكن امرت بالإعراض عنهم لأمر هو كائن، وكفى بالمرء منكم ما في قلبه لعلي(1).

4876 - شرح الاخبار: جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي (عليه السّلام) إنه قال في قول اللّه (عزّوجلّ): إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (2).

قال: الذين كفروا بولاية علي (عليه السّلام) وأوصياء رسول اللّه

ص:286


1- - شرح الاخبار: ج 1 ص 231 ح 220.
2- (2) - البقرة 2:6.

(صلوات اللّه عليهم أجمعين)(1).

4877 - شرح الأخبار: أبو حمزة، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) انه قال في قول اللّه تعالى: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ (2).

قال: ولاية علي (عليه السّلام) وولايتنا من بعده(3).

4878 - شرح الأخبار: خالد بن يزيد، عنه (عليه السّلام)، انه قال في قول اللّه تعالى: فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (4).

قال: في القول بالولاية(5).

4879 - شرح الاخبار: عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، انه قال في قول اللّه (عزّوجلّ): سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ * لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ * مِنَ اللّهِ ذِي الْمَعارِجِ (6).

قال: نزلت واللّه بمكة للكافرين بولاية علي (عليه السّلام) وكذلك هي في مصحف فاطمة (صلوات اللّه عليها).

وأنه قال في قول اللّه (عزّوجلّ): فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (7).

ص:287


1- - شرح الاخبار: ج 1 ص 240 ح 255.
2- (2) - الكهف 18:44.
3- (3) - شرح الاخبار: ج 1 ص 240 ح 256.
4- (4) - التغابن 64:16.
5- (5) - شرح الاخبار: ج 1 ص 240 ح 257.
6- (6) - المعارج 70:1-3.
7- (7) - النساء 4:65.

قال: يعني فيما قضيت من امر الولاية لعلي (عليه السّلام)(1).

4880 - شرح الاخبار: عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) إنه قال في قول اللّه تعالى: يا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ (2).

قال: بولاية علي (عليه السّلام) وفيها نزلت(3).

4881 - شرح الأخبار: ابن اسباط، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) إنه قال في قول اللّه تعالى: وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا (4).

قال: يعني ولاية علي (عليه السّلام)(5).

4882 - شرح الاخبار: سليمان الديلمي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه قال في قول اللّه تعالى: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (6).

قال: نزل جبرئيل في ثلاثين ألفا من الملائكة ليلة القدر بولاية علي (عليه السّلام) وولاية الأوصياء من ولده (صلوات اللّه عليهم أجمعين)(7).

ص:288


1- - شرح الاخبار: ج 1 ص 241 ح 260.
2- (2) - النساء 4:170.
3- (3) - شرح الاخبار: ج 1 ص 242 ح 261.
4- (4) - النساء 4:135.
5- (5) - شرح الاخبار: ج 1 ص 242 ح 262.
6- (6) - القدر 97:4 و 5.
7- (7) - شرح الأخبار: ج 1 ص 242 ج 263.

4883 - شرح الأخبار: أبو شبرمة، قال: دخلت أنا وأبو حنيفة على أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليه السّلام) فسأله رجل عن قول اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً .

فقال: السّلم - والله - ولاية علي بن أبي طالب، من دخل فيها سلم.

قال وقوله تعالى: وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ (1) يعني من فارق عليا.

قال: وكل شيطان ذكر في كتابه فهو رجل بعينه معروف سمّاه شيطانا.

وانه قال (عليه السّلام) في قول اللّه تعالى: اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (2).

قال: يعني صدوا عن ولاية علي (عليه السّلام)، وعلي (عليه السّلام) هو السبيل.

وقال في قول اللّه تعالى: اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ (3).

قال: الّذين كفروا بولاية علي (عليه السّلام) وظلموا آل محمّد، ولا يهديهم اللّه الى ولايتهم ولا (يقولون) إلا أعداءهم الذين هم الطريق الى جهنم(4).

ص:289


1- - البقرة 2:208.
2- (2) - سورة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:1.
3- (3) - النساء 4:168 و 169.
4- (4) - شرح الأخبار: ج 1 ص 242 ح 264.

4884 - شرح الاخبار: العلاء قال: سألت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) عن قول اللّه تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ؟(1).

قال: هو أمير المؤمنين علي (صلوات اللّه عليه) اوتي الحكمة وفصل الخطاب وورث علم الأولين وكان اسمه في الصحف الاولى وما أنزل اللّه تعالى كتابا على نبي مرسل إلاّ ذكر فيه اسم رسوله محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) واسمه وأخذ العهد بالولاية له (عليه السّلام)(2).

4885 - شرح الاخبار: المفضل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه قال في قول اللّه تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ (3).

قال: السكينة ولاية أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) والتسليم له، والمؤمنون هم شيعته الذين سكنوا إليه(4).

4886 - شرح الاخبار: المفضل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) إنه قال: في قول اللّه تعالى: وَ كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (5).

قال: هو إصرارهم على البراءة من ولاية علي (عليه السّلام) وقد أخذ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليهم فيها(6).

ص:290


1- - الزخرف 43:4.
2- (2) - شرح الاخبار: ج 1 ص 244 ح 267.
3- (3) - الفتح 48:4.
4- (4) - شرح الاخبار: ج 1 ص 244 ح 269.
5- (5) - الواقعة 56:46.
6- (6) - شرح الاخبار: ح 1 ص 245 ح 271.

4887 - شرح الأخبار: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) إنه قال في قول اللّه تعالى: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ (1).

قال: الذين اشركوا بولاية علي (عليه السّلام) كبر عليهم ما دعوا إليه من ولايته(2).

4888 - شرح الاخبار: سليمان بن عبداللّه بن سنان، عن جعفر ابن محمّد، عن أبيه (عليه السّلام)، أنه قال: من منعنا مودته وولايته، وتولى عدونا وقرب منه، خرج من ولاية اللّه (عزّوجلّ) الى ولاية الشيطان، وحق على اللّه أن يحشره الى جهنم. إن اللّه (عزّوجلّ) سمى من لم يتبع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في ولاية علي (عليه السّلام) منافقين. وجعل من جحد وصي رسوله (صلّى اللّه عليه وآله) إمامته كمن جحد محمدا (صلّى اللّه عليه وآله) نبوته، فأنزل اللّه (عزّوجلّ): إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ يعني الّذين كذبوا بولاية الوصي قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَ اللّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ لتكذيبهم بولاية علي (عليه السّلام) اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ هو وصي رسوله إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ بولايته عدوّهم(3)ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا يعني برسالتك يامحمّد ثُمَّ كَفَرُوا بولاية وصيك فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (4).

ص:291


1- - الشورى 42:13.
2- (2) - شرح الأخبار: ج 1 ص 245 ح 272.
3- (3) - هكذا في المصدر ولعلّ الصحيح: بولايتهم عدوّه.
4- (4) - شرح الاخبار: ج 2 ص 270 ح 578، والآيات في سورة المنافقون 63:1-3.

4889 - شرح الاخبار: جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) أنه قال في قول اللّه (عزّوجلّ): قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (1).

قال: الذي عنده علم الكتاب علي بن أبي طالب (صلوات اللّه عليه)(2).

باب (19) ثواب ذكر فضائله عليه السلام والنّظر فيها والإستماع إليها

4890 - بشارة المصطفى: اخبرني أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابويه، عن عمّه، عن أبيه، عن عمّه، عن أبي جعفر قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس قال: حدثني أبي، عن محمد بن احمد بن يحيى، عن عمر بن علي بن عمر بن زيد، عن عمّه محمدبن عمر، عن أبيه، عن علي بن الحسين بن علي الرازي قال: حدثنا أبو عبداللّه الحسين بن محمّد بن نصر الحلواني قال: حدثني الشريف الاجل المرتضى علم الهدى ذو المجدين أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي.

قال: حدثني أبي الحسين بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن ابراهيم قال: حدثني أبي ابراهيم بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر

ص:292


1- - الرعد 13:43.
2- (2) - شرح الاخبار: ج 2 ص 310 ح 637.

قال. حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن علي بن الحسين(1) قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثنا جابر بن عبداللّه الأنصاري قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

زينوا مجالسكم بذكر علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(2).

4891 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيى البصري، عن يحيى البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، عن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن آبائه الصادقين (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه (تبارك وتعالى) جعل لاخي عليّ ابن أبي طالب (عليه السّلام) فضائل لايحصي عددها غيره، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرّا بها غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ولو وافى القيامة بذنوب الثقلين، ومن كتب فضيلة من فضائل عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر اللّه له الذنوب الّتي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتابة في فضائله غفر اللّه له الذنوب الّتي اكتسبها بالنظر.

ثمّ قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): النظر إلى عليّ بن

ص:293


1- - هكذا في الصدر، والظاهر هنا سقط في السند والصحيح هو: قال: حدثني أبي علي بن الحسين.
2- (2) - بشارة المصطفى: ص 60. منه البحار: ج 38 ص 199.

أبي طالب (عليه السّلام) عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل إيمان عبد إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه(1).

تأويل الايات الظاهرة: ذكر الخوارزمى في كتاب (الأربعين) باسناد يرفعه، عن الامام جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن رسول اللّه (صلوات اللّه عليهم أجمعين) انه قال: ان اللّه تعالى...

وذكر نحوه إلى قوله: بذنوب الثقلين(2).

4892 - مائة منقبة لابن شاذان: اخبرنى أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد المخلد من كتابه قال: حدثني الحسين بن محمد بن اسحاق قال: حدثني محمد بن زكريا قال: حدثني جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إنّ اللّه تعالى جعل لأخي عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فضائل لاتحصى كثرة، فمن قرأ فضيلة من فضائله مقرا بها غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة يستغفرون له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر اللّه له الذنوب الّتي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتاب في فضائل عليّ غفراللّه له الذنوب الّتي اكتسبها بالنظر.

ثمّ قال: النظر إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) عبادة وذكره عبادة ولا يقبل اللّه إيمان عبد من عباده كلّهم إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه(3).

ص:294


1- - أمالي الصدوق: ص 119 ح 9. منه البحار: ج 38 ص 196.
2- (2) - تأويل الايات الظاهرة: ج 2 ص 888 ح 1 4.
3- (3) - مائة منقبة: ص 163. منه البحار: ج 26 ص 229.

باب (20) حديث سدّ الأبواب

4893 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن عمر البغدادي قال: حدثني الحسن بن عبداللّه بن محمّد بن علي التميمي قال: حدثني أبي قال: حدثني سيدي علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): سدّوا الأبواب الشارعة في المسجد إلاّ باب عليّ (1).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر الحافظ، قال: حدثنا الحسن بن عبداللّه التميمي بهذا الاسناد قال: قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله)... وذكر مثله(2).

4894 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر ابن محمد بن مسلم بن البراء الجعابي قال: حدثني أبو محمد الحسن ابن عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) بهذا الاسناد قال: قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله): لايحلّ لاحد يجنب(3) في هذا المسجد إلاّ أنا

ص:295


1- - أمالي الصدوق: ص 274 ح 6.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 67 ح 302. منهما البحار: ج 39 ص 20.
3- (3) - ان يجنب - أمالي الصدوق.

وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ومن كان من أهلي فانهم منّي(1).

أمالى الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن عمر البغدادي قال: حدثني الحسن بن عبداللّه بن محمد بن علي التميمي قال: حدثني أبي قال: حدثني سيّدي علي بن موسى بن جعفر (عليه السّلام) بهذا الاسناد مثله(2).

4895 - نوادر الراوندي: باسناده عن جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه تعالى أوحى الى موسى (عليه السّلام) أن إبن مسجدا طاهرا لايكون فيه غير موسى وهارون وابني هارون شبر وشبير، وانّ اللّه تعالى أمرني أن أبني مسجدا طاهرا لايكون فيه غيري وغير أخي علي وغير ابني الحسن والحسين (صلوات اللّه عليهم)(3).

باب (21) الإمام علي عليه السلام خاتم الوصيّين

4896 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسن بن يوسف البغدادي قال: حدثنا علي بن محمّد بن عيينة قال: حدثنا الحسن بن سليمان الملطى قال: حدثن ما محمّد بن القاسم بن العباس بن موسى العلوي، ودارم بن قبيصة بن نهشل

ص:296


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 60 ح 236.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 274 ح 5. منهما البحار: ج 39 ص 20.
3- (3) - نوادر الراوندي: ص 8. منه البحار: ج 39 ص 32.

النهشلى قالا: حدثنا علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ياعليّ ما سألت ربي شيئا إلاّ سألت لك مثله غير انه قال: لانبوة بعدك، أنت(1) خاتم النبيّين وعليّ خاتم الوصيّين(2).

4897 - أمالي الطوسي: أخبرنا ابن الصلت، قال: اخبرنا ابن عقدة قال: أخبرنى المنذر بن محمّد قال: حدثنا أحمد بن يحيى الضبي قال: حدثنا موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه أخرجنى ورجلا معي من طهر إلى طهر(3)، من صلب آدم حتّى خرجنا من صلب أبينا، فسبقته(4) بفضل هذه على هذه - وضمّ بين السبابة والوسطى - وهو النبوّة.

فقيل له: ومن هو، يا رسول اللّه؟

قال: عليّ بن أبي طالب(5).

[باب (22)] فضل الإمام علي عليه السلام على سائر الأئمّة

4898 - الكافي: أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن

ص:297


1- - في بعض النسخ «غير انه لانبوة بعدي أنا» مكان «غير انه قال لانبوة بعدك أنت». «هامش المصدر».
2- (2) - عيون اخبار الرضا: ج 2 ص 73 ح 337. منه البحار: ج 39 ص 36.
3- (3) - من ظهر إلى ظهر - البحار.
4- (4) - وسبقته - البحار.
5- (5) - أمالي الطوسي: ص 340 ح 692. منه البحار: ج 39 ص 36.

عليّ بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): نحن في الامر والفهم والحلال والحرام نجري مجري واحدا.

فأمّا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وعليّ (عليه السّلام) فلهما فضلهما(1) و(2).

4899 - بصائر الدرجات: حدثنا عليّ بن اسماعيل، عن صفوان ابن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحارث النضري، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ونحن في الامر والنهي والخلال والحرام نجري مجري واحد، فإمّا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعليّ فلهما فضلهما(3).

الاختصاص: عن الحارث بن المغيرة، عن أبى عبداللّه (عليه السّلام) مثله(4).

4900 - الكافي: محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عبداللّه بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجّاج، عن يونس بن أبي وهب القصريّ قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبداللّه (عليه السّلام) فقلت [له]: جعلت فداك أتيتك ولم أزر أمير المؤمنين (عليه السّلام)؟

ص:298


1- - العبارة في آخر الحديث: «فأما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)» من كلام الامام الصادق (عليه السّلام).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 275 ح 3.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 500 ح 2. منه البحار: ج 39 ص 92.
4- (4) - الاختصاص: ص 267.

قال:(1) بئس ما صنعت لولا انّك من شيعتنا ما نظرت إليك!! ألا تزور من يزوره اللّه مع الملائكة [ويزوره الانبياء](2) ويزوره المؤمنون؟

قلت: جعلت فداك، ما علمت ذلك.

قال: إعلم أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) أفضل عند اللّه من الأئمّة كلّهم وله ثواب أعمالهم وعلى قدر أعمالهم فضّلوا(3).

التهذيب: محمّد بن يحيى العطار مثله إلاّ أنّ فيه: عن يونس، عن أبي وهب(4).

البحار: روى الحسن بن سليمان في كتاب (المحتضر) من كتاب (المزار) لمحمّد بن عليل الحائريّ باسناده عن محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن سليمان، عن عبدالله بن محمّد اليمانيّ، عن منيع بن الحجّاج، عن يونس بن وهب القصريّ مثله(5).

أقول: قوله (عليه السّلام): «ألا تزور من يزوره اللّه...».

الظاهر أن معناه المزيد من اللّطف والعناية، لانّ الزيارة لازمها ذلك.

وبما أنّ معنى الزيارة هو حضور الزائر عند المزور وهذا لايصح بالنسبة الى اللّه سبحانه لحضوره في كل مكان لذلك كان معنى زيارة

ص:299


1- - قبر أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال: - التهذيب.
2- (2) - مابين المعقوفتين ليس في البحار.
3- (3) - الكافي: ج 4 ص 579 ح 3.
4- (4) - التهذيب: ج 6 ص 20 ح 45.
5- (5) - البحار: ج 25 ص 361 ح 19.

اللّه لأمير المؤمنين (عليه السّلام) هو غاية العناية واللّطف من اللّه الى الإمام (عليه السّلام). والله العالم.

4901 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمّد بن عمر الحافظ قال: حدثنا الحسن بن عبداللّه التميمي قال: حدثني أبي قال.

حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليهما السّلام) عن أبيه موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي (عليه السّلام) قال: قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله): إن اللّه (عزّوجلّ) اطلع إلى أهل الأرض [اطلاعة] فاختارني، ثمّ اطلع الثانية فاختارك بعدي، فجعلك القيّم بأمر امّتي بعدي وليس أحد بعدنا مثلنا(1).

4902 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة وأبوهما خير منهما(2).

عيون اخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) مثله(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) مثله بتقديم وتأخير(4).

ص:300


1- - عيون اخبار الرضا: ج 2 ص 66 ح 299. منه البحار: ج 39 ص 91.
2- (2) - قرب الاسناد: ص 53.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 33 ح 56.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: ص 158 ح 103. منها البحار: ج 39 ص 90.

4903 - بصائر الدرجات: حدّثنا بعض أصحابنا، عن الحسن بن موسى، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): في قول اللّه (عزّوجلّ): قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (1).

قال: إيّانا عنى. وعليّ (عليه السّلام) أوّلنا وأفضلنا وخيرنا(2).

باب (23) تحف اللّه إلى رسوله وأمير المؤمنين

4904 - مناقب آل أبي طالب: عيسى بن الصلت، عن الصادق (عليه السّلام) في خبر: فأتوا جبل ذباب(3) فجلسوا عليه فرفع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) رأسه فإذا رمّانة مدلاّة، فتناولها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ففلقها فأكل وأطعم عليا منها، ثمّ قال: يا أبا بكر هذه رمّانة من رمّان الجنّة، لايأكلها في الدّنيا إلاّ نبي أو وصيّ نبي(4).

4905 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: كان النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يسير في جماعة من أصحابه وعليّ معه إذ نزلت عليه ثمرة، فمدّ يده فأخذها فأكل منها، ثمّ نظر إلى ما بقي منها فدفعه إلى

ص:301


1- - الرعد 13:43.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 234 ح 7. منه البحار: ج 39 ص 92.
3- (3) - ذباب - بالضم -: جبل بالمدينة. (لسان العرب).
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 230. منه البحار: ج 39 ص 119.

عليّ (عليه السّلام) فأكله، قال: فسألت(1) ما تلك الثّمرة؟

فقال: أمّا اللّون فلون البطّيخ وأمّا الريح فريح البطّيخ(2).

4906 - الخرائج والجرائح: روي عن أبي جعفر الطوسيّ، عن أبي محمّد الفحام، عن المنصوري، عن عمّ أبيه، عن أبي محمّد العسكريّ، عن آبائه، عن الحسين (عليهم السّلام)، عن قنبر (رضي اللّه عنه) قال: كنت مع مولاي عليّ (عليه السّلام) على شاطيء الفرات، فنزع قميصه ونزل إلى الماء، فجاءت موجة فأخذت القميص، فإذا هاتف يهتف: يا أبا الحسن انظر عن يمينك وخذ ما تري، فإذا منديل عن يمينه وفيها قميص مطويّ، فأخذه ولبسه، وإذا في جيبه رقعة فيها مكتوب: هديّة من اللّه العزيز الحكيم إلى عليّ بن أبي طالب هذا قميص هارون بن عمران كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (3) و(4).

4907 - أمالي الطوسي: الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه قال: حدثني الامام علي بن محمّد (عليهما السّلام) باسناده، عن الباقر (عليه السّلام)، عن جابر قال: كنت اماشي أمير المؤمنين (عليه السّلام) على الفرات إذ خرجت موجة عظيمة فغطّته حتّى استتر عنّي، ثمّ انحسرت عنه(5) ولا رطوبة عليه، فوجمت(6) لذلك وتعجّبت وسألته

ص:302


1- - فسئل - البحار.
2- (2) - قرب الاسناد: ص 56. منه البحار: ج 39 ص 122.
3- (3) - الدخان 44:28.
4- (4) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 559 ح 17. منه البحار: ج 39 ص 126.
5- (5) - إنحسر الشيء: انكشف. (أقرب الموارد).
6- (6) - وجم الرجل: سكت وعجز عن التكلّم من كثرة الغمّ والخوف. (أقرب الموارد).

عنه، فقال: ورأيت ذلك؟

قال: قلت: نعم.

قال: إنّما الملك الموكل بالماء خرج فسلّم عليّ واعتنقني(1).

4908 - مناقب آل أبي طالب: أمالي أبي عبداللّه النيسابوري إنّه دخل الكاظم على الصادق والصادق على الباقر والباقر على زين العابدين وزين العابدين على الشهيد (عليهم السّلام) وكلّهم فرحون وقائلون: إنّه ناول النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا تفّاحة فسقطت من يديه وصارت نصفين، فخرج في وسطه مكتوب فيه «من الطالب الغالب إلى عليّ بن أبي طالب»(2).

4909 - البحار: عيون المعجزات للسيد المرتضى، ذكر الجام في رواية العامّة وعن الخاصّة إبراهيم بن الحسين الهمدانيّ، عن إسحاق ابن إبراهيم، عن عبدالغفّار بن القاسم، عن جعفر الصادق، عن أبيه، يرفعه إلى أمير المؤمنين (عليهم السّلام) أنّ جبرئيل نزل على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) بجام من الجنّة فيه فاكهة كثيرة من فواكه الجنّة، فدفعه إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)، فسبّح الجام وكبّر وهلّل في يده، ثمّ دفعه إلى أبي بكر فسكت الجام، ثمّ دفعه إلى عمر فسكت الجام، ثمّ دفعه إلى امير المؤمنين عليّ (عليه السّلام) فسبّح الجام وهلّل وكبّر في يده، ثمّ قال الجام: إنّي امرت أن لاأتكلّم إلاّ في يد نبيّ أو وصيّ (3).

ص:303


1- - أمالي الطوسي: ص 298 ح 585. منه البحار: ج 39 ص 109.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 229. منه البحار: ج 39 ص 126.
3- (3) - البحار: ج 39 ص 129 ح 17. والجام: إناء من فضّة. (أقرب الموارد).

باب (24) الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يتكلّم مع وصيّ عيسى

4910 - بصائر الدرجات: حدثني الحسن بن عليّ بن عبداللّه، عن عليّ بن حسّان، عن عمّه عبدالرحمن بن كثير الهاشمي مولى محمّد بن عليّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خرج أمير المؤمنين (عليه السّلام) بالناس يريد صفّين حتّى عبر الفرات، فكان قريبا من الجبل بصفّين إذ حضرت صلاة المغرب، فأمعن بعيدا ثمّ توضّأ وأذّن، فلمّ فرغ من الاذان انفلق الجبل عن هامة بيضاء بلحية بيضاء ووجه أبيض، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه وبركاته، مرحبا بوصيّ خاتم النبيّين وقائد الغرّ المحجّلين والأعزّ المأثور والفاضل والفائق بثواب الصدّيقين وسيّد الوصيّين.

قال له: وعليك السلام يا أخي شمعون بن حمّون وصيّ عيسى ابن مريم روح القدس، كيف حالك؟

قال: بخير يرحمك اللّه، أنا منتظر روح اللّه ينزل، فلا أعلم أحدا أعظم في اللّه بلاء ولا أحسن غدا ثوابا ولا أرفع مكانا منك، اصبر يا أخي على ما أنت عليه حتّى تلقى الحبيب غدا، فقد رأيت أصحابك بالامس لقوا ما لاقوا(1) من بني إسرائيل، نشروهم بالمناشير وحملوهم على الخشب، فلو تعلم هذه الوجوه الغريزة(2) الشّافهة ما

ص:304


1- - لقوا ما لقوا - البحار.
2- (2) - هكذا في المصدر ولم نجد له معنى في كتب اللّغة، ولعلّ الصحيح: الغريرة ولها معان متعددة منها: الشاب الذي لاتجربة له. (اقرب الموارد) وهو يناسب المقام. قوله: «الشافهة» في البحار: الشائهة و الشوه: قبح الخلقة. (مجمع البحرين).

أعدّ اللّه لهم من عذاب ربّك وسوء نكاله لأقصروا، ولو تعلم هذه الوجوه المضيئة ماذا لهم من الثواب في طاعتك لتمنّت أنّها قرضت بالمقاريض، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه وبركاته، والتأم الجبل [عليه] وخرج أمير المؤمنين (عليه السّلام) إلى عسكره، فسأله عمّار بن ياسر وابن عبّاس ومالك الأشتر وهاشم بن عتبة بن أبي وقّاص وأبو أيّوب الأنصاريّ وقيس بن سعد الأنصاريّ وعمرو بن الحمق الخزاعيّ وعبادة بن الصامت وأبو الهيثم بن التيهان عن الرجل، فأخبرهم أنّه شمعون بن حمّون وصيّ عيسى بن مريم، وسمعوا كلامهما فازدادوا بصيرة.

فقال له عبادة بن الصامت وأبو أيّوب: لايهلعنّ (1) قلبك يا أمير المؤمنين، بأمّهاتنا وآبائنا نفديك يا أمير المؤمنين، فواللّه لننصرنّك كما نصرنا أخاك رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله) ولا يتخلّف عنك من المهاجرين والأنصار إلاّ شقيّ.

فقال لهما معروفا وذكرهما بخير(2).

الخرائج والجرائح: روي عن علي بن حسّان، عن عبدالرحمن ابن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خرج عليّ (عليه السّلام) يريد صفّين... وذكر نحوه(3).

مدينة المعاجز: عن ثاقب المناقب، عن عبدالرحمن بن كثير الهاشمي مولى أبي جعفر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه إلى

ص:305


1- - هلع الرجل: جزع. (أقرب الموارد).
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 300 ح 16. منه البحار: ج 39 ص 134.
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 743 ح 62. منه البحار: ج 6 ص 743.

قوله: وازدادوا بصيرة(1).

مناقب آل أبي طالب: عبدالرحمن بن كثير الهاشمي، عن الصادق (عليه السّلام) في خبر أن أمير المؤمنين (عليه السّلام) توضّأ واذّن في صفين فانفلق الجبل، عن هامّة بيضاء بلحية بيضاء ووجه أبيض... وذكر نحوه إلى قوله: وحملوهم على الخشب (وأشار إلى تمام الحديث بقوله إلى آخر كلامه)(2).

[باب (25)] الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يتكلّم مع أصحاب الكهف

4911 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): روينا من عدّة طرق ورأينا من عدة طرقهم وتصانيفهم في مواضع جماعة ويزيد بعض الرواة على بعض ونحن نذكر الآن ما رأيناه في نسخة وهذا لفظها حدثنا محمّد بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن الحسين قال: حدثنا الحسن بن دينار، عن عبداللّه بن موسى، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه (عليهم السّلام)، عن جابر بن عبداللّه الأنصاريّ (رحمة اللّه عليه) قال: خرج علينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يوما ونحن في مسجده فقال: من هاهنا؟

ص:306


1- - مدينة المعاجز: ص 36 الباب 56.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 246. منه البحار: ج 39 ص 135.

فقلت: أنا يا رسول اللّه وسلمان الفارسيّ.

فقال: يا سلمان اذهب فادع لي مولاك عليّ بن أبي طالب.

قال جابر: فذهب سلمان (ينبدر)(1)، حتّى أخرج عليا من منزله، فلمّا دنا من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قام فخلا به وأطال مناجاته، ورسول اللّه يقطر عرقا كهيئة اللّؤلؤ ويتهلّل حسنا ثمّ انصرف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من مناجاته وجلس، فقال له.

أسمعت ياعليّ ووعيت؟

قال: نعم يارسول اللّه.

قال جابر: ثمّ التفت إليّ وقال: ياجابر ادع لي أبا بكر وعمر وعبدالرحمن بن عوف الزهريّ.

قال جابر: فذهبت مسرعا فدعوتهم، فلمّا حضروا قال: يا سلمان اذهب إلى منزل امّك امّ سلمة فأتني ببساط الشّعر الخيبريّ.

قال جابر: فذهب سلمان فلم يلبث أن جاء بالبساط، فأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) سلمان فبسطه، ثمّ قال لابي بكر وعمر وعبدالرحمن: اجلسوا على البساط، فجلسوا كما أمرهم، ثمّ خلا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) سلمان، فلمّا جاءه أسرّ إليه شيئا، ثمّ قال له: اجلس في الزاوية الرابعة، فجلس سلمان، ثمّ أمر عليّا (عليه السّلام) أن يجلس في وسطه، ثمّ قال له: قل ما أمرتك فوالّذي بعثني بالحقّ نبيّا لو شئت قلت على الجبل لسار، فحرك عليّ (عليه السّلام) شفتيه، قال جابر: فاختلج البساط فمرّ بهم.

قال جابر: فسألت سلمان فقلت: أين مرّ بكم البساط؟

ص:307


1- - بادر الى الشيء مبادرة: اسرع. (اقرب الموارد).

قال: واللّه ماشعرنا بشيء حتّى انقضّ بنا البساط في ذروة جبل شاهق، وصرنا إلى باب كهف.

قال سلمان: فقمت وقلت لابي بكر: يا أبا بكر أمرني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أن نصرخ في هذا الكهف بالفتية الّذين ذكرهم اللّه في محكم كتابه.

فقام أبو بكر فصرخ بهم بأعلى صوته فلم يجبه أحد، ثمّ قلت لعمر أن يصرخ بهم فقام فصرخ بأعلى صوته فلم يجبه أحد، ثمّ قلت لعبدالرحمن: قم فاصرخ بهم كما صرخ أبو بكر وعمر، فقام وصرخ فلم يجبه أحد، ثمّ قمت أنا وصرخت بهم بأعلى صوتي فلم يجبني أحد، ثمّ قلت لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): قم يا أبا الحسن واصرخ في هذا الكهف فإنّه أمرني رسول اللّه أن آمرك كما أمرتهم، فقام عليّ (عليه السّلام) فصاح بهم بصوت خفيّ، فانفتح باب الكهف، ونظرنا إلى داخله يتوقّد نورا ويأتلق(1) إشراقا، وسمعنا صيحة ووجبة(2) شديدة، فملئنا رعبا وولّى القوم هاربين، فناداهم: مهلا ياقوم ارجعوا، فرجعوا وقالوا: ما هذا ياسلمان؟

قلت: هذا الكهف الّذي وصفه اللّه (جلّ وعزّ) في كتابه، والّذين تراهم هم الفتية الّذين ذكرهم اللّه (عزّوجلّ) هم الفتية المؤمنون، وعليّ (عليه السّلام) واقف يكلّمهم، فعادوا إلى موضعهم.

قال سلمان: وأعاد عليّ (عليه السّلام) فسلّم عليهم.

فقالوا كلّهم: وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته وعلى محمّد

ص:308


1- - الق البرق وائتلق: لمع واضاء. (أقرب الموارد).
2- (2) - الوجبة: الهدّة وصوت السقوط. (مجمع البحرين).

رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) خاتم النبوّة منّا السلاّم، أبلغه منّا السّلام وقل له: قد شهدوا لك بالنبوّة الّتي امرنا قبل مبعثك بأعوام كثيرة، ولك يا عليّ بالوصيّة، فأعاد عليّ (عليه السّلام) سلامه عليهم.

فقالوا كلّهم: وعليك وعلى محمّد [منّا] السّلام، نشهد بأنّك مولانا ومولى كلّ من آمن بمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله).

قال سلمان: فلمّا سمع القوم أخذوا بالبكاء وفزعوا واعتذروا إلى أمير المؤمنين عليّ (عليه السّلام)، وقاموا كلّهم إليه يقبّلون رأسه ويقولون: قد علمنا ما أراد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ومدوا أيديهم وبايعوه بإمرة المؤمنين، وشهدوا له بالولاية بعد محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)، ثمّ جلس كلّ واحد مكانه من البساط وجلس عليّ (عليه السّلام) في وسطه، ثمّ حرّك شفتيه فاختلج البساط فلم ندر كيف مرّ بنا في البرّ أم في البحر حتّى انقضّ بنا على باب مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: فخرج إلينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: كيف رأيتم يا أبا بكر.

قالوا: نشهد يا رسول اللّه كما شهد أهل الكهف ونؤمن كما آمنوا.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): اللّه أكبر لاتقولوا.

سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (1) ولا تقولوا يوم القيامة.

إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ (2) واللّه لئن فعلتم لتهتدون وَ ما عَلَى

ص:309


1- - الحجر 15:15.
2- (2) - الاعراف 7:172.

اَلرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (1) وإن لم تفعلوا تختلفوا، ومن وفى وفى الله له، ومن يكتم ما سمعه فعلى عقبيه ينقلب ولن يضرّ اللّه شيئا، أفبعد الحجّة والمعرفة والبيّنة خلف؟! والّذي بعثني بالحقّ نبيّا لقد أمرت أن آمركم ببيعته وطاعته فبايعوه وأطيعوه بعدي، ثمّ تلا هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (2)

يعني عليّ بن أبي طالب.

قالوا: يا رسول اللّه قد بايعناه وشهد علينا أهل الكهف.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): إن صدقتم فقد اسقيتم ماء غدقا وأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم، أو يلبسكم شيعا(3)

وتسلكون طرق بني إسرائيل، فمن تمسّك بولاية عليّ لقيني يوم القيامة وأنا عنه راض.

قال سلمان: والقوم ينظر بعضهم إلى بعض، فأنزل اللّه هذه الآية في ذلك اليوم أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ وَ أَنَّ اللّهَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ (4).

قال سلمان: فاصفرّت وجوههم ينظر كلّ واحد إلى صاحبه، فأنزل اللّه هذه الآية يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ * وَ اللّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ (5) فكان ذهابهم إلى الكهف ومجيئهم من زوال الشّمس

ص:310


1- - النور 24:54.
2- (2) - النساء 4:59.
3- (3) - أي وان لم تصدقوا يلبسكم شيعا.
4- (4) - التوبة 9:78.
5- (5) - المؤمن 40:19 و 20.

إلى وقت العصر(1).

البحار: روي السيّد هذا الخبر في كتاب (سعد السعود) من بعض الكتب المعتبرة بهذا الاسناد بعينه(2).

4912 - نوادر عليّ بن أسباط: عن إبراهيم بن عليّ المحمدي، عن أبيه، عن عبداللّه بن موسى، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن محمّد بن عليّ (عليهم السّلام)، عن جابر بن عبداللّه الأنصاريّ قال.

خرج علينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ذات يوم ونحن في مسجده فقال: من هاهنا؟

فقلت: أنا يارسول اللّه وسلمان الفارسيّ.

فقال: ياسلمان ادع لي مولاك علي بن أبي طالب، فقد جاءتني فيه عزيمة من ربّ العالمين.

قال جابر: فذهب سلمان فاستخرج عليّا من منزله، فلمّا دنا من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) خلا به فأطال مناجاته، كلّ ذلك ليسرّ إليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) سرا خفيّا عنّا ووجه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقطر عرقا كنظم الدرّ يتهلّل حسنا، ثمّ قال له لمّا انصرف من مناجاته: قد سمعت ووعيت فاحفظ ياعليّ. ثمّ قال: يا جابر ادع لي عمر وأبا بكر. قال جابر: فذهبت إليهما فدعوتهما، فلمّا حضراه قال: ياجابر ادع لي عبدالرحمن بن عوف.

قال جابر: فدعوته، فلمّا أتاه قال: ياسلمان اذهب إلى بيت امّ سلمة فأتني بالبساط الخيبريّ. قال جابر: فما لبثنا أن جاءنا سلمان

ص:311


1- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 133 الباب 134. منه البحار: ج 39 ص 138.
2- (2) - البحار: ج 39 ص 141 ح 6.

بالبساط فأمره أن يبسط، ثمّ أمر القوم فجلس كلّ واحد منهم على ركن من أركانه وكانوا ثلاثة، ثمّ خلا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) سلمان فأطال مناجاته إليه إليه سرا خفيّا ثمّ أمره أن يجلس على الركن الرابع من البساط. ثمّ قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): يا عليّ اجلس متوسّطا وقل ما أمرتك به فإنّك لو قلته على الجبال لسارت، أو قلته على الارض لتقطّعت من ورائك، ولطويت كلّ من بين يديك، ولو كلّمت به الموتى لأجابوك بإذن اللّه بل اللّه والقوة باللّه.

فقال له بعض القوم: يارسول اللّه هذا لعليّ خاصّة؟

قال: نعم، فاعرفوا ذلك له.

قال جابر: فلمّا أخذ كلّ واحد مجلسه اختلج(1) البساط فلم أره إلاّ ما بين السّماء والارض. فلمّا رجع سلمان ولقيته خبّرني أنّهم ساروا [ما] بين السّماء والأرض لايدرون أشرقا أم غربا حتّى انقضّ بهم البساط على كهف عظيم عليه باب من حجر واحد.

قال سلمان: فقمت بالّذي أمرني به رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

قال جابر: فقلت لسلمان: وما الذي كان أمرك به رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

قال: أمرني إذا استقرّ البساط مكانه على الارض وصرنا عند الكهف أن آمر أبا بكر بالسّلام على أهل ذلك الكهف وعلى الجميع، فامرته، فسلّم عليهم بأعلى صوته فلم يردّوا عليه شيئا، ثمّ سلّم أخرى فلم يجب، فشهد أصحابه على ذلك وشهدت عليه. ثمّ أمرت عمر

ص:312


1- - اختلجه: اذا جذبه وانتزعه. (لسان العرب).

فسلّم عليهم بأعلى صوته فلم يردّوا عليه شيئا، ثمّ سلّم اخري فلم يجب، فشهد أصحابه على ذلك وشهدت عليه، ثمّ أمرت عبدالرحمن ابن عوف فسلّم عليهم فلم يجب، فشهد أصحابه على ذلك وشهدت عليه. ثمّ قمت أنا فأسمعت الحجارة والأودية صوتي فلم اجب.

فقلت لعليّ: فداك أبي وامّي، أنت بمنزلة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى نرجع ولك السمع والطاعة، وقد أمرني أن آمرك بالسلام على أهل هذا الكهف اخر القوم، وذلك لما يريد اللّه لك وبك [الشرف] من شرف الدرجات.

فقام علي (عليه السّلام) فسلّم بصوت خفيّ فانفتح الباب فسمعنا له صريرا(1) شديدا، ونظرنا إلى داخل الغار يتوقّد نارا، فملئنا رعبا وولّى القوم فرارا، فقلت لهم: مكانكم! حتّى نسمع ما يقال، فإنّه لابأس عليكم. فرجعوا، فأعاد عليّ (عليه السّلام) فقال: السلام عليكم أيّها الفتية الّذين آمنوا بربّهم.

فقالوا: وعليك السّلام ياعليّ ورحمة اللّه وبركاته وعلى من أرسلك، بآبائنا وامّهاتنا أنت يا وصيّ محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) خاتم النبيّين وقائد المرسلين ونذير العالمين وبشير المؤمنين، أقرئه منّا السلام ورحمة اللّه يا إمام المتّقين. قد شهدنا لابن عمّك بالنبوّة ولك بالولاية والإمامة والسلام على محمّد يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّا.

قال: ثمّ أعاد عليّ (عليه السّلام) فقال: السلام عليكم أيّها الفتية الّذين آمنوا بربهم فزادهم هدى.

ص:313


1- - صريرا - صرّ يصرّ صرا وصريرا - صوّت وصاح أشدّ الصياح. السان العرب).

فقالوا: وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته يامولانا وإمامنا.

الحمد للّه الّذي أدانا ولايتك وأخذ ميثاقنا بذلك وزادنا إيمانا وتثبيتا على التقوى، قد سمع من بحضرتك أنّ الولاية لك دونهم وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.

قال سلمان: فلمّا سمعوا ذلك أقبلوا على عليّ (عليه السّلام) وقالوا: قد شهدنا وسمعنا فاشفع لنا إلى نبيّنا (صلّى اللّه عليه وآله) ليرضى عنّا برضاك عنّا. ثمّ تكلّم عليّ (عليه السّلام) بما أمره رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما درينا أشرقا أم غربا حتّى نزلنا كالطير الّذي يهوي من مكان بعيد وإذا نحن على باب المسجد، فخرج إلينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: كيف رأيتم؟

فقال القوم: نشهد كما شهد أهل الكهف ونؤمن كما آمنوا.

فقال (صلّى اللّه عليه وآله): إن تفعلوا تهتدوا وم على الرسول إلّا البلاغ المبين، فإن لم تفعلوا تختلفوا فمن وفى وفى اللّه له، ومن نكص(1) فعلى عقبيه ينقلب، أفبعد المعرفة والحجّة؟! والّذي نفسي بيده لقد امرت أن آمركم ببيعته وطاعته، فبايعوه وأطيعوه، فقد نزل الوحي بذلك عليّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ .

قال جابر: فبايعناه.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إن استقمتم على الطريقة لعليّ في ولايتنا اسقيتم ماء غدقا(2)، وأكلتم من فوق رؤوسكم ومن

ص:314


1- - نكص على عقبيه: رجع عمّا كان عليه من خير. (أقرب الموارد).
2- (2) - غدقا - الغدق -: المطر الكثير وقيل الماء الكثير وان لم يكن مطر. (لسان العرب).

تحت أرجلكم، وإن لم تستقيموا اختلفت كلمتكم وشمت بكم عدوّكم، ولتتبعنّ بني إسرائيل شيئا شيئا، لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم فيه! وطوبى لمن تمسّك بولاية علي (عليه السّلام) من بعدي حتّى يموت ويلقاني وأنا عنه راض.

قال جابر: وكان ذهابهم ومجيئهم من زوال الشمس إلى وقت العصر (الغروب خ - د)(1).

4913 - البحار: عيون المعجزات للسيد المرتضى - حدّثني أبو علي يرفعه إلى الصادق، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

جرى بحضرة السيّد محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ذكر سليمان بن داود (عليهما السّلام) والبساط وحديث أصحاب الكهف وأنّهم موتى أو غير موتى، فقال (صلّى اللّه عليه وآله): من أحبّ منكم أن ينظر باب الكهف ويسلّم عليه؟

فقال أبو بكر وعمر وعثمان: نحن يارسول اللّه، فصاح (صلّى اللّه عليه وآله): يادرحان بن مالك، وإذا بشابّ قد دخل بثياب عطرة، فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): ائتنا ببساط سليمان (عليه السّلام)، فذهب ووافى بعد لحظة ومعه بساط طوله أربعون في أربعين من الشعر الأبيض، فألقى في صحن المسجد وغاب.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لبلال وثوبان مولييه: أخرجا هذا البساط إلى باب المسجد وابسطاه ففعلا ذلك وقام (صلّى اللّه عليه وآله) وقال لأبي بكر وعمر وعثمان وأمير المؤمنين (عليه السّلام) وسلمان: قوموا وليقعد كلّ واحد منكم على طرف من البساط وليقعد

ص:315


1- - الاصول الستة عشر: ص 128. منه البحار: ج 60 ص 124.

أمير المؤمنين (عليه السّلام) في وسطه، ففعلوا، ونادى: يامنشبة، فإذا بريح دخلت تحت البساط فرفعته حتّى وضعته بباب الكهف الّذي فيه أصحاب الكهف.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) لابي بكر: تقدّم وسلّم عليهم وإنّك شيخ قريش.

فقال: ياعليّ ما أقول؟

فقال (عليه السّلام): قل: السلام عليكم أيّها الفتية الّذين آمنوا بربّهم، السلام عليكم يا نجباء اللّه في أرضه.

فتقدّم أبو بكر إلى الكهف وهو مسدود، فنادى بما قال له أمير المؤمنين (عليه السّلام) ثلاث مرّات فلم يجبه أحد، فجاء وجلس، وقال: يا امير المؤمنين ما أجابوني.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): قم يا عمر ثمّ قل كما قاله صاحبك، فقام وقال مثل قوله ثلاث مرّات، فلم يجب أحد مقالته، فجاء وجلس.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) لعثمان: قم أنت وقل مثل قولهما، فقام وقال فلم يكلّمه أحد، فجاء وجلس.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) لسلمان: تقدّم أنت وسلّم عليهم، فقام وتقدّم فقال مثل مقالة الثلاثة، وإذا بقائل يقول من داخل الكهف: أنت عبد امتحن اللّه قلبك بالإيمان، وأنت من خير وإلى خير، ولكنّا امرنا أن لانردّ إلاّ على الأنبياء والأوصياء، فجاء وجلس.

فقام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال: السّلام عليكم يا نجباء اللّه في أرضه الوافين بعهده، نعم الفتية أنتم، وإذا بأصوات جماعة.

ص:316

وعليك السّلام يا أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين، فاز واللّه من والاك، وخاب من عاداك.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): لم لم تجيبوا أصحابي؟

فقالوا: يا أمير المؤمنين إنّا نحن أحياء محجوبون عن الكلام، ولا نجيب إلّا الأنبياء أو وصيّ نبيّ، وعليك السلام وعلى الأوصياء من بعدك حتّى يظهر حقّ اللّه على أيديهم، ثمّ سكتوا، وأمر أمير المؤمنين (عليه السّلام) المنشبة فحملت البساط، ثمّ ردّته إلى المدينة وهم عليه كما كانوا، وأخبروا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بما جري، قال اللّه تعالى: إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَ هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (1) و(2).

باب (26) روح القدس مع أمير المؤمنين عليه السلام

4914 - مختصر بصائر الدرجات: موسى بن جعفر بن وهب البغداديّ، عن الحسن بن علي الوشّاء، قال: حدّثني عليّ بن عبدالعزيز، عن أبيه قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ الناس يزعمون أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وجّه عليا (عليه السّلام) إلى اليمن ليقضي بينهم.

فقال عليّ (عليه السّلام): فما وردت [عليّ] قضيّة إلّا حكمت فيها بحكم اللّه (عزّوجلّ) وحكم رسوله.

ص:317


1- - الكهف 18:10.
2- (2) - البحار: ج 39 ص 146 ح 11.

فقال: صدقوا.

فقلت: وكيف ذاك ولم يكن انزل القران كلّه وقد كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) غائبا؟

فقال: كان يتلقى به روح القدس(1).

4915 - بصائر الدرجات: حدثنا محمّد بن الحسين، عمّن رواه محمد بن الحسين، عن محمد بن اسلم(2)، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ الناس يقولون.

إنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) كان يقول: وجّهني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى اليمن والوحي ينزل على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) بالمدينة، فحكمت بينهم بحكم اللّه حتّى لقد كان الحكم يظهر(3).

فقال: صدقوا.

قلت: وكيف ذاك جعلت فداك؟

فقال: [إنّ] أمير المؤمنين (عليه السّلام) إذا وردت عليه قضيّة لم ينزل الحكم فيها في كتاب اللّه تلقّاه به روح القدس(4).

4916 - الاختصاص: عليّ بن إسماعيل بن عيسى، عن صفوان ابن يحيى، عن رفاعة بن موسى، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يملي على عليّ (عليه السّلام) صحيفة فلمّا بلغ نصفها وضع رسول اللّه رأسه في حجر عليّ (عليه

ص:318


1- - مختصر بصائر الدرجات: ص 1. منه البحار: ج 39 ص 151.
2- (2) - محمد بن الحسين أو عمّن رواه، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم - البحار.
3- (3) - يزهر - البحار.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 473 ح 10. منه البحار: ج 39 ص 156.

السّلام) ثمّ كتب عليّ (عليه السّلام) حتّى امتلأت الصحيفة، فلمّا رفع رسول اللّه رأسه قال: من أملى عليك ياعليّ؟

فقال: أنت يارسول اللّه.

قال: بل أملى عليك جبرئيل(1).

4917 - الاختصاص: محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب وأحمد وعبداللّه ابنا محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: دعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا (عليه السّلام) ودعا بدفتر، فأملى عليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بطنه واغمي عليه، فأملى عليه جبرئيل ظهره، فانتبه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: من أملى عليك هذا ياعليّ؟

فقال: أنت يارسول اللّه.

فقال: أنا أمليت عليك بطنه وجبرئيل أملى عليك ظهره، وكان قرآنا يملى عليه(2).

أقول: القران - في اللغة - مصدر قرأ، وقرأ الشيء قرانا: جمعه وضمّ بعضه إلى بعض، فالظاهر أن قوله (عليه السّلام): «وكان قرآنا يملى عليه» هو من هذا الباب، وليس معناه القران الذي هو بمعنى المصحف الشريف.

4918 - بصائر الدرجات: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن الحسين ابن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان الكلبيّ، عن أديم

ص:319


1- - الاختصاص: ص 275. منه البحار: ج 39 ص 152.
2- (2) - الاختصاص: ص 275. منه البحار: ج 39 ص 152.

أخى أيّوب، عن حمران بن أعين قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك بلغني انّ اللّه(1) (تبارك وتعالى) قد ناجى عليّا؟

قال: اجل قد كان بينهما مناجاة بالطائف ونزل بينهما جبرئيل.

وقال (عليه السّلام): إنّ اللّه علّم رسوله الحلال والحرام والتأويل فعلّم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا (عليه السّلام) علمه كلّه(2).

الاختصاص: أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد مثله إلى قوله: نزل بينهما جبرئيل(3).

4919 - بصائر الدرجات: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن يحيى ابن أبي عمران، عن يونس، عن حمّاد بن عثمان، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ سلمة بن كهيل يروي في عليّ (عليه السّلام) شيئا.

قال: ماهي؟

قلت: حدثني أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان محاصرا أهل الطائف وإنّه خلا بعليّ (عليه السّلام) يوما فقال رجل من أصحابه: عجبا لما نحن فيه [من الشدّة] وإنّه يناجي هذا الغلام منذ اليوم.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ما أنا بمناج له إنّما يناجي فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّما هذه أشياء نعرف بعضها

ص:320


1- - إنّ الربّ - الاختصاص.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 311 ح 6.
3- (3) - الاختصاص: ص 327. منهما البحار: ج 39 ص 153.

من بعض(1).

الاختصاص: بهذا الاسناد نحوه(2).

البحار - بيان: لعلّ مراده (عليه السّلام) أنّ فضائله ومناقبه يشهد بعضها لبعض بالصحّة. ففيه تصديق مع برهان. أو المعنى أنّ هذه المناقب تدلّ على إمامته.

4920 - بصائر الدرجات: حدثنا محمّد بن الحسين، عن جعفر ابن بشير والحسن بن علي بن فضّال، عن مثنّى الحنّاط، عن منصور بن حازم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ناجى عليّا (عليه السّلام) يوم الطائف، فقال أصحابه.

ناجيت عليّا من بيننا وهو أحدثنا سنّا.

فقال: ما أنا أناجيه بل اللّه يناجيه(3).

الاختصاص: بهذا الاسناد نحوه(4).

4921 - الاختصاص: علي بن محمد بن علي بن سعد، عن حمدان بن سليمان النيشابوري، قال: حدثني عبداللّه بن محمّد اليماني، عن منبع، عن يونس، عن علي بن أعين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لأهل الطائف: [يا أهل الطائف](5) لأبعثنّ إليكم رجلا كنفسي يفتح اللّه به

ص:321


1- - بصائر الدرجات: ص 430 ح 2.
2- (2) - الاختصاص: ص 327. منهما البحار: ج 39 ص 153.
3- (3) - بصائر الدرجات ص 432 ح 9.
4- (4) - الاختصاص: ص 200. منهما البحار: ج 39 ص 155.
5- (5) - ما بين المعقوفتين ليس في بصائر الدرجات.

الخير سيفه سوطه فيشرف الناس له، فلمّا أصبح دعا عليّا (عليه السّلام) فقال: إذهب إلى الطائف، ثمّ أمر اللّه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) أن يرحل إليها بعد دخول عليّ (1) (عليه السّلام) فلمّا صار إليها كان عليّ (عليه السّلام) على رأس الجبل، فقال رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله): أثبت [فثبت] فسمعنا [صوتا] مثل صرير الزجل(2).

فقال:(3) يارسول اللّه ما هذا؟

فقال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) يناجي عليّا (عليه السّلام)(4).

بصائر الدرجات: حدثنا علي بن محمّد، قال: حدثني حمدان ابن سليمان النيشابوري قال: حدثنا عبداللّه بن محمّد اليماني، عن منبع، عن يونس، عن علي بن أعين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(5).

باب (27) حفيد إبليس يتوب على يد رسول اللّه ويتعلّم من أمير المؤمنين القرآن

4922 - بصائر الدرجات: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن عمرو ابن عثمان، عن الحسن بن محبوب، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه

ص:322


1- - بعد ان رحله عليّ - بصائر الدرجات.
2- (2) - سحاب زجل: ذو رعد. (أقرب الموارد).
3- (3) - في البحار: فقيل وهو الصحيح.
4- (4) - الاختصاص: ص 200.
5- (5) - بصائر الدرجات: ص 432 ح 10. منهما البحار: ج 39 ص 155.

السّلام) قال: بين رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بين جبال تهامة إذا رجل على عكازة فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): لغة جنّي(1)

ووطيئهم(2) من جبال تهامة؟! وقال: من الرّجل؟

قال: هامة بن هيم بن لاقيس السّليم بن إبليس.

قال: ليس بينك وبين إبليس غير أبوين؟

قال: لا. قال: أكلت [عامّة](3) عمر الدّنيا.

قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): على ذلك كم أتى عليك؟

قال: كنت أيّام قتل قابيل هابيل أخاه غلاما أعلو الآكام وأنهى عن الاعتصام وآمر بفساد الطعام.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): [بئس] لعمر اللّه عمل الشيخ المتوسّم والشابّ المؤمّل.

فقال: دع يا محمّد عنك اللّوم والهتك فقد جئتك تائبا، وإنّي أعوذ باللّه أن أكون من الجاهلين، ولقد كنت مع إبراهيم فلم أزل معه حتّى القي في النار، وقال لي: إن لقيت عيسى فاقرأه منّي السّلام، ولقد كنت مع عيسى وقال لي: إن لقيت محمّدا (صلّى اللّه عليه وعلى جميع أنبيائه ورسله) فاقرأه منّي السلام، وعلّمني الإنجيل.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): وعلى عيسى السّلام ما دامت الدّنيا وعليك ياهامة بما أدّيت الامانة، هات حاجتك.

ص:323


1- - نغمة جنّي - الخرائج والجرائح، واللغة: ما جرى على لسان كلّ قوم. (أقرب الموارد).
2- (2) - ووطؤهم - البحار. والوطأة: موضع القدم. (أقرب الموارد).
3- (3) - ما بين المعقوفتين من البحار.

قال: علّمنى من القرآن.

قال: فامر عليّا (عليه السّلام) أن يعلّمه.

فقال: يارسول اللّه من هذا الّذي أمرتني أن أتعلّم منه؟

قال: ياهامة من كان وصيّ آدم؟

قال: كان شيث.

قال: من كان وصيّ نوح؟

قال: كان سام.

قال: فمن وجدتم وصيّ هود؟

قال: ذاك ياسر بن هود.

قال: فمن وجدتم وصيّ عيسى؟

قال: شمعون بن حمّون الصفا ابن عمّ مريم (عليهما السّلام).

ثمّ قال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياهام ولم كانوا هؤلاء أوصياء الأنبياء؟

فقال: يارسول اللّه لأنّهم كانوا أزهد الناس في الدّنيا وأرغب الناس في الآخرة.

فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): فمن وجدتم وصيّ محمّد؟

قال هام: ذاك إليا ابن عمّ محمّد.

قال: فهو عليّ وهو وصيى [وأخي] وهو أزهد امّتي في الدنيا وأرغب إلى اللّه في الآخرة.

قال: فسلّم هام إلى(1) أمير المؤمنين (عليه السّلام) وتعلّم منه سورا، ثمّ قال: ياعلي أخبرني بهذه السّور اصلّي بها؟

ص:324


1- - في الخرائج والبحار: على، وهو الاصح.

قال له: نعم يا هام قليل القران كثير، فسلّم هام على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وانصرف، فلم يلقه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى قبض (صلّى اللّه عليه وآله)، فلمّا كان يوم الهرير أتى أمير المؤمنين (عليه السّلام) في حربه. فقال له: ياوصيّ محمّد إنّا وجدنا في كتب الأنبياء أنّ الاصلع وصيّ محمّد خير الناس، اكشف رأسك فكشف عن رأسه مغفره وقال: أنا واللّه ذاك ياهام(1).

الخرائج والجرائح: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): بينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بين جبال تهامة إذا رجل متكيء على عكازة، طويل كأنه نخلة... وذكر نحوه(2).

البحار - بيان: قال الجوهريّ: العكازة عصا ذات زجّ. قوله (صلّى اللّه عليه وآله): «لغة جنّي» لعلّه إنّما قال ذلك على سبيل التعجّب أي لغته لغة جنّي فكيف وطيء جبال تهامة؟ قوله: «عن الاعتصام» أي بحبل اللّه ودينه. قوله: «والشابّ المؤمّل» على بناء الفاعل أي الراجي للامور العظيمة، أو لطول البقاء، أو لإضلال الخلق، أو على بناء المفعول أي تجعل الناس بحيث يأملون منك الخير.

وفي كتاب السماء والعالم برواية عليّ بن إبراهيم: «بئس لعمري الشابّ المؤمّل والكهل المؤمّر». وقال الزمخشريّ في الفائق: انّ رجلا من الجنّ أتاه في صورة شيخ فقال: إنّي كنت امر بإفساد الطعام. وقطع الارحام وإنّي تائب إلى اللّه. فقال: بئس لعمر اللّه عمل الشيخ المتوسّم، والشابّ المتلوّم. قالوا: المتوسّم: المتحلّي بسمة الشيوخ.

ص:325


1- - بصائر الدرجات: ص 121 ح 13.
2- (2) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 856 ح 72. منهما البحار: ج 39 ص 164.

والمتلوّم: المتعرّص للائمة بالفعل القبيح. ويجوز أن يكون المتوسّم المتفرّس، يقال: توسّمت فيه الخير إذا تفرّسته فيه.

ورأيت فيه وسمه: أي أثره وعلامته. والمتلوّم: المنتظر لقضاء اللّؤمة. وهي الحاجة، أو المسرع المتهافت، من قول الأصمعيّ: أسرع وأغذّ وتلوّم بمعنى.

4923 - بصائر الدرجات: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم ابن اسحاق، عن عبداللّه بن حمّاد، عن عمر بن يزيد بيّاع السابري قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): بين رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ذات يوم جالس، إذ أتاه رجل طويل كأنّه نخلة فسلّم عليه، فردّ عليه السّلام وقال: يشبه الجنّ وكلامهم، فمن أنت يا عبداللّه؟

فقال: أنا الهام بن الهيم بن لاقيس بن إبليس.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ما بينك وبين إبليس إلاّ أبوان؟

فقال: نعم يارسول الله.

قال: فكم أتى لك؟

قال: أكلت عمر الدّنيا إلاّ أقلّه، أنا أيّام قتل قابيل هابيل غلام أفهم الكلام وأنهى عن الاعتصام وأطوف الآجام وآمر بقطيعة الارحام وافسد الطعام.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): بئس سيرة الشيخ المتأمّل والغلام المقبل.

فقال: يارسول اللّه إني تائب.

قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): على يد من جري توبتك من الأنبياء؟

ص:326

قال: على يدي نوح وكنت معه في سفينته وعاتبته على دعائه على قومه حتّى بكى وأبكاني، وقال: لاجرم إنّي على ذلك من النادمين، وأعوذ باللّه أن أكون من الجاهلين.

ثمّ كنت مع هود (عليه السّلام) في مسجده مع الذين آمنوا معه فعاتبته على دعائه على قومه حتى بكى وأبكاني، وقال: لاجرم إنّي على ذلك من النادمين وأعوذ باللّه أن أكون من الجاهلين، ثمّ كنت مع إبراهيم حين كاده قومه فألقوه في النار فجعلها اللّه عليه بردا وسلاما، ثمّ كنت مع يوسف (عليه السّلام) حين حسده إخوته فألقوه في الجب فبادرته إلى قعر الجبّ فوضعته وضعا رفيقا، ثمّ كنت معه في السجن أؤنّسه فيه حتّى أخرجه اللّه منه.

ثمّ كنت مع موسى (عليه السّلام) وعلّمني سفرا من التوراة وقال: إن أدركت عيسى (عليه السّلام) فاقرأه منّي السلام، فلقيته وأقرأته من موسى (عليه السّلام) السّلام، وعلّمني سفرا من الانجيل وقال: إن أدركت محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) فاقرأه منّي السّلام، فعيسى (عليه السّلام) يارسول اللّه يقرأ عليك السّلام.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): وعلى عيسى روح اللّه وكلمته وجميع أنبياء اللّه ورسله ما دامت السّماوات والارض السّلام، وعليك ياهام بما بلّغت السّلام، فارفع إلينا حوائجك.

قال: حاجتي أن يبقيك اللّه لامّتك ويصلحهم لك ويرزقهم الاستقامة لوصيّك من بعدك، فانّ الامم السالفة إنّما هلكت بعصيان الأوصياء، وحاجتي يارسول اللّه أن تعلّمني سورا من القرآن اصلّي بها.

ص:327

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لعليّ (عليه السّلام): ياعليّ علّم الهام وارفق به.

فقال هام: يارسول اللّه من هذا الذي ضممتني إليه؟ فإنّا معاشر الجنّ قد امرنا أن لانكلّم إلاّ نبيّا أو وصيّ نبيّ.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا هام من وجدتم في الكتاب وصيّ آدم؟

قال: شيث بن آدم.

قال: فمن وجدتم وصيّ نوح؟

قال: سام بن نوح.

قال: فمن كان وصيّ هود؟

قال: يوحنّا بن حنان ابن عمّ هود.

قال: فمن كان وصيّ إبراهيم؟

قال: إسحاق بن إبراهيم.

قال: فمن كان وصيّ موسى؟

قال: يوشع بن نون.

قال: فمن كان وصيّ عيسى؟

قال: شمعون بن حمون الصفا ابن عمّ مريم.

قال: فمن وجدتم في الكتاب وصيّ محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)؟

قال: هو في التوراة «اليا».

قال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): هذا «اليا» هو عليّ وصيّي.

ص:328

قال الهام: يارسول اللّه فله اسم غير هذا؟

قال: نعم هو حيدرة، فلم تسألني عن ذلك؟

قال: إنّا وجدنا في كتاب الانبياء أنّه في الانجيل «هيدارا».

قال: هو «حيدرة».

قال: فعلّمه عليّ (عليه السّلام) سورا من القران.

فقال هام: ياعليّ ياوصيّ محمّد أكتفي بما علّمتني من القران؟

قال: نعم يا هام، قليل من القرآن كثير.

ثمّ قام هام إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فودّعه فلم يعد إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حتّى قبض (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)(1).

البحار - بيان: قد يستدلّ بقوله: «قد امرنا أن لانكلّم» الى اخره، على أن ما يخبر به الناس من كلام الجنّ كذب ولا يسمع كلامهم غير الأنبياء والأوصياء (عليهم السّلام)، وفيه نظر لانّ كونهم مأمورين بذلك لايدلّ على عدم وقوع خلافه، إذ الجنّ والشياطين ليسوا بمعصومين، مع أنّ في بعض روايات هذه القصّة «لانطيع» مكان «لانكلّم» وايضا الروايات الكثيرة ممّا أوردنا في هذا الباب وغيرها دلّت على وقوع التكلّم مع سائر الناس، فلابدّ من تأويل فيه، إمّا بحمله على الكلام على وجه الطاعة والانقياد أو معاينة مع معرفة كونهم من الجنّ، أو بالتخصيص ببعض الانواع منهم أو غير ذلك.

4924 - بصائر الدرجات: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن عمرو ابن عثمان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أنا

ص:329


1- - بصائر الدرجات: ص 118 ح 8. منه البحار: ج 63 ص 99.

عنده يومئذ إذ قال: أتى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) رجل شبه النخلة طويل، ثمّ حدّث بحديث اسمه هامة، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ (عليه السّلام): علّمه وأرفق به.

فقال هامة: يارسول اللّه من هذا الّذي أمرته أن يعلّمني ونحن معشر الجنّ أمرنا أن لانطيع إلاّ نبيّا أو وصيّ نبيّ.

قال النبيّ: يا هام من وجدتم وصيّ آدم؟

قال: شيث بن آدم.

قال: فمن وجدتم وصيّ نوح.

قال: ذاك سام بن نوح.

قال: فمن وجدتم وصيّ هود؟

قال: ذاك ياسر بن هود.

قال: فمن وجدتم وصيّ إبراهيم.

قال: ذاك إسحاق بن إبراهيم.

قال: فمن وجدتم وصيّ موسى؟

قال: ذاك يوشع بن نون.

قال: فمن وجدتم وصيّ عيسى؟

قال: شمعون بن حمّون الصفا ابن عمّ مريم.

قال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا هام ولم كانوا هؤلاء أوصياء الأنبياء؟

فقال: يارسول الله لانّهم كانوا أزهد الناس في الدّنيا، وأرغب الناس إلى اللّه في الآخرة.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): فمن وجدتم وصيّ محمّد؟

ص:330

فقال له هام: ذاك إليا ابن عمّ محمّد.

فقال: هو على وهو وصيى وأخي وهو أزهد الناس في الدّنيا وأرغبهم [إلى اللّه] في الآخرة.

قال: فسلّم هام على أمير المؤمنين (عليه السّلام) وتعلّم منه سورا، ثمّ قال: ياعليّ أخبرني بهذه السور اصلّي بها؟

قال: نعم يا هام قليل القرآن كثير.

فسلّم على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) وانصرف، ولم ير بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى قبض، فلمّا كان يوم الهرير أتى أمير المؤمنين في حربه فقال [له].

ياوصيّ محمّد إنّا وجدنا في كتب الأنبياء أنّ الاصلع وصيّ محمّد خير الناس، اكشف رأسك، فكشف عن رأسه مغفره وقال: أنا واللّه ذلك ياهام(1).

باب (28) الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يصرع إبليس

4925 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال: حدثنا علي بن محمّد بن عيينة قال: حدثنا دارم بن قبيصة قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام): كنت جالسا عند الكعبة واذا شيخ محدودب قد سقط حاجباه على عينيه من شدة الكبر وفي يده

ص:331


1- - بصائر الدرجات: ص 120 ح 12. منه البحار: ج 35 ص 54.

عكازة وعلى رأسه برنس أحمر وعليه مدرعة من الشعر، فدنا إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وهو مسند ظهره إلى الكعبة. فقال.

يارسول اللّه ادع لي بالمغفرة.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): خاب سعيك ياشيخ وضلّ عملك.

فلمّا تولى الشيخ، قال: يا أبا الحسن اتعرفه؟

قلت: اللهم لا.

قال: ذلك اللعين ابليس.

قال علي (عليه السّلام): فعدوت خلفه حتّى لحقته وصرعته إلى الأرض. وجلست على صدره ووضعت يدي في حلقه لاخنقه.

فقال لي: لاتفعل يا أبا الحسن فإني من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم.

وواللّه ياعلي إنّي لاحبك جدا، وما أبغضك أحد الاّ شركت أباه في امه، فصار ولد الزنا. فضحكت وخليت سبيله(1).

باب (29) لقاء بعض الجن بأمير المؤمنين عليه السلام

4926 - مشارق الانوار: روى القاضي ابن شاذان، عن أبان بن تغلب، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) على منبر الكوفة يخطب وحوله النّاس فجاء

ص:332


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 72 ح 335. منه البحار: ج 39 ص 173.

ثعبان ينفخ في الناس وهم يتحاودون عنه(1).

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): وسّعوا له، فأقبل حتّى رقا المنبر والناس ينظرون إليه، ثمّ قبّل اقدام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وجعل يتمرّغ عليها(2)، ونفخ ثلاث نفخات ثمّ نزل وانساب(3)، ولم يقطع أمير المؤمنين (عليه السّلام) خطبته، فسألوه عن ذلك فقال: هذا رجل من الجنّ ذكر أنّ ولده قتله رجل من الأنصار اسمه جابر بن سميع عند خفان من غير أن يتعرّض له بسوء، وقد استوهبت دم ولده.

فقام إليه رجل طويل بين الناس وقال: أنا الرجل الّذي قتلت الحيّة في المكان المشار إليه وإنّي منذ قتلتها لا أقدر ان أستقرّ في مكان من الصيّاح والصراخ، فهربت إلى الجامع، وأنا منذ سبع ليال هاهنا.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السّلام): خذ جملك واعقره في مكان قتل الحيّة وامض لابأس عليك(4).

باب (30) الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قسيم الجنّة والنار

4927 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا

ص:333


1- - حاد عنه: مال عنه. (أقرب الموارد).
2- (2) - تمرّغت الدّابة في التراب: تقلّبت. (أقرب الموارد).
3- (3) - انسابت الحية: جرت وتدافعت في مشيها. (أقرب الموارد).
4- (4) - مشارق الانوار: ص 76. منه البحار: ج 39 ص 172.

الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الأسدي الكوفي، قال: حدثني موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إذا كان يوم القيامة يؤتى بك ياعلي على عجلة(1) (ناقة) من نور وعلى رأسك تاج له أربعة أركان على كل ركن ثلاثة أسطر: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، علي ولي اللّه. وتعطى مفاتيح الجنة، ثمّ وضع(2) لك كرسي يعرف بكرسي الكرامة فتقعد عليه. ثمّ يجمع لك الأولون والآخرون في صعيد واحد، فتأمر بشيعتك إلى الجنة وبأعدائك إلى النار. فأنت قسيم الجنة وأنت قسيم النار. ولقد فاز من تولاك وخسر من عاداك. فأنت في ذلك اليوم أمين اللّه وحجة اللّه الواضحة. وصلّى اللّه على محمّد وآله الطاهرين(3).

4928 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان ابن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن

ص:334


1- - العجلة: خشب تؤلّف يحمل عليها الاثقال. (أقرب الموارد).
2- (2) - يوضع - البحار، وهو الاصح.
3- (3) - أمالي الصدوق: ص 533 ح 10. منه البحار: ج 39 ص 193.

محمد قال: حدثنا أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين بن علي، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إذا كان يوم القيامة وفرغ اللّه من حساب الخلائق دفع الخالق (عزّوجلّ) مفاتيح الجنّة والنار إليّ فأدفعها إليك، فيقول لك(1) احكم.

قال عليّ (عليه السّلام): واللّه إنّ للجنّة إحدى وسبعين بابا يدخل من سبعين منها شيعتي وأهل بيتي، ومن باب واحد سائر الناس(2).

4929 - علل الشرائع: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال.

حدثنا أحمد بن يحيي بن زكريّا أبو العباس القطّان قال: حدثنا محمد ابن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا عبداللّه بن داهر قال: حدثنا أبي، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمرقال: قلت لابي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام): لم صار أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) قسيم الجنّة والنار؟

قال: لانّ حبّه إيمان وبغضه كفر، وإنما خلقت الجنّة لاهل الإيمان وخلقت النار لأهل الكفر، فهو (عليه السّلام) قسيم الجنّة والنار لهذه العلّة، فالجنّة لايدخلها إلاّ أهل محبّته والنار لايدخلها إلاّ أهل بغضه.

قال المفضّل: فقلت: يابن رسول اللّه فالأنبياء والاوصياء (عليهم السّلام) [وأولياؤهم] كانوا يحبّونه وأعداؤهم كا نوا يبغضونه؟

قال: نعم.

ص:335


1- - فأقول لك - البحار.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 368 ح 784. منه البحار: ج 39 ص 198.

قلت: فكيف ذلك؟

قال: أما علمت أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) قال يوم خيبر.

«لاعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله ما يرجع حتّى يفتح اللّه على يديه» فدفع الرّاية إلى عليّ (عليه السّلام) ففتح اللّه (عزّوجلّ) على يديه؟

قلت: بلى.

قال: أما علمت أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا اتي بالطائر المشويّ قال: «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطائر» وعنى به عليّا (عليه السّلام)؟

قلت: بلى.

قال: فهل يجوز أن لايحبّ أنبياء اللّه ورسله وأوصياؤهم (عليهم السّلام) رجلا يحبّه اللّه ورسوله، ويحبّ اللّه ورسوله.

فقلت له: لا.

قال: فهل يجوز أن يكون المؤمنون من اممهم لايحبّون حبيب اللّه وحبيب رسوله وأنبيائه (عليهم السّلام)؟

قلت: لا.

قال: فقد ثبت أنّ جميع أنبياء اللّه ورسله [وجميع الملائكة] وجميع المؤمنين كانوا لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) محبّين، وثبت أنّ أعداءهم والخالفين لهم كانوا لهم ولجميع أهل محبّتهم مبغضين.

قلت: نعم،.

قال: فلا يدخل الجنّة إلاّ من أحبّه من الأوّلين والآخرين ولا يدخل النار إلاّ من أبغضه من الأوّلين والآخرين، فهو إذن قسيم

ص:336

الجنة والنار.

قال المفضّل بن عمر: فقلت له: يابن رسول اللّه فرّجت عنّي فرّج اللّه عنك، فزدني ممّا علّمك اللّه.

قال: سل يا مفضّل.

فقلت له: يابن رسول اللّه فعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) يدخل محبّه الجنّة ومبغضه النّار أو رضوان ومالك؟

فقال: يا مفضّل أما علمت أن اللّه (تبارك وتعالى) بعث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وهو روح إلى الأنبياء (عليهم السّلام) وهم أرواح قبل خلق الخلق بألفي عام؟

فقلت: بلى.

قال: أما علمت أنّه دعاهم إلى توحيد اللّه وطاعته واتّباع أمره ووعدهم الجنّة على ذلك وأوعد من خالف ما أجابوا إليه وأنكره النار؟

قلت: بلى.

قال: أفليس النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ضامنا لما وعد وأوعد عن ربّه (عزّوجلّ)؟

قلت: بلى.

قال: أوليس عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) خليفته وإمام امته؟

قلت: بلى.

قال: أوليس رضوان ومالك من جملة الملائكة والمستغفرين لشيعته النّاجين بمحبّته؟

قلت: بلى.

ص:337

قال: فعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) إذا قسيم الجنّة والنار عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، ورضوان ومالك صادران عن أمره بأمر اللّه (تبارك وتعالى).

يا مفضّل خذ هذا فإنّه من مخزون العلم ومكنونه لاتخرجه إلاّ إلى أهله(1).

4930 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(2) عن الرّضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ إنّك قسيم الجنّة والنّار وإنّك لتقرع باب الجنّة وتدخلها بلاحساب(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده [عنه (عليه السّلام)، عن ابائه (عليهم لسّلام)] مثله(4).

4931 - تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: أنا يعسوب المؤمنين، وأنا أوّل السابقين، وخليفة رسول ربّ العالمين، وأنا قسيم الجنّة والنار، وأنا صاحب الأعراف(5).

4932 - مشارق الانوار: روي المفضّل بن عمر قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إذا كان عليّ (عليه السّلام) يدخل الجنّة محبّه

ص:338


1- - علل الشرايع: ص 161 ح 1. منه البحار: ج 39 ص 194.
2- (2) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 27 ح 9.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: صه 11 ح 75. منهما البحار: ج 39 ص 193.
5- (5) - تفسير العياشي: ج 2 ص 17 ح 42. منه البحار: ج 8 ص 336.

والنار عدوّه فأين مالك ورضوان إذا؟

فقال: يامفضّل أليس الخلائق كلّهم يوم القيامة بأمر محمّد؟

قلت: بلى.

قال: فعليّ (عليه السّلام) يوم القيامة قسيم الجنّة والنار بأمر محمّد، ومالك ورضوان أمرهما إليه، خذها يا مفضّل فانّها من مكنون العلم ومخزونه(1).

4933 - البحار: كتاب (تفضيل الائمّة على الأنبياء) للحسن بن سليمان نقلا من كتاب (القائم) للفضل بن شاذان، عن صالح بن حمزة، عن الحسن بن عبداللّه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) على منبر الكوفة: واللّه إنّي لدّيان الناس يوم الدين، وقسيم اللّه بين الجنّة والنار، لايدخلها داخل إلاّ على أحد قسميّ.

وأنا الفاروق الاكبر، وقرن من حديد وباب الايمان وصاحب الميسم وصاحب السنين، وأنا صاحب النشر الأوّل والنشر الآخر وصاحب العصا وصاحب الكرّات ودولة الدّول، وأنا إمام لمن بعدي، والمؤدّي عمّن كان قبلي، ما يتقدّمني إلاّ أحمد، وإنّ جميع الرسل والملائكة والروح خلفنا، وإنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ليدعى فينطق وادعى فأنطق على حدّ منطقه.

ولقد أعطيت السبع الّتي لم يسبق إليها أحد قبلي: بصّرت سبيل الكتاب، وفتحت لي الأبواب وعلمت الأسباب ومجري السحاب وعلم المنايا والبلايا والوصيّات وفصل الخطاب، ونظرت في الملكوت

ص:339


1- - مشارق الانوار: ص 182. منه البحار: ج 27 ص 313.

فلم يغب عنّي شيء غاب عنّي ولم يفتني ما سبقني ولم يشركني أحد فيما أشهدني يوم شهادة الاشهاد وأنا الشاهد عليهم.

وعلى يدي يتمّ موعد اللّه وتكمل كلمته، وبي يكمل الدين، وأنا النعمة الّتي أنعمها اللّه على خلقه، وأنا الاسلام الّذي ارتضاه لنفسه، كلّ ذلك منّا من اللّه(1).

4934 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمّد وعبداللّه بن عامر، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): أنا قسيم [اللّه] بين الجنّة والنّار، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا صاحب العصا والميسم(2).

علل الشرائع: أبي (رحمه اللّه) عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى وعبداللّه بن عامر بن سعيد مثله(3).

4935 - بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن الحسين، عن المفضّل ابن عمر الجعفيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول.

إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب لديّان النّاس يوم القيامة وقسيم اللّه بين الجنّة والنار، لايدخلهما داخل إلاّ على أحد قسمين وإنّه الفاروق الاكبر(4).

4936 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): (بالأسانيد الثلاثة)(5)

قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ لولاك لما عرف

ص:340


1- - البحار: ج 26 ص 317 ح 85.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 436 ح 9. منه البحار: ج 39 ص 200.
3- (3) - علل الشرايع: ص 164 ح 3. منه البحار: ج 39 ص 198.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 435 ح 4. منه البحار: ج 39 ص 200.
5- (5) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.

المؤمنون بعدي(1).

4937 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان قال: حدثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمّد بن يحيي العطّار قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ (عليه السّلام): ياعليّ أنت منّي وأنا منك وليّك وليّي ووليّي وليّ اللّه، وعدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ اللّه.

ياعليّ أنا حرب لمن حاربك وسلّم لمن سالمك.

ياعليّ لك كنز في الجنّة وأنت ذو قرنيها(2).

ياعليّ أنت قسيم الجنّة والنار، لايدخل الجنّة إلاّ من عرفك وعرفته، ولا يدخل النّار إلاّ من أنكرك وأنكرته.

ياعليّ أنت والأئمّة من ولدك على الاعراف يوم القيامة، تعرف المجرمين بسيماهم والمؤمنين بعلاماتهم.

ياعليّ لولاك لم يعرف المؤمنون بعدي(3).

4938 - علل الشرائع: حدثنا محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبداللّه بن القاسم

ص:341


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 48 ح 187. منه البحار: ج 40 ص 26.
2- (2) - أي طرفي الجنة وجانبيها. (النهاية).
3- (3) - أمالي المفيد: ص 213 ح 4. منه البحار: ج 39 ص 206.

الحضرميّ، عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام).

إذا كان يوم القيامة وضع منبر يراه جميع الخلائق، يقف عليه رجل يقوم ملك عن يمينه وملك عن يساره، فينادي الّذي عن يمينه يقول.

يامعشر الخلائق، هذا عليّ بن أبي طالب يدخل الجنّة من شاء، وينادي الّذي عن يساره: يامعشر الخلائق هذا عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) صاحب النّار يدخلها من شاء(1).

بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبداللّه بن القاسم، عن سماعة بن مهران، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر نحوه(2).

4939 - بصائر الدرجات: أحمد بن الحسين، عن أحمد بن إبراهيم، عن محمّد بن جمهور، عن عبداللّه بن عبدالرحمن، عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا كان يوم القيامة وضع منبر يراه الخلائق، يصعده رجل يقوم ملك عن يمينه وملك عن شماله، ينادي الّذي عن يمينه: يامعشر الخلائق هذا عليّ بن أبي طالب صاحب الجنّة يدخلها من يشاء، وينادي الّذي عن يساره.

يامعشر الخلائق هذا عليّ بن أبي طالب صاحب النار يدخلها من يشاء(3).

4940 - بشارة المصطفى: حدثنا الشيخ العالم محمّد بن علي بن عبدالصمد التميمي، عن أبيه علي بن عبدالصمد، عن أبيه عبدالصمد

ص:342


1- - علل الشرايع: ص 164 ح 4.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 434 ح 1. منهما البحار: ج 39 ص 198.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 435 ح 6. منه البحار: ج 39 ص 200.

ابن محمد التميمي قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم الفارسي حدثنا أبو القاسم عبداللّه بن أحمد بن محمّد بن عمر بن حفص الزاهد اخبرنا إبراهيم بن محمّد المروزيّ اخبرنا محمد بن عمير اخبرنا عمر بن هارون التستري حدثنا الهيثم بن أحمد المصري أخبرنا ذو النون أخبرنا مالك بن أنس، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إذا كان يوم القيامة نصب الصراط على شفير جهنم. فلا يجاوزه إلاّ من كان معه براءة بولاية علي بن أبي طالب(1).

4941 - مناقب آل أبي طالب: الصفواني في (الإحن والمحن) - في خبر طويل - عن إسحاق بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): وينزل الملكان - يعني رضوان ومالك - فيقول مالك: إنّ اللّه أمرني بلطفه ومنّه أن أسعر النيران فسعرتها، وأن أغلق أبوابها فغلقتها، وأن آتيك بمفاتيحها فخذها يا محمّد، فأقول: قد قبلت ذلك من ربّي فله الحمد على ما منّ به عليّ، ثمّ أدفعها إلى عليّ، ثمّ يقول رضوان: إنّ اللّه أمرني بمنّه ولطفه أن ازخرف الجنان فزخرفتها، وأن أغلق أبوابها فغلقتها، وأن آتيك بمفاتيحها فخذها يامحمّد، فأقول: قد قبلت ذلك من ربّي، فله الحمد على ما منّ به عليّ، ثمّ أدفعها إلى عليّ (عليه السّلام) فينزل عليّ وفي يده مفاتيح الجنّة ومقاليد النار، فيقف عليّ بحجزتها ويأخذ بزمامها، وقد تطاير شررها وعلا زفيرها وتلاطمت أمواجها، فتناديه النار: جزني ياعليّ فقد أطفأ نورك لهبي، فيقول لها

ص:343


1- - بشارة المصطفى: ص 145. منه البحار: ج 39 ص 208.

عليّ: اتركي هذا وليى وخذي هذا عدوّي، وإن جهنّم يومئذ لأطوع لعليّ من غلام أحدكم لصاحبه(1).

4942 - مناقب آل أبي طالب: عبدالصمد بن بشير، عن الصادق (عليه السّلام) - في خبر طويل - يذكر فيه حديث الإسراء ثمّ قال.

فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (2) قال: دفع إليه كتابا - يعني إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) - فيه أسماء أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، فاخذ كتاب اليمين بيمينه ونظر إليه فإذا فيه أسماء أهل الجنّة وأسماء آبائهم وقبائلهم، فقال اللّه تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ .

فقال النبي (صلّى اللّه عليه وآله): وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ (3)

الآية، ثمّ قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا .

فقال تعالى: قد فعلت.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ 4 إلى آخر السورة، كلّ ذلك يقول اللّه تعالى: قد فعلت.

ثمّ طوي الصحيفة فامسكها بيمينه وفتح صحيفة أصحاب الشمال فإذا فيها أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثمّ ساق جعفر الصادق (عليه السّلام) الكلام إلى أن قال: ثمّ نزل ومعه

ص:344


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 158. منه البحار: ج 39 ص 204.
2- (2) - النجم 53:10.
3- (3و4) - البقرة 2:285 و 286.

الصّحيفتان فدفعهما إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(1).

4943 - البحار: كتاب (المحتضر) من كتاب السيد حسن بن كبش رفعه إلى جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: إذا كان يوم القيامة وجمع اللّه الأوّلين والآخرين لفصل الخطاب دعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ودعا امير المؤمنين (عليه السّلام) فيكسى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حلّة خضراء تضيء ما بين المشرق والمغرب، ويكسى عليّ (عليه السّلام) مثلها ويكسى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حلّة ورديّة تضييء ما بين المشرق والمغرب، ويكسى عليّ (عليه السّلام) مثلها ثمّ يدعى بنا فيدفع إلينا حساب الناس، فنحن والله ندخل أهل الجنّة الجنّة وندخل أهل النار النار.

ثمّ يدعى بالنبيّين (عليهم السّلام) فيقامون صفّين عند عرش اللّه (عزّوجلّ) حتّى نفرغ من حساب الناس، فاذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار بعث اللّه (تبارك وتعالى) عليّا فأنزلهم منازلهم في الجنّة وزوّجهم، فعليّ واللّه الّذي يزوّج أهل الجنّة في الجنّة وما ذلك إلى أحد غيره كرامة من اللّه (عزّ ذكره) له، وفضلا فضّله به ومنّ به عليه.

وهو واللّه يدخل أهل النار النار، وهو الّذي يغلق على أهل الجنّة إذا دخلوا فيها أبوابها، ويغلق على أهل النار إذا دخلوا فيها أبوابها، لانّ أبواب الجنّة إليه وأبواب النار إليه(2).

4944 - مشارق الانوار: روي البرقيّ في كتاب (الآيات)، عن

ص:345


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 160. منه البحار: ج 39 ص 205.
2- (2) - البحار: ج 27 ص 316 ح 14.

أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال لأمير المؤمنين (عليه السّلام): ياعليّ أنت ديّان هذه الامّة، والمتولّي حسابه ما، وأنت ركن اللّه الاعظم يوم القيامة، ألا وإنّ الماب إليك، والحساب عليك والصراط صراطك، والميزان ميزانك، والموقف موقفك(1).

باب (31) الإمام علي عليه السلام صاحب حوض رسول الله صلّى الله عليه و آله

4945 - بشارة المصطفى: حدثنا الشيخ محمد بن علي بن عبدالصمد التميمي، عن أبيه، عن جدّه عبدالصمد قال.

حدثنا محمد بن اسماعيل العلوي حدثنا علي بن أحمد بن مهدي بن صدقة الرقيّ حدثنا أبي حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه اطّلع إلى الارض فاختارني، ثمّ اطّلع إليها ثانية فاختارك، أنت أبو ولدي وقاضي ديني والمنجز عداتي وأنت غدا على حوضي طوبى لمن أحبّك وويل لمن أبغضك(2).

4946 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا حمزة بن

ص:346


1- - مشارق الانوار: ص 180. منه البحار: ج 24 ص 272.
2- (2) - بشارة المصطفى: ص 163. منه البحار: ج 39 ص 216.

محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني أبي، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ياعليّ أنت أخي ووزيري وصاحب لوائي في الدّنيا والآخرة، وأنت صاحب حوضي، من أحبّك أحبّني ومن أبغضك أبغضني(1).

أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) بهذا الاسناد مثله(2).

4947 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا الحسين بن ابراهيم بن تاتانه والحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وأحمد ابن زياد بن جعفر الهمداني وعلي بن عبداللّه الوراق (رضي اللّه عنهم)، قالوا: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ياسر الخادم قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

ياعلي اني سألت ربي (عزّوجلّ) فيك خمس خصال فاعطاني، أمّا أوّلها فإنّي سألته أن تنشق الارض عنّي ونفض التراب عن رأسي وأنت معي فأعطاني.

ص:347


1- - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 293 ح 47. منه البحار: ج 39 ص 211.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 59 ح 11. منه البحار: ج 8 ص 19.

وأمّا الثانية فإنّي سالته أن يقضي عند كفة الميزان وأنت معي فأعطاني.

وأما الثالثة فسألت ربي (عزّوجلّ) أن يجعلك حامل لوائي وهو لواء اللّه الاكبر عليه مكتوب: المفلحون هم الفائزون بالجنّة، فأعطاني.

وأمّا الرّابعة فإنّي سألته أن تسقى أمّتي من حوضي فأعطاني.

وأمّا الخامسة فإنّي سألته أن يجعلك قائد أمّتي إلى الجنّة فأعطاني، والحمد للّه الّذي منّ عليّ به(1).

باب (32) «من لزمنا لزمناه ومن فارقنا فارقناه»

4948 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن أبيه، عن ابراهيم بن أبي محمود، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين بن علي (صلوات اللّه عليهم) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعلي أنت المظلوم من بعدي، فويل لمن ظلمك واعتدى عليك، وطوبى لمن تبعك ولم يختر عليك.

ياعلي أنت المقاتل بعدي، فويل لمن قاتلك وطوبى لمن قاتل معك، ياعلي أنت الذي تنطق بكلامي وتتكلم بلساني بعدي فويل لمن ردّ عليك، وطوبى لمن قبل كلامك.

ص:348


1- - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 277 ح 16. منه البحار: ج 8 ص 4.

ياعلي أنت سيد هذه الامة بعدي وأنت إمامها وخليفتي عليها، من فارقك فارقني يوم القيامة، ومن كان معك كان معي يوم القيامة.

ياعلي أنت أوّل من آمن بي وصدقني، وأنت أول من أعانني على أمري وجاهد معي عدوي، وأنت أول من صلّى معي والناس يومئذ في غفلة الجهالة.

ياعلي أنت أول من تنشق عنه الارض معي، وأنت أوّل من يجوز الصراط معي، وأن ربّي (عزّوجلّ) أقسم بعزته انه لايجوز عقبة الصراط الاّ من معه براءة بولايتك وولاية الائمّة من ولدك، وأنت أول من يرد حوضي تسقي منه اولياؤك وتذود(1) عنه أعدائك، وأنت صاحبي اذا قمت المقام المحمود تشفع لمحبينا فتشفع فيهم، وأنت أوّل من يدخل الجنّة وبيدك لوائي وهو لواء الحمد و هو سبعون شقة الشقة منه أوسع من الشمس والقمر، وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة أصلها في دارك وأغصانها في دور شيعتك ومحبيك.

قال إبراهيم بن أبي محمود: فقلت للرضا: يابن رسول اللّه ان عندنا أخبارا في فضائل أمير المؤمنين (عليه السّلام) وفضلكم أهل البيت وهي من رواية مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم، أفندين بها؟

فقال: يابن أبي محمود، لقد أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده (عليه السّلام) أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: من أصغى الى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن اللّه (عزّوجلّ) فقد عبد اللّه، وان كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس.

ثمّ قال الرضا: يابن أبي محمود إن مخالفينا وضعوا أخبارا في

ص:349


1- - ذاده عنه: طرده ودفعه. (أقرب الموارد).

فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام، أحدها الغلو وثانيها التقصير في أمرنا، وثالثها التصريح بمثالب(1) اعدائنا، فإذا سمع الناس الغلو فينا كفّروا شيعتنا ونسبوهم الى القول بربوبيتنا، واذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، واذا سمعوا مثالب أعدائنا باسمائهم ثلبونا باسمائنا وقد قال اللّه (عزّوجلّ): وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّوا اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ (2).

يابن أبي محمود إذا أخذ الناس يمينا وشمالا فالزم طريقتنا، فانه من لزمنا لزمناه، ومن فارقنا فارقناه، ان أدنى مايخرج به الرجل من الايمان ان يقول للحصاة: هذه نواة ثم يدين بذلك ويبرء ممن خالفه.

يابن أبي محمود احفظ ما حدثتك به، فقد جمعت لك خير الدنيا والآخرة(3).

البحار - بيان: النّهى عن الإعتقاد بما تفرّد به الخالفون من فضائلهم لاينافي جواز الاحتجاج عليهم بأخبارهم، فإنّه لايتأتّى إلّا بذلك، ولا ذكر ما ورد في طريق أهل البيت (عليهم السّلام) من طريق المخالفين أيضا تأييدا وتأكيدا.

ص:350


1- - هذا دليل على انهم لم يصرحوا (أحيانا) بمثالب اعدائهم بل قد يكنون عنهم كصنمي قريش وشبه ذلك. «هامش المصدر». ثلبه: لامه وعابه. (اقرب الموارد).
2- (2) - الانعام 6:108.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 303 ح 63. منه البحار: ج 39 ص 211 وج 26 ص 239.

باب (33) رؤية المؤمن أمير المؤمنين عليه السلام عند الموت

4949 - الكافي: أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي المستهل، عن محمّد بن حنظلة قال.

قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك حديث سمعته من بعض شيعتك ومواليك يرويه عن أبيك.

قال: وما هو؟

قلت: زعموا أنّه كان يقول: أغبط ما يكون امرء بما نحن عليه إذا كانت النفس في هذه.

فقال: نعم اذا كان ذلك أتاه نبيّ اللّه وأتاه عليّ وأتاه جبرئيل وأتاه ملك الموت (عليهم السّلام) فيقول ذلك الملك لعليّ (عليه السّلام): ياعليّ إنّ فلانا كان مواليا لك ولاهل بيتك؟

فيقول: نعم كان يتولاّنا ويتبرّء من عدوّنا، فيقول ذلك نبيّ اللّه لجبرئيل فيرفع ذلك جبرئيل إلى اللّه (عزّوجلّ)(1).

4950 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ الفقيه أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) قال: أخبرنا السعيد الوالد أبو جعفر الطوسي، قال: أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبداللّه محمّد بن محمد ابن النعمان (رحمه اللّه)، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن محمّد بن

ص:351


1- - الكافي: ج 3 ص 134 ح 13.

مسعدة، قال: حدثني جدي مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) يقول: واللّه لايهلك هالك على حبّ عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) إلّا رآه في أحبّ المواطن إليه، ولا يهلك هالك على بغض عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) إلاّ رآه في أبغض المواطن إليه(1).

باب (34) شجرة طوبى في دار أمير المؤمنين عليه السلام

4951 - مائة منقبة لابن شاذان: حدثنا أبو القاسم جعفر بن مسرور بن قولويه (رحمه اللّه) قال: حدثني الحسين بن محمد [عن ابراهيم بن محمد، عن بلال، عن ابراهيم بن صالح الانماطي، عن عبدالصمد، عن جعفر بن محمد]، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه قال: سئل النبي (صلّى اللّه عليه وآله) عن قوله تعالى.

طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ ؟(2).

قال: نزلت في أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) وطوبى شجرة في داره وهي في الفردوس ليس من اثمار الجنّة شيء إلاّ هو فيها(3).

مناقب آل أبي طالب: أبو بصير وعبدالصمد، عن الصادق (عليه السّلام) قال: سئل النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)... وذكر نحوه(4).

ص:352


1- - بشارة المصطفى: ص 93. منه البحار: ج 39 ص 280.
2- (2) - الرعد 13:29.
3- (3) - مائة منقبة: ص 129 - المنقبة 69. منه البحار: ج 39 ص 235.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 234. منه البحار: ج 39 ص 225.

باب (35) «ولاية علي بن أبي طالب حصني»

4952 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) - معاني الاخبار.

حدثنا أحمد بن الحسن القطّان قال: حدثنا عبدالرحمن بن محمد الحسيني قال: حدثني محمد بن ابراهيم بن محمد الفزاري قال.

حدثني عبداللّه بن بحر الأهوازي(1) قال: حدثني أبو الحسن علي بن عمرو قال: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور قال: حدثني عليّ بن بلال، عن عليّ بن موسى الرضا، عن موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ، عن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام)، عن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)، عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن اللّوح، عن القلم قال: يقول اللّه (عزّوجلّ): «ولاية عليّ بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي»(2) و(3).

أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان بهذا الاسناد مثله(4).

4953 - أمالي الطوسي: أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عبداللّه بن

ص:353


1- - عبداللّه بن يحيى الأهوازي - أمالي الصدوق.
2- (2) - أمن ناري - أمالي الصدوق - معاني الاخبار.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 136 ح 1 - معاني الاخبار: ص 371 ح 1.
4- (4) - أمالي الصدوق: ص 195 ح 9. منها البحار: ج 39 ص 246.

محمّد بن عثمان الواسطي قال: حدثنا محمّد بن علي بن معمر الكوفي قال: حدثنا أحمد بن المعافى قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السّلام)، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن اللّوح، عن القلم، عن اللّه تعالى قال: [ولاية] عليّ حصني، من دخله أمن ناري(1).

4954 - أمالي الطوسي: أبو محمّد الفحام السامري قال: حدثني المنصوري قال: حدثني عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى ابن المنصور، قال: حدثني الامام علي بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي (عليهم السّلام)، عن جابر قال: سمعت ابن مسعود يقول: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): حرّمت النار على من آمن بي وأحب عليا وتولاه، ولعن اللّه من ماري عليّا وناواه، عليّ منّي كجلدة ما بين العين والحاجب(2).

4955 - أمالي الطوسي: وبالإسناد عن جابر بن عبداللّه الأنصاريّ قال: سمعت النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: من أحبّ

ص:354


1- - أمالي الطوسي: ص 353 ح 729. منه البحار: ج 39 ص 247.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 295 ح 579. منه البحار: ج 39 ص 247.

أن يجاور الخليل(1) في داره، ويأمن حرّ ناره، فليتولّ عليّ بن أبي طالب(2).

باب (36) «مثل علي مثل قل هو اللّه أحد»

4956 - المحاسن: البرقي، عن منصور بن العبّاس، عن أحمد بن عبدالرحيم، عمّن حدّثه، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لأمير المؤمنين (عليه السّلام) مثلك مثل قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ فانّه من قرأها مرة فكأنّما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرّتين فكانّما قرأ ثلثي القران، ومن قرأها ثلاث مرّات فكأنّما قرأ القران، وكذلك من أحبّك بقلبه كان له مثل ثلث ثواب أعمال العباد، ومن أحبّك بقلبه ونصرك بلسانه كان له مثل ثلثي أعمال العباد، ومن أحبّك بقلبه ونصرك بلسانه ويده كان له مثل ثواب اعمال العباد(3).

4957 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار قال: أخبرنا ابو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي، قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان بن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى

ص:355


1- - الجليل - البحار.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 295 ح 580. منه البحار: ج 39 ص 247.
3- (3) - المحاسن: ص 153 ح 77. منه البحار: ج 92 ص 350.

الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنا أبي جعفر بن محمّد قال: حدثنا أبي محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): في قوله (عزّوجلّ).

أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ (1).

قال: نزلت فيّ وفي عليّ بن أبي طالب، وذلك أنّه إذا كان يوم القيامة شفعني ربّي وشفّعك ياعلي وكساني وكساك ياعليّ، ثمّ قال لي ولك ياعليّ: ألقيا في جهنّم كلّ من أبغضكما، وأدخلا الجنّة كلّ من أحبّكما، فإنّ ذلك هو المؤمن(2).

باب (37) فضل شيعة امير المؤمنين عليه السلام ومحبّيه

4958 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا عبداللّه بن محمد بن عبدالوهاب قال: اخبرنا ابو نصر منصور بن عبداللّه بن ابراهيم الاصفهاني قال: حدثنا علي بن عبداللّه الاسكندراني قال.

حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن مهدي الرقّي قال: حدثنا أبي قال.

حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي (عن أبيه علي بن الحسين) عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب

ص:356


1- ق 50:24.
2- (2) أمالي الطوسي: ص 368 ح 782. منه البحار: ج 39 ص 253.

(صلوات اللّه عليهم) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

ياعليّ طوبى لمن أحبّك وصدّق بك، وويل لمن أبغضك وكذّب بك، محبّوك معروفون في السّماء السابعة، والارض السّابعة السفلى وم بين ذلك هم أهل الدين والورع والسمت الحسن، والتواضع للّه (عزّوجلّ) خاشعة أبصارهم وجلة قلوبهم لذكر اللّه (عزّوجلّ)، وقد عرفوا حقّ ولايتك، وألسنتهم ناطقة بفضلك وأعينهم ساكبة تحنّنا عليك وعلى الائمّة من ولدك، يدينون اللّه بما أمرهم به في كتابه وجاءهم به البرهان من سنّة نبيّه عاملون بما يأمرهم به اولوا الامر منهم، متواصلون غير متقاطعين، متحابّون غير متباغضين، إنّ الملائكة لتصلّي عليهم، وتؤمّن على دعائهم، وتستغفر للمذنب منهم، وتشهد حضرته وتستوحش لفقده إلى يوم القيامة(1).

4959 - بشارة المصطفى: (بإسناده) عن المرضيّة(2)، عن العبّاس ابن محمّد، عن سلاّم بن سالم، عن جابر الجعفيّ، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: بينا عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) على منبر الكوفة [يخطب](3) إذ أقبل ثعبان من آخر المسجد فوثب إليه الناس بنعالهم، فقال لهم عليّ (عليه السّلام): مهلا يرحمكم اللّه فإنّها مأمورة، فكفّ الناس عنها، فأقبل الثعبان إلى عليّ (عليه السّلام) حتّى وضع فاه على اذن عليّ (عليه السّلام) فقال له ما شاء اللّه أن يقول، ثمّ إنّ الثعبان نزل وتبعه عليّ (عليه السّلام).

ص:357


1- - عيون اخبار الرضا: ج 1 ص 261 ح 21. منه البحار: ج 68 ص 150.
2- (2) - بالاسناد عن الصدوق، عن جماعة، عن المرضيّة - البحار.
3- (3) - ما بين المعقوفتين من البحار.

فقال الناس: يا امير المؤمنين ألا تخبرنا بمقالة هذا الثعبان؟

فقال: نعم إنّه رسول الجنّ، قال لي: أنا وصيّ الجنّ ورسولهم إليك، يقول الجنّ: لو أنّ الانس أحبّوك كحبّنا إيّاك وأطاعوك كطاعتنا لما عذّب الله أحدا من الإنس بالنار(1).

4960 - المحاسن: البرقي، عن أبيه (رحمه اللّه)، عن يونس بن عبدالرحمن أو غيره، عن رياح بن أبي نصر قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان جالسا في ملأ من أصحابه إذ قام فزعا فاستقبل جنازة على أربعة رجال من الحبش، فقال: ضعوه، ثمّ كشف عن وجهه فقال: أيّكم يعرف هذا؟

فقال عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): أنا يارسول اللّه هذا عبد بني رياح، ما استقبلني قطّ إلاّ قال: واللّه أنا احبّك.

قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): [فأشهد] ما يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ كافر، وإنّه قد شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة، كلّ قبيل على سبعين ألف قبيل.

قال: ثمّ أطلقه من جريده وغسّله وكفّنه وصلّى عليه وقال: إنّ الملائكة تضايق به الطريق، وإنّما فعل به هذا لحبّه إيّاك ياعليّ (2).

البحار - بيان: قوله: «ثم أطلقه من جريده» لعلّه تصغير الجرد وهو الثوب الخلق، أي نزع ثيابه البالية.

ص:358


1- - بشارة المصطفى: ص 164. منه البحار: ج 39 ص 249.
2- (2) - المحاسن: ص 150 ح 70. منه البحار: ج 39 ص 254.

4961 - تأويل الآيات الظاهرة: روي الصدوق محمّد بن بابويه، قال: حدثني أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن جمهور، عن يحيي بن صالح، عن عليّ بن أسباط، عن عبداللّه بن القاسم، عن المفضّل بن عمر، عن الصادق (عليه السّلام) قال: بينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في ملأ من أصحابه وإذا بأسود على جنازة تحمله أربعة من الزنوج ملفوف في كساء يمضون به إلى قبره.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): عليّ بالاسود، فوضع بين يديه فكشف عن وجهه ثمّ قال لعليّ (عليه السّلام): ياعليّ هذا رياح غلام آل النجّار.

فقال عليّ (عليه السّلام): واللّه ما رآني قطّ إلاّ وحجل في قيوده(1) وقال: ياعليّ إنّي احبّك.

قال: فأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بغسله وكفنه في ثوب من ثيابه وصلّى عليه وشيّعه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) والمسلمون إلى قبره، وسمع الناس دويّا شديدا في السماء.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّه قد شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة، كلّ قبيل سبعون ألف ملك، واللّه ما نال ذلك إلاّ بحبّك ياعليّ، قال: ونزل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فى لحده ثمّ أعرض عنه ثمّ سوي عليه اللّبن.

ص:359


1- - قال في النهاية: في الحديث «انّه (عليه السّلام) قال لزيد: أنت مولانا، فحجل» الحجل: أن يرفع رجلا ويقفز على الاخرى من الفرح. وقد يكون بالرجلين إلا أنه قفز، وقيل: الحجل: مشى المقيد.

فقال له أصحابه: يارسول اللّه رأيناك قد أعرضت عن الاسود ساعة ثمّ سوّيت عليه اللّبن.

فقال: نعم إنّ وليّ اللّه خرج من الدنيا عطشانا، فتبادر إليه أزواجه من الحور العين بشراب من الجنّة، وولي اللّه غيور، فكرهت أن احزّنه بالنظر إلى أزواجه، فأعرضت عنه(1).

4962 - شرح الاخبار: عبداللّه بن مالك، عن أبي عبداللّه جعفر ابن محمّد (عليه السّلام) أنه قال: بينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يوما بالمدينة جالسا وحوله نفر من أصحابه إذ نظر إلى سواد عظيم نازل من السّماء، فقام فزعا وقام معه أصحابه، فتخلل طرق المدينة، وهو ينظر إلى السواد حتى أتاه فاذا بنعش يحمله أربعة من العبيد، وليس وراءه تبع، فقال: من هذا الميت؟

قالوا: يارسول اللّه عبد كان لبني رباح مسرفا على نفسه أوثقه مواليه، فمات في الوثاق فأمرونا بدفنه.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) [لعلي]: انظر إليه لعلك أن تعرفه.

فكشف عنه علي (عليه السّلام) فإذا بأسود في عنقه غلّ وفي رجليه قيد.

فقال علي (عليه السّلام): بلى واللّه يارسول اللّه اني لأعرفه، وما لقيته - قط - إلا وقال لي: يامولاي انا واللّه احبك، واشهد أنه لايحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك الاّ كافر.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لاجرم أنه قد نفعه

ص:360


1- - تأويل الايات الظاهرة: ج 2 ص 868 ح 6. منه البحار: ج 39 ص 289.

ذلك، هذا - واللّه - سبعون قبيلا من الملائكة، ففي كل قبيل سبعون ألف ملك هبطوا من السماء يشهدون جنازته ويصلون عليه، وأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بقطع الغلّ في عنقه والقيد من رجليه وصلّى عليه ودفنه وترحم عليه(1).

4963 - بشارة المصطفى: حدثنا الشيخ محمد بن علي، عن أبيه، عن جدّه عبدالصمد قال: حدثنا محمد بن القاسم الفارسي قال.

حدثنا محمد بن أبي اسماعيل العلوي [عن محمد بن عبداللّه الأنصاري، عن محمد بن الحسين النهاوندي](2) وحدثنا صدقة بن موسى(3) حدثني موسى بن جعفر (عليه السّلام)، عن أبيه جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه (عليهم السّلام)، عن جابر بن عبداللّه قال.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّي لارجو لأمّتي في حبّ عليّ كما أرجو في قول: لا إله إلاّ اللّه(4).

4964 - ثواب الاعمال: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني سعد بن عبداللّه قال: حدثني أحمد بن أبي عبداللّه، عن إسماعيل بن مهران قال: أخبرني أبي، عن إسحاق بن جرير البجلي قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): جاءني ابن عمّك كانّه أعرابيّ مجنون وعليه إزار وطيلسان ونعلاه في يده فقال: لو أنّ قوما(5) يقولون فيك.

ص:361


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 478 ح 1380.
2- (2) - ما بين المعقوفتين من البحار.
3- (3) - عن صدقة بن موسى - البحار.
4- (4) - بشارة المصطفى: ص 145. منه البحار: ج 39 ص 249.
5- (5) - في بعض النسخ «فقال لي: إن قوما». «هامش المصدر».

قلت له: ألست عربيّا؟

قال: بلى.

قلت: إنّ العرب لاتبغض عليّا (عليه السّلام)، ثمّ قلت له.

لعلّك ممّن يكذّب بالحوض؟ أما واللّه لئن أبغضته ثمّ وردت عليه الحوض لتموتنّ عطشا(1).

4965 - مناقب آل أبي طالب: قال أبو الصباح الكناني: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ لنا جارا من همدان يقال له: الجعد بن عبداللّه يسبّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) أفتأذن لي أن أقتله؟

قال: إنّ الإسلام قيد الفتك، ولكن دعه فستكفى بغيرك.

قال: فانصرفت إلى الكوفة فصلّيت الفجر في المسجد وإذا أنا بقائل يقول: وجد الجعد بن عبداللّه على فراشه مثل الزّقّ المنفوخ ميّتا، فذهبوا يحملونه إذا لحمه سقط عن عظمه، فجمعوه على نطع وإذا تحته أسود فدفنوه(2).

أقول: أجمع فقهاء الشيعة على أنّ سابّ النبيّ أو الإمام المعصوم يجب قتله على من يتمكن من قتله إذا لم يكن على القاتل الخطر أو الخوف أو مفسدة كبيرة وعلى هذا فينبغي حمل هذا الحديث على التقيّة أو بعض الوجوه المحتملة، واللّه العالم.

البحار - بيان: قال الجزريّ: فيه الايمان قيد الفتك أي الايمان يمنع من الفتك. كما يمنع القيد عن التصرف. والفتك أن يأتي الرجل صاحبه وهو غارّ غافل فيشدّ عليه فيقتله.

ص:362


1- - ثواب الاعمال: ص 249 ح 14. منه البحار: ج 8 ص 22.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 239. منه البحار: ج 47 ص 137.

4966 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الاشعري، عن عبداللّه بن ميمون القدّاح، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

ياعليّ من أحبّك ثمّ مات فقد قضى نحبه(1) ومن أحبك ولم يمت فهو ينتظر وم طلعت شمس ولا غربت إلاّ طلعت عليه برزق وإيمان - وفي نسخة: نور -(2).

4967 - بشارة المصطفى: محمد بن علي، عن أبيه، عن جدّه عبدالصمد بن محمّد التميمي قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمّد العطريفي اخبرنا الحسين بن محمّد بن هارون، أخبرنا محمّد بن حمدان بن مهران، حدثنا عبدان، حدثنا حبيب بن المغيرة، عن جندل ابن واثق، حدثنا محمّد بن عمر المازنيّ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن فاطمة الصغرى، عن حسين بن عليّ، عن امّه فاطمة (عليهم السّلام) قالت: خرج علينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عشيّة عرفة فقال: إنّ اللّه تعالى باهى بكم الملائكة، فغفر لكم عامّة وغفر لعليّ خاصّة، وإنّي رسول اللّه إليكم غير هائب لقومي ولاصحابي ولقرابتي، هذا جبرئيل أخبرني أنّ السعيد كلّ

ص:363


1- - إشارة إلى قوله تعالى - في سورة الاحزاب 33:23 - مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً. قال الشيخ الطبرسي: مَنْ قَضى نَحْبَهُ أي مات أو قتل في سبيل اللّه فأدرك ما تمنى فذلك قضاء النحب، وقيل: قَضى نَحْبَهُ أي فرغ من عمله ورجع إلى ربّه. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 8 ص 306 ح 475.

السعيد حقّ السعيد من أحبّ عليّا في حياتي وبعد موتي(1).

4968 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (قدّس اللّه روحه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو محمّد الحسن بن علي بن نعيم بن سهل بن أبان النعيمي قال: حدّثنا عقبة بن المنهال بن بحر أبو زياد قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الهاشمي قال: حدثنا المتفجع بن مصعب ابن توبة بن ثبيت المزني قال: حدثنا جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه. قال: وحدثنا عقبة بن المنهال بن بحر قال: حدثنا عبداللّه بن حميد بن البناء قال: حدثني موسى بن اسماعيل بن موسى، عن أبيه، عن جدّه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جابر قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): جاءني جبرئيل من عند اللّه بورقة آس خضراء مكتوب فيها ببياض: إنّي افترضت محبة عليّ على خلقي، فبلّغهم ذلك عنّي(2).

4969 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس (رحمه اللّه) قال: حدثنا أبي، عن أحمد ابن محمّد بن خالد، عن العباس بن معروف، عن محمّد بن يحيى الخزّاز، عن طلحة بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

أتاني جبرئيل من قبل ربّي (جلّ جلاله) فقال: يامحمّد إنّ اللّه

ص:364


1- - بشارة المصطفى: ص 149. منه البحار: ج 39 ص 284.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 619 ح 1276. منه البحار: ج 39 ص 297.

(عزّوجلّ) يقرؤك السلام ويقول لك: بشّر أخاك عليّا بأنّي لااعذّب من تولاّه ولا أرحم من عاداه(1).

4970 - البحار: كتاب (الروضة) - قال الصادق (عليه السّلام).

ولايتي لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) أحبّ إليّ من ولادتي منه، لانّ ولايتي لعليّ بن أبي طالب فرض، وولادتي منه فضل(2).

4971 - مائة منقبة لابن شاذان: حدثنا أحمد بن محمد بن أيّوب الحافظ (رحمه اللّه) قال: حدثني أحمد بن [محمد بن عبيداللّه] بن زياد القطان قال: حدثني علي بن ابراهيم، عن أبيه قال: حدثني أبو الصلت الهروي قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: سمعت أبي موسى (عليه السّلام) يقول: سمعت أبي جعفرا (عليه السّلام) يقول: سمعت أبي محمّدا (عليه السّلام) يقول.

سمعت أبي عليّا (عليه السّلام) يقول: سمعت أبي الحسين (عليه السّلام) يقول: سمعت أبي عليّا أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) قال: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: سمعت جبرئيل (عليه السّلام) يقول: سمعت اللّه (جلّ جلاله) يقول: عليّ بن أبي طالب حجّتي على خلقي ونوري في بلادي وأميني على علمي، لاادخل النار من عرفه وإن عصاني، ولا ادخل الجنّة من أنكره وإن أطاعني(3).

4972 - أمالي الطوسي: أبو محمّد الفحّام قال: حدّثنا

ص:365


1- - أمالي الصدوق: ص 42 ح 8. منه البحار: ج 39 ص 297.
2- (2) - البحار: ج 39 ص 299 ح 105.
3- (3) - مائة منقبة: ص 105 - المنقبة 46. منه البحار: ج 27 ص 116.

أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيداللّه الهاشمي المنصوري قال.

حدّثني عمّ أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور قال.

حدّثني الامام علي بن محمد العسكري قال: حدّثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن موسى قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، عن سيّدنا الصادق، عن أبيه (عليهم السّلام) عن جابر.

قال أبو محمد الفحام: وحدّثني عمّي عمر بن يحيى قال.

حدثني ابراهيم بن عبداللّه البلخي قال: حدّثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل قال: سمعت الصادق (عليه السّلام) يقول: حدّثني أبي محمّد بن علي، عن جابر بن عبداللّه قال: كنت عند النبي (صلّى اللّه عليه وآله) أنا من جانب وعليّ أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) من جانب، إذ أقبل عمر بن الخطّاب ومعه رجل قد تلبّب [به](1) فقال: ما باله؟.

قال: حكى عنك يارسول اللّه، أنّك قلت: من قال: «لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه» دخل الجنّة، وهذا إذا سمعه الناس فرّطوا في الاعمال، أفأنت قلت ذلك يارسول اللّه؟

قال: نعم، إذا تمسّك بمحبّة هذا(2) وولايته(3).

بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن محمد بن

ص:366


1- - والرجل الذي تلبّب به عمر، هو ابو هريرة الدوسي، وقصته مشهورة مروية في كتب الفريقين، رواه مسلم في ج 1 من صحيحه، باب من لقى اللّه وهو غير شاك فيه دخل الجنة، ونقله في مشكاة المصابيح: ص 15. «هامش البحار».
2- (2) - من الواضح ان المقصود ب (هذا) هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام).
3- (3) - أمالي الطوسي: ص 282 ح 547. منه البحار: ج 39 ص 298.

الحسن الطوسي (رحمه اللّه) قال: أخبرنا السعيد الوالد أبو جعفر (رحمه اللّه) قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام السامري بهذا الاسناد مثله(1).

4973 - ثواب الاعمال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثني محمد بن جعفر قال: حدثني موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد، عن عتيبة بيّاع القصب، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إنّ الجنّة لتشتاق لاحبّاء عليّ (عليه السّلام) وتشتدّ ضوؤها لاحبّاء عليّ (عليه السّلام) وهم في الدّنيا قبل أن يدخلوها، وإنّ النار لتغيظ وتشتدّ زفيرها على أعداء عليّ (عليه السّلام) وهم في الدّنيا قبل أن يدخلوها(2).

4974 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبدالله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي عبداللّه الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن امير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: قال لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) - على منبره -: ياعلي إن اللّه (عزّوجلّ) وهب لك حبّ المساكين والمستضعفين في الارض فرضيت بهم إخوانا ورضوا بك إماما، فطوبى لمن أحبّك وصدق عليك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك.

ص:367


1- - بشارة المصطفى: ص 133. منه البحار: ج 68 ص 134.
2- (2) - ثواب الاعمال: ص 247 ح 2. منه البحار: ج 39 ص 302.

ياعلي أنت العالم [العلم] لهذه الأمّة، من أحبّك فاز، ومن أبغضك هلك.

ياعلي أنا مدينة العلم وأنت بابها، وهل تؤتى المدينة إلاّ من بابها.

ياعلي أهل مودّتك كلّ أوّاب حفيظ، وكل ذي طمر لو أقسم على اللّه لابرّ قسمه.

ياعلي إخوانك كل طاهر زاك [زكي] مجتهد يحب فيك ويبغض فيك محتقر عند الخلق عظيم المنزلة عند اللّه (عزّوجلّ).

ياعلي محبّوك جيران اللّه في دار الفردوس، لايأسفون على ما خلفوا من الدنيا.

ياعلي أنا وليّ لمن واليت، وأنا عدوّ لمن عاديت.

ياعلي من أحبّك فقد أحبّني ومن أبغضك فقد أبغضني.

ياعلي إخوانك ذبل الشفاة، تعرف الرّهبانية في وجوههم.

ياعلي إخوانك يفرحون في ثلاثة مواطن عند خروج أنفسهم وأنا شاهدهم وأنت، وعند المسائلة في قبورهم وعند العرض الاكبر، وعند الصّراط إذا سئل الخلق عن إيمانهم فلم يجيبوا.

ياعلي حربك حربي وسلمك سلمي وحربي حرب اللّه، ومن سالمك فقد سالمني ومن سالمني فقد سالم اللّه (عزّوجلّ).

ياعلي بشّر إخوانك فإن اللّه (عزّوجلّ) قد رضي عنهم إذ رضيك لهم قائدا ورضوا بك وليا.

ياعلي أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين.

ياعلي شيعتك المنتجبون، ولولا أنت وشيعتك ماقام للّه (عزّوجلّ)

ص:368

دين، ولولا من في الارض منكم لما أنزلت السماء قطرها.

ياعلي لك كنز في الجنّة وأنت ذو قرنيها، وشيعتك تعرف بحزب اللّه (عزّوجلّ).

ياعلي أنت وشيعتك القائمون بالقسط وخيرة اللّه من خلقه.

ياعلي أنا أوّل من ينفض التراب عن رأسه وأنت معي ثمّ سائر الخلق.

ياعلي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من احببتم، وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الاكبر في ظل العرش، يفزع النّاس ولا تفزعون ويحزن النّاس ولا تحزنون، فيكم نزلت هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (1) وفيكم نزلت لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (2).

ياعلي انت وشيعتك تطلبون في الموقف وأنتم في الجنان تتنعمون.

ياعلي إن الملائكة والخزّان يشتاقون إليكم، وإن حملة العرش والملائكة المقرّبين ليخصّونكم بالدّعاء، ويسألون اللّه لمحبيكم، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح الاهل بالغائب القادم بعد طول الغيبة.

ياعلي شيعتك الذين يخافون اللّه في السّرّ وينصحونه في العلانية.

ص:369


1- - الأنبياء 21:101.
2- (2) - الانبياء 21:103.

ياعلي شيعتك الذين يتنافسون في الدّرجات لانّهم يلقون اللّه (عزّوجلّ) وما عليهم من ذنب.

ياعلي أعمال شيعتك ستعرض عليّ في كل جمعة فافرح بصالح ما يبلغني من أعمالهم واستغفر لسيّئاتهم.

ياعلي ذكرك في التوراة - وذكر شيعتك قبل ان يخلقوا - بكل خير، وكذلك في الإنجيل، فسل اهل الإنجيل واهل الكتاب عن إليا يخبروك مع علمك بالتوراة والإنجيل وما أعطاك اللّه (عزّوجلّ) من علم الكتاب، وإن اهل الإنجيل ليتعاظمون إليا وما يعرفونه وما يعرفون شيعته وإنما يعرفونهم بما يجدونهم في كتبهم.

ياعلي إنّ أصحابك ذكرهم في السّماء أكبر وأعظم من ذكر أهل الارض لهم بالخير، فليفرحوا بذلك وليزدادوا اجتهادا.

ياعلي إنّ أرواح شيعتك لتصعد إلى السّماء في رقادهم ووفاتهم فتنظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقا إليهم، ولما يرون من منزلتهم عند اللّه (عزّوجلّ).

ياعلي قل لأصحابك العارفين بك يتنزهون عن الاعمال التي يقارفها(1) عدوّهم، فما من يوم وليلة إلاّ ورحمة من اللّه (تبارك وتعالى) تغشاهم، فليجتنبوا الدنس.

ياعلي إشتدّ غضب اللّه (عزّوجلّ) على من قلاهم وبرأ منك ومنهم، واستبدل بك وبهم، ومال إلى عدوّك، وتركك وشيعتك، واختار الضلال ونصب الحرب لك ولشيعتك، وابغضنا اهل البيت، وأبغض من والاك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.

ص:370


1- - الاقتراف: الاكتساب. (مجمع البحرين).

ياعلي اقرأهم منّي السّلام من لم أر منهم ولم يرني، وأعلمهم انهم إخواني الذين اشتاق إليهم، فليلقوا علمي إلى من يبلغ القرون من بعدي، وليتمسّكوا بحبل اللّه، وليعتصموا به، وليجتهدوا في العمل فإنا لانخرجهم من هدى إلى ضلالة، وأخبرهم أن اللّه (عزّوجلّ) عنهم راض، وأنه يباهي بهم ملائكته وينظر إليهم في كلّ جمعة برحمته، ويأمر الملائكة أن تستغفر لهم.

ياعلي لاترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أنّي أحبّك فأحبّوك لحبّي إيّاك ودانوا للّه (عزّوجلّ) بذلك، واعطوك صفو المودّة في قلوبهم واختاروك على الآباء والإخوة والاولاد وسلكوا طريقك، وقد حملوا على المكاره فينا فأبوا إلا نصرنا وبذل المهج فينا مع الاذى وسوء القول وما يقاسونه من مضاضة ذاك، فكن بهم رحيما واقنع بهم، فإن اللّه (عزّوجلّ) اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق، وخلقهم من طينتنا، واستودعهم سرّنا، وألزم قلوبهم معرفة حقّنا، وشرح صدورهم، وجعلهما مستمسكين بحبلنا لايؤثرون علينا من خالفنا مع ما يزول من الدّنيا عنهم، أيّدهم اللّه وسلك بهم طريق الهدي، فاعتصموا به، فالنّاس في غمّة الضلال متحيرون في الاهواء عموا عن الحجة وما جاء من عند اللّه (عزّوجلّ) فهم يصبحون ويمسون في سخط اللّه، وشيعتك على منهاج الحقّ والاستقامة، لايستأنسون إلى من خالفهم، وليست الدّنيا منهم وليسوا منها، اولئك مصابيح الدّجى، اولئك مصابيح الدّجى، أولئك مصابيح الدّجى(1).

فضائل الشيعة: أبي (رحمه اللّه)، عن أبي بصير، عن

ص:371


1- - أمالي الصدوق: ص 450 ح 2. منه البحار: ج 8 ص 28.

أبي عبداللّه (عليه السّلام) [عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام)] قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)... وذكر نحوه(1).

4975 - تفسير فرات الكوفي: (فرات) قال: حدثنا القاسم بن عبيد معنعنا، عن أبي عبداللّه، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ياعلي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم وأنتم الآمنون يوم الفزع الاكبر في ظلّ العرش يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا تحزنون وفيكم نزلت هذه الآيات إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ إلى قوله تُوعَدُونَ .

ياعلي أنت وشيعتك تطلبون في الموقف وأنتم في الجنان متنعّمون(2).

4976 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني الحسين بن سعيد معنعنا، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: لما نزلت هذه الآية وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ (3) قال: لايبقى أحد يردّ على عيسى بن مريم (عليهما السّلام) ما جاء به فيه إلا كان كافرا، ولا يردّ على علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أحد ما قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلاّ كان كافرا(4).

ص:372


1- - فضائل الشيعة: ص 14 ح 17. منه البحار: ج 39 ص 306.
2- (2) - تفسير فرات الكوفي: ص 268 ح 361. منه البحار: ج 8 ص 28.
3- (3) - النساء 4:159.
4- (4) - تفسير فرات الكوفي: ص 115 ح 118. منه الوسائل: ج 18 ص 561.

4977 - الخصال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى ومحمّد بن أحمد السنانيّ المكتّب والحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعليّ بن عبداللّه الورّاق (رضي اللّه عنهم)(1) قالوا: حدّثنا أحمد بن يحيي بن زكريا القطّان، عن بكر بن عبداللّه بن حبيب قال: حدّثنا تميم ابن بهلول قال: حدثنا أبو معاوية، عن سليمان بن مهران، عن جعفر ابن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال.

لمّا حضرت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الوفاة دعاني، فلمّا دخلت عليه قال لي: ياعليّ أنت وصيي وخليفتي على أهلي وامّتي في حياتي وبعد موتي، وليّك وليي، ووليّي وليّ اللّه، وعدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ اللّه.

ياعلي المنكر لإمامتك بعدي كالمنكر لرسالتي في حياتي لانّك منّي وأنا منك.

با(2) ثمّ أدناني فأسرّ إليّ ألف باب من العلم، كلّ باب يفتح ألف 4978 - مائة منقبة لابن شاذان: حدثني أبو عبداللّه احمد [بن محمّد] بن أيوب (رحمه اللّه) قال: حدثني علي بن محمّد بن سويدة ابن عنبسة وحدثني أحمد بن محمد بن الجراح قال: حدثني أحمد بن الفضيل الاهوازي، قال: حدثني بكر بن أحمد قال: حدثني محمد بن علي، عن أبيه قال: حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه، عن محمّد بن

ص:373


1- - السنانى والمكتب والورّاق - البحار.
2- (2) - الخصال: ص 652 ح 53. منه البحار: ج 22 ص 462.

علي، عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها وعمّها الحسن بن علي قالا.

حدثنا أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله): لمّا دخلت الجنّة رأيت فيها شجرة تحمل الحليّ والحلل أسفلها خيل بلق وأوسطها الحور العين وفي أعلاها الرضوان.

قلت ياجبريل: لمن هذه الشجرة؟

قال: هذه لابن عمّك أمير المؤمنين (عليه السّلام) إذا أمر اللّه الخلق بالدخول الى الجنّة يؤتى بشيعة عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) حتّى ينتهي بهم إلى هذه الشجرة فيلبسون الحليّ والحلل ويركبون خيل البلق وينادي مناد: هؤلاء شيعة عليّ بن أبي طالب صبروا في الدّنيا على الأذى فاكرموهم اليوم(1).

4979 - مائة منقبة لابن شاذان: حدثني أحمد بن محمد الحسيني (رحمه اللّه) حدثني وريزة بن علي قال: حدثني جدي وريزة بن محمّد بن العسال قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليهما السّلام) يقول: حدثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لمّا اسري بي إلى السّماء لقيني أبي نوح فقال: يامحمّد من خلّفت على امّتك؟

فقلت: عليّ بن أبي طالب.

فقال: نعم الخليفة خلّفت.

ثمّ لقيني أخي موسى فقال: يامحمّد من خلفت على امّتك؟

فقلت: عليّا.

ص:374


1- - مائة منقبة: ص 158 المنقبة 96. منه البحار: ج 27 ص 120.

فقال: نعم الخليفة خلّفت.

ثمّ لقيني [أخي] عيسى فقال [لي]: يامحمّد من خلّفت على امّتك؟.

فقلت: عليّا.

فقال: نعم الخليفة خلّفت.

قال: فقلت لجبرئيل: ياجبرئيل مالي لا أرى إبراهيم؟

قال: فعدل بي إلى حظيرة فاذا فيها شجرة لها ضروع كضروع الغنم واذا ثم اطفال كلّما خرج ضرع من فم واحد ردّه [اللّه تعالى] إليه، فقال: يامحمّد من خلّفت على امّتك؟

فقلت: عليّا.

فقال: نعم الخليفة خلّفت، إنّي يامحمّد سألت اللّه ربّي أن يولّيني غذاء أطفال شيعة علي بن أبي طالب فأنا أغذيهم إلى يوم القيامة(1).

4980 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، وعبداللّه بن بكير، عن سعيد بن يسار قال.

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: الحمد للّه صارت فرقة مرجئة وصارت فرقة حرورية وصارت فرقة قدريّة وسمّيتم الترابيّة وشيعة علي.

أما والله ما هو إلاّ اللّه وحده لاشريك له ورسوله (صلّى اللّه عليه وآله) وآل رسول اللّه (عليهم السّلام) وشيعة آل رسول اللّه وما الناس إلاّ هم، كان عليّ (عليه السّلام) أفضل الناس بعد رسول اللّه

ص:375


1- - مائة منقبة: ص 159 المنقبة 97. منه البحار: ج 27 ص 121.

(صلّى اللّه عليه وآله) وأولى الناس بالناس - حتّى قالها ثلاثا -(1).

باب (38) حبّ علي عليه السلام ايمان وبغضه كفر ونفاق

4981 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر ابن محمد بن سلم بن البراء الجعابي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيّدي علي ابن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (قال: حدثني أبي جعفر بن محمد) قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن أبيه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ (عليه السّلام): لايبغضك من الانصار إلاّ من كان أصله يهوديّا2.

4982 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الإسناد قال.

قال علي (عليه السّلام): إنّه لعهد النبيّ [الامّي] إليّ أنّه لايحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلّا منافق3.

4983 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الإسناد قال.

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): بغض عليّ كفر وبغض بني هاشم نفاق4.

ص:376


1- - الكافي: ج 8 ص 80 ح 36.

4984 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الإسناد عن عليّ (عليه السّلام) قال: قال لي النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): فيك مثل من عيسى، أحبّه النصاري حتّى كفروا. وأبغضه اليهود حتّى كفروا في بغضه1.

4985 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الإسناد قال.

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): محبّك محبّي ومبغضك مبغضي، [ومبغضي مبغض اللّه]2.

4986 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الإسناد قال.

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): لايحبّ عليّا إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلّا كافر3.

4987 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الاسناد عن علي ابن أبي طالب (عليه السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وهو آخذ بيد عليّ (عليه السّلام): من زعم أنّه يحبّني ولا يحبّ هذا فقد كذب(1).

4988 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الاسناد قال.

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ (عليه السّلام): من أحبّك كان مع النبيّين في درجتهم يوم القيامة، ومن مات وهو يبغضك فلا يبالي مات يهوديّا أو نصرانيّا(2).

ص:377


1- (4) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 60 ح 231. منه البحار: ج 27 ص 79.
2- (5) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 58 ح 221. منه البحار: ج 27 ص 79.

4989 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الإسناد عن الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) [عن جابر](1) قال: ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلاّ ببغضهم عليّا وولده (عليهم السّلام)(2).

4990 - قرب الاسناد: محمد بن عيسى، عن عبداللّه بن ميمون القدّاح، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: قال عبداللّه بن عمر: واللّه ما كنّا نعرف المنافقين في زمان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلاّ ببغضهم عليّا (عليه السّلام)(3).

4991 - شرح الاخبار: محمد بن سنان، عن أبي عبداللّه جعفر ابن محمّد (عليه السّلام) أنه قال في قول اللّه (عزّوجلّ): وَ لَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا يعني بولاية علي (عليه السّلام) وَ لَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ (4) يعني الذين كفروا ولايته.

ومنه قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعلي (عليه السّلام).

لايحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق.

وقول بعض أصحابه: ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلاّ ببغضهم عليّا (عليه السّلام)(5).

4992 - أمالي الطوسي: أبو محمّد الفحام قال: حدثنا أبو

ص:378


1- - مابين المعقوفتين من نسخة البحار.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 67 ح 305. منه البحار: ج 39 ص 301.
3- (3) - قرب الاسناد: ص 14. منه البحار: ج 39 ص 301.
4- (4) - العنكبوت 29:11.
5- (5) - شرح الاخبار: ج 2 ص 351 ح 704، 705، 706.

الحسن محمّد بن أحمد بن عبيداللّه المنصوري قال: حدثنا عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور قال: حدثنا الامام علي ابن محمّد (عليهما السّلام) قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال.

حدثنا أبي علي بن موسى قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر قال.

حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال.

حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال.

حدثني أبي أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهم) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لي وإلّا صمّتا(1): ياعليّ محبّك محبّي، ومبغضك مبغضي(2).

باب (39) حرمة التبرّي من أمير المؤمنين عليه السلام

4993 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: قيل لابي عبداللّه (عليه السّلام): إن الناس يروون أن عليّا (عليه السّلام) قال على منبر الكوفة: أيّها الناس إنّكم ستدعون إلى سبّي فسبّوني، ثمّ تدعون إلى البراءة مني فلا تبرّؤوا منّي.

فقال: ما أكثر ما يكذب الناس على علي (عليه السّلام).

ثمّ قال: إنّما قال: إنكم ستدعون إلى سبّي فسبّوني، ثمّ ستدعون إلى البراءة منّي وإنّي لعلى دين محمّد، ولم يقل: لاتبرّؤوا منّي.

ص:379


1- - أي: سمعته باذني وإلّا صمّتا.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 278 ح 530. منه البحار: ج 39 ص 272.

فقال له السائل: أرأيت إن اختار القتل دون البراءة.

فقال: واللّه ما ذلك عليه وماله إلاّ ما مضى عليه عمّار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئنّ بالايمان، فأنزل اللّه (عزّوجلّ) فيه إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ (1) فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) عندها: ياعمّار إن عادوا فعد فقد أنزل اللّه (عزّوجلّ) عذرك وأمرك أن تعود إن عادوا(2).

قرب الاسناد: هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد (عليه السّلام) قال: قيل له (أي لجعفر بن محمّد عليه السّلام): ان الناس يروون ان عليّا (عليه السّلام) قال على منبر الكوفة: أيّها الناس انكم ستدعون إلى سبّي فسبوني ثمّ تدعون إلى البراءة منّي وانّي لعلى دين محمّد ولم يقل وتبرأوا منّي(3)، فقال له السائل.... وذكر مثله(4).

4994 - تفسير العياشي: عن أبي بكر قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): وما الحرورية(5)؟ إنّا قد كنّا وهم متتابعين(6) وهم اليوم في دورنا أرأيت إن أخذونا بالأيمان؟

ص:380


1- - النحل 16:106.
2- (2) - الكافي: ج 2 ص 219 ح 10.
3- (3) - لعل هذا الحديث حذف منه كلمة (لا) وكان في الاصل هكذا: (ولا تبرّؤوا منّي) كما ورد في الكافي.
4- (4) - قرب الاسناد: ص 8.
5- (5) - صنف من الخوارج.
6- (6) - قد كنّا متعاسرين - البحار.

قال: فرخّص لي في الحلف لهم بالعتاق والطلاق، فقال بعضنا.

مدّ الرقاب أحبّ إليك أم البراءة من عليّ (عليه السّلام)؟

فقال: الرخصة أحبّ إليّ، أما سمعت قول اللّه في عمّار: إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ (1).

4995 - تفسير العياشي: عن عبداللّه بن عجلان، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال: سألته فقلت له: انّ الضحاك(2) قد ظهر بالكوفة ويوشك ان ندعى الى البراءة من عليّ (عليه السّلام) فكيف نصنع؟

قال: فابرء منه.

قال: قلت له: أيّ شيء أحبّ إليك؟

قال: ان يمضون على ما مضى عليه عمّار بن ياسر اخذ بمكة فقالوا له: ابرء من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فبرأ منه، فأنزل اللّه عذره إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ (3).

4996 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمّد

ص:381


1- - تفسير العياشي: ج 2 ص 272 ح 74. منه البحار: ج 75 ص 408.
2- (2) - هو الضحاك بن قيس الخارجي الذي كان من الخوارج من أصحاب الهلول بن بشر الملقب ب (كثاره) الذي خرج بالكوفة في امارة خالد القسري سنة 120 هجرية كما يستفاد من ترجمة الضحاك بن قيس في تنقيح المقال: ج 2 ص 105.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 2 ص 272 ح 76. منه البحار: ج 75 ص 408.

قال: حدّثنا يحيى بن زكريا بن شيبان قال: حدّثنا بكير بن سلم(1) قال.

حدّثني محمّد بن ميمون، قال: حدّثني جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين عليّ (عليه السّلام).

ستدعون إلى سبّي فسبّوني، وتدعون إلى البراءة منّي فمدّوا الرّقاب فإنّي على الفطرة(2).

أقول: هذه الطائفة من الأحاديث بحاجة إلى شرح وتوضيح فنقول واللّه المستعان: يجب على الإنسان - كقاعدة عامّة - أن يحافظ على نفسه من الهلكة والخطر، وإذا وقع اسيرا بيد كافر أو ظالم وخيّر بين الكفر باللّه العظيم أو سبّ النبيّ الكريم أو أهل بيته المعصومين وبين القتل فعليه أن يختار الكفر والسبّ بلسانه من باب التقيّة والمحافظة على النفس من الهلكة.

وقد دلّ على ذلك قوله تعالى - في قصة عمّار بن ياسر -: إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ .

والأحاديث الواردة في باب التقيّة كثيرة.

بعد هذه المقدمة المختصرة نقول.

إن امير المؤمنين (عليه السّلام) أخبر أصحابه أنّ معاوية سيحكم بلاد المسلمين بعد شهادته (عليه السّلام) ويسعى إلى قتل شيعته، والتنكيل بهم وتشريدهم عن البلاد، وسوف يجبر النّاس على سبّ امير المؤمنين ولعنه والبراءة منه، فرخّص الإمام لشيعته السبّ محافظة عليهم من القتل.

ص:382


1- - بكير بن مسلم - البحار.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 210 ح 362. منه البحار: ج 39 ص 315.

وأمّا البراءة منه فقال (عليه السّلام): «لاتتبرّءوا منّي فإنّي ولدت على الفطرة» - كما في بعض الأحاديث -.

وفي بعض الأحاديث: «ستدعون إلى البراءة منّي وإنّي لعلى دين محمّد» وليس فيه «فلا تتبرّءوا منّي».

والسؤال الآن: كيف الجمع بين هاتين الطائفتين من الأحاديث؟

الجواب: الاحاديث التي تقول: «إنّكم ستدعون إلى البراءة منّي وإنّي لعلى دين محمّد» أصح سندا ومتنا وموافقة للقواعد الفقهية العامّة ومذكورة في أصح كتب الحديث كالكافي وغيره فتقدّم على غيرها.

وأمّا ما روي عنه (عليه السّلام) «... وتدعون إلى البراءة منّي فمدّوا الرّقاب» فينبغي حمله على حرمة البراءة القلبية منه (صلوات اللّه عليه) أمّا باللسان فلا مانع منه.

وأمّا ما فعل أصحابه (عليه السّلام) - أمثال ميثم التمّار، وحجر ابن عدي وأصحابه، وكميل بن زياد وغيرهم - من تركهم السبّ والبراءة منه حتى قتلوا فالظاهر أنه كان عليهم أن يفعلوا ذلك ويقدّموا أنفسهم في سبيل اللّه من أجل حفظ الإسلام والتشيع كما يظهر ذلك لمن كان له أدنى معرفة بالتاريخ الإسلامي وبما كان ينويه معاوية وبنو اميّة من سحق الإسلام ودفنه وإطفاء نور اللّه في الارض وإحياء الجاهليّة الاولى.

ولعلّ قوله (عليه السّلام): «... فمدّوا الرّقاب» خطاب إلى أصحابه المعاصرين له وخاصّ بذلك الزّمان لانّ في قتلهم - كما سبق - حياة للدين.

ص:383

وقد ذكر العلامة المجلسي (رحمه اللّه) تعليقا على هذا الحديث في (مرآة العقول)(1) فليراجع. واللّه العالم بحقائق الأمور.

4997 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر الحافظ قال: حدثنا الحسن بن عبداللّه التميمي قال: حدثني أبي قال.

حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن علي (عليهم السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): من سبّ عليّا فقد سبّني ومن سبّني فقد سب اللّه(2).

4998 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): محمد بن عمر بن محمد بن سلم بن البراء الجعابي قال: حدثني ابو محمد الحسن بن عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيّدي علي ابن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد) قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: إنّكم ستعرضون على البراءة منّي فلا تتبرّؤوا منّي فإنّي على دين محمّد(3).

4999 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفار، قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي

ص:384


1- - مرآة العقول: ج 9 ص 173.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 67 ح 308. منه البحار: ج 39 ص 312.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 64 ح 274. منه البحار: ج 39 ص 317.

الدعبلي قال: حدّثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان ابن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثنا أبي محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) انّه «ألا إنّكم ستعرضون على سبّي، فإن خفتم على أنفسكم فسبّوني، ألا وانّكم ستعرضون على البراءة منّي، فلا تفعلوا فاني على الفطرة(1).

[باب (40)] من خصائص الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

5000 - أمالي الطوسي: أخبرنا ابن الصلت قال: أخبرنا ابن عقدة قال: حدثنا علي بن محمّد القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جدّه، عن محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لعليّ (عليه السّلام): ياعلي، إنك أعطيت ثلاثة ما لم اعط أنا.

قلت: يارسول اللّه، ما اعطيت؟

فقال: أعطيت صهرا مثلي ولم أعط، وأعطيت زوجتك فاطمة

ص:385


1- - أمالي الطوسي: ص 364 ح 765. منه البحار: ج 39 ص 316.

ولم اعط، واعطيت مثل الحسن والحسين ولم اعط(1).

5001 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): (بالأسانيد الثلاثة)(2)

قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعلي إنّك أعطيت ثلاثا لم يعطها أحد من قبلك.

قلت: فداك أبي وامّي وما أعطيت؟

قال: أعطيت صهرا مثلي واعطيت مثل زوجتك واعطيت مثل ولديك الحسن والحسين(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

ياعلي إنّك اعطيت ثلاثا [ما اعطيت مثلهن] قلت: فداك أبي وامّى.... وذكر مثله(4).

5002 - الخصال: أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثني أحمد بن الحسين بن سعيد قال: حدثني أحمد بن إبراهيم وأحمد بن زكريّا، عن محمّد بن نعيم، عن يزداد بن إبراهيم، عمّن حدّثه من أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): واللّه لقد أعطاني اللّه (تبارك وتعالى) تسعة أشياء لم يعطها أحدا قبلي [ما] خلا النبيّ (5) (صلّى اللّه

ص:386


1- - أمالي الطوسي: ص 344 ح 708. منه البحار: ج 39 ص 89.
2- (2) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
3- (3) - عيون اخبار الرضا: ج 2 ص 48 ح 188.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: ص 247 ح 158. منهما البحار: ج 29 ص 89 و 90.
5- (5) - خلا محمدا (صلّى اللّه عليه وآله) - بصائر الدرجات.

عليه وآله): لقد فتحت لي السّبل، وعلّمت الانساب، واجري لي السّحاب، وعلّمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب، ولقد نظرت في الملكوت بإذن ربّي فما غاب عنّي ما كان قبلي وما يأتي بعدي(1)، وإنّ بولايتي أكمل اللّه لهذه الأمّة دينهم وأتمّ عليهم النعم، ورضي [لهم] إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله): ومحمّد أخبرهم أنّي أكملت لهم اليوم دينهم وأتممت عليهم نعمتي ورضيت لهم الاسلام دينا، كلّ ذلك منّا من اللّه عليّ فله الحمد(2).

بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن الحسين، عن أحمد بن ابراهيم بهذا الاسناد مثله وفيه: وكلّ ذلك منّا من اللّه منّ به عليّ فله الحمد(3).

البحار - بيان: المراد بفتح السّبل: كشف طرق العلوم والمعارف أو سبل السّماوات، واجراء السّحاب معناه أنه تعالى سخّر لهم السحاب يذهب بهم حيث يشاؤون.

5003 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني عبدالرحمن ابن الحسن التميميّ البزّاز، معنعنا، عن أبي عبداللّه، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) على منبر الكوفة وكان فيما قال: واللّه إنّي لديّان النّاس يوم الدين، وقسيم [بين] الجنّة والنار، لايدخلها الداخل إلاّ على أحد قسميّ، واني الفاروق الاكبر، وإنّ جميع الرّسل والملائكة والأرواح خلقوا لخلقنا، [و] لقد اعطيت التسع التي لم يسبقني إليها أحد.

ص:387


1- - ما كان قبلي ولا فاتني ما يكون من بعدي - بصائر الدرجات.
2- (2) - الخصال: ص 414 ح 4.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 221 ح 4. منهما البحار: ج 39 ص 336.

علّمت فصل الخطاب وبصّرت سبيل الكتاب، وأزجل إلى السبحات(1)، وعلمت علم المنايا والبلايا والقضايا، وبي كمال الدين، وأنا النعمة الّتي أنعمها اللّه على خلقه، كلّ ذلك منّ منّ اللّه به عليّ، ومنّا الرقيب على خلق اللّه، ونحن قسم اللّه(2) وحجّته بين العباد إذ يقول اللّه: اِتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (3) فنحن أهل بيت عصمنا اللّه من أن نكون فتّانين أو كذّابين أو ساحرين أو زيّافين، فمن كان فيه شيء من هذه الخصال فليس منّا ولا نحن منه، إنّا أهل بيت طهّرنا اللّه من كل نجس، نحن الصادقون إذا نطقنا، والعالمون إذا سئلنا، أعطانا اللّه عشر خصال لم تكن لأحد قبلنا ولا تكون لاحد بعدنا: العلم والحلم واللّبّ والنبوّة(4)

والشجاعة والسخاوة والصبر والصدق والعفاف والطهارة، فنحن كلمة التقوى وسبيل الهدى والمثل الاعلى والحجّة العظمى والعروة الوثقى والحقّ الّذي أقرّ اللّه به، فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنّى تُصْرَفُونَ ؟(5) و(6).

ص:388


1- - إلي السحاب - البحار والظاهر أنّ الصحيح هو ما في البحار. والزجل - بالتحريك -: الجلبة ورفع الصوت. (اقرب الموارد). وفي السان العرب): الزجل: الرمي بالشيء. والمعنى المناسب - هنا - هو الإرسال من بعد كما في القاموس.
2- (2) - قسيم اللّه - البحار.
3- (3) - النساء 4:1.
4- (4) - في نسخة: الفتوة.
5- (5) - يونس 10:32.
6- (6) - تفسير فرات الكوفي: ص 178 ح 230. منه البحار: ج 39 ص 350.

5004 - بصائر الدرجات: حدثنا محمّد بن عيسى، عن محمّد ابن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقول: [إنّي] اعطيت خصالا ما سبقني إليها أحد: علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب(1).

أقول: قوله (عليه السّلام): «ماسبقني إليها أحد» لعلّ معناه: من أوصياء الأنبياء الّذين كانوا قبله، إذ من الواضح أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) سبق الإمام في كلّ هذه الامور. وهذا خارج بالتخصص لا التخصيص.

5005 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن الحسين، عن أحمد ابن إبراهيم، عن محمّد بن زكريا، عن محمد بن نعيم، عن يزداد بن إبراهيم، عمّن حدّثه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): علمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب(2).

5006 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد ابن عبداللّه، عن أحمد بن إسحاق بن سعد، عن بكر بن محمّد الازدي، عن بعض اصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): كان لي من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عشر ما يسرّني بالواحدة منهن ما طلعت عليه الشمس: قال.

أنت أخي في الدنيا والآخرة، وأنت أقرب الناس منّي موقفا يوم القيامة، ومنزلك تجاه منزلي في الجنّة كما يتواجه الإخوان في اللّه، وأنت صاحب لوائي في الدّنيا والآخرة، وأنت وصيّي ووارثي

ص:389


1- - بصائر الدرجات: ص 288 ح 11. منه البحار: ج 26 ص 147.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 287 ح 6. منه البحار: ج 26 ص 146.

وخليفتي في الاهل والمال والمسلمين في كلّ غيبة، شفاعتك شفاعتي، ووليّك وليّي ووليّي وليّ اللّه، وعدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ اللّه(1).

5007 - بصائر الدرجات: حدثنا عبداللّه بن محمد، عن إبراهيم ابن محمد الثقفي، عن بعض رفعه إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنه قال: الفضل لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) وهو المقدّم على الخلق جميعا لايتقدمه أحد، وعليّ (عليه السّلام) المتقدّم من بعده، والمتقدّم بين يدي عليّ (عليه السّلام) كالمتقدّم بين يدي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وكذلك يجري للائمّة من بعده واحدا بعد واحد، جعلهم اللّه أركان الأرض أن تميد بأهلها، ورابطه(2) على سبيل هداه، لايهتدي هاد من ضلالة إلاّ بهم، ولا يضلّ خارج من هدي إلاّ بتقصير عن حقّهم، وامناء اللّه على ما أهبط اللّه من علم أو عذر أو نذر، وشهداؤه على خلقه، والحجّة البالغة على من في الارض جرى لآخرهم من اللّه مثل الّذي أوجب لاوّلهم، فمن اهتدى بسبيلهم وسلم لامرهم فقد استمسك بحبل اللّه المتين وعروة اللّه الوثقى، ولا يصل إلى شيء من ذلك إلاّ بعون اللّه، وإنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال: أنا قسيم بين الجنّة والنار، لايدخلها أحد إلّا على أحد قسميّ، وانّي الفاروق الاكبر، وقرن من حديد، وباب الإيمان، وإنّي لصاحب العصا والميسم، لايتقدّمني أحد إلاّ أحمد (صلّى اللّه عليه وآله) وانّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ليدعى فيكسى [ثمّ ادعى فاكسى](3)، ثمّ

ص:390


1- - الخصال: ص 430 ح 9. منه البحار: ج 39 ص 338.
2- (2) - رابطيه - البحار.
3- (3) - ما بين المعقوفتين من نسخة البحار.

يدعى فيستنطق فينطق ثمّ ادعى فأنطق على حدّ منطقه، ولقد أقرّت لي جميع الأوصياء والأنبياء بمثل ما أقرّت به لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ولقد اعطيت السبع الّتي لم يسبقني إليها أحد، علّمت الاسماء والحكومة بين العباد وتفسير الكتاب وقسمة الحقّ من المغانم بين بني آدم، فما شذّ عنّي من العلم شيء إلاّ وقد علّمنيه المبارك، ولقد اعطيت حرفا يفتح ألف حرف، ولقد اعطيت زوجتي مصحفا فيه من العلم ما لم يسبقها إليه أحد، خاصّة من اللّه ورسوله(1).

البحار - بيان: قوله (عليه السّلام): «ورابطيه على سبيل هداه» أي ربطوا أنفسهم لهداية الخلق، والرابط أيضا: الراهب والزاهد والحكيم. والقرن: الحصن، شبّه (عليه السّلام) نفسه بالحصن من الحديد لمناعته ورزانته وحمايته للخلق.

5008 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمّد وعبداللّه بن عامر، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: فضل أمير المؤمنين (عليه السّلام): ما جاء به النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) أخذ به وما نهى عنه انتهى عنه، جري له من الفضل ما جري لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ولمحمّد الفضل على جميع من خلق اللّه، المتعقّب عليه في شيء من أحكامه كالمتعقّب على اللّه وعلى رسوله، والرادّ عليه في صغيرة أو كبيرة على حدّ الشرك باللّه.

كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) باب اللّه الّذي لايؤتى إلاّ منه وسبيله الّذي من سلك بغيره هلك وكذلك جري على الائمّة الهدي(2)

ص:391


1- - بصائر الدرجات: ص 220 ح 2. منه البحار: ج 39 ص 343.
2- (2) - جري لائمّة الهدى - البحار.

واحدا بعد واحد، جعلهم اللّه أركان الارض أن تميد بأهلها، والحجة البالغة [على] من فوق الارض ومن تحت الثري.

وقال (عليه السّلام): كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) كثيرا ما يقول: أنا قسيم اللّه بين الجنّة والنار، وأنا الفاروق الاكبر وأنا صاحب العصا والميسم، ولقد أقرّت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقرّوا لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ولقد حمّلت على مثل حمولته وهي حمولة(1) الربّ (تبارك وتعالى) وإنّ رسول اللّه يدعى فيكسى ويستنطق فينطق، ثمّ ادعى فاكسى فاستنطق فأنطق على حدّ منطقه، ولقد اعطيت خصالا ما سبقني إليها أحد قبلي، علم المنايا والبلايا والانساب وفصل الخطاب، فلم يفتني ما سبقني، ولم يعزب عنّي ما غاب عني انشر(2) باذن اللّه واؤدّي عنه، كلّ ذلك منّا من اللّه مكنني فيه بعلمه(3).

بيان - البحار: قوله: «ولمحمّد الفضل على جميع من خلق اللّه» أي فلي أيضا الفضل على جميعهم بضمّ المقدّمة السابقة. ويحتمل أن يكون المراد تفضيله (عليه السّلام) على نفسه، أي له الفضل على جميع الخلق حتّى عليّ. ولي الفضل على من سواه. وقال الفيروزآباديّ: تعقّبه: أخذه بذنب كان منه.

وعن الخبر: شك فيه وعاد للسؤال عنه. وتعقّبه: طلب عورته أو عثرته.

ص:392


1- - قال العلامة المجلسي (رحمه الله): الحمولة - بالضم -: الاحمال والمراد أعباء النبوّة وأسرار الخلافة والتكاليف الشاقة التي تختص بهم.
2- (2) - ابشر - البحار.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 220 ح 3. منه البحار: ج 39 ص 344.

علوم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

باب (1) علم أمير المؤمنين عليه السلام من رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

5009 - الكافي: محمّد بن الحسين وغيره، عن سهل، عن محمّد بن عيسى، ومحمّد بن يحيى ومحمّد بن الحسين جميعا، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر وعبدالكريم بن عمرو، عن عبدالحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أوصى موسى (عليه السّلام) إلى يوشع بن نون وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى، إنّ اللّه تعالى له الخيرة، يختار من يشاء ممّن يشاء، وبشّر موسى ويوشع بالمسيح (عليهم السّلام) فلمّا أن بعث اللّه (عزّوجلّ) المسيح قال المسيح (عليه السّلام) لهم: إنّه سوف يأتي من بعدي نبيّ اسمه أحمد من ولد إسماعيل (عليه السّلام) يجيء بتصديقي وتصديقكم وعذري وعذركم وجرت من بعده في الحواربين في المستحفظين، وإنّما سمّاهم اللّه تعالى

ص:393

المستحفظين لأنّهم استحفظوا(1) الاسم الأكبر وهو الكتاب الّذي يعلم به علم كلّ شيء، الّذي كان مع الأنبياء (صلوات اللّه عليهم)، يقول اللّه تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ (2)

الكتاب الاسم الأكبر وإنّما عرف ممّا يدعى الكتاب التوراة والانجيل والفرقان فيها كتاب نوح (عليه السّلام) وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم (عليهم السّلام) فاخبر اللّه (عزّوجلّ): إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى (3) فأين صحف إبراهيم، إنّما صحف إبراهيم الاسم الاكبر وصحف موسى الاسم الاكبر فلم تزل الوصيّة في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فلمّا بعث اللّه (عزّوجلّ) محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أسلم له العقب من المستحفظين وكذّبه بنو إسرائيل ودعا إلى اللّه (عزّوجلّ) وجاهد في سبيله، ثمّ أنزل اللّه (جلّ ذكره) عليه أن أعلن فضل وصيّك فقال: ربّ إنّ العرب قوم جفاة، لم يكن فيهم كتاب ولم يبعث إليهم نبيّ ولا يعرفون فضل نبوّات الأنبياء ولا شرفهم ولا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي، فقال اللّه (جلّ ذكر(4)).

وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ (5) وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ 5 فذكر من فضل وصيّه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه

ص:394


1- - استحفظوا: امروا بحفظه. (مجمع البحرين).
2- (2) - الحديد 57:25.
3- (3) - الاعلى 87:18 و 19.
4- (5) - الزخرف 43:89.
5- (4) - النحل 16:127.

وآله وسلّم) ذلك وما يقولون، فقال اللّه (جلّ ذكره): يامحمّد!.

وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (1) فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (2) ولكنّهم يجحدون بغير حجّة لهم وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يتألّفهم ويستعين ببعضهم على بعض ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصية حتّى نزلت هذه السورة فاحتجّ عليهم حين اعلم بموته ونعيت إليه نفسه، فقال اللّه (جلّ ذكره): فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (3)

يقول: إذا فرغت فانصب علمك وأعلن وصيّك فأعلمهم فضله علانية، فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من، عاداه - ثلاث مرات - ثمّ قال.

لأبعثنّ رجلا يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله، ليس بفرّار - يعرّض بمن رجع يجبّن أصحابه ويجبّنونه - وقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): علي سيّد المؤمنين وقال: عليّ عمود الدين وقال: هذا هو الّذي يضرب الناس بالسيف على الحقّ بعدي وقال: الحقّ مع عليّ أينما مال، وقال: إنّي تارك فيكم أمرين، إن أخذتم بهما لن تضلّوا.

كتاب اللّه (عزّوجلّ) وأهل بيتي عترتي، أيّها النّاس اسمعوا وقد بلّغت، إنّكم ستردون عليّ الحوض فأسألكم عمّا فعلتم في الثقلين، والثقلان: كتاب اللّه (جلّ ذكره) وأهل بيتي فلا تسبقوهم فتهلكوا ولا تعلّموهم فانّهم أعلم منكم فوقعت الحجّة بقول النبيّ (صلّى اللّه

ص:395


1- - الحجر 15:97.
2- (2) - الانعام 6:33.
3- (3) - الإنشراح 94:7 و 8.

عليه وآله وسلّم) وبالكتاب الّذي يقرأه الناس فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبيّن لهم بالقرآن إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1) وقال (عزّ ذكره): وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى (2) ثمّ قال.

وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ (3) فكان عليّ (عليه السّلام) وكان حقّه الوصيّة التي جعلت له والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة، فقال.

قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (4) ثمّ قال: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (5) يقول: أسألكم عن المودّة التي أنزلت عليكم فضلها، مودّة القربى، بأيّ ذنب قتلتموهم وقال (جلّ ذكره): فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (6).

قال: الكتاب [هو] الذكر وأهله آل محمّد (عليهم السّلام) أمر اللّه (عزّوجلّ) بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهّال وسمّى اللّه (عزّوجلّ) القران ذكرا فقال (تبارك وتعالى): وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (7) وقال (عزّوجلّ): وَ إِنَّهُ

ص:396


1- - الأحزاب 33:33.
2- (2) - الأنفال 8:41.
3- (3) - الإسراء 17:26.
4- (4) - الشورى 42:23.
5- (5) - التكوير 81:8 و 9.
6- (6) - النحل 16:43.
7- (7) - النحل 16:44.

لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ (1) وقال (عزّوجلّ): أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (2) وقال (عزّوجلّ): وَ لَوْ رَدُّوهُ

إلى اللّه و إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (3) فردّ الامر أمر الناس إلى اولي الامر منهم الذين أمر بطاعتهم بالردّ إليهم، فلمّا رجع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه واله وسلّم) من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل (عليه السّلام) فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (4) فنادى الناس فاجتمعوا وأمر بسمرات فقمّ شوكهنّ (5)، ثمّ قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): [يا] أيّها الناس من وليّكم وأولى بكم من انفسكم؟

فقالوا: اللّه ورسوله.

فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه - ثلاث مرّات - فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم وقالوا: ما أنزل اللّه (جلّ ذكره) هذا على محمّد قطّ وما يريد إلاّ أن يرفع بضبع

ص:397


1- - الزخرف 43:44.
2- (2) - النساء 4:59.
3- (3) - النساء 4:83.
4- (4) - المائدة 5:67.
5- (5) - السمرة - بضم الميم -: من شجر الطلح. والسمر: ضرب من العضاه، وليس في العضاه شيء أجود خشبا من السمر، ينقل الى القرى فتغمى به البيوت. وقمّ: جمع. (لسان العرب).

ابن عمّه(1)، فلمّا قدم المدينة أتته الانصار فقالوا: يارسول اللّه إنّ اللّه (جلّ ذكره) قد أحسن إلينا وشرّفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا، فقد فرّح اللّه صديقنا وكبّت عدوّنا وقد يأتيك وفود، فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدوّ، فنحبّ أن تأخذ ثلث أموالنا حتّى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم، فلم يردّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عليهم شيئا وكان ينتظر ما يأتيه من ربّه فنزل جبرئيل (عليه السّلام) وقال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ولم يقبل أموالهم.

فقال المنافقون: ما أنزل اللّه هذا على محمّد وما يريد إلاّ أن يرفع بضبع ابن عمّه ويحمل علينا أهل بيته يقول أمس: من كنت مولاه فعليّ مولاه واليوم: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى .

ثمّ نزل عليه آية الخمس فقالوا: يريد أن يعطيهم أموالنا وفيئنا.

ثمّ أتاه جبرئيل (عليه السّلام) فقال: يامحمّد إنّك قد قضيت نبوّتك واستكملت أيّامك فاجعل الاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة عند عليّ (عليه السّلام)، فانّي لم أترك الارض إلاّ ولي فيها عالم تعرف به طاعتي وتعرف به ولايتي ويكون حجّة لمن يولد بين قبض النبيّ إلى خروج النبيّ الآخر.

قال: فأوصى إليه بالاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة وأوصى إليه بألف كلمة وألف باب، يفتح كلّ كلمة وكلّ باب ألف

ص:398


1- - الضبع: وسط العضد بلحمه يكون للإنسان وغيره، وقيل: العضد كلها. وقيل: الأبط، وقيل: ما بين الأبط إلى نصف العضد من أعلاه. (لسان العرب).

كلمة وألف باب(1).

5010 - الخصال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن وأحمد بن محمد ابن يحيى العطار (رضي اللّه عنه) قالوا: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن عبدالكريم ابن عمرو(2)، عن عبدالحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أوصى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى عليّ (عليه السّلام) بالف باب كلّ باب يفتح ألف باب(3).

بصائر الدرجات: حدثنا الحجال، عن الحسن بن الحسين، عن ابن سنان مثله(4).

5011 - الخصال: حدثن أبي ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار (رضي اللّه عنهم) قالوا.

حدّثنا سعدبن عبداللّه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر وعبدالكريم بن عمرو، عن عبدالحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أوصى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى عليّ (عليه السّلام) ألف [كلمة وألف](5)

باب، يفتح كلّ كلمة وكلّ باب ألف كلمة وألف باب(6).

ص:399


1- - الكافي: ج 1 ص 293 ح 3.
2- (2) - وعبدالكريم بن عمرو - البحار - بصائر الدرجات.
3- (3) - الخصال: ص 646 ح 31.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 324 ح 9. منهما البحار: ج 40 ص 129.
5- (5) - ما بين المعقوفتين من البحار.
6- (6) - الخصال: ص 649 ح 44. منه البحار: ج 40 ص 132.

5012 - بصائر الدرجات: حدثنا الحجّال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن ابن سنان، عن إسماعيل بن جابر وعبدالكريم، عن عبدالحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أوصى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى عليّ (عليه السّلام) بألف كلمة يفتح كلّ كلمة ألف كلمة(1).

بصائر الدرجات: حدثنا محمّد بن عيسى، عن ابن سنان بهذا الاسناد نحوه(2).

الاختصاص: عليّ بن محمّد الحجال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي مثله(3).

5013 - الخصال: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن يحيى بن عمران الهمدانيّ، عن يونس بن عبدالرحمن، عن هشام بن الحكم، عن عمر بن يزيد قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): بلغنا أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) علّم عليّا (عليه السّلام) ألف باب يفتح كلّ باب ألف باب.

[قال: نعم](4).

فقال لي: بل علّمه بابا واحدا فتح(5) ذلك الباب ألف باب، فتح

ص:400


1- - بصائر الدرجات: ص 329 ح 2.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 331 ح 10. منهما البحار: ج 40 ص 140.
3- (3) - الاختصاص: ص 285 وفيه: وعبدالكريم بن أبي الديلم والصحيح وعبدالكريم عن ابن أبي الديلم.
4- (4) - ما بين المعقوفتين ليس في بصائر الدرجات.
5- (5) - يفتح - البحار. وكذلك في المورد التالي. وفي البصائر في جميع الموارد: فتح.

كلّ باب ألف باب(1).

بصائر الدرجات: حدّثنا ابراهيم بن هاشم، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس مثله(2).

5014 - الخصال: حدّثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن أحمد بن عمر الحلبيّ، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقلت له.

إنّ الشيعة يتحدّثون أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) علّم عليّا (عليه السّلام) بابا يفتح منه ألف باب كل باب يفتح ألف باب.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أبا محمّد علّم - واللّه - رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا ألف باب يفتح [له من] كلّ باب ألف باب.

فقلت له: والله هذا لعلم.

قال: انه لعلم وليس لاحد وليس بذاك(3).

بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر نحوه(4).

5015 - الخصال: حدّثنا أبي ومحمد بن الحسن وأحمد بن محمد

ص:401


1- - الخصال: ص 646 ح 33.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 324 ح 7. منهما البحار: ج 40 ص 130.
3- (3) - الخصال: ص 647 ح 37.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 323 ح 3. منهما البحار: ج 40 ص 130.

ابن يحيى العطار (رضي اللّه عنهم) قالوا: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثني أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن عبداللّه بن بكير، عن عبدالرحمن بن أبي عبداللّه قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) علّم عليّا (عليه السّلام) بابا يفتح له ألف باب كلّ باب يفتح له ألف باب(1).

بصائر الدرجات: أحمد بن الحسن بن علي بن فضال بهذا الاسناد نحوه(2).

الخصال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال.

حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عبدالجبار، عن عبداللّه بن محمّد الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبدالله بن هلال قال.

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر نحوه(3).

بصائر الدرجات: محمد بن عبدالجبار، عن عبداللّه بن الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبداللّه بن هلال قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر نحوه(4).

5016 - الاختصاص: احمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن عبدالجبار(5)، عن عبداللّه بن محمد الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن

ص:402


1- - الخصال: ص 647 ح 35.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 323 ح 5.
3- (3) - الخصال: ص 647 ح 36.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 323 ح 4. منهما البحار: ج 40 ص 131 و 132.
5- (5) - عن محمد بن عبدالجبار - البحار.

عبداللّه بن هلال قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) علّم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليا (عليه السّلام) بابا يفتح له منه ألف باب كلّ باب يفتح له ألف باب(1).

الاختصاص: أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبداللّه بن بكير، عن عبدالرحمن بن أبي عبداللّه قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول... وذكر نحوه2.

5017 - الخصال: حدثنا أبي، ومحمّد بن الحسن وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار (رضي اللّه عنهم) قالوا: حدّثنا سعد بن عبداللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم الأزديّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: علّم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عليّا (عليه السّلام) ألف باب، يفتح كلّ باب(2) ألف باب(3).

بصائر الدرجات: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير مثله(4).

الاختصاص: يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير مثله(5).

5018 - الكافي: عليّ بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد

ص:403


1- (1و2) - الاختصاص: ص 282. منه البحار: ج 26 ص 29.
2- (3) - ففتح له من كلّ باب - بصائر الدرجات.
3- (4) - الخصال: ص 648 ح 39.
4- (5) - بصائر الدرجات: ص 322 ح 1. منهما البحار: ج 40 ص 132.
5- (6) - الاختصاص: ص 282.

ابن الوليد شباب الصيرفيّ، عن يونس بن رباط قال: دخلت أنا وكامل التمّار على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال له كامل: جعلت فداك حديث رواه فلان؟

فقال: اذكره.

فقال: حدثني أن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حدّث عليّا (عليه السّلام) بألف باب يوم توفّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، كلّ باب يفتح ألف باب، فذلك ألف ألف باب.

فقال: لقد كان ذلك.

قلت: جعلت فداك فظهر ذلك لشيعتكم ومواليكم؟

فقال: ياكامل باب أو بابان.

فقلت [له]: جعلت فداك فما يروى من فضلكم من ألف ألف باب إلا باب أو بابان؟

قال: فقال: وما عسيتم أن ترووا من فضلنا، ما تروون من فضلنا إلاّ ألفا غير معطوفة(1) و(2).

5019 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وصالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن يحيى بن معمّر العطّار، عن بشير الدهّان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه

ص:404


1- - قوله (عليه السّلام): «إلاّ ألفا غير معطوفة» يعني إلا حرفا واحدا ناقصا أي أقلّ من حرف واحد، وانّما اختار الالف لأنّها أوّل الحروف من حروف التهجّى وأبسطها وأخفّها مؤنة في الكتاب والتكلّم وعدم عطفها كناية عن نقصانها فإنّها تكتب في رسم الخط الكوفي القديم هكذا (؟؟؟ L) فإذا كان طرفها غير مائل كانت ناقصة، هذا هو المعنى الحق المسموع عن المشايخ الكبار قدس اللّه ارواحهم. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 297 ح 9.

وآله وسلّم) في مرضه الذي توفّي فيه: ادعوا لي خليلي، فأرسلتا(1)

إلى أبويهما فلمّا نظر إليهما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أعرض عنهما، ثمّ قال: ادعوا لي خليلي، فارسل إلى عليّ فلمّا نظر إليه اكبّ عليه يحدّثه، فلمّا خرج لقياه، فقالا له: ما حدّثك خليلك؟

فقال: حدّثني ألف باب يفتح كلّ باب ألف باب(2).

5020 - بصائر الدرجات: حدثنا ابراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن عبداللّه بن بكير، عن عبدالرحمن بن أبي عبداللّه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: علّم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا حرفا يفتح ألف حرف، كلّ حرف منها يفتح ألف حرف(3).

الاختصاص: احمد بن محمد بن عيسى وابراهيم بن هاشم بهذا الاسناد مثله(4).

5021 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان في ذؤابة(5) سيف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) صحيفة صغيرة.

فقلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): أيّ شيء كان في تلك الصحيفة؟

ص:405


1- - أي عائشة وحفصة. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 296 ح 4.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 328 ح 3. منه البحار: ج 40 ص 140.
4- (4) - الاختصاص: ص 285. منه البحار: ج 26 ص 30.
5- (5) - ذؤابة كل شيء أعلاه، والمراد هنا قبضته أو ما يعلق من قبضته ويجعل فيه بعض الضروريات، تشبيها بذؤابة المرأة. (مرآة العقول).

قال: هي الاحرف الّتي يفتح كلّ حرف ألف حرف.

قال أبو بصير: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): فما خرج منها حرفان(1) حتّى الساعة(2).

بصائر الدرجات: حدّثنا أحمد بن محّمد بن عيسى، عن علي ابن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير مثله(3).

الخصال: حدثنا أبي ومحمّد بن الحسن وأحمد بن محمّد بن يحيى العطار (رضي اللّه عنهم) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير مثله(4).

5022 - الخصال: حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) قالا: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميريّ قال: حدثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير البجليّ، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، قال: جلّل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا (عليه السّلام)(5) ثوبا، ثمّ علّمه ألف كلمة(6).

بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير

ص:406


1- - فما خرج منها الاّ حرفان - الخصال - بصائر الدرجات.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 296 ح 6.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 328 ح 4.
4- (4) - الخصال: ص 649 ح 42.
5- (5) - على عليّ (عليه السّلام) - بصائر الدرجات.
6- (6) - الخصال: ص 649 ح 45، وفي البحار:.. ثمّ كلّمه ألف كلمة يفتح كلّ كلمة ألف كلمة.

مثله بزيادة: يفتح كلّ كلمة ألف كلمة(1).

5023 - الخصال: حدثنا أبي ومحمّد بن الحسن وأحمد بن محمّد ابن يحيى العطار (رضي اللّه عنهم) قالوا: حدّثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وابراهيم بن هاشم، عن الحسن بن علي ابن فضّال، عن أبي المعزا حميد بن المثنّى العجلي، عن ذريح بن محمّد بن يزيد المحاربي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول.

نحن ورثة الأنبياء. ثمّ قال: جلّل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) على عليّ (عليه السّلام) ثوبا، ثمّ علمه ألف كلمة، كلّ كلمة يفتح ألف كلمة(2).

بصائر الدرجات: حدثنا ابراهيم بن هاشم، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن أبي المعزا، عن ذريح المحاربي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر نحوه(3).

5024 - الخصال: حدثنا الحسن بن أحمد بن إدريس (رضي اللّه عنه)، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعليّ بن إسماعيل بن عيسى وعليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن محمد بن عبيداللّه، عن عبداللّه بن ميمون القدّاح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام): أن النبي (صلّى اللّه عليه وآله) حدّث عليا (عليه السّلام) ألف كلمة، كلّ كلمة يفتح ألف كلمة، فما يدري الناس ما حدّثه(4).

ص:407


1- - بصائر الدرجات: ص 330 ح 9. منهما البحار: ج 40 ص 133.
2- (2) - الخصال: ص 650 ح 49، وفي البحار: ثم علّمه وذلك ما يقول الناس إنّه علّمه ألف كلمة كلّ كلمة تفتح ألف كلمة.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 329 ح 4. منهما البحار: ج 40 ص 134.
4- (4) - الخصال: ص 650 ح 47.

بصائر الدرجات: حدثنا ابراهيم بن هاشم، عن جعفر بن محمد مثله الى قوله: يفتح الف كلمة(1).

5025 - بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن الحسين، عن الحسن ابن علي بن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: جاء أبو بكر وعمر إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) حين دفن النبي (صلّى اللّه عليه وآله) - والحديث طويل - فقال لهما أمير المؤمنين (عليه السّلام): أمّا ما ذكرتما أنّي لم اشهد كما أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فإنّه [قال:] لايري عورتي أحد غيرك إلاّ ذهب بصره، ولم أكن لاوذيكما به، وأما كبّي عليه فإنه علّمني ألف حرف كلّ حرف يفتح ألف حرف، فلم أكن لاطلعكما على سرّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

5026 - بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن عيسى، عن محمد ابن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن عبدالكريم بن عمرو، عن عبدالحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أوصى موسى إلى يوشع بن نون، وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون ولم يوص إلى ولد موسى لأنّ اللّه له الخيرة يختار من يشاء ممّن يشاء، وبشّر موسى يوشع بن نون بالمسيح، فلمّا أن بعث اللّه المسيح قال لهم: إنّه سيأتي رسول من بعدي اسمه أحمد من ولد إسماعيل، يصدّقني ويصدّقكم، وجرت بين الحواريّين في المستحفظين وإنّما سمّاهم اللّه تعالى المستحفظين لأنّهم استحفظوا الاسم الاكبر، وهو

ص:408


1- - بصائر الدرجات: ص 230 ح 6. منهما البحار: ج 40 ص 133 و 134.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 328 ح 6. منه البحار: ج 40 ص 140.

الكتاب الّذي يعلم به كلّ شيء الّذي كان مع الأنبياء، يقول اللّه تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ (1)

الكتاب الاسم الاكبر، وإنّما عرّف ممّا يدّعى العلم التوراة والإنجيل والفرقان، فما كتاب نوح وما كتاب صالح وشعيب وإبراهيم وقد أخبر اللّه إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى (2) فاين صحف إبراهيم؟

فقال: أمّا صحف إبراهيم فالاسم الاكبر، وصحف موسى الاسم الاكبر فلم تزل الوصيّة يوصيها عالم بعد عالم حتّى دفعوها إلى محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)، ثمّ أتاه جبرئيل فقال له: إنّك قد قضيت نبوّتك واستكملت أيّامك، فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار النبوّة عند عليّ (عليه السّلام)، فإنّي لاأترك الارض إلّا ولي فيها عالم يعرف به طاعتي، ويعرف به ولايتي، فيكون حجّة لمن ولد بين قبض نبيّ الى خروج [نبيّ] آخر، فأوحى(3) بالاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(4).

5027 - بصائر الدرجات: حدثنا عليّ بن عبدالرحمن، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤيّ، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن عبدالكريم بن عمرو، عن عبدالحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (تبارك وتعالى) أوحى إلى

ص:409


1- - الحديد 57:25.
2- (2) - الاعلى 87:18 و 19.
3- (3) - في البحار: فأوصى وهو الصحيح.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 489 ح 4. منه البحار: ج 40 ص 217.

رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أنّه قد قضيت نبوّتك واستكملت أيامك، فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة عند علي ابن أبي طالب (عليه السّلام) فإنّي لاأترك الارض إلاّ ولي فيها عالم تعرف به طاعتي وتعرف به ولايتي، ويكون حجّة بين قبض النبيّ إلى خروج النبيّ الاخر، فأوصى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بالاسم الاكبر، وميراث العلم وآثار علم النبوّة إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(1).

5028 - بصائر الدرجات: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم ابن محمد النوفلى، عن الحسين بن الختار، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين علي (عليه السّلام).

عندي صحيفة من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بخاتمه فيها ستّون قبيلة بهرجة، ليس لها في الإسلام نصيب، منهم غنيّ وباهلة، وقال.

يامعشر غني(2) وباهلة.

أعدوا(3) عليّ عطاياكم حتّى أشهد لكم عند المقام المحمود، إنّكم لاتحبّوني ولا احبّكم أبدا.

وقال: لآخذنّ غنيّا أخذة تضطرب منها باهلة.

ص:410


1- - بصائر الدرجات: ص 488 ح 1. منه البحار: ج 40 ص 216.
2- (2) - قال في «معجم قبائل العرب: ص 895»: غني بطن من بني عمرو بن الزبير بن العوام من بني أسد بن عبدالعزى من قريش من العدنانية، كانت مساكنهم بالبهنسائية بالديار المصرية. وقال في ص 60 منه: باهلة قبيلة عظيمة من قيس بن عيلان من العدنانية، وهم بنو سعد مناة بن مالك بن اعصر، واسمه منبه بن سعد ابن قيس بن عيلان.
3- (3) - اعيدوا - البحار.

وقال: أخذ في بيت المال مال من مهور البغايا فقال: أقسموه بين غنى وباهلة(1).

البحار - بيان: قال الفيروزآباديّ: البهرج: البا طل والردي والمباح. والبهرجة أن تعدل بالشيء عن الجادة القاصدة الى غيرها.

5029 - البحار: بصائر الدرجات - محمّد بن عيسى، عن النضر ابن سويد، عن الحسين بن موسى، عن الحسين بن زياد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: اهدي إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) دانجوج(2) فيه حبّ مختلط، فجعل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يلقي إلى عليّ (عليه السّلام) حبّة وحبّة ويسأله.

أيّ شيء هذا؟ ويخبره.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أما إنّ جبرئيل أخبرني أنّ اللّه علّمك اسم كلّ شيء كما علّم آدم الأسماء كلّها(3).

5030 - البحار: بصائر الدرجات - أحمد بن محمّد، عن البزنطيّ، عن الحسين بن موسى، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: اهدي إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حبّ وطير مشويّ من اليمن، فوضعه بين يديه فقال: ياعليّ ما هذه وما هذه؟ فأخذ عليّ (عليه السّلام) يجيبه عن شيء شيء.

فقال: إنّ جبرئيل أخبرني أنّ اللّه علّمك الأسماء كلّها كما علّم

ص:411


1- - بصائر الدرجات: ص 179 ح 28. منه البحار: ج 40 ص 138.
2- (2) - لم نظفر في كتب اللغة على هذه الكلمة، والظاهر أنه معرّب، قال في البرهان القاطع ص 472: دانجه غلّه ايست كه بعربى عدس گويند.
3- (3) - البحار: ج 40 ص 185 ح 69.

ادم (عليه السّلام)(1).

5031 - مناقب آل أبي طالب: كتاب (الجلاء والشفاء) و (الإحن والمحن) قال الصادق (عليه السّلام): قضى عليّ بقضيّة باليمن، فأتوا النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقالوا: إنّ عليا (عليه السّلام) ظلمنا.

فقال (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ عليا ليس بظالم ولم يخلق للظّلم، وإنّ عليا وليّكم بعدي، والحكم حكمه، والقول قوله، لايردّ حكمه إلاّ كافر، ولا يرضى به إلّا مؤمن(2).

5032 - البحار: روى الحسن بن سليمان في كتاب (المحتضر) باسناده، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) في حديث طويل قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) في كلام له: وإن شئتم أخبرتكم بما هو أعظم من ذلك.

قالوا: فافعل.

قال: كنت ذات ليلة تحت سقيفة مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وإنّي لاحصي ستّا وستّين وطئة من الملائكة، كلّ وطئة من الملائكة أعرفهم بلغاتهم وصفاتهم وأسمائهم ووطئهم(3).

5033 - بصائر الدرجات: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن أبي عبداللّه البرقيّ، عن خلف بن حمّاد، عن داود بن فرقد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): لو ثنّى الناس لي وسادة كما ثنّي لابن صوحان لحكمت بين أهل التوراة

ص:412


1- - البحار: ج 40 ص 186 ح 70.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 33. منه البحار: ج 40 ص 150.
3- (3) - البحار: ج 26 ص 85 ح 47.

بالتوراة حتّى يظهر(1) ما بين السّماء والأرض، ولحكمت بين أهل الزبور بالزبور حتّى يظهر ما بين السماء والارض، ولحكمت بين أهل الانجيل بالانجيل حتّى يظهر ما بين السماء والأرض، ولحكمت ما بين أهل الفرقان بالفرقان حتّى يظهر ما بين السماء والأرض(2).

5034 - بصائر الدرجات: حدثنا ابراهيم بن هاشم، عن جعفر ابن محمّد، عن عبداللّه بن ميمون القدّاح، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) انه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): لو وضعت لي وسادة ثمّ اتّكيت عليها لقضيت بين أهل التوراة بالتوراة حتّى تظهر(3)

إلى ربّها، ولو وضعت لي وسادة ثمّ اتّكيت عليها لقضيت بين أهل الانجيل بالانجيل حتى يظهر الى ربّه، ولو وضعت لي وسادة ثم اتكيت عليه! لقضيت بين أهل الزبور بالزبور حتّى يظهر إلى ربّه، ولو وضعت لي وسادة ثمّ اتّكيت عليها لقضيت بين أهل القران بالقرآن حتّى يظهر إلى ربه(4).

باب (2) كان أمير المؤمنين عليه السلام محدّثا

5035 - بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن الحسين، عن النضر

ص:413


1- - حتى يزهر - البحار. وكذا في الموارد التالية. زهر السراج والوجه والقمر: تلألأ. (اقرب الموارد).
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 153 ح 2. منه البحار: ج 26 ص 182.
3- (3) - حتى يزهر - البحار. وكذا في الموارد التالية.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 153 ح 5. منه البحار: ج 26 ص 183.

ابن شعيب، عن عبدالغفّار الجازيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: إنّ فلانا حدّثني أنّ عليّا والحسن (عليهما السّلام) كانا محدّثين.

قال: قلت: كيف ذلك؟

فقال: إنّه كان ينكت في آذانهما، قال: صدق(1).

5036 - الاختصاص: الحسن بن عليّ بن عبداللّه بن المغيرة، عن عبيس بن هشام الاسديّ، عن كرام بن عمرو الخثعميّ، عن عبداللّه بن أبي يعفور قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّا نقول: إنّ عليّا (عليه السّلام) كان ينكت في اذنه ويوقر في صدره.

فقال: إنّ عليّا (عليه السّلام) كان محدّثا.

فلمّا رآني قد كبر عليّ قوله فقال: إنّ عليا يوم بني قريظة والنضير كان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يحدّثانه(2).

5037 - بصائر الدرجات: حدثنا الحسن بن عليّ قال: حدثني عبيس بن هشام قال: حدثنا كرام بن عمرو الخثعمي، عن عبداللّه بن أبي يعفور قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّا نقول: إنّ عليّا لينكت في قلبه أو ينقر في صدره واذنه.

قال: إنّ عليّا كان محدّثا.

قال: فلمّ أكثرت عليه قال: إنّ عليّا (عليه السّلام) كان يوم بني قريظة و بني النضيركان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يحدّثانه(3).

ص:414


1- - بصائر الدرجات: ص 241 ح 1. منه البحار: ج 40 ص 140.
2- (2) - الاختصاص: ص 286. منه البحار: ج 39 ص 152.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 341 ح 2. منه البحار: ج 40 ص 140.

5038 - بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبدالكريم، عن ابن أبي يعفور قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّا نقول: إنّ عليّا (عليه السّلام) كان ينكت في قلبه أو صدره أو في اذنه.

فقال: إنّ عليّا (عليه السّلام) كان محدّثا.

قلت: فيكم مثله؟

قال: إنّ عليّا (عليه السّلام) كان محدّثا.

فلمّا أن كرّرت عليه قال: إنّ عليّا (عليه السّلام) كان يوم بني قريظة والنضير كان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يحدّثانه(1).

5039 - مناقب آل أبي طالب: روينا عن سعيد بن أبي الخضيب وغيره أنّه قال الصادق (عليه السّلام) لابن أبي ليلى: أتقضي بين الناس يا عبدالرحمن؟

قال: نعم يابن رسول اللّه.

قال: بأيّ شيء تقضي؟

قال: بكتاب اللّه.

قال: فما لم تجد في كتاب اللّه؟

قال: من سنّة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وما لم أجده فيهما أخذته عن الصحابة بما اجتمعوا عليه.

قال: فإذا اختلفوا فبقول من تأخذ منهم؟

قال: بقول من أردت واخالف الباقين.

قال: فهل تخالف عليا فيما بلغك أنّه قضى به؟

ص:415


1- - بصائر الدرجات: ص 342 ح 7. منه البحار: ج 26 ص 71.

قال: ربّما خالفته إلى غيره منهم.

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ما تقول يوم القيامة إذا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: أي ربّ إنّ هذا بلغه عنّي قول فخالفه؟

قال: وأين خالفت قوله يابن رسول الله؟

قال: فبلغك أنّ رسول اللّه قال: أقضاكم عليّ؟

قال: نعم.

قال: فإذا خالفت قوله ألم تخالف قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

فاصفرّ وجه ابن أبي ليلى وسكت(1).

باب (3) الإمام علي عليه السلام باب مدينة العلم والحكمة

5040 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني علي بن محمد الزهري قال: حدّثني أحمد بن الفضل بن عمرو القرشي، عن الحسن بن علي بن سالم الأنصاري، عن أبيه وعاصم والحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ (2) وقوله: وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها.

ص:416


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 33. منه البحار: ج 40 ص 150.
2- (2و3) - البقرة 2:177 و 189.

قال: مطّروا بالمدينة، فلمّا تقشّعت(1) السماء وخرجت الشمس خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في اناس من المهاجرين والأنصار، فجلس وجلسوا حوله إذ أقبل عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لمن حوله: هذا عليّ قد أتاكم تقيّ القلب نقيّ الكفّين، هذا عليّ بن أبي طالب لايقول إلاّ صوابا، تزول الجبال ولا يزول عن دينه.

قال: فلمّا دنا من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أجلسه بين يديه فقال: يا عليّ أنا مدينة الحكمة وأنت بابها، فمن أتى المدينة من الباب وصل.

ياعليّ أنت بابي الّذي اوتى منه، وأنا باب اللّه، فمن أتاني من سواك لم يصل، ومن أتى [اللّه] سواي لم يصل.

فقال القوم بعضهم لبعض: ما يعني بهذا؟! إسألوا به علينا قرآنا.

قال: فانزل اللّه به قرآنا لَيْسَ الْبِرُّ إلى آخر الآية(2).

5041 - شرح الاخبار: محمد بن الحسن الجعفري، عن جعفر ابن محمّد (عليه السّلام)، عن آبائه ان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال لعلي (عليه السّلام): ياعلي أنا مدينة العلم، وأنت بابها، فمن دخل المدينة من غير بابها فقد أخطأ الطريق(3).

ص:417


1- - تقشّع عنه السحاب: زال وانكشف. (اقرب الموارد).
2- (2) - تفسير فرات الكوفي: ص 63 ح 29. منه البحار: ج 40 ص 203.
3- (3) - شرح الاخبار: ج 1 ص 89 ح 4.

باب (4) الإمام علي عليه السلام شريك رسول اللّه في العلم

5042 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن عبداللّه بن سليمان، عن حمران بن أعين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ جبرئيل (عليه السّلام) أتى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، برمّانتين فأكل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إحداهما وكسر الاخري بنصفين فأكل نصفا وأطعم عليّا (عليه السّلام) نصفا، ثمّ قال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا أخي هل تدري ما هاتان الرمّانتان؟

قال: لا.

قال: أمّا الاولى فالنبوّة، ليس لك فيها نصيب، وأما الأخرى فالعلم أنت شريكي فيه.

فقلت: أصلحك اللّه - كيف كان؟ يكون شريكه فيه؟

قال: لم يعلّم اللّه محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) علما إلاّ وأمره أن يعلّمه عليّا (عليه السّلام)(1).

5043 - بصائر الدرجات: أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي ابن. فضاّل، عن أبي جميلة، عن محمّد الحلبيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان عليّ (عليه السّلام) يعلم كلّ ما يعلم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، ولم يعلّم اللّه رسوله شيئا إلاّ وقد علّمه

ص:418


1- - الكافي: ج 1 ص 263 ح 1.

رسول اللّه أمير المؤمنين (عليه السّلام)(1).

5044 - بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن الحسين، عن الحسن ابن فضال، عن ثعلبة، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه تعالى علّم رسوله القران وعلّمه أشياء سوي ذلك فما علّمه اللّه رسوله فقد علّمه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا (عليه السّلام)(2).

بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن عبدالجبار، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن ثعلبة، عن يعقوب بن شعيب، عن أبى عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

5045 - مناقب آل أبي طالب: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام).

«يمصّون الثماد(4) ويدعون النهر الاعظم».

فسئل عن معنى ذلك؟

فقال: علم النبيّين بأسره أوحاه اللّه إلى محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) فجعل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ذلك كلّه عند عليّ (عليه السّلام)(5).

5046 - بصائر الدرجات: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن يحيى بن أبي حمران، عن يونس، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبداللّه (عليه

ص:419


1- - بصائر الدرجات: ص 312 ح 13. منه البحار: ج 40 ص 209.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 311 ح 9. منه البحار: ج 40 ص 209.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 310 ح 3. منه البحار: ج 40 ص 208.
4- (4) - الثمد - بسكون الميم وفتحها -: الماء القليل الّذي لا مادّ له، وقيل: هو الّذي يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف. وقيل: الثماد: الحفر يكون فيها الماء القليل. السان العرب).
5- (5) - مناقب آل أبي طالب: ت 2 ص 37. منه البحار: ت 40 ص 152.

السّلام) قال: ان اللّه علّم رسوله الحلال والحرام والتأويل وما يحتاج إليه الناس فعلّم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا (عليه السّلام) ذلك كله(1).

5047 - بصائر الدرجات: الحسن بن عليّ بن عبداللّه بن المغيرة، قال: حدثنا عيسى(2) بن هشام الناشريّ قال: حدثنا عبدالكريم، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه علّم رسوله الحلال والحرام والتأويل، وعلّم(3) رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) علمه كلّه عليّا (عليه السّلام)4.

بصائر الدرجات: حدثن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبان، وأحمد، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن أبان، عن أديم أخي أيّوب، عن حمران بن أعين، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):... وذكر نحوه5.

بصائر الدرجات: حدثنا الحسن بن عليّ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن مرازم، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله6

بصائر الدرجات: حدثنا الحسن بن علي بن فضّال، عن عيسى ابن هشام أو غيره، عن أبي سعيد، عن أبي الأعزّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ان اللّه علم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)...

وذكر مثله7.

ص:420


1- - بصائر الدرجات: ص 312 ح 12. منه البحار: ج 40 ص 208.
2- (2) - عبيس - البحار.
3- (3) - فعلم - بصائر الدرجات: ح 8 و 10.

5048 - تفسير العياشي: عن أبي الصباح قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ان اللّه علّم نبيه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) التنزيل والتأويل فعلّمه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عليّا (عليه السّلام)(1).

5049 - تفسير العياشي: عن السكونيّ، عن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، وهو علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(2).

5050 - تأويل الآيات الظاهرة: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) في بعض رسائله: ليس موقف أوقف اللّه سبحانه نبيّه فيه ليشهده ويستشهده إلاّ ومعه أخوه وقرينه وابن عمّه ووصيّه ويؤخذ ميثاقهما معا(3)

[باب (5)] الإمام علي عليه السلام أعلم من الأنبياء

5051 - مختصر بصائر الدرجات: أخبرنا جماعة منهم السيدان المرتضى والمجتبى ابنا الداعي الحسني والاستاذان ابو القاسم وابو جعفر ابنا كميح، عن الشيخ أبي عبداللّه جعفر بن محمّد بن العباس، عن أبيه، عن محمّد بن علي بن الحسين بن موسى، عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه، عن علي بن محمّد بن سعد، عن حمدان بن سليمان

ص:421


1- - تفسير العياشي: ج 1 ص 17 ح 13. منه البحار: ج 92 ص 97.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 15 ح 6. منه البحار: ج 92 ص 96.
3- (3) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 417 ح 9. منه البحار: ج 26 ص 296.

النيشابوري، عن عبداللّه بن محمّد اليماني، عن منبع(1) بن الحجّاج، عن الحسين بن علوان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه تعالى فضّل اولي العزم من الرسل بالعلم على الأنبياء (عليهم السّلام)، وفضّل محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) عليهم، وورّثنا علمهم وفضّلنا عليهم في فضلهم، وعلّم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما لايعلمون، وعلّمنا علم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، فرويناه لشيعتنا فمن قبله منهم فهو أفضلهم، وأينمانكون فشيعتنا معن ما.

وقال (عليه السّلام): يمصّون الرواضع ويدعون(2) النهر العظيم.

فقيل: ما تعني بذلك؟

قال: إنّ اللّه تعالى أوحى إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) علم النبيّين بأسره، وعلّمه اللّه ما لم يعلّمهم، فأسرّ ذلك كلّه إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام).

قيل: فيكون عليّ (عليه السّلام) أعلم أم بعض الأنبياء (عليهم السّلام)؟

فقال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) يفتح مسامع من يشاء، أقول: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حوي علم جميع النبيّين، وعلّمه اللّه ما لم يعلّمهم، وإنّه جعل ذلك كلّه عند عليّ (عليه السّلام)، فتقول [في] عليّ أعلم أم بعض الأنبياء، ثمّ تلا قوله تعالى: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ (3) ثمّ فرّق بين أصابعه ووضعها على صدره وقال: وعندنا واللّه علم الكتاب كلّه(4).

ص:422


1- - صنيع - البحار.
2- (2) - تمصّون الرواضع وتدعون - البحار.
3- (3) - النمل 27:40.
4- (4) - مختصر بصائر الدرجات: ص 108. منه البحار: ج 40 ص 211.

الخرائج والجرائح: بهذا الاسناد نحوه(1).

5052 - بصائر الدرجات: حدثنا إسماعيل بن شعيب، عن علي ابن إسماعيل، عن بعض رجاله قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) لرجل: تمصّون الثماد وتدعون النّهر الاعظم.

فقال له الرّجل: ما تعني بهذا يابن رسول اللّه؟

فقال: علم النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) علم النبيّين بأسره، وأوحى اللّه إلى محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) فجعله محمّد عند عليّ (عليه السّلام).

فقال له الرجل: فعليّ أعلم أو بعض الأنبياء؟

فنظر أبو عبداللّه (عليه السّلام) إلى بعض أصحابه فقال: إنّ اللّه يفتح مسامع من يشاء، أقول له: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) جعل ذلك كلّه عند عليّ (عليه السّلام) فيقول: علي (عليه السّلام) أعلم أو بعض الأنبياء(2).

باب (6) الإمام علي عليه السلام يسأل رسول الله صلّى الله عليه و آله بعد وفاته

5053 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن ابن أبي سعيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام).

قال: لمّا حضر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) الموت دخل

ص:423


1- - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 796 ح 6.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 248 ح 4. منه البحار: ج 26 صه 19.

عليه عليّ (عليه السّلام) فأدخل رأسه ثمّ قال: ياعلي! إذا أنا متّ فغسّلني وكفّنّي ثمّ أقعدني وسلني واكتب(1).

5054 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمد، عن محمد ابن خالد وسعيد بن جناح، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: دعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا (عليه السّلام) حين حضره الموت فأدخل رأسه معه فقال: ياعليّ إذا أنامتّ فغسّلني وكفّنّي، ثمّ أقعدني واسألني واكتب.

وعنه عن الحسين بن سعيد، عن القاسم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن عمر بن أبي شعبة، عن أبان بن تغلب [عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)] مثله(2).

5055 - مناقب آل أبي طالب: أبان بن تغلب والحسين بن معاوية وسليمان الجعفري واسماعيل بن عبداللّه بن جعفر كلّهم عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا حضر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الممات دخل عليه عليّ (عليه السّلام) فأدخل رأسه معه، ثمّ قال.

ياعليّ إذا أنا متّ فغسلني وكفّنّي، ثم أقعدني وسائلني واكتب(3).

5056 - بصائر الدرجات: حدثنا الحسن بن عليّ، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السّلام): إذا أنا متّ فغسّلني فكفّنّي وحنطني ثمّ أقعدني

ص:424


1- - الكافي: ج 1 ص 297 ح 8.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 303 ح 4 و 5. منه البحار: ج 40 ص 213.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 37. منه البحار: ج 40 ص 152.

واسألني واكتب(1).

5057 - بصائر الدرجات: حدثني يعقوب بن يزيد، عن مروك ابن عبيد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السّلام): إذا أنا متّ فاغسلني من بئر غرس، ثمّ أقعدني وسلني عمّا بدا لك(2).

5058 - بصائر الدرجات: أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم، عن علي بن أبي حمزة، عن عمر بن سليمان الجعفيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السّلام): إذا أنا متّ فغسّلني وحنّطني وكفّنّي واقعدني، وما املي عليك فاكتب.

قال: قلت: ففعل؟

قال: نعم(3).

الخرائج والجرائح: الحسن بن علي الزيتوني، عن أحمد بن هلال، عن اسماعيل بن عباد القصري، عن محمّد(4) إبن أبي حمزة، عن سليمان الجعفي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(5).

الخرائج والجرائح: روي سعد بن عبداللّه، عن الحسن بن علي الزيتوني، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله6.

ص:425


1- - بصائر الدرجات: ص 303 ح 6. منه البحار: ج 40 ص 214.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 303 ح 3. منه البحار: ج 40 ص 213.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 304 ح 7.
4- (4) - أحمد - نسخة بدل.
5- (5و6) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 805 ح 14 وص 804 ح 13. منهما البحار: ج 40 ص 214 و ج 22 ص 518.

5059 - بصائر الدرجات: حدثن محمد بن الحسين، عن جعفر ابن بشير وعن الحسن بن علي بن فضّال جميعا، عن مثنّى الحنّاط، وأحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الخزاز وعليّ بن الحكم جميعا عن مثنّى الحنّاط، عن الحسين بن الخزاز(1)، عن الحسين بن معاوية قال.

قال لي جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): دعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عليّا (عليه السّلام) فقال [له]: ياعليّ إذا أنا متّ فاستق ستّ قرب من ماء فإذا استقيت فانق غسلي، وكفّنّي وحنّطني فإذا كفّنتني وحنّطتني فخذني(2) وأجلسني، وضع يدك على صدري وسلني عمّا بدا لك(3).

5060 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن فضيل [بن] سكرة قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك، هل للماء الّذي يغسّل به الميّت حدّ محدود؟

قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال لعليّ (عليه السّلام): إذا أنا متّ فاستق ستّ قرب من ماء بئر غرس فغسّلني وكفّنّي وحنّطني فاذا فرغت من غسلي وكفني فخذ بجوامع كفني وأجلسني ثمّ سلني عمّا شئت، فواللّه لاتسألني عن شيء إلاّ أجبتك فيه(4).

بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن الحسين، عن ابن أبي نصر،

ص:426


1- - عن الحسين الخرّاز - البحار، والظاهر ان الصحيح هو: الحسن بن الخزاز.
2- (2) - فخذ بي - البحار.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 303 ح 2. منه البحار: ج 22 ص 513.
4- (4) - الكافي: ج 1 ص 296 ح 7.

عن فضيل سكرة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه لعليّ (عليه السّلام): اذا أنا متّ... وذكر نحوه(1).

الخرائج والجرائح: روي سعد بن عبداللّه، عن محمّد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن فضيل بن سكرة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ (عليه السّلام): إذا أنا متّ فاستق لي سبع قرب... وذكر نحوه(2).

5061 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن فضيل سكرة قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك هل للماء حدّ محدود؟

قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال لعليّ (صلوات اللّه عليه): إذا أنا متّ فاستق لي ستّ قرب من ماء بئر غرس(3) فغسّلنى وكفّنّي وحنّطني، فإذا فرغت من غسلي وكفني وتحنيطي فخذ بمجامع كفني وأجلسني ثمّ سلني عمّا شئت فواللّه لاتسألني عن شيء إلاّ أجبتك فيه(4).

بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن احمد ابن محمد بن أبي نصر، عن فضيل سكرة قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام):... وذكر نحوه(5).

ص:427


1- - بصائر الدرجات: ص 304 ح 8.
2- (2) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 803 ح 11. منهما البحار: ج 40 ص 214.
3- (3) - بئر غرس - بفتح الغين وسكون الراء والسين -: بئر بالمدينة. السان العرب).
4- (4) - الكافي: ج 3 ص 150 ح 1.
5- (5) - بصائر الدرجات: ص 304 ح 9. منه البحار: ج 22 ص 514.

باب (7) قوله عليه السلام: ((سلوني قبل أن تفقدوني»

5062 - الاختصاص: عليّ بن عبّاس، عن صالح بن حمزة، عن الحسن بن عبداللّه، عن الصادق (عليه السّلام) قال: خطب أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) فقال فيما يقول: أيّها النّاس سلوني قبل أن تفقدوني.

أيّها النّاس أنا قلب اللّه الواعي ولسانه الناطق وأمينه على سرّه وحجّته على خلقه وخليفته على عباده، وعينه الناظرة في بريّته ويده المبسوطة بالرأفة والرّحمة ودينه الّذي لايصدّقني إلاّ من محض الايمان محضا، ولا يكذّبني إلاّ من محض الكفر محضا(1).

5063 - أمالي الطوسي: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال.

حدثنا الفضل بن محمّد بن المسيب أبو محمد البيهقي الشعراني قال.

حدثنا هارون بن عمرو بن عبدالعزيز بن محمد أبو موسى المجاشعي قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: حدثنا أبي أبو عبداللّه (عليه السّلام).

قال المجاشعي: وحدّثناه الرضا علي بن موسى (عليه السّلام)، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبداللّه جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن عليّ (صلوات اللّه عليهم) قال: سلوني عن كتاب اللّه (عزّوجلّ) فواللّه ما نزلت آية منه في ليل أو نهار، ولا مسير ولا مقام، إلاّ وقد أقرأنيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعلّمني تأويلها.

ص:428


1- - الاختصاص: ص 248. منه البحار: ج 26 ص 257.

فقال ابن الكوّا: يا أمير المؤمنين فما كان ينزل عليه وأنت غائب عنه؟

قال: كان يحفظ عليّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما كان ينزل عليه من القران وأنا عنه غائب حتّى أقدم عليه فيقرأنيه ويقول لي: يا عليّ أنزل اللّه عليّ بعدك كذا وكذا، وتأويله كذا وكذا، فيعلّمني تنزيله وتأويله(1).

الاحتجاج: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (صلوات اللّه عليهم) نحوه(2).

5064 - عيون اخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر ابن محمد بن سلم بن البراء الجعابي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيّدي علي ابن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، عن الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال: خطبنا أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) فقال: سلوني عن القرآن اخبركم عن آياته فيمن نزلت، وأين نزلت(3).

باب (8) يهودي يسأل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

5065 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد

ص:429


1- - أمالي الطوسي: ص 523 ح 1158.
2- (2) - الاحتجاج: ص 261. منهما البحار: ج 92 ص 78.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 67 ح 310. منه البحار: ج 92 ص 79.

ابن عبداللّه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين الثقفي، عن صالح بن عقبة، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: لما هلك أبو بكر واستخلف عمر رجع عمر إلى المسجد فقعد فدخل عليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إنّي رجل من اليهود وأنا علاّمتهم وقد أردت أن أسألك عن مسائل إن أجبتني فيها أسلمت.

قال: ماهي؟

قال: ثلاث، وثلاث، وواحدة، فإن شئت سألتك وإن كان في القوم أحد أعلم منك فأرشدني إليه.

قال: عليك بذلك الشابّ - يعني عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) - فاتى عليّا (عليه السّلام) فسأله فقال له: لم قلت: ثلاثا وثلاثا وواحدة؟ ألا قلت سبعا؟

قال: إنّي إذا لجاهل، إن لم تجبني في الثلاث اكتفيت.

قال: فإن أجبتك تسلم؟

قال: نعم.

قال: سل.

قال: أسألك عن أوّل حجر وضع على وجه الارض، وأول عين نبعت، وأوّل شجرة نبتت.

قال (عليه السّلام): يايهودي أنتم تقولون: إنّ أول حجر وضع على وجه الارض: الذي في بيت المقدّس وكذبتم، هو الحجر الّذي نزل به آدم (عليه السّلام) من الجنّة.

قال: صدقت واللّه إنّه لبخطّ هارون وإملاء موسى.

قال: وأنتم تقولون: إنّ أوّل عين نبعت على وجه الارض.

ص:430

العين الّتي ببيت المقدس وكذبتم، هي عين الحماة الّتي غسل فيها يوشع ابن نون السمكة، وهي العين الّتي شرب منها الخضر، وليس يشرب منها أحد إلاّ حيي.

قال: صدقت والله إنّه لبخطّ هارون وإملاء موسى.

قال: وأنتم تقولون: [إن] اوّل شجرة نبتت على وجه الارض الزيتون وكذبتم، هي العجوة الّتي نزل بها ادم من الجنّة معه.

قال: صدقت واللّه إنّه لبخطّ هارون وإملاء موسى.

قال: والثلاث الأخرى: كم لهذه الامّة من إمام هدى لايضرّهم من خذلهم؟

قال: إثنا عشر إماما.

قال: صدقت والله إنّه لبخطّ هارون وإملاء موسى.

قال: فأين يسكن نبيّكم من الجنّة؟

قال: في أعلاها درجة وأشرفها مكانا في جنّة عدن.

قال: صدقت والله إنّه لبخطّ هارون وإملاء موسى.

ثمّ قال: فمن ينزل بعده في منزله؟

قال: إثنا عشر إماما.

قال: صدقت واللّه إنّه لبخطّ هارون وإملاء موسى.

ثمّ قال: السابعة فاسألك كم يعيش وصيّه بعده؟

قال: ثلاثين سنة.

قال: ثمّ مه يموت أو يقتل؟

قال: يقتل [و] يضرب على قرنه فتخضب لحيته.

ص:431

قال: صدقت واللّه إنّه لبخطّ هارون وإملاء موسى(1).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) - إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال:(2) حدثنا سعد بن عبداللّه وذكر الحديث بهذا الاسناد باختلاف يسير وزاد في إكمال الدين في اخر الحديث قوله.

[فأسلم اليهودي](3).

الاحتجاج: عن صالح بن عقبة، عن الصادق (عليه السّلام) قال: لمّا هلك ابو بكر واستخلف عمر... وذكر نحوه وزاد في آخره: ثم أسلم وحسن اسلامه(4).

5066 - إكمال الدين: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبداللّه ومحمد بن يحيي العطّار واحمد ابن ادريس جميعا، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي ويعقوب بن يزيد وابراهيم بن هاشم جميعا، عن ابن فضّال، عن أيمن بن محرز الحضرمي، عن محمّد بن سماعة الكندي، عن إبراهيم بن يحيي المديني(5) عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا بايع الناس عمر بعد موت أبي بكر أتاه رجل من شباب اليهود وهو في المسجد [الحرام] فسلّم عليه والناس حوله فقال: يا أمير المؤمنين دلّني على أعلمكم باللّه وبرسوله وبكتابه وبسنّته.

ص:432


1- - الخصال: ص 476 ح 40.
2- (2) - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) قالا: - إكمال الدين.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 52 ح 19 - إكمال الدين: ص 300 ح 8.
4- (4) - الاحتجاج: ص 226. منها البحار: ج 10 ص 9.
5- (5) - أبي يحيى المدني - البحار، والظاهر انّه هو الصحيح.

فأومأ بيده إلى عليّ (عليه السّلام) فقال: هذا، فتحوّل الرجل إلى عليّ (عليه السّلام) فسأله: أنت كذلك؟

فقال: نعم.

فقال: إنّي أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): أفلا قلت عن سبع؟

فقال اليهوديّ: لا إنّما أسألك عن ثلاث فإن أصبت فيهنّ سألتك عن ثلاث بعدهنّ، وإن لم تصب لم أسألك.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): أخبرني إن أجبتك بالصواب والحقّ تعرف ذلك؟ - وكان الفتى من علماء اليهود وأحبارها، يرون(1)

أنّه من ولد هارون بن عمران أخي موسى (عليه السّلام) - قال: نعم.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السّلام): باللّه الّذي لا إله إلاّ هو إن أجبتك بالحقّ والصواب لتسلمنّ ولتدعنّ اليهوديّة؟

فحلف (له) اليهوديّ وقال: ما جئتك إلاّ مرتادا(2) اريد الا سلام(3).

فقال: ياهارونيّ سل عمّا بدا لك تخبر.

قال: أخبرني عن أوّل شجرة نبتت على وجه الارض، وعن أوّل عين نبعت على وجه الارض؟ وعن اوّل حجر وضع على وجه الأرض؟

ص:433


1- - يروون - البحار.
2- (2) - ارتاد الشيء: طلبه. (أقرب الموارد).
3- (3) - الاّ مرتادا لدين الاسلام - البحار.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السّلام): أما سؤالك عن أوّل شجرة نبتت على وجه الارض فإنّ اليهود يزعمون أنّها الزيتونة وكذبوا [و] إنّما هي النخلة من العجوة(1) هبط بها آدم (عليه السّلام) معه من الجنّة فغرسها، وأصل النخل كلّه منها.

وأمّا قولك عن أول عين نبعت على وجه الارض: فإنّ اليهود يزعمون أنّها العين الّتي ببيت المقدس تحت الحجر وكذبوا، هي عين الحيوان الّتي انتهى موسى وفتاه إليها فغسل فيها السمكة المالحة فحييت وليس من ميّت يصيبه ذلك الاّ حيي، وكان الخضر (عليه السّلام) على مقدّمة ذي القرنين (عليه السّلام) يطلب عين الحياة فوجدها الخضر (عليه السّلام) وشرب منها ولم يجدها ذو القرنين.

وأمّا قولك أوّل حجر وضع على وجه الارض: فإنّ اليهود يزعمون أنّه الحجر الّذي في بيت المقدس وكذبوا، إنّما هو الحجر الاسود، هبط به آدم معه من الجنّة فوضعه في الركن والناس يستلمونه وكان أشدّ بياضا من الثلج فاسودّ من خطايا بني ادم.

قال: فأخبرني كم لهذه الامّة من إمام هدي هادين مهديين لايضرّهم خذلان من خذلهم؟

وأخبرني أين منزل محمّد من الجنّة؟ ومن معه من امّته في الجنّة؟

قال: أمّا قولك: كم لهذه الامّة من إمام هدي هادين مهديّين لايضرّهم خذلان من خذلهم فإنّ لهذه الامّة اثنا عشر إماما هادين مهديّين، لايضرهم خذلان من خذلهم.

وأمّا قولك: أين منزل محمّدفي الجنّة ففي أشرفها وأفضلها جنّة عدن

ص:434


1- - العجوة: ضرب من أجود التمر بالمدينة. (أقرب الموارد).

وأمّا قولك: ومن معه من امّته في الجنّة فهؤلاء الاثنا عشر أئمّة الهدى.

قال الفتى: صدقت فواللّه الّذي لا إله إلاّ هو إنّه لمكتوب عندي بإملاء موسى وخطّ هارون بيده.

قال: أخبرني كم يعيش وصيّ محمّد [من] بعده؟ وهل يموت موتا أو يقتل قتلا؟

فقال له عليّ (عليه السّلام): ويحك يايهوديّ أنا وصيّ محمّد، أعيش بعده ثلاثين سنة لا أزيد يوما ولا أنقص يوما، ثمّ يبعث أشقاها شقيق عاقر ناقة ثمود فيضربني ضربة هاهنا في مفرقى فتخضب منها لحيتي. ثمّ بكى (عليه السّلام) بكاء شديدا.

قال: فصرخ الفتى وقطع كستيجه(1) وقال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه وأنّك وصيّ رسول اللّه.

قال أبو جعفر العبديّ - يرفعه - قال: هذا الرجل اليهوديّ أقرّ له من بالمدينة أنّه أعلمهم وان أباه كان كذلك فيهم(2).

5067 - غيبة الطوسي: أخبرنى جماعة، عن عدّة من أصحابنا، عن محمد بن يعقوب [الكليني]، عن محمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، ومحمّد ابن الحسين، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدنيّ، عن أبي هارون العبديّ، عن أبي سعيد الخدريّ قال: كنت حاضرا لمّا هلك أبو بكر

ص:435


1- - الكستيج: خيط غليظ بقدر الاصبع من الصوف يشدّه الذميّون فوق ثيابهم. (أقرب الموارد).
2- (2) - إكمال الدين: ص 297 ح 5. منه البحار: ج 36 ص 374.

واستخلف عمر أقبل يهوديّ من عظماء يثرب يزعم يهود المدينة أنّه أعلم أهل زمانه حتّى رفع إلى عمر فقال له: ياعمر إنّي جئتك أريد الإسلام فإن خبّرتني عمّا أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب هذا الكتاب والسنّة وجميع ما اريد أن أسأل عنه.

قال: فقال له عمر: إنّي لست هناك لكنّي ارشدك إلى من هو أعلم امّتنا بالكتاب والسنّة وجميع ما قد تسأل عنه وهو ذاك - وأومأ إلى عليّ (عليه السّلام) -.

فقال له اليهوديّ: ياعمر إن كان هذا كما تقول فما لك وبيعة الناس وإنّما ذاك أعلمكم؟

فزبره عمر(1).

ثمّ إنّ اليهوديّ قام إلى عليّ (عليه السّلام) فقال: أنت كما ذكر عمر؟

فقال: وما قال عمر؟ فأخبره.

قال: فإن كنت كما قال عمر سألتك عن أشياء أريد أن أعلم هل يعلمها أحد منكم فأعلم أنّكم في دعواكم خير الامم وأعلمها صادقون، ومع ذلك أدخل في دينكم الإسلام.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): نعم أنا كما ذكر لك عمر، سل عمّا بدا لك اخبرك عنه إن شاء اللّه تعالى.

قال: أخبرني عن ثلاثة وثلاثة وواحدة.

قال له عليّ (عليه السّلام): يايهوديّ لم لم تقل: أخبرني عن سبع؟

ص:436


1- - زبره: انتهره. (المنجد).

فقال اليهوديّ: إنّك إن أخبرتني بالثلاث سألتك عن الثلاث وإلاّ كففت وإن أجبتني في هذه السبع فأنت اعلم أهل الارض وأفضلهم وأولى الناس بالناس.

فقال: سل عمّا بدا لك يايهوديّ.

قال: أخبرني عن أوّل حجر وضع على وجه الأرض؟ وأول شجرة غرست على وجه الارض؟ وأوّل عين نبعت على وجه الارض؟

فأخبره أمير المؤمنين (عليه السّلام).

ثمّ قال له اليهوديّ: فأخبرني عن هذه الامّة كم لها من إمام هدي؟ وأخبرني عن نبيّكم محمّد أين منزله في الجنّة؟ وأخبرني من معه في الجنّة؟

فقال له أمير المؤمنين (عليه السّلام): إنّ لهذه الامّة اثني عشر إمام هدى من ذرّيّة نبيّها، وهم منّي.

وأمّا منزل نبيّنا (صلّى اللّه عليه وآله) فى الجنّة فهو أفضلها وأشرفها جنّة عدن.

وأمّا من معه في منزله منها فهؤلاء الاثنا عشر من ذرّيّته، وامّهم وجدّتهم - امّ امّهم - وذراريهم لايشركهم فيها أحد(1).

اعلام الورى: روى محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) ومحمد بن الحسين، عن ابراهيم بن أبي يحيى المديني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: كنت حا ضرا... وذكر نحوه(2).

ص:437


1- - غيبة الطوسي: ص 97.
2- (2) - اعلام الورى: ص 387. منهما البحار: ج 36 ص 380 و 381.

5068 - إرشاد القلوب: بحذف الاسناد مرفوعا الصادق (عليه السّلام) قال: لما بايع الناس عمر بعد وفاة أبي بكر أتاه رجل من شبان اليهود وهو في مسجد فسلّم عليه والناس حوله فقال: ياعمر دلّني على أعلمكم باللّه وبرسوله وبكتابه وسنته؟ فأومأ إلى علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فتحول الرجل إليه وسأله: أنت كذلك؟

قال: نعم.

فقال: انّي أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة.

فقال: أفلا قلت عن سبع؟

قال اليهودي: لا إنما أسألك عن ثلاث فان أصبت فيهن سألتك عن ثلاث بعدها وإن لم تصب لم أسألك.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): أخبرني إذا أجبتك بالصواب والحق وتعرف(1) ذلك؟ وكان الفتى من علماء اليهود وأحبارهم يرون أنه من ولد هارون أخي موسى بن عمران (عليه السّلام).

فقال: نعم.

قال أمير المؤمنين: بالذي لا إله إلاّ هو لئن أجبتك بالصواب والحق لتسلمن وتدع اليهودية؟

فحلف له وقال: ما جئتك إلاّ مرتادا أريد الاسلام.

فقال: ياهاروني سل عمّا بدا لك تخبر إن شاء اللّه تعالى.

قال اليهودي: أخبرني عن أول شجرة نبتت على وجه الأرض وعن أول عين نبعت في الارض وعن أول حجر وضع على وجه الارض؟

ص:438


1- - والحق تعرف - البحار.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): أمّا أوّل شجرة نبتت على وجه الأرض فإنّ أهل الارض يزعمون أنها الزّيتون وقد كذبوا إنما هي النخلة وهي العجوة هبط بها آدم (عليه السّلام) من الجنة فغرسها وأصل النخل كلّه منها.

وأمّا أوّل عين نبعت على وجه الأرض فان اليهود يزعمون أنها العين التي في بيت المقدس تحت الحجر وكذبوا إنما هي عين الحياة التي انتهى موسى وفتاه إليها فغسلا فيها السمكة المالحة فحييت وليس من ميت يصيبه ذلك الماء إلّا حيي وكان الخضر (عليه السّلام) شرب منها ولم يجدها ذو القرنين.

وأمّا أوّل حجر وضع على وجه الارض فان اليهود يزعمون أنه الحجر الذي في بيت المقدس وكذبوا إنما هو الحجر الاسود وهبط به آدم (عليه السّلام) من الجنة فوضعه على الركن والناس يستلمونه وكان أشد بياضا من الثلج فاسودّ من خطايا ابن آدم.

قال اليهودي: فأخبرني كم لهذه الامّة من إمام هدى هادين مهديين لايضرّهم خذلان من خذلهم، وأين منزل محمّد من الجنّة، ومن معه من امّته في الجنّة؟

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): أما قولك كم لهذه الأمّة من امام هدى وأين منزل محمّد في الجنّة ومن معه من امّته في الجنة، فإن أئمة الهدى اثنا عشر، وأما منزل محمّد ففي أشرف الجنان وأفضلها جنة عدن، وأما الذين معه فالائمّة الاثنا عشر أئمّة الهدى.

قال الفتى: صدقت، فواللّه الذي لا إله إلّا هو إنه لمكتوب عندي بإملاء موسى وخطّ هارون بيده، ثم قال: فأخبرني كم يعيش وصي

ص:439

محمّد بعده وهل يموت موتا أو يقتل قتلا؟

قال علي (عليه السّلام): ويحك أنا وصيّ محمّد أعيش بعده ثلاثين سنة لا أزيد يوما ولا أنقص يوما ثم يبعث أشقاها شقيق عاقر ناقة صالح فيضربني ضربة في فرقى فتخضب منه لحيتي. ثم بكى (عليه السّلام) بكاء شديدا.

قال: فصرخ الفتى وقطع كستيجة وقال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأن محمدا رسول اللّه. وانّك وصيّه وخليفته وهاد الامّة ومحيي السنة من بعده والحمد للّه ربّ العالمين(1).

البحار - بيان: قوله (عليه السّلام): «تعرف ذلك» أي تصدّق وتقربه.

قوله (عليه السّلام): «لاازيد يوما» أقول: ليس هذا في أكثر الروايات ويشكل تصحيحه لعدم اتحاد يومي وفاتهما (صلوات اللّه عليهما). ويمكن أن يقال، بناء الثلاثين على التقريب.

5069 - إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن محمد بن عيسى، عن عبدالرحمن بن أبي هاشم، عن أبي يحيى المديني، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: جاء يهوديّ إلى عمر يسأله عن مسائل فأرشده إلى علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ليسأله فقال [له] عليّ (عليه السّلام): سل.

فقال: أخبرني كم يكون بعد نبيّكم من إمام عدل؟ وفي أيّ جنّة هو؟ ومن يسكن معه في جنّته؟

فقال له عليّ (عليه السّلام): يا هارونيّ لمحمّد (صلّى اللّه عليه

ص:440


1- - إرشاد القلوب: ص 319. منه البحار: ج 30 ص 95.

وآله) بعده اثنا عشر إماما عدلا، لايضرّهم خذلان من خذلهم ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم، أثبت في دين اللّه من الجبال الرواسي، ومنزل محمّد في جنّة عدن، والّذين يسكنون معه هؤلاء الاثنا عشر.

فأسلم الرجل وقال: أنت أولى بهذا المجلس من هذا، أنت الّذي تفوق ولاتفاق وتعلو ولا تعلى(1).

5070 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا الحسين بن محمد الأشنانيّ الرازيّ العدل ببلخ قال: حدثنا عليّ بن مهرويه القزوينيّ قال: حدثنا داود بن سليمان الفرّاء قال: حدثنا عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ (عليهم السّلام) قال: إنّ يهوديّا سأل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فقال: أخبرني عمّا ليس للّه، وعمّا ليس عند اللّه، وعمّا لايعلمه اللّه؟

فقال عليّ (عليه السّلام): أمّا ما لايعلمه اللّه فهو قولكم يامعشر اليهود: إنّ عزيرا ابن اللّه، واللّه تعالى لايعلم له ولدا.

وأمّا قولك: ما ليس للّه فليس للّه شريك.

وأمّا قولك: ما ليس عند اللّه تعالى فليس عند اللّه ظلم للعباد.

فقال اليهوديّ: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة(3) عن

ص:441


1- - إكمال الدين: ص 300 ح 7. منه البحار: ج 36 ص 380.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 141 ح 40.
3- (3) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.

الرضا (عليه السّلام)، عن آبائه نحوه(1).

صحيفة الامام الرض (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) نحوه(2).

5071 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام قال: حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيداللّه المنصوري قال: حدثني عم أبي، قال: حدثني الامام علي بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: قال سيّدنا الصادق (عليه السّلام): سمعت أبي يحدث، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام).

أنّ يهوديّا جاء إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فقال: أخبرني عمّا ليس للّه، وعمّا ليس عند اللّه، وعمّا لا يعلمه اللّه؟

فقال: أمّا ما لايعلمه اللّه، فلا يعلم أنّ له ولدا تكذيبا لكم حيث قلتم: عزير ابن اللّه.

وأما قولك: ما ليس للّه، فليس للّه شريك.

وأمّا قولك: ما ليس عند اللّه، فليس عند اللّه ظلم للعباد.

فقال اليهوديّ: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وأشهد أنّك الحقّ، ومن أهل الحقّ، وقلت الحقّ، وأسلم على يده(3).

ص:442


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 46 ح 172.
2- (2) - صحيفة الامام الرضا: ص 259 ح 193. منهما البحار: ج 10 ص 11.
3- (3) - أمالي الطوسي: ص 275 ح 527. منه البحار: ج 10 ص 11.

[باب (9)] طبيب يوناني يسأل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

5072 - الاحتجاج: حدثني السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي ابن أبي حرب الحسيني المرعشي (رضي اللّه عنه) قال: حدثني الشيخ الصدوق أبو عبداللّه جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي (رحمة اللّه عليه) قال: حدثني أبي محمد بن أحمد قال: حدثني الشيخ السعيد أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال.

حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم المفسّر الاسترآبادي قال: حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبو الحسن علي بن محمّد بن سيّار وكانا من الشيعة الامامية قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السّلام) قال: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي بن الحسين زين العابدين (عليه السّلام) أنه قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) قاعدا ذات يوم، فأقبل إليه رجل من اليونانيين المدّعين للفلسفة والطب، فقال له: يا أبا الحسن بلغني خبر صاحبك وأنّ به جنونا، جئت لاعالجه فلحقته قد مضى لسبيله، وفاتني ما أردت من ذلك، وقد قيل لي أنك ابن عمّه وصهره وأرى بك صفارا قد علاك، وساقين دقيقين، ولمّا أراهما تقلاّنك، فأمّا الصفار فعندي دواؤه، وأمّا الساقان الدقيقان فلا حيلة لي لتغليظهما، والوجه أن ترفق بنفسك في المشي تقلله ولا تكثره، وفيما تحمله على ظهرك وتحتضنه بصدرك، أن تقلّلهما ولا تكثرهما فان ساقيك دقيقان لايؤمن عند حمل ثقيل انقصافهما(1)

ص:443


1- - انقصف الشيء: انكسر. (أقرب الموارد).

وأمّا الصفار فدواؤه عندي وهو هذا، وأخرج دواءه وقال: هذا لايؤذيك ولا يخيسك ولكنه تلزمك حمية من اللّحم أربعين صباحا ثم يزيل صفارك.

فقال له علي بن أبي طالب (عليه السّلام): قد ذكرت نفع هذا الدواء لصفاري فهل تعرف شيئا يزيد فيه ويضرّه؟

فقال الرجل: بلى حبة من هذا - وأشار إلى دواء معه - وقال: إن تناوله إنسان وبه صفار أماته من ساعته، وإن كان لاصفار به صار به صفار حتى يموت في يومه.

فقال علي (عليه السّلام): فأرني هذا الضار، فأعطاه إياه.

فقال له: كم قدر هذا؟

قال: قدره مثقالين، سمّ ناقع، قدر كل حبة منه يقتل رجلا...

فتناوله علي (عليه السّلام) فقمحه(1) وعرق عرقا خفيفا، وجعل الرجل يرتعد ويقول في نفسه: الآن اوخذ بابن أبي طالب، ويقال.

قتلته ولا يقبل منّي قولي إنّه هو الجاني على نفسه.

فتبسم علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وقال: ياعبداللّه أصحّ ما كنت بدنا الآن، لم يضرني ما زعمت أنه سم.

ثم قال: فغمّض عينيك، فغمض، ثم قال: افتح عينيك ففتح، ونظر إلى وجه علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فإذا هو أبيض أحمر مشرب حمرة فارتعد الرجل لما رآه وتبسم عليّ (عليه السّلام) وقال.

أين الصفار الذي زعمت أنه بي.

فقال: واللّه لكأنك لست من رأيت أمن] قبل كنت مصفرّا،

ص:444


1- - قمح السويق: استفّه، اذا اخذته في راحتك الى فيك. (أقرب الموارد).

فأنت الآن موّرد.

فقال عليّ (عليه السّلام): فزال عنّي الصفار [بسمّك] الذي تزعم أنه قاتلي.

وأمّا ساقاي هاتان ومدّ رجليه وكشف عن ساقيه، فإنّك زعمت أنّي أحتاج إلى أن أرفق ببدني في حمل ما أحمل عليه، لئلا ينقصف الساقان، وأنا أريك أن طب اللّه (عزّوجلّ) على خلاف طبك، وضرب بيده إلى اسطوانة خشب عظيمة، على رأسها سطح مجلسه الذي هو فيه، وفوقه حجرتان، إحداهما فوق الأخرى وحركها فاحتملها، فارتفع السطح والحيطان وفوقهما الغرفتان.

فغشي على اليوناني.

فقال علي (عليه السّلام): صبّوا عليه ماء، فصبّوا عليه ماء فأفاق وهو يقول: واللّه ما رأيت كاليوم عجبا.

فقال له علي (عليه السّلام): هذه قوّة الساقين الدقيقين واحتمالهما أفي طبك هذا يا يوناني؟

فقال اليوناني: أمثلك كان محمّد؟

فقال علي (عليه السّلام): وهل علمي إلا من علمه، وعقلي إلا من عقله، وقوتي إلا من قوته، ولقد أتاه ثقفى وكان أطبّ العرب، فقال له: إن كان بك جنون داويتك؟

فقال له محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أتحب أن أريك آية تعلم بها غناي من طبك وحاجتك إلى طبي؟

قال: نعم.

قال: أي آية تريد؟

ص:445

قال: تدعو ذلك العذق - وأشار إلى نخلة سحوق(1) - فدعاه، فانقلع أصلها من الارض وهي تخد الارض خدا حتى وقفت بين يديه.

فقال له: أكفاك؟

قال: لا.

قال: فتريد ماذا؟

قال: تأمرها أن ترجع إلى حيث جاءت منه، وتستقرّ في مقرّها الذي انقلعت منه.

فامرها، فرجعت، واستقرّت في مقرّها.

فقال اليوناني - لأمير المؤمنين (عليه السّلام) -: هذا الذي تذكره عن محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) غائب عني، وأنا اريد أن أقتصر منك على أقل من ذلك، أتباعد عنك، فادعني وأنا لا أختار الاجابة، فان جئت بي إليك فهي آية.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): إنما يكون آية لك وحدك، لانك تعلم من نفسك أنك لم ترده، وأني أزلت اختيارك من غير أن باشرت مني شيئا، أو ممن أمرته بأن يباشرك، أو ممن قصد إلى اختيارك وإن لم امره، إلّا ما يكون من قدرة اللّه القاهرة، وأنت - يايوناني - يمكنك أن تدّعي ويمكن غيرك أن يقول: أنّي واطأتك على ذلك، فاقترح إن كنت مقترحا ما هو آية لجميع العالمين.

قال له اليوناني: إن جعلت الاقتراح إليّ فأنا أقترح: أن تفصل

ص:446


1- - السحوق من النخل: الطويلة، يقال: نخلة سحوق ونخيل سحق. (أقرب الموارد).

أجزاء تلك النخلة، وتفرقها وتباعد ما بينها، ثم تجمعها وتعيدها كما كانت.

فقال علي (عليه السّلام): هذه آية وأنت رسولي إليها - يعني إلى النخلة - فقل لها: إنّ وصيّ محمّد رسول اللّه يأمر أجزاءك: أن تتفرق وتتباعد.

فذهب فقال لها ذلك، فتفاصلت، وتهافتت، وتنثرت، وتصاغرت أجزاؤها حتى لم ير لها عين ولا أثر، حتى كأن لم تكن هناك نخلة قط.

فارتعدت فرائص اليوناني وقال: ياوصي محمّد رسول اللّه، قد أعطيتني اقتراحي الاول، فأعطني الآخر، فأمرها أن تجتمع وتعود كما كانت.

فقال: أنت رسولي إليها فعد فقل لها: يا أجزاء النخلة إن وصي محمّد رسول اللّه يأمرك أن تجتمعي كما كنت وأن تعودي.

فنادى اليوناني فقال ذلك، فارتفعت في الهواء كهيئة الهباء المنثور، ثم جعلت تجتمع جزء جزء منها، حتى تصور لها القضبان، والأوراق، واصول السعف وشماريخ الاعذاق، ثم تألّفت، وتجمعت، وتركبت، واستطالت، وعرضت، واستقر أصلها في مقرها، وتمكن عليها ساقها، وتركب على الساق قضبانها، وعلى القضبان أوراقها، وفي أمكنتها أعذاقها، وكانت في الابتداء شماريخها متجردة لبعدها من أوان الرطب، والبسر، والخلال.

فقال اليوناني: واخرى احبّ أن تخرج شماريخها أخلالها، وتقلبها من خضرة إلى صفرة وحمرة، وترطيب وبلوغ، لتأكل

ص:447

وتطعمني ومن حضرك منها.

فقال علي (عليه السّلام): أنت رسولي إليها بذلك، فمرها به.

فقال لها اليوناني ما أمره أمير المؤمنين (عليه السّلام) فأخلّت، وأبسرت، واصفرت واحمرت، وترطبت، وثقلت أعذاقها برطبها.

فقال اليوناني: واخرى احبّها أن تقرب من بين يدي اعذاقها، أو تطول يدي لتنالها، وأحب شيء إليّ: أن تنزل إليّ إحداهما، وتطول يدي إلى الاخرى التي هي اختها.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): مدّ اليد التي تريد أن تنالها وقل: يامقرّب البعيد قرب يدي منها، واقبض الأخرى التي تريد أن ينزل العذق إليها وقل: يا مسهّل العسير سهل لي تناول ما يبعد عني منها.

ففعل ذلك فقاله، فطالت يمناه فوصلت الى العذق، وانحطت الاعذاق الأخر فسقطت على الارض وقد طالت عراجينها.

ثم قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): إنك إن أكلت منها ولم تؤمن بمن أظهر لك من عجائبها، عجل اللّه (عزّوجلّ) إليك من العقوبة التي يبتليك بها ما يعتبر به عقلاء خلقه وجهّاله.

فقال اليوناني: إنّي إن كفرت بعد ما رأيت فقد بالغت في العناد، وتناهيت في التعرض للهلاك، أشهد أنك من خاصة اللّه، صادق في جميع أقاويلك عن اللّه فأمرني بما تشاء اطعك.

قال علي (عليه السّلام): آمرك: أن تقرّ للّه بالوحدانية، وتشهد له بالجود والحكمة وتنزهّه عن العبث والفساد، وعن ظلم الإماء والعباد، وتشهد أنّ محمّدا - الذي أنا وصيّه - سيد الانام، وأفضل رتبة

ص:448

في دار السلام، وتشهد أنّ عليّا - الذي أراك ما أراك، وأولاك من النعم ما أولاك - خير خلق اللّه بعد محمّد رسول اللّه، وأحق خلق اللّه بمقام محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بعده، وبالقيام بشرايعه وأحكامه، وتشهد أنّ أولياءه أولياء اللّه، وأعداءه أعداء اللّه، وأنّ المؤمنين المشاركين لك فيما كلّفتك، المساعدين لك على ما أمرتك به، خير امة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، وصفوة شيعة علي.

وآمرك: أن تواسي إخوانك المطابقين لك على تصديق محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وتصديقي والانقياد له ولي، مما رزقك اللّه وفضّلك على من فضلك به منهم، تسدّ فاقتهم، وتجبر كسرهم وخلّتهم، ومن كان منهم في درجتك في الإيمان ساويته من مالك بنفسك، ومن كان منهم فاضلا عليك في دينك آثرته بمالك على نفسك، حتى يعلم اللّه منك أن دينه آثر عندك من مالك، وأن أولياءه أكرم عليك من أهلك وعيالك.

وآمرك: أن تصون دينك، وعلمنا الذي أودعناك، وأسرارنا التي حملناك ولا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد، ويقابلك من أهلها بالشتم، واللعن، والتناول من العرض والبدن، ولا تفش سرّنا إلى من يشنع علينا، وعن الجاهلين بأحوالنا، ولا تعرض أولياءنا لبوادر الجهال.

وآمرك: أن تستعمل التّقية في دينك، فان اللّه (عزّوجلّ) يقول.

لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْ ءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً (1) وقد أذنت لك في تفضيل أعدائنا إن لجأك الخوف إليه وفي إظهار البراءة منّا إن حملك

ص:449


1- - آل عمران 3:28.

الوجل عليه، وفي ترك الصّلاة المكنونات إن خشيت على حشاشتك(1)

الآفات والعاهات، فان تفضيلك أعداءنا علينا عند خوفك لاينفعهم ولا يضرنا، وإن إظهارك براءتك منا عند تقيّتك لايقدح فينا ولا ينقصنا، ولان تبرأت منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك لتبقي على نفسك روحها التي بها قوامها، ومالها الذي به قيامها، وجاهها الذي به تماسكها، وتصون من عرف بذلك وعرفت به من أوليائنا وإخواننا من بعد ذلك بشهور وسنين إلى أن يفرّج اللّه تلك الكربة، وتزول به تلك الغمة، فإن ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك، وتنقطع به عن عمل الدين وصلاح إخوانك المؤمنين، وإيّاك ثم إيّاك أن تترك التقية التي أمرتك بها، فإنّك شائط بدمك(2) ودم إخوانك، معرض لنعمتك ونعمهم على الزوال مذل لك ولهم في أيدي أعداء دين اللّه، وقد امرك اللّه باعزازهم، فانك إن خالفت وصيتي كان ضررك على نفسك وإخوانك أشد من ضرر المناصب لنا، الكافر بنا(3).

[باب (10)] شاميّ يسأل الإمام (أمير المؤمنين عليه السلام

5073 - علل الشرايع: حدثنا أبو الحسن محمد بن عمر(4) بن علي

ص:450


1- - الحشاش - بالضم -: بقية الروح في المريض - (أقرب الموارد).
2- (2) - شاط دمه: ذهب وبطل. وأشاط بدمه: اهدره، وقيل: عمل في هلاكه، وقيل: عرّضه للقتل. (أقرب الموارد).
3- (3) - الاحتجاج: ص 235. منه البحار: ج 10 ص 70.
4- (4) - محمد بن عمرو - عيون أخبار الرضا - الخصال.

ابن عبداللّه البصري، قال: حدثنا أبو عبداللّه محمد بن عبداللّه بن أحمد بن جبلة الواعظ قال: حدثنا أبو القاسم عبداللّه بن أحمد بن عامر الطائي [قال: حدثنا أبي] قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد قال: حدثنا أبي محمد بن علي، قال: حدثنا أبي علي بن الحسين قال: حدثنا أبي الحسين بن عليّ (عليهم السّلام) قال.

كان عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين إنّي أسألك عن أشياء.

فقال: سل تفقّها ولا تسأل تعنّتا.

فأحدق الناس بأبصارهم.

فقال: أخبرني عن أوّل ما خلق اللّه (تبارك وتعالى)؟

فقال: خلق النور.

قال: فممّ خلق السّماوات؟

قال: من بخار الماء.

قال: فممّ خلق الارض؟

قال: من زبد الماء.

قال: فممّ خلقت الجبال؟

قال: من الامواج.

قال: فلم سمّيت مكة امّ القرى؟

قال: لأنّ الأرض دحيت من تحتها.

وسأله عن سماء الدّنيا ممّا هي؟

قال: من موج مكفوف.

ص:451

وسأله عن طول الشمس والقمر وعرضهما؟

قال: تسعمائة فرسخ في تسعمائة فرسخ.

وسأله كم طول الكوكب وعرضه؟

قال: اثنا عشر فرسخا في اثني عشر فرسخا.

وسأله عن ألوان السّماوات السّبع وأسمائها؟

فقال له: اسم السّماء الدّنيا: رفيع، وهي من ماء ودخان، واسم السّماء الثانية: قيدوم، وهي على لون النحاس، والسّماء الثالثة اسمها: المادون وهي على لون الشبه، والسّماء الرابعة اسمها: ارفلون وهي على لون الفضّة، و السّماء الخامسة اسمها: هيعون وهي على لون الذهب، والسّماء السادسة اسمها: عروس، وهي ياقوتة خضراء، والسماء السابعة اسمها: عجماء، وهي درّة بيضاء.

وسأله عن الثور ما باله غاضّ طرفه ولا يرفع رأسه إلى السماء؟

قال: حياء من اللّه (عزّوجلّ)، لمّا عبد قوم موسى العجل نكس رأسه(1).

وسأله عن المدّ والجزر ما هما؟

قال: ملك موكل بالبحار يقال له: رومان فإذا وضع قدميه في البحر فاض وإذا أخرجهما غاض.

وسأله عن اسم أبي الجنّ؟

فقال: شومان وهو الّذي خلق من مارج من نار.

ص:452


1- - وزاد في العيون: وسأله عمن جمع بين الأختين فقال (عليه السّلام): يعقوب بن اسحاق جمع بين حبار وراحيل فحرم بعد ذلك فانزل: وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ سورة النساء 4:23.

وسأله: هل بعث اللّه (عزّوجلّ) نبيّا إلى الجنّ؟

فقال: نعم بعث إليهم نبيّا يقال له: يوسف فدعاهم إلى اللّه فقتلوه.

وسأله عن اسم إبليس ما كان في السّماء؟

فقال: كان اسمه: الحارث.

وسأله: لم سمّي آدم آدم؟

قال: لأنّه خلق من أديم الارض.

وسأله: لم صار الميراث للذكر مثل حظّ الانثيين؟

فقال: من قبل السّنبلة، كان عليها ثلاث حبّات فبادرت إليها حوّاء فأكلت منها حبّة، وأطعمت آدم حبّتين، فمن أجل ذلك ورث الذكر مثل حظّ الانثيين(1).

ص:453


1- - أقول: ذكر في بعض الاحاديث العلة التي من أجلها صار أرث الذكر ضعف إرث الأنثى ونحن نذكر بعضها ليتضح أنّ هذا الحديث وأمثاله ينبغي أن نردّ علمه الى أهله، او أن نقول: لعلّ الإمام (عليه السّلام) أجاب السائل بقدر علمه وفهمه و إدراكه. وإليك بعض تلك الأحاديث. 1 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس بن عبدالرحمن، عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) قال: قلت له: جعلت فداك كيف صار الرجل إذا مات - وولده من القرابة سواء - ترث النساء نصف ميراث الرجال وهنّ أضعف من الرجال وأقلّ حيلة؟ فقال: لانّ اللّه (عزّوجلّ) فضّل الرجال على النساء بدرجة ولانّ النساء يرجعن عيالا على الرجال / الكافي: ج 7 ص 84 ح 1. 2 - من لايحضره الفقيه: كتب الرضا (عليه السّلام) إلى محمّد بن سنان فيما كتب

وسأله: من خلق اللّه (عزّوجلّ) من الأنبياء مختونا؟

فقال: خلق [اللّه] آدم مختونا، وولد شيث مختونا، وإدريس، ونوح(1)، و إبراهيم، وداود، وسليمان، ولوط، و إسماعيل، وموسى، وعيسى، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وعليهم أجمعين).

وسأله: كم كان عمر آدم؟

فقال: تسعمائة سنة وثلاثين سنة.

وسأله عن أوّل من قال الشعر؟

فقال: آدم؟

قال: وما كان شعره؟

ص:454


1- (1) - وزاد في العيون - وسام بن نوح.

قال: لمّا انزل إلى الارض من السّماء فرأى تربتها وسعتها وهواها وقتل قابيل هابيل قال آدم.

تغيّرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبرّ قبيح

تغيّر كلّ ذي لون وطعم وقلّ بشاشة الوجه المليح(1)

فاجابه إبليس (لعنه اللّه).

تنحّ عن البلاد وساكنيها ففي الفردوس ضاق بك الفسيح

وكنت بها وزوجك في قرار وقلبك من أذى الدّنيا مريح

فلم تنفك من كيدي ومكري إلى أن فاتك الثمن الربيح(2)

فلولا رحمة الجبّار أضحى بكفّك من جنان الخلد ريح(3)

وسأله: كم حجّ آدم من حجّة؟

فقال له: ثلاثين حجّة(4) ماشيا على قدميه، وأوّل حجّة حجّها كان معه الصرد، يدلّه على مواضع الماء، وخرج معه من الجنّة، وقد نهي عن أكل الصرد والخطاف.

ص:455


1- - وزاد في العيون: اري طول الحياة عليّ غمّا وهل انا من حياتي مستريح ومالي لا اجود بسكب دمع وهابيل تضمنه الضريح قتل قابيل هابيلا اخاه فواحزني لقد فقد المليح
2- (2) - وزاد في العيون: وبدل اهلها اثلا وخمطا بحبّات وابواب منيح
3- (3) - وزاد في العيون: وسأله عن بكاء آدم على الجنّة وكم كانت دموعه التي جرت من عينيه؟ فقال (عليه السّلام): بكى مائة سنة.... إلى اخره.
4- (4) - سبعين حجّة - عيون أخبار الرضا.

وسأله: ما باله لايمشي [على الأرض]؟

قال: لأنّه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاما يبكي عليه، ولم يزل يبكي مع آدم (عليه السّلام)، فمن هناك سكن البيوت ومعه تسع آيات من كتاب اللّه (عزّوجلّ) ممّا كان آدم يقرؤها في الجنّة، وهي معه إلى يوم القيامة: ثلاث آيات من أوّل الكهف، وثلاث آيات من سبحان [وهي] وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ (1) وثلاث آيات من يس.

وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا (2).

وسأله: عن أوّل من كفر وأنشأ الكفر؟

فقال: إبليس (لعنه اللّه).

وسأله عن اسم نوح ما كان؟

فقال: كان اسمه: السكن، وإنّما سمّي نوحا لانّه ناح على قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاما.

وسأله عن سفينة نوح (عليه السّلام) ما كان عرضها وطولها؟

فقال: كان طولها ثمانمائة ذراع، وعرضها خمسمائة ذراع، وارتفاعها في السّماء ثمانون ذراعا.

ثمّ جلس الرجل، وقام إليه آخر، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن أوّل شجرة غرست في الارض؟

فقال: العوسجة ومنها عصا موسى.

وسأله عن أوّل شجرة نبتت في الأرض؟

فقال: هي الدّبا وهو القرع.

ص:456


1- - الاسراء 17:45-47.
2- (2) - يس 36:9-11.

وسأله عن أوّل من حجّ من أهل السّماء؟

فقال [له]: جبرئيل.

وسأله عن أول بقعة بسطت من الارض أيّام الطوفان؟

فقال له: موضع الكعبة وكان زبرجدة خضراء.

وسأله عن أكرم واد على وجه الارض؟

فقال [له]: واد يقال له: سرنديب، سقط فيه آدم من السّماء.

وسأله عن شرّ واد على وجه الارض؟

فقال: واد باليمن يقال له: برهوت، وهو من أودية جهنّم.

وسأله عن سجن سار بصاحبه؟

فقال: الحوت سار بيونس بن متى.

وسأله عن ستّة لم يركضوا في رحم؟

فقال: ادم، وحوّاء، وكبش إبراهيم، وعصا موسى، وناقة صالح، والخفّاش الّذي عمله عيسى بن مريم وطار بإذن اللّه (عزّوجلّ).

وسأله عن شيء مكذوب عليه ليس من الجنّ ولا من الإنس؟

فقال: الذئب الّذي كذب عليه إخوة يوسف.

وسأله عن شيء أوحى اللّه (عزّوجلّ) إليه ليس من الجنّ ولا من الإنس.

فقال: أوحى اللّه (عزّوجلّ) إلى النحل(1).

وسأله عن موضع طلعت عليه الشمس ساعة من النهار ولا تطلع

ص:457


1- - وزاد في العيون: وسأله عن أطهر موضع على وجه الارض لاتحل الصّلاة فيه؟ فقال له: ظهر الكعبة.

عليه أبدا؟

قال: ذلك البحر حين فلقه اللّه (عزّوجلّ) لموسى فأصابت أرضه الشمس، واطبق عليه الماء فلن تصيبه الشمس.

وسأله عن شيء شرب وهو حيّ، وأكل وهو ميّت؟

فقال: تلك عصا موسى.

وسأله عن نذير أنذر قومه ليس من الجنّ ولا من الإنس؟

فقال: هي النملة.

وسأله عن أوّل من أمر بالختان؟

قال: إبراهيم.

وسأله عن أوّل من خفض من النساء.

فقال: هاجر امّ إسماعيل خفضتها سارة لتخرج من يمينها.

وسأله عن أوّل امرأة جرّت ذيلها؟

فقال: هاجر لمّا هربت من سارة.

وسأله عن أوّل من جرّ ذيله من الرجال؟

فقال: قارون.

وسأله عن أوّل من لبس النعلين؟

فقال: إبراهيم.

وسأله عن أكرم الناس نسبا؟

فقال: صدّيق اللّه يوسف بن يعقوب إسرائيل اللّه، ابن إسحاق ذبيح اللّه، ابن إبراهيم خليل اللّه.

وسأله عن ستّة من الأنبياء لهم اسمان؟

فقال: يوشع بن نون وهو ذو الكفل، ويعقوب وهو إسرائيل، والخضر وهو ارميا، ويونس وهو ذو النون، وعيسى وهو المسيح،

ص:458

ومحمّد وهو أحمد (صلوات اللّه عليهم).

وسأله عن شيء تنفّس ليس له لحم ولادم؟

فقال: ذاك الصبح إذا تنفّس.

وسأله عن خمسة من الأنبياء تكلّموا بالعربيّة؟

فقال: هود، وشعيب، وصالح، وإسماعيل، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وعليهم).

ثمّ جلس وقام رجل آخر فسأله وتعنّته فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن قول اللّه (عزّوجلّ): يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ * وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ (1) من هم؟

فقال: قابيل يفرّ من هابيل، والّذي يفرّ من امّه: موسى، والّذي يفرّ من أبيه: إبراهيم، والّذي يفرّ من صاحبته: لوط، والّذي يفرّ من ابنه: نوح يفرّ من ابنه كنعان.

وسأله عن أوّل من مات فجأة؟

فقال: داود مات على منبره يوم الاربعاء.

وسأله عن أربعة لايشبعن من أربعة؟

فقال: أرض من مطر، وانثى من ذكر، وعين من نظر، وعالم من علم.

وسأله عن أوّل من وضع سكك الدنانير والدراهم؟

فقال: نمرود بن كنعان بعد نوح.

وسأله عن أوّل من عمل عمل قوم لوط؟

فقال: إبليس فإنّه أمكن من نفسه.

ص:459


1- - عبس 80:34-36.

وسأله عن معنى هدير الحمام الراعبيّة؟

فقال: تدعو على أهل المعازف والقينات والمزامير والعيدان.

وسأله عن كنية البراق؟

فقال: يكنّى أبا هلال.

وساله لم سمّي تبّع تبّعا؟

قال: [لأنّه] كان غلاما كاتبا فكان يكتب لملك كان قبله، فكان إذا كتب كتب: بسم اللّه الّذي خلق صبحا وريحا.

فقال الملك: اكتب وابدأ باسم ملك الرعد.

فقال: لا أبدأ إلاّ باسم إلهي، ثمّ اعطف على حاجتك، فشكر اللّه (عزّوجلّ) له ذلك، وأعطاه ملك ذلك الملك فتابعه الناس على ذلك فسمّي تبّعا.

وسأله: ما بال الماعز مفرقعة الذنب، بادية الحياء والعورة؟

فقال: لانّ الماعز عصت نوحا لمّا أدخلها السفينة فدفعها فكسر ذنبها، والنعجة مستورة الحياء والعورة لأنّ النعجة بادرت بالدخول إلى السفينة فمسح نوح يده على حياها وذنبها فاستوت الألية.

وسأله عن كلام أهل الجنّة؟

فقال: كلام أهل الجنّة بالعربيّة.

وسأله عن كلام أهل النار؟

فقال: بالمجوسيّة.

ثمّ قال أمير المؤمنين (عليه السّلام):(1) النوم على أربعة أصناف.

ص:460


1- - وسأله عن النوم على كم وجه هو؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) - عيون أخبار الرضا.

الأنبياء تنام على أقفيتها مستلقية وأعينها لاتنام متوقّعة لوحي ربّها، والمؤمن ينام على يمينه مستقبل القبلة، والملوك وأبناؤها تنام على شمالها ليستمرؤوا ما يأكلون، وإبليس وإخوانه وكلّ مجنون وذي عاهة ينام على وجهه منبطحا.

ثمّ قام إليه رجل آخر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الاربعاء، وتطيّرنا منه، وثقله، وأيّ أربعاء هو؟

قال: اخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الاربعاء ألقي إبراهيم في النار، ويوم الاربعاء وضعوه في المنجنيق، ويوم الأربعاء غرّق اللّه (عزّوجلّ) فرعون، ويوم الأربعاء جعل اللّه عاليها سافلها، ويوم الاربعاء أرسل اللّه (عزّوجلّ) الريح على قوم عاد، ويوم الأربعاء أصبحت كالصريم ويوم الأربعاء سلّط اللّه على نمرود البقّة، ويوم الأربعاء طلب فرعون موسى ليقتله، ويوم الاربعاء خرّ عليهم السقف من فوقهم، ويوم الاربعاء أمر فرعون بذبح الغلمان، ويوم الاربعاء خرب بيت المقدس، ويوم الاربعاء احرق مسجد سليمان بن داود بإصطخر من كورة فارس، ويوم الاربعاء قتل يحيى بن زكريّا، ويوم الاربعاء أظلّ قوم فرعون أوّل العذاب، ويوم الأربعاء خسف اللّه بقارون، ويوم الأربعاء ابتلي أيّوب بذهاب ماله وولده، ويوم الاربعاء أدخل يوسف السجن، ويوم الاربعاء قال اللّه (عزّوجلّ): أَنّا دَمَّرْناهُمْ وَ قَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (1) ويوم الاربعاء أخذتهم الصيحة، ويوم الاربعاء عقرت الناقة، ويوم الأربعاء امطر عليهم حجارة من سجّيل، ويوم الاربعاء شجّ وجه النبيّ (صلّى اللّه عليه

ص:461


1- - النمل 27:51.

وآله) وكسرت رباعيته، ويوم الاربعاء أخذت العماليق التابوت.

وسأله عن الأيّأم وما يجوز فيها من العمل؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): يوم السبت يوم مكر وخديعة، ويوم الاحد يوم غرس وبناء، ويوم الاثنين يوم سفر وطلب، ويوم الثلاثاء يوم حرب ودم(1)، ويوم الاربعاء يوم شؤم فيه يتطيّر الناس، ويوم الخميس يوم الدخول على الامراء وقضاء الحوائج، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح(2).

عيون اخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الاسناد نحوه(3).

الخصال: بهذا الاسناد قال: حدثنا الحسين بن علي (عليه السّلام) قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الاربعاء والتطيّر منه... وذكر نحوه إلى قوله: ويوم الأربعاء اخذت العماليق التابوت(4).

وفيه بهذا الاسناد قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): يوم السبت يوم مكر وخديعة... وذكر مثله(5).

البحار - بيان: قوله: «بشاشة الوجه المليح» لعلّ رفع المليح للقطع بالمدح، ويمكن أن يقرء بشاشة بالنصب على التمييز.

ص:462


1- - ويوم الاثنين يوم حرب ودم، ويوم الثلاثاء يوم سفر وطلب - عيون أخبار الرضا.
2- (2) - علل الشرائع: ص 593 ح 44.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 240 ح 1. منهما البحار: ج 10 ص 75.
4- (4) - الخصال: ص 388 ح 78. منه البحار: ج 59 ص 41.
5- (5) - الخصال: ص 384 ح 62. منه البحار: ج 59 ص 23.

قوله: «ما باله لايمشي» أي الخطّاف. وقال الجوهريّ: العوسج.

ضرب من الشوك، الواحدة عوسجة. وقال الفيروزآباديّ: رعبت الحمامة رفعت هديلها وشدّدته.

قوله: «مفرقعة الذنب» قال الفيروزآباديّ: فرقع فلانا: لوّى عنقه، والافرنقاع عن الشيء: الانكشاف عنه والتنحّي.

أقول: وفي بعض النسخ: معرقبة الذنب أي مقطوعة، وفي بعضها: مرفوعة الذنب وهو أظهر.

والحياء - بالمدّ -: الفرج من ذوات الخفّ والظلف والسباع وقد يقصّر، وبطحه كمنعه: ألقاه على وجهه فانبطح.

باب (11) يهوديّان يسألان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

5074 - التوحيد: حدثنا أحمد بن الحسن القطّان وعلي بن أحمد ابن محمد بن عمران الدقاق (رحمه اللّه) قالا: حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا بكر بن عبداللّه بن حبيب قال: حدثني محمد بن عبيداللّه قال: حدثني علي بن الحكم قال: حدثنا عبدالرحمن بن اسود، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: كان لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) صديقان يهوديّان قد آمنا بموسى رسول اللّه وأتيا محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) وسمعا منه، وقد كانا قرءا التوراة وصحف إبراهيم وموسى (عليهما السّلام) وعلما علم الكتب الاولى فلمّا قبض اللّه (تبارك وتعالى) رسوله (صلّى اللّه عليه وآله) أقبلا يسألان عن صاحب الامر بعده وقالا: إنّه لم يمت نبيّ قطّ إلاّ وله

ص:463

خليفة يقوم بالامر في امّته من بعده، قريب القرابة إليه من أهل بيته، عظيم الخطر(1)، جليل الشأن.

فقال أحدهما لصاحبه: هل تعرف صاحب الامر من بعد هذا النبيّ؟

قال الآخر: لا أعلمه إلاّ بالصفة الّتي أجدها في التوراة هو الاصلع المصفّر فإنّه كان أقرب القوم من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

فلمّا دخلا المدينة وسألا عن الخليفة ارشدا إلى أبي بكر، فلمّا نظرا إليه قالا: ليس هذا صاحبنا، ثمّ قالا له: ما قرابتك من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

قال: إنّي رجل من عشيرته، وهو زوج ابنتي عائشة.

قالا: هل غير هذا؟

قال: لا.

قالا: ليست هذه بقرابة، فأخبرنا اين ربّك؟

قال: فوق سبع سماوات.

قالا: هل غير هذا؟

قال: لا.

قالا: دلّنا على من هو أعلم منك، فإنك أنت لست بالرجل الّذي نجد في التوراة أنّه وصيّ هذا النبيّ وخليفته؟

قال: فتغيّظ من قولهما، وهمّ بهما، ثمّ أرشدهما إلى عمر، وذلك أنّه عرف من عمر أنّهما إنّ استقبلاه بشيء بطش بهما، فلمّا أتياه

ص:464


1- - عظيم القدر - البحار.

قالا: ما قرابتك من هذا النبيّ.

قال: أنا من عشيرته، وهو زوج ابنتي حفصة.

قالا: هل غير هذا؟

قال: لا.

قالا: ليست هذه بقرابة وليست هذه الصفة الّتي نجدها في التوراة، ثمّ قالا له: فأين ربّك؟

قال: فوق سبع سماوات.

قالا: هل غير هذا؟

قال: لا.

قالا: دلّنا على من هو أعلم منك فأرشدهما إلى عليّ (عليه السّلام) فل فل فلمّا جاءاه فنظرا إليه قال أحدهما لصاحبه: إنّه الرجل الّذي نجد صفته في التوراة، إنّه وصيّ هذا النبيّ، وخليفته و زوج ابنته، وأبو السبطين والقائم بالحقّ من بعده.

ثمّ قالا لعليّ (عليه السّلام): أيّها الرجل ما قرابتك من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

قال: هو أخي وأنا وارثه ووصيّه، وأوّل من آمن به، وأنا زوج ابنته فاطمة.

قالا له: هذه القرابة الفاخرة والمنزلة القريبة، وهذه الصفة الّتي نجدها في التوراة.

ثم قالا له: فأين ربّك (عزّوجلّ)؟.

قال لهما عليّ (عليه السّلام): إن شئتما أنبأتكما بالّذي كان على عهد نبيّكما موسى (عليه السّلام)، وإن شئتما أنبأتكما بالّذي كان على

ص:465

عهد نبيّنا محمّد (صلّى اللّه عليه وآله).

قالا: أنبئنا بالّذي كان على عهد نبيّنا موسى.

قال عليّ (عليه السّلام): أقبل أربعة أملاك: ملك من المشرق، وملك من المغرب، وملك من السّماء، وملك من الارض، فقال صاحب المشرق لصاحب المغرب: من أين أقبلت؟

قال: أقبلت من عند ربّي، وقال صاحب المغرب لصاحب المشرق: من أين أقبلت؟

قال: أقبلت من عند ربّي، وقال النازل من السّماء للخارج من الارض: من أين أقبلت؟

قال: أقبلت من عند ربّي، وقال الخارج من الارض للنازل من السّماء: من أين أقبلت؟

قال: أقبلت من عند ربّى فهذا ما كان على عهد نبيكما موسى.

وأمّا ما كان على عهد نبيّنا فذلك قوله في محكم كتابه: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا (1) الآية.

قال اليهوديّان: فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك في موضعك الّذي أنت أهله؟ فوالّذي أنزل التوراة على موسى إنّك لانت الخليفة حقّا، نجد صفتك في كتبنا ونقرؤه في كنائسنا، وإنّك لانت أحقّ بهذا الامر وأولى به ممّن قد غلبك عليه.

فقال علي (عليه السّلام): قدّما وأخّرا وحسابهما على

ص:466


1- - المجادلة 58:7.

اللّه (عزّوجلّ) يوقفان ويسألان(1).

باب (12) يهودي آخر يسأل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عن أفضلية رسول اللّه صلّى الله عليه و آله على سائر الأنبياء

5075 - الاحتجاج: روي عن موسى بن جعفر (عليهما السّلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ (عليه السّلام) قال.

انّ يهوديّا من يهود الشام وأحبارهم كان قد قرأ التوراة والإنجيل والزبور وصحف الأنبياء (عليهم السّلام) وعرف دلائلهم جاء إلى مجلس فيه أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وفيهم عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وابن عبّاس وابن مسعود وأبو سعيد الجهنيّ (2)، فقال: يا امّة محمّد ما تركتم لنبيّ درجة ولا لمرسل فضيلة إلاّ انحلتموها نبيّكم، فهل تجيبوني عمّا أسألكم عنه؟ فكاع(3) القوم عنه.

فقال عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): نعم ما أعطى اللّه (عزّوجلّ) نبيّا درجة ولا مرسلا فضلة إلاّ وقد جمعها لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) وزاد محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) على الأنبياء أضعافا مضاعفة.

ص:467


1- - التوحيد: ص 180 ح 15. منه البحار: ج 3 ص 224.
2- (2) - ابو معبد الجهني - البحار.
3- (3) كاع عنه: جبن عنه وهابه، والعامة تقول «كعي عنه» أي عجز. (المنجد).

فقال له اليهوديّ: فهل انت مجيبني؟

قال له: نعم، سأذكر لك اليوم من فضائل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما يقرّ اللّه به أعين المؤمنين، ويكون فيه إزالة لشك الشاكين في فضائله.

إنّه (عليه الصلاة والسّلام) كان إذا ذكر لنفسه فضيلة قال.

ولا فخر، وأنا أذكر لك فضائله غير مزر بالأنبياء ولا منتقص لهم، ولكن شكرا للّه (عزّوجلّ) على ما أعطى محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) مثل ما أعطاهم، وما زاده اللّه وما فضّله عليهم.

قال له اليهوديّ: إنّي أسألك فأعدّ له جوابا.

فقال له عليّ (عليه السّلام): هات.

قال [له] اليهوديّ: هذا آدم أسجد اللّه له ملائكته، فهل فعل لمحمّد شيئا من هذا؟

فقال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، [ولئن] أسجد اللّه لآدم ملائكته فإنّ سجودهم له لم يكن سجود طاعة وانّهم عبدوا آدم من دون اللّه (عزّوجلّ)، ولكن اعترافا [لآدم] بالفضيلة ورحمة من اللّه له، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) اعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ اللّه تعالى صلّى عليه في جبروته، والملائكة باجمعها، وتعبّد المؤمنين بالصّلاة عليه، فهذه زيادة [له] يا يهوديّ.

قال له اليهوديّ: فإنّ آدم تاب اللّه عليه [من] بعد خطيئته.

قال له عليّ (عليه السّلام) لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) نزل فيه ما هو أكبر من هذا من غير ذنب أتى، قال اللّه

ص:468

(عزّوجلّ): لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ (1) إنّ محمّدا غير مواف [في] يوم القيامة بوزر ولا مطلوب فيها بذنب.

قال [له] اليهوديّ: فإنّ هذا إدريس رفعه اللّه (عزّوجلّ) مكانا عليّا وأطعمه من تحف الجنّة بعد وفاته؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ اللّه (جلّ ثناؤه) قال فيه.

وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (2) فكفى بهذا من اللّه رفعة، ولئن اطعم إدريس من تحف الجنّة بعد وفاته فإنّ محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) اطعم في الدّنيا في حياته، بينما يتضوّر جوعا(3) فأتاه جبرئيل بجام من الجنّة فيه تحفة، فهلّل الجام وهلّلت التحفة في يده وسبّحا وكبّرا وحمدا، فناولها أهل بيته ففعل الجام مثل ذلك، فهمّ أن يناولها بعض أصحابه فتناولها جبرئيل وقال له: كلها فإنّها تحفة من الجنّة أتحفك اللّه بها، وإنّها لاتصلح إلاّ لنبيّ أو وصيّ نبيّ، فاكل منها (صلّى اللّه عليه وآله) وأكلنا معه، وإنّي لاجد حلاوتها ساعتي هذه.

قال [له] اليهوديّ: فهذا نوح صبر في ذات اللّه (عزّوجلّ) وأعذر قومه إذ كذّب؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) صبر في ذات اللّه فأعذر قومه إذ كذّب وشرد وحصب(4)

ص:469


1- - الفتح 48:2.
2- (2) - الشرح 94:4.
3- (3) - تضّور الرجل: تأوّى من وجع الضرب وقيل من الجوع. (أقرب الموارد).
4- (4) - حصب حصبا: رماه بالحصباء، والحصباء جمع حصبة وهي: الحصى. (المنجد).

بالحصى وعلاه أبو لهب بسلا(1) ناقة وشاة، فأوحى اللّه (تبارك وتعالى) إلى جابيل ملك الجبال: أن شقّ الجبال، وانته إلى أمر محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)، فأتاه فقال [له]: إنّي [قد] أمرت لك بالطاعة، فإن أمرت أن أطبق عليهم الجبال فأهلكتهم بها.

قال (صلّى اللّه عليه وآله): «إنّما بعثت رحمة، ربّ اهد امّتي فإنّهم لايعلمون».

ويحك يا يهوديّ إنّ نوحا لمّا شاهد غرق قومه رقّ عليهم رقّة القرابة وأظهر عليهم شفقة، فقال: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي (2) فقال اللّه (تبارك وتعالى اسمه): إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ 3

أراد (جلّ ذكره) أن يسلّيه بذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا غلبت عليه من قومه المعاندة شهر عليهم سيف النقمة ولم تدركه فيهم رقّة القرابة، ولم ينظر إليهم بعين رحمة.

فقال [له] اليهوديّ: فإنّ نوحا دعا ربّه فهطلت له السماء بماء منهمر(3).

قال له (عليه السّلام): لقد كان كذلك وكانت دعوته دعوة غضب، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) هطلت له السماء بماء منهمر رحمة، وذلك إنّه (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا هاجر إلى المدينة أتاه أهلها في يوم جمعة، فقالوا له: يا رسول اللّه احتبس القطر، واصفرّ العود،

ص:470


1- - السلا: الجلدة الرّقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي تنزع من وجه الفصيل ساعة يولد والاّ قتلته. (مجمع البحرين).
2- (2و3) - هود 11:45 و 46.
3- (4) - انهمر الماء: إنسكب وسال. (أقرب الموارد).

وتهافت(1) الورق، فرفع يده المباركة حتّى رئي بياض إبطه، وما ترى في السّماء سحابة، فما برح حتّى سقاهم اللّه، حتّى أنّ الشابّ المعجب بشبابه لهمّته(2) نفسه في الرجوع إلى منزله فما يقدر على ذلك من شدّة السيل، فدام اسبوعا، فأتوه في الجمعة الثانية فقالوا: يارسول اللّه [لقد] تهدّمت الجدر، واحتبس الركب والسفر، فضحك (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وقال: هذه سرعة ملالة ابن آدم، ثمّ قال: «اللهمّ حوالينا ولا علينا، اللهمّ في أصول الشيح ومراتع البقع» فرئي حوالي المدينة المطر يقطر قطرا، وما يقع في المدينة قطرة لكرامته (صلّى اللّه عليه وآله) على اللّه (عزّوجلّ).

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا هود قد انتصر اللّه له من أعدائه بالريح، فهل فعل لمحمّد شيئا من هذا؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أعطى ما هو أفضل من هذا، إنّ اللّه (عزّ وجلّ ذكره) قد انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق إذ أرسل عليهم ريحا تذرو الحصى، وجنودا لم يروها، فزاد اللّه (تبارك وتعالى) محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) على هود بثمانية الاف ملك، وفضّله على هود بأنّ ريح عاد ريح سخط، وريح محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ريح رحمة، قال اللّه (تبارك وتعالى): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها (3).

ص:471


1- - التهافت: التساقط شيئا بعد شيء. (أقرب الموارد).
2- (2) - همّ بالشيء همّا: نواه وأراده وعزم عليه وقصده ولم يفعله. (أقرب الموارد). والمعنى انه لم يستطع ان يرجع الى منزله لشدة السيل.
3- (3) - الاحزاب 33:9.

قال له اليهوديّ: فهذا صالح أخرج اللّه له ناقة جعلها لقومه عبرة؟

قال عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (عليه وآله السلام) اعطي ما هو أفضل من ذلك، إنّ ناقة صالح لم تكلّم صالحا ولم تناطقه ولم تشهد له بالنبوّة، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) بينما نحن معه في بعض غزواته إذا هو ببعير قد دنا ثمّ رغا(1) فأنطقه اللّه (عزّوجلّ) فقال: يارسول اللّه إنّ فلانا استعملني حتّى كبرت ويريد نحري، فأنا أستعيذ بك منه، فأرسل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى صاحبه فاستوهبه منه فوهبه له وخلّاه، ولقد كنّا معه فإذا نحن بأعرابيّ معه ناقة له يسوقها وقد استسلم للقطع لما زوّر عليه من الشهود، فنطقت [له] الناقة فقالت: يارسول اللّه إنّ فلانا منّي برييء، وإنّ الشهود يشهدون عليه بالزور، وإنّ سارقي فلان اليهوديّ.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا إبراهيم قد تيقّظ بالاعتبار على معرفة اللّه تعالى، وأحاطت دلالته بعلم الإيمان [به].

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، واعطي محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أفضل منه، [قد تيقّظ بالاعتبار على معرفة اللّه تعالى وأحاطت دلالته(2) بعلم الإيمان به]، وتيقّظ إبراهيم وهو ابن خمسة عشر سنة، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) كان ابن سبع سنين، قدم تجّار من النصارى فنزلوا بتجارتهم بين الصفا والمروة، فنظر إليه

ص:472


1- - رغا البعير: صوّت فضجّ. (أقرب الموارد).
2- (2) - وفي نسخة: دلائله.

بعضهم فعرفه بصفته ورفعته(1) وخبر مبعثه وآياته (صلّى اللّه عليه وآله).

فقالوا [له]: يا غلام ما اسمك؟

قال: محمّد.

قالوا: ما اسم أبيك؟

قال: عبداللّه.

قالوا: ما اسم هذه؟ - وأشاروا بأيديهم إلى الارض -.

قال: الأرض.

قالوا: فما اسم هذه؟ - وأشاروا بأيديهم إلى السّماء -.

قال: السّماء.

قالوا: فمن ربّهما؟

قال: اللّه.

ثمّ انتهرهم وقال: أتشككونني في اللّه (عزّوجلّ)؟! ويحك يا يهوديّ لقد تيقّظ بالاعتبار على معرفة اللّه (عزّوجلّ) مع كفر قومه إذ هو بينهم يستقسمون بالأزلام ويعبدون الاوثان، وهو يقول: لا إله إلاّ اللّه.

قال له اليهوديّ: فإنّ إبراهيم حجب عن نمرود بحجب ثلاثة؟

قال عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) حجب عمّن أراد قتله بحجب خمس، فثلاثة بثلاثة، واثنان فضل: قال اللّه (عزّوجلّ) وهو يصف أمر محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) [فقال]: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا فهذا الحجاب الاوّل وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فهذا الحجاب الثاني فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ

ص:473


1- - ونعته - البحار.

لا يُبْصِرُونَ (1) فهذا الحجاب الثالث، ثمّ قال: وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً (2) فهذا الحجاب الرابع، ثمّ قال: فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (3) فهذه حجب خمسة.

قال له اليهوديّ: فإنّ إبراهيم قد بهت الّذي كفر ببرهان نبوّته؟

قال [له] عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أتاه مكذّب بالبعث بعد الموت وهو ابيّ بن خلف الجمحيّ، معه عظم نخر ففركه(4) ثمّ قال: يا محمّد مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ فأنطق [اللّه] محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) بمحكم آياته وبهته ببرهان نبوّته، فقال: يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (5) فانصرف مبهوتا.

قال له اليهوديّ: فهذا إبراهيم جذّ(6) أصنام قومه غضبا لله (عزوجل).

ص:474


1- - يس 36:9.
2- (2) - الاسراء 17:45.
3- (3) - يس 36:8. وقوله تعالى: فَهُمْ مُقْمَحُونَ أي رافعون رؤوسهم مع غضّ أبصارهم، لأنّ الاغلال إلى الأذقان فلا تخليه يطأطيء رأسه، فلا يزال مقمحا. (مجمع البحرين).
4- (4) - نخر العظم: بلي وتفتّت - وفرك الثوب: دلكه، وفركه عن الثوب: حكه. (أقرب الموارد).
5- (5) - يس 36:78 و 79.
6- (6) - جذ الشيء الصلب: كسره وقطعه مستأصلا. (أقرب الموارد).

قال [له] عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) قد نكس عن الكعبة ثلاثمائة وستّين صنما، ونفاها عن جزيرة العرب، وأذلّ من عبدها بالسّيف.

قال له اليهوديّ: فإنّ [هذا] إبراهيم قد أضجع ولده وتلّه(1)

للجبين.

فقال [له] عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك ولقد أعطي إبراهيم (عليه السّلام) بعد الاضطجاع الفداء، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) اصيب بأفجع منه فجيعة، إنّه وقف على عمّه حمزة أسد اللّه وأسد رسوله، وناصر دينه، وقد فرّق بين روحه وجسده، فلم يبيّن عليه حرقة، ولم يفض عليه عبرة، ولم ينظر إلى موضعه من قلبه وقلوب أهل بيته، ليرضي اللّه (عزّوجلّ) بصبره ويستسلم لأمره في جميع الفعال، وقال (صلّى اللّه عليه وآله): لولا أن تحزن صفيّة لتركته حتّى يحشر من بطون السباع وحواصل الطير، ولولا أن يكون سنّة بعدي لفعلت ذلك.

قال له اليهوديّ: فإنّ إبراهيم قد أسلمه قومه إلى الحريق فصبر فجعل اللّه (عزّوجلّ) [النار] عليه بردا وسلاما، فهل فعل بمحمّد شيئا من ذلك؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا نزل بخيبر سمّته الخيبريّة فصيّر اللّه السمّ في جوفه بردا وسلاما إلى منتهى أجله، فالسمّ يحرق إذا استقرّ في الجوف، كما أنّ النار تحرق، فهذا من قدرته لاتنكره.

ص:475


1- - تلّه: صرعه. (أقرب الموارد).

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا يعقوب أعظم في الخير نصيبا، إذ جعل الاسباط من سلالة صلبه، ومريم ابنة عمران من بناته.

قال [له] عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أعظم في الخير نصيبا [منه] إذ جعل فاطمة سيّدة نساء العالمين من بناته والحسن والحسين من حفدته.

قال له اليهوديّ: فإنّ يعقوب قد صبر على فراق ولده حتّى كاد يحرض(1) من الحزن.

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، [وكان] حزن يعقوب حزنا بعده تلاق، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) قبض ولده إبراهيم قرّة عينه في حياته منه، وخصّه بالاختيار ليعلم له الادّخار، فقال (صلّى اللّه عليه وآله): «يحزن النفس، ويجزع القلب، وإنّا عليك يا إبراهيم لمحزونون ولا نقول ما يسخط الربّ» في كلّ ذلك يؤثر الرضا عن اللّه (عزّ ذكره) والاستسلام له في جميع الفعال.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا يوسف قاسى مرارة الفرقة، وحبس في السجن توقّيا للمعصية، فالقي في الجبّ وحيدا؟

قال له علي (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) قاسى مرارة الغربة، وفراق الأهل والأولاد والمال مهاجرا من حرم اللّه تعالى وأمنه فلمّا رأى اللّه (عزّوجلّ) كآبته واستشعاره الحزن أراه (تبارك وتعالى اسمه) رؤيا توازي رؤيا يوسف في تأويلها، وأبان للعالمين صدق تحقيقها، فقال: لَقَدْ صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا

ص:476


1- - الحرض: المشرف على الهلاك. حرض: فسد بدنه وصار ساقطا لايقدر على النهوض. (اقرب الموارد). ولعلّ المعنى أنّه صار مريضا للغاية.

بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ (1) ولئن كان يوسف حبس في السجن فلقد حبس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) نفسه في الشعب ثلاثة سنين، وقطع منه أقاربه وذوو الرحم، والجأوه إلى أضيق المضيق، ولقد كادهم اللّه (عزّ ذكره) له كيدا مستبينا، إذ بعث أضعف خلقه فأكل عهدهم الّذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه. ولئن كان يوسف القي في الجبّ فلقد حبس محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) نفسه مخافة عدوّه في الغار، حتّى قال لصاحبه: لاتحزن إنّ اللّه معنا، ومدحه [اللّه] إليه بذلك في كتابه.

فقال له اليهوديّ: فهذا موسى بن عمران آتاه اللّه التوراة الّتي فيها حكمه؟

قال له علي (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) اعطي ما هو أفضل منه، أعطي محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) سورة البقرة والمائدة با لإنجيل، وطواسين وطه ونصف المفصّل والحواميم بالتوراة، وأعطي نصف المفصّل والتسابيح بالزبور، وأعطي سورة بني إسرائيل وبراءة بصحف إبراهيم و [صحف] موسى، وزاد اللّه (عزّ ذكره) محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) السبع الطوال، وفاتحة الكتاب وهي السبع المثاني والقرآن العظيم وأعطي الكتاب والحكمة.

قال له اليهوديّ: فإنّ موسى ناجاه اللّه (عزّوجلّ) على طور سيناء؟

فقال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ولقد أوحى اللّه (عزّوجلّ) إلى محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) عند سدرة المنتهى، فمقامه

ص:477


1- - الفتح 48:27.

في السّماء محمود، وعند منتهى العرش مذكور.

قال [له] اليهوديّ: فلقد ألقى اللّه على موسى بن عمران محبّة منه؟

قال [له] عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ولقد أعطى اللّه محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) ما هو أفضل منه، لقد ألقى اللّه (عزّوجلّ) عليه محبّة منه، فمن هذا الّذي يشركه في هذا الاسم إذ تمّ من اللّه (عزّوجلّ) به الشهادة فلا تتمّ الشهادة إلاّ أن يقال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه، ينادي به على المنابر، فلا يرفع صوت بذكر اللّه (عزّوجلّ) إلاّ رفع بذكر محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) معه.

قال له اليهوديّ: فلقد أوحى اللّه إلى امّ موسى لفضل منزلة موسى عند اللّه (عزّوجلّ)؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ولقد لطف اللّه (جلّ ثناؤه) لامّ محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) بأن أوصل إليها اسمه حتّى قالت: أشهد والعالمون أنّ محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) رسول اللّه منتظر، وشهد الملائكة على الأنبياء أنّهم أثبتوه في الاسفار، وبلطف من اللّه (عزّوجلّ) ساقه إليها وأوصل إليها اسمه لفضل منزلته عنده حتّى رأت في المنام أنّه قيل لها: إنّما في بطنك سيّد فإذا ولدته فسمّيه محمّدا، فاشتقّ اللّه له اسما من أسمائه، فاللّه محمود وهذا محمّد (صلّى اللّه عليه وآله).

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا موسى بن عمران قد أرسله اللّه إلى فرعون وأراه الآية الكبرى؟

ص:478

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ارسل إلى فراعنة شتّى، مثل أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة، وأبي البختريّ، والنضر بن الحارث وابيّ بن خلف، ومنبّه ونبيه ابني الحجّاج، وإلى الخمسة المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزوميّ، والعاص بن وائل السهميّ، والاسود بن عبد يغوث الزهريّ، والاسود بن المطّلب، والحارث بن أبي الطلالة(1) فاراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبين لهم أنّه الحقّ.

قال له اليهوديّ: لقد انتقم اللّه لموسى من فرعون؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ولقد انتقم اللّه (جلّ اسمه) لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) من الفراعنة، فأمّا المستهزؤون فقد قال اللّه تعالى: إِنّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (2) فقتل اللّه خمستهم، كلّ واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد.

فأما الوليد بن المغيرة فمرّ بنبل لرجل من خزاعة قد راشّه ووضعه في الطريق فأصابه شظيّة منه فانقطع أكحله حتّى أدماه فمات وهو يقول: قتلني ربّ محمّد.

وأمّا العاص بن وائل السهمي فإنّه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده(3) تحته حجر فسقط فتقطّع قطعة قطعة فمات وهو يقول: قتلنى ربّ محمّد.

وأمّا الأسود بن عبد يغوث فإنّه خرج يستقبل ابنه زمعة فاستظلّ

ص:479


1- - الحارث بن الطلاطلة - البحار. وكذا في المورد الآتي.
2- (2) - الحجر 15:95.
3- (3) - تدهده الحجر: تدحرج. (أقرب الموارد).

بشجرة فأتاه جبرئيل فاخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع هذا عنّي.

فقال: ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلّا نفسك، فقتله وهو يقول.

قتلني ربّ محمّد.

وأمّا الأسود بن الحارث(1) فإن النبي (صلّى اللّه عليه وآله) دعا عليه أن يعمي الله بصره وأن يثكله ولده، فلمّا كان في ذلك اليوم خرج حتّى صار إلى موضع [ف] أتاه جبرئيل بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي وبقي حتّى أثكله اللّه (عزّوجلّ) ولده.

وأمّا الحارث بن أبي الطلالة فإنّه خرج من بيته في السّموم فتحوّل حبشيّا فرجع إلى أهله فقال: أنا الحارث فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول: قتلني ربّ محمّد.

وروي أنّ الاسود بن الحارث أكل حوتا مالحا فأصابه غلبة العطش فلم يزل يشرب الماء حتّى انشقّ بطنه فمات وهو يقول: قتلني ربّ محمّد.

كلّ ذلك في ساعة واحدة، وذلك أنّهم كانوا بين يدي رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) فقالوا له: يا محمّد ننتظر بك إلى الظهر فإن رجعت عن قولك وإلّا قتلناك، فدخل النبي (صلّى الله عليه وآله) منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم، فاتاه جبرئيل عن اللّه من ساعته فقال [له].

يا محمّد السلام يقرأ عليك السلام وهو يقول لك: فَاصْدَعْ بِما

ص:480


1- - الاسود بن المطلب - البحار، ولعله هو الأصح.

تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (1) يعني أظهر أمرك لأهل مكة وادعهم إلى الإيمان.

قال: ياجبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أو عدوني؟

قال له: إِنّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 2.

قال: يا جبرئيل كانوا الساعة بين يديّ؟

قال: [قد] كفيتهم، وأظهر أمره عند ذلك.

وأمّا بقيّة الفراعنة فقتلوا يوم بدر بالسّيف، وهزم اللّه الجميع وولّوا الدبر.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا موسى بن عمران قد اعطي العصا فكانت تحوّل ثعبانا؟

قال له علي (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) اعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ رجلا كان يطالب أبا جهل [بن هشام] بدين ثمن جزور قد اشتراه، فاشتغل عنه وجلس يشرب، فطلبه الرجل فلم يقدر عليه، فقال له بعض المستهزئين: من تطلب؟

فقال: عمرو بن هشام - يعني أبا جهل - لي عليه دين.

قال: فأدلّك على من يستخرج منه الحقوق؟

قال: نعم.

فدلّه على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وكان أبو جهل يقول: ليت لمحمّد إليّ حاجة فأسخر به وأردّه، فأتى الرجل النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال [له]: يا محمّد بلغني أنّ بينك وبين عمرو بن هشام حسن صداقة وأنا أستشفع بك إليه.

ص:481


1- (1و2) - الحجر 15:94 و 95.

فقام معه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فأتى بابه، فقال له.

قم يا أبا جهل فأدّ إلى الرجل حقّه، وإنّما كنّاه بأبي جهل ذلك اليوم، فقام مسرعا حتّى أدّى إليه حقّه، فلمّا رجع إلى مجلسه قال له بعض أصحابه: فعلت ذلك فرقا من محمّد.

قال: ويحكم اعذروني، إنّه لمّا أقبل رأيت عن يمينه رجالا معهم حراب تتلألأ، وعن يساره ثعبانين تصطك أسنانهما وتلمع النيران من أبصارهما، لو امتنعت لم آمن أن يبعجوا بالحراب بطني ويقضمني الثعبانان.

هذا أكبر ممّا أعطى موسى، وزاد اللّه محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) ثعبانا وثمانية أملاك معهم الحراب، ولقد كان النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يؤذي قريشا بالدعاء، فقام يوما فسفّه أحلامهم، وعاب دينهم، وشتم أصنامهم، وضلّل آباءهم فاغتمّوا من ذلك غمّا شديدا.

فقال أبو جهل: واللّه للموت خير لنا من الحياة، فليس فيكم معاشر قريش أحد يقتل محمّدا فيقتل به؟

قالوا [له]: لا.

قال: فأنا أقتله، فإن شاءت بنو عبدالمطّلب قتلوني به، وإلاّ تر كوني.

قالوا: إنّك إن فعلت ذلك اصطنعت إلى أهل الوادي معروفا لاتزال تذكر به.

قال: إنّه كثير السجود حول الكعبة فإذا جاء وسجد أخذت حجرا فشدخته به. فجاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فطاف بالبيت اسبوعا، ثمّ صلّى وأطال السجود، فأخذ أبو جهل حجرا فأتاه

ص:482

من قبل رأسه، فلمّا أن قرب منه أقبل فحل(1) من قبل رسول اللّه فاغرا فاه نحوه، فلمّا أن رآه أبو جهل فزع منه وارتعدت يده، وطرح الحجر فشدخ رجله فرجع مدمى متغيّر اللّون يفيض عرقا.

فقال له أصحابه: ما رأيناك كاليوم؟! قال: ويحكم اعذروني فإنّه أقبل من عنده فحل فاغرا فاه فكاد يبتلعني، فرميت بالحجر فشدخت رجلي.

قال [له] اليهوديّ: فإنّ موسى قد اعطي اليد البيضاء، فهل فعل بمحمّد شيءمن ذلك؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) اعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ نورا كان يضيء عن يمينه حيثما جلس، وعن يساره حيثما جلس، وكان يراه الناس كلّهم.

قال له اليهوديّ: فانّ موسى قد ضرب له في البحر طريق، فهل فعل بمحمّد شيء من ذلك؟

فقال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) اعطي ما هو أفضل من هذا، خرجنا معه إلى حنين فإذا نحن بواد يشخب(2) فقدّرناه فإذا هو أربع عشرة قامة، فقالوا: يارسول اللّه العدوّ [من] ورائنا والوادي أمامنا، كما قال أصحاب موسى: إنّا لمدركون، فنزل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ قال: «اللهمّ إنّك جعلت لكلّ مرسل دلالة فأرني قدرتك» وركب (صلّى اللّه عليه وآله) فعبرت الخيل لاتندى حوافرها، والإبل لاتندي أخفافها، فرجعنا فكان

ص:483


1- - الفحل: الذكر من كل حيوان. (أقرب الموارد).
2- (2) - شخب: سال. (أقرب الموارد).

فتحنا [فتحا].

قال له اليهوديّ: فإنّ موسى قد أعطي الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا؟

قال [له] عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا نزل الحديبية وحاصره أهل مكة قد اعطي ما هو أفضل من ذلك، وذلك أنّ أصحابه شكوا إليه الظمأ وأصابهم ذلك حتّى التقت(1) خواصر الخيل، فذكروا له (صلّى اللّه عليه وآله) [ذلك] فدعا بركوة يمانيّة ثمّ نصب يده المباركة فيها فتفجّرت من بين أصابعه عيون الماء، فصدرنا وصدرت الخيل(2) روّاء، وملأنا كلّ مزادة(3) وسقاء.

ولقد كنّا معه بالحديبية فإذا ثمّ قليب(4) جافّة، فأخرج (صلّى اللّه عليه وآله) سهما من كنانته فناوله البراء بن عازب وقال له: اذهب بهذا السهم إلى تلك القليب الجافّة فأغرسه فيها ففعل ذلك فتفجّرت [منه] اثنتا عشرة عينا من تحت السهم.

ولقد كان يوم الميضاة عبرة وعلامة للمنكرين لنبوّته كحجر موسى حيث دعا بالميضاة فنصب يده فيها فغاضت(5) بالماء وارتفع حتّى توضّأ منه ثمانية آلاف رجل، وشربوا حاجتهم، وسقوا دوابّهم

ص:484


1- - حتى التفّت - البحار.
2- (2) - صدر عن الماء: رجع وانصرف. (أقرب الموارد). والمراد انّ الرّجوع والانصراف هما بعد الإرتواء.
3- (3) - المزادة: ما يوضع فيه الزاد. (أقرب الموارد).
4- (4) - القليب: البئر. (أقرب الموارد).
5- (5) - ففاضت - البحار، والظاهر أنّه هو الصحيح.

وحملوا ما أرادوا.

قال [له] اليهوديّ: فإنّ موسى [قد] أعطي المنّ والسلوى، فهل أعطي محمّد نظير هذا؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) اعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ اللّه (عزّوجلّ) أحلّ له الغنائم ولامّته، ولم تحل الغنائم لأحد غيره قبله، فهذا أفضل من المنّ والسلوى، ثمّ زاده أن جعل النيّة له ولامّته بلا عمل عملا صالحا، ولم يجعل لأحد من الامم ذلك قبله، فإذا همّ أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة، وإن عملها كتبت له عشر.

قال له اليهوديّ: إنّ موسى قد ظلّل عليه الغمام؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، وقد فعل ذلك بموسى (عليه السّلام) في التيه، واعطي محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أفضل من هذا، إنّ الغمامة كانت تظلّله من يوم ولد إلى يوم قبض في حضره وأسفاره، فهذا أفضل ممّا أعطي موسى.

قال له اليهوديّ: فهذا داود قد ليّن اللّه (عزّوجلّ) له الحديد فعمل منه الدروع.

قال له (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) قد اعطي ما هو أفضل من هذا، إنّه ليّن اللّه (عزّوجلّ) له الصمّ الصخور الصلاب وجعلها غارا، ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت المقدس ليّنة حتّى صارت كهيئة العجين، وقد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته.

قال له اليهوديّ: [فإنّ] هذا داود بكى على خطيئته حتّى سارت

ص:485

الجبل معه لخوفه.

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) اعطي ما [هو] أفضل من هذا، إنّه كان إذا قام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل(1) على الأثافيّ من شدّة البكاء، وقد آمنه اللّه (عزّوجلّ) من عقابه، فأراد أن يتخشّع لربّه ببكائه، فيكون إماما لمن اقتدى به، ولقد قام (عليه وآله السلام) عشر سنين على أطراف أصابعه حتّى تورّمت قدماه واصفرّ وجهه، يقوم اللّيل أجمع حتّى عوتب في ذلك فقال اللّه (عزّوجلّ): طه * ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) بل لتسعد به، ولقد كان يبكي حتّى يغشى عليه.

فقيل له: يا رسول اللّه أليس اللّه (عزّوجلّ) [قد] غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟

قال: بلى أفلا أكون عبدا شكورا؟! ولئن سارت الجبال وسبّحت معه لقد عمل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ما هو أفضل من هذا، إذ كنّا معه على جبل حراء إذ تحرّك الجبل.

فقال له: قر فانّه ليس عليك إلاّ نبيّ أو صدّيق شهيد، فقرّ الجبل مطيعا لامره ومنتهيا إلى طاعته، ولقد مررنا معه بجبل وإذا الدموع تخرج من بعضه.

ص:486


1- - أزيز: أي خنين - بالخاء المعجمة - وهو صوت البكاء، وقيل: أن تجيش جوفه وتغلى بالبكاء. والمرجل: قدر من نحاس. (مجمع البحرين).
2- (2) - طه 20:1 و 2.

فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): ما يبكيك ياجبل؟

فقال: يارسول اللّه كان المسيح مرّ بي وهو يخوّف الناس من نار وقودها الناس والحجارة فأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة.

قال له: لاتخف تلك حجارة الكبريت، فقرّ الجبل وسكن وهدأ، وأجاب لقوله (صلّى اللّه عليه وآله).

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا سليمان، اعطي ملكا لاينبغي لاحد من بعده؟

فقال [له] عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) اعطي ما هو أفضل من هذا، إنّه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الارض قبله وهو ميكائيل فقال له.

يامحمّد عش ملكا منعّما وهذه مفاتيح خزائن الارض معك، ويسير معك جباله ذهبا وفضّة، ولاينقص لك مما ادّخر لك في الآخرة شيء، فأومأ إلى جبرئيل - وكان خليله من الملائكة - فأشار إليه: أن تواضع.

فقال: بل أعيش نبيّا عبدا، آكل يوما ولا آكل يومين، وألحق بإخواني من الأنبياء [من قبلي] فزاده اللّه تعالى الكوثر، وأعطاه الشفاعة، وذلك أعظم من ملك الدنيا من أوّلها إلى آخرها سبعين مرّة، ووعده المقام المحمود، فإذا كان يوم القيامة أقعده اللّه تعالى على العرش، فهذا أفضل ممّا اعطي سليمان [ابن داود].

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا سليمان قد سخّرت له الرياح فسارت به في بلاده غدوّها شهر ورواحها شهر؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك ومحمّد (صلّى اللّه

ص:487

عليه وآله) أعطى ما هو أفضل من هذا، إنّه اسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت السّماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقلّ من ثلث ليلة حتّى انتهى إلى ساق العرش، فدنا بالعلم فتدلّى من الجنّة رفرف أخضر وغشى النور بصره فرأى عظمة ربّه (عزّوجلّ) بفؤاده ولم يرها بعينه، فكان كقاب قوسين بينها وبينه أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، وكان فيما أوحى إليه الآية الّتي في سورة البقرة قوله تعالى: لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (1).

وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم إلى أن بعث اللّه (تبارك اسمه) محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) وعرضت على الامم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها، وقبلها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعرضها على امّته فقبلوها، فلمّا رأى اللّه (تبارك وتعالى) منهم القبول علم أنّهم لا يطيقونها، فلمّا أن صار إلى ساق العرش كرّر عليه الكلام ليفهمه فقال: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ فاجاب (صلّى اللّه عليه وآله) مجيبا عنه وعن امّته [فقال:] وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ 2.

فقال (جلّ ذكره): لهم الجنّة والمغفرة عليّ إن فعلوا ذلك.

فقال النبي (صلّى اللّه عليه وآله): أمّا إذا فعلت بنا ذلك غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ يعني المرجع في الآخرة.

ص:488


1- (1و2) - البقرة 284:2 و 285.

قال: فأجابه اللّه (جلّ ثناؤه): [و] قد فعلت ذلك بك و بامّتك.

ثمّ قال (عزّوجلّ): أمّا إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها وقد عرضتها على الامم فأبوا أن يقبلوها وقبلتها امّتك [ف] حقّ عليّ أن أرفعها عن امّتك. وقال: لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ من خير وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ من شرّ.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا سمع ذلك: أمّا إذا فعلت ذلك بي و بامّتي فزدني.

قال: سل.

قال: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا .

قال اللّه (عزّوجلّ): لست اؤاخذ امّتك بالنسيان والخطأ لكرامتك عليّ، وكانت الامم السالفة إذا نسوا ما ذكرّوا به فتحت عليهم أبواب العذاب، وقد رفعت ذلك عن امّتك، وكانت الامم السالفة إذا اخطأوا أخذوا بالخطأ وعوقبوا عليه وقد رفعت ذلك عن امّتك لكرامتك عليّ.

فقال [النبيّ] (صلّى اللّه عليه وآله): اللهمّ إذا أعطيتني ذلك فزدني.

قال اللّه تعالى له: سل.

قال: رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا يعني بالإصر: الشدائد الّتي كانت على من كان من قبلنا.

فأجابه اللّه إلى ذلك وقال (تبارك اسمه): قد رفعت عن امّتك الآصار الّتي كانت على الامم السالفة، كنت لا أقبل صلاتهم إلاّ في بقاع من الارض معلومة اخترتها لهم وإن بعدت، وقد جعلت الارض كلّها لامّتك مسجدا وطهورا، فهذه من الآصار التي كانت على الامم

ص:489

قبلك فرفعتها عن امّتك، وكانت الامم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوه(1) من أجسادهم، وقد جعلت الماء لامّتك طهورا، فهذا من الآصار الّتي كانت عليهم فرفعته ما عن امّتك، وكانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس فمن قبلت ذلك منه أرسلت عليه نارا فأكلته فرجع مسرورا، ومن لم أقبل ذلك منه رجع مثبورا وقد جعلت قربان امّتك في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة، ومن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا، وقد رفعت ذلك عن امّتك وهي من الآصار الّتي كانت على الام من كان قبلك، وكانت الامم السالفة صلواتها مفروضة عليها في ظلم اللّيل وأنصاف النهار، وهي من الشدائد الّتي كانت عليهم فرفعتها عن امّتك وفرضت [عليهم] صلواتهم في أطراف اللّيل والنهار وفي أوقات نشاطهم.

وكانت الامم السالفة قد فرضت عليهم خمسين صلاة في خمسين وقتا وهي من الآصار الّتي كانت عليهم فرفعتها عن امّتك وجعلتها خمسا في خمسة أوقات وهي إحدى وخمسون ركعة، وجعلت لهم أجر خمسين صلاة، وكانت الامم السالفة حسنتهم بحسنة وسيّئتهم بسيّئة وهي من الآصار الّتي كانت عليهم فرفعتها عن امّتك، وجعلت الحسنة بعشرة والسيّئة بواحدة، وكانت الامم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة فلم يعملها لم تكتب له، وإن عملها كتبت له حسنة، وإنّ امّتك إذا همّ أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة وإن عملها كتبت له عشرا، وهي من الآصار الّتي كانت عليهم فرفعتها عن امّتك.

ص:490


1- - قرض الشيء: قطعه. (أقرب الموارد).

وكانت الامم السالفة إذا همّ أحدهم بسيّئة فلم يعملها لم تكتب عليه، وإن عملها كتبت عليه سيّئة، وإنّ امّتك إذا همّ أحدهم بسيّئة ثمّ لم يعملها كتبت له حسنة، وهذه من الآصار الّتي كانت عليهم فرفعت [ذلك] عن امّتك، وكانت الامم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم وجعلت توبتهم من الذنوب أن حرّمت عليهم بعد التوبة أحبّ الطعام إليهم، وقد رفعت ذلك عن امّتك وجعلت ذنوبهم فيما بيني وبينهم، وجعلت عليهم ستورا كثيفة، وقبلت توبتهم بلاعقوبة، ولا أعاقبهم بأن احرّم عليهم أحبّ الطعام إليهم، وكانت الامم السالفة يتوب أحدهم إلى اللّه من الذنب الواحد مائة سنة أو ثمانين سنة أو خمسين سنة ثمّ لا أقبل توبته دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة، وهي من الآصار الّتي كانت عليهم فرفعتها عن امّتك، وإنّ الرجل من امّتك ليذنب عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو أربعين سنة أو مائة سنة ثمّ يتوب ويندم طرفة عين فأغفر له ذلك كلّه.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): [اللهم] إذا أعطيتني ذلك كلّه فزدني.

قال: سل.

قال: رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ .

[ف] قال (تبارك اسمه): قد فعلت ذلك بامّتك، وقد رفعت عنهم عظم بلايا الامم، وذلك حكمي في جميع الامم أن لا اكلّف خلقا فوق طاقتهم.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): وَ اعْفُ عَنّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا .

ص:491

قال اللّه (عزّوجلّ): قد فعلت ذلك بتائبي (بناجي - خ ل) امّتك، ثمّ قال: فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (1).

قال اللّه (عزّ اسمه): إنّ امّتك في الارض كالشامة البيضاء في الثور الأسود، هم القادرون وهم القاهرون، يستخدمون ولا يستخدمون لكرامتك عليّ، وحقّ عليّ أن اظهر دينك على الأديان حتّى لايبقى في شرق الارض وغربها دين إلاّ دينك، أو يؤدّون إلى أهل دينك الجزية.

قال [له] اليهوديّ: فإنّ هذا سليمان سخّرت له الشياطين، يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل؟

قال له علي (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ولقد اعطي محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أفضل من هذا، إنّ الشياطين سخّرت لسليمان وهي مقيمة على كفرها، ولقد سخّرت لنبوّة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) الشياطين بالإيمان، فأقبل إليه من الجنّ التسعة من أشرافهم، واحد من جنّ نصيبين، والثمان من بني عمرو بن عامر من الأحجّة منهم: شضاة، ومضاة، والهملكان، والمرزبان، والمازمان، ونضاة، وهاضب، وهضب، وعمرو، وهم الّذين يقول اللّه (تبارك اسمه) فيهم: وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ وهم التسعة يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ (2) فاقبل إليه الجنّ والنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ببطن النخل فاعتذروا بأنّهم ظنّوا كما ظننتم أن لن يبعث اللّه أحدا، ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم فبايعوه على الصوم والصّلاة والزّكاة والحجّ

ص:492


1- - البقرة 2:286.
2- (2) - الاحقاف 46:29.

والجهاد ونصح المسلمين، واعتذروا بأنّهم قالوا على اللّه شططا وهذا أفضل ممّا أعطي سليمان، فسبحان من سخّرها لنبوّة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) بعد أن كانت تتمرّد وتزعم أنّ للّه ولدا، ولقد شمل مبعثه من الجنّ والإنس ما لا يحصى.

قال له اليهوديّ: هذا يحيى بن زكريّا يقال: إنّه اوتي الحكم صبيّا والحلم والفهم، وإنّه كان يبكي من غير ذنب، وكان يواصل الصوم؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ يحيى بن زكريّا كان في عصر لا أوثان فيه ولا جاهليّة، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) اوتي الحكم والفهم صبيّا بين عبدة الأوثان وحزب الشيطان، فلم يرغب لهم في صنم قطّ، ولم ينشط لأعيادهم، ولم ير منه كذب قطّ (صلّى اللّه عليه وآله)، وكان أمينا صدوقا حليما، وكان يواصل صوم الاسبوع والأقلّ والأكثر، فيقال له في ذلك فيقول: إنّي لست كأحدكم، إنّي أظلّ عند ربّي فيطعمني ويسقيني، وكان يبكي (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى يبتلّ مصلاّه خشية من اللّه (عزّوجلّ) من غير جرم.

قال له اليهوديّ: فإنّ هذا عيسى بن مريم يزعمون أنّه تكلّم في المهد صبيا؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) سقط من بطن امّه واضعا يده اليسرى على الارض، ورافعا يده اليمنى إلى السماء يحرّك شفتيه بالتوحيد، وبدامن فيه نور رأى أهل مكة منه قصور بصرى من الشام وما يليها، والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها، والقصور البيض من إصطخر وما يليها.

ص:493

ولقد أضاءت الدّنيا ليلة ولد النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى فزعت الجنّ والإنس والشّياطين، وقالوا: حدث في الأرض حدث.

ولقد رؤي الملائكة - ليلة ولد - تصعد وتنزل وتسبّح وتقدّس، وتضطرب النجوم وتتساقط علامة لميلاده.

ولقد همّ إبليس بالظعن في السّماء لما رأى من الأعاجيب في تلك اللّيلة، وكان له مقعد في السّماء الثالثة، والشّياطين يسترقون السّمع، فلمّا رأوا الاعاجيب أرادوا أن يسترقوا السمع فإذا هم قد حجبوا عن السّماوات كلّها ورموا بالشهب، دلالة لنبوّته (صلّى اللّه عليه وآله).

قال له اليهوديّ: فإنّ عيسى يزعمون أنّه قد أبرأ الاكمه والأبرص بإذن اللّه (عزّوجلّ)؟

فقال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) اعطي ما هو أفضل من ذلك، أبرأ ذا العاهة من عاهته، فبينما هو جالس (صلّى اللّه عليه وآله) إذ سأل [عن] رجل من أصحابه فقالوا: يا رسول اللّه إنّه قد صار من البلاء كهيئة الفرخ الذي لا ريش عليه.

فأتاه فإذا هو كهيئة الفرخ من شدّة البلاء، فقال له: قد كنت تدعو في صحّتك دعاء؟

قال: نعم، كنت أقول: ياربّ أيّما عقوبة انت معاقبي بها في الآخرة فاجعلها لي في الدّنيا.

فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): ألا قلت: «اللهمّ آتنا في الدّنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»؟

ص:494

فقالها الرجل فكأنّما نشط من عقال وقام صحيحا وخرج معنا.

ولقد أتاه رجل من جهينة أجذم يتقطّع من الجذام، فشكا إليه (صلّى اللّه عليه وآله) فأخذ قدحا من ماء فتفل فيه ثمّ قال: امسح به جسدك، ففعل فبريء حتّى لم يوجد عليه شيء، ولقد أتي النبي بأعرابيّ أبرص فتفل من فيه عليه فما قام من عنده إلاّ صحيحا.

ولئن زعمت أنّ عيسى (عليه السّلام) أبرأ ذوي العاهات من عاهاتهم فإنّ محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) بينما هو في [بعض] أصحابه إذا هو بإمرأة فقالت: يارسول اللّه إنّ ابني قد أشرف على حياض الموت، كلّما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب.

فقام النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وقمنا معه فلمّا أتيناه قال له.

جانب يا عدوّ اللّه وليّ اللّه فأنا رسول اللّه، فجانبه الشيطان فقام صحيحا وهو معنا في عسكرنأ.

ولئن زعمت أنّ عيسى (عليه السّلام) أبرأ العميان فإنّ محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) قد فعل ما هو أكبر من ذلك، إنّ قتادة بن ربعي كان رجلا صحيحا(1) فلمّا أن كان يوم احد أصابته طعنة في عينه فبدرت حدقته فأخذها بيده، ثمّ أتى بها النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يا رسول اللّه إنّ امرأتي الآن تبغضني، فأخذها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من يده ثمّ وضعها مكانها، فلم تكن تعرف إلاّ بفضل حسنها وفضل ضوئها على العين الأخرى.

ولقد جرح عبداللّه بن عبيد(2) وبانت يده يوم حنين فجاء إلى

ص:495


1- كان رجلا صبيحا - البحار.
2- (2) - بن عتيك - البحار.

النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) [ليلا] فمسح عليه يده، فلم تكن تعرف من اليد الاخري.

ولقد أصاب محمّد بن مسلم(1) يوم كعب بن الاشرف مثل ذلك في عينه ويده، فمسحه رسول اللّه فلم تستبينا.

ولقد أصاب عبداللّه بن أنيس مثل ذلك في عينه فمسحها فما عرفت من الاخرى، فهذه كلّها دلالة لنبوّته (صلّى اللّه عليه وآله).

قال له اليهوديّ: فإنّ عيسى [بن مريم] يزعمون أنّه [قد] أحيى الموتى بإذن اللّه تعالى؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) سبّحت في يده تسع حصيات تسمع نغماتها في جمودها ولا روح فيها، لتمام حجّة نبوّته، ولقد كلّمه الموتى من بعد موتهم واستغاثوه ممّا خافوا [من] تبعته، ولقد صلّى بأصحابه ذات يوم فقال.

ما هاهنا من بني النجّار أحد وصاحبهم محتبس على باب الجنّة بثلاثة دراهم لفلان اليهوديّ - وكان شهيدا -؟

ولئن زعمت أنّ عيسى كلّم الموتى فلقد كان لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ما هو أعجب من هذا: إنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا نزل بالطائف وحاصر أهلها بعثوا إليه بشاة مسلوخة مطليّة بسمّ (2) فنطق الذراع منها فقالت: يارسول اللّه لاتأكلني فإنّي مسمومة.

فلوكلمته البهيمة وهي حيّة لكانت من أعظم حجج اللّه (عزّوجلّ)

ص:496


1- - محمد بن مسلمة - البحار.
2- (2) - وفي نسخة: مطبوخة بسم.

على المنكرين لنبوّته، فكيف وقد كلّمته من بعد ذبح وسلخ وشيّ؟! ولقد كان (صلّى اللّه عليه وآله) يدعو بالشجرة فتجيبه، وتكلّمه البهيمة، وتكلّمه السباع وتشهد له بالنبوّة وتحذّرهم عصيانه، فهذا أكثر ممّا اعطي عيسى (عليه السّلام).

قال له اليهوديّ: إنّ عيسى يزعمون أنّه أنبأ قومه بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) كان له أكثر من هذا، إنّ عيسى (عليه السّلام) أنبأ قومه بما كان من وراء الحائط، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أنبأ عن مؤتة وهو عنه غالب، ووصف حربهم ومن استشهد منهم، وبينه وبينهم مسيرة شهر.

وكان يأتيه الرجل يريد أن يسأله عن شيء فيقول (صلّى اللّه عليه وآله): تقول أو أقول؟ فيقول: بل قل يا رسول اللّه، فيقول: جئتني في كذا وكذا، حتّى يفرغ من حاجته.

ولقد كان (صلّى اللّه عليه وآله) يخبر أهل مكة بأسرارهم بمكة حتّى لايترك من أسرارهم شيئا.

منها: ما كان بين صفوان بن اميّة وبين عمير بن وهب، إذ أتاه عمير فقال: جئت في فكاك ابني.

فقال له: كذبت. بل قلت لصفوان بن امية وقد اجتمعتم في الحطيم وذكرتم قتلى بدر وقلتم: واللّه للموت أهون علينا من البقاء مع ما صنع محمّد بنا، وهل حياة بعد أهل القليب؟

فقلت أنت: لولا عيالي ودين عليّ لأرحتك من محمّد.

ص:497

فقال صفوان: عليّ أن أقضي دينك وأن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهنّ ما يصيبهنّ من خير أوشرّ.

فقلت أنت: فاكتمها عليّ وجهّزني حتّى أذهب فأقتله. فجئت لقتلي.

فقال: صدقت يا رسول اللّه، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّك رسول اللّه.

وأشباه هذا ممّا لايحصى.

قال له اليهوديّ: فإنّ عيسى يزعمون أنّه خلق من الطين كهيئة الطير فنفخ فيه فيكون طيرا بإذن اللّه (عزّوجلّ)؟

فقال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) قد فعل ما هو شبيه لهذا، إذ أخذ يوم حنين حجرا فسمعنا للحجر تسبيحا وتقديسا، ثمّ قال (صلّى اللّه عليه وآله) للحجر: إنفلق فانفلق ثلاث فلق، نسمع لكلّ فلقة منها تسبيحا لايسمع للاخري.

ولقد بعث إلى شجرة - يوم البطحاء - فأجابته ولكلّ غصن منها تسبيح وتهليل وتقديس، ثمّ قال لها: انشقّي، فانشقّت نصفين، ثمّ قال لها: التزقي، فالتزقت، ثمّ قال لها: اشهدي [لي] بالنبوّة فشهدت، ثمّ قال لها: ارجعي إلى مكانك بالتسبيح والتهليل والتقديس، ففعلت، وكان موضعها بجنب الجزّارين بمكة.

قال له اليهوديّ: فإنّ عيسى يزعمون أنّه كان سيّاحا؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) كانت سياحته في الجهاد، واستنفر في عشر سنين ما لايحصى من حاضر وباد، وأفنى فئاما من العرب، من منعوت

ص:498

بالسّيف، لايداري بالكلام ولا ينام إلاّ عن دم، ولا يسافر إلاّ وهو متجهّز لقتال عدوّه.

قال له اليهوديّ: فإنّ عيسى يزعمون أنّه كان زاهدا؟

قال له عليّ (عليه السّلام): لقد كان كذلك، ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أزهد الأنبياء، كان له ثلاث عشرة زوجة سوي من يطيف به من الإماء، ما رفعت له مائدة قطّ وعليها طعام، ولا أكل خبز برّ قطّ، ولا شبع من خبز شعير ثلاث ليال متواليات قطّ، توفّي ودرعه مرهونة عند يهوديّ بأربعة دراهم، ما ترك صفراء ولا بيضاء مع ما وطّيء له من البلاد ومكن له من غنائم العباد، ولقد كان يقسّم في اليوم الواحد ثلاثمائة ألف وأربعمائة ألف، ويأتيه السائل بالعشي فيقول: والّذي بعث محمّدا بالحقّ ما أمسى في آل محمّد صاع من شعير ولا صاع من بر ولا درهم ولا دينار.

قال له اليهوديّ: فإنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و [أشهد] أنّ محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) رسول اللّه، وأشهد أنّه ما أعطى اللّه نبيّا درجة ولا مرسلا فضيلة إلاّ وقد جمعها لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله)، وزاد محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) على الأنبياء أضعاف ذلك درجات.

فقال ابن عبّاس لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): أشهد يا أبا الحسن أنّك من الراسخين في العلم.

فقال: ويحك ومالي لا أقول ما قلت في نفس من استعظمه اللّه تعالى في عظمته [جلّت] فقال: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ؟!(1) و(2).

ص:499


1- - القلم 68:4.
2- (2) - الاحتجاج: ص 210. منه البحار: ج 10 ص 28. وكل ما مر بين المعقوفتين من البحار.

البحار - ايضاح: المقة - بكسر الميم -: المحبة. والتهافت.

التساقط. والشيح - بالكسر -: نبت تنبت بالبادية. قوله (صلوات اللّه عليه): «ومراتع البقع» البقع - بالضمّ -: جمع الأبقع وهو ما خالط بياضه لون آخر، ولعلّ المراد الغراب الأبقع فإنّه يفرّ من الناس ويرتع في البوادي، ويحتمل أن يكون في الاصل البقيع أو لفظ آخر، والظاهر أنّ فيه تصحيفا.

قوله: «بحجب ثلاثة» لعلّ المراد البطن والرحم والمشيمة، حيث أخفى حمله عن نمرود، أو في الغار بثلاثة حجب، أو أحدها عند الحمل والثاني في الغار والثالث في النار. والمقمح: الغاضّ بصره بعد رفع رأسه، واختلف في تفسير الآية فقيل: إنّه مثل ضربه اللّه تعالى للمشركين في إعراضهم عن الحقّ، فمثلهم كمثل رجل غلّت يداه إلى عنقه لايمكنه أن يبسطهما إلى خير، ورجل طامح برأسه لايبصر موطيء قدميه: وقيل: إنّ المعنيّ بذلك ناس من قريش همّوا بقتل النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فصاروا هكذا، وهذا الخبر يدلّ على الأخير.

والسبع الطوال على المشهور من البقرة إلى الاعراف، والسابعة سورة يونس، أو الأنفال وبراءة جميعا، لانّهما سورة واحدة عند بعض، والمراد هنا ما يبقى بعد إسقاط البقرة والمائدة وبراءة.

وقوله: «والقران العظيم» اريد به بقيّة القران، أو المراد به الفاتحة أيضا. وقوله: «واعطي الكتاب» إشارة إلى البقيّة.

قوله (عليه السّلام): «في هذا الإسم» يحتمل أن يكون المعنى أنّ اسمه (صلّى اللّه عليه وآله) يدلّ على أنّ اللّه تعالى ألقى محبّته على العباد لدلالته على كونه محمودا في السّماء والأرض، أو يكون المراد

ص:500

بالاسم الذكر، فكثيرا ما يطلق عليه مجازا، أو أنّ قوله: «إذ تمّ» في قوّة البدل من الاسم، والحاصل أنّه من الّذي يشركه في أن لايتمّ الشهادة للّه بالوحدانيّة إلاّ بذكر اسمه والشّهادة له بالنبوّة؟ كلّ هذا إذا قريء (من) بالفتح، ويمكن أن يقرء بالكسر فيوجّه بأحد الوجهين الأخيرين. والنبل: السهام العربيّة. ويقال: رشّت السهم: إذا ألزقت عليه الريش. والشظيّة: الفلقة من العصا ونحوها. والاكحل: عرق في اليد يفصد.

قوله: «وروي» الظاهر أنّه كلام الطبرسيّ (رحمه اللّه) أدخله بين الخبر.

قوله: «أن يبعجوا» - بفتح العين -: أي أن يشقّوا. والشدخ.

كسر الشيء الأجوف، أي شدخت رأسه به. ويقال: فغر فاه، أي فتحه.

قوله: «وحتّى التفّت خواصر الخيل» أي جنبتاها من شدّة العطش. قوله (عليه السّلام): «وجعلها غارا» يدلّ على أنّه (صلّى اللّه عليه وآله) ليلة الغار أحدث الغار ودخل فيه ولم يكن ثمّة غار، وأمّا صخرة بيت المقدس فكان ليلة المعراج.

وأمّا قوله: «قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته» أي رأينا تحت رايته (عليه الصلاة والسلام) أمثال ذلك كثيرا، والمراد بالراية العلامة، أي رأى بعض الصحابة ذلك تحت علامته في بيت المقدس، ويلوح لي أنّ فيه تصحيفا، وكان في الأصل «وجعلها هارا» فيكون إشارة إلى ما سيأتي في أبواب معجزاته (صلّى اللّه عليه وآله) أنّ في غزوة الأحزاب بلغوا إلى أرض صلبة لاتعمل فيها المعاول، فصبّ (صلّى اللّه عليه

ص:501

وآله) عليها ماء فصارت هائرة متساقطة، فقوله: «قد رأينا ذلك» إشارة إلى هذا.

وقال الجزريّ: فيه: «إنّه كان يصلّي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء» أي خنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء، وقيل: هو أن يجيش جوفه ويغلي بالبكاء انتهى. والمرجل كمنبر.

القدر. والأثافيّ: الاحجار يوضع عليها القدر. والرفرف: ثياب خضر يتّخذ منها المحابس وتبسط، وكسر الخباء، وجوانب الدرع. وما تدلّى منها، وما تدلّى من أغصان الأيكة. وفضول المحابس والفرش وكلّ ما فضل فثنى والفراش، ذكرها الفيرورآباديّ.

قوله (عليه السّلام): «فكان فيما أوحى إليه» لعلّ المعنى أنّه كانت تلك الآية فيما أوحى اللّه إليه قبل تلك اللّيلة ليتأتّى تبليغها امّته وقبولهم لها، فيكون ذكرها لبيان سبب ما أوحى إليه (صلّى اللّه عليه وآله) في هذا الوقت، ويحتمل أن يكون التبليغ إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) من ذلك المكان في تلك اللّيلة قبل الوصول إلى ساق العرش، ويحتمل أن يكون التبليغ بعد النزول ويكون قوله: «فلمّا رأى اللّه تعالى منهم القبول» أي علم اللّه منهم أنّهم سيقبلونها. والأوّل أظهر.

والثبور: الهلاك والخسران.

قوله (عليه السّلام): «من الأحجّة» جمع حجيج بمعنى مقيم الحجّة على مذهبه، وفي بعض النسخ: من الاجنحة، أي الرؤساء، أو اسم قبيلة منهم.

قوله (عليه السّلام): «وشيّ» أي بعد ما كان مشويّا مطبوخا.

ومؤتة - بضمّ الميم وسكون الهمزة وفتح التاء -: اسم موضع قتل فيها

ص:502

جعفر بن أبي طالب، والفئام - بالكسر - مهموزا: الجماعة الكثيرة كما ذكره اللّغويّون، وقد فسّر في بعض أخبارنا بمائة ألف.

قوله (عليه السّلام): «مع ما وطّيء له من البلاد» على بناء المجهول من باب التفعيل، أي مهّد وذلّل ويسّر له فتحها والاستيلاء عليها، من قولهم: فراش وطيء أي لايؤذي جنب النائم.

قوله (عليه السّلام): «جلّت» معترضة ثنائيّة، أي جلّت عظمته عن البيان، والأظهر أنّه كان في الاصل «حيث قال» فصحّف، وكذا الأطهر أنّ قوله: «نفس» تصحيف نعت أو وصف.

باب (13) قضاء الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

5076 - الكافي: عليّ بن محمد، عن عبداللّه بن إسحاق، عن الحسن بن عليّ بن سليمان، عن محمد بن عمران، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أتي أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) وهو جالس في المسجد بالكوفة بقوم وجدوهم يأكلون بالنهار في شهر رمضان.

فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السّلام): أكلتم وأنتم مفطرون؟

قالوا: نعم.

قال: يهود أنتم؟

قالوا: لا.

قال: فنصارى؟

قالوا: لا.

قال: فعلى أيّ شيء من هذه الاديان مخالفين للاسلام؟

ص:503

قالوا: بل مسلمون.

قال: فسفر أنتم؟

قالوا: لا.

قال: فيكم علّة استوجبتم الإفطار لانشعر بها فإنّكم أبصر بأنفسكم لأنّ اللّه (عزّوجلّ) يقول: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (1).

قالوا: بل أصبحنا ما بنا علّة، قال: فضحك أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) ثمّ قال: تشهدون أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدا رسول اللّه؟

قالوا: نشهد أن لا إله إلاّ اللّه ولا نعرف محمّدا.

قال: فإنّه رسول اللّه.

قالوا: لانعرفه بذلك إنّما هو أعرابيّ دعا إلى نفسه.

فقال: إن أقررتم وإلّا لاقتلنّكم.

قالوا: وإن فعلت، فوكل بهم شرطة الخميس وخرج بهم إلى الظهر - ظهر الكوفة - وأمر أن يحفر حفرتين وحفر إحداهما إلى جنب الأخرى ثمّ خرق فيما بينهما كوّة ضخمة شبه الخوخة(2).

فقال لهم: إنّي واضعكم في إحدى هذين القليبين(3) واوقد في الأخرى النار فأقتلكم بالدّخان، قالوا: وإن فعلت فإنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا.

ص:504


1- - القيامة 75:14.
2- (2) - الخوخة: كوة تؤدي الضوء إلى البيت ومخترق ما بين كل دارين (مجمع البحرين).
3- (3) - القليب: البئر. (أقرب الموارد).

فوضعهم في إحدى الجبّين وضعا رفيقا ثمّ أمر بالنار فأوقدت في الجبّ الاخر ثمّ جعل يناديهم مرّة بعد مرّة: ما تقولون؟ فيجيبونه.

اقض ما أنت قاض. حتّى ماتوا.

قال: ثمّ انصرف فسار بفعله الرّكبان(1) وتحدّث به الناس، فبينما هو ذات يوم في المسجد إذ قدم عليه يهوديّ من أهل يثرب قد أقرّ له من في يثرب من اليهود أنّه أعلمهم وكذلك كانت آباؤه من قبل.

قال: وقدم على أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) في عدّة من أهل بيته فلمّا انتهوا إلى المسجد الأعظم بالكوفة أناخوا رواحلهم ثمّ وقفوا على باب المسجد وأرسلوا إلى أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): إنّا قوم من اليهود قدمنا من الحجاز ولنا إليك حاجة فهل تخرج إلينا أم ندخل إليك؟

قال: فخرج إليهم وهو يقول: سيدخلون ويستأنفون باليمين(2)

فما حاجتكم؟

فقال [له] عظيمهم: يابن أبي طالب ماهذه البدعة الّتي أحدثت في دين محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)؟

فقال له: وأيّة بدعة؟

فقال له اليهوديّ: زعم قوم من أهل الحجاز أنّك عمدت إلى قوم شهدوا أن لا إله إلاّ اللّه ولم يقرّوا أنّ محمدا رسوله فقتلتهم بالدّخان.

ص:505


1- - أي حمل الركبان والقوافل هذا الخبر إلى اطراف الارض. (مرآة العقول).
2- (2) - أي يبتدون بأيمانهم للبيعة، أو يستأنفون الاسلام لليمين التي اقسم بها عليهم والاول أظهر، وفي بعض النسخ [يتسابقون وفي بعضها يسابقون] وهما أظهر. (مرآة العقول).

فقال له أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): فنشدتك بالتسع الآيات الّتي انزلت على موسى (عليه السّلام) بطور سيناء وبحقّ الكنايس الخمس القدس وبحقّ السمت الدّيان(1) هل تعلم أن يوشع بن نون اتي بقوم بعد وفاة موسى شهدوا أن لا إله إلاّ اللّه ولم يقرّوا أن موسى رسول اللّه فقتلهم بمثل هذه القتلة؟

فقال له اليهوديّ: نعم أشهد أنّك ناموس موسى(2).

قال: ثمّ أخرج من قبائه كتابا فدفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) ففضّه ونظر فيه وبكى.

فقال له اليهوديّ: ما يبكيك يابن أبي طالب إنّما نظرت في هذا الكتاب وهو كتاب سريانيّ وأنت رجل عربيّ فهل تدري ما هو؟

فقال له امير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): نعم هذا اسمي مثبت.

فقال له اليهوديّ: فأرني اسمك في هذا الكتاب وأخبرني ما اسمك بالسريانيّة.

قال: فأراه أمير المؤمنين (سلام اللّه عليه) اسمه في الصحيفة

ص:506


1- - «وبحق الكنايس الخمس» الكنيسة: معبد اليهود والنصاري ولعله كانت خمسا منها عندهم معظّمة معروفة كمساجدنا المشهورة. والقدس - بالضم -: الطهارة حمل عليها مبالغة لانها سبب الطهارة من الذنوب، واما السمت فلعله كان في لغتهم بمعنى الصمد. والسمت في لغتنا بمعنى الطريق وهيئة أهل الخير وحسن النحو وقصد الشيء ولا يناسب شيء منها هاهنا الاّ بتكلّف أو تقديره. وقيل عبّر عن الامام به. و «الديان» قيل: هو القهار وقيل: هو الحاكم والقاضي، وهو فعال من دان الناس أي قهرهم على الطاعة، وقال في النهاية: ومنه الحديث كان علي ديّان هذه الامة. (مرآة العقول).
2- (2) - أي صاحب سرّه المطلع على باطن أمره وعلومه وأسراره. (مرآة العقول).

فقال: اسمي إليا.

فقال اليهوديّ: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأشهد أنّك وصيّ محمّد وأشهد أنّك أولى النّاس بالنّاس من بعد محمّد، وبايعوا أمير المؤمنين (عليه السّلام) ودخل المسجد فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): الحمد للّه الّذي لم أكن عنده منسيّا، الحمد للّه الّذي اثبتني عنده في صحيفة الأبرار(1).

5077 - مناقب آل أبي طالب: أبو بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أراد قوم على عهد أبي بكر أن يبنوا مسجدا بساحل عدن، فكان كلّما فرغوا من بنائه سقط، فعادوا إليه فسألوه فخطب وسأل الناس وناشدهم: إن كان عند أحد منكم علم هذا فليقل.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): احتفروا في ميمنته وميسرته في القبلة، فانّه يظهر لكم قبران مكتوب عليهما: أنا رضوى واختي حباء متنا لانشرك باللّه العزيز الجبّار، وهما مجرّدتان فاغسلوهما وكفّنوهما وصلّوا عليهما وادفنوهما، ثمّ ابنوا مسجدكم فانّه يقوم بناؤه، ففعلوا ذلك فكان كما قال (عليه السّلام)(2).

5078 - الخرائج والجرائح: روى أبو بصير، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: أراد قوم بناء مسجد بساحل عدن، فلمّا بنوه سقط، فأتوا أبا بكر فقال: استوثقوا من البناء وافعلوا ففعلوا وأحكموا فسقط، فعادوا إليه فسألوه، فخطب الناس وناشدهم: إن كان لواحد منكم به علم فليقل.

ص:507


1- - الكافي: ج 4 ص 181 ح 7.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 356. منه البحار: ج 40 ص 221.

فقال عليّ (عليه السّلام): احتفروا في ميمنة القبلة وميسرتها فإنّه يظهر لكم قبران عليهما كوبة، مكتوب عليها «أنا رضوى واختي حيّا ابنتا تبّع، متنا لانشرك باللّه شيئا» فاغسلوهما وكفنوهما وصلّوا عليهما وادفنوهما، ثمّ ابنوا مسجدكم فإنّه يقوم بناؤه، ففعلوا فكان كذا فقام البناء(1).

فرج المهموم: في كتاب (الدلائل) للحميري ما رويناه باسنادنا إليه باسناده المتصل في كتابه الى أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أراد قوم بناء مسجد بساحل عدن فكلّما بنوه سقط...

وذكر نحوه(2).

5079 - مناقب آل أبي طالب: عمرو(3) بن داود عن الصادق (عليه السّلام) أنّ عقبة بن أبي عقبة مات فحضر جنازته عليّ (عليه السّلام) وجماعة من أصحابه وفيهم عمر، فقال عليّ (عليه السّلام) لرجل كان حاضرا: إنّ عقبة لمّا توفّي حرمت امرأتك، فاحذر أن تقربه.

فقال عمر: كلّ قضاياك يا أبا الحسن عجيب وهذه من أعجبها، يموت الإنسان فتحرم على آخر امرأته! فقال: نعم إنّ هذا عبد كان لعقبة، تزوّج امرأة حرّة، وهي اليوم ترث بعض ميراث عقبة، فقد صار بعض زوجها رقّا لها، وبضع المرأة حرام على عبدها حتّى تعتقه ويتزوّجها.

فقال عمر: لمثل هذا نسألك عمّا اختلفنا فيه(4).

ص:508


1- - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 190 ح 25.
2- (2) - فرج المهموم: ص 223. منهما البحار: ج 41 ص 297.
3- (3) - عمر - البحار.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 360. منه البحار: ج 40 ص 225.

شرح الأخبار: عمرو بن داود، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) نحوه(1).

5080 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن محمّد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن علقمة، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: جاء أعرابي إلى النبي (صلّى اللّه عليه وآله) فادّعى عليه سبعين درهما ثمن ناقة. فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): يا أعرابيّ ألم تستوف منّي ذلك؟

فقال: لا.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): إنّي قد أوفيتك.

قال الأعرابيّ: قد رضيت برجل يحكم بيني وبينك.

فقام النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) معه فتحاكما إلى رجل من قريش، فقال الرجل للأعرابيّ: ما تدّعي على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه.

فقال: ما تقول يارسول اللّه؟

فقال: قد أوفيته.

فقال القرشيّ: قد أقررت له يارسول اللّه بحقّه، فإمّا أن تقيم

ص:509


1- - شرح الاخبار: ج 2 ص 329 ح 673.

شاهدين يشهدان بأنّك قد أوفيته وإمّا أن توفّيه السبعين الّتي يدعيها عليك.

فقام النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) مغضبا يجرّ رداءه وقال: واللّه لأقصدنّ من يحكم بيننا بحكم اللّه (تعالى ذكره)، فتحاكم معه إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).

فقال للأعرابيّ: ما تدّعي على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه.

قال: ما تقول يارسول اللّه؟

قال: قد أوفيته.

قال: ياأعرابيّ إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: قد أوفيتك فهل صدق؟

فقال: لا ما أوفاني.

فأخرج أمير المؤمنين (عليه السّلام) سيفه من غمده وضرب عنق الأعرابيّ.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ لم قتلت الأعرابيّ؟

قال: لأنّه كذّبك يارسول اللّه ومن كذّبك فقد حلّ دمه ووجب قتله.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ والّذي بعثني بالحقّ نبيّا ما أخطأت حكم اللّه (تبارك وتعالى) فيه، ولا تعد إلى مثلها(1).

ص:510


1- - أمالي الصدوق: ص 90 ح 2. منه البحار: ج 40 ص 241.

5081 - مناقب آل أبي طالب: ذكر الجاحظ، عن النظّام في كتاب (الفتيا) ما ذكر عمرو(1) بن داود عن الصادق (عليه السّلام) قال.

كان لفاطمة (عليها السّلام) جارية يقال لها: فضّة، فصارت من بعدها لعليّ (عليه السّلام)، فزوّجها من أبي ثعلبة الحبشيّ، فأولدها ابنا، ثمّ مات عنها أبو ثعلبة، وتزوّجها من بعده أبو مليك الغطفانيّ، ثمّ توفّي ابنها من أبي ثعلبة فامتنعت من أبي مليك أن يقربها، فاشتكاها إلى عمر وذلك في أيامه.

فقال لها عمر: ما يشتكي منك أبو مليك يافضّة.

فقالت: أنت تحكم في ذلك وما يخفى عليك.

قال عمر: ما أجد لك رخصة.

قالت: يا أبا حفص ذهب بك المذاهب، إنّ ابني من غيره مات فأردت أن أستبريء نفسي بحيضة، فإذا أنا حضت علمت أنّ ابني مات ولا أخ له وإن كنت حاملا كان الولد في بطني أخاه.

فقال عمر: شعرة من آل أبي طالب أفقه من عديّ!(2).

شرح الأخبار: عمرو بن داود، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (صلوات اللّه عليه) نحوه وفيه: سليك بدل أبو مليك(3).

5082 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو عبداللّه محمّد بن محمّد قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا عبيد بن حمدون الرواسي قال.

ص:511


1- - عمر - البحار.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 361. منه البحار: ج 40 ص 227.
3- (3) - شرح الاخبار: ج 2 ص 328 ح 672.

حدّثنا الحسن بن ظريف قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: لاتجد عليا (عليه السّلام)(1) يقضي بقضاء إلّا وجدت له أصلا في السنّة.

قال: وكان عليّ (عليه السّلام) يقول: لو اختصم إليّ رجلان فقضيت بينهما، ثمّ مكثا أحوالا كثيرة، ثمّ أتياني في ذلك الامر، لقضيت بينهما قضاء واحدا، لأنّ القضاء لايحول ولا يزول(2).

أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي مثله وزاد في اخره: أبدا(3).

5083 - بصائر الدرجات: حدثنا محمّد بن موسى، عن موسى الحلبيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) إذا ورد عليه ما ليس في كتاب اللّه ولا سنّة نبيّه فيرجمه فيصيب ذلك وهي المعضلات(4).

البحار - بيان: ليس المراد بالرجم هنا القول بالظن بل القول بالهامه تعالى.

5084 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن يونس بن عبدالرحمن، عن حفص بن قرط قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: كان عليّ (عليه السّلام) يعلم الخبر الحلال والحرام ويعلم القرآن، ولكلّ

ص:512


1- - ما رأيت عليا - أمالي المفيد.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 64 ح 94. منه البحار: ج 40 ص 242.
3- (3) - أمالي المفيد: ص 286 ح 5. منه البحار: ج 2 ص 171.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 410 ح 7. منه البحار: ج 2 ص 177.

شيء منهما حدّ(1).

البحار - بيان: في بعض النسخ «الخير» بالياء المنقّطة بنقطتين، أي جميع الخيرات من الحلال والحرام، وفي بعضها بالباء الموحّدة، أي أخبار الرسول (صلّى اللّه عليه وآله) في الحلال والحرام.

5085 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن نوح بن شعيب، عن عليّ بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: جاءت امرأة إلى عمر فقالت: إنّي زنيت فطهرني، فأمر بها أن ترجم.

فاخبر بذلك امير المؤمنين (عليه السّلام) فقال: كيف زنيت؟

فقالت: مررت بالبادية فأصابني عطش شديد فاستسقيت أعرابيا فأبى أن يسقيني إلّا أن امكنه من نفسي فلمّا أجهدني العطش وخفت على نفسي سقاني فأمكنته من نفسي.

فقال امير المؤمنين (عليه السّلام): تزويج وربّ الكعبة(2) و(3).

5086 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليّ، عن زكريّا المؤمن، عن ابن مسكان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ رجلا أتى بامرأته إلى عمر فقال: إنّ امرأتي هذه سوداء وأنا أسود وإنّها ولدت غلاما أبيض.

ص:513


1- - المحاسن: ص 273 ح 374. منه البحار: ج 2 ص 170.
2- (2) - لعلّ المراد والمعنى بهذا الخبر أن الاضطرار يجعل هذا الفعل بحكم التزويج، ويخرجه عن الزّنا. (مرآة العقول).
3- (3) - الكافي: ج 5 ص 467 ح 8.

فقال لمن بحضرته: ماترون؟

فقالوا: نرى أن ترجمها فإنّها سوداء وزوجها أسود وولدها أبيض.

قال: فجاء أمير المؤمنين (عليه السّلام) وقد وجّه بها لترجم.

فقال: ما حالكما؟ فحدّثاه.

فقال للاسود: أتتّهم امرأتك؟

فقال: لا.

قال: فأتيتها وهي طامث؟

قال: قد قالت لي في ليلة من اللّيالي: إنّي طامث فظننت أنّها تتّقي البرد(1) فوقعت عليها.

فقال للمرأة: هل أتاك وأنت طامث؟

قالت: نعم سله قد حرّجت عليه وأبيت.

قال: فانطلقا فانّه ابنكما وإنّما غلب الدّم النطفة فابيضّ ولو قد تحرّك اسوّد، فلمّ ما أيفع اسودّ(2) و(3).

5087 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبان بن عثمان، عن أبي اسامة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال عمر على المنبر: ما تقولون يا أصحاب محمّد في تطليق الامة؟ فلم يجبه أحد.

ص:514


1- - أي تتقي الغسل لبرودة الهواء أو الماء.
2- (2) - أيفع الغلام فهو يافع اذا شارف الاحتلام ولمّا يحتلم. (النهاية).
3- (3) - الكافي: ج 5 ص 566 ح 46.

فقال: ما تقول ياصاحب البرد المعافريّ (1) - يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام) - فأشار بيده تطليقتان(2).

5088 - الكافي - التهذيب: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن يزيد، عن أبي المعلى(3)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: اتي عمر بن الخطاب بامرأة قد تعلقت برجل من الانصار وكانت تهواه ولم تقدر [له] على حيلة فذهبت فاخذت بيضة فاخرجت منها الصفرة وصبت البياض على ثيابها [و] بين فخذيها ثم جاءت إلى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين ان هذا الرجل [قد] اخذني في موضع كذا وكذا ففضحني.

قال:(4) فهمّ عمر أن يعاقب الأنصاري، فجعل الانصاري يحلف وأمير المؤمنين (عليه السّلام) جالس ويقول: يا أمير المؤمنين تثبّت في امري، فلمّا اكثر الفتى قال عمر لأمير المؤمنين (عليه السّلام): يا أبا الحسن ما ترى؟

فنظر أمير المؤمنين الى بياض على ثوب المرأة وبين فخذيها فاتهمها أن تكون احتالت لذلك فقال: ائتوني بماء حار قد اغلي غليانا(5)

شديدا، ففعلوا فلما اتي بالماء أمرهم فصبّوا على موضع البياض فاشتوى ذلك البياض فأخذه أمير المؤمنين (عليه السّلام) فألقاه في فيه

ص:515


1- - البرد المعافري: هي برود باليمن منسوبة إلى معافر، وهي قبيلة باليمن. (النهاية).
2- (2) - الكافي: ج 6 ص 170 ح 3.
3- (3) - عن أبي العلا - التهذيب.
4- (4) - فقال - التهذيب.
5- (5) - غليا - خصائص أمير المؤمنين.

فلمّا عرف طعمه(1) ألقاه من فيه، ثم أقبل على المرأة حتى أقرّت(2) بذلك ودفع اللّه (عزّوجلّ) عن الانصاري عقوبة عمر(3).

خصائص أمير المؤمنين (عليه السّلام): ابو أيّوب المدني، عن محمّد بن أبي عمير مثله(4).

مستدرك الوسائل: رواه أبو الفتح الكراجكي في (كنز الفوائد) باختلاف في الالفاظ، وفي آخره: «فلمّا اتي بالماء الحار، أمر أن يلقى على ثوبها، فالقى فانسلق بياض البيض وظهر أمره، فأمر رجلين من المسلمين فيطعماه ويلقياه، ليقع العلم اليقين به، ففعلاه فرأياه بيضا، فخلى الغلام، وأمر بالمرأة فأوجعها أدبا»(5).

5089 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: اتي عمر بامرأة تزوّجها شيخ(6) فلمّا ان واقعها مات على بطنها فجاءت بولد فادعى بنوه انها فجرت وتشاهدوا عليها فأمر بها عمر أن ترجم فمر بها علي (عليه السّلام).

فقالت: يابن عم رسول اللّه ان لي حجة.

ص:516


1- - الطعم - خصائص أمير المؤمنين.
2- (2) - على المرأة فسألها حتّى أقرّت - خصائص أمير المؤمنين.
3- (3) - الكافي: ج 7 ص 422 ح 4 - التهذيب: ج 6 ص 30 4 ح 848.
4- (4) - خصائص أمير المؤمنين: ص 57. منه المستدرك: ج 17 ص 387.
5- (5) - مستدرك الوسائل: ج 17 ص 387.
6- (6) - وزوجها شيخ - التهذيب.

فقال: هاتي حجّتك فدفع اليه كتابا فقرأه فقال: هذه المرأة تعلمكم بيوم تزوجها ويوم واقعها [و] كيف كان جماعه لها، ردّوا المرأة.

فلمّا ان كان من الغد دعا بصبيان اتراب ودعا بالصبيّ معهم فقال لهم: العبوا، حتى إذا الهاهم اللعب قال لهم: اجلسوا [فجلسوا] حتى إذا تمكنوا صاح بهم فقام الصبيان وقام الغلام فاتكى على راحتيه فدعا به علي (عليه السّلام) وورّثه من أبيه وجلد اخوته المفترين حدا حدا(1).

فقال له عمر: كيف صنعت؟

قال (عليه السّلام): عرفت ضعف الشيخ في اتكاء الغلام على راحتيه(2).

التهذيب: أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي مثله(3).

5090 - الكافي - التهذيب: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبداللّه بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) إنّ رجلا أقبل على عهد علي (عليه السّلام) من الجبل حاجا ومعه غلام له فأذنب فضربه مولاه فقال: ما أنت مولاي بل أنا مولاك.

قال: فما زال ذا يتوعّد ذا وذا يتوعّد ذا(4) ويقول: كما أنت حتى نأتي الكوفة ياعدو اللّه فاذهب بك إلى امير المؤمنين (عليه السّلام).

فلما أتيا الكوفة أتيا أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال الذي ضرب

ص:517


1- - اخوته حدّ المفتري - التهذيب.
2- (2) - الكافي: ج 7 ص 424 ح 7.
3- (3) - التهذيب: ج 6 ص 306 ح 850.
4- (4) - ذا يتواعد ذا وذا يتواعد ذا - التهذيب.

الغلام: أصلحك اللّه هذا غلام لي وانه اذنب فضربته فوثب عليّ، وقال الآخر: هو واللّه غلام لي، إنّ أبي أرسلني معه ليعلمني وانه وثب عليّ يد عيني ليذهب بمالي.

قال: فأخذ هذا يحلف وهذا يحلف وهذا يكذّب هذا وهذا يكذّب هذا(1).

قال: فقال: انطلقا فتصادقا في ليلتكما(2) هذه ولا تجيآني إلاّ بحق [قال:] فلمّا أصبح أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال لقنبر: أثقب في الحائط ثقبين، قال: وكان إذا اصبح عقّب حتّى تصير الشمس على رمح يسبح، فجاء الرجلان واجتمع الناس فقالوا:(3) لقد وردت عليه(4)

قضية ما ورد عليه مثلها لايخرج(5) منها [فقال لهما: ما تقولان؟

فحلف هذا أنّ هذا عبده وحلف هذا ان هذا عبده](6).

فقال لهما: قوما فاني لست اراكما تصدقان ثمّ قال لاحدهما.

ادخل رأسك في هذا الثقب ثمّ قال للآخر: ادخل رأسك في هذا الثقب ثم قال: يا قنبر عليّ بسيف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عجّل اضرب رقبة العبد منهما.

قال: فأخرج الغلام رأسه مبادرا ومكث الاخر في الثقب.

ص:518


1- - وذا يكذب هذا وذا يكذب هذا - التهذيب.
2- (2) - فانطلقا فتصادقا في ليلتكم - التهذيب.
3- (3) - فقال - التهذيب.
4- (4) - علينا - التهذيب، وكذا في المورد التالي.
5- (5) - لاتخرّج - التهذيب.
6- (6) - ما بين المعقوفتين ليس في التهذيب.

فقال عليّ (عليه السّلام) للغلام: ألست تزعم أنك لست بعبد؟

فقال: بلى ولكنه ضربني وتعدي عليّ.

قال: فتوثق له امير المؤمنين (عليه السّلام) ودفعه إليه(1).

5091 - خصائص أمير المؤمنين (عليه السّلام): روي عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه قال: ادعى على عهد أمير المؤمنين (عليه السّلام) رجلان كل واحد على صاحبه أنه مملوكه، ولم يكن بينهما بيّنة، فبنى لهما بيتا وجعل لهما كوّتين قريبة احداهما من الأخري، وادخلهما البيت وأخرج رأسيهما من الكوتين، وقال لقنبر: قم عليهما بالسيف، فاذا قلت لك: اضرب عنق المملوك، فأفزعهما ولا تضربن أحدا منهما، ثم قال له: اضرب عنق المملوك، فهز قنبر السيف، فأدخل احدهما رأسه وبقي رأس الاخر خارجا من الكوة، فدفع الذي أدخل رأسه إلى صاحبه، وقال له: اذهب فانه مملوكك(2).

5092 - الكافي - التهذيب: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

اتي عمر بن الخطاب بجارية قد شهدوا عليها انها بغت وكان من قصّتها: انها كانت يتيمة عند رجل وكان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله فشبّت اليتيمة فتخوفت المرأة أن يتزوّجها زوجها، فدعت بنسوة حتى أمسكنها فأخذت عذرتها باصبعها، فلما قدم زوجها من غيبته رمت المرأة اليتيمة(3) بالفاحشة وأقامت البينة من جاراتها اللائي

ص:519


1- - الكافي: ج 7 ص 425 ح 8. التهذيب: ج 6 ص 307 ح 851
2- (2) - خصائص أمير المؤمنين: ص 61. منه المستدرك: ج 17 ص 391.
3- (3) - اليتيمة المرأة - التهذيب.

ساعدتها(1) على ذلك، فرفع ذلك الى عمر فلم يدر كيف يقضي فيها ثمّ قال للرجل: ائت علي بن أبي طالب (عليه السّلام) واذهب بنا إليه، فأتوا(2) عليا (عليه السّلام) وقصّوا عليه القصة.

فقال لامرأة الرجل: ألك بينة أو برهاد؟

قالت: لي شهود هؤلاء جاراتي يشهدن عليها بما أقول فأحضرتهن، فأخرج(3) علي بن أبي طالب (عليه السّلام) السّيف من غمده فطرح بين يديه، وأمر بكل واحدة منهن فادخلت بيتا.

ثمّ دعا بامرأة الرجل فادارها بكل وجه فأبت ان تزول عن قولها فردها الى البيت الذي كانت فيه، ودعا احدى الشهود وجثا على ركبتيه ثم قال: تعرفيني أنا علي بن أبي طالب وهذا سيفي وقد قالت امرأة الرجل ما قالت ورجعت الى الحق وأعطيتها الأمان وان لم تصدقيني لأملأن(4) السيف منك.

فالتفت(5) الى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين الامان عليّ.

فقال لها امير المؤمنين (عليه السّلام):(6) فاصدقي.

فقالت: لا والله، إلا انها رأت جمالا وهيئة فخافت فساد زوجها [عليها] فسقتها المسكر ودعتنا فامسكناها فافتضتها باصبعها.

فقال علي (عليه السّلام): اللّه أكبر انا أوّل من فرّق بين

ص:520


1- - اللاتي ساعدنها - التهذيب.
2- (2) - فأتى - التهذيب.
3- (3) - واحضرتهن، واخرج - التهذيب.
4- (4) - لأمكنن - التهذيب.
5- (5) - فالتفتت - التهذيب.
6- (6) - الامان على الصدق فقال لها علي (عليه السّلام) - التهذيب.

الشّاهدين(1) الاّ دانيال النبي (صلوات اللّه عليه) فألزم(2) علي (عليه السّلام) [المرأة] حد القاذف والزمهن جميعا العقر وجعل عقرها أربعمائة درهم وأمر المرأة أن تنفى من الرجل ويطلقها زوجها وزوّجه الجارية وساق عنه علي (عليه السّلام) [المهر].

فقال عمر: يا أبا الحسن فحدثنا بحديث دانيال.

فقال [علي (عليه السّلام)]: ان دانيال كان يتيما لا ام له ولا أب وان امراة من بني اسرائيل عجوزا كبيرة ضمّته فربته، وإنّ ملكا من ملوك بني اسرائيل كان له قاضيان وكان لهما صديق وكان رجلا صالحا وكانت له امرأة ذات بهيّة جميلة(3)، وكان يأتي الملك فيحدثه واحتاج(4)

الملك الى رجل يبعثه في بعض اموره فقال للقاضيين: اختارا رجلا أرسله في بعض اموري.

فقالا: فلان، فوجهه الملك.

فقال الرجل للقاضيين: أوصيكما بامرأني خيرا.

فقالا: نعم، فخرج الرجل فكان القاضيان يأتيان باب [الرجل] الصديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت.

فقالا لها: واللّه لئن لم تفعلي لنشهدن عليك عند الملك بالزنا ثم لنرجمنك.(5)

ص:521


1- - بين الشهود - التهذيب.
2- (2) - والزمهن - التهذيب.
3- (3) - امرأة ذات هيئة جميلة - التهذيب.
4- (4) - فاحتاج - التهذيب.
5- (5) - بالزّنا ليرجمنك - التهذيب.

فقالت: افعلا ما احببتما فأتيا الملك فاخبراه وشهدا عنده انها بغت، فدخل الملك من ذلك امرّ عظيم واشتدّ بها غمّه وكان بها معجبا فقال لهما: إن قولكما مقبول ولكن ارجموها بعد ثلاثة ايام، ونادي في البلد الذي هو فيه احضروا قتل فلانة العابدة فانها قد بغت فان(1)

القاضيين قد شهدا عليها بذلك، فأكثر(2) الناس في ذلك، وقال الملك لوزيره: ما عندك في هذا من حيلة؟

فقال: ما عندي في ذلك من شيء فخرج الوزير يوم الثالث وهو اخر ايامها فاذا هو بغلمان عراة يلعبون وفيهم دانيال (عليه السّلام) وهو لايعرفه.

فقال دانيال: يا معشر الصبيان تعالوا حتى اكون أنا الملك وتكون أنت يا فلان العابدة ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب وقال للصبيان: خذوا بيد هذا فنحوه الى مكان كذا وكذا وخذوا بيد هذا فنحوه الى مكان كذا وكذا، ثم دعا باحدهما وفقال له:(3) قل حقا فانك ان لم تقل حقا قتلتك [بم تشهد؟] - والوزير قائم ينظر ويسمع -.(4)

فقال: اشهد انها بغت.

فقال (عليه السّلام): متى؟

قال: يوم كذا وكذا.

ص:522


1- - وان - التهذيب.
2- (2) - وا كثر - التهذيب.
3- (3) - فقال له - التهذيب.
4- (4) - قال - التهذيب.

فقال: ردوه الى مكانه وهاتوا الآخر، فردوه الى مكانه وجاؤا بالآخر.

فقال له: بما تشهد؟

فقال: اشهد انها بغت.

قال: متى؟

قال: يوم كذا وكذا.

قال: مع من؟

قال: مع فلان بن فلان.

قال: واين؟

قال: بموضع(1) كذا وكذا فخالف [أحدهما] صاحبه.

فقال دانيال (عليه السّلام): اللّه اكبر شهدا بزور، يافلان ناد في الناس انهما شهدا على فلانة بزور فاحضروا قتلهما، فذهب الوزير الى الملك مبادرا فاخبره الخبر فبعث الملك الى القاضيين فاختلفا كما اختلف الغلامان، فنادى الملك في النّاس وأمر بقتلهما(2).

5093 - الاختصاص: أبو أحمد، عن رجل، عن أبي عبداللّه أو أبي جعفر (عليهما السّلام)، قال: اجتمع رجلان يتغديان، مع أحد(3)

ثلاثة أرغفة، ومع واحد خمسة أرغفة، قال: فمر بهما رجل فقال.

السلام عليكما.

فقالا: وعليك السلام، الغداء رحمك اللّه.

ص:523


1- - موضع - التهذيب.
2- (2) - الكافي: ج 7 ص 425 ح 9 - التهذيب: ج 6 ص 308 ح 852
3- (3) - مع واحد - مستدرك الوسائل.

قال: فقعد وأكل معهما، فلمّا فرغ قام فطرح إليهما ثمانية دراهم، فقال: هذه عوض لكما بما أكلت من طعامكما.

قال: فتنازعا بها.

فقال صاحب الثلاثة: النصف لي والنصف لك، وقال صاحب الخمسة: لي خمسة بقدر خمستي، ولك ثلاثة بقدر ثلاثتك، فابيا وتنازعا حتى ارتفعا الى أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فاقتصا عليه القصّة.

فقال (عليه السّلام): ان هذا الأمر الذي أنتما فيه دنيء، ولا ينبغي أن ترفعا فيه الى حكم، ثم أقبل علي (عليه السّلام) الى صاحب الثلاثة فقال: أرى أن صاحبك قد عرض عليك أن يعطيك ثلاثة، وخبزه أكثر من خبزك، فارض به.

فقال: لا واللّه يا امير المؤمنين، لا أرضى إلاّ بمر الحق.

قال: فإنّما لك في مرّ الحق درهم، فخذ درهما واعطه سبعة.

فقال: سبحان اللّه يا أمير المؤمنين، عرض عليّ ثلاثة فأبيت، فآخذ واحدا! قال: عرض ثلاثة للصلح، فحلفت أن لاترضى إلاّ بمرّ الحق، وانما لك بمر الحق درهم.

قال: فأوقفني على هذا.

قال: أليس تعلم، أن ثلاثتك تسعة أثلاث؟

قال: بلى.

قال: أوليس تعلم، ان خمسته خمسة عشر ثلثا؟

قال: بلى.

ص:524

قال: فذلك أربعة وعشرون ثلثا، أكلت انت ثمانية، وأكل الضيف ثمانية، وأكل هو ثمانية، فبقي من تسعتك واحد أكله الضيف، وبقي من خمسة عشره سبعة أكلها الضيف، فله بسبعته سبعة، ولك بواحدك الذي أكله الضيف واحدا.(1)

5094 - شرح الأخبار: يحيى بن سعيد، عن عمر بن داود الرقي قال: قال أبو عبداللّه جعفر بن محمّد (صلوات اللّه عليه): مات عقبة ابن عامر الجهني، وترك خيرا كثيرا من الاموال ومواشي وعبيد، وكان له عبدان، يقال لأحدهما: سالم، وللآخر: ميمون، فورثه بنو عمّ له، وأعتقوا العبدين، وجاءت امرأة الى علي (عليه السّلام) تذكر انها امرأة عقبة وأنكرها بنو العم. فشهد لها سالم وميمون، وعدلا وذكرت المرأة أنها حامل.

فقال علي (عليه السّلام): توقف المرأة، فإن جاءت بولد فلا شيء لها ولا للولد من الميراث لانه إنما شهد لها على قولها عبدان لهما، وإن لم تأت بولد فلها الربع لانه شهد لها بالزوجية حرّان قد اعتقهما من يستحق الميراث(2).

أقول: قوله (عليه السّلام): «وعدّلا» الظاهر أنّه على صيغة المجهول، أي: شهد البعض بعدالة العبدين.

ص:525


1- - الاختصاص: ص 107. منه المستدرك: ج 17 ص 395.
2- (2) - شرح الاخبار: ج 2 ص 328 ح 671.

من مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام،

[باب (1)] الإمام علي عليه السلام والتقوى

5095 - الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن الحسن الصيقل قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ وليّ عليّ (عليه السّلام) لايأكل إلاّ الحلال(1) لانّ صاحبه كان كذلك، وإنّ وليّ عثمان لايبالي أحلالا أكل أو حراما لانّ صاحبه كذلك.

قال: ثمّ عاد إلى ذكر عليّ (عليه السّلام) فقال: أما والّذي ذهب بنفسه ما أكل من الدّنيا حراما قليلا ولا كثيرا حتّى فارقها، ولا عرض له أمران كلاهما للّه طاعة إلاّ أخذ بأشدهما على بدنه، ولا نزلت برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) شديدة قطّ إلاّ وجّهه فيها ثقة به، ولا أطاق أحد من هذه الامّة عمل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)

ص:526


1- - يفهم منه أن من يأكل الحرام فهو ليس من أوليائه وشيعته (عليه السّلام). (مرآة العقول).

بعده غيره، ولقد كان يعمل عمل رجل كأنّه ينظر إلى الجنّة والنار، ولقد أعتق ألف مملوك من صلب ماله كلّ ذلك تحفى فيه يداه(1) وتعرق جبينه التماس وجه اللّه (عزّوجلّ) والخلاص من النار، وما كان قوته إلّا الخلّ والزّيت وحلواه التمر إذا وجده و ملبوسه الكرابيس، فإذا فضل عن ثيابه شيء دعا بالجلم فجزّه(2) و(3).

5096 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبداللّه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يسلّم على النساء ويرددن عليه وكان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يسلّم على النساء وكان يكره أن يسلّم على الشابّة منهنّ ويقول: أتخوّف أن يعجبني صوتها فيدخل عليّ أكثر ممّا طلبت من الاجر(4).

قال العلامة المجلسي (رحمه اللّه): لعلّه (عليه السّلام) إنّما فعل ذلك وقال ما قال تعليما للأمة.

باب (2) الإمام علي عليه السلام والزهد

5097 - الغارات: لإبراهيم بن محمد الثقفي رفعه عن جعفر بن

ص:527


1- - حفى من كثرة المشي حتى رقّت قدمه من باب تعب. (المصباح) وتحفّى في الشيء: اجتهد.
2- (2) - الجلم: المقراض. (أقرب الموارد).
3- (3) - الكافي: ج 8 ص 163 ح 173.
4- (4) - الكافي: ج 5 ص 535 ح 3.

محمد (عليهما السّلام) قال: اتي عليّ (عليه السّلام) بخبيص(1) فأبى أن يأكله.

قا لوا: تحرمه؟

قال: لا، ولكنّي أخشى أن تتوق إليه نفسي، ثمّ تلا: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا (2) و(3).

5098 - شرح الاخبار: سعيد بن كلثوم قال: كنت عند أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فذكر علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فقال: واللّه ما أكل من الدنيا حراما قط حتى مضى لسبيله، وما عرض عليه أمران هما رضاء اللّه إلاّ أخذ بأشدهما عليه في دينه [وما نزلت] برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) نازلة [قط] الاّ ودعاه يقدمه أمامه لها ثقة به، وما أطاق عمل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من هذه الأمة غيره، وأنه كان ليعمل عمل رجل كان وجهه بين الجنة والنار يرجو ثواب هذه ويخاف عقاب هذه. ولقد أعتق من ماله ألف مملوك ابتغاء وجه اللّه، والنجاة من النار مما كدّ فيه بيده ورشح فيه جبينه، وأنه كان ليقوت بالخل والزبيب والعجوة، وما كان لباسه إلاّ الكرابيس، إذا فضل شيء من يده من كمّه قطعه بالجلم، وما أشبهه من أهل بيته أحد، وان كان أقرب القوم شبها في أحواله وأفعاله علي بن الحسين (عليه السّلام)(4).

ص:528


1- - الخبيص: هو طعام معمول من التمر والزبيب والسمن. (مجمع البحرين).
2- (2) - الاحقاف 46:20.
3- (3) - الغارات: ج 1 ص 90.
4- (4) - شرح الاخبار: ج 3 ص 271 ح 1175.

5099 - الغارات: عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: أعتق علي (عليه السّلام) ألف مملوك ممّا عملت يداه، وإنّما كان حلواه.

التمر واللبن، وثيابه الكرابيس.

وتزوّج (عليه السّلام) ليلى فجعل له حجلة فهتكها وقال: حسب أهل عليّ ما هم فيه(1).

أقول: كان الإمام امير المؤمنين (عليه السّلام) ينتهج اسلوب الزّهد والبساطة في حياته، كما هو شأن أولياء اللّه حيث ينظرون إلى الأمور المادّية بنظرة التحقير والتصغير، ويكون إهتمامهم بالمعنويّات.

وعندما تزوّج (عليه السّلام) ليلى بنت مسعود النهشلية ضربت له في داره حجلة - وهي ستر يضرب للعروس في جوف البيت (المنجد) - فجاء (عليه السّلام) وهتك الحجلة وقال: حسب أهل علي ما هم فيه، أي: يكفينا ما نحن فيه.

ولا نعلم - بالضبط - ظروف هذا الزّواج، فلعلّه كان في أيّام الحروب الداخلية التي أقامها أصحاب المطامع والأهواء ضدّ الإمام (سلام اللّه عليه).

فالإنسان الذي يقوم بتصفية العناصر المنحرفة - التي لاتريد من الإسلام إلاّ المظاهر والمصالح - لابدّ أن تكون حياته الشخصية بعيدة عن هذه المظاهر الماديّة.

5100 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبداللّه، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرّة، عن أبي عبداللّه (عليه

ص:529


1- - الغارات: ج 1 ص 92. منه البحار: ج 70 ص 119. وفيه: «احبّ أهلي على ما هم فيه» والظاهر أنّه تصحيف.

السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) يضرب بالمرّ(1)

ويستخرج الأرضين. وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يمصّ النوى بفيه ويغرسه فيطلع من ساعته، وإنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) أعتق ألف مملوك من ماله وكدّ يده(2).

5101 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، وسلمة صاحب السابريّ، عن أبي اسامة زيد الشحّام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) أعتق ألف مملوك من كدّ يده(3).

المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله(4).

5102 - مناقب آل أبي طالب: معاوية بن عمّار، عن الصادق (عليه السّلام) قال: كان عليّ (عليه السّلام) لايأكل ممّا هنا حتّى يؤتى به من ثمّ - يعني الحجاز -(5).

أقول: لعلّ المعنى أنّه (عليه السّلام) ما كان يأكل إلاّ من ماله الذي في الحجاز ولا يتصرّف في أموال المسلمين مع حقّه فيها.

وسوف يأتي - بعد قليل - حديث آخر يؤكد هذا المعنى.

5103 - مناقب آل أبي طالب: [في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

ص:530


1- - في القاموس المر - بالفتح -: كالمسحاة. (ا ه -) وهي مايقال لها بالفارسية: بيل. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 5 ص 74 ح 2.
3- (3) - الكافي: ج 5 ص 74 ح 4.
4- (4) - المحاسن: ص 624 ح 80.
5- (5) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 98. منه البحار: ج 40 ص 325.

لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ (1)، قال] أبو عبدالله (عليه السّلام): نزلت في عليّ وبلال وعثمان بن مظعون، فأمّا عليّ فإنّه حلف أن لاينام باللّيل أبدا، إلاّ ما شاء اللّه، وأمّا بلال فإنّه حلف أن لايفطر بالنّهار أبدا، وأمّا عثمان بن مظعون فإنّه حلف أن لاينكح أبدا(2).

5104 - الغارات: حدثنا محمّد قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا ابراهيم قال: وحدّثني ابراهيم بن العبّاس قال: حدثنا ابن المبارك، عن بكر بن عيسى، قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن علي، عن أبيه (عليهم السّلام) قال: كان عليّ (عليه السّلام) يطعم الناس بالكوفة الخبز واللحم وكان له طعام على حدة. فقال قائل من الناس: لو نظرنا إلى طعام أمير المؤمنين ما هو؟. فأشرفوا عليه وإذا طعامه ثريدة بزيت مكلّلة بالعجوة(3). وكان ذلك طعامه وكانت العجوة تحمل إليه من المدينة(4).

أقول: الظاهر أنّ التمر المحمول إليه من المدينة كان من ماله الخاصّ، وما كان يأكل من مال المسلمين مع حقه فيه - كما ذكرنا قبل قليل -.

5105 - المحاسن: البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن حمّاد بن عثمان، عن زيد بن الحسن قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام)

ص:531


1- - المائدة 5:87.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 100. منه البحار: ج 40 ص 328.
3- (3) - العجوة: ضرب من أجود التمر بالمدينة. (أقرب الموارد).
4- (4) - الغارات: ج 1 ص 85.

يقول: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) أشبه النّاس طعمة برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يأكل الخبز والخلّ والزيت ويطعم الناس الخبز واللّحم(1).

5106 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن زيد بن الحسن قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: كان عليّ (عليه السّلام) أشبه الناس طعمة وسيرة برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وكان يأكل الخبز والزيت ويطعم الناس الخبز واللّحم، قال: وكان عليّ (عليه السّلام) يستقي ويحتطب وكانت فاطمة (عليها السّلام) تطحن وتعجن وتخبز وترقع وكانت من أحسن الناس وجها كأنّ وجنتيها وردتان(2) صلّى اللّه عليها وعلى أبيها وبعلها وولدها الطاهرين(3).

5107 - الغارات: حدثن ما محمّد، قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا ابراهيم، قال: أخبرني يوسف بن كليب بن عبدالملك، عن أبي عبيدة، عن عبداللّه بن مسعود، عن معاوية بن عمّار قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن عليّ (عليهم السّلام) قال: ما اعتلج على عليّ (عليه السّلام) أمران للّه قطّ إلاّ أخذ باشدّهما. ومازال عندكم يأكل ممّا عملت يده يؤتى به من المدينة وان كان ليأخذ السويق فيجعله في الجراب ثمّ يختم عليه مخافة أن يزاد فيه من غيره. ومن كان أزهد في الدّنيا من علي (عليه السّلام)؟!(4).

ص:532


1- - المحاسن: ص 483 ح 525. منه البحار: ج 40 ص 330.
2- (2) - الوجنة: ما ارتفع من الخدين. (أقرب الموارد).
3- (3) - الكافي: ج 8 ص 165 ح 176.
4- (4) - الغارات: ج 1 ص 81.

5108 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق قال: حدثنا محمّد بن الحسن الطاريّ، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشّاب قال: حدثنا محمّد بن محسن، عن المفضّل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام): واللّه ما دنياكم عندي إلاّ كسفر(1) على منهل حلّوا، إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا، ولا لذاذتها في عيني إلّا كحميم أشربه غسّاقا وعلقم أتجرّعه زعاقا وسمّ أفعى أسقاه دهاقا وقلادة من نار أوهقها خناقا، ولقد رقعت مدرعتى هذه حتّى استحييت من راقعها وقال لي اقذف بها قذف الأتن، لايرتضيها ليرقعها فقلت له: اعزب عنّي.

فعند الصباح يحمد القوم السّري وتنجلي عنّا علالات الكري

ولو شئت لتسربلت بالعبقريّ المنقوش من ديباجكم، ولأكلت لباب هذا البرّ بصدور دجاجكم، ولشربت الماء الزّلال برقيق زجاجكم، ولكنّي أصدق اللّه جلّت عظمته حيث يقول: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَ هُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ * أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النّارُ (2) فكيف أستطيع الصبر

ص:533


1- - السفر: هو من سفر الرجل أي خرج للارتحال فهو سافر والجمع سفر، والسفر والمسافرون بمعنى. (مجمع البحرين).
2- (2) - هود 11:15 و 16.

على نار لو قذفت بشررة إلى الأرض لاحرقت نبتها ولو اعتصمت نفس بقلّة لانضجها وهج النار في قلّتها، وأيّما خير لعليّ؟! أن يكون عند ذي العرش مقرّبا؟ أو يكون في لظى خسيئا مبعدا، مسخوطا عليه بجرمه مكذّبا؟ واللّه لان أبيت على حسك السّعدان مرقّدا وتحتي أطمار على سفاها ممدّدا، أواجرّ في أغلالي مصفّدا أحبّ إليّ من أن ألقى في القيامة محمّدا خائنا في ذي يتمة أظلمه بفلسة متعمّدا ولم أظلم اليتيم وغير اليتيم لنفس تسرع إلى البلاء قفولها، ويمتدّ في أطباق الثرى حلولها وإن عاشت رويدا فبذي العرش نزولها.

معاشر شيعتي احذروا فقد عضّتكم الدّنيا بأنيابها، تختطف منكم نفسا بعد نفس كذئابها، وهذه مطايا الرحيل قد انيخت لركابها، ألا إنّ الحديث ذو شجون فلا يقولنّ قائلكم إنّ كلام عليّ متناقض لأنّ الكلام عارض. ولقد بلغني أنّ رجلا من قطّان المدائن تبع بعد الحنيفيّة علوجه ولبس من نالة دهقانه منسوجه، وتضمّخ بمسك هذه النوافج صباحه، وتبخّر بعود الهند رواحه، وحوله ريحان حديقة يشمّ تفّاحه، وقد مدّ له مفروشات الرّوم على سرره، تعسا له بعد ما ناهز السبعين من عمره، وحوله شيخ يدبّ على أرضه من هرمه، وذو يتمة تضوّر من ضرّه ومن قرمه فما واساهم بفاضلات من علقمه، لئن أمكنني اللّه منه لأخضمنّه خضم البرّ، ولا قيمنّ عليه حدّ المرتدّ، ولأضربنّه الثمانين بعد حدّ، ولأسدّنّ من جهله كلّ مسدّ تعسا له أفلا شعر؟ أفلاصوف؟

أفلا وبر؟ أفلارغيف قفار اللّيل إفطار مقدم (أفلا رغيف قفار لليل إفطار معدم) أفلا عبرة على خدّ في ظلمة ليال تنحدر؟ ولو كان مؤمنا لاتّسقت له الحجّة إذا ضيّع ما لايملك.

ص:534

واللّه لقد رأيت عقيلا أخي وقد أملق حتّى استماحني من برّكم صاعة، وعاودني في عشر وسق من شعيركم يطعمه جياعه، ويكاد يلوي ثالث أيّامه خامصا ما ستطاعه؟؟؟، ورأيت أطفاله شعث الالوان من ضرّهم، كأنّما اشمازّت وجوههم من قرّهم.

فلمّا عاودني في قوله وكرّره اصغيت إليه سمعي فغرّه، وظنّني اوتغ ديني فأتّبع ما سرّه أحميت له حديدة لينزجر إذ لايستطيع منها دنوا ولا يصبر، ثمّ أدنيتها من جسمه، فضجّ من ألمه ضجيج ذي دنف يئنّ من سقمه، وكاد يسبّني سفها من كظمه، ولحرقة في لظى أضنى له من عدمه، فقلت له: ثكلتك الثّواكل ياعقيل أتئنّ من حديدة أحماها إنسانها لمدعبه، وتجرّني إلى نار سجرها جبّارها من غضبه أتئنّ من الأذى ولا أئنّ من لظى، والله لو سقطت المكافأة عن الأمم، وتركت في مضاجعها باليات في الرّمم لاستحييت من مقت رقيب يكشف فاضحات من الاوزار تنسّخ، فصبرا على دنيا تمرّ بلوائها(1)، كليلة بأحلامها تنسلخ، كم بين نفس في خيامها ناعمة. وبين أثيم في جحيم يصطرخ ولا تعجب من هذا.

وأعجب بلاصنع منّا من طارق طرقنا بملفوفات زمّلها في وعائها، ومعجونة بسطها في إنائها، فقلت له: أصدقة أم نذر أم زكاة؟

وكلّ [ذلك](2) يحرم علينا أهل بيت النبوّة، وعوّضنا منه خمس ذي القربى في الكتاب والسنّة.

فقال لي: لاذاك ولا ذاك ولكنّه هديّة.

ص:535


1- - بلأوائها - البحار.
2- (2) - ما بين المعقوفتين من البحار وكذا في بقية الموارد.

فقلت له: ثكلتك الثّواكل أفعن دين اللّه تخدعني: بمعجونة غرّقتموها بقندكم وخبيصة صفراء أتيتموني بها بعصير تمركم، أمختبط أم ذو جنّة، أم تهجر؟ أليست النفوس عن مثقال حبّة من خردل مسؤولة، فماذا أقول في معجونة أتزقّمها معمولة، والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها واسترقّ [لي] قطّانها(1) مذعنة باملاكها على أن أعصي اللّه في نملة أسلبها شعيرة فألوكها ما قبلت ولا أردت، ولدنياكم أهون عندي من ورقة في فم جرادة تقضمها، وأقذر عندي من عراقة خنزير يقذف بها أجذمها، وأمرّ على فؤآدي من حنظلة يلوكها ذو سقم فيبشمها. فكيف أقبل ملفوفات عكمتها في طيّها، ومعجونة كأنّها عجنت بريق حيّة أوقيئها.

اللهمّ [إنّي] نفرت عنها نفار المهرة من راكبها(2) - «اريه السّها ويريني القمر» ءأمتنع من وبرة من قلوصها ساقطة وأبتلع إبلا في مبركها رابطة؟! أدبيب العقارب من وكرها ألتقط؟ أم قواتل الرّقش في مبيتي أرتبط؟ فدعوني أكتفي من دنياكم بملحي وأقراصي، فبتقوى اللّه أرجو خلاصي. ما لعليّ ونعيم يفنى، ولذّة تنتجها (تنحتها) المعاصي.

سألقى وشيعتي ربّنا بعيون سامرة(3) وبطون خماص وَ لِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ (4) ونعوذ باللّه من سيّئات الاعمال، وصلّى اللّه على محمّد وآله(5).

ص:536


1- - قطن في المكان: أقام فيه وتوطّنه. (اقرب الموارد).
2- (2) - نفار المهرة من كيّها - البحار.
3- (3) - بعيون ساهرة - البحار. سامرة: عين لم تنم. (أقرب الموارد).
4- (4) - آل عمران 3:141.
5- (5) - أمالي الصدوق: ص 495 ح 7. منه البحار: ج 40 ص 345.

البحار - بيان: الغسّاق - بالتخفيف والتشديد -: ما يسيل من صديد أهل النار وغسالتهم، أو ما يسيل من دموعهم. والعلقم: شجر مرّ، ويقال للحنظل ولكلّ شيء مرّ: علقم. والسمّ الزعاق: هو الّذي يقتل سريعا، والماء الزعاق: الملح الغليظ لايطاق شربه. والدهاق.

الممتليء، والوهق - محرّكة ويسكن -: الحبل يرمى به في انشوطة فيؤخذ به الدابّة والإنسان. والمدرعة: القميص. قوله: «قذف الأتن» هو بضمّتين جمع الاتان و هي الحمارة، والتشبيه بقذفها لكونها أشدّ امتناعا للحمل من غيرها، وربّما يقرأ «الابن» - بالباء الموحّدة المفتوحة وضمّ الهمزة -: جمع الابنة وهي العيب والقبيح، فيكون الإضافة إلى المفعول. والعلالة - بالضمّ -: بقيّة كلّ شيء. والكرى: النعاس والنوم، أي من يسير باللّيل يعرضه في اليوم نعاس، لكن ينجلي عنه بعد النوم، فكذلك يذهب مشقّة الطاعات بعد الموت. وفي بعض النسخ «غلالات» بالغين المعجمة جمع الغلالة بالكسر، وهي شعار تلبس تحت الثوب، استعير لما يشتمل الإنسان من حالة النوم، وفي بعض النسخ «غيابات الكرى» كما في مجمع الامثال للميدانيّ، وفي بعضها «عمايات» كما في مستقصى الزمخشريّ، قال الجوهريّ.

الغيابة: كلّ شيء أظلّ الإنسان فوق رأسه، مثل السحابة والغبرة والظلمة ونحو ذلك. وفي النهاية: فيه «في عماية الصبح» أي في بقيّة ظلمة اللّيل.

وقال الميدانيّ: «عند الصباح يحمد القوم السرى» قال المفضّل.

إنّ أوّل من قال ذلك خالد بن الوليد، لمّا بعث إليه أبو بكر وهو باليمامة أن: سر إلى العراق فاراد سلوك المفازة، فقال له رافع الطائيّ.

ص:537

قد سلكتها في الجاهليّة هي خمس للإبل الواردة، ولا أظنّك تقدر عليها إلّا أن تحمل الماء، فاشترى مائة شارف فعطشها، ثمّ سقاها الماء حتّى رويت، ثمّ كتبها وكعم أفواهها، ثمّ سلك المفازة، حتّى إذا مضى يومان وخاف العطش على الناس والخيل، وخشي أن يذهب ما في بطون الإبل نحر الإبل واستخرج ما في بطونها من الماء، فسقى الناس والخيل ومضى، فلمّا كان في اللّيلة الرابعة قال رافع: انظر هل تري بيدرا عظاما فإن رأيتموها وإلّا فهو الهلاك، فنظر الناس فرأوا البيدر، فأخبروه، فكبّر وكبّر الناس، ثمّ هجموا على الماء، فقال خالد.

للّه درّ رافع أن اهتدى فوز من قراقر إلى سرى

خمسا إذا سار به الجيش بكى ما سارها من قبله أيش تري

عند الصباح يحمد القوم السرى وتنجلي عنهم غيابات الكرى

يضرب للرّجل يحتمل المشقّة رجاء الراحة، انتهى.

وقال في المستقصى بعد إيراد المثل: إذا أصبح الّذين قاسوا كذّ السرى وقد خلفوا البعد تبجّحوا بذلك وحمدوا ما فعلوا يضرب في الحثّ على مزاولة الامر بالصّبر وتوطين النفس حتى تحمد عاقبته، قال الجليح.

إنّي إذا الجيش على الكور انثنى لو سأل الماء فدي لأفتدى

ص:538

وقال كم أتعبت قلت قد أرى عند الصباح يحمد القوم السرى

وتنجلي منهم عمايات الكرى

والعبقريّ هو الديباج، وقيل: البسط الوشيّة، وقيل: الطنافس الثخان. قوله (عليه السّلام): «ولو اعتصمت» أي بعد قذف الشررة لو التجأت نفس أيّ رأس جبل لأنضج تلك النفس وهج النّار - بسكون الهاء -: أي اتّقادها وحرّها، والضمير في «قلّتها» للنفس أو للنار، والإضافة للملابسة. والخسيء: الصّاغر والمبعّد، والسعدان: نبت له حسك، و هو من أفضل مراعي الإبل. والأطمار جمع طمر - بالكسر.

وهو الثوب الخلق البالي. والسفا: التراب الّذي تسفيه الرّيح وكلّ شجر له شوك، والضمير في «سفاها» راجع إلى الارض بقرينة المقام أو إلى حسك السّعدان أي ما ألقته الرّياح من تلك الأشجار، وقيل.

«الواو» للحال عن ضمير مرقّدا قدّم للسجع. وأطمار - بكسر الراء - على حذف ياء المتكلم، يريد أطماره الملبوسة له بدون فراش على حدة، والظرف متعلّق بممدّد والضمير في «سفاها» لسعدان، وممدّدا على صيغة اسم المفعول حال اخري عن ضمير أبيت، وفائدة ذكر هذه الفقرة أنّ البيتوتة على حسك السعدان على قسمين: الأوّل البيتوتة على الساقط منه والشدّة فيها قليلة، الثاني البيتوتة عليه حين هو على الشجرة والشدّة فيها عظيمة، ولا سيّما إذا لم يكن مع فراش، وهو المراد هنا.

وفي النهاية: قفل يقفل قفولا: إذا عاد من سفره، وقد يقال للسّفر: قفول للذّهاب والمجيء، انتهى. فالمراد هنا رجوعها من الشباب

ص:539

إلى المشيب الّذي معدّ للبلى والاندراس، أو إلى الآخرة فإنّها المكان الأصليّ، وفيها تبلى الأجساد، ويحتمل أن يكون جمع قفل بالضمّ، فإنّه يجمع على أقفال وقفول، فاستعير هنا لمفاصل الجسد.

قوله (عليه السّلام): «رويدا» أي قليلا. والضمير في قوله «كذئابها» راجع إلى الدّنيا، أي كما تخطّف الذئاب في الدّنيا الاغنام من القطيع. والشجون: الطرق، ويقال: الحديث ذو شجون أي يدخل بعضه في بعض، ذكره الجوهريّ.

والمراد بالتناقض هنا عدم التناسب، ولقد أبدع من حمله على ظاهره وأوّله بأنّ المعنى: لايزعم زاعم أنّه مناقض لكلام آخر له مذكور في الكافي موافقا لقوله تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الآية(1)، كما توهّمه عاصم بن زياد، ومعنى عارض أنّه لايلزم طريقة واحدة بل هو بحسب اقتضاء المقام، فإن كان في مقام بيان حال الامراء حسن فيه ذمّ الزينة وأكل الطيّبات، وإن كان في مقام بيان حال الرعيّة قبح فيه الذمّ المذكور إلاّ إذا لم يكن مؤمنا وافيا بحقوق ماله، كما سيشير إليه انتهى. ولا يخفى مافيه.

والرّجل الّذي ذمّه يحتمل أن يكون معاوية، بل هو الظاهر، فالمدائن جمع المدينة لا النّاحية الموسومة بذلك، والمراد بعلوجه آباءه الكفرة، شبّههم في كفرهم بالعلوج. والنّالة جمع النائل وهو العطاء كالقادة والزّادة، والنال أيضا العطاء، أو هو مصدر بمعنى المفعول، يقال: نلته أناله نيلا ونالة أي أصبته. والضمير في «منسوجه» راجع إلى الدّهقان أو إلى النالة بتأويل، أي ليس من عطايا دهقانه أو ممّا

ص:540


1- - الاعراف 7:32.

أصاب وأخذ منه ما نسجه الدّهقان، أو ما كان منسوجا من عطاياه.

وتضمّخ بالطيب: تلطّخ به. والنوافج جمع نافجة معرّب نافة، ونفح الطيب نفاحا بالضمّ أي فاح ويقال: ناهز الصبيّ البلوغ أي داناه، ذكره الجوهريّ. وقال: دبّ الشيخ أي مشى مشيا رويدا والضمير في أرضه إمّا راجع إلى الشيخ أو الرّجل. وقال الجزريّ: فيه «إنّه دخل على امراة وهي تتضوّر من شدّة الحمّى» أي تتلوي وتصيح وتتقلّب ظهرا لبطن. والضرّ - بالضمّ -: سوء الحال. والقرم: شدّة شهوة اللّحم والعلقم: الحنظل وكلّ شيء مرّ وإنّما شبّه ما يأكله من الحرام بالعلقم لسوء عاقبته، وكثيرا ما يشبّه الحرام في عرف العرب والعجم بسّم الحيّة والحنظل. والخضم: الأكل بأقصى الا ضراس. وضرب الثمانين لشرب الخمر أو قذف المحصنة.

وقوله: «ولأسدّنّ من جهله كلّ مسدّ» كناية عن إتمام الحجّة وقطع أعذاره، أو تضييق الأمر عليه. قوله: أفلارغيف، بالرفع ويجوز في مثله الرفع والنّصب والبناء على الفتح. والقفار - بالفتح -.

ما لا إدام معه من الخبز، واضيف إلى اللّيل وهو صفة للرّغيف وإفطار ومقدم أيضا صفتان له، وفي بعض النسخ «لليل إفطار معدم» فالظرف صفة أخرى لرغيف، وليل مضاف إلى الإفطار المضاف إلى المعدم أي الفقير.

وا لاتّساق: الانتظام. وا لإملاق: الفقر. وا لاستماحة: طلب السماحة والجود. وعاوده بالمسألة أي سأله مرّة بعد أخرى.

قوله: «يكاد يلوي» لعلة من ليّ الغريم وهو مطله أي يماطل أولاده في ثالث الأيّام ما استطاع حال كونه خامصا أي جائعا،

ص:541

والشعث: انتشار الامر. و الأشعث، المغبرّ الرأس. و اشمأزّ الرجل.

انقبض. والقرّ - با لضمّ -: البرد. واوتغ: أهلك. قوله: «فاتّبع» على صيغة المتكلّم أو الغيبة، وعلى الأخير لعلّه إشارة إلى ذهابه إلى معاوية. والسفه: خفّة الحلم، استعمل هنا في مطلق الخفّة، أو استناده إلى الكظم مجازيّ، أو «من» تعليليّة وفيه تقدير مضاف أي بسبب قلّة كظمه للغيظ.

وقوله: «لحرقة» عطف على قوله: «سفها» ولمّا لم يكن الحرقة كالسّفه من فعل السابّ أتى باللاّم. وأضنى أفعل من قولهم: ضني كرضي ضنّا أي مرض مرضا مخامرا كلمّا ظنّ برءه نكس، وهو صفة لحرقة، أي كاد يسبّني لحرقة كانت أمرض له من عدمه الّذي كان به، ويمكن أن يقرأ - بفتح اللاّم -: أي واللّه لحرقة في جهنّم أمضّ وأمرض له من فقره أو في هذه النار فكيف نار دار القرار. وسجرت التنّور أسجره سجرا: أحميته.

قوله: «وتركت» على بناء المجهول أي الامم. والرمم - جمع الرمّة - وهي العظم البالي، وفيه تجريد، والحاصل كونها رميما، وقيل: المراد بالرمّة هنا الارضة يعني أشباهها، والرمّة أيضا النملة ذات الجناحين و «في» بمعنى «مع» نحو فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ (1).

قوله (عليه السّلام): «من مقت رقيب» قال السيّد الداماد: على الإضافة إلى المفعول أي مقتي إيّاه، ولا يخفى ما فيه. وقال (رحمه اللّه): تنسخ بفتح تاء المضارعة وتشديد النون إدغاما لنون الانفعال في نون جوهر الكلمة، وهو مطاوع نسخه ينسخه نسخا كمنعه يمنعه منعا،

ص:542


1- - القصص 28:79.

إمّا من النسخ بمعنى إثبات الشيء ونقل صورته من موضع إلى موضع آخر، ومنه نسخت الكتاب وانتسخته واستنسخته، وفي التنزيل الكريم إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (1) وإمّا من نسخ الشيء أو الحكم بمعنى إبطاله وإزالته بشيء أو حكم آخر يتعقّبه، ومنه ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها (2) وتنسّخ في قوله متعلّقة بفاضحات الامور، ومحلّها النّصب على الحاليّة وأمّا في نظائر ذلك كما في «سمعته يقول» و «رأيته يمشي» فيحتمل الحال والتمييز فليعلم انتهى.

أقول: لعلّ معناه على الثاني ذهاب ثمراتها ولذّاتها.

قوله (عليه السّلام): «فصبرا» أي اصبروا صبرا، والفاء للتفريع.

والباء في قوله: «بلأوائها» بمعنى «مع» واللأواء: الشدّة. والأحلام جمع حلم بالضمّ وبضمّتين وهي الرؤيا، والظرف متعلّق بتنسلخ، والجملة صفة ليلة، وانسلاخ الوقت: مضيّه.

قوله (عليه السّلام): «كم بين نفس» كم للاستفهام التعجّبيّ، والضمير في «خيامها» راجع إلى الجنّة، لكونها معلومة وإن لم يسبق ذكرها. والا صطراخ: الصياح الشديد للاستغاثة.

قوله (عليه السّلام): «بلاصنع منّا» حال عن مفعول أعجب، أي أعجب ممّا صدر من طارق منّا من غير أن يكره منّا فيما فعله مدخل، وفي بعض النسخ «ما صنع» مفعول أعجب و «منّا» فاعل صنع أي رجل منّا، وهذا جائز في «من» التبعيضيّة، و «من» في قوله: «من طارق» بيانيّة، ويحتمل أن يكون صلة التعجّب بدلا من قوله: ما

ص:543


1- - الجاثية 45:29.
2- (2) - البقرة 2:106.

صنع، ثمّ أعجب من قائل قرأ «ما صنع» على بناء المجهول و «منّا» مصدر منّ عليه إذا أنعم، وقال: المصنوع: الطعام كالصنيع، ومنّا مفعول له، ومن طارق صفة منّا.

قوله (عليه السّلام): «زمّلها» أي لفّها قوله (عليه السّلام): «أم نذر» لعلّ المراد كفّارة النذر، ويحتمل أن يكون المراد بالصدقة سائر الكفارات الواجبة، ولو كان المراد الصدقة المستحبّة ففي التحريم تجوّز على المشهور بين الأصحاب. والزّقم: اللّقم الشديد والشرب المفرط.

قوله (عليه السّلام): «مذعنة باملاكها» الضمير راجع إلى القطّان أي معترفة بأنّي أملكها، ويحتمل إرجاعه إلى الأقاليم أي مذعنة بأنّي أملك الأقاليم وليس لهم فيها حقّ. وقوله: «أسلبها» بدل أعصي أو عطف بيان له. واللّوك. العلك، وهو دون المضغ، وقبحه يدلّ على قبح العلك بطريق أولى، وعلى قبح السلب بغير انتفاع أيضا بطريق أولى، لانّ النفس قد تنازع إلى السلب في صورة الانتفاع بخلاف غيرها كما قيل، وفي بعض النسخ «عرادة» مكان «جرادة» وهي الجرادة الانثى، والعراقة - بالضمّ -: العظم إذا أكل لحمه وضمير «بها» للجرادة وضمير «أجذمها» للدنيا أو الجرادة بأدنى ملابسة. والجذام هو الداء المعروف المسري، وفيه من المبالغات في الإنكار ما لايتصوّر فوقها.

وكذا في الحنظلة الّتي مضغها ذو السقم «فبشمها» أي لفظها بغضا وعداوة لها، فلفظه مع اختلال ذائقته يدلّ على كمال مرارته، وملفوظه أقذر من ملفوظ غيره لمرارة فيه ولتوهّم سراية مرضه أيضا.

وعكمت المتاع: شددته، والمراد بالطيّ هنا ما يطوي فيه الشيء، أي المطويّ على الشيء، والضمير راجع إلى الملفوفات. والمهر ولد

ص:544

الفرس. قوله (عليه السّلام): «اريه السها» أي إنّي في وفور العلم ودقّة النظر اري الناس خفايا الامور، وهو يعامل معي معاملة من يخفى عليه أوضح الامور عند إرادة مخادعتي.

قال الزمخشريّ في مستقصى الامثال: «اريها السها وتريني القمر» السها: هو كوكب صغير خفيّ في بنات النعش، وأصله أنّ رجلا كان يكلّم امرأة بالخفيّ الغامض من الكلام، وهي تكلّمه بالواضح البيّن، فضرب السها والقمر مثلا لكلامه وكلامها، يضرب لمن اقترح على صاحبه شيئا فأجابه بخلاف مراده، قال الكميت.

شكونا إليه خراب السواد فحرّم علينا لحوم البقر

فكنّا كما قال من قبلنا اريها السها وتريني القمر

الضمير في «إليه» للحجّاج بن يوسف، شكا إليه أهل السواد خراب السواد وثقل الخراج، فقال: حرّمت عليكم ذبح الثيران، أراد بذلك أنّها إذا لم تذبح كثرت، وإذا كثرت كثرت العمارة وخفّ الخراج، انتهى.

والقلوص من النوق: الشابّة، والإستفهام للإنكار، أي إنّي لزهدي أمتنع من أخذ وبرة ساقطة من ناقة، فكيف أبتلع إبلا كثيرة رابطة في مرابطها لملاّكها؟ وقيل: القلوص بفتح القاف من الإبل.

الباقية على السير، خصّها بالذكر لانّ الوبر الساقط من الإبل حين السير أهون عند صاحبها من الساقط من الرابطة، ومنه يظهر فائدة قيد الربط في الأخير.

قوله (عليه السّلام): «أدبيب العقارب» قال الجوهريّ: كلّما مشى على وجه الارض دابّة ودبيب أي ألتقط العقارب الكبيرة الّتي

ص:545

تدبّ من وكرها أي جحرها مجازا فإنّها إذا اريد أخذها من جحرها كان أشدّ للدغها، شبّه بها الأموال المحرّمة المنتزعة من محالّها، وممّا ينبغي شرعا أن يكون فيه، لما يترتّب على أخذها من العقوبات الأخرويّة، وقال بعض الافاضل: الدبيب: مصدر دبّ من باب ضرب إذا مشى، وهو مفعول ألتقط، وفي الكلام مجاز، يقال: دبّت عقارب فلان علينا أي طعن في عرضنا، فالمقصود: ءأجعل عرضي في عرضة طعن الناس طعنا صادقا لا افتراء فيه، وكان طعنهم صدقا وناشيا من وكره ومحلّه، لانّ أخذ الرشوة الملفوفات إذا صدر عن التارك لجميع الدنيا للاحتراز عن معصيته في نملة من السفاهة بحيث لايخفى انتهى.

والرقش بالضمّ: جمع الرقشاء وهي الأفعى، سمّيت بذلك لترقيش في ظهرها وهي خطوط ونقط، والارتباط شدّ الفرس ونحوه للانتفاع به. قوله: «تنتجها المعاصي» أي تفيدها، وفي بعض النسخ «تنحتها» من النحت وهو بري النبل ونحوه، ففيه استعارة.

5109 - البحار: نهج الكيدري - عند شرح قول أميرالمؤمنين (عليه السّلام) لهمّام في وصف المتّقين «أرادتهم الدّنيا ولم يريدوها» قال.

من مكاشفات أمير المؤمنين (عليه السّلام) ما رواه الصادق، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّه قال: إنّي كنت بفدك في بعض حيطانها، وقد صارت لفاطمة (عليها السّلام) إذا أنا بامرأة قد هجمت عليّ وفي يدي مسحاة وأنا أعمل بها فلمّا نظرت إليها طار قلبي ممّا تداخلني من جمالها، فشبّهتها ببثينة بنت عامر الجمحيّ، وكانت من أجمل نساء قريش.

فقالت لي: يابن أبي طالب هل لك أن تزوّجني واغنيك عن هذه

ص:546

المسحاة؟ وأدلّك على خزائن الارض، ويكون لك الملك ما بقيت؟.

فقلت لها: من أنت حتّى أخطبك من أهلك؟

فقالت: أنا الدّنيا.

فقلت لها: ارجعي فاطلبي زوجا غيري، فلست من شأني، وأقبلت على مسحاتي وأنشأت أقول.

لقد خاب من غرّته دنيا دنيّة وما هي إن غرّت قرونا بطايل

أتتنا على زيّ العزيز بثينة وزينتها في مثل تلك الشمايل

فقلت لها: غرّي سواي فانّني عزوف عن الدّنيا ولست بجاهل

وما أنا والدّنيا فانّ محمّدا رهين بقفر بين تلك الجنادل

وهبها أتتنا بالكنوز ودرّها وأموال قارون وملك القبايل

أليس جميعا للفناء مصيرها ويطلب من خزّانها بالطوايل

فغرّي سواي إنّني غير راغب لما فيك من عزّ وملك ونائل

وقد قنعت نفسي بما قد رزقته فشانك يادنيا وأهل الغوايل

فانّي أخاف اللّه يوم لقائه وأخشى عتابا دائما غير زايل

ص:547

وقال أيضا.

دنيا تخادعني كأنّي لست أعرف حالها

مدّت إليّ يمينها فرددتها وشمالها

ورأيتها محتاجة فوهبت جملتها لها

فهذا معنى قوله (عليه السّلام): «أرادتهم الدّنيا ولم يريدوها»(1).

باب (3) الإمام علي عليه السلام والعبادة

5110 - قرب الاسناد: محمّد بن خالد الطيالسيّ، عن عبداللّه ابن بكير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان عليّ (عليه السّلام) قد اتّخذ بيتا في داره ليس بالكبير ولا بالصغير، وكان إذا أراد أن يصلّي من آخر اللّيل أخذ معه صبيّا لايحتشم منه(2)، ثمّ يذهب معه إلى ذلك البيت فيصلّي(3).

5111 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان علي (عليه السّلام) قد جعل بيتا في داره ليس بالصغير ولا بالكبير لصلاته، وكان

ص:548


1- - البحار: ج 73 ص 83 ح 47.
2- (2) - أمّا أخذه (عليه السّلام) معه غيره فللإحتراز عن الانفراد. وامّا اختياره الصبيّ فلانّه لايفهم العبادة حتّى يوجب الرّياء أو يحتشم منه ويكون مانعا عن اتيان ما يشتمل على التضرعّ، والحشمة بمعنى الاستحياء. «هامش المصدر»
3- (3) - قرب الاسناد: ص 75. منه البحار: ج 41 ص 15.

إذا كان الليل ذهب معه بصبي ليبيت معه فيصلي فيه(1).

5112 - المحاسن: البرقي، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان، عن عبداللّه بن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان لعلي (عليه السّلام) بيت ليس فيه شيء إلاّ فراش وسيف ومصحف وكان يصلّي فيه (أو قال) وكان يقيل فيه2.

5113 - الارشاد: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى قال: حدثني جدّي قال: حدثني أبو محمّد الانصاري قال: حدثني محمّد بن ميمون البزاز قال: حدثنا الحسن بن علوان، عن أبي علي زياد بن رستم، عن سعيد بن كلثوم قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فذكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فأطراه ومدحه بما هو أهله، ثمّ قال: واللّه ما أكل عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) من الدنيا حراما قطّ حتّى مضى لسبيله، وما عرض له أمران قطّ هما للّه رضي إلاّ أخذ بأشدّهما عليه في دينه، وما نزلت برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) نازلة قطّ إلاّ دعاه ثقة به، وما أطاق قدر عمل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من هذه الامّة غيره، وأن وصيه كان ليعمل عمل رجل كان وجهه بين الجنّة والنار يرجو ثواب هذه ويخاف عقاب هذه ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه اللّه والنجاة من النار ممّا كدّ بيديه ورشح منه جبينه، وأن كان ليقوت أهله بالزيت والخلّ والعجوة، وما كان لباسه إلاّ الكرابيس، إذا فضل شيء عن يده من كمّه دعا بالمقراض فقصّه، وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبها به في لباسه وفقهه من علي بن

ص:549


1- (1و2) - المحاسن: ص 612 ح 30 و 29. منه البحار: ج 76 ص 161.

الحسين (عليهما السّلام)، ولقد دخل أبو جعفر ابنه (عليهما السّلام) عليه فاذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه قد اصفر لونه من السهر ورمصت(1) عيناه من البكاء ودبرت جبهته وانخرم انفه من السجود وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة. فقال أبو جعفر (عليه السّلام): فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء فبكيت رحمة عليه وإذا هو يفكر فالتفت إلي بعد هنيئة من دخولي وقال: يابني اعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فأعطيته فقرأ فيها شيئا يسيرا ثم تركها من يده تضجرا(2).

وقال: من يقوى على عبادة عليّ (عليه السّلام)(3).

[باب (4)] الإمام علي عليه السلام واليقين

5114 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زيد الشحّام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) جلس إلى حائط مائل يقضي بين الناس، فقال بعضهم: لاتقعد تحت هذا الحائط، فإنّه معور(4).

ص:550


1- - الرمص - محركة -: وسخ أبيض جامد يجتمع في الموق، ورمصت عينه: سال منها الرمص. (أقرب الموارد)..
2- (2) - الضجر: القلق من غم وضيق نفس مع كلام، وضجر منه: تبرم وقلق وساء خلقه. (أقرب الموارد).
3- (3) - الارشاد: ص 255. منه البحار: ج 41 ص 110.
4- (4) - مكان معور: مخوف. وشيء معور وعور: لاحافظ له. (أقرب الموارد).

فقال أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): حرس امرءا أجله(1) فلمّا قام سقط الحائط.

قال: وكان أمير المؤمنين (عليه السّلام) ممّا يفعل هذا وأشباهه، وهذا اليقين(2).

5115 - الكافي: عدّة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

إنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) كان يخرج ومعه أحمال النوي، فيقال له: يا أبا الحسن ما هذا معك؟

فيقول: نخل إن شاء اللّه، فيغرسه فلم يغادر منه واحدة(3).

5116 - مناقب آل أبي طالب: روي عن الصادق، عن آبيه (عليهما السّلام) قال: عرض لعليّ بن أبي طالب خصومة، فجلس في أصل جدار، فقال رجل: يا أمير المؤمنين الجدار يقع.

فقال له عليّ (عليه السّلام): امض، كفى باللّه حارسا، فقضى بين الرجلين وقام وسقط الجدار(4).

ص:551


1- - أي هذا من ثمرات اليقين بقضاء اللّه وقدره وقدرته ولطفه وحكمته ورأفته وصدق أنبيائه ورسله. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 2 ص 58 ح 5.
3- (3) - الكافي: ج 5 ص 75 ح 9.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 324. منه البحار: ج 41 ص 266.

باب (5) الإمام علي عليه السلام والانفاق

5117 - الكافي: علي بن ابراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): انّ أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) بعث إلى رجل بخمسة أوساق من تمر البغيبغة(1)

وكان الرجل ممّن يرجو نوافله ويؤمّل نائله ورفده(2) وكان لايسأل عليّا (عليه السّلام) ولا غيره شيئا.

فقال رجل لأمير المؤمنين (عليه السّلام): واللّه ما سألك فلان ولقد كان يجزئه من الخمسة الاوساق وسق واحد.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السّلام): لاكثّر اللّه في المؤمنين ضربك أعطي أنا وتبخل أنت، للّه أنت(3) إذا أنا لم اعط الّذي يرجوني إلاّ من بعد المسألة ثمّ أعطيه بعد المسألة فلم اعطه ثمن ما أخذت منه وذلك لأنّي عرضته أن يبذل لي وجهه الّذي يعفره في التراب لربّي وربّه عند تعبّده له وطلب حوائجه إليه، فمن فعل هذا بأخيه المسلم وقد عرف أنّه موضع لصلته ومعروفه فلم يصدّق اللّه (عزّوجلّ) في

ص:552


1- - البغيبغة: ضيعة أو عين بالمدينة غزيرة كثيرة النخل لآل الرسول (صلّى اللّه عليه وآله). (مجمع البحرين). وفي البحار: المعينعة.
2- (2) - النوافل: العطايا. وقوله: «يرجو نوافله» أي نوافل أمير المؤمنين (عليه السّلام). وفي بعض النسخ والبحار: ممن يرجى نوافله. والجملة معطوفة مفسرة وكذلك الرفد يفسر النائل. (الوافي).
3- (3) - ضربك: أي مثلك. وقوله: «للّه أنت» أي كن للّه وأنصف من القول. (الوافي).

دعائه له حيث يتمنّى له الجنّة بلسانه ويبخل عليه بالحطام من ماله وذلك أنّ العبد قد يقول في دعائه: اللهمّ اغفر للمؤمنين. فإذا دعا لهم بالمغفرة فقد طلب لهم الجنّة فما أنصف من فعل هذا بالقول ولم يحقّقه بالفعل(1).

5118 - مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام): إنّه (عليه السّلام) أعتق ألف نسمة من كدّ يده جماعة لايحصون كثرة، وقال له رجل - ورأي عنده وسق نوى -: ما هذا يا أبا الحسن؟

قال: مائة ألف نخل إن شاء اللّه، فغرسه فلم يغادر منه نواة واحدة، فهو من أوقافه ووقف مالا بخيبر وبوادي القري، ووقف مال أبي نيزر(2) والبغيبغة وأرباجا وارينة ورعد(3) ورزينا ورباحا على المؤمنين وأمر بذلك أكثر ولد فاطمة من ذوي الأمانة والصلاح، وأخرج مائة عين بينبع [و] جعلها للحجيج، وهو باق إلى يومنا هذا، وحفر آبارا في طريق مكة والكوفة، وبنى مسجد الفتح في المدينة، وعند مقابل قبر حمزة، وفي الميقات وفي الكوفة وجامع البصرة وفي عبّادان وغير ذلك، وكان يصوم النهار ويصلّي بالليل ألف ركعة، وعمّر طريق مكة، وصام مع النبي (صلّى اللّه عليه وآله) سبع سنين وبعده ثلاثين سنة، وحجّ مع النبيّ عشر حجج وجاهد في ايّامه الكفار وبعد وفاته البغاة وبسط الفتاوى وأنشأ العلوم واحيى السنن وامات البدع(4).

ص:553


1- - الكافي: ج 4 ص 22 ح 1.
2- (2) - نيرز - البحار.
3- (3) - رغد - البحار.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 122. منه البحار: ج 41 ص 32.

5119 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: وَ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ (1)

قال: عليّ أمير المؤمنين أفضلهم، وهو ممّن ينفق ماله ابتغاء مرضات اللّه(2).

باب (6) الإمام علي عليه السلام والتواضع

5120 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبداللّه، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) صاحب رجلا ذمّيّا(3) فقال له الذمّي: أين تريد يا عبداللّه؟

فقال: اريد الكوفة، فلمّا عدل الطريق بالذمّي عدل معه أمير المؤمنين (عليه السّلام).

فقال له الذمّى: ألست زعمت أنّك تريد الكوفة؟

فقال له: بلى.

فقال له الذمّى: فقد تركت الطريق.

فقال له: قد علمت.

ص:554


1- - البقرة 2:265.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 148 ح 486. منه البحار: ج 41 ص 35.
3- (3) - قال في النهاية: الذمّة والذّمام: بمعنى العهد والأمان والضمان والحرمة والحقّ. وأهل الذمّة سمّوا بذلك لأنّهم دخلوا في ضمان المسلمين وعهدهم. ومنه سمّي المعاهد ذمّيّا: نسبة الى الذمّة بمعنى العهد. (مجمع البحرين).

قال: فلم عدلت معي وقد علمت ذلك؟

فقال له أمير المؤمنين (عليه السّلام): هذا من تمام حسن الصحبة أن يشيع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه وكذلك أمرنا نبيّنا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

فقال له الذمّي: هكذا قال؟

قال: نعم.

قال الذمّى: لاجرم(1) إنّما تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة فأنا اشهدك أنّي على دينك، ورجع الذمّي مع أمير المؤمنين (عليه السّلام) فلمّا عرفه أسلم(2).

قرب الاسناد: هارون بن مسلم قال: حدثني مسعدة بن صدقة قال: حدثني جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) نحوه(3).

5121 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) يحتطب ويستقي(4) ويكنس، وكانت فاطمة (سلام اللّه عليها) تطحن وتعجن وتخبز(5).

أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو عبداللّه

ص:555


1- - لاجرم: بمعنى لاشك. (مجمع البحرين).
2- (2) - الكافي: ج 2 ص 670 ح 5.
3- (3) - قرب الاسناد: ص 7.
4- (4) - يستسقي - مناقب آل أبي طالب.
5- (5) - الكافي: ج 5 ص 86 ح 1.

الحسين بن ابراهيم القزويني قال: أخبرنا أبو عبداللّه محمد بن وهبان الهنائي البصري، قال: حدثني أحمد بن ابراهيم بن أحمد، قال.

أخبرني أبو محمّد الحسن بن علي بن عبدالكريم الزعفراني، قال.

حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم مثله(1).

مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام) مثله(2).

5122 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبداللّه (صلوات اللّه عليه): خرج أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهو راكب فمشوا معه. فقال: ألكم حاجة؟

قالوا: لا ولكنّا نحبّ أن نمشي معك.

فقال لهم: انصرفوا فإنّ مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومذلّة للماشي(3).

5123 - البحار: عن المحاسن - أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خرج أمير المؤمنين (عليه السّلام) على أصحابه وهو راكب، فمشوا خلفه فالتفت إليهم فقال: لكم حاجة؟

قالوا: لا يا أمير المؤمنين، ولكنّا نحبّ أن نمشي معك.

فقال لهم: انصرفوا فإنّ مشي الماشي مع الراكب مفسدة للرّاكب

ص:556


1- - أمالي الطوسي: ص 660 ح 1369.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 104.
3- (3) - الكافي: ج 6 ص 540 ح 16.

ومذلّة للماشي.

قال: وركب مرّة أخرى فمشوا خلفه، فقال: انصرفوا فإنّ خفق النعال خلف أعقاب الرجال مفسدة لقلوب النوكى(1).

مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام) خرج أمير المؤمنين (عليه السّلام)... وذكر نحوه(2).

5124 - مناقب آل أبي طالب: أبو عبداللّه (عليه السّلام) قال.

افتخر رجلان عند أمير المؤمنين (عليه السّلام).

فقال (عليه السّلام): أتفتخران بأجساد بالية وأرواح في النار؟ إن لم يكن له عقل فإنّ لك خلفا، وإن لم يكن له تقوى فإنّ لك كرما، وإلّا فالحمار خير منكما، ولست بخير من أحد(3).

أقول: الظاهر أنّ في الحديث حذفا وتصحيفا، ولعلّ الصحيح.

«إن لم يكن له عقل فإنّ له خلفا، وإن لم يكن له تقوي فإنّ له كرما» واللّه العالم.

5125 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي، عن مالك بن أنس قال: قال الصادق جعفر بن

ص:557


1- - البحار: ج 41 ص 55 ح 2. والنوكى جمع أنوك: وهو الاحمق أو الجاهل. (أقرب الموارد).
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 104. منه البحار: ج 41 ص 55.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 104. منه البحار: ج 41 ص 55.

محمّد (عليه السّلام): أعجب لمن يبخل بالدّنيا وهي مقبلة عليه أو يبخل عليها وهي مدبرة عنه فلا الانفاق مع الاقبال يضره ولا الإمساك مع الادبار ينفعه.

قال مالك بن أنس: وسمعت الصادق (عليه السّلام) يقول: قيل لأمير المؤمنين (عليه السّلام): لم لاتشتري فرسا عتيقا(1)؟

قال: لا حاجة لي فيه، وأنا لا أفر ممن كر علي، ولا أكر على من فرمني(2).

5126 - مناقب آل أبي طالب: أبو جعفر وأبو عبداللّه (عليهما السّلام): نزل قوله: وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ (3) في أمير المؤمنين (عليه السّلام)(4).

باب (7) الإمام علي عليه السلام والشجاعة

5127 - مناقب آل أبي طالب: أبو القاسم بن شبل الوكيل وأبو الفتح الحفّار بإسنادهما عن الصادق (عليه السّلام) أنّه أنفذ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) أبا بكر في سبعمائة رجل، فلمّا صار إلى الوادي وأراد الانحدار فخرجوا إليه فهزموه وقتلوا من المسلمين جمعا كثيرا، فلمّا قدموا على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) بعث عمر فرجع منهزما فقال

ص:558


1- - العتق: الجمال. وفرس عتيق: رائع كريم بين العتق. (لسان العرب).
2- (2) - أمالي الصدوف: ص 143 ح 4. منه البحار: ج 41 ص 75.
3- (3) - يونس 10:26.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 68. منه البحار: ج 41 ص 62.

عمرو بن العاص: ابعثني يارسول اللّه فإنّ الحرب خدعة ولعلّي أخدعهم، فبعثه فرجع منهزما - وفي رواية أنّه أنفذ خالدا فعاد كذلك - فساء النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ذلك فدعا عليّا (عليه السّلام) وقال.

أرسلته كرّارا غير فرّار، فشيعه إلى مسجد الاحزاب، فسار بالقوم متنكبا عن الطريق يسير باللّيل ويكمن بالنهار، ثمّ أخذ عليّ (عليه السّلام) محجّة غامضة(1)، فسار بهم حتّى استقبل الوادي من فمه، ثمّ أمرهم أن يعكموا الخيل وأوقفهم في مكان وقال: لاتبرحوا، وانتبذ أمامهم وأقام ناحية منهم، فقال خالد - وفي رواية قال عمر - أنزلنا هذا الغلام في واد كثير الحيّات والهوامّ والسباع، إمّا سبع يأكلنا أو يأكل دوابّنا، وإمّا حيّات تعقرنا وتعقر دوابّنا، وإما يعلم بنا عدوّنا فيأتينا ويقتلنا، فكلّموه نعلو الوادي، فكلّمه أبو بكر فلم يجبه، فكلّمه عمر فلم يجبه.

فقال عمرو بن العاص: إنّه لاينبغي أن نضيّع أنفسنا، انطلقوا بنا نعلو الوادي، فأبى ذلك المسلمون - ومن روايات أهل البيت (عليهم السّلام) أنّه أبت الارض أن تحملهم -.

قالوا: فلمّا أحسّ (عليه السّلام) الفجر قال: اركبوا بارك اللّه فيكم، وطلع الجبل حتّى إذا انحدر على القوم وأشرف عليهم قال لهم: اتركوا عكمة دوابّكم قال: فشمّت الخيل ريح الإناث فصهلت، فسمع القوم صهيل خيلهم فولّوا هاربين(2).

ص:559


1- - المحجّة: جادّة الطريق، والغامضة: مؤنث الغامض: المطمئن من الارض. (أقرب الموارد).
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 140. منه البحار: ج 41 ص 92.

بيان - البحار: عكم المتاع: شدّه ولعلّ المراد هنا شدّ أفواههم لئلاّ يصهلوا. ولذا قال (عليه السّلام) آخرا: اتركوا عكمة دوابّكم أي ليصهلوا ويسمع القوم.

5128 - أمالي الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال.

أخبرنا ابراهيم بن حفص بن عمر العسكري قال: حدثنا عبيداللّه بن الهيثم بن عبيداللّه أبو محمّد الانماطي قال: حدثنا عبّاد بن صهيب أبو محمّد الكليبي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام)، عن جابر بن عبداللّه الأنصاريّ، قال: لمّا أوقع - وربّما قال: فرغ - رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من هوازن سار حتّى نزل بالطائف، فحصر أهل وجّ (1) أيّاما، فسأله القوم أن ينتزح عنهم ليقدم عليه وفدهم فيشترط له ويشترطون لانفسهم، فسار (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى نزل مكة، فقدم عليه نفر منهم بإسلام قومهم، ولم يبخع(2) القوم له بالصّلاة ولا الزكاة، فقال (صلّى اللّه عليه وآله): إنه لاخير في دين لاركوع فيه ولا سجود، أما والّذي نفسي بيده ليقيمنّ الصلاة وليؤتنّ الزكاة أو لابعثنّ إليهم رجلا هو منّي كنفسي فليضربنّ أعناق مقاتليهم، وليسبينّ ذراريهم، هو هذا، وأخذ بيد عليّ (عليه السّلام) فأشالها(3).

فلمّا صار القوم إلى قومهم بالطائف أخبروهم بما سمعوا من

ص:560


1- - وجّ - بالفتح ثمّ التشديد -: واد (موضع) بالطائف به كانت غزاة النبي (صلّى اللّه عليه وآله) (مراصد الاطلاع).
2- (2) - بخع بالحقّ: أقرّ به وخضع له. (مجمع البحرين).
3- (3) - أشالها: رفعها. (أقرب الموارد).

رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فاقرّوا له بالصلاة، وأقرّوا له بما شرط عليهم.

فقال النبي (صلّى اللّه عليه وآله): ما استعصى عليّ أهل مملكة ولا امّة إلاّ رميتهم بسهم اللّه (عزّوجلّ).

قالوا: يارسول اللّه وما سهم اللّه؟

قال: عليّ بن أبي طالب ما بعثته في سريّة إلاّ رأيت جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وملكا أمامه، وسحابة تظلّه حتّى يعطي اللّه (عزّوجلّ) حبيبي النصر والظفر(1).

5129 - الكافي: حميد بن زياد، عن عبيداللّه بن أحمد الدّهقان، عن عليّ بن الحسن الطاطريّ، عن محمد بن زياد بيّاع السابريّ، عن عجلان أبي صالح قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: قتل علي بن أبي طالب (عليه السّلام) بيده يوم حنين أربعين(2).

5130 - مناقب آل أبي طالب: شعبة، عن قتادة، عن أنس، عن العباس بن عبدالمطّلب والحسن بن محبوب، عن عبداللّه بن غالب، عن الصادق (عليه السّلام) في خبر: قالت فاطمة بنت أسد فشددته وقمطته بقماط فنتر القماط(3)، ثمّ جعلته قماطين فنترهما، ثمّ جعلته

ص:561


1- - أمالي الطوسي: ص 504 ح 1106. منه البحار: ج 40 ص 31.
2- (2) - الكافي: ج 8 ص 376 ح 566.
3- (3) - القماط - بالكسر -: الحبل. وقيل: خرقة عريضة تلف على الصغير اذا شد في المهد. ونتر الشيء: جذبه بشدّة، ونتر الثوب بالاصابع أو الاضراس: شقّه ومزّقه. (المنجد).

ثلاثة وأربعة وخمسة وستّة منها أديم وحرير فجعل ينترها، ثمّ قال: يا امّاه لاتشدّي يديّ فإنّي أحتاج أن ابصبص لربّي بإصبعي(1).

باب (8) ماذا سال النبيّ من اللّه لأمير المؤمنين؟

5131 - الكافى: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، والحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن ابن مسكان، عن عمّار بن سويد قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: في هذه الآية: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ (2) فقال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لما نزل قديد(3) قال لعليّ (عليه السّلام): ياعليّ إنّي سألت ربّي أن يوالي بيني وبينك ففعل، وسألت ربّي أن يواخي بيني وبينك ففعل، وسألت ربّي أن يجعلك وصيّي ففعل.

فقال رجلان من قريش: واللّه لصاع من تمر في شن بال(4) أحب إلينا ممّا سأل محمّد ربّه!! فهلاّ سأل ربّه ملكا يعضده على عدوّه أو كنزا يستغني به عن فاقته؟! واللّه ما دعاه إلى حقّ ولا باطل إلاّ أجابه

ص:562


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 287. منه البحار: ج 41 ص 274.
2- (2) - هود 11:12.
3- (3) - قديد - مصغرا -: موضع بين مكة والمدينة. (مجمع البحرين).
4- (4) - الشن - بفتح الشين -: القربة الخلقة الصغيرة. (أقرب الموارد).

إليه. فأنزل اللّه (سبحانه وتعالى): فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ إلى آخر الآية(1).

5132 - تفسير القمي: حدّثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن ابن مسكان، عن عمارة بن سويد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: سبب نزول هذه الآية أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) خرج ذات يوم فقال لعليّ (عليه السّلام): ياعليّ إنّي سألت اللّه اللّيلة أن يجعلك وزيري ففعل، وسألته أن يجعلك وصيّي ففعل، وسألته أن يجعلك خليفتي في امّتي ففعل.

فقال رجل من أصحابه المنافقين: والله لصاع من تمر في شنّ بال أحبّ إليّ ممّا سأل محمّد ربّه، ألا سأله ملكا يعضده، أو مالا يستعين به على ما فيه؟! فواللّه ما دعا عليّا قطّ إلى حقّ أو إلى باطل إلاّ أجابه! فأنزل اللّه على رسوله (صلّى اللّه عليه وآله): فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ الآية(2).

البحار - بيان: قوله: «ما دعا عليّا» أي لمّا كان علي (عليه السّلام) كثير الانقياد والاطاعة له (صلّى اللّه عليه وآله) سأل اللّه له تلك الامور. أو أنّه افترى له هذه الأشياء لكثرة انقياده من غير سؤال ووحي، أو أنّه ما كان يحتاج إلى سؤال تلك الامور له. لأنه يطيعه في كلّ ما يأمره به. فلو أمره بالوصاية كان يفعلها. والاوسط أظهر.

5133 - تفسير العياشي: عن عمّار بن سويد قال: سمعت

ص:563


1- - الكافي: ج 8 ص 378 ح 572.
2- (2) - تفسير القمي: ج 1 ص 323. منه البحار: ج 36 ص 80.

أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول في هذه الآية: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ إلى قوله: أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ

قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا نزل غديرا قال لعليّ (عليه السّلام): إنّي سألت ربّي أن يوالي بيني وبينك ففعل، وسألت ربّي أن يؤاخي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يجعلك وصيى ففعل.

فقال رجلان من قريش: واللّه لصاع من تمر في شنّ بال أحب إلينا ممّا سأل محمّد ربّه، فهلاّ سأله ملكا يعضده على عدوّه؟ أو كنزا يستعين به على فاقته؟ واللّه ما دعاه إلى باطل إلاّ أجابه له! فانزل اللّه عليه: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ .

قال: ودعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السّلام) في آخر صلاته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول: «اللهمّ هب لعليّ المودّة في صدور المؤمنين والهيبة والعظمة في صدور المنافقين» فأنزل اللّه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا * فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (1)

بني اميّة.

فقال رمع:(2) واللّه لصاع من تمر في شن بال أحبّ إليّ ممّا سأل محمّد ربّه، أفلاسأله ملكا يعضده؟ أو كنزا يستظهر به على فاقته؟

ص:564


1- - مريم 19:96 و 97.
2- (2) - مقلوب عمر.

فأنزل اللّه فيه عشر آيات من هود أوّلها: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ إلى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ولاية عليّ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ إلى: فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ في ولاية عليّ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللّهِ وَ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

لعليّ ولايته مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها يعني فلانا وفلانا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ أمير المؤمنين (عليه السّلام) وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً قال: كان ولاية عليّ (عليه السّلام) في كتاب موسى أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ في ولاية عليّ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ

إلى قوله: وَ يَقُولُ الْأَشْهادُ هم الائمّة (عليهم السّلام) هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ إلى قوله: هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَ فَلا تَذَكَّرُونَ (1) و(2).

5134 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمّد المعروف بابن الزيّات (رحمه اللّه) قال: حدثنا أبو عليّ محمّد بن همام الاسكافيّ قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميريّ قال: حدثنا عبداللّه بن محمّد ابن عيسى قال: حدثني أبي، عن عبداللّه بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن عمر بن يزيد(3)، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام)

ص:565


1- - هود 11:12-24.
2- (2) - تفسير العياشي ج 2 ص 141 ح 11. منه البحار: ج 35 ص 353.
3- (3) - عمّار بن يزيد - أمالي الطوسي.

قال: لمّا نزل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بطن قديد قال لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): ياعليّ إنّي سألت اللّه (عزّوجلّ) أن يوالي بيني وبينك ففعل، وسألته أن يواخي بيني وبينك ففعل، وسألته أن يجعلك وصيّي ففعل.

فقال رجل من القوم: واللّه لصاع من تمر في شنّ بال خير ممّا سأل محمّد ربّه! هلاّ سأله ملكا يعضده على عدوّه أو كنزا يستعين به على فاقته؟

فأنزل اللّه تعالى فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ وَكِيلٌ (1).

أمالي الطوسي: أخبرنا أبو عبداللّه محمّد بن محمّد قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمّد المعروف بابن الزيّات مثله(2).

5135 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل، وغيره، عن منصور بن يونس، عن ابن اذينة، عن عبداللّه ابن النجاشي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول في قول اللّه (عزّوجلّ): أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (3) يعني واللّه فلانا وفلانا وَ ما

ص:566


1- - أمالي المفيد: ص 279 ح 5.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 107 ح 164. منهما البحار: ج 40 ص 72.
3- (3) - النساء 4:63. وقوله: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أي عن عقابهم لمصلحة في استبقائهم أو عن قبول معذرتهم. (مرآة العقول).

أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِيماً (1) يعني واللّه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وعليّا (عليه السّلام) ممّا صنعوا أي لو جاؤوك بها ياعليّ فاستغفروا اللّه ممّا صنعوا واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللّه توابا رحيما فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): هو واللّه عليّ بعينه ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ على لسانك يارسول اللّه يعني به من ولاية عليّ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً 2 و(2) لعليّ (3).

باب (9) أين خليفة اللّه؟

5136 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان (رحمه اللّه) قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن بابويه قال: حدثني أبي قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أيوب ابن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: إذا كان يوم القمامة نادى مناد

ص:567


1- (1و2) - النساء 4:64 و 65.
2- (3) - الظاهر أنّه كان في مصحفهم (عليهم السّلام) على صيغة المتكلم ويحتمل أن يكون بيانا لحاصل المعنى أي المراد بقضاء الرسول ما يقضى اللّه على لسانه. (مرآة العقول).
3- (4) - الكافي: ج 8 ص 334 ح 526.

من بطنان العرش: أين خليفة اللّه في أرضه؟

فيقوم داود النبيّ (عليه السّلام) فيأتي النداء من عند اللّه (عزّوجلّ): لسن إيّاك أردنا وإن كنت للّه [تعالى] خليفة.

ثمّ ينادي مناد ثانيا: أين خليفة اللّه في أرضه.

فيقوم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فيأتي النداء من قبل اللّه (عزّوجلّ): يامعشر الخلائق، هذا عليّ بن أبي طالب خليفة اللّه في أرضه وحجّته على عباده، فمن تعلّق بحبله في دار الدّنيا فليتعلّق بحبله في هذا اليوم، يستضيء بنوره وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنان.

قال: فيقوم الناس الّذين قد تعلّقوا بحبله في الدنيا فيتّبعونه إلى الجنة.

ثمّ يأتي النداء من عند اللّه (عزّوجلّ): ألا من تعلق بامام في دار الدّنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به، فحينئذ يتبرّأ الّذين اتّبعوا من الّذين اتّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الاسباب. وقال الّذين اتّبعوا: لو أنّ لنا كرّة فنتبرأ منهم كما تبرّؤوا منّا كذلك يريهم اللّه أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار(1).

أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان قال: حدثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه اللّه) بهذا الاسناد عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

كشف الغمة: عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) نحوه إلى

ص:568


1- - أمالي الطوسي: ص 63 ح 92 و ص 99 ح 153.
2- (2) - أمالي المفيد: ص 285 ح 3. منهما البحار: ج 40 ص 3.

قوله: وتقطعت بهم الاسباب(1).

باب (10) الإمام علي عليه السلام إمام المتقين وسيّد الوصيّين

5137 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن يونس بن عبدالرحمن، عن منصور الصيقل، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لمّا اسري بي إلى السّماء عهد إلي ربّي في عليّ ثلاث كلمات، فقال: يامحمّد! فقلت: لبّيك ربّي.

فقال: إنّ عليا إمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، ويعسوب(2)

ص:569


1- - كشف الغمة: ج 1 ص 141. منه البحار: ج 8 ص 10.
2- (2) - الغرّ: جمع أغرّ، من الغرّة وهي بياض في الوجه، يريد بياض وجوههم بنور الوضوء. المحجّل: التحجيل: بياض يكون في قوائم الفرس الأربع أو ثلاث منها أو في رجليه.... وفي حديث علي (عليه السّلام): «قائد الغرّ المحجّلين» أي: مواضع الوضوء من الايدي والأقدام، إذا دعوا - على رؤس الاشهاد أو إلى الجنّة - كانوا على هذا النهج إستعار اثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان، من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه.

المؤمنين(1).

5138 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن عليّ، عن عبداللّه بن إبراهيم قال: حدثني الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: قال رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله): لمّا اسري بي إلى السّماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى نوديت: يامحمّد استوص بعلي خيرا، فإنّه سيّد المسلمين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين يوم القيامة(2).

أمالي الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني ابو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد مثله(3).

5139 - كنز الفوائد: روى الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن شاذان القمي (رحمه اللّه) قال: حدثني نوح بن أحمد بن أيمن (رحمه اللّه) قال: حدثنا ابراهيم بن أحمد بن أبي حصين قال.

ص:570


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 385 ح 17. منه البحار: ج 40 ص 7.
2- (2) - أمالي المفيد: ص 173 ح 3.
3- (3) - أمالي الطوسي: ص 193 ح 328. منهما البحار: ج 40 ص 34.

حدثني جدّي قال: حدثني يحيى بن عبدالحميد قال: حدثني قيس بن الربيع قال: حدثني سليمان الاعمش، عن جعفر بن محمد قال.

حدثني أبي قال: حدثني علي بن الحسين، عن أبيه قال: [حدّثني] أبي أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) قال: قال [لي](1) رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ أنت أمير المؤمنين وإمام المتّقين.

ياعليّ أنت سيّد الوصيّين ووارث علم النبيّين وخير الصّدّيقين وأفضل السابقين.

ياعليّ أنت زوج سيّدة نساء العالمين وخليفة خير المرسلين.

ياعليّ أنت مولى المؤمنين والحجّة بعدي على الناس أجمعين، استوجب الجنّة من تولاّك، واستوجب دخول النار من عاداك.

ياعليّ والّذي بعثني بالنبوّة واصطفاني على جميع البريّة لو أنّ عبدا عبداللّه تعالى ألف عام، ما قبل اللّه ذلك منه إلاّ بولايتك وولاية الأئمّة من ولدك، وإنّ ولايتك لاتقبل إلاّ بالبراءة من أعدائك وأعداء الائمّة من ولدك، بذلك أخبرني جبرئيل، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر(2).

5140 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): فيما نذكره من رواية الحافظ احمد بن مردويه من كتابه المشار إليه في تسمية النبي (صلّى اللّه عليه وآله) لمولانا علي (عليه السّلام) بسيد المسلمين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين فقال: ما هذا لفظه.

حدثنا محمد بن عبداللّه بن الحسين قال: حدثنا عبداللّه بن أحمد بن

ص:571


1- - ما بين المعقوفتين من نسخة البحار.
2- (2) - كنز الفوائد: ج 2 ص 12. منه البحار: ج 27 ص 63.

عامر الطائي قال: حدثني أبي قال: حدثني علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

ياعليّ إنّك سيّد المسلمين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين ويعسوب المؤمنين(1).

5141 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني علي بن الحسين معنعنا، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: مكث جبرئيل أربعين يوما لم ينزل على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال.

ياربّ قد اشتدّ شوقي إلى نبيّك (صلّى اللّه عليه وآله) فائذن لي، فأوحى اللّه تعالى إليه وقال: ياجبرئيل اهبط إلى حبيبي ونبيّي فاقرءه منّي السلام وأخبره أنّي [قد] خصصته بالنبوّة وفضّلته على جميع الأنبياء، واقرء وصيّه منّي السلام وأخبره أنّي خصّصته بالوصيّة وفضّلته على جميع الأوصياء.

قال: فهبط جبرئيل على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فكان إذا هبط وضعت له وسادة من ادم حشوها ليف، فجلس بين يدي النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يامحمّد إنّ اللّه تعالى يقرؤك السلام ويخبرك أنّه خصّك بالنبوّة وفضّلك على جميع الأنبياء، ويقرأ وصيّك السلام ويخبرك أنّه خصّه بالوصيّة وفضّله على جميع الأوصياء.

ص:572


1- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 190. منه البحار: ج 38 ص 126.

قال: فبعث النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) إليه فدعاه فأخبره بما قال جبرئيل.

قال: فبكى علي [عليه السّلام] بكاء شديدا، ثمّ قال: أسأل اللّه أن لايسلبني ديني ولا ينزع منّي كرامته، وأن يعطيني ما وعدني.

فقال جبرئيل (عليه السّلام): يامحمّد حقيق على اللّه أن لايعذّب عليّا ولا أحدا تولاّه.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ياجبرئيل على ما كان منهم وكلّهم ناج؟

فقال جبرئيل: ومحمّد نجا من تولّى شيثا بشيث ونجا شيث بادم ونجا آدم باللّه، ونجا من تولّى ساما بسام ونجا سام بنوح ونجا نوح باللّه، ونجا من تولّى آصف بآصف ونجا آصف بسليمان ونجا سليمان باللّه، ونجا من تولّى يوشع بيوشع ونجا يوشع بموسى ونجا موسى باللّه، ونجا من تولّى شمعون بشمعون ونجا شمعون بعيسى ونجا عيسى باللّه، ونجا من تولّى عليّا بعليّ ونجا عليّ بك ونجوت أنت باللّه، وإنّما كلّ شيء باللّه، وإنّ الملائكة والحفظة ليفخرون على جميع الملائكة لصحبتها إيّاه.

قال: فجلس عليّ (عليه السّلام) يسمع كلام جبرئيل ولا يري شخصه.

قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك ما الّذي كان من حديثهم إذا اجتمعوا؟

قال: ذكر اللّه (تبارك وتعالى) فلم تبلغ عظمته، ثمّ ذكروا فضل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) وما أعطاه اللّه من علم وقلّده من

ص:573

رسالته، ثمّ ذكروا أمر شيعتنا والدعاء لهم، وختمهم بالحمد والثناء على اللّه.

قال: قلت: جعلت فداك يا أبا عبداللّه وإنّ الملائكة لتعرفنا؟

قال: سبحان اللّه وكيف لايعرفونكم وقد وكلوا بالدعاء لكم والملائكة حافّين(1) من حول العرش يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون للّذين آمنوا، ما استغفارهم إلاّ لكم دون هذا العالم(2).

5142 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة(3) عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ إذا كان يوم القيامة كنت أنت وولدك على خيل بلق(4)

متوّجين بالدرّ والياقوت، فيأمر اللّه بكم إلى الجنّة والناس ينظرون(5).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)...

وذكر مثله(6).

مقتل الحسين للخوارزمي: أخبرنا الشيخ الفقيه العدل الحافظ أبو بكر محمد بن عبداللّه بن نصر الزاغوني اخبرنا الشيخ الجليل الامام ابو الحسن محمد بن اسحاق الباقرحي أخبرنا أبو عبداللّه الحسين بن الحسن بن علي بن بندار أخبرنا أبو بكر احمد بن ابراهيم بن الحسن بن

ص:574


1- - حافّين: أي مطيفين به مستديرين عليه. (مجمع البحرين).
2- (2) - تفسير فرات الكوفي: ص 377 ح 507. منه البحار: ج 38 ص 1 41.
3- (3) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24 ح 4.
4- (4) - الابلق: الذي فيه سواد وبياض. (أقرب الموارد).
5- (5) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 30 ح 37.
6- (6) - صحيفة الامام الرضا: ص 121 ح 78. منه البحار: ج 7 ص 330.

الحسن بن محمد بن شاذان البزاز اخبرنا ابو القاسم عبداللّه بن أحمد ابن عامر بن سليمان حدثني أبي احمد بن عامر بن سليمان الطائي حدثنا أبو الحسن علي بن موسى الرضا حدثني أبي موسى بن جعفر حدثني أبي جعفر بن محمد حدثني أبي محمد بن علي حدثني أبي علي بن الحسين حدثني أبي الحسين بن علي حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)...

وذكر مثله(1).

5143 - الاختصاص: حدثنا محمد بن عليّ (2)، عن أبيه، عن عليّ ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان الاحمر قال: قال الصادق (عليه السّلام): يا أبان كيف ينكر الناس قول أمير المؤمنين (عليه السّلام) لمّا قال: «لو شئت لرفعت رجلي هذه فضربت بها صدر ابن أبي سفيان بالشام فنكسته عن سريره» ولا ينكرون تناول اصف وصيّ سليمان عرش بلقيس وإتيانه سليمان به قبل أن يرتدّ إليه طرفه؟ أليس نبيّنا (صلّى اللّه عليه وآله) أفضل الأنبياء، ووصيّه أفضل الأوصياء؟ أفلا جعلوه كوصيّ سليمان!؟ حكم اللّه بيننا وبين من جحد حقّنا وأنكر فضلنا(3).

ص:575


1- - مقتل الحسين للخوارزمي: ص 106.
2- (2) - يعني محمد بن علي بن بابويه.
3- (3) - الاختصاص: ص 212. منه البحار: ج 27 ص 28.

باب (11) المواطن السبعة لعلي عليه السلام مع رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

5144 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن عبداللّه الموسوي قال: حدثني مودّبي بن عبداللّه بن أحمد بن نهيك الكوفي قال: حدثنا محمد بن زياد بن أبي عمير قال: حدثنا علي بن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام)، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: قال لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ إنّه لمّا اسري بي إلى السّماء تلقّتني الملائكة بالبشارات في كلّ سماء حتّى لقيني جبرئيل في محفل من الملائكة فقال: يا محمّد لو اجتمعت امّتك على حبّ عليّ ما خلق اللّه (عزوجل) النار.

ياعليّ إنّ اللّه (تبارك وتعالى) أشهدك معي في سبعة مواطن حتّى آنست بك.

أمّا أوّل ذلك: فليلة اسري بي إلى السّماء، قال لى جبرئيل: أين أخوك يا محمّد؟

فقلت: يا جبرئيل، خلّفته ورائي.

فقال: ادع اللّه (عزّوجلّ) فليأتك به، فدعوت اللّه (عزّوجلّ) فإذا مثالك معي، وإذا الملائكة وقوف صفوفا.

فقلت: ياجبرئيل، من هؤلاء؟

ص:576

قال: هؤلاء الّذين يباهي اللّه (عزّوجلّ) بهم يوم القيامة، فدنوت فنطقت بما كان وبما يكون إلى يوم القيامة.

والثاني: حين اسري بي إلى ذي العرش (عزّوجلّ) فقال لي جبرئيل: أين أخوك يا محمّد؟

فقلت: خلّفته ورائي.

فقال: ادع اللّه (عزّوجلّ) فليأتك به، فدعوت اللّه (عزّوجلّ) فإذا مثالك معي، وكشط لي عن سبع سماوات حتّى رأيت سكانها وعمّارها وموضع كلّ ملك منها.

والثالث: حين بعثت للجنّ فقال لي جبرئيل: أين أخوك؟

فقلت: خلّفته ورائي.

فقال: ادع اللّه (عزّوجلّ) فليأتك به، فدعوت اللّه (عزّوجلّ) فإذا أنت معي، فما قلت لهم شيئا ولا ردّوا عليّ شيئا إلاّ سمعته ووعيته.

والرّابع: خصّصنا بليلة القدر وأنت معي فيها، وليست لاحد غيرنا.

والخامس: ناجيت اللّه (عزّوجلّ) ومثالك معي، فسألت فيك خصالا أجابني إليها إلاّ النبوّة، فإنّه قال: خصّصتها بك وختمتها بك.

والسادس: لمّا طفت بالبيت المعمور، كان مثالك معي.

والسابع: هلاك الاحزاب على يدي، وأنت معي.

يا عليّ: إنّ اللّه أشرف على الدّنيا فاختارني على رجال العالمين، ثمّ اطّلع الثانية فاختارك على رجال العالمين، ثمّ اطّلع الثالثة فاختار فاطمة على نساء العالمين، ثمّ اطّلع الرابعة فاختار الحسن والحسين

ص:577

والأئمّة من ولدهما على رجال العالمين.

يا عليّ: إنّي رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن، فأنست بالنظر إليه: إنّي لمّا بلغت بيت المقدس في معارجي إلى السّماء، وجدت على صخرتها: «لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه، أيّدته بوزيره ونصرته به» فقلت: ياجبرئيل ومن وزيري؟

قال: عليّ بن أبي طالب.

فلمّا انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها: «لا إله إلّا اللّه أنا وحدي، ومحمّد صفوتي من خلقي، أيّدته بوزيره ونصرته به» فقلت: ياجبرئيل ومن وزيري؟

فقال: عليّ بن أبي طالب.

فلمّا جاوزت السدرة وانتهيت إلى عرش ربّ العالمين، وجدت مكتوبا على قائمة من قوائم العرش: «أنا اللّه لا إله إلاّ أنا وحدي، محمّد حبيبي وصفوتي من خلقي، أيّدته بوزيره وأخيه ونصرته به».

يا عليّ: إنّ اللّه (عزّوجلّ) أعطاني فيك سبع خصال: أنت أوّل من ينشق القبر عنه معي، وأنت أوّل من يقف معي على الصراط فيقول للنار: خذي هذا فهو لك وذري هذا فليس هو لك، وأنت أوّل من يكسى إذا كسيت ويحيى إذا حييت، وأنت أوّل من يقف معي عن يمين العرش، وأوّل من يقرع معي باب الجنّة وأوّل من يسكن معي علّيّين، وأوّل من يشرب معي من الرحيق الختوم الّذي ختامه مسك، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون(1).

ص:578


1- - أمالي الطوسي: ص 641 ح 1335. منه البحار: ت 40 ص 35.

باب (12) معنى: «علي الأوّل والآخر والظاهر والباطن»

5145 - بصائر الدرجات: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن البرقيّ، عن ابن سنان، وغيره، عن عبداللّه بن سنان، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لقد اسري بي ربّي فأوحى إليّ من وراء الحجاب ما أوحى وكلّمني، فكان ممّا كلّمني أن قال: «يامحمّد عليّ الاوّل وعليّ الآخر [والظاهر والباطن](1) وهو بكلّ شيء عليم».

فقلت: ياربّ أليس ذلك أنت؟

قال: فقال: يامحمّد: أنا اللّه لا إله إلاّ أنا الملك القدّوس السّلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر سبحان اللّه عمّا يشركون، إنّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا الخالق الباريء المصوّر لي الاسماء الحسنى يسبّح لي من في السماوات والأرضين وأنا العزيز الحكيم.

يامحمّد: [إنّي] أنا اللّه لا إله إلاّ أنا الأوّل ولا شيء قبلي، وأنا الآخر فلاشيء بعدي، وأنا الظاهر فلا شيء فوقي، وأنا الباطن فلا شيء تحتي، وأنا اللّه لا إله إلاّ أنا بكلّ شيء عليم.

يامحمّد: عليّ الأوّل أوّل من أخذ ميثاقي من الائمّة.

يامحمّد: عليّ الآخر آخر من أقبض روحه من الائمّة، وهو الدابّة الّتي تكلّمهم.

ص:579


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.

ومحمّد: عليّ الظاهر اظهر عليه جميع ما أوصيته إليك ليس لك أن تكتم منه شيئا.

يامحمّد: عليّ الباطن أبطنته سرّي الذي أسررته إليك، فليس فيما بيني وبينك سرّ أزويه [يامحمّد] عن عليّ، ما خلقت من حلال أو حرام علي عليم به(1).

أقول: قوله تعالى: «اخر من اقبض روحه من الائمة» لعلّه إشارة إلى الرّجعة.

باب (13) الإمام علي عليه السلام والعدل

5146 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: بعث أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) مصدّقا من الكوفة إلى باديتها فقال له: ياعبداللّه انطلق وعليك بتقوى اللّه وحده لاشريك له ولا تؤثرنّ دنياك على آخرتك وكن حافظا لما ائتمنتك عليه، راعيا لحقّ اللّه فيه حتّى تأتي نادي بني فلان فإذا قدمت فأنزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم ثمّ امض إليهم بسكينة ووقار حتّى تقوم بينهم وتسلم عليهم ثمّ قل لهم: ياعباد اللّه أرسلني إليكم وليّ اللّه لآخذ منكم حقّ اللّه في أموالكم فهل للّه في أموالكم من حقّ فتؤدّون إلى وليّه؟ فإن قال لك قائل: لا، فلاتراجعه وإن أنعم لك منهم

ص:580


1- - بصائر الدرجات: ص 534 ح 36. منه البحار: ج 40 ص 38.

منعم(1) فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده إلاّ خيرا، فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلاّ باذنه فإنّ أكثره له، فقل: ياعبداللّه أتأذن لي في دخول مالك، فإن أذن لك فلا تدخله دخول متسلّط عليه فيه ولا عنف به فاصدع المال صدعين(2) ثمّ خيّره أيّ الصدعين شاء فأيّهما اختار فلا تعرّض له ثمّ اصدع الباقي صدعين ثمّ خيّره فأيهما اختار فلا تعرض له ولا تزال كذلك حتّى يبقى ما فيه وفاء لحقّ اللّه (تبارك وتعالى) من ماله فإذا بقي ذلك فاقبض حقّ اللّه منه وإن استقالك فأقله(3)، ثم اخلطها واصنع مثل الّذي صنعت أوّلا حتّى تأخذ حقّ اللّه في ماله فإذا قبضته فلا توكل(4) به إلاّ ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف لشيء منها ثمّ احدر كلّ ما اجتمع عندك من كلّ ناد إلينا نصيّره حيث أمر اللّه (عزّوجلّ) فإذا انحدر بها رسولك فأوعز إليه(5) أن لايحول بين ناقة وبين

ص:581


1- - قوله (عليه السّلام): «فلا تراجعه» عليه الفتوى وانه يقبل قوله في عدم الوجوب أو الأداء بغير يمين. (مرآة العقول). وقوله: «انعم لك منهم منعم» أي قال لك: نعم. (الوافي).
2- (2) - الصدع - بالفتح -: الشق. (أقرب الموارد).
3- (3) - الاقالة: فسخ العقد. (أقرب الموارد) يقال: أقاله إقالة: أي وافقه على نقض البيع وسامحه. (مجمع البحرين).
4- (4) - وكل إليه الامر: سلّمه. (لسان العرب).
5- (5) - حدرت السّفينة: أرسلتها إلى أسفل، وحدر القراءة: أسرع فيها. وانحدر: انهبط. (أقرب الموارد). والوعز: التقدمة في الامر والتقدم فيه. وعز ووعّز: قدّم أو تقدّم. (لسان العرب).

فصيلها ولا يفرّق بينهما ولا يمصرنّ لبنها(1) فيضرّ ذلك بفصيلها ولا يجهد بها ركوبا وليعدل بينهنّ في ذلك وليوردهنّ كلّ ماء يمرّ به ولا يعدل بهنّ عن نبت الأرض إلى جوادّ الطريق في الساعة الّتي فيها تريح وتغبق(2)

وليرفق بهنّ جهده حتّى يأتينا بإذن اللّه سحاحا سمانا غير متعبات ولا مجهدات فيقسمن بإذن اللّه على كتاب اللّه وسنّة نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) على أولياء اللّه فإنّ ذلك أعظم لاجرك وأقرب لرشدك، ينظر اللّه إليها وإليك وإلى جهدك ونصيحتك لمن بعثك وبعثت في حاجته فإنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: ما ينظر اللّه إلى وليّ له يجهد نفسه بالطاعة والنصيحة له ولإمامه إلاّ كان معنا في الرفيق الاعلى.

قال: ثمّ بكى أبو عبداللّه (عليه السّلام)، ثمّ قال: يابريد لا واللّه ما بقيت للّه حرمة إلاّ انتهكت ولا عمل بكتاب اللّه ولا سنّة نبيه

ص:582


1- - في النهاية: في حديث علي «ولا يمصّر لبنها فيضر ذلك بولدها» المصر: الحلب بثلاث اصابع يريد لايكثر من أخذ لبنها.
2- (2) - قوله (عليه السّلام): «تريح وتغبق» وقال ابن ادريس في السراير: سمعت من يقول وتغبق بالغين المعجمة والباء ويعتقد أنه من الغبوق وهو الشرب بالعشي وهذا تصحيف فاحش وخطأ، وإنّما هو «تعنق» بالعين غير المعجمة والنون من العنق وهو ضرب من سير الإبل وهو سير شديد، وقال الراجز: ياناق سيري عنقا فسيحا إلى سليمان فتستريحا والمعنى: لاتعدل بهن عن نبت الارض إلى جواد الطريق في الساعات التي لها فيها راحة ولا في السّاعات التي فيها مشقة، ولاجل هذا قال: تريح من الرّاحة ولو كان من الرواح لقال: تروح وما كان تقول: تريح، ولأنّ الرّواح عند العشي يكون قريبا منه، والغبوق هو شرب العشي على ما ذكرناه فلم يبق له معنى وإنّما المعنى ما بيّناه. (مرآة العقول).

في هذا العالم ولا اقيم في هذا الخلق حدّ منذ قبض اللّه أمير المؤمنين (صلوات اللّه وسلامه عليه) ولا عمل بشيء من الحقّ إلى يوم الناس هذا.

ثمّ قال: أما واللّه لاتذهب الايّام واللّيالي حتّى يحيي اللّه الموتى(1)

ويميت الاحياء ويردّ اللّه الحقّ إلى أهله ويقيم دينه الّذي ارتضاه لنفسه ونبيّه فأبشروا ثمّ أبشروا ثمّ أبشروا فواللّه ما الحقّ إلاّ في أيديكم(2).

5147 - الخصال: حدثنا محمد بن عليّ ماجيلويه (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثني سهل بن زياد الادميّ، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن ابراهيم النوفلي رفعه إلى جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) أنّه ذكر عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) كتب إلى عمّاله: أدقّوا أقلامكم، وقاربوا بين سطوركم، واحذفوا عنّي فضولكم، واقصدوا قصد المعاني، وإيّاكم والإكثار، فإنّ أموال المسلمين لاتحتمل الاضرار(3).

5148 - الخصال: حدّثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغداديّ قال: حدثنا أحمد بن الفضل الأهوازيّ قال: حدثنا بكر بن أحمد القصريّ، قال: حدثنا زيد بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه علي ابن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي

ص:583


1- - إما محمول على الحقيقة بناء على الرجعة وإما تجوّز، شبّه الشيعة لقلتهم وخفائهم وعدم تمكنهم من اظهار دينهم بالموتى. (الوافي).
2- (2) - الكافي: ج 3 ص 536 ح 1.
3- (3) - الخصال: ص 310 ح 85. منه البحار: ج 41 ص 105.

طالب (عليهم السّلام) قال: خرج أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبدالرحمن بن عوف وغير واحد من الصحابة يطلبون النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) في بيت امّ سلمة، فوجدوني على الباب جالسا، فسألوني عنه، فقلت: يخرج السّاعة، فلم يلبث أن خرج وضرب بيده على ظهري فقال: كن يابن أبي طالب، فإنّك تخاصم الناس بعدي بستّ خصال فتخصمهم، ليست في قريش منه شيء.

إنّك أوّلهم إيمانا باللّه، وأقومهم بأمر اللّه (عزّوجلّ)، وأوفاهم بعهد اللّه، وأرأفهم بالرعيّة، وأعلمهم بالقضيّة وأقسمهم بالسويّة، وأفضلهم عند اللّه (عزّوجلّ).

حدثنا محمد بن أحمد البغدادي قال: حدثنا أحمد بن الفضل الاهوازي قال: حدثنا بكر بن أحمد القصريّ، قال: حدثنا أبو أحمد جعفر بن محمّد بن عبداللّه بن موسى قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبي موسى، عن أبيه جعفر بن محمّد (عليهم السّلام)... وساق الحديث باسناده مثله(1).

5149 - الكافي: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا ولّى عليّ (عليه السّلام) صعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال: إنّي واللّه لا أرزؤكم من فيئكم درهما(2) ما قام لي عذق

ص:584


1- - الخصال: ص 336 ح 39. منه البحار: ج 41 ص 105.
2- (2) - قال الجوهري: يقال: ما رزأته ماله أي ما نقصته. انتهى. والفييء: الغنيمة والخراج. واليثرب مدينة الرسول، أي ما أنقصكم من غنائمكم وخراجكم ما بقى لي عذق - بالفتح - أي نخلة بالمدينة. (مرآة العقول).

بيثرب فليصدقكم أنفسكم(1) أفتروني مانعا نفسي ومعطيكم؟

قال: فقام إليه عقيل فقال له: واللّه لتجعلني وأسود بالمدينة سواء.

فقال: اجلس أما كان هاهنا أحد يتكلّم غيرك؟! وما فضلك عليه إلاّ بسابقة أو بتقوى(2).

باب (14) الإمام علي عليه السلام والغنى

5150 - الكافي: عدّة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن حديد، عن مرازم بن حكيم، عن عبدالأعلى مولى آل سام قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ الناس يروون أنّ لك مالا كثيرا.

فقال: ما يسوؤني ذاك، إنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) مرّ ذات يوم على ناس شتّى من قريش وعليه قميص مخرق فقالوا: أصبح عليّ لامال له، فسمعها أمير المؤمنين (عليه السّلام) فأمر الذي يلي صدقته أن يجمع تمره ولا يبعث إلى إنسان شيئا وأن يوفّره ثمّ قال له: بعه الأوّل فالاوّل واجعلها دراهم ثمّ اجعلها حيث تجعل التمر فاكبسه(3) معه حيث

ص:585


1- - أي ارجعوا إلى أنفسكم وانصفوا وليقل أنفسكم لكم صدقا في ذلك. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 8 ص 182 ح 204.
3- (3) - كبس على الشيء: شد. (أقرب الموارد). كبس الرجل رأسه في ثوبه: اذا أخفاه. (النهاية).

لايري، وقال للّذي يقوم عليه: إذا دعوت بالتمر فاصعد وانظر المال فاضربه برجلك كأنّك لاتعمد الدراهم حتّى تنثرها ثمّ بعث إلى رجل منهم يدعوهم ثمّ دعى بالتمر فلمّا صعد ينزل بالتمر ضرب برجله فنثرت الدراهم.

فقالوا: ماهذا يا أبا الحسن؟

فقال: هذا مال من لا مال له ثمّ أمر بذلك المال فقال: انظروا أهل كلّ بيت كنت أبعث إليهم فانظروا ماله وابعثوا إليه(1).

[باب (15)] ملابس الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

5151 - الكافي: حميد بن زياد، عن أبي العباس عبيداللّه بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد بياع السابري، عن أبان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: شدّ عليّ (عليه السّلام) على بطنه يوم الجمل بعقال أبرق(2) نزل به جبرئيل من السّماء، وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يشدّ به على بطنه إذا لبس الدّرع(3).

5152 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن الحسن الصيقل قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): تريد اريك قميص عليّ (عليه السّلام)

ص:586


1- - الكافي: ج 6 ص 439 ح 8.
2- (2) - الحبل الذي فيه لونان، وكل شيء اجتمع فيه سواد وبياض فهو أبرق (الصحاح).
3- (3) - الكافي: ج 8 ص 331 ح 512.

الّذي ضرب فيه واريك دمه؟

قال: قلت: نعم فدعا به وهو في سفط(1) فأخرجه ونشره فإذا هو قميص كرابيس يشبه السنبلاني(2) فإذا موضع الجيب إلى الارض(3) وإذا الدّم أبيض شبه اللّبن شبه شطب السيف(4).

قال: هذا قميص عليّ (عليه السّلام) الذي ضرب فيه وهذا أثر دمه فشبّرت بدنه فإذا هو ثلاثة أشبار وشبّرت أسفله فإذا هو اثنا عشر شبرا(5).

5153 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن حمّاد بن عثمان قال: حضرت أبا عبدالله (عليه السّلام) وقال له رجل: أصلحك اللّه ذكرت أنّ عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) كان يلبس الخشن، يلبس القميص باربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللّباس الجديد؟! فقال له: إنّ عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) كان يلبس ذلك في زمان لاينكر [عليه] ولو لبس مثل ذلك اليوم شهر به، فخير لباس كلّ زمان لباس أهله، غير أنّ قائمنا أهل البيت إذا قام لبس ثياب عليّ (عليه السّلام) وسار بسيرة عليّ (عليه السّلام)(6).

ص:587


1- - السفط معرّب سبد.
2- (2) - السنبلان: بلد بالروم ينسب إليه الاقمصة. (القاموس).
3- (3) - أقول: لعلّ المقصود أنّ طرف الجيب كان الى جهة الارض، أو أنّ الجيب كان مفتوقا أو حصل فيه فتق بعد ضربته (عليه السّلام).
4- (4) - الشطبة: الطريقة أو الخط في متن السّيف ونحوه. (المنجد).
5- (5) - الكافي: ج 6 ص 457 ح 8.
6- (6) - الكافي: ج 1 ص 411 ح 4.

5154 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين قال.

حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمّد قال: حدثنا أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين بن علي، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال: أتى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) أصحاب القمص، فساوم شيخا منهم، فقال: ياشيخ بعني قميصا بثلاثة دراهم.

فقال الشيخ: حبّا وكرامة، فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم فلبسه ما بين الرّسغين(1) إلى الكعبين، وأتى المسجد فصلّى فيه ركعتين، ثمّ قال: الحمد للّه الّذي رزقني من الرّياش ما أتجمّل به في الناس، واؤدّي فيه فريضتي، وأستر به عورتي.

فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أعنك نروي هذا أو شيء سمعته من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

قال: بل شيء سمعته من رسول اللّه، سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول ذلك عند الكسوة(2).

5155 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الاشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبداللّه (عليه

ص:588


1- - الرسغ - بالضم -: المفصل ما بين الساعد والكف أو الساق والقدم. (مجمع البحرين).
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 365 ح 771. منه البحار: ج 41 ص 108.

السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) إذا لبس القميص مدّ يده فإذا طلع على أطراف الاصابع قطعه(1).

5156 - الغارات: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: ابتاع عليّ (عليه السّلام) قميصا سنبلانيّا بأربعة دراهم، ثمّ دعا الخيّاط فمدّ كمّ القميص فقطع ما جاوز الاصابع(2).

5157 - مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام) كان عليّ (عليه السّلام) يلبس القميص الزابيّ، ثمّ يمدّ يده فيقطع مع أطراف أصابعه، وفي حديث عبداللّه بن الهذيل: كان إذا مدّه بلغ الظفر وإذا أرسله كان مع نصف الذراع(3).

البحار - بيان: الزاب: بلد بالاندلس، أو كورة ونهر بالموصل، ونهر بإربل، ونهر بين سوراء وواسط.

5158 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ عليا (عليه السّلام) كان عندكم فأتى بني ديوان(4) واشترى ثلاثة أثواب بدينار القميص إلى فوق الكعب والإزار إلى نصف الساق والرداء من بين يديه إلى ثدييه ومن خلفه إلى أليتيه ثمّ رفع يده إلى السماء فلم يزل

ص:589


1- - الكافي: ج 6 ص 457 ح 7.
2- (2) - الغارات: ج 1 ص 95.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 96. منه البحار: ج 40 ص 322.
4- (4) - في الوافي نقلا عن الكافي «فأتى ببرد نوار» وقال في بيانه: النوار النيلج الذي يصبغ به.

يحمد اللّه على ما كساه حتّى دخل منزله ثمّ قال: هذا اللّباس الّذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه.

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ولكن لايقدرون أن يلبسوا هذا اليوم ولو فعلناه لقالوا: مجنون، ولقالوا: مرائيّ واللّه تعالى يقول.

وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ (1) قال: وثيابك ارفعها ولاتجرّها، وإذا قام قائمنا كان هذا اللّباس(2).

باب (16) سلاح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

5159 - مناقب آل أبي طالب: سئل الصادق (عليه السّلام): لم سمّي ذا الفقار؟

فقال: إنّما سمّي ذا الفقار، لأنه ما ضرب به أمير المؤمنين أحدا إلّا افتقر في الدنيا من الحياة وفي الآخرة من الجنّة(3).

5160 - علل الشرايع - معاني الاخبار: حدّثنا محمّد بن محمّد ابن عصام الكليني (رحمه اللّه) قال: حدّثنا محمد بن يعقوب، عن علاّن الكليني رفعه إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: إنّما سمّي سيف أمير المؤمنين (عليه السّلام) ذا الفقار لأنّه كان في وسطه خطّة(4)

ص:590


1- - المدثر 74:4.
2- (2) - الكافي: ج 6 ص 455 ح 2.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 295. منه البحار: ج 42 ص 58.
4- (4) - خطّ - علل الشرايع.

في طوله تشبه(1) بفقار الظهر، فسمّي ذا الفقار لذلك(2)، وكان سيفا نزل به جبرئيل (عليه السّلام) من السّماء [و] كانت حلقته فضّة، وهو الّذي نادي به مناد من السّماء: لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ (3).

مناقب آل أبي طالب: علاّن الكليني رفعه إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:.. وذكر مثله إلى قوله: بفقار الظهر(4).

أقول: الحديث السابق ذكر الوجه المعنوي في سبب تسمية سيف الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) بذي الفقار، وهو أنّه كان يلحق الفقر من الحياة والجنّة بمن يقتل به.

وهذا الحديث يذكر الوجه المادّي في تسمية سيفه (عليه السّلام) بذلك وهو أنّه كان مثل فقرات الظهر، فلا منافاة بين الحديثين، كما هو واضح.

5161 - مناقب آل أبي طالب: أبو عبداللّه (عليه السّلام): نظر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى جبرئيل بين السماء والأرض على كرسيّ من ذهب وهو يقول: لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ.(5)

5162 - مناقب آل أبي طالب: القاضي أبو بكر الجعابيّ بإسناده عن الصادق (عليه السّلام): نادى ملك من السّماء يوم احد يقال له رضوان: لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ 6.

ص:591


1- - نشبه - علل الشرايع، مشبهة - مناقب آل أبي طالب.
2- (2) - بذلك - علل الشرايع.
3- (3) - علل الشرايع: ص 160 ح 2 - معاني الاخبار: ص 63 ح 12. منهما البحار: ج 42 ص 65.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 295. منه البحار: ج 42 ص 58.
5- (5و6) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 296. منه البحار: ت 42 ص 58.

من معجزات الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

باب (1) ردّ الشمس له وتكلم الشمس معه عليه السلام

5163 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن جعفر، عن عمر بن سعيد، عن الحسن بن صدقة، عن عمّار بن موسى قال: دخلت أنا وأبو عبداللّه (عليه السّلام) مسجد الفضيخ فقال: ياعمّار تري هذه الوهدة(1)؟

قلت: نعم.

قال: كانت امرأة جعفر الّتي خلّف(2) عليها أمير المؤمنين (عليه السّلام) قاعدة في هذا الموضع ومعها ابناها(3) من جعفر فبكت.

ص:592


1- - الوهدة: الارض المنخفضة. (أقرب الموارد).
2- (2) - «امرأة جعفر» يعني بها اسماء بنت عميس (رضي اللّه عنها) وقوله: «خلف عليها» أي كان قائما في الزوجية مقامه. (الوافي).
3- (3) - ابنتها - قصص الأنبياء.

فقال لها ابناها:(1) ما يبكيك يا امّه؟

قالت: بكيت لأمير المؤمنين (عليه السّلام).

فقالا لها: تبكين لأمير المؤمنين ولا تبكين لأبينا؟

قالت: ليس هذا هكذا ولكن ذكرت حديثا حدّثني به أمير المؤمنين (عليه السّلام) في هذا الموضع فأبكاني.

قالا: وما هو؟

قالت: كنت أنا وأمير المؤمنين في هذا المسجد فقال لي: ترين هذه الوهدة؟

قلت: نعم.

قال: كنت أنا ورسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قاعدين فيها إذ وضع رأسه في حجري ثمّ خفق حتّى غطّ(2) وحضرت صلاة العصر فكرهت أن احرّك رأسه عن فخذي فأكون قد آذيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى ذهب الوقت وفاتت فانتبه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: ياعليّ صلّيت؟

قلت: لا.

قال: ولم ذلك؟

قلت: كرهت أن اوذيك.

قال: فقام واستقبل القبلة ومدّ يديه كلتيهما وقال.

اللهم ردّ الشمس إلى وقتها حتّى يصلّي عليّ فرجعت الشمس إلى وقت الصلاة حتّى صلّيت العصر ثمّ انقضّت انقضاض

ص:593


1- - فقالت لها ابنتها - قصص الأنبياء.
2- (2) - خفق: نعس، وغطغط النوم على فلان: غلب. (أقرب الموارد).

الكوكب(1) و(2).

قصص الأنبياء: باسناده عن ابن بابويه، عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه حدثنا موسى بن جعفر البغدادي، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمّار الساباطى نحوه(3).

5164 - قرب الاسناد: محمد بن عبدالحميد، عن أبي جميلة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: صلّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) العصر، فجاء عليّ (عليه السّلام) ولم يكن صلاّها، فأوحى [اللّه] إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عند ذلك، فوضع رأسه في حجر عليّ (عليه السّلام) فقام رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) عن

ص:594


1- - تركه (عليه السّلام) الصّلاة يمكن أن يكون لعلمه (عليه السّلام) برجوع الشمس له أو يقال إنه (عليه السّلام) صلّى بايماء حذرا من ايذاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كما قيل، أو يقال: انه اراد بذهاب الوقت ذهاب وقت الفضيلة وكذا المراد بفوت الصّلاة فوت فضلها. (مرآة العقول) أقول: انقض الحائط أو الجدار أي سقط أو يقال: انقض الطائر من طيرانه أي هوى ومنه انقضاض الكوكب. وقال الفيض (رحمه اللّه): هذه القصّة مشهورة حتى عند العامّة اشتهار الشمس. وإن كذّبها بعضهم (خذلهم اللّه) عنادا، ونقل في مغانم المطابة عن أحمد بن صالح من العامّة أنّه كان يقول: ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء لأنّه من علامات النبوة. (الوافي). أقول: أشار ابن أبي الحديد في القصيدة السادسة من القصائد العلويات السبع الى هذا الحديث بقوله: يامن له ردّت ذكاء ولم يفز بنظيرها من قبل الا يوشع «هامش المصدر»
2- (2) - الكافي: ج 4 ص 561 ح 7.
3- (3) - قصص الانبياء: ص 290 ح 359.

حجره حين قام وقد غربت الشمس، فقال: ياعليّ ما صلّيت العصر؟

قال: لا يارسول اللّه.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): اللهمّ إنّ عليّا كان في طاعتك فاردد عليه الشمس، فردّت عليه الشمس عند ذلك(1).

5165 - تفسير العياشي: عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: دخل عليّ (عليه السّلام) على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في مرضه وقد اغمي عليه، ورأسه في حجر جبرئيل وجبرئيل في صورة دحية الكلبيّ، فلمّا دخل عليّ (عليه السّلام) قال له جبرئيل: دونك رأس ابن عمّك فأنت أحقّ به منّي، لانّ اللّه يقول في كتابه: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (2) فجلس عليّ (عليه السّلام) وأخذ رأس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فوضعه في حجره، فلم يزل رأس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في حجره حتّى غابت الشمس، وإنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أفاق فرفع رأسه فنظر إلى عليّ (عليه السّلام) فقال: ياعليّ أين جبرئيل؟

فقال: يارسول اللّه ما رأيت إلاّ دحية الكلبيّ دفع إليّ رأسك.

قال: ياعليّ دونك رأس ابن عمّك فأنت أحقّ به منّي لانّ اللّه يقول في كتابه: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ

فجلست وأخذت رأسك فلم يزل في حجري حتّى غابت الشمس،

ص:595


1- - قرب الاسناد: ص 82. منه البحار: ج 41 ص 169.
2- (2) - الانفال 8:75.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أفصلّيت العصر؟

فقال: لا.

قال: فما منعك أن تصلّي؟

فقال: قد اغمي عليك فكان رأسك في حجري، فكرهت أن أشقّ عليك يارسول اللّه، وكرهت أن أقوم واصلّي وأضع رأسك.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): اللهمّ إنّ عليا كان(1) في طاعتك وطاعة رسولك حتّى فاتته صلاة العصر، اللهمّ فردّ عليه الشمس حتّى يصلّي العصر في وقتها.

قال: فطلعت الشمس فصارت في وقت العصر بيضاء نقيّة، ونظر إليها أهل المدينة، وإنّ عليّا قام وصلّى فلمّا انصرف غابت الشمس وصلّوا المغرب(2).

5166 - علل الشرائع: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال.

حدثنا عبدالرحمن بن محمد الحسيني قال: حدثنا فرات بن ابراهيم الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمد الفزاري قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: حدثنا ما احمد بن نوح واحمد بن هلال، عن محمد بن أبي عمير، عن حنان قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): ما العلّة في ترك أمير المؤمنين (عليه السّلام) صلاة العصر وهو يجب له أن يجمع بين الظهر والعصر فأخّرها؟

قال: إنّه لمّا صلّى الظهر التفت إلى جمجمة ملقاة(3)، فكلّمها أمير

ص:596


1- - المصدر: إن كان في طاعتك وإنّما أثبتنا نسخة البحار لكونها الأصح.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 2 ص 70 ح 82. منه البحار: ج 41 ص 172.
3- (3) - الى جمجمة تلقاءه - البحار.

المؤمنين (عليه السّلام) فقال: أيّتها الجمجمة من أين أنت؟

فقالت: أنا فلان بن فلان ملك بلاد آل فلان.

قال لها أمير المؤمنين (عليه السّلام): فقصّي عليّ الخبر وما كنت وما كان عصرك؟

فأقبلت الجمجمة تقص من خبرها وما كان في عصرها من خير وشرّ، فاشتغل بها حتّى غابت الشمس، فكلّمها بثلاثة أحرف من الإنجيل لئلا يفقه العرب كلامها، فلما فرغ من حكاية الجمجمة قال للشمس: ارجعي.

قالت: لا أرجع وقد أفلت، فدعا اللّه (عزّوجلّ) فبعث إليها سبعين ألف ملك بسبعين ألف سلسلة حديد، فجعلوها في رقبتها وسحبوها على وجهها حتّى عادت بيضاء نقيّة، حتّى صلّى أمير المؤمنين (عليه السّلام) ثمّ هوت كهويّ الكوكب، فهذه العلّة في تأخير العصر. وحدثني بهذا الحديث الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، عن فرات بن ابراهيم بن فرات الكوفي باسناده وألفاظه(1).

أقول: المذكور في التاريخ ان الشمس ردّت لأمير المؤمنين (عليه السّلام) مرّتين المرّة الاولى: في حياة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وقد مر حديثه.

المرّة الثانية: في أيام حكومته (عليه السّلام) وفي طريقه الى صفين لحرب معاوية بن أبي سفيان فمرّ بأرض، فقال لاصحابه: هذه أرض قد عذّب أهلها ولا ينبغي لنبيّ أو وصي نبي أن يصلّي فيها حتى يجوزها؟؟؟، فمن أراد فليصلّ، فصلى بعض أصحابه وقال بعض

ص:597


1- - علل الشرائع: ص 351 ح 1. منه البحار: ت 41 ص 166.

أصحابه: نصلي معك يا أمير المؤمنين.

فلمّا جاز الارض غربت الشمس فدعا أمير المؤمنين فردت له الشمس فصلى بأصحابه ثم غربت.

وأمّا هذا الحديث المذكور هنا من إشتغاله بالتكلّم مع الجمجمة حتى فاتته صلاته فنردّ علمه الى أهله خصوصا وان سنده ضعيف لايعتمد عليه، واللّه العالم.

5167 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام): فيما نذكره عن الحافظ موفق بن أحمد المكي أخطب خطباء خوارزم قال.

وأخبرني شهردار هذا اجازة، أخبرنا عبدوس هذا كتابه، حدثنا الشيخ أبو الفرج بن سهل حدثنا أبو العباس احمد بن إبراهيم بن بركان، حدثنا زكريا البغدادي، حدثنا الحسن بن موسى بن محمّد بن عباد الخزاز، حدثنا عبدالرّحمن بن القاسم الهمداني: حدثنا ابو حازم محمّد بن محمد الطالقاني ابو مسلم، عن الخالص الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، عن الناصح علي بن محمّد (عليه السّلام) عن التقي محمّد بن علي (عليه السّلام) عن الرضا علي بن موسى (عليه السّلام) (عن الكاظم موسى بن جعفر (عليه السّلام)) عن الصادق جعفر بن محمّد (عليه السّلام) عن الزكي زين العابدين علي بن الحسين (عليه السّلام) عن البرّ الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) عن المرتضى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، عن المصطفى محمد الأمين سيد الأولين والآخرين (صلّى اللّه عليهم أجمعين) أنّه قال لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): يا أبا الحسن كلّم

ص:598

الشمس فإنّها تكلّمك.

قال عليّ (عليه السّلام): السلام عليك أيّها العبد المطيع للّه.

فقالت الشمس: وعليك السلام يا أمير المؤمنين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين ياعليّ أنت وشيعتك في الجنّة، ياعليّ أوّل من تنشقّ عنه الارض محمّد ثم أنت وأوّل من يحيى محمّد ثم أنت، وأوّل من يكسى محمّد ثمّ أنت.

ثمّ انكبّ علي (عليه السّلام) ساجدا وعيناه تذرفان بالدّموع، فانكبّ عليه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: ياأخي وحبيبي ارفع رأسك فقد باهى اللّه بك أهل سبع سماوات(1).

كشف الغمة: من مناقب الخوارزمى حدثنا عبدالرحمن بن القاسم الهمداني حدثنا حاتم بن محمد بن محمد الطالقاني حدثنا أبو مسلم، عن الخالص بهذا الاسناد مثله(2).

فرائد السمطين: بإسناده عن الخالص الحسن بن علي بن محمّد ابن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) عن الناصح علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، بهذا الاسناد مثله(3).

ص:599


1- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 25.
2- (2) - كشف الغمة: ج 1 ص 154. منهما البحار: ج 41 ص 169 و 170.
3- (3) - فرائد السمطين: ج 1 ص 184.

[باب (2)] استجابة دعائه عليه السلام

5168 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عبداللّه بن محمّد، عن عبداللّه بن القاسم، عن عيسى شلقان قال.

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) له خؤولة في بني مخزوم وإن شابّا منهم أتاه فقال: يا خالي إنّ أخي مات وقد حزنت عليه حزنا شديدا.

قال: فقال له: تشتهي أن تراه؟

قال: بلى.

قال: فأرني قبره.

قال: فخرج ومعه بردة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) متّزرا بها، فلمّا انتهى إلى القبر تلملمت شفتاه ثمّ ركضه برجله فخرج من قبره وهو يقول بلسان الفرس.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): ألم تمت وأنت رجل من العرب؟!! قال: بلى، ولكنّا متنا على سنّة فلان وفلان فانقلبت ألسنتنا(1).

بصائر الدرجات: حدثنا سلمة بن خطاب [عن عبداللّه بن محمّد]، عن عبداللّه بن القاسم، عن عيسى بن شلقان(2) نحوه(3).

ص:600


1- - الكافي: ج 1 ص 456 ح 7.
2- (2) - في بعض كتب الحديث هكذا، ولا يبعد انها محرفة فان شلقان لقب عيسى وهو المعروف بشلقان ابن أبي منصور. (معجم رجال الحديث).
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 293 ح 3.

مناقب آل أبي طالب: سلمان شلقان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:... وذكر نحوه(1).

5169 - الخرائج والجرائح: ان الصادق (عليه السّلام) قال: كان قوم من بني مخزوم لهم خؤولة مع عليّ (عليه السّلام) فأتاه شابّ منهم يوما فقال: يا خال مات ترب(2) لي فحزنت عليه حزنا شديدا.

قال: فتحبّ أن تراه؟

قال: نعم.

فانطلق بنا إلى قبره فدعا اللّه وقال: قم يافلان بإذن اللّه، فإذا الميّت جالس على رأس القبر وهو يقول: (ونيه ونيه، شألا) معناه.

لبّيك لبّيك سيّدنا.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): ما هذا اللّسان ألم تمت وأنت رجل من العرب؟

قال: نعم ولكنّي متّ على ولاية فلان وفلان فانقلب لساني إلى ألسنة أهل النار(3).

5170 - الخرائج والجرائح: أنّ عيسى النهريري(4) روي عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ فلانا وفلانا وابن عوف أتوا

ص:601


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 340.
2- (2) - الترب - بالكسر -: من ولد معك. وأكثر ما يستعمل في المؤنث. يقال: «هذه ترب فلانة» إذا كانت على سنها، وتربت فلانة فلانة: صادقتها وخادنتها. (المنجد).
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 173 ح 5. منه البحار: ج 41 ص 192.
4- (4) - الهرهريّ - البحار.

النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ليعنّتوه(1).

فقال الأوّل: اتّخذ اللّه إبراهيم خليلا فماذا صنع بك ربّك؟

وقال الثاني: كلّم اللّه موسى تكليما فما صنع بك ربّك؟

وقال: ابن عوف: عيسى بن مريم يحيى الموتى بإذن اللّه فما صنع بك ربّك؟

فقال للأوّل: اتّخذ اللّه إبراهيم خليلا واتّخذني حبيبا.

وقال للثاني: كلّم اللّه موسى تكليما من وراء حجاب وقد رأيت عرش ربّي وكلّمني.

وقال للثالث: عيسى بن مريم يحيى الموتى بإذن اللّه وأنا إن شئتم أحييت لكم موتاكم.

قالوا: قد شئنا، وعلى ذلك داروا(2).

فأرسل النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) إلى عليّ (عليه السّلام) فدعاه ثمّ قال له:(3) أقدمهم إلى القبور، ثمّ قال لهم: اتّبعوه، فلمّا توسّط الجبّانة(4) تكلّم بكلمة فاضطربت الارض وارتجّت [قلوبهم] ودخلهم من الذعر(5) ما شاء اللّه، والتمعت(6) ألوانهم ولم تقل(7) ذلك قلوبهم.

ص:602


1- - في البحار ليعتبوه. وعنته: شدد عليه وألزمه ما يصعب عليه أداؤه ويشق عليه تحمّله. (أقرب الموارد).
2- (2) - أي اتفقوا واجتمعوا.
3- (3) - فدعاه فأتاه، فقال له - البحار.
4- (4) - الجبّانة: المقبرة. (اقرب الموارد).
5- (5) - الذعر - بالضم -: الخوف والفزع. السان العرب).
6- (6) - إلتمع: ذهب وتغير. (أقرب الموارد).
7- (7) - يقال: أقلّ فلان الشيء، واستقلّ به: إذا طاقه وحمله. (مجمع البحرين).

فقالوا: يا أبا الحسن أقلنا عثراتنا أقالك الله عثرتك.

قال: إنّما رددتم على اللّه، ثمّ إنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) بعث إلى عليّ (عليه السّلام) فدعاه(1).

البحار - أقول: رواه السيّد المرتضى (رضي اللّه عنه) في (عيون المعجزات) عن أحمد بن زيد، عن أحمد بن محمّد بن أيّوب باسناده مثله. وفيه: فقالوا: حسبك، يا أبا الحسن أقلنا، أقالك اللّه. فأمسك عن استتمام كلامه ودعائه ورجع إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله). فقالوا له: أقلنا. فقال لهم: إنّما رددتم على اللّه، لا أقالكم اللّه يوم القيامة.

5171 - الخرائج والجرائح: روي عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ غلاما يهوديّا قدم على أبي بكر في خلافته فقال: السلام عليك يا أبا بكر، فوجأ عنقه(2) وقيل له: لم لاتسلّم عليه بالخلافة، ثمّ قال له أبو بكر: ما حاجتك؟

قال: مات أبي يهوديّا وخلّف كنوزا وأموالا، فإن أنت أظهرتها وأخرجتها إليّ أسلمت على يديك وكنت مولاك، وجعلت لك ثلث ذلك المال وثلثا للمهاجرين والأنصار وثلثا لي.

فقال أبو بكر: يا خبيث وهل يعلم الغيب إلاّ اللّه؟ ونهض أبو بكر.

ثمّ انتهى اليهوديّ إلى عمر فسلّم عليه وقال: إنّي أتيت أبا بكر

ص:603


1- - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 184 ح 18. منه البحار: ج 41 ص 194.
2- (2) - وجأت عنقه: اذا دستها برجلك. (مجمع البحرين). وتستعمل هذه الكلمة في لوي العنق أيضا ولعلّه هو المراد هنا.

عن مسألة فأوجعت ضربا، وأنا أسألك عن المسألة وحكى قصّته، قال: وهل يعلم الغيب إلاّ اللّه؟

ثمّ خرج اليهوديّ إلى عليّ (عليه السّلام) وهو في المسجد، فسلّم عليه وقال: يا أمير المؤمنين، وقد سمعه أبو بكر وعمر، فوكزوه وقالوا: ياخبيث هلاّ سلّمت على الأوّل كما سلّمت على عليّ، والخليفة أبو بكر؟

فقال اليهوديّ: والله ما سمّيته بهذا الاسم حتّى وجدت ذلك في كتب آبائي واجدادي في التوراة.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): وما حاجتك؟

قال: مات أبي يهوديا وخلّف كنوزا كثيرة وأموالا فلم يطّلعني عليها فان اخرجتها لي اسلمت على يديك.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): وتفي بما تقول؟

قال: نعم، واشهد اللّه وملائكته وجميع من يحضرني.

قال: نعم.

فدعا برقّ أبيض فكتب عليه كتابا ثمّ قال: تحسن أن تكتب؟

قال: نعم.

قال: خذ معك ألواحا وصر إلى بلاد اليمن وسل عن وادي برهوت بحضرموت، فإذا صرت بطرف الوادي عند غروب الشمس فاقعد هناك فإنّه سيأتيك غرابيب سود مناقيرها وهي تنعب(1)، فإذا هي نعبت فاهتف باسم أبيك وقل: يافلان أنا رسول وصيّ محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) فكلّمني، فإنّه سيجيبك أبوك، فلا تفتر عن سؤاله(2) عن

ص:604


1- - نعب الغراب: صوّت. (أقرب الموارد).
2- (2) - فتر فلان عن عمله: قصّر فيه. (أقرب الموارد).

الكنوز الّتي خلّفها، فكلّ ما أجابك به في ذلك الوقت وتلك الساعة فاكتب في ألواحك، فإذا انصرفت إلى بلادك بلاد خيبر فتتبّع ما في ألواحك واعمل بما فيها.

فمضى اليهوديّ حتّى انتهى إلى بلاد اليمن، وقعد هناك كما أمره، فإذا هو بالغرابيب السود قد أقبلت تنعب فهتف اليهوديّ فاجابه أبوه وقال: ويلك ما جاء بك في هذا الوقت إلى هذا الموطن وهو من مواطن أهل النار؟

قال: جئتك أسألك عن كنوزك أين خلّفتها؟

قال: في جدار كذا في موضع كذا في حيطان كذا، فكتب الغلام ذلك، ثمّ قال: ويلك اتّبع دين محمّد، وانصرفت الغرابيب ورجع اليهوديّ إلى بلاد خيبر، وخرج بغلمانه وفعلته(1) وإبل وجواليق وتتّبع ما في ألواحه فأخرج كنزا من أواني الفضّة وكنزا من أواني الذّهب، ثم أوقر عيرا وجاء حتّى دخل على عليّ (عليه السّلام). فقال: يا أمير المؤمنين أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّدا رسول اللّه وأنّك وصيّ محمّد وأخوه وأمير المؤمنين حقّا كما سمّيت، وهذه عير دراهم ودنانير فاصرفها حيث أمرك اللّه ورسوله، واجتمع الناس فقالوا لعليّ: كيف علمت هذا؟

قال: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وإن شئت خبّرتكم بما هو أصعب من هذا.

قالوا: فافعل.

قال: كنت ذات يوم تحت سقيفة مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه

ص:605


1- - الفعلة: هم الّذين يستأجرون يوميا للعمل. (المنجد).

وآله) وانّي لأحصي ستّا وستّين وطأة كلّ ملائكة اعرفهم بلغاتهم وصفاتهم واسمائهم ووطئهم(1).

5172 - الخرائج والجرائح: روي عن عمر بن اذينة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: دخل الاشتر على عليّ (عليه السّلام) فسلّم فأجابه.

فقال علي (عليه السّلام): ما أدخلك عليّ في هذه الساعة؟

قال: حبّك يا أمير المؤمنين.

قال (عليه السّلام): فهل رأيت ببابي أحدا؟

قال: نعم أربعة نفر، فخرج الاشتر معه فإذا بالباب أكمه ومكفوف ومقعد وأبرص، فقال (عليه السّلام): ما تصنعون هاهنا؟

قالوا: جئناك لما بنا، فرجع ففتح حقّا له، فأخرج رقّا(2) ابيض فيه كتاب ابيض فقرأ عليهم، فقاموا كلّهم من غير علّة(3).

باب (3) قصّة الحيّة في خفّ أمير المؤمنين عليه السلام

5173 - قرب الاسناد: محمد بن عبدالحميد، عن أبي جميلة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: نزع عليّ (عليه السّلام) خفّه بليل ليتوضّأ، فبعث اللّه طائرا فأخذ أحد الخفّين، فجعل على (عليه

ص:606


1- - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 192 ح 29. منه البحار: ج 41 ص 196.
2- (2) - الرق - بفتح الراء -: جلد رقيق يكتب فيه. والحق - بضم الحاء -: الوعاء. (أقرب الموارد).
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 196 ح 34. منه البحار: ج 41 ص 195.

السّلام) يتبع الطير وهو يطير حتّى أضاء له الصبح، فألقى الخفّ فاذا حيّة سوداء تنسال(1) من الخفّ (2).

5174 - مكارم الأخلاق: عن أبي الصباح، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، قال: إن عليا (عليه السّلام) كان في سفر وكان إذا سافر أدلج(3) فبينا هو قد أخذ في الدلجة فلبس ثيابه وتناول أحد خفيه فلبسه، ثم أهوي الى الخفّ الاخر ليلبسه إذ إنحطّ طير من السّماء فضرب خفّه فأخذه فانطلق علي (عليه السّلام) فاتبعه ليأخذ الخف منه، فسبقه وارتفع إلى السّماء، فما زال يدور حتى أصبح فألقى الخف فخرج من الخف حنش وهو حيّة(4).

باب (4) الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ومنطق الحيوانات

5175 - الخرائج والجرائح: عن أبي بصير جدعان بن نصر حدثنا البرقي محمّد بن خالد حدثنا محمّد بن سنان(5) عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: بينا عليّ بالكوفة إذ أحاطت به اليهود

ص:607


1- - تنساب - خ ل. وانسابت الحية: جرت وتدافعت في مشيها. (أقرب الموارد).
2- (2) - قرب الاسناد: ص 81. منه البحار: ج 41 ص 232.
3- (3) - أدلج القوم إدلاجا: ساروا من أوّل الليل وربما استعمل لسير آخر الليل. (أقرب الموارد).
4- (4) - مكارم الاخلاق: ص 121. منه الوسائل: ج 3 ص 389.
5- (5) - الصفّار، عن أبي بصير، عن جذعان بن أبي نصر البرقي، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان - البحار.

فقالوا: أنت الذي تزعم أنّ الجرّي منّا معشر اليهود، ثمّ مسخ؟

فقال لهم: نعم.

ثمّ ضرب يده إلى الارض، فتناول منها عودا، فشقّه باثنين وتكلّم عليه بكلام، وتفل عليه، ثمّ رمى به في الفرات.

فاذا الجرّي يتراكب بعضه على بعض ويقول(1) بصوت عال: يا أمير المؤمنين نحن طائفة من بني إسرائيل، عرضت علينا ولايتكم فأبينا أن نقبلها، فمسخنا اللّه جريّا(2).

5176 - اليقين في إمرة امير المؤمنين (عليه السّلام): بإسناده عن أبي سمينة، عن عليّ بن عبداللّه الخيّاط، عن الحسن بن عليّ الأسديّ، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: مدّ الفرات عندكم على عهد عليّ (عليه السّلام) فأقبل إليه الناس فقالوا.

يا أمير المؤمنين نحن نخاف الغرق، لانّ الفرات قد جاء من الماء ما لم ير مثله، وقد امتلأت جنبتاه، فاللّه اللّه، فركب امير المؤمنين (عليه السّلام) والناس معه وحوله يمينا وشمالا، فمرّ بمسجد ثقيف فغمزه بعض شبّانهم، فالتفت إليه مغضبا فقال: صغار الخدود(3)، لئام الجدود، بقيّة ثمود، من يشتري منّي هؤلاء الأعبد؟

فقام إليه مشائخهم فقالوا له: يا أمير المؤمنين إنّ هؤلاء شبّان لايعقلون ما هم فيه، فلا تؤاخذنا بهم، فواللّه إنّا كنّا لهذا كارهين،

ص:608


1- - يقولون - البحار.
2- (2) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 823 ح 37. منه البحار: ج 41 ص 241.
3- (3) - صعار الخدود - البحار. الصعّار: المتكبّر لانّه يميل بخدّه ويعرض عن الناس بوجهه. (النهاية).

وما منّا أحد يرضى هذا الكلام لك فاعف عنّا عفا اللّه عنك.

قال: فكأنّه استحى فقال: لست أعفو عنكم إلاّ على أن لا أرجع حتّى تهدموا مجلسكم وكلّ كوّة وميزاب وبالوعة إلى طريق المسلمين، فإنّ هذا أذى للمسلمين.

فقالوا: نحن نفعل ذلك، فمضى وتركهم، فكسروا مجلسهم وجميع ما أمر به حتّى انتهى إلى الفرات فضربه بقضيب كان معه وزجره ونزل الفرات ذراعا(1).

فقال: حسبكم؟

قالوا: زدنا فضربه بقضيب كان معه فإذا بالحيتان فاغرة أفواهها(2)، فقالت: يا أمير المؤمنين عرضت ولايتك علينا فقبلناها ما خلا الجرّيّ والمارماهي والزمّار.

فقال (عليه السّلام): إنّ بني إسرائيل لمّا تفرّقوا عن المائدة فمن كان أخذ منهم برا كان منهم القردة والخنازير، ومن أخذ [منهم] بحرا كان الجرّيّ والمارماهي والزمّار، ثمّ أقبل الناس عليه.

فقالوا: [هذه رمّانة ما رأينا مثلها قطّ، جاء بها الماء وقد أحبست الجسر من عظمها وكبرها فقال:](3) هذه رمّانة من رمّان الجنّة، فدعا بالرجال وبالحبال فأخرجوها، فما بقي بيت بالكوفة إلّا دخله منها شيء(4).

ص:609


1- - حتى انتهى الى الفرات وهو يزخر بامواجه فوقف والناس ينظرون فتكلّم بالعبرانية كلاما فنقص الفرات ذراعا - البحار.
2- (2) - فغر فاه: فتحه. (أقرب الموارد).
3- (3) - ما بين المعقوفتين من نسخة البحار.
4- (4) - اليقين في إمرة أمير المؤمنين: ص 153. منه البحار: ج 41 ص 236.

البحار - بيان: الصعر: الميل في الخدّ خاصّة، وقد صعر خدّه وصاعر أي أماله من الكبر. وزجر الوادي إذا امتدّ جدّا وارتفع.

باب (5) معجزاته عليه السلام في الجمادات والنباتات

5177 - الخرائج والجرائح: روي عن أبي هاشم الجعفريّ، عن أبيه، عن الصادق (عليه السّلام) قال: لمّا فرغ عليّ (عليه السّلام) من وقعة صفّين وقف على شاطيء الفرات.

وقال: أيّها الوادي من أنا؟ فاضطرب وتشقّقت أمواجه، وقد نظر(1) النّاس وقد سمعوا من الفرات صوتا: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أن محمّدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأنّ عليّا (عليه السّلام) [وليّ اللّه](2) أمير المؤمنين حجّة اللّه على خلقه(3).

5178 - الخرائج والجرائح: روي عن عبيد، عن السّكسكيّ، عن أبي عبداللّه، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ عليّا (عليه السّلام) لمّا قدم من صفّين وقف على شاطيء الفرات، ثمّ انتزع من كنانته(4) سهاما، ثمّ أخرج منها قضيبا أصفر، فضرب به الفرات.

فقال (عليه السّلام): انفجري فانفجرت اثنتا عشرة عينا كلّ عين

ص:610


1- - وقد حضر - البحار.
2- (2) - ما بين المعقوفتين من البحار.
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 231 ح 75. منه البحار: ج 41 ص 251.
4- (4) - الكنانة - بكسر الكاف -: جعبة من جلد أو خشب تجعل فيها السهام. (المنجد).

كالطّود(1)، والناس ينظرون إليه، ثمّ تكلّم بكلام لم يفهموه، فأقبلت الحيتان رافعة رؤوسها بالتّهليل والتكبير وقالت: السلام عليك ياحجّة اللّه في أرضه ويا عين اللّه في عباده، خذلك قومك بصفّين كما خذل هارون بن عمران قومه.

فقال لهم: أسمعتم؟

قالوا: نعم.

قال: فهذه آية لي عليكم وقد أشهدتكم عليه(2).

باب (6) معرفته عليه السلام بحقائق الناس

5179 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن بكار بن كرام(3)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ جويرية بن عمر العبديّ خاصمه رجل في فرس انثى فادّعيا جميعا الفرس، فقال امير المؤمنين (عليه السّلام): لواحد منكما البيّنة؟

فقالا: لا.

فقال لجويرية: أعطه الفرس.

فقال له: يا أمير المؤمنين بلابيّنة؟

فقال له: واللّه لأنا أعلم بك منك بنفسك، أتنسى صنيعك

ص:611


1- - الطود: الجبل العظيم. (المنجد).
2- (2) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 231 ح 76. منه البحار: ج 41 ص. 251
3- (3) بكار بن كردم - البحار.

بالجاهليّة الجهلاء؟ فأخبره بذلك(1).

5180 - مناقب آل أبي طالب: الحارث الاعور وأبو أيّوب الأنصاريّ وجابر بن يزيد ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السّلام)، وعيسى بن سليمان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) - ودخل بعض الخبر في بعض - انّ عليّا (عليه السّلام) كان يدور في أسواق الكوفة فلعنته امرأة ثلاث مرّات.

فقال: يا [ابنة] سلقلقيّة كم قتلت من أهلك؟

قالت: سبعة عشر أو ثمانية عشر.

فلمّا انصرفت قالت لأمّها ذلك، فقالت: السلقلقيّة من ولدت بعد حيض ولا يكون لها نسل.

فقالت: يا امّاه أنت هكذا؟

قالت: بلى... الى آخر الخبر(2).

5181 - الخرائج والجرائح: أنّ عبدالحميد بن أبي العلاء الازدي روي عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ جبير الخابور كان صاحب بيت مال معاوية. وكانت له امّ عجوز بالكوفة كبيرة. فقال لمعاوية: إنّ لي امّا بالكوفة عجوزا اشتقت إليها، فأذن لي حتّى آتيها فأقضي من حقّها ما يجب عليّ.

فقال معاوية: ما تصنع بالكوفة؟ فانّ فيها رجلا ساحرا كاهنا يقال له: عليّ بن أبي طالب وما آمن أن يفتنك.

فقال جبير: مالي ولعليّ، إنّما آتي امّي فأزورها وأقضي حقّها.

ص:612


1- - بصائر الدرجات: ص 267 ح 11. منه البحار: ج 41 ص 288.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 266. منه البحار: ج 37 ص 223.

فأذن له.

فقدم جبير إلى عين التمر(1) ومعه مال، فدفن بعضه في عين التمر، وقد كان لعليّ مناظر(2) فأخذوا جبيرا بظاهر الكوفة، وأتوا به عليّا، فلمّا نظر إليه قال له.

ياجبير الخابور أما إنّك كنز من كنوز اللّه، زعم لك معاوية أنّي كاهن ساحر؟! قال: إي واللّه.

قال: ذلك معاوية، ثمّ قال: ومعك مال قد دفنت بعضه في عين التمر.

قال: صدقت يا أمير المؤمنين، لقد كان ذلك.

قال عليّ (عليه السّلام): ياحسن ضمّه إليك، فأنزله وأحسن إليه.

فلمّا كان من الغد دعاه. ثمّ قال لاصحابه: إنّ هذا يكون في جبل الأهواز في أربعة آلاف مدجّجين في السلاح فيكونون معه حتّى يقوم قائمنا أهل البيت، فيقاتل معه(3).

البحار - بيان: رجل مدجّج ومدحّج، أي شاك في السلاح وإنّما أخبره (عليه السّلام) بما يكون منه في الرّجعة.

5182 - بصائر الدرجات: حدثنا عبداللّه بن جعفر، عن أحمد

ص:613


1- - عين التمر: بلدة قريبة من الانبار، غربي الكوفة. بقربها موضع يقال له: شفاثا» (معجم البلدان).
2- (2) - أقول: المناظر - هنا -: نقاط المراقبة.
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 185 ح 19. منه البحار: ج 41 ص 296.

ابن محمّد بن إسحاق الكرخي، عن عمّه محمّد بن عبداللّه بن جابر الكرخيّ - وكان رجلا خيرا كاتبا كان لإسحاق بن عمّار ثمّ تاب من ذلك - عن إبراهيم الكرخيّ - قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال: يا إبراهيم أين تنزل من الكرخ؟

قلت: في موضع يقال له: شادروان.

قال: فقال لي: تعرف قطفتا(1).

قال: إنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) حين أتى أهل النهروان نزل قطفتا فاجتمع إليه أهل بادرويا(2)، فشكوا إليه ثقل خراجهم وكلّموه بالنبطيّة، وأنّ لهم جيرانا أوسع أرضا وأقلّ خراجا، فأجابهم بالنبطيّة «وغرزطا(3) من عوديا» قال: فمعناه رب رجز صغير خير من رجز كبير(4).

البحار - بيان: يمكن أن يكون المراد بالرجز، النوع المعروف من الشعر وإنّما ذكره (عليه السّلام) على سبيل المثل. ويحتمل أن يكون في الاصل الجرز - بضمّتين - وهي أرض لانبات بها، أو الجزر بالتحريك أي الشاة السمينة فيكون أيضا مثلا.

5183 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن عمر الصيقل، عن أبي شعيب المحامليّ، عن عبداللّه بن

ص:614


1- - قال في المراصد: - قطفتا -: محلة كبيرة ذات أسواق.
2- (2) - قال في المراصد: بادوريا - بالواو والراء وياء وألف - طسوج من كورة الاستان بالجانب الغربي من بغداد، وهو اليوم محسوب من كورة نهر عيسى.
3- (3) - رعد ورضا - البحار.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 355 ح 10. منه البحار: ج 41 ص 289.

سليمان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): ليأتينّ على الناس زمان يظرف فيه الفاجر ويقرّب فيه الماجن(1)

ويضعف فيه المنصف.

قال: فقيل له: متى ذاك يا امير المؤمنين؟

فقال: إذا اتّخذت الامانة مغنما. والزكاة مغرما. والعبادة استطالة. والصلة منّا.

قال: فقيل: متى ذلك يا أمير المؤمنين؟

فقال: إذا تسلّطن النساء وسلّطن الإماء وامّر الصبيان(2).

باب (7) اسم أمير المؤمنين عليه السلام على شجرة في الصين

5184 - الخرائج والجرائح: روي عن محمّد بن سنان قال.

دخلت على الصادق (عليه السّلام) فقال لي: من بالباب؟

قلت: رجل من الصين.

قال: فأدخله.

ص:615


1- - قوله (عليه السّلام): «يظرّف فيه الفاجر» أي يعدّ الفاجر ظريفا، من الظرافة بمعنى الكياسة، وفي بعض نسخ النهج «بالطاء المهملة» من الطريف ضد التالد، وهو الامر المستطرف الذي يعده الناس حسنا لانّ الناس راغبون الى المستحدثات، أي يعده النّاس طريفا ويميلون إليه. (مرآة العقول). والماجن عند العرب: الذي يرتكب المقابح المردية والفضائح المخزية، وقيل: أن لايبالي ما صنع وما قيل له. السان العرب).
2- (2) - الكافي: ج 8 ص 69 ح 25.

فلمّا دخل قال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): هل تعرفوننا بالصّين؟

قال: نعم ياسيّدي.

قال: وبماذا تعرفوننا؟

قال: يابن رسول اللّه إنّ عندنا شجرة تحمل كلّ سنة وردا يتلوّن في كلّ يوم مرّتين، فإذا كان أوّل النهار نجد مكتوبا عليه: «لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه» وإذا كان اخر النهار فإنّا نجد مكتوبا عليه: «لا إله إلّا اللّه عليّ خليفة رسول اللّه»(1).

باب (8) بين الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وعمر بن الخطاب

5185 - البحار: كتاب (الفضائل) - روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) بلغه عن عمر بن الخطّاب أمر فأرسل إليه سلمان (رضي اللّه عنه) وقال: قل له: قد بلغني عنك كيت وكيت، وكرهت أن أعتب عليك في وجهك، فينبغي أن لايقال فيّ إلاّ الحقّ، فقد غصبت حقّي على القذي وصبرت حتّى يبلغ الكتاب أجله.

فنهض سلمان (رضي اللّه عنه) وبلّغه ذلك وعاتبه، وذكر مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) وذكر فضائله وبراهينه.

فقال عمر: عندي الكثير من فضائل عليّ ولست بمنكر فضله إلاّ أنّه يتنفّس الصعداء ويظهر البغضاء.

ص:616


1- - الخرائج و الجرائح: ج 2 ص 569 ح 25. منه البحار: ج 42 ص 18.

فقال له سلمان (رضي اللّه عنه): حدّثني بشيء ممّا رأيته منه؟

فقال عمر: يا أبا عبداللّه نعم، خلوت به ذات يوم في شيء من أمر الجيش، فقطع حديثي وقام من عندي وقال: مكانك حتّى أعود إليك، فقد عرضت لي حاجة، فما كان أسرع أن رجع عليّ ثانية وعلى ثيابه وعمامته غبار كثير، فقلت له: ما شأنك؟

فقال: أقبل نفر من الملائكة وفيهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يريدون مدينة بالمشرق، يريدون مدينة جيحون، فخرجت لاسلّم عليه، وهذه الغبرة ركبتني من سرعة المشي.

فقال عمر: فضحكت متعجّبا حتّى استلقيت على قفائي(1)، وقلت له: النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) قد مات وبلي وتزعم أنّك لقيته الساعة وسلّمت عليه؟! فهذا من العجائب وممّا لايكون.

فغضب عليّ ونظر إليّ وقال: تكذّبني يابن الخطّاب؟

فقلت: لاتغضب وعد إلى ما كنّا فيه فإنّ هذا ممّا لايكون أبدا.

قال: فإن أنت رأيته حتّى لاتنكر منه شيئا استغفرت اللّه ممّا قلت وأضمرت وأحدثت توبة ممّا أنت فيه وتركت حقّا لي؟

فقلت: نعم.

فقال: قم، فقمت معه فخرجنا إلى طرف المدينة، وقال لي.

غمّض عينيك فغمضتهما.

فقال: افتحهما ففعلت ذلك، فإذا أنا برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) معه نفر من الملائكة، فلمّا أطلت النظر قال لي: هل رأيته؟

فقلت: نعم.

ص:617


1- - هكذا في المصدر والصحيح: قفاى.

قال: غمّض عينيك فغمضتهما، ثمّ قال: افتحهما فإذا لاعين ولا أثر.

فقلت له: هل رأيت من عليّ (عليه السّلام) غير ذلك؟

قال: نعم إنّه استقبلني يوما وأخذ بيدي ومضى بي إلى الجبّانة، وكنّا نتحدّث في الطريق، وكان بيده قوس فلمّا صرنا في الجبّانة رمى بقوسه من يده فصار ثعبانا عظيما مثل ثعبان موسى (عليه السّلام) وفتح فاه وأقبل ليبتلعني، فلمّا رأيت ذلك طار قلبي من الخوف وتنحّيت وضحكت في وجه عليّ (عليه السّلام) وقلت: الامان يا عليّ بن أبي طالب واذكر ما بيني وبينك من الجميل، فلمّا سمع هذا القول افترّ ضاحكا(1) وقال: لطفت في الكلام ونحن أهل بيت نشكر القليل، فضرب بيده إلى الثعبان وأخذه بيده فإذا هو قوسه الّذي كان بيده.

ثمّ قال عمر: يا سلمان إنّي كتمت ذلك عن كلّ أحد وأخبرتك به يا أبا عبداللّه، فإنّهم أهل بيت يتوارثون هذه الاعجوبة كابرا عن كابر، ولقد كان إبراهيم يأتي بمثل ذلك وكان أبو طالب وعبداللّه يأتيان بمثل ذلك في الجاهليّة، وأنا لا انكر فضل عليّ وسابقته ونجدته وكثرة علمه، فارجع إليه واعتذر عنّي إليه وأثن عنّي عليه بالجميل(2).

ص:618


1- - افترّ: تبسّم وضحك ضحكا حسنا. (أقرب الموارد).
2- (2) - البحار: ج 42 ص 42 ح 15.

حروب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

باب (1) حرب علي عليه السلام حرب رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

5186 - البحار: الكافية في أبطال توبة الخاطئة، عن محمد بن يحيى، عن أبي الجارود، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: الشّاك في حرب عليّ (عليه السّلام) كالشاك في حرب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(1).

[باب (2)] إخبار النبيّ صلّى الله عليه و آله عائشة بخروجها لحرب أمير المؤمنين عليه السلام

5187 - تفسير القمي: حدثنا محمّد بن أحمد، قال: حدثنا محمّد بن عبداللّه بن غالب، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن حمّاد، عن حريز قال: سألت أبا عبداللّه (عليهم السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ): يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ (2)؟

ص:619


1- - البحار: ج 32 ص 326 ح 309.
2- (2) - الاحزاب 33:30.

قال: الفاحشة:(1) الخروج بالسيف(2).

أقول: لاشك أن الخروج بالسيف على خليفة رسول اللّه هو من مصاديق الفحش والفاحشة، بل هو من اشدّها واسوئها.

5188 - الاحتجاج: عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليه السّلام) قال: كنت أنا ورسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في المسجد بعد أن صلّى الفجر. ثمّ نهض ونهضت معه، وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إذا أراد أن يتجه إلى موضع أعلمني بذلك وكان إذا أبطأ في ذلك الموضع صرت إليه لأعرف خبره. لأنّه لايتصابر قلبي على فراقه ساعة واحدة. فقال لي: أنا متّجه إلى بيت عائشة. فمضى (صلّى اللّه عليه وآله) ومضيت إلى بيت فاطمة الزهراء (عليها السّلام) فلم أزل مع الحسن والحسين فأنا وهي مسروران بهما. ثمّ انّي نهضت وسرت إلى باب عائشة، فطرقت الباب. فقالت: من هذا؟

فقلت لها: أنا علي.

فقالت: إنّ النبي راقد. فانصرفت. ثم قلت: النبيّ راقد وعائشة في الدار؟!! فرجعت وطرقت الباب فقالت لي: من هذا؟

فقلت لها: أنا علي.

فقالت: إنّ النبي على حاجة، فانثنيت مستحييا من دق الباب.

ووجدت في صدري ما لا أستطيع عليه صبرا. فرجعت مسرعا فدققت الباب دقّا عنيفا.

ص:620


1- - الفحش: القبيح من القول والفعل... وقد تكرر ذكر الفحش والفاحشة والفاحش في الحديث وهو ما يشتدّ قبحه من الذنوب والمعاصي. السان العرب).
2- (2) - تفسير القمي: ج 2 ص 193. منه البحار: ج 32 ص 277.

فقالت لي عائشة: من هذا؟

فقلت: أنا علي فسمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: ياعائشة افتحى له الباب. ففتحت ودخلت.

فقال لي: اقعد يا أبا الحسن احدثك بما أنا فيه، أو تحدثنى بابطائك عنّي؟

فقلت: يارسول اللّه حدّثني فإنّ حديثك أحسن.

فقال: يا أبا الحسن كنت في أمر كتمته من ألم الجوع، فلمّا دخلت بيت عائشة وأطلت القعود ليس عندها شيء تأتي به. فمددت يدي وسالت اللّه القريب المجيب، فهبط عليّ حبيبي جبرئيل ومعه هذا الطير - ووضع اصبعه على طائر بين يديه - فقال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) أوحى إليّ: أن اخذ هذا الطير وهو أطيب طعام في الجنة فآتيك به يامحمّد، فحمدت اللّه (عزّوجلّ) كثيرا، وعرج جبرئيل فرفعت يدي إلى السماء فقلت: «اللهمّ يسّر عبدا يحبّك ويحبّني يأكل معي من هذا الطير» فمكثت مليّا فلم أر أحدا يطرق الباب، فرفعت يدي ثم قلت.

«اللهمّ يسّر عبدا يحبّك ويحبّني وتحبّه واحبّه يأكل معي من هذا الطير» فسمعت طرق الباب وارتفاع صوتك، فقلت لعائشة: أدخلي عليا فدخلت، فلم أزل حامدا للّه حتّى بلغت إليّ، إذ كنت تحب اللّه وتحبني، ويحبّك اللّه واحبّك. فكل ياعلي.

فلما أكلت أنا والنبي الطائر. قال لي: يا علي حدّثني.

فقلت: يارسول اللّه لم أزل منذ فارقتك أنا وفاطمة والحسن والحسين مسرورين جميعا، ثمّ نهضت اريدك، فجئت فطرقت الباب، فقالت لي عائشة: من هذا؟

فقلت: أنا عليّ.

ص:621

فقالت: إنّ النبي راقد، فانصرفت.

فلمّا أن صرت إلى بعض الطريق الذي سلكته رجعت فقلت.

النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) راقد وعائشة في الدار؟!! لايكون هذا.

فجئت فطرقت الباب. فقالت لي: من هذا؟

فقلت لها: أنا عليّ.

فقالت: إنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) على حاجة.

فانصرفت مستحييا، فلمّا انتهيت إلى الموضع الذي رجعت منه أول مرّة، وجدت في قلبي ما لا أستطيع عليه صبرا وقلت: النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) على حاجة وعائشة في الدار، فرجعت فدققت الباب الدق الذي سمعته، فسمعتك يارسول اللّه وأنت تقول لها.

ادخلي عليّا.

فقال النبي (صلّى اللّه عليه وآله): أبى اللّه إلا أن يكون الأمر هكذا ياحميراء ما حملك على هذا؟! قالت: يارسول اللّه اشتهيت أن يكون أبي يأكل من هذا الطير.

فقال لها: ما هو بأول ضغن بينك وبين عليّ، وقد وقفت على ما في قلبك لعلي انك لتقاتلينه.

فقالت: يارسول اللّه وتكون النساء يقاتلن الرجال؟

فقال لها: ياعائشة إنك لتقاتلين عليا، ويصحبك ويدعوك إلى هذا نفر من أهل بيتي وأصحابي، فيحملونك عليه، وليكوننّ في قتالك له أمر يتحدث به الاولون والآخرون، وعلامة ذلك أنك تركبين الشيطان. ثمّ تبتلين قبل أن تبلغي إلى الموضع الذي يقصد بك إليه فتنبح عليك كلاب الحوأب، فتسألين الرجوع فتشهد عندك قسامة

ص:622

أربعين رجلا: ماهي كلاب الحوأب، فتنصرفين إلى بلد أهله أنصارك.

وهو أبعد بلاد على الأرض من السماء، وأقربها إلى الماء ولترجعنّ وأنت صاغرة، غير بالغة ما تريدين، ويكون هذا الذي يردّك مع من يثق به من أصحابه، وإنه لك خير منك له، ولينذرنّك بما يكون الفراق بيني وبينك في الآخرة، وكلّ من فرّق عليّ بيني وبينه بعد وفاتي ففراقه جائز.

فقالت: يارسول اللّه ليتني متّ قبل أن يكون ما تعدنى.

فقال لها: هيهات هيهات والذي نفسي بيده ليكونن ما قلت حق كأني أراه.

ثمّ قال لي: قم ياعليّ، فقد وجبت صلاة الظهر، حتى آمر بلالا بالاذان. فأذّن بلال. وأقام وصلّى وصلّيت معه ولم يزل في المسجد(1).

باب (3) إحتجاج امّ سلمة على عائشة ومنعها عن الخروج

5189 - الاحتجاج: روي عن الصادق (عليه السّلام): أنّه قال.

دخلت امّ سلمة بنت أبي اميّة على عائشة لمّا أزمعت الخروج إلى البصرة فحمدت اللّه وصلّت على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ثمّ قالت: يا هذه إنك سدة بين رسول اللّه وبين أمّته، وحجابه عليك مضروب وعلى حرمته، وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه(2)، وضمّ ضفرك فلا تنشريه، وشدّ عقيرتك فلا تصحريها(3) إنّ اللّه من وراء هذه

ص:623


1- - الاحتجاج: ص 197. منه البحار: ج 38 ص 348.
2- (2) - فلا تندحيه: أي لاتوسّعيه ولا تفرّقيه. (لسان العرب).
3- (3) - العقر والعقار: المنزل والضيعة، أي أسكنك اللّه بيتك وعقارك وسترك فيه فلا تبرزيه، وقيل: العقيرة: منتهى الصوت، ولكل من رفع صوته. (لسان العرب).

الأمّة وقد علم رسول اللّه مكانك لو أراد أن يعهد إليك فعل، بل نهى عن الفرطة(1) في البلاد، ان عمود الدّين لن يثاب(2) بالنساء إن مال، ولا يرأب بهنّ إن انصدع(3)، جمال النساء غضّ الاطراف، وضمّ الذيول والأعطاف، وما كنت قائلة لو أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عارضك في بعض هذه الفلوات وأنت ناصّة قعودا من منهل إلى منهل، ومنزل إلى منزل، ولغير اللّه مهواك، وعلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) تردين وقد هتكت عنك سجافه، ونكثت عهده، وباللّه أحلف ان لو سرت مسيرك ثمّ قيل لي: ادخلي الفردوس لاستحييت من رسول اللّه أن ألقاه هاتكة حجابا ضربه عليّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فاتقي اللّه واجعليه حصنا، وقاعة الستر منزلا حتى تلقيه(4) أطوع ما تكونين لربك ما قصرت عنه، وأنصح ما تكونين للّه ما لزمته(5)، وأنصر ما تكونين للدين ما قعدت عنه، وباللّه أحلف لو حدّثتك بحديث سمعته من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لنهشتني نهش الرقشاء(6) المطرقة.

ص:624


1- - الفرطة - بالضم -: الخروج و التقدم. يقال: (فلان ذو فرطة في البلاد) أي: صاحب أسفار كثيرة. (أقرب الموارد).
2- (2) - ثاب: رجع بعد ذهابه. (أقرب الموارد).
3- (3) - رأب الصدع: شعبه وأصلحه، ورأب الشيء: اذا جمعه وشده برفق، وصدع الشيء فانصدع: شقّه بنصفين. (لسان العرب).
4- (4) - تلقينه - البحار.
5- (5) - لزمتيه - البحار.
6- (6) - الرقشاء: الافعى سمّيت بذلك لترقيش في ظهرها، وهي خطوط ونقط. السان العرب).

فقالت لها عائشة: ما أعرفني بموعظتك، وأقبلني نصحك، ليس مسيري على ما تظنّين، ما أنا بالمغترة، ولنعم المطلع تطلعت فيه، فرقت بين فئتين متشاجرتين، فإن أقعد ففي غير حرج وإن أخرج ففي ما لاغني بي عنه من الإزدياد في الاجرة.

قال الصادق (عليه السّلام): فلمّا كان من ندمها أخذت أمّ سلمة تقول.

لو كان معتصما من زلّة أحد كانت لعائشة الرتبى على الناس

من زوجة لرسول اللّه فاضلة وذكر آي من القرآن مدراس

وحكمة لم تكن إلاّ لهاجسها في الصدر يذهب عنها كلّ وسواس

يستنزع اللّه من قوم عقولهم حتى يمرّ الذي يقضي على الرأس

ويرحم اللّه أم المؤمنين لقد تبدّلت لي إيحاشا بإيناس

فقالت لها عائشة: شتمتيني يا أخت؟

فقالت [لها] أم سلمة: [لا] ولكنّ الفتنة إذا أقبلت غضّت عيني البصير وإذا أدبرت أبصرها العاقل والجاهل(1).

البحار - بيان: قولها: «وضمّ ضفرك» بالضاد قال الجوهري.

الضفر نسج الشعر وغيره عريضا والضفيرة: العقيصة يقال: ضفرت

ص:625


1- - الاحتجاج: ص 167 منه البحار: ج 32 ص 151.

المرأة شعرها ولها ضفيرتان وضفران أيضا أي عقيصتان انتهى.

والعطاف - بالكسر -: الرداء. وعطفا كلّ شيء جانباه. و [قال الجوهري] في الصحاح: القعود من الإبل هو البكر حين يركب أي يمكن ظهره من الركوب. وقال أبو عبيد: القعود من البعير الذي يقتعده الراعي في كلّ حاجة. والسجاف ككتاب: الستر «ما قصرت عنه» الظاهر أن كلمة «ما» بمعنى ما دام فالضمير في «عنه» راجع إلى الأمر الذي أرادته أو إلى الرّب أو إلى ترك الخروج فيكون «عن» بمعنى على. والضمير في «لزمتيه» إمّا راجع إلى اللّه اي طاعته أو إلى ترك الخروج ولزوم البيت. والضمير في [قولها]: «ما قعدت عنه» راجع إلى الدين أي نصره بالجهاد أو إلى النّصر أو إلى الامر الذي أرادت «بين فئتين متشاجرتين» أي متنازعتين وفي بعض النسخ «متناجزتين» وفي بعضها «متناحرتين» والمناجزة في الحرب: المبارزة والتناحر.

التقابل.

وقال ابن أبي الحديد(1): «فئتان متناجزتان» أي يسرع كلّ منهما إلى نفوس الأخرى. ومن رواه «متناحرتان» أراد الحرب وطعن النحور بالأسنة رشقها بالسهام. و «الرتبى» فعلى من الرّتبة بمعنى الدرجة والمنزلة.

وفي بعض الروايات: «العتبى» وهو الرجوع عن الإساءة. وبعد ذلك في سائر الروايات.

كم سنّة لرسول اللّه دارسة وتلو آي من القران مدراس

يقال: درس الرسم يدرس دروسا أي عفا. ودرسته الريح يتعدّى

ص:626


1- - شرح نهج البلاغة: ج 2 ص 414.

ولا يتعدّى. ودرست الكتاب درسا ودراسة. والتلو كأنّه مصدر بمعنى التلاوة. والهاجس: الخاطر. يقال: هجس في صدري شيء يهجس أي حدث.

أقول: الأخبار في هذا الباب كثيرة ولكنّنا ذكرنا ما ظفرنا به ممّا روي عن الإمام الصادق (عليه السّلام).

[باب (4)] أخبار حرب الجمل

5190 - تفسير العياشي: عن حنان بن سدير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: دخل عليّ أناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة والزبير؟

فقلت لهم: كانا إمامين من أئمّة الكفر، إنّ عليّا (عليه السّلام) يوم البصرة لمّا صفّ الخيول قال لاصحابه: لاتعجلوا على القوم حتى أعذر فيما بيني وبين اللّه (عزّوجلّ) وبينهم فقام إليهم فقال: يا أهل البصرة هل تجدون عليّ جورا في حكم؟

قالوا: لا.

قال: فحيفا في قسم؟

قالوا: لا.

قال: فرغبة في دنيا أصبتها لي ولاهل بيتي دونكم فنقمتم عليّ فنكثتم عليّ بيعتي؟

قالوا: لا.

قال: فأقمت فيكم الحدود وعطّلتها عن غيركم؟

ص:627

قالوا: لا.

قال: فما بال بيعتي تنكث وبيعة غيري لاتنكث؟! إنّي ضربت الأمرأنفه وعينه فلم أجد إلاّ الكفر أو السيف.

ثمّ ثنى إلى أصحابه فقال: إنّ اللّه يقول في كتابه: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (1) فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة واصطفى محمدا (صلّى اللّه عليه وآله) بالنبوة إنكم(2) لاصحاب هذه الآية وما قوتلوا منذ نزلت(3).

قرب الاسناد: حدثني محمد بن عبدالحميد وعبدالصمد بن محمد جميعا، عن حنان بن سدير قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:... وذكر نحوه(4).

5191 - اختيار معرفة الرجال: جبرئيل بن أحمد، قال: حدثني موسى بن معاوية بن وهب، قال: وحدثني علي بن سعد، عن عبداللّه ابن عبداللّه الواسطي(5)، عن واصل بن سليمان، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا صرع زيد بن صوحان (رحمة اللّه عليه) يوم الجمل جاء أمير المؤمنين (عليه السّلام) حتى جلس عند رأسه فقال: رحمك اللّه يا زيد قد كنت خفيف المؤنة عظيم المعونة.

ص:628


1- - التوبة 9:12.
2- (2) - إنّهم - البحار.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 2 ص 77 ح 23.
4- (4) - قرب الاسناد: ص 46. منهما البحار: ج 32 ص 185 و 186.
5- (5) - عبيداللّه بن عبداللّه - البحار.

قال: فرفع زيد رأسه إليه وقال: وأنت فجزاك اللّه خيرا يا أمير المؤمنين فواللّه ما علمتك إلاّ باللّه عليما وفي أمّ الكتاب عليّا حكيما، وإنّ اللّه في صدرك لعظيم، واللّه ما قاتلت معك على جهالة ولكنّي سمعت أمّ سلمة زوج النبي تقول: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله» فكرهت واللّه أن أخذلك فيخذلني اللّه(1).

5192 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا أحمد بن مابنداذ، قال: حدثنا أحمد بن هلال، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لمّا التقى أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأهل البصرة نشر الراية راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فزلزلت(2) أقدامهم فما اصفرّت الشمس حتّى قالوا: آمنا يابن أبي طالب. فعند ذلك قال: لاتقتلوا الأسراء ولا تجهزوا على الجرحى ولا تتبعوا مولّيا ومن ألقى سلاحه فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن.

ولمّا كان يوم صفّين سألوه نشر الراية فأبى عليهم فتحمّلوا عليه بالحسن والحسين وعمّار بن ياسر فقال للحسن: يابنيّ إن للقوم مدّة يبلغونها وإنّ هذه راية لاينشرها بعدي إلاّ القائم (عليه السّلام)(3).

5193 - من لايحضره الفقيه: قال الصادق (عليه السّلام): أوّل

ص:629


1- - إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 284 ح 119. منه البحار: ج 32 ص 187.
2- (2) - فتزلزلت - البحار.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 307 ح 1. منه البحار: ج 32 ص 210.

شهادة شهد بها بالزور في الإسلام شهادة سبعين رجلا حين انتهوا إلى ماء الحوأب فنبحتهم كلابها فأرادت صاحبتهم الرّجوع وقالت.

سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول لازواجه: إنّ إحداكنّ تنبحها كلاب الحوأب(1) في التوجّه إلى قتال وصيى عليّ بن أبي طالب. فشهد عندها سبعون رجلا أنّ ذلك ليس بماء الحوأب فكانت أوّل شهادة شهد بها في الإسلام بالزّور(2).

5194 - الخصال: [قال الشيخ الصدوق (رضي اللّه عنه):] سمعت شيخنا محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه) يروي أنّ الصادق (عليه السّلام) قال: ما زال الزبير منّا أهل البيت حتّى أدرك فرخه(3)

فنهاه عن رأيه(4).

5195 - تفسير العياشي: عن سعيد بن أبي الأصبغ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) وهو يسئل عن مستقرّ ومستودع؟

قال: مستقر في الرّحم ومستودع في الصلب، وقد يكون مستودع الإيمان ثمّ ينزع منه ولقد مشى الزبير في ضوء الإيمان ونوره حين(5) قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حتى مشى بالسيف وهو يقول لانبايع إلا عليّا(6).

ص:630


1- - الحوأب: موضع بئر من مياه العرب على طريق البصرة وفيه نبحت كلابه على عائشة عند مقبلها الى البصرة. (معجم الحموي).
2- (2) - من لايحضره الفقيه: ج 3 ص 74 ح 3365.
3- (3) - كناية عن ابنه عبداللّه.
4- (4) - الخصال: ص 157 ذيل الحديث 199. منه البحار: ج 32 ص 108.
5- (5) - حتى - البحار.
6- (6) - تفسير العياشي: ج 1 ص 371 ح 71. منه البحار: ج 2 ص 122.

5196 - الكافي: عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن سلام بن عبداللّه، ومحمد بن الحسن وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، وأبو عليّ الاشعريّ، عن محمد بن حسان جميعا، عن محمد بن عليّ، عن عليّ بن أسباط، عن سلام بن عبداللّه الهاشميّ، قال محمّد بن عليّ: وقد سمعته منه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: بعث طلحة والزبير رجلا من عبد القيس يقال له.

خداش إلى أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) وقالا له: إنّا نبعثك إلى رجل طالما كنّا نعرفه وأهل بيته بالسحر والكهانة، وأنت أوثق من بحضرتنا من أنفسنا من أن تمتنع من ذلك منه وأن تحاجّه لنا حتّى تقفه على أمر معلوم، واعلم أنّه أعظم الناس دعوى فلا يكسرنّك ذلك عنه، ومن الأبواب الّتي يخدع الناس بها الطعام والشراب والعسل والدهن، وأن يخالي الرجل(1) فلا تأكل له طعاما ولا تشرب له شرابا ولاتمسّ له عسلا ولا دهنا ولا تخل معه(2) واحذر هذا كلّه منه وانطلق على بركة اللّه فاذا رأيته فاقرأ آية السخرة وتعوّذ باللّه من كيده وكيد الشيطان، فاذا جلست إليه فلا تمكنه من بصرك كلّه ولا تستأنس به، ثمّ قل له: إنّ أخويك في الدّين وابني عمّك في القرابة يناشدانك القطيعة ويقولان لك: أما تعلم أنّا تركنا الناس لك وخالفنا عشائرنا فيك منذ قبض اللّه (عزّوجلّ) محمّدا فل فل فلمّا نلت أدنى منال، ضيّعت حرمتنا وقطعت رجاءنا، ثمّ قد رأيت أفعالنا فيك وقدرتنا على النأي عنك وسعة البلاد دونك وأنّ من كان يصرفك عنّا وعن صلتنا كان أقلّ لك نفعا وأضعف

ص:631


1- - من الخلوة.
2- (2) - أي: يخلو به ويناجيه.

عنك دفعا منّا، وقد وضح الصبح لذي عينين وقد بلغنا عنك انتهاك لنا ودعاء علينا، فما الّذي يحملك على ذلك؟ فقد كنّا نري أنّك أشجع فرسان العرب، أتتخذ اللّعن لنا دينا وترى أن ذلك يكسرنا عنك؟! فلمّا أتى خداش أمير المؤمنين (عليه السّلام) صنع ما أمراه فلمّا نظر إليه عليّ (عليه السّلام) وهو يناجي نفسه ضحك وقال: هاهنا يا أخا عبد قيس - وأشار له إلى مجلس قريب منه - فقال: ما أوسع المكان، اريد أن اودّي إليك رسالة.

قال: بل تطعم وتشرب وتحل ثيابك وتدهن ثمّ تؤدّي رسالتك.

قم ياقنبر فأنزله.

قال: ما بي إلى شيء ممّا ذكرت حاجة.

قال: فأخلو بك؟

قال: كلّ سرّ لي علانية.

قال: فأنشدك باللّه الّذي هو أقرب إليك من نفسك، الحائل بينك وبين قلبك الّذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أتقدّم إليك الزبير بما عرضت عليك؟

قال: اللهمّ نعم.

قال: لو كتمت بعد ما سألتك ما ارتدّ إليك طرفك، فأنشدك اللّه هل علّمك كلاما تقوله إذا أتيتني؟

قال: اللهمّ نعم.

قال علي (عليه السّلام): آية السخرة؟

قال: نعم.

قال: فاقرأها؟ فقرأها وجعل عليّ (عليه السّلام) يكرّرها

ص:632

ويردّدها ويفتح عليه إذا أخطأ حتّى إذا قرأها سبعين مرّة.

قال الرجل: ما يري أمير المؤمنين (عليه السّلام) أمره بتردّدها سبعين مرّة، ثمّ قال له: أتجد قلبك اطمانّ؟

قال: إي - والّذي نفسي بيده -.

قال: فما قالا لك؟ فأخبره.

فقال: قل لهما: كفى بمنطقكما حجّة عليكما ولكنّ اللّه لايهدي القوم الظالمين، زعمتما أنّكم أخواي في الدين وابنا عمّي في النسب، فأمّا النسب فلا انكره - وإن كان النسب مقطوعا إلاّ ما وصله اللّه بالاسلام - وأمّا قولكما: إنّكما أخواي في الدين، فان كنتما صادقين فقد فارقتما كتاب اللّه (عزّوجلّ) وعصيتما أمره بأفعالكما في أخيكما في الدين، وإلاّ فقد كذبتما وافتريتما بادّعائكما أنّكما أخواي في الدين، وأما مفارقتكما الناس منذ قبض اللّه محمدا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فان كنتما فارقتماهم بحقّ فقد نقضتما ذلك الحقّ بفراقكما إيّاي أخيرا، وإن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلك الباطل عليكما مع الحدث الّذي أحدثتما، مع أنّ صفقتكما بمفارقتكما الناس لم تكن إلاّ لطمع الدّنيا زعمتما وذلك قولكما، فقطعت رجاءنا، لاتعيبان بحمد اللّه من ديني شيئا.

وأمّا الّذي صرفني عن صلتكما، فالّذي صرفكما عن الحقّ وحملكما على خلعه من رقابكما كما يخلع الحرون(1) لجامه وهو اللّه ربّي لا اشرك به شيئا فلا تقولا: أقلّ نفعا وأضعف دفعا فتستحقّا اسم الشرك مع النفاق وأمّا قولكما: إنّي أشجع فرسان العرب وهربكما من

ص:633


1- - الفرس الحرون: الذي لاينقاد، وإذا اشتدّ به الجري وقف. (مجمع البحرين).

لعني ودعائي، فانّ لكلّ موقف عملا إذا اختلفت الأسنّة وماجت لبود الخيل وملأ سحراكما أجوافكما، فثمّ يكفيني اللّه بكمال القلب، وأما إذا أبيتما بأنّي أدعو اللّه فلا تجزعا من أن يدعو عليكما رجل ساحر من قوم سحرة زعمتما.

اللهمّ أقعص(1) الزبير بشرّ قتلة واسفك دمه على ضلالة وعرّف طلحة المذلّة وأدّخر لهما في الآخرة شرا من ذلك، إن كانا ظلماني وافتريا عليّ وكتما شهادتهما وعصياك وعصيا رسولك فيّ، قل: آمين.

قال خداش: آمين.

ثمّ قال خداش لنفسه: واللّه ما رأيت لحية قطّ أبين خطا منك، حامل حجّة ينقض بعضها بعضا، لم يجعل اللّه لها مساكا، أنا أبرأ إلى اللّه منهما.

قال عليّ (عليه السّلام): ارجع إليهما وأعلمهما ما قلت.

قال: لا واللّه حتّى تسأل اللّه أن يردّني إليك عاجلا وأن يوفّقني لرضاه فيك. ففعل، فلم يلبث أن انصرف وقتل معه يوم الجمل رحمه اللّه(2).

5197 - العمدة لابن بطريق: بإسناده إلى مسند عبداللّه بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبداللّه بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي، قال: حدثني وكيع، عن سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين (عليهم السّلام) قال: حدّثني ابن عبّاس قال: أرسلني عليّ إلى طلحة والزبير يوم الجمل قال: فقلت لهما: إنّ أخاكما

ص:634


1- - القعص: القتل المعجّل. السان العرب).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 343 ح 1.

يقرئكما السّلام ويقول لكما: هل وجدتما عليّ حيفا في حكم أو في استئثار فيء؟ أو في كذا؟

قال: فقال الزبير: لا ولا في واحدة منها ولكن مع الخوف شدّة المطامع(1).

5198 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر الجعابيّ قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدّثنا عبداللّه بن أحمد بن مستورد قال: حدثنا محمد بن منير قال: حدثني إسحاق بن وزير قال: حدثنا محمد بن الفضيل بن عطا مولى مزينة قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السّلام)، عن محمّد ابن الحنفية قال: كان اللّواء معي يوم الجمل وكان أكثر القتلى في بني ضبّة(2) فلمّا انهزم الناس أقبل أمير المؤمنين (عليه السّلام) ومعه عمّار بن ياسر ومحمّد بن أبي بكر، فانتهى إلى الهودج وكأنّه شوك القنفذ ممّا فيه من النبل فضربه بعصا ثمّ قال: هيه يا حميراء أردت أن تقتليني كما قتلت ابن عفّان؟! أبهذا أمرك اللّه؟!! أو عهد [إليك] به رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

قالت: ملكت فأسجح(3).

فقال لمحمّد بن أبي بكر: انظر [هل] نالها شيء من السلاح؟

فوجدها قد سلمت لم يصل إليها إلاّ سهم خرق في ثوبها خرقا

ص:635


1- - العمدة: ص 307 ح 507. منه البحار: ج 32 ص 134.
2- (2) - ضبّة: حي من العرب. السان العرب).
3- (3) - اسجح الوالي: أحسن العفو. (أقرب الموارد).

وخدشها خدشا ليس بشيء.

فقال ابن أبي بكر: يا أمير المؤمنين قد سلمت من السلاح إلاّ سهما خلص إلى ثوبها فخدش منه شيئا.

فقال عليّ (عليه السّلام): احتملها فأنزلها دار ابني خلف الخزاعي.

ثمّ أمر مناديه فنادى: لايدفّف(1) على جريح ولا يتبع مدبر ومن أغلق بابه فهو آمن(2).

5199 - تفسير العياشي: عن عبدالرحمن بن سالم الاشل، عن الصادق (عليه السّلام) قال: كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً (3) عائشة هي نكثت ايمانها(4).

5200 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمد بن العباس (رحمه اللّه): حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن كرام(5)، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

قال: أتدري ما الفاحشة المبيّنة؟

قلت: لا.

قال: قتال أمير المؤمنين (عليه السّلام) يعني أهل الجمل(6).

ص:636


1- - دفّف فلانا: أجهز عليه. (أقرب الموارد).
2- (2) - أمالي المفيد: ص 24 ح 8. منه البحار: ج 32 ص 268.
3- (3) - النحل 16:92. الحديث فيه معنى تضمين الآية الشريفة، وأن من مصاديق هذه الآية هي: عائشة بنت أبي بكر.
4- (4) - تفسير العياشي: ج 2 ص 269 ح 65. منه البحار: ج 32 ص 286.
5- (5) - يونس بن كرام - البحار.
6- (6) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 453 ح 13. منه البحار: ج 32 ص 286.

5201 - شرح الأخبار: عن جعفر بن محمد بن علي (صلوات اللّه عليه) إنه قال: لما توافق الناس يوم الجمل، خرج علي (صلوات اللّه عليه) حتى وقف بين الصفين. ثم رفع يده نحو السّماء، ثمّ قال.

يا خير من أفضت إليه القلوب ودعي بالالسن، ياحسن البلايا ياجزيل العطاء، احكم بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الحاكمين(1).

[باب (5)] سيرة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في الحروب

5202 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن أبي بكر الحضرميّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لسيرة عليّ (عليه السّلام) في أهل البصرة كانت خيرا لشيعته ممّا طلعت عليه الشمس، إنّه علم أن للقوم دولة فلو سباهم لسبيت شيعته.

قلت: فأخبرني عن القائم (عليه السّلام) يسير بسيرته؟

قال: لا، إنّ عليّا (صلوات اللّه عليه) سار فيهم بالمنّ للعلم من دولتهم، وإنّ القائم (عجّل اللّه فرجه) يسير فيهم بخلاف تلك السيرة لأنّه لا دولة لهم(2).

التهذيب: علي بن ابراهيم مثله إلاّ أنّ فيه: أيسير بسيرته؟ قال.

إنّ عليّا (عليه السّلام) سار فيهم بالمنّ، لما علم من دولتهم، وإنّ القائم يسير فيهم خلاف تلك السيرة، لانه لا دولة لهم(3).

ص:637


1- - شرح الاخبار: ج 1 ص 387 ح 328.
2- (2) - الكافي: ج 5 ص 33 ح 4.
3- (3) - التهذيب: ج 6 ص 155 ح 278.

علل الشرايع: أخبرني علي بن حاتم قال: حدثنا أبو العبا محمد بن جعفر الرازي قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن اسماعيل بن بزيع، عن يونس بن عبدالرحمن، عن بكار بن أبي بكر الحضرمي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر نحوه(1).

5203 - علل الشرايع: حدثن محمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي ابن الحكم، عن الربيع بن محمد، عن عبداللّه بن سليمان قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ الناس يروون انّ عليا (عليه السّلام) قتل أهل البصرة وترك أموالهم.

فقال: إنّ دار الشرك يحلّ ما فيها، ودار الاسلام لايحل ما فيها.

فقال: إنّ عليا (عليه السّلام) إنّما منّ عليهم كما منّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) على أهل مكة وإنّما ترك علي (عليه السّلام) أموالهم لأنّه كان يعلم انه سيكون له شيعة وانّ دولة الباطل ستظهر عليهم فاراد ان يقتدي به في شيعته، وقد رأيتم آثار ذلك، هو ذا يسار في الناس بسيرة علي (عليه السّلام) ولو قتل علي (عليه السّلام) أهل البصرة جميعا واخذ أموالهم لكان ذلك له حلالا لكنه منّ عليهم ليمنّ على شيعته من بعده.

وقد روي أنّ الناس اجتمعوا إلى أمير المؤمنين يوم البصرة فقالوا.

يا أمير المؤمنين أقسم بيننا غنائمهم؟

قال: أيّكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه؟(2).

ص:638


1- - علل الشرايع: ص 149 ح 9.
2- (2) - علل الشرايع: ص 1154. منه البحار: 33 ص 442.

5204 - قرب الاسناد: السندي بن محمد البزاز قال: حدثني أبو البختري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السّلام) عن مروان بن الحكم، قال: لمّا هزمنا عليّ (عليه السّلام) بالبصرة ردّ على الناس اموالهم، من أقام بيّنة أعطاه ومن لم يقم بيّنة على ذلك حلّفه، فقال له قائلون: ياعلي قسّم الفيء بيننا والسبيّ.

قال: فلمّا أكثروا، قال: أيّكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه؟! فسكتوا(1).

علل الشرايع: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن عبداللّه بن جعفر الحميري، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) نحوه(2).

5205 - علل الشرايع: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن معاوية بن حكيم، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان علي (عليه السّلام) لايقاتل حتى تزول الشمس ويقول: تفتح أبواب السماء وتقبل التوبة وينزل النّصر ويقول: هو أقرب إلى الليل واجدر أن يقلّ القتل ويرجع الطالب ويفلت المهزوم(3).

ص:639


1- - قرب الاسناد: ص 62.
2- (2) - علل الشرايع: ص 603 ح 69. منهما البحار: ج 33 ص 441.
3- (3) - علل الشرايع: ص 603 ح 70. منه البحار: ج 33 ص 453.

باب (6) الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين

5206 - معاني الأخبار: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمّد بن عليّ الصيرفي، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) في حديث طويل يقول في آخره: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال لامّ سلمة (رضي الله عنها): يا أمّ سلمة اسمعي واشهدي: هذا عليّ بن أبي طالب أخي في الدّنيا وأخي في الآخرة.

يا امّ سلمة اسمعي واشهدي: هذا عليّ بن أبي طالب وزيري في الدّنيا ووزيري في الآخرة.

يا أمّ سلمة اسمعي واشهدي: هذا عليّ بن أبي طالب حامل لوائي في الدّنيا ولواء الحمد غدا في الآخرة.

يا أمّ سلمة اسمعي واشهدي: هذا عليّ بن أبي طالب وصيّى وخليفتي من بعدي وقاضي عداتي والذائد عن حوضي.

يا أمّ سلمة اسمعي واشهدي: هذا عليّ بن أبي طالب سيد المسلمين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

قلت: يارسول اللّه من الناكثون؟

قال: الذين يبايعونه بالمدينة وينكثونه بالبصرة.

ص:640

قلت: من القا سطون؟

قال: معاوية وأصحابه من أهل الشام.

ثمّ قلت: من المارقون؟

قال: أصحاب النهروان(1).

5207 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدّثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان ابن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمّد قال: حدثنا أبي محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لأمّ سلمة: اشهدي على أنّ عليّا يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين(2).

5208 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر ابن محمّد بن سلم بن البراء الجعابي، قال: حدثني أبو محمد الحسن ابن عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي

ص:641


1- - معاني الاخبار: ص 20 4. منه البحار: ج 32 ص 298.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 366 ح 773. منه البحار: ج 32 ص 291.

قال: قال عليّ (عليه السّلام): أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين(1).

5209 - مناقب آل أبي طالب: ابن مسكان، عن سليمان بن خالد - في خبر طويل - أنّه دخل على الصادق (عليه السّلام) آذنه وآذن لقوم من أهل البصرة فقال (عليه السّلام): كم عدّتهم؟

فقال: لا أدري.

فقال (عليه السّلام): اثنا عشر رجلا.

فلمّا دخلوا عليه سألوا عن حرب عليّ وطلحة والزبير وعائشة؟

قال: وما تريدون بذلك؟

قالوا: نريد أن نعلم علم ذلك.

قال: إذا تكفرون يا أهل البصرة.

فقال: عليّ (عليه السّلام) كان مؤمنا منذ بعث اللّه نبيّه إلى أن قبضه إليه [ثمّ] لم يؤمّر عليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أحدا قطّ، ولم يكن في سريّة قطّ إلّا كان أميرها.

وذكر فيه: أنّ طلحة والزبير بايعاه، وغدرا به، وأنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) أمره بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.

فقالوا: لئن كان هذا عهدا من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لقد ضلّ القوم جميعا؟! فقال (عليه السّلام): ألم أقل لكم إنكم ستكفرون إن أخبرتكم؟! إما إنّكم سترجعون إلى أصحابكم من أهل البصرة

ص:642


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 61 ح 241. منه البحار: ج 32 ص 293.

فتخبرونهم بما أخبرتكم فيكفرون أعظم من كفركم، فكان كما قال(1).

5210 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبدالرحمن ابن سالم، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ): فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (2).

قال: قال اللّه: أنتقم بعليّ (عليه السّلام) يوم البصرة، وهو الذي وعد اللّه رسوله(3).

5211 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: بلغ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عن قوم من قريش أنّهم قالوا: أيري محمد أنّه قد أحكم الأمر في أهل بيته؟! ولئن مات لنعزلنّها عنهم ولنجعلنّها في سواهم!!! فخرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حتى قام في مجمعهم ثمّ قال: يامعشر قريش كيف بكم وقد كفرتم بعدي ثم رأيتموني في كتيبة من أصحابي أضرب وجوهكم ورقابكم بالسيف؟

فنزل [عليه] جبرئيل (عليه السّلام) في الحال فقال: يامحمّد إنّ ربك يقرؤك السلام ويقول لك: قل إن شاء اللّه، أو عليّ بن أبي

ص:643


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 223. منه البحار: ج 47 ص 127.
2- (2) - الزخرف 43:41.
3- (3) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 559 ح 19. منه البحار: ج 32 ص 313.

طالب.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إن شاء اللّه، أو عليّ بن أبي طالب يتولّى ذلك منكم(1).

5212 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد قال: حدثنا محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن عليّ الصيرفيّ، عن محمد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبداللّه الصادق، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: بلغ امّ سلمة زوجة النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) أنّ مولي لها يتنقّص (ينتقص) عليّا (عليه السّلام) ويتناوله، فأرسلت إليه، فلمّا أن صار إليها قالت له: يابنيّ بلغني أنّك تتنقّص (تنتقص) عليّا وتتناوله؟

قال لها: نعم يا امّاه.

قالت: اقعد - ثكلتك امّك - حتّى احدّثك بحديث سمعته من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ اختر لنفسك.

إنّا كنّا عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) تسع نسوة وكانت ليلتي ويومي من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فدخل النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وهو متهلّل(2)، أصابعه في أصابع عليّ، واضعا يده عليه، فقال: يا امّ سلمة اخرجي من البيت واخليه لنا، فخرجت وأقبلا يتناجيان أسمع الكلام وما أدري ما يقولان حتّى إذا قلت قد انتصف النّهار فأتيت الباب فقلت: أدخل يارسول الله؟

ص:644


1- - أمالي المفيد: ص 112 ح 4. منه البحار: ج 32 ص 304.
2- (2) - تهلّل السحاب ببرقه: تلألأ، وتهلل وجه الرجل من فرحه، وتهلّل أي استنار وظهرت عليه أمارة السرور. (مجمع البحرين).

قال: لا.

[قالت:] فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردّني من سخطة أو نزل فيّ شيء من السماء.

ثمّ لم ألبث أن أتيت الباب الثانية فقلت: أدخل يارسول اللّه؟

فقال: لا، فكبوت كبوة أشدّ من الاولى، ثمّ لم ألبث حتّى أتيت الباب الثالثة فقلت: ادخل يارسول اللّه؟

فقال: ادخلي يا امّ سلمة، فدخلت وعليّ (عليه السّلام) جاث بين يديه، وهو يقول: فداك أبي وامّي يارسول اللّه إذا كان كذا وكذا فما تأمرني؟

قال: آمرك بالصبر، ثمّ أعاد عليه القول الثانية فأمره بالصبر، فأعاد عليه القول الثالثة.

فقال له: ياعليّ يا أخي إذا كان ذاك منهم فسلّ سيفك وضعه على عاتقك، واضرب به قدما قدما حتّى تلقاني وسيفك شاهر يقطر من دمائهم.

ثمّ التفت (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إليّ فقال لي: واللّه ما هذه الكابة يا امّ سلمة؟

قلت: للذي كان من ردّك لي يارسول اللّه.

فقال لي: والله ما رددتك من موجدة، وإنّك لعلى خير من اللّه ورسوله، ولكن أتيتني وجبرئيل عن يميني وعليّ عن يساري، وجبرئيل يخبرني بالاحداث التي تكون من بعدي، وأمرني أن أوصي بذلك عليّا.

يا امّ سلمة اسمعي واشهدي: هذا عليّ بن أبي طالب أخي في

ص:645

الدّنيا، وأخي في الآخرة.

يا امّ سلمة اسمعي واشهدي: هذا عليّ بن أبي طالب وزيري في الدّنيا، ووزيري في الآخرة.

يا امّ سلمة اسمعي واشهدي: هذا عليّ بن أبي طالب حامل لوائي في الدّنيا، وحامل لوائي غدا فى القيامة.

يا امّ سلمة اسمعي واشهدي: هذا عليّ بن أبي طالب وصيّى وخليفتي من بعدي، وقاضي عداتي، والذائد عن حوضي.

يا امّ سلمة اسمعي واشهدي: هذا عليّ بن أبي طالب سيّد المسلمين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

قلت: يارسول اللّه من الناكثون؟

قال: الذين يبايعونه بالمدينة وينكثون بالبصرة.

قلت: من القاسطون؟

قال: معاوية وأصحابه من أهل الشام.

قلت: من المارقون؟

قال: أصحاب النهروان.

فقال مولى امّ سلمة: فرّجت عنّي فرّج اللّه عنك، واللّه لاسببت عليّا أبدا(1).

أمالي الطوسي: أخبرنا أبو عبداللّه الحسين بن عبيداللّه الغضائري قال: أخبرنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه

ص:646


1- - أمالي الصدوق: ص 311 ح 10.

القمي قال: حدّثنا محمد بن الحسن بن الوليد بهذا الاسناد نحوه(1).

5213 - مناقب آل أبي طالب: [عن] الصادق (عليه السّلام) في قوله تعالى: وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ (2).

قال: ما قوتل أهل هذه - يعني البصرة - [إلاّ بهذه الآية] وقرأ أمير المؤمنين يوم البصرة: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (3).

ثمّ قال: لقد عهد إليّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وقال.

ياعليّ لتقاتلنّ الفئة الناكثة والفئة الباغية والفرقة المارقة إنّهم لاأيمان لهم لعلّهم ينتهون(4).

5214 - مجمع البيان: قوله تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ (5).

قيل: هم أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأصحابه حين قاتل من قاتله من الناكثين والقاسطين والمارقين.

وروي ذلك عن عمّار وحذيفة وابن عبّاس، وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبداللّه (عليهما السّلام)(6).

ص:647


1- - أمالي الطوسي: ص 424 ح 952. منهما البحار: ج 22 ص 221.
2- (2) - البقرة 2:11 و 12.
3- (3) - التوبة 9:12.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 147. منه البحار: ج 32 ص 82.
5- (5) - المائدة 5:54.
6- (6) - مجمع البيان: ج 2 ص 208. منه البحار: ج 36 ص 32.

5215 - شرح الاخبار: عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه قال: قال علي (عليه السّلام) [لهما] - يعني الحكمين -: عليكما أن تحكما بما في كتاب اللّه، فتحييان ما أحيى القرآن، وتميتان ما أمات القراّن، ولا تزيغا عنه(1).

باب (7) من هم الفئة الباغية؟

5216 - الاحتجاج: روي عن الصادق (عليه السّلام) انه قال: لمّا قتل عمّار بن ياسر ارتعدت فرائص خلق كثير وقالوا: [قد] قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): عمّار تقتله الفئة الباغية.

فدخل عمرو [بن العاص] على معاوية وقال: يا أمير المؤمنين قد هاج الناس واضطربوا.

قال: لماذا؟

قال: قتل عمار.

فقال: قتل عمّار فماذا؟

قال: أليس قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): تقتله الفئة الباغية؟

فقال معاوية: دحضت في قولك أنحن قتلناه؟! إنّما قتله علي بن أبي طالب لمّا القاه بين رماحنا.

فاتصل ذلك بعلي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال: فإذا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) هو الذي قتل حمزة لما ألقاه بين رماح

ص:648


1- - عرح الأخباز: ج 2 ص 6 ح 387.

المشركين(1).

5217 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) إنّ عليّا (عليه السّلام) كان يقول لاهل حربه: إنّا لم نقاتلهم على التكفير لهم ولم نقاتلهم على التكفير لنا ولكنّا رأينا أنّا على حق ورأوا أنّهم على حق(2).

5218 - قرب الاسناد: بهذا الاسناد قال: إنّ عليا (عليه السّلام) لم يكن ينسب أحدا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق ولكنّه كان يقول: هم أخواننا بغوا علينا(3).

باب (8) قتال الخوارج

5219 - قرب الاسناد: محمد بن عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم قال: حدثني مسعدة بن صدقة قال.

حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السّلام) انّ عليا (عليه السّلام) كان يدعو على الخوارج فيقول في دعائه: «اللهمّ ربّ البيت المعمور، والسقف المرفوع، والبحر المسجور، والكتاب المسطور اسألك الظفر على هؤلاء الذين نبذوا كتابك وراء ظهورهم، وفارقوا امّة احمد (عليه السّلام) عتوا عليك»(4).

ص:649


1- - الاحتجاج: ص 181. منه البحار: ج 33 ص 7.
2- (2) - قرب الاسناد: ص 45. منه البحار: ج 32 ص 324.
3- (3) - قرب الاسناد: ص 45. منه البحار: ج 32 ص 324.
4- (4) - قرب الاسناد: ص 8. منه البحار: ج 33 ص 381.

5220 - قرب الاسناد: محمد بن عيسى، عن عبداللّه بن ميمون القداح، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) أن عليا (عليه السّلام) كان يباشر القتال بنفسه، وانّه نادى ابنه محمد بن الحنفية يوم النهروان.

قدّم يابني اللواء فقدّم، ثمّ قال: قدّم يابنيّ اللّواء فقدّم ثمّ وقف فقال له: قدم يابني فتكعكع(1) الفتى، فقال: قدّم...، ثمّ جاء عليّ حتى أخذ منه اللواء فمشى به ما شاء اللّه ثمّ امسك، ثمّ تقدم عليّ بين يديه فضرب قدما(2).

5221 - علل الشرايع: حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن ابراهيم بن هاشم، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السّلام)، قال.

ذكرت الحروريّة(3) عند علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فقال: ان خرجوا مع جماعة أو على إمام عادل فقاتلوهم، وان خرجوا على امام جائر فلا تقاتلوهم، فإن لهم في ذلك مقالا(4).

باب (9) الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في مواجهة البدع

5222 - تفسير العياشى: عن حريز، عن بعض اصحابنا، عن

ص:650


1- - تكعكع الرجل: احتبس. (اقرب الموارد). والمراد أنه وقف في مكانه ولم يتقدم.
2- (2) - قرب الاسناد: ص 14. منه البحار: ج 33 ص 380.
3- (3) - حروراء: قرية بالقرب من الكوفة - العراق - اجتمع فيها الخوارج بعد خروجهم على الامام علي (عليه السّلام) فبايعوا عبداللّه الراسبي بالخلافة. (المنجد).
4- (4) - علل الشرايع: ص 603 ح 71. منه البحار: ج 33 ص 429.

أحدهما (عليهما السّلام) قال: لما كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) في الكوفة، أتاه الناس فقالوا: اجعل لنا اماما يؤمّنا في شهر رمضان.

فقال: لا ونهاهم ان يجتمعوا فيه، فلمّا امسوا جعلوا يقولون.

ابكوا في رمضان، وارمضاناه، فأتاه الحارث الاعور في أناس، فقال.

يا أمير المؤمنين ضجّ الناس وكرهوا قولك.

فقال (عليه السّلام) عند ذلك: دعوهم وما يريدون، ليصلي بهم من شاؤا.

ثمّ قال: وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً (1) و(2).

أقول: هذا الحديث يشير الى البدعة التي أحدثها عمر بن الخطاب في الدين، عندما امر المسلمين بأداء نوافل ليالي شهر رمضان جماعة، وسمّاها صلاة التراويح، مع العلم انّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) كان قد نهى عن أداء الصلوات المستحبّة جماعة، وجعل الجماعة خاصّة بالفرائض اليومية. وكانت سيرة المسلمين جارية - على أداء نوافل ليالي شهر رمضان بصورة فرادى - في أيّام حكومة أبي بكر وشطر من حكومة عمر، ثمّ أمرهم عمر بأدائها جماعة وقال - بعد ذلك -: نعمت البدعة هذه!! وليت شعري هل البدعة في الدّين تكون جيّدة وحسنة؟! 5223 - الاحتجاج: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال: خطب امير المؤمنين (عليه السّلام) فقال.

ص:651


1- - النساء 4:115.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 275 ح 272. منه البحار: ج 34 ص 171.

سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: كيف انتم اذا لبستم الفتنة ينشأ فيها الوليد ويهرم فيها الكبير ويجري الناس عليها حتى يتّخذونها سنّة فاذا غيّر منها شيء قيل: اتى الناس بمنكر غيّرت السنّة.

ثمّ تشتدّ البليّة وتنشأ فيها الذرية وتدقهم الفتن كما تدق النار الحطب، وكما تدق الرحا بثقالها، يتفقّه الناس لغير الدين، ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون الدّنيا بعمل الآخرة.

ثمّ أقبل أمير المؤمنين (عليه السّلام) ومعه ناس من أهل بيته، وخاصّ من شيعته فصعد المنبر فحمد اللّه واثنى عليه، وصلّى على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ثم قال.

لقد عمل الولاة قبلي بامور عظيمة، خالفوا فيها رسول الله متعمّدين لذلك، ولو حملت الناس على تركها وحوّلتها الى مواضعها - التي كانت عليها على عهد رسول اللّه - لتفرق عنّي جندي، حتى ابقى وحدي إلا قليلا من شيعتي الذين عرفوا فضلي وإمامتي من كتاب اللّه وسنّة نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله)!! أرأيتم لو أمرت بمقام ابراهيم (عليه السّلام) فرددته إلى المكان الذي وضعه فيه رسول اللّه، ورددت فدك إلى ورثة فاطمة (سلام الله عليها) ورددت صاع رسول اللّه ومدّه إلى ما كان، وأمضيت قطايع كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أقطعها للناس سنين، ورددت دار جعفر بن أبي طالب إلى ورثته وهدمتها واخرجتها من المسجد، ورددت الخمس إلى أهله، ورددت قضاء كل من قضى بجور، ورددت

ص:652

سبيّ ذراري بني تغلب، ورددت ما قسم من أرض خيبر، ومحوت ديوان العطاء، واعطيت كما كان يعطي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ولم اجعلها دولة بين الاغنياء؟؟!! واللّه لقد أمرت الناس أن لايجمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة، فنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل [دوني] وسيفه معي.

«أنعى الاسلام واهله، غيرت سنّة عمر!».

ونهى ان يصلى في شهر رمضان في جماعة، حتى خفت ان يثور بي ناحية عسكري. مالقيت ولقيت هذه الامّة من أئمّة الضّلالة والدعاة إلى النار؟!.

وأعظم من ذلك سهم ذوي القربى الذي قال اللّه (تبارك وتعالى) فيه: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ وذلك لنا خاصّة إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ (1) نحن واللّه عنى بذوي القربى، الذين قرنهم اللّه بنفسه ونبيه (صلّى اللّه عليه وآله)، ولم يجعل لنا في الصدقة نصيبا، اكرم اللّه (سبحانه وتعالى) نبيّه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ايدي الناس.

فقال له رجل: إنّي سمعت من سلمان و أبي ذرّ والمقداد أشياء في تفسير القرآن والرواية عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله) وسمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة في

ص:653


1- - الانفال 8:41.

تفسير القرآن والاحاديث عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله) وأنتم تخالفونهم وتزعمون أنّ ذلك باطل، فترى الناس يكذّبون متعمّدين على النبي (صلّى اللّه عليه وآله) ويفسّرون القرآن بارائهم؟! قال: فاقبل علي (عليه السّلام) عليه فقال له: سألت فافهم الجواب.

إنّ في أيدي الناس حقّا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وخاصّا وعامّا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وهو حيّ، حتى قام خطيبا فقال.

«أيّها النّاس قد كثرت عليّ الكذابة، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار».

وانّما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس.

1 - رجل منافق مظهر للايمان متصنّع بالاسلام، لايتأثّم ولا يتحرّج، يكذب على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) متعمّدا، فلو علم النّاس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه ولم يصدقّوا قوله، ولكنّهم قالوا: «صاحب رسول اللّه، رآه وسمع منه ولقف عنه» فيأخذون بقوله وقد أخبرك اللّه تعالى عن المنافقين بما أخبرك ووصفهم بما وصفهم به لك . ثم بقوا بعده (صلّى اللّه عليه وآله) فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة، والدعاة إلى النّار بالزور والبهتان، فولّوهم الاعمال وجعلوهم حكاما على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدّنيا، وإنّما الناس مع الملوك والدّنيا إلاّ من عصمه اللّه تعالى، فهذا أحد الاربعة.

ص:654

2 - ورجل سمع من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) شيئا لم يحفظه على وجهه فوهم فيه ولم يتعمّد كذبا فهو في يديه، يرويه ويعمل به ويقول: إنّما سمعت من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوا منه، ولوعلم هوأنه كذلك لرفضه.

3 - ورجل ثالث سمع من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) شيئا يأمر به ثمّ نهى عنه، وهو لايعلم، أو سمعه نهى عن شيء ثمّ أمر به وهو لايعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

4 - وآخر لم يكذب على اللّه ولا على رسوله، مبغض للكذب خوفا للّه تعالى، وتعظيما لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ولم يهمّ به، بل حفظ ماسمع على وجهه فجاء به على ما سمعه، لم يزد فيه ولم ينقص منه، وحفظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ وجنب عنه، وعرف الخاصّ والعامّ فوضع كلّ شيء موضعه، وعرف المتشابه والمحكم.

وقد كان يكون من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الكلام له وجهان، فكلام خاصّ وكلام عامّ، فيسمعه من لايعرف ما عنى اللّه تعالى به ولا ماعنى به رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فيحمله السامع ويوجّهه على غير معرفة بمعناه ولا ما قصد به وما خرج من أجله.

وليس كلّ أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يسأله ويستفهمه، حتى ان كانوا ليحبّون ان يجيء الأعرابي أو الطاري

ص:655

فيسأله (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى يسمعوا كلامه، وكان لايمرّ بى من ذلك شيء إلاّ سألته عنه وحفظته.

فهذه وجوه ما عليه النّاس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم(1).

ص:656


1- - الاحتجاج: ص 263. منه البحار: ج 34 ص 167

شهادة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

باب (1) علّة عدم اختضابه عليه السلام

5224 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن حفص الأعور قال: سالت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن خضاب اللّحية والرأس أمن السنّة؟

فقال: نعم.

قلت: إنّ أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) لم يختضب.

فقال: إنّما منعه قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): «إنّ هذه ستخضب من هذه»(1).

5225 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خضب النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ولم يمنع عليّا (عليه السّلام) إلاّ قول النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): «تختضب هذه من

ص:657


1- - الكافي: ج 6 ص 481 ح 5.

هذه» وقد خضب الحسين وأبو جعفر (عليهما السّلام)(1).

أقول: جاء في نهج البلاغة: قيل له (عليه السّلام): لو غيّرت شيبتك يا أمير المؤمنين؟

قال (عليه السّلام): الخضاب زينة، ونحن قوم في مصيبة - يريد بها وفاة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) -(2).

وروي أنّه (عليه السّلام) قال: لمّا خضب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لحيته بسواد قلت: يارسول اللّه ما أحسن هذا الخضاب! أفلا اخضب لحيتي إقتداء بك؟

فقال: لا ياعليّ، دعها فسيبعث بعدي أشقى الأوّلين والآخرين شقيق عاقر ناقة صالح فيضربك على رأسك ضربة تخضب منها لحيتك في السّجود بين يدي اللّه (عزّوجلّ).

فقلت: يارسول اللّه في سلامة من ديني؟

قال: في سلامة من دينك(3).

5226 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين، قال.

حدثنا سيّدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد قال: حدثنا أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن

ص:658


1- - الكافي: ج 6 ص 481 ح 8.
2- (2) - نهج البلاغة: ج 2 ص 255.
3- (3) - سفينة البحار: ج 2 ص 604، مادّة: خضب.

علي (عليهم السّلام) قال: خطب الناس أمير المؤمنين (عليه السّلام) بالكوفة، فقال: معاشر الناس، إنّ الحقّ قد غلبه الباطل، وليغلبنّ الباطل عمّا قليل، اين أشقاكم - أو قال: شقيّكم، شك أبي، هذا قول أبي (رضي اللّه عنه) - فواللّه ليضربنّ هذه فليخضبنّها من هذه - وأشار بيده إلى هامته ولحيته -(1).

[باب (2)] شهادته عليه السلام

5227 - قرب الاسناد: السندي بن محمد البزاز قال: حدثني أبو البختريّ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) أنّ عليّا (عليه السّلام) خرج يوقظ الناس لصلاة الصبح، فضربه عبدالرحمن ابن ملجم بالسيف على امّ رأسه، فوقع على ركبتيه، فأخذه فالتزمه حتّى أخذه الناس، وحمل عليّ حتّى أفاق، ثمّ قال للحسن والحسين (عليهما السّلام): احبسوا هذا الاسير وأطعموه واسقوه وأحسنوا إساره فإن عشت فأنا أولى بما صنع بي، إن شئت استنقذت(2) وإن شئت عفوت، وان شئت صالحت، وإن متّ فذلك إليكم، فإن بدا لكم أن تقتلوه فلا تمثّلوا به(3).

5228 - الجعفريات: باسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) انّ عليّا (عليه السّلام) كان يخرج إلى صلاة الصبح

ص:659


1- - أمالي الطوسي: ص 364 ح 764. منه البحار: ج 42 ص 191.
2- (2) - ان شئت استقدت - البحار. والظاهر انه هو الصحيح ومعنى استقدت أقتصصت.
3- (3) - قرب الاسناد: ص 67. منه البحار: ج 42 ص 206.

وفي يده درّة فيوقظ الناس بها فضربه ابن ملجم (لعنه اللّه) فقال.

أطعموه واسقوه واحسنوا اساره فان عشت فأنا وليّ دمي، اغفر إن شئت وان شئت استقدت(1).

5229 - شرح الاخبار: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) أنه قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يخرج الى صلاة الفجر، وبيده درّه يوقظ بها النوام في المسجد، فألفى ابن ملجم نائما قد سهر ليلته لانتظاره فخفقه بالدرة، وقال له: قم للصلاة. فقام وضربه، فاخذ، فاتي به اليه. فقال: اطعموه واسقوه وأحسنوا إساره.

فان عشت أعفو إن شئت، وإن شئت استقدت(2).

5230 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد أو غيره، عن سليمان كاتب عليّ بن يقطين، عمّن ذكره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ الاشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين (عليه السّلام) وابنته جعدة سمّت الحسن (عليه السّلام) ومحمّد ابنه شرك في دم الحسين (عليه السّلام)(3).

5231 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين، قال.

ص:660


1- - الجعفريات: ص 53. منه المستدرك: ج 6 ص 440 مختصرا.
2- (2) - شرح الاخبار: ج 2 ص 431 ح 784. قوله (عليه السّلام): «استقدت» أي اخذت بالقود وهو القصاص.
3- (3) - الكافي: ج 8 ص 167 ح 187.

حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى ابن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمّد قال: حدثنا أبي محمد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين (عليهم السّلام) قال: لمّا ضرب ابن ملجم (لعنه اللّه) أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وكان معه آخر فوقعت ضربته على الحائط، وأمّا ابن ملجم فضربه فوقعت الضربة وهو ساجد على رأسه على الضربة الّتي كانت، فخرج الحسن والحسين (عليهما السّلام) وأخذا ابن ملجم وأوثقاه، واحتمل أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فادخل داره، فقعدت لبابة عند رأسه، وجلست امّ كلثوم عند رجليه، ففتح عينيه فنظر إليهما، فقال: الرفيق الاعلى خير مستقرا وأحسن مقيلا، ضربة بضربة أو العفو إن كان ذلك، ثمّ عرق، ثمّ أفاق فقال: رأيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يأمرني بالرواح إليه عشاء، ثلاث مرّات(1).

باب (3) من وصاياه عليه السلام

5232 - الغارات: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا اصيب أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال للحسن والحسين (عليهما السّلام).

غسّلاني وكفّناني وحنّطاني واحملاني على سريري واحملا مؤخّره تكفيان مقدّمه فانّكما تنتهيان إلى قبر محفور ولحد ملحود ولبن موضوع فالحداني وأشرجا(2) عليّ اللّبن وارفعا لبنة ممّا عند رأسي وانظرا

ص:661


1- - أمالي الطوسي: ص 365 ح 768. منه البحار: ج 42 ص 205.
2- (2) - شرجت اللبن شرجا: نضدته، أي ضممت بعضه الى بعض. (مجمع البحرين).

ما تسمعان. فأخذا اللبنة من عند الرأس بعد ما أشرجا عليه اللبن فاذا ليس في القبر شيء واذا هاتف يقول: أمير المؤمنين كان عبدا صالحا فألحقه اللّه بنبيّه وكذلك يفعل بالأوصياء بعد الأنبياء حتّى لو أنّ نبيّا مات في الشّرق ومات وصيّه في الغرب الحق الوصيّ بالنبيّ (1).

مناقب آل أبي طالب: وفي الخبر عن الصادق (عليه السّلام) فأخذا اللبنة... وذكر نحوه(2).

5233 - فرحة الغري: ذكر محمّد بن أحمد بن داود القميّ في كتابه قال: أخبرنا محمد بن علي بن الفضل، قال: أخبرني علي بن الحسين بن يعقوب، في حي بني خزيمة قراءة عليه، قال: حدثنا جعفر ابن أحمد بن يوسف الأودي، قال: حدثنا علي بن بزرج الحافظ، قال: حدثنا عمرو بن اليسع قال: جاءني سعد الإسكاف فقال: يابنيّ تحمل الحديث؟

قلت: نعم.

فقال: حدّثني أبو عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا اصيب أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال للحسن والحسين (عليهما السّلام).

غسّلاني وكفّناني وحنّطاني واحملاني على سريري، واحملا مؤخّره تكفيان مقدّمه(3).

5234 - وفي رواية المهلبي عن عليّ بن محمّد رفعه قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لمّا غسّل أمير المؤمنين (عليه السّلام) نودوا من جانب البيت: إن أخذتم مقدّم السرير كفيتم مؤخّره، وإن أخذتم مؤخّره

ص:662


1- - الغارات: ج 2 ص 845.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 349. منه البحار: ج 42 ص 236.
3- (3) - فرحة الغري: ص 30. منه البحار: ج 42 ص 213.

كفيتم مقدّمه - رجعنا إلى تمام الحديث -: فإنّكما تنتهيان إلى قبر محفور ولحد ملحود ولبن موضوع فالحداني وأشرجا عليّ اللّبن، وارفعا لبنة ممّا عند رأسي فانظرا ما تسمعان، فأخذا اللّبنة من عند الرأس بعد ما أشرجا عليه اللّبن فإذا ليس في القبر شيء، وإذا هاتف يهتف: ان أمير المؤمنين (عليه السّلام) كان عبدا صالحا، فألحقه اللّه (عزّوجلّ) بنبيّه (صلّى اللّه عليه وآله)، وكذلك يفعل بالاوصياء بعد الأنبياء، حتّى لو أنّ نبيّا مات في الشرق ومات وصيّه في الغرب الحق اللّه الوصيّ بالنبيّ (1).

[باب (4)] تشييعه عليه السلام ودفنه

5235 - الكافي: عليّ بن محمد رفعه قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لمّا غسّل أمير المؤمنين (عليه السّلام) نودوا من جانب البيت: إن أخذتم مقدّم السرير كفيتم مؤخّره وإن أخذتم مؤخّره كفيتم مقدّمه(2).

5236 - الكافي: سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبداللّه بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه سمعه يقول: لمّا قبض أمير المؤمنين (عليه السّلام) أخرجه الحسن والحسين ورجلان

ص:663


1- - فرحة الغري: ص 31. منه البحار: ج 42 ص 213.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 457 ح 9.

آخران حتّى إذا خرجوا من الكوفة تركوها(1) عن أيمانهم ثمّ أخذوا في الجبّانة(2) حتّى مرّوا به إلى الغريّ فدفنوه وسوّوا قبره فانصرفوا(3).

فرحة الغرّي: أخبرني عمّي رضي الدين، عن الحسن بن الدربى، عن محمد بن عليّ بن شهرآشوب، عن جدّه، عن الطوسي، عن المفيد، عن جعفر بن محمد، عن محمدبن يعقوب، عن سعد بن عبداللّه مثله وفيه: ودفنوه وسوّوا قبره وانصرفوا(4).

5237 - مناقب آل أبي طالب: سأل ابن مسكان الصادق (عليه السّلام) عن القائم المائل في طريق الغريّ؟

فقال: نعم، إنّهم لمّا جاؤا بسرير أمير المؤمنين (عليه السّلام) انحنى أسفا وحزنا على أمير المؤمنين (عليه السّلام)(5).

5238 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو الحسن قال: حدثنا ابراهيم بن محمد المذاري قال: حدثني محمد بن جعفر قال: حدثني محمد بن عيسى قال: حدثني يونس بن عبدالرحمن، عن عبداللّه بن مسكان، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال.

سألته عن القائم المائل في طريق الغريّ؟

فقال: نعم، إنّه لمّا جاوز سرير أمير المؤمنين(6) علي (عليه السّلام)

ص:664


1- - وتركوها - فرحة الغري.
2- (2) - الجبّان والجبّانة - مشدّدتين -: المقبرة. (أقرب الموارد).
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 458 ح 11.
4- (4) - فرحة الغري: ص 90.
5- (5) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 348. منه البحار: ج 42 ص 236.
6- (6) - لما جازوا بسرير أمير المؤمنين - البحار.

انحنى أسفا وحزنا على أمير المؤمنين (عليه السّلام) وكذلك سرير أبرهة لما دخل عليه عبدالمطلب انحنى ومال(1).

5239 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو الحسن قال: حدثنا علي بن محمد بن متولة القلانسي قال: حدثنا حمزة بن القاسم قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن مفضل بن عمر قال: جاز مولانا جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام) بالقائم المائل في طريق الغريّ فصلّى عنده ركعتين فقيل له: ما هذه الصّلاة؟

قال: هذا موضع رأس جدّي الحسين بن علي (عليه السّلام) وضعوه هاهنا(2).

البحار - بيان: أقول: رأيت بخط الشيخ محمدبن علي الجباعي نقلا من خط الشهيد (قدس اللّه روحهما): ولعل موضع القائم المايل هو المسجد المعروف الآن بمسجد الحنانة قرب النجف، ولذا يصلي الناس فيه.

5240 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن صفوان الجمال قال: كنت أنا وعامر وعبداللّه بن جذاعة الازدي عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: فقال له عامر.

جعلت فداك إن النّاس يزعمون أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) دفن بالرحبة؟

ص:665


1- - أمالي الطوسي: ص 682 ح 1451. منه البحار: ج 100 ص 454.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 682 ح 1450. منه البحار: ج 100 ص 454.

قال: لا.

قال: فأين دفن؟

قال: إنّه لمّا مات احتمله الحسن (عليه السّلام) فأتى به ظهر الكوفة قريبا من النجف يسرة عن الغرّي يمنة عن الحيرة، فدفنه بين زكوات(1) بيض.

قال (الرّاوي): فلمّا كان بعد ذهبت إلى الموضع، فتوهّمت موضعا منه، ثمّ أتيته فأخبرته فقال لى: أصبت رحمك اللّه - ثلاث مرات -(2).

5241 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن محمد، عن عبداللّه بن سنان قال.

أتاني عمر بن يزيد فقال لي: اركب، فركبت معه، فمضينا حتّى أتينا منزل حفص الكناسي فاستخرجته فركب معنا، ثمّ مضينا حتّى أتينا الغريّ فانتهينا إلى قبر، فقال: انزلوا هذا قبر أمير المؤمنين (عليه السّلام).

فقلنا: من أين علمت؟

فقال: أتيته مع أبي عبداللّه (عليه السّلام) حيث كان بالحيرة غير

ص:666


1- - بين ذكوات - مرآة العقول. قوله (عليه السّلام): بين ذكوات، كذا في أكثر نسخ الحديث، ولعله أراد التلال الصغيرة التي كانت محيطة بقبره الشريف (صلوات الله عليه) شبّهها لضيائها وتوقدها عند شروق الشمس عليها لاشتمالها على الحصيات البيض والدراري بالجمرة الملتهبة اذ الذكوة هي الجمرة الملتهبة كما ذكره اللغويّون. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 456 ح 5.

مرّة وخبّرني أنّه قبره(1).

باب (5) مدة حياته عليه السلام

5242 - فرحة الغري: أخبرني والدي (قدّس اللّه روحه)، عن الفقيه محمد بن أبي غالب (رحمه اللّه) عن السيد الفقيه الصفي محمد ابن معد الموسوي.

وأخبرني عمّي رضي الدين علي بن طاووس عن السيد صفي الدين بلاواسطة عن محمد بن معد الموسوي، عن أحمد بن أبي المظفر محمد بن عبداللّه بن جعفر بن محمّد وأخبرني عبدالصمد بن أحمد ابن أبي الجيش الحنبلي، عن أبي الفرج بن الجوزي الحنبلي وعبدالكريم ابن علي السندي(2).

وأخبرنا شيخنا عبدالحميد بن فخار، عن البرهان أحمد بن علي الغزنوي كلهم عن عبداللّه بن أحمد بن الخشاب النحوي الحنبلي قال.

قرأت على أبي منصور محمد بن عبدالملك بن حيزون(3) المقري من أصله بخط عمه أبي الفضل احمد بن الحسن وسماعه منه فيه بخطّ عمّه أخبركم أبو الفضل أحمد بن الحسن فأقرّ به، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن الحسين بن العباس بن الفضل بن روما قراءة عليه وأنا اسمع قال: أخبرنا أبو بكر احمد بن نصر بن عبداللّه بن الفتح الذراع

ص:667


1- - الكافي: ج 1 ص 456 ح 6.
2- (2) - السدّيّ - البحار.
3- (3) - خيرون - البحار.

النهرواني بها قراءة عليه وأنا أسمع قال: حدثنا حرب بن محمّد المؤدب، قال: حدثنا الحسن بن جمهور العمي القمي [عن أبيه](1) قال.

حدثنا محمد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن محمد بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام). وأخبرنا الذراع، قال: حدثنا صدقة بن موسى أبو العباس، قال: حدثنا أبي، عن الحسين بن محبوب(2)، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستانيّ، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السّلام) قالا: مضى أمير المؤمنين (عليه السّلام) - وهو ابن خمس وستين سنة - سنة أربعين من الهجرة، ونزل الوحي على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ولأمير المؤمنين (عليه السّلام) اثنتا عشرة سنة، فكان عمره بمكة مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) اثنتي عشرة سنة، وأقام [بها] مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثلاث عشرة سنة، ثمّ هاجر إلى المدينة فأقام بها مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عشر سنين ثمّ أقام بعد ما توفّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثلاثين سنة، وكان عمره خمسا وستّين سنة، قبض في ليلة الجمعة وقبره بالغريّ، وهو عليّ بن أبي طالب بن عبدالمطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة(3).

ص:668


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - هكذا في المصدر والاصح: الحسن بن محبوب.
3- (3) - فرحة الغري: ص 52. منه البحار: ج 42 ص 221.

باب (6) بكاء الأرض على أمير المؤمنين عليه السلام

5243 - مناقب آل أبي طالب: أبو حمزة، عن الصادق (عليه السّلام) وقد روي أيضا، سعيد بن المسيب أنّه لمّا قبض أمير المؤمنين (عليه السّلام) لم يرفع من وجه الارض حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط(1).

باب (7) القصاص من ابن ملجم

5244 - قرب الاسناد: السندي بن محمد البزاز قال: حدثني أبو البختري، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: أخبرني أبي أنّ الحسن (عليه السّلام) قدّم ابن ملجم ليضرب عنقه بيده، فقال: قد عهدت اللّه عهدا أن أقتل أباك، فقد وفيت، فان شئت فاقتل وإن شئت فاعف، وإن عفوت(2) ذهبت إلى معاوية فقتلته وأرحتك منه ثمّ جئتك، فقال: لاحتّى اعجلك إلى النار، فقدّمه فضرب عنقه(3).

***

ص:669


1- - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 346. منه البحار: ج 42 ص 308.
2- (2) - فان عفوت - البحار.
3- (3) - قرب الاسناد: ص 67. منه البحار: ج 42 ص 302.

من أخبار أولاده عليه السلام وإخوانه وأصحابه

[باب (1)] محمد بن الحنفية وامّه خولة

5245 - إكمال الدين: قال الصادق (عليه السّلام): ما مات محمّد بن الحنفيّة حتّى أقرّ لعليّ بن الحسين (عليهما السّلام) وكانت وفاة محمّد بن الحنفيّة سنة أربع وثمانين من الهجرة(1).

5246 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن عصام (رضي اللّه عنه) قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا القاسم بن العلاء قال: حدّثني إسماعيل بن عليّ القزويني قال: حدّثني عليّ بن إسماعيل، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن الختار(2) قال: دخل حيّان السرّاج على الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فقال له.

ياحيّان ما يقول أصحابك في محمّد بن الحنفيّة؟

قال: يقولون: انّه حى يرزق.

ص:670


1- - إكمال الدين: ص 36. منه البحار: ج 42 ص 81.
2- (2) - عن جعفر بن مختار - البحار.

فقال الصادق (عليه السّلام): حدّثني أبي (عليه السّلام) أنّه كان فيمن عاده في مرضه وفيمن غمّضه وأدخله حفرته وزوّج نساءه وقسّم ميراثه.

فقال: يا أبا عبداللّه إنّما مثل محمّد بن الحنفيّة في هذه الامّة كمثل عيسى بن مريم شبّه أمره للناس.

فقال الصادق (عليه السّلام): شبّه أمره على أوليائه أو على أعدائه؟

قال: بل على أعدائه.

قال: أتزعم أنّ أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليهما السّلام) عدوّ عمّه محمّد بن الحنفيّة؟

فقال: لا.

فقال الصادق (عليه السّلام): ياحيّان إنّكم صدفتم عن آيات اللّه، وقد قال اللّه (تبارك وتعالى): سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ (1) و(2).

إختيار معرفة الرجال: حدثني الحسين بن الحسن بن بندار القمي قال: حدثني سعد بن عبداللّه بن أبي خلف القمي قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن عيسى ومحمّد بن عبدالجبّار الذهلي، عن العباس بن معروف، عن عبداللّه بن الصلت أبي طالب، عن حمّاد بن عيسى، قال: وحدّثني عليّ بن إسماعيل ويعقوب بن يزيد، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن الختار القلانسيّ، عن عبداللّه بن مسكان قال.

ص:671


1- - الانعام 6:157.
2- (2) - إكمال الدين: ص 36. منه البحار: ج 42 ص 80.

دخل حيّان السرّاج... وذكر نحوه وزاد في آخره: فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): فتبت إلى اللّه من كلام حيّان ثلاثين يوما(1).

أقول: الكيسانية هم القائلون بإمامة محمد بن الحنفية بعد الإمام الحسين (عليه السّلام) وكان حيّان السرّاج منهم، ولهذا جرت بينه وبين الإمام الصادق (عليه السّلام) محاورات و مناقشات.

ومعنى قوله (عليه السّلام): «فتبت إلى اللّه من كلام حيّان...» هو التوبة والاستغفار ممّا صدر من حيّان من الجهل والإنحراف عن الإمامة والأئمّة الطاهرين (عليهم السّلام) وهذا مثل أن يكفر أحد باللّه سبحانه بمسمع من الإنسان، فيستغفر اللّه ممّا سمعه من الكفر والباطل. واللّه العالم.

5247 - إختيار معرفة الرجال: حمدويه، قال: حدثنا الحسن بن موسى قال: روى أصحابنا عن عبدالرحمن بن الحجّاج قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أتاني ابن عمّ لي يسألني أن آذن لحيّان السرّاج، فأذنت له.

فقال لي: يا أبا عبداللّه إنّي اريد أن أسألك عن شيء أنا به عالم إلّا أنّي احبّ أن أسألك عنه، أخبرني عن عمّك محمّد بن عليّ مات؟

قال: قلت: أخبرني أبي أنّه كان في ضيعة له فاتي فقيل له.

أدرك عمّك.

قال: فأتيته وقد كانت أصابته غشية، فأفاق فقال لي: ارجع إلى ضيعتك.

قال: فأبيت.

ص:672


1- - إختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 602 ح 570. منه البحار: ج 42 ص 80.

فقال: لترجعنّ.

قال: فانصرفت فما بلغت الضيعة حتّى أتوني فقالوا: أدركه، فأتيته فوجدته قد اعتقل لسانه، فدعا بطست(1) وجعل يكتب وصيّته، فما برحت حتّى غمّضته وغسّلته وكفّنته وصلّيت عليه ودفنته، فإن كان هذا موتا فقد واللّه مات.

قال: فقال لي: رحمك اللّه شبّه على أبيك.

قال: قلت: ياسبحان اللّه أنت تصدف على قلبك! قال: فقال لي: وما الصدف على القلب؟

قال: قلت: الكذب(2).

البحار - بيان: صدف عنه: أعرض. و (على) بمعنى «عن» أو ضمّن معنى الافتراء ونحوه. أي تعرض عن الحقّ مفتريا على قلبك، حيث تدّعي ما لايصدّقه قلبك.

5248 - الخرائج والجرائح: عن دعبل الخزاعيّ قال: حدثني الرضا، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: كنت عند [أبي] الباقر (عليه السّلام) إذ دخل عليه جماعة من الشيعة وفيهم جابر بن يزيد، فقالوا: هل رضي أبوك عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) بإمامة الأول والثاني؟

فقال: اللّهمّ لا.

قالوا: فلم نكح من سبيهم خولة الحنفيّة إذا لم يرض بإمامتهم؟

فقال الباقر (عليه السّلام): امض يا جابر بن يزيد إلى منزل جابر

ص:673


1- - الطست: إناء من نحاس لغسل الايدي. (المنجد).
2- (2) - إختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 602 ح 569. منه البحار: ج 42 ص 96.

ابن عبداللّه الأنصاريّ فقل له: إنّ محمّد بن علي يدعوك.

قال جابر بن يزيد: قأتيت منزله وطرقت عليه الباب، فناداني جابر بن عبداللّه الأنصاريّ من داخل الدار: اصبر يا جابر بن يزيد.

قال جابر بن يزيد: فقلت في نفسي: من أين علم جابر الأنصاريّ أنّي جابر بن يزيد ولم يعرف الدلائل إلّا الأئمّة من. آل محمّد (عليهم السّلام)؟ واللّه لأسألنّه إذا خرج إليّ، فلمّا خرج قلت له: من أين علمت أنّي جابر وأنا على الباب وأنت داخل الدار؟

قال: [قد] خبّرني مولاي الباقر (عليه السّلام) البارحة أنّك تسأله عن الحنفيّة في هذا اليوم، وأنا أبعثه إليك ياجابر بكرة غد أدعوك.

فقلت: صدقت.

قال: سرّ بنا، فسرنا جميعا حتّى أتينا المسجد.

فلمّا بصر مولاي الباقر (عليه السّلام) بنا ونظر إلينا قال للجماعة: قوموا إلى الشيخ فاسالوه حتّى ينبّئكم بما سمع ورأي وحدث.

فقالوا: يا جابر هل رضي امامك عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) بإمامة من تقدّم؟

قال: اللهمّ لا.

قالوا: فلم نكح من سبيهم [خولة الحنفية] إذا لم يرض بإمامتهم؟

قال جابر: آه آه آه لقد ظننت أنّي أموت ولا اسأل عن هذا [والآن] إذ سألتموني فاسمعوا وعوا، حضرت السبي وقد ادخلت الحنفيّة فيمن ادخل، فلمّا نظرت إلى جميع الناس عدلت إلى تربة

ص:674

رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فرنّت رنّة وزفرت زفرة وأعلنت بالبكاء والنحيب، ثمّ نادت.

السلام عليك يا رسول اللّه صلّى اللّه عليك وعلى أهل بيتك من بعدك، هؤلاء امّتك سبتنا سبي النوب والديلم(1)، واللّه ما كان لنا إليهم من ذنب إلاّ الميل إلى أهل بيتك، فجعلت الحسنة سيّئة والسيّئة حسنة فسبتنا.

ثمّ انعطفت إلى الناس وقالت: لم سبيتمونا وقد أقررنا بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

قالوا: منعتمونا الزكاة.

قالت: هبوا الرجال منعوكم فما بال النسوان؟

فسكت المتكلّم كأنّما القم حجرا.

ثمّ ذهب إليها طلحة وخالد بن عنان في التزوج بها وطرحا إليها ثوبين. فقالت: لست بعريانة فتكسوني.

قيل لها: إنّهما يريدان أن يتزايدا عليك فأيّهما زاد على صاحبه أخذك من السبي.

قالت: هيهات واللّه لايكون ذلك أبدا، ولا يملكني ولا يكون لي بعل إلا من يخبرني بالكلام الّذي قلته ساعة خرجت من بطن امّي.

فسكت الناس ينظر بعضهم إلى بعض، وورد عليهم من ذلك الكلام ما أبهر عقولهم وأخرس السنتهم، وبقي القوم في دهشة من أمرها.

ص:675


1- - النوب - بالضم.: جيل من السودان. (أقرب الموارد). والديلم: القسم الجبلي من بلاد جيلان شمالي بلاد قزوين. (المنجد). ويسمّى اليوم ببلاد مازندران.

فقال أبو بكر: مالكم ينظر بعضكم إلى بعض؟

قال الزبير: لقولها الّذي سمعت.

قال أبو بكر: ما هذا الامر الّذي أحصر أفهامكم إنّها جارية من سادات قومها ولم يكن لها عادة بما لقيت ورأت، فلا شك أنّها داخلها الفزع وتقول ما لا تحصيل له.

فقالت: لقد رميت بكلامك غير مرميّ، واللّه ما داخلني فزع ولا جزع، وواللّه ما قلت إلاّ حقّا ولا نطقت إلاّ فصلا، ولا بدّ أن يكون كذلك وحقّ صاحب هذه البنيّة ما كذبت، ولا كذبت.

ثمّ سكتت وأخذ طلحة وخالد ثوبيهما وهي قد جلست ناحية من القوم.

فدخل عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فذكروا له حالها، فقال (عليه السّلام): هي صادقة فيما قالت، وكان من حالها وقصّتها كيت وكيت في حال ولادتها، وقال: إنّ كلّ ما تكلّمت به في حال خروجها من بطن امّها هو كذا وكذا، وكلّ ذلك مكتوب على لوح نحاس معها، فرمت باللّوح إليهم لمّا سمعت كلامه (عليه السّلام) فقرؤه فكان على ما حكى عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) لا يزيد حرفا ولا ينقص.

فقال أبو بكر: خذها يا أبا الحسن بارك اللّه لك فيها.

فوثب سلمان فقال: واللّه ما لاحد هاهنا منّة على أمير المؤمنين، بل للّه المنّة ولرسوله ولأمير المؤمنين، واللّه ما أخذها إلاّ لمعجزه الباهر وعلمه القاهر وفضله الّذي يعجز عنه كلّ ذي فضل.

ثم قام المقداد فقال: ما بال أقوام قد أوضح اللّه لهم طريق

ص:676

الهداية فتركوه وأخذوا طريق العمى؟ وما من يوم إلاّ وتبيّن لهم فيه دلائل أمير المؤمنين.

وقال أبو ذرّ: واعجبا لمن يعاند الحقّ وما من وقت إلاّ وينظر إلى بيانه، أيّها الناس ان اللّه قد بيّن لكم فضل أهل الفضل، ثمّ قال.

يافلان - يا أبا بكر - أتمن على أهل الحقّ بحقّهم وهم بما في يديك أحقّ وأولى؟

وقال عمّار: اناشدكم اللّه أما سلّمنا على أمير المؤمنين هذا عليّ ابن أبي طالب (عليه السّلام) في حياة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بإمرة المؤمنين؟ فوثب عمر وزجره عن الكلام، وقام أبو بكر، فبعث عليّ (عليه السّلام) خولة إلى دار أسماء بنت عميس، وقال لها: خذي هذه المرأة وأكرمي مثواها، فلم تزل خولة عند أسماء بنت عميس إلى أن قدم أخوها وزوّجها من عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).

فكان الدليل على علم أمير المؤمنين (عليه السّلام) وفساد ما يورده القوم من سبيهم وإنّه (عليه السّلام) تزوّج بها نكاحا. فقالت الجماعة.

ياجابر بن عبدالله أنقذك اللّه من حرّ النار كما أنقذتنا من حرارة الشّك(1).

5249 - إختيار معرفة الرجال: حمدويه قال: حدثنا الحسن بن موسى قال: حدثني محمد بن أصبغ، عن مروان بن مسلم، عن بريد العجليّ، قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال لي: لو كنت سبقت قليلا لادركت حيّان السراج، قال: وأشار إلى موضع في

ص:677


1- - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 589 ح 1. منه البحار: ج 42 ص 84.

البيت فقال: وكان هاهنا جالسا، فذكر محمّد بن الحنفيّة وذكر حياته وجعل يطريه ويقرّظه، فقلت له: ياحيّان أليس تزعم ويزعمون وتروي ويروون: لم يكن في بني إسرائيل شيء إلاّ [و] هو في هذه الامّة مثله؟

قال: بلى.

قال: فقلت: فهل رأينا ورأيتم أوسمعنا وسمعتم بعالم مات على أعين الناس فنكح نساءه وقسّمت أمواله وهو حيّ لايموت؟! فقام ولم يردّ عليّ شيئا(1).

البحار - بيان: أطراه: أحسن الثناء عليه. والتقريظ: مدح الانسان وهو حيّ بحقّ أو باطل.

5250 - التوحيد: حدثنا محمّد بن الحسين بن أحمد بن الوليد (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن الحسين بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: قال أبي (عليه السّلام): إنّ محمّد بن علي - بن الحنفيّة - كان رجلا رابط الجأش(2)

- وأشار بيده - وكان يطوف بالبيت فاستقبله الحجّاج، فقال: قد هممت أن أضرب الّذي فيه عيناك.

قال له محمّد: كلاّ إنّ للّه (تبارك اسمه) في خلقه في كلّ يوم ثلاثمائة لحظة أو لمحة، فلعلّ إحداهنّ تكفّك عنّي(3).

5251 - مستطرفات السرائر: نقلا من كتاب أبان بن تغلب،

ص:678


1- - إختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 601 ح 568. منه البحار: ج 42 ص 95.
2- (2) - الجاش: القلب والصدر، يقال: رابط الجأش: أي شجاع. (المنجد).
3- (3) - التوحيد: ص 128 ح 7. منه البحار: ج 42 ص 106.

قال: حدثني صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ أباه حدّثه أنّ عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) أتى محمّد بن عليّ الاكبر قال: إنّ هذا الكذّاب أراه يكذب على اللّه وعلى رسوله وعلينا أهل البيت، وذكر أنّه يأتيه جبرئيل وميكائيل.

فقال له محمّد بن عليّ: يابن أخي أتاك بهذا من يصدّق؟

قال: نعم.

قال: اذهب فارو عنّي لاأقول هذا وإنّي أبرأ ممّن قال به.

فلمّا انصرف من عنده دخل عليه عبداللّه بن محمّد وامرأته أو سريّته، فقالا له: إنّما أتاك عليّ بن الحسين بهذا إنّه حسدك لما يبعث به إليك، فأرسل إليه محمّد بن عليّ لاترو عليّ شيئا فإنّك إن رويت عنّي شيئا قلت: لم أقله(1).

البحار - بيان: المراد با لكذاب، المحتار. قوله: «وذكر أنّه» أي ذكر المحتار للناس أنّ محمّد بن الحنفيّة يأتيه جبرئيل وميكائيل. فلمّا خرج (عليه السّلام) دخل على إبن الحنفيّة إبنه وإمرأته وسريّته، ليصرفوه عن ردّ المحتار وتكذيبه. لئلاّ ينقطع عنهم ما يأتيهم من قبله من الاموال، فلم يقبل منهم. وبعث إلى المختار لاترو عنّي الأكاذيب بعد ذلك.

فإنّك إن رويت عنّي قلت للناس: أنّي لم أقله وإنّه كاذب.

هذا تأويل للكلام يناسب حال محمّد بن الحنفيّة. وإلاّ فظاهر الكلام أنّه قبل منه ذلك وبعث إلى عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) أن

ص:679


1- - مستطرفات السرائر: ص 42 ح 12. منه البحار: ج 42 ص 88.

لاتقل ما أمرتك بروايته عنّي من تكذيب المحتار وبراءتى منه. وإلّا فأنا أكذّبك في ذلك عند الناس.

باب (2) زواج أم كلثوم بنت الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

5252 - الخرائج والجرائح: [الصفّار](1) عن أبي بصير، عن جدعان(2) بن نصر، حدثنا أبو عبداللّه محمد بن مسعدة حدثن ما محمّد ابن حمويه بن إسماعيل الاربنوئي، عن أبي عبداللّه الزبينى(3)، عن عمر بن اذينة قال: قيل لأبي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ الناس يحتجّون علينا ويقولون: إنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) زوّج فلانا - عمر - ابنته امّ كلثوم، وكان متّكئا فجلس وقال: وتقبلون انّ عليّا انكح فلانا بنته؟!! ان قوما يزعمون ذلك لايهتدون إلى سواء السبيل ولا الرشاد!.. فصفق بيده وقال.

سبحان اللّه اما كان يقدر أمير المؤمنين (عليه السّلام) أن يحول بينه وبينها فينقذها؟! كذبوا ولم يكن ما قالوا.

إنّ فلانا خطب إلى عليّ (عليه السّلام) بنته امّ كلثوم فأبى عليّ (عليه السّلام).

فقال [عمر] للعبّاس.

واللّه لئن لم يزوّجني لأنتزعنّ منك السقاية وزمزم.

ص:680


1- - مابين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - جذعان - البحار.
3- (3) - الربيبي - البحار.

فأتى العبّاس عليّا فكلّمه، فأبى عليه، فألحّ العبّاس.

فلمّا رأى أمير المؤمنين (عليه السّلام) مشقّة كلام الرجل على العبّاس وأنّه سيفعل بالسقاية ما قال أرسل أمير المؤمنين (عليه السّلام) إلى جنّيّة من أهل نجران يهوديّة يقال: لها سحيقة(1) بنت جريرية، فأمرها فتمثّلت في مثال امّ كلثوم وحجبت الابصار عن امّ كلثوم وبعث بها إلى الرجل.

فلم تزل عنده حتّى أنّه استراب(2) بها يوما فقال: ما في الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم. ثمّ أراد أن يظهر ذلك للناس فقتل وحوت الميراث وانصرفت إلى نجران، وأظهر أمير المؤمنين (عليه السّلام) امّ كلثوم(3).

5253 - شرح الأخبار: محمد بن عبيداللّه، باسناده عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه قال: خطب عمر بن الخطاب الى علي (عليه السّلام) ابنته ام كلثوم.

فقال علي (عليه السّلام): إنها صغيرة.

فقال عمر: إنما أردت منها، اني سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي. فأردت أن يكون لي بها سبب من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أتصل به من أجله(4).

ص:681


1- - سحيفة - البحار -
2- (2) - الريب: الشك، واستراب استرابة: وقع في الريبة. (أقرب الموارد).
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 825 ح 39. منه البحار: ج 42 ص 88.
4- (4) - شرح الاخبار: ج 2 ص 506 ح 896.

5254 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، وحمّاد، عن زرارة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في تزويج امّ كلثوم.

فقال: إنّ ذلك فرج غصبناه(1).

5255 - الكافي: علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا خطب إليه قال له أمير المؤمنين: إنّها صبيّة.

قال: فلقى العبّاس فقال له: مالي؟ أبي بأس؟

قال: وما ذاك؟

قال: خطبت إلى ابن أخيك فردّني، أما والله لأعوّرنّ زمزم(2) ولا أدع لكم مكرمة إلاّ هدمتها، ولأقيمنّ عليه شاهدين بأنّه سرق ولا قطّعنّ يمينه!! فأتاه العبّاس فأخبره وسأله أن يجعل الأمر إليه فجعله إليه(3) و(4).

البحار: كتاب (الطرائف) للسيد ابن طاووس - ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(5).

ص:682


1- - الكافي: ج 5 ص 346 ح 1.
2- (2) - عوّر عين الركيّة كبسها بالتراب حتى نضب الماء. (اقرب الموارد).
3- (3) - أم كلثوم هذه هي بنت أمير المؤمنين (عليه السّلام) قد خطبها إليه عمر في زمن خلافته فردّه أولا، فقال عمر ما قال وفعل ما فعل كما يأتي تفصيله في الخبر الآتي فجعل أمره إلى العباس فزوجها إيّاه ظاهرا وعند الناس وإليه اشير بقوله: «غصبناه». (الوافي).
4- (4) - الكافي: ج 5 ص 346 ح 2.
5- (5) - البحار: ج 42 ص 94 ح 22.

5256 - التهذيب - الاستبصار: روى الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال.

سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن امرأة توفي عنها زوجها(1) اين تعتد في بيت زوجها أو حيث شاءت؟

قال: [بل](2) حيث شاءت.

ثم قال: ان عليا (عليه السّلام) لما توفي(3) عمر اتى أم كلثوم فأخذ بيدها فانطلق بها الى بيته(4).

الكافي: محمّد بن يحيى، وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد مثله(5).

5257 - التهذيب - الاستبصار: محمد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمد بن زياد، عن عبداللّه بن سنان ومعاوية بن عمار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن المرأة المتوفى عنها زوجها تعتد في بيتها أو حيث شاءت؟

قال: بل حيث شاءت ان عليا (عليه السّلام) لما توفي عمر أتى أم كلثوم فانطلق بها الى بيته(6).

الكافى: حميد بن زياد، عن ابن سماعة مثله(7).

ص:683


1- - توفي زوجها - الكافي.
2- (2) - بلى - الكافي.
3- (3) - لمامات - الاستبصار - الكافي.
4- (4) - التهذيب: ج 8 ص 161 ح 558 - الاستبصار: ج 3 ص 352 ح 1258.
5- (5) - الكافي: ج 6 ص 115 ح 2.
6- (6) - التهذيب: ج 8 ص 161 ح 557 - الاستبصار: ج 3 ص 352 ح 1257.
7- (7) - الكافي: ج 6 ص 115 ح 1.

5258 - الجعفريات: باسناد عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده (عليهم السّلام) أن عليا (عليه السّلام)، نقل ابنته أم كلثوم في عدتها، حيث مات زوجها عمر بن الخطاب، لانها كانت في دار الامارة(1).

البحار - بيان: قال الشيخ المفيد (قدّس اللّه روحه) في جواب المسائل السرويّة: إنّ الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين (عليه السّلام) إبنته من عمر لم يثبت، وطريقته من الزبير بن بكار، ولم يكن موثوقا به في النقل وكان متّهما فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين (عليه السّلام). وغير مأمون. والحديث نفسه مختلف، فتارة يروي أنّ أمير المؤمنين تولّى العقد له على إبنته. وتارة يروى عن العبّاس أنه تولّى ذلك عنه. وتارة يروي أنّه لم يقع العقد الاّ بعد وعيد من عمر وتهديد لبني هاشم. وتارة يروي أنّه كان عن إختيار وإيثار.

ثمّ بعض الرّواة يذكر أنّ عمر أولدها ولدا سماه: زيدا، وبعضهم يقول: إنّ لزيد بن عمر عقبا. ومنهم من يقول: إنّه قتل ولا عقب له.

ومنهم من يقول: إنّه وامّه قتلا، ومنهم من يقول: إنّ امّه بقيت بعده.

وهذا الاختلاف ممّا يبطل الحديث.

ثمّ إنّه لو صحّ لكان له وجهان لاينافيان مذهب الشيعة في ضلال المتقدّمين على أمير المؤمنين (عليه السّلام) أحدهما: أنّ النكاح إنّما هو على ظاهر الاسلام الّذي هو الشهادتان والصّلاة إلى الكعبة والأقرار بجملة الشريعة. وإن كان الافضل مناكحة من يعتقد الإيمان ويكره مناكحة من ضمّ إلى ظاهر الاسلام ضلالا يخرجه عن الايمان. إلاّ أنّ

ص:684


1- - الجعفريات: ص 109. منه المستدرك: ج 15 ص 365.

الضرورة متى قادت إلى مناكحة الضالّ مع إظهاره كلمة الاسلام، زالت الكراهة من ذلك.

وأمير المؤمنين (عليه السّلام) كان مضطرا إلى مناكحة الرجل.

لأنّه تهدّده وتواعده. فلم يأمنه على نفسه وشيعته. فاجابه إلى ذلك ضرورة. كما أن الضرورة تشرعّ إظهار كلمة الكفر، وليس ذلك بأعجب من قول لوط: هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ (1). فدعاهم إلى العقد عليهم لبناته وهم كفّار ضلاّل قد أذن اللّه تعالى في هلاكهم.

وقد زوّج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إبنتيه قبل البعثة كافرين، كانا يعبدان الاصنام. أحدهما عتبة بن أبي لهب، والآخر أبو العاص بن الربيع. فلمّا بعث (صلّى اللّه عليه وآله) فرّق بينهما وبين إبنتيه.

قال المجلسي (رحمه اللّه): بعد إنكار عمر النصّ الجليّ وظهور نصبه وعداوته لأهل البيت (عليهم السّلام) يشكل القول بجواز مناكحته من غير ضرورة ولا تقيّة. إلاّ أن يقال بجواز مناكحة كلّ مرتدّ عن الاسلام. ولم يقل به أحد من أصحابنا.

ولعلّ الفاضلين(2) إنّما ذكرا ذلك إستظهارا على الخصم. وكذا إنكار المفيد (رحمه اللّه) أصل الواقعة إنّما هو لبيان أنه لم يثبت ذلك من طرقهم. وإلّا فبعد ورود ما مرّ من الاخبار إنكار ذلك عجيب.

والاصل في الجواب هو أنّ ذلك وقع على سبيل التقيّة والاضطرار، ولا استبعاد في ذلك. فإنّ كثيرا من المحرّمات تنقلب عند

ص:685


1- - هود 11:78.
2- (2) - الشيخ المفيد والسيد المرتضى (رحمهما اللّه تعالى).

الضرورة وتصير من الواجبات. على أنّه ثبت بالأخبار الصحيحة أن أمير المؤمنين وسائر الائمّة (عليهم السّلام) كانوا قد أخبرهم النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) بما يجري عليهم من الظلم وبما يجب عليهم فعله عند ذلك. فقد أباح اللّه تعالى له خصوص ذلك بنصّ الرسول (صلّى اللّه عليه وآله) وهذا ممّا يسكن استبعاد الاوهام. واللّه يعلم حقائق أحكامه وحججه (عليهم السّلام)(1).

أقول: لقد استدلّ أهل السنّة بخبر زواج السيدة ام كلثوم بنت الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) من عمر بن الخطّاب علي أنّ العلاقات الثنائية بين الإمام (عليه السّلام) وعمر كانت ودّية طيّبة إلى درجة أنّه (عليه السّلام) زوّج ابنته من عمر، وأنّ هذا يدلّ على أنّ الإمام (عليه السّلام) كان راضيا عن الرجل ولم يكن ناقما عليه وعلى تصرّفاته العدائية تجاه الزّهراء الطاهرة (عليها السّلام) وغصب فدك منها واستيلائه على مركز الخلافة بعد صاحبه.

لكنّ هذا الإستدلال غير صحيح.. وذلك لانّ المسألة لها صورتان.

الأولى: ان يكون الخبر صحيحا، بأن يكون هذا الزواج قد وقع بالفعل.

الثانية: أن يكون الخبر غير صحيح.

وبناء على صحّة الخبر - وصحة الاحاديث المذكورة عن أهل البيت (عليهم السّلام) - فإنّ الادلّة تشير - بكلّ وضوح - إلى أنّ هذا الزّواج قد تمّ تحت التهديد والإكراه، وأن الإمام أمير المؤمنين (عليه

ص:686


1- - البحار: ج 42 ص 107.

السّلام) امتنع - في البداية - عن تزويجه معتذرا بقوله: إنّها صبيّة.

فقال عمر: إنّك - واللّه - ما بك ذلك، ولكن قد علمنا ما بك(1).

أي: ليس هذا هو العذر الحقيقي، ولكنّني أعلم سبب إمتناعك.

وفي رواية اخري: قال (عليه السّلام) له: إنّها صغيرة.

فقال عمر: لا واللّه ما ذلك بك، ولكن أردت منعي(2).

وقد قرأت في حديث الإمام الصادق (عليه السّلام):... إن عمر لقي العباس بن عبدالمطلب وقال له: مالي؟ أبي بأس؟

قال: وما ذاك؟

قال: خطبت إلى ابن اخيك فردّني! أما واللّه لأعوّرنّ زمزم، ولا ادع لكم مكرمة إلاّ هدمتها، ولا قيمنّ عليه شاهدين بأنّه سرق، ولأقطعنّ يمينه!!! فأتاه العباس فأخبره، وسأله أن يجعل الامر إليه، فجعله إليه(3).

أيّها القاريء الكريم: لقد ظهر - بكلّ وضوح - أنّ عمر هدّد العباس بن عبدالمطّلب - عمّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) - بانّه سوف يتخذ الاجراءات التالية فيما لو امتنع الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) عن تزويجه ابنته.

1 - أن يعوّر عين زمزم، أي: يطمسها بالتراب، وبهذا يفقد العباس شرف سقاية الحاجّ.

وفي حديث آخر: قال عمر للعباس: واللّه لئن لم يزوّجني

ص:687


1- - الطبقات الكبرى لابن سعد: ج 8 ص 463 وما بعدها.
2- (2) - ذخائر العقبى للمحب الطبري: ص
3- (3) . 171 الكافي: كتاب النكاح: ج 5 ص 346، وقد مرّ الحديث في بداية هذا الفصل.

لانتزعنّ منك السقاية وزمزم(1).

2 - أن لايدع لآل رسول اللّه مكرمة إلاّ هدمها!! ولا نعلم - بالضبط - ماذا كان يقصد عمر من هذا التهديد؟! وماذا كان ينوي من سوء تجاه أهل البيت (عليهم السّلام)؟! 3 - أن يتّهم الإمام عليّا (صلوات اللّه عليه) بالسّرقة، ويأمر بعض مرتزقته بالشّهادة لديه بأنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) قد سرق!!! وبعد ذلك يقيم الحدّ على خليفة رسول اللّه ووصيّه!!! ويبدو أنّ العبّاس بن عبدالمطّلب تلقّى هذا التهديد بالقبول، لانّ الرجل معروف بالغلظة والفظاظة والقساوة.

وهو الذي وصفه الإمام علي (عليه السّلام) - في الخطبة الشقشقية - بالحوزة الخشناء.

ومواقفه الخشنة مع رسول اللّه معروفة، كموقفه يوم الحديبية، ويوم الخميس حينما قال: إنّ الرجل ليهجر.

ولا ينسى العباس موقف عمر يوم وقف على باب بيت فاطمة (سلام اللّه عليها) مع عصابة إرهابية مسلّحة وهدّد بإحراق الدّار بمن فيها، فقيل له: إنّ في البيت فاطمة!! قال: و إن!!(2).

كما لاينسى العباس أيضا موقفهم يوم قادوا خليفة رسول اللّه الى

ص:688


1- - البحار: ج 42 ص 88، وقد مرّ الحديث في بداية الفصل.
2- (2) - قد تحدثنا عن هذه المأساة بالتفصيل في كتابنا: فاطمة الزهراء (عليها السّلام) من المهد إلى اللّحد. فراجع.

المسجد بالقهر والعنف، ليأخذوا البيعة منه لابي بكر!! فماذا يمنعه الآن - وهو رئيس الدولة وبيده الامر والقوّة - أن ينفّذ كل تلك التهديدات؟! ولهذا فزع العباس من ذلك، وهرع إلى الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) يطلب منه أن يسلّم أمر أم كلثوم إليه.

ويبدو انّ المسألة لم تكن مسألة زواج بقدر ما كانت مسألة إزعاج وإيذاء للإمام (عليه السّلام).

فما قيمة هذا الزّواج الواقع تحت التهديد والإكراه؟! وهل يكون ذلك فضيلة لعمر؟!! وهل يستدلّ به على أنّ العلاقات بين الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وعمر كانت جيّدة؟!! طبعا: لا.

بها القاريء الكريم: كانت هذه كلمة موجزة توضيحيّة للأحاديث التي ذكرناها في بداية هذا الباب حول زواج السيّدة أم كلثوم من عمر بن الخطّاب.

واعلم أنّ الشيخ المفيد والسيد الشريف المرتضى - وهما من أجلاّء علمائنا القدامى - قد نفيا هذا الخبر وكتبا رسالة في ردّه.

ومادام قد وصل الكلام إلى هذا المقام فلا بأس أن نتحدث قليلا حول هذا الخبر على ضوء كتب أهل السنّة... فنقول.

إعلم أن هذا الخبر لم يرد في الصحاح الستة المعتبرة عند أهل السنّة، ولم يذكر في المسانيد المعروفة عندهم كمسند أحمد بن حنبل، هذا أولا.

ص:689

ثانيا: إن أسناد هذا الخبر - في كتب أهل السنّة - غير معتبرة، فهي بين مقطوعة أو مرسلة أو ضعيفة.

كما أنّ رواة هذا الخبر غير ثقات، وقد طعن فيهم علماء الجرح والتعديل كالذّهبي وابن حجر العسقلاني(1).

ثالثا: لقد ذكروا أنّ السيّدة أم كلثوم تزوّجت - بعد موت عمر - بعون بن جعفر بن أبي طالب، ثمّ مات عنها فتزوّجت بأخيه محمد بن جعفر بن أبي طالب.

مع العلم أنّهم قد ذكروا أيضا أن محمدا وعونا قتلا في حرب «تستر» التي وقعت في عهد عمر بن الخطاب(2).

فكأنّ القوم قد غفلوا هنا عمّا ذكروه هناك.

فإن كان محمّد وعون قد قتلا في عهد عمر - في حرب تستر - فكيف تزوّجا بعده بالسيّدة ام كلثوم؟! أليس هذا هو التناقض؟! رابعا: لقد اشتملت الاخبار المذكورة في كتب أهل السنّة - حول

ص:690


1- - لقد كتب العلاّمة الفاضل السيّد ناصر حسين الموسوي الهندي (رضوان اللّه عليه) دراسة مسهبة حول هذا الخبر وسمّاها: «إفحام الاعداء والخصوم بتكذيب ما افتروه على سيّدتنا ام كلثوم» وأثبت - في كتابه هذا - ضعف هذا الخبر ووهنه، والكتاب مطبوع طباعة جيّدة بتحقيق المحقق الخبير الفاضل الشيخ محمد هادي الأميني. كما كتب العلاّمة الفاضل السيد علي الحسيني الميلاني رسالة مستوعبة باسم: رسالة في خبر تزويج ام كلثوم من عمر، وقد بحث فيها عن اسناد هذا الخبر ورواته، معتمدا فيها على كتب أهل السنّة، واثبت عدم حجيّته. «الناشر».
2- (2) - الإستيعاب لابن عبدالبر: ج 3 ص 1367، الإصابة لابن حجر: ج 3 ص 44، اسد الغابة: ج 4 ص 157.

هذا الرواج - على امور قبيحة تتنافى مع الغيرة والحياء والإيمان...

مثلا.

يقول ابن سعد - في الطبقات الكبرى -: (... فأمر بها علي فصنعت(1) ثمّ امر ببرد فطواه وقال: إنطلقي بهذا إلى أمير المؤمنين (!!!) فقولي: أرسلني أبي يقرؤك السّلام ويقول: إن رضيت هذا البرد فامسكه وإن سخطته فردّه.

فلمّا أتت عمر قال: بارك اللّه فيك وفي أبيك، وقد رضينا.

قال: فرجعت إلى أبيها فقالت: ما نشر البرد ولا نظر إلاّ إليّ.

فزوّجها إيّاه(2).

وفي رواية اخرى:.. فرجع علي فدعاها فأعطاها حلّة وقال.

إنطلقي بهذه إلى أمير المؤمنين (!!!) فقولي: يقول لك أبى: كيف تري هذه الحلّة؟

فأتته بها فقالت له ذلك.

فأخذ عمر بذراعها!! فاجتذبتها منه فقالت: ارسل(3) فارسلها...(4).

وفي رواية ثالثة: - ان الإمام (عليه السّلام) لمّا أرسلها إلى عمر ليري رأيه فيها -:... فأخذها عمر فضمّها إليه..!!(5).

ص:691


1- - أي: زينت وهيّئت.
2- (2) - الطبقات الكبرى لابن سعد: ج 8 ص 462.
3- (3) - أي: اترك ذراعي.
4- (4) - كتاب الذريّة الطاهرة للدولابي: ص 157.
5- (5) - المصدر السابق.

وفي رواية رابعة:... فقام علي فأمر بابنته - من فاطمة - فزيّنت، ثمّ بعث بها إلى عمر، فلمّا رآها قام إليها فأخذ بساقها وقال.

قولي لأبيك: قد رضيت قد رضيت قد رضيت.

فلمّا جاءت الجارية إلى أبيها قال لها: ما قال لك أمير المؤمنين؟ (!!!).

قالت: دعاني وقبّلني، فلمّا قمت أخذ بساقي وقال: قولي لأبيك: قد رضيت.

فأنكحها إيّاه(1).

وفي رواية اخرى.... ووضع [عمر] يده على ساقها فكشفها!! فقالت: أتفعل هذا؟! لولا انّك أمير المؤمنين لكسرت أنفك!! ثمّ خرجت حتى جاءت أباها فاخبرته الخبر وقالت: بعثتني إلى شيخ سوء؟!!!... إلى آخره(2).

أيّها القاريء الكريم: كانت هذه مقتطفات ممّا ذكره بعض علماء أهل السنّة حول هذا الزّواج.

ويشهد اللّه وملائكته ورسله ان هذه أمور قبيحة تتنافى مع الحياء والغيرة والإيمان، وسيّدنا وإمامنا أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) أرفع شأنا وأجلّ قدرا من أن يتصرّف هذا التصرّف الساقط الذي يأباه كل ذي شرف وغيرة.

ص:692


1- - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ج 6 ص 182.
2- (2) - الإستيعاب لابن عبدالبر: ج 4 ص 1954.

وأيّ أب يرسل ابنته العزيزة - إلى من خطبه - سلعة رخيصة يستعرض جمالها ويصمّها ويقبّلها ويكشف عن ساقها.. وهي لم تحلّ له بعد؟!! أين هذا من الغيرة أيّها المسلمون؟!! أين هذا من الشرف أيّها الاحرار؟!! أين هذا من الإيمان أيّها المؤمنون؟!! وهل تصرّف النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) هذا التصرف المهين مع ابنته الزهراء الطاهرة لما خطبها علي أمير المؤمنين؟!! إنّالسيّدة أم كلثوم هي بنت السيّدة فاطمة، وحفيدة رسول اللّه، وليست أمة سوداء جاؤا بها من بلاد اليهود والنصاري.. حتى تكون رخيصة الشأن والقدر إلى هذه الدّرجة!!!.

باب (3) عقيل بن أبي طالب

5259 - أمالي الطوسي: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال.

حدثنا أحمد بن القاسم أبو جعفر الاكفاني من اصل كتابه قال: حدثنا عباد بن يعقوب قال: حدثنا أبو معاذ زياد بن رستم بياع الادم، عن عبدالصمد، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: قلت: يا أبا عبداللّه حدّثنا حديث عقيل.

قال: نعم، جاء عقيل إليكم بالكوفة، وكان علي (عليه السّلام)

ص:693

جالسا في صحن المسجد، وعليه قميص سنبلانيّ (1) قال: فسأله.

فقال: أكتب لك إلى ينبع.

قال: ليس غير هذا؟

قال: لا.

فبينما هو كذلك إذ أقبل الحسن (عليه السّلام) فقال: اشتر لعمّك ثوبين، فاشترى له.

قال: يابن أخي ما هذا؟

قال: هذه كسوة أمير المؤمنين (عليه السّلام).

ثمّ أقبل حتّى انتهى إلى عليّ (عليه السّلام) فجلس، فجعل يضرب يده على الثوبين وجعل يقول: ما ألين هذا الثوب يا أبا يزيد! قال: ياحسن أخد عمّك(2).

قال: [قال: ما أملك صفراء ولا بيضاء.

قال: فمر له ببعض ثيابك.

قال: فكساه بعض ثيابه.

قال: ثمّ قال: يامحمّد، أخد عمّك.

قال:](3) والله ما أملك درهما ولا دينارا.

قال: فاكسه بعض ثيابك.

قال عقيل: يا أمير المؤمنين، ائذن لي إلى معاوية.

قال: في حلّ محلّل، فانطلق نحوه، وبلغ ذلك معاوية، فقال.

ص:694


1- - قميص سنبلاني: أي سابغ الطول، وقيل: هو منسوب إلى بلد بالروم. (أقرب الموارد).
2- (2) - يقال: أخديته أي أعطيته. «هامش المصدر».
3- (3) - ما بين المعقوفتين من نسخة البحار.

اركبوا أفره دوابّكم، وألبسوا من أحسن ثيابكم، فإنّ عقيلا قد أقبل نحوكم، وأبرز معاوية سريره، فلمّا انتهى إليه عقيل قال معاوية.

مرحبا بك يا أبا يزيد، ما نزع بك؟

قال: طلب الدني من مظانّها.

قال: وفّقت وأصبت، قد أمرنا لك بمائة ألف، فأعطاه المائة الالف.

ثمّ قال: أخبرني عن العسكرين اللّذين مررت بهما، عسكري وعسكر عليّ؟

قال: في الجماعة اخبرك، أو في الوحدة؟

قال: لا بل في الجماعة.

قال: مررت على عسكر عليّ، فإذا ليل كليل النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ونهار كنهار النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) إلاّ أنّ رسول اللّه ليس فيهم، ومررت على عسكرك فإذا أوّل من استقبلني أبو الاعور وطائفة من المنافقين والمنفّرين برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلّا أنّ أبا سفيان ليس فيهم! فكفّ عنه حتّى إذا ذهب الناس قال له: يا أبا يزيد، أيش صنعت بي؟

قال: ألم أقل لك: في الجماعة أو في الوحدة؟ فأبيت عليّ.

قال: أمّا الآن فاشفني من عدوّي.

قال: ذلك عند الرحيل.

فلمّا كان من الغد شدّ غرائره ورواحله وأقبل نحو معاوية، وقد جمع معاوية حوله، فلمّا انتهى إليه قال: يا معاوية من ذا عن يمينك؟

ص:695

قال: عمرو بن العاص، فتضاحك، ثمّ قأل: لقد علمت قريش أنّه لم يكن أحصى لتيوسها(1) من أبيه.

ثمّ قال: من هذا؟

قال: هذا أبو موسى، فتضاحك، ثمّ قال: لقد علمت قريش بالمدينة أنّه لم يكن بها امرأة أطيب ريحا من قبّ (2) امّه! ثم قال [معاوية]: أخبرني عن نفسي يا أبا يزيد.

قال: تعرف حمامة؟ ثمّ سار فألقى في خلد(3) معاوية.

قال: امّ من امّهاتي لست أعرفها! فدعا بنسّابين من أهل الشام فقال: اخبراني عن امّ من أمّهاتي يقال لها: حمامة لست اعرفها.

فقالا: نسألك باللّه لاتسألنا عنها اليوم.

فقال: أخبراني أو لأضربن أعناقكما، لكما الأمان.

قالا: فإنّ حمامة جدّة أبي سفيان السابعة وكانت بغيّا، وكان لها بيت تؤتى فيه.

قال جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): وكان عقيل من أنسب الناس(4).

5260 - الغارات: حدثنا محمّد قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ابراهيم، قال: وأخبرني يوسف بن كليب المسعوديّ قال: حدثنا الحسن بن حمّاد الطائي، عن عبدالصمد البارقيّ، عن جعفر بن محمّد

ص:696


1- - جمع التيس: الذكر من الظباء والمعز والوعول. (أقرب الموارد). والضمير راجع الى قريش. «هامش البحار».
2- (2) - القبّ: ما بين الوركين أو الإليتين. (أقرب الموارد).
3- (3) - الخلد - بفتحتين.: البال والقلب والنفس. (أقرب الموارد).
4- (4) - أمالي الطوسي: ص 723 ح 1524. منه البحار: ج 42 ص 111.

ابن عليّ بن الحسين (عليهم السّلام) قال: قدم عقيل على عليّ (عليه السّلام) وهو جالس في صحن مسجد الكوفة فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه.

قال: وعليك السلام يا أبا يزيد، ثمّ التفت إلى الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) فقال: قم وأنزل عمّك. فذهب به فأنزله وعاد إليه، فقال له: اشتر له قميصا جديدا ورداء جديدا وإزارا جديدا ونعلا جديدا، فغدا على عليّ (عليه السّلام) في الثياب فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين.

قال: وعليك السلام يا أبا يزيد.

قال: يا أمير المؤمنين ما أراك أصبت من الدّنيا شيئا إلاّ هذه الحصباء؟! قال: يا أبا يزيد يخرج عطائي فاعطيكاه، فارتحل عن عليّ (عليه السّلام) إلى معاوية، فلمّا سمع به معاوية نصب كراسيه وأجلس جلساءه، فورد عليه. فأمر له بمائة ألف درهم، فقبضها.

فقال له معاوية: أخبرني عن العسكرين.

قال: مررت بعسكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فاذا ليل كليل النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ونهار كنهار النبيّ الاّ أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ليس في القوم، ومررت بعسكرك فاستقبلني قوم من المنافقين ممّن نفّر برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ليلة العقبة.

ثمّ قال: من هذا الّذي عن يمينك يا معاوية؟

قال: هذا عمرو بن العاص.

ص:697

قال: هذا الّذي اختصم فيه ستة نفر فغلب عليه جزارها!! فمن الآخر؟.

فقال: الضحّاك بن قيس الفهريّ.

قال: أم واللّه لقد كان أبوه جيّد الاخذ لعسب التّيس(1)، فمن هذا الآخر؟

قال: أبو موسى الأشعريّ.

قال: هذا ابن المراقة.

فلمّ رأى معاوية أنّه قد أغضب جلساءه قال: يا أبا يزيد ما تقول في؟.

قال: دع عنك.

قال: لتقولنّ.

قال: أتعرف حمامة؟

قال: ومن حمامة؟

قال: أخبرتك. ومضى عقيل.

فأرسل معاوية الى النسّابة. قال: فدعاه فقال: أخبرني من حمامة.

قال: أعطني الامان على نفسي وأهلي، فاعطاه.

قال: حمامة جدّتك وكانت بغيّة في الجاهليّة، لها راية تؤتى.

قال الشيخ: قال أبو بكر بن زبين: هي أمّ أمّ أبي سفيان(2).

ص:698


1- - العسب: ماء الفحل، فرسا كان أو بعيرا، والتّيس: الذكر من المعز. السان العرب).
2- (2) - الغارات: ج 1 ص 64.

[باب (4)] جعفر بن أبي طالب

5261 - روضة الواعظين - مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام) قال: اول جماعة كانت أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يصلّي وأمير المؤمنين (عليه السّلام) معه، اذ مر أبو طالب (عليه السّلام) به وجعفر معه، فقال: يابنيّ صل جناح ابن عمّك، فلمّا أحسّ به رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(1) تقدّمهما، وانصرف أبو طالب مسرورا وهو يقول.

إنّ عليّا وجعفرا ثقتي عند ملمّ الزّمان والكرب

واللّه لا أخذل النبيّ ولا يخذله من بنيّ ذوحسب

أجعلهما عرضة العدى وإذا اترك ميتا أنما(2) إلى حسبي

لاتخذلا وانصرا ابن عمّكما أخي لامّي من بينهم وأبي(3)

[باب (5)] بعض أخبار قنبر

5262 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبدالرحمن العرزمي، عن أبيه، عن أبي

ص:699


1- - فلمّا أحسه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) - روضة الواعظين.
2- (2) - هكذا في المصدر وفي البحار: أنمي.
3- (3) - روضة الواعظين: ص 86 واسقط فيه البيت الثالث. مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 19. منهما البحار: ج 38 ص 207.

عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان قنبر غلام عليّ يحبّ عليّا (عليه السّلام) حبّا شديدا فإذا خرج عليّ (صلوات اللّه عليه) خرج على أثره بالسيف، فرآه ذات ليلة فقال: ياقنبر مالك؟

فقال: جئت لأمشي خلفك يا أمير المؤمنين.

قال: ويحك أمن أهل السّماء تحرسني أو من أهل الارض؟! فقال:(1) لا، بل من أهل الارض.

فقال: إنّ اهل الارض لايستطيعون لي شيئا إلاّ باذن اللّه من السّماء فارجع، فرجع(2).

التوحيد: حدثنا أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن العرزمي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان لعلي (عليه السّلام) غلام اسمه قنبر وكان يحبّ عليّا (عليه السّلام) حبّا شديدا فاذا خرج علي (عليه السّلام) خرج على أثره بالسيف فرآه ذات ليلة فقال.

ياقنبر مالك؟ قال: جئت لامشي خلفك فإنّ الناس كما تراهم يا أمير المؤمنين فخفت عليك قال: ويحك... وذكر مثله(3).

البحار - بيان: قنبر كان من موالي أمير المؤمنين (عليه السّلام) ومن خواصّه وقتله الحجّاج (لعنه اللّه) على حبّه (عليه السّلام)، قوله (عليه السّلام): «فإذا خرج» روي أنّه (عليه السّلام) كان يخرج في أكثر اللّيالي إلى ظهر الكوفة فيعبد اللّه هناك. «إلّا بإذن اللّه من

ص:700


1- - قال - التوحيد.
2- (2) - الكافي: ج 2 ص 59 ح 10.
3- (3) - التوحيد: ص 338 ح 7. منه البحار: ج 42 ص 122.

السّماء» إنّما نسب إلى السّماء لانّ التقديرات فيها، والاذن التخلية.

5263 - الاختصاص: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيى، عن عبداللّه بن جعفر الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام): أنّ عليّا (عليه السّلام) قال.

إذا(1) رأيت [منهم](2) أمرا منكرا أوقدت نارا ودعوت قنبرا(3)

إختيار معرفة الرجال: محمّد بن مسعود قال: أخبرنا محمّد بن يزداد الرازي قال: حدثنا محمّد بن علي الحداد، عن مسعدة بن صدقة مثله وفيه: أوقدت ناري(4).

باب (6) ميثم التمّار

5264 - الكافي: عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمّد بن مروان، قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): ما منع ميثم (رحمه اللّه) من التقيّة؟(5) فواللّه لقد علم أن هذه

ص:701


1- - لمّا - إختيار معرفة الرجال.
2- (2) - ما بين المعقوفتين من البحار.
3- (3) - الاختصاص: ص 73. منه البحار: ج 42 ص 123.
4- (4) - إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 288 ح 127.
5- (5) - «ما منع ميثم» كأنّه كان ميثما فصحّف ويمكن أن يقرأ: منع على بناء المجهول. أي لم يكن ميثم ممنوعا من التقيّة في هذا الامر. فلم لم يتّق؟ فيكون الكلام مسوقا

الآية نزلت في عمّار وأصحابه: إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ (1) و(2)

تفسير العياشي: عن محمد بن مروان مثله(3).

باب (7) أحوال سائر أصحابه عليه السلام

5265 - الاختصاص: حدثنا جعفر بن الحسن(4) المؤمن وأحمد بن هارون الفامي وجماعة من مشايخنا، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن عليّ بن إسماعيل بن عيسى، عن حمّاد

ص:702


1- (1) - النحل 16:106.
2- (2) - الكافي: ج 2 ص 220 ح 15.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 2 ص 271 ح 72.
4- (4) - جعفر بن الحسين - البحار وهو الصحيح.

ابن عيسى، عن الحسين بن الختار القلانسي، عن الحارث بن المغيرة النضري، قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): أي شيء تقولون أنتم؟

فقال: نقول: هلك الناس إلاّ ثلاثة.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): فأين ابن ليلى وشتير؟

فسألت حمّاد بن عيسى عنهما.

قال: كانا موليين أسودين لعليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(1).

5266 - الاختصاص: حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح بن محمد المحاربيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، وعن ابن جريح وغيره من ثقيف أنّ ابن عباس - لمّا مات واخرج به - خرج من تحت كفنه طير أبيض ينظرون إليه، يطير نحو السماء حتّى غاب عنهم، وقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): كان أبي يحبّه حبّا شديدا، وكان أبي (عليه السّلام) وهو غلام تلبسه امّه ثيابه، فينطلق في غلمان بني عبدالمطّلب، قال: فأتاه فقال: من أنت؟ - بعدما اصيب بصره -.

فقال: أنا محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ.

فقال: حسبك من لم يعرفك فلا عرفك(2).

إختيار معرفة الرجال: جعفر بن معروف قال: حدثني محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن جريح(3)، عن أبي عبداللّه (عليه

ص:703


1- - الاختصاص: ص 70. منه البحار: ج 42 ص 181.
2- (2) - الاختصاص: ص 71. منه البحار: ج 42 ص 181.
3- (3) - هكذا في المصدر ولعلّه ابن جريح المكي.

السّلام) نحوه(1).

5267 - إختيار معرفة الرجال: محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمّد، قال: حدثني محمّد بن أحمد بن يحيى، عن العباس ابن معروف، عن أبي محمّد الحجال، عن داود بن أبي يزيد قال: قال ابو عبداللّه (عليه السّلام): ما كان مع أمير المؤمنين (عليه السّلام) من يعرف حقه إلاّ صعصعة وأصحابه(2).

5268 - إختيار معرفة الرجال: حدثنا حمدويه بن نصير قال.

حدثنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: بعث علي بن أبي طالب (عليه السّلام) إلى بشر بن عطارد التميمي في كلام بلغه عنه، فمرّ به رسول علي إلى بني أسد، فقام إليه نعيم بن دجاجة الاسدي فأفلته. فبعث إليه علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فأتوا به فأمر به أن يضرب، فقال له نعيم: أما واللّه إن المقام معك لذل وان فراقك لكفر.

قال: فلمّا سمع ذلك علي (عليه السّلام) قال له: قد عفوت عنك ان اللّه تعالى يقول: اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ (3). أما قولك: «ان المقام معك لذل» فسيئة اكتسبتها، وأما قولك: «ان فراقك لكفر» حسنة اكتسبتها، فهذه بهذه(4).

5269 - شرح نهج البلاغة: [قال عبدالحميد بن أبي الحديد في

ص:704


1- - إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 277 ح 107.
2- (2) - إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 285 ح 122.
3- (3) - المؤمنون 23:96.
4- (4) - إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 303 ح 144.

شرح نهج البلاغة:] روى أنس بن عياض المدنيّ قال: حدثني جعفر ابن محمّد الصادق، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) أنّ عليّا (عليه السّلام) كان يوما يؤمّ الناس وهو يجهر بالقراءة، فجهر ابن الكوّاء من خلفه: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (1) فلمّا جهر ابن الكوّاء - وهو خلفه - بها سكت عليّ (عليه السّلام)، فلمّا أنهاها ابن الكوّاء، عاد عليّ (عليه السّلام) ليتمّ قراءته، فلمّا شرع عليّ (عليه السّلام) في القراءة أعاد ابن الكوّاء الجهر بتلك الآية فسكت عليّ (عليه السّلام) فلم يزالا كذلك يسكت هذا ويقرأ ذاك مرارا، حتّى قرأ عليّ (عليه السّلام) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (2) فسكت ابن الكوّاء وعاد عليّ (عليه السّلام) إلى قراءته(3).

5270 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كبّر امير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) على سهل بن حنيف وكان بدريّا خمس تكبيرات ثمّ مشى ساعة ثمّ وضعه وكبّر عليه خمسة اخري فصنع ذلك حتّى كبّر عليه خمسا وعشرين تكبيرة(4).

5271 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن

ص:705


1- - الزمر 39:65.
2- (2) - الروم 30:60.
3- (3) - شرح نهج البلاغة: ج 2 ص 311. منه البحار: ج 42 ص 162.
4- (4) - الكافي: ج 3 ص 186 ح 2.

هاشم، عن أبيه، عن الريّان بن الصلت، عن الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال: رأي أمير المؤمنين (عليه السّلام) رجلا من شيعته بعد عهد طويل وقد أثّر السنّ فيه، وكان يتجلّد في مشيته، فقال (عليه السّلام): كبر سنّك يارجل.

قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين.

[فقال (عليه السّلام): إنّك لتتجلّد.

قال: على أعدائك يا امير المؤمنين](1).

فقال (عليه السّلام): أجد فيك بقيّة.

قال: هي لك يا أمير المؤمنين(2).

أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) بهذا الاسناد مثله(3).

5272 - الكافي: أحمد بن محمّد العاصميّ، عن محمّد بن أحمد النهدي، عن محمّد بن علي، عن شريف بن سابق، عن الفضل ابن أبي قرّة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أتت الموالي أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقالوا: نشكوا إليك هؤلاء العرب، إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يعطينا معهم العطايا بالسويّة وزوّج سلمان وبلالا وصهيبا وأبوا علينا هؤلاء وقالوا: لانفعل.

ص:706


1- - مابين المعقوفتين من أمالي الصدوق.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 302 ح 61.
3- (3) - أمالي الصدوق: ص 150 ح 6. منهما البحار: ج 42 ص 186.

فذهب اليهم أمير المؤمنين (عليه السّلام) فكلّمهم فيهم فصاح الأعاريب: أبينا ذلك يا أبا الحسن أبينا ذلك، فخرج وهو مغضب يجرّ رداءه وهو يقول: يامعشر الموالي إنّ هؤلاء قد صيّروكم بمنزلة اليهود والنصاري يتزوّجون إليكم ولا يزوّجونكم ولا يعطونكم مثل ما يأخذون فاتّجروا(1) بارك اللّه لكم، فانّي قد سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء في التجارة وواحدة في غيرها(2).

5273 - إختيار معرفة الرجال: حمدويه، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن موسى بن مصعب، عن شعيب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: ما من أهل بيت إلّا ومنهم نجيب من أنفسهم، وأنجب النجباء من أهل بيت سوء، منهم محمد بن أبي بكر(3).

5274 - إختيار معرفة الرجال: محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد القمي قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن زحل عمر(4) بن عبدالعزيز، عن جميل بن درّاج، عن حمزة بن محمد الطيار، قال: ذكرنا محمد بن أبى بكر عند أبى عبداللّه (عليه السّلام).

ص:707


1- - أي: عليكم بالتجارة، وهذا يدلّ على أنّ التجارة تورث الإنسان عزا.
2- (2) - الكافي: ج 5 ص 318 ح 59.
3- (3) - إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 282 ح 116. منه البحار: ج 33 ص 585.
4- (4) - عن رجل عن عمر - البحار. وقال المحقق الداماد (قدّس سرّه): ذلك من اغلاط الناسخين وتحريفاتهم. وزحل لقب لعمر بن عبدالعزيز.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): رحمه اللّه وصلّى عليه. قال لامير المؤمنين (عليه السّلام) يوما من الايام: أبسط يدك أبايعك، فقال: أومافعلت؟

قال: بلى، فبسط يده. فقال: أشهد أنك إمام مفترض طاعتك، وأن أبي في النار.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): كان النجابة من قبل أمّه أسماء بنت عميس (رحمة اللّه عليها) لا من قبل أبيه(1).

الإختصاص: ابن الطيار قال: ذكر محمد بن أبي بكر عند أبي عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر نحوه(2).

5275 - إختيار معرفة الرجال: حدثني محمد بن قولويه، والحسين بن الحسن بن بندار القميّان، قالا: حدثنا سعد بن عبداللّه بن أبي خلف القمي قال: حدثني الحسن بن موسى الخشاب، ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن عبداللّه بن سنان، قال.

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: كان مع أمير المؤمنين (عليه السّلام) من قريش خمسة نفر، وكانت ثلاثة عشر قبيلة مع معاوية.

فأمّا الخمسة: فمحمد بن أبي بكر (رحمة اللّه عليه) أتته النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس، وكان معه هاشم(3) بن عتبة بن أبي وقاص المرقال. وكان معه جعدة بن هبيرة المخزومي، وكان أمير المؤمنين (عليه السّلام) خاله - وهو الذي قال له عتبة بن أبي سفيان: انما [لك]

ص:708


1- - إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 281 ح 113.
2- (2) - الاختصاص: ص 69. منهما البحار: ج 33 ص 584.
3- (3) - هشام - الاختصاص.

هذه الشدة في الحرب من قبل خالك، فقال له جعدة: لو كان خالك مثل خالي لنسيت أباك - ومحمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة والخامس سلف أمير المؤمنين: ابن أبي العاص بن ربيعة، وهو صهر النبي (صلّى اللّه عليه وآله) أبو الربع(1).

الاختصاص: حدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه مثله(2).

البحار - بيان: قال الفيروزآبادي في القاموس: السلف ككبد، وكبد من الرجال: زوج أخت امرأته، وبينهما أسلوفة صهر، وقد تسالفا وهما سلفان: أي متزاوجا الأختين.

والظاهر أن ضمير «هو» راجع إلى أبي العاص، فإنه كان زوح زينب واسمه: القاسم بن ربيع وأبو الربيع كنية لابن أبي العاص.

والمراد بسلف إمّا مطلق المصاهرة فان أمامة بنت أبي العاص اخته كانت عند أمير المؤمنين (عليه السّلام) أو كان عنده أيضا اخت إحدى زوجاته (عليه السّلام) أو كان ابن سلف فسقط الابن من النّساخ.

5276 - الاختصاصى: حدثني محمد بن الحسن، عن سعد بن عبداللّه، عن محمد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عمّن حدثه من أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما بقي أحد بعد ما قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلاّ وقد جال جولة إلاّ المقداد، فإن قلبه كان مثل زبر الحديد(3).

ص:709


1- - إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 281 ح 111.
2- (2) - الاختصاص: ص 70. منهما البحار: ج 34 ص 281.
3- (3) - الاختصاص: ص 11. منه البحار: ج 34 ص 275.

5277 - الاختصاص: رفعه الى أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

كانوا شرطة الخميس ستة الاف رجل انصاره(1).

5278 - إختيار معرفة الرجال: حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا: حدثنا أيوب، عن صفوان، عن معاوية بن عمّار وغير واحد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان عمّار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر لايرضيان أن يعصى اللّه (عزّوجلّ)(2).

***

ص:710


1- - الاختصاص: ص 2. منه البحار: ج 34 ص 271.
2- (2) - إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 281 ح 112. منه البحار: ج 34 ص 282.

حديث الاربعمائة

5279 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد ابن عبداللّه قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن القاسم بن يحيي، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، ومحمد ابن مسلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: حدثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه.

قال (عليه السّلام): إنّ الحجامة تصحّح البدن وتشدّ العقل.

والطيب في الشارب من أخلاق النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وكرامة الكاتبين.

والسواك من مرضات اللّه (عزّوجلّ) وسنّة النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)، ومطيّبة للفم.

والدّهن يليّن البشرة، ويزيد في الدّماغ(1) ويسهّل مجاري الماء،

ص:711


1- - أي يقويه. (مجمع البحرين).

ويذهب بالقشف(1)، ويسفّر اللّون(2).

وغسل الرأس يذهب بالدّرن وينفي القذاء.

والمضمضة والاستنشاق سنّة وطهور للفم والانف.

والسّعوط مصحّة للرأس وتنقية للبدن وسائر أوجاع الرّأس.

والنورة نشرة وطهور للجسد.

استجادة الحذاء وقايا للبدن، وعون على الطهور والصلاة.

وتقليم الأظفار يمنع الدّاء الأعظم، ويدرّ الرّزق ويورده.

ونتف الابط ينفي الرّائحة المنكرة، وهو طهور وسنّة ممّا أمر به الطيّب (صلّى اللّه عليه وآله).

غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في الرّزق وإماطة للغمر عن الثياب(3)، ويجلو البصر.

وقيام اللّيل مصحّة للبدن، ومرضات للربّ (عزّوجلّ)، وتعرض للرّحمة، وتمسك بأخلاق النبيّين.

أكل التفّاح نضوح للمعدة.

مضغ اللّبان(4) يشد الأضراس، وينفي البلغم، ويذهب بريح الفم.

والجلوس في المسجد بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس أسرع في طلب الرزق من الضرب في الارض.

ص:712


1- - القشف: قذارة الجلد. (أقرب الموارد).
2- (2) - أسفر وجهه: حسن وأشرق. (اقرب الموارد).
3- (3) - غمرت يده: علق بها دسم اللحم. (المنجد).
4- (4) - النضح: بمعنى الغسل والازالة. وأصل النضح: الرشح. (النهاية). والمعنى: أنه ينظف المعدة. واللبان - بالضم -: الكندر.

وأكل السّفرجل قوّة للقلب الضعيف، ويطيّب المعدة، ويزيد في قوّة الفؤاد، ويشجّع الجبان، ويحسن الولد.

أكل احدى وعشرين زبيبة حمراء في كلّ يوم على الرّيق يدفع جميع الامراض إلاّ مرض الموت.

يستحبّ للمسلم أن ياتي أهله أوّل ليلة من شهر رمضان لقول اللّه (تبارك وتعالى): أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ (1)

والرّفث المجامعة.

لاتختّموا بغير الفضّة فانّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال.

ما طهرت يد فيها خاتم حديد، ومن نقش على خاتمه اسم اللّه (عزّوجلّ) فليحوّله عن اليد الّتي يستنجى بها في المتوضّأ(2).

إذا نظر أحدكم في المرآة فليقل: «الحمد للّه الّذي خلقني فأحسن خلقي وصوّرني فاحسن صورتي، وزان منّي ما شان من غيري، وأكرمني با لاسلام».

وليتزيّن أحدكم لأخيه المسلم إذا أتاه كما يتزيّن للغريب الّذي يحبّ أن يراه في أحسن الهيئة.

صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر -: أربعاء بين خميسين - وصوم شعبان يذهب بوسواس الصدر وبلابل القلب.

والاستنجاء بالماء البارد يقطع البواسير.

وغسل الثياب يذهب الهمّ والحزن وهو طهور للصلاة.

لاتنتفوا الشيب فانّه نور المسلم، ومن شاب شيبة في الإسلام كان

ص:713


1- - البقرة 2:187.
2- (2) - المتوضأ: بيت الخلاء.

له نورا يوم القيامة.

لاينام المسلم وهو جنب، ولا ينام إلاّ على طهور، فإن لم يجد الماء فليتيمّم بالصّعيد، فإنّ روح المؤمن ترفع إلى اللّه (تبارك وتعالى) فيقبلها ويبارك عليها، فان كان أجلها قد حضر جعلها في كنوز رحمته، وإن لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع امنائه من ملائكته فيردّونها في جسدها.

لايتفل المؤمن في القبلة فإنّ فعل ذلك ناسيا فليستغفر اللّه (عزّوجلّ) منه.

لاينفخ الرجل في موضع سجوده.

ولا ينفخ في طعامه، ولا في شرابه، ولا في تعويذه.

لاينام الرجل على المحجّة(1).

ولا يبولنّ من سطح في الهواء ولا يبولنّ في ماء حارّ فإن فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه، فإنّ للماء أهلا وللهواء أهلا.

لاينام الرجل على وجهه، ومن رأيتموه نائما على وجهه فأنبهوه ولا تدعوه.

ولا يقومنّ أحدكم في الصلاة متكاسلا، ولا ناعسا، ولا يفكرنّ في نفسه فانّه بين يدي ربّه (عزّوجلّ)، وإنّما للعبد من صلاته ما أقبل عليه منها بقلبه.

كلوا ما يسقط من الخوان(2) فإنّه شفاء من كلّ داء بإذن اللّه (عزّوجلّ) لمن أراد أن يستشفي به.

ص:714


1- - أي وسط الشارع وجادة الطريق. (أقرب الموارد).
2- (2) - أي: المائدة.

إذا أكل أحدكم طعاما فمص أصابعه الّتي أكل بها قال اللّه (عزّوجلّ): بارك اللّه فيك.

البسوا ثياب القطن فإنّها لباس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وهو لباسنا، ولم نكن نلبس الشعر والصوف إلاّ من علّة.

وقال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) جميل يحبّ الجمال ويحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده.

صلوا أرحامكم ولو بالسّلام يقول اللّه (تبارك وتعالى.

وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1).

لاتقطعوا نهاركم بكذا وكذا وفعلنا كذا وكذا فإنّ معكم حفظة يحفظون علينا وعليكم.

اذكروا اللّه في كلّ مكان فإنّه معكم.

صلّوا على محمّد وال محمّد فإنّ اللّه (عزّوجلّ) يقبل دعاءكم عند ذكر محمّد ودعائكم له وحفظكم إيّاه (صلّى اللّه عليه وآله).

أقرّوا الحارّ حتى يبرد فإنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قرّب إليه طعام فقال: أقرّوه حتّى يبرد ويمكن أكله، ما كان اللّه (عزّوجلّ) ليطعمنا النار، والبركة في البارد.

إذا بال أحدكم فلا يطمحنّ (2) ببوله في الهواء ولا يستقبل الرّيح.

علّموا صبيانكم ما ينفعهم اللّه به، لاتغلب عليهم المرجئة برأيها.

كفّوا ألسنتكم وسلّموا تسليما تغنموا.

ص:715


1- - النساء 4:1.
2- (2) - أي يرفع بوله ويرمي به في الهواء. (مجمع البحرين).

أدوا الأمانة إلى من ائتمنكم ولو إلى قتلة أولاد الأنبياء (عليهم السّلام).

أكثروا ذكر اللّه (عزّوجلّ) إذا دخلتم الاسواق عند اشتغال الناس فإنّه كفّارة للذّنوب وزيادة في الحسنات ولا تكتبوا في الغافلين.

ليس للعبد أن يخرج في سفر إذا حضر شهر رمضان(1) لقول اللّه (عزّوجلّ): فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (2) ليس في شرب المسكر والمسح على الخفّين تقيّة.

إيّاكم والغلوّ فينا، قولوا: إنّا عبيد مربوبون وقولوا في فضلنا ماشئتم.

من أحبّنا فليعمل بعملنا وليستعن بالورع، فإنّه أفضل ما يستعان به في أمر الدّنيا والآخرة.

لاتجالسوا لنا عائبا، ولا تمتدحوا بنا عند عدوّنا معلنين بإظهار حبّنا فتذلّوا أنفسكم عند سلطانكم.

الزموا الصدق فانّه منجاة.

وارغبوا فيما عند اللّه (عزّوجلّ) واطلبوا طاعته، واصبروا عليها، فما أقبح بالمؤمن أن يدخل الجنّة وهو مهتوك السّتر.

لاتعنونا في الطلب(3) والشفاعة لكم يوم القيامة فيما قدّمتم.

لاتفضحوا أنفسكم عند عدوّكم في القيامة، ولا تكذّبوا أنفسكم عندهم في منزلتكم عند اللّه بالحقير من الدّنيا، تمسّكوا بما أمركم اللّه

ص:716


1- - هذا نهي كراهة لاتحريم كما قال الفقهاء.
2- (2) - البقرة 2:185، حمل على الكراهة.
3- (3) - لعلّه من التعنية أي لاتكلفونا ما يشاق علينا.

به، فما بين أحدكم وبين أن يغتبط ويرى ما يحبّ إلاّ أن يحضره رسول اللّه(1) وما عند اللّه خير وأبقى، وتأتيه البشارة من اللّه (عزّوجلّ) فتقرّ عينه ويحبّ لقاء اللّه.

لاتحقّروا ضعفاء إخوانكم فإنّه من احتقر مؤمنا لم يجمع اللّه (عزّوجلّ) بينهما في الجنّة إلاّ أن يتوب.

لايكلّف المؤمن أخاه الطلب إليه إذا علم حاجته.

توازروا وتعاطفوا وتباذلوا ولا تكونوا بمنزلة المنافق الّذي يصف مالايفعل.

تزوجوا فانّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كثيرا ما كان يقول.

«من كان يحبّ أن يتّبع سنّتي فليتزوّج فإنّ من سنّتي التزويج، واطلبوا الولد فانّي أكاثر بكم الامم غدا».

وتوقّوا على أولادكم لبن البغيّ من النساء والمجنونة فإنّ اللّبن يعدّي.

تنزّهوا عن أكل الطير الذي ليست له قانصة ولا صيصية ولا حوصلة(2). واتّقوا كلّ ذي ناب من السباع ومخلب من الطير.

ص:717


1- - يعني الموت أو الملك الموكل به.
2- (2) - قيل: القانصة للطير بمنزلة المعاء لغيره. والصيصية - بكسر أوّله بغير همز -: الاصبع الزائد في باطن رجل الطائر بمنزلة الابهام من بني آدم، لانّها شوكته فان الصيصية يقال للشوكة. والحوصلة للطير مكان المعدة لغيره يجتمع فيها الحب وغيره من المأكول ويقال لها بالفارسية: (چينه دان) وقال بعض اللغويين: القانصة: اللحمة الغليظة جدا التي يجتمع فيها كل ما تنقر من الحصى الصغار بعدما انحدر من الحوصلة ويقال لها بالفارسية: (سنگ دان) أقول: وهذا هو الصواب لموافقته

ولا تأكلوا الطحال فانّه بيت الدّم الفاسد.

لاتلبسوا السواد فانّه لباس فرعون(1).

اتّقوا الغدد من اللّحم فانّه يحرك عرق الجذام.

ولا تقيسوا الدّين فانّ من الدّين ما لا يقاس وسيأتي أقوام يقيسون وهم أعداء الدّين، وأوّل من قاس إبليس.

لاتحتذوا الملس(2) فانّه حذاء فرعون وهو أوّل من حذا الملس.

خالفوا أصحاب المسكر، وكلوا التمر فانّ فيه شفاء من الأدواء.

اتّبعوا قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فانّه قال: «من فتح على نفسه باب مسألة فتح اللّه عليه باب فقر».

أكثروا الاستغفار تجلبوا الرّزق.

وقدموا ما استطعتم من عمل الخير تجدوه غدا.

ص:718


1- (1) - أقول: لبس السّواد مكروه، أمّا إذا كان بهدف العزاء والحداد على أولياء اللّه - كالإمام الحسين وسائر الائمة الطّاهرين (عليهم السّلام) - فهو مستحبّ وفيه ثواب عظيم وقد ذكر أنّ الإمام الحسن (عليه السّلام) لبس السّواد يوم وفاة والده الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السّلام). كما أفتى الفقهاء باستحباب ذلك، وسيرتهم جارية عليه منذ مئات السنين.
2- (2) - الملس: الذي يتساوى وسطه وطرفاه ولا يكون مخصرا. (مرآة العقول: ج 22 ص 346). وفي النهاية «ان نعله (صلّى اللّه عليه وآله) كانت ملسّنة» أي كانت دقيقة على شكل اللسان. وقيل: هي التي جعل لها لسان ولسانها الهنة الناتئة في مقدّمها.

إيّاكم والجدال فانّه يورث الشك.

ومن كانت له إلى ربّه (عزّوجلّ) حاجة فليطلبها في ثلاث ساعات: ساعة في الجمعة وساعة تزول الشمس - حين تهبّ الرّياح، وتفتح أبواب السماء، وتنزل الرحمة ويصوت الطير - وساعة في آخر اللّيل عند طلوع الفجر فإنّ ملكين يناديان: هل من تائب يتاب عليه؟

هل من سائل يعطى؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ هل من طالب حاجة فتقضى له؟ فاجيبوا داعي اللّه.

واطلبوا الرّزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فانّه أسرع في طلب الرّزق من الضرب في الارض، وهي الساعة الّتي يقسم اللّه فيها الرّزق بين عباده.

انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح اللّه، فانّ أحبّ الاعمال إلى اللّه (عزّوجلّ) انتظار الفرج مادام عليه العبد المؤمن.

توكلوا على اللّه (عزّوجلّ) عند ركعتى الفجر اذا صلّيتموها ففيها تعطوا الرّغائب.

لاتخرجوا بالسيوف إلى الحرم.

ولا يصلّينّ أحدكم وبين يديه سيف فانّ القبلة أمن.

أتّموا برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حجّكم إذا خرجتم إلى بيت اللّه فانّ تركه جفاء وبذلك أمرتم، [وأتموا] بالقبور الّتي ألزمكم اللّه (عزّوجلّ) حقّها وزيارتها، وا طلبوا الرّزق عندها.

ولا تستصغروا قليل الآثام فانّ الصغير يحصى ويرجع إلى الكبير.

وأطيلوا السجود فما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن

ص:719

آدم ساجدا، لأنّه امر بالسجود فعصى وهذا امر بالسجود فأطاع فنجا.

أكثروا ذكر الموت ويوم خروجكم من القبور وقيامكم بين يدي اللّه (عزّوجلّ) تهون عليكم المصائب.

إذا اشتكى أحدكم عينيه فليقرأ آية الكرسي وليضمر في نفسه أنّه تبرأ فانّه يعافى إن شاء اللّه.

توقّوا الذّنوب فما من بليّة ولا نقص رزق إلاّ بذنب حتّى الخدش والكبوة والمصيبة(1).

قال اللّه (عزّوجلّ): وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (2).

أكثروا ذكر اللّه (عزّوجلّ) على الطعام، ولا تطغوا فانّها نعمة من نعم اللّه ورزق من رزقه يجب عليكم فيه شكره وحمده.

أحسنوا صحبة النعم قبل فواتها فانّها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها.

من رضي عن اللّه (عزّوجلّ) باليسير من الرّزق رضي اللّه منه بالقليل من العمل.

إيّاكم والتفريط فتقع الحسرة حين لاتنفع الحسرة.

إذا لقيتم عدوّكم في الحرب فأقلّوا الكلام وأكثروا ذكر اللّه (عزّوجلّ) ولا تولّوهم الادبار فتسخطوا اللّه ربّكم وتستوجبوا غضبه.

وإذا رأيتم من إخوانكم في الحرب الرّجل المجروح أو من قد نكل

ص:720


1- - كبا كبوا: إنكبّ على وجه. (أقرب الموارد).
2- (2) - الشورى 42:30.

[به](1) أو من قد طمع عدوّكم فيه فقوّوه بأنفسكم.

اصطنعوا المعروف بما قدرتم على اصطناعه فانّه يقي مصارع السوء.

من أراد منكم أن يعلم كيف منزلته عند اللّه فلينظر كيف منزلة اللّه منه عند الذّنوب كذلك تكون منزلته عند اللّه (تبارك وتعالى).

أفضل ما يتّخذه الرجل في منزله لعياله الشاة، فمن كانت في منزله شاة قدّست عليه الملائكة في كلّ يوم مرّة، ومن كانت عنده شاتان قدّست عليه الملائكة مرّتين في كلّ يوم وكذلك في الثلاث تقول: بورك فيكم.

إذا ضعف المسلم فليأكل اللّحم واللّبن فانّ اللّه (عزّوجلّ) جعل القوّة فيهما.

إذا أردتم الحجّ فتقدّموا في شرى الحوائج ببعض ما يقوّيكم على السفر فانّ اللّه (عزّوجلّ) يقول: وَ لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً (2).

وإذا جلس أحدكم في الشمس فليستدبرها بظهره فانّها تظهر الدّاء الدّفين.

وإذا خرجتم حجّاجا إلى بيت اللّه (عزّوجلّ) فأكثروا النظر إلى بيت اللّه فانّ للّه (عزّوجلّ) مائة وعشرين رحمة عند بيته الحرام منها ستّون للطائفين وأربعون للمصلّين وعشرون للناظرين.

ص:721


1- - نكل به: أصابه بنازلة. (أقرب الموارد).
2- (2) - التوبة 9:46.

اقرّوا عند الملتزم(1) بما حفظتم من ذنوبكم وما لم تحفظوا فقولوا.

«وما حافظته علينا حفظتك ونسيناه فاغفره لنا» فإنّه من أقر بذنبه في ذلك الموضع وعدّه وذكره واستغفر اللّه منه كان حقّا على الله (عزّوجلّ) أن يغفر له.

وتقدّموا بالدّعاء قبل نزول البلاء.

تفتح لكم أبواب السّماء في خمس مواقيت(2): عند نزول الغيث، وعند الزّحف، وعند الأذان، وعند قراءة القرآن، ومع زوال الشمس، وعند طلوع الفجر.

من غسّل منكم ميّتا فليغتسل بعد ما يلبسه أكفانه.

لاتجمّروا الاكفان(3) ولا تمسحوا موتاكم بالطيب إلاّ الكافور، فانّ الميت بمنزلة المحرم.

مروا أهاليكم بالقول الحسن عند موتاكم فانّ فاطمة بنت محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا قبض أبوها (صلّى اللّه عليه وآله) ساعدتها جميع بنات بني هاشم، فقالت: دعوا التعداد وعليكم بالدّعاء.

زوروا موتاكم فانّهم يفرحون بزيارتكم.

وليطلب الرّجل حاجته عند قبر أبيه وامّه بعد ما يدعو لهما.

المسلم مرآة أخيه، فاذا رأيتم من أخيكم هفوة(4) فلا تكونوا عليه،

ص:722


1- - الملتزم: دبر الكعبة، سمي به لأنّ النّاس يعتنقونه أي يضمّونه إلى صدورهم. (مجمع البحرين).
2- (2) - هكذا في المصدر وفي تحف العقول ص 77: «في ستة مواقف» والظاهر أنّه هو الصحيح.
3- (3) - أي لاتبخروها بالطيب.
4- (4) - الهفوة. الزلة والسقطة. (اقرب الموارد).

وكونوا له كنفسه وأرشدوه وأنصحوه وترفّقوا به.

إياكم والخلاف فتمزّقوا وعليكم بالقصد تزلفوا وترجوا.

من سافر منكم بدابّة فليبدأ - حين ينزل - بعلفها وسقيها.

لاتضربوا الدّوابّ على وجوهها فإنّها تسبّح ربّها.

ومن ضلّ منكم في سفر أو خاف على نفسه فليناد: «يا صالح أغثني» فانّ في إخوانكم من الجنّ جنّيا يسمّى صالحا يسيح في البلاد لمكانكم، محتسبا نفسه لكم، فإذا سمع الصوت أجاب وأرشد الضالّ منكم وحبس عليه دابّته.

من خاف منكم من الاسد على نفسه [أ] وغنمه فليخطّ عليها خطّة وليقل: «اللهم ربّ دانيال والجبّ، وربّ كلّ أسد مستأسد احفظني واحفظ غنمي»(1).

ومن خاف منكم العقرب فليقرأ هذه الايات: سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ * إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (2).

من خاف منكم الغرق فليقرأ «بسم اللّه مجريها ومرسيها إنّ ربّي لغفور رحيم، بسم اللّه الملك الحقّ، ما قدروا اللّه حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّات بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون».

عقّوا عن أولادكم يوم السابع وتصدّقوا إذا حلقتموهم بزنة

ص:723


1- - أسد مستأسد أي قوي مجتريء. والجب: البئر العميقة. ودانيال كان من انبياء بني اسرائيل محبوسا في الجب في زمن بخت نصر على ما قيل. «هامش المصدر».
2- (2) - الصافات 37:79-81.

شعورهم فضّة على مسلم، كذلك فعل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بالحسن والحسين وسائر ولده.

إذا ناولتم السائل الشيء فاسألوه أن يدعو لكم فانّه يجاب فيكم ولا يجاب في نفسه لأنّهم يكذّبون، وليردّ الّذي يناوله يده إلى فيه فليقبّلها فانّ اللّه (عزّوجلّ) يأخذها قبل أن تقع في يد السائل كما قال اللّه (عزّوجلّ): أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ (1).

تصدّقوا باللّيل فانّ الصدقة باللّيل تطفيء غضب الرّبّ جلّ جلاله.

احسبوا كلامكم من أعمالكم يقلّ كلامكم إلاّ في خير.

أنفقوا ممّا رزقكم اللّه (عزّوجلّ) فانّ المنفق بمنزلة المجاهد في سبيل اللّه فمن أيقن بالخلف جاد وسخت نفسه بالنفقة.

من كان على يقين فشك فليمض على يقينه فانّ الشك لاينقض اليقين.

لاتشهدوا قول الزّور.

ولا تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر فانّ العبد لايدري متى يؤخذ..

إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد، ولا يضعنّ أحدكم إحدى رجليه على الاخرى و [لا] يتربّع فانّها جلسة يبغضها اللّه ويمقت صاحبها.

عشاء الأنبياء بعد العتمة، ولا تدعوا العشاء فانّ ترك العشاء

ص:724


1- - التوبة 9:104.

خراب البدن.

الحمّى رائد الموت(1) وسجن اللّه في الارض، يحبس فيه من يشاء من عباده، وهي تحتّ الذّنوب كما يتحاتّ الوبر من سنام البعير(2).

ليس من داء إلاّ وهو من داخل الجوف إلاّ الجراحة والحمّى فانّهما يردان على الجسد ورودا.

اكسروا حرّ الحمّى بالبنفسج والماء البارد، فانّ حرّها من فيح جهنّم(3).

لايتداوي المسلم حتّى يغلب مرضه صحّته(4).

الدّعاء يردّ القضاء المبرم فاتّخذوه عدّة.

للوضوء بعد الطهور عشر حسنات فتطهّروا.

إيّاكم والكسل فانّه من كسل لم يؤدّ حقّ اللّه (عزّوجلّ).

تنظّفوا بالماء من النتن الرّيح الّذي يتأذّي به.

تعهّدوا أنفسكم فانّ اللّه (عزّوجلّ) يبغض من عباده القاذورة الّذي يتأنّف(5) به من جلس إليه.

لايعبث الرّجل في صلاته بلحيته ولا بما يشغله عن صلاته.

بادروا بعمل الخير قبل أن تشغلوا عنه بغيره.

ص:725


1- - الحمّى رائد الموت: أي رسوله الذي يتقدمه. (أقرب الموارد).
2- (2) - تحاتت عنه ذنوبه: أي تساقطت. السان العرب).
3- (3) - الفيح: شدّة الحرّ وشيوعه. (مجمع البحرين).
4- (4) - لان التداوي لايمكن غالبا الاّ بالدواء والدواء له أثر يهيج داء آخر ولذا وردت في الحديث «ما من دواء الا ويهيج داء» و «اجتنبوا الدواء ما احتمل بدنكم الداء». «هامش المصدر».
5- (5) - أنف من الشيء: استنكف وتنزّه عنه. (أقرب الموارد).

المؤمن نفسه منه في تعب والنّاس منه في راحة.

وليكن جل كلامكم ذكر اللّه (عزّوجلّ).

احذروا الذّنوب فانّ العبد ليذنب فيحبس عنه الرّزق.

داووا مرضاكم بالصّدقة.

حصّنوا أموالكم بالزّكاة.

الصّلاة قربان كلّ تقيّ.

والحجّ جهاد كلّ ضعيف.

جهاد المرأة حسن التبعّل.

الفقر هو الموت الاكبر.

قلّة العيال أحد اليسارين.

التقدير نصف العيش.

الهم نصف الهرم.

ما عال إمرؤ اقتصد، وما عطب امرؤ استشار.

لاتصلح الصّنيعة إلاّ عند ذي حسب أو دين.

لكلّ شيء ثمرة وثمرة المعروف تعجيله.

من أيقن بالخلف جاد بالعطيّة.

من ضرب يديه على فخذيه عند مصيبة حبط أجره.

أفضل أعمال المرء إنتظار الفرج من اللّه (عزّوجلّ).

من أحزن والديه فقد عقّهما.

استنزلوا الرّزق بالصّدقة.

ادفعوا أمواج البلاء عنكم بالدّعاء قبل ورود البلاء، فوالّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة للبلاء أسرع إلى المؤمن من انحدار السيل من أعلى

ص:726

التلعة(1) إلى أسفلها ومن ركض البراذين(2).

سلوا اللّه العافية من جهد البلاء، فانّ جهد البلاء ذهاب الدّين.

السعيد من وعظ بغيره فاتّعظ.

روّضوا أنفسكم على الاخلاق الحسنة، فانّ العبد المسلم يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم.

من شرب الخمر وهو يعلم أنّها حرام سقاه اللّه من طينة خبال(3)

وإن كان مغفورا له.

لانذر في معصية، ولا يمين في قطيعة.

الداعي بلاعمل كالرّامي بلاوتر.

لتطيّب المرأة المسلمة لزوجها.

المقتول دون ماله شهيد.

المغبون غير محمود ولا مأجور.

لايمين لولد مع والده، ولا للمرأة مع زوجها(4).

لاصمت يوما إلى اللّيل إلاّ بذكر اللّه (عزّوجلّ).

لاتعرّب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح.

تعرّضوا للتجارة فانّ فيها غنى لكم عمّا في أيدي الناس، وإنّ

ص:727


1- - التلعة: ما علا من الارض. (أقرب الموارد).
2- (2) - البراذين، جمع برذون: ضرب من الدّواب دون الخيل وأقدر من الحمير. (اقرب الموارد).
3- (3) - الخبال في الاصل الفساد ويكون في الافعال والأبدان والعقول، وفسّرت طينة الخبال بصديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجتمع ذلك في قدر جهنم فيشربه أهل النار. (مجمع البحرين).
4- (4) - أي بدون اذنهما.

اللّه (عزّوجلّ) يحبّ العبد المحترف الأمين(1).

ليس عمل أحبّ إلى اللّه (عزّوجلّ) من الصلاة، فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شيء من امور الدّنيا فانّ اللّه (عزّوجلّ) ذمّ أقواما فقال.

اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (2) يعني أنّهم غافلون استهانوا بأوقاتها.

اعلموا أنّ صالحي عدوّكم يرائي بعضهم بعضا ولكنّ اللّه (عزّوجلّ) لايوفّقهم ولا يقبل إلاّ ما كان له خالصا.

البرّ لايبلى، والذّنب لاينسى، والله الجليل مع الّذين اتّقوا والّذين هم محسنون.

المؤمن لايغش أخاه ولا يخونه ولا يخذله ولا يتّهمه، ولا يقول له.

أنا منك بريء.

اطلب لأخيك عذرا، فانّ لم تجد له عذرا فالتمس له عذرا.

مزاولة قلع الجبال أيسر من مزاولة ملك مؤجّل.

واستعينوا باللّه واصبروا فانّ الارض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.

لاتعاجلوا الامر قبل بلوغه فتندموا، ولا يطولنّ عليكم الامد فتقسوا قلوبكم.

ارحموا ضعفاءكم واطلبوا الرحمة من اللّه (عزّوجلّ) بالرحمة لهم.

ص:728


1- - الاحتراف: الاكتساب. (اقرب الموارد).
2- (2) - الماعون 107:5.

إيّاكم وغيبة المسلم فانّ المسلم لايغتاب أخاه وقد نهى اللّه (عزّوجلّ) عن ذلك فقال: وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً (1).

لايجمع المسلما يديه في صلاته وهو قائم بين يدي اللّه (عزّوجلّ) يتشبّه بأهل الكفر - يعني المجوس(2) -.

ليجلس أحدكم على طعامه جلسة العبد، وليأكل على الارض، ولا يشرب قائما.

إذا أصاب أحدكم الدابّة وهو في صلاته فليدفنها ويتفل عليها أو يصيّرها في ثوبه حتّى ينصرف.

الالتفات الفاحش يقطع الصّلاة وينبغي لمن يفعل ذلك أن يبتدأ الصّلاة بالاذان والاقامة والتكبير.

من قرأ قل هو اللّه أحد من قبل أن تطلع الشّمس [إحدى عشرة مرّة] ومثلها إنّا أنزلناه ومثلها آية الكرسي منع ماله ممّا يخاف.

من قرأ قل هو اللّه أحد [وإنّا أنزلناه] قبل أن تطلع الشمس لم يصبه في ذلك اليوم ذنب وإن جهد إبليس.

ص:729


1- - الحجرات 49:12.
2- (2) - أقول: هذا نهي من الإمام (عليه السّلام) عن التكفير - وقد يعبّر عنه بالتكتف - وهو وضع إحدى اليدين على الأخرى حال القراءة والقيام، وهو بدعة جاءت في أيّام حكومة عمر بن الخطاب حينما جاءه سبايا الفرس ووقفوا بين يديه بتلك الهيئة، فاعجبته وأمر بها في الصّلاة، لكنّ رسول اللّه وآله المعصومين (سلام اللّه عليهم أجمعين) كانوا يسبلون أيدهم في الصّلاة، وقد قال اللّه تعالى: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ. الحشر 59:7.

استعيذوا باللّه من ضلع الدّين(1) وغلبة الرّجال.

من تخلّف عنّا هلك.

تشمير الثياب طهور لها، قال اللّه (تبارك وتعالى): وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ (2) أي فشمّر(3).

لعق العسل شفاء من كلّ داء قال اللّه (تبارك وتعالى): يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ (4) وهو مع قراءة القرآن.

ومضغ اللّبان يذيب البلغم.

وابدؤوا بالملح في أوّل طعامكم فلو يعلم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرّب. من ابتدأ طعامه بالملح ذهب عنه سبعون داء وما لايعلمه إلّا اللّه (عزّوجلّ).

صبّوا على المحموم الماء البارد في الصّيف فإنّه يسكن حرّها.

صوموا ثلاثة أيّام في كلّ شهر فهي تعدل صوم الدّهر، ونحن نصوم خميسين بينهما أربعاء، لانّ اللّه (عزّوجلّ) خلق جهنم يوم الاربعاء.

ص:730


1- - أي ثقله وميله عن الإستواء والإعتدال، يقال: ضلع يضلع: أي مال عن الحقّ. والضلع - بالتحريك -: الإعوجاج. (مجمع البحرين).
2- (2) - المدثر 74:4.
3- (3) - أقول: كانت العرب تلبس ثيابا طويلة تجرّ على الأرض بدافع التكبّر والخيلاء، فأمر اللّه تعالى بتقصير الثياب كي لاتجرّ على الارض، تجنّبا عن التكبّر وعن الأقذار. أمّا ما تعارف عليه المنحرفون عن أهل البيت، بتقصير الثياب إلى نصف الساق أو أكثر، وتطويل اللحية أكثر من شبر فهي بدعة وضلالة ولا يتمسك بها إلّا أهلها، نعوذ باللّه من الباطل ونسأله الإستقامة على الولاية والهداية.
4- (4) - النحل 16:69.

اذا أراد أحدكم حاجة فليبكر في طلبها يوم الخميس فانّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: «اللهمّ بارك لامّتي في بكورها يوم الخميس» وليقرأ إذا خرج من بيته الآيات من آخر آل عمران، وآية الكرسيّ، وإنّا انزلناه، وأمّ الكتاب فإنّ فيها قضاء لحوائج الدّنيا والآخرة.

عليكم بالصّفيق من الثياب فإنّه من رقّ ثوبه رقّ دينه.

لايقومنّ أحدكم بين يدي الربّ (جلّ جلاله) وعليه ثوب يشفّ (1).

توبوا إلى اللّه (عزّوجلّ) وادخلوا في محبّته، فانّ اللّه (عزّوجلّ) يحبّ التوّابين ويحبّ المتطهّرين، والمؤمن توّاب.

إذا قال المؤمن لاخيه: افّ انقطع ما بينهما، فاذا قال له: أنت كافر، كفر أحدهما. وإذا اتّهمه انماث الإسلام في قلبه كما ينماث الملح في الماء(2).

باب التوبة مفتوح لمن أرادها، فتوبوا إلى اللّه توبة نصوحا عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم.

وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم فما زالت نعمة ولانضارة عيش إلاّ بذنوب اجترحوا، إنّ اللّه ليس بظلاّم للعبيد، ولو أنّهم استقبلوا ذلك بالدّعاء والإنابة لم تزل، ولو أنّهم إذا نزلت بهم النقم وزالت عنهم النعم فزعوا إلى اللّه (عزّوجلّ) بصدق من نيّاتهم ولم يهنوا ولم يسرفوا لأصلح اللّه لهم كلّ فاسد ولردّ عليهم كلّ صالح.

ص:731


1- - أي يرى تحته.
2- (2) - ماث الشيء في الماء: أذابه فيه، وانماث الشيء: ذاب. (أقرب الموارد).

واذا ضاق المسلم فلا يشكونّ ربّه (عزّوجلّ) وليشتك إلى ربّه الّذي بيده مقاليد الامور وتدبيرها.

في كلّ امريء واحدة من ثلاث: الطيرة والكبر والتمنّي، فاذا تطيّر أحدكم فليمض على طيرته وليذكر اللّه (عزّوجلّ). وإذا خشي الكبر فليأكل مع عبده وخادمه وليحلب الشاة، وإذا تمنّى فليسأل اللّه (عزّوجلّ) ويبتهل إليه ولا ينازعه نفسه إلى الإثم.

خالطوا الناس بما يعرفون، ودعوهم ممّا ينكرون، ولا تحملوهم على أنفسكم وعلينا.

إنّ أمرنا صعب مستصعب لايحتمله إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو عبد قد امتحن اللّه قلبه للإيمان.

إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليتعوّذ باللّه وليقل: «آمنت باللّه وبرسوله مخلصا له الدّين».

إذا كسا اللّه (عزّوجلّ) مؤمنا ثوبا جديدا فليتوضّأ وليصلّ ركعتين يقرأ فيهما امّ الكتاب وآية الكرسي وقل هو اللّه أحد، وإنّا أنزلناه في ليلة القدر، ثمّ ليحمد اللّه الّذي ستر عورته وزيّنه في الناس وليكثر من قول «لاحول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» فإنّه لايعصي اللّه فيه، وله بكلّ سلك فيه ملك يقدّس له ويستغفر له ويترحّم عليه.

اطرحوا سوء الظنّ بينكم فانّ اللّه (عزّوجلّ) نهى عن ذلك.

أنا مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ومعي عترتي وسبطيّ على الحوض، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا وليعمل عملنا، فانّ لكلّ أهل بيت نجيب ولنا شفاعة، ولأهل مودّتنا شفاعة فتنافسوا في لقائنا على الحوض فانّا نذود عنه أعداءنا ونسقي منه أحبّاءنا وأولياءنا، ومن شرب

ص:732

منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، حوضنا مترع فيه مثعبان(1) ينصبّان من الجنّة: أحدهما من تسنيم، والآخر من معين، على حافتيه الزعفران، وحصاه اللّؤلؤ واليا قوت، وهو الكوثر.

إنّ الامور إلى اللّه (عزّوجلّ) ليست إلى العباد، ولو كانت إلى العباد ما كانوا ليختاروا علينا أحدا ولكن اللّه يختصّ برحمته من يشاء، فاحمدوا اللّه على ما اختصّكم به من بادي النعم، على طيب الولادة.

كلّ عين يوم القيامة باكية، وكلّ عين يوم القيامة ساهرة إلاّ عين من اختصّه اللّه بكرامته، وبكى على ما ينتهك من الحسين وال محمّد (عليهم السّلام).

شيعتنا بمنزلة النحل لو يعلم النّاس ما في أجوافها لاكلوها.

لاتعجّلوا الرّجل عند طعامه حتّى يفرغ، ولا عند غائطه حتّى يأتي على حاجته.

إذا انتبه أحدكم من نومه فليقل: «لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم الحيّ القيوم، وهو على كلّ شيء قدير، سبحان ربّ النبيّين وإله المرسلين و [سبحان] ربّ السّماوات السبع وما فيهنّ، وربّ الأرضين السبع وما فيهنّ، وربّ العرش العظيم والحمد للّه ربّ العالمين» فاذا جلس من نومه فليقل قبل أن يقوم: «حسبي اللّه حسبي الربّ من العباد، حسبي الّذي هو حسبي منذ كنت، حسبي اللّه ونعم الوكيل».

وإذا قام أحدكم من اللّيل فلينظر إلى اكناف السماء وليقرأ: إِنَّ

ص:733


1- - المترع: المملوء. والمثعب: مسيل الحوض. (أقرب الموارد).

فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إلى قوله: إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (1).

الاطلاع في(2) بئر زمزم يذهب الدّاء فاشربوا من مائها ممّا يلي الرّكن الذي فيه الحجر الأسود، فإنّ تحت الحجر أربعة أنهار من الجنّة.

الفرات والنيل وسيحان وجيحان وهما نهران.

لايخرج المسلم في الجهاد مع من لايؤمن على الحكم ولا ينفذ في الفيء أمر اللّه (عزّوجلّ)، فان مات في ذلك كان معينا لعدونا في حبس حقوقنا والإشاطة بدمائنا(3) وميتته ميتة جاهليّة.

ذكرنا أهل البيت شفاء من العلل والأسقام ووسواس الرّيب، وجهتنا(4) رضى الربّ (عزّوجلّ)، والآخذ بأمرنا معنا غدا في حظيرة القدس، والمنتظر لامرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه.

من شهدنا في حربنا او سمع واعيتنا فلم ينصرنا أكبّه اللّه على منخريه في النار.

ونحن باب الغوث إذا اتّقوا وضاقت عليهم المذاهب.

ونحن باب حطّة وهو باب السّلام من دخله نجا ومن تخلّف عنه هوي.

بنا يفتح اللّه، وبنا يختم اللّه، وبنا يمحو ما يشاء، وبنا يثبت، وبنا يدفع اللّه الزّمان الكلب، وبنا ينزل الغيث، فلا يغرنّكم باللّه

ص:734


1- - آل عمران 3:190-194.
2- (2) - الطلعة: الرؤية. ويقال: اطلعت الفجر اطلاعا: أي نظرت إليه. (لسان العرب). والمراد أنّ النّظر في بئر زمزم يذهب بالدّاء.
3- (3) - أشاطه السلطان دمه وبدمه: أهدره. وقيل: عرضه للقتل. (اقرب الموارد).
4- (4) - الجهة: الهدف الغاية.

الغرور، ما أنزلت السماء [من] قطرة من ماء منذ حبسه اللّه (عزّوجلّ) ولو قد قام قائمنا لانزلت السّماء قطرها، ولا خرجت الارض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم حتّى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام لاتضع قدميها إلاّ على النبات وعلى رأسها زينتها(1) لايهيّجها سبع ولا تخافه.

لو تعلمون مالكم في مقامكم بين عدوّكم وصبركم على ما تسمعون من الأذى لقرّت أعينكم، ولو فقدتمونى لرأيتم من بعدي امورا يتمنّى أحدكم الموت ممّا يري من أهل الجحود والعدوان من أهل الأثرة(2) والاستخفاف بحقّ اللّه (تعالى ذكره) والخوف على نفسه، فاذا كان ذلك فاعتصموا بحبل اللّه جميعا ولاتفرّقوا، وعليكم بالصبر والصّلاة والتقيّة.

اعلموا أنّ اللّه (تبارك وتعالى) يبغض من عباده المتلوّن فلا تزولوا عن الحقّ وولاية أهل الحقّ فانّ من استبدل بنا هلك وفاتته الدّنيا وخرج منها [بحسرة].

إذا دخل أحدكم منزله فليسلّم على أهله يقول: «السلام عليكم» فان لم يكن له أهل فليقل: السلام علينا من ربّنا، وليقرأ: «قل هو اللّه أحد» حين يدخل منزله فانّه ينفي الفقر.

علّموا صبيانكم الصّلاة وخذوهم بها اذا بلغوا ثمان سنين.

تنزّهوا عن قرب الكلاب فمن أصاب الكلب وهو رطب

ص:735


1- - على رأسها زنبيلها - خ ل.
2- (2) - من الاستئثار بمعنى الاختيار، واختصاص المرء نفسه بأحسن الشيء دون غيره. «هامش المصدر».

فليغسله، وإن كان جافّا فلينضح ثوبه بالماء.

إذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفون فردّوه إلينا وقفوا عنده، وسلّموا حتّى يتبيّن لكم الحقّ، ولا تكونوا مذايبع عجلى(1).

إلينا يرجع الغالي وبنا يلحق المقصّر الّذي يقصّر بحقّنا.

من تمسّك بنا لحق، ومن سلك غير طريقتنا غرق.

لمحبّينا أفواج من رحمة اللّه، ولمبغضينا أفواج من غضب اللّه، وطريقنا القصد وفي أمرنا الرّشد.

لايكون السّهو في خمس: في الوتر، والجمعة، والرّكعتين الأوليين من كلّ صلاة مكتوبة، وفي الصبح، وفي المغرب.

ولا يقرأ العبد القران إذا كان على غير طهور حتّى يتطهّر.

اعطوا كلّ سورة حظّها من الرّكوع والسجود إذا كنتم في الصلاة.

لايصلّي الرّجل في قميص متوشّحا به(2) فانّه من أفعال قوم لوط.

تجزي الصّلاة للرّجل في ثوب واحد، يعقد طرفيه على عنقه وفي القميص الصفيق يزرّه عليه(3).

لايسجد الرّجل على صورة ولا على بساط فيه صورة، ويجوز أن تكون الصورة تحت قدميه أو يطرح عليها ما يواريها.

ص:736


1- - المذياع: الذي لايكتم سرا، جمعه مذاييع، والعجلى مؤنث عجلان بمعنى عجول. (أقرب الموارد).
2- (2) - وشح بثوبه: أدخله تحت ابطه فالقاه على منكبه. (اقرب الموارد).
3- (3) - ثوب صفيق: متين بيّن الصفاقة، وقد صفق صفاقة: كثف نسجه، وقيل: جيّد النسج. (لسان العرب).

لايعقد الرجل الدراهم التي فيها صورة في ثوبه وهو يصلّي، ويجوز أن يكون الدّراهم في هميان أو في ثوب - إذا خاف - ويجعلها إلى ظهره.

لايسجد الرجل على كدس حنطة(1) ولا على شعير، ولا على لون ممّا يؤكل، ولا يسجد على الخبز.

ولا يتوضّأ الرجل حتى يسمّي يقول قبل أن يمسّ الماء «بسم اللّه وباللّه، اللهمّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين» فاذا فرغ من طهوره قال: «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله» - صلّى اللّه عليه وآله - فعندها يستحقّ المغفرة.

من أتى الصّلاة عارفا بحقّه! غفر له.

لايصلّي الرّجل نافلة في وقت فريضة إلاّ من عذر ولكن يقضي بعد ذلك إذا أمكنه القضاء، قال اللّه (تبارك وتعالى): اَلَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (2) يعني الّذين يقضون ما فاتهم من اللّيل بالنهار، وما فاتهم من النهار باللّيل، لاتقضي النافلة في وقت فريضة، إبدأ بالفريضة ثمّ صلّ ما بدا لك.

الصّلاة في الحرمين تعدل ألف صلاة، ونفقة درهم في الحجّ تعدل ألف درهم.

ليخشع الرجل في صلاته فانّه من خشع قلبه للّه (عزّوجلّ) خشعت جوارحه فلا يعبث بشيء.

ص:737


1- - الكدس - بالضم فالسكون -: ما يجمع من الطعام في البيدر. (اقرب الموارد).
2- (2) - المعارج 70:23.

القنوت في صلاة الجمعة قبل الرّكوع الثانية ويقرأ في الأولى.

الحمد والجمعة، وفي الثانية: الحمد والمنافقين.

اجلسوا في الرّكعتين حتّى تسكن جوارحكم ثمّ قوموا فإنّ ذلك من فعلنا.

إذا قام أحدكم بين يدي اللّه (جلّ جلاله) فليرفع يده حذاء صدره، وإذا كان أحدكم بين يدي اللّه (جلّ جلاله) فليتحرّ بصدره وليقم صلبه ولا ينحني.

إذا فرغ أحدكم من الصّلاة فليرفع يديه إلى السّماء ولينصب في الدّعاء.

فقال عبداللّه بن سبأ: يا أمير المؤمنين أليس اللّه في كلّ مكان؟

قال: بلى.

قال: فلم يرفع العبد يديه إلى السّماء؟

قال: أما تقرأ وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ ؟(1) فمن أين يطلب الرّزق إلاّ من موضعه، وموضع الرّزق وما وعد اللّه (عزّوجلّ): السماء.

لاينفتل العبد من صلاته حتّى يسأل اللّه الجنّة ويستجير به من النار ويسأله أن يزوّجه من الحور العين.

إذا قام أحدكم إلى الصّلاة فليصلّ صلاة مودعّ.

لايقطع الصّلاة التبسّم وتقطعها القهقهة.

إذا خالط النوم القلب وجب الوضوء.

إذا غلبتك عينك وأنت في الصّلاة فاقطع الصّلاة ونم، فانّك

ص:738


1- - الذاريات 51:22.

لاتدري تدعو لك أو على نفسك، لعلّك أن تدعو على نفسك.

من أحبّنا بقلبه وأعاننا بلسانه وقاتل معنا أعداءنا بيده فهو معنا في الجنّة في درجتنا. ومن أحبّنا بقلبه وأعاننا بلسانه ولم يقاتل معنا عداءنا فهو أسفل من ذلك بدرجتين. ومن أحبّنا بقلبه ولم يعنّا بلسانه ولا بيده فهو في الجنّة. ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ويده فهو مع عدوّنا في النّار، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه فهو في النّار، ومن أبغضنا بقلبه ولم يعن علينا بلسانه ولا بيده فهو في النار.

إنّ أهل الجنّة لينظرون إلى منازل شيعتنا كما ينظر الإنسان إلى الكواكب في السماء.

إذا قرأتم من المسبّحات الاخيرة فقولوا: «سبحان اللّه الاعلى» وإذا قرأتم إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ (1) فصلّوا عليه، في الصّلاة كنتم أو في غيرها.

ليس في البدن شيء أقلّ شكرا من العين فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر اللّه (عزّوجلّ).

إذا قرأتم والتّين فقولوا في اخرها: «ونحن على ذلك من الشاهدين ن».

إذا قرأتم قُولُوا آمَنّا بِاللّهِ فقولوا: آمَنّا بِاللّهِ حتّى تبلغوا إلى قوله: مُسْلِمُونَ (2).

إذا قال العبد في التشهّد في الأخيرتين وهو جالس: «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله وأنّ

ص:739


1- - الاحزاب 33:56.
2- (2) - البقرة 2:136.

الساعة آتية لاريب فيها وأنّ اللّه يبعث من في القبور» ثمّ أحدث حدثا فقد تمّت صلاته(1) ما عبد اللّه بشيء أشدّ من المشي إلى بيته.

اطلبوا الخير في أخفاف الابل وأعناقها، صادرة وواردة.

إنّما سمّي السقاية لانّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أمر بزبيب اتي به من الطائف أن ينبذ ويطرح في حوض زمزم لأنّ ماءها مرّ فاراد أن يكسر مرارته فلا تشربوا إذا عتق(2).

إذا تعرّى الرجل نظر إليه الشيطان فطمع فيه فاستتروا.

ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذه ويجلس بين قوم.

من أكل شيئا من المؤذيات بريحها(3) فلا يقربنّ المسجد.

ليرفع الرجل الساجد مؤخّره في الفريضة إذا سجد.

إذا أراد أحدكم الغسل فليبدأ بذراعيه فليغسلهما.

إذا صلّيت فأسمع نفسك القراءة والتكبير والتسبيح.

إذا انفتلت من الصّلاة فانفتل عن يمينك(4).

تزوّد من الدّنيا فانّ خير ما تزوّد منها التقوى.

فقدت من بني إسرائيل أمّتان: واحدة في البحر واخري في البرّ، فلا تأكلوا إلاّ ما عرفتم.

من كتم وجعا أصابه ثلاثة أيّام من النّاس وشكا إلى اللّه كان حقّا على اللّه أن يعافيه منه.

ص:740


1- - أقول: هذه المقطوعة من الرّواية محمولة على الثقيّة، إذ من الثابت انّ الإنسان لايخرج من الصلاة إلاّ بالتسليم.
2- (2) - أي إذا قدم ومضى عليه زمان. «هامش البحار».
3- (3) - كالثوم والبصل وغيرهما مما له رائحة كريهة حادة.
4- (4) - انفتل من صلاتة اذا انصرف عنها. (أقرب الموارد).

أبعد ما كان العبد من اللّه إذا كان همّه بطنه وفرجه.

لايخرج الرجل في سفر يخاف فيه على دينه وصلاته.

اعطي السمع أربعة: النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) والجنّة والنار والحور العين. فإذا فرغ العبد من صلاته فليصلّ على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ويسأل اللّه الجنّة، ويستجير باللّه من النار، ويسأله أن يزوّجه من الحور العين، فإنّه من صلّى على محمّد النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) سمعه النبيّ، ورفعت دعوته، ومن سأل اللّه الجنّة قالت الجنّة. ياربّ أعط عبدك ما سأله. ومن استجار من النّار قالت النّار.

يارب أجر عبدك ممّا استجارك، ومن سأل الحور العين قلن: اللهمّ أعط عبدك ما سأل.

الغناء نوح إبليس على الجنّة.

إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمنى تحت خدّه الأيمن وليقل.

«بسم اللّه وضعت جنبي للّه على ملّة إبراهيم ودين محمّد وولاية من افترض اللّه طاعته، ما شاء اللّه كان وما لم يشأ لم يكن» فمن قال ذلك عند منامه حفظ من اللّص والمغير والهدم، واستغفرت له الملائكة.

من قرأ «قل هو اللّه أحد» حين يأخذ مضجعه وكل اللّه (عزّوجلّ) به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته.

وإذا أراد أحدكم النوم فلا يضعنّ جنبه على الارض حتّى يقول.

«اعيذ نفسي وديني وأهلي وولدي ومالي وخواتيم عملي وما رزقني ربّي وخوّلني بعزّة اللّه وعظمة اللّه وجبروت اللّه وسلطان اللّه ورحمة اللّه ورأفة اللّه وغفران اللّه وقوّة اللّه وقدرة اللّه وجلال اللّه وبصنع اللّه وأركان اللّه وبجمع اللّه وبرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وبقدرة

ص:741

اللّه على ما يشاء، من شرّ السامّة والهامّة، ومن شرّ الجنّ والإنس، ومن شرّ ما يدبّ في الارض وما يخرج منها ومن شرّ ما ينزل من السّماء وما يعرج فيها ومن شرّ كلّ دابّة أنت اخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط مستقيم وهو على كلّ شيء قدير ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» فإنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يعوذ بها الحسن والحسين وبذلك أمرنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

ونحن الخزّان لدين اللّه. ونحن مصابيح العلم، إذا مضى منّا علم بدا علم، لايضلّ من اتّبعنا ولا يهتدي من أنكرنا ولا ينجو من أعان علينا عدوّنا، ولا يعان من أسلمنا فلا تتخلّفوا عنّا لطمع دنيا وحطام زائل عنكم وأنتم تزولون عنه، فإنّ من آثر الدنيا على الآخرة واختارها علينا عظمت حسرته غدا، وذلك قول اللّه (عزّوجلّ): أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ (1).

اغسلوا صبيانكم من الغمر فانّ الشياطين تشمّ الغمر(2) فيفزع الصبيّ في رقاده ويتأذّى به الكاتبان.

لكم أوّل نظرة إلى المرأة فلا تتبعوها بنظرة اخرى واحذروا الفتنة.

مدمن الخمر يلقى اللّه (عزّوجلّ) حين يلقاه كعابد وثن.

فقال حجر بن عدي: يا أمير المؤمنين ما المدمن؟

قال: الّذي إذا وجدها شربها.

ص:742


1- - الزمر 39:56. قوله: «فرطت» أي قصّرت. (مجمع البحرين).
2- (2) - الغمر - بالتحريك -: الدسم والزهومة من اللحم والوضر من السمن وفي الحديث «لايبيتن احدكم ويده غمرة». (مجمع البحرين).

من شرب المسكر لم تقبل صلاته أربعين يوما وليلة.

من قال لمسلم قولا يريد به انتقاص مروءته حبسه اللّه (عزّوجلّ) في طينة خبال حتّى يأتي ممّا قال بمخرج.

لاينام الرجل مع الرجل في ثوب واحد [ولا المرأة مع المرأة في ثوب واحد] فمن فعل ذلك وجب عليه الادب وهو التعزير.

كلوا الدّبّاء(1) فإنّه يزيد في الدّماغ، وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يعجبه الدباء.

كلوا الاترج قبل الطعام وبعده فإنّ آل محمّد (عليهم السّلام) يفعلون ذلك.

الكمّثرى يجلو القلب ويسكن أوجاع الجوف.

إذا قام الرجل إلى الصّلاة أقبل إبليس ينظر إليه حسدا لما يرى من رحمة اللّه التي تغشاه.

شرّ الأمور محدثاتها وخير الامور ما كان للّه (عزّوجلّ) رضى.

من عبد الدّنيا وآثرها على الآخرة استوخم العاقبة(2).

اتّخذوا الماء طيبا.

من رضي من اللّه (عزّوجلّ) بما قسم له استراح بدنه.

خسر من ذهبت حياته وعمره فيما يباعده من اللّه (عزّوجلّ).

لو يعلم المصلّي ما يغشاه من جلال اللّه ما سرّه أن يرفع رأسه من سجوده.

ص:743


1- - الدباء: القرع. (أقرب الموارد). وهو نوع من اليقطين.
2- (2) - آثره على نفسه: أي قدّمه وفضله، ووخيم العاقبة: أي ثقيل رديء. (مجمع البحرين).

إيّاكم وتسويف العمل، بادروا إذا أمكنكم.

ما كان لكم من رزق فسيأتيكم على ضعفكم، وما كان عليكم فلن تقدروا أن تدفعوه بحيلة.

مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، واصبروا على ما أصابكم.

سراج المؤمن معرفة حقّنا.

أشدّ العمى من عمى عن فضلنا وناصبنا العداوة بلاذنب سبق إليه منّا، إلاّ أنّا دعونا إلى الحقّ، ودعاه من سوانا إلى الفتنة والدّنيا فأتاهما ونصب البراءة منّا والعداوة لنا.

لنا راية الحقّ من استظلّ بها كنّته(1)، ومن سبق إليها فاز، ومن تخلّف عنها هلك، ومن فارقها هوى، ومن تمسّك بها نجا.

أنا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة. والله لايحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق.

إذا لقيتم إخوانكم فتصافحوا وأظهروا لهم البشاشة والبشر، تتفرّقوا وما عليكم من الاوزار قد ذهب.

إذا عطس أحدكم فسمّتوه(2) قولوا «يرحمك اللّه» وهو يقول لكم «يغفر اللّه لكم ويرحمكم» قال اللّه (تبارك وتعالى): وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها (3).

صافح عدوّك وإن كره فإنّه ممّا أمر اللّه (عزّوجلّ) به عباده يقول.

اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *

ص:744


1- - الكن - بالكسر -: وقاء كل شيء وستره. (أقرب الموارد).
2- (2) - سمّت العاطس أو شمّته: دعا له بقوله «يرحمك اللّه». (أقرب الموارد).
3- (3) - النساء 4:86.

وَ ما يُلَقّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقّاها إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (1).

ما يكافيء عدوّك بشيء أشدّ عليه من أن تطيع اللّه فيه. وحسبك أن تري عدوّك يعمل بمعاصي اللّه (عزّوجلّ).

الدّنيا دول، فاطلب حظّك منها بأجمل الطلب حتّى تأتيك دولتك.

المؤمن يقظان مترقّب خائف ينتظر إحدى الحسنيين، ويخاف البلاء حذرا من ذنوبه، يرجو رحمة ربّه (عزّوجلّ). لايعري المؤمن من خوفه ورجائه، يخاف ممّا قدّم ولا يسهو عن طلب ما وعده اللّه، ولا يأمن ممّا خوّفه اللّه (عزّوجلّ).

أنتم عمّار الارض الّذين استخلفكم اللّه (عزّوجلّ) فيها لينظر كيف تعملون، فراقبوه فيما يرى منكم.

عليكم بالمحجّة العظمى فاسلكوها، لاتستبدل بكم غيركم.

من كمل عقله حسن عمله ونظره إلى دينه. وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (2)

فإنّكم لن تنالوه إلاّ بالتقوى.

من صديء بالإثم عشى عن ذكر اللّه (عزّوجلّ).

من ترك الأخذ عن أمر اللّه بطاعته قيّض اللّه له شيطانا فهو له قرين.

ما بال من خالفكم أشدّ بصيرة في ضلالتهم وأبذل لما في أيديهم

ص:745


1- - فصلت 41:34 و 35.
2- (2) - آل عمران 3:133.

منكم؟!! ما ذاك إلّا أنّكم ركنتم إلى الدّنيا فرضيتم بالضيم(1) وشححتم على الحطام(2) وفرّطتم فيما فيه عزّكم وسعادتكم وقوتكم على من بغى عليكم.

لا من ربّكم تستحيون فيما أمركم به ولا لانفسكم تنظرون وأنتم في كلّ يوم تضامون(3) ولا تنتبهون من رقدتكم ولا ينقضي فتوركم.

أما ترون إلى بلادكم ودينكم كلّ يوم يبلى وأنتم في غفلة الدّنيا؟!! يقول اللّه (عزّوجلّ) لكم: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (4).

سمّوا أولادكم فإن لم تدروا أذكر هم أم انثى فسمّوهم بالاسماء الّتي تكون للذّكر والانثى فانّ أسقاطكم إذا لقوكم في القيامة ولم تسمّوهم يقول السقط لأبيه: ألا سمّيتني؟ وقد سمّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) محسنا قبل أن يولد..

إيّاكم وشرب الماء من قيام على أرجلكم فانّه يورث الداء الّذي لا دواء له أو يعافي اللّه (عزّوجلّ).

إذا ركبتم الدوابّ فاذكروا اللّه (عزّوجلّ) وقولوا: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَ إِنّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (5).

ص:746


1- - الضيم: الظلم. (مجمع البحرين).
2- (2) - الشح: الحرص. والحطام: ما تكسر من اليبس، وحطام الدّنيا: ما فيها من مال. قليل أوكثير. (أقرب الموارد).
3- (3) - تضامون: من الضيم، والضيم: الظلم. (لسان العرب).
4- (4) - هود 11:113.
5- (5) - الزخرف 43:13 و 14.

إذا خرج أحدكم في سفر فليقل: «اللهمّ أنت الصاحب في السفر والحامل على الظهر والخليفة في الاهل والمال والولد».

وإذا نزلتم منزلا فقولوا: «اللهمّ أنزلنا منزلا مباركا وأنت خير المنزلين».

إذا اشتريتم ما تحتاجون إليه من السوق فقولوا - حين تدخلون الاسواق -: «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله (صلّى اللّه عليه وآله) اللهمّ إنّي أعوذ بك من صفقة خاسرة(1) ويمين فاجرة وأعوذ بك من بوار الأيّم»(2).

المنتظر وقت الصّلاة بعد الصّلاة من زوّار اللّه (عزّوجلّ) وحقّ على اللّه تعالى أن يكرم زائره وأن يعطيه ما سأل.

الحاجّ والمعتمر وفد اللّه ويحبوه بالمغفرة(3).

من سقى صبيّا مسكرا وهو لايعقل حبسه اللّه تعالى في طينة الخبال حتّى يأتي ممّا صنع بمخرج.

الصدقة جنّة عظيمة من النار للمؤمن، ووقاية للكافر من أن يتلف ماله، تعجّل له الخلف(4) ودفع عنه البلايا، وماله في الآخرة

ص:747


1- - أي بيعة خاسرة، يقال: صفقت له بالبيعة صفقا أي ضربت بيدي على يده وكانت العرب اذا وجب الببع ضرب احدهما يده على يد صاحبه، ثم استعملت الصفقة في العقد. (مجمع البحرين).
2- (2) - البوار: الهلاك. وفي الحديث «نعوذ باللّه من بوار الايم» أي كسادها، من: بارت السوق اذا كسدت، والايّم التي لازوج لها وهي مع ذلك لايرغب فيها أحد. (النهاية).
3- (3) - حبا فلانا: أعطاه. (أقرب الموارد).
4- (4) - أي: عجّل اللّه له الجزاء في الدنيا.

من نصيب.

باللّسان كبّ أهل النّار في النّار، وباللّسان اعطى أهل النور النور، فاحفظوا ألسنتكم واشغلوها بذكر اللّه (عزّوجلّ).

أخبث الأعمال ما ورث الضلال.

وخير ما اكتسب أعمال البرّ.

إيّاكم وعمل الصور فتساءلوا عنها يوم القيامة. إذا أخذت منك قذاة فقل: «أماط اللّه عنك ما تكره».

إذا قال لك اخوك وقد خرجت من الحمام: «طاب حمامك وحميمك» فقل: «أنعم اللّه بالك».

إذا قال لك أخوك: «حيّاك اللّه بالسّلام» فقل: «وأنت فحيّاك الله بالسلام وأحلّك دار المقام».

لاتبل على المحجّة ولا تتغوّط عليها.

السؤال بعد المدح، فامدحوا اللّه (عزّوجلّ) ثمّ اسألوا الحوائج.

اثنوا على اللّه (عزّوجلّ) وامدحوه قبل طلب الحوائج.

ياصاحب الدعاء لاتسأل عمّا لايكون ولا يحلّّ.

إذا هنّأتم الرجل عن مولود ذكر فقولوا: «بارك اللّه لك في هبته، وبلّغه أشدّه، ورزقك برّه».

إذا قدم أخوك من مكة فقبّل بين عينيه، وفاه الّذي قبّل به الحجر الاسود الّذي قبّله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) والعين الّتي نظر بها إلى بيت اللّه (عزّوجلّ) وقبّل موضع سجوده ووجهه، وإذا هنّأتموه فقولوا له: «قبل اللّه نسكك، ورحم سعيك وأخلف عليك نفقتك، ولا جعله آخر عهدك ببيته الحرام».

ص:748

احذروا السّفلة، فانّ السفلة من لايخاف اللّه (عزّوجلّ)، فيهم قتلة الأنبياء وفيهم أعداؤنا.

إنّ اللّه (تبارك وتعالى) إطلع إلى الأرض فاختارنا، واختار لنا شيعة، ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا، أولئك منّا وإلينا.

ما من الشيعة عبد يقارف أمرا نهيناه عنه(1) فيموت حتّى يبتلى ببليّة تمحّص بها ذنوبه(2) إمّا في مال وإمّا في ولد وإمّا في نفسه حتّى يلقى اللّه (عزّوجلّ) وماله ذنب، وإنّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدّد به عليه عند موته.

الميّت من شيعتنا صدّيق شهيد، صدّق بأمرنا وأحب فينا وأبغض فينا يريد بذلك اللّه (عزّوجلّ)، مؤمن باللّه وبرسوله، قال اللّه (عزّوجلّ): وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ (3).

افترقت بنو إسرائيل على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنّة.

من أذاع سرّنا أذاقه اللّه بأس الحديد.

اختتنوا أولادكم يوم السابع لايمنعكم حرّ ولا برد فانّه طهور للجسد، وإنّ الارض لتضجّ إلى اللّه من بول الأغلف.

السّكر أربع سكرات: سكر الشراب، وسكر المال، وسكر

ص:749


1- - قارف الذنب: قاربه وداناه. (أقرب الموارد).
2- (2) - محّص اللّه عن فلان ذنوبه: أي نقصها وطهّره منها. (أقرب الموارد).
3- (3) - الحديد 57:19.

النوم، وسكر الملك.

إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمنى تحت خدّه الأيمن وإنّه لايدري أينتبه من رقدته أم لا.

احبّ للمؤمن أن يطلي في كلّ خمسة عشر يوما من النورة.

أقلّوا من أكل الحيتان فانّها تذيب البدن، وتكثر البلغم، وتغلظ النفس.

حسو اللّبن(1) شفاء من كلّ داء إلاّ الموت.

كلوا الرّمان بشحمه فانّه دباغ للمعدة، وفي كلّ حبّة من الرّمان - إذا استقرّت في المعدة - حياة للقلب وإنارة للنفس، وتمرض وسواس الشيطان أربعين ليلة.

نعم الادام الخلّ يكسر المرّة ويحيى القلب.

كلوا الهندباء(2) فما من صباح إلاّ وعليه قطرة من قطر [ات] الجنّة.

اشربوا ماء السماء فانّه يطهّر البدن، ويدفع الأسقام قال اللّه (تبارك وتعالى): وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (3).

ما من داء إلّا وفي الحبّة السوداء منه شفاء إلاّ السام.

لحوم البقر داء وألبانها دواء وأسمانها شفاء.

ما تأكل الحامل من شيء ولا تتداوي به أفضل من الرّطب، قال اللّه (عزّوجلّ) لمريم (عليها السّلام): وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ

ص:750


1- - الحسو: الشرب شيئا بعد شيء. (أقرب الموارد).
2- (2) - نبت يقال له بالفارسية: (كاسنى). (فرهنگ عميد).
3- (3) - الانفال 8:11 -

تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا * فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً (1).

حنّكوا أولادكم بالتمر فهكذا فعل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بالحسن والحسين.

إذا أراد أحدكم أن يأتي زوجته فلا يعجّلها فانّ للنساء حوائج.

إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله فانّ عند أهله مثل ما رأى. ولا يجعلنّ للشيطان إلى قلبه سبيلا وليصرف بصره عنها، فان لم تكن له زوجة فليصلّ ركعتين ويحمد اللّه كثيرا ويصلّي على النبيّ وآله (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ ليسأل اللّه من فضله فانّه يبيح له برأفته ما يغنيه.

إذا أتى أحدكم زوجته فليقلّ الكلام فانّ الكلام عند ذلك يورث الخرس.

لاينظرنّ أحدكم إلى باطن فرج امرأته فلعلّه يرى ما يكره، ويورث العمى(2).

إذا أراد أحدكم مجامعة زوجته فليقل: «اللهمّ إنّي استحللت فرجها بأمرك، وقبلتها بأمانتك، فإن قضيت لي منها ولدا فاجعله ذكرا سويّا ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا ولا شريكا».

الحقنة من الاربع، قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ أفضل ما تداويتم به الحقنة وهي تعظم البطن وتنقّي داء الجوف وتقوّي البدن.

استعطوا(3) بالبنفسج وعليكم بالحجامة.

ص:751


1- - مريم 19:25 و 26.
2- (2) - يعني في الولد إذا حملت به.
3- (3) - استسعطوا - البحار. واستعط الدّواء: أدخل في أنفه. (أقرب الموارد).

إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله فليتوقّ أوّل الاهلّة وأنصاف الشهور فانّ الشيطان يطلب الولد في هذين الوقتين، والشياطين يطلبون الشرك فيهما فيجيئون ويحبلون.

توقّوا الحجامة والنورة يوم الأربعاء فانّ يوم الاربعاء يوم نحس مستمرّ وفيه خلقت جهنّم، وفي يوم الجمعة ساعة لايحتجم فيها أحد إلا مات(1).

البحار: أقول: ورأيت رسالة قديمة قال فيها: حدّثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القميّ (رحمه اللّه)، عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه بن أبي خلف قال: حدّثنا أحمد ابن أبي عبداللّه البرقيّ، ومحمّد بن عيسى اليقطينيّ، عن القاسم بن يحيى، وحدّث أيضا عن أبيه ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقيّ، عن القاسم بن يحيى بن حسن بن راشد، عن جدّه، عن أبي بصير ومحمّد ابن مسلم، عن أبي عبداللّه وأبي جعفر (عليهما السّلام) قال: حدّثنا أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) وساق الحديث نحوه باختلافات يسيرة(2).

ص:752


1- - الخصال: ص 610 ح 10. منه البحار: ج 10 ص 89.
2- (2) - البحار: ج 10 ص 116.

من مواعظ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

5280 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق قال: حدثنا احمد بن محمد الهمداني قال: حدثنا الحسن بن القاسم قراءة قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن المعلى(1) قال: حدثنا ابو عبداللّه محمد بن خالد قال: حدثنا عبداللّه بن بكر المرادي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن الحسين (عليهم السّلام) قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السّلام) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبّئهم(2) للحرب إذ أتاه شيخ عليه شحبة السّفر(3)

فقال: أين أمير المؤمنين؟

فقيل: هو ذا، فسلّم عليه ثمّ قال: يا أمير المؤمنين إنّي أتيتك من

ص:753


1- - علي بن ابراهيم، عن المعلى - أمالي الطوسي
2- (2) - عبّأ الجيش للحرب: جهّزهم. (أقرب الموارد).
3- (3) - شخبة السفر - معاني الاخبار، شحب شحوبة: تغير من هزال أو عمل أو جوع أو سفر. (لسان العرب).

ناحية الشام وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لااحصي، وإنّي أظنّك ستغتال(1) فعلّمني ممّا علّمك الله.

قال: نعم يا شيخ.

من اعتدل يوماه فهو مغبون.

ومن كانت الدّنيا همّته اشتدّت حسرته عند فراقها.

ومن كان غده شرّ يوميه فمحروم.

ومن لم يبال بما رزء(2) من اخرته - إذا سلمت له دنياه - فهو هالك.

ومن لم يتعاهد النّقص من نفسه غلب عليه الهوى.

ومن كان في نقص فالموت خير له.

[يا شيخ إنّ الدّنيا خضرة حلوة ولها أهل وإنّ الآخرة لها أهل، ظلفت(3) أنفسهم عن مفاخرة أهل الدّنيا، لايتنافسون في الدّنيا، ولا يفرحون بغضارتها، ولا يحزنون لبؤسها.

يا شيخ: من خاف البيات قلّ نومه، ما أسرع اللّيالي والأيّام في عمر العبد، فاخزن لسانك، وعدّ كلامك يقلّ كلامك إلاّ بخير](4).

يا شيخ: ارض للناس ما ترضى لنفسك، وأت إلى الناس ما تحبّ أن يؤتى إليك.

ثمّ أقبل على أصحابه فقال: أيّها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا

ص:754


1- - اغتاله: قتله على غفلة منه.
2- (2) - ما رزء - معاني الاخبار، رزء الشيء: نقصه. (اقرب الموارد).
3- (3) - ظلمه عنه: ابعده عنه. (أقرب الموارد).
4- (4) - ما بين المعقوفتين ليس في معاني الأخبار.

يمسون ويصبحون على أحوال شتّى؟ فبين صريع يتلوّى، وبين عائد ومعود وآخر بنفسه يجود، وآخر لايرجى وآخر مسجّى وطالب الدّنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يصير الباقي.

فقال له زيد بن صوحان العبديّ: يا أمير المؤمنين أيّ سلطان أغلب وأقوى؟

قال: الهوى.

قال: فأيّ ذل أذل؟

قال: الحرص على الدّنيا.

قال: فأي فقر أشدّ؟

قال: الكفر بعد الايمان.

قال: فأيّ دعوة أضلّ؟

قال: الدّاعي بما لايكون.

قال: [فأيّ عمل أفضل؟

قال: التقوي](1).

قال: فأي عمل أنجح؟

قال: طلب ما عند اللّه.

قال: فأيّ صاحب شرّ؟

قال: المزيّن لك معصية اللّه.

قال: فأيّ الخلق أشقى؟

قال: من باع دينه بدنيا غيره.

ص:755


1- - ما بين المعقوفتين من معاني الاخبار.

قال: فأيّ الخلق أقوى؟

قال: الحليم.

قال: فأيّ الخلق أشحّ؟

قال: من أخذ المال من غير حلّه فجعله في غير حقّه.

قال: فأيّ الناس أكيس؟

قال: من أبصر رشده من غيّه فمال إلى رشده.

قال: فمن أحلم الناس؟

قال: الّذي لايغضب.

قال: فأيّ الناس أثبت رأيا؟

قال: من لم يغرّه الناس من نفسه ولم تغرّه الدّنيا بتشوّفها(1).

قال: فأيّ الناس أحمق؟

قال: المغترّ بالدّنيا وهو يري ما فيها من تقلّب احوالها.

قال: فأيّ الناس أشدّ حسرة؟

قال: الّذي حرم الدّنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.

قال: فأيّ الخلق أعمى؟

قال: الّذي عمل لغير اللّه، يطلب بعمله الثواب من عند الله (عزوجل).

قال: فأيّ القنوع أفضل؟

قال: القانع بما أعطاه اللّه.

قال: فأي المصائب أشدّ؟

قال: المصيبة بالدّين.

ص:756


1- - تشوّف: تزيّن. (أقرب الموارد).

قال: فأيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه (عزّوجلّ)؟

قال: انتظار الفرج.

قال: فأيّ الناس خير عند اللّه (عزّوجلّ)؟

قال: أخوفهم للّه وأعملهم بالتقوى وأزهدهم في الدّنيا.

قال: فأيّ الكلام أفضل عند اللّه (عزّوجلّ)؟

قال: كثره ذكره والتضرّع إليه ودعاؤه(1).

قال: فأيّ القول أصدق؟

قال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه.

قال: فأيّ الاعمال أعظم عند اللّه (عزّوجلّ)؟

قال: التسليم والورع.

قال: فأيّ الناس أكرم(2)؟

قال: من صدّق في المواطن.

ثمّ أقبل (عليه السّلام) على الشيخ فقال: يا شيخ إنّ اللّه (عزّوجلّ) خلق خلقا ضيّق الدّنيا عليهم نظرا لهم، فزهّدهم فيها وفي حطامها، فرغبوا في دار السّلام التي دعاهم إليها وصبروا على ضيق المعيشة، وصبروا على المكروه، واشتاقوا الى ما عند اللّه من الكرامة، وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان اللّه، وكانت خاتمة أعمالهم الشّهادة فلقوا اللّه وهو عنهم راض، وعلموا أنّ الموت سبيل من مضى ومن بقي، فتزوّدوا لآخرتهم غير الذّهب والفضّة، ولبسوا الخشن، وصبروا على القوت(3) وقدموا الفضل، وأحبّوا في اللّه (عزّوجلّ)، وأبغضوا

ص:757


1- - والدّعاء - معاني الاخبار.
2- (2) - فأيّ الناس أصدق - معاني الاخبار.
3- (3) - وصبروا على الذل - معاني الاخبار.

في اللّه (عزّوجلّ)، اولئك المصابيح [في الدّنيا](1) وأهل النعيم في الآخرة والسلام.

فقال الشيخ: فأين أذهب وأدع الجنّة وأنا أراها وأرى أهلها معك يا أمير المؤمنين؟

جهّزني بقوّة أتقوّى بها على عدوّك.

فأعطاه أمير المؤمنين (عليه السّلام) سلاحا وحمله فكان(2) في الحرب بين يدي أمير المؤمنين (عليه السّلام) يضرب قدما [قدما](3) وأمير المؤمنين (عليه السّلام) يعجب ممّا يصنع، فلمّا اشتدّت الحرب أقدم فرسه حتّى قتل رحمه اللّه وتبعه(4) رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) فوجده صريعا ووجد دابّته ووجد سيفه في ذراعه فلمّا انقضت الحرب أتى أمير المؤمنين (عليه السّلام) بدابّته وسلاحه وصلّى أمير المؤمنين (عليه السّلام) عليه وقال: هذا واللّه لسعيد(5) حقّا فترحّموا على أخيكم(6).

معاني الاخبار: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق بهذا الاسناد، عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السّلام) مثله(7).

أمالي الطوسي: أخبرنا أبو عبداللّه الحسين بن عبيداللّه

ص:758


1- - ما بين المعقوفتين من معاني الاخبار.
2- (2) - وكان - معاني الاخبار.
3- (3) - ما بين المعقوفتين من معاني الاخبار.
4- (4) - وأتبعه - معاني الاخبار.
5- (5) - السعيد - معاني الاخبار.
6- (6) - أمالي الصدوق: ص 321 ح 4.
7- (7) - معاني الاخبار: ص 197 ح 4.

الغضائري قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي بهذا الاسناد، عن علي بن الحسين (عليه السّلام) قال: بينما أمير المؤمنين (عليه السّلام) ذات يوم... وذكر نحوه(1).

5281 - أمالي الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال.

حدثنا الفضل بن محمد البيهقي قال: حدثنا هارون بن عمرو المجاشعي قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد قال: حدثنا أبى أبو عبداللّه (عليه السّلام).

قال المجاشعي: وحدثناه الرضا علي بن موسى (عليهم السّلام)، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبداللّه جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: سمعت عليا (عليه السّلام) يقول: لاتتركوا حجّ بيت ربّكم لايخلو منكم ما بقيتم، فإنكم إن تركتموه لم تنظروا، وان أدنى ما يرجع به من أتاه ان يغفر له ما سلف.

وأوصيكم بالصّلاة وحفظها فإنّها خير العمل وهي عمود دينكم.

وبالزّكاة فإني سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول.

الزّكاة قنطرة الاسلام، فمن أدّاها جاز القنطرة، ومن منعها إحتبس دونها، وهي تطفيء غضب الربّ.

وعليكم بصيام شهر رمضان فإن صيامه جنّة حصينة من النّار، وفقراء المسلمين أشركوهم في معيشتكم.

والجهاد في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم، فانما يجاهد في سبيل

ص:759


1- - أمالي الطوسي: ص 434 ح 974. منها البحار: ج 77 ص 376-379.

اللّه رجلان: امام هدى أو مطيع له مقتد بهداه، وذرّية نبيّكم (صلّى اللّه عليه وآله) لايظلمون بين أظهركم، وأنتم تقدرون على الدفع عنهم.

وأوصيكم بأصحاب نبيّكم، لاتسبّوهم، وهم الذين لم يحدثوا بعده حدثا، ولم يأووا محدثا، فإن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أوصى بهم.

وأوصيكم بنسائكم، وما ملكت أيمانكم.

ولا يأخذنكم في اللّه لومة لائم، يكفكم اللّه من أرادكم وبغى عليكم.

وقولوا للنّاس حسنا كما أمركم اللّه (عزّوجلّ).

ولا تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولي اللّه اموركم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم.

وعليكم بالتواضع والتباذل، وإيّاكم والتقاطع والتدابر والتّفرق، وتعاونوا على البرّ والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتّقوا اللّه، إن اللّه شديد العقاب(1).

5282 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عمّن ذكره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال.

قيل لامير المؤمنين (عليه السّلام): عظنا وأوجز.

فقال: الدّنيا حلالها حساب وحرامها عقاب وأنّى لكم بالرّوح ولمّا تأسّوا بسنّة نبيّكم؟! تطلبون ما يطغيكم ولا ترضون ما

ص:760


1- - أمالي الطوسي: ص 522 ح 1157. منه البحار: ج 22 ص 305.

يكفيكم(1) و(2).

5283 - قرب الاسناد: السندي بن محمد البزاز قال: حدثني أبو البختريّ، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) أنّ عليّا (عليه السّلام) قال لرجل وهو يوصيه: خذ منّي خمسا: لايرجونّ أحد إلاّ ربّه، ولا يخاف إلاّ ذنبه، ولا يستحي أن يتعلّم ما لم يعلم، ولا يستحي إذا سئل عمّا لم يعلم أن يقول لا أعلم، واعلموا أنّ الصبر من الإيمان بمنزلة الرّأس من الجسد(3).

5284 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: قال عليّ (عليه السّلام): ما مليء بيت قطّ خيره إلاّ أوشك أن يملأ غيره، ولامليء بيت قطّ غيره إلاّ أن يوشك أن يملأ خيره(4) و(5).

ص:761


1- - المراد بالرّوح: الراحة والخلاص من أهوال القيامة. والمراد بسنة النبي (صلّى اللّه عليه وآله): طريقته في ترك الدنيا والزهد فيها وترك طلب الفضول كما قال (صلّى اللّه عليه وآله): «اللهمّ ارزق محمدا وآل محمّد العفاف والكفاف»، أو الاعم منها، فإنّ من صرف عمره في طلب فضول الدّنيا لايمكنه الاتيان بها. «تطلبون ما يطغيكم» إشارة الى قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى سورة العلق 96:7. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 2 ص 459 ح 23.
3- (3) - قرب الاسناد: ص 72. منه البحار: ج 77 ص 398.
4- (4) - كذا. ويمكن أن يتكلف في معناه ويقال: المراد من غيره تغير الحال وانتقالها عن الصلاح الى الفساد وذلك لما تحقق من أن الشيء اذا جاوز حده انعكس ضده. لكن الظاهر أنّ فيه تصحيف والصحيح «ما مليء بيت قط حبرة الاّ أوشك أن يملاء عبرة، وما مليء بيت قط عبرة الاّ يوشك أن يملاء حبرة» والحبرة - بالفتح -: النعمة وسعة العيش، والعبرة: - بالفتح -: الدمعة قبل أن تفيض أو الحزن بلابكاء ذكرهما الفيروزآبادي «هامش البحار».
5- (5) - قرب الاسناد: ص 57. منه البحار: ج 77 ص 397.

5285 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا علي بن أحمد ابن عمران الدقاق قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال: حدثنا أبو تراب عبيداللّه بن [موسى](1) الروياني، عن عبدالعظيم بن عبداللّه الحسني قال: قلت لابي جعفر محمّد بن عليّ الرضا (عليهما السّلام).

يابن رسول اللّه حدّثني بحديث عن آبائك (عليهم السّلام).

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): لايزال النّاس بخير ما تفاوتوا فإذا استووا هلكوا.

قال: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه.

فقال: حدثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): لو تكاشفتم ما تدافنتم.

قال: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بطلاقة الوجه وحسن اللّقاء فإنّي سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: «إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم».

قال: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): من عتب على الزّمان طالت معتبته.

ص:762


1- ما بين المعقوفتين ليس في أمالي الصدوق.

قال: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): مجالسة الأشرار تورث سوء الظن با لأخيار.

قال: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه.

قال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): بئس الزّاد إلى المعاد العدوان على العباد.

قال: فقلت له: زدنى يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): قيمة كلّ امرء ما يحسنه.

قال: فقلت له: زدنى يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): المرء مخبوّ تحت لسانه.

قال: فقلت له: زدنى يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): ما هلك امرء عرف قدره.

قال: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): التدبير قبل العمل يؤمنك من النّدم.

قال: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

ص:763

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): من وثق بالزّمان صرع.

قال: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال امير المؤمنين (عليه السّلام): خاطر بنفسه من استغنى [برأيه](1).

قال: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): قلّة العيال أحد اليسارين.

قال: فقلت له: زدنى يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): من دخله العجب هلك.

قال: فقلت له: زدنى يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): من أيقن بالخلف جاد بالعطيّة.

قال: فقلت له: زدنى يابن رسول اللّه.

فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السّلام) قال.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): من رضي بالعافية ممّن دونه رزق السّلامة ممّن فوقه.

قال: فقلت له: حسبي(2).

أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا علي بن

ص:764


1- - ما بين المعقوفتين من أمالي الصدوق.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 53 ح 204.

أحمد بن موسى بهذا الاسناد مثله(1).

5286 - أمالي الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل قال.

حدثنا عبداللّه بن أبي داود السجستانيّ قال: حدثنا ابراهيم بن الحسن المقسمي الطّرسوسي، قال: حدثنا بشير بن زاذان، عن عمر(2) بن صبيح، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام)، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) أنّه قال: انّما الدّنيا عناء وفناء، وعبر وغير، فمن فنائها أنّ الدّهر موتر قوسه، مفوق نبله، يصيب الحيّ بالموت، والصحيح بالسّقم، ومن عنائها أنّ المرء يجمع ما لايأكل، ويبني ما لايسكن، ومن عبرها أنّك ترى المغبوط مرحوما [أو المرحوم مغبوطا](3)

ليس بينهما إلاّ نعيم زال أو بؤس نزل، ومن غيرها أنّ المرء يشرف عليه أمله فيختطفه دونه أجله.

قال: وقال عليّ (عليه السّلام): أربع للمرء لاعليه: الايمان والشّكر فانّ اللّه تعالى يقول: ما يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَ آمَنْتُمْ (4) والاستغفار فانّه قال: وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (5) والدّعاء فانّه قال تعالى: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ (6) و(7).

ص:765


1- - أمالي الصدوق: ص 362 ح 9. منهما البحار: ج 77 ص 383.
2- (2) - عمرو - البحار.
3- (3) - ما بين المعقوفتين من البحار.
4- (4) - النساء 4:147.
5- (5) - الانفال 8:33.
6- (6) - الفرقان 25:77.
7- (7) - أمالي الطوسي: ص 493 ح 1081. منه البحار: ج 77 ص 404.

5287 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم الاسترآبادي قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): كم من غافل ينسج ثوبا ليلبسه وإنما هو كفنه، ويبني بيتا ليسكنه وانما هو موضع قبره؟! وقيل لأمير المؤمنين (عليه السّلام): ما الاستعداد للموت؟

قال: اداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتمال على المكارم، ثم لايبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه، واللّه ما يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت ام وقع الموت عليه.

وقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) في بعض خطبه: أيّها الناس [الا] ان الدّنيا دار فناء والآخرة دار بقاء فخذوا من ممرّكم لمقرّكم، ولا تهتكوا استاركم عند من لايخفى عليه اسراركم، واخرجوا من الدّنيا قلوبكم من قبل أن تخرج منها ابدانكم ففي الدّنيا حييتم [حبستم] وللآخرة خلقتم، انما الدّنيا كالسمّ يأكله من لايعرفه، ان العبد اذا مات قالت الملائكة: ما قدم؟ وقال الناس: ما أخّر؟ [فقدموا] فضلا يكن لكم ولا تؤخّروا كلا(1) يكن [حسرة] عليكم فان المحروم من حرم خير ماله والمغبوط من ثقل بالصّدقات والخيرات موازينه واحسن

ص:766


1- - كيلا - عيون أخبار الرضا.

في الجنة بها مهاده وطيب على الصراط بها مسلكه(1).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الاسناد مثله(2).

5288 - الخصال: حدثنا احمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أبي، وسعد بن عبداللّه، قالا: حدثنا احمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن الاوّل، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): عشرة يفتنون أنفسهم وغيرهم: ذو العلم القليل يتكلّف أن يعلّم النّاس كثيرا، والرّجل الحليم ذو العلم الكثير ليس بذي فطنة، والّذي يطلب ما لايدرك ولا ينبغي له، والكادّ غير المتّئد(3)، والمتّئد: الّذي ليس له مع تؤدته علم، وعالم غير مريد للصّلاح، ومريد للصّلاح ليس بعالم، والعالم يحبّ الدّنيا، والرّحيم بالناس يبخل بما عنده، وطالب العلم يجادل فيه من هو أعلم، فاذا علّمه لم يقبل منه(4).

5289 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: اخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو احمد عبيداللّه بن الحسين بن ابراهيم العلوي النصيبي قال: حدثني محمد بن علي بن موسى الرضا، عن أبيه علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر

ص:767


1- - أمالي الصدوق: ص 97 ح 8. منه البحار: ج 77 ص 382.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 297 ح 54-56. منه البحار: ج 77 ص 401.
3- (3) - التؤدة: التأنّي والرزانة ضد التسرع. (مجمع البحرين).
4- (4) - الخصال: ص 437 ح 2 5. منه البحار: 77 ص 46.

ابن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): الهيبة خيبة، والفرصة خلسة، والحكمة ضالّة المؤمن، فاطلبوها ولو عند المشرك، تكونوا أحق بها وأهلها(1).

5290 - أمالي الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال.

حدثنا أبو احمد عبيداللّه بن الحسين بن ابراهيم العلوي قال: حدثني أبي قال: حدثني عبدالعظيم بن عبداللّه الحسني الرازي، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: قلت أربعا أنزل اللّه تعالى تصديقي بها في كتابه.

قلت: المرء مخبوّء تحت لسانه فاذا تكلّم ظهر، فأنزل اللّه تعالى.

وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ (2).

قلت: من جهل شيئا عاداه، فأنزل اللّه: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ (3).

قلت: قدر - أو قال: قيمة - كلّ امرء ما يحسن، فأنزل اللّه في قصّة طالوت: إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ (4).

وقلت: القتل يقلّ القتل، فأنزل اللّه: وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ

ص:768


1- - أمالي الطوسي: ص 625 ح 1290. منه البحار: ج 78 ص 34.
2- (2) - سورة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:30.
3- (3) - يونس 10:39.
4- (4) - البقرة 2:247.

يا أُولِي الْأَلْبابِ (1) و(2).

5291 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن النعمان أو غيره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه ذكر هذه الخطبة لأمير المؤمنين (عليه السّلام) يوم الجمعة.

«الحمد للّه أهل الحمد ووليّه ومنتهى الحمد ومحلّه، البديء البديع، الاجل الأعظم، الأعزّ الأكرم، المتوحّد بالكبرياء، والمتفرّد بالآلاء، القاهر بعزّه، والمسلّط بقهره، الممتنع بقوّته، المهيمن بقدرته، والمتعالي فوق كلّ شيء بجبروته، المحمود بامتنانه وبإحسانه، المتفضّل بعطائه وجزيل فوائده، الموسّع برزقه، المسبغ بنعمه، نحمده على آلائه وتظاهر نعمائه حمدا يزن عظمة جلاله ويملأ قدر آلائه وكبريائه.

وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له، الّذي كان في أوّليّته متقادما وفي ديموميّته متسيطرا(3)، خضع الخلائق لوحدانيّته وربوبيّته وقديم أزليّته ودانوا لدوام أبديّته(4).

وأشهد أنّ محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) عبده ورسوله وخيرته

ص:769


1- - البقرة 2:179.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 494 ح 1082. منه البحار: ج 77 ص 40 4.
3- (3) - قوله (عليه السّلام): «وتظاهر نعمائه» أي تتابعها. وقوله (عليه السّلام): «متقادما) أي علي جميع الاشياء. وقوله (عليه السّلام): «متسيطرا» قال الفيروزآبادي: المسيطر: الرّقيب الحافظ. أي هو في دوامه مسلط على جميع خلقه، أو حافظ رقيب كان عالما بهم وبأفعالهم قبل خلقهم، وهو مطّلع عليهم بعده. (مرآة العقول).
4- (4) - أي أقرّوا وأذعنوا بدوام أبديته أو أطاعوا وخضعوا وذلوا له لكونه دائم الأبديّة ولا مناص لهم عن حكمه. (مرآة العقول).

من خلقه اختاره بعلمه واصطفاه لوحيه وائتمنه على سرّه وارتضاه لخلقه وانتدبه لعظيم أمره ولضياء معالم دينه ومناهج سبيله ومفتاح وحيه وسببا لباب رحمته، ابتعثه على حين فترة من الرّسل وهدأة من العلم(1) واختلاف من الملل وضلال عن الحقّ وجهالة بالرب وكفر بالبعث والوعد، أرسله إلى النّاس أجمعين رحمة للعالمين بكتاب كريم قد فضّله وفصّله وبيّنه وأوضحه وأعزه وحفظه من أن يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه تنزيل من حكيم حميد، ضرب للناس فيه الامثال وصرّف فيه الآيات لعلّهم يعقلون، أحلّ فيه الحلال وحرم فيه الحرام وشرع فيه الدّين لعباده عذرا ونذرا لئلاّ يكون للنّاس على اللّه حجّة بعد الرّسل ويكون بلاغا لقوم عابدين فبلّغ رسالته وجاهد في سبيله وعبده حتّى أتاه اليقين (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) تسليما كثيرا.

اوصيكم عباد اللّه واوصي نفسي بتقوى اللّه الّذي ابتدأ بدأ الامور بعلمه وإليه يصير غدا ميعادها وبيده فناؤها وفناؤكم وتصرّم أيّامكم وفناء آجالكم وانقطاع مدّتكم فكأن قد زالت عن قليل عنّا وعنكم كما زالت عمّن كان قبلكم فاجعلوا عباد اللّه اجتهادكم في هذه الدّنيا التزوّد من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل فإنّها دار عمل والآخرة دار القرار والجزاء، فتجافوا عنها فإنّ المغترّ من اغترّ بها، لن تعدوا الدّنيا إذا تناهت إليها امنيّة أهل الرّغبة فيها المحبّين لها، المطمئنين إليها، المفتونين بها أن تكون كما قال اللّه (عزّوجلّ): كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ وَ الْأَنْعامُ (2) الآية

ص:770


1- - الهدأة - بفتح الهاء وسكون الدال -: السكون عن الحركات. (مرآة العقول).
2- (2) يونس 10:24.

مع أنّه لم يصب امرء منكم في هذه الدّنيا حبرة إلاّ أورثته عبرة(1)

ولا يصبح فيها في جناح آمن إلاّ وهو يخاف فيها نزول جائحة(2) أو تغير نعمة أو زوال عافية مع أن الموت من وراء ذلك وهول المطّلع والوقوف بين يدي الحكم العدل تجزى كلّ نفس بما عملت لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (3).

فاتقوا اللّه (عزّ ذكره) وسارعوا إلى رضوان اللّه والعمل بطاعته والتقرّب إليه بكلّ ما فيه الرّضا فإنّه قريب مجيب، جعلنا اللّه وإيّاكم ممّن يعمل بمحابّه ويجتنب سخطه ثمّ إنّ أحسن القصص وأبلغ الموعظة وأنفع التذكر كتاب اللّه جلّ وعزّ قال اللّه (عزّوجلّ): وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (4).

أستعيذ باللّه من الشيطان الرّجيم بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ (5)إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (6) اللّهمّ صلّ على

ص:771


1- - الحبرة - بالفتح -: السرور والنعمة، والعبرة - بالفتح -: الدمعة قبل أن تفيض، وقيل: تردد البكاد في الصدر، وقيل: الحزن بلابكاء. (أقرب الموارد).
2- (2) - الجائحة: الشدّة وا لنازلة العظيمة. (أقرب الموارد).
3- (3) - النجم 53:31.
4- (4) - الاعراف 7:204.
5- (5) - العصر 103:1-3.
6- (6) - الاحزاب 33:56.

محمّد وآل محمّد وبارك على محمّد وآل محمّد وتحنّن(1) على محمّد وآل محمّد وسلّم على محمّد وآل محمّد كأفضل ما صلّيت وباركت وترحّمت وتحنّنت وسلّمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد، اللهمّ أعط محمّدا الوسيلة والشرف والفضيلة والمنزلة الكريمة، اللهمّ اجعل محمّدا وآل محمّد أعظم الخلائق كلّهم شرفا يوم القيامة وأقربهم منك مقعدا وأوجههم عندك يوم القيامة جاها وأفضلهم عندك منزلة ونصيبا، اللهمّ أعط محمّدا أشرف المقام وحباء السلام(2) وشفاعة الإسلام، اللهمّ وألحقنا به غير خزايا ولا ناكبين(3) ولا نادمين ولا مبدّلين إله الحق آمين».

ثمّ جلس (عليه السّلام) قليلا ثمّ قام فقال.

«الحمد للّه أحقّ من خشي وحمد وأفضل من اتّقي وعبد وأولى من عظّم ومجّد نحمده لعظيم غنائه، وجزيل عطائه، وتظاهر نعمائه، وحسن بلائه، ونؤمن بهداه الذي لايخبو ضياؤه ولا يتمهّد سناؤه(4)

ولا يوهن عراه ونعوذ باللّه من سوء كلّ الرّيب(5) وظلم الفتن ونستغفره

ص:772


1- - تحنن عليه: ترحم. السان العرب).
2- (2) - الحباء: العطاء، أي أعطه عطية سلامتك بان يكون سالما عن جميع ما يوجب نقصا أو خزيا. (مرآة العقول).
3- (3) - قوله (عليه السّلام): «ولا ناكبين» أي عادلين متنكبين عن طريق الحق - وفي حاشية المرآة - «ولا ناكثين» أي للعهد والبيعة. (مرآة العقول).
4- (4) - قوله (عليه السّلام): «وحسن بلائه» أي نعمته وقوله: «لايخبو» يقال: خبت النار: أي سكنت. وقوله: «ولا يتمهد» التمهد: الانبساط، وفي بعض النسخ (ولا يهمد سناؤه» الهمود: طفؤ النار، والسنا - مقصورا -: ضوء البرق، - وممدودا -: الرفعة. (مرآة العقول).
5- (5) - أي من شرّ كلّ شك وشبهة يعترى في الدين. (مرآة العقول).

من مكاسب الذّنوب ونستعصمه من مساوي الاعمال ومكاره الآمال والهجوم في الأهوال ومشاركة أهل الرّيب والرّضا بما يعمل الفجّار في الارض بغير الحقّ، اللهمّ اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والأموات الّذين توفّيتهم على دينك وملّة نبيّك (صلّى اللّه عليه وآله)، اللهمّ تقبّل حسناتهم وتجاوز عن سيّئاتهم وأدخل عليهم الرّحمة والمغفرة والرضوان واغفر للأحياء من المؤمنين والمؤمنات الّذين وحّدوك وصدّقوا رسولك وتمسّكوا بدينك وعملوا بفرائضك واقتدوا بنبيّك وسنّوا سنّتك وأحلّوا حلالك وحرّموا حرامك وخافوا عقابك ورجوا ثوابك ووالوا أولياءك وعادوا أعداءك، اللهمّ اقبل حسناتهم وتجاوز عن سيّئاتهم وأدخلهم برحمتك في عبادك الصالحين إله الحقّ آمين»(1).

5292 - الكافي: أحمد بن محمّد الكوفي، عن جعفر بن عبداللّه المحمّدي، عن أبي روح فرج بن قرّة، عن جعفر بن عبداللّه، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السّلام) بالمدينة فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيّ وآله ثم قال.

أمّا بعد فإنّ اللّه (تبارك وتعالى) لم يقصم جبّاري دهر إلّا من بعد تمهيل ورخاء، ولم يجبر كسر عظم من الامم إلاّ بعد أزل وبلاء(2).

أيّها الناس: في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر وما كلّ ذي قلب بلبيب ولاكلّ ذي سمع بسميع ولاكلّ ذي ناظر

ص:773


1- - الكافي: ج 8 ص 173 ح 194.
2- (2) - الازل: الضيق. (أقرب الموارد).

عين ببصير.

عباد اللّه: أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه(1)، ثمّ انظروا إلى عرصات من قد أقاده اللّه بعلمه(2)، كانوا على سنّة من آل فرعون أهل جنات وعيون وزروع ومقام كريم، ثمّ انظروا بما ختم اللّه لهم بعد النضرة والسرور والأمر والنهي ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان، واللّه مخلّدون وللّه عاقبة الامور.

فياعجبا!! ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لايقتصّون أثر نبيّ ولا يقتدون بعمل وصيّ ولا يؤمنون بغيب ولا يعفون عن عيب، المعروف فيهم ماعرفوا والمنكر عندهم ما أنكروا وكلّ امريء منهم إمام نفسه، آخذ منها فيما يري بعري وثيقات وأسباب محكمات فلا يزالون بجور ولن يزدادوا إلاّ خطأ، لاينالون تقرّبا ولن يزدادوا إلاّ بعدا من اللّه (عزّوجلّ)، انس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض كلّ ذلك وحشة ممّا ورّث النبيّ الامّي (صلّى اللّه عليه وآله) ونفورا مما أدّى إليهم من أخبار فاطر السّماوات والارض، أهل حسرات، وكهوف شبهات وأهل عشوات وضلالة وريبة، من وكله اللّه إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله، غير المتّهم عند من لايعرفه، فما أشبه هؤلاء بانعام قد غاب عنها رعاؤها وواأسفا من فعلات شيعتي من بعد قرب مودّتها اليوم كيف يستذلّ بعدي بعضها بعضا وكيف يقتل بعضها بعضا، المتشتة غدا عن الأصل النازلة بالفرع، والمؤمّلة الفتح من غير جهته، كلّ حزب

ص:774


1- - أي فيما يهمّكم. وفي بعض النسخ باعجام الغين وهو تصحيف. (الوافي).
2- (2) - من القود فانهم قد أصابوا دماءا بغير حق. (الوافي).

منهم آخذ [منه] بغصن، أينما مال الغصن مال معه، مع أنّ اللّه - وله الحمد - سيجمع هؤلاء لشرّ يوم لبني اميّة كما يجمع قزع الخريف(1)

يؤلّف اللّه بينهم، ثمّ يجعلهم ركاما كركام السحاب(2)، ثمّ يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين سيل العرم(3) حيث بعث عليه فارة فلم يثبت عليه أكمة ولم يردّ سننه رضّ طود يذعذعهم اللّه(4) في بطون أودية ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ويمكن بهم قوما في ديار قوم تشريدا لبني اميّة ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع(5) اللّه بهم ركنا وينقض بهم طيّ الجنادل من إرم ويملأ منهم بطنان الزيتون(6) فوالّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ليكوننّ ذلك وكأنّي

ص:775


1- - القزع: قطع من السحاب متفرقة صغار. (أقرب الموارد).
2- (2) - الركام: الشيء المتراكم بعضه فوق بعض والسحاب المتراكم. (أقرب الموارد).
3- (3) - أي محلّ انبعاثهم وتهييجهم، وكأنه أشار (عليه السّلام) بذلك الى فتن أبي مسلم المروزي واستئصالهم لبني امية، وانما شبههم بسيل العرم لتخريبهم البلاد وأهلها. والعرم - جمع عرمة -: وهي الحجارة المركومة. (الوافي).
4- (4) - الأكمة: التلّ. رضّه: دقّه وجرشه (حكه). الطود: الجبل العظيم ذعذع المال وغيّره: بدّده وفرّقه. (أقرب الموارد).
5- (5) - ضعضعه: هدمه حتى الارض. (أقرب الموارد).
6- (6) - الجنادل - جمع جندل - وهو ما يقلّه الرجل من الحجارة، أي ينقض اللّه ويكسر بهم البنيان التي طويت وبنيت بالجنادل والاحجار من بلاد إرم وهي دمشق والشام إذ كان مستقر ملكهم في أكثر الازمان تلك البلاد لاسيما زمانه (صلّى اللّه عليه وآله) وقال الفيروزآبادي: الزيتون: مسجد دمشق أو جبال الشام أو بلد بالصين. (مرآة العقول).

أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم(1) وأيم اللّه ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ والتمكين في البلاد كما تذوب الألية على النار، من مات منهم مات ضالا وإلى اللّه (عزّوجلّ) يفضي منهم من درج(2) ويتوب اللّه (عزّوجلّ) على من تاب ولعلّ اللّه يجمع شيعتي بعد التشتّت لشرّ يوم لهؤلاء وليس لاحد على اللّه (عزّ ذكره) الخيرة بل للّه الخيرة والأمر جميعا.

أيّها الناس: إنّ المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير ولو لم تتخاذلوا عن مرّ الحقّ ولم تهنوا عن توهين الباطل لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم ولم يقومن قوي عليكم وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها(3) لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى [بن عمران] (عليه السّلام) ولعمري ليضاعفنّ عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدّة سلطان بني اميّة لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة

ص:776


1- - الصهيل - كأمير -: صوت الفرس. «وطمطمة رجالهم» قال الفيروزآبادي: رجل طمطم، وطمطمي: في لسانه عجمة، وأشار (عليه السّلام) بذلك إلى أن اكثر عسكرهم من العجم، لأنّ عسكر أبي مسلم كان من خراسان.
2- (2) - «وايم اللّه ليذوبن.. الى آخره» الظاهر ان هذا من تتمة بيان إنقراض ملك بنو امية وسرعة زواله، ويحتمل أن يكون إشارة إلى إنقراض هؤلاء الغالبين من بني عباس. «وإلى اللّه (عزّوجلّ) يفضي منهم من درج» أي يوصل - وفي حاشية المرآة - «يقضي منهم من درج» بمعنى القضاء والمحاكمة أو الانهاء والايصال كما في قوله تعالى: وَ قَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ الحجر 15:66، ودرج بمعنى مات، أي من مات ضالا وأمره إلى اللّه يعذبه كيف يشاء. (مرآة العقول).
3- (3) - زوى الشيء: نحّاه وصرفه. (أقرب الموارد).

وأحييتم الباطل وخلّفتم الحقّ وراء ظهوركم وقطعتم الأدنى من أهل بدر ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء وقرب الوعد وانقضت المدّة وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ولاح لكم القمر المنير، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة واعلموا أنّكم إن اتّبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرّسول (صلّى اللّه عليه وآله) فتداويتم من العمى والصمم والبكم وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف ونبذتم الثقل الفادح(1) عن الاعناق ولا يبعّد اللّه إلاّ من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (2) و(3).

5293 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، ويعقوب السّراج، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر فقال.

الحمد للّه الّذي علا فاستعلى ودنا فتعالى وارتفع فوق كلّ منظر وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيّين وحجة اللّه على العالمين مصدّقا للرّسل الاولين وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما فصلّى اللّه وملائكته عليه وعلى آله.

أمّا بعد: أيّها الناس فإنّ البغي يقود أصحابه إلى النار وإنّ أوّل

ص:777


1- - وجده فادحا: أي مثقلا صعبا. (أقرب الموارد). أي طرحتم الديون المثقلة، ومظالم العباد، او إطاعة أهل الجور وظلمهم عليكم عن أعناقكم. (مرآة العقول).
2- (2) - الشعراء 26:227.
3- (3) - الكافي: ج 8 ص 63 ح 22.

من بغى على اللّه (جلّ ذكره) عناق بنت آدم وأوّل قتيل قتله اللّه عناق وكان مجلسها جريبا [من الارض](1) في جريب وكان لها عشرون إصبعا في كلّ إصبع ظفران مثل المنجلين فسلّط اللّه (عزّوجلّ) عليها أسدا كالفيل وذئبا كالبعير ونسرا مثل البغل فقتلوها وقد قتل اللّه الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا وأمات هامان وأهلك فرعون وقد قتل عثمان، ألا وإنّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) والّذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة ولتغربلنّ غربلة ولتساطنّ سوطة القدر(2) حتّى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقنّ سابقون [سبّاقون] كانوا قصّروا وليقصّرنّ سابقون [سبّاقون] كانوا سبقوا واللّه ما كتمت وشمة(3) ولا كذبت كذبة ولقد

ص:778


1- - جريب من الارض: مقدار معلوم ونقل عن قدامة الكاتب انه ثلاثة الاف وستمائة ذراع. (أقرب الموارد). أقول: لعل المراد من قوله: «وكان مجلسها جريبا من جريب» يعني: بيتها ومحل سكناها والله العالم.
2- (2) - قوله (عليه السّلام): «لتبلبلن بلبلة» البلبلة: الاختلاط. وقال ابن ميثم: وكنّى بهما عمّا يوقع بهم بنو أمية وغيرهم من أمراء الجور من الهموم المزعجة، وخلط بعضهم ببعض ورفع أراذلهم وحط أكابرهم. وقال الجزري: فيه «دنت الزلازل والبلابل» هي الهموم والأحزان، وبلبلة الصدر: وسواسه. «ولتغربلن» الظاهر انها مأخوذة من الغربال الذي يغربل به الدقيق، والظاهر أنّ المراد تميز جيدهم من رديهم ومؤمنهم من منافقهم وصالحهم من طالحهم بالفتن التي تعرض لهم، وقال ابن ميثم: هو كناية عن التقاط آحادهم وقصدهم بالاذى والقتل كما فعل بكثير من الصحابة والتابعين، قوله (عليه السّلام): «ولتساطن سوطة القدر» قال الجزري: ساط القدر بالمسوط، وهو خشبة يحرك بها ما فيها يختلط. (مرآة العقول).
3- (3) - قوله (عليه السّلام): «واللّه ما كتمت وشمة» أي كلمة ممّا أخبرني به الرّسول في هذه الواقعة أو ممّا امرت بإخباره مطلقا. (مرآة العقول).

نبّئت بهذا المقام وهذا اليوم، ألا وإنّ الخطايا خيل شمس(1) حمل عليها أهلها وخلعت لجمها فتقحّمت بهم في النار، ألا وإنّ التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها واعطوا أزمّتها فأوردتهم الجنّة وفتحت لهم أبوابها وجدوا ريحها وطيبها وقيل لهم: اُدْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (2)، ألا وقد سبقني إلى هذا الامر من لم أشركه فيه ومن لم أهبه له ومن ليست له منه نوبة إلاّ بنبيّ يبعث، ألا ولا نبيّ بعد محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)، أشرف منه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم. حقّ وباطل ولكلّ أهل، فلئن أمر الباطل لقديما فعلّ (3) ولئن قلّ الحقّ فلربّما ولعلّ ولقلّما أدبر شيء فأقبل ولئن ردّ عليكم أمركم أنّكم سعداء وما عليّ إلاّ الجهد وإني لاخشى أن تكونوا على فترة، ملتم عنّي ميلة كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي ولو أشاء لقلت: عفى اللّه عمّا سلف، سبق فيه الرجلان وقام الثالث كالغراب همّه بطنه، ويله! لو قصّ جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له، شغل عن الجنّة والنّار أمامه(4)، ثلاثة وإثنان خمسة ليس لهم سادس: ملك يطير بجناحيه ونبيّ أخذ اللّه

ص:779


1- - «خيل شمس» - بالضم -: جمع شموس وهي الدابة التي تمنع ظهرها ولا تطيع راكبها وهو مقابل الذلول. فشبّه (عليه السّلام) الخطايا بخيل صعاب إذا ركبها الناس ولا يستطيعون منعها، عن أن توردهم المهالك. (مرآة العقول).
2- (2) - الحجر 15:46.
3- (3) - أمر - كعلم - أمرا وأمرة: كثر. (أقرب الموارد).
4- (4) - قوله (عليه السّلام): شغل» أي بالدّنيا عن تحصيل الجنّة، والحال أنّ النّار كانت أمامه، فكان ينبغي ان لايشتغل مع هذا بشيء آخر سوى تحصيل الجنّة، والتخلّص من النار. (مرآة العقول).

بضبعيه(1) وساع مجتهد، وطالب يرجو، و مقصّر في النار، اليمين والشمال مضلّة، والطريق الوسطى هي الجادّة، عليها يأتي الكتاب وآثار النبوّة، هلك من ادّعى وخاب من افتري، إنّ اللّه أدّب هذه الامّة بالسّيف والسوط وليس لأحد عند الإمام فيهما هوادة(2) فاستتروا في بيوتكم وأصلحوا ذات بينكم والتوبة من ورائكم، من أبدى صفحته للحقّ هلك(3) و(4).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن يعقوب السرّاج، وعن علي ابن رئاب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه قال: لمّا بويع لأمير المؤمنين (عليه السّلام) بعد مقتل عثمان صعد المنبر وخطب خطبة ذكرها يقول فيها: الا ان بليتكم قد عادت... وذكر نحوه الى قوله.

بهذا المقام وهذا اليوم(5).

5294 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدثنا

ص:780


1- - قوله (عليه السّلام): «ثلاثة واثنان» الحاصل أن أحوال المخلوقين المكلفين تدور على خمسة، وإنّما فصّل الثلاثة عن الإثنين لأنّهم من المقرّبين المعصومين الناجين من غير شك، فلم يخلطهم بمن سواهم. والضبع - هنا -: وسط العضد، وقيل: هو ماتحت الابط. (مرآة العقول).
2- (2) - الهوادة: اللين والرفق. (أقرب الموارد).
3- (3) - صفحة كلّ شيء: وجهه، يعني من كاشف الحق مخاصما له هلك هلاكا اخرويا وهي كلمة جارية مجرى المثل. (الوافي).
4- (4) - الكافي: ج 8 ص 67 ح 23.
5- (5) - غيبة النعماني: ص 201 ح 1.

محمد بن عليّ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) خطب بالبصرة، فقال بعد ما حمد اللّه (عزّوجلّ) وأثنى عليه وصلّى على النبيّ وآله: المدّة وإن طالت قصيرة، والماضي للمقيم عبرة، والميّت للحيّ عظة، وليس لأمس مضى عودة، ولا المرء من غد على ثقة.

[إنّ] الأوّل للأوسط رائد والأوسط للآخر قائد، وكلّ لكلّ مفارق، وكلّ بكلّ لاحق، والموت لكلّ غالب، واليوم الهائل لكلّ آزف(1)، وهو اليوم الّذي لاينفع فيه مال ولا بنون إلاّ من أتى اللّه بقلب سليم.

ثمّ قال (عليه السّلام): معاشر شيعتي اصبروا على عمل لاغنى بكم عن ثوابه، واصبروا عن عمل لاصبر لكم على عقابه، إنّا وجدناالصبر على طاعة اللّه أهون من الصبر على عذاب اللّه (عزّوجلّ)، اعلموا أنّكم في أجل محدود، وأمل ممدود، ونفس معدود، ولا بدّ للأجل أن يتناهى، وللأمل أن يطوي، وللنفس أن يحصى، ثمّ دمعت عيناه وقرأ: وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ * كِراماً كاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (2) و(3).

5295 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال عليّ (عليه السّلام): لاتقولوا امرأة طامث، فتكذبوا، ولكن قولوا حائض، والطمث الجماع قال اللّه تعالى: لَمْ

ص:781


1- - أزف: اقترب. (أقرب الموارد).
2- (2) - الانفطار 82:10-12.
3- (3) - أمالي الصدوق: ص 96 ح 5. منه البحار: ج 77 ص 380.

يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لا جَانٌّ (1).

ولا تقولوا: صرت إلى الخلاء ولكن قولوا كما قال اللّه تعالى.

أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ (2).

ولا تقولوا: اهريق الماء فتكذبوا، ولكن قولوا: أنطلق أبول، ولا يسمّى المسلم رجيلا ولا يسمّى المصحف مصيحفا ولا المسجد مسيجدا(3).

***

ص:782


1- - الرحمن 55:74.
2- (2) - النساء 4:43 - المائدة 5:6.
3- (3) - نوادر الراوندي: ص 41. منه البحار: ج 76 ص 358.

من شعر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام

5296 - الطرائف: محمد بن محمد النيسابوري، باسناد متّصل الى جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام)، عن أبيه، عن جده (عليهم السّلام) أن عليّا (عليه السّلام) كان في حلقة من رجال قريش لينشدون الاشعار ويتفاخرون حتى بلغوا الى أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقالوا: قل يا أمير المؤمنين فقد قال أصحابك.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام).

اللّه وفّقنا لنصر محمّد وبنا أقام دعائم الإسلام

وبنا أعزّ نبيّه وكتابه وأعزّنا بالنّصر والإقدام

في كلّ معركة تطير سيوفنا فيها الجماجم عن فراش الهام

ينتابنا جبريل في أبياتنا بفرائض الاسلام والأحكام

فنكون أوّل مستحلّ حلّه ومحرّم للّه كلّ حرام

نحن الخيار من البريّة كلها وامامها وامام كلّ امام

الخائضون غمار كلّ كريهة والضامنون حوادث الأيّام

انّا لنمنع من اردنا منعه ونجود بالمعروف والإنعام

ص:783

فقالوا: يا أبا الحسن ما تركت شيئا إلاّ تقوله(1).

أقول: الأشعار المنسوبة الى الامام أمير المؤمنين (عليه السّلام) كثيرة وفي مواضيع مختلفة، وقد طبعت في ديوان خاص باسم.

ديوان الامام علي (عليه السّلام) وانّما ذكرنا - هنا - ما روي عن الامام الصادق (عليه السّلام).

ص:784


1- - الطرائف: ص 89 ح 127. منه البحار: ج 34 ص 254.

كلمة الختام

أيّها القاريء الكريم: لقد وصلنا إلى نهاية المطاف في ذكر ما ظفرنا به من الاحاديث المرويّة عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام حول جدّه الاكبر، سيد العترة وأبي الائمّة: الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه).

ونشكر اللّه تعالى الذي وفّقنا لإعداد هذه المجموعة الكبيرة - التي بين يديك - المشتملة على الجوانب المختلفة لحياة خليفة رسول اللّه وخير الخلق بعده صلّى الله عليه و آله بدء من ولادته الشريفة في أطهر البقاع وأقدسها.

الكعبة، ومرورا بنشأته الطيّبة في حجر رسول الله وتحت رعايته المباشرة، ثمّ مواقفه العظيمة في الدفاع عن الإسلام في الحروب العاتية والأيّام العسيرة.. تلك المواقف التي تنكص فيها الابطال وتتأخر فيها الأقدام.

وهكذا فضائله عليه السلام ومناقبه وخصائصه ومكارم أخلاقه.

ثمّ ما جرى عليه بعد وفاة رسول اللّه صلّى الله عليه و آله من المحن والمصاعب والمتاعب والمصائب.. حيث كان (سلام اللّه عليه) - طيلة خمسة

ص:785

وعشرين عاما - جليس بيته، مسلوب الإمكانيّات، مغلوبا على أمره، صابرا محتسبا. ثمّ انتقال السلطة إليه - بعد مقتل عثمان - وما حدثت في أيّام حكومته عليه السلام من الإضطرابات والحروب التي أثارها المنافقون الناكثون والقاسطون والمارقون.

وأخيرا.. شهادته عليه السلام والتحاقه بالرّفيق الأعلى...

وقد حاولنا - قدر المستطاع - توضيح بعض الأحاديث التي كانت بحاجة إلى التوضيح والتعليق.

ونسأل اللّه سبحانه ان يتفضّل علينا بالقبول بمنّه وكرمه إنّه سميع مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين وصلّى اللّه على محمّد وآله الطيبين الطاهرين محمّد كاظم القزويني قم المقدّسة - ايران

ص:786

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.