كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء المجلد 3

هوية الكتاب

المؤلف: الشيخ جعفر كاشف الغطاء

المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان

الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي

المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي

الطبعة: 1

الموضوع : الفقه

تاريخ النشر : 1422 ه.ق

ISBN (ردمك): 964-371-030-3

المكتبة الإسلامية

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء

المحرّر الرّقمي: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

ص: 2

كشف الغطاء عن مبهمات الشریعة الغراء (ط - الحدیثه)

سرشناسه : كاشف الغطاآ، جعفربن خضر، 1228 - 1156ق .

عنوان قراردادی : [كشف الغطاآ عن خفیات شریعه الغراآ]

عنوان و نام پدیدآور : كشف الغطاآ عن مبهمات الشریعه الغراآ/ تحقیق مكتب الاعلام الاسلامی - فرع خراسان ؛ محققون عباس التبریزیان ، محمدرضا الذاكری ، عبدالحلیم الحلی

مشخصات نشر : قم : بوستان كتاب قم (مكتب الاعلام الاسلامی ، الحوزه العلمیه بقم )، 14 = 13.

فروست : (بوستان كتاب قم (مكتب الاعلام الاسلامی ، الحوزه العلمیه بقم )؛ 817، 779. مكتب الاعلام الاسلامی - فرع خراسان ؛ 12، 13)

شابك : 964-371-033-537000ریال :(ج .4) ؛ 964-371-033-537000ریال :(ج .4) ؛ 964-371-033-537000ریال :(ج .4) ؛ 964-371-033-537000ریال :(ج .4) ؛ 964-371-030-037000ریال :(ج .3)

وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی

یادداشت : عربی

یادداشت : فهرست نویسی براساس جلد سوم : 1422ق . = 1380

یادداشت : ج . 1 (1422ق = 1380): 2000 ریال

یادداشت : كتابنامه

عنوان دیگر : كشف الغطاآ عن خفیات مبهمات شریعته الغراآ

موضوع : فقه جعفری -- قرن ق 13

شناسه افزوده : تبریزیان ، عباس ، مصحح

شناسه افزوده : ذاكری ، محمدرضا، مصحح

شناسه افزوده : حلی ، عبدالحكیم ، مصحح

شناسه افزوده : حوزه علمیه قم . دفتر تبلیغات اسلامی . بوستان كتاب

شناسه افزوده : حوزه علمیه قم . دفتر تبلیغات اسلامی . شعبه خراسان

رده بندی كنگره : BP183/3/ك 2ك 5

رده بندی دیویی : 297/342

شماره كتابشناسی ملی : م 81-1710

ص: 3

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء

للعلّامة الشيخ جعفر كاشف الغطاء

الجزء الثالث

تحقيق: مكتب الإعلام الإسلامي - فرع خراسان الرضوي

بوستان كتاب

ص: 4

بوستان كتاب

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء / ج 3

المؤلف: العلامة الشيخ جعفر كاشف الغطاء التحقيق: مكتب الإعلام الإسلامي - فرع خراسان الرضوي

المحققون عباس التبريزيان، محمد رضا الذاكري طاهريان) و عبدالحليم الحلي

الناشر: مؤسسة بوستان كتاب

(مركز الطباعة والنشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي)

المطبعة مطبعة مؤسسة بوستان كتاب الطبعة الثانية

الكمية 1000 • السعر :الدوره: 80000 تومان

جميع الحقوق محفوظة

printed in the Islamic Republic of Iran

العنوان: قم، شارع شهداء (صفائیه) ص ب 917 الهاتف: 7-7742155 الفاكس: 7742154 ، الهاتف: 7743426

المعرض المركزي (1) قم، شارع شهداء بتعاون أكثر من 170 ناشر يعرض اثني عشر ألف عنواناً من الكتب)

المعرض الفرعي (2) طهران، شارع فلسطين الجنوبي الزقاق الثاني (يشن)، الهاتف: 66460735

المعرض الفرعي :(3) مشهد المقدّسة، تقاطع خسروي مجمّع ياس، الهاتف: 2233672

المعرض الفرعي (4): أصفهان، تقاطع كرماني گلستان كتاب، الهاتف: 2220370

المعرض الفرعي :(5) : أصفهان، ساحة انقلاب قرب سينما ساحل، الهاتف: 2221712

المعرض الفرعي (6) (للشباب): قم بداية شارع شهداء ،(صفائيه)، الهاتف: 7739200

التوزيع بكتا (توزيع الكتب الإسلامية و الإنسانية)، طهران، شارع حافظ، قرب تقاطع كالج بداية زقاق بامشاد، الهاتف: 88940303

وكالات بيع كتب المؤسسة في البلد و خارجه (المنضم إلى ورقة الاستطلاع للآثار في نهاية الكتاب)

عبر البريد الالكتروني للمؤسسة E-mail:info@bustaneketab.com

الآثار الحديثة في المؤسسة و التعرّف إليها في وب سایت http://www.bustaneketab.com

مع جزيل الشكر والتقدير لجميع الزملاء الذين ساهموا في استخراج هذا العمل منهم:

أعضاء لجنة دراسة الإصدارات • أمين لجنة الكتاب جواد آهنگر • الملخص العربي سهيلة خائفي ● الملخص الإنجليزي: عبدالمجید مطوریان • فیپا مصطفى محفوظي • المنضد:محمود هدايي • التصحيح و التنضيد سيد صادق حسيني • تنظيم صفحات الكتاب أحمد أخلي التطبيق: غلامرضا معصومي • تصميم الغلاف مسعود نجابتي • مدير الإنتاج: عبدالهادي أشرفي • الإعداد: حميدرضا تيموري • طلبات الطبع أمير حسين مقدم منش و بقية الزملاء • شؤون الطباعة علي عليزاده مجيد مهدوي و بقية الزملاء في قسم الليتوغرافيا، الطباعة والتجليد.

رئيس المؤسسة

السيد محمد كاظم الشمس

ص: 5

كتاب الصلاة

اشارة

ص: 6

شرائط الصلاة

القسم الثاني : من شرائط الصلاة اللّباس

اشارة

وهو عِبارة عمّا مِن شأنه الإعداد لستر البدن أو ستر ساتره ، مع الاتصال بأحدهما أو بعضاً من أعلاه ؛ كالعمامة والقلنسوة والعصابة والمقنعة ، أو أسفله ؛ كالخفّ والجورَب والنعل ونحوها ، أو وسطه ؛ كالقميص والقباء ونحوهما ؛ للتحفّظ عن البرد أو الحرّ أو النظر ، أو مُطلق الضرر ، أو لطلب التجمّل أو التزيين ، أو الإعداد لبقاء صفة الستر ؛ كالحزام والتكّة.

فيخرج الفسطاط ، والدثار ، والجبار ، وعصائب الجروح والقروح ، والحلي ، والسلاح ، وما يصنع من الجواهر المنطبعة فيوضع وضع الحلي من حلق الحديد ، ونحوه ممّا لا يُعمل كهيئة اللباس كما في الدرع ، وجزء اللّباس كالعَلَم ، والمتّصل به في أطرافه مخيطاً به ؛ كالكِفاف والسفائف والخيوط ونحوها ، أو ملبّداً ولو في وسطه ؛ كالحشو على إشكال.

وأمّا الوجهان أو الوجوه فمن اللّباس ، والمتّصل به من شعر ونحوه لا يُعدّ لباساً.

وكيف كان ؛ فاللباس قسمان : مُطلق ينصرف إليه الإطلاق من دون ضميمة ، ومُضاف لا يُعرف إلا بالإضافة أو القرينة ، والحكم على المطلق يخصّ القسم الأوّل ، والظاهر أنّه أعمّ من الثوب.

ص: 7

فالمنع في اللباس فضلاً عن غيره قد يتعلّق بخصوص لبسه ، دون مطلق مصاحبته وحمله واتصاله ، كما في الحرير ، والمتنجّس ، والذهب مسكوكاً ، وغير مسكوك ، غير أنّ اللّبس في الذهب لا يعقل إلا بالخلط ، أو الوضع في أجزاء اللّباس ، أو جعله حليّاً ، بل الظاهر دخول المطلي فيه ، وقد يتعلّق بالملبوس ، وجزئه ، والملتصق به ، ولا بأس بحمله ، كأجزاء ما لا يؤكل لحمه (1).

وقد يعمّ الأحوال من اللّبس ، والاتصال بالملبوس ، والحمل ، وكلّما يتحرّك بحركة الصلاة ونحوها ، كالمغصوب وشبهه ممّا تعلّق به الرهن والحجر ونحوهما (وقد يتعلّق بخصوص اللبس والاتصال ، كما لا يؤكل لحمه وفضلاته) (2) ، وسيجي ء الكلام في ذلك مفصّلاً.

وينحصر البحث فيه في مقامات :

الأوّل : فيما تتحقّق به حقيقة الستر المراد

يَلزم فيما يجب سَتره للصّلاة حال الاختيار أن يُسمّى لباساً عُرفاً ، فلا يجزي التستّر بحشيشٍ ، ولا خوصٍ ، ولا ليفٍ ، ولا ورقِ شجرٍ ، ولا قطنٍ ، ولا كتّانٍ ، ولا صوفٍ غير مغزولة ، أو مغزولةٍ غير منسوجة ، ولا طينٍ ، ولا نورةٍ ، ولا بماءٍ ، ولا حفرةٍ ، ولا بجزءٍ من بدن إنسان أو حيوان ، ولا بحاجبٍ من شجرةٍ أو حجرٍ أو ظلمةٍ ، أو عمى يمنع عن الإبصار.

وما جعل من الحشيش والخوص والليف ونحوها كما ينقل عن بعض الأولياء بصورة اللباس يكون بحكمه ، ومع الاضطرار يقدّم ما قبل الطين على الطين والنورة ونحوهما.

وفي تقديم الطين وأخويه على السابق عليهما وعليه ، وتقديم مغزوله على غيره ، والطين والنورة على ما بعدهما ، والماء الكدر الساتر على الحفرة ، وهي على ما بعدها ،

ص: 8


1- في «ح» زيادة : وفضلاته.
2- ما بين القوسين ليس في «ح».

وما قبل الظلمة عليها ، وهي على ما بعدها وجه قريب ؛ لأنّ الحجب عن النظر واجب من حيث الصلاة أيضاً عند أهل النظر (1).

ولو قيل : بأنّ كلّ ما كان للسّتر أليق كان بالتقديم أحقّ ، لم يكن بعيداً.

والواجب ستر اللون دون الحجم. ودخول اللون في لون الساتر فلا يمتاز عنه لا يكفي في تحقّق الستر. ولو حصل الستر من مجموع الثياب الرِّقاق في الصلاة أجزأ. ولو دارَ بين رِقاقٍ ، وكان بعضها أقرب إلى الستر ، احتملَ وجوب تقديمه.

ويجب التركيب من الحشيش والطين والثياب الرقاق ونحوها من اثنين أو ثلاثة وهكذا إذا لم يفِ أحدها بالستر.

ومن تمكّن من مرتبة متقدّمة أو مركّب متقدّم بشراءٍ بثمنٍ أو استيجارٍ بأُجرةٍ لا يضرّان بالحال ، وجب عليه ذلك.

ولو دارَ بين ستر بعض ما يجب ستره من مرتبة سابقة ، وستر جميعه من مرتبة لاحقة ، قُدّمَ اللاحق على السابق. والجمع بين بعض من السابق وبعض من الحق مقدّم على الاقتصار على اللاحق.

وإدخال الناظر تحت الثياب وعكسه من اللمس مع المأذونيّة في النظر واللمس وعدمها مُفسدان.

المقام الثاني : في بيان مقدار الساتر للعورة
اشارة

وهو قسمان :

أحدهما : عورة النظر

وهي من الذَّكَر ثلاث : الذَّكَر ، والدبُر بمقدار الحلقة وما دارت عليه ، والأُنثيان.

وفي الأُنثى اثنان : الفرج بمقدار الشفرتين ؛ وما دارا عليه ، والدبر ، وكذا الذكر

ص: 9


1- في «ح» زيادة : والنظر إلى المرتسم في الأجسام الصيقلة ، وبواسطة المنظرة داخل في الحرمة ، مخالف في وصف الشدّة ، وفي اشتداد الحرمة لشرف المنظور وقرب الرحم ومملوكيّة البضع وحداثة السنّ وجه قوي.

المقطوع منه الذكر من أصله أو البيضتان كذلك.

وفي الخُنثى المُشكل أربع ، وهي مجموع ما سبق. وكذا غير المُشكل ؛ اعتباراً بالصورة ، من غير فرق بين الأصالة والزيادة في وجه قويّ.

وفي مقطوع الذَّكر والبيضتين وممسوحهما أو ممسوح الدبر وحده مع بقاء أحدهما واحدة. وفي ممسوحهما معه على ما يُحكى وقوعه لا عورة له ، ويمكن احتساب محلّ المسح عورة.

ونظرها والنظر إليها محرّمان من المسلم والكافر ، كتابيّاً أو لا ، الذكر والأُنثى ، إلا ممّن بينهما علاقة الزوجيّة أو الملكيّة ، ولو مع الحَجر برهانة ، أو فَلَس مع عدم المدافع ، أو تزويج (أو تحليل عام له ، أو خاصّ به) (1).

والأقوى : أنّ الخُنثى المُشكل والمَمسوح الفرج بدنهما ما عدا المستثنى في عورة المرأة عورة على كلّ ناظر. وبدن غيرهما عدا المستثنى عورة عليهما.

ويجب التستّر في جميع ما سبق عن الناظر ، وحبس البصر عن المنظور ، من غير فرقٍ بين المالكة وغيرها ، والخَصِيّ وغيره ، والمسلمة وغيرها.

ولا يجب التستّر إلا عن المميّز من الصبيان ، وغضّ النظر عن العورة الخاصّة ، إلا عن عورة من بلغَ خمس سنين ، والأحوط ثلاث. ومع الشهوة لا مدخليّة لاعتبار السنين.

ويقوى أنّه يجب على الوليّ بعد تمييزه بحيث ينكر عليه تمرينه على عدم ناظريّته ، ومنظوريّته. والحكم هنا لا يُناط بعدد ، بل المدار فيه على الإنكار ، والظاهر أنّ مسألة الاداب من هذا القبيل.

وأمّا في باقي التكاليف ، فكلام الأصحاب فيها مختلف : فقيل : لستّ (2) ، وقيل : لسبع (3) ، وقيل : لتسع (4) ، وقيل : يضرب عليها لعشر (5) ، وقيل : لتسع. والأقوى

ص: 10


1- في «ح» : أو تحليل عام أو خاص لمحلّل له واحد ، وفي «م» ، و «س» : أو تحليل أو التحليل العام له أو الخاص به.
2- اللمعة (الروضة البهيّة) 1 : 570.
3- البيان : 148.
4- النهاية في مجرد الفقه والفتوى : 149.
5- الدروس 1 : 138.

في النظر أنّه يختلف باختلاف مراتب القابليّة.

وكذا الروايات : فعن أبي جعفر عليه السلام : «أنّه إذا بلغ الغلام ثلاث سنين قيل له : قل : لا إله إلا اللّه سبع مرّات ؛ فإذا تمّ له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوماً ، قيل له : قل : محمّد رسول اللّه سبعاً ؛ فإذا تمّ له أربع سنين ، قيل له : قل صلى اللّه عليه وآله وسلم ؛ فإذا تمّ له ستّ سنين ، أُمر بغسل الوجه والكفّين والصلاة ، وضُرِب عليهما ؛ فإذا تمّ له تسع ، عُلّم الصوم والصلاة وضُرِب عليهما. فإذا تعلّم الوضوء والصلاة غُفر لوالديه» ؛. (1)

وعن أبي جعفر عليه السلام أيضاً أنّه يُعلّم السجود ويوجّه إلى القبلة لخمس ، فإذا تمّ له ستّ ، عُلّم الركوع والسجود ، وأُخذ بالصلاة ؛ وإذا تمّ له تسع ، عُلّم الوضوء ، وضُرب عليه ، وعُلّم الصلاة ، وضُرب عليها (2). وليس فيهما تعرّض للإناث ، فلا يظهر حكمهن ولا حكم المشتبه بهنّ من خناثى أو ممسوحين ، ولا لغير الصلاة من واجبات ومحظورات ممّا لا يتعلّق بمقدّماتها. والظاهر البناء على التوزيع ، وفي باقي العبادات يؤخذ على الدرجات.

والظاهر أنّ جميع ما يترتّب عليه ضرر عليه أو على الناس مع احترامهم وسائر المحترمات لا اعتبار فيها بعدد السنين ، واللّه أعلم.

وبدن المماثل بالذكورة والأُنوثة ، والمحرم لنسب أو مُصاهرة ممّا عدا العورة الخاصّة ليس بعورة. ويجوز النظر إليه ، إلا عن شهوة وريبة ، (أمّا مع الشهوة والريبة فلا يجوز لغير الزوج وشبهه. وفي منعه بالنسبة إلى عورة الحيوان وصور الجدران وجه قويّ. وحصول التلذّذ بالصورة لجسميّتها أو روحها الحيوانيّة لا بأس به ، بخلاف ما كان للرّوح الإنسانيّة ، وبدن المخالف عورة على المستثنى) (3).

ويجب على المرأة سَتْر البدن عن غير المحارم ، ولا يجب على الرجل سوى ستر عورته ، وإنّما يجب على النساء ترك النظر إلى بدنه ، ممّا عدا المستثنى.

ص: 11


1- الفقيه 1 : 182 ح 863 ، أمالي الطوسي : 434 ح 972 ، الوسائل 15 : 193 أبواب أحكام الأولاد ب 82 ح 3.
2- أمالي الصدوق : 320 ح 19 ، وفي أمالي الطوسي : 433 ح 972 ، وتنبيه الخواطر 2 : 21 ، والوسائل 15 : 193 أبواب أحكام الأولاد ب 82 ح 3 بتفاوت ، البحار 85 : 131 ح 2.
3- ما بين القوسين زيادة في «ح».

كما أنّ كلام المرأة عورة على الرجل في غير محلّ الحاجة ، دون العكس.

والظاهر أنّ اللمس أقوى حُرمة من النظر.

(ولو اضطُرّ إلى الكشف في بعض الأحوال قويَ ترجيح الأهمّ فالأهمّ.

ولو تعدّد العُراة واتحد اللّباس ، مُباحاً أو مشتركاً ، قُدّمت النساء استحباباً. وفي تقديم أرباب الشرف نَسَباً أو حَسَباً وجه.

وكلّما جازَ لمسه ، جازَ نظره ، إلا ما كان لتخصيص المالك أو المعالجة ، فإنّه يختصّ بما يتوقّف عليه ، ونحو ذلك.

وفي مباشرة القوابل والأُمّهات والدايات إيذان بجواز النظر واللمس لعورات الصبيان ، فضلاً عن الأبدان.

وفي مسألة المعالجة للعورة يقدّم الأمثال ، وفي ترجيح المحارم من غير الأمثال أو الأجانب وجهان. وكذا في ترجيح المعتدّة البائنة على غيرها ، أو خصوص الرجعيّة ، أو العدم فيهما وجوه) (1).

والباقي من مقطوع الذكر والبيضتين ، وباقي ما يدخل تحت العورة يجري مجرى الكلّ.

والمنفصل من العورة الخاصّة مع بقاء الشكل ، ومن باقي العورة ، إذا كان عضواً تاماً أو قطعة مُعتبرة كذلك ، بخلاف ما كان من شعر أو ظفر أو عظم أو لحم ، ولم يكن من قبيل القسمين الأوّلين.

ولو دارَ الأمر بين سَتْر العورة من المرأة أو بعض آخر من بدنها من الأجنبيّ ، وبينه من الرجل كذلك ، تعيّن الأوّل. (ولو دار بين الأهمّ كما قارب العورة ، وبين غيره ، قُدّم الأهمّ) (2).

ويُستثنى من بدن المرأة وبدن الرجل في إباحة النظر دون اللمس مع المخالفة وعدم المحرميّة الوجه ، وهو ما يواجه به ، فيكون أوسع من وجه الوضوء ، فالجسد والشعر والأُذنان والنزعتان واجبة الستر ، بخلاف العِذار والصدغين والبياض أمام الأُذنين.

ص: 12


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».
2- ما بين القوسين زيادة في «ح».

ويُستثنى الكفّان المحدودان من الطرفين بالزندين ، وأطراف الأنامل. ولحوق ظاهر القدمين قويّ.

ثانيهما : عورة الصلاة
اشارة

وهي مساوية لعورة النظر في الرجل.

وفي المرأة والخُنثى المشكل وممسوح الفَرج تمام البدن عدا ما استُثني للنظر. فيكتفي الرجل بثوب واحد ، وللمرأة ثوبان ، ولو أفادَ ثوب مفادَ ثوبين أجزأ.

ووجه المرأة وكفّاها وظاهر قدميها ليست من عورة الصلاة ، وفيها إشكال من جهة النظر ، فعورة النظر أخصّ من هذه الجهة. وإن خصّصنا الرخصة في كشف رأس الصبية التي لم تبلغ ، ورأس المملوكة بخصوص الصلاة كما هو الأقوى (1) كانت عورة الصلاة أخصّ من هذا الوجه.

(وقد يلحق به ما في باطن الفم من اللسان والأسنان ونحوهما في وجه قويّ ، وكذا الزينة المتّصلة بالبدن الحاجبة له عن الرؤية كما سيجي ء) (2).

وتختصّ عورة النظر بالاكتفاء بكلّ حاجبٍ عنه ، من حرام أو حلال ، للذات أو بالعارض ، متّصل أو منفصل ، وتستوي مراتبه فيه. فالثياب ، والنبات ، والطين ، والظلمة ، والعمى ، والفقدان للنّاظر ، واحد.

بخلاف عورة الصلاة ؛ فإنّها مقيّدة مرتّبة على نحو ما سبق ، حتّى أنّ المركّب من أقوى وأضعف وله أقسام كثيرة يقدّم على الأضعف.

ويقوى أنّ مباح النظر إلى العورة نظريّة أو صلاتيّة محرّم نظره إليها فيها. ويجب على المنظور إليه التستّر عنه ، فلو ترك عصى من وجهين ، في وجه قويّ.

وعورة الرجل في النظر بالنسبة إلى المحرم والمماثل مساوية لعورته في الصلاة ، وبالنسبة إلى غيرهما أوسع منها.

ص: 13


1- المعترضة ليست في «م» ، «س».
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

وعورة المرأة بالنسبة إلى المماثل والمحارم أخصّ من عورة الصلاة ، وبالنسبة إلى غيرهما مساوية على الأقوى ، إلا في الأمة والصبيّة ، فقد يقال : بأنّ عورة النظر فيهما أوسع.

ولا تختلف جهات السَّتْر في حقّ النظر ، بل المدار على الانكشاف للناظر من أيّ الجهات الستّ كان. وعورة الصلاة مقصورة على ما عدا الأسفل ، ولذلك لم يوجب لبس السراويل.

والأقوى بطلان الصلاة بالتكشّف للناظر من جهة الأسفل. ولو انكشفت من جهة الأعلى حال القيام أو الركوع عمداً ، بطلت.

والانكشاف لنفسه أو لغيره في عورة الصلاة غير متفاوت ، بخلاف عورة النظر ؛ لأنّ المدار في الأوّل على مُطلق الانكشاف من دون تفاوت في الناظر ، ويختلفان بكيفيّة الستر ، فإنّه لا فرق في عورة النظر في المحيط بين كونه متجافياً كبعض أقسام الدثار وكالفسطاط ، وبين كون الحاجب جداراً أو حفيرة أو غيرهما ، ولا بين كون الحفيرة ضيّقة أو واسعة ، متّصلة أو منفصلة ، وفي عورة الصلاة يُعتبر هذا الترتيب.

ويُعتبر اعتياد الملبوس واللبس ، فلو طرح الثوب طرحاً ، لم يجزِ (وإذا كان في الثوب خرق فستره بيده بطلت صلاته ، وإن جمعه صحّت) (1) وإذا دارَ الأمر بين ستر العورة المشتركة والخاصّة بالصلاة ، قدّم فيهما المشتركة التي هي مصداق العورة عند الإطلاق.

وإذا دارَ الأمر بين ستر الدبر مع مستوريّته بالأليتين ، وستر الفرج ، قدّم الثاني. والظاهر استواء الدُّبر المكشوف والفرج ، ولا يبعد تقديم الفرج لفضاعته واستقباله للقبلة ، وتقديم الذكر على الأُنثيين ، (وفي تقديم دُبر الخنثى على أحد الفرجين وجه) (2).

ومنها : وجوب ستر ما بقي من العورة بعد القطع ، وستر الممكن منها مع الوصل ، والترتيب في الأبعاض يتبع الترتيب في الأصل.

والزينة المتعلّقة بما لا يجب ستره في النظر على الأصحّ والصلاة من خضاب أو كُحل أو حُمرة أو سواد أو حلي أو شعر خارج وصل بشعرها ولو كان من شعر الرجال

ص: 14


1- ما بين القوسين ليس في «ح».
2- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

أو قرامل من صوف ونحوه ونحوها يجب ستره عن الناظر دون الصلاة على الأقوى. ومع كشفها للنّاظر في غير محلّ الرخصة عمداً لا يبعد البطلان.

(ويجب التستّر عن النظر مع وجود الناظر ، وإن كان مع احتمال الإعراض وعمى البصر. ومع احتمال وجود الناظر يحتمل سقوط الحكم ، ووجوب التستّر ، وللفرق بين الظنّ والاحتمال القوي وبين الاحتمال الضعيف وجه ، ولعلّه الأقوى) (1).

ولا بدّ في عورة الصلاة من بيان أُمور :

الأوّل : أنّه لا يجب ستر رأس الصبيّة الشامل لأسفل الرقبة إلى أعلاها إلى أعلى القُنّة (2) ، وكذا رأس من كانت مملوكة لمالك واحد أو متعدّد ، قِنّاً أو مُكاتبة أو مُدبّرة أو أُمّ ولد ، ما لم يعرض لها تحرير في الكلّ أو في البعض ، مضافاً إلى المستثنى في الحرّة.

وفي عموم الرخصة للشّعر الموصول بشعرها للزينة بعد قطعه منها أو من أمة غيرها أو حرّة أو رجل وشعرها الموصول بغيرها ، وللزينة بالحمرة أو السواد والتطيّب والخطاط والحلي ونحوها إشكال. والأقوى جوازه في الصلاة.

ولو تحرّرت بتمامها أو ببعضها أو بلغت الصبيّة في أثناء الصلاة وقد بقي منها ما يزيد زمانه على زمان التستّر ، وجبَ. ولو توقّف على فعل مخلّ ببعض الشروط من فعل كثير أو استدبار قبلة ونحوهما قوي البطلان. وللصّحة وجه.

ولو لم يبقَ من الصلاة سوى ما يقصر زمان فعله عن زمان التستّر ، كأن يكون قبل السلام الأخير مثلاً ، سقط وجوب التستّر ، وصحّت الصلاة على إشكال.

ولو لم يبقَ من الوقت سوى ما يفي بركعة من الصلاة أو بكلّها على الأقوى ، ولزم من التستر التفويت ، أتمّت وصحّت.

ولو تركَ الاستتار عمداً عالما بالحكم أو جاهلاً به ، بطلَت صلاته. ومع الغفلة ، والنسيان ، والجهل بالموضوع ، وعدم الاختيار ، أو عدم الشعور ككشف الهواء تقوى الصحّة.

ص: 15


1- ما بين القوسين أثبتناه من «ح».
2- في «ح» زيادة : وفي ذكر هذا الحكم إشعار أو تصريح بصحّة عبادة الصبي. أقول : قنّة كلّ شي ء أعلاه.

ولو فقد الساتر ، أو وجد ما لا يجوز التستّر به في الصلاة ، وجبَ عليه بذل ما لا يضرّ بحاله من ثمن أو اجرة. ولا يجب الاتّهاب ولا قبول الهبة مجّاناً مع لزوم الغضاضة.

ولو وجد قِطعاً متفرّقة وأمكن جمعها بخياطة ولو بأُجرة لا تضرّ بالحال ، وجب.

ويجب تحصيل كلّ مرتبة تعلّق بها الخطاب حتّى الطين والوحل بنحو وجوب تحصيل الثياب.

ولو أمكن التستّر في بعض الصلاة دون بعض ، وجب الإتيان بالممكن ، وتقدّم المقدّم على الأقوى ، وفي تخصيص الأركان وما هو أشدّ وجوباً في غيرها وجه (1).

وإذا تعذّر الساتر أو تعسّر بأقسامه وأمن من الناظر أو كان حاضراً وأمكنه دفعه بيسير ولو بمال لا يضر بالحال ، صلّى قائماً مومئاً برأسه مع الإمكان ، وبعينيه معاً ، ويحتمل الاكتفاء بالواحدة مع عدمه.

وإن لم يأمن الناظر صلّى جالساً ، من غير فرقٍ بين من يجوز له النظر ، كأحد الزوجين مثلاً ، وغيره. وإذا أمن في بعض الصلاة دون بعض ، لحق كلا حكمه.

ويجب رفع المسجد في الواجب بالأصل ، وفي الواجب بالعارض في وجه قويّ ، ويستحب في المستحب (2).

الثاني : أنّه كما يُشترط الساتر في الصلاة ، كذلك يُشترط في أجزائها المنسيّة ، وركعاتها الاحتياطيّة ، وسجود السهو ، دون سجود الشكر والتلاوة. وفي صلاة الجنازة وجهان : الوجوب ، وعدمه ، والأقوى الأوّل.

الثالث : أنّ كلّ مَن تمكّن مِن شرط الساتر أو غيره بمقدار صلاةِ مَن فرضه التقصير ، تعيّن عليه القصر في مواضع التخيير (3).

الرابع : أنّ من كان عنده من المال ما يفي بقيمة الماء لرفع الحدث أو الساتر ، رجّح

ص: 16


1- في «ح» زيادة : ويجري نحو ذلك في باقي الشرائط الاختيارية.
2- في «ح» زيادة : وإذا وجد المباح أو المشترك استحب ترجيح الفاضل من العباد أو من العبادة ، ومع التعارض ترعى الميزان.
3- في «ح» زيادة : ولو بذل له الساتر أو غيره من الشرائط بشرط التمام أو القصر تعيّنا.

الساتر مع فقد جميع مراتبه ، ومع تيسّر البدل الاضطراري من المراتب المتأخّرة من طين ونحوه أو عدم البدل عن الماء (1) يقوى تقديم الماء.

ولو دار بين ترك التستّر واستعمال المتنجّس ، تخيّر على الأقوى ، والأحوط الأوّل.

وفي غير شرط الطهارة من الخبث من لبس جلد الميتة ، والحرير ، والذهب ، وما لا يؤكل لحمه يتعيّن التعرّي.

الخامس : الخُنثى المُشكل والمَمسوح يأخذان بالاحتياط في الصلاة ، وغيرها ، في أصل الساتر ونوعه.

السادس : أنّه قد ظهر ممّا مرّ أنّ الستر من الشرائط العلميّة ، كالإباحة ، والطهارة الخبثيّة ، واستقبال ما بين المشرق والمغرب ، ونحوها ، فمتى ظهر له عدم التستر بعد الفراغ أو في الأثناء ثمّ تستر ، صحّ ما فعل.

ولو صلّى مع إمام فظهرت مكشوفيّة عورته بعد الفراغ أو في الأثناء ، وعلم كونه غافلاً أو جاهلاً بالموضوع أو ناسياً للصلاة ، أو مسلوب الاختيار لهويّ أو غيره ، أو شكّ في علمه وعدمه ؛ فيبني على الصحّة ، صحّت صلاة المأموم. ولا يجب الانفراد مع عدم علمه بتعمّده ، ولا إخباره بالانكشاف ، كسائر الشروط العلميّة.

ويُستثنى المديون ، ولعلّه أولى من باقي المستثنيات ، ويبقى حقّه ، فلو كان الغريم حاضراً مطالباً ، ولم يكن له وفاء إلا من قيمة الماء أو الساتر المضطر إليهما للصّلاة المفروضة مع الضيق مثلاً ، لم يجب وفاؤه إلا بعد فراغه.

ولو صلّى موسّعة أو نافلة متطهّراً بالماء ، عصى ، وبطلت صلاته. وإن صلّى بالساتر ولم يستثن في الديون ، عصى ، وصحّت صلاته [على إشكال]. وإن كان عنده وفاء ، كان له تأخيره بمقدار الصلاة.

ولو وهبَ الساتر أو باعه أو أتلفه كغيره من الشرائط ؛ فإن كان قبل الوقت ، فلا إثم ولا فساد ، وبعد الوقت فيه الإثم ولا فساد.

ولو كان له خيار في لباسه المنتقل مع الانحصار ، وجبَ عليه الفسخ.

ص: 17


1- المعترضة ليست في «س» ، «م».

ولو أُعير ثوب وليس عنده سواه ؛ فرجع المُعير في أثناء الصلاة ، حرمَ استعماله ، وأُلحق بفقد الساتر ؛ ويحتمل العدم.

ولو شك في ستر الثوب ، كان كغير الساتر. ولو دار الأمر بينه وبين معلوم العدم ، قوي وجوب تقديمه.

ولو علم وجود الساتر في ضمن ثياب محصورة ، صلّى بالجميع حتّى يحصل اليقين. ولو دارَ في الإتيان بالجميع والصلاة بالمتيقن المنفرد ، قدّم الثاني.

(ولو كان في الثوب خرق فجمعه بيده أجزأ ، ولو ستره بيده أو بطين أو حشيش لم يجزئه ، ولو ستره بوضع خرقة قوي الإجزاء.

ولو كان الثوب ساتراً لها في الجلوس دون القيام ، صلّت قائمة. ولو استبدلت حين جلوسها أو سجودها ثوباً يسترها في الحالين أجزأ) (1).

ولا دخل للقدم في الستر وعدمه ؛ لضعف دليله ، فيجوز كشفها وسترها ببعضها أو بتمامها مع بعض الساق ودونه ، ويكفي في ذي الساق لدفع الشبهة ارتفاعه عن مفصل القدم بيسير.

ولو خيط غير الساتر بالساتر دخل في حكمه ، بخلاف ما إذا جعل فوقه أو تحته.

ولو كان غير ساتر للقدم ، فعادَ بالجذب ساتراً ؛ أو ساتراً ، فعادَ لميل جوانبه غير ساتر ، دخل في حكمه السابق على إشكال. ويكفي فيه مجرّد الإحاطة وإن حكى ما تحته. والمخرق لا يعدّ من ساتر القدم.

المقام الثالث : في بيان شروطه وما يتبعها

وهي أُمور :

الأوّل : الستر ، وقد علمت كيفيّته.

الثاني : الإباحة ، بملكيّةِ عينٍ أو منفعةٍ أو عارية أو إذن.

ص: 18


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

فلا تصحّ صلاة فريضة ، وما يتبعها من أجزاء منسيّة ، أو ركعات احتياطيّة ، أو سجود سهو ومثلها سجود الشكر والتلاوة وإن لم يكن اللّباس شرطاً فيهما ولا صلاة نافلة ، ولا صلاة جنازة بغير المباح شرعاً ، مختاراً ، ذاكراً ، عالماً بموضوع الغصب ، عالماً بحكمه أو جاهلاً به.

ومنه ما لا يُعلم إذن المالك باستعماله ، مغصوبَ العين كانَ ، أو مغصوب المنفعة ، كاستعمال الراهن والمفلس مثلاً ، ساتراً للبدن أو لا ، ساتراً للعورتين أو لا ، قابلاً لسترهما أو لا ، دخلا فيه بكفّ أو خياطة أو ترقيع أو لا ، واضعاً بدنه عليه حال الركوع أو السجود أو لا ، ملبوساً لبس الثياب أو النعلين أو السلاح أو الحلي أو لا ، معصباً به بعض البدن أو مجبّراً أو مطروحاً عليه أو محمولاً على رأسه أو بدنه أو في كمّه ، منفرداً أو في ظرف مباح ، حتّى لو حمل حيواناً مغصوباً أو إنساناً ظلماً جرى عليه الحكم.

وكذا لو استند حالَ صلاته إلى عبدٍ أو عصى مغصوبين ، ونحوهما.

وتصحّ صلاة المأذون عموماً أو خصوصاً ، غاصباً كانَ أو غيره ، ولا تجزي الإجازة بعد الدخول في العمل أو بعد الفراغ منه.

ولو صلّى به جاهلاً بالغصب ، أو غافلاً ، أو ناسياً ، أو مجبوراً ، أو مضطراً ، فلا يتوجّه إليه النهي ، ولم تفسد صلاته.

ولو ارتفع العُذر في الأثناء واستمرّ على حاله ، بطلت. ويُعذر بمقدار زمان النزع ، وإن طالَ ، ما لم يتماهل فيه.

ووصل القرامل والشعور وأصباغ الثياب القاضية بالشركة مُفسدة ، بخلاف أثر الكحل ، والخضاب ، ونحوهما ممّا يلتحق بالأعراض حقيقة ، أو عرفاً (ولو في بدن العبد أو لحيته وإن زادت قيمته) (1).

والمملوك بالمعاوضة على عينٍ مغصوبة أو مغصوب جزء منها ولو يسيراً ، (ومال المقترض مع نيّة عدم الوفاء ، أو عدم نيّته ، أو نيّة وفائه من الحرام من الغصب) (2) ، ومنها ما يتعلّق به جزء من خمس أو زكاة ونحوهما ، فإنّه بحكم المغصوب.

ص: 19


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

وما لا ربط له بالأكوان كالأذان والإقامة ، والتعقيبات ، وسائر العبادات القولية يقع صحيحاً (1).

وإذن ذي السلطان متّبعة ، فيقتصر في الصحّة على ما أذنَ به من عبادة عامّة أو خاصّة ، واجبة أو مندوبة ، ولا يتجاوز ما أذن به إلى غيره ، إلا مع الاستفادة من أولويّة ونحوها.

ولو أذن بمقدار ركعتين ، تعيّن التقصير في مقام التخيير.

والإذن في الصلاة إذن في توابعها ، كركعات الاحتياط ، والأجزاء المنسيّة ، وسجود السهو إذا قلنا بالفورية. والظاهر دخول المقدمات المقارنة ، كالأذان والإقامة ، وما بعدها من الوظائف ، وربّما استفيد من خبر كميل.

والإذن المطلقة بل العامّة لا تشمل الغاصب (2).

ولو عدل عن الإذن بعد الدخول في الصلاة ، لم يجب القطع على الأقوى. وفي إلحاق الوضوء ونحوه بها في الحكم وجه قويّ.

والثوب المشترك بغير إذن الشريك في غير وقت المهاياة مغصوب.

ولو خِيف على المغصوب من التلف ، وجب لبسه ، وصحّت به الصلاة. ولو أذن المالك باللّبس دون الصلاة ، بطلت.

وإذن الفحوى كالإذن المصرّحة.

والمحرّم على المحرِم مخيطاً أو مطيّباً أو ساتراً للرأس مثلاً مُفسد للصلاة لبسُهُ على إشكال.

ولا فرقَ بين غصب العين ، وغصب المنفعة ، كالمستأجر ، ومال المفلس ، والمرهون.

والمصبوغ بالمغصوب بحكم المغصوب إن كان للصّبغ قيمة.

ولو أُلقي عليه مغصوب وأمكن رفعه بسهولة من غير ارتكاب مُبطل ، وجب ، وإلا

ص: 20


1- في «م» زيادة : والقول بالفساد فيها يتبع الصلاة وربما دخل في إطلاق خبر كميل غير بعيد.
2- في «ح» زيادة : ويظهر من تتبّع الأخبار وتعليلاتها في مثل لباس الحرير ، والذهب ، وغيرهما ، ومن اعتبار الكمال لها في جميع حالاتها اعتبار الإباحة في مكانها ، ولباسها ، ومصحوبها.

فلا على إشكال.

الثالث : أن لا يكون [من الذهب] هو أو جزؤه ولو جزئيّاً أو طليه ممّا يُعدّ لباساً أو لبساً ، ولو مجازاً بالنسبة إلى الذهب من الذهب ؛ إذ لبسه ليس على نحو لبس الثياب ؛ إذ لا يُعرف ثوب مصوغ منه ، فلبسه إمّا بالمزج أو التذهيب أو التحلّي أو التزيين بخاتم ونحوه.

وأمّا المحمول منه والموضوع على ظاهره وضعاً أو في بعض مغابنه والمشدود به فلا بأس به.

والأقرب عدم المنع في السلاح وما يتبعه ، والضبّ للأسنان ، أو بعض الأعضاء ، والوجود في البواطن لا بأس به.

(وما ورد من جواز ضبّ الأسنان بالذهب (1) يؤذن بجواز الحمل في الصلاة) (2).

وحكم المنع مخصوص في حقّ الرجل ، والخنثى المشكل ، والممسوح.

ولا بأس بالمحمول ، مسكوكاً أو لا ، مُتخذاً للنفقة أو لا.

ويحرم لبسه في نفسه ، وللصّلاة ذاتاً ، وتشريعاً ؛ فيجمع في لبسه فيها ثلاثة آثام ، ثالثها إفساد الصلاة.

والظاهر أنّه من الشرائط الوجوديّة ، يستوي فيه عالم الحُكم وجاهله ، وعالم الموضوع وجاهله ، والناسي والغافل.

ولبس الإجبار والاضطرار لا يترتّب عليه فساد.

والممزوج مزجاً يخرجه عن الاسم خارج عن الحكم ، والمشكوك في خروجه عن الاسم بالخلط داخل في المنع. وما شكّ في زوال الاسم عنه ، يستصحب فيه بقاء الاسم ، والمشكوك في أصله يُبنى على منعه.

وصلاة المميّز إن قلنا بصحّتها يُشترط فيها ما اشترط في صلاة المكلّف.

ولو دارَ بين الذهب والمذهّب ، قويَ اختيار الثاني.

ص: 21


1- انظر الوسائل 3 : 302 أبواب لباس المصلي ب 31.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ولو كان في ذيل الثوب مما يجرّ على الأرض ، ولا يُسامت البدن ، فلا بأس به ، كما في غيره من اللباس الممنوع عنه في الصلاة ، سوى الغصب إذا دخل في اسم الانتفاع للصّلاة ، أو التصرّف.

ويجري الحكم في الأجزاء المنسيّة ، والركعات الاحتياطيّة ، وسجود السهو ، دون سجود الشكر والتلاوة ، وصلاة الجنازة على إشكال ، ولا سيّما في الأخير.

الرابع : أن لا يكون من الحرير والقز المحض ، أو المخلوط بنادرٍ لا يدخله في اسم المخلوط في صلاة الذكَر وإن لم يبلغ والخنثى والممسوح فيما يعدّ ملبوساً ؛ لا محمولاً ، ولا موضوعاً ، ولا جزءاً ، كالعلم أو الرقاع ما لم تبعث على الاسم ؛ ولا ملفوفاً أو مشدوداً ، كخرق الجبيرة ، وعصائب الجروح والقروح ، وحفيظة المسلوس والمبطون ؛ ولا موضوعاً في البواطن ، كخرقة المستحاضة ؛ ولا متّصلاً مجروراً على الأرض لا يُسامت البدن.

ويدخل فيه الحزام ، والرداء ، والعمامة ، والقلنسوة ، وما يوضع فيه القدم.

ويخرج عن المنع ما لا يستر العورتين في ذي العورتين ، أو الأربع أو الثلاث أو الواحدة فيما له ذلك ، أو البعض في المقطوع. ويحتمل كون المدار على عورة الرجل والمرأة المعتادة ، ومع النقص أو الزيادة يؤخذ بالفرض.

والمدار في كلّ شخص على حاله ، لا على الوسط ، وإلا جاز كون تمام الثوب الساتر لتمام البدن حريراً بالنسبة إلى بعض ، ومنع الساتر بمقدار عُشر العورة بالنسبة إلى بعض آخر ، ومع اختلاف حاله بالسمن والهزال يختلف حكمه باختلاف الأحوال.

وهذا الشرط كغيره من الشرائط سوى الإباحة والطهارة من الخبث وجوديّ ، لا علميّ.

والمراد عدم ستره لعدم سعته ، لا لخروقه ، ولا لرقّته ، مع بقائه على حاله ، لا مع فرض التصرّف به بإدخال عرضه بطوله أو بالعكس. ولو أتى عليهما بدورانه على حاله ، عُدّ ساتراً.

ص: 22

والمشكوك في حريريّته كالمقطوع بها ، والشاكّ يرجع إلى العارفين. ولو اختلفوا رجّح بالعدالة والأكثرية ، (ومع التعادل والاختلاف بالنفي المطلق والإثبات يُؤخذ بقول المثبت ، ولو ادّعى النافي نوعاً خاصّاً رجع مثبتاً على إشكال) (1).

ولو دار الأمر بين اللّبس والتعرّي ، قدّم التعرّي.

ويكفي إخبار صاحب اليد ، واستعمال المسلم في معرفة نوعه وتجويز الصلاة.

والحشو في المحشوّ ليس ملبوساً ، بخلاف الوجهين.

وفرشه والكون تحته كالفسطاط والدثار به حال الصلاة لا بأس به على إشكال.

ولبسه في الصلاة لمن يحرم عليه مستتبع للمعصية من وجوه ثلاثة : الحُرمة الذاتيّة ، والصلاتيّة (2) ذاتيّة ؛ وتشريعيّة. ولو كان في الأثناء كان وجه رابع ، وهو إفساد الصلاة ، وفي غير الصلاة ونحوها الحرمة الذاتيّة فقط.

وليس على النساء تحريم ذاتاً ولا عارضاً.

الخامس : أن لا يكون كلا أو بعضاً نجساً ، كالمتّخذ من شعر الكلب والخنزير. وفي تمشية العفو عمّا لا تتم به الصلاة وحده (3) وجه قوي ، والأقوى خلافه فيه ؛ لدخوله تحت غير مأكول اللّحم ، بخلاف الكافر ، وكذا ما كان من الميتة من مأكول أو غيره.

ولا متنجّساً بشي ء من النجاسات أو المتنجّسات بدرجة أو درجات ، قلّ موضع الإصابة أو كثُر ، ممّا لم يُعفَ عنه من قليل الدم الناقص عن الدرهم البغلي المصوغ من ثمانية دوانيق ، لا المصوغ من أربعة دوانيق ، وهو الطبري ، والإسلامي الذي اتخذه عبد الملك بن مروان ، بجمعه الأوّلين ، واتخاذ نصف مجموعهما درهماً ، وقد مرّ الكلام في تقديره ، بشرط أن يكون من طاهر العين : من الإنسان غير الدماء الثلاثة ، ومن مأكول اللّحم من الحيوان ، أو مطلق النجاسة فيما لا تتم الصلاة به وحده ، من

ص: 23


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- في «م» ، «س» زيادة : وفي وجه.
3- في «ح» زيادة : من جهة النجاسة كشعر الكافر.

طاهر العين أو نجسها ، من الإنسان ، وممّا يؤكل لحمه من الحيوان ، حيّاً أو ميّتاً ، دون ما لا يؤكل لحمه منه ، حيّاً أو ميّتاً ، طاهر العين أو نجسها ، أو بول الرضيع من أولاد المسلمين الكائن قبل الإزالة وبعدها في المربيّة مع جمع الشرائط ، أو دم الجروح ، والقروح مع الشروط بالنسبة إلى المجروح والمقروح ، أو الدم فيما يتبع اللّباس من قطنة المستحاضة ، وحفيظة المسلوس والمبطون ، مع التطهير قبل الدخول في الصلاة ، أو مطلق النجاسة في طرف من الثوب مسحوب على الأرض لا يُسامت بعض بدن اللابس ، تحرّك بحركته أو لا ، وضعه تحت قدميه أو لا. وقد مرّ تفصيل الحال ، فلا حاجة إلى الإطالة في المقال.

ولو وجد من الماء ما يغني في طهارة الثوب أو البدن ، لا فيهما معاً ، أو في الشعار أو الدثار ، قدّم الوسطان احتياطاً ، ولا سيّما الأوّل منهما.

ولو دار الأمر بين تطهير ما يتوجّه إليه المنع من وجه واحد ، كغالب النجاسات ، أو من وجهين ، كدم غير مأكول اللحم من طاهر العين ودم الكافر حيين ، أو دار بين ذي الجهتين كما مرّ في القسمين وبين ذي ثلاث ، كما إذا كانا منهما ميّتين ، أو من حيوان حيّ نجس العين ، أو ذي ثلاث وأربع ، كما بينها وبين حيوان ميّت نجس العين ، لزم تقديم الأخير في النزع أو التطهير في المقامات الثلاثة.

ويقدّم المتنجّس مع بقاء العين على ذي النجاسة الحكميّة ، وغليظ النجاسة على خفيفها ، وكثيرها على قليلها ، ومتعدّد الأنواع على متّحدها.

ولو تعارضت الجهات لوحظت الترجيحات ، ومع التساوي يبني على التخيير ، ويقدّم في النزع ما كان كلّه من نجس العين أو بعضه على مقابله من المتنجّس به. ويحتمل تقديم البعض على الكلّ في الكلّ ويجب تخفيف النجاسة مع الأوّل إلى العفو (ومطلقاً) (1) في وجه قويّ.

ولو دار الأمر بين لبس المتنجّس والتعرّي ثبت الخيار ، والأحوط التعرّي ، وتختلف مراتبه باختلاف الشدّة والضعف ، والكثرة والقلّة.

ص: 24


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

وهذا بتمامه مقتضى الاحتياط في يقين البراءة بعد يقين الشغل ، وأصالة عدم الصحّة في العبادة ، لكن خلوّ الأخبار وكلام الأصحاب يوقع فحول العلماء في الاضطراب ، غير أنّ الأخذ بالحائطة طريق النجاة.

السادس : أن لا يكون من جلد ميتة نجسة ، أو جلد ميّت نجس أُخذ من حيّه ، أو من جلد إنسان حيّ أو ميّت ، بعد تطهيره أو قبله ، ولا من بعض أبعاض ما ذُكر من غير الجلود ، من الأمعاء ونحوها.

وما كان طاهراً من غير ذوات النفوس فلا بأس به من جهة الموت.

وما كان من أبعاضها طاهراً ولم يمت ؛ لعدم حلول الحياة فيه : من شعر ، أو صوف ، أو وبر ، أو عظم ، أو ظفر ، مع كونها من حلال اللّحم على كراهة أو بدونها لا بأس بالصلاة فيه.

ويستوي في المنع القليل والكثير ، فيما تتم به الصلاة وما لا تتمّ ، وما يُسمّى لباساً في العادة وغيره. فلو وضع وضعَ الخاتم ، والحلقة ، والحلي ، والحبل لشدّ الرأس أو الظهر أو البطن ، أو القلادة ، أو في السلاح ، أو وقعت منه أجزاء صغار على اللباس حال الصلاة فسدت.

وأمّا المحمول ظرفاً ولا ربط له في الاستعمال ميتة أو جزؤها ، فلا يقضي بالفساد ، والأحوط تركه.

ومجهول التذكية محكوم بعدمها فيه ، سواء وجد في أرض الإسلام أو سوقه ولم يظهر عليه أثر الاستعمال ، أو في أرض الكفر.

أمّا لو ظهر عليه الاستعمال ، كنعل أو خفّ أو حذاء ونحوها مستعملة ، أو التعرّض له ، كأن يوجد مفصّلاً ، وكذا غير الجلد إذا ظهر سبق الانتفاع به ، أو الإعداد له ، كالطبخ للّحم ، والتقطيع له ، وكان في أرض المسلمين أو سوقهم حكم بتذكيته.

وإذا استقرّت عليه يد مسلم ، مع العلم أو الشك بإرادة الملك أو الانتفاع (1) أو الوكالة

ص: 25


1- في «ح» زيادة : لا مع العلم بقصد الإلقاء.

أو الولاية لمثل ذلك ، سبقتها يد الكافر أو لا ، تعقّبتها أولا ، مستح كان المسلم لجلد الميتة بالدباغ وكانت مدبوغة أولا ، أو كان في سوق المسلمين ، أو في أرضهم ، ولم يعلم بصاحب اليد فلا بأس به.

ولو اشترك السوق أو الأرض أو اليد ، قدّمت جهة الإسلام. والمدار في الإلحاق على الغلبة ، دون السلطان.

ولو وجد في يد المسلمين أو أرضهم أو سوقهم مع احتمال إرادة الإلقاء لم يحكم عليه بالتذكية.

ولو ترافع الكافر والمسلم فيه ، وكلّ يدّعيه ، بقي على الحكم بعدم التذكية حتّى يحكم به للمسلم ، ولا يبنى هنا على ترجيح الأرض والسوق.

ومع الحكم بالتذكية وحصول الشبهة يستحبّ الاحتياط ، إلا في الأُمور العامّة ، كالبرغال والقضاغي : فانا قد بيّنا سقوط الاحتياط عن النجاسة والتحريم في الأُمور العامّة.

ويد الكافر غالبة على أرض المسلمين وسوقهم.

ولو علم وجوده في السوقين ، وعليه آثار التصرّف أو اليدين ، علم التاريخ أو جهل ، بنى على التذكية. وفي الأرضين مع سبق الإسلام يقوى ذلك ، وفي خلافه يقوى خلافه.

ولو اضطر قدّم طاهر العين من مأكول اللّحم على مثله من غير المأكول ؛ لتحريم الأوّل من وجه ، والثاني من وجهين ، وعلى نجس العين من الحيوان ؛ لتحريم هذا من ثلاثة وجوه ، النجاسة مع الوجهين السابقين.

ويقدّم غير المأكول ميّتاً من طاهر العين على الميّت من نجس العين ؛ لانحصار المنع في الأوّل في وجهين ، ومحتمل التذكية وإن كان بحكم المقطوع بعدمها على المقطوع بالعدم.

ولو اندفعت الضرورة بلبس الصغير والكبير ، قدّم الصغير.

ولو دار الصغير في حقّ المرأة بين وضعه على العورتين ، وعلى غيرهما ، قدّم وضعه عليهما.

ص: 26

ولو ربط شي ء منه بطرف الثوب ، وبقي مسحوباً على الأرض ، ولم يدخل في اسم الاستعمال في الصلاة ، لم يكن بأس.

ولو دار بين اللّبس والتعرّي ، تعيّن الثاني. والمدار في إثبات هذه الفروع الاعتماد على القاعدة الممهّدة المقرّرة.

السابع : أن لا يكون مُحرّماً من جهة خصوص الزي ، كلباس الرجال للنساء ، وبالعكس ، ولباس الشهرة البالغة حدّ النقص والفضيحة. والحاصل أنّ كلّما عرضت له صفة التحريم بوجه من الوجوه لا تصحّ به الصلاة على الأقوى.

الثامن : أن لا يكون من حيوان غير إنسان له لحم لا يجوز أكله شرعاً حال التذكية وعدمها ، بالأصل أو بالعارض : لوطء ، أو جلاليّة لم يتعقّبها استبراء ، أو شرب لبن خنزيرة يتولّد منه نبات لحم أو اشتداد عظم ، برّي أو بحري ، ذي نفس أو لا ، ولا من نسلهما في وجه قوي ، من جلد مدبوغ أو غير مدبوغ ، وريش ، وصوف ، وشعر ، ووبر ونحوها ، جعلت لباساً أو جزءاً للباس ، وما التصق منها ومن الرطوبات بالثوب أو البدن ، من بول أو غائط أو دم ، ولو في مقام العفو فيها ، أو عرق أو بصاق أو نخامة أو قيح أو دمع عين إلى غيرها من الرطوبات ، دون ما كان من إنسان ، من نفسه أو من غيره ، أو من غير ذي لحم ، كزنبور ، وبعوض ، وخنفساء ، وعقرب ، ودود ، وديدان ، وقراد ، وقمل ، وبرغوث ، وهكذا. فلا بأس بالشمع والعسل ، ونحوهما.

وقضيّة إطلاق جواز التلبيد في الحجّ ، بل ظهوره فيما بعضه الشمع من الشواهد على ذلك.

وما كان من مكروه اللّحم من المحلل ومباحه ، فالمحلل منه والمحرّم كالبول والروث سواء. ولو تكوّن حال التحريم ، وخرج بعد الاستبراء أو بالعكس ، فالمدار على حال الخروج.

وما كان من المحمول الصرف من حيوان غير مأكول اللّحم أو أبعاضه ظاهراً ، أو المتّصل فضلاً عن المنفصل باطناً في الفم أو الأنف مثلاً فلا بأس به.

ص: 27

وهذا شرط وجوديّ يستوي فيه عالم الحكم وجاهله ، وعالم الموضوع وجاهله ، والغافل ، والناسي ، والمختار. وأمّا المجبور فيقوى جواز صلاته.

ولو اضطر إلى لبسه لحرّ أو بردٍ ، صحّت صلاته فيه.

ولو دار بين العراء واللّبس ، قدّم العراء.

وجميع أقسامه متساوية في المنع : من سمّور ، وفنك ، أو ثعلب ، أو أرنب ، أو سنجاب ، أو حواصل.

ولو قيل بالترتيب مع الدوران بين هذه المراتب ، بتقديم السنجاب ، ثمّ الحواصل ، ثمّ الثعالب والأرانب ، ثمّ الفنك ، والسمور كان قريباً (سوى جلد الخز ووبره) (1).

وقد اختلفت الأخبار وكلمات الأصحاب في تحقيق حقيقته ، ففي رواية أنّه كلب الماء (2). وفي اخرى سبع يرعى في البرّ ، ويأوي إلى الماء (3). وفي ظاهر أُخرى : «دابّة تخرج من الماء ، أو تُصاد من الماء ، فإذا فقدت الماء ماتت» (4).

وقيل : هو القندس إن كان ذا إلية ، وإلا فهو كلب (5).

وقيل : وبر السمك ، وهو معروف بمصر (6).

وقيل : دابّة صغيرة تشبه الثعلب ، ترعى في البرّ وتنزل بالبحر ، لها وبر يعمل منه ثياب (7) ، وربّما قيل فيه غير ذلك (8).

والظاهر أنّ المدار على ما يتداول عليه إطلاق الاسم بين التجار ، والمشكوك فيه

ص: 28


1- بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : سوى الخزّ دون سائر الأجزاء ومن غير الرطوبات ، والجميع معروف وأما الخز.
2- الكافي 6 : 451 ح 3 ، التهذيب 9 : 49 ح 205 ، علل الشرائع 2 : 357 ح 1 ، الوسائل 3 : 263 أبواب لباس المصلّي ب 10 ح 1 ، وج 16 : 459 أبواب الأطعمة المحرمة ب 39 ح 3.
3- التهذيب 9 : 49 ح 205 ، الوسائل 16 : 458 أبواب الأطعمة المحرمة ب 39 ح 2.
4- الكافي 3 : 400 ح 11 ، التهذيب 2 : 211 ح 828 ، الوسائل 3 : 261 أبواب لباس المصلّي ب 8 ح 4.
5- نقله الفاضل الهندي الأصفهاني في كشف اللثام 3 : 191 عن الشهيد في حاشية الكتاب عن بعض مدمني السفر.
6- الذكرى : 144.
7- مجمع البحرين 4 : 18.
8- انظر الروضة البهيّة 1 : 527.

يجب اجتناب الصلاة فيه. وقد مرّ بيان أحكام النجاسات مفصّلاً.

التاسع : أن لا يكون مانعاً عن بعض الواجبات ، كالمانع عن السجود لضيقه ، أو عظمه ، أو صلابته ، أو استيلائه ، أو نحوها ، عن الإتيان ببعض الواجبات ، ككفّين يمنعان الكفّين ، أو سراويل كثير القطن يمنع الركبتين ، أو خفّ أو نعل ونحوهما يمنع الإبهامين ، أو عمامة أو قناع يستغرق الجبهة ، أو لثام أو نقاب يمنعان القراءة ، إلى غير ذلك.

ولو اضطر إلى لبس نوع من الأنواع كان المقدّم على الجميع المتنجّس ، والمؤخّر عنها الحرام ، وشبهه. وبين الإبريسم والذهب للرّجل ، والميتة ، وما لا يؤكل لحمه مع كونهما من طاهر العين مساواة. ويحتمل تقديم الأخيرين على الأولين. وما كان من نجس العين مؤخر عن الأولين والأخيرين.

والحاصل أنّه إذا تعارضت الأنواع ، قُدّم الأشدّ على غيره ، والأجمع على غيره ، ومع تعارض الشدّة والجمع يؤخذ بالميزان ، وإذا تعارضت الأفراد من كلّ نوع ، لوحظ فيها الأكثر والأقلّ ، والعينيّة والحكميّة.

ويجب تقليل الثياب ، وتخفيف المانع.

وأولى الثياب بالنزع أو التطهير للرّجال ما جمع بين الفضيّة ، والذهبيّة ، والحريريّة ، والميتيّة ، وعدم المأكوليّة ، والتنجسيّة مع العينيّة ، وزيّ النساء ، ومفوت بعض الواجبات ، وغير الساتر.

ويجب الاقتصار مع الضرورة على ما قلّت جهة مانعيّته ، وضاق مقدار سعته.

ولو أمكن تخفيف الممنوع من لبسه بالقطع ، احتمل وجوبه ، ما لم يلزم منه ضرر في المال. والعمل على مثل هذه التدقيقات يبعده ما يظهر فيه المسامحة بترك التعرّض له في كلام الأصحاب ، وفي الروايات.

وكلّما شكّ فيه من المذكورات يجب التجنّب عنه إلا ما تعلّق بأحكام النجاسات (1).

وتشترك جميع أوضاع اللّباس في الإفساد في الغصب. ويعتبر اللبس دون الاتصال

ص: 29


1- في «ح» زيادة : ويجري في الفراش ، والدثار ، ونحوهما مع استلزام العلوق حكم ما تعلق عنها.

والحمل في إفساد الحرير ، والذهب ، والمتنجّس. واللّبس أو الاتصال في غير المأكول اللّحم. وإلحاق جلد الميتة بهذا القسم لا يخلو من قُرب.

ويستوي العلم والجهل بالموضوع أو الحكم والنسيان فيما عدا المغصوب والمتنجّس وغير الساتر ، فإن المنع فيها خاص بالعلم (وقيل بالفرق في الناسي بين العلم بالوقت وخارجه ، فيعيد ولا يقضي (1)) (2).

ويستوي الجميع في عدم الإفساد في الجبر على إشكال.

(وفي قوله عليه السلام حيث سئل عن الرجل يمسّ أنفه في الصلاة فيرى دماً : «إن كان يابساً فليرم به الأرض» (3) إرشاد إلى عدم نجاسة الباطن ، وعدم ضرر الحمل ، وكذا في قطع البثور في أمر النجاسة ، وقد يلحق بها غيرها) (4).

المقام الرابع : في بيان المستحبّات

تُستحبّ الصلاة بالعِمامة. والتحنّك بها ولبس السراويل ؛ فإنّ الصلاة بكلّ واحدٍ منها تعدل أربع صلوات.

والإكثار ممّا يصحبه في الصلاة من لباس ، وغيره ؛ لأنّه يسبّح.

وبخاتم فصّه من عقيق ؛ لتُحسب الصلاة به بألف صلاة ، وبخاتم فصّه من الجَزع اليماني ؛ لتُحسب بسبعين صلاة ، وهو الحرز اليماني الصيني فيه سواد وبياض ، تشبّه به العين. والنعل العربيّة.

وللعاري الذي لا لباس له أو عنده مئزر يستر بعض البدن أن يضع على عاتقه شيئاً ، ولو حبلاً أو خيطاً ، وكلّما كان أوسع أو أغلظ كان أولى. ولعلّ جعله من جنس ما يلبس ، ثمّ ما يلبس في الصلاة أولى ، والوضع على العاتقين أولى من الوضع على العاتق الواحد.

ولبس الأخشن والأغلظ إذا كان وحده.

ويُستحبّ تعدّد الثوب ، وأن يكون بالغاً في الستر ، واختيار السليم من الشبهة ،

ص: 30


1- الدروس الشرعية 1 : 151.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- الكافي 3 : 364 ح 5 ، التهذيب 2 : 324 ح 1327 ، الوسائل 2 : 1031 أبواب النجاسات ب 24 ح 2.
4- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ولبس ما يعتاده المتّقون ؛ لتميل القلوب إليه ، ولبس البياض ، والساتر لما بين السرة ونصف الساق.

المقام الخامس : في بيان المكروهات

تُكره الصلاة بثوب واحد يحكي الحجم وحده. وأقلّ منه كراهة ما لا يحكي مع وحدته بالنسبة إلى ما قابل العورة.

وبالثياب السود التي بينها وبين البيض كمال الضدّية ، لا كل ما لم يكن أبيض ويؤيّده أنّ عليّ بن الحسين عليه السلام لبس الأزرق (1) ، أو جميع ما كان مخالفاً للبياض من جميع الألوان ، عدا العمامة ، والخفّ ، والكساء.

وكلّما اشتدّ السواد ، اشتدّت الكراهة. والمبعّض تتوزّع الكراهة على مقداره.

والتوشّح والاتزار فوق القميص ، خصوصاً للإمام.

ولبس الأحمر ، والمزعفر ، والمعصفر المشبع المفدم.

واشتمال الصماء ، ويسمّى التحاف الصمّاء ، وهو على ما قيل : إدخال الثوب تحت الجناح ، وجعله على منكب واحد (2).

وقيل : أن يتجلّل بثوبه ، ولا يرفع منه جانباً (3).

وقيل : أن يجلّل جسده بثوبه على نحو شملة الأعراب بأكسيتهم ، وهو أن يردّ الكساء من قبل يمينه على يده اليسرى وعاتقه الأيسر ، ثمّ يردّه ثانية من خلفه على يده اليمنى وجانبه الأيمن ، ويغطّيهما جميعاً (4).

وقيل : إنّ الشملة الصمّاء التي ليس تحتها قميص ولا سراويل (5).

وقيل : مع نسبة القول إلى الفقهاء هي أن يشتمل بثوبٍ واحدٍ ليس عليه غيره ،

ص: 31


1- انظر الكافي 6 : 449 ح 3 ، الوسائل 3 : 361 أبواب أحكام الملابس ب 18 ح 2.
2- الكافي 3 : 394 ، الفقيه 1 : 168 ، التهذيب 2 : 214.
3- تذكرة الفقهاء 2 : 503 ، ونقله عن الهروي في الذكرى : 147.
4- القاموس المحيط 2 : 142.
5- العين 6 : 266.

ثمّ يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبه ، فتبدو برميه عورته (1). وقيل غير ذلك.

وينبغي العمل على الجميع ؛ إذ لا مُنافاة ؛ ولأن النفي لا يعارض الإثبات.

ولبس ما يستر ظهر القدم ولا ساقَ له ، ويكفي من الساق مسمّاه ، والمخيط به يتبعه في الجواز ، والملبوس معه من غير خياطة له حكم نفسه.

وما ستر البعض لا كراهة فيه. وما استغرق تمام ظهرها ولم يستر لعدم كثافته تجري فيه كراهته. وكذا في المخرّق ما لم تتّسع خروقه فيخرج عن اسم الساتر.

وترك التحنّك ، وهو التلحّي عبارة عن إدارة جزء من العمامة تحت حنكه من الجانب الأيمن أو الأيسر ، ولعلّ الأوّل أولى ، ولا يستدعي استغراق الحنك ؛ لقوله عليه السلام من صلّى مقتعطاً فأصابه داء لا دواء له فلا يلومنّ إلا نفسه (2). وقال الصدوق : سمعت مشايخنا يقولون : لا تجوز الصلاة في طابقيّة ، ولا يجوز للمتعمّم أن يصلّي إلا وهو متحنّك (3).

وترك الرداء للإمام ، والظاهر تخصيصه بذي الثوب الواحد ، والعباءة من الرداء ، والظاهر أنّه يغني عنه القباء.

واستصحاب الحديد بارزاً ، والأولى أن يكون في غلاف ، ولبس اللّباس للذي فيه مظنّة النجاسة ، أو الغصب.

وفي خلخال له صوت ، بخلاف الأصم ، وفي ثوب فيه تماثيل ، وخاتم فيه صورة ، والظاهر أنّ المدار على صورة الحيوان ، دون النبات والشجر ونحوهما.

واللثام للرّجل ، والنقاب للمرأة ، إذا لم يمنعا عن القراءة ونحوها ، وإلا حرُما.

وفي القَباء المشدود ، قيل : هو عربيّ من القبو ، وهو الضم والجمع (4) ، وقيل : معرّب (5) وفسّره بعضهم : بأنّه قميص ضيّق الكمين مفرج المقدّم والمؤخّر (6). والمراد

ص: 32


1- تذكرة الفقهاء 2 : 503 ، ونقله أبو عبيدة عن الفقهاء كما في الصحاح 5 : 1968 ، ولسان العرب 12 : 346.
2- عوالي اللآلي 2 : 214 ح 6.
3- الفقيه 1 : 172.
4- المصباح المنير 2 : 167.
5- نقله الفاضل الهندي الأصفهاني في كشف اللثام 3 : 261.
6- نقله الفاضل الهندي في كشف اللثام 3 : 261 ، عن عيسى بن إبراهيم الربعي في نظام الغريب.

بالشد : شدّ بعضه ببعض ، فيكون ضيقاً كلباس العجم ، أو ما يصنع بعض أهل الصحراء من شدّ أحد طرفي الثوب بالطرف الأخر ، ولعلّ قول من قال «يكره أن يصلّي مشدود الوسط (1)» يُريد به ذلك.

فما روته العامّة من قوله : «لا يصلّي الرجل وهو محتزم» (2) لأعمل عليه ، أو يُنزّل على ما ذكر ، أو يراد بالاحتزام أن يتأهّب كتأهّب المحارب ، ولعلّ التحزّم أولى ؛ لأنّه أوفق بالستر.

وفي البُرطلة ؛ لأنّ الطواف بالبيت صلاة ، ولأنّها من زيّ اليهود.

وفي الثوب المصلّب الذي في طرفيه خطوط.

(وتستحبّ إعادة الصلاة في ثوب فيه مني أمَرَ الجارية بغسله ثمّ رأى فيه ، وربّما يتسرى وتلغى الخصوصيّة ، بخلاف ما إذا غسله بنفسه ، وفي ثوب نجس اضطر إلى استعماله ، وترك زيادة الاعتناء بتطهيره من دم غيره على دم نفسه) (3).

خاتمة
اشارة

فيما يتعلّق باللباس من جهة ذاته ممّا يدخل فيه حقيقة أو مجازاً ، وما يشبهه من فراش أو حال أو مال وفيه مباحث :

الأوّل : فيما يحرم منه وهو أُمور :

منها : ما يترتّب عليه الإنكار التام ؛ لبعثهِ على الشهرة.

ومنها : ما يقضي بتشبّه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، تشبّهاً ظاهراً.

ص: 33


1- الدروس 1 : 148 ، مسالك الأفهام 2 : 49 ، جامع المقاصد 2 : 109.
2- جامع المقاصد 2 : 109 ، مسالك الأفهام 2 : 49.
3- ما بين القوسين زيادة في هامش «ح».

ومنها : لباس التبختر والخيلاء ، فإنّ من اختال نازع اللّه تعالى في جبروته ، وحفّ اللّه به شفير جهنّم ، وكان قرين قارون.

ومنها : لباس سائر المحرّمات ، وقد عُلمت سابقاً.

ومنها : فرش المحترمات ، كأثواب الكعبة ، والضرائح المقدّسة ، إلا لقصد التبرّك ونحوه.

ومنها : (فرش ما تعلق من غير المأكول ولا يمكن إزالته ، أو متنجّس تسري نجاسته الى المصلي حال الصلاة) (1).

المبحث الثاني : في المستحبّات

وهي أُمور :

منها : إظهار النعمة ؛ لأنّه أحبّ عند اللّه تعالى من الصيانة ، ولأنّه يسمّى حبيب اللّه ، محدّثاً بنعمةِ اللّه ، وإذا لم تظهر عليه سُمّي بغيض اللّه ، مكذّباً بنعمة اللّه ؛ ولأنّه يكره للرّجل أن لا يظهر نعمة اللّه.

ومنها : أن يتزيّا بزيّ أهل زمانه.

ومنها : التجمّل ، فإنّ اللّه يحبّ الجمال ، ويكره التبؤس.

ومنها : تكثير الثياب وإجادتها.

ومنها أن يتزيّا بأحسن زيّ قومه.

ومنها : أن يلبس اللّباس الفاخر ، ويظهر أمواله إذا رُمي بالفقر وإن كان فقيراً ، كما صنعه عليّ عليه السلام في إظهاره المال لطلحة والزبير ، والحسن عليه السلام ، وعلي بن الحسين عليه السلام ، في إرسال كلّ واحدٍ منهما ألف للمصدّق ، لإثبات صفة الغنى (2).

ومنها : استشعار الغليظ منها.

ومنها : تزيّن المسلم للمسلم ، وللغريب ، ولأهله وأصحابه. وأن ينظر في

ص: 34


1- ما بين القوسين ليس في «ح».
2- انظر الوسائل 3 : 342 أبواب أحكام الملابس ب 3.

المرأة ، ويتمشّط.

ومنها : التزيّن لأعداء الدين بقدر المقدور.

ومنها : سعة الجرّبان ، وهو الجيب في الثوب ، فعن الصادق عليه السلام : «أنّه ونبات الشعر في الأنف أمان من الجذام» أمّا سمعت قول الشاعر : ولا ترى قميصي إلا واسع الجيب واليد. وسعة الأكمام.

ومنها : أن يلبس ويتزيّن بالفاخر في زمان اتّساع الأُمور على الخلق ، وبالردي ء في زمان الضيق ، وبذلك اختلف حال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وحال أكثر الأئمّة عليهم السلام.

ومنها : أن يتشبّه الشباب بالكهول في اللّباس أو الأوضاع.

ومنها : التعمّم قائماً ، والتسرول جالساً.

المبحث الثالث : في المكروهات

وهي أُمور :

منها : ما فيه تشبّه النساء بالرجال ، وبالعكس في الجملة.

ومنها : ما فيه أثر الخيلاء ، ولم يبلغ حدّ الخطر.

(ومنها : ما فيه التماثيل) (1).

ومنها : استعمال ما فيه خلاف الجمال.

ومنها : لبس السواد فيما عدا الخفّ والعمامة والكساء.

ومنها : التزيّي بزيّ أعداء اللّه ، وأهل النار ، فعن الصادق عليه السلام : «أوحى اللّه إلى نبيّ : قل للمؤمنين : لا تلبسوا لباس أعدائي ، ولا تطعموا طعام أعدائي ، ولا تسلكوا مسالك أعدائي ، فتكونوا أعدائي ، كما هم أعدائي» (2).

ومنها : ما فيه شُهرة ، من لباسٍ أو زينة أو دابّةٍ ، ولو كان مُستحبّ الأصل ، كالعصى

ص: 35


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- الفقيه 1 : 163 ح ، علل الشرائع : 348 ح 6 ، الوسائل 3 : 279 أبواب لباس المصلّي ب 19 ح 8.

والحَنَك من غير مَن به القُدوة ، وقد تبلغ الشهرة مبلغاً يبعث على التحريم ؛ لأن الشهرة خيرها وشرّها في النار ، وكفى بالمرء خزياً أن يلبس ثوباً يُشهره أو يركب دابّة تُشهره ، ومن لبس ثوباً يُشهره كساه اللّه تعالى يوم القيمة ثوباً من النار (1).

ويكره تشبّه الكهول بالشباب ؛ أعمّ من أن يكون باللباس أو الأوضاع.

ويكره اتخاذ أكثر من ثلاثة فرش ؛ واحد لهُ ، وآخر لعياله ، وآخر لضيفه ، وينزّل على غير متّسع الدائرة.

ومنها : مباشرة الشي ء الدني ء ؛ لبساً ، وحملاً ، وعملاً مثلا ؛ لئلا يُستخفّ به ، وربّما يرجح مع الأمن من ذلك.

(ومنها : لبس جلد ما لا يُؤكل لحمه ممّا لا تجوز فيه الصلاة في غير الصلاة من غير دَبغ على الأظهر ، وإن قيل : إنّ التحريم قول الأكثر (2)) (3).

المبحث الرابع : في خصوص الثياب المتعلّقة بما بين الرأس ومنه الرقبة والقدم
اشارة

وفيه بحثان :

الأوّل : فيما يستحبّ فيها ولها

وهو أُمور :

منها : نظافة الثوب من الأقذار ، شرعيّة أو عُرفيّة ؛ لأنّ التنظيف من الثياب يكبت العدوّ ، ويذهب الغمّ ، والحزن ، وهو طهور للصّلاة (4).

ومنها : لبس الثوب الحسن من خارج للنّاس ، والخَشِن من داخل لله (5).

ص: 36


1- هذه نصوص الأخبار ، انظر الوسائل 3 : 354 أبواب أحكام الملابس ب 12 ح 354.
2- قال الشهيد الأوّل في الدروس 1 : 151 ويجوز لبس غير المأكول في غير الصلاة إذا كان طاهراً في حال الحياة ذكيا ، والأشهر اشتراط دبغه.
3- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
4- انظر الوسائل 3 : 346 أبواب أحكام الملابس ب 6.
5- انظر الوسائل 3 : 350 أبواب أحكام الملابس ب 8.

ومنها : لبس السراويل ؛ لأنّ الأرض شَكَت إلى اللّه تعالى ممّا رأت من عورة بعض الأنبياء ، فاتّخذ شيئاً يسترها عن الأرض (1).

ومنها : لبس البياض ؛ لأنّه أطيب وأطهر ، وفيه تشبّه بالأنبياء (2).

ومنها : لبس ثياب القُطن ؛ لأنّه لباس النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام (3).

ومنها : تقصير الثياب ، وهو إحدى الثلاثة التي من عرفهنّ لم يدعهنّ : تشمير الثياب ، وجزّ الشعر ، ونكاح الإماء (4).

ومنها : لبس الكَتّان ؛ لأنّه من لباس الأنبياء ، ويُنبت اللّحم (5).

ومنها : لبس الصفيق من الثياب دون ما يشفّ.

ومنها : قطع القميص الطويل.

ومنها : طيّ الثياب.

ومنها : تشميرها إلى نصف الساق.

ومنها : قطع الرجل ما زاد من الكُمّ على أطراف الأصابع ، وما زاد من الثوبين على الكعبين ، دون المرأة.

(ومنها : لبس الحليّ للمرأة فلا تصلّي عَطلاء) (6).

ومنها : لبس الثوب الغليظ والخَلَق في البيت ، لا بين الناس.

ومنها : لبس السراويل من قعود ؛ ليوقي وجع الخاصرة (7).

ومنها : لبس القميص قبل السراويل.

ص: 37


1- علل الشرائع : 584 ح 29 ، الوسائل 3 : 353 أبواب أحكام الملابس ب 11 ح 1.
2- الكافي 6 : 445 ح 1 ، الوسائل 3 : 355 أبواب أحكام الملابس ب 14 ح 1.
3- الكافي 6 : 446 ح 4 ، الوسائل 3 : 357 أبواب أحكام الملابس ب 15 ح 1.
4- الكافي 6 : 484 ح 1 ، الفقيه 1 : 75 ح 102 ، الوسائل 3 : 364 أبواب أحكام الملابس ب 22 ح 1.
5- الكافي 6 : 449 ح 1 ، الوسائل 3 : 357 أبواب أحكام الملابس ب 16 ح 1.
6- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
7- الكافي 6 : 479 ح 7 ، الوسائل 3 : 416 أبواب أحكام الملابس ب 68 ح 1.

ومنها : كسوة أخيه المؤمن ؛ ليكسوه اللّه تعالى من الثياب الخُضر في الجنّة (1).

ومنها : الوضوء وصلاة ركعتين للبس الثوب الجديد يقرأ فيهما : الفاتحة ، وآية الكرسي ، وقل هو اللّه أحد ، والقدر.

ومنها : قراءة القدر ستّ وثلاثين مرّة ، وإخراج شي ء من الماء ، ورشّ بعضه على الثوب الجديد رشّاً خفيفاً ، ثمّ صلاة ركعتين ، أو قراءتها اثنين وثلاثين مرّة على إناء جديد فيه ماء ، ورشّه على الثوب الجديد ، أو قراءة القدر والتوحيد والجحد عشراً عشراً على قَدَحٍ فيه ماء ثمّ رشّه ، كلّ ذلك عند لبسه.

ومنها : الذكر عند لبس الجديد بالتحميد أو التهليل أو الاستغفار أو الحوقلة.

ومنها : الدعاء ، وقد ورد بأنحاء ، وله أن يأتي منها ومن غيرها بما شاء.

ومنها : التسمية عند النزع.

ومنها : لبس الثياب من الجانب الأيمن.

ومنها : الإكثار ممّا يُعجبه من الثياب.

البحث الثاني : فيما يكره منها ولها

وهو أُمور :

منها : لباس العجم ، كأطعمتهم ، فعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم لا تزال الأُمّة بخير ما لم يلبسوا لباس العجم ، ويطعموا أطعمة العجم ، فإذا فعلوا ذلك رماهم اللّه تعالى بالذلّ (2). ولعلّ المراد بالعجم الكفّار.

ومنها : لباس الشعر والصوف ، إلا من علّة ؛ ولا بأس بلبس النساء والصبيان الخزّ والذهب والحرير.

ومنها : لبس ثوب الصون في موضع الابتذال ؛ لأنّه من الإسراف ، كإراقة فضل الإناء ، وإلقاء النوى يميناً وشمالاً ، وقَطع الدرهم ، والدينار (3).

ص: 38


1- الكافي 2 : 164 ح 4 ، الوسائل 3 : 420 أبواب أحكام الملابس ب 73 ح 2.
2- المحاسن : 440 ، الوسائل 3 : 356 أبواب أحكام الملابس ب 14 ح 4.
3- انظر الوسائل 3 : 374 أبواب أحكام الملابس ب 28.

ومنها : إسبال الثوب ومجاوزته الكعبين للرّجال ، وتطويل الكُمّين بحيث تزيد على أطراف الأصابع.

ومنها : نشر الثياب بالليل ؛ فإنّ الشياطين تلبسها (1).

ومنها : لبس السراويل من قيام ، فمن فعله لم تُقضَ له حاجة ثلاثة أيّام ، وعن عليّ عليه السلام أنّه اغتمّ يوماً فقال

ما أدري من أين أُوتيت ، لا جلستُ على عتبة باب ، ولا شققت بين غنم ، ولا لبست سراويل من قيام

(2). وكذا لبسها مستقبل القبلة أو مستقبل إنسان.

ومنها : مسح الوجه واليد بالذيل ؛ لأنّه يورث الهمّ ، كما قاله علي عليه السلام (3).

ومنها : مسح اليد بثوب من لم يكسه.

ومنها : لبس صاحب العيال والأولاد الخَشِن من الثياب مع لزوم الغمّ والهمّ لهم ، كما تكره الرهبانيّة لذلك.

ومنها : لبس الثوب الأحمر المشبع ، إلا للعروس ، والمزعفر والمعصفر.

ومنها : لبس الثياب السود ، إلا في ثلاثة : العمامة ، والخفّ ، والكساء.

المبحث الخامس : في خصوص ملابس الرأس
اشارة

وهي قسمان :

أوّلهما : العمائم

ويستحبّ التعمّم للرّجال بالعمائم ، وهي تيجان العرب ، إذا وضعوها ، وضع اللّه عزّهم.

والأولى في كيفيته : ما صنعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لنفسه ولعليّ عليه السلام ، وصنعه جبرئيل عليه السلام ، وأبو الحسن الرضا عليه السلام ، بإلقاء

ص: 39


1- انظر الكافي 6 : 480 ح 11 ، والوسائل 3 : 415 أبواب أحكام الملابس ب 66 ح 3.
2- الخصال : 225 ح 59 ، الوسائل 3 : 416 أبواب أحكام الملابس ب 68 ح 2.
3- الخصال : 225 ح 59 ، الوسائل 3 : 416 أبواب أحكام الملابس ب 68 ح 2.

طرف منها بين اليدين ، وطرف بين الكتفين. أو كليهما على الكتفين ، كما صنعه عليّ عليه السلام يوم الغدير ، وصنعه عليّ بن الحسين عليه السلام.

والأولى تقصير ما على الخلف مقدار أربع أصابع ، كما فعل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، حيث عمّم عليّاً عليه السلام (1).

والظاهر أنّ الحَنَك مخصوص بذات الطرف الواحد ، أو بالأغراض والمقاصد.

والظاهر استحباب البِيض ، كما روي أنّها كانت على الملائكة يوم بدر (2) ، وتعمّم أبو الحسن عليه السلام بالبيضاء (3).

ولا بأس بالسود ، فقد تعمم بها النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم (4).

ويكره القِناع للرجال بالليل والنهار ؛ لأنّه ريبة باللّيل ، وذلّ بالنهار (5). وقيل : يُستحبّ باللّيل ، ويُكره بالنهار (6).

ثانيهما : القَلانِس

وينبغي أن تكون بيضاء مضربة ؛ لأنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يلبسها ، ولها أُذنان ، وكان له بُرنس يتبرنس به (7) ، وهو قَلَنسُوة طويلة كان الصلحاء يلبسونها (8) ويكره تصديقها ، أي تغييرها (9) وجعلها مترّكة ؛ فإنّه إذا ظهرت القلانس المترّكة

ص: 40


1- انظر الوسائل 3 : 377 أبواب أحكام الملابس ب 30.
2- الكافي 6 : 461 ح 3 ، الوسائل 3 : 377 أبواب أحكام الملابس ب 30 ح 2.
3- الكافي 1 : 408 ح 7 ، الوسائل 3 : 378 أبواب أحكام الملابس ب 30 ح 5.
4- مكارم الأخلاق : 119 ، الوسائل 3 : 379 أبواب أحكام الملابس ب 30 ح 10.
5- انظر الوسائل 3 : 414 أبواب أحكام الملابس ب 65.
6- الشهيد في الدروس 1 : 152.
7- الكافي 6 : 461 ح 1 ، 2 ، الوسائل 3 : 379 أبواب أحكام الملابس ب 31 ح 2 ، 3.
8- انظر الصحاح 3 : 908.
9- في «م» تصديفها ، وفي «ح» ، وتصديقها أي تغيّرها ، ويحتمل كونه تصحيف تصنيعها أي تكسيرها ، فقد أورد في مكارم الأخلاق : 121 ، قول أبي الحسن الأوّل (عليه السلام) : اعمل لي قلنسوة لا تكون مصنعة ، فإنّ السيد مثلي لا يلبس المصنع ، وقال : المصنع المكسر بالظفر ، وأورد في الكافي 6 : 462 ح 4 ، اتخذ لي قلنسوة ولا تجعلها مصبغة ، وفي الوسائل 3 : 380 مصبعة (مصبغة).

ظهر الزنا (1).

ويكره لبس البُرطُلّة ؛ (2) لأنّها من لباس اليهود.

المبحث السادس : في ملابس القدمين
اشارة

والنظر فيها في مقامين :

الأوّل : في لبس النعل

يُستحب اتّخاذ النعلين ، واستجادتها ؛ فإنّ أوّل من اتخذها إبراهيم عليه السلام (3).

وعن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم من اتّخذ نعلاً فليستجدها (4). وعن عليّ عليه السلام استجادة الحِذاء وقاية للبدن ، وعَون على الصلاة ، والطهور (5). وعن الباقر عليه السلام من اتّخذ نعلاً فليستجدها ، ومن اتخذ ثوباً فليستنظفه ، ومن اتخذ دابة فليستفرهها ، ومن اتخذ امرأة فليكرمها ، فإنّما امرأة أحدكم لعبته ، فمن اتخذها فلا يضيّعها ، ومن اتخذ شعراً فليُحسن إليه ، ومن اتّخذ شعراً فلم يفرقه فَرَقه اللّه تعالى يوم القيمة بمنشار من نار (6). وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «من أراد البقاء ولا بقاء ، فليباكر الغداء ، وليجوّد الحذاء ، وليخفّف الرداء ، وليقلّل مجامعة النساء» ، قيل : يا رسول اللّه

ص: 41


1- انظر مكارم الأخلاق : 121 ، والوسائل 3 : 380 أبواب أحكام الملابس ب 31 ح 10.
2- كذا ضبطها في المغرب : 68 ، وضبطها غيره بُرطُل أو بَرطُلّ ، انظر لسان العرب 11 : 51 ، وحاشية ابن البري على المغرب : 46.
3- انظر الكافي 6 : 462 ح 2 ، الوسائل 3 : 381 أبواب أحكام الملابس ب 32 ح 1.
4- الكافي 6 : 462 ح 3 ، الوسائل 3 : 381 أبواب أحكام الملابس ب 32 ح 3.
5- الكافي 6 : 462 ح 1 ، الخصال : 611 ، الوسائل 3 : 381 أبواب أحكام الملابس ب 32 ح 3.
6- قرب الإسناد : 33 ، الوسائل 3 : 381 أبواب أحكام الملابس ب 32 ح 4 ، ودابة فارهة نشيطة حادّة قوية. لسان العرب 13 : 521.

صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وما خفّة الرداء؟ قال : «قلّة الدين» (1).

وعن الصادق عليه السلام : أنّ الإجادة للحذاء مكيدة للعدوّ ، وزيادة في ضوء البصر ، وخِفّة الدين زيادة للعُمر ، والادّهان ظهور الغناء ، والسواك يذهب وسوسة الصدر ، وإدمان الخفّ أمان من السلّ» (2).

ويستحبّ فيهما أُمور ، وهي : أن تكونا بيضاوين ، لينال مالاً وولداً ، أو صفراوين ؛ لينال سروراً إلى أن يبليهما (3).

وعن الصادق عليه السلام أنّ في الصفراء ثلاث خصال : تجلو البصر ، وتشدّ الذّكَر ، وتنفي الهمّ ، وهي من لباس النبيين (4) و «أنّ صاحبها لا يبليها حتّى يستفيد علماً أو مالاً» (5).

ويُستحبّ إطالة ذوائبها ، وخلعها عند الجلوس والأكل لاستراحة القدمين ، والبدأة في اللّبس باليمنى ، وفي الخلع باليسار ، وهبتها ، وهبة الشسع للمؤمن ؛ ليحمله اللّه تعالى على ناقة دكناء (6) من قبره حتّى يقرع باب الجنّة (7).

ويكره عقد الشّراك ، ولبس السوداء ؛ فإنّ من لبسها لم يُعدم همّاً وغمّاً ، ويحصل منها ضرر في البصر ، ورخوة في الذَّكَر ، وهي لباس الجبّارين (8).

ويكره لبس ما لم يكن معقب الرجلين. ولبس الملس ، وهي من النعال ما فيه طول ولطافة كهيئة اللسان (9) ؛ لأنّها لباس فرعون (10). ولبس الممسوحة غير المخصورة التي ليس

ص: 42


1- الفقيه 3 : 361 ح 1715 ، الوسائل 3 : 381 أبواب أحكام الملابس ب 32 ح 5.
2- هذا مضمون الحديث ، انظر أمالي الطوسي 2 : 279 ، والوسائل 3 : 382 أبواب أحكام الملابس ب 32 ح 6.
3- انظر الوسائل 3 : 386 أبواب أحكام الملابس ب 39.
4- الكافي 6 : 465 ح 2 ، ثواب الأعمال : 43 ح 1 ، الوسائل 3 : 387 أبواب أحكام الملابس ب 40 ح 3.
5- تفسير العياشي 1 : 47 ح 59 ، 60 ، الوسائل 3 : 388 أبواب أحكام الملابس ب 40 ح 5.
6- في المصدر : دمكاء ؛ قال في المصباح المنير : 198 دكن الفرس إذا كان لونه إلى الغبرة ، وهو بين الحمرة والسواد ، والأُنثى دكناء. وفي مجمع البحرين 5 : 267 دمكاء : أي سريعة ، وهو أنسب.
7- انظر الوسائل 3 : 384 أبواب أحكام الملابس ب 35.
8- انظر الوسائل 3 : 385 أبواب أحكام الملابس ب 38.
9- انظر القاموس المحيط 4 : 269.
10- انظر الوسائل 3 : 382 أبواب أحكام الملابس ب 33 ح 2 ، 3.

عرضها أقلّ من عرض الطرفين (1) لأنّها من لباس اليهود ؛ ، فإن كانت ممسوحة خصّرها. والمشي بنعل واحدة (2) إلا إذا أراد إصلاح الأُخرى كما صنع الإمام عليه السلام (3).

ويُكره لبسها من قيام.

وتُكره البيض المقشورة ؛ لأنّها من لباس الجبابرة ، والحُمر ؛ لأنّها من لباس الأكاسرة (4).

المقام الثاني : في لبس الخفاف والحذاء

يستحب لبس الخفاف ، وإدمانه شتاءً وصيفاً ؛ فإنّه أمان من السلّ والجذام ، وقوّة للبصر (5). والابتداء في اللّبس باليمين ، وفي الخلع باليسار. واختيار الأسود ؛ لأنّه سُنّة من لباس بني هاشم (6).

ويُكره المشي في خفّ واحد ، أو حذاء واحد ؛ حذراً من أن يمسّه الشيطان مسّاً لا يدعه إلا أن يشاء اللّه تعالى (7).

المبحث السابع : في ملابس الأصابع

يستحبّ التختّم ، وأن يكون بالفضّة ، وأن يكون باليمين ؛ لأنّه من علامات المؤمن الخمس (8) ، وبه تنال درجة المقرّبين ، وهم جبرائيل وميكائيل (9) ، ووردت رخصة في اليسار (10).

ص: 43


1- انظر الوسائل 3 : 382 أبواب أحكام الملابس ب 33 ح 2 ، 3.
2- في «م» ، «س» : لا بأس بالمشي بنعل واحدة إلا.
3- الكافي 6 : 468 ح 6 ، الوسائل 3 : 384 أبواب أحكام الملابس ب 36 ح 2.
4- انظر الوسائل 3 : 389 أبواب أحكام الملابس ب 42.
5- انظر الوسائل 3 : 388 أبواب أحكام الملابس ب 41.
6- انظر الوسائل 3 : 389 أبواب أحكام الملابس ب 42.
7- انظر الوسائل 3 : 391 أبواب أحكام الملابس ب 44.
8- مصباح المتهجد : 730 ، الوسائل 10 : 373 أبواب المزار ب 56 ح 1.
9- انظر الوسائل 3 : 397 أبواب أحكام الملابس ب 49 ح 5.
10- الوسائل 3 : 394 أبواب أحكام الملابس ب 48.

والتبليغ بالخواتيم أواخر الأصابع ؛ لأنّ جعلها في أطرافها من عمل قوم لوط (1).

وأن يكون الفصّ أسود مدوّراً.

وأن يكون من العقيق ؛ لينفي النفاق ، وتُقضى به الحوائج. ولا يصيب المتختم به غمّ ما دام عليه. ولا يُعذب كفّ لابسه إذا تولّى عليّاً عليه السلام بالنار ، ويقضى له بالحُسنى. ولم تُرفع كفّ إلى اللّه تعالى أحبّ إليه من كفّ فيها عقيق. وينفي الفقر ، والمكروه. وهو أوّل جبل أقرّ بالوحدانيّة ، والنبوّة ، والوصيّة لعليّ عليه السلام ، وللشّيعة بالجنّة (2).

وأن يكون من العقيق الأحمر ، أو الأصفر ، أو الأبيض ، وهي ثلاثة جبال في الجنّة ، فمن تختّم بها من شيعة آل محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم لم يرَ إلا الخير ، والحُسنى ، والسعة في الرزق ، والسلامة من جميع أنواع البلاء ، ويأمن من السلطان الجائر ، ومن كلّ ما يخافه الإنسان ويحذره.

ويُستحبّ استصحابه في السفر ؛ لأنّه حرز فيه ، وعند الخوف ، والصلاة والدعاء.

والعقيق لا يرى المتختّم به مكروهاً ، ويحرس من كلّ سوء ، ويبارك على لابسه ، ويكون في أمن من البلاء.

ومن نَقَشَ فيه : محمّد نبيّ اللّه وعليّ وليّ اللّه ، وقاه اللّه مِيتة السوء ، ولم يَمت إلا على الفِطرة.

وصلاة ركعتين بعقيق تعدل ألف ركعة بغيره (3).

أو من الياقوت ؛ لأنّه ينفي الفقر.

أو من الزمرّد ؛ لأنّه يُسر لا عُسر فيه.

أو بحصى الغريّ ؛ لاستحبابه ، والأبيض أولى.

أو البلور ؛ فإنّه نعم الفصّ.

أو بالفيروزج ؛ لأنّه لا تفتقر كفّ تختّمت به ، ولطلب الولد مع كتابة : ربّ

ص: 44


1- الوسائل 3 : 398 أبواب أحكام الملابس ب 50.
2- انظر الوسائل 3 : 399 أبواب أحكام الملابس ب 51.
3- انظر الوسائل 3 : 399 أبواب أحكام الملابس ب 51 - 52.

لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين ، عليه. وقال اللّه : لأنّي لأستحيي من عبد يرفع يده ، وفيها خاتم فصّه فيروزج أن أردّه خائباً (1).

أو بالجَزْع اليماني ؛ لأنّه يردّ مَرَدة الشياطين ، ويسبّح ، ويستغفر ، وأجره لصاحبه ؛ ولأنّ الصلاة فيه سبعون صلاة.

أو بالحديد الصيني ؛ لترتب القوّة عليه (2).

أو بالخواتيم المتعدّدة ؛ للجمع بين الخواصّ.

ويُستحبّ نقش الخاتم : إمّا كنقش خاتم آدم عليه السلام : لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه.

أو خاتم نوح : لا إله إلا اللّه ألف مرّة ربّ أصلحني.

أو خاتم إبراهيم عليه السلام الذي أمر بلبسه لتكون النار عليه برداً وسلاماً : لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، لا حول ولا قوة إلا باللّه ، فوّضت أمري إلى اللّه ، أسندت ظهري إلى اللّه ، حسبي اللّه.

أو خاتم موسى عليه السلام : اصبر تُؤجر ، اصدق تنج.

أو خاتم سليمان عليه السلام : سبحان من ألجم الجن بكلماته.

أو خاتم عيسى عليه السلام : طوبى لعبد ذكر اللّه من أجله ، وويل لعبد نسي اللّه من أجله.

وورد في كثير منهم عليهم السلام أنّ النقش كان بغير ما ذكر ، وهو مُنَزّل على تعدّد الخواتيم.

وعن الصادق عليه السلام من كتب على خاتمه : ما شاء اللّه ، ولا قوّة إلا باللّه ، أستغفر اللّه ، أمن من الفقر المدقع (3). أو خاتم النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم : محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وإله وسلّم.

ص: 45


1- مهج الدعوات : 359 ، الوسائل 3 : 406 أبواب أحكام الملابس ب 56 ح 5.
2- انظر الوسائل 3 : 404 أبواب أحكام الملابس ب 54 - 58.
3- ثواب الأعمال : 214 ، الوسائل 3 : 412 أبواب أحكام الملابس ب 62 ح 10.

أو خاتم عليّ عليه السلام : اللّه الملك.

أو خاتم الحسن عليه السلام : العزّة لله.

أو خاتم الحسين عليه السلام : ( إِنَّ اللّهَ بالِغُ أَمْرِهِ ) .

أو أحد خواتيم عليّ بن الحسين عليهما السلام ، فإنّ نقش خاتمه الياقوت : لا إله إلا اللّه الملك الحقّ المبين ، والفيروزج : اللّه الملك الحقّ ، والحديد الصيني : العزّة لله جميعاً ، والعقيق ثلاثة أسطر : ما شاء اللّه ، لا قوة إلا باللّه ، أستغفر اللّه.

أو خاتم الباقر عليه السلام كخاتم الحسن عليه السلام : العزّة لله.

أو خاتم الصادق عليه السلام : اللّه خالق كلّ شي ء.

أو خاتم الكاظم عليه السلام : حسبي اللّه ، وفيه وردة.

أو خاتم الرضا عليه السلام : ما شاء اللّه ، لا قوّة إلا باللّه. وروى غير ذلك (1).

ويُكره التختّم بالسبابة والوسطى ، وترك الخنصر ؛ لأنّه عمل قوم لوط (2).

وتحويل الخاتم لغير عدد الركعات ؛ فإنّ تحويله لذكر الحاجة ، ونحوه من الشرك الخفي ، وهو أخفى من دبيب النمل (3).

ولا بأس بتحلية النساء والصبيان قبل البلوغ ، والسيف ، والمصحف بالذهب والفضّة (4).

ويُكره التختّم بالحديد ؛ فإن الكفّ لا يطهر ، أي لا تتنزّه ، وبغير الفضّة مطلقاً ، سوى الذهب ، فإنّه يحرم تختّم الرجال فيه (5).

ثمّ إذا حصل التعارض بين مستحبّ ومكروه ، رجح الاجتناب ، إلا إذا قوي مرجّح الاستحباب. وبين المستحبّات والمكروهات بعض مع بعض لا بدّ من ملاحظة

ص: 46


1- انظر الوسائل 3 : 409 أبواب أحكام الملابس ب 62 ، 60.
2- انظر الوسائل 3 : 407 أبواب أحكام الملابس ب 59.
3- معاني الأخبار : 379 ح 1 ، الوسائل 3 : 409 أبواب أحكام الملابس ب 61.
4- الوسائل 3 : 412 أبواب أحكام الملابس ب 63 ، 64.
5- الوسائل 3 : 393 أبواب أحكام الملابس ب 46.

الميزان ، وهذا المقام ممّا يفضي بإطالة الكلام ، ويجري فيما بين المتجانسات ، والمختلفات.

القسم الثالث : المكان

اشارة

وهو إمّا الفراغ الشاغل للجسم ، أو الجسم المحيط من جميع الجوانب ، كبيت سُدّ بابه ، أو قِربة شُدّ فمها ، أو المحيط بما عدا جهة العلوّ ، أو ما يستقرّ عليه الجسم.

وتختلف حال العبادات باختلاف معانيه من جهة التصرّفات من جهة الأعلى والأسفل ونحوها. فحُرمة الفراغ ، ومَسقط الجسم ، وما كان بجانب العلوّ أو أحد الجانبين ، كلّا أو بعضاً ، أو مركّباً من أيّ أقسام التراكيب باعثة على الفساد.

والكلام في مكان المصلّي

وفيه مقامات :

الأوّل : فيما تتوقّف عليه قابليّته من الشروط ،

وهي عديدة :

الأوّل : أن يكون مباحاً بملك عينٍ ، أو منفعة ، أو إذن مالك متسلّط شرعاً ولا يدخل الغاصب في الإذن العام أو شرع بحيث لا يتوجّه إليه منع التصرّف ، أو الانتفاع بوجه من الوجوه في أرض ، أو فضاء ، أو فراش ، أو خيمة ، أو صهوة ، أو أطناب ، أو حبال ، أو أوتاد ، أو خفّ ، أو نعل ، أو مركوب ، أو سرجه ، أو وطائه ، أو رحله ، أو نعله ، أو باقي ما اتّصل به ، أو بعض منها مع الدخول في الاستعمال وإن قلّ ، أو سقف ، أو جدار ، أو بعض منهما ، ولو حجراً واحداً (ما لم يخرج عن التصرّف ، كما في سؤر البلد وحائط الدار في وجه) (1) مع العلم بالغصب والاختيار ، عالماً بالحكم ، أو جاهلاً به.

ص: 47


1- بدل ما بين القوسين في «ح» : أو إباحة البيت مع إحاطة جدار الدار المغصوب لا يخرجه عن حكم الغصب بخلاف سور البلد.

والأصل فيه بعد أصل بقاء الشغل ، وطلب يقين الفراغ بعد الشكّ ، ودخول الغصب في المقوّم أو في الممنوع من التصرف قولُ أمير المؤمنين عليه السلام في البشارة لكميل يا كميل انظر الى ما تصلّي فيه ، وعلى ما تصلّي عليه ؛ فإن لم يكن وجهه وحِلّةِ فلا قبول (1). وهو شاهد في باب اللباس أيضاً.

وإذا نقّحنا العلّة باعتبار ارتكاب المحرّم في مقام العبادة انجرّ إلى العبادات البدنيّة ، وإلى العبادات القوليّة في وجه ، أمّا التروك والقلبيّة فلا.

والرواشن المخرجة مع الإضرار في حقّ مخرجها أو من كان استعماله يبعث على استمرارها في حكم الغصب ، كغيرها من الموضوعات في المشتركات العامّة من المغصوب.

ومع جهل الموضوع لنسيان أو غيره أو الجبر تقوى الصحّة ، وإن شغلت الذمّة بعوض المنفعة في بعض الأقسام.

والتصرّف بمكان الغير كسائر أمواله من دونٍ إذن قولية أو فحوائية ، ولو مع احتمال الإذن ، ولو بظنّ غير شرعيّ في غير التسع المستثنيات ، وفي مكان المارّة لو قلنا بها في أحد الوجهين ، إذا لم يستلزم لبثاً زائداً على مقدار الاجتياز ، وفي الأراضي المتّسعة لغير الغاصب ، ومقوّميّة التي يلزم الحرج في المنع عنها.

والإذن بالدخول والجلوس ، والنوم ، ونحوها لا يستلزم الإذن بالصلاة ، إلا مع قرينة الحال أو المقال.

(وفي الالتزام بالنذر يثبت سلطان للمنذور له دون باقي الملزمات ، إلا من باب الأمر بالمعروف ، والأقوى أنّ للمجتهد الإجبار) (2).

ولو أذن بصلاة واحدة مخصوصة اقتصر عليها ، ومع الإطلاق يتخيّر بين الرباعيّة ، والثلاثيّة ، والثنائيّة ، وذات الركعة الواحدة مع قابليّة كلّ منها ، والأحوط الأخيرة.

والمتصرف بالمشترك المُشاع ولو كان للشريك من الألف جزء من دون إذن

ص: 48


1- بشارة المصطفى : 28 ، وانظر تحف العقول : 174 ، والوسائل 3 : 423 أبواب مكان المصلّي ب 2 ح 2.
2- ما بين القوسين من «ح».

الشريك أو من قام مقامه غاصب. فلو كان لأرباب الزكاة أو الخمس حصّة جزئيّة ولو جزء من ألف لم يضمن في مكان أو غيره دخل في المغصوب.

ولو أذِنَ له في الصلاة فدخل ثمّ أمره بالقطع ، أو نقله عن ملكه لم يجب القطع ، ولو نافلة. ويقوى استحقاق الأُجرة على مقدار ما بقي لو كان له أُجرة.

ولو كان عن فحوى فانكشف الخلاف قطع.

ويجب على المأذون مطلقاً أن لا يزيد على المتعارف ، فيجوز الإتيان بالندب المتعارف مع عدم عروض المنع ، ومع العروض يقتصر على أقصر ما يجزي وأقلّه (1). ومنه الركعات الاحتياطيّة ، والأجزاء المنسيّة ، وسجود السهو بناءً على الفوريّة.

وإجازة المالك بعد العمل لا تصحّحه.

وغصب المكان الموقوف ممّن دخل تحت الوقف بمنزلة غصب الملك في الخاصّ ، وفي العام والمشترك بين المسلمين يقدّر بمقدار الحاجة للمغصوب منه. ويحتمل قويّاً الاكتفاء برفع يد الغصب ، وإعراض المغصوب منه.

فلو دفع شخصاً في وقف خاص أو عامّ أو مشترك بين المسلمين من سوق ، أو طريق ، أو مقبرة ، أو أرض مفتوحة عنوة جرى عليه حكم الغصب.

ولا بأس بالصلاة ، ومقدّماتها ، وغيرها من العبادات فيما يلزم الحرج بلزوم اجتنابه من غير فحصٍ عن رضا المالك وعدمه ، وعن كونه مولى عليه أو لا ، بل لو منع لا يسمع منعه ؛ لأنّ المالك للملك ومالكه أذنَ في ذلك ، كما في الأراضي المتّسعة المؤدّي فيها المنع إلى لزوم الحرج (العامّ ، فيسري إلى الخصوص ، كما في المياه إن لم يترتّب ضرر على بعض الماكثين أو العابرين أو الشاربين ، وقد يلحق بذلك نحو الجسر ، وأشباهه ، وساكن البلد لا يُعد متصرّفاً بسورها مع لزوم الحرج في المنع ، وساكن الدار متصرّف بحائطها ، ولا يفيد بناء الجدران دونها) (2).

ص: 49


1- في «ح» زيادة : ولو خصّ الإذن بصلاة دون غيرها اختصّ الجواز بالمأذون بها ، ولو عيّن المقصورة أو التامّة تعيّن حكمه في مقام التخيير كما في اللّباس المغصوب.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

وبطلان الصلاة ليس باعتبار التصرّف ، بل مطلق الانتفاع ، فلو صلّى بإيماءٍ ونحوه بطلت ، إلا مع الكون الجائز ، كما في حال الخروج مع عدم زيادة التصرّف والعُذر في الدخول أو مطلقاً على اختلاف الوجهين.

ولو ضاقَ الوقت ودار الأمر بين المغصوب والنجس أو المتنجّس السارية نجاسته مع عدم العفو ، أو بين السجود على المغصوب وعليه ، أو بينه وبين ما لا يصحّ السجود عليه ، قدّم غير المغصوب.

وفي وجوب مراعاة مراتب الغصب ، مع الإلجاء والدَوَران لاختلاف المغصوب منه ، ونحوه ، وجه قوي.

ولو أذن في جميع التصرّفات سوى الصلاة بطلت ، وبالعكس صحّت.

والمصلّون في المطاف الضارّون بالطائفين ، وحول الضرائح المقدّسة الضارّون للزائرين غصّاب.

ولو اختصّ الغصب بالفضاء الأعلى جلس ، فإن لم يتسع اضطجع.

ولو اختصّ المباح بمقدار موضع القدمين وفراغ القامة ، وجب الوقوف والإيماء.

ولو وُضِع تراب أو جِصّ أو نورة أو قير أو نحوها غير مأذون فيه أو فراش كذلك أو نحوه في مكان من الوقف العامّ أو الخاصّ ، أو الملك ، أو المشترك على وجه الاستحقاق ، كالطرق والأسواق ونحوها ، أو الإباحة على إشكال ، فإن كان الواضع هو المالك صحّت الصلاة عليه ، وإلا فإن أمكن إزاحته بيسير أُزيح ، وإلا صلّي عليه والأُجرة على الغاصب.

ويجري الحكم في مثل الخيمة ، والصهوة ، والجدران ، والمصباح ، والنار ، ونحوها إذا كان الاستعمال اتفاقياً لا بالقصد ، وإنّما القصد هو الكون فيما أو على ما له سلطان عليه.

ولو وجد مغصوب عند حربيّ ولم يعلم أنّه غصبه من مثله ، أو من محترم ، جاز أخذه والصلاة عليه من غير فحص ، والأحوط الفحص.

والغاصب والمختار في دخول المغصوب وخروجه تبطل صلاته الكائنة حال دخوله ،

ص: 50

ومكثه. وفي الخروج وجهان ، وقد يقال بتخصيص الحال بضيق الوقت عن ركعة ، أو عن إكمال الصلاة لتفويت بعض الأعمال ، هذا إذا لم يكن تصرّف زائد على الخروج.

وفي المجبور (1) مع ضيق الوقت لا ينبغي التأمّل في الصحّة ، مع عدم زيادة التصرّف ، وتلزم الأُجرة على الجابر (2) ، ويحتمل لزوم الاقتصار على الواجبات ، والإسراع بقدر الإمكان عادة.

وتحريك اللسان من التصرف في المكان إن جُعل عبارة عن الفراغ ، والقول بخروجه منه أقوى (3).

(وفي إلحاق التائب بالمعذور لجبر أو جهل أو نحوهما إشكال ، وغير التائب أشدّ إشكالاً) (4).

وما كان فوق المكان من الجانب الأعلى أو الأسفل ولا يدخل أو تحت الأسفل ولا يدخل في اسمه لانفصاله عنه مع عدم حُرمة الفراغ كتراب أو فراش موضوعين على السطح أو مطلق السقف أو تحته مع الفصل فلا بأس بالصلاة عليه أو تحته ؛ إذ لا يُعدّ تصرّفاً وانتفاعاً.

أمّا ما يدخل تحت التصرّف والانتفاع بالنسبة إليه ، كالطين المطيّن به السطح المباح ، والأرض تحت الفراش المباح متّصلة به ، فيجري فيه حكم الغصب.

وما كان من الكنوز فلا يمنع من الصلاة على ما علاه من المكان.

ولو عيّن عليه في الإذن مع ضيق الوقت صفة لا تصحّ إلا من العاجز ، كالجلوس ، والاضطجاع والإيماء وكثرة الفعل وإيجادها متفرقة الأجزاء في الأمكنة المتعدّدة ممّا لم تُمحَ به الصورة ، أو إلى غير القبلة ، أو فيما لا يصحّ لبسه في الصلاة ونحوها ، أو مكاناً خاصّاً تعيّن عليه وبطل ما عداه.

والمحجور عليه في التصرّف من الملّاك لسبب من الأسباب من الغصّاب. ولو منع

ص: 51


1- في «م» ، «س» زيادة : والتائب.
2- في «م» ، «س» زيادة : والتائب.
3- في «ح» زيادة : والقول بخروجه منه أقوى.
4- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

المالك غيره عن الخروج عن ملكه لم يعتبر منعه عن الاكتساب في المعاملات ، ولا تحريم ولا فساد في فرائض الصلاة ، ولا أُجرةَ له على ما فعله المسبّحون أو عمله. ويقوى ذلك في التطوّعات أيضاً على إشكال.

ولمالك الدار ، والداخل في الوقف ، وصاحب الحقّ في المشتركات ، بل في المباحات في وجه قوي أن يقوم ، ويجلس ، وينام ، ويصلّي على فراش أو تراب أو أحجار أو نحوها وضعها صاحبها قهراً من غير أُجرة ، ولا وجوب دفع أو رفع.

وإن كان القاهر غير المالك ، فيقوى وجوب الرفع مع اليُسر ، وعدم لزوم البذل. ولو شاء الرفع وبذَلَ شيئاً فعلى الغاصب ، وليس له رجوع على المالك.

والمجبور من غير المالك على الكون في المغصوب إذا لم يحصل منه تصرّف من جهة الصلاة زائد على أصل الكون ، تصحّ صلاته.

الثاني : أن لا يكون نجساً أو مُتنجّساً تتعدّى نجاسته إلى بدن المصلّي أو ثيابه على وجه لا يُعفى عنه ؛ لرطوبتهما ، أو رطوبة القذارات ، أو الرطوبتين ، والرطوبة متعدّية كاسبة ، ولا بأس مع عدم الكسب ، ولو مع الشك على إشكال.

ولا بدّ من طهارة موضع الجبهة ممّا يُباشر بشرتها ، فلا يصحّ السجود بالجبهة على نجس أو متنجّس ، مع التعدّي وعدمه. وأمّا ما عدا الجبهة من باقي البدن أو الثياب فلا بأس بمباشرتها لنجس أو متنجّس مع عدم التعدّي.

ولا بأس بنجاسة ما تحت المباشر ، ما لم يُنافِ الاحترام ، كالملوّث لأسفل التربة الحسينيّة ، ولأسفل قرطاس مكتوب في وجهه الأسفل بشي ء من القرآن ، أو الأسماء المحترمة ونحوهما ، بل مُطلق المتصل ، وإن لم يكن ملوّثاً لهما في وجه قويّ لا يستند إلى النهي عن الضدّ.

ولو كان المُصيب من النجاسة غير متعدّ ، أو المتعدّي من النجاسة معفوّاً عنه غير مستغرق لما يجزي السجود عليه من الجبهة ، فلا بأس به.

ولو ضاقَ الوقت وانحصر ، انحنى للسّجود بمقدار ما يُقارب محلّ النجاسة ، ولا تلزمه

ص: 52

الإصابة ، ولا يكفيه مجرّد الإيماء على الأحوط. وإن أمكن رفع مسجد طاهر ، لزم.

ولو دارَ بين النجس وإن ضعف ، والمتنجّس وإن قوي تنجيسه مع زوال العين ، سجدَ على المتنجس.

ولو دارَ بين آحاد النجاسات والمتنجّسات ، قُدّم الخفيف على الشديد ، والقليل على الكثير ، والمتعلّق بغير الجبهة في السجود على المتعلّق بها ، والساري إلى الثوب على الساري إلى البدن ، والساري إلى أحدهما على الساري إليهما ، والدّثار على الشعار ، وهكذا.

وتقدّم النجس وما لا يصحّ السجود عليه لذاته أو لقصد الاستقرار على المغصوب مع الإلجاء إلى أحدهما ، والثاني منهما على الأوّل ، وما فيه صفة واحدة من الأوّلين على ما جمع الصفتين مع الاضطرار.

ولو كان بدنه من الجبهة وغيرها وثيابه متلوّثة بالنجاسة ، استوى التعدّي وغيره في الجواز في وجه يشتدّ ضعفه مع زوال العين وبقاء الحكم.

ولو أُزيل المانع من النجاسة عن المكان وأمكن التطهير أو التبديل من غير فعل مُنافٍ ، لزم ، وأتمّ ، وإلا قطع وأعاد مع سعة الوقت ، ومع ضيقه بحيث لا يفي بركعةٍ أتمّ ، ولا قضاء.

الثالث : أن يكون ممّا يمكن أداء الأفعال فيه ، فلو كان فيه هبوط يمنع عن القيام ، أو ضيق يمنع عن امتداد الركوع والسجود ، أو عن الاستقبال ، أو عن الاعتدال في القيام ، أو الاستقلال ، بطلت فيه صلاة المختار ، مع اتساع الوقت.

وتختلف الحال باختلاف الأحوال ، فمن فرضه القيام يرعى جهة الارتفاع ، ومن فرضه الجلوس جهة الجلوس ، ومن فرضه الاضطجاع الاضطجاع.

ولو تعارض صنفان منافيان ، قُدّم أوسعهما. أو متفاوتان في شمول الموافق للاختيار ، قُدّم أشملهما. ويجري ذلك في الفرائض والنوافل فيما يُشترط فيهما.

ولو تمكّن من تحصيل فاقد الموانع أو المشتمل على الأقلّ منها بعمل أو شراء أو أُجرة

ص: 53

لا يضرّ عوضهما بالحال وجب.

ولو تعارض ما يمكن فيه القيام مع الإيماء ، مع ما يمكن فيه الركوع والسجود مع الجلوس ، قُدّم الأوّل. ويقدّمان على المشي والركوب ، وهذان على التساوي.

وكذا يجب تجنّب ما يحصل فيه ازدحام يمنع عن الإتيان بالأفعال على نحو ما وضعت عليه في جمعة مع الاختيار ، أو جماعة أو مَطاف أو مَزار أو نحوها ، أو قيل وقال ، أو هرج أو مرج ، أو همّ أو فرح ، أو استطراق تبعث على عدم التمكّن من الأعمال ، أو على اضطراب الخيال ويشتغل الفكر عن الوثوق بالإتيان بصحيح الأعمال. ولو أمكن دفع ذلك ببذل ما لا يضرّ من المال ، وجب.

الرابع : أن يكون غير مخوف خوفاً يبعث على حرمة المكث والاستقرار ، والهرب عنه ، والفرار عن النفس المحترمة ، أو العِرض ، أو البدن من جرحٍ أو كسرٍ ، أو مالٍ يضرّ بالحال ، كانهدام سقف أو جدار ، أو حصول سبع ضارٍّ ، أو سارق لا يستطاع دفعهما ، أو تقيّة (لا تبعث على صحّة العمل) (1) مع العلم أو الظنّ أو الاحتمال القويّ. فمن صلّى مخاطراً ، بطلت صلاته.

ولو أمكن دفع ذلك بدفاع مقرون بمظنّة السلامة أو بمالٍ لا يضرّ بالحال ، وجب. ويأتي بالصلاة واجبة أو مندوبة فارّاً ، حيث لا يتمكّن منها قارّاً ، راكباً أو ماشياً ، مخيّراً بينهما ، مع احتمال الترجيح لكلّ منهما على صاحبه ، مع العدوِ وبدونه مرتّباً (2).

ولو لم يتمكّن من التخلّص من المكان المخوف ، تعيّن عليه ما هو أقلّ خوفاً.

ولو أمكنه تخفيف الخوف بنحو ما ذُكر في دفعه من أصله ، وجبَ. ولو أمكنه الهرب إلى ما هو أقلّ خوفا ، بطلت صلاته فيما هو أكثر.

الخامس : أن لا يكون الكون عليه مُنافياً للشّرع ، فتجب الحركة عنه ، كالكون على

ص: 54


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- في «م» : مرتّباً.

محترم : من قبر نبيّ ، أو إمام ، أو قران ، أو كتاب حديث ، أو تربة حسينيّة ، أو نحو ذلك.

وتختلف الحال باختلاف مراتب الاحترام ، فمنها : ما يُنافي احترامه مجرّد الكون عليه. ومنها : خصوص القيام. ومنها : خصوصه متنعلاً ، وهكذا.

وكالكون على بدن غير المحرم (1) مع المباشرة ، أو على شخص مالك أمره لا يرضى بالكون عليه ، فمتى صلّى على شي ء من ذلك عالماً مختاراً ، بطلت صلاته ؛ لحرمة الكون والاستقرار ، وهما شرطان بالنسبة إلى العالم المختار.

السادس : أن يكون مُستقرّاً بتمام بدنه ، غير مُتحرّك تبعث حركته على حركة المصلّي استقلالاً ، كما إذا قضي بعدم استقراره وصدق اضطرابه عُرفاً ، أو تبعاً ، كدابّة أو سفينة سائرتين ، أو أُرجوحة أو سقف ، أو تِبن ، أو رَمل ، أو كديس ، أو بَيدر ، أو طين ، أو محشوّ ، أو ذات زلزلة ، أو محمل ، أو عرّادة (2) ، أو حطب ، أو قصب ، أو نبات ، ونحوها غير مستقرّة في الفريضة ، دون النافلة ، ومع الاختيار ، دون الإجبار والاضطرار. ولا بأس بها مع الاستقرار ، وعدم الاضطراب المعتبر في تحقّق وصفه.

ولو صلّى مجبوراً أو مضطراً قد ضاقَ عليه الوقت مثلاً مُدركاً للركعة أو لا فلا بأس عليه.

ولو دارَ أمره بين الاضطراب القليل والكثير ، رجح الأخير (3). ويجب عليه الإتيان بتمام الأعمال عن استقبال (4) ، ولا تلزمه الاستدارة إلى القبلة إذا كان مسير السفينة أو الدابة إلى غيرها بعدَ أن كبّر إليها في الفريضة وجوباً.

والظاهر لزوم بقائه على حاله : من البناء على استقبال ما استقبله حين التكبير

ص: 55


1- في «ح» : المحترم.
2- أو العرادة شبيه المنجنيق صغيرة. لسان العرب 3 : 288، وسميت العرادة لأنّها تعرّد بالحجارة ، أي ترمي بها المرمى البعيد. جمهرة اللغة 2 : 633.
3- كذا ، والأصح رجّح الأوّل.
4- في «ح» زيادة : وغير استقبال.

من رأس الدابة ، وذنبها ، وصدر السفينة ، ومؤخّرها ، إلا في الانحراف لمقابلة القبلة ، ويستحبّ في الركوع والسجود زيادة على ما عداهما.

ولو تمكّن من الإتيان بالبعض دون البعض على الموقف ، قدّم ما هو الأهمّ في نظر الشارع بسبب ركنيّته ، أو غيرها على غيره ، والظاهر تقديم المقدّم. ولو كانت الحركة أو الاضطراب غير محسوسة ، فلا مدار عليها.

ولو كان بحيث يرجع إلى الاستقرار من حينه ولم يكن شديداً ، فالظاهر عدم البأس.

ولو أمكن رفعه بعمل أو بذلِ مالٍ لا يضرّ بالحال مع امتناع غيره ، وجبَ في غير السفينة.

ولو دارَ الأمر بين السفينة وغيرها من المتحرّكات ، رُجّحت على غيرها ، ويأتي في الركوع فيها والسجود بالممكن.

ومع إمكان السجود يسجد على ما يصحّ السجود عليه ، وإلا فعلى القُطن والكَتّان ، وإلا فعلى القير أو غيره.

وإن تعذّرَ ، رجعَ إلى الإيماء مع رفع محلّ السجود إلى جبهته إن أمكن على وجه الوجوب في الواجبة ، والندب في المندوب.

ويتحرّى من أماكنها ما هو أجمع للشروط.

والواجب بالعارض من الصلاة كالواجب بالأصل. والأجزاء المنسيّة ، وركعات الاحتياط ، وسجود السهو بمنزلتها ، دون سجود الشكر والتلاوة ، وكذا صلاة الجنازة في وجه.

وتصحّ جماعة فيها مع المحافظة على الشروط ، ويأتي كلّ بتكليفه. وكذا في السفن المتعدّدة ، والدواب ، ونحوها مع اجتماع الشروط.

وتجوز المبادرة بها مع سعة الوقت ، مع تعذّر الخروج حين الفعل ، والأحوط التأخير إلى الأخير.

ولو دارَ الأمر بين القيام والإيماء والجلوس مع الإتيان بالركوع والسجود على حالهما ، قُدّم الأوّل.

ص: 56

وتُعتبر مظنّة دوام الاستقرار ، فما كان معرّضاً للاضطراب بمنزلة المضطرب.

ولا فرق بين المضطرب لنفسه أو لعارض من هواء ونحوه.

ولو أمكنَ الخروج إلى الجدد بلا عسر ، وجب. ولو عدلَ عن القبلة مع توجّهه إليها أو عن الوجه الذي توجّه إليه إلى غيره لا للعود إلى القبلة بطلَت صلاته.

والجزائر العظام المتحدّرة في الماء لتكوّنها من النبات ونحوه بمنزلة الأرض ، دون الصغار المضطربة.

ولو دخلَ فيها أو ركب حيواناً مثلاً قبل دخول الوقت أو بعده مع الاطمئنان بإدراك الأرض ثمّ تعذّر عليه ، فلا شي ء عليه ، وبعد الدخول مع اليأس لا يبعد المنع.

والسفينة والحيوان مع أمن الحركة بمنزلة الأرض.

السابع : ألا يجب عليه الكون في غيره للصلاة أو لغيرها ، لإدخاله في عهدٍ أو نَذرٍ أو نحوهما ، مع وحدة الوقت ، وتعذّر الجمع ، فلو صلّى فيه والحال هذه عصى ، وصحّت صلاته بناءً على عدم فساد الضدّ الخاصّ بالنهي عنه لضدّيته.

ويحتمل الفرق بين ما يكون لأمرٍ شرعي وحقّ مخلوقي ؛ نظراً إلى أنّ المنفعة في الثاني مملوكة ، فلا تُستعمل في غير وجه.

ولو نذرَ أن لا يكون في مكان ، أولا يصلّي فيه لكراهة الصلاة فيه ، كحمّام أو مقبرة أو نحوهما ، إذا أجزنا النذر وشبهه ، عصى ، وبطلت صلاته مع مضادّةٍ (1) لتخصيص أو عموم. وإذا أطلق الوقت فلم تكن مُضادّة ، فلا معصية ، ولا فساد.

ولو عيّن الصلاة أو الوقت فجاء بأُخرى ، أو في آخر ، صحّت صلاته. ولو نذر موضعاً بهيئة خاصّة أو مقيّد بمكان خاصّ ، أو وقعت كذلك ، فأتى به ناوياً أداء النذر به ، عصى وفسد عمله.

ونهي المولى ومفترض الطاعة للمطيع عن الضد الخاصّ يفسده. فإذا عيّن له مكاناً للفعل منه وفعل غيره في غيره ، عصى وفسد.

ص: 57


1- في «ح» زيادة : الوقت.

الثامن : على قول أن لا يتقدّم ولا يساوي في صلاة فريضة أو توابعها أو نافلة أو صلاة جنازة قبر نبيّنا صلى اللّه عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام ، دون باقي الأنبياء ، سوى من جمع منهم بين النبوّة والإمامة ، ولا يساوي ولا يصلّي على القبر ولا يسجد عليه وفي إلحاق قبر الزهراء عليها السلام وجه قويّ فلا يصلّي بين يديه ، ولا مع المساواة إذا صلّى إلى أحد جانبيه ، بل يتأخّر ولو يسيراً.

ومع الفاصلة من جدار أو باب أو سقف تكون فوق القبر أو تحته أو ارتفاع أو انخفاضٍ أو بُعد لا يصدق فيه اسم التقدّم يرتفع المحذور. وفي عدّ الشبابيك ، والصناديق ولا سيّما المخرّمة وحَجب حيوان أو إنسان فواصل وجه قريب.

ويسري الحكم إلى الركعات الاحتياطيّة ، والأجزاء المنسيّة ، وسجود السهو ، دون سجود الشكر والتلاوة.

وفي تسريته إلى الأذان ، والإقامة ، والأذكار ، والدعوات المتّصلة وجهان ، أوجههما العدم.

ولا فرقَ في الحُكم بين الابتداء ، والاستدامة. فلو شَرَعَ ثمّ تقدّم أو ساوى ، جرى عليه حكمهما.

ولو تقدّم أو ساوى بإحدى رجليه دون الأُخرى ، عُدّ متأخراً.

ولو اشتبه مَحلّ القبر ، ودار بين محصور ، كقبر الزهراء عليها السلام بين الأمكنة الثلاثة ، اجتنب الجميع.

ويقوى القول بناءً على الشرطيّة أنّه من العلميّة دون الوجوديّة.

ومع التقيّة الموجبة يجب التقدّم ، ولو خالفَ ، بطلت صلاته. ولو اندفعت به وبالمساواة ، قوي ترجيحها عليه.

ويستحبّ وضع الخدّ الأيمن عليه والالتصاق به.

والظاهر أنّ هذا الحكم من أصله مَبنيّ على الاستحباب ؛ (لأنّ قولهم عليهم السلام : «لأنّ الإمام لا يُتقدّم ولا يُساوى» إن أُخذ على ظاهره ، عمّ الحيّ والميّت ، ولا يخفى

ص: 58

بُعده في القسم الأوّل ، وإن أُريد به الإشارة إلى إمام الجماعة ، وأنّ إمام الأصل أولى بالملاحظة ، فلا يتوجّه إلا على الندب ، وتركه في عدّ الشرائط في كلام المعظم شاهد على ما تقدّم) (1).

وينبغي الوقوف للصّلاة في مَقام لا يحاذي فيه الحديد إن تيسّر له ذلك.

التاسع : أن لا يصلّي الفريضة الواجبة بالأصالة أو بالعارض اختياراً في بطن الكعبة ، أو على ظهرها ؛ لأنّ الخارج يُعدّ مستقبلاً ، ولو كان إلى قليل منها ، والداخل فيها ظهراً وبطناً ليس كذلك ، وإن توجّه إلى معظمها.

فإذا اضطر إلى أحدهما ، قدّم الباطن على الظاهر ، في وجه.

والأحوط الوقوف مُتّصلاً ظهره بحيطانها ؛ ليكون متوجّهاً إلى معظم فضائها ، والكون على حدّ الوسط ، فإن تعدّى ، فالأحوط جعل بعض من السطح أمامه.

ولو جعل لها جناح ممّا يساوي البطن أو الظهر ، فخرج منه إليه شي ء من بدنه في شي ء منها اختياراً ، أو كان فرضه الاضطجاع فأخرج بعض رأسه أو رجليه اختياراً (زائداً على الشّاذَروَان) (2) بطلت. وتصحّ مع الاضطرار لضيق وقت أو إلجاء مُلجئ.

وتصحّ النافلة اختياراً أو اضطراراً. ولو وجبت في الأثناء ، أتمّ ولم يجب القطع ، ولا يجب الخروج وإن اتّسع الوقت.

وتُستحبّ صلاة الجماعة للمضطرّين ، ويُجعل ما قابل الإمام أضيق ممّا قابل المأمومين أو مساوياً. والأحوط المساواة والاشتراك بالوقوف على ابتداء الحدّ.

ويجوز دورهم كالحلقة ، فتكون بعض الوجوه مقابلة لمثلها ، (وفي إجزاء مثل ذلك في جهة الماشي والراكب ونحوهما ، بناءً على أنّها قبلتهم ، لا أنّ القبلة ساقطة عنهم) (3) وفي تجويز جعل الظهور إلى الظهور أو الجوانب هنا بخلاف الخارج وجه.

ولو استقبل جهة العلوّ أو السفل ، لم يكن مستقبلاً.

ويتمشّى الحكم إلى جميع ما يُعتبر فيه الاستقبال ، كالذّبح فيها مع أمن التلويث ،

ص: 59


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ووضع الميّت ، إن أوجَبنا الاستقبال في جميع أحواله.

ويقرُب القول بتحريم التخلّي مع الأمن من التلويث ؛ لجرى حكم الاستقبال فيه ، ولا يتحقّق هنا انحراف عن القبلة.

وفي لزوم الدوام على ما استقبل حال الابتداء وجه ، وفي دخول مسألة استقبال باب الكعبة في مسألة كراهة استقبال الباب المفتوح وجه قوي.

ويتحقّق حكم الاستقبال وثوابه بالنسبة إلى الأذان والإقامة والأذكار والدعاء ونحوها ، وأنحاء الجلوس والاضطجاع ونحوهما. ويحتمل التسرية إلى جميع ما (1) يحرم أو يكره.

العاشر : ما قيل : أن لا يجتمع فيه مُصلّيان ، ذكر وأُنثى ، أو خنثى مُشكل أو ممسوح ، أو أُنثى كذلك (2) ، أو ممسوح وممسوح أو خُنثى ، أو خُنثى وخُنثى مشكلين ، عالمين أو جاهلين بالحكم أو بالموضوع أو بهما ، أو مُختلفين ، بالغين أو غير بالغين أو مُختلفين ، أعميين أو مبصرين أو مختلفين ، مفترضين أو متنفّلين أو مختلفين ، في ظلمةٍ كانا أو في ضياء أو مختلفين ، مشتملَين على علاقة الزوجيّة أو المَحرميّة أو خاليين ، دون ما إذا كانا غير مُصلّيين أو مُختلفين.

وحالهما في الركعات الاحتياطيّة والأجزاء المنسيّة وسجود السهو دون التلاوة والشكر كحالهما مُصلّيين.

وصلاة الجنازة والتأذين والإقامة والمقدّمات القريبة ذوات وجهين ، أقواهما العدم.

فإن حصل الاقتران في الابتداء اشتركا في البطلان ، وإن دخل أحدهما في الأثناء اختصّ السابق ولو بتكبيرة الإحرام أو بالشروع فيها بالصحّة ، إلا أن يكون من الابتداء إلى الانتهاء بينهما حجاب من حيوان أو إنسان أو جماد غير الثياب تمنع رؤية الناظر المتوسّط.

ص: 60


1- في «م» ، «س» زيادة : لا.
2- يعني : أُنثى وخنثى مشكل أو ممسوح.

والأقوى الاكتفاء بغير الحاجب لقصر أو غيره مع تسميته حاجباً. أو تكون متأخّرة عنه بكلا (العقبين أو أحدهما) (1) أو ببعضهما معاً أو بعض أحدهما في أحد الوجهين. أو يكون بينهما مسافة عشر أذرع بذراع اليد من مستوي الخلقة ، لأمن المصلّي ، كائناً ما كان المحدود ، ابتداء وانتهاءً بما بين المِرفَق وأطراف الأصابع ، المقدّر طولاً بأربع وعشرين إصبعاً عرضاً من أصابع المستوي الخلقة. أو يكون المركّب من هذه الأقسام من الاثنين أو الثلاثة.

ولو كان أحدهما غير مصلّ قائماً أو قاعداً أو نائماً ، أو صلاته فاسدة (كما إذا علم فقد شرط) (2) من شروطها فلا بأس.

والفساد الطارئ أو العلم به كذلك لا يقضي بالصحّة مع العلم بالاقتران ابتداء ، وإلا أغنى مجرّد حصوله.

ولا يجوز لأحدهما التعويل على الأصل في تأخير الأخير عنه ، إلا إذا علم في الأثناء بصلاة صاحبه أو بعد الفراغ وجهل تاريخ ابتدائه ، ومع علم تاريخ أحدهما يحتمل تخصيص الصحّة به. ولو علم بالمقارنة بعد الانتهاء ، بطلت.

ولو شكّ بعد الانتهاء أو في الأثناء ، قوي الإلحاق بمسألة الشك بعد الفراغ أو الانتهاء ، وتختص بالبطلان صلاة المأموم منهما على الأقوى.

ولو تنازعا في السبقِ في المشتركات العامّة ، من وَقفٍ ونحوه ، كان البناء على القُرعة. وإن رجح المجتهد أحدهما ، ترجّح. وفي ترجيح الرجل وجه.

ولو كانت بين مُفترض ومُتنفّل أو بين من صلاته أشدّ وجوباً وعكسه ، احتمل تقديم الأوّلين في أحد الوجهين.

ولو ارتفع المسوّغ في الأثناء ، جعل غيره. ويحتمل البطلان ؛ لخلوّ جزء منها منه.

وهو على تقدير القول به من الشرائط الوجوديّة ، دون العلميّة ، فيستوي العالم والجاهل ، حكماً وموضوعاً ، والعالم والغافل.

ص: 61


1- في «م» ، «س» : الصفتين أو إحداهما.
2- بدل ما بين القوسين في «م» : فقد شرطاً.

والظاهر أنّ أصل الحكم مبنيّ على الندب ، فتجوز لهما الصلاة مع عدم الشرط ، ويجب عليهما معاً الصلاة مع المقارنة مع ضيق الوقت ، وعدم إمكان حصوله.

والأولى اختيار مقارنة المحتمل من خُنثى أو ممسوح على المتيقّن للمتيقّن والمحتمل ؛ لجريان الصحّة فيه في صورتين للمحتمل على المتيقّن ، وعلى الوجوب ربّما يقال بالوجوب.

الحادي عشر : أن يجمع شرائط موضع السجود من الجبهة ، وهي أُمور :

الأوّل : عدم ارتفاع مقدار ما يجزي من الجبهة كلا أو بعضاً على وجه القيام دون التسريح ، فإنّه لا بأس به على الأصحّ على موضع القدمين ، أو بعضهما ، أو قدم واحد ، أو بعضه وفي الاكتفاء بمقدار المجزي منهما وجه بعيد ، قياماً لو صلّى قائماً ، والأحوط مراعاة ذلك سجوداً وجلوساً بعده ، وفي الجلوس لو صلّى جالساً ، وإلحاق الانخفاض بالارتفاع والاضطجاع ، والاستلقاء في اعتبار الرأس والقدمين واعتبار الكفّين احتمال يقوى في الأوّل دون البواقي بمقدار لَبِنَة ، عبارة عن أربع أصابع عرضاً من مستوي الخلقة. ومع الشكّ يقوى عدم المنع وإن كان الاحتياط فيه.

ولا يُشترط ذلك بين القدمين أو الجبهة وباقي المساجد ، ولا بينها بعض مع بعض على أصحّ الوجهين.

وأولى من ذلك ما لم يشترط فيه اتصال البدن.

والقولُ بالاستحباب في الجميع غير خالٍ عن القوّة.

ويرعى في الجلوس حال الوقوف أو حال السجود أو حال الاستقرار. وفي الاضطجاع ونحوه حاله أو حال الجلوس أو القيام ، لو أجرينا الحكم فيها وجوه.

ويسقط الحكم فيمن فرضه القيام حال السجود ، أو المشي ، أو الركوب. (وفي لزوم مراعاة النسبة في الخارج عن الاعتدال طولاً وقصراً وجه) (1).

والمقطوع القَدَم يلحظ الباقي من العقب أو ما زاد عليه مع الجبهة.

ص: 62


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ولو كان محلّ أحدهما مرتفعاً حين الوضع فهبط أو منخفضاً فارتفع ، قوي البطلان.

ومن كانا على حقوٍ واحد يَعتبران الجبهة الخاصّة والقدمين المشتركين.

ويقوى أنّه من الشرائط الوجوديّة ، فتفسد الصلاة مع الغفلة والنسيان وسعة الوقت (لو حصل في كلتا السجدتين على الأقوى) (1).

ولو خلا بعض الجبهة دون بعض عن المانع ، صحّ في الأصحّ ؛ لحصول الشرط في المجزي.

ولو حصلت الجبهة على مرتفع (وأمكن جرّها جرّها ، وإلا رفعها قليلاً ووضعها) (2) ، ويجري الحكم في الفرض ، والنفل ، وصلاة الاحتياط ، وسجود السهو لو أجرينا الحكم في الجلوس ، دون سجود الشكر والتلاوة.

ولو علم المانع بعد الدخول ، فإن كان له مندوحة ولو بالمشي قليلاً مع عدم الإخلال ببعض الشروط وجب. ولو تعذّر مع السعة لا مع الضيق ، بطل. ولا بأس بالعلوّ التسريحي.

الثاني : أن يكون على ما يصحّ السجود عليه من الأرض مطلقة يصحّ إطلاق الاسم عليها ، من دون إضافة ، ولا قرينة فلو خرجت عن المصداق مطلقاً أو مطلقة ، أصالة أو بعارض كالاستحالة معدناً أو ملحاً أو جواهر غير منطبعة أو منطبعة ، أو رماداً أو مأكولاً أو ملبوساً أو نحوهما لم يجز السجود عليها.

أو من نبات ينبت في أرض أو عليها أو على الماء ، أو في بعض المعادن ؛ إذ المدار على اسم النبات ممّا لا يؤكل عادة.

فلا يصحّ السجود على ما خرج عنهما ، ولا يحسن إطلاقهما عليه مطلقاً بحسب الذات : من صوف ، أو شعر ، أو جلد ، أو أبعاض حيوان ، أو لؤلؤ ، أو حرير.

ص: 63


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- بدل ما بين القوسين في «ح» : زائد على المقدار ، فإن شاء رفعها وإن شاء جرّها ، ويقتصر في قدر الرفع على ما يحصل به قدر الحاجة ، بخلاف ما إذا وضع على ما لا يصحّ السجود عليه أو يعسر ، وكان أنقص من المقدار ، فإنّه يتخيّر بين الرفع مع عدم التجاوز ، والجرّ ، وتعيين الجرّ مع إمكانه في المقامين أحوط.

أو بسبب الاستحالة ؛ من قير ، أو كبريت ، أو مِلح ، أو رَماد ، أو من ذَهب ، أو فِضّة ، أو نُحاس ، أو صُفر ، أو حديد ، أو شبهها من الجواهر المنطبعة ، أو عقيق ، أو بلور ، أو ياقوت ، أو مرجان ، أو نحوها من غير المنطبعة.

أو بالخاصيّة وربّما رجعت إلى الاستحالة كالمغرة (1) ، والطين الأرمني ، والسريش ، والصمغ ، والدرّ ، ونحوها.

وفي الجَصّ والنّورة ولا سيّما المطبوخين وحجر النار ، والرحى ، والخزف ، والآجُر ، والفحم وجهان ، أقواهما الجواز.

ولا على ما كان نباتاً أو مأخوذاً منه ، وكان مأكولاً بالعادة من البقول : كالفُجل ، والكرّاث ، والفوم ، والبَصل ، ونحوها.

أو الحبوب : كالحنطة ، والشعير ، ونحوهما ، باقية على حالها أو مطبوخة ، أو مخبوزة أو مطحونةً.

ولا بأس بالقشور منفصلة ، دون المتّصلة.

أو الثمار ؛ من تَمر ، وعِنَب ، ورُمّان ، ولَوز ، وفُستُق وجَوز ، وبُندُق ، ونحوها.

ولا بأس بالمنفصلة من نوى التمر ، وحَصَى الزّبيب ، وقشر الرّمان ، وما بعده على إشكال.

ولا بأس بالسجود على الثمار الغير المأكولة ، كالعَفص ، والخرنوب (2) ، ونحوهما. والظاهر إلحاق الشّيص ومعافارة (3) ، وبعض الفواكه المعتادة الأكل نادراً بالمعتادة.

وأمّا الأوراق ، والقَصيل ، والتّبن ونحوها ممّا لا يُعدّ مأكولاً بالعادة. فلا بأس به. ولا بأس بورق الحِنّاء ، والكَتَم ، وخشب الصّندَل ونحوها ، مطحونة كانت أولا.

ولا على ما كان ملبوساً بالعادة ، وإن دخل في النبات أو فيما أصله منه ، كالقُطن والكَتّان.

ص: 64


1- المغرة : طين أحمر يصبغ به. لسان العرب 5 : 181.
2- الخرّوب والخرنوب : شجر في جبال الشام له حب كحب الينبوت يسمّيه صبيان أهل العراق القثاء الشامي ، وهو يابس أسود. لسان العرب 1 : 351.
3- المعافارة : ردي ء التمر ، مجمع البحرين 3 : 409.

ولا بأس بالمأكول أو الملبوس نادراً ، ككثير من النباتات ، وبعض اللّباس المتّخذ من الخُوص ، واللّيف ، ونحوهما.

والمدار في العادة على عادة أهل زمانه ، ومكانه ، ولا يجب عليه البحث عن عادة غيرهم.

ولو علم اعتياده في إقليم آخر ، فالظاهر لحوقه بالمعتاد.

ولو كان معتاداً في زمان دون زمان ، احتمل تقلّب العادة ، وتقديم زمان النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم أو الأئمّة عليهم السلام ، وأخذ كلّ بعادته ، ولعلّ الأوّل هو الأقوى.

وهذا شرط وجوديّ في حقّ مَن لم يدخل في ركن ، فليزمه العود (وعلميّ في حقّ من دخل) (1).

ولو شكّ في كونه في ذاته ممّا يصحّ السجود عليه أولا ، بنى على أصل عدم الصحّة. ولو شكّ في عروض المخرج له عن الحال الأُولى ، بنى على العدم.

ولو حصل الشك في محصور ، لم يصحّ السجود على المشكوك.

ولو سجد على ما كان مقدار منه بقدر المجزي ممّا يصحّ السجود عليه ، أجزأ.

ولو وقعت جبهته على ما لا يصحّ السجود عليه وأمكن الجرّ جرّ ، وإلا رفع جبهته مقتصراً على أقلّ ما يتحقّق الرفع منه. ويعتبر ذلك في سجود الصلاة ، داخلاً في ضمنها أو منفرداً مقضياً ، وسجود السهو ، دون سجود الشكر والتلاوة.

الثالث : أن يكون المحلّ طاهراً ، فلا يصحّ على النّجس أو المتنجّس مع المباشرة ، تعدّت نجاسته أو لا. ولو شكّ في عين النجاسة بطل (2) ، وإن لم يحكم بنجاستها ، وفي المتنجسة صحّ. ولو تعلّق الشكّ بمحصور ، لم يجز السجود عليه.

وأمّا باقي الأعضاء ؛ فلا بأس بنجاسة محالّها ما لا تلزم السراية مع عدم العفو ، وقد مرّ من الكلام في هذا المقام ، وفي مقام الإباحة ما يغني عن التطويل.

ص: 65


1- بدل ما بين القوسين في «ح» : ما لم تستلزم صدق تكرر السجود وعلمي في حق من استلزم التكرر له.
2- في «ح» زيادة : اعتباره.

الرابع : المباشرة لما يصحّ السجود عليه ، فلو كان هناك حاجب يمنع المباشرة ، لم يصحّ السجود. وما لا يمنع من صدق المباشرة كالدسومة ونحوها لا بأس به.

الخامس : أن يقع ثقل الجبهة في الجملة على محلّ السجود ، ومجرّد المماسّة لا يفيد شيئاً.

والإباحة شرط علميّ مطلقاً ، وغيرها كذلك إذا لم يعلم إلا بعد الدخول (في ركن) (1) ، ومع العلم قبله وجوديّ.

وفي جميع هذه الأقسام إذا حصل العلم بعد الوضع عليها جرّها إن أمكن ، وإلا رفعها بأقل ما يتحقّق به الفرض ، ثمّ ردّها ، وتصحّ صلاته (ما لم يتجاوز قدر اللبنة ، فلو وضعها على المتجاوز جاز له الرفع والجرّ كما مرّ) (2) وفي خصوص مسألة الإباحة يتعيّن الرفع.

وما جرى في الجبهة يجري مثله في بدلها من أحد الجبينين أو غيره.

ولو لم يتمكّن ممّا عداها هَوَى برأسه إلى ما يحاذيها ، وفي الاكتفاء بالإعادة حينئذٍ وجه.

ولو ألجأه مُلجئ إلى الوضع على أحدها ، تخيّر مع الاشتراك في عدم الغصب ، واحتمال اختلاف المراتب ولزوم الميزان لا يخلو من وجه.

وإذا خاف من الهَوَامّ في سجوده أو نحوها ، انحنى بمقدار الممكن ، ورفع المَسجَد (3) إن أمكن.

(ولو دار الأمر بين الوضع على غير المباح أو غير الطاهر مع السراية على وجه لا يتحقّق فيه العفو ، ترك الوضع ، وأتى بما أمكن من الانحناء مع عدم إمكان الانحراف ، ومع ضيق الوقت عن الإعادة ؛ وأمّا مع عدمهما فعليه القطع.

ص: 66


1- بدل ما بين القوسين في «ح» : فيما يتحقق به الخروج عن مقدار ما يجزي من هُويّ السجود.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- قال ابن دريد : المسجد الإرب الذي يسجد عليه مثل الكفين والركبتين والقدمين والجبهة ، وقد وردت في القرآن بالكسر ، والأكثر بالفتح تمييزاً لها عن المسجد المكان الذي يصلّى فيه. جمهرة اللغة 1 : 447.

ولو دار بين الوضع على الحرام ، والوضع على ما عداه ممّا لا يصحّ السجود عليه قُدّم الأخير.

ولو دار بين البواقي ، قدّم الطاهر على غيره ، ثمّ الكفّ ، ثمّ القُطن ، والكَتّان ان ، ثمّ ما ليس فيه زهرة الدنيا من المعادن والملبوس ، ثمّ ما فيه ذلك ، على تأمّل في بعض المراتب) (1).

المقام الثاني : في مستحبّات الأمكنة
اشارة

وهي أقسام :

الأوّل : الروضات المُشرّفة للنبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ، أو الزهراء عليها السلام ، أو أحد الأئمّة عليهم السلام ، فإنّ الصلاة فيها على الظاهر أفضل من الصلاة في المساجد.

وتختلف أفرادها باختلاف فضيلة مشرّفها ، فروضة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مُقدّمة على الجميع ، ثمّ روضة عليّ عليه السلام ، ثمّ روضتا الحسنين عليهما السلام ، ثمّ روضات باقي الأئمّة عليهم السلام ، ثمّ روضة الزهراء صلوات اللّه عليها.

وتختلف أجزاؤها ، وتوابعها في القُرب والبُعد ، فكلّما ازداد قُرباً من القبر الشريف ازداد فضلاً. والقريب من التوابع أفضل من البعيد ، فالرواق أفضل من الطارمة ، وهي أفضل من الصحن ، وهو أفضل من باقي البلد ، وهي أفضل من باقي الحَرَم ، وتختلف فضيلة أبعاضها باختلاف القُرب والبُعد.

وروى : أنّ الصلاة عند قبر عليّ عليه السلام بمائتي ألف صلاة (2).

وتُستحبّ الصلاة في بيوتهم أحياء ، ولو وضعت فيها المقابر أو الحديد أو الصور ؛ فإن أمكن أداء الصلاة بالخالي عن العارض منها ، كان أولى. ولو دار الأمرُ بين الالتزام بالكراهة أو الخروج عنها ، قدّم الأوّل.

ص: 67


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- انظر الفقيه 1 : 147 ، والتهذيب 6 : 31.

الثاني : في باقي الأمكنة الشريفة المشتملة على رجحان ، كالمواضع المعظّمةِ ، والأماكنِ المشرّفةِ ممّا عدا المساجد ، كحضراتِ الأنبياءِ السابقينَ ، وكذا العلماء والصلحاء.

وتُكره الصلاة مع استقبالهم ، وترتفع الكراهة باندراس قبورهم ، وبفصل الضرائح والصناديق إن شاء اللّه تعالى.

والقول بتقديم الرجحان في هذا الباب غير بعيد عن الصواب ، فإنّ الذي يُشمّ من الأخبار أنّ أماكنَ الرحمةِ والمواضعَ الشريفةِ والأزمنةَ الشريفةِ يتضاعفُ ثوابُ الأعمال وعقابها فيها ، والأراضي الموقوفة ، والمدارس ، وجميع الموقوفات التي وضعت لله تعالى ، وبيوت الأتقياء ، والعلماء ، أحياءً وأمواتاً ، وكلّ موضِعٍ أُعدّ للعبادةِ ، وإن لم يكن مسجداً ، أو الأماكن الخالصة من شُبهةِ التحريم ، والتنجيس ، وحُصول بعض المنافيات الأُخر وإن كانت مجزية ، ما لم يخرج فيها عن جادّة الاحتياط ، ويدخل في حكم الوسواس (وربّما يقال باستحباب ترك التقدّم على كلّ معظّم حيّاً أو ميّتاً ؛ لموافقة الأدب والدخول في مكارم الأخلاق) (1).

الثالث في المساجد
اشارة

والبحث فيها في مقامين :

أحدهما : في بيان فضل الصلاة فيها وفيه مباحث :
الأوّل : في مُطلق المساجد تُستحب الصلاة فيها

وإن كانت للعامّة ، فقد أُمرنا بتأدية الفريضةِ والنوافلِ في مساجدهم.

ص: 68


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

وعنه عليه السلام في جوابِ من قال : إنّي أكره الصلاة في مساجدِهم إنّه لا يكره ؛ فإنّه ما من مسجدٍ بُني إلا على قبرِ نبيّ أو وصيّ نبيّ قطرت فيه قطرة من دمه (1). وروى تشديد الحثّ في حضور المساجد (2) حتّى وَرَدَ أنّه ليوشك أن تُحرق بيوت من لم يحضروها عليهم (3) ، وأنّهم لا يؤاكلون ، ولا يشاربون ، ولا يناكحون ، ولا يشاورون ، ولا يحاورون ، ولا تنالهم الرحمة ، ولا يرزقون الجنة ، ولا تُقبل لهم صلاة (4).

ورُخّص عند ابتلال النعالِ بالصلاة في الرحال (5) ، وإذا لم يكن صحيح المزاج (6).

وإنّ مَن كان القرآن حديثه ، والمسجد بيته ، بَنى اللّه له بيتاً في الجنّة (7). وأنّ مَن صلّى في بيته جماعة رغبة عن المسجدِ ، فلا صلاةَ له ، ولا لمن صلّى خلفه (8).

ويُستحب المشي إليها ، فقد روي : أنّ من مشى إلى المسجد لم يضع رجلاً على رطبٍ ولا يابسٍ إلا سبّحت له الأرض إلى الأرضين السابعة ، وأعطاه اللّه تعالى بكلّ خطوةٍ خطاها حتّى يرجع إلى منزله عشرَ حسناتٍ ، ومحا عشر سيّئات ، ورفع عشر درجات (9).

ويُستحبّ الاختلاف إليها ، فإنّ مَن اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان : أخاً مستفاداً في اللّه تعالى ، أو علماً مُستطرفاً ، أو أية محكمة ، أو يسمع كلمة تدلّه على هدى ، أو رحمة مُنتظرة ، أو كلمة تردّه عن ردى ، أو يترك ذنباً خشية أو حياءً (10).

ص: 69


1- الكافي 3 : 370 ح 14 ، التهذيب 3 : 258 ح 723 ، الوسائل 3 : 501 أبواب أحكام المساجد ب 21 ح 1 بتفاوت يسير.
2- انظر الوسائل 3 : 480 أبواب أحكام المساجد ب 3.
3- التهذيب 3 : 25 ح 87 ، الوسائل 3 : 478 أبواب أحكام المساجد ب 2 ح 2 و 6.
4- أمالي الطوسي 2 : 308 ، الوسائل 3 : 479 أبواب أحكام المساجد ب 2 ح 9.
5- الفقيه 1 : 246 ح 1099 ، الوسائل 3 : 479 أبواب أحكام المساجد ب 2 ح 4.
6- الفقيه 1 : 245 ح 1.
7- التهذيب 3 : 255 ح 707 ، ثواب الأعمال : 47 ح 1 ، أمالي الصدوق : 405 ح 16 ، النهاية : 108 ، الوسائل 3 : 481 أبواب أحكام المساجد ب 3 ح 2.
8- أمالي الطوسي 2 : 307 ، الوسائل 3 : 480 أبواب أحكام المساجد ب 2 ح 10.
9- عقاب الأعمال : 343 ، الوسائل 3 : 483 أبواب أحكام المساجد ب 4 ح 3.
10- الفقيه 1 : 153 ح 714 ، أمالي الصدوق : 318 ، ثواب الأعمال : 46 ، الخصال : 409 ح 10 ، التهذيب 3 : 248 ح 681 ، الوسائل 3 : 480 أبواب أحكام المساجد ب 3 ح 1.

وإنّ في التوراة مكتوباً : «إنّ من تطهّر ، ودخل المسجد فقد زارني ، وحقّ على المزور إكرام الزائر» (1).

وروى : أنّ من أراد الغفران فليستغفر في المساجد (2) ، وجميع الطاعات يتضاعف أجرها وجميع المعاصي يتضاعف وزرها ، إلى غير ذلك من الأخبار (3).

المبحث الثاني : في فضيلة بعض الأصناف الخاصّة

المبحث الثاني : في فضيلة (4) بعض الأصناف الخاصّة

وهي ضروب :

منها : ما كان مجاوراً للمصلّين ، فقد روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أنّه لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده (5). وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم لا صلاة لمن لم يشهد الصلوات المكتوبات من جيران المسجد إذا كان فارغاً صحيحاً (6). وعن عليّ عليه السلام ليس لجارِ المسجد صلاة ، إذا لم يحضر المكتوبة في المسجد ، إذا كان فارغاً صحيحاً (7). وعن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم على جيران المسجد حضور الصلاة ، فإن لم يحضروا لآمرنّ رجلاً من أهل بيتي وهو عليّ بن أبي طالب عليه السلام أن يحرق عليهم بيوتهم (8). والظاهر أنّ المرجع في صدق الجار إلى العُرف ، وتحديده بغير ذلك لا يعوّل عليه ، وهذه التشديدات محمولة على تأكد الاستحباب ، أو خصوص زمان ،

ص: 70


1- انظر الفقيه 1 : 154 ح 721 ، علل الشرائع : 318 ، الوسائل 3 : 482 أبواب أحكام المساجد ب 3 ح 5.
2- التهذيب 3 : 263 ح 745.
3- الوسائل 3 : 480 أبواب أحكام المساجد ب 3 ، 4.
4- في «ح» ، «م» زيادة : الصلاة في.
5- التهذيب 1 : 92 ح 244 ، الوسائل 3 : 478 أبواب أحكام المساجد ب 2 ح 1.
6- التهذيب 3 : 261 ح 735 ، الوسائل 3 : 478 أبواب أحكام المساجد ب 2 ح 3.
7- قرب الإسناد : 68 ، الوسائل 3 : 478 أبواب أحكام المساجد ب 2 ح 5.
8- المحاسن : 84 ح 20 ، عقاب الأعمال : 276 ح 2 ، أمالي الصدوق : 392 ح 14 ، الوسائل 3 : 478 أبواب أحكام المساجد ب 2 ح 2.

أو خصوص أقوام.

ومنها : المساجد المهجورة ؛ فقد روي عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم أنّها من الثلاثة التي تشكو عند اللّه تعالى : مسجد خراب لا يصلّى فيه ، وعالم بين جهّال ، ومصحف معلّق قد وَقَعَ عليه الغُبار لا يقرأ فيه ، يقول المصحف : يا ربّ حرفوني وخرقوني ، ويقول المسجد : يا ربّ عطّلوني وضيّعوني ، وتقول العترة : يا ربّ قتلونا وطردونا وشرّدونا : قال : «فأجثو للركبتين معهم للخصومة ، فيقول اللّه تعالى : أنا أولى بذلك منك» (1).

ومنها : جوامع المساجد ؛ فإنّ الصلاة في المسجد الجامع بمائة صلاة.

ومنها : مساجد القبائل ؛ فإنّ الصلاة في مسجدٍ منها بخمس وعشرين صلاة.

ومنها : مساجد الأسواق ؛ فإنّ الصلاة في مسجدٍ منها باثني عشر صلاة.

المبحث الثالث : في فضيلة المساجد المشخّصة المعيّنة

وهي عديدة :

منها : المسجد الحرام فإنّ من صلّى فيه مكتوبة ، قبل اللّه تعالى منه كلّ صلاة صلاها من يوم كُتبت عليه الصلاة ، وكلّ صلاة يصلّيها إلى أن يموت (2) ، والصلاة الواحدة فيه تعدل ألف صلاة في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وتعدل فيه مائة ألف صلاة في غيره من المساجد ، وتعدل صلاة ستّين سنة وأشهراً في غيره (3).

والزيادات فيه منه على الأقوى ؛ لأنّهم لم يبلغوا بها على ما روي مسجد إبراهيم عليه السلام ؛ لأنّ خط إبراهيم ما بين الصفا والمروة ، وما بين الحزورة والمسعى (4).

وأفضله الحطيم حول الباب ، بينها وبين الحجر الأسود ، ثمّ المقام على ما كان عليه

ص: 71


1- الخصال : 174 ح 232 ، الوسائل 3 : 484 أبواب أحكام المساجد ب 5 ح 2.
2- الفقيه 1 : 135 ح 579 ، وص 147 ح 680 ، الوسائل 3 : 536 أبواب أحكام المساجد ب 52 ح 1 ، 2.
3- انظر الوسائل 3 : 536 أبواب أحكام المساجد ب 52.
4- انظر الوسائل 3 : 541 أبواب أحكام المساجد ب 55.

سابقاً ، ثمّ لاحقاً ، ثمّ الحِجر مقابل الميزاب موضع صلاة شبر وشبير ، ثمّ الأقرب فالأقرب إلى البيت (1).

وروي : أنّ الصلاة في الحرمين ، وبين مسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم والمسجد الحرام تعدل ألف صلاة (2).

ومنها : مسجد الخيف

أُضيف إلى الخيف لارتفاعه ، كما في الرواية (3) ، وهو مسجد منى ، ومسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم منه على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد ، وفوقها إلى القبلة ثلاثون ذراعاً ، وكذا عن يمينها ، وشمالها ، وخلفها.

وروى : أنّ الصادق عليه السلام قال لمعاوية بن عمّار إن استطعت أن يكون مصك فافعل ، فإنّه قد صلّى فيه ألف نبيّ (4) ، و «أنّ من صلّى فيه مائة ركعة عدلت عبادة سبعين عاما» (5).

ويُستحبّ صلاة ستّ ركعات في أصل الصومعة.

ومنها : مسجد النبي صلّى اللّه عليه وإله وسلّم فعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم الصلاة في مسجدي تعدل عشر آلاف صلاة في غيره من المساجد ، إلا المسجد الحرام (6) ، قال : «وبيت عليّ وفاطمة ما بين البيت الذي فيه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى الباب الذي يحاذي الزقاق إلى البقيع» (7).

وعن الصادق عليه السلام ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «إنّ الصلاة

ص: 72


1- انظر الوسائل 3 : 538 أبواب أحكام المساجد ب 53.
2- الخصال : 628 ، التهذيب 3 : 250 ح 686 ، ثواب الأعمال : 50 ح 1 ، الوسائل 3 : 550 أبواب أحكام المساجد ب 64 ح 1 ، 2.
3- الكافي 4 : 519 ح 4 ، الفقيه 1 : 149 ح 691 ، التهذيب 5 : 274 ح 939 ، الوسائل 3 : 534 أبواب أحكام المساجد ب 50 ح 1.
4- الكافي 4 : 519 ح 4 ، الفقيه 1 : 149 ح 691 ، التهذيب 5 : 274 ح 939 ، الوسائل 3 : 534 أبواب أحكام المساجد ب 50 ح 1.
5- الفقيه 1 : 149 ح 690 ، الوسائل 3 : 353 أبواب أحكام المساجد ب 51 ح 1.
6- الكافي 4 : 556 ح 10 ، الوسائل 3 : 543 أبواب أحكام المساجد ب 57 ح 4.
7- الكافي 4 : 555 ح 8 ، التهذيب 6 : 8 ح 15 ، الوسائل 3 : 542 أبواب أحكام المساجد ب 57 ح 1.

في مسجد النبي صلّى اللّه عليه وإله وسلّم تعدل عشر آلاف من الصلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام».

وبيوت النبيّ صلّى اللّه عليه وإله وسلّم ، وعليّ عليه السلام منه ، وأفضل.

وأفضله بيت عليّ عليه السلام وفاطمة ، ثمّ ما بين القبر والمنبر.

وحدّه في الأصل : الأُسطوانة التي عند رأس القبر ، إلى الأُسطوانتين من وراء المنبر ، إلى الطريق ممّا يلي سوق الليل عن يمين القبلة.

وحدّد بثلاثة آلاف وستمائة ذراع مكسّرة.

والظاهر أنّ لأرض المدينة ومساجدها من الفضل ومن فضل الصلاة فيها ما ليس لغيرها من البلدان ، فقول الصادق عليه السلام الصلاة في المدينة كالصلاة في غيرها من البلدان (1) محمول على بلدان خاصّة ، أو بالنظر إلى مسجدها.

ومنها : باقي مساجد المدينة وأعظمها مسجد قبا ؛ فإنّه المسجد الذي ( أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى ) ، ومن صلّى فيه ركعتين رجع بعمرة.

ثمّ مسجد الأحزاب ، وهو مسجد الفتح.

ثمّ مسجد الفضيخ ، والظاهر أنّه مسجد ردّ الشمس لعليّ عليه السلام (2) ، ومشربة أُمّ إبراهيم ، وقبور الشهداء.

ومنها : مسجد الغدير

لقول أبي إبراهيم عليه السلام : «صلّ فيه ، فإن فيه فضلاً ، وكان أبي يأمر بذلك» (3).

وعن الصادق عليه السلام أنه تستحبّ الصلاة في مسجد الغدير ؛ لأنّ النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم أقام فيه أمير المؤمنين عليه السلام ، وأظهر فيه الحقّ (4).

ص: 73


1- التهذيب 3 : 254 ح 701 ، كامل الزيارات : 20 ، الوسائل 3 : 544 أبواب أحكام المساجد ب 57 ح 9.
2- في «ح» زيادة : ومسجد زين الساجدين وغيرها.
3- الكافي 4 : 566 ح 1 ، التهذيب 6 : 18 ح 41 ، الوسائل 3 : 549 أبواب أحكام المساجد ب 61 ح 2.
4- الكافي 4 : 567 ح 3 ، الفقيه 2 : 335 ح 1557 ، التهذيب 6 : 18 ح 42 ، الوسائل 3 : 549 أبواب أحكام المساجد ب 61 ح 3.

والظاهر أنّ الميسرة أفضل ؛ لأنّ الصادق عليه السلام لما نظر إلى ميسرته ، قال : «هذا موضع قدم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم» (1).

ومنها : مسجد البصرة ؛ لأنّه أحد المساجد المعظّمة ، وقد صلّى فيه أمير المؤمنين عليه السلام.

ومنها : مسجد المدائن ؛ لأنّه أحد المساجد المعظّمة التي صلّى فيها أمير المؤمنين عليه السلام.

ومنها : مسجد بُراثا

فعن جابر بن عبد اللّه الأنصاري : أنّ عليّاً صلّى بنا بعد قدومه من قتال الشراة ونحن زهاء عن مائة ألف رجل ببُراثا ، فنزل نصرانيّ من صومعته ، فقال : مَن عميد هذا الجيش؟ فقلنا : هذا ، فأقبل إليه ، وسلم عليه ، ثمّ قال : يا سيّدي أنت نبيّ؟ فقال : «لا ، النبيّ سيّدي» قال : فأنت وصيّ نبيّ؟ فقال : «نعم» ثمّ قال له : «اجلس ، كيف سألت عن هذا؟» فقال : أنا بنيتُ هذه الصومعة من أجل هذا الموضع ، وأنا (2) بُراثا ، وقرأتُ في الكُتب المنزلة : أنّه لا يصلّي في هذا الموضع بهذا الجمع إلا نبيّ أو وصيّ نبيّ ، وقد جئت أُسلم ، فأسلم ، وخَرَجَ معنا إلى الكوفة ، فقال له عليّ عليه السلام : «فمن صلّى ههنا؟» فقال : عيسى وأُمّه ، فقال له : «فأخبرك من صلّى ههنا» فقال : نعم ، قال له : «الخليل عليه السلام» (3).

ومنها : بيت المقدس

فعن أبي جعفر عليه السلام : «إنّ المساجد الأربعة : المسجد الحرام ، ومسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ومسجد بيت المقدس ، ومسجد كوفان». ثمّ قال : «يا أبا حمزة ، الفريضة فيها تعدل حجّة ، والنافلة تعدل عمرة» (4).

ص: 74


1- الكافي 4 : 566 ح 2 ، الفقيه 1 : 149 ح 688 ، التهذيب 3 : 263 ح 746 ، الوسائل 3 : 548 أبواب أحكام المساجد ب 61 ح 1.
2- في المصدر : وهو.
3- الفقيه 1 : 151 ح 699 ، التهذيب 3 : 250 ح 686 ، الوسائل 3 : 549 أبواب أحكام المساجد ب 62 ح 1.
4- الفقيه 1 : 148 ح 683 ، الوسائل 3 : 550 أبواب أحكام المساجد ب 64 ح 1.

وعن عليّ عليه السلام إنّ الصلاة فيه تعدل ألف صلاة (1). ويتبعها البيت المتخذ في الدار للصّلاة ، وجعله مسجداً أولى ؛ فإنّه يستحقّ بذلك العتق من النار. والمكان الخالي ، فقد روي : أنّه من صلّى في مكان لا يراه فيه أحد إلا اللّه ، كانت له براءة من النار ، وأنّه ينزل إليه سبعون ألف ملك يصلّون وراءه ، ويستغفرون له إلى الغد من ذلك اليوم» (2). والصفة للمرأة ، ثمّ صحن الدار.

ومنها : مسجد كوفان

فإنّ صلاة الفريضة فيه تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد ، وصلاة النافلة تعدل خمسمائة صلاة (3).

وفي خبر آخر : «إنّ صلاة الفريضة فيه تعدل حجّة مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وصلاة النافلة فيه تعدل عمرة معه صلى اللّه عليه وآله وسلم» (4).

وقد صلّى فيه ألف نبيّ ، وسبعون نبيّاً ، وألف وصيّ منهم عليّ عليه السلام ، وهو أحد المساجد الأربعة ، وأحد المساجد الثلاثة التي تُشدّ إليها الرحال. قَصَدَه زين العابدين عليه السلام من المدينة وصلّى فيه ركعتين ، ثمّ ذهب.

والصلاة فيه فرداً أفضل من سبعين صلاة في غيره من المساجد.

فيه عصا موسى عليه السلام ، وشجرة يقطين ، وخاتم سليمان ، وفيه فار التنور ، ومخرق السفينة ، وهو صرة بابل ، ومجمع الأنبياء ، والجلوس فيه بغير ذكر ولا تلاوة عبادة.

ولو علم الناس ما فيه ، لأتوه ولو حبواً.

ومن كان من أهل الكوفة ، ولم يصلّ كلّ صلاة فيه محروم من الخير.

ص: 75


1- الفقيه 1 : 152 ح 703 ، التهذيب 3 : 253 ح 698 ، ثواب الأعمال : 51 ، المحاسن : 55 ، الوسائل 3 : 551 أبواب أحكام المساجد ب 64 ح 2.
2- تنبيه الخواطر (مجموعة ورّام) : 5.
3- الكافي 3 : 490 ح 1 ، التهذيب 6 : 32 ح 62 ، وج 3 : 250 ح 688 ، أمالي الصدوق : 315 ح 4 ، أمالي الطوسي 2 : 43 ، المحاسن 56 ح 86 ، الوسائل 3 : 521 أبواب أحكام المساجد ب 44 ح 3 ، 4.
4- التهذيب 6 : 32 ح 61 ، كامل الزيارات : 28 ، الوسائل 3 : 525 أبواب أحكام المساجد ب 44 ح 15.

وفيه تُطلب الحوائج.

وفيه بيت آدم ، وبيت نوح ، ومُصلّى إبراهيم الخليل ، ومُصلّى الخضر ، ومُصلّى عليّ عليه السلام.

ميمنته رضوان اللّه ، وميسرته مكر ، أي منزل الشيطان ، ووسطه روضة من رياض الجنّة.

ولو علمَ الناس ما فيه من البركة ، لأتوه من أقطار الأرض ، ولو حبواً على الثلج ، ويأتي يوم القيامة في ثوبين أبيضين بهيئة المُحرم ، فيشفع لأهله ، ولمن صلّى فيه ، فلا تردّ شفاعته. ولا تعاقب الأيّام والليالي حتّى ينصب الحجر الأسود فيه.

وهو مُصلّى المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه ، ومُصلّى كلّ مؤمن ، والبركة فيه على اثنى عشر ميلاً ، وفي وسطه عين من دهن ، وعين من لبن ، وعين من ماء شراب للمؤمنين ، وعين من ماء طاهر للمؤمنين ، منه سارت سفينة نوح ، وفيه نسر ، ويغوث ، ويعوق. ما دعا فيه مكروب في حاجة من الحوائج إلا أجابه اللّه ، وفرّج كُربته (1).

والكوفة أفضل البقاع بعد حرم اللّه تعالى وحرم رسوله ؛ فإنّها الزكيّة الطاهرة ، فيها قبور النبيّين ، والمرسلين ، والأوصياء ، والصادقين ، وفيها مسجد سُهيل الذي لم يبعث اللّه تعالى نبيّاً إلا وصلّى فيه ، وفيها يظهر عدل اللّه ، وفيها يكون قائمه ، والقوّام من بعده ، وهي منازل النبيّين ، والأوصياء ، والصالحين ، وهي حرم اللّه تعالى ، وحرم رسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وحرم عليّ عليه السلام.

وقد نقص من مسجدها مقدار ما أُخذ من تربيعه ، وكان حدّه آخر السراجين ، هكذا خطّه آدم ، ثمّ تغيّر بسبب الطوفان ، ثمّ غيّره أصحاب كسرى والنعمان ، ثمّ غيّره زياد بن أبي سفيان ؛. (2)

وروى : أنّ من صلّى في مسجد الكوفة ركعتين يقرأ في كلّ ركعة : الحمد ، والمعوّذتين ، والإخلاص ، والكافرون ، والنصر ، والقدر ، وسبّح اسم ربك ، فإذا سلّم

ص: 76


1- انظر الوسائل 3 : 520 أبواب أحكام المساجد ب 44 ح 45.
2- انظر الوسائل 3 : 520 أبواب أحكام المساجد ب 44 ح 45.

سبّح تسبيح الزهراء عليها السلام ، ثمّ سأل اللّه تعالى أيّ حاجة شاء قضاها له ، واستجاب دعاءه ، قال الراوي : سألت اللّه تعالى بعد هذه الصلاة سعة الرزق ، فاتّسع رزقي ، وحسن حالي ، وعلّمتها رجلاً مقتراً عليه ، فوسّع اللّه تعالى عليه (1).

وأفضله الأُسطوانة السابعة ، وهي مقام عليّ عليه السلام والحسن عليه السلام ، وكان عليّ عليه السلام يجعل بينه وبينها مقدار ممرّ عنز ، وكان ستّون ألفاً من الملائكة يصلّون عند السابعة ، ثمّ لا يعودون إلى السماء (2) ، ثمّ الخامسة ، ثمّ الرابعة (3).

وروى : أنّ السابعة مقام إبراهيم عليه السلام ، والخامسة مقام جبرئيل عليه السلام (4).

وروى : أنّ الرابعة أُسطوانة إبراهيم عليه السلام (5).

ومنها : مسجد سُهيل

ويُسمّى مسجد السهلة ، ويُسمّى مسجد بني ظفر ، وعند الأئمّة عليهم السلام مسجد الثرى.

وفيه بيت إبراهيم الذي خرج منه إلى العمالقة ، وفيه بيت إدريس الذي كان يخيط فيه ، وفيه مناخ الراكب ، وهو الخضر عليه السلام ، ومنه سار داود إلى جالوت ، وفيه صخرة خضراء فيها صور جميع النبيين ، وتحت الصخرة الطينة التي خلق اللّه منها جميع النبيّين ، وفيها المعراج وهو الفاروق الأعظم ، ومنزل القائم عجل اللّه تعالى فرجه ، وفيه ينفخ في الصور ، وإليه المحشر ، ويحشر من جانبه سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ، وفيها زبرجدة فيها صورة كلّ نبيّ ووصيّ.

وما من مكروب أتاه وصلّى فيه ركعتين بين العشاءين ، ودعا اللّه عزوجل إلا فرّج اللّه كربته (6).

ص: 77


1- التهذيب 6 : 37 ح 76 ، كامل الزيارات : 29 ، الوسائل 3 : 531 أبواب أحكام المساجد ب 48 ح 1.
2- كذا ، وفي الوسائل : ثمّ لا يعود منهم ملك إلى يوم القيامة.
3- انظر الوسائل 3 : 530 أبواب أحكام المساجد ب 47.
4- الكافي 3 : 493 ح 7 ، التهذيب 6 : 33 ح 65 ، الوسائل 3 : 531 أبواب أحكام المساجد ب 47 ح 5.
5- الكافي 3 : 493 ح 6 ، التهذيب 3 : 251 ح 690 ، الوسائل 3 : 530 أبواب أحكام المساجد ب 47 ح 4.
6- انظر الوسائل 3 : 532 أبواب أحكام المساجد ب 49.

وعن الصادق عليه السلام : أنّ زيداً لو صلّى في مسجد سهيل ، واستجار اللّه ، لأجاره عشرين سنة (1) ، وفي كثير من الأخبار سنة (2).

(وقد استجرتُ به في سنة الطاعون مع ما يقرب من أربعين شخصاً على الظاهر ، وقد أفنى الخلق ، ثمّ بعد انقضائه ما فقد منهم أحد على الظاهر) (3).

ومنها : المساجد الباقية في الكوفة

فعن أبي جعفر عليه السلام : أنّ في الكوفة مساجد ملعونة ، ومساجد مُباركة ، فأمّا المُباركة : فمسجد غني ، واللّه إنّ قبلته لقاسطة ، وإنّ طينته لطيّبة ، ولقد وضعه رجل مؤمن ، ولا تذهب الدنيا حتّى تفجر عنه عينان ، ويكون عنده جنّتان ، وأهله ملعونون ، وهو مسلوب منهم. ومسجد بني ظفر ، وهو مسجد السهلة ، ومسجد بالحمراء ، ومسجد جعفي ، وليس الان مسجدهم.

وأمّا المساجد الملعونة : فمسجد شِبث بن ربعي ، ومسجد الأشعث ، ومسجد جرير ، ومسجد سماك ، وهذه الأربعة بُنيت فرحاً بقتل الحسين عليه السلام ، ومسجد بالحمراء بني على قبر فرعون من الفراعنة ، ومسجد بني السيّد ، ومسجد بني عبد اللّه بن دارم ، ومسجد ثقيف (4).

وممّا لا بدّ أن يعلم توجيه تعارض الأخبار في عداد تضاعف الصلوات والحجّات في الزيارات والحسنات والسيّئات ونحوها : إمّا بالحمل على مراتب العاملين ، أو على اختلاف النيّات ، أو اختلاف العوارض ، أو قابليّة المخاطبين ، أو البناء على الكثير ، وهو لا ينافي ثبوت القليل ، إلى غير ذلك.

المقام الثاني : في بيان أحكامها

وهي على قسمين عامّة وخاصّة :

ص: 78


1- الكافي 3 : 495 ح 3 ، التهذيب 3 : 252 ح 693 ، الوسائل 3 : 533 أبواب أحكام المساجد ب 49 ح 5.
2- الكافي 3 : 494 ح 1 ، الفقيه 1 : 151 ح 698 ، الوسائل 3 : 533 أبواب أحكام المساجد ب 49 ح 3.
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
4- هذا مجموع ما روي عن الباقر والصادق عليهما السلام فيها ، انظر الوسائل 3 : 519 أبواب أحكام المساجد ب 43.

القسم الأوّل : في الأُمور العامّة ، وهي عديدة :

منها : أنّ المسجديّة تستدعي وقفاً (حكميّاً جعلاً وقضاءً حتميّا إن كانت من اللّه ، كالمسجد الحرام ، ومسجد كوفان في رواية (1) ، ونحوهما ، وفي الوضع للعبادة تستدعي وقفاً) (2) عامّاً بالصيغة الموظّفة مع نيّة القُربة ، وقصد الدوام لعوده إلى الصلاة ، لا إلى المصلّي على الأقوى.

ولو قيّد في الصلاة أو المصلّين أو فيهما على وجه الشرطيّة ، احتمل بطلان الوقف ، وفي الشروط خاصّة ، ولعلّه الأقوى ، ولو كان على طريق الحكم صحّ الوقف ، دونه من غير ريب.

ويُشترط فيها القبض ، بمعنى التخلية للمجتهد أو عدول المسلمين مع غيبته. ويقوى الاجتزاء بغير المجتهد في العمل ، فلو صلّى مُصلّ فيه ركعة صحيحة أو ركعتين (3) حصل القبض ، والأحوط مُراعاة قبض المجتهد.

والملك ، أو الولاية ، والوكالة ، وعدم المانع. ويصحّ فيه الفضولي على الأقوى.

وأن يكون وافياً بتمام بدن المصلّي ، وإن كان واحداً ، ولا يكتفى ببعضه. وحديث مفحص القطاة (4) منزّل على المثال ، وممّا يرجى وقوع الصلاة فيه ، ورجاء صلاة الملائكة والجن فيه لا يجزي فيه.

وأن تكون الصلاة ملحوظة للواقف منفردة أو مع غيرها من جميع العبادات ، أو بعضها ، وإن لم تكن ملحوظة صحّ الوقف ، ولا مسجديّة ، وإن كان له في مزيد فضل الصلاة خصوصيّة.

ومنها : أنّ إطلاق الوقف يقتضي بلوغ تُخوم الأرض ، وأعلى السماء ، فيدخل

ص: 79


1- الفقيه 1 : 150 ح 697 ، أمالي الصدوق : 189 ح 8 ، الوسائل 3 : 526 أبواب أحكام المساجد ب 44 ح 18.
2- ما بين القوسين أثبتناه من «ح».
3- في «ح» زيادة : ويمكن إلحاق باقي العبادات.
4- الفقيه 1 : 152 ح 704 ، 705 ، الوسائل 3 : 486 أبواب أحكام المساجد ب 8 ح 2 وفيه : من بنى مسجداً كمفحص قطاة بنى اللّه له بيتاً في الجنة. ومَفحَص قطاة : الموضع الذي تفحص فيه التراب أي تكشفه ، مجمع البحرين 4 : 177.

السطح ، والمنارة ، والبئر ، ونحوها. وإن قيّد بالأعلى أو الوسط أو الأدنى أو المركّب من الاثنين قوي الجواز ، فيختص الحكم بمحلّ القيد.

ولو انهدم العالي فبقي الهواء ، بطل حكمه مطلقاً ، أو بقي كذلك ، أو عادَ إن عادَ البناء ، وخير الثلاثة أوسطها.

ومنها : استحباب تفريق الصلاة فيها ، كما في غيرها من الفرائض أو النوافل ، رواتب أو غيرها ، (ويقوى تمشية ذلك إلى غيرها في جميع العبادات ، لتعليل شهادة الأرض) (1).

ومنها : أنّ ما كان من الجدران والمحاريب موضوعاً قبل الوقف فالظاهر شمول الوقف المطلق لها ، ولما تحتها ، وما فوقها. ولو أُخرج شيئاً منها خرج. ولو كان بعده ، فإن وضعت على المحلّ أو الموقوف دخلت ، وإلا خرجت ، إلا بوقف جديد ، وتحتمل التبعيّة.

ومنها : أنّ الصلاة يتبعّض ثوابها بتبعيضه ، كأن يكون بعض من المصلّي في المسجد ، وبعض خارجاً ، أو يصلّي بعضاً ثمّ يقع الوقف ، أو بعضاً خارجاً أوّلاً أو آخراً ؛ لأنّ الفاصلة مقدار خطوة ، فيتقدّم أو يتأخّر ، أولا يعلم بالمسجديّة حين الدخول فعلم في الأثناء.

ومنها : أنّ الصلاة إذا عارضت غيرها من العبادات ، أو أخلّ بها بعضها ، من تدريس وتعليم ، أو قراءة قران ، أو دعاء ، أو ذكر رجّحت على المخلّ. ولو عارضت صلاة فريضةٍ من شخصٍ صلاة نفلٍ من آخر ، فالأقوى عدم الترجيح.

ومنها : أنّه يجوز أن يتّخذ مكاناً لمتولّي خدمة المسجد ، أو لبئره ، أو لكناسته ، أو لفرشه ، وأسبابه ، أو لحوض مائه ، أو لشجرٍ يظلّله ، أو ينتفع به ، من ثمرة أو خشبه لمصالحه ، من سقفٍ وأعمدةٍ ونحوها ، مع الاحتياج وعدم الإخلال بصلاة المصلّين ، لضيق أو غيره.

ص: 80


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».

ومنها : أنّه لا يجوز اتخاذها أو اتخاذ بعض منها مع الإخلال وعدمه سوقاً أو مَعبراً أو طريقاً مُستدامة ، أو وطناً ومنزلاً ، أو محرز الطعام ، أو غيره ، أو مزرعاً ينتفعون به.

ومنها : أنّها إذا تعطّلت ، ولم يمكن الانتفاع بها فيما وضعت له ، جاز استيجارها من المجتهد ، مع ضبط الوثيقة ، خشية من غلبة اليد ، ولا يجوز نقلها بالملك.

وإنّما يجوز نقل آلاتها مع عدم الانتفاع بها ، وصرفها في منافعه. فإن لم يمكن ، ففي منافع غيره من المساجد ، فإن لم يمكن ، ففي غيره من الأوقاف العامّة.

ومنها : أنّه لا يجوز للجُنب ، والحائض ، والنفساء مكث ، ولا وضع شي ء فيها ، ولا تلويثها بالنجاسة ، ولا بأس بالداخلة من دون إصابة ، ولا بالمصيبة مع اليبس في الطرفين في وجه قويّ.

ويجب إخراجها فوراً عُرفيّاً على مُدخلها أولاً ، ويُجبر على ذلك ، فإن امتنع أو تعذّر ، وجبَ كفاية. والقول بلزوم الأُجرة على المُدخل غير بعيد.

وفي القول بإلحاق القذارات المؤذية أو مطلقاً وجه.

ولو صلّى من وجب الإخراج عليه مع وجودها والعلم بها ، صحّت صلاته ، وإن كان عاصياً.

ولو توقّفت الإزالة على مكث الجُنب ، ونحوه جازَ المكث.

ولو أمكن تخفيف النجاسة كمّاً أو كيفاً ، وجب. ولو دار بين إبقاء الغليظة والخفيفة أو القليلة والكثيرة ، قدّم الأوّل من الأوّل ، والثاني من الثاني ، وبين أحد الأوّلين والثانيين يعتبر الميزان.

ومنها : أنّه لا يجوز إخراج التراب أو الحصى منها ما لم تكن من الكناسة أو مضرّاً بها ، وعلى المُخرج ردّها إليه أو الى مسجد آخر. ومع امتناعه أو تعذّره في لزوم الردّ على غيره كفاية إشكال.

ومنها : أنّه يجوز هدمها لإصلاحها وتوسعتها من الواقف أو الباني الأوّل أو لا ، ما لم يدخل الدوام في الشرط على إشكال.

ص: 81

ومنها : أنّه لا يجوز اتخاذها محلّا للضيافة ، ولا بأس بنوم الغرباء فيها ، وغيرهم.

ومنها : أنّه لا يجوز اتخاذها مقبرة ، ولا مطلق الدفن بها. وما ورد من دفن الأنبياء والأوصياء في الحجر ونحوه محمول على التخصيص ، أو نسخ حكمه.

ومنها : أنّها تثبت بالشياع الباعث على المظنّة القويّة ، ولا يتوقّف على البيّنة العادلة.

ومنها : استحباب بنائها ولو بوضع أحجار ، ففي الحديث : «أنّ من بنى مسجداً في الدنيا أعطاه اللّه تعالى بكلّ شبر منه أو قال : بكلّ ذراع منه مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب ، وفضّة ، ودرّ ، وياقوت ، وزمرّد ، وزبرجد ، ولؤلؤ» (1). وإنّ العذاب يرتفع عن الناس بثلاثة أصناف : المتحابّين في اللّه ، والمستغفرين بالأسحار ، والعامرين للمساجد (2).

ومنها : التطيّب ولبس الثياب الفاخرة عند التوجّه إليها.

ومنها : تعاهد النعلين عند أبوابها.

ومنها : كون المنارة مع سطح المسجد.

ومنها : كون المطاهر على أبوابها.

ومنها : كنسها وإخراج الكُناسة منها ؛ فإنّ من كنس مسجداً يوم الخميس ليلة الجمعة فأخرج منه ما يذر في العين ، غُفر اللّه تعالى له. ومن قمم مسجداً ، كتب اللّه له عتق رقبة. ومن أخرج منه ما يقذي عيناً ، كتب اللّه تعالى له كفلين من رحمته.

ومنها : الإسراج فيها ؛ فإنّ من أسرج في مسجدٍ من مساجد اللّه تعالى سراجاً لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من السراج.

ومنها : تعظيمها ؛ لقول الصادق عليه السلام إنّما أُمر بتعظيم المساجد ؛ لأنّها بيوت اللّه تعالى في الأرض (3).

ص: 82


1- عقاب الأعمال : 339.
2- ثواب الأعمال : 211 ح 1 ، علل الشرائع : 521 ح 1 ، الوسائل 3 : 486 أبواب أحكام المساجد ب 8 ح 3 ، 5.
3- علل الشرائع : 318 ، الوسائل 3 : 556 أبواب أحكام المساجد ب 70 ح 1.

ومنها : سبق الناس في الدخول إليها ، والتأخّر في الخروج عنها ؛ لأنّها خير البقاع ، وأحبّهم إلى اللّه تعالى أوّلهم دخولاً واخرهم خروجاً.

ومنها : استحباب صلاة ركعتين لمن دخل فيها ، ولا يجعلها كالطريق.

ومنها : أنّ السابق إليها مع بقائه فيها ، أو بقاء احتياجه إليها أحقّ بها إلى اللّيل ، كما في سائر الأُمور العامة من المشاهد ، وغيرها.

ومنها : أنّ الأعمال بأسرها يتضاعف ثوابها ، لكن تضاعف ثواب الصلاة يزيد على تضاعفها (وكذا المعاصي يتضاعف وزرها) (1) كما أنّ كلّ فعل تشتدّ حُرمته لجهة مشتركة بين قويّة وضعيفة ، يكون الإثم فيهما أكثر من القسمين في غيرهما ، وكما أن زنا المحصن مثلاً أشدّ حرمة ، فنظره ولمسه كذلك. وكذا في باب الدماء والجروح والمحترمات. وليس منه لمس المحارم ؛ لاختلاف الجهة.

ومنها : دخولها على طهارة ، وقول : «بسم اللّه ، والسلام على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وملائكته ، على محمّد وآل محمّد ، والسلام عليهم ورحمة اللّه وبركاته ، ربّ اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك» وفي الخروج مثل ذلك (2).

أو قول : «اللّهم اغفر لي ، وافتح لي أبواب رحمتك» حال الدخول ، وعند الخروج : «اللّهم اغفر لي وافتح لي أبواب فضلك» (3) والوقوف حال لدعاء ، ووَرَدَ من الدعاء غير ذلك (4).

ومنها : استقبال القبلة بعد الدخول ، ثم الدعاء والسؤال والبسملة والحمد والصلاة على النبي وآله صلى اللّه عليه وآله وسلم.

ومنها : الابتداء في الدخول بالرجل اليُمنى ، وفي الخروج باليُسرى.

ومنها : طرد أهل المعاصي عن المساجد.

ص: 83


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- التهذيب 3 : 263 ح 744 ، الوسائل 3 : 516 أبواب أحكام المساجد ب 39 ح 4.
3- التهذيب 3 : 263 ح 745 ، الوسائل 3 : 516 أبواب أحكام المساجد ب 39 ح 5.
4- انظر الوسائل 3 : 517 أبواب أحكام المساجد ب 41.

ومنها : السعي إليها والإسراع ، ودخولها على سكينة ووقار.

ومنها : أنّ حريمها أربعون ذراعاً ، يعني في الأرض المباحة.

ومنها : جواز اتخاذ الكنيف مسجداً بعد تنظيفه ، ولو بطرح تراب عليه.

ومنها : جواز جعل البِيع والكنائس مساجد ، وجواز استعمال نقضها في المساجد.

ومنها : جواز تعليق السلاح فيها ، ويكره في المسجد الأعظم مطلقاً ، وفي القبلة.

ويكره فيها أُمور :

منها : كراهة إنشاد الشعر فيها ، روي أنّه يُقال للمُنشد : فضّ اللّه فاك ، إنّما نُصبت المساجد للقران (1). وهو منزّل على غير ما كان راجحاً.

ومنها : ذكر أحاديث الدنيا ، وحبّ الدنيا.

ومنها : نقش المساجد بالصور ، وتشريفها ، بل تُبنى جمّا.

ومنها : رطانة الأعاجم فيها ، ولعلّ المراد اللسان الذي لا يفهم.

ومنها : الوضوء فيها ، إلا من حدث صدر فيها.

ومنها : سلّ السيف فيها ، وعمل الصنائع ، حتّى بري النبل.

ومنها : إباحة النوم فيها ، إلا في المسجدين ، فإنّه يكره.

ومنها : البصاق مع إصابته ، لا في ثوب وشبهه ، ولا خارجاً عنه ، كما إذا بصق فيه وألقاه خارجاً. ويتأكد مستقبل القبلة ، ويستحبّ دفنه إن وقع ، (وربّما جرى في جميع القذارات) (2).

ومنها : التنخّع فيها ، ويستحبّ أن يردّها لو تنخّع ؛ فإنّها لا تمرّ بِداءٍ إلا بَرَأ.

ومنها : دخولها وفي فمه رائحة ثوم أو بصل أو كراث أو غيرها من المؤذيات ريحها.

ومنها : البيع والشراء ، وجميع النواقل سوى الصدقات.

ص: 84


1- الكافي 3 : 369 ح 5 ، التهذيب 3 : 259 ح 725 ، الوسائل 3 : 492 أبواب أحكام المساجد ب 14 ح 1
2- ما بين القوسين زيادة في «ح».

ومنها : تمكين الصبيان والمجانين منها.

ومنها : إنفاذ الأحكام ، إلا للإمام عليه السلام.

ومنها : رفع الصوت.

ومنها : اللغو.

ومنها : إقامة الحدود.

ومنها : إنشاد الضالّة ، وينبغي أن يقال له : لا ردّها اللّه عليك.

ومنها : نصب المحاريب الداخلة فيها ، الّتي كأنّها مذابح اليهود.

ومنها : الاتكاء والاحتباء مقابل الكعبة.

ومنها : الخروج من المسجد بعد سُماع الأذان إلا بنيّة العَود.

ومنها : الخذف بالحصى (1) في المساجد وغيرها ، ومَضغ الكُندُر في المساجد ، وعلى ظهر الطريق ، ومن خذف بحصاة في المسجد لم تزل تلعنه (2).

ومنها : كشف السرّة ، والفخذ (3) ، والركبة فيها.

ومنها : السفر إليها عدا المسجدين ، ومسجد الكوفة.

وروى : أنّ صلاة المرأة في مَخدعِها أفضل من صلاتها في بيتها ، وفي بيتها أفضل منها في الدار (4).

وروى خير مساجد نسائكم البيوت (5) ، وأنّ صلاتها وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجمع خمساً وعشرين درجة (6).

والظاهر اختلاف الحكم شدّة وضعفاً ، باحتمال الناظر وعدمه ، وقلّته وكثرته ، والظلمة والضوء ، والمُماثل وغيره ، والمحارم وغيرهم ، والمراد المحافظة على الستر.

ص: 85


1- يقال : خذفت الحصاة ونحوها خذفاً : رميتها بطرفي الإبهام والسبّابة. المصباح المنير : 165.
2- انظر الوسائل 3 : 36 أبواب أحكام المساجد ب 36.
3- الفخذ من الإنسان وغيره ، بكسر الخاء وتسكينها ، الجمهرة 1 : 582.
4- الفقيه 1 : 259 ح 1178 ، الوسائل 3 : 510 أبواب أحكام المساجد ب 30 ح 1.
5- الفقيه 1 : 154 ح 719 ، الوسائل 3 : 510 أبواب أحكام المساجد ب 30 ح 2.
6- مكارم الأخلاق : 233 ، الوسائل 3 : 510 أبواب أحكام المساجد ب 30 ح 5.
المقام الثالث : في مكروهات أمكنة الصلاة
اشارة

وهي عديدة :

منها : صلاة الحمّام وتوابعها : من ركعات احتياطيّة ، وأجزاء منسيّة ، وسجود سهو ، دون سجود الشكر والتلاوة ، وصلاة الجنازة ، ويُحتمل جريانها في جميع العبادات البدنيّة.

وكراهة الصلاة : إمّا لتوجّه النهي إليها مُقيّدة به ، أو الكون فيه حال فعلها. وهو كالأول لا تكون الكراهة فيه إلا بمعنى أقليّة الثواب فيها بالنسبة إلى ما اقتضته طبيعتها.

وإن جعل متعلّقاً بالتعرّض للنجاسة من جهة الأرض ، أو من جهة الداخلين من كفّار غير متشبّثين بالإسلام ، أو متشبّثين كالغُلاة ، والخوارج ، والنصّاب ، أو متعلّقاً بالتعرّض لكشف العورة بارتفاع الإزار ، أو عدم التوجّه لغلبة البخار (1) أو بانكشاف الرأس وبعض البدن ، أو التعرّض للزلق فلا يبقى على هيئة المصلّي ، أو مزاحمة الرجال ، فلا يتمكّن من الاستقرار في بعض الأحوال ، أو تسلّط الشياطين بدخول العُجب أو الرياء للمتردّدين ، أو لترتّب الخلل بفعلها على قضاء مطالبه واستيفاء الغرض من مأربة ، أو لنحو ذلك ، كانت الكراهة على معناها.

وربّما تسرّى مثل ما في المكان إلى اللّباس والزمان (وقد يجعل من باب اختلاف التعلّق بالطبيعيّة والشخص ، ولا مُنافاة عقليّة) (2) وقد يقرّر ما في المكروهات في الأعمال المحرّمات فتختلف الأحكام ، ويلزم إمعان النظر في مثل هذا المقام.

والمراد به : البيت الحارّ موضوعاً على الانفراد ، أو مع مَسلخ أو غيره. والبيت المتوسّط بينه وبين المَسلَخ يجري عليه حكمه ، والتوابع من الأمكنة يجري عليها حكم متبوعاتها.

والمبتدأ قبل الاستعمال والمهجور الخالي عن الماءِ وإن دخلا في اسم الحمّام لا تجري

ص: 86


1- في «ح» زيادة : أو للغشيان.
2- ما بين القوسين ليس في «م» و «س».

عليهما الأحكام. ومتى دخل خارج فيه من مَسلَخ أو غيره ، دخل في حكمه ؛ ومتى خرج داخل عنه ، خرج.

وتشتدّ الكراهة حيث نقول بعدم تعلّقها بالذات للذّات ، بل لعروض العلل والصفات باشتدادها ، وتضعف بضعفها ، ويدور الأمر مدارها وجوداً وعدماً ، في حمّام أو غيره.

ولو جُعلت قطعة منه مسجداً ، اجتمعت الكراهة والندب من وجهين. ويُحتمل (بطلان الوقف ، وعلى الأوّل يقوى) (1) ترجيح الأخير على الأخر.

ومع ضيق وقت الفريضة تجب فيه ، وترتفع الكراهة. وأمّا مع ضيق وقت النافلة ، فالظاهر تغليب جهة الاستحباب ، مع احتمال الخلاف.

ولو وضع بناء على عين حارّة واشتمل على مثل ما في الحمّام ، كان بحكم الحمّام ، وتختلف مراتب الكراهة باختلاف أماكن الحمام شدّةً وضعفاً بحسب الصفات إن جعل المدار عليها.

ومنها : ما يُبال فيه من الأمكنة مع التكرار وبدونه أيضاً في وجه ، وما يتغوّط (2) فيه كذلك. وروى : أنّ الملائكة لا يدخلون بيتاً يُبال فيه ، أو فيه إناء فيه بول (3) ، ولعلّ بول الصبيان خارج عن الحكم.

ومنها : المَزبَلَةُ ، وهي مجمع القذارات ، والظاهر إلحاق جميع المواضع القذرة.

ومنها : المَجزَرَة ، وهي مكان الذَّبح المُعدّ له.

ومنها : بيوت النّيران وغيرها من معابد أهل الضلال.

ومنها : ما فيه خمر أو مُطلق المسكرات المائعة بالأصالة من البيوت ، أو مُطلق الأماكن ، ما لم يترتّب عليه سراية مُخلّة.

ومنها : بيوت المجوس ، وتضعف الكراهة مع رشّها وتجفيفها.

ص: 87


1- ما بين القوسين ليس في «م» و «س».
2- التغوّط قضاء الحاجة ، وهي كلمة كناية لفعله. العين 4 : 435.
3- الكافي 3 : 393 ح 26 ح 27 ، التهذيب 2 : 377 ح 101 - 107 ، الخصال : 138 ح 155.

ولا بأس ببيوت اليهود والنصارى ، وكنائسهم ، وبِيعهم (1). والأولى أن يكون ذلك بعد الرشّ ، والتجفيف.

والظاهر أنّ مواضع نزول الغضب من بيوت جميع الكفّار والمُبدعين من المسلمين بل فاعلي الكبائر ينبغي تجنّب الصلاة فيها ، والظاهر التمشية إلى سائر العبادات ، بل إلى الجلوس فيها لغير سبب.

ومنها : مَبارك الإبل ، وأشدّها كراهة مَعاطنها ؛ وهي مَباركها حول ماء الورد.

ومنها : مَعاطن الإبل والبقر والغنم ، إلا مع اليبس والرشّ بالماء.

ومنها : مرابط الخيل ، والبغال ، والحمير ، كما نقل الإجماع عليه (2). والظاهر الاختصاص بالأهليّة.

ومنها : قُرى النَّمل ؛ وهي مجمع بيوتها.

ومنها : مجاري المياه ، مع وجود الماء وعدمه ، ومن كان في السفينة لا يدخل في الحكم.

ومنها : الأرض السَّبِخَة ، ولو كان فيها نبت أو كانت ممّا تستقرّ الجبهة عليها خفّت الكراهة ، وتشتدّ الكراهة مع ضعف الاستقرار عليها حال السجود أو غيره ، أو اشتداد صفتها من ملوحة ونحوها. ومع عدم حصول الاستقرار بالمرّة يحكم بالبطلان.

ولو عارض الكراهة رجحان روضةٍ أو مسجديّة ، عمل على الرجحان. ولا منافاة بين كون الشي ء محبوباً مكروهاً من وجهين ، فإذا رجح أحدهما ، ألغى اعتبار الثاني.

ويمكن توجيه ما ورد «من كون السبَخ والماء المالح عدوّين لأهل البيت عليهم السلام ، أو لم يقرّا بالوحدانيّة» ، مع أنّ أشرف الأراضي كأرض كربلاء من القسم الأوّل ، وماء النجف وكثير من المياه المتكوّنة في المشاهد المشرّفة ، والأماكن المحترمة كحرم اللّه وحرم رسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وحرم الأئمّة عليهم السلام من القسم الثاني : بأنّ الصفتين عارضتان لبعض الأسباب ، غير موجودتين في مبدأ الخلق

ص: 88


1- البيعة بالكسر للنصارى ، والجمع بِيَع ، مثل سدرة وسدر ، المصباح المنير : 69.
2- الغنية (الجوامع الفقهيّة) : 555.

(أو أنّه لا منع من اجتماع الجهتين ، أو أنّ جهة الشرَفِ غلبت ، ويحتمل أنّ سبب العروض ما سبّب غضب اللّه تعالى) (1) أو أنّ العامّ مخصوص.

ومنها : الثلج ، وإذا اضطرّ بَسَطَ عليه ثوباً ، ومع البسط قيل : تخفّ الكراهة ، ولا ترتفع (2).

ومنها : الرمل إذا لم يكن مُلبّداً (3) وكذا كلّ غير مُلبّد ممّا تصحّ الصلاة عليه.

ومنها : ما بين المقابر ، والسراديب بحكمها.

ويُعتبر بقاء بعض أعضاء الموتى فيها ، فإذا اندرست الآثار ، ولم يبقَ سوى علامة المزار ، زالَ حُكم الكراهة.

والظاهر كراهة مُحاذاة القبر مطلقاً.

وتختلف مراتب الكراهة باختلاف جهات القُرب ، فما كان من الجهات الأربع أشدّ ، ثمّ ما كان من الثلاث ، ثمّ ما كان من الاثنين ، وأدناها الواحدة. ولا يبعد القول بالتفاوت باعتبار قُرب زمان الدفن وبُعده ، وصِغَر الميّت وكِبَره ، وبعضه وكلّه ، وما في جهة القبلة أشدّ كراهة من غيره.

وربّما كان الباعث واللّه أعلم مع أنّ الذي يجي ء في بادئ النظر رجحان ذلك ؛ لبعثه على شدّة الخوف من اللّه تعالى ، وزيادة التذلّل والخضوع : أنّ المصلّي إذا رأى ما رأى يشتغل فِكره لدهشته وخوفه عن الصلاة.

أو أنّه ربّما كان الميّت بعيداً عن الرحمة مستحقّاً للعذاب ، وتُكره الصلاة في مواضع العذاب ، كأراضي الخَسف ونحوها.

أو أنّ المقبرة بنفسها شبيهة بمواضع الهلاك.

(أو لأنّهم كانوا يعبدون القبور ، أو لعدم خلوّها غالباً عن الروائح النتنة ، أو التعرّض للخبث ، أو عدم مساواة الأرض) (4).

ص: 89


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- التهذيب 2 : 310 ذ. ح 1257.
3- الملبّد : الملتصق المجتمع ، مفردات الراغب : 446.
4- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

وتتضاعف الكراهة في الصلاة في مقابر المغضوب عليهم ، من الكفّار ونحوهم.

ولا ترتفع الكراهة بالحائل ، وترتفع الكراهة بوجود حائل مانع عن البصر مستقرّ ، كجدار ونحوه. وتخفّ أو ترتفع بمثل اللّبِنَة (1) أو العَنَزَة (2) أو نحوهما. والظاهر الاكتفاء في الحيلولة بوقوف إنسان أو حيوان أو فصل عشرة أذرع عن القبر.

ومنها : مكان العبور ، وما فيه مظنّة المرور لإنسان أو حيوان ، كلب أو غيره ، من غير قُرب إلى جدار ونحوه ، فيخصّ به ، فترتفع الكراهة ، ومن دون قَلَنسوَة أو عَنَزة أو كومة تراب أو خطّ يكون علامة الاحتجاب ، فتخفّ الكراهة ، أو ترتفع.

وينبغي أن يكون بينه وبين الستر ما لا يزيد على مَربض فرس. وأمّا مع أمن المار فلا استتار ، ويحتمل ثبوت الاستحباب لنفسه.

والظاهر اختلاف مراتب الاستحباب باختلاف كيفيّة الاحتجاب قوّة وضعفاً ، فأوّل المراتب الجدار مثلاً ، ثمّ مؤخّر الرجل ، ثمّ العنزة ، ثمّ الحجر ، ثمّ السهم (3) ، ثمّ الخط.

ومنها : الطرق التي يتكرّر الوطء عليها في البلد أو في الصحراء ، ولا اعتبار بالمرّة والمرّتين مثلاً. والظواهر من الجوادّ (4) إذا تكرّر الوطء عليها يجري عليها حكمها. ومع الهجر يلغو الحكم على الأقوى. وفي إلحاق الطرق المرفوعة ، وبين الدارين مع التكرّر وجه.

ومنها : ما يكون إلى المرأة النائمة على ما قيل (5).

ومنها : بيت فيه مجوسيّ ، وإن كان مع مسلم. ولا بأس باليهودي ، والنصراني والمشترك (6).

ص: 90


1- اللبنة : واحدة اللبن ، بكسر الباء ، وما يعمل من الطين ويبنى به ، المصباح المنير : 548.
2- العَنَزة : وهي شبه العُكّازة. أساس البلاغة 2 : 143. وقال الخليل : في طرفها الأعلى زُجّ يتوكّأ عليها الشيخ. العين 1 : 356.
3- السهم : واحد من النبل. وقيل : السهم نفس النصل. المصباح المنير : 292.
4- الجوادّ : جمع جادّة ، الطريق. جمهرة اللغة 2 : 1038.
5- الشهيد في الدروس 1 : 155.
6- في «س» : والمشرك.

ومنها : أن تكون بين يديه نار مُضرمة ، ويقرب جري الحكم في غير المضرمة ، خصوصاً إذا كان من أولاد عَبَدة النار ، أو الأصنام.

وربّما سَرَى الحكم إلى كلّ مَعبود دون اللّه تعالى. وتشتدّ الكراهة في المستعلية كالمعلّقة. والمدار على ما يصدق فيه أن يقال بين يديه عُرفاً ، فلا اعتبار بالبعيدة.

ومنها : البيت الذي فيه تصاوير ذوات الأرواح ، مُجسّمة أولا ، من أيّ جانب كانت.

والظاهر اشتداد الكراهة فيها لو كانت من جهة القبلة ، ولو جُعلت مستورة أو خلفاً ، أو تحت القدمين محلّا للوطء ، أو في فُرش النساء ، أو قطع منها رأس أو غيره من الأعضاء بحيث تُدعى ناقصة ، خفّت الكراهة ، أو ارتفعت.

والأولى تجنّب صُور الأشجار ، والأثمار ، والنباتات ، ونحوها (والظاهر اشتداد الكراهة في المُجَسّم ذي الروح ، ثمّ غير المُجسّم منه ، ثمّ المُجسّم من غيره) (1).

ومنها : أن يستقبل قراناً مفتوحاً ، أو غير مفتوح ، ولم يكن في غلاف ، أو ينظر إلى شي ء مكتوب ، من قران أو غيره ، من خاتم أو غيره ؛ لكراهة ذلك في الصلاة.

ومنها : أن يستقبل باباً مفتوحاً لا مصراع فيها ، أو فيها مصراع أو مصراعان مفتوحان.

ومنها : أن يكون بين يديه إنسان مواجه ، من امرأة قائمة أو جالسة ، ويدرؤها عن نفسه كما في الخبر (2) ، وأُلحق بذلك مُطلق الإنسان.

ومنها : استقبال السيف ، مُجرّداً أو في غِمده ، فإنّ القبلة أمن (3). والظاهر تمشيته إلى جميع ضروب السلاح ؛ لظاهر التعليل.

وفي اعتبار الإبصار في كراهة المستقبَلات ، أو بعضها وجه قويّ.

ومنها : بُيوت الغائط.

ص: 91


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».
2- قرب الإسناد : 204 ح 789 ، الوسائل 3 : 475 أبواب مكان المصلّي ب 43 ح 3.
3- انظر الوسائل 3 : 472 أبواب مكان المصلّي ب 41.

ومنها : استقبال الغائط.

ومنها : دار فيها كلب برّي ، سوى كلب الصيد ، مع إغلاق الباب دونه.

ومنها : بيت فيه جُنب (1).

ومنها : البَيدَرُ المطيّن.

ومنها : القتّ ، والتبن ، والحنطة ، والشعير ، وأشباهها ، وإن وضع عليها فراش من حصير أو غيره ، والظاهر خفّتها حينئذٍ.

ومنها : أن يكون بين يديه حائط حوله بالوعة ينزّ منها بول ، ويَستحبّ ستره.

ومنها : وادي ضَجْنَان ، والظاهر أنّ ضَجنَان جبل قُرب مكّة ، وحوله وادٍ دون ما يُسمّى بذلك أيضاً ، وهو جبل بالبادية (2).

ومنها : ذات الصلاصل.

ومنها : وادي الشّقرة ، والظاهر أنّ هذه الثلاثة مواضع خسف.

ومنها : بابل.

ومنها : البيداء ، وذات الجَيش.

ومنها : الأماكن التي يكثر العبور فيها.

ومنها : الأماكن المشتملة على ما يَشغل البال ، من قيل وقال ، أو حدوث بعض الأفعال.

ومنها : الأماكن الشديدة الحرارة أو البرودة ، أو الكثيرة الدُّخان ، ونحو ذلك ممّا يشغل البال.

ومنها : الأماكن التي فيها شُبهة تحريم ، أو نجاسة ، أو اضطراب يمنع الاستقرار ونحوها ، ولم تبلغ حدّ المنع.

ومنها : الأماكن التي فيها شُبهة حصول بعض الأسباب المكروهة.

ومنها : استقبال الحديد.

ص: 92


1- جُنب يطلق على الذكر والأُنثى ، والمفرد والتثنية والجمع. المصباح المنير : 111.
2- قال الفيروزآبادي : ضجنان كسكران جبل قرب مكّة ، وجبل آخر بالبادية. القاموس المحيط 4 : 244.

ومنها : بطون الأودية ، ولو ركد الماء فيها.

ومنها : المنازل التي ينزلها الناس فيها أبوال الدواب والسّرجين ، ويدخلها اليهودا والنصارى ، إلا أن يوضع عليها ثوب.

وتتضاعف الكراهة على اختلاف مراتبها بتضاعف الأسباب ، من الاثنين والثلاثة ، والأربعة وهكذا ، وتختلف شدّة وضعفاً بكثرة السبب وقلّته ، أو قوّته وضعفه.

ولو حَصَلَ التعارض بين الجهات ، كان المدار على الترجيحات ، والذي يظهر من تتبع الآثار وإمعان النظر في الأخبار ، ورجحان جميع ما يتضمّن تعظيم الصلاة ، وجميع ماله مدخليّة في تحقيق العبوديّة ، وما له مدخل في رفع القذارة ، أو تعريض النفس لمحالّ العذاب ، ونحو ذلك من الأسباب.

وتجري أحكام المكروهات في الرّكعات الاحتياطيّة ، والأجزاء المنسيّة ، وسجود السّهو. وفي إلحاق صلاة الجنازة وسجود الشّكر والتلاوة ، وجميع العبادات الأصليّة البدنيّة وجه قويّ. وفي التبعيّة وجه ضعيف.

أحكام النوم وأقسامه

وروى : أنّه يكره النّوم بين صلاة الليل والفجر ، ولكن ضجعة بلا نوم (1). وبين طلوع الفجر وطلوع الشمس ؛ لأنّ الملائكة تقسّم الأرزاق في ذلك الوقت ، ومن نام ذهب سهمه (2). والظاهر أنّه لا بأس به لمن صلّى نافلة اللّيل ، كما يظهر من الخبر (3).

وأنّ نوم الأنبياء على أقفيتهم ، ونوم المؤمنين على أيمانهم ، ونوم المنافقين على

ص: 93


1- كما في التهذيب 2 : 137 ح 533 ، 534 ، والاستبصار 1 : 349 ح 1320 ، والوسائل 4 : 1062 أبواب التعقيب ب 35 ح 1.
2- الفقيه 1 : 319 ح 1453 ، 1454 ، التهذيب 2 : 139 ح 540 ، 541 ، الوسائل 4 : 1063 أبواب التعقيب ب 36 ح 4 ، 6.
3- التهذيب 2 : 137 ح 533 ، الاستبصار 1 : 349 ح 1320 ، الوسائل 4 : 1063 أبواب التعقيب ب 35 ح 2.

شمائلهم ، ونوم الشياطين على وجوههم (1) ، وأنّه بين العشاءين يحرم الرّزق (2).

وأنّ ثلاثة فيهنّ مقت اللّه : نوم بلا سهر ، وضحك بلا عجب ، وأكل على الشّبع (3).

وأنّه لا سهر بعد العشاء الآخرة إلا لأحد الرّجلين : مصلّ أو مسافر (4) ، وأنّ كثرة النّوم باللّيل تدع الرّجل فقيراً يوم القيامة (5).

وأنّه ليس في البدن أقلّ شكراً من العين ، فلا تُعطوها سؤلها ، فتشغلكم عن ذكر اللّه (6) ، إذا نام أحدكم فليضع يده اليمنى تحت خدّه الأيمن ، فإنّه لا يدري أينتبه من رقدته أو لا (7).

وأنّ الأرض تشتكي إلى اللّه من ثلاثة : من دمٍ حرام يُسفك عليها ، أو اغتسالٍ من زنا ، أو النّوم عليها قبل طلوع الشّمس (8).

وأنّ القيلُولة مأمور بها ، والشّيطان لا يقيل (9).

وأنّ الرّجل إذا رأى ما يَكره في منامه ، فليتحوّل عن شقّه الذي كان عليه نائماً ، وليقل ( إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلّا بِإِذْنِ اللّهِ ) (10) ثمّ ليقل : عُذت بما عاذت به ملائكة اللّه المقرّبون ، وأنبياؤه المرسلون ، وعباده الصّالحون ، من شرّ ما رأيت ، ومن شرّ الشّيطان الرّجيم (11).

ص: 94


1- انظر الوسائل 4 : 1067 أبواب التعقيب ب 40.
2- الفقيه 1 : 318 ح 1446 ، الوسائل 4 : 1068 أبواب التعقيب ب 40 ح 4.
3- الفقيه 1 : 318 ح 1448 ، الخصال : 89 ح 5 ، الوسائل 4 : 1068 أبواب التعقيب ب 40 ح 7.
4- الخصال : 78 ح 125 ، الوسائل 4 : 1069 أبواب التعقيب ب 40 ح 10.
5- انظر الوسائل 4 : 1068 أبواب التعقيب ب 36 ح 8 ، 9.
6- الخصال : 629 ، الوسائل 4 : 1069 أبواب التعقيب ب 40 ح 12.
7- الخصال : 636 ، الوسائل 4 : 1069 أبواب التعقيب ب 40 ح 12.
8- الخصال : 141 ح 160 ، الوسائل 4 : 1064 أبواب التعقيب ب 36 ح 7.
9- يقال : قالَ يقيلُ قيلاً وقيلولة نام نصف النهار ، المصباح المنير : 521. وأُنظر الفقيه 1 : 319 ، والوسائل 4 : 1066 أبواب التعقيب ب 39.
10- المجادلة : 10.
11- الكافي 8 : 142 ح 106 ، الوسائل 4 : 1065 أبواب التعقيب ب 37 ح 1.

وأنّ النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لفاطمة عليها السلام في رؤياها التي رأتها : «قولي : أعوذ بما عاذت به ملائكة اللّه المقرّبون ، وأنبياؤه المرسلون ، من شرّ ما رأيت في ليلتي هذه أن يصيبني منه سوء ، أو شي ء أكرهه ، ثمّ اتفلي عن يسارك ، ثلاث مرّات» ؛. (1)

خاتمة : في أحكام البيوت والمساكن وما يتبعها
اشارة

وينبغي فيها المحافظة على أُمور :

منها : السّعة ؛ فإنّ الصّادق عليه السلام قال ثلاثة للمؤمن فيها راحة : دار واسعة تُواري عَورته وسوء حاله من النّاس ، وامرأة صالحة تُعينه على أمر الدّنيا والآخرة ، وابنة أو أُخت يخرجها من منزله بموت أو تزويج (2). وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «من سعادة المسلم : المسكن الواسع ، والجار الصّالح ، والمَركَبُ الهني ء» (3).

ومنها : تحجير السّطوح.

ومنها : كَنس البيوت والأفنية (4) ، وغسل الإناء ؛ لأنّها تجلب الرِّزق ، وتنفي الفقر (5).

ومنها : تنظيف البيوت من حَوك العنكبوت.

ومنها : إسراج السّراج قبل غروب الشمس ؛ لأنّه ينفي الفقر.

ومنها : التحوّل عن الدّار الضيّقة ، وإن كان قد اشتراها أبوه.

ومنها : جلوس الدّاخل حيث يأمره صاحب البيت.

ومنها : التسليم على الأهل حين الدخول ؛ فإن لم يكن أهل ، فعلى نفسه ، ويقرأ «الإخلاص» لنفي الفقر (6).

ومنها : إغلاق الأبواب ، وتغطية الأواني وإيكاؤها ، وإطفاء السّراج وإخراج النّار عند النوم.

ص: 95


1- الكافي 8 : 142 ح 107 ، الوسائل 4 : 1066 أبواب التعقيب ب 37 ح 2.
2- الكافي 6 : 525 ح 3 ، المحاسن : 610 ح 18 ، الوسائل 3 : 557 أبواب أحكام المساكن ب 1 ح 2.
3- الخصال : 183 ح 252 ، الوسائل 3 : 558 أبواب أحكام المساكن ب 1 ح 8.
4- الأفنية جمع فناء : الوصيد ، وهو سعة أمام البيت ، وقيل : ما امتدّ من جوانبه ، المصباح المنير : 482.
5- انظر الوسائل 3 : 570 أبواب أحكام المساكن ب 9.
6- الخصال : 626 ، الوسائل 3 : 575 أبواب أحكام المساكن ب 15 ح 1.

ومنها : كون الخروج من البيت في الصّيف يوم الخميس أو الجمعة أو ليلتها ، والدّخول في الشتاء من البرد يوم الجمعة أو ليلتها.

ومنها : مسح الفراش عند النّوم بطرف الإزار خوفاً من حادث حدث عليه ، وقول : اللّهم إن أمسكت نفسي في مقامي هذا ، فاغفر لها ؛ وإن أرسلتها ، فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصّالحين.

ومنها : كتابة أية الكرسي على رأس ثمانية أذرع.

ومنها : ذبح كبش سمين عند بنائها ، وإطعام لحمه المساكين ، فيقول : اللّهمّ ادحر عنّي مَرَدة الجن والإنس والشّياطين ، وبارك لي في بنائي ، ليرزق ما سأل (1).

ومنها : التسمية وقراءة الإخلاص عشراً ، والدّعاء بالمأثور عند الخروج من المنزل حضراً أو سفراً ، وعند الدّخول.

ويُكره فيها أُمور :

منها : ضِيق الدار ؛ لأنّ النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : «الشؤم في ثلاثة أشياء : في الدّابّة ، والمرأة ، والدّار ؛ ففي المرأة غلاء مهرها ، وعُسر ولادتها ، وفي الدابّة كثرة علفها ، وسوء خلقها ، وفي الدّار ضيقها ، وخُبث جيرانها».

ومنها : تصوير صور الحيوان في السّقوف والجدران ، لأعلى نحو التجسيم ، وإبقاؤها إلا أن تقطع رؤوسها ، ومحوها أفضل ، والأحوط تجنّبها.

ولا بأس بها للنّساء ، أو مع التغطية ، وبإبقائها في الفُرش توطأ بالأقدام.

وأمّا تصويرها على نحو الأجسام فحرام ، ويجب محوها أو تغييرها.

ولا بأس بصور النّاميات من غير الحيوانات ، فضلاً عن الجمادات ؛ من فواكه ، وأشجار ، ونباتات ، ونحوها.

ومنها : رفع بناء البيوت فوق سبعة أذرع ، ورُخّص في الثمانية ، فإذا زاد على ذلك

ص: 96


1- انظر ثواب الأعمال : 221 ، والوسائل 3 : 590 أبواب أحكام المساكن 29 ح 1.

نودي : أين تريد يا أفسقَ الفاسقين (1)؟! ومنها : المبيت على سطح غير محجّر ، رجلاً كان أو امرأة ، وأقلّه ذراعان ، أو ذراع وشبر من الجوانب الأربعة ؛ فإنّ من نام على سطح غير محجّر فأصابه شي ء فلا يلومنّ إلا نفسه ، وبرئت منه الذمّة.

ومنها : مبيت الرّجل أو المرأة على السّطح مع الوحدة.

ومنها : البناء مع عدم الحاجة.

ومنها : مبيت القُمامَةُ في البيت ، خصوصاً خلف الباب ؛ لأنّها مأوى الشّياطين ، وعن النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «لا تؤوا مِنديل اللّحم في البيت ؛ فإنّه مَربِض الشّيطان ، ولا تزووا التراب خلف الباب ؛ فإنّه مأوى الشّيطان ، ولا تتبعوا الصيد ؛ فإنّكم على غرّة (2) ، وإذا بلغ أحدكم باب حجرته فليسمّ ؛ فإنّه يفرّ منه الشّيطان ، وإذا دخل أحدكم بيته فليسلّم ؛ فإنّه تنزل البركة وتؤنسه الملائكة ، ولا يَرتَدِف (3) ثلاثة على دابّة ؛ فإنّ أحدهم ملعون ، وهو المقدّم ، ولا تسمّوا الطريق سكّة ، فإنّه لا سكّة إلا سكك الجنّة ، ولا تسمّوا أولادكم بالحكم والحكيم ؛ فإنّ اللّه هو الحكم ، ولا تذكروا الأُخرى إلا بخير ؛ فإن اللّه تعالى هو الأُخرى ، ولا تسمّوا العِنَب الكَرم ؛ فإنّ المؤمن هو الكَرم ، واتقوا الخروج بعد نومة ؛ فإنّ لله تعالى دوابّ يبثّها يفعلون ما يُؤمرون ، وإذا سمعتم نباح الكلب ، ونَهيق الحمير فتعوّذوا باللّه من الشّيطان الرّجيم ؛ فإنّهم يَرون ما لا تَرون ، فافعلوا ما تُؤمرون. ونِعمَ اللّهو المغزل (4) للمرأة الصّالحة» (5).

ومنها : السّراج في القمر ؛ فإنها من الأربعة التي تذهب ضياعاً.

ومنها : الأكل على الشّبع ، والبذر في السَّبخة ، وحُسن الصّنيع مع غير أهله.

ص: 97


1- المحاسن : 608 ح 7 ، الوسائل 3 : 566 أبواب أحكام المساكن ب 5 ح 7.
2- الغرّة بالكسر الغفلة ، انظر المصباح المنير : 444.
3- يقال : ردفه وأردفه وأرتدفه وتردّفه : ركب خلفه ، أساس البلاغة 1 : 333.
4- قال ابن دريد : المُغزَل ، بالضم والكسر ، لغتان فصيحتان. الجمهرة 2 : 819.
5- علل الشرائع : 583 ح 23 ، الوسائل 3 : 572 أبواب أحكام المساكن ب 10 ح 2 وفيها : الحكم ولا أبا الحكم ، بدلاً عن بالحكم والحكيم.

ومنها : ترك حَوك العَنكَبوت ؛ فإنّه يُورث الفقر.

ومنها : الدخول في بيت مُظلم بغير مصباح.

ومنها : ترك غلق الأبواب ، وكشف الأواني ، وطرحها على ظهرها ، وإبقاء السّراج والنّار عند النّوم في البيت.

ومنها : المبيت في بيت لا باب له ولا سِتر.

ومنها : مَبيت الإنسان وحده ، إلا مع الضّرورة ؛ فعن أبي جعفر عليه السلام : «مَن تخلّى على قبر ، أو بالَ قائماً ، أو بالَ في الماء قائماً ، أو مشى في حذاء واحدٍ ، أو شرب قائماً ، أو خلي في بيت وحده ، أو باتَ على غَمَر (1) فأصابه شي ء من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء اللّه تعالى» (2).

ومنها : النّوم مع الوحدة ، فعن أبي الحسن عليه السلام لَعَنَ النّبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ثلاثة : الأكل للزّاد وحده ، والراكب في الفلاة (3) وحده ، والنّائم في البيت وحده

(4). ومنها : تسمية الطريق سكّة.

ومنها : تشييد البناء لغير الرياء والسّمعة ، أمّا لهما فحرام.

ومنها : التحوّل من منزل إلى آخر إلا للنُزه ، للنظر في بعض المروّحات للنفس ؛ فعن أبي الحسن عليه السلام ثلاثة يجلون البصر : النظر إلى الخُضرة ، والنظر إلى الماء الجاري ، والنّظر إلى الوجه الحسن (5).

ومنها : اتخاذ أكثر من ثلاثة فرش ، وكثرة البُسط ، والوسائد ، والمرافق ، والنّمارق (6)

ص: 98


1- الغَمر بالفتح : ما بقيت رائحته في البدن من أكل الدّسَم خاصة ، يقال : غَمِرَت يده تغمر غَمَراً فهي غَمِرة. الجمهرة 1 : 781.
2- الفلاة : الأرض لا ماء فيه ، والجمع فلاً ، مثل حصاة وحصاً ، وجمع الجمع أفلاء ، مثل سبب وأسباب.
3- الكافي 6 : 533 ح 2.
4- الخصال : 93 ح 38.
5- الخصال : 92 ح 35 ، المحاسن : 622 ح 69.
6- النمارق : الوسائد ، أساس البلاغة 2 : 477.

إلا مع الحاجة.

ومنها : استدبار القبلة في الجلوس ، إلا لواعظٍ أو مُدرّس أو معلّم ، ونحوهم ؛ فإنّهم يستقبلون وجوه المحتاجين إليهم.

ومنها : ألا يجلس بعضه على بعض ، ولا يضع إحدى رجليه على الأُخرى ، بل متربعاً أو على كَفَلِه (1).

ومنها : أن ينام على يمينه أو على قفاه ، دون بطنه وشماله ، إلى غير ذلك ممّا يظهر من تتبّع كتب الاداب.

وفي الخبر : «ما مِن مجلسٍ فيه أخيار وفجّار يقومون على غير ذكر اللّه إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة» (2).

وفي خبر آخر بعد قوله على غير ذكر اسم اللّه : «والصّلاة على محمّد» (3).

وفي خبر آخر : «ما مِن مجلسٍ يُذكر فيه اسم اللّه ، إلا نادى منادٍ من السّماء : قوموا فقد بدّلت سيّئاتكم حسنات» (4).

ومع التعارض بين المكروهات والمستحبّات فالتّرك أولى. وإذا تعارضت بعض آحاد القسمين ، فالمدار على الميزان ، بل تنبغي مُراعاة الميزان في المقامين.

القسم الرّابع : في القبلة

اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في بيان معناها

وهي لغةً : عبارة عمّا يُستقبَل ، وشرعاً : عن البِنية المخصوصة المسمّاة كعبة.

ص: 99


1- الكفل : العَجُز ، المصباح المنير : 536.
2- عدة الداعي : 241.
3- عدة الداعي : 231.
4- عدة الداعي : 238.

ومَدار الاستقبال شرعاً على الفضاء المقدّر بقَدَرها (مع احتساب ما سَامَتَ) (1) الشّاذَروان (2) منه ، من تُخوم الأرض إلى أعلى السّماء. فالمتوجّه إليه مُستعلياً (3) على البِنية إلى السّماء ، أو منخفضاً عنها إلى الثّرى مُستقبل لها. ولا مَدار على بُنيانها ، فلا يخلّ انهدام حيطانها.

وهي القبلة لجميع مَن في الدّنيا ممّن في المسجد الحرام ، أو خارجه ، أو حرم اللّه تعالى ، أو خارجه ، غير أنّ المتوجّه إليها إن استطاع المقابلة الحقيقيّة كالقريب إليها كمن في المسجد مثلاً توجّه إلى عينها بكلّه مع الإمكان ، وإلا فيما أمكن من بعضه.

ومن لم تمكنه حقيقة المقابلة كالبعيد عنها بالنّسبة إلى القُدرة البشريّة ، ومن دون توسّط الات ونصب عَلامات ، لزمته مُراعاة أقرب الجهات إلى المحاذاة. ولا يلزمه الأخذ بعلم الغيب لو كان من أهله ، ولا نصب حبلٍ أو خيط ليتمكّن من العلم ، وإن كان من قدرته ، ولا الإغراق في التحقيق والتدقيق ، ولا مراجعة علم الهيئة ، وإن كان من أهله ، ولا رجوعه إلى أهله ، إن لم يكن من أهله. وإنّما يلزم عليه أن يستقبل جهةً لا يعلم خروج الكعبة منها ، ولا يجد ما هو أقرب إلى الانطباق عليها ، ومُسامتتها منها.

ومن خرج عن سمتها بكلّه أو بعضه فلا صلاة له.

ولو استطال الصّف (4) حتّى خرج بعض منه عن المحاذاة بكلّ أو بعض ، بطلت صلاته.

ويلزم أن يكون المأموم مساوياً للإمام أو أبعد منه عن القبلة فيمن يكون خارجاً عنها. وأمّا فيها فيقوى فيها عدم البأس في التقدّم والتأخّر والمحاذاة ، واستقبال كلّ

ص: 100


1- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : مع قدر فضاء ما فوق.
2- الشاذروان بفتح الذال من جدار البيت الحرام ، وهو الذي تُرك من عرض الأساس خارجاً ، ويسمّى تأزيراً ؛ لأنّه كالإزار للبيت. المصباح المنير : 307.
3- في «م» : مستلقياً.
4- في «ح» زيادة : وحولها.

صاحبه واستدباره ، مع الخبرة بأحوال الإمام على إشكال.

ومن استقبل الجهات الأربع فيها في أربع صلوات ثمّ صلّى خامسة إلى البيت المعمور ، أخذ بالجزم وطريق العلم.

ومن صلّى في بطنها استقبل أيّ جدرانها شاء.

ومن صلّى على سطحها أبرز منه أيّ قدر كان ، بحيث يكون زائداً على محلّ قيامه ، وجلوسه ، وسجوده ؛ ليبقى مقدار منه مُستقبَلاً له.

وهذا مبنيّ على إنكار (1) الشّاذَروَان ، أو تقييد الخروج بما يزيد عليه ، فلو بزر منه شي ء عن المسامتة ، أو حصل الانطباق من دون زيادة ، بطلَت صلاته لو كان مختاراً.

والأحوط الوقوف بحيث يكون جميع جهة طول الكعبة أو عرضها مُتقدّماً عليه.

ولا يجب أن يجعل شيئاً من الجدران ونحوها من شاخصٍ أو غيره في بطنها أو على سطحها في مقابلة وجهه ؛ لأنّ المدار على الفضاء ، دون البِنيَة ، فلو صلّى محاذياً للباب فلا بأس.

ومن صلّى فيها مُضطجعاً أو مُستلقياً لضعفه ، لم يجز له مدّ رجليه في جَنَاح أو بدونه فيخرج عن الحدّ ، بل يجب عليه أن يُبقي شيئاً منه لتحقيق الاستقبال.

ولو أمكنه إخراج رأسه أو ما يزيد عليه من مقدّمه مع الاستقبال بوجهه وجب.

ولو صلّى في بطنها جماعة ، جاز جعل ظهر المأمومين إلى ظهر الإمام وغيره من الصّور المتعدّدة ، وسقط حكم التقدّم والتأخّر. ولو قيل بوجوب المساواة ، لم يكن بعيداً.

والجهات الأربع للمتحيّر ، وما بين المشرق ، والمغرب له ليست قبلة على الحقيقة على الأقوى ، فلو نذرَ الاستقبال أو حلفَ أو عاهدَ عليه ، واستقبلها لم يفِ بما صدر منه.

والمصلّي إلى جهة محراب النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أو المعصومين عليهم السلام في مواضع قبورهم مع العلم بعدم التغيير ، والقطع بتوجّهه على نحو ما كان

ص: 101


1- في «م» ، «س» : أن كان.

منهم حذو النّعل بالنعل أخذ بالقطع أو القريب منه ؛ إن قلنا بأنّهم في مثل هذه الأحكام مكلّفون بوفق العلم الإلهي ، وإلا فلا.

والفضاء المُسامت لسطح الشّاذَروَان من فضاء الكعبة ؛ لأنّ قريشاً لمّا علموا قصور المال الحلال عن إتمامها اقتصروها ، والمعتبر أساسه ، لا سطحه ، وهو أعرض بيسير من أساسه.

ومن أنكر كون الكعبة قبلةً في الجملة للصّلاة في الجملة ، وهو بين أظهر المسلمين ، فهو مرتدّ فطريّ أو ملّي ، يجري حكمهما عليه.

أمّا مَن زَعَم أنّ القبلة البناء ، أو بمقداره ، أو عدم دخول الشّاذَروَان ، أو أنّها لا يدخل فيها ما تحت الأرض وما فوق السّماء ، فليس بمرتدّ ، ، ولكنّه جاهل غير كامل.

المبحث الثاني : في طريق معرفتها

ولها طرق عديدة :

أحدها : مُلاحظة المحاريب المنصوبة التي صلّى فيها أو إليها معصوم ، كمحراب النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ومحراب الهادي عليه السلام في سامراء.

ومحاريب مسجد الكوفة لا اعتبار بها ؛ لما روي أنّها موضوعة على غير القبلة ، ومحاريبها اليوم تابعة لها ، فهي إمّا أن تكون على هذه الحالة في عهد عليّ عليه السلام ، وكان ينحرف فيها ، أو كانت موضوعة على غير نحو وضع الجدران ، ثمّ جعلت جديداً على نحوها.

ووضع حُجرة النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم وضريحه الشّريف ومحرابه مأخوذ يداً بيد ، فعليه المعوّل. بخلاف بناء قبور الأئمّة عليهم السلام وضرائحهم ؛ فإنّها لم يكن وضعها عن رأيهم ، ولا في أيّامهم ، بل مُستجدّة بعدهم.

ثانيها : ملاحظة كيفيّة دفن المسلمين ، وكيفيّة وضعهم حال الدّفن ، وحال الاحتضار ، وحال التغسيل ، وحال الصّلاة ، وحال كيفيّة استقبالهم حال صلاتهم ،

ص: 102

وحال محاريب مساجدهم ، وذبحهم ونحرهم ، وحال وضع خلائهم ، ووظائفهم المقرّرة في دعواتهم ، وأذكارهم ، وأعمالهم ، إلى غير ذلك.

ولا يجب الاستقصاء لتحصيل العلم بالنّسبة إلى الوارد إلى البلد ، ولا بالنّسبة إلى من كان من أهل البلد في غير محلّه بحيث يعسر عليه العلم.

وأمّا من كان في محلّه ، ويتيسّر عليه العلم ، فإنّه يجب عليه تحصيله.

ثالثها : بالنّسبة إلى أوساط العراق كالكوفة ، وما سامتها من موصل ، وما حاذاها إلى الحِجاز ، وقبلتهم الرّكن المشرقيّ المحاذي لمقام الحنبلي وبئر زَمزَم على ما قيل. والذي ظهر لي بعد الاختبار أنه بين المشرقي الذي فيه الحجر ، وبين الرّكن المسمّى بالشامي.

وعلامتها : جعل الفجر الاعتدالي على المَنكِب الأيسر ، والمغرب الاعتدالي على المَنكِب الأيمن ، ووضع الجَدي عند غاية ارتفاعه أو انخفاضه بحذاء المَنكِب الأيمن ، وعين الشمس في ابتداء الزوال على ما يميل من منتصف ما بين الحاجبين إلى الجانب الأيمن.

وأوثق منهما : نجم خفيّ يُدركه حديد النظر يدور عليه الجَدي ، ولا تظهر للحسّ حركته ، إذا وضع على المَنكِب الأيمن ؛ لأنّه في محلّ القطب.

وقد تُعرف بمجاري القمر ، وبعض الكواكب السيّارة ، والفَرقَدين ، وبنات النّعش ، ومهبّ الرّياح بوضع الدُّبُورُ مقابله ، والصّبَا خلفه (1) ، والشّمال على يمينه ، والجَنُوب على يساره ، والتأمّل في أوضاع القمر في ليالي الشّهر ، وملاحظته على النّسبة ، ولا ضابطة لأكثرها.

والذي يظهر من النظر في سيرة المسلمين خَلَفاً بعد سَلَف من عدم التدقيق في أمر القبلة ، وخلوّ الخُطَب والمواعظ من الحثّ عليها ، وعدم التعرّض في الأخبار مع عموم البلوى بها لعلاماتها إلا فيما نَدَر ، ولا للإلزام بالقضاء مكرّراً من جهتها ، وممّا يظهر

ص: 103


1- الدّبور : وزان رسول ، ريح تهبّ من جهة المغرب تقابل الصّبا ، ويقال : تُقبل من جهة الجنوب ذاهبة إلى المشرق ، المصباح المنير : 189. والصبا : وزان العصي ، الريح تهب من مطلع الشمر. المصباح المنير : 332.

من الكتاب من سهولة أمرها أنّها مبنية على المسامحة ، دون المداقّة.

وكفى شاهداً على صحّة ما ذكرناه أنّه ليس في الأخبار تعرّض لأمرها ولا بيانها ، سوى قول أحدهما عليهما السلام لابن مسلم في وضع الجَدي في القفاء (1) ، وله عرض عريض.

وقول الصّادق عليه السلام لرجل سأله : «اجعل الجَدي على يمينك ، وإذا كنت في طريق مَكّة فاجعله في قفاك» (2) وفي الخبرين من الإجمال ما لا يخفى.

ويُستحبّ لهؤلاء التياسر قليلاً ؛ مُعلّلاً في الأخبار بأنّ أنصباء (3) الحرم من طرف اليسار ثمانية أميال ، ومن طرف اليمين أربعة ، فالميل إلى اليسار أبعد عن احتمال الخروج عن الحدود (4). والقول به بناء على المسامحة قويّ ؛ إذ ليس فيه خروج عن القبلة ، بل منها إليها ، وهو أبين شاهد على أمر المسامحة.

وقول النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم في تفسير ( وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (5) في رواية السّكوني : «إنّ المراد بالنجم الجَدي ؛ لأنّه نجم لا يزول ، وعليه بناء القبلة ، وبه يهتدي أهل البَرّ ، والبحر» (6) مع عدم التعرّض كما في الرّوايتين المتقدّمتين لعلوّ الارتفاع والانخفاض ، مع ظهور الاختلاف شاهد على ما ذكرناه.

رابعها : بالنّسبة إلى أهل الشام ومن يُسامتهم من الجانبين ، وقبلتهم الركن الشامي أو ما حاذاه.

وعلامتهم : وضع بنات النّعش الكُبرى وهي ثلاثة منها حال غيبوبتها

ص: 104


1- التهذيب 2 : 45 ح 143 ، الوسائل 3 : 222 أبواب القبلة ب 5 ح 1.
2- الفقيه 1 : 181 ح 860 ، الوسائل 3 : 222 أبواب القبلة ب 5 ح 2.
3- كذا ، والأنصباء جمع نصيب ، كما في المصباح المنير : 606 ، وفي المصدر : أنصاب ، وأنصاب الحرم حدوده. لسان العرب 1 : 759.
4- الفقيه 1 : 178 ح 842 ، التهذيب 2 : 44 ح 142 ، علل الشرائع : 318 ح 1 ، إزاحة العلة في معرفة القبلة : 3 ، الوسائل 3 : 221 أبواب القبلة ب 4 ح 2.
5- النحل : 16.
6- تفسير العياشي 2 : 256 ح 2 ، الوسائل 3 : 223 أبواب القبلة ب 5 ح 3.

خلف الأذن اليُمنى ، والجَدي خلف الكَتِف اليُسرى إذا ارتفع ، ومغيب سُهيل على العين اليمنى ، وطلوعه بين العينين ، ومهبّ الصّبَا وهو ما بين المشرق إلى الجَدي على الخدّ الأيسر ، ومهبّ الشّمال وهو ما بين الجَدي ومغرب الاعتدال على الكَتِف الأيمن.

خامسها : بالنّسبة إلى أهل المغرب ومن يُسامتهم من الجانبين.

وعلامتهم : جعل الثّريا عند طلوعها على اليمين ، والعَيّوق (1) عند طلوعه على اليسار ، والجَدي في جميع أحواله على صفحة الخدّ الأيسر.

سادسها : بالنّسبة إلى أهل اليمن ، ومن سامتهم من الجانبين.

وعلامتهم : جعل الجَدي حال طلوعه بين العينين ، وسُهَيل وقت غروبه بين الكَتفين ، ومهبّ الجَنُوب وهو ما بين مطلع سُهَيل إلى مشرق الاعتدال على أسفَل الكَتِف اليُمنى.

وحيث عُلم من تتبّع السّيرة القطعية وضرورة الشريعة المحمديّة صلى اللّه عليه وآله وسلم الاكتفاء في جواز العمل بالظنون الاجتهاديّة ، يُبنى فيها على الاجتهاد ، ويجب عليه الإتيان بالممكن لو اضطرّ إلى ركوبٍ أو مشي في الفريضة دون النّافلة.

ولو دار الأمر بين سلوك ما فيه الاستقبال حال الصّلاة ، وما لم يكن فيه ذلك ، استقبل ما فيه الاستقبال.

ولو دارَ بين الاستقبال لجزءٍ وجزءٍ آخر ، قدّم الأهمّ فالأهمّ ، والأولى تقديم المقدّم.

ومتى خرج شي ء من بدن المصلّي عن مُسامتتها ، كما إذا صلّى بقُربها منفرداً فلم يقابلها بكلّه أو بعضه ، أو جماعة فطال الصفّ وفاتت المسامتة ، بطلت صلاته. ومع الدّوران ومساواة الإمام أو أقربيّته إلى الكعبة فلا بأس.

ص: 105


1- العيّوق : كوكب بحيال الثريا ، إذا طلع علم أنّ الثريا قد طلعت ، وعيّوق فيعول ، يحتمل أن يكون من عيق ومن عوق ؛ لأنّ الواو فيه سواء. العين 2 : 179.

ولا ريب في جواز الاكتفاء بما جَرَت عليه عادة أهل الصّحاري والبُلدان في زمان بعد زمان ، وعدم الاحتياج إلى النظر في علم يتعرّض فيه للبيان ، ولا الرّجوع إلى عالم عارف كائناً من كان.

فلم يبقَ لنا حاجة في بيان غير ما ذكرناه ، كما لم يكن لنا حاجة في بيان ما ذكرناه ، فكلّ مصلّ في برّ أو بحر يكتفي بالظنون ، والترجيحات القياسيّة. ومن أنكر ذلك ، فقد أنكر حكماً من الأحكام الضروريّة.

المبحث الثالث : فيما يُستقبل له

وهو أُمور :

منها : الصّلاة الواجبة بالأصالة ، أو بالعارض ، ولو في الأثناء بعد العُروض.

وهو شرط فيها ، وفي المستحبّة بالعارض ، كالاحتياط في إعادة أو قضاء ، ونحوهما ، وواجبة لها مع الإمكان ، مع الاستقرار وبدونه.

وتتبعها الرّكعات الاحتياطيّة ، والأجزاء المنسيّة ، وصلاة الجنازة ، وسجود السّهو ، دون التلاوة ، والشكر.

وشرط في الصّلاة المندوبة مع الاستقرار ، أمّا لو ركب سفينة ، أو دابّة ، أو مشى أو عدا مختاراً ، فلا شرطيّة ، وإن كان الأولى بل الأحوط الاستقبال بتكبيرة الإحرام ، من غير فَرقٍ بين حال السّفر ، والحضر ، والنفل ، والمقضي ، والمُؤدّى.

ومنها : الذّبح ، والنّحر ؛ فإنّه لا يحلّ المذبوح والمنحور مع الإمكان إلا مع الاستقبال بالمَنحَر والمذبح ، وبل بمعظم مقاديم المذبوح ، حتّى يصدق عليه أنّه مستقبل به. ومع العسر يُؤتى بالميسور.

والأحوط اعتبار ذلك في الذابح مُتحداً أو مُتعدداً ، فلو تعدّدوا في الذَّبح الواحد استقبلوا جميعاً (كما يُبسملون جميعاً) (1).

ص: 106


1- ما بين القوسين ليس في «ح».

ومنها : حال احتضار الميّت وتغسيله ، لا حال تقليبه ، وجميع أحواله ممّا عدا حمله في نَعشه وإنزاله في قبره ، على نحو استقبال المصلّي فيه.

وفيما قبله من الذَّبح والنّحر ، فتختلف الكيفيّة باختلاف الأحوال ، من قيام ، واضطجاع ، واستلقاء ، ويجري فيهما من البحث ما جرى في مسألة البطح على البطن ، والاستلقاء على الظهر على فرض حصول شي ء منها فيهما.

ويُعتبر الاستمرار بلا فصل في الصّلاة ووضع الميّت ، دون الذَّبح والنّحر ، فإنّ اللازم فيهما الإتيان بهما حال التشاغل بالعمل ، فلو قلبه كافّاً عن الاشتغال ثمّ أتى بباقي العمل بعد الاستقبال فلا بأس.

ويستوي الكلّ بعدم البأس حال الاضطرار ، وفي الجهل بالحكم يختلفان عنها بعد تمام العمل.

وفي النّبش لتحصيل الاستقبال وجه قويّ.

وفي الغفلة والنّسيان يتوافقان ويختلفان ، فظهور الخطأ فيهما غير مضرّ ، وإن لزم العَود إليهما مع الظهور في أثنائهما ، وأمّا فيهما ففيه ما يأتي من التفصيل.

ويجب ترك الاستقبال في حال التشاغل بالطواف الواجب ، مع احتساب ما اشتمل عليه. وهو شرط فيه وفي المندوب (مع الاستقرار) (1) وحال التخلّي.

ويُستحبّ الاستقبال للدعاء ، والأذكار ، والتعقيبات ، وسجود الشكر والتلاوة ، والتعليم ، والوعظ إلا مع معارضة حال المرافعين ، والمتعظين ، والمتعلّمين وغيرها من الطاعات.

وفي جميع أحوال الجلوس ، بل في جميع الأحوال مستحبّ في نفسه.

ويكره وقت الجماع ، وحال إلقاء النُّخامَة ، والبُصاق ، وربّما أُلحق بهما جميع الأحوال المنافية للتعظيم.

ويحرم حال التخلّي ، وحال التشاغل بالطواف الواجب ، مع احتساب ما اشتمل

ص: 107


1- في «ح» هكذا : يجب ترك الاستقبال في حال التشاغل بالطواف مع احتساب ما اشتمل عليه هو شرط فيه وفي المندوب قبل الشروع فيهما وحال التخلّي.

عليه ، وتركه شرط فيه وفي المندوب.

المبحث الرابع : في الأحكام

والنظر في أُمور :

أوّلها : أنّه يجب تحصيل العلم بجهة القبلة للبعيد عنها ، والتوجّه إليها ، والعلم بمُحاذاة العين للقريب إليها ، مع إمكان تحصيل العلم ، مع بقائه في محلّه بمباشرة أو واسطة.

ومع انسداد باب العلم ، يرجع إلى أقوى الظنون ، ولا ترتيب بين الاجتهادي والتقليدي ، مع احتمال تقديم الأوّل.

والأعمى لا يجب عليه تطلّب العلم ، وحاله حال الغريب في الاعتماد على التقليد.

ولو اختلف اثنان في التعيين قاطعين في الاستقبال والاستدبار أو التشريق أو التغريب ، لم يصحّ ائتمام أحدهما بالآخر. وكذا في جميع ما تضمّن القطع ببطلان صلاة أحدهما. وكذا في الظنّ على الأقوى ، مُجتهدين ، أو مقلّدين ، أو مختلفين (1). وكذا الحال في احتسابهما اثنين في الجمعة والعيدين ، وتحتمل صحّة صلاتهما ، على أنّ العلم بالخطإ مُفسد لا كاشف.

ولو اتفقا على ما بين المشرق والمغرب ، واختلفا في التعيين صحّ.

ولا يشترط في التقليد الرجوع إلى العدل ، بل يدور الأمر مدار قوّة الظنّ ، سواء حصل من كافر أو مسلم ، عَدل أو فاسق ، فيرجّح بالضبط ، والكثرة ، ونحوهما.

ولو شهد عدلان أو عَدل آخر بكونِ جهةٍ قبلة ، ونفاها غيرهما أو غيره ، قدّم قول المُثبت.

وحيثُ كان المدار على قوّة الظنّ ، لزم تقديم قول الكافر مع حصول قوّة الظنّ على خبر العَدل. ويجوز الرجوع إلى قبلة أهل الكتاب لتحصيل المظنّة بالمقايسة.

ص: 108


1- مختلفين ليس في «ح».

وليس لكلام أهل الرياضي اعتبار مع كون المظنون خلاف قولهم.

والقادر على العلم في منزله أو داره من غير مشقّة يلزمه تحصيله ، ولا يجب البروز إلى الخارج مع المشقّة ولو جزئيّة.

وفي إلحاق حكم التقليد هنا حتّى في مسألة الفاضل والمفضول بالتقليد في الأحكام الشرعيّة وجه.

ولو ضاق الوقت عن طلب العلم ، يعمل على الظنّ ؛ كما أنّه لو ضاق الوقت عن طلب الظنّ الأقوى ، أخذ بالأضعف.

ولو دخل عن ظنّ ، فتمكّن من أقوى منه أو من العلم ، مضى على حاله.

ولو عَرَضَ له الشكّ بعد العلم أو الظنّ أو البصر بعد العمى ، استمرّ على حاله مع عدم ظهور حاله ، ولم يقطع لتجديد النظر. فالأقوى إذن المضيّ ، والأحوط اللحوق بالمتحيّر. وكذا لو تبدّل رأي من قلّده.

ولو تعارضت أسباب الظنون في اجتهاد أو تقليد ، أخذ بأقواها. وإذا تغير الاجتهاد في القبلة إلى اجتهاد آخر ، انحرف ، وصحّ عمله ، وإن كان في ظنه أنّه كان مستدبراً ، بخلاف العلم. وإذا ارتفع الترجيح بالمرّة ، رجع إلى المتحيّر ، ويحتمل الرجوع إلى الحكم الأوّل.

الثاني : أنّ مَن انسدّت عليه معرفة طُرُق معرفة القبلة لعمى مع عدم المُرشد أو ظُلمة أو غُبار أو نحوها ، فإن ترجّح من الجهات عنده جهة واحدة ، أخَذَ بها.

وإن دار الأمر بين جهتين أو ثلاث أو أربع ، واتّسع الوقت للإتيان من الصلوات بعدادها ، أتى بها ؛ مع احتمال الاكتفاء بالتثليث في مقام التربيع ، بجعل الجهات على نحو المثلّث.

وإن قصر عن الإتيان بالكلّ ، أتى بما وسعه من البعض مع ما وسع مقدار ركعة منه مخيّراً بينها.

(ويأتي بالعصر أربعاً مقتصراً عليها إن لم يسع معها الظهر ، والأقوى إلغاء التكرار

ص: 109

والإتيان بهما معاً. ولو أدرك العصر أو ركعة منه مع تكرار الظهر ، احتمل احتسابه مُدركاً ، ويحتمل جعل أربع مكان ركعة) (1).

ولو لزمته ركعات الاحتياط أو الأجزاء المنسيّة ، أتى بها قبل المكرّرة (2) ، ولو مع الضيق.

ولو كان في مقام التخيير ، وضاق إلا عن عمل التقصير ، تعيّن عليه ، ولا يجب عليه الانتظار إلى زوال الحيرة ، وإن كان الوقت متّسعاً ، ومع العلم لا يبعد ذلك.

(ولو نوى إقامةً وأمكنه العدول لعدم وقوع صلاة تامّة منه ، وضاق الوقت عن التمام دون القصر ، لم يجب العدول على الأقوى) (3).

ولو كان عليه عبادتان (يوميّتين كانتا أو نذريّتين) (4) أو آئيّتين أو غيرهما ، وضاق الوقت عن التكرار فيهما ، أتى بهما من غير تكرار. ويحتمل الاقتصار على الواحدة مقدّماً (للمقدّمة أو) (5) للرّاجحة منهما مع التكرار (وقضاء الأُخرى) (6).

ولو كان راكباً أو ماشياً لضرورة ، ولم يختص مقصده بجهة ، وجب عليه التّوجهات.

ولو نذر مثلاً الصلاة إلى جهة الكعبة ، وتعذّر عليه التكرار مع ضيق الوقت ، احتمل الانحلال ، والإتيان بالممكن ، ولعلّه الأولى والظاهر جواز صلاة النيابة بأقسامها.

ويجري الحكم في كلّ ملتَزم به إذا خصّص بجهة معيّنة على نحو جهة القبلة ؛ من شرق أو غرب أو غيرهما في زمان معيّن.

ويسقط اعتبار القبلة مع التحيّر بين الجهات في نحرٍ ، أو ذبحٍ أو توجيه ميّتٍ. ولو وقع الاشتباه في بعض الجهات دون بعض ، ترك (7) المقطوع بعدمه (8).

ص: 110


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- في «ح» زيادة : كرّره مع الضيق مكررة بعداد المكرر.
3- ما بين القوسين زيادة في «ح».
4- بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : نذريتان كانتا.
5- ما بين القوسين زيادة في «ح».
6- ما بين القوسين زيادة في «ح».
7- في «م» ، «س» : عمل على.
8- في «م» ، «س» زيادة : أو وجوده فيه.

(ويجب بذل ما لا يضرّ بالحال للمُرشد في أمر الصلاة والميّت ، دون الذبح والنحر) (1).

الثالث : أنّ تارك الاستقبال في الصلاة في موضع الوجوب أو فيما يتبعها إن كان عامداً مختاراً ، عالماً بالحكم أو جاهلاً به ، مختاراً مجبوراً مع سعة الوقت ، بطلت صلاته إن قلب بَدَنه أو بطنه وصدره أو وجهه كملاً. وإن التفت ببعض من وجهه أو أمال قدميه مثلاً قليلاً أو يديه ، فلا بأس على إشكال في الأوّلين ، ولا بأس بالتفات العينين.

وتاركه في الذبح والنحر عمداً مع العلم بالحكم ، مُخرج له عن التذكية. ومع الجهل بالحكم ، تمضي تذكيته في وجه قوي.

وفي أحوال الميّت يرجع إليه حتّى في قبره ، فينبش عليه ما لم يخرج عن قابليّة الاستقبال.

وإن كان خطأ عن اجتهاد أو تقليد أو غفلة أو تحيّر ثمّ تغيّر عن حاله ، تحوّل إلى القبلة في غير الصلاة ، ولم يكن عليه شي ء من جهة ما سبق ، سواء كان في الأثناء أو بعد الفراغ.

وإن كان في الصّلاة الواجبة أو توابعها أو النافلة مع وجوب الاستقبال ، وتغيّر في الأثناء ، فإن رأى نفسه مُستدبراً أو مُشرّقاً أو مُغرّباً وضاق الوقت عن فعلها مع العود ، صحّت مع عدم الإطالة زائداً على العادة فيما سبق ، ومعه في وجه قوي. وإن اتّسع الوقت لها أعادها من الأصل.

وإن كان بين المشرِق والمغرِب الاعتداليين ، انحرف إليها إن لم تستلزم خللاً بشرط ، وإن استلزمت ، أتمّها على حاله.

ص: 111


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».

ولو أبصر الأعمى في الأثناء استمرّ على تقليده إن لم يتمكّن من الاجتهاد مع البقاء على حاله.

وإن عمي في الأثناء والتوى ، قلّد في استقامته. فإن تعذّر قطع مع السّعة لتمام الفرض دون الركعة في وجه قويّ.

(ومن لم تكن قبلته الكعبة ، يلحظ ما بين المشرق والمغرب ، فأمّا مُستقبلها فتفسد صلاته لمجرّد الانحراف ، وإن قَرُب منها. ومن لم تكن قبلته بين المشرق والمغرب ، لاحظ النسبة ، وعمل عليها) (1).

وحال التغيير بين آحاد الأجزاء المنسيّة أو الركعات الاحتياطيّة ، وبين النوعين أو بين أحدهما ، وبين الصّلاة (وفي أثنائها وأثناء سجود السهو) (2) بمنزلة ما في الأثناء.

وإن ظهر التغيير بعد الفراغ ، وكان فيما بين المشرق والمغرِب الاعتداليين صحّت. وإن كان بين الصّلاة إلى أحدهما أو إلى الاستدبار ، وبقي من الوقت ما يسع الصّلاة أو ركعة منها أعاد ، وإلا مضت ، ولا قضاء.

وهذا فيما لم يكن فيه عوض عن القبلة ، كجهة الراكب ، والماشي ، ومن في السفينة ، ولكلّ واحد من هؤلاء قبلة.

فلا يبعد القول بجواز تأخّر الإمام وجعل ظهره إلى ظهر المأموم ، كمن في جوف الكعبة (وإن كان الأقوى عدمه ؛ لأنّ ذلك من الإبدال ، لا من الاستقبال ، وإجراء مثل التشريق ، والتغريب ، وما بينهما ، والاستدبار فيه بعيد) (3).

والأقوى أنّ التفاصيل المذكورة تجري في الالتفات.

ولو دخل في الصلاة غير مُستحضِرٍ لأمر القبلة ، ثمّ أصاب الواقع ، صحّت ، كما في غيرها من الشرائط ، من وقت أو طهارة أو لباس ، ونحوها ؛ لعدم اعتبار النيّة فيها.

ولو استحضرها ، لزمه الاطمئنان بحصولها ؛ لتوقّف نيّة الصلاة عليها.

ولو ظهر له فساد اجتهاده السابق أو تقليده أو أنّهما لم يكونا على الوقف أعاد. ولو نسي المأخذ ، بنى على الصحّة.

ص: 112


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».
2- ما بين القوسين زيادة في «ح».
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ولو تعارض الأولياء في وضع الميّت لاختلاف اجتهادهم ، أو الشركاء في المذبوح والمنحور ، احتمل الرجوع إلى القرعة ، والذبيحة حلال لمن خالف الاجتهاد ، وعزلهم ورجوع الأمر إلى الحاكم.

وإذا اختلف المأمومون توجّه كلّ منهم إلى مظنونه. ولو اختلفوا مع الإمام في تشريق أو تغريب أو استدبار ، انفردوا عنه ، (أو فيما بين المشرق والمغرب بقوا معه) (1).

ويعوّل على الاجتهاد والتقليد السّابقين ، مع عدم حصول شكّ مُستند إلى سبب سابق (2) ، وإن اختلف الجنس كصلاة وذبح ، ولا حاجة إلى التجديد.

وصلاة المختلفين بالاجتهاد في غير ما يُعتبر فيه العلم عن ميّت تحسب بواحدة ، وبناءً على القول بأنّ خطأ المجتهد صواب ، أو كالصّواب ، أو عدم الفرق بين اجتهاد الموضوع والحكم يحتسبان باثنتين.

وهذا الشرط وجوديّ ، إلا فيما بين المشرِق والمغرِب ، فإنّه علمي.

ولو اختلفا فيما هو وجودي ، لم يجتمعا على صلاة جنازة مأمومين مع قصد التعدّد ، أو إماماً ومأموماً.

والعدول مع العلم مُفسد لما عمل ، ومع الاجتهاد كذلك مع العلم بمأخذ الأوّل ، وإلا صحّ. وحكم المتحيّر إذا ارتفعت حيرته يُعلم ممّا سبق.

الرّابع : في أنّ حكم التحيّر والخطأ هل يجري بالنّسبة إلى المعصومين من الأنبياء والمرسلين ، والأئمّة الطاهرين عليهم السلام ، أو لا؟ وكشف الحال : أنّ الأحكام الشرعيّة تدور مدار الحالة البشريّة ، دون المِنَح الإلهيّة. فجهادهم ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر إنّما مدارها على قدرة البشر ، ولذلك حملوا السلاح وأمروا أصحابهم بحمله ، وكان منهم الجريح والقتيل ، وكثير من الأنبياء

ص: 113


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».
2- بدلها في «س» ، «م» : جديد.

والأوصياء دخلوا في حزب الشهداء. ولا يلزمهم دفع الأعداء بالقدرة الإلهيّة ، ولا بالدّعاء. ولا يلزمهم البناء على العلم الإلهي ، وإنّما تدور تكاليفهم مدار العلم البشري. فلا يجب عليهم حفظ النفس من التلف مع العلم بوقته من اللّه تعالى ، فعلم سيّد الأوصياء بأنّ ابن مُلجَم قاتلُه ، وعلم سيّد الشهداء عليه السلام بأنّ الشمر لعنه اللّه قاتلُه مثلاً مع تعيين الوقت لا يوجب عليهما التحفّظ ، وترك الوصول إلى محلّ القتل.

وعلى ذلك جَرَت أحكامهم وقضاياهم ، إلا في مقامات خاصّة ، لجهات خاصّة. فإنّهم يحكمون بالبيّنة واليمين ، وإن علموا بالحقيقة من فيض ربّ العالمين.

فإصابة الواقع ، وعدم إمكان حصول الخطأ والغفلة منهم بالنّسبة إلى الأحكام ، وبيان الحلال والحرام ، وأنّ المدار في ذلك على العلم الإلهي إنّما استُفيد من حكم العقل والنقل.

وأمّا ما كان من الأُمور الوجوديّة دون العمليّة ، أعمالاً وشروطاً ، فالأقوى أنّ مدارها على العلم الإلهي (1) ؛ لأنّ وقوع ذلك منهم مُنفّر للطباع ، باعث على عدم الاعتماد ، فلا يقع منهم نوم عن فريضة ، ولا جهل ، ولا غفلة ، ولا نسيان ، ولا عن طهارة حدثيّة ، ونحوها من الشرائط الوجوديّة بالنّسبة إلى الصلاة والصيام ، وغيرها من الأحكام ، كالحلال والحرام ، إلا ما قام فيه الحكم الشرعيّ مقام الواقعيّ ، فإنّ الجهل بالواقع ليس فيه بأس.

وأمّا العلميّة ؛ فمدارها على العلم البشري ، دون الإلهي ؛ إذ لا يلزم من عدم الإصابة تنفّر النفوس ، ولا زالوا ينادون بأنّه لا يعلم الغيب إلا اللّه تعالى.

فنجاسة الثياب والبدن ليس مدارها على العلم الإلهي.

وأمّا حصول التحيّر بالنّسبة إلى العلم البشري ، والخطأ بالنّسبة إلى ما بين المشرق والمغرب ، فلا يبعد القول بتنزيههم عنها ، نظراً إلى أنه بدونه ينجرّ الأمر إلى عدم الاعتماد على أقوالهم وأفعالهم.

فيدور الأمر في هذا القسم وما قبله على لزوم النقص وعدم الاعتماد ، وعدمهما.

ص: 114


1- في «م» ، «س» زيادة : إنما استفيد من حكم.
المبحث الخامس : في كيفيّة الاستقبال

ويتحقّق بوضع مقاديم البدن ، من وجه وصدر وبطن وفخذين تجاه القبلة ، ولا عبرة باليدين والعورتين ، من الذَّكر والبيضتين ، ولا بالسّاقين والقدمين مع عدم التفاحش.

والمدار على صدق الاستقبال عُرفاً ، فاستقبال القائم والماشي والعادي والزاحف على كَفَله (1) والواقف على ركبتيه معلوم.

وفي الجالس مُتربّعاً يلحظ عدم التّفاحش في الركبتين ، وفي جلوس القُرفُصاء (2) يلحظ وضع السّاقين.

وفي الرّاكب يُلغى اعتبار الرّجلين ، وفي المضطجع والمستلقي يلحظ ظهر القدمين وبطنهما ، كالميّت في أحواله.

(والزاحف على كفّيه حال قيامه ، المستلقي على بطنه يرعى حال جلوسه. ويُستحبّ للماشي ونحوه إذا صلّى النّافلة الاستقبال في تكبيرة الإحرام وركوعه وسجوده) (3).

القسم الخامس : الأوقات

اشارة

وفيه مقامات :

المقام الأوّل : في أوقات الفرائض
اشارة

وفيه بحثان :

البحث الأوّل : في أوقات الفرائض اليوميّة الإجزائيّة ، وهي على وفق عددها خمسة :
اشارة

ص: 115


1- الكَفَل بفتحتين : العجز ، المصباح المنير : 536.
2- القرفصاء : بضم أوّله يمدّ ويقصر ، وهي أن يقعد الرجل ويحتبي بيديه. جمهرة اللغة 3 : 1277.
3- ما بين القوسين زيادة في «ح».
الأوّل : وقت صلاة الصبح

ومبدؤه : ظهور البياض المُستطيل في أسفل الأُفق ، وهو المرتبة الأخيرة في البياض ، فإنّ الشّمس إذا غربت ، وأخذت في الدوران لم يَزَل ينقص ضوؤها من جانب المغرب في دورانها ، فتنتهي إلى المنتصف ، فتتساوى نسبتها إلى المشرق المغرب ، ويعتدل حال الجانبين ، وينتصف اللّيل ، وبه يرتفع (1) ضوء الشّمس من الجانبين.

فإذا أخَذَت بالميل إلى المشرق ، أخَذَ الأُفق المشرقيّ بالإضاءة خفيّاً حتّى يبقى مقدار ثُلث اللّيل أو أقلّ ، فيبدو ظاهراً ، ثمّ لم يزل يشتدّ ويقوى حتّى يُسمّى حينئذٍ ب- «الفجر الكاذب ، وذَنَب السّرحان (2)».

ثمّ يَعترض في أسفل الأفق بياض كأنّه مقام لذَنَب السّرحان ، ويشبه بياض سُورى (3) ، ويشبه الثياب المقصورة ، وهو الصّبح والفجر الصّادق ، والمُعبّر عنه ب- «الخيط الأبيض».

وينتهي بظهور جزء من الشّمس وإن كان صغيراً في الأرض المستوية. ولا عِبرة بالحاجب ، بل يلحظ فيه فرض عدمه.

ويتضيّق ببقاء ما لا يسع إلا أقلّ الواجب من الصّلاة بعد الشروط لفاقدها.

الثاني : وقت صلاة الظهر

ومبدؤه : انحراف الخط المنصّف لقرص الشمس المنطبق على خط نصف النّهار عنه ، بالميل إلى الجانب (4) الأيمن.

ويستمرّ إلى أن يبقى من غروب الحمرة المشرقيّة مقدار صلاة العصر ومقدّماتها لمن

ص: 116


1- في «ح» : يعتدل ، بدل يرتفع.
2- السرحان : الذئب. وأهل الحجاز يسمّون الأسد سِرحان بكسر السين ، الجمهرة 1 : 512.
3- سورى كطوبى وقد تمدّ ، بلدة بالعراق في أرض بابل من بلاد السريانيين ، وموضع في بغداد. مجمع البحرين 2 : 906.
4- في «ح» : الحاجب.

لم يكن فعلها ، تماماً لذي التمام ، وقصراً لذي التقصير والتخيير ، وأقلّ من ذلك لمن فرضه الناقص عن ذلك ، حتّى ينتهي إلى التكبير (ويختصّ بمقدار الأداء من المؤدّي مع المقدّمات لمن لم يفعلها ، وبدونها لفاعلها ، وهو توقيت فعلي لا أصلي) (1).

الثالث : وقت صلاة العصر

ويدخل بمضيّ أقلّ وقت بالنّسبة إلى خصوص المصلّي ، يؤدّي فيه صلاة الظهر تماماً في محلّ الإتمام ، وقصراً في موضع التقصير والتخيير ، وأقلّ من ذلك في الأقل ، ولو تكبيراً في موضع التكبير ، مُجرّدة مع سبق فعل المقدّمات ، ومُنضمّة إليها مع عدم ذلك.

وينتهي بغروب الحُمرة المشرقيّة ، لا بغيبوبة القُرص على الأصحّ.

(ويختصّ بمقدار ما تؤدّى فيه على حسب حالها من قصر وغيره ، وحال فاعلها مع المقدّمات مع عدم فعلها.

وهو توقيت فعلي لا أصلي ، فلو فُعلت قبل الظهر في المشترك على وجه يصح ، كانت نسبته إليها كنسبة الوقت المشترك.

وما بين الأوّل للفرض الأوّل ، والأخير للأخير مُشترك لا يمتاز أحدهما فيه على صاحبه ، إلا من جهة الترتيب ، وهكذا حال العشاءين كما سيجي ء) (2).

الرّابع : وقت صلاة المغرب

ويدخل بغُروب الحُمرة المشرقيّة الأصليّة ، لا العارضية لمقابلة سَحَاب أو عروض بُخار أو غُبار ، فإنّها قد تستمرّ إلى وقت العشاء من جانب المشرق ، ولا عبرة بمقابلة القبلة على ما قيل.

وينتهي ببقاء مقدار وقت صلاة العشاء بحسب حال المكلّف ، قصراً أو إتماماً ، أو سُرعةً أو بُطأً ونحو ذلك ، مع ما لم يفعله من المقدّمات من انتصاف اللّيل.

الخامس : وقت صلاة العشاء

ويدخل بمضيّ زمان فعل ثلاث ركعات ، ومقدّماتها لمن لم يفعلها بعد المغرب على

ص: 117


1- ما بين القوسين زيادة في «ح»
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

حسب حال الفاعل ، وينتهي بانتصاف اللّيل.

ويقوى في النظر قيام طلوع الفجر للمضطرّ مقام انتصاف اللّيل للمُختار بالنسبة إلى العشاءين ، غير أنّ الأقوى ما ذكرناه.

وهذه الأوقات متى أخلّ المكلّف بها اختياراً ، ولم يبقَ مقدار ركعة منها ، ولم يكن مانع في الباقي من الصّلاة ، عصى وقضى. وإن بقي مقدار ركعة ، كان عاصياً مؤدّياً على الأصحّ ، لا قاضياً ، ولا موزّعاً.

ومع الاضطرار لا عصيان ، ويجري فيه ما مرّ.

ومن أدرك أقلّ من ركعة كان قاضياً ، وعليه البِدار حيث نقول بالفوريّة ، بل مطلقاً في وجه قويّ.

ومن أدرَكَ خمس ركعات من آخر وقت الصّلاتين الإتماميّتين ، أو ثلاثاً من القصريّتين ، أو أربعاً من العشاءين من غير فرق بين قصر العشاء وإتمامه على أحد الاحتمالين فقد أدرَكَهما.

(والحكم في مسألة الأربع من العشاءين مبنيّ على أنّ الركعة تُحسب للأخيرة كما سيجي ء ، ومَن أدرك من الفريضة الثانية أقلّ من ركعة لم يدركها ، وكان حاله ما مرّ) (1).

ومَن أدرَكَ مقدار الخمس ، ثمّ تكاسل حتّى لم يسع الوقت إلا قدر الرّكعة ، أو اشتغلت ذمّته بصلاة احتياطيّة أو أجزاء منسيّة أو سجود سهو ، أو اشتغل بالأوّل فظهر له الضيق عن الرّكعة ، قطع ودخل في الثانية.

ولو انعكس الأمر فدخل في الركعة الثانية ، ثمّ ظهر له اتساع الوقت لهما ، احتمل لزوم إتمامها ، والبطلان ، والأقوى العدول إلى الأُولى.

ولو استمرّ الاشتباه ثمّ أتمّها ، ثمّ عرف الاتساع ، صحّت الثانية ، ثمّ أتى بالأُولى.

(ومن دخل في الثانية لحصول ضيق لضعفٍ أو نيّة إقامةٍ أو أمنٍ ونحوها ، فزال سبب التمام أو الطول ، فاتسع الوقت ولو لركعة وجب العدول. ولو اشتغل بالأُولى مقصراً

ص: 118


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».

فعدل إلى الإقامة أو حصل له الأمن فحصل سبب التمام ، فحصل الضيق ، قطع الأُولى واشتغل بالثانية ولو بقي مقدار ركعة منها.

ومَن وجبَ عليه أربع صلوات لتحيّره ، فإدراك العصر له بستّة عشر ركعة ، وإدراك الظهر وركعة من العصر بإدراك سبع عشر ، على القول بعدم الدّخول في الاضطرار.

ويُحتمل أنّ إدراك الظهر وركعة بإدراك عشرين ركعة ، بجعل أربع وهي ربع ستّ عشرة العصر بمنزلة ركعة ، وحال القصر يعلم بالمقايسة.

وإدراك قصر الكيفيّة بإدراك ما قام مقام الرّكعة منه ، كتكبيرة ، حيث تكون الرّكعات تكبيرات) (1).

والمُدرِك من أوّل وقت فريضة ركعة ، ثمّ أدركه مانع الحيض ونحوه لا اعتبار بإدراكه ، ويسقط فرضه.

وما بين وقتي الفريضة مُشترك بينهما ، وإن وَجَبَ الترتيب ، فإذا وقعت الثانية فيه عن نسيان ، أو توهّم ضيق الوقت أو صحّة الأُولى ، صحّت مع بيان سَعته ، ويكون باقي الوقت للأُولى.

وفي احتساب المُدرك من الأُولى بتمامه من وقت الأُولى ، أو خصوص ما لا يزاحم الأخيرة ، والمزاحم من وقت الأخيرة وجهان. والأقوى البناء على الأوّل دون الثاني.

وتظهر الثمرة فيما إذا أدرك من العشاءين أربعاً ، فعلى الأوّل يصلّي المغرب ، ويأتي بركعة من العشاء ، وعلى الثاني يأتي بالعشاء أربعاً فقط.

ولو كان في مقام التخيير تعيّن عليه التقصير (وليس عليه الامتناع عن نيّة الإقامة في الابتداء ، ولا في الأثناء على إشكال) (2).

ولا تزاحم الثانية الأُولى ، فمتى وقعت أو وقع جزء منها في الوقت المختصّ بالأُولى عن سهو أو نسيان ، بطلت.

وإن كانَ عن خطأ اجتهاد ، قامَ فيه الوجهان الإتيان فيمن جاء بجزءٍ من الصلاة قبل

ص: 119


1- ما بين القوسين أثبتناه من «ح».
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

دخول الوقت مُخطئاً باجتهاده ، ثمّ دخل عليه الوقت في الأثناء.

وتترتّب صلاة العصر والعشاء على الظهر والمغرب ، ولا يصحّان مع عكس الترتيب عمداً ، ولا ترتيب في غيرها ، ولا بين مؤدّاة ومقضيّة.

ولو دخل في لاحقةٍ يوميّة أو غيرها ، فرض أو نفل قبل سابقة ، لغفلة ، أو نسيان ، أو زعم صحّة المتقدّمة ، ثمّ ذكر في الأثناء ، وكان في الوقت المشترك وجبَ عليه العدول إن كانتا مؤدّاتين ، واستحبّ على الأقوى إن دخل في مؤدّاةٍ وذكر مقضيّة ، في أيّ محلّ كان منها ، ولو قبل التسليم المخرج ، إنْ كانتا متساويتين في عدد الرّكعات.

وإن اختلفتا ، وتعدّى محلّ العدول كأن دخل في الرّكعة الثالثة ، ثمّ ذكر قصريّة مقضيّة لم يعدل ، وأتمّ.

ويحتمل الفرق بين أن يكون دخل في رُكن أو لا.

(ولو دخل في الصلاة ، فشكّ في الأثناء أنّها الأُولى أو الثانية ، بنى على الأُولى إن كان في الوقت المشترك أو المختصّ بالأُولى ، والأحوط قصد العدول في القسم الأوّل. وإن كان في المختصّ بالثانية ، بنى على الثانية.

ولو شكّ في النيّة بعد العلم بفعل الأُولى ، بنى على الصحّة) (1).

ولا يجوز العدول من سابقةٍ إلى لاحقة ، مؤدّاتين كانتا ، أو مقضيّتين ، أو مختلفتين.

ولو ضاقَ الوقت من أخره إلا عن ركعة ، وَجَبَت عليه مُنفردة إنْ كان متطهّراً من الحدث ، وإلا زاحمها بالطهارة الحدثيّة ، وأتى بالممكن منها وجوباً على الأقوى. وأمّا في غيرها من الشّرائط (2) فلا.

واعتبار الرّكعة مقصور على الصّلاة الثانية مع إمكان الإتمام ، دون الأُولى ، إلا في مثل إدراك الخمس ، فإنّه يمكن جعله من إدراك ركعة الأُولى أو الثانية ، أو من إدراكهما.

ولو أدرك ركعة من الأُولى أو الثّانية ، ثمّ جاء ما يمنع الإتمام من حيض وشبهه ،

ص: 120


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- في «ح» زيادة : الغير اللازمة للحقيقة.

لم يكن مُدركاً للوقت.

وفي تمشية حكم إدراك الركعة إلى جميع ما عدا الفرائض اليوميّة من الجمعة والآيات والملتَزَمات ، والنوافل الموقّتات ، من المرتّبات وغير المرتّبات ، إلا ما نصّ الدّليل على خلافه وجه قويّ.

وفي إدخال إدراك الركعة من العمل المفصول ، كإدراك ركعة من صلاة مُشتملة على أربع ركعات بينها فصل سوى ما قام الدليل على خلافه وجه ، والأوجه خلافه.

المبحث الثاني : في أوقات الفرائض اليوميّة الفضيليّة
اشارة

وهي على قسمين : تدريجيّة ، فأعلاها أوّل الوقت الفضيليّ ، ثمّ تتناقص شيئاً فشيئاً إلى تمامه ، وأدناها الجزء المتمّم.

وتحديديّة : فلكلّ من الفرائض المخصوصة حدّ مخصوص.

فللصبح فضيليّ واحد ، من طلوع الفجر الصادق المعبّر عنه بالصّبح إلى طلوع الحُمرة المشرقيّة ، وظهورها لعامّة النّاس ، ولا عِبرة ببعض الخواصّ. ويستمرّ الإجزاء الى طلوع الشّمس كما مرّ.

وللظّهر ثلاث أوقات فضيليّة :

أحدها : من أوّل الزوال إلى بُلوغ الفَي ء الزائد أو الحادث حيث لم يبقَ ظلّ مع عدم التنفّل على الأقوى أو مطلقاً قدمين ، عبارة عن سبعي الشّاخص.

ثانيها : إلى بلوغه أربعة أقدام.

ثالثها : إلى بلوغه مثل الشاخص.

ويمتدّ للإجزاء إلى أن يبقى من المغرب قدر صلاة العصر.

وللعصر أربعة :

أحدها : من حين الفراغ من الظّهر إلى أربعة أقدام.

ص: 121

ثانيها : إلى ستّة أقدام.

وثالثها : إلى ستّة أقدام ونصف.

رابعها : إلى مِثلَي الشّاخص ، ويمتدّ للإجزاء إلى المغرب.

ولو احتسب للظهر رابع ، وللعصر خامس ، باعتبار المماثلة من الفي ء الزائد ، والظلّ السابق ، لم يكن بعيداً.

وللمغرب ثلاثة :

أحدها : من غروب الحُمرة المشرقيّة إلى غروب الحُمرة المغربيّة.

ثانيها : من غروب المغربيّة إلى ربع اللّيل.

ثالثها : منها إلى ثُلث اللّيل. ويمتدّ للإجزاء إلى أن يبقى لانتصاف الليل مقدار صلاة العشاء.

وللعشاء إجزائيّان :

أحدهما متقدّم : وهو من بعد صلاة المغرب إلى غروب الحمرة المغربيّة. وثانيهما : من ثُلث الليل إلى انتصافه.

وفضيليّان : أوّلهما : من غروب الحمرة المغربيّة ولا اعتبار بالبياض والصّفرة إلى ربع اللّيل. وثانيهما : من ربع اللّيل إلى ثلثه.

وكلّ متقدّم من أوقات الفضيلة أفضل من المتأخّر ، وكلّ متقدّم من أوقات الإجزاء كذلك.

ويُستثنى من ذلك : تأخير الفرائض لفعل الرّواتب في أوقاتها.

وتأخير المغرب والعشاء للمُفيض من عَرفات إلى المشعر ، وإن بلغَ رُبع اللّيل.

وتأخير العشاء إلى غروب الحُمرة المغربيّة.

وتأخير صلاة الصّبح إلى قريب ظهور الحُمرة المشرقيّة ؛ للإتيان بنافلة الفجر.

وتأخيرها إذا صلّى من نافلة اللّيل أربع ركعات فزاحم الصّبح. وفي جري الحكم

ص: 122

بمجرّد الدخول في الثالثة وجه ، والأقوى خلافه ، فيتمّ ، ويؤخّر الباقي.

وتأخير صلاة الظهر عن أوّل وقتها الفضيليّ إذا صلّى من نافلة الزوال ركعة ، وكذا العصر. والظاهر أنّ المأتي به بعد خروج وقت الفريضة للمزاحمة أداء لا قضاء.

وتأخير صلاة المغرب ؛ لانتظار المفطرين.

وتأخير الوقت في كلّ من الصّلوات ؛ لمعارضة فعل مستحبّ فوريّ ، كحاجة مؤمن ، أو تشييع جنازة ، أو لعروض مرض ، أو سبب تشويش ، أو اضطراب.

(وتأخير الظهر والمغرب للمستحاضة إلى آخر وقت الفضيلة (1) لتجمع بين الفضيلتين) ؛ ، إلى غير ذلك.

المقام الثاني : في أوقات النوافل اليوميّة

لنافلة الفجر وقت فضيليّ : من طلوع الفجر الكاذب القائم المشبه لذَنَب السّرحان ، إلى طلوع الفجر الصّادق.

ووقتان إجزائيّان : أحدهما : ما بين طلوع الفجر الصّادق ، إلى أن يبقى مقدار صلاته من طلوع الحمرة.

ويُستحبّ الاضطجاع على الجانب الأيمن بعد فعلها بلا نوم إن بقي شي ء من اللّيل ، فإن نام عن اضطجاع أو لا ، استحبّ له إعادتها مع بقاء ما يسعها من الليل. ولو وسع البعض ، لم يبعد استحباب إعادة ما وسع.

ثانيهما : وقت نافلة اللّيل إذا انضمّت إليها ، وجعلت بعضها متّصلة بها. وفي جواز الإتيان بها في وقت نافلة اللّيل مُنفردة وجه قوي. وفي تقديم الشباب ونحوه نافلة الفجر مع نافلة اللّيل على انتصاف اللّيل إشكال ، ومع الانفراد أشكل.

ولنافلة الظهر وقت فضيليّ : ما بين الزّوال إلى بلوغ القدمين.

ووقتان إجزائيّان : أوّلهما وهو أفضل من الثاني إلى ثلثي القامة ، والثاني : إلى

ص: 123


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».

منتهى القامة ، أو إلى أن يبقى منها مقدار صلاة الفريضة.

ولنافلة العصر وقت فضيليّ : من بعد الزّوال بعد صلاة الظّهر ونافلتها إلى أربعة أقدام. وإجزائي : إلى المثلين ، أو إلى أن يبقى من المثلين مقدار صلاة العصر.

ولنافلة المغرب وقت فضيليّ : بعد صلاة المغرب إلى غياب الحُمرة ، أو فعل العشاء ، وإجزائي يمتدّ بامتداد وقته.

ولنافلة اللّيل والشّفع والوتر (1) وقت إجزائي : من انتصاف اللّيل إلى أن يبقى ثلثه. ووقت فضيلي من الثلث إلى الصّبح.

ويُستحبّ التفريق في نافلة اللّيل أثلاثاً ؛ من الانتصاف إلى طلوع الفجر مع نومتين أو اضطجاعتين بينهما ، كما كان يصنع النّبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم (2).

ولنافلة الوتيرة وقت ممتدّ بامتداد وقت العشاء.

والتقديم للجميع في أوّل الوقت أفضل ، سوى نافلة الفجر ، فإنّ تأخيرها إلى ظهور الفجر الكاذب أفضل ، وعدا نافلة اللّيل ، فإنّ تأخيرها إلى قُرب الصّبح أفضل.

وأُذِن في تقديم نافلة اللّيل من أوّل اللّيل لشاب تمنعه رطوبة رأسه عن النهوض ، وتدعوه إلى النوم ، والظاهر إلحاق جميع الموانع به.

ويبدأ بالوِتر ثلاثاً مع ضيق وقت نافلة اللّيل ، ثمّ إن بقي وقت أتى بها ، وإلا قضاها.

ومن نسي ركعتين من صلاة اللّيل حتّى أوتر ، استحبّ له إتمام صلاة اللّيل ، وإعادة الوِتر. وقد يلحق به حال غيرهما من الأربع أو الستّ ، والجمود أولى.

وقد وردت رُخصة عامّة في تقديم النوافل الموقّتة عن أوقاتها ، وأنّها بمنزلة الهديّة متى أُتي بها قُبِلت (3). وفي خصوص نافلة الظهرين أخبار مُتكثّرة (4) ، ويمكن تنزيلها على أنّ هذا العدد عوض عددها ، فيكون فيه ثواب عظيم من جهتها ، كالنوافل المبتدأة ؛ جمعاً بين الإجماع والأخبار.

ص: 124


1- الوتر : بالكسر على لغة الحجاز وتميم ، وبالفتح في لغة غيرهم. المصباح المنير : 647.
2- كما في الكافي 3 : 445 ح 13 ، والوسائل 3 : 195 أبواب المواقيت ب 53 ح 1 ، 2.
3- انظر الوسائل 3 : 168 أبواب المواقيت ب 37.
4- انظر الوسائل 3 : 168 أبواب المواقيت ب 37.
المقام الثالث : في الأحكام

ولا بدّ من التعرّض فيها لأُمور :

أحدها : أنّ الأوقات المخصوصة للفرائض والنّوافل إذا أتى بالعمل أو ببعض منه قبل الوقت عمداً أو سهواً أو غفلة ، وكذا عن خطأ باجتهاد ولو بأقلّ جزء على الأقوى وقع باطلاً ، كما في الموقّتات من الفرائض والنّوافل غير اليوميّة ، من صلاة آياتٍ أو نوافل موظّفات ، بل يتمشّى إلى غير الصّلوات ، مع ملاحظة التعبّد بالخصوصيّات.

ثانيها : أنّ مُدرك الركعة من الفرائض اليوميّة وصلاة الجمعة من آخر الوقت مُدرك للفريضة.

ولو طهرت الحائض ، أو النفساء ، أو عقل المجنون ، أو بلغ الصّبي ، وقد بقي من الوقت قدر الطهارة وركعة ، وجَبَت الصّلاة.

وفي إلحاق جميع الفرائض والنّوافل الموقّتة سوى ما قام الدليل على خلافه فيكون المُدرك فيها مُدركاً لتمام الوقت وجه قويّ ؛ لما دلّ على العموم.

وتتحقّق الركعة : بانفصال الجبهة عن محلّ السّجود وإن لم يبلغ حدّ اللّبنة (1) من السّجدة الثانية في السّجود المتعارف ، وفيما كان سجوده ورفعه بالرّأس أو العينين بالأخذ برفعهما منها ، وفيما إذا كان التكبير عوض الركعة بتمامه ، والأقوى أنّه يكون مؤدّياً ، لا قاضياً ، ولا مُلفّقاً.

ولو تمكّن من إدراك الركعة من الفريضة الثانية مع التقصير في الأُولى في مواضع التخيير تعيّن. وهو في حقّ المعذور رافع للإثم ، مُصحّح للحكم ، وفي غير المعذور لا يدفع الإثم ، وإن صحّ الحكم.

ثالثها : أنّه لا بدّ من التعويل على العلم ، ولا يكفي الظنّ ، مع خلوّ السّماء من العلّة ، من غير فرقٍ بين ما مصدره إخبار العدل ، مؤذّناً أو لا ، أو العدلين ، أو الشّياع المفيد للظنّ ، إلا فيمن تعسّر عليه ذلك ، لعمى يوجب التقليد ؛ لتعسّر حصول العلم

ص: 125


1- المعترضة زيادة في «ح».

معه ، أو مانع يمنعه عن التطلّع إلى العلامات.

وإذا كانت السماء معلولة ، جاز البِدار ، ولم يجب الانتظار. والظاهر تمشية الحكم إلى كلّ من تعسّرت عليه معرفة الوقت لحبسٍ أو إقعاد ونحوهما.

رابعها : أنّه يرجح الإتيان بالصّلاة المفروضة في أوّل وقتها.

ويجوز الإتيان بالنافلة كذلك لمن كان عليه قضاء عن نفسه ليوم أو أيّام ، أو لغيره عن تحمّل قرابة ، أو إجارة لم يُشترط فيها الفور.

خامسها : أنّ ضيق الوقت عن أداء واجبات الفريضة يُلغي اعتبار الشروط إذا أدّى فعلها إلى خروج الوقت قبل إتمام الفريضة ، من مكانٍ ، أو لباسٍ ، أو استقبالٍ ، أو استقرارٍ ، أو غيرها ، وتصحّ من دونها ولا إعادة ، سوى ما ينافي حقيقتها من طهارة حَدَث ، أو نيّة قربة ؛ لو أمكن فرض المسألة فيها.

نعم ينتقل الحكم عن حال الاختيار مع وجود الماء إلى حال الاضطرار والتيمّم ، ولا إعادة. ولو تطهّر بالماء والحال هذه ، بَطَلت صلاته وطهارته.

سادسها : لو اختلف اثنان أو أكثر في دخول الوقت ، لم يأتم بعض ببعض في الابتداء.

ولو علم دخول الوقت في أثناء صلاة الإمام ، وكان اشتباه الإمام عن اجتهاد ، وقلنا بالصحّة مع دخول الوقت في الأثناء وإن كان مُخطأً ، أو كانت تخطئة الإمام عن اجتهادٍ لا عن علم ، قويَ جواز الدّخول معه مطلقاً ، ولا يحتسب أحدهما الأخر في عدد الجمعة والعيدين ، ومع الاجتهاد لا يبعد الاحتساب.

سابعها : أنّه يُستحبّ التفريق بين الظهرين والعشاءين ، ولا سيّما في الأخيرين ، مع الإتيان بالنوافل وعدمه. ومع الجمع الأولى تأخير الأُولى إلى آخر وقتها ، وتقديم الثانية إلى أوّل وقتها ؛ للجمع بين الوقتين. ومع حصول الدّاعي إلى الجمع في أوّل الوقت ، يبنى على الترجيح.

ثامنها : أنّه لا خفاءَ في طريق معرفة وقت الصبح والمغرب والعشاء ، ويُعلم انتصاف اللّيل بحركة النجوم ، أو بملاحظة السّاعات المعتبرة ، أو الصنائع والأعمال.

وأمّا وقت الظّهر فيُعرف بزوال الشّمس.

ص: 126

ويُعرف الزوال إمّا بنصب شاخصٍ مُعتدلٍ في أرض مُعتدلة ، فإن حَدَثَ له ظلّ بعد العدم في المواضع التي ينعدم فيها الظلّ وَسَط النّهار ، أو زاد في موضع عدم الانعدام ، فقد زالت الشّمس. أو بطريق الدائرة الهندسيّة ، أو بغير ذلك من العلامات.

ولو حصل الاطمئنان من ساعة أو ساعات مضبوطة ، أو عمل صناعة ، أو حركات كواكب ، أو غير ذلك ، أجزأ عن غيره.

تاسعها : أنّه لا يُفسد الصّلاة بعد الاضطرار والإلجاء بعد الإيمان والتمييز والعقل من الشروط ، سوى النيّة ، والوقت ، والطهارة الحدثيّة.

فلو أُلجئ إلى إيقاع الصّلاة كلا أو بعضاً في غير الوقت ، بطلت ، فرضاً كانت أو نفلاً ، مرتّباً أو غير مرتّب. وما ورد من الرّخصة في تقديم النفل محمول على إرادة البدليّة والإسقاط جمعاً ، أو يُطرح.

عاشرها : أنّه تنبغي المبادرة إلى الصّلاة في أوّل وقتها ، ولا سيّما صلاة الصبح ؛ لتشهدها ملائكة اللّيل والنّهار. وكذا المغرب لمن لم يكن بينه وبين الأُفق حاجب ، من جبال أو جدران عالية لا يسعه الصعود عليها ، فإنّه ينتظر إلى اشتباك النجوم ، كما في الرّواية (1).

حادي عشرها : أنّه يكره التنفّل لمن عليه فريضة حلّ وقتها من مؤدّاة غير النوافل الرّواتب أو مقضيّة أصليّة أو تحمّليّة عن قرابة ، أو ضمان إن أجزناه ، وألحقنا عمل الإجارة المطلقة في العبادات بالديون ، أو إجارة مُطلقة ، وإلا تبع الشرط ، فإنّه بحكم المعاملات.

ثاني عشرها : أنّه ينبغي تأخير النوافل مع جمع الصّلاتين بأذان واحد في جمعٍ والجمعة وغيرهما.

ثالث عشرها : إنّ قضاء نافلة اللّيل أفضل من تقديمها على الانتصاف حيث يجوز.

رابع عشرها : استحباب تخفيف كلّ صلاة مع احتمال خَوف فوتها ، مع ضعف الاحتمال ، وإلا وجب مع وجوبها.

ص: 127


1- الكافي 3 : 281 ح 15 ، التهذيب 2 : 261 ح 1038 ، الاستبصار 1 : 269 ح 972 ، الوسائل 3 : 150 أبواب المواقيت ب 24 ح 1.

خامس عشرها : استحباب إعادة نافلة الفجر لو قدّمها عليه ثمّ نام.

سادس عشرها : استحباب تفريق صلاة اللّيل أربعاً ، وأربعاً ، وثلاثاً.

سابع عشرها : قضاء ما فات من صلاة اللّيل بعد صلاة الصبح ، وقبل طلوع الشمس ، أو بعد العصر ؛ لأنّهما من سرّ آل محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم المخزون.

ثامن عشرها : تعجيل قضاء ما فات نهاراً ولو باللّيل ، وكذا ما فات ليلاً ولو بالنّهار ، والأفضل قضاء نوافل اللّيل باللّيل ، ونوافل النّهار بالنّهار ، في الوقت الذي فاتت فيه ، إذا لم يبادر في القضاء.

تاسع عشرها : أنّه إذا شكّ في الظهر بعد فعل العصر ، أو في أثنائه ، أو في المغرب بعد فعل العشاء ، أو في أثنائه ، لم يلتفت إلى الشكّ.

العشرون : أنّه يُستحبّ تأخير نافلة اللّيل إلى أخره ، وجعل الوِتر بين الفجرين.

الحادي والعشرون : أنّ من جلس بعد الصّبح ، ولم يصلّ نافلة اللّيل ، يُستحبّ له تخفيفها ، ثمّ صلاة الصّبح إن خشي فوتها.

الثاني والعشرون : أنّ اللّه تعالى كما جعل أزمنة وأمكنة في الدّنيا تتضاعف فيها الأرباح والفوائد ، كذلك جعل للاخرة أزمنة وأمكنة تتضاعف فيها فوائد الآخرة. فمن فاته وقت منها أو مكان ، نقصت فوائده ؛ ومن أدركها ، تضاعفت له.

الثالث والعشرون : أنّه يُستحبّ قضاء النّوافل الرّواتب ، وفعل المستندة إلى الأسباب في كلّ وقت.

وأمّا المبتدأة الدّاخلة في عموم قولهم عليهم السلام : «الصّلاة خيرُ موضوع ، فمن شاء استقلّ ، ومن شاء استكثر» (1). وفي قولهم عليهم السلام : «الصّلاة قُربان كلّ تقيّ» (2). فتُكره كراهة عبادة ، بمعنى أنّ الإتيان بها في غير هذه الأزمنة أفضل ، أو بمعنى أنّه لو تركها ناوياً لتجنّب بعض ما يترتّب عليها أُثيب ؛ وإلا فهي راجحة في حدّ ذاتها.

ص: 128


1- الخصال : 523 ح 13 ، أمالي الطوسي 2 : 153.
2- الفقيه 1 : 136 ح 637 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 7 ح 16 ، الخصال : 620 ، دعائم الإسلام 1 : 133 ، الوسائل 3 : 30 أبواب أعداد الفرائض ب 12 ح 1 ، 2.

منها : عند طلوع طرفٍ من الشّمس ، وبعده حتّى تذهب حُمرتها.

(ومنها : عند غروبها حتّى تذهب حُمرتها) (1) أو بعده حتى تذهب صُفرتها.

ومنها : عند قيامها حتّى تزول في غير يوم الجمعة ، وقيل : من بعد طلوع الفجر إلى الزوال ، وقيل : من بعد طلوع الشمس إلى الزوال (2).

ومنها : بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس.

ومنها : من العصر إلى غروبها.

الرابع والعشرون : نافلة الجمعة عشرون ركعة ، والأحوط للمُقصّر أن لا يفعلها ؛ لاحتمال دخولها في حكم الرواتب ، وإن كان القول بعدم المنع لا يخلو من قوّة : ستّ عند انبساط الشمس ، وستّ عند ارتفاعها ، وستّ عند قيامها قبل الزّوال ، وركعتان عند الزّوال.

وفي بعض الرّوايات : ركعتان أُخريان بعد الزّوال ، فتصير اثنتين وعشرين ركعة (3).

وفي بعض الأخبار : إنّ الستّ الأُوَل من الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس (4) ، وفي بعضها : بعد طلوع الشّمس (5) وفي بعضها : إذا كانت الشمس مثلها عند العصر (6) ، وفي بعضها : الاقتصار على ستّ عشر منها ، وتعيينها : ستّ في صدر النّهار ، وستّ في نصف النّهار ، وأربع بعد الظهر (7).

ومنها : ستّ قبل الزّوال ، وركعتان عند الزّوال ، وثمان بعد الفريضة (8) (وروى :

ص: 129


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- نقله عن الحسن بن عيسى في مفتاح الكرامة 2 : 49.
3- التهذيب 3 : 246 ح 669 ، الاستبصار 1 : 411 ح 1571 ، مصباح المتهجد : 309 ، الوسائل 5 : 23 أبواب صلاة الجمعة ب 11 ح 5.
4- الوسائل 5 : 23 أبواب صلاة الجمعة ب 11 ح 5 ، 13 ، 19.
5- مستطرفات السرائر 3 : 585 ، الوسائل 5 : 26 أبواب صلاة الجمعة ب 11 ح 18.
6- الكافي 3 : 428 ح 2 ، التهذيب 3 : 11 ح 35 ، الاستبصار 1 : 410 ح 1566 ، الوسائل 5 : 25 أبواب صلاة الجمعة ب 11 ح 12.
7- التهذيب 3 : 245 ح 667 ، الاستبصار 1 : 413 ح 1580 ، الوسائل 5 : 23 أبواب صلاة الجمعة ب 11 ح 7.
8- التهذيب 3 : 11 ح 37 ، الاستبصار 1 : 410 ح 1568 ، الوسائل 5 : 24 أبواب صلاة الجمعة ب 11 ح 9.

أنّ الجميع بعد الفريضة) (1). والمراد الظهر أو العصر ، والعمل على الجميع مخيّراً بينها غير بعيد.

الخامس والعشرون : أنّ الأوقات متساوية في القضاء ، الفريضة أو نافلة ، ما لم تعارض واجباً ، ولا فوريّة فيه إلا مع ظنّ الوفاة ، أو بلوغ حدّ يصدق فيه التهاون والتكاسل ، أو تكون مشروطة في استيجار على عبادة.

ويجب الترتيب في القضاء عن النّفس مع العلم بكيفيّة الفوات ، ومع الجهل به والانحصار في عدد يمكن فيه العمل بالترتيب ، وهو لا يمكن إلا في قليل من العدد ؛ لأنّه متى بلغ العشر توقّف على ما يزيد على عشرات الأُلوف.

ولا ترتيب في النيابة عن الأموات من دون فوات ، وأمّا في القضاء عنهم فكذلك ، أمّا حيث يتعدّد ويكون في الترتيب حرج وهذا جارٍ في أكثر النيابات أو يكون النوّاب بحيث لا يعلمون حالهم في تقديم وتأخير ، فينبغي عدم التأمّل ؛ إذ الفرع لا يزيد على الأصل.

ثمّ الترتيب بين أعمالهم لا يستدعي موافقة ترتّب المنوب عنهم ، وإطلاقات النيابة تعمّ ما إذا كان بفريضة واحدة أو فرائض ، وهو مقتضي لعدم لزوم الترتيب ، على أنّ خطاب الترتيب متوجّه إلى المنوب عنه ، وهو من الشرائط ، لا من المقدّمات ، فيكون لكلّ حكم نفسه ، كما في اللّباس ، والاستقبال ، والجهر ، والإخفات ، ونحوها.

والتطوّع مرتّب على الفريضة على القول به ، مع أنّه لا يجري على النوّاب.

وصيام التطوّع لمن عليه صوم غير جائز ، ويجوز للنّائب مع كونه على المَنوب عنه ، فحال هذه المسألة كحال المديون إذا أوجب على نفسه ترتيب وفاء الدّيون ، فإنّه ليس على المتبرّع أن يرعى ذلك ، فلا بأس بصلاة النّوّاب دفعة ، ولا بائتمام بعضهم ببعض.

ولا يجوز للأوصياء والوكلاء اشتراط الترتيب على النوّاب ؛ لإفضائه إلى التعطيل ، وبقاء الميّت مؤاخذاً ؛ أو لأنّه مُعرّض للخُلف وفساد العمل غالباً.

ص: 130


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ومَن كان عليه مقضيّات لا يعلم عددها ، فإن كانت عنهُ ، أتى منها بما يغلب معه في ظنّه الوفاء. وإن كانت لغيره ، اقتصر على المتيقّن ، والأحوط فيهما ولا سيّما في الأخير طلب اليقين.

ومن فاته شي ء من الفرائض لاعن تقصير ، وجب على أكبر ولده القضاء عنه. والأحوط إلحاق الأُمّ بالأب ، والمقصّر بغير المقصّر ، وباقي الأولياء من الأرحام بالأولاد مع عدمهم.

ولو كان الوَلَدان من بطن واحد ، قدّم المؤخّر في التولّد ، والأحوط المساواة والتوزيع.

ومَن كان غير مُكلّف حين موت أبيه فلا شي ء عليه ، والاحتياط في قيامه.

ويجوز للوليّ الاستيجار على الأقوى.

السادس والعشرون : أنّه تُستحبّ اليقظة والإيقاظ في أوقات الصّلاة ممّن لم يصلّ ، كما يُؤذن به قوله عليه السلام : «تعلّموا من الدّيك خمس خصال : مُحافظته على أوقات الصّلاة ، والغيرة ، والسّخاء ، والشجاعة ، وكثرة الطروقة» (1) ، وقوله : عليه السلام «لا تسبّوا الدّيك ؛ لأنّه يوقظ للصّلاة» (2) فإنّ فيه إشعاراً بهما.

وفي فعل أمير المؤمنين عليه السلام ليلة الجرح ، وما ورد في تعليل استحباب الأذان والجهر بنافلة اللّيل ، وإيقاظ الرّجل زوجته للصّلاة ونحوها أبين شاهد عليه.

(السّابع والعشرون : أنّ من نسي ركعتين من نافلة اللّيل ، ثمّ صلّى الوِتر ، أتى بهما ، ثمّ أعاد الوِتر) (3).

المبحث السّابع : من المباحث التي بُني عليها كتاب الصّلاة

اشارة

في أعداد الصلاة اليوميّة ، فرائضها ونوافلها ، وأعداد ركعاتها.

فالبحث في مقامين :

ص: 131


1- الفقيه 1 : 305 ح 1396 ، الخصال : 299 ح 70 ، الوسائل 3 : 80 أبواب المواقيت ب 1 ح 9.
2- سنن أبي داود 2 : 748 ح 5101 ، الجامع الصغير للسيوطي 2 : 200.
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

الأوّل : في أعداد الفرائض

الفرض الأصلي منها في كلّ يوم مع عدم المانع خمس : الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، والصبح. وهي الضرورية في الدين ، ومُنكر أحدها خارج عن رِبقة المسلمين.

ومن جهة المانع من حيض أو نقصِ عقلِ مجنون أو إغماء أو صغر قد تكون واحدة أو ثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً.

وركعاتها في غير السفر الشرعي والخوف سبع عشرة ، لكلّ واحدة من الظهر ، والعصر ، والعشاء أربعاً ، وثنتان للصبح ، وثلاث للمغرب.

وفي مواضع التخيير إذا استغرق صلاة اللّيل والنّهار فيها أو اختصّ السفر أو الخوف ببعضها قد يكون ثلاث عشرة وخمس عشرة. وإذا تعلّقا بالجميع ، كانت إحدى عشرة.

ومتى نقص شي ء من العدد في واحدة عن علم مختاراً أو مجبوراً أو جهل أو غفلة أو نسيان ، بطلت صلاته. ولو قصّر في مقام التقيّة أو أتمّ ، صحّت.

المقام الثاني : في النوافل

اشارة

وفيها بحثان :

البحث الأوّل : في أعدادها وجملة من أحكامها

وهي ستّ ، خمس كلّ واحدة منها لواحدة من الخمس : نافلة الظهر ، ونافلة العصر ، ونافلة المغرب ، ونافلة العشاء ، ونافلة الصّبح.

والظاهر أنّها مستحبّة للأوقات في ذاتها ، لا للأفعال ، وإن تبعتها في القصر والإتمام ، فمن أصاب النافلة وأخطأ الفريضة جاء بالسّنة.

والسّادسة : نافلة اللّيل ، ومنها الشّفع والوِتر.

ص: 132

وأمّا عددها الذي بُني عليه أصل الوضع ولا أرى في الاقتصار على البعض فيها وفي أمثالها من المعدودات ، لتحصيل بعض الأجر بمقدار ما عمل بأساً ، فيفوته أجر ما ترك ، والثواب المترتّب على التمام ، ومع التعذّر وشبهه لا يبقى كلام فأربعة وثلاثون ركعة :

ثمان لنافلة الزوال ، وتُنسب إلى الظهر.

ومثلها لنافلة العصر ، وفي انتسابها إلى الظهر ، أو العصر ، أو التنصيف ، أو ستّ إلى الظهر وثنتان إلى العصر وجوه ، ولكلٍّ مُستند ، ولا بأس بالعمل على الجميع ، والظاهر عدم اعتبار ذلك ، فيسهل الأمر في النيّة. ومع اعتبار الزمان دون القصد لا يبقى للكلام ثمرة يُعتدّ بها (إلا فيما إذا اختص القصر بأحدهما).

وأربع بعد المغرب.

وثنتان بعد العشاء تُعدّان بركعة ؛ لتكون النافلة ضعف الفريضة.

وإحدى عشر ركعة نافلة اللّيل ، منها : ركعتان للشفع ، وركعة للوتر ، وركعتان قبل الصّبح.

ووردت رُخصة في الاقتصار في نافلة العصر على ستّ ، فتبقى اثنان وثلاثون ، وعلى أربع فتبقى ثلاثون ، وفي المغرب على اثنتين ، فتبقى ثمان وعشرون ، وفي ترك نافلة العشاء ، فتبقى سبع وعشرون.

ومعنى الإذن في الاقتصار على ما اخترناه أنّ لهذه الأعداد خصوصيّة زائدة على ما يلحقها من التوزيع بسبب الجزئيّة.

والظاهر أنّ أفضلها نافلة اللّيل ، وأفضلها ثلاث الوِتر ، وأفضل الثلاث الأخيرة. ثمّ نافلة الزّوال ، ثمّ نافلة الصّبح ، ثمّ نافلة المغرب ، ثمّ نافلة العصر ، وأدناها الوتيرة.

وكلّ مَنسوبة إلى فريضة تتبعها إتماماً وتقصيراً وتخييراً. فإذا عمّ القصر فرائض اليوم واللّيلة ، سقط منها ستّ عشرة ركعة : نافلة الزوال ونافلة العصر حتماً ، ونافلة الوتيرة احتياطاً.

فيكون الباقي منها في السّفر مساوياً لركعات الفرائض في الحضر ، وللسّاقط منها

ص: 133

في السّفر ؛ فإنّه سبع عشرة ، والباقي بعد ذلك سبع عشرة نصف نوافل الحضر ، وكأنّها قصرها : نافلة اللّيل ، وركعتا الفجر ، وأربع المغرب.

وإذا حَضَرَ بعد الوقت سقط من النوافل ما يتبع المقصورة من الفرائض واحدة أو اثنين أو ثلاث ، وفي مقام التخيير يجري فيه ذلك.

ويُحتمل جواز النفل مع القصر ، وبدونه ، ومنعه مطلقاً ، وخير الثلاثة أوسطها.

وما لا ربط لها بالفرائض كنافلة اللّيل ، والمؤخّرة عن الفريضة إذا فُعلت قبلها ، بناءً على جواز التطوّع وقت الفرض ، هل تصحّ نظراً إلى اعتبار الزّمان في دخول الوقت فقط ، أو لا نظراً إلى اعتبار الإتيان بالفعل أيضاً؟ وهي أداء على الحالين لو أجزناهما.

وأمّا المقدّمة عليها إذا فُعلت بعد الفريضة ، مع بقاء وقتها ، فيحتمل فيها الأداء مدّة بقاء الوقت ، والقضاء ؛ لأنّ الأداء مشروط بالوقت والتقدّم ، والأخير لا يخلو من قوّة. وحيث إنّ نيّة الأداء والقضاء عندنا مُلغاة ارتفعت الثمرة.

وفصل العشاء كغيرها من الصّلوات بين المغرب ونافلتها لا ينافي أداء النافلة مع بقاء الوقت.

ولو دار الأمر بين الحضور مع الجماعة في المسجد أو غيره مع ترك النوافل ، وبين الإتيان بها مع ترك ما سبق ، فإن كان على الاستدامة أتى بالنوافل وترك الجماعة في وجه ، وفي الاتفاق ترجّح الجماعة.

وصلاة الغُفَيلة إن دخلت في أربع المغرب دخلت في الرّواتب ، وإلا خرجت ، والأحوط إدخالها ، فيقتصر على الأربع ، وإن كان الأقوى جواز زيادتها على الأربع. وهي مستحبّة ، ووقتها في ساعة الغَفلة بين المغرب والعشاء.

روي عن الصادق عليه السلام : أنّه من صلّى بين العشاءين ركعتين يقرأ في الأُولى الحمد و ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً ) إلى قوله ( وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) وفي الثانية : الحمد و ( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ) إلى آخرها ، فإذا فرغ من القراءة رفع يديه فقال : «اللّهم إنّي أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تفعل بي كذا وكذا» أُعطي ما سأل ، أو قال : «اللّهم أنت وليّ نعمتي

ص: 134

، والقادر على طلبتي ، تعلم حاجتي ، فأسألك بحقّ محمّد وآله عليهما السلام لمّا قضيتها لي» وسأل حاجته أعطاه اللّه تعالى ما سأل (1).

وتُستحبّ ركعتان بعد العشاء الآخرة ، يقرأ فيهما مائة أية ، ولا يحتسب بهما ، فإن لم يستيقظ إلى الصبح ، صلّى ركعتين شفعاً ، واحتسب بالسّابقتين وتراً.

وصلاة الوصيّة بين العشاءين.

وصورتها : أن يصلّي بين العشاءين ركعتين ، يقرأ في الأُولى بعد الحمد إذا زلزلت ثلاث عشرة مرّة ، وفي الثانية بعد الحمد التّوحيد خمس عشرة مرّة.

وقد روي : أنّ من فعلها في كلّ سنة كان من المحسنين ، وفي كلّ جمعة من المخلصين ، وفي كلّ ليلة زاحمني في الجنّة ، ولم يحصي ثوابه إلا اللّه تعالى (2).

وهذه الصّلوات الثلاث ليست من الرّواتب التابعة للفرائض ، وإنّما ذكرتها لشباهتها بها ، فلا يجري فيها القضاء ، ولا يسقط ما كان منها بعد رباعيّة في مقام القصر ، والأحوط تركها على القول بمنع التطوّع في وقت الفريضة.

والنّوافل في السّفر ، مع سقوط الوتيرة فيه تساوي ركعاتها ركعات فرائض الحضر ، وتكون نوافل الحضر ضعف نوافل السّفر ، وكأنّها مقصورة في السّفر.

وتنبغي شدّة المحافظة على النوافل ، ولا سيّما الرّواتب ، فقد روي عن أبي جعفر عليه السلام في تفسير قوله تعالى ( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) بصلاة النوافل (3). وروى : أنّها تَكمِلَة للفرائض (4) ، إمّا كل نافلة لفريضتها ، أو مطلقاً.

وأنّ اللّه تعالى يقول : إنّ عبدي ليتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أُحبّه ، فإذا أحببته ، كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده التي

ص: 135


1- مصباح المتهجد : 94 ، الوسائل 5 : 249 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 20 ح 2.
2- مصباح المتهجد : 95 ، الوسائل 5 : 247 أبواب بقية الصلوات المندوبة ب 17 ح 1.
3- الكافي 3 : 270 ذ. ح 12، التهذيب 2 : 240 ح 951 ، مجمع البيان 5 : 356 ، الوسائل 3 : 41 أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 27. والآية في سورة المعارج : 23.
4- الكافي 3 : 269 ح 11.

يبطش بها ، إنْ دعاني أجبته ، وإنْ سألني أعطيته (1).

وأنّ تارك النّوافل الرّاتبة بلا سبب يلقى اللّه تعالى مُستخفّاً مُتهاوناً مُضيّعاً لحُرمة رسوله اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.

وروى : «أنّه إذا لم يقضها ، كفّر عن كلّ ركعتين بمدّ ، فإن لم يقدر ، فعن كلّ أربع ، فإن لم يقدر ، فمدّ لصلاة اللّيل ، ومدّ لصلاة النهار» (2).

وأنّ من فاته منها نوافل كثيرة لا يعرف عددها ، صلّى قضاءً عنها صلوات كثيرة لا يعلم عددها من كثرتها (3).

البحث الثاني : في كيفيّات النوافل مطلقاً

النوافل كلّها ثنائيّة ، كهيئة الفريضة الثنائيّة ، إلا أنّها لا يجب فيها سورة بعد الفاتحة ، ويجوز تبعيضها ، وقرانها ، والعدول منها إلى غيرها ، من أيّ سورة شاء ، توحيداً أو جحداً أو غيرهما ، وفي أيّ وقت شاء (4).

ولا يخلّ بها الشكّ بين الواحدة والثنتين ، بل يتخيّر بين البناء على الأكثر ، وهو الأفضل ، والبناء على الأقلّ.

وعدم تعيّن الاستقرار إذا لم يكن في محلّ قرار ، ولا الاستقبال ، ولا السّجود بالجبهة ، وباقي المساجد ، بل يكتفى بالإيماء ، ولا رفع المسجد ، بل يكتفى بإيماء الرّأس ، ولو تعذّر فبالعينين (وهذا على طريق الرّخصة دون العزيمة ، فلو تمكن من الرّكوع أو السّجود على الوفق ، وفعل ، جاز على الأقوى) (5).

ص: 136


1- الكافي 2 : 362 ح 8 ، الوسائل 3 : 53 أبواب أعداد الفرائض ب 17 ح 6
2- الكافي 3 : 454 ح 13 ، الفقيه 1 : 359 ح 1577 ، التهذيب 2 : 198 ح 778 ، المحاسن : 315 ح 33 ، الوسائل 3 : 55 أبواب أعداد الفرائض ب 18 ح 2.
3- الكافي 3 : 454 ح 13 ، الفقيه 1 : 359 ح 1577 ، التهذيب 2 : 198 ح 778 ، المحاسن : 315 ح 33 ، الوسائل 3 : 55 أبواب أعداد الفرائض ب 18 ح 2.
4- في «ح» زيادة : ويستحب فعلها وإكمالها والقران فيها.
5- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

فتصحّ ركوباً في سفينة ، وعلى حيوان ، ومشياً ، وعدواً في أحد الوجهين ، مع الاختيار.

ولا القيام مع الاستقرار ، فيجوز الجلوس ، دون الاستلقاء والاضطجاع على أحد الجنبين اختياراً في أقوى الوجهين.

ولا الكون في غير الكعبة ، وفي تخصيص الأحكام بغير ما وجب بالالتزام وجه قوي.

ولا سجود السّهو ، ولا عمل الاحتياط ، ولا قضاء الأجزاء المنسيّة ، ولا جهر ، ولا إخفات ، والظاهر أنّها لاحقة للذات ، لا لخصوص الندب.

وكلّها فيها القنوت قبل الرّكوع واحدة أو ثنائية ، شفعاً أو لا ، وروى في الوتر قبله وبعده (1).

ولا تزيد على ركعتين.

وصلاة الأعرابي ؛ وهي ، على ما رواه زيد بن ثابت ، عشر ركعات : أربع ، وأربع ، وثنتان ، بتسليمات ثلاث (2). وصلاة التسبيح ؛ بجعل الأربع بسلام واحد ، كما يظهر من الصّدوق (3). وصلاة أربع موصولة ليلة الجمعة ، كما في المصباح يرويه عن النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم (4) غير ثابتة.

ودليل اعتبار ضعيف الأخبار في السّنن إنّما يجري حيث لا تعارضه حجّة ولا قاعدة ، كما إذا كان داخلاً في العموم كمّاً ، وكيفاً ، ووضعاً ، وزماناً ، ومكاناً ، وإنّما أفاد الضعيف رجحان خصوصيّته ، فلم تكن فيه معارضة ولا مدافعة لدليل ، ولا لقاعدة.

ويُستحبّ في أول ركعة التعوّذ ، وأكمله : «أعوذ باللّه السّميع العليم من الشّيطان

ص: 137


1- الخلاف 1 : 381 ، المعتبر 2 : 26.
2- مصباح المتهجد : 281.
3- الفقيه 1 : 349.
4- مصباح المتهجد : 229 ، 280 ، 282.

الرجيم». والتوجّه بقول ( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ ) إلى أخره.

وقراءة السّور القصار في نوافل النّهار ، ونافلة المغرب ، والمطوّلات في نوافل اللّيل. والجهر في نوافل الليل ، والإخفات في نوافل النّهار.

وقراءة الجحد في الأُولى من نوافل الزوال ، ومن نوافل المغرب ، ومن نوافل اللّيل ، وقراءة الإخلاص ثلاثين مرّة في أوّلتي صلاة اللّيل.

وفي كلّ واحدة من ركعتي الشّفع بعد الحمد ثلاث مرّات سورة الإخلاص ، وفي ركعة الوتر بعد الحمد سورة الإخلاص ثلاثاً ، والمعوّذتين مرّة مرّة.

وروى : أنّ النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يقرأ في الثلاث تسع سور : في الأُولى : التكاثر ، والقدر ، والزلزلة ، وفي الثانية : العصر ، والنّصر ، والكوثر ، وفي الثالثة : الجحد ، وتبّت ، والتوحيد (1).

وروى في الأُولى من الشّفع سورة النّاس ، وفي الثانية الفلق ، وفي الوتر قل هو اللّه أحد ثلاثاً ، والمعوّذتين (2).

وروى : أنّ تقصير الفريضة وتطويل النافلة من العبادة (3).

وأنّ من العجب قبول صلاة من لم يقرأ إنّا أنزلناه في صلاته ، وأنّه ما زَكَت صلاة من عبدٍ لم يقرأ فيها بقل هو اللّه أحد (4).

وفي خصوص اليوميّة روي : أنّه من مضى عليه يوم واحد صلّى فيه الصّلوات الخمس ، ولم يقرأ التوحيد في شي ء منها قيل له : يا عبد اللّه ، لست من المصلّين (5). وفيها دلالة على رجحانها في النوافل.

(وتُستحبّ الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه وإله وسلّم مائة مرّة بين نافلة الفجر

ص: 138


1- مصباح المتهجد : 132 ، الوسائل 4 : 799 أبواب القراءة ب 56 ح 10.
2- مصباح المتهجد : 132.
3- المحاسن : 324 ، الوسائل 4 : 688 أبواب القيام ب 4 ح 2.
4- الاحتجاج 2 : 482 ، الوسائل 4 : 761 أبواب القراءة ب 23 ح 6.
5- الكافي 2 : 455 ح 10 ، عقاب الأعمال : 283 ، ثواب الأعمال : 155 ح 1 ، المحاسن : 96 ح 56 ، الوسائل 4 : 762 أبواب القراءة ب 24 ح 2.

وفريضتها ، ويُستحبّ بعد الفراغ من استغفار الوتر قول : «هذا مقام العائذ من النار» سبع مرات) (1).

وروى : إدخال صلاة جعفر في نافلة اللّيل (2) ، فتدخل قراءتها وأذكارها فيها.

(ومن شرائطها : الاستقرار في جميع أحوالها ، ويتضاعف الحكم حال الإتيان بأقوالها وأفعالها من قراءة ، وذكر ، وركوع ، وسجود وتشهّد ، وتسليم ، ونحوها. ويعتبر في الهويّ بالنّسبة إلى ما زاد من حركته ، فلو تحرّك لسبب سكت عن أقواله ، وتعمّد المفضول من أحواله ثمّ من أقواله) (3).

المبحث الثامن : في أفعال الصّلاة والأعمال المرتبطة بها المشبهة لأجزائها

اشارة

والبحث فيها في مقامات :

الأوّل : في المقدّمات

والنظر فيها في أُمور :

منها : أنّه ينبغي الإقدام عليها بعشقٍ ، ورغبةٍ ، وهمّةٍ عاليةٍ ؛ لا مُتكاسلاً ، ولا متناعساً ، خاشعاً خاضعاً ، ذليلاً خائفاً وجلاً ، ممثّلاً للجنّة والنار بين يديه ، مُترقّباً لملك الموت متى يُؤمر عليه ، مُتأهّباً للحساب ، وحصول الثواب ، وحلول العقاب ، متحذّراً من الشّيطان ، متحفّظاً من الرياء ، والعُجب ، وحبّ السّمعة ، التي قلّ ما يخلو منها إنسان.

روي : أنّ زين السّاجدين عليه الصّلاة والسّلام وعلى آبائه الطاهرين إذا أراد الوضوء اصفرّ لونه (4).

والعُمدة في هذا المقام إمعان النظر التام في أنّ لباس الإمكان في الموجود القاضي

ص: 139


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- الفقيه 1 : 349 ح 1542 ، التهذيب 3 : 309 ح 956 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 181 ح 180 ، الوسائل 5 : 201 أبواب صلاة جعفر ب 5 ح 5 ، وج 3 : 40 أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 24.
3- ما بين القوسين زيادة في «ح».
4- فلاح السائل : 51 ، أسرار الصلاة : 130 ، مستدرك الوسائل 1 : 355 أبواب الوضوء ب 47 ح 5 ، 8.

عليه بمساواة العدم و (الوجود قاضٍ عليه بالعبوديّة (1) لواجب الوجود ، فصفة السّلطان والجبروت لا تليق إلا لربّ الملك والملكوت ، والوقوف على قدم لا يليق إلا بمن ساوى وجوده العدم ، وبذلك تتقوّم حقيقة العبادة والعبوديّة.

ومتمّمها الأعمال الصورية المتعلّقة بالأبدان ، والأقوال المتعلّقة باللسان ، فهي جلوتها (2) ، وتلك حقيقتها ؛ لأنّ لكلّ حقّ حقيقة ، ولكلّ ثوابٍ نوراً ، فبمثل ذلك يُعرف أنّ الحقيقة هي الحقيقة الشرعيّة المنصوص عليها بالأدلّة الشرعيّة ، لا ما جرَت على ألسن الفرقة المبدعة المسمّاة بالصّوفيّة.

ومنها : أنّه ينبغي أن يكون مُستحضراً لمجملاتها ، من مندوباتها ، وواجباتها ، وشرائطها ، ومقدّماتها ، ومقتضياتها ، ومنافياتها ، عارفاً بها عن مجتهد حيّ ، أو كتابه ، أو واسطته ، والكلّ في طبقة.

وإن لم يكن ، فعن الاحتياط.

فإن لم يكن ، فعن المشهور ، أو عن من نقل إجماعهم ، أو الأدلّة إن كان من أهل ذلك.

فإن لم يكن ، فعن كلّ من يحصل الظنّ بقوله من العدول.

فإن لم يكن ، لزمته الهجرة عن بلاده إلى موضع يرجو فيه تحصيل مراده ، كلّ ذلك مع الاحتياج إلى العمل.

ولا يلزمه الفرق بين الواجبات والمندوبات ، ولا الوقوف على معرفة حقيقة الذّات ، بل تكفيه المعرفة الإجماليّة ، وهي المطلوبة في النيّة ، ويكفي فيها معرفة أنّ الصّلاة هي المقابلة لما عداها من الواجبات الفرعيّة.

ومنها : أنّ كلّ من صلّى وعمل ما حكمه نظري من غير رجوع إلى مأخذ شرعيّ ، وكان متفطّناً خبيراً بأن الرّجوع إلى المجتهدين معتبر ، دون الإباء والأُمّهات والمُعلّمين ، فلم يرجع ، بطلت صلاته ، وافقت الواقع ، أو خالفته.

وإن لم يعلم بذلك ، ولم يخطر بباله ، زاعماً أنّ الحجّة بينه وبين اللّه تعالى أُمّه أو

ص: 140


1- في «ح» زيادة : وبالمعبوديّة.
2- في قولك جلوت العروس جلوةً وجلاءً. المصباح المنير / 106.

أبوه أو مُعلّموه ، وجب عليه عرض الحال بعد الاطّلاع على الأحوال على المجتهدين ، فما حكموا فيه بالموافقة صحّ ، وما قضوا فيه بالمخالفة بطل.

المقام الثاني : في الأفعال الخارجة

اشارة

وهي أُمور :

أحدها : الأذان
اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في بيان حكمه وفضله

ورجحانه في الجملة من ضروريات الدّين ، فقد ورد : أنّ من أذّن في مصر من أمصار المُسلمين سنة وجبت له الجنّة (1).

وأنّ ثلاثة في الجنّة على المسك الأذفر (2) : مؤذّن مُحتسب ، وإمام رضي به المأمومون ، ومملوك يطيع اللّه ومواليه (3).

وأنّ من أذّن سبع سنين احتساباً جاء يوم القيامة بلا ذنب (4).

وأنّ للمؤذّن من الأذان والإقامة مثل أجر الشهيد المتشحّط بدمه في سبيل اللّه (5).

وأنّ أوّل من سبق إلى الجنة بلال ؛ لأنّه أوّل من أذّن (6).

وأنّه يغفر للمؤذّن مدّ صوته ، وشهد له كلّ شي ء سمعه (7).

ص: 141


1- الفقيه 1 : 185 ح 881 ، التهذيب 2 : 283 ح 1126 ، الوسائل 4 : 613 أبواب الأذان والإقامة ب 2 ح 1.
2- يقال : مسك أذفر إذا كانت فيه حدّة رائحة. أساس البلاغة 2 : 298.
3- التهذيب 2 : 283 ح 1127 ، الوسائل 4 : 613 أبواب الأذان والإقامة ب 2 ح 2.
4- الفقيه 1 : 186 ح 883 ، التهذيب 2 : 283 ح 1128 ، ثواب الأعمال : 52 ، الوسائل 4 : 613 أبواب الأذان والإقامة ب 2 ح 3.
5- الفقيه 1 : 184 ح 869 ، التهذيب 3 : 283 ح 1130 ، ثواب الأعمال : 53 ح 1 ، الوسائل 4 : 613 أبواب الأذان والإقامة ب 2 ح 4.
6- التهذيب 2 : 284 ح 1133 ، الوسائل 4 : 614 أبواب الأذان والإقامة ب 2 ح 7.
7- الكافي 3 : 307 ح 28 ، التهذيب 2 : 52 ح 175 ، الوسائل 4 : 615 أبواب الأذان والإقامة ب 2 ح 11.

وفي خبر آخر : «مدّ بصره ، ومدّ صوته في السّماء ، ويصدّقه كلّ رطب ويابس يسمعه ، وله من كل من يصلّي معه في مسجده سهم ، وله من كلّ من يصلّي بصوته حسنة» (1) ولتوجيه صدر الحديث وجوه.

وروى : أنّ الأذان في البيت يطرد الشّيطان ، ويمنح الولد ، ويرفع السّقم (2).

وفي الخبر : «أذّن خلف من تقرأ خلفه» (3) وفيه ظهور في سقوطه عن المأموم ، وأنّه لا يقرأ خلف الإمام العادل.

والرّوايات في فضله كثيرة ، وأعظمها ما روي عن النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : أنّ من أذّن مُحتسباً يُريد بذلك وجه اللّه تعالى ، أعطاه اللّه تعالى ثواب أربعين ألف شهيد ، وأربعين ألف صدّيق ، ويدخل في شفاعته أربعون ألف مسي ء من أُمّتي إلى الجنّة ، ألا وإنّ المؤذّن إذا قال : «أشهد أن لا إله إلا اللّه» صلّى عليه سبعون ألف ملك ، واستغفروا له ، وكان يوم القيامة في ظلّ العرش حتى يفرغ اللّه تعالى من حساب الخلائق ، ويكتب ثواب قول : «أشهد أن محمّداً رسول اللّه» أربعون ألف ملك (4).

وهو عبارة عن ثمانية عشر فصلاً : أربع تكبيرات بلفظ : «اللّه أكبر».

وشهادتا التوحيد بلفظ : «أشهد أن لا إله إلا اللّه». والرّسالة بلفظ : «أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه».

وحيعلتين بلفظ : «حيّ على الصّلاة». ومثلهما بلفظ : «حيّ على الفلاح».

ويعملتين بلفظ : «حيّ على خير العمل».

وتكبيرتين بلفظ : «اللّه أكبر».

وتهليلتين بلفظ «لا إله إلا اللّه».

ص: 142


1- الفقيه 1 : 185 ح 882 ، التهذيب 2 : 284 ح 1131 ، ثواب الأعمال : 52 ، الخصال : 448 ح 50 ، الوسائل 4 : 614 أبواب الأذان والإقامة ب 2 ح 5.
2- الكافي 3 : 308 ح 33 ، 35 ، الوسائل 4 : 641 أبواب الأذان والإقامة ب 18 ح 1 ، 2.
3- التهذيب 3 : 56 ح 104 ، الوسائل 4 : 664 أبواب الأذان والإقامة ب 34 ح 2.
4- الفقيه 4 : 10 ح 1 ، الوسائل 4 : 616 أبواب الأذان والإقامة ب 2 ح 20.

ووردت رُخصة في التخفيف للمرأة في الاقتصار على التكبير والشهادتين ، وروى لها الاقتصار على الشهادتين أيضاً (1).

وروى للمسافر واحدة واحدة ، وكذا المستعجل ، وللمعذور (2).

ورخّص للمسافر الاختصار على الإقامة (3).

وروى : أنّه عشرون فصلاً ؛ بتربيع التكبير في أخره (4).

(والمرويّ عن النّبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم مرّة قول : «أشهد أنّ محمداً» ، وأُخرى «أنّي رسول اللّه» (5) والظاهر نحوه في الإقامة ، والتشهّد) (6).

وليس من الأذان قول : «أشهد أنّ عليّاً وليّ اللّه» أو «أنّ محمّداً وآله خير البريّة» و «أنّ عليّاً أمير المؤمنين حقّا» مرّتين مرّتين ؛ لأنّه من وضعِ المفوّضة لعنهم اللّه على ما قاله الصّدوق (7).

ولما في النّهاية : أنّ ما روي أنّ منه : «أنّ عليّاً وليّ اللّه ، وأنّ محمّداً وآله خير البشر أو البرية» من شواذّ الأخبار ، لا يعمل عليه (8).

وفي المبسوط : قول : «أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين عليه السلام وآل محمّد خير البريّة» من الشّاذّ لا يعول عليه (9).

وما في المنتهي : ما روي : من أنّ قول : «إنّ عليّاً وليّ اللّه ، وآل محمّد خير البريّة» من الأذان من الشاذّ لا يعوّل عليه (10).

ص: 143


1- انظر الوسائل 4 : 637 أبواب الأذان والإقامة ب 14.
2- انظر الوسائل 4 : 650 أبواب الأذان والإقامة ب 22.
3- انظر الوسائل 4 : 621 أبواب الأذان والإقامة ب 5.
4- مصباح المتهجد : 26 ، النهاية للشيخ الطوسي : 69 ، الوسائل 4 : 648 أبواب الأذان والإقامة ب 19 ح 22 ، 23.
5- الفقيه 1 : 193 ح 905 ، الوسائل 4 : 645 أبواب الأذان والإقامة ب 19 ح 13.
6- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
7- الفقيه 1 : 188.
8- النهاية : 69.
9- المبسوط 1 : 99.
10- منتهى المطلب 1 : 255.

ثمّ إنّ خروجه من الأذان من المقطوع به (لإجماع الإماميّة من غير نكير ، حتّى لم يذكره ذاكر بكتاب ، ولا فاهَ به أحد من قدماء الأصحاب) (1).

ولأنّه وضع لشعائر الإسلام ، دون الإيمان (ولذا ترك فيه ذكر باقي الأئمّة عليهم السلام) (2).

ولأنّ أمير المؤمنين عليه السلام حين نزوله كان رعيّة للنّبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فلا يذكر على المنابر.

(ولأنّ ثبوت الوجوب للصّلاة المأمور بها موقوف على التوحيد والنبوّة فقط) (3).

على أنّه لو كان ظاهراً في مبدأ الإسلام ، لكان في مبدأ النبوّة من الفترة ما كان في الختام ، وقد أُمر النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مكرّراً في نصبه للخلافة ، والنّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يستعفي ؛ حذراً من المنافقين ، حتّى جاءه التشديد من ربّ العالمين.

ومَن حاول جعله من شعائر الإيمان ، لزمه ذكر الأئمّة عليهم السلام (ولأنّه لو كان من فصول الأذان ، لَنُقل بالتواتر في هذا الزمان ، ولم يخف على أحدٍ من آحادِ نوع الإنسان) (4).

وإنّما هو من وضع المفوّضة الكفّار ، المستوجبين الخلود في النّار ، كما رواه الصدوق ، وجعله الشيخ والعلامة من شواذّ الأخبار كما مرّ.

وروى عن الصادق عليه السلام : «أنّه من قال : لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه ، فليقل : عليّ أمير المؤمنين» (5).

ولعلّ المفوّضة أرادوا أنّ اللّه تعالى فوّض الخلقَ إلى عليّ عليه السلام ، فساعده على الخلق ، فكانَ وليّاً ومُعيناً.

فمَن أتى بذلك قاصداً به التأذين ، فقد شرّع في الدّين. ومَن قصده جزءاً من الأذان

ص: 144


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- ما بين القوسين زيادة في الحجريّة.
3- ما بين القوسين زيادة في الحجريّة.
4- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
5- الاحتجاج 1 : 158.

في الابتداء. بطل أذانه بتمامه. وكذا كلّما انضمّ إليه في القصد. ولو اختصّ بالقصد ، صحّ ما عداه.

ومن قصد ذِكر أمير المؤمنين عليه السلام (لرجحانه في ذاته ، أو مع ذكر سيّد المرسلين) (1) أُثيب على ذلك.

لكن صفة الولاية ليس لها مزيد شرفيّة (إذا لم تُقرن مع اللّه ورسوله في الآية الكريمة ؛ لحصول القرينة فيها) (2) لأنّ جميع المؤمنين أولياء اللّه ، فلو بدّل بالخليفة بلا فصل ، أو بقول : أمير المؤمنين ، أو بقول : حجّة اللّه تعالى ، أو بقول : أفضل الخلق بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ونحوها ، كان أولى (3).

ثمّ قول : وإنّ عليّاً وليّ اللّه ، مع ترك لفظ «أشهد» أبعد عن الشبهة. ولو قيل بعد ذكر رسول اللّه : «صلى اللّه على محمد سيّد المرسلين ، وخليفته بلا فصل عليّ وليّ اللّه أمير المؤمنين» لكان بعيداً عن الإيهام ، وأجمع لصفات التعظيم والاحترام (4).

ويجري في وضعه في الإقامة نحو ما جرى في الأذان.

ويجري في جميع الزيادات هذا الحكم ، كالترجيع ، وهو زيادة الشّهادة بالتوحيد مرّتين ، فيكون أربعاً ، أو تكرير التكبير ، والشّهادتين في أوّل الأذان ، أو تكرار الفصل زيادة على الموظّف ، أو تكرار الشّهادتين جهراً بعد إخفاتهما.

وفي تكرير الحيعلات أو قد قامت الصّلاة وجميع الأذكار المزادة فيه فيختلف حكمها باختلاف القصد ، ولا بأس بها ما لم يقصد بها الجزئيّة أو التقريب بالخصوصية ما لم يحصل فصل مخلّ بهيئة الأذان.

ص: 145


1- بدل ما بين القوسين في «ح» : لإظهار شأنه أو لمجرد رجحانه بذاته ، أو مع ذكر ربّ العالمين ، أو ذكر سيّد المرسلين ، كما روي ذلك فيه وفي باقي الأئمّة الطاهرين ، أو الردّ على المخالفين ، وإرغام أُنوف المعاندين.
2- بدل ما بين القوسين في «ح» : لكثرة معانيها ، فلا امتياز لها إلا مع قرينة إرادة معنى التصرّف والتسلّط فيها ، كالاقتران مع اللّه ورسوله والأئمّة في الآية الكريمة ونحوه.
3- في «ح» زيادة : وأبعد عن توهّم الأعوام أنّه من فصول الأذان.
4- في «ح» زيادة : ثمّ الذي أنكر المنافقون يوم الغدير ، وملأ من الحسد قلوبهم النصّ من النبيّ «ص» عليه بإمرة المؤمنين. وعن الصادق (عليه السلام) : من قال : لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه ، فليقل : عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام).

والقول (بتحريم التثويب) (1) بمعنى الإتيان بالشهادتين دفعتين ، أو الإتيان بالحيعلتين مثنى بين الأذان والإقامة من غير تفصيل لا أعرف له وجهاً.

وأمّا قول : «الصّلاة خير من النوم» المسمّى تثويباً وهو الظاهر من الإطلاق ، دون تكرير الشهادتين أو الحيعلات مثلاً فالظاهر أنّ تحريمه ذاتي ، واصلة بدعيّ ، فلا يسوّغه قصد الخروج عن الأذان ، وكذا الدّوام على التكرار لما سبق في وجه.

المبحث الثاني : في بيان ما يظهر من حكمته

وله فوائد كثيرة :

منها : الإعلام بدخول الأوقات ؛ لتيقّظ النائم ، وتذكّر النّاسي ، ونباهة الغافل.

ومنها : توطئة ذكر اللّه لتمتلي القلوب من عظمته ومخافته ، فتتوجّه إلى طاعته.

ومنها : الأمر بعبادة اللّه ، والإسراع إليها.

ومنها : إقامة البرهان على لزوم الامتثال للأمر بالصّلاة بإثبات الأكبريّة والأعظميّة ، المقتضي لأهليّة المعبوديّة والمخدوميّة ، فأفاده بالتكبير ، وهو لا يتمّ إلا ببيان عدم معبود سواه ، فأفاده بالتهليل ، وهما لا يتمّان في إثبات ذلك إلا ببيان أنّ المخبر بهذا رسول من اللّه تعالى.

ثمّ لا يرغب إلى العمل حتّى يترتّب عليه نفع ، فيكون فلاحاً ونجاحاً.

ثمّ الرغبة إلى خصوص الصّلاة دون غيرها من الأعمال مع حصول الفلاح بفعلها لا تتمّ إلا بإثبات كونها خير العمل.

ثمّ كرّر التهليل والتكبير ؛ لأجل تأكيد التّنبيه والتذكير ، وللخوف من النّسيان ، ولرعاية من تأخر ، ولربط العلّة بالمعلول.

وتكرار الأربع بالتكبير : واحد لتنبيه الساهي والغافل ، والثّاني لتنبيه النّاسي ، والثالث لتنبيه النائم ، والرابع لتنبيه المتشاغل. وكرّر الباقي مرّتين مرّتين بعدد الشاهدين ، وفي الرواية : أنّها إشارة إلى وضع الصّلاة ركعتين ركعتين (2).

ص: 146


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- الفقيه 1 : 195 ح 915 ، الوسائل 4 : 645 أبواب الأذان والإقامة ب 19 ح 14.

ويمكن على هذا أن يكون الأربع إشارة إلى أربع التمام ، ووحدة التهليل في الإقامة للإشارة إلى مفردة الوتر ، والتكبيرتان مع التهليلة الواحدة إشارة إلى المغرب ، ولكن لا اعتماد على ذلك مع عدم النصّ.

والاكتفاء بالإقامة باثنين ؛ لعدم عموميّة نفعها كالأذان ، بل مخصوص بمن لم يحضر ، واكتفت عن الأربع تكبيرات كما كانت في الأذان ، كما اكتفت عن التربيع في باقي فصول الأذان ، والإفراد في آخر الإقامة للاكتفاء بما سبق من التكرير.

وتمام نتيجة ما مرّ القيام إلى الصّلاة ؛ المعبّر عنه بقول : قد قامت الصّلاة ، وللإشارة إلى شدّة إرادة الدّخول في الصّلاة.

المبحث الثالث : في بيان أقسامه

وهي أربعة :

الأوّل : ما قصد به الإعلام بالأوقات مجرّداً عن قصد الصّلاة ، وهذا كغيره من الأصوات والأقوال المجعولة علامة للأوقات وغيرها ، ليس من العبادات المخصوصة ، ولا بأس بالنقص فيه ، والزيادة ، والتبديل ، واللّحن ، وعدم قصد الوقت ، ونحو ذلك.

الثاني : الإعلام بقصد الصّلاة ، قبل دخول وقت الصّلاة أو بعده ، لا للصّلاة. وهذا كالسّابق في غير صلاة الصّبح ، فإنّه ليس من العبادات الخاصّة إلا فيها ، فيعتبر فيها المحافظة على الفصول المعيّنة.

الثالث : ما جمع فيه بين قصد الإعلام والصّلاة ، فيجيئه الرّجحان من وجهين ، ويجري فيه من الوظائف ما جرى في القسمين.

الرّابع : ما قصد به الصّلاة فقط ، وهذا يقع من المنفرد عن النّاس ، بحيث لا يسمع صوته ، كما يقع من غيره ، بخلاف الأقسام السّابقة.

المبحث الرّابع
اشارة

فيما يتعلّق به خاصّة دون الإقامة لعدم تعلّقه بها رأساً ، أو تعلّقه نادراً ، وهو أُمور :

منها : ما يتعلّق بما تضمّن الإعلام للمأمومين أو غيرهم من الوظائف ، وهو إبصاره ، وبصيرته بالأوقات ، وثقته ، وأمانته ، واختياره من النّاس ، وسلامة سمعه. ،

ص: 147

وراتبيّته (1) ، ووضع إصبعيه في أُذنيه ، وضبطه (2) ، وحسن صوته ، وعلوّه فإنّه يغفر له مدّ صوته ، ويختلف الرجحان بكثرة السامعين وقلّتهم ، وقُربهم وبُعدهم (3) وإفجاعه ، وتأثيره في القلوب ، وكونه على مرتفع.

ومنها : ما لا تختصّ بذلك ، وهو أُمور :

منها : سلامته من الغناء ، ومن تعلّق نهي المالك أو غيره من مفترضي الطّاعة.

ومنها : الاكتفاء بأذان المميّز مع سماعه ، وإن لم يبلغ حدّ التكليف.

ومنها : الرُّخصة في الاقتصار على واحد منه في أوّل الورد (4) فيغني عن باقي الصّلاة إذا كانت مقضيّات أصليّات ، أو من باب النيابات في غير المعاوضات ، أمّا فيها فيبنى على التعارف.

ومتى دخل في أثناء الورد أداءً أو قضاءً عن غيره جماعة أو فرادى أعاده ، كما إذا حصلت فاصلة طويلة.

ولو (فسدت بعض صلوات) (5) الورد ، بقي الحكم على حاله على الأقوى. ولا فرق بين كون الورد لواحدٍ أو متعدّد ، ولا بين المتجدّد بعد الدخول وغيره ، على إشكال ، لا سيّما في الأوّل.

(ولو قصد الأذان لنفسه أو لشخص فعدل إلى غير ما نواه لم يجزئ. وكذا لو أطلق مع الاشتراك في وجه قوي.

والأقوى عدم الاجتزاء بالأذان المسموع ، وعدم الاكتفاء بالأذان النّاقص لسبب بعد ارتفاع السبب ، والأحوط الاقتصار في الاقتصار على قضاء النفس) (6) ولو لم يقصد الورد في الابتداء ، أغنى بقاؤه في المكان على إشكال.

ص: 148


1- في «س» ، «م» : وأولوية الراتب على غيره.
2- في «ح» زيادة : للأوقات.
3- المعترضة ليست في «م» ، «س».
4- الورد : الوظيفة من قراءة ونحو ذلك ، والجمع أوراد. المصباح المنير : 655.
5- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : فصلت بعد صلاة.
6- ما بين القوسين زيادة في «ح».

ومنها : استحباب تعداده في أُذن من ترك اللّحم أربعين يوماً أو أكثر ، ومن ساء خلقه ، ونحوه من ساء تخلقه.

(ومنها : استحبابه خلف المسافر) (1).

ومنها : شدّة استحبابه للرّجال غير العُراة جماعة في الحضر للجهريّة ، ولخصوص المغرب والصّبح ، ولمن لم يبدأ في ليله أو نهاره بأذان أو إقامة ، ولخصوص السّابقة من الظهرين والعشاءين ، والحقة ، مع فصل نافلةٍ أو زمانٍ طويل أو فعلٍ كثير ، ولصاحبة الوقت ، ولو تأخّرت ، ومع الاتّساع الكلّي في الوقت ، وفي الأداء ، وفيما قابلها ترتفع شدّة الاستحباب.

ومنها : إفصاح الألف فيه.

ومنها : حكايته ولو على الخلاء ، مُبدلاً للحيعلات بالحولقة أولا. ولو حكى في الصّلاة ، بدّل.

وينبغي قطع الكلام لأجله ، وإتمام الحاكي ما نقص المؤذّن.

ومنها : الدّعاء بالمأثور عند سماعه.

ومنها : الدعاء بعده قبل فعل الإقامة ، يقول : «اللّهم اجعل قلبي بارّاً ، ورزقي دارّاً ، واجعل لي عند قبر نبيّك صلى اللّه عليه وآله وسلم قراراً ومستقرّاً» (2).

وبعد أذان الصّبح : «اللّهم إني أسألك بإقبال نهارك ، وإدبار ليلك ، وحضور صلواتك ، وأصوات دعائك أن تتوب عليّ ، إنّك أنت التوّاب الرّحيم» (3).

وبعد أذان المغرب مثل ذلك بتبديل «نهارك في الإقبال ، وليلك في الإدبار» (4) ، فمَن قال ذلك في نهاره وماتَ من ليلته مات تائباً.

ص: 149


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».
2- الكافي 3 : 308 ح 32 ، التهذيب 2 : 64 ح 230 ، الوسائل 4 : 634 أبواب الأذان والإقامة ب 12 ح 1.
3- الفقيه 1 : 187 ح 890 ، الوسائل 4 : 669 أبواب الأذان والإقامة ب 43 ح 1.
4- الكافي 2 : 380 ح 7 ، الوسائل 4 : 669 أبواب الأذان والإقامة ب 43 ح 3 ، قال : إذا أمسيت قلت : اللّهم إني أسألك عند إقبال ليلك وإدبار نهارك.

ومنها : الفصل بينه وبين الإقامة بركعتين ، أو جلسة ، أو سجدة ، أو غير ذلك ، وأقلّه الحمد اللّه.

ومنها : إنّ مَن أخلّ بشي ء من فصوله أو الترتيب يرجع ما لم يدخل في الإقامة.

ومنها : كراهة الكلام في أثنائه على الفاعل والحاكي.

ومنها : أنّ المؤذّن على غير القبلة يستقبل بالشّهادتين.

ومنها : أنّ الجامع أداءً وقضاءً يكتفي بأذان الأُولى. ولو تنفّل الإمام دون المأمومين ، أوهم دونه ، أو بعضهم دون بعض ، بقي حكم الأذان على حاله.

ومنها : أنّه رُخّص في تركه ، بل يُكره فعله كراهةَ عبادةٍ لعَصرِ عَرَفة ، ولعِشاء مُزدَلِفَة مع الحاج ، ولعصر الجمعة ، وللجماعة المتأخّرة ، ولخوف ضيق وقت الفريضة في الجملة ، ولحصول بعض أسباب الإسراع من انتظاره ونحوه ، ولمن أراد الصلاة مع عدم تفرّق الجماعة الاولى في مسجد وشبهه من المواضع المحصورة ، وبشدّة الانتظار لطعام أو غيره ، وللنساء جهراً مع خوف حضور الأجانب.

ومنها : فصلُ فصوله بعض عن بعض.

ثانيها : الإقامة
اشارة

وفيها بحثان :

الأوّل : في ماهيّتها :

وهي عبارة عن سبعة عشر فصلاً : التكبير ، ثمّ الشّهادة بالتوحيد ، ثمّ الشهادة بالرّسالة ، ثمّ حيعلة الصّلاة ، ثم حيعلة الفلاح ، ثمّ التعميل ، ثمّ قول : «قد قامت الصّلاة» ، ثمّ التكبير مرّتين ، ثمّ التهليل مرّة.

وروى فيها : أنّها عشرون ، بتربيع التكبير في أوّلها ، وتثنية التهليل في آخرها (1).

وروى أيضاً : اثنان وعشرون ، بزيادة تكبيرتين في آخرها (2).

ص: 150


1- الخلاف 1 : 278 مسألة 19 ، النهاية : 68 ، الوسائل 4 : 648 أبواب الأذان والإقامة ب 19 ح 21.
2- النهاية : 69 ، مصباح المتهجد : 26 ، الوسائل 4 : 648 أبواب الأذان والإقامة ب 19 ح 22 ، 23.

ووردت رُخصة في جعلها واحدة واحدة ، ووردت رُخصة أيضاً لخصوص المسافر (1).

وروى : أنّ من أقام مثنى مثنى اجتزأ عن الأذان ، ومن أقام واحدة واحدة لم يجتزئ (2) ، وروي : أنّ إقامته مثنى مثنى فقط أحبّ من الإتيان بها واحدة واحدة مع الأذان (3).

البحث الثاني : في أحكامها ، وهي أُمور :
اشارة

منها : أنّ من نسيها أو بعضها منفردة أو مع الأذان ، ودخل في الصّلاة ، وبلغ الرّكوع ، استحبّ له العود والإعادة ، والأحوط الاقتصار على ما قبل الركوع.

ومنها : الحدر في فصولها والإسراع فيها ، إلا في ذكر النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فيستحبّ توسيط الصّلاة عليه وآله ، وذكر عليّ عليه السلام بخصوصه لا بقصد الجزئيّة ، بل لاستحباب المعيّة.

ومنها : أشدّية كراهة الكلام ، والالتفات ، وجميع المنافيات ، وترك شرائط الصّلاة فيها على الأذان ، ولا سيّما بعد قول : «قد قامت الصّلاة».

ومنها : أنّ الإقامة تامّة أفضل من إفرادهما سفراً.

ومنها : استحباب أن يكون على هيئة المصلّي ، حتّى كأنّه في الصّلاة بعد الدّخول فيها.

ومنها : استحباب القيام بعد قول : «قد قامت الصّلاة» الأُولى ، أو بمجرّد الشّروع ، أو بعد الإتيان بهما ، والأوّل أولى.

ومنها : كراهة دخول المأموم في النافلة بعد دخول المقيم في الإقامة.

ومنها : جلوس الإمام والمأمومين حتّى تُقام الصّلاة مرّة.

ومنها : أنّ أمرها إلى الإمام.

ص: 151


1- انظر الوسائل 4 : 649 أبواب الأذان والإقامة ب 21.
2- التهذيب 2 : 280 ح 1111 ، الوسائل 4 : 649 أبواب الأذان والإقامة ب 20 ح 1.
3- التهذيب 2 : 62 ح 218 ، الاستبصار 1 : 308 ح 1142 ، الوسائل 4 : 649 أبواب الأذان والإقامة ب 20 ح 2.
تتمّة

فيما يشترك بينها وبين الأذان ، وهو أُمور :

منها : اشتراط العقل والإسلام ودعوى «أنّ اشتراط الإسلام لغو لحصوله بهما» لغو (1) والإيمان ، والصّحو من السّكر ، والإغماء.

ولو ارتدّ بعد الفراغ لم يعد ، وفي الأثناء لا يعيد ما مضى مع عدم الخلل.

وفي التأذين مطلقاً وفي الإقامة لنفسه يجزي التمييز.

ومنها : الذكورة في النيابة عن الأجانب ، والخناثى المشكلة ، والممسوحين ، ولا بأس بها عن النّساء والمحارم.

ومنها : أنّه يعتدّ بنيابة الفاسق فيهما.

ومنها : أنّه ينبغي أن يكون النائب فيهما غير لحّان ، وغير مَئوف اللّسان (2).

ومنها : كراهة الاشتراك ، بل تحريمه في فصولهما وبعضها.

ومنها : كراهة الجمع بين الإمامة وبينهما أو أحدهما لأُمراء السّرايا.

ومنها : أنّهما مستحبّان لخصوص الفرائض اليومية ، وصلاة الجمعة.

روي : أنّ من أذّن وأقام صلّى خلفه صفّان من الملائكة ، ومن أقام فقط صلّى خلفه صفّ واحد ، وأقلّ الصّف ما بين المشرق والمغرب ، وأكثره ما بين السّماء والأرض (3).

ومنها : أنّ كلّ واحد منهما مقصود بالأصالة ، ولا تشترط صحّته بوجود الأخر ، فلو أتى بأحدهما دون الأخر وقع صحيحاً.

ومنها : جواز تقديمه على الصبح للإعلام.

ومنها : أنّ التعدّد فيهما مرتّبين ومقترنين لا بأس به. وأمّا الاشتراك على وجه التوزيع ، فالأقوى عدم جوازه.

ص: 152


1- المعترضة ليست في «م» ، «س».
2- مئوف على البناء للمفعول أصابته الآفة. المصباح المنير : 29.
3- الوسائل 4 : 620 أبواب الأذان والإقامة ب 4.

ومنها : تركهما أو أحدهما أو بعض منهما على نحو مضايقة وقت الفريضة.

ومنها : أنّه يُعتبر الترتيب بينهما بتقديم الأذان على إقامته ، فلو عَكَسَ الترتيب عامداً مُتقرّباً بذلك ، كان مُشرّعا ، وبطلت إقامته. ويقوى بطلان أذانه أيضاً.

ولو وقع سهواً ، وأراد الاكتفاء بالأذان صحّ ، وإن أراد تجديد الإقامة بلا أذان فلا بأس ، وإن أرادهما معاً أعادهما.

ومنها : أنّه يُعتبر الترتيب بين فصولهما ، فلو قدّم مؤخّراً عَمداً ناوياً ذلك في الابتداء ، بطلا. وإن قصده في الأثناء ، صحّ ما تقدّم ، ما لم تفت الموالاة ، ورتّب ما خالف فيه في وجه قوي. وإن كان سهواً صحّ ما تقدّم ، وجاء بوفق الترتيب في المخالفة ، مع عدم فوات الموالاة.

ومنها : أنّه تلزم الموالاة بينهما ، بمعنى عدم طول الفاصلة بحيث لا يبقى ارتباط بينهما بالمرّة ، فإن أراد إعادة السّابق ، أعاد الحق معه.

ومنها : أنّه تلزم الموالاة في فصولهما بحيث لا تذهب الهيئة ، ولا ينكر في العادة.

ومنها : أنّه لا يفسدان بغصب مكان كغيرها من عبادة الأذكار في وجه قويّ ، سوى ما كان في إله وضعت للتصويت في وجه. ولا عبرة بالفضاء ؛ إذ ليس تصرّفاً عرفياً. ولا بلبس ما لا يجوز لبسه من مغصوب أو ذَهَب أو حرير أو ما لا يُؤكل لحمه ، ونحوها ؛ لأنّه لم يبنَ على كون من الأكوان من قيام ونحوه.

ومنها : أنّه يشترط فيهما الإسلام ، وما أُورد «من أنّ هذا الشرط لغو ؛ لحصوله بكل منهما» لا يخفى بطلانه.

ومنها : أنّهما لا يشترط فيهما طهارة حدث أو خبث ، أو استقبال ، أو لباس ، أو قيام ، أو استقرار ، وإن استحبّ فيهما. وفي الإقامة أشدّ ، حتّى أنّ الاحتياط فيها أن يكون حاله فيها كحاله في الصّلاة.

ومنها : أنّه يكره الالتفات فيهما ، إلا أنّه في الإقامة أشدّ.

ومنها : كراهة الكلام فيهما ، وفيها أشدّ ، لا سيّما بعد قول : «قد قامت الصّلاة».

ومنها : أنّه لو دار الأمر بينهما أو أحدهما ، وبين الإمامة ، فالإمامة أولى.

ص: 153

ومنها : أنّهما من العبادة ، فيشترط فيهما النيّة ، فلو فسدت فسدتا.

ومنها : أنّهما مستحبّان لغيرهما ، فلو لم يقصد الصّلاة ، وأتى بالأذان أو الإقامة لغير الصّلاة منه أو من غيره فسدتا.

ومنها : أنّه قد يرجح تركهما لضيق وقت الفريضة في الجملة ، أو لانتظار منتظرين ، أو لبعض حوائج المؤمنين ، أو لغير ذلك.

ومنها : أنّ الأخرس يتعمّد الفصول بلوك اللسان والإشارة ، والأظهر عدم لزوم قصد الفصاحة ، والظاهر عدم الاجتزاء بأذانه حيث يكون مميّزاً ، والقول به غير بعيد.

ومنها : أنّه لا يستحبّ تكرار الفصل بينهما.

ومنها : أنّه يجزي الإتيان بركعتي قضاء أو من ذوات الأسباب في باب الفصل. وكذا سجود الشكر ، وسجود التّلاوة عوض السّجود ، والجلوس ، والتكلّم مع غيره عوض كلامه على إشكال.

والظاهر الاكتفاء بمطلق الفصل ، إلا أنّ المنصوص من الركعتين ، أو الجلوس ، أو التّسبيح ، أو الكلام ، أو التحميد أولى. ولا يعمّ الفصل غير المؤذّن على الأقوى.

ومنها : أنّه لا يجوز أخذ الأُجرة عليهما ، ولو كانت هي الدّاعية على الفعل فسد ، وإلا حرُمت وصحّا. وأذان النائب أجيراً عن الميّت داخل في حكم المعاملات.

ومنها : أنّه لا بأس بأخذ شي ء عليهما لا بقصد المعاوضة من ارتزاق وغيره ، ومع قصد المعاوضة يحرم.

ومنها : أنّه لا بدّ من المحافظة على هيئات الفصول ، فلو حذف الألف من أوّل اسم اللّه تعالى ، أو الوسط ، أو أكبر ، أو أحد طرفي إلا ، أو أوّل إله ، أو وسطه ، أو أوّل أشهد ، أو وسط الصّلاة والفلاح ، أو ولّد واواً من ضمّة الهاء أو الدّال أو الميم ، أو أزاد ألفاً على ألف أشهد ، أو هائه ، أو حاء حيّ ، أو يائه ، أو ألف أنّ أو نونها ، أو ميم العمل ، أو صاد الصّلاة ، أو أخلّ بإدغام في كلمة أمّا في كلمتين فلا بأس أو أخلّ بحركة بنائيّة ، أو حركة بنية ، أو إعراب ، فألحن في فصل ، بطل ما فيه الخلل خاصّة ، إن لم يُدخل ذلك عمداً في ابتداء النيّة.

ص: 154

ومنها : الجزم ، فإنّه مستحبّ فيهما ، ولا يلزم الفصل فيهما ونحوهما ، لو قلنا بثبوته في غيرهما ؛ لأنّ الانقطاع غير القطع. ولو وصل أو فصل فرّق بين همزة الوصل والقطع.

ومنها : دخول الوقت ، فلا يجوز الإتيان بأحدهما قبل دخوله بقصد التأذين ، إلا أذان الصبح بقصد الإعلام ، فإذا انكشف عدم دخوله في واحد منهما أو بعض منه أعاد ، سواء دخل وهو فيه أو لا (1).

ومنها : أنّه لا يجوز للقادر في وجه الاقتصار على بعض الفصول ، ويأتي العاجز بما أمكن.

ومنها : سقوطهما رُخصة عمّن أدرك الجماعة في صلاة (يستحبّان فيها أداءً أو قضاءً ، مع إمام وجماعة ، مؤدّين أو قاضين) (2) مع إمام مُعتمد ، إمام أو منفرد ، مريد للاقتداء به ، من رجل أو امرأة (3) ، في صحراء أو بيت أو مسجد ، قبل حصول التفرّق عرفاً ، وصدورهما منهم على الوجه الصّحيح.

ولو صدر أحدهما فقط اقتصر عليه في الاكتفاء ، وأتى بغيره. وفي الاكتفاء بالتكميل مع الاقتصار على البعض أو فساد غيره إشكال.

ولو خرج الإمام وبقي المأمومون أو بطلت صلاته كذلك ، لم يكن تفرّق ، استناب أو لم يستنب.

ولو علم فساد صلاتهم أو جماعتهم فلا اعتبار بهم.

ولو كانوا مُكتفين بأذان وإقامة مسموعتين ، فلا اعتبار فيهما. ولو كان في أحدهما إماماً صار الدّاخل أو منفرداً في الفريضة المقارنة والمتأخّرة ، ولو افترق المقصّرون عنه ، وبقي المتمّون أُتبع الاسم.

ولو دخل في تكبيرة الإحرام أو أتمّها ، ثمّ علم بفساد الصّلاة منهم ، قوي إلحاقه

ص: 155


1- في «ح» زيادة : على الأقوى.
2- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
3- في «ح» زيادة : أو يكون إماماً لهم في وجه.

بالنّاسي. وجري الحكم في غير مُريد الجماعة وجيه.

(ولا فرق في التفرّق عند الدخول أو بعد الوصول ، داخل المسجد أو خارجه. وإلحاق طول المكث به قويّ. وفي إلحاق الموت والارتداد به إشكال. وللفرق بين نقل النفس وعدمه وجه.

وفي جري الحكم في المأموم الواحد أو الاثنين ، ومع التردّد بين جماعتين فتفرّقت إحداهما ، ومع التفرّق في صلاة لم يدركها وعدمه فيما أدركها ، واجتماع الجماعة بعد تفرّقها برجوعها إلى مواضعها ، إشكال) (1).

ومنها : إعادة الأذان والإقامة إذا وقعا من منفرد ، ثمّ أراد الجماعة.

ومنها : سقوطهما عمّن سمعهما من جامع أو مُنفرد ، مُنفرداً أو جامعاً. وإذا أسقطا شيئاً من الفصول ، أتمّه. ويجزي في المسموع من واحد أو متعدّد على وجه التبعيض.

وهل يسقط الجميع بسماع البعض ، أو البعض ، أولا؟ الظاهر الأخير.

ويغني السّمع عن الاستماع.

وإن سمع غير عازم على الصّلاة ، ثمّ أرادها ، لم يُعدهما.

والظاهر أنّ كراهة الكلام في الأثناء مخصوصة بالمؤذّن والحاكي ، دون السّامع ، مع احتمال ذلك فيه.

وسماع الأذان النّاقص لسفر أو عجلة يجزي عن مثله ، وفي غيره إشكال.

وسماع المرأة أذان مثلها أو أذان الرّجل مُسقط ، وكذا سماعه أذانها على وجه يحلّ في وجه قويّ ، والأذان المعاد استحباباً كغيره ، وسماع لَوكَ (2) الأخرس لسانه لا يلحقه بالحكم) (3).

ومنها : أنّه من نسيهما أو نسي بعضهما فذكر قبل القراءة بل قبل الركوع ، استحبّ له استئناف الصّلاة.

ص: 156


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- اللوك مصدر لاكه يلوكه لوكاً ، إذا أداره في فيه ، وكلّ شي ء مضغته فقد لكته لوكاً ، جمهرة اللغة 2 : 982.
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ومنها : أنّه يستحبّ الفصل بينهما بقعود ، أو ركعتين ، أو خطوة ، أو تسبيح ، أو سكتة ، أو نفس ، أو ذكر تحميد ، أو غيره وفي أذان المغرب الأولى الاقتصار على أقصر الفواصل من نفس أو خطوة أو سكتة أو تحميدة أو تسبيحة أو نحوها.

وفي أذان الظهرين بركعتين فيهما أفضل ، والأولى كونهما من النّافلة. وتعميم الحكم لباقي الفرائض غير بعيد.

ومنها : أنّه يجوز القيام بهما عن الغير ، فيسقطان عنه مع الدخول معه في الصّلاة وعدمه ، ومع إرادة الصّلاة وعدمها.

ومنها : كراهة الكلام القاطع للصّلاة فيهما على الفاعل والحاكي ، وفي الإقامة أشدّ ، وبعد قول : «قد قامت الصّلاة» ملفوظة أو مسموعة من مُقيم الجماعة أشدّ كراهة.

ومنها : حُرمة الاشتراك في أحدهما.

ومنها : جواز التعدّد فيهما من مُتعدّدين في النّيابة ؛ لأنّها إسقاط ، وإن كان الأولى ترك ذلك.

ومنها : أنّهما مستحبّان للصّلوات الخمس والجمعة ، دون ما عداها ، وفي غيرها من الصلوات الواجبة بالأصالة مع الجماعة يقوم قول : «الصّلاة» ثلاثاً مقامه ، ولا يجوز الإتيان به.

ومنها : أنّهما مستحبّان ، فلا حرج في تركهما ، إلا أنّ الإقامة أشدّ استحباباً.

ومنها : أنّهما يستحبّان للولادة بعد قطع السرّة في الاذن اليمنى الأذان ، وفي اليسرى الإقامة ، وخلف المسافر.

ومنها : أنّ المأمومين يؤذّنون قبل الإمام ويقيمون ، فإن لم يجي ء ، قدّموا سواه.

ومنها : أنّه لا بدّ من حفظ النفس من الرّياء فيهما والعُجب ، كغيرهما من العبادات.

ومنها : أنّه يجب تركهما إذا لم يبقَ وقت يَسَع الصّلاة ويسعهما. وإذا دار الأمر بينهما ، فالإقامة أولى. وإذا دار بين غيرهما وبين أحدهما ، من قنوت أو طول سورة أو ذكر ، قدّما عليه.

ص: 157

ومنها : أنّه لا يجوز العدول من أحدهما إلى الأخر ، مع احتساب ما مضى من الأخر.

ومنها : أنّه أُذن للمرأة في الاكتفاء عنهما بالتكبيرتين والشهادتين مرّة مرّة ، أو بالشهادتين كذلك فقط. والظاهر لحوق الخُنثى والممسوح هنا بالذكر.

ومنها : أنّه لا يكتفى فيهما بفعل امرأة ، ولا خُنثى مُشكل ، ولا ممسوح عن ذكرٍ ، ولا خُنثى مشكل ، ولا ممسوح. والأقوى عدم البأس في النيابة عن المحارم والأجانب مع عدم سماع الصوت.

ومنها : أنّ أمر الأذان مأذون فيه لمن شاء ، وأمّا الإقامة فبإذن الإمام.

ومنها : أنّ للمجتهد اختيار مُؤذّن ، ومُقيم ، وإمام في المساجد ، مع عدم قيد التولية لغيره ، ولا يجوز تعدّيه. والظاهر عدم لزوم الرّجوع إليه ، نعم منعه معتبر مع المصلحة.

ومنها : رُجحان اختلاف المؤذّن والمقيم.

ومنها : أن الإقامة أفضل من التأذين في غير الجماعة ، وفيها التأذين أفضل.

ومنها : أنّهما قد يجبان لنذر أو عهد أو نحوهما ، أو لدخولٍ في عقد إجارة تصريحاً أو عُرفاً.

ومنها : أنّهما لو أطلقهما ثمّ عيّن الفريضة ، فلا بأس. وكذا لو عيّنهما لصلاة وأراد العدول إلى غيرها على إشكال ولو أطلق بينهما وبين الذكر ، لم يصح.

ومنها : أنّه يُعتبر عدم الفصل الطويل بفعلٍ أو قولٍ أو سكوتٍ بينه وبينها ، أو بين الصّلاة حيث تترك ، أو بينها وبين الصّلاة.

(ومنها : الإذن بالإتيان بهما طاق طاق للمريض والمعذور ، والمستعجل في حاجة مُباحة ، دون المحرّمة على الأقوى.

ومنها : الإذن بالاقتصار على الإقامة للمسافر ، وسُمّي في الحديث تقصيراً (1). فقد يخصّ بالسّفر الحلال ، وقد يخصّ بما فيه القصر دون التمام ، كائناً ما كان ، بناءً على أنّ السّفر معنى جديداً في الشرع ، وأُذن في الإعادة ، ومع الانفراد كذلك) (2).

ص: 158


1- التهذيب 2 : 51 ح 170 ، الوسائل 4 : 623 أبواب الأذان والإقامة ب 5 ح 9.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ومنها : أنّه لو أذّن وأقام ودخل في صلاة فظهر فسادها ، أعادهما إذا أراد غيرها.

ومنها : أنّه لو شكّ في الأذان بعد الدخول في الإقامة ، أو فيهما ، أو في أحدهما بعد الدّخول في الصّلاة ، أو شكّ في فصل بعد الدّخول في غيره ، أو كان كثير الشكّ ، فلا اعتبار بشكّه.

ومنها : على ما قيل : استحباب حكايتهما معاً ، أمّا الأذان ، فللنّص (1) ، وأمّا الإقامة ، فلما دلّ على استحباب حكاية الذكر ، فيختصّ بالذكر. فيحكي الجميع إن سمع الجميع ، وله أن يخصّ البعض ، فيقلّ الثواب ، ويحكي البعض ، إن سمع البعض ، مُصلّياً كان أو لا ، جامعاً أو لا ، من جامعٍ أو غيره.

ويقوى استحباب حكاية أذان المسافر والمولود دون غير المشروع.

ويكره في الصّلاة كراهة عبادة ، فإن فعل فليبدّل الحيعلات بالحولقات ، لمن أراد الصّلاة بأذانه وغيره.

ومنها : (أنّ من أتى بأحدهما اختياراً أو اضطراراً ، أُثيب على مقداره. ومن أتى ببعضهما أو بعض أحدهما ، أُثيب كذلك في الاضطرار ، ومع الاختيار إشكال) (2).

ومنها : أنّه إذا أذّن وأقام ودخل الإمام ، فقطع أو عدل إلى النّافلة ، ثمّ تعذّرت الجماعة ، أعادهما.

ومنها : أنّ النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يقول في الأذان مرّة : «أشهد أنّ محمّداً» ، وأُخرى : «أنّي رسول اللّه» (3) والظاهر أنّه هكذا كان يصنع في الإقامة والتشهّد ونحوهما.

ومنها : أن المُحدث في أثنائها يتطهّر ويبني على ما سبق إن لم يكن مُخلا ، والأفضل إعادة الإقامة.

ص: 159


1- الوسائل 4 : 671 أبواب الأذان والإقامة ب 45.
2- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : من أدرك أحدهما أو بعضه أو بعضهما اختياراً أو اضطراراً أتى به في القسم الأوّل ، وفي الاضطرار في الأخيرين ، ومع الاختيار إشكال.
3- الفقيه 1 : 193 ح 905 ، الوسائل 4 : 645 أبواب الأذان والإقامة ب 19 ح 13.

ومنها : أنّ المُحدث في الصّلاة لا يؤمر بإعادة الإقامة ، إلا أن يتكلّم ، والأقوى الاستحباب مطلقاً.

ومنها : أنّ المصلّي خلف من لا يُقتدى به يؤذّن ويُقيم ، فإن خافَ من الفوات اجتزئ بالتكبيرتين ، وقد قامت الصّلاة ، وتهليلة. وربّما يقال برجحان الممكن مطلقاً.

ومنها : أنّه لا يجوز الفصل بينهما طويلاً.

ومنها : أنّهما عبادتان تُطلب فيهما المباشرة ، ولا يجوز فيهما النّيابة على القاعدة. والاجتزاء بما صدر من الغير إسقاط كردّ السّلام ، لا نيابة إلا في النّائب عن الميّت ؛ لظهور الدليل فيه.

ومنها : أنّه لا بأس بالإتيان بهما طاقاً طاقاً للتقيّة ، والعجلة ، والسّفر.

ومنها : أنّه على القول بوجوبهما أو وجوب أحدهما ، وجوبهما خارجيّ ، أو معلّل بالكمال ، ولا شطريّة ولا شرطيّة لهما ، فلا يترتّب فساد صلاة عليهما ، ولا يكتفى بمقارنة نيّة الصّلاة لهما.

ثالثها : التكبيرات والدّعوات عند الافتتاح

ولا بدّ فيها من بيان أُمور :

منها : أنّها ستّ تكبيرات ، تكون مع تكبيرة الإحرام سبعاً ، على نحو ما كبّر النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ؛ لينحلّ لسان الحسين عليه السلام ، ويتبعه بالنطق (1) ، ولِتوافق عدد السماوات السّبع ، والأرضين السّبع ، والحجب السّبع.

وروى : إحدى وعشرون (2).

فإن أتى بها مجرّدة عن الدّعاء جاء بها ولاءً.

ولا تُشترط فيها شرائط الصّلاة ، ولا تخلّ بها منافياتها ، بل حالها كحال الأذان والإقامة ، إلا أنّه يقوى أنّ الاستحباب فيها أشدّ. والأحوط أن يؤتى بها على نحو الصّلاة.

ص: 160


1- انظر الوسائل 4 : 721 أبواب تكبيرة الإحرام ب 7.
2- الفقيه 1 : 227 ح 1002 ، التهذيب 2 : 144 ح 564 ، الوسائل 4 : 720 أبواب تكبيرة الإحرام ب 6 ح 1.

وقد رُخّص في تركها ، والاقتصار على تكبيرة الإحرام ، وفي الإتيان باثنين منها ، وتكون تكبيرة الإحرام ثالثة ، وبأربع فتكون خامسة (1).

ويجوز الاقتصار على الأقلّ والأكثر ممّا بين الواحدة والسّبع.

ويتخيّر في تعيين ما شاء من السّبع بتكبيرة الإحرام ، والأولى بل الأحوط جعلها الأخيرة.

والقول : بأنّ القدر المشترك بينها تكبيرة إحرام ، وأنّ الركنيّة فيها على نحو ركنيّة السّجدتين ، كما يظهر من كلام بعض مشايخنا المعاصرين (2) نوّر اللّه تعالى ضريحه بعيد عن طريقة الفقاهة.

ومنها : الدعاء بعد ثلاث تكبيرات منها ، والموظّف فيه : «اللّهمّ أنت الملك الحقّ ، لا إله إلا أنت ، سبحانك إنّي ظلمت نفسي ، فاغفر لي ذنبي ، إنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت» ثمّ يكبّر اثنتين ، ثمّ يقول : «لبّيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشّرّ ليس إليك ، والمهديّ من هديت ، لا ملجأ منك إلا إليك ، سبحانك وحنانيك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك ربّ البيت».

والأفضل أن يقول بعد الثلاث أو الخمس : «يا مُحسن قد أتاك المسي ء ، وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسي ء ، وأنت المحسن ، وأنا المسي ء ، فصلّ على محمّد وآله ، وتجاوز عن قبيح ما تعلم منّي».

قال الصّادق عليه السلام ثمّ تكبّر تكبيرتين ، وتقول ( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) ، عالم الغيب والشّهادة حنيفاً مسلماً ( وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ ) وأنا من المسلمين ثمّ تعوّذ من الشيطان الرجيم ، واقرأ الفاتحة (3). وفي رواية عن أبي جعفر عليه السلام زيادة : «على ملّة إبراهيم» بعد لفظ

ص: 161


1- انظر التهذيب 2 : 66 ح 239 ، والوسائل 4 : 721 أبواب تكبيرة الإحرام ب 7 ح 3.
2- انظر حاشية المدارك : 186.
3- انظر الكافي 3 : 310 ح 7 ، والتهذيب 2 : 67 ح 244 ، والوسائل 4 : 723 أبواب تكبيرة الإحرام ب 8 ح 1.

«الأرض» ، وبعدهما ( حَنِيفاً مُسْلِماً ) إلى أخره (1).

وفي رواية أُخرى بعد ذكر ملّة إبراهيم : «ودين محمّد ، وهدى عليّ أمير المؤمنين عليه السلام» (2).

وفي أُخرى بعد ذكر : «ملّة إبراهيم» زيادة : «ودين محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ومنهاج عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، والائتمام بال محمّد صلوات اللّه عليهم» (3).

وفي أُخرى جعل الختام : «اللّهمّ اجعلني من المسلمين ، أعوذ باللّه السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم» (4).

فيكون التوجّه بعد السّبع ، بعد تكبيرة الإحرام إن جُعلت أخيرة ، كما هو الأحوط ، وإلا فبعد غيرها.

ويجوز الإتيان بأقلّ من السّبع كائناً ما كان ، ويحصل الأجر بمقداره. ولو أراد النّاقص ، جاز له العدول إلى الزائد ، وبالعكس ، والزائد سنّة. وكذا كلّ مخيّر بين الأقلّ والأكثر من تسبيحات البدل ، والركوع ، والسّجود ، والشّعر في الحلق والتقصير ، والهَدي في القليل والكثير ، والوقوف في الموقفين الطويل والقصير ، وضرب التيمّم لو قلنا بالتخيير ، والزائد في الحضر إلى غير ذلك.

ولو زاد على السّبع بقصد الذكر فلا بأس ، وبقصد الخصوصيّة تشريع.

والمراد ب- «أكبر» الأعظم معنى ، مع التفضيل الصوري أو سلبه ، وفي الخبر : أكبر من أن يوصف ، أو من أن يُلتمس ، أو يُدرك بالحواس ، أو ممّا يخاف ويحذر (5).

وفيما ورد من أنّ التكبير جزم (6) دلالة على التمشية في جميع التكبيرات.

ومنها : التّحميد سبعاً ، والتسبيح سبعاً ، والتهليل سبعاً ، وحمد اللّه والثناء عليه

ص: 162


1- التهذيب 2 : 67 ح 244 ، الوسائل 4 : 724 أبواب تكبيرة الإحرام ب 8 ح 2.
2- الاحتجاج : 486 ، الوسائل 4 : 724 أبواب تكبيرة الإحرام ب 8 ح 3.
3- الاحتجاج : 486 ، الوسائل 4 : 724 أبواب تكبيرة الإحرام ب 8 ح 3.
4- الاحتجاج : 486 ، الوسائل 4 : 724 أبواب تكبيرة الإحرام ب 8 ح 3.
5- التوحيد : 238.
6- الفقيه 1 : 184 ح 871 ، التهذيب 2 : 58 ح 203 ، الوسائل 4 : 639 أبواب الأذان والإقامة ب 15 ح 3.

بعد تكبيرة الافتتاح.

ومنها : أنّه بعد استفتاح صلاة اللّيل يقرأ أية الكرسي والمعوّذتين.

ومنها : الإسرار بالسّتّ ، والجهر بالسّابعة والظاهر أنّها تكبيرة الإحرام (1) خصوصاً للإمام ؛ فإنّ الجهر له أشدّ استحباباً.

ومنها : أنّه يُستحبّ رفع اليدين بالتكبير الواجب والمستحبّ حيال خدّيه إلى أن تحاذي أُذنيه ، مُستقبل القبلة ببطن كفّيه ، ولا سيّما الإمام ، بما يُسمّى رفعاً ، وتقليب اليدين حين الرّفع. ويُكره تجاوز الأُذنين.

ومنها : أن يكون بين الرّفع والتكبير مقارنة في البدأة والختام ، ولا بأس بالأقسام الأُخر من التّسعة ، وما زاد عليها.

ومنها : أن يأتي بالتكبير على الوجه العربي ، في واجبه ومندوبه ، على الأقوى.

ومنها : الإتيان بستّ وعشرين تكبيرة في الافتتاح ، حتّى إذا نسي شيئاً من التكبير كانت عوضاً عنه.

ومجموع التكبيرات كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في الصلاة خمس وتسعون تكبيرة (2) ، منها : خمس للقنوتات ، وتكبيرات الافتتاح.

ودعواتها وتوجّهها جارية في الإمام والمنفرد ، وكذا المأموم على الأقوى. وفي الفرائض اليوميّة ، وصلاة الجمعة ، وكذا في غيرها من الفرائض والنّوافل ، وتركها أقرب إلى الاحتياط ، عملاً بالسّيرة.

ورفع اليدين يزيد على التكبير في التمام سبعة عشر للرّفع من الركوع وإن لم يكن بمعتبر عند الأكثر فيكون مائة واثنى عشر رفعاً.

المقام الثالث : في الأفعال الواجبة

اشارة

وأركانها التي يبطلها نقصها عمداً وسهواً : النّيّة لو جعلناها شطراً ، أو القيام فيها

ص: 163


1- المعترضة ليست في «م» ، «س».
2- التهذيب 2 : 87 ح 325 ، الخصال : 593 ، الوسائل 4 : 720 أبواب تكبيرة الإحرام ب 5 ح 3.

والانتصاب لها ، لو جعلناها إخطاراً. وتكبيرة الإحرام ، والقيام فيها ، والانتصاب. والقيام الذي عنه يركع. والركوع. وجميع السّجدتين ، والارتفاعين اللّذين عنهما يسجد (1). والوقوف على القدمين حال القيام لمن فرضه القيام. والجلوس على الفخذين أو ما قام مقامهما لمن فرضه الجلوس.

وفي إلحاق الطمأنينة في جميع الأركان وجه ، وكذا زيادة ما يعقل فيه الزيادة منها ، وسيجي ء تمام التحقيق في محلّه.

والركنيّة هي الأصل في كلّ عبادة ، وتقرير الأصل بخلاف ذلك ؛ لما ورد في حصر المُفسدات أو الأجزاء لا وجه له بعد معرفة إرادة الإضافة.

والواجبات غير الأركان كثيرة تجي ء في تضاعيف المباحث ، ويتمّ الكلام في تفاصيل الواجبات ببيان أُمور :

الأوّل : النيّة

وهي شرط فيها وفي العبادات ، لا شطر على الأصحّ ، تبطل بفقدها ابتداء مع العلم والجهل والعمد والسّهو. وبعد عقدها لا تفسد بنسيانها والغفلة عنها. وتفسد بالإتيان بما ينقضها ، من رياءٍ ، وعُجب ، وترك شرطٍ ، وفعل منافٍ.

ولا تبطل بالعلم بالانقطاع فضلاً عن الظنّ وغيره ، متّصلاً أو منفصلاً.

ولا بنيّة القطع ، أو القاطع ، أو نيّتهما معاً ، مُعجّلاً ، أو مؤخّراً ، في عبادة موصولة أو مفصولة.

ولا فرق في المؤخّر بين الرّياء وغيره في أقوى الوجهين.

وحقيقتها : قصد العبوديّة والطّاعة للأمر ، فلا عمل مقبول عند اللّه تعالى أو عند مطلق مُفترض الطاعة من مالك وغيره كائناً ما كان ، إلا مع القصد ، وإلا كان مُتبرّعاً ،

ص: 164


1- في «م» ، «س» زيادة : وجميع الطمأنينتين في كلّ من المقامين الأوّلين ، والوقوف على القدمين على نحو السجدتين في وجه ، وكذا زيادتها فيما عدا النيّة ، وما يكون من الاستقرار والوقوف والركنيّة هي الأصل في كلّ عبادة ، والواجبات غير الأركان.

غير مُؤد للمأمور به.

ويلزم التّعيين في العمل ؛ لأنّ المُبهم لا وجودَ لهُ ، ولا يوجد ، فيستحيل الامتثال به ، فيستحيل طلبه ، ولا يُعدّ منويّاً ، ويجتزي به عن التّعيين مع الدّوران بين الأفراد المتحدة الجنس والنّوع ، والتغاير شخصيّ كالدّوران بين النوافل المبتدأة بعضها مع بعض ، وكذا آحاد (1) الرّاتبة ، كنافلة الزوال ، ونافلة (2) العصر ونحوها.

أو صنف عرضيّ ، كالمتجانس ، من القضاء والأداء ، والقصر والإتمام ، والوجوب والندّب ، ونحو ذلك ، إلا مع حصول الإبهام. والوجوب والندب إنّما يفرّق بينهما شدّة الطلب وضعفه. ولو التزمنا به ، لزمت نيّة مراتب الاستحباب.

أمّا مختلف الجنس ، كالدّوران بين الزكاة والخمس أو الكفّارة ، أو بين الحجّ والعمرة. أو مختلف النوع ، كحج القِران والإفراد ، وعمرة التمتع والإفراد ، والصّلوات الخمس بعضها مع بعض ، فلا بدّ فيه من التّعيين ، إلا مع التعذّر ؛ لأنّ النيّة فيها مقوّمة لصدق الاسم المتوقّف عليه قبول العبادة.

فنيّتا الوجوب والنّدب لا اعتبار لهما ، لا على وجه التقييد ، ولا الغائيّة ، مع اتفاقهما واختلافهما. فلا تلزم نيّة الوجوب للواجب ، ولا النّدب للندب ، ولا الندب للواجب كالاحتياط ، ولا الوجوب للندب ، كالمنذور منه ونحوه وكذا القضاء والأداء ، والقصر والإتمام ، ما لم يكن مُتعمّداً مُشرّعاً في الدّين. ولا نيّة الأسباب من النّذور وغيرها ما لم يتوقّف عليها قصد القربة.

ولا يجوز العدول من نيّة صلاة إلى غيرها في غير المنصوص ، كالعدول من يوميّة حاضرة أو فائتة إلى سابقة حاضرة أو فائتة (3) أو من فريضة إلى نافلة لناسي سورة

ص: 165


1- في «ح» زيادة : ركعات.
2- في «م» ، «س» : وركعات نافلة.
3- في «ح» زيادة : مع الذّكر في الأثناء ، توافقتا في الجهر والإخفات أو اختلفتا ، ثمّ يعدّ العدول ، ويجيئها الحكم الجديد ، توافقتا في عدد الرّكعات أو تخالفتا. وأمّا بعد الفراغ فلا عدول ، لكنه إن جاء بالأخيرة أو تعدّى وقت العدول كما إذا ذكر بعد الركوع في رابعة العشاء فريضة المغرب جرى عليه حكم الفراغ ، والأقوى أنّ الشّاك في الأثناء بمنزلة النّاسي ، والشّاك بعد الفراغ يبني على الأُولى من الفرضين.

الجمعة في الجمعة أو ظهرها ، وناسي الأذان والإقامة ، أو بعضهما ، أو الإقامة وحدها ، أو بعضها في وجه. وطالب صلاة الجماعة إذا خافَ عدم اللحوق.

ولا يجوز العدول من سابقة إلى لاحقة.

ولا يجوز ترامي العدول وزيادته على المرّة ، وشرطه عدم فوات محلّه. والظاهر أنّه يثبت بالدّخول في ركن. لا بمجرّد الدّخول في واجب.

ويجوز العدول من الإمامة بقومٍ إلى الإمامة بغيرهم ، ومن المأموميّة بإمام إلى مأموميّة بغيره ، ومن المأموميّة إلى الإمامة أو الانفراد ، ومن الإمامة إلى الانفراد.

وأمّا العدول من الانفراد إلى الإمامة مع الفراغ من الصّلاة وبدونه ، أو الإماميّة إلى المأموميّة فغير جائز. وقضيّة عزل النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أبا بكر قضيّة في واقعة.

ونيّة الإماميّة والمأموميّة لا تلزم إلا فيما هما شرط فيها كالجمعة مثلاً. وفي كون المُعيد ينوي الفرض في الجماعة في الثانية إرشاد إلى عدم اعتبار الوجه.

(فنيّة الإماميّة والمأموميّة في محلّ الوجوب واجبة وشرط ، وفي محلّ النّدب نيّة المأموميّة شرط دون الإمامة ، وإن توقّف الأجر على نيّتها. ونيّة الانفراد بعد الإمامة أو المأموميّة بإمام آخر في الأثناء ، ونيّة الوجوب من المميّز البالغ في أثناء الصّلاة ، وإعادة صلاته مع البلوغ في الأثناء أو بعد الفراغ ، فيكون أتياً بظهرين مثلاً ، لا لزوم فيها) (1).

ولا يجوز الاكتفاء عن فريضة بمماثلها في العدد والكيفيّة من دون نيّتها.

ولو نوى فريضة فظهر غيرها فسدت.

ولو نوى صفة خارجة ولم يخلّ بشرط فظهر خلافها صحّت ، كما إذا نوى الإمامة أو المأموميّة فظهر له بعد الفراغ أو في الأثناء عدم صحّة الوصفين بعدم الإمام ، أو عدم قابليّته ، أو عدم الإتيان بشرط الانعقاد من اللّحوق قبل الرّفع من الرّكوع ، انفرد وصحّت صلاته.

ص: 166


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

أمّا لو نوى جمعة ، فبانت ظهراً في الأثناء ، أو من بعد ، فسدت.

وتُشترط فيها المقارنة لتكبيرة الإحرام ؛ دون ما عداها من التكبيرات والدعوات.

ولتتمّة هذا المبحث مباحث طويلة ، ومقامات جليلة ، وقد تقدّم الكلام فيها مفصّلاً ، فلا نعيدها.

الثاني : تكبيرة الإحرام

وبها تنعَقِد الصّلاة ، ويترتّب عليها اعتبار شروطها ومُنافياتها ، وحُرمة قطعها.

ولا يكون ذلك بمجرّد الدّخول فيها ، بل بعد تمامها ، وبه تنكشف جزئيّة ما سبق منها.

وهي أوّل أجزاء الصّلاة وأركانها ، فرضها ونفلها ، بعدَ قولنا بشرطيّة النيّة ، وما تقدّم عليها من السّنن من المسنونات الخارجة ، ولذا جُعلت النية مقرونة بها. ولو أوجبنا الأذان والإقامة ، لم تفسد الصّلاة بفسادهما ، ولا بتركهما ؛ إذ ليسا جزأين ولا شرطين.

وإذا تُركت تكبيرة الإحرام عمداً أو سهواً أو أُتي بها بوجهٍ فاسد لخَللٍ في نيّتها أو عدم مقارنتها القيام أو ما يقوم مقامه ، لم تنعقد الصّلاة.

وليس تعيين ما به الدخول أو استقراره من ابتدائها أو ختامها شرطاً في صحّتها ، بخلاف تعيينها بين التكبيرات ، فإنّه شرط فيها ، وله الخيار في جعلها أيّ السّبع شاء ، والأولى الأخيرة.

ولو قصد الإحرام بأكثر من واحدة بطل ، وكذا لو أحرم ولم يعيّن.

ولو قصد الإحرام بواحدة ، فليس له العدول إلى غيرها ، فلو عَدَل في شفعٍ بطل ، وفي وترٍ لا مانع.

وفي إفساد التكبيرة الاحتياطيّة أخذٌ (1) بالاحتياط ، والظاهر أنّ الاحتياط فيما دخل في قران أو ذكر أو دعاء بقصدها لا بأس به ، بخلاف الأفعال.

وجعل زيادة الركن مُفسدة مع العمد مبنيّ على أن نيّة القاطع لا تقطع ، أو على وجه بعيد.

ص: 167


1- في «ح» : أخذنا.

ولو قصد بها الإحرام والركوع معاً بطلت.

وصورتها للقادر كغيرها من التكبيرات : «اللّه أكبر» بفتح الهمزتين وقطعهما ، من دون تولّد ألف فيهما أو نحوه. وفتح الباء مع عدم الإشباع بحيث يتولّد في البين ألف أو نصف ألف ، فتخرج عن صِدق الفَتح عُرفاً. وإسكان اللام الأولى ، والكاف. وإدغام اللام في مثلها ، وإردافها بالألف ، طالت أو قصرت ، ما لم تخرج عن الاسم (1) ، أو يحدث فصل يجعلها ألفين مثلاً. وضمّ الهاء من دون إشباع يتولّد منه واو. وتنكير أكبر ، وفتح ألفها وبائها ، من دون توليد ألف ، وسكون الكاف والرّاء.

فلو غيّر أو أبدل ، لم تصحّ تكبيرته ، سواء أتى بمرادف من أسماء اللّه وصفاته ، أو مما يفيد معنى التعظيم (2) أو لا.

ولا تجوز التّرجمة بعجميّ أو تركيّ أو هنديّ مثلاً.

ومع العجز (3) يأتي بالملحون العربي. ومع العجز فالأحوط تقديم الفارسي على التركي ، والتركي على الهندي ، وربّما قيل بتقديم العبراني والسرياني عليها ؛ لأنّها موافقة للكتب المنزلة ، ولا يخلو من بُعد.

وفي تمشية التراجم إلى الأذكار والدعوات المسنونات إشكال.

وأمّا حكم الألثغ والأخرس فجارٍ فيها.

ولو قال مختاراً : «إيزد» أو «إيزدان» أو «تاري» أو «أدناي» عوضاً عن اسم الجلالة. أو «بزركتر» بفتح الرّاء الأخيرة أو كسرها «أو بزركتراست» على اختلاف لغتهم ، لم يصحّ.

ويجب التعلّم إلى ضيق الوقت ، ولو مع بذل الأُجرة للمعلّم إن لم تضرّ بحاله ضرراً كلّياً ، وإن حَرُمت عليه ، ما لم يتعذّر عليه الجمع بين الكسب الواجب والتعليم ، فإن قصّر وأخّر إلى ضيق الوقت ، صحّت صلاته.

ص: 168


1- في «ح» زيادة : أو الوحدة.
2- في «س» : العظيم.
3- في «ح» زيادة : أو ضيق الوقت.

والواجب منها ما يُسمّى لفظاً ، سرّاً أو جهراً.

ولو كبّر ثانياً قصدَ بها الإحرام ، فسدتا ؛ ولو ثلّث ، صحّت الثالثة ، وهكذا كلّ شفع ووتر. ولو قصد بالمكرّر الذّكر ، فلا بأس.

والقيام والانتصاب حالها شرطان في صحّتها ، وجزءان من الصّلاة ، فهما ركنان.

فلو كبّر أخذاً بالقيام أو مُنحنياً أو أخذاً في الهويّ ، بطلت. ولو أتى بها عن جلوس ونحوه عمداً أو سهواً ، بطلت صلاته.

وتكبير الأخرس كجميع الأقوال الواجبة عليه بلوك لسانه والإشارة بإصبعه أو بغيره ، وإن لم تُفهم المعنى.

ويجب على النّاس تعليمه.

ويعتبر فيها ما يعتبر في القراءة من العربيّة ، وترك الفصل المُخلّ ، بسكوتٍ أو غيره.

ويجبُ عليه التعيين ، والاقتصار في المعيّنة على الواحدة.

وهل يجب قصد الصحيحة بحسب العربية؟ الأقوى العدم.

ويُستحب ترك الإشباع الغير المولّد في حركاتها ، والمدّ غير المخلّ في ألفها ، وعدم الجهر المفرط فيها ، وإسماعها المأمومين من الإمام ، قيل : وإسماعهم إيّاه (1) ؛ حتّى لا ينتظرهم ، وله وجه مع الاحتياج إليه.

ويُستحبّ فيها كغيرها من التكبيرات رفع اليدين إلى شحمتي الأُذنين ، أو المنكبين ، أو الخدّين ، أو الأُذنين ، أو الوجه ، أو النّحر ؛ عملاً بجميع ما في أخبار الباب (2) ، وكلمات الأصحاب (3) ، ويكره تجاوزه الرأس والأُذنين ، وهو سنّة في سنّة (4).

وضمّ الأصابع فيه كذلك. وروى : فتح الخنصر (5).

ص: 169


1- الروضة البهية 1 : 803.
2- الوسائل 4 : 725 أبواب تكبيرة الإحرام ب 9.
3- كالشيخ في الخلاف 1 : 1 : 319 و 320 ، والعلامة في القواعد 1 : 272 ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد 2 : 240.
4- في «س» : وهو ستة في ستة ، ويحتمل كونه تصحيف : سنة في ستة.
5- البحار 81 : 225 ب 15 ح 12.

وينبغي تطبيقها على رفع اليدين بدأة وختاماً ، ولا مانع من تطبيق أوّله أو وسطه أواخره على أوّل الرّفع ، أو الوضع ، أو وسطهما ، أو آخرهما ، أو مجموعة على شي ء منها.

واستحباب رفع اليدين متأكّد في حقّ الإمام على ما قيل (1) ، ولا بأس به.

وأحكامها من السّنن جارية في النوافل أيضاً.

الثالث : القيام

يستحبّ الدّعاء بالمأثور (2) عند القيام إلى صلاة اللّيل ، تقول عند القيام من المنام : «الحمد لله الذي ردّ عليّ روحي لأحمده وأعبده».

وعند سماع صوت الدّيك : «سبّوح قدّوس ، ربّ الملائكة والرّوح ، سبقت رحمتك غضبك ، لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، عملتُ سوءاً ، وظلمتُ نفسي ، فاغفر لي ، وارحمني ، إنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت».

وعند النظر إلى أفاق السماء : «اللّهمّ إنّه لا يواري عنك ليل ساج ، ولا سماء ذات أبراج ، ولا أرض ذات مهاد ، ولا ظلمات بعضها فوق بعض ، ولا بحر لُجّيّ ، تدلج بين يدي المدلج من خلقك ، تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور ، غارت النجوم ، ونامت العيون ، وأنت الحيّ القيّوم ، لا تأخذك سِنة ولا نوم ، سبحان ربّ العالمين ، وإله المرسلين ، والحمد لله ربّ العالمين».

ثمّ تقرأ الخمس آيات من آخر آل عمران ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) إلى ( إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ) .

ثمّ تستاك ، وتتوضأ ، فإذا وضعت يدك في الماء فقل : «بسم اللّه وباللّه ، اللّهمّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين» فإذا فرغت فقل : «الحمد لله ربّ العالمين».

وإذا قُمت إلى الصّلاة فقل : «بسم اللّه وباللّه ، وإلى اللّه ، ومن اللّه ، وما شاء اللّه ،

ص: 170


1- الشيخ في التهذيب 2 : 287 ذ. ح 1153.
2- الكافي 3 : 445 ح 12 ، التهذيب 2 : 122 ح 467 ، الوسائل 4 : 731 أبواب تكبيرة الإحرام ب 13 ح 1.

ولا قوّة إلا باللّه ، اللّهم اجعلني من زوّارك ، وعُمّار مساجدك ، وافتح لي باب توبتك ، وأغلق عنّي باب معصيتك ، وكلّ معصية ، الحمد لله الذي جعلني ممّن يناجيه ، اللّهم أقبل عليّ بوجهك جلّ ثناؤك» ثمّ افتتح الصّلاة بالتكبير (1).

والقيام : هو عبارة عن نصب فَقَار الظهر (2) معتدل القامة ، والأحوط مراعاته في العنق إلا يسيراً للخضوع ، فإنّه ربّما كان سنّة ، وكثيراً ما يقع من الأتقياء ؛ لدلالته على الخضوع والخشوع ، كما يفعله العبيد بين يدي مواليهم. والأحوط أن لا يبالغ فيه.

والمُبالغ في تفريج الرّجلين ، وإخراج الركبتين ، وخفض الكفل ونحو ذلك ممّا يخرج عن هيئة القيام مُفسد صلاته.

والوقوف على القدمين معاً فيه واجب غير ركن ، وترك الجميع مخلّ كالسجدتين. والاعتماد على القدمين معاً سنّة ، وعلى الواحدة مكروه.

والمحافظة عليه فيهما من كمال الاحتياط.

وهو أحد أجزاء الصّلاة ، ولا تصحّ من القادر إلا معه على النحو المألوف في الفريضة مع الاختيار ، وفي النّافلة مع الاستقرار.

والرّكن منه المتّصل بالركوع الذي عنه يركع ، وعنه يتكوّن التقويس. وفي الأكوان الأُخر يتبع ما قارنه في وجوب من غير ركنيّة ، أو مع ركنيّة ، أو ندب ، كما في القراءة ، والقنوت ، وتكبيره ، ونحوها (3).

وكذا كلّ ما يركع عنه ، من جلوس ، أو نصبِ رأس ، أو جفن مع الوجوب بالأصالة ، أو بالعارض ، من عروض مُلزم شرعي ، من إجارة أو نذر ونحوهما.

ولا يُشترط في النّافلة باقية على الاستحباب قيام مع عدم الاستقرار ، في ركوب ومشي ونحوهما ، إلا مع عروض الوجوب ، فيلحق الغرض.

ص: 171


1- هذا كلّه ما رواه زرارة عن الباقر (عليه السلام) كما في الكافي 3 : 445 ح 12 ، والتهذيب 2 : 122 ح 467 ، والوسائل 4 : 731 أبواب تكبيرة الإحرام ب 13 ح 1.
2- فقارة الظهر الخرزة ، والجمع فقار. المصباح المنير : 478.
3- في «ح» زيادة : بمعنى جواز تركه مع تركه.

وأمّا الاضطجاع والاستلقاء ، فلا يجوز فيها إلا اضطراراً.

ولو تعلّق المُلزم بغير هيئة القيام ، لم ينعقد. وإلزام السيّد والوالد لا يخرجها عن حكم السنّة ، فلا يتعيّن فيها القيام. وحرمة القطع في النّافلة لا يلحقها بالواجب.

نعم لو وجب الإتمام بالعارض كما لو سبق منه النذر بأنّه إن وفّق اللّه له كذا وكان في صلاة أتمها قوي وجوب القيام في الباقي مع بقاء محلّه.

ولو نذر الجلوس مع عجزه ، وعوفي من حينه لم ينعقد. ولو حصلت له فُسحة ، فأهمل ، انتظر العارض إن أطلق ، وإلا كفّر.

وكلّ مُلزم تعلّق بما يخصّ النّافلة من المقوّمات كالقران ، والتبعيض في مثل صلاة الوصيّة والنّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم والأمير والزهراء عليها السلام ، ومثل صلاة الغفيلة ، ونحوها ، لم يغيّرها عمّا كانت عليه ، بخلاف ما كان من الرّخص ؛ لأجل المساهلة ممّا يعلم من تتبّع الأدلّة.

ونذر الوتيرة جلوساً والجلوس فيها لو صلاها لا مانع منهما. ولو نذر بعد الدّخول الإتمام ، أو عاهد أو حلف بصورة الدّعاء أو حصل شرط وجوب الإتمام بوجوه أُخر ، لحقه فيما بقي حكم الواجب.

وحالها بالنّسبة إلى المشي والركوب والكون في السّفينة أو الكعبة كحال الجلوس في الفرق بين نذرها مع القدرة ، ونذرها مع العجز.

وكما أنّ اعتدال القيام الذي عنه يركع ركن في الصّلاة (فيفسد لو كان عن جلوس ، فترك اعتدال الجلوس الذي عنه يركع ، مفسد بالنسبة إلى الجلوس الذي عنه يركع ، ومفسد بالنسبة إلى) (1) الاضطجاع على الأيمن ، والأيمن بالنّسبة إلى الأيسر ، والأيسر بالنّسبة إلى الاستلقاء.

فعلى الجالس نصب فقار الظهر ، وإيقاع الجلوس على القدمين أو الكفل إلى غير ذلك.

ص: 172


1- بدل ما بين القوسين في «ح» : كذلك اعتدال الجلوس عنه يركع وكذا.

وفي لزوم اعتدال القامة مُضطجعاً ، ومُستلقياً وجه قويّ ، والأقوى خلافه.

وما قارنَ منه أركان أُخر من نيّة بناءً على ركنيّتها ، والقول بأنّ الخطور مقوّمَها لقلّة الثمرة مع اعتبار الداعي في حقيقتها أو تكبيرة إحرام ركن. وقد يقال بإجراء حكم الركنيّة فيه بالنسبة إلى النيّة ، وإن قلنا بالشرطية.

والركن للمتنفّل القادر أحد أمرين : قيام أو جلوس ، وللرّاكب جلوس على ظهر الدابة في وجه ، أو قيام ، لا اضطجاع بقسميه ، ولا استلقاء.

وفي لزوم نصب فَقَار الظهر حال ركوبه ومشيه مع تعذّر الجلوس يرجع إلى ترتيب الفرض على إشكال.

والعاجز عن القيام في التمام يرتفع حكمه عنه رأساً ، وفي البعض في ذلك البعض خاصّة ، وتُقدّم التكبيرةُ على غيرها.

ولو دارَ بين الأغيار ، قُدّمَ المتّصل بالأركان. ولو دارَ بينها ، قدّم المقدّم منها ، ويُرعى الأشدّ وجوباً فيما عدا الأركان ، ويُحتمل تقديم المقدّم مطلقاً.

والعاجز عن مرتبة إنْ نوى الثانية عوض الأُولى جاءه حكمها ، وإنْ نواها على حالها ، بقيت على حالها. وتختلف بذلك حال النافلة في تضعيفها وعدمه ، وحال الصلاة الاحتياطيّة.

ولو قيل : باعتبار الصورة أو حال المرتبة الأُولى مطلقاً فيهما ، لم يكن بعيداً.

(والزوج من جلوس محتسب بفرد من القيام ، وكذا النوم وأقسامه الثلاثة ، ولا يلحق بذلك ما بين الأقسام الأربعة.

ولو خالفَ بين الركعتين بجلوس وركوب ومشي ، فلا بأس. وفي تبعيض الركعة إشكال ، فلو أتى بركعة جلوسيّة وأُخرى قياميّة ، فلا بأس ، وهكذا.

ولو جلس في الركعتين ، وقام ، فركع عن قيام ، احتُسبت له بصلاة القيام ، ولو خالفَ بينهما في أحد الوجوه ، وزّع الثواب على النسبة) (1).

ص: 173


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

والقيام الواجب لغير الركن كالقراءة ليس بركن.

ولا يجوز الاعتماد إلا لعُذر ، ويقتصر فيه على محلّ العجز. ولو دارَ جاءت مسألة الدوران ، ويقدّم الاعتماد في المرتبة السابقة أو بعضها على المرتبة الحقة.

ولو دارَ الأمر في الاعتماد بين الأركان وغيرها ، والأشدّ والأضعف ، جعل الراجح للراجح ، ويحتمل تقديم المقدّم.

ولو فقدَ ما يعتمد عليه ، توصّل إليه بشراء أو استيجار بثمن أو أُجرة لا يضرّان بحاله بالنسبة إلى جميع المراتب السابقة بالنسبة إلى الحقة ، من استقلال في قيام مع اعتدال ، ثمّ انحناء ، ثمّ اعتماد ، ثمّ استقلال جلوس ، ثمّ اعتماد ، ثمّ استقلال في اضطجاع يمين ، ثمّ اعتماد ، ثّم اضطجاع يسار ، ثمّ اعتماد في الكلّ ، ثمّ الأكثر من البعض ، ثمّ الأقل. وهكذا بالنسبة إلى الركوب والسفينة والمشي والكعبة ونحوها في تقديم الراجح.

والعجز عن القيام عُرفي ، وليس لقدرته على المشي مقدار الصلاة وعدمها مدخليّة.

ومتى تعارض شرط وشطر ، يُقدّم الشرط. (وفي) (1) تقديم الانحناء ، وتباعد الرجلين ، والميل إلى أحد الجانبين ، والوقوف على الرُّكبتين بعض على بعض إشكال.

ولو دارَ الأمر بين القيام والإتيان بالركوع والسجود إيماء ، وبين الجلوس ، والإتيان بهما على الوقف ، قدّم الأوّل. وتترتّب الأحوال بتقديم القيام فيها كلا عليه ، ثمّ مُبعّضاً ، ثمّ الجلوس كلا ، ثمّ مُبعّضاً ، ثمّ الاضطجاع على اليمين كلّا ، ثمّ (2) على اليسار كذلك ، ثمّ الاستلقاء.

ولو دارَ الحال بين الأخذ بمرتبة سابقة مع (3) فوات بعض الأفعال ، والأخذ بلاحقة سالمة من التفويت ، كما إذا دار بين القيام مومئاً ، والجلوس مع كونه راكعاً ساجداً ،

ص: 174


1- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : ثمّ الجلوس كلا ، ثم مبعّضاً ، ثمّ الاضطجاع على اليمين كلا ، ثمّ مبعّضاً ، وتترتّب الأحوال بتقديم القيام فيها كلا ، ثمّ مبعّضاً أنه في.
2- في «ح» زيادة : مبعّضاً.
3- في «ح» زيادة : كمال.

قدّمت السابقة على الأقوى.

ولو قامَ في القراءة لعروض القدرة ، سكتَ عنها حتّى يعتدل ويستقرّ.

ولو دار الأمر بين الجلوس مستقراً ، وبين المشي أو الركوب أو الكون في السفينة مثلاً أو الكعبة قائماً ، قدّم الأوّل على الثاني ، والأخيران على السابقين.

ولو دارَ بين المشي والعدو والركوب ، قوي تقديم المشي ، ثمّ العدو. ولو حصل في بعضها أوفقيّة في بعض الأفعال رجّح ، والاحتياط لا ينبغي تركه.

ونصب فَقَار الظهر في الجلوس للعَجز ، أو في النفل مع الاستقرار ، أو للتشهّد لازم ، ومع عدم إمكان الإتمام للفريضة أو للركعة يأتي بالممكن.

وفي اعتبار الاعتدال في الاضطجاع والاستلقاء وجه قويّ كما مرّ.

والتفريق بين الرجلين ، وإبراز الركبتين ، والميل إلى القدّام أو الخلف أو أحد الجانبين مُتفاحشة مُخرجة عن حكم القيام.

والأفضل للجالس العاجز جلوس القُرفصاء إن لم نوجبه ؛ لأنّه أقرب إلى هيئة القيام بوضع الأليتين والقدمين على الأرض مثلاً ، ونصب الفخذين والساقين.

وبعدها التربّع ، وهو جمع القدمين ، ووضع إحداهما على الأُخرى.

وقد يقال : بأفضليّة الحال الأُولى في مقام القراءة ومقام الركوع ، والثانية في مقام الجلوس.

ويُستحبّ لمن صلّى النافلة جالساً احتساب كلّ ركعتين بواحدة. وفي إلحاق الاضطجاع وما بعده والمركوب ونحوه به وجه.

ومن صلّى جالساً نفلاً ، استحب له أن يقوم للركوع ؛ لتحتسب له صلاة القائم ، ويستحب تورّكه حال التشهّد.

ولا يجب على العاجز مداواة بدنه للصّلاة ، ومع سهولة العلاج وسرعته يقوى ذلك ، ولا الانتظار ، وإن اتّسع الوقت كسائر أصحاب الأعذار.

ولو طرأ العجز في الأثناء ، أو طرأت القدرة ، أُعطي كلّ حكمه ، ولا يعاد السابق.

ولو قدر الجالس على القيام بعد الهوي قبل بلوغ حدّ الركوع ، قام ، وركع.

ص: 175

ولو ركع وقدر قبل الإتيان بالذكر الواجب ، قام منحنياً وذكر. والقول ببقائه على حاله حتّى يتمّ لا يخلو من قوّة.

وعلى الأوّل ، لو أتى ببعض التسبيحة الواجبة ، قطعها وأتمّها بعد الوصول إلى محلّ الراكع إن لم تفت الموالاة. ولو قدر بعد إتمام ذكر الركوع ، وجب القيام للهوي إلى السجود.

ولو تجدّدت في أثناء القراءة ، قام ساكتاً وأتم. ومع الإخلال بالموالاة يعيد.

وفي رواية عليّ بن جعفر عليه السلام عن أخيه موسى عليه السلام ما يعطي إجراء المسامحة في الواجب من النفل بالعارض ، حيث قال : سألته عن رجل جعل لله عليه أن يصلّي كذا وكذا ، هل يجزيه أن يفعل ذلك على دابته وهو مسافر؟ قال : «نعم» (1).

ولما ظهر لي من تتبّع الأدلّة من أنّ المسامحة فيها لكونها تطوّعاً ، ولأصالة شُغل الذمة ، والشك في شمول العمومات والإطلاقات ، وعدم صراحة الخبر في النذر ، وظهور إرادة العُذر من التقييد بالسفر ، واحتمال قصد رفع اشتباه الراوي في الفرق بين الفريضة النذريّة ؛ لعدم توقيتها مع العُذر ، واليوميّة ، وإمكان الحمل على ضيق وقت النذر ، واحتمال عدم قصد الإنشاء بلفظ الجعل ، تركت العمل عليها.

والذي يظهر من أحكام الطواف وشرائطه : عدم الفرق بين واجبه الأصلي والعارضي ، والطواف بالبيت صلاة.

ويُستحبّ له : أن يدعو أمام الصلاة بقوله : «اللّهمّ إنّي أُقدّم إليك محمّداً صلى اللّه عليه وآله وسلم بين يدي حاجتي ، وأتوجّه به إليك ، فاجعلني به وجيهاً في الدنيا والآخرة ، ومن المقرّبين ، واجعل صلاتي به متقبّلة ، وذنبي به مغفوراً ، ودعائي به مستجاباً ، إنك أنت الغفور الرحيم» (2).

والخشوع والخضوع ، والسكينة والوقار ، والخلوّ عن التناعس ، والتكاسل ، والتماهن ، والعجلة.

ص: 176


1- التهذيب 3 : 231 ح 596 ، الوسائل 3 : 238 أبواب القبلة ب 14 ح 6.
2- الكافي 2 : 544 ، الوسائل 4 : 708 أبواب القيام ب 15 ح 3 ، بحار الأنوار 84 : 37.

والنظر إلى موضع سجوده.

والاستقبال بإبهاميه ، بل جميع أصابعه القبلة.

ويجعل بين قدميه مقدار عرض ثلاث أصابع مُفرجات ، وأقل منها إصبع من مستوي الخلقة ، وأكثره شبر.

وقيام النحر.

وترك الحركة عن محلّه إلا لسدّ الخلل.

والكون كالخشبة اليابسة من شدّة الخشية.

وترك رفع البصر إلى السماء.

وإرسال يديه ، ووضعهما على فخذيه مقابل ركبتيه مضمومتي الأصابع.

وسدل منكبيه.

وترك العبث بالرأس ، والأنف ، والذكَر ، والثديين ، واللّحية ، والشارب ، والاشتغال بأُمور الدنيا وأفكارها ، والتثاؤب ، فإنّه وإن لم يكن اختياريّاً ، فمقدّماته اختياريّة ، والتمطّي ، والمخاط ، والبزاق ، ونقض الأصابع.

ويجوز الاعتماد على رجلٍ واحدة ، وعلى أصابع الرجلين ، والمراوحة بينهما على كراهة.

ويُستحبّ أن يستقبل بإبهاميه بل بجميع أصابعه القبلة ، واللّه يرفع بصره إلى السماء ، وأن يقوم قيام العبد الذليل بين يدي المولى الجليل.

الرابع : القراءة
اشارة

وهي (1) واجبة في الجملة في الفريضة ، وشرط في النافلة بغير خلاف ، إلا ممّن انقرض من بعض أهل الخلاف (2).

ص: 177


1- في «ح» زيادة : جزء من الصلاة مطلقاً و.
2- كالحسن بن صالح بن حي ، وابن عليّة ، والأصمّ ؛ فإنهم قالوا باستحبابها ، انظر المجموع 3 : 330 ، وعمدة القاري 6 : 9 ، والكفاية 1 : 255 ، والتذكرة 3 : 128.

وليست من ضروريات الدين ، ويقوى أنّها من ضروريات المذهب.

وليست رُكناً ، خلافاً لمن قال بالركنيّة في الجملة من بعض الإماميّة (1) ، وإنّما هي جزء تبطل الصلاة بتركها عمداً في كلّ ثنائيّة أو أحاديّة ، أو الأوّلتين من كلّ رباعيّة ، أو ثلاثيّة ، بالحمد وسورة واحدة ، لا بالحمد وحدها ، ولا مع بعضها ، ولا مع ثانية ، ولا مع بعض سورتين ، ولا بواحدة وبعض أُخرى ، في كلّ واجبة أصليّة أو عارضيّة.

ولو اختلف المجتهدان أو اختلف المقلّدان أو المختلفان في وجوب السورة ، وعدد التسبيحات ، ونحو ذلك ، أو حصول العجلة الباعثة على ترك السورة ، أو الاضطرار الباعث على ترك الفاتحة ، أو بعضها ، جاز اقتداء أحدهما بالآخر ، سواء علم أحدهما بحال صاحبه أو لا ، على إشكال ، ولا سيّما في غير الأخير.

وبدليّة الإمام في القراءة كبدليّة النائب في سائر الأفعال. ولو توافقا عملاً لا علماً ، فلا إشكال في الصحّة ، والمنع للاختلاف بالوجه لا وجه له.

والبسملة أية من الفاتحة ، ومن كلّ سورة ؛ فمن نقصها ، نقصهما.

ومجموع الضحى وأ لم نشرح وبسملتاهما سورة واحدة ، وكذا الفيل وقريش.

ولا يجوز القِران بين سورتين (2) ، بقصد الجزئيّة فيهما ، في الفريضة الواجبة أصالة أو بالعارض ، ما لم تكن مقوّمة.

وكذا العدول من سورة إلى سورة بعد بلوغ الثلثين ، آيات أو كلمات أو حروفاً ، ولعلّ الأقوى الأخير. والمدار على التخمين ، ولا يلزم التدقيق ، والأحوط مُراعاة النصف.

ومن سورة الإخلاص والجحد إلى غيرهما ، مع الدخول فيهما على الوجه الصحيح. فلو بسملَ لغيرهما ، ثمّ دخل فيهما ، عدل.

ولو عدل غافلاً عنهما ، ثمّ ذكر في الأثناء أو بعد الفراغ ، رجع إليهما إن لم تفُت الموالاة في وجه قويّ. وإن فاتت ، احتمل وجوب العود من المبدأ ، والبقاء على حاله

ص: 178


1- حكاه الشيخ في المبسوط 1 : 105.
2- في «ح» زيادة : ولا التبعيض بأقسامه في محلّ القراءة ، وليس منهما ما في القنوت والرّكوع ونحوهما ، ويختصّ المنع بما إذا أتى بهما.

بإتمام ما دخل فيها ، وبطلان الصلاة ، وخير الثلاثة أوسطها.

والتكرار في السور والآيات ليس من العدول.

وتكرار العدول فيه عدول عن الاحتياط ، ولا بأس بالتكرار احتياطاً ، أو إصلاحاً ، أو غير ذلك ، ممّا لم يُخلّ بالنظم.

ولا من أحدهما إلى الأُخرى.

ويجوز العدول منهما ، ومن غيرهما بعد تجاوز الثلثين ، إلى الجمعة والمنافقين في الجمعة وظهرها ، وللمتحيّر إذا أُرتِجَ عليه (1) ، أو منعه مانع شرعيّ ، كما إذا عرف العزيمة بعد الدخول فيها (2).

والمكرّر من سورة أو بعضها ، والمأتي به لكونه قراناً لا لكونه جزء صلاة لا يدخلان في المنع.

ويُعتبر في القراءة ما يُسمّى قراءة ، ولا يجزي حديث النفس ، والتقطيع ، والترديد ، ونحوها ممّا يخرجها عن اسم القراءة.

ولا يكفي إبراز المعنى بذكر مُرادفه ، من عربي أو عجمي أو غيرهما. وتلزم المحافظة على الحروف بالإتيان بما يدخل تحت اسمها.

ولا عبرة بالمخارج المقرّرة عند القرّاء ، وإنّما المدار على المخارج الطبيعيّة ، فلو خرجت عن الاسم كجعل الضاد والظاء زاءً ، والقاف غيناً ، أو بالعكس ؛ لمقتضى العجميّة ، أو القاف همزة ؛ لمقتضى الشاميّة ، أو الظاء ضاداً ، وبالعكس ؛ لمقتضى العجميّة ، أو اشتباه العربية ، فَسَدَت وأُعيدت ، أو أفسدت على وجه.

(وفي العجز يقوم العُذر ، ولا يجب الائتمام ، ومع القدرة والتقصير في التعلّم يجب ذلك) (3).

ص: 179


1- أُرتِجَ على القارئ : إذا لم يقدر على القراءة كأنّه منع منها. المصباح المنير : 218.
2- في «ح» زيادة : أو ما يضيق الوقت بها لو أتمّها أو حصل له باعث قويّ على القطع من عجلة لأمر مهمّ أو مدافعة خبث أو نحو ذلك بعد الدّخول فيهما.
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

والمحافظة على الحركات والسكنات الداخلة في الكلمات ، أو الإعرابيّة والبنائيّة ممّا يُعدّ تركه لحناً في فنّ العربيّة ، فمتى بدّل ، فقد أبطل القراءة ، أو هي مع الصلاة ، على اختلاف الوجهين.

ولو وقف على المتحرّك ، أو وصل بالساكن ، أو فكّ المدغم من كلمتين ، أو قصر المدّ قبل الهمزة أو المدغم ، أو ترك الإمالة والترقيق ، أو الإشباع أو التفخيم أو التسهيل ونحوها من المحسّنات ، فلا بأس عليه.

وإبقاء همزة الوصل في الوصل زيادة مُخلّة ، كما أنّ حذف همزة القطع فيه مُخلّ.

ولا تجب معرفة قراءة القرّاء السبعة ، وهم : حمزة ، وعاصم ، والكسائي ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، ونافع. ولا العشرة بإضافة يعقوب ، وخلف ، وأبي شعبة ، ولا التجسّس عليها ، وإنّما اللازم القراءة على نحو إعراب المصاحف ، وقراءة الناس.

ويجوز اتباع السبعة بل العشرة في عملهم لا في مذاهبهم ، كاحتسابهم السور الأربع أربعاً ، وإخراج البسامل من جزئيّة القرآن أو السور.

ثمّ لا يجب العمل على قراءتهم إلا فيما يتعلّق بالمعاني ، من حروف وحركات وسكنات بنية أو بناء ، والتوقيف على العشرة إنّما هو فيها. وأمّا المحسّنات في القراءة من إدغام بين كلمتين أو مدّ أو وقف أو تحريك ونحوها فإيجابها كإيجاب مقدار الحرف في علم الكتابة ، والمحسّنات في علم البديع ، والمستحبات في مذاهب أهل التقوى.

ولو أنّ مثل هذه الأُمور مع عدم اقتضاء اللسان لها من اللوازم ، لنادى بها الخطباء ، وكرّر ذكرها العلماء ، وتكرّر في الصلوات الأمر بالقضاء ، ولأكثروا السؤال في ذلك للأئمة الأُمناء ، ولتواتر النقل ؛ لتوفّر دواعيه.

ومراعاة قراءة أُبيّ لا تخلو من رجحان ؛ لما دل على أنّها توافق قراءة الأئمّة عليهم السلام ؛ لقول الصادق عليه السلام إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال ، وإنما نحن فنقرأ على قراءة أُبي (1).

ص: 180


1- الكافي 2 : 463 ح 27 ، الوسائل 4 : 821 أبواب القراءة ب 74 ح 4.

وتصفية الحروف لا عبرة بها ، وكذا تمكينها ، وإن توقف عليهما تحسينها ، لكنّها سنّة.

ويجب الترتيب بين الفاتحة والسورة ، وبين آيات كلّ منهما ، فلو قدّم مؤخّراً بقصد الجزئيّة عامداً عالماً بالحكم أو جاهلاً به بطلا ، وأبطلا أيضاً على اختلاف الوجهين.

ولو كان ساهياً أو ناسياً أعاد المقدّم عن تأخير ، دون المؤخّر عن تقديم ، ما لم يترتّب خلل من خارج.

ولا تجوز قراءة ما يفوت أو يضيق الوقت بقراءته ، فلو قرأ شيئاً من السور يقضي بضيق الوقت عن الصلاة ، بطل ، أو أبطل أيضاً.

ولو فعل ذلك سهواً ، قطع إن وسع الوقت قراءة غيرها ، ولو بلغ النصف أو الثلثين ، ولا إثم ، وإلا قطع وأتمّ صلاته.

ولا تجوز قراءة سورة من العزائم ، ولا آية سجودها ، ولا استماعها في الفريضة بالأصل ، أو بالعارض.

فلو قرأ شيئاً من سورة العزائم ، وذكر قبل قراءة أية السجدة ، قطعها مطلقاً ، وعدل إلى غيرها. ومع الضيق أو قراءة الآية يسجد ويتم ، كما لو استمعها في الصلاة. وتخصيص الحكم بالسجود قبل الإتمام بالفعل أقوى.

والظاهر جواز قراءتها عمداً في النوافل ، ووجوب البدار إلى السجود فيها ، والأحوط الإعادة أو القضاء.

ولا تجوز القراءة بالمصحف (ولا المتابعة) (1) بالفريضة الواجبة أصالة أو بالعارض ، وتجوز في النافلة.

ويجب التعلّم على غير المحسن للقراءة أو التكبير أو الأذكار الواجبة ، فإن أخّر عن عُذر أو تقصير حتّى ضاق الوقت ، صحّ فيهما ، وأثم في الأخير. والظاهر عدم سقوط وجوب التعلّم مع التمكّن من الائتمام ؛ وإذا ائتم ، صحّت صلاته ، وكان عليه الإثم.

ص: 181


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ويجوز إعطاء الأُجرة للمعلّم ، وإن حَرُمت عليه.

ومع ضيق الوقت عن التعلّم يأتي بالممكن ، ولا يجوز له الاشتغال بالتعلّم ، وتكفي المظنّة فيها مع الاطمئنان.

ولو دار الأمر بين الفاتحة كلا أو بعضاً ، وبين السورة كلا فضلاً عن البعض ، رجّحنا الفاتحة. ولو دار الأمر بين القراءة وبين واجبات أُخر ، قُدّمت ؛ لتقدّمها. ويحتمل اعتبار الترجيح.

(ولو دار الأمر بين قراءة الأوّلين من الحمد والسورة واخرهما ، قُدّم الأوّلان. ولو دار بين قراءة الحمد فضلاً عن السورة والقيام ، قُدّم القيام ، وفي بعض الأخبار تقديم السورة فضلاً عن الفاتحة عليه (1) ، ولا عمل عليه) (2).

ويجب الجهر بالقراءة ، وما قام مقامها مع العجز في الصبح وأولتي العشاءين على الرجال ، والخناثى المُشكلة ، والممسوحين ، دون النساء.

والظاهر أنّه يُستحبّ للمرأة الجهر إذا كانت إماماً للنساء بحيث تُسمعهنّ.

والإخفات على الجميع في أوّلتي الظهرين ، وفي أخيرتيهما ، وأخيرتي العشاءين ، فيها وفي البدل الاختياري أو الاضطراري من العاجز.

(وفي صورة جواز العدول يستوي الموافق والمخالف ، ويختصّ حكم المعدول إليه بما بعد العدول ، وفي الاحتياط عن فريضة دائرة بين الأمرين يتخيّر بين الأمرين ، وكذا في صلاة الجمعة وظهرها) (3).

فلو جهر في موضع وجوب الإخفات أو بالعكس عامداً عالماً بالحكم ، بطلت قراءته ، وأعاد ، وأبطلت أيضاً (4). ومع الجهل والنسيان تصحّ ، ولا إعادة فيها ، ولا في بدلها ، لا كلا ، ولا بعضاً.

والمدار على ما يُسمّى جهراً وإخفاتاً عُرفاً ، والتحديد غير سديد.

ص: 182


1- انظر المبسوط 1 : 100 ، والكافي 3 : 457 ح 5 ، والوسائل 4 : 736 أبواب القراءة ب 4 ح 1.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
4- في «ح» زيادة : على إشكال.

وتُشترط فيها الموالاة بحيث لا يختلّ نظمها وهيئتها بفاصل مُعتدّ به أو سكوت طويل.

وفصل الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وتسميت العاطس ، وقليل الذكر ، وردّ السلام ونحوها ليست بمُخلّة. ولو أخلّت بنظمها ونظم الصلاة ، بطلا. وإن اختصّ الاختلال بها فقط ، فَسَدَت ولم تُفسد في وجه قويّ وأُعيدت.

ويجوز ترك السورة للمريض ، والمستعجل ، وماسك البول والغائط ، وخائف فوات الركعة مع الجماعة.

ومن عجز عن السورة ، اقتصر على الفاتحة ، ولا تلزم الترجمة.

ومن خاف سبق الإمام في الركعة الأُولى أو غيرها ، ترك الفاتحة أيضاً.

ومن عجز عن الفاتحة بتمامها ، قرأ من غيرها بمقدارها من غير زيادةٍ ولا نقصٍ في الحروف أو الكلمات أو الآيات ، مع السورة الواحدة ، أو مع بعضها ، أو بقدرها ، أو قدر بعضها. والأقوى سقوطها في القسمين الأخيرين ، كلّ ذلك مع إمكان الضبط.

فإن عجز عنها ، ترجمها بالعربي إن أمكن ، وإلا فبغيره ؛ مُقدّماً للعربي المحرّف على غيره.

وفي تقديم الفارسي أو العبراني أو السرياني ونحوهما ممّا جاء في الكتب على غيرها وجه.

ويحتمل عدم جواز الترجمة ؛ لدخولها في الكلام.

وفي تقديم التكرار على البدل وجه ، فإن عجز أتى من الذكر بمقدارها.

وفي تقديم التسبيحات في الأخيرة على غيرها وجه ؛ فإن عجز ، أتى بترجمتها على نحو ما ذكر.

وإن اختصّ العجز بالبعض ، أضاف البدل إلى الأصل.

وتنبغي مُلاحظة هذا التفصيل : وهو أنّ من عجز عن قراءة السورة على النحو المقبول (1) سقط وجوبها عنه.

ص: 183


1- في «م» «س» : المنقول.

وأما الفاتحة ، فإن عَجَزَ عنها أو عن بعضها مُعرَباً ، أتى به ملحوناً.

فإن عجز ، أتى من القرآن ثمّ من الذكر بمقدارها. وأولاه وفقاً للخبر : التسبيح والتكبير والتهليل بصفتها المعروفة (1).

فإن عجز ، ترجم القراءة على مقدار العجز بِلُغة أُخرى ، مُخيّراً فيها ، أو مُقدّماً للغة الصحف المنزلة ، عبرانيّة أو سريانيّة ، أو الفارسيّة على غيرها ؛ لقربها إلى العربيّة.

فإن عجز ، ترجم الذكر المخصوص ، أو مُطلق التسبيح مع العجز عن المخصوص كلا أو بعضاً.

فإن عجز ، ترجم مُطلق الذكر. وفي تقديم تكرار كلّ مرتبة سابقة على لاحقة ، وتكرار ترجمتها على ترجمتها وجه.

ومع القدرة على البعض مُفرداً أو مُكرراً يقتصر على الآية ، والكلام المفيد ، أو مُطلق الكلمات أو الحروف المفيدة للمعنى ، أو مطلقاً ؛ وجوه.

وفي ملاحظة المساواة بين البدل والمبدل ، هل تلحظ الآيات ، أو الكلمات ، أو الحروف ؛ وجوه.

وفي ملاحظة الصفات في الأبدال ، من الأسماء ، والأفعال ، والحروف ، والمشتقّات ، والمعارف ، والنكرات ، ونحوها ؛ وجوه.

وفي مقام التخيير في الأخيرتين يتعيّن الذكر ، ومع العجز يتخيّر بين الترجمتين.

فإن عجز عن الجميع ، رجع إلى الدعاء مُصرّحاً ، ثمّ مترجماً.

وفي جميع التراجم يُلحظ الأقرب فالأقرب إلى المعنى.

والظاهر التوسعة في الأمر ، وعدم المضايقة إلى هذا الحدّ ، (وفي ترجيح ترجمة القراءة على ترجمة الذكر بحث ، والعاجز عن المقدّم يأتي ببدله ، ثمّ بالمؤخّر) (2).

والعاجز بالمرّة والأخرس يلوكان لسانهما ، ويُشيران. ويحتمل قويّاً وجوب إظهار صوت لوك اللسان في الجهر ، وإخفائه في الإخفات.

ص: 184


1- التهذيب 2 : 147 ح 575 ، الاستبصار 1 : 310 ح 1153 ، الوسائل 4 : 735 أبواب القراءة ب 3 ح 1.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

وتجب القراءة عن ظهر القلب في الفريضة ، (فإن عجز تبع في القراءة) (1) فإن عجز قرأ بالمصحف بدل ما عجز عنه. والقادر على المأموميّة ليس بعاجز.

ومَن عجز عن قراءة أو ذكر أو دعاء واجبة وأبدالها ، سكت مُستقرّاً على حاله بمقدارها. وفي المندوبات يقوى عدم اعتبار ذلك.

ويجب الائتمام على العاجز عن التعلّم لفقد المُعلّم أو ضيق الوقت ، دون الأخرس والألثغ (2).

ولو وجد الملقّن في أثناء البدل ، أعادَ ما لم يركع.

ولو اشتملت هي أو غيرها من الأذكار الواجبة أو المستحبّة على كلام ، فسدت وأفسدت.

وتجزي الفاتحة وحدها في ثالثة المغرب ، وثانيتي الظهرين والعشاء.

وتجزي عنها التسبيحات الأربع ، يقول : «سبحان اللّه ، والحمد لله ، ولا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر» مرّة واحدة ، مع نسيان القراءة في الأوّلتين وعدمه. وتكرارها ثلاثاً ليكون اثنى عشر فصلاً أحوط.

ولا تجوز الزيادة على الفاتحة ، ولا الاثني عشر بقصد الجزئيّة ، وأمّا بقصد الذكر والقراءة فلا بأس.

وورد الاكتفاء بعشرة ، بإسقاط التكبيرتين الأوّلتين (3) ، وبتسع ، بإسقاط التكبيرات جملة (4) ، ولا بأس بالعمل على الجميع ، غير أنّه لا ينبغي الانحراف عن الاثني عشر.

وأمّا ما روي من الاكتفاء بقول : «الحمد لله ، وسبحان اللّه ، واللّه أكبر» (5) وبقول «سبحان اللّه» ثلاثاً (6) ، فلا نعمل عليه.

ص: 185


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- اللُّثغة : حُبسة في اللسان حتى تصير الراء لاماً أو غيناً ، أو السين ثاءً. المصباح المنير : 549.
3- الفقيه 1 : 256 ح 1158.
4- المعتبر 2 : 189 ، البحار 82 : 88.
5- التهذيب 2 : 99 ح 372 ، الاستبصار 1 : 322 ح 1203 ، الوسائل 4 : 793 أبواب القراءة ب 51 ح 7.
6- الفقيه 1 : 256 ح 1159 ، الوسائل 4 : 782 أبواب القراءة ب 42 ح 7.

ولو أراد قسماً فأزاد عليه أو بدّله بغيره ، فلا بأس.

والمخيّر لا يتعيّن بالاختيار ، فيجوز العدول من كلّ من القراءة والتسبيح إلى الأخر ، بعد الدخول في الأخر. وفي تكثّر العدول عدول عن الاحتياط ، وللفرق بين القصد وعدمه وجه.

والظاهر أنّ الزائد على الموظف سنّة ، لا واجب مخيّر.

والظاهر عدم جواز التلفيق بين الأقسام ، ويجب الترتيب بين الفصول على الأقوى.

ولا بدّ من المحافظة على العربيّة في حروفها وحركاتها وسكناتها وواوات العطف.

ولو تعذّر أحد الأمرين من الفاتحة والبدل ، تعيّن الأخر ، ويأتي بالممكن منهما.

وإذا دار الأمر بين الترجمتين ، تخيّر فيهما ، ويجزي في ترجمة الذِّكر ما جرى في ترجمة الفاتحة.

ويجوز الوقف على الفصول والوصل ، والأوّل أولى. والوقوف على آخر الفصول بالحركة لا مانع منه ، والأحوط تركه.

والتسبيح أفضل من القراءة للإمام ، والمأموم ، والمنفرد.

ويجوز تخصيص إحدى الركعتين بالقراءة ، والأُخرى بالذكر ، ولا يجوز التلفيق في واحدة.

وتجب الموالاة من غير سكوتٍ طويل أو كلامٍ مُذهبين للهيئة فيهما ، فإن حصل خلل في هيئة الصلاة أيضاً فسدت ، وإلا ففي الاكتفاء بإعادة القراءة مثلاً وإتمام الصلاة ، والحكم بفساد هما ؛ وجهان.

وإذا انقطع النَّفَس على كلمةٍ ، لم يلزم الوقف عليها وإن أوجبناه ، ثمّ إن شاء أعادها ، وإن شاء مضى.

وإذا انقطع على ما فيه همزة وصل وأعادها ، قطع الهمزة.

وإذا انقطع على نصف كلمة أو على ما هو بمنزلتها ، (من عاطف) (1) أو لام تعريف أو

ص: 186


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

أداة شرط أو استفهام أو مضاف أو نحوها ، فإن شاء أتمّ ما لم يحصل خلل بالموالاة ، كلّ على حسب حاله ، وإن شاء رجع إلى المتّصل فقط ، وإن شاء رجع إلى جميع ما يرتبط به.

وسؤال النعمة ، والاستعاذة من النقمة ، وردّ السلام ، وتسميت العاطس ، جوابه ، والصلاة على النبي وآله ، والدعاء للدنيا والآخرة ، ونحوها ممّا لم يؤدّ إلى محو الهيئة لا بأس به.

(وروى أنّ من لم يحسن القراءة يكبّر ويسبّح ، وأن المستعجل في صلاة النافلة تجزيه تسبيحتان (1) ، ويجري في بدل الفاتحة والسورة والبسملة ما يجري فيها. وفي ائتمام كل صاحب مرتبة عُليا بصاحب سُفلى إشكال ، وبالأعلى وبمثله في محلّه بمقداره لا إشكال) (2).

ويُستحب فيها أُمور :

منها : الجهر بالبسملة في مواضع الإخفات ، في الفرض والنفل ، ما تعيّن فيه وما لا يتعيّن ، كالأخيرتين.

والأقوى تخصيصه بالذكور ، وفي إلحاق الخناثى المشكلة والممسوحين بهم احتياط في تحصيل الثواب ، مع القول بعدم ترجيح أحد الأمرين في حقّ النساء. وليس بواجب في أوّلتي الظهر ، ولا في غيرهما.

قيل : ومنها : تطويل قراءة الركعة الأُولى (3) ، ولعلّه يفهم من تتبع الأخبار.

ومنها : الجهر بالقراءة مُطلقاً في البسملة وغيرها ، وإن تضاعفت جهة الاستحباب فيها في الجمعة وظهرها ، إماماً أو مُنفرداً ، وفي الإمام آكد. والأحوط الإخفات فيما عدا البسملة في الظهر.

ومنها : الترتيل في القراءة ، وفسّر بالترتيل بغير بغي ، وبيان الحروف وإظهارها من

ص: 187


1- انظر الوسائل 4 : 735 أبواب القراءة ب 3.
2- ما بين القوسين إضافة في «ح».
3- الدروس 1 : 175.

غير مدّ يشبه الغناء. وبحفظ الوقوف ، وأداء الحروف ، وبالبيان من غير مبالغة. وبحسن التأليف ، والتمهّل ، وفصل بعضه عن بعض (1).

وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام في تفسير قوله تعالى ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) (2) أنّه قال بيّنه بياناً ، ولا تهذّه هذّ الشعر ، ولا تنثره نثر الرمل ، ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية ، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة (3). وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أنّه تقطيع القراءة أية أية ، وعدم دمجها (4) ، وروى (أنّه عبارة عن التمكّث فيه ، وتحسين الصوت» (5) والكلّ متقارب ، ولا بأس بالعمل على الجميع ، والظاهر جري السنّة في الأذكار.

ومنها : الوقوف في محالّها ، وتدخل في الترتيل على الظاهر ، وروى : أنّه تكره قراءة التوحيد بنفس واحد (6).

ومنها : استحباب العدول إلى التوحيد لمن غلط في سورة ، والاقتصار على من استمرّ غلطه.

ومنها : تنبيه المأموم الإمام على غلطه ، وفي وجوبه لنيابته عنه ، أو انفراده ، أو عدم الوجوب وجوه ، أقواها الأخير.

ومنها : ترك قراءة الحمد والسورة بنفس واحد.

ومنها : الاستعاذة في كلّ فرض ونفل ، والظاهر أنّه استحباب في استحباب ، ويستحبّ الإسرار بها كما عليه الفقهاء. ويلوح من بعض الأخبار أنّها قبل القراءة في أوّل ركعة من فريضة أو نافلة (7).

ص: 188


1- انظر لسان العرب 11 : 265.
2- المزمل : 4.
3- الكافي 2 : 449 ح 1 ، الوسائل 4 : 856 أبواب قراءة القرآن ب 21 ح 1. وهذّ قراءته أسرع فيها. المصباح المنير : 636.
4- النهاية لابن الأثير 2 : 194 ، مجمع البيان 5 : 378 ، الوسائل 4 : 856 أبواب قراءة القرآن ب 21 ح 5.
5- مجمع البحرين 5 : 378 ، مجمع البيان 5 : 378 ، الوسائل 4 : 856 أبواب قراءة القرآن ب 21 ح 4.
6- الكافي 2 : 451 ح 12 ، وج 3 : 314 ح 11 ، الوسائل 4 : 754 أبواب القراءة ب 19 ح 1 ، 2.
7- انظر الكافي 3 : 310 ح 7 ، والتهذيب 2 : 67 ح 244 ، الوسائل 4 : 800 أبواب القراءة ب 57 ح 1 ، 4.

وأكمل صورها : «أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم» ، ودونها (أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم» أو «أستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم».

ومنها : أنّه تُستحبّ سكتتان : إحداهما بعد الفراغ من الحمد ، والأُخرى بعد السورة.

ومنها : أنّه إذا مرّ بآية فيها ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) أو ( يا أَيُّهَا النّاسُ ) قال : لبّيك ربّنا. وإذا مرّ بآية رحمة سألها ، وبآية غضب استعاذ باللّه تعالى منه.

ومنها : أنّه إذا قرأ سورة التوحيد قال : كذلك اللّه ربّي.

ومنها : التوجه أمامها ، وقد مرّ بيانه.

ومنها : قراءة المفصّل ، ولعلّ تسميته باعتبار كثرة فصوله. واختلف في تفسيره من جهة المبدإ ، ولا خلاف بين الناس في أنّ أخره سورة الناس ، فقيل : مبدؤه سورة محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم (1) ، وهو القول المؤيّد ، وقيل : «ق» (2) : ، وقيل : الضحى (3) ، وقيل : الحجرات (4) ، وقيل : الجاثية (5) ، وقيل : الصافّات (6) ، وقيل : الصفّ (7) ، وقيل : الفتح (8) ، وقيل : تبارك (9) ، وقيل : الرحمن (10) ، وقيل : الإنسان (11) ، وقيل : سبّح (12) ، وفي بعض الأخبار : أنّه ثمان وستّون سورة (13) ، والعمل بالجميع لا بأس به.

ومنها : أنّه يستحبّ في صلاة الصبح وصلاة اللّيل قراءة طوال المفصّل ، وفي العصر

ص: 189


1- عزاه الماوردي للأكثرين ، انظر البرهان للزركشي 1 : 342 ، والإتقان للسيوطي 1 : 221.
2- حكاه عيسى بن عمر عن كثير من الصحابة ، قاله الماوردي في تفسيره ، انظر البرهان للزركشي 1 : 342.
3- عزاه الماوردي لابن عباس ؛ حكاه الخطابي في غريبه ، نظر البرهان للزركشي 1 : 344.
4- صحّحه النووي ، كذا نقله عنه السيوطي في الإتقان 1 : 221.
5- حكاه القاضي عياض ، كما في الإتقان السيوطي 1 : 221.
6- حكاه ابن أبي الصيف اليمني في نكت التنبيه ، كما في البرهان للزركشي 1 : 343.
7- حكاه ابن أبي الصيف اليمني في نكت التنبيه ، نقله عنه في الإتقان 1 : 221.
8- حكاه الدزماري في شرح التنبيه ، المسمى رفع التمويه ، كما في البرهان 1 : 343.
9- حكاه ابن أبي الصيف اليمني في نكت التنبيه ، نقله عنه في البرهان 1 : 343.
10- حكاه ابن السيد في أماليه على الموطأ ، وقال : إنّه كذلك في مصحف ابن مسعود ، انظر البرهان 1 : 344.
11- ذكره الزركشي في البرهان 1 : 344 ، والسيوطي في الإتقان 1 : 221.
12- حكاه ابن الفركاح في تعليقه على المرزوقي ، كما في البرهان 1 : 344 ، والإتقان 1 : 221.
13- انظر البحار 65 : 324.

والمغرب قصاره ، وفي الظهر والعشاء متوسّطاته.

وفي خصوص صبح الاثنين والخميس في الأُولى هل أتى وفي الثانية هل أتاك ليكفى شرّ اليومين.

وفي صبح الجمعة وروى في مغربها وعصرها (1) سورة الجمعة والتوحيد ، وفي صلاة الجمعة وظهريها سورة الجمعة والمنافقين ، وفي عشائها بالجمعة والأعلى ، وروى في مغربها أيضاً (2) ، وروى بالجمعة والمنافقين (3) ، والسور المخصوصة في الفرائض والنوافل كثيرة تُطلب في محالها.

ويُستحبّ في النوافل أُمور :

منها : الجهر بالقراءة وربّما أُجري في مطلق الذكر في نوافل اللّيل ، وتتبعها نافلة الفجر ، والإخفات في نوافل النهار.

ومنها : قراءة الجحد في الأُولى من ركعات الزوال ، ونوافل المغرب ، ونوافل اللّيل ، ونافلة الفجر ، وركعتي الإحرام ، ويتبعها أوّل ركعتي الطواف ، وأوّل ركعتي الصبح إذا أصبح بها. وفي الثانية من السبعة التوحيد. وروى : أنّ وضع الجحد في الأُولى مخصوص بركعتي الفجر (4).

ومنها : قراءة سورة التوحيد ثلاثين مرّة في كل من الركعتين الأوّلتين من نافلة اللّيل.

ومنها : قراءة سورة التوحيد ثلاثين مرّة في الأُولى من الركعتين الأوّلتين من نافلة اللّيل ، وسورة الجحد ثلاثين مرّة في الثانية ، كما ذكره المفيد (5).

ومنها : قراءة التوحيد في ثلاث الوتر ، مع تعقيبها بقول : «كذلك اللّه ربّي». وروى : المعوّذتان في الأوّلتين ، لكلّ واحدة واحدة على الظاهر ، وفي الثالثة

ص: 190


1- التهذيب 3 : 5 ح 13 ، الوسائل 4 : 789 أبواب القراءة ب 49 ح 4.
2- ثواب الأعمال : 146 ، الوسائل 4 : 790 أبواب القراءة ب 49 ح 8.
3- قرب الإسناد : 98 ، الوسائل 4 : 790 أبواب القراءة ب 49 ح 9.
4- التهذيب 2 : 74 ح 274 ، الوسائل 4 : 751 أبواب القراءة ب 15 ح 2.
5- المقنعة : 122.

التوحيد (1). وروى : في ركعتي الشفع في كلّ واحدة التوحيد ثلاثاً ، وفي الوتر التوحيد ثلاثاً ، والمعوّذتان مرّة مرّة (2) ، ويحتمل ثلاثاً ثلاثاً حتّى يكون أوتر بتسع سور ، كما تضمّنه الخبر (3).

وروى : جواز أن يؤخّر بعض قراءة سورة النافلة إلى ما بعد الفراغ (4).

(وروى : بعد استفتاح صلاة اللّيل قراءة أية الكرسي والمعوّذتين ثمّ القراءة (5)) (6).

ومنها : القِران بين السور ، وكلّما تعدّدت كانت أفضل ، والتبعيض من سورة مع سورة أو بعض سورة ، والعدول من سورة إلى أُخرى من جحد وإخلاص وغيرهما قبل بلوغ الثلثين ، وبعده إذا تضمّنتا رجحانيّة ، وإلا جاز من غير رجحان.

ولا يُشترط تعيين البسملة للفاتحة ، وكذا السورة ، بل يكفي إطلاقها مُعتادة أو لا. ويُشترط عدم التعيين لغيرها في الفريضة ، فلو فعل عمداً بطل أو أبطل أيضاً ، وسهواً يأتي بالوفق مع بقاء المحل. ولا يشترط عدم التعيين لغيرها في النافلة ، ويجوز إطلاقها.

ويجب الاستقرار وقت القراءة كغيرها من الأفعال والأذكار المعتبر فيها الاستقرار ، فلو أراد التخطّي والحركة الجائزين سكت حتّى يستقرّ.

وينبغي تدبّر معاني القراءة ، ومُطلق الذكر والدعاء في الفرائض والنوافل ، ومُطلق القراءة. ومقارنتها بالخضوع والخشوع. وعدم الجهر المُفرط في الجهريّة ، إلا لإعلام الجماعة من الإمام أو بعض المأمومين ، والإخفات بحيث يتوهّم فيه عدم صدق القراءة ، وعدم قراءة سورة التوحيد بنفس واحد. وعدم تكرار السورة الواحدة في ركعتين ، ورخّص في التوحيد.

ومُراعاة أفضل السور ، وأحمزها ، وأوفقها بالمقاصد ، وقول : كذلك اللّه ربي

ص: 191


1- التهذيب 2 : 127 ح 483 ، الوسائل 4 : 798 أبواب القراءة ب 56 ح 5.
2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 181 ، الوسائل 3 : 39 أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 24.
3- مصباح المتهجد : 132 ، الوسائل 4 : 799 أبواب القراءة ب 56 ح 10.
4- قرب الإسناد : 96 : ، الوسائل 4 : 802 أبواب القراءة ب 60 ح 1.
5- التهذيب 2 : 334 ح 1379 ، الوسائل 4 : 729 أبواب تكبيرة الإحرام ب 11 ح 2.
6- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ثلاثاً ، بعد قراءة التوحيد.

ثم القراءة متبعة ، فتُبنى على الرواية دون الدراية ، فلا تجوز القراءة باللّحن ، ولا بما وافق العربيّة ، وخالف السيرة المرعيّة. وتجوز القراءة مع الموافقة لأحد القراءات السبع ، بل العشر كما مرّ.

وعن الصادق عليه السلام أنّه قال إنّ ابن مسعود إن كان لا يقرأ بقراءتنا فهو ضالّ ، وأمّا نحن فنقرأ على قراءة أُبي (1). وما روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إنّ الرجل الأعجمي من أُمّتي ليقرأ القرآن بعجميّته ، فترفعه الملائكة على عربيّته (2) محمول على الاضطرار ، أو على لُكنة عجميّة لا تخرجه عن اسم العربيّة.

وروى : «أنّ الدعاء الملحون لا يصعد إلى اللّه تعالى» (3) ، ولعلّ المراد بالملحون ما فقد بعض شرائط القبول ؛ لأنّ الظاهر أنّ اللّحن في السنن غير مُفسد.

ولو غلط في بعض حروف آخر الكلمة ، تخيّر بين إعادتها من الأصل ، وبين الاقتصار على التتمّة ، مع عدم فصل مُخلّ.

ولو أعاد كلمة أوّلها همزة وصل ، واقتصر عليها قطع الهمزة ، وإن أعادها ، وما قبلها حذفها.

ولو حصل له شكّ في كلمة أو بعض كلمة ، قرأ بالوجهين ، وصحّت على الأقوى (4). واحتمال وجوب الرجوع إلى سورة أُخرى غير خالٍ عن الوجه ، ولا سيّما إذا كان في محلّ العدول.

ويجب على العامي الرجوع إلى العارف في معرفة الصحيح من القراءة ، والأذكار الواجبة.

ص: 192


1- الكافي 2 : 463 ح 27 ، الوسائل 4 : 821 أبواب القراءة ب 74 ح 4.
2- الكافي 2 : 453 ح 1 ، الوسائل 4 : 866 أبواب قراءة القرآن ب 30 ح 4.
3- عدّة الداعي : 18 ، الوسائل 4 : 866 أبواب قراءة القرآن ب 30 ح 3.
4- في «ح» زيادة : وفي أثناء الصلاة إشكال.

واللّحن في المستحبّ لا يقضي بفساده. والدعاء بالفارسيّة في قنوت أو غيره لا يُفسد الصلاة ، والأحوط اجتنابه.

ولو شكّ في صلاته السابقة هل كانت قراءتها صحيحة أو لا ، بنى على الصحة. ومتى دخل في شي ء منها قليل أو كثير ، وشكّ فيما سبق ، فلا اعتبار بشكّه. وكذا كثير الشكّ.

(ويكره قراءة سورة واحدة في ركعتين من الفريضة ، وروى استثناء التوحيد ولا بأس) (1).

ولا بأس بقراءة شي ء من القرآن في القنوت ممّا يلائم الدعاء إذا قصد به الدعاء ، بل مطلقاً ، ولا يدخل في القِران والتبعيض.

ويحرم التأمين بعد الفاتحة ، وفي أثناء الصلاة مطلقاً ؛ للنّصوص ، لا لأنّه ختام ، فهو كلام.

ولا لكونه اسماً من أسماء اللّه تعالى ؛ لعدم ثبوت ذلك ، وعدم المنع على تقدير ذلك.

ولا لأنّه اسم للفظ لا للمعنى ، كسائر أسماء الأفعال ؛ إذ الكلّ في محلّ المنع.

ولو قصد به الدعاء دون الخصوصيّة ، احتمل الجواز ، والاحتياط في تركه مطلقاً. ولو قالها تقيّة فلا مانع.

ومن كان مُستأجراً على قراءة سورة مُستقلّة ، أو في ضمن القرآن ، فإن ظهر له غلط بعد التمام ، أعادها من رأس مع فوات الموالاة.

ومن استوجر على قراءة القرآن فلم يعلم بالخطإ حتّى قرأ غير ما أخطأ فيه من السور المتعقّبة ، أو ختم وأتمّ ، فليس عليه سوى إعادة تلك السورة. هذا إذا لم يدخل في البين شرط ، وإلا اتبع الشرط.

وحكم قضاء القراءة كحكم أدائها في الكيفيّة ، (وروى : أنّه يُستحبّ التحميد

ص: 193


1- ما بين القوسين ليس في «ح».

سبعاً ، والتسبيح سبعاً ، والتكبير سبعاً ، والحمد والثناء ، ثمّ القراءة) (1).

الخامس : الركوع

وهو في اللُّغة : الانحطاط بعد الرفعة ، والاقتصار بعد الغناء قال :

لا تهن الفقير علّك أن *** تركع يوماً والدهر قد رفعه(2)

وقد يلحق بها : الضعف بعد القوّة ، والطعن بالسنّ بعد الكهولة ، والفترة والعجز بعد القدرة ، وربّما رجعت (3) الآخرة إلى الأوّل.

وفي الشرع فضلاً عن المتشرّعة : تقويس الظهر على البطن ، والصدر بحيث تنال أطراف أصابعه مع استواء خلقته أعلى رُكبتيه ، كما ينبئ عنه ظاهر العُرف ، وآداب المرأة (4) ، والأحوط اعتبار راحتيه.

وإلى المستوي المرجع مع عدم الاستواء في الأعضاء ، بقصر اليدين أو طولهما ، أو ارتفاع الركبتين عن محلّهما ، أو هبوطهما.

فلو انخنس ، بأن قوّس بطنه وصدره على ظهره ، أو قوّس أحد جانبيه على الأخر ، أو خفض كفليه ، أو رفع ركبتيه ، فأمكن وصول كفّيه إلى غير ذلك اختياراً ممّا يخرجه عن الاسم ، لم يُعدّ راكعاً.

ولو انحطّ بقصد عدم الركوع ، أو خالياً عن القصد ، أو أتمّ الانحطاط بعدم القصد ، أو قصد العدم ، وبلغ محلّ الركوع أو تجاوزه ، لم يجر عليه حكم ، وإن قلنا بعدم اشتراط النيّة استقلالاً في الأجزاء ؛ لأنّ ذلك لا يكون إلا حيث لا يقع إلا على على وجه واحد ، بخلاف ما إذا كانت ذات وجهين ، أو وجوه. فإذا وقع منه ذلك ، عاد إليه بعد القيام تجاوز حدّ الراكع أو لا وركع.

ص: 194


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- لسان العرب 8 : 133.
3- في «م» ، «س» زيادة : إلى ، وفي «ح» : في.
4- في «ح» زيادة : أو ما قام مقامه.

(فلو هوى قاصداً للصّلاة ، بالغاً حدّ الركوع ، ولم يركع ، أعاد الاعتدال والهويّ. وإن ركع فسد ، وفسدت الصلاة. ولو تعذّر الانحناء على الوجه المعهود ، انحنى إلى أحد الجانبين. ولو أمكنه التبعيض بمقدار الواجب ، أتى بالممكن من صفة الاعتدال) (1).

ومثل ذلك يجري في هويّ السجود ، حيث لا يبلغ وضع الجبهة أو بلغها من غير قصد الصلاة على الأقوى فيهما. ووضع الكفّين غير مُعتبر في حقيقته.

وهو ركن تفسد الصلاة بنقصه وزيادته عمداً مع العلم بالحكم وجهله وسهواً ونسياناً ، في جميع الصلوات ، من واجبات ومندوبات ، وفي جميع الركعات.

ويتحقّق بالدخول في السجود الأوّل ، إلا من المأموم السابق للإمام فيه ، فإنّه يرجع قائماً مع الإمام ، ثمّ يركع معه ، مع مظنّة إدراكه قبل الركوع ، أو مطلقاً على اختلاف الوجهين.

ويجب في كلّ ركعة مرّة ، إلا في صلاة الآيات.

وتجب فيه الطمأنينة والاعتماد والاستقرار بقدر الذكر الواجب مع الاختيار.

والذكر والطمأنينة واجبان مُستقلان ، وإن وجبا له ، ولو لم يذكر اطمأنّ ساكتاً (2) بمقداره ، وكذا السجود.

ولا يبعد القول بركنيّة الاستقرار من جهة نقصه ؛ لفوات الركوع الشرعيّ بفواته وإن كان الأقوى خلافه (3) فلو جاء بشي ء من الذكر قبل إتمام الهويّ أو في ابتدائه مُتعمّداً مُختاراً ، لم يجتزئ بذلك. وهل تصحّ صلاته بعوده مع الإتيان بالذكر على النحو المعهود ، أو لا؟ فيه وجهان ، أوجههما الأوّل.

ويجب بعد الانتصاب الاستقرار بحيث ينتصب الفقار (4) ، وإن تعسّر أو تعذّر ، سقط وجوبه. ولو سقط على الأرض قبل الركوع قام.

ص: 195


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- في «س» : ساكناً.
3- المعترضة ليست في «س» ، «م».
4- الفقار : جمع فقارة الظهر بالفتح ، الخرزة مثل سحابة وسحاب. المصباح المنير : 478.

ومن عجز عن الطمأنينة أو نسيها حتّى دخل في السجود وقلنا بعدم الركنية صحّت صلاته.

فالجالس يركع عن جلوس ، ونسبة الجلوس إلى ركوعه ، كنسبة القيام إلى ركوعه. ويقوى فيه عدم وجوب رفع الفخذين ، وبعض الساقين عن العَقِبين. وفي جواز رفع القدمين وبقاء الحالة الأُولى إشكال.

ولو أمكنه القيام مع التقويس وجب ، ويقدّم فيه الأقرب فالأقرب.

ومتى ارتفع العُذر بعد تمام الذكر الواجب فلا إعادة ، ويجري الحكم في الفرض والنفل.

ومتى كان الإخلال بشي ء من الطمأنينة ونحوها باعثاً على عدم الدخول في اسم الركوع ، جاءَ حكم ترك الركوع ، وإلا فالاستقرار بعد الرفع أو حال الركوع لا ينفيان اسم الرفع والركوع. ولو ترك أحدهما ، عاد إليه ما لم يدخل في ركن.

ومتى شرع في ذكر قبل الوصول إلى محلّه فسد وأُعيد ، وفي فساد الصلاة وجه ، والأوجه خلافه ما لم يترتّب محذور ، ولو لم ينوِ بهويّه الركوع عمداً أو سهواً ، أعادَ ما لم يحصل مانع ، على إشكال في القسم الأوّل.

وإن عجزَ عن استقرار الركوع أو الرفع ، وأمكنا باعتماد على إنسان أو حيوان أو غيرهما ، وجب تحصيلها بثمن أو اجرة لا تضرّ بالحال.

والعاجز عن تمام الانحناء يأتي بالممكن.

والعاجز بالمرّة يومي بالرأس ، فإن لم يمكن فبالعينين ، مُتعمّداً لزيادة الخفض في السجود على خفض الركوع في البابين.

وفي وجوب مُداواة المرض مع الإمكان (1) وجه قوي ، ولا يجب الانتظار لزوال العذر كسائر أصحاب الأعذار.

ولو حدثَ العجز بعد القدرة أو بالعكس ، أعطى كلّ حكمه.

ص: 196


1- في «ح» زيادة : بيسير.

والأحوط عدم الاكتفاء بالعين الواحدة ، إلا مع طمس أُختها (1).

وإذا كان على هيئة الراكع لخِلقةٍ (2) أو كِبَرٍ أو مرضٍ ، زاد في انحنائه بقصد الركوع ؛ لتحصيل الخضوع ، إن لم يخرج به عن هيئة الراكع ، فإن لم يمكن نواه ركوعاً. والأحوط إضافة الإشارة بالرأس ثمّ العينين.

ولا يجب رفع الرأس للمضطجع ، والمستلقي ، بل يكتفيان بالعينين.

ويجب فيه الذكر ؛ بخصوص التسبيح ، مخيّراً فيه بين «سبحان ربّي العظيم» والأحوط إضافة «وبحمده» (3) وبين قول : «سبحان اللّه» ثلاثاً. والأفضل بل الأحوط تثليث التسبيحة الكُبرى.

وسرّ تخصيص الذكر بالتعظيم : أنّ في الركوع غاية التذلّل والخضوع ، وإظهار العظمة لله تعالى.

ولمّا كانت العظمة والكبرياء في الدنيا للمتّصفين بصفة الظلم وغيره من الصفات الرديئة ، لزم التسبيح والتنزيه لله تعالى.

وأمّا التحميد ؛ فللشُكر على التوفيق للعبادة ، أو لتخصيص التنزيه بما يليق به من المحامد التي حدّ بها نفسه ، أو يحمده بها ، فتكون لربط «وبحمده» بالتسبيح ، وجوه من الإعراب لا تجب معرفتها.

ولو عجز عن الواجب بتمامه ، جاء بالمقدور ، ثمّ ببدل غير المقدور.

فإن عجز عن الجميع ، أتى ببدله من ذكر آخر ، مُقدّماً للتّسبيح ، ثمّ التعظيم ، ثمّ التّحميد ، ثمّ مُطلق الذكر ، ثمّ الدعاء ، مُحافظاً على المقدار من كلمات أو حروف. ثمّ التراجم مرتّبة على نحو ما مرّ في القراءة.

ويُشترط في الواجب منه موافقة العربيّة. ويقوى ذلك في المندوب ، فإن عجز عنها ، أتى بالمحرّف.

ص: 197


1- في «ح» زيادة : ومع ذلك الأحوط قصدها.
2- الخلقة الفطرة ، وينسب إليها لفظها ، فيقال : عيب خلقي. المصباح المنير : 180.
3- في «م» ، «س» زيادة : وفي إعرابه وجوه ولا يجب معرفته.

وفي تقديم اللغات بعض على بعض وجوه ، تقدّم الكلام في مثله مبيّناً.

والأخرس يلوك لسانه ، ويشير على نحو ما تقدّم.

ويُستحبّ التثليث ، وفوقه التخميس ، وفوقه التسبيع ، أو ثلاثين ، أو ثلاثاً وثلاثين ، أو أربعاً وثلاثين.

وأن يبدأ بالتكبير له قائماً مُنتصباً. ووردَ ما يدلّ على الإذن بفعله حال الهويّ ، والأوّل أولى.

وأن يرفع كفّيه إلى مُحاذي أسفل عُنُقِه ، وحدّه إلى أُذنيه ، كما في جميع تكبيرات الصلاة.

وأن يرفع يديه للرّفع منه. ورفع اليد عنه لترك الأصحاب له أولى.

وأنّ يوتر في ذكره.

وأن يجنّح بيديه حال فعله ، كالسجود فيهما.

وتُستحبّ الصلاة على النبي وآله صلى اللّه عليه وآله وسلم فيه ، وفي السجود ، وفي جميع أحوال الصلاة. وهي زينة الصلاة (1) ، فله ثواب ثاني من جهة الصلاة.

وأن يقول قبل الذكر ما أمر به أبو جعفر عليه السلام : «اللّهمّ لك ركعت ، ولك أسلمت ، وبك أمنت ، وعليك توكّلت ، وأنت ربّي ، خشع لك قلبي ، وسمعي ، وبصري ، وشعري ، وبشري ، ولحمي ، ودمي ، ومُخي ، وعصبي ، وعظامي ، وما أقلّته قدماي ، غير مُستنكف ، ولا مُستكبر ، ولا مُستحسر ، سبحان ربّي العظيم وبحمده» (2).

وأن تصفّ في ركوعك بين قدميك ، تجعل بينهما مقدار شبر ، وفي رواية : أو أربع أصابع (3). وتمكّن راحتيك من ركبتيك. وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل

ص: 198


1- في «م» ، «س» : زينة الثواب ، أقول : الوارد أنّ رفع اليدين في الصلاة زينة الصلاة ، انظر الوسائل 4 : 727 أبواب تكبيرات الإحرام ب 9 ح 14 ، وص 921 أبواب الركوع ب 2 ح 4.
2- الكافي 3 : 319 ح 1 ، التهذيب 2 : 77 ح 289 ، الوسائل 4 : 920 أبواب الركوع ب 1 ح 1.
3- فقه الرضا (عليه السلام) : 110 ، البحار 84 : 210 ح 3.

اليسرى. وتبلغ بأطراف أصابعك عين الركبة. وتفرج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك. وتُقيم صُلبك. وتمدّ عُنُقك. وتجعل نظرَك بين قدميك.

وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام : «أنّ مدّ العُنق يُشير إلى قول : أمنت بكَ ولو ضرب عنقي» (1). ويفيد استحباب إخطار ذلك ، وأن يكون مدّا العنق موازناً للظهر.

وأن تنخفض في الركوع. روي : أنّ أبا الحسن عليه السلام : كان ركوعه أخفض من كل ركوع (2).

وأنّ يُجنّح يديه ؛ لفعله عليه السلام (3).

وأن يضع اليدين على الركبتين ، ويردّهما إلى خلف.

وأن يكون انحناء الرجل أكثر من انحناء المرأة.

وأن يساوي بين فقار الظهر ، بحيث لو صُبّ عليه ماء مكث فيه.

وأن يرفع يديه قبل الركوع وبعده.

وأن يضع يديه فوق الثياب لا تحتها ، ويُكره وضعهما تحتها ، ولا سيّما لصاحب الإزار الواحد. ووضع الواحدة وحدها ، أو مع بعض الأُخرى ، أو بعضهما ينالهما من الكراهة على حسبهما.

ويكره فيه الانخناس بتقويس الركبتين ، والرجوع إلى وراء من دون خروج عن مُسمّى الركوع ، والتبازخ بالزاء والخاء المعجمتين بجعل الظهر كالسرج ، وطيّ البدن ، والتدبيخ (4) بالدال المهملة والخاء المعجمة عكسه ، والتبديح بالدال والحاء المهملتين بسط الظهر ، وطأطأة الرأس ، والتصويب هو التبديح ، والإقناع بجعل الرأس أرفع من الجسد.

وأن يرفع الإمام صوته لإسماع المأمومين. وإن لم يبلغهم صوته ، نصب مُنبّهاً ، كما

ص: 199


1- الفقيه 1 : 204 ح 13 ، الوسائل 4 : 942 أبواب الركوع ب 19 ح 2.
2- الكافي 3 : 320 ح 5 ، الوسائل 4 : 941 أبواب الركوع ب 18 ح 1.
3- الكافي 3 : 320 ح 5 ، الوسائل 4 : 941 أبواب الركوع ب 18 ح 1.
4- دبخ الرجل تدبيخاً إذا قبّب ظهره وطأطأ رأسه. لسان العرب 3 : 14.

في التكبير للإحرام والسجود أو القعود مثلاً.

وتُكره القراءة فيه أشدّ من كراهتها في السجود ، وأن ينكس رأسه ومنكبيه ، ويتمدّد فيه.

ويجب الرفع منه مع الانتصاب والاطمئنان ، بحيث يرجع كلّ عضو إلى مكانه ، وأن يقول إماماً كان أو منفرداً بعد القيام جهراً : «سمع اللّه لمن حمده» ، ومأموماً سرّاً : «الحمد لله ربّ العالمين» ومن أتى بهما في غير محلّهما متقرباً بالعموم أو بالخصوص لم يفسد صلاته ، لكنه لم يأتِ بالوظيفة.

وفي تمشية الحكم إلى ما كان بدلاً من القيام من جلوس واضطجاع مثلاً وجه قويّ.

ومن جاء بالتحميد بعد العطاس أو عند رؤية الهول يقول : «اللّه أكبر» أو بعد قوله الحمد لله : «سمع اللّه لمن حمده» ونحوها من الأذكار الموظّفة بقصد الوجهين اكتفى بها ، وإلا فالأقوى في تحصيل الوظيفة الإعادة ، والجمع بينهما للجميع أفضل.

روي عن الصادق عليه السلام أنّه كان يقول سمع اللّه لمن حمده ، الحمد لله ربّ العالمين ، بحول اللّه وقوّته أقوم وأقعد ، أهل الكبرياء والعظمة والجبروت (1) ولا خصوصيّة للصّلاة على النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم في ركوع أو سجود ، بل هي سنّة في جميع أحوال الصلاة.

السادس : السجود
اشارة

وهو لُغةً : الخضوع ، والانحناء ، وتطأطأ الرأس (2).

وفي الشرع فضلاً عن مُصطلح المتشرّعة : وضع المَساجِد السبعة أو أحدها ، أو خصوص وضع الجبهة وهو أظهرها أو ما قام مقامه ، من إشارة برأس أو عين ، بوجه يصحّ ، أو مطلقاً على اختلاف الوجهين.

ص: 200


1- الذكرى : 199 الوسائل 4 : 940 أبواب الركوع ب 17 ح 3.
2- الصحاح 2 : 483.

ومن عجز عن السجود يومئ برأسه ، فإن عجز فبعينيه ، أخفض من الركوع في وجه.

والمضطَجِع والمستلقي لا يلزم عليهما الإشارة بالمَساجِد ، لا قصداً ولا فعلاً.

ويسقط عن المومئ في سجود جبهته السجود على الأعضاء الباقية في وجه قويّ ، وفي جميع الأحكام الجارية (في سجود المختار تجري في سجود العاجز ؛ لتحقق موضوعها فيه) (1).

ويُعتبر فيه في كلّ ركعة سجدتان : هما جزءان ، لو تركت إحداهما عمداً اختياراً في فرض أو نفلٍ بطلت الصلاة. وبقيد الاجتماع إيجاداً أو تركاً ركن تفسد الصلاة بهما زيادةً ونقصاً ، عمداً وسهواً ، ولا ركنية للمنفردة منهما ، ولا للمجموعيّة. كما أنّ الارتفاعين اللذين قبل السجدتين ، والاستقرارين فيهما في أحد الوجهين (بحسب النقص) (2) كذلك.

ولا فرق بين ما كانتا من الركعتين الأوّلتين أو الأخيرتين.

ولا ركنيّة في المتعدّدة من ركعتين أو ركعات ، ولو ترك شرطاً من شرائط وضع الجبهة عمداً ، فإن لم يرفع ، ولم يحصل مناف ، أتى بالشرط ، وصحّ سجوده ، وإن رفع بطلت صلاته. بخلاف المساجِد الباقية ، فإنّه إذا أعادها صحّت.

ويُشترط في هُويّ السجود كهُويّ الركوع عدم قصد العدم.

وما شُرِطَ من عدم الزيادة على أربعة أصابع ، (والسجود على الست) (3). إنّما يُعتبر في سجود الصلاة ، والسجود المنسيّ ، وسجود السهو ، دون سجود الشكر ، والتلاوة.

ويُعتبر فيه الانحناء مع الاختيار ، بحيث لا يزيد ارتفاع موضع جبهته على موضع ما قام عليه من القدمين أو بدلهما من مقطوعهما ويقوى اعتبار ما كان من البدن ، لا ما تلبّس به ؛ إذ لا يكتفي عنه به (4) بمقدار ثخن لبنة ، بمقدار عرض أربعة أصابع مضمومة من أقلّ مراتب مستوي خلقتها قياماً.

ص: 201


1- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : في الركوع العادي تجري على ركوع العاجز.
2- ما بين القوسين زيادة من «ح».
3- ما بين القوسين زيادة من «ح».
4- ما بعد المنقوطة ليس في «س» ، «م».

ولا بأس بالتسريح ، ما لم يَتَفاحَش ، فتفوت به هيئة السجود ، ولا انخفاضه بذلك النحو في وجه قوي ، وإن كان الاحتياط فيه (1) (وربّما تُراعى النسبة بالنظر إلى من تناهي في الطول أو القصر) (2) ، ولا يعتبر شي ء منهما بينها وبين الفُرَج التي بين المساجد ، ولا بينها وبين شي ء من مساجد المساجد ، ولا مساجد المساجِد بعض مع بعض ، وإن استحبّ في القسمين الأخيرين ، والأحوط المحافظة على ذلك فيهما.

ويجب في الواجب ، ويدخل في أجزائه ، وأجزاء المندوب بحيث يفسدان بتركه أُمور :

منها : وضع المسمّى من سبعة أعضاء بحيث يُطلق عليها السجود. ولا حدّ لها ولا لبعضها سوى ذلك ، فلا اعتبار بمقدار درهم أو أقلّ أو أكثر.

أوّلها : الجبهة ؛ وهي السطح المحاط من الجانبين بالجبينين ، ومن الأعلى بقصاص الشعر من المنبت المعتاد. ومن الأسفل بطرف الأنف الأعلى والحاجبين. ولا استقامة للخطوط فيما عدا الجانبين.

ثانيها وثالثها : باطنا الكفّين ، وحدّاهما أسفل الزندين ، وأطراف الأنامل.

رابعها وخامسها : طرفا إبهامي الرجلين من مسطح ؛ (3) الطرفين ، أو خصوص الباطنين ، أو الظاهرين من العقدين الأخيرين.

سادسها وسابعها : سطحا الركبتين ؛ ويقوى الاكتفاء بالحافتين ، وهما الجامعان بين الفخذين والساقين.

ولو سقط أحد الكفّين أو الإبهامين أو الركبتين ، سجد على طرف ما بقي من اليدين أو الرجلين. ولو تعذّر السجود إلا على أحدها ، قدّمت الجبهة (وكذا لو دار الأمر بينها وبين تمام الست) (4) ، والستة الباقية متساوية في الرتبة على الأقوى.

ص: 202


1- بدلها في «م» ، «س» : والأقوى خلافه.
2- ما بين القوسين زيادة في «ح».
3- بدلها في «س» ، «م» : مسح.
4- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

ولو دار الأمر بين الواحد والاثنين ، سجد على الاثنين.

وإذا تعذّرت الجبهة ، سجد على باقي الستّ. وإن تعذّر بعضها ، سجد على ما أمكن.

ولا بأس برفع المساجِد عن محالّها ثمّ وضعها ، وإنّما يجب استمرار السجود عليها بمقدار الذكر الواجب.

وإذا وضع الجبهة على ما لا يصحّ السجود عليه ، أو على محلّ صعب لا يمكن الصبر عليه ، جرّها إن أمكن ، وإلا رفعها ولو مراراً (وفيما زاد على اللبنة إشكال) (1).

وإن فرغ من السجود ، ثمّ علم الخلل قبل الدخول (فيما زاد على اللّبنة) (2) أعاد (جرّاً إن أمكن ، وإلا رفعاً مرّة أو مراراً ، وإلا فلا. ولو كان المانع قبل الوصول إلى مقدارها جرّ جبهته أو رفعها ، وسجد مرّة أو مراراً) (3).

ولو بانَ الخطأ في المساجد الباقية ، وأمكن إعادتها منفردة ، أُعيدت. وإن توقّفت على عَود الجبهة (بعد التجاوز) (4) فلا تُعاد.

ويلزم انفصال محلّ مباشرة الجبهة عمّا يسجد عليه. فلو استمرّ متّصلاً إلى وقت السجود مع الاختيار ، لم تصحّ. ولا يلزم فصله فوراً لو اتّصل حال الرفع ، بل إنّما يلزم لسجود آخر على الأقوى ، بخلاف الستة الباقية.

وفي دلالة الإطلاق ، وكراهة مسح التراب ونحوه عن الجبهة ضعف ، فلا يقوى على أصالة بقاء الشغل (5) (مع أنّ ما دلّ على رفع الحصى (6) عنها أقوى دلالة على العكس).

نعم يشترك الجميع في لزوم انفصال محلّ الاعتماد ، ومسقط العضو على الأقوى. فما بقي معلّقاً لا يُعدّ ساجداً.

ص: 203


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».
2- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
3- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
4- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
5- في «م» : النقل.
6- الفقيه 1 : 176 ح 835 ، الوسائل 4 : 975 أبواب السجود ب 18 ح 3.

وأمّا اتصال الثياب وما أشبهها بشي ء من الست فلا بأس به.

ولا يجزي السجود على أعضائه مُنبطحاً على بطنه ، ويجب الاعتماد عليها من دون تحاملٍ ، وما كان من اللباس يقضي بانفصاله وعدم اعتماده من حذاء وغيره فلا يجوز لبسه.

ويجب تمكين المساجد (بإيقاع ثقلها) (1) ولا يكفي مجرّد الطرح مع الاختيار ، (ولا يجوز وضع ما يُسجد عليه على ثَلج أو تِبن أو محشوٍ أو نحوها غير ملبّدة ، ولو تلبّدت بسبب الوضع بمقدار واجب الذكر فلا بأس) (2).

ولو حصل مانع عن السجود على البعض تعيّن البعض الأخر ، فإذا امتنع وضع السالم إلا بعمل كحفر حفيرة لدمل أو نحوه لزم ؛ فإن تعذّر ، سجد على أحد جنبيه ، والأولى بل الأحوط تقديم الأيمن.

فإن تعذّر فعلى ذَقَنهِ (3) ، ولا يُشترط كَشفُ اللحيةِ على الأقوى محافظاً على الاستقبال بقدر الإمكان ؛ فإن تعذّر ؛ أتى من الانحناء بقدر الممكن ، ورفع محلّ السجود مع الإمكان فرضاً في الفرض ، ونفلاً في النفل.

فإن عجز عن الجميع أومأ برأسه ، فإن عجز أومأ بعينيه ، فإن عجز فبواحدة ، وإن لم يكن جفنان ولا عينان فبأعضائه الأُخر ، وإن تعذّر فبقلبه ، ويجعل أو يضمر في غير المتعلّق بالقلب السجود أخفض من الركوع ، ويضمره في قلبه فيما تعلّق بالقلب ، وعدم وجوب مثل ذلك قوي.

(والإيماء في النافلة للراكب والماشي سائغ ، مع إمكان الموافق وعدمه ، دون الفريضة. ثمّ هو رخصة لا عزيمة ، فلو ركعا وسجدا على وفق القاعدة فلا بأس) (4).

ولو نذر مثلاً سجوداً دخلت الجبهة ، ولا يكتفي بغيرها عنها من غير ريب.

ص: 204


1- في «س» ، «م» : ووقوع نقلها.
2- ما بين القوسين زيادة في «ح».
3- الذَّقن من الإنسان مجمع لحييه. المصباح المنير : 208.
4- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

وفي الاكتفاء بها وحدها وعدمه وجهان ، أضعفهما الثاني.

ومثله يجري فيما ورد فيه مطلق السجود ، من سجود شكر أو تلاوة ، دون سجود السهو ، فإنّ حكمه حكم السجود المنسي.

ومنها : الذكر ؛ ويُشترط فيه أن يكون تسبيحاً ، إمّا تسبيحة كبرى واحدة بلفظ «سبحان ربّي الأعلى» والأحوط إضافة قول : «وبحمده» ، وقد مرّ بيان حسن التسبيح والتحميد ، وأنّه ذو وجوه على وفق العربيّة.

وحُسن ذكر الأعلى في مقام السجود ؛ لأنّه نهاية الخضوع والانحطاط ، فناسب الارتباط بها بنهاية التعظيم والارتفاع.

أو ثلاث تسبيحات صغريات بلفظ «سبحان اللّه» ، والأولى تثليث الكبريات ، وربّما يقال : إنّه أحوط. وأفضل منه التخميس ، ثمّ التسبيع ، ثمّ ما زاد.

وروى عن الصادق عليه السلام : «أنّه عدّ له ستّون تسبيحة» (1) ومع العجز عن الجميع ، يأتي بالبدل من الذكر ، مقدّماً للتسبيح على غيره مع المساواة دون الزيادة مع قصد الجزئية ، كلمات أو حروف ، ويكفي فيه مجرّد التخمين.

ومع العجز عن البعض يأتي بعوض التتمّة.

ومع العجز عن العربيّة ، يأتي بالعربي الملحون. ومع العجز ، يرجع إلى باقي اللغات مُرتّباً أو لا ، على نحو ما سبق.

ويُشترط فيه الترتيب على النحو المذكور ، وعدم الفاصلة المخلّة بالهيئة من ذكر أو سكوت طويلين ، والاطمئنان والاستقرار مع الاختيار. ويسقط الجميع مع الاضطرار ، ويأتي حينئذٍ بالممكن.

ويجب عليه في الواجب ، ويُشترط في غيره كما في غيره من القراءة والأذكار الواجبة تحصيل مُلقّن يلقنه ، وهو يتبعه بغير عوض ، ما لم يبلغ إلى غاية نقص الاعتبار ، أو بعوضٍ من ثمن أو أُجرةٍ لا يضرّان بالحال.

ص: 205


1- الكافي 3 : 329 ح 2 ، التهذيب 2 : 299 ح 1205 ، الوسائل 4 : 926 أبواب الركوع ب 6 ح 1.

فإن لم يمكن ، فكاتب في قرطاس (1) أو غيره ليقرأه إن أمكنه ، وإن توقّف على البذل بذل.

فإن عجز عن ذلك ، أشارَ ولاك لسانه كالأخرس في وجه.

وهذا الاحتمال جارٍ في جميع القراءات والأذكار ، وعليه أن يقصد التسبيح كالأخرس.

ولا بدّ أن يفهم معنى التسبيح أو لفظه ليقصده.

وفي جميع الأذكار عدا القراءة ، وقد مرّ حكمها يجوز الجهر والإخفات للذكور والإناث ، والأوّل أولى للقسم الأوّل ، والثاني للثاني.

وقد مرّ البحث فيما يصحّ السجود عليه ، وما لا يصحّ ، فلا حاجة فيه إلى الإعادة.

ويُستحبّ فيه أُمور :

منها : التكبير جالساً مطمئناً كغيره من التكبيرات ، وورد التكبير حال الهويّ على نحو الركوع (2).

(ومنها : الابتداء بالكفّين قبل الركبتين في الهبوط ، وبالركبتين في القيام.

ومنها : السجود على الأرض ، فإنّها أفضل ، ولا شكّ فيه بالنسبة إلى الجبهة ، ويجري في المساجد الباقية ، مع كشفها سوى الركبتين أو مطلقاً وفي الكفين أظهر) (3).

ومنها : تلقّي موضع الصلاة بالكفّين ، فإن لم يمكن فبواحدة.

ومنها : أن يُصيب أنفه ما يُصيب جبينه.

ومنها : السجود على التربة الحسينيّة ؛ فإنّه ينوّر الأرضين السبع ، ويخرق الحجب السبع. والظاهر أنّ ما قرب منها إلى القبر أفضل (4).

ص: 206


1- القرطاس : ما يكتب فيه ، وكسر القاف أشهر من ضمها. المصباح المنير : 498.
2- في «م» ، «س» زيادة : ولا بأس بالعمل به.
3- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
4- في «م» ، «س» زيادة : ومنها : إرغام الأنف بالتراب ، ودونه إصابة الأرض به ، ودونهما مراعاة مساواة موضعه لموضع الجبهة.

ومنها : التجنيح برفع ذراعيه ، وبسط كفّيه.

ومنها : ضمّ أصابعه ووضعها حِذاء أُذنيه.

ومنها : نظره بكلتا عينيه إلى طرف أنفه.

ومنها : إرغام الأنف بالتراب ، (ثمّ الأرض) (1) ووضعه على ما وضعت عليه الجبهة (ولا يتعيّن الأعلى) (2).

ومنها : أن يقول في سجود المكتوبة اليوميّة لطلب الرزق في أيّ ركعة شاء : «يا خير المسئولين ، ويا خير المعطين ، ارزقني ، وارزق عيالي من فضلك ، فإنّك ذو الفضل العظيم» والأولى أن يأتي بالدعاء في آخر سجدة ؛ لأنّ الدعاء عند الإشراف على الفراغ من العبادة أقرب إلى الإجابة.

ومنها : التكبير للرفع بعد الجلوس ، ورخّص فيه حين الأخذ به.

ومنها : جلسة الاستراحة بعد السجود الأخير قبل القيام.

ومنها : الجلوس على الورك الأيسر ، وجعل ظاهر القدم الأيمن على باطن الأيسر.

ومنها : النظر حال الجلوس إلى الحجر ، كما يستحبّ في السجود النظر إلى طرف الأنف ، وقائماً إلى محلّ السجود ، وراكعاً إلى ما بين رجليه ، وقانتاً الى باطن كفّيه.

ومنها : كشف قصّة (3) المرأة زائداً على محلّ السجود.

ومنها : تجنيح العَضُدين ، وفتح الإبطين ، وإخراج الذارعين عن الجيبين ، وجعل اليدين بارزتين أو في الكمّين ، وجعل التسبيحة الأُولى هي الواجبة ، وتجب زيادة الاطمئنان لو قدّم السنن ، ويُستحبّ لو أخّرها.

ومنها : قول : «بحول اللّه» مع قوله «وقوّته» وبدونها «أقوم وأقعد» إذا أراد القيام ، وربّما جرى «في بدله» (4) في فريضة ، يوميّة أو غيرها أو نافلة ، مع الصلاة قياماً أو مطلقاً ، أو قول : «اللّهمّ ربّي بحولك ، وقوّتك أقوم وأقعد» بدون إضافة «أو» مع إضافة

ص: 207


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».
2- ما بين القوسين زيادة في «ح».
3- القصّة : الناصية. المصباح المنير : 506.
4- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : في جلوسه وقيل في قيامه.

«وأركع وأسجد».

ويجزي الأقلّ ، فإن زاد زاد أجره. ولو أضاف «تعالى» بقصد الذكر فلا بأس ، (والاعتراض بلزوم الاعتراض في غير محلّه ، وخروجه عن الذكر ، حريّ بالإعراض وعدم الذكر) (1).

ومنها : التخوية (2) بين الأعضاء ، وتفتيحها ، والتجنيح بها للرّجل بأن لا يضع بعضاً منها على بعض ، عكس المرأة.

ومنها : طهارة ما زاد على المسجد الواجب ، مع عدم التعدّي إلى نحوٍ يزيد على العفو في الجبهة ، وفي المساجِد الباقية مطلقاً مع عدم التعدّي على النحو المذكور ، بخلاف المغصوب فيهما ، (فإنّه يلزم منه الفساد بسبب أيّ جزء كان) (3).

ومنها : الدعاء بين السجدتين بقوله : «اللّهمّ اغفر لي ، وارحمني ، وأجرني ، وادفع عنّي ، إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير ، تبارك اللّه ربّ العالمين».

ومنها : وضع كلّ يمني من الأعضاء قبل اليسرى ، ويحتمل القول باستحباب الترتيب بتقديم الجبهة ، ثمّ اليدين ، ثمّ الركبتين ، ثمّ الإبهامين ، ثمّ الأنف ، ووضع رؤوس الأصابع إلى القبلة.

ومنها : أن يخطر في باله في السجدة الأُولى : «اللّهمّ منها أو من الأرض خلقتنا» وفي الرفع منها : «ومنها أخرجتنا» وفي السجدة الثانية : «وإليها تعيدنا» وفي الرفع منها : «ومنها تخرجنا تارةً أُخرى».

ومنها : قول : «أستغفر اللّه ربّي وأتوب إليه» بعد رفعه من السجود الأوّل. وربّما يُستفاد من بعض الأخبار جريه في الرفع الأخير.

ويُستحبّ أن يكون مفتوح العينين في الصلاة ، مُحافظاً على الخضوع والخشوع ، والسكينة والوقار.

ص: 208


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».
2- التخوية : ترك ما بين الشيئين خالياً. مفردات الراغب : 163.
3- ما بين القوسين زيادة في «ح».

ويُكره التلثّم (1) الغير المانع عن أداء الواجبات ، ولو منع حرم.

والعبث باليد ، والرأس ، واللحية ، ونحوها ممّا لا يدخل في الفعل الكثير ، وإلا أفسد.

وحديث النفس الملهي عن التوجّه.

والتثاؤب ، والتمطّي ، والاحتفاز (2) بمعنى التضامّ ، بل ينفرج كما ينفرج البعير.

وفرقعة (3) الأصابع ، والقعود على القدمين.

والإقعاء للرجال بين السجدتين : بوضع الأليتين على الأرض ونصب الساقين والفخذين من دون وضع الكفّين على الأرض ، أو مع بسطهما عليهما كإقعاء الكلب ، أو نصب الساقين والفخذين كيف ما وضع الأليتين والعَقِبين (4) ، أو الاعتماد على صدر القدمين والأليتين على العقبين. وقيل : وضع الفخذين على العقبين. وقيل : مجرّد وضع الكفّين مبسوطتين.

ويُستحبّ حال السجود الدعاء لأُمور الدنيا والآخرة ، لنفسه ، وأوليائه ، وأحبّائه. وعلى مُبغضيه وأعدائه ، ممن يستوجب الدعاء عليه ، وإن شاء سمّاهم بأسمائهم ، وأظهر ما لهم وما عليهم ، وإطالة السجود ، والدعاء والذكر.

روي : أنّ آدم عليه السلام بكى على الجنة مائتي سنة ، ثمّ سجد ثلاثة أيّام بلياليها (5).

وروى : أنّه أُحصي على عليّ بن الحسين عليهما السلام في سجوده مقالة ألف مرّة : «لا إله إلا اللّه حقّا حقّا ، لا إله إلا اللّه تعبّداً ورقّاً ، لا إله إلا اللّه إيماناً وصدقاً» (6).

ومباشرة الأرض بالكفّين ، وزيادة تمكين الجبهة والأعضاء من السجود ، وعدم تكرار وضع غير الجبهة من المساجِد.

ص: 209


1- التلثّم : شدّ اللثام.
2- في حديث علي عليه السلام : إذا صلّى الرجل فليتخوّ ، وإذا صلّت المرأة فلتحتفز ، وفسّره الهروي : التضامّ في الجلوس والسجود. غريب الحديث 2 : 305.
3- التفرقع : هو صوت بين شيئين يضربان. جمهرة اللغة 2 : 1153.
4- العقب بكسر القاف مؤخّر القدم ، والسكون جائز ، والجمع أعقاب. المصباح المنير : 419.
5- الوسائل 4 : 981 أبواب السجود ب 23 ح 16.
6- اللّهوف على قتلى الطفوف : 174 ، الوسائل 4 : 981 أبواب السجود ب 23 ح 15.

وترك مسح الحصى والتراب عن الجبهة. وفيه إشعار بجواز بقاء اللصوق ، وتنزيله أولى. وفي بعض الأخبار «مسح الحصى».

وكان أثر السجود على جميع مساجد زين العابدين عليه السلام ، وكان له خمس ثفنات يقطعها في السنة مرّتين ، ولذلك كان يُدعى «ذا الثفنات» (1).

والاعتماد على الكفّين عند القيام من السجود ، واستيعاب الجبهة ، وأدنى من ذلك قدر درهم ، وربّما يقال باستحباب استيعاب باقي المساجد.

ورفع الحصى والتراب عن الجبهة ، إذا عَلِقا بها من غير مسح.

والدعاء بعد الرفع منه.

وترك نفخ موضع السجود وغيره مع عدم توليد الحرفين مصرّحين ، كما يُكره النفخ في الرُّقى والطعام والشراب.

وترك البصاق إلى القبلة ، وهو أشدّ كراهة من فعله في غير الصلاة.

وأن يقول في سجوده : «اللّهمّ لك سجدت ، وبك أمنت ، ولك أسلمت ، وعليك توكّلت ، وأنت ربّي ، سجد وجهي للذي خلقه ، وشقّ سمعه وبصره ، الحمد لله ربّ العالمين ، تبارك اللّه أحسن الخالقين».

وأن يقول في آخر سجدة من نافلة المغرب ليلة الجمعة ، وإن قاله في كلّ ليلة فهو أفضل : «اللّهم إني أسألك بوجهك الكريم ، واسمك العظيم أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تغفر لي ذنبي العظيم سبع مرّات ، انصرف ، وقد غفر له» (2) ، قيل : ويعدّ السبع عدّاً.

وعن الصادق عليه السلام إذا قال العبد وهو ساجد : يا اللّه ، يا ربّاه ، يا سيّداه ثلاث مرّات ، أجابه اللّه تبارك وتعالى : لبيك عبدي ، سَل حاجتك (3).

ص: 210


1- ثفنات البعير : ما أصاب الأرض من أعضائه ، الركبتان والسعدانة وأصول الفخذين. جمهرة اللغة 1 : 429 باب التاء والفاء وواحد الثفنات ثفنة.
2- الفقيه 1 : 273 ح 1249 ، الخصال : 393 ح 95 ، الوسائل 5 : 76 أبواب صلاة الجمعة ب 46 ح 1.
3- أمالي الصدوق : 335 ح 6 ، الوسائل 4 : 1131 أبواب الدعاء ب 33 ح 5.

وزيادة التمكن من السجود لحصول السيماء. ووضع اليدين عند السجود حذاء الركبتين ، لا متصلين بهما ، ولا بالوجه. والمساواة بين موضع الجبهة والقدمين وبواقي المساجد.

ورفع الركبتين عند القيام قبل اليدين. وعدم رفع شي ء من الأعضاء الستّة حتّى يتم ذكر السنّة ، أو مُطلق الذكر ، على اختلاف الوجهين.

ولو كانت بيده مسجدته يرفعها ويضعها فلا بأس.

ويُستحبّ السجود لأُمور :

أحدها : التلاوة في أحد عشر موضعاً : في آخر الأعراف ، والرعد ، والنحل ، وبني إسرائيل ، ومريم ، والحج في موضعين ، والفرقان ، والنمل ، وص ، والانشقاق.

والظاهر استحبابه في كلّ ما اشتمل على الأمر بالسجود.

ويجب لها في أربعة مواضع : الم تنزيل ، وحم السجدة ، والنجم ، والعلق. وذكر " لقمان " لبعض الأعيان من سهو القلم (1).

والخطاب في القسمين يتوجّه إلى القارئ ، والمستمع ، قاصداً للخصوصيّة أولا (ولو قصد الذكر دون القراءة ، فلا شي ء) (2).

والأحوط في تحصيل السنة في القسم الأوّل ، والواجب في القسم الثاني وإن لم نقل بوجوبه إجراؤه بالنسبة إلى السامع.

والمدار في وجوب السجود وندبه على القارئ والمستمع على ائته ، لا لفظ السجود. ويختصّ بالقارئ والمستمع في مقام الوجوب ، ويستحبّ للسّامع في المقامين.

وهو فوري في مقام الوجوب والندب.

ويجب على السامع ، وإن كان القارئ غير مكلّف ، بل غير مميّز.

ولا فرق بين الاستماع الحرام كصوت الأجنبيّة مُتلذّذاً أو مطلقاً على اختلاف

ص: 211


1- التذكرة 3 : 212 مسألة 281.
2- ما بين القوسين زيادة من «ح».

الرأيين والاستماع الحلال ، ولا بين القراءة الحرام بنحو الغناء ، والقراءة الحلال على إشكال.

ويتكرّر السجود بتكرار الآية ، ولا يكفي الاستمرار ، بل يرفع ويضع. ومجرّد الجرّ لا يكفي في التكرار.

وتُكره قراءة السور من دون قراءة الآيات ، كما تُكره قراءة الآيات بدونها.

ويستوي فيها التجنيح وخلافه ، (ولا يجب في الملحونة شي ء) (1).

وموضع السجود في حم قوله ( وَاسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ ) (2) لا اسجدوا فقط ، كما عليه بعض أصحابنا (3) ، وعند أكثر المخالفين (4) ( لا يَسْأَمُونَ ) (5).

ومتى فاتت سجدة ، قضيت.

ولا ينبغي التكبير في ابتداء السجود ، ويُستحبّ بعد الرفع ، ويأتي بالسجود على نحو ما أمكن جالساً أو راكباً أو على نحو آخر.

ثانيها : لِشُكر النِّعَم ، ودفع النِّقَم ، ولا سيّما المتجدّدة منهما ، سواء تعلّقت بنفسه أو بمن يلتحق به ، أو بإخوانه المؤمنين ، ويشتدّ استحبابهما باشتدادهما سجدتا الشكر ، والظاهر فوريّتهما مع هذا القصد ، وهما مُستحبان لأمرين :

أحدهما : لشكر التوفيق بعد صلاة الفرض ، أصليّاً أو عارضيّاً ، والظاهر إلحاق النفل به.

روي : «أنّ سجدة الشكر واجبة على كلّ مسلم ، تتمّ بها صلاتك ، وترضي بها ربّك ، وتعجب الملائكة منك.

وأنّ العبد إذا صلّى ، ثمّ سجد سجدة الشكر ، فتح الربّ الحجاب بين العبد وبين الملائكة ، فيقول : يا ملائكتي انظروا إلى عبدي ، أدّى قربتي وفي نسخة فرضي وأتم

ص: 212


1- ما بين القوسين زيادة من «ح».
2- فصلت : 37.
3- الخلاف 1 : 429 مسألة 177.
4- كسعيد ابن المسيّب ، والنخعي ، والثوري ، وأبي حنيفة ، وأحمد ، انظر المجموع 4 : 60 ، المهذب للشيرازي 1 : 92 ، بدائع الصنائع 1 : 194 ، والمغني 1 : 685 ، والشرح الكبير 1 : 824.
5- فصّلت : 38.

عهدي ، ثمّ سجد لي شكراً على ما أنعمت به عليه ، ملائكتي ماذا له عندي؟ فيقولون : يا ربّنا رحمتك ، فيقول الربّ تعالى : ثمّ ماذا له؟ فتقول الملائكة : يا ربّنا جنّتك ، فيقول تعالى : ثمّ ماذا؟ فيقولون : كفاية مهمّه ، ثمّ يقول تعالى : ثمّ ماذا؟ فلا يبقى شي ء من الخير إلا قالته الملائكة ، ثم يقول تعالى : ثمّ ماذا؟ فيقولون : لأعلم لنا ، فيقول تعالى : لأشكرنّه كما شكرني ، وأُقبل إليه بفضلي ، وأُريه رحمتي» (1).

وأنّ الكاظم عليه السلام في بضع عشر سنة ، كلّ يوم يسجد سجدة بعد ابيضاض الشمس إلى الزوال (2).

وأنّه أُحصي للرضا عليه السلام خمسمائة تسبيحة (3).

وأنّ الرضا عليه السلام كان يسجد بعد طلوع الشمس حتّى يتعالى النهار (4).

وأنّ من ذكر نعمة فليضع خدّه على التراب شكراً لله تعالى ، فإن كان راكباً فلينزل ، فليضع خدّه على التراب ، وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة ، فليضع خدّه على قربوسه ، فإن لم يقدر ، فليضع خدّه على كفّه ، ثمّ ليحمد اللّه على ما أنعم عليه ؛. (5)

وأن من ذكر نعمة ولم يكن أحد ، ألصق خدّه بالأرض. وإذا كان في ملأ من الناس ، وضع يده على أسفل بطنه ، وأحنى ظهره ، ويُري أنّ ذلك غمز في أسفل بطنه (6).

ثانيهما : لِشُكر النعمة في غير الصلاة ؛ فإنّ من سجد سجدة لِشُكر نعمة في غير صلاة ، كتب اللّه له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيّئات ، ورفع له عشر درجات في الجنان (7).

ص: 213


1- التهذيب 2 : 110 ح 415 ، الفقيه 1 : 220 ح 13 ، والقول فيها بتفاوت يسير ، الوسائل 4 : 1071 أبواب سجدتي الشكر ب 1 ح 5.
2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 : 95 ح 14 ، الوسائل 4 : 1073 أبواب سجدتي الشكر ب 2 ح 4.
3- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 136 ح 1 ، الوسائل 4 : 1073 أبواب سجدتي الشكر ب 2 ح 5.
4- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 180 ح 5 ، الوسائل 4 : 1074 أبواب سجدتي الشكر ب 2 ح 6.
5- الكافي 2 : 80 ح 25 ، الوسائل 4 : 1081 أبواب سجدتي الشكر ب 7 ح 3.
6- التهذيب 2 : 112 ح 421 ، الوسائل 4 : 1081 أبواب سجدتي الشكر ب 7 ح 5.
7- علل الشرائع : 232 ح 1 ، الوسائل 4 : 1082 أبواب سجدتي الشكر ب 7 ح 7.

والأفضل سجدتان ، ودونهما الواحدة ، فلو قصد الآحاد عدد بما أراد. وتعفير (1) الخدّين بينهما ، وأقلّ منه أحدهما أو بعضهما ، ويقوى استحبابه بعدهما ، وبعد الواحدة.

ويُستحبّ أن يقال فيه أحد أُمور على نحو ما ورد :

منها : أن يقول : «ما شاء اللّه» مائة مرّة ، حتّى يناديه اللّه ، ويقول له : عبدي إلى كم تقول ما شاء اللّه ، أنا ربّك ، وإليّ المشيئة ، وقد شئت قضاء حاجتك ، فاسألني ما شئت.

وتعفير (2) الخدّين بينهما ، وأقلّ منه أحدهما أو بعضهما ، ويقوى استحبابه بعدهما ، وبعد الواحدة.

ويُستحبّ أن يقال فيه أحد أُمور على نحو ما ورد :

منها : أن يقول : «ما شاء اللّه» مائة مرّة ، حتّى يناديه اللّه ، ويقول له : عبدي إلى كم تقول ما شاء اللّه ، أنا ربّك ، وإليّ المشيئة ، وقد شئت قضاء حاجتك ، فاسألني ما شئت (3).

ومنها : قول الحمد لله مائة مرّة (4).

ومنها : أن يقول في سجوده شُكراً شُكراً ، مائة مرّة (5).

ومنها : عفواً عفواً كذلك (6).

ومنها : يا ربّ يا ربّ حتّى ينقطع النفس حتّى يقول له الرب : لبّيك ما حاجتك؟ (7) ومنها : ثلاث مرّات يقول : شُكراً لله (8) ، والظاهر أنّه لا بأس بالإتيان بالذكر وإن

ص: 214


1- العفر : وجه الأرض ، ويطلق على التراب وعفرت الإناء عفراً. المصباح : 714.
2- العفر : وجه الأرض ، ويطلق على التراب وعفرت الإناء عفراً. المصباح : 714.
3- أمالي الصدوق : 119 ح 6 ، الوسائل 4 : 1071 أبواب سجدتي الشكر ب 1 ح 4.
4- مصباح المتهجد : 79 ، الوسائل 4 : 1079 أبواب سجدتي الشكر ب 6 ح 4 وفيها الحمد لله شكراً.
5- الكافي 3 : 344 ح 20 ، الفقيه 1 : 218 ح 969 ، العيون 1 : 280 ح 3 ، التهذيب 2 : 111 ح 417 ، الوسائل 4 : 1079 أبواب سجدتي الشكر ب 6 ح 2.
6- الكافي 3 : 344 ح 20 ، الفقيه 1 : 218 ح 969 ، العيون 1 : 280 ح 3 ، التهذيب 2 : 111 ح 417 ، الوسائل 4 : 1079 أبواب سجدتي الشكر ب 6 ح 2.
7- الفقيه 1 : 219 ح 975 ، الوسائل 4 : 1079 أبواب سجدتي الشكر ب 6 ح 3.
8- الفقيه 1 : 219 ح 977 ، الوسائل 4 : 1070 أبواب سجدتي الشكر ب 1 ح 2.

قلّ ، والنداء وإن قلّ ، وله الأجر فيما قلّ وإن قلّ ، والظاهر أنّه سُنّة في سُنّة. ولو جمع بينهما ، كانت زيادة الأجر في ذلك. ولو نقص منهما ، نقص أجرهما.

ويُستحبّ فيهما بَسط الذراعين على الأرض ونحوها ، وإلصاق الصدر والبطن بها ، ثمّ إلصاق الخدّ الأيمن ، ثمّ الأيسر كذلك. وبإلصاق الواحد أو بعضه يتأدّى بعض السنة.

والأفضل العود بعد ذلك إلى السجود.

والأقوى استحباب التكبير قبله وبعده ؛ لأنّه مفتى به.

ويُستحبّ المسح باليد على موضع السجود ، ثمّ الإمرار على الوجه من جانب الخدّ الأيسر إلى الجبهة إلى جانب الخدّ الأيمن ، ثمّ الصدر.

وفي الخبر : إذا أصابك همّ ، فامسح على موضع سجودك ، ثمّ امسح يدك على وجهك من جانب خدّك الأيسر ، وعلى جبهتك إلى جانب خدّك الأيمن ، ثمّ قل : «بسم اللّه الّذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، اللّهمّ أذهب عنّي الهمّ والحزن» ثلاثاً (1).

ولا يُشترط في سجود التلاوة والشكر شي ء من شروط الصلاة ، من رفع حدث ، أو خبث ، أو استقرار لا يخلّ بالهيئة ، ولا غير ذلك سوى النيّة ، وإباحة المكان ، واللباس ، فلا يصحّان مع غصب أحدهما ، واللّه يكون اللباس من جلد الميتة.

وأمّا اشتراط عدم الحريريّة والذهبيّة ، وطهارة موضع الجبهة ، فغير خال عن القوّة.

ولا ينافيهما شي ء من مُنافياتها مِن كلامٍ أو ضحكٍ أو أكلٍ أو شربٍ أو غيرها ، سوى ما أخلّ بالهيئة.

والأقوى عدم اشتراط وضع ما عدا الجبهة من المساجد السبعة ، وإن كان الفضل فيه.

والظاهر اشتراط ألا يكون محلّ السجود من مُعتادَي المأكول والملبوس ؛ للتعليل ، وتُستحبّ مُراعاة ما يصحّ السجود عليه في الصلاة في سجود الشكر والتلاوة

ص: 215


1- الفقيه 1 : 218 ح 968 ، التهذيب 2 : 112 ح 420 ، الوسائل 4 : 1077 أبواب سجدتي الشكر ب 5 ح 1.

، (وسجود الجالس غير المتمكن من وضع الجبهة ، أو القائم كذلك في الشكر والتلاوة ، والماشي ، والراكب أيضاً بالإيماء. ويحتمل اشتراطه بالاستقرار في الواجب من سجود التلاوة أصالة ، وفي الواجب بالعارض من سجودها ، وسجود الشكر ، وإطلاق الجواز كالمندوب في الفرض والنفل ، واللّه أعلم) (1).

السابع : التشهّد
اشارة

ويجب في الفريضة ، وهو جزء منها ، ومن النافلة ، تبطلان بتركه عمداً.

ومحلّه في الثنائيّة فريضة أو نافلة والأحاديّة واحد ، وهو ما بعد السجدة الأخيرة منها.

وفي الثلاثيّة منها والرباعيّة تشهّدان :

أحدهما : بعد الرفع من السجدة الثانية من الركعة الثانية.

وثانيهما : بعد السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة.

وهو وإن كان بالنسبة إلى المعنى الأصلي يحصل بإحدى الشهادتين ، إلا أنّ المراد منه في لسان الشارع والمتشرّعة مجموع الشهادتين بلفظ : «أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأنّ محمّداً رسول اللّه» صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والأحوط قول : «أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه» من غير واو ، ثمّ الصلاة على النبيّ وآله بلفظ : «اللّهمّ صلّ على محمّد وآله».

ثمّ الأقرب منهما إلى الاحتياط قول : «أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد» محافظاً على العربيّة ، والترتيب والموالاة.

ومع العجز يأتي بالمقدور. ومع العجز عن تمامه أو بعضه يأتي بمقدار ما عجز عنه من الذكر ، مع الزيادة وبدونها ؛ إذ ليس له شي ء مقدّر.

فإن عجز ، فترجمته.

ص: 216


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

فإن عجز ، فترجمة الذكر ، مخيّراً بين اللّغات ، أو مُرتباً على نحو ما مرّ.

والأخرس يشير ويلوك لسانه.

(ويجب كونه عن حفظ ، لا عن قِراءةِ مَكتوبٍ ، ولا مُتابعة متبوع ، كما يلزم في جميع الأقوال والأذكار الواجبة في الصلاة الواجبة ، ولا بأس بذلك في النافلة ، والأقوال المستحبّة في الواجبة على إشكال) (1).

ويجب التعلّم ، وبذل الأُجرة للمُعلّم ممّا لا تضرّ بالحال ، وإن حَرُم عليه الأخذ. وليس هذا من الحمل على المنكر المحرّم.

وإن قدر بنحو الكتابة ، كتب له.

ولا تجب الصلاة على النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم وآله من غير التزام إلا فيه.

والقول بلزومها في العُمر مرّة ، أو في كلّ مجلس يذكر فيه ولو ألف مرّة مرّة ، أو متى ذكر ، وكلّما نطق باسمه ناطق. وربّما أُلحق به صفاته الخاصّة أو مطلقاً ، وكلّ مفيد للمعنى من إشارة أو ضمير أو نسب أو فعل ونحوها غير مرضيّ ؛ لخلوّ الأدعية الموظّفة ، والخُطب المعروفة ، والقصص المنقولة عن المعصومين عليهم السلام غالباً عنها ، مع أنّ إثباتها (2) فيها أوجب من إثبات كلماتها ، ولما يظهر من تتبع الأخبار من استحبابها ، ومن السيرة ، والإجماع على استحبابها.

ويُشترط فيه الجلوس بأيّ نحو اتفق ، فإنّ المدار على ما يُسمّى جلوساً بمقدار الذكر الواجب والاطمئنان والاستقرار كذلك.

فلو أتى بشي ء منه أخذاً بالرفع من السجود ، أو بالقيام ، أو على حالة غير مُستقرة ، بطل وأعاد ما خالف فيه مع بقاء المحلّ ، وفي مقام العمد الأحوط إعادة الصلاة أيضاً.

وتُستحبّ فيه أُمور :

منها : التورّك حالته للرّجال ؛ بأن يجعل ثقله على فخذه الأيسر ، وظاهر قدمه

ص: 217


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- في «م» «س» : إتيانها.

اليمنى على ظاهر (1) اليسرى.

روي : أنّه قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : ما معنى رفع رجلك اليمنى وطرحك اليسرى؟ فقال : «تأويله : اللّهمّ أَمِت الباطل ، وأقم الحق» (2) وربّما يظهر منه استحباب إخطار هذا المعنى بالبال.

ومنها : قول «بسم اللّه وباللّه ، والحمد لله ، وخير الأسماء لله» وأن يضيف «التحيات لله» في أحد التشهّدين. ولو أتى بها في كليهما لقضيّة التفويض مع قصد الخصوصيّة فلا بأس.

وأنّ يضيف بعد الصلاة على النبي وآله صلى اللّه عليه وآله وسلم في التشهّد الأوسط قول : «وتقبّل شفاعته في أُمّته ، وارفع درجته».

والأقوى استحبابه في التشهّد الأخير بقصد الخصوصيّة ؛ لما يظهر من بعض الأخبار من تساوي التشهّدين ، وللتفويض ، وإفتاء بعض العلماء ، وحديث المعراج.

وقد رأيت النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم في عالم الرؤيا ، فأمرني أن أضيف إليها قول : «وقرّب وسيلته» وكان الوالد رحمه اللّه مُحافظاً على ذلك في التشهّد الأوسط. ولم أزل أتى بها سرّاً ؛ لئلا يُتوهّم ورودها ، قاصداً أنّها من أحسن الدعاء ، ولا بأس بالإتيان بها وبغيرها أيضاً بقصد الخصوصيّة ؛ لقضية التفويض.

وروى بعد قول : وارفع درجته : «الحمد لله ربّ العالمين» ثلاثاً أو اثنتين (3).

ومنها : أن يكثر من الذكر والدعاء مع تمام الخضوع والخشوع. ولا بأس بأن يأتي الدعوات والأذكار المسنونة الغير الموظّفة أو الموظّفة لا بقصد الخصوصيّة في الصلاة بأيّ لُغة كانت ، بل ومع قصد الخصوصيّة ؛ للتفويض.

ومنها : التسبيح سبعاً بعد التشهّد الأوّل.

ومنها : الإطالة فيه بالمنصوص وغيره ، ما لم يُخلّ بالهيئة.

ص: 218


1- كذا ، والأنسب : باطن.
2- الفقيه 1 : 210 ح 945 ، الوسائل 4 : 988 أبواب التشهد ب 1 ح 4.
3- التهذيب 2 : 99 ح 373 ، الوسائل 4 : 989 أبواب التشهد ب 3 ح 2.

ويكره قول : «تبارك اسمك ، وتعالى جَدّك» ؛ لأنّه كلام قالته الجنّ ، ويحرم إن قصد من التشهّد ؛ لعدم دخوله في التفويض.

الثامن : التسليم

والواجب فيه أحد أمرين لأنّ التسليم الثالث المتقدّم سنّة إمّا الجمع بين قول : «السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين» وقول : «السلام عليكم» ، والأحوط إضافة «ورحمة اللّه» والأولى أن يضاف إليها «وبركاته» ويكون مع ذلك الجمع بالتسليم الأوّل ، فلا يبقى حرج في ترك شي ء.

ولو جمع في النيّة بين الصلاتيّة والابتداء أو الجواب للتحيّة العُرفيّة ، قوي البطلان.

ولو جمع بين الثلاث ، كان الخروج بالتسليم الوسط ، فلا يبقى حينئذٍ حرج في ترك شرط من شرائط الصلاة ، أو عمل مُنافٍ من مُنافياتها. وأمّا التسليم الثالث فواجب خارجيّ.

وأمّا الإتيان بالتسليم الثاني ؛ وبه وحده يتأدّى الواجب ، ويكون داخلاً حينئذٍ ، ويحصل به الخروج.

لا بدّ من التعريف في المبتدأ ، وتقديمه ، والمحافظة على الإعراب في الجميع ، وكان خطاب المذكّر في الأوّل ، وخطاب الجماعة في الأخير ، وضمير جمع المتكلّم في الأوسط ، والجمود على خصوص الصيغ من غير تبديل.

وأمّا قول : «السلام عليك أيّها النبي ورحمة اللّه» قبلهما ، فهو سنّة غير واجبة.

ولا بدّ في القدر الواجب منه من المحافظة على العربيّة السالمة. ويجري في الأخرس والعاجز والأجير والمعلّم والكاتب وغيرها. ما جرى في غيرها.

وفي اعتبار الترجمة والبدل من تحيّات أُخر أو من أذكار أو قراءة أو دعاء للعاجز وجه بعيد.

والأولى الوقوف قبل ذكر كلّ تسليم ، وقطع الهمزة فيها.

ولا يلزم تعيين المُخرج منها ، ولا نيّة الخروج من الصلاة ، كما لا تلزم في الخروج عن

ص: 219

سائر العبادات ، ولا في الدخول ، ويلزم العلم به لترتّب الأحكام ؛ ولو كان لازماً لأُشير إليه في كلام أهل العصمة عليهم السلام ، ولنبّهوا الناس عليه ، ويُستحبّ خروجاً عن الخلاف.

ويُستحبّ للمنفرد أن يسلّم تسليمة واحدة إلى القبلة ، وأن يومئ بمؤخر عينيه إلى يمينه. وللإمام أن يومئ بصفحة وجهه إلى يمينه فقط. وللمأموم أن يومئ بصفحة وجهه اليمنى فقط ، إن لم يكن على يساره أحد ؛ وإن كان على يساره أحد ، أومأ بصفحة وجهه اليسرى أيضاً.

وقيل : المنفرد والإمام يسلّمان إلى أمام ، والمأموم على نحو ما سبق (1).

ويقصد الإمام والمنفرد بالتسليمة من حضر من الملائكة ، والنبيّين ، والجنّ ، والإنس. والمأموم يقصد بالأُولى جواب الإمام ، وبالثانية الحاضرين من المأمومين ، والملائكة ، والنبيين ، وهو سنّة في سنّة.

ويُستحبّ أن يكبّر ثلاثاً رافعاً يديه على نحو تكبيرة الصلاة قائلاً : «لا إله إلا اللّه وحده وحده ، أنجز وعده ، وأعزّ جنده ، وغلب الأحزاب وحده ، فلهُ الملك ، ولهُ الحمد ، يحيي ويميت ، وهو على كلّ شي ء قدير» (2).

والظاهر استحبابه بعد جميع الصلوات من الفرائض الأصليّة ، والعارضيّة ، والمستحبات ، والأحوط الاقتصار على الفريضة اليوميّة.

المقام الرابع : في القنوت

اشارة

وهو في الأصل : الخضوع. وعند الشارع والمتشرّعة : الدعاء المخصوص.

ويُستحبّ في كلّ ثانية من الرباعيّة أو الثلاثيّة أو ركعة مُتمّمة ، من فريضة أو نافلة ، شفع أو غيره ، سوى صلاة العيد ، ففيها قنوتات سيأتي تفصيلها ، وفي الأُولى من صلاة الجمعة ، ومفردة الوِتر ، بعد تمام القراءة قبل الركوع ، وروى فيه ثانٍ بعد الركوع ،

ص: 220


1- الجمل والعقود : 73.
2- علل الشرائع : 360 ح 1 ، الوسائل 4 : 1031 أبواب التعقيب ب 14 ح 2.

وفي ثانية الجمعة بعده (1).

وأكده في الجهرية ، وأكدها الغداة ، والمغرب ، والجمعة ، والوتر ، وأكدها الأوّلان. وفي الواجبة أشدّ استحباباً من النافلة ، وفي الواجبة الأصليّة أشدّ من العارضيّة.

ويُستحبّ التكبير له رافعاً يديه على نحو غيره من الصلاة ، ويكره رفعهما فوق الرأس كراهة ثانية زيادة على كراهة تجاوز الأُذنين في التكبيرات.

ويُستحبّ رفع كفّيه سُنّة في سنّة مُسامتَ وجهه ، مُستقبلاً بباطنهما السماء إن كان من الطالبين الراغبين ، أو بظاهرهما إن كان من الخائفين الهاربين ، والمخالفة بينهما ، والنظر إليهما كما أفتي به.

والجهر به في الجهريّة والإخفاتيّة ، من نافلة أو فريضة ، أصليّة أو عارضيّة لغير المأموم ، وفي الإمام أشدّ.

والدعاء للدّين والدنيا ، وفي الأوّل أشدّ.

والإطالة فيه ما لم يخرج عن هيئة المصلّي ، ففي الخبر : «أطولكم قنوتاً في دار الدنيا ، أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف» (2) ورفع اليدين فيه مقابل الوجه.

وقضاء الناسي له بعد الرفع من الركوع ، في فرض أو نفل.

وإن ذكره في أثناء الهويّ قبل الوصول إلى حدّ الراكع ، اعتدل ، وقنت. وإن نسيه حتّى انصرف عن محلّه ، قضاه حيث ما ذكره. والأولى الجلوس حينئذٍ والاستقبال.

والظاهر عدم اعتبار الفوريّة ، وعدم لزوم الإتيان بشرائط الصلاة ، وترك مُنافياتها ، وإن كان الأولى ذلك ، بل الأحوط.

ويُكره رفع اليدين في المكتوبة فوق الرأس ، وردّ اليدين بعد الفراغ منه فضلاً عمّا قبله على الرأس والوجه في الفرائض ، وإنّما يُستحبّ ردّ بطن راحتيه على صدره تلقاء ركبتيه على تمهّل ، ويكبّر ويركع. نعم يستحبّ ذلك في النوافل ليلاً ونهاراً.

ص: 221


1- التهذيب 3 : 17 ح 60 ، الاستبصار 1 : 417 ح 1604 ، الوسائل 4 : 904 أبواب القنوت ب 5 ح 9.
2- ثواب الأعمال : 55 ، أمالي الصدوق : 411 ، الوسائل 4 : 919 أبواب القنوت ب 22 ح 2.

وروى : أنّه لا يقال في قنوت صلاة جمعة «وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ» (1) وليس فيه دلالة على منعها في غير مقام ، بل فيه شائبة الرخصة ، وقد وردت في قنوت الوتر ، ولا فرق ، وليس من التحيّة ، بل من الدعاء.

والدعاء بالمأثور ، والاستغفار في قنوت الوتر سبعين مرّة ، وروى مائة (2) تقول : «أستغفر اللّه ، وأتوب إليه» وفي بعض النسخ : «أستغفر اللّه ربّي وأتوب إليه» (3) وفي بعض الأخبار : «أستعفر اللّه وأسأله التوبة» (4) يقولها سبعين مرّة في استغفار الوتر.

ويُستحبّ أن تقول بعده سبع مرّات : «هذا مقام العائذ بك من النار» وقول : «العفو العفو» فيه ثلاثمائة مرّة.

ونصب اليسرى ، والعدّ باليمنى.

ويُستحبّ في مطلق القنوت ذكر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام إجمالاً.

وليس فيه شي ء موظّف كما في الخبر (5) ، وعن الصادق عليه السلام «كلّما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام».

وتجزي فيه خمس تسبيحات ، أو ثلاث تسبيحات في ترسّل ، أو قول : «بسم اللّه الرحمن الرحيم» ثلاث مرّات ، أو قول : «اللّهمّ اغفر لنا ، وارحمنا ، وعافنا ، واعفُ عنّا في الدنيا والآخرة».

وروى الدعاء على العدوّ ، ويسمّيهم في القنوت مطلقاً ، وفي خصوص قنوت الوتر أيضاً (6).

ص: 222


1- مصباح المتهجّد : 251 ، الوسائل 4 : 907 أبواب القنوت ب 7 ح 6.
2- البحار 84 : 271.
3- الفقيه 1 : 309 ح 1408 ، ثواب الأعمال : 204 ، الخصال : 581 ح 3 ، المحاسن : 53 ح 80 ، الوسائل 4 : 909 أبواب القنوت ب 10 ح 2 ، 3.
4- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 181 ، الوسائل 3 : 40 أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 24.
5- الكافي 3 : 340 ح 8 ، التهذيب 2 : 314 ح 1281 ، الوسائل 4 : 908 أبواب القنوت ب 9 ح 1.
6- الفقيه 1 : 208 ح 938 ، الوسائل 4 : 917 أبواب القنوت ب 19 ح 4.

وفي قنوت الوتر أيضاً : «اللّهمّ اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولّني فيمن تولّيت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شرّ ما قضيت ، فإنّك تقضي ولا يقضى عليك».

وفي الدروس : يُستحبّ الدعاء للإخوان ، والأقلّ أربعون في قنوت الوتر (1) ، وروى : «أنّ من قدّم الدعاء لأربعين مؤمناً على دعائه استجيبت دعوته» (2) ، والظاهر اعتبار الرجال المكلّفين دون النساء والصبيان ، وفي ذكرهم أجر عظيم ، ولا يحتسب الخناثى والممسوحين (3).

وروى : أنّ من صلّى ركعتين في آخر اللّيل فدعا في سجوده لأربعين من أصحابه يُسمّيهم ، ويُسمّي آباءهم لم يسأل اللّه شيئاً إلا أعطاه (4).

وروى : أنّ أفضل ما يقال في القنوت كلمات الفرج (5) ، وفي بعض الأخبار إضافة «وما تحتهنّ» بعد «وما بينهنّ» وقبل «والحمد لله ربّ العالمين» (6) وفي بعضها زيادة : «وسلام على المرسلين» قبل «والحمد لله ربّ العالمين» ووردت في قنوت الوتر ، والظاهر أنّها من القرآن أو الذكر أو الدعاء ، وفي بعضها الخلو عن قول : «وما تحتهنّ» مع «سلام على المرسلين» (7).

وفي قنوت الإمام سوى الجمعة : «اللّهمّ إنّي أسألك لي ، ولوالدي ، ولولدي ، وأهل بيتي ، وإخواني المؤمنين فيك اليقين ، والعفو ، والمعافاة ، والرحمة ، والعافية في الدنيا ، والآخرة».

والقنوت في الركعة الأُولى من صلاة الجمعة بعد القراءة : «لا إله إلا اللّه الحليم الكريم ، لا إله إلا اللّه العلي العظيم ، لا إله إلا اللّه ربّ السماوات السبع ، وربّ الأرضين

ص: 223


1- الدروس 1 : 137.
2- انظر الوسائل 4 : 912 أبواب القنوت ب 13.
3- الكافي 2 : 369 ح 5 ، الوسائل 4 : 1154 أبواب الدعاء ب 45.
4- انظر السرائر 1 : 228 ، والذكرى : 184.
5- انظر فلاح السائل : 134.
6- الفقيه 1 : 77 ، ح 346 ، الوسائل 2 : 666 أبواب الاحتضار ب 38 ح 2.
7- الكافي 3 : 426 ح 6 ، التهذيب 3 : 18 ح 64 ، الوسائل 4 : 906 أبواب القنوت ب 7 ح 4.

السبع ، وما فيهنّ وما بينهن ، وربّ العرش العظيم ، والحمد لله ربّ العالمين ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآله ، كما هديتنا به ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآله ، كما أكرمتنا به ، اللّهمّ اجعلنا ممّن اخترته لدينك ، وخلقته لجنتك ، اللّهمّ لا تُزع قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة ، إنّك أنت الوهّاب».

وروي : أنّ سبعة مواطن ليس فيها دعاء موقّت : الصلاة على الجنازة ، والقنوت ، والمستجار ، والصّفا ، والمَروة ، والوقوف بعرفات ، وركعتا الطواف (1).

وإذا دعا على الأعداء أو للأصدقاء أو الأرحام أو بعض أهل الإيمان وسمّى في الجميع فلا بأس.

وروى : أنّ القنوت في الوتر الاستغفار ، وفي فريضة الصلاة الدعاء (2).

ويُستحبّ أن يبدأ بالدعاء لإخوانه المؤمنين قبل نفسه ، وأن يعدّ أربعين مؤمناً أو مؤمنة أحياءً أو أمواتاً ساجداً في آخر اللّيل. ولو ذكرهم في صلاة الليل خصوصاً في الوتر كان أولى ؛ لأنّه أقرب إلى الاستجابة.

ولا بأس بالقنوت بالفارسيّة ، وروى : «أنّ كلّما ناجيت ربّك به فليس بكلام» (3).

وروى : أنّه يُكره أن يقال في الدعاء : «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة» بل يقال «من مضلات الفِتن» (4).

ويُكره أن يقال : «اللّهمّ اجعلني ممّن تنتصر به لدينك» ، فإن اللّه ينتصر لهذا الدين بشرار خلقه ، حتّى يضاف «من خيار خلقك».

ويُكره أن يقول : «اللّهمّ أغنني عن خلقك» حتّى يقول : «عن لئام خلقك» فإن الناس يحتاج بعضهم بعضاً.

والظاهر تنزيل أمثال هذه الأخبار على اختلاف المقاصد ، وإلا فقد ورد في كلام

ص: 224


1- انظر الوسائل 4 : 912 أبواب القنوت ب 13.
2- الخصال : 357 ح 41 ، الوسائل 4 : 909 أبواب القنوت ب 9 ح 5.
3- الكافي 3 : 340 ح 9 ، الفقيه 1 : 311 ح 1414 ، الوسائل 4 : 907 أبواب القنوت ب 8 ح 1.
4- الفقيه 1 : 208 ح 938 ، الوسائل 4 : 917 أبواب القنوت ب 19 ح 4.

أهل العصمة ما يعارضها.

وحيث دلّت الأخبار على التفويض في القنوت كالتشهّد ، جاز إدخال ما شاء من الدعاء بقصد الخصوصيّة.

وروى في عدّة أخبار : أنّ الساعة التي يُستجاب فيها الدعاء السدس الأوّل من النصف الثاني من اللّيل ، وهو السدس الرابع منه (1).

التعقيب

ويُستحبّ التعقيب عقيب الصلوات فرضها ونفلها ، وإن كان ما بعد الفرض أفضل.

وأفضله ما بعد الصبح والعصر.

وإنّما خُصّت به الصلاة ؛ لأنّها أفضل الوسائل إلى استجابة الدعاء ؛ ولأن كثرة فضيلتها ، وزيادة العناية بها أوجبت لها المزيّة بطول المقدّمات والغايات ، فهي مَوصولة ، وباقي العبادات مَبتولة.

روي فيه : أنّه أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد ، قال : يعني بالتعقيب الدعاء بعد الصلاة (2).

وروى : أنّ اللّه تعالى قال : يا بن آدم ، اذكرني بعد الفجر ساعة ، واذكرني بعد العصر ساعة ، أكفك ما أهمّك (3) ، وأنّه يُستجاب الدعاء في أربعة مواطن : الوتر ، والفجر ، والظهر ، والمغرب (4) ، وأنّ من صلّى فريضة ، وعقّب إلى أُخرى فهو ضيف ، وحقّ على اللّه أن يُكرم ضيفه (5).

وروى : أنّ اللّه تعالى فرض الصلوات الخمس في أفضل الساعات ، فعليكم

ص: 225


1- أمالي الطوسي 2 : 193 ، الوسائل 4 : 1169 أبواب الدعاء ب 59 ح 1.
2- الوسائل 4 : 1118 أبواب الدعاء ب 26 ح 2.
3- التهذيب 2 : 104 ح 391 ، الوسائل 4 : 1013 أبواب التعقيب ب 1 ح.
4- الفقيه 1 : 216 ح 964 ، التهذيب 2 : 138 ح 536 ، الوسائل 4 : 1014 أبواب التعقيب ب 1 ح 3.
5- الكافي 3 : 343 ح 17 ، التهذيب 2 : 114 ح 428 ، الوسائل 4 : 1014 أبواب التعقيب ب 1 ح 4.

بالدعاء إدبار الصلوات (1). وأنّ من أدّى مكتوبة فله بعدها دعوة مُستجابة (2). وأنّه لا ينبغي للإمام أن ينفتل إذا سلّم حتّى يتمّ من خلفه الصلاة (3) ، وأنه ينبغي للإمام أن يجلس بعد الفراغ هُنيئة (4) ، وأنّه لا ينبغي أن يكلّم أحداً ، ولا يلتفت (5).

وأنّ فضل الدعاء بعد المكتوبة كفضل المكتوبة على النافلة (6) ، وأنّ الدعاء بعد الفريضة (7) وفي أُخرى مُطلقاً أفضل من النافلة (8) ، وأنّ إطالة الدعاء في الصلاة أفضل من إطالة القراءة ، وأنّ الدعاء مُطلقاً أفضل من القراءة (9).

وروى : أنّ من سبّح تسبيح الزهراء عليها السلام قبل أن يثني رجليه بعد الفريضة غفر له (10).

وفي آخر : مع الإتباع بلا إله إلا اللّه مرّة (11).

وفي آخر : في خصوص صلاة الغداة (12).

وفي آخر : ثمّ استغفر.

وفي آخر : أنّه يُستحبّ أن يكون ولاءً بغير فصل.

وفي آخر : الخلوّ عن القيود كلّها ، وأنّه متى أتى به فقد ذكر اللّه تعالى الذكر

ص: 226


1- الكافي 3 : 341 ح 3 ، الوسائل 4 : 1014 من أبواب التعقيب ب 1 ح 5.
2- الخصال : 278 ح 23 ، الوسائل 4 : 1015 أبواب التعقيب ب 1 ح 6.
3- عدّة الداعي : 58 ، الوسائل 4 : 1015 أبواب التعقيب ب 1 ح 9 - 11.
4- الكافي 3 : 341 ح 1 ، التهذيب 2 : 103 ح 386 ، الوسائل 4 : 1017 أبواب التعقيب ب 2 ح 2.
5- التهذيب 3 : 275 ح 802 ، الوسائل 4 : 1017 أبواب التعقيب ب 2 ح 5 بتفاوت في جميع المصادر.
6- التهذيب 2 : 104 ح 390 ، قرب الإسناد : 96 ، الوسائل 4 : 1018 أبواب التعقيب ب 2 ح 6 - 8 ، بتفاوت يسير في الجميع.
7- الكافي 3 : 341 ح 4 ، الوسائل 4 : 1019 أبواب التعقيب ب 4 ح 2.
8- الكافي 3 : 342 ح 5 ، الفقيه 1 : 216 ح 962 ، التهذيب 2 : 103 ح 389 ، الوسائل 4 : 1019 أبواب التعقيب ب 5 ح 1 ، 2.
9- التهذيب 4 : 331 ح 1034 ، الوسائل 4 : 1020 أبواب التعقيب ب 5 ح 3.
10- التهذيب 2 : 104 ح 394 ، الوسائل 4 : 1020 أبواب التعقيب ب 6 ح 1.
11- الكافي 3 : 342 ح 6 ، الوسائل 4 : 1021 أبواب التعقيب ب 7 ح 1 ، 4 ، 5.
12- الكافي 3 : 342 ح 7 ، الوسائل 4 : 1021 أبواب التعقيب ب 7 ح 3.

الكثير ، وأنّه مائة باللسان ، وألف بالميزان ، ويطرد الشيطان (1) ، ويرضي الرحمن (2).

وأنّهم يأمرون صبيانهم به ، كما يأمرونهم بالصلاة (3) ، وأنّه أحبّ إلى اللّه من صلاة ألف ركعة (4).

وإن سبّح بأصابعه فأخطأ بأن عدى حُسب له خطأه (5) ، وأنّ من نام بعد التسبيح كان من الذاكرين اللّه كثيراً والذاكرات (6).

وفي آخر : إذا توسّد الرجل يمينه فليقل : بسم اللّه ، إلى أن قال : ثمّ يسبّح تسبيح الزهراء عليها السلام (7).

وروى : أنّه أفضل من النافلة والدعاء (8).

وأصحّ ما روي فيه أربعة وثلاثون تكبيرة بلفظ «اللّه أكبر» وثلاثة وثلاثون تحميدة بلفظ «الحمد اللّه» ، وثلاثة وثلاثون تسبيحة بلفظ «سبحان اللّه» (9).

وينبغي فيه التمهّل ، والتوسّل ، والوقف على كلّ ذكر منه ، والموالاة ، ولو طال الفصل جدّاً حتّى خرج عن هيئته ، فاتَ الموظّف. والبناء على نقصه لو شكّ في النقصان ولم يكن كثير الشك ، والمضيّ مع الشك في الزيادة.

ووقوعه بتمامه قبل أن يثني رجليه ، والاستغفار بعده ، والتهليل ، والبقاء على هيئة المصلّي حالته ، واجتناب ما يجتنبه. وإن قام عن محلّه ، استحبّ تداركه قائماً ، وجالساً ، وراكباً ، وماشياً على نحو صلاة النافلة.

ويُستحبّ قبل النوم ، وفي جميع الأوقات كما تضمّنته الروايات.

ص: 227


1- قرب الإسناد : 4 ، الوسائل 4 : 1022 أبواب التعقيب ب 7 ح 6.
2- الوسائل 4 : 1023 أبواب التعقيب ب 8 ح 3.
3- الكافي 3 : 343 ح 13 ، الوسائل 4 : 1022 أبواب التعقيب ب 8 ح 2.
4- الكافي 3 : 343 ح 15 ، الوسائل 4 : 1024 أبواب التعقيب ب 9 ح 2.
5- الكافي 3 : 344 ح 21 ، الوسائل 4 : 1039 أبواب التعقيب ب 21 ح 3 ، وانظر مستدرك الوسائل 5 : 64 أبواب التعقيب ب 19 ح 1.
6- مجمع البيان 4 : 358 ، الوسائل 4 : 1026 أبواب التعقيب ب 11 ح 4.
7- الفقيه 1 : 296 ح 1354 ، الوسائل 4 : 1025 أبواب التعقيب ب 11 ح 1.
8- انظر الوسائل 4 : 1024 أبواب التعقيب ب 9.
9- الكافي 3 : 342 ح 8 ، التهذيب 2 : 105 ح 400 ، الوسائل 4 : 1024 أبواب التعقيب ب 10 ح 2.

ويُستحبّ اتخاذ سبحة من طين قبر الحسين عليه السلام ، فقد كانت الزهراء عليها السلام تعدّ بعقد الخيوط ، ثمّ لما قتل حمزة عليه السلام ، صنعت من طين قبره السّبَح ، ثمّ لما قتل الحسين عليه السلام صار التسبيح بطين قبره (1).

وروى : أنّ المؤمن لا يخلو من خمسة أشياء : سواك ، ومشط ، وسجادة ، وسبحة فيها أربع وثلاثون حبّة ، وخاتم عقيق (2).

وروى : أنّ السبحة من قبر الحسين عليه السلام تسبّح في يد الرجل قبل أن يُسبّح (3).

وروى : أنّه إذا سبّح بخرزة مرّة ، كان بسبعين ؛ وإذا حرّكها من غير تسبيح ، كان تحريكه بسبعة (4).

وعن الصادق عليه السلام من أدار سُبحةً من تربة الحسين عليه السلام مرّة واحدة بالاستغفار وغير ذلك ، حُسب له بسبعين مرّة ، وأنّ السجود عليها يخرق الحجب السبع (5). وروى : أنّ من أدار السبحة ناسياً كتب له ثواب التسبيح (6).

والظاهر أنّ أخذ التربة والسبحة من الأماكن المشرّفة فيه رُجحان ، ويترتّب على السجود والتسبيح بها ثواب يختلف باختلاف فضلها ، إلا أنّ لتربة الحسين عليه السلام مزيدَ فضلٍ على ما عداه. وشوي الطين بالنار لا يُخرجه عن الاسم ، ولا عن الحكم.

وروى : الإتيان بعد كلّ فريضة قصراً كانت أو تماماً بالتسبيحات الأربع ثلاثين مرّة أو أربعين مرّة (7) ، وفُسّر بها الذّكر الكثير ، فإنّ أصلها في الأرض ، وفرعها

ص: 228


1- مكارم الأخلاق : 281 ، الوسائل 4 : 1032 أبواب التعقيب ب 16 ح 1.
2- مصباح المتهجد : 678 ، الوسائل 4 : 1033 أبواب التعقيب ب 16 ح 5.
3- مكارم الأخلاق : 281 ، الوسائل 4 : 1033 أبواب التعقيب ب 16 ح 2.
4- مصباح المتهجد : 678 ، الوسائل 4 : 1033 أبواب التعقيب ب 16 ح 6.
5- مكارم الأخلاق : 302 ، الوسائل 1033 أبواب التعقيب ب 16 ح 4.
6- الاحتجاج : 489 ، الوسائل 4 : 1033 أبواب التعقيب ب 16 ح 7.
7- التهذيب 2 : 107 ح 405 ، الوسائل 4 : 1032 أبواب التعقيب ب 15 ح 4 ، 6.

في السماء ، وأنّهنّ يدفعن الهدم ، والغرق ، والحرق ، والتردّي في البئر ، وأكل السبع ، وميتة السوء ، والبليّة التي تنزل على العبد في ذلك اليوم ، وأنّ من قالها لم يبقَ شي ء من الذنوب على بدنه إلا تناثر (1) ، وأنّ مَن قالها قبل أن يثني رجليه أُعطي ما سأل (2) ، والظاهر أنّها في القصريّة مع الجبر بالثلاثين تكون ستّين أو سبعين.

وينبغي البدار بعد الصلاة إلى تسبيح الزهراء عليها السلام في التمام ، ويتخيّر في تقديم ما شاء منه ، ومن الجبر في القصر.

وروى : أنّه ينبغي الجلوس بعد الصبح حتّى تطلع الشمس ، وأنّه أبعث في طلب الرزق من الضرب في الأرض (3) ، وأنّه أنفذ في طلب الرزق من ركوب البحر (4) ، وأنّه يستره اللّه تعالى من النار (5) ، وأنّ له أجر حاج بيت اللّه تعالى ، وفي آخر : حاج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم (6).

وكان الرضا عليه السلام في خراسان يجلس بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، ثمّ يؤتى بخريطة فيها مساويك ، فيستاك بها واحد بعد واحد ، ثمّ يؤتى بكُندر ، فيمضغه ، ثمّ يدع ذلك فيؤتى بالمصحف ، فيقرأ فيه (7).

وأنّه يُستحبّ لعن أربعة من الرجال ، وأربع من النساء ، فلان وفلان وفلان ، ويسمّيهم ، والعاوي ، وفلانة وفلانة وهنداً وأُم الحكم (8).

وأنّه لا ينصرف عن صلاة مكتوبة إلا بعد لعن بني أُميّة (9).

وأنّه ينبغي أن يقال بعد كلّ صلاة فريضة : «رضيت باللّه ربّاً ، وبمحمّدٍ صلّى اللّه

ص: 229


1- أمالي الصدوق : 223 ح 6 ، الوسائل 4 : 1032 أبواب التعقيب ب 15 ح 5.
2- أمالي الصدوق : 154 ح 11 ، الوسائل 4 : 1032 أبواب التعقيب ب 15 ح 6.
3- الخصال : 616 ، الوسائل 4 : 1037 أبواب التعقيب ب 18 ح 10 ، 3 وفيه أسرع بدل : أبعث.
4- الكافي 5 : 310 ح 27 ، الوسائل 4 : 1037 أبواب التعقيب ب 18 ح 11.
5- التهذيب 2 : 321 ح 1310 ، الوسائل 4 : 1035 أبواب التعقيب ب 18 ح 1.
6- التهذيب 2 : 138 ح 535 ، الاستبصار 1 : 350 ح 1321 ، الوسائل 4 : 1035 أبواب التعقيب ب 18 ح 2.
7- الفقيه 1 : 319 ح 1455 ، الوسائل 4 : 1036 أبواب التعقيب ب 18 ح 5.
8- التهذيب 2 : 321 ح 1313 ، الكافي 3 : 342 ح 10 ، الوسائل 4 : 1037 أبواب التعقيب ب 19 ح 1.
9- التهذيب 2 : 321 ح 1312 ، الوسائل 4 : 1038 أبواب التعقيب ب 19 ح 2.

عليه وآله وسلم نبيّاً ، وبالإسلام دِيناً ، وبالقرآن كتاباً ، وبالكعبة قبلة ، وبعليّ وليّاً وإماماً ، وبالحسن عليه السلام والحسين عليه السلام والأئمّة صلوات اللّه عليهم ، اللّهم إنّي رضيت بهم أئمة ، فارضني لهم ، إنّك على كلّ شي ء قدير» (1).

وأنّه تنبغي المحافظة على سؤال الجنة ، والحور العين ، والتعوّذ من النار.

وأنّ من فرغ من صلاته فليصلّ على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وليسأل الجنّة والحور العين ، ويتعوّذ من النار ، فإنّ الأربعة أُعطين سمع الخلائق ، فالصلاة تبلغ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وسؤال الجنّة والحور العين والتعوّذ من النار تبلغ هذه الثلاثة ، فيسألن اللّه تعالى أن يُجيب دعاءه (2).

وأنّ من دخل في الإقامة بعثَ اللّه الحور العين وأحدقن به ، فإذا انصرف ولم يطلبهنّ من اللّه تعالى ، انصرفن مُتعجّبات ، وإنهنّ يقلن : ما أزهدَ هذا فينا! وإنّ اللّه تعالى قال : «من قرأ بعد الفريضة من الشيعة الحمد لله ، وآية شهد اللّه وآية الكرسي ، وآية الملك ، نظرتُ إليه في كلّ يومٍ سبعينَ نظرة ، أقضي له في كلّ نظرة سبعين حاجة ، وقبِلته على ما فيه من المعاصي» (3).

وأنّ أقلّ ما يجزي من الدعاء بعد الفريضة أن يقال : «اللّهمّ إنّي أسألك من كلّ خيرٍ أحاطَ به علمُك ، وأعوذ بك من كلّ شر أحاطَ به علمك ، اللّهمّ إنّي أسألك عافيتك في اموري كلّها ، وأعوذ بك من خزي الدنيا ، وعذاب الآخرة» (4).

وإنّ من قال في دبر الفريضة : «يا من يفعل ما يشاء ، ولا يفعل ما يشاء غيره» ثلاثاً ، ثمّ سأل أُعطي ما سأل (5).

وإنّك لا تدع في دبر كلّ صلاة : «أُعيذ نفسي وما رزقني ربي باللّه الواحد الصمد ،

ص: 230


1- التهذيب 2 : 109 ح 412 ، الوسائل 4 : 1038 أبواب التعقيب ب 20 ح 1.
2- الوسائل 4 : 1039 أبواب التعقيب ب 22.
3- الكافي 2 : 620 ح 2 ، الوسائل 4 : 1042 أبواب التعقيب ب 23 ح 1.
4- الكافي 3 : 343 ح 16 ، الفقيه 1 : 212 ح 948 ، الوسائل 4 : 1043 أبواب التعقيب ب 24 ح 1.
5- معاني الأخبار : 394 ح 46 ، الوسائل 4 : 1034 أبواب التعقيب ب 24 ح 2.

إلى آخر السورة ، وأُعيذ نفسي وما رزقني ربّي بربّ الفلق كذلك ، وأُعيذ نفسي وما زرقني ربّي بربّ الناس حتّى تختمها» (1).

وإن من قال في دُبر الفريضة قبل أن يثني رجليه : «استغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم ، ذو الجلال والإكرام ، أتوب إليه» ثلاث مرّات غفر اللّه له ذنوبه ، ولو كانت مثل زَبَد البحر (2).

وإن من قال : «أُجير نفسي ، ومالي ، وولدي ، وأهلي ، وداري ، وكلّ ما هو منّي باللّه الواحد الأحد الصمد إلى أخره ، وأُجير نفسي ، ومالي ، وولدي ، وكلّما هو منّي بربّ الفلق إلى أخره ، وبربّ الناس ، وبآية الكرسي إلى أخره» حُفظ في نفسه وداره وماله وولده (3).

وإنّه عليه السلام كتب لمن طلب منه دعاء يجمع اللّه له به خير الدنيا والآخرة : في أدبار الصلوات تقول : «أعوذ بوجهك الكريم ، وعزّتك التي لا تُرام ، وقدرتك التي لا يمتنع منها شي ء من شرّ الدنيا الآخرة ، وشرّ الأوجاع كلّها» (4).

وإن جبرئيل عليه السلام قال ليوسف عليه السلام وهو في السجن : قل في دبر كلّ صلاة : «اللّهمّ اجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً ، وارزقني من حيث أحتسب ، ومن حيث لا أحتسب» (5).

وإنّه يُستحبّ رفع اليدين فوق الرأس بعد الفراغ من الصلاة ، ورفع اليدين بالتكبير ثلاثاً بعد التسليم ، فإنّ الصادق عليه السلام سُئل : لأيّ علّة يكبّر المصلّي بعد التسليم ثلاثاً يرفع بها يديه؟ فقال : «لأنّ النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم لما فتح مكة صلّى بأصحابه الظهر عند الحجر الأسود ، فلمّا سلّم رفع يديه بالتكبير ثلاثاً ، ثمّ قال : لا إله إلا اللّه ، وحده وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وأعزّ جُنده ، وغلب الأحزاب

ص: 231


1- الكافي 3 : 343 ح 18 ، الوسائل 4 : 1043 أبواب التعقيب ب 24 ح 3 ، وفيه : الواحد الأحد... .
2- الكافي 2 : 521 ، الوسائل 4 : 1044 أبواب التعقيب ب 24 ح 4.
3- الكافي 2 : 399 ح 8 ، الفقيه 1 : 216 ح 960 ، الوسائل 4 : 1044 أبواب التعقيب ب 24 ح 5.
4- الكافي 3 : 346 ح 27 ، الوسائل 4 : 1045 أبواب التعقيب ب 24 ح 7.
5- الكافي 2 : 399 ح 7 ، الوسائل 4 : 1045 أبواب التعقيب ب 24 ح 8.

وحده ، فلهُ الملك ، ولهُ الحمد ، يُحيي ويُميت ، وهو على كلّ شي ء قدير ، ثمّ أقبل على أصحابه ، وقال : لا تدعوا هذا التكبير ، وهذا القول دبر كلّ صلاة مكتوبة ، فإنّ من فعل ذلك بعد التسليم ، وقال هذا القول ، كان قد أدّى ما يجب عليه من شكر اللّه تعالى على تقوية الإسلام وجُنده» (1).

وعن الصادق عليه السلام أنّه قال لأبي بصير : قل بعد التسليم : «اللّه أكبر ، لا إله اللّه اللّه ، وحده لا شريك له ، له الملك ، ولهُ الحمد ، يُحيي ويميت ، وهو حيّ لا يموت بيده الخير ، وهو على كلّ شي ء قدير ، لا إله إلا اللّه وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، اللّهمّ اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك ، إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (2).

وإنّ أبا جعفر عليه السلام قال : «إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أتاه رجل فقال : يا رسول اللّه ، صلى اللّه عليه وآله وسلم ، علّمني كلاماً ينفعني اللّه تعالى به ، وخفّف عليّ ، فقال : تقول في دبر كلّ صلاة : اللّهمّ اهدني من عندك ، وأفض عليّ من فضلك ، وانشر عليّ من رحمتك ، وأنزل عليّ من بركاتك ، ثمّ قال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : أما إنّه إن وافى بها يوم القيامة لم يدعها مُتعمّداً ، فتح اللّه تعالى له ثمانية أبواب من أبواب الجنّة ، يدخل من أيّها شاء» (3).

وإنّه من قال بعد فراغه من الصلاة قبل أن تزول ركبتاه : «أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، إلهاً ، واحداً ، أحداً ، صمداً ، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً» عشر مرّات ، محا اللّه عنه أربعين ألف ألف سيّئة ، وكتب له أربعين ألف ألف حسنة ، وكان مثل من قرأ القرآن اثنتي عشرة مرّة ، قال الراوي : ثمّ التفت إليّ فقال : «أمّا أنا فأفعلها مائة مرّة ، وأمّا أنتم فقولوا عشر مرّات» (4).

ص: 232


1- علل الشرائع : 360 ب 78 ح 1 ، الوسائل 4 : 1030 أبواب التعقيب ب 14 ح 2.
2- التهذيب 2 : 106 ح 402 ، الوسائل 4 : 1045 أبواب التعقيب ب 24 ح 9.
3- التهذيب 2 : 106 ح 404 ، الوسائل 4 : 1046 أبواب التعقيب ب 24 ح 10.
4- المحاسن : 51 ح 73 ، الوسائل 4 : 1046 أبواب التعقيب ب 24 ح 12.

وإنّه قال : «عليك بأية الكرسي في دبر صلاة المكتوبة ، فإنّه لا يحافظ عليها إلا نبيّ أو صدّيق أو شهيد» (1).

وأن يقول بعد الفراغ من الصلاة : «اللّهمّ إنّي أدينك بطاعتك وولايتك ، وولاية رسولك ، وولاية الأئمّة عليهم السلام من أوّلهم إلى آخرهم» ، وتسمّيهم ، ثمّ تقول : «اللّهمّ إنّي أُدينك بطاعتهم ، وولايتهم ، والرضا بما فضّلتهم به ، غير متكبّر ولا منكر ، على معنى ما أنزلت في كتابك ، على حدود ما أتانا فيه ، وما لم يأتنا ، مؤمن مُقرّ مُسلّم بذلك ، راضٍ بما رضيت به يا ربّ ، أُريد به وجهك ، والدار الآخرة ، مرهوباً ، مرغوباً إليك فيه ، فأحيني ما أحييتني على ذلك ، وأمتني إذا أمتني على ذلك ، وابعثني إذا بعثتني على ذلك ، وإن كان منّي تقصير فيما مضى ، فإنّي أتوب إليك منه ، وأرغب إليك فيما عندك ، وأسألك أن تعصمني من معاصيك ، ولا تكِلني إلى نفسي طرفة عين أبداً ما أحييتني ، لا أقلّ من ذلك ، ولا أكثر ، ولا أكبر ، إنّ النفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحمت ، يا أرحم الراحمين ، وأسألك أن تعصمني بطاعتك حتّى تتوفّاني عليها وأنت عنّي راض ، وأن تختم لي بالسعادة ، ولا تحوّلني عنها أبداً ، ولا قوّة إلا بك» (2).

وإنّ كيفيّة السلام على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بعد الفريضة والصلاة عليه : «السلام عليك يا رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته ، السلام عليك يا محمد بن عبد اللّه ، السلام عليك يا خيرة اللّه ، السلام عليك يا حبيب اللّه ، السلام عليك يا صفوة اللّه ، السلام عليك يا أمين اللّه ، أشهد أنّك رسول اللّه ، وأشهد أنك محمد بن عبد اللّه ، وأشهد أنّك قد نصحت لأُمتك ، وجاهدت في سبيل ربّك ، وعبدته حتّى أتاك اليقين ، فجزاك اللّه يا رسول اللّه أفضل ما جزى نبيّاً عن أُمّته ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، أفضل ما صلّيت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد» (3).

وروى : أنّه يستحبّ أن يؤتى بالتعقيب بعد الانصراف لمن ذهب في حاجة ، وأنّه

ص: 233


1- قرب الإسناد : 56 ، الوسائل 4 : 1047 أبواب التعقيب ب 24 ح 13.
2- الكافي 3 : 345 ح 26 ، الوسائل 4 : 1044 أبواب التعقيب ب 24 ح 6.
3- قرب الإسناد : 169 ، الوسائل 4 : 1047 أبواب التعقيب ب 24 ح 14.

ينبغي أن يكون على هيئة المصلّي ، وأنّ كلّما يضرّ بالصلاة يضرّ به (1).

وأنّ يقول بعد صلاة الصبح عشر مرّات : «سبحان اللّه العظيم وبحمده ، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم» ليدفع اللّه تعالى عنه العمى ، والجنون ، والجذام ، والفقر ، والهدم (2).

وأن يقرأ بعد تعقيب الصبح خمسين أية (3) ، وأن يقول في دعاء صلاة الفجر : «سبحان اللّه العظيم ، أستغفر اللّه ، وأسأله من فضله» عشر مرّات ، ليذهب فقره ، وتُقضى حاجته.

وأن يقول بعد الغداة : «لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد يحيي ويميت ، ويميت ويحيي ، بيده الخير ، وهو على كلّ شي ء قدير» (4).

وأن يقول في دبر الفجر إلى أن تطلع الشمس : «سبحان اللّه العظيم وبحمده ، وأستغفر اللّه ، وأسأله من فضله» ليرزق الغنى.

وإنّ من صلّى الغداة فقال ولم ينقض ركبتيه عشر مرّات : «لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يُحيي ويُميت ، ويُميت ويُحيي ، وهو حيّ لا يموت بيده الخير ، وهو على كلّ شي ء قدير». وفي المغرب مثلها ، لم يلقَ اللّه عبد أفضل من عمله ، إلا من جاء بمثل عمله (5).

وإن من قال مائة مرّة : «ما شاء اللّه كان ، لا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم» حين يصلّي الفجر لم يرَ يومه ذلك شيئاً يكرهه (6).

وإن من قال في دبر صلاة الفجر وفي دبر صلاة المغرب قبل أن يتكلّم سبع مرّات : «بسم اللّه الرحمن الرحيم ، لا حول ولا قوّة إلا باللّه العلي العظيم» دفع عنه سبعين نوعاً

ص: 234


1- الفقيه 1 : 216 ح 963 ، التهذيب 2 : 320 ح 1308 ، الوسائل 4 : 1034 أبواب التعقيب ب 17 ح 1 ، 4.
2- التهذيب 2 : 106 ح 404 ، الوسائل 4 : 1047 أبواب التعقيب ب 25 ح 1.
3- التهذيب 2 : 138 ح 537 ، الوسائل 4 : 1048 أبواب التعقيب ب 25 ح 2.
4- الكافي 5 : 315 ح 46 ، الوسائل 4 : 1048 أبواب التعقيب ب 25 ح 3.
5- الكافي 2 : 376 ح 1 ، 2 ، الوسائل 4 : 1049 أبواب التعقيب ب 25 ح 6 ، 7.
6- الكافي 2 : 386 ح 24 ، الوسائل 4 : 1050 أبواب التعقيب ب 25 ح 8.

من أنواع البلاء ، أهونها الريح والبرَص والجنون ، وإن كان شقيّاً مُحي من الشقاء ، وكُتب في السعداء.

وفي أُخرى : أهونه الجنون ، والجذام ، والبرص ، وإن كان شقيّاً رجوت أن يحوّله اللّه تعالى إلى السعادة (1).

وفي اخرى : يقولها ثلاث مرّات حين يُصبح ، وثلاث مرّات حين يُمسي ، فلا يخاف شيطاناً ، ولا سلطاناً ، ولا برصاً ، ولا جذاماً ، قال أبو الحسن عليه السلام : «وأنا أقولها مائة مرّة» (2).

وفي اخرى سبع مرّات ، مع إضافة : ولا سبعون نوعاً من أنواع البلاء (3).

وفي اخرى فقال : إذا صلّى المغرب قبل بسط الرجل ، وقبل تكليم أحد مائة مرّة ، ومائة مرّة في الغداة ؛ ليدفع عنه مائة نوع من أنواع البلاء ، أدنى نوع منها الشيطان ، والسلطان ، والبرص ، والجذام (4).

وإنّ من قال بعد الفجر : «اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد» مائة مرّة ، يقي اللّه لها وجهه من حرّ جهنّم (5).

وإنّ من قرأ : قل هو اللّه أحد إحدى عشر مرّة في دُبر الفجر ، لم يتبعه في ذلك اليوم ذنب (6).

وإنّ من استغفر اللّه تعالى بعد صلاة الفجر سبعين مرّة ، غفر اللّه تعالى له ، ولو عمل في ذلك اليوم أكثر من سبعين ألف ذنب ، ومن عمل أكثر من سبعين ألف ذنب فلا خير فيه ، وفي أُخرى : سبعمائة ذنب (7).

ص: 235


1- الكافي 2 : 386 ح 26 ، 27 ، الوسائل 4 : 1050 أبواب التعقيب ب 25 ح 9.
2- الكافي 2 : 386 ح 27 ، الوسائل 4 : 1050 أبواب التعقيب ب 25 ح 10.
3- الكافي 2 : 386 ح 28 ، الوسائل 4 : 1050 أبواب التعقيب ب 25 ح 11.
4- الكافي 2 : 386 ح 29 ، الوسائل 4 : 1050 أبواب التعقيب ب 25 ح 12.
5- ثواب الأعمال : 186 ، الوسائل 4 : 1051 أبواب التعقيب ب 25 ح 13.
6- ثواب الأعمال : 157 ح 8 ، الوسائل 4 : 1051 أبواب التعقيب ب 25 ح 14.
7- ثواب الأعمال : 198 ، الخصال : 581 ح 4 ، الوسائل 4 : 1051 أبواب التعقيب ب 25 ح 15 ، 16.

وإنّ أمير المؤمنين عليه السلام إذا فرغ من الزوال كان يقول : «اللّهمّ إنّي أتقرّب إليك بجودك وكرمك ، وأتقرّب إليك بمحمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم عبدك ورسولك ، وأتقرّب إليك بملائكتك المقرّبين ، وأنبيائك المرسلين ، وبك ، اللّهمّ أنت الغني عنّي ، وبي الفاقة إليك ، أنت الغني ، وأنا الفقير إليك ، أقلتني عثرتي ، وسترت عليّ ذنوبي ، فاقضِ اليوم حاجتي ، ولا تعذّبني بقبيح ما تعلم منّي ، بل عفوك وجودك يسعني». ثمّ يخرّ ساجداً فيقول : «يا أهل التقوى ، يا أهل المغفرة ، يا برّ يا رحيم ، أنت أبرّ بي من أبي وأُمي ، ومن جميع الخلائق ، اقلبني بقضاء حاجتي ، مُجاباً دعائي ، مرحوماً صوتي ، قد كشفت أنواع البلاء عنّي» (1).

وإنّ من استغفر اللّه بعد العصر سبعين مرّة غفر اللّه له ذلك اليوم سبعمائة ذنب ، فإن لم يكن له فلأبيه ، وإن لم يكن لأبيه فلأُمّه ، فان لم يكن لأُمّه فلأخيه ، فإن لم يكن لأخيه فلأُخته ، فإن لم يكن لأُخته فللأقرب فالأقرب (2) ، وإنّ من قرأ بعد العصر والظاهر أنّ المراد الصلاة إنا أنزلناه عشر مرّات ، مرّت له على مثل أعمال الخلائق يوم القيامة (3).

وإنّ النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لرجل إذا صلّيت العصر فاستغفر اللّه سبعاً وسبعين مرّة يحطّ عنك عمل سبعاً وسبعين سيّئة ، قال : مالي سبع وسبعون سيّئة ، قال : فاجعلها لك ولأبيك قال : مالي ولأبي سبع وسبعون سيئة ، قال : اجعلها لك ولأبيك وأُمك ، قال : مالي ولأبي وأُمي سبع وسبعون سيئة ، قال : اجعلها لك ولأبيك وأُمّك وقرابتك (4). وإن من قال بعد صلاة المغرب ثلاث مرّات : «الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ، ولا يفعل ما يشاء غيره» أُعطي خيراً كثيراً (5).

ص: 236


1- الكافي 2 : 396 ح 1 ، الفقيه 1 : 213 ح 956 ، الوسائل 4 : 1052 أبواب التعقيب ب 26 ح 1.
2- أمالي الصدوق : 211 ح 8 ، الوسائل 4 : 1053 أبواب التعقيب ب 27 ح 1.
3- مصباح المتهجد : 65 ، الوسائل 4 : 1053 أبواب التعقيب ب 27 ح 3.
4- أمالي الطوسي 2 : 121 ، الوسائل 4 : 1053 أبواب التعقيب ب 27 ح 4.
5- الكافي 2 : 396 ح 2 ، الوسائل 4 : 1054 أبواب التعقيب ب 28 ح 1.

وإنّه يقال بعد العشاءين : «اللّهمّ بيدك مقادير اللّيل والنهار ، ومقادير الدنيا والآخرة ، ومقادير الموت والحياة ، ومقادير الشمس والقمر ، ومقادير النصر والخذلان ، ومقادير الغنى والفقر ، اللّهمّ بارك لي في ديني ودنياي ، وفي جسدي ، وأهلي ، وولدي ، اللّهمّ ادرأ عني شرّ فسقة العرب والعجم ، والجنّ والإنس ، واجعل منقلبي إلى خيرٍ دائم ، ونعيم لا يزول» (1) ، وفي اخرى بين العشاءين.

وأن يقال بعد صلاة المغرب والغداة : «بسم اللّه الرحمن الرحيم ، لا حول ولا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم» سبع مرّات ، فإنّ من قالها ، لم يُصبه جذام ، ولا برص ، ولا جنون ، ولا سبعون نوعاً من أنواع البلاء (2).

وإنّه بعد صلاة المغرب تُمرّ اليد على الجبهة ، ويقال : «بسم اللّه ، لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، اللّهمّ أذهب عني الهمّ والحزن» ثلاث مرّات (3).

وإنّه يقال لأجل الدنيا والدين ورفع وجع العين بعد المغرب والفجر : «اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد عليك ، صلّ على محمّد وآل محمّد ، واجعل النور في بصري ، والبصيرة في ديني ، واليقين في قلبي ، والإخلاص في عملي ، والسلامة في نفسي ، والسعة في رزقي ، والشكر لك أبداً ما أبقيتني» (4).

وإنّ من أراد أن يتخلّص من الذنوب عند خروجه من الدنيا كما يتخلّص الذهب الذي لا كدر فيه ، ولا يطلبه أحد بظلامة ، فليقل في دبر الصلوات الخمس : «نسبة الرب» اثنتي عشرة مرّة ، ثمّ يبسط يديه ، ويقول : «اللّهمّ إنّي أسألك باسمك المكنون المخزون الطهر الطاهر المبارك ، وأسألك باسمك العظيم ، وسلطانك القديم أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، يا واهب العطايا ، يا مُطلق الأُسارى ، يا فكّاك الرقاب من

ص: 237


1- الكافي 2 : 397 ح 3 ، الفقيه 1 : 214 ح 958 ، التهذيب 2 : 115 ح 432 ، الوسائل 4 : 1054 أبواب التعقيب ب 28 ح 2.
2- الكافي 2 : 384 ح 20. الوسائل 4 : 1054 أبواب التعقيب ب 28 ح 3.
3- الكافي 2 : 399 ح 10 ، الوسائل 4 : 1055 أبواب التعقيب ب 28 ح 4.
4- الكافي 2 : 399 ح 11 ، الوسائل 4 : 1055 أبواب التعقيب ب 28 ح 5.

النار ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تعتق رقبتي من النار ، وأن تخرجني من الدنيا أمناً ، وتدخلني الجنة سالماً ، وأن تجعل دعائي أوّله فلاحاً ، وأوسطه نجاحاً ، واخره صلاحاً ، إنك أنت علّام الغيوب» (1).

وإنّ من كان يؤمن باللّه واليوم الأخر ، فلا يدع أن يقرأ بعد الفريضة بقل هو اللّه أحد ، فإنّ من قرأها جمع اللّه له خير الدنيا والآخرة ، وغفر له ولوالديه وما ولدا (2).

وإنّ من فرغ من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ، ولينصب في الدعاء ، فقيل لأمير المؤمنين عليه السلام : أليس اللّه في كلّ مكان؟ فقال «بلى» فقيل : فلم يرفع يديه إلى السماء؟ قال : «أما قرأت الآية موضع الرزق ، وما وعد اللّه في السماء» (3).

وإنّ من صلّى على محمّد وآل محمّد مائة مرّة بين ركعتي الفجر ، وركعتي الغداة ، وقى اللّه وجهه حرّ النار ، ومن قال مائة مرّة : «سبحان ربّي العظيم ، أستغفر اللّه ربّي وأتوب إليه» بنى اللّه له بيتاً في الجنّة ، وإنّ من قرأها أربعين مرّة غفر اللّه له.

وإن من صلّى الفجر ، ثمّ قرأ قل هو اللّه إحدى عشرة مرّة ، لم يتبعه في ذلك اليوم ذنب ، وإن رغم أنف الشيطان (4).

وإنّه يُستحبّ الانصراف من الصلاة على اليمين (5).

وإنّه يُستحبّ الاضطجاع بعد ركعتي الفجر ، وقراءة الخمس آيات ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ ) إلى أخره ، وقول : «أستمسكُ بعروة اللّه الوثقى التي لا انفصامَ لها ، واعتصمتُ بحبل اللّه المتين ، وأعوذُ باللّه من شرّ فَسَقَة العرب والعجم ، أمنت باللّه ، وتوكّلت على اللّه ، ألجأت ظهري إلى اللّه ، فوّضت أمري إلى اللّه ، ( مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، إِنَّ اللّهَ بالِغُ أَمْرِهِ ، قَدْ جَعَلَ اللّهُ لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَدْراً ) ، ( حَسْبِيَ اللّهُ ) ، ( وَنِعْمَ

ص: 238


1- الفقيه 1 : 212 ح 949 ، الوسائل 4 : 1055 أبواب التعقيب ب 29 ح 1.
2- ثواب الأعمال : 156 ح 4 ، الوسائل 4 : 1056 أبواب التعقيب ب 29 ح 3.
3- الفقيه 1 : 213 ح 955 ، التهذيب 2 : 322 ح 1315 ، الوسائل 4 : 1056 أبواب التعقيب ب 29 ح 4.
4- الفقيه 1 : 314 ح 1426 ، ثواب الأعمال : 68 ، الوسائل 4 : 1062 أبواب التعقيب ب 34 ح 1 ، 2.
5- الفقيه 1 : 245 ح 1090 ، التهذيب 2 : 317 ح 1294 ، الوسائل 4 : 1066 أبواب التعقيب ب 38 ح 1 - 3.

الْوَكِيلُ ) ، اللّهمّ من أصبَحت حاجته إلى مخلوق ، فإنّ حاجتي ورغبتي إليك ، الحمد لربّ الصباح ، الحمد لفالق الإصباح» (1) ثلاثاً.

وإنّه يرخّص أن يجعل عوضه سجدة ، أو قياماً ، أو قعوداً ، أو وضع اليد على الأرض ، أو كلاماً ؛ ، (2) إلى غير ذلك ، فإنّ التعقيبات لا حصر لها ، وقد ذُكرت في الكُتب المعدّة لها.

ولا بدّ هنا من بيان أُمور :

منها : أنّ التعقيب عبارة عن الإتيان بالدعاء وشبهه عقيب الصلاة من غير فاصلة كلّيّة ، فلو ترك الصلاة أو فصل كثيراً ، لم يكن مُعقباً.

ولو عقّب بانياً على فعل الصلاة فظهر الخلاف ، أعاده بعد فعلها.

ولو عقّب فظهر فسادها ، أعادها وأعاده. ومثله من تنفّل بعد صلاة المغرب والعشاء فظهر فسادهما أعاد نافلتهما.

ولو عقّب بانياً على فساد الصلاة فظهر صحتها ، أعاده ، ولم يعدها.

ولو نسي الفرض المؤدّى.

فعقب بعنوان غيره ، احتسب في غير المماثل دعاءً ، لا تعقيباً ، وأُعيد. وفي المماثل وجهان ، وعلى الإجزاء لو جبر بزعم القصر فظهر التمام ، أجزأ عن التسبيح بعد التمام.

ولا يصحّ تعقيب سابقة بعد فعل لاحقة فرض أو نفل ، وللقول بالجواز وجه.

ولا يجوز التداخل جرياً على الأصل.

ولو دار الأمر بين التنفّل وأصل التعقيب ، قدّم التعقيب.

ومنها : أنّ الاختلاف الواقع بينها في عموم أو إطلاق ، وتخصيص أو تقييد لا يمنع عن العمل بالجميع ؛ لما تقدّم من أنّ السنن لا يتحقّق التعارض فيها بمثل ذلك.

ومنها : أنّ اختلاف مَراتب الأجر في الأعمال المتحدة ليس بمنكر ؛ لأنّه إمّا منزّل

ص: 239


1- التهذيب 2 : 136 ح 530 ، الوسائل 4 : 1060 أبواب التعقيب ب 32 ح 1.
2- التهذيب 2 : 137 ح 532 ، الوسائل 4 : 1061 أبواب التعقيب ب 33 ح 2 بتفاوت يسير.

على اختلاف مراتب النيّات ، أو مَراتب العباد ، أو اختلاف معنى الحسنات مثلاً والدرجات ، أو مَراتب الصلوات ، ما قلّ مبنيّ على الاستحقاق ، وما زاد على لطف العليم الحق ، أو على اختلاف فضيلة الأوقات ، أو الأماكن التي هي محلّ للعبادات ، أو على أنّ الأقلّ على إطلاقه ، والأكثر على نيّة شرط مضمر.

ومنها : أنّ التعقيب بالدعاء لجميع العبادات سنّة ، وهي باعثة على استجابة الدعوات ، لكن لا يُدعى تعقيباً إلا بعد الصلوات.

ومنها : أنّه إذا عارض الانتظار أو ما هو أرجح منه كان تركه أولى.

ومنها : أنّه لا بأس بالإتيان به من جلوس أو ركوب وغيرهما ، لكن مَراتب الأجر تتفاوت بالتفاوت.

ومنها : أنّ ما دلّ على أنّ التعقيب سبب لتوسعة الرزق ، ليس مخصوصاً بالدعاء المشتمل على طلبه ، وإن كان أشدّ مدخليّة.

ومنها : أنّ المراد ممّا دلّ على بقائه جالساً ، بقاؤه على حاله ، فلو صلّى من قيام راكعاً وساجداً وارتفع العُذر بعد التمام ، كان له البناء على حال القيام ، وكذا المضطجع ونحوه في وجه.

ومنها : أنّ جميع التعقيبات تعمّ الفرائض والنوافل ، كما يُنبئ عنه تفضيل تعقيب الفريضة على الإطلاق.

ومنها : أنّ التعقيب لا يتعيّن فيه العدد الوارد ، فمن استقلّ ، استقلّ من الأجر ؛ ومن استكثر ، استكثر.

ومنها : أنّ اللّعن الوارد والصلاة ، إنّما ذكر فيها الأهمّ ، فلو زاد بغيره ، كان له أجر بمقداره.

ومنها : أنّ ما فيه ذكر بعض الكيفيّات سنّة في سنّة ، وليس بشرط.

ومنها : أنّ تخلّف بعض الغايات المذكورة في كثير من الدعوات وغيرها ، مَبنيّ إمّا على أنّها مشروطة بشرائط خفيّة ، فتنتفي بانتفائها ، وإمّا على أنّها مقتضيات ، فلا لزوم فيها ، وإمّا على أنّ المراد إمّا هي أو أعواضها في الآخرة.

ص: 240

المقام الخامس : في جميع ما يستحبّ فعله أو يكره في الصلوات

اشارة

وهو ثلاثة أقسام :

أحدها : ما يشترك بين الذكور والإناث ، وهو أُمور :

أوّلها : الإتيان بخمس وتسعين تكبيرة في الصلوات الخمس اليوميّة الإتماميّة ، وهي سبع عشرة ركعة ، في كلّ ركعة خمس : للركوع والسجودين والرفع منهما ، وخمس للإحرام في الصلوات الخمس ، وخمس للقنوتات.

ثانيها : رفع اليدين لكلّ تكبير منها ، مُقارناً بأوّل التكبير أوّل الرفع ، وبختامه ختامه. ولا مانع من الصور المتكثّرة الباقية ، من الاقتران بالابتداء فقط مع ختم التكبير قبل الرفع أو بعده ، أو الختام فقط مع السبق بالتكبير أو بالرفع ، أو انطباق التكبير على وسط الرفع ، أو بالعكس. ومثل ذلك يجري في الوضع ، ولا من انطباق أوّل التكبير على أوّل الرفع ، واخره على آخر الوضع.

ثالثها : أن يضيف إلى الرفع للتكبير الرّفع للرفع من الركوع ، فيكون المسنون من الرفع مائة واثنى عشر.

رابعها : بسط الكفّين ، وضمّ الأصابع ، إلا في الركوع ، فيفرجها.

خامسها : عدم تجاوز الأُذنين في رفع التكبير ، ولا سيّما فوق الرأس.

سادسها : نصب العنق في القيام.

سابعها : بروز اليدين من الثياب.

ثامنها : النظر قائماً إلى موضع السجود ، وراكعاً إلى ما بين القدمين ، وقانتاً إلى باطن الكفّين ، وساجداً إلى طرف الأنف ، وجالساً إلى باطن الحجر.

تاسعها : سلام الإمام والمنفرد إلى القبلة ، مع إيماء الأوّل بصفحة خدّه الأيمن ، والثاني بمؤخر عينيه إلى اليمين ، قاصدين مَن حَضَرَ من الملائكة ، والنبيّين ، والإنس والجنّ.

ص: 241

وسلام المأموم مرّة قاصداً به الردّ على الإمام ، إن لم يكن على يساره أحد ، وإلا سلّم على يساره ، وقصد المأمومين أيضاً ، أو خصوص من على اليسار كما مرّ.

عاشرها : التسميع عن قيام للإمام والمنفرد ، والتحميد للمأموم. ولو جمعوا بينهما فلا بأس.

حادي عشرها : الخشوع ، والخضوع ، وأن يصلّي صلاة مودّع ، وقد كان زين الساجدين عليه السلام إذا قام إلى الصلاة يتغيّر لونه ، وكان كساق شجرة لا يتحرّك منه شي ء ، سوى ما حرّكته الريح (1).

ثاني عشرها : فيما يكره ، وهو نفخ موضع السجود ما لم يتعمّد حرفين.

ثالث عشرها : كذلك ، وهو النظر إلى السماء.

رابع عشرها : التوجّه إلى باب مفتوح خالٍ عن المصراع ، أو مشتمل عليه مع فتحه. ويُحتمل لحوق كلّ فُرجة في جدار أو نحوه به.

خامس عشرها : التوجّه إلى وجه إنسان حيّ غير مُنفصل في وجه ، غير محجوب ، صغير أو كبير ، ذكر أو أُنثى ، ويشتركان فيما يتعلّق بالمكان والزمان ، واللباس ، سوى ما يتعلّق بالستر فيهنّ.

سادس عشرها : العبث باليدين وبالرأس.

سابع عشرها : التمطّي ، والتثاؤب ، وفرقعة الأصابع.

ثامن عشرها : اشتغال القلب بالحديث.

تاسع عشرها : قصّ الظفر ، والأخذ من الشعر ، والعضّ عليه ، وعقصه.

العشرون : النظر إلى نقش الخاتم والمصحف والكتاب وقراءته في الصلاة.

الحادي والعشرون : إبقاء دواء يتحمله ، فلا يصلّي حتّى يخرجه وينزعه.

الثاني والعشرون : الالتفات اليسير ، والعضّ على اللّحية ، والعبث بها ، وقرض الأظفار بالأسنان مكروهة في ذاتها ، وتشتدّ كراهتها في الصلاة.

ص: 242


1- الكافي 3 : 300 ح 4 - 5 ، الوسائل 4 : 685 أبواب التعقيب ب 2 ح 2 ، 3.
ثانيها : ما يتعلّق بالذكور فقط ، وهو أُمور :

منها : الجهر بالتكبير ، والقنوت ، والتشهّد ، وجميع الأذكار للإمام والمنفرد ، سوى الاستعاذة.

ومنها : الانحناء مع تسوية الظهر.

ومنها : وضع الراحتين على عين الركبة ، وتتبعها الأصابع.

ومنها : الاعتدال قائماً ، والنزول مُنفرجاً ، والبدأة باليدين.

ومنها : التخوّي في السجود ، ورفع الذراعين عن الأرض.

ومنها : الجلوس في محالّه بأسرها متربّعاً ، واضعاً لظهر قدمه اليمنى على بطن قدمه اليسرى ، جالساً بعضه على بعض.

ومنها : القيام مُنفرجاً غير مُتضام.

ومنها : كراهة العبث بلحيته أو عورته ، فإنّه لا يقع إلا من الرجال غالباً.

وفي تعليم الصادق عليه السلام لحمّاد بيان كثير من هذه الأحكام ، فإنّه عليه السلام بعد أن سأل حماداً أنّه هل يحسن الصلاة أو لا ، فأجابه حمّاد : بأنّه يحفظ كتاب حريز ، وقال له : «لا عليك ، قم فصلّ» وفيه إشارة إلى أنّ التجسّس على الخواصّ ، وفي مقام الخجل لا بأس به ، فصلّى حمّاد فقال عليه السلام له : «يا حمّاد ، لا تحسن أن تصلّي ، ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي عليه ستّون أو سبعون سنة ، ولا يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة».

فقام عليه السلام مُعلّماً له ، مُنتصباً ، مُرسلاً يديه جميعاً على فخذيه ، ضاماً أصابعه ، مُقرباً بين قدميه ، كان بينهما قدر ثلاث أصابع مفرّجات ، مُستقبل القبلة بأصابع رجليه جميعاً ، لم يحرفهما عن القبلة ، بخشوع واستكانة فقال : اللّه أكبر ، ثمّ قرأ الحمد بترتيل ، وقل هو اللّه أحد ، ثمّ صبر هُنيئة بقدر ما تنفّس ، وهو قائم ، وكبّر وهو قائم ، ثمّ ركع ، وملأ كفّيه من ركبتيه مُفرجات ، ردّ ركبتيه إلى خلفه حتّى استوى ظهره ، حتّى لو صُبّ عليه ماء أو دهن لم يزل لاستواء ظهره ، ونصب عنقه ، وغمّض

ص: 243

عينيه ، وقال : «سبحان اللّه ربّي العظيم وبحمده» ثلاثاً بترتيل ، ثم استوى قائماً ، فلمّا استمكن من القيام قال : «سمع اللّه لمن حمده» ثمّ كبّر وهو قائم ، ورفع يديه حيال وجهه.

وسجد ووضع يديه إلى الأرض قبل ركبتيه ، فقال : «سبحان ربّي الأعلى وبحمده» ثلاث مرّات ، ولم يضع شيئاً من يديه علي شي ء منه.

وسجد على ثمانية أعظم : الجبهة ، والكفّين ، وعيني الركبتين ، وأنامل إبهامي الرجلين ، والأنف ، فقال : «هذه السبعة فرض ، ووضع الأنف على الأرض سنّة ، وهو الإرغام».

ثمّ رفع رأسه من السجود ، فلمّا استوى جالساً ، قال : «اللّه أكبر» ، ثمّ قعد على جانبه الأيسر ، ووضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى ، وقال : «أستغفر اللّه ربي وأتوب إليه» ثمّ كبّر وهو جالس ، وسجد الثانية ، وقال فيها كما قال في الأُولى ، ولم يستعن بشي ء من بدنه على شي ء منه في ركوع ولا سجود ، وكان مُجنّحاً ، ولم يضع ذراعيه على الأرض ، فصلّى ركعتين على هذا.

ثمّ قال : «يا حمّاد ، هكذا صلّي ، ولا تلتفت ، ولا تعبث بيديك وأصابعك ، ولا تبزق عن يمينك ، ولا عن يسارك ، ولا بين يديك».

وزاد بعض من روى هذه الرواية : وسجد ، ووضع يديه مضمومتي الأصابع بين ركبتيه حيال وجهه (1).

وفي صحيح زرارة على الأصحّ : الفصل في القيام بين القدمين أقلّه إصبع وأكثره شبر ، وسدل المنكبين ، وإرسال اليدين ، وكونهما على الفخذين قبالة الركبتين ، والنظر إلى موضع السجود ، وجعل شبر بين القدمين وقت الركوع ، ووضع اليد اليمنى على الركبة اليمنى قبل اليسرى ، والإفضاء بالكفّين إلى الأرض أفضل ، والتفريج بين

ص: 244


1- الكافي 3 : 311 ح 8 ، الفقيه 1 : 196 ح 916 ب 45 ، التهذيب 2 : 81 ح 301 ، الوسائل 4 : 673 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1.

الركبتين ، وإلصاقهما بالأرض عند جلوس التشهّد ، والنهي عن القعود على القدمين (1).

ثالثها : ما يتعلّق بالإناث فقط

ويغني في جمعه ما اشتملت عليه الرواية عن زرارة ، والظاهر أنّها عن المعصوم عليه السلام ، قال : «إنّ المرأة إذا قامت في الصلاة ضمّت قدميها ، ولا تفرج بينهما كالرجل ، وضمّت يديها إلى صدرها ؛ لمكان ثدييها».

أقول : ويتأتى ما ذكر في الرواية من ضمّ اليدين بوجوه : منها : وضع الزندين أو العضدين على الثديين.

ومنها : وضع الكفّين عليهما.

ومنها : ما هو الأعمّ منهما ، ومن أحدهما.

قال : «وإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذها ؛ لئلا تطأطئ كثيراً فتظهر عجيزتها».

أقول : الشرط تحقّق مُسمّى الركوع ، وهو إمكان بلوغ الكفّين الركبتين.

قال : «فإذا جلست فعلى أليتيها ، ليس كما يقعد الرجل ، وإذا سقطت للسجود ، بدأت بالقعود ، وبالركبتين قبل اليدين ؛ ثمّ تسجد لاطئة بالأرض ، فإذا كانت في جلوسها ، ضمّت فخذيها ، ورفعت ركبتيها من الأرض ؛ وإذا نهضت ، انسلّت انسلالا ، لا ترفع عَجيزتها أوّلاً» (2).

وروى في غيرها : أنّها تبسط ذراعيها في سجودها (3) ، وأنّها إذا سجدت تضمّمت ، والرجل ينفتح (4).

ص: 245


1- الكافي 3 : 334 ح 1 ، التهذيب 2 : 83 ح 308 ، الوسائل 4 : 675 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 3.
2- الكافي 3 : 335 ح 2 ، التهذيب 2 : 94 ح 350 ، الوسائل 4 : 676 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 4.
3- الكافي 3 : 336 ح 4 ، التهذيب 2 : 94 ح 351 ، الوسائل 4 : 953 أبواب السجود ب 3 ح 2.
4- الكافي 3 : 336 ح 8 ، التهذيب 2 : 95 ح 353 ، الوسائل 4 : 953 أبواب السجود ب 3 ح 3.

وعلى كلّ حال ، فالخنثى المشكل والممسوح يتخيّر بين الإتيان بآداب الرجال ، وآداب النساء ، ويحتمل تقديم احتمال الذكورة ؛ لشرفها ، وتقديم احتمال الأُنوثة ؛ لأنّ المحافظة على الستر أهمّ ، ولا يخلو من قوّة.

والطفل يُلحق في تمرينه بالبالغ من صنفه.

المبحث التاسع : باقي الصلوات المفروضات

اشارة

وفيها مقامات :

الأوّل : في صلاة الجمعة

اشارة

أي : هيَ الجُمعة ، فالإضافة بيانيّة ؛ أو يوم للجمعة ، فهي لاميّة ؛ أو فيها ، فهي فيهيّة.

وتُطلق على ذلك ؛ لاجتماع الخلق ، أو للجمع بين الصلاتين ، أو بين الخطبة والصلاة.

أو لأنّه اليوم الذي اجتمع فيه الخلائق ، وتمّ فيه الخلق باتفاق من عرفنا حالهم من أهل الملل ؛ لاتفاقهم على أنّ مجموع الصنع في ستّة أيّام ، وأن المبدأ الأحد ، ولذلك اختلفت أقوالهم ، فمنهم من جعل الشرف في الغاية ، وهم أهل الإسلام ، ومنهم من جعل الشرف في البداية ، وهم النصارى ؛ ومنهم من جعله فيما بعد الغاية ؛ لأنّه يوم الراحة والشكر ، وهم اليهود.

وهي ركعتان ، كصلاة الصبح ، باقية على حال النزول الأوّل ، لم يزد فيها من السنّة ركعتان ولا ركعة ، لطفاً من اللّه تعالى على المكلّفين في التخفيف عليهم ؛ لانحباسهم للخُطبة ، وصرف وقتٍ فيها ، ولقيامها مقام الزائد ، ولوجوب الجماعة فيها ، فكان ثوابها عوضاً عن ثواب الزيادة.

ولأنّ طولها يقضي بالتكاهل في المبادرة إليها ، فيكون باعثاً على فواتها.

ولأنّ طول قراءتها مُغنٍ عن زيادة ركعاتها.

ص: 246

ولأنّ كلّ ركعتين من النافلة تُعادل ركعة من الفريضة ، فزيد في نافلتها أربع ركعات.

ولأنّ الجمعة عيد المسلمين ؛ لأنّه يوم تمّ فيه صنع المصنوعات ؛ لأنّ ابتداءه كان يوم الأحد ، فلاحظت النصارى يوم الابتداء ، واليهود ثاني يوم الفراغ ، فاتخذوهما عيدين ، وصلاة العيد ركعتان.

ولأنّ حضورها لازم على من دون فرسخين ، وفي ذلك تعب ومشقّة كما في السفر.

ولا حاجة إلى ذلك كلّه ، فإنّ المعبود أعلم بمصالح العباد.

وليس فيها مخالفة لصلاة الصبح في الهيئة ، سوى أنّها قد وضع لها مزيد قنوت ، محلّه قبل الركوع في الركعة الأُولى ، فتخالفها في المحل دون الوضع ، ولها قنوت ثاني كغيرها من الصلوات في الركعة الثانية ، لكنّه بعد الركوع ، فخالفتها في الوضع دون المحلّ ، بعكس الثانية.

ووجوبها في الجملة في أيّام النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ومبسوط الكلمة من الأئمّة عليهم السلام بطريق العينيّة والتعيينيّة من الأُمور القطعيّة ، بل الضروريّة. ومُنكر وجوبها في ذلك العصر يُرمى بالردّة.

وفيها أبحاث :

الأوّل : في شرائط عينيّتها
اشارة

وهي أُمور :

أحدها : وجود السلطان العادل المنصوب من قِبل اللّه تعالى

من نبيّ أو إمام مبسوطي الكلمة ، لا يختشيان في إقامتها ودعاء الناس إليها من الفَسَقَة الفَجَرة ، مع المُباشرة للإمام أو تعيين نائب خاصّ مُعيّن لمكان خاصّ أو مُطلق للقيام بها.

إلا إذا عرضَ للإمام عارض في أثناء الصلاة من موتٍ أو عزلٍ أو نحوهما أو اطّلع المأمومون على فسقه فيتعيّن إتمامها بدون المنصوب ، فيتمّونها بنصب مَن أرادوا من

ص: 247

المأمومين ، أو يتقدّم من يأتمون به. فإن لم يكن ، انفردوا ، وأتموا.

ويقوى عدم لزوم الجماعة حينئذٍ ، ووجوبها ابتدائي لا استدامي ، ومع لزومها الظاهر عدم تعيّن النصب على من كان منصوباً من إمام أو مأموم.

ثمّ مع تكرّر العوارض يتكرّر الحكم ، ومنع الانفراد وتعدّد الأئمّة إنّما يتمشّى في الابتداء.

والظاهر اعتبار كون الإمام الجديد ممّن كان مأموماً لا مُنفرداً. وعزل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم الأوّل قضيّة في واقعة.

وانعزال الإمام وعزله أو انعزاله قبل دخول المأمومين في تكبيرة الإحرام باعث على جعل الإمام كالمبتدئ ، وباعتبار فساد الأُولى لا جمع بين جمعتين ، وتعدّد النوّاب وفراغ المأمومين بعض قبل بعض لا يقضي بالتعدّد ، ولا حاجة إلى تعدّد خطبة.

ويجوز لمن لم يدخل في الجمعة الدخول مع النوّاب المسبوقين.

ويجوز دخول من وجبت عليه في صلاة من استحبّت له ، وبالعكس.

وما عدا المنصوبيّة من الشرائط مُعتبر في الإمام العارضيّ.

ولا تجب عيناً مع الغيبة أو الحضور من دون انقياد الأُمور ، وعدم التمكّن من النصب ، كما يظهر من ملاحظة السيرة القطعيّة ، فإنّ إمامتها لم تزل في زمن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وخليفته وأمينه على رعيّته من المناصب الشرعيّة التي لا يجوز فيها القيام إلا بعد الإذن من النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، أو الإمام عليهما السلام ، وكذلك استقرّت كلمة العلماء من القدماء والمتأخرين سوى من شذّ إلى يومنا هذا.

ومن ذلك يتّضح ثبوت الإجماع المحصّل نقل أو لم ينقل على أنّه منقول على لسان فقهائنا الأوائل والأواخر بوجه يكون فوق المتواتر.

ولو كانت في الصدر الأوّل جائزة على الإطلاق ، لما وجب السعي إليها من الأطراف ، ممن دون الفرسخين.

فإنّ وجود القابل لإمامة الجماعة ، ولقول : «الحمد لله ، اللّهمّ صلّ على محمّد

ص: 248

وآل محمد ، أيّها الناس اتقوا اللّه ، بسم اللّه الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصلّ لربّك وانحر إنّ شانئك هو الأبتر» مبتذل في كلّ مكان ، ولذلك لم تزل تُقام الجماعات في جميع المحال.

ثمّ لا معنى لذكر الإمام عليه السلام وقاضيه ، والمدّعي حقّا ، والمدّعى عليه ، والشاهدين ، والذي يضرب الحدود بين يدي الإمام ، إلا أنّه غير إمام الجماعة ، وكيف يعقل أنّ مثل زرارة وأضرابه يتركونها حتّى يعزروا على تركها. وأيّ معنى لاحتسابها مُتعة؟! على ظهور أنّها متعة النكاح ، ثمّ متعة الحجّ لا يعمّ وجوبها.

وفي اشتراط المصريّة ، وحضور الخليفة ، ونفي الوجوب صريحاً عن أهل القُرى ، وقولهم : «إذا لم يَكُن في القرية من يجمع لهم» مع أنّه لا يتّفق خلوّ قرية مِن حَسَنِ الظاهر قادر على أن يأتي بخمس كلمات ، خصوصاً في أعصار أهل اللسان ، وذكر الإمام مكرّراً في صلاة العيد مع ظهور إرادة المعنى الأخصّ.

والحكم بأنّ الإمام يخرج المحبوس يوم الجمعة ، وفي أخبار صلاة العيد : أُصلي بهم جماعة؟ فقال : «لا ، إلا مع إمام» (1).

ثمّ لا يبعد الفرق بين الإمام مُعرّفاً ومنكّراً ، وفي فهم الفقهاء منه ذلك أبين حجّة.

وفي خطبة يومي الجمعة والأضحى لزين العابدين عليه السلام : «اللّهمّ إنّ هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ، ومواضع أُمنائك ، قد ابتزّوها» (2) إلى أخره ، وفي بعض خُطب صلاة العيد : «هذا منصب أوليائك» (3).

وفي عدم تعيّن صلاة العيد في الغيبة ، مع ما يظهر من اتحاد حكمهما شاهد على ما ذكرناه.

فما منصب الجمعة إلا كمنصب القضاء والإمارة ونحوهما.

ويؤيّد ذلك : أنّ لها توقّفاً على سائس يجمع العدد ، ويعرف القابل وغيره ، مُطاع

ص: 249


1- التهذيب 3 : 287 ح 861 ، الوسائل 5 : 96 أبواب صلاة العيد ب 2 ح 6.
2- الصحيفة السجاديّة : 351.
3- كخطبة المعلّى بن خنيس ، انظر البحار 47 : 363 ب 11 ح 78.

فيما يأمر ، مانع لغيره عن الإتيان بها فيما قلّ عن الفرسخ ، مانع التأخّر عن الوقت لضيقه ، إلى غير ذلك من الأمارات.

ومن مجموع ما ذكرنا يحصل القطع بالحكم ، وفيه كفاية لمن نظر ، وتبصرة لمن تبصّر.

وكيف يعوّل على أخبار تقضي كثرتها بضعفها ؛ لبُعد خفائها على العلماء ، حتّى تركوا العمل بها.

وكيف يخطر في نظر العاقل أنّ الإمام في زمان التقيّة يأمر أصحابه بمخالفتها ، مع أنّه ينبغي أن يمنع عن فعلها ، فلا بدّ من حملها على التقيّة بإقامة جمعة القوم ، وهي جمعة صحيحة كغيرها من صلاة التقيّة ، تّى أنّ أصحابنا مأمورون بأنّهم إن استطاعوا أن يكونوا الأئمّة كانوا. وفي كتاب عليّ عليه السلام إذا صلّوا الجمعة ، فصلّوا معهم (1) إلى أخره.

والأوامر الواردة فيها على العموم لا تزيد على ما ورد في الوضوء والغسل الرافعين للحدث ، والغسل الرافع للخبث ، وغسل الأواني ، والجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والحج ونحو ذلك ، مع أنّه أغنى ورود المخصّص أو المقيّد قلّ أو كثر في تخصيصها أو تقييدها بحصول شروطها.

فلتكن تلك العمومات مخصّصة ، والمطلقات مقيّدة. على أنّه يمكن تنزيل ما فيه من الطعن والذم لتاركها على إذا استهون فيها ، ولم يعن بها ، فإنّ عدم الاعتناء بالسنة ، والاستهانة بها استهانة بالدين ، وتضييع لحُرمة سيّد المرسلين.

وعليه ينزّل ما ورد في حضور صلاة الجماعة ، ممّا هو أعظم ممّا ورد فيها من إحراق البيوت على من لم يحضروها ، وخروجهم عن ربقة المسلمين ، وعدم قبول عُذر الأعمى حتّى يضع له حبلاً (2) ، وما ورد من أنّ من لم يفرق شعره فرقه اللّه تعالى بمنشار

ص: 250


1- التهذيب 3 : 28 ح 96 ، الوسائل 5 : 44 أبواب صلاة الجمعة ب 29 ح 1.
2- انظر الوسائل 4 : 375 أبواب صلاة الجماعة ب 2.

من نار (1) ، وأنّ من ترك النوافل ضيّع حُرمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.

وما تضمّنه الكتاب من الأمر بالحضور عند النداء مع قطع النظر عن البحث في خطاب المشافهة لا دلالة فيه بوجهٍ من الوجوه (2) ، فإنّه لا بدّ أن يُراد بالمنادي مُنادي الشرع ، ونحن لا نرتاب بأنّه إذا نادى مُنادي الشرع وجب الحضور ، فلا يفيد شيئاً في مقابلة المحرّم.

وعلى القول بالتخيير يخصّ بزمان الحضور ، أو ينزّل على ما يعمّ الوجوبين.

وعلى كلّ حال فمقتضى الأدلّة هو التحريم على نحو ما كان فيما تقدّم من الزمان لولا ما دلّ على الجواز في زمن الحضور المُشبه للغيبة وفيها.

فالمذهب الفحل ، والقول الفصل هو اختيار التخيير ؛ إذ بذلك يمكن علاج أكثر الأدلّة ، مع الإجماع المنقول على ذلك من عدّة من أصحابنا.

الثاني : العدد

ويتحقّق بوجود سبعة ، أحدهم الإمام ، فلو نقص واحد لم يبقَ وجوب تعييني.

وهو شرط في الابتداء ، دون الاستدامة ، فلو ذهب المأمومون في الأثناء لعُذر أو لغيره ، وبقي الإمام وحده أو مع عدد يقصر عن العدد المعتبر ، أو ذهب وبقي المأمومون ، أو ظهرت عدم قابليّته للإمامة ، أو ظهر فساد صلاة من ينقص العدد ، صحّت فيما تمّت ، وأُتمّت فيما نقصت بسببه ، سواء تمت له ركعة أو لا.

ولا يجوز الدخول للإمام قبل إحراز العدد ، ويجوز للمأمومين ، حملاً لفعل الإمام على الصحّة.

والاثنان على حقو واحد إن عُلما اثنين ، عُدّا باثنين ، وإن لم يُعلما يُختبر حالهما بالإيقاظ حال النوم بما يتعلّق بأحدهما ، فإن تيقّضا معاً ، احتسبا بواحد من العدد ، وإلا فباثنين.

ص: 251


1- الكافي 6 : 485 ح 1 ، الفقيه 1 : 76 ح 330 ، 331 ، الوسائل 1 : 417 أبواب آداب الحمام ب 62 ح 1.
2- في «ح» زيادة : على ردّ القاتل بالتحريم.

ويجب اجتماع العدد في الركعة الأُولى آناً واحداً مع الدخول دفعة أو مترتبين. ولو لم يجمعهم عدد آناً واحداً ، بأن دخل أحدهم فأفسد قبل تمام العدد ، لم تنعقد بهم ، وإن كان ابتداء دخولهم على وجه صحيح.

الثالث : أن يكون العدد اللازم ممن يجب عليهم السعي إلى الجمعة وتصحّ منهم ، أو لا تجب عليهم وتنعقد بهم وقد انعقدت ، فإنّها تتعيّن بعد الانعقاد على غيرهم.

وهو شرط في الابتداء ، فلو اختلّ بعد الدخول أو انكشف بعد التمام صحّت أو أُتمت جمعة على إشكال في الأخير.

البحث الثاني : في شرائط صحّتها وهي أُمور :
اشارة

الأوّل : البلوغ أو التمييز ؛ مقرونة بأحدهما أو كليهما على وجه التبعيض من البداية إلى النهاية.

الثاني : العقل ؛ مُستمرّا من بدايتها إلى نهايتها ، وإن كان ممّا يعتوره الجنون خارجاً عنها ، بأن كان أدواريّاً وصادف وقتها وقت العقل.

والظاهر أنّ للجنون مراتب ، فقد يعقل معه أوقات الصلاة أو غيرها من عقائد أو غيرها ، فتختلف تكاليفه باختلاف أحواله في وجه قويّ.

الثالث : كون الإمام نبيّاً أو إماماً

أو منصوباً خاصّاً لهما في زمن الحضور وبسط الكلمة.

الرابع : الوحدة في مقدار فرسخ شرعيّ ، عبارة عن ثلاثة أميال ، وهي عبارة عن

ص: 252

اثنى عشر ألف ذراع بذراع اليد ، الذي هو عبارة عن عرض أربع وعشرين إصبعاً ، عرض الإصبع سبع شَعيرات ، عرض الشعيرة سبع شعرات من شعر البرذون. ومن أراد الأقرب إلى التحقيق ، لاحظ منى وعرفات ، وما بين عاير ووعير.

فمتى دخل في مساحة الفرسخ بعض الأئمّة أو المأمومين بكلّه أو بعضه ، بطلت صلاتهم ، ونقص العدد بهم ، إن كانوا ممّا ينقص بهم ، مع حصول الاقتران.

والتقدّم لإحدى الجمعتين في البداية يصحّح المقدّم ، ويُفسد المؤخّر. ولا اعتبار للسّبق في الغاية ، فلا أثر للسّبق في الفراغ.

ولو لم تكونا ابتداء في أقلّ من الحدّ ، ثمّ تحرّكتا أو أحدهما قليلاً من الخُطا ، أو كانتا في سفينتين فتقاربتا ، أو على دواب فتقاربت في الأثناء ، قوي القول بالصحّة ، بناءً على أنّ ذلك شرط في الابتداء ، فينعكس الحكم بانعكاس الفرض.

وفي اعتبار المسافة من محلّ الأقدام أو الرؤوس وجهان : أقواهما أن يلحظ الاثنان ، ومدّ اليد أو الرجل بالعارض غير مُخلّ.

والظاهر تسرية الحكم فيما وجب من الخطبة ، وتعتبر جهة المحاذاة ، دون طريق السلوك على الأقوى ، وعليه لو اختلف الطريقان ، حكم بالبطلان.

ولو حصل الاشتباه في المتقدّم والمتأخّر ، رجّح جانب البطلان ، مع احتمال الحكم بالصحّة فيهما منهما ظاهراً ، أو في خصوص معلوم التاريخ منهما ، ويبعدهما لزوم عدم أو قلّة الثمرة في اعتبار الوحدة غالباً.

وإذا بانَ الاقتران أعادا جمعة مُجتمعين فيها ، أو مُفترقين بما يتحقّق به الشرط ، مع بقاء وقتها.

ومع اشتباه السابق ، مع العلم بسبقه بعينه فنسي التعيين أو لا ، بل علم بمجرّد السبق يجب على كلّ منهما جمعة يجتمعان فيها ، مع بقاء وقتها وظهراً معاً. وإن أراد صلاتها مع غيرهما خرجا عن المحلّ إلى مكان خالٍ عن الإشكال.

ومع اشتباه السبق والاقتران يحتمل الإلحاق بالأوّل والأخير ، ولا يحتسب بأحد الإمامين ، ولا بالمؤتم بهما من العدد.

ص: 253

ولو بَعُد كلّ عن موضع صاحبه بفرسخ ، أتى كلّ منهما بجمعة وظهر ، ولا يصلّي أحدهما ، ولا بعض تبعته مع الأخر أو بعض تبعته.

ولو تعذّر البُعد ، تعيّن الظهر في صورتي العلم بالسبق ، ووجب الجمع بينه وبين الجمعة مع اشتباهه مع الاقتران.

ولو انكشف بطلان إحداهما ، صحّت الأُخرى إن كان الدخول فيها مقروناً بالاطمئنان بحصول شرطها ، وإلا فسدت.

الخامس : الجماعة ، فلا تصحّ فُرادى ، ولو تعذّرت تعيّنت صلاة الظهر. وهي شرط في الابتداء دون الاستدامة ، فلا يصحّ الابتداء بها فرادى.

وتُدرك لإدراك الجماعة بلحوق الإمام راكعاً ، بقي من الذِّكر شي ء أو لا ، مُطمئناً أو لا. ومع عدم الإدراك تفسد تكبيرته ، بخلاف غيرها من الصلوات.

ولا يجوز العُدول منها إلى فرض أو نفل. فإن أدرك من الثانية ركوعها ، صحّت ركعة واحدة ، وانفرد عن الإمام بالثانية. ولو

شكّ في الإدراك أو ظنّه من غير اطمئنان ، بنى على عدمه.

ولو فسدت صلاة الإمام في الأثناء بحدثٍ أو غيره ، أو ظهَر عدم قابليّته ، أو عرضَ لهُ عارض فيه كموت ونحوه ، بقي المأمومون على صلاتهم ، ويُقدّمون استحباباً بل احتياطاً منهم من يأمّهم ؛ فإن لم يكن أو لم يفعلوا ، أتمّوا على القول بالوجوب ، وصحّت جُمعتهم ، كما لو ظهر الحال بعد التمام. ولا يجوز لهم العدول إلى الانفراد اختياراً.

السادس : الإمامة ، فلا تصحّ فُرادى ، إلا إذا حدثَ على المأمومين حادث ، أو ظهرت عدم قابليّته عندهم ، فانفردوا عنه على نحو ما سيجي ء.

ولو كان الإمام قابلاً في زعم العدد المعتبر ، لم يجب الحضور على من علم عدم قابليّته ، ولا تصحّ له جمعة أُخرى في أقلّ من فرسخ. وفي وجوب الخروج عليه خارج الفرسخ لإقامتها وجه قويّ.

ص: 254

ولو ذهبت قابليّته ، ثمّ عادت قبل العدول ، قوي الاستمرار على إشكال ، بخلاف ما إذا عادت بعده.

ولو حكم على الإمام في الأثناء بالعزل ، فهل ينعزل بالعزل المطلق قبل الفراغ؟ الظاهر لا ، وفي جواز العزل الخاص إشكال. أمّا الانعزال فليس في حكمه إشكال.

السابع : الخُطبتان ، وأقلّهما ما اشتملَ على التحميد بلفظ «الحمد لله» وعلى الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بلفظ الصلاة ، وعلى الوعظ بمثل : «أيّها الناس اتقوا اللّه» وعلى سورة خفيفة ، والظاهر أنّ تخفيفها عزيمة ، مثل سورة الكوثر وما يقاربها.

وأمّا الاشتمال على الشهادتين ، والوصيّة ، والاستغفار ، والدعاء لأئمّة المسلمين ولهم ، وذكر الأئمّة عليهم السلام على التفصيل فليس بلازم ، لكنه سنّة.

ولا يلزم فيها ترتيب ولا موالاة ، سوى ما يخرجها عن الهيئة ، وصدق الاسم.

ولو شكّ بين الواحدة والثنتين ، بنى على الواحدة.

ولو شكّ في شي ء من الأُولى بعد الدخول في الثانية ، أو في الثّانية حتّى دخل في مقدّمات الصلاة ، أو شكّ في بعض أجزائهما بعد الدخول في غيره ، فلا اعتبار بشكّه ، وكذا كثير الشكّ.

وهما شرط في صحّة صلاة الجمعة ، فلو تركت إحداهما أو بعض ممّا يلزم فيهما أو في إحداهما عمداً أو سهواً لم تنعقد الجمعة ، وأُعيدت مع بقاء الوقت. فإن ضاقَ الوقت عنها ، وعن ركعة منها جيئ بالظهر.

والأقوى : سقوط الجمعة مع العجز عمّا يجب منها. والأحوط الجمع بين الإتيان بها وبالمقدور من خُطبتها ، وبينها مجرّدة مع العجز عن جميعها وبين الظهر.

ويُشترط فيهما أُمور :

منها : الوقت ، وهو الزوال ، فلو وقعتا أو إحداهما أو شي ء منهما قبل الوقت عمداً

ص: 255

أو سهواً مطلقاً أو بعد اجتهاد ، ولم يدخل الوقت في أثنائهما أو بينهما ، بطلتا. وإن دخل مع الاجتهاد ففيه وجهان على القول بصحّة الصلاة بمثل ذلك وخيال الأولويّة وعموم المنزلة.

ومنها : قيام الخطيب حال التشاغل بأحدهما مُنتصباً ، مستقرّاً ، غير مُلتفت التفاتاً فاحشاً ، فإن لم يتيسّر له ذلك فراكباً أو ماشياً ، أو في السفينة ، أو جالساً ، أو مُضطجعاً على الجانب الأيمن ، أو الأيسر ، أو مُستلقياً مُومئاً على نحو ما في الصلاة.

ومنها : اتحاد الخطيب في الخُطبتين ، وفيهما وفي الصلاة مع الإمكان في وجه قويّ ، وإلا جاز التعدّد.

ومنها : الفصل بينهما بجلسة للقائم والماشي ، وبسكتة للراكب والجالس ومن خلفهم ، والظاهر اشتراط خفّتها.

ومنها : جميع شرائط الصلاة ، من رفع حدثٍ ، أو خبثٍ ، أو لباس ، أو مكان قابلين للصّلاة ، وعربيّة ، وغير ذلك ، سوى الاستقبال ، والكلام بين الخطبتين.

ومنها : إسماع العدد المُعتبر مع الإمكان ، فإن كانوا أو بعضهم صُمّاً فلا بأس. والأحوط اشتراط جميع شرائط الصلاة ، وانتفاء مُنافياتها ، عدا ما نُصّ على جوازه.

ويُستحبّ فيها أُمور :

إصغاء المأمومين ، وترك الكلام منهم ومن الإمام ، وبلاغة الخطيب ، ومواظبته على فعل الفرائض والسنن ، وأوقاتها ، وفضيلته ، وجلالته ، وظهور الورع عليه ، وسلامته من العيوب ، لتملأ موعظته القلوب ، بحيث يتّعظ الناس برؤيا حاله قبل سماع مقاله ، وحسن صوته ، وتأثيره في قلوب النّاس ، وصعوده على عالٍ.

واستقبالهم بوجهه ، وسماع صوته ، وجلوسه على مُرتفع ، وتعمّمه شتاءً وصيفاً ، وارتداؤه ببُرد يمنيّة كقفر ، ثوب من برود اليمن ، والاعتماد على قوس أو على عصاً أو سيف أو غيرها ، والتسليم على الناس أوّلاً بعد العلوّ على مرتفع ، وبعد الجلوس في وجه ، فيجب ردّهم عليه كفاية ، ويختصّ الوجوب بمن حضر السلام ، والتأذين بعد

ص: 256

صعوده ، والجلوس قبل الخطبة ، والإعلان بذكر اللّه تعالى ، والتأوّه من غضب اللّه تعالى.

الثامن : الوقت ، وأوّله : الزوال ، ويدخل بمضيّ وقت يسع أقلّ المجزي من الخطبة من بعد الزوال ، فلو ذهل عن الوقت أو اجتهد ، فأخطأ فأوقع جزءاً منها قبل دخول الوقت ، بطلت ، دخل في الأثناء أو لا ، بلغ تمام الركعة أولا ، وإن احتسبنا الخطبة بمنزلة التتمة.

واخره : إذا صار ظلّ كلّ شي ء مثله. فإذا فات ، تعيّن الظهر أربعاً.

ويتحقّق الفوات : بأن لا يبقى منه مقدار ركعة منها جامعة للشرائط ، ويتعيّن عليه حينئذٍ القطع والإتيان بالظهر.

وإذا اختلف رأي المأمومين عن رأي الإمام بطريق القطع ، لم يدخلوا معه. وإن كان بطريق الظنّ ، فيقوى القول بالصحّة مع الدخول معه بعد العلم.

التاسع : عدم المانع منها من تقيّة وغيرها ، وصاحب التقيّة أدرى بها.

فلو حصل ذلك ، اشترك الإمام والمأمومون بذلك ، أو اختصّ الإمام به مع علم المأمومين ابتداءً ، بطلت. ولو اختصّ بالمأمومين ، فإن كان السالم يفي بالعدد ، صحّت ، وإلا بطلت.

ولا يتحقّق المانع بمجرّد اطلاع المخالفين مع عدم الخوف ، وإن جاز العمل على وفق مذهبهم بمجرّد ذلك.

البحث الثالث : فيمن تصحّ منهم ولا تتعيّن عليهم

فيكون وجوبها تخييرياً بالنسبة إليهم ، وهم الجامعون لصفتي الكمال ، مع اثنى عشر صفة ، انضمّ بعض منها إلى بعض أو لا.

أحدها : الرقيّة ؛ مع التشبّث بالحريّة وبدونه ، مع التبعيض وبدونه ، مع تجويز المولى (بقي وقت الجمعة أو لا) (1) فإنّه يتخيّر بين الجمعة والظهر ، ولا تتعيّن عليه الجمعة ، مع

ص: 257


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

عدم تعيين المولى ، إلا مع سبق التحرير على أداء الظهر ، وقد بقي وقت للجمعة أو لركعةٍ منها.

ثانيها : السفر المعيّن للقصر أو المخيّر ، مع عدم طروّ الموجب للتمام قبل صلاة الظهر ، مع بقاء وقتٍ للجمعة أو لركعةٍ منها.

والخوف الباعث على التقصير مع الخطر بحكم السفر.

ولو أجزنا للإمام حينئذٍ أن يصلّي جمعة ، وفرّق المأمومين فرقتين ، لم تكن جُمعتان ، حتّى لو مات وصلّى غيره بالفرقة الأُخرى.

ثالثها : خلاف الذكورة ، ويقرب لحوق الخُنثى والممسوح بالأُنثى ، فتجب الجمعة عليها تخييراً.

رابعها : عدم البصر ، فلا تتعيّن على الأعمى وما يشبهه ، وإن قصرت المسافة ، وارتفعت المشقّة. ولو أبصر بعد صلاة الظهر أو في أثنائها ، مضى على حاله. ولو أبصر قبل فعل الظهر وقد بقي وقت للجمعة أو لركعةٍ منها ، تعيّنت عليه.

خامسها : المرض مرضاً مُعتدّاً به ، وإن كان في الحضور مشقّة جزئيّة. أمّا لو لم تكن مشقّة بالمرّة ، أو كان المشي دواءً له ، تعيّنت عليه.

ويُلحق الحبس ، وعروض المطر ، والاشتغال بمريض ، ونحو ذلك بذلك.

سادسها : الإقعاد وما يشبهه من العرج ، مع القُرب والبُعد ، والمشقّة وعدمها. ولو أمكنه التداوي لدفع هذه الأُمور ، لم يجب.

سابعها : الشيخوخة البالغة قريب العجز ؛ لأنّها أعظم من المرض.

ص: 258

ثامنها : الزيادة على فرسخين فيما بينه وبين الجمعة ؛ فإنّه يتخيّر بين الحضور والإتيان بها وبين الظهر ، ومجهول المسافة يحكم فيه بالنقصان.

والمدار على منزله ، لا على موضع تردّده.

ولو زاد بعض منزله دون البعض الأخر ، فالمدار على الناقص.

والمدار على الطريق هنا ، لا على المحاذاة ، ولو كان أقصر وأطول عمل على الأقصر.

وذو الوطنين يلحظ الأقرب ، إلا إذا حصل في الأبعد. وصاحب الإقامة عشراً وطنه محلّ إقامته ، وما لم تكن زيادة وجب السعي والصلاة ، نوى عدم العود أو العود ، مع الإقامة وبدونها ، وقد تُلحق به موجبات التمام.

والمدار على التوطّن ، وإن لم يكن منزل ولا ملك.

ومن كان قريباً لكن له مانع يمنعه عن الوصول قبل الظهر لو خرج من الصبح ، من شجر أو جبل أو ريحٍ أو فَقدِه مع كون السير في البحر ونحو ذلك ، لم يلزمه الحضور.

تاسعها : حصول خمسة أو ستّة تنعقد بهم الجمعة ، أحدهم الإمام.

وذوا الحقو الواحد إذا حكم عليهما بالتعدّد يلحقان بالمتعدّد.

عاشرها : عدم وجود إمام مُستعد لمعرفة كيفيّة الخطبة والجمعة ، ولم يكن قابلاً بالفعل ، فلا يتعيّن تعليمه ، ولهم الخيار في إقامة الجمعة ؛ لأنّ الظاهر أنّ وجوبها مشروط ، لا مطلق.

حادي عشرها : الكون في زمان الغيبة أو الحضور المشبه لها ؛ لعدم إمكان تنزيل الأوامر على الوجوب التعييني ، فتعيّن التخييري ، ولما فيه من الجمع بين أكثر الأخبار ، ومعظم كلمات الفقهاء ، وللإجماعات المنقولة على ذلك.

ص: 259

ثاني عشرها : الإتيان بصلاة العيد ، فإنّ من أتى بها كان له الخيار بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر ، وجميع هذه المواضع تترجّح فيها صلاة الجمعة على صلاة الظهر.

البحث الرابع : فيمن تصحّ منه ولا تجب عليه بقسم من الوجوبين ولا تنعقد به

وهو الطفل المميّز على أصحّ القولين ، وإن انعقدت به صلاة الجماعة على الأقوى. فإذا صلاها أجزأته عن الظهر ، مع البلوغ قبل تمام الصلاة أو بعد تمامها ، ولا حاجة به إلى تبديل النيّة ؛ لإغناء نيّة الجملة عن نيّة الأجزاء.

البحث الخامس : فيمن تنعقد بهم ، فتجب على غيرهم تعييناً في مقام التعيين ، وتخييراً في مقام التخيير

لا بحث في انعقادها بمن لم يشتمل على صفة من صفتي نقص الكمال أو صفة من الاثنتي عشرة ، كما أنّه لا بحث في عدم انعقادها بناقص صفة من صفتي الكمال ، ويقوى عدم الانعقاد بالأُنثى والمملوك من الثمانية المتقدّمة ، ولا يجب عليهما على التعيين ، مع الحضور ، ولا بهما ، ولا تنعقد بالستة الباقية ، أئمّة ومأمومين ، وتجب بهم وعليهم على التعيين ، مع الحضور ، وعدم المانع ؛ وتسقط مع الاشتغال بميّت ، أو مريض ، أو حبس ، أو مطر ، أو وحل ، أو عوارض مضرّة ، أو إخلال بواجب ، ونحو ذلك.

البحث السادس : فيما يُستحبّ فيها

يُستحبّ فيها حضور مَن لم تَجب عليه ، وتصحّ منه ، من البعيد والمسافر ونحوهما ، والغُسل ، والمباكرة إلى المسجد ، والتطيّب ، ولبس أفضل الثياب ، والتعمّم ، والتردّي ، وحلق الرأس ، وتقليم الأظفار ، بادياً بخنصر اليُسرى ، خاتماً بخنصر اليمنى ، قائلاً : «بسم اللّه وباللّه ، وعلى سنّة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

ص: 260

وسلم» ، وجزّ الشارب قائلاً ذلك ، والاستياك ، والدعاء قبل خروجه ، داعياً بالمأثور ممّا مرّ ، والتنفّل بما مرّ ، والمشي مع السكينة والوقار والجلوس حيث ينتهي به المكان ، وعدم تخطّي الصفّ ، إلا مع وجود فُرجة أمامه.

وأن لا يقيم غيره من مجلسه باختياره ، واختيار الخطيب ، وقراءة الجمعة والمنافقين ، والجهر بالقراءة ، وإخراج المسجونين لصلاة الجمعة ، والإكثار من الصلاة على النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى ألف مرّة ، وفي غيره من الأيّام مائة مرّة ، والإكثار من الصدقة ، والعمل الصالح ، وقراءة النساء ، وهود ، والكهف ، والصافّات ، والرحمن.

وزيارة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والأئمّة عليهم السلام ، خصوصاً سيّد الشهداء عليه السلام ، وقراءة الإخلاص بعد الصبح مائة مرّة ، والاستغفار مائة مرّة ، وإيقاع الظهر في المسجد الأعظم ، وتقديمها على جمعة غير المقتدى به. ولو صلّى معه ركعتين وأتمّها بعد فراغه ، جاز.

وأن يقول في دبر صلاة العصر يوم الجمعة : «اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد الأوصياء المرضيّين بأفضل صلواتك ، وبارك عليهم بأفضل بركاتك ، والسلام عليه ، وعليهم ، ورحمة اللّه وبركاته» فإنّ من قالها في دُبر العصر ، كتب اللّه له مائة ألف حسنة ، ومحا عنه مائة ألف سيئة ، وقضى له مائة ألف حاجة ، ورفع له مائة ألف درجة. وروى بنحو آخر ، وروى سبع مرّات (1).

ويُكره فيها الحجامة ، وإنشاد الشعر في غير حقّ ، فلا بأس بما تضمّن التعزية في مُصاب الأئمّة عليهم السلام ، بل جميع أهل اللّه من العلماء ، والصلحاء ؛ أو تضمّن مدح النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، أو الأنبياء والأئمّة عليهم السلام ، أو العُظماء في الدين من هذه الأُمة ، أو المواعظ والنصائح ، إلى غير ذلك من المرجّحات.

والمفهوم من التتبّع تضاعف الأجر والثواب في إيقاع الطّاعة في أوقات أو أمكنة

ص: 261


1- الكافي 3 : 429 ح 5 ، التهذيب 3 : 19 ح 68 ، الوسائل 5 : 79 أبواب صلاة الجمعة ب 48 ح 2 ، 3 ، 7.

شريفة ، والمؤاخذة والعقاب في إيقاع المعصية ، ويشتدّ الاستحباب في المندوبات ، والمرجوحيّة في المكروهات باعتبار شرف الزمان والمكان ونحوهما.

البحث السابع : في الأحكام

وهي أُمور :

أحدها : أنّه يحرم السفر الحلال ، وتتضاعف حُرمة الحرام ، ومُطلق الحركة ، والأفعال المُنافية للإتيان بالجمعة بعد الزوال ، إلا إلى غيرها من الجُمعات. فلو خرج قوي وجوب الدخول فيها عليه ، وإن كان مُسافراً مُقصّراً ، ويكون استثناء من حكم المسافر.

والمدار فيها على حال الوجوب ، فلا يرفع وجوبها الكون في السفر حال الأداء مع تعيينها ، بل يحرم كما تحرم مُنافيات فعل الفرائض في أوقاتها.

ولا تصحّ ظهره ما دام مُتمكّناً من العَود إليها ، أو الدخول في غيرها.

ولو صاحبه الإمام والعدد الباعث على العينيّة ، فلا مانع.

وفي حرمة السفر مع الوجوب التخييري إشكال ، والظاهر عدم المنع.

ولو خرج زاعماً عدم دخول الوقت ، فانكشف دخوله حين الأخذ بالرجوع ، رجع مع إمكان الإدراك.

ولو زعم الدخول ، فخرج ، عوقب وبطلت ظهره ؛ لعدم صحّة نيّته.

والمدار على المنافيات ، فيعمّ الخروج عن المحلّة أو البلد أو محلّ الترخّص.

ثانيها : يحرم البيع وسائر المعاوضات على الأعيان والمنافع ، والنواقل الشرعيّة والتبرعات ، لازمة أو جائزة مع المنافاة وقت سُماع الأذان ، أو معرفة محلّه ، أو قبله لمن بَعُد عن محلّ الجمعة. والأحوط ترك المعاملات مع عدم المنافاة أيضاً ، كحال اشتغاله بالذهاب.

ولو أُخبر بالأذان أو الضيق مع الاعتماد ، كان كالسامع.

ص: 262

وهذا الحكم كسابقه يدور مدار الوجوب التعييني.

ولو كان الوجوب العيني متوجّهاً إلى أحدهما ، فهل يحرم على الأخر أو لا؟ وجهان ، أقواهما الثاني.

والأقوى أنّ النهي مُتوجّه إلى المانعيّة ، لا إلى حقيقة المعاملة ، فلا تقع فاسدة.

ولو سمع الأذان في نصف العقد ، جاز إتمامه على إشكال. والأقوى الحُرمة مع المنافاة.

ومن وجبت عليه الجمعة من غير تعيين ، لم يحرم عليه شي ء من ذلك.

ثالثها : أن يؤذّن للجمعة أذاناً واحداً ، ولا يجوز التعدّد ؛ لأنّه من البِدع ، بخلاف غيرها من الفرائض اليوميّة.

ولو ظهر فساد في الأذان ، أُعيد ثانياً. ولو أذن للظهر في مقام التخيير ، أو للجمعة ، وأراد العدول ، أعاد الأذان.

ويجري الحكم في سقوط الأذان ، مع عدم تفرّق الصفوف ، ومع سماع الأذان من الغير هنا ، على إشكال.

ولو أذّن المؤذّن بزعم أنّ الإمام يجمع أو بزعم العكس ، فبان الخلاف ، أعاده. والقول بالاكتفاء في مثل ذلك غير خالٍ من الوجه.

رابعها : أنّه لو علم شخص بفساد جُمعة ، لم يجب عليه حضورها ، ولم يكن عليه حرج في الإتيان بجمعة غيرها ، كما إذا علم فساد صلاة بعض العدد المشروط ، أو فسق الإمام ، وعلم المأمومين بذلك.

وأمّا مع العلم بعدم علمهم أو احتمال ذلك ، يحكم بصحّة الجمعة ، ويجري عليها حكمها ، فلا يصلّي جمعة ولا ظهراً إلا بعد تمامها.

خامسها : أنّ الجماعة في الجمعة كغيرها من الفرائض اليوميّة ، وغيرها من الواجبات ،

ص: 263

وغيرها ممّا تصحّ فيه الجماعة تُدرك بإدراك الإمام راكعاً فارغاً من الذكر الواجب أو لا ، فارغاً من الذكر المندوب أو لا ، ساكتاً أو لا ، مُستقرّاً أو لا. ولا يدخل إلا مع الاطمئنان بالإدراك. فإن دخل ولم يلحق ، بطلت الركعة. وإن كانت الثانية ، بطلت الصلاة.

ويدخل استحباباً في سجود الإمام كما إذا وجده رافعاً من الركوع أو في السجود الأوّل أو الثاني أو التشهّد. فإن كان في الأُولى ، فعل ذلك ، وأعاد التكبير في جميع الصور ، سوى إدراك التشهّد. والقول بجواز الانتظار ، والعدول إلى النفل مع الاطمئنان باللّحوق لا يخلو من وجه.

سادسها : أنّه إذا دخل المسجد والإمام راكع فخافَ فوت الركعة ركع مكانه ، ويمشي وهو راكع حتّى يلتحق بالصف.

وإن شاء سجد معهم ، والتحق بعد القيام. والأولى أنه يجرّ رجليه ولا يتخطّى.

سابعها : أنّه لو رفع رأسه قبل الإمام في ركوع أو سجود سهواً أعاد ، وعمداً انتظر.

ولو خالف ، قصّر ، وفاته ثواب الجماعة فيما تخلّف فيه ، ولحقه حكم الجماعة في الباقي ، والأحوط الإعادة.

ثامنها : أنّه لا يُعتبر في الإمام مع الغيبة سوى ما يُشترط في صلاة إمام الجماعة ، وسيجي ء الكلام فيها مفصّلاً. ولا حاجة إلى الاجتهاد أو الاستئذان من المجتهد. نعم يجب على من صلّى الظهر أو الجمعة في زمن الغيبة تقليد المجتهد ، وإلا كانتا باطلتين.

تاسعها : أنّه تجب نيّة المأموميّة فيها وفي غيرها من مواضع شرائط الإمامة (1) ، وفي

ص: 264


1- في «ح» زيادة : ونيّة الإمامة.

كلّ ما يشترط فيه الاجتماع دون غيره ، على نحو ما يعتبر في الشرائط من النيّة ، فإنّه يلزم إحرازها مع الحضور ، ويكفي حصولها مع عدمه.

عاشرها : أنّه يُعتبر فيها ما يُعتبر في صلاة الجماعة من ملاحظة العلوّ والهبوط ، واتصال الصفوف وعدمه ، ورؤيا الإمام وما يقوم مقامه ، وهكذا.

حادي عشرها : أنّه من أدرك من وقتها ركعة بشرائطها ، فقد أدركها ، كما في الفرائض اليوميّة. وفي إلحاق جميع الصلوات بها فرضها ونفلها وجه. وفيه إشارة إلى أنّ المركّب أداء ، لا قضاء ولا مبعّض.

ثاني عشرها : أنّه لا يجوز العدول منها إلى غيرها ، ولا من غيرها إليها.

ثالث عشرها : أنّه لو زوحم المأموم في سجدته الأُولى ، فلم يتمكّن من السجدتين ، انتظره إلى فراغه ، ثمّ سجدهما ، ولحقه في القيام. وإن لم يمكن اللّحوق ، وقف حتّى يسجد الإمام في الثانية ، فيتابعه بالسجود من غير ركوع ، وينويهما للأُولى. فإن نواهما للثانية أو أهمل ، بطلت صلاته.

ولو سجد ولحق الإمام قبل الركوع أو راكعاً في الثانية ، تابعه في الركوع. ولو سجد ولحقه رافعاً من الركوع ، فله مُتابعة الإمام واستمراره على جلوسه حتّى يسجد الإمام ، ويسلّم ، ثمّ ينهض إلى الثانية.

وله استمراره على القيام حتّى يسلّم الإمام ، وله العدول إلى الانفراد قبل فراغ الإمام ، وإن لم يجز العدول إلى الانفراد اختياراً ، بخلاف غيرها من الفرائض. وليس له المتابعة في السجود ؛ للزوم الزيادة ، وعلى التقديرين يلحق الجمعة.

ولو تابع الإمام في ركوع الثانية قبل سجوده للأُولى ، بطلت صلاته.

ولو لم يتمكّن من السجود في ثانية الإمام حتّى قعد الإمام للتشهّد ، فالأقوى

ص: 265

صحّتها جمعة ويتمّ. وعلى القول بعدم جوازها جمعة الأقرب عدم جواز العدول منها إلى الظهر ، بل يستأنف.

ولو زوحم في ركوع الأُولى ، ثمّ زال الزحام ، والإمام راكع في الثانية ، لحقه وتمّت جمعته ، وأتى بالثانية بعد تسليم الإمام ، أو انفرد بها.

ولو زوحم في السجدة الثّانية من الركعة الأُولى ، أو سجدتين أو واحدة من سجود الثانية ، أو في ركوع الثانية ، فحكمه قد اتضح ممّا سبق.

ولا يبعد القول : بأنّه متى أدرك ركوع الأُولى ، وانعقدت جمعته صحّت ، ولو تعذّرت مُقارنته في شي ء من الأفعال الباقية ، وطريق الاحتياط غير خفي.

رابع عشرها : أنّ حكم الجمعة حكم الجماعة في الفريضة في بطن الكعبة ، والسفينة ، وحال الجلوس وما بعده ، والاعتماد في القيام ، والمشي والركوب ونحو ذلك.

خامس عشرها : أنّه لو خرج البعيد بأكثر من فرسخين مُسافراً إلى صوبها حتّى خرج عن محلّ الترخّص ، لم يجب الحضور على إشكال.

سادس عشرها : أنّه يجوز ائتمام أحد المسبوقين بمثله.

سابع عشرها : أنّه لا يجوز ائتمام مُصلّي الظهر بمصلّيها ، وبالعكس.

فلو نوى جمعة خلف من زعم أنّه يصلّيها ، أو ظهراً خلف من زعم أنّه يصلّيه ، فبانَ الخلاف ، لم تصحّ الإمامة ، وفي صحّة الظهر مع نيّته مُنفرداً كلام مرّ مثله في غير مقام.

ثامن عشرها : أنّه يُعتبر فيها ما يُعتبر في اليوميّة من الشرائط ، وفقد الموانع ، ولا بدّ من مراعاة مقدار ارتفاع الجبهة عن موضع القدمين.

ص: 266

تاسع عشرها : أنّه لو خرج مَن لم تجب عليه لبُعده إلى سمتها فقرب إليها ولم يحضرها ، لم تجب عليه.

العشرون : لا يجوز العدول منها إلى الظهر ، ولا إلى غيرها من الفرائض اليوميّة ، ولا منها إليها.

البحث الثامن : في السنن

يُستحبّ أن يدعو عند التهيؤ للخروج للجمعة والعيدين بدعاء مخصوص.

وأن يشتري لأهله شيئاً من الفواكه.

وأن يتصدّق عليهم بالجماع.

وزيارة القبور قبل طلوع الشمس.

وأكل الرمان ليلاً أو نهاراً ، وسبع ورقات من الهندباء عند الزوال.

وأن يغسل رأسه بالخطمي.

وأن يتأهّب لها من يوم الخميس.

وأن يحلق رأسه ؛ لأنّه نوع من التنظيف.

وأن يكون على الإمام والمأموم السكينة والوقار حين الحضور ، بل من ابتداء السعي ، بل في تمام اليوم.

وأن يصلّي مع المخالفين ، ويأتي بركعتين بعدها ، ويجعلها ظهراً. ويستحب الإعادة أو التقدّم ، ثمّ الإعادة معهم ، ويجوز الاكتفاء بها مع تعذّر غيرها.

وأن يجهر في قراءتها.

وأن يحلق رأسه ، ويقصّ أظفاره ، ويلبس أنظف ثيابه ، ويتطيّب ، ثمّ يُباكر إلى المسجد.

وأن يغتسل ويتنفّل قبل الزوال بعشرين ركعة ، وقد مرّ تفصيلها.

ص: 267

وأن يكثر من العبادات البدنيّات والماليّات ؛ فإنّ لها من الفضل في هذا اليوم ما ليس في سائر الأيّام.

وأن يُرَغّبَ الناس بعضهم بعضاً في حضور الجمعة.

وأن يُحافظ على آداب الجماعة من مساواة الموقف ، واعتدال الصفوف ، وتخصيص الأجلاء بالصفّ الأوّل ، وتقديم الأفضل ولو على الأعدل ، إلى غير ذلك من وظائف الجماعة.

ويكره السفر بعد الصبح عن محلّ الجمعة ، والبيع بعد زوال الشمس قبل النداء. وقول الشعر فيه رواية (1). وإنشاده للصائم ، والمُحرِم ، ومَن في الحرم أو المسجد وإن كان في حقّ ، إلا ما كان في وعظٍ أو مدح أهل البيت عليهم السلام ، أو تعزية الحسين عليه السلام ونحوها ، وأن يقول في القنوت : «وسلام على المرسلين».

المقام الثاني : في صلاة العيدين

اشارة

(عيد الفطر وعيد الأضحى ، مشتقّان من العَود ؛ لعَودهما ، أو عَود الناس إليهما في كلّ سنة. وخصّا بين الأيام بالاسم ، لِعَود نعمة الفراغ من الحجّ والصيام فيهما ، وربّما كانا كذلك في زمن الأنبياء السابقين.

ويُستحبّ فيهما إظهار السرور ، وتزاور الإخوان ، وصلة الأرحام ، وتحسين اللباس والطعام ، وتذكّر غَصب الأئمّة حقوقهم ، وإظهار الحزن التامّ ، كما يظهر من طريقة الأئمّة عليهم السلام) (2) وفيها مباحث :

الأوّل : في بيان كيفيّتها

وهي ركعتان مع اختلال شرائط الوجوب وعدمه ، جماعة صُلّيت أو فُرادى ،

ص: 268


1- التهذيب 4 : 195 ح 558 ، الوسائل 5 : 83 أبواب صلاة الجمعة ب 51 ح 1.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

لا أربع بتسليمةٍ أو تسليمتين مع اختلال الشرائط ؛ خلافاً لمن ذهب إلى أحد القولين.

يقرأ في الأُولى منهما بعد تكبيرة الافتتاح الحمد وسورة ، من غير قِران ولا تبعيض ، فتُلحق بالفريضة وإن استحبت بالعارض ، ثمّ يكبّر خمساً.

ثمّ يقنت بعد كلّ تكبيرة قنوتاً يأتي فيه بما شاء من الكلام الحَسن ، ممّا يدخل في الذِّكر أو الدعاء ، والأولى أن يكون بالمأثور.

ثمّ يكبر سابعة للرّكوع بلا قنوت يركع بها ، ثمّ يسجد سجدتين.

ثمّ يقوم غير مكبّر ، ويقرأ الحمد وسورة.

ثمّ يكبّر أربعاً بعد القراءة ، يقنت بعد كلّ واحدة منها بما شاء ممّا يدخل في الذكر والدعاء ، والأفضل كونه بالمأثور.

ثمّ يكبّر للركوع ، ويسجد سجدتين ، ويتشهّد ويسلّم.

فتكون التكبيرات الزائدة تسعاً : خمس في الأُولى ، وأربع في الثانية ، والقنوتات كذلك ، والظاهر الوجوب فيهما.

وتجب الخُطبتان مع وجوبهما ، وتُستحبّ إذا صُلّيت جماعة مع استحبابها ، وليستا شرطاً للصّلاة ، وهما كخُطبتي الجمعة من غير تفاوت.

الثاني : في وقتها

وهو من طلوع تمام قُرص الشمس ولا يبعد الاكتفاء بطلوع بعضه إلى زوال الشمس.

وإذا أدرك من الوقت ركعة بشرائطها ، لم يفته الوقت.

ولو اجتهد بطلوع الشمس ، فصلّى قبله ، بطلت. وإن طلعت في الأثناء ، ففيها وجهان. ومتى كان عن غفلةٍ أو جهل أو نسيان فضلاً عن العمدِ لم تقع مُجزية.

الثالث : في أحكامها

وتتنقّح ببيان أُمور :

أحدها : أنّ شرائطها وقت وجوبها شرائط الجمعة ، مع التعيين من الوحدة في

ص: 269

الفرسخ ، وعدم الزيادة على فرسخين ، وعدم صفة من الصفات الباعثة على عدم تعيين الجمعة والإمامة والجماعة ، ونحو ذلك. وفيها شاهد على عدم تعيين الجمعة زمن الغيبة.

ومع اختلال الشرائط تستحبّ جماعة وفُرادى.

ثانيها : أنّه يحرم السفر بعد طلوع الشمس إذا اجتمعت شرائط وجوبها قبل فعلها على المكلّف بها.

ثالثها : أنّ الخُطبتين بعدها بعكس الجمعة ، فلو قدّمهما أو أحدهما أو بعضاً منهما بطلت (1) ، وكان مُبدعاً. وليستا شرطاً في الصحّة ، بخلاف الجمعة.

رابعها : أنّه يتخيّر حاضر صلاة العيدين حضور صلاة الجمعة وعدمه مع وجوبها.

خامسها : أنّه لو أدرك الإمام راكعاً ، تابعه ، وسقط عنه ما فاتَ من التكبيرات والقنوت.

ولو أدرك التكبيرات من غير قنوتات ، أتى بها ولاءً (2) ، وكذا لو أدرك بعضها.

سادسها : أنّها لا تقضى إذا فاتت.

سابعها : أنّها لا يجوز الجلوس فيها اختياراً ، أو الركوب على الدابة ، أو السفينة ، ونحوها اختياراً ، وإن كانت مُستحبة ، (ومع الاضطرار يعمل كما في الفريضة) (3).

ثامنها : أنّه إذا قدّم التكبير على القراءة نسياناً ، أعاد.

وإذا ركع ، فاتَ من غير قضاء. ولو نسي التكبير حتّى تعدّى محلّه ، قيل : يسجد للسهو (4).

(تاسعها : أنّه لو دخل مع مسبوق فانفرد ، ثمّ دخل معه آخر ، ثمّ ترامت إلى الزوال ، فلا بأس.

عاشرها : أنّه لو دخل فيها ، ثمّ ظهر الاشتباه فيها في الأثناء ، قطع.

ص: 270


1- في «م» ، «س» : بطلتا.
2- ولاءً : متتابعات.
3- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
4- الدروس 1 : 194.

حادي عشرها : أنّه لا يجوز الائتمام فيها بغيرها من الصلاة ، ولا العكس ، وكذا جميع مُختلفي الهيئة.

ثاني عشرها : أنّ الأحوط عدم الاحتياط بفعلها مع الشكّ في العيد.

ثالث عشرها : أنّ المأموم يُصغي إلى قراءة الإمام مع سماعها ، ويسبّح أو يذكر بنحو آخر أو يسكت ، وهي مرتّبة في الفضل مع عدمه) (1).

الرابع : في مستحبّاتها

وهي أُمور :

منها : الإصحار بها مع عدم العارض من مطر ونحوه ، إلا بمكّة ، فإنّ الأولى فعلها فيها في المسجد الحرام. ولا يلحق بها شي ء من المشاهد والمساجد على الأقوى.

ومنها : خروج الإمام حافياً على سكينة ووقَار ، حامداً ، شاكراً ، داعياً ، ذاكراً.

ومنها : قراءة سورة الأعلى في الأُولى ، والشمس في الثانية ، أو الشمس في الأُولى ، والغاشية في الثانية ، أو بالعكس.

ومنها : عمل منبر في الصحراء.

ومنها : التأخير فيها إلى انبساط الشمس.

ومنها : الأكل قبل خروجه إليها في الفطر ، وبعد عوده منها في الأضحى ، ممّا يضحّي به إن أطاق الصبر.

ومنها : التكبير في عيد الفطر عقيب أربع صلوات : أوّلها فرض المغرب ليلة العيد ، واخرها صلاة العيد.

وأمّا تكبير عيد الأضحى ؛ فعقيب خمس عشرة صلاة في مِنى (2) ، وعشر في غيرها ، وأوّلها فيهما (3) صلاة الظهر ، والأولى (كونها بعد الفرائض.

ص: 271


1- ما بين القوسين زيادة من «ح».
2- منى موضع بمكّة ، والغالب عليه التذكير فيصرف. المصباح المنير : 582.
3- في «م» ، «س» : فيها.

ولا بأس) (1) بكونها بعد النوافل ، والجمع أكمل.

وصورتها : اللّه أكبر ثلاثاً ، لا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر اللّه أكبر (ولله الحمد ، اللّه أكبر على ما هدانا. والمعروف في الأخبار تثنية التكبير أوّلاً ، وإضافة : والحمد على ما أولانا ، أو و) (2) الحمد لله على ما هدانا ، وله الشكر على ما أولانا ، مع زيادة : (اللّه أكبر على ما رزقنا) (3) من بهيمة الأنعام في الأضحى.

(وفي بعض الروايات في الأضحى تكبيرتان ، ثمّ تهليل وتكبير ، ثمّ تحميد وتكبير على ما هدانا ، ثمّ تكبير على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ، وفي بعضها تكبيرات ثلاث بعد التهليل ، والعمل بالكلّ لا بأس به) (4) ، (5).

ومنها : النداء «الصلاة» ثلاثاً.

ومنها : استماع الخُطبتين.

ومنها : حضور الجمعة لمن شهد صلاة العيد ، وعن أبي الحسن عليه السلام : أنّه يفطر يوم العيد على طينٍ وتمر (6).

ومنها : أن يذكر في خُطبة الفِطر أحكام الفِطرة ، وفي الأضحى أحكام الحجّ والأُضحيّة ، وهي مع الهدي في مكة.

ومنها : أنّه ينبغي تأخير صلاة الفطر عن الأضحى يسيراً.

ومنها : أنّه يُستحبّ رفع اليدين بالتكبير.

(ومنها : القنوت بالمأثور ، وهو : «اللّهمّ أهل الكبرياء والعظمة» (7) إلى أخره.

ومنها : اتحاد الإمام والخطيب.

ص: 272


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
3- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : ورزقنا.
4- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
5- الكافي 4 : 516 ح 2 ، التهذيب 5 : 269 ح 921 ، الوسائل 5 : 124 أبواب صلاة العيد ب 21 ح 2.
6- الكافي 4 : 170 ح 4 ، الفقيه 2 : 113 ح 485 ، الوسائل 5 : 114 أبواب صلاة العيد ب 13 ح 1.
7- التهذيب 3 : 139 ح 314 ، الوسائل 5 : 131 أبواب صلاة العيد ب 26 ح 5.

ومنها : مُراعاة ما يُستحب في الجماعة في حقّ الإمام وغيره ، وهي كثيرة) (1).

الخامس : في مكروهاتها

وهي أُمور :

منها : الخروج بالسلاح لغير حاجة للإمام والمأمومين.

ومنها : التنفّل قبلها ، وبعدها إلى الزوال ، إلا في مسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ولا يلحق به شي ء من المساجد ، ولا من المشاهد.

(ولا بأس بالتنفّل لمن لم يصلّها. ومن أراد التنفّل ، فليوجبه بنحو التزامٍ قبل دخول وقتها ، أو بعد دخوله في وجه قوي) (2).

ومنها : نقل المنبر إلى المصلّى ، بل يُعمل له منبر من طين.

المقام الثالث : في صلوات الآيات

اشارة

وهي ركعتان ، في كلّ ركعة خمسة ركوعات وسجدتان.

وفيها أبحاث :

الأوّل : في كيفيّتها

وهي أن يكبّر للافتتاح ، ويقرأ الحمد وسورة ، ثمّ يركع ، ويأتي بذكر الركوع وشرائطه ، ثمّ يرفع رأسه من الركوع ، ويقرأ الحمد وسورة ، ويركع ، وهكذا خمساً ، ثمّ يسجد سجدتين ، ثمّ يقوم إلى الركعة الثانية ، ويفعل كما فعل إلا تكبيرة الافتتاح ، ويتشهّد ، ويسلّم.

ولو قرأ بعد الحمد بعض السورة ، وركع ، قامَ وأتمّ السورة.

ص: 273


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- ما بين القوسين زيادة في «ح».

وإن شاء بعّض سورة واحدة قبل كلّ ركوع من ركعات الأُولى ، أو بعّض سورة كذلك مع العَود إلى الأُولى أو لا ، مع عدم الاشتغال بسورة ثانية إلا بعد تمام الأُولى ، أو أتمّ في بعض وبعّض في آخر ، فلا بأس.

إلا أنّه يجب عليه قراءة الفاتحة قبل الركوع الأوّل ، ومع تمام السورة قبل ركوع واحد.

وإذا قرأ سورة تامة مع الفاتحة ، جاز له العود إلى الأُولى معها ثانياً ، ويجوز العود إلى المبعّضة الأُولى.

الثاني : في الموجب

وهو كُسوف الشمس بالقمر أو بغيره من الكواكب ، وخُسوف القمر ، بتمامهما أو بعضهما ؛ والزلزلة ، ممّا يُدعى كسوفاً أو خسوفاً أو زلزلة مطلقاً ، أخافَت أو لا. والظلمة ، والحُمرة ، والصفرة ، وتكاثر الشهب من السماء ، وشدّة الرعد ، والبرق (1) ، والهواء ونحوها ، ممّا يخيف أغلب أفراد الإنسان ، ولا عبرة بالشجاع والجبان.

ولو تعدّدت الأسباب المختلفة ، تعدّدت صلواتها ، كاجتماع أحد الكُسوفين مع الزلزلة ، أو مع غيرها من الأخاويف. وأمّا تعدّد الأخاويف ممّا عدا الثلاثة ، فلا يعدّ تعدّداً ، وإنّما هي سبب واحد.

ولو تكرّرت الزلزلة أو غيرها من الأخاويف ، فإن كان بينها فصل ، ووصفت بالتعدّد عُرفاً ، تعدّدت صلاتها ، وإلا فلا.

وإذا تعدّدت الأخاويف الباقية تجانست أو اختلفت ولم ينفصل بعضها عن بعض ، كانت سبباً واحداً.

ولا عبرة بِقَول المُنجّمين ولو كانوا عدولاً ، حيث لا يفيد خبرهم علماً في ثبوت

ص: 274


1- والبرق زيادة من «ح».

الكسوفين ، بل لا بدّ من العلم أو الشياع أو شهادة العدلين.

والأحوط العمل بخبر العدل ، ذكراً كان أو أُنثى.

والأعمى في المُبصَرات ، والأصمّ في المسموعات ، والشجاع والجبان يقلّدون ، ويأخذون بقول العدل. فإن لم يكن في ذلك المحلّ عدل يرجع إليه ، عملوا على مطلق الظنّ (في وجه) (1).

الثّالث : في الوقت

وقتها في الكسوفين إلى تمام الانجلاء على الأقوى ، وفي الزلزلة وباقي الأخاويف مدّة العُمر ؛ لعدم التمكن من فعلها كثيراً ، فيلغو حينئذٍ وجوبها.

والظاهر لزوم الفوريّة ، والعمل بأصل بقائها في سعة وقتها.

ولو لم يَسَع وقت الخسوفين الصلاة ، فلا وجوب. ولو دخل مبتدئاً فظهر الضيق بطلت. ولو تأخّر فضاق ، وأدرك ركعة ، قوي القول بإدراكها. وإن لم يُدركَ ، جاء حكم قضائها.

وجاهل الآية حتى تنكشف لا يلزمه قضاؤها ، إلا في الكسوف والخسوف مع احتراق القُرص ، والتارك عامداً أو ناسياً ، عليه فعلها ، أداءً في الأداء ، وقضاءً في القضاء.

وإذا عارضت مضيّقتها مضيّقة الفريضة ، قدّمت عليها الفريضة.

وإذا عارضت موسّعة الفريضة أو النافلة مضيّقة أو موسّعة ، وجب تقديمها. وإن عارضت موسّعتها موسّعة الفريضة ، رجح تأخيرها. ولو عارضت النافلة مضيّقة أو موسّعة ، رجح تقديمها.

ومع المعارضة مع الواجبات الغير اليوميّة والجمعة ، كالملتزمات ، يحتمل الحكم بتقديم غيرها ، ويقوى القول بالتخيير بينها.

ص: 275


1- ما بين القوسين زيادة : من «ح».
الرابع : في أحكامها

وهي أُمور :

منها : أنّ حالها حال اليوميّة في قيامها وجلوسها ، وجميع أفعالها ، سوى ما ذكر ، ويجوز من جلوس وحال المشي والركوب ، وفي السفينة ، وفي الكعبة مع الاضطرار (على تفصيل تقدّم) (1).

ومنها : أنّه لو دخل في صلاة أية فوقعت ثانية ، أتمّ وفعل الأُخرى ، وهكذا.

ومنها : أنّه مع احتراق القرص يجب القضاء مطلقاً ، ولا غُسل. ومع العمد والاحتراق ، يُستحبّ معه الغسل. ومع العمد ولا احتراق أو الاحتراق ، و (لا عمد) (2) القضاء بلا غسل. ومع عدمهما لا شي ء فيهما. ومع عدم العلم في الآيات الأُخر ، يقوى السقوط ، والأحوط الإتيان بها.

ومنها : أنّ الكسوف والخسوف والزلزلة أنواع ، وما عداها نوع واحد.

ومنها : أنّه يجوز العدول من مؤدّاة إلى مؤدّاةٍ أو مقضيّة ، أو مقضيّةٍ إلى مقضيّة أو مؤدّاة سابقتين على إشكال ، لا لاحقتين ، ولا مقارنتين ، والأحوط تركه مطلقاً.

ومنها : أنّه لا يجوز الائتمام فيها بجمعة أو عيديّة أو يوميّة ، ولا بالعكس. ولو انكشف الحال بعد النيّة ، مضى على حاله ، (وبنى على الانفراد) (3) مع عدم المانعيّة ، ولا تحتاج إلى تجديد النيّة. ولو علم بعد الفراغ ، فلا بأس.

ومنها : أنّه لا فوريّة فيها (زائدة على المتعارف) (4) مع سعة الوقت. والأحوط مُراعاة (المضايقة في) (5) الفور ، ولا توقيت في غير الكسوفين.

ومنها : أنّه لا تجب بحدوث أية في إقليم آخر.

ومنها : أنّه يجوز ائتمام المفترض فيها بالمتنفّل ، وبالعكس.

ص: 276


1- ما بين القوسين ليس في «س».
2- بدله في «م» ، «س» : العمد.
3- ما بين القوسين زيادة في «ح».
4- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
5- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ومنها : أنّه إذا فاتَ المأموم ركوع واحد من الأُولى فلا يدخل إلا في الثانية. وإذا أدركه في الركوع الأوّل من الأُولى أو الثانية بعد التكبير ، حُسبت له الركعة على نحو اليومية. ولو لحقه في السجود ، فلا يبعد القول باستحباب السجود ، وإعادة التكبير في الثانية إن كانت باقية ، وإلا أتى بها مُنفرداً ، أو في جماعة أُخرى.

ومنها : أنّ شرائط اليوميّة من لباس أو مكان أو غيرهما جارية فيها.

ومنها : أنّه لا يجب الفحص عن حصول الآية وعدمه ، بل يبني على أصل العدم حتّى يعلم بحصولها ، بخلاف سعة الوقت وعدمه ، فإنّه يتعيّن عليه التعرّض لهما بمجرّد العلم بها.

الخامس : في سننها

وهي أُمور :

منها : الإطالة في قراءته ، وذكر ركوعه وسجوده ، وقنوته ، فقد وردَ أنّه يقرأ فيها الكهف والحجر ، إلا أن يكون إماماً تشقّ على المأمومين إطالته ؛. (1) وفيه تأييد لاعتبار تمام الانجلاء.

ومنها : الجماعة في أدائها ، وقضائها ، وفَرضها ونَفلها ، ويختلف فضلها بكثرتها وقلّتها ، ومقبوليّة المأمومين. ويجري فيها ما سنّ في الفرائض ، وما كره فيها ، سوى ما استثني.

ومنها : مساواة كلّ من الركوع والسجود والقنوت والقراءة.

ومنها : التكبير لرفع كلّ ركوع ، سوى الخامس والعاشر ، فإنّ فيهما التسميع على نحو ما في غيرها من الصلوات.

ومنها : القنوت بعد القراءة على رأس كل زوج ، فيكون فيها خمس قنوتات. ولو اقتصر على قنوت الخامس والعاشر ، فلا بأس.

ومنها : استحباب الإعادة إلى الانجلاء أو الارتفاع مع القطع به ، أو مظنّة شرعيّة.

ص: 277


1- الكافي 3 : 463 ح 2 ، التهذيب 3 : 156 ح 335 ، الوسائل 5 : 151 أبواب صلاة الكسوف ب 7 ح 6.

ومنها : أن يكون تحت السماء.

ومنها : الدعاء بدلاً عنها إذا لم يعدها مُستقبلاً مُتطهّراً.

ومنها : وضوء الحائض والنفساء وجلوسهما ذاكرتين بمقدارها.

ومنها : أن ينادى عوض الأذان «الصلاة» ثلاثاً ، في أدائها. وفي القضاء في جماعة يحتمل (1) السقوط من رأس ، والثبوت لكلّ واحدة ، والرخصة بالاكتفاء بالأُولى على نحو مقضيّات الفرائض.

ومنها : وضع مُناد ، أو ضرب شي ء له صوت رفيع ؛ حتّى يبلغ الخبر أهل المحلّ من وضيع ورفيع.

ولا بأس بالمعتاد في هذه الأوقات من ضرب أواني النُّحاس ، لِتَعلم بالخسوف والكسوف عامّة الناس ، (وفيه تأييد لاستحباب إيقاظ النائم للصلاة) (2).

المبحث العاشر : في الصلوات الواجبة بالعارض

وفيها أبحاث :

الأوّل : إنّ الإلزام إن كان من جهة أمر يعود إلى المخلوق إمّا لمالكيّة المأمور ، أو لمعاوضة بينهما جازَ فيه التعلّق بالمندوبات من العبادات ، والمكروهات ، وانتقلت إلى الوجوب.

وإن كان بمُلزم شرعي من عهدٍ أو نَذرٍ أو شبههما ، فلا كلام في تعلّقه بالمندوب منها ، وحصول الامتثال به ، وفي حصول الامتثال مع التعلّق بالمطلق لانطباقه عليه.

وإذا تعلّق بالخاص ، فإن توجّه إلى القيد على تقدير الإتيان بالعمل ، كالكون في الحمّام أو غيره من أماكن الكراهة ، أو وقت طلوع الشمس أو غروبها أو غيرها من أزمنتها ، أو اللّباس الأسود أو غيره من اللباس المكروه ، لم ينعقد.

وإنّ تعلّق بالعمل مقيّداً ، قوي الانعقاد.

ص: 278


1- في «س» : ويحتمل.
2- ما بين القوسين ليس في «م».

وإن تعلّق بكلّ منهما على الانفراد ، لزم الأصل دون الصفة. ومع التعلّق بالصفة ، لا يجوز العدول إلى الأفضل.

الثاني : أنّ صلاة التطوّع إن غايرت الفرض لأمرٍ يعود إلى الحقيقة كالقران في صلاة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، أو الوصي عليه السلام ، أو الزهراء عليها السلام ، والوصية ، ونحوها ؛ وكالتبعيض في الغُفيلة ، والهديّة ، ونحوها ؛ والجلوس في الوتيرة على الأقوى انعقدت فيها صيغة الإلزام.

وأمّا ما يظهر من الأخبار لمن له ذوق سليم ، وطبع مستقيم أنّ مدار اختلاف التطوّع إنّما هو للتسامح (1) في شأنه ، وعدم الاعتناء به على نحو الفرض ، كجواز الجلوس ، والركوب ، والمشي ، والقران ، والتبعيض ، والاقتصار على الفاتحة ، والكون في الكعبة ، أو السفينة ، وجواز البناء على الأكثر ، وقراءة العزائم ، ونحوها ، فيتمشّى فيه حكم الفرض. وربّما كان اسم المكتوبة والفريضة يعمّها.

وكذا المستحبّات بالعارض لاحتياطٍ بإعادة أو قضاء ، أو لتبرّعٍ ؛ لأنّها عوض الفريضة ، فيجري عليها حكمها.

والظاهر أنّ الوجوب لأمر الولي أو أحد الوالدين لا يخرجها عن حكم التطوّع.

الثالث : أنّه إذا قيّد عدداً من الصلوات ، أو أطلق ، فالظاهر النوافل رَوَاتبَ أو لا ، ذوات أسباب أو لا ، ويدخل فيها الوتر.

وإن قيّد ركعة وأطلق ، احتمل الاقتصار على الوتر ، والاجتزاء بغيره لدخولهافيه.

ومثل ذلك يجري في الثالثة والخامسة ، وكلّ فرد. ولعلّ البناء فيه على حجيّة مفهوم العدد وعدمها.

ص: 279


1- في «س» ، «م» : التسامح.

ولو شرط في الخمسة أو السبعة أن تكون بتسليمة ، لم ينعقد نَذره.

ولو قيّد بالقِران أو التبعيض معلّقاً له بهما لا بالصلاة صحّ ؛ وبالصلاة بطل.

وإذا عيّن قنوتين ، فإن أراد التعبّد بالخصوصيّة ، اختصّ بالجمعة أو الوِتر ؛ وإن أراد الذكر والدعاء ، جاز بالجميع.

ولو نذر الصلاة بسور العزائم أو قراءتها في الصلاة ، تعيّن بالنافلة. وإن نذر (عشرين أية في صلوات فريضة بقصد الجزئيّة) (1) صحّ مع إمكان حصولها في سورة واحدة ، أو سؤر قصار ، على عدد الركعات ، لا مع عدمه (2).

ولو نذر صلاة واحدة مُشتملة عليها لم يصحّ ، إلا مع اشتمال سورة عليها (أو سورتين) (3) من دون إضافة. ولو خالف ، صحّ ما فعل ، مع عدم مُنافاة القربة ، وأعاد مع بقاء الوقت ، ويقوى عدم اعتبار مقدار الركعة. وإن تعيّن أو ضاق الوقت ، صحّ في وجه ، وقضى.

ولو نذر ذات زمان أو مكان أو وضع معيّنة ، ففعلها في غير ما عيّن لها ، بطل.

ولو نذر صلاة الليل ، فالظاهر في يومنا اعتبار الإحدى عشرة ، كما أنّ الظاهر من الوتر الواحدة.

ولا ينعقد نذر ما يُغتفر بالسنن ، إلا إذا ألحقنا الجميع بالذات ، وهو بعيد.

و (4) لو نذرَ أحد القسمين من صلاة في مواضع التخيير ، لزمَ ؛ ولو فوّت كفّر.

الرابع : أنّه لو نذر الترتيب أو الموالاة في غير محلّ الوجوب بين الصلوات أو بعضها ، فأتى بها خالية عن المنذور ، صحّت مع إمكان قصد القربة ، وكذا لو نذر الخلاف ثمّ فعل.

ص: 280


1- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : عشرة آيات في صلاة مخصوصة لو صلاها.
2- في «س» ، «م» : ومع عدمه.
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
4- في «م» ، «س» زيادة : مثل ذلك.

الخامس : أن الالتزام بالأصل لا يغيّر مندوباً عن صفته ، وأمّا ما كان بالمعاوضة فينصرف إلى المتعارف ، فكلّ مندوب قضت العادة به وانصرف إليه الإطلاق عُرفاً وجب ، إلا مع شرط عدمه. ويقوى تمشية ذلك في النذر وشبهه.

السادس : أنّ ما كان التزامه على نحو العبادات لم تجز النيابة فيه إلا عن الأموات ، إلا في بعض المستثنيات.

وأمّا ما كان على طريق الضمانات ، كالتحمّل عن القرابات ، أو على طريق المعاوضات ، فيلحق بالديون والغرامات ، فتجوز فيه النيابة ، بمعاوضة وغيرها (والضمان على إشكال ، لا سيّما في غير المعاوضة) (1).

السابع : لو نَذَر مثلاً صلاةً مع الحَدَث أو النجاسة ، وكان دائم الحدث ، أو فاقد الماء ؛ أو مُصاحباً لنجاسة معفوّ عنها ، كدم الجروح والقروح ، أو القليل ، انعقد نذره حيث يتعلّق بالمقيّد (دون ما إذا تعلّق بالقيد) (2).

ولو نذر ذلك حال عدم العُذر ، احتمل الانعقاد والانتظار أو الخروج (3) إلى أرض يفقد فيها الماء ، وعدم الانعقاد ، ولعلّه أقوى ؛ لأنّ مداره على الرجحان حين النذر.

الثامن : لو تعارضت الصلوات الملتزمات لإهماله حتّى ضاق وقت الجميع ، قُدّمت مُستحقة المخلوق ، ثمّ ذات العهد ، ثمّ النذر ، والمجانسة على مثلها ، مع تكرّر الملزم فيها وتأكيده في وجه.

(ويحتمل تقديم ما تقدّم سبب وجوبه مع عدم المرجّح) (4).

ص: 281


1- ما بين القوسين زيادة من «ح».
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- بدلها في «س» : أو لزم الخروج ، وفي «م» : ولزم الخروج.
4- ما بين القوسين زيادة في «ح».

التاسع : حُرمة القطع في النافلة لا يدخلها في حكم الواجب ، ولو وجبت في الأثناء بنَذرٍ أو شبهه فيها أبرزها بصورة الدعاء أو بنذر سابق متعلّق بالإتمام لو كان في صلاة وحصل الشرط دخلت في حكم الواجب ، وارتفع حكم المسامحة عنها.

المبحث الحادي عشر : في النوافل المسمّاة من غير الرواتب

اشارة

وفيها بحثان :

الأوّل : في تعدادها وكيفيّاتها

اشارة

وهي كثيرة :

منها : صلاة الاستسقاء

لطلب السقيا من اللّه تعالى ، وإنّما تشرّع لغور (1) الأنهار في مقام يكون الاعتماد عليها ، وقلّة الأمطار أو البرف (2) حيث يكون الاعتماد عليهما ؛ مع الغلاء والرخاء ؛ مع عموم العارض لأهل تلك الناحية ، بحيث لا يختصّ بقليل منهم.

ولا تجوز لغير المياه ، فلا يَنبغي نِسبة المطر إلى الأنواء. ولو أراد الحقيقة ، كفَر.

وكيفيّتها : كصلاة العيد ، إلا في كيفيّة القنوت ، فإنّ التعرّض (3) فيه هناك لطلب الخير على العموم ، وهاهنا للاستعطاف والترحّم من اللّه تعالى في سؤال الماء ؛ ليسقي الزرع والنبات ؛ لئلا يجفّ الضّرع (4).

ويستحبّ فيها : الدعاء بالمنقول في القنوت ، وبعد الفراغ ، والصوم ثلاثة أيّام متواليات : أوّلها يوم السبت ، واخرها يوم الاثنين ، أو أوّلها يوم الأربعاء ،

ص: 282


1- يقال : غار يغور غوراً إذا نضب. جمهرة اللغة 2 : 783.
2- في «م» ، «س» : الثلج.
3- بدلها في «م» ، «س» : الغرض.
4- الضرع لذات الظلف كالثدي للمرأة ، والجمع ضروع. المصباح المنير : 361.

وآخرها يوم الجمعة ؛ لكونها مظنّة الإجابة ، ولورود ذلك في طلب الحوائج. والخروج في أحد اليومين الأخيرين إلى الصحراء إلا في مكّة ، فيُستسقى في المسجد الحرام.

وتُستحبّ فيها : الجماعة ، وتجوز فُرادى ، والخروج بسكينة ووقار ، وخشوع ، وخضوع ، وإخراج الشيوخ ، والأطفال ، والعجائز ، والبهائم ، والتفريق بين الأطفال وصغار البهائم وأُمّهاتهم ، وتحويل الرداء ، بجعل ما على المَنكِب (1) الأيمن على الأيسر ، وبالعكس ، للإمام بعد الصلاة ، وبعد صعود المنبر. وتحويله ثلاث مرّات ، كما قاله جماعة (2) ، لعلّه أولى. والتكبير من الإمام مُستقبل القبلة ، والتسبيح عن يمينه ، والتهليل عن يساره ، والتحميد مُستقبل القبلة ، كلّ واحد منها مائة مرّة ، يرفع بالجميع صوته كلّ ذلك بعد تحويل الرداء.

ومُتابعة المأمومين للإمام في جميع الأذكار. فإن قصروا عن تلك الأذكار ، أتوا بغيرها. ولو قصّروا عن الجميع ، أتوا بها مُجرّدة. ومع الإمكان لا يجوز ذلك مع قصد الخصوصيّة.

ولو نُذرت ، لزم الإتيان بها على الوضع المخصوص مع الإمكان ، ولا يجب على الناس الخروج ، بل يُستحبّ لهم كما يُستحبّ ندبهم إليه ، ثمّ يخطب.

وينبغي أن يبالغ هو ومن معه في التضرّع والتوكّل والرجاء ، وتكرير الخروج لو لم يجابوا (3) عاملين العمل السابق.

ووقتها وقت صلاة العيد.

قيل : ويُكره خروج الكفّار ، وأهل الباطل من فِرق الإسلام ، والفُسّاق (4). والظاهر عدم البأس ؛ لأنّ رحمة اللّه عامّة ، إلا أنّ تبعث على ضعف عقيدة المسلمين ، وقوّة عقيدتهم.

ص: 283


1- المنكب : هو مجتمع رأس العضد والكتف ؛ لأنّه يعتمد عليه. المصباح المنير : 624.
2- كالشيخ المفيد في المقنعة : 208 ، وابن البراج في المهذّب 1 : 144 ، وسلار في المراسم : 83.
3- في «م» ، «س» : يجلب.
4- كالحلي في السرائر 1 : 325.

وإذا حصَلَ المطلوب قبل اشتغالهم بالمقدّمات ، أو بعد الشروع في الصوم ، أو بعد تمامه قبل الخروج ، أو بعده قبل الشروع في الخُطبة ، فالأقرب السقوط. ويقوى أنّه يستمرّ بعد الشروع فيها. وأمّا بعد الدخول في الصلاة فلا ينبغي التأمّل في الاستمرار.

ويُستحبّ دعاء أهل الخِصب لأهل الجَدب ، ويُشكل إتيانهم بتلك الصورة لغيرهم.

ومن دخل من المسافرين بلدهم ، يُلحق بهم. ولا بأس بانضمام أهل الخِصب على الأقوى.

ومنها : نافلة شهر رمضان

وهي : ألف ركعة : في العشرين المتقدّمة منه عشرون عشرون ؛ ثمان بعد المغرب ، واثنتى عشرة بعد العشاء ، فهذه أربعمائة.

وفي العشر الأخيرة ثلاثون ثلاثون بزيادة عشر بعد العشاء ، فهذه ثلاثمائة.

وتزيد ليالي الإفراد تسع عشرة ، والحادية والعشرون ، والثالثة والعشرون على ما وضعت فيها ثلاثمائة ، لكلّ ليلة مائة.

ولو اقتصر على مائة في الليالي الثلاث ، صلّى في كلّ جمعة من الشهر عشر ركعات : أربعاً صلاة جعفر ، واثنتين صلاة الزهراء عليها السلام ، وأربعاً صلاة عليّ عليه السلام ، وفي ليلة آخر جمعة أو جمعة من العشر الأواخر عشرين ركعة بصلاة عليّ عليه السلام ، وفي عشيّة تلك الجمعة عشرين ركعة بصلاة فاطمة عليها السلام ، وقد روي في هذه النافلة طرائق عديدة (1).

ومنها : صلاة ليلة الفِطر

وهي ركعتان : في الأُولى الحمد مرّة ، والتوحيد ألف مرّة ، وفي الثانية الحمد والتوحيد مرّة مرّة.

ص: 284


1- انظر الوسائل 5 : 243 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 10.

ومنها : صلاة يوم الغدير ؛ وهي : ركعتان قبل الزوال بنصف ساعة من ساعات الشرع ، وربّما ساوت ساعات المنجّمين ، بعد أن يغتسل قبلها (1) ، يقرأ في كلّ واحدة منهما الحمد مرّة ، وكلا من القدر والتوحيد وآية الكرسي إلى خالدون عشراً عشراً.

وتُستحبّ فيها الجماعة ، والانفراد أحوط. وأن تكون في الصحراء تحت السماء تأسّياً ، كما ذكره بعض الفقهاء (2). والخُطبة قبل الصلاة أو بعدها ، ويعرّفهم الإمام فضل اليوم. فإذا تمّت الخُطبة ، تصافحوا ، وأكّدوا الأُخوّة من الظهر إلى العتمة.

ومنها : صلاة الليالي البِيض في رجب وشعبان وشهر رمضان.

ومنها : صلاة ليلة نصف شعبان ، وهي أربع ركعات بتسليمتين ، يقرأ في كل ركعة الحمد والتوحيد مائة مرّة ، ثمّ يدعو بالمأثور ، ويعفّر.

ومنها : صلاة ليلة نصف رجب ، وهي اثنتي عشرة ، يقرأ في كلّ ركعة الحمد وسورة ، وروى سورة يس.

ومنها : صلاة ليلة المبعث ، السابعة وعشرين من رجب ، ويومها ، وهي كصلاة نصف رجب.

ومنها : صلاة الرابع وعشرين من ذي الحجّة ، وهو يوم التصدّق بالخاتم ، ويوم المباهلة. وهي بهيئة صلاة الغدير ، ووقتها وقتها ، لكن تُزاد فيها أية الكرسي إلى خالدون.

ص: 285


1- في «م» ، «س» : قبله.
2- كأبي الصلاح في الكافي في الفقه : 160.

ومنها : صلاة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وهي ركعتان ، يقرأ فيهما قائماً الحمد ، وخمس عشرة مرّة القدر ، وفي الركوع ، والرفع منه ، والسجود الأوّل ، والرفع منه ، والسجود الثاني ، والرفع منه ، في كلّ واحد منهما سورة القدر خمس عشرة مرّة ، فتكون فيهما قراءة القدر مائتي وعشراً ، فإذا سلّم عقّب بما أراد ، ثمّ انصرف ، وليس بينه وبين اللّه تعالى ذنب.

ومنها : صلاة أمير المؤمنين عليه السلام ، وهي : أربع ركعات بتسليمتين ، يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة والتوحيد خمسين مرّة.

ومنها : صلاة الزهراء عليها السلام ، وهي ركعتان ، تقرأ في الأُولى منهما بعد الحمد سورة القدر مائة مرّة ، وفي الثانية بعد الحمد التوحيد مائة مرّة. ومنهم من نسب صلاة عليّ عليه السلام إلى الزهراء عليها السلام (1) ، وبالعكس.

ومنها : صلاة جعفر الطيار

وتُسمّى صلاة الحَبوة ، وهي أربع ركعات بتسليمتين ، تقرأ في كلّ من قيام الأُولى بعد الحمد ، وسورة الزلزال ، والثانية بعد الحمد ، وسورة العاديات ، والثالثة بعده وسورة النصر ، والرابعة بعده والتوحيد خمس عشرة مرّة التسبيحات الأربع ، وهي : «سبحان اللّه ، والحمد لله ، ولا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر».

وفي كلّ من الركعات الأربع في الركوع ، والرفع منه ، والسجود الأوّل ، والرفع منه ، والسجود الثاني ، والرفع منه عشراً عشراً ، فيكون ما في جميع الركعات ثلاثمائة تسبيحة.

وفيها رُخصة بتأخير القنوت في الرابعة بعد الركوع.

ص: 286


1- الدروس 1 : 198.

ويُستحبّ الدعاء في آخر سجدة ، وبعد الفراغ بالمأثور فيهما.

وهي مُستحبّة كلّ يوم ، خصوصاً يوم الجمعة صدر النهار ؛ وفي كلّ ليلة ، خصوصاً ليلة النصف من شعبان.

وإذا كان مُستعجلاً صلاها من غير تسبيح ، ثمّ قضاه ذاهباً في حوائجه.

وإذا نسي تسبيحات ركوع أو سجود أو غيرهما قضاه في وقت آخر.

وتُداخل نافلة اللّيل ، ويجوز احتسابها منها.

وهذه الصلوات الأربع لا اختصاص لها بوقت ، غير أنّ الوقوع في الأفضل أفضل ، خصوصاً الجمعة.

(والظاهر الاكتفاء بالسور المذكورة في الثلاث المتقدّمة عن السورة المسنونة ، وعدم الاكتفاء بالأذكار المذكورة في الرابعة عن التسبيح في ركوعها وسجودها.

والأولى تقديم الأذكار على القنوت والتشهّد ، وتأخيرها عن تسبيح الركوع والسجود ، ولا يجوز تبديل الموظّف مع قصد الخصوصيّة) (1).

ومنها : صلاة الغفيلة

بين صلاة المغرب وصلاة العشاء ، أو بين الوقتين ، يقرأ في الأُولى بعد الحمد ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً ) (2) إلى آخر الآية ، وفي الثانية بعد الحمد ( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ) (3) إلى أخره.

ثمّ يرفع يديه ويقول : «اللّهم إنّي أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تفعل بي كذا وكذا ، اللّهمّ أنت وليّ نعمتي ، والقادر على طلبتي ، تعلم حاجتي ، فأسألك بحقّ محمّد وآل محمّد عليهم السلام لمّا قضيتها لي» وتُسمّي الحاجة.

ص: 287


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- الأنبياء : 87.
3- الأنعام : 59.

والأولى بل الأحوط أن تُحسب من نوافل المغرب الأربع.

ومنها : صلاة الوصيّة ، بين المغرب والعشاء ، وهي ركعتان ، يقرأ في الأُولى الحمد مرّة ، والزلزلة ثلاث عشرة مرّة ، وفي الثانية الحمد مرّة ، والتوحيد خمس عشرة مرّة. ومنها : صلاة عشر ركعات بعد المغرب ونافلتها ، وصلاة ركعتين أُخريين بكيفيّة مخصوصة.

ومنها : صلاة أربع ركعات بعد العشاء ، يُصلّي ركعتين بعدها ، يقرأ فيهما مائة آيةٍ ولا يحتسبهما ، وركعتين وهو جالس يقوم فيهما بالتوحيد والجحد ، وإن استيقظ من اللّيل صلّى صلاة اللّيل ، وإن لم يستيقظ حتّى يطلع الفجر صلّى ركعتين ، فصارت شفعاً ، واحتسب بالركعتين اللّتين صلاهما وِتراً.

ومنها : صلاة ركعتين قبل صلاة اللّيل ، يقرأ في الأُولى بعد الحمد التوحيد ، وفي الثانية الجحد.

ومنها : صلاة يوم النوروز ، وهي أربع ركعات بعد الغُسل والتطيّب ، يقرأ في الأُولى بعد الحمد القدر عشراً ، وفي الثانية بعد الحمد الجحد عشراً ، وفي الثالثة بعد الحمد التوحيد عشراً ، وفي الرابعة بعد الحمد المعوّذتين عشراً ويدعو.

ومنها : صلاة أوّل ليلة من المحرّم ، وهي مائة ركعة بالحمد ، وروي غيرها (1) ، ولها أعمال خاصّة.

ص: 288


1- انظر الوسائل 5 : 294 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 50.

ومنها : صلاة يوم عاشوراء ، وهي أربع ركعات بتسليمتين ، يقرأ في الأُولى الحمد والجحد ، وفي الثانية الحمد والتوحيد ، وفي الثالثة الحمد وسورة الأحزاب ، وفي الرابعة الحمد والمنافقين ، ولها أعمال مخصوصة.

ومنها : صلاة اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة ، يقرأ بعد الحمد : والشمس وضحيها خمس مرّات ، ويقول بعد التسليم : «لا حول ولا قوّة إلا باللّه العلي العظيم».

ومنها : صلاة عشر ذي الحجّة ، ويوم عرفة ، ولها كيفيّات مخصوصة.

ومنها : الصلاة الكاملة يوم الجمعة ، وهي أربع ركعات ، وفي كلّ ركعة الحمد عشراً والمعوّذتين ، والتوحيد ، والجحد ، وآية الكرسي عشراً عشراً ، وروى : القدر ، وشهد اللّه عشراً عشراً ، فإذا فرغ من الصلاة استغفر اللّه تعالى مائة مرّة. وقال : «سبحان اللّه ، والحمد لله ، ولا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر ، ولا حول ولا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم» مائة مرّة ، ويصلّي على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مائة مرّة (1). قيل : وهي بتسليمة واحدة.

ومنها : صلاة الأعرابي يوم الجمعة ، رواها زيد بن ثابت (2) ، وهي عشر ركعات بثلاث تسليمات ، يصلّي ركعتين بتسليمة ، يقرأ في الأُولى الحمد مرّة ، والفلق سبع مرّات ، وفي الثانية الحمد مرّة ، والناس سبع مرّات ، ثمّ يسلّم.

ص: 289


1- مصباح المتهجد : 280 ، الوسائل 5 : 57 أبواب صلاة الجمعة ب 39 ح 2.
2- مصباح المتهجد : 281 ، الوسائل 5 : 57 أبواب صلاة الجمعة ب 39 ح 3.

ويقرأ أية الكرسي سبعاً ، ثمّ يصلّي ثمان ركعات بتسليمتين ، يقرأ في كل ركعة الحمد والنصر مرّة مرّة ، والتوحيد خمساً وعشرين مرّة ، ثمّ يقول بعدها : «سبحان اللّه ربّ العرش الكريم ، لا حول ولا قوّة إلا باللّه العلي العظيم» سبعين مرّة.

ومنها : صلاة أوّل الشهر ؛ عن الرضا عليه السلام : إذا دخل شهر جديد تصلّي في أوّل يوم منه ركعتين ، تقرأ في الأُولى بعد قراءة الحمد مرّة التوحيد بعدد أيام الشهر ، وفي الثانية بعد قراءة الحمد مرّة القدر بعدد أيام الشهر ، وتتصدّق بما تيسّر ، تشتري به سلامة ذلك الشهر كلّه (1).

ومنها : صلاة كلّ ليلة من رجب وفي ليالي وأيام خاصّة منه ، ولها وظائف تذكر في محالّها.

ومنها : صلاة التطوّع في كلّ يوم ، ولها طرق مخصوصة.

ومنها : صلاة اثني عشر ركعة للخلاص من السجن ، ولها كيفيّات مخصوصة.

ومنها : صلاة كلّ ليلة من شعبان خصوصاً ليلة النصف منه ، ولها كيفيّات خاصّة تُطلب من مَظانّها.

ومنها : صلاة اثني عشر ركعة ، ليبنى له بيت في الجنّة.

ص: 290


1- مصباح المتهجد : 470 ، الإقبال : 87 ، الدروع الواقية : 3 ، الوسائل 5 : 286 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 45 ح 1. والرواية فيها عن محمّد بن علي الرضا (عليهما السلام).

ومنها : صلاة ركعتين في أيّ وقت شاء ، يقرأ فيهما بعد الفاتحة التوحيد ستّين مرّة ؛ لتُغفر ذنوبه.

ومنها : صلاة من غَفَلَ عن صلاة اللّيل ، وهي عشر ركعات ، يقرأ في الأُولى الحمد والم تنزيل ، وفي الثانية الحمد ويس ، وفي الثالثة الحمد والرحمن ، وفي الرابعة الحمد واقترب ، وفي الخامسة الحمد والواقعة ، وفي السادسة الحمد وتبارك الذي بيده الملك ، وفي السابعة الحمد والمرسلات ، وفي الثامنة الحمد وعمّ ، وفي التاسعة الحمد وكوّرت ، وفي العاشرة الحمد والفجر.

ومنها : صلاة التطوّع في كلّ يوم قبل الزوال بأربع ركعات ، يقرأ في كلّ ركعة : الحمد والقدر خمساً وعشرين مرّة ، حتّى لا يمرض إلا مرض الموت.

ومنها : صلاة الاستطعام ، روي : أنّ من جاع فليتوضّأ ، وليصلّي ركعتين ، ويقول : يا ربّ إنّي جائع فأطعمني (1).

ومنها : صلاة الحاجة ، وهي ركعتان بلا صوم ، أو مع صوم ثلاثة أيّام. ولو فعل بعض العبادات قبلها لترتّب الأثر ، فلا بأس. فإن صامَ ثلاثة أيام ، فالأولى أن يكون آخرها الجمعة ، ورويت كيفيّتها بأنحاء شتّى ، ولا وقتَ لها (2).

وتُستحب متى عرضت الحاجة في ليل أو نهار. ولو ظهر في أثنائها قضاء الحاجة أو فواتها أتمّها ، وكانت من النوافل المبتدأة.

ص: 291


1- الكافي 3 : 475 ح 6 ، التهذيب 2 : 237 ح 939 ، وح 3 : 312 ح 968 ، مكارم الأخلاق : 336 ، الوسائل 5 : 253 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 25 ح 1.
2- انظر الوسائل 5 : 255 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 28.

ومنها : صلاة الشكر عند تجدّد النعمة ، وهي ركعتان ، يقرأ في الأُولى منهما الحمد والتوحيد ، وفي الثانية الحمد والجحد ، ويقول في ركوع الأُولى : «الحمد لله شكراً وحمداً» وفي ركوع الثانية : «الحمدُ لله الذي استجاب دعائي ، وأعطاني مسألتي».

ومنها : صلاة لبس الجديد من اللباس ، وهي ركعتان ، يقرأ فيهما الحمد ، وآية الكرسي ، والتوحيد ، والقدر ، ويحمد اللّه الذي ستر عورته ، وزيّنه بين الناس ، ويكثر من قول : «لا حول ولا قوّة إلا باللّه».

ومنها : صلاة الزيارة للنّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، أو الأئمّة عليهم السلام ، أو الشهداء. ولو أتى بها برسم الهديّة لجميع أموات المؤمنين ، فلا بأس.

ومنها : صلاة الإحرام لحجّ أو عُمرة.

ومنها : صلاة التحيّة لدخول المساجد بأقسامها. وفي لحوق العتبات العاليات بها وجه.

ومنها : صلاة المهمّات ، وهي أربع ركعات ، تقرأ في الأُولى بعد الحمد ( حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) (1) سبع مرّات ، وفي الثانية بعد الحمد ( ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلّا بِاللّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً ) (2) سبع مرّات ، وفي الثالثة بعد الحمد ( لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ ) (3) سبع مرّات ، وفي الرابعة بعد الحمد :

ص: 292


1- آل عمران : 173.
2- الكهف : 39.
3- الأنبياء : 87.

( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ ) (1) سبع مرّات ، ثمّ يسأل حاجته.

ومنها : صلاة الانتصار على الظالم ؛ بعد الغُسل ، تصلّي ركعتين في مكان بارز إلى السماء ، وتقول : «اللّهم إنّ فلان بن فلان قد ظلمني ، وليس لي أحد أصول به غيرك ، فاستوفي ظلامتي الساعة الساعة» حتّى يرى ما يحب.

ومنها : صلاة مَن عسر عليه أمر ، وهي ركعتان ، يقرأ في الأُولى بعد الفاتحة التوحيد ، و ( إِنّا فَتَحْنا ) إلى قوله ( وَيَنْصُرَكَ اللّهُ نَصْراً عَزِيزاً ) (2) ، وفي الثانية بعد الحمد ألم نشرح ، وقد جرّبت.

ومنها : صلاة الذكاء ، وجَودة الحِفظ ، ولها كيفيّة مخصوصة ، وهي ركعتان في أوّلها الحمد والتوحيد خمسين مرّة ، وفي الثانية كذلك ، وبعد السلام يصلّي على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ثمّ يرفع يديه ، ويدعو بالدعاء المأثور.

ومنها : صلاة دفع الأمر المخوف ، وهي ركعتان ، يقرأ في الأُولى بعد الحمد التوحيد خمسين مرّة ، وفي الثانية كذلك ، وبعد السلام يصلّي على النبيّ صلى اللّه عليه وآله ، ثمّ يرفع يديه ، ويدعو بالدعاء المأثور.

ومنها : صلاة الرزق ، وهي ركعتان ، يقرأ في الأُولى منهما بعد الحمد الكوثر ثلاث مرّات ، وفي الثانية بعد الحمد المعوّذتين كلّ واحدة منهما ثلاث مرّات ، وروى : أربع ركعات (3) ، ولها كيفيّات خاصة ، وفي خصوص يوم الجمعة لها عمل مخصوص.

ص: 293


1- غافر : 44.
2- الفتح : 1 - 3.
3- الكافي 3 : 475 ح 5 ، الوسائل 5 : 352 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 22 ح 5.

ومنها : صلاة دفع شرّ السلطان ، وهي ركعتان ، يقرأ بعد الحمد في الأُولى منهما أية الكرسي ، وفي الثانية بعد الحمد ( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً ) (1) إلى آخر سورة الحشر ، ويأخذ المصحف ، ويضعه على رأسه ، ويأتي بالدعاء المخصوص.

ومنها : صلاة إرادة السفر ، وهي ركعتان ، يقرأ فيهما ما شاء ، ولها دعاء مخصوص.

ومنها : الصلاة مع الصيام ، والدعاء ، وهي أربع ركعات ، لها أطوار خاصة.

ومنها : صلاة أُمّ المريض ؛ لتدعو له بالشفاء ، تصعد فوق البيت ، ثمّ تبرز إلى السماء وتصلّي ركعتين ، فإذا سلّمت قالت : «اللّهم إنّك وهبته لي ، ولم يكُ شيئاً ، اللّهم أستوهبك مُبتدئاً ، فأعرنيه» (2) مجرّب.

ومنها : صلاة خوف المكروه ، وحدوث الغمّ ، والوارد مُطلق الصلاة ، ولبس ثوبين غليظين فيها ، والجثو على الركبتين ، والصراخ إلى اللّه تعالى ، وسؤال الجنة ، والتعوّذ من شرّ الذي يخافه. وروي مجرّد دخول المسجد ، وصلاة ركعتين من دون شي ء سوى الدعاء فيهما (3).

ومنها : صلاة الخلاص من السجن.

ومنها : صلاة دفع خوف العدو ، والدعاء عليه ، يصلّي ركعتين ، يقرأ فيهما ما شاء ، ثمّ يدعو بالمأثور (4).

ص: 294


1- الحشر : 21.
2- الكافي 3 : 478 ح 6 ، التهذيب 3 : 313 ح 970 ، الوسائل 5 : 262 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 30 ح 1.
3- مجمع البيان 1 : 100 ، الوسائل 5 : 263 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 31 ح 3.
4- انظر الوسائل 5 : 265 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 33.

منها : صلاة إرادة التزويج ، وهي ركعتان ، يقرأ فيهما ما شاء ، ثمّ يدعو بالمأثور (1).

(ومنها : صلاة وقت الدخول ، وهي ركعتان يقرأ فيهما ما يشاء ، ثمّ الدعاء) (2).

ومنها : صلاة الطالب للحمل ، وهي ركعتان ، يقرأ فيهما ما يشاء ، ثمّ الدعاء.

ومنها : صلاة قضاء الدين والتوسعة على العيال ، وهي ركعتان ، تقول بعدهما : «يا ماجد يا واحد يا كريم ، أتوجّه إليك بمحمّد نبيّك نبي الرحمة ، يا محمّد ، يا رسول اللّه ، إنّي أتوجّه بك إلى اللّه ، ربّك وربّ كلّ شي ء ، أن تصلّي على محمّد وعلى أهل بيته ، وأسألك نفحة من نفحاتك ، وفتحاً يسيراً ، ورزقاً واسعاً ، ألمّ به شعثي ، وأقضي به ديني ، وأستعين به على عيالي» (3).

ومنها : صلاة الهدية للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والأئمّة عليهم السلام ، ولها كيفيّات مخصوصة.

(ومنها : صلوات الأئمّة ، فإنّ لهم صلوات اللّه عليهم صلوات مخصوصة ، ولها أوضاع مخصوصة.

ومنها : صلوات الأُسبوع ، لكلّ يوم صلاة مخصوصة ، ولها كيفيّات مخصوصة) (4).

ومنها : صلاة ليلة الدفن للميّت ، وهي ركعتان ، يقرأ في أوّلهما الحمد وآية الكرسيّ ، وفي الثانية الحمد والقدر عشر مرّات ، فإذا سلّم قال : «اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، وابعث ثوابها إلى قبر فلان».

وفي رواية أُخرى : بعد الحمد التوحيد مرّتين في الأُولى ، وفي الثانية بعد الحمد التكاثُر عشراً ، ثمّ تدعو بذلك الدعاء ، والصلوات الموظّفات كثيرة ، تُطلب من مظانّها.

ص: 295


1- انظر الوسائل 5 : 267 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 36.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- الكافي 3 : 473 ح 2 ، التهذيب 2 : 311 ح 966 ، الوسائل 5 : 252 أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب 23 ح 1
4- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ومنها : صلاة الاستخارة وللاستخارة ضروب كثيرة :

الأوّل : استخارة الرقاع ، وهي أقسام :

منها : أن يأخذ ستّة رقاع ، فيكتب في ثلاث منها : «بسم اللّه الرحمن الرحيم ، خيرة من اللّه العزير الحكيم لفلان بن فلانة ، افعل» ، وفي ثلاث منها بدل افعل «لا تفعل» ، ثمّ يضعها تحت مصه ، ثمّ يصلّي ركعتين ، فإذا فرغ سجد سجدة ، وقال فيها مائة مرّة : «أستخير اللّه برحمته ، خيرة في عافية» ، ثمّ يستوي جالساً ، فيقول : «اللّهمّ خِر لي ، واختر لي في جميع أُموري ، في يُسرٍ منك وعافية» ثمّ يضرب بيده إلى الرقاع ، فيشوّشها ، ويخرج واحدة واحدة ، فإن خرج في ثلاث متواليات «افعل» فليفعل ما يريد. ، وإن خرج في ثلاث متواليات «لا تفعل» فلا يفعل ، وإن خرجت واحدة «افعل» ، والأُخرى «لا تفعل» فليخرج من الرقاع إلى خمس ، وليعمل على أكثرها ، ويَدَع السادسة ، وهي أفضل الضروب والأقسام.

ومنها : أن يقصد مشاورة ربّه ، وينوي الحاجة في نفسه ، ثمّ يكتب رقعتين ، في واحدة «لا» ، وفي واحدة «نعم» ، ويجعلها في بندقتين من طين ، ثمّ يصلّي ركعتين ، ويجعلهما تحت ذيله ، ويقول : «يا اللّه ، إنّي أُشاورك في أمري هذا ، وأنت خير مُستشار ومُشير ، فأشر عليّ بما فيه صلاح وحُسن عاقبة» ثمّ يدخل يده ، فإن كان فيها «نعم» فليفعل ، وإن كان فيها «لا» لا يفعل.

ومنها : أنّه إذا همّ بأمر ، أسبَغَ الوضوء ، وصلّى ركعتين ، يقرأ في كلّ ركعة الحمد ، وقل هو اللّه أحد مائة مرّة ، فإذا سلّم رفع يديه بالدعاء ، وقال في دعائه : «يا كاشف الكرب يا مُفرج الهمّ» إلى أخره ، ويُكثر الصلاة على محمّد وآل محمّد ، ويكون معه ثلاث رقاع على قدرٍ واحد ، وهيئة واحدة.

ويكتب على رقعتين منها : «اللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» إلى أخره ، ويكتب في ظهر إحداهما : «افعل» وعلى ظهر الأُخرى : «لا تفعل» وعلى الثالثة : «لا حول ولا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم» إلى أخره ، ولا يكتب عليه أمر ، ولا نهي ، ويطوي

ص: 296

الرقاع طيّاً شديداً على صورة واحدة ، وتجعل في ثلاث بَنادق شَمع أو طين على هيئة واحدة ، ووزان واحد.

ثمّ يضعها في يد أحدٍ يَثِقُ به ، ويأمره أن يذكر اللّه ، ويصلّي على محمّد وآله ، إن لم يكن باشر بنفسه ، ثمّ يأتي ببعض الأعمال ، ثمّ تُجال الرقاع ، وتعطى بيد المستخير ، فإن خرجت «افعل» فعل ، وإن خرجت «لا تفعل» فلا يفعل ، وإن خرجت خالية أعاد ، ولهذا العمل توابع تُطلب من المطوّلات ؛. (1)

ومنها : أن يعمل عمل هذه الاستخارة ، ويجعلها في رقعتين على ذلك النحو من الوزن والهيئة ، وذكر «افعل» و «لا تفعل» ثمّ يضعهما في إناء فيه ماء ، وفيهما كتابة مذكورة في المطوّلات (2).

ومنها : أن يكتب في رقعتين : «خيرة من اللّه ورسوله لفلان بن فلان» ويكتب في إحداهما : «افعل» وفي الأُخرى : «لا تفعل» وتترك في بندقتين من طين ، وتُرمى في قدح فيه ماء ، يتطهّر ، ويصلّي ، ويدعو عقيبهما : «اللّهمّ إنّي أستخيرك خيار من فوّض إليك أمره» ثمّ يذكر الدعاء السابق ، ثمّ يسجد ، ويقول فيها : «أستخير اللّه خيرة في عافية» مائة مرّة ، ثمّ يرفع رأسه ، ويخرج البنادق ، ويعمل بمقتضاها.

الضرب الثاني : أن يستخير في آخر سجدة من ركعتي الفجر مائة مرّة ، ومرّة ، ويحمد اللّه ، ويصلّي على النبي وآله صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وليتمّ المائة والواحدة.

الضرب الثالث : أن يستخير اللّه في آخر ركعة من صلاة اللّيل ، وهو ساجد مائة مرّة ، ومرّة ، ويقول : «أستخير اللّه برحمته ، أستخير اللّه برحمته ، أستخير اللّه برحمته».

الرابع : أن يسجد عقيب المكتوبة ويقول : «اللّهمّ خِر لي» مائة مرّة ، قال

ص: 297


1- انظر فتح الأبواب : 286 ، والوسائل 5 : 208 أبواب صلاة الاستخارة ب 2.
2- فتح الأبواب : 161 ، الوسائل 5 : 209 أبواب صلاة الاستخارة ب 2 ح 2.

عليه السلام ثمّ يتوسّل بنا ، ويصلّي علينا ، ويستشفع بنا ، ثمّ ينظر ما يلهمه اللّه ، فيفعله ، فهو الذي أشار عليك به (1). الخامس : أن يطلب الخيرة من اللّه ، ثمّ يشاور فيه ، فالخيرة فيما أجراه على لسان المُشير.

السادس : أن يطلب الخيرة ، ويسأل اللّه أن يوفّق له الخير ، ويصرف عنه الشرّ ، ويصرفه عن الشرّ ، فيكون ذلك إن شاء اللّه تعالى.

السابع : أن يستخير اللّه تعالى ، ويدعو ، فما وقع في قلبه ، ففيه الخيرة ، وهذه يقول فيها : «أستخير اللّه» مائة مرّة ، وسبعين مرّة ، وسبع مرّات ، وثلاث مرّات ، ويزيد ويُبعّض باعتبار المطالب.

الثامن : ما يقع في نظره إذا قام إلى الصلاة.

التاسع : فتح المصحف ، والنظر إلى أوّل ما يرى فيه ، فيأخذ به.

العاشر : قبض السبحة الحسينيّة ، ويضمر إن كان زوجاً فهي حسنة ، وإن خرجت فرداً فلا ، أو بالعكس ، ولها قراءة ودعاء (2).

الحادي عشر : أن يقبض كفّاً من الحصى ، ويضمر على نحو ما في السبحة.

الثاني عشر : الاستخارة بعد الصلاة ، والصيام ، والصدقة ، والأولى في الصوم صوم الثلاثاء ، والأربعاء ، والخميس ، والاستخارة يوم الجمعة ، ولها أعمال خاصّة (3).

والمستفاد من مجموع الروايات : أنّه لا يتعيّن فيها صلاة ، ولا دعاء ، ولا قراءة ولا ذكر ، ولا رقاع ، ولا قران ، ولا سبحة ، ولا عدد ، وإنّما هي بمنزلة الدعاء في أن يخير له ، ويدفع عنه الشر ، من غير بيان ، أو مع البيان في القلب ، أو مع البيان في المصحف ، أو السبحة ، أو الحصى ، أو الأعواد ، أو الحبوب ، أو بملاقاة شي ء ، أو

ص: 298


1- أمالي الطوسي 1 : 281 ، الوسائل 5 : 213 أبواب صلاة الاستخارة ب 4 ح 3 ، وانظر المستدرك الوسائل 6 : 254 أبواب صلاة الاستخارة ب 3 ح 1.
2- انظر الذكرى : 253 ، والوسائل 5 : 219 أبواب صلاة الاستخارة ب 8 ح 1.
3- فتح الأبواب : 42 ، البحار 91 : 278 ح 28 ، الوسائل 5 : 207 أبواب صلاة الاستخارة ب 1 ح 11.

مصادفته ، أو غير ذلك.

وينبغي تعمّد أقوى أسباب القُربة ذاتاً أو كثرة في الأُمور العظام ، وكلّ شي ء على مقداره.

ولا بدّ من بيان أُمور :

منها : أنّها مستحبّة حتّى بالنسبة إلى الأعمال المندوبة ، فقد روي عن أحدهم عليهم السلام أنّه قال : «صلّ ركعتين واستخر اللّه تعالى ، فواللّه ما استخار اللّه مسلم ، إلا خارَ اللّه تعالى له البتة» (1).

وأنّه مَن استخار اللّه راضياً بما صنع اللّه ، خارَ اللّه له حتماً (2).

وأنّه ما استخار اللّه عبد قط في أمره مائة مرّة عند رأس الحسين عليه السلام فيحمد اللّه تعالى ، ويثني عليه ، إلا رماه اللّه تعالى بخير الأمرين (3). و «أنّ الاستخارة في كلّ ركعة من الزوال» (4).

وفي وصيّة النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام ما خاب من استخار ، ولا ندمَ من استشار (5) ، وروى : أنّه عليه السلام استخار على الحجّ (6).

ومنها : أنّه لا يجب العمل بها إلا مع احتمال وقوع مفاسد عظيمة ، وحصول التجربة المؤدية إلى حصول المظنّة.

ومنها : أنّه لا بأس بالتوكيل عليها كسائر التوكيلات.

ومنها : أنّه لا بأس بتغاير القابض ، والعادّ ، والكاشف ، والقارئ.

ومنها : أنّه إذا استخار مقيّداً بوقت ، كانت له الإعادة ، (7) وإلا فلا.

ص: 299


1- الكافي 3 : 470 ح 1 ، التهذيب 3 : 179 ح 407 ، الوسائل 5 : 204 أبواب صلاة الاستخارة ب 1 ح 1.
2- الكافي 8 : 241 ح 330 ، المحاسن : 598 ح 1 ، الوسائل 5 : 204 أبواب صلاة الاستخارة ب 1 ح 2.
3- فتح الأبواب : 240 ، الوسائل 5 : 220 أبواب صلاة الاستخارة ب 9 ح 1.
4- فتح الأبواب : 260 ، الوسائل 5 : 220 أبواب صلاة الاستخارة ب 10 ح 1 ، 2.
5- أمالي الطوسي : 136 ح 220 ، الوسائل 5 : 216 أبواب صلاة الاستخارة ب 5 ح 11.
6- الكافي 3 : 470 ح 2 ، المحاسن 600 ح 11 ، فتح الأبواب : 157.
7- في «ح» زيادة : بعد مضيّه.

ومنها : أنّه لو استخار على الفعل والترك ، فلا مانع.

ومنها : أنّه لا بأس بالاستخارة على ترك مندوب أو فعل مكروه مع الشكّ في بقاء الرجحان.

ومنها : أنّه ينبغي أن يكون على أفضل الأحوال ، من طهارة بقسميها ، وشرف زمان ، ومكان ، واستقبال ، ونحوها ، ووقوعها بعد العبادات ، ويختلف حالها باختلافها واختلاف مُباشريها.

ومنها : أنّها لا مانع من أن تكون مشروطة ومطلقة ، ولا مانع من الاستخارة على الاستخارة والاستشارة ، والاستشارة على الاستشارة والاستخارة.

ومنها : أنّ الاستخارة على مجموع أشياء لا تنافي الاستخارة على الآحاد (1) ، بخلاف الجميع.

ومنها : أنّ قوّة التوكّل والاعتماد قد يُكتفى بها عن الاستخارة.

ومنها : أنّه لو استخار جماعة على فعل فخرجت نهياً ، فلهم الاستخارة على الآحاد ، وإذا خرجت نهياً عن استقلال الآحاد ، صحّت الاستخارة على مجموع الآحاد.

البحث الثاني : في أحكام النوافل

وفيها مباحث :

الأوّل : أنّه لا بحث في جواز بل استحباب مزاحمة الرواتب من النوافل في الأوقات الموظّفة لها فرائضها مع توسعتها ، وكذا غير فرائض الرواتب (2) ، أصليّة أو تحمّليّة ، بمعارضة أو تبرعيّة.

وما روي ممّا يخالفه معارض بما يخالفه (3) ، مع اعتضاده بالإطلاقات ، وعدم خلوّ

ص: 300


1- في «س» ، «م» زيادة : نهي أو أمر.
2- في «ح» زيادة : والرواتب من مقضيات.
3- انظر الوسائل 3 : 164 أبواب المواقيت ب 35.

أكثر المكلّفين عن شُغل الذمّة بالفرائض ، مع خلوّ الخطب والمواعظ عن الإشارة إلى ذلك.

وأمّا مع ضيق الفريضة فلا كلام في حُرمة التأخير ، وعليه ينزّل كثير من الأخبار المانعة.

وأمّا الحكم بفساد النافلة ، فهو الأقوى ، لأمن جهة النهي عن الضدّ الخاص ، بل لأنّ الذي يظهر من تتبّع الأخبار أنّ التعارض بين العبادتين المتجانستين مع ضيق إحداهما دون الأُخرى يقتضي فساد الأُخرى إذا فعلت ، بخلاف غير المجانسة ، وفي خصوص الصلاة يظهر ذلك ، وعليه ينزّل أكثر أخبار منع التطوّع وقت الفريضة.

وأمّا تعارض الفاضل والمفضول من السنن مع الضيق والسعة ، فلا يؤثّر فساداً في شي ء منها.

المبحث الثاني : في أنّ ما يتعلّق بها من الآداب الخارجة ، ممّا (1) يتعلّق بالأزمنة والأمكنة ، [إنّما هو من المكمّلات] حتّى الأغسال المستحبّة ، والدعوات ، والأذكار ، ونزاهة المكان ، والثياب من القذارات ، ونحوها من الاداب ، إنّما هو من المكمّلات ، وليس من الشرائط اللازمات.

وهذا يجري في جميع المندوبات ، كالزيارات ونحوها ، فغسل زيارة الجامعة ، وتكبيراتها ، وأغسال الزيارات مطلقاً ، وصلواتها ، وأعمال زيارة عاشوراء ووظائفها ، ووظائف جميع العبادات من المحسّنات ، كما يظهر من اختلاف الروايات إلا ما قام الدليل على خلافه. ولو ترك فعلاً أو قولاً أو نقص عدداً ، لم يكن بأس.

المبحث الثالث : لو دار الأمر بين فعل مكروه الصلاة باعتبار زمان أو مكان أو لباس أو غيرها وتركها ، ترجّح فعلها.

ص: 301


1- في «م» ، «س» زيادة : لا.

ومثل ذلك يجري في كلّ سنّة قويت على كراهة ، كلبس السواد حُزناً على فقد الأنبياء والأئمّة عليهم السلام ، خصوصاً سيّد الشهداء عليه السلام. وربّما يسري إلى العلماء والصلحاء. وكمسجد أو روضة اتّخذت مقبرة.

ولو دار بين أقسام المكروهات المختلفة الجنس ، كمكروه الزمان والمكان واللباس ؛ أو المختلفة النوع ، كالدوران بين الحمام والمقابر ، أو بين الطلوع والغروب ، وبين اللّباس الأسود الغليظ ، والأبيض الصفيق ؛ أو الصنف ، كبعض السواد مع بعض ، والمقابر والحمّامات كذلك ، فينبغي ملاحظة الشدّة والضعف في أسباب الكراهة ، كما في تعارض السنن من جهة المسجديّة وغيرها ، وفي هذا المقام مباحث جليلة.

المبحث الرابع : في أنّ التبعيض والجمع يقتضي تبعيض الحكم ، سواء كان بين المستحبّ والخالي عن الاستحباب ، أو المستحبين ، أو المكروه والخالي عن الكراهة ، أو المكروهين ، أو المستحبّ والمكروه ، كصلاةٍ نصفها قبل وقف المسجد ونصف بعده ، أو صلّى في المسجد بعض الصلاة أو في غيره ، ثمّ تخطّى قليلاً ، فأتمّ في غيره.

أو تبعّض بدنه قائماً أو جالساً أو مضطجعاً بينهما.

أو صلّى بين مسجدين في الفضل مُختلفين ، أو مقبرة أو أرض خسف ونحوهما بجنب الخالي عنهما ، أو أحدهما بجنب صاحبه ، أو بجنب مسجد ، ويجري في الجميع ما جرى في الأوّل.

ويجري مثل ذلك في فعل الصلاة بلباسين ، أو بواحدٍ مُشتملةٍ أبعاضه على صفيق ، وفي الوقتين المختلفين ، فيلحظ في تقدير الاستحباب والكراهة ، وشدّتهما وضعفهما مقدار سببهما كمّاً أو قوّة وضعفاً ، وعلى الفقيه أن يلحظ الميزان في مثل هذا المكان.

المبحث الخامس : في أنّه يجوز لكلّ من المجتهدين والأعوام الرجوع إلى الروايات من دون فرق بين ضعيفها وغيره ، وإلى المجتهدين من الأحياء والأموات ، مع الرجوع إليهم قبل الموت وبعده ، عن شفاهٍ أو بواسطةٍ حيث يمكن ، أو كتاب.

ص: 302

والظاهر عدم اشتراط الاعتماد على الكتاب ، ولا على صاحبه ، ويكفي مجرّد معرفة إماميّته في أمر النوافل ، بل جميع السنن ، ممّا علم أصله وجهلت خصوصيّته ، من صلوات موافقة للهيئات المعلومة دون مثل صلاة الأعرابي أو ذكر ، أو دعوات ، أو قراءة ، أو تعقيبات ، بحسب الزمان أو المكان أو الوضع أو العدد ، ونحوها ، مع الأمن من التحريم والكراهة ، والدوران بين الأحكام الثلاثة.

وبذلك يكون مُستحبّاً شرعيّاً ؛ لأنّ الاحتياط في أمر السنن حجّة في ثبوتها ، كما أنّ الاحتياط في الواجبات كذلك. وأيّ دليل أقوى من دليل العقل وعموم الاحتياط وقضاء السيرة كما لا يخفى على ذي بصيرة.

المبحث السادس : في أنّه إذا دار الأمر بين أداء ما لها قضاء على أخسّ الأحوال ، وبين القضاء على أحسن الأحوال ، من قيام وقراءة سورة ونحو ذلك ، قدّم الأداء.

ولو دار الأمر بين الإتيان بمحسّنات القراءة من تمهّل وترسّل ووقف ، وبين نقص السورة كلا أو بعضاً ، وكذا بين الإتيان بالتسبيحات عوض القراءة أو في الركوع أو السجود مثلاً وقفاً وترتيلاً مع النقص في العدد ، وبين الإتمام ، رجّح الإتمام.

ويجري مثله في الإتيان بواحد من الأذان والإقامة مع المحافظة على السنن ، وبين الإتيان بهما معاً بدون ذلك.

المبحث السابع : في أنّ إخراجها إلى صفة الوجوب لتحصيل زيادة فضيلة الواجب لا رُجحان فيه ؛ لمنع رجحانيّة الواجب على المندوب في الثواب مطلقاً ؛ ولأنّه لو كان الحال على ذلك لم يخف على الأنبياء والعلماء ، ولذهبت السنن من الشريعة غالباً.

المبحث الثامن : في أنّه لا يجوز قطع النافلة ، فيحرم القطع بتحريمها ، ويحلّ

ص: 303

بتحليلها ، كما في الفريضة الموسّعة ، فيجوز فيها لمعارضة فريضة مضيّقة ، أو خوف ضررٍ على نفسٍ محترمة أو مالٍ أو عرضٍ. ولو أمكن الإتمام ذاهباً راكباً أو ماشياً ، أتمّ ، ويقطع لخوف فوت الجماعة.

المبحث التاسع : في أنّ الأوقات متساوية في ذوات الأسباب ، والكراهة مخصوصة بالنوافل المبتدأة ، فلا كراهة في مقضيّة ، ولا صلاة زيارة ، ولا تحيّة ، ولا غيرها من ذوات الأسباب.

المبحث العاشر : في أنّ النافلة إن صلاها من قيام فلا تضعّف ، وإن صلاها من جلوس ضعّفها ، واحتسب الركعتين بركعة استحباباً. ولو صلّى من جلوس فقام للرّكوع ، احتُسب له بصلاة القائم.

المبحث الحادي عشر : في أنّ الفرائض من توجّه ودعاء وتكبيرات وتكريرات وتسليمات وتعقيبات جارية في النوافل ؛ لأنّ المطلق إذا تعلّق به خطاب ، ثمّ بيّن أحد أقسامه ، ظهر من ذلك المساواة بينها ، سوى ما استثني.

المبحث الثاني عشر : في أنّه لا قضاء في غير الرواتب منها ، ولا في شي ء من العبادات ممّا لا نصّ على قضائه.

ولا ترتيب في قضاء ما يقضى منها.

المبحث الثالث عشر : في أنّه تجوز النيابة فيها عن الأموات ، قضاءً وأداءً ، تبرعاً وبعِوَض ، ولا تجوز عن الأحياء مطلقاً ، إلا فيما استثني ، كصلاة الزيارة ، والإحرام ، والطواف المستحبّ ، مُنضمّة ومع الانفراد ، في وجهٍ قوي.

المبحث الرابع عشر : في أنّه يحرم الإتيان بكلّ تطوّع من العبادات بالمعنى الأخصّ

ص: 304

مع منع المولى وأحد الوالدين. ومع الجهل لا يجب الفحص (إلا فيما ينافي خدمة المولى) (1).

المبحث الثاني عشر : في صلاة الجماعة

اشارة

وفيها أبحاث :

الأوّل : في بيان حكمها

وهي شرط في الجمعة ، وواجبة فيها تعييناً في مقام التعيين ، وتخييراً في مقام التخيير.

وتجب في صلاة العيدين مع شروط عينيّة الجمعة (وعلى من لا يدري كيفيّة صلاة المنفرد ، ومن الزم بمعاوضة أو نذر أو نحوهما) (2) ومع الخلوّ عن الشروط لا تجب فيها ، كما لا تجب في زمان الغيبة وما أشبهها ، والظاهر استحبابها.

ولا تجوز في النوافل الأصليّة سوى صلاة الاستسقاء ، وفي صلاة الغدير قول (3) ، وإن وجبت بالعارض لعقد معاوضةٍ أو لنذرٍ ونحوه.

وتُستحبّ ما لم تجب لذلك في الفرائض اليوميّة ، وصلاة الآيات ، وإن استحبّت بالعارض كإعادة مُستحبة مع الإمام ، أو لاحتياط فيها أو في قضائها ، وفي صلاة الجنازة.

ويؤم الرجال مثلهم ، والنساء ، والمشتبه بينها وبينهم ، صغاراً وكباراً.

ولا يؤم النساء سوى النساء ، لا في الاستدامة كما إذا عرضَ للإمام عارض ولا في الابتداء ، وإن استحبّت لتكريرها ، أو لكونها صلاة جنازة على صغير لم يبلغ الستّ.

ص: 305


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
3- الكافي في الفقه : 160.

وتصحّ ، بل تستحبّ صلاة كلّ من المفترض والمتنفّل بالعارض دون مثل الاستسقاء خلف الأخر في صورة الجواز مع المماثلة.

ونقصان القراءة في صلاة الأجير لا تقضي بنقصان ، ولا تقضي بعدم الوفاء بالصلاة مع النذر مثلاً أو المعاوضة.

واختلاف الفرضين مع المساواة في الهيئة وإن اختلفتا بالكم كرباعيّة من الفرائض اليوميّة وثلاثيّة وثنائيّة لا مانع منه ، بخلاف مُختلفَي الهيئة ، كيوميّة أدائيّة أو مقضيّة ، مع آئيّة أو عيديّة ، أو إحدى الأخيرتين مع الأُخرى.

وفي اليوميّة مع الجمعة لمن لم يتعيّن عليه بالحضور لو قلنا به وجهان : أقربهما المنع.

ولو نوى بزعم أن الإمام مُفترض أو مُماثل ، فظهر الخلاف ، انعقدت صلاته مُنفرداً على إشكال.

ولو نذر الجماعة في الصلاة مثلاً ، عصى بترك الصفة ، وكفّر له إن صلّى ، وإلا فلا معصية ولا كفّارة.

ولو علّق النذر بالصلاة جماعة ، عصى بترك الصفة والموصوف معاً ، وبترك الصفة وحدها ، وتلزمه كفّارة واحدة ، ويصحّ الموصوف في المقامين إن لم يترتّب تشريع في البين.

البحث الثاني : في بيان مقدار فضلها

ولها فضل عظيم ، وأجر جسيم. وروى : أنّ الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة ، تكون بخمسة وعشرين صلاة (1) ، وأنّ من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علّة فلا صلاة له (2).

وأنّ صفوف الجماعة كصفوف الملائكة ، والركعة في الجماعة أربعة وعشرون

ص: 306


1- التهذيب 3 : 25 ح 85 ، ثواب الأعمال 59 ح 1 ، الوسائل 5 : 371 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 1.
2- الكافي 3 : 372 ح 6 ، التهذيب 3 : 24 ح 83 ، الوسائل 5 : 371 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 2.

ركعة ، كلّ ركعة أحبّ إلى اللّه تعالى من عبادة أربعين سنة (1). وأنّ من حافظ على الجماعة حيث كان ، مرّ على الصراط كالبرق الخاطف اللامع في أوّل زمرة مع السابقين ، ووجهه أضوأ من القمر ليلة البدر ، وكان له بكلّ يوم وليلة حافظ عليها ثواب شهيد (2).

وأنّ من صلّى الفجر في جماعة ، ثمّ جلس يذكر اللّه تعالى حتى تطلع الشمس ، كان له في الفردوس سبعون درجة ، بُعد ما بين كلّ درجتين كحضر الفرس الجواد المضمر سبعين سنة.

ومن صلّى الظهر في جماعة ، كان له في جنّات عدن خمسون درجة ، بُعد ما بيّن كلّ درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة.

ومن صلّى العصر في جماعة ، كان له كأجر من أعتق ثمانية من ولد إسماعيل عليه السلام.

ومن صلّى المغرب في جماعة ، كان له كحجّة مبرورة ، وعمرة مقبولة.

ومن صلّى العشاء في جماعة ، كان له كليلة القدر (3).

وأن من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة ، كان له بكلّ خطوة سبعون ألف حسنة ، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك.

وأنّ من مات وهو على ذلك ، وَكّلَ اللّه به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ، ويبشّرونه ويؤنسونه في وحدته ، ويستغفرون له حتّى يبعث (4).

وأنّ اللّه يستحيي من عبده إذا صلّى في جماعة ، ثمّ سأله حاجته أن ينصرف حتّى يقضيها (5).

ص: 307


1- أمالي الصدوق : 163 ح 1 ، الوسائل 5 : 372 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 10.
2- عقاب الأعمال : 343 ، الوسائل 5 : 387 أبواب صلاة الجماعة ب 8 ح 4.
3- أمالي الصدوق : 63 ح 1 ، الوسائل 5 : 373 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 11.
4- الفقيه 4 : 10 ح 1 ، الوسائل 5 : 372 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 7.
5- تنبيه الخواطر 1 : 4 ، الوسائل 5 : 374 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 15.

وأنّ فضل الجماعة على الفرد ألفا ركعة (1).

وفي الروضة : أنّ الصلاة الواحدة جماعة تعدل خمساً أو سبعاً وعشرين صلاة مع غير العالم ، ومعه ألفاً ، ولو وقعت في مسجد تضاعف بمضروب عدده في عددها ، ففي الجامع غير العالم ألفان وسبعمائة ، ومعه مائة ألف ، وروى : أنّ ذلك مع اتحاد المأموم ، فلو تعدّد ، تضاعف بقدر المجموع في سابعة إلى العشرة ، ثمّ لا يحصيه إلا اللّه تعالى (2) انتهى.

وإذا احتسب فضلها على الانفراد بألفين ، قَصُر عن حصره مع قطع النظر عمّا رواه أخيراً الكُتّاب والحسّاب ، ويشتدّ استحبابها في الصبح والعشاءين.

ويُستحبّ للإمام تأخير الوقت لإدراك الجماعة ، ولو أمكنه التأخير حينئذٍ إلى آخر وقت الأُولى وأوّل وقت الثانية ، كان أولى.

البحث الثالث : في بيان شدّة طلبها وكراهة تركها

روي : أنّ من سمعَ النداء فلم يُجبه من غير علّة فلا صلاة له (3).

وأنّ من سمع النداء من جيران المسجد فلم يجب فلا صلاة له (4).

وأنّه لا صلاة لمن لم يصلّ في المسجد مع المسلمين (5).

وأنّه لا صلاة لمن لم يشهد الصلاة من جيران المسجد ، إن لم يكن مريضاً أو مشغولاً (6).

وأنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم اشترط على جيران المسجد شهود الصلاة ، وقال : «لينتهين أقوام لا يشهدون الصلاة ، أو لآمرنّ مؤذّناً يؤذّن ، ثمّ يقيم ، ثمّ أمر رجلاً

ص: 308


1- تحف العقول : 417 ، الوسائل 5 : 374 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 18.
2- الروضة البهيّة 1 : 790 ، الوسائل 5 : 374 أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 16.
3- الكافي 3 : 372 ح 5 ، التهذيب 3 : 24 ح 84 ، الوسائل 5 : 375 أبواب صلاة الجماعة ب 2 ح 1.
4- المحاسن : 85 ذ. ح 4. الوسائل 5 : 377 أبواب صلاة الجماعة ب 2 ح 12.
5- الفقيه 3 : 25 ح 65 ، التهذيب 6 : 241 ح 596 ، الوسائل 5 : 376 أبواب صلاة الجماعة ب 2 ح 8.
6- الفقيه 1 : 245 ح 1091 ، الوسائل 5 : 375 أبواب صلاة الجماعة ب 2 ح 3.

من أهلي ، وهو عليّ عليه السلام ، فليحرقنّ على أقوامٍ بيوتهم بحزم الحطب» (1).

وأنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لقوم لتحضرنّ المسجد أو لأحرقنّ عليكم منازلكم

(2). وأنّه صلى اللّه عليه وآله وسلم همّ بإحراق قوم في منازلهم كانوا يصلّون في منازلهم ، ولا يصلّون مع الجماعة ، فأتاه رجل أعمى فقال له : يا رسول اللّه ، أنا ضرير البصر ، وربّما أسمع النداء ، ولا أجد من يقودني إلى الجماعة والصلاة معك ، فقال له : «شدّ من منزلك إلى المسجد حبلاً ، واحضر الجماعة» (3).

وأنّ قوماً كانوا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أبطأوا عن الصلاة في المسجد فقال ليوشك قوم يدعون الصلاة حتّى يؤمر بحطب ، فيوضع على أبوابهم ، فتوقد عليهم نار ، فتحرق عليهم بيوتهم

(4). وهذه الأخبار منزّلة على التماهل التكاسل المؤذنين بعدم الاكتراث والاعتقاد ، كما أنّ كثيراً من أخبار الجمعة كذلك.

ومن العلل القاضية بالرخصة : ابتلال النعال ، فضلاً عن الوهاد (5) بالمطر ؛ لقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا ابتلت النعال بالباء أو النون فالصلاة في الرحال (6). وعن الرضا عليه السلام أنّ الصلاة في جماعة أفضل من الصلاة وحده في مسجد الكوفة (7).

ص: 309


1- عقاب الأعمال : 276 ح 2 ، أمالي الصدوق : 392 ح 14 ، الوسائل 5 : 376 أبواب صلاة الجماعة ب 2 ح 6.
2- الفقيه 1 : 245 ح 1092 ، الوسائل 5 : 376 أبواب صلاة الجماعة ب 2 ح 4.
3- التهذيب 3 : 266 ح 753 ، الوسائل 5 : 377 أبواب صلاة الجماعة ب 2 ح 9.
4- التهذيب 3 : 25 ح 87 ، الوسائل 5 : 377 أبواب صلاة الجماعة ب 2 ح 10.
5- النعال : النعل من الأرض شبه أكمة صلب يبرق حصاه لا ينبت شيئاً ، ونعلها غلظها ، وإذا وصفت أرضاً غليظة قلت منعلة ، انظر العين 2 : 143 ، وجمهرة اللغة 2 : 95. والوهاد : الوهدة من الأرض المطمئن الغامض. جمهرة اللغة 2 : 689.
6- الفقيه 1 : 246 ح 1099 ، الوسائل 5 : 376 أبواب صلاة الجماعة ب 2 ح 5.
7- التهذيب 3 : 25 ح 88 ، الوسائل 3 : 512 أبواب أحكام المساجد ب 33 ح 4.

وروى في مقابله : أنّ الصلاة وحده في المسجد الحرام أفضل من الصلاة جماعة في منزله (1). وأنّ الصلاة في مسجد الكوفة فرداً أفضل من سبعين صلاة في غيره جماعة (2). وأنّ المصلّي في المسجد أحبّ من المصلّي جماعة (3).

وكلّ من الجماعة والمساجد ورد فيه تشديد ، وتأكيد ، وبطلان الصلاة ، وإحراق البيوت ، ونحو ذلك ، غير أنّه لا تبعد أهميّة الجماعة في نظر الشارع.

ويمكن تنزيل بعض أخبار المساجد على الجماعة ، أو الجماعة عليها ، أو الفرق بين الجماعات في قلّتها وكثرتها ، واختلاف مراتب الأئمّة والمأمومين ، وبين المساجد في فضيلتها.

وعلى ذلك يُحمل اختلاف مقادير الفضل ، وهذا بالنسبة إلى الرجال.

وأمّا النساء فقد ورد في حقهنّ : أنّ صلاتهنّ في البيت كفضل خمسة وعشرين من صلاة الجمع (4) ، وأنّ خير مساجد النساء البيوت (5) ، وأنّ خير مساجد نسائكم البيوت (6) ، وأنّ صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها ، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار (7).

البحث الرابع : فيما تنعقد به الجماعة

أقلّ ما تنعقد به امرأتان ، إحداهما الإمام ، أو رجل وامرأة كذلك ، ولو كان المأموم مميّزاً ففي الخبر الانعقاد به ؛ ، (8) وفيه شهادة على ما نختاره من صحّة عبادة

ص: 310


1- الكافي 4 : 527 ح 11 ، الوسائل 3 : 511 أبواب أحكام المساجد ب 33 ح 1.
2- ثواب الأعمال : 50 ، الوسائل 3 : 512 أبواب أحكام المساجد ب 33 ح 2.
3- التهذيب 3 : 261 ح 734 ، الوسائل 3 : 512 أبواب أحكام المساجد ب 33 ح 3.
4- مكارم الأخلاق : 233 ، الوسائل 3 : 510 أبواب أحكام المساجد ب 30 ح 5.
5- الفقيه 1 : 244 ح 1088 ، الوسائل 3 : 510 أبواب أحكام المساجد ب 30 ح 3.
6- الفقيه 1 : 154 ح 719 ، التهذيب 3 : 252 ح 694 ، الوسائل 3 : 510 أبواب أحكام المساجد ب 30 ح 4.
7- الفقيه 1 : 259 ح 1178 ، الوسائل 3 : 510 أبواب أحكام المساجد ب 30 ح 1.
8- التهذيب 3 : 56 ح 193 ، قرب الاسناد : 72 ، الوسائل 5 : 380 أبواب صلاة الجماعة ب 4 ح 8.

المميّز ، كما في قبول أذانه.

وتنعقد بالمميّزين بإمامة أحدهما الأخر ، وإن لم يجز للمكلّف الاقتداء به. والبناء على التمرين المحض في خصوص الإمامة غير بعيد.

وما ورد من «أنّ المؤمن وحده جماعة» (1) فقد يُراد به صلاة الملائكة خلفه ، أو أنّ اللّه تعالى يضاعف له الثواب تفضّلاً.

ولو نذرَ الإمامة أو المأموميّة فامتنع المأمومون أو الإمام إلا ببذل الأُجرة ، في وجوب بذل الأُجرة وإن حرم الأخذ مع الاطمئنان بقصد القربة وجه قويّ ، وليس من الإعانة على الإثم كالبذل للصادّ عن العبادة.

ويجري مثل ذلك في أخذ الأُجرة على تغسيل الأموات ، والصلاة عليهم. وربّما يُلحق بذلك أخذ الأُجرة على الأذان ونحوه مع الاطمئنان.

ثمّ في حمل الفعل على الصحّة لاحتمال القربة إشكال.

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من صلّى خلف عالم ، فكأنّما صلّى خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم (2). ولو لم يكن الإمام قابلاً ، أو كان وليس في المأمومين من تصحّ صلاته ، لم تكن جماعة ، سواء كان الفساد لإهمال بعض الشروط أو حصول بعض الموانع مثلاً ، أو لفساد العقيدة ؛ لأنّا لا نرتضي القول بصحّة عبادة المخالف ولو تعقّبها الإيمان ، ولا تأثير له في الصحّة ، ولا كشف بسببه.

ولكن الصلاة بهم ومعهم لها فضل عظيم ، وثواب جسيم ، فقد روي : أنّ من صلّى خلفهم في الصفّ الأوّل ، كان كمن صلّى مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في الصف الأوّل (3).

ص: 311


1- الكافي 3 : 371 ح 2 ، الفقيه 1 : 246 ح 1096 ، التهذيب 3 : 265 ح 749 ، الوسائل 5 : 379 أبواب صلاة الجماعة ب 4 ح 2 ، 5.
2- الذكرى : 265 ، الوسائل 5 : 416 أبواب صلاة الجماعة ب 26 ح 5.
3- الفقيه 1 : 250 ح 1126 ، أمالي الصدوق : 300 ح 14 ، الوسائل 5 : 381 أبواب صلاة الجماعة ب 5 ح 1.

وأنّ من صلّى معهم غفر له بعدد من خالفه (1).

وأنّه يحسب للمصلّي معهم ما يحسب لمن صلّى مع من يقتدى به (2).

وأنّ من يحضر صلاتهم كالشاهر سيفه في سبيل اللّه تعالى (3).

وأنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنكحهم ، وعليّ عليه السلام صلى خلفهم (4) ، والحسن عليه السلام والحسين عليه السلام صلّيا خلف مروان (5).

وأنّ من صلّى معهم خرج بحسناتهم ، وألقى عليهم ذنوبه (6).

وأنّ الصلاة معهم بخمسة وعشرين صلاة (7).

وأنّ الإماميّة مأمورون بأن لا يحملوا الناس على أكتافهم ، بل يعودون مرضاهم ، ويشيّعون جنائزهم ، ويصلّون معهم ، وإن استطاعوا أن يكونوا أئمّتهم أو المؤذّنين فعلوا (8).

وأنّ الإمامية أحقّ بمساجدهم منهم (9).

ولا بدّ من نيّة الانفراد معهم ، وإظهار الدخول في جماعتهم ، ثمّ يأتي بما أمكنه ، مع اللّحوق بأئمّتهم من قراءة ولو كحديث النفس أو أذكار ، أو غيرها.

والأفضل أن يصلّي الفريضة قبل ، ثمّ يحضر معهم ، ثمّ له أن يعكس ، ويجعل الصلاة معهم سُبحة.

ص: 312


1- الفقيه 1 : 265 ح 1211 ، وص 358 ح 1572 ، الوسائل 5 : 381 أبواب صلاة الجماعة ب 5 ح 2.
2- الكافي 3 : 373 ح 9 ، الفقيه 1 : 251 ح 1127 ، التهذيب 3 : 265 ح 752 ، الوسائل 5 : 381 أبواب صلاة الجماعة ب 5 ح 3.
3- التهذيب 3 : 277 ح 809 ، الوسائل 5 : 382 أبواب صلاة الجماعة ب 5 ح 7.
4- نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى : 129 ح 329 ، الوسائل 5 : 383 أبواب صلاة الجماعة ب 5 ح 10.
5- مسائل علي بن جعفر : 144 ح 173 ، الوسائل 5 : 383 أبواب صلاة الجماعة ب 5 ح 9.
6- التهذيب 3 : 273 ح 789 ، الوسائل 5 : 385 أبواب صلاة الجماعة ب 6 ح 6.
7- انظر الوسائل 5 : 383 أبواب صلاة الجماعة ب 6 ح 1 ، 2.
8- المحاسن : 18 ح 51 ، الوسائل 5 : 382 أبواب صلاة الجماعة ب 5 ح 8.
9- التهذيب 3 : 55 ح 190 ، الوسائل 5 : 382 أبواب صلاة الجماعة ب 5 ح 6.

البحث الخامس : في كيفيّة النظام في تقرير محال المأمومين والإمام

اشارة

وفيه مبحثان :

الأوّل : في موقف الإمام

ويجب فيه أن يكون متقدّماً إلى القبلة ، أو مساوياً للمأمومين. وذلك لا يتحقّق غالباً إلا مع استوائهم معه في جهة المقاديم.

وحول الكعبة يصحّ الدوران في الصف ، ومقابلة الوجوه الوجه ، بشرط أن تكون الفاصلة من جانب المأمومين أوسع.

وفي الكعبة لا يبعد سقوط الحكم ، وجواز كون كلّ منهما خلف صاحبه ، بل لا يبعد جواز جعل ظهورهم إلى ظهره ، مع التمكّن من العلم بأحواله.

وربّما جرى مثل ذلك في المشاة والراكبين ونحوهم والمجبورين ، إن جعلنا المدار على القبلة الخاصّة والعامة معاً (1).

والمدار على مساواة الأعقاب ، وتقدّم الإمام فيهما معاً كلا أو بعضاً ، مع القيام والاستلقاء.

فلو تقدّم المأموم بعقب ، وساوى أو تأخّر بالآخر لم يجز ، ولو كان ذلك حال الحركة لعارض فلا بأس.

وألية الجالس وجنب المضطجع بمنزلة العقب.

ولا اعتبار بباقي المقاديم ، فيصحّ ائتمام أحد ذوي الحقو الواحد بالآخر ، وإن تقدّم صدر المأموم على الإمام على إشكال.

ويلزم أن لا يكون مَوقف الإمام عالياً علوّ القيام لا التسريح على موقف المأموم في تمام موضع القدم أو بعضه على اختلاف الوجهين بأكثر من شبر مستوي الخلقة. ولا تحديد في التسريح إلا فيما أخرج عن هيئة الائتمام.

وانخفاضه عن المأمومين سائغ من غير تحديد في كلّ من قسمي العلوّ ، إلا فيما

ص: 313


1- في «ح» زيادة : وكونها ليست في الأعذار.

قضى بذهاب الصورة.

ولا اعتبار بعلوّ بعض الأعضاء حين السجود.

وتستحبّ المساواة في إمامة النساء بعضهنّ ببعض ، وفي حال وحدة المأموم وذكوريّته والأفضل كونه على الجانب الأيمن ، حتّى لو كان على الأيسر استحبّ له أن يخطو إلى الأيمن ، ويستحبّ للإمام أن يحوّله إليه وفي حال كون الإمام والمأمومين عُراة. ويستحبّ تقدّم الإمام بركبتيه.

ويستحبّ تقدّم الإمام وتأخّر المأموم ، ويختلف الفضل باختلاف مراتبه ، حتّى ينتهي إلى كون رأسه متأخّراً عن قدمي الإمام ، مع زيادة الجماعة غير العُراة عن الواحد ، أو كون الواحد امرأة.

ويستحبّ للخلف وغيره أن يكون على جهة اليمين.

والمشتبه يتخيّر في حكمه ، والأحوط مُراعاة الخلف.

ويشترط أن يكون الإمام أو بعض من يراه من المأمومين في مرتبة أو مراتب بارزاً للمأمومين من الرجال. ولا يعتبر ذلك في النساء ، فلهنّ الصلاة خلف الجدار ، ويكفي التمكن من النظر في بعض أحوال الصلاة.

ولا بأس بالصلاة (مع فصل الطريق ، والماء ، وبين الفصل) (1) بين السفن المتعدّدة ، وبين الأُسطوانات ، مع حصول التمكّن من النظر المطلوب.

ولو دخل الإمام في محراب ولم يكن في مقابلة أحد ليحصل الشرط ، بطلت صلاة مَن على الجانبين.

وحجب الصفوف ليس بحجب ، ويُعتبر فيها بقاء الهيئة.

وإن كانت الفاصلة لا تمنع الرؤية كالشبابيك ، فلا بأس ، والأحوط الاجتناب. وكذا المرئيّ من خلف الزجاج ونحوه.

وأن لا يكون بينه وبينهم ما يكون باعثاً على عدم تحقّق اسم الجماعة عُرفاً ، ولا يُعيّن

ص: 314


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

له حدّ بثلاثمائة ذراع أو أقلّ أو أكثر.

وهذا الشرط وما قبله مُعتبران ابتداء لا استدامةً ؛ فلو بطلت صلاة الصفوف في الأثناء أو أتمّ أهل القصر ، فلا بأس. ولو قامت الصفوف ، جاز للمتأخّر أن ينوي قبل المتقدّم ، وهما وجوديان لا علميّان.

(ولو نوى زاعماً عدم تقدّمه عليه في الموقف أو تكبيرة الإحرام ، فظهر الخلاف ، انفرد. والأحوط الإتمام والإعادة) (1).

ويُستحبّ ترك الفصل بينه وبينهم بما لا يتخطّى خطوة تملأ الفرج مسافة. ويقوى لحوق ما لا يتخطّى بضدّه عمّا كان منه ، لبُعده بين رأس المأموم وقدمي الإمام لغير النساء.

ومقتضى القاعدة شرطيّة الوجود في هذه الشروط بالنسبة إلى انعقاد الجماعة ، فلا فرق بين الأحوال في الإخلال بأحدها عمداً وسهواً ، وجبراً واختياراً.

وتنعقد فرادى على الظاهر ، مع عدم لزوم التشريع حال النيّة ، حيث إنّ الجماعة للإمام وللمأمومين ليست من المنوّعات ، بل من القيود الخارجيّة ، كقصد المسجديّة ونحوها ، ما لم يلزم إخلال بسبب ترك شطر أو شرط أو حصول مانعيّة. ومع الصحّة وحصول الانفراد لا عَودَ له إلى الجماعة في وجه.

المبحث الثاني : في موقف المأموم

تُعتبر فيه المساواة في القبلة أو التأخّر على نحو ما تقدّم ، والارتفاع والانخفاض بما لا يخل ، أو المساواة.

ويُستحبّ أن يقف المكلّفون الذكور الأحرار أوّلاً ، ثمّ المبعّضون ، ثمّ العبيد ، ثمّ الصبيان من الأحرار ، ثمّ المبعّضون ، ثمّ العبيد ، ثمّ المكلّفون من الخناثى المشكلة والمَمسوحين الأحرار ، ثمّ من المبعّضين ، ثمّ من العبيد ، ثمّ الصغار (2) من الإماء ، ثمّ

ص: 315


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- في «ح» زيادة : ثمّ.

من المبعضات ثمّ من الحرائر ، ثمّ الكبار من الإماء ، ثمّ المبعضات ، ثمّ الحرائر.

وهذا الترتيب غير خالٍ من مَدركٍ مُطابق للشّرع.

وأن يختصّ بالصفّ الأوّل والجناح وإن لم يكن فيه فضل أهل الفضل ، لينبّهوا الإمام.

ولو لم ينبّهوا على غلط في الأركان ، ولم يقصدوا الانفراد ، بَطَلَت صلاتهم ؛ لبطلان صلاته.

وفيما يَنوب فيه عنهم يقرب ذلك ، وإن كان الأقوى خلافه. وفي غيرهما يصحّ ، والأفضل التنبيه.

والظاهر أنّ ذلك مَنصب لهم ، فيستحبّ لهم طلبه ، ولباقي المأمومين تجنّبه ، وإعطاءه لأهله.

والمبصرون ، والسامعون ، والناطقون مقدّمون على غيرهم ، والقويّ منهم على الضعيف. وكلّما كان الإمام أقرب إلى الخطأ ، كان التقديم أشدّ استحباباً ، ومع الأمن عن الخطأ يبقى الترجيح ، وإن كان مع عدمه أشدّ.

والأقوى اعتبار الأقرب فالأقرب لهم إذا فاتهم الصفّ الأوّل. والأكثر فضلاً أولى بكثرة القُرب.

والعالم أولى من العابد مع اشتراكهما في العدالة.

ويُستحبّ القُرب إلى الإمام ، وتختلف مراتب أجره باختلاف مراتب قدره وفي صلاة الجنازة يرجح الصفّ الأخير والكون في ميامن الصفوف ، فإنّ فضل ميامن الصفوف على مياسرها كفضل الجماعة على صلاة الفرد. ولو تعارض القرب والتيامن ، فالظاهر ترجيح الأخير.

وأن يقف المأموم مع الصفوف إن كان مُجانساً إن أمكن ، وإلا بما يحاذي الإمام.

وأن يكمل نقص الصفوف ، وتسوية الخلل ، والمحاذاة بين المناكب ، ليكونوا كالبنيان المرصوص.

والتقدّم لسدّ الخلل إلى صفّ أو صفّين أو ثلاثة ، وكذا التأخّر ، وكذا للضيق.

ص: 316

واجتناب موقف يسلم من فاصل بينه وبين الإمام يمنع الاستطراق كالشبابيك ونحوها. ومُحاذاة مَن إذا عرض عارض لإمامه تأهّل للقيام في مقامه.

واجتناب مجاورة الصبيان والمقصّرين والتأخّر عنهم ؛ حذراً من حدوث الفرج.

البحث السادس : في شرائط الإمامة

اشارة

وهي قسمان :

أحدهما : ما تتوقّف عليها الصحة

وهي أُمور :

أحدها : التقدّم على المأموم أو مساواته في الموقف على نحو ما مرّ.

ثانيها : التقدّم بكلّ جزء من تكبيرة إحرامه على ما يماثله من أجزاء تكبيرة إحرامه بداية ووسطاً ونهاية ، والأقوى اعتبار تقديم مجموع تكبيرة الإمام على جميع أجزاء تكبيرة المأموم ، فلا يدخل إلا بعد إتمامه.

ثالثها : حصول العقل حين الائتمام للإمام والمأموم ، فلا تنعقد بين مجنونين ، أو مختلفين ، حيث يكون الجنون مُطبقاً أو أدوارياً صادف وقت الإمامة ، أو كان في الإمام محتمل العروض في أثنائها ، بحيث لا يحصل اطمئنان ببقاء العقل إلى الفراغ ، فلا تصحّ الإمامة ، وإن اتفق بقاء العقل.

وتتحقّق الإمامة من غير نيّة إمامة ، ومأموميّة ، إلا فيما اشترطت فيه.

رابعها وخامسها : الإسلام والإيمان ، فلا تصحّ إمامة من لم يجمع الصفتين وإن لم يكن فاسقاً عاصياً ؛ لمعذوريّته بالتشاغل في النظر إذا تجدّد وصوله إلى محلّ يتمكن فيه من تحصيل العقيدة ، أو كان من المميّزين من أطفال الكفّار حيث نجيز إمامة المميّز لمثله.

ويكفي في ثبوتها للحكم بالطهارة ونحوها ممّا لا تعلّق له بالاطمئنان بالصدق ، والوثوق بصدق النيّة ، وصفاء السريرة ، من قبول خبر أو شهادة أو اعتماد على قضاء أو إفتاء ، مجرّد الكون في بلاد المسلمين والمؤمنين ، أو مجرّد الإقرار في بلاد الكفّار.

ص: 317

وأمّا فيما يتعلّق بذلك ، فلا بدّ من الظهور ليحصل الاطمئنان.

سادسها : العدالة ، وهي في الأصل عبارة عن الاستقامة الحسّية ، والخلوّ عن الاعوجاج الحسّي.

وجُعلت في الشرع فضلاً عن المتشرّعة : عبارة عن الاستقامة المعنوية في خصوص الأُمور الدينيّة والشرعيّة ، ولها عرض عَريض ، ومراتبَ لأحدّ لها ، تتّصل بدايتها بالعصمة ، وغايتها ونهايتها بالفسق على نحو التفاوت في الجانبين (1).

فهي حالة نفسيّة ، وملكة قُدسيّة ، ينبعث عنها ثبات الدين ، وملازمة التقوى والمروءة.

وهي كسائر مكارم الأخلاق ، من أدب ، وحلم ، وكرم ، وشجاعة ، وحياء ، وعفاف ، ونحوها لا تنقدح بحصول ما يخالفها من الصغائر. ويهدمها ما يكون من الكبائر ، إلا أن يثبت إقلاعه عن ذلك ، وعَود تلك الحالة له.

والكِبر والصغر والتوسّط عُرفيات ، فكما لا يخفى على العُرف العام الفرق بين العيب الكبير والصغير ، والمتوسّط ، والمعصية الكبيرة في حقّ الموالي ، والصغيرة ، والمتوسّطة ، وبين الطاعة الكبرى في حقّهم ، والصغرى ، والمتوسّطة ، كذلك غير خفيّ على أهل الشرع بممارسة الأدلّة الشرعيّة والعقليّة الفرق بين الحسنة والسيّئة الصغيرتين ، والكبيرتين ، والمتوسّطتين.

وليست العدالة سوى تلك الملَكة التي تُسبّب الاعتماد والاطمئنان ، لا مجرّد عدم العصيان.

وأمّا الاختلاف في كونها عبارة عن العلم بتلك الملكة ، أو حُسن الظاهر المنبئ عنها ، أو عدم العلم بخلافها. فإن رجع إلى البحث في الطريق ، كان له وجه ، وإلا خرج عن طريق التحقيق.

والظاهر أنّه لا حاجة إلى العلم ، بل يكفي حُسن الظاهر من حصول أقوال وأفعال

ص: 318


1- في «ح» : في الحاشيتين.

مُتكرّرة تُؤذن بثبوت التقوى والمروءة ، كما أنّه يكفي في إثبات جميع مكارم الأخلاق ومساوئها ؛ للتعذّر ، أو لعُسر حصول العلم غالباً.

فلثبوت العدالة طريقان :

أوّلهما : العلم بمُعاشرة ومباشرة ، أو بواسطة أخبار معصوم ، أو نقل متواتر ، أو بطريق آحاد محفوف بقرائن القطع ، أو إجماع محصّل أو منقول بطريق يفيد العلم.

ثانيهما : الظن ؛ لشياع يفيد الظن المتاخم مع العلم ، أو شهادة العدلين مطلقاً ، أو خبر العدل في غير تزكية الشهود في إثبات الأصل ، أو إثبات المثبت.

وجعلها موافقة للأصل كالطهارة والإباحة فيكفي عدم العلم بالخلاف مَنفي بالأصل والروايات.

وأمّا تفسير الكبائر : بما حُرّم في القرآن ، أو ما ثبت تحريمه بطريق قاطع ، أو ما توعّد عليه النار مطلقاً ، أو في خصوص القرآن ، أو بأنّها نسبيّة ، وأنّ الكلّ كبيرة بالنسبة إلى عظمة اللّه.

أو أنّها سبع على اختلاف ما ورد في تفصيلها (1). ومن جملته : أنّها الإلحاد في بيت اللّه تعالى ، والشرك ، وقتل النفس المحترمة ، وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف ، والزنا ، وعقوق الوالدين.

أو تسع بإضافة السحر ، وأكل مال اليتيم ظلماً.

أو اثنتي عشرة بإضافة أكل الربا ، وشرب الخمر ، والسرقة.

أو أنّها سبعون أو أقرب إلى السبعمائة من السبعين ، أو غير ذلك ، فلا نرتضيه ، وما اخترناه أقرب إلى الصواب ، فإنّه أوفق بجمع الأخبار المختلفة الواردة في هذا الباب.

والإصرار على الصغائر بمعنى التكرار مع الإكثار ، أو بمعنى العَزم على المعاودة ، أو

ص: 319


1- الكافي 2 : 276 ح 2 - 14 ، الفقيه 3 : 366 ح 1745 - 1776 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 : 285 ح 33 ، علل الشرائع : 274 ح 1 - 3 ، الوسائل 11 : 249 أبواب جهاد النفس ب 45 ح 46.

مع الخلوّ عن التوبة مطلقاً ، أو مع بقاء استحضار المعصية لفوريّة التوبة ، فيكون عاصياً في كلّ جزء من الزمان ، فيرجع إلى التكرار ، على اختلاف الوجوه ، وأقواها الوجهان الأوّلان بمنزلة فعل الكبيرة ، كما أنّ فعل الصغائر من مُنافيات مكارم الأخلاق تقضي بنفيها.

والتوبة عن جميع الذنوب ، أو عنها بخصوصها وإن لم يتب عن غيرها على الخلاف في الاكتفاء بها بمعنى الندامة على ما فات ، والإقلاع عمّا هو آت مُسقط لحكمها ، وراجع بالعدالة إلى حالها.

ولا يكفي في الحكم مجرّد سماع لفظها ، بل لا بدّ من تتبّع الأحوال في الجملة ، بحيث يطمئن بها ، فإنّ فيها الاعتماد على الأفعال والأخبار ، ولا يحصل ذلك بمجرّد التوبة والاستغفار.

وحكم مجهول العدالة كحكم الفاسق.

والاعتماد على المأمومين مع عدم احتمال التقيّة والغفلة مُغنٍ في التعديل.

سابعها : الذكورة في إمامة الذكور والخناثى المشكلة والممسوحين ، فلا تجوز إمامة الأُنثى ولا الخُنثى ونحوها بالذكور ، والخناثى ، ونحوهم ، صغاراً وكباراً.

ولو أقرع على الممسوح فالتحق بقسم ، جرى حكمه عليه.

ويجري المنع في الابتداء أو الاستدامة ، فلو عرض للإمام عارض لم يجز تقديم المرأة ، وما أشبهها.

ويجوز لها ولهما إمامة النساء في فرض ونفل وإن كان الأحوط الاقتصار على الثاني وصلاة الجنازة.

والأقوى أنّ هذا الشرط وما تقدّمه من الشروط جارٍ في الفرائض ، يوميّة أو لا ، وفي صلوات النوافل ، وصلاة الجنازة.

ثامنها : القيام فيما لو كان المأمومون جملة أو بعض منهم قائماً ، ولا تصحّ مع جلوسه إلا مع جلوسهم.

والظاهر أنّ كلّ أخفض في مرتبة لا يؤم الأعلى منه ، والأعلى يؤمّه ؛ فالقائم للقائم

ص: 320

فما بعده ، والجالس للجالس وما بعده ، والمضطجع على الجانب الأيمن للمضطجع على الجانب الأيسر وما بعده ، والمضطجع على الأيسر للمُستلقي ، ودون العكس فيهنّ.

وفي إلحاق الناقص من هذه المراتب باعتماد ونحوه بالمنخفض وجه.

ويجري المنع في الابتداء والاستدامة ، فحيث يعرض للإمام في الأثناء عارض وليس سواه ، لزم الانفراد حينئذٍ ، ويحتمل عدمه.

وفي إلحاق الماشي بالقائم ، والراكب بالجالس ، ومُلاحظة اختلاف حال الركوب ، والوقوف على الرجل ، والسرج ، وفي الجلوس ، والنوم بحث.

والمنحني على هيئة الراكع من القائم والجالس عن عجزٍ يؤمّ الجالس اختياراً في صلاة الاستسقاء ونحوها ، وفي العكس إشكال. ويحتمل جعل المدار على النيّة.

ومن اختلفت عليه الأحوال ، إن توافقت في المحال فلا بأس ، وإلا لم يجز.

تاسعها : السلامة من الخَرَس ، أو تبديل الحروف في القراءة النائب فيها بغير ما يسوغ تبديله ، أو زيادتها ، أو نقص شي ء منها حيث لا يجوز النقص وتبديل الحركات البنائيّة أو الإعرابيّة أو زيادتها أو نقص شي ء منها في غير محلّ الجواز ، مع سلامة المأمومين من ذلك ، أو أقليّة ما يقع منهم عمّا يقع من الإمام ، وإن صحّت صلاة المأمومين لمعذوريّتهم.

ولو كان في غير المنوب عنه من ذكر في الأخيرتين أو ركوع أو سجود أو تشهّد ، قويت الصحّة ، والأحوط التجنّب. ولو كان العيب في الأخيرتين ، فوافقه في الأُوليين أو بالعكس ، فلا بأس.

ولا فرق بين تقدّمه في القراءة على المأموم أو تأخّره.

ولو كان الحادث في المندوبات ممّا لا يُعتبر فيها سوى المعاني فلا إشكال فيها.

ولو كانت النيابة عن الميّت ، احتمل إجراء الحكم في كلّ ما نابَ به ولو مع نقص المنوب ، والجواز مطلقاً ، والتفصيل ، والأوسط أوسط.

ص: 321

ولو كان العيب لا يُخرج عن الاسم ، فلا بأس به ، والرتة (1) ، والرتلة ، واللّثغة (2) ، واللّيغة (3) ، وجميع ما فيه تغيّر حرف يجري فيه الحكم.

وأمّا ما فيه التكرير دون التغيير ، كالفأفاء ، والتأتاء ، والبأباء ، ونحوها ، فالظاهر أنّه لا بأس به. ولا يجب على العاجز الائتمام بالقادر على الأقوى.

عاشرها : طهارة المولد ، فلا تجوز إمامة من تثبت ولادته من الزنا بوجهٍ شرعيّ ولا عبرة بالأقاويل لا بمثله ، ولا بغيره في أوّل درجة. ويقوى القول بالكراهة إلى السبع.

ولا بأس بمن التحق بالأولاد لشُبهة أو تعمّد تحريم في غير الزنا ، كالحيض ، والجماع مع الظهار قبل الرخصة ، ونحوهما.

حادي عشرها : الختان ، فلا يجوز الائتمام بالأغلف مع التمكّن من الختان ، وإن كان معصية صغيرة ، ولذلك حسن جعله مانعاً مستقلا.

ومع عدم التمكّن يجوز له الإمامة بمثله ، وبالمختون ، ومن كان مختوناً في خلقته ، أو خيف عليه من سرايته ، أو فَقدِ ذو قابليّة ، فلا مانع من إمامته ؛ لعدم معصيته.

والمدار على القطع المُعتاد ، فلو بقي من الغلفة شي ء كان كغير المختون.

وإمامة المرأة لا تتوقّف على الختنة ؛ لأنّها من السنة ، ويقوى إلحاق الخُنثى بالذكر.

وتصحّ صلاة الأغلف منفرداً أو مأموماً ، وإن كان متمكّناً عاصياً ، فتنعقد به الجماعة والجمعة.

ثاني عشرها : السلامة من المحدوديّة الشرعيّة ؛ فمتى ثبتت محدوديّته ، بطلت إمامته وإن لم يعلم بوقوع الكبيرة منه ، إذا لم تعلم توبته. ولو ثبتت توبته ، صحّت إمامته ، والأحوط تجنّبه.

ثالث عشرها : السلامة من الأعرابيّة بعد الهجرة ، بأن يخرج عن بلاد الإسلام بعد

ص: 322


1- الرتّة : حبسة في اللسان ، وعن المبرد هي كالريح تمنع الكلام فإذا جاء شي ء منه اتصل ، المصباح المنير : 218.
2- اللّثغة : حبسة في اللسان ، حتى تصير الراء لاماً أو غيناً ، أو السين ثاءً ، أو نحو ذلك. المصباح المنير : 549.
3- الأليغ : الذي يرجع كلامه إلى الياء ، وقبل هو الذي لا يبين الكلام ، لسان العرب 8 : 449.

ما هاجر إليها إلى أرضٍ أو بلادٍ لا تُقام فيها الصلوات ، ولا تمضي فيها الأحكام الشرعيّات.

ويلحق به من بقي مُتعرّباً ، ولم يراجع ، مع احتياجه إلى الرجوع في الأُصول أو الفروع ؛ ومن حضرَ في بلاد الإسلام ، ولم يرجع إلى المجتهدين في الأحكام مع الحضور ، وإمكان الرجوع إليهم في خفايا الأُمور.

والاكتفاء عن ذكر هذه الشروط الثلاثة ، والاكتفاء بذكر شرط العدالة وجه قوي.

رابع عشرها : الوحدة ، فلا يجوز الاقتداء بإمامين أو أكثر في آنٍ واحد. فلو نوى خلف من ائتم به الجماعة ، وكانوا مؤتمين بإمامين ، بطلت صلاته.

خامس عشرها : التعيّن ، والتعيين بالإشارة أو الاسم أو الوصف ، فلو ائتم بالمُبهم ، لم يكن ذلك صحيحاً منه. ولو تعارضت الإشارة والاسم ، بنى على الإشارة.

ولو زعم شخصاً ، فبانَ غيره ، لم يكن بأس ، مع ظهور قابليّته ، وعدمها ، ويشتدّ الاحتياط في الأخير.

ولو تجدّد فوات شرط في الأثناء ، أو ظهر فواته فيه في الابتداء ، لم يقض بالفساد ، بل يعدل إلى الانفراد.

القسم الثاني : ما يتوقّف عليه الكمال

وهو أُمور :

منها : أن لا يكون بين الإمام وبين اللّه ذنب ، كبيراً أو صغيراً ، فلو علم ذلك تداركه بالتوبة قبل الدخول في الصلاة ، وليس ذلك بشرط على الأقوى.

ومنها : السلامة من المملوكيّة ، ولو على وجه البعضيّة ، إلا أن يرجع لأُمور أُخرى خارجيّة.

ومنها : السلامة من العمى ، أصليّاً أو عارضيّاً. ولإلحاق مشدود العينين لرمد أو غيره به وجه.

وفي هذه الثلاثة لا سيّما الأخير يحتمل التعميم للمماثل وغيره ، والتخصيص بغير المماثل.

ص: 323

ومنها : عدم الاتصاف بالطهارة الاضطراريّة الترابيّة في إمامة المتطهّر بالماء من المأمومين.

ومنها : إقامة الصفوف ، وإتمامها ، والمحاذاة بين المناكب ، وتسوية الخلل ، والتقدّم ، والتأخّر مع ضيق الصف.

ومنها : أن لا يخصّ الإمام نفسه بالدعاء ، بل يعمّ نفسه وأصحابه.

ومنها : عدم الاختلاف في القصر والتمام بين المأمومين والإمام ، ويجوز للمأموم المقصّر أن يصلّي فرضه مع المتمّم.

وإن تمّت صلاة الإمام المقصّر ، استناب غيره من المأمومين ليأمّهم ؛ فإن لم يستنب ، قدّم المأمومون أحدهم. ولو قدّم كلّ حزب واحداً حتّى عادت جماعات ، فلا بأس.

ومنها : السلامة من التقييد لو كان المأموم من المطلقين ، أو مطلقاً. وفي تسرية الحكم إلى ما إذا كان الإمام أشدّ تقييداً منهم وجه.

ومنها : السلامة من الفالج ، مع كون المأمومين سالمين ، أو مطلقاً. وفي ثبوت الكراهة فيما لو كان فالج الإمام أشدّ من فالج المأمومين وجه.

ومنها : السلامة من كراهة المأمومين كلا أو بعضاً لإمامته ، وبشدّة الكراهة ، وضعفها ، وكثرة الكارهين ، وقلتهم تختلف مراتب الكراهة.

ومنها : عدم الأولويّة لغيره ، فلا يتقدّم صاحب سلطان ، أو راتب ، أو أعلم ، أو أعدل ، أو أقرأ ، أو أقدم هجرة ، أو أشرف نسباً ؛ لهاشميّة أو قرشيّة ، أو أحرص على الطاعة ، أو أقوى ، أو أنظف ، أو أسكن ، أو أوقر ، أو أكمل ، أو أسنّ ، أو أصبح ، أو أحسن صوتاً أو هيئةً. وكلّ متقدّمة في الرجحان تُرعى قبل المتأخرة ، ومع المساواة يرجع إلى القرعة.

والإمامة أفضل من المأموميّة.

ومنها : أن لا يكون مسبوقاً بركعة أو أكثر. فلو كان كذلك ، فلا ينبغي للإمام مع حصول المانع له عن الإتمام تقديمه.

ص: 324

ومنها : لا يكون ممّن لم يدرك تكبيرة الركوع.

ومنها : أن لا يكون ممن لم يُدرك الإقامة. فإن لم يكن أدركها ، فلا ينبغي للإمام تقديمه إذا تعذّر تتميمه.

ومع النقص في جميع الأقسام لا يترجح الانفراد ، بل لا يبعد أنّه لو دار الأمر بين فعلها في الأوقات أو الأمكنة المكروهة أو المرجوحة ، وبين الانفراد مع السلامة ، قُدّمت عليه.

البحث السابع : في أحكام الجماعة

وهي أُمور :

منها : أنّه إذا تبيّن بطلان صلاة الإمام لعدم طهارةٍ حدثيّة أو خبثيّة ، أو ما يجوز من اللّباس أو المكان ، أو الاستقبال ، أو النيّة ، عمداً أو سهواً ، أو الإسلام ، أو الإيمان ، أو البلوغ ، أو العقل أو العدالة ، أو صحّة القراءة ، أو باقي الأقوال الواجبة أو الأعمال في الأثناء قبل الفراغ ، فحكمه حكم ما لو تجدّد المُبطل في الأثناء ، يجب قصد الانفراد فيه ، أو نصب إمام من المأمومين على العموم في وجه قويّ.

ولو ظهر شي ء منها بعد الفراغ ، بقيت صلاتهم على صحّتها. ويقوى لحوق انكشاف عدم الإمام أو غير المعيّن عدلاً أو فاسقاً بالحكم ، وليس على الإمام في الصورتين إعلامهم. ويحتمل ذلك فيما لو كان في الأثناء.

ولا يتغيّر الحكم بالصحّة مع إعلامهم له ، ويجب عليه قطع العمل.

وهل يكون من صلاة الجماعة حقيقة فيتحقّق بها الوفاء بالنذر مثلاً ، وعمل الإجارة ونحوها ، أو من الفُرادى ، وإنّما يُثاب عليها لطفاً من اللّه؟ الظاهر الأوّل. فشرط الإمام علميّ لا وجوديّ على إشكال.

ومنها : أنّه لو فقدَ شرط الجماعة ، من اختلاف الصلاتين جنساً ، فرضاً ونفلاً ، أو نوعاً ، كيوميّة مع جمعة أو آئيّة ، أو آئيّة مع يوميّة ، ثمّ علم بعد الفراغ ، مَضت صلاته ، وحُسب فرادى ، وفي الأثناء ينوي الانفراد ويتمّ.

ص: 325

والأوفق بالاحتياط الإعادة بعد التمام. وفي الجمعة إذا صلاها مع المخالفة يقوى البطلان.

ومنها : أنّه يجوز الانفراد اختياراً ، وفي صلاة الخوف إرشاد إليه.

ومنها : أنّه يجب على المأموم الإتيان بجميع واجبات الصلاة ، إلا القراءة حيث تتعيّن ، كما في الركعتين الأُوليين إذا كان الإمام مرضيّاً.

ويجب عليه القراءة تامّة إذا أمكن في الركعتين الأُوليين. فإن لم يمكن ، اقتصر على الفاتحة وحدها. فإن لم يمكن ، أتى بما يمكن منها.

وإذا كان الإمام في إحدى الركعتين الأخيرتين ، فعليه الإتيان بأحد الأمرين ، إمّا الفاتحة أو التسبيح ، تامّين إن أمكن قبل الرفع عن الركوع ، وإلا فيما يمكن ، قرأ الإمام أو لم يقرأ ؛ إذ حاله كحال الإمام والمنفرد فيهما.

ولو زعم أنّ الإمام في الأُوليين وترك القراءة ، وبعد الفراغ أو الركوع علم أنّه في الأخيرتين ، مَضت صلاته.

ولو دخل مع الإمام ولم يعلم أنّه في الأُوليين أو الأخيرتين قرأ ، ولم يجب عليه السؤال ، وصحّت صلاته ، وافق أو خالف.

ولو زعم أنّه في الأوليين فترك القراءة ، ثمّ ظهر الخلاف ، فلا بأس ، كما في العكس.

ومنها : عدم جواز قراءة المأموم مع الإمام في الجهريّة ، مع سماع قراءة الإمام ، ولو الهمهمة. ويجب الإنصات عليه. وتُستحبّ مع عدم السماع. وتُكره في الإخفاتيّة ، مع السماع وبدونه ، وفي الأولّ أشدّ كراهة.

ومنها : أنّه مع التقيّة يتولّى لنفسه الأذان والإقامة ، ومع الضيق يقتصر على الإقامة ، ومع الضيق عن تمامها يكتفي بقوله : «قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، لا إله إلا اللّه».

ويقرأ لنفسه على نحو حال الانفراد ، فإن لم يتمكّن من قراءة الجهر في محلّه ، قرأ إخفاتاً. فإن لم يتمكّن من القراءة على النحو المعتاد ، قرأ مثل حديث النفس. فإن لم

ص: 326

يتمكن ، ترك القراءة ، وركع معهم.

وإذا قرأ وأتم قبل الإمام ، كانَ له أن يسكت حتّى يركع معه ، ويُستحبّ له الذكر إلى تلك الغاية ، مُقتصراً عليه ، أو مُبقياً أية يأتي بها بعد ؛ ليركع عنها.

ومنها : أنّه يكره سكوت المأموم إذا لم يسمع قراءة الإمام ، بل يسبّح ، أو يذكر بنحو آخر ، أو يدعو ، ويصلّي على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم.

ومنها : أنّه يُستحبّ للمسبوق إذا استُنيب وتمّت صلاته أن يُشير إلى المأمومين بيده يميناً وشمالاً ليسلّموا ، ثمّ يتمّ صلاته ، أو يقدّم مَن يُسلّم بهم.

ومنها : أنّه ينبغي للمأمومين أن يُؤذّنوا ، ويُقيموا قبل وصول الإمام ، وإن كان مؤذّناً ، فإذا قال المُقيم : «قد قامت الصلاة» قدّموا غيره ، وائتمّوا به.

ومنها : أنّه إذا مات الإمام في الأثناء ، كان الراجح للمأمومين أن يضعوه خلفهم ، ويقدّموا من يأتمّ بهم ، ولا يستأنفوا الصلاة مع عدم الإتيان بالمخلّ.

ومنها : أنّه ينبغي الدخول في الركعة قبل التكبير للرّكوع ، والظاهر كراهة الدخول بعده ومعه.

ومنها : أنّ الجماعة تُدرك بإدراك الركوع قبل الشروع في الذكر أو في أثنائه ، أو بعد الفراغ من واجبه أو مندوبه ، ما لم يشرع في الرفع بحيث يخرج عن مُسمّى الركوع ، وله الاكتفاء حينئذٍ بتكبيرة واحدة عن تكبيرة الإحرام ، وتكبيرة الركوع.

ومنها : أنّ مَن فاته الركوع ، وقد كبّر تكبيرة الإحرام مُطمئناً باللحوق ، فلم يلحق ، فاتته الركعة. ويتخيّر بين الانتظار قائماً ، حتّى يقوم الإمام ، فيدخل معه في الركعة المستقبلة إن بقيت له ، ويُدرك بها الجماعة.

وبين أن ينتظره حتّى يفرغ من السجدتين ويجلس للتشهّد ، فيجلس ، ويتشهّد معه. فإن بقي للإمام بعض الركعات ، قامَ معه مُكتفياً بالتكبير الأوّل ، وإلا قام ، وقرأ لنفسه ، وحصل له ثواب الجماعة وإن كان منفرداً.

وبين أن ينفرد من المبدأ ويتمّ صلاته.

وبين أن يعدل بعد نيّة الانفراد أو قبلها إلى النافلة.

ص: 327

وبين القطع من الأصل ، والدخول معه بتكبيرة جديدة في الركعة الجديدة ، أو بتكبيرة ينوي بها الانفراد بعد فعل المنافي في المقامين ، أو بالدخول في السجدتين أو الأخيرة فقط ، وفي أقسام القطع بتمامها إشكال.

ومن كبّر آيساً من اللحوق أو غير مُطمئنّ به ، فإنّ حكمه كحكمه ، لا تُحسب له الركعة. ثمّ إن قصد الدخول معه في السجدتين أو سجدة ، لم تنعقد صلاة ولا جماعة ، وإن أُثيب عليها.

وإن نوى الانتظار حيث يكون بعض الركعات باقية للإمام أو الدخول حال التشهّد حيث يكون ذلك ، انعقدت صلاته وجماعته ، وإن فاتت ركعته.

وإن أدرك الركوع اتفاقاً أو دخل في إحدى السجدتين ، أُثيبَ ولم يدرك شيئاً. ولو دخل حال التشهّد ولم يبقَ للإمام شي ء من الركعات ، قامَ مُنفرداً مُكتفياً بالتكبير الأوّل.

ومنها : أنّ من خافَ أن يرفع الإمام رأسه عن الركوع قبل أن يَصِل إلى الصفوف ، استحبّ له أن يركع مكانه ، ويمشي راكعاً أو بعد السجود ، ويجرّ رجليه جرّاً.

ومنها : أنّ مَن فاته بعض الركعات مع الإمام ، جعل ما أدرك من صلاته أوّلها ، وعمل أعمال نفسه ، فينفرد بالقنوت والتشهّد إذا اختصّ بهما.

ويُستحبّ له اتّباع الإمام إذا لم يُشاركه فيهما ، ثمّ عليه إعادتهما في محلّهما.

وينبغي له التجافي حيث يُتابع في تشهّد الإمام. وإذا دَخَلَ ولم يعلم أنّ الإمام فيما ينوب فيه عنه بالقراءة أو لا ، كان عليه أن يقرأ ، وإذا انكشف الخلاف وأراد القطع ، قطع.

ومنها : أنّه إذا زوحم المأموم عن إدراك الركوع والسجود معاً أو أحدهما أو غفل أو نسي ، فسُبق بركن أو ركنين ، أتى بما فاته ولحق ، والظاهر جريه في مُطلق الأفعال والأقوال ، قلّت أو كثرت ، والأحوط الاقتصار على ما سبق.

ومنها : أنّ المتابعة والتأخّر عنه في الأقوال والأفعال الواجبة واجبة ، وليست بشرط. فلو تقدّم بقول أو فعل عمداً ، عصى ، وصحّت صلاته ، ولا يعود معه.

ص: 328

(وإن سبقه بالركوع فيما ينوب فيه عنه بالقراءة قوي البطلان ، كما إذا غلط الإمام بالقراءة ولم ينبّهه) (1).

وإن كان ذلك سهواً أو غفلة ، استحبّ له العَود مع الإمام في ركنٍ أو غيره.

ومنها : استحباب إسماع الإمام المأموم ما يجوز به الجهر كائناً ما كان ، مع عدم الإفراط في العلوّ ، وعدم إسماع المأموم الإمام ما يقول ، إلا في تكبيرة الإحرام لو كان مُنتظراً لدخوله ، وفي تنبيهه على الخطأ ، وفي تنبيه الجماعة على أحوال الإمام ، ويُغتفر علوّ الصوت مع الحاجة إليه فيه.

ومنها : أنّه تُستحبّ إطالة الإمام الركوع بمثلَي ما كان يركع مُنتظراً لمن علم دخولهم ، وخافَ فوت الركعة عليهم.

ومنها : أنّه يُستحبّ جلوس الإمام بعد التسليم حتّى يتمّ كلّ مسبوق خلفه.

ومنها : أنّه يُستحبّ لمن صلّى جماعة إماماً أو مأموماً أو فرادى الإعادة بقوم آخرين جماعة مرّة واحدة ، وفي الأكثر إشكال.

ومنها : أنّه يُستحبّ نقل المنفرد نيّته إلى نيّة النفل إذا وجد الجماعة ، وكان محلّ العدول باقياً.

ومنها : أنّه يُستحبّ تفريق الصبيان في الصفوف ؛ لما روي أنّه عليه السلام سُئل عن الصبيان إذا صفّوا في الصلاة المكتوبة ، قال : «لا تؤخّروهم عن الصلاة ، وفرّقوا بينهم» (2).

ومنها : كراهة تمكين الصبيان ، والعبيد ، والمجانين من الصف الأوّل.

ومنها : أنّه يُستحبّ للإمام التعجيل في الحضور ، وقيل : التوسّط.

ومنها : أنّه ينبغي للإمام أن يجعل المأمومين على يمينه ، وقيل : يتوسّط. والتفصيل بين كثرتهم ، فيتوسّط ، وقلّتهم ، فيجعلهم على اليمين قويّ.

ص: 329


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- الكافي 3 : 409 ح 3 ، التهذيب 2 : 380 ح 1586 ، الوسائل 3 : 14 أبواب أعداد الفرائض ب 4 ح 2.

وعن زين العابدين عليه السلام : أنّه كان يأمر يجمع الصبيان بين المغرب والعشاء (1).

ومنها : سقوط الأذان والإقامة عن الداخل إلى محلّ الجماعة مسجداً أو غيره ، مُريداً للدخول في صلاة إمامهم معتقداً به قبل صدق التفرّق عُرفاً ، وقد سبق الكلام فيه.

ومنها : استحباب صلاة الإمام بنحو يناسب أضعف مَن خلفه ، وأن يكون بين المنفّر في إطالته ، والمضيّع.

ومنها : أنّ الصلاة جماعة مع تأخير الوقت ، والتخفيف أفضل من الصلاة الفرادى مع تقديم الوقت والتطويل ، بشرط أن لا يكون اعتياداً.

ومنها : أنّه لو صلّى اثنان فقال كلّ واحد منهما : كُنت إماماً ، صحّت صلاتهما ، ولو قال : كنت مأموماً في محلّ القراءة ، بطلت.

ولو كانا مسبوقين ، فكلّ ادّعى النصب في الأخيرتين ، قويت الصحّة ، وكذا في صلاة الجنازة.

ولاحتمال الصحّة في المقام الأوّل وجه.

وأصل الحكم مَبنيّ على تصديق أحدهما صاحبه ، وإلا بَنيا على الصحّة.

وفي الجمعة مع التصديق يحكم بالبطلان ، وكذا في صلاة العيدين مع الوجوب.

ولو لا لزوم العمل بالنص ، لكان القول بالبطلان مع الاشتباه ، وعدم فوات ركن ولا سيّما مع نسيان القراءة منهما محلّ كلام.

وفي هذه المسألة إشعار بجواز مساواة الموقفين ، وجواز المقارنة في الأفعال.

ولو قال أحدهما : كنتُ إماماً لك ، وقال الأخر : كنت منفرداً ، صحّت. ولو قال أحدهما : كنت منفرداً ، وقال الأخر : كنت مأموماً ، جاء فيه الإشكال.

ومنها : أنّه لا بأس بالصلاة جماعة في مواضع الاضطرار في السفينة الواحدة ،

ص: 330


1- الكافي 3 : 409 ح 2 ، التهذيب 2 : 380 ح 1585 ، الوسائل 3 : 13 أبواب أعداد الفرائض ب 4 ح 1.

والمتعدّدة ، والدابة الواحدة ، والمتعدّدة ، ومن الماشين ، والجالسين ، والمضطجعين والمستلقين ، وهكذا.

(ومنها : أنّه لو علم أنّ الإمام يترك السورة لعجزٍ أو تقيّةٍ أو مرضٍ أو عجلةٍ ، جازَ الاقتداء به على إشكال. ولكلٍّ من الإمام والمأموم حكمه في الأخيرتين على الأقوى.

وإذا لم يأتِ الإمام ببعض القراءة لعُذر ، لا يجب على المأموم الإتيان بها. وإن غلطَ في القراءة ، وجبَ عليه تنبيهه. وكذا في جميع ما يقتضي الفساد من زيادة ركن أو نقصه مثلاً ، وتعميم جميع الواجبات غير بعيد) ؛. (1)

المبحث الثالث عشرٌ : في صلاة القضاء

اشارة

وفيها أبحاث :

أوّلها : بيان ما فيه القضاء من الفوائت

يجب قضاء الفرائض اليوميّة ، دون الجمعة ، والعيدين ، والآيات ، فلا يجب الإتيان بها بعد تمام الآية ، إلا ما كان منها من الأسباب وتمام العمر وقت له ، أو كان من الخسوف والكسوف وقد تعمّد الترك ، أو احترق القُرص.

وصلاة الجنازة على القبر يوماً وليلة. وركعات الاحتياط ، والأجزاء المنسيّة ، وسجدتا السهو ليست من القضاء ، ما لم يفت الوقت.

ويُستحبّ قضاء النوافل الراتبة إذا تأخّرت عن أوقاتها أو عن صلواتها.

ثانيها : ما بسببه يترتّب القضاء ، وهو أُمور :

منها : تركها ، أو الإتيان بمُفسدها عمداً أو سهواً أو نسياناً ، نوماً أو يقظة ، اختياراً أو اضطراراً ؛ فإن كان منه ذلك ، وجبَ في الواجب وندبَ في المندوب قضاؤها له.

ثالثها : بيان ما يسقط معه القضاء ، وهو أُمور :

منها : ما فاتَ قبل البلوغ ، فإنّه لا يجب ولا يُستحبّ قضاؤه بعده ، وإن استحبّ له

ص: 331


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

صورة أو حقيقة قضاؤه قبل أن يبلغ.

وما كان حال الجنون.

ولا فرق فيهما بين مَن أدرك قبل حدوث العارض قدر ركعة ، أو لا ، وبين من أدرك بعد زوال العارض قدر ركعة أو أكثر على تأمّل ، أو لم يُدرك.

نعم عليه إذا عقل قضاء ما فاته حال كماله المتقدّم لو كان أدوارياً.

ومنها : ما فاتَ لكفرٍ أصلي ارتدادي ، فإنّه إذا أسلم سقط عنه القضاء. ولا يسقط عن المرتد الفطري وإن قلنا ببطلان عبادته مع توبته ؛ لأنّ الممتنع بالاختيار لا يخرج عن حكم الاختيار. وعلى المرأة مطلقاً والمرتد الملّي القضاء ، ويصحّ منهما بعد الإسلام.

ومنها : ما فاتَ حال الحيض والنفاس.

ومنها : ما فاتَ حال الإغماء ، أو المرض المشغل للقلب عن الإدراك.

ومنها : فاقد الطهورين في أقوى القولين.

ولا فرق في تلك الأحوال بين من أدرك من أوّل الوقت ركعة أو أكثر ، ولم يبقَ من الوقت ما يقبل الإتمام ، ومن لم يُدرك.

ومن أدرك منهم ركعة (من آخر الوقت) (1) من فريضة أو نافلة مع الشرائط ، وجب أو استحبّ إكمالها. والظاهر أنّها أداء لا قضاء ، ولا موزعة.

رابعها : قضاء ما فات من الفرائض على نحو ما فات ، إن قصراً فقصراً ، وتماماً فتمام.

وفي قضاء ما فيه التخيير احتمال لزوم التقصير ، وبقاء التخيير ، والتفصيل بين القضاء في مقام التخيير ، فيثبت له حكمه ، وخلافه في خلافه ، ولعلّه أقوى.

ومنها : أنّ مَن فاتته فريضة من الخمس ، واشتبهت عليه ، وجب عليه صلاة ركعتين ، وثلاث ، وأربع ، وقد مرّ الكلام في مثله.

ومنها : أنّ من فاتته صلوات لا يعلم عددها ، وجب عليه القضاء حتّى يظن الوفاء.

ومنها : أنّه على أكبر الولد الذكور قضاء ما فاتَ على أبيه عن قصور.

ص: 332


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

وفي اختصاص الأوّل من التوأمين في الولادة ، أو الأخير ، أو التوزيع وجوه ، أقواها الأخير.

والأحوط مع فقدِ الأولاد تولّي ذلك من أقرَب الأرحام ، وإجراء الحكم مع التقصير ، وجرّه إلى الوالدة والجدّين.

ومنها : أنّه يلزم الترتيب في قضاء القاضي عن نفسه شيئاً من الفرائض اليوميّة ، دون الآئيّة ، والنذريّة ، والندبيّة ، ونحوها ، ما لم يبلغ حدّ الحرج. ويتحقّق ذلك بقضاء عددٍ لو رتّبه لحِقَته مَشقّة عظيمة.

ولا يلزم في النيابة عن الأموات ، فيجوز الإتيان بعدّة صلوات نيابة عنه تبرّعاً وجوباً أو ندباً أو بعوض ، مُقترنة في جماعة ، أو على الانفراد ، أو بعكس الترتيب.

والأحوط عدم مُراعاة الترتيب ؛ حَذراً من طول المدّة ، وبقاء الميّت مُعاقباً لو كان القضاء عن واجب ، ومن تأخير وصول الأجر لو كان ندباً.

وللنّائب أن يأتي بما شاء من المقضيّات عن المنوب عنه ، واحدة أو أكثر ، من دون مُلاحظة ما قدّم وأخّر.

ثمّ على القول بالترتيب شرط وجوبه العلم بكيفيّة الفوات ، وهذا لا يتفق غالباً. ثمّ ترتيب النوّاب إنّما يُعتبر حيث يعلم بالمقارنة ، وذلك قلّ ما يتفق في غير صلاة الجماعة.

على أنّ الغالب في صلاة النيابة أنّه لا يعلم كونها من القضاء أو من السنّة المبتدأة ، والإطلاق قاضٍ بإطلاق الرُّخصة.

ومنها : أنّ الحكم لا يختلف في قضاء النفس وقضاء التبرّع ، واجباً أو ندباً ، فالواجب واجب ، والندب ندب.

وأمّا ما كان بطريق المعاوضة ، فيجب فيه مع الواجب بالأصل كلّ مُستحبّ شمله عقد المعاوضة ، من أذان ، وإقامة ، أو قنوت ، أو في أذكار قائمة مقام القراءة ، أو ذكر ركوع أو سجود ، أو تشهّد ، ونحوها ؛ لرجوعها إلى المعاملة ، والبناء فيه على ذلك.

ومنها : أنّ النائب يرعى حال نفسه في شروط الصلاة ، ومُنافياتها ، وكيفيّتها ، من جهر ، وإخفات ، وفي أحكام العجز والقدرة وغيرها. ويرعى حال المنوب

ص: 333

في الأجزاء ، كالقصر والإتمام. فلكلٍ من الذَّكَر والأُنثى ، والمملوك والحرّ حكم نفسه إذا كان نائباً.

ومنها : أنّه لا مانع من الاستيجار على النيابة فيما تصحّ فيه بعقد مُعاطاة أو فضول ، كسائر عقود المعاوضات.

ومنها : أنّه يجوز للنائب أن يستنيب غيره مع التبرّع ، واجباً أو ندباً ، مع عدم ظهور اشتراط المُباشرة ، كما في سائر المعاوضات.

ولو قيل بالفرق بين قول الأجير : «أجرتك نفسي على أن أفعل كذا» فتلزم المباشرة ، وقوله : «على فعل كذا» فلا تلزم ، لكان وجيهاً.

ومنها : أنّ النائب إذا مات ، أو جُنّ جنوناً مُطبقاً ، أو عجز ، وقد بقي عليه شي ء من الصلوات ، فإن كانت مُعينة في وقت لا يزيد عليها ، أو كان زمان الحياة قاصراً عن إتمامها ، انفسخ العقد ، وكان للنائب أُجرة ما عمل. وإن كان مُتّسعاً ، فأهمل حتّى ضاقَ ، فالظاهر أنّه يستأجر عليه من ماله ؛ لأنّه مشغول الذمّة بالعمل.

ومنها : أنّ القاضي عن نفسه لو كان عليه صلوات مُتعدّدة ، كان له أن يؤذّن للأُولى ، ويقيم لكلّ واحدة من باقي الورد إقامة إقامة.

ولو حصل فصل بصلاة خارجة ، أو بمضيّ زمان طويل ، أعاده. وللنّائب ذلك ؛ لعدم خروجه عن المتعارف.

ومنها : أنّ المضاعفة في الصلاة بالمساجد ونحوها ، في الثواب دون الاحتساب ، فلا تُحتسب للنائب صلاة مسجد الحرام إلا بواحدة ، كما حكم به الباقر عليه السلام (1).

ومنها : أنّه يستحبّ التنحّي عن موضع فوات الصلاة وإيقاع القضاء في محلّ آخر.

ومنها : أنّه يجوز القضاء للفرض والنفل ما لم يتضيّق وقت حاضرة.

ومنها : أنّها تجوز الصلاة أداءً في أوّل وقتها ، وإيقاع النافلة أداءً وقضاءً ممّن عليه قضاء الفرائض.

ص: 334


1- الكافي 3 : 455 ح 19 ، الوسائل 5 : 360 أبواب قضاء الصلوات ب 7 ح 1.

ومنها : أنّه يجوز العدول من الحاضرة إلى الفائتة ، دون العكس.

ومنها : أنّه يُستحبّ تعجيل قضاء ما فاتَ نهاراً ولو باللّيل ، وكذا ما فاتَ ليلاً ولو بالنهار.

ومنها : أنّه لو كان عليه من قضاء النوافل ، وتَرَكَ القضاء ، استحبّ له أن يتصدّق بقدر طَوله ، وأدنى ذلك مُدّ لكلّ مسكين ، مكان كلّ صلاة ركعتين من نافلة اللّيل أو نافلة النهار.

فإن لم يقدر ، فعن كلّ أربع من أحد القسمين. فإن لم يقدر ، فمدّ لصلاة اللّيل ، ومدّ لصلاة النهار ، قال الصادق عليه السلام : «والصلاة أفضل ، والصلاة أفضل ، والصلاة أفضل» (1).

ومنها : أنّ من كان عليه قضاء فريضة كان له نيّة الوجوب في طهارته ، أراد فعلها أو لا ، قصد دوام الطهارة أو فعل الندب أو لا. ولو نوى الندب حينئذٍ ، فلا بأس.

المبحث الرابع عشرٌ : في صلاة السفر

اشارة

وفيها مقامان :

الأوّل : في الشروط

اشارة

يجب فيه ترك الركعتين الأخيرتين من الفرائض الرباعيّة اليوميّة ، دون ما كان رباعيّاً من النوافل لو قلنا به. وربّما كان فيه إشعار بنفيه بشروط :

أوّلها : المسافة

وتتحقّق بقطع ثمانية فراسخ في امتدادٍ ذهابيّ أو إيابيّ أو ملفّق منهما ، مع عدم قصور أحدهما عن الأربعة ، في يوم أو أيّام ، ما لم ينقطع بقاطع يوجب التمام ، من كلّ مفارقٍ لمحلّ التمام ، من وطنٍ أو إقامة عشرة منويّة أو واقعة بعد التردّد

ص: 335


1- الكافي 3 : 453 ح 13 ، الفقيه 1 : 359 ح 1577 ، التهذيب 2 : 11 ح 25 ، المحاسن : 315 ح 33 ، الوسائل 3 : 56 أبواب أعداد الفرائض ب 18 ح 2.

ثلاثين يوماً ، أو سفينة ، أو دواب ، أو دوران ، أو سعاية ، أو إمارة ، أو نحوها من أسباب عمل السفر ، أو موضع تردّدٍ بعد قطع بعض المسافة ، أو معصية ؛ لأنّها بتمامها من قواطع السفر شرعاً ، كما تُنبئ عنه الأخبار في المسافة في جواب من قال : «في كمّ التقصير؟» (1) ، ظاهر إطلاق التقصير في المسافة ، وفي خصوص الإقامة والعشرة بعد التردّد ، والسفينة إطلاق المنزلة.

وفي خصوص الإقامة ذكروا أنّ نيّتها في أثناء المسافة تقطع المسافة ، وأنّ الخارج منها إلى ما دون المسافة يتمّ في ذهابه ومقصده ، ويقصّر في رجوعه لقصده المسافة. والذي يظهر بعد التأمّل أنّ انعقاد التمام لا يرفع حكمه سوى قصد المسافة.

ولو تردّد في أقلّ من أربعة فراسخ فتمّ بتردّده العدد ذهاباً وإياباً ، أو إلى الجانبين يميناً أو شمالاً ، أو ملفّقاً بأقسامه ، أو ذهب قاطعاً لأقّل من أربعة فأتمّ من الإياب ، أو بالعكس ، فلا مسافة.

ومبدأ الحساب من سور البلد ، ومُنتهى العمارة من القرى والبُلدان الصغار والمتوسّطات ، ومُنتهى البيت الواحد ، وبيوت جماعة الأعراب مع التوسّط.

وأمّا الكبار المخالفة للعادة ، فالمدار فيها على مقدار مُعتاد البلدان. ويجري على ما دون محلّ الترخّص حكم الاحتساب.

وجاهل المسافة يتمّ.

والفرسخ : ثلاثة أميال.

والميل : أربع آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله (2) أربعة وعشرون إصبعاً عرضاً.

وقدر عرض الإصبع : عرض سبع شعيرات متوسّطات.

وقدر عرض الشعيرة : عرض سبع شعرات من متوسّط شعر البرذون.

وبناؤها على تحقيق في تقريب ، فلو نقصت حقيقة التقريب مقدار إصبع أو أقلّ لم

ص: 336


1- انظر الوسائل 5 : 492 أبواب صلاة المسافر ب 1 ح 8 ، 11 ، 13.
2- في «ح» زيادة : من المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى وقدره.

يكن مسافة. واستغراق النهار بسير كسير الإبل القطار يغني عن الاختبار.

ولو كان له طريقان برّيان أو بحريان أو مختلفان ، يبلغ أحدهما المسافة دون الأخر ، عمل على وفق ما سلك.

ولو قطعَ مقدار المسافة على نحو الدائرة ، أو الدوائر ، أو التردّد في خطّ عرضه مُحاذي مكان البلد ، أو الملفّق من الاثنين والثلاثة ، لم يَكن مسافراً.

ولو قطعَ شيئاً من المسافة خارجاً من بيوت الأعراب أو من غيرها فمكث زماناً ، حتّى اتّصلت البيوت بمكان مكثه ، احتسبَ ما قطعه من المسافة على إشكال.

ولو رقى جبلاً ، احتسب متنه وجانباه ، بخلاف المنارة والشجرة.

ولو كان على دابّة مثلاً أو في سفينة عظيمة ، كان مبدأ الحساب من مَقرّه ، لا من بدايتها أو نهايتها.

ويكفي في معرفة المسافة والفراسخ والأميال الشياع ، وشهادة العدلين ، والعدل الواحد على الأقوى ، وإن كانت امرأة.

ولو حصلَ الاختلاف على وجه التساوي ، بقيَ على الحال الأوّل.

ولا يلزم التفحّص عن المسافة مع الشكّ ، بل يبني على عدمها. ولو تعارضت البيّنتان أو العدلان ، قصّر ؛ ويحتمل الإتمام.

وأقرب الطرق إلى معرفة المسافة : ملاحظة مسافة منى وعرفات ، وما بين عاير ووعير. ومع عدم شي ء من الطرق السابقة يكفي الرجوع إلى سير الإبل القطار يوماً مُتوسّطاً إلى اللّيل.

ثانيها : قصد المسافة

فلو ذهبَ بمقدارها نائماً أو غافلاً أو مجنوناً أو مُغمى عليه ، أو كانَ طالباً لآبقٍ ، أو حيوانٍ ضالّ ، أو مالٍ ضائع لا يعرف مكانه ، ولم يقصد في البين مسافة أربعة فما زاد ، ناوياً للرّجوع عند انتهائها ، أو مطلقاً على إشكال ، إلى غير ذلك ممّا لم يكن فيه توجّه إلى مقصد معلوم ، فلا قصر وإن بلغ الصين.

والإياب سفر مُستقلّ له حكم نفسه.

ص: 337

ولا يُعتبر قصد عنوانها ، فلو قصدَ مكاناً هو مسافة في الواقع ، ولم يعلم بحاله ، ثمّ علم ذلك قبل إيقاع الصلاة ، صلّى قصراً. ولو صلّى تماماً زاعماً عدم المسافة ثمّ انكشف له الخطأ أو بالعكس ، صحّ ما فعل على إشكال ، والأخير أشكل.

ولو تبع التابع في القصد متبوعه ، وكان قاصداً للمسافة ، جرى الحكم عليه ، من مملوكٍ أو خادمٍ ، ونحوهما ، وجميع من تعلّق قصده على قصده. ويتغيّر الحال بتغيّر المالك والمصحوب ، ومع المساواة يبقى حكم (1) الأول.

والمجبور يتبع قصد الجابر. ولو جهل أحدهم قصد متبوعه ، أتمّ ، ولا يجب عليهم الفحص.

وقصد اللّوازم قصد الملزومات ، فلو قصد مسافة يقصّر فيها ، ولم يعلم كميّتها ، وبنى على السؤال ، قصّر.

ولو جهلَ مقدار المسافة شرعاً ، ولم يكن من يَسأله ، جَمَعَ. ويحتمل الاكتفاء بالتمام.

ولو قصدَ مكاناً ينقسم بعد الأخذ فيه إلى أكثر من طريق ، فأُخبر في الأثناء أنّ له طريقين أو طُرقاً أحدها يبلغ المسافة ، ولا ترجيح عنده لأحدها ، أتمّ.

ولو علم في الابتداء أنّه ينقسم في الأثناء ولم يعيّن ، أتمّ أيضاً. ولو علم أنّه يموت في أثناء المسافة ، ففي بطلان حكم المسافة مطلقاً ، أو ثبوته كذلك ، أو الفرق بين أن يعلم توجّه نعشه نحو المسافة فيحتسب ، أو لا ، وجوه ، أو جهها الأوّل. وفي الظنّ والشكّ يقوى الثاني.

ولو اختلفَ جماعة في المسافة ، جازَ ائتمام بعضهم ببعض على إشكالٍ ، مبني على احتمال كون المسافة شرطاً علميّاً أو وجوديّاً.

ولو دخلَ في القصر ، فعلم بعدم المسافة قبل الخروج ، أتمّ. وإذا انعكسَ الأمر ، فإن ركع في الثالثة ، كانَ كمن أتمّ ، وإلا هدم.

ص: 338


1- في «ح» : الحكم.

ولو قصدَ مسافة فنقصت بعد الدخول بقلع مرتفع أو تسطيح أو بالعكس ، فإن أتمّ الصلاة قبل العمل أو العلم ، مَضَت. وإن حصل العارض في الأثناء ، كان على نحو المسألة السابقة. وإن حصل قبل الشروع ، انقلب الحكم.

ثالثها : استمرار حكم القصد بأن لا ينقضه بما ينافيه

ولا يُشترط استمراره ، فالنوم ، والغفلة ، والنسيان ، والإغماء ، والجنون ليست من النواقض. وينقضه العزم على عدمه أو التردّد فيه ، فتنهدم المسافة قبل بلوغها بحصول أحدهما.

فلو قصّر قبل الهدم ، صحّ ما عمله. ولو حصل الهادم في الأثناء ولو بعد التشهّد ، وقبل التسليم المُخرج أتمّ ، وليس عليه حكم السهو للتّسليم الغير المخرج.

ومُنتظر الرَّفَقَة إن اطمأنّ باللّحوق قصّر ، وإلا أتمّ. فإن رجع إلى قصد السفر ، لم يحتسب ما مضى من المسافة. وكذا من ردّته الريح.

والممنوع عن السفر يحتسب محلّ الضرب ، دون محلّ الترخّص ؛ عملاً بعموم السفر ، وظهور اعتباره في حقّ الوطن. وقد تُلحق به الإقامة والعشرة بعد الثلاثين في وجه ، وفي السفينة يضعف الاحتمال.

والمعتبر استمرار القصد في أصل طبيعة المسافة ، فلا يخلّ به العدول من طريقٍ إلى آخر.

ولو عزمَ على قاطع ممّا سبق في أثنائها ، انتقضَ استمراره إذا أتى بشي ء منها بعد الانصراف عن محلّ العزم ، وفيه إشكال.

ومع التردّد في الإتيان به ابتداء في غير الوطن واستدامة إشكال ، والاحتمال الضعيف لا اعتبار به.

ويكفي قصد الوليّ ، واستمرار قصده عن المولّى عليه من صبيّ أو مجنون ، فإذا عقل في الأثناء ولو بقي أقلّ من المسافة قصّر.

ولو قصدَ مسافة فزعمَ بلوغها ، وعزم على ترك ما زاد ، ثمّ ظهر اشتباهه ، ضمّ

ص: 339

ما بقي إلى ما مضى ، ولا تنقطع مسافته. ولو توقّف بعد الخروج عن محلّ الترخّص مُنتظراً للرفقَة باقياً على العزم ، فذهل عن صلاته حتّى فاتَ الوقت ، ثمّ عدل عن السفر ، قضى صلاة السفر على إشكال.

ولو ترخّص جاهلاً أعاد ، ولو أفطر كفّر.

رابعها : بلوغ مَحلّ الترخّص في الخارج من الوطن

أو موضع الإقامة ، أو عشرة بعد مضيّ الثلاثين متردّداً ، دون أسباب التمام الباقية ، وإن كان إلحاق السفينة بها غير خالٍ عن الوجه.

فإنّه يكفي فيها الضرب بالوصول إلى مكان لا يسمع فيه الأذان ممّن يؤذّن حول آخر بيوت البُلدان ، أو القرى ، أو الأعراب ، ولا يُشخّص فيه شكل الجدران.

ويُعتبر فيه التوسّط في البلد ، فإن خرجَت عن الاعتدال ، اعتبرَ منتهى جدران محلّةٍ تُساوي البلد المتوسّطة وفي الرائي ، والسامع ، والرؤية ، والسماع ، (والمؤذّن ، ومكانه ، والأذان ، والأرض ، وشكل الجدران) (1) طولاً وعرضاً ولوناً.

ويُعتبر الخلوّ عن شدّة الهواء ، وكثرة الغوغاء.

ويكفي أحد الأمرين على الأقوى.

ويجزي البلوغ مع عدم القصد ، والمشكوك فيه لا رُخصة فيه.

ومع تعارض البيّنتين يحكم بالقصر ، ويحتمل التمام ، ولا يجب الفحص عن حاله.

ومن كانَ مضطجعاً مثلاً على نفس الحدّ ورأسه ممّا يقرب من المؤذّن ، ولا يسمع لو كان رأسه في مكان قدميه ، أُلحقَ بغير السامع لو قامَ في محلّ القدمين على إشكال (2).

وإذا اختلفَ الراؤون ، والسامعون ، والكلّ غير خارجين عن الاعتدال ، تبعَ النافي المُثبت ، ما لم يتّهمه فينتفي الظنّ عنه ، وحينئذٍ يعمل كلّ على رأيه أو سماعه.

ص: 340


1- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : والمؤذن في مكانه ، والمؤذن ، والأرض مشكل والجدران.
2- في «ح» زيادة : يجري ذلك في قطع المسافة.

وفي ائتمام بعض ببعض إشكال ، والأقوى الجواز (1) ؛ لأنّ نيّة القصر والإتمام لا تتوقّف عليها صحّة ، ولا يترتّب عليها فساد.

وفي إرجاع البلد الصغير إلى المتوسّط بحسب العرض والتقدير وجه.

ويختلف الحال بزيادة البيوت ، ونقصها. ويتبدّل الحكم بتبدّل حدود البلد زيادةً ونقصاً على ما هو الأقوى.

وليس لخصوص الأذان والجدران خصوصيّة ، بل الحكم يعمّهما ، ويعمّ ما يشبههما من صوتٍ صادرٍ عن جماد أو حيوان أو إنسان يشبه الأذان في ارتفاعه ، وشجر وجذوع وخشب ونحوها.

ومع فقد المؤذّن ، والجدران ، والسّمع ، والإبصار ، يبنى على التقدير إن أمكن ، وإلا فعلى التقليد.

ولا يكفي الاعتبار بالصوت الواحد ، ولا بالصوت الضعيف ، بل المدار على مقدار الأذان الذي يتضمّن الإعلام عادة.

والمدار في البحر على فرض الماء أرضاً متساوية.

خامسها : كون السفر وغايته الباعثة عليه مُباحين

من أوّل المسافة إلى آخرها ، فيجري الحكم في الجميع ؛ أو البعض.

فيجري فيه لو كان نفس السفر معصية ، كالسفر بعد النداء يوم الجمعة ، وسلوك المكان المغصوب ، وتارك وقوف عرفة ، وحضور صلاة العيد حين وجوبها ، وسالك الطريق المَخوف ، وسفر العبد الابق ، وعمّال الظلَمة في باب العمالة ومطلق الطاعة ، والزوجة الناشزة ، والمطلقة الرجعيّة ، وعاصي الوالدين في سفره مع نهيهما ولزوم طاعتهما ، ونحو ذلك.

أو كانت غايته ، معصية ، كقطع الطريق لسرقة مال مُحترم ، أو قتل نفس

ص: 341


1- في «ح» زيادة : في غير الأخيرتين ، وفيهما أشدّ إشكالاً ، وإنما جاز.

مُحترمة ، أو حضور الملاهي ، أو مواجهة ظالم للاستعانة على المظالم ، أو صيد اللّهو ، دون صيد التجارة وأكل اللّحم ؛ وفي صور الضمّ يقدّم اللّهو ، أو مع ظنّ التلف ، ونحو ذلك.

وسفر النزهة من المباح.

ولا عبرة بالمُقارنات الغير المقصودة ، كالمعاصي المتفقة في الطريق من غير قصد.

وكذا المقارِنات الداخلة المقصودة من المبدإ ، كالدابّة ، والسرج ، والرحل ، وتوابعهما ، والنعل ، واللباس ، والمحمول من نفقة ونحوها ، في ثيابه ونحوها ؛ لاشتراكهما في كونهما معصية في السفر.

ولا يكون السفر بهما سفر معصية أو إلى معصية ، والأحوط في القسم الأخير الجمع.

ولو كانت المقارنات مُنفصلة غير متّصلة ، كعبدٍ ، أو خادمٍ ، أو رفيقٍ ، أو دابة مصحوبة ، أو حملها ، ونحو ذلك ، جرى فيها الاحتياط ، إلا أنّه أضعف منه في سابقه.

(ولو كانَ السفر لأجل نقلها ، كانَ سفر معصية) (1).

ولو كانَ مُضاداً لوفاءِ دينٍ أو أداء حقّ ، كتسليم أمانة ، أو حقّ قصاص ، أو تعلّم واجب ، ونحو ذلك من المنافيات ، كانَ داخلاً في حكم المباحات.

ولو عدلَ عن قصد المعصية ، أو ارتفعت في الأثناء ، لوحظَت المسافة من حين العدول والارتفاع. ولو شاركت الطاعة المعصية في الباعثيّة ، كانَ المدار على المعصية مع الأصالة فيهما ، أو في إحداهما (2) أو اشتراكهما في السببيّة على الأقوى.

ولو لم يكن المحرّك هو العزم على المعصية مع العلم بحصولها في أثنائه أو بعد انتهائه ، أو لم يعلم ولم يكن احتمالها باعثاً على العز) جرى فيه حكم المُباح. ولو كان احتمالها هو الباعث دخلَ في حكم سفر المعصية.

ص: 342


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- بدل إحداهما في «ح» كليهما.

والعامل إن كان الباعث على سفره طاعة الظالم من حيث (حكمه أو) (1) ظلمه فيأمر يدخل في العمالة أو لا ، ولو إلى حجّ أو زيارة دَخَلَ في حكم سفر المعصية.

وأمّا ما خرج عن العمالة ، ودخل في أمر لا يدخل في المعصية ، فهو داخل في السفر المباح.

ولو تابَ الابق أو الناشز فأراد الرجوع للطّاعة ، قصّرا فيه إن بلغ مقدار المسافة. ولو اضطرّ بعد التوبة إلى الوصول إلى مسافة ، قصّر فيها.

ومن كانَ مع الظالم في جُنده ، أو في جملة مقوّمي سلطانه ككُتّابه ، وحرسه ونحوهم فرضه التمام.

ولا بدّ من مُلاحظة الفرق بين سفر المعصية ، ومعها مُتّصلة أو مُنفصلة ، مُستمرّة أو منقطعة ، وإليها مُنفردة ومُنضمّة.

سادسها : أن لا يعزم على الإقامة عشرة أيّام متّصلة

بينها تسع ليالٍ ، علم تفصيل عددها أو لا ، فلا تتوقّف على تصوّر العنوان بحيث لا يخرج ليلاً ، ولا نهاراً ، ولا عِبرة باللّيلة الأُولى ، ولا الأخيرة ، بشرط أن يتمّها باقياً على عزمه.

وما زاد عليها يدخل في حكمها من غير حاجةٍ إلى نيّة جديدة.

أو يعزم ، ثمّ يعدل عنها بعد إيقاع صلاة فريضة مؤدّاة رباعيّة تامّة ، أو بعد الدخول في ركوع ثالثتها عمداً أو سهواً.

ولا عِبرة بالعمل بمقتضاه في صيام أو نافلة ، أو مضيّ الوقت ، أو للمعصية ، أو مضي الثلاثين مثلاً ، وتُخلّ بنيّتها نيّة الفصل في ليلٍ أو نهار بالوصول إلى محلّ الترخّص ، والإتيان بها في مواضع التخيير يتبع القصد ، وفي تكميل المُنكسر من اليوم الحادي عشر وجه قويّ.

وفي إدخال الأُولى والأخيرة في حكم المتوسّطات وجه ضعيف ، وفي جبر الكسر

ص: 343


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

من اللّيلة الأُولى أو الأخيرة إشكال.

ومن كانت إقامته عن سبب ، كجبر جابر ، أو تبعيّة تابع ، أو حدوث حادث ، أو معلّقة على سبب مستقبل ، فإن اطمأنّ ببقاء السبب أو حصوله حيث يعتبر الحصول ، صحّت إقامته ، وإلا لم تصحّ.

والمدار في محلّها على اسم المكان ، والبلد ، وبيوت الأعراب ، ما لم تخرج في الكِبَر أو الكثرة عن حدّ الاعتدال كِبَراً أو سعة ، فمسجد الكوفة مع النجف ، وبلد الكاظم عليه السلام مع بغداد ؛ بلدان.

وما يتكرّر التردّد إليه من المتوطّنين تحقيقاً أو تقديراً يُلحق به ، فيختلف الحال باختلاف المحال. ولو أخذ قيد الضيق أو الاتّساع ، لم يكن له ذلك. فلا عبرة بالنيّة سعةً وضيقاً. ولو نوى ، رجع إلى المُعتاد.

ولو قال : إلى الجمعة ، فزعمها عشرة أيّام وأتمّ ، فظهر النقص ؛ أو زعمها ناقصة ، فظهر التمام ، وعمل بمقتضى زعمه ، فظهر الخلاف ، صحّ ما عمل.

ولا حكم لبيوت الأعراب في الإقامة فيها ما لم تبقَ في محلّها ، فتكون النيّة فيها كالنيّة في الوطن ، فلا تنعقد في صهوة أو خيمة ما لم يطمئن ببقائهما مدّة الإقامة.

والعلم بالجنون والإغماء في الأثناء لا ينافيها ، وحدوثهما بعد نيّتها مطلقاً أو بعد صلاة فريضة تامّة لا ينافي لزومها.

ولو نوى الإقامة في أثنائها (حيث تحصل فترة أتمها ، ويقوى جريان الحكم عليهما مع نقصهما إذا كانا تابعين) (1) والعلم بالموت غير مُنافٍ ، وفي الفرق بين العلم بالنقل إلى مسافة ، أو إلى محلّ الترخّص على اختلاف الرأيين ، فتثبت المنافاة وعدمها وجه ، والأوجه ما تقدّم ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن.

ويُعتبر الوصل في النيّة كما في سائر النيّات ، فلا يكفي أن ينوي عشرة بعد مضيّ زمان ، وبعد (حدوثه يتردّد في نيّته أو يغفل عنها) (2).

ص: 344


1- بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : أتمّ.
2- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : وقوع النيّة يتردّد فيه عن عقد النيّة مجدّداً بعد زمان التردد.
سابعها : أن لا يبلغ الثلاثين يوماً مع التردّد ظنّاً

من غير اطمئنان ، أو شكاً ، أو وهماً ، في محلّ واحد على نحو محلّ الإقامة ، أو عازماً على السفر في كلّ يوم ، فلم يتفق. ولا يكتفي بالشهر الهلالي عملاً بالأصل ، مع الشك في المراد بمطلق الشهر.

ويقوى عدم اشتراط اللّيلة الأُولى والأخيرة في هذا المقام ، وفي كل ما تعلّق الحكم فيه بمسمّى الأيّام. وفي اعتبار المنكسر يوماً بعددي أو هلالي أو ملفّق ، وفي التلفيق من اللّيالي أو الأيّام كلام مرّ سابقاً.

ولو شكّ في البلوغ ، بنى على العدم.

ولو بنى على البلوغ أو العدم فعمل عملهما فظهر العدم ، بنى على صحّة ما تقدّم.

ولو تردد فيما لم يعدّ مكاناً واحداً ، لم ينقض حكم سفره ، وإن كان دون المسافة.

وتردد المتبوع من مالك وجابر تردّد التابع ، كما أنّ عزمه عزمه.

ولو أتمّ لسببٍ فانكشف عدمه ، صحّ ما فعل ، وكذا لو قصّر فزال السبب.

ومن بقي مَجنوناً هذه المدّة ، أو غافلاً من غير عقد إقامة ، أو مع عقدها قبل الإتيان بفريضةٍ على نحو ما ذُكر سابقاً ، يُلحق بالمتردّد على إشكال. والمتردّد لزعم وجود شي ء أو عدمه مع الخطأ متردّد.

ثامنها : أن لا يكون السفر عمله

كالمكاري (1) ، والملاح ، والحطّاب ، والسقّاء البالغين عادة حدّ المسافة ، وأمير البيادر ، ووكيل المزارع ، وسفير التجار ، وأمين السفينة ، وصاحبها المتردّد معها ، والدائر في تجارته أو صناعته ، والبريد ، ومستحفظي الطرق ، والسعاة ، ونحوهم ممّن عملهم السفر.

ويدخل في حكم التمام ، مع قصد العمل في السفرة الثانية ، وإن كان الأحوط فيها الجمع ، والاقتصار على الإتمام في الثالثة.

ص: 345


1- المكاري : الذي يكري الدواب ، والكريّ : الذي يكري الإبل. أساس البلاغة 2 : 305.

وينقطع حكمه بالإقامة عشرة أيام في وطنه ، منويّة أو لا ، وفي غيره مع النيّة ، وتعود إلى التمام في السفرة الثانية. والأحوط الجمع فيها حتّى يدخل في الثالثة.

ولو أقام عشرة غير منويّة مُصلّياً تماماً لسبب من الأسباب ، كالتردّد ثلاثين ونحوه ، فلا عبرة بإقامته. كما لا عبرة بإتمام العشرة متردداً ، أو عازماً على السفر فيها بعد عقدها ، وصلاة رباعيّة على إشكال.

والمركّب من عملين ، كأن يجمع بينهما في سفر واحد ، وعمل واحد من ذي الأعمال كالمفرد. ومن فارقَ عمله في سفر لم يتمّ.

وطول السفر بحيث يزيد على الحضَر أو لا ، إذا لم يكن عملاً موضوعاً (1) على التردّد والاستمرار بل يقع منه في السنة مثلاً مرّة لا عبرة به.

ومن لا وطنَ له ، وعمله السياحة ، فليس من أهل العمل. ويمكن توجيه ما دلّ على «أنّ المكاري والملاح إذا جدّ بهما السير قصّرا» (2) بذلك.

ومن فاتته صلاة ممّن وَجَبَ عليه التمام من جميع الأقسام ، قضى تماماً. ومن صلّى قصراً جهلاً ، عصى وأعاد.

تاسعها : أن لا يكون من المواطن الأربعة

المسجد الحرام (3) ممّا عدا الزيادات الأمويّة ، والعباسيّة ، والعثمانيّة وفي بعض الأخبار : أنّ المسجد يزيد عليها ؛ ، والعمل عليها غير بعيد ، ومنه الحِجر ، والكعبة.

والمسجد النبوي ؛ ممّا عدا الزيادات ، ويقوى عدم دخول الروضة التي فيها قبر الزهراء عليها السلام على قول (ومحلّ الضريح المطهّر فيه) (4).

ص: 346


1- في «م» ، «س» : غير موضوع.
2- الوسائل 5 : 519 أبواب صلاة المسافر ب 13.
3- الكافي 4 : 526 ح 8 ، الفقيه 2 : 149 ح 656 ، التهذيب 5 : 453 ح 1584 ، الوسائل 3 : 541 أبواب أحكام المساجد ب 55.
4- بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : والحضرة المطهّرة فيه.

ومسجد الكوفة ؛ على نحو ما وضع أوّلاً ، وليس فيه زيادة ، وقد نقص منه كثير ، ولا نعرف تحديده ، فالأحوط الاقتصار على ما أحاط به السور.

والحائر الحسيني ؛ والمتيقّن منه ما أحاط بالقبر الشريف من كلّ جانبٍ من جوانبه بخمسة وعشرين ذراعاً باليد.

وتحديده بمحاط سور الصحن الشريف وقد حصل فيه الان تغيير وتحريف غير بعيد.

ويتخيّر فيها بين القصر والإتمام ، والأوّل أحوط ، والثاني أفضل.

ولا يُلحق بها شي ء من المساجد والحضرات ، ويستوي فيها مستويها ، وأسافلها ، وأعاليها ، ومحاريبها ، وأبوابها ، وما تحت جدرانها.

ولو اشترك بدنه بين الداخل والخارج ، دخل في حكم الخارج ، إلا أن يكون ممّا لا يُعتدّ به على إشكال.

ولو أخذ في الصلاة داخلاً ، ثمّ خرج قبل الدخول في ركوع الثالثة قصّر ، أو بعده أتمّ. ولو دخل فيها قبل دخوله ، ثمّ دخل في أثنائها ، أتم.

ومن ضاقَ عليه الوقت عن الإتمام ، وجبَ عليه التقصير ولا يكتفي بإدراك الركعة. وكذا لو كان قريب الحدّ (1) ، وجبَ عليه الدخول في محلّ التخيير ، وكذا لو كان داخل الصلاة وأمكنه ذلك.

(ويجب العدول قبل الدخول في ركوع الثالثة) (2).

وكذا مع مزاحمة واجب آخر.

ويجوز فيها فعل النوافل المقيّدة بالحضر أتم أو قصّر ، والأحوط الترك ، ولا سيّما مع التقصير ، ويجري التخيير فيما فاتَ فيها سفراً فيها ، دون ما فاتَ في غيرها فيها ، أو فاتَ فيها في غيرها.

ص: 347


1- في «ح» زيادة : ومنع عن التقصير. أقول : الظاهر أنّ المراد بالحدّ هو حدّ الترخّص.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ولهُ إتمام بعض الفرائض دون بعض.

ولو أتمّ زاعماً كونه في أحدها فانكشف خلافه ، أعاد.

ولو قَصَدَ التمام فخرج بالتسليم سهواً ، فليس له الإتمام ، وفيما لو دخلَ في سلامٍ غير مُخرج إشكال ، ولعلّ الجواز مع الإتيان بسجود السهو لا يخلو من قوّة.

وفي إلحاق الشكّ بين ركعاتها بالشكّ في الثنائيّة ، أو الرباعيّة ، أو البناء على اختلاف النيّة ، (أو التخيير) (1) ؛ وجوه ، أقواها الأوّل. ولو التزم بأحد القسمين التزاماً شرعيّاً ، وأتى بالآخر سهواً ، صحّ ، ولا شي ء عليه. ولو تعمّد المخالفة ، عصى ، وكفّر ، وصحّت صلاته على إشكال.

عاشرها : أن لا ينقطع سفره بشي ء من القواطع ، وهي عديدة :

منها : الوصول إلى الوطن ، وهو محلّ السكنى عُرفاً ، مع الاستقلال أو بالتبع ، كالمماليك والعيال ونحوهم ، مع وجود الملك من منزلٍ أو غيره وعدمه ، مُتّحداً كان أو مُتعدّداً بشرط أن يكون وطنين لا أكثر ، يقسّم السكنى بينهما سهمين مُتقاربين ، لا مُتفاوتين تفاوتاً فاحشاً ، فإنّه يكون المدار على خصوص الأكثر.

والمدار على الصدق العُرفي ، وينعقد بمجرّد النيّة ، والتردّد يُنافيها ابتداء ، لا في الأثناء ، وإن كان الأحوط الجمع إلى أن يمضي مقدار ستّة أشهر ، ولو مُتفرّقة.

ومتى عَدَلَ عن الوطنيّة ، وخرجَ إلى مسافة ، انقطعَ حكمه ، فلا تثبت الوطنيّة بإقامة ستّة أشهر اتفاقاً ، أو مقصودة بلا وطنيّة ، أو مقصودة مع الوطنيّة ، مع العدول عنها ، مُتفرّقةً أو مُجتمعة ، وهي المسمّاة بالوطن الشرعي ، وإن كان الجمع في القسم الأخير أحوط.

وعلى القول بثبوت الوطنيّة بالستّة أشهر لا نفرّق بين مجتمعها ومتفرّقها ، وبين ما صلّي فيه تماماً للإقامة ، أو مضيّ الثلاثين ، أو لغيرهما من الأسباب أو قصراً.

ص: 348


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».

ولا أثرَ لوجود الملك منزلاً أو غيره مع الخلوّ عن الوطنيّة ، ولا أثر للخلوّ عنها مع ثبوتها.

ووطن الأعراب ومَن أشبههم بيوتُهم ، فمتى رحلوا معها كان وطنهم معهم ، من غير فرقٍ بين أن يكون الرحيل مُتكرراً منهم ، وأن لا يكون ؛ ولا بين أن يكون إلى المقاصد المُعتادة ، أو لا ، مع استصحاب البيوت والأهل لقصد النزول.

ومن كانَ بين الأعراب بلا بيت ، فوطنه أهله ، أو بلا أهل فوطنه نفسه (1) ، إذا كان شأنه الرحيل على إشكال.

فلو استصحب أحدهما أو كلاهما لا بقصد النزول ، فلا عبرة به.

ومَن له وطن مع الأعراب ، وآخر مع الحضر ، فهو ذو وطنين.

ومنها : إقامة عشرة أيّام على نحو ما مرّ ، والظاهر عدم (2) إلحاق العشرة بعد الثلاثين بها.

ومنها : حصول بعض أسباب التمام ممّا عدا الوطن ، كأن تردّ عليه سفينته أو دابّته أو أسباب تجارته أو صناعته التي يدور بها أو قصد سعاية ، أو الرواح إلى بيادره (3) إلى غير ذلك ، فيقصد باقي المسافة لتحصيل عمله ، أو يعصي بنفس السفر ، أو يقصد المعصية في أثنائه.

ومنها : حصول العزم في أثنائها مع قصور الباقي عن المسافة على الرجوع إلى الوطن ، أو قصد طريق آخر يقتضي الوصول إلى الوطن ، أو الإقامة ، أو العزم عليها ، أو على ما مرّ من الأسباب. وفي التردّد فيها إشكال ، ويقوى حينئذٍ عدم القطع.

حادي عشرها : الضرب

حادي عشرها : الضرب (4) في الأرض فيما لم يُعتبر فيه محلّ الترخّص في أحد

ص: 349


1- في «م» ، «س» : مصاحبهم بدل نفسه.
2- كلمة عدم غير موجودة في «ح».
3- البيدر : الموضع الذي تُداس فيه الحبوب. المصباح المنير : 38.
4- في «ح» : عدم الضرب.

الوجهين ، ويحتمل الاكتفاء بمجرّد العدول ، والتوقّف على قطع مقدار محلّ الترخّص ، كقصد المسافة الجديدة من محلّ العزم على الرجوع ، أو التردّد ، أو مُفارقة الصنعة أو السفينة أو الدواب ، أو زوال الجنون ، أو عدول الهائم ، أو طالب الابق والضالّ ، ونحو ذلك ، فإنّه على القول بعدم اعتبار محلّ الترخّص فيها يقوى اعتبار الضرب في الأرض قاصداً للمسافة.

ثاني عشرها : أن لا يكون جاهلاً بالقصر والإتمام

جهالةً أصليّة دون الجهل بالخصوصيّة ، كجهل اعتبار المسافة ، أو القصد ، أو حكم الأسباب فإنّ صلاة التمام تكون مُجزية مُسقطة للإعادة والقضاء عنه.

وفي كون نفس الصلاة مُحرّمة والصحّة بهذا المعنى لا تنافي أو كون العصيان في جهله دون فعله ، أو المعذوريّة في المقامين ، وجوه ، أوسطها أوسطها.

والظاهر أنّ الجاهل بحكم إقامة العشرة بحكم الجاهل الأصليّ ، وتمشية الحكم إلى كلّ جاهل بالحكم أو بالموضوع غير بعيد.

المقام الثاني : في الأحكام

وفيه مباحث :

الأوّل : في أنّ ابتداء مَسح المساحة من منتهى البلد ، أو مجمع بيوت الأعراب ، إذا لم تكن مُتّسعة اتّساعاً خارقاً للعادة ، فيؤخذ المسح حينئذٍ من طرَف المحلّة ، أو من طرَف ما يساوي المُعتاد ولعله أولى أو مُنتهى القرية ، أو البيت الواحد ، أو الدار الواحدة ، أو الرباط الواحد.

ويتجدّد (1) الاتساع والضيق بتجدّد ؛ (2) الكثرة والقلّة.

ص: 350


1- في «م» ، «س» : بتحدد.
2- في «م» ، «س» : بتحدد.

وما بين الحدود ومحلّ الترخّص داخل في المسافة (1).

المبحث الثاني : تُعتبر المسافة جديداً بعد ارتفاع كلّ قاطع ، من وطنٍ ، أو إقامةٍ ، أو مضيّ ثلاثين بعد التردّد.

وكذا بعد عدول عن سفينته ، أو دواب ، أو تجارة ، أو صناعة ، أو سعاية ، أو إمارة ، أو معصية ، أو عزم على رجوع ، أو تردّد فيه على إشكال.

فيمسح حينئذٍ من محلّ العروض ، أو بلده ، أو قريته وفي اعتبار مقامه الذي هو فيه قوّة إلى وطنه أو محلّ عروض الأسباب.

ولو طالَ السفر ، وكَثُرت الأسباب ، مُتجانسة أو مُتخالفة ، ولم تفصل بمسافة ، أتمّ ولو بلغ الصين.

المبحث الثالث : يُعتبر في جواز القصر بعد الضرب بلوغ محلّ الترخّص في الخروج عن الوطن ، ومحلّ الإقامة ومضيّ الثلاثين بعد التردّد ، وفي باقي القواطع من عدولٍ أو عزمٍ على رجوع أو تردّد فيه يحتمل ذلك ، فيختبر بخصوص الأذان تحقيقاً أو تقديراً مع عدم البيوت ، والرجوع إلى حكم القصر في محلّه ، والتوقّف على الأخذ في الضرب وجوه ، أقواها الأخير ، فإنّ الماضي لم يكن سفراً شرعيّاً ، مع وجود ما يحجبه عن المستقبل ، فيجي ء في الحادث حكم السفر الجديد على إشكال.

المبحث الرابع : يُعتبر في انعقاد الإقامة العزم على عدم الخروج من محلّها إلى مسافة أو ما نقص عنها ممّا يخرج عن الحدود المتعارفة.

ويقرب اعتبار عدم إدخال تجاوز محلّ الترخّص في القصد ، وعدم المنافاة في الإدخال لما دونه ، ولو أضمر زائداً زاعماً عدم الخروج عن الحدّ أو متردّداً متوقّفاً في الرخصة على السؤال ، ففيه إشكال ، والأقوى عدم الإخلال.

ص: 351


1- في «م» ، «س» : المساحة.

المبحث الخامس : أنّه بعد انعقاد الإقامة وتمامها أو لزومها بفعل فريضة تامّة ، أو بعد مضيّ الثلاثين ، يكون محلّهما بمنزلة الوطن ، فيبقى على التمام ما لم يقصد مسافة ، ويستمرّ عليها على نحو ما جرى في حكم الوطن.

فلو خرجَ إلى محلّ دون المسافة خارجاً عن محلّ الترخّص ناوياً للإقامة فيه أو لا ، أو غير قاصدٍ إلى محلّ ، عازماً على الرجوع إلى محل الإقامة أو متردّداً فيه ، ولم يرجع ، أو رجع ناوياً للإقامة فيه ، أو ناوياً للسّفر قبل إقامة جديدة أو متردّداً فيه ، أتمّ ذاهباً وراجعاً ، وفي المقصد لو كان وفي محلّ الإقامة.

وكذا لو كان رجوعه بعد قصد المسافة ، وقبل بلوغها ، وإن صحّ ما صلاه قصراً قبل العدول. ولا يدخل (1) محلّ الإقامة في جملة المسافة ، إلا بعد سفر جديد.

وفي تمشية الحكم إلى جميع موجبات التمام وجه قويّ.

المبحث السادس : إنّما تنعقد الإقامة بإضمار عشرة لا يدخل معه إضمارٌ مُنافٍ ، من خروجٍ إلى ما زاد على محلّ الترخّص (وينقطع السفر بها) (2) ، أو بفعل قاطع من القواطع ؛ لأنّا نرى القطع بها للسّفر الشرعيّ الذي هو مدار الأحكام ، دون الإباحة ، انقطع بها العرفي أولا ، ولا عبرة بالتردّد فيها.

المبحث السابع : إذا حصل سبب التمام من أيّ الأقسام ، وكان بعد الإتمام ، أغنى القصر عن التمام ، وإن حصل في الأثناء قبل المخرج من السلام ، كان فرضه الإتمام ، وليس عليه سجود سهو عمّا أتى به من السلام.

المبحث الثامن : إذا ارتفعت في الأثناء أسباب التمام ، وقلنا بلزوم القصر في ذلك

ص: 352


1- في «م» ، «س» : ويدخل.
2- ما بين القوسين زيادة من «ح».

المقام ، لزمه التقصير ، ما لم يدخل في ركوع الركعة الثالثة ، وأغناه ما فعله من التشهّد عن تشهّدٍ آخر. ولو دخل ، أتمّ ، وأكمل ، واجتزى بما فعل. ونحو ذلك ما إذا ارتفع الجهل قبل الإكمال.

المبحث التاسع : من قصّر في موضع الإتمام عالماً بالموضوع أو الحكم أو جاهلاً بهما أو ساهياً أو غافلاً ، أعادَ وقضى ؛ من غير فرقٍ بين الرباعيّة وصلاة المغرب.

المبحث العاشر : من أتمّ في موضع القصر مُتعمداً ، بطلَت صلاته.

ومن أتمّ ناسياً للسفر ، أعادَ مع بقاء ما يسع تمام الصلاة أو ركعة منها من الوقت ، ولا قضاء عليه ، مع فوات الوقت.

ويقرب إلحاق العالم بالسفر الناسي للركعات.

ومن أتمّ جاهلاً بالحكم ، صحّت صلاته. وفي إلحاق جاهل الخصوصيّة أو الموضوع وجه ، ويقوى في قضائه الإتمام.

الحادي عشر : المدار في القصر والإتمام على حال الأداء ، لا على حال الوجوب.

فلو خرجَ من منزله بعد الزوال ، فبلغَ محلّ الترخّص وصلّى ، قصّرَ.

ولو دخلَ فيه أو فيما دون محلّ الترخّص بعد الزوال ، أتمّ. كما أنّه لو حصلَ موجب التمام من باقي الأسباب بعد أن مضى من الزوال ما يسع صلاة القصر ، أتمّ.

ولو شكّ في حصول شي ء من الأسباب ، نفاهُ بأصل العدم ، وقضاء الاستصحاب.

ويقضي النوافل إذا فاتَ من أو قاتها مقدار أدائها أو أداء ركعة في وجهٍ آخر. والقضاء يتبع حال ما استقرّ عليه آخر الوقت من الأداء.

وفي تحقّق الفوات بعدم بقاء وقتٍ يسع تمام الفريضة أو مقدار الركعة وجهان ، أقواهما الثاني. ولو مضى وقت النافلة حضراً أو صلّى فريضتها سفراً ، قضى النافلة على إشكال.

ص: 353

الثاني عشر : أنّ الإفطار والتقصير في الصلاة في ابتداء وجود السبب مُتلازمان ؛ لترتّب كلّ منهما على المسافة الّتي يتحقّق بها موضع السفر ، ولهُ معنى واحد.

وقد يحصل الانفكاك بينهما لبعض العوارض ، كما إذا خرجَ صائماً بعد الزوال ، مُبيّتاً لنيّة السفر أو لا ، على أصحّ الأقوال ، ولم يأتِ بالصلاة إلا بعد بلوغ محلّ الترخّص.

أو ذهب إلى محلّ الترخّص قبل بلوغ المسافة ناوياً لها ، فأفطر ، ثمّ عدل ، ورجع ، فأتمّ أو أفطر ، ثمّ دخل إلى محلّ التمام أو أفطر ، ثمّ نوى الإقامة ، أو تمّ له الثلاثون ، أو حصلَ له بعض ما يقضي بالتمام من غير ما ذكر ، أو صام ثلاثة أيّام للحاجة في المدينة ، أو بدَلِ الهدي ، ونحو ذلك.

وليس بين الإفطار والصوم في الصوم الواجب المعيّن مطلقاً ، ولا في الصلاة في غير مواضع التخيير تخيير.

الثالث عشر : لو ضاقَ الوقت عن الإتمام ، وكانَ المانع عن التقصير مُمكن الرفع ، كأن يكون على حدّ محلّ الترخّص ، احتمل وجوب التخطّي إليه ، أو يكون عاصياً في سفره ، قادراً على رفع المعصية بالتوبة ، أو ناوياً لسفر المعصية ، قادراً على إصلاح نيّته على القول برجوع حكم التقصير بمجرّد ارتفاع التقصير (1) ، احتمل وجوب التوبة ، وإصلاح النيّة ، إلى غير ذلك.

وفي مواضع التخيير مع الضيق عن الإتمام يتعيّن التقصير.

الرابع عشر : لو كانَ عليه صوم مُعيّن من رمضان أو قضاؤه مع مزاحمة رمضان آخر أو من مُلتزم معيّن (2) ، قوي القول بجواز السفر والقضاء. ولو كانَ في أثناء السفر ،

ص: 354


1- التقصير هنا بمعنى : الذنب.
2- في «ح» زيادة : من دون شرط المقام.

لم تلزمه الإقامة أو غيرها من مُسبّبات التمام ، مع احتمال اللزوم.

ومن كانَ عليه صوم لازم ، فعصى وصام ، صحّ صومه ، ووفّى بالتزامه ، وأثم في معصيته.

الخامس عشر : كلّ من زعم أنّه على حالٍ فنسي ، وعمل على خلاف ما زعم ، فأصاب الواقع لخطأه في زعمه ، مضى عمله.

وهذه قاعدة متمشّية في الشطور ، والشروط ، والمنافيات ، إلا ما اعتبر فيه ذكر العنوان.

السادس عشر : مَن علمَ المسافة أو عدمها فعمل بمقتضى علمه ، ثمّ انكشف له الخلاف ، مع بقاء الوقت ولو بمقدار ركعة ، لم يبعُد لزوم الإعادة ، وبعد مضيّ الوقت يقوى القول بلزوم القضاء بالقسم الأوّل منهما. ولو علم في المسافة والقصر ، ثمّ نسي ، ونوى التمام ، ثمّ نسي ، وانصرف على القصر ، فالظاهر صحّة ما فعل.

السابع عشر : الأقوى استحباب الجمع بأذان وإقامتين سفراً ، كما أنّ الأقوى استحباب التفريق حضراً.

الثامن عشر : يُستحبّ جبر المقصورة بالتسبيحات الأربع ثلاثين مرّة ، وروى استحبابها بعد كلّ فريضةٍ (1) ، ولعلّ الجمع بينهما حتّى يكون ستّين في المقصورة أولى. ويتخيّر في وضعها قبل تسبيح الزهراء عليها السلام والتعقيبات ، وما بعدها.

التاسع عشر : أنّه متى ارتفع موجب القصر أو موجب التمام بعد قول : «السلام علينا» وقبل قول : «السلام عليكم» ، أتى بالتسليم الأخير ، واجتزى بما فعل ، وإلا عاد

ص: 355


1- التهذيب 2 : 107 ح 406 ، معاني الأخبار : 324 ، الوسائل 4 : 1031 أبواب التعقيب ب 15 ح 4.

إلى الحكم الأوّل ، وفعل ما يلزمه ، والمدار على الخروج وعدمه.

العشرون : أنّه لو انقلب حكمه إلى القصر ، ولم يبقَ من الوقت إلا ما يسع الفريضة فقط ، أدّى ما عليه من القصر ؛ وإن لم يكن تنفّل قضى النافلة على إشكال. ولو انعكس الأمر صلّى تماماً ، ولا يقضي النافلة.

الحادي والعشرون : أنّه إذا قصّر ولا يعلم وجوب القصر ، أعادَ ، وقضى قصراً إن كان قد علم المسافة. ولو لم يعلمها ، ثمّ علم ، وقد أتمّ والوقت باقٍ ، أعادَ قصراً. وفي القضاء وجهان ، أقواهما أنّه كذلك.

وكذا لو صلّى بنيّة التمام ، ثمّ سلّم على الأُوليين ، وانصرف ناسياً ، ثمّ بانت المسافة في الوقت أو بعده ، فلا يبعد القول بعدم لزوم الإعادة ، وكذا لو علم المسافة والقصر ، فنوى التمام سهواً ، ثمّ انصرف ناسياً على القصر. ومثله ما إذا سلّم بزعم القصر ، فنسي وأتمّ ، وليس عليه سوى سجود السهو.

المبحث الخامس عشر : في صلاة الخوف

اشارة

وهي مقصورة عدداً ، حضراً وسفراً ، إن كان الخوف من حيوان ناطق أو صامت ، كأسدٍ ونحوه ، دون ما كان من جماد ، كمطرٍ ووحلٍ وسيلٍ ونحوها. وفي قصر الكيفيّة لا يختلف الحال.

وهيئتها جماعة مع التمكّن من اجتماع الجميع ، وفُرادى مع إمكان الإتيان بها على هيئتها على نحو صلاة السفر.

ومع إرادة الجماعة ، وعدم تيسّر الاجتماع للجميع خوفاً ، لها كيفيّات مرويّة :

أحدها : صلاة ذات الرقاع

وشروطها : كون العدوّ في غير القِبلة ، في دُبرها أو أحد جانبيها ، بحيث

ص: 356

لا يمكنهم القِتال مُصلّين إلا بالانحراف عنها ، أو في جهتها مع وجود ما يمنع من قِتالهم ، من حائل ونحوه.

وقوّته بحيث يخشى هجومه.

وكثرة المسلمين ، بحيث يمكنهم الافتراق فِرقتين ، وأن لا يحتاج إلى أكثر من فرقتين ، وإباحة القتال على قول.

فيقف الإمام بطائفة بحيث لا يبلغهم ضرر العدوّ ، والأُخرى تحرسهم ، فيصلّي في الثنائيّة بالأُولى ركعة ، ثمّ يفارقونه بعد قيامه على الأقوى ، ويتمّون ، ثمّ يحرسون.

وتأتي الأُخرى ، فتدخل معه في الثانية ، ثمّ يفارقونه في تشهّده بنيّة الانفراد على الأقرب ، فتجب القراءة في الثانية لهم ، ويطوّل في تشهّده حتّى تلتحق به ، ويسلّم بهم. والأقوى جواز السلام ، وعدم الانتظار.

وفي المغرب ؛ يصلّي بالأُولى ركعة ، وبالثانية ركعتين ، أو بالعكس ، والأوّل أفضل على الأظهر.

ويمكن أن يزيد لفرقة ، وينقص لأُخرى ، والأولى ما تقدّم.

ولا يجب تساوي الفرقتين عدداً.

ويجب على الفرقتين حمل السلاح ، وإن كان نجساً. ولو منع واجباً في الصلاة ، لم يجز مع الاختيار. ولا يختصّ الوجوب بالفرقة المقارنة على الأقرب.

والأقوى أنّه لا سهو للمأموم حال المتابعة. ولو صُلّيت مع الأمن ، أو مع تحريم القتال ، أو حال طلب العدوّ لضعفه ، ففيها وجهان.

ولو صلّى بهم الجمعة في الحضر ، خطب للأُولى بشرط أن يحصل بها مُنفردة تمام العدد. ولو كان السفر ممّا لا يقصر فيه ، وكان مسافة ، فحكمه حكم الحضر.

ولو أرادوا أن يكونوا فِرقاً ، وتأتم كلّ فرقة بركعة أو بعض ركعة ، ثمّ تنفرد ، بُني على جواز الانفراد منويّاً بالأصل أو بالعارض ، ولعلّه الأقوى.

ولو ضاقَ عليهم الوقت عن الافتراق ، وأمكنهم دفع الخوف بمالٍ لا يضرّ بالحال ، ولا يقتضي الهوان والنقصان ، لزمهم ذلك.

ص: 357

ثانيها : صلاة عسفان

ونقل لها كيفيّتان :

إحداهما : أن يصلّي بكلّ فريق ركعة ، ويسلّموا عليها ، فتكون له ركعتان ، ولكلّ فريق ركعة واحدة ، وفيها إشارة إلى جواز الانفراد اختياراً ، وكذا في صلاة ذات الرقاع.

ثانيهما : أن يصفّهم صَفّين ، ويحرم بهم جميعاً ، ويركع بهم ؛ فإذا سجد ، سجد معه الصف الأوّل ، وحرس الثاني ، فإذا قام سجد الحارسون. وفي الركعة الثانية يسجد معه الحارسون أوّلاً ، ويحرس الساجدون ، سواء انتقل كلّ صفّ إلى موضع الأخر أو لا ، وإن كان الأوّل أفضل.

والأقرب جواز حراسة الصف الأوّل في الركعة الأُولى ، والثاني في الثانية ، بل يجوز تولّي الصفّ الواحد الحراسة في الركعتين.

وشروطها : كون العدوّ في القبلة ، و (1) إمكان الافتراق ، ورؤية العدوّ.

والأقرب جواز تعدّد الصفوف ، ويترتّبون في السجود والحراسة. وفي جواز هذه الصلاة مع الأمن وجهان.

ثالثها : صلاة المطاردة والمعانقة

حيث لا تمكن الهيئات السابقة ، فالواجب ما أمكن ماشياً وراكباً ، ويسجد على قربوس (2) سرجه أو عُرف (3) دابّته. فإن تعذّر ، أومأ برأسه. فإن تعذّر ، أومأ بعينيه ؛ ، (4) ويجعل السجود أخفض من الركوع.

ص: 358


1- في «س» : أو.
2- القَرَبوس بالتحريك : حِنو السرج ، ولا يخفّف إلا في الشعر. لسان العرب 6 : 172.
3- عرف الدابة : الشعر النابت في محدّب رقبتها. المصباح المنير : 404.
4- في «م» ، «س» زيادة : فإن تعذر فبعينه.

ويجب الاستقبال ، ولو بتكبيرة الإحرام ، فإن عجزَ سقط ، ويجب ولو بتكبيرة الإحرام مع الإمكان ، وتسقط مع عدمه.

ومع تعذّر الأفعال يجزي عن كلّ ركعة التسبيحات الأربع مع النية ، والتكبير ، والتشهّد ، والتسليم.

وهي صلاة عليّ عليه السلام وأصحابه ليلة الهرير في الظهرين والعشاءين ، ولم يأمرهم بإعادتها (1).

ويجوز الائتمام مع اتحاد الجهة. ولو اختلفت ، فالأقرب أنّهم كالمستديرين حول الكعبة ؛ لأنّ كل واحد حوله قبلته ، وليسوا كمختلفي الاجتهاد (في وجه قويّ) (2).

ولا بأس بالأقوال المضطرّ إليها ، والأفعال الكثيرة من الطّعن ، والضرب ، والقتل ، والجذب ، والدفع ونحوها.

رابعها : صلاة بطن النحل

وهي أن يكمل الصلاة بكلّ فرقة على عدادها ، فتكون الواحدة له فرضاً ، والباقيات نفل ، وهذه تجوز مع الأمن والخوف ؛ ويترجّح فعلها حال الخوف والأمن ، وإن كانت في الأوّل أرجح. ولا تجوز الجمعة الثانية هنا.

وفيها ما يُرشد إلى جواز إعادة الإمام صلاته نفلاً لجماعة أُخرى.

وأمّا قصر الكيفيّة فسائغ حيث لا يمكن غيرها ، والأفضل تأخير الخائف الراجي للأمن ، ويجوز له التقديم كسائر أرباب الأعذار.

ويُشترط فيها كما في غيرها عدم المندوحة إلا في التقيّة ، فإنّها تجوز مطلقاً. فلو زالَ الخوف وقد بقي من الوقت ما يسع الفريضة ولم يكن صلّى ، أتمّ.

ولو خرجَ ، قضى قصراً إن استوعب الوقت ، ولم يبقَ مقدار الفريضة أو الركعة

ص: 359


1- التهذيب 3 : 173 ح 384 ، الوسائل 5 : 486 أبواب صلاة الخوف ب 4 ح 8.
2- ما بين القوسين ليس في «س».

أيضاً في وجه. ولا تُراعى الكيفيّة إلا في حال الصلاة أداءً أو قضاءً.

ولا يعيد ، ولا يقضي ما صلاه خائفاً ، إلا أن يكون فارّاً من الزحف ، أو عاصياً بقتاله (أو سفره في وجه) (1).

ولا يُشترط في تقصير الخوف عدداً وكيفاً عدم (2) المعصية في نفس سفره أو غايته في وجه.

ولو قصّر كيفاً بظنّ العدوّ ، فظهَر خطأ ، أو ظهر وجود حائل ، فلا إعادة. ولو خافَ في أثناء الصلاة ، أتمّها قصراً مع بقاء المحلّ. ولو أمن في أثنائها ، أتمّها ، وإن استدبر.

وعلى القول باشتراط السفر في صلاة الخوف يجوز التفريق في الرباعيّة فِرقاً متعدّدة ، أربعاً ، وثلاثاً ، واثنين. وفي التفريق خمساً وستّاً بتبعيض الركعات وجه قريب.

ويشترك الحكم في قصر الكيفيّة والعدد بين الرجال والنساء ، وبين صلاة العيد والكسوف والاستسقاء.

ولو خافَ المُحرم فوتَ أحد الوقوفين ، والمَدِين المُعسر الخائف من الغريم ، والمُدافع عن ماله ، يقوى جري الحكم فيهم ، دون مُستحق القود ؛ لرجاء العفو ممّن له الحقّ.

ويجوز القصر في الكيفيّة في النوافل ، مع حصول السبب. ولو كانت حوله أمكنة ، بعضها يكون العدوّ فيها من وجه ، وبعضها من وجوه ، ولا ترجيح في الأمن ، كان الأولى من الأقسام ما كان أجمع للأحكام.

ولو اختلفوا في الخوف وعدمه ، أتى كلّ بتكليفه ، ويجوز أن يأتم بعض ببعض.

ولو صلّى الخائف أربعاً ، بطلت صلاته. ولو كان جاهلاً بحكم القصر ، فالأقوى صحّة صلاته.

ولو كان ناسياً ، احتمل لحوقه بحكم المسافر ، والبطلان. ولعلّ الأوّل أولى ؛ لاستفادة حكمه من أية السفر (3). ولو خافَ في بعض أحواله من ركوب أو مشي أو

ص: 360


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».
2- في «ح» زيادة : سبب التمام ممّا عدا.
3- النساء : 101.

غيرهما ، لزمه البعض الأخر.

ولو أطالَ في مقام قصر الكيفيّة ، قوي البطلان. ولو لم يخف من فعل الصلاة تماماً إلا مع إضافة السنن الخارجة كالأذان ونحوه أو الداخلة ، وجبَ تركها ، والإتمام.

ولو أمكن تعدّد الجماعات وتفريقها في مقابلة مجموعهم (1) ، حيث يأتون من وجوه مُتعدّدة ، ولم يكن الإمام إمام الأصل ، أو كان وانحصر طريق الاحتراز بذلك ، تفرّقوا جماعات ؛ لتحصيل السنة.

ولو دهم العدو في أثناء الصلاة ، ولزم استقباله وجهاده ، بقوا على صلاتهم جماعة إن أمكن ، وإلا ففرادى أتين بقدر المقدور ، مع ضيق الوقت. ومع السعة وعدم إمكان المحافظة على الشرائط يقطعون ، ويعيدون.

(ولو أمكن استمهال العدوّ بالتماسٍ أو بذل مالٍ ، لم يجب ، بل لم يجز ؛ لقضائه بالضعف. ولو جعل للمصلّين الخيار في التأخير إلى ما بعد الصلاة والبدار ، وجب اختيار الأوّل.

والظاهر أن الحكم مُختصّ بغير أهل التقصير في حصول الخوف لهم ، أمّا أهل التقصير فلا يجوز لهم التقصير) (2).

المبحث السادس عشر : في أسباب الخلل

اشارة

وفيه مقاصد :

الأوّل : في الشروط

اشارة

وفيه أبحاث :

الأوّل : في ترك نفس الشروط

من تركَ شرطاً عالماً عامداً مُختاراً بطلت صلاته

ص: 361


1- في «س» : جموعهم.
2- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

كسائر الشرائط بالنسبة إلى سائر المشروطات (1) وفي غير ذلك تختلف الأحكام باختلاف الأقسام ، وهي عديدة :

أوّلها : النيّة ؛ ويُفسد تركها عمداً وسهواً ، وفي جميع الأحوال (كسائر العبادات الصرفة ، إلا فيما يُستثنى على بعض الوجوه) (2).

ثانيها : الطهارة الحدثيّة ، حقيقيّة أو مجازيّة ؛ لتدخل الاضطراريّة من المائيّة والترابيّة.

فمن فقدها عن علمٍ أو جهلٍ بالموضوع أو الحكم ، وعن عمد أو غفلة أو نسيان ، وعن اختيار أو اضطرار ، ابتداء أو استدامة في غير ما استثني من المبطون ، والمسلوس ، والمستحاضة ، ومن طرأ عليه حدث في الأثناء على قول ، بطلت صلاته.

ثالثها : الطهارة الخبثيّة في البدن والملبوس دون المحمول في غير محلّ العفو ، ولها أحوال :

منها : الترك عمداً اختياراً (3) ، عن علمٍ أو جهلٍ بالحكم ، فتفسد بذلك مطلقاً.

ومنها : أن يكون عن غفلةٍ أو نسيانٍ مُستمرّين إلى الإتمام ، أو مع الذكر في الأثناء.

والأظهر في القسم الأوّل والظاهر في الثاني البطلان ووجوب الإعادة والقضاء فيما يقضى من الواجب ، واستحبابهما فيما يقضى من النوافل ، كما يقتضيه حكم الشرطيّة.

ومنها : ما يكون عن جهل بالموضوع (أو عن اضطرار) (4) والظاهر أنّه مع الاستمرار إلى الفراغ لا قضاء ولا إعادة.

وإن علم في الأثناء ، ولم يبقَ من الصلاة ما يَسَع النزع أو الغسل ، أو بقي وتمكن من أحدهما ، وفعل من غير لزوم خلل ، قويَ القول بالصحّة. ولا ينبغي التأمّل في أنّ حكم الفساد فيها مشروط بعدم دخولها في العفو.

ومنها : ما يكون عن حدوث ، كرعافٍ ونحوه ؛ والظاهر أنّ الحدوث هنا كتجدّد

ص: 362


1- المعترضة زيادة من «ح».
2- ما بين القوسين زيادة من «ح».
3- اختياراً ليس في «م» ، «س».
4- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

العلم هناك ، والعفو جارٍ فيهما ، خلافاً لبعض مشايخنا المعاصرين ، والأحوط الإعادة ، والقضاء فيما حدث أو علم به في الأثناء.

رابعها : ستر العورة ؛ وقد مضى بيانها ، وتركه مع العمد والعلم أو الجهل بالحكم مُفسد للصّلاة. ومع الغفلة ، والنسيان (والاضطرار لهواء ونحوه) (1) والجهل بالموضوع غير مُفسد على الأقوى ، فهو من الشرائط العلميّة ، وإن كان الأحوط الإعادة.

خامسها : إباحة اللباس والمحمول في الصلاة ؛ فالصلاة فيما لا يجوز لبسه (أو حمله من الساتر كلا أو بعضاً ، لكلّ أو بعضٍ ، من ساترٍ للعورة وغيره ، ومن موقع بعض المساجد وغيره ، وقد مرّ بيانه) (2) أو حمله لغصبيّته فاسدة مع العلم ، مع العلم بالحكم وبدونه.

ولا يفسد مع الجهل بالموضوع أو الغفلة والنسيان مع الاستغراق لتمام الصلاة ؛ أو الاختصاص بالبعض ، مع المبادرة بالنزع ، وعدم استلزامه إخلالاً بشرط أو لا. وإنّما تلزم فيه الأُجرة.

والضابط : أنّ الشرطيّة إن كانت لحكم وضع ، عمّت ؛ وإن كانت لحكم شرع ، تبعت ثبوته.

سادسها : لبس ما يجوز لبسه في الصلاة ؛ فما لا يجوز لبسه ممّا عدا ما ذكر من جلد ميتة ، أو غير مأكول اللحم ، أو ذهب ، أو حرير ومنه القز يستوي في بطلان الصلاة به العالم جاهلاً بالحكم أولا والجاهل بالموضوع ، والناسي ، والغافل. ولا بأس بالحمل فيها. وكذا الاتصال في غير المأكول.

سابعها : إباحة المكان بجميع تفاسيره ؛ في غير ما استثني كلا أو بعضاً ، لكلّ البدن أو بعضه ، أو بما تتوقّف عليه صحّة الصلاة مثلاً ، إمّا لملكٍ أو إذنٍ (من مالك ، أو من مُتسلّط برهانة) (3) أو حَجر (متّصلاً أو منفصلاً فيما يُعدّ استعمالاً ، ولا حرج في المنع عنه) (4).

ص: 363


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : برفع الحرج من جهة المالك أو.
4- ما بين القوسين زيادة من «ح».

وهي شرط مع العلم ، (مع العلم) (1) بالحكم وبدونه ، لا نسياناً أو غفلة أو جهلاً بالموضوع ، وإن لزمت الأُجرة ؛ (إذ كلّ مُفسد مُعلّل بطلب الفعل أو الترك ، ولم يتعلّق به أحدهما لا يترتّب عليه فساد) (2).

ثامنها : طهارة مَحلّ سجود الجبهة بقدر المجزي ، وهي شرط في صحّة السجود ، يُفسد تركه مع العلم بالحكم وعدمه ، ومع الغفلة والنسيان وجهل الموضوع ، ومع القصد يجري عليه حكم غير المساجد.

تاسعها : كون محلّ الجبهة (بقدر المجزي في غير مسألة الإباحة ، وكذا بعض الميتة في وجه قويّ ، وفيهما مطلقاً) (3) ممّا يجوز السجود عليه ، ويجري فيه الحكم السابق.

عاشرها : الاستقرار ؛ وهو شرط يُفسد تركه (4) ، مع العلم بالحكم وعدمه ، دون الاضطرار والنسيان والغفلة على الأقوى ، ما لم يخرج عن الهيئة.

(ثمّ السجود إنّما يتحقّق بالوضع وما قام مقامه ، دون مجرّد بلوغ ما يكتفى به من الانحناء ، والحكم في نقصه يُبنى على الحقيقة ، وفي الزيادة يبنى على الصورة كما في الركوع على وجه ، وإن كان الأقوى خلافه) (5).

حادي عشرها : الاستقبال ، ويُفسد تركه عمداً ، مع العلم بالحكم وبدونه. ومع الاجتهاد وعدم التقصير لغفلة ونحوها ، يُفسد الاستدبار والتشريق والتغريب (في حقّ الكوفة وما حاذاها ، وفي غيرها تُعتبر النسبة) (6) دون ما بين المشرق والمغرب (فيمن لم تكن قبلته الكعبة) (7) ويوجب الإعادة في الوقت ولو بقي منه ركعة ، دون القضاء.

ثاني عشرها : الخُطبتان ؛ ويفسد الجمعة تركهما ، مع العمد والنسيان ، وكذا العدد فيها.

ص: 364


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- ما بين القوسين زيادة في «ح».
3- ما بين القوسين زيادة في «ح».
4- في «ح» زيادة : مع العلم والقدرة.
5- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
6- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
7- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

ثالث عشرها : تقديم الظهر والمغرب على العصر والعشاء ، ويُفسد تركه الصلاة مع العمد والسهو وغيره ، في الوقت المختص. وفي الوقت المشترك مع العمد ، دون السهو.

(ويلحق به اشتباه الضيق على الأقوى) (1). وفي إلحاق الملتزمات في السبق بهذا القسم ، وحكم المندوبات وجه قوي.

(وما ترك فيه منها أو من غيرها للاجتهاد ، وقد قضى بثبوته الاجتهاد بعد العمل ، لا يُقضى ولا يُعاد في حقّ المُجتهد ومُقلّديه ، وإنّما عليهم وعلى المُجتهد العدول بالنسبة إلى المُتجدّد.

بخلاف ما علم الخطأ فيه بيقين ، فإنّه يجب قضاؤه وإعادته على الجميع ، ولا يجب على المقلّدين السؤال ، ولا عليه إعلامهم بالحال.

رابع عشرها : الوقت ، فمن صلّى موقّتة قبل وقتها مُتعمداً ، بطلت.

وفي دخول الوقت في الأثناء بعد أن يرى ذلك وجه في الصحة ، وكذا في تقديم النوافل ، والأقوى العدم في البابين ، والأخبار مُطرَحة أو مؤولة) (2).

وجميع ما مرّ من الشروط سوى طهارة الحدث ، (والوقت ، والترتيب) (3) والنيّة لا يفسد فقدها مع الإجبار (من وليّ) (4) أو الاضطرار.

ولو لم يمكن جمعها ، ودار الأمر بين آحادها (في مقام الصحّة) (5) قدّمت طهارة الحدث ، وفي البواقي روعيت (6) شدّة الطلب وضعفها ، وقلّة المفقود وكثرته ، فلا بد من مُراعاة الميزان ، وقد مرّ ما يُغني عن البيان.

البحث الثاني : في ترك شطور الشروط المركبة

وهي بجميعها أركان يفسد تركها عمداً وسهواً ، مع العلم والجهل ، والاختيار

ص: 365


1- ما بين القوسين زيادة من «ح».
2- ما بين القوسين زيادة من «ح».
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
4- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
5- ما بين القوسين زيادة من «ح».
6- بدل روعيت في «س» : يرعى ، وفي «م» : ممّا عدا النيّة يرعى.

والاضطرار ، إلا ما كان لبعض الأعذار ، كالتقيّة مع حصول شرطها ؛ لفوات المجموع بفوات الجزء ، فمتى أخلّ بجزءٍ من وضوء أو غُسل أو تيمّم ، ولم يتداركه في محلّ التدارك ، فسدَ كُلّه ، فيفسد عمله المترتّب عليه.

البحث الثالث : في ترك شروط

الشروط وهو باعث على فساد الشروط ، فيبعث على فساد المشروط ، فمتى أخلّ بترتيب أو نيّة في إحدى الطهارات الثلاث ، أو بدأة بالأعلى ، أو ببقاء رطوبة يتيسّر بقاؤها ، أو عربيّة الخطبة ، أو تواليها ، أو الفصل بين الخطبتين ، ونحو ذلك سوى ما يتعلّق إفساده بتوجّه النهي كإباحة الماء والمكان مثلاً ، فإنّ عدمها لا يفسد إلا مع العلم فسد الشرط والمشروط ، إلا مع التقيّة في مقامها.

البحث الرابع : في حدوث مُنافيات الشروط

وهو سبب لفساد الشروط ، المستتبع لفساد المشروط ، كوقوع الحدث الأصغر أو الأكبر في أثناء الوضوء أو بعده ، وحدوث الأكبر في أثناء الوضوء أو بعده.

وحدوث الأكبر في أثناء الطهارة الكُبرى الرافعة لمجانسة أو بعدها ، بخلاف الأكبر الغير المجانس ، والأصغر ، فإنّه لا يفسد حدوثه بعد ، ولا في الأثناء ، سوى غسل الجنابة والتيمّم بأقسامه ، من غير فرق بين العلم ، والجهل ، والاختيار ، والاضطرار. ومن هذا القبيل الرياء والعُجب المقارنان للشروط إذا كانت من العبادات ، دون المتأخّرين على إشكال.

البحث الخامس : في ترك شروط الأجزاء

كالاستقرار والطمأنينة على القول بشرطيّتهما ، واستدامة حكم النيّة ، والترتيب بين الأجزاء أقوالاً وأفعالاً ونحوها بالنسبة إلى كلّ جزء ، والعربيّة والموالاة في القراءة

ص: 366

والأذكار الواجبة.

وهو قاضٍ بفساد ذلك الجزء المشروط مع الإمكان عمداً أو سهواً ، مع العلم والجهل ، فيرجع الأمر إلى حكم ترك الجزء ، ويختلف الحال بالركنيّة فيه وعدمها ، وتجاوز المحلّ وعدمه.

(كلّ ذلك فيما إذا استمرّ ، ومع العَود لا تبعد الصحّة فيما يتعلّق بالأقوال ، مع بقاء الاسم) (1).

فلا تبطل الصلاة إلا مع لزوم التشريع.

والجهر والإخفات في غير محلّهما مُستلزمان للإخلال بالشرط ، لكن في حقّ العالم بالحكم دون الجاهل به. وفي إلحاق جاهل الموضوع به وجه.

البحث السادس : في الشكّ في نفس الشروط من عبادات وغيرها

والحكم فيه أنّه مع صدق كثرة الشكّ ، بل الظنّ عُرفاً ، أو الفراغ من المشروط ، أو الدخول فيه ، أو الكون على هيئة الداخل ، يحكم بعدم اعتباره ، وثبوت المشكوك فيه بالنسبة إلى العمل المتّصل به أو المنفصل عنه.

فلا اعتبار بالشك بالوقت ، واللباس ، والقبلة ، والطهارة بأقسامها ، والاستقرار ، ونحوها بعد الفراغ من الغاية أو الكون فيها (ولا فرق هنا بين الوضوء وغيره) (2).

ومن هذا القبيل على الأقوى الشكّ في الفريضة المُعتبر سبقها كالظهر والمغرب بعد الدخول في لاحقتها فضلاً عن الفراغ منهما وفي النافلة المُترتّبة كذلك ، مع الفرق بين السابقة واللاحقة بحسب حقيقتهما ، أو بقراءة أو دعاء أو نحوهما.

البحث السابع : في الشك في أجزاء الشروط

والحكم في كثير الشكّ أنّه لا عبرة بشكّه ، وفي غيره في الوضوء وغيره أنّه مع

ص: 367


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : بعد إحراز ما تقدم على الأقوى.

الدخول في الغاية أو طول الفاصلة يحكم بالوقوع ، فتُستباح لها تلك الغاية وما بعدها من الغايات.

ومع عدمهما في غير الوضوء ، يقضى بوقوع كل جزء مشكوك به مع الدخول في جزءٍ آخر منه في غَسل أو غُسل أو تيمّم بدل الغسل ، أو بدل الوضوء على إشكال ، مُتّصل أو مُنفصل.

وأمّا في الوضوء ، فعدم اعتباره مشروط بالقيدين الأوّلين.

البحث الثامن : في الشكّ في شروط الشروط

والحكم فيه كما مرّ في شروط الغايات لأنّ الشرط صارَ بمنزلة الغاية لشرطه. فلو شكّ في صفة ما يتوضّأ ، أو يغتسل به ، أو تيمّم به ، أو في النيّة ، أو قابليّة الماء أو التراب بعد الدخول في شي ء من الأعمال ، أو بعد الانصراف من جزء ، والدخول في جزء آخر ، لم يُعتبر شكّه إلا في الوضوء ، فلا يكفي فيه الدخول في الجزء على نحو ما مرّ.

البحث التاسع : في الشكّ في حصول المنافيات

البحث التاسع : في الشكّ في حصول المنافيات (1)

والبناء فيه على عدم الاعتبار ، سوى ما كان قبل الاستبراء من مشكوك في كونه بولاً أو مَنياً. وفي هذا تستوي فيه الغايات ، والمقدّمات ، والمقارنات ، والمفارقات.

المقصد الثاني : في الغايات

اشارة

وفيه مطالب :

الأوّل : في عدم الإتيان بالصلاة اليوميّة مُطلقاً

أو الآئيّة عمداً ، أو مع احتراق القرص أو عدم التوقيت فرضاً أو نفلاً حتّى خرج الوقت أو انقضى السبب.

ص: 368


1- في «ح» زيادة : بالنسبة إلى الشروط.

فهنا يترتّب القضاء في الموقّتة ، والأداء في غيرها ، وجوباً في الواجب ، وندباً في الندب ، ما لم يكن عن جنونٍ ، أو صِباً خالٍ عن التمييز ، أو إغماءٍ ، أو فقد الطهورين ، أو كُفرٍ بعده إسلام ، وكذا لو أتى بها فاسدة ، إلا المخالف إذا أمن وقد أتى بها وفق مذهبه ، على نحو ما تقدّم.

المطلب الثاني : في نقص ما عدا الركعات من الأجزاء المقوّمة للواجب أو المندوب

وتبطل الصلاة بذلك ، مع العمد ، مع العلم بالحكم والجهل به.

وأمّا مع النسيان (1) ، فالحكم فيه أنّه إن ذكرَ في محلّه أو بعده ولم يدخل في ركنٍ من ركوعٍ أو سجدةٍ من السجدتين أو ثانيتهما على اختلاف الرأيين ، عادَ عليه.

وإن دخل فيه ، مضى على حاله إن لم يكُن الفائت رُكناً مثله ، وقضى الفائت مُتّصلاً بالفراغ ، من غير فاصلة مُخلّة بالهيئة ، (فلو فصل أبطلَ وسجد للسهو) (2) ولا إتيان بمُفسدٍ عمداً إن كان من المُفسد عمداً ، وبغيره مطلقاً إن كان تشهّداً أو سجوداً ، ثمّ سجد للسّهو سجوداً واحداً مع الانفراد ، ومتعدّداً مع التعدّد.

وإن لم يكن من أحدهما ، فلا قضاء ولا سجود على الأصحّ ، ومع الفصل بما مرّ ، يترتّب البطلان.

وإن كان رُكناً ، وقد دخل في رُكن ، بطلت الصلاة. فمقتضى ذلك أنّه لو نسي النيّة (حيث إنّها رُكن أو شبهه في باب النقصان) (3) أو القيام فيها ، أو ما قام مقامه في وجه ، أو التكبيرة الإحراميّة ، أو القيام فيها ، أو ما قام مقامهما من جلوس أو اضطجاع أو ذكر آخر مع العجز ونحوهما لم تنعقد صلاته ؛ لفوات المحلّ بمجرّد الفوات.

ولو نسي القراءة ، ودخل في القنوت ، أو تكبيره ، أو تكبيرة الركوع ، أو هويّ الركوع قبل بلوغه ، أو أوّل القراءة ، ودخل فيما بعدها ، أعادَ ما فاتَ من أصل القراءة

ص: 369


1- في «م» ، «س» زيادة : فهو قسمان معيّن ومردّد أما القسم الأوّل.
2- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
3- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

أو البعض ، ما لم تَفُت الموالاة ، ومع فواتها يقتصر على إعادتها ، ما لم يختل نظم الصلاة فتفسد.

وكذا لو نسي سجدة أو سجدتين ، ومنه ما إذا لم يسجد على ما يصحّ السجود عليه أو لم يأتِ بالطمأنينة دون الذكر في وجه (1) حتّى دخل في التشهّد أو القيام أو الأخذ به أو القراءة أو الهويّ إلى الركوع قبل بلوغه ، رجع ؛ لأنّه لم يدخل في رُكن.

ولو ترك ركناً حتّى دخل في ركن ، بطلَت صلاته.

ولو هوى من غير نيّة ، أو من غير اختيار ، أو نسي الركوع ونوى هويّ السجود ابتداء قبل الهويّ ، أو في الهويّ قبل بلوغه ، ثمّ ذكره قبل بلوغ حدّه ، أو بعده قبل الدخول في السجود الأوّل ، عادَ إلى القيام مُنتصباً ، ثمّ ركع.

ولو كانَ النسيان (للذكر أو الطمأنينة) (2) بعد بلوغ حدّ الراكع (3) ، وقبل السجود ، عادَ إلى الركوع متقوّساً ، وأتى بالذكر والطمأنينة.

ولو ذكر بعد الدخول في السجود في هذه الصورة ، صحّت صلاته ؛ لعدم فوات الركن. وفي الصور السابقة يقوى القول بالبطلان ، كما في الذكر بعد الإتيان بالسجدتين معاً ؛ لفوات الركوع وقيامه المتّصل به (4).

(وكشف الحال لتنكشف به غياهب الإشكال بأن يقال : إن الهويّ إلى الركوع أو السجود لا يخلو من أحوال :

أوّلها : ما يكون في أثناء القيام قبل تمامه ، وهو بين هويّ للركوع قبل بلوغه من دون عُذر ، ويقوى حينئذٍ البطلان. ومع العُذر لتناول حاجة أو نسيان أو سقوط أو إجبار وارتفاعه ، يَلزم العَود إلى القيام.

ص: 370


1- في «ح» زيادة : والأقوى خلافه.
2- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
3- في «م» : الركوع.
4- في «م» ، «س» زيادة : ولو قبل الركوع أعاده وبعد الطمأنينة أحوط أو قبلها وجهان ، ونظير ما مرّ ما لو نسي سقط ما مرّ ما لو نسي الاستقرار في القيام والطمأنينة في الذكر أو الذكر فيه.

ومع بلوغ حدّ الركوع مع الخلوّ عن القصد ، كالسقوط وتناول شي ء ، يقوى اللّحوق به. ومع القصد ، يقوى البطلان في جميع الأقسام ؛ للدخول في الركن بعد ترك الركن ، وهو القيام المتّصل بالركوع.

وبين نسيان للركوع وهويّ للسجود ، مع عدم القصد كالسقوط ، فيحكم بالصحّة ، والعَود مطلقاً ، ومع القصد عمداً يحكم بالبطلان كذلك.

ومع العُذر ، وعدم الدخول في السجود بوضع الجبهة سواء بلغ الهويّ المجزي في السجود على الأقوى أو لا يصحّ ، ويعود. وإن دخل في السجود ، ولو في خصوص الأوّل ، حكمَ بالبطلان.

ثانيها : ما يكون بعد تمام القيام قبل الاستقرار ، مع الانصراف إلى الركوع.

والحكم فيه : أنّه إن كان مع العمد والقصد ، أفسد الصلاة مطلقاً. وإن كان خالياً عن القصد ، كما في حال السقوط وطلب الحاجة ، صحّ مطلقاً ، وانتصب لتدارك ما فات.

وإن كان مع القصد لعُذر ، فإن ارتفع العُذر قبل بلوغ حدّ الركوع ، عادَ كما مرّ ؛ وإلا مضى ، وصحّت صلاته ، ولا إعادة.

ثالثها : ما يكون بعد تمام القيام أيضاً ، على نحو ما سبق ، مع الانصراف إلى السجود.

والحكم فيه : أنّه مُفسد مع العمد والقصد مطلقاً ، ومع الخلوّ عن القصد لسقوط ونحوه ، لإفساد مطلقاً ، ويعود لتدارك الطمأنينة.

ومع العذر والقصد يصحّ ، ويرجع إلى القيام لتدارك ما فات ، ما لم يدخل في فعليّة السجود ، دون مجرّد القابليّة ، وبعد الدخول يمضي ، ولا عَود.

ومثله ما إذا نسي الركوع في أثناء الهويّ إليه ، فقصد هوي السجود.

رابعها : أن يكون قصد الانصراف إلى السجود بعد تمام القيام ، وعمله ابتداء أو في الأثناء.

والحكم فيه : الإفساد مطلقاً مع العمد ، والصحة مطلقاً مع عدم القصد.

ص: 371

ومع العذر ، إن ارتفع قبل الركوع ، احتمل الاكتفاء بذلك الهوي ، فيركع به.

ويحتمل العود إلى القيام في المقامين ، والاكتفاء بمحلّ السهو في القسم الثاني ، ولعلّ الأوّل أولى.

وإن كان بعد فعل السجود أبطل. وإن كان قبله بعد مسامتية محلّ الركوع ، ومجاوزته ، مع بلوغ أوّل مراتب انحناء السجود وعدمه ، عادَ إلى القيام ثمّ ركع ، ويحتمل اعتبار التقويس.

خامسها : أن يكون قصد الانتصاب بعد الركوع وقد أخلّ باستقراره أو بذكره.

وحكمه : أنّه إن لم يتجاوز محلّ الركوع ، ولم يخرج عن اسمه ، ذكر على حاله الثاني أو رجع إلى الأوّل ، وإن تجاوز عن عمد فسد ، وعن عُذر مضى ، ولا شي ء عليه.

سادسها : أن يهوي إلى السجود بعد الركوع قبل الانتصاب أو قبل استقراره.

وحكمه : في العمد البطلان ، ومع عدم القصد الصحّة ، والعود إليه. ومع العذر يعود إلى الانتصاب مطلقاً ، ما لم يدخل في فعل السجود على نحو ما سبق.

سابعها : أن يهوي إلى السجود بعد الركوع قبل الطمأنينة فيه أو الذكر أو هما ، وهو مع العمد مُبطل مطلقاً ، ومع عدم القصد أو العذر مع عدم بلوغ حدّ انحناء السجود ، يتقوّس على حاله ، أو يعود متقوّساً إلى حاله الأوّل على إشكال ، ومع البلوغ يقوى البطلان.

ثامنها : أن يهوي في أثناء الاعتدال من السجود الأوّل أو بعده قبل الاستقرار.

وحكمه : أنّه إن ذكر قبل الدخول في فعل السجود الثاني ، وإن بلغ إلى أعلى مراتب هويّه ، وإن دخل في السجود الثاني ، لم يعد.

ومع العمد البطلان مطلقاً ، ومع عدم القصد الصحّة ، والعود مطلقاً. وفي احتمال الاكتفاء بالتقوّس أو لزومه مطلقاً ممّن تعدّى محلّ الركوع على وجه يصحّ ، ولم يركع اكتفاءً بما سبق من الهويّ وجه) (1).

ص: 372


1- جميع ما مرّ مما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ولو ذكر نقص السجدة الثانية وهو قائم ، فإن يكن (قد) (1) جلس قاصداً جلوس ما بين السجدتين ، رجع من غير جلوس على الأقوى. وإن لم يكن جلسَ (أو قصد) (2) جلسَ ، ثمّ سجد. وإن كانَ جلس للاستراحة ففي الاكتفاء به وعدمه وجهان ، أقواهما الثاني.

وتُعتبر الموالاة في الأقوال ، إلا في الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ؛ لأنّها تقضى بعد الصلاة.

والظاهر أنّ السجود على الأعضاء الستة (3) يُراد مجرّد حصوله ، (فلو استمرّ على وضع تمامها في تمام الصلاة إن أمكن أو بعضها مع التعدّد ، وبدونه ، فلا بأس) (4).

والسجدتان (مع قصد السجود) (5) معاً رُكن ، بمعنى : أنّ إيجادهما معاً ، وتركهما معاً مُفسد للصلاة عمداً وسهواً (فالجميع مقيداً بالاجتماع رُكن ، لا الجميع مطلقاً ، ولا المجموع.

والتعدّد يتحقّق بوضع الجبهة ولو مُنفردة ، لا بوضع غيرها مع الانفراد ، مع الاجتماع أو الانفراد.

وتَرك ما يُقارنهما من الواجب الأصلي كالذكر لا يَقتضي تَركهما ، بخلاف الشرطي ، وللارتفاعين) (6) المتقدّمين على السجدتين ما لهما.

وقعود القاعد المتّصل بالركوع إذا جلس لعجزه قائم مقام قيامه.

وربّما أُلحق الاضطجاع على الأيمن ثمّ الأيسر ثمّ الاستلقاء بذلك.

(وكذا انتصاب الرأس ، وفتح العينين في مقامهما ، فتجري فيهما الأحكام السابقة.

ونقص السجدتين ، وزيادتهما مبنيّان على الصورة ، فلو سجد على ما لا يصحّ

ص: 373


1- بدل قد في «م» ، «س» : يظنّ أنّه بعد أن.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- في «م» ، «س» : السبعة.
4- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : ولو سقط قبل الركوع أعاده ، وكذا قبل الطمأنينة على الأقوى ، ولو سقط بعدها قبل الذكر لم يعد وجه.
5- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
6- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

السجود عليه أو لم يطمئن فيهما ، عُدّ آتياً بهما على الأقوى) (1).

وقد تحصّل من ذلك : أنّ الأركان إن احتسبنا النيّة من الأجزاء والأركان ، وقيامها ، والتكبير للإحرام (وقيامه ، والركوع) (2) وقيامه المتّصل به (3) ، (أو ما قام مقام القيام فيها ، والسجدتين ، والارتفاعين المتصلين) (4) بهما ، أو ما قام مقامهما ثمان.

ولو جُعل (الاستقرار فيها رُكناً ، زاد في الثمان ثمان أو نقصه اثنان) (5).

وعلى ما تقدّم لو ذكر بعد الدخول في التشهّد الأخير قبل الخروج بالتسليم أو بعده قبل فعل المنافي عمداً وسهواً ترك الركوعات فيما مضى من الركعات ، مع القراءة أو بدونها ، وسجدة من كلّ واحدة منها (على القول بأن الدخول في السجدة الواحدة ليس دخولاً في ركن) (6) رجعَ إلى القراءة (7).

ثمّ منها إلى الركوع الأوّل من غير تجديد تكبيرة ، وأتى بما بعده حتّى يتم ، ويسجد للسهو بعدد ما زاد من القيامات (8).

ولو كانَ ذلك في الركعة الثانية أو الثالثة وما بعدهما ، أتمّ على ذلك النحو.

وفي حصول ذلك في ركعتين أو ما زاد إشكال ؛ لاختلال هيئة الصلاة ، (ولدخوله في الفعل الكثير في وجه ، ويحتمل التقييد في المقامين بما لا يدخل في صورة أفعال الصلاة) (9).

ومع نسيان الركوعات بأسرها (سوى الأوّل ، والسجودات سوى الأخيرين أو الأخير) (10) في احتساب السجود (الأخيرين أو) (11) الأخير عوض الأوّل

ص: 374


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- ما بين القوسين ليس في «س».
3- في «م» ، «س» زيادة : والسجدتان والجلوسان المتصلان.
4- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
5- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : والاستقرار والاطمئنان ركنين زاد في الثمان.
6- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
7- في «ح» زيادة : الاولى.
8- في «ح» زيادة : وجوباً إن أوجبناه.
9- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
10- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
11- ما بين القوسين زيادة من «ح».

(أو الأوّلين) (1) بحث ، ونحوه يجري في نحوه.

ولو حصل منه ركوع أو سجدتان من ركعة في الأثناء بعد نسيان ركوع أو سجدتين ممّا سبق ، فَسَدَت صلاته.

ولو ذكرَ أنّه ترك إمّا سجدة من (إحدى الركعات) (2) الأُولى ، أو سجدتين من الأخيرة ، سَجَدَهما ، ثمّ أتى بما بعدهما إلى الآخر ، (وأُلغي اعتبار الأُولى) (3).

ولو ذكر أنّه نسي إمّا سجدة أو سجدتين من الثالثة ، وهو بزعمه في القيام الرابع ، فهوى للسجود ، فذكر نسيان القيام الثالث ، فقام ، فذكر نسيان التشهّد ، فجلس ، فذكر نسيان القيام (الثاني) (4) ، فقام فذكر نسيان سجدة أو سجدتين من الركعة الأُولى ، فجلس لهما ، فذكر نسيان ركوع الأُولى (والقراءة من الأصل ، قام ، فقرأ) (5) فركع ، وأتمّ الصلاة إلى آخرها ، (وأتى بسجدات السهو بعدد آحاد القيام) (6).

وفي مثل هذه أيضاً ينبغي الاحتياط بالإعادة ؛ لخوف لزوم الخلل ، واضمحلال صورة العمل ، أمّا مع الإقلال فلا إشكال.

(ولو علم نسيان شي ء ممّا فات ، رجع إليه ما لم يدخل في ركن.

أمّا إذا دخل في ركن ، لم يعد إلا إذا كان مأموماً فنسي ذكر الركوع وقام ، ثمّ بقي الإمام على ركوعه ، فإنّه يعود ، فيأتي بالذكر.

ومثله ما لو رفع رأسه من السجدة الأُولى قبل الذكر سهواً ، وسجد الثانية كذلك ، والإمام باقٍ في سجوده الأوّل ، فإنّه يلزمه الرجوع.

وإن علم نسيان أحد أمرين ، أو أُمور قبل الدخول في رُكن ، فإن خلت عن الركن رجع ، وأتى بأفراد المحتمل.

وإن لزمت زيادة غير الركن ، كأن يعلم أنّ الفائت إمّا تشهّد أو سجدة. وإن تضمّنت رُكناً ، كما إذا علم فوت أحد أمرين ، إمّا ركوع أو تشهّد ، أو

ص: 375


1- ما بين القوسين زيادة : من «ح».
2- في «م» ، «س» : الركعة.
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
4- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
5- بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : من الأصل قام.
6- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ركوع أو سجدة ، احتمل البطلان.

والحكم بأنّ الفائت في المقامين هو الأخير أقرب ، والأخذ بالاحتياط في الكلّ أولى) (1).

ولو نسي التسليم (المخرج كلا أو بعضاً أو تعذّر مطلقاً) (2) وفعل المُبطل عمداً وسهواً ، بطلت صلاته ، جلس بمقدار التشهّد أو لا.

فما ترك من الأجزاء منه ما يتدارك ولا شي ء فيه كسائر الأجزاء إذا ذكرت قبل الدخول في رُكن ، أمّا لو ذكرت بعد الدخول في ركن ولم يكن من الأركان ، فلا فساد.

ولو كانت من الأركان ، فسدت الصلاة.

ولو كانت سجوداً أو تشهّداً (قد تُركا من الأصل ، أو فقد شرطهما) (3) ودخل في رُكن ، لزمَ تداركهما بعد الصلاة ، مع سجود السهو بعددها ، فقد تنتهي إلى ستّة سجودات لأربع سجدات من كلّ ركعة سجدة وتشهّدين ، وقد تنقص على اختلاف نقصان أسبابها.

ولو نسي سجدة أو سجدتين من ركعة أو ركعات ، ثمّ دخل في أُخرى متّصلة ، ونسي ركوعها ، أو مُنفصلة وقد نسي الركوعات التي بعدها حتّى سجد واحدة ، فذكر ، بطلَت صلاته في وجه. ولا تُضاف هذه السجدة أو السجدتان إلى ما قبلها فتتم صلاته على الأقوى.

ولو نسي ركوع الأُولى أو الثانية أو غيرهما ، فذكرَ بعد فوات ركوع آخر قبل الإتيان بسجدتين مثلاً ، احتملت الصحّة والبطلان.

ولو دارَ المنسي بين رُكن فات محلّه ، أو غير رُكن كذلك ، مُتجانسين أو مُتخالفين ، وبين ما لم يفُت محلّه ، بنى على وقوع الماضي ، وأتى بالثاني ، وصحّت صلاته.

وإن جهلَ التقدّم والتأخّر ، فإن كان بين الأقل والأكثر ، قوي البناء على الأوّل ، ومع التساوي والدوران بين سجدتين من واحدة أو ثنتين ، رجح جانب الصحّة. ولو

ص: 376


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- ما بين القوسين زيادة في «ح».
3- ما بين القوسين زيادة في «ح».

رجّح جانب البطلان ، كان له وجه.

ولو دارَ بين ما فيه قضاء أو سجود (أو الخالي عنهما) ؛ (1) قدّم الثاني.

ويشترك النفل والواجب بالعارض ، وبالأصالة في جميع ما مرّ من الأحكام ، إلا في وجوب القضاء والسجود ، فإنّهما مخصوصان بالأخيرين ، ويختصّ الأخير منهما بالأخير.

(وروي : أنّ من نسي الركوع في النافلة حتّى سجد سجدتين ألغاهما وركع ؛ وإن كان بعد الفراغ ، قضى ركعة وسجدتين ؛. (2) والظاهر أنّ المراد بهما سجدتا السهو) ؛. (3)

ولو نسي السجدتين الأخيرتين حتّى خرج من الصلاة ، قوي الإلحاق بناسي الركعة الأخيرة.

ولو نسي التشهّد أو التسليم ، وأتى بالمُبطل عمداً وسهواً من حدث أو استدبار قبلة أو تكبير لصلاة أُخرى ونحوها ، قوي القول ببطلان الأُولى ، والثانية أيضاً في الفرض الأخير ، سواء جلس بمقدار التشهّد أو لا.

ولو ارتج (4) عليه في قراءة فاتحة (5) أو ذكر واجب ، فالأقوى وجوب القطع والتعلّم مع عدم ضيق الوقت ، والإعادة.

(وأمّا السورة ، فإن لم يعرف غيرها ، اكتفى بما قرأ منها ؛ لما يظهر من الأخبار من المسامحة فيها) (6).

ولو استبدل بقراءة الفاتحة قراءة من غيرها ، وعن الذكر ذكراً أو بدلاً عنهما مع الاختلاف والتعذّر ، أو اقتصر على السورة مثلاً ، مع العجز عن الكلّ ، فأتم ، ثمّ أعاد ، كان أوفق بالاحتياط.

ص: 377


1- في «م» ، «س» : أو لا.
2- الفقيه 1 : 228 ح 1006 ، التهذيب 2 : 149 ح 585 ، الاستبصار 1 : 356 ح 1348 ، الوسائل 4 : 934 أبواب الركوع ب 11 ح 2.
3- ما بين القوسين زيادة : من «ح».
4- ارتجّ على القارئ كأنّه أُطبق عليه كما تُرتجّ الباب ، إذا لم يقدر على القراءة. لسان العرب 2 : 280.
5- في «م» ، «س» زيادة : أو سورة لم يعرف سواها.
6- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(ومع الدوران بين لفظين أو بين حرفين جمع بينهما ولم يدخل في كلام الآدميين ، ومع إمكان العوض كسورة أُخرى مثلاً ، الأحوط العدول إليها ، ومع البناء على السابق الأحوط الإعادة) (1).

المطلب الثالث : في نقص الركعات

إذا نقصت من الصلاة الواجبة أو المندوبة ركعة أو أكثر نسياناً ، بأن خرج من الصلاة ولم يفعلها ، كما إذا زعمَ القصر في محلّ التمام ، أو زعمَ الإتمام قبل الإتمام ، فإذا أتى بعد الخروج بما يبطل الصلاة عمداً وسهواً من حدث ونحوه أو تكبيرة لصلاة أُخرى ، فَسَدَت صلاته ، وتبطل الصلاة الثانية في الصورة الثانية على الأقوى.

(ويحتمل قويّاً الفرق بين أن يكون قد جلس بمقدار التشهّد أو يشكّ في ذلك ، وخلافه ، فتصحّ في الأوّل دون الثاني ، وتصحّ الصلاة الثانية في القسم الثاني.

ولو دخلَ في تكبيرة الثانية وقد بقي عليه بعض ركعات الأُولى ، بطلتا معاً. والقول بالعدول إلى الأُولى مع الإمكان ، والبطلان مع عدمه غير بعيد.

وأمّا ظهور النقصان بعد الدخول في ركعات الاحتياط ، فالظاهر الحكم فيه بالصحّة ، والاحتساب ، كما سيجي ء تفصيله) (2).

وإن أتى بمبطل العمد ، فقد صحّت ، وأتمّها ، ولزمه الإتيان بما يلزمه بسببه لو وقع في أثنائها من دون إتمامها.

ولو كانَ في مواضع التخيير ، وعزم على التمام ، فنسي ، وسلّم على الثنتين ، صحّت صلاته.

(وفي جواز البناء على الإتمام ، وإجراء حكم من زادَ مع قصد الإتمام ، والإتمام وجه بعيد ؛ إذ لا اعتبار بنيّة القصر والإتمام على الأقوى) (3).

ص: 378


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- ما بين القوسين زيادة من «ح».
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ولو سلّم على الثالثة ، جرى فيه الكلام المتقدّم. ومثل ذلك ما لو نوى التمام في مقضيّة ، وبعد الخروج على الثنتين ظهر أنّها مقصورة.

ويشترك الحكم بين الفريضة أصليّة أو عارضيّة وبين النفل ، إلا في لزوم سجود السهو ، فإنّه يلزم في الفريضة الأصليّة وجوباً ، وفي المُلتزمة بالنذر ونحوه استحباباً (1) احتياطاً عن الكلام ومجموع السلام ، أو عن كلّ سلام احتياطاً سجدتا السهو ، دون النفليّة.

ولو زعم الإتمام على ركعة ، فسلّم ، فذكر قبل فعل المفسد العام ، فقام ، ثمّ زعم الإتمام (2) ، ثمّ ذكر ، فقام ، وزعم الإتمام (3) ، ثمّ ذكر فقام ، (وأتى بعد الجميع بالسلام ، والكلام) (4) تكرّرت عليه تلك الأحكام بتكرّر الكلام مثلاً والسلام ، (فتلزمه من سجودات السهو ثمان ، أو ستّة عشر) (5).

ولو سلّم بزعم الرباعيّة على الثنتين ، فظهرت ثنائيّة (من دون حصول خلل في ابتداء النيّة) (6) صحّت.

المطلب الرابع : في زيادة ما عدا الركعات من الأجزاء

إذا زاد جزءاً بقصد الاحتساب من الصلاة ، عمداً عالماً بالحكم أو جاهلاً به ، وكان راجحاً فعله في الصلاة في نفسه ، غير منهيّ عنه بسبب شخصه كالقِران ، وقول «آمين» كزيادةٍ في الذكر أو القراءة أو التشهّد ، أو إطالة في سجودٍ أو ركوعٍ أو نحوها ، نويت جزئيّته في ابتداء الصلاة أو حين فعله أو لا ، لم يكن مُفسداً ، وإلا فسدت أكثر صلوات الخلق.

ص: 379


1- استحباباً غير موجود في «م» ، «س».
2- في «م» ، «س» زيادة : فأتى بالسلام.
3- في «م» ، «س» زيادة : فخرج.
4- ما بين القوسين زيادة من «ح».
5- ما بين القوسين زيادة من «ح».
6- ما بين القوسين في «س» ، «م».

وكذا إذا لم يكن راجحاً في نفسه ، لكنّه من التوابع على رأي ، كالهويّ ، والرفع ، وسجود غير الجبهة من المساجد ، ووضع الكفّين في الركوع إذا كرّرها ، ومع عدم الاحتساب يرتفع المنع بالأُولى.

وإن لم يكن فيه رُجحان في نفسه ، وقصد التقرّب فيه إبداع ، كقنوت ، أو تشهّد أو سجود جبهة في غير محلّها ، أو فعلٍ خارج خالٍ من الرجحان ، فالظاهر بطلانه ، وإبطاله وإن كان عن سهو.

ويقوى لحوق الإجبار به.

ولو كان ركناً كتكبيرة الإحرام ، ولو في غير محلّها ، أو لصلاة أُخرى ، أو صلاة جنازة ، أو بقصد إعلام المأمومين في سجود سهو الإمام ، وسجدتي شكر (أو سجود تلاوة في تلك الصلاة مع وجوبها أو غيرها أو غيرهما أو استماعها) (1) في وجه ، أو ركوع ، أو سجدتين من ركعة ، ولم يكن في صلاة جماعة لمتابعة الإمام ، كأن يسبقه بركوعه أو سجوده فيعود معه ، فَسَدَ العمل.

وزيادة النيّة على القولين ، والاستقرار على القول بركنيّتهما لا تخلّ في العمد ، ولا في السهو.

وإن لم يكن ركناً ، فلا تخلّ زيادته ، ولا يتبعها شي ء سوى زيادة السلام ، ففيها سجدتا السهو ، وكذا القيام في محلّ الجلوس ، وبالعكس في وجه قوي.

ولو أزاد من الأجزاء ما بلغ حدّ كثرة الفعل (2) أو محا صورة الصلاة ، أفسدها.

ولو أتى بصورة الركوع أو السجود لا للتعبّد به ، بل لتناول مثلاً لم يكن مزيد ركن (3) في وجه.

والساقط للرّكوع أو السجود من دون اختيار ليس براكعٍ ولا ساجد.

المطلب الخامس : في زيادة الركعات

إذا دخل في الركعة الزائدة في ثنائيّة أو غيرها ، من الفرائض اليوميّة وغيرها ،

ص: 380


1- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : أو تلاوة أو منهما من تلاوة تلك الصلاة أو من غيرها.
2- في «ح» زيادة : إن أجريناه في الأجزاء.
3- في «م» ، «س» : ركوع.

الأصليّة وغيرها ، فإمّا أن يذكر حال الارتفاع قبل بلوغ حدّ القيام ، أو بعد بلوغه قبل الأخذ بالهويّ ، أو بعد الأخذ بالهوي قبل الوصول إلى حدّ الركوع ، أو بعد الوصول إلى حدّه ، مع كونه غير منويّ (ولا بحكمه) (1) أو مع تجاوزه كذلك قبل الوصول إلى محلّ السجود (أو الوصول إليه غير منويّ على نحو ما مرّ) (2) ويعود في الجميع ، ويتشهّد ، ويسلّم.

وإن سبقَ منه التشهّد ، اكتفى به.

والأحوط الإعادة ، ولا سجودَ عليه في القسم الأوّل ، وعليه في باقي الأقسام ؛ لزيادة القيام.

ولو بلغَ حدّ الركوع (منويّاً أو في حكمه) (3) بطلَت صلاته ، وكذا لو نسي الركوع ودخل في السجود آتياً بسجدة واحدة أو سجدتين.

ولو قصدَ القصر في مقام التخيير ، فدخل في ركوع الثالثة ، تعيّن عليه الإتمام ، ولا يجوز له القطع (على الأقوى) (4) ، وفيما لو دخل ولم يبلغ حدّه ، يحتمل ذلك ، وبقاء التخيير ، ولعلّ الثاني أقوى.

وأمّا لو تعيّن عليه الإتمام ، فنوى القصر ، تعيّن عليه الإتمام مطلقاً.

ولو زعمَ الشك الموجب للاحتياط ، فأزاد ركعة أو ركعتين بعد التسليم ، فظهر التمام ، صَحّت صلاته ، وتُحسب الزيادة نفلاً.

ولو زعمَ الزيادة فبنى على الإبطال ، فبانَ له النقص أو التمام ، أتمّ ، وصحّت صلاته إذا لم يفعل مُنافياً.

وهكذا كلّ صلاة زعم بطلانها.

المطلب السادس : في الشكّ في نقص الأجزاء ممّا عدا الركعات

والشكّ : الإدراك المردّد بين متساويين ، ومع الرجحان فالراجح الظن ، والمرجوح الوهم ، ومع الانحصار علم.

ص: 381


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- ما بين القوسين زيادة من «ح».
4- ما بين القوسين زيادة من «ح».

(وقد يُطلق الثاني على الرابع ، وبالعكس ، ويُطلق الأوّل على ما عدا الرابع.

ويستوي الحكم إلا في مواضع خاصّة ، فيما عدا ركعات الصلاة أو مطلق أفعالها في وجه قويّ) (1) ويجري في الواجبات ، يوميّة أو لا ، أصليّة أو عارضيّة.

وهو قسمان : بسيط مفرد ، ومركّب مردد :

أمّا القسم الأوّل ، فالحكم فيه أنّه يعود إلى المشكوك ما لم يتجاوز محلّه إلى غيره من واجب ، كالشكّ في النيّة بعد الدخول في التكبيرة ، أو فيها أو في بعضها أو في شرطها بعد الدخول في القراءة ، أو في بعضها حتّى دخل في هويّ الركوع ، أو في الركوع حتّى تجاوز محلّه ، أو دخل في السجود أو في السجدة الثانية حتّى أخذ بالارتفاع ، أو دخل في التشهّد ، ونحو ذلك.

أو مندوب كالدخول في التوجّه أو تكبيرة الركوع أو القنوت ونحوها ، بالنسبة إلى ما قبلها ، وكلّ مركّب أو ذي عدد من فعل أو ذكر أو قراءة إذا دخل في جزء الآخر منه وإن قلّ لم يُعتبر شكّه فيما سبق.

فالدخول في أبعاض الفاتحة والسورة من آيات أو كلمات أو حروف أو أذكار في أجزاء أو جزئيّات يُلغي اعتبار الشك في السابق منها بعد الدخول في اللاحق.

والكون على هيئة الفاعل من إنصات أو تسبيح حال قراءة الإمام ونحوهما بمنزلة الداخل في الأفعال.

والناسي لجزءٍ إذا دخل في غير ركن فذكر عادَ ، وبعد العَود إذا حصل له الشّك في سابق ، لم يَعُد عليه على إشكال ، كناسي التشهّد حتّى قامَ أو أخذَ به ثمّ رجع لتداركه ، فشكّ في سجدة أو في أصل السجود ، فإنّ فيه احتمالين ، أقواهما إلغاء الشك.

وأمّا القسم الثاني : فإن كانَ بين نقصين في غير ركنين (2) ، ولم يمكن التدارك في واحد منهما للدّخول في رُكن بعد محلّيهما ، صَحّت صلاته.

وإن أمكن التدارك لهما معاً ، كما إذا كانا مُتعاقبين ، كما في الشكّ حال القيام بين

ص: 382


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- في «م» ، «س» : ركعتين.

نقص التشهّد أو السجود الأخير ، أو مُنفصلين بغير رُكن ، فإنّ الأقوى تداركهما معاً ، وإن استلزم زيادة غير الركن.

ولو أمكنَ تدارك أحدهما دون الآخر لعدم التعاقب ، وفعل (1) الركن ، رجعَ إلى الآخر ، وبطل حكم الشكّ في الأوّل على الأقوى ؛ للحكم بثبوت السابق ، ونفي اللاحق.

ولو كَبّر ، ولم يعلم أنّها إحراميّة أو ركوعيّة ، بَنى على تحقّق الإحراميّة ، من غير فرق بين أن يعرض الشكّ راكعاً أو هاوياً أو قائماً معيناً ونسي التعيين ، أو مطلقاً مع احتمال غيرها وعدمه.

ولو شكّ بين الإحراميّة من الافتتاحيات وغيرها ، فإن كان بعد الدخول في هويّ أو ركوع ، فكالسابقة.

وفي القيام بنى على عدم الإحراميّة ، ويأتي بها ، ولا بأس بالاحتياط بالإعادة من بعد.

ولو شَكّ بين ما فيه قضاء أو سجود سهو وغيره أو لا ، بَنى على البراءة ، والاحتياط أولى.

وإن كان بين الركنين مع إمكان تدارك أحدهما ، أو ركن وغيره متّصلين أو منفصلين ، اختلفا بالركنيّة وعدمها لذاتهما ، أو للهيئة الاجتماعيّة ، كسجدتين دار أمرهما بين الركعة والركعتين قوي القول بالصحّة ، ولا سيّما لو كان المتأخّر غير الركن.

ولو حكم بالبطلان ترجيحاً لبقاء شُغل الذمّة على غيره من الأُصول لم يكن بعيداً.

(ولو دارَ بين المتّحد والمتعدّد كالسجدة والسجدتين ، حكمَ بفواتهما معاً مع بقاء المحلّ.

ومع الفوات ووحدة المحلّ أو تعدّده يبنى على فوات الواحدة) (2).

ولو دارَ بين السجدة الواحدة من ركعة والسجدتين من أُخرى ، أو مع احتمال وحدة الركعة فيهما ، فالظاهر الصحّة ، والبناء على الواحدة ، وللاحتياط في هذا المقام وجه.

ص: 383


1- في «م» ، «س» : وفصل.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

والحكم بثبوت السابق في جميع الفروض دون اللاحق ، والواحد دون المتعدّد ، وغير الموجب (1) لأمرٍ دون غيره أقوى.

المطلب السابع : في الشكّ في زيادة الأجزاء ممّا عدا الركعات

وهو قسمان : بسيط مُفرد ، ومركب مردّد :

أمّا الأوّل : فالحكم فيه نفيه ، سواء كانَ في ركنٍ أو غيره ؛ تمسّكاً بأصالة العدم.

وأمّا الثاني : فإن كانَ بين ركنين ، حكمَ بالفساد ؛ وإن كان بين ركن وغيره من غير المتجانس (مثلاً) (2) تقوى الصحّة.

وللبناء على الفساد وجه ؛ ترجيحاً لأصالة شُغل الذمّة على باقي الأُصول.

وإذا كان بين المُتجانسين في الواحد والاثنين ، كالسجدة والسجدتين ، أو بين ما في المحلّ وفائته ، وبين الأقرب والأبعد ، فإنّ الأقوى هنا الصحّة ؛ لقوّة الأصل.

وللاحتياط هنا وجه أيضاً.

وفقه المسألة : أنّ الدوران إمّا بين رُكنين ، أو غير رُكنين ، أو مُختلفين ، مُتجانسين أو مُختلفين ، مُتساويين عدداً أو مُختلفين ، مُتساويين في الحكم بالقرب إلى الغاية لعدم معرفة المقدّم والمؤخّر أو مُختلفين ، مجهول المحلّ أو معلومه (3) ، وقد ظهر حكم الجميع ممّا مرّ آنفاً ، (وفي الدوران بين المفسد وغيره لا يبعد الحكم بالفساد ، وإن كان الأقوى خلافه) (4).

المطلب الثامن : في الشك المردّد بين النقص والزيادة

والحكم فيه : أنّه إن كان بين رُكنين ، مُتجانسين أو مُختلفين ، مُتصلين أو مُنفصلين ،

ص: 384


1- في «س» : الواجب.
2- بدل «مثلاً» في «م» ، «س» : مع فوات محلّ التدارك فيهما.
3- في «م» ، «س» زيادة : يمكن تدارك أحدهما أو لا.
4- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

وبقي محلّ التدارك في الأخير ، قضى بالصحّة ، وإلا قضى ببطلان الصلاة.

وإن كان بين غير رُكنين ، وقد خرج محلّ التدارك حيث دخل في الركن بعد محلّهما ، صحّت صلاته من غير تدارك ، ولا قضاء ، ولا سهو (1).

وإن بقيَ المحلّ ، قويَ القول بالتدارك ، وإن ترتّب على الاجتماع احتمال زيادة رُكن.

(وقد علم ممّا تقدّم حكم زيادة النقص على الزيادة ، وبالعكس ، ومساواتهما ، ومساواة النقصين والزيادتين ، واختلافهما) (2) والأخذ بالاحتياط في لزوم فراغ الذمّة ، وطرح ما يعارضه من (الأُصول أولى) (3) ويقوى مع العلم بالمقدّم والمؤخّر إلغاء الشك في المقدّم.

المطلب التاسع : في الشك في نفس الصلاة يوميّة أو غيرها فريضة أو نافلة

والحكم فيها : أنّها إن عَرَضَ الشكّ وقد بقي من الوقت ما يسعها بتامها ، أتى بها.

وإن مضى الوقت ، فلا اعتبار بالشكّ.

ولو بقي منه مقدار ركعة فما زاد ممّا ينقص عن التمام ، احتمل لحوقه بالمُدرك ، والأقوى خلافه.

ولو شكّ في صلاة وقد دخل فيما يترتّب عليها كالشكّ في العصر والعشاء في أثناء الظهر والمغرب ، وفي الوتر في الشفع ، لم يُعتبر شكّه على الأقوى.

ومثل ذلك الشكّ في الركعات المتأخّرة الموظّفة بوظائف خاصّة ، مع الدخول في وظائفها.

والظاهر عدم اعتبار ذلك في القنوت ، والتشهّد ، والتسبيحات ، ونحوها في الفرائض بالنسبة إلى شكّ الركعات (وفي الدوران بين المندوب والواجب ركناً أو غيره ، وبين المندوب في أثناء الصلاة يقدّم الموافق للصحّة ، وبين المندوبين يرعى الترجيح) (4).

ص: 385


1- في «م» ، «س» زيادة : إن كان ممّا ليس فيه.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- في «م» ، «س» : الأحوال.
4- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
المطلب العاشر : في الشكّ في حصول المنافيات

والحكم بعدمها عملاً بالأصل إلا ما كان من المشكوك قبل الاستبراء هو الأوفق بالقاعدة.

الحادي عشر

في الشكّ بين ما يبطل عمداً فقط ، أو عمداً وسهواً ، والإلحاق بالأوّل قوي ، والمحافظة على الاحتياط أولى ، وسيجي ء تمام الكلام في هذا المقام.

ويجري في شكّ الشروط في الزيادة والنقص والاختلاف ما جرى في الغايات ، إلا أنّ الحكم مُختلف يظهر بالتأمّل.

الثاني عشر : في الشكّ المتعلّق بالركعات
اشارة

وفيه مقامات :

الأول : فيما لا يُعتبر من الشكّ ، تعلّقَ بالزيادة أو النقيصة أو تركّب منهما ، ويبنى فيه على الصحّة

وهو أقسام :

أحدها : ما تكرّر من الشكّ على المُصلّي ؛ حتّى صَدَقَت عليه صفة كثرة الشكّ عُرفاً ، فإنّه يبني على الصحّة في واجب من الصلاة أصليّ ، يوميّ أو غيره ، أو عارضيّ ، أو مندوب ، كما في غيرها من العبادات.

(وما روي عن الصادق عليه السلام من أنّ الرجل إذا كان ممّن يسهو في كلّ ثلاث فهو ممّن كثر عليه السهو (1) مع ما فيه من الإجمال ، مُعارض بظاهر الأخبار) (2).

ص: 386


1- الفقيه 1 : 225 ح 990 ، الوسائل 5 : 330 أبواب الخلل ب 16 ح 7.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ثمّ المدار على محلّ الكثرة من جزءٍ أو جزئي ، ولا يتعدّى إلى غيرهما.

ولو دارَ ، دارَ الحكم معه.

ولو جهلَ حاله ، نظر في أحوال العقلاء ، فإن تعارضوا رجّح ، ومع عدم الترجيح يأخذ بحكم الشكّ.

ومن كَثرت عليه الوسوسة (فليستعذ باللّه من الشيطان الرجيم ، أو) ؛ (1) فليطعن فخذه الأيسر بمسبحته اليمنى ، ثمّ يقول : «بسم اللّه وباللّه ، توكّلت على اللّه ، أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم» فإنّه ينحره ويطرده.

وإذا سَرَت كثرة الشكّ إلى حال الاستخبار ، قلّدَ من يعتمد عليه.

والشكّ في أنحاء الإدراك الأربعة من غير ترجيح شكّ ، وفي خصوص الاثنين والثلاثة شكّ فيها.

ثانيها : الشكّ في ركعات الاحتياط ؛ فإنّه لا عِبرة بالشكّ الحاصل في ركعاتها ، ولا في أجزائها ، في نقص ولا زيادة.

ولو شكّ في كونهما ركعتين قياميّتين فقط ، أو جلوسيّتين كذلك ، أو أربع ، احتمل الاكتفاء بالثنتين من جلوس أو من قيام ، ولزوم الأربع ، ولعلّ الأوّل أقوى ، والثاني أحوط.

ولو دارَ بين القياميّتين والجلوسيّتين ، احتملَ تقديم الجلوسيّتين ، ولزوم الجمع ، واحتياط الإعادة ، وهو أولى.

ثالثها : ما كان في النوافل باقية على استحبابها ، فإنّ الشك فيها نقصاً أو زيادة لا يخلّ بصحّتها.

ويتخيّر في القسم الأوّل بين البناء فيها على الأقلّ أو الأكثر.

وما وجبَ منها بالعارض (2) يلزم البناء فيه على الأقلّ ، وقد يقال بالبطلان على نحو ثنائيّة الفرائض.

رابعها : ما كان من المأموم أو الإمام مع ضبط الآخر (ولو انكشف فساد الإمامة بعد

ص: 387


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- في «م» ، «س» زيادة : لم.

المتابعة ، قوي القول بالصحة) (1).

خامسها : الشكّ بعد الفراغ من العمل (ولو في أثناء الركعة الاحتياطيّة أو الأجزاء المنسيّة) (2) ويتحقّق بقول : «السلام علينا أو السلام عليكم» وهو جارٍ في جميع العبادات.

(سادسها : الشكّ بعد خروج الوقت ؛ ومنه الشكّ فيما يترتّب بعضه على بعض ، كالشكّ في بعض ركعات الظهر وهو في العصر ، أو المغرب وهو في العشاء ، والأحوط الإتيان بهما.

أمّا ما لا يترتّب ، كما إذا شكّ في أنّ ما أتى به أصليّ أو تحمّلي ، أو عن زيد أو عن عمرو ، أو نافلة أو فريضة ، أو قضاء أو أداء ، أو يوميّة أو غيرها ، لم يحتسب ما فعل ، وعادَ من الأوّل.

سابعها : الشكّ في ركعات الإعادة.

ثامنها : الشكّ في قضاء ما فاتَ لنقصٍ فيه على إشكال) (3).

المقام الثاني : فيما يبطله الشكّ في الركعات من الأنواع زيادة ونقصاً

وهو ما كان ثنائيّاً من الفرائض الأصليّة ، كالصبح وصلاة القصر والخوف ولو تجدّد له سبب التمام أو القصر بعد إحراز الثنتين فعرض له الشكّ ، تغيّر الحكم بتغيّر السبب وصلاة الجمعة والآيات والعيدين.

ويلحق بها المقضيّات ، والمُعادات منها ، ولو استحباباً.

ويجري في صلاة القصر القصر بحسب الكيف ، كالتكبيرتين بدلاً (عن الثنائيّة ، والثلاث في قصر المغرب بحسبها في الخوف) (4).

وأمّا في النوافل الباقية على استحبابها رباعيّة ، على القول بكون بعضها رباعيّاً أو ثنائيّةً ، أو آحاديّة ، وركعتي الاحتياط ، أو ركعته ، فلا يقتضي فساداً ، بل يخيّر في

ص: 388


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- ما بين القوسين زيادة في «ح».
4- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : في الخوف مع القصر أو ثلاثياً كالمغرب وقصره.

القسمين الأوّلين بين البناء على التمام ، والبناء على النقصان ، وهو أفضل ، (ولو شكّ في الزيادة نفاها وبنى على الصحّة.

وفي الثلاثة الأخيرة يبني على التمام ، سواء كان الشكّ في زيادة أو نقص ، والأحوط في الواجب بالعارض الإلحاق بواجب الأصل) (1).

والظنّ في الركعات قائم مقام العلم في جميع الأقسام ، وكذا في باقي أجزاء الصلاة في وجه قويّ.

(ولو شكّ بين الثنتين والواحدة وبنى على الثنتين لزعمه أنّها نافلة ، ويجوز له فيها ذلك ، وبعد أن أتمّ الثانية ذكر أنّها فريضة رباعيّة ، فصار شكّه بين الثنتين والثلاثة ، أو شكّ بين الثنتين والثلاث أو غيرها من الصور الصحيحة زاعماً أنّها رباعيّة ، ثمّ عمل عمله ، وكان موافقاً لغيرها قوي البطلان.

ولو ترامى الشك مُتصاعداً ، أخذَ بالأعلى ؛ أو مُتسافلاً ، أخذَ بالأقلّ) (2) ثمّ الشكّ إذا كان على نحو الخطور يسرع زواله بالنظر إلى الخاتم في وضعه ونحوه ثمّ يحصل الاطمئنان بعده بلا فصل ، أو كان تابعاً في الجماعة يرجو إيضاح الحال بعمل الإمام أو المأمومين ، أو وضع حبّا مثلاً بعددٍ على مصلاه وحدثَ الشك حال قيامه ويرتفع باختياره مع التراخي ، أو كان عنده من يخبره ، فبقي الشك معه بمقدار استخباره ، أو لم يكن عنده ، ولكن يعلم أو يظن مجيئه قبل وقت الاحتياج ، أو عهدَ إلى شخصٍ بالمجي ء حال الدخول في ركعة مُعيّنة ، أو كان حوله مَن يعلم تعيين الركعة ببلوغ عمله إلى حال معيّن ، إلى غير ذلك ، قام فيه احتمالان : الإبطال ، وعدمه ، أقواهما الثاني في خصوص الأوّل والثاني.

المقام الثالث : في الشكّ في الركعات من الصلاة الّتي يُداخلها الشكّ في بعض الأعداد من غير إفساد
اشارة

وهو على قسمين :

ص: 389


1- بدل ما بين القوسين في «م» : وفي الثانيتين يبني على التمام ، وفي «س» : وفي الثنائيتين يبني على التمام.
2- ما بين القوسين زيادة من «ح».
أحدهما : ما يكون مُفسداً كالقسم المتقدّم

وهو أُمور :

منها : ما كان في الأُوليين من الرباعيّة المفروضة بين الواحدة فما زاد ، أو الثنتين فما زاد ، قبل إكمال السجدتين بالأخذ بالرفع من السجود الأخير ، أو ما قام مقامه من رفع بعض خفضه ، أو فتح عينين بعد ضمّهما.

ويجري في الأبدال ما يجري في المُبدل ، ففي التكبيرتين عوض الصبح والتكبيرات الأربع عوض الظهر في الحرب يجري ما جرى في الركعات ، إلا أنّ التمام هنا بتمام التكبيرة من دون اعتبار السجود.

ومواضع التخيير يجري فيها حكم التمام ، ولو قيل بتبعيّة النيّة لم يكن بعيداً.

ولو شكّ في أنّه سجد واحدة من سجود الركعة الثانية أو ثنتين ، ثمّ حصل له الشكّ بين الثنتين والثلاث ، فإن كان قبل الانتصاب والأخذ به بطلت صلاته ، وإن كان بعده أو كان كثير الشك صحّت ، ونحوه يجري فيما بين الأربع والخمس.

ولو شكّ بين الثنتين والثلاث بعد الإحراز ، فقامَ إلى الرابعة ، فشكّ فيها بين الثنتين والثلاث ، لوحظَ فيها الإحراز وعدمه اعتباراً للشكّ الثاني ؛ لأنّ كلّ شكّ متأخّر ينسخ المتقدّم مع مضادّته.

(ولو قامَ في ركعة فشكّ في أنّها رابعة العصر أو العشاء أو أحد أوّلتي الظهر أو المغرب أو ثانيتيهما ، فالأقوى البطلان ؛ لعدم الإحراز. وفيما إذا لم يعلم أنّها ثالثة الظهر أو رابعة العصر أو بالعكس ، أو رابعة الظهر وخامسة العصر قبل الركوع أو بالعكس ، تقوى الصحّة.

ولو نسي الظهر أو المغرب فدخل في الأخيرين ، وكان شاكّاً شكّاً يجامع الصحّة ، فذكر ، وعدل إلى الأُوليين ، ثمّ شكّ شكّاً مفسداً أفسد.

ولو شكّ في أنّ ما مضى من الشكّ مُفسد أو لا ، بنى على الصحّة ، والأحوط الإعادة.

وكذا لو شكّ في أنّ ما شكّ في ركعاته سابقاً ممّا يجري فيه عمل الشكّ ، وقد أتى به أو لا.

ص: 390

ولو شكّ النائب والمنوب عنه ضابط ، أو بالعكس ، فالمدار على النائب.

ولو شكّ ، فشهد العدلان بطرف ، ولم يتزحزح عن شكّه ، تبعَ العدلين على إشكال. وفي خبر العدل يجي ء الاحتمال.

ولو شكّ شكّاً مُفسداً ، فغفل عن القطع ، ثمّ بانَ عدم إفساده أو بالعكس ، عملَ على ما انتهى إليه على إشكال.

(ولو كانَ زعمَ الشك بين الثلاث والأربع قبل الإحراز ، وبعد الإحراز علم أنّهما اثنتان ، قوي القول بالصحّة) (1).

ومنها : ما إذا دخلَ الشك ما زاد على السادسة مع أيّ ركعة كان ، أو نفس السادسة بعد الدخول في الركوع.

ومنها : ما إذا شكّ ، فلم يدرِ ما صلّى ، وربّما رجعَ إلى الشكّ بين الأُولى وغيرها.

ومنها : ما إذا كان بين الثنتين بعد الإكمال أو الثلاث أو الأربع أو المركّب من الاثنين أو الثلاث ؛ (2) في صورها السبع ، وبين الست ، قبل الركوع أو بعده ، أتمّ السجود الأخير أو لا ، أو بينها وبين الخامسة بعد الركوع.

ومنها : ما إذا كان بين الثنتين أو الثلاث أو بينهما معاً ، وبين الخمس بعد الركوع ، مع إتمام الركعة وبدونه.

ومنها : ما إذا كان بين الأربع والخمس بعد الركوع إلى ما قبل الرفع من السجود الأخير.

القسم الثاني : ما لا يبعث على الفساد

وتصحّ معه الصلاة الرباعيّة ، وكلّما دخل فيه الثنتان ، فالمعتبر فيه إحرازها بالرفع من السجود الأخير. وكلّما كان فيه احتمال النقص يُبنى فيه على الزيادة.

ص: 391


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- في «ح» زيادة : والأربع.

وهو ضروب ثمانية : ثلاثة منها فيما بين الثنتين فما فوق ، وثلاثة فيما بين الثلاث فما فوق ، وواحد فيما بين الأربع والخمس والثامن فيما بين الخمس والست.

أوّلها : الشكّ بين الثنتين والثلاث بعد الإحراز ، والحكم فيه : البناء على الثلاث والإتمام ، ثمّ التخيير بين ركعة قيام وركعتي جلوس ، والأوّل أولى وأحوط.

ثانيها : الشك بين الثلاث والأربع ، والحكم فيه : البناء على الأربع ، والتخيير أيضاً بين ركعتي جلوس وركعة قيام ، (ويتعيّنان في المقامين بمجرّد الدخول على الأقوى) (1).

ثالثها : الشك بين الثنتين والأربع بعد الإحراز ، والحكم فيه : البناء على الأربع ، ثمّ صلاة ركعتين من قيام.

رابعها : الشكّ بين الثنتين والثلاث والأربع ، والحكم فيه : البناء على الأربع ، ثمّ الإتيان بركعتي قيام ، ثمّ ركعتي جلوس.

خامسها : الشكّ بين الثلاث والخمس قبل الركوع ، والحكم فيه : هدم ما فعل والجلوس والتسليم ، حتّى يرجع شكّه إلى ما بين الثنتين والأربع ، ويعمل عمله. ثمّ إن كان بلغ حدّ القيام ، سجد سجود السهو لزيادته.

سادسها : الشكّ بين الأربع والخمس ، والحكم فيه : أنّه إن كان قبل الركوع هدم ، ورجع شكّه إلى ما بين الثلاث والأربع ، فيسلّم ، ويعمل عمله ، ثمّ إن كان بلغ حدّ القائم سجد للسهو ، وإن كان بعد التمام والفراغ من السجود الأخير تمّت صلاته ، وسجد سجدتي السهو ، وإن كان ما بينهما بطلت صلاته.

سابعها : الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس ، وحكمه : أنّه إن كان قبل الركوع هدم ، ورجع شكّه إلى ما بين الثنتين والثلاث والأربع ، وبعد السلام والإتمام يعمل عمله. ثمّ إن بلغ حدّ القائم سجد سجدتي السهو ؛ لزيادة القيام. وإذا حصل شكّه فيما بين الركوع إلى حين الخروج فسدت صلاته.

ص: 392


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ثامنها : الشكّ ما بين الخمس والستّ ، والحكم فيه : أنه إن كان قبل الركوع هدم ، ورجع شكّه إلى ما بين الأربع والخمس ، فيسلّم ، ويسجد سجدتي السهو كما هو حكمه ، ثمّ إن بلغ حدّ القائم سجد سجدتين أُخريين ؛ لزيادة القيام.

والضابط : أنّ الشكّ إن كان بين النقص والزيادة في غير ما كان فساده لذاته وما كان بين الأربع والخمس بعد الإكمال ؛ لأنّه كالشك بعد الفراغ ، وابتناؤه على الإتيان بالزيادة اختياراً بَنى فيه على الزيادة ، فإن وافقت الصحّة صحّت ، وإلا فسدت.

ولعلّ سرّ البناء على الزيادة : أنّ العبد لزيادة شوقه إلى طول الوقوف بين يدي ربّه ، يجد الكثير قليلاً ، فتغلب عليه الزيادة ، وأن النقص يُجبر دون الزيادة.

وفي الثنائيّة يحكم بالبطلان ؛ لأنّ الاحتمال في الفرض مُفسد ؛ لزيادة الاعتناء به ، بخلاف السنّة ، والمغرب مُلحق به ؛ لقربه إليه ، واللّه أعلم.

الرابع : في أحكامه

وفيه مباحث :

الأوّل : ما ذُكر من القيام والجلوس بالنسبة إلى المستقرّ القادر على القيام واضح ، وكذا في الماشي والعادي على الظاهر من اللّحوق بالقائم.

وأمّا في الجلوس ، والركوب ، والاضطجاع ، والاستلقاء ، والمركّب من القيام وآحادها ومركّباتها على كثرة أفرادها ، والمقتصر على التكبير مثلاً ، ففيها أبحاث :

الأوّل : فيمن فرضه الجلوس ، لذهاب رجليه أو للمشقّة عليه ، ويقوم في حكمه احتمالات :

أحدها : أن يحكم عليه بحكم القائم ، فركعته كركعته ، وتسقط ركعتا الجلوس القائمة مقام ركعة القيام.

ثانيها : أن ينزّل منزلة الجالس اختياراً ، فركعتاه بركعة قيام ، وأربع منه بركعتي قيام.

ثالثها : أن ينزّل منزلة الجالس إلا في عوض ركعتي القيام.

ص: 393

رابعها : أنّ الحكم يختلف باختلاف النيّة ، فإن قصدها قياميّة كانت ، أو جلوسيّة كانت. وليس له التوزيع في الركعتين ؛ لخروجه عن مورد الأدلّة ، ويتعيّن عليه في ركعتي الجلوس مع الاجتماع مع ركعتي القيام نيّتهما.

(وفي تجاوزه محلّ التشهّد والسجود ، مع الشك بمجرّد الأخذ بالجلوس أو بتمامه لقيامه مقام القيام ، أو بحصول مَكثٍ بعد الجلوس أو بنيّة القيام ، أو عدم جريان حكم القيام مطلقاً وجوه) (1).

البحث الثاني : فيمن فرضه الركوب ، ويكون على أنحاء :

منها : أن يكون قائماً في ركوبه.

ومنها : أن يكون جالساً في محمله أو تخته أو رحل دابته ، وحالهما واضح.

ومنها : أن يكون ممدود الرجلين ، والظاهر إلحاقه بالجالس.

البحث الثالث : فيمن يكون على هيئة الراكع ، والظاهر لحوقه بالقائم.

البحث الرابع : فيمن فرضه الاضطجاع وما بعده ، والظاهر الإلحاق بالجالس في الأحكام ، والقول بمُراعاة القصد قريب.

البحث الخامس : في المركّب ، وحكمه أن المركّب من القيام وغيره بحكم القيام على الأقوى ، وما تركّب من باقي الأقسام بحكم الجلوس.

البحث السادس : فيمن فرضه التكبير ، والظاهر أنّه (2) يتبع ما قارنه من قيام أو غيره.

المبحث الثاني : أنّه إذا انقلب الظنّ إلى الشكّ أو بالعكس ، فالمدار على محلّ الاستقرار. وكذا إذا انقلب الشك في العدد من حال إلى حال ، فإنّ المدار على ما إليه المال.

ولو شكّ في الثنتين قبل الإحراز ، ثمّ انقلب إلى غيرها من دون فاصلة مُعتدّ بها ، انتقل عن حكمها ، وعمل عمل ما صار إليه ، كما لو انتقل من ظنّ إلى شكّ ، وبالعكس.

ص: 394


1- ما بين القوسين زيادة في «ح».
2- في «م» : والظاهر أنّه بحكم القيام بأنّه.... وفي «س» : والظاهر أنّه بحكم القيام والقول إنّه.

ولو شكّ بين الأربع والخمس ، وبنى على التشهّد ، فانقلب إلى ما بين الثلاث والأربع ، ثمّ لما أراد القيام انقلب إلى ما بين الثنتين والثلاث ، أو بعكس الترتيب ، فالبناء على الشكّ الأخير ، والشكّ في السهو شكّ.

المبحث الثالث : لو حصل الشك بعد الخروج من الصلاة ، فلا عبرة به.

ولو حصل في التشهّد الأوّل ، وكان شكّه بين الواحدة والثنتين ، أو في التشهّد الأخير ، أو حال التسليم الغير المُخرج ، فالأقوى إجراء حكم الشكّ.

الرابع : لو حَصَلَ الشكّ بين الثنتين فما فوق من جميع أقسامها في مواضع التخيير بعد الإحراز ، احتمل الصحّة مطلقاً ، والبناء على الزيادة والإتمام ، والبطلان مطلقاً ؛ نظراً إلى أصالة القصر ، والتفصيل بين نيّة القصر (1) والخلوّ عن النيّة ، فيحكم فيهما بالبطلان ، وبين نية التمام ، فيحكم بالصحّة ، والبناء على الزيادة ولزوم الإتمام.

الخامس : لو عَرَضَ الشكّ بعد إحراز الثانية بينها وبين ما زاد ، وزالَ سبب القصر أو التمام ، فالمدار على الغاية مع عدم طول الفاصلة في القسم الأوّل ، ومطلقاً في الثاني ما لم يحصل خلل من جهة التشهّد فما بعده.

السادس : لو شكّ فيما تقدّم منه هل كان شكّاً أو غيره من الإدراكات ، لحقه حكم الشكّ.

السابع : لو شكّ بين الثنتين فما فوق ، ثمّ شكّ بعد أن قام في الركعة التي بنى على كونها ثالثة أو رابعة في أنّ شكّه هل كان قبل الإحراز أو بعده ، بنى على الإحراز والصحّة.

ولو قامَ فشكّ في أنّه كان بين الثنتين والثلاث ، أو بينها وبين الأربع ، أو بينها وبين الثلاث والأربع ، فالظاهر البطلان.

الثامن : لو شكّ بعد الفراغ في أنّ شكّه هل كان مُفسداً أو لا ، بنى على الصحّة.

ص: 395


1- في «ح» زيادة : قد يلحق به.

ولو شكّ في أنّه موجب أربع ركعات أو ركعتين أو ركعة ، احتمل الاكتفاء بالركعة ، ولزوم الأكثر ، والبطلان ، ولعلّه الأقوى. والأحوط الإتيان بكلّ المحتمل ، ثمّ الإعادة.

ولو كان شاكّاً شكّاً يوجب نحواً من الاحتياط ، وبعد الفراغ قبل الدخول في الاحتياط أو في أثنائه انقلب شكّه إلى شكّ آخر ، فالمدار على الشكّ الأوّل.

وفي كلّ شكّ يشكّ في أنّه مُفسد بعد تجاوز محلّه أو بعد الفراغ ، يبني فيه على الصحّة ، ومع بقاء المحلّ ودوران الشكّ بين الأقلّ والأكثر يبني فيه على الأكثر.

التاسع : لو شكّ في أثناء فريضة في كون الشكّ فيها أو في فريضة قبلها ، بنى على الأخير. ولو دارَ بين شي ء بقي محلّه ، وشي ء فاتَ محلّه ، بنى على اعتبار الباقي (وبين الأقرب والأبعد يبني على ملاحظة الأقرب) (1).

العاشر : لو علم فساد صلاة بفوات ركعة أو ركوع أو زيادة أحدهما ، ودارَ بين صلوات مُختلفة الهيئة ، أتى بها جميعاً.

وفي المتّحدة الهيئة يأتي بواحدة عمّا فات.

الحادي عشر : لو شكّ في كونه كثير الشكّ ، وَجَبَ عليه استعلام الحال على الأقوى.

وإذا انسدّ عليه الطريق ، بنى على عدم كثرة الشكّ.

الثاني عشر : لو عادَ بعد كثرة الشكّ إلى الاستقامة ، رجعَ حكمه إلى حكم المستقيم.

وإذا شكّ في ذلك ، لزمه الاختبار بنحو ما مرّ في وجه قوي ؛ فإن انسدّ عليه الطريق ، بقي على حكمه السابق.

الثالث عشر : أنّ للرّكعات حكماً مُغايراً لحكم باقي الأجزاء ، فلو عرض له الشكّ بين الركعات بعد التشاغل بما يرتبط بخصوص أحدها كالتسبيح والتشهّد والقنوت ونحوها ، جَرى عليه حكمه ، ولا عبرة بالخواصّ.

الرابع عشر : لو شكّ في فرض ، فزعم أنّه ثنائيّ ، فيبني على القطع ، ثمّ علمه رباعيّاً ، عمل على الشكّ ، إن لم يأتِ بمنافي العمد والسهو.

ص: 396


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

الخامس عشر : لو شكّ بين الثنتين فما زاد قبل الإحراز ، أو بين الواحدة فما زاد ، فهل له العدول إلى النفل في مقام جوازه ، ليجري عليه حكم شكّ النفل؟ الظاهر لا.

السادس عشر : لو شكّ كذلك بعد الإحراز ، فالتزم بالاحتساب ثالثة ، والإتيان بالرابعة ، وعمل الاحتياط ، فهل له العدول إلى النفل في مقام جوازه ليجري عليه حكمه؟ الظاهر لا.

السابع عشر : إذا التزم بنذرٍ أو غيره بأربع ركعات فقط غير معنون بعنوان يوميّة ، فهل تكفيه صلوات أربع من اليوميّة مع الاحتياط وعمل الشكّ وإن زاد إشكال ، ولعلّ الأقوى عدم الإجزاء.

(الثامن عشر : أنّه لا تُشترط في صحّة الصلاة معرفة شي ء من أعمال الشكّ أو السهو قبل الوقوع فيه.

التاسع عشر : لو شكّ في أنّ ما عمله أخذَه عن طريق شرعيّ ، اجتهاد أو تقليد أو لا ، بنى على الصحّة.

العشرون : لو حصلَ له الشكّ في أثناء العمل ، ولم يكن سأل ، بنى على النقص فأتمّ ، أو التمام فسلّم ، ثمّ سأل ، فإن ظهر أنّ عمله موافق صحّ ، وإلا أعاد ، وهكذا حال كلّ متردّد في الأثناء.

الحادي والعشرون : لا يجب وضع العلامة للضبط ، مع كثرة الشكّ ، والأحوط ذلك) (1).

المقام الخامس : في ركعات الاحتياط
اشارة

وفيه مطلبان :

المطلب الأوّل : في كيفيّتها

وهي : ركعتان قياميّتان ، أو ما يقوم مقامهما ؛ أو جلوسيّتان ، أو ما يقوم مقامهما

ص: 397


1- ما بين القوسين أثبتناه من «ح».

في قصر الكيفيّة ؛ أو ركعة قيام ، أو ما يقوم مقامها كذلك.

كلّ ذلك (1) بالنسبة إلى العاجز مطلقاً أو مع النيّة ، والأقوى الأخير على نحو ما يصلّي غيرها ، من ثنتين عليه قياماً وجلوساً ، أو واحدة قياماً ، إلا أنّ النيّة فيها قصد الاحتياط عمّا لعلّه فاتَ من الركعات.

ويقتصر فيها على الحمد وحدها سرّاً ، وفي البسملة يستحبّ الجهر ، والاحتياط في تركه. ولا يجزي التسبيح عنها.

ولا أذان فيها ، ولا إقامة ، ولا تكبير ، سوى تكبيرة الإحرام ، ولا الدعوات الموظّفة ، ولا التوجّه.

المطلب الثاني : في أحكامها

وهي أُمور :

أحدها : أنّه يجب فيها ما يجب في الصلاة من قيام باستقلال ، وتكبيرة ، وقراءة على نحو ما ذُكر ، وركوع ، وسجود ، ونحوها ، بالكيفيّات المعهودة (سوى ما يتبع من قضاء الأجزاء المنسيّة وفي زيادة الركن أو الركعة ونقصهما سهواً وإجراء حكم الشكّ في الثنائيّة إشكال ومن سجود السهو ، وقوله : عليه السلام لا سهو في سهو (2) وإن احتمل ستّة عشر وجهاً يفيد ما ذكرناه) (3).

ثانيها : أنّه إذا تبيّن التمام بعد الاحتياط ، كان ما أتى به نفلاً ، وهو فيما كان ركعتين قياماً أو جلوساً على قاعدة النفل ، وفي الواحدة كذلك على غير القاعدة ، ولا يحتاج إلى نيّة العدول على الأقوى.

ثالثها : لو ذكر التمام في الأثناء ، أتمّ ركعتين.

وإن كانت المنويّة واحدة ، أضافَ إليها أُخرى. ولو كانَ بعد التشهّد ، يقصد النافلة.

ص: 398


1- بدل ما بين القوسين في «ح» : ويحتسب الجلوس وما بعده من المراتب قياماً أو جلوساً.
2- الكافي 3 : 358 ح 5 ، الفقيه 1 : 231 ح 1028 ، التهذيب 2 : 344 ح 1428 ، الوسائل 5 : 340 أبواب الخلل ب 25 ح 1 - 3.
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

رابعها : أنّه لو ذكرَ النقص بعد التمام وعمل الاحتياط ، وكان المأتي به موافقاً بالكيفيّة والعدد ، كما إذا أتى بركعة من قيام أو ركعتين كذلك ، وكان الفائت مثلها ، فلا شي ء عليه.

وكذا لو كان المأتي به مُنزّلاً منزلة الفائت ، كركعتي جلوس ، وكان الفائت ركعة قيام ، أو أتى به بزعم أنّه بعض الواجب ، فانكشفت له الموافقة ، كما إذا كان شاكّاً بين الثنتين والثلاث والأربع ، فأتى بركعتي قيام مُريداً لإتباعها بركعتي جلوس ، فذكر نقص الركعتين قبل الدخول في الأُخريين.

ولو ذكر بعد تمامها ، احتسبهما نافلة ، أو في أثنائهما ، أتمّهما كذلك.

خامسها : لو ذكر النقص بعد التمام وعمل الاحتياط ، وكان بينهما تمام المخالفة ، كما إذا صلّى ركعتي قيام ، فظهر أنّ الفائتة واحدة ؛ (1) أو جلوس ، فظهر أنّ الناقص اثنتان ، فيحتمل هنا الصحّة ، والبطلان ، والأوّل لا يخلو من رجحان.

سادسها : أن يذكر النقصان في أثناء عمل الاحتياط ، فإن ذكر ما فيه الموافقة حقيقة أو منزلة ، كما إذا ذكر نقص الواحدة وهو في ركعة قياميّة أو جلوسيّتين أتمّ ولا شي ء.

وإن ذَكَرَ ما فيه المخالفة مَنويّاً ، ولم يتجاوز محلّ إمكان العدول ، كما إذا نوى ركعتين من قيام ، فظهر له نقصان الواحدة قبل الدخول في الثانية ، أو بعده قبل الدخول في الركوع ، اقتَصَرَ على الموافق ، وأتمّه ، وتمّ عمله. وإن تعدّى المحلّ ، أمكن القول بالصحة والبطلان ، والأوّل لا يخلو من رجحان.

سابعها : لو أتى بالموافق مفصولاً بالمخالف ، فالأقوى البطلان. أمّا لو أتى بالزائد من دون فصل ، كما لو كان شاكّاً شكاً يوجب ركعتي القيام ثمّ الجلوس ، ثمّ بعد الإتيان بهما ذكر نقصان الواحدة ، فالأقوى الصحّة.

ثامنها : لو كان شاكّاً بين ما يوجب ركعتي قيام أو ركعتي جلوس بناءً على ترجيح

ص: 399


1- في «ح» زيادة : ولا تدخل في زيادة الركعة.

ركعتي الجلوس ، ثمّ ذكر نقص الواحدة بعد الدخول في الركعة الأُولى من الجلوس قبل الدخول في ركوع الثانية ، قام وجعلها ركعة قيام ، ويحتمل وجوب الإتمام ، ولعلّه أوفق بالمقام.

تاسعها : في أنّه هل لمن عليه ركعة قيام مخيّراً بينها وبين الجلوسيّتين أن يجلس بعد تكبيرة الإحرام ، ويأتي بجلوسيّتين ، وللجالس أن يقوم بعدها ، فينقلب الحكم؟ الظاهر لا.

عاشرها : لو كان ممّا يجب عليه ركعة قيام أو جلوسيّتان ، ثمّ أخذ بالجلوسيّتين ، فبانَ له نقص الركعتين ، فهل يحتسب لهما واحدة ، ويتمّ قياميّة ، أو يكتفي بهما ، أو يبطلهما؟ وجوه ، أوسطها أوسطها.

حادي عشرها : أنّه في مقام التخيير إذا دخل في الاحتياط يبقى تخييره فله القطع ، أو يلزمه الإتمام؟ الأقوى الأخير.

ثاني عشرها : هل يجوز ترك ركعات الاحتياط وإعادة الصلاة من رأس إذا بقي من الوقت ما يسعها ، أو لا؟ الظاهر لا.

ثالث عشرها : في أنّ من صلّى الأُولى من الظهرين ، ولزمه الاحتياط ، ومع فعله أو إتمامه تبقى ركعة للعصر أو ما زاد فَعَلَه ، وإلا فسدت ، ودخل في صلاة العصر.

(ولو ظهر عدم لزوم الاحتياط أو الاكتفاء بما صنع منه بعد ذلك ، صحّ ظهره ، ويجري في الأجزاء المنسيّة ما جرى فيه ، أمّا سجود السهو ، فيؤخّره على الأقوى. ولو جعل الإدراك للأُولى دون الثانية ، حكم بالمزاحمة في وجه) (1).

رابع عشرها : لو مضى من أوّل الوقت ما وسع الصلاة دون ركعات الاحتياط ، فحصل المانع من حيض ونحوه ، لم يجب القضاء.

ولو انكشف بعد ذلك إمكان التمام أو التمام ، لزم القضاء.

ص: 400


1- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : ونحوه في الأجزاء المنسيّة.

خامس عشرها : لو نسي ما لزمه من الاحتياط ، بطلت صلاته ، ويحتمل الاجتزاء بالأقلّ. ولو أتى بجميع الصور المحتملة ، ثمّ أعاد ، وافق الاحتياط.

سادس عشرها : لو نسي الاحتياط حتّى كبّر لصلاة أُخرى ، بطلت الصلاتان على الأقوى.

سابع عشرها : لو دخل في لاحقة ، وذكر سابقة في أثناء عمل الاحتياط ، وكذا الأجزاء المنسية ، قوي جواز العدول.

ثامن عشرها : لو تكلّم أو سلّم قبل المحلّ في أثناء صلاة الاحتياط ، لم يجب سجود السهو. ولو فعلَ مُنافي الصلاة عمداً أو سهواً ، بطلَت.

تاسع عشرها : تجب المبادرة إليها بعد التسليم بلا فصل.

والإتيان بالتكبيرات المسنونة ، وتسبيح الزهراء عليها السلام ، وسائر التعقيبات قبلها تشريع.

العشرون : إذا أتى بعمل الاحتياط ، وشكّ في أنّ المأتيّ به هل كان موافقاً للشكّ أو لا ، بنى على الصحّة. ولو أتى بأحد عملين منه ، ثمّ نسي المأتي به ، كما إذا لم يعلم أنّ ما فعله كان ركعتين من قيام أو ركعتين من جلوس ، بَنى على صحّة ما فعل ، وأتى بالمتأخّر.

(الحادي والعشرون : لو اشتركَ الشكّ بين الإمام والمأمومين فلزمتهم صلاة الاحتياط ، جازَ لهم الانفراد والاجتماع ، ما لم يكن القعود من الإمام والمأموم حالة القيام في أحد الوجهين ، ولا يجوز للمسبوق الدخول معهم فيها ، بل ينفرد عنهم على الأقوى) (1).

الثاني والعشرون : لو ماتَ بعد التسليم قبل عمل الاحتياط ، بطلَت صلاته ، ويجب قضاؤها على الوليّ من أصلها ، ولا يكتفي بقضاء صلاة الاحتياط ، وإن لم يكن فصل مخلّ.

الثالث والعشرون : أنّ ما بين ركعات الاحتياط وما بين الصلاة بمنزلة ما بين أجزاء

ص: 401


1- هذا الأمر ليس في «م» ، «س».

الصلاة ، يفسدها في العمد مُفسدها فيه ، وفي السهو مُفسدة فيهما.

الرابع والعشرون : لو نَذَرَ صلاة ركعة أو ركعتين وأطلق ، لم يمتثل بصلاة الاحتياط ؛ لأنّها من النادر.

الخامس والعشرون : يلزم تعيين الفريضة المحتاط عنها على الأقوى ، (فإذا تعذّر التعيين ، نوى ما في الواقع.

السادس والعشرون : لو زادَ عمل الاحتياط على النائب ، فليس للنائب الرجوع بأُجرة الزيادة ، كما أنّه لا رجوع على النائب مع النقيصة.

السابع والعشرون : أنّ العاجز عن قراءة الفاتحة يبدل بغيرها من القرآن ، فإن عجز رجع إلى الذكر ، ويحتمل هنا العكس.

الثامن والعشرون : لو علمَ أنّه ليس له مرجع في مكان يصل إليه ، وأنّه كثير البلوى بالشكّ ، لزمَه التعلّم قبل الوقوع فيه ، كغيره من المسائل المتكرّرة ، كأحكام السهو ونحوه.

التاسع والعشرون : لو سلّمَ على ركعة للاحتياط فذكر ركعتين ، فإن فعل ما يُنافي عمداً وسهواً ، أعادَ من الأصل ؛ وإلا صحّ وأتمّ ، ولا سهو) (1).

المقصد الثالث : في الأجزاء المنسيّة

اشارة

وفيه مبحثان :

الأوّل : في أقسامها

وهي عديدة :

منها : ما يجب تداركه في الصلاة ، ولا يلزم فيه شي ء سواه. وهو كلّ جزء مَنسي ذُكر قبل الدخول في رُكن ، رُكناً كان أو غيره. ولو ذَكَرَه ، فأراد التدارك ، فنسي ، جرى

ص: 402


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

حكم المنسي من الأصل فيه.

ومنها : ما لا يجب تداركه ، ولا يجب في تركه شي ء ، وإن كان الأحوط الإتيان بسجود السهو لتركه ، وهو المنسيّ من غير الأركان ، غير التشهّد والسجدة الواحدة ، من الركعة الواحدة أو المتعدّدة من الركعات المتعدّدة ، إذا ذكر بعد الدخول في ركن.

ومنها : ما لا يجب تداركه ، ويجب قضاؤه بعد الفراغ من الصلاة. وهو التشهّد المنسيّ ، والسجود غير الركن إذا ذكر بعد الدخول في الركن. ويستحبّ تدارك السجود في النافلة ، وروى : أنّ من شكّ في ترك سجدة قضاها (1) ، ويحمل على الندب. وروى : كراهة تسميتها نقرة (2).

ومنها : ما لا يُتدارك ، ونقصه مُفسد للصّلاة ، وهو الركن ، مع الدخول في ركن.

الثاني : في أحكامها

وفيه مقاصد :

الأوّل : أنّه يلزم في مقضيّاتها من شروط الصلاة.

وترك مُنافياتها ما يلزم فيها على نحو ما مرّ في أحكام الصلاة.

الثاني : في وجوب الإتيان بمقضياتها فوراً من غير فصل مُفسد في العمد ، أو في العمد والسهو ، ويلزم فيه ما يلزم في الفصل في الصلاة من سجود السهو حيث يلزم. ولا تسبيح ، ولا تكبير ، ولا تعقيب ، إلا بعد الإتيان بها.

ولو نسيها أتى بها حين يذكرها حيث لا يلزم فيه خلل (ومع حصول المخلّ سهواً يلغو اعتبارها) (3).

الثالث : أنّه لا يجب فيها سوى الإتيان بها على نحو ما يؤتى بها في الصلاة من دون تكبير إحرام ، وفي الاكتفاء بالنية الضمنيّة وجه.

ص: 403


1- التهذيب 2 : 156 ح 609 ، الاستبصار 1 : 360 ح 1366 ، الوسائل 4 : 972 أبواب السجود ب 16 ح 1.
2- التهذيب 2 : 156 ح 609 ، الاستبصار 1 : 360 ح 1366 ، الوسائل 4 : 972 أبواب السجود ب 16 ح 1.
3- ما بين القوسين من «ح».

الرابع : أنّه يجب ترتيب اللاحق من التشهّد ، والسجود على السابق.

ومع نسيان كيفيّة ترتيبهما ، يكرّرهما ، والأحوط الإعادة. وأمّا الترتيب بين السجودات المتعدّدة فليس بلازم.

الخامس : أنّه يجب سجود السهو بعدهما على الفور من دون تأخير.

ولو أخّر عمداً ، عصى ولم تفسد صلاته ، وسهواً ليس عليه شي ء. ولو قدّمَ سجود السهو عليهما ، أتى بهما احتياطاً مع إعادته ، والأقوى البطلان.

(السادس : لو شكّ في المتروك منهما ، أتى بهما معاً مع سجدتي سهو احتياطاً مع الإعادة ، والأقوى البطلان) (1).

السابع : أنّه لو شكّ في أنّ المنسي ممّا يُتدارك أو لا ، بنى على العدم. ومع الدوران بين الركن وغيره مع فوات المحلّ وعدم الخروج يحكم بالفساد في بعض الصور دون بعض ، وقد مرّ بيانه ، وبعده يحكم بعدمه.

الثامن : أنّه إذا بنى على سبق سابق فأتى به ، وثمّ ظهر لاحقاً ، صحّ. والأحوط الترتيب ، ثمّ الإعادة.

التاسع : أنّ ما يقضى من الأجزاء المنسيّة مخصوص بالواجبات الأصليّة ، دون العارضيّة في وجه ، فضلاً عن النوافل الباقية على حالها. وسجود السهو لها مخصوص بالواجبات الأصليّة ، وقد يخصّ بخصوص اليوميّة ، والظاهر التعميم لليوميّة وغيرها. ويستحبّ قضاء السجود للنّافلة مع بقاء استحبابها.

العاشر : أنّه يستحب تخفيف الصلاة ، وقراءة التوحيد والجحد ، والاقتصار على ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود لخوف السهو.

الحادي عشر : أنّ من كثر عليه السهو يعدّ بالحصى ، وبوضع الخاتم ، وأنّه ليس من الفعل الكثير. والظاهر عدم وجوبه ، والاحتياط في فعله.

الثاني عشر : لو كانَ المنسي كون محلّ السجود ممّا يسجد عليه أو الطمأنينة أو

ص: 404


1- هذا المقصد ليس في «م» ، «س».

الذكر ، لا نفسه ، أو ما عدا الجبهة من المساجد ، فلا قضاء ، ولا سهو (1).

الثالث عشر : أنّه لو كان المنسي نقص التشهّد ، كإحدى الشهادتين أو الصلاة ، وجبَ القضاء ؛ تحصيلاً ليقين الفراغ. ويقوى لزوم سجود السهو ، والأحوط قضاء تمام التشهّد ، ثمّ الأحوط لحوق أبعاضهما.

الرابع عشر : يجب على كلّ من المأمومين والإمام العمل على مقتضى سهوه مع تساويهما في الضبط.

الخامس عشر : لو شكّ في أنّ المسهوّ عنه ركن أو غيره ، ركعة أو غيرها بعد الفراغ ، بنى على الصحّة ، وفي الأثناء يحكم بالبطلان في بعض الصور كما مرّ.

السادس عشر : لو علمَ بالسهو المُفسد في فريضة واحدة ، ودار بين صلوات مختلفة الكيفيّة أو المقدار ، وجبَت إعادتها أو قضاؤها جميعاً.

ولو دارَ بين المتفقة ، أجزأ الإتيان بواحدة.

السابع عشر : أنّ كثير السهو ككثير الشكّ ، لا اعتبار بسهوه ، مع تعذّر أسباب الضبط ، وإذا أمكنت وجبت.

الثامن عشر : أنّ الأحوط ترك الاعتماد على حكم كثرة سهوه مع عدم إمكان تنبيهه وضبطه في إمامة أو نيابة عن ميّت ، فلا يكون ككثير الشك.

التاسع عشر : أنّه لا يُعتبر الشكّ والسهو في إتيانها بعد محلّه أو الفراغ منها.

العشرون : أنّه لا يجوز ترك التدارك ، وإعادة الصلاة من رأس.

الحادي والعشرون : أنّه لو ضاقَ وقت العصر عن الوفاء بتدارك ما فات من الظهر ، وركعة من العصر ، أبطلَ الظهر ، وأتى بالعصر.

الثاني والعشرون : لو ماتَ قبل التدارك ، لزم قضاء الفريضة من رأس.

الثالث والعشرون : لو اشترك التدارك ، واتحد بين المأمومين والإمام ، تخيّروا بين الانفراد والائتمام.

ص: 405


1- في «ح» ، زيادة : والأحوط في الأوّل ذلك.

الرابع والعشرون : لو نسي التدارك حتى كبر لصلاة أخرى حتّى كبّر لصلاة أُخرى ، بطلت الصلاتان.

الخامس والعشرون : يجب تعيين الفريضة المتدارك لها.

المقصد الرابع : في سجدتي السهو

اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في الموجب

وهو ستة :

الأوّل : الكلام ممّا يقطع الصلاة لو وقع عمداً إذا وقع سهواً ، ولم يكن قراناً ، ولا ذكر اللّه ، ولا أوليائه من حيث قُربهم إلى اللّه تعالى مطلقاً مع الانضمام إليه ، ومخصوصاً بالنبي وآله عليهم السلام مع الانفراد ، ولا دعاء ، ولا بعضاً منها ، قصدَ به الاتصال ففصل عمداً ، أو انفصل ، ولا ما أُريد به شي ء منها فوقع غيره غلطاً. وإن كان الاحتياط في إلحاقه بالنسيان ، ولا ما وقع منها في غير محلّه ، أو في محلّه غفلة أو نسياناً.

الثاني : السلام بقصد الصلاة في غير محلّه ، وبغير القصد من الكلام مع الإتيان بواحدة من فصوله ، أو بالبعض بمقدار المُفسد من الكلام.

ولو أتى به في أثناء الصلاة بقصد الدعاء لا بقصد التحيّة ، كما يقصد في مثل ( وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ) فلا بأس به.

(ولو أتى بصيغة واحدة ، كانَ عليه سجود واحد ، ومع التعدّد يقوى ذلك ، والأحوط التعدّد بمقدار العدد) (1).

الثالث : نسيان التشهّد كملاً ، وفي إلحاق الأبعاض ممّا يكون كلاماً مفيداً وجه.

الرابع : نسيان سجدة ، أو سجدات كلّ واحدة من ركعة ، ممّا يتعلّق بالجبهة مُنفردة ،

ص: 406


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

أو مع الانضمام. ويُلحق بذلك نسيان (اطمئنان أو استقرار أو الوضع على ما لا يصحّ السجود عليه ، على الأقوى) (1).

الخامس : الشكّ بين الأربع والخمس على وجهٍ يصحّ.

السادس : القيام في موضع القعود وبالعكس في وجهٍ لا يخلو من قوّة ، والأحوط الإتيان بهما لكلّ زيادة ونقصان.

وتُستحبّان للشاكّ بين الثلاث والأربع إذا ذهب وهمه إلى الأربع أو الثلاث ، أو بين الثنتين والأربع ، أو بين الثنتين والثلاث والأربع ، ولمن لا يعلم أزاد أو نقص ممّا لا يخلّ بالصلاة ، ولكلّ زيادة أو نقيصة ، (ولمن ظنّ تعداد الركعات ، ولمن أراد أن يقرأ فسبّح ، أو يسبّح فقرأ) (2).

المبحث الثاني : في كيفيّتهما

وهما سجدتان على هيئة سجود الصلاة ، فيُعتبر فيهما بعد النيّة ما يُعتبر فيه من السجود على الأعضاء السبعة ، والاستقرار ، والمقدار (وعدم الانفصال المخلّ بالهيئة ، فلو أتى بواحدة ، ونسي الثانية ، فلم يذكرها إلا بعد فصلٍ طويل ، أعادهما معاً في وجه قويّ) (3).

إنّما يخالفانه في الذكر ، والتشهّد ، أمّا الأوّل : فإنّ الذكر فيهما على التخيير عوض التسبيح بين قول : «بسم اللّه وباللّه ، وصلّى اللّه على محمّد وآل محمّد» وقول : «بسم اللّه وباللّه ، السلام عليك أيّها النبي ورحمة اللّه وبركاته» وبين قول : «بسم اللّه وباللّه ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد».

وأمّا الثاني : فبأنّ التشهّد فيهما خفيف على طريق الوجوب أو الندب ، ويقوى الأوّل. وليس له لفظ مخصوص ، والظاهر أنّه على نحو تشهّد الصلاة ، غير

ص: 407


1- بدل ما بين القوسين في «ح» : الوضع على ما يصحّ السجود عليه دون الذكر ، وكذا الاستقرار على الأقوى.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

أنّه تُترك زوائده ، وله الاكتفاء فيه بقول : «أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأنّ محمّداً رسول اللّه».

والأقرب عدم وجوب الصلاة ، وإن كان الأحوط عدم تركها.

ولا تكبير فيهما ، غير أنّه يُستحب للإمام أن يُكبّر في سجوده ورفعه ، ليعلم المأمومين بسهوه.

المبحث الثالث : في أحكامهما
اشارة

وهي أُمور :

منها : أنّهما يجبان فوراً ، فلا يجوز تأخيرهما اختياراً ، ولو تأخّرا اضطراراً سهواً أو إجباراً بقيتا في الذمّة ، ولزم إيقاعهما حالَ حصول المُكنة.

ولو تركَهما عمداً ، لم تفسد الصلاة ، لكنه يعصي ، ويبقى مُطالباً بهما ، بخلاف الركعات الاحتياطيّة ، والأجزاء المنسيّة ، ولا تجوز فعل القواطع بينها وبين الفريضة.

ومنها : أنّه يجب تأخيرهما عن الأجزاء المنسيّة ، والركعات الاحتياطيّة ، فلو قدّمهما عمداً ، فسدت الصلاة.

ومنها : أنّه يُشترط فيهما ما يُشترط في سجود الصلاة من شرائط الصلاة ، من طهارة حدثٍ ، وخبثٍ ، وانتصاب جلوس قبلهما ، وبينهما ، وبعدهما ، واستقرار فيه ، وسجود على الأعضاء السبعة ، وعلى ما يصحّ السجود عليه ، وخصوص لباس ، ومكان ، واستقبال ، ومُنافيات ، ومقام اختيار ، واضطرار ، وسنن ، وهكذا.

ومنها : أنّهما يتعدّدان بتعدّد الأسباب مُتجانساً ، كتعدّد الكلام ، والسلام ، وتعدّد نسيان السجودات ونحوها ، أو مُختلفاً ، كالمجتمع من نوعين. ويتعدّد الكلام بالفصل ، والسلام بتكرار الفصول الثلاثة ، وبالواحد مع اختلاف المحلّ ، والأحوط تكرار السجودات بتعدّد آحاد التسليمات.

ومنها : أن يقدّم سجود المقدّم على سجود المؤخّر ، مع الاتحاد في السبب. ومع الاختلاف يقدّم مَعلول النقص على مَعلول الزيادة ، ومعلول السهو على معلول

ص: 408

الشك ، منوياً به التعيين. والأقوى عدم وجوب التعيين ؛ فلو اشتبه المقدّم بالمؤخّر ، لم يجب التكرار.

ومنها : أنّه لو دَخَلَ فيهما فذكر عدم السبب ، قطعهما. ولو شكّ فيه ، أتمهما. وفي إلحاق الظنّ بأيّهما احتمالان ، أقواهما الإلحاق بالثاني.

ومنها : أنّ الحكم متمشّ في الفرائض الأصليّة اليوميّة ، وفي جريانه في الأصليّة غير اليوميّة وجه قويّ ، وفي العارضية ضعيف كما مرّ.

ومنها : أنّها لو كانت بحيث لو فعلت بعد الظهر ضاقَ وقت العصر عن ركعة ، أُخّرت ، ولم تفسد الظهر.

ومنها : أنّه لو علمَ حصول سبب وجوبهما ، ولم يعلم بوحدته وتعدّده ، بَنى على الوحدة ، ويقصد الواقع إن لم يتعيّن عنده.

تتمّة :

فيما يتعلّق بالثلاثة من الأجزاء المنسيّة ، والركعات الاحتياطيّة ، وسجود السهو ، وهو أُمور :

منها : أنّها لو اجتمعت ، قدّم ما كان من الاحتياطيّة على الأجزاء المنسيّة ، وعلى سجود السهو ، تَقَدّمَ السبب أو تأخّر. وفي بعض الروايات تقديم سجود السهو على الأجزاء المنسيّة (1) ، ثمّ ما كان منهما على ما كان من سجود السهو.

ولو قيل : بوجوب تقديم المقدّم من القسمين الأوّلين ، لم يكن بعيداً.

ومنها : أنّها تشترك في وجوب المبادرة ، ويختصّ الأوّلان بفساد الصلاة مع عدمه ، ومع الإتيان بالمُفسد على نحو الصلاة ، ومنزلتهما منها منزلة الأجزاء.

ومنها : أنّ الشكّ فيها لا مَدار عليه ، وكذا السهو مع فوات محلّ التدارك ، ومع بقائه يقوى القول بلزوم تداركه. وكذا الكلام (ونحوه ممّا يُفسد مع العمد دون السهو ،

ص: 409


1- الكافي 3 : 357 ح 7 ، التهذيب 2 : 344 ح 1430 ، الوسائل 5 : 341 أبواب الخلل ب 26 ح 2.

ولو أزاد سجدة فلا بأس ، وفي السجدتين إشكال ، وما أخلّ بالسورة أفسدهما كما) (1) في إعادة الصلاة.

ومنها : أنّه لو دارَ الأمر بين أحدهما مُعيّناً ، وبين سجود السهو ، أتى به أوّلاً ، ثمّ بسجود السهو. ولو دارَ بينهما ، فسدَت الصلاة.

ومنها : أنّها تشترك في لزوم شرائط (الصلاة) (2) وفي الاختصاص بالصلاة اليوميّة دون غيرها من الصلوات في وجه قويّ.

ومنها : أنّه مع فوات الوقت بالخروج ، يحتمل أن يكون أداءً تبعاً للصّلاة ، ويحتمل القضاء.

ومنها : إنّ للمأموم مُتابعة الإمام مع الاشتراك في السبب ، (والأفضل مُتابعته) (3) مع عدم الاشتراك أيضاً ؛ تحصيلاً للأجر.

ومنها : وجوب نيّة مستقلّة ، ولا تكفي الحكميّة في شي ء منها.

المبحث السابع عشر : في عوارض الصلاة

اشارة

وهي أربعة أقسام :

الأوّل : ما يُبطل عمداً وسهواً ، واختياراً وإجباراً ، فرضاً ونفلاً ، مع ضيق الوقت وسعته

وهو أُمور :

أحدها : الحدث من غير مُستدامه ، من المستحاضة ، والمبطون (4) ، والمسلوس (5) ، فإنّه إذا انقطع ، وحدث في أثناء الصلاة ، لم يفسدها ، على نحو ما سبق ذكره.

ص: 410


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- في «م» ، «س» : السجود.
3- بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : والأحوط متابعته في سجود السهو.
4- المبطون الذي في بطنه مرض كالاستسقاء ونحوه لسان العرب 13 : 53.
5- سَلَسُ البول : استرساله وعدم استمساكه لحدوث مرض بصاحبه. المصباح المنير : 285.

ثانيها : السكوت الطويل ، والفعل الكثير الماحيان لصورة الصلاة ، (وكذا القليل مع المحو ، كبعض هيئة اللّهو واللعب وإن قلّت) (1).

ثالثها : عروض ما يُفسد الإخلاص ، من رياءٍ وعُجبٍ ونحوهما ، متعلّقين بنفس العمل أو صفاته المقارنة مع المقارنة ، ومع التأخّر يقوى العدم. ولو تَعلّقا بغير العمل بزعم العمل ، قويَ البطلان.

ولا فرق بين جاهل الموضوع أو الحكم ، وناسيهما وناسي العمل.

رابعها : عروض الكُفر أو مُطلق فساد العقيدة ، والجنون ، والإغماء ، في فرضٍ أو نفل ، والأخيران داخلان في القسم الأوّل.

خامسها : دخول عمل اللّهو والصوت بلا حروف على نحو الغناء ، وإن قِ ، لذهاب الهيئة (2).

القسم الثاني : ما يُبطل عمداً وسهواً ، مع سعة الوقت ، والاختيار ، وعدم الإجبار في الفريضة مطلقاً ، وفي النافلة مع الاستقرار أو التوجّه إلى غير جهة حركته ، وهو التشريق ، والتغريب ، والاستدبار ، مع الذكر في الوقت.

القسم الثالث : ما يُبطل عمداً مع الاختيار ، دون الاضطرار في وجه قويّ ، وهو أُمور :

أحدها : عروض الانحراف عن القبلة إلى ما بين المشرق والمغرب في غير النافلة مع عدم الاستقرار.

وتفصيل مسألة الالتفات : أنّه إمّا بكلّ البدن ، أو ما عدا الوجه ، أو بالوجه كلا ، أو بعضاً ، بتمام الصفحة اليمنى أو اليُسرى أو بعضهما ، أو بالعينين ، أو إحداهما ، إلى دُبر

ص: 411


1- ما بين القوسين ليس في «ح».
2- الأمر الخامس ليس في «م» ، «س».

القبلة ، أو المشرق ، أو المغرب ، أو ما بينهما ، عمداً اختياراً ، أو اضطراراً ، أو سهواً.

فالالتفات إلى عكس القبلة أو المشرق أو المغرب في الأقسام الثلاثة الأُول مُبطل في الأحوال الثلاثة ، لكن في السهو مشروط بحصول الذكر قبل مضيّ الوقت المتّسع لفعل الكلّ ، لا البعض ، وإن كان ركعة على إشكال.

وإلى ما بين المشرق والمغرب مُفسد فيهما مع العمد فقط.

ويقوى ذلك في تمام إحدى صفحتي الوجه أو أكثرها. وأمّا في البعض يسيراً ، وفي الساقين والقدمين ، فلا إفساد بسببهما ، إلا فيما لم يكن بين المشرق والمغرب.

وأمّا فيما بين المشرق والمغرب ، فلا يفسد العمد ، ولا السهو. وأمّا العينان ، فلا بأس بالتفاتهما ، ما لم يستتبع مُفسداً.

وما كان من الشرائط العلميّة الاختياريّة كنجاسة الخبث ، وانكشاف العورة ، وعدم الإباحة في محلّ اشتراطها ، ونحو ذلك من ذلك.

ثانيها : الكلام بغير القرآن ، والذكر ، والدعاء. ولو أتى بها بوجهٍ حرام كالغناء ونحوه ، دخلت في الكلام (وفيه وفي جميع مُفسدات العمد دلالة على أنّ نيّة القطع والقاطع غير مُفسدة).

والمُراد به هنا (1) وإن كان عاما في أصل اللغة ما تركّب من حرفين مُنفصلين (2) أو مُتّصلين ، مُمتزجين أو مُنفردين ، مُهملين أو مُستعملين ، واجبين كما إذا توقّف عليهما تخليص نفس مُحترمة أو ردّ السلام أو غير واجبين ، مُتجانسين أو مُختلفين ، أو كان حرفاً مُفهماً للمعنى ، غير قران غير منسوخ التلاوة ، متلوّ على الوجه الصحيح ، أو ذكرٍ ، أو دعاءٍ ، عربيّين أو غير عربيّين ، أو مُحرّفين ، أو ملحونين ، ومنه السلام ، وسائر الألفاظ ، والتحيّة ، عربيّة وغيرها. ومع قصد القرآن أو الدعاء لا بأس بها.

والحرف الممدود مع التقطيع حروف ، وبدونه حرف واحد ، ولو كان بفرض التقطيع يعود حروفاً.

ص: 412


1- في «ح» زيادة : في الحكم ، لا في صدق الاسم.
2- في «ح» زيادة : مقترنين.

والحرف مع المَدّةِ حرفان.

والتنحنح ، والتنخّم ، والبصاق ، والنفخ ، والسعال ، والتثاؤب ، والعطاس ، والبكاء ، والضحك ، وإن ولّدت حرفين غير مقصودين ليست بكلام.

والتأوّه ، والتأفيف والأنين إذا ولّدت حرفين ، من الكلام مطلقاً. والغلط ولو بسلام الصلاة ليس بكلام مُفسد. وروى : أنّ من تكلّم في صلاته كبّر فيها تكبيرات.

ويُستثنى منه : ردّ السلام ، دون باقي التحيّات في مقام وجوبه وتعيّنه ، أو كفائيّته ولم يتقدّمه أحد.

ولو كان المُسلّم كافراً ، أو مُسلِماً غير مؤمن ، أو مجنوناً ، أو غير مميّز ، أو قاصداً به آخر ، أو لا يسمع الردّ ، ولا ينتفع به ، أو كان السلام مهدوم الهيئة ، لنقصٍ ، أو تفريق الكلمات ، أو الحروف ، أو تبديلها ، أو الاقتصار على المبتدأ أو الخبر ، أو تقديم الخبر على المبتدأ ، أو أُضيف إليه شي ء كقول : «سلام اللّه ، أو سلام أنبيائه ، ورسله ، أو سلام منّي أو منّا ، ونحوها ، أو تسليمات ، أو سلامات ، أو أُسلّم ، أو نسلّم ، أو كلّ السلام ، أو بعض السلام ، أو كرّر صيغة السلام بعد الردّ في المجلس الواحد ، ونحو ذلك ، لم يجب الردّ.

ولا على من كان سلامه مُشتملاً على خطاب الأُنثى في السلام على الذَّكَر ، أو الواحد في مقام الجمع والاثنين ، ونحو ذلك ، فلا يجوز الرد في الصلاة ، وفي آخر الأقسام كلام.

وصورة الردّ في الصلاة : سلام عليكم ، أو السلام عليكم ، أو سلام عليك ، أو السلام عليك. وبالنسبة إلى الإناث يؤتى بما يناسبهن. والأحوط الاقتصار على الأوّلين ، قصداً للمجاز ، والوقف في الأخيرين ، وأمّا التثنية فالأحوط تركها في المقامين) (1).

ص: 413


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

والأقوى جواز ردّ السلام بمثل ما قال : إن دخل تحت المتعارف.

ولو تركَ الردّ مع الوجوب عصى ، وصحّت صلاته ، وسيجي ء بيان حكم السلام مُفصّلاً.

ولا يجوز الابتداء بالسلام ، ولا الجواب مع سبق المُجيب.

ولو كانَ يقرأ القرآن فقال ( سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) قارئاً مُحيياً أو مجيباً ، قويَ الجواز.

ولو قصدَ الدعاء دون التحيّة ، لم يكُن حرج. ولو قصدَهما معاً ، أشكل.

ويجوز تحميد العاطس ، ويستحبّ فيه الجهر بحيث يسمع ، وتسميت المؤمن المُماثل ، ولو قيلَ بالعموم ، لم يبعد. وهو عينيّ لا كفائي ، وفوريّ لا قضاء. ويُعتبر الإسماع بقول : «يرحمكم اللّه» أو «يرحمك اللّه» أو «رحمك اللّه» بقصد الدعاء.

ويُستحبّ الردّ بقول : «يَغفر اللّه لك ، أو لنا ولكم ، أو يَرحمكم اللّه ، أو يهديكم اللّه ، ويصلح بالكم» وهو فوريّ كفائيّ (1) لا يُقضى ، ولا يجوز تغيير الهيئة بوجه من الوجوه (2).

ويُستحبّ التحميد عند سماع العطسة ، فقد روي : أنّ من سمع العطسة فليقل : الحمد لله ، وصلّى اللّه على النبي وآله ، أو على محمّد وآله (3).

ولا فرق في المتكلّم بين العالم بالحكم والجاهل به ، والعالم بالموضوع والجاهل به. وأمّا الناسي فلا بأس عليه ، ويلزمه سجود السهو كما مرّ.

وليس منه ما يقع من الغلط في قران أو ذكر أو دعاء ، ولا الحروف المقتطعة بسبب الإصلاح من القرآن وتابعيه. ولو فصّل عمداً ، ولم يقصد الإصلاح ، أو كرّر لمجرّد الوسواس في إحداثها ، فالظاهر أنّه خارج عنها.

ولو اشتبه في بِنية كلمةٍ أو حكمها ، ودارَ بين آحاد محصورة ، جاز الإتيان

ص: 414


1- في «ح» زيادة : على الأقوى.
2- في «ح» زيادة : مع عدم قصد الدعاء.
3- الكافي 3 : 366 ح 3 ، الفقيه 1 : 239 ح 1058 ، التهذيب 2 : 332 ح 1368 ، الوسائل 4 : 1268 أبواب قواطع الصلاة ب 18 ح 3 ، 4.

بالجميع. والأحوط الرجوع إلى غير تلك السورة إن أمكن ، وإلا أتمّ مكرّراً ، أو موحداً ، أو أعاد.

ولو توهّم مقام السلام فسلّم ، أو زعمَ إتمام الصلاة فتكلّم ، ثمّ ذكر النقص ، عُدّ ساهياً.

وإشارة الأخرس ، وإدارة لسانه تتبع قصده ، كلاماً ، وقراناً ، وذكراً ، ودعاءً ، وسلاماً ، وجواباً ، وهكذا.

ثالثها : التكفير ؛ بوضع اليمين على الشمال بقصد السنّة في محلّها ، فإنّه من مُبطلات العمد. وفي تغيير الوضع بأقسامه أو القصد إشكال.

ولا بدّ من المحافظة على الاحتياط ، فيدخل فيه وضع زند اليمنى أو كفّها (1) مُتقرّباً أو لا ، تحت السرة بحيث لا تشغل عن النظر ، أو فوقها إلى حدّ العنق ، ظهراً على ظهر أو بطن ، أو بطناً كذلك ، مع الاتصال بالبدن أو الانفصال يسيراً ، حال القراءة أو ما قام مقامها ، أو القيام أو ما قام مقامه ، أو غيرهما من أحوال الصلاة ، وأجزائها المنسيّة ، وركعاتها الاحتياطيّة ، فرضاً أصليّاً يوميّاً أو غيره ، أو عارضيّاً ، أو نفلاً. وفي إلحاق صلاة الجنازة ، وسجود الشكر والتلاوة وجه.

ووضع اليسير ، وإلصاق الكفّين ، بل مُطلق اليدين ، من دون وضع لا يُلحق به. وكذا لو كانتا مشدودتين من غير قصد.

رابعها : القهقهة ؛ والمراد بها ما قابل التبسّم ، ويُسمّى ضحكاً ، اشتمل على قول قه قه أو لا. وفي إبطاله مع عدم الاختيار لأنّ الغالب فيه ذلك وكون مقدّماته غالباً اختياريّة وجه وجيه ، ولا يبطل مع السهو (2).

خامسها : الدعاء بالمحرّم.

سادسها : ما اشتمل على تحسين الصوت بحيث يُسمّى غناءً ، من قران أو ذكر أو دعاء أو غيرها.

ص: 415


1- في «ح» زيادة : أو عضدها على المماثل من اليسرى أو المخالف أو الجمع بالإلصاق في وجه.
2- في «ح» زيادة : على إشكال.

سابعها : ما نهي عنه ؛ لاشتماله على ما كان من العزائم ، أو ما تفوت الصلاة به ، ونحو ذلك.

ثامنها : الفعل الكثير الموضوع على الانفصال ، دون المستدام الغير الماحي للصورة وإن قلنا بعدم بقاء الأكوان. والمدار في الكثرة على صدق العُرف ، دون ما قيل من وجوه أُخر ، كالمحو للصورة (1) ، وبأنّه بفعل ركعة ، والاحتياج فيه إلى عمل اليدين ، والبعث على ظنّ أنّ فاعله عند رؤيته غير مُصل (2).

تاسعها : البكاء لأُمور الدنيا ؛ وهو المشتمل على الصوت ، ويُسمّى نحيباً ، اختياراً أو اضطراراً ، لا نسياناً ؛ لفقد محبوبٍ ، أو طلب مرغوبٍ ، بصورة دعاء أو غيره. وما كان للاخرة فهو مكمّل لثواب الصلاة.

وما اجتمع فيه السببان ، وفيه إضافة ، فالمدار على المُضاف إليه. وإن تساويا في العليّة التامّة أو اشتركا ، فالأقوى الفساد ، وليس منه البكاء لفقد آل اللّه.

عاشرها : الأكل والشرب بما يُسمّى أكلاً وشرباً. فلا بأس بابتلاع الريق ، وفيه بقيّة الطعم ، ولا الأجزاء الصغار ، وليس المدار على التدقيق ، كما في الصوم.

ورخّص بشربِ الماء في دعاء الوِتر من غير استدبار لمن أراد الصيام (3) ، وخافَ طلوع الفجر ، وكان الماء أمامه ، مع كراهة قطع الدعاء.

وهو مُبطل اختياراً واضطراراً ، لا سهواً.

ولو أدخلَ لُقمة قبل الصلاة ، فابتلعها فيها ، بطلَت. وبالعكس صحّت.

وليس منه ابتلاع النُّخامة ، صدريّة أو دماغيّة ، والريق المجتمع في الفم ، ووضع العلك ، وابتلاع أجزاء صغار لا تُسمّى أكلاً.

وابتلاع السكر من الأكل.

ص: 416


1- انظر الروضة البهيّة 1 : 233 ، ومدارك الأحكام 3 : 466.
2- حكى هذه الأقوال في التذكرة 3 : 289 ، وانظر المجموع 4 : 93 ، وفتح العزيز 4 : 126.
3- في «ح» العبارة هكذا : ورخّص للعطشان والكاره للإصباح عطشاناً أن يشرب الماء في دعاء الوتر من غير استدبار إن أراد الصيام.

حادي عشرها : (الفعل الكثير غير الماحي للصورة ، عمداً اختياراً ، أو اضطراراً ، أو نسياناً) (1).

ثاني عشرها : عروض ما يُوجب قطعها لحفظ نفس مُحترمة ونحوها ، ويحرم الإتيان بشي ء من القواطع اختياراً بعد تكبيرة الإحرام إلى تمام المخرج من السلام ، فرضاً أصليّاً أو عارضيّاً ، أو نفلاً. وتُلحق به ركعات الاحتياط ، والأجزاء المنسيّة ، وسجود السهو ، وصلاة الجنازة في وجه ، دون سجود الشكر والتلاوة.

القسم الرابع : ما لا يبطل عمداً ولا سهواً ، وهو على قسمين :

أحدهما : مكروه ، ومنه : تطبيق إحدى الراحتين على الأُخرى ، وعقص الرجل شعره ، وهو جمعه في وسط الرأس ، وربّما أُخذ فيه الظفر والفتل.

والتثاؤب إذا زاد على مقدار الاضطرار ، أو بجميع أقسامه ؛ لأنّ مقدّماته اختياريّة.

والتنخّم (2) ، والبصاق ، والتأوّه ، والنّفخ خصوصاً بموضع السجود ما لم يتولّد فيها حرفان متميّزان مقصودان مصداقان لاسم الحرف في العُرف.

والتمطّي وفرقعة الأصابع ما لم ينتهيا إلى الفعل الكثير.

والتكلّم بحرفٍ واحد ، والتحرّك ، ولو بمقدار خطوة أو خطوتين أو ثلاث ، إلا لسدّ الفرجة بين الجماعة ، أو لأجل لحوقها ، مع ترك القراءة.

والالتفات بالعينين أو بالوجه يسيراً ، وتحريف بعض المقاديم عن القبلة.

ومُدافعة الأخبثين. ويلحق بهما الريح ، والمني ، والدم الخارج من السبيلين ، والقي ء ، وكلما يقتضي شغل البال عن التوجّه للصلاة ، وقد يُلحق بها سائر الأعمال.

ومنها : النظر خلف المرأة ، فعن يونس ، عن الصادق عليه السلام : أنّه من تأمّل

ص: 417


1- بدل ما بين القوسين في «ح» : الأقوال من التسبيحات مع الإخلال بالهيئة أو الموالاة فيما فيه ذلك.
2- التنخم : رمي النخامة ، والنخامة ما يخرجه الإنسان من حلقه. المصباح المنير : 596 ، 597.

خلف امرأة فلا صلاة له ، قال يونس : يعني في الصلاة (1).

ومنها : رفع اليد من الركوع أو السجود ، فعن الصادق عليه السلام : أنّ من حكّه جلده راكعاً أو ساجداً ، لهُ أن يرفع يده من ركوعه وسجوده إذا شقّ عليه ، والصبر أفضل (2).

ومنها : قول الرجل والظاهر لحوق المرأة تبارك اسمك ، وتعالى جدّك ؛ لقول الباقر عليه السلام إنّه مُفسد للصّلاة ؛ لأنّه من مَقالة الجنّ ، فحكاه اللّه عنهم (3) ويتمشّى على الظاهر في جميع أقوال الجنّ.

وعن الصادق عليه السلام أنّ النظر إلى نقش الخاتم أو في المصحف أو في كتاب في القبلة نقص في الصلاة (4). وروى : أنّها لا يصلح فيها قرض الأظافير ، واللحية ، والعضّ على اللحية مع التعمّد (5).

وروى : أنّه لا يصلّي من حَمَلَ دواءً حتّى يطرحه (6).

وأنّ القملة إذا رؤيت في الصلاة أو المسجد أو مُطلق المكان استحبّ دفنها في الأرض (7).

ص: 418


1- المحاسن : 82 ح 13 ، الوسائل 3 : 475 أبواب مكان المصلّي ب 43 ح 4 ، وفي نسخة فيه «خلق» بدل خلف ، وانظر الوسائل 4 : 1273 أبواب قواطع الصلاة ب 22 ح 3.
2- قرب الإسناد : 88 ح 705 ، مسائل عليّ بن جعفر : 215 ح 468 ، الوسائل 4 : 1278 أبواب قواطع الصلاة ب 28 ح 2.
3- الفقيه 1 : 261 ح 1190 ، الخصال 1 : 50 ح 59 ، الوسائل 4 : 1279 أبواب قواطع الصلاة ب 29 ح 1.
4- قرب الإسناد : 190 ح 715 ، مسائل عليّ بن جعفر : 181 ح 347 ، الوسائل 4 : 1282 أبواب قواطع الصلاة ب 34 ح 3.
5- قرب الإسناد : 190 ح 713 ، الوسائل 4 : 1282 أبواب قواطع الصلاة ب 34 ح 1.
6- الكافي 3 : 36 ح 7 ، التهذيب 1 : 345 ح 1009 ، قرب الإسناد : 189 ح 707 ، الوسائل 4 : 1281 أبواب قواطع الصلاة ب 33 ح 1.
7- الكافي 3 : 367 ح 4 ، 6 ، التهذيب 2 : 329 ح 1352 ، 1353 ، قرب الإسناد : 209 ح 812 ، الوسائل 4 : 1271 أبواب قواطع الصلاة ب 20 ح 4 - 8.

وأنّ من حبس ريقه إجلالاً لله في صلاة ، أورثه اللّه صحّة حتّى الممات (1).

وأن من ابتلع نخامته ، لا تمرّ بداء إلا أبرأته (2).

القسم الثاني : ما لا كراهية فيه

اشارة

ومنه تعداد الركعات بالحصى ، وضبطها بإدارة الخاتم من إصبع إلى إصبع.

ونحو ذلك قتل الحيّة ، والعقرب ، والإشارة باليد ، أو بالعينين ، والتصفيق ، وحكّ الجلد ، ووضع العمامة أو الرداء ، ونحوهما مع سقوطهما أو مطلقاً.

(وحكّ النُّخامة من المسجد ، فعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : أنّه رأى نُخامة في المسجد ، فمشى إليها بعرجون (3) من عراجين أبي طالب ، فحكّها ، ثمّ رجع القهقرى ، وبنى على صلاته. قال الصادق عليه السلام : «وهذا يفتح من الصلاة أبواباً كثيرة» (4)) (5) إلى غيرها من الأعمال القليلة.

والأفضل أن يكون كالخشبة اليابسة ، لا يحرّك طرف من أطرافها.

تتمّة في أحكامها ، وفيه أبحاث :

الأوّل : أنّ كلّما ذُكر من راجح الأقوال ومرجوحاتها ، وواجباتها ومُفسداتها ، تتمشّى في إدارة لسان الأخرس وإشارته مع قصدها ، ففي كلّ تحريك حرف مهمل إن قصده ، وذو معنى إن قصده.

ولو أراد بالتحريك الواحد حروفاً متعدّدة ، أو المتعدّد حرفاً واحداً ، احتمل

ص: 419


1- الفقيه 1 : 180 ح 853 ، ثواب الأعمال : 49 ، الوسائل 4 : 1263 أبواب قواطع الصلاة ب 14 ح 4.
2- الفقيه 1 : 152 ح 700 ، التهذيب 3 : 256 ح 714 ، ثواب الأعمال : 35 ، الوسائل 3 : 500 أبواب أحكام المساجد ب 20 ح 1.
3- العرجون : هو الإهان الذي في طرفه العذق ، فإذا كان رطباً فهو إهان ، وإذا يبس فهو عرجون. جمهرة اللغة 2 : 1137.
4- الفقيه 1 : 180 ح 849 و 850 ، الوسائل 3 : 476 أبواب مكان المصلّي ب 42 ح 5.
5- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

إجراء الحكم تبعاً للقصد.

ولو قصد الدعاء المُحرّم بتحريكه ، أو الكلام ، أو الغناء ، أو الغيبة ، أو الكذب ، أو الفحش ، أو القذف ، أو نحوها ، جرى عليه حكمه ، وعليه تبتني مسألة التبعيض ، والقران ، وقراءة العزائم ، وأية السجدة ، والعهود ، والنذر ، والايمان ، ونحوها.

البحث الثاني : أنّ كلّما ذُكر من راجحٍ أو مرجوحٍ في آداب وسنن يشتدّ استحبابها وكراهتها باشتدادها في الرجحان ، ويضعفان بضعفها فيه ، ولو في المحلّ الواحد ، وكذا بقلّتها وكثرتها من خضوع ، وخشوع ، وتثاؤب وتمطّي ، وفرقعة ، ونحوها.

البحث الثالث : أنّ ما حكم بكراهته وندبه يشتدّ حكمه باشتداد الرجحان في الصلاة ، ففي اليوميّة أشدّ ، ثمّ فيما عداها من الواجبات ، ثمّ في المندوبات على اختلاف المراتب.

البحث الرابع : أنّه في مقام الاضطرار أو الإجبار حيث تصحّ الصلاة معهما إذا حصل الغرض ببعضها ، فلا بدّ من تقديم الأضعف مرجوحيّةً ، والأقوى راجحيّة في مقام الاختيار على غيرهما ، وفي المندوبات يندب ذلك.

البحث الخامس : أنّ ما تضمّن الآداب والكراهة والاستحباب الظاهر تمشيته فيما دخل في العبادات من سجود شكر وتلاوة ، وصلاة جنازة ، ودعاء ، وذكر ، ونحوها ، وما تضمّن التحريم والإيجاب فلا يجري إلا في الصلاة وما التحق بها ، ما لم يقم دليل عليه.

ويقوى القول بإجرائه في صلاة الجنازة ، إلا ما قام الدليل على خلافه.

البحث السادس : أنّ ما شكّ في حصوله من المُنافيات يُحكم بعدمه.

والظاهر إلحاق الظنّ هنا بالشكّ. ولو علم بحصول شي ء من المرجوحات ، وتردّد بين المُفسد وغيره ، يُحكم بعدم الإفساد.

البحث السابع : أنّه لو عرضَ له الشكّ في أنّ ما وقع موجب لسجود السهو أو لا ، بَنى على العدم.

والظاهر أنّ الظنّ هنا يتبع الشكّ ، والحكم معلوم ممّا سبق.

البحث الثامن : أنّه متى علم بوقوع مُفسد في صلاة ، وغفَل عن تعيينها ، فلا يخلو الحال من أحوال :

ص: 420

أحدها أن تكون مُتماثلة في الوجه والهيئة ، من نوافل أو فرائض ، وقد مرّ أنّه يُؤتى بواحدة عوض الفاسدة.

ثانيها : أن تكون مُتخالفة في الهيئة ، اختلف في الوجه أو لا ، ولا بدّ هنا من الإتيان بها على عدادها.

ثالثها : أن تكون مُختلفة الوجه متّفقة الهيئة ، والظاهر الاكتفاء بالواحدة ، وتعيينها لا يلزم.

البحث التاسع : أنّه لا يجوز ردّ التحيّة في الصلاة من جميع الأقسام غير السلام ، كما لا يجوز الابتداء به من المصلّي ، وأنّه لإيجاب فيها من السلام إلا صيغ مخصوصة ، ولا يجوز الجواب إلا بصيغ مخصوصة كما مرّ.

وأمّا غير الصلاة ؛ فالظاهر أنّ غير السلام مَلفوظاً لا يجب جوابه ، فلا يجب جواب للمكاتيب المُشتملة على السلام ، ولا جواب للتحيّة بغير السلام ، لا ملفوظة ، ولا مكتوبة ، (ولا يجب التعويض عن كرامة مفعولة ، كزيارة ، وهديّة ، وصِلة ، وعطيّة ؛ لا لمُماثل ، ولا مُغاير) (1).

ثمّ السلام يُبنى على العادة والتعارف ، ولا يختصّ بصيغة ، ولا يُشترط فيه سوى الاشتمال على لفظ السلام وخبره.

(وردّه واجب كفائي ، والابتداء به مُستحبّ كفائي بالنسبة إلى شدّة الاستحباب) (2) وصوره كثيرة غير محصورة ؛ لأنّ أُصوله : السلام عليك ، والسلام عليكما ، والسلام عليكم ، والسلام عليكنّ ، والسلام على فلان.

(أو مع ضمير الغيبة من قبيل الاستخدام) (3) مُعرّفاً أو مُنكّراً ، موقوفاً أو موصولاً ، مرفوعاً أو منصوباً ، موجوداً فيه الخبر أو محذوفاً ، موجوداً فيها المبتدأ أو محذوفاً ، مُبدلاً للحروف أو لا ، أو مُبدلاً لحركات البنية أولا ، مُبدلاً لحركات الإعراب والبناء أو

ص: 421


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- ما بين القوسين زيادة في «ح».
3- ما بين القوسين زيادة في «ح».

لا ، موصولة كلماته أو لا ، طاعناً في سلامه على شخص ببحّة الصوت مثلاً أو لا ، كارهاً للجواب أو لا ، مُسقطاً لحقّه أو لا ، بلسان العرب أو لا ، من ناطق أو لا ؛ كالأخرس ، مُشيراً إليه بغير اسم أو سمّاه بغير اسمه أو لا ، خصّ بالسلام أو لا ، مُقدّماً فيه المبتدأ أو لا ، مكرراً في المجلس الواحد أو لا ، مُسمعاً أو لا ، مع الاستماع أو لا ، خافضاً لصوته على وفق العادة أو لا ، مُغنّياً بصوته أو لا ، ضامّاً إلى قصد التحيّة قصد قران أو غيره أو لا ، ناذراً عدم الكلام أو لا ، مأذوناً من مُفترض الطاعة من سيّد أو والد أو لا ، مُحرزين للشعور لعدم حدوث موت أو نوم أو إغماء أو لا ، خارجين عن التعارف في القُرب والبُعد أو لا ، حيّاً كان المُجيب أو لا ، مُتعلّقاً بتسليم الصلاة أو لا ، متلذّذاً بسماع الصوت من غير المحرم أو لا ، ضامّاً إليه ضميمة من مُضاف إليه : «كقول : سلام اللّه ، سلام أنبيائه ، سلام ملائكته ، سلامي ، سلامنا وهكذا» أو لا ، ذاكراً لمتعلّق «كقول : سلام منّي أو من المحبّ أو المخلص أو زيد ، يعني نفسه» أو لا ، مع التطابق مع الجواب أو لا ، مع انفصال الجواب أو لا ، مع الاشتباه بين الذكر والأُنثى أو لا ، مع تماثل الطرفين وفيه قسمان أو لا ، مع العقل أو لا ، مع البلوغ أو لا ، مع التمييز أو لا ، مع الإسلام والإيمان أو لا ، مع المُقارنة في التخاطب أو لا ، مع سبق المُجاب أو المُجيب أو لا ، مع فهم المعنى منهما أو من أحدهما أو لا (مع انفصال الجواب أو اتصاله) (1) ، إلى غير ذلك.

ويجري نحو ذلك في الجواب.

فالصور لا تقف على حدّ. ويتّضح حالها ببيان أُمور :

منها : أنّه لا يجب الردّ على غير المؤمن ، وإن تجدّد كفره بعد إتمام التحيّة. ولو ذكر «عليكم» فقط ، أو قال بالكسرة «السلام» أو أجاب بغير السلام ، كان أولى ؛ للمحافظة على حسن السلوك ، أو التحفّظ من طعنهم ، والسلامة من أذيّتهم.

والمشكوك به بين المؤمنين والكفّار ، مُلحق بالدار ، (وعلى الحدّ يجب جوابه) ؛ (2)

ص: 422


1- ما بين القوسين ليس في «ح».
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

والمسلم المشكوك بإيمانه يجب جوابه.

ومنها : أنّه لا يجب الردّ على غير المميّز من الصبيان ، ولا على المجانين ، وإن طرأ الجنون بعد إتمامه التحيّة كالميّت.

ومنها : أنّه فيه وجوبين : خالقيّاً ومخلوقيّاً ، فلا يسقط بالإسقاط أو الكراهة.

ومنها : أنّه إذا تقارنا في الخطاب ، في التحيّة والجواب ، سقط وجوب الردّ ، والأحوط أن يُعاد.

ومنها : أنّه إذا حصل السلام من الواحد أو المتعدّد على المتعدّد في المقام الواحد ، أجزأ الجواب الواحد من الواحد لو وقع بعد التمام ، مع قصد النيابة وعدمه. ولو قيّد مبتدئاً أو مُجيباً ، اختصّ المقيّد ، ولا يتعلّق بغيره.

فلو قال : السلام عليك يا زيد ، لم يتعلّق بالآخرين حقّ. كما لو قال : عليك السلام يا عمرو ، في وجه قوي. ولو تأخّر بعض الآحاد (في الابتداء) (1) فالأحوط أن يُعاد.

ومنها : أنّ الجمع بين الابتداء بالتحيّة والردّ بالنسبة إلى شخصين فضلاً عن الواحد لا يُحتسب منهما.

ومنها : أنّه لو ظنّه مُسلّماً عليه ، فردّ عليه ، وظهر اشتباهه ثمّ سلّم ، وجب ردّه.

(ومنها : أنّ ردّ جواب سلام الإمام على الجماعة والمأمومين بعضهم لبعض في سلام آخر الصلاة ليس بواجب القصد والردّ ، ولا الإسماع. والقول بحصول الكفاية بحصوله من الملائكة والأنبياء مثلاً ، وأنّه واجب كفائي بعيد.

ومنها : أنّ الكفاية لا تكون من الأموات ، فخلط النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مع بعض لا يسقط الجواب عنه ، المدلول بالأخبار عليه وجوب الردّ عن الحاضرين ، وكذا السلام على الأئمّة صلوات اللّه عليهم ، وسائر الأموات.

ص: 423


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ومنها : أنّ الابتداء بالسلام من المزور من الأموات والجواب منه لا يلحق بحال الأموات. وفي جواب السلام من أهل القبور كما روي في الأخبار (1) هل هو من باب التكليف ، فيخصّ حكم انقطاع التكليف بعد الموت ، أو تفضل؟ وجهان ، أقواهما الثاني) (2).

ومنها : أنّه لا يجب الردّ على من سلّم بغير لسان العرب.

ومنها : أنّه لو أتى بالسلام مغنّياً ، أو رافعاً صوته على خلاف العادة ، أو معرّضاً في سلامه بالطعن فيمن لا يجوز طعنه (أو عاصياً بوجهٍ آخر) (3) لم يجب ردّه.

ومنها : أنّه لو كرّر المبتدأ ووحّد الخبر (أو بالعكس) (4) كان سلاماً واحداً.

ومنها : أنّه لو أشار إليه ، وسمّاه بغير اسمه ، فالمدار على الإشارة ، ويقع السلام ويترتّب حكمه.

ومنها : أنّه إذا غيّر الألفاظ ، أو أتى بترجمة غير عربية ، لم يجب الجواب.

ومنها : أنّه لو أتى بالسلام مبتدئاً أو حال الردّ بما يوافق قراناً أو دعاءً مثلاً فقصدهما معاً ، وجب ردّه ، وأجزأ عن الردّ.

ومنها : أنّه لو خصّ بالسلام فليس على غيره جواب ، ولو عمّ فالوجوب كفائي.

ومنها : أنّه يجب الإسماع في الجواب في صلاة أو غيرها.

ومنها : أنّه لا يجب جواب غير المسموع لو علمه (5) من غير طريق السمع إلا من الأصمّ.

ومنها : أنّ انعقاد سلام الأخرس وكلامه ، في أُصول أو فروع ، أو كذب أو غيبة أو قذف وهكذا ، يتبع قصده. ولوك لسانه ، وإشارته ، وتعدّد التحيّة ، ووحدتها ، وقصد الابتداء ، والجواب ، والمحيّي ، والمجاب يتبع قصده ، وقد علم ممّا تقدّم.

ص: 424


1- المحاسن 119 ح 129 ، الأمالي للطوسي 55 ح 76.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
4- كلمة أو بالعكس زيادة من «ح».
5- في «م» : عمله.

ومنها : أنّه إذا لم يجب فوراً (ناسياً أو ساهياً ، فلا إثم ، ولا قضاء) (1).

ومنها : أنّه لو فصل بين المبتدأ والخبر بكلامٍ أو سكوتٍ طويل ، لم يجب جوابه.

ومنها : أنّه لو خاطب الجمع بالواحد أو المثنّى ، أو المثنّى بالواحد ، لم يجب الجواب.

(ومنها : أنّه لا يجوز أخذ الأُجرة على الردّ إن وجب عليه عيناً أو كفاية.

ومنها : أنّه من عصى بسلامه لا إيجاب بجوابه ، ولا استحباب ، وربّما يكره ذلك.

ومنها : أنّه روي : أنّ ثلاثة لا يسلّمون : الماشي مع الجنازة ، والماشي إلى الجمعة ، وفي بيت حمام (2) ، وخصّ الأخير في بعض الروايات بمن ليس عليه مئزر (3).

ومنها : أنه لو أدخل المشيئة أو ذكر الظنّ أو الاحتمال ، فلا يلزم جوابه.

ومنها : أنّه لو أقسم أو عاهد مثلاً قبل السلام مؤكّداً مع بقاء قصد الإنشاء ، كان مُسلّماً.

ومنها : أنّه لو قدّم الخبر على المبتدأ في المبتدأ ، لم يكن مسلّماً. وفي الجواب يصحّ الأمران ، والأحوط تقديم الخبر.

ومنها : أنّ الكفّار وجميع أهل العقائد الفاسدة لا يبدؤون بالسلام إلا مع التقيّة ، ويبدؤون بغيره من التحيّات.

ومنها : أنّه لا بأس بتحيّتهم بباقي التحيّات ممّا ليس له دخل بنجاة الآخرة.

ومنها : أنّه يتمشّى حكم النيابة بعوض أو مجاناً من جانب البادئ أو الرادّ (على إشكال) (4).

ومنها : أنّه لا يجب الردّ على من اقتصر على المبتدأ أو الخبر ؛ (لأنّه لا يعدّ مُسلّماً) (5).

ص: 425


1- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : عاصياً أو ساهياً فلا قضاء.
2- الخصال : 91 ح 31 ، الوسائل 1 : 373 أبواب آداب الحمام ب 14 ح 2.
3- التهذيب 1 : 374 ح 1147 ، قرب الإسناد : 315 ح 1224 ، الوسائل 1 : 373 أبواب آداب الحمام ب 14 ح 1.
4- ليس في «م» ، «س».
5- ما بين القوسين زيادة من «ح».

ومنها : أنّه لا يجب الردّ على من غيّر الحرف أو حركات البنية ، وخرج عن المتعارف.

ومنها : لا يجب الردّ على من كرّر السلام في المقام الواحد على من حيّاهم سابقاً وأجابوا.

ومنها : أنّه لا يرفع الكفائي ردّ الكافر من الجماعة في وجه قوي ، وكذا فاسد العقيدة.

ومنها : أنّه لو أجابَ بزعم سبق الابتداء ، فظهر لاحقاً أو مقارناً ، أعادَ الجواب.

ومنها : أنّه لو جمع المجلس مؤمنين وكفاراً أو فاسدي العقيدة غير المؤمنين. ولو قصد بالسلام على غير المؤمنين معنى الحجر ، فلا ضرر.

ومنها : أنّه روي عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «لا تسلّموا على اليهود ، ولا النصارى ، ولا على المصلّي ، ولا على أكل الربا ، ولا على الذي على غائط ، ولا على الذي في الحمام ، وإذا دخلت والقوم يصلّون ، فسلّم على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم» (1).

وعن الباقر عليه السلام أنّه قال : إذا دخلت على المصلّين ، فسلّم عليهم ، فإنّي أفعله (2). وروى : أنّ عمّار بن ياسر دخل على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وهو يصلّي ، فقال : السلام عليك يا رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته ، فردّ عليه السلام (3).

وتشترك في الإفساد بفعل المُفسدات الفرائض أصليّة أو عارضيّة والنوافل.

ومنها : أنّه لا يجوز أخذ الأُجرة على الجواب من المحيي ، مفرداً أو جمعاً ، ولو أخذ عصى ، وكان مجزياً على إشكال.

ص: 426


1- مشكاة الأنوار : 200 ، الوسائل 4 : 1267 أبواب قواطع الصلاة ب 17 ح 1.
2- الوسائل 4 : ؛ 1267 أبواب قواطع الصلاة ب 17 ح 3.
3- الكافي 3 : 366 ح 1 ، الفقيه 1 : 241 ح 1066 ، التهذيب 2 : 332 ح 1366 ، الوسائل 4 : 1265 أبواب قواطع الصلاة ب 16 ح 2.

ومنها : أنّه إذا سلّم عليه شخص فلم يعلم أنّه مقصود أو غيره (1) ، بنى على العدم. ولو سلّم على جماعة وهو فيهم ، بنى على الدخول ، ما لم يعلم خلافه.

ومنها : أنه إذا علم السلام ، وشكّ في صحّته ، بنى على الصحّة.

ومنها : أنّه إذا اقتصر على المبتدأ والخبر ، استحبّ للمُجيب أن يزيد ، وإذا أزاد «ورحمة اللّه» فله أن يزيد عليه «وبركاته» ، فإذا أضاف إليها «وبركاته» انقطعت الزيادة ، فله الاقتصار على الجملة الأُولى.

ومنها : أنّه يجب عليهما الجواب وإن تخالفا مع الترتيب.

ومنها : أنّ ابتداء السلام مُستحبّ عينيّ لا كفائي على الأقوى ، بخلاف الردّ (ووردت رخصة في الكفائية) (2).

ومنها : أن الجواب على الفور كما مرّ ، ولا يجب قضاؤه (مع العصيان بالتأخير) (3).

ثمّ ينبغي البدأة بالسلام من الصغير على الكبير ، ومن القليل على الكثير ، ومن القائم على القاعد ، ومن الراكب على الماشي ، ومن الراكب على الخيل على راكب البغل ، ومن راكب البغل على راكب الحمار ، وكل صاحب مرتبة على ما بعدها من المراتب اللاحقة.

والظاهر أنّ كلّ من كان على حالة أعظم من حالة الأخر ابتدأه بالسلام ، كراكب السرج على راكب الرحل ، ثمّ راكب الرحل على راكب العريان ، (وصاحب المحلّ ومطلق الزينة على غيره ، وصاحب النجيب على غيره ، والعظيم على الحقير ، والغني على الفقير ، وصاحب المحلّ على غيره ، والحاضر على المسافر ، وإلى غير ذلك ، والسرّ واضح) (4).

والظاهر أنّ الشرف الحقيقي دون الصوري الدنيوي باعث على ابتداء غير

ص: 427


1- بدل كملة غيره في «م» ، «س» : لا.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- ما بين القوسين زيادة في «ح».
4- ما بين القوسين زيادة في «ح».

الشريف (وتعمّه حال المالك والمملوك ، والمعلّم والمتعلّم ، والعالم والجاهل ، والعدل والفاسق ، وهكذا) ؛. (1)

خاتمة : في بيان أسرار الصلاة

اشارة

وفيه مباحث :

الأوّل : في سرّ كونها أشرف الأعمال ، وأفضلها ، وعمودها

والأصل فيها اشتمالها على طاعات ، وقُربات ، لا توجد جلّها في غيرها ، من أُصول دينية : كتوحيد ، وعدل ، ونبوّة ، وإمامة ، ومعاد ، وصفات جمال وجلال منسوبة إلى ربّ العباد ؛ وفروعيّة من أفضل قراءة ، ومن تسبيح ، وتكبير ، وحمد ، ومدح وشكر ، واستغفار ، ودعاء ، ومناجاة ، وصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله ، وبراءة ، وخضوع ، وخشوع بقيام ، وركوع ، وسجود ، واستقرار ، واطمئنان ، وتضامّ أعضاء ، وذكر مبدأ ، ومعاد ، ومكالمة مع اللّه ، ومخاطبة ، وتوكّل ، واعتماد ، وخوف ، وتوسّل ، واستغاثة ، واستجارة ، وإقرار بالذنوب ، واعتراف ، وتوبة ، وندامة ، وسلام ، وأمان بختام ، إلى غير ذلك.

المبحث الثاني : في أسرار الشروط

والسرّ في اعتبارها كون الصلاة أفضل الأعمال ، فيُعتبر فيها ما هو الأفضل منها ؛ لتكون على أفضل الأحوال ، من طهارة ذاتٍ وبدنٍ ، أو الأُولى (2) فقط ، فلزم الإسلام للأُولى ، والإيمان للثانية.

وفي طهارة الظاهر إشارة إلى لزوم طهارة الباطن من نجاسة الذنوب ، وفي ستر العورة ستر العورات الحقيقية ، وطهارة من خبث في ثوب أو بدن أو مكان سجود.

ص: 428


1- ما بين القوسين ليس «م» ، «س».
2- في «م» ، «س» : الأوّل.

وطهارة حدث أصغر ، قد حدث منه خبث معنوي صغير ، يرتفع بتنظيف الات الخدمة ، من اليدين ، والرجلين ، أو ما يواجه به المولى ، أو ما يطأطأه له خضوعاً ، وهو السرّ فيه ، أو خطيئة آدم عليه السلام.

أو أكبر قد قضى بخبث مستولٍ على تمام البدن (ومن حصول كمال يجمع عقل ، وبلوغ ، أو تمييز ، ومن ستر عورة هي تمام البدن) (1) أو بعضه بثياب هي أفضل الثياب نوعاً ، خالية من نقص في دين بتحريم ، ورفعة في الدنيا بلبس حرير أو ذهب.

أو خبث في حيوان قد أُخذ منه غير مأكول اللحم.

ومن مكانٍ مباحٍ مستقرّ به ، لا تشغله حركته عن الإقبال ، وحسن الأدب غالباً.

ومن استقرارٍ في جميع أفعالها ممّا لا تؤخذ نيّة خلافه فيه ، كالهويّ.

ومن استقبالٍ إلى أفضل جهة.

ومن وقت هو أفضل الأوقات.

ومن نيّة هي أفضل النيّات ، يقصد بها الامتثال لأمر جبّار السماوات.

الثالث : في المنافيات

والسرّ في لزوم تركها : بعثها على تغيير هيئتها ، كالإطالة فعلاً أو قولاً أو سكوتاً مُخرجة عن الهيئة ، أو الإخلال ببعض شروطها ، كقراءة العزائم ، وما يقتضي خروج الوقت في الفرائض.

والإفضاء إلى قلّة الاكتراث بها ، كالأكل والشرب ، والقهقهة ، والبكاء لأُمور الدنيا ، وكلام الادميّين ، وفي طهارة الثياب والبدن إشارة إلى لزوم الطهارة من الذنوب ؛ إذ هي النجاسات الحقيقية ، وفي ستر العورة إشارة إلى ستر العيوب ، وهي عورات حقيقية.

ص: 429


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
المبحث الرابع : في مقدّماتها
اشارة

والسرّ فيها ما اشتملت عليه من الحكم ، والأسرار التي تقصر عن إدراكها دقائق الأفكار.

أوّلها : الأذان

فإنك إذا دقّقت نظرك فيه ، وتأمّلت في مبانيه ، ومعانيه ، أغناك ما اهتديت إليه بالنظر عن الاحتياج إلى الاحتجاج بمعاجز أُخر في إثبات نبوّة نبيّنا سيّد البشر صلى اللّه عليه وآله وسلم.

فإنّه وضع للإعلام ، وبيان الأمر بها من الملك العلام ؛ لإقامة البرهان على وجوب حضورها على المكلّفين من نوع الإنسان.

فأثبت بصفة الأكبريّة أنّه أهل للمعبوديّة. ثمّ ذلك لا ينفي وجود المعبود سواه ، فجاء بكلمة التوحيد قائلاً : «أشهد أن لا إله إلا اللّه».

ثمّ ذلك لا يفيد حتّى يعلم أن الأمر جاء بها من عند اللّه تعالى ، فأتى بإثبات رسالة الأمر بها ، وقال : «أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه» صلى اللّه عليه وآله وسلم.

ثمّ بعد إقامة البرهان عليها أمر بالإتيان إليها.

ثمّ لما كان ميل النفوس موقوفاً على حصول ثمرة من فعلها ، أبانَ كونها فلاحاً.

ثمّ ذلك كلّه لا يفيد تخصيصها بالإقبال عليها لكثرة العبادات ، فبين أنّها خير الأعمال.

وكرّر التكبير أربعاً ؛ لأنّه مبتدأ الإعلام ، ولأنّ الأُولى لتنبيه الغافل ، والثانية للناسي ، والثالثة للجاهل ، والرابعة للمتشاغل ، وثنّى الشهادة على وفق الشهادة ، وكرّر مرّتين مرّتين لإرادة التأكيد ، ولا يحسن الزيادة على ذلك.

وكرّر التكبير والتوحيد في أخره إعادة للبرهان ، وتحرّزاً عن النسيان ، وفي الخبر : أن تكرار المرّتين إشارة إلى أنّ مبدأ وضع الصلاة على ركعتين ركعتين (1).

ص: 430


1- الفقيه 1 : 195 ح 915 ، العلل 1 : 259 ب 182 ح 9 ، الوسائل 4 : 646 أبواب الأذان ب 19 ح 14.

وحسن فيه الوقوف ، والتأنّي ؛ للإمهال على أهل الأعمال ، ولعلّه هو السرّ في استحباب الفصل بينهما ، وبين الفصول.

وخُصّ بالفرائض ؛ لأنّ حكمة الاجتماع لا تجري في غيرها إلا نادراً. وباليوميّة ؛ لكون المطلوب دوامها ، أو لزيادة الاهتمام بشأنها ، فتركت فيها فصوله ، وأُقيم قول «الصلاة» ثلاثاً مقامها ، أو لخوف الاشتباه مع الاشتراك.

ثانيها : الإقامة

والسرّ فيها : أنّه لما كان المقصود أوّلاً الأمر بالإتيان إلى الصلاة والتوجّه إليها ، أقام البرهان على وجوب الحضور. وحيث كان الغرض من الإقامة وجوب إقامتها ، والقيام فيها ، أعاد البرهان لإثبات ذلك ، وثنّي على وفق الشهادة ، وللتأكيد على وفق العادة.

وقد يكون السرّ في الإعادة رعاية الحاضرين ممّن لم يبلغهم التأذين.

وترك التهليلة الثانية ؛ للإشارة إلى زيادة الشوق إلى الدخول في الصلاة ، ولعلّ ذلك هو السرّ في استحباب الحدر.

ثالثها : التكبيرات السبع

والسرّ فيها : أنّه لما كان الغرض الأصلي من فعل الصلاة كمال الخضوع ، والتذلّل لله ، كرّر ذكر العظمة ؛ لئلا يكون المصلّي في غفلة ، فيذهل عما يوجب عليه الانكسار والذلّة.

وأتى بها سبعاً ، ليُشير إلى السماوات السبع ، والأرضين السبع ، والأبحر السبع ، والشهب السبع ، وأبواب جهنّم السبع ، فيكون برهاناً على العظمة ، ولعلّه السبب في ذكر خلق السماوات والأرض في التوجّه بعدها.

والأصل في التوجّه : أنّه لمّا قصرت الربوبيّة والعظمة والمعبوديّة عليه ، لم يبق وجه للتوجّه إلا إليه.

وسرّ وضع الدعوات بينها بعد امتلاء القلب من الهيبة والعظمة ، واشتمالها على التذلّل والمَسكنة غير خفيّ.

ص: 431

المبحث الخامس : في بيان السرّ في أجزائها وما دخل أو أشبه الداخل فيها
اشارة

وهي أُمور :

أوّلها : النيّة

والسرّ فيها واضح ؛ لتوقّف الاتصاف بالعبوديّة ، والطاعة ، والامتثال ، والانقياد ، والتسليم ، والائتمار ، والخوف ، والرجاء ، وسائر الخِلال المطلوبة لربّ العزة والجلال ، عليها.

ثانيها : تكبيرة الإحرام

والسرّ فيها بحسب ذاتها : استحضار العظمة عند مبدأ الدخول ؛ ليحصل تمام الخضوع والتذلّل (ويحصل الربط ، والإلزام) (1) وتتأكد الرغبة في الإتيان بها.

ورفع اليدين فيها ؛ لتظهر العظمة إذا ارتفعت اليدان ، كما تظهر باللسان ، وعدم رفعهما فوق الرأس ؛ حذراً من تجاوز محلّ التذلّل ، وهو الرأس.

وضمّ الأصابع فيها كسائر التكبيرات ، ووضعها حيال الركبتين ؛ لأنّ العبد يتضامّ بين يدي مولاه ، ويضع يديه على ذلك النحو ، وتقارن التكبير بالرفع ؛ للانطباق بين العلّة والمعلول.

ثالثها : القيام

والسرّ فيه : أنّ أوّل مراتب خضوع العبيد لمواليهم الوقوف بين أيديهم ، واعتداله واستقراره فيه من تمام العبوديّة ، ولأنّه مقدّمة لخضوع الركوع والسجود. وإبقاء اليدين ممدودتين من تمام الاستعداد للخدمة ؛ لأنّ الغالب فيها مباشرة اليدين.

ثمّ إنّ الذي أخذ عليه الخوف يرخي يديه.

وفي قول : «بحول اللّه تعالى وقوّته» عند القيام إرشاد إلى العجز عن القعود ، فضلاً عن القيام وغيره ، إلا بمعونته.

وتخصيص التسميع بحال القيام ؛ لأنّه دعاء ، فيؤتى به حال القيام تواضعاً ، ولأنّه

ص: 432


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

أدعى للإجابة (وجعلت الحمدلة للمأمومين ؛ امتثالاً لأمرهم بالحمد لله المفهوم من السمعلة) (1).

رابعها : قراءة الفاتحة

والسرّ فيها : بعد كونها من أفضل الأعمال والسور إثبات ما ادّعى من العقائد سابقاً ، لإعجازها ، وأنّها من أكبر المعاجز ، وقد لوحظ فيها من الأسرار ما تقصر عنه دقائق الأفكار.

منها : البدأة باسم اللّه ؛ لبيان أنّه المبدأ الفيّاض ، ولأنّ ذكره أفضل الذكر ، واسمه مبدأ الأسماء ، ولدفع تسلّط الشيطان بإيقاع الرياء والعُجب ونحوهما. وهو سرّ استحباب الاستعاذة من الشيطان. وربط الاستعاذة بذات اللّه ، والاستعانة باسمه سرّه واضح) (2).

ومنها : إظهار العجز عن الأقوال ولو قلّت ، فضلاً عن الأفعال ، إلا بمعونة اللّه تعالى. وجعل الاستعانة بالاسم ؛ لأنّه أنسب بالأدب وإن أُريد منه المسمّى ، أو لأنّ نفس الاسم فيه تلك الخاصيّة (على نحو ما يصنعه العبد الحقير من التملّق قبل سؤال الحاجة من مولاه.

ولأنّه رأى الحمد واجباً على توفيقه لعبادته ، ورضاه بخدمته ، وللدلالة على صفة الاختيار ، وليترتّب عليه ما يتعلّق بالمدح والشكر.

واختصّ صفتي الرحمة من بين الصفات في البسملة ؛ لأنّ الإعانة لا تكون إلا من المتّصف بها.

وخصّ الحمد باللّه ؛ لقضاء الحقيقة ، أو الاستغراق به ؛ لقضاء صفة تربية العالمين ، فكلّ صفة مُستندة إليه ، ولأنّ ما تقدّم من الأكبريّة ، وتخصيص الإلهيّة ، لجعل من عداه في حكم المعدوم.

ص: 433


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- ما بين القوسين زيادة من «ح».

وجعل الحمد مستنداً إلى الذات لما هي هي ، أو للنعم السابقة من التربية والتغذية ، أو لطلب الرحمة ؛ جلباً للمنافع ، ودفعاً للمفاسد الدنياوية أو الأُخرويّة.

ثمّ لمّا كان سبب لزوم الحمد قاضياً بلزوم العبادة ، وهي تنقسم إلى تلك الأقسام ، رتّب عليها العبادة ، وخصّه بها ؛ لما مرّ من أنّه لا إله سواه ، وخاطبه لقضاء تلك الصفات بشبه العيان.

ثمّ طلب الاستعانة على العبادة ؛ إظهاراً لعجزه.

وبعد أن أثبت جامعيّة صفات الكمالات بأنّه اللّه ، وأثبت صفة الرحمة رجا إجابة الدعاء ، فدعا بخير الدنيا والآخرة ، ودفع بلائهما) (1).

وخصّ صفتي الرحمة أيضاً ؛ ليكمل الرجاء في تحصيل الجزاء ، وتثبت صفة الفضل ، فضلاً عن العدل.

وبعد ذكر العظمة واستجماع صفات الكمال والرحمة والشفقة ، استحق الحمد المؤدّي معنى المدح والشكر ، (وأتى بالحمد ، و) (2) أثبت جميع أفراده له ، مؤذناً بأنّ جميع المحامد راجعة إليه ، وأنّه مختار في جميع أفعاله.

واستند في ذلك إلى أنّه ربّ العالمين ، فيكون برهاناً. ثمّ كرّر الرحمة عامة لجميع العالم في جميع ما يحدث منهم بعد أن ذُكرت أوّلاً ؛ لطلب رحمته إيّاه ، أو لأجل إعانته.

ثمّ ذكر ملك جزاء الآخرة ؛ لتشتدّ همّته ، وتقوى عزيمته.

وبعد إثبات الأكبريّة ، والإقرار بالتوحيد ، وتقديم الاستعانة به ، وأنّ أُمور العالمين راجعة إليه ، وكان الخطاب بمنزلة خطاب المشافهة ، خصّه بالعبادة ، والاستعانة ، وتوجّه إليه بالدعاء.

وفي إعرابها وترتيلها ونحوهما مُحافظة على ما يليق بها.

وأمّا قراءة السورة ؛ فلتأكيد المعجزة ، ولزيادة المثوبة في فعل هذه الطاعة العظيمة.

ص: 434


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : وخصّ طبيعة الحمد أو.

واجتزى بالفاتحة ، وخيّر بينها وبين الذكر في الأخيرتين ؛ لأنّ الأوّلتين كأصلين ، والأخيرتين كفرعين تابعين.

خامسها : الركوع

والسرّ فيه بحسب ذاته : أنّ هذا التقوّس المؤذن بكمال الذلّ والانخفاض إنّما يكون ممن كان في أدنى مرتبة لمن هو في غاية الرفعة والعظمة.

وفي تكبيره دليل على لزوم الركوع والخضوع ، وفي الاستقرار والذكر فيه ما يؤكّد التذلّل والخضوع. وخصّ التسبيح لما يتوهّم من عدم الفرق بين الكبير في ذاته ، والمتكبّر إذا لم تكن الكبرياء من صفاته.

ثمّ التسبيح إنّما يفيد ثبوت صفات الجلال ، فلزم التحميد ؛ ليفيد ثبوت صفات الكمال ؛ ولأنّ التسبيح قد يكون بصفات لا تليق ، فقيّده بالإضافة إلى صفات الحمد (1). وذِكر العظَمَة ؛ لاقتضاء الركوع ذلك.

وسوّى ظهره ؛ إشعاراً بتمام التذلّل.

ومدّ عنقه ؛ لإظهار التسليم ، وبيان أنّ الأمر إليه إن شاء قتله ، وإن شاء أمهله.

واطمأنّ وبلّغ الأصابع (بعد وضعها) (2) مُنفرجات ؛ لأجل تمكين الخضوع والخشوع.

وأوتر في تسبيحه ؛ لأنّ اللّه تعالى وِتر يحب الوتر.

ثمّ خصّ التسميع بالتحميد ؛ لأنّه قولي ، والتسبيح اعتقاديّ على ما يظهر منهما. وتخصيص المأموم بالتحميد ؛ لأنّه مأمور بأمر الإمام ، وقد أمره به معنىً في تسميعه.

سادسها : الرفع من الركوع

(سادسها : الرفع من الركوع ؛ لينظر العظمة ، ولزيادة الخضوع بالسقوط ، لوضع الجبهة عن قيام) (3).

ص: 435


1- في «ح» : الحدّ.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
3- ما بين القوسين زيادة من «ح».
سابعها : السجود

والسرّ فيه : أنّه أعلى المراتب الثلاث في الخضوع ، بوضع الجبهة على الأرض ، أو ما كان منها ، ووضع الأعضاء الستّة الأُخر على نحو وضعها ، وفيه كمال الخضوع ، والتذلّل ، والهبوط ، فناسب ذكر ما يفيد تمام العزّة والعلوّ كالأعلى. وحيث إنّ الركوع لم يبلغ ذلك ، أتى فيه بلفظ العظمة.

(ثامنها : الرفع من السجود الأوّل ؛ لينظر العظمة ، ولزيادة التذلّل بالهبوط بعد الجلوس ، والرفع من التشهّد بعد رؤية العظمة ، أو يقوم للخدمة) (1) وفي التدرّج من ذلّ القيام إلى الركوع ، ثمّ منه إلى السجود سرّ عجيب.

وكبّر (للسّجود بعد) (2) رفع الركوع ؛ لمّا رأى العظمة ، وتوطئة للمبادرة إلى السجود ، واحتجاجاً على وجوبه ، (وكذا بعد السجود الأوّل) (3) وفي التسبيح والاستقرار والذكر نحو ما في الركوع.

وفي وضع اليدين بين الركبتين ، وموضع الجبهة استقامة وضع البدن (4) ، وهي أدخل في الأدب.

وفي التخوّي (5) المُستدعي لزيادة رفع العَجز وإرغام الأنف إرغام لأُنوف الجبابرة ، فإنّهم بذلوا للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أموالاً كثيرة على أن لا يأمرهم بوضع الجباه ، ورفع الأعجاز ، فأبى عليهم ، وأجابهم بأنّه مأمور ، لا اختيار له.

وفي حجب النظر عن السماء ، وقصره على خصوص الأمكنة القريبة إظهار تمام الانكسار والحياء.

وفي تكرار السجود على الأرض مرّتين إشارة إلى أنّ البداية منها ، والغاية إليها.

وفي وضع التشهّد (6) رجع إلى إعادة الشهادتين أوّلاً وآخراً أو مع الوسط مع

ص: 436


1- ما بين القوسين زيادة من «ح».
2- بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : في.
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
4- في «س» : اليدين.
5- خوى الرجل في سجوده رفع بطنه عن الأرض ، وقيل : جافى عضديه. المصباح المنير : 185.
6- في «م» ، «س» زيادة : بعد الركعتين.

الطول ؛ تحفّظاً عن النسيان ، وتحرّزاً عن تسلّط الشيطان (وليكون معترفاً بالعقائد ابتداء الصلاة ، وعند الفراغ من الجميع ، أو ممّا فُرِضَ في أصل التكليف) (1).

ثمّ لما أتمّ العمل حصل له الأمان ، اعتماداً على لطف الملك المنان ، فأدخل نفسه في السلام ، وتيمّن بذكر السلام على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وباقي الأنبياء ، والملائكة ، والعباد الصالحين.

وتخصيص الدعاء ب- «يا خير المسئولين» كما هو المُعتاد بالسجدة الأخيرة ؛ لأنها الختام من بين السجدات ، وعندها ترجّي اللطف والرحمة ، ولذا ورد الدعاء على الظالم في السجدة الأخيرة من نافلة اللّيل (2).

ولمثل ذلك خصّ القنوت بالركعة الأخيرة ؛ لأنّها آخر الصلاة الأصليّة.

وفي آداب النساء لوحظ ماله ربط بالحياء.

وباعتبار حصول القُرب ، ومقبوليّة ما أتى به من القُربات ، كان ما بعدها من الوقت من أفضل الأزمنة والأوقات ، فحصلت له مظنّة بقبول ما يأتي به من الطاعات ؛ فعقّبها بتعقيبات من قراءة ، وأذكار ، ودعوات.

وإذا دقّقت النظر ، وقفت على أسرار أُخر (3) ، (ويمكن استنباط جلّ ما ذكرناه من الأسرار الواردة في الأخبار عن النبي المختار صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والأئمّة الأطهار عليهم السلام ، وهي كثيرة لا بدّ من التعرّض لجملة منها :

منها : ما ورد في الوضوء ، وهو أُمور عديدة :

روي عن الرضا عليه السلام : «أنّه إنّما وجب الوضوء على الوجه واليدين ، ومسح الرأس والرجلين ؛ لأنّ العبد إذا قام بين يدي الجبار ، فإنّما ينكشف من جوارحه ويظهر ما وجب فيه الوضوء ، وذلك : أنّه بوجهه يستقبل ، ويسجد ، ويخضع ؛ وبيده يسأل ، ويرغب ، ويرهب ، ويتبتّل ؛ وبرأسه يستقبله

ص: 437


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- الكافي 2 : 512 ح 3 ، الوسائل 4 : 1166 أبواب الدعاء ب 55 ح 1.
3- كلّ المطالب الموجودة بعد هذا القوس الممتدة إلى عشرة صفحات تقريباً غير موجودة في «م» ، «س».

في ركوعه وسجوده ، وبرجليه يقوم ويقعد.

وخصّ بالغسل الوجه واليدان ؛ لأنّ مُعظم العبادة الركوع والسجود ، وهما بالوجه واليدين ، دون الرأس والرجلين ؛ ولأنّ البرد ، والسفر ، والمرض ، واللّيل ، والنهار ، يقتضي صعوبة غسل الرأس والرجلين ، دون غيرهما.

ولأنّ الوجه واليدين باديان ، دون الرأس والرجلين ؛ لموضع العمامة والخفّين ، وللقيام بين يدي اللّه ، واستقباله بالجوارح الظاهرة ، وملاقاته بها الكرام الكاتبين» (1).

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في جواب سؤال اليهود عن علّة وضوء الجوارح الأربعة ، مع أنّها أنظف المواضع في الجسد : أنّه لمّا وسوس الشيطان لعنه اللّه إلى آدم عليه السلام دنا من الشجرة ، فنظر إليها ، فذهب ماء وجهه ، ثمّ قام ومشى إليها ، وهي أوّل قدم مشت إلى الخطيئة.

ثمّ تناول بيده منها ما عليها وأكل ، فتطايرت الحليّ والحلل عن جسده ، فوضع آدم عليه السلام يده على أُمّ رأسه وبكى ، فلمّا تابَ عليه ، فرضَ عليه وعلى ذريّته الوضوء على هذه الجوارح الأربع ، فأمره بغسل الوجه ؛ لنظر الشجرة ، وبغسل اليدين إلى المرفقين ؛ للتّناول منها ، وبمسح الرأس بوضع يده على أُمّ رأسه ، وبسمح القدمين ؛ للمشي إلى الخطيئة (2).

وروى : أنّ مَن لم يسمّ قبل الوضوء والأكل والشرب واللّبس ، كان للشّيطان فيها شرك. وأن من سمّى طهر جميع جسده ، وكان كالغسل ، ومن لم يسمّ لم يطهر منه إلا ما أصابه الماء (3). وأن المضمضة والاستنشاق لتطهير الفم والأنف (4).

ومنها : ما ورد في غسل الجنابة من أنّها بمنزلة الحيض ؛ لأنّ النطفة دم لم يستحكم ،

ص: 438


1- الفقيه 1 : 35 ح 128 ، العلل : 257 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 104 ح 1 ، الوسائل 1 : 277 أبواب الوضوء ب 15 ح 13 ، 15.
2- الفقيه 1 : 35 ح 127 ، العلل : 280 ح 1 ، المحاسن : 323 ح 63 ، الوسائل 1 : 278 أبواب الوضوء ب 15 ح 16.
3- الكافي 3 : 16 ح 2 ، الفقيه 1 : 31 ح 14 ، 15 ، التهذيب 1 : 358 ح 1076 ، الاستبصار 1 : 68 ح 205 و 204 ، وانظر الوسائل 1 : 298 أبواب الوضوء ب 26.
4- الخصال 2 : 156 ، الوسائل 1 : 305 أبواب الوضوء ب 29 ح 13.

ولا يكون الجماع إلا بحركة شديدة ، وشهوة غالبة ، فإذا فرغ الرجل تنفّس البدن ووجد الرجل من نفسه رائحة كريهة ، فوجب الغُسل لذلك. وغُسل الجنابة مع ذلك أمانة ائتمن اللّه عليها عبيده ليختبرهم بها (1).

ومنها : ما ورد في غسل الميّت من أنّه إذا خرجت الروح من البدن ، خرجت النُّطفة التي خُلق منها بعينها منه كائناً ما كان ، صغيراً أو كبيراً ، ذكراً أو أُنثى ، فلذلك يُغسل غسل الجنابة (2).

ومنها : ما روي في تكفين الميّت عن الرضا عليه السلام : أنّه إنّما أمر بتكفين الميّت ؛ ليلقى اللّه طاهرَ الجسد ، ولئلا تبدو عورته لمن يحمله أو يدفنه ، ولئلا يظهر للناس بعضُ حاله وقُبح منظره ، ولئلا يقسو القلب بالنظر إلى مثل ذلك ؛ للعاهة والفساد ، وليكون أطيب لأنفس الأحياء ، ولئلا يبغضه حميمه فيلغي ذكره ومودّته ، فلا يحفظه فيما خلفه وأوصاه به ، وأمره به وأحب (3).

ومنها : ما ورد في غسل مسّ الميّت : من أنّ الميّت إذا خرجت منه الرّوح بقيت فيه أكثر آفته ، فلذلك يغتسل من مسّه. وأنّه لا يجب تغسيل باقي الحيوانات ؛ لأنّها لابسة شعراً أو صوفاً (4).

ومنها : ما ورد في غسل الجمعة : من أنّه لاستقبال العبد ربّه ، وليعرف أنّه يوم عيد ، ولأنّ الأنصار كانوا يعملون في أموالهم ، فإذا حضروا الجمعة تأذّت الناس من روائح آباطهم (5).

ومنها : ما روي عن الرضا عليه السلام في علّة الأذان ، فإنّه عليه السلام قال إنّما أُمر الناس بالأذان لعلل كثيرة ، منها : أن يكون تذكيراً للنّاس ، وتنبيهاً للغافل ، وتعريفاً

ص: 439


1- الاحتجاج 2 : 347 ، الوسائل 1 : 465 أبواب الجنابة ب 1 ح 14.
2- الفقيه 1 : 84 ح 378 ، وانظر الوسائل 2 : 686 أبواب غسل الميت ب 3.
3- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 114 ، العلل : 268 ، الوسائل 2 : 725 أبواب التكفين ب 1 ح 1.
4- العيون 2 : 114 ، الوسائل 2 : 929 أبواب غسل المس ب 1 ح 11 ، 12 ، وص 935 ب 6 ح 5.
5- الفقيه 1 : 62 ح 23 ، العلل : 285 ، التهذيب 1 : 366 ح 1112 ، الوسائل 2 : 945 أبواب الأغسال المندوبة ب 6 ح 15.

لمن جهل الوقت واشتغل عنه ، فيكون المؤذّن بذلك داعياً إلى عبادة الخالق ، ومُرغّباً فيها ، مُقرّاً له بالتوحيد ، مُجاهراً بالإيمان ، مُعلناً بالإسلام ، مُؤذّناً لمن ينساها ، وإنّما يقال له : مؤذّن ؛ لأنّه يؤذن بالأذان بالصلاة.

وإنّما بدأ فيها بالتكبير ، وختم بالتهليل ؛ لأنّ اللّه أراد أن يكون الابتداء بذكره ، واسم اللّه في التكبير في أوّل الحرف ، وفي التهليل في آخر الحرف.

وإنّما جُعل مثنى مثنى ؛ ليكون تكراراً في أذان المستمعين ، مؤكّداً عليهم ، إن سها أحد منهم عن الأوّل لم يسهُ عن الثاني ، ولأنّ الصلاة ركعتان ، فلذلك جعل الأذان مثنى مثنى.

وجُعل التكبير في الأذان أربعاً ؛ لأنّ أوّل الأذان إنّما يبدو غفلة ، فجُعل الأوّليان تنبيهاً للمستمعين لما بعده في الأذان.

وجعل بعد التكبير الشهادتان ؛ لأنّ أوّل الإيمان الإقرار بالتوحيد والرسالة ، ومعرفتهما مقرونتان ، وجعل شهادتين شهادتين على نحو الشهادة في الحقوق.

وإنّما جُعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة ؛ لأنّه إنّما وضع لموضع الصلاة وختم الكلام باسمه ، كما فتح باسمه.

وإنما جعل في أخره التهليل ؛ ليكون اسم اللّه في النهاية ، كما كان في البداية.

ولم يجعل التسبيح والتحميد. وإن كان في آخرهما اسم اللّه ؛ لأنّ التهليل إقرار بالتوحيد ، وهو أعظم من التسبيح والتحميد.

وسُئل عن سبب ترك حيّ على خير العمل في الأذان ، فقال : «العلّة الظاهرة أن لا يترك الجهاد ، اعتماداً على الصلاة ، والباطنة : أنّ خير العمل الولاية ، فأُريد أن لا يقع حثّ عليها» (1).

ومنها : ما رُوي في علّة الابتداء بالتكبيرات السبع ، وهو ضروب :

ومنها : أنّ الحسين عليه السلام كان مُحاذياً للنبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم فكبّر ،

ص: 440


1- الوسائل 4 : 645 أبواب الأذان ب 19 ح 14 ، 16.

فلم يجرِ الحسين عليه السلام التكبير ، ثمّ بقي على ذلك مع التكبير ثانياً ، وهكذا إلى السابع ، فكبّر الحسين عليه السلام (1).

ومنها : أنّ الحسين عليه السلام كبّر مع النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم أوّلاً ، فكرر النبيّ إلى السبع ، والحسين عليه السلام يكبّر معه ، فجرت السنة بذلك (2).

ومنها : أنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ليلة المعراج قطع سبع حجب ، فكبّر عند كل حجاب تكبيرة (3).

ومنها : أنّ اللّه خلق السماوات والأرضين والحُجب سبعاً سبعاً ، وقطع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم الحُجب ، وكبّر عند كلّ حجاب (4).

ومنها : أنّ أصل الصلاة ركعتان ، ولها سبع تكبيرات ، لكلّ من الافتتاح ، والركوع الأوّل ، والسجدتين ، والركوع الثاني ، والسجدتين تكبير ، فإذا أتى بالسبع أوّلاً ، وحصل نقص فيها ، كان ما سبق عوضاً عنها (5).

ومنها : ما روي في كون عدد الفرائض خمساً ، وهو : «أنّ اللّه تعالى أمر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في المعراج أن يأمر أُمّته بخمسين صلاة ، فرجع ، ومرّ على الأنبياء ، فلم يسألوه ، حتّى مرّ على موسى بن عمران ، فسأله ، فأخبره ، فقال له : اطلب التخفيف من ربّك ؛ لأنّ أُمّتك لا تطيق ، فرجع وطلب ، فعادت إلى أربعين ، ثمّ رجع على النحو السابق ، فقال له موسى عليه السلام نحو ما قال ، فرجع وسأل التخفيف ، فعادت إلى ثلاثين ، ثمّ رجع على نحو ما مرّ ، فقال له موسى ذلك القول ، فرجع وسأل التخفيف ، فعادت إلى عشرين ، ثمّ رجع على نحو الأوّل ، فقال له موسى عليه السلام نحو ما مرّ ، فرجع وسأل التخفيف ، فعادت إلى عشر ، ثمّ رجع كذلك

ص: 441


1- الفقيه 1 : 199 ح 918 ، التهذيب 2 : 67 ح 243.
2- الفقيه 1 : 199 ح 919 ، العلل : 331 ، الوسائل 4 : 721 أبواب تكبيرة الإحرام ب 7 ح 1 - 4.
3- العلل : 332 ح 4 ، الوسائل 4 : 723 أبواب تكبيرة الإحرام ب 7 ح 7.
4- الفقيه 1 : 199 ح 918 و 919 ، العلل : 332 ح 2 ، الوسائل 4 : 722 أبواب تكبيرة الإحرام ب 7 ح 1 و 4 و 5.
5- الفقيه 1 : 200 ح 920 ، العلل : 261.

حتّى مرّ بموسى ، فأخبره فقال له ما قال سابقاً ، فعادت إلى خمس ، ثمّ رجع ، فمرّ على موسى ، فقال له نحو ذلك ، فقال : إنّي لأستحيي من ربّي» (1).

وروى : أنّه لم يرجع ؛ لأنّه أراد أن يحصل لأُمّته ثواب الخمسين ؛ لأنّ من جاء بالحسنة له عشر أمثالها (2).

وروى : «أنّ آدم عليه السلام لمّا هبط إلى الدنيا ظهرت به شامة سوداء ، فبكى ، فقال له جبرئيل عليه السلام ما يبكيك؟ فقال : من هذه؟ فقال له : يا آدم قم فصلّ ، فهذا وقت الصلاة الأُولى ، فقام وصلّى ، فانحطّت الشامة إلى عنقه ، ثمّ جاءه في الصلاة الثانية فأمره فصلّى ، فانحطت إلى سرّته ، فجاءه في الصلاة الثالثة فصلّى ، فانحطّت إلى ركبتيه ، فجاءه في الصلاة الرابعة فصلّى ، فانحطت إلى قدميه ، فجاءه في الصلاة الخامسة ، فخرج منها ، فحمد اللّه ، ثمّ قال له : مَن صلّى من ولدك هذه الصلوات ، خرج من ذنوبه كما خرجتَ من هذه الشامة» (3).

ومنها : ما روي عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم في تعيين أوقات الفرائض ، قال : «أمّا صلاة الزوال ؛ فلأنّ للشمس حلقة تدخل فيها ، فتزول الشمس ، فيسبّح كلّ من دون العرش بحمد ربّي ، ويصلّي على ربّي ، وفي مثل هذه الساعة يؤتى بجهنّم ، فمن صلّى فيها نجا منها.

وأمّا صلاة العصر ؛ فلأنّه وقت أكل آدم عليه السلام من الشجرة ، فأمر اللّه ذريّته بها.

وأمّا صلاة المغرب ؛ فلأن ساعته ساعة التوبة على آدم عليه السلام ، وصلّى آدم فيها ثلاث ركعات ، ركعة لخطيئته ، وركعة لخطيئة حوّاء ، وركعة لتوبته.

وأمّا صلاة العشاء ؛ فلأنّ للقبر ظُلمة ، وليوم القيامة ظُلمة ، وهي نور للقبر ، ونور

ص: 442


1- الفقيه 1 : 126 ح 602 ، أمالي الصدوق : 366 ح 2 ، الوسائل 3 : 7 أبواب أعداد الفرائض ب 2 ح 5.
2- الفقيه 1 : 126 ح 603 ، العلل : 132 ح 1 ، أمالي الصدوق : 371 ح 6 ، الوسائل 3 : 10 أبواب أعداد الفرائض ب 2 ح 10.
3- الفقيه 1 : 138 ح 644 ، العلل : 338 ح 2 ، الوسائل 3 : 9 أبواب أعداد الفرائض ب 2 ح 9.

على الصراط ، وهي الساعة المُختارة للمؤمنين ، وما من قدمٍ مَشَت إليها إلا حرّم اللّه جسدها على النار.

وأمّا صلاة الفجر ؛ فلأنّ الشمس تطلع بين قرني شيطان ، فأُمرت أن أُصلّي قبل طلوعها ، ولأنّها ساعة تحضرها ملائكة اللّيل والنهار» (1).

وفي أُخرى : أنّ كلا من أوقات الزوال والمغرب والعشاء والصبح أوقات مشهورة ، فأمر بالصلوات فيهنّ ، ووقت العصر أُمر به بعد الفراغ منهنّ (2) ، وورد غير ذلك (3).

ومنها : ما ورد في علّة كون مجموع صلاة الفريضة والسنة إحدى وخمسين ركعة ، وهو : أنّ النهار اثنتا عشرة ساعة ، واللّيل كذلك ، وساعة بين الطلوعين ، فلكلّ ساعة ركعتان ، وللغسق ركعة (4).

ومنها : ما ورد في علّة كون النوافل أربعاً وثلاثين باحتساب الوتيرة ركعة : من أنّ ذلك ليكون في مقابلة كلّ ركعة من الفريضة ركعتان من النافلة (5).

ومنها : ما ورد في علّة وجوب القراءة في الصلاة : من أنّه حذراً عن أن يهجر القرآن ولا يُحفظ ، ولا يُدرس ولا يُضمحلّ ولا يجهل.

وفي خصوص الحمد ؛ لأنّ فيه الاسم الأعظم ، ولأنّه لا شي ء من الكلام والقران أجمع للخير أو الحكمة منه (6) ، ولاشتماله على الحمد الذي هو أوّل الواجبات على الخلق.

ص: 443


1- الفقيه 1 : 138 ح 643 ، العلل : 337 ح 1 ، الوسائل 3 : 9 أبواب أعداد الفرائض ب 2 ح 7.
2- العلل : 263 ، العيون 2 : 109 ح 1 ، الوسائل 3 : 117 أبواب المواقيت ب 10 ح 11.
3- التهذيب 2 : 252 ح 1001 ، الاستبصار 1 : 257 ح 922 ، العلل 1 : 263 ، الوسائل 3 : 115 أبواب المواقيت ب 10 ح 5.
4- الكافي 3 : 487 ح 5 ، الفقيه 1 : 128 ح 604 ، الخصال : 488 ح 66 ، العلل : 327 ، الوسائل 3 : 34 أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 10.
5- العلل : 430 ح 1 ، وص 267 ، 264 ، العيون 2 : 113 ، الوسائل 3 : 70 أبواب أعداد الفرائض ب 29 ح 6.
6- الفقيه 1 : 203 ح 927 ، العيون 2 : 107 ، العلل : 262 ، الوسائل 4 : 733 أبواب القراءة ب 1 ح 3 - 4.

وفي تخصيص الركعتين الأُوليين بوجوب القراءة دون الأخيرتين ؛ لأنّ الأُوليين ممّا فرض اللّه ، والأخيرتين ممّا أوجب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.

ومنها : ما ورد في علّة استحباب القنوت في الركعة الثانية بعد القراءة ؛ لأنّ العبد يجب افتتاح قيامه ، وقربه ، وعبادته بالتحميد ، والتقديس ، والرغبة ، والرهبة ، ويختم بمثل ذلك ؛ ليكون في القيام طول ، فيدرك المأموم الركعة ، ولا تفوته الجماعة (1).

ومنها : ما ورد في التسليم ، وهو أُمور :

منها : أن الإمام مُترجم عن اللّه : الأمان عليهم من عذاب اللّه.

ومنها : أنّ الدخول في الصلاة تحريم الكلام على المخلوقين ، فيكون تحليلها بتحليله ، وأوّل الكلام السلام.

وجعل التحليل التسليم ؛ لأنّه تحيّة الملكين ، ولأنّ فيه سلامة للعبد من النار ؛ لأنّ في قبول صلاة العبد يوم القيامة قبول سائر أعماله.

ومنها : أن التسليم علامة الأمن ؛ لأنّ الناس كانوا فيما مضى إذا سلّم عليهم وارد أمنوا شرّه ، وإذا ردّوا عليه أمِن شرّهم ، وإن لم يسلّموا لم يأمنوه ، وإن لم يردوا عليه لم يأمنهم ، فجعل التسليم علامة للخروج من الصلاة ، وتحليلاً للكلام ، وأمناً عن أن يدخل في الصلاة ما يفسدها.

والسّلام : اسم من أسماء اللّه عزوجل ، وهو واقع من المصلّي على المَلَكين الموكّلين (2).

ومنها : أنّه يسلّم على اليمين دون اليسار ؛ لأنّ الملك الموكّل بكتابة الحسنات على اليمين ، وإنّما لم يقل : السلام عليك ، وهو واحد ؛ ليعمّ من في اليسار. وفضّل الأوّل بالابتداء بالإشارة.

ص: 444


1- الفقيه 1 : 210 ح 945 ، العلل 1 : 260 ، العيون 2 : 106 ، معاني الأخبار : 176 ، الوسائل 4 : 896 أبواب القنوت ب 1 ح 5.
2- العلل 1 : 262 ، وج 2 : 359 ، الوسائل 4 : 1005 أبواب التسليم ب 1 ح 9 ، 10 ، 13.

وكان التسليم بالأنف لا بالوجه كلّه لمن يصلّي وحده ، وبالعين لمن يصلّي بقوم ؛ لأنّ مَقعد الملكين من ابن آدم الشدقان (1) ، فصاحب اليمين على الشدق الأيمن ، فيسلّم المصلّي عليه ، وليُثبت له صلاته في صحيفته.

وتسليم المأموم ثلاثاً ؛ لتكون واحدة ردّاً على الإمام ، وتكون عليه وعلى ملكيه ، وتكون الثانية على يمينه ، والمَلكين الموكّلين به ، وتكون الثالثة على مَن على يساره ، ومَلَكيه الموكّلين به.

ومَن لم يكن على يساره أحد ، لم يسلّم على يساره.

فتسليم الإمام يقع على ملكيه والمأمومين ، يقول لملكيه : اكتبا سلامة صلاتي ممّا يفسدها ، ويقول لمن خلفه : سلمتم وأمنتم من عذاب اللّه عزوجل ، إلى غير ذلك ممّا وردَ في هذا المقام (2).

ثمّ لنختم الكلام بحديثين أوّلهما عن الصادق ، والثاني عن الكاظم عليهما السلام.

الحديث الأوّل : ما روي بطريقين ، عن الصباح المزني ، وسدير الصيرفي ، ومؤمن الطاق ، وعمر بن أُذينة ، عن الصادق عليه السلام في حديث طويل : «إنّ اللّه عرج بنبيّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فأذّن جبرئيل عليه السلام ، فقال : اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، أشهدُ أن لا إله إلا اللّه ، أشهدُ أن لا إله إلا اللّه ، أشهدُ أنّ محمداً رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، أشهدُ أن محمّداً رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ، حيّ على خير العمل ، حيّ على خير العمل ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة.

ثمّ إنّ اللّه عزوجل قال : يا محمّد ، استقبل الحجر الأسود ، وهو بحيالي ، وكبّرني بعدد حُجبي ، فمن أجل ذلك صار التكبير سَبعاً ؛ لأنّ الحُجب سَبعة ، وافتتح القراءة

ص: 445


1- شدق الإنسان والدابة : هو لحم باطن الخدّين من جانبي الفم. جمهرة اللغة 2 : 652.
2- العلل 2 : 359 ح 1 ، الوسائل 4 : 1009 أبواب التسليم ب 2 ح 15.

عند انقطاع الحجب ، فمن أجل ذلك صار الافتتاح سنّة ، والحجب مطابقة ثلاثاً والنور الذي نزل على محمّد ثلاث مرّات ، فلذلك كان الافتتاح ثلاث مرّات ، فلأجل ذلك كان التكبير سبعاً ، والافتتاح ثلاثاً.

فلمّا فرغ من التكبير والافتتاح ، حينئذٍ قال اللّه تعالى : الان وصلت إليّ ، فسمّ باسمي ، فقال ( بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، فمن أجل ذلك جعل بسم اللّه الرحمن الرحيم في أوّل السورة.

ثمّ قال : احمدني فقال ( الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) . فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في نفسه شكراً ، فقال اللّه : يا محمّد ، قطعت حمدي فسمّ باسمي ، فمن أجل ذلك جعل في الحمد ( الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) مرّتين.

فلمّا بلغ ( وَلَا الضّالِّينَ ) قال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ( الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) شكراً ، فقال اللّه العزيز الجبّار : قطعت ذكرى ، فسم باسمي ، فمن أجل ذلك جعل بسم اللّه الرحمن الرحيم بعد الحمد في استقبال السورة الأُخرى ، فقال له : اقرأ : قل هو اللّه أحد كما أُنزلت ، فإنّها نسبتي ونعمتي ، ثمّ طأطئ يديك واجعلهما على ركبتيك ، فانظر إلى عرشي.

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : فنظرت إلى عظمةٍ ذهبت لها نفسي ، فغُشي عليّ ، فأُلهمت أن قلت : «سبحان ربّي العظيم وبحمده» لعظم ما رأيت ، فلما قلت ذلك ، تجلّى الغشي عنّي ، حتّى قلتها سبعاً ، أُلهَمُ ذلك ، فرجعت إليّ نفسي كما كانت ، فمن أجل ذلك صار في الركوع «سبحان ربّي العظيم وبحمده».

فقال : ارفع رأسك ، فرفعت رأسي فنظرت إلى شي ء ذهب منه عقلي ، فاستقبلت الأرض بوجهي ويدي ، فأُلهمت أن قلت : «سبحان ربّي الأعلى وبحمده» لعلوّ ما رأيت ، فقلتها سبعاً ، فرجعت إلى نفسي ، كلّما قلت واحدة منها تجلّى عنّي الغشي ، فقعدت ، فصار السجود فيه «سبحان ربّي الأعلى وبحمده» ، وصارت القعدة بين السجدتين استراحة من الغشي ، وعلوّ ما رأيت.

فألهمني ربّي عزوجل ، وطالبتني نفسي أن أرفع رأسي ، فرفعت ، فنظرت إلى

ص: 446

ذلك العلوّ ، فغشي عليّ ، فخررت لوجهي ، واستقبلت الأرض بوجهي ويدي ، وقلت : «سبحان ربّي الأعلى وبحمده» فقلتها سبعاً ، ثمّ رفعت رأسي.

فقعدت قبل القيام لأُثنّي النظر في العلو ، فمن أجل ذلك صارت سجدتين ، وركعة ، ومن أجل ذلك صار القعود قبل القيام قعدة خفيفة.

ثمّ قمتُ ، فقال : يا محمّد ، اقرأ الحمد ، فقرأتها مثل ما قرأتها أوّلاً ، ثمّ قال لي : اقرأ إنا أنزلناه فإنّها نسبتك ، ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة.

ثمّ ركعت ، فقلت في الركوع والسجود ، مثل ما قلت أوّلاً ، وذهبت أن أقوم ، فقال : يا محمّد ، اذكر ما أنعمت عليك ، وسمّ باسمي ، فألهمني اللّه أن قلت : «بسم اللّه ، وباللّه ، لا إله إلا اللّه ، والأسماء الحسنى كلها لله».

فقال لي : يا محمّد ، صلّ عليك وعلى أهل بيتك ، فقلت «صلّى اللّه عليّ وعلى أهل بيتي».

وقد فعل ، ثم التفت ، فإذا بصفوف من الملائكة والنبيين والمرسلين ، فقال لي : يا محمّد ، سلّم ، فقلت : «السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته».

فقال : يا محمّد ، إنّي أنا السلام ، والتحيّة ، والرحمة ، والبركات أنت وذريّتك.

ثمّ أمرني ربّي العزيز الجبار أن لا ألتفت يساراً ، وأوّل سورة سمعتها بعد قل هو اللّه أحد إنا أنزلناه في ليلة القدر ومن أجل ذلك كان السلام مرّة واحدة تجاه القبلة ، ومن أجل ذلك صار التسبيح في الركوع والسجود شكراً.

وقوله : «سمع اللّه لمن حمده» ، لأنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : سمعتُ ضجّة الملائكة ، فقلت : «سمع اللّه لمن حمده» بالتسبيح والتهليل ، فمن أجل ذلك جُعلَت الركعتان الأُوليان كلّما حدث فيهما حدث كان على صاحبهما إعادتهما ، وهي الفرض الأوّل ، وهي أوّل ما فرضت عند الزوال يعني صلاة الظهر (1).

ص: 447


1- الكافي 3 : 482 ح 1 ، العلل 2 : 315 ح 1 ، الوسائل 4 : 679 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 10.

وروى عنه عليه السلام إضافة : أنّه أوحى اللّه إليه : اركع لربّك يا محمّد ، فركع ، فأوحى اللّه إليه قل : «سبحان ربّي العظيم» فقالها ثلاثاً ، ثمّ أوحى إليه أن ارفع رأسك يا محمّد ، ففعل ، فقام مُنتصباً ، فأوحى اللّه إليه أن اسجد لربّك يا محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فخرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ساجداً ، فأوحى إليه قل : «سبحان ربّي الأعلى» ففعل ذلك ثلاثاً (1).

الحديث الثاني روي عن إسحاق بن عمّار أنّه قال : سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ، كيف صارت الصلاة ركعة وسجدتين؟ وكيف إذا صارت سجدتين لا تكون ركعتين؟ فقال عليه السلام : «إذا سألتَ عن شي ء ، ففرّغ قلبك لتفهم ، إنّ أوّل صلاة صلاها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، إنّما صلاها في بين يدي اللّه تبارك وتعالى ، قُدّام عرشه جلّ جلاله.

وذلك أنّه لما أسرى به ، قال : يا محمّد ، ادنُ من صاد ، فاغسل مساجدك ، وطهرها ، وصلّ لربّك.

فتوضّأ ، وأسبغَ وضوءَه ، ثمّ استقبل عرشَ الجبّار قائماً ، فأمره بافتتاح الصلاة ، ففعل ، فقال يا محمّد : اقرأ ( بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) إلى آخرها ، ففعل ذلك.

ثمّ أمره أن يقرأ نسبة ربّه ( بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ اللّهُ الصَّمَدُ ) ففعل ، ثمّ أمسك عنه القول ، فقال : «كذلك اللّه ، كذلك اللّه ، كذلك اللّه».

فلمّا قال ذلك ، قال : اركع يا محمّد لربّك ، فركع ، فقال له وهو راكع : قل «سبحان ربّي العظيم وبحمده» ففعل ذلك ثلاثاً.

ثمّ قال له : ارفع رأسك يا محمّد ، ففعل ، فقام مُنتصباً بين يدي اللّه.

فقال له : اسجد يا محمّد لربّك ، فخرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ساجداً ، فقال قل : «سبحان ربّي الأعلى وبحمده» ففعل ذلك ثلاثاً.

ص: 448


1- الكافي 3 : 486 ح 1 ، الوسائل 4 : 681 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 10.

فقال له : استوِ جالساً يا محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ففعل ، فلما استوى جالساً ذكر جلالة ربّه ، فخرّ لله ساجداً من تلقاء نفسه ، لا لأمرٍ أمره ربّه عزوجل ، فسبّح أيضاً.

فقال : ارفع رأسك ، ثبّتك اللّه ، واشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأنّ محمّداً رسول اللّه ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ اللّه يبعث من في القبور ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، كما صلّيت ، وباركت ، وترحّمت ، ومننت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ، اللّهم تقبّل شفاعته في أُمّته ، وارفع درجته ، ففعل.

فقال له : يا محمّد ، واستقبل ربّك تبارك وتعالى مُطرقاً ، فقال : السلام عليك ، فأجابه الجبّار جلّ جلاله ، وقال : وعليك السلام يا محمّد.

قال أبو الحسن عليه السلام : إنّما كانت الصلاة التي أُمر بها ركعتين ، وسجدتين ، وهو إنّما سجد سجدتين في كلّ ركعة ، كما أخبرتك من تذكّره لعظمة ربّه ، فجعله اللّه تبارك وتعالى فرضاً (1) الحديث) (2).

كتاب القرآن

اشارة

وهو الكتاب المُنزل من السماء على سيّد الرسُل ، وخاتم الأنبياء ، مفصّلاً سوراً وآيات ، مَعدوداً من أكبر الآيات والمُعجزات ، راجحة قراءته حيث تكون غير منسوخة تلاوته. فخرجت باقي الكُتب السماويّة ، والأحاديث القدسيّة ، ومنسوخ التلاوة ، وإن كان في مبدأ خلقه مُحتسباً منه.

وفي كونه حقيقة في المجموع فقط ، أو مُشتركاً معنوياً ، أو لفظيّاً بينه وبين البعض وجوه ، أقواها الأوّل.

وفيه مباحث :

ص: 449


1- العلل 2 : 334 ح 1 ، الوسائل 4 : 681 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 11.
2- إلى هنا تنتهي المطالب الغير الموجودة في «م» ، «س».

الأوّل : في حدوثه

لا ريب أنّه من مَقولة الأصوات ، وهي من الأعراض الطارئة على الذوات ، المتخيّل وجودها مع عدمها ، والحروف الناشئة عن تقطيع تلك الأصوات ، والكلمات المركّبة من تلك الحروف والحركات ، مع الهيئات. فهو من المخلوقات المُحدثات ، ولا يمكن وجوده إلا في بعض الجسميّات.

والكلام النفسي كاللفظي من المركّبات ؛ لأنّ هذه الألفاظ الصوريّة منطبقة على التصوريّة ، فحقيقة الكلام لا تخرج عن الوجهين المذكورين ، على أنّه مَجاز في القسم الثاني ، وإلا دخلت في العلم والإدراك ، وليسا من الكلام بلا كلام.

فلو جازَ القِدَم في الأصوات والحروف والكلمات ، لجازَ القِدَم في جميع أنواع المركّبات. ومن تتبّعَ الأخبار ، ظهرَ له ذلك ظهور الشمس في رائعة النهار.

المبحث الثاني : في إعجازه

أصل الإعجاز في الجملة ممّا أذعنت به فُصحاء اليمن ، ونجد ، والعراق ، والحجاز. واختاروا المُحاربة ؛ عجزاً عن المُعارضة.

وهو ممّا اتفقت عليه كلمات أهل الإسلام ، وتواترت به أخبار النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام ، ودلّ عليه صريح الكتاب.

ولا يلزم من ذلك دور ؛ لأنّ طريق إثبات النبوّة غير مُنحصر فيه.

وإنّما الكلام في أنّ إعجازه للصرف عن مباراته ، أو لما اشتمل عليه من الفصاحة والبلاغة في سوره وآياته؟

ثمّ هل ذلك من مجموع المباني والمعاني ، أو في كلّ واحد منها؟

وهل ذلك مخصوص بالجملة ، أو يتمشّى إلى السور الطوال ، أو إليها وإلى القصار؟ وهل يتسرّى إلى الآيات أو لا؟ وأمّا الكلمات والحروف فلا.

ولا يبعد القول بالصرفة بالنسبة إلى بعض السور القصار ، وبالأمرين معاً في حقّ

ص: 450

الكبار ، أو المجتمع عن الصغار.

وربّما يوجّه بذلك التّعجيز بسورة مرّة ، وبعشر أُخرى ، وإن كانت له وجوه أُخر.

وقد يقال : بثبوت الإعجاز في صغار السور إذا ظهر ما اشتملت عليه من الحكم ، وكان يظهره لمن ينكره.

المبحث الثالث في كيفيّة الخطاب به

قد دلّت الأخبار على تقدّم خَلقه على زمان البِعثة بما لا يخفى على الأعوام ، فلا معنى لتوجيه الخطاب حين الخلق إلى أهل الإسلام ، فيكون حينئذٍ خطاب وضع ، لا خطاب مُشافهة إلى حين حمل جبرئيل ، ثمّ بتلاوته على النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم يكون جبرئيل مُخاطباً له ؛ إذ من البعيد أن يقال بخَلقه مرّة ثانية على لسانه ، وإنّما هو حاكٍ للخطاب.

ثمّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أيضاً حاكٍ ؛ لبُعد كونه مَخلوقاً مرّة ثالثة على لسانه على نحو الخلق الأوّل ، فهو المخاطب حينئذٍ للمكلّفين.

فعلى مذهبنا من اشتراط موجوديّة المخاطب ، وحضوره ، وسماعه ، وفهمه ، وإقباله ، كما دلّ عليه صريح العقل ، لا يكون الخطاب من اللّه خطاب شفاه ، وكذا من النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بالنسبة إلى الأعقاب ، وجميع من لم يكن حاضراً وقت الخطاب (فالبحث في خطاب المشافهة مبنيّ على خطاب النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم للحاضرين على وجه الرسالة) (1) وإنّما تسرية الأحكام بنصّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام.

ولو كان وضعه لأعلى وضع المراسلات ، بل على وضع الصكوك والسجلات ، ساوى الحاضرون الغائبين.

غير أنّ الأوّل أقرب إلى الصواب ، ولذلك أدخلوه في مُشافهة الخطاب ، وجعلوا

ص: 451


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ثبوت الحكم لغير المُشافهين من الضرورة والإجماع والأخبار. وعلى كلّ حال لا يتمشّى إلا في المماثل المتّحد في النوع.

والقول : «بأنّ الخطاب في الأخبار لأشخاصٍ بأعيانهم من قبيل الوضع العامّ ، وأنّ خطاب المعنيّ من قبيل المثال» ممّا لا ينبغي أن يخطر في البال.

ثمّ يبقى الكلام في أنّ صدق الحقيقة والمجاز وحكمهما يلحق زمان الوضع ، فلا ينزّل على حين التبليغ أو بالعكس ، ويختلف الحكم فيما كان حقيقة في أيّام النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وليس بحقيقة قبله ، ويختلف الحال أيضاً باختلاف زمن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وما بعده باختلاف احتمالي الوضع والرسالة.

ثمّ يجري في الأحاديث القدسيّة نحو ما جرى في القرآن ، (والظاهر أنّ المدار على حين التبليغ ، واصطلاح الحاضرين عنده. وتبدّل الحقيقة بعده ولو في زمن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لا يغيّر حكمه).

المبحث الرابع : أنّه أفضل من جميع الكُتب المُنزلة من السماء ، ومن كلام الأنبياء والأصفياء

وليس بأفضل من النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وأوصيائه عليهم السلام ، وإن وجب عليهم تعظيمه واحترامه ؛ لأنّه ممّا يلزم على المملوك ، وإن قرب من الملك نهاية القرب ، تعظيم ما يُنسب إليه من أقوال ، وعيال ، وأولاد ، وبيت ، ولباس ، وهكذا ؛ لأنّ ذلك تعظيم للمالك.

فتواضعهم لبيت اللّه تعالى ، وتبرّكهم بالحجر ، والأركان ، وبالقرآن ، وبالمكتوب من أسمائه ، وصفاته من تلك الحيثيّة لا يقضي لها بزيادة الشرفيّة.

المبحث الخامس : أنّ تلاوته أفضل من تلاوة الدعاء ، والأذكار ، والأحاديث ، قدسيّة وغيرها ، وإن ورد العكس في الدعاء ، وهي في نفسها سنّة من دون حاجة إلى فهم المعاني إجمالاً وتفصيلاً. نعم يعتبر فيها فهم القرآنيّة ، كما يُعتبر في الذكر والدعاء

ص: 452

فهم الذكريّة والدعائيّة ، ونحوها ، في نحوها ، وربّما يكتفى بمجرّد العلم بأنّه ممّا يتقرّب به.

المبحث السادس : أنّ فيه المُتشابه الذي لا يُعلم إلا بتعليم ، كأسماء العبادات من الصلاة ، والصيام ، والحجّ ، ونحوها ، وأسماء لا يعرفها العرب كالحروف في مفتتح السور ، وأسماء أشياء توجد في الآخرة.

وفيه المبيّن الذي يعرفه العرب بلسانهم ، وبه عُرِفَ الإعجاز ، وحُجّ الخصوم من غير أهل الإسلام ، وبه يتّضح حال الصحيح من الأخبار ، وعليه مدار الضرورة ، والسيرة ، واحتجاج النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام والأصحاب سلفاً بعد سلف ، وعليه بُني عمل الاستخارة ، وما يُكتب من الهياكل من غير رجوع إلى تفسير ، وحجيّته من ضروريّات الدين ، وقد مرّ الكلام فيه مفصّلاً.

المبحث السابع : في زيادته

لا زيادة فيه ، من سورة ، ولا أية ، من بسملة ، وغيرها ، لا كلمة ، ولا حرف. وجميع ما بين الدفتين ممّا يُتلى كلام اللّه تعالى بالضرورة من المذهب ، بل الدين ، وإجماع المسلمين ، وإخبار النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والأئمّة الطاهرين عليهم السلام ، وإن خالف بعض من لا يُعتدّ به في دخول بعض ما رسم في اسم القرآن.

المبحث الثامن : في نقصه

لا ريبَ في أنّه مَحفوظ من النقصان ، بحفظ الملك الديّان ، كما دلّ عليه صريح القرآن (1) ، وإجماع العلماء في جميع الأزمان ، ولا عبرة بالنادر.

وما ورد من أخبار النقيصة تَمنع البديهة من العمل بظاهرها ، ولا سيّما ما فيه نقص

ص: 453


1- الحجر : 15.

ثلث القرآن ، أو كثير منه ، فإنّه لو كان ذلك لتواتر نقله ؛ لتوفّر الدواعي عليه ، ولاتّخذه غير أهل الإسلام من أعظم المطاعن على الإسلام وأهله.

ثمّ كيف يكون ذلك ، وكانوا شديدي المحافظة على ضبط آياته ، وحروفه. وخصوصاً ما ورد أنّه صرّح فيه بأسماء كثير من المنافقين في بعض السور ، ومنهم فلان وفلان.

وكيف يمكن ذلك ، وكان من حكم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم الستر على المنافقين ، ومعاملتهم بمعاملة أهل الدين.

ثمّ كان صلوات اللّه عليه يختشي على نفسه الشريفة منهم ، حتّى أنّه حاول عدم التعرّض لنصب أمير المؤمنين عليه السلام ، حتّى جاءه التشديد التامّ من ربّ العالمين ، فلا بدّ من تأويلها بأحد وجوه :

أحدها : النقص ممّا خلق ، لا ممّا أُنزل.

ثانيها : النقص ممّا أُنزل إلى السماء ، لا ممّا وصل إلى خاتم الأنبياء.

ثالثها : النقص في المعاني.

رابعها : أنّ الناقص من الأحاديث القدسيّة.

والذي اختاره أن المُنزل من الأصل ناقص في الرسم ، وما نقصَ منه مَحفوظ عند النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام.

وأمّا ما كان للإعجاز الذي شاعَ في الحجاز وغير الحجاز ، فهو مقصور على ما اشتهر بين الناس ، لم يغيّره شي ء من النقصان ، من زمن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى هذا الزمان ، وكلّما خطب أو خاطب به النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على المنبر ، لم يتبدّل ، ولم يتغيّر.

المبحث التاسع : في بيان معنى القراءة والتلاوة

وتتحقّق للقادر بالإتيان بالحروف على النحو المألوف ، والنطق بالكلمات على نحو ما وضعت عليها من الهيئات ، فلا عِبرة بأحاديث النفس ، ولا بالصوت الخارج من الفم

ص: 454

ولا يدعى حَرفاً عُرفاً ، ولا بالحروف المقطّعات التي لم تحصل بها هيئات الكلمات.

ولا مع الفصل بسكوت أو كلام طويلين بين الحروف أو الكلمات ، حتّى يكونا عن اسم القرآن والقراءة مخرجين.

ويُكتفى من العاجز عن البعض بقدر المقدور منها ، ومن العاجز عن الكل بلَوك اللّسان ، مع الإشارة بدلاً عنها.

ولا اعتبار بالحروف المنثورة ، ولا بالقراءة المقلوبة ، ولا بالمشتركة التي قصد بها غيرها ، وهذا جارٍ في جميع الكلمات الداخلة في الأذكار والدعوات.

المبحث العاشر : في بيان ما يحرم منها ، وهو أقسام :

منها : ما تَشتمل على الغِناء ، وقد سبق تحقيق معناه.

ومنها : ما يكون مؤذياً للمصلّين ، ومُزعجاً للنّائمين ، ونحو ذلك.

ومنها : ما يُرفع زائداً على العادة ، حتّى لا يبقى للقران حُرمة.

ومنها : ما يفضي إلى فساد الصلاة أو خروج وقتها ، كقراءة سور العزائم في الفرائض ، أصليّة أو عارضيّة ، أو ما يفوّت وقت الفريضة الواجبة.

ومنها : ما يكون بلسان مغصوب ، كلسان العبد مع منع مولاه.

ومنها : ما يكون في مكان مغصوب في وجه قويّ ، أمّا ما كان في إله معدّة للتصويت ، فلا شكّ في تحريمه.

ومنها : ما يتلذّذ فيه بالسماع من الأجانب ؛ لترطيب الصوت وتلطيفه.

ومنها : ما يكون في وقت عبادة مضيّقة ، وإن لم تكن حُرمته أصليّة في أحد الوجوه.

ومنها : ما يكون في حالة يُنهى عنها بسببها ، كقراءة العزائم للجنب ، ونحوه.

ومنها : ما يحرم لنذر عدمه ونحوه حيث يعارضه أرجح منه. وهذا الحكم متمشّ في جميع أقسام القراءة ، في ذكرٍ ، ودعاءٍ ، ومدحٍ ، وثناءٍ ، وغيرها من باقي الأشياء.

ص: 455

المبحث الحادي عشر : في استحباب أن يكون في البيت ، وأن يعلّق فيه (1)؛ لأنّ كلا منهما يَنفي الشياطين.

ويُكره ترك القراءة فيه ؛ لقول الصادق عليه السلام ثلاثة يشكون إلى اللّه تعالى : مسجد خراب لا يصلّي فيه أهله ، وعالم بين جُهّال ، ومصحف مُعلّق قد وقع فيه الغبار ، ولا يقرأ فيه (2).

المبحث الثاني عشر : في تعلّمه أو تعليمه

فعن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم خياركم من تعلّم القرآن وعلمه (3).

وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا قال المعلّم للصبي : قُل بسم اللّه الرحمن الرحيم ، فقال ، كتب اللّه براءة للصبي ، ولأبويه ، وللمُعلّم (4).

وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم ما من رجل علّم ولده القرآن ، إلا توّج اللّه أبويه يوم القيامة بتاج الملك ، وكُسيا حُلّتين لم يرَ الناس مثلهما (5).

وعن الصادق عليه السلام : ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتّى يتعلّم القرآن ، أو يكون في تعليمه (6) إلى غير ذلك.

وعن الأمير عليه السلام إنّ اللّه ليهمّ بعذاب أهل الأرض ، فلا يحاشي منهم أحداً ، فينظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات ، والولدان يتعلّمون القرآن ، فيؤخّر ذلك عنهم (7).

ص: 456


1- في «ح» زيادة : والظاهر أنّ المراد منه مجرّد الوجود.
2- الكافي 2 : 449 ح 3 ، الوسائل 4 : 855 أبواب قراءة القرآن ب 20 ح 2.
3- أمالي الطوسي : 357 ح 739 ، 740 ، الوسائل 4 : 825 أبواب قراءة القرآن ب 1 ح 6.
4- مجمع البيان 1 : 90 ، الوسائل 4 : 826 أبواب قراءة القرآن ب 1 ح 16.
5- مجمع البيان 1 : 75 ، الوسائل 4 : 825 أبواب قراءة القرآن ب 1 ح 8.
6- الكافي 2 : 607 ح 3 ، الوسائل 4 : 824 أبواب قراءة القرآن ب 1 ح 4.
7- الفقيه 1 : 155 ح 723 ، علل الشرائع 2 : 521 ، ثواب الأعمال : 61 ، الوسائل 4 : 835 أبواب قراءة القرآن ب 7 ح 2.

وعن الصادق عليه السلام لا تنزلوا النساء الغرف ، ولا تعلّموهنّ الكتابة ، ولا سورة يوسف ، وعلّموهن المغزل ، وسورة النور (1).

المبحث الثالث عشر : في إكرامه ، وعدم إهانته

ففي الرواية إنّه يجي ء يوم القيامة ، فيقول اللّه : وعزّتي ، وجلالي ، وارتفاع مكاني ، لأكرمنّ اليوم من أكرمك ، ولأهيننّ من أهانك (2). وبيعه من الكافر ، ومُطلق تمليكه ، وتمكينه منه ، برهانةٍ أو إعارةٍ أو أمانةٍ من الإهانة ، حرام ، وعقده فاسد.

وفي إلحاق من فسدت عقيدته به وجه ، (والأقوى خلافه ؛ لأنّه يرى تعظيمه واحترامه) (3).

وبيعه ومُطلق المعاوضة عليه مع إدخال الكتابة من مكروه الإهانة. وبيع الجلد والورق ونحوهما مُغنٍ عن تعلّق البيع به. وهل هو من المجاز ، فالإكرام بتجنّب الصورة ، أو من الحكم لأمن الاستعمال ، أو من الإشارة كذلك؟ وجوه ، أوجهها الأوّل.

والنقش والكتابة بالذهب مُنافيان للأدب ؛ لأنّ العظمة تأبى ذلك. وربّما لحق به جميع التحسينات.

ولعلّ ذلك هو الباعث على كراهة ذلك في المساجد ، أو من جهة نقص الدنيا ، وزينتها.

وفي تمشية ذلك إلى الكتب المحترمة وجه.

المبحث الرابع عشر : في إكرام أهله ، وعدم إهانتهم

فعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إنّ أهل القرآن في أعلى درجة من

ص: 457


1- الفقيه 1 : 245 ح 1089 ، الوسائل 4 : 839 أبواب قراءة القرآن ب 10 ح 1.
2- الكافي 2 : 602 ح 14 ، الوسائل 4 : 827 أبواب قراءة القرآن ب 2 ح 1.
3- ما بين القوسين يس في «م» ، «س».

الادميّين ، ما خلا النبيين والمرسلين ، فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم ، فإنّ لهم من اللّه العزيز الجبّار لمكاناً (1).

المبحث الخامس عشر : في شرف حملته

فعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أشراف أُمّتي حملة القرآن في الدنيا ، عرفاء أهل الجنّة يوم القيامة (2).

وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم حملة القرآن المخصوصون برحمة اللّه تعالى ، الملبسون نور اللّه تعالى ، المعلّمون كلام اللّه تعالى ، المقرّبون عند اللّه تعالى ، من والاهم فقد والى اللّه تعالى ، ومن عاداهم فقد عادى اللّه تعالى (3).

المبحث السادس عشر : في حفظه

عن الصادق عليه السلام الحافظ للقران العامل به مع السفرة الكرام البررة (4). وعنه عليه السلام إنّ الّذي يعالج القرآن ، ويحفظه بمشقّة منه ، لقلّة حفظه له ، لهُ أجران (5).

المبحث السابع عشر : في ترك السفر به إلى أرض العدوّ

روي : أنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى أن يسافر بالقران إلى أرض العدوّ ؛

ص: 458


1- الكافي 2 : 603 ح 1 ، ثواب الأعمال : 125 ح 1 ، الوسائل 4 : 830 أبواب قراءة القرآن ب 4 ح 1.
2- الفقيه 4 : 285 ح 851 ، معاني الأخبار : 7 ح 178 ، 323 ، الخصال : 28 ح 100 ، الوسائل 4 : 831 أبواب قراءة القرآن ب 4 ح 2 ، 3.
3- تفسير الحسن العسكري (عليه السلام) : 4 ، مجمع البيان 1 : 85 ، الوسائل 4 : 831 أبواب قراءة القرآن ب 4 ح 4.
4- الكافي 2 : 603 ح 2 ، ثواب الأعمال : 127 ، أمالي الصدوق : 57 ح 6 ، الوسائل 4 : 832 أبواب قراءة القرآن ب 5 ح 1.
5- الكافي 2 : 606 ح 1 ، ثواب الأعمال : 127 ، الوسائل 4 : 832 أبواب قراءة القرآن ب 5 ح 2.

مخافة أن يناله العدوّ (1). ويُراد بهم الكفّار ، والظاهر أنّ الحكم دائر مَدار خوف ذلك.

المبحث الثامن عشر : في الإسرار به

روي أنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لأبي ذر اخفض صوتك عند الجنائز ، وعند القتال ، وعند القرآن (2) ، وروى ما يعارضه (3) ، وينزّل على اختلاف الجهات والنيّات.

المبحث التاسع عشر : في الطهارة حال قراءته

فعن أبي الحسن عليه السلام لا تقرؤوا القرآن من غير وضوء (4) وعن عليّ عليه السلام مثله (5).

وروى : أنّ للقارئ مُتطهّراً في غير صلاة خمساً وعشرين حسنة ، ولغير المتطهّر عشر حسنات (6).

المبحث العشرون : في الخضوع والخشوع والتذلّل

روي : أنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم نادى بأعلى صوته يا حامل القرآن ، تواضع به ، يرفعك اللّه تعالى ، ولا تعزّز به ، فيذلّلك اللّه تعالى ؛ يا حامل القرآن ، تزيّن به لله يزيّنك اللّه تعالى ، ولا تتزيّن به للنّاس ، فيشينك اللّه تعالى ، من ختم القرآن ، فكأنّما أُدرجت النبوّة بين جَنبيه ، ولكنه لا يُوحى إليه» (7).

ص: 459


1- أمالي الطوسي : 382 ح 823 ، الوسائل 4 : 887 أبواب قراءة القرآن ب 50 ح 1.
2- أعلام الدين للديلمي : 196 ، الوسائل 4 : 858 أبواب قراءة القرآن ب 23 ح 3.
3- السرائر 3 : 606 ، الوسائل 4 : 857 أبواب قراءة القرآن ب 23 ح 2.
4- قرب الإسناد : 175 ، الخصال : 627 ، الوسائل 4 : 847 أبواب قراءة القرآن ب 13 ح 1.
5- الخصال 2 : 627 ، الوسائل 4 : 847 أبواب قراءة القرآن ب 13 ح 2.
6- عدّة الداعي : 287 ، الوسائل 4 : 848 أبواب قراءة القرآن ب 13 ح 3.
7- الكافي 2 : 604 ح 5 ، الوسائل 4 : 835 أبواب قراءة القرآن ب 8 ح 1.

الحادي والعشرون : البُكاء والتباكي عند سُماع قراءته ، روي : أنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أتى شباباً من الأنصار ، فقال إنّي أُريد أن أقرأ عليكم ، فمن بكى ، فلهُ الجنّة ، ومن تباكى ، فلهُ الجنة (1).

الثاني والعشرون : الاستخارة به بفتحه ، ومُلاحظة أوّل ما يَقع عليه النظر ، والتفؤل به ؛ للرّواية (2). والمعارض للتفأل لا نعتبره.

الثالث والعشرون : أنّه يُستحبّ للقارئ والمستمع استشعار الرقّة ، والخوف ، من دون إظهار الغشية ، ونحوها ، فقد روي عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قلت له : «إنّ قوماً إذا ذكروا شيئاً من القرآن أو حدّثوا به ، صعق (3) أحدهم ، حتّى يُرى أنّ أحدهم لو قطعت يداه ورجلاه لم يشعر ، فقال : «سبحان اللّه تعالى ، ذلك من الشيطان» (4).

الرابع والعشرون : العَوذة والرقية (5) والنُّشرة (6)إذا كانت من القرآن ، وكذا إذا كانت من الذكر ، أو مرويّة عنهم لا بأس بها ، دون غيرها من الأشياء المجهولة.

ولا بأس بتعليق التعويذ من القرآن والدعاء والذكر ، كما ورد في الأخبار (7).

ص: 460


1- أمالي الصدوق : 438 ح 10 ، ثواب الأعمال : 192 ، الوسائل 4 : 865 أبواب قراءة القرآن ب 29 ح 1.
2- الكافي 2 : 629 ح 7 ، الوسائل 4 : 875 أبواب قراءة القرآن ب 38 ح 1.
3- صعق : غشي عليه لصوتٍ سمعه. المصباح المنير : 340.
4- الكافي 2 : 616 ح 1 ، أمالي الصدوق : 211 ح 9 ، الوسائل 4 : 860 أبواب قراءة القرآن ب 25 ح 1.
5- رقيتهُ أرقيه رقياً : عوّذته باللّه ، والاسم الرقيا ، والمرّة الرقية ، المصباح المنير : 236 ، مجمع البحرين 1 : 193.
6- النشرة : الرقية التي يعالج المريض بها. مفردات الراغب : 493.
7- انظر الوسائل 4 : 877 أبواب قراءة القرآن ب 41.

الخامس والعشرون : كتابة شي ء من القرآن ، وغسله ، وشرب مائه كما في الأخبار ، وروى : أنّ من كان في بطنه ماء أصفر ، فليكتب على بطنه أية الكرسي ، ويغسلها ، ويشربها ، ويجعلها ذخيرة في بطنه ، فإنّه يبرأ بإذن اللّه (1) ، وأنّه نهي عن كتابة شي ء من كتاب اللّه بالبزاق (2) وأن يُمحى به (3).

السادس والعشرون : قراءة الحُزن ، روي : أنّ قراءة موسى بن جعفر عليه السلام كانت حُزناً ، فإذا قرأ فكأنّه يخاطب إنساناً (4).

السابع والعشرون : استحباب القراءة بالمصحف ، فإنّ من فعله مُتّع ببصره ، وخفّف عن والديه ، وإن كانا كافرين ، وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «ليس شي ء أشدّ على الشيطان من قراءة المصحف نظراً» (5).

وسأل الصادقَ عليه السلام رجل ، فقال : إنّي أحفظ القرآن على ظهر قلبي أفضل أو أنظر؟ فقال عليه السلام له : «بل اقرأه ، وأُنظر في المصحف ، فهو أفضل ، أما علمت أنّ النظر في المصحف عبادة» (6). وروى : أنّ النظر في المصحف من غير قراءة عبادة (7).

الثامن والعشرون : أنّه يجب الإنصات للقراءة على المأموم إذا سمع قراءة الإمام

ص: 461


1- الكافي 2 : 625 ح 21 ، عدة الداعي : 293 ، الوسائل 4 : 876 أبواب قراءة القرآن ب 40 ح 1.
2- البزاق : البصاق ، والصاد مبدلة إلى زاي فيها. انظر المصباح المنير : 48.
3- الفقيه 4 : 3 ح 1 ، الوسائل 4 : 877 أبواب قراءة القرآن ب 40 ح 2.
4- الكافي 2 : 606 ح 10 ، دعوات الراوندي : 23 ، الوسائل 4 : 857 أبواب قراءة القرآن ب 22 ح 3.
5- الكافي 2 : 613 ح 1 ، ثواب الأعمال : 129 ح 2 ، عدّة الداعي : 290 ، الوسائل 4 : 853 أبواب قراءة القرآن ب 19 ح 1 ، 2.
6- الكافي 2 : 614 ح 5 ، الوسائل 4 : 854 أبواب قراءة القرآن ب 19 ح 4.
7- الفقيه 2 : 133 ح 556 ، الوسائل 4 : 854 أبواب قراءة القرآن ب 19 ح 6.

كما في الأخبار (1).

التاسع والعشرون : يستحب التفكّر في معاني القرآن ، وأمثاله ، ووعده ، ووعيده ، وما يقتضي الاعتبار ، والتأثر ، والاتّعاظ ، وسؤال الجنّة والاستعاذة من النار عند سماع آيتيهما كما في الأخبار (2).

وروى عن ابن عبّاس : أنّ أبا بكر قال : يا رسول اللّه ، أسرع إليك الشيب ، فقال : «شيّبتني هود ، والواقعة ، والمرسلات ، وعمّ يتساءلون» (3).

وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنّه قال إنّي لأعجب أنّي كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن (4).

الثلاثون : روي أنّه لا ينبغي قراءة القرآن من سبعة : الراكع ، والساجد ، وفي الكنيف ، وفي الحمّام ، والجنب ، والنفساء ، والحائض (5).

الحادي والثلاثون : حكم العربيّة وشهرة القراءة ، وأحكام العجز والقدرة ، واعتبار السبعة أو العشرة ، لا فرق فيها بين الصلاة وغير الصلاة ، وقد مرّ تحقيقه ، فلا حاجة إلى الإعادة.

ويفرق بين المقامين : باشتراط التوالي في القسم الأوّل بين الحروف ، والكلمات ، والآيات ، والسور في مقام جواز القرآن مثلاً ، وإنّما يُعتبر هذا في القسم الأوّل بلا ريب.

ص: 462


1- مجمع البيان 4 : 515 ، الوسائل 4 : 861 أبواب قراءة القرآن ب 26 ح 1 - 3.
2- الكافي 3 : 301 ح 1 ، التهذيب 2 : 286 ح 1147 ، أعلام الدين : 101 ، مجمع البيان 10 : 378 ، الوسائل 4 : 828 أبواب قراءة القرآن ب 3 ح 2 - 8.
3- الخصال : 199 ح 10 ، أمالي الصدوق : 194 ح 4 ، الوسائل 4 : 829 أبواب قراءة القرآن ب 3 ح 5.
4- الكافي 2 : 632 ح 19 ، الوسائل 4 : 829 أبواب قراءة القرآن ب 3 ح 4.
5- الخصال : 357 ح 42 ، الوسائل 4 : 885 أبواب قراءة القرآن ب 47 ح 1.

وأمّا في غير الصلاة ؛ فيُعتبر في الضرب الأوّل بلا ريب ، وفي الثاني في وجه قويّ ، وفي الثالث والرابع لا عِبرة به.

فلو قطعَ قراءته على أية أو سورة ، ثمّ عادَ بعد زمان فأتمّ ، ثمّ استمرّ إلى آخر القرآن ، فقد ختمَ. ولو كانَ أجيراً في القراءة أو قراءة سورة فانكشف مع الفاصلة غلطه في بعض آياتها ، جاءَ بآية الغلط فقط.

(ولا يجوز الاقتصار على حرف أو كلمة ، ولو نزلها إلى الأخر عن محلّ الغلط كان أحوط) (1).

الثاني والثلاثون : أنّه تُستحبّ الاستعاذة من الشيطان عند قراءة أيّ سورة كانت ، وعند القراءة مطلقاً ، ويكفي مطلق التعوّذ.

وعن العسكري عليه السلام أنّه قال لشخص إنّ الذي ندبك اللّه إليه ، وأمرك به عند قراءة القرآن أن تقول : أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم (2). الثالث والثلاثون : أنّه يُكره ترك القراءة حتّى يبعث على النسيان ، وفي الأخبار أنّ المنسي يأتي بصورة حسناء يوم القيامة ، ثمّ يخاطب الناسي ، ويلومه على نسيانه وحرمانه (3).

الرابع والثلاثون : ترتيل القراءة ، فعن أمير المؤمنين عليه السلام : «بَيّنهُ تبييناً ، ولاتهذّه هذّ (4) الشعر ، ولا تنثره نثر الرمل ، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة» (5).

ص: 463


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) : 16 ، الوسائل 4 : 848 أبواب قراءة القرآن ب 14 ح 1.
3- الكافي 2 : 608 ح 1 - 6 ، عقاب الأعمال : 283 ، المحاسن : 96 ح 57 ، عدّة الداعي : 291 ، الوسائل 4 : 845 أبواب قراءة القرآن ب 12 ح 1.
4- هذّ الشي ء يهذّه هذّاً ؛ إذا قطعه قطعاً سريعاً ، ومنه هذّ القرآن يهذّه إذا أسرع قراءته. جمهرة اللغة 1 : 119.
5- الكافي 2 : 449 ح 1 ، الوسائل 4 : 856 أبواب قراءة القرآن ب 21 ح 1.

وعن الصادق عليه السلام أعرب القرآن ، فإنّه عربي (1) وعنه عليه السلام : أنّه يكره أن يقرأ الفاتحة وقل هو اللّه أحد ، أو خصوص قل هو اللّه أحد في نفس واحد (2).

وعنه عليه السلام : إنّه التمكّث وتحسين الصوت (3).

وروى : أنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يقطّعه آية آية (4).

الخامس والثلاثون : أنّه يُستحبّ إهداء ثواب القراءة إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والأئمّة ، والزهراء عليها السلام ، والمؤمنين ؛ ليكون معهم في الجنّة.

السادس والثلاثون : تُستحبّ قراءته استحباباً مؤكّداً ، ففي وصيّة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام وعليك بتلاوة القرآن على كلّ حال (5). وعن أبي جعفر عليه السلام من قرأَ القرآن قائماً في صلاته ، كتبَ اللّه له بكلّ حرف مائة حسنة وفي خبر آخر إضافة : ومحا عنه مائة سيّئة ، ورفع له مائة درجة ومن قرأهُ جالساً ، كتبَ اللّه له بكلّ حرف خمسين ، ومن قرأَ في غير صلاته ، كانَ له بكلّ حرف عشر حسنات (6).

السابع والثلاثون : أنّه يُستحب استماع قراءته ، فعن الصادق عليه السلام أنّه من استمعَ حرفاً منه من غير قراءة ، كتبَ اللّه له حسنة ، ومحا عنه سيّئة ، ورفع له درجة (7)

ص: 464


1- الكافي 2 : 450 ح 5 ، أعلام الدين : 101 ، مجمع البيان 10 : 569 ، الوسائل 4 : 856 أبواب قراءة القرآن قراءة ب 21 ح 2.
2- الكافي 2 : 451 ح 12 ، وج 3 : 314 ح 11 ، الوسائل 4 : 754 أبواب القراءة ب 19 ح 1 - 2.
3- مجمع البيان 10 : 569 ، الوسائل 4 : 856 أبواب قراءة القرآن ب 21 ح 4.
4- مجمع البيان 10 : 569 ، الوسائل 4 : 856 أبواب قراءة القرآن ب 21 ح 5.
5- الكافي 8 : 79 ح 33 ، المحاسن : 17 ، الوسائل 4 : 839 أبواب قراءة القرآن ب 11 ح 1.
6- الكافي 2 : 447 ح 1 ، وص 611 ح 1 ، الوسائل 4 : 840 أبواب قراءة القرآن ب 11 ح 4.
7- الكافي 2 : 448 ح 6 ، عدّة الداعي : 288 ، الوسائل 4 : 841 أبواب قراءة القرآن ب 11 ح 6.

وروى : أنّ لمستمع قراءة الفاتحة ما لقارئها من الثواب (1).

الثامن والثلاثون : أنّه تُستحبّ كثرة القراءة ، فعن الكاظم عليه السلام : «أنّ درجات الجنّة على قدر آيات القرآن» (2).

وسئل زين الساجدين عليه السلام : أيّ الأعمال أفضل؟ فقال : «الحال المرتحل» فقيل له : ما الحال المرتحل؟ فقال : «فتح القرآن وختمه» (3).

وسئل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : أيّ الرجال خير؟ فقال : «الحال المرتحل» فسئل : وما الحال المرتحل؟ فقال : «الذي يفتح القرآن ويختمه» (4).

وعن أبي جعفر عليه السلام : «إنّما شيعة عليّ عليه السلام الناجون الناحلون الذابلون إلى أن قال كثيرة صلاتهم ، كثيرة تلاوتهم للقران» (5).

التاسع والثلاثون : أنّه يُستحب تعليم الأولاد للقران ، فقد روي : أنّ اللّه تعالى يدفع عن أهل الأرض العذاب بعد استحقاقهم أن لا يبقى منهم أحداً بنقل أقدام الشيب إلى الصلوات ، وتعلّم الأولاد القرآن (6).

الأربعون : روي أنّ كلّ من دخل الإسلام طائعاً ، وقرأ القرآن ظاهراً ، فله في كلّ سنة مائتا دينار في بيت مال المسلمين ، فإن منع أخذها في الدنيا ، أخذها

ص: 465


1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 : 302 ح 60 ، الوسائل 4 : 843 أبواب قراءة القرآن ب 11 ح 13.
2- الكافي 2 : 606 ح 10 ، أمالي الصدوق : 294 ح 10 ، الوسائل 4 : 840 أبواب قراءة القرآن ب 11 ح 3.
3- الكافي 2 : 605 ح 7 ، معاني الأخبار : 190 ، عدّة الداعي : 299 ، الوسائل 4 : 840 أبواب قراءة القرآن ب 11 ح 2.
4- ثواب الأعمال : 127 ح 1 ، الوسائل 4 : 842 أبواب قراءة القرآن ب 11 ح 9.
5- الخصال 2 : 444 ح 40 ، أعلام الدين : 142 ، الوسائل 4 : 843 أبواب قراءة القرآن ب 11 ح 14.
6- الفقيه 1 : 155 ح 723 ، علل الشرائع 2 : 521 ح 2 ، ثواب الأعمال : 61 ، 47 ، الوسائل 4 : 835 أبواب قراءة القرآن ب 7 ح 2.

يوم القيامة (1).

الحادي والأربعون : أنّه يُستحبّ الإكثار من قراءة بعض السور :

منها : سورة الفاتحة ، روي : أنّها لو قُرأت على ميّت سبعين مرّة ، ثمّ ردّت فيه الروح ، لم يكن عجباً.

وأنّ من لم تبرئه الفاتحة لم يبرئه شي ء.

وأنّ من لم يقرأ الحمد ، وقل هو اللّه أحد ، لم يبرئه شي ء (2).

وأنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا أصابته عين أو صداع بسط يديه ، فقرأ الفاتحة ، والمعوّذتين ، ثمّ يمسح بهما وجهه ، فيذهب ما فيه (3).

وأنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : «من نالته علّة ، فليقرأ في جيبه الحمد سبع مرّات ، وإلا فليقرأها سبعين مرّة» ثمّ قال : «وأنا الضامن له العافية» (4).

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه قال لجابر : «أفضل سورة في الكتاب الفاتحة ، وهي شفاء من كلّ داء عدا الموت ، وهي أشرف ما في كنوز العرش» (5).

ومنها : سورة الإخلاص ، فإنّه يستحبّ الإكثار من قراءتها ، فعن الباقر عليه السلام من قرأها مرّة بورك عليه ، ومرّتين عليه وأهله ، وثلاث مرّات عليه وأهله وجيرانه ، واثنى عشر مرّة بُني له اثنى عشر قصراً في الجنّة ، ومائة مرّة غُفرت لهُ ذنوبه خمسة وعشرين سنة ، ما خلا الدماء والأموال ، وأربعمائة مرّة له ثواب أربعمائة شهيد ، كلّهم عُقر جواده ، وأُريق دمه ، وألف مرّة لم يمت حتّى يرى مقعده من الجنة (6). وروي : أنّ سعد بن معاذ صلّى عليه سبعون ألف ملك ؛ لأنّه كان يقرأ سورة

ص: 466


1- الخصال : 602 ح 6 ، مجمع البيان 1 : 16 ، الوسائل 4 : 839 أبواب قراءة القرآن ب 9 ح 1.
2- انظر الكافي 2 : 623 ح 16 ، وص 626 ح 22 ، والوسائل 4 : 873 أبواب قراءة القرآن ب 37 ح 1 ، 3 ، 5 ، 9.
3- دعوات الراوندي : 206 ح 559 ، الوسائل 4 : 874 أبواب قراءة القرآن ب 37 ح 4.
4- أمالي الطوسي 1 : 290 ح 553 ، الوسائل 4 : 874 أبواب قراءة القرآن ب 37 ح 7.
5- مجمع البيان 1 : 18 ، الوسائل 4 : 874 أبواب قراءة القرآن ب 37 ح 8 - 10.
6- الكافي 2 : 619 ح 1 ، الوسائل 4 : 867 أبواب قراءة القرآن ب 31 ح 1.

التوحيد قائماً ، وقاعداً ، وراكباً ، وماشياً ، وذاهباً ، وجائياً (1).

وروى : أنّها مرّة ثلث القرآن ، ومرّتين ثلثان ، وثلاثة كلّه (2) ، وأنّها ثلث التوراة ، وثلث الإنجيل ، وثلث الزبور (3).

وقال عليه السلام لمفضّل : «احتجب عن الناس كلّهم بقراءة التوحيد عن يمينك ، وعن شمالك ، ومن قُدّامك ، وورائك ، وفوقك ، وتحتك ، وإذا دخلت على سلطانٍ جائر فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرّات ، واعقد بيدك اليسرى ، ثمّ لا تفارقها حتّى تخرج من عنده» (4).

وعنه عليه السلام : «من مَضت له جمعة ، ولم يقرأ فيها بقل هو اللّه أحد ، ثمّ ماتَ ، ماتَ على دين أبي لهب» (5).

وعنه عليه السلام : «من أصابه مرض أو شدّة ، ولم يقرأ في مرضه أو شدّته قل هو اللّه أحد فهو من أهل النار» (6).

وعنه عليه السلام أنّه قال : «من مضَت به ثلاثة أيّام ، ولم يقرأ فيها قل هو اللّه أحد فقد خذل ، ونزعت ربقة الإيمان من عنقه ، وإن ماتَ في هذه الثلاثة ، ماتَ كافراً باللّه العظيم» (7).

ولا بدّ من تنزيل هذه الأخبار على من استهانَ بها ، أو تركها لعدم تصديق قول المعصوم في أمر ثوابها.

ص: 467


1- الكافي 2 : 622 ح 13 ، ثواب الأعمال : 156 ح 6 ، أمالي الصدوق : 323 ح 5 ، التوحيد : 95 ح 13 ، الوسائل 4 : 867 أبواب قراءة القرآن ب 31 ح 2.
2- معاني الأخبار : 235 ، أمالي الصدوق : 37 ح 5 ، الوسائل 4 : 868 أبواب قراءة القرآن ب 31 ح 5.
3- التوحيد : 95 ح 15 ، الوسائل 4 : 869 أبواب قراءة القرآن ب 31 ح 10.
4- الكافي 2 : 624 ح 20 ، عدّة الداعي : 293 ، الوسائل 4 : 867 أبواب قراءة القرآن ب 31 ح 4.
5- ثواب الأعمال : 156 ح 2 ، عقاب الأعمال : 282 ، المحاسن : 95 ح 54 ، أعلام الدين : 386 ، مجمع البيان 10 : 561 ، الوسائل 4 : 868 أبواب قراءة القرآن ب 31 ح 6.
6- ثواب الأعمال : 156 ح 3 ، عقاب الأعمال : 283 ، أعلام الدين : 386 ، المحاسن : 96 ح 55 ، عدّة الداعي : 299 ، الوسائل 4 : 868 أبواب قراءة القرآن ب 31 ح 7.
7- عقاب الأعمال : 282 ، المحاسن : 95 ح 54 ، الوسائل 4 : 869 أبواب قراءة القرآن ب 31 ح 9.

ومنها : سورة الأنعام ؛ فإنّه يُستحبّ الإكثار من قراءتها ، فعن الصادق عليه السلام : أنّها نزلت جملة يشيعها سبعون ألف ملك ، حتّى أُنزلت على محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فعظّموها ، وبجّلوها ، فإنّ اسم اللّه في سبعين موضعاً منها ، ولو يعلم الناس ما في قراءتها ما تركوها (1).

ومنها : سورة المُلك ؛ فإنّه يُستحب الإكثار من قراءتها ، روي : أنّ من قرأها قبل أن ينام ، فهو في أمانٍ حتّى يُصبح ، وفي أمانٍ يوم القيامة ؛ ومن قرأها ، أمن في قبره من مُنكر ونَكير إن أتوه من رجليه أو من جوفه أو من لسانه قلن : هذا العبد كان يقرأ من قبلنا سورة الملك (2).

ومنها : التوحيد ؛ فإنّه تُستحبّ قراءتها عند النوم مائة مرّة لتغفر له ذنوبه خمسين عاما ممّا سبق أو خمسين ، أو إحدى عشر ؛ لأنّ من قرأها إحدى عشر حفظ في داره ، ودويرات أهله.

ومنها : قراءة أية آخر الكهف عند النوم ، وهو ( قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) إلى أخره ؛ ليسطع لهُ نور إلى المسجد الحرام ، وفي آخر إلى بيت اللّه الحرام (3).

ومنها : قراءة آية السبحات عند النوم ، حتّى لا يموت حتّى يدرك القائم عليه السلام.

ومنها : سورة يس ؛ فإنّه يُستحبّ الإكثار من قراءتها ؛ فعن الصادق عليه السلام إنّ لكلّ شي ء قلباً ، وقلب القرآن يس ، من قرأها قبل أن ينام أو في نهاره قبل أن يُمسي ، كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتّى يُمسي ؛ ومن قرأها في ليله قبل أن ينام ، وكّلَ اللّه به ألف ملك ، يحفظونه من كلّ شيطان رجيم ، ومن كلّ آفة ، وإن ماتَ في يومه ، أدخلَه اللّه الجنّة (4).

ص: 468


1- الكافي 2 : 622 ح 12 ، ثواب الأعمال : 131 ، أعلام الدين : 369 ، الوسائل 4 : 873 أبواب قراءة القرآن ب 36 ح 1.
2- الكافي 2 : 633 ح 26 ، ثواب الأعمال : 147 ، الوسائل 4 : 876 أبواب قراءة القرآن ب 39 ح 1 - 2.
3- ثواب الأعمال : 134 ، عدّة الداعي : 301 ، الوسائل 4 : 873 أبواب قراءة القرآن ب 35 ح 3.
4- ثواب الأعمال : 138 ح 1 ، 2 ، الوسائل 4 : 886 أبواب قراءة القرآن ب 48 ح 1.

وعن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام أنّ من قرأَ يس في عمره مرّة واحدة ، كتبَ اللّه له بكلّ خلق في الدنيا ، وكلّ خلق في الآخرة ، وفي السماء بكلّ واحد ألف ألف حسنة ، ومحا عنه مثل ذلك ، ولم يصبه فقر ، ولا عُدم (1) ، ولا هَدم ، ولا نَصَب (2) ، ولا جُنون ، ولا جُذام (3) ، ولا وَسواس (4) ، ولا داء يضرّه ، وخفّف اللّه عنه سكرات الموت ، وأهواله ، وتولّى اللّه قبض روحه ، وكان ممّن يضمن اللّه السّعة في معيشته ، والفرج عند لقائه ، والرضا بالثواب في آخرته ، وقال اللّه تعالى لملائكته أجمعين ، مَن في السماوات ، ومَن في الأرض : قد رضيتُ عن فلان ، فاستغفروا له (5).

الثاني والأربعون : إنّه يُستحبّ ختمه في كلّ شهر مرّة ، أو في كلّ سبعة أيّام أو في كلّ ثلاثة ، أو في ليلة واحدة ؛ مع الترتيل ، والتأمّل في المعاني ، وسؤال الجنّة ، والتعوّذ من النار عند قراءة آيتيهما.

وعن الصادق عليه السلام أنّه قال لا يُعجبني أن يُقرأ القرآن في أقلّ من شهر ، وإنّ أصحاب محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم يقرأ أحدهم في شهر أو أقلّ (6).

الثالث والأربعون : إنّه تُستحب قراءته في البيت ، فعن الصادق عليه السلام : «إنّ البيت إذا كان فيه مسلم يقرأ القرآن تراءى لأهل السماوات ، كما يتراءى الكوكب الدرّي لأهل الأرض ، وتنزل البركة ، وتحضر الملائكة فيه» (7).

ص: 469


1- يقال : أعدم بالألف : افتقر ، فهو معدم وعديم. المصباح المنير : 397.
2- النّصب : التعب. مفردات الراغب : 494.
3- الجذم : القطع ، ومنه يقال : جذم الإنسان إذا أصابه الجذام ، لأنه يقطع اللحم ويسقطه. المصباح المنير : 94.
4- الوسواس : مرض يحدث من غلبة السوداء يختلط معه الذهن. المصباح المنير : 658.
5- ثواب الأعمال : 138 ح 2 ، الوسائل 4 : 886 أبواب قراءة القرآن ب 48 ح 2.
6- الكافي 2 : 617 ح 1 ، الإقبال 1 : 232 ، الوسائل 4 : 862 أبواب قراءة القرآن ب 27 ح 1 - 3.
7- الكافي 2 : 610 ح 2 ، عدة الداعي : 287 ، الوسائل 4 : 850 أبواب قراءة القرآن ب 16 ح 1 ، 2.

وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن ، ولا تتخذوها قبوراً ، كما فَعَلَت اليهود والنصارى ، ولا تكونوا كاليهود ، عطّلوا توراتهم ، واستعملوا الكنائس (1).

الرابع والأربعون : أنّه يُستحبّ شي ء من القرآن كلّ ليلة ، فعن أبي جعفر عليه السلام ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «إنّ من قرأ عشر آيات في ليلة ، لم يُكتب من الغافلين ؛ ومن قرأ خمسين ، كُتب من الذاكرين ؛ ومن قرأ مائة ، كُتب من القانتين ؛ ومن قرأ مائتين ، كُتب من الخاشعين ؛ ومن قرأ ثلاثمائة ، كُتب من الفائزين ؛ ومن قرأ خمسمائة ، كُتب من المجتهدين ؛ ومن قرأ ألف أية ، كُتب له قنطار من تبر ، القنطار خمسة عشر ألف مثقال من الذهب ، المثقال أربعة وعشرون قيراطاً ، أصغرها مثل جبل أُحد ، وأكبرها ما بين السماء والأرض» (2).

الخامس والأربعون : إنّه تُستحبّ قراءته في شهر رمضان ؛ فإنّ لكلّ شي ء ربيعاً ، وربيع القرآن شهر رمضان.

السادس والأربعون : قراءة خمسين آية في كلّ يوم ؛ لقول الصادق عليه السلام : «القرآن عهد اللّه إلى خلقه ، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر إلى عهده ، ويقرأ منه في كلّ يوم خمسين أية» (3).

السابع والأربعون : ختمه بمكّة ، فعن أبي جعفر عليه السلام : «من ختمَ القرآن بمكّة من جمعة إلى جمعة أو أقلّ من ذلك أو أكثر ، وختمه في يوم جمعة ، كُتبَ لهُ من الأجر

ص: 470


1- الكافي 2 : 610 ح 1 ، عدّة الداعي : 286 ، الوسائل 4 : 850 أبواب قراءة القرآن ب 16 ح 4.
2- الكافي 2 : 612 ح 5 ، أمالي الصدوق : 57 ح 7 ، عدّة الداعي : 289 ، الوسائل 4 : 852 أبواب قراءة القرآن ب 17 ح 3.
3- الكافي 2 : 609 ح 1 ، عدّة الداعي : 291 ، الوسائل 4 : 849 أبواب قراءة القرآن ب 15 ح 1.

والحسنات من أوّل جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعة تكون فيها ، وإن ختمه في سائر الأيام فكذلك» (1).

الثامن والأربعون : في بيان ما نصّ على استحبابه من السور مُرتّباً ، ويتوقّف على بيانها مفصّلة (2) :

منها : قراءة سورة البقرة ، وآل عمران ؛ ليجي ء يوم القيامة مظلّلاً على رأسه بغمامتين أو مثلهما.

ومنها : قراءة أربع آيات من أوّل البقرة ، وآية الكرسي ، وآيتين بعدها ، وثلاث آيات من آخرها ؛ حتّى لا يرى في نفسه وماله شيئاً يكرهه ، ولا يقربه الشيطان ، ولا ينسى القرآن.

ومنها : قراءة سورة المائدة في كلّ خميس ، فإن قارئها كذلك لم يلتبس إيمانه بظلم ، ولم يشرك به أبداً.

ومنها : سورة الأنفال ؛ وسورة براءة ؛ فإنّ من قرأهما في كلّ شهر لم يدخله نفاق أبداً ، وكان شيعة أمير المؤمنين عليه السلام.

ومنها : سورة يونس ؛ فإنّ من قرأها في كلّ شهرين أو ثلاثة لم يخف عليه أن يكون من الجاهلين ، وكان يوم القيامة من المقرّبين.

ومنها : سورة يوسف ؛ فإنّ من قرأها في كلّ يوم أو في كلّ ليلة ، بعثه اللّه تعالى يوم القيامة وجماله مثل جمال يوسف ، ولا يصيبه فزع يوم القيامة ، وكان من خيار عباد اللّه الصالحين ، وقال : إنّها كانت في التوراة مكتوبة.

ومنها : سورة الرعد ؛ فإنّ من أكثر قراءتها لم يُصبه اللّه بصاعقة أبداً ، ولو كان ناصباً. وإذا كان مؤمناً أُدخل الجنّة بغير حساب ، ويشفع في جميع من يعرف من أهل بيته وإخوانه.

ص: 471


1- الكافي 2 : 612 ح 4 ، الفقيه 2 : 146 ح 644 ، الوسائل 4 : 852 أبواب قراءة القرآن ب 18 ح 1.
2- انظر في فضائل قراءة السور الوسائل 4 : 887 أبواب قراءة القرآن ب 51.

ومنها : سورة النحل ؛ فإنّ من قرأها في كلّ شهر ، كُفي المغرم في الدنيا ، وسبعين نوعاً من أنواع البلايا ، أهونها الجنون والجذام والبرص ، وكان مسكنه في جنّة عدن (1) ، وهي وسط الجنان.

ومنها : سورة مريم ؛ فإنّ من أدمن قراءتها ، لم يمت حتّى يصيب منها ما يغنيه في نفسه ، وماله ، وولده ، وكان في الآخرة من أصحاب عيسى بن مريم ، وأُعطي في الآخرة مثل ملك سليمان في الدنيا.

ومنها : سورة طه ؛ فإنّ اللّه تعالى يحبّها ، ويحبّ قراءتها. ومن أدمن قراءتها ، أعطاه اللّه تعالى يوم القيامة كتابه بيمينه ، ولم يحاسبه بما عمل في الإسلام ، وأُعطي في الآخرة من الأجر حتّى يرضى.

ومنها : سورة الأنبياء ؛ فإنّ من قرأها حُبّاً لها ، كان ممّن وافق النبيين أجمعين في جنّات النعيم ، وكان مَهيباً في أعين الناس في الحياة الدنيا.

ومنها : سورة الحجّ ؛ فإنّ من قرأها في كلّ ثلاثة أيّام ، لم تخرج سنة ، حتّى يخرج إلى بيت اللّه الحرام ؛ وإن ماتَ في سفره ، دخلَ الجنة ؛ وإن كان مُخالفاً ، خفّف عنه بعض ما هو فيه.

ومنها : النور ؛ ليُحصن بها الأموال والفروج والنساء ، فإنّ من أدمن قراءتها في كلّ يوم وفي كلّ ليلة ، لم يزنِ أحد من أهل بيته أبداً حتى يموت ، فإذا هو مات شيّعه إلى قبره سبعون ألف ملك كلّهم يدعون ويستغفرون اللّه له ، حتّى يدخل إلى قبره.

ومنها : سورة ( تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ ) ؛ فإنّ من قرأها في كلّ ليلة ، لم يُعذّبه اللّه تعالى أبداً ، ولم يُحاسبه ، وكان منزله في الفردوس الأعلى.

ومنها : سورة لقمان ، فإنّ من قرأها في كلّ ليلة أو في ليلة على اختلاف النسختين وكّل اللّه تعالى به في ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس وجنوده حتّى يصبح ؛ فإذا قرأها بالنهار ، لم يزالوا يحفظونه من إبليس وجنوده حتّى يُمسي.

ص: 472


1- جنة عدن : استقرار وثبات ، وعَدَن بمكان كذا استقرّ. مفردات الراغب : 326.

ومنها : سورة الأحزاب ؛ فإنّ من كان كثير القراءة لها ، كان يوم القيامة في جوار محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم وأزواجه.

ومنها : سورتا الحمدين حمد سبأ وحمد فاطر فإنّ من قرأهما في ليلة واحدة ، لم يزل في ليلته في حفظ اللّه تعالى وكلاءته. ومن قرأهما في نهاره ، لم يُصبه في نهاره مكروه ، وأُعطي من خير الدنيا وخير الآخرة ما لم يخطر على قلبه ، ولم يبلغ مُناه.

ومنها : سورة الزمر ؛ فإنّ من قرأها ، أعطاه اللّه تعالى من شرف الدنيا والآخرة ، وأعزّه بلا مال ، ولا عشيرة ، حتّى يَهابه من يَراه ، وحرم جسده على النار ، وبنى له في الجنّة ألف مدينة.

ومنها : حم المؤمن ؛ فإنّ من قرأها في كلّ ليلة ، غفر اللّه ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، وألزمه كلمة التقوى ، وجعل الآخرة خيراً له من الدنيا.

ومنها : حم السجدة ؛ فإنّ من قرأها ، كانت له نوراً يوم القيامة مدّ بصره ، وسروراً ، وعاشَ في الدنيا محموداً مغبوطاً (1).

ومنها : سورة حمعسق ؛ فإنّ من قرأها ، بعثه اللّه تعالى يوم القيامة ووجهه كالثلج ، أو كالشمس ، حتّى يقف بين يدي اللّه تعالى ، فيقول : عبدي أدمنت قراءة حمعسق ، إلى أن يقول : أدخلوه الجنّة.

ومنها : حم الزخرف ؛ فإنّ من أدمن قراءتها ، أمنه اللّه في قبره من هوامّ الأرض (2) ، ومن ضمّة القبر ، حتى يقف بين يدي اللّه تعالى ، ثمّ تجي ء حتّى تكون هي التي تدخله الجنّة بأمر اللّه تعالى.

ومنها : سورة الجاثية ؛ فإنّ من قرأها ، كان ثوابها أن لا يرى النار أبداً ، ولا يسمع زفير جهنّم ، ولا شهيقها ، وهو مع محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم.

ص: 473


1- يقال : فلان في غبطة من عيش ، إذا كان فيما يغبط عليه من السرور ، ويقال : اغتبط فلان بالأمر ، إذا سرّ به ، والاسم الغبطة. جمهرة اللغة 1 : 358 وج 2 : 1127.
2- الهامة : ماله سمّ يقتل كالحيّة ، والجمع الهوام ، وقد تطلق الهوام على ما لا يقتل كالحشرات. المصباح المنير : 641.

ومنها : سورة الذين كفروا ؛ فإنّ من قرأها ، لم يذنب أبداً ، ولم يدخله شكّ في دينه أبداً ، ولم يبتله اللّه تعالى بفقرٍ أبداً ، ولا خوف من سلطان أبداً.

ومنها : إنا فتحنا ؛ لتحصين الأموال والنساء ، وما ملكت اليمين من البنين ، وإنّ من أدمن قراءتها ناداه مُنادٍ يوم القيامة ، حتّى تسمع الخلائق : «أنت من عبادي المخلصين ، ألحقوه بالصالحين».

ومنها : سورة الحجرات ؛ فإنّ من قرأها في كلّ يوم أو ليلة ، كان من زوّار محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم.

ومنها : سورة الذاريات ، فإنّ من قرأها في يومه أو ليلته ، أصلح اللّه له معيشته ، وأتاه برزقٍ واسع ، ونوّر له في قبره بسراج مُزهر إلى يوم القيامة.

ومنها : قراءة سورة الطور ؛ فإنّ من قرأها ، جمعَ اللّه له خير الدنيا والآخرة.

ومنها : سورة النجم ؛ فإنّ من قرأها مُدمناً لها في كلّ يوم أو ليلة ، عاشَ محموداً بين يدي الناس ، وكانَ مغفوراً له ، وكان محبوباً بين الناس.

ومنها : سورة اقتربت ؛ فإنّ من قرأها ، أخرجه اللّه من قبره على ناقة من نوق الجنة.

ومنها : سورة الحشر ؛ فإن من قرأها ، لم تبقَ جنّة ، ولا نار ، ولا عرش ، ولا كرسيّ ، ولا الحُجب ، ولا السماوات السبع ، ولا الأرض السبع ، والهواء ، والريح ، والطير ، والشجر ، والجبال ، والشمس ، والقمر ، والملائكة ، إلا صلّوا عليه ، واستغفروا له ، وإن ماتَ من يومه أو ليلته ماتَ شهيداً.

ومنها : سورة سأل سائل ؛ فإنّ من أكثر قراءتها ، لم يسأله اللّه تعالى عن ذنب عمله ، وأسكنه الجنّة مع محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم إن شاء اللّه تعالى.

ومنها : سورة قل أُوحي ؛ فإنّ من أكثر قراءتها ، لم يصبه في الحياة الدنيا شي ء من أعين الجنّ ، ولا نفثهم ، ولا سحرهم ، ولا من كيدهم ، وكان مع محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فيقول : يا ربّ لا أُريد به بدلاً ، ولا أُريد أن أبغي عنه حِوَلاً.

ص: 474

ومنها : سورة لا أُقسم ؛ فإنّ من أدمن قراءتها ، وكان يعمل بها ، بعثه اللّه تعالى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في أحسن صورة ، ويبشّره ، ويضحك في وجهه حتّى يجوز على الصراط والميزان.

ومنها : سورة المرسلات ؛ فإنّ من قرأها ، عرّف اللّه بينه وبين محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم.

ومنها : سورة عمّ ؛ فإنّ من أدمنها كلّ يوم ، لم تخرج سنة حتّى يزور بيت اللّه الحرام إن شاء اللّه تعالى.

ومنها : النازعات ؛ فإنّ من قرأها لم يمت إلا ريّاناً ، ولم يبعثه اللّه إلا ريّاناً ، ولم يدخله الجنّة إلا ريّاناً.

ومنها : سورة عبس ، وإذا الشمس كوّرت ؛ فإنّ من قرأهما ، كان تحت جناح اللّه تعالى من الجنان ، وفي ظلل اللّه ، وكرامته في جنّاته ، ولا يعظم ذلك على اللّه إن شاء اللّه تعالى.

ومنها : سورة الشمس ، واللّيل ، والضحى ، وأ لم نشرح ؛ فإنّ من أكثر قراءتها في يومه وليلته لم يبقَ شي ء بحضرته إلا شهدَ له يوم القيامة ، حتّى شعره وبشره ولحمه ودمه وعروقه وعصبه وعظامه وجميع ما أقلّت الأرض منه ، ويقول الرب تعالى : «قبلت شهادتكم لعبدي وأجزتها له».

ومنها : سورة اقرأ ؛ فإنّ من قرأها في يومه أو ليلته ثمّ ماتَ في يومه أو ليلته ماتَ شهيداً ، وبعثه اللّه شهيداً ، وأحياه شهيداً ، وكان كمن ضرب بسيفه في سبيل اللّه مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.

ومنها : سورة لم يكن ؛ فإنّ من قرأها كان بريئاً من الشرك ، وأُدخل في دين محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وبعثه اللّه مؤمناً ، وحاسبه حساباً يسيراً.

ومنها : سورة العاديات ؛ فإنّ من أدمن قراءتها ، بعثه اللّه مع أمير المؤمنين عليه السلام يوم القيامة خاصّة ، وكان في حجره ورفقائه.

ومنها : سورة القارعة ؛ فإنّ من أكثر قراءتها ، أمنه اللّه من فتنة الدجال أن يؤمن به ،

ص: 475

ومن فيح جهنم يوم القيامة إن شاء اللّه تعالى.

ومنها : سورة لإيلاف ؛ فإنّ من أكثر قراءتها ، بُعث يوم القيامة على مركب من مراكب الجنة ، حتّى يقعد على موائد النور يوم القيامة.

التاسع والأربعون : في بيان ما يُستحبّ أن يقال بعد السور (1) ، وهو أقسام :

منها : ما بعد ختم التوحيد ، وهو «كذلك اللّه ربّي» مرّتين ، وفي بعضها ثلاثاً ، وفي بعضها قول : «اللّه أحد» ، وفي بعض الروايات : «كذاك أو كذلك اللّه ربّي» مرّة.

ومنها : ما بعد ختم والشمس وضحيها وهو أن يقول : صدق اللّه ، وصدق رسوله.

ومنها : ما بعد قراءة ( آللهُ خَيْرٌ أَمّا يُشْرِكُونَ ) وهو أن يقول : اللّه خير ، اللّه خير ، اللّه أكبر.

ومنها : ما بعد قراءة ( الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ) وهو قول : كذب العادلون باللّه.

ومنها : ما بعد قراءة ( الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ) وهو أن يقول : «اللّه أكبر» ثلاثاً.

ومنها : ما في قراءة سورة الرحمن ؛ وهو أن يقول بعد كلّ قول ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) لا بشي ء من آلاء (2) ربّ أُكذّب ، وهذا وارد في قراءتها بعد الغَداة ، وفي مطلق قراءتها أنّه مع إضافته أنّه إذا فعل ذلك ليلاً ، ثمّ مات ، مات شهيداً ، وإذا فعل نهاراً فكذلك.

ومنها : بعد قراءة المسبحات الأخيرة ، وهو أن يقول : «سبحان اللّه الأعلى» وفي رواية : «سبحان ربّي الأعلى».

منها : ما بعد قراءة ( إِنَّ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ) وهو أن يصلّي عليه

ص: 476


1- انظر الوسائل 4 : 754 أبواب القراءة في الصلاة ب 20.
2- في «م» ، «س» : آياتك.

في الصلاة أو في غيرها.

ومنها : ما بعد قراءة والتين وهو أن يقول : «بلى ونحن على ذلك من الشاهدين» وفي الأخبار بلا بلى.

ومنها : ما بعد قراءة آمنّا باللّه وهو أن يقول : آمنّا باللّه حتّى يبلغ إلى قوله مسلمون.

ومنها : ما بعد قراءة ( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ) وهو أن يدعو على أبي لهب ، فإنّه كان من المكذّبين بما جاء به النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم.

ومنها : ما بعد قراءة سورة الجحد ، وهو أن يقول سرّاً : يا أيّها الكافرون فإذا فرغ منها قال : «اللّه ربّي ، وديني الإسلام» ثلاثاً.

ومنها : ما بعد قراءة لا أقسم بيوم القيامة وهو أن يقول : سبحانك اللّهم وبلى.

ومنها : ما بعد قراءة الفاتحة ، وهو أن يقول : الحمد لله ربّ العالمين.

ومنها : ما بعد قراءة ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) وهو أن يقول : «لبّيك اللّهمّ لبّيك» سرّاً.

ومنها : ما بعد قراءة ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) وهو قول «يا أيّها الكافرون» وبعد قول ( لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ) يقول : «أعبد اللّه وحده» وبعد قول ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) قول : «ربّي اللّه ، وديني الإسلام».

ومنها : بعد قراءة ( أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ) وهو أن يقول : «سبحانك اللّهمّ وبلى».

الخمسون : فيما تُستحبّ قراءته في الصلاة من السور ، وهو أقسام :

أحدها : ما تُستحبّ قراءته في مُطلق الصلاة ، فرضها ونفلها ، وهي عدّة :

منها : المعوّذتان ، وقد كذب ابن مسعود في إخراجهما من القرآن.

ومنها : سورة التوحيد ، وسورة القدر في كلّ ركعة ، فقد روي عن العالم عليه السلام : «عجباً لمن لم يقرأ إنّا أنزلناه في صلاته كيف تُقبل» وروى : «ما زَكَت صلاة

ص: 477

لم يقرأ فيها بقل هو اللّه أحد» (1).

ومنها : قراءة الدخان ، وقال : والممتحنة ، والصف ، و «ن» ، والحاقّة ، ونوح ، والمزمّل ، والانفطار ، والانشقاق ، والأعلى ، والغاشية ، والفجر ، والتين ، والتكاثر ، وأ رأيت ، والكوثر ، والنصر.

ومنها : قراءة التوحيد لمن غلط في السورة.

الثاني : ما يستحبّ في مُطلق الفريضة ، وهي عدّة :

منها : القدر ، والتوحيد ، والجحد.

ومنها : الحديد ، والمجادلة ، والتغابن ، والطلاق ، والتحريم ، والمدّثر ، والمطففين ، والبروج ، والبلد ، والقدر ، والهُمَزَة ، والجحد ، التوحيد.

الثالث : ما يُستحبّ في مُطلق النافلة من السور ، وهي عدّة :

منها : التوحيد ، والقدر ، وآية الكرسي في كلّ ركعة من التطوّع.

ومنها : الزلزلة والعصر ، والظاهر إلحاق الحواميم ، والرحمن بهما.

الرابع : ما يُستحبّ في خصوص بعض الفرائض ، وهي أُمور :

منها : قراءة التوحيد والجحد في ركعتي الطواف ، والظاهر شمول النافلة ، وركعتي الفجر إذا أصبح بها.

روي : أنّهما تُقرءان في سبعة مواضع : الركعتين قبل الفجر ، وركعتي الزوال ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين من أوّل صلاة اللّيل ، وركعتي الإحرام ، والفجر إذا أصبحت بها ، وركعتي الطواف (2).

وفي خبر آخر : أنّه يبتدئ في هذا كلّه بقل هو اللّه أحد ، وفي الثانية بقل يا أيّها الكافرون ، إلا في الركعتين قبل الفجر ، فإنّه يبتدئ فيها بقل يا أيّها الكافرون ، وفي الثانية التوحيد (3).

ص: 478


1- الاحتجاج 2 : 482 ، الغيبة : 377 ، الوسائل 4 : 761 أبواب القراءة ب 23 ح 6.
2- الكافي 3 : 316 ح 22 ، التهذيب 2 : 74 ح 273 ، الوسائل 4 : 751 أبواب القراءة ب 15 ح 1.
3- الكافي 3 : 316 ح 22 ، التهذيب 2 : 74 ح 274 ، الوسائل 4 : 751 أبواب القراءة ب 15 ح 2.

ومنها : قراءة الجمعة والأعلى ليلة الجمعة.

ومنها : قراءة الجمعة والمنافقين في عشاء الجمعة ، وظهرها ، وصبحها ، وصلاة الجمعة ، وصلاة عصرها.

ومنها : قراءة الجمعة والتوحيد في صبح يوم الجمعة وعصرها.

ومنها : قراءة الجمعة والتوحيد ليلة الجمعة.

ومنها : قراءة الجمعة والأعلى في صبح يوم الجمعة.

ومنها : قراءة الجمعة والتوحيد في مغرب يوم الجمعة.

ومنها : قراءة الجمعة والأعلى في عشاء ليلة الجمعة.

ومنها : قراءة هل أتى وهل أتاك في صبحي الاثنين والخميس ، الأُولى في الركعة الأُولى ، والثانية في الثانية.

ومنها : قراءة عمّ وهل أتى ولا أقسم وشبهها في الغداة ، وسبّح اسم ، أو الشمس ، أو هل أتاك ونحوها في الظهر والعشاء ، والتوحيد والنصر والزلزال ونحوها في المغرب والعصر.

الخامس : ما يُستحبّ في خصوص بعض النوافل ، وهو أُمور :

منها : قراءة سورة الجحد في الأُولى ، والتوحيد في الثانية من المغرب ، وفيما عداهما ما اختار. وروى : أنّه يقرأ في الثالثة الفاتحة وأوّل الحديد إلى قول ( عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) ، وفي الرابعة الفاتحة وآخر الحشر (1).

ومنها : قراءة التوحيد في الأُولى ، والجحد في الأخيرة في الركعتين قبل الفجر ، وركعتي الزوال ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين من أوّل صلاة اللّيل ، وركعتي الإحرام.

ومنها : أن يقرأ في نوافل الزوال في الركعة الأُولى : الفاتحة والتوحيد.

وفي الثانية : الفاتحة والجحد.

ص: 479


1- مصباح المتهجد : 87 ، الوسائل 4 : 750 أبواب القراءة ب 14 ح 2.

وفي الثالثة : الفاتحة ، والتوحيد ، وآية الكرسي.

وفي الرابعة : الفاتحة ، والتوحيد ، وآخر البقرة ، وأمن الرسول إلى أخره (1).

وفي الخامسة : الفاتحة ، والتوحيد ، وخمس آيات من آل عمران ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) إلى قوله ( إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ) (2).

وفي السادسة : الفاتحة ، والتوحيد ، وآية السخرة ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) إلى قوله ( إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) (3).

وفي السابعة : الفاتحة والتوحيد ، وآيات من سورة الأنعام ( وَجَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ ) إلى قوله ( وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (4).

وفي الثامنة : الفاتحة ، والتوحيد ، وآخر سورة الحشر من قوله ( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ ) إلى أخره (5).

قال : فإذا فرغت فقل : «اللّهمّ مقلّب القلوب والأبصار ، ثبّت قلبي على دينك ، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ، وهب لي من لدنك رحمة ، إنّك أنت الوهّاب» سبع مرّات ، ثمّ تقول : «أستجير باللّه من النار» سبع مرّات.

وروى : أنّه يُستحبّ في كلّ ركعة قراءة الفاتحة ، والقدر ، والتوحيد ، وآية الكرسي (6).

وروى : أنّه يقرأ في كلّ ركعة الحمد والتوحيد ، حتّى تكون قراءته في الجميع ثمانين أية (7).

ومنها : قراءة الجحد والتوحيد في ركعتي الفجر.

ص: 480


1- البقرة : 285 - 286.
2- آل عمران : 190 - 194.
3- الأعراف : 56.
4- الأنعام : 103.
5- الحشر : 21 - 24.
6- مصباح المتهجد : 34 ، الوسائل 4 : 750 أبواب القراءة ب 14 ح 2.
7- الكافي 3 : 314 ح 14 ، الوسائل 4 : 750 أبواب القراءة ب 13 ح 3.

ومنها : قراءة سورة الواقعة والتوحيد في صلاة نافلة العشاء ، وفي الخبر : «من اشتاق إلى الجنّة وصفتها ، فليقرأ الواقعة ، ومن أحبّ أنّ ينظر إلى صفة النار ، فليقرأ سورة لقمان ، ومن قرأ الواقعة كل ليلة قبل أن ينام ، لقي اللّه ووجهه كالقمر ليلة البدر» (1).

وفي خبر آخر «من قرأ الواقعة كلّ ليلة أحبّه اللّه ، وأحبّه الناس أجمعين ، ولم يرَ في الدنيا بؤساً أبداً ، ولا فقراً ، ولا فاقة ، ولا آفة من آفات الدنيا ، وكان من رفقاء أمير المؤمنين عليه السلام ، وهذه السورة لأمير المؤمنين عليه السلام خاصّة ، لم يشركه فيها أحد» (2).

ومنها : قراءة هل أتى في الركعة الثانية من صلاة اللّيل.

ومنها : قراءة الإخلاص في الركعتين الأُوليين من صلاة اللّيل ، في كلّ واحدة ثلاثين مرّة ؛ لينفتل وليس بينه وبين اللّه ذنب.

ومنها : قراءة التوحيد مرّة مرّة ، أو ثلاثاً ثلاثاً في كل واحدة من ثلاثة الوتر ، وكلّما فرغ من الثلاثة قال : «كذاك أو كذلك اللّه ربّي».

ومنها : قراءة المعوّذتين في الشّفع : الفلق في الأُولى ، والناس في الثانية ، والتوحيد في الوتر.

ومنها : قراءة المعوّذتين والتوحيد في الوتر ، ليقال له : يا عبد اللّه قد قَبِلَ اللّه وِترَك.

ومنها : قراءة تسع سور رويت عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في ثلاث ركعات الوتر ؛ في الأُولى : التكاثر ، والقدر ، والزلزال ، وفي الثانية : العصر ، والنصر ، والكوثر ، وفي المفردة من الوتر : الجحد ، والتوحيد ، وتبّت (3).

ومنها : أن يقرأ في صلاة اللّيل ليلة الجمعة ؛ في الأُولى : الحمد والتوحيد ،

ص: 481


1- ثواب الأعمال : 144 ح 3 ، أعلام الدين : 378 ، الوسائل 4 : 784 أبواب القراءة ب 45 ح 4 و 5.
2- أعلام الدين 378 ، ثواب الأعمال : 144 ح 1 ، الوسائل 4 : 784 أبواب القراءة ب 45 ح 3.
3- مصباح المتهجد : 132 ، الوسائل 4 : 799 أبواب القراءة ب 56 ح 10.

وفي الثانية : الحمد والجحد ، وفي الثالثة : الحمد والم سجدة ، وفي الرابعة : الحمد والمدثر ، وفي الخامسة : الحمد وحم سجدة ، وفي السادسة : الحمد والملك ، وفي السابعة : الحمد ويس ، وفي الثامنة : الحمد والواقعة والم ، ثمّ يوتر بالمعوّذتين والإخلاص.

وفي رواية : أنّ السابعة منها الحمد وسورة الملك ، والثامنة الحمد وهل أتى (1).

ص: 482


1- مصباح المتهجد : 128 ، الوسائل 4 : 796 أبواب القراءة ب 53 ح 1.

كتاب الذكر

وفيه مقامات :

الأوّل : في أنّ ذكره تبارك وتعالى من أعظم الطاعات ، وشهد بذلك الكتاب في كثير من الآيات ، والأخبار المتواترات ، والسير القاطعات ، من أيّام أبينا آدم إلى هذه الأوقات ، وهو معدود من أعظم القُربات.

والعقل به شاهد ، مُستغنٍ عن أن يكون له من النقل مُعاضد ، ولا يقتصر منه على الذكر الخفيّ ، وإن كان رجحانه غير خفيّ ، فإنّ الإعلان باللّسان أبلغ في إظهار العبوديّة ممّا لم يطّلع عليه إنسان ، ولكلّ منهما جهة رجحان ، وبهما معاً جرت سيرة الأنبياء ، والخلفاء ، والعلماء ، والصلحاء ، كما لا يخفى على غَبيّ ، فضلاً عن ذكي.

الثاني : في أنّ ذكره راجح على كلّ حال ، فقد قال تعالى لموسى عليه السلام : «أنا جليس من ذكرني» (1). وقال تعالى في جواب موسى عليه السلام حيث قال : تأتي عليّ مجالس أعزّك وأجلّك أن أذكرك فيها : «إنّ ذكرى حسن على كلّ حال» وقال تعالى له : «ولا تدع ذكرى على كلّ حال ، فإنّ ترك ذكرى يقسي القلوب» (2).

الثالث : في أنّه ينبغي ذكره تعالى في كلّ مجلس ، فعن النبي صلى اللّه عليه وآله

ص: 483


1- الكافي 2 : 496 ح 4 ، عدّة الداعي : 250 ، الوسائل 4 : 1177 أبواب الذكر ب 1 ح 1.
2- الكافي 2 : 497 ح 7 ، علل الشرائع 1 : 81 ، عدّة الداعي : 254 ، الوسائل 4 : 1177 أبواب الذكر ب 1 ح 2 ، وص 1179 ب 2 ح 1.

وسلم : «ما من مجلس يجتمع فيه أبرار وفجّار ، فيقومون على غير ذكر اللّه ، إلا كان عليهم حَسرة يوم القيامة» (1) وفي غيره إضافة «ذكر النبي وآله صلوات اللّه عليه وعليهم» إلى ذكره (2).

الرابع : تُستحبّ كثرة الذكر ؛ ليحبّه اللّه تعالى ، ويكتب له براءة من النار ، وبراءة من النفاق ، وليذكره اللّه ، وقال تعالى لموسى : اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم ، وأكثر ذكرى باللّيل والنهار تغنم (3).

الخامس : الذكر في الخلوات ، فقد قال تعالى لعيسى عليه السلام : ألن لي قلبك ، واذكرني في الخلوات (4).

السادس : يُستحبّ الذكر في ملأ (5) الناس ، فقد قال تعالى لعيسى عليه السلام : «اذكرني في ملأ ، أذكرك في ملأ خير من ملأك) (6). وفي البيت ؛ لتكثر بركته ، وتحضره الملائكة ، وتهجره الشياطين.

السابع : يُستحبّ ذكر اللّه تعالى في كلّ واد ، ليملأ للذاكر حسنات.

الثامن : يُستحبّ لدفع الوسوسة.

التاسع : يستحبّ الذكر في الغافلين ؛ لأنّ الذاكر في الغافلين كالمقاتل عن الغازين.

العاشر : استحباب الذكر في النفس ، ورجحانه على (العلانية من بعض الوجوه) (7).

ص: 484


1- الكافي 2 : 496 ح 1 ، الوسائل 4 : 1179 أبواب الذكر ب 3 ح 1 - 2.
2- الكافي 2 : 496 ح 2 ، الوسائل 4 : 1180 أبواب الذكر ب 3 ح 2 - 3.
3- الكافي 2 : 498 ح 10 ، وج 8 : 46 ح 8 ، الوسائل 4 : 1182 أبواب الذكر ب 5 ح 4.
4- الكافي 2 : 502 ح 3 ، الوسائل 4 : 1184 أبواب الذكر ب 6 ح 2.
5- الملأ : جماعة يجتمعون على رأي ، فيملئون العيون رواءً ومنظراً ، والنفوس كفاءً وجلالاً. مفردات الراغب : 473.
6- الكافي 2 : 498 ح 12 ، المحاسن : 39 ح 44 ، عدّة الداعي : 249 ، الوسائل 4 : 1185 أبواب الذكر ب 7 ح 1 - 4.
7- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

الحادي عشر : يُستحبّ ذكر اللّه تعالى في السوق ؛ ليكتب له ألف حسنة ، ويغفر له يوم القيامة مغفرة لا تخطر على بال بشر.

(الثاني عشر : إنّ للذكر فضيلة خصوصيّة اللفظ ، ومحلّها اللّفظ العربي ، وتختلف مراتب فضيلته باختلاف فصاحته ، وبلاغته ، وفضيلة المعنى ، ويحصل أجرها بذكر أسمائه تعالى بالفارسيّة ، والرومية ، والعربيّة. وقد يقال بتفاوت الأجر بتفاوتها ، وتقديم بعضها على بعض على نحو ما سبق في ترجمة القراءة) (1).

ولكلّ من الأذكار الخاصّة ثواب خاصّ ، وأنحاؤها كثير :

منها : التحميد ثلاثمائة وستّين مرّة ، على عدد عروق البدن بقول : «الحمد لله ربّ العالمين كثيراً كما هو أهله» (2) ، لأنّ عروق البدن مائة وثمانون متحرّكة ، ومائة وثمانون ساكنة.

ومنها : التحميد أربع مرّات في كلّ صباح ، ليؤدّي شكر يومه ، وفي كلّ مساء ، ليؤدّي شكر ليلته.

ومنها : قول «الحمد لله كما هو أهله» فإنّه يشغل كتّاب السماء.

ومنها : التحميد عند النظر إلى المرأة ، فإنّ اللّه أوجب الجنّة لشاب كان يُكثر النظر إليها ، ويُكثر الحمد (3).

ومنها : التحميد عند تكاثر النعم.

ومنها : كثرة الاستغفار ؛ لأنّه خير الدعاء ، وإذا أكثر منها رفعت صحيفته تتلألأ ، وعنهم عليهم السلام استغفر ربّك في آخر اللّيل مائة مرّة ، فإن نسيت ، فاقض بالنهار (4). ومنها : الاستغفار خمسة وعشرين مرّة في كلّ مجلس ، كما كان يفعل النبي صلّى

ص: 485


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- كذا ، والمأثور : الحمد لله ربّ العالمين كثيراً على كلّ حال ، انظر الوسائل 4 : 1194 أبواب الذكر ب 18.
3- انظر الوسائل 4 : 1196 أبواب الذكر ب 21.
4- مجمع البيان 10 : 543 ، الوسائل 4 : 1200 أبواب الذكر ب 23 ح 11.

اللّه عليه وآله وسلم (1).

ومنها : استغفار سبعين مرّة في كلّ يوم وإن لم يكن عليه ذنب ، ويتوب في ليلته سبعين مرّة ، كما كان يفعل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم (2).

ومنها : الاستغفار والتهليل ؛ لقول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «هما خير العبادة» (3).

ومنها : الاستغفار بالأسحار ؛ فإنّ اللّه يدفع العذاب بذلك.

ومنها : الاستغفار للوالدين الكافرين ، إذا فارقهما ولم يعلم أنّهما أسلما أو لا.

ومنها : التكبير ، والتسبيح ، والتحميد ، والتهليل مائة مرّة كلّ يوم ؛ لأنّ الأوّل أفضل من عتق مائة رقبة. والثاني أفضل من سياق مائة بدنة. والثالث أفضل من حملان مائة فرس في سبيل اللّه بسُرُجها ولُجمها ، وركبها. والرابع يكون عامله أفضل الناس عملاً ذلك اليوم إلا من زاد.

ومنها : الإكثار من التسبيحات الأربع ، خصوصاً في الصباح والمساء ؛ فإنّ التسبيح يملأ نصف الميزان ، والحمد لله يملأ الميزان ، واللّه أكبر يملأ ما بين السماء والأرض ، وذكر للتحميد أجر عظيم.

ومنها : التهليل والتكبير ؛ لأنّه ليس شي ء أحبّ إلى اللّه تعالى من التهليل والتكبير ، ويكره أن يقال : اللّه أكبر من كلّ شي ء ، بل يقال : من أن يوصف. والتهليل أفضل الأذكار ، كما نطقت به الأخبار (4).

وفي بعضها : إنّ اللّه تعالى قال لموسى عليه السلام : لو أنّ السماوات السبع ، وعامريهنّ عندي ، والأرضين السبع في كفّة ، ولا إله إلا اللّه في كفّة ، مالت بهنّ لا إله إلا اللّه (5).

ص: 486


1- الكافي 2 : 366 ح 4 ، الوسائل 4 : 1200 أبواب الذكر ب 24 ح 1.
2- الكافي 2 : 366 ح 5 ، الوسائل 4 : 1201 أبواب الذكر ب 25 ح 1.
3- الكافي 2 : 505 ح 6 ، عدّة الداعي : 265 ، الوسائل 4 : 1201 أبواب الذكر ب 26 ح 1.
4- انظر الوسائل 4 : 1223 أبواب الذكر ب 44.
5- التوحيد : 30 ح 34 ، ثواب الأعمال : 15 ح 1 ، الوسائل 4 : 1224 أبواب الذكر ب 44 ح 3.

ويُستحبّ رفع الصوت بها ؛ لتتناثر ذنوبه كورق الشجر.

ومنها : قول : «لا حَول ولا قوّةَ إلا باللّه» ؛ لأنّ من ألحّ فيها ينفى عنه الفقر (1) ، ومن قالها ترتفع عنه الوَسوَسَة والحُزن.

ومع إضافة «العليّ العظيم» يندفع عنه تسعون نوعاً من البلاء ، أيسرها الخنق.

ومنها : أن يقول في كلّ يوم عشر مرّات : «أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، إلهاً واحداً أحداً صمداً ، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً» ؛ ليكتب اللّه له خمساً وأربعين ألف حسنة ، ويمحو عنه خمساً وأربعين ألف سيّئة ، ويرفع له خمساً وأربعين ألف درجة ، وليكونن له حرزاً في يومه من الشيطان والسلطان ، وليسلم من إحاطة كبيرة من الذنوب به ، وليكون كمن قرأ القرآن في يومه اثنتي عشرة مرّة ، ويبني اللّه له بيتاً في الجنّة.

ومنها : أن يقول في كلّ يوم : «لا إله إلا اللّه حقّا حقّا ، لا إله إلا اللّه عبوديّة ورقّاً ، لا إله إلا اللّه إيماناً وصدقاً» (2) ؛ ليُقبل اللّه عليه بوجهه ، ولم يصرف وجهه عنه حتّى يدخل الجنّة. وفي رواية خمس عشرة مرّة (3).

ومنها : أن يقول : «ما شاء اللّه ، لا حول ولا قوّة إلا باللّه» سبعين مرّة ؛ ليصرف عنه سبعون نوعاً من أنواع البلاء.

ومنها : أن يقول : «اللّهمّ إنّي أُشهدك ، وأُشهد ملائكتك المقرّبين ، وحملة عرشك المصطفين ، إنّك أنت اللّه ، لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم ، وأنّ محمّداً عبدك ورسولك ، وأنّ فلان بن فلان إمامي ووليّي ، وأنّ آباءه رسول اللّه ، وعليّ ، والحسن ، والحسين ، وفلاناً ، وفلاناً حتّى ينتهي إليه أئمّتي ، وأوليائي ، على ذلك أحيى ، وعليه أموت ، وعليه أُبعث يوم القيامة ، وأبرأ من فلان وفلان» حتّى إذا مات ليلته دخل الجنّة.

ص: 487


1- كذا ، والموجود في الوسائل : من ألحّ عليه الفقر فليكثر من قول «لا حول ولا قوّة إلا باللّه» ينفى عنه الفقر ، الوسائل 4 : 1229 أبواب الذكر ب 47 ح 8.
2- في «ح» : وتصديقاً ، بدل : وصدقاً.
3- ثواب الأعمال : 24 ، المحاسن : 32 ح 21 ، الوسائل 4 : 1231 أبواب الذكر ب 48 ح 4.

ومنها : أن يقول في كلّ يوم مائة مرّة : «لا حول ولا قوّة إلا باللّه» ؛ ليدفع اللّه عنه بها سبعين نوعاً من البلاء ، أيسرها الهم.

ومنها أن يقول عشراً قبل طلوع الشمس ، وعشراً قبل غروبها ، وفي الرواية أنّها سنّة واجبة (1) ، وهي : «لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، لهُ الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حيّ لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كلّ شي ء قدير».

وعشراً قبل طلوع الشمس ، وعشراً قبل غروبها : «أعوذ باللّه السميع العليم من همزات الشياطين ، وأعوذ بك ربّ أن يحضرون ، إنّ اللّه هو السميع العليم» ، وإذا نسيت قضيت ، وروى بطور آخر (2) ، وفيها واجب ومفروض ، ومن نسي شيئاً منه كان عليه القضاء (3).

ومنها : أن يسبّح اللّه في كلّ يوم ثلاثين مرّة ؛ ليدفع عنه سبعين نوعاً من البلاء ، أدناها الفقر.

ومنها : أن يقول في كلّ يوم سبع مرّات : «أسأل اللّه الجنّة ، وأعوذ به من النار» ؛ لتقول النار : يا ربّاه أعذه منّي.

ومنها : أن يقول ثلاثين مرّة : «لا إله إلا اللّه الملك الحقّ المبين» ؛ ليستقبل الغنى ، ويستدبر الفقر ، ويقرع باب الجنّة.

ص: 488


1- الكافي 2 : 533 ح 31 ، الوسائل 4 : 1155 أبواب الدعاء ب 47 ح 1.
2- الكافي 2 : 533 ح 31 ، الوسائل 4 : 1156 أبواب الدعاء ب 47 ح 2 ، 3.
3- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

ومنها : أن يقول في كلّ يوم سبع مرّات : «الحمد لله على كلّ نعمة كانت أو هي كائنة» ؛ ليكون قد شكر ما مضى ، وشكر ما بقي.

ومنها : أن يقول : «لا إله إلا اللّه» مائة مرّة ؛ ليكون أفضل الناس عملاً ذلك اليوم إلا من زاد.

ومنها : أن يقول مائة مرّة : «لا إله إلا اللّه [الملك] الحقّ المبين» ؛ ليعيذه اللّه من الفقر ، ويؤنس وحشته في القبر ، ويستجلب الغنى ، ويستقرع باب الجنّة.

ومنها : أن يكبّر اللّه عند المساء مائة تكبيرة ؛ ليكون كمن أعتق مائة نسمة.

ومنها : أن يقول : «سبحان اللّه» مائة مرّة ؛ ليكون ممّن ذكر اللّه كثيراً.

ومنها : أن يقول ما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقوله في كلّ يوم إذا أصبح ، وطلعت الشمس : «الحمد لله ربّ العالمين كثيراً طيّباً على كلّ حال» ثلاثمائة وستّين مرّة شكراً.

ومنها : أن يحافظ على ما علّمه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لأبي المنذر الجهني ، لمّا قال له : يا نبيّ اللّه ، علّمني أفضل الكلام ، فقال : «قل : لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، بيده الخير ، وهو على كل شي ء قدير ، مائة مرّة في كلّ يوم ، فأنت يومئذٍ أفضل الناس عملاً ، إلا من قال مثل ما قلت ، وأكثر من قول : سبحان اللّه ، والحمد لله ، ولا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر ، ولا حول ولا قوّة إلا باللّه العلي العظيم. ولا تنسينّ الاستغفار في صلاتك ، فإنّها ممحاة للخطايا بإذن اللّه تعالى» (1).

ومنها : أن يقول أربعمائة مرّة شهرين متتابعين : «أستغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ، الحيّ القيوم ، بديع السماوات والأرض من جميع ظلمي ، وإسرافي على نفسي ، وأتوب إليه» ليُرزق كنز من علم أو كنز من مال.

ومنها : أن يقول ، من كانت به علّة ، على علّته في كلّ صباح أربعين مرّة مدّة أربعين يوماً : «بسم اللّه الرحمن الرحيم ، الحمد لله ربّ العالمين ، حسبنا اللّه ، ونعم الوكيل ، تبارك اللّه أحسن الخالقين ، ولا حول ولا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم».

ومنها : ما يقال في الصباح والمساء ، وهو عدّة :

منها : أن يقول : «اللّهمّ إنّي أُشهدك أنّه ما أصبح وأمسى بي من نعمة وعافية في دين أو دنيا ، فمنك ، وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ، ولك الشكر بها عليّ حتّى

ص: 489


1- أمالي الطوسي 1 : 356 ، الوسائل 4 : 1234 أبواب الذكر ب 48 ح 20.

ترضى ، وبعد الرضا» إذا أصبح عشر مرّات ، وإذا أمسى عشراً ، ليُسمّى بذلك عبداً شكوراً.

ومنها : أن يقول إذا أصبح وأمسى : «اللّهمّ إنّي أُشهدك أنّه ما أمسى وأصبح بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا ، فمنك ، وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ، ولك الشكر بها عليّ حتّى ترضى إلهنا» فإنّ نوحاً إنّما سمّي عبداً شكوراً ؛ لأنّه كان يقولها.

ومنها : أن يقول إذا أصبح وأمسى : «أصبحت وربّي محمود ، أصبحت لا أشرك باللّه شيئاً ، ولا أدعو مع اللّه إلهاً آخر ، ولا اتخذ من دونه وليّاً» وإنّما وصف إبراهيم بالذي وفّى ، ودعي عبداً شكوراً ؛ لأنّه كان يقولها.

ومنها : أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرّات ، وقبل غروبها عشر مرّات : «لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، لهُ الملك ، ولهُ الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حيّ لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كلّ شي ء قدير».

قال : عليه السلام ذلك في تفسير أية ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها ) (1) وذكر أنّها فريضة على كلّ مسلم (2) ، ومراده تأكيد السنّة. وذكر الراوي زيادة «ويميت ويحيي» فقال : له : «قل مثل ما أقول».

وفسّر عليه السلام به أيضاً قوله تعالى ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ، وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ) (3) ، قال الراوي ، قلت : بيده الخير ، قال : «إنّ بيده الخير ، ولكن قل كما أقول عشر مرّات ، وأعوذ باللّه السميع العليم حين تطلع الشمس ، وحين تغرب ، عشر مرّات» (4).

وفي رواية أُخرى تقول : عشراً قبل طلوع الشمس ، وعشراً قبل غروبها : «أعوذ باللّه السميع العليم من همزات الشياطين ، وأعوذ بك ربّ أن يحضرون ، إنّ

ص: 490


1- طه : 20.
2- الخصال : 452 ح 58 ح ، الوسائل 4 : 1236 أبواب الذكر ب 49 ح 4.
3- الأعراف : 205.
4- الكافي 2 : 527 ح 17 ، الوسائل 4 : 1236 أبواب الذكر ب 49 ح 6.

اللّه هو السميع العليم» ؛. (1)

ومنها : أن يقول ما كان عليّ عليه السلام يقوله إذا أصبح : «سبحان اللّه الملك القدّوس» ثلاثاً «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من زوال نعمتك ، ومن تحويل عافيتك ، ومن فجأة نقمتك ، ومن درك الشقاء ، ومن شرّ ما سبق في اللّيل ، اللّهمّ إنّي أسألك بعزّة ملكك ، وشدّة قوّتك ، وبعظيم سلطانك ، وبقدرتك على خلقك» ثمّ تسأل حاجتك (2).

ومنها : أن يقول بعد الصبح : «الحمد لربّ الصباح ، الحمد لفالق الإصباح» ثلاث مرّات «اللّهمّ افتح لي باب الأمر الذي فيه اليسر والعافية ، اللّهمّ هيّئ لي سبيله ، وبصّرني مَخرجه ، اللّهمّ إن قضيت لأحدٍ من خلقك مقدرة عليّ بالشرّ ، فخذه من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن شماله ، ومن تحت قدميه ، ومن فوق رأسه ، واكفنيه بما شئت ، ومن حيث شئت ، وكيف شئت».

ومنها : أن يقول إذا أصبح وأمسى : «الحمدُ لربّ الصباح ، الحمد لفالق الإصباح» مرّتين «الحمد لله الذي أذهبَ اللّيل بقدرته ، وجاء بالنهار برحمته ، ونحن في عافية» ويقرأ أية الكرسي ، وآخر الحشر ، وعشر آيات من الصافّات ، «وسبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون ، وسلام على المرسلين ، و ( الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ، ( فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ ، وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) ، ولهُ الحمد في السماوات والأرض ، وعشيّاً ، وحين تظهرون ، و ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ) ، ويُحيي الأرض بعد موتها ، وكذلك تخرجون ، سبّوح قدّوس ، ربّ الملائكة والروح ، سبقت رحمتك غضبك ، لا إله إلا أنت سبحانك ، إنّي عملت سوءاً ، وظلمت نفسي ، فاغفر لي ، وارحمني ، وتب عليّ ، إنّك أنت التواب الرحيم».

ومنها : أن يقول حين يطلع الفجر : «لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، لهُ الملك ولهُ الحمد ، يُحيي ويُميت ، وهو حيّ لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كلّ شي ء قدير»

ص: 491


1- الكافي 2 : 533 ح 31 ، الوسائل 4 : 1156 أبواب الدعاء ب 47 ح 1.
2- الكافي 2 : 527 ح 6 ، وص 532 ح 30 ، الوسائل 4 : 1236 أبواب الذكر ب 49 ح 5.

عشر مرّات ، و «صلّى اللّه على محمّد وآله» عشر مرّات ، ويسبّح خمساً وثلاثين مرّة ، ويهلّل خمساً وثلاثين مرّة ، ويحمد خمساً وثلاثين مرّة ، فإنّه حينئذٍ لم يكتب في ذلك الصباح من الغافلين ، وإذا قالها في المساء لم يُكتب في تلك اللّيلة من الغافلين.

ومنها : أن يدعو بالدعاء المخزون ، وهو أن يقول : ثلاث مرّات إذا أصبح وثلاثاً إذا أمسى : «اللّهمّ اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تُريد».

ومنها : أن يقول إذا أصبح وأمسى عشر مرّات : «اللّهمّ ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك ، وحدَك لا شريكَ لك ، ولكَ الحمد ، ولكَ الشكر بها عليّ يا ربّ حتّى ترضى ، وبعد الرضا» ؛ ليكون قد أدّى شكر ما أنعم اللّه به عليه في ذلك اليوم ، وتلك اللّيلة.

ومنها : أن يكبّر اللّه مائة تكبيرة قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها ؛ ليكتب اللّه له من الأجر كأجر من أعتق مائة رقبة ، ومن قال : «سبحانَ اللّه وبحمده» كتبَ اللّه له عشر حسنات ، وإن زادَ زادَه اللّه تعالى.

ومنها : أن يقول حين يُمسي ثلاث مرّات : «سبحان اللّه حين تُمسون ، وحين تُصبحون ، ولهُ الحمدُ في السماوات والأرض ، وعشيّاً ، وحين تظهرون» حتّى لا يفوته خير في تلك اللّيلة ، ويصرف عنه جميع شرّها. وإن قال مثل ذلك حين يُصبح ، لم يَفُته خير يكون في ذلك اليوم ، وصرفَ عنه جميع شرّه.

ومنها : أن يُسبّح اللّه تعالى مائة تسبيحة ؛ ليكون أفضل الناس ذلك اليوم ، إلا من قال مثل قوله.

ويُستحبّ الجلوس مع الذين يذكرون اللّه تعالى ، ومع الذين يتذاكرون العلم ، فإن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : «بادروا إلى رياض الجنّة» قالوا : يا رسول اللّه ، ما رياض الجنّة ، قال : «حلق الذكر» (1).

ص: 492


1- الفقيه 4 : 293 ح 885 ، أمالي الصدوق : 297 ح 2 ، معاني الأخبار : 231 ح 1 ، أعلام الدين : 275 ، تنبيه الخواطر 2 : 234 ، الوسائل 4 : 1239 أبواب الذكر ب 50 ح 1.

وروى عنهم عليهم السلام ، عن لقمان عليه السلام أنّه قال لابنه : «اختر المجالس على عينك ، فإن رأيت قوماً يذكرون اللّه تعالى ، فاجلس معهم ؛ فإن تكُ عالماً ، نفعك علمك ؛ وإن تكُ جاهلاً علّموك ، ولعلّ اللّه يُظلّهم برحمة ، فتعمّك معهم ؛ فإذا رأيت قوماً لا يذكرون اللّه ، فلا تجلس معهم ؛ فإنّك إن تكُ عالماً ، لا ينفعك علمك ؛ وإن تكُ جاهلاً ، يزيدوك جهلاً ، ولعلّ اللّه أن يظلّهم بعقوبة فتعمّك معهم» (1).

وعن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم : «إنّ الملائكة يمرّون على حلق الذكر ، فيقومون على رؤسهم ، فيبكون لبكائهم ، ويؤمّنون على دعائهم إلى أن قال فيقول اللّه لهم : اشهدوا أنّي قد غفَرتُ لهم ، وآمنتهم ممّا يخافون ، فيقولون : ربّنا إنّ فيهم فلاناً ، ولم يذكرك ، فيقول : قد غفرتُ له بمجالسته لهم ، فإنّ الذاكرين ممّن لا يشقى بهم جليسهم» (2).

ويتحقّق الذكر : بذكر أسماء اللّه تعالى ، وصفاته الخاصّة ، أو العامة ، مع إرادة اللّه منها ، مُفردة أو مُركّبة ، مُفيدة أو غير مُفيدة ، وبما يرجع إليه من ضمير أو إشارة.

وكذا بكلّ ما يشتمل على تعظيمه ، ومنه قول : بحول اللّه تعالى ، وبكلّ ما فيه مُناجاة اللّه ، وتكليمه ، مع إفادة المعنى.

وذكر بعض حروف الكلمة ليس من الذكر ، وكذا ما ذكر مَقلوباً ، وما نثرت فيه الحروف نثراً ، بحيث لا يترتّب عليها صوغ الكلمة.

والظاهر أنّ المحرّم منه لدخوله في الغناء ، أو فيما أضرّ الناس ، أو في خطاب الأجنبيّات مع التلذّذ لا يُعدّ من الذكر.

وأسماء العلماء ، والصلحاء ، والأنبياء ، والأوصياء السابقين لا يلحق ذكرهم بالذكر ، وإن كان راجحاً.

وأمّا أسماء النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والزهراء عليها السلام ، والأئمّة عليهم السلام فلا يبعد فيها الإلحاق ، لكنّ الاحتياط أن لا تلحق إلا مع الإضافة إلى ذكر

ص: 493


1- الكافي 1 : 39 ح 1 ، علل الشرائع : 394 ح 9 ، الوسائل 4 : 1239 أبواب الذكر ب 50 ح 2.
2- إرشاد القلوب : 62 ، أعلام الدين : 280 ، عدّة الداعي : 256 ، الوسائل 4 : 1239 أبواب الذكر ب 50 ح 4.

اللّه تعالى ، فينبغي الاقتصار في ذكرهم في الصلاة على الإضافة أو الإدخال في ضمن الدعاء ، كالصلاة عليهم ، ونحوها.

والإخلال ببِنية الكلماتِ مُفسد لها في الواجبات والمندوبات من الصلوات ، ولا يستتبعها في العبادة فساد ، سواء خرجت عن العربيّة إلى غيرها من اللغات ، أو بقيَت في الاسم ، ودخلت في المحرّفات.

وأمّا الإخلال بما يعرض للبِنية من إعرابات ونحوها ، من الأُمور الخارجيّات ، فإفساده مقصور على الواجبات ، ويختصّ فيها ، دون ما دخلَت فيه من العبادات ، ودون ما كان فيها من المندوبات ، ويجري مثلها في الدعوات.

بخلاف قراءة ما في القرآن من السور والآيات ، فإنّ المحافظة فيها على مشهور القراءات من الأُمور الواجبات لا المسنونات.

(والظاهر أنّ كُلا من القراءات والذكر والدعاء ليس من العبادات الخاصة التي يُعاقب على فعلها مع الخلوّ عن نيّة القربة ، بل ممّا يتوقّف ثوابها على النيّة ، إلا إذا دخل شي ء منها ضمن عبادة خاصة) (1).

وروى : أنّه يكره أن يقال : الحمد لله منتهى علمه ، قال عليه السلام : لأنّ علمه ليس له انتهاء ، بل يقال : مُنتهى رضاه (2).

ص: 494


1- ما بين القوسين ليس في «ح».
2- التوحيد : 134 ح 1 - 2 ، الوسائل 4 : 1168 أبواب الدعاء ب 58 ح 1 - 2.

كتاب الدعاء

اشارة

الدعاء مُستحبّ في نفسه ، عقلاً وشرعاً ، والآيات والروايات والإجماع والضرورة شاهدة عليه. وفيه معظم الشرف بعد شرف العبوديّة والخدمة ؛ لأنّ الداعي يكون في مقام الخطاب والمناجاة والتكلّم مع اللّه تعالى.

والاستكبار عنه حرام ، بل مكفّر ، وفسّرت في أخبار كثيرة أية ( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ ) (1) بأنّهم المستكبرون عن الدعاء والعبادة : الدعاء (2).

وفي الخبر : «لو أنّ عبداً سدّ فاهُ ، ولم يسأل ، لم يُعطَ شيئاً ، فاسأل تُعطَ» (3).

وفي آخر : «من لم يَسأل اللّه من فضله افتقر» (4) إلى غير ذلك.

وللدعاء ثواب مقدّر ، ومقامات وكيفيّات ، فلا بدّ فيه من بيان أُمور تُستحبّ مُراعاتها :

ص: 495


1- المؤمن : 60.
2- الكافي 2 : 466 ح 1-5 ، عدّة الداعي : 39 ، الوسائل 4 : 1083 أبواب الدعاء ب 1 ح 1 - 2.
3- الكافي 2 : 466 ح 3 ، عدّة الداعي : 29 ، الوسائل 4 : 1084 أبواب الدعاء ب 1 ح 5.
4- الكافي 2 : 467 ح 4 ، عدّة الداعي : 29 ، الوسائل 4 : 1084 أبواب الدعاء ب 1 ح 6.

منها : المحافظة على العربيّة ، فإنّ للدّعاء فضلاً من جهة اللفظ ، وهذا مخصوص بالألفاظ العربيّة ، وتختلف مراتبه أجراً باختلافه فصاحةً وبلاغةً ، (وفضلاً من جهة المعنى ، وهذا تستوي فيه اللّغات. وقد يقال : بترجيح بعض اللّغات على بعض ، على نحو ما تقدّم في بحث ترجمة القرآن) (1).

ومنها : الإكثار من الدعاء ، فقد فُسّر «الأوّاه» في الرواية بالدعاء (2) ، وفي اخرى : «سل تعط ، إنّه ليس من باب يُقرع إلا يُوشك أن يُفتح لصاحبه» (3).

وفي أُخرى : «إنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان رجلاً دَعّاءً» (4).

وفي اخرى : «الدعاء ترس المؤمن ، ومتى تُكثر قرعَ الباب ، يُفتح لك» (5).

وفي أخبار كثيرة : «أكثروا من الدعاء» (6).

ومنها : استحباب الدعاء زيادة على غيره من العبادات ، ففي الأخبار : «إنّ أفضل العبادة الدعاء ، وإنّه ما من شي ء أفضل عند اللّه تعالى من أن يُسأل ، ويُطلب ممّا عنده ، وإنّ أحبّ الأعمال إلى اللّه تعالى الدعاء ، وإنّ كثرة الدعاء أفضل من كثرة القراءة» (7).

ومنها : استحباب الدعاء في الحوائج ، وإلا تُرمى بالاحتقار ؛ لقولهم عليهم السلام : «إنّ صاحب الصغار هو صاحب الكبار» (8).

ومنها : تسمية الحاجة ، وإن كان اللّه تعالى أعلم بها ، كما في الرواية (9).

ومنها : كون الدعاء قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها ؛ فإنّها ساعتا إجابة وغَفلة.

ومنها : الدعاء بردّ البلاء ؛ فإنّه يردّه ، وقد أُبرم إبراماً.

ص: 496


1- هذا الأمر ليس في «م» ، «س».
2- الكافي 2 : 466 ح 1 ، عدّة الداعي : 39 ، الوسائل 4 : 1085 أبواب الدعاء ب 2 ح 1.
3- الكافي 2 : 467 ح 3 ، عدّة الداعي : 29 ، الوسائل 4 : 1085 أبواب الدعاء ب 2 ح 2.
4- الكافي 2 : 468 ح 8 ، عدّة الداعي : 39 ، الوسائل 4 : 1085 أبواب الدعاء ب 2 ح 3.
5- الكافي 2 : 468 ح 4 ، عدّة الداعي : 16 ، الوسائل 4 : 1085 أبواب الدعاء ب 2 ح 4.
6- الكافي 8 : 7 ح 1 ، عدّة الداعي : 30 ، الوسائل 4 : 1086 أبواب الدعاء ب 2 ح 6-8.
7- الكافي 2 : 466 ح 1 و 2 و 8 ، عدّة الداعي : 14 ، الوسائل 4 : 1089 أبواب الدعاء ب 3 ح 1 و 2 و 4 و 6.
8- الكافي 2 : 476 ح 6 ، الوسائل 4 : 1090 أبواب الدعاء ب 4 ح 1.
9- الكافي 2 : 476 ح 1 ، الوسائل 4 : 1091 أبواب الدعاء ب 5 ح 1 ، 2.

ومنها : الدعاء عند الخوف من الأعداء ، وعند توقّع البلاء ؛ فإنّه يردّ البلاء وقد قُدّر وقُضي ، فلم يبقَ إلا إمضاؤه ، ويَدفعُ البلاء النازل ، وغير النازل ، ويردّ القضاء ، وقد أُبرم إبراماً ، ويردّ ما يُقدّر ، وما لم يُقدّر.

وورد في الأخبار : أنّه أنفذ من سنان الحديد ، وسلاح المؤمن ، وسلاح الأنبياء ، وعمود الدين ، ونور السماوات والأرض ، وإذا اشتدّ الفزع ، فإلى اللّه المفزع ، وخير الدعاء ما صدر من صدرٍ نقيّ ، وقلب تقي (1).

ومنها : التقدّم بالدعاء في الرخاء قبل نزول البلاء ، ففي الأخبار : «من سرّه أن يُستجاب له في الشدّة ، فليكثر الدعاء في الرخاء. تعرّف إلى اللّه في الرخاء ، يَعرِفكَ في الشدّة. ومن تقدّم في الدعاء ، استجيب له إذا نزل البلاء ، وقيل : صوت معروف ، ولم يُحجب عن السماء ، ومن لم يتقدّم به لم يُستجب له ، وقالت الملائكة : صوت لا نعرفه» (2).

ومنها : الدعاء بعد نزول البلاء ، ففي الأخبار : «إنّه يقصّر مدّة البلاء» (3).

ومنها : الدعاء عند نزول المرض والسّقم ، روي عنهم عليهم السلام : «عليك بالدعاء ، فإنّه شفاء من كلّ داء» (4).

وأن يقول المريض : اللّهمّ اشفني بشفائك ، وداوني بدوائك ، وعافني من بلائك ، فإنّي عبدك وابن عبدك.

ومنها : رفع اليدين بالدعاء ، روي : أنّه التضرّع المراد بقوله تعالى ( وَما يَتَضَرَّعُونَ ) وأنّ الرغبة : أن تبسط يديك ، وتظهر باطنهما ، والرهبة : أن تظهر ظاهرهما.

والتضرّع : تحريك السبّابة اليمنى يميناً وشمالاً.

والتبتّل : تحريك السبابة اليُسرى ترفعها إلى السماء وتضعها.

ص: 497


1- انظر الكافي 2 : 468 ، وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 37 ح 95 ، وعدّة الداعي : 16 ، والوسائل 4 : 1094 أبواب الدعاء ب 8.
2- الكافي 2 : 472 ح 1 ، دعوات الراوندي : 19 ، الوسائل 4 : 1096 أبواب الدعاء ب 9.
3- الكافي 2 : 471 ح 21 ، الوسائل 4 : 1098 أبواب الدعاء ب 10 ح 1 - 2.
4- الكافي 2 : 470 ح 1 ، دعوات الراوندي : 18 ، الوسائل 4 : 1099 أبواب الدعاء ب 11 ح 1.

والابتهال : تبسط يدك وذراعك إلى السماء. والابتهال حين ترى أسباب البكاء.

وإذا سألت فببطن كفّيك ، وإذا تعوّذت فبظهر كفّيك ، وإذا دعوت فبإصبعيك ، وورد غير ذلك (1).

ومنها : مسح الوجه والرأس والصدر باليدين عند الفراغ من الدعاء.

ومنها : حُسن النيّة ، وحُسن الظنّ بالإجابة ؛ لقوله عليه السلام : «إذا دعوتَ فأقبل بقلبك ، ثمّ استيقن بالإجابة. وإذا دعوت فاقبل بقلبك ، وظنّ حاجتك بالباب ، ولا يقبل اللّه تعالى دعاء قلب ساهٍ أو لاهٍ» (2).

ومنها : ترك الاستعجال في الدعاء ، فإنّ اللّه تعالى لم يزل في حاجته ما لم يستعجل ، ولم يزل المؤمن بخير ورجاء رحمة من اللّه تعالى ما لم يستعجل ، فيقنط ، ويترك الدعاء.

ومنها : ترك اللحن ؛ فقد ورد : أنّ فضيلة الرجل تظهر بقراءة القرآن كما أُنزل ، ودعائه اللّه تعالى من حيث لا يلحن (3).

ومنها : الإلحاح في الدعاء ، فقد روي : «واللّه لا يلحّ عبد مؤمن على اللّه تعالى في حاجته إلا قضاها اللّه تعالى له» (4).

وعن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم : «إنّ اللّه تعالى يُحبّ السائل اللّحوح» (5).

وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم : «رحمَ اللّه عبداً طلبَ حاجة ، فألحّ في الدعاء» (6).

وفي التوراة : يا موسى ، مَن رجاني ألحّ في مسألتي (7).

ص: 498


1- الكافي 2 : 479 ح 1 4 ، معاني الأخبار : 369 ، الوسائل 4 : 1101 أبواب الدعاء ب 13.
2- الكافي 2 : 473 ح 1 - 3 ، دعوات الراوندي : 30 ح 61 ، عدّة الداعي : 20 ، الوسائل 4 : 1105 أبواب الدعاء ب 15 ، 16.
3- عدّة الداعي : 23 ، الوسائل 4 : 1107 أبواب الدعاء ب 18 ح 1.
4- الكافي 2 : 475 ح 3 ، عدّة الداعي : 155 ، الوسائل 4 : 1109 أبواب الدعاء ب 20 ح 1.
5- دعوات الراوندي : 20 ح 15 ، عدّة الداعي : 155 ، الوسائل 4 : 1110 أبواب الدعاء ب 20 ح 9.
6- الكافي 2 : 475 ح 6 ، عدّة الداعي : 32 ، الوسائل 4 : 1110 أبواب الدعاء 20 ح 10.
7- أعلام الدين : 328 ، عدّة الداعي : 156 ، الوسائل 4 : 1111 أبواب الدعاء ب 20 ح 11.

وفي زبور داود : يقول اللّه تعالى : يا ابن آدم تسألني ما ينفعك فلا أُجيبك ، لعلمي بما ينفعك ، ثمّ تلحّ عليّ بالمسألة فأُعطيك ما سألت (1).

وعنه عليه السلام : إنّ اللّه تعالى يُؤخر إجابة المؤمن ؛ حُبّاً لسماع صوته ونحيبه ، وغيره يعجل بإجابته ؛ بُغضاً لسماع صوته (2).

ومنها : أن يقال في الدعاء قبل تسمية الحاجة : يا اللّه عشراً ، ويا ربّ عشراً ، ويا اللّه يا ربّ ، حتّى ينقطع النفس ، أو عشراً. وأيّ ربّ ثلاثاً ، وياأرحم الراحمين سبعاً.

أو في السجود : يا اللّه يا ربّاه يا سيّداه. أو يا ربّ يا اللّه يا ربّ يا اللّه ، حتّى ينقطع نفسه ؛ ليُجاب التلبية ، ويقال له : سل حاجتك.

ومنها : أن يكبّر اللّه تعالى ، ويسبّحه ، ويحمده ، ويهلّله ، ويصلّي على محمّد وآله مائة مرّة قبل الدعاء ؛ لطلب الحور العين ؛ ليكون ذلك مَهرها. ولعلّه يتمشّى في كلّ دعاء.

ومنها : أن يقال بعد الدعاء : «ما شاء اللّه ، لا حول ولا قوّة إلا باللّه» ؛ ليقول اللّه تعالى : «اقضوا حاجته».

ومنها : قول : «ما شاء اللّه» ألف مرّة ؛ ليرزق الحجّ من عامه ؛ فإن لم يرزق فيه ، أخّره اللّه تعالى إلى أن يرزقه.

ومنها : الصلاة على محمّد وآله في أوّل الدعاء ، ووسطه ، واخره ؛ فإنّ كلّ دعاء محجوب عن السماء حتّى يصلّى على محمّد وآله.

وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «اجعلوني في أوّل الدعاء ، ووسطه ، واخره» (3).

وقال الصادق عليه السلام مَن كانت لهُ إلى اللّه تعالى حاجة ، فليبدأ بالصلاة

ص: 499


1- أعلام الدين : 328 ، عدّة الداعي : 211 ، الوسائل 4 : 1111 أبواب الدعاء ب 20 ح 12.
2- الكافي 2 : 489 ح 3 ، قرب الإسناد : 386 ح 1358 ، أمالي الصدوق : 245 ، الوسائل 4 : 1111 أبواب الدعاء ب 21 ح 1.
3- الكافي 2 : 492 ح 5 ، عدّة الداعي : 166 ، الوسائل 4 : 1136 أبواب الدعاء ب 36 ح 7.

على محمّد وإله ، ثمّ يسأل حاجته ، ثمّ يختم بالصلاة على محمّد وآله ، فإنّ اللّه تعالى أكرم من أن يقبل الطرفين ، ويدع الوسط (1).

ومنها : التوسّل في الدعاء بمحمّد وآله ، فإنّ الصادق عليه السلام كان أكثر ما يلحّ في الدعاء على اللّه بحقّ الخمسة : النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والأمير عليه السلام ، والزهراء ، والحسنين عليهم السلام (2).

وعن أبي جعفر عليه السلام : «إنّ عبداً مكث في النار سبعين خريفاً ، والخريف : سبعون سنة ، ثمّ إنّه سأل اللّه تعالى بحقّ محمّد وأهل بيته لما رحمتني ، فأوحى اللّه إلى جبرئيل أن اهبط إلى عبدي فأخرجه ، فقال له تعالى : يا عبدي كم لبثت في النار؟ فقال : لا أُحصي يا ربّ ، قال : وعزّتي وجلالي ، لولا ما سألتني به لأطلت هوانك ، ولكنّي ضمنت على نفسي أن لا يسألني عبد بحقّ محمّد وأهل بيته إلا غفرت له ما كان بيني وبينه ، وقد غفرت لك اليوم» (3).

والكلمات اللاتي تلقّاها آدم من ربّه ، وسأله بحقّها أن يتوب عليه فتاب عليه : محمّد ، وعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، عليهم السلام ؛ فإنّه سأله بحقّهم أن يتوب عليه. وهي الكلمات الّتي ابتلي بها إبراهيم حيث دعا اللّه تعالى بحقّهم أن يتوب عليه ، فتاب عليه.

وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «يكره للعبد أن يزكّي نفسه ، ولكني أقول : كانت توبة آدم ، ونجاة نوح من الغرق ، ونجاة إبراهيم من النار ، وجعلها عليه برداً وسلاماً ، ورفع خيفة موسى حين ألقى العصا بالسؤال بحق محمّد وآل محمّد» (4).

وروى : أنّ يعقوب عليه السلام توسّل بهم في ردّ يوسف عليه السلام ، فرُدّ ، (5).

ص: 500


1- الكافي 2 : 494 ح 16 ، عدّة الداعي : 167 ، الوسائل 4 : 1137 أبواب الدعاء ب 36 ح 11.
2- الكافي 2 : 580 ح 11 ، الوسائل 4 : 1139 أبواب الدعاء ب 37 ح 1.
3- أمالي الصدوق : 535 ح 4 ، الخصال : 584 ح 9 ، معاني الأخبار : 226 ح 1 ، ثواب الأعمال : 185 ، تنبيه الخواطر 2 : 82 ، الوسائل 4 : 1139 أبواب الدعاء ب 37 ح 2.
4- أمالي الصدوق : 181 ح 4 ، الوسائل 4 : 1140 أبواب الدعاء ب 37 ح 6.
5- أمالي الصدوق : 208 ح 7 ، الوسائل 4 : 1141 أبواب الدعاء ب 37 ح 7.

وعن أبي جعفر عليه السلام من دعا بنا أفلح ، ومن دعا بغيرنا هلك ، واستهلك (1) ، إلى غير ذلك.

ومنها : الدعاء في الجزء السابع من اللّيل ، وهو السدس الأوّل من النصف الثاني ؛ فإنّه ما يوافقه مسلم يصلّي أو مطلقاً ويدعو ، إلا استجيب له.

ومنها : الدعاء عند رِقّة القلب ، وقشعريرة البدن ، وحصول الإخلاص ، والخوف من اللّه تعالى ، فقد روي : إذا اقشعرّ جلدك ودمعت عيناك ، فدونك دونك ، فقد قَصَدَ قَصدك (2) ، وإنّ بالإخلاص يكون الخلاص ، وإذا اشتدّ الفزع ، فإلى اللّه المفزع (3).

ومنها : استحبابه مع البكاء ، والتباكي مع تعذّره ، ولو بتذكّر بعض الأقرباء ، فكلّ عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة ، باكية من خشية اللّه ، وغاضة عن محارم اللّه ، وساهرة في سبيل اللّه. ومن لم يجئه البكاء ، فليتباكَ ، أو يعالج بتذكّر بعض الأرحام.

ومنها : الدعاء في الليل ، خصوصاً ليلة الجمعة وفي يوم الجمعة ، فعن الصادق عليه السلام : «إنّ فيما ناجى اللّه به موسى أن قال : يا ابن عمران ، كذب من زعم أنّه يحبّني ، فإذا جنّه اللّيل نام ، فإنّ كلّ مُحبّ يُحبّ خلوة حبيبه.

يا ابن عمران ، أنا مُطّلع على أحبّائي ، إذا جنّهم اللّيل حوّلت أبصارهم في قلوبهم ، ومثلث عقوبتي بين أعينهم ، يخاطبونني عن المشاهدة ، ويكلّمونني عن الحضور.

يا ابن عمران ، هب لي من قلبك الخشوع ، ومن يدك الخضوع ، ومن عينك الدموع ، وفي ظلم اللّيل ادعني تجدني قريباً» (4).

وعن الباقر عليه السلام : «إنّ اللّه تعالى يُنادي كلّ ليلة جمعة من فوق عرشه من أوّل الليل إلى أخره : ألا عبد مؤمن يدعوني لدينه أو دنياه قبل طلوع الفجر ، فأُجيبه ،

ص: 501


1- أمالي الطوسي : 172 ح 289 ، الوسائل 4 : 1142 أبواب الدعاء ب 37 ح 12.
2- قصد قصدك ، من قولهم «أقصد السهم» أصاب وقتل مكانه. مفردات الراغب : 404.
3- الكافي 2 : 468 ح 2 ، وص 478 ح 8 ، الخصال : 81 ح 6 ، تنبيه الخواطر 2 : 154 ، الوسائل 4 : 1121 أبواب الدعاء ب 28.
4- أمالي الصدوق : 292 ، أعلام الدين : 263 ، الوسائل 4 : 1124 أبواب الدعاء ب 30 ح 2.

ألا عبد مؤمن يتوب إليّ قبل طلوع الفجر فأزيده ، وأُوسع عليه ، ألا عبد مؤمن سقيم يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فأُعافيه ، ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن أُطلقه من سجنه وأُخلّي سَربه (1) ، ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن أخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر ، فأنتصر له وأخذ بظلامته ، فلا يزال ينادي بهذا حتّى يطلع الفجر» (2).

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا كان آخر اللّيل يقول اللّه تعالى : هل من داعٍ فأُجيبه ، هل من سائل ، فأُعطيه سؤله ، هل من مُستغفرٍ فأغفر له ، هل من تائبٍ فأتوب عليه (3). إلى غير ذلك.

ومنها : تقديم تمجيد اللّه تعالى والثناء عليه ، والإقرار بالذنب والاستغفار منه ، وصلاة ركعتين.

قال الصادق عليه السلام إذا طلب أحدكم الحاجة فليثني على ربّه ، وليحمده ، فإنّ الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيّأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه ، فإذا طلبتم الحاجة ، فمجّدوا العزيز الجبّار ، وامدحوه ، وأثنوا عليه ، تقول : يا أجود من أعطى ، ويا خير من سُئل ، يا أرحم من استُرحم ، يا أحد ، يا صمد ، يا من لم يلد ، ولم يُولد ، ولم يكن له كفواً أحد ، يا من لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً ، يا من يَفعل ما يشاء ، ويحكم ما يُريد ، ويقضي ما أحبّ ، يأمن يحول بين المرء وقلبه ، يا من هو بالمنظر الأعلى ، يا من ليس كمثله شي ء ، يا سميع يا بصير.

قال : وأكثر من أسماء اللّه تعالى ، فإنّ أسماءه كثيرة ، وصلّ على محمّد وآل محمّد ، وقل : «اللّهمّ أوسع عليّ من رزقك الحلال ما أكفّ به وجهي ، وأؤدّي به عني أمانتي ، وأصِل به رحمي ، ويكون عوناً لي في الحج والعمرة».

ص: 502


1- السرب : الطريق ، ومنه يقال خلّ سربه. المصباح المنير : 272. ويقال : هو آمن في سربه أي في نفسه ، وقيل في أهله ونسائه ، فجعل السرب كناية. مفردات الراغب : 229.
2- التهذيب 3 : 5 ح 11 ، عدّة الداعي : 45 ، الوسائل 4 : 1125 أبواب الدعاء ب 30 ح 4.
3- أعلام الدين : 277 ، عدّة الداعي : 48 ، الوسائل 4 : 1125 أبواب الدعاء ب 30 ح 5.

ثمّ ذكر صلاة الركعتين ، وقال : «إذا أردت أن تدعو اللّه ، فمجّده ، واحمده ، وسبّحه ، وهلّله ، وأثنِ عليه ، وصلّ علي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وسل تُعط».

وقال في جواب من قال : قد أوعد اللّه تعالى بإجابة الدعاء ، فكيف أخلف وعده إنّ للدعاء جهة ، فمن جاء من جهة الدعاء استُجيب له ؛ وهي أن تبدأ فتحمد اللّه تعالى ، وتذكر نِعَمَه عندك ، ثمّ تشكره ، ثمّ تصلّي على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ثمّ تذكر ذنوبك وتقرّ بها ، ثمّ تستغفر منها ، فهذه جهة الدعاء» (1) إلى غير ذلك من الأخبار (2).

ومنها : الدعاء عند هبوب الرياح ، وزوال الشمس ، ونزول المطر ، وقتل الشهيد ، وعند قراءة القرآن ، وعند الأذان ، وعندَ التقاء الصفّين ، وعند دعوة المظلوم ، وعند الزحف ، وعند طلوع الفجر ؛ فإنّه تُفتح أبواب السماء ، ولا يكون له حجاب دون العرش ، وقدّر وقت الزوال بمقدار ما يصلّي أربع ركعات مترسّلاً.

وكلّ من أدّى لله تعالى مكتوبة ، فلهُ بعدَها دعوة مُستجابة.

ومنها : الدعاء بعد قراءة مائة أية من أيّ القرآن شاء ، ثمّ يقول : يا اللّه ، سبع مرّات ، قال أمير المؤمنين : فإنّه لو دعا على الصخرة لقلعها إن شاء اللّه تعالى (3).

ومنها : الدعاء بعد شم الطيب ، والتصدّق ، والرواح إلى المسجد.

ومنها : الدعاء مع اجتماع أربعين إلى أربعة. روي : أنّه ما اجتمع أربعة رهط على أمر واحد فدعوا اللّه تعالى إلا تفرّقوا عن إجابة (4).

وأنّه ما من رهط أربعين رجلاً اجتمعوا فدعوا اللّه في أمر إلا استجاب لهم ، فإن لم يكونوا أربعين ، فأربعة يدعون اللّه عشر مرّات ، إلا استجاب لهم ، وإن لم يكونوا

ص: 503


1- الكافي 2 : 485 ح 6 ، دعوات الراوندي : 230 ح 28 ، عدّة الداعي : 21 ، فلاح السائل : 35.
2- انظر الكافي 2 : 485 ح 6 - 9 ، وعدّة الداعي : 21 ، والوسائل 4 : 1126 أبواب الدعاء ب 31.
3- ثواب الأعمال : 130 ، أعلام الدين : 130 ، الوسائل 4 : 1114 أبواب الدعاء ب 23 ح 4.
4- دعوات الراوندي : 29 ح 55 ، عدّة الداعي : 158.

أربعة ، فواحد يدعو اللّه أربعين مرّة ، فيستجيب له (1).

ومنها : الدعاء مع التأمين ، فإنّ الداعي والمؤمّن شريكان ، وفي تفسير ( قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما ) (2) كان موسى داعياً ، وهارون والملائكة مؤمّنين (3).

وكان الباقر عليه السلام إذا أحزنه أمر ، جمع النساء والصبيان ليؤمّنوا على دعائه (4).

وقال موسى بن جعفر عليه السلام من دعا وحوله إخوانه ، وقال لهم : أمّنوا ، وجبَ عليهم التأمين ، وإن لم يقل ، فالأمر إليهم (5).

ومنها : تعميم الدعاء ، فعن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم : «مَن دعا فليعمّ ، فإنّه أوجب للدّعاء» (6).

وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم : «مَن صلّى بقوم فاختصّ نفسه بالدعاء دونهم فقد خانهم» (7).

ومنها : الدعاء للمؤمنين بظهر الغيب ، فإنّه أسرع إجابة ، ويدرّ الرزق ، ويدفع المكروه ، ويُنادي لأجله ملك : ولك مثلاه.

ولأنّ النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : «يا عليّ ، أربعة لا تُردّ لهم دعوة : إمام عادل ، والوالد لولده ، والرجل لأخيه المؤمن بظهر الغيب ، والمظلوم ؛ لقول اللّه تعالى : وعزّتي وجلالي ، لأنتصرنّ لكَ ، ولو بعد حين» (8).

ص: 504


1- الكافي 2 : 353 ح 1 ، عدّة الداعي : 157 ، الوسائل 4 : 1143 أبواب الدعاء ب 38 ح 1.
2- يونس : 10.
3- الكافي 2 : 487 ح 4 ، وص 510 ح 8 ، عدّة الداعي : 158 ، الوسائل 4 : 1144 أبواب الدعاء ب 39 ح 1 و 2 ، وص 1162 ب 51 ح 2.
4- الكافي 2 : 487 ح 3 ، عدّة الداعي : 158 ، الوسائل 4 : 1144 أبواب الدعاء ب 39 ح 3.
5- قرب الإسناد : 298 ح 1173 ، الوسائل 4 : 1144 أبواب الدعاء ب 39 ح 4.
6- الكافي 2 : 487 ح 1 ، ثواب الأعمال : 194 ح 5 ، أعلام الدين : 396 ، الوسائل 4 : 1145 أبواب الدعاء ب 40 ح 1.
7- الفقيه 1 : 260 ح 1186 ، الوسائل 4 : 1145 أبواب الدعاء ب 40 ح 2.
8- الفقيه 4 : 255 ح 821 ، الخصال : 197 ح 4 ، الوسائل 4 : 1146 أبواب الدعاء ب 41 ح 1 - 5.

وروى : أنّ اللّه قال لموسى : ادعني على لسانٍ لم تعصني به ، فقال : يا ربّ ، وأنّى لي بذلك! فقال : ادعني على لسان غيرك (1).

وفي رواية : أنّ من دعا لأخيه بظهر الغيب ، نودي من العرش : ولك مائة ألف ضعف ، وأنّ من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب ، نودي من عنان السماء : ولك بكلّ واحدة مائة ألف (2).

وفي رواية : أنّه يُنادى في السماء الأُولى بمائتي ألف ، وفي الثانية بمائتي ألف ، وفي الثالثة بثلاثمائة ألف ، وفي الرابعة بأربعمائة ألف ، وفي الخامسة بخمسمائة ألف ، وفي السادسة بستمائة ألف ، وفي السابعة بسبعمائة ألف ضعف (3).

وكانت الزهراء سلام اللّه عليها لا تدعو لنفسها ، فقال لها الحسن عليه السلام : «يا أُمّاه ، لِمَ لا تدعين لنفسك؟! فقالت : الجار ، ثمّ الدار» (4).

ومنها : الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ؛ ليردّ اللّه عليه مثل الذي دعا لهم به من كلّ مؤمن ومؤمنة مضى من أوّل الدهر أو يأتي إلى يوم القيامة ، وإذا أُمر به إلى النار وسحب إليها ، قال : المؤمنون والمؤمنات : هذا الذي كان يدعو لنا ، فشفّعنا فيه ، فيشفعّهم اللّه فيه ، فينجو.

وإنّ من قال كلّ يوم : «اللّهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات» خمساً وعشرين مرّة ، كتب اللّه له بكلّ مؤمن مضى ، وبكلّ مؤمن ومؤمنة بقي إلى يوم القيامة حسنة ، ومحا عنه سيّئة ، ورفع له درجة.

ومنها : الدعاء لأربعين من المؤمنين قبل الدعاء لنفسه ؛ ليُستجاب له فيهم ، وفي نفسه.

ص: 505


1- عدّة الداعي : 183 ، الوسائل 4 : 1147 أبواب الدعاء ب 41 ح 12.
2- الكافي 2 : 508 ح 6 ، الفقيه 2 : 137 ح 589 أمالي الصدوق : 369 ح 2 ، رجال الكشي 2 : 852 ح 1097 ، الوسائل 4 : 1149 أبواب الدعاء ب 42 ح 4.
3- عدّة الداعي : 185 ، الوسائل 4 : 1150 أبواب الدعاء ب 42 ح 5.
4- علل الشرائع 1 : 182 ح 1 ، 2 ، الوسائل 4 : 1150 أبواب الدعاء ب 42 ح 7.

ومنها : الدعاء على العدوّ إذا أدبر أو استدبر ، ويقال فيه : «اللّهمّ أطرفه ببليّة ، وأبح حريمه».

وفي خبر آخر : «اللّهمّ إنّك تكفي من كلّ شي ء ، ولا يكفي منك شي ء ، فاكفني أمر فلان بما شئت ، وكيف شئت ، وحيث شئت ، وأنّى شئت» (1).

ومنها : الدعاء لطلب الرزق في السجود في المكتوبة : «يا خير المسئولين ، ويا خير المعطين ، ارزقني ، وارزق عيالي من فضلك الواسع ، فإنّك ذو الفضل العظيم».

وروى : أنّه لا ينبغي أن تقيّد الرزق بالحلال ، بل يقال : الواسع الطيّب ؛ لأنّ الحلال مخصوص بالأنبياء (2) ، وهو معارض بأكثر منه ، ويبنى على اختلاف المقاصد.

ومنها : ترك الدعاء من ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو أكثر ممن لا تُستجاب لهم دعوة : مُتلف ماله ولو في وجه حقّ ، والداعي على جاره ، والداعي على امرأته ، والداعي لطلب الرزق وهو جالس في بيته ، والداعي على جاحد حقّه ولم يُشهد عليه ، والداعي على ذي رحم.

ومنها : الدعاء من أحد الثلاثة : الحاج ، والغازي ، والمريض. وفي الحديث : «لا تحقر دعوة أحد ؛ فإنّه يُستجاب لليهودي والنصراني فيكم ، ولا يُستجاب لهم في أنفسهم» (3).

ومنها : ترك كثرة الدعاء على الظالم ، ففي الخبر : «إنّ المظلوم قد يكثر من الدعاء على الظالم ، فيكون هو الظالم» (4).

ومنها : ترك الدعاء على الملوك ، فعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «إنّ اللّه قال : أنا اللّه ، لا إله إلا أنا ، خلقتُ الملوك ، وقلوبهم بيدي ، فأيّما قوم أطاعوني ، جعلت قلوب الملوك عليهم رحمة ، وأيّما قوم عصوني ، جعلت قلوب الملوك عليهم

ص: 506


1- الكافي 2 : 512 ح 4 ، الوسائل 4 : 1166 أبواب الدعاء ب 54 ح 3 - 4.
2- الكافي 2 : 552 ح 8 - 9 ، قرب الإسناد : 380 ح 1342 ، الوسائل 4 : 1157 أبواب الدعاء ب 49 ح 1 - 2.
3- الكافي 2 : 17 ح 2 ، الوسائل 4 : 1163 أبواب الدعاء ب 52 ح 4.
4- الكافي 2 : 333 ح 17 ، عقاب الأعمال : 323 ح 13 ، الوسائل 4 : 1164 أبواب الدعاء ب 53 ح 1.

سخطة ، ألا لا تشغلوا أنفسكم بسبّ الملوك ، توبوا إليّ ، أعطف قلوبهم عليكم» (1).

وقال أبو جعفر عليه السلام قال اللّه تعالى : لا تولعوا بسب الملوك ، توبوا إلى اللّه يعطف قلوبهم عليكم (2).

ومنها : الدعاء على العدوّ في السجدة الأخيرة من الركعة الثانية من نافلة اللّيل ، فإنّ رجلاً شكا إلى الصادق عليه السلام بأنّ له جاراً من قريش من آل محرز ، قد نوّه باسمه وشهره ، وكلّما مرّ عليه أحد يقول : هذا الرافضي يحمل الأموال إلى جعفر بن محمّد ، فقال عليه السلام له : «ادعُ عليه في صلاة اللّيل ، وأنت ساجد في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوّلتين ، واحمد اللّه عزوجل ومجّده ، وقل : اللّهمّ فلان بن فلان قد شهرني ، ونوّه بي ، وغاضني وعرّضني للمكاره ، اللّهمّ اضربه بسهم عاجل تشغله به عنّي ، اللّهمّ قرّب أجله ، واقطع أثره ، وعجّل ذلك يا ربّ ، الساعة الساعة» ثمّ ذكر أنّه فعل ذلك ، ودعا عليه ، فهلك (3).

ومنها : دعاء المباهلة ، وصورتها تُعلم من قول الصادق عليه السلام لأبي مسروق لمّا قال له : إنّا نكلّم الناس ، فنحتج عليهم : «إذا كان ذلك ، فادعهم إلى المباهلة ، وأصلح نفسك ثلاثاً» وفي ظنّ الراوي أنّه قال : «وصم ، واغتسل ، وابرز أنت ، وهو إلى الجبّانة ، وشبّك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه ، ثمّ أنصفه وابدأ بنفسك ، وقل : اللّهمّ ربّ السماوات السبع ، وربّ الأرضين السبع ، عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، إن كان أبو مسروق جحد حقّا وادّعى باطلاً ، فأنزل عليه حُسباناً (4) من السماء ، أو عذابا أليماً ، ثمّ ردّ الدعوة عليه ، وقل : وإن كان فلاناً جحد حقّا ، وادّعى باطلاً ، فأنزل عليه حُسباناً من السماء أو عذاباً أليماً» ثمّ قال لي : «فإنّك لا تلبث أن ترى

ص: 507


1- أمالي الصدوق : 299 ح 9 ، الجواهر السنيّة : 138 ، الوسائل 4 : 1165 أبواب الدعاء ب 53 ح 3.
2- المحاسن : 117 ح 122 ، أمالي الصدوق : 299 ح 9 ، الوسائل 4 : 1165 أبواب الدعاء ب 53 ح 4.
3- الكافي 2 : 512 ح 3 ، مصباح المتهجّد : 120 ، الوسائل 4 : 1166 أبواب الدعاء ب 55 ح 1.
4- الحسبان : سهام صغار يرمى بها عن القِسيّ الفارسيّة ، الواحد حسبانة. المصباح المنير : 135، وقيل : الحسبان نار وعذاب. مفردات الراغب : 116.

ذلك فيه» قال أبو مسروق : فواللّه ما وجدت خلقاً يُجيبني إليه (1).

وعن الصادق عليه السلام ، قال : «تشبك أصابعك في أصابعه ، ثمّ تقول : اللّهمّ إن كان فلاناً جحد حقّا ، وأقرّ بباطل ، فأصبه بحُسبان من السماء ، أو بعذاب من عندك ، فتُلاعنه سبعين مرّة» (2).

وفي رواية : «إذا أراد أحد أن يلاعن قال : اللّهمّ ربّ السماوات السبع ، وربّ الأرضين السبع ، وربّ العرش العظيم ، إن كان فلاناً جحد الحقّ وكفر به ، فأنزل عليه حُسباناً من السماء ، أو عذاباً أليماً» (3).

وينبغي أن يكون بين طلوع الفجر ، وطلوع الشمس.

ومنها : الدعاء بما جرى على اللّسان ؛ لقولهم عليهم السلام : «أفضل الدعاء ما جرى على لسانك» (4).

ومنها : الدعاء مُشتملاً على الأسماء الحسنى ، فعن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم : «إنّ لله تسعة وتسعين اسماً ، من دعا اللّه تعالى بها استجيب له ، ومن أحصاها دخل الجنّة». وقال اللّه تعالى ( وَلِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها ) (5).

ومنها : الدعاء للحامل بجعل ما في بطنها ذَكَراً قبل الأربعة أشهر ؛ لأنّه بعد الكمال يدخل إمّا في النساء أو الرجال ؛ لقول أبي جعفر عليه السلام : «الدعاء لها قبل مضيّ أربعة أشهر ؛ لأنّ النطفة تبقى في الرحم ثلاثين يوماً ، ثمّ تكون علقة ثلاثين يوماً ، ثمّ تكون مضغة ثلاثين يوماً ، ثمّ تكون مخلقة وغير مخلقة ثلاثين يوماً ، فإذا تمّت الأربعة أشهر بعث اللّه ملكين خلاقين يصوّرانه ، ويكتبان رزقه ، وأنّه شقي أو سعيد» (6).

ومنها : الدعاء مقروناً باليأس ممّا في أيدي الناس ، واللّه يرجوا إلا اللّه ؛ فإنّه حينئذ

ص: 508


1- الكافي 2 : 514 ح 1 ، عدّة الداعي : 215 ، الوسائل 4 : 1167 أبواب الدعاء ب 56 ح 1.
2- الكافي 2 : 514 ح 4 ، عدّة الداعي : 215 ، الوسائل 4 : 1167 أبواب الدعاء ب 56 ح 2.
3- الكافي 2 : 373 ح 5 ، الوسائل 4 : 1168 أبواب الدعاء ب 56 ح 4.
4- الأمان من إخطار الأسفار والأزمان : 19 ، الوسائل 4 : 1171 أبواب الدعاء باب 62 ح 2.
5- التوحيد : 195 ح 9 ، أعلام الدين : 349 ، الوسائل 4 : 1171 أبواب الدعاء ب 63 ح 1 ، الأعراف : 180.
6- قرب الإسناد : 353 ح 1262 ، علل الشرائع : 95 ح 4 ، الوسائل 4 : 1173 أبواب الدعاء ب 64 ح 4 بتفاوت.

لا يَسأل شيئاً من اللّه إلا أعطاه.

ومنها : الدعاء الذي لا يُردّ ، وهو : دعاء الوالد على ولده ، فإنّه أقطع من السيف.

ودعاء المظلوم ؛ فإنّه لا يردّ ، ولو كان فاجراً.

ودعاء الوالد لولده لا يردّ ، والظاهر أنّ حكم الوالدة حكم الوالد في المقامين.

ومنها : الدعاء مقروناً باجتناب الحرام ، وترك الذنوب ، ففي الخبر : «إنّ العبد إذا سأل حاجة ، وتوجّه قضاؤها ، ثمّ أذنب ذنباً ، قال اللّه تعالى للملك : لا تقض حاجته» (1).

فقال : النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم لشخص قال : أُحبّ أن يُستجاب دعائي : «طهّر مأكلك ، ولا تُدخل بطنك الحرام» (2).

ومنها : الدعاء مقروناً بترك الظلم ، فعن الصادق عليه السلام إنّ اللّه تعالى يقول : وعزّتي وجلالي ، لا أُجيب دعوة مظلوم دعاني في مَظلمة ظُلم بها ، ولأحدٍ عنده مثل تلك المظلمة (3).

وعنه عليه السلام إذا ظلم الرجل فظلّ يدعو على صاحبه ، قال اللّه تعالى : إنّ ههنا آخر يدعو عليك ، يزعم أنّك ظلمته ، فإن شئت أُجيبك ، وأجيب عليك ، وإن شئت أخّرتكما ، ويسعكما عفوي (4). وروى : أنّ اللّه تعالى أوحى إلى عيسى أن قل لظلمة بني إسرائيل : إني لا أستجيب لأحدٍ منهم دعوة ولأحدٍ من خلقي عندهم مظلمة (5).

ومنها : الدعاء مقروناً بلبس خاتم عَقيق أو فَيروزَج ، روي : أنّه ما رفعت كفّ إلى اللّه تعالى أحبّ إليه من كفّ فيها عَقيق (6).

ص: 509


1- الكافي 2 : 208 ح 14 ، الوسائل 4 : 1175 أبواب الدعاء ب 67 ح 1.
2- عدّة الداعي : 139 ، 212 ، الوسائل 4 : 1176 أبواب الدعاء ب 67 ح 5.
3- عقاب الأعمال : 321 ح 3 ، أعلام الدين : 409 ، الوسائل 4 : 1176 أبواب الدعاء ب 68 ح 1.
4- أمالي الصدوق : 262 ح 3 ، دعوات الراوندي : 25 ح 38 ، الوسائل 4 : 1176 أبواب الدعاء ب 68 ح 2.
5- عدّة الداعي : 141 ، فتح الأبواب : 296 ، الوسائل 4 : 177 أبواب الدعاء ب 68 ح 3.
6- ثواب الأعمال : 208 ح 9 ، الوسائل 4 : 1174 أبواب الدعاء ب 66 ح 1.

وعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إنّ اللّه تعالى قال : لأستحي من عبد يرفع يده وفيها خاتم فيروزج أن أردّها خائبة (1).

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «من تختّم بالعقيق ، قُضيت حوائجه» (2).

وفي خبر آخر : «من تختّم بالعقيق لم يقض له إلا بالتي هي أحسن» (3).

وورد النهي عن أن يقال في الدعاء : «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة» بل يقول : «من مضلات الفتن» ؛ لأنّ الفتنة هي المال والولد ، ولأنّه لا يخلو أحد من فتنة (4).

وأن يقال : «اللّهمّ اجعلني ممّن تنتصر به لدينك» (5) حتّى يقيّد بقول : «من الأخيار» مثلاً ؛ لأنّ اللّه تعالى ينتصر لهذا الدين بأشرّ خلقه.

وأن يقال : «اللّهمّ أغنني عن خلقك» (6) ؛ لأنّ الخلق يحتاج بعضهم بعضاً ، بل يقول : «عن لئام خلقك» (7).

وأن يقول : في الدعاء وغيره : «الحمد لله مُنتهى علمه» ؛ لأنّ علمه لا مُنتهى له ، بل يقول : «منتهى رضاه».

الصلاة على النبيّ وآله

اشارة

ومنها : الصلاة على محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم وآله ، وفيها مقامات :

الأوّل : في فضلها

وزيادة الأجر فيها :

ويُستحبّ الإكثار من الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وآله ، فقد

ص: 510


1- عدّة الداعي : 117 ، الوسائل 4 : 1174 أبواب الدعاء ب 66 ح 2.
2- عدّة الداعي : 117 ، الوسائل 4 : 1175 أبواب الدعاء ب 66 ح 4.
3- عدّة الداعي : 129 ، الوسائل 4 : 1175 أبواب الدعاء ب 66 ح 5.
4- نهج البلاغة : 484 حكمة 93 ، أمالي الطوسي : 580 ح 1201 ، الوسائل 4 : 1169 أبواب الدعاء ب 59 ح 1 - 2.
5- رجال الكشي 2 : 686 ح 726 ، الوسائل 4 : 1170 أبواب الدعاء ب 60 ح 1.
6- الكافي 2 : 205 ح 1 ، الوسائل 4 : 1170 أبواب الدعاء ب 61 ح 1.
7- الكافي 1 : 83 ح 3 ، التوحيد : 134 ح 2 ، الوسائل 4 : 1168 أبواب الدعاء ب 58 ح 1 - 2.

روي : أنّه ما في الميزان شي ء أثقل من الصلاة على محمّد وآل محمّد ، وإنّ الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به ، فيخرج الصلاة عليه ، فيضعها في ميزانه فترجح (1).

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من أراد التوسّل إليّ وأن تكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة ، فليصلّ على أهل بيتي ، ويدخل السرور عليهم (2).

وعن الصادق عليه السلام : «إنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لعليّ عليه السلام : ألا أُبشّرك؟ قال : بلى إلى أن قال جاءني جبرئيل ، وأخبرني أنّ الرجل من أُمّتي إذا صلّى عليّ ، وأتبع بالصلاة على أهل بيتي ، فُتحت له أبواب السماء ، وصلّت عليه الملائكة سبعين صلاة ، ثمّ تحاتّ عنه الذنوب ، كما يتحاتّ الورق من الشجر (3) ، ويقول اللّه : لبّيك عبدي وسعديك ، يا ملائكتي ، أنتم تصلّون عليه سبعين صلاة ، وأنا أُصلّي عليه سبعمائة» (4).

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليّ ، فإنّها تُذهب بالنفاق (5). ورفع الصوت بالتهليل سنّة أيضاً.

وعن الصادق عليه السلام إذا ذكر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فأكثروا الصلاة عليه ؛ فإنّه من صلّى على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم صلاة واحدة ، صلّى اللّه عليه ألف صلاة ، في ألف صفّ من الملائكة ، ولم يبقَ شي ء ممّا خلقه اللّه تعالى إلا صلّى على العبد لصلاة اللّه ، وصلاة ملائكته ، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور ، قد برئ اللّه تعالى منه ، ورسوله ، وأهل بيته (6).

ص: 511


1- الكافي 2 : 494 ح 15 ، عدّة الداعي : 165 ، الوسائل 4 : 121 أبواب الذكر ب 34 ح 1.
2- أمالي الصدوق : 310 ، أمالي الطوسي : 424 ح 947 ، الوسائل 4 : 1219 أبواب الدعاء ب 42 ح 5.
3- التحاتّ : سقوط الورق عن الغصن ، وتحاتّ الشي ء أي تناثرَ ، وتحاتّ ورقه : أي تساقط. لسان العرب 2 : 22.
4- ثواب الأعمال : 188 ح 1 ، أمالي الصدوق : 464 ح 18 ، الوسائل 4 : 1220 أبواب الذكر ب 42 ح 10.
5- الكافي 2 : 357 ح 8 ، وص 493 ح 13 ، ثواب الأعمال : 190 ح 1 ، الوسائل 4 : 1211 أبواب الذكر ب 34 ح 2.
6- الكافي 2 : 357 ح 6 ، وص 492 ح 6 ، ثواب الأعمال : 185 ح 1 ، الوسائل 4 : 1211 أبواب الذكر ب 34 ح 2.

وروى : أنّها أفضل العبادة (1).

وأنّ من أراد أن يُكفّر ذنوبه ، فليكثر من الصلاة على محمّد وآل محمّد ؛ فإنّها تهدم الذنوب هدماً (2).

وأنّ الصلاة على محمّد وإله تعدل عند اللّه تعالى التسبيح ، والتهليل ، والتكبير (3).

وأنّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال من صلّى عليّ ، صلّى اللّه عليه وملائكته ، فمن شاء فليقلّ ، ومن شاء فليكثر (4). وإنّما اتخذ اللّه إبراهيم خليلاً ؛ لكثرة صلاته على محمّد وأهل بيته (5).

وأنّ الصلاة على النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم أمحق للذنوب من الماء للنّار ، والسلام على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أفضل من عتق رقاب (6).

وأنّ من صلّى على محمّد وفي بعض النسخ وآله كُتبت له مائة حسنة ؛ ومن صلّى على محمّد وأهل بيته ، كتبت له ألف حسنة (7).

الثاني : في كيفيّة الصلاة ومعناها

فعن الصادق عليه السلام في تفسير ( صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (8) أنّ الصلاة من اللّه رحمة ، ومن الملائكة تزكية ، ومن الناس دعاء ، قال : «وسلّموا : يعني التسليم له فيما ورد عنه».

ص: 512


1- الكافي 2 : 359 ح 17 ، ثواب الأعمال : 186 ح 2 ، الوسائل 4 : 1211 أبواب الذكر ب 34 ح 5.
2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 : 294 ح 52 ، أمالي الصدوق : 68 ح 1 ، الوسائل 4 : 1212 أبواب الذكر ب 34 ح 7.
3- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 : 294 ح 52 ، أمالي الصدوق : 68 ح 4 ، الوسائل 4 : 1212 أبواب الذكر ب 34 ح 8.
4- الكافي 2 : 492 ح 7 ، الوسائل 4 : 1212 أبواب الذكر ب 34 ح 6
5- علل الشرائع 1 : 34 ح 3 ، الوسائل 4 : 1212 أبواب الذكر ب 34 ح 9.
6- ثواب الأعمال : 185 ح 1 ، الوسائل 4 : 1212 أبواب الذكر ب 34 ح 10.
7- ثواب الأعمال : 186 ، الوسائل 4 : 1213 أبواب الذكر ب 34 ح 10.
8- الأحزاب : 33.

وعنه لمّا سُئل عن كيفيّة الصلاة على محمّد وآله أنّه قال : «تقولون : صلوات اللّه ، وصلوات ملائكته ، وأنبيائه ، ورسله ، وجميع خلقه على محمّد وآل محمّد ، والسلام عليه ، وعليهم ، ورحمة اللّه ، وبركاته». وصلاة من صلّى بهذا النحو يخرج بها فاعلها من الذنوب كهيئة يوم ولدته أُمه (1).

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في كيفيّتها «قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، كما صلّيت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ، وبارك على محمّد وآل محمّد ، كما باركت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد» (2).

وعن الصادق عليه السلام : أنّه لا ينبغي أن يقال : «كما صلّيت» بل ينبغي أن يقال : «كأفضل ما صلّيت وباركت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد» (3) ولهذا التشبيه وجوه غير خفيّة.

الثالث : في استحباب ذكر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وذكر الأئمّة عليهم السلام ، في كلّ مجلس ، وكراهة ذكر أعدائهم.

فعن الصادق عليه السلام : «ما اجتمع قوم في مجلس لم يذكروا اللّه ، ولم يذكرونا فيه ، إلا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة» (4).

وعنه عليه السلام : «مَن ذكرَ اللّه ، كتبَ اللّه تعالى له عشر حسنات ، ومن ذكرَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، كتبَ له عشر حسنات ؛ لأنّ اللّه قَرَنَ رسولَه بنفسه» (5).

وهو يفيد أنّ من ذكر الآل كذلك ؛ لاقترانهم برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.

ص: 513


1- معاني الأخبار : 368 ، الوسائل 4 : 1213 أبواب الذكر ب 35 ح 1.
2- أمالي الصدوق : 316 ح 5 ، أمالي الطوسي : 429 ح 958 ، دعائم الإسلام 1 : 29 ، مجمع البيان 8 : 639 ، الوسائل 4 : 1214 أبواب الذكر ب 35 ح 4.
3- قرب الإسناد : 40 ح 130 ، الوسائل 4 : 1214 أبواب الذكر ب 35 ح 4.
4- الكافي 2 : 496 ح 2 ، عدّة الداعي : 246 ، 256 ، الوسائل 4 : 1215 أبواب الذكر ب 36 ح 1.
5- علل الشرائع 2 : 579 ، الوسائل 4 : 1215 أبواب الذكر ب 36 ح 2.

وعن أبي جعفر عليه السلام إنّ ذكرنا مِن ذكر اللّه تعالى ، وذكر عدوّنا مِن ذكر الشيطان (1).

الرابع : استحباب الصلاة عليه وإله ، ليذكر ما نسي

فقد روي عن الحسن عليه السلام في جواب من سأله عن الذكر والنسيان : «إنّ قلب الرجل في حُقّ (2) ، وعلى الحُقّ طَبَق ، فإن صلّى عند ذلك على محمّد وآل محمّد صلاة تامّة ، انكشف الطبق عن الحُقّ ، فأضاءَ القلب ، وذكرَ الرجل ما كان نسي ؛ وإن لم يصلّ على محمّد وآل محمّد ، أو نقص من الصلاة عليهم ، انطبق ذلك [الطبق على ذلك] الحُق ، فأظلم القلب ، ونسي الرجل ما كان ذكره» (3).

الخامس : ختم الكلام بالصلاة على محمّد وآل محمّد كما مرّ ، وعن عليّ عليه السلام ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «مَن كان آخر كلامه الصلاة عَليّ وعلى عليّ دخل الجنّة» (4).

السادس : رفع الصوت بالصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وآله عليهم السلام ؛ فإنّها تذهب بالنفاق ، وقد مرّ.

السابع : تكثير الصلاة على محمّد وآل محمّد ، فعن الصادق عليه السلام : «مَن صلّى على محمّد وآل محمّد عشراً ، صلّى اللّه وملائكته عليه مائة ، ومن صلّى على محمّد

ص: 514


1- الكافي 2 : 496 ح 2 ، عدّة الداعي : 256 ، الوسائل 4 : 1215 أبواب الذكر ب 36 ح 1.
2- الحق : يُشبّه به الثدي يعمل من العاج أو الخشب.
3- علل الشرائع 1 : 97 ح 6 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 : 66 ح 35 ، غيبة النعماني 92 ، الاحتجاج 1 : 266 ، الوسائل 4 : 1215 أبواب الذكر ب 37 ح 1.
4- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 64 ح 273 ، الوسائل 4 : 1216 أبواب الذكر ب 38 ح 1.

وآل محمّد مائة ، صلّى اللّه وملائكته عليه ألفاً» ثمّ قال : «أما تسمع قول اللّه تعالى ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ) (1)» (2).

الثامن : ذكر الصلاة على محمّد وآله ، كلّما ذكر اللّه تعالى ، فعن الرضا عليه السلام في تفسير ( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى ) (3) ليس معناه كلّ ما ذكر اسم اللّه تعالى قام للصّلاة ، وإلا لكلّف الناس شططاً ، بل كلّما ذكر اسم ربّه ، صلّى على محمّد وآله (4).

التاسع : تقديم الصلاة على محمّد وآله على الصلاة على الأنبياء ؛ لقول الصادق عليه السلام : إذا ذكر أحد من الأنبياء ، فقل صلى اللّه على محمّد وآله ، وجميع الأنبياء (5).

العاشر : أنّه يتأكّد استحباب الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم متى ذكره ، أو سمع ذكره عن استماع وبدونه ، من لسان صبيّ أو بالغ ، عاقل أو مجنون ، كافر أو مسلم ، مؤالف أو مخالف ، بإظهار أو إضمار أو إشارة ، من غير فصل بين حروفه بكلام أو سكوت ، بحيث تذهب الهيئة ، ولا قلب لحروفه.

ولو جي ء به بوضع محرّم كالغناء أو من الأجنبيّة ، أو من العبد المنهيّ عن الذكر ، إلى غير ذلك ، قوي جري الحكم. وحيث كان البناء على الندب ، سهلَ الخطب في التعدّد ، والوحدة ، وقصد الأذيّة ، وغيرها.

ص: 515


1- الأحزاب : 43.
2- الكافي 2 : 358 ح 14 ، الوسائل 4 : 1218 أبواب الذكر ب 40 ح 1.
3- الأعلى : 15.
4- الكافي 2 : 359 ح 18 ، الوسائل 4 : 1217 أبواب الذكر ب 40 ح 1.
5- أمالي الصدوق : 310 ح 9 ، أمالي الطوسي : 424 ح 951 ، الوسائل 4 : 1222 أبواب الذكر ب 43 ح 1.

الحادي عشر : إنّها لا تجب من دون موجب خارجيّ ، وإنّما هي سنّة ، كما يظهر من الإجماع تحصيلاً ، فضلاً عن النقل ، ومن السيرة القاطعة ؛ إذ لو كانت واجبة لنادى بها الخُطباء في خُطبهم ، ، والعُلماء في كُتبهم ، ولكثرت عليها التعزيرات ، والتأديبات ، ولكانت أظهر من وجوب سجود التلاوة ، وردّ السلام ، وغيرهما.

وفي خلوّ الدعوات والأذكار المشتملة على ذكره ، والزيارات ، ونحوها ، وتكرّر الأذان بحيث يسمعه كلّ إنسان ، وكان يجب أن يعلم بذلك النساء ، والصبيان ، وكلّ إنسان.

وحدر الإقامة ، وطلب الدليل في وجوب الصلاة في التشهّد بعد الشهادتين ، وفي التكرّر في مثل دعاء القرآن أيّ برهان على أنّها لو وجبت ، لتعلّق الحكم بمُطلق الذكر ، من اسم ، أو وصف خاصّ ، أو مشترك قصد به ذاته الشريفة ، أو ضمير ، أو إشارة ، ونحوها ، وهذا مُخالف للبديهة.

فلا نرتضي القول بوجوب الصلاة في العمر مرّة ، ولا في المجلس مرّة ، فضلاً عن كلّ يوم مرّة ، أو كلّما ذكر ، أو سمع ذكره. وفيما دلّ على أنّه أفضل العبادة ، وأفضل التسبيح أو بعض الأذكار الأُخر ونحو ذلك كفاية.

ثمّ لا ينبغي الشك في أنّ الذكر في الصلاة عليه لا يوجب الصلاة ، وإلا لزم التسلسل. وكذلك في السلام عليه ، ممّن سلّم أو لم يسلّم عليه ، وبالنسبة إلى أهل داره في مخاطباتهم ومكالماتهم ، كما لا يخفى على المتتبع.

(ولو ذكر الاسم لا بقصد إرادة المسمّى ، بل مجرّد النسبة ، دخلَ في الذكر على إشكال.

ولو ذكر في ضمن عامّ لم يجرِ الحكم ، وإذا استعمل لفظ في معنيين هو أحدهما على القول به ، جرى الحكم.

والظاهر عدم عموم الخطاب له إذا ذكر نفسه.

ولو صلّى عليه بوجه محرّم ، كغناء ونحوه ، لم يكن مُصلّياً.

ولو قال : صلّت عليه ملائكة السماء ونحو ذلك ، قويَ دخوله تحت الصلاة.

ص: 516

والظاهر أنّ استحبابها عيني لا كفائي) (1).

الثاني عشر : قد وردت أخبار كثيرة تدلّ على وجوب الصلاة عليه إذا ذُكر ، كقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم : «من ذُكرت عنده ، فنسي أن يصلّي عليّ ، أخطأ اللّه به طريق الجنّة» (2).

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أجفا الناس من ذُكرت عنده فلم يصلّ عليّ (3).

وقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم من ذُكرت عنده فلم يصلّ عليّ ، فلم يغفر اللّه له ، فأبعده اللّه تعالى (4).

وقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام : «من نسي الصلاة عليّ فقد أخطأ طريق الجنّة» ؛. (5)

وقول الرضا عليه السلام في كتابته إلى المأمون : «الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم واجبة في كلّ موطن ، وعند العطاس ، وعند الذبائح» (6) وغير ذلك.

وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «البخيل حقّا من ذُكرت عنده فلم يصلّ عليّ» (7).

وعن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم : أنّه قال : «قال لي جبرئيل عليه السلام : من ذُكرتَ عنده فلم يصلّ عليك ، فأبعده اللّه تعالى ، فقلت : أمين ، ثمّ قال : ومن أدرك

ص: 517


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- الكافي 2 : 495 ح 20 ، ثواب الأعمال : 246 ، عدّة الداعي : 162 ، الوسائل 4 : 1218 أبواب الذكر ب 42 ح 1.
3- عدّة الداعي : 41 ، الوسائل 4 : 1222 أبواب الذكر ب 42 ح 18.
4- الكافي 2 : 495 ح 19 ، أمالي الصدوق : 57 ح 2 ، وص 465 ح 19 ، ، ثواب الأعمال : 90 ح 4 ، الوسائل 4 : 1218 أبواب الذكر ب 42 ح 3.
5- الفقيه 4 : 270 ، الوسائل 4 : 1218 أبواب الذكر ب 42 ح 4.
6- الخصال : 607 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 124 ، الوسائل 4 : 1219 أبواب الذكر ب 42 ح 8.
7- معاني الأخبار : 246 ح 9 ، الخصال : 153 ، الوسائل 4 : 1219 أبواب الذكر ب 42 ح 9.

شهر رمضان ، فلم يغفر له ، فأبعده اللّه تعالى ، فقلت : أمين ، قال : ومن أدرك أبويه أو أحدهما ، فلم يغفر له ، فأبعده اللّه تعالى ، فقلت : أمين» (1).

وفي خُطبةٍ لأمير المؤمنين عليه السلام : «إنّ اللّه تعالى أوجب الصلاة على النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وأكرم مثواه لديه» (2).

ووردت أخبار تدلّ على وجوب الاتباع بالصلاة على إله ، كقول الباقر عليه السلام لما سمع شخصاً متعلّقاً بالكعبة ، وهو يقول : اللّهمّ صلّ على محمّد : «لا تبترها ، لا تظلمنا حقّنا قل : اللّهمّ صلّ على محمّد وأهل بيته» (3).

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «من قال صلّى اللّه على محمّد ، ولم يصلّ على إله ، لم يجد ريح الجنّة ، وريحها يوجد من مسير خمسمائة عام» (4).

وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم : «من صلّى عليّ ، ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي ، كان بين صلاته عليّ وبين السماوات سبعون حجاباً ، ويقول اللّه له : لا لبّيك ، ولا سعديك ، يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه ، حتّى يلحق بالنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم عترته ، فلا يزال محجوباً حتّى يلحق بي أهل بيتي» (5) وينبغي تعميم عليّ وعترته ، دون تخصيص بعضهم ، فقد قال الصادق عليه السلام لرجل قال : اللّهمّ صلّ على محمّد وأهل بيت محمّد : «يا هذا ، لقد ضيّقت علينا ، أما علمت أنّ أهل البيت خمسة أصحاب الكساء؟! قل : اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، فنكون نحن وشيعتنا قد دخلنا فيه» (6).

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : «لا تصلّوا عليّ صلاة مبتورة ، بل صلّوا

ص: 518


1- ثواب الأعمال : 92 ح 8 ، أمالي الصدوق : 57 ح 2 ، المقنعة : 308 ، الوسائل 4 : 1221 أبواب الذكر ب 42 ح 13.
2- مصباح الكفعمي : 617 ، الوسائل 4 : 1221 أبواب الذكر ب 42 ح 15.
3- الكافي 2 : 359 ح 21 ، الوسائل 4 : 1218 أبواب الذكر ب 42 ح 2.
4- أمالي الصدوق : 310 ح 6 ، الوسائل 4 : 1219 أبواب الذكر ب 42 ح 6.
5- ثواب الأعمال : 188 ح 1 ، الوسائل 4 : 1220 أبواب الذكر ب 42 ح 10.
6- ثواب الأعمال : 189 ح 2 ، الوسائل 4 : 1220 أبواب الذكر ب 42 ح 11.

على أهل بيتي معي ، فإنّ كلّ نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلا نسبي» (1).

ومثل هذه الأخبار لا بدّ من تنزيلها على من تركَ ذلك لقلّة الاكتراث ، وضعف العناية ، كما تنزّل على ذلك أخبار صلاة الجماعة ، وبعض صلوات النوافل ، وبعض الأذكار.

ولو نزّل هذا وأشباهه على أنّه لا يخلو أحد من الذنوب ، وفِعل هذا المندوبات تبعث على العفو ، فإن لم تفعل قضت الذنوب بوقوع الانتقام ، لم يكن بعيداً.

الثالث عشر : (أنّ نداء النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وآله عليهم السلام ، وسائر أولياء اللّه عليهم السلام ، وترجّيهم ، والاستغاثة بهم ، والالتجاء إليهم ، والاعتماد عليهم ، والتعويل عليهم ونحوها مرجعها إلى اللّه تعالى.

الرابع عشر : أنّه يستحبّ الإلحاح في الدعاء ، وطلب مساعدة أهل الإيمان ، والتوسّل بالقران ، وسائر المحترمات.

خاتمة : في بيان الأحكام المُشتركة بين القرآن والذكر والدعاء

وهي أُمور :

الأوّل) (2) : أنّ اختلاف مقادير الثواب في العمل الواحد ، أو ذكر أكثريّة الثواب في المفضول ، أو تفضيل بعض على بعض ، ثمّ تفضيل المفضول عليه ، وكذا في قراءة أو ذكر أو دعاء مبنيّ على اختلاف معنى الدرجات والحسنات ، واختلاف المكفّر من السيّئات ، ومراتب السيئات ، أو اختلاف الأمكنة والأوقات.

(الثاني : أنّه يُستحبّ الخضوع ، والخشوع ، والاستقرار ، والمحافظة على جميع الاداب ، والبكاء ، والتباكي فيها ، وزيادة الاعتماد في القبول.

ص: 519


1- المحكم والمتشابه : 19 ، الوسائل 4 : 1222 أبواب الذكر ب 42 ح 17.
2- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

الثالث : التأنّي والترسّل فيها ، والترتيل ؛ ولا تهذّها هذّ الشعر ، ولا تنثرها نثر الرمل.

الرابع : أن يجتمع مع جماعة من المؤمنين فيها ، فربّما تقبل منه ، لقبول بعضهم ؛ وكلّما زادوا ، زاد الفضل.

الخامس : أن لا تكون معارضة بما هو أعمّ منها ، من قضاء حاجة مؤمن ، أو انتظار مُنتظر مُحترم ، أو نحو ذلك.

السادس : أن يرفع صوته ؛ لينتفع به من أراد متابعته ، ويخفضه عند لزوم إخلال بغرض مؤمن لا يبلغ حدّ المنع.

السابع : التدبّر في معانيها.

الثامن : الاعتياد على أوراد خاصّة ؛ حتّى يكون عادة له.

التاسع : حُسن الصوت فيها ، مع عدم الوصول إلى حدّ الغناء.

العاشر : إظهارها حيث يكون قدوة ، وإسرارها لغيره.

الحادي عشر : أن يستعيذ باللّه من الشيطان أمامها ، لئلا يوقعها في الهلكة.

الثاني عشر : أن يتطهّر من الحدث ومن الخبث على الأقوى.

الثالث عشر : أن يحضر أهل بيته ، وأتباعه ؛ ليأخذوا بعادته ، وأهل المعرفة حتّى يسدّدوه عن الخطأ) (1).

الرابع عشر : يجوز العمل بما نقل من خصوص ثواب الأوقات والأمكنة ، ومراتب الثواب ، وسائر الخصوصيّات (مما دارَ بين المباح والمندوب فيها وفي كلما ثبت استحباب أصله وجهلت خصوصيّته لمجتهد وغيره ، على لسان مجتهد حيّ أو ميت ، أو رواية صحّت أو ضعفت ، مما يكون في كتب الإمامية رضوان اللّه عليهم أخذاً عن دليل الاحتياط في تحصيل الأجر) (2) كما يؤخذ عنه في طريق الوجوب والحظر.

ص: 520


1- ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».
2- بدل ما بين القوسين في «ح» : في شي ء منها ، وفي كلّما ثبت استحباب أصله ، وجهلت خصوصيّته ، بل في كلّ عمل دار بين المستحبّ والمباح ، لمجتهد وغيره ، بالأخذ من مجتهد حيّ أو ميّت ، أو رواية صحّت أو ضعفت ، ممّا يكون في الكتب الإماميّة رضوان اللّه عليهم ، ولسائر الظنون ، بل بمجرّد الاحتمال المعدود احتمالاً في نظر العقلاء أخذاً عن دليل الاحتياط في تحصيل الأجر المستفاد من العقل والشرع ، ولا يعدّ عاملاً بالظنّ من قياس وغيره.

الخامس عشر : لو تداخل بعضها في أحد الصور الثلاثة ، أمكن إدخالها في القصد ؛ لتحصيل تمام أجر الجميع على الأقوى ؛ والظاهر غلبة اسم الدعاء حينئذٍ. (وفي الخروج عن الالتزام بواحد أو متعدّد إشكال) (1).

السادس عشر : أنّ الأظهر أنّ كلّما وَرَدَ فيها من الوظائف ، فهو من المُحسّنات ، والمُكمّلات ، لا من الشرائط اللازمات ، إلا ما قضى الدليل بشرطيّته.

السابع عشر : أنّ الأقوى وجوب (2) الدعاء عند الشدائد العظام ، والخطوب الجسام ، بل يجب الرجوع إلى المخلوق مع رجاء الدفع.

الثامن عشر : أنّ قراءة القرآن والذكر والدعاء إنّما تجب أصالة في الصلاة الواجبة ، وفيما عداها سنّة مؤكّدة ، والقول بالوجوب في العمر أو في اليوم بعيد.

التاسع عشر : لو نذرَ أو عاهَدَ أو حَلَفَ على الإتيان بشي ء منها ، فأطلق ، فالظاهر عدم الاكتفاء بما في الصلوات ؛ لقضاء العُرف بذلك.

العشرون : أنّه لو التزم بشي ء منها سوى الذكر ، لم يجز بما كان غير مُفيد من حروف ، وكلمات ، ولا بالمفيد مع الخروج عن الاسم عُرفاً ، كمجرّد قول : يا اللّه في الدعاء. ولو جاء بلفظ النداء ، دون الدعاء ، أو مجرّد الاسم ، اكتفى بذلك في الذكر.

الحادي والعشرون : ما كان منها محرّماً لجهة من الجهات ، خرج عن الحكم ، وإن لم يخرج عن الاسم.

الثاني والعشرون : أنّ ما خرج عن الاسم بالتصرّف بتقطيعٍ أو بإدخال كلام خارج أو بقلب أو سقوط ونحوها ، خارج عن الحكم.

الثالث والعشرون : أنّ خطاب النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والأئمّة عليهم السلام بصورة الدعاء ، والاستغاثة ، والاستجارة ، والالتجاء من العارفين

ص: 521


1- ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
2- في «ح» زيادة : التعويذات بالقرآن والذكر و.

ذكرهم مرجعه إلى التعلّق بربّ العالمين ، فلا بأس بوقوع مثل ذلك في الصلاة.

الرابع والعشرون : ينبغي اختيار أفضل الأزمنة والأمكنة والأوضاع لها إذا أراد تخصيصها ، ولم يرد الاستمرار عليها.

الخامس والعشرون : يستحبّ الإنصات لكلّ منها ، ولا يجب في قسم من أقسامها ، سوى قراءة الإمام على المأموم.

السادس والعشرون : لكلّ مأثور منها عن أهل البيت عليهم السلام مزيّة على غير المأثور ، واللّه أعلم بحقائق الأُمور.

السابع والعشرون : أنّ الجمع بين الفاضل والمفضول منها أولى من الاقتصار على الفاضل كما في غيرها من العبادات ؛ لأنّ المولى إذا أمر عبده بأوامر أراد الامتثال في جميعها. نعم كثرة المباشرة للأفضل أفضل ، وعند التعارض ، وعدم إمكان الجمع تقدّم الفاضل.

الثامن والعشرون : أنّه لو دخل في شي ء مشترك بينها ، كان التعيين موقوفاً على النيّة ، ولو خلت عن التعين (1) ، احتمل البطلان لعدم النيّة ، والصحّة.

التاسع والعشرون : لو دخلَ في المشترك بقصد معيّن في فريضة ، جازَ العدول إلى غيره في غيره ، ويوزّع الأجر ، ولا يرجع السابق إلى الحق بسبب العدول.

الثلاثون : يجوز الاستئجار ونحوه من الأحياء للدّعاء لهم ، لا عنهم ؛ وللقراءة والذكر بمحضرهم لاستماعهم ونزول البركة عليهم ، لا عنهم. ولا بأس بالنيابة عن الأموات في الجميع.

الحادي والثلاثون : يجوز قطعها ، كغيرها من العبادات ، ممّا لم يرِد فيها النهي عن القطع. وإن رجعَ ، جازَ له الإتمام من محلّ القطع مع كون المفصول كلاماً تامّاً ، ما لم يدخل فيما يحرم قطعه أو يفسد نظمه.

الثاني والثلاثون : أنّ كلا من القراءة والذكر والدعاء لا يخلو من ثلاثة أحوال : لفظ

ص: 522


1- في «س» : التعيين.

مجرّد عن فهم المعنى ، ومعنى مجرّد عن اللفظ (1) ، مقرون بالكلام النفسي ، وجامع للأمرين. والجميع مُستحب ، لكنّها مرتّبة ، فالمتقدّم منها مفضول بالنسبة إلى المتأخّر.

الثالث والثلاثون : إنّ المؤسّس منها خير من المكرّر إذا كانا بقدر واحد ومزيّة واحدة.

الرابع والثلاثون : أنّه لا بأس بالتكلّم بها مع قصد القربة وبدونها.

الخامس والثلاثون : أنّه لو اشتبه أمر بين مادّة لفظ أو هيئته اللازمة أو المفارقة ، ودارَ الأمر بين محصور فأتى به أتى به ، ولو كان في عمل يبطله الكلام ، أشكل الحال.

السادس والثلاثون : أنّه لو عيّن وقتاً لشي ء معيّن بطريق الالتزام ممّا يتعلّق بحقوق اللّه ، فأتى فيه بغيره صحّ ، وفي غيره يبطل.

السابع والثلاثون : أنّه لو أراد إعادة شي ء مُرتبط بما قبله مُنفرداً أو مع المرتبط به ارتباط التوابع بالمتبوعات ، أو المعمولات بالعوامل ، من أفعال ، وحروف ، حرف غيرها ، أو ما يضاف إليها بمضافات ، أو محذوف همزة الوصل بما سبّب حذفها ، أو جزء كلمة قد غلط فيه ، ونحو ذلك ، لم (2) يكن عليه بأس. فإن أعادَ ما فيه همزة الوصل منفرداً قطعها ، ومع الوصل حذفها ، كلّ ذلك مع عدم فصلٍ مُخلّ بالهيئة.

ولو غلطَ في حركة أو تخفيف إدغام ، أتى بالكلمة معها.

الثامن والثلاثون : أنّه إذا داخل الغناء أو أذيّة مؤمن مثلاً شيئاً منها ، جاءت المعصية من جهتين ، وفي غيره ممّا لا تُعتبر فيه القربة ولا يدخله التشريع من جهة واحدة ، على نحو التعزية والمدح ونحوها.

التاسع والثلاثون : إنّ تلاوة كلّ واحد منها مكتوباً أفضل من تلاوته محفوظاً.

الأربعون : إنّ القرآن أفضلها كلاماً ، والذكر أرفعها مقاماً ، والدعاء أبين في العبوديّة للواحد القهّار ، وبذلك تجتمع الأخبار.

الحادي والأربعون : أنّه لا بأس بنيابة المؤوف اللسان فيها عن صحيحه في غير

ص: 523


1- في «ح» : المرتبة.
2- في «م» ، «س» : ولم.

الصلاة للإمام ، وأمّا لهُ فيها ففيها إشكال.

الثاني والأربعون : إذا اجتمع عنوانان منها أو أكثر في محلّ واحد ، تعدّد الأخر بتعدّد القصد ، والتحق في الحكم بالمقصود.

الثالث والأربعون : أنّه لا بأس بالإتيان بشي ء منها في الصلاة ، في أيّ محلّ كان ، بقصد الأجر على المطلق ، وإن لم يرد دليل الخصوصيّة ، قلّ أو كثر ، ما لم يخلّ بالنظم ، بل هو راجح ؛ لكونه زينة الصلاة.

ومع قصد الخصوصيّة لا بأس مع العُذر والجهل بالحكم منه. فالمسألة ، والسمعلة ، والتكبيرات في غير محالّها غير مُفسدة ، ولا فاسدة. ومع عدم العُذر تُفسد ، ولا تُفسد على إشكال.

الرابع والأربعون : أنّه يُستحبّ تمرين الأطفال عليها من ذكور وإناث ، كما يُستحبّ في سائر المستحبّات والواجبات.

الخامس والأربعون : أنّ جري حكم العزائم وغيرها في المُشتركات على اختلاف المقصود.

السادس والأربعون : أنّ الأقسام الثلاثة عبادات يتوقّف احتسابها على النيّات ، فمن احتسب بلا نيّة ، فقد شرّع في الدين. وأمّا مع عدم الاحتساب لتعليم ونحوه فلا.

السابع والأربعون : أنّه لا بأس بقطعها مع قصد إتمامها ، والاقتصار على القليل مع قصد الكثير. ويجوز قصد البعض دون البعض ابتداء ، وإن فاتَ ثواب الجملة ، فلا بأس بتعمّد الإتيان ببعض الزيارات والدعوات المطوّلة ، ولا يتوقّف على العذر.

الثامن والأربعون : أنّه لا يجوز أخذ الأُجرة على غير الواجب منها على المنوب عنه أو النائب الحيّين ، إلا ما قام الدليل على جوازه. وتجوز النيابة عن الأموات بقول مطلق في غير الواجب على النائب.

التاسع والأربعون : أنّ القراءة للقران مع اللّحن غير سائغة ، مع القصد لذاتها ، وأمّا قصد التعلّم ونحوه ، فلا بأس ، ويجوز في الآخرين.

ص: 524

الخمسون : أنّ من كان مُستأجراً على شي ء منها ، وكان فيه طول ، فأخطأ في شي ء منه ، اقتصر في الإعادة على محلّ الخطأ ، ولا حاجة إلى الإعادة من الأصل ، مع كون المعاد كلاماً مفيداً.

الحادي والخمسون : أنّه لو شكّ في جزء منها ، وكان كثير الشكّ ، فلا عبرة بشكّه مطلقاً ، والإعادة (1) ما لم يدخل في غيره مجانساً أولا ، وإن دخل في غيره فلا شي ء عليه عزيمة لا رُخصة.

الثاني والخمسون : لو طلب طالب منه فعل شي ء منها ، ولم يظهر التبرّع ، كانَ له أُجرة المثل.

الثالث والخمسون : أنّه قد يرجّح المرجوح منها لزيادة الرغبة إليه ، وتوقّف زيادة الخشوع والخضوع والإقبال عليه ، وإرادة الجمع بين الأوامر ، فلا يكون تاركاً لبعض ما أمر به الواحد القاهر.

الرابع والخمسون : أنّه تجوز تلاوة ما كان منها على اختلاف أحوالها ، لقضاء ما كان من الأغراض ، من شفاء الأمراض ، وغيرها ، غير أنّ الأفضل والمطابق أولى من المفضول ، وما لم يكن الغرض فيه من المدلول.

الخامس والخمسون : أنّه تُستحب كتابة شي ء منها كائناً ما كان لدفع شي ء من المضارّ كائناً ما كان ، مع ترجيح الفاضل والموافق على غيرهما ، وتعليقها بوضعها في الرأس ، أو بشدّها في العضد الأيمن ؛ لأنّها أولى وإن لم يكن ذلك لازماً. وينبغي احترامها بالفصل مع الجنابة ونحوها.

السادس والخمسون : أنّه يرجح في الكتابة من موافقة العربيّة ما يرجح في الكلام ، ويجري فيه من احتمال تفاوتها ما يجري فيه هناك من غير تفاوت ، ويقدّم الفاضل هنا والموافق على ضدّهما كما هناك.

السابع والخمسون : أنّ تعدّد الأمكنة في الإتيان بها راجح فيها ، كما في سائر العبادات ، لتشهد الأراضي بذلك.

ص: 525


1- في «م» ، «س» : ولا إعادة.

الثامن والخمسون : أنّه لا يجوز التداخل فيها مع تعدّد الأسباب ، بل تتعدّد بتعدّدها. ويجوز الإتيان بها على وجه القربة مع ضمّ إرادة الإعلام ونحوه بالعارض.

التاسع والخمسون : أنّ فعل شي ء منها في المكان المغصوب لا يفسدها ؛ لعدم صدق التصرّف عُرفاً ، وإن حصل التصرّف بالهواء والفراغ حقيقة. ولو أتى به في إله مُعدّة للتّصويت ، فسد ؛ لحرمتها ، وهكذا جميع عبادات الأقوال.

الستون : أنّ الإتيان بها قياماً أفضل من الجلوس ، ثمّ الاضطجاع على الأيمن أفضل من الأيسر ، ثمّ الأيسر أفضل من الاستلقاء ، فيترتّب الفضل على نحو مراتب الصلاة في وجه قريب.

الحادي والستون : إنّ الإسرار بها باقية على الاستحباب أو محمولة عليه في نظر الناس أفضل من الإجهار ، إلا لبعض المُرجّحات ، من البعث على الاقتداء ، ونحوه.

الثاني والستون : أنّ المتابعة فيها تختلف في الفضل باختلاف المتبوع ، ويحرم الاستماع لمن حرم عليه الإتيان بالمسموع لمملوكيّته أو نحوها مع باعثيّته ، وفيما عدا هذه الحال يقوم الإشكال.

الثالث والستون : أنّ مَن في لسانه آفة ، أتى من الحروف بما أمكن ، وتحتسب له الحروف السقيمة بالحروف الصحيحة. وإذا أمكنه التخلّص بالإتيان بغير مؤوف مع قابليّته ، وجبَ عليه في الواجب ، وندب في المندوب.

الرابع والستون : أنّه يجب الإتيان بالمجانس منها عوض مجانسه مكرّراً مع مطلوبيّة خصوصيّته ، ومستبدلاً مع عدمها ، ومع التعذّر كان الرجوع إلى غير المجانس منها ، محافظاً على المقدار بقدر الإمكان ، وعلى الأقرب فالأقرب. فإن تعذّر ، فإلى التراجم الأقرب فالأقرب منها إلى العربيّة.

وإذا أمكن التلفيق بين مرتبة عُليا وسفلى ، قدّم الملفّق على السفلى ، كلّ ذلك بالنسبة إلى الواجب في عمل واجب.

وأمّا المندوب فيه وما كان لازماً في عمل مندوب أو مندوباً فيه ، ففي جريان هذه المراتب فيه إشكال ، وفي الإتيان بها في نفسها من غير دخول في شي ء أشدّ إشكالاً.

ص: 526

الخامس والستون : أنّه لا تجوز قراءة شي ء منها على ضوءٍ مغصوب دهنه أو فتيلته أو ظرفه أو غير مأذون فيه من المالك.

ولو فتح كتابه للنظر بدون واسطته فوافقه ، لم يكن بأس.

السادس والستون : لو وضع المضي ء في آنية ذهب أو فضة ، لم تحرم الاستضاءة به في أصحّ الوجهين.

السابع والستون : لو قرأ شخص شيئاً منها ، ولم يرضَ باستماع غيره ، فالظاهر عدم البأس به. ومنه يظهر أنّ رضا إمام الجماعة بصلاة المأموم ليست شرطاً في الصحّة ، واللّه وليّ التوفيق.

ص: 527

ص: 528

فهرس الموضوعات

الستر والساتر

حقيقة اللباس وما لا يعد منه... 7

المنع من اللبس والحمل والاتصال وصوره... 8

ما يتحقق به الستر وما لا يتحقق... 8

اعتبار ستر اللون وحكم الثياب الرقاق... 9

حالات العجز عن الستر التام... 9

تحديد عورة النظر وحكمها... 9

وجوب الستر وحرمة النظر... 10

تعيين الصبي المميز والصبية... 10

حكم بدن المماثل والمحارم... 11

بدن المرأة وكلامها عورة وحرمة لمسها... 11

استثناء موارد العلاج والاضطرار... 12

حكم مقطوع العورة والمنفصل منها... 12

استثناء الوجه والكفين والقدمين... 12

تحديد عورة الصلاة ومقايستها مع عورة النظر... 13

الدوران بين ستر العورات وتعيين الأهم... 14

حكم الباقي من العورة المقطوعة والموصولة... 14

ص: 529

ستر زينة ما لا يجب ستره كالكحل والحمرة والحلي... 14

حكم احتمال وجود الناظر... 15

أحكام الصبية والمملوكة في الستر للصلاة... 15

صور ترك الاستتار اختيارا واضطرارا... 15

اشتراط الستر في توابع الصلاة وصلاة الجنازة... 16

العجز عن الستر والدوران بينه وبين غيره من الشروط والواجبات... 16

حكم انكشاف العورة غفلة للإمام والمأموم... 17

صور تفويت الستر وأحكامه... 17

حكم الشك والعلم الإجمالي بالستر وستر الساق... 18

شروط لباس المصلي

اشتراط إباحة الساتر والمحمول في الأفعال دون الأقوال... 18

صور إذن مالك اللباس وأحكامها... 19

اشتراط عدم كونه من الذهب وحكم لبسه... 21

اشتراط عدم كونه من الحرير والقز وحكم لبسهما... 22

اشتراط عدم نجاسته وصور الاضطرار... 23

اشتراط عدم كونه من جلد الميتة... 25

حكم مجهول التذكية ويد وسوق المسلمين والكفار... 25

صور الاضطرار وأحكامها... 26

اشتراط عدم كونه زي محرم... 27

اشتراط عدم كونه من غير مأكول اللحم وحكم حمله... 27

استثناء جلد الخز ووبره... 28

اشتراط عدم كونه مانعا عن واجبات الصلاة... 29

ترتيب الشروط بحسب الأهمية وصور الاضطرار إلى بعضها... 29

مستحبات لباس المصلي... 30

مكروهات لباس المصلي... 31

أحكام الملابس والفرش

ما يحرم من الملابس والفرش... 33

ما يستحب من الملابس والفرش وآدابها... 34

ص: 530

ما يكره من الملابس والفرش... 35

ما يستحب للثياب المتعلقة بما بين الرأس والقدم... 36

ما يكره للثياب المتعلقة بما بين الرأس والقدم... 38

ملابس الرأس... 39

لبس العمائم وآدابها... 39

لبس القلانس وآدابها... 40

ملابس القدمين... 41

لبس النعل وآدابها... 41

لبس الخفاف والحذاء وآدابه... 43

ملابس الأصابع... 43

التختم وآدابه وأنواع الخواتيم... 43

مكان المصلي

اشتراط إباحة مكان المصلي... 47

حكم إذن المالك والشريك وإجازته... 48

حكم الوقوف والأراضي المتسعة... 49

صور الاضطرار وأحكامها... 50

ما يعد تصرفا وما لا يعد... 51

حكم المحجور عليه والمحبوس والمجبور في المغصوب... 51

اشتراط طهارة مكان المصلي... 52

اشتراط التمكن من أداء الأفعال فيه... 53

اشتراط عدم كونه مخوفا... 54

اشتراط عدم حرمة الوقوف عليه... 54

اشتراط استقرار مكان المصلي... 55

اشتراط عدم وجوب الكون في غيره... 57

اشتراط عدم تقدم أو مساواة قبر النبي أو الإمام (عليه السلام)... 58

حكم الصلاة في جوف الكعبة أو على ظهرها... 59

حكم الصلاة إلى جنب غير المماثل... 60

حكم المشتركات العامة والتنازع فيها... 61

ص: 531

شرائط موضع السجود... 62

اشتراط عدم ارتفاع موضع الجهة... 62

ما يصح السجود عليه... 63

طهارة محل السجود... 65

مباشرة ما يصح السجود عليه ووقوع ثقل الجبهة عليه... 66

الأماكن المستحبة فيها الصلاة... 67

المساجد فضل الصلاة في مطلق المساجد... 68

المسجد المجاور وصلاة جار المسجد فيه وغيره... 70

فضل المسجد الحرام... 71

فضل المسجد الخيف... 72

مساجد المدينة قبا والأحزاب والفضيخ... 73

مسجد الغدير... 73

مسجد البصرة والمدائن وبراثا... 74

بيت المقدس... 74

مسجد كوفان... 75

مسجد سهيل... 77

مساجد الكوفة... 78

أحكام المساجد العامة... 79

ما يكره في المساجد... 84

أماكن الصلاة المكروهة

كراهة الصلاة في الحمام... 86

ما يبال فيه من الأمكنة... 87

الأماكن القذرة كالمزابل والمعاطن وغيرها... 87

بيوت النيران والمجوس... 87

قرى النمل ومجاري المياه والسبخة... 88

الثلج والرمل... 89

ص: 532

المقابر... 89

أمكنة العبور والطرق... 90

مواجه امرأة أو نار مضرمة... 91

ما فيه مجوسي أو تصاوير من البيوت... 91

ما يستقبل قرآن أو باب مفتوح... 91

ما يستقبل إنسان أو سيف أو غائط... 91

ما فيه جنب أو كلب... 92

البيدر المطين وألقت والتبن وغيرها... 92

ما يستقبل حائط ينز أو حديد... 92

ضجنان والشقرة وذات الصلاصل والبيداء وبابل... 92

الأماكن المشوشة للبال والمشبوهة... 92

بطون الأودية ومنازل النزال... 93

تضاعف الكراهة بتعدد الأسباب... 93

تعارض الجهات وترجيح البعض على الآخر... 93

أحكام النوم وأنواعه... 93

أحكام المساكن مستحبات المساكن... 95

مكروهات المساكن... 96

آداب المبيت وغيره... 97

آداب المجالس... 99

القبلة

القبلة والاستقبال... 99

الصلاة داخل الكعبة وعلى سطحها... 101

قبلة المتحير... 101

حكم الشاذروان وما سامته... 102

حكم منكر القبلة... 102

طرق معرفة القبلة... 102

قبلة العراق... 103

ص: 533

قبلة الشام... 104

قبلة أهل المغرب... 105

قبل اليمن... 105

كفاية الظن بالقبلة واستقبال بعضها... 106

ما يستقبل له

الاستقبال في الصلاة... 106

الذبح والنحر... 106

حال الاحتضار والتغسيل... 107

الاستقبال للدعاء والأذكار... 107

كراهة الاستقبال وقت الجماع... 107

ما يحرم الاستقبال حاله... 107

أحكام القبلة والاستقبال

تحصيل العلم بالقبلة أو الظن... 108

حكم الأعمى ومن لا يعرف القبلة... 108

حكم ترك الاستقبال وصوره... 110

أحكام الاختلاف في القبلة... 111

المعصوم وإمكان تحيره وشكه عدمه... 113

كيفية الاستقبال... 115

أوقات الصلاة

وقت صلاة الصبح... 116

وقت صلاة الظهر والعصر... 117

وقت صلاة المغرب والعشاء... 117

الإخلال بالأوقات... 118

إدراك الصلاة... 118

رعاية الترتيب بين الصلوات المرتبة... 120

أوقات الفرائض اليومية الفضيلية... 121

أوقات النوافل اليومية... 123

حكم إتيان الصلاة قبل الوقت... 125

ص: 534

مدارك الركعة مدرك للفريضة... 125

التعويل على الظن ورجحان أو الوقت... 125

ضيق الوقت يلغي الشروط... 126

اختلاف الإمام والمأموم في الوقت... 126

استحباب التفريق بين الظهرين والعشاءين... 126

طرق معرفة الأوقات... 126

الاضطرار للصلاة خارج الوقت... 127

المبادرة لصلاة الصبح والمغرب أول الوقت... 127

حكم النافلة مع حلول الفريضة وفي الجمعة والجمع... 127

قضاء النوافل وتقديمها... 128

الأوقات المكروهة... 129

نافلة الجمعة... 129

وقت القضاء وترتيب الفوائت... 130

استحباب الإيقاظ في أوقات الصلاة... 131

أعداد الصلوات

أعداد الفرائض اليومية... 131

أعداد النوافل اليومية وأحكامها... 132

صلاة الغفيلة... 134

صلاة ركعتين بعد العشاء... 135

صلاة الوصية... 135

الحث على النوافل... 135

قضاء النوافل والصدقة بدله... 136

النوافل ثنائية ولا يجب فيها استقرار ولا غيره... 136

عدم ثبوت صلاة الأعرابي والتسبيح وأربع موصولة... 137

استحباب التعوذ والتوجه في أول ركعة... 137

ما يقرأ من السور في النوافل جهرا وإخفاتا... 138

أفعال الصلاة

مقدمات الصلاة... 139

ص: 535

الإقدام برغبة ومعرفة أحكامها... 139

الأذان

حكم الأذان وفضله... 141

فصول الأذان... 142

خروج الشهادة بالولاية... 143

حكم الزيادات والتثويب في الأذان... 145

حكمة الأذان وحكم فصوله... 146

صفات المؤذن المحبذة... 147

آداب الأذان وموارد استحبابه... 149

موارد سقوط الأذان... 150

الإقامة

فصول الإقامة... 150

أحكام الإقامة... 151

أحكام الأذان والإقامة المشتركة... 152

افتتاح الصلاة

تكبيرات الافتتاح... 160

الدعوات المأثورة بين التكبيرات... 161

التوجه... 161

معنى التكبير... 162

آداب الافتتاح وسننه... 162

النية

حقيقة النية... 164

لزوم تعيين العمل دون نية الوجوب... 165

أحكام العدول في النية... 165

تكبيرة الإحرام

التكبير جزء وركن... 167

ص: 536

حكم التكبير الثانية... 167

صورة التكبير... 168

اعتبار القيام حال التكبير... 169

تكبيرة الأخرس... 169

آداب تكبيرة الإحرام... 169

القيام

آداب القيام للصلاة... 170

حقيقة القيام وحدوده... 171

ركنية القيام المتصل بالركوع... 171

عدم اشتراط القيام في النافلة وحكم النذر... 172

اعتدال القيام والجلوس والاضطجاع... 172

ركنية القيام حال الركن... 173

أحكام العاجز عن القيام... 173

أحكام المصلي جالسا في النافلة... 175

مستحبات القيام وآدابه... 176

مواضع النظر حال الصلاة... 177

القراءة

وجوب القراءة وعدم ركنيتها... 177

حكم اختلاف الإمام والمأموم في القراءة... 178

البسملة في الفاتحة وغيرها... 178

الضحى وألم ونشرح سورة واحدة وكذا الفيل وقريش... 178

حكم القران والعدول من سورة إلى أخرى... 178

كيفية القراءة ورعاية قواعدها... 179

حكم القراءات السبعة أو العشرة... 180

حكم قراءة ما يضيق به الوقت والعزائم... 181

القراءة في المصحف في الصلاة أو متابعة الغير... 181

وجوب تعلم القراءة... 181

الجهر والإخفات بالقراءة... 182

ص: 537

اشتراط الموالاة في القراءة... 182

العاجز عن القراءة أو إتمامها... 183

القراءة أو التسبيح في الركعة الثالثة والرابعة... 185

حكم الوقف والوصل وانقطاع النفس وسؤال النعمة و... 186

مستحبات القراءة... 187

ما يستحب قراءته من السور في الصلوات وسور المفصل... 189

مستحبات القراءة في النوافل واختيار السور... 190

الاستقرار حال القراءة وتدير المعاني... 191

قراءة أفضل السور... 191

القراءة متبعة وأتباع قراءة أبي... 192

اللحن والغلط في بعض الحروف والقطع والوصل... 192

حرمة التأمين... 193

أحكام المستأجر على القراءة... 193

الركوع

معنى الركوع وحدوده... 194

ركنية الركوع... 195

لزوم الطمأنينة والاستقرار حال الركوع وبعده... 195

ركوع العاجز والضعيف... 196

الذكر في الركوع وحكمه وآدابه... 197

آداب الركوع... 199

مكروهات الركوع... 199

وجوب الرفع واستحباب التسميع... 200

السجود

معنى السجود وتحديده... 200

وجوب سجدتين في كل ركعة وركنيتهما... 201

اشتراط الهوي والانحناء وعدم ارتفاع الجبهة... 201

اشتراط وضع المساجد السبعة وتعدادها... 202

جر الجبهة عند الاضطرار... 202

ص: 538

الخلل في السجود وأحكامه... 203

لزوم انفصال الجبهة عما يسجد عليه... 203

لزوم تمكين المساجد وصورة العجز... 204

ذكر السجود... 205

مستحبات السجود وآدابه... 206

ما يستحب السجود لأجله... 211

سجود التلاوة... 211

سجدة الشكر بعد الصلاة... 212

سجدة الشكر في غير الصلاة... 213

التشهد

وجوب التشهد وكيفية... 216

أحكام العجز عن التشهد وصوره... 216

حكم الصلاة على النبي (صلی اللّه عليه وآله) في الصلاة وغيرها... 217

مستحبات التشهد... 217

التسليم

وجوب التسليم وكيفيته... 219

مستحبات التسليم... 220

القنوت

معنى القنوت واستحبابه... 220

مستحبات القنوت وآدابه... 221

حكم نيسان القنوت... 221

ما يكره قوله في القنوت... 224

التعقيب استحباب التعقيب... 225

حكمة التعقيب... 225

تسبيح الزهراء (عليها السلام)... 226

ص: 539

استحباب اتخاذ السبحة وفوائدها... 228

الجلوس بين الطلوعين... 229

كيفية التعقيب وأذكاره ودعواته... 229

تعقيب صلاة الصبح... 234

تعقيب صلاة الظهر... 236

تعقيب صلاة العصر... 236

تعقيب صلاة المغرب والعشاء... 237

آداب التعقيب... 238

معنى التعقيب وحدوده وخلله... 239

علة اختلاف الروايات في التعقيب... 239

بعض أحكام التعقيب... 239

ما يستحب فعله في الصلوات

ما يشترك بين الذكور والإناث من المستحبات والمكروهات... 241

ما يختص بالذكور من المستحبات والمكروهات... 243

تعليم الصادق (عليه السلام) حماد الصلاة الكاملة... 243

ما يختص بالإناث من المستحبات... 245

حكم الخنثى في المستحبات... 246

باقي الصلوات المفروضة

صلاة الجمعة

وجه التسمية... 246

كيفية صلاة الجمعة... 246

شرائط عينيتها... 247

اشتراط وجود السلطان العادل... 247

حكم الجمعة في زمان الغيبة... 248

اشتراط العدد في وجوب صلاة الجمعة... 251

شرائط صحة صلاة الجمعة... 252

اشتراط البلوغ والتمييز والعقل... 252

ص: 540

اشتراط كون الإمام معصوما أو منصوبا من قبله... 252

اشتراط وحدة الصلاة... 252

اشتراط الجماعة في الجمعة... 254

اشتراط الخطبتين في صلاة الجمعة... 255

شرائط الخطبتين... 255

مستحبات الخطبتين... 256

وقت صلاة الجمعة... 257

اشتراط عدم المانع في صلاة الجمعة... 257

من تصح الجمعة منهم ولا تتعين عليهم... 257

من تصح منه الجمعة ولا تجب عليه... 260

من تنعقد بهم الجمعة... 260

ما يستحب في صلاة الجمعة... 260

أحكام يوم الجمعة

حرمة السفر بعد الزوال... 262

حرمة البيع وغيره وقت النداء... 262

للجمعة أذان واحد... 263

أحكام صلاة الجمعة الفاسدة... 263

أحكام الجماعة في الجمعة... 263

ما يعتبر في إمام الجمعة... 264

إدراك وقت الجمعة بإدراك ركعة... 265

العدول عن الجمعة وإليها... 265

لو زوحم المأموم في الجمعة... 265

بعض أحكام الجماعة والجمعة... 265

آداب وسنن يوم الجمعة... 267

صلاة العيدين

مستحبات العيدين... 268

كيفية صلاة العيدين... 268

ص: 541

وقت صلاة العيدين... 269

أحكام صلاة العيدين... 269

مستحبات العيدين وصلاتهما... 271

مكروهات العيدين وصلاتهما... 273

صلاة الآيات

كيفية صلاة الآيات... 273

موجبات صلاة الآيات... 274

وقت صلاة الآيات... 275

أحكام صلاة الآيات... 276

الصلوات الواجبة بالعارض

ما يجوز تعلق الإلزام والالتزام به... 278

الواجب بالالتزام له حكم التطوع... 279

نذر الصلاة وتقييدها بنوع خاص... 279

نذر الترتيب والموالاة وخلافه... 280

كيفية إتيان المنذورة والمستأجر عليها... 281

حكم النيابة في العبادات... 281

حكم نذر الصلاة مع الحدث أو النجاسة... 281

تعارض الصلوات الملتزمات... 281

قطع النافلة الواجبة بالعارض... 282

النوافل غير الرواتب

صلاة الاستسقاء... 282

كيفية صلاة الاستسقاء... 282

وقت صلاة الاستسقاء... 283

نوافل شهر رمضان... 284

صلاة ليلة الفطر... 284

صلاة يوم الغدير... 285

صلوات رجب وشعبان... 285

صلاة الرابع والعشرين من ذي الحجة... 285

ص: 542

صلاة النبي (صلی اللّه عليه وآله)... 286

صلاة أمير المؤمنين (عليه السلام)... 286

صلاة الزهراء (عليها السلام)... 286

صلاة جعفر الطيار... 286

صلاة الغفيلة... 287

صلاة الوصية... 288

الصلوات المستحبة بعد المغرب والعشاء وقبل صلاة الليل... 288

صلاة يوم النوروز... 288

صلوات المحرم المستحبة... 288

صلوات ذي القعدة وذي الحجة... 289

الصلاة الكاملة يوم الجمعة... 289

صلاة الأعرابي... 289

صلاة أول الشهر... 290

صلاة كل ليلة من رجب أو شعبان وغيرهما... 290

صلاة الخلاص من السجن... 291

صلاة من غفل عن صلاة الليل... 291

صلاة الاستطعام والحاجة... 291

صلاة الشكر... 292

صلاة لبس الجديد... 292

صلاة زيارة النبي (صلی اللّه عليه وآله)... 292

صلاة الإحرام لحج أو عمرة... 292

صلاة تحية المسجد... 292

صلاة المهمات والانتصار على الظالم... 292

صلاة الذكاء ودفع الأمر المخوف وشر السلطان... 293

صلاة الرزق... 293

صلاة السفر... 294

صلاة أم المريض... 294

صلاة التزويج وطالب للحمل... 295

ص: 543

صلاة قضاء الدين... 295

صلاة الهدية للنبي وصلوات الأئمة... 295

صلاة ليلة الدفن (الوحشة)... 295

أنواع الاستخارة وصلواتها... 296

أحكام النوافل

مزاحمة الفرائض بالنوافل... 300

آداب النوافل مكملات لا شروط... 301

فعل الصلوات المكروهة وتركها... 301

التبعيض والجمع في النوافل... 302

التسامح في أدلة النوافل للمقلد والمجتهد... 302

تقديم الأداء الأخس على القضاء... 303

عدم كراهة ذوات الأسباب في الأوقات المكروهة... 304

بعض أحكام النوافل... 304

صلاة الجماعة

موارد وجوب الجماعة واستحبابها... 305

حكم إمامة الرجال والنساء... 305

الإمامة مع اختلاف الصلاة... 306

حكم نذر الجماعة... 306

كراهة ترك الجماعة... 308

ما تنعقد به الجماعة... 310

الصلاة خلف المخالف... 312

نظام وقوف الإمام والمأموم وكيفيته... 313

موقف المأموم... 315

شرائط الإمامة... 317

اشتراط التقدم والعقل والإيمان... 317

معنى العدالة... 318

طرق ثبوت العدالة... 319

ص: 544

تفسير الكبائر... 319

اشتراط الذكورة والقيام... 320

اشتراط عدم الخرس... 321

اشتراط طهارة المولد والختان وعدم المحدودية... 322

اشتراط عدم التعرب والوحدة والتعين... 322

شرائط الكمال في الإمامة... 322

أحكام صلاة الجماعة وآدابها... 325

صلاة القضاء

ما يجب فيه القضاء من الفوائت... 331

ما يسببه يترتب القضاء... 331

ما يسقط بسببه القضاء... 331

قضاء ما فات كما فات... 332

قضاء الولد الأكبر عن والده... 332

الترتيب في القضاء وعدمه... 333

أحكام النائب والنيابة... 333

كفاية الأذان للأولى في القضاء المتعدد... 334

مستحبات القضاء... 335

صلاة السفر

شروط القصر... 335

اشتراط المسافة وأحكامها... 335

حكم البلاد الكبيرة... 336

مقدار الفرسخ والميل والذراع و... 336

اشتراط قصد المسافة في القصر... 337

استمرار القصد وعدم نقضه بما ينافيه... 339

اشتراط بلوغ محل الترخص في القصر... 340

اشتراط كون السفر مباحا... 341

اشتراط عدم قصد الإقامة... 344

ص: 545

اشتراط عدم بلوغ ثلاثين يوما مترددا... 345

اشتراط عدم كون السفر عمله... 345

اشتراط عدم كونه في المواطن الأربعة... 346

اشتراط عدم انقطاع سفره... 348

قواطع السفر

اشتراط الضرب في الأرض... 349

اشتراط عدم الجهل بالقصر... 349

أحكام القصر... 350

مسح المسافة من منتهى البلد... 350

اعتبار المسافة بعد القاطع... 351

اعتبار بلوغ حد الترخص... 351

ما يعتبر في الإقامة... 351

حكم حصول وارتفاع سبب التمام... 352

من أتم في موضع القصر... 352

المدار في القصر على حال الأداء... 353

تلازم الإفطار والتقصير... 354

اختيار التقصير مع ضيق الوقت للمخير... 354

اختيار السفر والقضاء مع مزاحمة رمضان... 354

حكم التجري والانقياد في القصر... 354

ما يستحب للمقصر في الأذان والتسبيح... 355

النوافل وانقلاب الحكم إلى القصر أو العكس... 356

حكم التقصير مع عدم العلم به... 356

صلاة الخوف

كيفيات صلاة الخوف... 356

صلاة ذات الرقاع... 356

صلاة عسفان... 358

صلاة المطاردة والمعانقة... 358

صلاة بطن النحل... 359

ص: 546

أحكام صلاة الخوف... 359

أسباب الخلل

الخلل في الشروط... 361

ترك الشروط... 361

ترك شطور الشروط المركبة... 365

ترك شروط الشروط... 366

حدوث منافيات الشروط... 366

ترك شروط الأجزاء... 366

الشك في الشروط... 367

الشك في أجزاء الشروط وشروطها ومنافياتها... 367

الخلل في الغايات... 368

عدم إتيان الصلاة... 368

نقص الأجزاء المقومة... 369

حكم ترك الركن... 369

أركان الصلاة... 374

نقص الركعات... 378

زيادة الأجزاء... 379

حكم زيادة الركعات... 380

الشك في نقص الأجزاء... 381

الشك في زيادة الأجزاء... 384

الشك المردد بين النقص والزيادة... 384

الشك في نفس الصلاة... 385

الشك في حصول المنافيات... 386

الشك المتعلق بالركعات

ما لا يعتبر من الشك... 386

الشك في الركعات المبطل... 388

الشك في الركعات الغير المفسد... 389

أحكام الشك في الركعات... 391

ص: 547

ركعات الاحتياط... 397

كيفية ركعات الاحتياط... 397

أحكام ركعات الاحتياط... 398

الأجزاء المنسية... 402

أقسام الأجزاء المنسية... 402

أحكام الأجزاء المنسية... 403

سجدتا السهو

موجب سجدتي السهو... 406

كيفية سجدتي السهو... 407

أحكام سجدتي السهو... 408

عوارض الصلاة

ما يبطل عمدا وسهوا مطلقا... 410

ما يبطل مع سعة الوقت والاختيار... 411

ما يبطل مع الاختيار... 411

مسألة الالتفات عن القبلة... 411

حكم الكلام في الصلاة... 412

رد السلام في الصلاة وأحكامه... 413

تحميد العاطس وتسميته... 414

حرمة التكفير في الصلاة... 415

حرمة القهقهة في الصلاة... 415

حرمة الغناء وقراءة العزائم والفعل الكثير وغيرها... 415

حرمة البكاء والأكل والشرب... 416

مكروهات الصلاة... 417

ما لا كراهية فيه في الصلاة... 419

أحكام مبطلات الصلاة ومكروهاتها... 419

أحكام السلام ورد السلام والتحية... 421

أسرار الصلاة

سر كونها أشرف الأعمال... 428

ص: 548

أسرار شروط الصلاة وحكمها... 428

أسرار المنافيات وحكمها... 429

أسرار مقدمات الصلاة وحكمها... 430

أسرار أجزاء الصلاة وحكمها... 432

الروايات الواردة في حكم الصلاة وأسرارها... 437

حديثان في صلاة المعراج... 445

كتاب القرآن

حدوثه وقدمه... 449

إعجاز القرآن... 450

كيفية الخطاب بالقرآن والمخاطب... 451

القرآن أفضل الكتب... 452

تلاوة القرآن أفضل من الذكر وغيره... 452

المتشابه والمبين في القرآن... 453

الزيادة في القرآن وعدمها... 453

نقص القرآن وعدمه... 453

معنى القراءة والتلاوة... 454

قراءة القرآن المحرمة... 455

استحباب كون القرآن في البيت... 456

استحباب تعلمه وتعليمه... 456

إكرام القرآن وعدم بيعه من الكافر ونقشه بالذهب... 457

إكرام أهل القرآن... 457

شرف حملة القرآن... 458

حفظ القرآن... 458

ترك السفر بالقرآن إلى أرض العدو... 458

الإسرار بالقرآن... 459

الطهارة حال قراءة القرآن... 459

الخضوع والخشوع لحامل القرآن... 459

البكاء والتباكي عند سماعه... 460

ص: 549

الاستخارة بالقرآن... 460

عدم الغشية بالقرآن... 460

العوذة والرقية بالقرآن... 461

شرب ماء كتابة القرآن للتداوي... 461

قراءة الحزن... 461

استحباب القراءة بالمصحف... 461

الإنصات والتفكر في معاني القرآن... 462

يكره قراءة القرآن من سبعة أشخاص... 462

حكم العربية وشهرة القراءة وأحكام العجز... 462

استحباب الاستعاذة عند القراءة... 463

كراهة نسيان ما حفظ منه... 463

ترتيل القرآن... 463

إهداء ثواب القراءة... 464

استماع قراءة القرآن... 464

استحباب كثرة قراءة القرآن... 465

تعليم الأولاد القرآن... 465

فضائل السور وقراءة القرآن

سورة الفاتحة... 466

سورة الإخلاص... 466

سورة الأنعام... 468

سورة الملك... 468

التوحيد وآخر الكهف وآية السبحات... 468

سورة يس... 468

استحباب ختم القرآن كل شهر... 469

استحباب قراءته في البيت... 469

استحباب قراءة شئ من القرآن كل ليلة... 470

قراءة القرآن في شهر رمضان... 470

قراءة خمسين آية كل يوم... 470

ص: 550

ختم القرآن بمكة... 470

فضائل سائر السور المنصوص عليها... 471

ما يستحب أن يقال بعد السور والآيات... 476

ما تستحب قراءته من السور في الصلاة... 477

كتاب الذكر رجحان ذكر اللّه ومواقعه... 483

التحميد أنحاؤه وأحكامه... 485

الاستغفار... 485

التكبير والتسبيح والتحميد والتهليل... 486

الحوقلة... 487

ما يقال في كل يوم من الذكر... 487

ما يقال في الصباح والمساء... 489

حقيقة الذكر... 493

كتاب الدعاء

استحباب الدعاء في نفسه... 495

المحافظة على العربية في الدعاء... 495

الإكثار من الدعاء... 496

ما يتأكد فيه استحباب الدعاء... 496

كيفية الدعاء وأنحاؤه... 497

ما يقال قبل وبعد الدعاء... 499

الدعاء آخر الليل... 501

الدعاء مع البكاء... 501

تقديم تمجيد اللّه والثناء عليه... 502

مواقع الدعاء... 503

الدعاء مع التأمين... 504

الدعاء للمؤمنين... 504

الدعاء على العدو... 506

الدعاء لطلب الرزق... 506

ص: 551

موارد ترك الدعاء... 506

الدعاء على العدو في نافلة الليل... 507

دعاء المباهلة... 507

الدعاء للحمل ليكون ذكرا... 508

الأدعية التي لا ترد... 509

الدعاء مع عدم الظلم... 509

الدعاء مقرونا بلبس خاتم... 509

الصلاة على النبي وآله

فضلها وزيادة الأجر فيها... 510

كيفية الصلاة ومعناها... 512

استحباب ذكر النبي والأئمة في كل مجلس... 513

الصلاة لتذكر ما نسي... 514

ختم الكلام بالصلاة ورفع الصوت بها... 514

إكثار الصلاة على النبي... 514

الصلاة عند ذكر اللّه والأنبياء كلما ذكر... 515

الصلاة ليست واجبة وتمحيص الروايات... 516

ما ورد في وجوب اتباع الآل... 518

خاتمة في أحكام القرآن والذكر المشتركة... 519

ص: 552

چکیده

این کتاب یکی از بهترین و برترین کتابهای شیعه در زمینه عقاید فقه اصول شمرده می شود. مرحوم كاشف الغطاء در آن به اثبات حقانیت شیعه اثنا عشری می پردازد.

كشف الغطاء، بیانگر تسلط فوق العاده مؤلف است چنان که از خود وی نقل شده که گفته است: پرده از رخ عروس فقاهت، جز من و شهید اول و فرزندم، موسی بر نکشید.

کتاب وی از نظر روشمندی و روانی شیوه بحث و حل مبهمات مسائل بی نظیر است.

ناشر

مؤسسه بوستان کتاب

(مرکز چاپ و نشر دفتر تبلیغات اسلامی حوزه علمیه قم)

پرافتخارترین ناشر برگزیده کشور

نشانی دفتر :مرکزی ایران قم اول خیابان شهدا ص :پ 917

تلفن: 982517742155+ ، فاکس: 98251٧٧٤٢١٥٤+ ، :پخش ٩٨٢٥١٧٧٤٣٤٢٦+

ص: 553

کشف الغطاء

عن مبهمات الشريعة الغراء

جلد سوم

علامه شيخ جعفر کاشف الغطاء

تحقیق: دفتر تبلیغات اسلامی شعبه خراسان رضوی

بوستان کتاب

1387

ص: 554

Abstract

"Kashf ul-Ghita""is considered to be one of the best and most important Shi'ah books in dogma, figh`h (law) and usul (principles of figh`h). The book's main objective is to prove the rightfulness of Ithnā-'Asharī (Twelver) Shi'ah branch of Islam.

"Kashf ul-Ghita" clearly indicates the extraordinary expertise of the author as he has said himself: no one was able to take veil off the face of the bride but me and Shahid-e

Awwal (First Martyr) and my son, Mūsā.

This book is very unique in its methodological discipline, fluency of discussions and the resolution of ambiguities.

The Publisher

Bustan-e Ketab Publishers

Frequently selected as the top publishing company in Iran, Būstān-e Ketāb

Publishers is the publishing and printing house of the Islamic Propagation

Office of Howzeh-ye Elmiyeh-ye Ghom, Islamic Republic of Iran.

P.O. Box: 37185-917

Telephone: +98 251 774 2155

Fax: +98 251 774 2154

E-mail: info@bustaneketab.com

Web-site: www.bustaneketab.com

ص: 555

Kashf ul-Ghita'

'an Mubhamat ish-Sharī‘a(h)t il-Gharrā'

lil-'Allamah ash-Sheykh Ja'far Kashif ul-Ghita'

Volume 3

Research

Maktab ul-I'lām ul-Islāmī, Far'-u Khorāsān

Būstān-e Ketab Publishers

1387/2009

ص: 556

الصورة

ص: 557

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.