شرح فروع الکافی المجلد 3

اشارة

سرشناسه : مازندرانی، محمدهادی بن محمدصالح، - 1120ق.

عنوان و نام پديدآور : شرح فروع الکافی/محمدهادی بن محمد صالح المازندرانی ؛ تحقیق محمدجواد المحمودی، محمدحسین درایتی.

مشخصات نشر : قم: موسسه دارالحدیث العلمیه والثقافیه، مرکز للطباعه والنشر،1430ق.= 1388.

مشخصات ظاهری : 5ج.

فروست : مرکز بحوث دارالحدیث؛157

الشروح والحواشی علی الکافی؛13

مجموعه آثارالموتمرالدولی الذکری ثقه الاسلام الکلینی(ره)؛ 19؛ 22

شابک : دوره: 978-964-493-328-8 ؛ 60000 ریال: ج.1: 978-964-493-318-9 ؛ ج.4: 978-964-493-392-9

يادداشت : عربی.

يادداشت : کتاب حاضر به مناسبت کنگره بین المللی بزرگداشت ثقه الاسلام کلینی تحقیق و تصحیح شده است.

مندرجات : ج.1. کتاب الطهاره.-ج.2. کتاب الحیض والجنائز والصلاه.-ج.3. کتاب الصلاة و کتاب الزکاه.-ج.4.کتاب الصیام والحج.-ج.5. کتاب الحج.

موضوع : کلینی، محمد بن یعقوب - 329ق. . الکافی. فروع. - نقدو تفسیر.

موضوع : احادیث شیعه -- قرن 4ق.

شناسه افزوده : محمودی، محمدجواد، 1340 -

شناسه افزوده : درایتی، محمدحسین، 1343 -

شناسه افزوده : کلینی، محمدبن یعقوب،239ق. الکافی. فروع. شرح.

شماره کتابشناسی ملی : 1852894

ص: 1

اشاره

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

تتمة كتاب الصلاة

اشاره

تتمة كتاب الصلاة

.

ص: 6

. .

ص: 7

باب افتتاح الصلاة والحدّ في التكبير وما يقول عند ذلك

باب افتتاح الصلاة والحدّ في التكبير وما يقول عند ذلكذكر العلّامة في المنتهى (1) إجماع المسلمين على وجوب التكبير للإحرام في الصلاة ، وعلى كونه ركنا من أركانها أيضا ، إلّا أنّه استثنى منهم الزهري والأوزاعي وسعيد بن المسيّب والحسن وقتادة والحكم ، وحكى عنهم نفي ركنيّته ، وأنّهم قالوا : لو أخلّ به المصلّي عامدا بطلت صلاته ، ولو أخلّ به ناسيا أجزأته تكبيرة الركوع (2) . وحكى طاب ثراه عن بعض منهم القول باستحبابه وتحقّق الدخول في الصلاة بالنيّة ، وهو محكي في الانتصار عن الزهري ، (3) وهو ظاهر أخبار نادرة تجيء مع تأويلها في باب السهو في افتتاح الصلاة . ويدلّ عليه _ زائدا على ما رواه المصنّف _ ما سيأتي من صحيحتي زيد الشحّام ومحمّد بن مسلم ، صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن أدنى ما يجزي في الصلاة من التكبير ، قال: «تكبيرة واحدة». (4) وأراد المصنّف بالافتتاح تكبيرة الإحرام وما زاد عليها من التكبيرات المستحبّة ، وهو الشائع في الأخبار وكلام الأصحاب، فقد أجمع الأصحاب على استحباب افتتاحها بسبع تكبيرات، منها تكبيرة الإحرام، (5) وعدّه السيّد في الانتصار من متفرّدات الإماميّة . (6) ويدلّ عليه حسنة حريز عن زرارة ، (7) وحسنة الحلبي ، (8) وما رواه الصدوق ، حيث قال في الفقيه: وإنّما جرت السنّة في افتتاح الصلاة بسبع تكبيرات ؛ لما رواه زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «خرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى الصلاة ، وقد كان الحسين عليه السلام أبطأ عن الكلام حتّى تخوّفوا أنّه لا يتكلّم ، وأنّه يكون به خرس، فخرج به عليه السلام حامله على عاتقه ، وصفّ الناس خلفه ، فأقامه على يمينه ، فافتتح رسول اللّه صلى الله عليه و آله [الصلاة ، فكبّر الحسين عليه السلام ، فلمّا سمع رسول اللّه صلى الله عليه و آله ] (9) تكبيره عاد فكبّر وكبّر الحسين عليه السلام حتّى كبّر رسول اللّه صلى الله عليه و آله سبع تكبيرات ، وكبّر الحسين عليه السلام ، فجرت السنّة بذلك». (10) وقد روى هشام بن الحكم لذلك علّة اُخرى ، وهي : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لمّا اُسري به إلى السّماء قطع سبع حجب ، فكبّر عند كلّ حجاب تكبيرة ، فأوصله اللّه عزّ وجلّ بذلك إلى منتهى الكرامة. (11) وذكر الفضل بن شاذان لذلك علّة اُخرى ، وهي : أنّه إنّما صارت التكبيرات في أوّل الصلاة سبعا ؛ لأنّ أصل الصلاة ركعتان ، واستفتاحهما بسبع تكبيرات : تكبيرة الافتتاح ، وتكبيرة الركوع ، وتكبيرتي السجدتين ، وتكبيرة الركوع في الثانية ، وتكبيرتي السجدتين، فإذا كبّر الإنسان في أوّل صلاته سبع تكبيرات ثمّ نسي شيئا من تكبيرات الافتتاح من بعد أو سها عنها لم يدخل عليه نقص. (12) وما رواه الشيخ في التهذيب عن حفص ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان في الصلاة وإلى جانبه الحسين عليه السلام فكبّر رسول اللّه صلى الله عليه و آله فلم يحر الحسين عليه السلام التكبير ، فلم يزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله يكبّر ويعالج الحسين عليه السلام التكبير ، ولم يحر ، حتّى أكمل سبع تكبيرات ، فأحار الحسين عليه السلام التكبير في السابعة» ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : «فصارت سنّة». (13) وفي الصحيح عن زيد الشحّام ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الافتتاح؟ فقال: «تكبيرة تجزيك». قلت: فالسبع؟ قال: «ذلك الفضل». (14) واحتجّ عليه السيّد في الانتصار (15) بإجماع الطائفة ، وبأنّ وقت الافتتاح داخل في عموم الأحوال الّتي أمرنا فيها بالأذكار بقوله سبحانه: «يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا» ، (16) وهذا أكثر مراتب الفضل. وقد ورد خمس وثلاث أيضا. روى الشيخ عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «الإمام يجزيه تكبيرة واحدة ويجزيك ثلاث مترسّلاً (17) إذا كنت وحدك». (18) وفي الصحيح عن الحلبي ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أخفّ ما يكون من التكبير في الصلاة، قال: «ثلاث تكبيرات ، فإن كانت قراءة قرأت ب «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» و «قُلْ يَ_أَيُّهَا الْكَ_فِرُونَ» ، وإذا كنت إماما فإنّه يجزيك أن تكبّر واحدة تجهر فيها وتسرّ ستّا». (19) وعن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا افتتحت الصلاة فكبّر إن شئت واحدة ، وإن شئت ثلاثا و إن شئت خمسا ، وإن شئت سبعا ، فكلّ ذلك مجز عنك غير أنّك إذا كنت إماما لم تجهر إلّا بتكبيرة». (20) وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «التكبيرة الواحدة في [إفتتاح] الصلاة تجزي ، والثلاث أفضل ، والسبع أفضل كلّه». (21) وإطلاق الصلاة في الأخبار يقتضي استحبابها في جميع الصلوات الواجبة والمندوبة . وقد ورد في بعض الأخبار استحبابها في بعض المندوبات منطوقا ، وفي جميعها مفهوما، فقد روي في الوافي عن كتاب فلاح السائل ، عن التلعكبري، عن محمّد بن همّام ، عن عبد اللّه بن علاء المذاري ، عن ابن شمون ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال : «افتتح في ثلاثة مواطن بالتوجه والتكبير في أوّل الزوال ، وصلاة الليل ، والمفردة من الوتر ، وقد يجزيك فيما سوى ذلك من التطوّع أن تكبّر تكبيرة لكلّ ركعتين» . (22) ويفهم من لفظ الإجزاء أنّها مستحبّة في سائر النوافل وهو ظاهر مذهب المفيد حيث قال في المقنعة : والسنّة في التوجّه بسبع تكبيرات في سبع صلوات : الأوّلة من كلّ فريضة ، والأوّلة من نوافل الزوال ، والأوّلة من نوافل المغرب ، والأوّلة من الوتيرة ، والأوّلة من نوافل الليل، والمفردة بعد الشفع ، وهي الوتر ، والأوّلة من ركعتي الإحرام للحجّ والعمرة ، ثمّ هو فيما بعد هذه الصلوات مستحبّ وليس تأكيده كتأكيده في ما عددناه. (23) وهو ظاهر السيّد في الانتصار ، (24) ومحكى عن ظاهر جمله (25) أيضا ، ومنقول عن ابن طاووس وعن ظاهر ابن الجنيد ، (26) بناء على أنّهم سنّوا استحبابها من غير تقييد . وبه صرّح بن إدريس حيث قال: «يستحبّ التوجّه بسبع تكبيرات منها واحدة فريضة ، وهي تكبيرة الإحرام ، بينهن ثلاثة أدعية في جميع الصلوات المفروضات والمندوبات» . (27) وقيّده الأكثر بالمواضع السبعة الّتي عدّه المفيد فيها مؤكّدا . وبه قال الشيخ في النهاية (28) والمبسوط (29) صريحا . وقال في الخلاف : «يستحبّ [عندنا استفتاح الصلاة بسبع تكبيرات ]في مواضع مخصوصة من النوافل» . (30) وخصّها في الفقيه في النوافل بستّ بإسقاط الوتيرة من السبع نفلاً عن رسالة والده . (31) وعن السيّد مرتضى: أنّه قال في المسائل المحمّدية: «إنّما يستعمل في الفرض دون النوافل» . (32) وبه قال الشيخ في التهذيب فإنّه بعد ما حكى عن عليّ بن بابويه ما نقلنا عنه قال: «ولم أجد به فيما عدا الفرائض خبرا مسندا». (33) وحكى ابن إدريس عن بعض اختصاصه بالفرائض اليوميّة . (34) ويستحبّ ثلاثة أدعية بين السبع ، منها : دعاء التوجّه على ما دلّ عليه ما رواه المصنّف من حسنة الحلبي. (35) وقد ورد في بعض الأخبار ولاؤها ، رواه الشيخ في الموثّق عن زرارة ، قال : رأيت أبا جعفر عليه السلام _ أو قال: سمعته _ استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء (36) . وهو أدون فضلاً . وظاهر الخبرين المذكورين في قصّة الحسين عليه السلام (37) أنّ الأوّل من السبع كانت تكبيرة الإحرام. والمشهور تخيير المصلّي في ذلك وفي جعلها إحدى البواقي ، وكأنّهم تمسّكوا في ذلك بما ذكر ، وورود دعاء التوجّه بعد السبع في حسنة الحلبي زعما منهم أنّه مختصّ بما بعد التحريمة . وقد صرّح جماعة بها، منهم الشهيد في اللمعة حيث قال _ بعد ما ذكر السبع _ : «ويتوجّه بعد التحريمة» . (38) وقال الشهيد الثاني في الشرح : «أي يدعو بدعاء التوجّه ، وهو : وجّهت وجهى للّذي فطر السّماوات والأرض إلى آخره بعد التحريمة ، حيث ما فعلها» . (39) وكأنّه بذلك قال . وفي الذكرى : «أنّ الأفضل جعلها الأخيرة» . (40) وقال صاحب المدارك : «لا أعرف مأخذه» . (41) واعلم أنّ المشهور بين الأصحاب وجوب كلمة : (اللّه أكبر) بعينها في تكبيرة الإحرام، وعدم انعقاد الصلاة بتغييرها وبغيرها وإن أفاد معناها اختيارا. (42) ويدلّ عليه فعل النبيّ صلى الله عليه و آله ، وقوله عليه السلام إيّاه في مقام التعليم في حسنة حمّاد، (43) ونسبه العلّامة في المنتهى (44) إلى أحمد ، (45) وهو محكي في الانتصار (46) عن مالك. (47) ونقل في الذكرى عن ابن الجنيد أنّه قال: «ينعقد بقوله : «اللّه الأكبر» وإن كان فعله مكروها». (48) وحكى في الانتصار عن الشافعي التخيير بينهما. (49) وعن أبي حنيفة ومحمّد الانعقاد بكلّ لفظ يقصد به التعظيم والتفخيم وبقول اللّه . (50) وعن أبي يوسف الانعقاد بألفاظ التكبير مطلقا، وعدّ منها : اللّه الكبير. (51) وعن الزهري الانعقاد بالنيّة فقط ، (52) ثمّ قال: «دليلنا على ما ذهبنا إليه : الإجماع ، وأيضا فإنّ الصلاة في الذمّة بيقين ولا يسقط إلّا بيقين مثله ، ولا يقين في سقوطها عن الذمّة إلّا باللفظ الّذي اخترناه.» (53) ويستحبّ أيضا أن يقال بين الإقامة والتكبيرات السبع: يا محسن قد أتاك المسيء ، وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسيء ، وأنت المحسن وأنا المسيء ، فبحقّ محمّد وآل محمّد صلّ على محمّد وآل محمّد و تجاوز عن قبيح ما تعلم منّي. وإذا قال ذلك يقول اللّه : ملائكتي ، اشهدوا أنّي قد غفرت له ، وأرضيت عنه أهل تبعاته. على ما نقل عن ابن طاووس في كتاب فلاح السائل. (54) قوله في حسنة زرارة : (ترفع بذلك في افتتاح الصلاة قبالة وجهك ولا ترفعهما كلّ ذلك) .] ح 1 /4971] ذلك : إشارة إلى الرفع المستفاد من الفعل ، أي لا ترفعهما كثيرا كما هو في بعض النسخ. وفي المنتهى : «يستحبّ رفع اليدين بالتكبير بلا خلاف بين أهل العلم في فرائض الصلوات ونوافلها». (55) وحكى طاب ثراه عن المازري أنّه ادّعى إجماع الاُمّة عليه ، لكنّه حكى عن داود وجوبه متمسّكا بورود الأمر به ، وتأسّيا بالنبيّ صلى الله عليه و آله . (56) وذهب السيّد في الانتصار (57) إلى وجوبه في كلّ تكبيرات الصلوات محتجّا بأنّ الإجماع وتيقّن براءة الذمّة ، وبما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه رفع يديه في كلّ خفض ورفع وفي السجود ، (58) وعدّ ذلك من منفردات الإماميّة مستندا بأنّ أبا حنيفة وأصحابه والثوري نفوه في غير تكبيرة الإحرام وتكبيرتي الركوع ورفع الرأس منه، (59) ومالكا نفاه مطلقا ، (60) وقال: إنّهم ادّعوا نسخه والأخبار فيه متظافرة من الطريقين . فمن طريق الأصحاب منها : ما رواه المصنّف في الباب، ومنها : ما سبق في بعض الأخبار، ومنها : ما سيأتي. ومنها : ما رواه في الصحيح ، عن معاوية بن عمّار ، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام حين افتتح الصلاة يرفع يديه أسفل من وجهه قليلاً. (61) وفي الصحيح عن صفوان بن مهران ، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام إذا كبّر للصلاة رفع يديه حتّى يكاد ويبلغ اُذنيه. (62) وعن ابن سنان _ وطريقه إليه صحيح _ قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام [يصلّي] يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح. (63) وعن زرارة ، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «رفعك يديك في الصلاة زينها». (64) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار ، قال : رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يرفع يديه إذا ركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا سجد ، وإذا رفع رأسه من السجود ، وإذا أراد أن يسجد الثانية. (65) وفي الصحيح عن ابن مسكان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : في الرجل يرفع يديه كلّما أهوى للركوع والسجود ، قال: «هي العبودية». (66) وعن سيف ين عميرة، عن منصور بن حازم ، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام [يصلّي] افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه ، واستقبل القبلة ببطن كفّيه. (67) ومن طريق العامّة ، منها : ما روي عن ابن عمر ، قال: رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ، وإذا أراد أن يركع ، وبعد ما رفع رأسه من الركوع . (68) وهو حجّة الشافعي. (69) وعن وائل بن حجر ، (70) ومالك بن حويرث ، عنه صلى الله عليه و آله : أنّه كان يرفع يديه إذا كبّر حتّى يحاذي اُذنيه. (71) وعنه صلى الله عليه و آله أنّه قال: «رفع الأيدي من الاستكانة»، قلت: وما الاستكانة؟ قال: «ألا تقرأ هذه الآية: «فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَ مَا يَتَضَرَّعُونَ» (72) » . (73) وربّما احتجّ عليه بقوله سبحانه: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ» (74) بناءً على ما رواه الشيخ عن ابن سنان _ وطريقه إليه صحيح _ عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ وجلّ: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ» ، قال : «هو رفع يديك حذاء وجهك». (75) وفي مجمع البيان عن عمر بن يزيد ، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في قوله: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ» : «هو رفع يديك حذاء وجهك». (76) وعن جميل ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : «فصلّ لربّك وانحر» ، فقال بيده هكذا ، يعنى استقبل بيديه حذو وجهه القبلة في افتتاح الصلاة. (77) وعن حمّاد بن عثمان ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ما النحر؟ فرفع يديه إلى صدره ، فقال: «هكذا» ، ثمّ رفعهما فوق ذلك فقال: «هكذا» ، يعني استقبل بيديه القبلة في استفتاح الصلاة. (78) وعن مقاتل بن حيّان ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «لمّا نزلت هذه السورة قال النبيّ صلى الله عليه و آله لجبرئيل عليه السلام : ما هذه النحيرة الّتي أمرني بها ربّي؟ قال: ليست بنحيرة ولكنّه يأمرك إذا تحرّمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت ، وإذا رفعت رأسك من الركوع ، وإذا سجدت ، فإنّه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع ، فإنّ لكلّ شيء زينة وأنّ زينة الصلاة رفع الأيدي عند كلّ تكبيرة». (79) وله تفسيرات اُخرى ، ففي مجمع البيان : أمره سبحانه بالشكر لهذه النعمة الجليلة (80) [بأن قال : فصلّ صلاة العيد]؛ لأنّه عقّبها بالنحر ، أي وانحر هديك واُضحيتك. عن عطاء وعكرمة وقتادة . وقال أنس بن مالك : كان النبيّ صلى الله عليه و آله ينحر قبل أن يصلّي ، فأمره أن يصلّي ، ثمّ ينحر . وقيل: معناه : فصلّ لربّك صلاة الغداة المفروضة بجمع ، وانحر البدن بمنى؛ عن سعيد بن جبير ومجاهد . وقال محمّد بن كعب : إنّ اُناسا كانوا يصلّون لغير اللّه فأمر اللّه تعالى نبيّه أن تكون صلاته ونحره للبدن تقرّبا إليه خالصا له . وقيل : معناه : صلّ لربّك الصلاة المكتوبة ، واستقبل القبلة بنحرك ، وتقول العرب: منازلنا تتناصر ، أي هذا ينحر هذا ، يعنى يستقبله ، وأنشد. أبا حكم ها أنت عمّ مجالدوسيّد أهل الأبطح المتناحر أي ينحر بعضه بعضا ، وهذا قول الفرّاء . وأمّا ما رووه عن عليّ عليه السلام أنّ معناه ضع يدك اليمنى على اليسرى حذاء النحر في الصلاة فممّا لا يصحّ عنه؛ لأنّ جميع عترته الطاهرة عليهم السلام قد رووه عنه بخلاف ذلك ، وهو أنّ معناه ارفع يديك إلى النحر في الصلاة. (81) وقد ورد في بعض الأخبار ما دلّ ظاهرا على عدم استحبابه على غير الإمام ، رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلام ، قال: قال: «على الإمام أن يرفع يده في الصلاة، ليس على غيره أن يرفع يده في الصلاة» ، وحمله على نفي شدّة تأكّده على غيره. (82) واختلفوا في حدّ الرفع، فالمشهور بين الأصحاب أن غايته حيال الاُذنين ، أعنى حذاء الخدّين على ما فسّر به في حسنة زرارة، عن أحدهما عليهماالسلام. (83) ويدلّ على ذلك كثرة الأخبار المتقدّمة. ويدلّ على عدم استحبابه _ زائدا على ذلك _ صريحا ما رواه المصنّف من حسنتي زرارة ، (84) وموثّق سماعة عن أبي بصير ، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إذا دخلت المسجد فاحمد اللّه واثن عليه ، وصلّ على النبيّ صلى الله عليه و آله ، فإذا افتتحت الصلاة فكبّرت فلا تجاوز اُذنيك ، ولا ترفع يديك بالدعاء في المكتوبة تجاوز بهما رأسك». (85) وهو اختيار أبي حنيفة. (86) وقال الصدوق: «يرفعهما إلى النحر لا يجاوز بهما إلى الاُذنين»، (87) وكأنّه تمسّك بالأخبار المُشار إليها في تفسير الآية الكريمة المذكورة. وعن ابن أبي عقيل أنّه يرفعهما حذو منكبيه أو حيال خدّيه لا يجاوز بهما اُذنيه. (88) وحدّه الشافعي إلى المنكبين. (89) وأمّا كيفيّته فقد قال طاب ثراه: «عندنا أنّه يستقبل القبلة ببطن كفّيه ويبسطهما بسطا مّا». ويدلّ على الأوّل رواية منصور بن حازم المتقدّمة، (90) وعلى الثاني ما رواه المصنّف من حسنة الحلبي. (91) وقال بعض العامّة: يرفعهما مبسوطتين بطونهما إلى السماء، (92) وبعض آخر منهم : بطونهما إلى الأرض. (93) ثمّ قال: فإن قلت : ما معنى الرفع؟ قلت : في الفقيه : سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام عن معناه فقال عليه السلام : «معناه ، اللّه الأكبر الواحد الأحد الّذي ليس كمثله شيء ، لا يُلمس بالأخماس، ولا يُدرك بالحواس». (94) وقد سمعت بعض المشايخ يقول: تفسير ذلك أنّ رفع اليدين كناية عن رفعة اللّه سبحانه بالنسبة إلى جميع ما عداه، فيكون واحدا ليس مثله شيء؛ إذ لو كان له شريك لم يكن رفيعا بالنسبة إليه، وكذا يكون أحدا ، أي غير متجزّ؛ إذ لو كان له جزء لاحتاج إليه ضرورة ، فلا يكون رفيعا بالنسبة إليه ، بل كان الأمر بالعكس؛ لأنّ المحتاج إليه أرفع من المحتاج ، ويكون غير ملموس بالأخماس ، وغير مُدرك بالحواسّ؛ لأنّ الملموس والمُدرَك لا محالة إمّا عرضان أو جوهران متجزّيان ، فهما محتاجان إلى الموضوع والجزء، فلا يكون أرفع منهما. وفي حكمته أقوال اُخر ، فقيل: إشارة إلى الاستسلام كالأسير إذا غلب مدّ يديه . وقيل: إلى الاستهوال ؛ لما دخل فيه . وقيل : إلى نبذ الدنيا وراءه والإقبال بكلّيّته إلى الصلاة ومناجاة ربّه عزّ وجلّ. (95) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (التكبير في صلاة الفرض الخمس خمس وتسعون تكبيرة) .[ح 5 /4975] خمس منها واجبة ، وهي تكبيرات الإحرام على ما سبق، والبواقي مستحبّة على المشهور ؛ لأصالة البراءة ، وعدم دليل صالح على وجوبها. وعن ابن أبي عقيل وجوب تكبير الركوع والسجود (96) ؛ محتجّا بورود الأمر بهما في صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب : اللّه أكبر واركع»، (97) وحسنة الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا سجدت فكبّر». (98) واُجيب بحمل الأمر فيهما على الندب ؛ لما سبق ممّا دلّ على الندب ظاهرا ، وأضاف سلّار إلى هذين التكبيرين تكبير القيام والقعود والتشهّدين، (99) وقد سبق أنّ السيّد في الانتصار قال بوجوب تكبيرات الصلاة كلّها ؛ محتجّا بالإجماع ، وتيقّن البراءة، وبالخبر النبويّ. (100) قوله في حسنة الحلبي: (ثمّ كبّر ثلاث تكبيرات) إلخ.] ح 7 /4977] كلمة «ثمّ» للترتب الذكري، وهذا الترتيب والتكبيرات والأدعية هو المشهور. وحكى في المختلف عن ابن الجنيد أنّه قال _ بعد ذكر هذا الترتيب _: ويستحبّ أيضا في الاستفتاح أن يُقال _ بعد التكبيرات الثلاث الاُوّل _ : اللّهمّ أنت الملك الحقّ ، إلى آخره، ثمّ يكبّر تكبيرتين ويقول: لبّيك ، إلى آخره ، ثمّ يكبّر تكبيرتين ويقول: وجّهت وجهي للّذي فطرني _ إلى قوله _ وأنا من المسلمين ، الحمد للّه ربّ العالمين ، ثمّ يقول: اللّه أكبر _ سبعا _ ، وسبحان اللّه _ سبعا _ ، ولا إله إلّا اللّه _ سبعا _ من غير رفع يديه. قال: وقد روى ذلك جابر عن أبي جعفر عليه السلام ، والحلبي وأبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام . ومهما اختار من ذلك أجزأه، وهذا التكبير والتسبيح والتهليل لم ينقل في المشهور. انتهى. (101) وفي القواعد : «والتوجّه بستّ تكبيرات غير تكبيرة الإحرام بينها ثلاثة أدعية». (102) و[به] قال المحقّق. (103) ولبّيك في الأصل : ألبِّ لَكَ إلبابين ، أي أقيم لخدمتك إقامة بعد إقامة ، بمعنى إقامة كثيرة متتالية ، من ألّب بالمكان إذا أقام به ، حذف الفعل واُقيم المصدر مقامه ، وردّ إلى الثلاثى ، واُضيف إلى المفعول فحذف اللّام، أو من لبّ بالمكان بمعنى ألبّ به ، وهو أظهر لقلّة الإعلال . (104) وسعديك أيضا في الأصل أسعدك إسعادين ، أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة، بمعنى مساعدة كثيرة . (105) وحنانيك أيضا في الأصل تحنّن عليّ حنانا بعد حنان ، بمعنى حنانا كثيرا ، فعل بهما ما فُعِل في لبّيك ، والحنان كسحاب : الرّحمة ، والرزق ، والبركة ، والوقار ، ورقّة القلب . (106) وسبحانك أيضا في الأصل : اُسبّحك سبحانا ، أي اُنزّهك عمّا لا يليق بك ، (107) اُقيم المصدر مقام الفعل المحذوف واُضيف إلى مفعوله ، وهي من المصادر المنصوبة بفعل لا يظهر في الاستعمال. وتباركت ، أي كثرت صفات جلالك وسمات جمالك ، وتعاليت عن إدراك الأوهام والعقول وعن مشابهة ما سواك وعمّا يقول الظالمون فيك علوّا كبيرا. ومعنى كون الخير في يديه سبحانه والشرّ ليس إليه ؛ أنّه يهيّج الدواعي إلى الخير في قلوب المطيعين ويهيّئ الأسباب الموجبة لسهولة صدوره عنهم ، ويخلّي العاصين وأنفسهم وبعد هدايتهم ظاهرا وباطنا ؛ لعدم استعدادهم كما ورد في الأخبار: «أنا أولى بحسناتك منك»، (108) وهذا هو الواسطة بين الجبر والتفويض، وقيل : معناه : «لا يصعد إليك الشرّ ، وإنّما يصعد إليك الطيّب والعمل الصالح». (109) قوله في حسنة حمّاد بن عيسى : (لا تحسن أن تصلّي) .[ح 8 /4978] كأنّه ترك المستحبّات في الصلاة كما يشعر به نفي الإحسان ، فإنّه الطمأنينة والاعتدال . وأكثر المستحبّات المستفادة من هذا الحديث مختصّة بالرجال ؛ لمضمر زرارة ، قال: «إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها ولا تفرّج بينهما، وتضمّ يديها إلى صدرها لمكان ثدييها، فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها ؛ لئلّا تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها، فإذا جلست فعلى إليتيها ليس كما يقعد الرجل، فإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود وبالركبتين قبل اليدين ، ثمّ تسجد لاطية بالأرض، فإذا كانت في جلوسها ضمّت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض، فإذا نهضت انسلّت انسلالاً لا ترفع عجيزتها أوّلاً». (110) وخبر ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، قال: «المرأة إذا سجدت تضممت ، والرجل إذا سجد تفتّح». (111) ورواية عبد اللّه بن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها». (112) وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، قال: سألته عن جلوس المرأة في الصلاة، قال: «تضمّ فخذيها». (113) وضعف هذه الأخبار منجبر بعمل الأصحاب. ويؤيّده التستّر المطلوب في النساء. وقال طاب ثراه: قال المازري : هُنَيّته بضمّ الهاء وفتح النون وتشديد الياء : تصغير هَنَة ، وأصله هنوة ، فلمّا صغّرت قيل : هنيوة ، فاجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، فانقلبت الواو ياءً، فاجتمع المثلان ، فوجب الإدغام، ومن همز فقد أخطأ ، وأمّا عند الطبري فصحيح. وقال عياض: الهمز روية الجمهور . انتهى. (114) والترتيل : التأنّي وتبيين الحروف ، مأخوذ من قولهم : ثَغر رتَل ومرتّل إذا كان مفلّجا. (115) وتعدية سمع باللّام لتضمين معنى الإجابة. وقال طاب ثراه: الأفضل أن يكبّر للسجود في حال القيام، وهذا الخبر صريح فيه . وما وقع في خبر المعلّى عن الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول: «كان عليّ بن الحسين عليهماالسلامإذا هوى ساجدا انكبّ وهو يكبّر» (116) من باب الجواز.

.


1- . منتهى المطلب ، ص 267 ط قديم .
2- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 291 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 506 ؛ شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 4 ، ص 96 ، عمدة القاري ، ج 5 ، ص 268 .
3- . الانتصار ، ص 40 . وانظر : عمدة القاري ، ج 5 ، ص 268 ، و سائر المصادر المتقدّمة .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 66 ، ح 238 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 10 ، ح 7209 .
5- . اُنظر : المقنعة ، ص 111 ؛ الخلاف ، ج 1 ، ص 315 ، المسألة 65 ؛ المبسوط ، ج 1 ، ص 104 و 131 ؛ النهاية ، ص 73 و 120 ؛ المهذّب البارع ، ج 1 ، ص 92 و 98 ؛ الوسيلة ، ص 94 ؛ السرائر ، ج 1 ، ص 237 ؛ المختصر النافع ، ص 33 ؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 154 ؛ كشف الرموز ، ج 1 ، ص 164 ؛ إرشاد الأذهان ، ج 1 ، ص 256 ؛ تبصرة المتعلّمين ، ص 48 ؛ تحرير الأحكام ، ج 1 ، ص 239 و 261 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 117 ، المسألة 212 ؛ مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 185 _ 186 ؛ نهاية الإحكام ، ج 1 ، ص 458 .
6- . الانتصار ، ص 139 .
7- . هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
8- . هو الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
9- . الإضافة من المصدر .
10- . الفقيه ، ج 1 ، ص 305 ، ح 917 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 22 _ 23 ، ح 7241 .
11- . الفقيه ، ج 1 ، ص 305 ، ح 918 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 23 ، ح 7242 .
12- . الفقيه ، ج 1 ، ص 305 _ 306 ، ح 319 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 22 ، ح 7243 .
13- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 67 ، ح 243 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 67 ، ص 7238 .
14- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 66 ، ح 241 ؛ وسائل الشيعة ، ح 6 ، ص 9 ، ح 7206 .
15- . الانتصار ، ص 139 .
16- . الأحزاب (33) : 41 .
17- . مترسّلاً يعنى متأنّيا متثبّتا ؛ يقال : ترسّل الرجل في كلامه و مشيه ، إذا لم يجعل . الوافي ، ج 8 ، ص 640 .
18- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 287 ، ح 1150 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 10 ، ح 7207 .
19- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 287 ، ح 1151 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 33 ، ح 7273 .
20- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 66 ، ح 239 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 21 ، ح 7240 ، وص 34 ، ح 7276 .
21- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 66 ، ح 242 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 10 ، ح 7208 .
22- . الوافي ، ج 8 ، ص 638 ، ذيل ح 6764 ؛ فلاح السائل ، ص 130 ؛ مستدرك الوسائل ، ج 4 ، ص 139 ، ح 4329 .
23- . المقنعة ، ص 111 .
24- . الانتصار ، ص 139 ، المسألة 37 .
25- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 31) .
26- . حكاه عنهما العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 185 .
27- . السرائر ، ج 1 ، ص 237 .
28- . النهاية ، ص 69 .
29- . المبسوط ، ج 1 ، ص 104 .
30- . الخلاف ، ج 1 ، ص 315 ، المسألة 65 .
31- . لم أعثر عليه في الفقيه ، وحكاه عنه الشيخ في تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 94 ، ذيل ح 349 .
32- . رسائل المرتضى ، ج 1 ، ص 277 .
33- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 94 ، ذيل ح 349 . وقوله : «فيما عدا الفرائض» غير موجود فيه .
34- . السرائر ، ج 1 ، ص 238 .
35- . هو الحديث السابع من هذا الباب .
36- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 287 ، ح 1125 . و رواه الصدوق في الخصال ، ص 347 ، باب السبعة ، ح17 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 21 ، ح 7239 .
37- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 22 _ 23 ، ح 7241 و 7242 .
38- . اللمعة الدمشقيّة ، ص 31 .
39- . شرح اللمعة ، ج1 ، ص 630 .
40- . الذكرى ، ج3 ، ص 262 .
41- . مفتاح الكرامة ، ج7 ، ص 24 .
42- . اُنظر : الانتصار ، ص 140 ؛ المبسوط للطوسي ، ج1 ، ص 102 ؛ شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 62 ؛ إرشاد الأذهان ، ج 1 ، ص 252 ؛ تبصرة المتعلّمين ، ص 45 ؛ تحرير الأحكام ، ج 1 ، ص 238 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص112 ، المسألة 209 ؛ قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 271 ؛ نهاية الإحكام ، ج 1 ، ص 453 ؛ الذكرى ، ج 3 ، ص 256 ؛ مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 319 ؛ مفتاح الكرامة ، ج 7 ، ص 8 .
43- . هو الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي . أمالي الصدوق ، المجلس 64 ، ح 13 ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 300 ، ح 915 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 81 ، ح 301 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 459 _ 461 ، ح 7077 و 7078 .
44- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 268 ، ط قديم .
45- . فتح العزيز ، ج 1 ، ص 267 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 292 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 1 ، ص 505 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 505 ؛ عمدة القاري ، ج 5 ، ص 268 .
46- . الانتصار ، ص 140 .
47- . المدونّة الكبرى ، ج 1 ، ص 62 ؛ فتح العزيز ، ج 1 ، ص 267 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 101 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 130 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 292 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 505 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 505 ؛ المحلّى ، ج 3 ، ص 233 ؛ عمدة القاري ، ج 5 ، ص 268 ؛ شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 4 ، ص 96 ؛ مواهب الجليل ، ج2 ، ص 305 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 36 ؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 123 .
48- . الذكرى ، ج 3 ، ص 256. و حكاه أيضا المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 152 ؛ والعلّامة في تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 113 .
49- . كتاب الاُمّ ، ج 1 ، ص 122 ؛ مختصر المزني ، ص 14 ؛ فتح العزيز ، ج 3 ، ص 365 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 291 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 36 ؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 123 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 505 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 505 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 101 .
50- . فتح العزيز ، ج 3 ، ص 266 _ 267 ؛ المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 35 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 130 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 505 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 505 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 101 ؛ عمدة القاري ، ج 5 ، ص 268 ؛ شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 4 ، ص 96 .
51- . المبسوط ، ج 1 ، ص 35 _ 36 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 130 ؛ البحر الرائق ، ج 1 ، ص 533 _ 534 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 505 ؛ عمدة القاري ، ج 5 ، ص 268 ؛ شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 4 ، ص 96 .
52- . عمدة القاري ، ج 5 ، ص 268 ؛ شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 4 ، ص 96 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 290 .
53- . الانتصار ، ص 140 .
54- . فلاح السائل ، ص 155 . و الدعاء مذكور في مصباح المتهجّد ، ص 30 ، ح 31 .
55- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 284 . و مثله في تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 119 ، المسألة 213 .
56- . اُنظر: المحلّى ، ج 3 ، ص 234 ؛ عمدة القاري ، ج 5 ، ص 271 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 305 ؛ الخلاف ، ج 1 ، ص 319 ، المسألة 70 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 511 ؛ نيل الأوطار ، ج 2 ، ص 189 .
57- . الانتصار ص 147 _ 149 ، المسألة 45 .
58- . مسند أحمد ، ج 1 ، ص 93 ؛ و ج 4 ، ص 317 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 285 و 314 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 170 ، ح 730 ؛ و ص 173، ح 744؛ سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 187 _ 188 ، ح 303 ؛ شرح معاني الآثار ، ج 1 ، ص 222 .
59- . المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 14 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 512 ؛ نيل الأوطار ، ج 2 ، ص 193 ؛ المحلّى ، ج 4 ، ص 87 ؛ عمدة القاري ، ج 5 ، ص 272 ؛ سنن الترمذي ، ج 2 ، ص 270 ، ذيل ح 1083 ؛ الاستذكار ، ج 1 ، ص 408 ؛ الخلاف ، ج 1 ، ص 319 .
60- . المدوّنة الكبرى ، ج 1 ، ص 68 ؛ نيل الأوطار ، ج 2 ، ص 193 ؛ المحلّى ، ج 4 ، ص 87 ؛ عمدة القاري ، ج 5 ، ص 272 ؛ الاستذكار ، ج 1 ، ص 408 .
61- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 65 ، ح 234 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 26 ، ح 7251 . و كان في الأصل : «حين يفتتح» ، و المثبت من الأصل .
62- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 65 _ 66 ، ح 235 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 26 ، ح 7250 .
63- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 66 ، ح 236 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 26 _ 27 ، ح 7252 .
64- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 76 ، ح 481 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 297 ، ح 8012 .
65- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 75 ، ح 279 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 296 _ 297 ، ح 8010 .
66- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 75 ، ح 480 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 297 ، ح 8011 .
67- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 66 ، ح 240 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 27 ، ح 7255 .
68- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 8 و 18 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 300 ؛ صحيح مسلم ، ج2 ، ص 6 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 221 ، ح 646 وص 307 ، ح 652 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 5 ، ص 172 ؛ المعجم الكبير ، ج 12 ، ص 249 ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 296 ، ح 1123 .
69- . كتاب الاُمّ ، ج 7 ، ص 211 .
70- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 13 .
71- . سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 285 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص7 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 25 ؛ الآحاد والمثاني ، ج 2 ، ص 180 ، ح 922 ؛ المعجم الكبير، ج 19 ، ص 284 _ 285 ؛ مسند الشاميّين ، ج 4 ، ص 48 ، ح 2697 .
72- . المؤمنون (23) : 76 .
73- . كنز العمّال ، ج 2 ، ص 557 ، ح 4721 نقلاً عن ابن أبي حاتم و ابن حبّان و ابن مردويه ؛ المستدرك للحاكم ، ج 2 ، ص 538 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 76 .
74- . الكوثر (108) : 2 .
75- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 66 ، ح 237 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 27 ، ح 7253 .
76- . مجمع البيان ، ج 10 ، ص 460 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 30 ، ح 7265 .
77- . مجمع البيان ، ج 10 ، ص 460 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 30 ، ح 7266 .
78- . المصدر المتقدّم ؛ عوالي اللآلي ، ج 2 ، ص 46 ، ح 120 .
79- . مجمع البيان ، ج 10 ، ص 461 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 30 ، ح 7263 .
80- . في المصدر : «على هذه النعمة العظيمة» .
81- . مجمع البيان ، ج 10 ، ص 460 .
82- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص287 ، ح 1153 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 27 ، ح 7256 .
83- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
84- . ح 1 و 2 من هذا الباب من الكافي .
85- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 65 ، ح 233 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 245 ، ح 6454 .
86- . الخلاف ، ج 1 ، ص 230 ، المسألة 72 ؛ فتح العزيز ، ج 3 ، ص 269 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 307 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 199 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 110 .
87- . الفقيه ، ج 1 ، ص 304 ، ذيل ح 916 .
88- . حكاه عنه الشهيد في الذكرى، ج 3، ص 259.
89- . كتاب الاُمّ ، ج 1 ، ص 126 ؛ مختصر المعاني ، ص 14 ؛ فتح العزيز ، وج 3 ، ص 269 ؛ و ج 4 ، ص 192 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 305 ؛ روضة الطالبين ، ج 1 ، ص 338 و 423 ؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 126 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 199 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 512 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 512 .
90- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 27 ، ح 7255 .
91- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
92- . حاشية الدسوقي ، ج 1 ، ص 247 .
93- . قاله مالك ، اُنظر : المدوّنة الكبرى ، ج 1 ، ص 68 .
94- . الفقيه ، ج 1 ، ص 306 ، ح 921 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 28 ، ح 7259 ، وفيهما : «معناه اللّه أكبر الواحد ...» .
95- . شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 4 ، ص 96 .
96- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 170 ؛ والشهيد في الذكرى ، ج 3 ، ص 375 .
97- . هذا هو الحديث الأوّل من باب الركوع من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 77 ، ح 289 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 295 ، ح 8008 .
98- . الحديث الأوّل من باب السجود من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 79 ، ح 295 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 339 ، ح 8124 .
99- . المراسم العلويّة ، ص 69 .
100- . الانتصار، ص 147 _ 148.
101- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 188 .
102- . قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 272 .
103- . المختصر النافع ، ص 33 .
104- . اُنظر : شرح الرضي على الكافية ، ج 1 ، ص 330 ؛ رياض السالكين ، ج 3 ، ص 120 ؛ و ج 7 ، ص 358 .
105- . شرح الكافية للرضي ، ج 1 ، ص 330 .
106- . القاموس المحيط ، ج 4 ، ص 216 (حنن) .
107- . شرح اُصول الكافي للمازندراني ، ج 3 ، ص 203 .
108- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 351؛ قرب الإسناد ، ص 347 _ 348 ، ح 1257 ؛ و ص 354 ، ح 1267 ؛ الكافي ، باب المشية و الإرادة ، ح 6 ؛ و باب الجبر و القدر ، ح 3 ؛ و باب الاستطاعة ، ح 12 ؛ التوحيد للصدوق، ص 338 ، الباب 55 ، ح 6 ، وص 362 _ 363 ، ح 10 ؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 1 ، ص 131 ، ح 46 .
109- . شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 6 ، ص 59 .
110- . باب القيام و القعود من الكافي ، ح 2 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 94 ، ح 350 . و ورد الحديث في علل الشرائع ، ج 2 ، ص 355 ، الباب 68 ، ح 1 عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 462 _ 463 ، ح 7080 .
111- . باب القيام و القعود من الكافي ، ح 8 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 95 ، ح 353 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 342 ، ح 8130 .
112- . باب القيام و القعود من الكافي ، ح 4 ؛ تهذيب الأحكام، ج 2 ، ص 94 ، ح 351 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 341 _ 342 ، ح 8129 .
113- . باب القيام و العقود من الكافي ، ح 7 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 95 ، ح 352 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 391 ، ح 8260 .
114- . اُنظر : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 5 ، ص 96 .
115- . تفسير القرطبي ، ج 1 ، ص 71 ؛ النهاية لابن الأثير ، ج 2 ، ص 194 (رتل) ؛ عمدة القاري ، ج 20 ، ص 53 ؛ تفسير البيضاوي ، ج 5 ، ص 405 ؛ الحبل المتين ، ص 214 .
116- . باب القيام و القعود من الكافي ، ح 5 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 383 ، ح 8246 .

ص: 8

. .

ص: 9

. .

ص: 10

. .

ص: 11

. .

ص: 12

. .

ص: 13

. .

ص: 14

. .

ص: 15

. .

ص: 16

. .

ص: 17

. .

ص: 18

. .

ص: 19

. .

ص: 20

. .

ص: 21

. .

ص: 22

. .

ص: 23

. .

ص: 24

باب قراءة القرآن

باب قراءة القرآنأجمع أهل العلم على وجوب القراءة في الصلاة واشتراطها بها ، إلّا ما حكي في الخلاف عن الحسن بن صالح بن حيّ، (1) وفي المنتهى عن الأصمّ أيضا ، (2) وفي الذكرى عن ابن عليّة أيضا من عدم اشتراطها بها ، بل عدم وجوبها فيها. (3) وأجمعوا أيضا على عدم كونها ركنا عدا ما حكاه الشيخ في المبسوط عن بعض أصحابنا من غير أن يعيّن قائله. (4) ويدلّ على الأوّل ما رواه المصنّف في الباب ، ومن طريق العامّة عن عبادة بن الصامت ، عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال «لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب» . (5) وربّما احتجّ عليه بظاهر الأمر في قوله تعالى: «فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ» ، (6) وقوله عزّ وجلّ: «فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ» (7) حيث دلَا على وجوبها عينا ، وليست واجبة في غير الصلاة فتكون واجبة فيها. واُجيب عنه بأنّ سياق الكريمتين يقتضي كون الأمر بها في الليل إمّا وجوبا كفائيّا ؛ لئلّا تندرس المعجزة ، وللاطّلاع على دلائل التوحيد وغيره من اُصول الدين وفروعه، وإمّا استحبابا، فقيل : أقلّه في اللّيلة خمسون آية ، وقيل : مئة ، وقيل : مئتان ، وقيل : ثلث القرآن ، بل حمل بعض القراءة على صلاة الليل تسمية لها ببعض أجزائها حملاً للأمر على النّدب، وقيل : إنّها كانت واجبة ونسخ وجوبها بالفرائض اليوميّة. (8) وعلى الثاني ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام قال: «إنّ اللّه عزّ وجلّ فرض الركوع والسجود والقراءة سنّة ، فمن ترك القراءة متعمّدا أعاد الصلاة ، ومن نسي القراءة فقد تمّت صلاته ولا شيء عليه». (9) وفي الموثّق عن منصور بن حازم ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إنّي صلّيت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلّها. فقال: «أليس قد أتممت الركوع والسجود؟». قلت: بلى. قال: «قد تمّت صلاتك إذا كنت ناسيا». (10) وغير ذلك من الأخبار الّتي تجيء في باب السهو في القراءة. واحتجّ من قال بركنيّتها بقوله عليه السلام : «لا صلاة له إلّا أن يقرأ بها» فيما رواه المصنّف في آخر الباب في صحيحة محمّد بن مسلم ، (11) وبما رويناه عن عبادة بن الصّامت. وأجاب عنه في الذكرى بأنّ المراد منهما نفي الكمال، (12) ولا يبعد حملها على من تركهما متعمّدا. ثمّ إنّهم اختلفوا في القدر الواجب منها في الصلوات الواجبة في حال الاختيار، فالمشهور بين الأصحاب منهم الشيخ في الخلاف وكتابي الأخبار وجوب الحمد وسورة كاملة في الثنائيّة وفي الاُوليين من الثلاثيّة والرباعيّة. (13) وبه قال في المبسوط أيضا ، إلّا أنّه قال: غير أنّه إن قرأ بعض سورة لا يحكم ببطلان الصلاة. (14) وحكي عن ابن الجنيد إجزاء بعض سورة ، (15) وإليه ميل العلّامة في المنتهى . (16) وفي الخلاف حكى عن بعض الأصحاب استحباب السورة. (17) وقد ذهب إليه في النهاية (18) وبه قال المحقّق في المعتبر ، (19) وحكاه في المختلف (20) عن ابن الجنيد وسلّار ، (21) وهو منقول عن مالك (22) والثوري ، (23) وإحدى الروايتين عن أحمد (24) والشافعي وأكثر أصحابه ، (25) وعن بعض من أصحابه أنّه بدل السورة قدر آيها من القرآن (26) و كأنّه أراد قدرا قصر سورة ؛ وفاقا لما حكى أبو بكر بن المنذر عن عثمان بن أبي العاص أنّه قال: لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب وثلاث آيات بعدها. وهذا قدر أقصر سورة. (27) وفي رواية اُخرى عن أحمد إجزاء آية ، مقدار آية واحدة عن الحمد والسورة معا ، (28) وهو منقول عن أبي حنيفة في أحد القولين ، (29) وفي القول الآخر : أنّه يجزي مقدار ثلاث آيات من أيّ سورة. (30) ويدلّ على المشهور أكثر أخبار الباب ، وهو ظاهر الأخبار الواردة في تفضيل السّور المقروءة بعد الحمد في الصلاة ، وتأتي في محلّه. وما رواه الجمهور عن أبي قتادة : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يقرأ في الركعتين الأوّلتين من الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين ، يطوّل في الاُولى ويقصّر في الثانية، وكذا في العصر والصبح، يطوّل في الاُولى منهما ويقصّر في الثانية. (31) وأمر معاذا فقال: «اقرأ بالشمس وضحاها ، وسبّح اسم ربّك الأعلى ، والليل إذا يغشى». (32) وفي المنتهى : قد تواتر عنه صلى الله عليه و آله أنّه صلّى بالسورة بعد الحمد وداوم عليها، وقد قال صلى الله عليه و آله : «صلّوا كما رأيتموني اُصلّي». (33) واحتجّ من قال من الأصحاب بإجزاء بعض السورة بما رواه أبو بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ؛ أنّه سُئل عن السورة ، أيصلّي الرجل بها في ركعتين من الفريضة؟ فقال: «نعم إذا كانت ستّ آيات قرأ بالنصف منها في الركعة الاُولى ، والنصف الآخر في الركعة الثانية». (34) وإسماعيل بن الفضل ، قال: صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السلام وأبو جعفر عليه السلام فقرأ بفاتحة الكتاب وآخر المائدة ، فلمّا سلّم التفت إلينا فقال: «إنّما أردت أن اُعلّمكم». (35) وسعد بن سعد الأشعري في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن رجل قرأ ركعة في الحمد ونصف سورة، هل يجزيه في الثانية أن لا يقرأ الحمد ويقرأ ما بقي من السورة؟ فقال: «يقرأ الحمد ، ثمّ يقرأ ما بقي من السورة». (36) وحمل الشيخ الخبر الأوّل على التقيّة مستندا بالخبر الثاني مدّعيا ظهوره فيها، وحمل الصحيحة على النافلة محتجّا عليه بصحيحة عليّ بن يقطين ، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن تبعيض السورة، قال: «أكره ، ولا بأس به في النافلة» (37) على إرادة التحريم من الكراهة، وهو جمع جيّد . وربّما احتجّ بصحيحة عمر بن يزيد ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أيقرأ الرجل السورة الواحدة في الركعتين من الفريضة؟ فقال: «لا بأس إذا كانت أكثر من ثلاث آيات». (38) وصحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى عليهم السلام ، قال: سألته عن الرجل يقرأ سورة واحدة في الركعتين في الفريضة وهو يحسن غيرها ، فإن فعل فما عليه؟ قال: «إذا أحسن غيرها فلا يفعل ، وإن لم يحسن غيرها فلا بأس». (39) واحتجّ من قال باستحباب السورة بصحيحة الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «إنّ فاتحة الكتاب وحدها تجزي في الفريضة». (40) وصحيحة عليّ بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: «إنّ فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة» . (41) وحملتا على حال الضرورة والمرض ؛ إذ حينئذٍ يجوز الاكتفاء بالحمد ، اتّفاقا ؛ لخبر الصيقل ، (42) وصحيحة عبد اللّه بن سنان ، (43) وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «لا بأس بأن يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الأوّلتين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوّف شيئا». (44) وتمسّك من قال من العامّة بإجزاء غير الحمد من أيّ آي بالآيتين المذكورتين بتقريب ما ذكر ، وبما رواه أبو داود ، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «اخرج فناد في المدينة أنّه لا صلاة إلّا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب [فمازاد]». (45) وما نقلوه عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال للأعرابي: «ثمّ اقرأ ما تيسّر لك من القرآن» . (46) وبأنّ فاتحة الكتاب مساوية لآيات القرآن في الأحكام ، فكذا في الصلاة. والجواب عن الأوّل ما عرفت. وربّما اُجيب عنه باحتمال نزولهما قبل الفاتحة ؛ لكونهما مكيّتين ، وقد قيل في الفاتحة : إنّها مدنيّة . (47) وعن الخبرين بأنّهما من الأخبار الآحاد وغير قابلين ؛ لما ثبت عند أهل العلم من قول النبيّ صلى الله عليه و آله : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» . (48) على أنّ الثاني منهما معارض بما رواه الشافعي بإسناده عن رفاعة بن رافع أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال للأعرابي: «ثمّ اقرأ باُمّ القرآن وما شاء اللّه أن تقرأ» . (49) ودفع الثالث واضح . وكلّ من أوجب السورة أوجب تأخيره عن الحمد كما هو ظاهر الحمد ، بل من استحبّه أيضا قال بذلك بمعنى الاشتراط . وقالوا بوجوب إعادة القراءة على ما يحصل معه الترتيب إذا خالفه نسيانا وتذكّر في وقتها، وإذا خالفه عمدا فقطع الشهيد الثاني في المسالك ببطلان الصلاة ، (50) وهو ظاهر الأكثر . (51) وفي الذكرى : فإن خالف عمدا أعاد، وإن كان ناسيا أعاد السورة بعد الحمد . (52) وكأنّه أراد بالإعادة في العمد إعادة الصلاة . وأمّا الركعة الثالثة من المغرب والأخيرتين من الرباعية فالمشهور التخيير بين القراءة والتسبيح فيها ، ويجيء القول فيه في بابه . والمشهور وجوب قراءة الحمد في النافلة بمعنى اشتراطها بها ، واستحباب السورة في نفسها . ويظهر ذلك من بعض أخبار الباب . وفي المدارك : قال العلّامة في التذكرة: «لا يجب قراءة الفاتحة فيها ؛ للأصل» ، (53) فإن أراد الوجوب المصطلح فحقّ ؛ لأنّ الأصل إذا لم يكن واجبا لم يجب أجزاؤه، وإن أراد ما يعمّ الوجوب الشرطي بحيث تنعقد النافلة من دون قراءة الحمد فهو ممنوع. (54) قوله في صحيحة معاوية بن عمّار: (إذا قمت للصلاة اقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم) إلخ.[ح 1 /4979] تدلّ على وجوب قراءة البسملة في الحمد وفي كلّ سورة في الصلاة كما هو مذهب الأصحاب . ويدلّ أيضا عليه خبر يحيى بن عمران الهمداني ، (55) وما سنرويه عن صفوان والكاهلي . وفي حديث المعراج _ وقد سبق _ : «فلمّا فرغ من التكبير والافتتاح قال اللّه عزّ وجلّ : الآن وصلت إليّ فسمّ باسمى ، فقال: بسم اللّه الرحمن الرحيم ، فمن أجل ذلك جعل بسم اللّه الرحمن الرحيم في أوّل السورة _ : إلى قوله _ : فلمّا بلغ «ولا الضّالّين» قال النبيّ صلى الله عليه و آله : الحمد للّه ربّ العالمين شكرا ، فقال العزيز الجبّار: قطعت ذكري فسمّ باسمي ، فمن أجل ذلك جعل بسم اللّه الرحمن الرحيم بعد الحمد في استقبال السورة الاُخرى، فقال له: اقرأ قل هو اللّه أحد». (56) ويؤيّدها ما سيأتي من استحباب الجهر بالبسملة ، وما رواه جمهور العامّة عن أبي هريرة : أنّه قرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم في صلاته ، ثمّ قرأ الحمد للّه ربّ العالمين ، ثمّ قال : والّذي نفسى بيده ، إنّي لأشبهكم صلاة برسول اللّه صلى الله عليه و آله . (57) وعن ابن المنذر : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قرأ في الصلاة بسم اللّه الرحمن الرحيم. (58) وظاهر هذه الأخبار أنّ البسملة جزء من الحمد والسورة ، وقد ورد التصريح به فيما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السبع المثاني والقرآن العظيم ، هي الفاتحة؟ قال: «نعم». قلت: بسم اللّه الرحمن الرحيم من السبع؟ قال: «نعم هي أفضلهنّ». (59) وفي مجمع البيان عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «إنّ اللّه عزّ وجلّ قال لي: يا محمّد ، ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ، فافرد الامتنان عليّ بفاتحة الكتاب وجعلها بأزاء القرآن ، وأنّ فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش ، وأنّ اللّه تعالى خصّ محمّدا وشرّفه بها ولم يشرك فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان عليه السلام ، فإنّه أعطاه منها بسم اللّه الرحمن الرحيم ، ألا تراه يحكي عن بلقيس حين قالت: « إِنِّى أُلْقِىَ إِلَىَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمانِ الرَّحِيمِ » ، (60) ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمّد وآله ، منقادا لأمرها مؤمنا بظاهرها وباطنها ، أعطاه اللّه عزّ وجلّ بكلّ حرف منها حسنة ، كلّ واحدة منها أفضل له من الدنيا بما فيها من أصناف أموالها وخيراتها ، ومن استمع إلى قارئيقرأها كان له بقدر ثلث ما للقارئ ، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعروض له ، فإنّه غنيمة لا يذهبنّ أوانه فتبقى في قلوبكم الحسرة». (61) وفي موضع آخر منه وفي تفسير العياشي: روى محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قوله تعالى: «وَ لَقَدْ ءَاتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِى وَ الْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ» ، (62) قال: «فاتحة الكتاب يثنى فيها القول». قال: «وقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّ اللّه تعالى منّ عليّ بفاتحة الكتاب من كنز الجنّة فيها «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَ_نِ الرَّحِيمِ» الآية الّتي يقول اللّه تعالى فيها: «وَ إِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى الْقُرْءَانِ وَحْدَهُ وَ لَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا» ، (63) و «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَ__لَمِينَ» دعوى أهل الجنّة حين شكروا اللّه من الثواب ، و «مَ__لِكِ يَوْمِ الدِّينِ» قال جبرئيل : ما قالها مسلم إلّا صدّقه اللّه وأهل سمائه ، و «إِيَّاكَ نَعْبُدُ» إخلاص للعبادة و «وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» أفضل ما طلبت العباد حوائجهم ، «اهْدِنَا الصِّرَ طَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَ طَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ» صراط الأنبياء ، وهم الّذين أنعم عليهم ، «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» اليهود ، «وَ لَا الضَّآلِّينَ» النصارى». (64) ونقل طاب ثراه عن أبي هريرة ، عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال: «إذا قرأتم الحمد فأقرؤوا بسم اللّه الرحمن الرحيم ، إنّها اُمّ الكتاب والسبع المثاني ، وبسم اللّه الرحمن الرحيم آية منها». (65) وعنه أنّه صلى الله عليه و آله قال: «فاتحة الكتاب سبع آيات ، اُولاهنّ بسم اللّه الرحمن الرحيم». (66) وعن اُمّ سلمة: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قرأ في الصلاة «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَ_نِ الرَّحِيمِ» وعدّها آية، [و ] «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَ__لَمِينَ» آيتين، إلى آخرها. (67) وعن ابن عبّاس أنّه قال: إنّ لكلّ شيء أساسا ، وأساس القرآن فاتحة الكتاب ، وأساس الفاتحة بسم اللّه الرحمن الرحيم. (68) وعنه أنّه قال: سرق الشيطان من الناس مئة وثلاث عشر آية حين ترك بعضهم قراءة بسم اللّه الرحمن الرحيم في أوائل السور . (69) وهي جزء من الحمد ومن كلّ سورة عند الأصحاب عدا ابن الجنيد ، فإنّه قال على ما حكى عنه في المدارك : إنّها جزء من الحمد دون باقي السور ؛ محتجّا بما سيجى ء من الأخبار مع تأويلها. (70) واتّفق أرباب التفسير على أنّ السبع المثاني هي الفاتحة ، وقالوا : سمّيت بذلك لأنّها سبع آيات ، (71) ويثنى في الصلاة أو في النزول حيث نزلت بمكّة وبالمدينة ؛ لما عدوّها سبعا مع البسملة ، وإن اختلفوا في أنّها آية مستقلّة أو جزء آية ، فقال طاب ثراه : هي عند أبي حنيفة آية مستقلّة في كلّ موضع وقعت ، وليست جزءا من سورة، (72) وعند الشافعي آية من الفاتحة. (73) وعنه أيضا أنّها آية من كلّ سورة، (74) وعنه أيضا أنّه قال: لا أدري هل هي آية من الفاتحة؟ واختلف أصحابه في تأويل ذلك ، وأنّه هل شكّ في أنّها آية أو بعض آية مع قطعه بأنّها منها. وعنه أيضا أنّها آية من القرآن حكما لا نطقا. وعند مالك ليست آية ولا جزءا منها ولا قرآنا أصلاً . (75) انتهى. ونقل عن أبي حنيفة أنّه احتجّ على ما ذهب إليه بأنّها لو كانت آية لتواترت. (76) وبما رواه أبو هريرة ، قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه و آله يقول: «قال اللّه تعالى: قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَ__لَمِينَ» قال اللّه تعالى: حمدني عبدي، فإذا قال: «الرَّحْمَ_نِ الرَّحِيمِ» قال اللّه تعالى: أثنى عليّ عبدي، فإذا قال: «مَ__لِكِ يَوْمِ الدِّينِ » قال اللّه : مجّدنى عبدي، فإذا قال: «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ » قال اللّه : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل. (77) ووجّهه لوجهين: أحدهما : أنّه لو كانت البسملة من سورة الحمد لعدّها مبتدئا بها. وثانيهما : إنّه حينئذٍ لم يتحقّق التنصيف؛ إذ يلزم أن يكون أربع آيات منها مختصّة به سبحانه، وآيتان منها مختصّتين بالعبد؛ لاشتراك آية منها ، وهي قوله تعالى «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ » ، بخلاف ما لو لم نعتبرها منها ، فإنّه يكون المختصّ به سبحانه ثلاثا ، والمختصّ بالعبد أيضا ثلاثا على أن يكون «صِرَ طَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» آية مشتملة بناءً على ما ثبت من الإجماع على كون الحمد سبعا، فمن عدّ البسملة آية منها جعل «صِرَ طَ الَّذِينَ ...» إلى آخر السورة آية واحدة، ومن لم يعدّها منها عدّها آيتين كما أشرنا إليه. والجواب: عن شبهة التواتر: أنّه قد ثبت ذلك عندنا وعندكم ، وعدم حصول العلم لكم بذلك ، للشبهة العارضة لكم من ذلك الخبر وغيره. وعن الخبر أمّا عن الوجه الأوّل فيجوز أن يكون البسملة أيضا مذكورة فيه ، وأسقطها من أسقطها على ما هو دأبهم فيما يخالف عقيدتهم. ويؤيّده أنّه على ما رواه في المنتهى هكذا عن عبد اللّه بن زياد بن سمعان ، عنه صلى الله عليه و آله قال: «يقول عبدي إذا افتتح الصلاة بسم اللّه الرحمن الرّحيم ، فيذكرني عبدي»، (78) وساق الحديث . على أنّه في بيان خصائص الحمد. وهذا هو السرّ فيما ورد من طريقنا من نظير هذه الرواية في الحمد من غير ذكر البسملة ، رواه الصدوق عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّه قال: «أمر الناس بالقراءة في الصلاة لئلّا يكون القرآن مهجورا مضيّعا ، وليكن محفوظا مدروسا ، فلا يضمحلّ ولا يجهل ، وإنّما بدأ بالحمد دون سائر السور ؛ لأنّه ليس شيء من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد ، وذلك أنّ قول اللّه عزّ وجلّ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ» إنّما هو أداء لما أوجب اللّه عزّ وجلّ على خلقه من الشكر ، وشكر لما وفّق عبده من الخير. «رَبِّ الْعَ__لَمِينَ» توحيد له وتمجيد وإقرار بأنّه هو الخالق المالك لا غيره. «الرَّحْمَ_نِ الرَّحِيمِ» استعطاف وذكر لآلائه ونعمائه على جميع خلقه. «مَ__لِكِ يَوْمِ الدِّينِ» إقرار له بالبعث والحساب والمجازات، وإيجاب ملك الآخرة له كإيجاب ملك الدنيا. «إِيَّاكَ نَعْبُدُ» رغبة وتقرّب إلى اللّه تعالى وإخلاص بالعمل دون غيره. «وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» استزادة من توفيقه وعبادته ، واستدامة لما أنعم [اللّه ]عليه ونصره. «اهْدِنَا الصِّرَ طَ الْمُسْتَقِيمَ» استرشاد لدينه ، واعتصام بحبله ، واستزادة في المعرفة لربّه عزّ وجلّ ولعظمته وكبريائه. «صِرَ طَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ» توكيد في السؤال والرغبة ، وذكر لما تقدّم من نعمه على أوليائه ، ورغبة في مثل تلك النعم. «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفّين به وبأمره ونهيه. «وَ لَا الضَّآلِّينَ» اعتصام من أن يكون من الّذين ضلّوا عن سبيله من غير معرفة وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا. فقد اجتمع فيه من جوامع الخير والحكمة من أمر الدنيا والآخرة ما لا يجمعه شيء من الأشياء». (79) وأمّا عن الوجه الثاني فلأنّ التنصيف يجوز أن يكون بالنظر إلى الحروف ؛ لتقارب حروف المختصَّيْنِ لو كانت البسملة جزءا من الحمد ، فحروف المختصّ الأوّل ناقصة عن حروف المختصّ الثاني بحرفين إن اعتبرناها كتابة ، ويتعاكس إن اعتبرناها تلفّظا ، مع أنّ النصف في أمثال هذه المواضع في الأخبار بمعنى الشطر والجزء. وأجاب العلّامة عنه في المنتهى بقوله : قسمة الصلاة ليست قسمة للسورة ، وأراد التساوي في قسمة الصلاة لا قسمة السورة. ويؤيّده اختصاص اللّه تعالى بثلاث آيات أوّلاً ، ثمّ مشاركته مع العبد في الرابعة ، وحينئذٍ لا يبقى التنصيف في السورة ثابتا ، فتأمّل. ويتفرّع على ذلك الخلاف الخلاف في بطلان الصلاة بتركها عمدا ، واعتبار نيّة البسملة بقصد الحمد والسورة، فلو قرأ لا عن قصد أو بقصد سورة ، ثمّ أراد قراءة غير تلك السورة لابدّ من إعادتها عندنا، (80) وعند غيرنا لا، واستثنى الأصحاب من صورة الإعادة ما لو اعتاد قراءة سورة خاصّة في الصلوات. (81) قال طاب ثراه: وأمّا العامّة فقد اختلف من يجعلها آية في أنّه هل يقرأها في الصلاة؟ فالمشهور عند الفرقة الثانية أنّه يقرأها في النفل دون الفرض، وقيل: يقرأها ولا يتركها بحال. وقال بعض أفاضلهم: المتحصّل في قراءتها في الفرض من المذاهب أربعة: الكراهة، والاستحباب ، والجواز ، والوجوب، انتهى. فأمّا ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون إماما ، فيستفتح بالحمد ولا يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم، فقال: «لا يضرّه ، ولا بأس به». وفي الموثّق عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يفتتح القراءة في الصلاة ، يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم، قال: «نعم ، إذا افتتح الصلاة فليقلها في أوّل ما يفتتح ، ثمّ يكفيه ما بعد ذلك». (82) وفي الصحيح عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبي ، وبسند آخر عن محمّد بن عليّ الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : أنّهما سألاه عمّن يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم حين يريد يقرأ فاتحة الكتاب ، قال: «نعم ، إن شاء سرّا ، وإن شاء جهرا». قالا: أفيقرأها مع السورة الاُخرى؟ فقال: «لا». (83) وفي الموثّق عن مسمع ، قال: صلّيت مع أبي عبد اللّه عليه السلام فقرأ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَ_نِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَ__لَمِينَ » ثمّ قرأ السورة الّتي بعد الحمد ولم يقرأ بسم اللّه الرحمن الرّحيم ، ثمّ قرأ سورة اُخرى. (84) وبها احتجّ ابن الجنيد على ما حكينا عنه. (85) وعلى المشهور حملت الاُولى والثالثة على عدم الجهر بها أو النسيان ، والثانية على النافلة، لجواز تبعيض السورة فيها ، والرابعة إنّه عليه السلام كان يقرأها ولم يسمع مسمع. واُجيب أيضا بأنّها إنّما تدلّ على جواز تركها في السورة ، وهو لا يستلزم عدم جزئيّتها منها ، وأنّ ابتناءه على عدم وجوب قراءة سورة كاملة كما هو مذهب بعض الأصحاب . والأظهر حمل كلّها على التقيّة لموافقتها لمذهب العامّة. قوله : (عن يحيى بن أبي عمران) . [ح 2 /4980] غير مذكور ، والظاهر يحيى بن عمران كما في نسخ التهذيب (86) وكتب الرجال ، (87) و هو مجهول الحال . وقوله : (مرّتين) [ح 2 /4980] متعلّق بالكتب ، يعنى أنّه عليه السلام كتب : «يعيدها يعيدها» رغما لأنف العبّاسي ، والضمائر عائد إلى الصلاة وظاهره وجوب إعادتها في الوقت وخارجه. قوله في خبر فرات بن أحنف: (أوّل كتاب نزل من السماء بسم اللّه الرحمن الرّحيم، [... وإذا قرأت بسم اللّه الرحمن الرحيم ]سترتك) . [ح 3 /4981] على صيغة المتكلّم فالمنزل هو مجموع ما في الخبر، والغرض من ذكره في الباب بيان فضيلة البسملة لا كونها جزءا من السور أو القرآن . ويحتمل أن يكون على صيغة المؤنّث من الماضي ، فيحتمل حينئذٍ أن يكون المنزل هو بسم اللّه الرحمن الرّحيم فقط، فيدلّ على جزئيتها من القرآن. وفي بعض النسخ : «أوّل كلّ كتاب» ، (88) وهو يؤيّد الثاني. قوله في صحيحة أبي أيّوب الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم: (إلّا الجمعة تقرأ فيها الجمعة والمنافقين) . [ح 4 /4982] ظاهره وجوب قراءتهما في صلاة الجمعة كما نقل عن السيّد المرتضى. (89) ويدلّ عليه أيضا صحيحة منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «ليس في القراءة شيء موقّت إلّا الجمعة يقرأ بالجمعة والمنافقين». (90) وحسنة محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إنّ اللّه أكرم بالجمعة المؤمنين ، فسنّها رسول اللّه صلى الله عليه و آله بشارة لهم، والمنافقين توبيخا للمنافقين، ولا ينبغي تركهما ، فمن تركهما متعمّدا فلا صلاة له». (91) وحسنة عمر بن يزيد ، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفرٍ أو حضرٍ». (92) وخبر عبد الملك الأحول ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «من لم يقرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقين فلا جمعة له». (93) وحُملت تلك الأخبار على تأكّد الاستحباب، ونفي الجمعة على نفي كمالها، وإعادتها على الاستحباب ظهرا؛ لعموم صحيحة صفوان ، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: «قل هو اللّه أحد تجزي في خمسين صلاة». (94) وخصوص صحيحة عليّ بن يقطين ، عن أبيه ، قال: سألت أبا الحسن الأوّل عليه السلام عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمّدا، قال: «لا بأس بذلك». (95) ويؤيّدهما موثّقة سماعة ، عن أبي بصير ، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «اقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبّح اسم ربّك الأعلى، وفي الفجر بسورة الجمعة وقل هو اللّه أحد، وفي الجمعة بالجمعة والمنافقين» (96) . (97) وقد ورد التصريح باستحبابهما في خبر حريز وربعي رفعاه إلى أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا كانت ليلة الجمعة يستحبّ أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون، وفي صلاة الصبح مثل ذلك، وفي صلاة الجمعة مثل ذلك، وفي صلاة العصر مثل ذلك». (98) والمشهور استحباب قراءتهما في ظهري يوم الجمعة أيضا ؛ لهذا الخبر ، ولحسنة عمر بن يزيد المتقدّمة ، فإنّ صلاة الجمعة في السفر لا يكون إلّا ظهرا ركعتين بغير خطبة ولا جماعة واجبة. وحسنة الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: سألته عن القراءة في الجمعة إذا صلّيت وحدي أربعا ، أجهر بالقراءة؟ فقال: «نعم»، وقال: «اقرأ بسورة الجمعة والمنافقين يوم الجمعة». (99) وما سيأتي في خبر رجاء: أنّ الرضا عليه السلام كان يقرأ في الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة بالجمعة والمنافقين ، (100) بل ظاهر حسنة عمر بن يزيد المشار إليها الوجوب في ظهرها، ووجوبهما فيه وفي العصر ذلك اليوم ، وهو منسوب في الشرائع إلى بعض الأصحاب من غير أن يعيّن قائله. (101) وقال صاحب المدارك: القائل بذلك في الظهر ابن بابويه في كتابه الكبير على ما نقله في المعتبر. (102) وهذه عبارته: واقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة سورةَ الجمعة وسبّح، وفي صلاة الغداة والظهر والعصر سورة الجمعة والمنافقين، فإن نسيتهما أو واحدة منهما في صلاة الظهر وقرأت غيرهما فارجع إلى سورة الجمعة والمنافقين ما لم تقرأ نصف السورة، فإن قرأت نصف السورة ، فتمّم السورة ، واجعلها ركعتين نافلة ، وسلّم فيهما، وأعد صلاتك بسورة الجمعة والمنافقين ، [ولا بأس أن تصلّي العشاء والغداة والعصر بغير سورة الجمعة والمنافقين] إلّا أنّ الفضل في أن تصلّيهما بالجمعة والمنافقين. (103) انتهى. (104) وإنّما حملت تلك الأخبار الواردة في الظهر على الاستحباب ؛ لرواية عليّ بن يقطين ، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجمعة في السفر ما أقرأ فيها؟ قال: «اقرأ فيها بقل هو اللّه أحد». (105) و بما ذكر يظهر ما في قول صاحب المدارك حيث قال: والمعتمد استحباب قراءتهما في الجمعة خاصّة[ ...] وأمّا الاستحباب في صلاة الظهر فلم أقف على رواية تدلّ بمنطوقها عليه. نعم ، روى عمر بن يزيد _ وذكر الخبر ثمّ قال _ : قال الشيخ في التهذيب: المراد بهذا الخبر الترغيب ، (106) واستدلّ على ذلك برواية عليّ بن يقطين، وذكر الخبر . (107) هذا والمستفاد من مرفوعة حريز وربعي المتقدّمة استحباب قراءة المنافقين في ثانية العشاء، وهو منقول عن ابن أبي عقيل ، (108) وكذا في ثانية الفجر. (109) والمشهور استحباب سبّح اسم ربّك الأعلى في العشاء ، والتوحيد في الفجر، (110) وهو أفضل لصحيحة أبي بصير ، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «اقرأ في ليلة الجمعة الجمعة وسبّح اسم ربّك الأعلى، وفي الفجر سورة الجمعة وقل هو اللّه أحد». (111) وخبر البزنطي ، عن الرضا عليه السلام أنّه قال: «يقرأ في ليلة الجمعة الجمعة وسبّح اسم ربّك الأعلى، وفي الغداة الجمعة وقل هو اللّه أحد». (112) وروى الصدوق في كتاب العيون عن رجاء بن أبي الضحّاك أنّه يقول: بعثني المأمون في إشخاص عليّ بن موسى الرّضا عليهماالسلام وأمرني أن آخذ به على طريق البصرة والأهواز [وفارس]، ولا آخذ به على طريق قم، وأمرني أن أحفظه بنفسي في الليل (113) والنهار حتّى أقدم به عليه، فكنت معه من المدينة إلى مرو ، فواللّه ، ما رأيت رجلاً أتقى للّه عزّ وجلّ منه ، ولا أكثر ذكرا للّه عزّ وجلّ في جميع أوقاته منه، ولا أشدّ خوفا للّه تعالى منه ، [و ]كان إذا أصبح صلّى الغداة ، ثمّ إذا (114) سلّم جلس في مصلّاه يسبّح اللّه ويحمده ، ويكبّره ويهلّله ، ويصلّي على النبيّ صلى الله عليه و آله حتّى تطلع الشمس ، ثمّ يسجد (115) سجدة يبقى فيها حتّى يتعالى النهار ، ثمّ أقبل على الناس يحدّثهم ويعظهم إلى قرب الزوال ، ثمّ جدّد وضوءه وعاد إلى مصلّاه ، فإذا زالت الشمس قام فصلّى ستّ ركعات ، قرأ في الركعة الاُولى الحمد وقل يا أيّها الكافرون، وفي الثانية الحمد وقل هو اللّه أحد، ويقرأ في الأربع في كلّ ركعة الحمد وقل هو اللّه أحد، ويسلم في كلّ ركعتين ، ويقنت فيهما في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، ثمّ يؤذّن ويصلّي ركعتين ، ثمّ يقيم ثمّ يصلّي الظهر ، فإذا سلّم سبّح اللّه وحمده و كبّره وهلّله ما شاء اللّه ، ثمّ سجد سجدة الشكر يقول فيها مائة مرّة : «شكرا للّه »، فإذا رفع رأسه قام فصلّى ستّ ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد وقل هو اللّه أحد ، ويسلّم في كلّ ركعتين ، ويقنت في ثانية كلّ ركعتين قبل الركوع وبعد القراءة، ثمّ يؤذّن ، ثمّ يصلّي ركعتين ، ويقنت في الثانية ، فإذا سلّم قام يصلّي العصر، فإذا سلّم جلس في مصلّاه يسبّح اللّه ويحمده ويكبّره ويهلّله ما شاء اللّه ، ثمّ سجد سجدة يقول فيها مائة مرّة : «حمدا للّه ». فإذا غابت الشمس توضّأ وصلّى المغرب ثلاثا بأذانٍ وإقامة ، وقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، فإذا سلّم جلس في مصلّاه يسبّح اللّه ويحمده ويكبّره ويهلّله ما شاء اللّه ، ثمّ يسجد سجدة الشكر ، ثمّ يرفع رأسه ولم يتكلّم حتّى يقوم ويصلّي أربع ركعات بتسليمتين ، ويقنت في كلّ ركعتين (116) في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة ، وكان يقرأ في الاُولى من هذه الأربع: الحمد وقل يا أيّها الكافرون ، وفي الثانية الحمد وقل هو اللّه أحد، ويقرأ في الركعتين الباقيتين الحمد وقل هو اللّه أحد، ويجلس بعد التسليم في التعقيب ما شاء اللّه ، ثمّ يفطر ، ثمّ يبيت حتّى يمضي من الليل قريب من الثلث ، ثمّ يقوم فيصلّي العشاء الآخرة أربع ركعات ، ويقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة ، فإذا سلّم جلس في مصلّاه يذكر اللّه عزّ وجلّ ويسبّحه ويحمده ويكبّره ويهلّله ما شاء اللّه ، ويسجد بعد التعقيب سجدة الشكر ، ثمّ يأوي إلى فراشه. فإذا كان الثلث الأخير من الليل قام من فراشه بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار ، فاستاك ، ثمّ توضّأ ، ثمّ قام إلى صلاة الليل ، فيصلّى ثمان ركعات ، يسلّم في كلّ ركعتين ، يقرأ في الأوّلتين منها في كلّ ركعة الحمد مرّة وقل هو اللّه أحد ثلاثين مرّة ، ثمّ يصلّي صلاة جعفر بن أبي طالب أربع ركعات ، يسلّم في كلّ ركعتين ، وفي كلّ ركعتين يقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة وبعد التسبيح ، ويحتسب بها من صلاة الليل ، ثمّ يقوم فيصلّي الركعتين الباقيين ، يقرأ في الاُولى الحمد مرّة وسورة الملك، وفي الثانية الحمد وهل أتى على الإنسان، ثمّ يقوم فيصلّي ركعتي الشفع يقرأ في كلّ ركعة الحمد وقل هو اللّه أحد ثلاث مرّات ، ويقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، فإذا سلّم قام فصلّى ركعة الوتر يتوجّه فيها ، ويقرأ فيها الحمد مرّة وقل هو اللّه أحد ثلاث مرّات، وقل أعوذ بربّ الفلق مرّة، وقل أعوذ بربّ الناس مرّة واحدة، ويقنت فيها قبل الركوع وبعد القراءة ، ويقول في قنوته: «اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد ، اللّهمّ اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولّنا فيمن تولّيت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا شرّ ما قضيت ، فإنّك تقضي ولا يُقضى عليك ، إنّه لا يذلّ من واليت ، ولا يعزّ من عاديت ، تباركت وتعاليت». ثمّ يقول: «أستغفر اللّه وأسأله التوبة» سبعين مرّة. فإذا سلّم جلس في التعقيب ما شاء اللّه ، فإذا قرب الفجر قام فصلّى ركعتي الفجر يقرأ في الاُولى الحمد وقل يا أيّها الكافرون، وفي الثانية الحمد وقل هو اللّه أحد، فإذا طلع الفجر أذّن وأقام وصلّى الغداة ركعتين ، فإذا سلّم جلس في التعقيب حتّى تطلع الشمس ، ثمّ سجد سجدة الشكر حتّى يتعالى النهار. وكانت قراءته في جميع المفروضات في الاُولى الحمد وإنّا أنزلناه، وفي الثانية الحمد وقل هو اللّه أحد ، إلّا في صلاة الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة، فإنّه كان يقرأ فيها بالحمد وسورة الجمعة والمنافقين ، وكان يقرأ في صلاة العشاء ليلة الجمعة في الاُولى الحمد وسورة الجمعة، وفي الثانية الحمد وسبّح اسم ربّك الأعلى، وكان يقرأ في صلاة الغداة يوم الإثنين ويوم الخميس في الاُولى الحمد وهل أتى على الإنسان، وفي الثانية الحمد وهل أتيك حديث الغاشية. وكان يجهر بالقراءة في المغرب والعشاء وصلاة الليل والشفع والوتر، ويخفي القراءة في الظهر والعصر. وكان يسبّح في الاُخراوين يقول: «سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر» ثلاث مرّات، وكان قنوته في جميع صلواته : «ربّ اغفر وارحم وتجاوز عمّا تعلم ، إنّك أنت الأعزّ [الأجلّ] الأكرم». وكان إذا أقام في بلدة عشرة أيّام صائما لا يفطر ، فإذا جنّ الليل بدأ بالصلاة قبل الإفطار. وكان في الطريق يصلّي فرائضه ركعتين ركعتين إلّا المغرب ، فإنّه كان يصلّيها ثلاثا ، ولا يدع نافلتها ، ولا يدع صلاة الليل والشفع والوتر وركعتي الفجر في سفرٍ ولا حضرٍ. وكان لا يصلّي من نوافل النهار في السفر شيئا. وكان يقول بعد كلّ صلاة يقصّرها: «سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر» ثلاثين مرّة، ويقول : «إنّ هذا تمام الصلاة». وما رأيته (117) صلّى الضحى في سفرٍ ولا حضرٍ، وكان لا يصوم في السفر شيئا . وكان عليه السلام يبدأ في دعائه بالصلاة على محمّد وآله ويكثر من ذلك في الصلاة وغيرها . وكان يكثر بالليل في فراشه [من] تلاوة القرآن، فإذا مرّ بآية فيها ذكر الجنّة أو النار بكى وسأل اللّه الجنّة وتعوّذ باللّه من النار. وكان عليه السلام يجهر ببسم اللّه الرحمن الرّحيم في جميع صلاته بالليل والنهار. وكان إذا قرأ قل هو اللّه أحد قال سرّا : «اللّه أحد» ، فإذا فرغ منها قال: «كذلك اللّه ربّنا» ثلاثا. وكان إذا قرأ «قُلْ يَ_أَيُّهَا الْكَ_فِرُونَ» (118) قال في نفسه سرّا : «كذلك يا أيّها الكافرون»، فإذا فرغ منها قال : «ربّي اللّه وديني الإسلام» ثلاثا. وكان إذا قرأ والتين والزيتون قال عند الفراغ منها: «بلى وأنا على ذلك من الشاهدين». وكان عليه السلام إذا قرأ لا أقسم بيوم القيامة قال عند الفراغ منها: «سبحانك اللّهمّ بلى». وكان عليه السلام يقرأ في سورة الجمعة: «قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجَارَةِ» لِلْذينَ اتّقوا «وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّ زِقِينَ» . (119) وكان إذا فرغ من الفاتحة قال: «الحمد للّه ربّ العالمين»، وإذا قرأ سبّح اسم ربّك الأعلى قال سرّا: «سبحان ربّي الأعلى»، وإذ قرأ يا أيّها الّذين آمنوا قال: «لبّيك اللّهم لبّيك» سرّا. وكان عليه السلام لا ينزل بلدا إلّا قصده الناس يستفتونه في معالم دينهم ، فيجيبهم ويحدّثهم الكثير عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله . فلمّا وردت به على المأمون سألني عن حاله في طريقه ، فأخبرته بما شاهدته منه في ليله ونهاره وظعنه وإقامته ، فقال لي: يا ابن [أبي] الضحّاك ، هو خير أهل الأرض وأعلمهم وأعبدهم ، فلا تخبر أحدا بما شاهدت منه ؛ لئلّا يظهر فضله إلّا على لساني ، وباللّه أستعين على ما أنوي من الرفع منه والإشادة به. (120) وروى الشيخ في التهذيب في الصحيح عن محمّد بن مسلم ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : القراءة في الصلاة فيها شيء موقّت؟ قال: «لا ، إلّا الجمعة تقرأ بالجمعة والمنافقين». قلت له: فأيّ السور تقرأ في الصلوات؟ قال: «أمّا الظهر والعشاء الآخرة تقرأ فيهما سواء، والعصر والمغرب سواء، وأمّا الغداة فأطول ، فأمّا الظهر والعشاء الآخرة فسبّح اسم ربّك الأعلى ، والشمس وضحيها ونحوهما، (121) وأمّا العصر والمغرب فإذا جاء نصر اللّه ، وألهيكم التكاثر ونحوهما، وأمّا الغداة فعمّ يتساءلون ، وهل أتيك حديث الغاشية ، ولا أقسم بيوم القيامة ، وهل أتى على الإنسان حين من الدهر». (122) وعن أبان عن عيسى (123) بن عبد اللّه القمّي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يصلّي الغداة بعمّ يتساءلون وهل أتيك حديث الغاشية ولا أقسم بيوم القيامة وشبهها، وكان يصلّي المغرب بقل هو اللّه أحد وإذا جاء نصر اللّه والفتح وإذا زلزلت . وكان يصلّي العشاء الآخرة بنحو ممّا يصلّي في الظهر ، والعصر بنحو من المغرب». (124) وعن سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم ، قال: أمرني أبو عبد اللّه عليه السلام أن أقرأ المعوّذتين في المكتوبة. (125) وعن صابر مولى بسام ، قال: أمّنا أبو عبد اللّه عليه السلام في صلاة المغرب فقرأ المعوّذتين. (126) وعن أبي جعفر محمّد بن أبي طلحة خال سهل بن عبد ربّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قرأت في صلاة الفجر بقل هو اللّه أحد وقل يا أيّها الكافرون، وقد فعل ذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله ». (127) وعن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام اُصلّي بقل هو اللّه أحد؟ فقال: «نعم ، قد صلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله في كلتا الركعتين بقل هو اللّه أحد، لم يصلّ قبلها ولا بعدها بقل هو اللّه أحد أتمّ منها». (128) وفي الصحيح عن صفوان ، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: «قل هو اللّه أحد تجزي في خمسين صلاة». (129) وقال طاب ثراه: «قد وقع في بعض روايات العامّة أنّه صلى الله عليه و آله افتتح في صلاة الفجر بسورة المؤمنين، (130) وفي بعضها من ستّين آية إلى مئة، (131) وقال بعضهم هي أطول من الظهر» . انتهى. (132) و[السور] الطوال في الفجر مطلوب إذا لم يخف فوات الوقت ، فعن عامر بن عبد اللّه ، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : «من قرأ شيئا من (ال حم) في صلاة الفجر فاته الوقت» . (133) وفي بعض النسخ : «الحواميم» بدل «آل حم». قال الجوهري: ال حم سور في القرآن. قال ابن مسعود: ال حم ديباج القرآن. قال الفرّاء: إنّما هو كقولك آل فلان وآل فلان ، كأنّه نسب السورة كلّها إلى حم. قال الكميت: وجدنا لكم في آل حم آيةتأوّلها منّا تقي ومعرب وأمّا قول العامّة : «الحواميم» فليس من كلام العرب. وقال أبو عبيدة: الحواميم سور في القرآن على غير القياس، وأنشد: وبالحواميم الّتي قد سبّعت. قال: والأولى أن يجمع بذوات حم . (134) ونسخة الخبر حجّة عليهم إلّا أن يريدوا بالشاذّ النادر الفصيح كما قالوا في أبى يأبى. وعن محسن الميثمي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «تقرأ في صلاة الزوال (135) في الركعة الاُولى الحمد وقل هو اللّه أحد، وفي الركعة الثانية الحمد وقل يا أيّها الكافرون، وفي الركعة الثالثة الحمد وقل هو اللّه أحد وآية الكرسي، وفي الركعة الرابعة الحمد وقل هو اللّه أحد وآخر البقرة «ءَامَنَ الرَّسُولُ...» إلى آخرها، (136) وفي الركعة الخامسة الحمد وقل هو اللّه أحد والخمس آيات من آل عمران «إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ...» إلى قوله: «إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ» ، (137) وفي الركعة السادسة الحمد وقل هو اللّه أحد وثلاث آيات السخرة «إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَالأَْرْضَ» إلى قوله: «إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ» ، (138) وفي الركعة السابعة الحمد وقل هو اللّه أحد والآيات من سورة الأنعام «وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَآءَ الْجِنَّ» إلى قوله: «وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» ، (139) وفي الركعة الثامنة الحمد وقل هو اللّه أحد وآخر سورة الحشر من قوله: «لَوْ أَنزَلْنَا هَ_ذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ» ، إلى آخرها. (140) فإذا فرغت قلت: اللّهم مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ، وهب لي من لدنك رحمة إنّك أنت الوهاب ، سبع مرّات ، ثمّ تقول : أستجير باللّه من النّار ، سبع مرّات». (141) قوله في حسنة جميل : (ولا تقل آمين) .[ح 5 /4983] قال طاب ثراه: فيه دلالة على تحريم التأمين بعد الحمد، ويؤكّده رواية الحلبي ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام : أقول (آمين) إذا فرغت من فاتحة الكتاب؟ قال: «لا». (142) وصحيحة معاوية بن وهب، قال: قلت: أقول (آمين) إذا قال الإمام «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّآلِّينَ» ؟ قال: «هم اليهود والنصارى»، ولم يُجِبْ في هذا. (143) فعدوله عليه السلام عن جواب ما سأله السّائل إلى تفسير المغضوب عليهم ولا الضالّين دلالة واضحة على انتهى. ويؤيّدها صحيحة جميل بن درّاج ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب : آمين؟ قال: «ما أحسنها» (144) وأخفضَ الصوت بها، بناءً على ما هو الظاهر من كون «ما» نافية و«أحسنها» على صيغة المتكلّم من المضارع ، وكون «اخفض» على صيغة الماضي من كلام جميل ، وفاعله ضمير أبي عبد اللّه عليه السلام ، وإنّما أخفض عليه السلام صوته بكلمته «ما أحسنها» خوفا من سماع بعض الحاضرين ممّا عدا جميل إيّاها تقيّةً منه ، وهو مشهور بين الأصحاب مطلقا ، إماما كان المصلّي أو مأموما أو منفردا ، بل نسبه العلّامة في المنتهى إلى علمائنا (145) مؤذّنا بإجماعهم. وقد صرّح الشيخ في الاستبصار (146) والسيّد المرتضى في الانتصار (147) بذلك الإجماع، ونقل عن ابن الجنيد جوازه ؛ محتجّا بصحيحة جميل بناءً على قراءة «ما أحسنها» بصيغة التعجّب ، و «اخفض» على صيغة الأمر على أن يكون من كلامه عليه السلام . (148) وفيه ما عرفت من الظاهر ، ولو سلّم هذا الاحتمال فالاُولى حملها على التقيّة كما فعله غيره ممّن فهم هذا المعنى منها . وهذا القول منقول عن المحقّق الأردبيلي ، (149) وإليه ميل المحقّق في المعتبر (150) على ما نُقل عنه، (151) واحتمله صاحب المدارك مستندا بكثرة استعمال النهي في الكراهة ، خصوصا مع مقابلته بأمر الندب . (152) ولعلّ العلّة في مرجوحيّته لزوم التشبّه باليهود والنصارى كما يومي إليه صحيحة معاوية بن وهب المتقدّمة. وأشعر بذلك كلام المفيد في المقنعة ، قال: «ولا يقل بعد فراغه من الحمد : آمّين كقول اليهود وإخوانهم والنصّاب»، (153) ولا ينافي كونها دعاء؛ لأنّها اسم فعل بمعنى اللّهم استجب (154) طلبا لاستجابة ما اشتملت الفاتحة عليه من الدعاء. وعلى القول الأوّل هل تبطل الصلاة بها أم لا؟ الظاهر العدم؛ لأنّ النهي إنّما تعلّق بأمرٍ خارج عن العبادة. وصرّح الأكثر بالإبطال، بل ادّعى في الانتصار إجماع الأصحاب عليه ، واحتجّ عليه فيه. (155) وفي المنتهى (156) والخلاف (157) بالخبرين ، وبقول النبيّ صلى الله عليه و آله : «إنّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميّين» (158) مدّعين أنّها من كلامهم ؛ لأنّها ليس بقرآن ولا دعاء ، وإنّما هي اسم للدعاء. واُورد عليه بأنّ الخبرين إنّما يدلّان على التحريم لا إبطال (159) الصلاة ، والتحريم لا يستلزم الإبطال ، لما ذكر، وبأنّ الوجه الثاني مبنيّ على كون أسماء الأفعال موضوعا للفظ الأفعال لا لمعناها على ما ادّعاه بعض. والأكثر صرّحوا بأنّها موضوعة لمعناها، ولو سلّم ذلك فلا تخرج عن كونها دعاء. وعن ابن زهرة أنّه احتجّ عليه بأنّه فعل كثير خارج عن الصلاة ، وبأنّها إنّما يكون على دعاء تقدّمها، والقاري لا يجب عليه قصد الدعاء مع القراءة ، فلا معنى لها حينئذٍ، وإذا انتفى جوازها عند عدم قصد الدعاء انتفى عند قصد القراءة والدعاء جميعا؛ لأنّ أحدا لم يفرّق بينهما . (160) وهو كماترى. وحكى في المنتهى استحبابها للإمام والمأموم، عن ابن عمر وابن الزبير وعطا والشافعي وأحمد وأصحاب الرأي ، وعن مالك أنّها لاتسنّ للإمام ، (161) محتجّين بما رواه أبو هريرة : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال: «إذا قال الإمام: «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّآلِّينَ» فقولوا : آمين، فإنّ الملائكة تقول : آمين [وإنّ الإمام يقول : آمين ،] فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدّم من ذنبه». (162) وعن أبي هريرة: إذا أمّن الإمام فأمّنوا. (163) وعن وائل بن حجر ، قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا قال: «وَ لَا الضَّآلِّينَ» قال : «آمّين» ورفع بها صوته. (164) وأجاب عن الحديثين الأوّلين بالمنع من صحّة سندهما مستندا بأنّ أبا هريرة اتّفق له مع عمر بن الخطاب واقعة شهد فيها عليه باللّه أنّه عدوّ اللّه وعدوّ المسلمين ، وحكم عليه بالخيانة ، وأوجب عليه عشرة آلاف دينار ، ألزمه بها بعد ولايته البحرين ، (165) ونقل عن أبي حنيفة أنّه لم يعمل بروايته. وعن الثالث أنّ مالكا أنكر الرواية ، فلو كانت حقّة لما خفيت (166) عنه. (167) قوله في موثّق ابن بكير عن زرارة: (إنّما يكره أن يجمع بين السورتين في الفريضة، فأمّا النافلة فلا بأس) . [ح 10 /4988] ظاهره جواز القران بين السورتين في الفريضة ، ويؤكّده خبر عليّ بن يقطين ، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة. قال: «لا بأس». (168) ويؤيّدهما أصالة الجواز. وبه قال الشيخ في الاستبصار، (169) وعدّه المحقّق في الشرائع أشبه ، (170) ورجّحه جماعة من المتأخّرين منهم صاحب المدارك. (171) وذهب جماعة منهم السيّد المرتضى ، (172) والشيخ في النهاية ، (173) والعلّامة في القواعد إلى تحريمه؛ (174) لخبر سيف بن عميرة عن منصور بن حازم ، (175) وصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام ، قال: سألته عن رجل يقرأ السورتين في ركعة، قال: «لا ، لكلّ سورة ركعة». (176) وخبر عمر بن يزيد ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أقرأ سورتين في ركعة؟ قال: «نعم». قلت: أليس يقال لكلّ سورة حقّها من الركوع والسجود؟ فقال: «ذلك في الفريضة ، فأمّا النافلة فليس به بأس». (177) وموثّقة ابن بكير ، عن زرارة ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقرن بين السورتين في الركعة، فقال: «إنّ لكلّ سورة حقّا ، فاعطها حقّها من الركوع والسجود». وقلت: فيقطع السورة؟ فقال: «لا بأس [به]». (178) وهؤلاء حملوا الكراهة في خبر الكتاب على التحريم ؛ لشيوع استعمالها فيه في الأخبار ، وهو حسن لكن يأبى عنه نفي البأس في خبر عليّ بن يقطين ، (179) فالجمع بالكراهة أظهر. وتوقّف العلّامة فيه في المنتهى . (180) والظاهر تحقّق القران بقراءة ما زاد على سورة ولو آية ؛ لعموم قوله عليه السلام : «ولا بأكثر» في خبر منصور بن حازم. (181) ثمّ القائلون بالتحريم اختلفوا في بطلان الصلاة به ، فصرّح به الشيخ في النهاية ، (182) والعلّامة في القواعد (183) ؛ بناءً على دلالة النهى في العبادات على الفساد ، ولكونه فعلاً كثيرا خارجا عن الصلاة. واُورد على الأوّل بأنّ النهي إنّما توجّه إلى أمرٍ خارج عن الصلاة؛ لأنّ القراءة الواجبة فيها قد تمّت بالسورة الاُولى. وعن الثاني بمنع كونه فعلاً كثيرا، لا سيّما في السور القصار وآية قصيرة. أقول: على أنّ الفعل الكثير إنّما يبطل الصلاة لو لم يكن دعاءً ولا قرآنا ، وكذلك جاز في القنوت وغيره من أحوال الصلاة قراءة الآيات المشتملة على الدعاء و[غير ]الدعاء وإن كانا كثيرين ولم يكونا مبطلين ، فلِمَ لا يجوز أن يكون حال القراءة أيضا غير مبطل وإن كان حراما؟! وظاهر الشيخ في المبسوط عدم البطلان بذلك مع تحريمه حيث قال: «قراءة سورة [كاملة] بعد الحمد واجبة، غير أنّه إن قرأ بعض سورة أو قرن بين سورتين بعد الحمد لا يحكم ببطلان الصلاة» (184) . واستثني من ذلك القران بين الضّحى وألم نشرح، وبين الفيل والإيلاف، محتجّين بصحيحة زيد الشحّام ، قال: صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السلام الفجر ، فقرأ الضحى وألم نشرح في ركعة. (185) وخبر المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: «لاتجمع بين سورتين في ركعة واحدة ، إلّا الضحى وألم نشرح ، وسورة الفيل والإيلاف». (186) وما روى في مجمع البيان عن العيّاشي بإسناده عن المفضل بن صالح ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة ، إلّا الضحى وألم نشرح ، وألم تر كيف ولإيلاف قريش». (187) واستنبط جماعة من الفحول من هذه الأخبار اتّحاد كلّ اثنتين من تينك السورتين ، فقد قال الصدوق في الفقيه : موسّع عليك أيّ سورة [قرأت] في فرائضك إلّا أربع سور ، وهي: سورة الضحى وألم نشرح؛ لأنّهما جميعا سورة واحدة ، ولإيلاف وألم تر كيف؛ لأنّهما جميعا سورة واحدة. (188) وقال الشيخ في الاستبصار : «لأنّ هاتين السورتين سورة واحدة عند آل محمّد عليهم السلام ، وينبغي أن يقرأهما موضعا واحدا ، ولا يفصل بينهما ببسم اللّه الرحمن الرّحيم». (189) وحكاه العلّامة في المنتهى (190) عن شيخنا المفيد (191) والسيّد المرتضي. (192) وقد بالغ الشيخ في الاستبصار حيث قال: «لا تعاد البسملة في الثانية» ، (193) وهو محكي عن تبيانه (194) أيضا . والأظهر إعادتها _ ولو قيل بالاتّحاد _ لإثباتها في المصاحف ، وليس في هذه الأخبار تصريح بسقوطها ولا ظهور. نعم ، روى في مجمع البيان عن اُبي بن كعب أنّه لم يفصل بين الأخيرتين بالبسملة في مصحفه، (195) وفعله ليس بحجّة ، بل لا يبعد القول بوجوب هذا القران ، فإنّ تلك الأخبار إنّما دلّت (196) على الجواز ؛ لأنّه قد تقرّر في محلّه أنّ الأمر الوارد بعد النهي إنّما دلّ على الجواز والإباحة، كما في قوله تعالى: «وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ» (197) بعد النهي عن الاصطياد في حال الإحرام، وإليه أشار العلّامة في المنتهى حيث قال: «وهاتان الروايتان _ مشيرا إلى الأوّلتين من تلك الأخبار _ غير دالّتين على مطلوبهم ؛ إذ أقصى ما يدلّان عليه الجواز ، أمّا الوجوب فلا» . (198) ويؤيّده إطلاق مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا ، عن زيد الشحّام، قال: صلّى أبو عبد اللّه عليه السلام فقرأ في الاُولى والضحى ، وفي الثانية ألم نشرح لك صدرك. رواها الشيخ في التهذيب وحملها على النافلة ، (199) وليس ذلك أولى من حمل تلك على الجواز . وأبعد من ذلك الاحتجاج بها على الاتّحاد. نعم ، روى في مجمع البيان عن أبي العبّاس ، عن أحدهما عليهماالسلامقال: «ألم تر كيف فعل ربّك ولإيلاف سورة [واحدة]». (200) وهو مع ندرته وعدم دلالته على الوحدة في الأوّلتين لا يقبل المعارضة لإثبات كلّ منها فى¨ المصاحف بترجمة وبسملة ، بل الاستثناء في تلك الأخبار أيضا يقتضي التعدّد. قوله في خبر أبي هارون المكفوف : (أنّ الحمد سبع آيات) إلخ.[ح 14 /4992] قال طاب ثراه: لم يختلف العامّة والخاصّة في أنّ الحمد سبع آيات ، وإنّما اختلفوا في أنّ البسملة هل هي آية منها أم لا؟ فمن جعلها آية منها جعل «صِرَ طَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ» آية واحدة، ومن لم يجعلها آية مستقلّة جعل «صِرَ طَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ» آية وما بعدها آية . (201) وأمّا أنّ قل هو اللّه أحد ثلاث آيات فلا ينطبق على قول أصلاً ؛ لأنّ من جعل البسملة آية من كلّ سورة يعدّها خمس آيات ، والباقون أربعا ، لكنّ الخبر ضعيف لا يعتمد عليه. قوله في موثّقة عمّار : (قال في الرجل ينسى حرفا من القرآن) إلخ .[ح 18 /4996] قال طاب ثراه: فيها دلالة على أنّ القرآن لا يقرأ في الركوع والسجود ، لأنّ المراد بقوله : «ولكن إذا سجد فليقرأه» (202) أنّه إذا فرغ من السجود فليقرأه . ويؤيّده ما رواه مسلم عن ابن عبّاس أنّه قال صلى الله عليه و آله : «نهيت أن أقرأ القرآن راكعا وساجدا ، أمّا الركوع فعظّموا فيه الربّ ، وأمّا السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم». (203) وقال بعض العامّة أجاز القراءة فيهما بعض السلف ، وكرهها الجمهور. وقيل في توجيه الكراهة: إنّ الركوع والسجود حالتا ذلّ ، فخصّا بالذكر ، فكره أن يجمع بين كلام الخالق وكلام المخلوق في موضع واحد ، فيكونا سواء. (204) قوله في خبر سماعة : (سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَ لَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَ لَا تُخَافِتْ بِهَا» (205) قال: المخافة ما دون سمعك ، والجهر أن ترفع صوتك شديدا) .[ح 21 /4999] وفي مجمع البيان أيضا في تفسير هذه الآية عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «الجهر بها رفع الصوت شديدا ، والمخافة ما لم تسمع اُذنيك ، واقرأ قراءة وسطا ما بين ذلك». (206) وفي خصوص الإخفات حسنة عمر بن اُذينة وابن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، (207) وصحيحة الحلبي. (208) واعلم أنّ ظاهر هذه الآية الكريمة عدم وجوب الجهر والإخفات في المواضع المعهودة ، وهو منقول في المنتهى (209) عن ابن الجنيد ، والسيّد المرتضى في المصباح، (210) واشتهر ذلك بين العامّة ، بل أجمع عليه فقهاؤهم . ودلّ أيضا عليه صحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال: سألته عن الرجل يصلّي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة ، هل عليه أن لا يجهر؟ قال: «إن شاء جهر ، وإن شاء لم يفعل» . (211) وهو ظاهر ما رواه الشيخ من حسنة عبد اللّه بن يحيى الكاهلي ، قال: صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السلام في مسجد بني كاهل ، فجهر مرّتين ببسم اللّه الرحمن الرحيم ، وقنت في الفجر ، وسلّم واحدة ممّا يلي القبلة» . (212) ويؤيّده الأصل ، ومرسلة ابن فضّال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «السنّة في صلاة النهار بالإخفات ، والسنّة في صلاة الليل بالإجهار». (213) وإطلاق صحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال: سألته عن الرجل هل يصلح له أن يقرأ في صلاته ، ويحرّك لسانه في لهواته من غير أن يسمع نفسه؟ قال: «لا بأس أن لا يحرّك لسانه يتوهّم توهّما». (214) ويعارضها صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في رجل جهر فيما لا ينبغى الإجهار فيه ، أو أخفى فيما لاينبغي الإخفات فيه ، فقال: «أيّ ذلك فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، وإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه قد تمّت صلاته». (215) ويؤيّدها ظاهر ما سيأتي في صحيحة صفوان ، «فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم اللّه الرحمن الرّحيم وأخفى ما سوى ذلك». (216) وما رواه الصدوق في العلل عن محمّد بن حمزة ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : لأيّ علّة تجهر في صلاة الفجر والمغرب وصلاة العشاء الآخرة وسائر الصلوات مثل الظّهر والعصر لا يجهر فيها؟ ولأيّ علّة صار التسبيح في الرّكعتين الأخيرتين أفضل من القرآن؟ (217) قال «لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لمّا اُسري به إلى السماء كان أوّل صلاة فرضها اللّه عليه صلاة الظهر يوم الجمعة، فأضاف اللّه عزّ وجلّ إليه الملائكة تصلّي خلفه ، وأمر اللّه عزّ وجلّ نبيّه صلى الله عليه و آله أن يجهر بالقراءة ؛ ليبيّن لهم فضله، (218) ثمّ افترض عليه العصر ولم يضف إليه أحدا من الملائكة ، وأمره أن يخفي القراءة ؛ لأنّه لم يكن وراءه أحد، ثمّ افترض عليه المغرب ، ثمّ أضاف إليه الملائكة ، فأمره بالإجهار، وكذلك العشاء الآخرة، فلمّا كان قرب الفجر افترض اللّه عزّ وجلّ عليه الفجر ، وأمره بالإجهار ؛ ليبيّن للناس فضله كما بيّن للملائكة، فلهذه العلّة يجهر فيها». فقلت: لأيّ شيء صار التسبيح في الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال : «لأنّه لمّا كان في الأخيرتين ذكر ما يظهر من عظمة اللّه عزّ وجلّ فدهش وقال : سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر ، فلذلك العلّة صار التسبيح أفضل من القراءة». (219) ورواه أيضا في الفقيه ، قال: وسأل محمّد بن عمران أبا عبد اللّه عليه السلام فقال: لأيّ علّة تجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة ، وسائر الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيها؟ إلى آخر الخبر بعينه. (220) والظاهر أن محمّد بن حمزة في نسخة العلل من تصحيف النسّاخ ، فإنّ نسخ الفقيه أضبط. وفي المنتهى (221) محمّد بن حمران ، وهو أظهر. (222) ونقل مثله عن الفضل عن الرضا عليه السلام . (223) وفي خبر رجاء بن أبي الضحّاك المتقدّم : وكان يجهر بالقراءة في المغرب والعشاء وصلاة الليل والشفع والوتر والغداة ، ويخفي القراءة في الظهر والعصر. (224) وفي خبر محمّد بن قيس الّذي نرويه في باب القراءة في الركعتين الأخيرتين والتسبيح فيهما في حكاية فعل أمير المؤمنين عليه السلام السرّ في الركعتين الأوّلتين من الظهر والعصر. (225) وروى الشيخ في باب كيفيّة الصلاة من أبواب زيادات كتاب الصلاة في الصحيح عن عليّ بن يقطين ، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة ، قال: «لا بأس»، وعن تبعيض السورة ، قال: «أكره ذلك ، ولا بأس به في النافلة» ، وعن الركعتين اللتين يصمت فيهما الإمام ، أيقرأ فيهما بالحمد وهو إمام يُقتدى به؟ قال: «إن قرأت فلا بأس، وإن سكت فلا بأس». (226) والمشهور بين الأصحاب وجوبهما ؛ عملاً بالأخبار الأخيرة، بل ادّعى في الخلاف عليه الإجماع ، (227) ونسبه في المنتهى إلى ابن أبي ليلى. (228) وحمل الشيخ صحيحة عليّ بن جعفر الأوّلة على التقيّة، (229) وصحيحته الثانية على قراءة من يصلّي خلف من لا يقتدى به ، (230) ومرسلة ابن فضّال على النافلة ، (231) وجوّز في الذكرى حمل السنّة فيها على ما ثبت وجوبه بالسنّة. (232) واحتجّ الشهيد على الوجوب بفعل النبيّ صلى الله عليه و آله ووجوب التأسّي به. (233) واُجيب عنه بأنّ التأسّي فيما لا يعلم وجهه إنّما يكون مستحبّا لا واجبا كما مرّ مرارا. (234) وإذ قد تقرّر تقديم ما يوافق ظاهر الآيات من الأخبار المتعارضة وإن وافق مذهب العامّة على ما يستفاد من مقبولة عمر بن حنظلة المشهورة ، (235) يظهر رحجان القول الأوّل بحمل الأخيرة على الاستحباب ، ورجّحه صاحب المدارك ، (236) وربّما تكلّف في تأويل الآية بما يوافق المشهور ؛ اعتمادا على ما حكاه الطبرسي (237) في مجمع البيان عن أبي مسلم : أنّ معناها لا تجهر بصلاتك كلّها ولا تخافت بها كلّها ، «وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً» بأن تجهر بصلاة الليل والغداة، وتخافت بالظهرين (238) . وهو كما ترى . وربّما تعسّف في تأويلها بما أخرجها عن محلّ النزاع ، فقيل : معناها لا تجهر بإشاعة صلاتك عند من يؤذيك ، ولا تخافت بها عند من يلتمسها منك. ونقلوه عن الحسن. (239) وفي مجمع البيان : روي أنّ النبيّ عليه السلام كان إذا صلّى فجهر في صلاته ، فاستمع له المشركون ، فشتموه وآذوه ، فأمره سبحانه بترك الجهر ، وكان ذلك بمكّة في أوّل الأمر، وبه قال سعيد بن جبير ، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام . (240) وقال طاب ثراه: وقال بعض العامّة : المراد بها القرآن مطلقا؛ محتجّا بما في صدر الآية من قوله تعالى: «وَ قُرْءَانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَ نَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً» . (241) وقال بعضهم: المراد بها الدعاء، واحتجّ له بقوله سبحانه قبل ذلك: «قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمانِ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الْأَسْمَآءُ الْحُسْنَى» ، إلّا أنّها نسخت بقوله تعالى: «وَاذْكُر رَّبَّكَ فِى نَفْسِكَ» . (242) وقال بعضهم: المراد بها الصلاة نفسها ، والمراد : لا تحسنها في العلانية رياءً ، ولا تسئها في السرّ. أو المعنى لا تسئها جهرا ولا تتركها سرّا . (243) واتّفقت العامّة على عدم وجوبهما سوى ما حكيناه عن ابن أبي ليلى. (244) وحكى في المنتهى عن أكثرهم استحباب الجهر في غير الظهرين على الإمام ، ونفوه في المأموم معلّلين باستحباب الإنصات له . وأمّا المنفرد فعن الشافعي أنّه يستحبّ عليه ؛ لأنّه غير مأمور بالإنصات ، وعن أحمد عدمه معلّلاً بأنّه غير مأمور بإسماع غيره . (245) وإطلاق كلام الأكثر يقتضي اطّراد الحكم في القضاء ، وبه صرّح العلّامة في المنتهى مدّعيا إجماعنا عليه حيث قال: «حكم القضاء حكم الأداء في الجهر والإخفات بلا خلاف عندنا ، سواء كان القضاء مفعولاً في ليل أو نهار». (246) واحتجّ عليه بقوله عليه السلام : «من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته» . (247) وفيه ما تقدّمت الإشارة إليه من أنّ الظاهر المتبادر منه التشبيه في خصوص القصر والإتمام لا من كلّ وجه. ويؤيّده إطلاق أخبار القضاء ، وأصالة عدم الوجوب. واعلم أنّ المشهور بين الفريقين من الأصحاب استحباب الجهر بالبسملة في مواضع الإخفات في الحمد والسورة ، صرّح بذلك الشيخ في النهاية (248) والخلاف (249) والمبسوط ، (250) وبه قال الشهيد ، وفي الذكرى (251) حكاه عن جمل السيّد المرتضى ، (252) وعدّ ذلك من شعار الشيعة ، وخصّه ابن إدريس بالركعتين الأوّلتين من الظهرين (253) وابن الجنيد بالإمام ، (254) والتخصيص من غير مخصّص يعتدّ به ؛ لما ستعرف من إطلاق الأخبار . ونقل في المختلف (255) عن أبي الصلاح وجوبه في أوّلتي الظهرين في الحمد والسورة ، (256) وعن ابن البرّاج وجوبه في غيرهما أيضا ، (257) وهو ظاهر الصدوق. (258) واحتجّ على القول المشهور بخبر صفوان ، (259) وروى الشيخ في الصحيح عنه ، قال : صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام أيّاما ، فكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم اللّه الرحمن الرّحيم ، فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم اللّه الرحمن الرّحيم وأخفى ما سوى ذلك. (260) ويؤيّدهما عموم خبر حنّان بن سدير ، قال: صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام فتعوّذ بإجهار ، ثمّ جهر ببسم اللّه الرحمن الرّحيم. (261) وما رواه الشيخ مرسلاً عن أبي حمزة ، قال: قال عليّ بن الحسين عليهماالسلام: «يا ثمالي ، إنّ الصلاة إذا اُقيمت جاء الشيطان إلى قرين الإمام، (262) فيقول: هل ذكر ربّه؟ فإن قال : نعم ذهب ، وإن قال: لا ركب على كتفيه، فكان إمام القوم حتّى يفرغوا». (263) قال: فقلت: جُعلت فداك، أليس يقرأون القرآن؟ قال: «بلى، ليس حيث تذهب يا ثمالي ، إنّما هو الجهر ببسم اللّه الرحمن». (264) ويدلّ أيضا عليه ما سبق في خبر رجاء من قوله: وكان عليه السلام يجهر ببسم اللّه الرحمن في جميع صلواته بالّليل والنهار. (265) وما رواه الشيخ في المصباح عن أبي محمّد العسكري عليه السلام أنّه قال: «علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختّم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم اللّه الرحمن الرّحيم». (266) ولمّا كانت أكثر هذه الأخبار واردة في الإمام ذهب ابن الجنيد إلى ما حكينا عنه؛ محتجّا بأصالة المخافته بها فيما يخافت به ، لأنّها بعض السورة ، خرج ما إذا كان المصلّي إماما بتلك الأخبار. (267) وفيه أنّ التخصيص الذكري لا يفيد تخصيص الحكم ، فما في بعض ما ذكر من الأخبار من العموم يبقى على حاله. واحتجّ ابن إدريس على ما نقلنا عنه بأنّه لا خلاف في وجوب الإخفات في الأخيرتين، فمن ادّعى استحباب الجهر في بعضها وهو البسملة فعليه الدليل. (268) والجواب: إنّ كلّ ما دلّ على استحباب الجهر بها شامل للأخيرتين أيضا. واحتجّ الموجبون _ على ما نقل عنهم _ بمداومة النبيّ صلى الله عليه و آله على الجهر بها. وفيه ما سبق من أنّ فعله صلى الله عليه و آله فيما لا يعلم جهته إنّما يدلّ على الاستحباب. ويؤيّده عموم ما رواه الشيخ بسندين صحيحين ، أحدهما عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبي، وثانيهما عن محمّد بن عليّ الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام إنّهما سألاه عمّن يقرأ ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم حين يريد يقرأ بفاتحة الكتاب، قال: «نعم ، إن شاء سرّا وإن شاء جهرا». (269) ويسقط استحباب الجهر بها في مقام التقيّة ؛ لما رواه الشيخ في الاستبصار بسند صحيح عن زكريا بن إدريس القمّي ، وهو كان وجها، فالخبر حسن ، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصلّي بقوم يكرهون أن يجهر ، أيجوز أن يجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم. فقال: «لا يجهر». (270) وعن ابن أبي عقيل أنّه قال: تواترت الأخبار عنهم عليهم السلام أن لا تقيّة في الجهر بالبسملة ، (271) وهو أعلم بما قال. والقائلون بوجوب الجهر والإخفات استثنوا صلاة الجمعة أجمع _ ويأتي في محلّه _ وصلاة الظهر يوم الجمعة بعضهم ، وقالوا باستحباب الجهر فيها أيضا ، وبه قال الشيخ، (272) ونسبه الصدوق إلى الرخصة ، (273) واختاره المحقّق الشيخ عليّ في شرح القواعد. (274) ويدلّ عليه صحيحة عمران الحلبي ، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول وقد سُئل عن الرّجل يصلّي الجمعة أربع ركعات ، أيجهر فيها بالقراءة؟ قال: «نعم ، والقنوت في الثانية». (275) وحسنة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: سألته عن القراءة في الجمعة إذا صلّيت وحدى أربعا ، أجهر بالقراءة؟ فقال: «نعم» ، وقال: «اقرأ بسورة الجمعة والمنافقين يوم الجمعة». (276) وصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: قال لنا : «صلّوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة»، فقلت له: إنّه ينكر علينا الجهر بها في السفر، فقال: «اجهروا بها». (277) وخبر محمّد بن مروان ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة الظهر يوم الجمعة [كيف نصلّيها] في السفر؟ قال: «تصلّيها في السفر ركعتين ، والقراءة فيها جهرا». (278) وفي المختلف: وكثرة الرواية تدلّ على الشهرة، (279) وقيل: لا يجوز مطلقا، اختاره المحقّق في المعتبر (280) ؛ لصحيحة ابن أبي عمير ، عن جميل ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجماعة يوم الجمعة في السفر، قال: «تصنعون كما تصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر ، ولا يجهر الإمام إنّما يجهر إذا كانت خطبة». (281) وقيل: يستحبّ إذا صلّيت جماعة لا إنفرادا. وقال السيّد المرتضى في المصباح على ما نقل عنه في المختلف: والمنفرد بصلاة الظهر يوم الجمعة ، فقد روي أنّه يجهر بالقراءة استحبابا ، وروي أنّ الجهر إنّما يستحبّ لمن صلّاها مقصورة بخطبة أو صلّاها ظهرا أربعا في جماعة ، ولا جهر على المنفرد. (282) وقال ابن إدريس: وهذا الثاني هو الّذي يقوى في نفسي وأعتقده وأفتي به؛ لأنّ شغل الذمّة بواجب أو ندب يحتاج إلى دليل شرعي ؛ لأصالة براءة الذمّة، والرواية مختلفة فوجب الرجوع إلى الأصل، ولأنّ الاحتياط يقتضي ذلك ؛ لأنّ تارك الجهر تصحّ صلاته إجماعا ، وليس كذلك الجاهر بالقراءة. (283) قوله في صحيحة عمرو بن أبي نصر: (يرجع من كلّ سورة إلّا من قل هو اللّه أحد وقل يا أيّها الكافرون) .[ح 25 /5003 ]ومثلها ما روى في التهذيب عن محمّد بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل قرأ في الغداة سورة قل هو اللّه أحد. قال: «لا بأس، ومن افتتح بسورة ، ثمّ بدا له أن يرجع في سورة غيرها فلا بأس ، إلّا قل هو اللّه أحد ، فلا يرجع منها إلى غيرها ، وكذلك قل يا أيّها الكافرون» . (284) وفي الموثّق عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أراد أن يقرأ في الصلاة سورة ، فأخذ في اُخرى، قال: «فليرجع إلى السورة الاُولى ، إلّا أن يقرأ بقل هو اللّه أحد». (285) ويستفاد منها أمران: أحدهما: جواز الرجوع من سورة إلى اُخرى ، وظاهرها جواز ذلك قبل الإتمام ، وينبغى تقييدها بما إذا لم يتجاوز ثلثيها ؛ لموثّق عبد اللّه بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرجل يريد أن يقرأ السورة ، فيقرأ غيرها، فقال : «له أن يرجع ما بينه وبين أن يقرأ ثلثيها». (286) والظاهر وفاق الأصحاب على عدم جواز العدول إذا جاوز النصف، بل قال جماعة _ منهم ابن إدريس (287) والعلّامة في النهاية (288) على ما حكى المحقّق الشيخ عليّ في شرح القواعد (289) _ بكفاية بلوغ النصف في عدم جوازه، ولم أجد شاهدا لهم من الأخبار. وثانيهما: عدم جواز العدول عن الجحد والتوحيد مطلقا ، وينبغي تقييد ذلك بغير صلاة الجمعة وظهرها حيث تأكّد الجمعة والمنافقين فيهما، بل قيل بوجوبهما فيهما . ويدلّ على ذلك التقييد صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلامفي الرجل يريد أن يقرأ سورة الجمعة في الجمعة ، فيقرأ قل هو اللّه أحد ، قال: «يرجع إلى سورة الجمعة». (290) وموثّقة ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة ، قال: قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل صلّى الجمعة وأراد أن يقرأ سورة الجمعة فقرأ قل هو اللّه أحد ، قال: «يعود إلى سورة الجمعة». (291) وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا افتتحت صلاتك بقل هو اللّه أحد وأنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها ولا ترجع ، إلّا أن يكون يوم الجمعة ، فإنّك ترجع إلى الجمعة والمنافقين منها». (292) ولكنّ الظاهر جواز ذلك العدول وإن جاوز النصف والثلثين ، وقيّده المحقّق الشيخ عليّ في شرح القواعد بعدم التجاوز عن النصف. (293) وفيه تأمّل ؛ إذ الوجه في ذلك العدول فضيلة الجمعة والمنافقين في ذلك اليوم ، فمتى كان محلّ العدول باقيا ينبغي جوازه. ويؤيّده ما ورد من العدول إلى النافلة إذا ذكر بعد إتمام التوحيد ، رواه صباح بن صبيح ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل أراد أن يصلّي الجمعة فقرأ بقل هو اللّه أحد. قال: «يتمّها ركعتين ثمّ يستأنف». (294) وهذا كلّه على تقدير قراءة المعدول عنها نسيانا ، وأمّا مع العمد فالظاهر عدم جواز العدول ؛ للزوم القِران المحرّم في الفريضة. صرّح بذلك جماعة منهم المحقّق الشيخ عليّ في شرح القواعد. (295) قوله في خبر صابر : (هما من القرآن) .[ح 26 /5004] في الذكرى : أجمع علماؤنا وأكثر العامّة على أنّ المعوذتين _ بكسر الواو _ من القرآن العزيز ، وأنّه يجوز القراءة بها في فرض الصلاة ونفلها. وروى منصور بن حازم ، قال: أمرني أبو عبد اللّه عليه السلام أن أقرأ المعوّذتين في المكتوبة. (296) وعن مولى سام ، قال: أمّنا أبو عبد اللّه عليه السلام (297) ونقل الخبر بعينه ، ثمّ قال: وعن ابن مسعود : أنّهما ليسا من القرآن وإنّما أنزلتا لتعويذ الحسنين عليهماالسلام . (298) وخلافه انقرض واستقرّ الإجماع الآن من العامّة والخاصّة على ذلك . (299) وقال طاب ثراه: روى مسلم بإسناده عن عقبة بن عامر ، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «ألم تر آيات اُنزلت الّليلة لم ير مثلهن قطّ؟ ! قل أعوذ بربّ الفلق ، وقل أعوذ بربّ الناس» . (300) وله رواية اُخرى بهذا المضمون ، (301) قال بعض علمائهم : «ألم تر» كلمة تعجّب وبين معنى التعجّب بقوله : «لم ير مثلهنّ» ، والأظهر في معناه أنّه لم تنزل سورة تكون آياتها كلّها تعويذا غيرهما، ولذا كان صلى الله عليه و آله يتعوّذ من الجنّ والإنس بغيرهما ، فلمّا نزلتا ترك التعوّذ بما سواهما ، ولمّا سحر النبيّ صلى الله عليه و آله استشفى بهما. (302) وإن اُريد لم ير مثلهنّ في الفضل فلا يعارض بما روى في الحمد وآية الكرسى ونحوهما ؛ لأنّه عام مخصوص . (303) وقال الأصحاب وأكثر العامّة لفظة : قل ، من السورتين ، وزعم بعضهم أنّهما ليست منهما، وإنّما أمره عليه السلام أن يقول أعوذ . (304) وهو كما ترى ؛ لظهور الأخبار في كونها جزءا منهما ، وللإجماع على كتبها في المصاحف بخطّها مع التزامهم أن لا يكتب غير القرآن فيها بخطّها.

.


1- . الخلاف ، ج 1 ، ص 327 ، المسألة 80 و 81 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 330 .
2- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 271 ، ط قديم ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 330 ، و الأصم هو أبوبكر عبدالرحمن بن كيسان ، فقيه معتزلى مفسّر ، مات نحوسنة 225 . (الأعلام ، ج 3 ، ص 232) .
3- . الذكرى ، ج 3 ، ص 299 ؛ فتح الباري ، ج 3 ، ص 37 ، عن الأصم و إبراهيم بن عليه في ركعتي الفجر ؛ عمدة القاري ، ج 7 ، ص 228 عنهما في ركعتي الفجر . و ابراهيم بن إسماعيل بن عليّه المتكلّم الجهمي له مؤلّفات في الفقه ، توفّي بمصر سنة 218ه ق. (تاريخ الإسلام ، ج 15 ، ص 52).
4- . المبسوط ، ج 1 ، ص 105 .
5- . كتاب الاُمّ ، ج 1 ، ص 129 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 5 ، ص 11 ؛ مسند أحمد ، ج 5 ، ص 314 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 184 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 9 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 273 ، ح 837 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 189 ، ح 822 ؛ سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 156 ، ح 247 ؛ و ص 194 ، ذيل ح 310 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 38 .
6- . المزّمّل (73) : 20 .
7- . المزّمّل (73) : 20 .
8- . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 475 و 476 (قرأ).
9- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 146 ، ح 569 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 353، ح 1335 ؛ و رواه الكليني في باب السهو في القراءة من الكافي ، ح 1 ؛ و رواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 345 ، ح 1005 عن زرارة، عن أحدهما عليهماالسلام ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 87 ، ح 7414 و 7415 .
10- . تهذيب الأحكام، ج 2 ، ص 146 ، ح 570 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 353 ، ح 1336 ؛ و رواه الكليني في الكافي ، باب السهو في القراءة ، ح 3 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 90 ، ح 7424 ، و في الجميع : «إذا كان نسيانا ، بدل «إذا كنت ناسيا» . نعم هذا موافق لنصّ الرواية في الخلاف ، ج 1 ، ص 335 .
11- . هو الحديث 28 من هذا الباب .
12- . الذكرى ، ج 3 ، ص 353 .
13- . الخلاف ، ج 1 ، ص 335 ، المسألة 86 ؛ الاستبصار ؛ ج 1 ، ص 314 ، باب أنّه لا يقرأ في الفريضة بأقلّ من سورة و لا بأكثر منها .
14- . المبسوط للطوسى، ج 1 ، ص 75 .
15- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 142 ؛ و منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 272 ط قديم ، و المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 174 .
16- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 272 .
17- . الخلاف ، ج 1 ، ص 236 ، المسألة 86 .
18- . النهاية ، ص 75 .
19- . المعتبر ، ج 2 ، ص 171 _ 172 .
20- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 142 .
21- . المراسم العلويّة ، ص 69 .
22- . الموطّأ ، ج 1 ، ص 65 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 166 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 388 .
23- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 388 .
24- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 388 .
25- . الخلاف ، ج 1 ، ص 335 _ 336 ، المسألة 86 .
26- . كتاب الاُمّ ، ج 1 ، ص 131 ؛ مغني المحتاج ، ج 1 ، ص 162 .
27- . الخلاف ، ج 1 ، ص 336 ؛ المحلّى ، ج 3 ، ص 243 .
28- . المغني، ج 1، ص 520؛ عمدة القاري، ج 6، ص 11.
29- . الخلاف ، ج 1 ، ص 328 ، المسألة 81 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 327 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 520 .
30- . تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 212 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 327 .
31- . الحديث مع مغايرة في صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 185 ؛ مسند أحمد ، ج 5 ، ص 311 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 37 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 185 ، ح 798 ؛ سنن النسائي ، ج 2 ، ص 166 ؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج 1 ، ص 336 _ 337 ، ح 1050 ؛ والسنن الكبرىللبيهقي ، ج 2 ، ص 83 .
32- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 42 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 273 ، ح 836 ؛ و ص 315 ، ح 986 ؛ سنن النسائي ، ج 2 ، ص 173 ؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج 6 ، ص 513 ، ح 11667 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 393 .
33- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 272 ، ط قديم . و الحديث في مسند الشافعي ؛ ص 55 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 286 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 155 ؛ و ج 7 ، ص 77 ؛ و ج 8 ، ص 133 ؛ السنن الكبرى للبيهقى ، ج 2 ، ص 345 ؛ وج 3 ، ص 120 ؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 1 ، ص 207 و 295 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 4 ، ص 541 ؛ وج 5 ، ص 191 و504 ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 279 _ 280 ، ح 1055 و 1056 ؛ وص 338، ح 1297 .
34- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 294 ، ح 1182 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 316 ، ح 1175 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 46 ، ح 7302 .
35- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 294 ، ح 1183 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 316 ، ح 1176 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 46 ، ح 7301 .
36- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 295 _ 296 ، ح 1191 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 316 ، ح 1177 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 45 ، ح 7299 .
37- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 296 ، ح 1192 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 316 ، ح 1178 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 44 ، ح 7297 .
38- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 71 ، ح 262 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 315 ، ح 1173 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 47 _ 48 ، ح 7306 .
39- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 71 _ 72 ، ح 263 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 315 ، ح 1174 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 47 ، ح 7304 .
40- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 71 ، ح 260 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 40 ، ح 7288 .
41- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 71 ، ح 259 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 314 ، ح 1169 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 40 ، ح 7286 .
42- . هو الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
43- . هو الحديث التاسع من هذا الباب .
44- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 71 ، ح 261 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 315 ، ح 1172 و 7287 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 40 ، ح 7287 .
45- . سنن أبي داود ، ج 2 ، ص 188 ، ح 819 ؛ سنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 37 ، و ما بين الحاصرتين منهما .
46- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 437 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 184 و 192 ؛ و ج 7 ، ص 132 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 11 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 336 ، ح 1060 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 196 ، ح 856 ، وص 197 _ 198 ، ح 860 ؛ سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 187 ، ح 302 ؛ سنن النسائي ، ج 2 ، ص 124 ؛ السنن الكبرى له أيضا ، ج 1 ، ص 308 ، ح 958 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2، ص 10 و 37و 122و 126 و 134 و 372 ؛ مسند أبي يعلى ، ج 11 ، ص 449 ، ح 6577 ، و ص 497 _ 498 ، ح 6622 ؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 1 ، ص 235 و 299 .
47- . تفسير مقاتل بن سليمان ، ج 1 ، ص 24 ؛ تفسير السمرقندي ، ج 1 ، ص 39 ؛ البيان لأبي عمرو الداني ، ص 133 ؛ تفسير المقباس ، ص 2 .
48- . بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 125 و 189 ؛ سبل السلام ، ج 2 ، ص 104؛ نيل الأوطار، ج 2، ص 231 و 235؛ و ج 4، ص 103؛ المعتبر، ج 2، ص 166 و 172 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ص 63 ، ح 167 ؛ عوالي اللآلي ، ج 1 ، ص 196 ؛ و ج 2 ، ص 218 ؛ و ج 3 ، ص 82 .
49- . مسند الشافعي ، ص 34 _ 35 . ورواه أبو داود في سننه ، ج 1 ، ص 197 ، 859 ؛ والبيهقي في السنن الكبرى ، ج 2 ، ص 374 ؛ وابن حبّان في صحيحه ، ج 5 ، ص 88 .
50- . مسالك الأفهام ، ج 1 ، ص 205 .
51- . اُنظر : قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 273 ؛ جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 255 ؛ مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 351 ؛ ذخيرة المعاد ، ج 1 ، ص 273 ؛ كشف اللثام ، ج 4 ، ص 27 ؛ مفتاح الكرامة ، ج 7 ، ص 146 .
52- . الذكرى ، ج 3 ، ص 310 .
53- . تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 130 .
54- . مدارك الأحكام ، ج3 ، ص 337 .
55- . هو الحديث الثانى من هذا الباب .
56- . علل الشرائع ، ص 315 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 465 _ 468 ، ح 7086 .
57- . سنن النسائي ، ج 2 ، ص 134 ؛ المستدرك للحاكم ، ج 1 ، ص 232 ؛ المنتقى من السنن ، ص 56 ، ح 184 ؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 1 ، ص 251 و 342 ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 304 ، ح 1155 ؛ معرفة السنن والآثار ، ج 1 ، ص 516 .
58- . المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 521 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 517 ؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 168 .
59- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 289 ، ح 1157 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 57 ، ح 7337 .
60- . النمل (27) : 29 _ 30 .
61- . مجمع البيان ، ج 1 ، ص 48 _ 49 . و رواه الصدوق في أماليه ، المجلس 33 ، ح 3 ؛ و عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 1 ، ص 270 ، الباب 28 ، ح 60 .
62- . الحجر (15) : 87 .
63- . الإسراء (17) : 46 .
64- . مجمع البيان ، ج 1 ، ص 72 _ 71 ؛ تفسير العيّاشي ، ج 1 ، ص 22 ، ح 17 .
65- . المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 522 ؛ الشرح كبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 519 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 45 ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 310 ، وفيهما : « ... إنّها امّ القرآن واُمّ الكتاب والسبع المثاني ، وبسم اللّه الرحمن الرحيم إحداها» .
66- . تفسير الرازى¨ ، ج 1 ، ص 196 ؛ تفسير البيضاوي ، ج 1 ، ص 18 . و نحوه في السنن الكبرى للبيهقى ، ج 2 ، ص 45 ؛ المعجم الأوسط ، ج 5 ، ص 208 ؛ كنز العمّال ، ج 1 ، ص 560 ، ح 2519 .
67- . السنن الكبرى للبيهقى ، ج 2 ، ص 44 ؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 1 ، ص 512 ؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 1 ، ص 249 _ 250 .
68- . مجمع البيان ، ج 1 ، ص 47 ؛ تفسير الثعلبي ، ج 1 ، ص 128 ؛ تفسير القرطبي ، ج 1 ، ص 113 .
69- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 244 ؛ روض الجنان ، ص 265 ؛ المستصفى للغزالي ، ص83 ؛ الإحكام للآمدي ، ج 1 ، ص163 ، و مع مغايرة في السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 50 .
70- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 340 . و حكاه أيضا عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 180 ؛ و الشهيد في الذكرى ، ج 3 ، ص 299 .
71- . اُنظر : أسباب النزول للواحدي ، ص 12 ؛ تفسير الواحدي ، ج 1 ، ص 597 ؛ تفسير الرازي ، ج 19، ص 207 ؛ تفسير القرطبي ، ج 10 ، ص 54 ؛ تفسير الجلالين ، ص 344 ؛ تفسير مقاتل بن سليمان ، ج 1 ، ص 27 ؛ تفسير العيّاشي ، ج 1 ، ص 19 ، ح 2 ؛ و ص 22 ، ح 17 ؛ و ج 2 ، ص 249 ، ح 34 ؛ و ص 250 ، ح 37 ؛ و ص 251 ، ح 40 ؛ تفسير القمّي ، ج 1 ، ص 377 ؛ التبيان ، ج 6 ، ص 352 ؛ مجمع البيان ، ج 1 ، ص 42 و 47 و 71 ؛ وج 6 ، ص 129 ؛ تفسير غريب القرآن للطريحي ، ص 15 ، و يظهر من بعضها عدم الاتّفاق في ذلك .
72- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 334 ؛ نيل الأوطار ، ج 2 ، ص 218 ؛ عمدة القاري ، ج 19 ، ص 302 ؛ عون المعبود ، ج 2 ، ص 345 ؛ فتح العزيز ، ج 3 ، ص 321 ؛ الاستذكار ، ج 1 ، ص 437 .
73- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 333 و 334 ؛ روضة الطالبين ، ج 1 ، ص 347 ، مغني المحتاج ، ج 1 ، ص 157 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 15 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 522 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 519 ؛ عمدة القاري ، ج 5 ، ص 284 ؛ عون المعبود ، ج 2 ، ص 345 ؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 1 ، ص 509 _ 510 ؛ الدراية ، ج 1 ، ص 131 ؛ الاستذكار ، ج 1 ، ص 438 ؛ التمهيد ، ج 2 ، ص 231 .
74- . المجموع للنووي ، ص 334 ؛ روضة الطالبين ، ج 1 ، ص 347 ؛ المبسوط ، ج 1 ، ص 15 ؛ الجوهر النقي ، ج 2 ، ص 40 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 522 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 102 ؛ تنقيح التحقيق ، ج 1 ، ص 144 .
75- . المجموع للنووي ، ج 1 ، ص 522 ؛ نيل الأوطار ، ج2 ، ص 218 .
76- . اُنظر : بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 103 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 335 .
77- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 285 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 9 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 189 ، ح 821 ؛ سنن النسائي ، ج 2 ، ص 136 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 38 .
78- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 271 ، ط قديم ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 309 ، ح 1176 .
79- . الفقيه ، ج 1 ، ص 310 ، ح 926 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 38 ، ح 7282 .
80- . اُنظر : تحرير الأحكام ، ج 1 ، ص 249 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 150 ؛ قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 275 ؛ نهاية الإحكام ، ج 1 ، ص 479 ؛ جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 281 ؛ روض الجنان ، ص 270 ؛ الحدائق الناضرة ، ج 8 ، ص 222 ؛ مفتاح الكرامة ، ج 7 ، ص 276 ؛ بحار الأنوار ، ج 82 ، ص 18 .
81- . راجع : مفتاح الكرامة ، ج 7 ، ص 280 .
82- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 69 ، ح 250 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 313 ، ح 1162 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 61 ، ح 7350 .
83- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 68 _ 69 ، ح 249 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 312 ، ح 1161 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 61 ، ح 7349 .
84- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 288 ، ح 1154 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 310 _ 311 ، ح 1158 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 62 ، ح 7351 .
85- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 174 ؛ والعلّامة في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 142 ، فإنّهما حكيا عنه عدم وجوب قراءة السورة بعد الحمد .
86- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 69 ، ح 252 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 58 ، ح 7341 .
87- . راجع: معجم رجال الحديث ، ج 21 ، ص 28 _ 30 ، الرقم 1372 و 373 .
88- . الموجود في المطبوع من الكافي و الوسائل هكذا .
89- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 184 ، و الشهيد في الذكرى ، ج 3 ، ص 338 .
90- . رواه الكليني في باب القراءة يوم الجمعة و ليلتها في الصلوات ، ح 1 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 154 ، ح 7600 .
91- . هذا هو الحديث الرابع من باب القراءة يوم الجمعة و ليلتها في الصلوات من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 6 ، ح 16 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 414 ح 1583 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 154 ، ح 7602 .
92- . هذا هو الحديث السابع من باب القراءة يوم الجمعة و ليلتها في الصلوات من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 7 ، ح 21 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 414 _ 415 ، ح 1588 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 159 ، ح 7618 .
93- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 7 ، ح 17 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 414 ، ح 1584 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 155 ، ح 7606 .
94- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 96 ، ح 360 ؛ وسائل الشيعة ، ج 2 ، ص 48 ، ح 7308 .
95- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 7 ، ح 19 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 414، ح 1586 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 157 ، ح 7611 .
96- . الكافي ، باب القراءة يوم الجمعة وليلتها في الصلوات ، ح 2 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 119 _ 120 ، ح 7498 .
97- . في هامش الأصل : «وجه التأييد أنه عليه السلام شارك الجمعة مع الفجر والعشاء في الأمر بقراءة الجمعة ، وفي الصلاتين قراءتها مستحبّة اتفاقا ففي الجمعة أيضا كذلك . منه طاب ثراه» .
98- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 7 ، ح 18 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 414 ، ح 1585 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 119 ، ح 7499 .
99- . الكافي ، باب القراءة يوم الجمعة وليلتها في الصلوات ، ح 5 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 14 ، ح 49 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 416 ، ح 1593 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 160 ، ح 7622 .
100- . الفقيه ، ج 1 ، ص 306 _ 308 ، ح 992 ؛ عيون الأخبار ، ج 2 ، ص 195 ، الباب 44 ، ح 5 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 117 ، ح 7496 .
101- . شرائع الأحكام ، ج 1 ، ص 65 .
102- . المعتبر ، ج 2 ، ص 183 .
103- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 366 . والإضافة من المصدر .
104- . المقنع ، ص 146 _ 147 .
105- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 8 ، ح 23 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 415 ، ح 1590 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 157 ، ح 7612 ، وفي الجميع : «ما أقرأ فيهما؟ قال : اقرأ فيهما» .
106- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 8 ، ذيل ح 23 .
107- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 367 .
108- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 159 .
109- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 157 .
110- . الكافي للحلبي ، ص 152 ؛ الخلاف ، ج 1 ، ص 620 ؛ السرائر ، ج 1 ، ص 223 ؛ مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 365 _ 366 .
111- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 6 ، ح 14 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 413 ، ح 1582 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 118 _ 119 ، ح 7498 .
112- . قرب الإسناد ، ص 360 ، ح 1287 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 156 ، ح 7610 ، وفيهما : «تقرأ» بدل «يقرأ» .
113- . في المصدر : «بالليل» .
114- . في المصدر : «وإذا» بدل «ثمّ إذا» .
115- . في الأصل : «سجد» والتصويب من المصدر .
116- . المثبت من المصدر ، وفي الأصل : «كلّ ركعة» .
117- . المثبت من المصدر ، وفي الأصل : «رأيت» .
118- . في المصدر : «وكان إذا قرأ الجحد» .
119- . الجمعة (62) : 11 .
120- . عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 2 ، ص 194 _ 197 ، الباب 44 ، ح 5 ، وما بين المعقوفات منه .
121- . في الأصل : «نحوها»، و كذا التالي ، و المثبت موافق للمصدر .
122- . . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 95 ، ح 354 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 155 ، ح 7604 .
123- . في هامش الأصل : «وهو ممدوح. منه رحمه الله» .
124- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 95 _ 96 ، ح 355 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 116 _ 117 ، ح 7494 .
125- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 96 ، ح 356 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 115 ، ح 7490 .
126- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 96 ، ح 357 . ورواه الكليني في الكافي ، باب قراءة القرآن ، ح 26 ، بزيادة «هما من القرآن» في آخره ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 115 ، ح 7489 .
127- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 96 ، ح 358 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 81 ، ح 7402 .
128- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 96 ، ح 359 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 49 ، ح 7309 .
129- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 96 ، ح 360 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 48 ، ح 7308 .
130- . مسند الشافعي ، ص 155 _ 156 ؛ مسند أحمد ، ج 3 ، ص 411 ؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 2 ، ص 210، ح 1192 .
131- . سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 189 ، ذيل ح 305 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 205 ؛ المحلّى ، ج 4 ، ص 101 .
132- . مسند أحمد ، ج 5 ، ص 101 و 108 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 40 ؛ سنن النسائي ، ج 2 ، ص 166 ؛ السنن الكبرى له أيضا ، ج 1 ، ص 337 ، ح 1052 .
133- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 295 ، ح 1189 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 111 ، ح 8478 .
134- . صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 1907 (حمم) .
135- . في هامش الأصل : «أي في نوافله» .
136- . البقرة (2) : 285 _ 286 .
137- . آل عمران (3) : 190 _ 194 .
138- . الأعراف (7) : 54 _ 56 .
139- . الأنعام (6) : 100 _ 103 .
140- . الحشر (59) : 21 _ 24 .
141- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 73 _ 74 ، ح 272 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 63 ، ح 7353 .
142- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 74 _ 75 ، ح 276 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 318 ، ح 1186 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 67 ، ح 7364 .
143- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 75 ، ح 278 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 319 ، ح 1188 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 67 ، ح 7363 .
144- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 75 ، ح 277 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 318 ، ح 1187 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 68 ، ح 7366 .
145- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 281 ، ط قديم .
146- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 319 ، ذيل ح 1187 .
147- . الانتصار ، ص 144 .
148- . حكاه عنه الشهيد في الذكرى ، ج 3 ، ص 287 و 349 ؛ والدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 174 ، الدرس 40 .
149- . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 2 ، ص 235 .
150- . المعتبر ، ج 2 ، ص 186 .
151- . حكاه عنه في الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 174 ، الدرس 40 ، والمدارك ، ج 3 ، ص 372 .
152- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 374 .
153- . المقنعة ، ص 105 ، وفيه : «وإخوانهم النصّاب» .
154- . ذا هو الظاهر، وفي الأصل : «اسم فعل اللّهم بمعنى استجب» .
155- . الانتصار ، ص 144 .
156- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 281 .
157- . الخلاف ، ج 1 ، ص 334 .
158- . مسند أحمد ، ج 5 ، ص 447 و 448 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 70 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 360 ؛ المصنّف ، ج 2 ، ص 321 ، الباب 268 من كتاب الصلاة ، ح 3 ؛ الآحاد والمثاني ، ج 3 ، ص 82 ، ح 1398 ؛ المعجم الكبير ، ج 19 ، ص 402 _ 403 .
159- . هذا هو الظاهر ، وفي الأصل : «لإبطال» .
160- . الغنية ، ص 81 _ 82 .
161- . المعتبر ، ج 2 ، ص 185 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 373 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 1 ، ص 528 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 528 .
162- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 233 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 284 ؛ سنن النسائي ، ج 2 ، ص 144 ؛ والسنن الكبرى له أيضا ، ج 1 ، ص 322 ، ح 999 ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 2، ص 97، ح 2645 ؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 1، ص 289 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 5 ، ص 106 _ 107 ، ح 1804 ، و ما بين الحاصرتين من المصادر .
163- . مسند الشافعي ، ص 37 و 212 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 190 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 17 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 212 ، ح 936 ؛ سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 158 ، ح 250 ؛ سنن النسائي ، ج 2 ، ص 144 ؛ السنن الكبرى له أيضا ، ج 1 ، ص 322 ، ح 1000 ؛ المستدرك للحاكم ، ج 1 ، ص 219 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 55 و 57 ؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 1 ، ص 286؛ وج 3، ص 37.
164- . سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 329 ؛ المعجم الكبير ، ج 22 ، ص 21 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 212 ، ح 932 .
165- . اُنظر : المعتبر ، ج 2 ، ص 187 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 163 ؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج 3 ، ص 335 ، ترجمة أبي هريرة ؛ الفائق ، ج 1 ، ص 91 ، باب الباء مع الراء ؛ معجم البلدان ، ج 1 ، ص 348 (البحرين) ؛ فتوح البلدان ، ج 1 ، ص 100 .
166- . هذا هو الظاهر ، و في الأصل : «لما خفت» ، و في المصدر : «لما خفي» .
167- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 281 ، ط قديم .
168- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 296 ، ح 1192 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 317 ، ح 1181 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 52 ، ح 7320 .
169- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 17 ، ذيل ح 1181 .
170- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 65 .
171- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 354 _ 355 .
172- . جوابات المسائل الموصليّات (رسائل المرتضى ، ج 1 ، ص 220) .
173- . النهاية ، ص 75 _ 76 .
174- . قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 272 .
175- . هو الحديث 21 من هذا الباب من الكافي .
176- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 69 _ 70 ، ح 253 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 50 ، ح 7312 .
177- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 70 ، ح 257 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 316 ، ح 1179 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 51 ، ح 7316 .
178- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 73 ، ح 268 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 50 ، ح 7314 .
179- . تقدّم آنفا .
180- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 276 ط قديم .
181- . هو الحديث 21 من هذا الباب من الكافي .
182- . النهاية ، ص 75 _ 76 .
183- . قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 272 .
184- . المبسوط ، ج 1 ، ص 107 .
185- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 72 ، ح 266 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 317 ، ح 1182 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 54 ، ح 7326 .
186- . المعتبر ، ج 2 ، ص 188 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 149 ، ولم ينسب فيهما المفضّل إلى أبيه .
187- . مجمع البيان ، ج 10 ، ص 449 تفسير سورة قريش ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 55 ، ح 7330 .
188- . الفقيه ، ج 1 ، ص 306 ، ذيل ح 921 .
189- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 317 ، ذيل ح 1182 .
190- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 276 ط قديم .
191- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 187 .
192- . الانتصار ، ص 146 ، المسألة 43 .
193- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 371 ، وعبارته هكذا : «ولايفصل بينهما ببسم اللّه الرحمن الرحيم» .
194- . التبيان ، ج 10 ، ص 371 ، تفسير سورة الانشراح .
195- . مجمع البيان ، ج 10 ، ص 449 ، تفسير سورة قريش .
196- . في النسخ : «دلّا» .
197- . المائدة (5) : 2 .
198- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 276 ط قديم .
199- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 72 ، ح 265 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ، ص 54 _ 55 ، ح 7328 .
200- . مجمع البيان ، ج 10 ، ص 449 ، في تفسير سورة قريش ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 55 ، ح 7331 .
201- . اُنظر : مجمع البيان ، ج 1 ، ص 50 ؛ التبيان ، ج 1 ، ص 25 ؛ جامع البيان ، ج 1 ، ص 74 .
202- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 162 ، ح 636 ؛ وص 297 ، ح 1195 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 313 ، ح 1164 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 93 ، ح 7431 .
203- . صحيح المسلم ، ج 2 ، ص 48 . وقوله : «فقمن» بمعنى جدير .
204- . اُنظر: المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 414 و 433 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 105 _ 106 ؛ شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 4 ، ص 197 .
205- . الإسراء (17) : 110 .
206- . مجمع البيان ، ج 6 ، ص 304 .
207- . هو الحديث السادس من هذا الباب .
208- . هو الحديث 15 من هذا الباب .
209- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 277 .
210- . حكاه عنهما المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 178 .
211- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 162 ، ح 636 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 313 ، ح 1164 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 85 ، ح 7411 .
212- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 288 ، ح 1155 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 311 ، ح 1157 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 58 ، ح 7339 .
213- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 289 ، ح 1161 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 314 ، ح 1165 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 77 ، ح 7393 .
214- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 97 و365 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 321 ، ح 1196 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 97 _ 98 ، ح 7443 ؛ و ص128 ، ح 7524 .
215- . الفقيه ، ج 1 ، ص 344 ، ح 1003 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 162 ، ح 635 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 313 ، ح 1163 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 86 ، ح 7412 .
216- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 68 ، ح 246 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 310 _ 311 ، ح 1154 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 57 ، ح 7336 ؛ و ص 134 ، ح 7543 .
217- . في المصدر : «القراءة» بدل «القرآن» .
218- . المثبت من المصدر ، و في الأصل : «... بالقراءة لهم ليبيّن فضله» .
219- . علل الشرائع ، ج 2 ، ص 322 _ 323 ، الباب 12 ، ح 1 .
220- . الفقيه ، ج 1 ، ص 309 ، ح 924 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 83 ، ح 7407 .
221- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 370 ط قديم .
222- . اُنظر : رجال النجاشي ، ص 359 ، الرقم 965 ؛ رجال الطوسي ، ص 281 ، الرقم 4059 ؛ إيضاح الاشتباه ، ص 268 ، الرقم 576 ؛ خلاصة الأقوال ، ص 262 ، الرقم 121 .
223- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 277 .
224- . عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 2 ، ص 194 _ 197 ، الباب 44 ، ح 5 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 85 ، ح 7410 .
225- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 97 ، ح 362 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 125 ، ح 7517 .
226- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 296 ، ح 1192 .
227- . الخلاف ، ج 1 ، ص 371 _ 372 ، المسألة 130 .
228- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 277ط قديم .
229- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 162 ، ح 636 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 313 ، ح 1164.
230- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 97 ، ح 365 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 321 ، ح 1196 .
231- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 313 _ 314 ، ح 1165 ؛ فإنّه جعل عنوان الباب «باب الجهر في النوافل بالنهار» .
232- . الذكرى ، ج 3 ، ص 320 ، المسألة الثانية عشرة من مسائل القراءة .
233- . المصدر المتقدّم .
234- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 357 .
235- . كتاب فضل العلم من الكافي ، باب اختلاف الحديث ، ح 10 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 6 ، ص 218 ، ح 514 ؛ وسائل الشيعة ، ج 27 ، ص 106 ، ح 33334 .
236- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 358 .
237- . كان بالأصل : «الطبري» ، فصوّبناه .
238- . مجمع البيان ، ج 6 ، ص 304 . وحكاه الزمخشري في الكشّاف ، ج 2 ، ص 470 .
239- . مجمع البيان ، ج 6 ، ص 304 .
240- . مجمع البيان ، ج 6 ، ص 304 .
241- . الإسراء (17) : 106 .
242- . الأعراف (7) : 110 .
243- . اُنظر: التبيان ، ج 6 ، ص 534 ؛ زبدة البيان ، ص 129_130 .
244- . حكاه عنه العلّامة في منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 277 ط قديم . وانظر : المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 1 ، ص 683 .
245- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 277 . وانظر : المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 390 ، بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 166 ؛ البحر الرائق ، ج 2 ، ص 170 ؛ حاشية ردّ المختار ، ج 1 ، ص 505 .
246- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 277 .
247- . عوالي اللآلي ، ج 2 ، ص 54 ، ح 143 . وتجد ما بمعناه في الكافي ، باب من يريد السفرأ ويقدم من سفر ... ، ح 7 .
248- . النهاية ، ص 76 .
249- . الخلاف ، ج 1 ، ص 331 ، المسألة 83 .
250- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 105 .
251- . الذكرى ، ج 3 ، ص 332 .
252- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 32) .
253- . السرائر ، ج 1 ، ص 218 .
254- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 155 ، وقال : أفتى بذلك في كتاب الأحمدي .
255- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 155 .
256- . الكافي في الفقه ، ص 117 .
257- . المهذّب ، ج 1 ، ص 92 .
258- . الفقيه ، ج 1 ، ص 308 .
259- . هو الحديث 20 من هذا الباب من الكافي .
260- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 68 ، ح 246 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 310 _ 311 ، ح 1154 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 57 ، ح 7336 .
261- . في هامش الأصل : «في باب كيفيّة من أبواب الزيادات من التهذيب [ج 2 ، ص 289 ، ح 1158] ، منه رحمه الله» ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 75 ، ح 7386 ، و ص 134 ، ح 7545 .
262- . في هامش الأصل : «يعني الشيطان الّذي هو موكّل على الإمام ، منه رحمه الله» .
263- . في المصدر : «ينصرفوا» بدل «يفرغوا» .
264- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 290 ، ح 1162 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 75 ، ح 7387 .
265- . عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 2 ، ص 194 _ 197 ، الباب 44 ، ح 5 .
266- . مصباح المتهجّد ، ص 788 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 6 ، ص 52 ، ح 122 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 478 ، ح 19643 .
267- . اُنظر : مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 155_156 .
268- . السرائر ، ج 1 ، ص 218 .
269- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 68_69 ، ح 249 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 312 ، ح 1161 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 61 ، ح 7349 .
270- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 68 ، ح 248 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 312 ، ح 1160 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 60 _ 61 ، ح 7348 .
271- . حكاه عنه في الذكرى ، ج 3 ، ص 333 .
272- . الخلاف ، ج 1 ، ص 632 ، المسألة 407 .
273- . الفقيه ، ج 1 ، ص 308 ، ذيل ح 922 .
274- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 269 .
275- . الفقيه ، ج 1 ، ص 418 ، ح 1133 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 14_ 15 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 416 ، ح 1594 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 160 ، ح 8620 ؛ وص 270_271 ، ح 7935 .
276- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 14 ، ح 49 ؛ الكافي ، باب القراءة يوم الجمعة وليلتها في الصلوات ، ح 3 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 155 ، ح 7603 .
277- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 15 ، ح 51 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 416 ، ح 1595 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 161 ، ح 7625 .
278- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 15 ، ح 52 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 416 ، ح 1596 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 161 ، ح 7626 .
279- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 164 .
280- . المعتبر ، ج 2 ، ص 176 .
281- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 15 ، ح 53 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 416 ، ح 1597 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 161 ، ح 7627 .
282- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 162 .
283- . حكاه عن ابن إدريس في السرائر ، ج 1 ، ص 298 .
284- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 190 ، ح 753 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 99_100 ، ح 7448 .
285- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 242 ، ح 651 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 153 ، ح 7598 .
286- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 293 ، ح 1180 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 101 ، ح 7451 .
287- . السرائر ، ج 1 ، ص 297 .
288- . نهاية الإحكام ، ج 2 ، ص 478_479 .
289- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 278_279 .
290- . الكافي ، باب القراءة يوم الجمعة وليلتها في الصلوات ، ح 6 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 241_243 ، ح 649 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 152_153 ، ح 7596 .
291- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 242 ، ح 651 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 153 ، ح 7598 .
292- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 242 ، ح 650 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 153 ، ح 7597 .
293- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 280 .
294- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 8 ، ح 22 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 415 ، ح 1589 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 159 ، ح 7619 .
295- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 280 .
296- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 96 ، ح 356 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 115 ، ح 7490 .
297- . نفس المصدر ، ح 357 ؛ و ح 7489 من الوسائل .
298- . مسند أحمد ، ج 5 ، ص 130 ؛ تأويل مختلف الحديث ، ص 30 ؛ الإتقان ، ج 1 ، ص 214 .
299- . الذكرى ، ج 3 ، ص 356 .
300- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 200 ؛ سنن النسائي ، ج 2 ، ص 158 ؛ والسنن الكبرى له أيضا ، ج 1 ، ص 330 ، ح 1026 ؛ المعجم الكبير ، ج 17 ، ص 350_351 . وكان في الأصل : «قال لي أبو عبداللّه عليه السلام » ، فصوّبناه حسب المصادر .
301- . مسند أحمد ، ج 4 ، ص 144 و 151 و 152 ؛ سنن الدارمي ، ج 2 ، ص 462 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 200 ؛ سنن الترمذي ، ج 4 ، ص 244 ، ح 3066 ؛ و ج 5 ، ص 122 ، ح 3426 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 394 .
302- . شرح اُصول الكافي للمازندراني ، ج 11 ، ص 65 ؛ تحفة الأحوذي ، ج 8 ، ص 173 ؛ فيض القدير ، ج 3 ، ص 73 .
303- . شرح اُصول الكافي للمازندراني ، ج 11 ، ص 65 .
304- . المصدر المتقدّم ؛ فيض القدير ، ج 3 ، ص 74 .

ص: 25

. .

ص: 26

. .

ص: 27

. .

ص: 28

. .

ص: 29

. .

ص: 30

. .

ص: 31

. .

ص: 32

. .

ص: 33

. .

ص: 34

. .

ص: 35

. .

ص: 36

. .

ص: 37

. .

ص: 38

. .

ص: 39

. .

ص: 40

. .

ص: 41

. .

ص: 42

. .

ص: 43

. .

ص: 44

. .

ص: 45

. .

ص: 46

. .

ص: 47

. .

ص: 48

. .

ص: 49

. .

ص: 50

. .

ص: 51

. .

ص: 52

. .

ص: 53

. .

ص: 54

. .

ص: 55

. .

ص: 56

. .

ص: 57

. .

ص: 58

. .

ص: 59

. .

ص: 60

. .

ص: 61

. .

ص: 62

. .

ص: 63

. .

ص: 64

. .

ص: 65

. .

ص: 66

. .

ص: 67

. .

ص: 68

. .

ص: 69

. .

ص: 70

. .

ص: 71

. .

ص: 72

. .

ص: 73

باب عزائم السجود

باب عزائم السجودقال الشيخ في الخلاف : «سجدات القرآن خمسة عشر موضعا ، أربعة منها فرض على ما قلناه ». (1) مشيرا إلى الأربعة المذكورة في كلامه السابق ، فقد قال قبل ذلك : سجود التلاوة في جميع القرآن مسنون مستحبّ إلاّ أربع مواضع، فإنّها فرض، وهي : سجدة لقمان ، وحم السجدة ، والنجم ، واقرأ باسم ربّك ، وما عداها مندوب للقارئ والمستمع . وقال الشافعيّ : الكلّ مسنون ، وبه قال عمر وابن عبّاس ومالك والأوزاعيّ ، وقال أبو حنيفة : الكلّ واجب على القاري والمستمع . (2) ثمّ قال : تفصيلها _ يعنى تفصيل الخمسة عشر موضعا _ : في آخر الأعراف ، و في الرعد ، وفي النحل ، وفي بني إسرائيل ، وفي مريم وفي الحجّ سجدتان، وفي الفرقان : «وزادهم نفورا» ، وفي النمل، وفي ألم تنزيل ، وفي حم السجدة ، وفي (ص) ، وفي النجم ، وفي انشقّت ، وفي «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ» . وبه قال أبو إسحاق وأبو العبّاس بن سريج . وقال الشافعيّ في الجديد : وسجود القرآن أربعة عشر كلّها مسنونة ، وخالف في (ص) وقال : إنّه سجود شكر لا يجوز فعله في الصلاة . وقال في القديم : أحد عشر سجدة ، فأسقط سجدات المفصّل ، وهي : سجدة النجم ، وانشقت ، واقرأ باسم ربّك . وبه قال ابن عبّاس واُبي بن كعب وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيّب وسعيد بن جبير والحسن البصريّ ومجاهد ومالك . وقال أبو حنيفة : أربع عشر سجدة ، فأسقط الثانية في الحجّ، وأثبت سجدة من (ص). (3) انتهى . واختلف الأصحاب في وجوب هذه السجدات الأربع بمجرد السماع بعد ما أجمعوا على وجوبها بالتلاوة . والسماع : الاستماع ، ذهب إليه الأكثر ، بل ادّعى ابن إدريس عليه الإجماع . (4) ويدلّ عليه ما رواه المصنّف من خبري أبي بصير ، (5) وخبر أبي عبيدة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن الطامث تسمع السجدة ، فقال : «إذا كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها». (6) والأظهر تخصيص هذه الأخبار بالمستمع ؛ لما رواه المصنّف في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان ، (7) وهو ظاهر ما نقلناه عن الشيخ ، وظاهر العلّامة في القواعد حيث قال في أحكام الحائض : «لو تلت السجدة أو استمعت سجدت ». (8) وقال المحقّق الشيخ عليّ في شرحه : «يفهم منه عدم وجوب السجدة بالسماع ، وقد صرّح في هذا الموضع » (9) وبه قال واستقواه والدى طاب ثراه . هذا ، والأخبار المذكورة تدلّ على عدم اشتراط هذه السجدة بالطهارة ، ويؤيّدها الأصل ، وهو مذهب الشيخ . وقال في النهاية : «ولا يجوز للحائض أن تسجد ». (10) واحتجّ عليه بما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه في الموثّق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة؟ قال : «لاتقرأ ولا تسجد» . (11) وحمل في كتابي الأخبار الأوّلة على الاستحباب ، والأخير على جواز الترك، واستبعده العلّامة في المختلف لخروجه عن القولين . (12) وقال طاب ثراه : ولعلّ وجه الخروج أنّ القائل بعدم الاشتراط يوجب السجود ، والقائل بالاشتراط لا يجوّزه. ويتعدّد السجود بتكرّر موجبه ولو في مجلس واحد؛ لوجوب تكرّر المسبّبات بتكرّر الأسباب إلّا ما استثني . ولما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن الرجل يعلّم السورة من العزائم ، فتعاد عليه مرارا في المقعد الواحد ، قال : «عليه أن يسجد كلّما سمعها ، وعلى الّذي يعلّمه أيضا أن يسجد». (13) ثمّ المشهور عدم جواز قراءة العزائم في الفرائض ؛ لاستلزامه إمّا زيادة السجود فيها عمدا، أو ترك السجود المأمور به ؛ لما رواه المصنّف عن زرارة ، (14) وما رواه الشيخ عن سماعة ، قال : «من قرأ : اقرأ باسم ربّك ، فإذا ختمها فليسجد ، فإذا قام فليقرأ فاتحة الكتاب وليركع ، وإن ابتليت مع إمام لا يسجد فيجزيك الإيماء والركوع ، ولا تقرأ في الفريضة ، اقرأ في التطوّع» . (15) وعدم صحّتهما لاشتمال الأوّل على القاسم بن عروة، وهو مجهول الحال ، (16) وعلى ابن بكير وهو كان فطيحا وإن كان موثّقا ، (17) والثاني على عثمان بن عيسى وسماعة ، وهما كانا واقفيّين وإن كان الأوّل ممدوحا (18) والثاني موثّقا ، (19) منجبر بعمل الأصحاب . وعن ابن الجنيد أنّه قال بالجواز ، وأنّه في النافلة يسجد في موضع القراءة ، وفي الفريضة يومي عند بلوغ آية السجدة ، فإذا فرع قرأها وسجد . (20) وقيل: عند بلوغها الإيماء مع ترك قراءتها مستندا بقوله : «فإذا فرغ قرأها وسجد». (21) وهذا التوجيه غير بعيد على مذهبه ، فإنّه لا يوجب قراءة السورة ، فالظاهر أنّه يجوّز التبعيض ، ولم أجد نصّا على التفصيل الّذي ذكره لو حمل على ظاهره . نعم ، روى الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال : سألته عن إمام قرأ السجدة فأحدث قبل أن يسجد ، كيف يصنع؟ قال : «يقدّم غيره فيتشهّد ويسجد وينصرف هو وقد تمّت صلاتهم». (22) ولا يبعد حمل الإمام فيها على إمام من أهل الخلاف ، فيكون المأموم مصلّيا لنفسه قارئا في نفسه . وفي خبره الآخر : أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن الرجل يقرأ في الفريضة سورة والنجم ، أيركع بها أو يسجد ثمّ يقوم فيقرأ بغيرها؟ قال : «يسجد ثمّ يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ويركع ، ولا يعود يقرأ في الفريضة بسجدة» . (23) ولا يبعد حملها على جاهل المسألة وكونه معذورا ، كما يشعر به آخر الخبر . ومن جوّز الاقتصار على بعض السورة أو الزيادة عليها فالظاهر جواز قراءتها عندهم إلى آية السجدة وتركها بلا بدل ، أو الرجوع إلى سورة اُخرى . وقد وردا في موثّق عمّار الساباطيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسمع السجدة في الساعة الّتي لا يستقيم الصلاة فيها قبل غروب الشمس وبعد صلاة الفجر ، فقال : «لا يسجد» ، وعن الرجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم ، فقال : «إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرأها ، وإن أحبّ أن يرجع فيقرأ سورة غيرها ويدع الّتي فيها السجدة وفيرجع إلى غيرها»، وعن الرجل يصلّي مع قوم لا يقتدى بهم فيصلّي لنفسه، وربّما قرأوا آية من العزائم فلا يسجدون فيها ، فكيف يصنع؟ قال : «لا يسجد». (24) وأمّا النافلة فيجوز قراءة تلك العزائم فيها ، ويسجد لها في محلّه . ويدلّ عليه بعض ما تقدّم من الأخبار ، وخصّ بها عموم ما رواه المصنّف في الحسن عن الحلبيّ، (25) وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهم السلام ، قال : سألته عن الرجل يقرأ السجدة فينساها حتّى يركع ويسجد ، قال : «يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم» . (26) وعن وهب بن وهب، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه، عن عليّ عليهم السلام أنّه قال : «إذا كان آخر السورة السجدة أجزاك أن تركع بها» . (27) ويؤيّدها أصالة الجواز من غير نصّ على المنع. قوله في خبر سماعة عن أبي بصير : (إن صلّيت مع قوم فقرأ الإمام) إلخ . [ح 4 /5010] لعلّ المراد بذلك الإمام الّذي لا يعدّ بعض العزائم عزائم ، ولا يوجب السجود لآية سجدتها ، ويقرأ هذا العزيمة ، وقد سبق أنّ بعضهم لا يوجبون سجدة النجم واقرأ باسم ربّك ، وإلاّ فهم يوجبون السجود الواجب في محلّه ، ولا يجيزون تأخيره إلى الفراغ من الصلاة ، وهذا التأويل لابدّ منه في خبري سماعة وعمّار المتقدّمين. قوله في حسنة الحلبيّ : (ثمّ يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثمّ يركع) .[ ح 5 / 5011] لعلّ إعادة الفاتحة من باب الندب ؛ ليكون الركوع عن قراءة.

.


1- . الخلاف ، ج 2 ، ص 427 ، المسألة 176 .
2- . فتح العزيز ، ج 4 ، ص 185 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 652 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 778 ؛ المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 58 و 61 ؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 235 ؛ عمدة القاري ، ج 7 ، ص 95 .
3- . الخلاف، ج 1، ص 427 _ 428، المسألة 176. وانظر: فتح العزيز، ج 4 ، ص 185 ؛ المجموع، ج 4 ، ص 59 _ 60 ؛ بدائع الصنائع، ج 1، ص 193؛ المغني، ج1، ص 648 ؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 787؛ بداية المجتهد، ج 1، ص 179.
4- . السرائر ، ج 1 ، ص 226 .
5- . هما ح 2 و 4 من هذا الباب من الكافي .
6- . الحديث الثالث من باب الحائض والنفساء تقرآن القرآن . ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 129 ، ح 353 ؛ والاستبصار ، ج 1 ، ص 115 ، ح 385 ؛ وسائل الشيعة ، ج 2 ، ص 340 ، ح 2308 .
7- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
8- . قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 216 .
9- . جامع المقاصد ، ج 1 ، ص 319 .
10- . النهاية ، ص 25 .
11- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 292 ، ح 1172 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 320 ، ح 1193 ؛ وسائل الشيعة ، ج 2 ، ص 341 ، ح 2311 .
12- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 170 .
13- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 293 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 245 ، ح 785 .
14- . هو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
15- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 292 ، ح 1174 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 320 ، ح 1191 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 102 ، ح 7455 .
16- . في رجال ابن داود ، ص 153 ، الرقم 1214 : « ... كان وزير أبي جعفر المنصور ، ممدوح» . وغيره لم يذكر فيه ذلك واكتفوا بترجمته .
17- . اختيار معرفة الرجال ، ج 2 ، ص 635 ، الرقم 639 ؛ الفهرست ، ص 173 ، الرقم 461 .
18- . اُنظر : رجال النجاشي ، ص 300 ، الرقم 817 ؛ اختيار معرفة الرجال ، ج 2 ، ص 860 ، ح 1117 .
19- . رجال النجاشي ، ص 193 ، الرقم 517 .
20- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 175 .
21- . اُنظر : مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 353 .
22- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 293 ، ح 1178 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 106 ، ح 7464 .
23- . قرب الإسناد ، ص 202 ، ح 776 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 106 ، ح 7463 .
24- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 293 ، ح 1177 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 105 _ 106 ، ح 7462 ، وص 243 ، ح 7845 .
25- . هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
26- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 292 _ 293 ، ح 1176 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 104 ، ح 7459 .
27- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 292 ، ح 1173 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 319 ، ح 1190 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 102 ، ح 7456 .

ص: 74

. .

ص: 75

. .

ص: 76

. .

ص: 77

. .

ص: 78

باب القراءة في الركعتين الأخيرتين والتسبيح فيهما

باب القراءة في الركعتين الأخيرتين والتسبيح فيهماأجمع أهل العلم على عدم وجوب قراءة سورة زائدة على الحمد في الثالثة من المغرب وفي الأخيرتين من الرباعيّات ، وعلى عدم استحبابها أيضا ، إلّا ما نقل في العزيز عن الشافعيّ من أنّه استحبّ في الجديد أقصر سورة محتجّا بما روى عن أبي سعيد الخدريّ: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الاُوليين في كلّ ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الأخيرتين قدر خمسة عشر آية، وفي العصر في الركعتين الاُوليين في كلّ ركعة قدر خمس عشرة آية، وفي الأخيرتين قدر نصف ذلك. (1) وأجمع الأصحاب على ما ادّعى في الذكرى (2) على تخيير المصلّي في تلك الركعات بين قراءة الحمد وحدها والتسبيح مطلقا، إماما كان أو منفردا. ويدلّ عليه _ زائدا على ما رواه المصنّف _ ما رواه الشيخ في الصحيح عن يوسف بن عقيل، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا صلّى يقرأ في الاُوليين من صلاته الظهر سرّا، ويسبّح في الاُخريين من صلاته الظهر على نحو من صلاته العشاء، وكان يقرأ في الاُوليين من صلاته العصر سرّا و يسبّح فيالاُخريين على نحو من صلاته العشاء، وكان يقول: إنّ أوّل صلاة أحدكم الركوع». (3) وفي الصحيح عن عبيد بن زرارة، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر، قال: «تسبّح وتحمد اللّه وتستغفر لذنبك، وإن شئت فاتحة الكتاب، فإنّها تحميد ودعاء». (4) وفي الصحيح عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «يجزيك التسبيح في الاُخريين»، قلت: أيّ شيء تقول أنت؟ قال: «أقرأ فاتحة الكتاب». (5) وعن محمّد بن حكيم، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام :أيّما أفضل القراءة في الركعتين الأخيرتين أو التسبيح؟ فقال: «القراءة أفضل». (6) وعن عليّ بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين، ما أصنع فيهما؟ فقال: «إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب، وإن شئت فاذكر اللّه ، فهو سواء»، فقلت: أيّ ذلك أفضل؟ قال: «هما واللّه سواء، فإن شئت سبّحت، وإن شئت قرأت». (7) وفي الصحيح عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا كنت إماما فاقرأ في الركعتين الأخيرتين فاتحة الكتاب، وإن كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل». (8) وفي الصحيح عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا قمت في الركعتين الأخيرتين لا تقرأ فيهما فقل: الحمد للّه وسبحان اللّه ولا إله إلّا اللّه ». (9) وعن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «أدنى ما يجزي من القول في الركعتين الأخيرتين ثلاث تسبيحات، يقول: سبحان اللّه ، سبحان اللّه ، سبحان اللّه ». (10) وقد تقدّم فيما رويناه عن محمّد بن عمران، فقلت: لأيّ شيء صار التسبيح في الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال: «لأنّه لمّا كان في الأخيرتين ذكر ما يظهر من عظمة اللّه عزّ وجلّ فدهش وقال: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر». (11) وفي الذكرى (12) : وقال ابن بابويه: قال الرضا عليه السلام : «إنّما جعلت القراءة في الركعتين الأوّلتين والتسبيح في الأخيرتين للفرق بين ما فرض اللّه تعالى من عنده وبين ما فرضه من عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله ». (13) وعن فقه الرضا عليه السلام أنّه قال: «واقرأ في الركعتين الأخيرتين إن شئت الحمد وحده، وان شئت سبّحت ثلاث مرّات». (14) و روى العامّة عن عليّ عليه السلام قال: «اقرأ في الأوّلتين وسبّح في الأخيرتين». (15) وقد سبق في خبر رجاء بن أبي الضحّاك، (16) وسيأتي في بعض أخبار اُخرى. وإطلاق ما ذكر من الأخبار يقتضي التخيير ولو كان مسبوقا غير مدرك للركعتين الأوّلتين مع الإمام. ويؤكّده ما رواه الصدوق في الفقيه في الصحيح عن عمر بن اُذنية، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا أدرك الرجل بعض القراءة وفاته بعض خلف إمام يحتسب بالصلاة خلفه جعل ما أدرك أوّل صلاته إن أدرك من الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة ركعتين وفاتته ركعتان قرأ في كلّ ركعة ممّا أدرك خلف الإمام في نفسه باُمّ الكتاب، فإذا سلّم الإمام قام فصلّى الأخيرتين لا يقرأ فيهما، إنّما هو تسبيح وتحليل ودعاء ليس فيهما قراءة، وإن أدرك ركعة قرأ فيها خلف الإمام، فإذا سلّم الإمام قام فقرأ ام الكتاب ثمّ قعد فتشهد، ثمّ قام فصلّى ركعتين ليس فيهما قراءة». (17) واختلفوا في مقامين: الأوّل: في الأفضليّة، ثمّ في الأفضل، فظاهر الشيخ في النهاية (18) والمبسوط (19) تساويهما مطلقا، حيث حكم بالتخيير بينهما من غير تعريض لتفضيل أحدهما. وقد قيل مثل ذلك في الجمل (20) على ما نقل عنه. (21) ويدلّ عليه خبر عليّ بن حنظلة (22) المتقدّم، وذهب الصدوق إلى أنّ التسبيح أفضل مطلقا، كما سيظهر ممّا نحكيه عن الفقيه، (23) وهو منسوب إلى أبيه أيضا، (24) وسنروي كلامه. ويدلّ عليه بعض ما تقدّم من الأخبار، ومداومة الرضا عليه السلام عليه على ما سبق في خبر رجاء، (25) وما سيأتي من صحيح حريز. (26) وقال الشهيد في اللمعة: «والحمد أولى»، (27) وهو عامّ للإمام والمنفرد. ويدلّ عليه خبر معاوية بن عمّار، (28) وما رويناه من صحيحة عبد اللّه بن سنان (29) ومحمّد بن حكيم. (30) وفصّل جماعة بين الإمام والمنفرد، ففضّل الشهيد في الدروس (31) القراءة في الأوّل والتسبيح في الثاني، وفضّل الشيخ في الاستبصار (32) القراءة في الأوّل وسوّى بينهما في الثاني، وبذلك جمعا بين الأخبار تفصيلاً للقراءة للإمام؛ لدلالة ما رواه المصنّف عن معاوية بن عمّار، (33) وما رويناه من صحيحة منصور بن حازم (34) عليه. ويؤيّدهما أنّه قد يكون في المأمومين مسبوق غير مدرك للركعتين الأوّلتين مع الإمام، فلو سبّح في الأخيرتين لما أدرك القراءة أصلاً. ولهذا فصّل ابن الجنيد في الإمام أيضا، فقال _ على ما نقل عنه في المختلف _ : يستحبّ للإمام المتيقّن أنّه لم يدخل في صلاته أحد ممّن سبقه بركعة من صلاته، ولم يدخل أن يسبّح في الأخيرتين ليقرأ فيها من لم يقرأ في الاُوليين من المأمومين، وإن علم بدخوله أو لم يأمن ذلك قرأ فيهما الحمد؛ ليكون أوّل صلاة الداخل بقراءة، والمأموم يقرأ فيهما والمنفرد يجزيه أيّهما فعل. (35) والظاهر أفضليّة القراءة لمن سها عنها في الاُوليين؛ لما رواه الحسين بن حمّاد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: قلت له: أسهو عن القراءة في الركعة الاُولى، قال: «اقرأ في الثانية» قلت: أسهو في الثانية، قال: «اقرأ في الثالثة»، قلت: أسهو في صلاتي كلّها، قال: «إذا حفظت الركوع والسجود تمّت صلاتك». (36) ويؤيّده صحيحة محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الّذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته، قال: «لا صلاة له إلّا أن يقرأ بها في جهر أو إخفات». (37) وإنّما حملناه على الفضل مع أنّ ظاهره الوجوب لصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: قلت: الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوّلتين فيذكر في الركعتين الأخيرتين أنّه لم يقرأ، قال: «أتمّ الركوع و السجود؟» قلت: نعم، قال: «إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها». (38) وهذا هو المشهور بين الأصحاب، منهم الشيخ في الخلاف حيث قال: «فإن نسي القراءة في الأوّلتين قرأ في الأخيرتين»، (39) بل نسب العلّامة في المختلف إليه تعيّن القراءة حينئذٍ مستندا بعين هذه، واحتجّ عليه بما رويناه من الخبرين الأوّلين. (40) وحكى التخيير هنا أيضا عن جماعة منهم الشيخ في المبسوط (41) وابن أبي عقيل، واختاره محتجّا بصحيحة معاوية بن عمّار المذكورة. وأجاب عن خبر [حسين بن] حمّاد بأنّ طريق حديثنا _ يعنى خبر معاوية بن عمّار _ صحيح، وهذا يحتاج إلى تصحيح طريقه، ومع ذلك فنحن نقول بموجبه؛ إذ الأمر بالقراءة لا ينافي التخيير، فإنّ الواجب المخيّر مأمور به. وعن صحيحة محمّد بن مسلم بأنّه غير معمول به؛ إذ القراءة ليست ركنا، فيحمل على ترك الفاتحة عمدا. (42) والّذي يظهر ممّا ذكر من الأخبار والجمع بينها رجحان التسبيح للمنفرد ورجحان القراءة للإمام لا سيما إذا علم أنّ في المأمومين مسبوقا. لا يقال: قد ورد النهي عن القراءة في صحيحة الحلبيّ المتقدّم (43) وظاهره التحريم، وهو مطلق؛ لأنّا نحمل النهي على التنزيه مقيّدا بالمنفرد. وحمله الشيخ في الاستبصار على ظاهره معتقدا بأنّ غير القراءة لا يجوز. (44) وربّما قيل: إنّ جملة: «لا تقرأ فيها» حاليّة، والمعنى إذا قمت في الركعتين الأخيرتين وأنت غير قارّ فيهما فقل كذا وكذا. هذا، وفي تعليقات المولى المرحوم المبرور مولانا عبد اللّه الشوشتريّ قدس روحه و نور اللّه مرقده على التهذيب: والّذي يحضرني في توقيعات صاحب الأمر عليه السلام الّتي ذكرها صاحب الاحتجاج: أنّ أحاديث جواز قراءة التسبيح بدل الفاتحة منسوخة ب«لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب»، وعلى هذا فالأحوط ترك النسخ. انتهى. (45) وفيه تأمّل فإنّ الأخبار المذكورة منقولة عن الأئمّة عليهم السلام ولا نسخ في عهدهم، وهو خبر واحد لا يقبل المعارضة للأخبار المتكثّرة. الثاني: في كيفيّة التسبيح وكمّيّته، فظاهر المصنّف إجزاء التسبيحات الأربع مرّة واحدة، بل تعيّنه حيث اكتفى في الباب بذكر ما يدلّ عليه، ويدلّ عليه أيضا ما رويناه عن الصدوق. لكن الخبرين ضعيفان، أمّا خبر الصدوق فلما سبق، وأمّا خبر الباب (46) فلرواية المصنّف إيّاه عن محمّد بن إسماعيل بغير واسطة، وقد مرّ مرارا أنّه البندقيّ النيشابوريّ، وهو مجهول الحال. لكن صحّحه جماعة منهم الشهيد في الذكرى، (47) والعلّامة في المختلف، (48) وهو ضعيف. وربّما احتجّ له بما نقل عن كتاب جمال الاُسبوع بإسناده الصحيح عن محمّد بن الحسن الصّفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي عبد اللّه البرقيّ يرفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال له رجل: جعلت فداك، أخبرني عن قول اللّه تبارك وتعالى وما وصف من الملائكة: «يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ» ثمّ قال: «إنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيما» ، كيف لا يفترون وهم يصلّون على النبيّ صلى الله عليه و آله ؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إنّ اللّه تبارك وتعالى لمّا خلق محمّدا أمر الملائكة، فقال: انقصوا من ذكري بمقدار الصلاة على محمّد، فقول الرجل صلّى اللّه على محمّد في الصلاة مثل قوله سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر». (49) وفيه تأمّل. ونقل في المختلف عن عليّ بن بابويه أنّه قال: وسبّح في الآخراوين، إماما كنت أو غير إمام، تقول: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه _ ثلاثا_. (50) ولعلّه أراد ثلاث تسبيحات بأن يقول المذكور مرّة واحدة بقرينة أنّه احتجّ عليه _ على ما نقل عنه _ بما رواه محمّد بن حمران، عن الصادق عليه السلام قال: «وصارالتسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة اللّه عزّوجلّ، فدهش وقال: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه ، فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة». (51) فلا يرد عليه ما أورده فيه بقوله: وليس فيه دلالة ناصّة على المراد؛ إذ لم ينصّ فيه على التسع. نعم، يردّ عليه أنّ الخبر على ما رويناه آنفا مشتمل على التكبير أيضا، فيكون دليلاً على الأربع وسنشير إليه. وحكى فيه (52) عن أبي الصلاح أنّه أوجب تسع تسبيحات. (53) ويدلّ عليه ما رواه الصدوق في الفقيه في الصحيح عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «لا تقرأنّ في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا، إماما كنت أو غير إمام» قلت: فما أقول فيهما؟ فقال: «إن كنت إماما أو وحدك فقل: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه ثلاث مرّات تكملة تسع تسبيحات، ثمّ تكبّر وتركع». (54) وما رواه في الذكرى عن حريز، عن زرارة، عن الباقر عليه السلام قال: إن كنت إماما فقل: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه ثلاث مرّات، ثمّ تكبّر وتركع». (55) ورواه ابن إدريس أيضا في السرائر (56) في الصحيح في كتاب الصلاة، وذهب الشيخ في المبسوط (57) إلى وجوب عشر تسبيحات، وهو منقول في المختلف (58) عن جمله (59) أيضا، وعن سلّار (60) وابن البرّاج، (61) وهو ظاهر ابن إدريس. (62) ويجزي المستعجل أربع وغيره عشرة. ويدلّ عليه حسنة حريز على ما رويت في باب نوادر الكتاب من السرائر. (63) وقال المفيد في المقنعة: والتسبيح فيهما أن تسبّح بعشر تسبيحات، تقول: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه ، ثمّ تعيدها ثانية و ثالثة، وتقول في آخر التسبيح الثالث: واللّه أكبر وتركع بها، وإن سبّح أربع تسبيحات في كلّ ركعة منهما فقال: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر أجزاه ذلك، ثمّ تركع بالتكبير. (64) وبذلك جمع بين الأخبار، وظاهره التخيير بين التسع والأربع وأنّ الواحدة من العشر المذكور للركوع. وقال الشيخ في النهاية: ويقول سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر ثلاث مرّات». (65) فقد أوجب اثنتى عشر تسبيحة، ورجّحه الشهيد في الذكرى، (66) وحكاه فيه (67) والعلّامة في المختلف (68) عن الاقتصاد، (69) وإليه ذهب الصدوق في الفقيه على ما في أكثر نسخه المصحّحة، حيث قال: وقل في الركعتين الأخيرتين إماما كنت أو غير إمام: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر ثلاث مرّات، وإن شئت قرأت في كلّ ركعة منهما الحمد، إلّا أنّ التسبيح أفضل. (70) ويدلّ عليه ما نقل عن فقه الرضا عليه السلام أنّه قال: «تقرأ فاتحة الكتاب وسورة في الركعتين الأوّلتين وفي الركعتين الاُخراوين الحمد وحده، وإلّا فسبّح فيهما ثلاثا ثلاثا، تقول: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر تقولها في كلّ منهما ثلاث مرّات». (71) وما تقدّم في خبر رجاء من قوله: وكان عليه السلام يسبّح في الاُخراوين، يقول: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر ثلاث مرّات، (72) وهذا الخبر و إن كان ضعيفا جدّا _ فإنّه مرويّ عن تميم بن عبد اللّه عن أحمد بن عليّ الأنصاريّ عنه ولم يتعرّض لذكر تميم أكثر أرباب الرجال، وضعّفه العلّامة في الخلاصة (73) على ما نقل عنه، وأحمد بن عليّ هذا هو أحمد بن عليّ بن مهدي بن صدقة بن هشام بن غالب بن محمّد بن عليّ الرقيّ الأنصاريّ، ورجاء بن أبي الضحّاك غير مذكور في كتب الرجال الّتي رأيناها _ ولكن عمل بمضمونه الأكثر، منهم الصدوق وحكم بصحّته، وفي شرح الفقيه (74) حكم الصدوق بصحّة الخبر مع أنّ رجاء كان شرّ خلق اللّه والساعي في قتله صلوات اللّه عليه، فيمكن ان يكون ورد إليه من طريق اُخرى صحيحة ما يؤيّده واعتمد عليه. لكن الظاهر أنّه كان عنده ثقة واعتمد عليه كما في سائر الموثّقين. وحكى في المختلف عن ابن أبي عقيل أنّه قال: السنّة في الأواخر التسبيح، وهو أن يقول: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر سبعا أو خمسا، وأدناه ثلاثا في كلّ ركعة. (75) ولم أجد مستندا له، وكأنّه حمل التسبيح هنا على التسبيح في الركوع والسجود، فتأمّل. وقد ظهر ممّا ذكر أنّ أظهر الأقوال التسع؛ لصحّة خبرها وصراحة متنه فيها. وأمّا خبر العشر فهو أيضا وإن كان صحيحا إلّا أنّ اختلاف متنه بسند واحد يوجب ضعف العمل به، ولكن لمّا كان كلّ من التسبيحات الأربع ذكرا مطلوبا في الصلاة _ لا سيّما وقد صحّ التسبيح المطلق من أخبار متعدّدة قد سبقت، بل وقع التصريح في خبر أبي بصير (76) المتقدّم بإجزاء «سبحان اللّه » ثلثا _ جاز العمل بكلّ من هذه. وقال الشهيد في اللمعة: «ويجزي في غيرهما _ يعنى غير الاُوليين _ الحمد وحدها أو التسبيح أربعا أو تسعا أو عشرا». (77) وفي شرحها: «وجه الاجتزاء بالجميع ورود النصّ الصحيح بها». (78) ولعلّه أراد بالنصّ الصحيح ما ذكرناه من ورود النصّ الصحيح بالتسبيحة المطلقة بحيث يشمل كلاً من تلك الأفراد، وإلّا فقد عرفت حال سند مستند أكثرها، فتدبّر.

.


1- . فتح العزيز ، ج 3 ، ص 355 . والحديث رواه أحمد في مسنده ، ج 3 ، ص 85 ؛ ومسلم في صحيحه ، ج 2 ، ص 37 _ 38 ؛ والبيهقي في السنن الكبرى ، ج 2 ، ص 64 .
2- . اُنظر : الذكرى ، ج 4 ، ص 457 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 97 ، ح 362 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 125 ، ح 7517 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 98 ، ح 368 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 321 ، ح 1199 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 107 _ 108 ، ح 7467 .
5- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 35 ، ح 124 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 126 ، ح 7520 .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 98 _ 99 ، ح 370 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 322 ، ح 1201 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 125 _ 126 ، ح 7518 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 98 ، ح 369 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 108 ، ح 7469 .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 99 ، ح 371 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 322 ، ح 1202 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 126 ، ح 7519 .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 99 ، ح 372 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 322 ، ح 1203 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 124 _ 125 ، ح 7515 ، وفي الجميع : «اللّه أكبر» بدل : «لا إله إلّا اللّه » .
10- . الفقيه ، ج 1 ، ص 392 ، ح 1160 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 109 ، ح 7473 .
11- . الفقيه ، ج 1 ، ص 309 ، ح 924 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 123 ، ح 7511 .
12- . الذكرى ، ج 3 ، ص 357 .
13- . الفقيه ، ج 1 ، ص 308 ، ح 923 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 38 ، ح 283، و ص 124 ، ح 77512 .
14- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 108 ؛ مستدرك الوسائل ، ج 4 ، ص 202 ، ح 4492 .
15- . المعتبر ، ص 165 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 124 ، ح 7513 .
16- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 110 ، ح 7474 .
17- . الفقيه ، ج 1 ، ص 393 ، ح 1163 . ورواه الشيخ في الاستبصار ، ج 1 ، ص 436 ، ح 1683 ؛ و تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 45 ، ح 158 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 388 ، ح 10977 .
18- . النهاية، ص 76.
19- . المبسوط ، ج 1 ، ص 106 .
20- . الجمل والعقود (الرسائل العشر ، ص 181) .
21- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 146 .
22- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 108 ، ح 7469 .
23- . الفقيه ، ج 1 ، ص 309 ، ح 924 .
24- . حكاه عنهما العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 148 .
25- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 110 ، ح 7474 .
26- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 109 ، ح 7471 .
27- . اللمعة الدمشقية ، ص 29 ؛ شرح اللمعة ، ج 1 ، ص 598 .
28- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
29- . وسائل الشيعة، ج 6، ص 126، ح 7520.
30- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 125 ، ح 7518 .
31- . الدروس الشرعيّة ، ج 1، ص 175 ، الدرس 41 .
32- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 322 ، باب التخيير بين القراءة والمتسبيح بين الركعتين الأخيرتين .
33- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
34- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 126 ، ح 7519 .
35- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 148 _ 149 .
36- . الفقيه ، ج 1، ص 344 _ 345 ، ح 1004 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 148 ، ح 579 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 355 ، ح 1342 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 93 ، ح 7430 .
37- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 146 ، ح 573 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 354 ، ح 1339 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 37 ، ح 7280 و ص 88 ، ح 7417 .
38- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 146 ، ح 571 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 354 ، ح 1337 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 92 ، ح 7428 .
39- . الخلاف ، ج 1 ، ص 341 ، المسألة 93 .
40- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 149 _ 150 ، فإنّه حكى عن المبسوط بعد القول بأولويّة القراءة فيما إذا نسي القرآن في الأوّلتين : «وقد روي أنّه إذا نسي في الأوّلتين القراءة تعيّن في الأخيرتين» . وكلامه هذا في المبسوط ، ج 1 ، ص 149 .
41- . المبسوط ، ج 1 ، ص 149 .
42- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 151 .
43- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 124 _ 125 ، ح 7515 .
44- . الاستبصار ، ج 1، ص 322 ، ح 1203 .
45- . لم أعثر عليه ، والظاهر الحاشية على التهذيب للمولى عبد اللّه بن حسين التستري الاصفهاني المتوفّي في 16 من المحرّم 1021 ، قال في الرياض : أنّها مفيدة ، وينقل عنه المحدّث الجزائري في شرحه للتهذيب . الذريعة ، ج 6 ، ص 51 ، الرقم 255 .
46- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
47- . الذكرى ، ج 3 ، ص 314 .
48- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 147 .
49- . جمال الاُسبوع ، ج 2 ، ص 146 ؛ مستدرك الوسائل ، ج 5 ، ص 329 ، ح 6012 .
50- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 146. وهذا الكلام مذكور في الهداية ، ص 135 ولم ينسبه إلى والده .
51- . الفقيه ، ج 1، ص 309 ، ح 924 .
52- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 146 .
53- . الكافي في الفقه ، ص 117 .
54- . الفقيه ، ج 1 ، ص 392 ، ح 1159 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 122 _ 123 ، ح 7509 .
55- . الذكرى ، ج 3 ، ص 314 .
56- . السرائر ، ج 1 ، ص 219 .
57- . المبسوط ، ج 1 ، ص 106 .
58- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 146 .
59- . الجمل والعقود (الرسائل العشر ، ص 181) .
60- . المراسم العلويّة ، ص 72 .
61- . المهذّب ، ج 1 ، ص 94 _ 95 ، وفيه : «أو يسبّح ثلاث تسبيحات يقول في كلّ واحدة منها: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر» .
62- . السرائر ، ج 1 ، ص 222 .
63- . اُنظر : السرائر ، ج 1 ، ص 222 .
64- . المقنعة ، ص 113 .
65- . النهاية ، ص 76 .
66- . الذكرى ، ج 3 ، ص 315 .
67- . الذكرى ، ج 3 ، ص 314 .
68- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 145 .
69- . الاقتصاد ، ص 261 .
70- . الفقيه ، ج 1 ، ص 319 ، بعد الحديث 944 .
71- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 105 .
72- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 110 ، ح 7474 .
73- . خلاصة الأقوال ، ص 329 . وضعّفه أيضا ابن الغضائري في رجاله ، ص 45 ، الرقم 21 .
74- . روضة المتّقين ، ج 2 ، ص 295 .
75- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 145 .
76- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 109 ، ح 7473 .
77- . اللمعة الدمشقيّة ، ص 29 .
78- . شرح اللمعة ، ج 1، ص 595 .

ص: 79

. .

ص: 80

. .

ص: 81

. .

ص: 82

. .

ص: 83

. .

ص: 84

. .

ص: 85

. .

ص: 86

. .

ص: 87

. .

ص: 88

. .

ص: 89

باب الركوع وما يقال فيه من التسبيح والدعاء وإذا رفع الرأس منه

باب الركوع وما يقال فيه من التسبيح والدعاء وإذا رفع الرأس منهالركوع لغة: الانحناء والانخفاض، قال الشاعر (1) : لا تهن الكريم (2) علّك أنتركع يوما والدّهر قد رفعه (3) وشرعا: انحناء خاصّ بقصد الخضوع والخشوع والتواضع للّه عزّوجلّ. ووجوب الركوع وكذا السجود في الصلوات مجمع عليه بين أهل العلم، بل هو من ضروريّات الدين المبين، والأخبار فيه متظافرة من الطريقين. وربّما استدلّ له بقوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا» (4) ؛ لدلالة الأمرين على وجوبهما، ولا وجوب لهما في غير الصلاة إجماعا، فالمراد وجوبهما فيها. واتّفق أهل العلم على كونهما ركنين في مطلق الصلوات وفي كلّ الركعات منها، (5) عدا ما ذكره الشيخ قدس سرهمن عدم ركنيّتهما في الركعتين الأخيرتين من الرباعيّة، ويأتي القول فيه في باب السهو فيهما. ووجب الذكر فيهما عند الأصحاب أجمع وإن اختلفوا في تفصيله كما ستعرفه في باب أدنى ما يجزي من التسبيح فيهما. ويجب الانحناء في الركوع اختيارا إلى أن يصل اليدان عين الركبتين عند أهل العلم كافّة، إلّا ما نقل عن أبي حنيفة من إجزاء مطلق الانحناء. (6) والظاهر إجزاء الانحناء إلى أن تصل رؤوس الأصابع إلى الركبتين واستحباب الزائد عليه، بحيث أمكن معه تمكّن اليدين منهما. لنا: ما رواه المصنّف من صحيحة زرارة وحسنته عن أبي جعفر عليه السلام . (7) وما رواه الشيخ في الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «مكّن راحتيك من ركبتيك». (8) و في الحسن عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه عليه السلام لمّا علّمه الصلاة: ثمّ ركع وملأ كفّيه من ركبتيه. (9) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار وابن مسلم والحلبيّ قالوا: «وبلّغ بأطراف أصابعك عين الركبة، فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك، وأحبّ أن تمكّن كفّيك من ركبتيك». (10) وفي الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام : «وتمكّن راحتيك من ركبتيك، تضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى، وبلّغ بأطراف أصابعك عين الركبة، وفرّج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك، فإذا وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك واُحبّ إلى أن تمكّن كفّيك من ركبتيك، فتجعل أصابعك في عين الركبة وتفرّج بينها». (11) وادّعى العلّامة في المنتهى (12) إجماع أهل العلم على استحباب وضع اليدين على الركبتين، إلّا ما نقله عن ابن مسعود من أنّه كان إذا ركع طبق يديه وجعلهما بين ركبتيه محتجّا بما رواه عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه كان يفعل كذلك. (13) وقال: والجواب عنه: أنّ ما قلناه أكثر رواة، ولو صحّ فهو منسوخ، وروى مصعب بن سعد بن أبي وقّاص، قال: صلّيت إلى جنب أبي فطبّقت يدى وجعلتهما بين ركبتي، فضرب أبي في يديّ، فلمّا انصرف قال: يا بنيّ، إنّا كنّا نفعل ذلك فاُمرنا أن نضرب بالأكفّ على الركب. (14) هذا في حال الاختيار، وأمّا في حال العذر والاضطرار فإنّما يجب الانحناء مهما أمكن؛ لما ذكر في المنتهى (15) من أنّ الزيادة عليه يستلزم تكليف ما لا يطاق. ووجوب الإتيان بالمقدور لا يسقط الزائد. ولو لم يتمكّن منه رأسا أومأ بالرأس ثمّ بالعين. وكذا في السجود إلّا أنّه فيه لو أمكن رفع ما يسجد عليه وجب؛ لما رواه إبراهيم الكرخيّ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء ولا يمكنه الركوع والسجود، فقال: «ليؤمِ برأسه إيماء، وإن كان له من يرفع الخمرة إليه فليسجد، فإن لم يمكنه ذلك فليؤمِ برأسه نحو القبلة إيماء». (16) ولصحيحة زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: سألته عن المريض، فقال: «يسجد على الأرض أو على المروحة أو على سواك يرفعه، هو أفضل من الإيماء»، (17) الحديث، ويأتي تتمّته. والطمأنينة في الركوع والسجود بقدر الذكر الواجب واجبة عند الأصحاب، بل عدّها الشيخ في الخلاف (18) ركنا، ونسب ركنيّتها إلى الشافعيّ، ونقل فيه عن أبي حنيفة عدم وجوبها. (19) وفي الذكرى: وكان الشيخ يقصر الركن فيها على استقرار الأعضاء وسكونها، والحديث دالّ عليه، ولأنّ مسمّى الركوع لا يتحقّق يقينا إلّا به، أمّا الزيادة الّتي يوازي الذكر الواجب، فلا إشكال في عدم ركنيّتها. (20) وحينئذ يرتفع الخلاف من البين. قوله في صحيحة حريز: (سبحان ربّي العظيم وبحمده) إلخ. [ح1/ 5015] قال طاب ثراه: قال بعض المتأخّرين من علمائنا: سبحان: مصدر سبّح بمعنى نزّه، ولا يكاد يستعمل إلّا مضافا منصوبا بفعل مضمر، فمعنى سبحان ربّي: اُنزّهه تنزيها عمّا لا يليق بجناب قدسه وعزّ جلاله، والإضافة إلى المفعول. وربّما جوّز كونه مضافا إلى الفاعل بمعنى التنزّه. وقال بعض العامّة: السبحان والتسبيح مصدرا سبّح بمعنى نزّه. وقال بعضهم: سبحان من سبّح في الأرض، إذا ذهب فيها وأبعد، والمصدر منه سبّح وسباح كفلّس وكتاب. وسبحان على هذا القول يحتمل أن يكون جمع سباح، كحسبان في جمع حساب، أو جمع سبيح صيغة مبالغة، كقضبان جمع قضيب، ومعناه على هذا التعجّب من كمال التنزّه كقول الأعشى: سبحان من علقمة الفاخريقول العجب منه إذ يفخر وقال بعض المتأخّرين منا: الواو في قوله وبحمده حاليّة، والتقدير: وأنا متلبّس بحمده على التوفيق لتنزيهه والتأهيل لعبادته، كأنّه لما أسند التنزيه إلى نفسه أوهم ذلك تبجّحا وفرحا، فعقّبه بذلك؛ ليزول ذلك الوهم على قياس ما قيل في «وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ» . وقال بعض العامّة: معنى وبحمده، أي بهدايته لي، سبّحته لا بحولى وقوّتي، وهو راجع إلى ما ذكر، لا أنّ الحمد مفسّر بالهداية. (21) انتهى وقوله: «وأنت منتصب» جملة حالية، والأصل تقديمه على قوله: «سمع اللّه » أو تأخيره عن «الحمد للّه ربّ العالمين»، وتوسيطه بينهما للتنبيه على جواز انفكاك أحدهما عن الآخر. وفي المدارك: «فيه ردّ على ابن زهرة (22) وأبي الصلاح (23) حيث ذهبا إلى أنّه يقول: «سمع اللّه لمن حمده» في حال ارتفاعه من الركوع (24) ». والكبرياء: غاية العظمة، (25) والظاهر أنّه عطف على الجبروت والعظمة؛ رفع بالابتداء وللّه خبره. ولعلّ الأمر بالجهر في قوله: «وتجهر بها صلاتك» مختصّ بالإمام والمنفرد، وإلّا فالمأموم يستحبّ له خفض الصوت في جميع الأذكار؛ لئلّا يخلّط على الإمام وغيره من المأمومين. ويدلّ عليه الخبر الآتي. وقوله: «ثمّ ترفع يديك بالتكبير» يدلّ على اعتبار مقارنة الرفع للتكبير كما دلّ عليه الأخبار وصرّح به بعض العلماء الأخيار، والأفضل وقوع التكبير في حال الانتصاب ولو قارنه للهوي إلى السجود جاز، ولكنّه ترك الفضل. قوله في خبر جميل: (ما يقول الرجل خلف الإمام إذا قال: سمع اللّه لمن حمده؟ قال: «يقول الحمد للّه ربّ العالمين») . [ح2 / 5016] قال طاب ثراه: التسميع مستحبّ على الإمام والمأموم والمنفرد عند علمائنا أجمع، (26) ودلّت عليه ظواهر النصوص، ولكن المأموم إذا قال عند تسيمع الإمام: الحمد للّه ربّ العالمين أجزأه؛ لهذا الخبر. وكذا لو قال: ربّنا لك الحمد؛ لخبر محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السلام . (27) ونسب العلّامة أيضا في المنتهى استحباب التسميع على الإمام والمأموم والمنفرد إلى علمائنا أجمع وإلى الشافعيّ وأبي يوسف وأحد قولي أحمد وإلى محمّد وابن سيرين وابن بردة، وحكي عن إسحاق وقول لأحمد وجوبه؛ لقوله عليه السلام : «لا تتمّ صلاة أحدكم _ إلى قوله _ ثمّ يقول سمع اللّه لمن حمده». وأجاب عنه بأن المراد بذلك لا تتمّ صلاته بأجمعها الشاملة للواجب والندب، وقد روي عنه صلى الله عليه و آله أنّه لم يقله في صلاته، إلّا أنّ أحمد إنّما قال بالقولين في غير المأموم، وعن ابن مسعود وابن عمر ومالك وأبي حنيفة وأحمد والثعلبيّ: أنّه لا يسوغ للمأموم ذلك، ثمّ قال: ويستحبّ الدعاء بعد التسميع بأن يقول: الحمد للّه ربّ العالمين، أهل الجبروت والكبرياء، والعظمة للّه ربّ العالمين، سواء كان إماما أو مأموما وهو فتوى علمائنا، وقال الشافعيّ: يقول بعد التسميع: ربّنا لك الحمد، إماما كان أو مأموما. وقال أبو حنيفة يقولها المأموم خاصّة دون الإمام والمنفرد. وفي وجوبها عند أحمد ولان.. (28) وقال طاب ثراه: قال الشيخ: لو قال: ربّنا ولك الحمد يفسد صلاة. واختلوا في الواو فأسقطها الشافعيّ؛ لأنّها للعطف ولا شيء يعطف عليه هنا. (29) وقال بعض الأفاضل: «وهو حقّ؛ لأنّ الواو قد تزاد لغة، (30) ثمّ قال: «معنى «سمع اللّه لمن حمده» أجاب دعاء [من] حمده (31) ». وقيل: إنّه حثّ على الأمر على ما قلناه بتأكّد الواو؛ لأنّ «ربّنا» جواب له بمعنى ربّنا استجب لنا ولك الحمد. وعلى ما قيل فالوجه إسقاط الواو؛ لأنّه امتثال على ما حثّ عليه. وفي المدارك: وهذه الكلمة محتملة بحسب اللفظ الدعاء والثناء، وفي رواية المفضل (32) عن الصادق عليه السلام تصريح بكونها دعاء، فإنّه قال له: جعلت فداك، علّمني دعاء جامعا، فقال لي: «أحمد اللّه فإنّه لا يبقى أحد يصلّي إلّا دعا لك يقول: سمع اللّه لمن حمده» (33) . (34) قوله في صحيحة أبي بصير: (من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له) . [ح4 / 5018] قال طاب ثراه: إقامة الصلب واجبة في حال النيّة وتكبيرة الافتتاح والقراءة وبعد الرفع من الركوع وبين السجدتين وفي حال التشهّد، والنصّ شامل لجميعها. وقوله: «فلا صلاة له» محمول على نفي الحقيقة؛ إذ إقامة الصلب معتبره في حقيقة الصلاة شرعا، فينتفي بانتفائها. قوله: (إذا رفعت رأسك من الركوع فاقم صلبك) [ح6 / 5020] يدلّ على وجوب الطمأنينة في رفع الرأس من الركوع، فإنّ إقامة الصلب بمعنى أن يرجع كلّ عضو إلى مستقرّه، ولا حدّ لهذه الطمأنينة سوى هذا الاستقرار كما صرّح به في الذكرى. (35) ومثلها الانتصاب المذكور في صحيحة حمّاد. (36) والمشهور بين الأصحاب أنّ ذلك الرفع وهذه الطمأنينة ليسا ركنين، وهو محكي عن أبي يوسف، (37) وذهب الشيخ في الخلاف (38) إلى ركنيّتهما محتجّا بإجماع الفرقة، وصحيحة حمّاد وبالخبر الّذي تضمّن تعليم النبيّ صلى الله عليه و آله الصلاة للّذي دخل المسجد، حيث قال: «ثمّ ارفع حتّى تعتدل قائما»، (39) وبطريقة الاحتياط. وفيه: أنّ الخبرين إنّما يدلّان على الوجوب لا الركنيّة، والاحتياط معنى آخر. وعن أبي حنيفة أنّ ذلك الرفع ليس واجبا أصلاً. (40) وهذا الخلاف بعينه جارٍ في رفع الرأس من السجدة الاُولى إلى أن يجلس مستويا، والاطمينان في الجلوس، والمشهور وجوبهما وعدم كونهما ركنين. وعدّهما في الخلاف ركنين محتجّا بنحو ممّا ذكر من الإجماع، والخبر الدالّ على وجوبهما من طرقنا، وبالخبر المشار إليه في تعليم النبيّ صلى الله عليه و آله حيث قال: «ثمّ ارفع حتّى تطمئنّ جالسا»، (41) وحكاه عن الشافعيّ، وحكى عن أبي حنيفة أنّه إنّما يجب القدر الّذي يصدق عليه اسم الرفع. ولو رفع رأسه مقدار ما يدخل السيف بين وجهه وبين الأرض أجزاه، قال: وربّما نقلوا عنه أنّ الرفع لا يجب أصلاً، فلو سجد ولم يرفع رأسه حتّى حفر تحت جبهته حفرة فحطّ جبهته إليها أجزاه. (42)

.


1- . هو الأضبط بن قريع السعدي، على ما في شرح الشافية لابن الحاجب ، ج 4 ، ص 160 .
2- . كذا بالأصل ، وفي سائر المصادر : «لاتهين الفقير» .
3- . اُنظر : المعتبر ، ج 2 ، ص 191 ؛ منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 113 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 396 ؛ عمدة القاري ، ج 6 ، ص 18 ؛ لسان العرب ، ج 5 ، ص 133 (ركع) ؛ صحاح اللغة ، ج 3 ، ص 1222 ؛ كنز العرفان ، ج 1 ، ص 124 .
4- . الحجّ (22) : 77 .
5- . اُنظر: المبسوط ، ج 1 ، ص 109 ؛ شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 67 ؛ السرائر ، ج 1 ، ص 240 ؛ مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 367 ؛ قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 275 ؛ الاستذكار ، ج 2 ، ص 316 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 18 ؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 96 .
6- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 281 ، وفي ط الحديثة ، ج 5 ، ص 114 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 165 ، المسألة 247 ؛ فتح العزيز ، ج 3 ، ص 373 .
7- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 77 _ 78 ، ح 289 ، وص 83 ، ح 308 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 295 _ 296 ، ح 8008 .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 81 ، ح 301 ، وهذا الحديث الثامن من باب افتتاح الصلاة من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 460 ، ح 7077 .
10- . المعتبر ، ج 2 ، ص 193 ؛ منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 281 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 35 ، ح 8116 .
11- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 83 _ 84 ، ح 308 ، وهذا هو الحديث الأوّل من باب القيام والقعود في الصلاة من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 295 _ 296 ، ح 8008 .
12- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 285 ، وفي ط الحديثة ، ج 5 ، ص 134 .
13- . سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 174 ، ح 747 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 78 _ 79 ؛معرفة السنن والآثار ، ج 1 ، ص 564 ، ح 799 ؛ كنز العمّال ، ج 8 ، ص 123 ، ح 22203 .
14- . صحيح مسلم ، ج 2، ص 69 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 215 ، ح 621 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 83 .
15- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 115 .
16- . الفقيه ، ج 1 ، ص 365 _ 366 ، ح 1052 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 307 ، ح 951 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 484 ، ح 7123 ؛ وج 6 ، ص 375 ، ح 8221 .
17- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 311 ، ح 1264 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 364 ، ح 5803 .
18- . الخلاف ، ج 1 ، ص 348 ، المسألة 98 .
19- . فتح العزيز ، ج 3 ، ص 368 _ 369 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 408 _ 409 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 541 . وحكي في بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 162 عن أبي حنيفة وجوبها .
20- . الذكرى ، ج 3 ، ص 367 .
21- . لم أعثر عليه ، وانظر : عمدة القاري ، ج 23 ، ص 25 ؛ شرح اُصول الكافي للمولى صالح ، ج 10 ، ص 463 ؛ تفسير الآلوسي ، ج 1 ، ص 226 ؛ بحار الأنوار ، ج 81 ، ص 191 ؛ مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 393 _ 394 .
22- . الكافي في الفقه ، ص 142 .
23- . الغنية ، ص 84 .
24- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 398 _ 399 .
25- . النهاية ، ج 4 ، ص 140 (كبر) .
26- . اُنظر : الخلاف ، ج 1 ، ص 346 ، المسألة 95 ؛ المبسوط ، ج 1 ، ص 111 ؛ السرائر ، ج 1 ، ص 224 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 180 ، المسألة 255 ؛ مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 398 .
27- . الذكرى ، ج 3 ، ص 378 ؛ مسالك الأفهام ، ج 1 ، ص 216 ؛ روض الجنان ، ص 274 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 322 ، ح 8087 .
28- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 286 ، و في ط الحديثة ، ج 5 ، ص 137 _ 139 . وانظر : المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 550 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 550 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 419 ؛ فتح العزيز ، ج 3 ، ص 404 _ 406 .
29- . المغني والشرح الكبير لابني قدامة ، ج 1 ، ص 549 .
30- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 292 .
31- . شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 4 ، ص 121 .
32- . في الأصل : «الفضل» والتصويب من المصدر .
33- . الكافي ، ج 2 ، ص 503 ، كتاب الدعاء ، باب التحميد والتمجيد ، ح 1 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 322 ، ح 8085 .
34- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 399 .
35- . الذكرى ، ج 3 ، ص 370 .
36- . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 459 ، ح 7077 .
37- . اُنظر : بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 105 ؛ البحر الرائق ، ج 1 ، ص 523 ؛ عمدة القاري ، ج 4 ، ص 122 ، وج 6 ، ص 65 .
38- . الخلاف ، ج 1 ، ص 351 ، المسألة 102 .
39- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 437 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 184 و 192 ؛ وج 7 ، ص 226 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 196 ، ح 856 ؛ سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 186 _ 187 ، ح 302 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 220 ، ح 640 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 37 و 62 و 122 و 126 .
40- . فتح العزيز ، ج 3 ، ص 402 ؛ المغني و الشرح الكبير لابني قدامة ، ج 1 ، ص 547 .
41- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 437 ، وسائر المصادر المتقدّمة آنفا .
42- . الخلاف ، ج 1 ، ص 360 ، المسألة 117 . وانظر : فتح العزيز ، ج 3 ، ص 477 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 440 .

ص: 90

. .

ص: 91

. .

ص: 92

. .

ص: 93

. .

ص: 94

. .

ص: 95

. .

ص: 96

. .

ص: 97

باب السجود والتسبيح والدعاء فيه في الفرائض

باب السجود والتسبيح والدعاء فيه في الفرائض والنوافل وما يقال بين السجدينفي المنتهى: «السجود في اللغة: الخضوع والانحناء، وفي الشرع: عبارة عن وضع الجبهة على الأرض». (1) والخضوع والمطأطأة، (2) يقال: سجدت النخلة، إذا مالت، وسجدت الناقة: طاطات رأسها. (3) وقيل: إنّما السجود هو الخضوع واستعمل في الثلاثة الباقية مجازا؛ لأنّها لازمة للخضوع، ورجّح هذا بأن المجاز خير من الاشتراك عند التعارض. وقال بعض المحقّقين: إنّه حقيقة لغوية في الجميع؛ لصدق الخضوع والانحناء عليها، والأقوال جارية في جميع الألفاظ المستعملة في الشرع في غير المعنى اللغوي ظاهرا. قوله في حسنة الحلبيّ: (وأجرني) [ح1/ 5024] قال طاب ثراه: ويحتمل أن يكون هذا أمرا من الأجر، تقول: آجر[ه] اللّه يأجُره ويأجِره من باب طلب وضرب، وأن يكون أمرا من الإيجار، يقال: آجره اللّه إيجارا وهما بمعنى أعطاه أجر عمله، وأن يكون أمرا من إلاجارة، تقول: أجاره اللّه من العذاب، أي أنقذه منه، فهمزته على الأوّل همزة وصل والجيم مضمومة أو مكسورة، وعلى الأخيرين همزة قطع، لكن على الثاني ممدودة كهمزة آمن، وعلى الثالث مفتوحة كما في أقم، فإنّه مأخوذ من تأجور فعل به ما فعل بتأقوم . قوله في خبر حفص: (يتخوّى كما يتخوّى البعير الضامر) . [ح2 / 5025] في نهاية ابن الأثير (4) : التخوية: هي إلقاء الخواء بين الأعضاء بأن يفرّق الفخذين بين الساقين، وبين البطن والفخذين، وبين الجنبين والعضدين، وبين العضدين والساعدين، وبين الركبتين والمرفقين، وبين الرجلين. وهذا مختصّ بالرجال كما يستفاد من الأخبار، وستأتي. قوله في صحيحة أبي عبيدة الحذّاء: (إلّا بدّلت سيّئاتي حسنات) [ح4 / 5027 ]مستثنى عن مقدّر تقديره أسألك بحقّ حبيبك محمّد صلى الله عليه و آله وما أسألك شيئا إلّا أن تبدّل سيّئاتي حسنات، وكذا نظائره. وفي القاموس: «سفع السموم وجهه: لفحه لفحا يسيرا». (5) وفيه: لفحة: أحرقه. (6) ونسبته عليه السلام السيّئة والذنب إلى نفسه المقدّسة من باب التواضع للّه عزّ وجلّ، أو مبني على ما ثبت من قولهم عليهم السلام : «حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين». (7) وقيل: هو من باب التعليم. قوله في خبر عبد اللّه بن سليمان: (إنّ الصلاة على نبيّ اللّه كهيئة التكبير والتسبيح) . [ح5 / 5028] الظاهر أنّ المراد أنّ الصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله تقوم مقام التكبير والتسبيح في ذكر الركوع والسجود بناء على ما هو الأصحّ من إجزاء مطلق الذكر فيهما. ويؤيّده ما رواه الشيخ عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أصلّي على النبيّ صلى الله عليه و آله وأنا ساجد؟ فقال: «نعم، هو مثل سبحان اللّه واللّه أكبر». (8) ويحتمل أن يكون المراد بيان جوازها فيهما زائدا على ذكرهما، وضمير هي عائد إلى الصلاة عليه، وضمير إيّاه إليه صلى الله عليه و آله . قوله في موثّق إسحاق بن عمّار: (فسمعت لحنينه) [ح9 / 5032] بالحاء المهملة في أكثر النسخ المصحّحة، وهو من حنين الناقة وصوتها في انزاعها إلى ولدها. وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة، وهو أصوب، ففي النهاية: «أنّه كان يسمع خنينه في الصلاة، الخنين: ضرب من البكاء دون الانتحاب، وأصل الخنين خروج الصوت من الأنف كالحنين من الفم». (9) وفي القاموس: «الخنين كالبكاء في الأنف والضحك في الأنف». (10) قوله في خبر عبد اللّه بن هلال: (قد فعل ذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله ) . [ح11 / 5034] قال طاب ثراه: روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال في صلاته: «اللّهمّ انج الوليد بن الوليد (11) وسلمة بن هشام (12) وعياش بن أبي ربيعة (13) والمستضعفين من المؤمنين، (14) واشدد وطأتك على مضر ورعل، وذكوان». (15) وقنت أمير المؤمنين عليه السلام في صلاة الغداة فدعا على أبي موسى وعمرو بن العاص ومعاوية وأبي الأعور وأشياعهم. (16) وروي أنّه لعن الأربعة في قنوته. (17) ولا نزاع بين العامّة والخاصّة في جواز الدعاء على الكفّار واللّعن عليهم وإن انتحلوا ملّة الإسلام، وإنّما الخلاف في الدعاء على أهل المعاصي من المسلمين، ولم يحضرني الآن تصريح الأصحاب وتفاصيل أقوالهم. وأمّا العامّة فمنهم من أجاز و منهم من منع، قال المانع: إنّما يدعى لهم إلّا أن يكونوا منتهكين لحرمة الدين وأهله. وقيل: إنّما يدعى على أهل الانتهاك في حين الانتهاك، وأمّا بعده فإنّما يدعى لهم بالتوبة. (18) قوله في خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام : (أبوء إليك بالنعم) إلخ. [ح12 / 5035] في نهاية ابن الأثير: «أبوء بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، أي ألتزم وأرجع وأقرّ، وأصل البواء اللزوم (19) ». وقال طاب ثراه: قال الخطّابي: في الاستعاذات المذكورة في الحديث معنى لطيف، استعاذ من الشيء: انتهى إلى ما لا ضدّ له استعاذته منه، فقال: واعوذ بك منك. وقيل: الأولى أن لا يستعاذ به منه؛ لما في حديث المرأة الّتي استعاذت منه صلى الله عليه و آله فأبعدها عنه، بل إنّما يستعاذ به من عقوبته، فالتقدير أعوذ بك من عقوبتك، وقد سبق تأويل استغفار المعصومين عليهم السلام . والعامّة أيضا صرّحوا بأنّه يحتاج إلى التأويل، فقال عياض: قال ذلك تواضعا، وقال بعضهم: قال ذلك تعليما للاُمّة. (20) وقال القرطبي: معنى كلّ ذلك عندي أنّه ممكن أن يقع منه، ودليل الإمكان التكليف؛ لأنّ الأنبياء عليهم السلام مكلّفون؛ ولولا إمكان الوقوع ما كلّفوا، وإذا كان ممكنا فعليه الخوف، فلذلك يعدّون الممكن كالواقع، فيستعيذون منه ويستغفرون ويتوبون. قوله في خبر جعفر بن عليّ: (وألصق جؤجؤه بالأرض) [ح14 / 5037] الجؤجؤ كهُدهد: الصدر. (21) قوله في خبر عبد اللّه بن جندب: (اللّهمّ إنّي اُنشدك دم المظلوم) إلخ. [ح17 / 5040] في نهاية ابن الأثير: في الحديث: نشدتك اللّه والرّحم، أي سألتك باللّه وبالرحم، يقال: نشدتك اللّه وأنشدك اللّه وباللّه وناشدتك اللّه و باللّه ، أي سألتك وأقسمت عليك، و نشدته نشدة و نشدانا و منا شدةً، و تعديته إلى مفعولين إمّا لأنّه بمنزلة دعوت، حيث قالوا: نشدتك اللّه و باللّه ، كما قالوا دعوت زيدا و بزيد، أو لأنّهم ضمّنوه معنى: ذكرّت، فإمّا أنشدتك باللّه فخطأ. (22) و فيه أيضا: في حديث عبدالرحمن بن عوف: كان لي عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله و أي، أي و عد. و قيل: الوأي: التعريض بالعدة من غير تصريح. و قيل: هو العدة المضمونة. و أصل الوأي الوعد الّذى يوثقه الرجل على نفسه و يعزم على الوفاء به. و منه حديث وهب: «قرأت في الحكمة أنّ اللّه تعالى يقول: إنّي قد وأيت على نفسي أن أذكر من ذكرني» عدّاه بعلى؛ لأنّه أعطاه معنى جعلت على نفسي. (23) و اللام في لتظفرنّهم للتأكيد، و هي هنا بمنزلة لام جواب القسم، و تعييني المذاهب، أي تعجزني طريق النجاة. و بما رحبت، أي برحبها و سعتها، و الجهد بالضم: الوسع و الطاقة، و بالفتح المشقّة. و قيل: المبالغة و الغاية. و قيل: هما لغتان في الوسع و الطاقة، فإمّا في المشقّة و الغاية فالفتح لا غير، و يقال: جهد الرجل فهو مجهود، إذا وجد مشقّة. (24) وبلغ مجهودي، أي وصل مشقّتي غاية طاقتي. قوله في خبر محمّد بن سليمان: (تغرغر دموعه) إلخ. [ح19 / 5042] الغرغرة: ترديد الماء إلى الحلق. (25) و الأكمه: الّذى يولد أعمى. (26) و الأكنع: بالنون الأشلّ، و قد كنعت أصابعه كنعا، إذا تشنّجت و يبست. (27) او العقم بالضم: هزمة تقع في الرحم فلا يقبل الولد، عقم كفرح و نصر و كرم، و عقّمه اللّه تعقيما. (28) و «بؤت إليك بذنبي»، أي رجعت عنه و اعترفت و أقررت به فتب عليّ انّك أنت التوّاب الرّحيم. قوله: (و كان أبو جعفر عليه السلام يقول و هو ساجد: لا إله إلّا أنت حقّا حقّا) إلخ. [ح21 / 5044] حقّا نصب على المصدر لفعل مقدّر لازم الحذف، أي حقّ ذلك حقّا، والثاني تأكيد للأوّل وتعبّدا ورقّا منصوبان على العلّيّة.

.


1- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 142 .
2- . كذا بالأصل ، والظاهر أنّ الصحيح : «التطأطؤ» . اُنظر التعليق التالي .
3- . اُنظر : بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 162 ؛ غريب الحديث لابن قتيبة ، ج 1 ، ص 15 .
4- . كذا بالأصل ، وهذا سهو من القلم ؛ فإنّ هذه العبارات من نهاية الأحكام للعلّامة الحلّي ، ج 1 ، ص 492 _ 493 ، ومثله في تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 195 ، المسألة 267 . لا من النهاية لابن الأثير.
5- . القاموس المحيط ، ج 3 ، ص 38 (سفع) .
6- . اُنظر : القاموس المحيط ، ج 1 ، ص 247 (لفح) .
7- . في كشف الخفاء للعجلوني ، ج 1 ، ص 357 ، ح 1137 : «هو من كلام أبي سعيد الخزّاز كما رواه ابن عساكر في ترجمته ، وهو من كبار الصوفيّة ، مات في سنة مئتين وثمانين ، وعدّه بعضهم حديثا وليس كذلك» .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 314 ، ح 1279 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 326 ، ح 8098 .
9- . النهاية ، ج 2 ، ص 85 (خنن) .
10- . القاموس المحيط ، ج 4 ، ص 220 (خن) ، ولفظه هكذا : «والخنين كالبكاء أو الضحك في الأنف» . والمذكور هنا من صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 2109 .
11- . الوليد بن الوليد بن المغيرة المخزومي أخو خالد، شهد بدرا مع المشركين فأيسر، ثمّ فدي، ثم أسلم وحبس بمكّة، ثمّ فرّ منها إلى المدينة وشهد مع النَّبيّ صلى الله عليه و آله عمرة القضيّة. اُسد الغابة، ج 5، ص 92 _ 93.
12- . سلمة بن هشام بن المغيرة المخزومي أخو أبي جهل وابن عمّ الخالد بن الوليد ، أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة ، ومنع من الهجرة إلى المدينة ، وعذّب في اللّه عزّوجلّ ، ولم يشهد بدرا لذلك ، وهاجر سلمة إلى المدينة بعد غزوة الخندق ، وشهد مؤتة وعاد منهزما ، ولم يزل بالمدينة حتّى توفّي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فخرج إلى الشام مجاهدا فقتل بمرج الصفر سنة أربع عشرة . وقيل : بل قتل بأجنادين في جمادي الاُولى قبل وفاة أبي بكر . اُنظر: اُسد الغابة ، ج 2 ، ص 341 .
13- . عيّاش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي أخو أبي جهل لاُمّة وابن عمّه ، أسلم قديما قبل أن يدخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، دار الأرقم وهاجر إلى الحبشة ، ثمّ عاد إلى مكّه ، وهاجر إلى المدينة ، فقدم عليه أخواه لاُمّه أبو جهل والحارث إبنا هشام، فذكرا له أن اُمّه حلفت أن لايدخل رأسها دهن ولا تستظلّ حتّى تراه ، فرجع معهما فأوثقاه وحبساه بمكّه ، قتل عيّاش يوم اليرموك . وقيل: مات بمكّة . اُسد الغابة ، ج 4 ، ص 161 .
14- . في هامش الأصل : «هم كانوا اُسراء في أيدي المشركين . (منه رحمه الله) .
15- . ورد بهذا اللفظ في السرائر ، ج 1 ، ص 228 ثمّ قال : «رَعل بالراء غير المعجمة المكسورة والعين غير المعجمة المسكنة واللام ، وذكوان بالذال المعجمة ، وهما قبيلتان من بني سليم» . وأيضا بهذا اللفظ في المعتبر ، ج 2 ، ص 239 وزاد : «وأرسل عليهم سنين كسني يوسف» . والحديث في غالب المصادر ورد بغير كلمتي : «رعل وذكوان». اُنظر : مسند الشافعي ، ص 185 ؛ مسند أحمد ، ج 2 ، ص 239 و 255 و 418 و 470 و 502 و 521 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 374 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 194 _ 195 ، وج 2 ، ص 15 ، و ج 3 ، ص 234 ، وج 4 ، ص 122 ، وج 5 ، ص 171 ، و ج 7 ، ص 118 و 165 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 134 _ 135 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 394 ، ح 1244 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 225 ، ح 660 .
16- . الذكرى ، ج 3 ، ص 291 ؛ أمالي الطوسي ، المجلس 43 ، ح 9 .
17- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 335 . وانظر: اُصول الستّة عشر ، ص 88 ، أصل محمّد بن المثنّى .
18- . اُنظر : عمدة القاري ، ج 7 ، ص 27 .
19- . النهاية ، ج 1 ، ص 159 (بوأ) .
20- . اُنظر : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 6 ، ص 56 ؛ عمدة القاري ، ج 20 ، ص 23 .
21- . النهاية ، ج 1 ، ص 232 (جؤجؤ) .
22- . النهاية ، ج 5 ، ص 53 (نشد) .
23- . النهاية ، ج 5 ، ص 144 (وأي) .
24- . النهاية ، ج 1 ، ص 320 (جهد) .
25- . القاموس المحيط ، ج 2 ، ص 102 (غرغر) .
26- . صحاح اللغة ، ج 6 ، ص 2247 (كمه) .
27- . النهاية ، ج 4 ، ص 204 (كنع) .
28- . القاموس المحيط ، ج 4 ، ص 152 (عقم) .

ص: 98

. .

ص: 99

. .

ص: 100

. .

ص: 101

. .

ص: 102

باب أدنى ما يجزي من التسبيح في الركوع والسجود وأكثره

باب أدنى ما يجزي من التسبيح في الركوع والسجود وأكثرهقد سبق إجماع الأصحاب على وجوب الذكر مجملاً في الركوع والسجود، واختلفوا في كيفيّته وكمّيّته على أقوال، فالأكثر على إجزاء مطلق الذكر. وبه قال الشيخ في المبسوط (1) وفي الجُمَل (2) أيضا على ما نقل عنه، ونسبه الشهيد في الذكرى (3) إلى الحليّين الأربعة: ابن إدريس (4) وسبطه يحيى (5) والفاضلين (6) رحمهم اللّه ، وهو ظاهر المحقّق في المعتبر. (7) وهو في غاية القوّة؛ لصراحة حسنة هشام بن الحكم (8) فيه، وما تقدّم في الكتاب في باب الركوع، وما يقال فيه عن هشام حيث دلّ على إجزاء التهليل بدل التسبيح. وقد ضمّ إليه في التهذيب (9) الحمد للّه بالعطف، وفي الذكرى (10) اللّه أكبر أيضا؛ ولخبر مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «لا يجزى الرجل في صلاته أقلّ من ثلاث تسبيحات أو قدرهن مترسّلاً، وليس له ولا كرامة أن يقول سبح سبح سبح». (11) وذهب جماعة منهم الشهيد في الذكرى (12) إلى تعيّن التسبيح، واختلفوا في كيفيّته، وظاهر الشيخ في الخلاف وجوب التسبيحة المطلقة حيث قال: «التسبيح في الركوع والسجود واجب». (13) واحتج عليه بإجماع الفرقة، وطريقه الاحتياط، وبأنّه صلى الله عليه و آله قد سبّح فيهما بغير خلاف، وقد قال: «صلّوا كما رأيتموني اُصلّي». (14) وبما رواه عقبة بن عامر، قال: فلمّا نزلت: «فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ» (15) قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «اجعلوها في ركوعكم»، فلمّا نزلت: «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأْعْلَى» (16) قال: «اجعلوها في سجودكم»، (17) وقال: «هذا أمر يقتضى الوجوب». ثمّ قال: «وأقلّ ما يجزي من التسبيح فيهما تسبيحة واحدة، وثلاثا أفضل من الواحدة إلى السبع، فإنّها أفضل». (18) واحتجّ عليه بإجماع الفرقة، وبما رواه عليّ بن يقطين، عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام ، قال: سألته عن الركوع والسجود، كم يجزي فيه من التسبيح؟ قال: «ثلاث، ويجزيك واحدة إذا أمكنت جبهتك من الأرض». (19) ويدلّ أيضا عليه خبر أبي بكر الحضرميّ (20) وابن بكير، (21) وما رواه الشيخ عن القاسم بن عروة، عن هشام بن سالم، قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التسبيح في الركوع والسجود، فقال: «تقول في الركوع: سبحان ربّي العظيم، وفي السجود: سبحان ربّي الأعلى، الفريضة من ذلك تسبيحة، والسنة ثلاث، والفضل في سبع». (22) وظاهر المفيد في المقنعة وجوب ثلاث تسبيحات تامّات بضميمة وبحمده اختيارا، وإجزاء سبحان اللّه «ثلاثا للمريض والمستعجل، وواحدة في غاية الضرورة، فقد قال في باب كيفيّة الصلاة: «ويقول في ركوعه: اللّهمّ ركعت _ إلى قوله _ سبحان ربّي العظيم وبحمده ثلاث مرّات، وإن قالها خمسا فهو أفضل، وسبع مرّات أفضل». (23) وقال في الباب الّذي بعده مشيرا إلى العليل والمستعجل: «ويجزيهما في تسبيح الركوع أن يقولا: سبحان اللّه ، سبحان اللّه ، سبحان اللّه ، فإن قالاهما مرّة أجزأهما ذلك مع الضرورات، وكذلك يجزيهما في تسبيح السجود». (24) وهو ظاهر ما رواه المصنّف عن أبي بكر الحضرميّ، (25) وما رواه الصدوق عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «إذا سجد أحدكم فليباشر بكفّيه الأرض _ إلى قوله _ ثمّ يقول: سبحان ربّي الأعلى وبحمده ثلاث مرّات، فإن قلتها خمسا فهو أحسن، وإن قلتها سبعا فهو أفضل، ويجزيك ثلاث تسبيحات، تقول: سبحان اللّه ، سبحان اللّه ، سبحان اللّه ، وتسبيحة تامّة تجزي للمريض والمستعجل»، (26) الحديث. وفي المختلف: «وأوجب أبو الصلاح (27) التسبيح ثلاث مرّات على المختار وتسبيحة على المضطرّ وإنّ أفضله سبحان ربّي العظيم، ويجوز سبحان اللّه ، وكذا أوجبه في السجود (28) ». وهو ظاهر صحيحة عليّ بن يقطين، عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام قال: سألته عن الرجل يسجد، كم يجزيه من التسبيح في ركوعه وسجوده؟ فقال: «ثلاث، وتجزيه واحدة». (29) وذهب الشيخ في التهذيب (30) إلى وجوب سبحان ربّي العظيم وبحمده، وسبحان ربّي الأعلى وبحمده مرّة، أو سبحان اللّه ثلاثا، وكأنّه قال بذلك في حال الاختيار، وذهب إليه الشهيد في اللمعة مصرّحا بذلك وبإجزاء مطلق الذكر في الاضطرار. (31) ويدلّ عليه صحيحة حريز بن عبد اللّه ، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: قلت له: ما يجزي من القول في الركوع والسجود؟ فقال: «ثلاث تسبيحات في ترسّل واحد، وواحدة تامّة تجزي». (32) وما رواه الصدوق في الفقيه قال: وسأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السلام عن علّة الصلاة، كيف صارت ركعتين وأربع سجدات؟ قال: «لأنّ ركعتين من قيام بركعتين من جلوس، وإنّما يقال في الركوع: سبحان ربّي العظيم وبحمده، وفي السجود: سبحان ربّي الأعلى وبحمده؛ لأنّه لما أنزل اللّه تبارك وتعالى: «فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ» (33) قال النبيّ صلى الله عليه و آله : اجعلوها في ركوعكم، فلمّا أنزل اللّه عزّ وجلّ: «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى» (34) قال النبيّ صلى الله عليه و آله : اجعلوها في سجودكم». (35) وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة؟ قال: ثلاث تسبيحات مترسّلاً، تقول: سبحان اللّه ، سبحان اللّه ، سبحان اللّه ». (36) وعن داود الأبزاريّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «أدنى التسبيح ثلاث مرّات وأنت ساجد لا تعجّل بهن». (37) وعن أبي بصير، قال: سألته عن أدنى ما يجزي من التسبيح في الركوع والسجود؟ فقال: «ثلاث تسبيحات». (38) وعن سماعة، قال: سألته عن الركوع والسجود، هل نزل في القرآن؟ فقال: «نعم، قول اللّه عزّ وجلّ: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا» »، (39) فقلت: كيف حدّ الركوع والسجود؟ فقال: «أمّا ما يجزيك من الركوع فثلاث تسبيحات، تقول: سبحان اللّه ، سبحان اللّه ، سبحان اللّه ، ثلاثا، ومن كان يقدر على أن يطوّل الركوع والسجود فليطوّل ما استطاع يكون ذلك في تسبيح اللّه وتحميده وتمجيده والتضرّع، فإنّ أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد، فأمّا الإمام فإنّه إذا قام بالناس فلا ينبغي له أن يطوّل بهم، فإن في الناس الضعيف ومن له الحاجة، فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان إذا صلّى بالناس خفّ بهم». (40) وهذا هو أحد وجهي الجمع بين الأخبار للشيخ في الاستبصار. (41) وظاهر السيّد في الانتصار (42) إجزاء تسبيحة صغرى حيث أطلق وجوب التسبيح. والأظهر ما قاله الهشامان (43) من إجزاء مطلق الذكر وأنّ ما عداه من الأخبار وردت على مراتب الفضل، والأكثر صرّحوا باستحباب التكبيرة الكبرى زائدة على الثلاث إلى السبع والسبعين. ويدلّ على السبع ما تقدّم عن هشام بن سالم، (44) وعلى الزائد عليها إلى أربع وثلاثين ما رواه المصنّف عن ابن بكير، (45) وإلى الستّين ما رواه من صحيحة أبان تغلب، (46) ولم أجد خبرا في خصوص السبعين. نعم، خبر سماعة المتقدّم يدلّ على استحباب ما أطاق. وفي الوافي نقلاً عن الكافي (47) عن حفص بن غياث، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يتخلّل ببساتين الكوفة، فانتهى إلى نخلة فتوضّأ عندها، ثمّ ركع وسجد وأحصيت في سجوده خمسمئة تسبيحة، ثمّ استند إلى النخلة فدعا بدعوات، ثمّ قال: «يا حفص، إنّها واللّه النخلة الّتي قال اللّه تعالى لمريم عليهاالسلام: «وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَبا َنِيًّا» »، (48) ، ثمّ نفى الاستبعاد عن كونها عليهاالسلامببيت المقدس، ووضعها تحت تلك النخلة معلّلاً بأنّ الأرض تطوى للأولياء. (49) وأيّد ذلك بما رواه الثماليّ، عن السجّاد عليه السلام في قوله تعالى «فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكانا قَصِيًّا» (50) : «خرجت من دمشق حتّى أتت كربلا، فوضعته في موضع قبر الحسين عليه السلام ثمّ رجعت من ليلتها». (51) و أقول: لا يبعد أن يقال في رفع الاستبعاد أن تكون نخلتها عليه السلام نابتة من جذع النخلة نقله وأنبته ببيت المقدس أحد من أولياء اللّه وأحبّائه، ولعلّ في لفظ الجذع إشعارا بذلك. ويستحبّ كون التسبيحات وترا على ما صرّح به الأكثر؛ محتجّين بما ثبت من قولهم عليهم السلام : «إنّ اللّه وتر يحبّ الوتر». (52) ولا يعارضه الخبران الأخيران؛ لأنّ جواز الزوج لا ينافي أفضليّة الوتر. وهذا الاستحباب للمنفرد، فأمّا الإمام فيستحبّ له التخفيف، إلّا أن يعلم الإمام أنّ المأمومين كلّهم راضون بالتطويل غير شاقّ هو عليهم، ويستفاد ذلك من خبري سماعة (53) وأبي بصير (54) المتقدّمين وما روى في المدارك: «أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان إذا صلّى بالناس خفّف بهم، إلّا أن يعلم منهم الانشراح لذلك». (55) وقال طاب ثراه: والعامّة أيضا اختلفوا في المسألة، فقال بعضهم بتعيّن التسبيح، يقول في الركوع: سبحان ربّي العظيم، وفي السجود: سبحان ربّي الأعلى محتجّا بما روي عن عقبة بن عامر وقد مرّ، وقال بعضهم: يجب الذكر من غير تعيين. (56)

.


1- . المبسوط ، ج 1 ، ص 111 .
2- . الجمل العمل والعقود (الرسائل العشر ، ص 182) .
3- . الذكرى ، ج 3 ، ص 367 .
4- . السرائر ، ج 1 ، ص 224 .
5- . الجامع للشرائع ، ص 83 .
6- . المحقّق في المعتبر ، والعلّامة في تحرير الأحكام ، ج 1 ، ص 250 ؛ ومختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 165 .
7- . المعتبر ، ج 2 ، ص 196 .
8- . الحديث الثامن من باب الركوع ومايقال فيه من الكافي .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 302 ، ح 1217 .
10- . الذكرى ، ج 3 ، ص 368 _ 369 .
11- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 77 ، ص 268 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 302 ، ح 8027 .
12- . الذكرى ، ج 3 ، ص 367 _ 368 .
13- . الخلاف ، ج 1 ، ص 348 _ 349 ، المسألة 99 .
14- . مسند الشافعي ، ص 55 ، السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 345 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 286 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 155 ؛ و ج 7 ، ص 77 ، وج 8 ، ص 133 .
15- . الواقعة (56) : 74 و 96 ؛ الحاقّة (69) : 52 .
16- . الأعلى (87) : 1 .
17- . مسند أحمد ، ج 4 ، ص 155 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 299 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 287 ، ح 887 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 199 ، ح 869 ؛ المستدرك ، ج 1 ، ص 225 ؛ وج 2 ، ص 477 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 86 ؛ علل الشرائع ، ص 333 ، الباب 30 ، ح 6 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 313 ، ح 1273 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 327 ، ح 1801 .
18- . الخلاف ، ج 1 ، ص 349 ، المسألة 100 .
19- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 76 ، ح 284 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 323 ، ح 1206 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 300 ، ح 8020 .
20- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
21- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
22- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 76 ، ح 282 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 322 _ 323 ، ح 1204 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 299 ، ح 8018 .
23- . المقنعة ، ص 105 .
24- . المقنعة ، ص 143 .
25- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
26- . الفقيه ، ج 1 ، ص 312 _ 313 ، ح 929 .
27- . الكافي في الفقه ، ص 118 _ 119 .
28- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 165 .
29- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 76 ، ح 285 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 323 ، ح 1207 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 300 ، ح 8021 .
30- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 80 ، ذيل الحديث 299 .
31- . اللمعة الدمشقيّة ، ص 29 و 30 ؛ شرح اللمعة ، ج 1 ، ص 614 _ 615 و 621 .
32- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 76 ، ح 283 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 323 ، ح 1205 ؛ وسائل الشيعة ، ج 4 ، ص 299 _ 300 ، ح 8019 .
33- . الواقعة (56) : 74 و 96 ؛ الحاقّة (69) : 52 .
34- . الأعلى (87) : 1 .
35- . الفقيه ، ج 1 ، ص 314 _ 315 ، ح 931 و 932 .
36- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 77 ، ح 288 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 324 ، ح 1212 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 303 ، ح 8028 .
37- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 79 _ 80 ، ح 298 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 323 ، ح 1209 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 303 ، ح 8031 .
38- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 80 ، ح 299 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 323 _ 324 ، ح 1210 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 303 _ 304 ، ح 8032 .
39- . الحجّ (22) : 77 .
40- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 77 ، ح 287 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 305 ، ح 8036 .
41- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 324 ، ح 1211 .
42- . الانتصار ، ص 149 .
43- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي ، و ح 8 من باب الركوع و ما يقال فيه من التسبيح ... .
44- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 299 ، ح 8018 .
45- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
46- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
47- . الكافي ، ج 8 ، ص 143 _ 144 ، ح 111 .
48- . مريم (19) : 25 .
49- . الوافي ، ج 8 ، ص 714 _ 715 .
50- . مريم (19) : 22 .
51- . تهذيب الأحكام ، ج 6 ، ص 73 ، ح 139 ؛ وسائل الشيعة ، ج 14 ، ص 517 ، ح 19725 .
52- . الكافي ، باب صفة الوضوء ، ح 4 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 360 ، ح 1083 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 388 ، ح 1021 ، و ص 436 ، ح 1142 .
53- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 305 ، ح 8036 .
54- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 303 _ 304 ، ح 8032 ، وقد تقدّم ولم يرد فيه ما يرتبط بالتخفيف للإمام .
55- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، 397 ، وبهذا اللفظ ورد في المعتبر ، ج 2 ، ص 203 . وانظر: السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 117 .
56- . اُنظر : المبسوط ، ج 1 ، ص 21 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 413 ؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة ، ج 1 ، ص 561 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 105 _ 106 .

ص: 103

. .

ص: 104

. .

ص: 105

. .

ص: 106

. .

ص: 107

. .

ص: 108

. .

ص: 109

باب ما يسجد عليه وما يكره

[باب ما يجزئ من التسبيح في الركوع والسجود وأكثره]قوله في حسنة هشام بن الحكم: (قال أنفة للّه ) . [ح5 / 5053] الأنفة: التنزيه والاستكبار، (1) وقد سبق القول في سبحان اللّه .

[باب ما يسجد عليه وما يكره]أراد قدس سره بالكراهة الحرمة. المشهور بين الأصحاب وقوع الجبهة على الأرض أو ما أنبتته ممّا لا يؤكل ولا يلبس في السجود في حال الاختيار، (2) وأرادوا بالمأكول والملبوس العادي منهما، وهو _ على ما [ذكر] المحقّق الشيخ عليّ (3) _ : ما صدق عليه اسم المأكول والملبوس عرفا لكونهما الغالب ولو في بعض الأقطار، فلو أكل أو لبس نادرا أو في محلّ الضرورة لا يمنع، ومنه العقاقير الّتي تجعل في الأدوية، وأمّا العقاقير الّتي تجعل في الأطعمة فهو من القسم الأوّل. ويدلّ عليه _ زائدا على ما رواه المصنّف _ ما روى في التهذيب والفقيه في الصحيح عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: قلت له: أخبرني عمّا يجوز السجود عليه وعمّا لا يجوز؟ قال: «السجود لا يجوز إلّا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض، إلّا ما اُكل أو لبس»، فقلت له: وما العلّة في ذلك؟ قال: «لأنّ السجود خضوع للّه عزّ وجلّ ولا ينبغي أن يكون على ما يؤكل ويلبس؛ لأنّ أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في عبادة اللّه عزّ وجلّ، فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أهل الدنيا الّذين اغترّوا بغرورها». (4) وروى الشيخ عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: سمعته يقول: «السجود على ما أنبتت الأرض إلّا ما اُكل أو لبس». (5) وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «لا بأس بالصلاة على البوريا والخصفة وكلّ نبات إلّا التمرة». (6) وعن ياسر الخادم، قال: مّر بي أبو الحسن عليه السلام وأنا اُصلّي على الطبري، (7) وقد ألقيت عليه شيئا أسجد عليه، فقال لي: «ما لك لا تسجد عليه؟ أليس هو من نبات الأرض؟». (8) وفي الصحيح عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «ذكر أنّ رجلا أتى أبا جعفر عليه السلام سأله عن السجود على البوريا والخصفة والنبات، قال: «نعم». (9) ثمّ الأفضل السجود على الأرض. وعن إسحاق بن الفضل أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن السجود على الحصر والبواري، قال: «لا بأس وأن يسجد على الأرض أحبّ إلىّ، فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يحبّ ذلك أن تمكّن جبهته من الأرض، فأنا اُحبّ لك ما كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يحبّه». (10) وفي الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المريض، فقال: يسجد على الأرض أو على المروحة أو على سواك يرفعه هو أفضل من الإيماء، إنّما كره من كره السجود على المروحة من أجل الأوثان الّتي كانت تعبد من دون اللّه وإنّا لم نعبد غير اللّه قط، فاسجد على المروحة أو على عود أو على سواك». (11) وعن طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ عليه السلام أنّه كان لا يسجد على الكمّين ولا على العمامة. (12) وعن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال: سألته عن فراش حرير ومثله من الديباج ومصلّى خز ومثله من الديباج، يصلح للرجل النوم عليه والتكاء والصلاة؟ قال: «يفترشه ويقوم عليه، ولا يسجد عليه». (13) والأرض أفضل ممّا أنبتته؛ لما مرّ في بعض الأخبار، ولأنّ معنى الذلّة والخضوع في السجدة عليها أظهر وأكثر، وأفضلها تربة الحسين عليه السلام ؛ لما رواه الشيخ في المصباح عن معاوية بن عمّار، قال: كان لأبي عبد اللّه عليه السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد اللّه عليه السلام فكان إذا حضرته الصلاة صبّه على السجّادة وسجد عليه، ثمّ قال: «إنّ السجود على تربة أبي عبد اللّه عليه السلام يخرق الحجب[السبع]». (14) وقد جَوَّزوا السجود على الثوب وعلى بعض الجسد للضرورة وللتقيّة، لما رواه الشيخ عن عيينة بيّاع القصب، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أدخل المسجد في اليوم الشديد الحرّ، فأكره أن اُصلّي على الحصى فأبسط ثوبي فأسجد عليه؟ فقال: «نعم، ليس به بأس». (15) وعن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: أكون في السفر فتحضر الصلاة وأخاف الرمضاء على وجهي، فكيف أصنع؟ قال: «تسجد على بعض ثوبك» قلت: ليس عليّ ثوب يمكنني أن أسجد على طرفه ولا ذيله، قال: «اسجد على ظهر كفّك فإنّها أحد المساجد». (16) وعن القاسم بن الفضيل، قال: قلت للرضا عليه السلام : جعلت فداك، الرجل يسجد على كمّه من أذى الحرّ والبرد قال: «لا بأس به». (17) وعن أحمد بن عمر، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يسجد على كمّ قميصه من أذى الحرّ والبرد أو على ردائه إذا كان تحته مسح أو غيره ممّا لا يسجد عليه فقال: «لا بأس به». (18) وعن محمّد بن القاسم، قال: كتب رجل إلى أبي الحسن عليه السلام : هل يسجد الرجل على الثوب يتقي به وجهه من الحرّ والبرد ومن الشيء يكره السجود عليه؟ فقال «نعم لا بأس به». (19) وعن منصور بن حازم، عن غير واحد من أصحابنا، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام : إنّا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أنسجد عليه؟ فقال: «لا، ولكن اجعل بينك وبينه شيئا قطنا وكتّانا». (20) وعن أبي بصير، قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح، فقال: «إذا كان في تقيّة فلا بأس». (21) وفي الصحيح عن عليّ بن يقطين، عن أبيه، قال: سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح والبساط، فقال: «لا بأس إذا كان في حال تقيّة». (22) ولا يشترط في المنع عن السجود على المأكول والملبوس كونهما مأكولاً وملبوسا بالفعل على المشهور، بل يكفي كونهما كذلك بالقوّة، ولا يجوز السجود على الصوف والشعر والوبر والجلد، ولا على القطن والكتّان، ولا على الحنطة والشعير قبل الغزل والنسج والطحن والخبز. ويستفاد ذلك ممّا رواه المصنّف في الحسن عن زرارة. (23) وحكي عن العلّامة أنّه جوز في التذكرة (24) السجود على الحنطة والشعير قبل طحنهما معلّلاً بحيلولة القشر _ وهو غير مأكول _ بين الجبهة وما يؤكل منهما. وضعّف بجريان العادة بأكل دقيقهما (25) غير منخولين، بل بأكلهما لاسيما الحنطة من غير أن يجعلا دقيقين، فقشرهما أيضا يكون مأكولاً عاديّا، غايته أن يكون مأكولاً بالتبع، ولا فارق بينه وبين قشر التفّاح والعنب ونحوهما من الثمار. وعن السيّد المرتضى (26) أنّه جوّز مع الكراهة في بعض رسائله السجود على القطن والكتّان ولو بعد غزلهما. ويستفاد من تعليله تجويزه إيّاه في المنسوج منهما أيضا، وقد حرّمه في الانتصار (27) مدّعيا إجماع الطائفة عليه، ونقل عنه تحريمه في الجمل (28) أيضا، ونسب تحريمه مطلقا في المختلف (29) إلى علمائنا أجمع، وتمسّك في الجواز على ما نقل عنه في المدارك (30) بأنّه لو كان السجود على المنسوج من القطن والكتّان محرّما محظورا لجرى في القبح ووجوب الإعادة مجرى السجود على النجاسة، ومعلوم أنّ أحدا لا ينتهي إلى ذلك، وأجاب عنه بمنع الملازمة، ثمّ منع بطلان اللازم. نعم، يدلّ عليه ما رواه الشيخ بسند صحيح عن داود الصرميّ، قال: سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام هل يجوز السجود على القطن والكتّان من غير تقيّة؟ فقال: «جائز». (31) وعن الحسين بن عليّ بن كيسان، قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام عن السجود على القطن والكتّان من غير تقيّة ولا ضرورة، فكتب إلىّ: «ذلك جائز». (32) لكنّهما لعدم صحّتهما ومعارضتهما للأخبار المتكثّرة المتقدّمة المشتملة على الصحيح لا يجوز العمل بهما. وحمل الشيخ في الاستبصار الأوّل على ما يحصل معه ضرورة اُخرى من الحرّ والبرد ونحوهما، وقيّد الضرورة المنفيّة في الثاني على ضرورة تبلغ هلاك النفس وإن كان هناك ضرورة اُخرى من الحرّ والبرد وشبههما. وأقول: لا يبعد حملهما على التقيّة، ولا ينافيه قوله من غير تقيّة، لإمكان علمه عليه السلام بأن السائل سيحتاج إلى أن يفعل مثل ما تفعله العامّة، وإن أبيت عليك بقصة داود بن زربي وداود بن رزين الّتي مرّت في باب الوضوء. (33) ونقل صاحب المدارك عن المحقّق (34) أنّه حمل الأخبار الأوّلة على الكراهة وقال: «وهو محتمل، لكن هذه الأخبار لا تخلو عن ضعف في سند أو قصور في دلالة، فلا تصلح لمعارضة الأخبار الصحيحة الدالّة على المنع، المؤيّدة بعمل الأصحاب». (35) والمشهور عدم جواز السجود على المستحيل من الأرض بحيث يسلب عنه اسمها كالمعادن، ومنها: القفر والقير والصاروج. ويدلّ عليه ما رواه المصنّف في الحسن عن زرارة (36) وعن محمّد بن عمرو بن سعيد. (37) ونقل عن جماعة منهم الصدوق جوازه على القير والقفر؛ لما روى في الفقيه عن معاوية بن عمّار أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة على القار، فقال: «لا بأس به». (38) وما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار، قال: سأل المعلّى بن خنيس أبا عبد اللّه عليه السلام _ وأنا عنده _ عن السجود على القفر وعلى القير، فقال: «لا بأس». (39) وقد روى منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «القير من نبات الأرض»، (40) وهي محمولة على التقيّة. ومنها: الملح فلا يجوز السجود عليه؛ لخروجه عن اسم الأرض، ولأنّه مأكول عادي. ومنها: الذهب والفضّة؛ لما ذكر، ولما رواه المصنّف عن يونس بن يعقوب. (41) وعدّ الأكثر من المستحيل من الأرض المنضّج والمطبوخ منها كالخزف والآجرّ والجصّ والنورة وأشباهها، وحرّموا السجدة عليها. ولا ريب في استحالتها لكن يشكل الحكم بتحريم السجدة على كلّ مستحيل؛ لدلالة صحيحة الحسن بن عليّ (42) على جواز السجود على الجصّ، ولا فارق بينه وبين ما عداه ممّا ذكر. وربّما منع استحالتها مدّعيا لإطلاق اسم الأرض على المحترقة منها. لا يقال: ورد المنع عن السجود على الزجاجة فيما رواه المصنّف عن محمّد بن الحسين. (43) لأنا نقول: وقع التصريح في الخبر بأنّ العلّة ليست هي الطبخ والاحتراق، بل امتزاجها من الملح والرمل. فإن قيل: يدلّ خبر محمّد بن خلّاد على المنع من السجدة على السبخة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن السجود على الثلج، فقال: «لا تسجد في السبخة ولا على الثلج». (44) وما العلّة فيه إلّا كونها مستحيلة من الأرض. قلنا: لا نسلّم ذلك، بل الظاهر أنّ العلّة عدم استقرار الجبهة، ولعلّ لفظ الخبر يشعر بذلك حيث عدّى السجدة بالسبخة بكلمة «في» دون «على» عكس ما فعله في الثلج. وقد قطع جماعة بجوازه على الخزف وأضرابه حتّى أنّ العلّامة احتجّ في التذكرة (45) _ على ما نقل عنه _ على عدم خروجه بالطبخ عن اسم الأرض بجواز السجود عليه. وأمّا الوحل فإذا منع من استقرار الجبهة فلايجوز السجود عليه؛ لخبر عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنّه سأله عن حدّ الطين الّذي لا يسجد عليه ما هو؟ فقال: «إذا غرقت الجبهة ولم تثبت على الأرض». (46) وخبره الآخر: أنّه سأله عن الرجل يصيبه المطر وهو لا يقدر أن يسجد فيه من الطين ولا يجد موضعا جافّا، قال: «يفتتح الصلاة، فإذا ركع فليركع كما يركع إذا صلّى، فإذا رفع رأسه من الركوع فليؤم بالسجود إيماء». (47) ولأنّه ليس أرضا صرفا، بل ممتزج منها ومن الماء الّذي هو مشروب مزجا لا يتميّز أحدهما عن صاحبه. وإن لم يمنع منه فيجوز السجود عليه؛ لأنّ الماء القليل لا يخرج التراب عن اسم الأرض، وأطلق جماعة المنع منه. (48) ولا يجوز السجود على الثلج؛ لأنّه ليس بأرض ولا ما أنبت منه، ولمرسل منصور بن حازم (49) وخبر محمّد بن خلّاد (50) المتقدّمين. فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد، عن داود الصرميّ، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت له: إنّي أخرج في هذا الوجه وربّما لم يكن موضع اُصلّي فيه من الثلج، فكيف أصنع؟ قال: «إن أمكنك أن لا تسجد على الثلج فلا تسجد عليه، وإن لم يمكنك فسوّه واسجد عليه». (51) فإنّما يدلّ على جوازه في حال الضرورة، والضرورات تبيح المحظورات. وأمّا القرطاس فالمتّخذ منه من القطن والكتّان يجوز السجود عليه اتّفاقا؛ لكونه من نبات الأرض. ومنع الشهيد في اللمعة (52) والعلّامة في التذكرة (53) _ على ما نقل عنه _ السجود على (54) المتّخذ من الحرير منه؛ لكونه ليس أرضا ولا من نباتها. ويظهر من الذكرى توقّفه فيه حيث قال: «وفي النفس من القرطاس شيء من حيث اشتماله على النورة المستحيلة، إلّا أن يقال: الغالب جوهر القرطاس أو أنّ جمود النورة يردّ إليها اسم الأرض». (55) والأشهر والأظهر الجواز مطلقا؛ لإطلاق صحيحة جميل بن درّاج (56) وصحيحة صفوان الجمّال، قال رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام في المحمل يسجد على القرطاس، وأكثر ذلك يومى ء إيماء». (57) بل ولو كان مكتوبا بالمداد ونحوه؛ لخبر عليّ بن مهزيار، قال: سأل داود بن فرقد أبا الحسن عليه السلام عن القراطيس والكواغذ المكتوبة عليها، هل يجوز السجود عليها؟ فكتب: «يجوز». (58) واعتبر الشهيد الثاني في شرح اللمعة (59) ملاقاة الجبهة لما يقع عليه اسم السجود خاليا من الكتابة؛ نظرا إلى أنّ المراد ليس أرضا ولا نابتا منها. ويظهر من تعليله ذلك تجويزه السجود على نفس الكتابة إذا كانت ممّا يصحّ السجود عليه كالتراب ونحوه، والظاهر كراهة ذلك أيضا؛ نظرا إلى شغل النظر بالكتابة. كما أنّه يكره الصلاة وفي محلّ السجود مصحف مفتوح، ولصحيحة جميل بن درّاج. (60) قوله في صحيحة الحسن بن محبوب: (إنّ الماء والنار قد طهّراه) . [ح3 / 5057] يدلّ على تحقّق الاستحالة بهذا التغيير، ويؤيّده ما رواه الشيخ عن ابن أبي عمير، عمّن رواه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في عجين عجن وخبز، ثمّ علم أنّ الماء كانت فيه ميتة؟ قال: «لا بأس، أكلت النار ما فيه». (61) وعن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن الزبير، عن جدّه، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البئر يقع فيها الفأرة أو غيرها من الدوابّ فتموت، فيعجن من مائها، أيوكل ذلك الخبز؟ قال: «إذا أصابته النار فلا بأس بأكله». (62) ونسبه العلّامة في المنتهى إلى الشيخ في هذه المسألة وفي مسألة طهارة اللبن المضروب من الطين النجس بعد جعله آجرّا محتجّا بهذه الصحيحة، وقال: وفي الاستدلال بها إشكال من وجهين: أحدهما: أنّ الماء الّذي يحلّ به غير مطهّر إجماعا، والثاني: أنّه حكم بنجاسة الجصّ ثمّ بتطهيره. وفي نجاسة دخان الأعيان النجسة إشكال. _ ثمّ قال: _ والأقرب أن يقال: النار أقوى إحالة من الماء، فإذا كان الماء مطهّرا فالنار أولى منه. (63) انتهى. ولا يبعد أن يقال في دفع الإشكال الأوّل: إنّ المطِّهر إنّما هو النار، وذكر الماء على سبيل الاستطراد أو للتنظيف ونحوه، وإليه أشار الشيخ في النهاية حيث قال: «فإن استعمل شيء من هذه المياه النجسة في عجين يعجن به ويخبز لم يكن به بأس؛ لأنّ النار قد طهرّته». (64) وفي دفع الإشكال الثاني: إنّ مراد السائل أرض الجصّ الّذي يطرح عليها العذرة الرطبة واليابسة وعظام الموتى الرّطبة واليابسة ويوقد عليها، كما هو الشائع في طبخها. وذهب جماعة بعدم حصول الاستحالة بهذا التغيّر، ومنهم الشيخ في موضع آخر من النهاية، حيث قال: «لنا: أنّ النار لا تطهّر هذا العجين». (65) واحتج عليه في المنتهى (66) بما رواه زكريّا بن آدم، قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام : فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم؟ قال: فقال: «فسد»، قلت: أبيعه من اليهود والنصارى واُبيّن لهم؟ قال: «نعم، فإنّهم يستحلّون شربه»، (67) فلو كانت النار تطهّر لبيّنه. وما رواه في الصحيح عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا _ وما أحسبه إلّا حفص بن البختريّ _ قال: قيل لأبي عبد اللّه عليه السلام في العجين يعجن من الماء النجس، كيف يصنع به؟ قال: «يباع ممّن يستحلّ أكل الميتة». (68) وأنت خبير بعدم صراحة الخبرين في مدّعاه، فإنّهما إنّما دلّا على جواز بيعه من مستحلّيه، ولا ريب فيه، ولا ينافي ذلك تطهيره بالنضج. على أنّ خبر زكريا صريح في تطهير النار الدم على ما رواه الشيخ في التهذيب، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير، قال: «يهرق المرق أو يطعمه أهل الذمّة أو الكلب، واللحم اغسله وكله»، قلت: فإنّه قطر فيه الدم؟ قال: «الدم تأكله النار إن شاء اللّه تعالى»، قلت: فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم، قال: فقال: «فسد»، قلت: أبيعه من اليهود والنصارى واُبيّن لهم؟ قال: «نعم،فإنّهم يستحلّون شربه»، قلت: والفقّاع هو بتلك المنزلة إذا قطر في شيء من ذلك؟ قال: فقال: «أكره أن آكله إذا قطر في شيء من طعامي»، (69) فلا يبعد تخصيص الخبرين بالخمر وشبهها من المسكرات؛ لغلظة حرمتها، فتأمّل. قوله في خبر الحلبيّ: (دعا أبي بالخمرة) . [ح4 / 5058] في نهاية ابن الأثير: في حديث اُمّ سلمة، قال لها وهي حائض: «ناوليني الخمرة» هي مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه في سجوده من حصير أو نسيجة خوص ونحوه من النبات، ولا تكون خمرة إلّا في هذا المقدار، سمّيت خمرة لأنّ خيوطها مستورة بسعفها. وقد جاء في سنن أبي داود عن ابن عبّاس، قال: جاءت فأرة فأخذت تجرّ الفتيلة، فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه و آله على الخمرة الّتي كان قاعدا عليها، فأحرقت منها مثل موضع درهم، وهذا صريح في إطلاق الخمرة على الكبيرة من نوعها. (70) قوله في خبر عمرو بن سعيد: (لا تسجد على القير ولا على الصاروج) .[ ح6/5060] راواه الشيخ في الاستبصار بهذا السند، وفيه: «لا تسجد على القير ولا على القفر ولا على الصاروج»، (71) والقفر: هو رديّ القير والمستعمل منه مرارا، (72) والصاروج: هو النورة بأخلاطها. (73) قوله في خبر محمّد بن (74) عليّ بن الريّان: (فتوقف أصحابنا) . [ح7 / 5061] لعلّ وجه توقّفهم ذكره عليه السلام الخيوطة والسيورة بلفظ الجمع مع تاء الوحدة، واستشهد عليه السلام على ذلك بقول تأبّط شرّا (75) اطمينانا لقلوبهم، ولفظة «كأنّها» من المصراع الأوّل، والبيت هكذا: وأطوي على الخمص الحوايا كأنّهاخيوطة ما ري تغار وتفتل والخمص بضمّين: جمع خميص كرغيف ورغف، ورجل خميص الحشا: ضامر البطن. (76) والحوايا: جمع الحويّة وهي كغنيّة استدارة كلّ شيء، (77) والمراد هنا ما استدار عليه أضلاع الجنبين، وأغار: شدّ الفتل. (78) وإنّما جاز السجود على المعمولة من الخيوطة لاستتارها بالخوص، وينبغي تخصيص المعمول من السيورة بما إذا منعت اليسور من وقوع مسمّى الجبهة على الخوص، فإن كانت مغطّاة بحيث تقع الجبهة على الخوص صحّ السجود عليه، وصرّح به الشهيد في الذكرى. (79) قوله في خبر غياث بن إبراهيم: (لا يسجد الرجل على شيء ليس عليه سائر جسده) . [ح10 / 5064] لم أجد قولاً بتحريم ذلك ولا بكراهته. نعم، قالوا باستحباب وضع المساجد السبعة على ما يصحّ السجود عليه، واستدلّوا له بهذا الخبر، ولا بعد في تأويله بذلك. وحمله الشيخ في الاستبصار على التقيّة؛ لموافقته لمذهب بعض العامّة، قال: وليس عليه العمل؛ لأنّه يجوز أن يقف الإنسان على ما لم يسجد عليه. (80) قوله في خبر عليّ بن جعفر: (والثيّل) [ح13 / 5067] هو في أكثر النسخ المصحّحة بالثاء المثلّثة ثمّ الياء المشدّدة المثناة من تحت، وهو نوع من النبات. (81) وفي بعض النسخ الاُولى بالنون، وفي القاموس: النيل: نبات العظلم، ونبات آخر ذو ساق صلب وشعب دقاق وورق صغار مرصَّغة من جانبين». (82) وفيه أيضا: «العظلم كزبرج: نبت يصبغ به أو [هو] الوسمة». (83)

.


1- . اُنظر : مجمع البحرين ، ج 1 ، ص 23 (أنف) .
2- . اُنظر : مصباح المتهجد ، ص 28 ؛ الجامع للشرائع ، ص 69 ؛ جامع الخلاف والوفاق ، ص 74 ؛ إرشاد الأذهان ، ج 1 ، ص 248 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 2 ، ص 436 ، المسألة 102 ؛ منتهى المطلب ، ج 4 ، ص 351 ؛ الذكرى ، ج 3 ، ص 138 _ 139 .
3- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 159 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 234 ، ح 925 إلى قوله : «إلّا ما أكل أو لبس» ، ولم يذكر العلّة ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 272 ، ح 843 . ورواه أيضا في علل الشرائع ، ص 341 ، الباب 42 ، ح 1 . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 343 ، ح 6740 .
5- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 234 ، ح 924 ، وص 313 ، ح 1274 . ورواه الصدوق في علل الشرائع ، ص 341 ، الباب 42 ، ح 3 ؛ والفقيه ، ج 1 ، ص 268 ، ح 830 . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 344 ، ح 6741 .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 311 ، ح 1262 . ورواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 261 ، ح 804 . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 345 ، ح 6748 .
7- . لعلّه كتّان منسوب إلى طبرستان . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 376 (طبر) .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 235 ، ح 927 و ص 308 ، ح 1249 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 331 ، ح 1243 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 348 ، ح 6755 .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 311 ، ح 1261 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 346 ، ح 6749 .
10- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 311 ، ح 1263 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 368 ، ح 6813 .
11- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 311 ، ح 1264 ؛ وج 3 ، ص 177 ، ح 398 . ورواه الصدوق فيالفقيه ، ج 1 ؛ ص 363 ، ح ، 1039 . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 364 ، ح 6802 .
12- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 310 ، ح 1255 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 363 ، ح 6798 .
13- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 373 _ 374 ، ح 1553 . ورواه الكليني في الكافي ، كتاب الزي والتجمّل والروءة ، ح 8 . وسائل الشيعة ، ج 4 ، ص 378 ، ح 5445 .
14- . مصباح المتهجّد ، ص 733 _ 734 ، ح 824 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 366 ، ح 6808 .
15- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 306 ، ح 1239 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 350 ، ح 6761 .
16- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 306 ، ح 1240 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 333 ، ح 1249 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 351 ، ح 6765 .
17- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 306 _ 307 ، ح 1241 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 333 ، ح 1250 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 350 ، ح 6762 .
18- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 307 ، ح 1242 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 333 ، ح 1251 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 350 ، ح 6763 .
19- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 307 ، ح 1243 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 333 ، ح 1252 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 350 _ 351 ، ح 6764 .
20- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 308 ، ح 1247 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 332 ، ح 1247 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 351 _ 352 ، ح 6767 .
21- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 307 ، ح 1244 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 332 ، ح 1245 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 349 _ 350 ، ح 6760 .
22- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 235 ، ح 930 ؛ وص 307 ، ح 1245 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 332 ، ح 1244 ؛ ورواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 270 _ 271 ، ح 835 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 349 ، ح 6758 .
23- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
24- . تذكرة الفقهاء ، ج 2 ، ص 437 .
25- . هذا هو الظاهر المناسب للسياق ، وفي الأصل : «دَقيقها» .
26- . جوابات المسائل الموصليات الثانية (رسائل المرتضى ، ج 1 ، ص 174) .
27- . الانتصار، ص 136، مسألة 34.
28- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 29) .
29- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 116 .
30- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 246 _ 247 . وهذا الاستدلال حكاه في المختلف ، ج 2 ، ص 117 عن السيّد المرتضى .
31- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 307 _ 308 ، ح 1246 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 332 ، ح 1246 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 348 ، ح 6756 .
32- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 308 ، ح 1248 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 333 ، ح 1253 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 348 ، ح 6757 .
33- . وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 443 ، ح 1171 .
34- . المعتبر ، ج 2 ، 119 .
35- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 248 .
36- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
37- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
38- . الفقيه ، ج 1 ، ص 271 ، ح 836 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 354 ، ح 6777 .
39- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 303 ، ح 1224 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 334 ، ح 1255 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 354 ، ح 6776 .
40- . الفقيه ، ج 1 ، ص 457 ، ح 1323 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 355 ، ح 6779 .
41- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي .
42- . كذا بالأصل ، وليس في أحاديث الباب رواية عن الحسن بن عليّ ، نعم رواية الحسن بن محبوب تدلّ على ذلك ، وهى الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
43- . الحديث 14 من هذا الباب من الكافي .
44- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 310 ، ح 1257 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 335 _ 336 ، ح 1262 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 164 ، ح 6229 .
45- . تذكرة الفقهاء ، ج 2 ، ص 177 .
46- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 312 ، ح 1267 ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 447 ، ح 1300 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 143 ، ح 6163 .
47- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 175 ، ح 390 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 142 ، ح 6158 .
48- . اُنظر : مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 248 .
49- . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 351 _ 352 ، ح 6767 .
50- . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 164 ، ح 6229 .
51- . الكافي ، باب الصلاة في الكعبة ... والمواضع الّتي تكره الصلاة فيها ، ح 14 ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 261 ، ح 802 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 310 ، ح 1256 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 336 ، ح 1263 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 164 ، ح 6231 .
52- . اللمعة الدمشقيّة ، ص 27 ، حيث خصّه بالقرطاس المتّخذ من النبات ؛ شرح اللمعة ، ج 1 ، ص 557 .
53- . التذكرة الفقهاء ، ج 2 ، ص 437 .
54- . في الأصل: «وعلى»، والظاهر زيادة «و».
55- . الذكرى ، ج 3 ، ص 145 .
56- . الحديث 12 من هذا الباب من الكافي .
57- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 309 ، ح 1251 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 334 ، ح 1258 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 355 ، ح 6781 .
58- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 309 ، ح 1250 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 334 ، ح 1257 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 355 _ 356 ، ح 6782 .
59- . شرح اللمعة ، ج 1 ، ص 560 .
60- . الحديث 12 من هذا الباب من الكافي .
61- . تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 414 ، ح 1304 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 29 ، ح 75 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 175 ، ح 439 .
62- . تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 413 _ 414 ، ح 1303 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 29 ، ح 74 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 175 ، ح 438 .
63- . منتهى المطلب ، ج 3 ، ص 288 .
64- . النهاية ، ص 8 .
65- . النهاية ، ص 590 . ولفظه مغاير لما نحن فيه والمعنى واحد .
66- . منتهى المطلب ، ج 3 ، ص 215 .
67- . الكافي ، ج 6 ، كتاب الأشربة ، أبواب الأنبذة ، باب المسكر يقطر منه في الطعام ، ح 1 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 279 ، ح 820 ، و ج 9 ، ص 119 ، ح 512 ؛ وسائل الشيعة ، ج 3 ، ص 470 ، ح 4204 ، وج 25 ، ص 358 _ 359 ، ح 32119 .
68- . تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 414 ، ح 1305 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 29 ، ح 76 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 242 _ 243 ، ح 628 .
69- . تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 279 ، ح 820 ؛ وسائل الشيعة ، ج 3 ، ص 470 ، ح 4204 .
70- . النهاية ، ج 2 ، ص 77 (خمر) . والحديث في سنن أبي داود ، ج 2 ، ص 529 ، ح 5247 .
71- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 334 ، ح 1254 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 353 ، ح 6773 .
72- . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 534 (قفر) .
73- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 325 (صرج) وفيه : «النورة وأخلاطها» .
74- . كذا في الأصل ، و في الكافي : - «محمدبن» .
75- . تأبّط شرّا هو ثابت بن جابر بن سفيان أبو زهير الفهمي من مضر ، شاعر عداء ، من فتّاك العرب في الجاهليّة ، كان من أهل تهامة ، له ديوان شعر ، توفّي نحو سنة 80 ه ق . الأعلام للزركلي ، ج 2 ، ص 97 ؛ معجم المؤلّفين ، ج 3 ، ص 99 .
76- . صحاح اللغة ، ج 3 ، ص 1038 (خمص) .
77- . القاموس المحيط ، ج 4 ، ص 321 .
78- . تاج العروس ، ج 7 ، ص 327 .
79- . الذكرى ، ج 3، ص 142 .
80- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 335 ، ذيل الحديث 1261 ، ومثله في تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 305 ، بعد الحديث 1233 ، واللفظ له .
81- . صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 165 (ثيل) .
82- . القاموس المحيط ، ج 4 ، ص 62 .
83- . القاموس المحيط ، ج 10 ، ص 152 .

ص: 110

. .

ص: 111

. .

ص: 112

. .

ص: 113

. .

ص: 114

. .

ص: 115

. .

ص: 116

. .

ص: 117

. .

ص: 118

. .

ص: 119

. .

ص: 120

. .

ص: 121

. .

ص: 122

. .

ص: 123

باب وضع الجبهة على الأرض

[باب وضع الجبهة على الأرض]أجمع أهل العلم على وجوب السجود على الجبهة إلّا ما حكي عن أبي حنيفة من إجزاء ما لو سجد على أنفه، وعن ابن المنذر أنّه قال: «لا أعلم أحدا سبقه إلى هذا»، (1) وقد سبق بعض الأخبار في ذلك، وسيأتي بعض آخر. واختلفوا في وجوب السجود على باقي المساجد السبعة: الكفّين والركبتين وإبهامي الرجلين، نسب في الذكرى (2) إلى إجماع الأصحاب [على ]وجوبه، إلّا أنّه حكى عن السيّد المرتضى (3) أنّه اجتزى عن الكفّين بمفصلهما عند الزندين، وهو منقول عن أحمد وعن أحد قولى الشافعيّ وعن أبي حنيفة ومالك، وقول آخر للشافعيّ عدم وجوبه. (4) واحتجّ الأصحاب بقوله تعالى: «وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ» (5) بناء على ما فسّره أكثر المفسّرين، حيث قالوا: المراد بالمساجد هنا الأعضاء السبعة، وهو منقول في مجمع البيان (6) عن سعيد بن جبير والفرّا والزجّاج، وفيه: وروي أنّ المعتصم سأل أبا جعفر محمّد بن عليّ بن موسى الرضا عليهم السلام عن قوله تعالى: «وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ» ، فقال: «هي الأعضاء السبعة الّتي يسجد عليها». (7) ويدلّ أيضا عليه صحيحة زرارة، قال: قال أبو جعفر الباقر عليه السلام : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : السجود على سبعة أعظم: الجبهة واليدين والركبتين والإبهامين، وترغم بأنفك إرغاما، أمّا الفرض فهذه السبعة، وأمّا الإرغام بالأنف فسنّة من النبيّ صلى الله عليه و آله ». وما روى في الذكرى (8) والمنتهى (9) عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «اُمرت بالسجود على سبعة أعظم: اليدين والركبتين وأطراف القدمين والجبهة». (10) وفي المنتهى عنه صلى الله عليه و آله : «اُمرت أن أسجد على سبعة آراب». (11) وعن أبي داود عن ابن عمر: إنّ اليدين يسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يده، وإذا رفعه فليرفعهما. (12) ووجوب السجود على اليدين يستلزم وجوبه على البواقي؛ لعدم القائل بالفصل. ولا ينافي ذلك ما رواه الشيخ في الاستبصار عن هارون بن خارجة، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام وهو ساجد وقد رفع قدميه من الأرض وإحدى قدميه على الاُخرى؛ (13) لما ذكره قدس سرهمن أنّه يجوز أن يكون عليه السلام إنّما فعل ذلك لضرورة دعته إليه دون حال الاختيار. وحكى في المنتهى (14) عن أبي حنيفة أنّه احتجّ على ما ذهب إليه بقوله عليه السلام : «سجد وجهي»، (15) وقال: لو ساواه غيره لما خصّه بالذكر، وبأن وضع الجبهة على الأرض يسمّى سجودا بخلاف غيره، فينصرف الأمر المطلق إليه، وبأنّه لو وجب غيره لوجب كشفه، كما وجب كشف الجبهة. وأجاب عن الأوّل بأن التخصيص الذكري لا ينفي ما عداه، لاسيما إذا كان لذلك التخصيص فائدة ظاهرة كإظهار كثرة الخشوع، ثمّ قال: والعجب أنّ أبا حنيفة لم يجوّز العمل بالمفهوم، وقد عمل به هنا، وهل هذا إلّا مناقضة. وعن الثاني بأن وضع الجبهة على الأرض كما سمّي سجودا سُمّي وضع باقي الأعضاء أيضا سجودا، كما في قوله عليه السلام : «سجد عظمي ولحمي وما أقلّته قدماي». (16) وعن الثالث بمنع الملازمة. وقياس باقي المساجد على الوجه قياس مع الفارق، فإنّ الجبهة هي الأصل في السجود دون غيرها. واختلفوا في القدر المعتبر من الجبهة في الوضع فالأكثر على كفاية المسمّى منها، وهو ظاهر حسنة زرارة، (17) وما رواه الشيخ عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: سألته عن حدّ السجود، فقال: «ما بين قصاص الشعر إلى موضع الحاجب، ما وضعت منه أجزأك». (18) وما رواه الصدوق عن عمّار الساباطيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف مسجد، فما أصاب الأرض منه فقد أجزأك». (19) واعتبر ابن إدريس (20) مقدار الدرهم منه، وهو منسوب إلى الصدوق. (21) واحتجّ لهما في المسالك بصحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال: سألته عن المرأة تطول قصّتها، فإذا سجدت وقعت بعض جبهتها على الأرض وبعض يغطّيها الشعر، هل يجوز ذلك؟ قال: «لا حتّى تقع جبهتها على الأرض». (22) ويؤيّده خبر طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلامقال: «انّ عليّا عليه السلام كان يكره أن يصلّي على قصاص شعره حتّى يرسله إرسالاً»، (23) فإنّ الظاهر أنّ ذلك ليتمكّن جبهته على الأرض. وحملهما على الاستحباب طريق الجمع. وربّما احتجّ عليه بصحيحة زرارة، عن أحدهما عليهماالسلام ، قال: قلت له: الرجل يسجد وعليه قلنسوة أو عمامة؟ فقال: «إذا مسّ جبهته الأرض فيما بين حاجبه وقصاص شعره فقد أجزا عنه»، (24) وهو محلّ تأمّل، فإنّه مجمل، بل ظاهره الأوّل. فظاهر العلّامة وقوع هذا الخلاف في باقي الأعضاء السبعة أيضا حيث قال بعد ذكر ذلك الخلاف: «وكذا البحث في بقية الأعضاء». (25) واعتبر صاحب المدارك فيها المسمّى وقال: «لا نعرف فيه خلافا». (26) وظاهر ما تقدّم من الأخبار وجوب وضع الإبهامين من الرجلين على الأرض وعدم كفاية إصبع اُخرى منهما، وهو مذهب الأكثر. وقال الشيخ في المبسوط: «إن وضع بعض أصابع رجليه أجزأ»، (27) وظاهره إجزاء غير إلابهامين. وعن ابن زهرة: أنّه يسجد على أطراف القدمين، (28) وعن أبي الصلاح أطراف أصابع الرجلين، (29) وكأنّهم تمسّكوا بقوله صلى الله عليه و آله : «وأطراف القدمين» فيما رويناه عن ابن عبّاس. وفي الذكرى: «والرواية عن النبيّ صلى الله عليه و آله مشعرة بإطلاق الأصابع». (30) وظاهر ما تقدّم من الأخبار عدم وجوب الإرغام بالأنف، وفي بعضها تصريح بكونه سنّة. ويؤيّدها ما رواه الشيخ عن محمّد بن مصادف، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: «إنّما السجود على الجبهة، وليس على الأنف سجود». (31) وهو المشهور بين الأصحاب، بل نسبه في المنتهى (32) إلى علمائنا أجمع، وحكاه عن عطا وطاووس وعكرمة والحسن وابن سيرين والشافعيّ وأبي ثور ومحمّد وأبي يوسف وإحدي الروايتين عن أحمد. (33) ونقل بعض الأصحاب عن السيّد المرتضى (34) وجوبه، وحكاه في المنتهى (35) عن سعيد بن جبير، وفي رواية اُخرى عن أحمد. (36) ويدلّ عليه ما رواه المصنّف من مرسلة عبد اللّه بن المغيرة، (37) وما رواه الشيخ في الموثّق عن حمّاد، عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلام، قال: قال عليّ صلوات اللّه عليه: «لا تجزي صلاة لا يصيب الأنف ما يصيب الجبين». (38) وما روته العامّة عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «اُمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة» وأشار بيده إلى الأنف. (39) وفي رواية اُخرى عنه، قال: قال النبيّ صلى الله عليه و آله : «اُمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة والأنف واليدين والركبتين والإبهامين». (40) وعن عكرمة (41) : عدّ هذه الأعضاء سبعة مبنى على كون مجمع الجبهة والأنف عضوا واحدا، كما هو أحد قولي أبي حنيفة. (42) وعن ابن عبّاس، قال: قال النبيّ صلى الله عليه و آله : «لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبهة». (43) وحملت على الاستحباب للجمع. وأجاب في المنتهى (44) عن الخبر الأوّل العامي بأنّه لا يجوز أن يشار إلى الأنف ويراد من الجبهة إيّاه، وإلّا لتعيّن السجود عليه دون الجبهة، فلعلّ الراوي رأى محاذاة يديه عليه السلام لأوّل الجبهة فتوهّم الأنف. وعن الثاني منها بأن قوله عليه السلام : «اُمرت أن أسجد على سبعة أعظم» ثمّ عدّ الأنف دليل على أنّه غير مراد بأمر الوجوب، وإلّا لكان المأمور به ثمانية أعضاء. وعن الثالث بأنّها مرسلة، قاله أحمد بن حنبل، (45) فلا تعويل عليها، والظاهر تحقّق الإرغام بمسمّاه من أيّ جزء من الأنف. وحكى في المنتهى (46) عن السيّد المرتضى أنّه اعتبره بطرف الأنف الّذي يلي الحاجبين، (47) والإرغام ليس هو وضع الأنف على التراب كما هو مفهومه في اللغة، (48) بل يشمل وضعه على الأرض بواسطة أيضا وإن كان ذلك أولى. [قوله] في خبر معاوية بن عمّار: (إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها) إلخ. [ح3 /5071] في القاموس: «النبكة محركة وتسكّن: أكمة محدّدة الرأس وربّما كانت حمراء، أو أرض فيها هبوط وصعود، أو التلّ الصغير (49) ». ويؤكّد الخبر ما رواه الشيخ عن الحسين بن حمّاد، قال: قلت له: أضع وجهي للسجود فيقع وجهي على حجر أو موضع مرتفع أحرّك وجهي إلى مكان مستو؟ قال: «نعم، جرّ وجهك على الأرض من غير أن ترفعه». (50) وعن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن جعفر عليه السلام ، قال: سألته عن الرجل يسجد على الحصى فلا يمكّن جبهته من الأرض، قال: «يحرّك جبهته حتّى تمكّن، فينحّي الحصى عن جبهته، ولا يرفع رأسه». (51) ويؤيّدها أن الرفع ثمّ الوضع موجب لمزيد سجود عمدا. لا يقال: يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن المفضّل بن صالح، عن الحسين بن حمّاد، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسجد على الحصى، قال: «يرفع رأسه حتّى يستمكن». (52) وعن معاوية بن حكيم، عن أبي مالك الحضرميّ، عن الحسين بن حمّاد، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع، فقال: «ارفع رأسك ثمّ ضعه». (53) لأنّا نقول: هذان الخبران مع وحدتهما لكون راويهما الحسين بن حمّاد قد عرفت أنّه روى خلافه موافقا لأخبار متعدّدة، فالظاهر وقوع سهو من أحد من رواته، وحمله العلّامة في المنتهى (54) على ما إذا كان موضع ارتفاع الجبهة أزيد من لبنة، وخصّ الأوّلة بما إذا كان ارتفاعه قدر لبنة فما دون، فارقا بينهما بأنّه على الأوّل لا تصلح سجدته شرعا بناء على اشتراط عدم علوّ موضع الجبهة عن موضع القيام بأزيد من لبنة فرفع الرأس ثمّ وضعه غير مستلزم لزيادة سجدة شرعيّة، بخلاف الثاني؛ لصحّة سجدته شرعا. وحمل الشيخ في الاستبصار الأوّلة على ما إذا تمكّن من جرّ الجبهة، والأخيرين على ما إذا لم يتمكّن منها. (55) واحتمل بعض الأصحاب حمل الأوّلة على الاستحباب، وهذان تأويلان مبنيّان على أن لا يكون رفع الرأس اليسير موجبا لتعدّد السجدة ولا بعد فيه بشهادة العرف. قوله في حسنة عبد اللّه بن سنان: (ولكن يكون مستويا) . [ح4 / 5072] رواه الشيخ في التهذيب (56) في الصحيح، وهو إنّما يدلّ على استحباب المساواة، وعدّ جماعة _ منهم المحقّق (57) _ من مستحبّات السجود أن يكون موضع سجوده موافقا لموقفه أو أخفض، ولم أرَ دليلاً على استحباب الخفض. نعم، يدلّ على جوازه موثّقة عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المريض يقوم على فراشه ويسجد على الأرض، فقال: «إذا كان الفراش غليظا قدر آجرّة أو أقلّ استقام له أن يقوم عليه ويسجد على الأرض، وإن كان أكثر من ذلك فلا». (58) وفي المنتهى: لا يجوز أن يكون موضع سجوده أعلى من موقف المصلّى بما يعتدّ به، قال الشيخ: فإن زاد بمقدار لبنة لم يكن به بأس، وإن زاد لم يجز. (59) وذهب إليه علماؤنا أجمع؛ لأنّ العلوّ المعتدّ به يخرج بسببه المصلّي عن الهيئة المنقولة عن الشارع. (60) انتهى. والتقدير الّذي ذكره الشيخ يدلّ عليه ما رواه عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: سألته عن السجود على الأرض المرتفعة، فقال: «إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس». (61) وأشار المصنّف إلى هذا الخبر بقوله: «وفي حديث آخر في السجود على الأرض المرتفعة، إلى آخره». (62) والمراد باللبنة على ما ذكره طاب ثراه والمحقّق الشيخ عليّ في شرح القواعد: المعتادة في زمان صاحب الشرع وقدّرت بأربع أصابع مضمومة تقريبا». (63) واعتبر جماعة مثلها في جانب الخفض أيضا، فلم يجوّزوه أزيد من مقدار لبنة. (64) واستحسنه صاحب المدارك (65) مستشهدا بموثّقة عمّار المتقدّمة. وظاهر الأكثر عدم اشتراط مساواة موضع الجبهة لغير موضع القدمين من مواضع الأربعة الباقية، ولا كون التفاوت بقدر لبنة فما دون؛ لعدم دليل عليه يعتدّ به واشترطه المحقّق في المعتبر، (66) ونقل طاب ثراه عن الشهيد (67) أنّه قال: كما يجب عدم علوّ المسجد عن الموقف بأزيد من اللبنة كذلك يجب عدم علوّه عن باقي المساجد السبعة كذلك محتجّا بقوله عليه السلام فيما رويناه عن عبد اللّه بن سنان: «إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس»، فإنّ البدن يشمل الكلّ. ويرد عليه ما أورده بعضهم من أنّ الخبر غير صحيح؛ لوجود النهدي في طريقه وهو مجهول الحال، وبأنّ مفهومه إنّما هو وجود البأس في ارتفاعه عنها بأزيد من لبنة، وهو أعمّ من التحريم ومن الكراهة، فيشكل الاستدلال به على الخاصّ. (68) واستثنى جماعة الأرض المنحدرة، وصرّحوا بجواز الصلاة فيها وإن كان التفاوت بأزيد من لبنة، (69) وكأنّهم تمسّكوا في ذلك بصلاة ذات الرقاع الّتي كانت واقعة في سفح الجبل. وفي المدارك: «لا فرق في ذلك بين الأرض المنحدرة وغيرها؛ لإطلاق النصّ (70) ». قوله في خبر مصادف: (لا تفعل ولكن احفر حفرة) . [ح6 / 5074] المشهور بين الأصحاب وجوب ذلك مع الإمكان وأنّه مقدّم على السجدة على الجبين ما لم يستوعب المانع الجبهة محتجّين بهذا الخبر، وبأنّ الواجب السجدة على بعض الجبهة ومسمّاها، وهو يتحقّق بذلك، ومع التعذّر أو الاستيعاب يسجد على أحد الجبينين، وهو منسوب إلى أكثر العامّة. ولم أجد نصّا عليه، واحتجّ عليه في المنتهى: بأنّ الجبهة مع الجبينين كالعضو الواحد، فيقوم أحدهما مقامها للعذر، وبأن السجود على أحدهما أشبه بالسجود على الجبهة من الإيماء، والإيماء يجزي مع تعذّر السجود على الجبهة، فالجبين أولى. (71) ثمّ الأكثر على التخيير بين الجبينين. وأوجب الصدوق تقديم الأيمن على الأيسر، (72) ومع تعذّرهما يسجد على الذقن على المشهور؛ لمرسلة عليّ بن محمّد. (73) وأوجب الصدوق (74) السجود على ظهر الكفّ مقدّما عليه. ولم أجد دليلاً عليه، بل ظاهر هذه المرسلة وجوب السجود على الذقن مع تعذّر الجبهة وإن أمكن السجود على الجبين. ويؤيّده كون هذه سجدة في الاُمم السالفة كما علّل به في الخبر، وقد نقل هذا في شرح الفقيه (75) قولاً من بعض الأصحاب من غير أن يعيّن قائله. قوله في خبر عبد الملك بن عمرو: (رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام سوّى الحصى حين أراد السجود) [ح8 / 5076] ومثله ما رواه الشيخ في التهذيب عن يونس بن يعقوب، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يسوّى الحصى في موضع سجوده بين السجدتين، (76) وظاهرهما عدم كراهة هذا الفعل في الصلاة. وأظهر في ذلك مرفوعة عن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا قمت في الصلاة فلا تعبث بلحيتك ولا برأسك، ولا تعبث بالحصى وأنت تصلّي، إلّا أن تسوّي حيث تسجد [فلا بأس] (77) » حيث استثنى التسوية ممّا نهي عنه نهي تنزيه. ولا يبعد القول بأدنى كراهة؛ لمنافاتها للإقبال والخشوع، ولما رواه طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلامقال: «إنّ عليّا عليه السلام كره تنظيم الحصى في الصلاة». (78) ونقل طاب ثراه عن بعض العامّة أنّه قال: إنّهم اتّفقوا على كراهته (79) مستندين بما رواه مسلم بإسناده: أنّه سأل النبيّ صلى الله عليه و آله عن المسح في المسجد، يعنى الحصى، قال: «إن كنت فاعلاً فواحدة»، (80) وبأنّه مناف للتواضع. وقالوا: المصحّح لفعل الواحدة إزالة ما تتأذّى به أو خشية أن يعلق منها بوجهه. قوله في خبر محمّد بن مسلم: (فقال: لا) . [ح9 / 5077] وقد ورد مثله من طريق العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: «أربع من الجفاء: أن ينفخ في الصلاة، وأن يمسح وجهه قبل أن ينصرف (81) »، الخبر. والنهي محمول على الكراهة عند الفريقين، وهو وجه الجمع بينهما وبين ما رواه إسحاق بن عمّار، عن رجل من بني عجل، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المكان يكون فيه الغبار فأنفخه إذا أردت السجود، فقال: «لا بأس». (82) وقد رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام مرسلاً. (83) ومنشأ الكراهة احتمال أذى الغير على ما رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام أنّه قال: «يكره ذلك خشية أن يؤذّي من إلى جانبه». (84) وقيل: إنّها لكونه منافيا للتواضع، ونقل طاب ثراه عن بعض العامّة كراهية مسح الجبهة في الصلاة قبل الانصراف منها مستندا بالحديث النبويّ المذكور، (85) ولم أجد من طريقنا نهيا عنه، بل روى الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أيمسح الرجل جبهته في الصلاة إذا لصق بها تراب؟ قال: «نعم، قد كان أبو جعفر عليه السلام يمسح جبهته في الصلاة إذا لصق بها التراب». (86)

.


1- . المغني والشرح الكبير لابنَي قدامة ، ج 1 ، ص 557 ؛ تفسير القرطبي ، ج 1 ، ص 346 ، وانظر : بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 113 ؛ عمدة القاري ، ج 6 ، ص 90 ؛ التمهيد ، ج 23 ، ص 62 ؛ شرح مسلم للنووي ، ج 4 ، ص 208 .
2- . الذكرى ، ج 3، ص 387 .
3- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 32) .
4- . تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 185 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 426 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 112 ؛ المغني والشرح الكبير ، لابني قدامة ، ج 1 ، ص 555 .
5- . الجنّ (22) : 18 .
6- . مجمع البيان ، ج 10 ، ص 152 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 299 ، ح 1204 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 327 ، ح 1244 ، وص 329 ، ح 1232 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 343 ، ح 8134 .
8- . الذكرى ، ج 3 ، ص 387 _ 388 .
9- . منتهى المطلب ، ج 4 ، ص 351 .
10- . المغني والشرح الكبير لابنَي قدامة ، ج 1 ، ص 555 ؛ المعجم الأوسط للطبراني ، ج 2 ، ص 192 ؛ المعجم الكبير ، ج 11 ، ص 358 .
11- . منتهى المطلب ، ج 4 ، ص 351 ، والمذكور فيه «سبعة أعظم» . والحديث بلفظ «سبعة آراب» في فتح العزيز ، ج 3 ، ص 454 ؛ وسنن أبي داود ، ج 1 ، ص 204 ، ح 891 .
12- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 6 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 204 ، ح 893 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 229 ، ح 679 ، والمجتبى له أيضا ، ج 2 ، ص 207 ؛ المستدرك للحاكم ، ج 1، ص 226 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 101 .
13- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 329 ، ح 1233 . ورواه أيضا في تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 301 ، ح 1214 . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 344 ، ح 8137 .
14- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 286 _ 287 .
15- . مسند الشافعي ، ص 40 ؛ مسند أحمد ، ج 1 ، ص 95 و 102 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 185 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 335 ، ح 1054 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 176 _ 177 ، ح 760 ؛ سنن الترمذي ، ج 5 ، ص 149 _ 150 ، ح 3481 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 32 .
16- . أورده المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 207 .
17- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
18- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 85 ، ح 313 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 355 _ 356 ، ح 8171 .
19- . الفقيه ، ج 1 ، ص 271 ، ح 840 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 356 ، ح 8173 .
20- . السرائر ، ج 1 ، ص 225 ، والمذكور فيه انّ ذلك مجز لمن كان في جبهته علّة .
21- . المقنع ، ص 87 ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 269 .
22- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 313 _ 314 ، ح 1276 ؛ مسائل عليّ بن جعفر ، 239 ، ح 560 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 363 ، ح 6800 .
23- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 298 ، ح 1203 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 363 ، ح 6779 ؛ وج 6 ، ص 344 ، ح 8135 .
24- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 85 ، ح 314 ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 271 ، ح 837 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 363 ، ح 6797 ، وج 6 ، ص 355 ، ح 8170 .
25- . تحرير الأحكام ، ج1 ، ص 254 ؛ منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 148 .
26- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 404 .
27- . المبسوط ، ج 1 ، ص 112 .
28- . الغنية ، ص 80 .
29- . الكافي في الفقه ، ص 119 .
30- . الذكرى ، ج 3 ، ص 388 .
31- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 298 ، ح 1200 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 326 ، ح 1220 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 343 ، ح 8133 .
32- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 159 .
33- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 425 ؛ تفسير القرطبي ، ج 1 ، ص 346 ؛ المغني والشرح الكبير لابنَي قدامة ، ج 1 ، ص 556 .
34- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 32) .
35- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 159 .
36- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 425 ؛ المغني والشرح الكبير ، ج 1 ، ص 556 ؛ عمدة القاري ، ج 6 ، ص 91 .
37- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
38- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 298 ، ح 1202 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 327 ، ح 1223 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 344 ، ح 8136 . وكان في الأصل : «الجبينين» ، والتصويب حسب مصادر الحديث .
39- . مسند أحمد ، ج 1 ، ص 305 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 302 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 198 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 52 ؛ سنن النسائي ، ج 2 ، ص 209 ؛ السنن الكبرى له أيضا ، ج 1 ، ص 231 ، ح 684 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 5 ، ص 252 .
40- . المغني والشرح الكبير لابنَي قدامة ، ج1 ، ص 556 ، وفيهما : «والركبتين» بدل «والقدمين» . وباللفظ المذكور رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله : وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 343 ، ح 8134 .
41- . كذا بالأصل، والمذكور في المصادر كالمنتهى ، ج 5 ، ص 159 ؛ والمغني والشرح الكبير لابني قدامة ، ج 1 ، ص 556 بعد قوله : «وعن عكرمة» ذكر الحديث التالي عن ابن عبّاس ، وفي الأخيرين بعد نقل الرواية عن عكرمة : «ورواه أبو بكر بن عبد العزيز والدارقطني في الإفراد متَّصلاً عن عكرمة عن ابن عبّاس عن النبيّ» .
42- . اُنظر : تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 187 ؛ أحكام القرآن للجصّاص ، ج 3 ، ص 272 ؛ عمدة القاري ، ج 6 ، ص 90 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 424 _ 425 .
43- . سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 341 ، ح 1304 ، إلّا أنّ فيه : «الجبين» بدل «الجبهة» .
44- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 161 .
45- . اُنظر : المغني ، ج 1 ، ص 556 .
46- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 162 .
47- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 32) ، والمذكور فيه أنّه من وكيد السنن .
48- . مجمع البحرين ، ج 2 ، ص 198 (رغم) .
49- . القاموس المحيط ، ج 3 ، ص 321 (نبك) .
50- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 312 ، ح 1269 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 330 ، ح 1239 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 353 ، ح 8165 .
51- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 312 ، ح 1270 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 353 _ 354 ، ح 8166 .
52- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 310_ 311 ، ح 1260 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 354 ، ح 8168 .
53- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 302 ، ح 1219 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 330 ، ح 1237 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 354 ، ح 8167 .
54- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 153 .
55- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 330 ، ذيل الحديث 1240 .
56- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 85 ، ح 315 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 357 ، ح 8175 .
57- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 69 .
58- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 307 ، ح 949 . ورواه الكليني في الكافي ، باب صلاة الشيخ الكبير والمريض ، ح 13 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 358 _ 359 ، ح 8180 .
59- . المبسوط ، ج 1 ، ص 115 ؛ النهاية ، ص 83 .
60- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 151 .
61- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 313 ، ح 1271 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 358 ، ح 8179 .
62- . ذيل الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .
63- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 299 .
64- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 309 ؛ البيان ، ص 87 ؛ مسالك الأفهام ، ج 1 ، ص 219 .
65- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 407 .
66- . المعتبر ، ج 2 ، ص 208 .
67- . الذكرى ، ج 3 ، ص 149 _ 150 .
68- . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 2 ، ص 134 .
69- . اُنظر : الذكرى ، ج 3 ، ص 394 ؛ مسالك الأفهام ، ج 1 ، ص 219 .
70- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 408 .
71- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 146 .
72- . المقنع ، ص 86 .
73- . هي الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
74- . المقنع ، ص 86 _ 87 .
75- . لم أعثر عليه في روضة المتّقين . وانظر : لوامع صاحبقراني ، ج 3 ، ص 450 .
76- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 301 ، ح 1215 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 373 ، ح 8215 .
77- . الكافي ، باب الخشوع في الصلاة وكراهيّة العبث ، ح 9 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 262 ، ح 9284 .
78- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 298 ، ح 1203 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 363 ، ح 6799 .
79- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 99 .
80- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 74 _ 75 .
81- . المعتبر ، ج 2 ، ص 262 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 297 . ونحوه في السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 285 ؛ والمعجم الكبير للطبراني ، ج 9 ، ص 300 ؛ والمصنّف لعبد الرزّاق ، ج 2 ، ص 26 ، ح 2346 ؛ والمصنّف لابن أبي شيبة ، ج 1 ، ص 510 ، الباب 279 من كتاب الصلاة ، ح 3 .
82- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 302 ، ح 1220 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 329 ، ح 1234 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 350 _ 351 ، ح 8157 .
83- . الفقيه ، ج 1 ، ص 271 ، ح 841 .
84- . الفقيه ، ج 1 ، ص 271 _ 272 ، ح 842 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 351 ، ح 8158 .
85- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 99 ؛ شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 5 ، ص 37 ؛ فتح الباري ، ج 3 ، ص 64 ؛ عمدة القاري ، ج 7 ، ص 285 .
86- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 301 _ 303 ، ح 1216 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 373 ، ح 8214 .

ص: 124

. .

ص: 125

. .

ص: 126

. .

ص: 127

. .

ص: 128

. .

ص: 129

. .

ص: 130

. .

ص: 131

. .

ص: 132

. .

ص: 133

. .

ص: 134

. .

ص: 135

باب القيام والقعود في الصلاة

[باب القيام والقعود في الصلاة]أطبق علماء الإسلام على وجوب القيام في الصلاة الواجبة في حال التكبير والقراءة والقنوت والركوع، والقعود فيما بين السجدتين والتشهّد مع الاختيار. واحتجّوا على وجوب القيام بقوله تعالى: «وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ» (1) بناء على أن المراد بالقيام القيام في الصلاة بقرينة ما قبله «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى» . على أنّه ليس بواجب في غيرها. وما في حسنة حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه عليه السلام المذكورة في تعليم الصلاة: فقام أبو عبد اللّه عليه السلام مستقبل القبلة منتصبا. (2) وبما رواه الشيخ عن حريز ورجل، (3) عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: قلت له: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ» (4) ؟ قال: «النحر: الاعتدال في القيام». (5) وفي الحسن عن جميل بن درّاج أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المريض الّذي يصلّي قاعدا، فقال: «إنّ الرجل ليوعك (6) ويحرج ولكنّه أعلم بنفسه، ولكن إذا قوي فليقم». (7) وفي الحسن عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عزّ وجلّ «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ» ، (8) قال: «الصحيح يصلّي قائما وقعودا، و المريض يصلّي جالسا وعلى جنوبهم، الّذي يكون أضعف من المريض الّذي يصلّي جالسا». (9) ومن طريق العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال لرافع بن خديج: «صلّ قائما، فإن لم تستطع فقاعدا». (10) وادّعى العلّامة في المنتهى (11) إجماع علماء الإسلام على كونه ركنا، وليس على إطلاقه ركنا؛ لأنّ ذلك ينافي ما ثبت من وجوب سجدة السهو للقعود في موضع القيام. والتحقيق ما نقله المحقّق الشيخ عليّ في شرح القواعد عن الشهيد أنّه قال في بعض فوائده: «القيام بالنسبة إلى الصلاة على أنحاء: القيام إلى النيّة، فإنّه لما وجب وقوع النيّة في حال القيام اتّفاقا وجب تقدّمه عليها [زمانا يسيرا ليقطع بوقوعها في حال القيام]، وهذا شرط للصلاة؛ لتقدّمه عليها (12) ». والقيام في النيّة، وهو مردّد بين الركن والشرط كالنيّة، والقيام في التكبير، وهو ركن كالتكبير، والقيام والقراءة (13) من حيث هو قيام فيها كالقراءة واجب غير ركن، والقيام المتّصل بالركوع، وهو الّذي يركع عنه ركن قطعا، والقيام من الركوع وهو واجب غير ركن؛ إذ لو هوى من غير رفع وسجد ساهيا لم تبطل صلاته، والقيام في القنوت مستحبّ كالقنوت. _ وما ذكر من التحقيق بالقبول حقيق سوى ما ذكر من ركنيّة القيام حال التكبير، فإنّه بالشرط أشبه، فإن الركن إنّما يكون جزءا، وهذا القيام خارج عن الصلاة مقارن لأوّل جزء منها، فإنّ أوّل الصلاة إنّما هو التكبير كما يدلّ عليه قولهم عليهم السلام : «تحريمها التكبير وتحليلها التسليم (14) ». وقد سبق عن الشيخ القول بركنيّة القيام من الركوع أيضا، وإنّما يكون القيام واجبا ركنا مع القدرة عليه، فلو عجز عنه قام القعود والاضطجاع والاستلقاء على الترتيب في الوجوب والركنيّة. وأمّا القعود فواجب في الموضعين وليس ركنا عند الأصحاب، إلّا ما نقلناه سابقا عن الشيخ من ركنيّة الجلوس بين السجدتين، وما يظهر من كلامه الّذي يأتي عن قريب من المبسوط من استحبابه، ويستفاد ذلك من بعض ما ذكر من الأخبار، ويأتي بعض آخر في محلّهما. وليس واجبا في غيرهما إجماعا عدا ما نقل في المختلف (15) عن السيّد المرتضى (16) من وجوبه بعد السجدة الثانية أيضا محتجّا بالإجماع والاحتياط، وما رواه الشيخ في الموثّق عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إذا رفعت رأسك في السجدة الثانية من الركعة الاُولى حين تريد أن تقوم فاستو جالسا، ثمّ قم». (17) وعن عبد الحميد بن عواض، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: رأيته إذا رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الاُولى جلس حتّى يطمئنّ ثمّ يقوم. (18) وعن الأصبغ بن نباتة عن عليّ عليه السلام قال: كان إذا رفع رأسه من السجود قعد حتّى يطمئنّ ثمّ يقوم، فقيل له: يا أمير المؤمنين، كان من قبلك أبو بكر وعمر إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نهضوا على صدور أقدامهم كما نهض (19) الإبل؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «إنّما يفعل ذلك أهل الجفاء من الناس، إنّ هذا من توقير الصلاة». (20) وحملت هذه الأخبار في المشهور على الاستحباب؛ للجمع بينها وبين ما رواه الشيخ في الموثّق عن زرارة، قال: رأيت أبا جعفر وأبا عبد اللّه عليهماالسلام إذا رفعا رؤوسهما من0 السجدة الثانية نهضا ولم يجلسا. (21) وعن رحيم، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : جعلت فداك، أراك إذا صلّيت فرفعت رأسك من السجود في الركعة الاُولى والثانية تستوي جالسا، ثمّ تقوم، فنصنع كما تصنع؛ قال: «لا تنظروا إلى ما أصنع ولكن اصنعوا ما تؤمرون». (22) وما رواه الجمهور عن وائل بن حجر، عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: إذا رفع رأسه من السجود واستوى قائما بتكبيرة. (23) وقال طاب ثراه: جلسات الصلاة أربع: الجلسة بين السجدتين، واتّفقت الاُمّة عامّة على وجوب قدر ما يقع به الفصل. والمستحبّ فيه التورّك عندنا وعند أكثرهم. وقال جماعة من سلفهم: يجلس على صدور قدميه ويلصق عقبيه بإليتيه، (24) وهو الإقعاء المنهي عنه عندنا. (25) وفي التشهّد الاُولي، وهو واجب بقدر التشهّد عندنا وعند أحمد وطائفة من محدّثيهم لوجوب هذا التشهّد عندهم؛ لاجماعنا وتظافر النصوص عليه، وسنّة عند أكثرهم، وفي التشهّد الأخير، (26) وهو واجب عندنا بقدر التشهّد والسلام أيضا عند من قال بوجوبه، وعند أكثرهم بقدر السلام، وصفته فيهما أيضا التورّك عندنا وعند مالك، وقال أبو حنيفة: يجلس فيهما على قدمه اليسرى والشافعيّ في الاُولى منهما كأبي حنيفة، وفي الثانية كمالك. (27) ووجّه ذلك أصحابه بأنّ به يتذكّر الإمام إذا أشكل عليه هل هو في التشهّد الأوّل والأخير، وبها أيضا يعرف الداخل هل تمّت الصلاة أم لا. وبعد السجدة الثانية قبل القيام وهو مستحبّ عند الأصحاب، إلّا السيّد المرتضى (28) فإنّه أوجبها كما نقل عنه بعض المتأخّرين وأثبته من العامّة الشافعيّ وأنكره الباقون. (29) قوله في صحيحة زرارة: (إذا قعدت في تشهّدك فألصق ركبتيك بالأرض وفرّج بينهما) إلخ. [ح1 / 5079] الأمر للندب، ويدلّ على استحباب التورّك وهيئتة، فإنّه على ما فسّره جماعة منهم الشيخ: أن يجلس على وركه الأيسر ويخرج رجليه جميعا، ويفضي بمقعدته إلى الأرض، ويجعل رجله اليسرى على الأرض وظهر قدمه اليمنى على بطن قدمه اليسرى. (30) ويؤكّده خبر حمّاد بن سنان في تعليم الصلاة حيث قال: ثمّ قعد على فخذه الأيسر، قد وضع ظاهر قدمه الأيمن على بطن قدمه الأيسر. (31) وخبر أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا جلست في الصلاة فلا تجلس على يمينك، واجلس على يسارك». (32) وعن السيّد المرتضى أنّه قال في المصباح: يجلس مماسّا بوركه الأيسر مع ظاهر فخذه اليسرى للأرض، رافعا فخذه اليمنى على عرقوبه الأيسر، وينصب طرف إبهام رجله اليمنى على الأرض، ويستقبل بركبتيه معا القبلة. (33) وعن أحمد أنّه يجلس مفترشا، وهو أن يثنّي رجله اليسرى فيبسطها ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى ويخرجها من تحته، ويجعل بطون أصابعه على الأرض معتمدا عليها، ليكون طرف أصابعها إلى القبلة. (34) قوله في مضمرة حريز عن زرارة: (فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها) إلخ. [ح2 / 5080] قال طاب ثراه: ظاهره أنّ الواجب عليها أن تنحني إلى أن تصل يداها إلى فخذيها فوق ركبتيها، والتعليل يؤيّده، وعمل به الأكثر. وقيل: يجب عليها أن تنحني قدر ما ينحني الرجل مراعية لتلك الهيئة. قوله في موثّقة أبي بصير: (لا تقع بين السجدتين) . [ح3 / 5081] النهى محمول على الكراهة في المشهور، وكذا يكره بعد السجدة الثانية في الركعة الثالثة (35) وفي التشهّدين. قال المحقّق الشيخ عليّ في شرح القواعد: «هو عندنا أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه». (36) وبه فسّر في المعتبر، (37) وهو ظاهر كلام الصدوق على ما ستعرف. ونقل في الذكرى عن بعض الأصحاب: «هو أن يقعد على عقبيه ويجعل يده على الأرض»، (38) وفسّره ابن الأثير في النهاية بأن يجلس على وركيه وينصب ساقيه وفخذيه وركبتيه ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب. (39) ويؤيّد الأوّلين قوله عليه السلام : «وإيّاك والقعود على قدميك» في حسنة زرارة. (40) ويؤيّد الثالث صحيحة الحلبيّ ومحمّد بن مسلم وابن عمّار أنّهم قالوا: قال: «لا تقعِ في الصلاة كإقعاء الكلب». (41) والظاهر كراهته بجميع المعاني، وإنّما حملوا النهي في هذه الأخبار على الكراهة؛ للجمع بينهما وبين صحيحة الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «لا بأس بالإقعاء [في الصلاة فيما] بين السجدتين»، (42) وقد ادّعى الشيخ في الخلاف (43) الإجماع عليها، ونقلها العلّامة في المنتهى (44) عن جمل الشيخ، (45) وعن معاوية بن عمّار ومحمّد بن مسلم من قدمائنا، (46) ونفى الكراهة جماعة من الأصحاب وغيرهم، نقله العلّامة في المنتهى (47) عن مبسوط الشيخ (48) وعن ابن بابويه (49) والسيّد المرتضى (50) وابن عبّاس وابن الزبير وابن عمر. (51) واحتجّ الشيخ عليه بصحيحة الحلبيّ، وأجاب بعدم استلزام نفي البأس لنفي الكراهة. (52) وعبارة المبسوط على ما رأيته غير آبية عن قوله بالكراهة، حيث قال: ويستحبّ أن يجلس بين السجدتين جلسة الاستراحة، ثمّ يسجد الثانية، فإذا رفع رأسه جلس جلسة الاستراحة، والأفضل أن يجلس متورّكا وإن جلس بين السجدتين وبعد الثانية مقعيا كان أيضا جائزا. (53) والشهيد (54) حرمّه في التشهّد، ولا يأبى كلامه عن الكراهة في باقي المواضع حيث قال: في الفقيه: ولا بأس بالإقعاء فيما بين السجدتين، ولا بأس به بين الاُولى والثانية وبين الثالثة والرابعة، ولا يجوز الإقعاء في موضع التشهّدين؛ لأنّ المقعي ليس بجالس إنّما يكون قد جلس بعضه على بعض، فلا يصبر للدعاء والتشهّد. (55) قوله في خبر ابن خنيس: (كان عليّ بن الحسين عليهماالسلام إذا هوى ساجدا انكبّ وهو يكبّر) . [ح5 / 5083] قال طاب ثراه: إنّما كبّر عليه السلام مقارنا للانكباب لبيان جوازه، وإلّافقد مرّفي النصوص أنّ الأفضل أن يكبّر في حال انتصاب الظهر واستقامته. قوله في مرسلة حريز: (لا تكفّر) إلخ. [ح9 / 5087] لقد ورد النهي عن التكفير في الصلاة في أخبار متعدّدة غيرها، منها: ما رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام في حديث طويل قد أشرنا إليه سابقا من قوله عليه السلام : «ولا تكفّر فإنّما يفعل ذلك المجوس». (56) وفيما رواه المصنّف عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، قال: قال أبو جعفر عليه السلام _ إلى قوله _ : «ولا تكفّر فإنّما ذلك يفعل المجوس (57) »، الخبر. وقد ورد مثلها من طرق العامّة أيضا، وفسّره الأصحاب بأن يضع يديه على صدره، واضعا اليمنى على اليسرى؛ لصحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلامقال: قلت: الرجل يضع يده في الصلاة وحكى اليمنى على اليسرى، فقال: «ذلك التكفير، لا تفعل». (58) والمشهور بين الأصحاب تحريمه إلّا في التقيّة، (59) وخالفهم أبو الصلاح (60) وابن الجنيد (61) على ما نقل عنهما حيث عدّه الأوّل مكروها، والثاني تركه مستحبّا، واستوجهه المحقّق في المعتبر. (62) واختلف الأوّلون في بطلان الصلاة به، الظاهر العدم؛ لتعلّق النهي بأمر خارج عن العبادة. وتردّد فيه المحقّق. (63) وفي المدارك: «القول بالبطلان هو المشهور بين الأصحاب، ونقل الشيخ (64) والمرتضى (65) فيه الإجماع (66) ». وفسّره العامّة بوضع اليدين منضمّة الكفّين بين الركبتين في الركوع، وهو معنى التطبيق المكروه عندنا وعندهم، (67) ويقال: احتفز في ركوعه وسجوده بالحاء المهملة والفاء والزّاي، أي تضامّ أعضاؤه والتصق بعضها ببعض، (68) وهو مكروه في الرجال.

.


1- . البقرة (2) : 238 .
2- . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 459 ، ح 7077 .
3- . في الأصل : «حريز و رجل» ، والتصويب من المصدر .
4- . الكوثر (108) : 2 .
5- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 84 ، ح 309 ؛ وهذا هو الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 489 ، ح 7137 .
6- . في هامش الأصل : «الوعك : أدنى الحمّى» .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 169 ، ح 673 ؛ وهذا هو الحديث الثالث من باب صلاة الشيخ الكبير والمريض من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 495 ، ح 7153 .
8- . آل عمران (3) : 191 .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 169 ، ح 672 ؛ وج 3 ، ص 176 ، ح 396 ؛ وهذا هو الحديث 11 من باب صلاة الشيخ الكبير والمريض . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 481 ، ح 7113 .
10- . المعتبر ، ج 2 ، ص 158 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 89 ، والمذكور فيهما : «رافع بن خديج» ، وفي مصادر العامّة : «عمران بن حصين» . اُنظر الحديث في : مسند أحمد ، ج 4 ، ص 426 ؛ صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 41 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 216 ، ح 952 ؛ سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 231 ، ح 369 .
11- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 8 .
12- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 200 _ 201 ، ومابين الحاصرتين منه .
13- . كذا بالأصل ، والظاهر : «والقيام حال القراءة» .
14- . الكافي ، باب النوادر من كتاب الطهارة ، ح 2 ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 33 ، ح 68 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 366 ، ح 963 و 966 .
15- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 171 .
16- . الانتصار ، ص 150 .
17- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 82 ، ح 303 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 328 ، ح 1229 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 346 ، ح 8144 .
18- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 82 ، ح 302 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 328 ، ح 1228 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 346 ، ح 8142 .
19- . كذا بالأصل ، وفي المصدر : «تنهض» .
20- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 314 ، ح 1277 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 347 ، ح 8146 .
21- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 83 ، ح 305 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 328 _ 329 ، ح 1231 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 346 ، ح 8143 .
22- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 82 _ 83 ، ح 304 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 328 ، ح 1230 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 347 ، ح 8147 .
23- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 440 .
24- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 442 .
25- . اُنظر : الخلاف ، ج 1 ، ص 360 ، المسألة 118 ؛ مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 188 _ 189 ؛ مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 415 .
26- . اُنظر : فتح العزيز ، ج 3 ، ص 503 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 462 .
27- . اُنظر : المغني ، ج 1 ، ص 562 _ 563 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 564 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 211 ؛ شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 5 ، ص 19 و 81 .
28- . الانتصار، ص 150.
29- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 440 ؛ فتح العزيز ، ج 3 ، ص 484 _ 486 .
30- . الجمل والعقود (الرسائل العشر ، ص 183) ؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 214 ؛ شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 70 ؛ تحرير الأحكام ، ج 1 ، ص 257 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 197 .
31- . الكافي ، باب افتتاح الصلاة والحدّ في التكبير وما يقال عند ذلك ، ح 8 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 461 ، ح 7078 .
32- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 83 ، ح 307 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 346 _ 347 ، ح 8145 ، وص 391 _ 392 ، ح 8261 .
33- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 215 .
34- . المغني والشرح الكبير لابني قدامة ، ج 1 ، ص 563 .
35- . هذا هو الظاهر ، وفي الأصل : «والثالثة» .
36- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 310 .
37- . المعتبر ، ج 2 ، ص 218 .
38- . الذكرى ، ج 3 ، ص 268 _ 269 .
39- . النهاية ، ج 4 ، ص 89 (قعا) ، ولفظه هكذا : «الإقعاء أن يلصق الرجل أليتيه بالأرض ، وينصب ساقيه وفخذيه ، ويضع يديه على الأرض كما يقعى الكلب» .
40- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
41- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 83 ، ح 306 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 328 ، ح 1227 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 348 ، ح 8149 .
42- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 301 ، ح 1212 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 327 _ 328 ، ح 1226 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 348 ، ح 8150 .
43- . الخلاف ، ج 1 ، ص 360 ، المسألة 118 .
44- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 168 _ 169 .
45- . الجمل والعقود (الرسائل العشر ، ص 185) .
46- . حكاه عنهما المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 218 .
47- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 169 .
48- . المبسوط ، ج 1 ، ص 113 .
49- . الفقيه ، ج 1 ، ص 314 ، ذيل الحديث 929 .
50- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 218 .
51- . المغني لابن قدامة ، ج 1، ص 564 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 602 .
52- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 170 . ومثله في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 190 .
53- . المبسوط ، ج 1 ، ص 113 .
54- . كذا بالأصل ، والصحيح : «الصدوق» بقرينة كلامه التالي .
55- . الفقيه ، ج 1 ، ص 314 ، بعد الحديث 929 .
56- . علل الشرائع ، ص 358 ، الباب 74 ، ح 1 .
57- . الكافي ، باب الخشوع في الصلاة وكراهيّة العبث ، ح 1 .
58- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 84 ، ح 310 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 265 ، ح 9295 .
59- . اُنظر : مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 191 .
60- . الكافي في الفقه ، ص 125 .
61- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 192 .
62- . المعتبر ، ج 2 ، ص 257 .
63- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 72 .
64- . الخلاف، ج 1، ص 322.
65- . الانتصار ، ص 141 .
66- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 459 .
67- . اُنظر : الخلاف ، ج 1 ، ص 347 ، المسألة 97 ؛ السرائر ، ج 1 ، ص 224 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 297 ؛ مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 193 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 541 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 540 ؛ المحلّى ، ج 3 ، ص 106 .
68- . القاموس المحيط ، ج 2 ، ص 173 (حفز) .

ص: 136

. .

ص: 137

. .

ص: 138

. .

ص: 139

. .

ص: 140

. .

ص: 141

. .

ص: 142

. .

ص: 143

. .

ص: 144

باب التشهّد في الركعتين الأوّلتين والرابعة والتسليم

[باب التشهّد في الركعتين الأوّلتين والرابعة والتسليم]فيه مسألتان: الاُولى: التشهّد. وهو تفعّل من الشهادة، وهي الخبر القاطع، وإنّما سمّي تشهّدا لاشتماله على الشهادتين. ومذهب أهل البيت عليهم السلام وجوبه في كلّ ثنائيّة مرّة وفي كلّ ثلاثيّة ورباعيّة مرّتين، وهو محكي في المنتهى (1) عن أحمد والليث بن سعد وإسحاق، (2) وعن الشافعيّ أنّ الأوّل سنّة والثاني فرض، (3) وعن أبي حنيفة استحبابهما جميعا. (4) لنا مداومة النبيّ صلى الله عليه و آله عليهما، وقد قال عليه السلام : «صلّوا كما رأيتموني اُصلّي (5) »، وبعض الأخبار المذكورة في الباب. وصحيحة زرارة، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما يجزي من القول في التشهّد في الركعتين الأوّلتين؟ قال: «أن تقول: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له»، قلت: فما يجزي من التشهّد في الركعتين الأخيرتين؟ فقال: «الشهادتان». (6) وصحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: قلت لأبي الحسن الأوّل عليه السلام : التشهّد الّذي في الثانية يجزي أن أقوله في الرابعة؟ قال: «نعم». (7) وصحيحة أبي بصير، قال: صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام فلمّا كان في آخر تشهّده رفع صوته حتّى أسمعنا، فلمّا انصرف قلت: كذا ينبغي للإمام أن يسمع تشهّده من خلفه؟ قال: «نعم»، (8) وما سيأتي عن زرعة عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام . وما نقله العامّة عن ابن عبّاس أنّه صلى الله عليه و آله أمره بالتشهّدين. (9) وعن ابن مسعود أنّه قال: علّمني رسول اللّه صلى الله عليه و آله التشهّد في وسط الصلاة وآخرها. (10) وفي بعض أخبارنا ما يشعر بكونه ركنا، رواه الشيخ في الموثّق عن عمّار بن موسى الساباطيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إن نسي الرجل التشهّد في الصلاة فذكر أنّه قال: بسم اللّه فقط فقد جازت صلاته، وإن لم يذكر شيئا من التشهّد أعاد الصلاة». (11) وقال: الوجه في هذا الخبر: أنّه إذا ذكر أنّه قال: بسم اللّه فقد تمّت صلاته ويتمّ الشهادتين على جهة القضاء، ولا يعيد الصلاة، وإذا لم يذكر شيئا من التشهّد أصلاً أعاد الصلاة إذا كان تركه متعمّدا، وليس في الخبر أنّه إذا لم يذكره ناسيا أو معتمدا. ولا يخفى تكلّف ما قال وتعسّفه. والأظهر وقوع سهو من عمّار فيه بناء على عدم ضبطه، كما مرّت الإشارة إليه. واحتجّ الشافعيّ على ما نقل عنه في المنتهى (12) بأن التشهّد الأوّل يسقط بالسهو، فكان كالمندوبات. (13) وإنّما استدلّ بذلك بناء على ما زعم من عدم وجوب تدارك منسيّة بعد الصلاة، وهو ممنوع؛ لما يأتي في محلّه. على أنّه لا يوجب تدارك القراءة المنسيّة أيضا، مع أنّه قائل بوجوبها على ما سبق من إجماع أهل العلم عليه، إلّا ما حكيناه عن الحسن بن صالح بن حيّ والأصمّ، (14) وكأنّه لذلك التعليل قال أبو حنيفة باستحباب التشهّد الثاني أيضا (15) ؛ لعدم وجوب تداركه أيضا عنده. وصورة التشهّد الواجب على القول الأظهر والأشهر: أشهد أنّ لا إله إلّا اللّه ، أو بضميمة وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه ، أو رسوله، أو عبده ورسوله على التخيير، ثمّ الصلاة على محمّد وآله عليهم السلام . ويستحبّ ما زاد عليه؛ لرواية سورة، (16) وما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : التشهّد في الصلاة؟ قال: «مرّتين»، قال: قلت: وكيف مرّتين؟ قال: «إذا استويت جالسا فقل: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، ثمّ تنصرف»، قال: قلت: قول العبد: التحيّات للّه والصلوات الطيّبات [للّه ؟ قال]: «هذا اللطف من الدعاء يلطف العبد به ربّه». (17) وفي رواية عبد الملك بن عمرو الأحول، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «التشهّد في الركعتين الأوّلتين: الحمد للّه ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وتقبّل شفاعته وارفع درجته». (18) وفي رواية أبي بصير عنه عليه السلام : «أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك [له] وأنّ محمّدا رسوله». (19) ويؤيّدها خبر يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «التشهّد في كتاب عليّ عليه السلام شفع». (20) ويستحبّ أن يزاد ما رواه الصدوق عن زرارة، قال: قال أبو جعفر عليه السلام : «فإذا فرغت من القنوت فاركع واسجد، وإذا رفعت رأسك من السجدة الثانية فتشهّد وقل: بسم اللّه وباللّه والحمد للّه والأسماء الحسنى كلّها للّه ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، ثمّ انهض إلى الثالثة _ إلى قوله _ : فإذا صلّيت [الركعة] الرابعة فتشهّد وقل في تشهّدك: بسم اللّه وباللّه والحمد للّه ، والاسماء الحسنى كلّها للّه ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون، التحيّات للّه ، والصلوات الطيّبات الطاهرات الزاكيات الناعمات الغاديات الرائحات المباركات الحسنات للّه ، ما طاب وطهر وزكى وخلص ونمى فللّه ، وما خبث فلغيره، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، وأشهد أنّ الجنّة حقّ، وأن النار حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ اللّه يبعث من في القبور، وأشهد أنّ ربّي نعم الربّ وأنّ محمّدا نعم الرسول اُرسل، وأشهد أنّ ما على الرسول إلّا البلاغ المبين، السلام عليك أيّها النبي ورحمة اللّه وبركاته، السلام على محمّد بن عبد اللّه خاتم النبيين، السلام على الأئمّة الرّاشدين المهديّين، السلام على جميع أنبياء اللّه ورسله وملائكته، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين». (21) وفي الذكرى: وأفضله ما رواه زرعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا جلست في الركعة الثانية فقل: بسم اللّه وباللّه والحمد للّه ، وخير الأسماء للّه ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنّك نعم الرّب، وأنّ محمّدا نعم الرسول، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وتقبّل شفاعته في اُمّته وارفع درجته، ثمّ تحمد اللّه مرّتين أو ثلاث، ثمّ تقوم، فإذا جلست في الرابعة قلت: بسم اللّه وباللّه والحمد للّه وخير الأسماء للّه ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنّك نعم الربّ، وأنّ محمّدا نعم الرسول، التحيّات للّه ، الصلوات الطاهرات الطيّبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات للّه ، ما طاب وزكى وطهر وخلص فللّه ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنّ ربّي نعم الربّ وأن محمّدا نعم الرسول، وأشهد أنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ اللّه يبعث من في القبور، الحمد للّه الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه ، الحمد للّه ربّ العالمين، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، (22) وترحّم على محمّد وآل محمّد، كما صلّيت وباركت وترحّمت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد واغفرلنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلّاً للّذين آمنوا، ربّنا إنّك رؤوفٌ رحيم، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وامنن عليّ بالجنة وعافني من النار، اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد، واغفر للمؤمنين والمؤمنات ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات، لا تزد الظالمين إلّا تبارا. ثمّ قل: السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته، السلام على أنبياء اللّه ورسله، السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقرّبين، السلام على محمّد بن عبد اللّه خاتم النبيين لا نبي بعده، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين. (23) وفي المنتهى: قال أحمد وإسحاق أفضله ما رواه عبد اللّه بن مسعود، قال: علّمني رسول اللّه صلى الله عليه و آله التشهد كما يعلّمني السورة: «التحيّات للّه والصلوات الطيّبات، السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله». (24) وقال مالك: أفضله تشهّد عمر بن الخطاب: التحيّات للّه والصلوات الطيّبات، السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله. (25) وقال الشافعيّ: أفضله ما روي عن ابن عبّاس، قال كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يعلّمنا التشهد كما يعلّمنا السورة من القرآن فيقول: «قولوا: التحيّات المباركات الصلوات الطيّبات للّه ، سلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته، سلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه ». (26) انتهى. (27) وفي الخلاف: وقال مالك: الأفضل ما روي عن عمر بن الخطاب أنّه علّم الناس على المنبر التشهّد فقال: قولوا: التحيّات للّه ، الزاكيات للّه ، الصلوات للّه ، الطيّبات للّه ، السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله. (28) وظاهر الشافعيّ وأحمد وجوب التحيّات في الجملة حيث قالا _ على ما حكى عنهما في المنتهى (29) _ : «المجزي من التشهّد أن يقول: التحيّات للّه ، السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدا عبده ورسوله». (30) وأمّا الصلاة على النبيّ وآله عليهم السلام فهي واجبة في التشهّدين بإجماع الأصحاب على ما ادّعى في المنتهى (31) وحكي عن الشهيد في الذكرى، (32) بل عدّها الشيخ في الخلاف (33) ركنا من أركان الصلاة، ونسب ركنيّتها في التشهّد الأخير إلى الشافعيّ وابن مسعود [وأبو مسعود ]البدريّ الأنصاريّ عقبة بن [بن عمرو وابن] (34) عمر وجابر وأحمد وإسحاق. (35) والظاهر أنّه قدس سرهأراد بالركنيّة هنا كونها جزء من التشهّد والصلاة، وأنّها ليست بمجرّد ذكر النبيّ صلى الله عليه و آله ، لا المعنى المصطلح بقرينة أنّه قال بعد ذلك بأدنى فصل: «من ترك التشّهد والصلاة على النبيّ ناسيا قضى ذلك بعد التسليم وسجد سجدتي السهو». (36) وأمّا الشافعيّ فأراد بها المصطلح، فقد حكي عنه وجوب قضاء الصلاة إذا ترك الصلاة فيه منسيا على ما حكى عنه في المنتهى. وقال باستحباب الصلاة على الآل مطلقا. ونقل السيّد في الناصريّات (37) عن أبي حنيفة ومالك والثوريّ والأوزاعيّ استحباب الصلاة عليه صلى الله عليه و آله أيضا في التشهّدين جميعا. (38) وظاهر ابن الجنيد وجوبها في أحد التشهّدين حيث قال _ على ما حكى عنه في الذكرى _ : «تجزي الشهادتان إذا لم يحلّ من الصلاة على محمّد وآله في أصل التشهّدين». (39) واقتصر الصدوق في المقنع (40) على ذكر الشهادتين في التشهّد، ولم يذكر الصلاة مطلقا على ما حكى عنه صاحب المدارك، وظاهره عدم وجوبها، وهو ظاهره في الفقيه (41) أيضا حيث اكتفى في الباب بذكر ما هو خال عنها. واستدلّ لوجوبها بخبر عبد الملك بن عمرو (42) المتقدّم؛ لإشتماله عليها وبما روى في المنتهى (43) عن كعب الأحبار، (44) قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول في الصلاة: «اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميدٌ مجيد (45) »، وقد قال صلى الله عليه و آله : «صلّوا كما رأيتموني اُصلّي». (46) وعن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام ، عن ابن مسعود الأنصاريّ، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «من صلّى صلاة ولم يصلّ فيها عليّ وعلى أهل بيتي لم تقبل». (47) وفي الخلاف: عن عائشة أنّها سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول: «لا تقبل صلاة إلّا بطهور وبالصلاة عليّ». (48) وفي المقنعة روى عن مضمرات سماعة في المصلّي خلف غير العدل يجلس قدر ما يقول أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله صلى الله عليه و سلم. (49) وروى أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «من صلّى ولم يصلّ على النبيّ صلى الله عليه و آله وتركه متعمّدا فلا صلاة له». (50) وروى الشيخ في الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «من تمام الصوم إعطاء الزكاة، كالصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله من تمام الصلاة، ومن صام ولم يؤدّها فلا صوم له إذا تركها متعمّدا، ومن صلّى ولم يصلّ على النبيّ صلى الله عليه و آله فترك ذلك متعمّدا فلا صلاة له إنّ اللّه بدأ بها قبل الصلاة فقال: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى» (51) ». (52) وفي الصحيح عن أبي بصير وزرارة، قالا: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إنّ من تمام (53) الصوم إعطاء الزكاة، كما أنّ الصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله تمام الصلاة؛ لأنّه من صام ولم يؤدّ الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمّدا، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله ». (54) وهذه الأخبار تدلّ على وجوب الصلاة في التشهّد، وانعقد بها الإجماع على عدم وجوبها في غير التشهّد. وفي الناصريّات: وممّا يدلّ على وجوب الصلاة على النبيّ فيها قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيما» ، (55) فأمر بالصلاة عليه وأجمعنا على أنّ الصلاة عليه لا تجب في غير الصلاة، فلم يكن موضع يحمل عليه إلّا الصلاة. (56) واحتجّ العلّامة أيضا في المنتهى (57) بذلك، ثمّ عارض الإجماع المذكور بقول الكرخيّ بوجوبها في العمر مرّة، وقول الطحاويّ بوجوبها كلّما ذكر. (58) وأجاب بسبق الإجماع عليهما. واحتجّ فيه أيضا بما رواه العامّة عن فضّال بن عبيد أنّه سمع رسول اللّه صلى الله عليه و آله رجلاً يدعو في صلاته لم يمجّد ربّه ولم يصلّ على النبيّ صلى الله عليه و آله فقال النبيّ صلى الله عليه و آله : «عجّل هذا»، ثمّ دعاه النبيّ صلى الله عليه و آله فقال: «إذا صلّى أحدكم فليبدأ تمجيد ربّه والثناء عليه، ثمّ ليصلّ على النبيّ صلى الله عليه و آله ثمّ ليدع بعده بما شاء». (59) وفيه تأمّل. والظاهر من الأخبار أنّها ليست جزءا من التشهّد؛ لخلوّ أكثر الأخبار عنها. وما اشتمل عليه خبر عبد الملك بن عمرو (60) فهو غير صريح في جزئيّتها فيبتني وجوبها فيه على وجوبها كلّما ذكر اسمه صلى الله عليه و آله ، وقد تقدّمت هذه المسألة. واحتجّ أبو حنيفة وأضرابه على عدم وجوبها بأنّ الوجوب شرعي ولم يثبت. (61) وبما رواه ابن مسعود: أن النبيّ صلى الله عليه و آله علّمه التشهّد على ما سبق من الشهادتين من غير صلاة، ثمّ قال: «إذا قلت هذا فقد تمّت صلاتك». (62) وأجاب في المنتهى (63) عن الأوّل بالمنع من عدم ورود الشرع بها لما سبق من الدلائل. وعن الثاني بأن هذه الزيادة _ يعنى «إذا قلت هذا فقد تمّت صلاتك» _ من كلام ابن مسعود كما قاله الدارقطنيّ، (64) وبأنّه يحتمل أن يكون ذلك قبل فرض الصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله ، ويحتمل أيضا أن يكون مراده فقد قارب التمام، كما في قوله عليه السلام : «من وقف بعرفة فقد تمّ حجّه». (65) هذا وقد وردت أخبار مختلفة مخالفة لما ذكر، وهي لندرتها وعدم صحّة أكثرها غير قابلة للمعارضة لما ذكر. على أنّها قابلة للتأويل، فمنها: رواية زرارة (66) المتقدّمة حيث دلّت على إجزاء شهادة التوحيد في التشّهد الأوّل. ونقل طاب ثراه عن المحقّق الأردبيليّ (67) أنّه قال: لم يذكر عليه السلام الشهادة بالرسالة فيها للشهرة والظهور. ولا يخفى بعد هذا التأويل عن سياق الحديث. ومنها: روايتا بكر بن حبيب (68) دلّتا على أنّه يكفي في التشهّد قول: الحمد للّه ونحوه بناء على أنّ السؤال كان عن ماهيّة التشهّد. ومثلهما ما رواه الشيخ في التهذيب عن حبيب الخثعميّ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا جلس الرجل للتشهّد فحمد اللّه أجزأه». (69) وقال طاب ثراه: يحتمل أن يكون المراد فيها نفي وجوب الزيادات على الشهادتين من التحيّات والأدعية. ومنها: ما رواه الشيخ في الموثّق عن زرارة، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الأخير، فقال: «تمّت صلاته، وإنّما التشهّد سنّة في الصلاة، فليتوضّأ ويجلس مكانه أو مكانا نظيفا فيتشهّد». (70) وفي الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه من السجدة الأخيرة وقبل أن يتشهّد، قال: «ينصرف فيتوضّأ، فإن شاء رجع إلى المسجد، وإن شاء ففي بيته، وإن شاء حيث شاء قعد فتشهّد، ثمّ يسلّم، وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته». (71) والظاهر ورودهما على التقيّة؛ لما سبق من أن مذهب أبي حنيفة وجماعة من العامّة استحباب التشهّدين. وقال الشيخ في الخبر الأوّل: «يحتمل أن يكون إنّما سأل عمّن حدث بعد الشهادتين وإن لم يستوف باقي تشهّده» (72) واحتمل في الاستبصار (73) ذلك في الخبر الثاني أيضا. وأمّا قوله عليه السلام : «وإنّما التشهّد سنّة» فمعناه ما زاد على الشهادتين، ويكون ما أمره به من إعادته بعد أن يتوضّأ محمولاً على الاستحباب. وفي الخبر الثاني: الوجه في هذا الخبر أن نحمله على من دخل في صلاته بتيّمم، ثمّ أحدث ناسيا قبل الشهادتين، فإنّه يتوضّأ إذا كان قد وجد الماء ويتمّ الصلاة بالشهادتين، وليس عليه إعادتها، كما أنّ عليه إتمامها لو أحدث قبل ذلك. (74) ومنهم من حمل الحديث في الخبرين على المطر وقالوا: الإحداث هو إمطار أوّل السنة، (75) والمعنى من صلّى بتيمّم ووجد الماء بإمطار السماء بعد السجود وقبل التشهّد ينصرف ويتؤضّأ ويتشهّد وجوبا، وسيأتي القول فيه تفصيلاً. وظاهر الأخبار عدم وجوب قول «وحده لا شريك له» في شهادة التوحيد؛ لخلوّ أكثر الأخبار عنه، وما اشتمل عليه يحتمل الاستحباب. ويؤيّده أصالة البراءة، وهو ظاهر الأكثر. وتردّد العلّامة (76) في وجوبه على ما حكى عنه طاب ثراه. الثانية : التسليم. واختلف في وجوبه أو استحبابه أيضا، فذهب جماعة _ منهم السيّد المرتضى (77) والشهيد (78) _ إلى الأوّل، وهو منقول في المنتهى (79) عن أبي الصلاح (80) وابن أبي عقيل (81) وابن زهرة، (82) وعن الشافعيّ (83) ومالك (84) وأحمد، (85) وعدّ في المنتهى أقرب، (86) وفي الشرائع أصحّ، (87) بل قال السيّد في الناصريّات: «إنّه ركن من أركان الصلاة»، (88) والشافعيّ أيضا قال بركنيّتة على ما نقل عنه الشيخ في الخلاف. (89) وذهب المفيد في المقنعة (90) إلى استحبابه، وبه قال الشيخ في النهاية (91) والاستبصار، (92) وهو ظاهره في التهذيب، (93) ومنقول عن ابن إدريس (94) وابن البّراج، (95) ومنسوب إلى أكثر المتأخّرين، وعدّ في الخلاف (96) أظهر، وفي القواعد (97) أقرب، وفي المدارك (98) : المعتمد، وهو أقوى. وفي الذكرى: وقال الراونديّ في الرائع، ورام الجمع بين قولي من قال بوجوب التسليم وندبه: إذا قال السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه ونحو ذلك، فالتسليم الّذي يخرج به من الصلاة حينئذٍ مسنون، وقام هذا التسليم المندوب مقام قول المصلّي إذا خرج من صلاته: السلام عليكم ورحمة اللّه وإن لم يذكر ذلك في التشهّد يكون التسليم فرضا. (99) وردّه بأنّه قد ثبت عدم جواز الخروج بالسلام على النبيّ صلى الله عليه و آله وذكر ما دلّ عليه. وحكى في المنتهى (100) عن أبي حنيفة أنّه قال: ليس التسليم من الصلاة، وليس الخروج به منها متعيّنا، بل يخرج منها بكلّ ما ينافيها، سواء كان من فعل المصلّي _ كالتسليم والحدث _ أو لا كطلوع الشمس أو وجود الماء للمتيمّم المتمكّن من استعماله. (101) واحتجّ السيّد (102) على وجوبه بما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم»، (103) وقال: قوله: «تحليلها التسليم» دلّ على أنّ غير التسليم لا يكون تحليلاً لهما. وبما رواه سهل بن سعد الساعديّ: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يسلّم في الصلاة عن يمينه وعن شماله، (104) وقد قال صلى الله عليه و آله : «صلّوا كما رأيتموني اُصلّي». (105) وما رواه عبد اللّه بن مسعود وقال: ما نسيت من الأشياء فلم أنس تسليم رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن يمينه وشماله: «السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته». (106) وما روته عائشة: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يسلّم في الصلاة عن يمينه وشماله: «السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته». (107) وربّما احتجّ عليه بصحيحة حمّاد المذكورة في تعليم الصلاة حيث سلّم عليه السلام في صلاته وقد قال له: «هكذا صلّ». (108) والجواب عن الخبر الأوّل إن استفاد حصر التحليل في التسليم من تعريف الخبر بناء على ما جوّزه صاحب الكشّاف من إفادته حصر المبتدأ على الخبر ففيه أنّ الأشهر بين أرباب البيان، والأظهر من استعمالات البلغاء من أهل اللسان أنّه إنّما يفيد حصر الخبر على المبتدأ، ولا ريب في أنّ التسليم محلّل للصلاة ومخرج عنها، ولا ينافي ذلك جواز الخروج بغيره. وإن استفاده من المصدر المضاف إلى الصلاة _ بناء على ما قيل من أنّه يفيد العموم _ ففيه ما اُورد عليه من منع العموم مستندا بأنّ تلك الإضافة قد تكون للجنس والعهد الذهني والخارجي أيضا. وإن استفاده من وقوع التسليم خبرا عن التحليل فوجب كونه مساويا للمبتدأ أو أعمّ منه، فلو وقع التحليل بغيره لكان المبتدأ أعمّ، كما قرّره صاحب المدارك، (109) ففيه أيضا المنع؛ إذ قد يقع الأخصّ خبرا عن الأعمّ، وإن كان الشائع الأوّلين فلا يتمّ الاستدلال به. وإن استفاده من أفراد الخبر بناء على ما قيل من أنّه إذا كان مفردا كان هو المبتدأ بمعنى أنّ الّذي صدق عليه أنّه تحليل للصلاة صدق عليه التسليم، ففيه: أنّه إنّما يتمّ ذلك لو أفاد تحليلها العموم، وقد عرفت ما فيه. على أنّ الخبر ضعيف؛ لأنّه رواه الصدوق (110) والشيخ (111) مرسلاً، ورواه المصنّف (112) مسندا، وفي الطريق سهل بن زياد. وعن البواقي: أنّ فعلهم عليهم السلام لا يدلّ على الوجوب كما مرّ مرارا، وأن أرادوا مداومة النبيّ صلى الله عليه و آله فهو أيضا كذلك؛ لأنّهم عليهم السلام كانوا كثيرا مّا يداومون على بعض المستحبّات. على أنّ خبر حمّاد مشتمل على كثير من المستحبّات، فلعلّ التسليم أيضا منها. وقد استدلّ له بما رواه الشيخ عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في رجل صلّى الصبح، فلمّا جلس في الركعتين قبل أن يتشهّد رعف، قال: «فليخرج فليغسل أنفه ثمّ ليرجع فليتمّ صلاته، فإنّ آخر الصلاة التسليم». (113) واُجيب عنه بضعف السند مستندا باشتراك أبي بصير بين الثقة وغيره، (114) ووقف عثمان بن عيسى (115) وسماعة، (116) ثمّ بمنع الدلالة، فإنّ كون التسليم آخر الصلاة لا يقتضي وجوبه؛ إذ الأفعال تشتمل الواجب والمندوب، وببطلان الصلاة بزيادة ركعة عمدا، وببطلان صلاة المسافر إذا صلّاها تامّة عامدا عالما بوجوب القصر، فإنّ السلام لو لم يكن واجبا لخرج عنها بالتشهّد، فلا يضرّ تلك الزيادة. والجواب عنه بالمعارضة والحلّ، أمّا الأوّل فلأنّه معارض بصحّة الصلاة بزيادة ركعة خامسة إذا جلس في الرابعة بقدر التشهّد، تشهّد من غير سلام أو لم يتشهّد أصلاً على ما يجيء في محلّه، فلو كان السلام جزءا من الصلاة ينبغي القول بعدم صحّة هذه الصلاة؛ لزيادة أركان فيها. وأمّا الحلّ فنقول: آخر التشهّد مخرج ما لم يقصد عدم الخروج ولم يفعل ما يدلّ على عدمه، وها هنا قد فعل ما دلّ على عدمه. ونقل طاب ثراه هذا الحلّ عن بعض المتأخّرين، ثمّ قال: وأمّا الجواب بأنّ القائل بالاستحباب يقول بعدم الخروج إلّا بنيّته بالسلام أو بفعل المنافي كما هو مفهوم في الذكرى فليس بشيء؛ لأنّ قصد الخروج والتخيير بين التسليم وفعل المنافي لم يثبت. وقد تمسّك بعضهم بقوله تعالى: «وسلّموا تسليما» (117) بناء على أنّ الأمر للوجوب، ولا وجوب له في غير الصلاة إجماعا، فيجب فيها قطعا. واُجيب بالمنع من الدلالة على المدّعي، والمتبادر من الآية أنّ المراد من التسليم الانقياد للنبيّ صلى الله عليه و آله . واستدلّ النافون للوجوب بما تقدّم في صحيحة زرارة (118) وإن كان الحدث بعد الشهادتين. وبقوله عليه السلام : «وإن كان الحدث بعد التشهّد فقد مضت صلاته» (119) فيما رواه المصنّف في الحسن عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام ، (120) وبما رواه الشيخ عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: سألته عن الرجل يصلّي ثمّ يجلس، فيحدث قبل أن يسلّم، قال: «تمّت صلاته». (121) ولا يضرّ وجود أبان بن عثمان الناووسيّ في طريقه؛ لنقل الكشّي رحمه الله إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه. (122) على أنّه لم يثبت كونه ناووسيّا. (123) وبصحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلام، قال: سألته عن الرجل يكون خلف الإمام، ويطوّل الإمام التشهّد فيأخذ الرجل البول أو يتخوّف على شيء يفوت أو يعرض له وجع، كيف يصنع؟ قال: «يتشهّد وينصرف [ويدع الإمام]». (124) وحسنة الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: «إذا التفتَّ في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان [الالتفات ]فاحشا، وإن كنت قد تشهّدت فلا تعد». (125) وخبر الحسن بن الجهم، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل صلّى الظهر والعصر فأحدث حين جلس في الرابعة، فقال «إن كان قال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأن محمّدا رسول اللّه صلى الله عليه و آله فلا يعيد، وإن كان لم يتشهّد قبل أن يحدث فليعد». (126) واتفقوا على استحباب قول السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته قبل السلام المخرج، ويشعر به ما رواه المصنّف من صحيحة الحلبيّ. (127) وما نرويه عن الشيخ من خبرى أبي كهمش وأبي بصير، ولم أعثر على قول بوجوبه سوى ما حكاه الشهيد في الذكرى (128) عن صاحب الفاخر، (129) فقد نقل عنه كلاما ظاهره وجوب ذلك. لكن حكى عنه أنّه قال في موضع آخر: «من شهد الشهادتين وأحدث أو أعجلته حاجة فانصرف قبل أن يسلّم إمامه وقبل أن يسلم هو إن كان وحده فقد تمّت صلاته»، وهو ينافي وجوبه. ولم أعثر على القول بكونه مخرجا أيضا إلّا ما نقل في الذكرى (130) عن الراونديّ من جواز الاكتفاء به في الخروج. واختلفوا في السلام المخرج هل هو: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، أو السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته؟ فالمشهور بين المتأخّرين التخيير، وإليه مال الشهيد في الذكرى (131) والدروس. (132) واحتجّ عليه بالجمع بين إجماع الاُمّة على جواز الخروج بالثانية، والأخبار المتكثّرة على جواز الخروج بالاُولى وقال: لكنّه لم يقل به أحد، وذهب السيّد المرتضى (133) وأبو الصلاح (134) على ما نقل عنهما إلى تعيّن قصد الخروج بالثانية. ويظهر من الدروس (135) أنّ كلّ من قال بوجوب التسليم عيّن الخروج بالثانية و أنّ كلّ من جوّزه بالاُولى فهو من القائلين بندبيّته، ونقل في المدارك (136) عنه أنّه قال في البيان: إنّ السلام علينا لم يوجبه أحد من القدماء، وأنّ القائل بوجوب التسليم يقول باستحبابها، كالتسليم على الأنبياء والملائكة، وأنّها غير مخرجة من الصلاة، والقائل بندب التسليم يجعلها مخرجة. (137) وحكى في الذكرى عن يحيى بن سعيد أنّه قال في الجامع: «التسليم الواجب الّذي يخرج به من الصلاة: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين»، (138) ثمّ قال: وفي هذا القول خروج عن الإجماع من حيث لا يشعر قائله. [و] الاحتياط بالإتيان بالصيغتين جمعا بين القولين باديا بالسلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين لا بالعكس، فإنّه لم يأتِ به خبر منقول ولا مصنّف مشهور، سوى ما في بعض كتب المحقّق رحمه اللّه ، (139) ويعتقد ندب السلام علينا ووجوب الصيغة الاُخرى، وإن أبى المصلّي إلّا إحدى الصيغتين فالسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته مخرجة بالإجماع. (140) انتهى. والعامّة اتّفقوا على الثاني (141) ولم يعرفوا الأوّل أصلاً على ما نقل عنهم. (142) ويدلّ على الخروج بالأوّل صحيحة الحلبيّ، (143) ورواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا كنت إماما فإنّما التسليم أن تسلّم على النبيّ عليه السلام وتقول: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة، ثمّ تؤذّن القوم وأنت مستقبل القبلة فتقول السلام عليكم، وكذلك إذا كنت وحدك تقول: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين»، (144) الحديث، وسيأتي. وخبر أبي كهمس عنه عليه السلام قال: سألته عن الركعتين الأوّلتين إذا جلست فيهما للتشهّد فقلت وأنت جالس: السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته انصرف هو أو لا؟ قال: «لا، ولكن إذا قلت: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين فهو الانصراف». (145) ورواية ميسّر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «شيئان يفسد الناس بهما [صلاتهم...] ثانيهما: قول الرجل: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين». (146) ويدلّ على الثاني صحيحة عليّ بن جعفر، قال: رأيت إخوتي موسى وإسحاق ومحمّد بن جعفر يسلّمون في الصلاة على اليمين والشمال السلام: «عليكم ورحمة اللّه السلام عليكم ورحمة اللّه ». (147) ورواية عبد اللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن تسليم الإمام وهو مستقبل القبلة، قال: «يقول السلام عليكم». (148) ثمّ الجمع بين الأخبار يقتضى استحباب قوله: «ورحمة اللّه وبركاته» على تقدير وجوب التسليم، وهو منقول (149) عن الصدوق (150) وابن أبي عقيل وابن الجنيد، (151) وأوجبه أبو الصلاح (152) على ما نقل عنه، وادّعي الإجماع على استحباب قوله: «وبركاته». (153) قوله في خبر بكر بن حبيب: (لو كان كما يقولون واجبا على الناس هلكوا) . [ح 1/5088] قال طاب ثراه: الظاهر نفي وجوب صورة مخصوصة قالت بها العامّة، ونبّه على ذلك بأنّ الفرقة المحقّة من أصحاب الرسول وآله تركوها ولم يقولوا بها، فلو كانت هي واجبة كما قالته العامّة لزم هلاك (154) هذه الفرقة المحقّة بتركهم الواجب. قوله في صحيحة أبي بصير: (إذا كنت في صفّ فسلّم تسليمة عن يمينك وتسليمة عن يسارك؛ لأنّ عن يسارك من يسلم عليك) . [ح 7 /5094] ولتحمل عليه صحيحة عبد الحميد بن عواض، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إن كنت تأمّ قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك، وإن كنت مع إمام فتسليمتين، وإن كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة»، (155) كما يشعر به التعليل في صحيحة أبي بصير. ووقع التصريح به في صحيحة منصور بن حازم، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «الإمام يسلّم واحدة ومن وراءه يسلّم اثنتين، فإن لم يكن على شماله أحد سلّم واحدة». (156) ورواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا كنت إماما فإنّما التسليم أن تسلّم على النبيّ صلى الله عليه و آله وتقول: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة ثمّ تؤذّن القوم، فتقول وأنت مستقبل القبلة: السلام عليكم، وكذلك إذا كنت وحدك تقول: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين مثل ما سلّمت وأنت إمام، فإذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت، وسلّم على من [على] يمينك وشمالك، فإن لم يكن على شمالك أحد فسلّم على الّذين على يمينك، ولا تدع التسليم على يمينك اءن لم يكن على شمالك أحد». (157) وفي المدارك: ونقل عن ابني بابويه (158) أنّهما جعلا الحائط عن يسار المصلّي كافيا في استحباب التسليمتين. وقال في الذكرى: ولا بأس باتّباعهما؛ لأنّهما جليلان لا يقولان إلّا عن ثبت (159) . (160) وأمّا الإمام فيسلّم واحدة كما يفهم من الأخبار المذكورة. ولا ينافيها رواية خبر أبي بصير المتقدّم؛ لدلالته على أنّ الثاني لإعلام المأمومين بالخروج عن الصلاة لا لتتميمها. والظاهر تساوي الاستقبال إلى القبلة والالتفات إلى اليمين بالنظر إليه في تلك التسليمة في الفضيلة؛ للجمع بين صحيحتي أبي بصير وعبد الحميد بن عواض المذكورين. وكذا الظاهر تساوي الأمرين بالنظر إلى المنفرد أيضا؛ للجمع بين صحيحة ابن عواض المتقدّمة وبين ما رواه طاب ثراه عن جامع البزنطيّ عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إذا كنت وحدك فسلّم تسليمة واحدة على يمينك». (161) ثمّ الظاهر من كون التسليم مستقبلاً وعن اليمين وعن الشمال الالتفات إليها بصفحة الوجه في حال السلام، والمشهور بين المتأخّرين _ منهم العلّامة في النهاية (162) على ما نقل عنه تبعا للشيخ في النهاية (163) _ أنّه الإيماء بمؤخّر العين إليها. ونقل طاب ثراه عن العلّامة أنّه قال في بعض كتبه: أنّه يؤمي المأموم بمؤخّر العين إلى اليمين والشمال، والمنفرد إلى اليمين، والإمام بصفحة وجهه إلى اليمين. (164) واُورد عليه بأن هذا التفصيل ممّا لا دليلّ عليه. وعن بعض العامّة أنّه قال: المشهور عندنا أنّ الإمام يسلّم واحدة، وبه قال كثير من السلف، وعن مالك: أنّه يسلّم ثنتين، وبه قال الشافعيّ والحنفيّ. (165) وعلى تقدير الواحدة قبالة وجهه، ويتيامن قليلاً، وعلى تقدير التثنية فالثانية عن يساره، وقال بعضهم: إن كان فيه أحد. (166) قوله في خبر سماعة: (فانصرف) [ح 8 /5095] يدلّ على استحباب الخروج عن المصلّى عن جانب اليمين. وقال طاب ثراه: وهو مذهب أكثر العامّة؛ (167) لما رواه مسلم عن أنس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان ينصرف عن يمينه، (168) يعنى إذا صلّى، وروى أربعة أخبار غيره بهذا المضمون. وقال المازريّ: مذهبنا أنّه يستحبّ أن ينصرف في جهة حاجته، فإن لم تكن له حاجة واستوت الجهات فالأفضل اليمين. (169)

.


1- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 176 .
2- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 450 و 462 ؛ المغني والشرح الكبير لابنَي قدامة ، ج 1 ، ص 571 و 573 .
3- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 450 و 462 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 571 و 573 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 572 ؛ عمدة القاري ، ج 6 ، ص 106 و 115 .
4- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 450 و 462 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 571 ؛ عمدة القاري ، ج 6 ، ص 106 .
5- . مسند الشافعي ، ص 55 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 345 ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 279 _ 280 ، ح 1056 ؛ معرفة السنن والآثار ، ج 2 ، ص 177 ، ح 1142 .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 100 _ 101 ، ح 374 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 341 ، ح 1284 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 396 ، ح 8272 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 101 ، ح 377 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 342 ، ح 1287 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 397 ، ح 8274 .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 102 ، ح 382 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 401 ، ح 8283 .
9- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 178 ، وكان في الأصل : «ابن غياث» بدل «ابن عبّاس» ، والتصويب حسب المصدر ، ولم أعثر عليه في مصادر العامّة .
10- . مسند أحمد ، ج 1 ، ص 459 .
11- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 319 ، ح 1303 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 343 _ 344 ، ح 1293 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 403 ، ح 8290 .
12- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 179 .
13- . المغني ، ج 1 ، ص 571 .
14- . تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 128 ؛ عمدة القاري ، ج 6 ، ص 9 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 330 .
15- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 462 ؛ عمدة القاري ، ج 6 ، ص 106 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 571 .
16- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
17- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 101 _ 102 ، ح 379 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 342 ، ح 1289 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 397 ، ح 8275 .
18- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 92 ، ح 344 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 393 ، ح 8264 .
19- . أورده المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 223 .
20- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 102 ، ح 380 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 398 ، ح 7276 .
21- . الفقيه ، ج 1 ، ص 318 _ 319 ، ح 944 .
22- . في هامش الأصل : «هكذا في النسخة التي رأيت ، و الظاهر سقوط : «و بارك على محمّد و آل محمّد بعد الصلاة ، منه» . أقول : وهذه الفقرة موجودة في تهذيب الأحكام ، وزاد : «وسلّم على محمّد وآل محمّد» .
23- . الذكرى ، ج 3 ، ص 409 _ 410 . والحديث في تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 99 _ 100 ، ح 373 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 393 _ 394 ، ح 8265 .
24- . المغني ، ج 1 ، ص 573 . والحديث في مسند أحمد ، ج 1 ، ص 414 ؛ وصحيح البخاري ، ج 7 ، ص 136 ؛ والسنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 138 .
25- . المدونّة الكبرى ، ج 1 ، ص 143 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 573 _ 574 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 573 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 457 ؛ مواهب الجليل ، ج 2 ، ص 250 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 106 .
26- . المغني والشرح الكبير ، ج 1 ، ص 574 ؛ فتح العزيز ، ج 3 ، ص 509 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 455 . والحديث في: مسند أحمد ، ج 1 ، ص 292 ، وصحيح مسلم ، ج 2 ، ص 14 ، وسنن ابن ماجة ، ج1 ، ص 291 ، ح 900 ؛ وسنن أبي داود ، ج 1 ، ص 221 ، ح 974 ، وسنن الترمذي ، ج 1 ، ص 178 ، ح 289 .
27- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 183 _ 184 .
28- . الخلاف ، ج 1 ، ص 368 ؛ فتح العزيز ، ج 3 ، ص 510 _ 511 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 456 ؛ المدوّنة الكبرى ، ج 1 ، ص 143 .
29- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 183 .
30- . الخلاف ، ج 1 ، ص 372 ، المسألة 131 عن الشافعي وحده ؛ كتاب الاُمّ للشافعي ، ج 1 ، ص 143 ؛ المغني والشرح الكبير ، ج 1 ، ص 575 .
31- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 186 .
32- . الذكرى ، ج 3 ، ص 406 .
33- . الخلاف ، ج 1 ، ص 369 ، المسألة 128 .
34- . ما بين الحاصرتين من الخلاف .
35- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 467 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 579 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 579 .
36- . الخلاف ، ج 1 ، ص 371 ، المسألة 129 .
37- . الناصريّات ، ص 229 .
38- . اُنظر : فتح العزيز ، ج 3 ، ص 503 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 467 ؛ نيل الأوطار ، ج 2 ، ص 321 ؛ تفسير القرطبي ، ج 14 ، ص 235 _ 236 .
39- . الذكرى ، ج 3 ، ص 412 .
40- . المقنع ، ص 96 .
41- . الفقيه، ج 1، ص 319.
42- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 393 ، ج 8264 .
43- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 188 .
44- . هذا هو الصحيح ، وفي الأصل «كعب الأحبار» ومثله في المصدر ط القديم ، وصحّحه محقّق الكتاب في طبعته الجديدة .
45- . الأمالى للصدوق ، المجلس 61 ، ح 5 ؛ الأمالي للطوسي ، المجلس 15 ، ح 15 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 197 ، ح 9101 ؛ مسند أحمد ، ج 4 ، ص 241 و 243 و 244 ، و ج 5 ، ص 274 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 309 ؛ صحيح البخاري ، ج 4 ، ص 118 ؛ وج 6 ، ص 27 ، و ج 7 ، ص 156 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 16 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 221 ، ح 976 _ 978 ؛ سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 301 _ 302 ، ح 482 ؛ سنن النسائي ، ج 3 ، ص 47 .
46- . صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 155 . وقد تقدّم .
47- . سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 348 ، ح 1328 .
48- . الخلاف ، ج 1 ، ص 371 . والحديث رواه الدار قطني في سننه ، ج 1 ، ص 348 ، ح 1326 .
49- . لم أعثر عليه في المقنعة ، والحديث في الذكرى ، ج 3 ، ص 407 _ 408 ، ثم قال : «وهذه الرواية عبارة المقنعة» .
50- . الخلاف ، ج 1 ، ص 371 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 159 ، ح 625 ؛ وج 4 ، ص 108 _ 109 ، ح 314 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 343 ، ح 1292 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 408 _ 409 ، ح 8298 .
51- . الأعلى (87) : 14 .
52- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 159 ، ح 625 ؛ وج 4 ، ص 108 _ 109 ، ح 314 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 343 ، ح 1292 ؛ وسائل الشيعة ، ج 4 ، ص 999 ، ح 8301 .
53- . هذا هو الظاهر الموافق للمصدر ، وفي الأصل : «إتمام» .
54- . الفقيه ، ج 2 ، ص 183 ، ح 2085 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 407 ، ح 8297 ؛ وج 9 ، ص 318 ، ح 12214 .
55- . الأحزاب (33) : 56 .
56- . الناصريّات ، ص 229 .
57- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 186 .
58- . اُنظر : المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 29 ؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 138 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 213 .
59- . مسند أحمد ، ج 6 ، ص 18 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 580 ؛ المعجم الكبير ، ج 18 ، ص 307 ؛ تلخيص الحبير ، ج 3 ، ص 504 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 5 ، ص 290 .
60- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 393 ، ح 8264 .
61- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 188 .
62- . مسند الطيالسي ، ص 36 ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 346 ، ح 1321 ؛ معرفة السنن والآثار ، ج 2 ، ص 38 .
63- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 188 .
64- . سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 346 ، ذيل الحديث 1320 .
65- . للحديث مصادر ، منها : السنن الكبرى للنسائي ، ج 2 ، ص 431 ، ح 4046 .
66- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 396 ، ح 8272 .
67- . الحدائق الناضرة ، ج 8 ، ص 444 و 449 .
68- . هما ح 1 و 2 من هذا الباب من الكافي .
69- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 101 ، ح 376 ، و ص 319 ، ح 1305 . ورواه أيضا في الاستبصار ، ج 1 ، ص 341 ، ح 1286 ، و ص 344 ، ح 1294 . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 399 ، ح 8279 .
70- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 318 ، ح 1300 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 342 ، ح 1290 ، وص 402 ، ح 1534 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 411 ، ح 8305 .
71- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 318 ، ح 1301 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 343 ، ح 1291 ، وص 402 ، ح 1535 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 410 ، ح 8304 .
72- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 318 .
73- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 342 .
74- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 318 .
75- . القاموس المحيط ، ج 1 ، ص 164 (حدث) .
76- . تذكرة الأحكام ، ج 3 ، ص 235 .
77- . الناصريّات ، ص 43 ؛ جوابات المسائل الميارفافيات (رسائل المرتضى ، ج 1 ، ص 276) .
78- . الألفيّة والنفليّة ، ص 62 ؛ البيان ، ص 94 ؛ الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 183 ، الدرس 44 ؛ اللمعة الدمشقيّة ، ص 30 ؛ الذكرى ، ج 3 ، ص 243 .
79- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 198 .
80- . الكافي في الفقه ، ص 119 .
81- . وحكاه عنه أيضا المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 233 .
82- . الغنية ، ص 81 .
83- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 473 ؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة ، ج 1 ، ص 588 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 194 .
84- . المغني والشرح الكبير ، ج 1 ، ص 588 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 194 .
85- . المغني والشرح الكبير ، ج 1 ، ص 588 .
86- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 198 .
87- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 70 .
88- . الناصريّات ، ص 209 .
89- . الخلاف ، ج 1 ، ص 376 .
90- . المقنعة ، ص 139 .
91- . النهاية ، ص 89 .
92- . الاستبصار، ج 1، ص 345، باب 198.
93- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 320 ، ذيل الحديث 1306 .
94- . السرائر ، ج 1 ، ص 241 .
95- . المهذّب ، ج 1 ، ص 95 .
96- . الخلاف ، ج 1 ، ص 376 .
97- . قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 279 .
98- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 430 .
99- . الذكرى ، ج 3 ، ص 421 _ 422 .
100- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 198 .
101- . اُنظر : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 5 ، ص 64 ؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 233 .
102- . الناصريّات ، ص 211 .
103- . التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام ، ص 521 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 397 _ 398 ، ح 1039 ؛ مسند أحمد ، ج 1 ، ص 123 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 175 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 101 ، ح 275 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 22 ، ح 61 ، وص 147 ، ح 618 ؛ سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 5 ، ح 3 .
104- . مسند أحمد ، ج 5 ، ص 338 .
105- . مسند عبد بن حميد ، ص 6 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 4 ، ص 541 ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 279 _ 280 ، ح 1056 .
106- . المعجم الأوسط ، ج 4 ، ص 318 _ 319 ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 350 ، ح 1336 .
107- . الناصريّات ، ص 212 .
108- . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 459 _ 460 ، ح 7077 .
109- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 432 .
110- . الفقيه ، ج 1 ، ص 33 ، ح 68 .
111- . لم أعثر عليه في كتب الشيخ و نسبه إليه في وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 417 ، ذيل الحديث 8317 .
112- . الكافي، ج 3 ، ص 69 ، باب النوادر، ح 2 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 366 ، ح 963 .
113- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 320 ، ح 1307 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 345 ، ح 1032 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 416 ، ح 8313 .
114- . الثقة هو يحيى بن القاسم الأسدي (رجال النجاشي ، ص 441 ، الرقم 1187) ، وكذا ليث بن البختري (رجال ابن الغضائري ، ص 111 ، الرقم 165) ، و عند الاطلاق ينصرف أبو بصير إليهما ، فلا وجه لاحتمال غيرهما حتّى يشمل غير الثقة .
115- . رجال النجاشي ، ص 300 ، الرقم 817 .
116- . رجال الطوسي ، ص 337 ، الرقم 5021 ، ووثّقهُ النجاشي في رجاله ، ص 193 ، الرقم 517 .
117- . الأحزاب (33) : 56 .
118- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 410 ، ح 8304 .
119- . هذه العبارة وردت في الكافي ، باب من أحدث قبل التسليم ، ح 2 . ولفظ التهذيب ، ج 2 ، ص 318 ، ح 1301 : «بعد الشهادتين» بدل «بعد التشهّد» .
120- . نفس الرواية المتقدّمة عن الكافي .
121- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 320 ، ح 1306 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 345 ، ح 1301 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 424 ، ح 8341 .
122- . اختيار معرفة الرجال ، ج 2 ، ص 673 ، الرقم 705 .
123- . مجمع الفائدة للأردبيلي ، ج 2 ، ص 280 ، و ج 8 ، ص 216 .
124- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 349 ، ح 1446 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 413 ، ح 11047 ، وما بين الحاصرتين منهما .
125- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 323 ، ح 1322 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 405 _ 406 ، ح 1547 ؛ ورواه الكليني في الكافي ، باب ما يقطع الصلاة من الضحك والحدث و ... ، ح 10 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 424 ، ح 8343 ، و ج 7 ، ص 244 ، ح 9235 .
126- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 354 _ 355 ، ح 1467 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 401 ، ح 1531 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 234 _ 235 ، ح 9206 .
127- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
128- . الذكرى ، ج 3 ، ص 421 .
129- . محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن سليم الجعفي الكوفي المعروف بأبي الفضل الصابوني ، والمشهور بين الفقهاء بصاحب الفاخر والجعفي من قدماء أصحابنا و أعلام فقهائنا ، و من كبار الطبقة السابعة ممّن أدرك الغيبتين الصغرى والكبرى ، من آثاره كتاب الفاخر ، وهو كتاب كبير يشمل على الاُصول والفروع والخطب وغيرها ، وكتاب تفسير القرآن ، وكتاب المحبّر وكتاب التحبير ، ويظهر من بعض كتب التراجم أنّه كان زيديا ثم استبصر ، وسكن مصر . اُنظر : رجال النجاشي ، ص 374 ، الرقم 1022 ؛ خلاصة الأقوال ، ص 265 ، الرقم 147 .
130- . الذكرى ، ج 3 ، ص 421 ، حكاه عن الرائع للراوندي ، ولم أعثر عليه .
131- . الذكرى ، ج 3 ، ص 432 .
132- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 183 ، الدرس 44 .
133- . لم أعثر عليه .
134- . اُنظر : الكافي في الفقه ، ص 119 .
135- . اُنظر : الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 183 _ 184 ، الدرس 44 .
136- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 434 .
137- . البيان ، ص 94 .
138- . الجامع للشرائع ، ص 84 .
139- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 70 .
140- . الذكرى ، ج 3 ، ص 432 _ 433 .
141- . اُنظر : فتح العزيز ، ج 3 ، ص 519 _ 524 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 473 ؛ المغني والشرح الكبير ، ج 1 ، ص 588 .
142- . تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 245 .
143- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
144- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 93 ، ص 349 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 347 ، ح 1307 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 421 ، ح 8330 .
145- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 316 ، ص 1292 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 426 ، ح 8347 .
146- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 316 ، ص 1290 . ورواه الصدوق في الخصال ، ص 50 ، باب الاثنين ، ح 59 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 409 ، ح 8301 ؛ وج 7 ، ص 286 ، ح 9359 .
147- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 317 ، ح 1297 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 419 ، ح 8324 .
148- . رواه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 236 نقلاً عن جامع البزنطي ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 421 ، ح 8333 .
149- . حكاه عنهم المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 236 ، والعلّامة في تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 246 .
150- . الفقيه ، ج 1 ، ص 320 ؛ المقنع ، ص 96 .
151- . حكاه عنهما المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 236 .
152- . الكافي في الفقه ، ص 119 .
153- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 205 .
154- . في الأصل : «هلاكة» ، والمناسب ما اُثبت .
155- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 92 _ 93 ، ح 345 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 346 ، ح 303 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 416 ، ح 8312 صدره ، و ص 419 _ 420 ، ح 8325 بتمامه .
156- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 93 ، ح 346 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 346 ، ح 1304 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 420 ، ح 8326 .
157- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 93 _ 94 ، ح 349 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 347 ، ح 1307 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 421 ، ح 8330 .
158- . المقنع ، ص 96 ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 319 .
159- . الذكرى ، ج 3 ، ص 434 .
160- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 440 .
161- . رواه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 237 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 421 _ 422 ، ح 8334 .
162- . نهاية الأحكام ، ج 1 ، ص 504 .
163- . النهاية ، ص 72 .
164- . قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 279 ؛ منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 208 .
165- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 481 ؛ مواهل الجليل ، ج 2 ، ص 231 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 30 ؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 138 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 194 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 588 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 589 .
166- . المدوّنة الكبرى ، ج 1 ، ص 143 .
167- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 489 _ 490 ؛ المحلّى ، ج 4 ، ص 263 .
168- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 153 .
169- . اُنظر : شرح صحيح مسلم للنوي ، ج 5 ، ص 220 ؛ فتح الباري ، ج 2 ، ص 280 _ 281 .

ص: 145

. .

ص: 146

. .

ص: 147

. .

ص: 148

. .

ص: 149

. .

ص: 150

. .

ص: 151

. .

ص: 152

. .

ص: 153

. .

ص: 154

. .

ص: 155

. .

ص: 156

. .

ص: 157

. .

ص: 158

. .

ص: 159

. .

ص: 160

. .

ص: 161

. .

ص: 162

. .

ص: 163

. .

ص: 164

. .

ص: 165

. .

ص: 166

. .

ص: 167

. .

ص: 168

باب القنوت في الفريضة والنافلة ومتى هو وما يجزى منه

باب القنوت في الفريضة والنافلة ومتى هو وما يجزى منهلا خلاف بين الأصحاب في ثبوت القنوت في الصلوات الخمس وغيرها من الفرائض والنوافل. ويدلّ عليه أخبار الباب ممّا تقدّم بعضها في بعض الأبواب السابقة ويأتي بعضها في بعض الأبواب الآتية. واختلفوا في وجوبه واستحبابه، فالأظهر والأشهر الثاني؛ للجمع بين ما ظاهره الوجوب وبين صحيحة البزنطيّ عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام في القنوت: «إن شئت فاقنت وإن شئت لا تقنت». قال أبو الحسن عليه السلام : «وإذا كانت التقيّة فلا تقنت وأنا أتقلّد هذا (1) ». (2) وحسنة عبد الملك بن عمرو، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت قبل الركوع أو بعده؟ قال: «لا قبله ولا بعده». (3) ولابدّ من حمل نفيه رأسا على نفي وجوبه؛ إذ مطلق الرجحان متّفق عليه ومدلول أخبار متكثّرة. وذهب ابن أبي عقيل إلى الأوّل حيث قال _ على ما نقل عنه في المختلف (4) _ : «من ترك القنوت متعمّدا بطلت صلاته وعليه الإعادة»؛ محتجّا بقوله تعالى: «قُومُوا للّه ِ قانِتِين» . (5) وربّما نسب هذا القول إلى الصدوق، وكلامه في الفقيه غير صريح في ذلك، فإنّه قال: «القنوت سنّة واجبة من تركها متعمّدا في كلّ صلاة فلا صلاة»؛ (6) له إذا يحتمل أن يكون مراده بطلان صلاة من تركه في جميع الصلوات، لابناؤه عن الرغبة عنه. ويدلّ عليه قوله عليه السلام في رواية وهب بن عبد ربّه، قال: «من ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له». (7) واُجيب بمنع كون الأمر للوجوب، ولو سلّم فنحمله فيه على الندب للجمع. وربّما قيل: إنّه أمر بالدعاء في حال القيام مطلقا، فلا يدلّ على القنوت المخصوص. على أنّ القنوت يجيء لمعان، منها: الطاعة، (8) فلعلّه المراد هنا. وقال طاب ثراه: واختلفت العامّة وأخبارهم فيه، فقد روى مسلم (9) ستّة أخبار في أنّه صلى الله عليه و آله قنت في الصلاة، وفي اثنين أنّه قنت في الظهر والعشاء الآخرة والصبح، وفي اثنين أنّه قنت في المغرب والصبح. وفي الخلاف: روى الشافعيّ عن سفيان بن عينية، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، قال: لما رفع رسول اللّه صلى الله عليه و آله رأسه من الركعة الثانية من الصبح قال: «اللّهمّ انج الوليد بن الوليد وسليمان بن هشام وابن ربيعة والمستضعفين بمكّة، واشدد وطأتك على مضر وذعل وذكوان، واجعل عليهم سنين كسنى يوسف». (10) وهذا خبر صحيح ذكره البخاريّ في صحيحه. (11) وروى الدارقطنيّ بإسناده رفعه إلى أنس بن مالك، قال: ما زال رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقنت في الفجر حتّى فارق الدّنيا. (12) وروى البراء بن عازب، قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله لا يصلّي صلاة مكتوبه إلّا قنت فيها. (13) وروي عن عليّ عليه السلام : أنّه قنت في صلاة المغرب ودعا على أناس وأشياعهم. (14) وقال طاب ثراه: المعروف من مذهب مالك أنّه مستحبّ في الفجر، (15) وحكى الطبريّ الإجماع على أنّ تركه فيها غير مفسد، ونقل عن بعضهم القول بوجوبه فيها وبفسادها بتركه عمدا، وقال المازريّ: هو مشروع في الصبح، وأما في غيرها ففيه ثلاثة أقوال، الصحيح أنّه إذا نزلت نازلة من عدوّ أو قحط أو وباء أو عطش أو ضرّ ظاهر في الناس ونحو ذلك قنتوا في جميع الصلوات المكتوبات. وقال بعضهم: اختلف القائلون بالقنوت في الفجر في قنوت الوتر، فقال بعضهم: لا يقنت فيه جملة، وهو رواية المصريّين عن مالك، وقال ابن مسعود والحسن: يقنت في وتر السنة كلّها، وقال أبو حنيفة: لا يقنت إلّا في وتر رمضان، وقال الشافعيّ: يقنت في النصف الأخير من رمضان فقط من ليلة ستّة عشر، وقيل: من خمسة عشر، ورواه المدنيّون عن مالك، وقال قتادة: يقنت في وتر السنة كلّها إلّا في النصف الآخر من رمضان. وأمّا القنوت في غير الفجر والوتر فغير معمول به، إلّا أن ينزل بالناس أمر فرخّص فيه الشافعيّ وبعض السّلف. (16) وهو واحد قبل الركوع في الركعة الثانية، إلّا فيما استثني من صلاة الجمعة والعيدين والآيات والوتر، كما يعرف كلّ في محلّه على المشهور، بل ادّعى في المنتهى (17) إجماع علمائنا عليه. ويدلّ عليه أكثر أخبار الباب. وفي الخلاف: محلّ القنوت قبل الركوع، وهو مذهب مالك والأوزاعيّ وابن أبي ليلى وأبي حنيفة، (18) وبه قال في الصحابة ابن مسعود وأبو موسى الأشعري، (19) وقال ابن عمر: كان بعض أصحاب النبيّ يقنت قبل الركوع وبعضهم بعده، وانفرد بأن قال: يكبّر إذا أراد أن يقنت، ويقنت ثمّ يكبر للركوع، (20) وقال الشافعيّ بعد الركوع، (21) وبه قال أبو عثمان النهديّ (22) و أنّه أخذ ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان، (23) وذكر رابعا نسيه الراويّ. (24) انتهى. وروى مسلم في صحيحة في خمسة أخبار أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قنت في صلاة الفجر بعد رفع الرأس من الركوع، وفي واحد أنّه قنت في العشاء بعده، وفي ثلاثة أخبار أنه قنت في صلاته بعد الرفع. وعن أنس بن مالك: أنّه قال: القنوت قبل الركوع. (25) ونقل عن المحقّق أنّه مال في المعتبر (26) إلى التخيير بين فعله قبل الركوع وبعده. ويدلّ عليه خبر إسماعيل الجعفيّ ومعمّر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «القنوت قبل الركوع، وإن شئت بعده». (27) وهو مع عدم صحّته وقلّة القائل به قد أوّله الفاضل الأردبيليّ على ما نقل عنه بحمله على القضاء؛ (28) إذ قضاؤه بعد الركوع على تقدير نسيانه قبله مستحبّ؛ لصحيحة محمّد بن مسلم وزرارة، قالا: سألنا أبا جعفر عليه السلام عن الرجل ينسى القنوت حتّى يركع، قال: «يقنت بعد الركوع، فإن لم يذكر فلا شيء عليه». (29) وصحيحة محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت ينساه الرجل، فقال: «يقنت بعد ما يركع وإن لم يذكره حتّى ينصرف فلا شيء عليه». (30) بل يستحبّ قضاؤه لو لم يذكره إلّا بعد السجود، لكن بعد الانصراف من الصلاة؛ لما ذكر في الباب من رواية حريز، عن زرارة، (31) وما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، في الرّجل إذا سها في القنوت: «قنت بعد ما ينصرف وهو جالس». (32) وقال المفيد في المقنعة: «ولو لم يذكر القنوت حتّى ركع في الثالثة قضاه بعد الفراغ»، (33) وهو تقييد من غير دليل. لكن القضاء غير مؤكّد لو لم يذكره حتّى ينصرف من الصلاة، وعليه يحمل صحيحة محمّد بن مسلم المتقدّمة؛ للجمع بينها وبين هذين الخبرين. وأمّا الدعاء فيه فيجوز بكلّ ما يخطر بباله، ويجوز بغير العربية على ما سبق؛ لصحيحة إسماعيل بن الفضل، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت وما يقال فيه؟ فقال: «ما قضى اللّه على لسانك ولا أعلم فيه شيئا مؤقّتا». (34) لكن الأفضل هو المنقولات، والأفضل منها كلمات الفرج على ما اشتهر بين الأصحاب، (35) ولم أجد في فضيلتها في جميع الصّلوات خبرا. نعم، رواها الصدوق في قنوت الوتر ويوم الجمعة، قال: وقال أبو جعفر عليه السلام : «القنوت في يوم الجمعة تمجيد اللّه والصلاة على نبيّ اللّه وكلمات الفرج، ثمّ هذا الدعاء والقنوت في الوتر كقنوتك في يوم الجمعة، ثم تقول قبل دعائك لنفسك: اللّهم تمّ نورك»، (36) الدعاء. وروي عن معروف بن خربوذ، عن أحدهما عليهماالسلامقال: «قل في قنوت الوتر: لا إله إلّا اللّه الحليم الكريم، لا إله إلّا اللّه العليّ العظيم، سبحان اللّه ربّ السماوات السّبع وما فيهنّ وما بينهنّ وربّ العرش العظيم، سبحان اللّه ربّ الأرضين السبع وما فيهنّ وما بينهنّ وربّ العرش العظيم، اللّهمّ أنت اللّه نور السماوات»، (37) الدعاء. وفي المدارك: وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «القنوت يوم الجمعة في الركعة الاُولى بعد القراءة، تقول في القنوت: لا إله إلّا اللّه الحليم الكريم، لا إله إلّا اللّه العليّ العظيم، سبحان اللّه ربّ السماوات السّبع وربّ الأرضين السّبع وما فيهنّ وما بين بينهنّ وربّ العرش العظيم، الحمد للّه ربّ العالمين، اللّهمّ صلّ على محمّد وآله كما هديتنا به، اللّهمّ صلّ على محمّد وآله كما أكرمتنا به، اللّهمّ اجعلنا ممّن اخترته لدينك وخلقته لجنّتك، اللّهمّ لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهاب». (38) وذكر الشيخ (39) وأكثر الأصحاب أنّ أفضل ما يقال فيه كلمات الفرج. وقال ابن إدريس: وروي أنّها أفضله. (40) ولم أقف على ما نقله من الرواية، لكن لا ريب في استحباب القنوت بها لأنّها ثناء وذكر، وصورتها: «لا إله إلّا اللّه الحليم الكريم، لا إله إلّا اللّه العليّ العظيم، سبحان اللّه ربّ السّماوات السّبع وربّ الأرضين السّبع وما فيهنّ وما بينهنّ وربّ العرش العظيم، والحمد للّه ربّ العالمين»، روى ذلك زرارة في الحسن عن أبي جعفر عليه السلام . (41) وذكر المفيد رحمه اللّه وجمع من الأصحاب أنّه يقول قبل التحميد: وسلام على المرسلين. (42) وسئل عنه المصنّف في الفتاوى فجوزه؛ لأنّه بلفظ القرآن، ولا ريب في الجواز لكن جعله في أثناء كلمات الفرج مع خروجه عنها ليس بجيّد. (43) انتهى. كلام صاحب المدارك، وقد سبق في باب تلقين الميّت، وعرفت أنّه ورد هذه الكلمة فيها في التلقين، ولعلّ هذا القدر كاف في الإدخال، فتأمّل. قوله في موثّقة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه : (وفي الوتر الاستغفار) .[ح 9 /5107] قال طاب ثراه: هذا محمول على الأفضليّة، وقد روى صحيحا في التهذيب في قول اللّه عزّ وجلّ: «وَ بِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» (44) في الوتر في آخر الليل سبعين مرّة». (45) وفي الفقيه صحيحا: «من قال [في وتره إذا أوتر]: استغفر اللّه وأتوب إليه سبعين مرّة وواظب عليها سنة كتبه اللّه [عنده] من المستغفرين بالأسحار، ووجبت له [الجنّة و ]المغفرة] من اللّه عزّوجل]». (46)

.


1- . في هامش الأصل : «نقل عن الشيخ الجليل بهاء الملّة والدين أنّه قال في تفسير قوله عليه السلام : فأنا أتقلّد هذا : يعني گناهش به گردن من . منه رحمه الله» .
2- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 91 ، ح 340 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 340 ، ح 1281 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 269 ، ح 7931 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 91 ، ح 337 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 339 ، ح 1287 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 269 ، ح 7932 .
4- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 173 .
5- . البقرة (2) : 238 .
6- . الفقيه ، ج 1 ، ص 315 . وقال في الهداية ، ص 127 : «من ترك القنوت متعمّدا فلا صلاة له» .
7- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي ، و مثله في تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 90 ، ح 335 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 339 ، ح 1276 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 263 ، ح 7911 ، و ص 265 ، ح 7915 .
8- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 261 (قنت) .
9- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 135 _ 136 ، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة ...» .
10- . الخلاف ، ج 1 ، ص 381 . والحديث في مسند الشافعي ، ص 185 .
11- . صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 195 ؛ وج 2 ، ص 15 ؛ وج 3 ، ص 234 ؛ وج 4 ، ص 122 ؛ وج 5 ، ص 171 ؛ وج 7 ، ص 118 و 165 .
12- . سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 28 ، ح 1676 . ورواه أحمد في مسنده ، ج 3 ، ص 162 .
13- . سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 27 ، 1671 . ورواه البيهقي في السنن الكبرى ، ج 2 ، ص 198 .
14- . الخلاف ، ج 1 ، ص 382 . ونحوه في السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 245 .
15- . المدوَّنة الكبرى ، ج 1 ، ص 102 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 787 .
16- . اُنظر : الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 719 _ 721 و ص 725 _ 727 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 165 ؛ عمدة القاري ، ج 6 ، ص 73 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 2 ، ص 266 ؛ المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 11 _ 12 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 273 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 784 ؛ منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 214 .
17- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 226 .
18- . تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 203 ؛ عمدة القاري ، ج 6 ، ص 73 ؛ الاستذكار ، ج 2 ، ص 294 ؛ الكافي لابن عبدالبرّ ، ص 44 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 797 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 721 .
19- . عمدة القاري ، ج 6 ، ص 73 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 721 .
20- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 498 و 501 .
21- . تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 203 ؛ المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 506 ؛ الاستذكار ، ج 2 ، ص 294 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 720 .
22- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 498 ؛ المحلّى ، ج 4 ، ص 141 .
23- . المحلّى ، ج 4 ، ص 141 .
24- . الخلاف، ج 1، ص 382، المسألة 138.
25- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 135 _ 136 .
26- . المعتبر ، ج 2 ، ص 245 .
27- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 92 ، ح 343 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 341 ، ح 1283 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 267 ، ح 7926 .
28- . مجمع الفائدة ، ج 2 ، ص 304 .
29- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 160 ، ح 628 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 344 ، ح 1295 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 287 _ 288 ، ح 7989 .
30- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 160 ، ح 629 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 344 ، ح 1296 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 288 ، ح 7990 .
31- . الحديث العاشر من هذا الباب من الكافي .
32- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 160 _ 161 ، ح 631 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 345 ، ح 1298 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 287 ، ح 7987 .
33- . المقنعة ، ص 139 مع مغايرة في اللفظ والمعنى واحد . وحكاه عنه في مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 448 واللفظ له .
34- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 314 _ 315 ، ح 1281 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 277 ، ح 7956 .
35- . اُنظر : مصباح المتهجّد ، ص 39 ؛ السرائر ، ج 1 ، ص 228 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 259 ؛ اللمعة الدمشقية ، ص 31 ؛ الذكرى ، ج 3 ، ص 289 ؛ مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 445 .
36- . الفقيه ، ج 1 ، ص 487 ، ح 1404 .
37- . الفقيه ، ج 1 ، ص 490 ، ح 1409 .
38- . الكافي ، باب القنوت في صلاة الجمعة والدعاء فيه ، ح 1 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 18 ، ح 64 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 275 ، ح 7952 .
39- . الاقتصاد ، ص 263 ؛ عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر ، ص 148) ؛ المبسوط ، ج 1 ، ص 113 ؛ مصباح المتهجّد ، ص 39 .
40- . السرائر ، ج 1 ، ص 228 .
41- . كتاب الجنائز من الكافي ، باب تلقين الميّت ، ح 3 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 288 ، ح 839 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 459 ، ح 2645 .
42- . المقنعة ، ص 74 و 107 و 124 .
43- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 445 _ 446 .
44- . الذاريات (51) : 18 .
45- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 130 ، ح 498 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 280 ، ح 7967 .
46- . الفقيه ، ج 1 ، ص 489 ، ح 1405 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 279 ، ح 7962 و مابين الحاصرات من المصدر .

ص: 169

. .

ص: 170

. .

ص: 171

. .

ص: 172

. .

ص: 173

. .

ص: 174

. .

ص: 175

باب التعقيب بعد الصلاة والدعاء

باب التعقيب بعد الصلاة والدعاءاتّفق أهل العلم على استحباب تعقيب الصّلوات الواجبات منها والمندوبات بتلاوة القرآن والدّعوات، والأفضل منها المنقول، وأفضله التكبير ثلاثا، رافعا يديه عند كلّ تكبير، ثمّ قول: لا إله إلّا اللّه وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وأعزّ جنده، وغلب الأحزاب وحده، فله الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كلّ شيء قدير. (1) ففي الوافي: (2) روى ابن طاوس في كتاب فلاح السائل (3) عن أبي أحمد جعفر بن أحمد القمّيّ بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : لأيّ علّة يكبّر المصلّي بعد التسليم ثلاثا؟ قال: «انّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله لمّا فتح مكّة صلّى بأصحابه الظهر عند الحجر الأسود، فلمّا سلّم رفع يديه وكبّر ثلاثا»، وقال: «لا إله إلّا اللّه وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وأعزّ جنده، وغلب الأحزاب وحده، فله الملك و له الحمد، يحيى ويميت، وهو على كلّ شيء قدير»، ثمّ أقبل على أصحابه فقال: «لا تدعوا هذا التكبير وهذا القول، فإنّه من فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا القول كان قد أدّى ما يجب عليه من شكر اللّه تعالى على تقوية الإسلام وجنده». (4) وبإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا سلّمت فارفع يديك بالتكبير ثلاثا». (5) ثمّ تسبيح فاطمة عليهاالسلام، وكفاك شاهدا على فضله ما رواه المصنّف في الباب. (6) والأفضل الجلوس فيه في المصلّى وإن كان يجوز مع الانصراف عنه ويتأكّد ذلك في الامام إذا علم أنّ فيهم مسبوقا؛ لحسنة حريز عن أبي بصير. (7) وقال طاب ثراه: الظاهر من روايات العامّة ومذاهبهم أنّ الأفضل للإمام أن يتنحّى عن مصلّاه. روى مسلم بأسانيد متعدّدة أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا سلّم لم يقعد إلّا مقدار أن يقول: «اللّهمّ أنت السلام ومنك السّلام، تباركت ذا الجلال والإكرام». (8) وقال بعض علمائهم: استحبّ الفقهاء تنحّي الإمام عن محلّه عقيب سلامه؛ لأنّه موضع فضيلة استحقّه بسبب الإمامة، فيزول بزوالها. وقيل: ليراه من لم يسمع سلامه. وقال بعض الشافعيّة: إنّما يستحبّ التنّحي عن موضع الإمامة في صلاة بعدها راتبة، وأمّا الّتي لا راتبة بعدها فلا يستحبّ، (9) فإنّه يروى أنّه صلى الله عليه و آله كان يقعد في الصبح حتّى تطلع الشمس، (10) وكان بعضهم يقول: يكفي في تنحيّه الانحراف الذي يخالف هيئة الجلوس الذي كان له. قوله في خبر منصور بن يونس: (من صلّى صلاة فريضة وعقّب إلى اُخرى فهو ضيف اللّه ) إلخ.] ح 3 /5116] الظاهر أنّ المراد من الصلاتين المشتركتين في الوقت _ كالظهرين والعشائين _ فلا يشمل مثل الفجر والظهر والعصر والمغرب، فإنّ ذلك فيهما غير مستحبّ لأدائه إلى كراهة العبادة على النفس غالبا. وقد روى المصنّف في باب الاقتصاد في العبادة عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «إنّ هذا الدّين متين فأوغلوا فيه برفق، ولا تكرهوا عبادة اللّه إلى عباده، فيكونوا كالراكب المنبتّ (11) الذي لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى». (12) وعن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «يا علي، إنّ هذا الدّين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغض على نفسك عبادة ربّك، إنّ المنبتّ _ يعنى المفرّط _ لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرما، واحذر حذر من يتخوّف أن يموت غدا». (13) وفي النهاية الأثيريّة: يقال للرجل إذا انقطع به في سفره وعطبت راحلته: قد انبتّ من البتّ، وهو القطع، وهو مطاوع بتّ، يقال: بتّه وأبتّه: يريد أنّه بقى في طريقه عاجزا لم يقضِ وطره، وقد اُعطب ظهره. (14) وقال طاب ثراه: وهل الجلوس في المصلّى انتظارا للاُخرى من غير تعقيب، أو لدفع مشقّة الرجوع عن نفسه، أو بعد دارٍ، داخل في الحكم أم لا؟ الأولى الدخول. وقال بعض العامّة: داخل بشرط أن لا يتحدّث بحديث غير علم وأن لا ينام اختيارا، وأمّا الانتظار إلى ذلك في دويرة المسجد فالأقرب عدم الدخول فيه. قوله في خبر أبي بصير: (قال: في تسبيح فاطمة عليهاالسلام تبدأ بالتكبير أربعا وثلاثين، ثمّ التحميد ثلاثا وثلاثين، ثمّ التسبيح ثلاثا وثلاثين) .[ح 9 /5122] هذا الترتيب في إذكاره هو المشهور، ومثله صحيحة محمّد بن عذافر، قال: دخلت مع أبي على أبي عبد اللّه عليه السلام فسأله أبي عن تسبيح الزهراء عليهاالسلام، فقال: «اللّه أكبر» حتّى أحصى أربعا وثلاثين مرّة، ثمّ قال: «الحمد للّه » حتّى بلغ سبعا وستّين، ثمّ قال: «سبحان اللّه » حتّى بلغ مئة، يحصيها بيده جملة واحدة. (15) وما رواه البخاري في صحيحه عن شعبة، قال: أخبرني الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: حدّثنا عليّ: «أنّ فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى ممّا تطحن، فبلغها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله اُتي بسبي، فأتته تسأله خادما، فلم توافقه، فذكرت لعائشة، فجاء النبيّ صلى الله عليه و آله فذكرت ذلك عائشة له، فأتانا وقد دخلنا مضاجعنا، فذهبنا لنقوم، فقال: «على مكانكما»، حتّى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: «ألا أدلّكما على خير ممّا سألتماه؛ إذا أخذتما مضاجعكما فكبّرا أربعا وثلاثين، وأحمدا ثلاثا وثلاثين وسبّحا ثلاثا وثلاثين فإنّ ذلك خير لكما ممّا سألتماه». (16) وقد ورد من طريق الأصحاب في تلك القصّة تقديم التسبيح على التحميد، والظاهر وقوع سهو من رواتنا في النقل؛ لموافقة ما نقلوه للأخبار المذكورة. والقول بالفصل بين التعقيب والنوم كما احتمله بعض بعيد جدّا. رواه الصدوق رضى الله عنهأنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال لرجل من بني سعد: «ألا اُحدّثك عنّي وعن فاطمة؟ أنّها كانت عندي فاستقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها، وطحنت بالرحى حتّى مجلت يداها، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرّ شديد، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك حرّما أنت فيه من هذا العمل، فأتت النبيّ صلى الله عليه و آله فوجدت عنده حدّاثا، فاستحت فانصرفت، فعلم عليه السلام أنّها جاءت لحاجة، فغدا علينا ونحن في لحافنا، فقال: السلام عليكم، فسكتنا واستحيينا؛ لمكاننا، [ثمّ قال: السلام عليكم فسكتنا]، ثمّ قال: السلام عليكم، فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف، وقد كان يفعل ذلك فيسلّم ثلاثا، فإن أذن له وإلّا انصرف، فقلنا: وعليك السلام يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله اُدخل، فدخل وجلس عند رؤوسنا، فقال: يا فاطمة، ما كانت حاجتك أمس عند محمّد، فخشيت إن لم نجبه أن يقوم، فأخرجت رأسي فقلت: أنا واللّه أخبرك يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّها استقت بالقربة حتّى أثّرت في صدرها، وجرت بالرحى حتّى مجلت يداها، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك حرّما أنت فيه من هذا العمل. قال: أفلا اُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما فكبّرا أربعا وثلاثين تكبيرة، وسبّحا ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وأحمدا ثلاثا وثلاثين تحميدة، فأخرجت فاطمة عليهاالسلام رأسها فقالت: وقد رضيت عن اللّه وعن رسوله، رضيت عن اللّه وعن رسوله». (17) وقد ورد في بعض أخبار العامّة في التعقيب تأخير التكبير أيضا. قال طاب ثراه: روى مسلم بأسانيد متعدّدة عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال: «معقّبات لا يخيب قائلهنّ أو فاعلهنّ دبر كلّ صلاة مكتوبة ثلاث وثلاثون تسبيحه، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة». (18) وورد في بعض أخبارهم التكبير أيضا ثلاثا وثلاثين، روى مسلم عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عنه صلى الله عليه و آله قال: «تسبّحون وتكبّرون وتحمدون في دبر كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين مرّة». (19) وبسند آخر عن أبي هريرة، عنه صلى الله عليه و آله قال: «من سبّح اللّه في دبر كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد اللّه ثلاثا وثلاثين وكبّر اللّه ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون _ قال _ : تمام المئة لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كان مثل زبد البحر». (20) ويستحبّ اتّخاذ سبحة من تربة الحسين عليه السلام لعدّ تلك الأذكار وغيرها، فقد روى الشيخ في المصباح عن الصادق عليه السلام قال: «من أراد الحجر من تربة الحسين عليه السلام فاستغفر ربّه مرّة واحدة كتب اللّه له سبعين مرّة، فإن أمسك السبحة ولم يسبّح بها ففي كلّ حبّة منها سبع مرّات». (21) وعن عبد اللّه بن عليّ الحلبيّ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: «لا يخلو المؤمن من خمس: سواك، ومشط، وسجّادة، وسبحة فيها أربع وثلثون حبّة، وخاتم عقيق». (22) قوله في خبر الخيبريّ : (في دبر كلّ صلاة) . [ح 10 /5123] قال طاب ثراه: قال المازريّ: المشهور لغة والمعروف رواية في [لفظ] دبر كلّ صلاة هو ضمّ الدال والباء، وقال المطرزيّ: أمّا الجارحة فبالضمّ، وأمّا دبر الّتي بمعنى آخر الأوقات من الصلاة وغيرها فالمعروف فيه الفتح. (23) قوله في مرسلة محمّد بن جعفر: (فيصله ولا يقطعه) . [ح 12 /5125] الوصل في التحميدات والتسبيحات ظاهر، وأمّا في التكبيرات فالظاهر أنّه وصل كلمة اللّه ثانيا وثالثا، وهكذا براء أكبر المقدّم عليها واقفا على الراء من غير سكوت وتوقّف ولا إسقاط للهمزة، على خلاف القاعدة في الوقف، وإنّما جوّز ذلك هنا للتسهيل. وقال طاب ثراه: لعلّ المراد أنّه لا يقطعه بكلام أجنبي أو بفصل من الزمان. قوله في خبر داود العجليّ: (قلن الحور العين) .] ح 22 /5135] قال طاب ثراه: قد أجاز بعض النحاة لحوق ضمير التثنية والجمع إلى الفعل إذا تقدّم على الفاعل، وقالوا: هي لغة بني الحارث، ومن كلامهم: أكلوني البراغيث، ونسبوا إلى الأخفش أنّه حمل عليه قوله تعالى: «وَ أَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَ_لَمُواْ» . (24) واُورد عليه بأنّ الأخفش لا يجعل الواو ضميرا بل علامة، والفرق بين العلامة والضمير أنّ العلامة حرف والضمير اسمُ والأخفش بصريّ، والبصريّون لا يجيزون عود الضمير إلى ما بعده، إلّا في الأبواب الخمسة المعروفة الّتي ليس هذا شيئا منها. وحكي عن ابن الربيع أنّه قال: _ في أنّ مثل هذا الواو هل هي ضمير أو علامة؟ _ ثلاثة أقوال، ثالثها: أنّها ضمير إن تقدّم الاسم نحو: الزيدون قاموا، وحرف إن تقدّم الفعل نحو: قاموا الزيدون، وسيبويه وأكثر النحاة لم يجوّزوا ذلك اللحوق، وأوّلوا الآية بأنّ الاسم الظاهر ليس بفاعل، بل هو بدل عن الضمير، وكأنّه لما قيل: وأسرّوا النجوى، قيل: من هم؟ قيل: الّذين ظلموا. (25) قوله في مرفوعة أحمد بن محمّد: (سبع مرّات) إلخ] ح 23 /5136]، قيد لمسح اليد والدعاء. وفي الصّحاح: كبست البئر: طممتها. (26) قوله في خبر عبد الملك القمّيّ: (واسألك أن تعصمني من معاصيك) . [ح 26/5139] قال طاب ثراه: العصمة بمعنى المنع، يقال: عصمه الطعام، أي منعه من الجوع، واعتصمت باللّه ، أي امتنعت بلطفه من المعصية، وبمعنى الحفظ، يقال: عصمته إذا حفظته. (27) وفيه دلالة على جواز طلب العصمة عن المعاصي مطلقا، خلافا لبعض العامّة فإنّه إنّما جوزه من نوع معيّن منها لا مطلقا، مستدلّاً بأن العصمة عند المتكلمين عدم خلق القدرة على المعصية، (28) وهو مختصّ بالأنبياء عليهم السلام ، ومن ثمة أنكر بعض ملوك أفريقيّة على الخطباء قولهم: (ورضي اللّه عن الإمام المهدي المعصوم) حتّى بدّلوا ذلك بالمعصوم. وفيه: أنّه لو سلّم أنّ العصمة ما ذكر فهو معنى اصطلاحي لطائفة، والمعنى اللغوي وهو أعمّ مقدّم؛ إذ الشرع لا يبتني على اصطلاح طائفة مخصوصة.

.


1- . علل الشرائع ، ص 360 ، الباب 78 ، ح 1 ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 320 ، ح 945 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 452 ، ح 8420 .
2- . الوافي ، ج 8 ، ص 791 .
3- . حكاه عنه في البحار ، ج 83 ، ص 22 ، ح 22 ؛ ومستدرك الوسائل ، ج 5 ، ص 51 _ 52 ، ح 5342 . ولم أعثر عليه في فلاح السائل .
4- . علل الشرائع ، ص 360 ، الباب 78 ، ح 1 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 452 _ 453 ، ح 8420 .
5- . لم أعثر عليه ، ورواه عنه المجلسي في بحارالأنوار ، ج 83 ، ص 22 ، والنوري في مستدرك الوسائل ، ج 5 ، ص 52 ، ح 5343 .
6- . ح 6 و 7 و 13 و 14 و 15 من هذا الباب من الكافي .
7- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
8- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 95 .
9- . فيض القدير ، ج 5 ، ص 181 .
10- . صحيح ابن خزيمة ، ج 1 ، ص 373 .
11- . المنبتّ : الذي أتعب دابّته حتّى عطب ظهره ، فبقي منقطعا به ، و يقال للرجل إذا انقطع في سفره و عطبت راحلته . لسان العرب ، ج 2 ، ص 7 (بتت) .
12- . الحديث الأوّل من ذلك الباب ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 109 _ 110 ، ح 269 .
13- . الحديث السادس من ذلك الباب ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 110 ، ح 270 .
14- . النهاية ، ج 1 ، ص 92 (بت) .
15- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 444 ، ح 8398 .
16- . صحيح البخاري ، ج 4 ، ص 48 . ونحوه في مسند أحمد ، ج 1 ، ص 136 .
17- . الفقيه ، ج 1 ، ص 320 _ 321 ، ح 947 ؛ علل الشرائع ، ص 366 ، الباب 88 ، ح 1 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 446 ، ح 8402 .
18- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 98 .
19- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 97 .
20- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 98 .
21- . مصباح المتهجّد ، ص 735 .
22- . نفس المصدر .
23- . كما قلت في المقدّمة : إذا يقول : «قال طاب ثراه» يريد والده قدس سره ، وقد يصرّح بذلك ، ولكن هذه الجملات بتمامها مذكورة في مرآة العقول ، ج 1 ، ص 175 ، و مابين الحاصرتين منه .
24- . الأنبياء (21) : 3 .
25- . اُنظر : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 5 ، ص 133 .
26- . صحاح اللغة ، ج 3 ، ص 969 (كبس) .
27- . صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 1986 (عصم) .
28- . اُنظر : مواهب الجليل ، ج 1 ، ص 57 ؛ الملل والنحل ، ج 1 ، ص 102 .

ص: 176

. .

ص: 177

. .

ص: 178

. .

ص: 179

. .

ص: 180

. .

ص: 181

. .

ص: 182

باب من أحدث قبل التسليم

باب من أحدث قبل التسليمظاهر المصنّف شمول قبل التسليم لما قبل الشهادة أيضا، والخبران المذكوران صريح في ذلك، ويؤكّدهما ما رواه الشيخ في الموثّق عن ابن بكير، عن زرارة، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الرجل يحدث بعدما يرفع رأسه من السجود الأخير، فقال: «تمّت صلاته، وإنّما التشهّد سنّة، فيتوضّأ ويجلس مكانه أو مكانا نظيفا فيتشهد». (1) وظاهر المصنّف العمل بها. واحتمل في الوافي (2) حملها على الرخصة، ويحتمل ورودها على التقيّة، والأكثر _ ومنهم الشيخ في الاستبصار _ حملوها على من أحدث بعد التشهّد الواجب وقبل زياداته المندوبة؛ للجمع بينها وبين خبر الحسن بن الجهم، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل صلّى الظهر والعصر، فأحدث حين جلس في الرابعة، فقال: «إن كان قال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدا رسول اللّه فلا يعيد، وإن كان لم يشهد قبل أن يحدث فليعد». (3) ويؤيّده ما رواه الشيخ في الموثّق عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حبّ القرع، كيف يصنع؟ قال: «ان خرج نظيفا من العذرة فليس عليه شيء ولم ينقض وضوءه، وإن خرج متلطّخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء، وإن كان في صلاته قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة». (4) وإليه ذهب الشيخ في الخلاف، قال: «إذا سبقه الحدث ففيه روايتان: إحداهما يعيد الصلاة، والاُخرى يعيد الوضوء ويبني على صلاته _ إلى قوله _ : والّذي أعمل عليه وأفتي به الرواية الاُولى». (5) وعدّة في المبسوط أحوط، (6) وبه قال السيّد المرتضى في الناصريّات، (7) وحكاه عن جديد الشافعيّ؛ (8) محتجّا بالإجماع والاحتياط، وبما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله من قوله: «إنّ الشيطان يأتي أحدكم وهو في الصلاة فينفخ بين إليتية، فلا ينصرف حتّى يسمع صوتا أو يجد ريحا». (9) وما روي عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال: «لا صلاة إلّا بطهور». (10) وما رواه أبو داود بإسناده عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال: «إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليتوضّأ، وليعد صلاته». (11) وربّما احتجّ عليه بأن الطّهارة شرط في الصلاة، وبزوال الشرط يزول المشروط، (12) وبأن الإجماع واقع على أن الفعل الكثير يبطل الصلاة، وهو حاصل هنا بالطهارة. (13) واُجيب عن الأوّل منهما بأنّه أن اُريد باشتراط الصلاة بالطهارة اشتراط وقوع جميع أجزاء الصلاة مع الطهارة فالشرط حاصل على تقدير البناء أيضا، وإن أُريد اشتراط بقاء الطهارة الّتي دخل بها في الصلاة إلى آخرها فهو عين المدّعى. وعن الثاني منهما بالمنع من كون الطّهارة فعلاً كثيرا، ثمّ يمنع كون كلّ فعل كثيرٍ مبطلاً. وما ادّعى من الإجماع غير مسموع؛ لكونه دعوى الإجماع في موضع يتنازع فيه. وفصّل المفيد والشيخ في قول آخر بين المصلّي بالتيمّم والطهارة المائيّة، ففي المقنعة: ولو كان متيمّما دخل في الصلاة فأحدث ما ينقض الوضوء من غير تعمّد ووجد الماء كان عليه أن يتطهّر بالماء ويبني على ما مضى من صلاته ما لم ينحرف عن القبلة إلى استدبارها، أو تكلّم عامدا بما ليس من الصلاة. (14) ومثله في نهاية الشيخ، (15) وبذلك جمع بين الأخبار في التهذيب، وهو منقول عن ابن أبي عقيل. (16) واستندوا في ذلك بصحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام، قال: قلت له: رجل دخل في الصلاة وهو متيمّم، فصلّى ركعة ثمّ أحدث فأصاب الماء، قال: «يخرج ويتوضّأ ثمّ يبني على ما مضى من صلاته الّتي صلّى بالتيمم». (17) وصحيحتهما الاُخرى، قال: قلت له: رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة، فتيمّم وصلّى ركعتين، ثمّ أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضّأ ثمّ يصلّي؟ قال: «لا، ولكنّه يمضي في صلاته ولا ينقضها؛ لمكان أنّه دخلها وهو على طهور بتيمّم»، قال زرارة: فقلت له: دخلها وهو متيمّم فصلّى ركعة وأحدث، فأصاب ماء؟ قال: «يخرج ويتوضّأ ويبني على ما مضى من صلاته الّتي صلّى بالتيمّم». (18) ولم يعمل بهما الأكثر. ونقل في شرح الفقيه (19) عن بعض الأصحاب أنّه حمل الأحداث فيهما على الأمطار، وهو ليس ببعيد، فقد ذكر الجوهريّ أنّ الأحداث أمطار أوّل السنّة، (20) ومثله في القاموس. (21) ويؤيّده التفريع في قوله: فأصاب الماء. وفي الخلاف: والرواية الاُخرى رواها الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام : أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أذىً أو ضربانا؟ فقال: «انصرف ثمّ توضّأ وابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمّدا، وإن تكلّمت ناسيا فلا شيء عليك، فهو بمنزلة من تكلّم في الصلاة ناسيا»، قلت: فإن قلب وجهه عن القبلة؟ قال: «نعم وإن قلب وجهه عن القبلة». (22) وهي صحيحة. ومثلها خبر أبي سعيد القمّاط، قال: سمعت رجلاً يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وجد في بطنه غمزا وأذىً أو عصرا من البول وهو في الصلاة المكتوبة في الركعة الاُولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة، قال: فقال: «إذا أصاب شيئا من ذلك فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك، فيتوضّأ ثمّ ينصرف إلى مصلّاه الّذي كان يصلّي [فيه]، فيبني على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصلاة بكلام». قال: قلت: وإن التفت يمينا وشمالاً أو ولّى عن القبلة؟ قال: «نعم كلّ ذلك واسع، إنّما هو بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاثة من المكتوبة، فإنّما عليه أن يبني على صلاته». (23) وهما دالّتان على البناء مطلقا ولو كان مصلّيا بالطهارة المائيّة، وهو منسوب في الناصريات (24) إلى مالك وأبي حنيفة والشافعيّ في القديم، (25) وحملتا في المشهور على التقيّة، وقد نقل عن بعض الأصحاب حمل الأمر بالوضوء فيهما على الاستحباب بناء على أنّ الأزّ والغمز ليسا بحدثين ناقضين للطّهارة. وردّ بأنّ تجديد الوضوء مع بقاء الطهارة الاُولى هنا غير مفيد لدفع ضرر الأزّ والغمز، بل هو أعظم محذورا من إتمام الصلاة بالوضوء الأوّل كما كان؛ للزوم زيادة الصبر عليهما في الصلاة فبالضرورة يكونان كنايتين عن وقوع الحدث. ولعلّ هذا مراد السيّد رضى الله عنهبقوله: «لو لم يكن الأزّ والغمز ناقضا للطهارة لم يأمره بالانصراف والوضوء» (26) على ما سنحكي عنه، وإلّا فلم يقل أحد بنقضهما للوضوء. ويستفاد من المدارك أنّ السيّد المرتضى والشيخ حكما بمضمون الخبرين في قول، حيث قال _ بعدما نقل القولين الأوّلين _: ونُقل عن الشيخ والمرتضى أنّهما قالا: «يتطهّر ويبني على ما مضى من صلاته». (27) ثمّ قال: واحتجّ القائلون بالبناء مطلقا بصحيحة الفضيل بن يسار، وذكر الخبر، قال: وقال المرتضى: لو لم يكن الأزّ والغمز ناقضا للطهارة لم يأمره بالانصراف [والوضوء]. (28) ولا يبعد القول بالتخيير مطلقا للجمع، لكنه لم ينقل عن أحد. والظاهر على القول بالبناء اشتراطه بعدم وقوع حدث آخر عنه بعد ذلك؛ لأنّه لا نصّ على المعفو عنه، وهو منسوب في الخلاف (29) إلى أبي حنيفة، وحكى فيه عن الشافعيّ أنّه قال في قوله القديم بالبناء هنا أيضا معلّلاً بأن هذا الحديث قد طرأ على حدث، فلم يكن له حكم.

.


1- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 318 ، ح 1300 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 342 ، ح 1290، و ص 1402 ، ح 1534 و فيه : «عبيد بن زرارة» بدل «زرارة» ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 411 ، ح 8305 .
2- . الوافي ، ج 8 ، ص 867 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 205 ، ح 596 ؛ وج 2 ، ص 354 ، ح 1467 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 401 ، ح 1531 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 234 _ 235 ، ح 9206 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 11 ، ح 20 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 82 ، ح 258 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 259 ، ح 672 .
5- . الخلاف ، ج 1 ، ص 409 _ 410 ، المسألة 157 .
6- . المبسوط ، ج 1 ، ص 117 .
7- . الناصريّات ، ص 232 .
8- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 74 _ 75 ؛ مغني المحتاج ، ج 1 ، ص 187 .
9- . مسند أحمد ، ج 3 ، ص 96 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 254 ، مع مغايرة في اللفظ .
10- . الفقيه ، ج 1 ، ص 33 ، ح 67 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 49 _ 50 ، ح 144 ، و ص 209 ، ح 605 ؛ وج 2 ، ص 140 ، ح 545 و 546 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 55 ، ح 160 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 315 ، ح 829 ، وص 365 ، ح 960 ، وص 366 ، ح 965 ، وص 372 ، ح 981 ؛ وج 2 ، ص 203 ، ح 1929 .
11- . سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 227 ، ح 1005 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 255 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 6 ، ص 8 .
12- . المعتبر، ج 2، ص 251.
13- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 456 .
14- . المقنعة ، ص 61 .
15- . النهاية ، ص 48 .
16- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 1 ، ص 441 .
17- . تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 204 _ 205 ، ح 594 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 236 ، ح 9210 .
18- . تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 205 ، ح 595 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 167 _ 168 ، ح 580 ؛ وسائل الشيعة ، ج 3 ، ص 382 ، ح 3926 .
19- . لم أعثر عليه في روضة المتّقين ، وتجده في ملاذ الأخيار ، ج 2 ، ص 175 .
20- . لم أعثر عليه في صحاح اللغة .
21- . القاموس المحيط ، ج 1 ، ص 164 (حدث) .
22- . الخلاف ، ج 1 ، ص 411 إلى قوله : «ناسيا» . والحديث بتمامه رواه في تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 332 ، ح 1370 ؛ والاستبصار ، ج 1 ، ص 401 ، ح 1533 . و رواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 367 ، ح 1060 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 236 ، ح 9209 .
23- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 355 ، ح 1468 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 237 ، ح 9211 .
24- . الناصريّات ، ص 232 .
25- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 74 ؛ فتح العزيز ، ج 4 ، ص 2 .
26- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 251 _ 252 .
27- . قاله الشيخ في الخلاف ، ج 1 ، ص 410 . وعنه وعن المرتضى في المعتبر ، ج 2 ، ص 250 . وجعل الشيخ البطلان أحوط .
28- . مدارك الأحكام ، ج 3 ، ص 455 _ 457 .
29- . الخلاف ، ج 1 ، ص 412 ، المسألة 158 . وانظر : المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 74 .

ص: 183

. .

ص: 184

. .

ص: 185

. .

ص: 186

. .

ص: 187

باب السهو في افتتاح الصلاة

باب السهو في افتتاح الصلاةقد سبق وجوب تكبيرة الافتتاح في الصلاة وأنّها ركن من أركانها، فوجب إعادة الصلاة بتركها ولو نسيانا. ويدلّ عليه _ زائدا على ما رواه المصنّف قدس سره _ ما رواه الشيخ في الموثّق عن عبد اللّه بن بكير، عن عبيد بن زرارة، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أقام الصلاة فنسي أن يكبّر حتى افتتح الصلاة، قال: «يعيد». (1) وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام في الّذي يذكر أنّه لم يكبّر في أوّل صلاته، فقال: «إذا استيقن أنّه لم يكبّر [فليعد] ولكن كيف يستيقن؟». (2) وفي الصحيح عن ذريح المحاربيّ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل ينسى أن يفتتح الصلاة حتّى يركع، قال: «يعيد». (3) وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم الآخر عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل نسي أن يكبّر حتّى قرأ، قال: «يكبّر». (4) وفي الصحيح عن عليّ بن يقطين، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام (5) عن رجل نسي أن يفتتح الصلاة حتّى يركع، قال: «يعيد الصلاة». (6) وعن أحمد بن محمّد] بإسناده عن عمّار بن موسى] قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سها خلف الإمام فلم يفتتح الصلاة، قال: «يعيد الصلاة، ولا صلاة بغير افتتاح». وعن رجل وجبت عليه صلاة من قعود فنسي حتّى قام وافتتح الصلاة وهو قائم، ثمّ ذكر، قال: «يقعد ويفتتح الصلاة وهو قاعد، وكذلك إن وجبت عليه الصلاة من قيام فنسي حتّى افتتح الصلاة وهو قاعد، فعليه أن يفتتح صلاته ويقوم، فيفتتح الصلاة وهو قائم، ولا يعتدّ بافتتاحه وهو قاعد». وعن رجل وجبت عليه صلاة من قعود فنسي حتى قام وافتتح الصلاة وهو قائم، ثمّ ذكر، قال: «يقعد ويفتتح بالصلاة ولا يعتدّ بافتتاحه الصلاة وهو قائم». (7) وقد ورد ما يعارض ذلك، رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: سألته عن رجل نسي أن يكبّر حتّى دخل في الصلاة، فقال: «أليس كان من نيّته أن يكبّر؟» قلت: نعم. قال: «فليمض في صلاته». (8) وفي الصحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال: قلت له: رجل نسي أن يكبّر تكبيرة الافتتاح حتّى كبّر للركوع، فقال: «أجزأه». (9) وفي الموثّق عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قام في الصلاة فنسي أن يكبّر، فبدأ بالقراءة، فقال: «إن ذكرها وهو قائم قبل أن يركع فليكبّر، وإن ركع فليمض في صلاته». (10) وفي الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: قلت له: الرجل ينسى أوّل تكبيرة من الافتتاح، فقال: «إن ذكرها قبل الركوع كبّر ثمّ قرأ ثمّ ركع، وإن ذكرها في الصلاة كبّرها في قيامه في موضع التكبيرة قبل القراءة وبعد القراءة»، قلت: فإن ذكرها بعد الصلاة؟ قال: «فليقضها ولا شيء عليه». (11) وحمل في كتابي الأخبار الأخيرة على أنّ الضمير في قوله عليه السلام : «فليقضها» للصلاة لا للتكبيرة، والشيء المنفي على العقاب، والأوّلة على الشكّ، وهو لا يتمّ في خبر أبي بصير؛ لاستلزامه اعتبار الشكّ في التكبير بعد التجاوز عن محلّه، وهو مخالف لما صرّح به الأصحاب من عدم اعتبار الشكّ بعد التجاوز عن محلّ المشكوك، وسيجيء، وما سنرويه من صحيحة زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام ، حيث سأل فيها عن رجل شكّ في التكبير وقد قرأ، وأجاب عليه السلام بأنّه يمضي. (12)

.


1- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 142 _ 143 ، ح 556 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 351 ، ح 1325 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 13 ، ح 7220 .
2- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 143 ، ح 558 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 351 ، ح 1327 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 13 ، ح 7219 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 143 ، ح 561 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 351 ، ح 1328 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 13 ، ح 7221 ، وفي الجميع متن الحديث موافق للحديث التالي ، ففي المذكور وقع الخلط بين الحديثين .
4- . كما قلنا آنفا متن الحديث موافق لحديث ذريح ، وأمّا رواية محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام فلم أعثر عليه .
5- . في الأصل : «أبا عبد اللّه » ، والتصويب من المصدر .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 143 ، ح 560 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 351 _ 352 ، ح 1329 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 13 ، ح 7222 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 353 _ 354 ، ح 1466 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 503 _ 504 ، ح 7174 ، ومابين الحاصرتين منهما . وكان في الأصل قبل الفقرة الأخيرة من الحديث هكذا : «وعن ابن محبوب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام » ، فحذفناه .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 144 ، ح 565 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 352 ، ح 1330 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 15 ، ح 7226 .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 144 ، ح 566 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 353 ، ح 1334 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 16 ، ح 7231 .
10- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 145 ، ح 568 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 352 ، ح 1332 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 15 ، ح 7227 .
11- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 145 ، ح 567 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 372 ، ح 1331 . ورواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 343 ، ح 1001 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 14 ، ح 7225 .
12- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 352 ، ح 1459 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 237 ، ح 10524 .

ص: 188

. .

ص: 189

. .

ص: 190

باب السهو في القراءة

باب السهو في القراءةقد سبق وفاق أهل العلم على أنّ القراءة ليست ركنا من الصلاة. ويدلّ عليه _ زائدا على ما رواه المصنّف _ ما رواه الصدوق في الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة: الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود»، ثمّ قال: «القراءة سنّة، والتشّهد سنّة، فلا تنقض السنّة الفريضة». (1) وعن زرارة، عن أحدهما عليهماالسلامقال: «إنّ اللّه تبارك وتعالى فرض الركوع والسجود، والقراءة سنّة، فمن ترك القراءة متعمّدا أعاد الصلاة، ومن نسي فلا شيء عليه». (2) وما رواه الشيخ من موثّقة سماعة، عن أبي بصير، قال: «إذا نسي أن يقرأ في الاُولى والثانية أجزأه تسبيح الركوع والسجود، وإن كانت الغداة فنسي أن يقرأ فيها فليمض في صلاته». (3) وصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: قلت: الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوّلتين فيذكر في الركعتين الأخيرتين أنّه لم يقرأ، قال: «أتمّ الركوع والسجود؟» قلت: نعم، قال: «إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها». (4) وفي الصحيح عن عبد اللّه بن سنان، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إنّ اللّه فرض من الصلاة الركوع والسجود، ألا ترى لو أنّ رجلاً دخل في الإسلام لا يحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبّر ويسبّح ويصلّي». (5) وخبر الحسين بن حمّاد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: قلت له: أسهو عن القراءة في الركعة الاُولى؟ قال: «اقرأ في الثّانية»، قلت: أسهو في الثانية؟ قال: «اقرأ في الثالثة»، قلت: أسهو في صلاتي كلّها؟ قال: «إذا حفظت الركوع والسجود فقد تمّت صلاتك». (6) ومضمر سماعة، قال: سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب، قال: «فليقل: أستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم، إنّ اللّه هو السميع العليم، ثمّ ليقرأها ما لم يركع، فإنّه لا صلاة له حتّى يقرأ بها في جهر أو إخفات، وأنّه إذا ركع أجزأه إنشاء اللّه ». (7) فأمّا ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: سألته عن الّذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته، قال: «لا صلاة له إلّا أن يقرأ بها في جهر أو إخفات»، (8) فهو مخصوص بتاركها عمدا؛ للجمع. وأمّا ما رواه الصدوق في الصحيح عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: قلت له: رجل نسي القراءة في الركعتين الأوّلتين فذكرها في الأخيرتين، فقال: «يقضي القراءة والتكبير والتسبيح الّذي فاته في الأوّلتين في الأخيرتين [ولاشيء عليه]»، (9) فالمراد من القضاء معناه اللغوى، ومن القراءة وما عطف عليه ما يجب منها في الأخيرتين، والغرض رجحان القراءة حينئذٍ على التسبيحات فيهما.

.


1- . الفقيه ، ج 1 ، ص 339 _ 340 ، ح 991 ؛ الخصال ، ص 283 _ 284 ، باب الخمسة ، ح 35 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 152 ، ح 597 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 470 _ 471 ، ح 7090 ؛ وج 6 ، ص 91 ، ح 7427 وص 401 ، ح 8284 .
2- . الفقيه ، ج 1 ، ص 345 ، ح 1005 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 87 ، ح 7414 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 146 ، ح 572 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 354 ، ح 1338 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 90 _ 91 ، ح 7425 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 146 ، ح 571 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 354 ، ح 1337 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 92 ، ح 7428 .
5- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 147 ، ح 575 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 310 ، ح 1153 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 42 ، ح 7292 .
6- . الفقيه ، ج 1 ، ص 344 _ 345 ، ح 1004 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 148 ، ح 579 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 355 ، ح 1342 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 93 ، ح 7430 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 147 ، ح 574 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 354 ، ح 1340 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 89 ، ح 7420 .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 146 ، ح 573 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 354 ، ح 1339 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 88 ، ح 7417 .
9- . الفقيه، ج 1، ص 344، ح 1003؛ وسائل الشيعة، ج 6، ص 94، ح 7433، ومابين الحاصرتين منهما.

ص: 191

. .

ص: 192

باب السهو في الركوع

باب السهو في الركوعقد سبق أنّ الركوع ركن في مواضعه مطلقا. ويدلّ عليه _ زائدا على ما رواه المصنّف _ ما رواه الشيخ في الاستبصار عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي أن يركع، قال: «عليه الإعادة». (1) وفي الموثّق عن إسحاق بن عمّار، قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل ينسي أن يركع، قال: «يستقبل حتّى يضع كلّ شيء من ذلك موضعه». (2) وفي الصحيح عن صفوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا أيقن الرجل أنّه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة». (3) فأمّا صحيحة حكم بن حكيم، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي من صلاته ركعة أو سجدة أو أكثر منها ثمّ يذكر، فقال: «يقضي ذلك بعينه»، قلنا: يعيد الصلاة؟ فقال: «لا»، (4) فالمراد من الركعة فيها الركعة التامّة، ومن الأكثر من السجدة سجدتان أو أكثر، لكن من الركعات المتعدّدة، كلّ منها من ركعة أو التشهّد، ولا ريب في صحّة الصلاة حينئذٍ ووجوب تدارك ما فات منها بعدها. وأمّا صحيحة عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا ثمّ ذكرت فاصنع الذي فاتك سواء»، (5) فهي مخصوصة بما إذا كان ذكر الركوع في محلّه. وقال الشيخ في المبسوط: تبطل الصلاة بتركه في الاُوليين من كلّ صلاة وفي الثالثة من المغرب، وأمّا في الأخيرتين من الرباعيّات فلا تبطل بتركه سهوا، بل يحذف السجدتين أو إحداهما ويعود إليه. (6) وبذلك جمع بين الأخبار في التهذيب (7) والاستبصار. (8) واستدلّ له في التهذيب بخبر الحكم بن مسكين، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل شكّ بعد ما سجد أنّه لم يركع، [قال:] «فإن استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبنى على صلاته على التمام، وإن كان لم يستيقن إلّا بعدما فرغ وانصرف فليقم وليصلّ ركعة وسجدتين ولا شيء عليه». (9) وبصحيحة عيص بن القاسم، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتّى فرغ منها ثمّ ذكر أنّه لم يركع، قال: «يقوم فيركع ويسجد سجدتي السهو». (10) ولا يخفى عدم صراحة الصحيحة في ما ادّعاه، بل الظاهر المتبادر من الركعة فيها الركعة التّامة، ونسيانها غير مبطل للصلاة كما قلناه في صحيحة الحكم بن حكيم. وأمّا خبر الحكم بن مسكين فهو مع ندرته وعدم صحّته غير صريح في التفصيل الّذي ادّعاه، بل هو شامل لنسيان الركوع في الركعتين الأوّلتين أيضا، فلا يجوز الاستدلال به عليه. نعم، يمكن حمله عليه إن كان له شاهد، وكأنّه لذلك لم يفعل في الاستبصار كذلك، بل أورده أيضا معارضا ثمّ أوّله بما ذكر من التفصيل. ولمّا لم يكن له شاهد من الأخبار لم يجز ذلك، فلو قيل به لينبغي القول به مطلقا، كما قال به بعض الأصحاب على ما حكاه عنه في المبسوط (11) من غير أن يعيّن قائله. وحكاه في الجمل (12) والاقتصاد (13) أيضا كذلك على ما نقل عنهما في المختلف. (14) وقد فصّل في النهاية تفصيلاً آخر وأجرى الحكم في ركوع الركعتين الأوّلتين أيضا، فقد قال: فإن تركه _ يعني الركوع _ ناسيا ثمّ ذكر في حال السجود وجب الإعادة، فإن لم يذكر حتّى صلّى ركعة اُخرى ودخل في الثالثة ثمّ ذكر أسقط الركعة الاُولى وبنى كأنّه صلّى ركعتين، وكذلك إن كان قد ترك الركوع في الثانية وذكر في الثالثة أسقط الثانية وجعل الثالثة ثانية وتمّم الصلاة، فإن لم يذكر أصلاً مضى في صلاته وليس عليه شيء. (15) وكأنّه تمسّك فيه بعموم ما روي في الصحيح عن الحسين بن عليّ الوشّا، عن الرضا عليه السلام أنّه قال: «الإعادة في الركعتين الأوّلتين، والسهو في الركعتين الأخيرتين» (16) ونظائره من الأخبار التي يأتي في الشكّ في عدد الركعتين الأوّلتين، وهي مختصّة بذلك في عددهما. وفصّله عليّ بن بابويه تفصيلاً آخر على ما نقل عنه في المختلف أنّه قال: وإن نسيت الركوع وذكرت بعد ما سجدت في الركعة الاُولى فأعد صلاتك؛ لأنّه إذا لم يثبت لك الاُولى لم تثبت لك صلاتك، وإن كان الركوع من الركعة الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين واجعل الثالثة ثانية والرابعة ثالثة. (17) وقد حكاه عن ابن الجنيد إلّا أنّه قال: إعادة الصلاة أفضل إذا كان السهو في الركعتين الأوّلتين، ويفهم منه جريان الحكم في الركعة الاُولى أيضا _ كما هو قول الشيخ في النهاية (18) _ فقد قال: لو صحّت له الاُولى وسها في الثانية لم يمكنه استدراكه كأن أيقن وهو ساجد أنّه لم يكن ركع، فأراد البناء على الركعة الاُولى الّتي صحّت له رجوت أن يجزيه ذلك، ولو أعاد إذا كان في الأوّلتين وكان الوقت واسعا كان أحبّ إليّ. (19) ولم أجد لهما مستندا أصلاً. نعم، الاحتياط يقتضي إتمام الصلاة هذه ثمّ إعادتها؛ خروجا من الخلاف. قوله في حسنة زرارة: (إذا استيقن أنّه قد زاد في الصلاة المكتوبة ركعة) . الظاهر بالنظر إلى عنوان الباب والفتاوى حمل الركعة على الركوع.

.


1- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 149 ، ح 584 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 356 ، ح 1346 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 313 ، ح 8059 .
2- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 149 ، ح 583 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 356 ، ح 1347 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 313 ، ح 8057 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 148 ، ح 580 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 355 ، ح 1343 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 313 ، ح 8058 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 150 ، ح 588 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 357 ، ح 1350 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 314 ، ح 8061 ؛ وج 8 ، ص 200 ، ح 10419 .
5- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 350 ، ح 1450 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 316 ، ح 8066 ؛ وج 8 ، ص 244 ، ح 10545 .
6- . المبسوط ، ج 1 ، ص 109 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 149 ، ذيل الحديث 584 .
8- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 356 ، ذيل الحديث 1348 .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 149 ، ح 585 . ورواه أيضا في الاستبصار ، ج 1 ، ص 356 ، ح 1348 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 314 ، ح 8062 .
10- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 149 ، ح 586 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 315 ، ح 8063 .
11- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 119 .
12- . الجمل والعقود (الرسائل العشر ، ص 186) .
13- . الاقتصاد ، ص 265 .
14- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 357 .
15- . النهاية ، ص 88 .
16- . الكافي، باب السهو في الركعتين الأوّلتين، ح 4؛ تهذيب الأحكام، ج 2، ص 177، ح 709؛ الاستبصار، ج 1، ص 364، ح 1386؛ وسائل الشيعة، ج 8، ص 190، ح 10384.
17- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 363 .
18- . النهاية ، ص 88 .
19- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 363 .

ص: 193

. .

ص: 194

. .

ص: 195

باب السهو في السجود

باب السهو في السجودالمشهور أنّهما معا ركن، بمعنى بطلان الصلاة بزيادة سجدتين وبنقصانهما جميعا في ركعة واحدة من أيّ الركعات. ويظهر من الشيخ في النهاية (1) الفرق بين الأمرين وبطلان الصلاة بالثاني مطلقا، وتخصيص فسادها بالأوّل بما إذا زيدتا في الركعتين الأوّلتين على ما يفهم ممّا نقلنا عنه. وحكى عنه في المختلف (2) التصريح بذلك فينقصانهما أيضا في الجمل (3) والاقتصاد، (4) فقد نقل أنّه قال فيهما: «من ترك ناسا سجدتين في ركعة من الاُوليين أعاد الصلاة، وإن كانتا من الأخيرتين بنى على الركوع في الاُولى وأعاد السجدتين». وحكى أيضا عنه أنّه قال في موضع من المبسوط: «من ترك سجدتين من ركعة من الركعتين الأوّلتين حتّى يركع فيما بعدها أعاد على المذهب الأوّل، وعلى الثاني يجعل السجدتين في الثانية الأوّلة وبنى على صلاته». (5) وأشار بالمذهب الثاني إلى ما نقله عن بعض الأصحاب من التلفيق، وقد تقدّم أيضا قولا عليّ بن بابويه وابن الجنيد من تخصيص فساد الصلاة بالأوّل بالركعة الاُولى. و يدلّ على القول المشهور ما سبق من قوله عليه السلام : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة: الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود». (6) وما رواه الشيخ عن عليّ بن إسماعيل، [عن رجل]، عن معلّى بن خنيس، قال: سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام في الرجل ينسي السّجدة من صلاته، قال: «إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته، ثمّ يسجد سجدتي السهو بعد انصرافه، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة، ونسيان السجدة في الأوّلتين والأخيرتين سواء». (7) وفي المختلف: ولأنّهما ركن، وترك الركن مبطل، والمقدّمتان إجماعيّتان؛ ولأنّ ترك الركوع إذا كان مبطلاً مطلقا أبطل ترك السجدتين، والمقدّم حقّ فالتالي مثله، والشّرطية إجماعية؛ إذ لا قائل بالفرق، وبيان صدق المقدّم ما تقدّم. (8) وأشار به إلى ما دلّ على بطلان الصلاة بترك الركوع مطلقا. وأمّا الشيخ فكأنّه استند في المنقول عنه بعموم صحيحة عليّ بن الوشّا المتقدّمة، وقد عرفت جوابه. واستدلّ له في المختلف (9) بأنّ السجدتين مساويتان للركوع في جميع الأحكام، وقد ثبت جواز التلفيق فيه فليجر هنا أيضا. و أجاب عنه بمنع الحكم في الركوع. وضعّفه أيضا صاحب المدارك بأنّه مجرّد دعوى عارية من الدليل. (10) هذا، ويظهر من خبر المعلّى أنّه إذا ذكرهما قبل الركوع ولو بعد القراءة يسجد ويعيد القراءة، ويسجد للسهو بعد الانصراف من الصلاة؛ لزيادة القيام والقراءة، وهو المشهور بين الأصحاب. وقال المفيد في المقنعة: «إن ترك سجدتين من ركعة واحدة أعاد على كلّ حال، وإن نسي واحدة منهما ثمّ ذكرها فيالركعة الثانية قبل الركوع أرسل نفسه وسجدها، ثمّ قام». (11) ونقل في الذكرى (12) مثله عن أبي الصلاح. (13) وظاهرهما بطلان الصلاة بترك السجدتين ولو ذكرهما قبل الركوع، وبه قال ابن إدريس. (14) وردّ بأنّ القيام والقراءة إن كانا انتقالين عن محلّ السجود لم يعد إلى الواحدة أيضا، وإلّا عاد إليهما مطلقا، ولا فارق من النصّ. وأمّا إحدى السجدتين فالمشهور بين الأصحاب _ منهم الشيخ في أكثر كتبه (15) _ أنّ نسيانها موجب للتدارك في الصلاة إن ذكرها قبل الركوع، وبعدها إن ذكرها بعده، سواء كانت من الأوّلتين أم الأخيرتين. ويدلّ عليه عموم أكثر أخبار الباب، وخصوص ما رواه الشيخ في الاستبصار عن محمّد بن سنان، عن أبي بصير، (16) وفي التهذيب عنه عن ابن مسكان عن أبي بصير _ وهو الظاهر _ قال سألته عمّن نسي أن يسجد سجدة واحدة فذكرها وهو قائم، قال: «يسجدها إذا ذكرها مالم يركع، فإن كان قد ركع فليمض على صلاته، فإذا انصرف قضاها وليس عليه سهو». (17) وفي الموثّق عن عمّار الساباطيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل نسى فذكرها بعد ما قام وركع، قال: «يمضي في صلاته ولا يسجد حتّى يسلّم، فإذاسلّم سجد مثل ما فاته»، قلت: وإن لم يذكر إلّا بعد ذلك؟ قال: «يقضي ما فاته إذا ذكره». (18) و في الصحيح عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «إذا نسي الرجل سجدة وأيقن أنّه قد تركها فليسجد بعدما يقعد قبل أن يسلّم، وإن كان شاكّا فليسلّم ثمّ ليسجدها، وليتشهّد تشهّدا خفيفا، ولا يسمّيها نقرة، فإنّ النقرة نقرة الغراب». (19) وفي الصحيح عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي أن يسجد سجدة من الثانية حتّى قام فذكرها وهو قائم أنّه لم يسجد، قال: «فليسجد ما لم يركع، فإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنّه لم يسجد فليمضِ على صلاته حتّى يسلّم ثمّ يسجدها، فإنّها قضاء». (20) وعن محمّد بن منصور، قال: سألته عن الذي ينسي السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شكّ فيها، فقال: «إذا خفت أن لا تكون وضعت جبهتك إلّا مرّة واحدة، فإذا سلّمت سجدت سجدة واحدة، وتضع وجهك مرّة واحدة، وليس عليك سهو». (21) وفرّق الشيخ رحمه اللهفي كتابي الأخبار فخصّ ذلك بالركعتين الأخيرتين من الرباعيّة وقال: تبطل الصلاة بتركهما في غيرهما، مستندا بما رواه المصنّف في الصحيح وغيره عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، (22) وقد رواه الشيخ رحمه اللهفي التهذيب بهذا السند عنه، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يصلّي ركعتين، ثمّ ذكر في الثانية وهو راكع أنّه ترك سجدة في الاُولى، قال: «كان أبو الحسن عليه السلام يقول: إذا تركت السجدة في الركعة الاُولى فلم تدرِ واحدة أو ثنتين استقبلت حتّى يصحّ لك ثنتان، وإذا كان (23) في الثالثة والرابعة فترك سجدة بعد أن تكون قد حفظت الركوع أعدت السجود». (24) وهو مطرح؛ لندرته وعدم قابليّته للمعارضة للأخبار المتكثّرة. واحتمل في المختلف إرادة الإتيان بالسجود المشكوك فيه من الاستقبال لا استقبال الصلاة، وقال: قوله عليه السلام : «إذا كان في الثالثة والرابعة فترك سجدة» راجعا إلى من تيقّن ترك السجدة في الأوّلتين، فإنّ عليه إعادة السجدة؛ لفوات محلّها، ولا شيء عليه لو شكّ بخلاف مالو كان الشكّ في الاُولى؛ لأنّه لم ينتقل عن محلّ السجود فيأتي بالمشكوك فيه. (25) وأنت خبير بعدم إمكان ما ذكره من الاحتمال على ما رواه المصنّف؛ لصراحته في استقبال الصلاة، والظاهر سقوط لفظ «الصلاة» فيما رواه الشيخ من الرواة أو من قلمه قدس سرهسهوا. واعلم أنّ الشكّ فيما ذكر في هذه الأبواب من التكبير والركوع والسجود يوجب التدارك إن كان قبل الانتقال إلى فعل آخر من أفعال الصلاة، ولا أتركه إن كان بعده على المشهور، وهذه قاعدة مطّردة في جميع أفعال الصلاة وأذكارها، بل في مقاماتها أيضا؛ لصحيحة زرارة، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل شكّ في الأذان وقد دخل في الإقامة، قال: «يمضي»، قلت: رجل شكّ في التكبير وقد قرأ؟ قال: «يمضي»، قلت: شكّ في القراءة وقد ركع؟ قال: «يمضي»، قلت: شكّ في الركوع وقد سجد؟ قال: «يمضي على صلاته»، ثمّ قال: «يا زرارة، إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء». (26) وفي آخر صحيحة إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه عليه السلام المتقدّمة، وقال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إن شكّ في الركوع بعدما سجد فليمض، وإن شكّ في السجود بعدما قام فليمض، كلّ شيء ممّا جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه». (27) وصحيحة محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «كلّما شككت فيه بعدما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد». (28) وصحيحة الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حمّاد بن عثمان: أشكّ وأنا ساجد فلا أدري ركعت أم لا؟ فقال: «قد ركعت فامض». (29) وصحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام، قال: سألته عن رجل شكّ بعد ما سجد أنّه لم يركع، قال: «يمضي في صلاته». (30) وموثّقة أبان بن عثمان _ ويعدّ كالصحيح لإجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه (31) _ عن عبد الرّحمان بن أبي عبداللّه ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل [أ]هوى إلى السجود فلايدري أركع أم لم يركع؟ قال: «قد ركع». (32) ومثله موثّقه الآخر عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أستتمّ قائما فلا أدري أركعت أم لا؟ قال: «بلى قد ركعت فامض في ذلك، (33) فإنّما ذلك من الشيطان»، (34) بناء على أنّ القيام المحكوم باستتمامه القيام بعد السجود لا بعد القراءة كما لا يخفى. وصحيحة عمران (35) الحلبيّ، قال: قلت الرجل يشكّ وهو قائم، فلا يدري أركع أم لا؟ قال: «فليركع». (36) وموثّق أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل رفع رأسه من السجود فشكّ قبل أن يستوي جالسا فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال: «يسجد»، قلت: «فرجل نهض من سجوده قبل أن يستوي قائما فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال: «يسجد». (37) والانتقال إلى مقدّمات الأفعال ليس في حكم الانتقال إليها، فلا يضرّ في اعتبار الشكّ الهويّ إلى السجود قبل أن يضع الجبهة على الأرض والنهوض إلى القيام قبل أن يستتمّ قائما؛ للتبادر. ويشعر به بعض ما ذكر من الأخبار، فليحمل على السجود الهويّ إليه في موثّق أبان بن عثمان المتقدّم. وإطلاق هذه الأخبار يقتضي جريان الحكم في الركن و في الركعتين الأوّلتين أيضا كما هو المشهور. وفصّل الشيخ رحمه اللهفي النهاية (38) فجعل الشكّ في الركوع والسجود في الأوّلتين مبطلاً، واستقربه العلّامة في التذكرة (39) على ما نقل عنه صاحب المدارك (40) معلّلاً بأنّ ترك الركن سهوا كعمده، فالشكّ فيه في الحقيقة شكّ في الركعة؛ إذ لا فرق بين الشكّ في فعلها وعدمه وبين الشكّ في فعلها على وجه الصحّة والبطلان. وأورد عليه بقوله: «وحاصل ما ذكره: أنّ الشكّ في الركن على هذا الوجه شكّ في إعداد الأوّلتين، وهو ممنوع». وقدخالف أيضا فيها في الشكّ في السجدة في الركعتين الأخيرتين، فأوجب تداركها مالم يركع حيث قال في الأخيرتين: فإن شكّ في السجدتين وهو قاعد أو قد قام قبل أن يركع فسجد السجدتين _ إلى قوله _ : فإن شكّ بعدما يركع مضى في صلاته وليس عليه شيء، وإن شكّ في واحدة من السجدتين وهو قاعد أو قائم قبل الركوع فليسجد، فإن كان شكّه فيها بعد الركوع مضى في صلاته وليس عليه شيء. (41) وفي المختلف: احتجّ الشيخ (42) بالاحتياط، فإنّ الذمّة مشغولة بالصلاة قطعا، فلايخرج عن عهدة التكليف إلّا بيقين، ومع الشكّ في الصلاة لا يقين. وما رواه الفضل بن عبد الملك في الصّحيح، قال: قال لي: «إذا لم تحفظ الركعتين الأوّلتين فأعد صلاتك». (43) وعن عنبسة بن مصعب، قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام (44) : «إذا شككت في الأوّلتين فأعد»، (45) وهو يتناول صورة النزاع؛ ولأنّ الركوع جزء ماهيّة الركعة، والشكّ في الجزء يستلزم الشكّ في الماهية. ولو شكّ في الركعة الاُولى أو الثانية بطلت صلاته إجماعا، فكذا لو شكّ في الملزوم. ولأنّ مسمّى الركعة إنّما يتمّ بالركوع؛ لاستحالة صدق [المشتقّ بدون] المشتقّ منه، فإذا شكّ في المشتقّ منه حصل الشكّ في المشتقّ. والجواب عن الروايتين: أنّا نقول بموجبهما وهو الشكّ في العدد، والاحتياط معارض بالبراءة، والشكّ فيالجزء لا يستلزم الشكّ في باقي الأجزاء، والإعادة منوط بالشكّ في جميع الأجزاء، وهو مسمّى الركعة، وهو الجواب عن الأخير. (46) انتهى. ومثل الخبرين في الدّلالة على قول الشيخ وفي الجواب ما رواه الصّدوق عن عامر بن جذاعة أنّه قال: «إذا سلمت الركعتان الأوّلتان سلمت الصلاة». (47) وصحيحة الوشّا، عن أبي الحسن الرّضا عليه السلام : «الإعادة في الركعتين الأوّلتين والسّهو في الركعتين الأخيرتين»، (48) وغيرها من الأخبار الّتي تأتي في الشكّ في عددهما. هذا، وقد ذكر الشيخ في النهاية (49) أنّه إذا شكّ في الأخيرتين في الركوع قائما يركع، فإن ذكرفي حال ركوعه أنّه كان قد ركع أرسل نفسه إلى السجود من غير أنّ يرفع رأسه. وتبعه الأكثر، لكنّهم أطلقوا ذلك من غير تقييد بالركعتين الأخيرتين. (50) ومقتضى ركنيّة الركوع بطلان الصلاة بذلك، كما اختاره العلّامة فيالمختلف، (51) وعدّه المحقّق في النافع (52) والشرائع (53) أشبه. على أنّه تغيير لهيئة الصلاة المتلقّاة من الشارع. ويؤيّده عموم خبر أبي بصير، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «من زاد في صلاته فعليه الإعادة»، (54) خرج عنه ما خرج بدليل وبقي الباقي. وخصوص ما تقدّم ممّا دلّ على بطلان الصلاة بزيادة الركوع، وهو ظاهر ابن أبيعقيل، فإنّه قال _ على ما حكي عنه _ : «ومن شكّ في الركوع وهو قائم ركع، فإن استيقن بعد ركوعه أعاد الصلاة». (55) وفي المختلف: احتجّ الشيخ بأنّه مع الذكر قبل الركوع ينحني، فكذا قبل الانتصاب؛ لأنّه فعل لابدّ منه، فلا يكون مبطلاً. والجواب: أنّ انحناءه بنيّة الركوع غير الانحناء بنيّة السّجود، فالأوّل مبطل بخلاف الثاني. (56) ولو ذكر بعدما تدارك ما شكّ فيه من السّجود وأنّه كان قد فعله بطلت الصلاة إن كان ما تداركه سجدتين؛ لتحقّق زيادة الرّكن، وإن كان سجدة واحدة فاختلف في بطلان الصلاة بها، والمشهور العدم؛ معلّلين بأنّ هذاالتدارك وإن كان عمدا لكنّه لما كان بسبب الشكّ في فعلها كان بمنزلة السهو. ولأنّه فعل مأمور به بمقتضى الأخبار، فلا يستعقب الإعادة. ولعموم قوله عليه السلام : «لا يعيد صلاته من سجدة» (57) في ما تقدّم. و خصوص ما سبق عن عبيد بن زرارة، قال: سألت أباعبداللّه عليه السلام عن رجل شكّ فلم يدر أسجد اثنتين أم واحدة، فسجد اُخرى ثمّ استيقن أنّه قد زاد سجدة، فقال: «لا واللّه ، لا يفسد الصلاة زيادة سجدة»، وقال: «لا يعيدالصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة». (58) وحكى في المختلف (59) عن السيّد المرتضى (60) وابن أبي عقيل وأبي الصّلاح (61) بطلان الصلاة بذلك حملاً لها على الركوع. وأجاب عنه بالفرق بأنّ الركوع ركن بخلاف السّجدة الواحدة وبهذا القول أفتى المصنّف في ذيل باب من شكّ في صلاته كلّها، وكأنّه تمسّك بأنّه عامد وتلك الزيادة فليس في حكم زيادتها سهوا.

.


1- . النهاية ، ص 88 .
2- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 366 .
3- . الجمل والعقود (الرسائل العشر ، ص 186 و 188) .
4- . الاقتصاد، ص 265.
5- . المبسوط ، ج 1 ، ص 120 .
6- . وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 371 _ 372 ، ح 980 ؛ وج 4 ، ص 312 ، ح 5241 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 154 ، ح 606 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 359 ، ح 1363 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 366 ، ح 8197 .
8- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 367 .
9- . نفس المصدر .
10- . مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 220 .
11- . المقنعة ، ص 138 .
12- . الذكرى ، ج 4 ، ص 38 .
13- . الكافي في الفقه ، ص 119 .
14- . السرائر ، ج 1 ، ص 241 .
15- . الخلاف ، ج 1 ، ص 454 ، المسألة 198 ؛ المبسوط ، ج 1 ، ص 120 .
16- . والمذكور فيه : «محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير» كما في التهذيب .
17- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 152 ، ح 598 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 358 _ 359 ، ح 1360 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 365 _ 366 ، ح 8196 .
18- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 153 _ 154 ، ح 604 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 359 ، ح 1362 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 364 ، ح 8194 ؛ وج 8 ، ص 245 ، ح 10548 .
19- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 156 ، ح 609 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 360 ، ح 1366 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 370 ، ح 8208 .
20- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 153 ، ح 602 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 359 ، ح 1361 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 364 ، ح 8193 .
21- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 155 ، ح 607 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 360 ، ح 1365 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 366 ، ح 8198 .
22- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
23- . ي هامش الأصل : «كنت ، منه» .
24- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 154 ، ح 605 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 360 ، ح 1364 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 365 ، ح 8195 .
25- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 369 .
26- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 352 ، ح 1459 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 237 ، ح 10524 .
27- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 153 ، ح 602 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 358 ، ح 1359 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 317 _ 318 ، ح 8071 ، وص 369 ، ح 8205 .
28- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 352 ، ح 1460 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 246 ، ح 10551 .
29- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 151 ، ح 593 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 358 ، ح 1355 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 317 ، ح 8068 ، والمذكور في هذه الرواية : «امض» ، وأمّا قوله عليه السلام : «قد ركعت فامض» فقد ورد في رواية صفوان ، عن حمّاد بن عثمان ، وهي الرواية التالية في هذه المصادر .
30- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 151 ، ح 595 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 358 ، ح 1357 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 318 ، ح 8072 .
31- . اختيار معرفة الرجال ، ج 2 ، ص 673 ، الرقم 705 .
32- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 151 ، ح 596 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 358 ، ح 1358 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 318 ، ح 8073 .
33- . كذا بالأصل ، وفي المصادر : «فامض في صلاتك» .
34- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 151 ، ح 592 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 357 ، ح 1354 ؛ وسائل الشيعة، ج 6 ، ص 317 ، ح 8070 .
35- . في الأصل «حمران» ، والتصويب من مصادر الحديث .
36- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 150 ، ح 589 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 357 ، ح 1351 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 315 _ 316 ، ح 8064 .
37- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 153 ، ح 603 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 361 _ 363 ، ح 1371 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 369 ، ح 8207 .
38- . النهاية ، ص 92 .
39- . تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 316 .
40- . مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 248 .
41- . النهاية ، ص 92 _ 93 .
42- . المبسوط ، ج 1 ، ص 122 .
43- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 177 ، ح 707 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 364 ، ح 1384 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 190 ، ح 10387 .
44- . في هامش الأصل : «هو مضمر في التهذيب ، منه قدس سره» .
45- . الكافي ، باب السهو في الركعتين الأوّلتين ، ح 1 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 176 ، ح 701 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 363 ، ح 1378 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 190 _ 191 ، ح 10388 .
46- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 359 _ 360 .
47- . الفقيه ، ج 1 ، ص 346 _ 347 ، ح 1010 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 188 ، ح 10377 .
48- . الكافي ، باب السهو في الركعتين الأوّلتين ، ح 4 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 177 ، ح 709 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 364 ، ح 1386 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 190 ، ح 10384 .
49- . النهاية ، ص 92 .
50- . اُنظر : مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 357 _ 358 .
51- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 360 .
52- . المختصر النافع ، ص 44 .
53- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 87 .
54- . الكافي ، باب من سها في الأربع والخمس ... ، ح 5 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 194 ، ح 764 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 376 ، ح 1429 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 231 _ 232 ، ح 10509 .
55- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 390 ؛ والعلّامة في تحرير الأحكام ، ج 1 ، ص 301 ؛ وتذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 318 ؛ ومختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 360 .
56- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 361 .
57- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 319 ، ح 8077 .
58- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 156 ، ح 611 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 319 ، ح 8077 .
59- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 373 _ 374 .
60- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 36) .
61- . الكافي في الفقه ، ص 119 .

ص: 196

. .

ص: 197

. .

ص: 198

. .

ص: 199

. .

ص: 200

. .

ص: 201

. .

ص: 202

. .

ص: 203

. .

ص: 204

. .

ص: 205

باب السهو في الركعتين الأوّلتين

باب السهو في الركعتين الأوّلتينأراد قدس سره الشكّ في عدد الاُوليين وكذا في الباب الآتي، وفي المنتهى: لو شكّ في عدد الثنائيّة [كالصبح] وصلاة السفر والجمعة والكسوف وفي الثلاثيّة وفي الاُوليين من غيرها من الرباعيّات أعاد، ذهب إليه علماؤنا أجمع إلّا ابن بابويه، فإنّه جوّز له البناء على الأقلّ والإعادة. (1) وعدّ ذلك في الانتصار (2) من منفردات الإماميّة، واحتجّ عليه بإجماع الطائفة، وكأنّه لم يعتدّ بمخالفة الصدوق؛ لتحقق الإجماع قبله وبعده. ويدلّ عليه _ زايدا على ما رواه المصنّف في هذا الباب والذيبعده _ وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أباجعفر عليه السلام عن رجل شكّ في الركعة الاُولى، قال: «يستأنف». (3) وعن إسماعيل الجعفيّ وابن أبي يعفور عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهم السلام أنّهما قالا: «إذا لم تدرِ أواحدة صلّيت أم ثنتين فاستقبل». (4) وفي الصحيح عن موسى بن بكر، قال سألهُ الفضيل (5) عن السهو، فقال: «إذا شككت في الأوّلتين فأعد». (6) وقال في صلاة المغرب: «إذا لم تحفظ ما بين الثلاث إلى الأربع فأعد صلاتك». (7) وفي الصّحيح عن رفاعة، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لا يدري أركعة صلّى أم ثنتين؟ قال: «يعيد». (8) وفي الصّحيح عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا سهوت في الرّكعتين الأوّلتين فأعدها حتّى تثبتهما». (9) وقال: «إذا سهوت في المغرب فأعد صلاتك». (10) وفي الصّحيح عن البقباق، قال: قال لي: «إذا لم تحفظ الركعتين الأوّلتين فأعد صلاتك». (11) وقد سبق في بعض الأخبار ذلك ويأتي بعض آخر في الباب الآتي. وربّما احتجّ عليه بالاحتياط؛ لاشتغال الذمّة بها بيقين، فلابدّ من حصول البراءة أيضا بيقين، وهو إنّما يتحقّق بالإعادة. والاحوط البناء على الأقلّ ثمّ الإعادة، وقد ورد في البناء على الأقلّ أخبار متكثّرة من الطريقين، وهو منقول في المنتهى (12) عن الشافعيّ، (13) وفي إحدى الروايتين عن الثوريّ، (14) وعن أحمد أيضا، لكن في المنفرد وفي الإمام في إحدى الروايتين عنه، وفي الرواية الاُخرى عنه أنّه يبني على غالب ظنّه . (15) فمن طريق العامّة ما رواه أبو هريرة عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «إذا شكّ أحدكم في صلاته فليلغ الشكّ وليبنِ على اليقين ». (16) وأبو سعيد الخدريّ ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «إذا شكّ أحدكم فليلغ الشكّ وليبنِ على اليقين» . (17) ومن طريق الأصحاب صحيحة عليّ بن يقطين ، قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لايدري كم صلّى واحدة أم اثنتين [أم ثلاثا]؟ قال : يبني على الجزم ويسجد سجدتي السهو ويتشهّد تشهّدا خفيفا ». (18) وموثّقة عبد الكريم بن عمرو، عن عبد اللّه بن أبي يعفور ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يدري أركعتين صلّى أم واحدة ؟ قال: «يتمّ بركعة ». (19) وخبر الحسين بن أبي العلاء ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يدري أركعتين صلّى أم واحدة ؟ قال : «يتمّ »، كذا في الاستبصار (20) وفي بعض الكتب بضميمة «بركعة ». (21) وخبر عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم عليه السلام في الرجل لا يدري أركعة صلّى أم اثنتين ؟ قال : «يبني على الركعة ». (22) وخبر محمّد بن أبي حمزة عن الجبليّ (23) وعليّ عن أبي إبراهيم عليه السلام في السهو في الصلاة ، قال: «يبني على اليقين ويأخذ بالحزم، ويحتاط في الصلاة كلّها». (24) وخبر إسحاق بن عمّار، قال : قال لي أبو الحسن عليه السلام : «إذا شككت فابن على اليقين »، قال : قلت : هذا أصل ؟ قال : «نعم». (25) ورواية عنبسة، قال: سألته عن الرجل لا يدري ركعتين ركع أو واحدة أو ثلاثا؟ قال: «يبني صلاته على ركعة واحدة يقرأ فيها فاتحة الكتاب ، ويسجد سجدتي السهو ». (26) ورواية سهل بن اليسع، عن الرضا عليه السلام أنّه : [قال] «يبني على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهّد تشهّدا خفيفا». (27) وجمع الصدوق (28) بينهما وبين الأخبار المتقدّمة بالتخيير، وقال: الأصل فيه الإعادة والبناء على الأقلّ من باب الرخصة على ما مرّت الإشارة إليه. وله قول آخر في المقنع على ما سيجيء في الباب الآتي. وحملها الشيخ في كتابي الأخبار على الشكّ في النوافل، وقال في الاستبصار: «النوافل عندنا لا سهو فيها ويبني المصلّى إن شاء على الأقلّ، وإن شاء على الأكثر، والبناء على الأقلّ أفضل». (29) وفي المختلف: (30) أنّ البناء على اليقين إنّما يتحقّق بالإعادة. وهذا التأويل لا يجرى في أكثر ما ذكر من الأخبار. وحكى في المختلف عن عليّ بن بابويه أنّه قال: «فإن شككت فلم تدرِ واحدة صلّيت أم اثنتين أم ثلاثا أم أربعا صلّيت ركعتين من قيام وركعتين من جلوس». (31) وظاهره أنّه يبني على الأكثر ثمّ يحتاط بما ذكر. ولم أعثر على مستند له. نعم، في الفقيه: وقد روي أنّه _ يعني الرضا عليه السلام _ قال: «يصلّي ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس». (32) وحكى أيضا عنه أنّه قال: «إذا شككت في الركعة الاُولى والثانية فأعد صلاتك، فإن شككت مرّة اُخرى فيهما وكان أكثر وهمك إلى الثانية فابن عليها واجعلها ثانية، فإذا سلّمت صلّيت ركعتين [من قعود ]باُمّ القرآن، وإن ذهب وهمك إلى الاُولى جعلتها الاُولى وتشهّدت في كلّ ركعة، فإذا استيقنت بعدما سلّمت أنّ التي بنيت عليها كانت ثانية وزدت في صلاتك ركعة لم يكن عليك شيء؛ لأنّ التشهّد حائل بين الرابعة والخامسة، وإن اعتدل وهمك فأنت بالخيار إن شئت صلّيت ركعة من قيام وإلّا ركعتين وأنت جالس». (33) ويدلّ على ما ذكر من اعتبار الظنّ الذي عبّر عنه بذهاب الوهم ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إذا ذهب وهمك إلى التمام أبدا في كلّ صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع، أفهمت؟» قلت : نعم، (34) وما سيأتي من اعتبار ذلك في الركعتين الأخيرتين. وحكى في المنتهى (35) عن أبي حنيفة أنّه قال: إن كان أوّل ما أصابه أعاد الصلاة، وإن تكرّر تحرّى وعمل على ما يؤدّي تحرّيه إليه. (36) وفي رواية عن الثوريّ أنّه يتحرّى، (37) محتجين بما رواه ابن مسعود: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «إذا شكّ أحدكم فليتحرَّ الصّواب وليبن عليه ويسجد سجدتي السهو». (38) وعنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «إذا شكّ أحدكم في الصلاة فلينتظر، أحرى ذلك إلى الصواب، فليبن عليه». (39) والتفصيلان المنقولان من غير مفصّل إذا ما دلّ على اعتبار الظنّ مطلق غير مقيّد بالمرّة الثانية، وكذا ما دلّ على التحرّي. وصرّح بعض الأصحاب بوجوب التحرّي وعدم بطلان الصلاة بمجرد الشكّ، وهو حري بالقبول؛ لما دلّ على أنّ الفقيه لا يعيد الصلاة، رواه الشيخ في باب الزيادات من التهذيب في الصحيح عن عبد اللّه الحجّال، عن إبراهيم بن محمد الأشعري، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «ما أعاد الصلاة فقيه قط، يحتال لها ويدبّرها حتّى لا يعيدها». (40) ويؤيّده ما تقدّم من الخبرين. وفي المختلف: نقل الشيخ (41) وغيره عن بعض علمائنا إعادة الصلاة بكلّ سهو يلحق الركعتين الأوّلتين، سواء كان في أفعالهما أو في عددهما، وسواء كان في الأركان من الأفعال أو غيرها. (42) انتهى . قال به المفيد في المقنعة ، حيث قال في باب أحكام السّهو في الصلاة : «وكلّ سهو يلحق الإنسان في الركعتين الأوّلتين من فرائضه حتّى يلتبس عليه ما صلّى منهما أو ما قدّم وأخّر من أفعالهما فعليه لذلك إعادة الصلاة ». (43) وفي النسيان وافق المشهور في الباب الذي قبله ، قال : وإن نسي واحدة منهما _ يعني من السّجدتين _ ثمّ ذكرها في الركعة الثانية قبل الركوع أرسل نفسه وسجدها، ثمّ قام فاستأنف القراءة أو التسبيح إن كان مسبّحا في الركعتين الأخيرتين على ما قدّمناه، وإن لم يذكرها حتّى يركع الثانية قضاها بعد التسليم وسجد سجدتي السهو . (44) وإن ترك التسبيح في الركوع والسّجود لم يكن عليه شيء . والسرّ في الفرق بين الأوّلتين والأخيرتين في الشكّ أنّ الأوّلتين وجبا أوّلاً من اللّه تعالى ، والأخيرتين إنّما وجبتا ثانيا بسؤال الرّسول صلى الله عليه و آله كما سبق . وفي الناصريّات : أنّ الركعتين الاُوليين أوكد من الاُخريين من وجوه : منها : أنّ الاُوليين واجبتان في كلّ صلاة من الصلوات الخمس ، وليس كذلك الاُخريان . ومنها : أنّ تكبيرة التحريم الذي (45) يدخل بها في الصلاة في الاُوليين دون الاُخريين . ومنها : أنّهم أجمعوا على وجوب القراءة في الاُوليين ولم يجمعوا في الاُخريين على مثل ذلك ؛ لأنّ الشيعة الإماميّة توجب القراءة في الاُوليين دون الاُخريين ، والشافعيّ يوجبها في الكلّ، فقد أوجبها لا محالة في الأوّلتين وأبو حنيفة يوجبها في ركعتين من الصلاة غير معيّنتين ، (46) فهو على التحقيق موجب لها على ضرب من التخيير ، فصحّ أن الإجماع حاصل على إيجاب القراءة فيهما ، فجاز لأجل هذه المزيّة أن لايكون فيهما سهو وإن جاز في الآخرتين . (47) وقد ذكر نحو منه في الانتصار . (48)

.


1- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 19 . وقال المحقّق البحراني في الحدائق الناضرة ، ج 9 ، ص 192 بعد نقل هذه النسبة إلى الصدوق عن العلّامة : «إنّا لم نقف عليها في كلامه ، بل الموجود فيه ما يخالفها ويطابق القول المشهور» .
2- . الانتصار ، ص 155 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 176 ، ح 700 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 363 ، ح 1377 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 190 ، ح 10385 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 176 ، ح 702 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 363 _ 364 ، ح 1379 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 191 ، ح 10390 .
5- . في الأصل : «الفضل» ، والمثبت من مصادر الحديث .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 176 ، ح 703 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 364 ، ح 1380 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 192 ، ح 10393 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 179 ، ح 719 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 370 ، ح 1407 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 195 ، ح 10407 .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 177 ، ح 705 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 364 ، ح 1382 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 190 ، ح 10386 .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 177 ، ح 706 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 364 ، ح 1383 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 191 ، ح 10389 .
10- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 180 ، ح 721 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 370 ، ح 1408 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 195 ، ح 10404 .
11- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 177 ، ح 707 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 364 ، ح 1384 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 190 ، ح 10387 .
12- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 20 .
13- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 106 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 620 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 691 .
14- . كذا بالأصل ، وفي المصدر : «أبو ثور» بدل «الثوري» وانظر : المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 667 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 691 .
15- . اُنظر : الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 691 .
16- . لم أعثر عليه ، والمذكور في المصادر عن أبي سعيد ، وانظر تخريج التالي .
17- . سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 382 ، ح 1210 ؛ سنن النسائي ، ج 3 ، ص 27 ؛ والسنن الكبرى له أيضا ، ج 2 ، ص 205 ، ح 584 ، وص 368 ، ح 1161 ؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 2 ، ص 110 .
18- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 187 ، ح 745 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 374 ، ح 1420 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 227 ، ح 10494 .
19- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 178 ، ح 712 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 365 ، ح 1389 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 192 ، ح 10396 .
20- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 364 ، ح 1387 . ومثله في تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 177 ، ح 710 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 192 ، ح 10394 .
21- . كذا ورد في رواية عبد اللّه بن أبي يعفور ، وهي الحديث التالي في المصادر المذكورة .
22- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 177 _ 178 ، ح 711 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 365 ، ح 1388 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 192 ، ح 10397 .
23- . كذا بالأصل والموجود في المصادر : «محمّد بن أبي حمزة ، عن عبدالرحمن بن الحجّاج» .
24- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 344 ، ح 1427 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 213 ، ح 10455 ، والمذكور فيهما : «تبني» و«تأخذ» و«تحتاط بالصلاة» .
25- . الفقيه ، ج 1، ص 351 ، ح 1025 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 212 ، ح 10452 .
26- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 353 ، ح 1463 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 193 ، ح 10398 .
27- . الفقيه ، ج 1 ، ص 351 ، ح 1023 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 223 ، ح 10480 .
28- . الفقيه ، ج 1 ، ص 351 .
29- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 365 ، ذيل الحديث 1389 . ومثله في تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 178 ، ذيل الحديث 713 .
30- . اُنظر : مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 379 .
31- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 379 .
32- . الفقيه ، ج 1 ، ص 351 ، ح 1024 ، ولفظه هكذا : «وقد روي : أنّه يصلّي ركعة من قيام وركعتين وهو جلوس» ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 223 ، ح 10481 .
33- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 117 .
34- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 183 ، ح 730 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 211 ، ح 10449 .
35- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 20 .
36- . بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 158 ؛ المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 111 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 668 .
37- . المجموع، ج 4، ص 111؛ عمدة القاري، ج 4، ص 140.
38- . صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 105 باب فضل استقبال القبلة ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 84 و 85 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 383 ، ح 1212 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 230 ، ح 1020 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 369 ، ح 1164 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 335 _ 336 .
39- . سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 383 ، ح 1212 مع مغايرة طفيفة في اللفظ .
40- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 351 ، ح 1455 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 247 _ 248 ، ح 10056 .
41- . المبسوط ، ج 1 ، ص 120 .
42- . مختلف الشيعة، ج 2، ص 369.
43- . المقنعة ، ص 145 .
44- . المقنعة ، ص 138 .
45- . كذا بالأصل ، وفي المصدر : «الّتي» .
46- . المغني ، ج 1 ، ص 525 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 524 _ 525 ؛ فتح العزيز ، ج 3 ، ص 312 _ 313 .
47- . الناصريّات ، ص 250 .
48- . الانتصار ، ص 142 _ 143 .

ص: 206

. .

ص: 207

. .

ص: 208

. .

ص: 209

. .

ص: 210

. .

ص: 211

. .

ص: 212

باب السهو في الفجر والمغرب

باب السهو في الفجر والمغربوفي بعض النسخ : والصلاة في السفر . قد سبق أنّ المشهور بطلان الصلاة بالشكّ في عدد ركعات هذه الصلاة كالشكّ في الركعتين الأوّلتين، و أنّه لم يخالف في ذلك إلّا الصدوقان . (1) ويدلّ عليه _ زائدا على ما سبق ومنه ما اُشير إليه من أخبار الباب _ ما رواه الشيخ في كتابي الأخبار في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام، قال : سألته عن السهو في المغرب ، قال: «يعيد حتّى يحفظ أنّها ليست مثل الشفع ». (2) وفي الصّحيح عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إذا سهوت في المغرب فأعد الصلاة ». (3) وعن فضيل ، قال : سألته عن السهو ، قال : «في صلاة المغرب إذا لم تحفظ ما بين الثلاث إلى الأربع فأعد صلاتك ». (4) وعن عنبسة بن مصعب ، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إذا شككت في المغرب فأعد ، وإذا شككت في الفجر فأعد ». (5) وفي الموثّق عن سماعة ، قال : سألته عن السهو في صلاة الغداة ، قال : «إذا لم تدرِ واحدة صلّيت أم ثنتين فأعد الصلاة من أوّلها ، والجمعة أيضا إذا سها فيها الإمام فعليه أن يعيد الصلاة؛ لأنّها ركعتان، والمغرب إذا سها فيها فلم يدر كم ركعة صلّى فعليه أن يعيد الصلاة ». (6) وفي الصحيح عن العلاء، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: سألته عن الرجل يشكّ في الفجر، قال: «يعيد »، قلت : المغرب ؟ قال : «نعم ، والوتر والجمعة» من غير أن أسأله . (7) وفي الحسن عن حفص بن البختريّ وغيره، عن أبي عبد اللّه عليه السلام مثله . (8) وجمع الصدوق بما ذهب إليه بين هذه الأخبار وبين خبر عمّار الساباطيّ بطريق الحكم بن مسكين _ وهو مجهول الحال _ ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل شكّ في المغرب فلم يدرِ ركعتين صلّى أم ثلاثه ، قال : «يسلّم ثمّ يقوم ، فيضيف إليها ركعة» ثمّ قال «هذا واللّه ممّا لا يقضي أبدا». (9) وفي بعض نسخ الاستبصار : «ممّا لا يقضي لي أبدا »، (10) وهو أظهر . وخبره الآخر قال : سألت أبا عبد اللّه عن رجل لم يدرِ صلّى الفجر ركعتين أو ركعة، قال: «يتشهّد وينصرف ثمّ يقوم فيصلّي ركعة، فإن كان صلّى ركعتين كانت هذه تطوّعا ، وإن كان صلّى ركعة كانت هذه تمام الصلاة، وهذا واللّه ممّا لا يقضي أبدا ». (11) والأظهر طرح الخبرين ؛ لندرتهما ومعارضتهما للأخبار المتكثّرة، ولفتوى الأكثر، ولأنّ روايهما عمّار وقد مرّ مرارا أنّه لعدم ضبطه لا يعتمد على ما تفرّد بروايته . وحكى في المختلف (12) عنه أنّه قال في المقنع : إذا شككت في المغرب فلم تدرِ أفي ثلاث أنت أم في أربع وقد أحرزت الثنتين في نفسك وأنت في ثلاث من الثلاث والأربع فأضف إليها ركعة اُخرى ولا تعتدّ بالشكّ، فإن ذهب وهمك إلى الثالثة فسلّم وصلّ ركعتين بأربع سجدات وأنت جالس . (13) محتجا برواية عمّار المتقدّمة . وأجاب عنه بالطعن في السند ، ثمّ بالحمل على نوافل المغرب . أقول : على أنّها لا تنطبق على مدّعاه .

.


1- . حكاه العلّامة في تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 344 ؛ ومنتهى المطلب ، ج 7 ، ص 19 عن الصدوق .
2- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 179 ، ح 717 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 370 ، ح 1406 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 194 ، ح 10402 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 180 ، ح 721 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 370 ، ح 1408 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 195 ، ح 10404 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 179 ، ح 719 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 195 ، ح 10407 .
5- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 179 ، ح 718 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 366 ، ح 1393 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 194 ، ح 10403 .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 179 ، ح 720 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 366 ، ح 1394 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 195 ، ح 10406 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 180 ، ح 722 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 366 ، ح 1395 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 195 ، ح 10405 ، وص 230 _ 231 ، ح 10506 .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 180 ، ح 723 ، وهو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 366 ، ح 1396 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 193 _ 194 ، ح 10399 .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 182 ، ح 727 ؛الاستبصار ، ج 1 ، ص 371 ، ح 1412 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 196 ، ح 10409 .
10- . الموجود في المطبوعة منه: «... يقضي لي أبدا».
11- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 182 ، ح 728 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 366 ، ح 1397 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 196 ، ح 10410 .
12- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 389 .
13- . المقنع ، ص 100 _ 101 .

ص: 213

. .

ص: 214

. .

ص: 215

باب السهو في الثلاث والأربع

باب السهو في الثلاث والأربعالمشهور بين الأصحاب _ ومنهم السيّد المرتضى رضى الله عنه في الانتصار _ تعيّن البناء على الأكثر ، ثمّ الاحتياط فيما إذا تعلّق الشكّ بالركعتين الأخيرتين من الرباعية . وقال الصدوق بالتخيير بينه وبين البناء على الأقلّ، (1) وظاهر السيّد رضى الله عنهفي الناصريّات تعيّن البناء على الأقلّ كما ستعرف ، ونسبه في الانتصار إلى جميع فقهاء العامّة مع سجود سهو في المسائل الثلاث التي ذكرها في الباب، وهي المرويّة في الباب ، وقد سكت عن ذكر ما سواها ، ونسبه في المنتهى (2) إلى الشافعيّ . (3) وفي الانتصار : وممّا انفردت به الإماميّة القول بأنّ من شكّ فلم يدرِ كم صلّى ، اثنتين أم ثلاثا واعتدل في ذلك ظنّه أنّه يبني على الأكثر، وهي الثلاث ، فإذا سلّم صلّى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس مقام ركعة واحدة ، فإن كان الذي بنى عليه هو الصحيح كان ما صلّاه نافلة، وإن كان ما أتى به الثلاث كانت الركعة جبرانا لصلاته، وكذلك القول فيمن شكّ فلا يدري أثلاثا صلّى أم أربعا . ومن شكّ بين اثنتين وثلاث وأربع بنى أيضا على الأكثر، فإذا سلّم صلّى ركعتين من قيام وركعتين من جلوس حتّى إن كان بناؤه على الصحيح فالذي فعله نافلة ، و إن كان الذي صلّاه اثنتين كانت الركعتان من قيام جبرانا لصلاته، وإن كان الذي صلاة ثلاثة فالركعتان من جلوس ، وهما مقام واحدة جبران صلاته . وباقي الفقهاء يوجبون البناء على اليقين _ وهو النقصان _ ويوجبون في هذا الموضع سجدتي السهو ، ويقولون : إن كان ما بنى عليه من النقصان هو الصحيح فالذي أتى به تمام صلاته ، وإن كان بنى على الأقلّ وقد صلّى على الحقيقة أكثر كان ذلك نافلة . والحجّة فيما ذهبنا [إليه]: إجماع الطائفة ؛ ولأنّ الاحتياط أيضا فيه؛ لأنّه إذا بنى على النقصان لم يأمن أن يكون قد صلّى على الحقيقة الأزيد ، فيكون ما أتى به زيادة في صلاته . فإذا قيل : وإذا بنى على الأكثر كما تقولون لا يأمن أن يكون إنّما فعل الأقلّ ولا ينفع ما فعله من الجبران؛ لأنّه منفصل من الصلاة وبعد التسليم. قلنا : ما ذهبنا إليه أحوط على كلّ حال ؛ لأنّ الإشفاق من الزيادة في الصلاة لا يجرى مجرى الإشفاق من تقديم السّلام في غير موضعه ؛ لأنّ العلم بالزيادة في الصلاة مبطل لها على كلّ حال . (4) هذا كلامه أعلى اللّه مقامه. وظاهر السيّد في الناصريّات تعيّن البناء على الأقلّ، فقد قال _ في شرح قول ناصر الحقّ: «من شكّ في الاُوليين استأنف الصلاة ، ومن شكّ في الاُخريين بنى على اليقين»: هذا مذهبنا والصحيح عندنا ، وباقي الفقهاء يخالفونا في ذلك ولا يفرّقون بين الشكّ في الأوّلتين والآخرتين ، وما كان عندنا أنّ أحدا ممّا عدا الإمامية يوافق على هذه المسألة . والدليل على صحّة ما ذهبنا إليه الإجماع المتكرّر، وأيضا فإنّ الركعتين الأوّلتين أوكد من الآخرتين من وجوه . وذكر الوجوه التي نقلنا عنه سابقا ، ثمّ قال : فجاز لأجل هذه المزيّة أن لا يكون فيهما سهو وإن جاز في الآخرتين . وأيضا فإنّ إيجاب الإعادة في الأوّلتين مع الشكّ فيهما استظهار للفرق واحتياط له، وذلك أولى وأحوط من جواز السّهو فيهما. (5) ولا يبعد أن يقال: غرضه من ذلك إنّما هو الفرق بين الأوّلتين والآخرتين بقبول الأخيرتين للشكّ دون الأوّلتين لا بالبناء على الأقلّ أيضا في الأخيرتين على ما يشعر به باقي عباراته . ويدل على القول المشهور عموم ما رواه الصدوق رضى الله عنه قال : وقال أبو عبد اللّه عليه السلام لعمّار بن موسى : «يا عمار ، أجمع لك السهو كلّه في كلمتين : متى ما شككت فخذ بالأكثر ، فإذا سلّمت فأتمّ ما ظننت أنّك قد نقصت ». (6) وما رواه الشيخ في التهذيب عن عمّار ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شيء من السهو ، فقال : «ألا اُعلّمك شيئا إذا فعلته ثمّ ذكرت أنّك أتممت أو نقصت لم يكن عليك [شيء؟ قلت: بلى. قال: إذا سهوت فابن على الأكثر، فإذا فرغت وسلّمت فقم فصلّ ما ظننت أنّك نقصت، فإن كنت قد أتممت لم يكن عليك] في هذه شيء ، وإن ذكرت أنّك كنت نقصت كان ما صلّيت تمام ما نقصت ». (7) وبسند آخر عنه ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «كلّما دخل عليك من الشكّ في صلاتك فاعمل بالأكثر ، فإذا انصرفت فأتمّ ما ظننت أنّك نقصت ». (8) وخصوص ما سيأتي في مسائل هذا الشكّ ، وأورد المصنّف في الباب من أخبار ذلك الشكّ ما يتعلّق بثلاث مسائل منه : الاُولى: الشكّ بين الثلاث والأربع، و[رواياته]: صحيحتا الحسين بن أبي العلاء (9) ومحمّد بن مسلم (10) وموثّقة عبد الرحمن بن سيّابة وأبي العبّاس البقباق (11) وحسنة الحلبيّ (12) ورواية جميل بن درّاج . (13) وعن ابن الجنيد (14) التخيير بين ما ذكر وبين البناء على الأقلّ من غير شيء ؛ للجمع بين ما اُشير إليه وبين حسنة زرارة (15) الصريحة فى البناء على الأقلّ . ويؤيّدها ما سبق من موثّقة عمّار ، قال : قال لي أبو الحسن عليه السلام : «إذا شككت فابن على اليقين »، قال : قلت : هذا أصل ؟ قال : «نعم ». (16) وربّما احتجّ عليه _ على ما نقل في المختلف _ بأنّ الأصل عدم الإتيان ، فجاز فعله أو فعل بدله . وأجاب عنه بانّه إن اعتبر الأصل ووجب المصير إليه وجب عليه الإتيان بنفس الفعل ، ولا يجزيه بدله وإلاّ سقط اعتباره بالكلّيّة؛ إذ مراعاته لا يقتضي الانتقال إلى البدل ، لا وجوبا ولا جوازا. (17) و مرسلة جميل (18) صريحة في التخيير في الاحتياط بين ما ذكر من الأمرين . وفي المدارك : وهي ضعيفة بالإرسال ، وبأنّ من جملة رجالها عليّ بن حديد ، وهو مطعون فيه ، فالأصحّ تعيين الركعتين من جلوس، كما هو ظاهر اختيار ابن أبي عقيل والجعفي ؛ لصحّة مستنده . (19) ويمكن دفعه بأنّ الضعف منجبر بعمل أكثر الأصحاب ، وبأنّ الركعة من قيام أوفق بالمبدل منه ، وهو ظاهر قوله عليه السلام : «فإذا سلّمت فأتمّ ما ظننت أنّك قد نقصت » (20) ونظائره فيما تقدّم من الأخبار . الثانية : الشكّ بين الاثنتين والأربع بعد إكمال السجدتين . ويدلّ على القول المشهور فيها من وجوب البناء على الأكثر والاحتياط بركعتين قائما بعد التسليم _ زائدا على العمومات المتقدّمة _ صحيحتا عبد الرحمن بن أبي يعفور (21) ومحمّد بن مسلم (22) وحسنة الحلبيّ، (23) وما رواه المصنّف قدس سره في باب السهو في الركعتين الأوّلتين من حسنة زرارة ، (24) وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلّى ركعتين ، فلا يدري ركعتان هي أو أربع ؟ قال : «يسلّم ثمّ يقوم ، فيصلّي ركعتين بفاتحة الكتاب ، ويتشهّد وينصرف ، وليس عليه شيء» . (25) وليحمل قوله عليه السلام في حسنة زرارة : «يركع ركعتين وأربع سجدات »، (26) ونظيره في خبر جميل ، (27) وفيما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «إذا لم تدرِ أربعا صلّيت أم ركعتين ، فقم واركع ركعتين ، ثمّ سلّم واسجد سجدتين وأنت جالس ، ثمّ تسلّم بعدهما ». (28) على أنّه يفعل الركعتين بعد التسليم للاحتياط ؛ للجمع بينها وبين ما ذكر من الأخبار. والصدوق جمع بين هذه الأخبار وتلك بالقول بالتخيير على ما سبق ذلك القول عنه ، ونقل عنه في المختلف (29) أنّه قال في المقنع بوجوب إعادة الصلاة بذلك ، وكأنّه تمسّك بصحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألته عن الرجل لايدري صلّى ركعتين أم أربعا ، قال : «يعيد الصلاة ». (30) وحملها الشيخ في التهذيب على ما إذا وقع هذا الشكّ في صلاة الغداة والمغرب . الثالثة : الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع، وعلى المشهور يجب فيه البناء على الأكثر ، ثمّ الاحتياط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس ؛ لمرسلة ابن أبي عمير . (31) وقال الشيهد قدس سره في الذكرى : وقال ابنا بابويه وابن الجنيد : يصلّي ركعة من قيام وركعتين من جلوس ، وهو قويّ من حيث الاعتبار ؛ لأنّهما ينضمّان حيث تكون الصلاة اثنتين ويجتزى ء بإحداهما حيث تكون ثلاثا، إلّا أنّ النقل والاشتهار يدفعه . (32) أقول : ويدلّ على ما ذهبوا إليه ما رواه الصدوق في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم عليه السلام ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثا أم أربعا؟ فقال: «يصلّي ركعة من قيام ثمّ يسلّم ، ثمّ يصلّي ركعتين وهو جالس ». (33) وهو أظهر؛ لأنّ مستنده أصحّ ، لأنّ مراسيل ابن أبي عمير وإن عدّت صحيحة _ لزعمهم أنّه لا يرسل إلّا عن ثقة _ إلّا أنّ فيه كلاما قد ذكرناه سابقا . نعم، لا يبعد القول بالتخيير كما ذهب إليه الصدوق ؛ للجمع . وفي المدارك : وهل يجوز أن يصلّي بدل الركعتين جالسا ركعة قائما ؟ قيل : نعم ؛ لتساويهما في البدليّة ، بل الركعة من قيام أقرب إلى حقيقة المحتمل فواته من الركعتين من جلوس ، واختاره الشهيدان . (34) وقيل : لا ؛ لأنّ فيه خروجا عن النصوص . وحكى [الشهيد] في الذكرى (35) عن ظاهر المفيد في المسائل الغريّة، وعن سلّار تعيّن الركعة من قيام ، (36) ولم نقف على مأخذه . (37) وبقي في الباب مسألة لم يذكر المصنّف خبرها فيه ، وهي الشكّ بين الاثنتين والثلاث ، والمشهور أنّه موجب للبناء على الأكثر ، ثمّ الاحتياط بركعتين جالسا أو ركعة قائما . وفي الذكرى : «لم أقف على خبر صحيح فيه، وادّعى ابن أبي عقيل تواتر الأخبار فيه ». (38) وهو غريب ، والموجود فيه الأخبار العامّة التي رويناها ، وحمل عليه ما رواه المصنّف في باب السهو في الركعتين في حسنة زرارة، عن أحدهما عليه السلام قال : قلت : رجل لم يدرِ اثنتين صلّى أم ثلاثا؟ فقال : «إن دخله الشكّ بعد دخوله في الثالثة ، مضى في الثالثة، ثمّ صلّى الاُخرى ولا شيء عليه ويسلّم». (39) وأورد عليه في المدارك (40) بضعف سند الأوّل ؛ لاشتماله على جماعة من الفطحيّة ، وبأنّ الخبر الثاني إنّما دلّ على البناء على الأقلّ حيث حكم عليه السلام بالمضي في الثالثة إذا كان الشكّ بعد دخوله فيها ، وهي الركعة المتردّدة بين الثالثة والرابعة ، ولا يجوز حمل الثالثة على الركعة المتردّدة بين الثانية والثالثة ؛ لأنّ ذلك شكّ في الاُوليين ، وهو مبطل إجماعا ، فيرجع إلى الشكّ بين الثالثة والرابعة والمضي في الثالثة ، بأنّ يضم ّ إليها ركعة اُخرى ، بل يفهم منه بطلان الصلاة قبل الدخول في الثالثة ولو بعد إكمال السجدتين . وأيّد ذلك بصحيحة عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل لم يدر ركعتين صلّى أم ثلاثا، قال: «يعيد»، قلت: أليس يقال : لا يعيد الصلاة فقيه ، فقال : «إنّما ذلك في الثلاث والأربع ». (41) وعن الصدوق أنّه قال في المقنع (42) بوجوب الإعادة لهذه الصحيحة . وحملها الشيخ في كتابي الأخبار، (43) على الشكّ في صلاة المغرب، والعلّامة في المنتهى (44) على ما إذا لم يكمل السجدتان . وقد ورد في بعض الأخبار البناء على الأقلّ ، رواه الشيخ في الاستبصار عن محمّد بن سهل ، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري أثلاثا صلّى أم اثنتين ، قال : «يبني على النقصان، ويأخذ بالجزم ويتشهّد بعد انصرافه تشهّدا خفيفا ، كذلك في أوّل الصلاة وآخرها ». (45) وحمله على ما ذهب وهمه إلى النقصان . والأظهر حمله على التقيّة ؛ لقوله عليه السلام : «كذلك في أوّل الصلاة وآخرها » فإنّه يدلّ على البناء على الأقلّ في الركعتين الأوّلتين أيضا ، كما هو مذهب العامّة . وحكى في المختلف (46) عن عليّ بن بابويه أنّه قال فيمن شكّ بين الاثنتين والثلاث : إن ذهب وهمك إلى الثالثة فأضف إليها رابعة، فإذا سلّمت صلّيت ركعة بالحمد وحدها ، وإن ذهب وهمك إلى الأقلّ فابن عليه ، وتشهّد في كلّ ركعة ، ثمّ اسجد سجدتي السّهو [بعد التسليم] ، فإن اعتدل وهمك فأنت بالخيار إن شئت بنيت على الأقلّ وتشهّدت في كلّ ركعة، وإن شئت بنيت على الأكثر وعملت ما وصفناه، يعني الاحتياط بركعة قائما. وردّه بأنّه في صورة غلبة الظنّ لا حاجة إلى الاختيار، وأيّده بخبر عبد الرحمن بن سيّابة وأبي العباس ، (47) حيث لم يوجب عليه شيئا مع غلبة الظنّ بالأقلّ والأكثر. ويمكن أن يجاب عمّا أورده عليه بأنّه أراد بالوهم الظنّ الضعيف ، لا الغالب منه القائم مقام العلم ، وحينئذٍ لا بعد في البناء على المظنون مع الاحتياط بركعة في الشقّ الأوّل من ترديد ، وسجدة سهو في الثاني منه . ويؤيّده قوله عليه السلام في مقطوعة محمّد بن مسلم في الشكّ بين الاثنتين والأربع : «إن كان أكثر وهمه إلى الأربع تشهّد وسلّم ، ثمّ قرأ فاتحة الكتاب »، (48) إلى آخره ، فإنّه يدلّ على البناء على الأكثر إذا ذهب وهمه إليه ، ثمّ الاحتياط بركعتين ، وإيجاب سجدتي السهو على ما ذهب وهمه إلى الأربع في الشكّ بين الثلاث والأربع في حسنة الحلبيّ ، (49) وعلى من وهمه ذهب إلى التمام في خبر إسحاق المتقدّم : «إذا ذهب وهمك إلى التمام ابدأ في كلّ صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع ». (50) وكأنّه لذلك قيّد جماعة من الأصحاب الظنّ الذي أجروا عليه حكم العلم بالغالب منه ، ومنهم المحقّق في الشرائع ، (51) ولو غلب على ظنّه أحد طرفي ما شكّ فيه بنى على الظنّ وكان كالعلم ، (52) وهو الذي يعبّر عنه بالظنّ المتاخم للعلم ، والظاهر وفاق الكلّ في اعتبار الظنّ الغالب مطلقا عدا ابن إدريس (53) على ما نقل عنه في الذكرى (54) من أنّ ظاهره أن غلبة الظنّ إنّما يعتبر فيما عدا الأوّلتين وأنّ الأوّلتين تبطل الصلاة بالشكّ فيهما وإن غلب الظنّ . هذا ، ويفهم من حسنة زرارة عن أحدهما (55) _ المتقدّمة _ بطلان الصلاة إن كان الشكّ بين الاثنتين والثلاث ، وقبل دخوله في ركعة اُخرى غير المتردّدة بينهما ولو كان في السجدة الثانية من المتردّدة . وفي المدارك : وظاهر الأصحاب أنّ كلّ موضع تعلّق فيه الشكّ بالاثنتين يشرط فيه إكمال السجدتين؛ محافظة على ما سبق من اعتبار سلامة الاُوليين . ونقل عن بعض الأصحاب الاكتفاء بالركوع ؛ لصدق مسمّى الركعة ، وهو غير واضح . قال في الذكرى : نعم لو كان ساجدا في الثانية ولمّا يرفع رأسه وتعلق الشكّ لم أستبعد صحّته ؛ لحصول مسمّى الركعة . (56) وهو غير بعيد . (57) قوله في مضمر أبي بصير : (ثمّ يصلّي ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب ) .[ح 1/5165] ظاهره تعيين الفاتحة في صلاة الاحتياط ، ومثله أكثر أخبار الباب، ويؤيّدها : أنّها صلاة منفردة ولا صلاة إلّا بها ، وهو مختار الأكثر ، (58) وذهب المفيد في المقنعة (59) وابن إدريس (60) إلى التخيير بينها وبين التسبيح بناء على أنّها بدل عن الركعتين الأخيرتين ، وقد ثبت في مبدلها التخيير ، والبدل في حكم المبدل منه ، ومثلها تخلّل ما ينافي بينها _ كالتكلّم عمدا _ فعلى الأوّل لا ينافي ذلك . ويدلّ عليه قوله عليه السلام : «وإن تكلّم فليسجد سجدتي السهو ». (61) وعلى الثاني يعيد الصلاة ، وبه قال الأكثر ، وهو ظاهر المفيد رحمه الله في الرّسالة الغريّة ، فإنّه قال _ على ما نقل عنه في المختلف _ ؛ وإن اعتدل ظنّه في الرابعة والثالثة بنى على الرّابعة وتشهّد وسلّم ، ثمّ قام من غير أن يتكلّم ، فصلّى ركعة واحدة بفاتحة الكتاب . (62) وحكى عنه أنّه قيّد بذلك في سائر الفروض ، ثمّ نقل الاحتجاج عليه بما ذكر، و بالفاء التعقيبيّة في قوله عليه السلام : «فقم واركع ركعتين» في صحيحة أبي بصير (63) المتقدّمة موجّها إيّاه بأنّ إيجاب التعقيب ينافي تسويغ الحدث. وأورد عليه في الذكرى بأنّ ذلك إنّما يدلّ على الفوريّة ، ولا يلزم من ذلك بطلان الصلاة بتخلّل الحدث الذي هو المدّعى . (64) وقال ابن إدريس في السرائر : لو أحدث بعد التسليم قبل صلاة الاحتياط لم يفسد صلاته ، بل يجب عليه الإتيان بالاحتياط ؛ لأنّه ما أحدث في الصلاة ، بل أحدث بعد خروجه من الصلاة بالتسليم ، والاحتياط حكم آخر متجدّد غير الصلاة وإن كان من توابعها . (65) ويظهر من كلامه بذلك وممّا نقلنا عنه سابقا من التخيير فيه بين القراءة والتسبيح أنّه جعل له جهتين: جهة البدليّة وجهة الانفراد، فليست بدلاً محضا ، ولا صلاة منفردة من وجه ، وهو اختيار العلّامة على ما حكى عنه ولده في الإيضاح (66) أنّه سمع منه ذلك مذاكرة ، فلا يرد عليه ما ذكره في المختلف بقوله : والعجب أنّه جوّز التسبيح وجوّز تخلّل الحدث ، وهما حكمان متضادّان ؛ لأنّ جواز التسبيح إنّما هو باعتبار كونها تماما محضا ، وجواز تخلّل الحدث باعتبار كونها صلاة منفردة من كلّ وجه . (67) نعم، يرد عليه أنّ التخيير المذكور وجوازها مع تخلّل الحدث كلّ منهما يحتاج إلى نصّ ، ولا نصّ على ما ذكره من الفرق ، بل الأمر بالعكس على ما عرفت . قوله في حسنة زرارة عن أحدهما عليهماالسلام : (يركع ركعتين وأربع سجدات) . [ح 3/5167] قد ذكر الشيخ في الاستبصار (68) والعلّامة في المنتهى (69) هذا الخبر في ذيل الأدلّة على أنّ الشاكّ بين الاثنتين والأربع يبني على الأكثر ، فقد حملا قوله عليه السلام : «يركع ركعتين وأربع سجدات» على صلاة الاحتياط . وعلى هذا يكون المراد من قوله : «قام فأضاف إليها اُخرى أيضا» صلاة الاحتياط ، و الظاهر من الخبر البناء على الأقلّ كما سبقت الإشارة إليه . قوله في صحيحة ابن أبي يعفور : (وإن تكلّم فليسجد) .[ح 4 /5168] ظاهره أنّ ذلك السجود للتكلّم ، فيفهم منه عدم وجوبه بمجرّد الشكّ ، وهو ظاهر الأكثر . ويؤيّده أصالة البراءة ، وخلّو أكثر أخبار الشكّ عنه ، وعموم الشيء المنفي في بعض أخباره ، فيمكن تقييد ما دلّ على وجوبه من صحيحة أبي بصير المتقدّمة بما إذا وقع ونحوه ممّا يوجب سجدة السهو ، إذا وقع في الصلاة فيما بين الاحتياط والصلاة . وحكى طاب ثراه عن المحقّق الأردبيليّ (70) أنّه حمل السجدة فيها على الندب .

.


1- . حكاه عنه العلّامة في تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 344 ؛ ومختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 382 ؛ ومنتهى المطلب ، ج 7 ، ص 59 .
2- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 59 .
3- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 111 .
4- . الانتصار ، ص 155 _ 156 ، المسألة 54 .
5- . الناصريّات ، ص 249 _ 250 .
6- . الفقيه ، ج 1 ، ص 340 ، ح 992 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 212 ، ح 10451 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 349 ، ح 1448 ومابين الحاصرتين منه ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 213 ، ح 10453 .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 193 ، ح 762 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 376 ، ح 1426 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 213 ، ح 10454 .
9- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
10- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
11- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
12- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.
13- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي .
14- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 382 .
15- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
16- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 212 ، ح 10452 .
17- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 382 _ 383 .
18- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي .
19- . مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 259 .
20- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 212 ، ح 10451 .
21- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .
22- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
23- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي .
24- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
25- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 185 ، ح 737 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 372 ، ح 1314 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 221 ، ح 10474 .
26- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
27- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي .
28- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 185 ، ح 738 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 221 ، ح 10476 .
29- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 387 .
30- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 186 ، ح 741 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 373 ، ح 1417 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 221 ، ح 10475 .
31- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
32- . الذكرى ، ج 4 ، ص 77 .
33- . الفقيه ، ج 1 ، ص 350 ، ح 1021 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 222 ، ح 10479 .
34- . الذكرى ، ج 4 ، ص 77 ؛ مسالك الأفهام ، ج 1 ، ص 295 .
35- . الذكرى ، ج 4 ، ص 77 .
36- . المراسم العلويّة ، ص 87 .
37- . مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 262 .
38- . الذكرى ، ج 4 ، ص 87 .
39- . الحديث الثالث من ذلك الباب . ورواه الشيخ في الاستبصار ، ج 1 ، ص 375 ، ح 1423 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 192 _ 193 ، ح 759 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 214 ، ح 10457 .
40- . مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 255 _ 256 .
41- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 193 ، ح 760 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 375 ، ح 1424 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 215 ، ح 10459 .
42- . المقنع ، ص 101 .
43- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 193 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 375 .
44- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 61 .
45- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 193 ، ح 761 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 375 ، ح 1425 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 213 _ 214 ، ح 10456 .
46- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 380 .
47- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
48- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
49- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.
50- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 183 ، ح 730 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 211 ، ح 10449 .
51- . شرائع الاسلام ، ج 1 ، ص 89 .
52- . هذه العبارة من شرائع الاسلام .
53- . السرائر ، ج 1 ، ص 245 .
54- . الذكرى ، ج 4 ، ص 54 .
55- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
56- . الذكرى، ج 4، ص 80 .
57- . مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 275 .
58- . اُنظر : مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 264 .
59- . المقنعة ، ص 146 .
60- . السرائر ، ج 1 ، ص 254 .
61- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 219 ، ح 10470 .
62- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 415 .
63- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 221 ، ح 10476 .
64- . لم أعثر عليه في الذكرى ، بل هذا الايراد مذكور في مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 266 .
65- . السرائر ، ج 1 ، ص 256 .
66- . إيضاح الفوائد ، ج 1 ، ص 142 .
67- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 417 .
68- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 373 ، ح 1416 .
69- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 63 .
70- . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 3 ، ص 182 .

ص: 216

. .

ص: 217

. .

ص: 218

. .

ص: 219

. .

ص: 220

. .

ص: 221

. .

ص: 222

. .

ص: 223

. .

ص: 224

. .

ص: 225

. .

ص: 226

باب من سها في الأربع والخمس ولم يدر زاد أم نقص أو استيقن أنّه زاد

باب من سها في الأربع والخمس ولم يدر زاد أم نقص أو استيقن أنّه زادفيه مسألتان: الاُولى: الشكّ بين الأربع والخمس ، فإن كان ذلك بعد السجدتين صحّت صلاته ويسجد للسّهو ؛ لاحتمال الزيادة على المشهور بين الأصحاب ؛ لصحيحتي عبد اللّه بن سنان (1) وشعيب عن أبي بصير ، (2) وما رواه الصدوق في الصحيح عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال : «إذا لم تدرِ أربعا صلّيت أو خمسا أم زدت أو نقصت ، فتشهّد وسلّم واسجد سجدتي السّهو بغير ركوع ولا قراءة ، تتشهّد فيهما تشهّدا خفيفا» . (3) وما روى في المنتهى من طرق العامة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «إذا شكّ أحدكم فلم يدر خمسا صلّى أو أربعا فليطرح الشكّ وليبنِ على اليقين ، ثمّ يسجد سجدتين» . (4) ويؤيّدها أصالة البراءة و أصالة عدم الزيادة . وحكى في المختلف (5) عن الصدوق أنّه قال في المقنع : «فإن لم تدر صلّيت أربعا أم خمسا أم زدت أم نقصت فتشهّد وسلم ، وصلّ ركعتين بأربع سجدات وأنت جالس بعد تسليمك »، (6) و أنّه نسب الأوّل إلى الرواية . وكأنّه تمسّك بخبر أبي جميلة، عن زيد الشحّام ، قال : سألته عن رجل صلّى العصر ستّ ركعات أو خمس ركعات ، قال : «إن استيقن أنّه صلّى خمسا أو ستّا فليعد، وإن كان لا يدري إذا دام نقص فليكبّر وهو جالس ، ثمّ ليركع ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب في آخر صلاته ، ثمّ ليتشهّد »، (7) الحديث وسيأتي . وهو مع ضعفه معارض بأخبار متكثّرة . والشيخ في الخلاف أوجب الإعادة . (8) ولو شكّ بين الأربع وما زاد على الخمس فقد حكى في المختلف (9) عن ابن أبي عقيل صحّة الصلاة كذلك ، وقال : «لم نقف لغيره في ذلك على شيء »، واحتمله معلّلاً بأنّ رواية الحلبيّ (10) تدلّ عليه من حيث المفهوم . أقول : ويدلّ أيضا عليه عموم حسنة زرارة، (11) وموثّقة سماعة، (12) وصحيحة شعيب عن أبي بصير . (13) واحتمل البطلان أيضا مستندا بأنّ الزيادة مبطلة فلا يقين بالبراءة، و ببطلان القياس. (14) و فيه: أنّ الزياده إنّما ثبت إبطالها للصلاة إذا كانت متيقّنة، وأمّا مع احتمالها فلا دليل على كونها مبطلة ؛ لعدم نصّ عليه، بل العمومات تدلّ على الصحّة كما عرفت ، ولم يحمل محلّ النزاع على الشكّ بين الأربع والخمس ، بل استند فيه بما ذكر من العمومات . نعم ، الاحتياط في أن يتمّ الصلاة كذلك ثمّ يعيدها . وظاهر صحيحة الحلبيّ (15) أنّ ذلك فيما إذا كان الشكّ بعد السجدتين حيث قال عليه السلام : «فتشهّد» بالفاء التعقيبية ، فينتفي الحكم فيما إذا كان بعد الركوع ، فينبغي أن يحكم ببطلان الصلاة حينئذٍ ؛ لتردّده بين المحذورين : الإكمال المعرّض للزيادة ، والهدم المعرّض للنقصان ، وهو المشهور . ورجّح الشهيد في اللمعة (16) الصّحة محتجّا بقولهم عليهم السلام : «ما أعاد الصلاة فقيه ، يحتال فيها ويدبّرها حتّى لا يعيدها» . واستدلّ أيضا له بأصالة عدم الزيادة ومنع تأثير احتمال الزيادة في البطلان ؛ إذ لو أثّر لأثّر في جميع صورها . الثانية : ما لو زاد ركعة خامسة سهوا ، ومنه ما لو شكّ بين الأربع والخمس ، ثمّ علم الخمس بعد إكمال الصلاة ، واختلف فيه ، فذهب الشيخ في الخلاف (17) والمبسوط (18) والنهاية (19) إلى بطلان الصلاة بها مطلقا ، تشهّد في الرابعة أو لا ، جلس فيها بقدره أو لا . ونقله العلّامة في المختلف (20) عن الصدوق ، قال : وقال أبو جعفربن بابويه : «وإن استيقنت أنّك صلّيت خمسا فأعد الصلاة »، (21) وهو ظاهر المصنّف قدس سره حيث اكتفى في الباب ما هو ظاهر فيه من حسنة زرارة وبكير (22) وموثّقة أبان بن عثمان . (23) وفصّل الشيخ في الاستبصار (24) فقال بالصحّة لو جلس في الرابعة وتشهّد محتجا بأنّ هذا المصلّي لم يخلّ بواجب من واجبات الصلاة ، وإنّما أخلّ بالتسليم ، وهو ليس بفرض ، وبذلك جمع بين ما اُشير إليه وما رواه بإسناده عن محمد بن عبد اللّه بن هلال، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل استيقن بعدما صلّى الظهر أنّه صلّى خمسا ، قال : «كيف استيقن؟» قلت : علم ، قال : «إن كان علم أنّه كان جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامّة فليسلّم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة ويسجد سجدتي السهو وتكونان ركعتي نافلة ولا شيء عليه». (25) وفي الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن رجل صلّى خمسا فقال : «إن كان جلس في الرابعة قدر التشهّد فقدّ تمّت صلاته» . (26) ومثلهما ما روى في الفقيه في الصحيح عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في رجل صلّى خمسا ، فقال : «إن كان جلس في الرابعة مقدار التشهّد فعبادته جائزة». (27) ويؤكّدها مفهوم ما سيأتي من صحيحة العلاء عن محمّد بن مسلم . (28) ورجّحه ابن إدريس (29) لما ذكر . ونقل في المختلف (30) عن ابن الجنيد أنّه اكتفى بالجلوس في الرابعة مقدار التشهّد وإن لم يتشهّد ، كما هو ظاهر الخبرين ، وعدّه أقرب؛ محتجا بأنّه بجلوسه عقيب الرابعة مقدار التشهّد قد أكمل صلاته ، ويكون قيامه عن صلاة نسي تشهّدها وأكمل عددها فلا تعدّ زيادة فيها ، بل تكون الركعة الزائدة خارجة عنها ، ولم ينقص منها إلّا التشهّد ، ونسيانه غير مبطل لها ؛ لأنّه ليس ركنا. وهو منسوب في الخلاف (31) والمبسوط (32) إلى بعض أصحابنا ، ونسبه الصدوق (33) إلى الرواية على ما نقل عنه في المختلف ، (34) وهو ظاهره في الفقيه (35) حيث اكتفى فيه بذكر الخبرين . وبه قال جماعة من المتأخّرين ، (36) ومنسوب في المنتهى (37) إلى أبي حنيفة ، (38) وأنت خيبر بأنّه لو اعتبر ذلك الاعتبار في الصحّة لزم الصحّة لو صلّى ستّا أيضا ، مع أنّه حكي فيه عن الصدوق أنّه قال : «وروي أنّه متى استيقن أنّه صلّى ستّا فليعد الصلاة »، (39) وأفتى به في الفقيه ، فقد قال : «ومن استيقن أنّه قد صلّى ستّا فليعد الصلاة ». (40) على أن كونه خارجا عن الصلاة بذلك القيام محلّ نظر على ما سبق ، بل يرد ذلك على ما اعتبر في الاستبصار (41) أيضا ، فالوجه الاعتماد على الرواية ، وقد تقرّر في محلّه أنّ الخبرين المتعارضين إذا كان أحدهما مطلقا والآخر مقيّدا لابدّ من حمل المطلق على المقيّد ، والعمل بالمقيّد في محلّ القيد، وبالمطلق في غيره ، والقيد إنّما هو الجلوس بقدر التشهّد لا التشهّد ، فما عدّ في المختلف (42) أقرب هو أظهر القولين ؛ لذلك ، لا لما ذكره أيضا . وفي الخلاف : وإنّما قوّينا الإعادة مطلقا لأنّ الصلاة قد ثبتت في ذمّته ، فلا تبرأ منها إلّا بإعادتها. وأيضا فإنّ هذه الأخبار _ يعني الأخيرة _ تضمّنت الجلوس مقدار التشهّد من غير ذكر التشهّد ، وعندنا أنّه لابدّ من التشهّد ولا يكفي الجلوس بمقداره ، وإنّما يعتبر ذلك أبو حنيفة ، فلأجل ذلك تركناها . (43) هذا ، وإطلاق ما ذكر من الأخبار المقيّدة يقتضي عدم وجوب ضمّ ركعة اُخرى إلى الخامسة كما هو ظاهر الأكثر من القائلين بالصحّة ، وكأنّهم حملوا الإضافة في خبر محمّد بن مسلم (44) على الندب، وتردّد فيه العلّامة في المنتهى . (45) وقد ورد في بعض أخبار الزيديّة الصحّة مطلقا من غير تقييد بما ذكر ، رواه الشيخ في الاستبصار عن سعد ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسن بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن عليّ ، عن آبائه ، عن عليّ عليه السلام قال : «صلّى بنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله الظهر خمس ركعات ثمّ انتقل ، فقال له بعض القوم : يا رسول اللّه ، هل زيد في الصلاة شيء ؟ قال: وما ذاك ؟ قال : صلّيت بنا خمس ركعات ، قال : فاستقبل القبلة وكبّر وهو جالس ، ثمّ سجد سجدتين ليس فيهما قراءة ولا ركوع ، وكان يقول : هما المرغمتان» . (46) وورد مثله من طريقنا أيضا، ففي صحيحة العلاء، عن محمّد بن مسلم ، قال : سألته عن رجل صلّى الظهر خمسا ، فقال : «إن كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس فليجعل أربع ركعات منها الظهر ويجلس ويتشهّد ، ثمّ يصلّي وهو جالس ركعتين وأربع سجدات ، فيضيفهما إلى الخامسة ، فتكون نافلة» . (47) وهما _ مع ضعف الأوّل وتضمينه لسهو النبيّ صلى الله عليه و آله وإضمار الثاني _ يحتمل أن يكون ورودهما على التقيّة لموافقتهما لمذهب الشافعيّ ومالك وإسحاق وعطا وأبي هريرة والنخعيّ والليث وأبي ثور على ما نقل عنهم في المنتهى . (48) وفي الاستبصار : الوجه فيه _ يعني الأوّل _ أنّ نحمله على أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله إنّما سجد سجدتين لأنّ قول واحد لا يوجب علما ، فيحتاج إلى أن يستأنف الصلاة ، وإنّما يقتضي الشكّ ، ومن شكّ في الزيادة ففرضه أن يسجد سجدتي السهو . (49) ولمّا كان القولان الأخيران مشهورين بين العامّة قد ذهب إلى كلّ منهما فحول علمائهم ، فالظاهر ورود الأخبار الأخيرة كلّها على التقيّة ؛ لمخالفتها لمقتضى القواعد من بطلان الصلاة بزيادة الركوع والسجدتين ولو سهوا ، فالقول الأوّل أظهر ، والاحتياط واضح . قوله في حسنة زرارة : (فلم يدر أزاد أم نقص فليسجد سجدتين) . [ح 1 /5174] ظاهر المصنّف أنّه حمل الزيادة على زيادة ركعة ، ونقصانها بمعنى عدم زيادتها نظرا إلى عنوان الباب ، لكنّ إطلاق الخبر يقتضي عمومها ، فيقتضي وجوب سجدتي السهو للشكّ في كلّ زيادة ونقيصه . والأصحاب اختلفوا في مواضع وجوبهما على أقوال ، فعن عليّ بن بابويه وجوبهما في موضعين : نسيان التشهّد والشكّ بين الثلاث والأربع إذا ذهب وهمه إلى الأربع . (50) وعن ابن أبي عقيل في موضعين غيرهما فقط : التكلّم ، والشكّ بين الأربع والخمس وما زاد عليها . (51) وظاهر الصدوق في المقنع (52) على ما حكى عنه في المختلف (53) حصرهما في موضعين غيرها : القيام موضع القعود ، وعكسه ، و أنّه نسيهما وترك التشهّد إلى الرواية . وفي الفقيه جزم بهما فيه أيضا ، وزاد الشكّ بين الزيادة والنقيصة مطلقا . (54) وأوجبهما المفيد في المقنعة (55) في ثلاثة مواضع : نسيان سجدة واحدة إذا ذكرها بعد الركوع، ونسيان التشهّد الأوّل كذلك ، والتكلّم ساهيا . وظاهره انحصارهما حيث لم يذكر في باب أحكام السّهو في الصلاة غيرها . وفي المسائل الغريّة أيضا أوجبهما في هذه المواضع الثلاثة ، إلّا أنّه ذكر بدل نسيان السجدة الواحدة الشكّ في زيادة سجدة واحدة أو ركوع بعد تجاوز محلّه ، وقال _ على ما نقل عنه _ : «وليس لسجدتي السّهو موضع في الشكّ في الصلاة إلّا في هذه الثلاثة المواضع، والباقي بين مطرح أو متدارك بالجبران أو فيه إعادة ». (56) وحصرهما الشيخ في الخلاف في أربعة مواضع : التكلّم ناسيا ، والتسليم في غير محلّه ، ونسيان السجدة الواحدة حتّى يركع ، ونسيان التشهّد الأوّل كذلك ، وقال : «فأمّا ما عدا ذلك فهو كلّ سهو يلحق الإنسان ولا يجب عليه سجدتا السهو ، فعلا كان أو قولاً ، زيادة كان أو نقصانا ، متحقّقة كانت أو متوهّمة وعلى كلّ حال ». (57) وهو منقول عن سلّار ، (58) إلّا أنّه أبدل التسليم بالقيام في محلّ القعود ، وعكسه . وفي المبسوط (59) ذكرهما في هذه الأربعة إلّا أنّه خصّ تسليم الركعتين الأوّلتين بالذكر ، وزاد الشكّ بين الأربع والخمس . وعنه أنّه قال في الجمل (60) مثله غير أنّه أسقط التشهّد . وظاهر المصنّف على ما سيذكره حصرهما في خمسة مواضع : التسليم في التشهّد الأوّل ناسيا ، وتخلل التكلّم بين الصلاة والاحتياط بركعتين ، والتكلّم ناسيا في الصلاة ، ونسيان التشهّد ، والشكّ بين الأربع والخمس . وعن أبي الصّلاح أيضا وجوبهما في خمسة مواضع : الشكّ بين كمال الفرض وما زاد عليه ، والقيام موضع القعود وعكسه ، والتكلّم ناسيا ، ونسيان سجدة ، والتسليم ساهيا عن ركعة أو اثنتين . (61) وإليه ذهب السيّد المرتضى أيضا ، إلّا أنّه ذكر نسيان التشهّد بدلاً عن التسليم على ما حكى عنه في المختلف (62) أنّه قال في الجمل : سجود السهو في خمسة مواضع : في السجدة ، ونسيان التشهّد ولم يذكره حتّى يركع ، وفي الكلام ساهيا ، وفي القعود حالة القيام وبالعكس ، وفي الشكّ بين الأربع والخمس . (63) وعن ابن البرّاج (64) وابن حمزة (65) وجوبهما في هذه الخمسة المنقولة عن الجمل ، وأنّ الأوّل زاد التسليم ، وهو الذي اختاره ابن إدريس ، (66) و أنّ الثاني زاد السهو عن سجدتين من الركعتين الأخيرتين . والعلّامة أوجبهما في المختلف (67) في سبعة مواضع : التكلّم ، والتسليم ، والتشهّد ، والسجدة الواحدة ، والقيام والقعود في غير محلّهما ، والشكّ بين الأربع والخمس ، وزيادة الأفعال ونقصانها . وقد حكى في الخلاف (68) عن بعض الأصحاب وجوبهما في كلّ زيادة ونقيصة . وفي الدروس: «لم أجد قائله ولا مأخذه »، (69) وسيأتي مأخذه . وظهر ممّا ذكر أنّ ما يجب فيه سجدتا السهو بين الأصحاب دائر بين ثمانية مواضع: أحدها : التكلّم ناسيا ، وسيأتي الكلام فيه في الباب الآتي . وثانيها : الشكّ بين الأربع ، الخمس . ويدل عليه عموم حسنة زرارة، (70) ومضمرة سماعة ، (71) وخصوص صحيحتي عبد اللّه بن سنان (72) وأبي بصير، (73) و صحيحة الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا أو نقصت أم زدت فتشهّد وسلّم ، واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة ، تتشهّد هما تشهدا خفيفا» . (74) واحتجّ المانع _ على ما حكى عنه في المختلف _ (75) بأصالة براءة الذمّة . وفيه : أنّ الأصل يترك إذا كان دليل على خلافه ، وقد عرفت الدليل . وثالثها: التسليم ، ولم أجد فيه خبرا ، بل ينفيه عموم الشيء المنفي في صحيحة محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة ، فسلم وهو يرى أنّه قد أتمّ الصلاة وتكلّم ، ثمّ ذكر أنّه لم يصلّ غير ركعتين ، فقال : «يتمّ ما بقي من صلاته ولا شيء عليه» . (76) وتخصيص الشيء بالإعادة والإثم من غير مخصّص . واحتجّ المثبتون بأنّه كلام غير مشروع صدر نسيانا عن المصلّي، فيدخل تحت الكلام . (77) وفيه : أن المتبادر من الكلام ما ليس بقرآن ولا دعاء ، ولا ريب في أنّ التسليم دعاء . ورابعها : نسيان سجدة واحدة ، ولم أجد فيه أيضا نصّا، والأصل ينفيه ، بل نفيه هنا أظهر ؛ لخبر أبي بصير ، قال : سألت عمّن نسي سجدة ويذكرها وهو قائم ، قال : «يسجدها إذا ذكرها مالم يركع ، فإن كان قد ركع فليمض على صلاته ، فإذا انصرف قضاها وليس عليه سهو» . (78) وخامسها : نسيان التشهّد ؛ لما يأتي في الباب الآتي من حسنتي الفضيل بن يسار (79) والحلبيّ الثانية منها، (80) وصحيحة سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يجلس في الركعتين الأوّلتين ، فقال : «إن ذكر قبل أن يركع فليجلس ، وإن لم يذكر حتّى ركع فليتّم الصلاة حتّى إذا فرغ فليسلّم ويسجد سجدتي السهو» . (81) وصحيحة ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يصلّي ركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما، فقال : «إن ذكر وهو قائم في الصلاة فليجلس ، وإن لم يذكر حتّى يركع فليتّم صلاته ، ثمّ يسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يتكلّم» . (82) وأمّا نفيهما فيما رواه الشيخ من موثّقة محمّد الحلبيّ ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسهو في الصلاة ، فنسي التشهّد ، فقال : «يرجع فيتشّهد» ، فقلت : أيسجد سجدتي السهو ؟ فقال : «لا ، ليس في هذا سجدتا السهو »، (83) ففيما إذا ذكر التشهّد قبل الركوع ورجع وتشهّد كما هو ظاهر الخبر . وسادسها : القيام في موضع القعود وعكسه ؛ لرواية عمّار الساباطّي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السهو ما يجب فيه سجدتا السهو ، فقال له : «إذا أردت أن تقعد فقمت أو أردت أن تقرأ فسبّحت أو أردت أن تسبّح فقرأت فعليك سجدتا السهو» . (84) وصحيحة معاوية بن عمّار التي رواها المصنّف في الباب الآتي . (85) وسابعها : كلّ زيادة ونقيصة . ويدل عليه مرسلة ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن سفيان بن السمط، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «تسجد سجدتي السهو في كلّ زيادة تدخل عليك أو نقصان ». (86) وثامنها : الشكّ في زيادة الأفعال ونقصانها ، فقد روى المفيد على ما نقل عنه في المختلف (87) وجوبهما على من لم يدر زاد سجدة ، أو نقص سجدة أو زاد ركوعا ، أو نقص ركوعا ، وكان الذكر بعد تجاوز محلّه . واحتجّ به عليه ، وربما احتجّ عليه بقوله عليه السلام أم : «نقصت أم زدت » في صحيحة الحلبّي (88) وحسنة زرارة . (89) وأورد عليه بأنّ ما قبل هذا القول في الخبرين شاهد على أنّ المراد به الشكّ في زيادة ركعة ونقصانها . فروع: الأوّل: إذا تعدّد موجب السهو فالظاهر تعدّده أيضا مطلقا _ اختلف جنس الموجب أو اتّحد ، بناء على تعدّد المسبّبات بتعدّد الأسباب _ لتيقّن البراءة . وعدّة الشيخ في الخلاف (90) والمبسوط (91) أحوط ، والعلّامة في المختلف (92) أقرب ، واحتجّ عليه باستلزام تداخل الأسباب الترجيح بلا مرجح أو تخلّف المعلول عن علّته التّامة ، أو تعدّد العلل المستقلّة على معلول واحد شخصي ؛ لأنّ أحدهما إن لم يؤثّر لزم الأوّل لتساويهما في التأثير ، ولا مرجّح لأحدهما، وإن أثّر كلّ منهما فالمعلول إما مستند بأحدهما فقد تخلّف عن الآخر ، وهو الثاني ، وإن استند بهما جميعا لزم الثالث . ويمكن دفعه بأنّ العلل الشرعيّة إنّما تكون معرّفات ، فيختار الثالث ، ولا محذور في اجتماعهما . وفصّل ابن إدريس ، فقال : إن تجانسا اكتفى بالسجدتين ؛ لعدم الدليل على التعدّد، ولقولهم عليهم السلام : «من تكلّم في صلاته ساهيا يجب عليه سجدتا السّهو» ، ولم يقولوا دفعة أو دفعات ، فأمّا إذا اختلف الجنس فالأولى عندي _ بل الواجب _ الإتيان عن كلّ جنس بسجدتي السهو ؛لعدم الدليل على تداخل الأجناس ، بل الواجب إعطاء كلّ جنس ما تناوله اللفظ ؛ لأنّه قد تكلّم و قام في حالة قعود، وقالوا عليهم السلام : «من تكلّم يجب عليه سجدتا السهو ، ومن قام في حال قعود يجب عليه سجدتا السهو» ، وهذا قد فعل الفعلين ، فيجب عليه امتثال الأمرين ، ولا دليل على التداخل ؛ لأنّ الفرضين لا يتداخلان بلا خلاف من محقّق . (93) الثاني : قال الصدوق في الفقيه : «سجدتا السهو بعد التسليم في الزيادة والنقصان» ، (94) قال : وقال أمير المؤمنين عليه السلام : «سجدتا السهو بعد السلام وقبل الكلام»، (95) وهو إشارة إلى ما رواه الشيخ في الموثّق عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن عليّ عليهم السلام قال : «سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام» . (96) ويدلّ أيضا عليه حسنة عبد اللّه بن سنان ، (97) وصحيحة أبي بصير ، (98) وما تقدّم من صحيحة سليمان بن خالد ، (99) وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج الآتية في الباب الآتي. (100) وفي خبر سهو النبيّ صلى الله عليه و آله : «فأتمّ بهم الصلاة وسجد سجدتي السهو ». (101) وفيما تقدّم في حسنة الفضيل بن يسار ، قال : «فإذا سلّم [سجد] سجدتين وهو جالس» . (102) وفي خبر عليّ بن أبي حمزة : «فإذا انصرفت سجدت سجدتين لا ركوع فيهما ، ثمّ تشهّد التشهّد الذي فاتك» . (103) وفي حسنة الحلبيّ : «فإذا فرغت فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل أن تتكلّم» . (104) وفي صحيحة معاوية بن عمّار ، قال : «يسجد سجدتين بعد التسليم». (105) ويؤيّدها ما روى في المنتهى (106) من طرق العامّة عن أبي داود وعن عبد اللّه بن جعفر ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «من سها في صلاة فليسجد سجدتين بعد ما يسلّم» . (107) وعن ثوبان ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «لكلّ سهو سجدتان بعد التسليم». (108) واحتجّ أيضا فيه بأنّ السجدتين ليستا من الصلاة إجماعا ، فزيادتهما فيها يستدعي زيادة ركن فيها ، وهو مبطل ؛ لما تقدّم ، ولأنّه تغيير لهيئة الصلاة ، فإنّ السجود لا يتبع التشهّد في شيء من صور الصلاة . واختاره الشيخ في كتبه. (109) ونقل في المختلف (110) عن سلّار (111) وظاهر عليّ بن بابويه وأبي الصلاح ، (112) وحكى فيه عن بعض أصحابنا أنّهما قبل التسليم محتجا برواية أبي الجارود ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : متى أسجد سجدتي السهو ؟ قال : «قبل التسليم ، فإذا سلّمت فقد ذهبت حرمة صلاتك» . (113) وحملها الأوّلون على التقيّة مع ضعفها وعدم قابليّتها للمعارضة؛ لما ذكر من الأخبار المتكثرة أكثرها صحيحة . ونقل عن بعض أصحابنا فيه وفي المختلف (114) عن ابن الجنيد : أنّ ذلك إذا كان السهو بالزيادة ، وإن كان بالنقيصة فقبل التسليم؛ محتجا بصحيحة سعد بن سعد الأشعري ، قال : قال الرضا عليه السلام : «في سجدتي السهو إذا نقصت فقبل التسليم ، فإذا زدت فبعده» . (115) ومثلها خبر صفوان بن مهران الجمّال، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن سجدتي السهو ، فقال : «إذا نقصت فقبل التسليم ، فإذا زدت فبعده» . (116) وحملهما الصدوق والشيخ على التقيّة. (117) ولا يبعد القول بالتخيير في النقيصة . وما ذكر من استلزامه لزيادة الركن في الصلاة مندفع بأنّ هاتان السجدتان ليستا من الصلاة ، وإنّما يكون زيادة السجدتين مبطلاً لها إذا وقعتا بقصد كونهما منها . واختلف العامّة أيضا في المسألة ، فقد نقل في المنتهى (118) القول الأوّل عن ابن مسعود وعمّار وسعد بن أبي وقاص و النخعيّ وابن أبي ليلى وأبي حنيفة والثوريّ ، والقول الثاني عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري (119) وسعيد بن المسيّب وربيعة والأوزاعي والليث بن سعد والشافعيّ والقول الثالث عن مالك والمزني و إسحاق وأبي ثور وأحمد في إحدى الروايات عنه . (120) ويستفاد من أكثر ما ذكر من الأخبار وجوب وقوعهما قبل الكلام ، وإليه ذهب الفاضل الأردبيليّ ، ولكن قال : ولولم يفعل فالأولى الفعل متى يذكر ، وكذا لوترك عمدا ؛ لما في رواية عمّار ، قال : «يسجدها متى تذكّر» . (121) وفي المنتهى : لو نسي سجدتي السّهو سجدهما متى ذكر ، سواء تكلّم أو لم يتكلّم ، وسواء ذكر بعد مدّة طويلة أو قصيرة ، وسواء خرج من المسجد أولم يخرج ، وبه قال الشافعيّ في القديم والأوزاعيّ ، و [قال]في الجديد : مالم يطل الفصل. وقال أبو حنيفة : مالم يتكلّم . وقال مالك : إن كان بزيادة سجدهما ولو بعد شهر، وإن كان لنقصان فإن ذكرهما قريبا أتى بهما ، وإن تطاول أعاد الصلاة . وقال ابن شبرمة : إذا خرج من المسجد أعاد الصلاة . وقال الحسن البصريّ وابن سيرين: إذا صرف وجهه عن القبلة لم يسجد . وقال أحمد : إن لم يطل الفصل أتى به ، وإن طال لم يأت به . (122) لنا : ما رواه الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه سجد بعد التسليم والكلام ، رواه مسلم عن ابن مسعود : أن النبيّ صلى الله عليه و آله صلّى الظهر خمسا ، ثمّ أقبل علينا بوجهه، فقيل : أحدث في الصلاة شيء ؟ فقال : «وما ذاك ؟» فقالوا صلّيت خمسا ، فثنى رجليه و استقبل القبلة ، فسجد بهم سجدتين . (123) ولأنّه مأمور بالسّجود لقوله عليه السلام : «لكلّ سهو سجدتان (124) » فيبقى في العهدة حتّى يأتي به . ومن طريق الخاصّة ما رواه الشيخ عن عمّار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل ينسى سجدتي السّهو ، قال : «يسجدهما متى ذكر» . (125) وأنّه جبران النقصان عبادة فلا تبطل بتطاول أوّل الفصل كجبران الحجّ . (126) الثالث : قال ابن إدريس : لو نسي التشهّد الأوّل ولم يذكره حتّى ركع في الثالثة مضى في صلاته ، فإذا فرغ قضاه وسجد سجدتي السّهو [...] فإن أحدث بعد سلامه وقبل الإتيان بالتشهّد المنسي وقبل سجدتي السّهو لم تبطل صلاته بحدثه الناقض لطهارته بعد سلامه منها ؛ لأنّه بسلامه انفصل منها ، فلم يكن حدثه في صلاته ، بل بعد خروجه منها بالتسليم الواجب عليه . _ قال : _ فإذا كان المنسي هو التشهّد الأخير وأحدث ما ينقض طهارته قبل الإتيان [به ]فالواجب عليه إعادة صلاته من أوّلها مستأنفا لها ؛ لأنّه بعد في قيد صلاته [لم] يخرج منها ، ولا فرغ بسلام يجب عليه ، بل ما فعله من السّلام هنا في غير موضعه كلا سلام ، بل هو في قيد السلام بعد لم يخرج منها بحال ، فليلحظ الفرق بين المسلّمين والتسليمتين ، فإنّه واضح للمتأمّل المحصّل . (127) وفي المختلف : أقول : هذا الكلام في غاية السقوط ، أمّا حكمه أوّلاً بصحّة الصلاة قبل الإتيان بالتشهّد فغير معتمد ؛ لأنّه قد نسي جزءا منها ، فيجب عليه الإتيان به قبل الحدث ، لئلّا يكون فارقا بين أجزاء الصلاة لحدثه ، وأمّا فرقة بين التسليمتين فغير جدير لأنّ التسليم مع نسيان التشهّد وقع في محلّه ، وإنّما يجب عليه قضاء التشهّد . (128) الرابع : ظاهر أكثر الأخبار أنّ سجدتي السّهو لا يجب فيهما تكبير ولا تسبيح ولا تشهّد ولا تسليم ، بل الواجب إنّما هو سجدتان فقط . وإليه ذهب العلّامة في المختلف (129) حيث عدّه أقرب ، وحمل ما دلّ على التكبير لهما والذكر فيهما والتشهّد والتسليم بعدهما على الاستحباب محتجا بأصالة براءة الذمّة ، وبما رواه عمّار السّاباطيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن سجدتي السّهو وهل فيهما تسبيح أو تكبير ؟ فقال : «لا، إنّهما سجدتان فقط ، فإن كان الذي سها هو الإمام كبّر إذا سجد وإذا رفع رأسه؛ ليعلم من خلفه أنّه قد سها ، وليس عليه أن يسبّح فيهما ، ولا فيهما تشهّد بعد السجدتين» ، (130) وقد سبق الحديث . وأوجب في المنتهى (131) التشهّد والتسليم ، ونسبه إلى علمائنا أجمع ووجوب الأوّل إلى ابن مسعود والنخعي وقتادة والحكم والثوريّ والأوزاعيّ والشافعيّ وأحمد وأصحاب الرأي (132) ؛ محتجين بما رواه أبو داود والترمذيّ عن عمران (133) بن الحصين : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله نسي فسجد سجدتين، فتشهّد ثمّ سلّم . (134) وهو لو صحّ يدلّ على وجوب التسليم أيضا ، ونسب وجوب الثاني إلى أكثر الجمهور . واحتجّ على وجوبهما بقول أبي عبد اللّه عليه السلام فى صحيحة الحلبيّ : «يتشهّد فيهما تشهّدا خفيفا» ، (135) وبخبر عمران (136) بن الحصين ، وبأنّه سجود يشتمل على التسليم ، فيجب فيه التشهّد كسجود الصلاة . واُثبت الأوّل بقوله عليه السلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثمّ سلّم بعدهما» ، (137) وقد قال فيه باستحباب التكبير؛ محتجّا بأصالة البراءة، وبخبر عمّار المتقدّم ، (138) وهو ظاهر الصدوق في المقنع ، فإنّه قال على ما نقل عنه في المختلف : ليس فيهما قراءة ولا ركوع ، بل يتشهّد خفيفا ويقول فيهما : بسم اللّه وباللّه ، السّلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته ، وإن شاء قال : بسم اللّه وباللّه ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، فهو مخيّر بين القولين جميعا ، أيّهما قال أصاب السنّة ، ثمّ رفع رأسه فيجلس ، ثمّ يعود إلى السجود فيقول ذلك مرّة اُخرى ، ثمّ يرفع رأسه فيجلس ويتشهّد ويسلّم . (139) وظاهر الشيخ في المبسوط وجوب التكبير أيضا ، فقد قال فيه : فإذا أراد أن يسجد سجدتي السهو استفتح بالتكبير وسجد عقيبه ويرفع رأسه ، ثمّ يعود إلى السجدة الثانية ويقول فيها: بسم اللّه وباللّه ، السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته ، وغير ذلك من الأذكار، ثمّ يتشهّد بعدهما تشهّدا خفيفا ، يأتي بالشهادتين والصلاة على النبيّ وآله، ويسلّم بعده . (140) وعن السيّد المرتضى أنّهما سجدتان بعد التسليم بغير ركوع ولا قراءة ، يقول في كلّ واحدة منهما : بسم اللّه وباللّه ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، ويتشهّد تشهّدا خفيفا ويسلّم . (141) ومثله عن سلّار (142) وأبي الصلاح (143) وظاهر ابن إدريس . (144) والظّاهر عدم القول بوجوب خصوص هذا الذكر ، بل القائلون بوجوب الذكر يقولون باستحبابه . ويدلّ على رجحانه خبر الحلبيّ ، (145) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في سجدتي السّهو : «بسم اللّه وباللّه وصلّى اللّه على محمّد وآل محمّد» ، وسمعته مرّة اُخرى يقول فيهما : «بسم اللّه وباللّه السّلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته» . (146) قوله في حسنة زرارة : (وسمّاهما رسول اللّه صلى الله عليه و آله المرغمتين) [ح1 / 5174] لإرغامهما أنف الشيطان ، فيقول : واويلاه ! أطعتَ وعصيتُ وسجدتَ و أبيتُ، أو للتنبيه على أنّه ينبغي للساجد أن يرغم أنفه فيهما . ويؤيّد الأوّل مضمر معاوية بن عمّار (147) في الباب الآتي .

.


1- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
2- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
3- . الفقيه ، ج 1 ، ص 350 ، ح 1019 . ورواه الشيخ في الاستبصار ، ج 1 ، ص 380 ، ح 1441 ؛ وتهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 196 ، ح 772 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 224 _ 225 ، ح 10486 .
4- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 69 . وبهذه العبارة أورده أيضا في تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 346 ؛ والمحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 398 ؛ والحديث _ مع مغايرة _ ورد في مسند أحمد ، ج 3 ، ص 83 ؛ وصحيح مسلم ، ج 2 ، ص 84 ؛ والسنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 331 .
5- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 391 .
6- . المقنع ، ص 102 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 352 ، ح 1461 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 203 _ 204 ، ح 10430 .
8- . اُنظر : الخلاف ، ج 1 ، ص 448 ، ولم أعثر على هذا القول فيه .
9- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 391 _ 392 .
10- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 224 _ 225 ، ح 10486 .
11- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
12- . الحديث الرابع من هذا الباب .
13- . الحديث السادس من هذا الباب .
14- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 392 .
15- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي .
16- . اللمعة الدمشقية ، ص 36 ؛ شرح اللمعة ، ج 1 ، ص 709 .
17- . الخلاف ، ج 1 ، ص 451 ، المسألة 196 .
18- . المبسوط، ج 1، ص 121.
19- . النهاية ، ص 92 .
20- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 393 .
21- . المقنع ، ص 103 .
22- . الحديث الثاني من هذا الباب .
23- . الحديث الخامس من هذا الباب .
24- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 377 ، ذيل الحديث 1431 ؛ ومثله في تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 194 ، ذيل الحديث 766 .
25- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 194 ، ح 765 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 377 ، ح 1430 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 232 ، ح 10512 .
26- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 194 ، ح 766 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 377 ، ح 1431 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 232 ، ح 10511 .
27- . الفقيه ، ج 1 ، ص 349 ، ح 1016 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 232 ، ح 10513 .
28- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 233 ، ح 10514 .
29- . السرائر ، ج 1 ، ص 245 _ 246 .
30- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 393 .
31- . الخلاف ، ج 1 ، ص 451 .
32- . المبسوط ، ج 1 ، ص 451 .
33- . المقنع ، ص 103 .
34- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 393 .
35- . الفقيه ، ج 1 ، ص 349 .
36- . اُنظر : مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 221 .
37- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 367 .
38- . المجموع للنووي ، 4 ، ص 337 _ 338 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 227 _ 228 ؛ المغني ، ج 2 ، ص 107 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 100 .
39- . المقنع ، ص 103 .
40- . الفقيه ، ج 1 ، ص 357 .
41- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 377 .
42- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 394 .
43- . الخلاف ، ج 2 ، ص 453 ، ذيل المسألة 196 .
44- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 232 ، ح 10512 .
45- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 16 .
46- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 349 _ 350 ، ح 1449 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 377 ، ح 1432 .
47- . الفقيه ، ج 1 ، ص 349 ، ح 1017 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 233 ، ح 10514 و 10516 .
48- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 15 . وانظر : المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 139 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 684 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 666 .
49- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 377 _ 378 ، ذيل الحديث 1432 .
50- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 422 ؛ والشهيد في الذكرى ، ج 4 ، ص 86 .
51- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 392 .
52- . المقنع ، ص 109 _ 110 .
53- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 421 _ 422 .
54- . الفقيه ، ج 1 ، ص 341 ، ذيل الحديث 993 .
55- . المقنعة ، ص 148 .
56- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 420 .
57- . الخلاف ، ج 1 ، ص 459 ، المسألة 202 .
58- . المراسم العلويّة ، ص 87 .
59- . المبسوط ، ج 1 ، ص 121 _ 122 .
60- . الجمل والعقود (الرسائل العشر ، ص 189) .
61- . الكافي في الفقه ، ص 148 _ 149 .
62- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 421 .
63- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 37) .
64- . المهذّب ، ج 1 ، ص 156 .
65- . الوسيلة ، ص 102 .
66- . السرائر ، ج 1 ، ص 259 .
67- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 423 _ 428 .
68- . الخلاف ، ج 1 ، ص 457 .
69- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 207 ، الدرس 53 .
70- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
71- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .
72- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
73- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
74- . الفقيه ، ج 1 ، ص 350 ، ح 1019 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 196 ، ح 772 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 380 ، ح 1441 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 224 _ 225 ، ح 10486 .
75- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 425 .
76- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 191 _ 192 ، ح 757 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 379 ، ح 1436 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 200 _ 201 ، ح 10422 .
77- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 423 .
78- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 152 ، ح 598 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 358 ، ح 1360 ؛ ورواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 346 ، ح 1008 وفيه : « ... عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام » وذكر الحديث ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 365 _ 366 ، ح 8196 .
79- . الحديث الثاني من ذلك الباب.
80- . الحديث الثامن من ذلك الباب .
81- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 158 ، ح 618 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 362 _ 363 ، ح 1374 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 402 ، ح 8286 .
82- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 159 ، ح 624 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 363 ، ح 1375 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 402 ، ح 8287 .
83- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 158 ، ح 622 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 363 ، ح 1376 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 406 ، ح 8296 .
84- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 353 ، ح 1466 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 250 ، ح 10562 .
85- . الحديث التاسع من ذلك الباب من الكافي .
86- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 155 ، ح 608 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 361 ، ح 1367 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 251 ، ح 10563 .
87- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 420 ، حكاه عن الرسالة الغريّة .
88- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 224 _ 225 ، ح 10486 ، و ص 234 _ 235 ، ح 10518 .
89- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
90- . الخلاف ، ج 1 ، ص 458 ، المسألة 201 .
91- . المبسوط ، ج 1 ، ص 123 .
92- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 428 .
93- . السرائر ، ج 1 ، ص 258 .
94- . الفقيه ، ج 1 ، ص 341 ، بعد الحديث 993 .
95- . نفس المصدر ، ح 994 .
96- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 195 ، ح 768 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 380 ، ح 1440 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 208 ، ح 10440 .
97- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
98- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
99- . وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 402 ، ح 8286 .
100- . الحديث الرابع من ذلك الباب .
101- . الحديث الأوّل من الباب الآتي ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 201 _ 202 ، ح 10424 .
102- . الكافي ، باب من تكلّم في صلاته ... ، ح 2 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 405 ، ح 8293 .
103- . الحديث السابع من الباب المتقدم ذكره من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 344 _ 345 ، ح 1430 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 244 ، ح 10546 .
104- . الحديث الثامن من الباب الآتي من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 344 ، ح 1429 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 406 ، ح 8295 .
105- . الحديث التاسع من ذلك الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 250 ، ح 10561 .
106- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 82 .
107- . سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 233 ، ح 1033 ، ولفظه : «من شك في صلاته ...» .
108- . سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 234 ، ح 1038 ، ولفظه : « ... بعد ما يسلم» . ورواه أحمد في مسنده ، ج 5 ، ص 250 ؛ والبيهقي في السنن الكبرى ، ج 2 ، ص 337 .
109- . منها : الخلاف ، ج 1 ، ص 448 ، المسألة 195 ؛ المبسوط ، ج 1 ، ص 125 .
110- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 431 .
111- . المراسم العلويّة ، ص 88 .
112- . الكافي في الفقه ، ص 148 .
113- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 195 ، ح 770 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 380 ، ح 1440 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 208 ، ح 10442 .
114- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 432 .
115- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 195 ، ح 769 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 380 ، ح 1439 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 208 ، ح 10441 .
116- . الفقيه ، ج 1 ، ص 341 ، ح 995 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 208 ، ح 10443 .
117- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 195 ، ذيل الحديث 770 .
118- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 80 _ 81 .
119- . هذا هو الصحيح الموافق للمصدر ، و في متن الأصل : «الخيبري» ، وفي هامشه : «الخدري ل» .
120- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 154 _ 155 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 673 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 697 _ 699 .
121- . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 3 ، ص 162 _ 163 .
122- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 160 _ 161 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 686 _ 687 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 699 و 704 .
123- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 85 . ورواه أحمد في مسنده ، ج 1 ، ص 448 ؛ و البخاري في صحيحه ، ج 1 ، ص 105 ؛ و ج 2 ، ص 65 ؛ و ج 8 ، ص 133 ؛ و ابن ماجة في سننه ، ج 1 ، ص 380 ، ح 1205 ؛ وأبو داود في سننه ، ج 1 ، ص 230 ، ح 1019 ؛ والترمذي في سننه ، ج 1 ، ص 243 _ 244 ، ح 390 ؛ والنسائي في السنن الكبرى ، ج 1 ، ص 203 _ 204 ، ح 578 ، وص 372 ، ح 1177 ، مع مغايرة في الفاظ بعضها .
124- . مسند أحمد ، ج 5 ، ص 280 . وتقدّم سائر تخريجاته .
125- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 353 _ 354 ، ح 1466 .
126- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 84 _ 86 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 250 _ 251 ، ح 10562 .
127- . السرائر ، ج 1 ، ص 257 _ 259 .
128- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 436 .
129- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 434
130- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 196 ، ح 771 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 381 ، ح 1442 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 235 ، ح 10519 .
131- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 75 و 77 .
132- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 159 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 687 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 703 .
133- . في الأصل : «عمّار» ، والتصويب من المصدر .
134- . سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 234 ، ح 1039 ؛ سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 245 ، ح 393 .
135- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 234 _ 235 ، ح 10518 .
136- . في الأصل : «عمّار» ، والتصويب من المصدر .
137- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 195 ، ح 767 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 207 ، ح 10439 ، و ص 224 ، ح 10483 .
138- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 235 ، ح 10519 .
139- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 433 . وانظر : المقنع ، ص 110 .
140- . لمبسوط ، ج 1 ، ص 125 .
141- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 37) .
142- . المراسم العلويّة ، ص 188 .
143- . الكافي في الفقه ، ص 148 .
144- . السرائر ، ج 1 ، ص 258 _ 259 .
145- . في هامش الأصل : «و يأتي هذا الخبر في الباب الآتي بأدنى تغيير لفظي في الحسن . منه» .
146- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 196 ، ح 773 ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 342 ، ح 997 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 234 ، ح 10517 .
147- . الحديث التاسع من ذلك الباب .

ص: 227

. .

ص: 228

. .

ص: 229

. .

ص: 230

. .

ص: 231

. .

ص: 232

. .

ص: 233

. .

ص: 234

. .

ص: 235

. .

ص: 236

. .

ص: 237

. .

ص: 238

. .

ص: 239

. .

ص: 240

. .

ص: 241

. .

ص: 242

. .

ص: 243

. .

ص: 244

. .

ص: 245

. .

ص: 246

باب من تكلّم في صلاته أو انصرف قبل أن يتمّها أو يقوم في موضع الجلوس

باب من تكلّم في صلاته أو انصرف قبل أن يتمّها أو يقوم في موضع الجلوسفيه مسائل : الاُولى : التكلّم في الصلاة عمدا يبطل الصلاة إجماعا على ما ادّعى في الاستبصار (1) والمنتهى . (2) ويدلّ عليه أخبار متكثّرة ، منها : صحيحة محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «وإن تكلّم فليعد صلاته» . (3) وحسنة الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «فإن لم يقدر [على ماء] حتّى ينصرف [ب]وجهه أو يتكلّم فقد قطع صلاته ». (4) وأمّا مع السّهو فإنّما يوجب سجدة السّهو. وادّعى في المنتهى (5) عليه الإجماع ، ولم ينقل فيه خلافا إلّا عن أبي حنيفة (6) من قوله ببطلان الصلاة . ويدلّ عليه عموم قوله عليه عليه السلام : «رفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان» ، (7) وخصوص صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج . (8) وفي حكم التكلّم في الصلاة نسيانا التكلّم فيما بين الصلاة والاحتياط ولو عمدا ؛ لرواية سماعة بن مهران ، (9) وصحيحة سعيد الأعرج، (10) وبعض ما سيأتي من الأخبار . ولا ينافي وجوب سجدة السّهو ما روى زرارة في الصحيح، عن أبي جعفر عليه السلام في الرّجل يسهو في الركعتين ويتكلّم ، قال : «يتمّ ما بقي من صلاته ، تكلّم أولم يتكلّم ولا شيء عليه» . (11) وعقبة بن خالد، عن أبي عبد اللّه في رجل دعاه رجل وهو يصلّي فسها فأجابه بحاجته ، كيف يصنع ؟ قال : «يمضي على صلاته ويكبّر تكبيرا كثيرا» ؛ (12) لأنّ الظاهر أنّ المراد في الأوّل نفي الإثم والإعادة والسكوت عن سجدة السّهو فيهما ، لا ينا في وجوبها بدليل آخر . وحكى في المنتهى (13) عن أبي حنيفة أنّه احتجّ على وجوب الإعادة بأنّه لا يجوز في الصلاة شيء من كلام الآدميين ، (14) وبأنّ ما أوجب البطلان عمدا أوجبه سهوا ، كالحدث . والجواب عن الأوّل أنّه لا كلام في حرمة الكلام فيها عمدا ، وهو لا يدلّ على بطلان الصلاة به لاسيما إذا وقع سهوا . وعن الثاني منع كلّيّة الصغرى بمنع القياس خصوصا إذا كان مع الفارق، وهو استلزام الحدث فساد شرطها الذي هو الطهارة بخلاف الكلام . الثانية : ما إذا نقص ركعة فما زاد نسيانا ، وقد اختلف الأصحاب في البناء والإعادة بذلك، فظاهر ابن أبي عقيل وأبي الصلاح (15) وجوب الإعادة مطلقا حتّى في الرباعيّة، ومن غير تخلّل ما ينقض الصلاة عمدا وسهوا أو عمدا فقط على ما هو ظاهر ما حكاه عنهما في المختلف . (16) والمشهور بين الأصحاب البناء في جميع الصلوات ، واختلفوا في أنّه هل يشترط ذلك بشرط أم لا ؟ ثمّ اختلفوا في الشرط، فظاهر الصدوق في الفقيه (17) عدم اشتراطه بشيء ، وهو محكي في المختلف (18) عن مقنعه أيضا ، وأنّه قال فيه : فإن صلّيت ركعتين ثمّ قمت فذهبت في حاجة لك فأضف إلى صلاتك ما نقص منها ولو بلغت الصّين ، ولا تعد الصلاة ، فإنّ إعادة الصلاة في هذه المسألة مذهب يونس بن عبد الرّحمان . (19) ويدلّ عليه ما روى في الفقيه عن عمّار بن موسى السّاباطيّ : أنّ من سلّم في ركعتين من الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء الآخرة ثمّ ذكر فليبن على صلاته ولو بلغ الصّين ولا إعادة عليه . (20) وقال أيضا : وسأل عبيد بن زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلّي الغداة ركعة ويتشهّد وينصرف ويذهب ويجيء ، ثمّ ذكر أنّه إنّما صلّى ركعة ، قال : «يضيف إليها ركعة» . (21) وما روى في التهذيب عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيد بن زراة ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلّى ركعة من الغداة ثمّ انصرف وخرج في حوائجه ثمّ ذكر أنّه إنّما صلّى ركعة ، قال: «يضيف إليها ركعة». (22) و ما روى في التهذيب عن جعفر بن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبيد بن زرارة، قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل صلّى ركعة من الغداة ثمّ، انصرف و خرج في حوائجه، ثمّ ذكر أنّه صلّى ركعة، قال: «فليتمّ ما بقي» . (23) وفي الصحيح عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: سألته عن رجل صلّى بالكوفة ركعتين ثمّ ذكر وهو بمكّة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلد من البلدان أنّه صلّى ركعتين ، قال : «يصلّي ركعتين» . (24) وفي الموثّق عن عمّار ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل صلّى ثلاث ركعات وهو يظنّ أنّها أربع، فلمّا سلّم ذكر أنّها ثلاث ، قال : «يبني على صلاته متى ما ذكر ويصلّي ركعة ويتشهّد ويسلّم ، ويسجد سجدتي السّهو و قد جازت صلاته» . (25) وخبر جعفر بن بشير، عن الحارث بن المغيرة ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إنّا صلّينا المغرب فسها الإمام فسلّم في الركعتين فأعدنا الصلاة ، فقال : «لِمَ أعدتم ؟ أليس قد انصرف رسول اللّه صلى الله عليه و آله في ركعتين فأتمّ بركعتين ، ألا أتممتم؟» . (26) ويؤيّدها عموم ما رواه صفوان في الصحيح عن العيص ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتّى فرغ منها ثمّ ذكر أنّه لم يركع ، قال : «يقوم فيركع ويسجد سجدتين ». (27) واشترط الشيخ في النهاية في صلاة الغداة أن لا يتخلّل الناقض للصلاة مطلقا ولو عمدا فقط _ كالتكلم _ حيث قال : فإن صلّى ركعة من صلاة الغداة وجلس وتشهّد وسلّم ، ثمّ ذكر أنّه كان قد صلّى ركعة ، قام فأضاف إليها ركعة اُخرى ما لم يتكلّم أو يلتف عن القبلة أو يحدث ما ينقض الصلاة، فإن فعل شيئا من ذلك وجبت عليه الاعادة . (28) ولم يذكر غير صلاة الغداة ، والظاهر أنّه يعمّم الحكم لا سيّما لصلاة المغرب وللركعتين الأوّلتين من الرباعيّة ، وينفي اشتراط التكلّم أخبار متكثّرة دلّت على البناء مع تخلّل التكلّم ، كرواية سماعة بن مهران، (29) وصحيحة سعيد الأعرج، (30) وبعض ما سبق من الأخبار ، وما روى في التهذيب عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن زيد الشحّام ، قال : سألته عن الرجل _ إلى قوله _ : «وإن هو استيقن أنّه صلّى ركعتين أو ثلاثا ثمّ انصرف ، فتكلّم فلم يعلم أنّه لم يتمّ الصلاة ، فإنّما عليه أن يتمّ الصلاة ما بقيّ منها ، فإنّ نبيّ اللّه صلى الله عليه و آله صلّى بالنّاس ركعتين ، ثمّ نسي حتّى انصرف ، فقال له ذو الشمالين : يا رسول اللّه ، أَحَدَثَ في الصلاة شيء ؟ فقال : أيّها الناس ، أصدق ذو الشمالين ؟ فقالوا : نعم ، لم تصلِّ إلّا ركعتين ، فقام فأتمّ ما بقي من صلاته» . (31) وقد سبق صدر الحديث . وفي الفقيه في الصحيح عن عليّ بن النعمان الرازيّ ، قال كنت مع أصحاب لي في سفر وأنا إمامهم وصلّيت بهم المغرب ، فسلّمت في الركعتين الأوّلتين ، فقال أصحابي : إنّما صلّيت بنا ركعتين ، فكلّمتهم وكلّموني فقالوا : أمّا نحن فنعيد ، فقلت: لكنّي لا اُعيد وأتمّ بركعة ، ثمّ سرنا ، فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فذكرت له الذي كان من أمرنا ، فقال : «أنت كنت أصوب منهم فعلاً ، إنّما يعيد الصلاة من لا يدري ما صلّى ». (32) وعن القاسم بن بريد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة ، فسلّم وهو يرى أنّه قد أتمّ الصلاة وتكلّم ، ثمّ ذكر أنّه لم يصلّ ركعتين ، فقال : «يتمّ ما بقي من صلاته» ؛ (33) ولذلك قوّى في المبسوط البناء مع تخلل التكلّم ، واقتصر على اشتراط عدم تخلّل الحدث والاستدبار ونحوهما من نواقض الصلاة عمدا وسهوا ، حيث ذكر أوّلاً وجوب الإعادة مع التكلّم والاستدبار ، ثمّ قال : وفي أصحابنا من قال : إنّه إذا نقض عامدا لا ساهيا لم يكن عليه إعادة الصلاة ؛ لأنّ الفعل الذي يكون بعده في حكم السّهو ، ثمّ قال: وهو الأقوى عندى ، وسواء كان ذلك في صلاة الغداة أو المغرب أو صلاة السّفر أو غيرها من الرّباعيّات . (34) ويدلّ على ما اشترطه في المبسوط ما رواه في التهذيب في الصحيح عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : سأل عن رجل دخل مع الإمام في صلاته وقد سبقه بركعة ، فلمّا فرع الإمام خرج مع الناس ، ثمّ ذكر أنّه قد فاتته ركعة ، قال : «يعيدها ركعة [واحدة] يجوز له ذلك إذا لم يحوّل وجهه عن القبلة ، فإذا حوّل وجهه بكلّيّة فعليه أن يستقبل الصلاة استقبالاً» . (35) وروى الصدوق في الفقيه عن عبيد بن زرارة مثله بعينه . (36) وقال العلّامة في المختلف : «والأقرب عندي التفصيل ، فإن خرج المصلّي عن كونه مصلّيا بأن يذهب ويجيء أعاد ، وإلّا فلا ». (37) و يدلّ على ما ذهب إليه صحيحة ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلّى ركعتين ثمّ قام ، قال : «يستقبل» قلت : فما يروي الناس ؟ فذكر له حديث ذي الشمالين ،فقال : «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله لم يبرح من مكانه ، ولو برح استقبل» . (38) وخبر أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلّى ركعتين ، ثمّ قام فذهب في حاجته ، قال : «يستقبل الصلاة» ، فقلت : ما بال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لم يستقبل حين صلّى ركعتين ؟ فقال : «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله لم ينتقل من موضعه» . (39) ورواية يعقوب بن يزيد ، عن عليّ بن النعمان ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت : أجيء إلى الإمام وقد سبقني بركعة في الفجر ، فلمّا سلّم وقع في قلبي أنّي قد أتممت ، فلم أزل ذاكر اللّه حتّى طلعت الشمس ، فلمّا طلعت نهضت فذكرت أنّ الإمام قد سبقني بركعة ، قال : «فإن كنت في مقامك فأتمّ بركعة ، وإن كنت قد انصرفت فعليك الإعادة ». (40) ولا يبعد الجمع بين الأخبار بالقول بالتخيير بين البناء والإعادة فيما إذا تخلّل ما ينافي الصلاة ، كما يشعر به قوله عليه السلام : «إنّما كان يجزيك أن تقوم فتركع ركعة»، (41) فيما رواه المصنّف قبل ذلك في باب السّهو في الفجر والمغرب ، وقوله عليه السلام : «يجوز له ذلك إذا لم يحوّل وجهه عن القبلة» (42) في صحيحة محمّد بن مسلم المتقدّمة . والظاهر استحباب سجود السّهو في هذه المسألة ؛ لخلوّ أكثر أخبارها عنه ، بل ينفيه عموم الشيء المنفي في بعضها ، ولم يتعرّض الأكثر أيضا له . واعلم أنّه اختلف الأصحاب في سهو النبيّ صلى الله عليه و آله في العبادات وغيرها ممّا عدا تبليغ الرسالة ، فقد أنكره الشيخ قدس سرهمستندا بموثّق عبد اللّه بن بكير، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام : هل سجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله سجدتي السهو قطّ؟ فقال : «لا، ولا يسجدهما فقيه» . (43) وحمل أخباره على التقيّة؛ لموافقته لمذهب العامّة؛ متمسّكا بأنّه لم يكن في أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله رجل يقال له ذو الشمالين ، وقال : إنّما وضع حكايته العامّة ، ثمّ قال : «وإنّما ذكرناها في كتابنا ؛ لأنّ ما يتضمّنه من الأحكام معمول بها ». (44) ولا بعد فيما ذكره قدس سره ؛ لأنّ بعض العامّة كان له يد طولى في وضع الحديث ، بل كان ذا اليدين فيه ، ونقل طاب ثراه عن السيّد المرتضى رضى الله عنه أنّه قال في الذريعة : خبر ذي اليدين خبر خبيث باطل ، مقطوع على فساده ؛ لأنّه يتضمّن كذب النبيّ صلى الله عليه و آله وسهوه ، ثمّ قال: اشتماله على تكذيبه عليه السلام مبني على ما نقلوه : أنّه عليه السلام لمّا صلّى الظهر والعصر ركعتين قال له ذو اليدين : أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول اللّه ؟ فقال : «كلّ ذلك لم يكن» ، فقال ذو اليدين : بل بعض ذلك قد كان ، فأقبل على الناس فقال : «أصدق ذو اليدين؟» فقالوا نعم . (45) و اُجيب عن اشتماله على تكذيبه عليه السلام بأنّه عليه السلام إنّما أراد كلّ ذلك لم يكن في ظنّي ، ولو صرّح بذلك لم يكن كذبا . وقد بالغ الصدوق وشيخه محمّد بن الحسن بن الوليد في جوازه حتّى إنّه قال في الفقيه : إنّ الغلاة والمفوّضة _ لعنهم اللّه _ ينكرون سهو النبيّ صلى الله عليه و آله ، وادّعى أنّ سهوه ليس كسهونا ، إنّ سهونا من أنفسنا ومن الشيطان ، وسهوه من اللّه عزّ وجلّ ؛ ليعلم أنّه بشر مخلوق ، فلا يتّخذ ربّا معبودا ، وليعلم الناس لسهوه حكم، السّهو. وكذب من أنكر ذلك الرجل وهذا الخبر بأنّ الرجل معروف ، وهو أبو محمّد عمير بن عبد عمر ، والمعروف بذي اليدين ، وقد نقل عنه المخالف والموافق ، و قال : وقد أخرجت عنه أخبارا في كتاب وصف قتال القاسطين [بصفّين] وأنا أحتسب الأجر في تصنيف كتاب منفرد في إثبات سهو النبيّ صلى الله عليه و آله والردّ على منكريه إن شاء اللّه تعالى . (46) وحكى عن شيخه أنّه قال : «أوّل درجة من الغلوّ نفي السهو عنه ». وروى في كتاب العيون بإسناده عن أبي الصلت الهروي ، قال : قلت للرضا عليه السلام : إنّ في سواد الكوفة قوما يزعمون أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لم يقع عليه السّهو في صلاته ، قال: «كذبوا لعنهم اللّه ، إنّ الذي لا يسهو هو اللّه الّذي لا إله هو ». (47) وأمّا تبليغ الرسالة فقد أجمع أصحابنا على عدم جواز السهو عليه السلام فيه ، فقد قال الصّدوق : إنّ جميع الأحوال المشتركة يقع على النبيّ صلى الله عليه و آله فيها ما يقع على غيره ، وهو مستعبد بالصّلاة كغيره ممّن ليس بنبيّ، وليس كلّ من سواه بنبيّ كهو ، فالحالة التي اختصّ بها هي النبوّة ، والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة ؛ لأنّها عبادة مخصوصة ، والصلاة عبادة مشتركة وبها ثبتت له العبوديّة . (48) وفي الوافي : يستفاد من كتب العامّة أنّ ذا اليدين المذكور في حديث السهو يدعى بالخرباق بالخاء المعجمة والباء الموحّدة . وهذا لا ينافي ما قاله الصدوق رحمه الله من أنّ اسمه عمير ؛ لجواز أن يكون الخرباق لقبه . (49) وحكى طاب ثراه عن صاحب النقود (50) أنّه قال : «ذو اليدين لقب صحابي كان في يديه طول ، واسمه خرباق بكسر الخاء المعجمة والباء الموحّدة ». (51) والظاهر أنّ المراد بالفقيه في موثّقة زرارة المتقدّمة الأئمّة عليهم السلام ، وإلّا فلا ريب في وقوع السّهو عن غيرهم من الفقهاء ، وقد اختلف في جوازه عليهم أيضا ؛ لاشتراكهم معه عليهم السلام في المانع عنه ، وهو العصمة من اللّه سبحانه ، وقد ورد في تضاعيف الأخبار وقوع السهو عنهم في بعض العبادات ، فعلى قول الشيخ هو أيضا محمول على التقيّة ، واللّه تعالى يعلم حقيقة حال نبيّه ووليّه عليهم السلام . قوله في خبر سماعة : (من حفظ سهوه) إلخ [ح1 / 5180]، يعني من نسي فعلاً من أفعال الصلاة أو شكّ فيه ثمّ ذكره في وقته وأتى به في محلّه ، فليس عليه سجدتا السّهو ، ويفهم منه وجوبهما على من لم يحفظ ما نسيه في محلّه، فعلّله بسجدة النبيّ عليه السلام لذلك . قوله في حسنة الحلبيّ : (قال: يقول في سجدتي السهو) إلخ.[ح5 / 5184] قال طاب ثراه : «يجوز أن يعود ضمير «قال» إلى أبي عبد اللّه عليه السلام وضمير «يقول» إلى السّاهي ، وأن يعود الأوّل إلى الحلبيّ والثاني إلى أبي عبد اللّه عليه السلام ، وهو الأنسب بقوله ». وسمعته مرّة اُخرى يقول : «وقيل : السلام في قوله «السّلام عليك» من أسماء اللّه تعالى ، أي اللّه حفيظ عليك كما يقال : اللّه معك» . وقيل : من السلامة والنجاة ، كما في قوله تعالى : «فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ» . (52) وقيل : من الاستسلام ، أي الانقياد لك ، كما في قوله تعالى : «فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجا مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيما» (53) . (54) وبعض هذه الوجوه لا يتعدّى بعلى فيضمّن ما يتعدّى بها ، وهذه الوجوه تجري في السّلام من الصلاة أيضا . قوله في صحيحة سعيد الأعرج : (وكان يدعى ذا الشمالين) .[ح6 / 5185] قال طاب ثراه : هذا صريح في أنّ ذا اليدين وذا الشمالين واحد ، وقال جماعة من العامّة _ منهم الزهريّ _ : إنّهما اثنان معلّلاً بأنّ ذا اليدين من بني سليم وذا الشماليين خزاعيّ ، وصرّحوا بأنّ ذا اليدين قتل ببدر . (55)

.


1- . الاستبصار، ج 1، ص 378، ذيل الحديث 1435.
2- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 279 ؛ وج 7 ، ص 66 .
3- . الكافي ، باب ما يقطع الصلاة ، ح 9 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 323 _ 324 ، ح 1323 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 264، ح 687 ؛ و ج 7 ، ص 238 _ 239 ، ح 9215 .
4- . الكافي ، باب ما يقطع الصلاة ، ح 2 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 200 ، ح 783 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 404 ، ح 1541 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 239 ، ح 9217 .
5- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 285 .
6- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 85 .
7- . وسائل الشيعة ، ج 4 ، ص 373 ، ح 5430 .
8- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .
9- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
10- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
11- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 191 ، ح 756 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 378 ، ح 1434 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 200 ، ح 14018 .
12- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 351 ، ح 1456 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 206 ، ح 10433 .
13- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 286 .
14- . السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 198 ، ح 556 ، و ص 362 ، ح 1141 .
15- . الكافي في الفقه ، ص 148 .
16- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 374 .
17- . الفقيه ، ج 1 ، ص 347 .
18- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 398 .
19- . لم أعثر عليه في المقنع بهذه العبارة ، والموجود فيه هكذا : «وإن صلّيت ركعتين ثمّ قمت فذهبت في حاجة لك فأعد الصلاة ولاتبن على ركعتين» .
20- . الفقيه ، ج 1 ، ص 347 ، ح 1012 .
21- . الفقيه ، ج 1 ، ص 348 ، ح 1013 .
22- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 346 ، ح 1437 . ورواه أيضا في الاستبصار ، ج 1 ، ص 367 ، ح 1399 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 210 ، ح 10447 .
23- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 347 ، ح 1439 . ورواه أيضا في الاستبصار ، ج 1 ، ص 368 ، ح 1402 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 210 ، ح 10446 .
24- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 347 ، ح 1440 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 368 ، ح 1403 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 204 ، ح 10432 .
25- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 354 ، ح 1466 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 203 ، ح 10427 .
26- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 180 ، ح 825 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 198 ، ح 10415 .
27- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 350 ، ح 1451 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 200 ، ح 10421 .
28- . النهاية ، ص 90 .
29- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
30- . الحديث السادس من هذا الباب .
31- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 352 ، ح 1461 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 203 _ 204 ، ح 10430 .
32- . الفقيه ، ج 1 ، ص 437 ، ح 1011 . ورواه الشيخ في الاستبصار ، ج 1 ، ص 371 ، ح 1411 ؛ وتهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 181 ، ح 726 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 199 ، ح 10416 .
33- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 191 _ 192 ، ح 757 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 379 ، ح 1436 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 200 _ 201 ، ح 10422 .
34- . المبسوط ، ج 1 ، ص 121 .
35- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 184 ، ح 732 . ورواه أيضا في الاستبصار ، ج 1 ، ص 368 ، ح 1401 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 209 ، ح 10445 .
36- . الفقيه ، ج 1 ، ص 405 ، ح 1200 .
37- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 398 .
38- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 345 _ 346 ، ح 1434 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 200 ، ح 10420 .
39- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 346 ، ح 1435 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 201 ، ح 10423 .
40- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 183 ، ح 731 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 367 _ 368 ، ح 1400 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 209 ، ح 10444 .
41- . الحديث الثالث من ذلك الباب .
42- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 209 ، ح 10445 .
43- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 350 _ 351 ، ح 1454 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 202 ، ح 10426 .
44- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 351 ، ذيل الحديث 1454 .
45- . اُنظر : الذريعة ، ج 2 ، ص 554 .
46- . الفقيه ، ج 1 ، ص 359 _ 360 ، ذيل الحديث 1031 .
47- . عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 2 ، ص 219 ، الباب 46 ، ح 5 .
48- . الفقيه ، ج 1 ، ص 359 .
49- . الوافي ، ج 8 ، ص 957 .
50- . صاحب النقود هو محمّد بن محمود بن أحمد البابرتي أكمل الدين الحنفي ، ويقال : محمّد بن محمّد بن محمود ، صنّف النقود والردود شرحا لمختصر ابن الحاجب ، وشرح عقيدة نصير الدين الطوسي ، وشرح مشارق الأنوار للصغاني ، مات سنة 786ه . ق بمصر . الدرر الكامنة ، ج 14 ، ص 250 ، الرقم 686 ؛ كشف الظنون ، ج 2 ، ص 1854 ؛ الأعلام ، ج 7 ، ص 42 .
51- . لم أعثر عليه .
52- . الواقعة (56) : 91 .
53- . النساء (4) : 65 .
54- . اُنظر : شرح اُصول الكافي للمازندراني ، ج 11 ، ص 111 ؛ شرح سنن النسائي للسيوطي ، ج 3 ، ص 40 .
55- . اُنظر : عمدة القاري ، ج 4 ، ص 264 ؛ الاستيعاب ، ج 2 ، ص 475 ، الرقم 427 .

ص: 247

. .

ص: 248

. .

ص: 249

. .

ص: 250

. .

ص: 251

. .

ص: 252

. .

ص: 253

. .

ص: 254

. .

ص: 255

. .

ص: 256

باب من شكّ في صلاته كلّها ولم يدر أزاد أو نقص

باب من شكّ في صلاته كلّها ولم يدر أزاد أو نقص ، ومن كثر عليه السّهو في النافلة وسهو الإمام ومن خلفهفيه مسائل : الاُولى : من شكّ في الصلاة ولم يدر كم صلّى ، ركعة أو ركعتين أو ثلاثا فما فوقها ، فالمشهور بين الأصحاب بطلان صلاته، (1) وقد سبق ظهور كلام الصدوق في البناء على الأقلّ . ويدل على الأوّل صحيحة صفوان، (2) ومضمرة زرارة وأبي بصير، (3) وصحيحة ابن أبي يعفور . (4) وقال طاب ثراه: ويدلّ عليه أخبار اُخر غير مذكورة في الكتاب ، مثل صحيحة عليّ بن النعمان: «إنّما يعيد من لا يدري ما صلّى» ، وصحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلام، قال : سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فلا يدري صلّى شيئا أم لا، قال : «يستقبل»، (5) والأخبار الدالّة على أنّ الشكّ في الاُوليين مبطل ، (6) ولعدم إمكان البناء على شيء إذا لم يعلم شيئا أصلاً ، والبناء على ما هو المعلوم من النيّة والتكبير بعيدٌ جدّا ، مع علمه بأنّه قد فعل شيئا . وبالجملة ، الأخبار الصحيحة والإجماع والاعتبار أدلّة على بطلان الصلاة في هذا الفرض ، فيجب تأويل ما دلّ على خلافه كصحيحة عليّ بن يقطين في التهذيب والاستبصار ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلّى ، واحدة أم اثنتين ، قال : «يبني على الجزم ، ويسجد سجدتي السهو ، ويتشهّد تشهّدا خفيفا ». (7) والشيخ أوّله بأن حمل البناء على الجزم على الإعادة ، وحمل السجود على الاستحباب . وأورد عليه الفاضل الأردبيليّ (8) بانّ الإعادة لا يسمّى بناء ، واستحباب السجود على تقدير البطلان بعيد ، ثمّ أوّله بوجهين : الأوّل : أنّ المراد بالصّلاة النافلة ، وبالبناء على الجزم البناء على الواحدة ، والسجود لاحتمال الزيادة . الثاني : أن المراد بالصلاة الفريضة ، لكن إذا ظنّ بالواحدة ، ويمكن حمله على صورة كثرة الشكّ وعلى التقيّة ؛ لأنّه موافق لمذهب أكثر العامّة ورواياتهم ، فقد روى مسلم بإسناده عن أبي هريرة : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : إنّ أحدكم إذا جاء يصلّي جاءه الشيطان فيلبّس عليه حتّى لا يدري كم صلّى ، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس ». (9) وعنه أيضا أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «إذا نودي بالأذان أدبر الشيطان له ضراط حتّى لا يسمع الأذان ، فإذا قُضي الأذان أقبل ، فإذا ثوّب بها أدبر ، فإذا قضي التثويب أقبل حتّى يخطر بين المرء ونفسه يقول : اذكر كذا ، اذكر كذا حتّى يظلّ الرجل إن يدري كم صلّى ، فليسجد سجدتين وهو جالس» . (10) قال عياض في شرح هذا الحديث : وأمّا من لم يدركم صلّى ، واحدة أو أكثر ولم تتقدّم له يقين في إكمال صلاته ، فقال مالك والأكثر : يبني على يقين ويطرح الشكّ ، ثمّ يسجد للسّهو قبل السّلام . وقال الحسن وطائفة : من لم يدركم صلّى يعيد مرّة بعد اُخرى حتّى يتيقّن الأكثر . وقال بعضهم : يعيد ثلاث مرّات ، فإن شكّ في الرابعة فلا إعادة عليه . (11) الثانية : كثير السهو . الظاهر بالنظر إلى الأخبار أن مراد المصنّف من كثرة السّهو المعنى العام الشامل لكثرة الشكّ وكثرة النّسيان ، وذهب أكثر الأصحاب إلى عدم اعتبار الشكّ مع كثرته مطلقا ، بمعنى أنّه لا يلتفت إلى ما شكّ فيه من فعل أو ركعة ، بل يبني على وقوعه وإن كان في محلّه حتّى لو فعله بطلت الصلاة ، إلّا أن يستلزم الزيادة ، فيبني على المصحّح . ويدلّ عليه مضمرة أبي بصير (12) وصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ، (13) ورواية ابن سنان، عن غير واحد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك». (14) وفي الفقيه عن الرضا عليه السلام : «إذا كثر عليك السهو في الصلاة فامضِ في صلاتك ولا تعد» . (15) قال طاب ثراه : قد استفيد من هذه الأخبار البناء على فعل ما شكّ فيه ، وهو مذهب أكثر علمائنا ، منهم العلّامة حيث قال في النهاية : «لا حكم للسّهو إذا كثر وتواتر ، بل يبني على وقوع ما شكّ فيه »، (16) وقال الفاضل الأردبيليّ: «الاحتياط البناء على الأقلّ »، (17) وهو مخيّر بينه وبين البناء على الأكثر . وكذا ذهبوا إلى عدم اعتبار النسيان مع كثرته بمعنى أنّه لا سجدة للسّهو عليه لو فعل ما يوجبه ، لكن لو ترك فعلاً وذكره في محلّه استدركه . ولو زاد أو نقص ركنا أعاد الصلاة على ما صرّح به بعض . ويدل على عدم اعتباره أكثر ما ذكر من الأخبار؛ لشمول السهو له أيضا ، لكن ظاهر التعليل الذي ورد فيها سقوط أحكام الشكّ والسّهو جميعا مع الكثرة حتّى الاحتياط وسجود السهو والإعادة فيما يوجب زيادة الركن ونقصانه ، فلا وجه لما ذكرهُ المحقّق الأردبيليّ على ما نقل عنه والدي من قوله : «الظاهر أنّ المراد بالسّهو في هذه الأخبار الشكّ الموجب للإعادة أو التلافي قبل محلّه ؛ لأنّه أمر بالمضي في الصلاة »، (18) يعني لا يترك الصلاة على الأوّل ، ولا يرجع إلى مقتضاه على الثاني ، فهذه الأخبار إنّما تدلّ على عدم بطلان الصلاة وعدم الرجوع إلى المشكوك فيه مع عدم فوات محلّه بعد الكثرة ، لا على سقوط الاحتياط أيضا لو اقتضاه الشكّ الكثير ؛ للأدلّة الدالّة على وجوبه مطلقا مع عدم التعارض بينها وبين هذه الأخبار ، ولا لما نقله صاحب المدارك عن بعض الأصحاب وعدّه أظهر ، حيث قال : وهل تؤثّر الكثرة في سقوط سجدات السّهو ؟ قيل : نعم ، وهو خيرة الذكرى (19) ؛ دفعا للجرح . وقيل : لا ، و هو الأظهر ؛ لأنّ أقصى ما يدلّ عليه الروايات المتقدّمة وجوب المضي في الصلاة وعدم الالتفات إلى الشكّ ، فتبقى الأوامر المتضمّنة للسجود بفعل موجبه سالمة من المعارض ». (20) وعموم الصلاة فيها يشمل صلاة الاحتياط ، فلا حكم للشكّ مع الكثرة فيها أيضا . ويحتمل أن لا يعتبر فيها في المرّة الاُولى ؛ لما سنذكره في مسألة السّهو في السّهو . قال طاب ثراه : ثمّ سقوط حكم الشكّ بعد الكثرة هل هو حتمي أو رخصة وتخفيف ؟ ذهب طائفة إلى الأوّل ؛ لحمل الأمر بالإمضاء والنهي عن الإعادة على الوجوب والتحريم ، فهذه الأخبار تخصّص الأدلّة الدالّة على وجوب التدارك والإعادة حتّى قال العلّامة في النهاية : «لو سها فيالقراءة وهو قائم أو في سجدة وهو جالس وقد بلغ حدّ الكثرة لم يلتفت ، فإن تدارك احتمل البطلان ؛ لأنّه فعل ما ليس من الصلاة فيها »، (21) ونقل عن بعض الأصحاب أنّ التلافي بعد الكثرة مبطل ؛ لأنّه زيادة منهيّة ، ولو علم بعده أنّه كان متروكا وفعله وقع في محلّه . وقال الفاضل الأردبيليّ إلى الثاني ، وقال : «الجمع بين الأخبار بهذا الوجه أولى من التخصيص ». (22) ولا يرد عليه : أنّ الزيادة فعل كثير وهو مبطل ؛ لأنّ المبطل هو الفعل الكثير الذي يخرج به المصلّي عن كونه مصلّيا، وليس بظاهر يحقّقه في كلّ زيادة . وينبغي القول في حدّ الكثرة ، فقال صاحب المدارك : واختلف الأصحاب فيما يتحقّق به الكثر ، فقال الشيخ في المبسوط: «قيل : حدّه أن يسهو ثلاث مرّات متوالية ». (23) وبه قال ابن حمزة ، (24) وقال : حدّه أن يسهو في شيء واحد أو في فريضة واحدة ثلاث مرّات ، فيسقط بعد ذلك حكم السهو في الفريضة الرابعة . وأنكر في المعتبر هذا القول ، وقال : «إنّه يجب أن يطالب هذا القائل بمأخذه ، فإنّا لا نعلم لذلك أصلاً في لغة ولا شرع »، (25) والأصحّ ما اختاره المصنّف _ يعني المحققّ _ من الرجوع في ذلك إلى العادة ؛ لأنّها المحكّمة فيما لا يرد عليه تقدير من الشارع. لا يقال : قد روى ابن بابويه في الصحيح عن محمّد بن أبي عمير ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال : «وإذا كان الرجل ممّن يسهو في كلّ ثلاث فهو ممّن يكثر عليه السهو» ، (26) وليس المراد ب«كلّ» الدّوام قطعا ، وإلّا لم يتحقّق الكثرة ؛ لأنّ الصلاة المتعاقبة داخلة في حيّز «كلّ» إلى انقضاء تكليف المصلّي ، بل المراد أنّه لا يسلم للمصلّي ثلاث بغير سهو ، فيكون ذلك تقديرا شرعيا للكثرة ، فلا يتّجه الرجوع فيها إلى العادة . لأنّا نقول : أقصى ما تدلّ عليه [الرواية] تحقّق الكثرة بذلك ، وهو مطابق للعرف لا حصر الكثرة في هذا المعنى . قال في الذكرى : ويظهر من قوله في حسنة حفص بن البختريّ : «ولا على الإعادة إعادة» (27) إنّ السهو يكثر بالثانية ، إلّا أن يقال : يختصّ بموضع وجوب الإعادة ، وهو كذلك ، إلّا أنّي لا أعلم بمضمونها قائلاً . (28) انتهى عبارة المدارك . ويظهر من بعض الأخبار تحقق الكثرة بكثرة متعلّق شكّ واحد، ولا بعد فيه ، لكن لم أجد قائلاً به ، رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن عليّ بن أبي حمزة _ والظاهر أنّه الثماليّ _ عن العبد الصّالح عليه السلام ، قال : سألته عن رجل يشكّ فلا يدري أواحدة صلّى أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا ، يلتبس عليه صلاته، قال : «كلّ ذا ؟» قلت : نعم ، قال : «فليمض في صلاته ويتعوّذ باللّه من الشيطان الرجّيم، فإنّه يوشك إن يذهب عنه ». (29) وحمله تارة على النوافل ، واُخرى على من تحقّق كثرته قبل ذلك ؛ لما سبق منه بطلان الصلاة إذا تعلّق الشكّ بالواحدة والاثنتين، ولخصوص صحيحة ابن أبي يعفور ، (30) ولا قائل بالتخيير . وأمّا انقطاع حكم الكثرة فيحتمل تحقّقه بعدم السهو في صلاة واحدة ، ويحتمل تحقّقه في الثلاث كذلك والرابعة ، وذهب إلى كلّ فريق . (31) الثالثة : السهو في النافلة . لو سها فيها بما يوجبُ سجدة السهو في الفريضة لم يجب عليه السجود ؛ لمرسلة يونس (32) وصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام، (33) وخبر الحسن بن زياد الصيقل (34) عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرّجل يصلّي الركعتين من الوتر ، يقوم فينسى التشهّد حتّى يركع، فيذكر وهو راكع ، قال : «يجلس من ركوعه فيتشهّد ، ثمّ يقوم فيتمّ» ، قال : قلت : أليس قلت في الفريضة : «إذا ذكر بعدما يركع مضى ، ثمّ سجد سجدتين بعد ما ينصرف ويتشهّد فيهما» ؟ قال : «ليس النافلة مثل الفريضة» . (35) ويؤيّدهما صحيحة عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ ، قال : سألته عن رجل سها في ركعتين من النافلة ، فلم يجلس بينهما حتّى قام فركع في الثالثة ، قال : «يدع ركعة ويجلس ويتشهّد ويسلم، ثمّ يستأنف الصلاة بعد ». (36) وقال الشيخ في الخلاف : «لا سهو في النافلة ، وبه قال ابن سيرين . وقال باقي الفقهاء : حكم النافلة حكم الفريضة فيما يوجب السهو ». (37) واستدلّ على المذهب المختار بإجماع الفرقة ، وأصالة البراءة ، ثمّ قال: «وأخبارنا في هذا الباب أكثر من أن تحصى ». (38) والشاكّ في عدد ركعاتها مخيّر بين البناء على الأقلّ والأكثر ، فالأوّل أفضل ، أمّا جواز الأوّل فلأنّه المتيقّن ، وأمّا الثاني فقال المحقّق في المعتبر : «إنّه متّفق عليه بين الأصحاب ». (39) وفي المدارك : واستدلّ عليه بأنّ النافلة لا تجب بالشروع ، فكان للمكلّف الاقتصار على ما أراد ، وهو ضعيف ؛ إذ ليس الكلام في جواز القطع ، وإنّما هو في تحقّق الامتثال بذلك ، وهو يتوقّف على الدليل ؛ إذ مقتضى الأصل عدم وقوع ما تعلّق به الشكّ . (40) أقول : ويؤيّد ما ذكره من الضعف ما روي أنّه يبني على الأقلّ على ما نقله المصنّف . الرابعة: سهو الإمام والمأموم . لو سها الإمام خاصّة انفرد بمقتضاه من السجود له أو التلافي ، ولا يجب على المأموم متابعته ؛ لأنّهما إنّما وجبا على الإمام لمعنى لم يوجد في المأموم ، فليس عليه شيء ، والمتابعة إنّما تجب عليه في أفعال الصلاة ؛ لما رواه الشيخ عن عمّار السّاباطيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يدخل مع الإمام و قد صلّى الإمام للإمام ركعة أو أكثر ، فسها الإمام ، كيف يصنع الرجل ؟ قال : «إذا سلّم الإمام يسجد سجدتي السّهو ، ولا يسجد الرجل الذي دخل معه ، وإذا قام، وثنى على صلاته وأتمّها وسلّم سجد الرجل سجدتي السّهو ». (41) وفي الصحيح عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال : سألته عن رجل يصلّي خلف إمام لا يدري كم صلّى ، هل عليه سهو ؟ قال : «لا» . (42) نعم ، لو تعدّد المأمومون وحفظوا كلّهم يبني الإمام على حفظهم في عدد الركعات وبالعكس ؛ لمرسلة يونس . (43) ولو اختصّ السهو بالمأموم اختصّ بالعمل بمقتضاه ؛ لاختصاصه بالسبب ، ويجب عليه ذلك، وليس حفظ الإمام مسقطا لحكم السّهو عنه ؛ لفعله السبب فيجب المسبّب . ولما رواه الشيخ من صحيحة عبد الرّحمان بن الحجّاج ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلّم ناسيا في الصلاة يقول : أقيموا صفوفا ، قال : «يتمّ صلاته ثمّ يسجد سجدتين» ، (44) الحديث ، فإنّ الظاهر أن القائل مأموم . وعن منهال القصّاب ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أسهو في الصلاة وأنا خلف الإمام، فقال : «إذا سلّم فاسجد سجدتين ولا تهب» ، (45) أي لا تخف من العامّة حيث قالوا بسقوط سجود السهو عن المأموم . وفي الوافي : إنّه من الهيبة بمعنى الاحتشام ، بمعنى أنّه لا تحتشم من السجدة ، فإنّه لا عار في السجدة . (46) وربّما قرئ : «ولا تهبّ» بتشديد الباء من هبّه هبّا وهبّةً ، بمعنى قطعه، أي لا تقطع الصلاة لذلك السهو ، بل اسجد له. وفي الموثّق عن عمّار السّاباطيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل سها خلف الإمام فلم يفتتح الصلاة ، قال يعيد الصلاة، ولا صلاة بغير افتتاح» . (47) وفي الموثّق عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : قلت له : أيضمن الإمام الصلاة ؟ قال : «ليس بضامن». (48) وفي الصحيح عن معاوية بن وهب ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أيضمن الإمام صلاة الفريضة ؟ فإنّ هؤلاء يزعمون أنّه يضمن ، فقال : «لا يضمن ، أيّ شيء يضمن؟ إلّا أن يصلّي بهم جنبا أو على غير طهر» . (49) وعن الحسين بن بشير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنّه سأله رجل عن القراءة خلف الإمام ، فقال : «إنّ الإمام ضامن للقراءة، وليس يضمن الإمام صلاة الذين خلفه ، إنّما يضمن القراءة» . (50) ويدلّ على الحكمين جميعا قوله عليه السلام في مرسلة يونس : «فإذا اختلف على الإمام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط الإعادة والأخذ بالجزم» . (51) وما ذكر هو المشهور بين الأصحاب . وقال الشيخ قدس سره في الخلاف : إذا سها خلف من يقتدي به تحمّل الإمام عنه سهوه ، وكان وجوده كعدمه . وبه قال جميع الفقهاء ، وروي ذلك عن ابن عبّاس . وقال إسحاق : هو إجماع إلّا ما حكي عن مكحول الشاميّ أنّه قال : إن قام مع قعود إمامه سجد للسهو ، (52) _ ثمّ احتجّ على ما ذهب إليه بالإجماع _ ، وقال : قول مكحول لا يعتدّ به ؛ لأنّه محجوج به ، ثمّ إنّه مع ذلك قد انقرض . (53) وعن السيّد المرتضى أنّه قال في المصباح : «ليس على المأموم إذا سها سجدتا السهو». (54) واحتجّوا عليه بمرسلة يونس، (55) وحسنة حفص، (56) وبقوله عليه السلام : «الإمام يحمل أوهام من خلفه إلّا تكبيرة الافتتاح» في خبر محمّد بن سهل . (57) ويؤيّدهما موثّقة عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل ينسى و هو خلف الإمام أن يسبّح في السجود أو في الركوع أو ينسى أن يقول بين السجدتين شيئا ، فقال : «ليس عليه شيء» . (58) وخبر عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل سها خلف إمام بعدما افتتح الصلاة ، فلم يقل شيئا ولم يكبّر ولم يسبّح ولم يتشهّد حتّى يسلّم، فقال : «جازت [صلاته]» . (59) وما رواه العامّة عن عمر بن الخطاب أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «ليس على من خلف الإمام سهو ، والإمام كافله» . (60) وخصّص هذه الأخبار بما إذا شكّ المأموم في عدد الركعات مع حفظ الإمام ، ولو اُبقيت على ظاهرها من العموم فالظاهر أنّها وردت على التقيّة . بقى هنا مسألة رواها المصنّف في الباب ولم يذكرها في العنوان ، وهو السهو في السهو ، والمشهور أنّه لا أثر له ، وفسّر بأمرين : أن يسهو عن السهو ، فيقول : لا أدري هل سهوت أم لا ؟ أو يسهو في ما يوجبه السهو ، كما لو شكّ هل أتى بسجدة من سجدتي السهو أو بهما ، فإنّه يبني على أنّه فعل ما شكّ فيه ، وكما لو شكّ في عدد الرّكعتين المنسيّتين أو الاحتياط، فيبني على فعل ما شكّ فيه أو على الأقلّ على احتمال ، وعدّ الثاني في المنتهى أقرب ، (61) ووجّهه الفاضل الأردبيليّ بأنّه مناسب لقوله عليه السلام : «ولا على الإعادة إعادة»، وأنّ للثاني فائدة ليست للأوّل . (62) واعلم إن كلّاً من السّهوين يحتمل النّسيان والشكّ ، فالاحتمالات أربعة : أحدها : حملها على النّسيان ، والظاهر أنّه حينئذٍ لا سجدة للسّهو إذا ترك في موجبه ما يوجبها في الصلاة الأصليّة ، كأن ترك سجدة واحدة منه لا مطلقا ، فلو ترك ركعة من الركعتين المنسيّتين وجب تداركها عليه . واحتمال العموم بعيد . والثاني : إرادة الشكّ منهما ، فلو شكّ في عدد ركعتي الاحتياط لا يلتفت إليه ، بل يبني على وقوعه ، إلّا أن يستلزم الزيادة [البطلان] (63) فيبني على المصحّح . والثالث : حمل الأوّل على الترك نسيانا ، والثاني على الشكّ، بمعنى أنّه لو ترك نسيانا في موجب الشكّ ما يوجب سجود السهو سقط ذلك السجود عنه لا مطلقا ، فلو ترك ركعة من الاحتياط فعله. والرابع : عكسه فيبني على وقوع ما شكّ فيه . وفي المدارك : وأكثر هذه الأحكام مطابق لمقتضى الأصل . نعم يمكن المناقشة في الحكم بالبناء على وقوع الفعل المشكوك فيه إذا كان في محلّه ، لعدم صراحة الرواية في ذلك ، وأصالة عدم فعل ما تعلّق به الشكّ ، وإن كان المصير إلى ما ذكروه غير بعيد . (64) وقوله عليه السلام : «ولا على الإعادة إعادة» (65) الظّاهر أنّه تأكيد لعدم السّهو في السّهو بمعنى أنّه لو سها في موجب السّهو الذي يوجب الإعادة ما يوجبها لا يعتدّ به ولا يعيد . وقال طاب ثراه : قال الفاضل الأردبيليّ : لعلّ المراد نفي استحباب الإعادة ثانيا في موضع استحبّ فيه الإعادة ، كمن صلّى منفردا ثمّ أعاده مع الجماعة استحبابا فلا يعيد مرّة اُخرى . ويحتمل أن يكون المراد أنّه على تقدير الإعادة لقصور أولشكّ أو سهو، أو عدم طهارة ثوب لا يوجب مثله الإعادة أو يوجب ، لا ينبغي الإعادة إلّا مع الموجب . (66) فجميع مواضع السّهو هذا إلى الباب من كلام المصنّف فرّعه على ما ذكره في الأبواب السابقة ، وقد خالف في بعض المواضع ما يستفاد ممّا تقدّم من الأخبار ، وما اشتهر بين الأصحاب ، وقد حقّقنا القول في موجبات سجدة السّهو وفي السهو في التشهّد وفي الشكّ في الاثنتين والأربع وما ذكره بعده .

.


1- . اُنظر : مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 379 .
2- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
3- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
4- . الحديث الثالث من هذا الباب .
5- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 189 ، ح 748 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 227 ، ح 10493 .
6- . تقدّمت رواياته في باب السهو في الركعتين الأوّلتين .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 187 ، ح 745 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 373 ، ح 1420 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 227 ، ح 10494 .
8- . مجمع الفائدة ، ج 3 ، ص 100 .
9- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 82 _ 83 ، باب السهو في الصلاة والسجود له . ورواه أحمد في مسنده ، ج 2 ، ص 241 و 273 و 283 و 284 ؛ والبخاري في صحيحه ، ج 2 ، ص 67 ؛ و أبو داود في سننه ، ج 1 ، ص 232 ، ح 1030 .
10- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 83 . ورواه الدارمي في سننه ، ج 1 ، ص 350 _ 351 ؛ والبخاري في صحيحه ، ج 1 ، ص 151 ؛ و ج2 ، ص 67 .
11- . اُنظر : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 5 ، ص 57 _ 58 ؛ عمدة القاري ، ج 7 ، ص 312 .
12- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
13- . الحديث الثامن من هذا الباب .
14- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 343 ، ح 1423 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 228 ، ح 10497 .
15- . الفقيه ، ج 1 ، ص 339 ، ح 988 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 229 ، ح 10500 .
16- . نهاية الإحكام ، ج 1 ، ص 533 .
17- . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 3 ، ص 146 .
18- . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 3 ، ص 142 .
19- . الذكرى ، ج 4 ، ص 57 .
20- . مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 272 .
21- . نهاية الإحكام ، ج 1 ، ص 533 .
22- . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 3 ، ص 146 .
23- . المبسوط ، ج 1 ، ص 122 .
24- . الوسيلة ، ص 102 .
25- . المعتبر ، ج 2 ، ص 394 .
26- . الفقيه ، ج 1 ، ص 339 ، ح 990 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 229 ، ح 10501 .
27- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 344 ، ح 1428 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 243 ، ح 10542 .
28- . مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 272 _ 274 .
29- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 374 ، ح 1421 . ورواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 350 ، ح 1022 . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 228 _ 229 ، ح 10498 .
30- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 187 ، ح 743 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 373 ، ح 1418 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 226 ، ح 10490 .
31- . اُنظر : مفتاح الكرامة ، ج 9 ، ص 446 _ 448 .
32- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
33- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
34- . في هامش الأصل: «والطريق إليه صحيح ، منه ره».
35- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 189 _ 190 ، ح 751 . ورواه الكليني في باب صلاة النوافل ، ح 22 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 404 _ 405 ، ح 8292 .
36- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 189 ، ح 750 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 231 ، ح 10507 .
37- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 161 .
38- . الخلاف ، ج 1 ، ص 465 _ 466 .
39- . المعتبر ، ج 2 ، ص 395 _ 396 .
40- . مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 274 .
41- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 353 _ 354 ، ح 1466 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 241 ، ح 10539 .
42- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 350 ، ح 1453 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 239 _ 240 ، ح 10533 .
43- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
44- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 191 ، ح 755 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 206 ، ح 10435 .
45- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 353 ، ح 1464 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 241 ، ح 10538 .
46- . الوافي ، ج 8 ، ص 994 ، وفيه : «لا عار في السهو» .
47- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 353 _ 354 ، ح 1466 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 241 ، ح 10539 .
48- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 279 ، ح 819 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 353 _ 354 ، ح 10881 .
49- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 277 _ 278 ، ح 813 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 373 ، ح 10937 .
50- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 279 ، ح 820 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 353 ، ح 10880 .
51- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 54 ، ح 187 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 242 _ 243 ، ح 10540 .
52- . بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 157 ؛ المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 143 .
53- . الخلاف ، ج 1 ، ص 464 ، المسألة 206 .
54- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 394 ؛ والعلّامة في منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 37 ؛ ومثله قال في جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 41) .
55- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
56- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
57- . الفقيه ، ج 1 ، ص 406 ، ح 1206 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 144 ، ح 563 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 14 ، ح 7223 ؛ وج 8 ، ص 240 ، ح 10534 .
58- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 278 ، ح 816 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 240 ، ح 10536 .
59- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 278 ، ح 817 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 240 ، ح 10537 .
60- . سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 365 ، ح 1398 .
61- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 29 .
62- . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 3 ، ص 135 .
63- . زيادة منّا لتقويم المعنى .
64- . مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 269 .
65- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 243 ، ح 10542 .
66- . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 3 ، ص 135 .

ص: 257

. .

ص: 258

. .

ص: 259

. .

ص: 260

. .

ص: 261

. .

ص: 262

. .

ص: 263

. .

ص: 264

. .

ص: 265

. .

ص: 266

. .

ص: 267

. .

ص: 268

باب ما يقبل من صلاة الساهي

باب ما يقبل من صلاة الساهيلا خلاف في أنّ الصلاة إذا كانت مع شرائطها تكون مجزية مسقطة للقضاء ، وأمّا قبولها فهو تابع لتوجّه النّفس والإقبال إليها والاشتغال بها غيرها ، والتذكّر للمعبود والتوجّه بشراشره إليه تعالى شأنه ، والغفلة عمّا سواه ، وللتنبيه على ذلك التفت سبحانه عن الغيبة إلى الخطاب في «إيّاك نعبد» (1) للإشارة إلى أنّ الحامد والعابد ينبغي أن يتوجّه إلى المعبود والمحمود بحيث كلّما ذكر وصفا من أوصافه تعالى ازداد توجّهه إليه سبحانه إلى أن يصل في مقام القرب إليه جدّا كأنّه يشاهده ويراه فيخاطبه، ومختلفة في الحسن والقبول باختلاف التوجّهات القلبيّة ، ولمّا كان في الغالب ثلث الصلاة مقبولة لحصول شرائط قبولها جعلت النافلة مثلي الفريضة ؛ ليكون الثلث المقبول من تلك تداركا للثلثين¨ الغير المقبولين من هذه .

.


1- . الفاتحه (1) : 5 .

ص: 269

باب ما يقطع الصلاة من الضحك والحدث و

باب ما يقطع الصلاة من الضحك والحدث والإشارة والنسيان وغير ذلكالغرض من وضع الباب بيان التروك الواجبة في الصلاة ، وصرّح ببعض منها في العنوان وأجمل الباقي ، وذكر أخبارَ بعضها في الباب وترك البواقي ؛ لأنّه قد ذكرها في الأبواب المتفرّقة ، وهي كثيرة : منها : الضحك المشتمل على الصوت الّذي يعبّر عنه بالقهقهة ، وتبطل لها الصلاة إذا وقعت عمدا ، وهو مذهب أهل العلم على ما ذكر في المنتهى . (1) وقال المحقّق الشيخ عليّ : «ولولم يملك نفسه فالظاهر البطلان أيضا . نعم ، لا يأثم ». (2) وأمّا التبسّم _ وهو الضحك الذي لا صوت معه _ فلا يبطل الصلاة ، بل هو مكروه. ويدلّ عليهما مضمرة زرعة عن سماعة على ما في بعض النسخ ومضمرة سماعة . (3) وفي الفقيه : وقال الصّادق عليه السلام : «لا يقطع التبسّم الصلاة وتقطعها القهقهة، ولا تنقض الوضوء ». (4) وعلى الأوّل خاصّة حسنة زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام . (5) وروى الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «من قهقه فليعد صلاته» . (6) وعن جابر بن عبد اللّه أنّه صلى الله عليه و آله قال : «القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة» . (7) ومنها : الرعاف، وفي حكمه خروج الدم من أيّ عضو ، وهو غير مبطل للصلاة في نفسه ، بل إنّما تجب إزالته مهما أمكن من غير أن يصدر منه ما يبطلها من الانصراف عن القبلة والتكلّم والفعل الكثير . وفي المنتهى : «ذهب إليه علماؤنا ». (8) ويدلّ عليه حسنة الحلبيّ، (9) وصحيحة محمّد بن مسلم، (10) وموثّقة سلمة أبي حفص، (11) وصحيحة معاوية بن وهب البجليّ ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرعاف ، أينقض الوضوء ؟ قال : «لو أنّ رجلاً رعف في صلاته فكان عنده ماء أو من يشير إليه بماء ، فتناوله فقال برأسه فغسله، فليبن على صلاته لا يقطعها» . (12) وصحيحة إسماعيل بن عبد الخالق ، قال: سألته عن الرجل يكون في جماعة من القوم [يصلّي المكتوبة فيعرض ليه رعاف، كيف يصنع؟ قال: «يخرج فإن وجد ماء قبل أن يتكلّم فليغسل الرعاف ثمّ ليعد فليبن على صلاته»]. (13) فأمّا خبر أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «لا تقطع الصلاة إلّا رعاف أو رزّ (14) في البطن ، فبادروا بهنّ ما استطعتم» ، (15) وصحيحة عليّ بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرعاف والحجامة والقيء ، قال : «لا ينقض هذا شيئا من الوضوء ولكن ينقض الصلاة» ، (16) وما سيأتي عن عليّ بن جعفر محمولة على دم يحتاج إزالته إلى احد ما ذكر. واحتمل في المنتهى حملها على الاستحباب ، (17) وفي الاستبصار (18) حملها على التقيّة ؛ لأنّ كثيرا من العامة يقولون بنقضه للوضوء المتتبّع لبطلان الصلاة . وظاهر الفتاوى والأخبار وجوب الإزالة مهما أمكن وإن قلّ عن الدرهم ، ولا يبعد تقييدهما بما زاد عنه ؛ لما دلّ عن العفو عن مقدار الدرهم منه ، وقد سبق . ويشعر به لفظ السيلان في صحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام ، قال: سألته عن الرجل يكون به الثؤلول وهو في صلاته أو نيتف بعض لحمه من ذلك الجرح ويقدحه ، قال : «إن لم يتخوّف أن يسيل الدم فلا بأس ، وإن تخوّف أن يسيل الدم فلا يفعله» . وعن الرجل يكون في صلاته فرماه رجل فشجّه ، فسال الدم ، فانصرف فغسله ولم يتكلّم حتّى رجع إلى المسجد ، هل يعتدّ بما صلّى أو يستقبل الصلاة؟ قال : «يستقبل الصلاة ولا يعتدّ بشيء ممّا صلّى» . (19) وإنّما تجب إزالة الرعاف إذا خرج من الأنف ، وأمّا لو كان في باطنه فلا يجب عليه شيء ، كما يدلّ عليه الحسنة الثانية عن الحلبيّ . (20) وفي حكم الرّعاف القيء في عدم النقص ، لكن هو طاهر لا يحتاج إلى تنظيفه في الصلاة كما هو ظاهر بعض ما اُشير إليه من الأخبار . ومنها : الحدث . ولا خلاف بين أهل العلم في إبطاله للصلاة إذا وقع عمدا في أيّ جزء من الصلاة ، إلّا ما حكاه في المنتهى (21) عن أبي حنيفة (22) من عدم بطلانها به لو وقع عقيب قعوده قدر التشهّد بناء على عدم وجوب التشهّد عنده . وأمّا الناسي ومن سبقه الحدث فالمشهور بين الأصحاب وجوب استئناف الصلاة عليه مطلقا ، وبه قال الشافعيّ في الجديد، ومالك وأحمد في إحد[ى] الروايتين عنه . (23) وقال الشيخ في الخلاف : «إذا سبقه الحدث ففيه روايتان : إحداهما يعيد الصلاة ، والاُخرى يعيد الوضوء ويبني على صلاته ، والذي أعمل عليه واُفتي به الرواية الاُولى » (24) ومثله قال في المبسوط (25) إلّا أنّه جعل الاُولى أحوط ، وقد سبق عن الشيخ أنّ المتيمّم منه مع وجدان الماء يتوضّأ ويبني . (26) وعن ابن أبي ليلى وأحمد في رواية اُخرى والشافعيّ في القديم أنّه يتوضّأ ويبني على صلاته . وعن الثوريّ : إذا كان حدثه من رعاف أو فيء توضّأ وبنى ، وإن كان من بول أو ريح أو ضحك أعاد الوضوء والصلاة . وعن أحمد : إن كان حدثه من السبيلين أعاد الوضوء [و] الصلاة ، وإن كان من غيرهما بنى. وعن أبي حنيفة : إن كان منيّا بطلت صلاته ، وإن كان دما فإن كان بغير فعله مثل أن شجّه إنسان أو فسده بطلت صلاته ، وإن كان بغير فعل إنسان _ كالرعاف _ لم تبطل صلاته . (27) والدليل على ما ذكرنا رواية أبي بكر الحضرميّ ، (28) وما رواه الشيخ عن الحسن (29) بن الجهم ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل صلّى الظهر والعصر فأحدث حين جلس في الرابعة ، فقال : «إن كان قال : أشهد أن لا إله الّا اللّه وأنّ محمّدا رسول اللّه فلا يعد ، وإن كان لم يتشهّد قبل أن يحدث فليعد» . (30) وعن عمّار، (31) عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «في الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حبّ القرع فليس عليه شيء ولم ينقض وضوءه ، وإن كان متلطّخا بالعذرة فعليه أن يعيد وضوءه، وإن كان في صلاته قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة» . (32) وروى الجمهور عن عليّ بن طلق، عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «إذا فسا أحدكم وهو في الصلاة فلينصرف وليتوضّأ وليعد الصلاة». (33) وعن عليّ عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «فيمن وجد في بطنه رزّا فلينصرف ، وليغتسل أو ليتوضّأ وليستقبل صلاته». (34) وفي الصحاح : الرزّ: الصوت [الخفي]. (35) وعنه عليه السلام قال : «إنّ الشيطان يأتي أحدكم في الصلاة فيقول : أحدثت أحدثت ، فلا ينصرف حتّى يسمع صوتا أو يجد ريحا» . (36) ولأنّ الطهارة شرط لصحّة الصلاة، ويفسد المشروط بفساد شرطه. ومنها : الإشارة . ولا خلاف في جوازها للحاجة بالعين واليد والحاجب ونحوها ، سواء كانت الحاجة متعلّقة بالصلاة أو بغيرها . ويدلّ عليه حسنة الحلبيّ ، (37) وما رواه الشيخ عن أبي الوليد ، قال: كنت جالسا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فسأله أبو ناجية بن حبيب ، (38) فقال له: جعلت فداك ، إنّ لي رحا أطحن فيها ، فربّما قمت في ساعة من الليل فأعرف من الرحا أنّ الغلام قد نام فأضرب الحائط لاُوقِظَهُ ، فقال : «نعم ، أنت في طاعة اللّه عزّ وجلّ تطلب رزقه» . (39) وعن محمّد بن بجيل ، قال : رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يصلّي فمرّ به رجل وهو بين السجدتين ، فرماه أبو عبد اللّه عليه السلام بحصاة ، فأقبل إليه الرجل. (40) وفي الصحيح عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل في صلاته يستأذن إنسان على الباب ، فيسبّح فيرفع صوته ، فتسمع جاريته فتأتيه، فيريها بيده أنّ على الباب إنسانا ، هل يقطع ذلك صلاته ؟ وما عليه ؟ فقال: «لا بأس ، لا يقطع ذلك صلاته» . (41) و روى العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «إذا نابكم أمر فليسبّح الرّجال ولتصفق النساء ». (42) وفي لفظ آخر : «من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان اللّه ، فإنّه لا يسمعه أحد يقول سبحان اللّه إلّا التفت» . (43) وعن عليّ عليه السلام أنّه قال : «كنت إذا استأذنت على النبيّ صلى الله عليه و آله إن كان في صلاة سبّح ، وإن كان في غير صلاة أذن» . (44) وعنه عليه السلام أنّه قال له رجل (45) من الخوارج وهو في صلاة الغداة ، فناداه «لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ» ، (46) قال : فأنصت له حتّى تمّ فإجابه وهو في الصلاة : « «إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ» (47) ». (48) وعن عطاء بن السّائب ، قال : استأذنّا على عبد الرّحمان بن أبي ليلى وهو يصلّي ، فقال: «ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ» ، (49) فقلنا : كيف صنعت ؟ فقال : استأذنّا على عبد اللّه بن مسعود وهو يصلّي ، فقال : «ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ» . (50) وبه قال الشافعيّ . (51) وقال أبو حنيفة : إن قصد بالتسبيح ونحوه مصلحة الصلاة كإعلام الإمام شيئا نسيه لم تبطل صلاته ، وإلّا بطلت؛ محتجّا بأنّه مع عدم قصد هذه المصلحة خطاب آدمي، فكان داخلاً تحت عموم النهي عن الكلام فلو قال : «يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ» ، (52) فإنّ صلاته باطلة وإن وجدت هذه الصورة في القرآن . (53) واُجيب بأنّ القصد لا يخرجه عن كونه قرآنا وتسبيحا إذا قصدهما أيضا ، كما أن من دعا بأنّه من القرآن لا يخرج عن كونه قارئا ، بل يسمّى داعيا قارئا . (54) ومنها : الالتفات يمينا وشمالاً ومستدبرا . وقد سبق تفصيله ، وأمّا الفرقعة ونقض الأصابع فقد أجمع الأصحاب على كراهتهما وعدم بطلان الصلاة بهما ، (55) فقوله عليه السلام في الفرقعة في خبر مسمع : «أما إنّه حظّه من صلاته» (56) محمول على نقص ثواب الصلاة لا نقصها. وكذا النهي عن النقض في صحيحة محمّد بن مسلم (57) محمول على الكراهة . قوله في صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج : (إن احتمل الصبر) إلخ . [ح3 / 5205] قال طاب ثراه : المراد باحتمال الصبر القدرة على الإتيان بحدود الصلاة تامّة ، فإن لم يقدر على ذلك حرم الدخول عليه إن خاف أن يفوت شيء من الواجبات ، وكره إن خاف فوات شيء من المرغّبات ، وقد وقع مثل ذلك في طريق العامّة أيضا . وقال مالك : إن شغله عن ذلك فأحبّ إليّ أن يعيد أبدا ، واختلف أصحابه في معنى شغله ، فقيل : معناه أن يعجّل لأجله ، وقيل : أن يصلّي ولا يدري كيف صلّى ، فأمّا إن شغله ولم يمنعه من إقامة حدودها فصلّاها ضامّا لوركيه فهذا يعيد في الوقت ، وقال الشافعيّ : في هذا وجب عليه الإعادة ، وأجمعوا على أنّه إن بلغ ما لا يعقل معه ولا يضبط حدودها لا يجزيه ، ويقطع الصلاة ولا يدخلها في تلك الحائل . (58) قوله في حسنة حمّاد عن الحلبيّ : (والمرأة إذا أرادت الحاجة وهي تصلّي تصفّق بيدها) .[ ح7 / 5209] قال طاب ثراه : الصفق : الضرب الذي يسمع له صوت ، وكذلك التصفيق ، (59) والصفق باليد يشمل بظاهره الضرب بالكفّ على الكفّ ، والضرب بإصبعي اليمنى على باطن اليسرى ، والضرب بظاهر إحداهما على ظاهر الاُخرى ، والضرب باليمنى أو اليسرى على الأفخاذ ، والضرب ببطن الكفّ الأيمن على ظهر الكفّ الأيسر ، والضرب ببطن الأصابع على ظهر أصابع الاُخرى . والعلّامة في النهاية خصّه بهذين الضربين ، ثمّ قال : ولا ينبغي أن تضرب البطن على البطن ؛ لأنّه لعب ، ولو فعلته على وجه اللعب بطلت صلاتها مع الكثرة ، وفي القلة إشكال ينشأ من تسويغ القليل ، ومن منافاة اللعب للصلاة. (60) وقد يعلّل تخصيصهنّ بالتصفيق بأنّ أصواتهنّ عورة . وعلى هذا يجوز لهنّ التنبيه بالتسبيح والقرآن للمحارم . والفرق المذكور مذكور في كتب العامّة أيضا، روى مسلم بإسناده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «والتسبيح للرجال، والتصفيق للنساء» . (61) وعن سهل الساعديّ أنّه صلى الله عليه و آله قال : «من نابه شيء في الصلاة فليسبّح ، وإنّما التصفيق للنساء» . (62) وهو مذهب الشافعيّ (63) وأحد قولي مالك، والمشهور عنه أنّهن أيضا يسبّحن مثل الرجال ، والتصفيق منهنّ مذموم ، ورأى أن قوله صلى الله عليه و آله : «من نابه شيء فليسبّح» محمول على عمومه ، وأنّ قوله عليه السلام : «فإنّما التصفيق للنساء» ورد في الذمّ له في الصلاة مطلقا، (64) يعني أنّه من فعل النساء ولهوهنّ في غيرها ، ولا يخفى بعده وعدم جريانه في الحديث الأوّل ، وحمله على الإنكار مستنكر . وهذا الفرق محمول على الأفضليّة دون الوجوب ، فإذا جاز ذلك جاز له التصفيق . وصرّح به العلّامة في النهاية . (65) وجاز لهنّ أيضا التسبيح ونحوه إذا آمنت من سماع الأجنبيّ صوتها ، والظاهر من الأخبار أنّه [إن] لم يقصد بالتسبيح والقرآن إلّا التنبيه صحّت صلاته . واحتمل العلّامة بطلانها . (66) قوله في حسنة حمّاد عن الحلبيّ : (إذا كان الالتفات فاحشا) .[ ح10 / 5212] المراد بالالتفات الفاحش التفات بوجهه أو بجسده عن القبلة حدّا ينافي الاستقبال ، وقد سبق ذلك الحدّ .

.


1- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 292 .
2- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 349 .
3- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
4- . الفقيه ، ج 1 ، ص 367 ، ح 1062 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 251 ، ح 9250 .
5- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
6- . المعتبر ، ج 2 ، ص 255 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 286 ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 174 ، ح 612 بلفظ : «من كان منكم قهقه فليعد الوضوء والصلاة» .
7- . سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 182 ، ح 648 و عبارته هكذا : «الضحك ينقض الصلاة ولاينقض الوضوء» ؛ كنز العمّال ، ج 7 ، ص 490 ، ح 19917 .
8- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 326 .
9- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
10- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي .
11- . الحديث 11 من هذا الباب من الكافي .
12- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 327 _ 328 ، ح 1344 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 241 ، ح 9122 .
13- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 328 ، ح 1345 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 403 ، ح 1537 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 241 ، ح 9223 .
14- . كذا بالأصل ومثله في الاستبصار . والرزّ في الأصل : الصوت الخفي ، ويريد به القرقرة . وقيل : هو غمز الحدث وحركته للخروج . راجع: النهاية ، ج 2 ، ص 219 . هذا وفي التهذيب : «أزّ» ، والأزّ : شدّة الحركة .
15- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 328 ، ح 1347 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 403 ، ح 1539 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 242 ، ح 9225 .
16- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 328 ، ح 1346 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 403 ، ح 1538 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 262 ، ح 680 .
17- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 327 _ 328 .
18- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 404 ، ذيل الحديث 1542 .
19- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 378 ، ح 1576 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 404 ، ح 1542 ؛الفقيه ، ج 1 ، ص 254 _ 255 ، ح 776 ؛ وسائل الشيعة ، ج 3 ، ص 504 ، ح 4297 ؛ وج 7 ، ص 242 ، ح 9226 .
20- . الحديث العاشر من هذا الباب من الكافي .
21- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 270 .
22- . المجموع للنووي ، ج 3 ، ص 481 ؛ المحلّى ، ج 2 ، ص 127 .
23- . فتح العزيز ، ج 4 ، ص 4 _ 5 ؛ المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 74 و 76 .
24- . الخلاف ، ج 1 ، ص 409 _ 412 ، المسألة 157 ، والمذكور هنا اختصار منه .
25- . المبسوط ، ج 1 ، ص 117 .
26- . الخلاف ، ج 1 ، ص 141 _ 142 ، المسألة 89 .
27- . الخلاف ، ج 1 ، ص 409 _ 410 ، المسألة 157 ؛ المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 74 و 76 ؛ الاستذكار ، ج 1 ، ص 232 ؛ التمهيد ، ج 1 ، ص 188 _ 190 .
28- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .
29- . في الأصل : «الحسين» ، والتصويب من المصدر .
30- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 354 _ 355 ، ح 1467 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 401 ، ح 1531 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 234 _ 235 ، ح 9206 .
31- . في الأصل : «حمّاد» ، والتصويب من مصادر الحديث .
32- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 206 ، ح 597 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 401 ، ح 1532 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 259 ، ح 672 . وورد الحديث في ص 82 من الاستبصار ، ح 258 ، وص 11 من تهذيب الأحكام ، ح 20 ، وفيهما : «سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حبّ القرع ، كيف يصنع؟ قال : إن كان نظيفا ...» .
33- . سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 53 ، ح 205 ، و ص 227 ، ح 1005 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 255 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 6 ، ص 8 ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 160 ، ح 554 .
34- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 256 ؛ المعجم الكبير للطبراني ، ج 6 ، ص 272 .
35- . صحاح اللغة ، ج 3 ، ص 879 (رزز) .
36- . عوالي اللآلي ، ج 1 ، ص 380 ؛ مستدرك الوسائل ، ج 1 ، ص 228 ، ح 434 .
37- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
38- . كذا بالأصل ، ومثله في هامش بعض نسخ الكافي ، وفي المصدر : «ناجية أبو حبيب» .
39- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 325 ، ح 1329 . ورواه الكليني في الكافي ، باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث ، ح 8 . وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 256 _ 257 ، ح 9266 .
40- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 327 ، ح 1342 . ورواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 371 ، ح 1078 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 258 ، ح 9269 .
41- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 331 ، ح 1363 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 256 ، ح 9264 .
42- . سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 317 ؛ السنن الكبرى ، ج 3 ، ص 123 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 6 ، ص 40 ؛ المعجم الكبير ، ج 6 ، ص 130 .
43- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 69 ؛ وج 3 ، ص 166 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 246 .
44- . مسند أحمد ، ج 1 ، ص 79 و 103 .
45- . هذا هو الظاهر ، وفي الأصل : «لرجل» بدل «له رجل» .
46- . الزمر (39) : 65 .
47- . الروم (30) : 60 .
48- . المستدرك للحاكم ، ج 3 ، ص 146 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 245 ؛ مسند ابن الجعد ، ص 344 _ 345 ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج 8 ، ص 731 ، باب ما ذكر في الخوارج ، ح 11 .
49- . يوسف (12) : 99 .
50- . المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 710 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 621 ، كلاهما عن أبي بكر الخلّال .
51- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 82 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 669 _ 670 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 618 .
52- . مريم (19) : 12 .
53- . بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 235 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 201 ، والمصادر المتقدمة آنفا .
54- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 324 .
55- . اُنظر : إرشاد الأذهان ، ج 1 ، ص 268 ؛ تبصرة المتعلّمين ، ص 50 ؛ قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 282 ؛ الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 402 ؛ اللمعة ، ص 32 ؛ شرح اللمعة ، ج 1 ، ص 654 ؛ مفتاح الكرامة ، ج 8 ، ص 162 .
56- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 265 ، ح 9292 .
57- . الحديث 12 من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 244 ، ح 9231 .
58- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 105 _ 106 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 656 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 603 .
59- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 1507 (صفق) .
60- . نهاية الأحكام ، ج 1 ، ص 517 .
61- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 27 . ورواه البخاري في صحيحه ، ج 2 ، ص 60 ؛ وأحمد في مسنده ، ج 2 ، ص 261 و 376 و 432 و 440 و 473 و 492 و 507 و 529 ؛ وج 5 ، ص 338 ؛ والدارمي في سننه ، ج 1 ، ص 317 ؛ وابن ماجة في سننه ، ج 1 ، ص 329 ، ح 1034 ، و ص 329 ، ح 1035 ، و ص 330 ، ح 1035 ؛ وأبو داود في سننه ، ج 1 ، ص 230 ، ح 367 ؛ والنسائي في السنن الكبرى ، ج 1 ، ص 193 ، ح 534 ، و ص 195 ، ح 543 ، وص 359 ، ح 1130 _ 1133 .
62- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 25 _ 26 . ورواه أحمد في مسنده ، ج 5 ، ص 338 ؛ والبخاري في صحيحه ، ج 1 ، ص 167 ؛ وأبو داود في سننه ، ج 1 ، ص 213 ، ح 940 .
63- . فتح العزيز ، ج 4 ، ص 114 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 158 ؛ عمدة القاري ، ج 7 ، ص 278 .
64- . المدوّنة الكبرى ، ج 1 ، ص 100 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 158 ؛ فتح الباري ، ج 3 ، ص 62 ؛ عمدة القاري ، ج 7 ، ص 278 .
65- . نهاية الإحكام ، ج 1 ، ص 517 .
66- . تذكرة الفقهاء ، ج 3 ، ص 279 .

ص: 270

. .

ص: 271

. .

ص: 272

. .

ص: 273

. .

ص: 274

. .

ص: 275

. .

ص: 276

. .

ص: 277

. .

ص: 278

باب التسليم على المصلّي والعطاس في الصلاة

باب التسليم على المصلّي والعطاس في الصلاةالمشهور جواز السّلام على المصلّي من غير كراهية ، ووجوب الرّد عليه ، حتّى أنّه قال بعض: لولم يردّ واشتغل بالصّلاة بطلت صلاته ؛ لاقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه ، واستلزام النهي في العبادات الفساد . وفيه تأمّل ؛ لعدم ثبوت المقدّمتين على ما تقرّر في الاُصول . وقد نقل المحقّق الشيخ إجماع الأصحاب على وجوب الردّ . (1) ويدلّ عليه قوله سبحانه: «وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ» . (2) وخصوص خبر سماعة، (3) وصحيحة محمّد بن مسلم ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام وهو في الصلاة فقلت : السّلام عليك ، فقال: «السلام عليك»، فقلت : كيف أصبحت ؟ فسكت ، فلمّا انصرف قلت : أيردّ السّلام وهو في الصلاة ؟ فقال : «نعم مثل ما قيل له ». (4) وصحيحة منصور بن حازم عن [أبي] عبد اللّه عليه السلام قال : «إذا سلّم عليك الرّجل تردّه (5) خفيا كما قال ». (6) ورواية البزنطيّ في جامعه عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام : «أنّ عمّارا سلّم على رسول اللّه صلى الله عليه و آله فردّ عليه». (7) ورواية عمّار السّاباطيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن المصلّي ، فقال : «إذا سلّم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فردّ عليه فيما بينك وبين نفسك ، ولا ترفع صوتك ». (8) وإنّما حملنا الأخبار على الوجوب مع أنّ ظاهرها إنّما هو مطلق الرجحان ؛ لأنّ وجوب الردّ قد ثبت بالدليل فصار كالأصل ، ولا مخصّص له بغير الصلاة ، فرجحانه _ بل جوازه _ مستتبع لوجوبه. والظاهر جواز السّلام له بكلّ لفظ من ألفاظه ، وأن ما ورد في خبر سماعة (9) من التعيين من باب الأفضليّة . وقال طاب ثراه : والعلّامة تردّد في المنتهى (10) في وجوب الردّ عن غير «سلام عليكم» من صيغه الاُخَر ، ومن الأصحاب من جزم بعدم جوازه ؛ لأنّه خلاف ما نطق به القرآن ، فيكون كلاما أجنبيّا لا يجوز في الصلاة إلّا أن يقصد الدعاء ويكون المخاطب مستحقّا له ، فحينئذٍ يجوز له الردّ لجواز الدعاء في الصلاة . (11) انتهى. وعبارة المنتهى هكذا : لو سلّم عليه بغير قولهُ «سلام عليكم» قيل لا تجوز إجابته إلّا أن يقصد الدعاء ويكون مستحقّا ، وعندي فيه تردّد ينشأ من قول الباقر عليه السلام : «يقول مثل ما قيل له» (12) وذلك عامّ. لا يقال : إنّ مقصوده عليه السلام قوله «سلام عليكم» ؛ لأنّه منطوق القرآن . لأنّا نمنع ذلك ، لأنّ كيفيّة التسليم عليه عليه السلام في صلاته كانت «السّلام عليكم» ، وبه أجاب عليه السلام وليس هو منطوق القرآن . (13) وظاهره ترجيح الجواز ، وأراد بمنطوق القرآن قوله سبحانه في بيان تسليم ملائكة الرّحمة على المؤمنين : «سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ» ، (14) «سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ» ، (15) «سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ» ، (16) «سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ» ، (17) «[و]سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ» ، (18) ونظائرها . (19) وكلّما وقع التسليم فيه فهو بهذه الصيغة، ولعلّ وجه ترجيح هذه الصيغة فيه إفادته التعظيم ؛ إذ لابدّ من جعل التنكير فيه لذلك لتصحيح وقوع النكرة مبتدأ ، فهو كالنصّ فيه بخلاف المعرفة ، ولا يخفى أنّه لا يدلّ على تعيينه ، فكيف يعارض العموم المذكور . ثمّ قال طاب ثراه : وفي صحيحة محمّد بن مسلم (20) دلالة على أنّه لا يجوز له الرّد في نحو كيف أصبحت ، وكيف أمسيت ممّا هو تلطّف وسؤال عن الحال . وأمّا الردّ في نحو صباحك الخير ، ومساؤك الخير ، فقيل : يجوز بل يجب ؛ لأنّه تحيّة عرفا ، فيندرج تحت الآية . والجواب: إنّه لا نسلّم أنّه تحيّة في عرف الشرع ، بل قيل : إنّه تحيّة الجاهليّة ، (21) ولو سلّم فلا نسلّم اندراجه تحت الآية ؛ لانّ التحيّة في الآية فسّرت بالسّلام ، وكذا في اللغة ، ففي مجمع البيان : التحيّة : السّلام ، (22) وفي القاموس مثله. (23) والحقّ عدم الجواز ؛ لأنّ كلّ ما ليس بصلاة فهو حرام فيها ، إلّا ما دلّ الدليل على جوازه فيها كالدّعاء والسلام ، وهذا لم يقم الدليل على جوازه فيها ، وكذا الظاهر جواز رفع الصوت إلى حدّ يسمع المسلّم عليه تحقّقا أو تقديرا ، بل هو أحوط؛ لانّ المشهور بين الأصحاب وجوب إسماع الردّ بأحد المعنيين ، وهو المفهوم من كلام العلّامة في المنتهى ؛ لأنّ مقصود الشارع جبر خاطره والعوض له، ولأنّه قصد المسلّم وهو إنّما يتمّ مع الإسماع ، ولأنّه المتبادر من وجوب الردّ. وظاهر الأدلّة المذكوره أنّه لا فرق في وجوب الردّ بين أن يكون المسلّم بالغا أو مميّزا أو امرأة ذات محرم أو أجنبية . ومن الأصحاب من قال بعدم وجوب ردّ سلام الأجنبيّة ؛ لأنّ استماع صوتها حرام ، والشارع لا يأمر بردّ الجواب عن الحرام. (24) ولا يكره السّلام على المصلّي بل يستحبّ ؛ لعموم قوله تعالى: «وَإذا دَخَلْتُمْ بُيُوتا فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ» ، (25) أي على أهل دينكم، (26) أو بعضكم على بعض. (27) وصرّح بعض المتأخّرين بأنّ الأولى هو الترك إذا استشعر أنّ المصلّي ممّن يضطرّ به أدنى شيء ويشوّشه . (28) ولا خلاف بين الأصحاب في جواز تحميد المصلّي ، والصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله عند عطاسه وعطاس غيره ، أمّا التحميد ففي المنتهى: «هو مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وبه قال الشافعيّ وأبو يوسف وأحمد ، وقال أبو حنيفة : تبطل صلاته ». (29) ويدلّ عليه حسنة الحلبيّ، (30) وموثّقة أبي بصير، (31) وعموم صحيحة الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «إذا عطس الرّجل [فيالصلاة] فليقل الحمد للّه » . (32) وروى أبو داود بإسناده عن عامر بن ربيعة ، قال عطس شابّ من الأنصار خلف رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو في الصلاة ، فقال: «الحمد للّه حمدا كثيرا طيّبا مباركا حتّى يرضى ربّنا وبعد الرضى من أمر الدنيا والآخرة »،[فلمّا انصرف رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال: «من القائل كلمة، فإنّه لم يقل بأسا»]. (33) ويؤيّدها ما دلّ على رجحان مناجاة الرّب تبارك وتعالى . وأمّا الصلاة عليه وآله عليه السلام فيدلّ على استحبابه عموم ما تقدّم ممّا دلّ على استحبابها ، وفي الصلاة خصوصا وخصوص موثّقة أبي بصير . (34) وكذا يستحبّ تسميت العاطس بقوله: يرحمك اللّه وأمثاله إذا كان مؤمنا؛ لما دلّ على جواز الدعاء في الصلاة . قوله: (عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام ) .[ح1 / 5215] قال طاب ثراه : نقل في التهذيب (35) هذا الحديث عن عثمان بن عيسى عنه عليه السلام بلا واسطة ، وما في الكتاب أصحّ ؛ إذ لم ينقل أحد من أصحاب الرّجال رواية عثمان عنه عليه السلام بلا واسطة ، ولم يعدّوه من أصحابه عليه السلام .

.


1- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 355 .
2- . النساء (4) : 86 .
3- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 329 ، ح 1349 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 267 ، ح 9302 .
5- . كذا بالأصل، وفي المصدر: «ترد عليه».
6- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 332 ، ح 1366 . ونحوه في الفقيه ، ج 1 ، ص 368 ، ح 1065 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 268 ، ح 9304 .
7- . المعتبر ، ج 2 ، ص 263 ؛ منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 316 .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 331 ، ح 1365 . ورواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 368 ، ح 1064 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 268 ، ح 9305 .
9- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
10- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 318 .
11- . قاله المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 264 _ 265 .
12- . وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 267 ، ح 9302 .
13- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 318 .
14- . الزمر (39) : 73 .
15- . النحل (16) : 32 .
16- . الصافّات (37) : 79 .
17- . الصافّات (37) : 109 .
18- . الصافّات (37) : 181 .
19- . مثل الآية 54 من سورة الأنعام (6) ؛ والآية 64 من سورة الأعراف (7) .
20- . وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 267 ، ح 9302 .
21- . جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 357 .
22- . مجمع البيان ، ج 3 ، ص 147 .
23- . القاموس المحيط ، ج 4 ، ص 322 .
24- . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 3 ، ص 121 .
25- . النور (24) : 61 .
26- . فقه القرآن ، ج 1 ، ص 156 .
27- . مجمع البيان ، ج 1 ، ص 291 ؛ و ج 7 ، ص 274 .
28- . مجمع الفائدة والبرهان ، ج 3 ، ص 121 .
29- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 313 . وانظر : المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 709 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 618 _ 619 ؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 221 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 235 .
30- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
31- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
32- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 332 ، ح 1367 ، ومابين الحاصرتين منه ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 271 ، ح 9312 .
33- . سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 179 ، ح 774 .
34- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
35- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 328 ، ح 1348 ، ونقل في هامشه عن نسخة زيادة «عن سماعة» ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 267 _ 268 ، ح 9303 .

ص: 279

. .

ص: 280

. .

ص: 281

. .

ص: 282

. .

ص: 283

باب المصلّي يعرض له شيء من الهوامّ فيقتله

باب المصلّي يعرض له شيء من الهوامّ فيقتلهاتّفق الأصحاب على جواز قتل الهوامّ في الصلاة إذا لم يشتمل على فعل كثير من غير كراهة ، بل قد يجب قتل (1) بعض المؤذيات ؛ لصحيحة محمّد بن مسلم، (2) وحسنة الحلبيّ، (3) وخبر حريز ، (4) وما رواه الشيخ عن الحسين بن أبي العلا ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يرى الحيّة والعقرب وهو يصلّي المكتوبة، قال : «يقتلها» . (5) وعن عمّار الساباطيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرّجل يكون في الصلاة فيرى الحيّة بحياله ، يجوز له أن يتناولها فيقتلها ؟ فقال : «إن كان بينه وبينها خطوة واحدة فليخط وليقتلها ، وإلّا فلا» . (6) وروى الجمهور عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر بقتل الأسودين في الصلاة الحيّة والعقرب . (7) وعن أبي رافع أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قتل العقرب وهو في الصلاة ، (8) وحكى في المنتهى عن النخعيّ أنّه قال بكراهة قتل الحيّة والعقرب . (9)

.


1- . في الأصل : «فعل» و المناسب ما اُثبت .
2- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
3- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
4- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
5- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 330 ، ح 1357 . ورواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 368 ، ح 1067 . وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 273 ، ح 9319 .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 331 ، ح 1364 . ورواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 369 ، ح 1072 . وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 273 _ 274 ، ح 9320 .
7- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 233 و 248 و 255 و 473 و 475 و 490 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 354 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 394 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 209 ، ح 921 ؛ سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 241 ، ح 388 ؛ المستدرك للحاكم ، ج 1 ، ص 256 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 266 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 189 ، ح 520 ، وص 358 ، ح 1125 و 1126 .
8- . سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 395 ، ح 1247 .
9- . منتهى المطلب ، ج 5 ، ص 294 . وانظر : المغني لابن قدامة ، ج 1 ، ص 663 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 1 ، ص 609 .

ص: 284

باب بناء المساجد وما يؤخذ منها والحدث فيها

باب بناء المساجد وما يؤخذ منها والحدث فيهافضيلة بناء المساجد لا يحتاج إلى بيان ؛ لظهورها وتواتر أخبارها. قال طاب ثراه : بناء المساجد من شعائر الإسلام ، لا سيّما الجامع في البلد، وهومستحبّ استحبابا مؤكّدا كالأذان . وقال بعض العامّة بوجوبه ؛ لأنّ الجمعة واجبة وشرطها الجامع على المشهور ، والجامعة مستحبّة وسنّتها الجامع وإقامة السنن الواجبة واجبة على أهل المصر ؛ لأنّها لو تركت ماتت ، وهو ليس بشيء؛ لأنّ الشرطيّة ووجوب إقامة السنن ممنوعتان . قوله في خبر أبي الجارود : (عن المسجد يكون في البيت) إلخ. [ح2 / 5225] قال طاب ثراه : الظّاهر أنّ المراد بالمسجد هنا موضع تهيّأ للصّلاة في الدور مجرّدا عن الوقفية ، وإلّا لما جاز تغييره والأخذ منه في الملك بلا خلاف من العامّة والخاصّة في ذلك . قوله في خبر العيص : (هل يصلح نقضهما لبناء المساجد [فقال: نعم وفي خير الحلبي: المساجد] (1) المظلّلة) الخ. [ح3 / 5226] ]ح4 / 5227] الظّاهر أنّ المراد بالتظليل التسقيف بالآجرّ واللبن ونحوهما لا مطلق التظليل ، وإلّا لزم الحرج في الحرّ والبرد ؛ ولما رواه الصّدوق مرسلاً عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : «[أوّل ما] يبدأ به [قائمنا] سقوف المساجد فيكسرها ويأمر بها، فتجعل عريشا كعريش موسى عليه السلام ». (2) وأشار عليه السلام إليه بقوله : «ولو كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك» . وروى الشيخ في الحسن عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سمعته يقول : «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بنى مسجده بالسميط ، ثمّ إنّ المسلمين كثروا فقالوا : يا رسول اللّه ، لو أمرت بالمسجد فزيد فيه ، فقال : نعم ، فأمر به فزيد فيه [وبناه بالسعيدة، ثمّ إنّ المسلمين كثروا فقالوا: يا رسول اللّه ، لو أمرت بالمسجد فزيد فيه. فقال: نعم. فأمر به فزيد فيه] ، وبنى جداره بالاُنثى والذكر ، ثمّ اشتدّ عليهم الحرّ فقالوا: يا رسول اللّه ، لو أمرت بالمسجد فظلّل ، فقال : نعم ، فأمر به فاُقيمت فيه سواري من جذوع النخل ، ثمّ طرحت عليه العوارض والخسف والاُذخر، فعاشوا فيه حتّى أصابهم الأمطار ، فجعل المسجد يكفِ عليهم ، فقالوا : يا رسول اللّه ، لو أمرت بالمسجد فطيّن ، فقال لهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله : [لا] عريش كعريش موسى عليه السلام ، فلم يزل كذلك حتّى قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله وكان جداره قبل أن يظلّل قامة، فكان إذا كان الفى ء ذراعا _ وهو قدر مربض غنم _ صلّى الظّهر ، فإذا كان ضعف ذلك صلّى العصر» . وقال السميط : لبنة لبنة ، والبعيدة لبنة ونصف ، والاُنثى والذكر لبنتان مخالفتان . (3) وفي الذكرى : «لعلّ المراد به جميع المسجد أو تظليل خاصّ أو في بعض البلاد ، وإلّا فالحاجة ماسّة إلى التظليل ؛ ليدفع الحرّ والقرّ ». (4) ولا يجوز فيها البول والغائط والجماع ونظيره ، والغسل من الأحداث الموجبة . وأمّا النّوم فإنّه يكره في المسجدين دون باقي المساجد ؛ لحسنة زرارة بن أعين، (5) وإنّما حمل النّهي المستفاد منها على الكراهة ؛ للجمع بينها وبين صحيحة معاوية بن وهب . (6) والمراد بالمسجدين ما كان في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وليس الزّوائد منهما في حكمهما ؛ لهذه الحسنة ، وإن كانت في الفضيلة زيادة على باقي المساجد ، بل كانت مثلهما . ويكره عمل الصنائع فيها كما يشعر به التعليل للنّهي عن بري النَبل فيها في صحيحة محمد بن مسلم . (7) ويكره إنشاد الشّعر فيها؛ لخبر جعفر بن إبراهيم ، (8) ولا يكره ما كان مشتملاً على وعظ ونصيحة ، بل مالم يكن مشتملاً على قبيح كهجاء المؤمنين والتعشّق ونظائرهما ؛ لصحيحة عليّ بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن إنشاد الشعر في الطّواف ، فقال : «ما كان من الشعر لا بأس به فلا بأس به». (9) ويكره الغناء فيها ؛ لخبر مسمع أبي سيّار ، (10) ولأنّه حرام والمساجد إنّما بنيت للعبادة . ويكره طرح البزاق والبصاق والتّفل فيها . ولو طرحها استحبّ دفنها في التّراب ، فقد روى الشيخ في التهذيب بإسناده عن عليّ عليه السلام قال : البزاق في المسجد خطيئة وكفّارتها دفنها» . (11) وعن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: «من وقر بنخامته المسجد لقي اللّه يوم القيامة ضاحكا قد اُعطي كتابه بيمينه». (12) و عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه يقول : «من تنخّع في المسجد ثمّ ردّه في جوفه لم تمّر بداء في جوفه إلّا أبرأته» . (13) وروى مسلم بإسناده عن أنس بن مالك ، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «البصاق في المسجد خطيئة وكفّارتها دفنها» . (14) وعنه قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : «التفل في المسجد خطيئة وكفّارتها دفنها» . (15) وعن أبي ذر عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «عرضت عليّ أعمال العباد فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ؛ ووجدت في مساوي أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن» . (16) وعن عبد اللّه بن الشخّير، عن أبيه ، قال : صلّيت مع رسول اللّه عليه السلام فرأيته تنخّع ، فدلكها بنعله . (17) وعنه أيضا مثله إلّا أنّه قال بنعله اليسرى . (18) وحملت هذه الأخبار على الكراهة والاستحباب المذكورين ؛ للجمع بينها وبين خبر عبد اللّه سنان ، (19) وصحيحة عليّ بن مهزيار ، (20) بل يكره طرح هذه الأشياء في الصلاة أيضا مطلقا وإن لم تقع في المسجد على ما رواه المشهور . وظاهر ما رواه الشيخ عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلام قال : «لا يبزقنّ أحدكم في الصلاة قبل وجهه ولا عن يمينه وليبزق عن يساره وتحت قدمه اليسرى» (21) اختصاص الكراهة بالأوّلين من الجهات. قال طاب ثراه : وقال بعض العامّة البصاق في المسجد حرام لمن لم يدفن ؛ لأنّه يقذّر المسجد ويتأذّى منه من يعلق به ، وإن دفنه فقيل : تثبت الخطيئة وكفّرها الدفن ، وقيل : لم يأت خطيئة وإنّما جعل الدّفن كفّارة ؛ لأنّه على تقدير عدم الدفن تثبت الخطيئة ، فلمّا أسقط ما يقدر ثبوته سمّي كفّارة . ورده المازريّ بنصّ الحديث على أنّها في المسجد خطيئة كفّرها الدّفن . وقال بعضهم : هذا القول ليس بباطل ، ودليل صحّته حديث ابن الشخير (22) أنّه رأى النبيّ صلى الله عليه و آله بصق ودلكها بنعله ؛ إذ لا يفعل هو صلى الله عليه و آله ما يكون خطيئة ، ويمكن دفع هذا بأنّه ليس صريحا في أنّه صلى الله عليه و آله فعل ذلك في المسجد . (23) ويكره حطّ البزاق في الصلاة مطلقا وإن لم يكن في المسجد لكن من قبل القبلة واليمين ؛ لما رواه الشيخ في التهذيب عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلامقال : «لا يبزقنّ أحدكم في الصلاة قبل وجهه ولا عن يمينه، وليبزق عن يساره وتحت قدمه اليسرى» . (24) قال طاب ثراه : «البزاق والبصاق لغتان مشهورتان ، وبساق بالسين المهملة شاذّة ، وعدّها جماعة غلطا ». (25) ثمّ قال : لم يفرّق الجوهريّ بين هذه الثلاثة وجعلها بمعنى واحد. (26) والتَفل بفتح التاء المثنّاة وسكون الفاء : البصاق ، (27) ونقل عن ابن مكّي أنّ الناس يغلطون فيه ويقولون بالثاء المثلّثة ، ويضمّون فعله المستقبل ، وإنّما هو بالمثنّاة والكسر ، وهما من الفم والنخامه من الصدر ، ويقال فيها : نخاعة كما يقال : تنخّم ، وتنخّع أوالمخاط من الأنف . (28) ويكره زخرفتها ونقشها لا سيّما بالتصوير ، ولا يبعد استفادتها من خبر عمرو بن جميع . (29) ويكره أشياء اُخر يشملها مرسلة عليّ بن أسباط ، قال : «جنّبوا مساجدكم البيع والشّراء والمجانين والصبيان والأحكام والضالّة والحدود ورفع الصّوت» . (30) لكن كراهة إجراء الأحكام مختصّة بغير المعصوم ، فإنّه غير مأمون من الخطأ والسّهو والنسيان ، بخلاف المعصوم فإنّه مأمون منها . ويدلّ عليه إجراؤها أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة في دكّة تسمّى دكّة القضاء. (31) قوله: (عن الحسين بن المختار) . [ح15 / 5238] عدّ في الخلاصة من الثقات الواقفيّة ، (32) وقيل : قد روى جماعة من الثقات عنه نصّا على الرّضا عليه السلام . (33) وفي إرشاد المفيد في باب النصّ على الرضا عليه السلام : أنّه من خاصّة الكاظم وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته . (34) وفي الكافي : قال الحسين بن المختار : قال لي الصّادق عليه السلام : «رحمك اللّه » . (35)

.


1- . مابين الحاصرتين من الكافي ، وكأنّ الشارح أراد أوّلاً شرح خبر العيص ، فذكر صدره ، ثمّ ذكر كلمة من خبر الحلبي وشرحه ، وعلى كلّ حال وقع في الأصل الخلط بين الخبرين .
2- . الفقيه ، ج 1 ، ص 236 ، ح 706 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 207 ، ح 6342 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 261 _ 262 ، ح 738 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 205 _ 206 ، ح 6339 .
4- . الذكرى ، ج 3 ، ص 124 .
5- . الحديث 11 من هذا الباب من الكافي.
6- . الحديث العاشر من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 219 ، ح 6377 .
7- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 217 ، ح 6372 .
8- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 213 ، ح 6361 .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 127 ، ح 418 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 227 ، ح 784 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 402 ، ح 18070 ، مع مغايرة في اللفظ ، والحديث بهذه العبارة مذكورة في مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 402 .
10- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 216 _ 217 ، ح 6370 .
11- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 256 ، ح 712 ؛ وفيه : «وكفّارته دفنه» ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 442 ، ح 1704 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 222 ، ح 6388 .
12- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 256 ، ح 713 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 442 ، ح 1705 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 223 ، ح 6392 .
13- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 256 ، ح 714 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 442 ، ح 1706 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 223 ، ح 6391 .
14- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 76 _ 77 ؛ ورواه البخاري في صحيحه ، ج 1 ، ص 107 ؛ والدارمي في سننه ، ج 1 ، ص 324 ؛ وأبو داود في سننه ، ج 1 ، ص 115 ، ح 475 ؛ والترمذي في سننه ، ج 2 ، ص 43 ، ح 569 ؛ والنسائي في السنن الكبرى ، ج 1 ، ص 264 ، ح 802 ؛ والبيهقي في السنن الكبرى ، ج 2 ، ص 291 ، وابن حبّان في صحيحه ، ج 4 ، ص 516 _ 517 .
15- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 77 ؛ ورواه أحمد في مسنده ، ج 3 ، ص 183 و 289 ؛ و ابن الجعد في مسنده ، ص 148 .
16- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 77 ؛ ورواه أحمد في مسنده ، ج 5 ، ص 178 ؛ والبيهقي في السنن الكبرى ، ج 2 ، ص 291 .
17- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 77 .
18- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 77 . ورواه أحمد في مسنده ، ج 4 ، ص 25 ؛ والحاكم في المستدرك ، ج 1 ، ص 256 ؛ والبيهقي في السنن الكبرى ، ج 2 ، ص 293 ؛ وابن خزيمة في صحيحه ، ج 2 ، ص 45 ، ح 878 .
19- . الحديث 12 من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 221 ، ح 6385 .
20- . الحديث 13 من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 221 ، ح 6384 .
21- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 257 ، ح 716 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 222 ، ح 6388 .
22- . تقدّمّ آنفا .
23- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 100 _ 101 .
24- . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 222 ، ح 6388 ، وتقدّم آنفا .
25- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 100 .
26- . اُنظر : صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 1450 (بزق ، بسق ، بصق) .
27- . تاج العروس ، ج 14 ، ص 77 .
28- . اُنظر : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 5 ، ص 38 _ 39 ؛ الديباج للسيوطي ، ج 2 ، ص 225 .
29- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 215 ، ح 6365 .
30- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 249 ، ح 682 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 233 ، ح 6419 .
31- . اُنظر : بحارالأنوار ، ج 40 ، ص 277 _ 278 ، ح 42 ؛ و ج 42 ، ص 43 _ 44 ، ح 16 ؛ وج 59 ، ح 2 ؛ وج 80 ، ص 363 .
32- . خلاصة الأقوال ، ص 232 ، في ترجمة كليب بن معاوية الصيداوي ، والمذكور فيه أنّه واقفي ولم يوثّقه .
33- . اُنظر : جامع الرواة ، ج 1 ، ص 254 .
34- . الإرشاد ، ج 2 ، ص 248 .
35- . الكافي ، كتاب فضل العلم ، باب اختلاف الحديث ، ح 8 . ولا يخفى أنّ هذا الدعاء لا يدلّ على وثاقته ، على أنّ الرواية من نفسه ، فلا يعتمد عليها .

ص: 285

. .

ص: 286

. .

ص: 287

. .

ص: 288

. .

ص: 289

. .

ص: 290

باب فضل الصلاة في الجماعة

باب فضل الصلاة في الجماعةيدلّ عليه قوله سبحانه : «أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ» ، (1) والأخبار المتكثرّة من الطريقين . واختلف في وجوبها واستحبابها في غير الجمعة والعيدين مع تحقّق شرائط الوجوب ، فذهب الأصحاب وأكثر العامّة إلى الثاني ، ونقله في المنتهى (2) عن مالك وأبي حنيفة وبعض الشافعيّة ، وعن بعض آخر منهم أنّها فرض على الكفاية في اليوميّة وقال : ذهب إليه أبو العباس بن سريج (3) وأبو إسحاق وأكثر أصحابه ، وقال الأوزاعيّ وأحمد وأبو ثور وداود بن المنذر : أنّها فرض على الأعيان فيها . (4) ثمّ القائلون بوجوبها في اليوميّة اختلفوا في اشتراطها بها ، فقال بعض الحنابلة : إنّها شرط فيها ، فلو أخلّ بها بطلت الصلاة كالإخلال بسائر واجباتها ، والأكثر على عدم الاشتراط . (5) ويردّ الوجوب حسنة زرارة، (6) ورواية جابر ، (7) وما رواه الشيخ عن محمّد بن عمارة ، قال : أرسلت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن الرّجل يصلّي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل أو صلاته في جماعة ؟ فقال: «الصلاة في جماعة أفضل» . (8) وما روته العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «تفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ بخمس وعشرين درجة» . (9) ولأنّه صلى الله عليه و آله لم ينكر على اللّذين قالا: صلّينا في رحالنا ، (10) ولو كانت واجبة لأنكر عليهما . واحتجّ من قال بوجوبها (11) بقوله تعالى : «وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَوةَ» ، (12) وقالوا : لولم تكن واجبة لرخّص فيها حالة الخوف ولم يجوّز الإخلال بواجبات الصلاة من أجلها . وبما رواه أبو هريرة أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال: «والّذي نفسي بيده ، لقد هممت أن آمر بحطب ليحطب، ثمّ آمر بالصّلاة فيؤذّن لها ، ثمّ آمر رجلاً فيؤمّ النّاس ، ثمّ اُخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم ». (13) وعن ابن عبّاس ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتّباعه عذر لم تقبل منه الصلاة التي صلّاها» . (14) وعن أبي الدرداء، عنه صلى الله عليه و آله قال : «ما من ثلاثة في قرية أو بلد لا تقام فيهم الصلاة إلّا استحوذ عليهم الشيطان ، فعليك بالجماعة فإنّ الذئب يأكل القاصية» . (15) وهي محمولة على تأكّد استحبابها ؛ للجمع بينها وبين ما تقدّم . وحمل أيضا عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: «صلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله الفجر فأقبل بوجهه على أصحابه فسأل عن اُناس [يسمّيهم] بأسمائهم ، فقال: هل حضروا الصلاة ؟ فقالوا : لا يا رسول اللّه ، فقال : [أ]غُيِّبَ هم ؟ فقالوا : لا ، فقال : أما إنّه ليس من صلاة أشدّ على المنافقين من هذه الصلاة ، وصلاة العشاء الآخرة ، (16) ولو علموا أيّ فضل فيهما لأتوهما ولو حبوا» . (17) وفي الصّحيح عن ابن سنان _ والظّاهر أنّه عبد اللّه _ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : «إنّ اُناسا كانوا على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبطأوا عن الصلاة في المسجد ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد أن نأمر بحطب فيوضع على أبوابهم ، فيوقد عليهم نار فتحرق عليهم بيوتهم» . (18) وهل يجوز نيّة الائتمام بعد تكبيره الافتتاح بقصد الانفراد ؟ الظاهر العدم ؛ لوجوب المتابعة ، ولا متابعة مع السبق . ويؤيّده ما يأتي من جعل المنفرد صلاته نافلة إذا حضر الإمام . وقال الشيخ في الخلاف : يصحّ أن ينقل الصلاة من الانفراد إلى الجماعة وادّعي فيه الإجماع ، (19) ولم يجزم العلّامة في المنتهى (20) بشيء منها . ولابدّ من تعيين الإمام ، فلو نوى بأحد رجلين لا بعينه لم يصحّ صلاته ، وكذا لو نوى بهما معا ؛ لأنّه قد يختلفان في الأفعال . نعم ، لو ظنّ الإمام رجلاً معيّنا ، ثمّ بان أنّه غيره صحّت صلاته إذا كان قابلاً للإمامة . واعلم أنّه قد اختلفت الأخبار في كمّيّة فضل الجماعة ، ففي بعضها أنّه بأربع وعشرين ، (21) وفي بعضها أنّه بخمس وعشرين ، (22) وفي بعضها بسبع وعشرين . (23) وقال طاب ثراه : وروايات العامّة أيضا مختلفة كذلك ، ويمكن أن يقال: الاختلاف باعتبار اختلاف المصلّين ، أو يقال : الأحكام تتجدّد ، أوحى اللّه أوّلاً أن الفضل بأربع وعشرين ، ثمّ تفضّل اللّه سبحانه بزيادة واحدة . وقال بعض العامّة: الفضل الزّائد لمن صلّى العشاء والصبح جماعة والناقص لغيرهما ؛ لحديث : «من صلّى العشاء في جماعة فكأنّما قام ليلة» ، (24) وغيره ممّا دلّ على الترغيب فيهما جماعة . وقال بعضهم : الفضل الزّائد لمن صلّى جماعة في المسجد على الفذّ في غيره ، والفضل الناقص على الفذّ في المسجد . (25) انتهى . أقول : ولا يبعد أن يقال: الأربع والعشرون لبيان الفضيلة الزائدة على فضل الصلاة في نفسها ، والخمس والعشرين للفضيلة الزائدة مع فضل أصل الصلاة على أن تكون واحدة منها لأصل الصلاة ، والأربع والعشرون منها للجماعة ، فيوافق الخبران . وقال الشهيد الثاني في شرح اللّمعة : الصلاة الواحدة تعدل خمسا أو سبعا وعشرين صلاة مع غير العالم ، ومعه ألفا . ولو وقعت في مسجد تضاعفت بمضروب عدده في عددها ، ففي الجامع [مع] غير العالم ألفان وسبعمئة ، ومعه مئة ألف . وروي أنّ ذلك مع اتّحاد المأموم ، فلو تعدّد تضاعف في كلّ واحد بقدر المجموع في سابقه إلى العشرة، (26) ثمّ لا يحصيه إلّا اللّه تعالى . (27) وفي شرح الإرشاد : روى أبو محمّد جعفر بن أحمد القمّيّ نزيل الريّ في كتاب الإمام والمأموم بإسناده المتّصل إلى أبي سعيد الخدريّ ، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك ، فقال : يا محمّد ، إنّ ربّك يقرؤك السلام وهدى إليك هديّتين ، قلت : وما تلك الهديّتان؟ فقال : الوتر ثلاث ركعات ، والصلاة الخمس في جماعة ، فقلت : يا جبرئيل ، وما لاُمّتى في الجماعة ؟ قال : يا محمّد ، إذا كانوا اثنين كتب اللّه لكلّ واحد بكلّ ركعة مائة وخمسين صلاة ، وإذا كانوا ثلاثة كتب اللّه لكُلّ واحد بكّل ركعة ستمئة صلاة ، وإذا كانوا أربعة كتب اللّه لكلّ واحد بكلّ ركعة ألفا ومئتي صلاة ، وإذا كانوا خمسة كتب اللّه لكلّ واحد منهم بكلّ ركعة ألفين وأربعمئة صلاة ، وإذا كانوا ستّة كتب اللّه لكلّ واحد منهم بكلّ ركعة [أربعة آلاف وثمانمئة صلاة، وإذا كانوا سبعة كتب اللّه لكلّ واحد منهم بكلّ ركعة ]تسعة آلاف وستمئة صلاة ، وإذا كانوا ثمانية كتب اللّه لكلّ واحد منهم بكلّ ركعة تسعة عشر ألفا ومئتي صلاة، وإذا كانوا تسعة كتب اللّه لكلّ واحد منهم بكلّ ركعة ستّة وثلاثين ألفا وأربعمئة صلاة ، وإذا كانوا عشرة كتب اللّه لكلّ واحد منهم بكلّ ركعة سبعين ألفا وألفين وثمانمئة صلاة ، وإن زادوا على العشرة فلو كانت (28) السّماوات مدادا والأشجار أقلاما والثقلان مع الملائكة كتّابا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة . يا محمّد تكبيرة يدركها المؤمن مع الإمام خير من ستّين ألف حجّة وعمرة ، وخير من الدنيا وما فيها سبعين ألف مرّة ، وركعة يصلّيها المؤمن مع الإمام خير من مئة ألف دينار يتصدّق بها على المساكين ، وسجدة سجدها المأموم مع الإمام في جماعة خير من مئة عتق رقبة» . ثمّ قال قدس سره: «والأخبار في هذا الباب كثيرة خصوصا في الكتاب المومى إليه ». (29) ونقل طاب ثراه عن بعض العامة أنّ الجماعة لا تتفاضل في الثواب، محتجّا بأنّ القياس لا مدخل له في الفضائل . وقال : قد جاء في أحاديثهم : أنّها تتفاضل ؛ ولذلك قال مالك باستحباب إعادة الثلاث في جماعة ، وقال الأوّلون : من صلّى مع واحد أوفي جماعة قليلة لا يعيد الصلاة في جماعة أكثر ولا في إحدى المساجد الثلاث . (30) هذا ، ولا يجب على المأموم إتمام الصلاة على الائتمام، بل يجوز له قصد الانفراد في أثنائها وإتمامها منفردا مع العذر إجماعا من أهل العلم على ما يستفاد من المنتهى (31) ؛ لما ثبت أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله صلّى في ذات الرقاع بطائفة ركعة ، ثمّ انفردت تلك الطائفة الاُخرى المقابلة له للائتمام به صلى الله عليه و آله . (32) وما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يكون خلف الإمام فيطوّل الإمام في التشهّد، فيأخذه البول أو يخاف على شيء أن يفوت أو يعرض له وجع ، كيف يصنع؟ قال : «يسلّم وينصرف ويدع الإمام» . (33) ومع عدم العذر عندنا ، (34) وفاقا لأحمد في إحدى الروايتين والشافعيّ في أحد القولين ، خلافا لأبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية اُخرى والشافعيّ في قول آخر ، فقد قالوا : تبطل صلاته بذلك . (35) لنا : ما رواه الصدوق ، قال : كان معاذ يؤمّ في مسجدٍ على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ويطيل القراءة ، وأنّه مرّ به رجل فافتتح سورة طويلة ، فقرأ الرّجل لنفسه وصلّى ثمّ ركب راحلته ، فبلغ النبيّ صلى الله عليه و آله ذلك ، فبعث إلى معاذ ، فقال : «يا معاذ ، إيّاك أن تكون فتّانا ، عليك ب «الشَّمْسِ وَ ضُحاها» وذواتها» . (36) وما روي في المنتهى (37) عن جمهور العامّة عن جابر ، قال : كان معاذ يصلّي مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله العشاء ، ثمّ يرجع إلى قومه فيؤمّهم وصلّى بهم، فقرأ سورة البقرة ، فتأخّر رجل ، فصلّى وحده ، فقيل له: نافقت يا فلان ، فقال: ما نافقت ولكن يأتيني رسول اللّه صلى الله عليه و آله فأخبره ، فأتاه النبيّ صلى الله عليه و آله فذكر ذلك له ، فقال : «أفتّان أنت يا معاذ ؟ مرتين ، اقرأ سورة كذا ، وسورة كذا»، وقال : «سورة ذات البروج ، والليل ، والطّارق ، وهل أتاك حديث الغاشية ». (38) ولم يأمره عليه السلام بالإعادة ولا أنكره . ويؤيّدهما صحيحة أبي المغرا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرّجل يصلّي خلف إمام ، فسلّم قبل الإمام ، قال : «ليس بذلك بأس» . (39) واحتجّ المخالف بما روي عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به فلا تختلفوا عنه». (40) واُجيب عنه بأنّا نقول بموجبه مادام يكون مؤتمّا به ، وأمّا مع نيّة العدول إلى الانفراد فليس الإمام إماما له ، ولا هو مأموما . (41) قوله في خبر جابر : (ليكن الذين يلون الإمام اُولي الأحلام منكم والنُهى) . [ح7 / 5246] قال طاب ثراه : ومثله روى مسلم بإسناده عن أبي مسعود ، قال : كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يمسح مناكبنا في الصلاة، فيقول: «استووا ولا تختلفوا فتخلف قلوبكم ، وَليَلِيني منكم اُولو الأحلام (42) والنُّهى ، ثمّ الذين يلونهم». (43) وقيل : الأحلام والنهى : العقول . (44) على أنّ الأحلام جمع الحِلم بكسر الحاء وسكون اللام بمعنى الإناءة ، (45) والمراد بها العقل . والنُّهى : جمع نهية بضم النون كظلمة وظُلَم من النّهي ضد الأمر ، سمّي بها العقل لأنّه ينهى صاحبه عن الرّذائل، (46) كما سمّى العقل عقلاً من عقال البعير ؛ لأنّه يعقل صاحبه ، أي يحبسه عنها كما يحبس العقال البعير عن الذهاب ، أو من الانتهاء ، وهو الوقوف عند العامّة وعدم التجاوز عنها ، سمّي بها العقل لأنّه ينتهي بصاحبه إلى ما أمر به ، ولا يتجاوزه كما صرّح به بعض الأفاضل . وقيل : هم البالغون . (47) على أنّ الأحلام جمع الحلم بضمّ الحاء وسكون اللام ، وهو ما يراه النائم ، تقول منه : حلم بالفتح واحتلم. (48) وعلى هذا يفهم منه كراهة تمكين الصبيان في الصف الأوّل ، وإنّما استحبّ تقديم اُولي الأحلام لوجوه : منها : ما أشار إليه في الحديث ، وهو تقويم الإمام إذا نسي أو سها أو تَعَابا . ومنها : استخلاف الإمام إيّاهم عندالضرورة . ومنها : تعظيمهم وتكريمهم ، وقال بعض الأفاضل : لا يختصّ هذا التقديم بالصّلاة [بل] في كلّ مجمع لعلم أو قضاء أو ذكر أو تشاور أو معركة قتال ، فإنّما يلي كبير المجلس الأمثل فالأمثل على طبقاتهم في العلم والعقل والدين والشرف والسنّ مع التساوي فيما ذكر . (49) ويشعر به قول الصّادق عليه السلام : «اعرفوا منازل الناس على قدر رواياتهم عنّا »، (50) ومن طريق العامة : «أنزلوا الناس منازلهم ». (51)

.


1- . البقرة (2): 43.
2- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 164 _ 165 .
3- . في الأصل : «شريح» ، والتصويب من ترجمة الرجل ومصادر كلامه .
4- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 188 _ 189 ؛ فتح العزيز ، ج 4 ، ص 282 _ 286 ؛ المغني والشرح الكبير ، ج 2 ، ص 2 _ 3 .
5- . المغني ، ج 2 ، ص 4 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 3 .
6- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .
7- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 25 ، ح 88 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 240 ، ح 6442 .
9- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 525 ؛ وج 3 ، ص 55 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 158 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 60 ؛ مسند أبي يعلى ، ج 2 ، ص 513 ، ح 1361 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 5 ، ص 403 .
10- . مسند أحمد ، ج 4 ، ص 161 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 317 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 138 _ 139 ، ح 575 ؛ سنن الترمذي ، ج 1 ، ص 140 ، ح 219 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 299 ، ح 931 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 300 _ 301 .
11- . المغني والشرح الكبير ، ج 2 ، ص 2 .
12- . النساء (4) : 102 .
13- . مسند الشافعي ، ص 52 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 158 ؛ وج 8 ، ص 127 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 297 ، ح 921 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 55 .
14- . سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 133 _ 134 ، ح 551 ؛ المستدرك للحاكم ، ج 1 ، ص 245 _ 246 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 75 و 185 .
15- . مسند أحمد ، ج 5 ، ص 196 ؛ وج 6 ، ص 446 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 133 ، ح 547 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 296 _ 297 ، ح 920 ؛ المستدرك للحاكم ، ج 1 ، ص 211 ؛ وج 2 ، ص 482 .
16- . كذا بالأصل ، وفي المصدر : «هذه الصلاة والعشاء» .
17- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 25 ، ح 86 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 294 ، ح 10706 ، ومابين الحاصرات منهما .
18- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 25 ، ح 87 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 194 ، ح 6311 ؛ وج 8 ، ص 293 ، ح 10703 .
19- . الخلاف ، ج 1 ، ص 552 .
20- . منتهى المطلب ، ج 4 ، ص 268 .
21- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 302 ، ح 10730 ، و ص 315 ، ح 10769 .
22- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 286 ، ح 10677 ، وص 289 ، ح 10688 .
23- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 65 و 102 و 112 و 156 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 158 _ 159 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 122 .
24- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 125 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 5 ، ص 409 ، وفيهما : «فكأنّما قام نصف الليل» ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 5 ، ص 407 ، وفيه : «من صلّى العشاء والغداة في جماعة فكأنّما قام اليلل» .
25- . اُنظر : عمدة القاري ، ج 4 ، ص 259 .
26- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 289 _ 290 ، ح 10690 .
27- . شرح اللمعة ، ج 1 ، ص 790 .
28- . كذا بالأصل ، وفي المصدر : «صارت» .
29- . روض الجنان ، ج 2 ، ص 964 _ 965 .
30- . اُنظر : المغني والشرح الكبير ، ج 2 ، ص 7 _ 8 .
31- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 301 .
32- . مسند الشافعي ، ص 177 ؛ صحيح البخاري ، ج 5 ، ص 52 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 214 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 278 ، ح 1238 ؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 47 _ 48 ، ح 1762 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 592 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 253 .
33- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 283 ، ح 842 . ورواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 401 ، ح 1192 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 413 ، ح 11047 .
34- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 301 .
35- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 246 _ 247 ؛ فتح العزيز ، ج 4 ، ص 404 _ 405 .
36- . الفقيه ، ج 1 ، ص 390 ، ح 1154 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 420 ، ح 11065 .
37- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 302 .
38- . مسند أحمد ، ج 3 ، ص 308 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 183 ، ح 790 ؛ ونحوه في صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 172 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 41 _ 42 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 5 ، ص 148 .
39- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 55 ، ح 11049 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 414 ، ح 11049 .
40- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 314 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 287 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 176 _ 177 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 97 .
41- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 303 .
42- . ما اُثبت هو الظاهر الموافق للمصادر ، وفي الأصل : «اولو الأرحام» .
43- . صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 30 ؛ ورواه أحمد في مسنده ، ج 4 ، ص 122 ؛ وابن ماجة في سننه ، ج 1 ، ص 312 _ 313 ، ح 976 ؛ والنسائي في السنن الكبرى ، ج 1 ، ص 286 ، ح 881 ؛ والبيهقي في السنن الكبرى ، ج 3 ، ص 97 .
44- . النهاية ، ج 5 ، ص 139 .
45- . عمدة القاري ، ج 13 ، ص 239 ؛ وج 24 ، ص 86 ؛ صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 1903 (حلم) .
46- . تاج العروس ، ج 20 ، ص 272 .
47- . شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 4 ، ص 155 .
48- . صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 1903 (حلم) .
49- . اُنظر شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 4 ، ص 155 .
50- . الكافي ، كتاب فضل العلم ، باب النوادر ، ح 13 ؛ وسائل الشيعة ، ج 27 ، ص 79 ، ح 33252 ، وص 137 _ 138 ، ح 33418 .
51- . سنن أبي داود ، ج 2 ، ص 444 ، ح 4842 .

ص: 291

. .

ص: 292

. .

ص: 293

. .

ص: 294

. .

ص: 295

. .

ص: 296

. .

ص: 297

. .

ص: 298

باب الصلاة خلف من لا يقتدى به

باب الصلاة خلف من لا يقتدى بهاتّفق الأصحاب على استحباب حضور جماعة أهل الخلاف تقيّة وصورة الائتمام بهم استحبابا مؤكّدا ، بل قد يجب ، روى الصّدوق في الصحيح عن زيد الشّحام، عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «يا زيد ، خالقوا النّاس بأخلاقهم ، صلّوا في مساجدهم، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمّة والمؤذّنين فافعلوا ، فإنّكم إذا فعلتم ذلك قالوا : هؤلاء الجعفريّة رحم اللّه جعفرا ما كان أحسن ما يؤدّب أصحابه ، وإذا تركتم ذلك قالوا : هؤلاء الجعفريّة ، فعل اللّه بجعفر ما كان أسوء ما يؤدّب أصحابه» . (1) وفي الصّحيح عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال : «من صلّى معهم في الصفّ الأوّل كمن صلّى مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الصفّ الأوّل» . (2) وفي الصّحيح عن حفص البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «يحسب لك إذا دخلت معهم ، وإن كنت لا تقتدي بهم، مثل ما يكتب لك إذا كنت مع من يقتدى به» ، (3) وغير ذلك ممّا لا يحصى . وإنّما يفعل معهم صورة الاقتداء وينوى الصلاة فذّا ، (4) ويقرأ في نفسه ولو كانت الصلاة جهريّة ، كما هو ظاهر أكثر أخبار الباب ، وما رواه الشيخ عن محمّد بن إسحاق ومحمّد بن أبي حمزة، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «يجزئك إذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النّفس» . (5) وعن عليّ بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرّجل يصلّي خلف من لا يقتدى بصلاته والإمام يجهر القراءة ، قال : «اقرأ لنفسك ، وإن لم تسمع نفسك فلا بأس» . (6) وفي المنتهى : لا يقال : قد روى الشيخ في الموثّق عن بكير بن أعين ، قال : سألت : أبا عبد اللّه عليه السلام عن النّاصب ياُمّنا ، ما نقول في الصلاة معه ؟ فقال : «أمّا إذا جهر فانصت للقرآن واستمع ، ثمّ اركع واسجد أنت لنفسك». (7) وهذا يدلّ على سقوط القراءة معهم . لأنّا نقول : لا يلزم من الإنصات عدم القراءة ؛ لجواز أن ينصت وقت القراءة ويقرأ وقت السكوت ، كما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «أنّ عليّا عليه السلام كان في صلاة الصبح ، فقال ابن الكوّاء وهو خلفه : «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ» (8) إلى آخر الآية ، فأنصت عليّ عليه السلام حتّى فرغ منها ، ثمّ عاد في قراءته ، ثمّ أعاد ابن الكوّا الآية ، فانصت عليّ عليه السلام أيضا ، ثمّ قرأ فأعاد ابن الكوّا الآية ، فانصت عليّ عليه السلام أيضا ، ثمّ قال : «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ» ، (9) ثمّ أتمّ السورة ، ثمّ ركع ». (10) ويحتمل أيضا أن يكون الإنصات للتقيّة . (11) انتهى . فإن لم يسع قراءة الحمد والسورة يقرأ ما يسعه الوقت ويركع مع الإمام ويسقط وجوب الباقي ؛ لما رواه الشيخ عن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه أو أبي جعفر عليهماالسلامفي الرّجل يكون خلف إمام لا يقتدى به فيسبقه الإمام بالقراءة ، قال : «إذا كان قد قرأ اُم الكتاب أجزأه ، يقطع ويركع ». (12) وهو وإن دلّ بالمفهوم على أنّه متى لم يقرأ فاتحة الكتاب لم تجزه الصلاة لكن المفهوم ليس بحجّة ، بل لو لم يقرأ أصلاً أجزأته ويركع بركوع الإمام ، فقد قال الشيخ في التهذيب : «الإنسان إذا لم يلحق بالقراءة معهم جاز له ترك القراءة والاعتداد (13) بتلك الصلاة بعد أن يكون قد أدرك الركوع ». (14) واحتجّ عليه بخبر إسحاق بن عمّار، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إنّي أدخل المسجد فأجد الإمام قد ركع وقد ركع القوم ، فلا يمكنني أن اُؤذّن واُقيم واُكبّر ، فقال لي : «فإن كان كذلك فادخل معهم في الركعة واعتدّ بها ، فإنّها من أفضل ركعاتك» . قال إسحاق : فلمّا سمعت أذان المغرب وأنا على بابي قاعد قلت للغلام : انظر اُقيمت (15) الصلاة ؟ فجاءني فقال : نعم، فقمت مبادرا فدخلت المسجد ، فوجدت الناس قد ركعوا فركعت مع أوّل صفّ أدركت ، واعتددت بها ، ثمّ صلّيت بعد الانصراف أربع ركعات ، ثمّ انصرفت فإذا خمسة أو ستّة من جيراني قدموا إليّ من المخزوميّين والاُمويّين فأقعدوني، ثمّ قالوا : يا باهاشم ، جزاك اللّه عن نفسك خيرا، فقد _ واللّه _ رأينا خلاف ما ظنّنا بك ، وما قيل فيك ، فقلت : وأيّ شيء ذلك ؟ فقالوا تبعناك حتّى قمت إلى الصلاة ونحن نرى أنّك لا تقتدي بالصّلاة معنا ، فقد وجدناك قد اعتددت بالصّلاة معنا وصلّيت بصلاتنا ، رضي اللّه عنك وجزاك خيرا . قال : فقلت لهم : سبحان اللّه ، ألمثِلي يقال هذا ؟ قال : فعلمت أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام لم يأمرني بذلك إلّا هو يخاف عليّ هذا وشبهه . (16) وإذا فرغ من القراءة قبل الإمام يسبّح حتّى يركع الإمام، والأفضل أن يبقي آية من السورة حتّى يقرأ متّصلاً بالركوع ؛ لموثقة زرارة، (17) وخبر إسحاق بن عمّار . (18)

.


1- . الفقيه ، ج 2 ، ص 283 ، ح 1128 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 430 ، ح 11092 .
2- . أمالي الصدوق ، المجلس 58 ، ح 16 ؛ الاعتقادات ، ص 109 ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 382 ، ح 1125 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 299 ، ح 10717 .
3- . الفقيه، ج 1، ص 383، ح 1126؛ ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 2، ص 265 _ 266، ح 752؛ ونحوه في الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 8، ص 299، ح 10719.
4- . الفذّ : الفرد . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 374 (فذذ) .
5- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 36 ، ح 128 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 430 ، ح 1662 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 364 ، ح 10914 .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 36 ، ح 129 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 430 _ 431 ، ح 1663 ؛ وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 127 _ 128 ، ح 7523 ؛ وج 8 ، ص 363 ، ح 10911 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 35 ، ح 126 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 430 ، ح 1660 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 368 ، ح 10924 .
8- . الزمر (39) : 65 .
9- . الروم (30) : 60 .
10- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 35 _ 36 ، ح 127 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 367 ، ح 10923 .
11- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 265 _ 266 .
12- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 36 _ 37 ، ح 130 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 430 ، ح 1659 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 364 ، ح 10915 ، وكان بالأصل : « ... أجزأته يقطع وركع» ، فصوّبناه حسب المصدر .
13- . في الأصل : «لا اعتداد» ، والمثبت من المصدر .
14- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 37 _ 38 ، ذيل الحديث 132 .
15- . في الأصل : «أقامت» ، والمثبت من المصدر .
16- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 38 ، ح 133 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 431 _ 432 ، ح 1666 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 368 _ 369 ، ح 10925 .
17- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 370 ، ح 10928 .
18- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 370 ، ح 10929 .

ص: 299

. .

ص: 300

. .

ص: 301

باب من يكره الصلاة خلفه ، و

باب من يكره الصلاة خلفه ، والعبد يؤمّ القوم ، ومن أحقّ أن يؤمّأراد قدس سرهبالكراهة المعنى العام الشامل للحرمة بقرينة أخبار الباب، ويتوقّف تحقيق المقام على البحث عن صفات الإمام ، وهي اُمور : الأوّل : البلوغ . والمشهور بين الأصحاب اشتراط الإمامة [به]، و إليه، ذهب الشيخ في كتابي الأخبار (1) والنهاية ، (2) وهو منقول في المنتهى (3) عن أبي حنيفة وأحمد ومالك والثوريّ _ يعنى في الفريضة ؛ لما سيأتي _ وعن الأوزاعي وابن عبّاس وابن مسعود وعطا ومجاهد. (4) في المختلف (5) عن [ابن ]البرّاج (6) وعدّ فيه أقوى؛ محتجا بأنّ غير البالغ ليس من أهل التكليف ، ولا يعدّ فعله طاعة ؛ لأنّها موافقة الأمر ، والصبيّ ليس مأمورا إجماعا، وبأنّ الإمامة مشروطة بالعدالة ، وهي غير متحقّقة فيه ؛ لأنّها هيئة قائمة بالنّفس تقتضي البعث على ملازمة الطّاعات والانتهاء عن المحرّمات ، وكلّ ذلك فرع التكليف ، ولأنّه عالم بعدم المؤاخذة له بما يصدر عنه من القبائح ، فلا يؤمن بطلان صلاته بما يوقعه من الأفعال المنافية لها ؛ إذ لا زاجر له عنه . وبما رواه إسحاق بن عمّار، عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلام أنّ عليّا عليه السلام كان يقول : «لا بأس أن يؤذّن قبل أن يحتلم ولا يؤمّ حتّى يحتلم ، فإن أمّ جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه» . (7) وجوّز الشيخ في الخلاف (8) والمبسوط (9) إمامة المراهق المميّز؛ محتجّا بإجماع الفرقة مستندا بأنّهم لا يختلفون في أنّ من هذه صفته تلزمه الصلاة لقوله عليه السلام : «مروهم بالصّلاة لسبع» (10) وهو يدلّ على أنّ صلاتهم شرعيّة ، ولأنّه (11) جاز أنّ يكون مؤذّنا فجاز أن يكون إماما ، وبما رواه طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلام، عن عليّ عليه السلام قال : «لا بأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم وأن يؤمّ». (12) ومثله ما رواه المصنّف عن غياث بن إبراهيم . (13) وأجاب (14) عنه بمنع الإجماع على تكليف غير البالغ المميّز ، لو ادّعى الإجماع على خلافه لكان أولى ، وإنّ أمر الولي بأمرهم بالصّلاة ليس أمرا لهم ، فإنّ الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا بذلك الشيء ، ومشروعيّة صلاتهم إن عنى بها أنّها مطلوبة منهم للتمرين فهو مسلّم ولا ينفع ، وإن اُريد بها استحقاق الثواب فهو ممنوع . والرواية ضعيفة فإنّ طلحة بتريّ ، (15) ومتأوّلة بالغلام الذي بلغ بالسنين ولم يحتلم . (16) وغياث بن إبراهيم أيضا بتري (17) وإن وثّقه جماعة . (18) وهذا القول منقول في المنتهى (19) عن الحسن البصريّ وإسحاق وابن المنذر والشافعيّ (20) ؛ محتجين بما رواه عمر بن سلمة ، قال : كنت غلاما حافظا قد حفظت قرآنا كثيرا ، فانطلق أبي وافدا إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله في نفر من قومه ، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله : «يؤمّكم أقرأكم لكتاب اللّه »، فقدّموني ، فكنت اُصلّي بهم وأنا ابن سبع أو ثمان . (21) وأجاب عنه : أوّلاً بضعف السّند مستندا بأنّ الخطّابي كان يضعّف حديث عمر بن سلمة ويقول: لا أدري أيّ شيء هو . (22) وثانيا : بأنّه إنّما استدلّ الائتمام به إلى جماعته ولم ينقله عن الرّسول صلى الله عليه و آله ، فلعلّهم أخطأوا في فهم قوله عليه السلام : «يؤمّكم أقرأكم» بحمله على العموم . وأيّده بقوله في الحديث: وكنت إذا سجدت خرجَت استي . وهذا غير سائغ . (23) ونقل في المنتهى (24) عن أبي حنيفة ومالك والثّوريّ جواز إمامة المراهق في النفل ، وقد منعوه في الفريضة كما عرفت . (25) ونقل في المختلف عن ابن الجنيد أنّه قال : غير البالغ إذا كان سلطانا مستخلفا للإمام كولّي العهد للمسلمين يكون إماما ، وليس لأحد أن يتقدّم ؛ لأنّه أعلى وذو السلطان بعد الإمام الأكبر ، وأمّا غيره من الصبيان فلا أرى أن يأمّ في الفرائض من هو أسنّ منه . (26) الثاني : العقل . وهو شرط للإمامة بإجماع أهل العلم ؛ لأنّ المجنون غير مكلّف ولا بمميزّ، فلا صلاة له . ولصحيحة أبي بصير، (27) وحسنة زرارة . (28) وفي المنتهى : «ولو أفاق في وقت صحّت إمامته فيه ؛ لأنّه مكلّف حينئذٍ لكنّه يكره لجواز أن يكون قد احتلم حال جنونه ولم يعلم ، ولأنّه ربّما يأخذه الجنون حال الصلاة ». (29) الثالث : الإسلام . وهو مذهب علماء الإسلام ، قال اللّه تعالى : «وَ لَا تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَ_لَمُوا» (30) والكافر ظالم والاقتداء به ركون إليه واعتماد عليه في القراءة والسّهو . ولأنّ الإمام ضامن لصلاة المأموم ، والكافر ليس أهلاً لها . ولو اقتدى به ظنّا إسلامه فبان كافرا، فقد اختلف في صحّة ما فعله من الصلاة وفسادها ، ويأتي القول فيه . الرّابع : الإيمان . ذهب إليه علماؤنا أجمع (31) ؛ لصحيحة إسماعيل الجعفيّ ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : رجل يحبّ أمير المؤمنين عليه السلام ولا يبرأ من عدوّه ويقول : هو أحبّ إليّ ممّن خالفه ، فقال : «هو مخلّط ، وهو عدو، لاتصل خلفه ولا كرامته إلّا أن تتقيه ». (32) وصحيحة البرقيّ ، قال كتبت إلى أبي جعفر أتجوّز جعلت فداك ، الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدّك صلوات اللّه عليهما ، فأجاب : «لا تصلّ وراءه» . (33) وصحيحة ثعلبة بن ميمون، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة خلف المخالفين ، فقال : «ما هم عندي إلّا بمنزلة الجدر» . (34) وحسنة زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : إنّ اُناسا رووا عن أمير المؤمنين أنّه صلّى أربع ركعات بعد الجمعة لم يفصل بينهنّ بتسليم ، فقال : «يا زرارة ، إنّ أمير المؤمنين عليه السلام صلّى خلف فاسق ، فلمّا سلّم وانصرف قام أمير المؤمنين وصلّى أربع ركعات لم يفصل بينهنّ بتسليم» . (35) وخبر إبراهيم بن شعبة، قال كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام أسأله عن الصلاة خلف من يتولّى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يرى المسح على الخفّين ، أو خلف من يحرّم المسح وهو يمسح ، فكتب: «جامعك وإياهم موضع واحد فلم تجد بدّا من الصلاة فأذّن لنفسك وأقم ، فإن سبقك إلى القراءة فسبّح» . (36) وخبر خلف بن حمّاد، عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «لا تصلّ خلف الغالي وإن كان يقول بقولك ، والمجهول والمجاهر بالفسق وإن كان مقتصدا» . (37) وما رواه الشيخ والصدوق عن عليّ بن عليّ بن محمّد الهادي ومحمد بن عليّ الجواد عليهماالسلام أنّهما قالا : «من قال بالجسم فلا تعطوه من الزكاة ولا تصلّوا وراءه» . (38) ولما سبق من قوله تعالى: «وَ لَا تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَ_لَمُوا» (39) بالتقريب المذكور . ولأنّه ليس أهلاً لضمان الصلاة . الخامس : طهارة المولد. وكتب الأصحاب مشحونة بذلك الاشتراط ، قال السيّد المرتضى في الانتصار: «الظّاهر من مذهب الإماميّة أنّ الصلاة خلف ولد الزّنا غير مجزية ؛ للإجماع والاحتياط ». (40) ولم أجد مخالفا من الأصحاب في ذلك . وهو منقول في المنتهى (41) عن أبي حنيفة وأصحابه ، وعن الشافعيّ أنّه قال بكراهة إمامته ، وعن مالك أنّه كره أن يتّخذ إماما راتبا ، وعن أحمد وعطا والحسن والنخعيّ والزّهريّ وعمرو بن دينار وإسحاق الجواز من غير كراهية . (42) فاحتج في المنتهى على عدم الجواز بصحيحة أبي بصير، (43) وحسنة زرارة ، (44) ومثلهما ما رواه الصدوق عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «خمسة لا يؤمّون النّاس ولا يصلّون بهم صلاة فريضة في جماعة : الأبرص ، والمجذوم ، والأعرابي حتّى يهاجر ، وولد الزنا ، والمحدود». (45) وبأنّ الإمامة فضيلة ، وهو لنقصه لا يجعل له مزيّة على الكامل وبقوله عليه السلام : «إنّه شرّ الثلاثة» ؛ (46) إذ يفهم منه أن شرّه أعظم من شرّ أبويه ، ولا شكّ في أنّ الزنا كبيرة مانعة عن الائتمام به ، فالمنع عن الائتمام بذلك (47) أولى بالمنع عن الائتمام به. واحتجّ المخالف بعموم قوله عليه السلام : «يؤمّكم أقرأكم» . (48) وبما نقلوه عن عائشة أنّها قالت : ليس عليه من وزر أبويه شيء . (49) والجواب عن الأوّل : أنّه مخصوص للجمع. وعن الثاني تسليم عدم تعلّق وزر الزّنا به ، ولا ينافي ذلك الحكم بكونه شرّ الثلاثة . (50) السّادس : العدالة . في المنتهى: (51) العدالة شرط في الإمام ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال أحمد في إحدى الرّوايتين ومالك ، (52) ونقله السيّد المرتضى عن أبي عبد اللّه البصريّ (53) محتجا بإجماع أهل البيت عليهم السلام وكان يقول : إنّ إجماعهم حجّة . (54) وفي الرواية الاُخرى عن أحمد أنّها ليست شرطا ، وهو قول الشافعيّ وأبي حنيفة . (55) لنا : ما رواه الجمهور عن جابر ، قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله على منبره يقول : «لا يؤمن امرأة رجلاً ولا فاجر مؤمنا ، إلّا أن يقهره سلطان أو يخاف سوطه أو سيفه» . (56) وقوله عليه السلام في خبر خلف بن حمّاد المتقدّم: «والمجاهر بالفسق». (57) وما تقدّم من حسنة زرارة في حكاية فعل أمير المؤمنين عليه السلام . (58) وما رواه الشيخ عن سعد بن إسماعيل، عن أبيه ، قال : قلت للرضا عليه السلام : رجل يقارف الذّنوب وهو عارف بهذا الأمر ، اُصلّي خلفه ؟ قال : «لا». (59) وعن أبي عليّ بن راشد ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : «إنّ مواليك قد اختلفوا فاُصلّي خلفهم جميعا ؟ فقال : «لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه وأمانته» . (60) وما رواه ابن بابويه أيضا عن أبي ذر رحمه الله قال : إنّ إمامك شفيعك إلى اللّه عزّ وجلّ ، فلا تجعل شفيعك سفيها ولا فاسقا . (61) ولأنّ الفاسق ظالم ، فلا يركن إليه ، ولأنّه ليس أهلاً لضمان الصلاة ، ولأنّه لا يؤمن من إخلاله بشيء من واجبات الصلاة . احتجّ المخالف بقوله عليه السلام : «صلّوا خلف من قال لا إله إلّا اللّه » . (62) وبأنّ الحسنين عليهماالسلام كانا يصلّيان مع مروان ، (63) وابن عمر كان يصلّي مع الحجّاج . (64) وبما رواه أبوذر رضى الله عنه قال : قال لي رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «كيف أنت إذا كانت عليك اُمراء يؤخّرون الصلاة عن وقتها؟» قال : قلت : فما تأمرني؟ قال : «صلّ الصلاة لوقتها ، فإن أدركتها معهم فصلّ ، فإنّها لك نافلة ». (65) ولأنّه تصحّ صلاته ، فيصحّ الائتمام به كالعدل . والجواب عن الأوّل أنّه مخصوص بما ذكرنا ، وعن الثاني أنّهم فعلوا ذلك تقيّة وخوفا . وحديث أبي ذر لا دلالة [له] على المدّعى ؛ إذ إنّما جوّز له أن يصلّي معهم تطوّعا ، وهو أيضا للتقيّة . على أنّ تأخير الصلاة ليس معصية ، والقياس باطل ؛ إذ صحّة صلاته لا تستلزم صحّة الائتمام به . (66) والمشهور اعتبار العلم بعدالته الحاصل بالمعاشرة أو بإخبار العدول ، ويشعر به بعض ما ذكر من الأدلّة . وحكى في المختلف عن ابن الجنيد أنّه قال : «كلّ المسلمين على العدالة إلى أن يظهر منه ما يزيلها »، (67) وهو يشعر بجواز إمامة المجهول حاله إذا علم إسلامه . وردّه بأنّ الفسق مانع ، فلا يخرج عن العهدة إلّا بعد العلم بانتفائه . السابع : الذكورة إذا كان المأموم ذكرا. وفي المنتهى : هو قول عامّة أهل العلم إلّا ما حكي عن أبي ثور والمزني ومحمّد بن جرير (68) الطبريّ ، فإنّهم قالوا بجوازه في صلاة التراويح إذا لم يكن قارئ غيرها ، وتقف خلفهم . (69) لنا : ما رواه الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : أخّروهنّ من حيث أخّرهنّ اللّه » . (70) ولأنّ المرأة مأمورة بالاستتار ، والإمام مأمور بضدّه. ولأنّها لا تؤذّن للرجال فلا تكون إماما لهم كالكافر . احتجّ المخالف بما روي عن اُم ورقة بنت نوفل 71 : إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يدورها في بيتها ، فجعل لها مؤذّنا يؤذّن لها ، وأمرها أن تؤمّ أهل دارها ، وذلك عامّ في الرّجال والنّساء . والجواب: [أنّ] [ال ]دار قطني روى أنّه عليه السلام [أمرها] أن تؤمّ نساء أهل دارها . (71) وأيضا فهو محمول على ذلك؛ لما قلنا . انتهى . وأمّا إمامتها للنّساء فهي جائزة مستحبّة على المشهور ويجيء القول فيه . الثامن : قيام الإمام إذا كان المأموم قائما . نسبه في المنتهى (72) إلى علمائنا وإلى إحدى الروايتين عن مالك وإلى محمّد بن الحسن ، وحكى عن أبي حنيفة والشافعيّ ومالك في الرواية الاُخرى أنّه يجوّز ذلك ، وعن الأوزاعيّ وحمّاد بن زيد وإسحاق وأحمد في رواية وابن المنذر أيضا جوازه ، لكن قالوا : يصلّي جالسا كالإمام . (73) وفي رواية اُخرى عن أحمد صحّة صلاته لو صلّى قائما لكن شرط كون الإمام موظّفا لها وأن يكون مرضه مرجوّ الزوال . (74) لنا : ما رواه الجمهور من قوله صلى الله عليه و آله : «لا يؤمّنّ أحد بعدي جالسا» . (75) وما رواه الصدوق عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله صلّى بأصحابه جالسا ، فلما فرغ قال : «لا يؤمّنّ أحد بعدي جالسا». (76) وربّما احتجّ عليه بأنّ القيام ركن فلا يصحّ ائتمام القادر عليه بالعاجز عنه كغيره من الأركان . واحتج الشافعيّ وأضرابه بما روت عائشة : أنّ أبا بكر صلّى بالناس فوجد النبيّ صلى الله عليه و آله عليه من نفسه خفّة ، فخرج بين رجلين ، فأجلساه إلى جنب أبي بكر ، فصلّى قاعدا والناس قيام يأتمّون به . (77) واحتجّ أحمد بما رواه أبو هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به ، فلا تختلفوا عليه ، وإذا صلّى جالسا فصلّوا جلوسا أجمعون» . (78) والجواب عن الأوّل : أنّ حال النبيّ صلى الله عليه و آله ليس كحال غيره ، فإنّ الصلاة معه حال جلوسه أفضل منها حال قيام غيره. ويؤيّده قوله عليه السلام بعدها : «لا يؤمّنّ أحد بعدي جالسا» . وعن الثاني : أن ضعف أبي هريرة على ما مرّ يمنع من العمل بما تفرّد به لا سيّما مع المعارضة لأخبار متعدّدة. وهل فاقد غيره من الأركان والشرائط كفاقده ، فقد جوّز الشيخ في الخلاف للقاعد أن يأتمّ بالمومي ، وللمكتسي أن يأتمّ بالعاري . (79) ومنعه في المختلف، معللاً بأنّ صلاة العاري إنّما تكون بالإيماء ، ولا يتمكّن من الركوع والسجود كما ينبغي ، فيكون كالقاعد لا يصلح إماما للقائم ؛ لإخلاله بالقيام . (80) التاسع : كون الإمام قارئا إذا كان المأموم قارئا . فلا يؤمّ الاُمّي _ وهو من لا يحسن القراءة الواجبة _ من يحسنها ، وهو محكي في المنتهى (81) عن أبي حنيفة وأحمد و أحد أقوال الشافعيّ ، وعن قوله الثاني وعن المزني أيضا جوازه ، وعن قوله الثالث وعن الثوريّ وأبي ثور جوازه في الإخفاتيّة دون الجهريّة . (82) لنا : ما روي في الطريقين من قولهم عليهم السلام : «يؤمّكم أقرأكم»، (83) وسيأتي . ولأنّ القراءة واجبة مع القدرة ، فلو ائتمّ القادر عليها بالعاجز عنها فقد أخلّ بالواجب . ولأنّه ليس أهلاً لتحمّل القراءة. (84) واحتجّ المجوّز مطلقا بقياسيه على ائتمام القائم بالقاعد ، وهو ضعف في ضعف. واستدلّ المفصّل بأنّ المأموم لا تجب عليه القراءة في الجهريّة وتجب في الإخفاتيّة ، والإمام لا يصلح لتحمّلها ، فلا يجوز الائتمام فيما يتحمّلها ، وهو الجهريّة ، ولا يتحقّق التحمّل في الإخفاتيّة ؛ لأنّه يقرأ المأموم نفسه ، لوجوب القراءة عليه فيها . (85) وقد سبق ضعف هذا الوجوب . وهل يجب على الاُميّ الائتمام بالقارئ أو يجوز له أن يكتفي بما يحسن من القراءة أو بدلها من التسبيح ؟ الظاهر العدم ؛ للأصل وعدم نصّ عليه . وحكى في المنتهى (86) عن أبي حنيفة وجوبه محتجا بأنّه يمكنه أن يؤدّي صلاته بقراءة ، والقراءة واجبة، فيجب الطريق إليها . وخالف فيه آخرون من العامة محتجّين بأنّ رجلاً جاء إلى النبيّ صلى الله عليه و آله فقال : إنّي لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن فقال : «قلّ سبحان اللّه والحمد للّه »، (87) ولم يأمره بالائتمام بالقارئ . وفي حكم الاُمّي الأليغ بالياء المثنّاة من تحت والغين المعجمة ، وهو الذي لا يبيّن الكلام ولا يأتي بالحروف على الصحّة . (88) ومنه الذي يبدّل حرفا بحرف آخر ويقال له : الألثغ بالثاء المثلّثة والغين المعجمة (89) كالتّمتام والفأفأ ، وهما اللذين لا يؤدّيان التاء والفاء ، فإنّهما بالنسبة إلى هذين الحرفين كالأخرس . (90) وقال الشيخ في المبسوط : «يكره الصلاة خلف التمتام، وهو الذي لا يؤدّي الفاء» (91) محتجّا بأنّه غير مكلّف بالإتيان بذلك الحرف لعجزه عنه ، فصحّت صلاته وصلاة من خلفه ؛ لأنّها منوطة بصلاة صحيحة وقد حصلت . وأجاب عنه في المختلف (92) بالمنع كما في الأخرس . وفي المنتهى: «الأقرب أنّ الشيخ عنى أنّهما لا يؤدّيان الحرفين إلّا بمشقّة . قال صاحب الصحاح : التمتام : الذي في لسانه تمتمة ، وهو الذي يردّد في التاء ، (93) والفأفاء : هو أن يردّد في الفاء إذا تكلّم» (94) . (95) وأقول : يشعر بذلك قوله «لا يحسن أن يؤدّي» بدلاً عن «لا يؤدّي» ، فإنّ معناه لا يؤدّيه حسنا . ومنه الأرتّ ، وهو على ما ذكره الجوهري (96) الذي في كلامه عجمة ، يعني لا يقدر أن يخرج الحروف من مخارجها . وأمّا الأرثّ (97) وهو _ على ما فسّره الشيخ (98) على ما نقل عنه في المنتهى _ (99) : الذي يلحقه في أوّل كلامه ريح يمنعه من التكلّم ، ثمّ ينطلق لسانه ، فيجوز إمامته. العاشر . أن لا يكون الإمام أعرابيا إذا كان المأموم (100) مهاجرا . والمراد بالأعرابي من لا يعرف محاسن الإسلام من أهل البوادي ، والمهاجر أهل الأمصار العارفين بها، ولم أجد مخالفا لذلك من الأصحاب . واحتجوا عليه بقوله تعالى : «الأَْعْرابُ أَشَدُّ كُفْرا وَ نِفاقا وَ أَجْدَرُ أَلاّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ» ، (101) وبصحيحة أبي بصير . (102) ويدلّ أيضا حسنة زرارة، (103) وما تقدّم من خبر الصدوق عن محمّد بن مسلم ، (104) وهو منقول في المنتهى (105) عن مالك، وعن عطا والثوريّ وإسحاق وأحمد وأصحاب الرأي جوازه من غير كراهية ، (106) محتجّين بعموم قوله عليه السلام : «يؤمّكم أقرأكم» . ودفعه واضح . ولو كان الأعرابي عارفا بشرائع الإسلام فلا خلاف في جوازه ؛ عملاً بالعموم السالم عن المعارض ، ولقوله تعالى: «وَ مِنَ الأَْعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الآخِرِ» ، (107) الآية . وكرّهها بعض ، وهو غير مستند . الحادي عشر : الاختتان مع إمكانه . فلا يجوز إمامة الأغلف مع التفريط ولو كان المأموم مثله على المشهور (108) ؛ للفسق ، ولما رواه الشيخ عن عمرو بن خالد عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليهم السلام قال : «الاًغلف لا يؤمّ القوم وإن كان أقرأهم ؛ لأنّه ضيّع من السنّة أعظمها ، ولا تقبل له شهادة ، ولا يصلّى عليه إلّا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه». (109) ورواه الصدوق أيضا مرسلاً عن عليّ عليه السلام . (110) وحكى في المختلف (111) عن أبي الصلاح أنّه جوّزها لمثله ، (112) وهو ضعيف لما ذكر ، إلّا أن يريد به من كان معذورا . الثاني عشر : أن لا يكون محدودا قبل توبته . للفسق، ولما تقدّم من خبري أبي بصير (113) ومحمّد بن مسلم . (114) وأمّا بعد توبته فيجوز إمامته مع الكراهة مطلقا على المشهور ، وفي المختلف (115) : «منع أبو الصلاح من إمامة المحدود للبريء وجوّزه لمثله »، (116) والظّاهر أن مراده المحدود بعد التوبة . الثالث عشر : السلامة من الخرس . لضمانه القراءة ، ويجوز إمامته لمثله . ولها شرائط اُخرى قد اختلفوا فيها: منها : البراءة من الجذام والبرص ، فقد اشترطها السيّد المرتضى (117) والشيخ (118) ؛ للخبرين المشار إليهما . وقال المفيد (119) وابن إدريس (120) بكراهتها ، وعدّت في المختلف (121) أقرب؛ للجمع بينهما وبين العمومات وخصوص ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن يزيد، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المجذوم والأبرص يؤمّان الناس ؟ قال : «نعم» ، قلت: هل يبتلي اللّه بهما المؤمن ؟ قال : «نعم ، وهل كتب اللّه البلاء إلّا على المؤمن». (122) والظاهر عدم الفرق بين المأموم المماثل وغيره . ومنها : الحرّيّة ، فذهب الشيخ في النهاية (123) والمبسوط (124) إلى عدم جواز إمامة العبد للأحرار إلّا لمواليه إذا كان أقرأ منهم ، وهو منقول في المختلف (125) عن ابن البرّاج ، (126) وعن الصدوق في المقنع، (127) محتجّين بما رواه السكوني عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ عليهم السلام قال : «لايؤّم العبد إلّا أهله» . (128) والمشهور بين الأصحاب منهم الشيخ في الخلاف (129) والاستبصار (130) الجواز مطلقا ؛ لصحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلامأنّه سئل عن العبد يؤمّ القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قرآنا ؟ قال : «لا بأس» . (131) وصحيحته بسند آخر عن أبي عبد اللّه عليه السلام مثله . (132) ومضمرة سماعة ، قال : سألته عن المملوك يؤمّ الناس ؟ قال : «لا ، إلّا أن يكون هو أفقههم وأعلمهم» . (133) وخبر السكونيّ _ مع ضعفه وعدم قابليّته للمعارضة لما ذكر _ يمكن حمله على الكراهة كما هو ظاهر الشيخ في الاستبصار (134) والعلّامة في المختلف ، (135) ونقلت فيه عن أبي الصلاح . (136) وهذا القول منقول في المنتهى (137) عن الشافعيّ وأحمد والحسن البصريّ وأصحاب الرأي وجماعة اُخرى من العامّة ، (138) محتجّين بما نقلوه : أنّه كان لعائشة غلام يؤمّها ، (139) وأنّه صلّى ابن مسعود وحذيفة وأبو ذرّ وراء أبي سعيد ، وهو كان عبدا لبني أسد. (140) وعن مالك أنّه لم يجوّز إمامته إلّا أن يكون قارئا للاُمّي . (141) ومنها : السلامة من الخصاء إذا كان المأموم سليما منه ، فقد اشترطها أبو الصلاح (142) على ما نقل عنه في المختلف ، (143) ولم أعثر على مستنده ، وكأنّه استند بأنّه عيب ينافي منصب الإمامة ، ففيه ما فيه . والمشهور جوازه مطلقا لأنّ الخصا لا يسلب الرجوليّة ولا يوجب الفسق . ومنها : عدم كونه خنثى لغير المرأة ، فالمشهور اشتراطه لجواز أن يكون امرأة ، فلا تجوز إمامته للرّجال ، وهو ظاهر ، ولا لمثله لجواز أن يكون ذلك المماثل رجلاً . وحكى في المختلف (144) عن ابن حمزة أنّه جوّز إمامتها لمثلها. (145) ومنها : السلامة من اللحن ، فقد قال الشيخ في المبسوط : «يكره إمامة من يلحن في قراءته ، سواء كان في الحمد أو في غيرها ، أحال المعنى أولم يحل »، (146) محتجّا بأنّ صلاته صحيح ، فجاز أن يكون إماما، وردّه في المختلف بالمنع من الملازمة كالآخرين ، وقال : والوجه عندي أنّه لا يصحّ أن يكون إماما ؛ أمّا إذا تعمّد فلأنّ صلاته باطلة ؛ لأنّه لم يقرأ القرآن كما اُنزل ، وأمّا إذا لم يتمكّن فلأنّه بالنسبة إلى الأعراب كالأخرس ، فكما لا يصحّ إمامة الأخرس لا تصحّ إمامته . (147) وقال ابن إدريس : لا تجوز إمامته إذا تغيّر المعنى بلحنه . (148) ويستحبّ أن لا يكون الإمام فالجا للأصحّاء ؛ لرواية السكونيّ، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ عليهم السلام قال : «لا يؤمّ صاحب الفالج الأصحّاء» ، (149) وسيأتي تتمّة الخبر ، حملاً للنّهي فيه على الكراهة ؛ لما تقرّر من حمل الأمر والنّهي في الأخبار الضعيفة المخالفة للأصل على النّدب والكراهة ، للمساهلة في أدلّتهما . وهذا إذا صلّى قائما ، فلو عجز وصلّى قاعدا لا تجوز إمامته للقائم ؛ لما مرّ . ويكره أن يأتم المطهّر بالماء بالمتيمّم ، وفي المنتهى: «لا نعرف فيه خلافا إلّا ما حكي عن محمّد بن الحسن الشيبانيّ من المنع من ذلك »، (150) وبذلك جمعوا بين ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبّاد بن صهيب ، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : «لا يصلّي المتيمّم بقوم متوضّئين»؛ (151) وعن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهماالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : «لا يؤمّ المقيّد المطلقين ، ولا يؤمّ صاحب الفالج الأصحّاء ، ولا صاحب التيمّم المتوضّئين»، (152) وبين ما رواه في الصّحيح عن حمزة بن حمران وجميل بن درّاج ، قال : قلت (153) لأبي عبد اللّه عليه السلام : إمام قوم أصابته جنابة في السفر وليس معه من الماء يكفيه للغسل، أيتوضّأ بعضهم ويصلّي بهم ؟ قال : «لا ، ولكن يتيمّم الجنب ويصلّي بهم ، فإنّ اللّه جعل التراب طهورا» . (154) واُيّد ذلك بعموم الأمر بالجماعة ، وبما رواه الجمهور : أنّ عمرو بن العاص صلّى بأصحابه متيّمما وبلغ النبيّ صلى الله عليه و آله ذلك ولم ينكره، وصلّى ابن عبّاس معه بأصحابه وفيهم عمّار بن ياسر وجماعة من الصحابة ولم ينكروه ، (155) وقد فرع على ما ذكر كونه إجماعيّا في المنتهى . (156) ويكره أن يؤمّ المسافر الحاضر ، وفي المنتهى : «وبه قال أبو حنيفة ». (157) وبه قال المفيد (158) والشيخ في الخلاف (159) وابن إدريس ، (160) ونقله في المختلف (161) عن السيّد المرتضى (162) وأبي الصلاح (163) أيضا . وظاهر الشيخ في النهاية (164) والمبسوط (165) اختصاص الكراهة بإمامة المسافر للحاضر حيث إنّه خصّ ذلك بالذكر ، ومثله نقل عن جمله (166) واقتصاده . (167) وهو منقول عن ابن البرّاج (168) وسلّار (169) أيضا ، وعن الشافعيّ (170) وعن الصدوق أنّه قال في المقنع : «لا يجوز أن يصلّي المسافر خلف المقيم ». (171) وعن عليّ ابن بابويه : أنّه قال : «لا يجوز إمامة المتمّم للمقصّر ولا بالعكس ». (172) وفي المنتهى : لنا : أنّ مفارقة الإمام للمأموم مكروهة ، وهي حاصلة هنا على كلا التقديرين . وما رواه الشيخ عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «لا يؤمّ الحضري المسافر ، ولا المسافر الحضري ، فإن ابتلي بشيء من ذلك فأمّ قوما حاضرين ، فإذأ اتمّ ركعتين سلّم ثمّ أخذ بيد بعضهم فقدّمه فأمّهم و [إذا صلّى المسافر خلف المقيم فليتمّ صلاته ركعتين ويسلّم، وإن صلّى معهم الظهر فليجعل الأوّلتين الظهر والأخيرتين العصر]». (173)

.


1- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 29 _ 30 ، ذيل الحديث 104 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 423 _ 424 ، الباب 258 .
2- . النهاية ، ص 113 .
3- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 197 .
4- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 249 ؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة ، ج 2 ، ص 54 ؛ نيل الأوطار ، ج 3 ، ص 202 _ 203 .
5- . مختلف الشيعة ، ج 2 ، ص 51 _ 52 .
6- . المهذّب ، ج 1 ، ص 80 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 29 ، ح 103 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 423 _ 424 ، ح 1632 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 322 ، ح 10789 .
8- . الخلاف ، ج 1 ، ص 553 _ 554 ، المسألة 295 .
9- . المبسوط ، ج 1 ، ص 154 .
10- . المعجم الأوسط للطبراني ، ج 4 ، ص 256 ؛ سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 237 ، ح 880 ؛ كنز العمّال ، ج 16 ، ص 442 ، ح 45335 .
11- . هذا هو الظاهر المناسب لما بعده ، وهكذا ورد في مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 52 ، وفي الأصل : «ولأنّهم» .
12- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 29 _ 30 ، ح 104 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 424 ، ح 1633 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 323 ، ح 10790 .
13- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 441 ، ح 7034 ؛ وج 8 ، ص 321 ، ح 10785 .
14- . يعني العلّامة في مختلف الشيعة .
15- . رجال الطوسي ، ص 138 ، الرقم 1464 .
16- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 53 .
17- . رجال الطوسي ، ص 142 ، الرقم 1542 ؛ خلاصة الأقوال ، ص 441 ؛ رجال ابن داود ، ص 265 ، الرقم 387 .
18- . رجال النجاشي ، ص 305 ، الرقم 833 ؛ خلاصة الأقوال ، ص 385 و 441 .
19- . منتهى المطلب، ج 6، ص 197.
20- . المغني والشرح الكبير لابني قدامة ، ج 2 ، ص 54 ؛ المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 249 .
21- . سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 141 ، ص 585 .
22- . اُنظر : المغني ، ج 2 ، ص 55 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 54 .
23- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 199 .
24- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 197 .
25- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 249 _ 250 ؛ نيل الأوطار ، ج 3 ، ص 203 .
26- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 51 _ 52 .
27- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 325 ، ح 10796 .
28- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 325 ، ح 10797 .
29- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 197 .
30- . هود (11) : 113 .
31- . اُنظر : مدارك الأحكام ، ج 4 ، ص 65 .
32- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 28 ، ح 97 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 309 ، ح 10751 .
33- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 28 ، ح 98 . ورواه الصدوق في الفقيه ، ج 1 ، ص 379 ، ح 1112 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 310 ، ح 10753 .
34- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 266 ، ح 754 ؛ وهذا الحديث هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي ، وفيه : «ثعلبه ، عن زرارة ، قال : سألت ...» ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 309 ، ح 10749 ، وص 366 ، ح 10920 .
35- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 266 ، ح 756 ؛ وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 350 _ 351 ، ح 9549 .
36- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 276 _ 277 ، ح 807 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 363 ، ح 10912 .
37- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 31 ، ح 109 ، وص 282 ، ح 837 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 310 _ 311 ، ح 10754 ، وكان بالأصل : «معتقدا» بدل «مقتصدا» ، فصوّبناه حسب المصدر .
38- . التوحيد ، ص 101 ، باب معني التوحيد والعدل ، ح 11 ؛ الفقيه ، ج 1 ، ص 379 ، ح 1111 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 283 ، ح 840 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 311 ، ح 10757 .
39- . هود (11) : 113 .
40- . الانتصار ، ص 158 .
41- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 211 .
42- . المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 59 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 58 ؛ فتح الباري ، ج 1 ، ص 155 ؛ عمدة القاري ، ج 5 ، ص 226 .
43- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 422 ، ح 1626 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 321 ، ح 10783 .
44- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 325 ، ح 10797 .
45- . الفقيه ، ج 1 ، ص 378 ، ح 1104 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 322 ، ح 10787 ، وص 324 ، ح 10794 .
46- . معاني الأخبار ، ص 412 ، ح 103 ؛ سنن أبي داود ، ج 2 ، ص 241 ، ح 3963 ؛ المستدرك للحاكم ، ج 2 ، ص 214 _ 215 ؛ وج 4 ، ص 100 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 91 ؛ وج 10 ، ص 57 _ 58 .
47- . هذا هو الظاهر ، وفي الأصل : «فذلك» .
48- . الفقيه ، ج 1 ، ص 285 ، ح 880 ؛ وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 410 ، ح 6953 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 141 ، ح 585 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 125 .
49- . المستدرك للحاكم ، ج 4 ، ص 100 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 91 ؛ وج 10 ، ص 58 .
50- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 212 .
51- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 206 _ 208 .
52- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 253 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 156 .
53- . حسين بن على بن إبراهيم أبو عبد اللّه المعروف ب«جعل» ، من شيوخ المعتزلة ، مولده في البصرة سنة 288ه ق ، وفاته ببغداد سنة 369ه ق ، وله تصانيف . راجع: الوافي بالوفيات ، ج 13 ، ص 12 ؛ معجم المؤلّفين ، ج 4 ، ص 27 ؛ الأعلام ، ج 2 ، ص 244.
54- . حكاه عنه الشيخ في الخلاف ، ج 1 ، ص 560 ، المسألة 310 .
55- . اُنظر : بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 156 ؛ المغني والشرح الكبير ، ج 2 ، ص 29 .
56- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 171 ؛ كنزالعمّال ، ج 7 ، ص 721 _ 722 ، ح 21092 .
57- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 310 _ 311 ، ح 10754 ، وص 314 _ 315 ، ح 10767 .
58- . وسائل الشيعة ، ج 7 ، ص 350 ، ح 9550 .
59- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 31 ، ح 110 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 316 ، ح 10773 .
60- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 266 ، ح 755 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 309 ، ح 10750 .
61- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 30 ، ح 107 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 314 ، ح 10765 .
62- . سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 43 ، ح 1743 .
63- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 122 ؛ مسند الشافعي ، ص 55 _ 56 ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج 2 ، ص 271 ، الباب 214 ، ح 2 .
64- . المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 24 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 25 ؛ فتح العزيز ، ج 4 ، ص 336 .
65- . صحيح مسلم، ج 2، ص 120؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 3، ص 124؛ كنز العمّال، ج 7، ص 641 ، ح 20672.
66- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 208 .
67- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 88 .
68- . في الأصل : «محمّد بن أبي جرير» ، وهو تصحيف ، وما اُثبت موافق للمصدر .
69- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 255 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 33 .
70- . المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 180 و 184 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 239 ؛ المغني ، ج 2 ، ص 36 و 44 و 73 ؛ الشرح الكبير ، ج 1 ، ص 627 ؛ وج 2 ، ص 66 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 118 ، وورد عن ابن مسعود نفسه : المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 3 ، ص 149 ، ح 5115 ؛ المعجم الكبير ، ج 9 ، ص 295 _ 296 .
71- . سنن الدارقطني ، ج 1 ، ص 279 ، ح 2 .
72- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 215 .
73- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 265 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 123 ؛ فتح العزيز ، ج 4 ، ص 320 ؛ الاستذكار ، ج 2 ، ص 172 _ 173 ؛ المغني ، ج 2 ، ص 47 _ 48 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 44 _ 45 ؛ شرح صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 132 _ 133 .
74- . المغني ، ج 2 ، ص 50 .
75- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 80 ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 2 ، ص 463 ، ح 4087 و 4088 .
76- . الفقيه ، ج 1 ، ص 381 ، ح 1118 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 345 ، ح 10863 .
77- . المغني ، ج 2 ، ص 48 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 45 _ 46 ؛ والحديث في سنن الدارمي ، ج 1 ، ص287 _ 288 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 169 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 21 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 80 ؛ وج 8 ، ص 151 .
78- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 265 ؛ المغني ، ج 2 ، ص 48 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 46 ؛ والحديث في مسند الشافعي ، ص 58 ؛ مسند أحمد ، ج 2 ، ص 230 و 341 و 376 و 411 ؛ وج 3 ، ص 410 و 162 ؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 286 _ 287 ، وص 300 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 169 و 177 ؛ صحيح مسلم ، ج 2 ، ص 18 _ 20 .
79- . الخلاف ، ج 1 ، ص 545 ، المسألة 283 .
80- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 65 .
81- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 218 _ 219 .
82- . فتح العزيز ، ج 4 ، ص 317 _ 318 ؛ المغني ، ج 1 ، ص 31 _ 32 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 56 _ 57 .
83- . وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 410 ، ح 6953 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 141 ، ح 585 .
84- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 219 _ 220 .
85- . فتح العزيز ، ج 4 ، ص 318 .
86- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 223 .
87- . السنن الكبرى للنسائي ، ج 1 ، ص 421 ، ح 996 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 381 .
88- . القاموس المحيط ، ج 3 ، ص 112 .
89- . المجموع للنووي، ج 4، ص 267؛ فتح العزيز، ج 4، ص 318.
90- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 153 ؛ لكن ورد في المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 279 ؛ وروضة الطالبين ، ج 1 ، ص 455 ؛ والمغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 32 . أنّ التمتام هو الّذي يكرّر التاء ، والفأفأ هو الذي يكرّر الفاء .
91- . المبسوط، ج 1، ص 153.
92- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 64 .
93- . صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 878 (تمم) .
94- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 62 (فأفأ) ، وفيه : «يتردّد» بدل «يردّد» .
95- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 223 _ 224 .
96- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 249 (رتت) .
97- . في الأصل : «الأرضّ» ، والتصويب حسب المصدر .
98- . المبسوط ، ج 1 ، ص 153 .
99- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 224 .
100- . هذا هو الظاهر ، وفي الأصل : «الإمام» بدل «المأموم» .
101- . التوبة (9) : 97 .
102- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي . ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 26 _ 27 ، ح 92 .
103- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .
104- . الفقيه ، ج 1 ، ص 378 ، ح 1104 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 324 ، ح 10794 .
105- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 234 .
106- . المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 279 ؛ المغني ، ج 2 ، ص 58 _ 59 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 58 .
107- . التوبة (9) : 99 .
108- . اُنظر : تذكرة الفقهاء ، ج 4 ، ص 299 ، المسألة 574 ؛ مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 57 _ 58 .
109- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 30 ، ح 108 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 320 ، ح 10782 .
110- . الفقيه ، ج 1 ، ص 378 _ 379 ، ح 1106 .
111- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 56 .
112- . الكافي في الفقه ، ص 143 _ 144 .
113- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي، ولم يذكر فيه المحدود، والمذكور فيه: «المجذوم والأبرص والمجنون وولدالزنا والأعرابى»، نعم تدلّ عليه رواية الأصبغ بن نباتة؛ وسائل الشيعة، ج 8، ص 322، ح 10789.
114- . وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 324 ، ح 10794 .
115- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 56 .
116- . الكافي في الفقه ، ص 143 _ 144 .
117- . جمل العلم والعمل (الرسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 39) . وفي الانتصار ، ص 158 : «كراهيّة إمامتهما» .
118- . الجمل والعقود (الرسائل العشر ، ص 191) ؛ الاقتصاد ، ص 269 ؛ الخلاف ، ج 1 ، ص 561 ، المسألة 312 ؛ النهاية ، ص 112 .
119- . لم أعثر عليه .
120- . السرائر ، ج 1 ، ص 280 .
121- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 56 ، والمذكور فيه : «والأقوى عندى كراهة إمامتهم» .
122- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 27 ، ح 93 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 422 _ 423 ، ح 1627 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 322 _ 323 ، ح 10792 .
123- . النهاية ، ص 112 .
124- . المبسوط ، ج 1 ، ص 155 .
125- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 53 .
126- . المهذّب ، ج 1 ، ص 80 .
127- . المقنع ، ص 115 .
128- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 29 ، ح 102 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 423 ، ح 1631 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 326 ، ح 10801 .
129- . الخلاف ، ج 1 ، ص 547 ، المسألة 286 .
130- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 423 ، ذيل الحديث 1631 .
131- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 29 ، ح 99 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 326 ، ح 10799 .
132- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 29 ، ح 100 .
133- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 29 ، ح 101 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 326 ، ح 10800 .
134- . الاستبصار ، ج 1 ، ص 423 ، ذيل الحديث 1631 .
135- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 55 وفيه : «المنع من صحّة السند ، والحمل على الاستحباب» .
136- . الكافي في الفقه، ص 144.
137- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 212 _ 213 .
138- . عمدة القاري ، ج 5 ، ص 225 ؛ تفسير القرطبي ، ج 1 ، ص 355 ؛ المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 290 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 29 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 22 .
139- . صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 170 ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 2 ، ص 393 _ 394 ، ح 3824 .
140- . المغني ، ج 2 ، ص 29 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 22 .
141- . نفس المصدرين .
142- . الكافي فى الفقه، ص 144.
143- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 61 .
144- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 63 .
145- . الوسيلة ، ص 105 .
146- . المبسوط ، ج 1 ، ص 153 .
147- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 64 .
148- . السرائر ، ج 1 ، ص 281 .
149- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 27 ، ح 94 ، و ص 166 ، ح 362 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 424 ، ح 1635 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 328 ، ح 10807 ، وص 340 ، ح 10846 .
150- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 229 . وانظر : المبسوط للسرخسي ، ج 1 ، ص 111 ؛ تحفة الفقهاء ، ج1 ، ص 47 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 56 ؛ المحلّى ، ج 2 ، ص 143 .
151- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 166 ، ح 361 ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 424 ، ح 1634 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 328 ، ح 10808 .
152- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 166 ، ح 362 ، وبسند آخر من طريق الكليني ، ج 3 ، ص 27 ، ح 94 ، وهو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي ؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 424 ، ح 1635 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 328 ، ح 10807 ، وص 341 ، ح 10846 .
153- . كذا بالأصل والاستبصار والتهذيب ، وفي الكافي : «قالا : قلنا» .
154- . تهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 167 ، ح 365 ؛ ورواه الكليني بإسناده عن حمزة بن حمران و جميل بن درّاج في باب الرجل يكون معه الماء القليل في السفر ويخاف العطش ، ح 3 . الاستبصار ، ج 1 ، ص 425 ، ح 1638 ؛ وسائل الشيعة ، ج 3 ، ص 368 _ 369 ، ح 3941 ؛ وج 8 ، ص 327 ، ح 10803 .
155- . المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 51 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 41 .
156- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 229 .
157- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 227 . وانظر : الخلاف ، ج 1 ، ص 560 _ 561 ، المسألة 311 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 4 ، ص 301 ، المسألة 577 .
158- . المقنعة ، ص 212 .
159- . الخلاف ، ج 1 ، ص 560 ، المسألة 311 .
160- . السرائر ، ج 1 ، ص 281 .
161- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 55 _ 56 .
162- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج 3، ص 39).
163- . الكافي في الفقه ، ص 144 .
164- . النهاية ، ص 112 .
165- . المبسوط ، ج 1 ، ص 154 .
166- . الجمل والعقود (الرسائل العشر ، ص 191) .
167- . الاقتصاد ، ص 269 .
168- . المهذّب ، ج 1 ، ص 80 .
169- . المراسم العلويّة ، ص 85 .
170- . كتاب الاُمّ للشافعي ، ج 1 ، ص 190 ؛ المجموع للنووي ، ج 4 ، ص 287 .
171- . المقنع ، ص 117 .
172- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 62 .
173- . منتهى المطلب ، ج 6 ، ص 227 _ 228 . والحديث في الاستبصار ، ج 1 ، ص 426 ، ح 1643 ؛ وتهذيب الأحكام ، ج 3 ، ص 164 ، ح 355 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 330 ، ح 10815 .

ص: 302

. .

ص: 303

. .

ص: 304

. .

ص: 305

. .

ص: 306

. .

ص: 307

. .

ص: 308

. .

ص: 309

. .

ص: 310

. .

ص: 311

. .

ص: 312

. .

ص: 313

. .

ص: 314

. .

ص: 315

. .

ص: 316

. .

ص: 317

. .

ص: 318

. .

ص: 319

. .

ص: 320

. .

ص: 321

. .

ص: 322

. .

ص: 323

كتاب الزكاة

اشاره

كتاب الزكاة

.

ص: 324

. .

ص: 325

باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب الزكاةالزكاة تُطلق لغةً على النّماء وعلى الطهارة ، يُقال : زكا المال ، إذا نما ، وقال تعالى شأنه : «أَقَتَلْتَ نَفْسا زَكِيَّةً» (1) ، وشرعاً : القدر المعلوم من المال الواجب إخراجه عنه على الشرائط ، وقد تُطلق على إخراجه ، وإنّما سمّي زكاة لنماء المال وتطهّره به ؛ ولأنّه يطهّر معطيها ويزكّيه ، قال تعالى شأنه : «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا» . (2)

باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوقأي يستحبّ مؤكّدا بقرينة أخبار الباب ، وأراد قدس سره بذلك الحقوق الثابتة في المال مستحبّاً ممّا عدا حقّ الحصاد والجذاذ ، ويذكر هذين الحقّين في بابهما ، ولو ذكر جميع هذه الحقوق المستحبّة في باب واحد لكان أحسن . ووجوب الزكاة في الجملة من ضروريّات دين الإسلام ، والأدلّة عليه من الآيات والروايات متظافرة ، ولنذكر شيئاً منها للتيمّن والتبرّك : قال اللّه تعالى شأنه في كتابه المجيد : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّه َ غَنِىٌّ حَمِيدٌ» (3) ، «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِىَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ» (4) ، «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّه ِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِاَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ» . (5) وفي الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إنّ اللّه فرض الزكاة كما فرض الصلاة». (6) وعن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : «بينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله في المسجد إذ قال : قُم يا فلان ، قم يا فلان ، حتّى أخرج خمسة نفر ، فقال : اخرجوا من مسجدنا لا تصلّوا فيه وأنتم لا تزكّون». (7) وروى الجمهور عن أبي هريرة ، قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «ما من صاحب ذهب ولا فضّة لا يؤدّي منها حقّها إلّا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفايح من نار ، فأحمى عليها في نار جهنّم ، فتكوى بها جبينه وجنبه وظهره، كلّما بردت اُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتّى يقضى بين العباد». (8) وكفى في تأكّد وجوبها اقترانها بالصلاة في آيات عديدة ، كقوله تعالى : «أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» . (9) ولقد روى الصدوق رضى الله عنه في الصحيح عن معروف بن خرّبوذ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «إنّ اللّه تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة ، فقال : «أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» ، فمَن أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فكأنّه لم يقم الصلاة. (10) وكفى في ذلك ما يجيء في باب منع الزكاة . قوله في حسنة زرارة ومحمّد بن مسلم: (أنّهما قالا لأبي عبداللّه عليه السلام : أرأيت قول اللّه تعالى : «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ...» (11) ) إلى آخره .[ح 1/5720] تدلّ الآية الكريمة على وجوب صرف الزكاة في الأصناف الثمانية . ومثلها خبر آخر في التهذيب ، قال : ذكر عليّ بن إبراهيم بن هاشم في كتاب التفسير تفصيل هذه الثمانية الأصناف ، فقال : فسّر العالم عليه السلام فقال : «الفقراء : هم الذين لا يسألون ؛ لقول اللّه عزّ وجلّ في سورة البقرة : «لِلفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللّه ِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافا» . (12) والمساكين : هم أهل الديانات ، قد دخل فيهم الرجال والنساء والصبيان . والعاملين عليها : هم السّعاة والجُباة في أخذها وجمعها وحفظها حتّى يؤدّوها إلى مَن يقسّمها . والمؤلّفة قلوبهم ، قال : هم قومٌ وحّدوا اللّه ، وخلعوا عبادة من دون اللّه ، ولم تدخل المعرفة قلوبهم أنّ محمّداً رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، فكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يتآلفهم ويعلّمهم ويعرّفهم كيما يعرفوا ، فجعل لهم نصيباً في الصدقات ؛ لكي يعرفوا ويرغبوا . وفي الرقاب : قوم لزمتهم كفّارات في قتل الخطأ ، وفي الظهار ، وفي الأيمان ، وفي قتل الصيد في الحرم ، وليس عندهم ما يكفّرون وهم مؤمنون ، فجعل اللّه تعالى لهم سهماً في الصدقات ليكفِّر عنهم . والغارمين: قوم وقد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة اللّه من غير إسراف ، فيجب على الإمام أن يقضي عنهم ويفكّهم من مال الصدقات. (13) وفي سبيل اللّه : قومٌ يخرجون في الجهاد وليس عندهم ما يتقوّون به ، أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجّون به ، أو في جميع سُبل الخير ، فعلى الإمام أن يعطيهم من مال الصدقات حتّى يقووا على الحجّ والجهاد . وابن السبيل : أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة اللّه ، فيقطع عليهم ويذهب مالهم ، فعلى الإمام أن يردّهم إلى أوطانهم من مال الصدقات» . وقد انعقد إجماع الاُمّة عليه ، ودلّت عليه الأخبار المتكثّرة من الطريقين . الأوّل والثاني : الفقراء والمساكين ويجمعهما على المشهور من لا يملك قوت نفسه وعياله الواجبي النفقة حولاً كاملاً لا بالفعل ولا بالقوّة القريبة بالمقدرة على الاكتساب اللّائق بحاله ولو يوماً فيوماً ، وقد اختلف في أنّ أيّهما أسوأ حالاً؟ فقيل: الفقير أسوأ؛ لتقدّمه على المسكين في الآية ، والتقدّم الذكري يدلّ على شدّة حاجته والاهتمام بذكره ، ولأنّه صلى الله عليه و آله تعوّذ باللّه من الفقر وقد قال : «اللّهُمَّ أحيني مسكيناً ، وأمتني مسكيناً ، واحشرني في زمرة المساكين». (14) ولأنّ الفقير اُخذ من كسر فقرات الظهر ، وهو فعيل بمعنى مفعول ، أي مكسور فقار الظهر ، (15) وهو يدلّ على بلوغ العسرة غايتها ، وقد قال تعالى في شأن المسكين : «أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ» . (16) فقال بعضهم : الفقير: هو المحتاج الزَمِن ، والمسكين : هو المحتاج الصحيح ، اختاره الصدوق رضى الله عنه في الفقيه حيث قال : «أمّا الفقراء فهم أهل الزمانة والحاجة ، والمساكين أهل الحاجة من غير أهل الزمانة». (17) وقال آخرون : الفقير : الذي لا شيء له ، والمسكين : الذي له بلغةٌ من العيش . والقول بأنّ الفقير أسوأ هو اختيار الشيخ في المبسوط (18) والجمل (19) وابن إدريس (20) وابن البرّاج (21) وابن حمزة. (22) وقال في النهاية بالعكس ، (23) وبه قال شيخنا المفيد قدس سره في المقنعة ، (24) وابن الجنيد (25) وسلّار (26) ، وحكي ذلك عن أبي حنيفة وجمع آخر من العامّة. (27) ويدلّ عليه وصفه تعالى المسكين بقوله : «ذَا مَتْرَبَةٍ» (28) ، وهو المطروح على التراب لشدّة حاجته. (29) وخبر أبي بصير (30) وصحيحة محمّد بن مسلم. (31) وصرّح بعض أهل اللغة بذلك ، قال يعقوب : «رجل فقير له بلغة ، ومسكين أي لا شيء له». (32) وقال بعض الأصحاب : لا، ما يزيدان ، بل هما مترادفان ، وجعلوا السهام سبعة ؛ منهم المحقّق في الشرائع (33) ، فالعطف حينئذٍ للتفسير . قال الشهيد الثاني قدس سره في شرح اللمعة : ولا ثمرة مهمّة في تحقيق ذلك ؛ للإجماع على إرادة كلّ منهما من الآخر حيث يُفرد ، وعلى استحقاقهما من الزكاة ، ولم يقعا مجتمعين إلّا فيها ، وإنّما الفائدة في اُمور نادرة. (34) واختلف أيضاً في الغناء المانع من الاستحقاق ، فالمشهور ما ذكر من ملك قوت السنة ، و هو ظاهر الشيخ في المبسوط ، (35) ومنقول عن الشافعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه. (36) والدار والخادم والمركوب وما يتعلّق بها وثياب التجمّل وكتب العلم وغير ذلك من الضروريّات غير مناف للاستحقاق ما كانت مناسبة لحاله أو محتاجة إليها ، نصّ عليه الأصحاب ، قال في التذكرة : لا نعلم في ذلك كلّه خلافا ، (37) وتأتي الأخبار في ذلك في باب من تحلّ له الزكاة ومَن لا تحلّ له . وقال في الخلاف : «الغنيّ من مَلَكَ نصاباً يجب فيه الزكاة أو قيمته». (38) ونسبه في المبسوط إلى بعض الأصحاب ، (39) وبه قال أبو حنيفة ، (40) وقد قال بعض العامّة أقوالاً اُخر ، فقيل : الغني : مَن ملكَ خمسين درهماً أو قيمتها ، (41) وقيل مَن ملك أربعين درهماً كذلك. (42) الثالث : العاملون وهم جُباة الصدقات وكاتبها وحاسبها وحافظها والعريف وقسّامها ، والظاهر استحقاقهم للزكاة كسائر الأصناف وإن كان ذلك الاستحقاق لعملهم ، ولا ينافيه غناهم . وقال أبو حنيفة : أخذهم إنّما يكون اُجرة لا استحقاقاً ، محتجّاً بأنّ العامل إنّما يستحقّ بالعمل ، ويستحقّ مع الغناء ، ولا صدقة لغنيّ ، (43) وفيه ما فيه . الرابع : المؤلّفة واختلفوا في تفسيرها ؛ فقال الشيخ في المبسوط : «المؤلّفة قلوبهم عندنا هم الكفّار الذين يستمالون بشيءٍ من مال الصدقات إلى الإسلام ويتآلفون ليستعان بهم على قتال أهل الشرك». (44) وخصّهم ابن الجنيد بالمنافقين ، فقال على ما حكي عنه في المختلف : «المؤلّفة قلوبهم من أظهر الدِّين بلسانه ، وأعان المسلمين وإمامهم بيده ، وكان معهم إلّا في قلبه». (45) وقال ابن إدريس : المؤلّفة ضربان : «مؤلّفة الكفر ، ومؤلّفة الإسلام». (46) وبه قال المفيد أيضاً. (47) وقال الشهيد الثاني قدس سرهفي شرح اللمعة : هم أربع فرق : قومٌ لهم نظراء من المشركين إذا اُعطي المسلمون رغب نظراؤهم في الإسلام ، وقومٌ نيّاتهم ضعيفة في الدِّين ترجى بإعطائهم قوّة نيّتهم ، وقومٌ بأطراف بلاد الإسلام إذا اُعطوا منعوا الكفّار من الدخول أو رغّبوهم في الإسلام ، وقومٌ جاوروا قوماً تجب عليهم الزكاة إذا اُعطوا منها جبوها منهم وأغنوا عن عامل . ثمّ قال : ويمكن ردّ ما عدا الأخير إلى سبيل اللّه ، والأخير إلى العمالة ، وحيث لا نوجب البسط ونجعل الآية لبيان المصرف _ كما هو المذهب المنصور _ تقلّ فائدة الخلاف. (48) وفي المبسوط : «ولا يعرف أصحابنا مؤلّفة أهل الإسلام» . وقال أيضاً : بسقوط سهمهم في زمان الغيبة؛ مستدلّاً بسقوط الجهاد الذي هو منشأ ثبوت ذلك السهم ، (49) وهو ظاهر هذا الخبر على ما ستعرف ، والظاهر أنّه هنا على الغالب ، فلو احتيج إلى الجهاد يكون ذلك السهم ثابتا . الخامس : الرقاب والمشهور من مذهب الأصحاب أنّهم المكاتبون والعبيد الذين هم تحت الشدّة ، (50) وخصّهم الشافعي بالمكاتبين ، وبه قال سعيد بن جبير والثوري وجماعة منهم ، وخصّهم مالك وأحمد بعبيد تحت الشدّة ، وقال مالك وأحمد وإسحاق : إنّهم العبيد خاصّة ، ولم يشترطوا الضرر والشدّة ، وروي ذلك عن ابن عبّاس والحسن البصري ، (51) وعموم الرقاب يشهد لمذهب الأصحاب. ويؤيّده بعض الأخبار ، بل الظاهر شمولها لما يعتق في الكفّارات مع عدم قدرة من وجب عليه العتق عليه. (52) و يؤيّده ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره عن العالم عليه السلام قال : «وفي الرقاب قوم لزمتهم كفّارات في قتل الخطأ وفي الظهار وفي الأيمان وفي قتل الصيد في الحرم ، فليس عندهم ما يكفّرون به ، وهم مؤمنون ، فجعل اللّه تعالى لهم سهماً في الصدقات ليكفّر عنهم». (53) وفي المنتهى : «ذهب إليه جماعة من أصحابنا». (54) وقال الشيخ في المبسوط : «الأحوط عندي أن يعطى ثمن الرقبة من سهم الفقراء» ، (55) وقيل : إنّه يعطى من سهم الغارمين ؛ لأنّ القصد إبراء ذمّته ممّا يتعلّق بها. (56) والدليل على اعتباره الشدّة في العبيد صحيحة عمرو بن أبي نصر، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يجتمع عنده من الزكاة الخمسمئة والستمئة يشتري منها نسمة يعتقها ، فقال : «إذن يظلم قوماً آخرين حقوقهم» ، ثمّ سكت مليّاً ، ثمّ قال : «إلّا أن يكون عبداً مسلماً في ضرورة ، فيشتريه ويعتقه». (57) السادس : الغارمون وهم المدينون في غير معصية ، ولو أنفقه في المعصية لم يستحقّ من هذا السهم ، تاب أو لم يتب بإجماع الاُمّة ، إلّا ما حكي من أحد قولي الشافعي من استحقاقه إيّاه مع التوبة. (58) نعم ، يجوز الصرف إليه من سهم الفقراء والمساكين بعد التوبة أو مطلقاً على اختلاف القولين في اشتراط العدالة فيهما . ويدلّ على اعتبار عدم الصرف في المعصية من هذا السهم زائداً على الإجماع ما روي عن الرضا عليه السلام قال : «يقضي ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة اللّه عزّ وجلّ ، وإن أنفقه في معصية اللّه فلا شيء له على الإمام». (59) وقد استدلّ عليه بأنّ قضاء الدَّين الصارف في المعصية إغراؤه على المعصية . السابع : سبيل اللّه قال الشيخ في المبسوط والخلاف : يدخل فيه الغُزاة ، ومعونة الزوّار والحاجّ ، وقضاء الدّيون عن الحيّ والميّت ، وبناء القناطر والمساجد ، وجميع سُبل الخير ، ومصالح المسلمين . (60) واختاره ابن إدريس ؛ (61) لعموم سبيل اللّه كلّ ما يتقرّب به إلى اللّه تعالى . ويؤيّده ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره عن العالم عليه السلام قال : «وفي سبيل اللّه قوم يخرجون في الجهاد وليس عندهم ما ينفقون ، وقوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجّون به ، وفي جميع سبل الخير ، فعلى الإمام أن يعطيهم من مال الصدقات حتّى يقووا على الحجّ والجهاد». (62) ومن طريق العامّة : أنّ رجلاً جعل بعيره في سبيل اللّه ، فأمره النبيّ صلى الله عليه و آله وأن يحمل عليه الحاجّ. (63) وفي النهاية (64) والجمل (65) خصّه بالجهاد مدّعياً انصراف إطلاق (66) السبيل إليه . الثامن : ابن السبيل والمشهور في تفسيره أنّه المسافر المنقطع به سبيله ؛ لفقره وإن كان غنيّاً في بلده ، ويدخل فيه الضيف المسافر على الشرط . وعمّمه ابن الجنيد للمنشئ للسفر أيضاً ، (67) وبه قال الشافعي ، (68) وظاهر ابن السبيل الأوّل ؛ لأنّه إنّما يكون حقيقة فيمن كان في السفر كأنّ الطريق ولدته ، وإنّما يستعمل في المنشئ له مجازاً بالقرينة ولادليل عليه . ويؤيّده ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره عن العالم عليه السلام أنّه قال : «ابن السبيل أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة اللّه ، فيقطع عليهم ويذهب مالهم ، فعلى الإمام أن يردّهم إلى أوطانهم من مال اللّه ». (69) فإنّه يجوز إعطاء منشئ السفر من سهم الفقراء والمساكين مع الصفة . ويعتبر في ابن السبيل كون سفره طاعة أو مباحاً عند الأصحاب وأكثر العامّة. (70) واعتبر ابن الجنيد كونه طاعة ، ومنع إعطاءه في السفر المباح ، (71) وهو من غير مخصّص ، وهو منقول عن الشافعي. (72) ولا يشترط فيه على المشهور كون القصر واجباً عليه ، وإنّما يعتبر صدق المسافر عليه لغةً وعرفاً ؛ لعموم الأدلّة وانتفاء مخصّص يعتدّ به . وعن الشيخ (73) وابن إدريس (74) أنّهما اشترطا أن لا يقيم في موضع عشرة أيّام بالنيّة محتجّين بأنّه يخرج عن كونه مسافر بذلك بناءً على وجوب الإتمام عليه المنوط بالإقامة المنافية لاسم السفر ، وهو ضعيف ؛ لأنّ وجوب الإتمام إنّما يخرجه عن كونه مسافراً سفراً يجب عليه فيه التقصير لا عن كونه مسافراً مطلقاً ، فتأمّل . ثمّ المذهب المنصور أنّ اللّام في الآية لبيان المصرف ، وهو المشهور بين العامّة ، وقد قال بعضهم : إنّها للملك ، وسيأتي تحقيق ذلك في محلّه إن شاء اللّه تعالى . وقوله عليه السلام : «إنّ الإمام يعطي جميعاً » يعني من سهم المؤلّفة ، فيعطيهم وإن كانوا على مذاهبهم الباطلة ؛ لعلّهم ينقادوا له باطناً ، فإنّ الإنسان عبيد الإحسان ، ولمّا استعجبه زرارة عن إعطاء الزكاة لغير العارف توهّماً منه أنّ العطاء من سهم الفقراء والمساكين ، أجاب عليه السلام بقوله : «لو كان تعطى من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع»؛ لأنّ أكثر الناس اليوم على خلاف الحقّ ، فيجوز إعطاؤهم من سهم المؤلّفة ، وبيّن ذلك بأنّ سهم المؤلّفة عامّ لا يشترط فيها الإيمان ، وذكر استطرادا أنّ سهم الرقاب أيضا عامّ ، وهو كذلك لكن يشترط فيها الإسلام والباقي خاصّ بالمؤمن . وكلمتا : «يؤتون واُوتوا» في قوله عليه السلام : «إنّهم لم يؤتوا من قبل فريضة اللّه ولكن اُوتوا من منع من منعهم حقّهم» على بناء المجهول ، أي لم يدخل للفقر والفاقة على الفقراء من جهة قلّة الزكاة المفروضة ، بل إنّما قرّرها اللّه تعالى على حسب حاجتهم وسدّ خلّتهم ، وإنّما دخل عليهم ذلك من جهة منع الأغنياء الزكاة الواجبة عليهم. في صحيحة عبداللّه بن سنان : (وعمّال الطسوق) . [ح 2 / 5721] قال في القاموس : الطسق بالفتح : ما يوضع من الخراج على الجربان وكأنّه مولد . (75) قوله في موثّقة صفوان : (المحروم المحارف الذي قد جرم) ، إلى آخره . [ح 12/5731] المحارف : من لم يحصل من كسبه على شيء ، (76) فالوصف للإيضاح . قوله في خبر محمّد بن سنان عن المفضّل: (فقال : أمّا الظاهرة ففي كلّ ألف خمسة وعشرون) . [ح 13/5732] كأنّ تخصيص الألف بالذكر لشهرته من بين الأعداد، أو لوجوب ألف درهم لأكثر الناس. ومثله قوله عليه السلام في مرسلة عليّ بن حسّان في الباب الآتي : «فلا أفلح من ضيّع عشرين بيتاً من ذهب بخمسة وعشرين درهماً». (77) قوله في خبر عامر بن جذاعة : (فإلى عقدة تباع) . [ح 14/5733] قال الجوهري : العقدة بالضمّ الضيعة ، والعقدة : المكان الكثير الشجر ، أي النخل . (78) قوله في مرسلة عبداللّه بن القاسم : (إنّه ما قدمت فلن يسبقك) . [ح 15/5734] أي لا يفوتك ولا يتجاوز عنك . قوله في رواية أبي بصير : (وكلّما فرض اللّه عليك فإعلانه أفضل من إسراره ، وكلّما كان تطوّعاً فإسراره أفضل من إعلانه) .[ح 16/5735] وهذا هو المشهور بين الأصحاب ، وقد قال بعضهم باستحباب الإسرار مطلقاً؛ لإطلاق بعض الأخبار، وسيأتي في باب فضل صدقة السرّ .

.


1- . الكهف(18) : 74 . وانظر: منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 470 ط قديم.
2- . التوبة(9) : 103 .
3- . البقرة(2) : 267 .
4- . البقرة(2) : 254 .
5- . التوبة(9) : 34 _ 35 .
6- . الفقيه ، ج 2، ص 3 ، ح 1574؛ وسائل الشيعة ، ج 4 ، ص 8 ، ح 4379.
7- . الكافي ، باب منع الزكاة ، ح 2؛ الفقيه ، ج 2 ، ص12 ، ح 1592؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 111 _ 112 ، ح 327؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 24 ، ح 11426.
8- . صحيح مسلم، ج 3، ص 70، السنن الكبرى للبيهقي، ج 4، ص 137؛ و ج 7، ص 3.
9- . البقرة(2) : 43 .
10- . الفقيه، ج 2، ص 10، ح 1584؛ وسائل الشيعة، ج 9، ص 22، ح 11421.
11- . التوبة (9): 60 .
12- . البقرة(2) : 273 .
13- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 49 _ 50 ، ح 128 ؛ تفسير القمّي ، ج 1 ، ص 298 مع مغايرة في بعض الألفاظ ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 211 _ 212 ، ح 11862.
14- . عوالي اللآلي ، ج 1 ، ص 39 ، ح 37؛ النهاية ، ج 2 ، ص 385 (سكن) ؛ تاريخ بغداد ، ج 4 ، ص 333 ، ترجمة أحمد بن الحسين بن نصر (2086)؛ التبيان ، ج 8 ، ص 334 ، تفسير سورة الأحزاب؛ كنز العمّال ، ج 6 ، ص 470 ، ح 16592.
15- . معجم مقاييس اللغة ، ج 4 ، ص 443 (فقر).
16- . الكهف(18) : 79 .
17- . الفقيه ، ج 2 ، ص 6 ، ذيل ح 1577.
18- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 246.
19- . الجمل و العقود: الرسائل العشر ، ص 206.
20- . السرائر، ج 1، ص 456.
21- . المهذّب ، ج 1 ، ص 169.
22- . الوسيلة ، ص 126.
23- . النهاية ، ص 184.
24- . المقنعة ، ص 241.
25- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 3، ص 198.
26- . المراسم العلويّة ، ص 132.
27- . المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 196؛ المبسوط ، ج 3 ، ص 8 ؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 43؛ البحر الرائق ، ج 2 ، ص 419؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 690 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 7 ، ص 313.
28- . البلد(90) : 16 .
29- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 91 (ترب)؛ مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 418.
30- . هو الحديث 16 من هذا الباب من الكافي.
31- . هو الحديث 18 من هذا الباب من الكافي.
32- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 565 .
33- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 120.
34- . شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 42.
35- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 256.
36- . حكاه عنهم في منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 517 .
37- . تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 275 ، المسألة 188.
38- . الخلاف ، ج 2 ، ص 146 ، المسألة 183.
39- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 257.
40- . الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 693 ؛ المغنيلعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 523 ؛ الخلاف ، ج 4 ، ص 230.
41- . حكي ذلك عن مالك وأحمد ، اُنظر: بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 48؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 692 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 523 .
42- . اُنظر: التمهيد ، ج 4 ، ص 97 _ 98 حكاه عن مالك؛ شرح معاني الآثار ، ج 4 ، ص 373.
43- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 570 ؛ و العلّامة في تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 246. تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 299؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 44.
44- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 249.
45- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 200.
46- . السرائر ، ج 1 ، ص 457.
47- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 573 ؛ و العلّامة في تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 251.
48- . شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 46.
49- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 249.
50- . الخلاف ، ج 4 ، ص 234؛ المختصر النافع ، ص 59 ، المعتبر ، ج 2 ، ص 574؛ شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 121؛ إرشاد الأذهان ، ج 1 ، ص 286؛ تبصرة المتعلّمين ، ص 72؛ قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 349؛ مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 201؛ الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 241 ، الدرس 64؛ اللمعة الدمشقيّة ، ص 43؛ المهذّب البارع ، ج 1 ، ص 525؛ مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 216.
51- . اُنظر: الخلاف ، ج 4 ، ص 234 ، المسألة 17؛ الاُمّ للشافعي ، ج 2 ، ص 74؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 200؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 45 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 698؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 7 ، ص 321؛ الاستذكار ، ج 3 ، ص 312.
52- . كذا .
53- . تفسير القمّي ، ج 1 ، ص 299؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 50 ، ح 129؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 211 _ 212 ، ح 11862.
54- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 520 .
55- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 250.
56- . المعتبر ، ج 2 ، ص 574 .
57- . الكافي ، باب الرجل يحجّ من الزكاة أو يعتق ، ح 2؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 100 ، ح 282؛ وسائل الشيعة، ج 9 ، ص 291 _ 292 ، ح 12049.
58- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 521 ؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 575 .
59- . الكافي ، كتاب المعيشة ، باب الدين ، ح 5 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 6 ، ص 185 _ 186 ، ح 385؛ وسائل الشيعة ، ج 18 ، ص 336 _ 337 ، ح 23796.
60- . المبسوط للطوسي ، ج 1، ص 252؛ الخلاف ، ج 4 ، ص 236 ، المسألة 21.
61- . السرائر ، ج 3 ، ص 208.
62- . تفسير القمّي ، ج 1 ، ص 299؛ تهذيب الأحكام ، ج 4، ص 49 _ 50 ، ح 129؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 211 _ 212 ، ح 11826.
63- . المعتبر ، ج 2 ، ص 577 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 3 ، ص 10؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 46؛ الدارية ، ج 1 ، ص 265.
64- . النهاية ، ص 184.
65- . الجمل و العقود: الرسائل العشر ، ص 206.
66- . في النسخة : «إنطلاق» ، والصحيح ما اُثبت .
67- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 578 .
68- . الخلاف ، ج 4 ، ص 236؛ أحكام القرآن للجصّاص ، ج 2 ، ص 249؛ تفسير الثعلبي ، ج 5 ، ص 61 ؛ نيل الأوطار ، ج 4 ، ص 237؛ تفسير الرازي ، ج 16 ، ص 113.
69- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 49 _ 50 ، ح 129؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 211 _ 212 ، ح 11862.
70- . اُنظر: المعتبر ، ج 2 ، ص 578 ؛ مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 205؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 257؛ الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 242 ، الدرس 64 ؛ مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 235؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 214؛ فقه السنّة ، ج 1 ، ص 395؛ روضة الطالبين ، ج 2 ، ص 184؛ كشّاف القناع ، ج 2 ، ص 327؛ المغني لابن قدامة ، ج 7 ، ص 328 .
71- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 205.
72- . اُنظر: المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 214.
73- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 257.
74- . السرائر ، ج 1 ، ص 458 ؛ فإنّه نقل ذلك عن بعض الأصحاب ثمّ قال: و هذا ليس بواضح ، و إنّما يخرج من حكم المسافرين في تقصير الصوم و الصلاة ، و لا يخرج من كونه ابن سبيل.
75- . القاموس المحيط ، ج 3 ، ص 258 (طسق).
76- . النهاية ، ج 1 ، ص 370 (حرف).
77- . الحديث 12 من ذلك الباب.
78- . صحاح اللغة ، ج 2 ، ص 510 (عقد).

ص: 326

. .

ص: 327

. .

ص: 328

. .

ص: 329

. .

ص: 330

. .

ص: 331

. .

ص: 332

. .

ص: 333

. .

ص: 334

. .

ص: 335

. .

ص: 336

. .

ص: 337

باب منع الزكاة

باب منع الزكاةقال في المنتهى : مَن منع الزكاة عُرِّف وجوبها وبُيّن له ، واُلزم بأدائها ، فإن امتنع قُوتل على ذلك ، وهذا حكم من نشأ في بادية لم يخالط أهل الإسلام أو كان قريب العهد بالإسلام ، فأمّا مَن نشأ بين المسلمين وعرف أحكامهم إذا أنكر وجوبها جهلاً به كان مرتدّاً عن الإسلام ؛ لإنكاره ما علم من الدِّين بالضرورة ثبوته ، أمّا لو منعها عالماً بوجوبها غير مستحلّ بل معتقدا لتحريم ما ارتكبه ، فإنّها تُؤخذ منه من غير زيادة عليها ، وهو قول علمائنا أجمع وأكثر أهل العلم . و قال إسحاق [بن راهوية] : تُؤخذ منه و شطر ماله، و به قال النخعي و الشافعي في القديم. (1) لنا : قوله عليه السلام : «ليس في المال حقّ سوى الزكاة» ، (2) وقوله عليه السلام : «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفس منه» (3) خرج ما اُجمع على إخراجه ، فيبقى الباقي على المنع . واحتجّ إسحاق والشافعي بما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «في كلّ أربعين من الإبل السائمة بنت لبون ، مَن أعطاها موتجراً بها فله أجرها ، ومن منعها فإنّا اخذوها وشطر ماله [عزمة]». (4) والجواب : اتّفق العلماء على نسخه ، فقد روي أنّه كان في ابتداء الإسلام العقوبات في المال ، ثمّ نسخ ذلك. ثمّ [قال]: ويقاتل مانع الزكاة حتّى يؤدّيها ، وهو قول العلماء . روى الجمهور : أنّ أبا بكر قاتل مانع الزكاة ، وأنكر عليه عمر ، وقال له : أتريد أن تقاتل العرب وقد قال رسول صلى الله عليه و آله : «اُمرت أن اُقاتل الناس حتّى يقولوا : لا إله إلّا اللّه ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا لحقّها ، وحسابهم على اللّه »؟! فقال أبو بكر : الزكاة من حقّها. (5) ومن طريق الخاصّة : ما رواه ابن بابويه عن أبان بن تغلب (6) _ وذكر ما رواه المصنّف عنه (7) وقال _ : إنّ المنع منها فسوق ، فيجب على الإمام إزالته مع قدرة . (8) وهذا حكم مَن كان غير مستحلّ لتركها ، والظاهر عدم الحكم بكفره وإن جاز قتاله . وما دلَّ عليه خبر أبي بصير (9) من نفي الإيمان والإسلام عمّن منع قيراطاً من الزكاة ، فلعلّ المراد منه نفي كمالها، أو مع استحلال تركها ، كنسبة الكفر إلى تارك الحجّ والصلاة ، وهو منسوب في المنتهى (10) إلينا وإلى أحد الروايتين عن الشافعي ، وعن رواية اُخرى عنه أنّه يحكم بكفره ، (11) وهو بعيد . ولا يجوز نهب أموالهم ولا سبي ذراريهم إجماعاً ، وهذا مؤيّد لعدم كفرهم . نعم ، لو كان منكراً لها على الشرط المذكور يلحق بذلك في حكم المرتدّ . قوله في حسنة أبي بصير : (ملعون ملعون مالٌ لا يزكّى) . [ح 8/5747] أي ليس له بركة ويذهب بصاحبه إلى النار ، أو ملعون صاحبه تجوّزاً . قوله في خبر عليّ بن حسّان : (الصلاة خيرٌ من عشرين حجّة ، وحجّة خيرٌ من بيت مملوّ ذهبا ينفقه) . [ح 12/5751] ونتيجة المقدّمتين أنّ الصلاة خيرٌ من عشرين بيتاً من ذهب ينفقه ، ولذا قال : «لا أفلح مَنْ ضيّع عشرين بيتاً من ذهب» ، فهو أجر الصلاة الضائع بترك الزكاة ، وإنّما عبّر عن الزكاة بخمسة وعشرين درهماً ؛ لأنّها زكاة ألف درهم ، وتخصيصه بالذِّكر لما مرّ . قوله في حسنة حريز : (ما من ذي مال ذهب أو فضّة يمنع زكاة ماله إلّا حبسه اللّه يوم القيامة بقاعٍ قرقر) إلى آخره . [ح 19/5758] وفي بعض النسخ : «بقاع قفر» . قال طاب ثراه : قال الهروي : القاع : المستوي الواسع. (12) والقرقر : أيضاً المستوي الواسع ، فهي صفة مؤكّدة ، (13) والشجاع _ بضمّ الشين وكسرها_ : الحيّة الذَّكر ، (14) ويقال للحيّة أيضاً أشجع ، وقيل : الشجاع نوع من الحيّات أقبحها منظراً. (15) وزاد بعض العامّة في صفته بأن قال له زبيبتان : أي زبدتان في جانبي فمه من السمّ ، ويكون مثلهما في شدقي الإنسان عند كثرة الكلام ، وقيل : هما نابان يخرجان من فِيه ، وقيل : نكتتان سوداوان على عينه ، (16) والأقرع من الحيّات: ما ذهب شعر رأسه من شدّة السمّ. (17) انتهى . وفي المغرب : القضم : الأكل بأطراف الأسنان من باب لبس . (18) وفي الحديث : أيدع يده في فيك يقضمها كأنّها في فِي فحل[يقضمها]. (19) ونقل عن الكرماني (20) شارح البخاري أنّه قال في الحديث : أيدع يده في فيكَ ويقضمها _ بكسر الضاد على الأفصح _ كما يقضم الفحل شعير الحمل. (21) وفي نسخ هذا الكتاب والفقيه (22) : «كما يقضم الفجل» بكسر الفاء والجيم ، وقيل : هو سهو من النسّاخ . والظلف للبقر والغنم ، فالخفّ للبعير . وفي شرح الفقيه: يطأه كلّ ذات ظلف من البقر والغنم الذي لم تخرج زكاته ، أو الأعمّ منهما ومن كلّ محشور، كما قال تعالى : «وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ» ، (23) والمروي حشرها ليأخذ الضعيف متاعه من القوي ، أو يخلق عوض النعم التي لم يخرج زكاتها نعماً تعذّبه. وينهشه أي يلسعه ، نهشه كمنعه ، ولسعه : عضّه وأخذه بأضراسه ، وبالسين: أخذه بأطراف الأسنان ، والرّبعة : أخصّ من الربع ، والربع بالكسر : ما ارتفع من الأرض ، والمراد هنا أصل أرضه التي كانت فيها النخل والكرم ، والزراعة الواجبة فيها الزكاة. (24) قوله في خبر أبي الجارود : (قيس أنملة) . [ح 22/5761] قال الجوهري : قست الشيء بالشيء : قدّرته به على مثاله ، يقال : بينهما قيس رمح ؛ أي قدر رمح. (25)

.


1- . فتح العزيز، ج 5، ص 526 ؛ المجموع للنووي، ج 5، ص 331؛ و ج 6 ، ص 172؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج 2، ص 435 _ 436؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 2، ص 670 ؛ نيل الأوطار، ج 4، ص 180.
2- . سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 570 ، ح 1789؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 48؛ عوالي اللآلي ، ج 1 ، ص 209 ، ح 47؛ الجامع الصغير ، ج 2 ، ص 460 ، ح 7641.
3- . عوالي اللآلي ، ج 2 ، ص 113 ، ج 309؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 6 ، ص 289.
4- . فتح العزيز ، ج 5 ، ص 526 ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 4 ، ص 18 ، ح 6824 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 105 ، و فيهما: «و شطر إبله عزيمة».
5- . مسند الشافعي ، ص 119؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج 9 ، ص 121 ، شرح الكلام 149؛ تفسير الرازي ، ج 3 ، ص 147.
6- . الفقيه ، ج 2 ، ص 11 ، ح 1589.
7- . الحديث الخامس من باب منع الزكاة من الكافي.
8- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 470 و 471.
9- . هو الحديث الثالث من هذا الباب.
10- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 471.
11- . اُنظر: المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 334.
12- . النهاية ، ج 4 ، ص 132 (قيع).
13- . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 560 (قوع).
14- . شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 7 ، ص 71؛ النهاية ، ج 2 ، ص 447.
15- . شرح سنن النسائي للسيوطي، ج 5، ص 12.
16- . اُنظر: النهاية ، ج 2 ، ص292 (زبب).
17- . النهاية ، ج 4 ، ص 44 _ 45 (قرع).
18- . المغرب ، ص 213 (قضم) . و مثله في صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 2013 (قضم).
19- . كتاب الاُمّ للشافعي ، ج 6 ، ص 31؛ و المسند له أيضا ، ص 200؛ صحيح البخاري ، ج 5 ، ص 130؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 9 ، ص 355، ح 17546؛ المجعم الكبير للطبراني ، ج 22 ، ص 2500.
20- . محمّد بن يوسف بن علي بن سعيد الكرماني ثمّ البغدادي ، فقيه ، اصولي ، محدّث، مفسّر ، متكلّم ، نحوي ، بياني، ولد في 16 جمادي الآخر من سنة 717 ه ق ، و توفي بطريق الحجّ في مرجعه إلى بغداد في سنة 786ه ق ، فنقل إلى بغداد ، من تصانيفة: حاشية على تفسير البيضاوي ، شرح المواقف للإيجي ، الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري ، ضمائر القرآن ، شرح لمختصر ابن الحاجب. راجع: معجم المؤلّفين ، ج 12 ، ص 129؛ الأعلام ، ج 7 ، ص 153.
21- . اُنظر: صحيح البخاري بشرح الكرماني ، ج 10 ، ص 99 و فيه: «بفتح الضاد المعجمه»، نعم ورد فيه: يقال «قضمت الدابّة شعيرها _ بالكسر _ تقضمه». ومثله في فتح الباري، ج 12، ص 194، و مثله في ج 16 ، ص 218 ، آخر باب غزوة تبوك.
22- . الفقيه ، ج 2 ، ص 9 ، ح 1583.
23- . التكوير(81) : 5 .
24- . روضة المتّقين ، ج 3 ، ص 16. و من قوله: «نَعشه كمنعه» إلى قوله: «أخصّ من الربع» غير موجود فيه.
25- . صحاح اللغة ، ج 3 ، ص968 (قيس).

ص: 338

. .

ص: 339

. .

ص: 340

. .

ص: 341

باب العلّة في وضع الزكاة على ما وضع لم يزد ولم ينقص شيء

باب العلّة في وضع الزكاة على ما وضع لم يزد ولم ينقص شيءإنّ العلّة في ذلك علمه سبحانه بكفاية هذا القدر المقرّر لمعونة الفقراء ونظرائهم من أصناف المستحقّين . قوله : (عن ابن إسماعيل الميثمي) . [ح 2/5764] الظاهر أنّه عليّ بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمّار ، وهو من وجوه المتكلِّمين من أصحابنا، وأوّل مَن تكلّم على مذهب الإماميّة رضي اللّه عنهم ، وصنّف كتباً في الإمامة ، وكلّم أبا الهذيل العلّاف والنظّام في الإمامة. (1) ويحتمل أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار ، وهو واقفي موثّق. (2) ولا يضرّ ضعف السند بسلمة بن الخطّاب (3) والحسن بن راشد (4) ؛ لقوة دلالة المتن على أنّه من كلام المعصوم عليه السلام . ومحصّل سؤال المنصور أنّ الواجب في النصاب الأوّل إنّما كان في عهد النبيّ صلى الله عليه و آله خمسة دراهم فلِمَ صار اليوم سبعة ؟ وعجز الفقهاء عن جوابه ، إنّما كان لأنّهم حسبوا أنّ دراهم النصاب الأوّل في ذلك اليوم كان باقياً على ما كان في عهده صلى الله عليه و آله . وملخّص جوابه عليه السلام : أنّ عدد الواجب كما تغيّر اليوم فقد تغيّر دراهم النصاب أيضاً ، وذلك لتغيّر وزن الدرهم؛ إذ الدرهم كان في عهده صلى الله عليه و آله موازناً لستّة دوانيق كما صرّح به العلّامة في المنتهى ، قال : الدراهم في بدو الإسلام كانت على صنفين : بغلية وهي السود ، وطبرية ، وكانت السود كلّ درهم منها ثمانية دوانيق ، فجمعها في الإسلام وجُعلا درهمين متساويين ، وزن كلّ درهم ستّة دوانيق ، فصار وزن كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيل بمثقال الوقت ، وكلّ درهم نصف مثقال وخمسة ، وهو الدرهم الذي قدّر به النبيّ صلى الله عليه و آله المقادير الشرعيّة في نصاب الزكاة والقطع ومقدار الديات وغير ذلك. (5) ومثله قال في أكثر كتبه ، (6) ونحوه قال المحقّق أيضاً في المعتبر. (7) وفي عهد المنصور نقص من الدرهم سبعاه وكان وزن الدرهم أربعة دوانيق وسبعي دانق ، فكان النصاب الأوّل _ أعني المئتين _ موازناً لمئتي درهم وثمانين درهماً بتلك الدراهم الناقصة ، والخمسة في الزكاة موازنة لسبعة دراهم . وأشار عليه السلام على أنّ الواجب ربع العشر سواء في ذلك النصاب الأوّل وما فوقه ، وبيّن ذلك بالاُوقية ، وقال : إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله جعل في كلّ أربعين اُوقية اُوقية ؛ لأنّ الاُوقية لم تتغيّر عمّا كان في عهد النبيّ صلى الله عليه و آله . قال الجوهري : الاُوقية في الحديث أربعون درهماً، وكذلك كان فيما مضى. (8) وتمّ الجواب بهذا ، لكنّه عليه السلام أشار إلى معنى آخر زائد عليه بقوله : «وكانت الدراهم خمسة دوانيق» . وحاصله : أنّ هذا التغيّر المذكور ليس بأوّل تغيير وقع في الإسلام في الدراهم ، بل قد وقع تغيير آخر قبل ذلك بنقص سدس عمّا كان في عهده صلى الله عليه و آله وصار وزن كلّ درهم خمسة دوانيق، فكان نصاب الأوّل مئتين وأربعين درهماً ، والواجب فيه ستّة دراهم و محمّد خالد مثل هذا قطّ تعجّباً منه عليه السلام في توريته في قوله : «إنّي أخبرتك أنّي قرأته ، ولم اُخبرك أنّه عندي»؛ عذراً لعدم إرسال كتاب فاطمة صلوات اللّه عليها . هذا خلاصة ما ذكره طاب ثراه ، ثمّ قال طاب ثراه : الاُوقية بضمّ الهمزة وشدّ الياء ويجمع على أواقي ، ومنهم مَن أنكر أن يُقال: وقية بفتح الواو . وحكى الجبائي أنّه يقال: وتجمع على وقايا. (9) وقال الآبي في إكمال الإكمال : قال أبو عبيدة الاُوقية : اسم لوزن مبلغ أربعون درهماً. (10) وبذلك صرّح الجوهري أيضاً ، قال : الاُوقية في الحديث : أربعون درهماً ، وكذلك كان فيما مضى ، فأمّا اليوم فيما يتعارفها الناس ويُقَدِّرُ عليه الأطبّاء فالاُوقية عندهم وزن عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم. (11) وقال صاحب المغرب أيضاً : الاُوقيّة _ بالتشديد_ : أربعون درهماً ، وهي اُفعولة من الوقاية ؛ لأنّها تقي صاحبها من الضرّ . (12) وقيل : هي فعيلة من الأوق ، وهو الثقل ، والجمع : الأواقي بالتشديد والتخفيف . وقد صرّح بذلك بعض علمائنا منهم العلّامة ، قال في النهاية : الاُوقية أربعون درهماً. (13) إذا عرفت هذا فنقول : معنى الحديث أنّ في كلّ ألف وستمئة درهم أربعون درهماً ، وهذا مثل قولهم عليهم السلام : «في كلّ ألف درهم خمسة وعشرون درهماً». (14)

.


1- . رجال النجاشي ، ص 251 ، الرقم 661 ؛ خلاصة الأقوال ، ص 176.
2- . رجال النجاشي ، ص 74 ، الرقم 179.
3- . رجال النجاشي ، ص 187 ، الرقم 498؛ خلاصة الأقوال ، ص 354.
4- . رجال النجاشي ، ص 38 ، الرقم 76؛ خلاصة الأقوال ، ص 334 _ 335.
5- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 493.
6- . اُنظر: تحرير الأحكام ، ج 1 ، ص 371؛ نهاية الإحكام ، ج 2 ، ص 341.
7- . المعتبر ، ج 2 ، ص 529 .
8- . صحاح اللغة ، ج 6 ، ص 2527 (وقي).
9- . حكاه عنه في عمدة القاري ، ج 8 ، ص 256.
10- . حكاه عنه أيضا ابن عبدالبّر في الاستذكار ، ج 3 ، ص 127.
11- . صحاح اللغة ، ج 6 ، ص 2527 _ 2528 (وقي).
12- . المغرب ، ص 268 (وقي).
13- . نهاية الإحكام ، ج 2 ، ص 341.
14- . الخصال ، ص 531، أبواب الثلاثين و ما فوقه ، ح 9؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص24 ، ح 27.

ص: 342

. .

ص: 343

. .

ص: 344

باب ما وضع رسول اللّه _ صلّى اللّه عليه وعلى أهل بيته _ الزكاة عليه

باب ما وضع رسول اللّه _ صلّى اللّه عليه وعلى أهل بيته _ الزكاة عليهلقد أجمع علماء الملّة على وجوب الزكاة في الأشياء التسعة : الحنطة والشعير والتمر والزبيب والإبل والبقر والغنم والذهب والفضّة ، واختلفوا في وجوبها في غير هذه التسعة ، فالمشهور بين الأصحاب العدم ، بل ادّعى في المنتهى إجماع علمائنا عليه. (1) وبه قال الشافعي في قول ، (2) وهو منقول في الانتصار عن ابن أبي ليلى والثوري وابن حيّ من العامّة. (3) ويدلّ عليه _ زائداً على ما رواه المصنّف قدس سره _ ما رواه الشيخ عن عمر بن اُذينة عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن صدقات الأموال ، فقال : «في تسعة أشياء ليس في غيرها شيء : في الذهب والفضّة والحنطة والشعير والتمر والزبيب والإبل والبقر والغنم السائمة ، وهي الراعية ، وليس في شيء من الحيوان غير هذه الثلاثة الأصناف شيء ، وكلّ شيء كان من هذه الثلاثة الأصناف فليس فيه شيء حتّى يحول عليه الحول منه يوم ينتج ». (4) وعن عبداللّه بن بكير، عن زرارة، عن أحدهما عليهماالسلام قال : «الزكاة على تسعة أشياء : على الذهب والفضّة والحنطة والشعير والتمر والزبيب والإبل والبقر والغنم ، وعفى رسول اللّه صلى الله عليه و آله عمّا سوى ذلك». (5) وعن أبي بصير والحسن بن شهاب، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «وضع رسول اللّه صلى الله عليه و آله الزكاة على تسعة أشياء وعفى عمّا سوى ذلك : على الذهب والفضّة والحنطة والشعير والتمر والزبيب والإبل والبقر والغنم». (6) وعن عبيداللّه الحلبي، عنه عليه السلام ، قال : سُئل عن الزكاة ، قال : «الزكاة على تسعة أشياء : على الذهب والفضّة والحنطة والشعير والتمر والزبيب والإبل والبقر والغنم ، وعفى رسول اللّه صلى الله عليه و آله عمّا سوى ذلك». (7) وعن محمّد بن الطيّار ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عمّا تجب فيه الزكاة ، فقال : «في تسعة أشياء : الذهب والفضّة والحنطة والشعير والتمر والزبيب والإبل والبقر والغنم وعفى رسول اللّه صلى الله عليه و آله عمّا سوى ذلك » ، فقلت : أصلحك اللّه ، فإنّ عندنا حبّاً كثيراً؟ قال فقال : «وما هو؟» قلت : الاُرز ، قال : «نعم ، ما أكثره» ، فقلت : أفيه الزكاة؟ قال : فزبرني ، قال : ثمّ قال : «أقول لك أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله عفى عمّا سوى ذلك وتقول لي : إنّ عندنا حبّاً كثيراً ، أفيه الزكاة؟!». (8) وعن زرارة وبكير ابني أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «ليس في شيء أنبتت الأرض من الأرز والذرة والحمّص والعدس وسائر الحبوب والفواكه غير هذه الأربعة الأصناف وإن كثر ثمنه زكاة ، إلّا أن يصير مالاً يُباع بذهب أو فضّة تكنزه ، ثمّ يحول عليه الحول وقد صار ذهباً أو فضّة، فتؤدّي عنه من كلّ مأتي درهم خمسة دراهم ، ومن كلّ عشرين دينار نصف دينار». (9) وروى الصدوق رضى الله عنه في صحيح عبداللّه بن سنان ، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «اُنزلت آية الزكاة «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا» (10) في شهر رمضان ، فأمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله مناديه ، فنادى في الناس : أنّ اللّه تبارك وتعالى قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة ، ففرض اللّه عليكم من الذهب والفضّة والإبل والبقر والغنم ، ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، ونادى فيهم بذلك في شهر رمضان ، وعفا لهم عمّا سوى ذلك . ثمّ لم يتعرّض لشيء من أموالهم حتّى حال عليهم الحول من قابل ، فصاموا وأفطروا ، فأمر عليه السلام مناديه ، فنادى في المسلمين : زكّوا أموالكم تُقبل صلواتكم . قال : ثمّ وجّه عمّال الصدقة وعمّال الطسوق ، فليس على الذهب شيء حتّى يبلغ عشرين مثقالاً ، ففيه نصف دينار إلى أن يبلغ أربعة وعشرين، ففيه نصف دينار وعُشر دينار ، ثمّ على هذا الحساب متى زاد على العشرين أربعة ففي كلّ أربعة عشر دينار إلى أن يبلغ أربعين مثقالاً ، فإذا بلغ أربعين مثقالاً ففيه مثقال . وليس على الفضّة شيء حتّى يبلغ مئتي درهم ، فإذا بلغت مئتي درهم ففيها خمسة دراهم ، ومتى زاد عليها أربعون درهماً ففيها درهم ، وليس في النيف شيء حتّى يبلغ أربعين . وليس في القطن والزعفران والخضر والثمار والحبوب زكاة حتّى يُباع ويحول على ثمنها الحول ، وإذا اجتمعت للرجل مئتا درهم ، فحال عليها الحول، فأخرج لزكاتها خمسة دراهم ، فدفعها إلى الرجل ، فردّ درهماً منها ، وذكر أنّه شبه أو زيف فليسترجع منه الأربعة الدراهم أيضاً ؛ لأنّ هذا لم تجب عليه الزكاة ؛ لأنّه كان عنده مئتا درهم إلّا درهم ، [و ليس على ما دون مئتي درهم زكاة]. وليس على السبائك زكاة ، إلّا أن تفرّ بها من الزكاة ، فإن فررت بها فعليك الزكاة . وليس على الحليّ زكاة وإن بلغ مئة ألف ، ولكن تُعيره مؤمناً إذا استعاره منك فهذه زكاته . وليس في النقير زكاة ، إنّما هي على الدنانير والدراهم». (11) وذهب يونس بن عبد الرحمن اليقطيني إلى وجوبها في كلّ ما أنبتته الأرض ممّا يُكال أو يوزن ، على ما حكاه عنهم المصنّف قدس سره (12) وغيره ، (13) وهو منقول في المختلف عن ابن الجنيد ، (14) وتمسّكا في ذلك بما يرويه المصنّف قدس سرهفي الباب الآتي ، وما يرويه في ذيله ، وهي محمولة على الاستحباب؛ للجمع على ما ستعرف . ويونس قد جمع بين الأخبار بحمل الأخبار الأوّلة على أنّها كانت كذلك في صدر الإسلام ، ثمّ وقع النسخ بثبوتها في كلّ مكيل وموزون . والأوّل أظهر؛ لأصالة عدم النسخ ، وانتفاء دليل يعتدّ به ، بل ظهور بعض ما ذكر من الأخبار في العذر عمّا عدا التسعة في تمام عهد النبيّ صلى الله عليه و آله وعدم نسخ بعده صلى الله عليه و آله . وهذا معنى قول الشيخ قدس سرهفي الاستبصار : ولا يمكن حمل هذه الأخبار على ما حمل عليه يونس بن عبد الرحمن من أنّ هذه التسعة كانت الزكاة عليها في أوّل الإسلام ، ثمّ أوجب اللّه تعالى بعد ذلك في غيرها من الأجناس ؛ لأنّ الأمر لو كان كذلك لما قال الصادق عليه السلام : «عفا رسول صلى الله عليه و آله عمّا سوى ذلك» ؛ لأنّه إذا وجب فيما عدا هذه التسعة الأشياء بعد إيجابه في التسعة لم يبق شيء معفوّ عنه . انتهى. (15) ولا ينافي ذلك وقوع الأمر فيما عدا تلك الأشياء في بعض الأخبار الأخيرة ؛ لشيوع الأمر الندبي في الأخبار . واحتجّ السيّد في الانتصار بالإجماع وأصالة البراءة ، ثمّ قال : فإن قيل : كيف تدّعون إجماع الإماميّة وابن الجنيد يخالف ذلك ويذهب إلى أنّ الزكاة واجبة في جميع الحبوب [الّتي تخرجها الأرض]و إن زادت على التسعة الأصناف ، وروى في ذلك أخباراً كثيرة عن أئمّتكم عليهم السلام ، وذكر أنّ يونس كان يذهب إلى ذلك ؟ قلنا : لا اعتبار بشذوذ ابن الجنيد ولا يونس و إن كان يوافقه؛ لأنّه قد تقدّم الإجماع عليهما وتأخّر عنهما ، والأخبار التي تعلّق بها ابن الجنيد معارضة بأظهر وأكثر وأقوى منها . انتهى. (16) واختلفت العامّة في المسألة اختلافاً كثيراً ، فقد نقل عن الشافعي أنّه قال في قول ثان بالوجوب في الزيتون زائداً على التسعة ، وفي قول ثالث بالوجوب فيما ييبس ويُقتات ويدّخر مأكولاً ممّا عدا الزيتون ، حكاه السيّد رضى الله عنهفي الانتصار (17) عنه ، وحكى فيه عن أبي حنيفة وزفر [وجوب ]جميع ما تنبته الأرض إلّا الحطب والقصب والحشيش ، وفي موضع آخر عنه وعن أبي يوسف ومالك أنّ وجوبها في كلّ ثمر جمع فيه هذه الأوصاف الكيل والبقاء واليبس ممّا تنبته الآدميّون. (18) واحتجّوا على آرائهم المتشتتة بعموم قوله عليه السلام : «فيما سقت السماء العشر». (19) واُجيب بالتخصيص ؛ لما مرّ على أنّه قد ورد من طريق العامّة عن عبداللّه بن عمر ، قال : إنّما سنَّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله الزكاة في هذه الأربعة : الحنطة والشعير والتمر والزبيب. (20) وعن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه بعثهما إلى اليمن يعلّمان الناس أمر دينهم ، فأمرهم أن لا يأخذوا الصدقة إلّا من هذه الأربعة : الحنطة والشعير والتمر والزبيب. (21) واحتجّ الشافعي على وجوبها في الزيتون بقوله تعالى : «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ» (22) عقيب قوله تعالى : «وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ» . (23) واُجيب بحمل الحقّ على غير الزكاة ، وإلّا لزم وجوبها في الرمّان أيضاً، وهو لم يسر بذلك . على أنّ الزكاة إنّما فرضت بالمدينة والآية مكيّة. (24) وقد تشبّث الباقون أيضاً بذلك ؛ لعموم ضمير جمع الزروع وغيرها ممّا ذكر في الآية . واُجيب عنه بما ذكر أخيراً . وقد قال السيّد رضى الله عنهفي الانتصار : عند أصحابنا أنّ ذلك الحقّ إنّما يتناول ما يعطى المسكين والفقير والمجتاز وقت الحصاد من الحفنة والضغث، فقد ورد ذلك عن أئمّتهم عليهم السلام ، فمنه ما روي عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : «وَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ» قال : «ليس ذلك الزكاة ، ألا ترى أنّه تعالى قال : «وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» (25) » . وهذه نكتة منه عليه السلام مليحة ؛ لأنّ النهي عن السرف لا يكون إلّا فيما ليس بمقدّر ، والزكاة مقدّرة . وروي عن أبي عبداللّه عليه السلام ؛ أنّه قيل : يابن رسول اللّه ، وما حقّه؟ قال : «يناول المسكين والسائل» . والأحاديث بذلك كثيرة (26) . (27) وأيّده أيضاً التأويل المذكور بأنّ الآية تقتضي أن يكون العطاء وقت الحصاد ، والزكاة إنّما تُعطى بعد جفافه وتذريته وتصفيته ، وبما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله من النهي عن الحصاد والجذاذ بالليل ، (28) وإنّما نهى عنه عليه السلام لما فيه من حرمان المساكين والمجتازين .

.


1- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 473.
2- . اُنظر: مختصر المزني ، ص 50 ؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 337 و 460 ؛ منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 473.
3- . الانتصار ، ص 206.
4- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 2 ، ح 2؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 2، ح 2؛ و ص 11 ، ح 33؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 57 ، ح 11511.
5- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 2 ، ح 1؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 2، ح 1؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 57 ، ح 11510.
6- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 3 ، ح 3؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 2، ح 3؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 57 _58 ، ح 11515.
7- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 3 ، ح 4؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 3، ح 4؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 58 ، ح 11513.
8- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 4 ، ح 9؛ الاستبصار ، ج 1 ، ص 4 _ 5، ح 9؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 57 ، ح 11514.
9- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 6 ، ح 12؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 63 _64 ، ح 11529.
10- . التوبة(9) : 103 .
11- . الفقيه ، ج 1 ، ص 15 _ 16 ، ح 1598.
12- . الكافي ، باب ما وضع رسول اللّه صلى الله عليه و آله و على أهل بيته الزكاة عليه ، ح 2.
13- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 4 ، ذيل ح 8 ؛ مجمع الفائدة و البرهان ، ج 4 ، ص 39.
14- . مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 195.
15- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 4 ، ذيل ح 8 .
16- . الانتصار ، ص 210 _ 211.
17- . الانتصار ، ص 207. وانظر: الاُمّ للشافعي ، ج 2 ، ص 37؛ مختصر المزني ، ص 47؛ فتح العزيز ، ج 5 ، ص 559 و 561 _ 562 ؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 452؛ روضة الطالبين ، ج 2 ، ص 91؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 549 _ 550 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 550 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 203.
18- . المحلّى ، ج 5 ، ص 210؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 549 ؛ أضواء البيان ، ج 1 ، ص 502 ؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 456؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 551 ؛ فتح الباري ، ج 3 ، ص 277؛ الاستذكار ، ج 3 ، ص 220؛ التمهيد ، ج 24 ، ص 166 _ 167.
19- . مسند أحمد ، ج 5 ، ص 233؛ صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 133؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 353؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 130؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 4 ، ص 37.
20- . سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 82 ، و فيه عن عمر بدل عبداللّه بن عمر؛ كنز العمّال ، ج 6 ، ص 319 ، ح 15833؛ و ص 536 ، ح 16858.
21- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 125؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص550 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 551 .
22- . الأنعام(6): 141.
23- . الأنعام(6) : 99 .
24- . تفسير البيضاوي ، ج 2 ، ص 458؛ تفسير أبي السعود ، ج 3 ، ص 192؛ تفسير الصافي ، ج 2 ، ص 162.
25- . الأنعام(6) : 141 .
26- . فقه القرآن للراوندى ، ج 1 ، ص 216.
27- . الانتصار ، ص 208.
28- . تفسير العيّاشي ، ج 1 ، ص 380 ، ح 111؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 201 ، ح 11839.

ص: 345

. .

ص: 346

. .

ص: 347

. .

ص: 348

. .

ص: 349

. .

ص: 350

باب ما يزكّى من الحبوب

باب ما يزكّى من الحبوبأراد قدس سره بالزكاة هنا الزكاة المستحبّة ؛ حملاً للأخبار الواردة فيه على الندب للجمع بينها وبين ما تقدّم على ما هو المشهور بين الأصحاب ، ويؤكّده ما رواه المصنّف، (1) ] و]ما رواه الشيخ قدس سره في الصحيح عن زرارة، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «كلّ ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة ، وقد جعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله الصدقة في كلّ شيءٍ أنبتته الأرض ، إلّا الخضر والبقول وكلّ شيء يفسد من يومه». (2) وفي الموثّق عن زرارة ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : في الذرّة شيء ؟ قال : «الذرة والعدس والسلت والحبوب منها مثل ما في الحنطة والشعير، وكلّ ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق التي يجب فيها الزكاة فعليه فيه الزكاة». (3) وعن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : هل في الأرز شيء؟ قال : «نعم». (4) قوله في حسنة محمّد بن مسلم: (والسلت) . [ح 1/5769] نقل طاب ثراه عن الآبي أنّه قال في كتاب إكمال الإكمال : السلت : شعير إذا حكّ زال قشره ، (5) واستشكل العلّامة وجوب الزكاة فيه وفي العلس (6) _ وهو نوع من الحنطة _ إذا طحنت خرجت على النصف ، ومنشأ الإشكال أنّهما مسمّيان باسم خاصّ غير الحنطة والشعير ، (7) والمشهور أنّهما نوعان منهما كما دلّ عليه اللغة والعرف. (8)

.


1- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
2- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص65 ، ح 176؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 63 ، ح 11526.
3- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 65 ، ح 177؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 64 ، ح 11530.
4- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 65 ، ح 178؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 64 ، ح 11531.
5- . اُنظر: صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 253 (سلت)؛ النهاية ، ج 2 ، ص 388.
6- . العلس : نوع من الحنطة تكون حبّتان في قشر ، وهو طعام أهل صنعاء . القاموس المحيط ، ج 1 ، ص 66 (علس) .
7- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 187؛ منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 474 ط قديم.
8- . اُنظر: الخلاف ، ج 2 ، ص 65 ؛ المقنعة ، ص 245؛ المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص217؛ السرائر ، ج1 ، ص 428 و 429؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص 137؛ البيان ، ص 171؛ مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 47.

ص: 351

باب ما لا تجب فيه الزكاة من الخضر وغيرها

باب ما لا تجب فيه الزكاة من الخضر وغيرهاأراد قدس سره بالوجوب هنا معنى الثبوت ، وغرضه نفي وجوبها واستحبابها جميعاً على ما هو مذهب الأصحاب ، ففي المقنعة : لا خلاف بين آل الرسول وشيعتهم أنّ الخضر _ كالقضب وما أشبهه ممّا لا بقاء له _ لا زكاة فيه ، (1) والمراد بنفي الزكاة عدم ثبوتها لا وجوباً ولا استحباباً . ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف وبعض ما سبق من الأخبار ما رواه الشيخ عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ليس على الخضر ولا على البطّيخ ولا البقول وأشباهه زكاة إلّا ما اجتمع عندك من غلّته فبقي عندك سنة». (2) وفي الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلام قالا : «عفى رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن الخضر» ، قلت : وما الخضر؟ قال : «كلّ شيء لا يكون له بقاء كالبقل والبطّيخ والفواكه وشبه ذلك ممّا يكون سريع الفساد» . وقال زرارة : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام في القضب شيء؟ قال : «لا». (3) ومن طريق العامّة عن عليّ عليه السلام ، عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «ليس في الخضراوات صدقة». (4) وعن عائشة : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «ليس فيما أنبتت الأرض من الخضر صدقة». (5) وبذلك يظهر ضعف ما سبق عن أبي حنيفة وزفر متمسّكين بعموم ما سقت السماء؛ لوجوب تخصيصه لما ذكر . قوله في حسنة الحلبي: (قلت : القضب) إلى آخره . [ح3/5777] القضب : الرطبة ، وهي الإسفست[بالفارسيّة] ، والموضع الذي تنبت فيه مقضبته . (6) والعضاة : كلّ شيء طري. (7) والفرسك : ضرب من الخوخ ليس ينفلق من نواه». (8)

.


1- . المقنعة ، ص 245 ، و في المذكور هنا تلخيص.
2- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 66 ، ح 179؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 69 ، ح 11542.
3- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 66 ، ح 180؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 68 ، ح 11541.
4- . تلخيص الحبير ، ج 5 ، ص 561 ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 4 ، ص 120 ، ح 7188؛ سنن الدارقطني، ج 2، ص 82 ، ح 1890؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 3 ، ص 278 ، ح 2326؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 129 _ 130؛ كنز العمّال ، ج 6 ، ص 554 ، ح 16921.
5- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 130؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 81 ، ح 1891؛ و ص 112 ، ح 2010.
6- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 203 (قضب).
7- . الموجود في كتب اللغة أنّ العضاة: كلّ شجر يعظم و له شوك. اُنظر: صحاح اللغة ، ج 6 ، ص 2240 (عضه). و يحتمل أن يكون «الغضاة» بالغين المعجمه ، فتكون بمعنى الطري.
8- . صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 1603 (فرسك).

ص: 352

باب أقلّ ما تجب فيه الزكاة من الحرث

باب أقلّ ما تجب فيه الزكاة من الحرثلقد أجمع علماء الملّة على اشتراط النصاب في الزكاة ، وعلى أنّه في الغلّات الأربعة خمسة أوساق ، (1) إلّا ما سيحكى عن بعض العامّة من وجوبها على كلّ قليل وكثير منها. (2) ويدلّ عليه _ زائداً على ما رواه المصنّف في الباب _ صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : «ما أنبتت الأرض من الحنطة والشعير والتمر والزبيب ما بلغ خمسة أوساق ، والوسق ستّون صاعاً ، فذلك ثلاثمئة صاع ففيه العُشر ، وما كان منه يسقى بالرشاء والدوالي والنواضح ففيه نصف العشر ، وما سقت السماء أو السيح أو كان بعلاً ففيه العشر تامّاً ، وليس فيما دون الثلاثمئة صاع شيء ، وليس فيما أنبتت الأرض شيء إلّا في هذه الأربعة الأشياء». (3) وموثّقة عبداللّه بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهماالسلام قال : «في زكاة الحنطة والشعير والتمر والزبيب ليس فيما دون الخمسة أوساق زكاة، فإذا بلغت خمسة أوساق وجبت فيها الزكاة ، والوسق ستّون صاعاً ، فذلك ثلاثمئة صاع بصاع النبيّ صلى الله عليه و آله ، والزكاة فيها العشر فيما سقت السماء أو كان سيحاً ، أو نصف العُشر فيما سقي بالغرب والنواضح». (4) وموثّقة عبيداللّه الحلبي، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته في كم تجب الزكاة من الحنطة والشعير والتمر والزبيب؟ قال : «في ستّين صاعاً» . وقال في حديث آخر : «ليس في النخل صدقة حتّى يبلغ خمسة أوساق ، والعنب مثل ذلك حتّى يبلغ خمسة أوساق زبيباً ، والوسق ستّون صاعاً» . وقال : «في صدقة ما سقي بالغرب نصف الصدقة ، وما سقت السماء والأنهار أو كان بعلاً فالصدقة ، وهو العشر ، وما سقي بالدوالي أو بالغرب فنصف العشر». (5) وخبر سليمان عنه عليه السلام قال : «ليس في النخل صدقة حتّى تبلغ خمسة أوساق ، والعنب مثل ذلك حتّى يكون خمسة أوساق زبيباً». (6) وصحيحة الحلبي عنه عليه السلام قال : «ليس فيما دون خمسة أوساق شيء ، والوسق ستّون صاعاً». (7) وموثّقة أبان بن عثمان، عن أبي بصير والحسن بن شهاب ، قالا : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «ليس في أقلّ من خمسة أوساق زكاة ، الوسق ستّون صاعاً». (8) وعن زرارة وبكير، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «وأمّا ما أنبتت الأرض من شيء من الأشياء فليس فيه زكاة إلّا أربعة أشياء : البرّ والشعير والتمر والزبيب ، وليس في شيء من هذه الأربعة الأشياء شيء حتّى يبلغ ستّة أوساق ، والوسق ستّون صاعاً ، وهو ثلاثمئة صاع بصاع النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم، فإن كان من كلّ صنف خمسة أوساق غير شيء وإن قلّ فليس فيه شيء ، وإن نقص البرّ والشعير والتمر والزبيب أو نقص من خمسة أوساق صاع أو بعض صاع فليس فيه شيء ، فإذا كان يعالج بالرشا والنضح والدلاء ففيه نصف العشر ، وإن كان يُسقى بغير علاج بنهر أو عين أو سماء ففيه العشر تامّاً». (9) وبعض ما سيأتي من الأخبار . ومن طريق العامّة عن أبي سعيد الخدري أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة». (10) وقد ورد في بعض الأخبار ما يدلّ على وجوب الزكاة في أقلّ من ذلك ، وحملت على الاستحباب ، روى الشيخ عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لا تجب الصدقة إلّا في وسقين ، والوسق ستّون صاعاً». (11) وعن أبي بصير عنه عليه السلام قال : قال : «لا يكون في الحبّ ولا في النخل ولا في العنب زكاة حتّى يبلغ وسقين ، والوسق ستّون صاعاً». (12) وعن ابن سنان ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الزكاة ، في كم تجب في الحنطة والشعير؟ فقال : «في وسق». (13) وعن إسحاق بن عمّار، عن[أبي] إبراهيم عليه السلام ، قال : سألته عن الحنطة والتمر عن زكاتهما ، فقال : «العشر ونصف العشر ، العشر لما سقت السماء ، ونصف العشر فيما سقى بالسواني» ، فقلت : ليس عن هذا أسألك ، إنّما أسألُك فيما خرج منه قليلاً كان أو كثيراً ، ألهُ حدّ يزكّى منه ما خرج منه؟ فقال : «يزكّى منه ما خرج منه قليلاً كان أو كثيراً من كلّ عشرة واحد ، ومن كلّ عشرة نصف واحد» . قلت : الحنطة والتمر سواء؟ قال : «نعم». (14) ولا يبعد حمل الأخيرة على التقيّة ؛ لما اشتهر في ذلك الوقت مذهب [أبي] (15) حنيفة (16) ومجاهد (17) من وجوب الزكاة في قليل الغلّات وكثيرها محتجّين بقوله تعالى : «وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ» ، (18) وبقوله عليه السلام : «فيما سقت السماء العشر» ، (19) ونظائره . وأجاب عنه الآبي _ على ما نقل عنه طاب ثراه _ بأنّ ما ذكرتموه مطلق ، ولنا أحاديث مقيِّدة ، والمطلق يردّ إلى المقيَّد، وأنّ في مقابلة عموم القرآن حديث الخمسة أوسق . ثمّ الواجب العشر أو نصف العشر على التفصيل المستفاد من أكثر الأخبار المذكورة في الباب ، وما رويناه من صحيحة زرارة، وموثّقتي عبداللّه بن بكير وعبيداللّه الحلبي، وخبر زرارة وبكير ، وما رواه الشيخ في التهذيب من صحيحة زرارة وبكير عن أبي جعفر عليه السلام قال : «في الزكاة ما كان يعالج بالرشا والدلاء والنضح ففيه نصف العشر ، وإن كان يُسقى من غير علاج بنهر أو عين أو بعل أو سماء ففيه العشر كاملاً». (20) ومن طرق العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا (21) العشر ، وما يسقى وبالنصخ نصف العشر». (22) رواه في المنتهى. (23) وروى مسلم عنه صلى الله عليه و آله : «فيما يسقى بالسانية نصف العشر». (24) وعن معاذ ، قال : بعثني رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى اليمن ، فأمرني أن آخذ ممّا سقت السماء أو سقى بعلا العشر ، وممّا سقى بدالية نصف العشر. (25) ونسبه العلّامة في المنتهى إلى فقهاء الإسلام. (26) ولو اختلف في السقي فيعتبر الأغلب عندنا ، وهو منقول في المنتهى عن أبي حنيفة وأحمد والثوري وعطاء وأحد قولي الشافعي، وفي قول آخر عنه : أنّه تؤخذ بالقسط ، فإن شرب السيح ثلث السقي _ مثلاً _ كان في ثلثه العشر ، أو الربع كان فيه العشر ، وعلى هذا. (27) وردّه بأنّ اعتبار السقيات وتقسيط الزكاة بعددها ممّا يشقّ جدّاً ، فيسقط اعتباره . وأيّده برواية معاوية بن شريح. (28) ولو تساويا فيسقط الواجب عليهما ، ففي المنتهى : لو سقى نصف السنة بكلفة ونصفها بغير كلفة أخرج من النصف العشر، ومن النصف نصف العشر ، فيجب عليه ثلاثة أرباع العشر ، وهو إجماع العلماء ؛ لأنّ دوام كلّ واحد منهما في جميع السنة يوجب مقتضاه ، فإذا وجد في نصفه [أوجب نصفه] . ويؤيّده خبر معاوية بن شريح ، انتهى. (29) وظاهره _ كالخبر _ اعتبار التساوي والأغلبيّة بحسب الزمان دون عدد السقيات أو النفع والنماء. وقد اعتبر بعض الأصحاب العدد والنفع. (30) ويردّهما الخبر المشار إليه؛ حيث ثبت نصف العشر على أغلبية الزمان من غير استفسار عن العدد والنفع. على أنّ الظاهر أنّ تفاوت الواجب باعتبار تفاوت الكلفة والمشقّة، والنفع إنّما هو من فعل اللّه تعالى لا من العبد، فلا وجه لاعتباره أصلاً. ولو اشتبه التساوي والأغلبيّة فمقتضى أصالة البراءة وجوب نصف العشر، والاحتياط العشر، وأصالة عدم التفاضل ثلاثة أرباع العشر على ما ذكره الشهيد الثاني في شرح اللمعة. (31) وظاهر الخبر العشر ما لم يعلم التساوي والأغلبيّة ، فأظهر الاحتمالات أوسطها ، فتأمّل . نعم ، قد روى الشيخ قدس سره في الموثّق عن سماعة بن مهران، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الزكاة من التمر والزبيب ، فقال : «في كلّ خمسة أوساق وسق، والوسق ستّون صاعاً، والزكاة فيهما سواء». (32) وبسند آخر عن سماعة، قال : سألته عن [الزكاة في] الزبيب والتمر ، فقال : «في كلّ خمسة أوساق وسق، والوسق ستّون صاعاً، والزكاة فيهما سواء ، فأمّا الطعام فالعشر فيما سقت السماء ، وأمّا ما سقي بالغرب والدواني فإنّما عليه نصف العشر». (33) وقال قدس سره : لا تنافي بين هذين الخبرين والأخبار الأوّلة؛ لأنّ الأصل فيهما سماعة، ولأنّه[أيضا ]تعاطى الفرق بين زكاة التمر والزبيب، وزكاة الحنطة والشعير، وقد بيّنا أنّه لا فرق بينهما . ولو سلّم من ذلك لأمكن حملهما على أحد وجهين : أحدهما : أن نحملهما على ضرب من الاستحباب دون الفرض والإيجاب . والثاني : أن نحملهما على الخمس الذي تجب في المال بعد إخراج الزكاة . واستدلّ عليه برواية عليّ بن محمّد بن عليّ بن شجاع النيسابوري: أنّه سأل أبا الحسن الثالث عليه السلام عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مئة كرّ، فأخذ منه العشر عشرة أكرار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرّاً، وبقي في يديه ستّون كرّاً ، ما الذي تجب لك من ذلك ؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شيء؟ فوقّع عليه السلام : «لي منه الخمسة ممّا يفضل من مؤونة هذا ». (34) وينبغي أن يعلم أنّ النصاب في الغلّات ألفان وسبعمئة رطل بالعراقي، فإنّ أصل النصاب خمسة أوسق، والوسق ستّون صاعاً، والصاع تسعة أرطال بالعراقي، ومضروب ستّين في خمسة، ثمّ في تسعة يبلغ ذلك . وبالمنّ الشاهي المبني على ألف ومئتي مثقال صيرفي في مئة وثلاثة وخمسون منّاً ونصف مَنّ ونصف ثمن منّ. بيان ذلك: أنّ الرطل العراقي على المشهور بين الأصحاب والمستفاد من الأخبار أحد وتسعون مثقالاً شرعيّاً، وهي ثمانية وستّون مثقالاً وربع مثقال صيرفي، فيحصل من ضرب عدد أرطال النصاب في عدد مثاقيل الرطل مئة ألف وأربع وثمانون ألفاً ومئة وخمسة وسبعون، وهو عدد مثاقيل النصاب قسمة على عدد مثاقيل المنّ خرج ما ذكر . وقال العلّامة في المنتهى : «الرطل تسعون مثقالاً شرعيّاً، فهو سبعة وسبعون مثقالاً صيرفيّاً ونصف مثقال، فيكون النصاب مئة وخمسون منّاً وسبعة أثمان مَنّ ، ويظهر ذلك بأدنى» (35) تأمّل، وهو غير مستند إلى حجّة . وقد أغرب سلطان المحقّقين عليه الرحمة حيث قال في تعليقاته على شرح اللمعة : ولمّا كان المنّ المعمول الشاهي في دار السلطنة أصفهان في سنة ثلاثين وألف عبارة عن ألف ومئتي مثقال صيرفي، كلّ واحد ضعف درهم شرعي، يكون النصاب في الغلّات على ما ذكر مئة وستّة وأربعين منّاً وربع منّ بالمنّ المذكور ، فتدبّر تقف . أقول : وذلك لأنّ دراهم النصاب ثلاثمئة وأحد وخمسون ألفاً، حاصلة من ضرب عدد أرطاله في عدد دراهم الرطل، وهو مئة وثلاثون، ودراهم المنّ على ما ذكرناه ألفان وأربعمئة، وخارج قسمة الأوّل على الثاني مئة وستّة وأربعون من الصحاح، ويبقى ستّمئة نسبتها إلى المقسوم عليه بالربع ، ومنشأ ذلك الغلط السهو في عدّ المثقال الصيرفي ضعفاً للدرهم الشرعي، وليس لذلك بل هو أقلّ من الضعف بقليل ، وعند التحقيق أحد وعشرون مثقالاً صيرفيّاً يساوي أربعين درهماً ، وإذا حسبت دراهم النصاب ونسبتها إلى المثاقيل على هذه النسبة وقسّمت الحاصل على مثاقيل المنّ يصير الخارج على حدّ ما ذكرناه، فتدبّر . قوله في مضمر صفوان وأحمد بن أبي نصر: (وعلى المتقبّلين سوى قبالة الأرض) ، إلى آخره . [ح2/5782] يدلّ الخبر على وجوب الزكاة على مستأجر الأرض في جميع ما حصل منها ، ونسبه في المنتهى إلى علمائنا وإلى مالك والشافعي وأبي يوسف ومحمّد، وعلى العامل في قدر حصّته، وعلى مالك الأرض بقدر حصّته في الأراضي الخراجيّة، ومثله العامل في المزارعة، وهو منسوب فيه إلى علمائنا وأكثر الجمهور. (36) ووجههما واضح فإنّ الحاصل كلّه في الأوّل في ذمّة المستأجر، ومال الإجارة إنّما يكون في ذمّته، وفي الثاني إنّما يكون للعامل حصّة والباقي لمالك الأرض ، والزكاة في الحرث إنّما يكون على الحاصل . ويدلّ أيضاً عليهما عموم قوله تعالى : «وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ» (37) خرج ما خرج، فبقي الباقي . وحكى في المختلف عن السيّد ابن زهرة أنّه لا زكاة على العامل في حصّته وفي المساقاة، ولا في المزارعة إذا كان البذر من ربّ الأرض، ولا على ربّ الأرض لو كان البذر من العامل ؛ محتجّاً بأنّ ما يأخذه العامل في المساقاة وفي الصورة الاُولى من المزارعة كالاُجرة من عمله، وما يحصل لربّ الأرض في الصورة الثانية منها كاُجرة أرضه، ولا زكاة في الاُجرة. (38) ويردّه ما ذكر. وفي المنتهى عن أبي حنيفة أنّه قال : إنّما تجب الزكاة كلّها في الإجارة على مالك الأرض، وليس على المستأجر شيء ، مستنداً بأنّ الاُجرة عوض عن منفعة الأرض، فإذا حصلت وجبت على صاحب الأرض كما لو زرعها . وردّه بأنّ الزكاة إنّما تجب لمنفعة الزرع لا لمنفعة الأرض ، ولذا تختلف باختلاف أنواع الزراعات. (39) وقد ورد في بعض الأخبار ما يوافقه ، رواه الشيخ في الموثّق عن عبداللّه بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهماالسلامقال : «في زكاة الأرض إذا قبّلها النبيّ صلى الله عليه و آله أو الإمام عليه السلام بالنصف أو الثلث أو الربع فزكاتها عليه، وليس على المتقبّل زكاة إلّا أن يشترط صاحب الأرض أنّ الزكاة على المتقبّل، فإن اشترط فإنّ الزكاة عليهم، وليس على أهل الأرض اليوم زكاة إلّا من كان في يده شيء ممّا[أ] قطعه الرسول صلى الله عليه و آله » (40) وحمله على أنّه لا زكاة عليه لجميع ما أخرجته الأرض ، ولا ينافي ذلك وجوبها عليه فيما يبقى في يده من حصّة من الحاصل ، ولا يخفى بُعد هذا التأويل، والأظهر حمله على التقيّة؛ لشيوع مذهب أبي حنيفة عند الناس في ذلك العصر . وبالجملة، فالخبر لندرته وعدم صحّته من وجهين غير قابل للمعارضة؛ لما تقدّم . وحكى أيضاً عنه أنّه لا زكاة في الأراضي الخراجيّة؛ محتجّاً بقوله عليه السلام : «لا يجتمع العشر والخراج في أرض مسلم»، (41) ولأنّهما حقّان سبباهما متنافيان؛ لأنّ النفع جهة الأرض والزكاة وجبت شكراً، فلا يجتمعان كزكاة السائمة والتجارة. (42) وأجاب عن الأوّل بأنّه رواية يحيى بن عنبسة وقد ضعّفوه ، (43) وعن الثاني بالفرق؛ لأنّ زكاة السائمة والتجارة زكاتان، وقد ثبت أنّه لا يزكّى المال من وجهين، والخراج إنّما هو حقّ على الأرض وليس بزكاة ، والزكاة إنّما هو على الزرع ومستحقّاهما أيضاً مختلفان . وقد أجاب أيضاً عن الأوّل بأنّ الخبر محمول على الخراج الذي هو جزية ، وحينئذٍ لا يجتمعان وليس البحث فيه؛ لأنّا نتكلّم في زرع المسلم، وهو كماترى لصراحة الخبر في نفي اجتماعهما في أرض مسلم ، فلا يمكن حمل الخراج فيه على الجزية ، وقد روى الشيخ هنا أيضاً ما يوافق أبا حنيفة ، وحمله على حذو ما سبق على أنّه لا تجب الزكاة لجميع ما أخرجته الأرض ، فقد روى في الصحيح عن رفاعة بن موسى، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل له الضيعة فيؤدّي خراجها، هل عليه فيها عُشر؟ قال : «لا». (44) وعن أبي كهمس، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن أخذ منه السلطان الخراج فلا زكاة عليه» (45) . (46) والأظهر حملهما أيضاً على التقيّة، أو على الأراضي الخراجيّة التي في أيدي أهل الجزية، فإنّه ليس عليهم سوى الخراج شيء . قوله في حسنة الحلبي : (إذا كان سيحاً) ، إلى آخره . [ح3/5783] السيح: الماء الجاري ، يُقال: ساح الماء يسيح سيحاً، إذا جرى على وجه الأرض. (47) والبعل: السقي بالعروق. (48) والسواني: جمع السانية وهي الناضحة، أي الناقة التي يستقى عليها . (49) والدوالي: جمع الدالية وهي المنجنون يديرها البقر . (50) والغرب: الدلو العظيمة. (51) قوله في حسنة أبي بصير ومحمّد بن مسلم : (فما حرثته فيها فعليك) ، إلى آخره . [ح 4/5784] ظاهره كغيره من الأخبار اشتراط الملك بالزراعة قبل تعلّق الوجوب في زكاة الغلّات ، ويؤيّده أصالة البراءة إذا ملكت بغيرها، وانتفاء دليل على وجوبها حينئذٍ . وفي المنتهى : فلو ابتاع عليه أو استوهب أو ورث بعد بدوّ الصلاح لم تجب عليه الزكاة، وهو قول العلماء كافّة. (52) وكذا ظاهره كغيره عدم استثناء شيء من المؤونات سوى ما أخذه السلطان باسم المقاسمة والخراج [و] البذر المزكّى ، ولم أجد نصّاً على استثناء ما سواه، فالقول بعدمه أظهر ، وإليه ذهب الشيخ يحيى بن سعيد في جامعه، فإنّه قال على ما نقل عنه : والمؤونة على ربّ المال دون المساكين إجماعاً إلّا عطاء، فإنّه جعلها بينه وبين المساكين، ويزكّى ما خرج من النصاب بعد حقّ السلطان. (53) وإليه مال الشهيد الثاني في الروضة. (54) وفي فوائد القواعد أيضاً على ما نقل عنه أنّه قال : «لا دليل على استثناء المؤن سوى الشهرة وإثبات الحكم الشرعي بمجرّد الشهرة مجازفة». (55) وحكاه في المنتهى عن الفقهاء الأربعة، (56) وهو ظاهر الشيخ في موضع من المبسوط حيث قال : «وكلّ مؤونة تلحق الغلّات إلى وقت إخراج الزكاة على ربّ المال دون المساكين». (57) وبه قال في الخلاف أيضاً مدّعياً إجماع من عدا عطاء من أهل العلم عليه، فقال : «كلّ مؤونة تلحق الغلّات إلى وقت إخراج الزكاة على ربّ المال ، وبه قال جميع الفقهاء إلّا عطاء، فإنّه قال : المؤونة على ربّ المال والمساكين». (58) والظاهر أنّه أراد بالمؤونة ما سوى الخراج؛ لاستثناء الخراج في أكثر الأخبار، ولأنّهم كانوا يجعلون المؤونة قسيماً للخراج في عباراتهم . والمشهور بين المتأخّرين استثناء سائر مؤونات الزراعة ممّا يتعلّق بهذه السنة، سواء كان قبل الزرع كالبذر واُجرة حفر النهر والقناة وتنقيتهما واُجرة الحرّاث والاكار أو بعده كاُجرة الحصاد والجذاذ ونحوهما وما نقص بسببه من الآلات والعوامل حتّى يثاب المالك ونحوها على ما صرّح به بعضهم . وبه قال الصدوق في الفقيه فقد استثنى خراج السلطان ومؤونة القرية. (59) وقال الشيخ المفيد أيضاً : «ولا زكاة على غلّة حتّى يبلغ حدّها ما تجب فيه الزكاة بعد الخرص والجذاذ، وخروج مؤونتها وخراج السلطان». (60) وقال الشيخ في موضع آخر من المبسوط : «فالنصاب ما بلغ خمسة أوسق بعد إخراج حقّ السلطان والمؤن كلّها». (61) وبه قال في النهاية أيضاً. (62) واختاره ابن إدريس (63) والعلّامة في كتبه. (64) وفي المنتهى نسبه إلى أكثر الأصحاب ، واحتجّ عليه بأنّ الجذاذ مالٌ مشترك بين المالك والفقراء، فلا يختصّ أحدهم بالخسارة عليه كغيره من الأموال المشتركة ، وبأنّ المؤونة سبب للزيادة فتكون على الجميع ، وبأنّ إلزام المالك كلّها حيف (65) عليه وإضرار به[و هو منفي]، ولأنّ الزكاة مواساة فلا يتعقّب الضرر ، وبأنّها[في الغلّاة ]إنّما تجب في النماء والفائدة، وإسقاط حقّ الفقراء [من المؤنة]درء مناف لذلك. وأيّدها بحسنة محمّد بن مسلم المرويّة في آخر الباب، قائلاً: «إنّه إذا ثبت ذلك في الحارس تقديره ثبت في غيره؛ لعدم القول بالفصل». (66) وأنت خبير بعدم جواز تخصيص العمومات بهذه الاستحسانات العقلية ، وأمّا الحسنة فظاهرها أنّه عليه السلام إنّما أمر بترك العذق والعذقين للحارث تبرّعاً وتفضّلاً لقوت عياله، كترك معافارة واُمّ جعرور (67) للمارّة لا لاُجرة ، فلقد تبرّع يبذل بتسعة أعشارها من ماله . وعلى ما ذكرناه من استثناء الخراج فقط فالظاهر اعتبار النصاب بعده كما هو ظاهر بعض الأخبار . وأمّا على القول باستثناء سائر المؤونات، فهل يعتبر النصاب قبل وضع تلك المؤونات أو بعد ؟ أقوال ثالثها: بعد المؤونات السابقة على وقت تعلّق الوجوب ؛ اختاره المحقّق الشيخ عليّ في شرح القواعد (68) والشهيد الثاني في المسالك، (69) فقد قالا : ويعتبر النصاب بعد المؤونة المتقدّمة على بدو الصلاح دون المتأخّرة ، فعلى هذا لو كان بعد المؤونات المتقدّمة كاُجرة الحارث وقيمة البذر ونحوهما مقدار النصاب وصار أقلّ منه بعد المؤونات المتأخّرة كخراج السلطان واُجرة الحصاد وأمثالهما أخرج الزكاة من الباقي . ورجّح العلّامة في التذكرة الأوّل حيث قال على ما نُقل عنه : «الأقرب أنّ المؤونة لا تؤثّر في نقصان النصاب وإن أثّرت في نقصان الفرض». (70) وقطع في المنتهى بالثاني، فقال : «المؤونة تخرج وسطاً من المالك والفقراء، فما فضل وبلغ نصاباً اُخذ منه العشر أو نصفه». (71) ولا يبعد الجمع بين كلامي الشيخ في المبسوط بذلك . قوله في حسنة حريز : (ويترك معيفارة واُمّ جعرور) [ح 7/5787] معافارة: ضرب من التمر رديء. (72) واُمّ جعرور ويقال له جعرور أيضاً: ضرب من الدقل يحمل رطباً صغاراً لا خير فيه . (73) والدقل: أردأ التمر، ومنه قيل لصغار الناس: جعارير. (74)

.


1- . اُنظر: الانتصار ، ص 285؛ الخلاف ، ح 2 ، ص 58 ، المسألة 69 ؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 485 و 532 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 7؛ مفتاح الكرامة ، ج 11 ، ص 383.
2- . اُنظر: الخلاف ، ج 2 ، ص 58 ، المسألة 69 ؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 136.
3- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 13 _ 14 ، ح 34؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 14، ح 40؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 176 ، ح 11776.
4- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 14 ، ح 35؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 14 _ 15، ح 41؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 179 ، ح 11783؛ و ص 185 ، ح 11797.
5- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 14 ، ح 36؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 15، ح 42؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 178 ، ح 11781 صدر الحديث؛ و ص 184 _ 185 ، ح 11796 ذيله.
6- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 18 ، ح 46؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 18 ، ح 52 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 177 ، ح 11778.
7- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 18_ 19 ، ح 48؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 18 ، ح 54 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 177 ، ح 11777.
8- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 19 ، ح 49؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 18 ، ح 55 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 178 ، ح 11780.
9- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 19 ، ح 15؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 177 _ 178 ، ح 11779.
10- . مسند الشافعي ، ص 94 ؛ صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 25 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 84 ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 4 ، ص 142 ، ح 7258 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 2 ، ص 19 ، ح 2254؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 79 ، ح 1883؛ كنز العمّال ، ج 6 ، ص 323 ، ح 15857.
11- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 17 ، ح 43؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 17 ، ح 49؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 180_ 181 ، ح 11786.
12- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 17_ 18 ، ح 44؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 17 ، ح 50 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 181 ، ح 11788.
13- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 18 ، ح 45؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 18 ، ح 51 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 181 ، ح 11789.
14- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 17 ، ح 42؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 16 ، ح 45؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 184 ، ح 11795.
15- . اُضيف لاقتضاء الضرورة.
16- . الخلاف ، ج 2 ، ص 58؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 564؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 212.
17- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 496.
18- . البقرة(2) : 267 .
19- . مسند أحمد ، ج 1 ، ص 145؛ و ج 3 ، ص 341؛ و ج 5 ، ص 233؛ صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 133؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 580 ، ح 1816؛ سنن النسائي ، ج 5 ، ص 42 ، السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 129.
20- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 15 ، ح 43؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 16 ، ح 40؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 177 _ 178 ، ح 11779.
21- . في الأصل: «عذبا» و التصويب من مصادر الحديث. و العثري _ بالتحريك _ : العذي، و هو الزرع الذي لايسقيه إلّا ماء المطر. صحاح اللغة ، ج 2، ص 737 (عثر).
22- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 133؛ سنن الترمذي ، ج 2 ، ص 76 ، ح 635 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 130.
23- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 498.
24- . صحيح مسلم ، ج 3 ، ص 67 . و رواه النسائي في سننه ، ج 5 ، ص 42؛ و في السنن الكبرى ، ج 2 ، ص 22 ، ح 2268؛ و البيهقي في السنن الكبرى ، ج 4 ، ص 130.
25- . سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 581 ، ح 1818؛ سنن النسائي ، ج 5 ، ص 42 ، و السنن الكبرى له أيضا ، ج 2 ، ص 22 ، ح 2269؛ المستدرك ، ج 1 ، ص 401؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 29. مع زيادة في بعضها.
26- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 498.
27- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 498. وانظر: فتح العزيز ، ج 5 ، ص 385؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 560 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 563 ؛ فتح الباري ، ج 3 ، ص 276؛ تحفة الأحوذي ، ج 3 ، ص 234.
28- . هو الحديث السادس من هذا الباب؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 16 ، ح 41؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 15 ، ح 44؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 187 ، ح 11802.
29- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 498. و خبر معاوية بن شريح هو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي.
30- . اُنظر: مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 49.
31- . شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 35.
32- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 14_ 15 ، ح 37؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 16 ، ح 46؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 186 ، ح 11800.
33- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 15 ، ح 18؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 17_ 18 ، ح 47؛ وهذا هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 186 ، ح 11800.
34- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 17 ، ح 48؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 186_187 ، ح 11801.
35- . لم أعثر عليه . اُنظر: منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 497.
36- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 502 . وانظر: الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 574 ؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 535 و 562 _ 563 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 3 ، ص 5 ؛ جواهر العقود ، ج 1 ، ص 398 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 592 .
37- . البقرة (2): 267.
38- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 190؛ الغنية ، ص 291 ، فصل في المزارعة و المساقاه.
39- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 502 . و انظر: الخلاف ، ج 2 ، ص 73 و سائر المصادر المتقدّمة آنفا.
40- . تهذيب الأحكام، ج 4، ص 38_ 39، ح 97؛ الاستبصار، ج 2، ص 26، ح 4؛ وسائل الشيعة، ج 9، ص 189، ح 11806.
41- . بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 57 ؛ الدراية لإبن حجر ، ج 2 ، ص 132 ، ح 736؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 12؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 3 ، ص 287؛ الكامل لا بن عدي ، ج 7 ، ص 255 ، ترجمة يحيى بن عنبسة (2155) ، مع مغايرة في اللفظ في الثلاثة الأخيرة ؛ تاريخ بغداد ، ج 14 ، ص 166 ، ترجمة يحيى بن عنبسه برقم (7475) نحوه.
42- . المبسوط ، ج 2 ، ص 207؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 590 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 575 .
43- . اُنظر: الكامل لابن عدي ، ج7 ، ص 255؛ كتاب المجروحين لابن حبّان ، ج3 ، ص 124؛ كتاب الضعفاء لأبي نعيم ، ص 163، الرقم 276؛ لسان الميزان ، ج 6 ، ص 272 ، ح 953.
44- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 37 ، ح 94؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 25 ، ح 71؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 193 ، ح 11814.
45- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 37 ، ح 95؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 25 ، ح 72؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 193 ، ح 11815.
46- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 500 .
47- . النهاية، ج 2، ص 432 (سيح).
48- . صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 1635 (بعل).
49- . صحاح اللغة ، ج 6 ، ص 2384 (سنا).
50- . صحاح اللغة ، ج 6 ، ص 2339 (دلو).
51- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 193 (غرب).
52- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 497.
53- . الجامع للشرائع ، ص 134.
54- . شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 34 _ 35.
55- . حكاه عنه في مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 142.
56- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 500 .
57- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 217.
58- . الخلاف ، ج 2 ، ص 67 .
59- . الفقيه ، ج 2 ، ص 35 ، ذيل ح 1631.
60- . المقنعة ، ص239.
61- . المبسوط ، ج 1 ، ص 214.
62- . النهاية ، ص 198.
63- . السرائر ، ج 1 ، ص 434.
64- . تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 154؛ قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 341؛ تحرير الأحكام ، ج 1 ، ص 378؛ مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 191.
65- . المثبت من المصدر، وفي الأصل: «جبر» بدل «حيف».
66- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 500 ، مع مغايرة في بعض الكلمات.
67- . معافارة و اُم جعرور: ضربان رديّان من التمر. مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 207 (عفر).
68- . اُنظر: جامع المقاصد ، ج 3 ، ص 21.
69- . مسالك الأفهام ، ج 1 ، ص 393.
70- . تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 154.
71- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 500 .
72- . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 207 (عفر).
73- . مجمع البحرين ، ج 1 ، ص 376 (جعر)؛ النهاية ، ج 1 ، ص 276 (جعر).
74- . الفائق ، ج 1 ، ص 198 ، الجيم مع العين.

ص: 353

. .

ص: 354

. .

ص: 355

. .

ص: 356

. .

ص: 357

. .

ص: 358

. .

ص: 359

. .

ص: 360

. .

ص: 361

. .

ص: 362

. .

ص: 363

. .

ص: 364

. .

ص: 365

. .

ص: 366

باب أنّ صدقة الثمرة مرّة واحدة

باب أنّ صدقة الثمرة مرّة واحدةقال طاب ثراه : قيل: سُمّيت الزكاة صدقة لأنّها تدلّ على صدق إيمان المعطي. لا خلاف بين أهل العلم في أنّه لا تجب الزكاة في الغلّات إلّا مرّة واحدة في عام وجودها إلّا ما حكي عن الحسن البصري من وجوبها في كلّ سنة تبقى عنده. (1) وفي المنتهى: «ولا اعتداد بخلافه ؛ لأنّها غير معدّة للنماء فلا تجب فيها الزكاة كالثياب». (2) ويدلّ عليه الحسنة المذكورة في الباب بلا معارضة، ويؤيّدها الأصل .

.


1- . المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 567 _ 568 .
2- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 497.

ص: 367

باب زكاة الذهب والفضّة

باب زكاة الذهب والفضّةوهي واجبة بالنصّ وإجماع أهل العلم، وإنّما يجب بشروط النصاب والحول وسكّة المعاملة إجماعاً ، وسيأتي الأخير في الباب الآتي ، ويستفاد الحول من بعض أخبار الباب وما سنرويه . وأمّا النصاب فلكلّ منهما نصابان : فالنصاب الأوّل للذهب عشرون ديناراً شرعيّاً، كلّ واحد مثقال شرعي، وهو وزن درهم وثلاثة أسباع درهم، ثمّ أربعة دنانير بالغاً ما بلغ، فلا شيء فيما دون العشرين ولا فيما دون الأربعة بعدها . ونصاب الأوّل للفضّة مئة درهم، ثمّ أربعون درهماً كذلك، والدرهم نصف المثقال الصيرفي المتعارف الآن استعماله في الأوزان والمقادير وخمسه. والواجب فيهما ربع العشر، فيجب في عشرين دينار نصف دينار، وفي الأربعة قيراطان، وفي المئتين خمسة دراهم، وفي الأربعين درهم . ويدلّ على ذلك كلّه _ زائداً على ما رواه المصنّف قدس سره _ ما رواه الشيخ قدس سرهفي الصحيح عن زرارة وبكير ابني أعين أنّهما سمعا أبا جعفر عليه السلام يقول في الزكاة : «أمّا في الذهب فليس أقلّ من عشرين ديناراً شيء، فإذا بلغت عشرين ديناراً ففيه نصف دينار، وليس في أقلّ من مئتي درهم شيء، فإذا بلغ مئتي درهم ففيها خمسة دراهم، فما زاد فبحساب ذلك، وليس في مئتي درهم وأربعين درهماً غير درهم إلّا خمسة الدراهم، فإذا بلغت أربعين ومئتي درهم ففيها ستّة دراهم، فإذا بلغت ثمانين ومئتي درهم ففيها سبعة دراهم، وما زاد فعلى هذا الحساب.وكذلك الذهب وكلّ ذهب فإنّما الزكاة على الذهب والفضّة الموضوع إذا حال عليه الحول ففيه الزكاة، وما لم يحل عليه الحول فليس فيه شيء». (1) وعن زرارة، عن أحدهما عليهماالسلام قال : «ليس في الفضّة زكاة حتّى تبلغ مئتي درهم، فإذا بلغت مئتي درهم ففيها خمسة دراهم، فإذا زادت فعلى حساب ذلك في كلّ أربعين درهماً درهم، وليس في الكسور شيء، وليس في الذهب زكاة حتّى تبلغ عشرين مثقالاً، فإذا بلغ عشرين مثقالاً ففيه نصف مثقال ، ثمّ على حساب ذلك إذا زاد المال في كلّ أربعين ديناراً دينار». (2) وفي الموثّق عن محمّد الحلبي، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا زاد على المئتي درهم أربعون درهماً ففيها درهم، وليس فيما دون الأربعين شيء» ، فقلت : فما في تسعة وثلاثين درهماً؟ قال : «ليس على التسعة وثلاثين درهماً شيء ». (3) وفي الموثّق عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «في عشرين ديناراً نصف دينار». (4) وعن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «في الذهب إذا بلغ عشرين ديناراً ففيه نصف دينار، وليس فيما دون العشرين شيء ، وفي الفضّة إذا بلغت مئتي درهم خمسة دراهم، وليس في ما دون المئتين شيء، فإذا زادت تسعة وثلاثون على المئتين فليس فيها شيء حتّى تبلغ الأربعين، [و ليس في شيء من الكسور شيء حتّى تبلغ الأربعين]، وكذلك الدنانير على هذا الحساب». (5) وغير ذلك من الأخبار . روى العامّة عن عاصم بن ضمرة (6) عن عليّ عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «ليس عليك في الدنانير شيء حتّى يكون لك عشرون ديناراً، ففيها نصف دينار». (7) وعنه عليه السلام : «على كلّ أربعين ديناراً دينار، وفي كلّ عشرين ديناراً نصف دينار». (8) وعن أبي سعيد الخدري أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «ليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة». (9) والاُوقية بالحجاز أربعون درهماً . وعن عليّ عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «هاتوا ربع العشور من كلّ أربعين درهماً درهماً، وليس عليكم شيء حتّى تبلغ مئتي درهم، فإذا بلغها ففيها خمسة، وما زاد فبحسابه». (10) وعن عمرو بن سعيد، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «ليس في أقلّ من عشرين مثقالاً من الذهب ولا في أقلّ من مئتي درهم صدقة». (11) وعن عائشة: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يأخذ من عشرين ديناراً فصاعداً نصف دينار، ومن الأربعين [دينارا]دينارا. (12) واختلف في موضعين: أحدهما: النصاب الأوّل للذهب، فما ذكر هو المشهور بين أصحابنا، ومحكي في المنتهى عن الفقهاء الأربعة وأكثر الجمهور. (13) وذهب عليّ بن بابويه رضى الله عنه إلى أنّه أربعون ديناراً (14) ؛ محتجّاً بما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم وأبي بصير وبريد وفضيل، عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلامقالا : «في الذهب في كلّ أربعين مثقالاً مثقال، وفي الدراهم في كلّ مئتي درهم خمسة دراهم، وليس في أقلّ من أربعين مثقالاً شيء، ولا في أقلّ من مئتي درهم شيء، وليس في النيف شيء حتّى تتمّ أربعين، فيكون فيه واحداً»، (15) وبأصالة البراءة . و به قال الحسن والزهري على ما نقله الآبي عنهما، وقد نقل عن سليمان بن حرب أيضاً؛ (16) متمسّكين بأنّ النُصب الاُول للأموال الزكاتيّة ليس الواجب في شيء منها مكسوراً، فيجب أن يكون الواجب في النصاب الأوّل من الذهب أيضاً ديناراً، وهو إنّما يكون زكاة أربعين ديناراً . واُجيب عن الأوّل بعدم صحّة الخبر؛ لوجود عليّ بن الحسن بن فضّال وإبراهيم بن هاشم في طريقه، والأوّل فطحي وإن كان موثّقاً ، (17) والثاني ممدوح، (18) فلا تقبل المعارضة؛ للأخبار الصحيحة . والشيخ قدس سره حمل قوله عليه السلام : «ليس فيما دون الأربعين شيء» على نفي ثبوت الدينار، (19) ولا يخفى بُعده . وعن الثاني بضعف البراءة، مع ثبوتها في العشرين بالأخبار الصحيحة ، وضعف الأخير غير محتاج إلى البيان . أقول : ويدلّ عليه أيضاً ما سيأتي في صحيحة زرارة، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل عنده مئة درهم وتسعة وتسعون درهماً وتسعة وثلاثون ديناراً أيزكّيها؟ قال : «لا ، ليس عليه شيء من الزكاة في الدراهم ولا في الدنانير حتّى يتمّ أربعين ديناراً، والدراهم مئتي درهم ». (20) ولا يخفى بُعد تأويل الشيخ قدس سره ، فالأولى حمل الخبرين على التقيّة . ونقل طاب ثراه عن الآبي أنّه قال في كتاب إكمال الإكمال حكايةً عن بعض سلفهم اعتبار بلوغ قيمة الذهب مئتي درهم، سواء بلغ عشرين ديناراً أم زاد أم نقص، وهو منقول في المنتهى عن مجاهد وعطاء وطاووس؛ محتجّين بأنّه لم يثبت عن النبيّ صلى الله عليه و آله تقدير في نصاب الذهب، فيحمل على الفضّة. (21) ويردّه ما تقدّم من أخبارنا وأخبار العامّة في اعتبار عشرين ديناراً . لا يقال: يدلّ على ذلك حسنة محمّد بن مسلم حيث أحال عليه السلام مقدار النصاب في الذهب على مئتي درهم قيمته ، (22) ويؤيّده قوله عليه السلام في خبر إسحاق بن عمّار: «إنّ عين المال الدراهم، وكلّ ما خلا الدراهم من ذهب أو متاع فهو عرض مردود ذلك إلى الدراهم ». (23) لأنّا نقول: إنّما أخبر عليه السلام عن قيمة الوقت، وفي الوقت كان قيمة دينار عشرة دراهم؛ لذلك جعل في باب الديات وغيرها من مواضع كثيرة الدينار بإزاء عشرة دراهم. وربّما حملت على التقيّة، وهو بعيد؛ لموافقة فقهائهم الأربعة وغيرهم لنا، واشتهار ما ذهبنا إليه بينهم. وثانيهما: النصاب الثاني لهما، فقد قال بعض العامّة _ كالشافعي ومالك وأحمد وأبي يوسف وجماعة من أتباعهم _ بوجوب الزكاة فيما زاد على العشرين ديناراً قلّ أو كثر (24) ؛ محتجّين بقوله صلى الله عليه و آله : «وما زاد _ أي على العشرين _ فحساب ذلك». (25) واُجيب بتخصيصه بالأربعة؛ لما ذكر من الأخبار . وقال طاب ثراه : «وقد نقل عن بعضهم أنّه لا زكاة فيما زاد على مئتي درهم حتّى تبلغ أربعمئة» . قوله في خبر سماعة: (في كلّ مئتي درهم خمسة دراهم من الفضّة) . [ح 1/5789] قال طاب ثراه : الدرهم ستّة دوانق على ما نقله العامّة والخاصّة، والدانق ثمان حبّات من أوسط حبّ الشعير المقطوع الذنب ، فالدرهم ثمانية وأربعون حبّة، (26) وعليه مدار النصاب والزكاة والديات وغير ذلك، فإذا خالفه درهم البلد زيادة هو [أو ]نقصاناً فطريق معرفة النصاب فيه أن تضرب عدد النصاب الشرعي، وهو مئتان في عدد حبّات الدرهم الشرعي، وتقسّم الحاصل على عدد حبّات الدرهم المجهول النصاب ، فالخارج هو النصاب من تلك الدراهم ، ولو فرضنا أنّ درهم البلد سبعة وأربعون حبّة كان نصابه مئتين وأربعة دراهم واثني عشر جزءاً من سبعة وأربعين جزءً من درهم البلد، ومثل ذلك يجري في الدينار أيضاً لو فرض زيادة دينار البلد أو نقصانه بالنسبة إلى الدينار الشرعي، وهو ثمانية وستّون حبّة من الشعير المتوسّط وأربعة أسباع شعيرة. وما ذكره من عدد حبّات الدانق ممّا قطع به الأصحاب . وفي المدارك : والظاهر أنّ أخبارهم كافية في ذلك، لكن روى الشيخ في التهذيب عن سليمان بن حفص المروزي، عن أبي الحسن عليه السلام أنّه قال : «والدرهم ستّة دوانيق، والدانق وزن ستّ حبّات، والحبّة وزن حبّتي شعير من أوساط الحبّ، لا من صغاره ولا من كباره»، (27) ومقتضى الرواية أنّ وزن الدانق اثنتا عشرة حبّة من أوساط حبّ الشعير، لكنّها ضعيفة السند بجهالة الراوي. (28) قوله في خبر إسحاق بن عمّار : (فقال : إذا اجتمع الذهب والفضّة فبلغ ذلك مائتي درهم ففيها الزكاة) .[ج 8/5796] يدلّ على ضمّ كلّ من الذهب والفضّة إلى الآخر، فنصاب في النصاب، وهو مخالف لما أجمع عليه الاّصحاب ، واشتهر بين العامّة . نعم ، ذهب إليه بعض العامّة في مطلق الأجناس الزكوية ، ففي الناصريات: عندنا أنّه لا يضمّ ذهب إلى فضّة، ولا فضّة إلى ذهب، ولا نوع إلى غير جنسه في الزكاة، بل يعتبر في كلّ جنس النصاب بنفسه، وهو قول الشافعي. (29) وذهب الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه إلى أنّه يضمّ الجنس إلى غيره. (30) وردّه بما رواه جابر أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «ليس فيما دون خمسة أواق صدقة»، (31) فنفى الصدقة عن الورق إذا لم يبلغ خمس أواقي ولم يفصّل بين أن يكون معه ذهب أو لم يكن. (32) وينفيه من طريقنا صحيح زرارة، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجلٌ عنده مئة درهم وتسعة وتسعون درهماً وتسعة وثلاثون ديناراً ، الحديث. (33) وقد ذكرناه قبل هذا . وموثّق ابن عمّار، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل له مئة درهم وعشرة دنانير، أعليه زكاة؟ قال : «إن كان فرّ بها من الزكاة فعليه الزكاة» ، قلت : لم يفرّ بها، وورث مئة درهم وعشرة دنانير؟ قال : «ليس عليه زكاة» ، قلت : فلا تكسر الدراهم على الدنانير ولاالدنانير على الدراهم؟ قال : «لا». (34) وصحيح زرارة بسندٍ آخر، قال : قلت لأبي جعفر ولابنه عليهماالسلام : الرجل يكون له الغلّة الكثيرة من أصنافٍ شتّى أو مال ليس فيه صنف تجب فيه الزكاة، هل عليه في جميعه زكاة واحدة؟ فقالا : «لا، إنّما عليه إذا تمّ، فكان تجب في كلّ صنف منه الزكاة تجب عليه في جميعه في كلّ صنف منه الزكاة، وإن أخرجت أرضه شيئاً قدر ما لا تجب فيه الصدقة أصنافاً شتّى لم تجب فيه زكاة واحدة» . قال زرارة : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل عنده مئة درهم وتسعة وتسعون درهماً وتسعة وثلاثون ديناراً، اُيزكّيها؟ قال : «لا ، ليس عليه شيء من الزكاة في الدراهم ولا في الدنانير حتّى تتمّ أربعين ديناراً، والدراهم مئتي درهم» . قال زرارة : وكذلك هو في جميع الأشياء . قال : وقلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل كن عنده أربع أنيق وتسعة وثلاثون شاة وتسعة وعشرون بقرة، أيزكّيهنّ؟ فقال : «لا يزكّي شيئاً منهنّ؛ لأنّه ليس شيء منهنّ تمّ، فليس تجب فيه الزكاة». (35) وقال الشيخ في الاستبصار : الوجه فيها أحد شيئين : أحدهما : أن تكون محمولة على التقيّة؛ لأنّ ذلك مذهب بعض العامّة ، والوجه الثاني: أن تكون مخصوصة بمن يجعل ماله أجناساً مختلفة فراراً به من الزكاة، فإنّه يلزمه الزكاة عقوبةً . وأيّد الثاني بموثّق إسحاق بن عمّار ، (36) وأوّله في التهذيب بالوجه الثاني وبوجهين آخرين : أحدهما: أن تعود الإشارة في قوله عليه السلام : «فبلغ ذلك مئتي درهم» إلى الفضّة خاصّة ، والثاني : أن تكون الإشارة إلى كلّ واحدٍ من الذهب والفضّة . واستند في الأوّل بقوله تعالى : «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّه ِ» ، (37) حيث ذكر جنسين وأعاد الضمير إلى أحدهما . وفي الثاني بقوله سبحانه : «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً» ، (38) حيث اُريد فاجلدوا كلّ واحدٍ منهم ثمانين . (39) ولا يبعد حملها على زكاة التجارة، ويشعر به قوله عليه السلام : «وكلّ ما عدا الدراهم من ذهبٍ ومتاع فهو عرض مردود إلى الدراهم» ، (40) فتأمّل . قوله في خبر يزيد الصائغ : (إن كنت تعرف أنّ فيها من الفضّة الخالصة ما يجب عليك فيه الزكاة فزكِّ) . [ج9/5797] يدلّ على أنّ الزكاة في الدراهم المغشوشة إنّما يجب إذا كان الصافي بقدر النصاب . ويؤيّده خبر، وهو مذهب الأصحاب، (41) وبه قال مالك والشافعي وأحمد ، (42) وقال أبو حنيفة : يعتبر الأغلب، فإن كان هو الفضّة وجب الزكاة، وإن غلب الغشّ كانت كالعروض تعتبر بالقيمة. (43)

.


1- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 12 _ 13 ، ح 33؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 140 ، ح 11695؛ و ص 145 ، ح 11709.
2- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 12 ، ح 30؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 144_ 145 ، ح 11707.
3- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 12 ، ح 32؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 145 ، ح 11708.
4- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 6_ 7 ، ح 14؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 12 ، ح 36؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 139 _ 140 ، ح 11692.
5- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 7 ، ح 15؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 144 ، ح 11705.
6- . هذا هو الظاهر الموافق لترجمة الرجل و مصادر الحديث ، و في الأصل: «سمرة».
7- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 492؛ المدوّنة الكبرى ، ج 1 ، ص 244؛ سنن أبي داود ، ج1 ، ص 353 ، ح 1573؛ السنن الكبرى ، ج 4 ، ص 138؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 3 ، ص 292 _ 293 ، 2349.
8- . المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 599 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 598 .
9- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 111؛ سنن النسائي ، ج 5 ، ص 17. معرفة السنن و الآثار ، ج 3 ، ص 288 ، ح 2342؛ تفسير البغوي ، ج 1 ، ص 255.
10- . سنن أبيداود ، ج 1 ، ص 352 ، ح 1572؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 138؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 4 ، ص 34؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 78 ، ح 1881 ، و في بعضها: «فبحساب ذلك» و في بعضها: «فعلى حساب ذلك».
11- . سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 79 ، ح 1885 ، و فيه بدل «صدقة»: «شيءٌ».
12- . سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 571 ، ح 1791؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 78 ، ح 1879.
13- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 492 ، وانظر: كتاب الاُمّ ، ج 2 ، ص 24 و 57 ؛ فتح العزيز ، ج 6 ، ص 2؛ المدوّنة الكبرى ، ج 1 ، ص 245؛ مواهب الجليل ، ج 3 ، ص 138؛ بدائع الصنائع ، ج 5 ، ص 64 ؛ المحلّى ، ج 6 ، ص66 .
14- . المقنع ، ص 162 _ 163؛ الفقيه ، ج 2 ، ص14.
15- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 11 ، ح 29؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 13 ، ح 39؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 141 ، ح 11697.
16- . اُنظر: الخلاف ، ج 2 ، ص 84 ؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 17؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 247؛ المحلّي ، ج 6 ، ص 14 و 62 ؛ التمهيد ، ج 20 ، ص 145 و 146؛ الاستذكار ، ج 3 ، ص 137؛ تفسير القرطبي ، ج 8 ، ص 247؛ عمدة القاري ، ج 8 ، ص 254.
17- . اُنظر: رجال النجاشي ، ص 257 _ 258 ، الرقم 676 .
18- . لم يرد فيه مدح و لا قدح. اُنظر: رجال النجاشي ، ص 16، الرقم 18؛ خلاصة الأقوال، ص 49؛ رجال ابن داود ، ص 34. و راجع ترجمته في معجم رجال الحديث.
19- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 13 ، ذيل ح 39.
20- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 92 ، ح 267؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 38 _ 39 ، ح 119؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 141 ، ح 11698.
21- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 429. وانظر: المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 599 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 597 .
22- . هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي.
23- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 93 ، ح 269؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 29 _ 30 ، ح 121؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 139 ، ح 11691.
24- . الخلاف ، ج 2 ، ص 81 _ 82 ، المسألة 97؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 205؛ المدوّنة الكبرى ، ج 1 ، ص 244؛ المبسوط للسرخسي ، ج 2 ،ص 190؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 440؛ الاستذكار ، ج 3 ، ص 129.
25- . سنن أبى داود ، ج 1 ، ص 353 ، ح 1573؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 138؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 4 ، ص 5 ، ح 6794 .
26- . اُنظر: فتح العزيز ، ح 11 ، ص 131؛ روضة الطالبين ، ج 4 ، ص 32.
27- . تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 135_ 136 ، ح 374 . و رواه أيضا في الاستبصار ، ج1 ، ص 121 ، ح 401 بسند آخر عن سليمان بن حفص؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 481 _482 ، ح 1277.
28- . مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 113؛ فإنّ الراوي عن سليمان بن حفص المروزي رجل لم يذكر اسمه.
29- . بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 206؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 18؛ المغني لابن قدامة ، ج 2 ، 597 _ 598 ؛ الخلاف ، ج 2 ، ص 85 ؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 19.
30- . المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 18؛ المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 598 ؛ الخلاف ، ج 2 ، ص 85 ؛ المبسوط ، ج2 ، ص 192؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 19.
31- . المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 4 ، ص 139 ، ح 7250؛ و ص 141 ، ح 7256؛ المعجم الأوسط للطبراني ، ج 8 ، ص 229.
32- . الناصريّات ، ص 377.
33- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 92 ، ح 267؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 38 _ 39 ، ح 119؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 141 ، ح 11698.
34- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 94 ، ح 270؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 40 ، ح 122؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 151 ، ح 11720.
35- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 92 ، ح 267؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 39 ، ح 120؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 180 ، ح 11785.
36- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 40 ، ح 122.
37- . التوبة(9) : 34 .
38- . النور(24) : 4 .
39- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 93_ 94 ، ذيل ح 269.
40- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 93 ، ح 269؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 39 _ 40 ، ح 121؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 139 ، ح 11691.
41- . اُنظر: شرايع الإسلام ، ج 1 ، ص 115؛ المبسوط ، ج 1 ، ص 209؛ الخلاف ، ج 2 ، ص 76 ، المسألة 89 ؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص 135؛ منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 494؛ إرشاد الأذهان ، ج 1 ، ص 282؛ مسالك الأفهام ، ج 1 ، ص 385 _ 386؛ مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص122.
42- . المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 9 و 19؛ روضة الطالبين ، ج 2 ، ص 119؛ فتح العزيز ، ج 6 ، ص 11؛ عمدة القاري ، ج 8 ، ص 260 ؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص 135.
43- . فتح العزيز ، ج 6 ، ص 12؛ المبسوط للسرخسي ، ج 2 ، ص 194؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 265؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 17؛ البحر الرائق ، ج 2 ، ص 397؛ عمده القاري ، ج8 ، ص 260؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 19؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 524 .

ص: 368

. .

ص: 369

. .

ص: 370

. .

ص: 371

. .

ص: 372

. .

ص: 373

. .

ص: 374

. .

ص: 375

. .

ص: 376

باب أنّه ليس على الحلي وسبائك الذهب ونقر الفضّة والجوهر زكاة

باب أنّه ليس على الحلي وسبائك الذهب ونقر الفضّة والجوهر زكاةبل يشترط كونهما مسكوكين بسكّة المعاملة أو ما كان يتعامل بها لتعليق وجوبها على الدراهم والدنانير ، وبصحيحة عليّ بن يقطين (1) وخبر جميل بن درّاج، (2) فلا زكاة في الحليّ وسبائك الذهب والفضّة وأشباهها ، والحليّ مفرداً بفتح الحاء وسكون اللّام، وجمعاً بضمّ الحاء وكسرها وكسر اللام وشدّ الياء. (3) والمشهور بين الأصحاب عدم وجوب الزكاة فيها وإن تضاعفت قيمته على النصاب محلّاً كان كالخلخال والسوار والخاتم والقرط والدملج للمرأة، والمنطقة والسيف والخاتم من الفضّة للرجل، أو محرّماً كحليّ المرأة للرجال وعكسه. وهو منقول عن الحسن وعبداللّه بن عتبة وقتادة وأبي حنيفة . وعن الشافعي أنّه أوجبها في المحرّم منه، وله في المحلّل قولان ، وعن مالك أنّه يزكّي عاماً واحداً ، وعن أحمد روايتان كأبي حنيفة والشافعي. (4) واختلف فيما إذا قصد به الفرار من الزكاة في أثناء الحول ؛ ففي المنتهى: «لا تجب الزكاة عند الحول، وبه قال الشيخ في النهاية (5) والتهذيب (6) والاستبصار، (7) والسيّد المرتضى في المسائل الطبريّة، (8) والمفيد (9) وابن البرّاج (10) وابن إدريس، (11) وبه قال الشافعي وأبو حنيفة» (12) . (13) ويدلّ عليه إطلاق الأخبار المذكورة في الباب وعمومها، وما رواه الشيخ عن أبي البختري، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الحليّ عليه زكاة؟ قال : «إنّه ليس فيه زكاة وإن بلغ مئة ألف، كان أبي يخالف الناس في هذا». (14) وعن السيّد المرتضى والشيخ أنّهما قالا في جمليهما بوجوب الزكاة لو كان الحليّ والسبك ونحوهما في أثناء الحول بقصد الفرار، (15) وهو منقول عن عليّ بن بابويه (16) وابنه في المقنع ، (17) وصرّح ابن أبي عقيل (18) بذلك في الحليّ؛ محتجّين بما رواه الشيخ في الموثّق عن محمّد بن مسلم، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الحليّ فيه زكاة؟ قال : «لا ، إلّا ما فرَّ به من الزكاة». (19) وعن معاوية بن عمّار عنه عليه السلام قال : الرجل يجعل لأهله الحليّ من مئة دينار ومئتي دينار، وأراني[قد]قلت ثلاثمئة، فعليه الزكاة؟ قال : «ليس عليه الزكاة» ، قال : قلت : فإنّه فرَّ [به] من الزكاة؟ قال : «لا يسقط» . (20) وبأنّه يشبه الطلاق في المرض فراراً من مشاركة الزوجة في الميراث مع الورثة، وقتل المورّث لتعجيل الإرث ، فلما يتفرّع عليهما خلاف ما قصده فكذلك هنا . واُجيب عن الخبرين بحملهما على الاستحباب على ما إذا فعل ذلك بعد حلول الحول ، ويشعر به قوله عليه السلام : «لا يسقط» ، فإنّ عدم السقوط مستلزم لتعلّق الوجوب . ويدلّ عليه صريحاً ما رواه الشيخ في الموثّق عن زرارة، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّ أباك قال : «مَن فرَّ بها من الزكاة فعليه أن يؤدّيها» ، قال : «صدق أبي ، عليه أن يؤدّي ما وجب عليه، وما لم يجب عليه فلا شيء عليه فيه» ، ثمّ قال لي : «أرأيت لو أنّ رجلاً اُغمي عليه يوماً ثمّ مات، فذهبت صلاته، أكان عليه وقد مات أن يؤدّيها؟» قلت : لا ، [قال] (21) : «إلّا أن يكون أفاق من يومه» ، ثمّ قال لي : «أرأيت لو أنّ رجلاً مرض في شهر رمضان ثمّ مات فيه، أكان يُصام عنه؟» قلت : لا ، قال : «وكذلك الرجل لا يؤدّي عن ماله إلّا ما حمل عليه الحول». (22) وعن الأخيرين ببطلان القياس على أنّه مع الفارق؛ لثبوت حقّ الوارث فيما زاد على ثلث التركة، ولذا منع من الوصيّة بالزائد عن الثلث، والطلاق مسقط له فلا يقبل منه، بخلاف الزكاة فيما نحن فيه، فإنّها لم تثبت بَعْدُ. وكذا القياس على القتل، فإنّ القتل مراد العدم للّه تعالى، فالمنع من الإرث مناسب له بخلاف تصرّف المالك في ماله، فإنّ كونه مراد العدم ممنوع. (23) وبه قال السيّد في الانتصار أيضاً محتجّاً بالإجماع ، ثمّ قال : فإن قيل : قد ذكر عليّ بن الجنيد أنّ الزكاة لا تلزم الفارّ منها ببعض ما ذكرناه، قلنا : الإجماع قد تقدّم ابن الجنيد وتأخّر عنه، وإنّما عوّل ابن الجنيد على أخبار رُويت عن أئمّتنا عليهم السلام تتضمّن أنّه لا زكاة عليه وإن فرّ بماله ، وبإزاء تلك الأخبار ما هو أظهر منها وأقوى وأولى وأوضح طريقاً، تتضمّن أنّ الزكاة تلزمه ، ويمكن حمل ما تضمّن من الأخبار أنّها لا تلزمه على التقيّة، فإنّ ذلك مذهب جميع المخالفين، ولا تأويل في الأخبار (24) التي وردت بأنّ الزكاة تلزمه إذا فرَّ منها إلّا إيجاب الزكاة ، فالعمل بهذه الأخبار أولى . انتهى. (25) وذهب بعض العامّة إلى وجوب الزكاة في الحليّ إذا بلغت قيمته ألف دينار ، (26) ومالك إلى وجوبها لسنة واحدة ، (27) وفرّق الشافعي بين المحرّم والمحلّل منها، فأوجب الزكاة في الأوّل، وقال بالقولين (28) في الثاني ، (29) وتمسّكوا بأخبار لو سلّمت لا تدلّ على مطلوبهم، مع أنّه ورد في أخبارهم عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «ليس في الحليّ زكاة». (30) وعن أبي زبير، قال : سألت جابر بن عبداللّه عن الحليّ فيه زكاة؟ قال : لا ، قلت : إنّ الحليّ يكون فيه ألف دينار ، وقال : إن كان فيه تُعار وتلبس. (31) وعن أحمد أنّه قال : خمسة من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقولون ليس فيه زكاة، (32) وهي تدلّ على عدم وجوب الزكاة فيه مطلقاً . وقد حكي عن بعضهم أنّهم ضمّوا النقار إلى الدراهم ، والسبائك (33) إلى الدنانير ، محتجّين بأنّ الزكاة تجب في قيمة العروض، فيجب فيهما أيضاً، (34) وهو ضعفٌ في ضعف .

.


1- . هو الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.
2- . هو الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي.
3- . اُنظر: مسالك الأفهام ، ج 11 ، ص 282 _ 283.
4- . عمدة القاري ، ج 9 ، ص 33؛ المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 606 ؛ تحفة الأحوذي ، ج 3 ، ص 228؛ منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 494.
5- . النهاية ، ص 175.
6- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 8 ، بعد الحديث 19.
7- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 8 ، ذيل ح 22.
8- . جوابات المسائل الطبرية (رسائل المرتضى ، ج 1 ، ص 224) ، و الظاهر منه جوبه فيما إذا هرب بها من الزكاة.
9- . المقنعة ، ص 258.
10- . المهذب ، ج 1 ، ص 168.
11- . السرائر ، ج 1 ، ص 442.
12- . المعتبر ، ج 2 ، ص 526 ، الخلاف ، ج 2 ، ص 87 ؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 6 ، جامع الخلاف و الوفاق ، ص 135.
13- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 495.
14- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 8 ، ح 20؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 158 ، ح 11735.
15- . جمل العلم و العلم (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 75)؛ الجمل و العقود (الرسائل العشر ، ص 205).
16- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 199.
17- . المقنع ، ص 163 ، ومثله في الفقيه ، ج 2 ، ص 15.
18- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 3، ص 157.
19- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 9 ، ح 24؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 8 ، ح 21؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 162 ، ح 11747.
20- . كذا ، والموجود في المصدر : «إن كان فرّ به من الزكاة فعليه الزكاة ، و إن كان إنّما فعله ليتجمّل به فليس عليه زكاة» بدلاً من «لايسقط». و الحديث في تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 9 ، ح 25؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 8 ، ح 22؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 157 ، ح 11734.
21- . اُضيف من المصدر.
22- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 10 ، ح 27؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 8 _ 9 ، ح 24؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 161 ، ح 11745.
23- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 499.
24- . كذا في الأصل، و في المصدر: «للأخبار».
25- . الانتصار ، ص 219 _ 220.
26- . المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 607.
27- . المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 607 ؛ سنن الترمذي ، ج 2 ، ص 74، ذيل ح 622 . وحكى في عمدة القاري، ج 9، ص 33، عن أنس.
28- . هذا هو الظاهر، ونقل عنه قولان، وفي المصدر «بالقرائن» بدل «بالقولين».
29- . منتهى المطلب، ج 9، ص 494؛ المجموع للنووي، ج 6 ، ص 35؛ روضة الطالبين، ج 2، ص 121 _ 122.
30- . السنن الكبرى للترمذي ، ج 4 ، ص 138؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 4 ، ص 82 ، ح 7047؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 92 ، ح 1937.
31- . المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 607 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 619 _ 620 ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج 3 ، ص 64 ، الباب 45 من كتاب الزكاة ، ح 5 ؛ المدوّنة الكبرى ، ح 1 ، ص 248.
32- . المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 606 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 606 .
33- . النقار: مذاب الغضّة. و السبانك جمع سبيكة: القطعة المستطيلة من الذهب. المجموع للنووي ، ج 14 ، ص 361.
34- . الخلاف ، ج 2 ، ص77 ، المسألة 90؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 6 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 534 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 605 .

ص: 377

. .

ص: 378

. .

ص: 379

. .

ص: 380

باب زكاة مال الغائب و الدين و الوديعة

باب زكاة مال الغائب والدين والوديعةهنا مسائل : الاُولى : المال الغائب. والمراد به ما لم يكن يد المالك عليه ، ولابدّ مَن ينوب منابه، كالموروث عن غائب قبل الوصول إليه ، أو إلى وكيله ، وكالساقط في البحر والضالّ والمغصوب ونحوها . ولا تجب الزكاة فيه إذا لم يكن المالك متمكِّناً منه باتّفاق الأصحاب (1) ؛ لاشتراط المالك التامّ المستتبع للتمكّن من التصرّف في تعلّق الزكاة، ولكن يستحبّ إذا عاد في يده أن يزكّيه لسنة واحدة؛ لحسنة سدير الصيرفي، (2) وخبر رفاعة بن موسى، (3) وصحيحه عبداللّه بن سنان عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا صدقة على الدّين، ولا على المال الغائب عنك حتّى يقع في يديك». (4) وموثّقة عبداللّه بن بكير، عن زرارة أو عمّن رواه، عنه عليه السلام ، أنّه قال في رجل ماله عنه غايب لا يقدر على أخذه، قال : «لا زكاة عليه حتّى يخرج، فإذا خرج زكّاه لعام واحد، وإن كان يدعه متعمّداً وهو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكلّ ما مرّ به من السنين». (5) وفي الموثّق عن عبداللّه بن بكير، عمّن رواه، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، أنّه قال في رجل ماله عنه غائب لا يقدر على أخذه ، قال : «فلا زكاة عليه حتّى يخرج، فإذا خرج فعليه الزكاة لكلّ ما مرّ من السنين». (6) وما رواه المصنّف قدس سره في غير هذا الباب عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم عليه السلام ، قال : سألته عن رجل ورث مالاً والرجل غائب، هل عليه زكاة؟ قال : «لا ، حتّى يقدم» . قلت : أيزكّيه حين يقدم؟ قال : «لا ، حتّى يحول عليه الحول[و هو عنده]». (7) وبسند آخر عن إسحاق، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يكون له الولد، فيغيب بعض ولده فلا يدري أين هو ، ومات الرجل، كيف يصنع بميراث الغائب من أبيه؟ قال : «يعزل حتّى يجيء» . [قلت: فعلى ماله زكاة؟ فقال: لا حتّى يجيء]. قلت : فإذا جاء هو أيزكّيه؟ قال : «لا ، حتّى يحول عليه الحول في يده». (8) وبه قال أبو حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وفي الرواية الاُخرى والشافعي قالا بوجوبها، محتجّين بأنّه مالٌ مملوك ملكاً تامّاً، (9) وكأنّهما لم يعتبرا في الملك التامّ التمكّن من التصرّف . وتلك الأخبار وإن كانت ظاهرة في وجوبها كما ذهب إليه مالك، إلّا أنّها حملت على الاستحباب؛ جمعاً بينها وبين ما دلّ على سقوط الزكاة من وجود المقتضي للسقوط في السنين ، أعني عدم التمكّن من التصرّف في السنة أيضاً. ولولا دعوى الإجماع على عدم الوجوب لسنة لكان القول به قويّاً . واحتجّ مالك بأنّ ابتداء الحول كان في يده، ثمّ حصل بعد ذلك في يده، فوجب أن لا تسقط الزكاة عن حول واحد. (10) وفيه ما فيه . الثانية : الدين . وقد اختلف الأصحاب في زكاته إذا كان حالّاً ، والمشهور سقوط الوجوب مطلقاً وإن كان تأخير القبض بتقصير صاحبه؛ لاشتراط الملك في وجوبها، والقرض قبل القبض ليس بمملوك ، ولما رواه المصنّف قدس سره ، ولما رواه الشيخ في الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا صدقة على الدين». (11) وفي الموثّق عن الحلبي، عنه عليه السلام قال : قلت له : ليس في الدّين زكاة؟ قال : «لا». (12) وفي الصحيح عن إسحاق بن عمّار وصفوان بن يحيى، قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : الدَّين عليه زكاة؟ فقال : «لا ، حتّى تقبضه» . قال: قلت : فإذا قبضت أزكّيه؟ قال : «لا، حتّى يحول عليه الحول[في يديه]». (13) ويأتي مثله في صحيحة إبراهيم بن أبي محمود، وهو منقول في المنتهى عن عائشة وابن عمر وعكرمة وقديم الشافعي، (14) وفي المبسوط: وفي أصحابنا من قال : يخرج لسنة واحدة. (15) وحكى ذلك في المنتهى عن سعيد بن المسيب ، (16) والمشهور استحباب ذلك؛ للجمع بين الأدلّة . وذهب الشيخان في المقنعة (17) والنهاية (18) والمبسوط (19) والخلاف (20) وفي الجمل أيضاً (21) _ على ما نقل عنهما_ بوجوب الزكاة فيه إذا كان التأخير بتقصير المالك ، وهو منقول عن جمل السيّد. (22) واحتجّوا عليه بعموم قوله عليه السلام : «هاتوا ربع عشر أموالكم». (23) ورواية درست، (24) وخبر عبد الحميد بن سعيد_ أو سعد _ ، (25) وخبر عبد العزيز، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يكون له الدَّين أيزكّيه؟ قال : «كلّ دين يدعه هو إذا أراد أخذه فعليه زكاته، وما كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة». (26) وفي المختلف: الجواب _ بعد صحّة السند _ الحمل على الاستحباب؛ جمعاً بين الأدلّة . لا يقال: لِمَ لا يجوز أن يجمع بينها بما فصل في هذين الخبرين _ يعني خبري درست وعبد العزيز_ ؟ لأنّا نقول: لمّا سأله الحلبي عن الدَّين أطلق عليه السلام القول بانتفاء الوجوب ، فلو كان تجب في صورة ما لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة. (27) وربّما احتجّ عليه بأنّه مملوك اجتمعت فيه شرائط الوجوب ، وفيه تأمّل . وحكى في المنتهى وجوب الزكاة فيه من غير تقييد بتقريظ المقرض عن الثوري وأبي ثور وأصحاب الرأي وجابر وطاوس والنخعي والحسن والزهري وقتادة وحمّاد والشافعي في الجديد وأحمد وإسحاق ، وقال : ورواه الجمهور عن عليّ عليه السلام . (28) هذا ، وقال صاحب المدارك : واعلم أنّ العلّامة صرّح في التذكرة بأنّه لو كان الدين نعماً فلا زكاة فيه ، ثمّ قال : ومن أوجبه في الدين توقّف هنا؛ لأنّ السوم شرط فيها، وما في الذمّة لا يوصف بكونه سائماً ، ثمّ استشكله بأنّهم ذكروا في السلم في اللحم التعرّض لكونه لحم راعية أو معلوفة، وإذا جاز أن يثبت لحم راعية في الذمّة جاز أن يثبت راعية. (29) وأورد عليه [جدّي في] فوائد القواعد أنّه إنّما يتّجه هذا إذا جعلنا مفهوم السوم عدميّاً، وهو عدم العلف كما هو الظاهر من كلامهم ، أمّا إذا جعلناه أمراً وجوديّاً وهو أكلها من مال اللّه المباح لم يعقل كون ما في الذمّة سائماً . وفي الفرق نظر، فإنّه إذا جاز ثبوت الحيوان في الذمّة جاز ثبوت هذا النوع المخصوص منه، وهو ما يؤكل من المباح، لكن المتبادر من الروايتين المضمّنتين لثبوت الزكاة في الدين بأنّ المراد به النقد، فلا يبعد قصر الحكم عليه؛ لأصالة البراءة من الوجوب في غيره . انتهى. (30) هذا حال المقرض ، وأمّا المقترض فإن بقي الدَّين عنده حولاً فتجب الزكاة عليه؛ لوجود الشرائط فيه . ويدلّ أيضا عليه بعض أخبار الباب ، وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن عطيّة، قال : قلت لهشام بن أحمر : أحبّ أن تسأل لي أبا الحسن عليه السلام : أنّ لقوم عندي قروضاً ليس يطلبونها منّي، أفعليَّ فيها زكاة؟ فقال : «لا تقضي ولا تزكّي؟! زكّ» (31) . (32) وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يقرض المال للرجل السنة والسنتين والثلاث أو ما شاء اللّه ، على مَن الزكاة ، على المقترض أو على المستقرض؟ فقال : «على المقترض؛ لأنّ له نفعه وعليه زكاته». (33) وفي المختلف: قال الشيخ في باب القرض من النهاية : «إن اشترط المقترض الزكاة على القارض وجبت عليه دون المقترض» (34) وبه قال في باب الزكاة من الخلاف، (35) والمفيد في المقنعة (36) والشيخ عليّ بن بابويه في الرسالة (37) وابن إدريس ، (38) واحتجّوا عليه برواية منصور بن حازم ، (39) وقد رواها الشيخ عنه بسندٍ صحيح. (40) واُجيب بأنّها إنّما تدلّ على أنّ المقرض لو تبرّع بالأداء سقط عن المقترض، ولا نزاع فيه، وإنّما النزاع في سقوط الوجوب مع الشرط، وهي غير دالّة عليه. (41) واعلم أنّهم قد حكموا بصحّة هذه الرواية بناءً على ما زعموا من أنّ محمّد بن إسماعيل فيها هو ابن بزيغ وقد مرّ مراراً أنّه البُندقي. الثالثة: في الوديعة . والظاهر أنّه لا تجب الزكاة فيها على المالك إلّا مع القدرة على الأخذ عن المستودع، فلو لم يتمكّن لم تجب؛ لما عرفت . ويؤكّده ما رواه الشيخ قدس سرهعن إبراهيم بن أبي محمود، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : الرجل تكون له الوديعة والدين ولا يصل إليهما، ثمّ يأخذهما، متى تجب عليه الزكاة؟ قال : «إذا أخذهما ثمّ يحول عليهما الحول يزكّي» . (42) وأمّا المستودع فلا تجب عليه؛ لعدم الملك . وأمّا ما يفهم من صحيحة عليّ بن أبي حمزة من وجوب الزكاة على المستودع إذا حرّك الوديعة، (43) فالظاهر أنّ المراد من الوديعة هنالك مال المضاربة . قوله في خبر سماعة: (وإن هو كان يأخذ منه قليلاً قليلاً فليزكّ ما خرج منه أوّلاً فأوّلاً) . [ح4/5811] يشمل قوله : «قليلاً قليلاً» ما إذا كان المأخوذ أقلّ من النصاب، ولا بُعد في استحباب إخراج الزكاة عنه إذا كان مجموع الدَّين نصاباً أو أزيد، ولم أرَ تصريحاً بذلك في كلام أحد ، ولعلّه مبني على وجوب الزكاة في الدين، فليخصّ بما سبق. والغرض من قوله : «وإن كان متاعه ودينه وماله في تجارته» إلى آخره ، بيان حكم زكاة التجارة والتنبيه على علّتها، وهي: أنّ المال إذا كان منقلباً بيده يصير يوماً عرضا، ويوماً نقداً، يشبه النفقة الباقي في يده تمام الحول . وقوله عليه السلام : «ولا ينبغي له أن يعيّن ذلك » بالعين المهملة والنون من العينة، وهو بيع الشيء نسيئة، (44) يعني لا ينبغي أن يبيعه بعد الحول قبل إخراج الزكاة منه إلى أجل إذا انتظر حلول ذلك الأجل لإخراجها؛ للزوم تأخير أدائها عن وقتها . نعم ، يجوز ذلك إن أدّاها من غير ذلك المال . وفي بعض النسخ : «تغيّر» بالمعجمة والراء المهملة، ولعلّه من تغيير النسّاخ، إلّا أن يجعل قوله : «فيؤخّر الزكاة» مفسّراً للتغيير، ولا يبعد أن يقرأ: يعير من الإعارة، كما سيجيء في صحيحة أبي الصباح في الرجل ينسئ أو يعير ، (45) فالمعنى لا ينبغي أن يعير مال التجارة قبل أداء الزكاة، فينتظر هذه تبقى في يد المستعير لاستتباع ذلك لتأخير الزكاة عن وقتها .

.


1- . اُنظر: فقه الرضا عليه السلام ، ص 196؛ المقنعة ، ص 293؛ رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 74؛ الخلاف ، ج 2 ، ص 111؛ المبسوط ، ج 1 ، ص 211؛ جواهر الفقه ، ص 30، المسألة 96؛ السرائر ، ج 1 ، ص 429؛ المعتبر ، ج2 ، ص 490؛ نزهة الناظر ، ص 50 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 18 ، المسألة 11؛ الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 230، الدرس 60 ؛ مسالك الأفهام، ج 1، ص 361.
2- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
3- . هو الحديث الثالث من هذا الباب.
4- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 31 ، ح 78؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 95 ، ح 11608.
5- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 31 ، ح 77؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 28، ح 81 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 95 ، ح 11609 ، و في الوسائل «عن زرارة» بدل «عمّن رواه».
6- . هذه الرواية نفس الرواية نفس المتقدّمة مع اختصار و حذف فيها ، و لم أعثر عليها.
7- . الكافي ، باب المال الذي لايحول عليه الحول في يد صاحبه ، ج 5 ، و ما بين الحاصرتين منه؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 34 ، ح 89 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 94 ، ح 11605.
8- . الكافي ، باب المال الّذي لايحول عليه الحول في يد صاحبه ، ح 1 ، وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص94 _95 ، ح 11604.
9- . اُنظر: منتهى المطلب ، ج 1 ، ص475؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 490؛ الاُم للشافعي ، ج 2 ، ص 55 ؛ فتح العزيز ، ج 5 ، ص 502 ؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 351؛ و ج 6 ، ص 22؛ روضة الطالبين ، ج 2 ، ص 52 ؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 296.
10- . المدوّنة الكبرى ، ج 1 ، ص 256؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 640 ، الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 443؛ منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 475.
11- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 31 ، ح 78؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 95 ، ح 11608.
12- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 32 ، ح 80 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 96 ، ح 11613.
13- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 34 ، ح 87 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 28 ، ح 79؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 96 ، ح 11612 ، و في الجميع: «صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار».
14- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 476 . وانظر: المعتبر ، ج2 ، ص 491 ؛ الخلاف ، ج 2 ، ص 80 ، المسألة 96 ؛ فتح العزيز ، ج 5 ، ص 502 ؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 21 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 442؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 639 .
15- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 211.
16- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 476. وانظر: الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 442؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 639 .
17- . المقنعة ، ص 247.
18- . اُنظر: النهاية ، ص 176.
19- . المبسوط ، ج 1 ، ص 211.
20- . الخلاف ، ج 2 ، ص 80 ، المسألة 96.
21- . الجمل و العقود (الرسائل العشر ، ص 205).
22- . الجمل و العقود (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 74).
23- . المبسوط للسرخسي ، ج 3 ، ص 15؛ عوالي اللآلي ، ج 3 ، ص 115 ، ح11؛ مستدرك الوسائل ، ج 7 ، ص 78 ، ح 7692. و نحوه في: مسند أحمد ، ج 1 ، ص 132؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 570 ، ح 1790؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 352 ، ح 1572؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 94؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 3 ، ص260 ، ح 2292؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 78 ، ح 1881.
24- . تهذيب الأحكام ، ج 2 ، ص 32 ، ح 81. و هذا هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 97 ، ح 11616 ، و المذكور في الأخيرين : «درست ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ».
25- . هو الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي. وانظر: رجال النجاشي ، ص 246 ، الرقم 648 «عبدالحميد بن سعد»؛ رجال الطوسي ، ص 340 ، الرقم 5065 «عبدالحميد بن سعيد»؛ و ص 341 ، الرقم 5076 «عبدالحميد بن سعد».
26- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 32 ، ح 82 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 96 _ 97 ، ح 11614.
27- . مختلف الشيعة ، ج 3 ،ص 162 _ 163.
28- . منتهى المطلب، ج 1، ص 476. وانظر: المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج 2، ص 638 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 2، ص 442.
29- . تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 24.
30- . مدارك الأحكام ، ج5 ، ص 40 _ 41.
31- . ما أثبتناه مذكور في هامش الأصل ، و هو مطابق للمصدر ، و في متن الأصل: «و لا تزكيّه زكّه».
32- . تهذيب الأحكام، ج 4، ص 33، ج 86 ؛ وسائل الشيعة، ج 9، ص 102، ح 11630.
33- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 33 ، ج 84 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 102 ، ح 11629.
34- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 163؛ النهاية ، ص 312 ، و لفظه مغاير لعبارة مخلتف الشيعة ، و المعنى واحد.
35- . الخلاف، ج 2، ص 110.
36- . المقنعة ، ص 239.
37- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 198.
38- . السرائر ، ج 1، ص 445.
39- . هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي.
40- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 32 ، ح 82 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 101 ، ح 11626.
41- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 164.
42- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 34 ، ح 88 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 28 ، ح 80 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 95 _ 96 ، ح 11610.
43- . هو الحديث العاشر من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 103 ، ح 11632.
44- . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 288 (عين).
45- . هو الحديث 12 من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 103 ، ح 11633.

ص: 381

. .

ص: 382

. .

ص: 383

. .

ص: 384

. .

ص: 385

. .

ص: 386

. .

ص: 387

باب أوقات الزكاة

باب أوقات الزكاةأراد قدس سره بقرينة أخبار الباب بيان أوّل أوقات تعلّق الزكاة بالأموال الزكويّة، ووقت وجوب إخراجها، وبيان فوريّة أدائها، وعدم جواز تأخير الإخراج عن وقته ولا تقديمه عليه، ووقت التعلّق فيما يعتبر فيه الحول، أعني ما عدا الغلّات، وهو دخول الشهر الثاني على ما يجيء في الباب الآتي . وأمّا الغلّات فقد اختلف الأصحاب فيه، فذهب المحقّق في الشرائع إلى أنّه إذا سمّي حنطة وشعيرا وتمراً وزبيباً. (1) وفي المنتهى: أنّه في الحبوب وقت اشتدادها، والثمار إذا بدأ صلاحها، (2) وهو المشهور بين المتأخّرين، (3) وفسّروا بدو الصلاح بالإحمرار والإصفرار . وحكى الشهيد الثاني في البيان عن ابن الجنيد والمحقّق أنّهما اعتبرا في الثمرة صيرورتها عنباً أو تمراً ، (4) والظاهر من الأخبار أنّه إذا صار حنطة وشعيرا و عنباً ورطباً بل بسراً ، أمّا الأوّلان فلتعليق الزكاة في أخبارهما منها على الاسمين ، وأمّا الأخيران فلما دلّ على وجوبها فيهما إذا كانا على الشجرة بالخرص والتخمين . والظاهر أنّهما حينئذ لا يكونان تمراً وزبيباً ، ففي صحيحة سعد بن سعد الأشعري[...] وعن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب، متى تجب على صاحبهما؟ قال : «إذا صرم وإذا خرص». (5) بل قد وقع التصريح بوجوبها في الكرم إذا صار عنباً . روى سعد بن سعد في صحيحته الاُخرى، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن أقلّ ما تجب فيه الزكاة من البرّ والشعير والتمر والزبيب، فقال : «خمسة أوساق بوسق النبيّ صلى الله عليه و آله » ، فقلت : كم الوسق؟ فقال : «ستّون صاعاً» ، فقلت : فهل على العنب زكاة أو إنّما تجب عليه إذا صيّره زبيباً؟ قال : «نعم إذا خرصه أخرج زكاته». (6) وفي صحيحة هشام، عن سليمان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ليس في النخل صدقة حتّى تبلغ خمسة أوساق، والعنب مثل ذلك حتّى يبلغ خمسة أوساق زبيباً». (7) وعنه عليه السلام قال : «لا يكون في الحبّ ولا النخل ولا في العنب زكاة حتّى يبلغ» ، (8) الحديث . فلعلّ التعليق على التمر والزبيب فيما عدا هذه الأخبار لخرص النصاب. على أنّ التمر يشمل الرطب؛ لنصّ أهل اللغة على أنّ الرطب نوع من التمر، بل يشمل البسر أيضاً، فقد نصّوا على أنّه أيضاً نوع من التمر. (9) وبذلك احتجّ العلّامة في المنتهى على ما نقلنا عنه منضمّاً إلى أنّ الحبّتين إنّما تسمّيان حنطة إذا اشتدّتا ، (10) ولعلّ مراد المحقّق وابن الجنيد أيضاً من التمر ذلك . وعلى هذا فتلائم الأخبار والفتاوى . وأمّا وقت الإخراج فقد أجمع الأصحاب على أنّه إذا صنعت الغلّة ويبست التمرة ، بل قال في المنتهى : «اتّفق العلماء كافّة على أنّه لا يجب الإخراج في الحبوب إلّا بعد التصفية، وفي التمر إلّا بعد التشميس والجفاف» (11) ونحوه منقول عن التذكرة. (12) والمراد بوقت الإخراج الوقت الذي لا يجوز التأخير عنه، وإلّا فقد صرّحوا بجواز مقاسمة الساعي والمالك قبل الجذاذ وإجزاء دفع الواجب على رؤوس الأشجار . ويدلّ على ذلك العمومات، وخصوص قوله عليه السلام في صحيحة سعد بن سعد الأشعري : «إذا خرصه أخرج زكاته». (13) وربّما احتجّوا عليه بقوله سبحانه : «وَآتُوا الزَّكَاةَ» (14) بناءً على كون الأمر للفور . إذا عرفت هذا فاعرف أنّه إذا أخّر الدفع على المستحقّ بعد وجوب الإخراج ضمن مع إمكان الدفع، وإلّا فلا ، كما هو شأن سائر الأمانات ، ذهب إليه الأصحاب أجمع (15) ؛ محتجّين بحسنة محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها فهو لها ضامن حتّى يدفعها». (16) ورواية زرارة، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل بعث إليه أخ له زكاة ليقسمها فضاعت ، فقال : «ليس على الرسول ولا المؤدّي ضمان» ، قلت : فإن لم يجد لها أهلاً ففسدت وتغيّرت، أيضمنها؟ قال : «لا ، ولكن إن عرف لها أهلاً فتلفت أو فسدت فهو لها ضامن من حين أخّرها». (17) وهو محكي عن الشافعي، (18) وأحمد في إحدى الروايتين عنه ، وفي الاُخرى: لا يسقط الضمان مطلقاً بناءً على ما زعمه من تعلّق الزكاة بالذمّة لا بالعين، (19) مستنداً بجواز إخراج القيمة، فلا يسقط بتلف المال كالدَّين . وبطلانه واضح؛ لما ستعرف من تعلّق الزكاة بالعين، وأنّ جواز دفع القيمة في باب الإرفاق والتسهيل لا لتعلّقها بالذمّة . وعن أبي حنيفة القول بالسقوط مطلقاً ، إلّا أن يكون الإمام قد طالبه فمنعه، (20) زعماً منه أنّها بلغت قبل محلّ الاستحقاق فسقط، كما لو تلفت الثمرة قبل الجذاذ . واُجيب ببلوغها محلّ الاستحقاق بحلول الحول ونحوه . نعم ، يجوز تأخير إخراج بعضها انتظاراً لمستحقّ آخر؛ لصحيحة عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال في الرجل يخرج زكاته، فيقسّم بعضها ويبقى بعض يلتمس له المواضع، فيكون بين أوّله وآخره ثلاثة أشهر ، قال : «لا بأس». (21) وموثّقة حسن بن عليّ بن فضّال، عن يونس بن يعقوب، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : زكاتي (22) تحلّ عليَّ شهراً، فيصلح لي أن أحبس منها شيئاً مخافة أن يجيئني من يسألني يكون عندي عدّة؟ فقال : «إذا حال الحول فاخرجها من مالك ولا تخلطها بشيء، واعطها كيف شئت» ، قال: قلت : فإذا أنا كتبتها وأثبتّها، يستقيم لي؟ قال : «نعم، لا يضرّك». (23) واعلم أنّه كما لا يجوز تأخير الزكاة عن وقت وجوب الإخراج، لا يجوز تقديمها أيضاً على وقت تعلّق الوجوب إلّا قرضاً . ودلَّ عليه حسنة عمر بن يزيد (24) وصحيحة زرارة. (25) ويؤيّدهما أنّهما عبادة مؤقّتة، فينبغي أن لا يتقدّم على وقتها كسائر العبادات الموقّتة ، وبه قال جمع من العامّة ، وحكي عن أبي حنيفة والشافعي وأحمد جواز تقديمها ، (26) ونسب ذلك إلى ابن الجنيد (27) والشيخ في بعض أقواله . وقال شيخنا المفيد قدس سره : والأصل في إخراج الزكاة عند حلول وقتها دون تقديمها عليه أو تأخيرها عنه كالصلاة ، وقد جاء عن الصادقين عليهماالسلام في تقديمها شهرين قبل محلّها وتأخيرها شهرين [عنه]، وجاء ثلاثة أشهر [أيضا] وأربعة أشهر عند الحاجة إلى ذلك. (28) وكأنّه أراد بالحاجة وجود محتاج صالح ونحو ذلك قبل الوقت أو توقّعه بعده ، ومثله قول المصنّف قدس سره: وقد روي أيضاً أنّه يجوز إذا أتاه من يصلح له الزكاة أن يعجّل له قبل وقت الزكاة، إلّا أنّه يضمنها إذا جاء وقت الزكاة ، وقد أيسر المعطى أو ارتدّ أعاد الزكاة. (29) وقد أشار بذلك إلى ما رواه الشيخ قدس سرهفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : الرجل تحلّ عليه الزكاة في شهر رمضان، فيؤخّرها إلى المحرّم ، قال : «لا بأس» . قلت : فإنّها لا تحلّ عليه إلّا في المحرّم، فيعجّلها في شهر رمضان ؟ قال : «لا بأس». (30) ومرفوعاً عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يأتيه المحتاج، فيعطيه من زكاته في أوّل السنة؟ فقال : «إن كان محتاجاً فلا بأس». (31) وعن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين». (32) وعن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يعجل زكاته قبل المحلّ ، فقال : «إذا مضت خمسة أشهر فلا بأس». (33) وروى العامّة عن عليّ عليه السلام : «أنّ العبّاس سأل رسول اللّه صلى الله عليه و آله في تعجيل صدقته قبل أن تحلّ فرخّص له في ذلك». (34) وعنه عليه السلام أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال لعمر : «إنّا قد أخذنا زكاة العبّاس في الشهر الأوّل للعام». (35) وحملت هذه الأخبار على أدائها قرضاً لا زكاةً، وهو ظاهر المصنّف قدس سره . والشيخ أيّد هذا التأويل بصحيحة عبداللّه بن مسكان، عن أبي جعفر الأحول، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، في رجل عجّل زكاة ماله، ثمّ أيسر المعطي قبل رأس السنة ، قال : «يعيد المعطي الزكاة». (36) قوله في خبر الإصبهاني : (إذا قبضته فزكّه) ، إلى آخره . [ح 5/5825] الظاهر أنّ هذا الأمر على الاستحباب ، وقد صرّح بذلك صحيح أبي بصير الذي بعده. وحمله على الوجوب مخصّصاً بما إذا قصر في الاقتضاء وقد حال الحول _ كما هو مذهب السيّد المرتضى والشيخين على ما سبق _ بعيد .

.


1- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 116.
2- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 498 _ 499.
3- . اُنظر: مفتاح الكرامة ، ج 11 ، ص 143.
4- . البيان ، ص 181.
5- . هو الحديث الرابع من هذا الباب؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 194 _ 195 ، ح 11817.
6- . هو الحديث الخامس من هذا الباب ، وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 175 ، ح 11772.
7- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 18 ، ج 46؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص18 ، ح 52 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 177 ، ح 11778.
8- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 17_ 18 ، ح 44؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص17 ، ح 50؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 181 ، ح 11788.
9- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 136 (رطب) ، و ص356 (بلح) ، و ص 589 (بسر).
10- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 499.
11- . نفس المصدر.
12- . تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 147 ، المسألة 82 .
13- . هو الحديث الخامس من هذا الباب.
14- . البقرة (2) : 43 .
15- . اُنظر: المعتبر ، ج 2 ، ص 553 و 589 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 191؛ منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 511 ؛ نهاية الإحكام ، ج 2 ، ص 403؛ مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 43.
16- . الكافي ، باب الزكاة تبعث من بلد إلى بلد... ، ح 1 ؛ الفقيه ، ج 2 ، ص 30 ، ح 1617؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 47 ، ح 125؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 285 _ 286 ، ح 12033.
17- . هو الحديث الرابع من الباب المتقدّم ذكره من الكافي و فيه: «حين يخرجها» بدل «حين أخّرها»؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 48 ، ح 126؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 286 ، ح 12034.
18- . فتح العزيز ، ج 5 ، ص 546 ؛ الخلاف ، ج 2 ، ص 17؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 333؛ روضة الطالبين ، ح 2 ، ص 82 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 537 ؛ البحر الرائق ، ج 2 ، ص 382.
19- . المغني لابن قدامة، ج 2 ، ص 537 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 463.
20- . فتح العزيز ، ج 5 ، ص 546 ؛ الخلاف ، ج 2 ، ص 17؛ البحر الرائق ، ج 2 ، ص 382.
21- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 45 ، ح 118؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 308 ، ح 12091.
22- . المثبت من المصدر ، و في الأصل: «زكاة».
23- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 45 _ 46 ، ح 119؛ و هذا هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 307 ، ح 12088.
24- . هو الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 305 ، ح 12084.
25- . هوالحديث التاسع من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 305 ، ح 12085.
26- . اُنظر: الخلاف ، ج 2 ، ص 43 _ 44 ، المسألة 46؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 499 _ 500 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 682 ؛ فتح العزيز ، ج 5 ، ص 530 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 2 ، ص 177؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 312؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 50 ؛ المحلّى ، ج 6 ، ص 95 _ 96 ، المسألة 693 .
27- . حكاه عنه المحقق في المعتبر ، ج 2 ، ص 555 ، و العلّامة في تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 296.
28- . المقنعة ، ص 239 _ 240 ، و ما بين الحاصرات منها.
29- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي.
30- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 44 ، ح 112؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 32 ، ح 94؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 301 _ 302 ، ح 12072.
31- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 44 ، ح 113؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 32 ، ح 95؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 302 ، ح 12073.
32- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 44 ، ح 114؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 32 ، ح 96؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 302 ، ح 12074.
33- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 44 ، ح 115؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 32 ، ح 97؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 302 ، ح 12075.
34- . مسند أحمد ، ج 1 ، ص 104؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 572 ، ح 1795؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 366 ، ح 1624؛ سنن الترمذي ، ج 2 ، ص 93 ، ح 673 ؛ المستدرك للحاكم ، ج 3 ، ص 332؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 111؛ و ج 10 ، ص 54 ؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 4 ، ص 49؛ المنتقى لابن الجارود ، ص 98 ، ح 360.
35- . سنن الترمذي ، ج 2 ، ص 94 ، ح 674 ؛ كنز العمّال ، ج 6 ، ص 552 ، ح 16905، عن الترمذي و سعيد بن منصور.
36- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 45 ، ح 116؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 33 ، ح 98؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 214 ، ح 11867؛ و ص 304 ، ح 12081. و رواه الكليني في الكافي ، باب الرجل يعطي من زكاة من يظنّ أنّه معسر ثمّ يجده موسرا ، ح 2؛ و الصدوق في الفقيه ، ج 2 ، ص 30 ، ح 1615.

ص: 388

. .

ص: 389

. .

ص: 390

. .

ص: 391

. .

ص: 392

. .

ص: 393

باب

بابيذكر فيه جواز الاشتراط على المشتري أداء زكاة الثمن الذي يبقى عند البائع سنة أو أكثر على ما فهمه الأصحاب رضي اللّه عنهم من الخبرين ، قال الصدوق رضى الله عنه : «وإن بعت شيئاً وقبضت ثمنه، واشترطت على المشتري زكاة سنة أو سنتين أو أكثر، فإنّ ذلك جائز يلزمه من دونك». (1) واستدلّ عليه بالخبرين المذكورين في الباب . وأيّد بأنّ العبادات الماليّة قابلة للنيابة في الجملة كالحجّ ، وعلى هذا فقوله عليه السلام في صحيحة عبداللّه بن سنان : «إنّما فعل ذلك لأنّ هشاماً كان هو الوالي» (2) يعني أنّه صلوات اللّه عليه إنّما اعتمد على هشام مع فسقه _ بل كفره _ في أداء ما يجب عليه عليه السلام تقيّةً عنه؛ وليطمئن قلبه المنكوس باعتماده عليه السلام عليه . وفيه بعد بقاء المال عنده عليه السلام اشترط على سليمان وهشام أداء الزكاة التي كانت واجبة عليهما لذلك المال في تينك المدّتين، وأنّه كان يعلم أنّهما لم يؤدّيا زكاته في المدّتين، ولا يناسب الإمامة تملّك المال الذي تعلّقت به الزكاة قبل إخراجها . وعلى هذا فمعنى التعليل في الثاني: أنّ هشاماً كان والياً، وما كان دأب الولاة إعطاء الزكاة .

.


1- . الفقيه ، ج 2 ، ص 21.
2- . هذا هو الحديث الثاني من هذا الباب؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 173 _ 174 ، ح 11770.

ص: 394

باب المال الذي لا يحول عليه الحول في يد صاحبه

باب المال الذي لا يحول عليه الحول في يد صاحبهقد اتّفق أهل العلم إلّا نادراً من العامّة على اعتبار الحول في الأنعام والنقدين ، (1) والأخبار عليه متظافرة من الطريقين ، منها: ما رواه المصنّف قدس سرهفي الباب وفي الأبواب السابقة . ومنها: ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : «الزكاة على المال الصامت الذي يحول عليه الحول ولم يحرّكه». (2) وحكى في المنتهى (3) عن ابن عبّاس وابن مسعود أنّهما قالا : «إذا استفاد المال زكّاه في الحال، ثمّ تتكرّر بتكرّر الحول ». (4) وردّه بما رواه الجمهور عن عائشة أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمقال : «لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول». (5) وعن ابن عبّاس عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «ليس في مال المستفيد زكاة حتّى يحول عليه الحول». (6) واعلم أنّ الحول المعتبر في الزكاة إنّما هو أحد عشر شهراً هلالية، ويحلّ باستهلال الثاني عشر عند علمائنا على ما نسبه العلّامة في المنتهي (7) وغيره. (8) ويدلّ عليه بعض ما اُشير إليه من الأخبار كحسنة زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام التي رواها المصنّف في الباب، (9) وفي حسنة اُخرى عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : رجل كانت له مئة درهم فوهبها لبعض إخوانه أو ولده وأهله فراراً من الزكاة فعل ذلك قبل حلّها بشهر؟ فقال : «إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليها الحول ووجبت عليه فيها الزكاة». (10) ثمّ ظاهر الخبرين استقرار الوجوب بذلك من غير توقّف على تمام الشهر الثاني عشر من الحول الثاني دون الأوّل، وهو المستفاد أيضاً ممّا رواه المصنّف في باب أوقات الزكاة عن خالد بن الحجّاج الكرخي من قوله عليه السلام : «فإذا حال الحول من الشهر الذي زكّيت فيه فاستقبل بمثل ما صنعت» ، (11) وهو ظاهر الفاء التعقيبيّة في قولهم عليهم السلام : «فإذا حال الحول فزكّه». (12) ويظهر من الشهيد في الدروس توقّفه عليه حيث قال باحتساب الحول الثاني من آخر الثاني عشر، (13) وكأنّه استند في ذلك بأصالة عدم النقل فيما لا نصّ عليه ، وقد توقّف بعض في ذلك لما اُشير إليه من الوجهين ، وضعفهما واضح ، فتدبّر . قوله في حسنة زرارة : (قلت لأبي جعفر عليه السلام ) الحديث .[ح 4/5836] رواه الشيخ في التهذيب بهذا السند مثله بعينه ، (14) ورواه الصدوق في العلل بسند آخر بزيادة قال في باب نوادر علل الزكاة: أبي رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن معروف، عن أبي الفضل، عن عليّ بن مهزيار، عن إسماعيل بن سهل، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : رجل كانت عنده دراهم أشهر، فحوّلها دنانير، فحالَ عليها منذ يوم ملكها دراهم حولها ، أيُزكّيها؟ قال : «لا» . ثمّ قال : «أرأيت لو أنّ رجلاً دفع إليك مئة بعير وأخذ منك مئتي بقرة، فلبثت عنده أشهراً ولبثت عندك أشهراً، فَمَوَّتَتْ عندك إبله، ومَوَّتَتْ عنده بقرك، أكنتما تزكّيانها؟» فقلت : لا ، قال : «كذلك الذهب والفضّة» . ثمّ قال : «وإن حوّلت برّاً أو شعيراً، ثمّ قلبته ذهباً أو فضّة، فليس عليك فيه شيء، إلّا أن يرجع ذلك الذهب أو تلك الفضّة بعينها أو عينه، فإن رجع ذلك إليك فإنّ عليك الزكاة؛ لأنّك قد ملكتها حولاً» . قلت له : فإن لم يخرج ذلك الذهب من يدي يوماً؟ قال : «إن خلط بغيره فيها فلا بأس، ولا شيء فيما رجع إليك منه» . ثمّ قال : «إن رجع إليك بأسره بعد إياس منه فلا شيء عليك فيه حولاً» . قال : فقال زرارة عن أبي جعفر عليه السلام : «ليس عليك في النيف شيء حتّى يبلغ ما يجب فيه واحداً، ولا في الصدقة والزكاة كسور، ولا تكون شاة ونصف، ولا بعير ونصف، ولا خمسة دراهم ونصف، ولا دينار ونصف ، ولكن يؤخذ الواحد ويطرح ما سوى ذلك حتّى يبلغ ما يؤخذ منه واحد، فيؤخذ من جميع ماله» . قال: وقال زرارة وابن مسلم : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «أيّما رجل كان له مال وحالَ عليه الحول فإنّه يزكّيه» . قلت له : فإن وهبه قبل حوله بشهر أو بيوم؟ قال : «ليس عليه شيء إذن» . قال: وقال زرارة عنه أنّه قال : «إنّما هذه بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوماً في إقامته، ثمّ خرج في آخر النهار في سفر، فأراد بذلك (15) إبطال الكفّارة التي وجبت عليه» ، وقال : «إنّه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة، ولكنّه لو كان يوهبها قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شيء، بمنزلة من خرج ثمّ أفطر، إنّما لا تمنع الحال عليه، فأمّا ما لم يحلّ عليه فله منعه، ولا يحلّ له منع مال غيره فيما قد يحلّ عليه» . قال زرارة : قلت له : مئتا درهم من خمس اُناس أو عشرة حال عليه الحول وهي عندهم، أيجب عليهم زكاتها؟ قال : «لا ، هي بمنزلة تلك، ليس عليهم شيء حتّى يتمّ لكلّ إنسان منهم مئتا درهم» . قلت : وكذلك في الشاة والإبل والبقر والذهب والفضّة وجميع الأموال؟ قال : «نعم» . قال زرارة : وقلت له : رجل كانت عنده مئتا درهم، فوهبها لبعض إخوانه أو ولده أو أهله؛ فراراً[بها] من الزكاة فعل ذلك قبل حلّها بشهر، إلى آخرها. (16) رواه المصنّف بعينه. (17) وأنت خبير بتشويش الخبر واضطرابه وتضادّ بعض منها لبعض، بحيث لا يقبل تأويلاً يعتدّ به ، وأظنّ أنّه سقط كلام من بعض الرواة في مواضع متعدّدة ، فتأمّل تعرف . ولا يتكلّف في تأويله فقد قال طاب ثراه في قوله : «إنّما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان» إلى آخره : التمثيل هذا تفصيل للحكم في هذا المقام، وهو أنّه لو وهب قبل الحول لا شيء عليه، مثل من خرج وأفطر، ولو وهب بعده كان عليه الزكاة مثل من أفطر وخرج لإسقاط الكفّارة، فإنّها لا تسقط. وليس هذا تعليلاً للسابق ولا تنظيراً له ، وكأنّه أشار إلى أنّ في المقام سقط كما أشرنا إليه . وقال في قوله : «ما أدخل على نفسه أعظم ممّا منع من زكاتها»: حيث وهب كلّ ماله فراراً من إخراج بعضه على وجه الزكاة، فدفع ذلك زرارة وقال: إنّه يقدر على ردّ ماله؛ لأنّه شرط ذلك في عقد الهبة . أقول : ويمكن أن يكون المعنى ما أدخل على نفسه من فوات ثواب الزكاة وبركة المال، حيث فعل ما يوجب سقوطها أعظم ممّا حصل له من منعها من العشر أو نصفه ، فقال زرارة : وكيف تسقط عنه الزكاة والحال أنّه قادر على ردّ ماله بسبب الشرط المذكور؟ فكأنّه لم يهبها . وأجاب عليه السلام بأنّ ذلك الشرط فاسد؛ وذلك لمنافاته للهبة، ففيه دلالة على أنّ الشرط الفاسد في ضمن العقد اللازم لا يوجب فساد العقد، بل لا يعتبر ذلك الشرط، وتكون صحّة العقد على حالها . وقال في ذيل قول زرارة : فإن أحدث فيها قبل الحول، قبل إتمام الحول اللغوي بعد دخول الشهر الثاني عشر لكن لا يلائمه . وقوله عليه السلام : «إنّما ذلك إذا اشترى بها داراً»، فإنّه إذا دخل الشهر الثاني عشر، فقد وجب فيه الزكاة، إلّا أن يُراد بقوله عليه السلام : «إذا اشترى» قبل دخول الثاني عشر، وفيه بُعد ؛ لأنّ الكلام على وتيرة واحدة ، فتقييد بعضه بالدخول و بعضه بعدمه خلاف الظاهر، ويأتي القول في مسألة الفرار من الزكاة في بابه إن شاء اللّه تعالى .

.


1- . اُنظر: المقنعة ، ص 239؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص 123؛ الخلاف ، ج 2 ، ص 12 ، المسألة 6 ؛ السرائر ، ج 1 ، ص 429 ؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 374؛ فتح العزيز ، ج 5 ، ص 315؛ روضة الطالبين ، ج 2 ، ص 6 .
2- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 35 ، ح 90؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 75 ، ح 11557؛ و ص 170 ، ح 11760.
3- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 486. و حكاه أيضا في تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 50 ، المسألة 31.
4- . اُنظر: الخلاف ، ج 2 ، ص 12، المسألة 6 ؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 361؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 496؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 458.
5- . سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 571 ، ح 1792؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 95؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج 3 ، ص 50 ، من قال يزكّيه إذا استفاذ ، ح 9؛ كنزالعمّال ، ج 6 ، ص 223 ، ح 15861.
6- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 104؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 76 ، ح 1871؛ كنزالعمّال ، ج 6 ، ص 323 ، ح 15859 ، و في الجميع: «ابن عمر» بدل «ابن عبّاس».
7- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 487.
8- . اُنظر: المعتبر ، ج 2 ، ص 507 .
9- . هو الحديث الرابع من هذا الباب.
10- . نفس المصدر؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 35 ، ح 92؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 163_ 164 ، ح 11749.
11- . الكافي ، باب أوقات الزكاة ، ح 1؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 166 ، ح 11752.
12- . الكافي ، باب ما لا يجب فيه الزكاة ممّا تبت الأرض من الخضر و غيرها ، ح 3.
13- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 232 ، الدرس 61 .
14- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 35 ، ح 92؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 152 ، ح 11721.
15- . في المصدر: «فأراد بسفره ذلك».
16- . علل الشرائع ، ص 374 _ 375 ، الباب 103 ، ح 1.
17- . هو الحديث الرابع من هذا الباب.

ص: 395

. .

ص: 396

. .

ص: 397

. .

ص: 398

باب ما يستفيد الرجل من المال بعد أن يزكّي ما عنده من المال

باب ما يستفيد الرجل من المال بعد أن يزكّي ما عنده من المالأراد قدس سره بيان ثبوت الزكاة فيما يستفاد من المال الزكوي من الربح وإن كان قد زكّى ذلك المال زكاة العين، وأنّه ليس زكاة العين مسقطاً لزكاة التجارة ، وبيان ابتناء حول الربح على حول الأصل بقرينة الخبرين المذكورين في الباب ، فعلى هذا تكون «من» الاُولى للابتداء ، ويحتمل أن تكون هي أيضاً كالثانية بيانيّة للموصول ، فالاستفادة أعمّ من أن تكون من المال الذي عنده كالربح أو من غيره، كما يحصل بهبة أو إرث أو صلح ونحوها، فغرضه بيان الفارق بينها بثبوت الزكاة بحلول الحول في الأوّل دون الثاني . ويدلّ على ذلك كلّه الخبران المذكوران في الباب، فإنّ الظاهر أنّ معنى خبر شعيب (1) : أنّ «كلّ شيء جرّ عليك المال»، أي حصل لك من النصاب بالتجارة «فزكّه» ، وأمّا ما وصل إليك من المنافع بغيرها كالهبة ونحوها فليس عليك فيه زكاة إذا حال حول النصاب ، وإنّما عليك أن تستقبل به حولاً من حين الوصول إذا كان زكويّاً . ومراد السائل في خبر عبد الحميد (2) : أنّ الرجل يكون عنده المال الزكوي للتجارة، ويبقى ذلك المال عنده حولاً ما يتضمّن التماس الربح ويصيب مالاً آخر بعد الحول من ربح ذلك الزائد في أثناء الحول الثاني، فحول الربح هل هو حول الأصل أم يستأنف له حولاً؟ وأجاب عليه السلام بأنّه يبني على حول الأصل، وإذا تمّ حوله زكّاهما جميعاً زكاة العين للحول الأوّل، وزكاة التجارة للحول الثاني ، فيدلّ على ابتناء حول الربح على حول الأصل، ولا بُعد في ذلك لغير معارض صريح له . بل يؤيّده ما يأتي من الأخبار في ثبوت الزكاة للربح من غير بيان حول آخر له، ولا يجوز حمله على النتاج المعتبر فيه الحول المستأنف بالنصّ؛ لأنّ النتاج عين معتبر فيه النصاب كأصله، فليس تبعاً لأصله فليعتبر فيه الحول فيه أيضاً، بخلاف الربح فإنّه لا يعتبر فيه النصاب وإنّما يعتبر النصاب في أصله، فيكون تبعاً له في الحول أيضاً ، فليخصّ قوله عليه السلام : «لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول»، بغير النماء ولكن لم أجد قولاً من الأصحاب بذلك ، بل ظاهر المنتهى إجماع الأصحاب على استئناف الحول للربح حيث لم ينقل عن أحدٍ منهم قولاً بخلافه، وإنّما نسب الخلاف إلى العامّة، فقد قال : لو كان عنده متاع قيمته نصاب فزاد في أثناء الحول لم يبن حول الزيادة على الأصل، بل تثبت زكاة رأس المال عند تمام حول الأصل ، وفي الزيادة عند تمام حولها إن بلغت نصاباً، سواء نضّ في أثناء الحول أم لم ينضّ . وقال مالك وإسحاق وأبو يوسف وأبو حنيفة وأحمد : يبني حول الزيادة على الأصل . لنا قوله عليه السلام : «لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول» ، وهو صادق على الزيادة كصدقه على الأصل . احتجّوا بالقياس ، والجواب قد بيّنا منع الحكم في الأصل. (3) وفصّل في الوجيز فقال : كلّ زيادة حصلت بارتفاع القيمة وجبت الزكاة بحول رأس المال كالنتاج، فإن ردّ إلى النضوض فقدر الربح من الناضّ، لا يضمّ إلى حول الأصل على أحد القولين؛ لأنّه مستفاد من كيس المشتري لا من عين المال. (4)

.


1- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب.
2- . هو الحديث الثاني من هذا الباب.
3- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 507 . وانظر: المعتبر ، ج 2 ، ص 545 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 208؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 624 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 623 _ 624 .
4- . فتح العزيز في شرح الوجيز ، ج 6 ، ص 57 .

ص: 399

. .

ص: 400

باب الرجل يشتري المتاع فيكسد عليه والمضاربة

باب الرجل يشتري المتاع فيكسد عليه والمضاربةالمشهور بين الأصحاب استحباب زكاة التجارة به ، قال الشيخان (1) والسيّد المرتضى (2) والمحقّق (3) والعلّامة (4) ومَن تأخّر عنهم، ومنقول في المختلف (5) عن ابن أبي عقيل (6) وأبي الصلاح (7) وابن البرّاج، (8) وفي الانتصار عن ابن عبّاس وداود بن عليّ من العامّة ، (9) وظاهر الصدوق في الفقيه وجوبها حيث قال : وإذا كان مالك في تجارة وطلب منك المتاع برأس مالك ولم تبعه تبتغي بذلك له الفضل، فعليك زكاته إذا حال عليه الحول ، وإن لم يطلب منك المتاع برأس مالك فليس عليك زكاته. (10) وقد نسب الوجوب إليه وإلى أبيه. (11) وفي المنتهى : وقال بعض أصحابنا بالوجوب، وهو قول الفقهاء السبعة (12) : سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير، وخارجة بن زيد[بن ثابت]، والقاسم بن محمّد[بن أبي بكر]، وعبيداللّه بن عبداللّه بن عتبة بن مسعود، وأبوبكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأحمد. (13) وقال السيّد في الانتصار: أبو حنيفة وأصحابه يوجبون في عروض التجارة الزكاة إذا بلغت قيمتها النصاب، وهو قول الثوري والأوزاعي وابن حي والشافعي ، وقال مالك : إن كان إنّما يبيع العرض بالعرض فلا زكاة حتّى ينضّ ماله، وإن كان يبيع بالعين والعرض فإنّه يزكّى ، وقال الليث : إذا ابتاع متاعاً للتجارة فبقي عنده أحوالاً فليس عليه إلّا زكاة واحدة . انتهى. (14) وحكى في المختلف (15) عن بعض الأصحاب أنّه إذا باعه زكّاه لسنة واحدة موافقاً لقول ليث . واحتجّ الأوّلون بما رواه المصنّف قدس سره في الباب من الأخبار؛ حاملين للأوامر فيها على الندب؛ للجمع بينها وبين العمومات المتقدِّمة الدالّة على العفو عمّا سوى الأشياء التسعة، وخصوص خبر إسحاق بن عمّار، (16) وهو على ما رواه الشيخ (17) موثّق. وصحيحة زرارة، قال : كنت قاعداً عند أبي جعفر عليه السلام وليس عنده غير ابنه جعفر عليه السلام فقال : «يا زرارة، إنّ أبا ذرّ وعثمان تنازعا على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال عثمان : كلّ مال من ذهب أو فضّة يُدار ويعمل به ويتّجر به ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول ، فقال أبو ذرّ : أمّا ما اتّجر به أو دير وعمل به فليس فيه زكاة، إنّما الزكاة فيه إذا كان ركازاً أو كنزاً موضوعاً ، فإذا حال عليه الحول ففيه الزكاة ، واختصما في ذلك إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قال : فقال : القول ما قال أبو ذرّ». (18) وصحيحة سليمان بن خالد، قال : سُئل أبو عبداللّه عليه السلام عن رجل كان له مالٌ كثير، فاشترى به متاعاً ثمّ وضعه، فقال : هذا موضوع، فإذا أحببت بعته فيرجع إليّ رأس مالي وأفضل منه، هل عليه فيه صدقة وهو متاع؟ قال : «لا ، حتّى يبيعه» ، قال : فهل يؤدّي عنه إذا باعه لما مضى إذا كان متاعاً؟ قال : «لا». (19) وموثّقة عبداللّه بن بكير وعبيد وجماعة من أصحابنا، قالوا : قال عليه السلام : «ليس في المال المضطرب به زكاة» ، فقال له إسماعيل ابنه : يا أبة جعلت فداك، أهلكت فقراء أصحابك ؟ فقال : «أي بُنيّ حقٌّ أراد اللّه أن يخرجه فخرج». (20) واحتجّ من وافقهم من العامّة على الاستحباب بما سنرويه عن سمرة، وعلى نفي الوجوب بقوله صلى الله عليه و آله : «ليس في الجبهة ولا في الكُسْعة ولا في النخّة صدقة» (21) ؛ لعمومها ما اشتري منها للتجارة، منضمّاً إلى عدم القول بالفصل . وفي نهاية ابن الأثير: الجبهة: الخيل ، (22) والكُسعة بالضمّ: الحمير، وقيل الرقيق ، (23) والنخة: الرقيق، وقيل الحمير، وقيل: البقر العوامل ، وتفتح نونها وتُضمّ ،[و قيل: هي كلّ دابّة استعملت ]وقيل: البقر العوامل بالضمّ، وغيرها بالفتح. (24) واحتجّ من قال بالوجوب من الأصحاب بظاهر الأوامر المشار إليها ، فهم قد خصّصوا ما عدا التسعة في أخبار العفو بما عدا مال التجارة، والأخبار الخاصّة المذكورة بما إذا اُدير ولم يبق عين المال طول الحول على ما هو مذهب بعض ، وسيأتي . وفي المنتهى: واحتجّ الموجبون من الجمهور بما ؛ رواه أبو ذر، قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : «في الإبل صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البزّ صدقته»_ بالزاي_ . (25) وعن سمرة بن جندب، قال : كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يأمرنا أن نخرج الزكاة ممّا نعدّه للبيع . (26) وبأنّ عمر أمرنا بالزكاة فيها ولم يعارضه أحد، فكان إجماعاً. (27) وأجاب عنها بحملها على الاستحباب؛ للجمع ، وسيأتي . واستدلّ من قال بوجوبها لسنة بما رواه الشيخ في الموثّق عن العلاء، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : قلت له : المتاع لا اُصيب به رأس المال، عليَّ فيه زكاة؟ قال : «لا» ، قلت : أمسكه سنين ثمّ أبيعه ، ماذا عليَّ؟ قال : «سنة واحدة». (28) ولعلّ ذلك من باب تأكّد الاستحباب؛ للجمع . وعلى أيّ حال فيعتبر في ثبوتها شروط : أحدها : تملّك المال بعقد معاوضة بنيّة الاكتساب. فلو نوى القنية وقت الشراء، ثمّ نوى التجارة، أو ورث مالاً أو استوهب وقصد التجارة عند الانتقال إليه لم تثبت الزكاة ، وهو المشهور عندنا وعند العامّة، فإنّه المتبادر من مال التجارة . ويؤيّده أصالة البراءة فيما سواه ، بل نسبه في المنتهى إلى العلماء كافّة إلّا في رواية عن أحمد محتجّاً بما رواه سمرة، قال : أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن نخرج الصدقة ممّا نعدّه للبيع؛ زعماً منه أنّه بالنيّة يصير كذلك . وأجاب بالمنع من ذلك. (29) وعدّ الشهيد في الدروس كفاية تجدّد نيّة الاكتساب أقوى. (30) ولا يشترط كون الثمن عيناً؛ لعموم الأدلّة ، وهو ظاهر الشهيد في الدروس. (31) وصرّح به العلّامة في المنتهى حيث قال : «لو اشترى سلعة للتجارة بسلعة للقنية جرت في الحول من حين انتقالها إليه» ، وحكاه عن الشافعي وأبي حنيفة وأحمد ، ونقل اشتراطه عن مالك محتجّاً بأنّ زكاة التجارة إنّما تثبت تبعاً لزكاة العين، وبمجرّد النيّة لا تجب كما لو ورث أو غنم أو استوهب ونوى به التجارة. (32) وأجاب بالفارق؛ إذ في المقيس عليه لا تجارة عرفاً وإنّما هو مجرّد نيّة، بخلاف المقيس. (33) وثانيها : الحول . ونسبه في المنتهى إلى علماء الإسلام. (34) ويدلّ عليه خبر محمّد بن مسلم ، (35) وربّما احتجّ عليه بأنّه مال تثبت فيه الزكاة تبعاً لزكاة العين ، فيعتبر فيه الحول كمتبوعه . وثالثها _ النصاب : وفي المنتهى: هو قول علماء الإسلام، فلو ملك للتجارة دون النصاب وحال عليه الحول لم تثبت الزكاة إجماعاً، وهل يشترط وجود النصاب في جميع الحول أم لا ؟ فالذي عليه علماؤنا اشتراطه، وبه قال من الشافعية أبو العبّاس بن شريح وأحمد. (36) والمراد بالنصاب هنا نصاب النقدين؛ لثبوت الزكاة هنا تبعاً لهما، ومن ثمّ يتساويان في قدر المخرج ، وقد صرّح بذلك جماعة من غير نقل خلاف فيه . وقال الشافعي : المعتبر بلوغه آخر الحول. (37) وبه قال مالك. (38) وقال أبو حنيفة : يعتبر طرفي الحول. (39) لنا: أنّه ناقص عن النصاب، فلا تثبت فيه الزكاة ولا يعيد عليه الحول كزكاة العين ؛ ولأنّه مال يعتبر فيه الحول والنصاب، فيجب اعتباره كمال النصاب في جميع الحول كغيره من الأموال ؛ ولأنّه لو وجبت الزكاة مع نقصانه في وسط الحول لوجبت في الزيادة المتجدّدة إذا لم يحل عليها الحول . احتجّوا بأنّه يشقّ التقويم في جميع الحول، فيسقط اعتباره . والجواب: لا نسلّم ثبوت المشقّة مع المعرفة بالأسواق والقيم، ولو سلّم فالمالك يأخذ بالاحتياط أو براءة الذمّة. (40) والمراد بالنصاب هنا نصاب أحد النقدين؛ لثبوت هذه الزكاة تبعاً لهما ، ومن ثمّ يتساويان في قدر المخرج ، وقد صرّح بذلك الأكثر ، والظاهر اعتبار نصاب النقد الذي به اشترى السلعة إن اشتراها بأحدهما، وإلّا فبالنقد الغالب ؛ لأنّ نصاب السلعة يبنى على ما اشتريت به وذلك يقتضي اعتباره ، ولأنّ اعتبار رأس المال الذي يدلّ عليه الأخبار إنّما يعلم بعد الاعتبار بما قوّمت به كذا وربحها ، فمهما أمكن اعتباره بما اشتراها به يعتبر، ولو لم يتمكّن من ذلك، كما إذا اشتراها بعرض، فلابدّ من اعتبار غالب نقد البلد . وجزم به العلّامة في المنتهى] و قال] : وقال الشافعي : إن اشتراها بعرض القنية قوّم بنقد البلد، وإن اشتراها بدنانير أو بدراهم قوّم بهما إن كان الثمن نصاباً، وإن كان دون النصاب ففيه وجهان : أحدهما: يقوّم بالثمن، والثاني: يقوّم بنقد البلد . وقال أبو حنيفة وأحمد : يعتبر الأحظّ للفقراء ؛ محتجّين بأنّ التقويم بالأحظّ للفقراء أنفع لهم ، وأجاب بمعارضة ذلك بأنّه أضرّ للمالك. (41) ثمّ الظاهر أنّ المعتبر النصاب الأوّل لهما وعدم اعتبار النصاب الثاني مطلقاً ولو بعد النصاب الأوّل ؛ لأنّ ظاهر الأخبار ثبوت الزكاة عند الحول مع بقاء رأس المال أيّاً ما كان، بل لولا الإجماع على اعتبار النصاب الأوّل لأمكن القدح في اعتباره أيضاً؛ لعموم الأدلّة ، فتأمّل . ورابعها : بقاء رأس المال طول الحول، سواء زاد أم لا ، كما يدلّ عليه بعض ما اُشير إليه من الأخبار ، فلو طلب بنقيضة بما يعدّ مالاً سقط الاستحباب ، ثمّ إذا بلغ رأس المال لمستأنف الحول . وفي المنتهى: «ذهب إلى ذلك علماؤنا أجمع خلافاً للجمهور». (42) واستثنى في القواعد ممّا طلب بنقيصة أن يبقى عنده أحوالاً كذلك، فاستحبّها لسنة، (43) ولا بأس به لكن بشرط أن يبيعه بعد تلك الأحوال ، وينضّ المال؛ لقوله عليه السلام في مضمر سماعة : «وإن لم يكن أعطى به رأس ماله فليس عليه زكاته حتّى يبيعه، وإن حبسه بعدما حبسه، فإذا هو باعه فإنّما عليه زكاة سنة واحدة». (44) وهو ظاهر موثّقة العلاء (45) التي رويناها ، وهل يشترط بقاء عين السلعة طول الحول كما في زكاة الأعيان، أم لا بل تثبت الزكاة وإن تبدّلت؟ ظاهر الأكثر العدم ، بل صرّح العلّامة بذلك ، وادّعى في التذكرة (46) وولده في الشرح (47) الإجماع عليه على ما نقل عنهما. (48) وعدّه الشهيد في الدروس الأصحّ، (49) وهو ظاهر العمومات وخصوص قوله عليه السلام في حسنة محمّد بن مسلم : «يعمل بها». (50) وفي خبر محمّد بن مسلم : «عملت به» ، (51) فإنّ ظاهر العمل التبديل والتعويض والإرادة . وعن المحقّق أنّه قطع في المعتبر بالاشتراط مستدلّاً بأنّه مال تثبت فيه الزكاة، فيعتبر بقاؤه كغيره، وبأنّه مع التبدّل يكون الثانية غير الاُولى، فلا تجب فيه الزكاة ؛ لأنّه لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول ، (52) وهو ظاهره في الشرائع، حيث قال : «ولابدّ من وجود ما اعتبر فيه الزكاة من أوّل الحول إلى آخره» . (53) أقول : ويؤيّده قوله عليه السلام : «ليس في المال المضطرب به زكاة» فيما تقدّم من موثّقة عبداللّه بن بكير وعبيد وجماعة ، (54) لكنّ الظاهر أنّ المراد منه نفي الوجوب كما سبقت الإشارة إليه ، والقول الأوّل أنسب بتعلّق الزكاة هنا بالقيمة، والثاني أوفق لتعلّقها بالعين . قوله عليه السلام في خبر أبي الربيع : (إن كان أمسكه التماس الفضل) . [ح 1/5841] ظاهر الخبر كغيره تعلّق الزكاة بعين مال التجارة، وأبين في ذلك قوله عليه السلام : «فيه الزكاة» بتذكير الجميع في خبر محمّد بن مسلم، (55) فإنّه لابدّ من عوده إلى المال . ولا ينافي ذلك اعتبار القيمة ولا قوله عليه السلام : «كلّ عرض مردود إلى القيمة» ، (56) فإنّ القيمة والردّ إليها إنّما يعتبر لمعرفة النصاب، وهو ظاهر العلّامة في التذكرة (57) على ما قيل ، ومنقول في المعتبر عن أبي حنيفة ، (58) ومنسوب في العزيز إلى أحد قولي الشافعي في القديم. (59) وحكى في المنتهى (60) عن الشيخ أنّه قال : «زكاة التجارة تتعلّق بالقيمة وتجب فيها»؛ محتجّاً بأنّ النصاب معتبر من القيمة، وما يعتبر النصاب منه وجبت الزكاة فيه. (61) وبما رواه إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «كلّ عرض مردود إلى الدراهم والدنانير». (62) وفيه ما عرفت، وهو مذهب مالك والشافعي في الجديد ، وفي قول آخر له في القديم. (63) وتظهر فائدة الخلاف في مواضع : منها: سقوط الزكاة على الأوّل للعام الثاني وما بعده إذا حال على النصاب أحوال النقص للنصاب في العام الثاني بتعلّق حقّ الفقراء بجزء من عينه، وعدم سقوطها على الثاني؛ لتعلّق الزكاة بذمّته للعام الأوّل ، فبقي النصاب كملاً فيما بعده من الأحوال . ومنها: ضمان المالك للزكاة وعدم ضمانه لها إذا تلف النصاب بعد الحول بغير تفريط منه، فيضمن لها على الثاني؛ لعدم تعلّق التلف بمال الفقراء دون الأوّل ؛ لأنّه قد تلف من مال الفقراء أيضاً كما تلف ماله . ومنها: ما فرّع عليه في المنتهى حيث قال _ بعد نقل تعلّقها بالقيمة _ : «فرع: يجوز بيع عروض التجارة قبل أداء الزكاة؛ لأنّها تجب في القيمة بخلاف زكاة العين». (64) ومنها: ما إذا زادت القيمة بعد الحول كما إذا كانت عنده مئتا قفيز من حنطة يساوي مئتي درهم، ثمّ زادت قيمتها بعد الحول إلى ثلاثمئة ، فعلى الأوّل أخرج خمسة أقفزة أو قيمتها سبعة دراهم ونصفاً؛ لصيرورة ربع عشر العروض حقّاً للفقراء وقد زادت قيمته كما زادت قيمة ما للتاجر . وعلى الثاني يخرج خمسة دراهم أو بقيمتها حنطة ؛ لأنّه إنّما وجب على التاجر عند انقضاء الحول هذه، وتعلّقت هذه بذمّته، والعين كلّها كانت ملكاً له، فإنّما زادت قيمة ماله لا مال الفقراء . ومنها : ما إذا قصرت التركة عن الزكاة وديون الميّت، فيقدّم حقّ أرباب الزكاة من النصاب على الأوّل، ويوزّع عليهم كسائر الديون على الثاني. (65) ثمّ الظاهر جواز الإخراج من العين ومن القيمة على كلا القولين؛ لجواز المبادلة في الزكوات الماليّة اختياراً من باب الإرفاق والتسهيل ، ولم أجد نصّاً من الأصحاب ولا من الأخبار فيه . وقد توهّم أنّ الشيخ أراد ممّا نقلناه عنه وجوب الإخراج من القيمة، واُورد عليه بأنّ تعليقه لا يدلّ على مدّعاه ، (66) وقد عرفت أنّه إنّما أراد بما ذكر تعلّقها بالقيمة، فلا يرد عليه ما أورده . نعم ، اختلف العامّة فيه ؛ فقد حكى في المنتهى (67) عن أبي حنيفة التخيير . وفي [فتح ]العزيز: قطع الجديد بأنّها تخرج من القيمة، ولا يجوز أن تخرج من عين ما في يده ، وبه قال مالك ؛ لأنّ متعلّق الزكاة هو القيمة . وحكى عن القديم قولان : أحدهما مثل هذا، والثاني: أنّه يخرج ربع عشر ما في يده ؛ لأنّه الذي يملكه، والقيمة تقدير . واختلفوا في هذا القول ، منهم مَن قال: إنّه يرخّص ويجوز الإخراج من العين باعتبار القيمة، ولو أخرج [ربع]عشر القيمة جاز ، [...]ومن الأصحاب من استوعب وجعل المسألة على ثلاثة أقوال، أصحّها تعيين العين ، والثاني تعيين القيمة ، والثالث التخيير بينهما. (68)

.


1- . قاله المفيد في المعقنة ، ص 247؛ و الطوسى في النهاية ، ص 176؛ و المبسوط ، ج 1 ، ص 220؛ و الجمل و العقود (الرسائل العشر ، ص 204).
2- . الانتصار ، ص 211.
3- . المختصر النافع ، ص 54 ؛ المعتبر ، ح 2 ، ص 544 ؛ شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 107.
4- . إرشاد الأذهان ، ج 1 ، ص 285؛ تبصرة المتعلّمين ، ص 71؛ تحرير الأحكام ، ج 1 ، ص353.
5- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 191.
6- . لم أعثر عليه في غير مختلف الشيعة.
7- . الكافي فى الفقه ، ص 165.
8- . المهذّب ، ج 1 ، ص 167.
9- . الانتصار ، ص 211 . وانظر: المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 47؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 622 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 622 .
10- . الفقيه ، ج 2 ، ص 20.
11- . المقنع، ص 168 ، و حكاه عنهما في مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 192.
12- . اُنظر: عمدة القاري ، ج 1 ، ص 38.
13- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 478. وانظر: المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 47 ، الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 622 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص622 .
14- . الانتصار ، ص 211. وانظر: التمهيد ، ج 17 ، ص 129؛ المبسوط للسرخسي ، ج 2 ، ص 190 _ 191؛ المجموع للنووي ، ج 2 ، ص 47؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص622 .
15- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 192. و نقله أيضا الشيخ في الخلاف ، ج 2 ، ص 91 ، المسألة 106. و الظاهر أنّ القائل هو الشيخ المفيد في المقنعة ، ص 247 حيث قال: «و قد روي أنّه إذا باعه زكّاه لسنة واحدة ، و ذلك هو الاحتياط».
16- . هو الحديث السادس من هذا الباب.
17- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 69 ، ح 188؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 11 ، ح 31؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 75 ، ح 11558.
18- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 70 _ 71 ، ح 192؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 9 ، ح 27؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 74 ، ح 11555.
19- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 70 ، ح 191؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 9 ، ح 26؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 75 ، ح 11556.
20- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 70 ، ح 190؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 9 ، ح 25؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 75_76 ، ح 11559.
21- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 118؛ غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلّام ، ج 1 ، ص 7.
22- . النهاية ، ج 1 ، ص 237 (جبه).
23- . النهاية ، ج 4 ، ص 173 (كسع).
24- . النهاية ، ج 5 ، ص 31 (نخخ) ، و ما بين الحاصرتين منها.
25- . فتح العزيز ، ج 6 ، ص 39؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 47؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 622 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 622 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 147 ؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 86 ، ح 1915 ؛ كنزالعمّال ، ج 6 ، ص 307 ، ح 15814. قال النووي: «البزّ ، هو بفتح الباء و بالزاي ، هكذا رواه جميع الرواة ، و صرّح بالزاي الدارقطني و البيهقي».
26- . فتح العزيز ، ج 6 ، ص 40؛ الاستذكار ، ج 3 ، ص 170؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 348 ، ح 1562؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 147؛ المعجم الكبير ، ج 7 ، ص 253.
27- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 479. وانظر: المعتبر ، ج 2 ، ص 497؛ فتح العزيز ، ج 6 ، ص 40.
28- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 69 ، ح 189؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 11 ، ح 32؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 72_ 73 ، ح 11552.
29- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص508 .
30- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 238 ، الدرس 63 .
31- . نفس المصدر.
32- . تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 205 ، المسألة 136؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 548 ؛ الخلاف ، 2 ، ص 94 _ 95 ، المسألة 108؛ كتاب الاُمّ للشافعي ، ج 2 ، ص 52 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 624 .
33- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 507 .
34- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 507 .
35- . هو الحديث الثاني من هذا الباب.
36- . المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 499؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 19.
37- . تحفة الفقهاء ،ج 1 ، ص 272؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 19.
38- . الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 624 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 624 ؛ المجموع للنووي ، ج 6 ، ص 19.
39- . المبسوط للسرخسي ، ج 3 ، ص 42؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 272؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 51 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 499 و 624 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 624 ؛ فتح العزيز ، ج 6 ، ص 8 .
40- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 507 .
41- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 508 . وانظر: المجموع للنووي ، ح 6 ، ص 63 ؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 267؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 20؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 629 .
42- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 508 .
43- . قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 330.
44- . هذا هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 72 ، ح 11549.
45- . وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 72 _ 73 ، ح 11552.
46- . تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 223 ، المسألة 153.
47- . إيضاح الفوائد ، ج 1 ، ص 187.
48- . حكاه عنهما في مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 172.
49- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 238 ، الدرس 63 .
50- . هو الحديث الثاني من هذا الباب.
51- . هو الحديث الخامس من هذا الباب.
52- . المعتبر ، ج 2 ، ص 544 .
53- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 118.
54- . وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 75 ، ح 11559.
55- . هو الحديث الخامس من هذا الباب.
56- . أورده الشيخ في الخلاف ، ج 2 ، ص 96 ؛ ذيل المسألة 109؛ و العلّامة في تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 219؛ و في نهاية الإحكام ، ج 2 ، ص 365 _ 366 ، و المحقق في المعتبر ، ج 2 ، ص 550 ، و في الجميع: «كلّ عرض فهو مردود إلى الدارهم و الدنانير».
57- . تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 219.
58- . المعتبر ، ج 2 ، ص 550 .
59- . فتح العزيز ، ج 6 ، ص 67 .
60- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 508 . و حكاه عنه أيضا المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 550 .
61- . الخلاف ، ج 2 ، ص 95 _ 96 ، المسألة 109.
62- . ورد بهذا اللفظ في الخلاف ، ج 2 ، ص 96 ، و المعتبر ، ج 2 ، ص 550، و لفظه في المصادر الروائيّة مغاير لما نحن فيه . اُنظر: تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 93 ، ح 269؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 40 _ 41 ، ح 121؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 139 ، ح 11691.
63- . اُنظر: المجموع للنووي ، ج 6 ، ص47؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 271؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 545 .
64- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 508 .
65- . اُنظر: مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 174.
66- . المعتبر ، ج 2 ، ص 550 .
67- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 508 .
68- . فتح العزيز ، ج 5 ، ص 67 _ 68 .

ص: 401

. .

ص: 402

. .

ص: 403

. .

ص: 404

. .

ص: 405

. .

ص: 406

. .

ص: 407

. .

ص: 408

. .

ص: 409

. .

ص: 410

باب ما يجب عليه الصدقة من الحيوان وما لا يجب

باب ما يجب عليه الصدقة من الحيوان وما لا يجبأجمع أهل العلم على وجوب الزكاة في الأنعام الثلاثة : الإبل والبقر والغنم ، بشرائطها . ويدلّ عليه _ زائداً على ما رواه المصنّف في الباب _ ما مرّ ذكره ، والمشهور عدم اشتراط الاُنوثة فيها؛ لعموم الأدلّة . وشرطها سلّار محتجّاً بالبراءة الأصليّة، وبحذف الهاء من العدد في قوله عليه السلام : «في خمس من الإبل» (1) ونظائره ، وقال : إنّ ذلك على إرادة الإناث منه . واُجيب بمعارضة الاحتياط للبراءة، وأنّ تلك الأخبار وإن لم تدلّ على وجوب الزكاة في الذكور إلّا أنّها لا تمنع وجوبها فيها بدليل آخر، وبانعقاد الإجماع قبل سلّار وبعده على العموم. (2) والأحسن في الجواب أن يُقال: إنّ حذف الهاء فيما ذكر لتأنيث لفظ الإبل . قال الجوهري : «الإبل لاواحد لها من لفظها، وهي مؤنّثة؛ لأنّ أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميّين فالتأنيث لها لازم». (3) نعم ، لو نصّ على إرادة الذكور منها يذكر الهاء، نحو عندي ذكور ثلاثة من الخيل ، بل تحذف في بعض صور النصّ على الذكور أيضاً ، فقد قال المحقّق الرضيّ رضى الله عنه : وإن لم يكن المعدود جمعاً بل هو اسم جمع كخيل، أو جنس كتمر، فإن كان مختصّاً بجميع المذكّر كالرهط والنفر والقوم، فإنّها بمعنى الرجال، فالتاء في العدد واجب ، قال اللّه تعالى : «تِسْعَةُ رَهْطٍ» ، (4) وقالوا: ثلاثة رجلة، وهو اسم جمع قائم مقام رجال، وإن كان مختصّاً بجمع الإناث فحذف التاء واجب، نحو : ثلاث من المخاض؛ لأنّها بمعنى حوامل النوق وإن احتملهما كالبط والخيل والغنم والإبل؛ لأنّها تقع على الذكور والإناث، فإن نصصت على أحد المحتملين فالاعتبار بذلك النصّ، فإن كان ذكوراً أثبت التاء ، وإن كان إناثاً حذفتها، كيف وقع النصّ والمعدود، نحو : عندي ذكور ثلاثة من الخيل ، أو عندي من الخيل ذكور ثلاثة ، أو عندي من الخيل ثلاثةٌ ذكورٌ ، أو عندي من الخيل ثلاثة ذكورٍ بالإضافة ، أو عندي ثلاثة ذكور من الخيل ، الّا أن يقع النصّ بعد التمييز، والمميّز بعد العدد، نحو : عندي ثلاث من الخيل ذكور ، فحينئذٍ ينظر إلى لفظ المميّز لا النصّ ، فإن كان مؤنّثاً لا غير كالخيل والإبل والبقر والغنم حذفت التاء. (5) وأجمع الأصحاب على عدم وجوبها في غيرها، وعلى استحبابها في الخيل الإناث السائمة عن كلّ عتيق دينارين، وعن كلّ برذون دينار . ويدلّ عليه حسنة محمّد بن مسلم وزرارة عنهما عليهماالسلام ، (6) وحسنة زرارة عن أبي عبداللّه عليه السلام ، (7) والاُولى وإن كانت عامّة إلّا أنّها خصّت بالإناث للثانية، وظاهر[هما ]الوجوب لكنّهما حملت[ا] على الندب؛ للجمع بينهما وبين ما تقدّم من نفيها عمّا سوى الأجناس التسعة، وهو المشهور بين العامّة . وأوجب أبو حنيفة في الخيل الإناث والمجتمع منها ومن الذكور عن كلّ فرس ديناراً. (8) ويردّه ما صحّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «ليس على المسلم في فرسه وغلامه زكاة» ، (9) وأنّه قال : «ليس في الجبهة ولا في الكسعة ولا في النخّة صدقة». (10) واحتجّ أبو حنيفة بما روي عن جابر، قال : «في الخيل السائمة في كلّ فرس دينار». (11) واُجيب بحمله على الاستحباب . (12) قوله في صحيحة زرارة : (إنّما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه) . [ح2/5851] المرج: المرعي. (13) ويقال: قنيت الغنم، إذا أقتنيتها لنفسك لا للتجارة ، ومالٌ قِنيان وقُنيانٌ: يتّخذ قُنيةً. (14) قوله في حسنة زرارة ومحمّد بن مسلم: (فقالا : ليس في الرأس شيء أكثر من صاع من تمر إذا حال عليه الحول) . [ح4/5853] يعني زكاة الفطر عند رؤية هلال شوّال . قوله في مرسلة ابن أبي عمير : (فيموت الإبل والبقر والغنم ويحترق المتاع ، قال : ليس عليه شيء) . [ح6/5855] يعني إذا كان التلف بعد الحول بغير تفريط في الإخراج وفي التلف ، ولا خلاف حينئذٍ في سقوط زكاة التالف .

.


1- . اُنظر: الكافي، باب صدقة الإبل، ح 1؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 22 ، ح 55 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 20 _ 21 ، ح 59 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 108 ، ح 11639 _ 11641.
2- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 167.
3- . صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 1618 (أبل).
4- . النمل(27) : 48 .
5- . شرح الرضي على الكافية ، ج 3 ، ص 292.
6- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب.
7- . هو الحديث الثاني من هذا الباب.
8- . اُنظر: فتح العزيز ، ج 5 ، ص 315؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 339؛ المبسوط ، ج 2 ، ص 188؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 291؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 34؛ فتح الباري ، ج 3 ، ص 258.
9- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 254 و 410 و 432 و 469 و 477؛ صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 127؛ سنن الترمذي ، ج 2 ، ص 70 ، ح 624 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 117؛ ج 6 ، ص 328؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 4 ، ص 34 ، ح 6882 ؛ مسند ابن الجعد ، ص 242؛ مسند أبي يعلي ، ج 10 ، ص 522 ، ح 6138 ؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 4 ، ص 29؛ صحيح ابن حبّان ، ج 8 ، ص 65 . و الألفاظ مختلفة و المعنى واحد.
10- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 118.
11- . السنن الكبرى للبيقهي ، ج 4 ، ص 119؛ المعجم الأوسط للطبراني ، ج 7 ، ص 338؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 109 ، ح 2000؛ كنزالعمّال ، ج 6 ، ص 321 ، ح 15841.
12- . تذكرة الفقهاء، ج 5، ص 232.
13- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 340 (مرج)
14- . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 555 (قنن).

ص: 411

. .

ص: 412

. .

ص: 413

باب صدقة الإبل

باب صدقة الإبلالمشهور بين الأصحاب أنّ لها اثنا عشر نصاباً : خمسة منها خمس، والواجب في كلّ منها شاة، ففي خمس شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي العشرين أربع، وفي خمس وعشرين خمس، والسادس ستّ وعشرون بزيادة واحدة على الخامس ، والواجب فيه بنت مخاض ، (1) والسابع ستّ وثلاثون وفيه بنت لبون ، والثامن ستّ وأربعون وفيه حقّة ، والتاسع إحدى وستّون وفيه جذعة ، (2) والعاشر ستّ وسبعون وفيه بنتا لبون ، والحادي عشر إحدى وتسعون وفيه حقّتان ، والثاني عشر مئة وإحدى وعشرون ففي كلّ خمسين حقّة وفي كلّ أربعين بنت لبون مراعياً لغبطة المستحقّ ، ففي الثالث عشر ثلاث بنات لبون، (3) وفي المئة والثلاثين حقّة وبنتا لبون ، وفي المئة والخمسين ثلاث حقاق ، هكذا . والدليل عليه حسنة عبد الرحمن بن الحجّاج، (4) ورواها الشيخ رحمه اللهأيضاً بهذا السند (5) وبسندٍ آخر في الصحيح عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، (6) وليس فيها قوله : وقال عبد الرحمن بن الحجّاج : هذا فرق بيننا وبين الناس . وروى في الصحيح عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الزكاة ، فقال : «ليس فيما دون خمس من الإبل شيء، فإذا كانت خمساً ففيها شاة إلى عشر، فإذا كانت عشراً ففيها شاتان إلى خمس عشرة، فإذا كانت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه من الغنم إلى عشرين ، فإذا كانت عشرين ففيها أربع من الغنم إلى خمسة وعشرين ، فإذا كانت خمساً وعشرين ففيها خمس من الغنم ، فإذا زادت واحدة ففيها بنت مخاض إلى خمسة وثلاثين، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر ، فإذا زادت واحدة على خمسة وثلاثين ففيها ابنة لبون اُنثى إلى خمسة وأربعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقّة إلى ستّين، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمسة وسبعين، فإذا زادت واحدة ففيها بنتا لبون إلى تسعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقّتان إلى عشرين ومئة ، فإذا كثرت الإبل ففي كلّ خمسين حقّة، ولا تؤخذ هرمة ولا ذات عوار، إلّا أن يشاء المصدّق يعد صغيرها وكبيرها». (7) وعن زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلام قالا : «ليس في الإبل شيء حتّى تبلغ خمساً ، فإذا بلغت خمساً ففيها شاة، ثمّ في كلّ خمس شاة حتّى تبلغ خمساً وعشرين ، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض ، فإن لم يكن فيها ابنة مخاض فابن لبون ذكر إلى خمسة وثلاثين ، فإذا زادت على خمس وثلاثين فابنة لبون إلى خمس وأربعين ، فإن زادت فحقّة إلى ستّين ، فإن زادت فجذعة إلى خمس وسبعين ، فإن زادت فابنتا لبون إلى تسعين ، فإن زادت فحقّتان إلى عشرين ومئة ، فإن زادت ففي كلّ خمسين حقّة، وفي كلّ أربعين ابنة لبون ، وليس في شيء من الحيوان زكاة غير هذه الأصناف التي سمّيناها ، وكلّ شيء كان من هذه الأصناف من الدواجن (8) والعوامل (9) فليس فيها شيء، وما كان من هذه الأصناف الثلاثة الإبل والبقر والغنم فليس فيها شيء حتّى يحول عليها الحول من يوم ينتج». (10) وما رواه الصدوق رضى الله عنه في الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «ليس فيما دون الخمس من الإبل شيء فإذا كانت خمساً ففيها شاة إلى عشر ، فإذا كانت عشراً ففيها شاتان ، فإذا بلغ خمسة عشر ففيها ثلاث من الغنم ،[فإذا بلغت عشرين ففيها أربع من الغنم، فإذا بلغت خمسا و عشرين ففيها خمس من الغنم]، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين ، فإن لم تكن عنده ابنة مخاض فابن لبون ذكر ، فإن زادت على خمس وثلاثين بواحدة ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين ، فإن زادت واحدة ففيها حقّة _ وإنّما سمّيت حقّة لأنّها استحقّت أن يركب ظهرها_ إلى ستّين ، فإن زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس وسبعين ، فإن زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين ، فإن زادت واحدة فحقّتان إلى عشرين ومئة ، فإن زادت على العشرين والمئة واحدة ففي كلّ خمسين حقّة، وفي كلّ أربعين ابنة لبون». (11) ونقل في المختلف عن ابن الجنيد أنّه قال في خمس وعشرين تجب بنت مخاض اُنثى، فإن لم تكن في الإبل فابن لبون ذكر ، فإن لم يكن فخمس شياه، فإن زادت على الخمس والعشرين واحدة ففيها بنت مخاض ، فإن لم يجد فابن لبون ذكر. (12) ولعلّه حمله على ذلك الجمع بين ما ذكر وبين حسنة الفضلاء. (13) وذهب ابن أبي عقيل رضى الله عنه إلى أنّ نصبها أحد عشر بإسقاط السادس وإيجاب فرضه الخامس . وقال : الواجب في خمس وعشرين بنت مخاض إلى خمس وثلاثين ، فإذا زادت واحدة ففيها بنت لبون؛ متمسّكاً بتلك الحسنة. (14) وقيل : هو ظاهر المصنّف قدس سره، (15) وهو مذهب العامّة كافّة ، (16) ولا يبعد أن يكون فيها سقط من سهو الرواة . وبالجملة، فهذا الخبر لا يصلح للمعارضة لما سبق من الأخبار؛ لكثرتها وصحّة أكثرها ، وربّما جمع الأصحاب بينهما بالتخيير ، وحمل بعض آخر هذا على جواز إعطاء بنت المخاض في الخمس والعشرين من باب القيمة . وقال الشيخ قدس سره في الجمع بينها: «قوله عليه السلام فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها ابنة مخاض» [يحتمل أن يكون]أراد: «وزادت واحدة» فأهمل ذلك لفهم المخاطب ، ولو صرّح به فقال: في كلّ خمس شاة إلى خمسة وعشرين ففيها خمس شياه، فإذا بلغت خمساً وعشرين وزادت واحدة ففيها ابنة مخاض لم يكن فيه تناقض ، وكلّما صرّح به لم يحصل التناقض جاز تقديره، ولم يقدر إلّا ما دلّت الأخبار المفصّلة عليه. (17) وهذا التأويل ليس ببعيد ، ويؤيّده أنّه لابدّ من تقدير زيادة واحدة على النصب التي بعده على زعم ابن أبي عقيل أيضاً؛ إذ لا خلاف بين أهل العلم في أنّ النصب المذكورة بعده إنّما هي الستّ والثلاثون والستّ والأربعون، وهكذا ، ولعلّ النكتة في إضمارها التنبيه على كون الواحدة الزائدة شرطاً للنصاب لا جزءاً منه كما صرّح به بعض الأصحاب في النصاب الثاني عشر . ثمّ قال قدس سره : ولو لم يحتمل ما ذكره لجاز أن تحمل هذه الرواية على ضرب من التقيّة؛ لأنّها موافقة لمذاهب العامّة ، وقد صرّح بذلك عبد الرحمن بن الحجّاج بقوله : وهذا فرق بيننا وبين الناس. (18) واحتجّ العلّامة (19) بما نقلوه عن أبي بكر أنّه كتب لأنس لمّا وجّهه إلى البحرين : فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها ابنة مخاض ، فإذا بلغت ستّاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون اُنثى ، فإذا بلغت ستّاً وأربعين إلى ستّين ففيها حقّة طروقة الفحل ، فإذا بلغت واحدة وستّين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة ، فإذا بلغت ستّاً وسبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون ، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومئة ففيها حقّتان طروقتا الفحل ، فإذا زادت على عشرين ومئة ففي كلّ أربعين بنت لبون ، وفي كلّ خمسين حقّة. (20) وقد ورد في طريقهم أيضاً ما يخالف ذلك عن أبي إسحاق السبيعي، عن عاصم بن ضمرة، عن عليّ عليه السلام أنّه قال : «في خمسة وعشرين من الإبل خمس شياه» ، (21) فلابدّ في الجمع بينهما ببعض الوجوه المذكورة . قوله عليه السلام في حسنة الفضلاء : (ثمّ ترجع الإبل على أسنانها) . [ح1/5857] قيل : المراد أنّه بعد المئة والعشرين ترجع النصب السابقة، فتعدّ الإبل الزائدة خمساً خمساً إلى خمسة وعشرين ، ثمّ النصب التي بعدها إلى ما يوجب الحقّة، ثمّ تعود النصب، وهكذا دائماً ، كما ذهب إليه أبو حنيفة وأتباعه، حيث قالوا : إذا زادت على المئة والعشرين استوفيت الفريضة، فتجب في الخمس شاة، ففي مئة وخمس وعشرين حقّتان وشاة ، وفي مئة وثلاثين حقّتان وشاتان ، وفي مئة وخمس وثلاثين حقّتان وثلاث شياه ، وفي مئة وأربعين حقّتان وأربع شياه ، وفي مئة وخمس وأربعين حقّتان وابنته مخاض ، وفي مئة وخمسين ثلاث حقاق ، ثمّ تستأنف الفريضة، فتجب في الخمس شاة ، وفي مئة وستّين ثلاث حقاق وشاتان ، وفي مئة وخمس وستّين ثلاث حقاق وثلاث شياه ، وفي مئة وسبعين ثلاث حقاق وأربع شياه ، وفي مئة وخمس وسبعين ثلاث حقاق وابنة مخاض ، وفي مئة وستّة وثمانين ثلاث حقاق وابنة لبون ، وفي مئة وستّة وتسعين أربع حقاق ، وفي مئتين أربع حقاق ، وهكذا. (22) وعلى هذا فيكون وروده على التقيّة؛ لإجماع الأصحاب على عدم اعتبار الاستئناف المذكور، بل اتّفقوا على أنّ بعد آخر النصب يعتبر الأربعون والخمسون، وإنّما قلنا ظاهره ذلك؛ لأنّه يمكن حمله على الإبل لا تتعدّى من الجذعة إلى سنّ فوقها ، بل ترجع إلى بنت اللبون والحقّة، بل قيل: هو المتعيّن. (23) وقال السيّد السند المحقّق الداماد قدّس سرّه الشريف: سياق مغزاه: ثمّ يرجع اعتبار الإبل المعطاة على أسنانها المعتبرة مع حول الحول وبقاء مراتب العقود النصابيّة، مثلاً: إذا خرج من واحدة ومئة وعشرين ثلاث بنات لبون، عن كلّ أربعين بنت لبون بقي له من العقود النصابيّة تسعون مع زيادة كسر ما بين العقدين ، أعني ثمانية وعشرين ، فإذا حال الحول وجب إخراج ما تجب في نصاب تسعين، فتعطى حقّتين طروقتي الفحل لا غير ، وعلى هذا القياس حكم سائر المراتب، واللّه تعالى يعلم. (24) وقوله عليه السلام في تلك الحسنة : (وليس على النيف شيء ولا على الكسر شيء) . [ح1 / 5857] وعلى المشهور في تفسير النيف والكسر أنّهما ما بين النصابين، وأنّ الثاني تأكيد للأوّل . وقيل: الكسر ما دون النصاب الأوّل . وقيل: الكسور الصغار التي لم يحل عليها الحول . وقيل: الثاني تعميم بعد تخصيص بإرادة المعنى العامّ الشامل للمذكورات من الكسر . وأقول : الظاهر أنّ المراد بالكسور الأجزاء من النصف والثلث وأمثالهما؛ ردّاً لمن قال من العامّة بتغيّر الفرض بزيادة جزء من بعير على مئة وعشرين . نقله في المنتهى عن أبي سعيد الاصطخري (25) محتجّاً بأنّ الزيادة مطلقة في الحديث . وأورد عليه بأنّ في الحديث الذي احتجّ به إنّما رفع: فإذا زادت واحدة، وبأنّ سائر الفروض لا تتغيّر بزيادة الجزء ، فكذا هنا. (26) وقال المحقّق الداماد قدس سره : «يعني عليه السلام كما ليس». (27) قوله في حسنة عبد الرحمن بن الحجّاج : (في خمس قلايص شاة) . [ح2/5858] قال الجوهري : القلوص: النوق الشابّة، وهي بمنزلة الجارية من النساء ، وجمع القلوص: قلص وقلائص، مثل قدُوم وقُدُم وقَدائم. (28) قوله في حسنة زرارة : (ليس في صغار الإبل شيء حتّى يحول عليها الحول من يوم تنتج ) . [ح3/5859] [يدلّ] (29) على أمرين : أحدهما: اشتراط حول غير حول الاُمّهات لها . ويدلّ عليه أيضاً بعض ما سنشير إليه من الأخبار ، ويؤيّده ما دلَّ على عدم وجوب شيء في الأنعام حتّى يحول عليها الحول . وفي المنتهى: وعليه فتوى علمائنا أجمع ، وبه قال الحسن البصري وإبراهيم النخعي ، (30) وقال أكثر الجمهور: إنّ السخال تضمّ إلى الاُمّهات في حولها بثلاث شرائط : الأوّل : أن تكون متولّدة منها . الثاني : أن تكون الاُمّهات نصاباً . الثالث : أن توجد معها في بعض الحول ، فلو كانت متولّدة من غيرها، أو كان النصاب ناقصاً فكمل بها، أو وجدت بعد حولان الحول، لم تضمّ إلى الاُمّهات إجماعاً، إلّا أبا حنيفة، فإنّه لم يشترط الأوّل (31) _ إلى قوله _ : واحتجّ المخالف بما رووه عن عليّ عليه السلام أنّه قال : «السائمة اعتدّ به عليهم بالصغار والكبار». (32) وعن أبي بكر : واللّه لو منعوني عناقاً يؤدّونها إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله لقاتلتهم عليها. (33) وهو يدلّ على أنّهم كانوا يؤدّون العناق، ولأنّه نماء تابع للأصل في الملك فيتبعه في الحول كأموال التجارة . والجواب عن الأوّل: المراد بالصغار ما إذا حال عليه الحول؛ جمعاً بين الأدلّة . وعن الثاني أنّ الحديث روي: لو منعوني عقالاً ، (34) ومع اختلاف الرواية فلا حجّة. على أنّ المراد بذلك المبالغة في أخذ الواجب . وعن الثالث بالمنع من موجب الحكم في الأصل . انتهى. (35) و[قال] السيّد في الانتصار إلى آخره. (36) والثاني: ابتداء حولها من حين النتاج، يدلّ على أنّ ابتداء حول السخال من حين النتاج . ومثله ما رواه الشيخ عن زرارة، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن صدقات الأموال ، فقال : «في تسعة أشياء _ إلى قوله _ : وكلّ شيء كان من هذه الثلاثة الأصناف فليس فيه شيء حتّى يحول عليه الحول منذ يوم ينتج». (37) وعن زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلام قالا : «ليس في الإبل شيء _ إلى قوله _ : وما كان من هذه الأصناف الثلاثة: الإبل والبقر والغنم فليس فيها شيء حتّى يحول عليها الحول من يوم تنتج». (38) وقد روينا الخبرين بتمامها سابقاً . ونسبه في المختلف إلى المشهور، (39) وهو ظاهر المصنّف والسيّد أيضاً كما ستجيء عبارته . وربّما قيل بأنّه من حين الاستغناء عن اللبن بالرعي؛ محتجّين بأنّ السوم معتبر في زكاة الأنعام، وأنّها أيّام الرضاع في حكم المعلوفة بناءً على أنّ اللبن من مال المالك . وعدّه العلّامة في المختلف (40) أقرب ؛ محتجّاً بما ذكر ، وهو المشهور بين المتأخّرين ، (41) وربّما فصّل باعتبار الابتداء من حين النتاج فيما إذا كان اللبن من المعلوفة ، واستقربه الشهيد في البيان (42) ووجهه واضح ، ولكنّ الأوّل أولى؛ للخبر . ثمّ إنّه يستفاد من الخبر عدم انضمام السخال إلى الاُمّهات في الحول ، بل اعتبار حول على حدة لها، وهو ممّا أجمع عليه الأصحاب . قال السيّد رضى الله عنه في الانتصار : وممّا يظنّ انفراد الإماميّة به القول بأنّ السخال والفصلان والعجاجيل لا تضمّ إلى اُمّهاتها في الزكاة وإن بلغت عدد الاُمّهات النصاب، سواء كانت هذه السخال متولّدة عن هذه الاُمّهات التي في ملك صاحبها، أو كانت مستفادة من جهة اُخرى، وليس كذلك ؛ لأنّ النخعي والحسن البصري يذهبان إلى مثل ما ذهبت إليه الإماميّة، ولا يجعلان حول الكبار حولاً للصغار . وأبو حنيفة وأصحابه يضمّون المستفاد إلى الأصل على كلّ حال، ويزكّونه بحول الأصل . والشافعي يضمّ إلى الأصل ما تولّد منه خاصّة بعد أن يبلغ الأصل النصاب. (43) والحجّة لمذهبنا الإجماع المتردّد ، وأيضاً فإنّ الأصل براءة الذمّة من الحقوق ، ولم يثبت بيقين وعلم قاطع أنّ في السخال زكاة مع الاُمّهات وأنّها تضمّ إليها في الحول . ويمكن أن يعارض المخالف بما يروونه عن النبيّ صلى الله عليه و آله من قوله : «لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول». (44) وظاهر هذا الخبر أنّ المستفاد لا يضمّ إلى الأصل، ولا يجعل حول الأصل حولاً له ، بل لابدّ في المستفاد إذا كان من الجنس الذي يجب فيه الزكاة أن يستأنف له حول على استقبال حصوله في الملك. وليس لهم أن يحتجّوا بما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله من قوله : «ويعدّ صغيرها وكبيرها» ، (45) ولم يفرق بين أحوالها ، وذلك أنّ المراد بهذا الخبر أنّه يعدّ الصغير والكبير إذا حال عليهما الحول ؛ لأنّه لا خلاف في أنّ الحول معتبر ، ومعنى الصغير والكبير هاهنا ليس المراد به ما نقص في سنينه عن الحدّ الذي تجب فيه الزكاة، وإنّما المراد الصغير والكبير ممّا بلغ إلى سنّ الزكاة ، ويجوز أن يُراد بالصغير والكبير هاهنا العالي المنزلة والمنخفض المنزلة والكريم وغير الكريم ، فقد يكون في المواشي الكرائم وغير الكرائم. (46) هذا كلامه قدس سره .

.


1- . المخاض: اسم للنوق الحوامل . و بنت المخاض و ابن المخاض : ما دخل في السنة الثانية ؛ لأنّ اُمّة قد لحقت بالمخاض _ أي الحوال _ و إن لم تكن حاملاً. النهاية، ج 4، ص 306 (مخض).
2- . نقل الطريحي عن سعد بن عبداللّه بن أبي خلف الثقة الجليل في أسنان الإبل: أوّل ما تطرحه اُمّه إلي تمام السنة حوار ، فإذا دخل في الثانية سمّي ابن محاض؛ لأنّ اُمّه قد حملت عليه ، فإذا دخل في الثانية سمّي ابن لبون ؛ وذلك لأنّ اُمّة قد وضعت فصار لها لبن ، فإذا دخل في الرابعة سمّى حقّا و الاُنثى حقّه؛ لأنّه استحقّ أن يحمل عليه ، فإذا دخل في الخامسة سمّي جذعا ، و إذا دخل في السادسة سمّي ثنيّا؛ لأنّه قد ألقى ثنيّة ، فإذا دخل في السابعة فقد ألفى رباعيّته و سمّي رباعيّا... مجمع البحرين ، ج 1 ، ص 596 (حور).
3- . الظاهر أنّ مراده قدس سره أنّها لو بلغت أكثر من مئة وإحدى وعشرين وأقلّ من مئة وثلاثين ففيها ثلاث بنت لبون.
4- . هو الحديث الرابع من هذا الباب.
5- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 23 ، ح 56 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 22 ، ح 60 .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 21 ، ح 53 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص19_20 ، ح 57 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 110 ، ح 11642.
7- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 20_ 21 ، ح 52 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 19 ، ح 56 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 109 ، ح 11640.
8- . الدواجن: جمع داجنة، و هي الشاة الّتي تعلفها الناس في منازلهم، و كذلك الناقة و الحمام البيوتي. مجمع البحرين، ج 2، ص 11 (دجن).
9- . العوامل: جمع عاملة ، و هي الّتى يستقي عليها و يحرث و تستعمل في الاشتغال. مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 252 (عمل).
10- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 21_ 22 ، ح 54 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 20 ، ح 58 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 109 _ 110 ، ح 11641.
11- . الفقيه ، ج 2 ،ص 23 ، ح 1604؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص108 _109 ، ح 11639.
12- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 479 . و حكاه عنه أيضا في مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 169.
13- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
14- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 169.
15- . نسب ذلك إليه لعدم روايته ما يدلّ على المشهور.
16- . اُنظر: فتح العزيز ، ج 5 ، ص 316؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 365؛ روضة الطالبين ، ج 2 ، ص 6 _ 7؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 282 _ 283؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 439 _ 440؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 470 _ 472.
17- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 23 ، ذيل ح 55 مع مغايرة في بعض الألفاظ.
18- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 23.
19- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 480.
20- . مسند أحمد ، ج 1 ، ص 11 _ 12؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 349 _ 350 ، ح 1567؛ سنن النسائي ، ج 5 ، ص 18 _ 20 و 27 _ 28؛ والسنن الكبرى له أيضا ، ج 2 ، ص 9 ، ح 2227 ، و ص 13 ، ح 2235؛ المستدرك للحاكم ، ج 1 ، ص 391؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 86 _ 87 .
21- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 92.
22- . اُنظر: المبسوط للسرخسي ، ج 2 ، ص 151؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 282 _ 283؛ عمدة القاري ، ج 9 ، ص 20.
23- . اُنظر: مجمع القائدة و البرهان ، ج 4 ، ص 83 .
24- . اثنا عشر رسالة للمحقّق الداماد ، ج 7 ، ص 76.
25- . المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 382 ؛ فتح العزيز ، ج 5 ، ص 318؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 62 ، المسألة 38.
26- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 481.
27- . اثنا عشر رسالة للمحقّق الداماد ، ج 7 ، ص 77.
28- . صحاح اللغة ، ج 3 ، ص 1054 (قلص).
29- . اُضيفت لاقتضاء الضرورة.
30- . المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 477؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 457.
31- . الخلاف ، ج 2 ، ص 23؛ فتح العزيز ، ج 5 ، ص 482؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص477؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 510 _ 511 ؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 370 _ 371؛ روضة الطالبين ، ج 2 ، ص 41 _ 42؛ المحلّى ، ج 5 ، ص 274 _ 275.
32- . فتح العزيز ، ج 5 ، ص 483؛ تلخيص الحبير ، ج 5 ، ص 483؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 52 . و في الجميع: «بالكبار و الصغار».
33- . الاُمّ للشافعي ، ج 2 ، ص 90 ؛ و ج 4 ، ص 228؛ مسند أحمد ، ج 1 ، ص 19 و 36 و 48؛ و ج 2 ، ص 529 ؛ صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 110 و 125؛ ج 8 ، ص 50 _ 51 ؛ سنن النسائي ، ج 6 ، ص 5 و 6 و 7؛ و ج 7 ، ص 76 _ 77؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج 2 ، ص 280 ، ح 3431 ، و ص 281 ، ح 3435؛ و ص 281 _ 282 ، ح 3437؛ وج 3 ، ص 4 _ 5 ، ح 4299 ، و ص 5 ، ح 4300 و 4301 ، و ص 5 _ 6 ، ح 4302 ؛ و ج 6 ، ص 67 ، ح 10022؛ و ج 2 ، ص 172 _ 173 ، ح 18718؛ صحيح ابن حبّان ، ج 1 ، ص 449.
34- . مسند الشافعي ، ص 208؛ صحيح البخاري ، ج 8 ، ص 141؛ صحيح مسلم ، ج 1 ، ص 38؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 347 ، ح 1556؛ سنن الترمذي ، ج 4 ، ص 117 _ 118 ، ح 2734؛ سنن النسائي ، ج 5 ، ص 14 _ 15؛ و ج 7 ، ص 77؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج 2 ، ص 8 ، ح 2223؛ و 280 ، ح 3432؛ صحيح ابن حبّان ، ج 1 ، ص 451؛ مسند أبي يعلى ، ج 1 ، ص 69 ، ح 68 .
35- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 491.
36- . كذ في النسخة ، و الظاهر أنّه هنا من سهو النسّاخ، و سيأتي كلام المرتضى.
37- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 2 ، ح 2؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 11 ، ح 33.
38- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 21_ 22 ، ح 54 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 20 ، ح 58 .
39- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 167.
40- . نفس المصدر.
41- . اُنظر: مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 67؛ مفتاح الكرامة ، ج 11 ، ص 121_ 122.
42- . البيان ، ص 172.
43- . اُنظر: المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 374؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 477؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 457.
44- . سنن ابن ماجة، ج 1 ، ص 571 ، ح 1792؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 95 . و نحوه في مسند الشافعي ، ص 91 ؛ مسند أحمد ، ج 1 ، ص 148؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 353 ، ح 1573؛ المصنّف لابن أبي شبيه ، ج 3 ، ص 49 ، الباب 48 من كتاب الزكاة ، ح 1 ، وص 50 ، ح 9.
45- . صحيح ابن خزيمة ، ج 4 ، ص 16 _ 17؛ أحكام القرآن للجصّاص ، ج 3 ، ص 196.
46- . الانتصار ، ص 20 _ 21.

ص: 414

. .

ص: 415

. .

ص: 416

. .

ص: 417

. .

ص: 418

. .

ص: 419

. .

ص: 420

. .

ص: 421

. .

ص: 422

. .

ص: 423

باب

باب صدقة البقر

[باب]قوله : (باب: أسنان الإبل) . الغرض من الباب إيضاح ما يجب في أكثر نصب الإبل ، وما ذكره المصنّف قدس سره هو المشهور . وقال في القاموس : الحُوار بالضمّ وقد يكسر: ولد الناقة ساعة تضعه، أو إلى أن يفصل عن اُمّه. (1) وقوله : ليس بعدها اسم ؛ يعني اسم خاص ، فلا ينافي أن يُقال له بعد التاسع بازل عام وبازل عامين، وهكذا .

باب صدقة البقرالمشهور بين الأصحاب أنّ له نصابين : الأوّل _ ثلاثون : وفيها تبيع أو تبيعة ، أي البقر الذي تمّ له سنة ودخل في الثانية، سمّي بذلك لأنّه يتبع أُمّه في الرعي أو يتبع اُذنه قرنه، (2) وليس فيما دونها شيء إجماعاً منّا ومن العامّة ، إلّا ما حكي عن الزهري وسعيد بن المسيّب من أنّهما قالا: في كلّ خمس شاة، فإذا بلغت ثلاثين ففيها تبيع أو تبيعة (3) ؛ محتجّين بأنّ البقر عدلت الإبل في باب الهدي والاُضحية ، فكذا في الزكاة. (4) وهو قياس في مقابل النصّ الوارد من الطريقين ، أمّا من طريق الأصحاب فما رواه المصنّف قدس سره ، وأمّا من طريق العامّة فقد روى الجمهور عن معاذ: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمره أن يأخذ من كلّ ثلاثين تبيعاً، ومن كلّ أربعين مسنّة. (5) واُتي بما دون ذلك فقال : لم أومر في الأوقاص بشيء. (6) والوقص على ما فسّره الأصحاب وغيرهم: هو العفو في البقر. (7) على أنّا نقول لِمَ قستماها بالإبل مع أنّها عدلت الغنم أيضاً في باب الهدي والاُضحية ، فلو كانت المساواة فيهما علّة لكان ينبغي أن لا تجب الزكاة فيها في أقلّ من أربعين منها، والفرق تحكّم . الثاني _ أربعون: وفيها مسنّة، وهي من البقر ما تمَّ لها سنتان ودخلت في الثالثة ، (8) ولا خلاف فيه بين الاُمّة ، ثمّ يعتبر بعدهما الثلاثون أو الأربعون مع رعاية غبطة المستحقّ، ففي الستّين يجب تبيعان أو تبيعتان ، وفي الثمانين مسنّتان ، وفي السبعين تبيع أو تبيعة ومسنّة ، وهكذا؛ إذ ليس فيما دون الستّين إلّا المسنّة، والباقي وقص عند الأصحاب وأكثر العامّة ، وعند أبي حنيفة على أحد الأقوال منه، (9) ويأتي عليه الخبران المذكوران . وقال أبو حنيفة في قول ثان: في الزائد على الأربعين تزداد الزكاة بحساب الأربعة ، ففي كلّ بقرة تجب ربع عشرها ، وفي قول ثالث: لا شيء فيما زاد حتّى تبلغ خمسين، فيكون فيها مسنّة وربع (10) ؛ محتجّاً بأدلّة عقليّة على تقدير تسليمها لا تقبل في مقابل النصّ . هذا ، وقال العلّامة رحمه اللهفي المنتهى : نصب البقر أربعة : الأوّل: الثلاثون وفيه تبيع أو تبيعة ، والثاني: الأربعون وفيه مسنّة ، والثالث: الستّون وفيه تبيعان أو تبيعتان ، والرابع: ما زاد تؤخذ من كلّ ثلاثين تبيع أو تبيعة، ومن كلّ أربعين مسنّة كما هو ظاهر الخبر المذكور . (11) لكن يحتمل أن يكون التفصيل للتوضيح وبيان وجوب رعاية الأنفع للفقراء فيما زاد على الأربعين ، والظاهر أنّ النزاع في ذلك لفظي . قوله : (ثمّ ترجع البقر على أسنانها) .[ح1/5860] هذه العبارة مثل المذكورة في الإبل في المعنى، إلّا المعنى الأوّل الذي ذكرناه وقلنا: إنّه من باب التقيّة، وعدم جريانه هنا دليل على أنّه ليس بمقصود ثمّه . قوله : (زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت في الجواميس شيء؟ قال : مثل ما في البقر) . [ح2/5861] رواها في الفقيه (12) في الصحيح، والحكم إجماعي لأهل العلم، ويتألّف النصاب أيضاً منهما، (13) ويخرج في الواجب إن تطوّع المالك وإلّا فتؤخذ بالنسبة .

.


1- . القاموس المحيط ، ج 2 ، ص 15 (حور).
2- . معجم مقائيس اللغة ، ج 1 ، ص 363؛ تاج العروس ، ج 11 ، ص 38 (تبع).
3- . هذا هو الظاهر الموافق لجميع المصادر ، و في الأصل: «تبعان» بدل «تبيعة».
4- . اُنظر: الخلاف ، ج 2 ، ص 18 ، المسألة 14؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 502 ، جامع الخلاف و الوفاق ، ص 139؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 73 _ 74؛ المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 468 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 498؛ تفسير القرطبي ، ج 8 ، ص 248.
5- . مسند أحمد ، ج 5 ، ص 230 و 233 و 240 و 247؛ سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 382 ، سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 576 _ 577 ، ح 1803؛ سنن الترمذي ، ج 2 ، ص 68 ، ح 619 ؛ سنن النسائي ، ج 5 ، ص 26؛ و السنن الكبرى له أيضا، ج 2، ص 12، ح 2232؛ المستدرك للحاكم، ج 1، ص 389؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 98 ؛ ج 9 ، ص 193؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 4 ، ص 21 _ 22 ، ح 6841 .
6- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 99؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 80 ، ح 1887.
7- . اُنظر: صحاح اللغة ، ج 3 ، ص 1061 _ 1062؛ مجمع البحرين ، ج 2 ، ص 547 (وقص).
8- . مصباح المتهجّد ، ص 857 ؛ غنية النزوع ، ص 123؛ السرائر ، ج 1 ، ص 450 ؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص 139؛ قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 337 ؛ منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 478؛ نهاية الإحكام ، ج 2 ، ص 237؛ فتح العزيز ، ج 5 ، ص 334 ؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 415 ؛ المبسوط للسرخسي ، ج 2 ، ص 187 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 495 و 499.
9- . الخلاف ، ج 2 ، ص 19 ، المسألة 15؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص 139 _ 140؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 75 _ 76 ، المسألة 46.
10- . المصادر المتقدّمة؛ والمبسوط للطوسي ، ج 2 ، ص 187؛ وتحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 284؛ وبدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 28؛ والبحر الرائق ، ج 2 ، ص 377؛ والاستذكار ، ج 3 ، ص 189؛ والتمهيد ، ج 2 ، ص 276؛ وأحكام القرآن للجصّاص ، ج 3 ، ص 193.
11- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص488.
12- . الفقيه ، ج 2 ، ص 26 ، ح 1607؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 115 _ 116 ، ح 11648.
13- . الكافي للحلبي ، ص 167؛ المراسم العلويّة ، ص 131؛ النهاية ، ص 177؛ السرائر ، ج 1 ، ص 436 و 446؛ الوسيلة ، ص 125؛ شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 113؛ الجامع للشرائع ، ص 129؛ إرشاد الأذهان ، ج 1 ، ص 284؛ مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 182؛ نهاية الإحكام ، ج 2 ، ص 328 و 334؛ الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 234 ، الدرس 61 ؛ شرح اللمعة ، ج 3 ، ص 438؛ مدارك الأحكام ، ج 11 ، ص 271.

ص: 424

. .

ص: 425

. .

ص: 426

باب صدقة الغنم

باب صدقة الغنمالمشهور بين الأصحاب _ منهم الشيخ في المبسوط (1) وابن الجنيد (2) رضي اللّه عنهما _ أنّ لها خمسة نصب: الأربعون وفيه شاة ، ثمّ مئة وإحدى وعشرون وفيه شاتان ، ثمّ مئتان وواحدة وفيه ثلاث شياه ، ثمّ ثلاثمئة وواحدة وفيه أربع شياه ، ثمّ أربعمئة ففي كلّ مئة شاة ، وهكذا دائماً ، وهو مذهب المصنّف قدس سرهلما رواه في الباب . وذهب الصدوق (3) والشيخ المفيد (4) على حذو المذاهب الأربعة من العامّة على أنّ نصبها أربعة، الرابعة ثلاثمئة وواحدة وفيه ثلاث شياه ، ثمّ تعتبر المئة؛ مستندين إلى ما رواه الشيخ رحمه اللهعن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ليس فيما دون الأربعين من الغنم شيء، فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومئة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المئتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمئة ، فإذا كثرت الغنم ففي كلّ مئة شاة، ولا تؤخذ هرمة ولا ذات عوار إلّا أن يشاء (5) المصدّق، ولا يفرّق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرّق، ويعدّ صغيرها وكبيرها». (6) والظاهر أنّ محمّد بن قيس الذي يروي عنه عاصم بن حميد إنّما هو البجلي الثقة، (7) فلا يرد ما يرد عليه من الضعف باعتبار اشتراك محمّد بن قيس بين أربعة أحدهم ضعيف . نعم ، يمكن حمله على التقيّة؛ لشهرته بين العامّة . وربما حمل الكثرة الواقعة فيها على بلوغ الأربعمئة، على أن يكون حكم الثلاثمئة وواحدة مهملاً فيه، وهو في غاية البُعد . وكأنّه تردّد فيهما في كتابي الأخبار حيث ذكر الخبرين من غير تعرّض للجمع بينهما . هذا ، وهنا سؤال مشهور، وهو أنّه على القول الأوّل إذا كان الواجب في ثلاثمئة وواحدة ما تجب في أربعمئة ، وعلى القول الآخر إذا كان الواجب ثلاثمئة وواحدة ما تجب في مئتين وواحدة ، فأيّ فائدة في الزائد؟ وجوابه : أنّ الفائدة تظهر في محلّ الوجوب، فإنّها إذا بلغت ثلاثمئة وواحدة فمحلّ الأربع جميعها ، فإذا زادت إلى ما دون أربعمئة فالوجوب بحاله والزائد عفو ، ولو فرض أنّها بلغت أربعمئة وحال الحول عليها يتعلّق الفرض بهذا المجموع. ويتفرّع على ذلك سقوط جزء من الفريضة لو تلف شيء من محلّها بغير تفريط، وعدم سقوطه لو تلف من العفو شيء وإن لم يكن بتفريط ، فلو تلف ممّا دون الأربعمئة شيء من العفو لم يسقط من الغرض بحسابه؛ لبقاء محلّ الفرض ولو تلف من الأربعمئة شيء يسقط بحسابه . وكذا يتفرّع عليه اختلاف قدر الساقط من الفريضة على تقدير التلف من المحلّين ، فلو تلف من ثلاثمئة وواحدة واحدة يسقط جزء من الثلاثمئة وجزء من الأربع ، ولو تلف من الأربعمئة واحدة يسقط جزء من الأربع ، وهكذا القول في النصابين على القول الآخر . قوله في حسنة عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبداللّه عليه السلام : (إنّه ليس في الأكيلة شيء ولا في الربّي) إلى آخره .[ج2/5863] المراد بالأكيلة: الشاة المعدّة للأكلَ بقدر الحاجة ، (8) والظاهر أنّها كذلك وإن لم تكن معلوفة . والمشهور في تفسير الربّى: أنّها الوالد إلى خمسة عشر يوماً أو إلى شهر أو إلى خمسين، (9) وشاة اللبن: ما اُعدّت لشرب لبنها كذلك. والفحل: ما يحتاج إليه للضراب . فلو زاد ما عدا الثانية عن قدر الحاجة عدّ الزائد في النصاب ، ثمّ الظاهر من الخبر أنّ الثانية لا تعدّ في النصاب كما هو المشهور، وظاهر خبر سماعة (10) عدم جواز أخذها للعامل ، فتأمّل . قوله في موثّقة إسحاق بن عمّار : «قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : السخل متى تجب فيه الصدقة؟ قال : إذا أجذع) .[ح4/5865] والجذع: ما تمَّ له ستّة أشهر ودخل في السابع ، (11) والغرض أنّها في ذلك السنّ تجري في الحول، وبعد انقضائه تجب فيه الزكاة ؛ وذلك لأنّها في تلك المدّة غالباً تشرب لبن اُمّها ، فهي في حكم المعلوفة إذا بلغت هذا السنّ يجب إخراج الزكاة منها؛ لما سبق من اشتراط الحول فيها . ثمّ المشهور أنّ حول السخال من حين استغنائها عن اللبن بالرعي، وأنّها مدّة الرضاع في حكم المعلوفة مطلقاً وإن حصل اللبن عن السوم؛ إذ اللبن من مال المالك. وتخصيص بعض الأصحاب إيّاه بالحاصل من العلف غير موجّه، وقد سبق القول فيه .

.


1- . المبسوط ، ج 1 ، ص 198 ، و مثله في الخلاف ، ج 2 ، ص 21 ، المسألة 17.
2- . اُنظر: مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 180.
3- . المقنع ، ص 160؛ الهداية ، ص 173 _ 174.
4- . المقنعة ، ص 238.
5- . في الأصل: «شاء» ، و المثبت من المصادر.
6- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 25 ، ح 59 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 23 ، ح 62 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 116 _ 117 ، ح 11650.
7- . اُنظر: رجال النجاشي ، ص 323 ، الرقم 881 ؛ رجال ابن داود ، ص 182 ، الرقم 1486؛ معجم رجال الحديث ، ج 17 ، ص 173 _ 174 ، ترجمة محمّدبن قيس البجلي ؛ وص 175 _ 176 ، ذيل ترجمة محمّد بن قيس الأنصاري.
8- . اُنظر: مجمع البيان ، ج 3 ، ص 268؛ شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 113.
9- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 131؛ تذكرة الفقهاء ،ج 5 ، ص 116 _ 117 ، المسألة 60 .
10- . هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
11- . اُنظر: السرائر ، ج 1 ، ص 597 ؛ المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 199؛ تحريرالأحكام ، ج 1 ، ص 369.

ص: 427

. .

ص: 428

باب أدب المصدّق

باب أدب المصدّققد عرفت أنّ المصدّق على صيغة الفاعل من التفعيل إنّما يطلق على آخذ الصدقات وهو العامل ، وأمّا مُعطيها فيُقال له: المتصدّق على صيغة الفاعل من المتفعّل ، والمصّدق بتشديد الصاد أيضاً . على أنّ أصله المتصدّق فقُلبت التاء صاداً واُدغمت. (1) قوله في حسنة بُريد بن معاوية : (ثمّ احدر كلّما اجتمع عندك من كلّ نادي إلينا) إلى آخره .[ح1/5866] «إلينا» متعلّق ب «أحدر» على وزن اضرب . قال الجوهري : يُقال: حدرت السفينة أحدرها، إذا أرسلتها إلى أسفل ، ولا يقال أحدرتها. (2) وقال الجوهري : يُقال أوعزت إليه في كذا، أي تقدّمت، وكذلك وعزّت إليه توعيزاً ، وقد يخفّف فيُقال: وعزت إليه وعزاً. (3) والمصر (4) _ على ما قال ابن السكّيت _ : حلب كلّ ما في الضرع . وقال ابن إدريس رضى الله عنه : سمعت من يقول: ترويح وتغبق بالغين المعجمة والباء، ويعتقد أنّه من الغبوق، وهو الشرب بالعشيّ ، وهذا تصحيف فاحش وخطأ قبيح، وإنّما هو بالعين غير المعجمة والنون المفتوحة، وهو ضرب من سير الإبل[و هو سير] شديد . والمعنى : أنّه لا يُعدل بهنّ عن نبت الأرض إلى جوادّ الطرق في الساعات التي فيها راحة، ولا في الساعات التي فيها مشقّة ، ولأجل هذا قال : تريح من الراحة، ولو كان من الرواح لقال: تروح، وما كان يقول تريح (5) ؛ ولأنّ الرواح يكون عند العشي أو قريب منه ، والغبوق: هو شرب العشي فلم يبق له معنى ، وأنّ المعنى ما قلناه. (6) وقال الجوهري : يُقال : سحت الشاة تسيح بالكسر سحوحاً وسحوحة سمنت ، وغنم سِحاح. (7) قوله : (عن محمّد بن خالد) . [ح5/5870] هو محمّد بن خالد بن عبداللّه البجلي الكوفي الذي ولّاه المنصور المدينة، وهو مجهول الحال. (8) قوله في خبر عبداللّه بن زمعة : (من بلغت عنده [من الإبل] صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقّة، فإنّه تُقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إلى عشرين درهماً) إلى آخره . [ح7/5872] ومثله ما روي من طريق العامّة عن أنس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «ومَن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقّة، فإنّها تُقبل منه الحقّة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهماً ، ومَن بلغت عنده صدقة الحقّة وليست عنده إلّا بنت لبون فإنّها تقبل منه بنت لبون، ويعطي شاتين أو عشرين درهما، ومن بلغت صدقة بنت لبون وعنده حقّة فإنّها تُقبل منه الحقة، ويعطيه المصدّق عشرين درهماً أو شاتين ، ومَن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده بنت مخاض، فإنّها تقبل منه بنت مخاض، ويعطي المصّدق معها عشرين درهماً أو شاتين. (9) والحكم هو المشهور بين الأصحاب، منهم الصدوق رضى الله عنهفي الفقيه ، (10) بل قال في المنتهى : «ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال الشافعي والنخعي وأحمد ومالك». (11) ونقل في المختلف (12) عن عليّ بن بابويه، (13) وعن أبيه في المقنع رضي اللّه عنهما أنّهما جعلا التفاوت بين بنت المخاض وبنت اللبون شاة يأخذها المصدّق أو يعطيها ، (14) وكأنّه إنّما جعل الشارع عشرين درهماً معادلاً للشاتين ؛ لأنّ قيمة الشاة كان في ذلك العصر عشرة دراهم ، ويؤيّده جعل عشرة آلاف درهم في باب الديات معادلاً لألف شاة، حيث جعلت دية النفس مئة من الإبل، أو مئتا بقرة، أو مئة حلّة، أو ألف ديناراً، أو ألف شاة، أو عشرة آلاف درهم . ونقل في المنتهى (15) عن الثوري أنّه جعل التخيير بين الشاتين وعشرة دراهم (16) محتجّاً بأنّ قيمة الشاة في الشرع خمسة دراهم؛ مستنداً في ذلك بأنّ نصاب الغنم أربعون ونصاب الدراهم مئتان ، وبما رواه عاصم بن ضمرة، عن عليّ عليه السلام أنّه قال : «إذا أخذ الساعي مِن الإبل سنّاً فوق سنّ أعطى شاتين أو عشرة دراهم». (17) والجواب عن الأوّل: أنّ التساوي في القيمة غير معتبر في نصب الأشياء التسعة الزكوية؛ لما نرى أنّ أوّل نصب الإبل خمسة وأوّل نصابي الذهب عشرون ديناراً ، مع أنّ البعير ليس مقوّماً بأربعة دنانير بل مقوّماً بعشرة، كما يظهر من باب الدية الملازم مساواة أفراد الواجب فيها . وعن الثاني بأنّ الخبر مع ضعفه معارض بما عرفت . وزعم أبو حنيفة أنّه يخرج قيمة ما وجب عليه أو دون السنّ الواجبة مع التفاضل من الدراهم أيّ قدر كان؛ للجمع بين الحقّين. (18) ثمّ المشهور أنّه مع التفاوت بأكثر من درجة يعتبر القيمة السوقيّة وهو الظاهر؛ لعدم نصّ فيه، فليعتبر قيمة ما وجب عليه أيّاً ما كان . وقال أبو الصلاح على ما نُقل عنه : «إنّه يتضاعف الجبران الشرعي ، فلو وجب عليه بنت مخاض وعنده حقّة دفعها واستردّ أربع شياه أو أربعين درهماً، وبالعكس يدفع بنت مخاض وأربع شياه أو أربعين درهماً، وعلى هذا القياس في البواقي». (19) وهو ظاهر الشيخ في المبسوط حيث قال : «ويجوز النزول من الجذعة إلى بنت المخاض والصعود من بنت المخاض إلى الجذعة على ما قدّر في الشرع بين الأسنان». (20) واستقربه العلّامة في المختلف ، (21) ولو استغربه لكان أقرب . هذا ، وظاهر هذه الأخبار تعيّن هذه التبادل في الأنعام وعدم إجزاء قيمة ما وجب عليه من جنس آخر ، وأمّا غير الأنعام من الأجناس الزكويّة فقد دلّ على جواز إخراج قيمة ما وجب عليه فيها من جنس آخر صحيحة البرقي، قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام : هل يجوز _ جعلت فداك _ أن يخرج ما يجب في الحرث من الحنطة والشعير وما يجب على الذهب دراهم بقيمة ما تسوى أم لا يجوز إلّا أن يخرج من كلّ شيء ما فيه؟ فأجابه عليه السلام : «أيّما تيسّر يخرج». (22) وصحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يعطي من زكاته عن الدراهم دنانير وعن الدنانير دراهم بالقيمة ، أيحلّ ذلك له؟ قال : «لا بأس». (23) وبهذا التفصيل ذهب المفيد قدس سره حيث قال في المقنعة : ولا بأس بإخراج الذهب عن الفضّة بالقيمة وإخراج الفضّة عن الذهب بالقيمة، وإخراج الشعير عن الحنطة بقيمتها وإخراج الحنطة عن الشعير بقيمته ، ولا يجوز إخراج القيمة في زكاة الأنعام إلّا أن تعدم الأسنان المخصوصة في الزكاة. (24) إلّا أنّ ظاهره جواز إخراج القيمة مع فقد الأسنان المخصوصة ولو من غير الإبل، والأولى الاقتصار على مورد النصّ، فيخصّ التبادل في النقدين أحدهما بالآخر ، وكذا في الحنطة والشعير، وفي الإبل سنّاً منها بسنّ آخر منها كما هو مدلول النصّ، وعدم جواز التبادل في التمر والزبيب والبقر والغنم مطلقاً ، إلّا إذا تعذّر ما وجب عليه؛ لأنّ الزكاة إنّما تتعلّق بالأعيان ، والواجب شرعاً إنّما يكون منها، فتبديلها بغيرها يحتاج إلى دليل يعتدّ به . وحكى في المختلف عن السيّد المرتضى (25) وابن إدريس (26) جواز أخذ القيمة في الجميع ، واستوجهه محتجّاً بأنّ المقصود دفع حاجة الفقير، وهو يحصل بدفعها أيضاً ، وبأنّ الصحيحين يدلّان على جواز دفع القيمة في غير الأنعام ، فينبغي أن يجوز فيها أيضاً ؛ لأنّ إخراج القيمة إمّا أن يكون محصّلاً للمصالح المطلوبة شرعاً من الزكاة أو لا ، فإن كان الأوّل أجزأ مطلقاً، وإن كان الثاني امتنع مطلقاً. (27) وهذا القول هو ظاهر ابن الجنيد، فإنّه قال على ما حكى عنه في المختلف : «ولا بأس بأن يخرج عن الواجب من الصدقة ذهباً وورقاً بقيمة الواجب يوم أخذه». (28)

.


1- . صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 1506 _ 1507 (صدوق).
2- . صحاح اللغة ، ج 2 ، ص 625 (حدر).
3- . صحاح اللغة ، ج 3 ، ص 901 (وعز).
4- . ترتيب إصلاح المنطق، ص 345؛ صحاح اللغة، ج 2، ص 817 (مصر).
5- . المثبت من المصدر، و في الأصل: «ترويح».
6- . السرائر ، ج 1 ، ص 465.
7- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 373 (سحح).
8- . اُنظر: رجال الطوسي ، ص 281 ، الرقم 4070.
9- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 123؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 575 ، ح 1800؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 85 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 8 ، ص 58 ؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 98 ، ح 1956.
10- . الفقيه ، ج 2 ، ص 23 ، ذيل ح 1604.
11- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 483. و انظر: المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 456 _ 457؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 405 و 410.
12- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 175.
13- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 196 _ 197.
14- . المقنع ، ص 158.
15- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 483 _ 484.
16- . المغني، ج 2، ص 457؛ الشرح الكبير، ج2، ص 490.
17- . المصنّف لعبد الرزّاق ، ج 4 ، ص 39 ، ح 6902 .
18- . تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 67 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 457؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 490.
19- . الكافي في الفقه ، ص 167. و حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 176 _ 177 ، اللفظ له.
20- . المبسوط ، ج 1 ، ص195.
21- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 177.
22- . الكافي ، باب الرجل يعطي عن زكاته العوض ، ح1؛ الفقيه ، ج 2 ، ص 32 ، ح 1623؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 95 ، ح 271؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 167 ، ح 11753.
23- . الكافي ، باب الرجل يعطي عن زكاته العوض ، ح 2؛ الفقيه ، ج 2 ، ص 31 ، ح 1622؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 95 ، ح 272؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 167 ، ح 11754.
24- . المقنعة ، ص 253.
25- . الانتصار ، ص 215؛ جمل العلم و العمل (رسائل المرتضى ، ج 2 ، ص 75).
26- . السرائر ، ج 1 ، ص 446.
27- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 230 _ 231.
28- . مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 229 _ 230.

ص: 429

. .

ص: 430

. .

ص: 431

. .

ص: 432

. .

ص: 433

باب زكاة مال اليتيم

باب زكاة مال اليتيملقد اختلف في وجوب الزكاة في أموال الأطفال والمجانين ، فالمشهور بين الأصحاب العدم . ويدّل عليه _ زائداً على ما رواه المصنّف قدس سره في الباب وفي الباب الآتي _ ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام، قال : سألته عن مال اليتيم ، فقال : «ليس في زكاة». (1) وفي الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «ليس في مال اليتيم زكاة». (2) ويؤيّدها الأصل، وانتفاء التكليف الذي هو مناط تعلّق الأحكام الشرعيّة غالباً . وأوجبهما الشيخان (3) في غلّاتهما محتجّين بصحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم ، وحملت في المشهور على الاستحباب ، فقد اشتهر بين الأصحاب سيما المتأخّرين منهم استحبابها في غلّاتهما ومواشيهما ، (4) وربّما حُملت على التقيّة؛ لموافقتها لمذاهب العامّة . وقد حمل الشيخ قوله عليه السلام في خبر أبي بصير : «وليس على جميع غلّاته من نخلٍ أو زرعٍ أو غلّة زكاة» على نفي الإيجاب ، (5) [حيث قال]: «ونحن لانقول: إنّ على جميع غلّاته زكاة إنّما تجب على الأجناس الأربعة التي هي التمر والزبيب والحنطة والشعير» . ثمّ قال : «وإنّما خصَّ اليتامى بهذا الحكم؛ لأنّ غيرهم مندوبون إلى إخراج الزكاة عن سائر الحبوب، وليس ذلك في أموال اليتامى». (6) وأوجبها المفيد (7) في مواشيهما أيضاً ولم أعثر على مستند له، فإن تشبّث في ذلك بعموم الأخبار الواردة في الأنعام، فيعارض بالعمومات المشار إليها في نفي الزكاة عن أموالهما. وليس تخصيص الثاني أولى من تخصيص الأوّل ، بل الأوّل أولى؛ لاعتضاده بالأصل، وانتفاء التكليف. وإن حملها على الغلّات، فهو قياسٌ باطل عندنا لاسيما مع الفارق، فإنّ النموّ في الغلّات أكثر منه في المواشي، فلا يلزم من إيجابها هناك إيجابه هنا ، بل تدلّ صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلامعلى ما رواه الشيخ في الاستبصار على عدم ثبوتها في غلّات الطفل، وهو أشبه كانتفائها عن نقديه ، حيث روي عنهما أنّهما قالا : «مال اليتيم ليس عليه في العين والصامت شيء» ، (8) فتدبّر . بل الظاهر عدم ثبوت الزكاة في غلّات المجنون أيضاً؛ لاقتضاء انتفاء التكليف إيّاه، وانتفاء دليل صالح على ثبوتها؛ لاختصاص النصّ بغلّات الطفل ، وحمل المجنون عليه قياس مع وجود الفارق . قال المحقّق في المعتبر: فإن جمع بينهما بعدم العقل كان جمعا بقيد عدمي لا يصلح للعلّة ، ويمكن الفرق بأنّ الطفل لبلوغه غاية محقّقة فجاز أن يجب في ماله؛ لانتهاء (9) غاية الحجر، وليس كذلك المجنون ، فإذا تحقّق الفارق أمكن استناد الحكم إلى الفارق. (10) وظاهر مذهب المصنّف قدس سره ما حقّقناه حيث عنون الباب بزكاة مال اليتيم فقط ، وذكر ما يدلّ على ثبوتها في غلّاته ، وشرك بين المجنون والمملوك في باب آخر ، وإنّما ذكر فيه ما يدلّ على ثبوت زكاة التجارة في مال المجنون ، فكما لا تجب الزكاة في أموال المملوك لا تجب في باقي أمواله أيضاً . وأوجبها الشافعي في جميع الأشياء المتّسعة من مالهما (11) ؛ بما نقلوه عن عليّ عليه السلام : أنّه كان عنده مال لأيتام بني رافع، فلمّا بلغوا سلّمه إليهم، وكان قدره عشرة آلاف درهم فوزنوه فنقص، فعادوا إليه عليه السلام وقالوا : إنّه ناقص ، قال : «أفحسبتم الزكاة؟» قالوا : لا ، قال : فاحسبوها ، فخرج المال مستوياً ، فقال عليه السلام : «يكون عندي مال لا أؤدّي زكاته ؟!». (12) واُجيب عنه بضعف السند ، ثمّ باحتمال أن يكون عليه السلام إنّما دفع إليهم أموالهم بعد بلوغهم بسنة أو أكثر ، وأخّر الدفع عن بلوغهم للاستيناس برشدهم. (13) وأمّا زكاة التجارة في مالهما وعدمها فهي مبتنية على التا[جر]ونيّة التجارة، فإن كان التاجر هو الوليّ وقصد التجارة لهما فالمشهور بين الأصحاب استحباب الزكاة عنهما ، بل ادّعى في المنتهى عليه الإجماع. (14) ويدلّ عليه _ زائداً على ما رواه المصنّف قدس سره في هذا الباب وفي الباب الآتي _ ما رواه الشيخ عن محمّد بن الفضيل، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن صبية صغار لهم مال بيد أبيهم أو أخيهم، هل تجب على مالهم زكاة؟ فقال : «لا تجب في مالهم زكاة حتّى يعمل به، فإذا عمل به وجبت الزكاة ، فأمّا إذا كان موقوفاً فلا زكاة عليه». (15) وحمل الوجوب فيه على معناه اللّغوي؛ للإجماع المدّعى على عدم الوجوب، وللوفاق على عدم وجوبها للتجارة المكلّف ، فهنا أولى بالعدم . وعن [أحمد بن عمر بن] أبي شعبة، عن أبيه، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سُئل عن مال اليتيم ، فقال : «لا زكاة عليه إلّا أن يعمل به». (16) وعن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : امرأة من أهلنا مختلطة، عليها زكاة ؟ فقال : «إن كان عمل به فعليها زكاة، وإن لم يعمل به فلا». (17) وعن موسى بن بكر، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة مصابة ولها مال في يد أخيها، هل تجب عليه زكاة؟ فقال : «إن كان أخوها يتّجر به فعليه زكاة». (18) وما ذكروه جيّد ، والظاهر من أكثر ما ذُكر من الأخبار عدم اشتراط كون التاجر وليّاً شرعيّاً من الأب والجدّ والوصيّ والحاكم، بل كفاية كونه قيّماً حسبيّاً؛ لذكر الأخ فيها وتقييد الأخ بالوصي فيما سيأتي من خبر الربيع في كلام السائل، وهو لا يوجب التخصيص، وهو ظاهر المقنعة حيث قال : ولا زكاة في صامت أموال الأطفال والمجانين من الدراهم والدنانير، إلّا أن يتّجر بها القيّم عليها، فإن اتّجر بها وجب عليه إخراج الزكاة ، فإذا أفادت ربحاً فهو لأربابها، وإن حصل فيها خسران ضمن المتّجر لهم. (19) بل ظاهر إطلاق المتّجر في كلام الشيخ في النهاية عدم اشتراط كونه قيّماً أيضاً، حيث قال : «فإن اتّجر متّجر بمالهم نظراً لهم يستحبّ له أن يخرج من أموالهم الزكاة». (20) لكنّه ممّا صرّحوا بعدم استحباب الزكاة فيما إذا كان المتّجر غير الوليّ على ما ستعرف . والمشهور عدم ضمان التاجر إذا كان وليّاً ناظراً للمصلحة؛ لما سيأتي عن أبي الربيع ، وإن لم يكن وليّاً فالظاهر ضمانه؛ لإطلاق صحيحة الحلبي (21) وخبر سعيد السمّان، (22) خرج ما خرج وبقي الباقي. وهل يجوز له أخذ شيء من الربح؟ الظاهر جوازه بقدر ما يحتاج إليه ، بل ظاهر خبر أبي الربيع كون الربح بينهما، حيث قال : سُئل أبو عبداللّه عليه السلام عن الرجل يكون في يديه مال لأخٍ له يتيم وهو وصيّه، أيصلح[له] أن يعمل به؟ قال : «نعم ، يعمل به كما يعمل بمال غيره والربح بينهما» ، قال : قلت : فهل عليه ضمان؟ قال : «لا ، إذا كان ناظراً له». (23) بل لا يبعد جواز جعل أكثر الربح لنفسه مع مراعاة المصلحة؛ لجواز أنواع تصرّفات الوليّ في مال المولّى عليه مع الغبطة. وإن قصد التاجر التجارة لنفسه لا لهما، فإن كان وليّاً مليّا فالمشهور أنّ الربح له، والزكاة المستحبّة عليه، ويضمن المال؛ وذلك لأنّه حينئذٍ يجوز له اقتراض مالهما و بذلك يصير مالاً له، فيصير مشغول الذمّة بذلك المال، ويكون الربح له؛ لأنّه نماء ماله ، ومع فقد أحدهما يكون الربح لهما مع ضمانه للمال، ولا زكاة حينئذٍ؛ لعدم جواز ذلك التصرّف له ، فالمال باق على ملكهما، ويكون الربح لهما، ولا زكاة على مالهما؛ لعدم دليل عليها . ويدلّ أيضاً على ذلك التفصيل ما رواه الشيخ عن منصور الصيقل، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن مال اليتيم يعمل به ، قال : «إذا كان عندك مالٌ وضمنته فلك الربح وأنت ضامن للمال ، وإن كان لامال لك وعملت به فالربح للغلام وأنت ضامن للمال». (24) وعن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : قلت له : الرجل يكون عنده مال اليتيم فيتّجر به، أيضمنه؟ قال : «نعم» . قلت : فعليه زكاة؟ قال : «لا ، لعمري لا أجمع عليه خصلتين: الضمان والزكاة». (25) وعن أسباط بن سالم، عن أبيه، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام قلت : أخي أمرني أن أسألكَ عن مال يتيم في حجره يتّجر به ، قال : «إن كان لأخيك مال يحيط بمال اليتيم إن تلف وأصابه شيء غرمه، وإلّا فلا يتعرّض لمال اليتيم». (26) وهذا التفصيل هو المشهور بين الأصحاب ، وظاهر ما نقلناه عن نهاية الشيخ استحبابها من مال الطفل في الشقّ الثاني، وقد صرّح بذلك بعده حيث قال : فإن اتّجر لنفسه دونهم وكان في الحال متمكِّناً من ضمان ذلك المال كانت الزكاة عليه والربح له ، وإن لم يكن متمكِّناً في الحال من مقدار ما يضمن به مال اليتيم (27) وتصرّف فيه لنفسه من غير وصيّة ولا ولاية لزمه ضمانه، وكان الربح لليتيم، ويخرج منه الزكاة. (28) وكأنّه تمسّك بعموم ما دلّ على ثبوتها في الربح لليتيم، وهو مخصّص بخبر سماعة؛ لعموم قوله عليه السلام : «لا» ، حيث يشمل نفيها عن الطفل أيضاً ، والأوّل أولى بالتخصيص؛ لتأيّد الثاني بما ذكر من الأصل وانتفاء التكليف ، وما دلّ على نفيهما من أموالها ، فتأمّل . وقال صاحب المدارك : «واستثنى المتأخّرون من الوليّ الذي تعتبر ملاءته الأب والجدّ فسوّغوا لهما اقتراض مال الطفل مع العسر واليسر، وهو مشكل». (29) انتهى . ولم يجوّز ابن إدريس التجارة بمالهما لنفسه مطلقاً ، قال : ولا يجوز لمَن اتّجر في أموالهم أن يأخذ الربح، سواءً كان في الحال متمكِّناً من مقدار ما يضمن به مال الطفل أو لم يكن ، والربح في الحالين معاً لليتيم، ولا يجوز للوليّ أو الوصيّ أن يتصرّف في المال المذكور إلّا بما يكون فيه صلاح المال ويعود نفعه إليه دون المتصرّف فيه. (30) قوله في صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم : (إنّهما قالا : ليس على مال اليتيم في الدين والمال الصامت شيء) .[ج3/5878] يفهم منه ثبوت الزكاة في الدَّين من مال الكامل كمال صامته كما ذهب إليه بعض ، (31) وفي الاستبصار : «العين» بدل «الدّين»، (32) وهو أظهر .

.


1- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 26 ، ح 61 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 85 ، ح 11581.
2- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 26 ، ح 62 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 85 ، ح 11582.
3- . ذهب إليه المفيد في المقنعة ، ص 238 ، و الطوسي في النهاية ، ص 175؛ والمبسوط ، ج 4 ، ص 59 .
4- . المعتبر ، ج 2 ، ص 487 _ 488.
5- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 29 _ 30 ، ح 73؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 31 ، ح 91؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 86 ، ح 11585.
6- . نفس المصدرين المتقدّمين.
7- . المقنعة ، ص 238.
8- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 29 ، ح 72؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 31 ، ح 90.
9- . في الأصل: «لأنّها»، و التصويب من المصدر.
10- . المعتبر ، ج 2 ، 488 _489.
11- . الاُمّ للشافعي ، ج 2 ، ص 30؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 329 _ 330؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 493.
12- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج4 ، ص 107 _ 108؛ سنن الدارقطني ، ج2 ، ص 95 _ 96 ، ح 1956.
13- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 472.
14- . منتهي المطلب ، ج 1 ، ص 471.
15- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 27 _ 28 ، ح 67 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 29 ، ح 85 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 88 ، ح 11590.
16- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 27 ، ح 64 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 86 ، ح 11584.
17- . الكافي ، باب زكاة مال المملوك و المكاتب و المجنون ، ح 2؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص30 ، ح 75؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 90 ، ح 11595.
18- . الكافي ، باب زكاة المملوك و المكاتب و المجنون ، ح 3؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص30 _ 31 ، ح 76؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 90 ، ح 11596.
19- . المقنعة ، ص 238.
20- . النهاية ، ص 174. و مثله في المبسوط ، ج 1 ، ص 234.
21- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب.
22- . هو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 87 ، ح 11588.
23- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 30 ، ح 88 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 89 ، ح 11592.
24- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 29 ، ح 71؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 30 ، ح 89 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 89 ، ح 11593.
25- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 28 ، ح 69 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 30 ، ح 87 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 88 ، ح 11591.
26- . الكافي ، باب التجارة في مال اليتيم و القرض منه ، ح 4؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 341 ، ح 954؛ وسائل الشيعة ، ج 17 ، ص 258 ، ح22469.
27- . كذا في الأصل، و في المصدر: «مال الطفل».
28- . المبسوط للطوسي ، ص 174 _ 175.
29- . مدارك الأحكام ، ج5 ، ص 19.
30- . السرائر ، ج1 ، ص 441.
31- . في النسخة: + «وقد ذهب».
32- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 31 ، ح 90؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 83 ، ح 11576.

ص: 434

. .

ص: 435

. .

ص: 436

. .

ص: 437

. .

ص: 438

. .

ص: 439

باب زكاة مال المملوك والمكاتب والمجنون

باب زكاة مال المملوك والمكاتب والمجنونفيه مسائل : الاُولى : زكاة مال المملوك. فمَن قال بعدم تملّكه قال بعدم وجوب الزكاة عليه؛ لاشتراطه الملك في وجوبها، وتمسّكوا هؤلاء على عدم تملّكه بقوله تعالى : «ضَرَبَ اللّه ُ مَثَلاً عَبْدا مَمْلُوكا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ» (1) «وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ» ، (2) وقوله سبحانه : «هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ» . (3) وفي المنتهى : «ولو ملّكه مولاه شيئاً لا يملكه؛ لأنّه مالٌ فلا يملك بالتمليك كالبهيمة ، قاله أصحابنا». (4) وقد رجّح هذا القول. وعلى هذا فهل تجب على مولاه؟ المشهور وجوبها عليه (5) ؛ محتجّين بأنّه مالكٌ للمال متمكِّن من التصرّف فيه ، بل يد العبد كيده، لكنّ ظاهر حسنة ابن أبي عمير عن عبداللّه بن سنان، (6) وصريح خبر محمّد بن خالد عنه (7) عدمه ، سواء قلنا يملكه أم لا ، كما قال به الشهيد الثاني في شرح الشرائع ، (8) ومن الأصحاب من قال بأنّه يملك فاضل الضريبة وأضرابها. (9) واختلفوا هؤلاء في وجوبها عليه ، ففي الشرائع : «والمملوك لا تجب عليه الزكاة، سواء قلنا: إنّه يملك أو أحلنا ذلك». (10) وهو المشهور بين الأصحاب؛ لاشتراط تماميّة الملك، وفقدها هنا؛ لكونه محجوراً عليه ممنوعاً من التصرّف بغير إذن من مولاه ، ولأنّه للمولى انتزاعه منه . ويدلّ عليه الخبران المشار إليهما ، ومثلهما ما رواه الصدوق في الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سأله رجل وأنا حاضر عن مال المملوك، أعليه زكاة؟ قال : «لا ، ولو كان ألف درهم». (11) وحكى في الشرائع عن بعض قولاً بوجوبها عليه ، (12) واحتجّ عليه بأنّه مالكٌ له أنواع التصرّف فيه . وهو كما ترى . وبالجملة، فلا وجه لوجوبها عليه مطلقاً؛ لما عرفت من الأخبار المؤكّدة باشتراط الملك وتماميّتها في وجوبها . وأمّا المولى فظاهر الأصحاب وجوبها عليه على القول بعدم ملك العبد ، وصرّح بذلك جماعة منهم الشيخ في الخلاف (13) والعلّامة في المنتهي (14) والمختلف (15) وغيرهما، (16) محتجّين بما ذكر، وكأنّهم خصّوا الخبرين بما إذا لم يعلم بماله المولى كما هو المتعارف من أحوال المماليك من إخفاء ما في أيديهم عن الموالي ، ويشعر به قوله عليه السلام : «إنّه لم يصل إلى سيّده»؛ لعدم تمكّنه من التصرّف فيه حينئذٍ . وقد وقع هذا الخلاف عند العامّة ؛ ففي الخلاف : وقال الشافعي في الجديد : لا يملك العبد وزكاته على سيّده كما قلناه ، وبه قال أبو حنيفة، وفي القديم يملك، وبه قال مالك. (17) وعلى هذا قال: لا تلزم الزكاة في هذا المال . _ ثمّ قال : _ دليلنا إجماع الفرقة على أنّ العبد لا يملك ، فإذا ثبت ذلك فالمال للسيّد، فتلزمه زكاته أيضاً بلا خلاف بين أصحابنا في أنّ مَن باع مملوكه وله مال أنّه إن علم ذلك كان ماله للمشتري وإن لم يعلم كان للبائع ، فلولا أنّه ملكه لا يملك المشتري ذلك مع علمه ولا جاز له أخذه إذا لم يعلمه. (18) انتهى، فتأمّل فيه . الثانية : زكاة مال المكاتب . أمّا المشروط والمطلق الذي لم يتحرّر منه شيء فبحكم القنّ ، وقد عرفت حال ماله . وأمّا المطلق الذي تحرّر منه شيء فقد اشتهر بين الأصحاب وجوب الزكاة في نصيبه إذا تحقّق شرائطها؛ لعموم ما دلّ على وجوب الزكاة على الحرّ وخصّوا المكاتب في خبر[أبي] البختري (19) بما لم يتحرّر منه شيء مع ضعفه جدّاً ؛ فإنّ أبا البختري هذا هو وهب بن وهب بن كثير بن زمعة بن الأسود بن المطّلب عبد العزّى، وهو كان عامّياً كذّاباً مذموماً في أخبار متعدّدة على ما يظهر من رجال الشيخ (20) والكشي (21) والغضائري (22) والفهرست (23) والخلاصة ، (24) وذهب إلى نفي الوجوب عنه مطلقاً علماء العامّة كافّة إلّا أبا ثور (25) ؛ لعموم المكاتب بما نقلوا عن ابن عمر وجابر أنّهما قالا : لا زكاة في مال المكاتب. (26) والثالثة : زكاة مال المجنون. وقد سبق، وكان الأولى اقترانه باليتيم .

.


1- . النحل(16) : 75 .
2- . النحل(16) : 76 .
3- . الروم(30) : 28 .
4- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص473.
5- . اُنظر: المعتبر ، ج2 ، ص 489؛ تذكرة الفقهاء ، ج5 ، ص 368 ؛ تحرير الأحكام ، ج1 ، ص 348.
6- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب.
7- . كذا بالأصل ، و الظاهر أنّ محمد بن خالد مصحّف عن محمّد بن أبي حمزة ، و خبره هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي ؛ فإنّه صريح في نفي الزكاة عن المملوك.
8- . مسالك الأفهام ، ج1 ، ص 358.
9- . اُنظر: منتهى المطلب ، ج1 ، ص 472.
10- . شرائع الإسلام ، ج1 ، ص 105.
11- . الفقيه ، ج2 ، ص 36 ، ح 1634.
12- . شرائع الإسلام ، ج1 ، ص 105.
13- . الخلاف ، ج2 ، ص 42 _ 43 ، المسألة 45.
14- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 472 _ 473.
15- . مختلف الشيعة، ج3، ص 156.
16- . قواعد الأحكام ، ج1 ، ص330.
17- . اُنظر: المجموع للنووي ، ج14 ، ص 797؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج2 ، ص 494؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج2 ، ص438؛ فتح العزيز ، ج5 ، ص 519 ؛ المدوّنة الكبرى ، ج1 ، ص 248؛ المحلّي ، ج5 ، ص 202؛ بداية المجتهد ، ج1 ، ص 197.
18- . الخلاف ، ج2 ، ص 43.
19- . هو الحديث الرابع من هذا الباب.
20- . رجال الشيخ، ص 317، الرقم 4724، و لم يذكر فيه مدح و لاذمّ، نعم ذكره النجاشي في رجاله، ص 430، الرقم 1155 و اتّصفه بالكذب.
21- . اختيار معرفة الرجال ، ج2 ، ص597 ، الرقم 558 .
22- . رجال ابن الغضائري ، ص 100 ، الرقم 151.
23- . الفهرست ، ص 256 ، الرقم 779.
24- . خلاصة الأقوال ، ص 414 ، الفصل 24.
25- . الخلاف ، ج2 ، ص 41؛ المجموع للنووي ، ج5 ، ص 330؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج2 ، ص 495؛ الشرح الكبير ، ج2 ، ص 437؛ المحلّى ، ج5 ، ص 203؛ بداية المجتهد ، ج1 ، ص 197؛ الفتوحات المكيّة ، ج1 ، ص 554 .
26- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج4 ، ص 109؛ معرفة السنن و الآثار ، ج3 ، ص 250؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج4 ، ص 71 ، ح 7004؛ سنن الدارقطني ، ج2 ، ص 93 ، ح 1941؛ كنزالعمّال ، ج6 ، ص 323 ، ح 15858.

ص: 440

. .

ص: 441

. .

ص: 442

باب فيما يأخذ السلطان من الخراج

باب فيما يأخذ السلطان من الخراجقد اختلف الأصحاب في المسألة، فذهب الأكثر _ منهم الشيخ في الخلاف _ إلى عدم جواز احتساب ما أخذه السلطان الجائر من العشر باسم المقاسمة والخراج من الزكاة (1) ؛ لرواية أبي اُسامة قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : جُعلت فداك إنّ هؤلاء المتصدّقين يأتونا ويأخذون منّا الصدقة، فنعطيهم إيّاها، أيجزي عنّا؟ فقال : «لا، إنّما هؤلاء قومٌ غصبوكم _ أو قال: ظلموكم _ أموالكم، وإنّما الصدقة لأهلها». (2) وظاهر المصنّف _ كالصدوق _ جواز الاحتساب؛ للأخبار التي ذكرها ، ومثلها ما رواه الشيخ عن أبي كهمس، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن أخذ منه السلطان الخراج فلا زكاة عليه». (3) وفي الصحيح عن رفاعة بن موسى، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام : الرجل له الضيعة فيؤدّي خراجها ، هل عليه فيها العشر؟ قال : «لا». (4) وعن عبداللّه بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهماالسلام، قال: في زكاة الأرض إذا قبلها النبيّ صلى الله عليه و آله أو الإمام بالضعف أو الثلث أو الربع فزكاتها عليه وليس على المتقبّل زكاة إلّا أن يشترط صاحب الأرض ، أنّ الزكاة على المتقبّل، فإن اشترط فإنّ الزكاة عليهم، وليس على أهل الأرض اليوم زكاة إلّا من في يده شيء ممّا أقطعه الرسول صلى الله عليه و سلم . وفي الصحيح عن عبيداللّه بن عليّ الحلبي، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن صدقة الأموال يأخذها سلطان ، فقال : «لا آمرك أن تعيد». (5) وصرّح الشيخ في التهذيب بجواز الاحتساب واستحباب الإعادة (6) ؛ للجمع بين الأخبار ، وقد جمع أيضاً بينها بحمل ما دلّ على السقوط على سقوط زكاة ما أخذه السلطان وأنّه كالتالف ، وقالوا : إنّما تجب الزكاة فيما بقي بعد إخراج مؤونة السلطان؛ لوقوع التصريح بهذا المعنى في حسنة حريز عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلامأنّهما قالا له : هذه الأرض التي يزارع أهلها، ما ترى فيها؟ فقال : «كلّ أرض دفعها إليك سلطان فما حرثته فيها [فعليك فيما] أخرج اللّه منها الذي يقاطعك عليه، وليس على جميع ما أخرج اللّه منها العشر، إنّما العشر عليك فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك». (7) ولا يخفى بُعد ذلك التأويل، بل عدم تأتّيه رأساً في بعض ما ذكر من الأخبار ، وتلك الأخبار موافقة لمذاهب جمهور العامّة ، بل قال الشافعي : الأفضل دفعها إلى الجائر اختياراً (8) قياساً له على السلطان العادل . هذا ، ولو أخذ الجائر الزكاة بعد عزل المالك إيّاها وعدم إمكان أدائها إلى المستحقّ تسقط الزكاة حينئذٍ اتّفاقاً مع عدم التفريط، كما إذا أتلفت كذلك من وجه آخر (9) ؛ لأنّها بعد العزل تصير أمانة في يده . قوله في خبر سليمان بن خالد : (فجاز ذي كان) . (10) [ح1/5887] «ذي كان» ذا كما في التهذيب (11) كتبت بالياء على خلاف القياس . وفي الاستبصار فجاز ذلك ، (12) والإشارة إلى عدم الزكاة، أي فساغ عدم الزكاة لهم . قوله : (محمّد بن إسماعيل) . [ح4/5890] هو البندقي المجهول كما مرّ مراراً، وسند الشيخ رحمه اللهإلى صفوان في هذا الخبر صحيح. (13)

.


1- . الخلاف ، ج2 ، ص 32 ، المسألة 32.
2- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 40 ، ح 101؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 28 ، ح78؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 253 ، ح 11957.
3- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 37 ، ح 95؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 25 ، ح72؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 193 ، ح 11815.
4- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 37 ، ح 94؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 25 ، ح71؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 193 ، ح 11814.
5- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 38_ 39 ، ح 97؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 26 ، ح74؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 189 ، ح 11806.
6- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 39 ، ذيل الحديث 97.
7- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 36 _ 37 ، ح 93؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 25 ، ح 70؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 188 ، ح 11803.
8- . تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 321؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 509 ؛ الشرح الكبير ، ج2 ، ص 676 .
9- . اُنظر: منتهى المطلب ، ج1 ، ص 514 ؛ تحرير الأحكام ، ج 1 ، ص 396؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 323؛ إعانة الطالبين ، ج 2 ، ص 186.
10- . الموجود في المطبوع من الكافي وبعض النسخ : «فجال فكري».
11- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 39 ، ح 98.
12- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 27 ، ح 75؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 252_ 253 ، ح 11955.
13- . اُنظر: نقد الرجال ، ج5 ، ص 338 ، الفائدة الرابعة؛ جامع الرواة ، ج2 ، ص 472.

ص: 443

. .

ص: 444

. .

ص: 445

باب الرجل يخلف عند أهله من النفقة ما يكون فيه الزكاة

باب الرجل يعطي من يظنّ أنّه معسر ثمّ يجده موسراً

باب الرجل يخلف عند أهله من النفقة ما يكون فيه الزكاةالمشهور بين الأصحاب _ منهم الشيخان في المقنعة (1) والتهذيب (2) والنهاية (3) _ وجوب الزكاة على المالك في ذلك المال إن كان حاضراً وإلّا فلا ، وهو مذهب المصنّف قدس سره؛ للأخبار المذكورة في هذا الباب ، وربّما اُيّدت بأنّ ذلك المال في معرض الإتلاف، فيكون كالتالف . وقال ابن إدريس : حكمه حكم المال الغائب، فإنّه إن قدر على أخذه متى أراد يجب عليه فيه الزكاة، سواء كان نفقة أو مودعاً أو كنزاً، فإنّه ليس بكونه نفقة خرج عن ملكه ، ولا فرق بينه وبين المال الذي في يد وكيله ومودعه وخزانته . _ وقال _ : إنّما أورده شيخنا في نهايته إيراداً لا اعتقاداً، فإنّه خبر من أخبار الآحاد. (4) واُجيب بمنع مساواة ذلك للمودع؛ لأنّ المودع في معرض الحفظ، وذلك في معرض الإتلاف. (5)

باب الرجل يعطي من يظنّ أنّه معسر ثمّ يجده موسراًفيه مسألتان : الاُولى : من دفع الزكاة بعد تعلّق الوجوب لمَن يظنّه معسراً، ثمّ ظهر له أنّه موسر غير مستحقّ لها . وظاهر المصنّف كالصدوق (6) ضمان المالك بذلك، سواء كان ظنّه مستنداً إلى الاجتهاد والبحث عن حال الآخذ أم لا ، فيجب عليه الاستعادة من الآخذ إن أمكن، وإلّا فمن ماله ، وهو ظاهر شيخنا المفيد قدس سرهأيضاً حيث قال : «ومَن أعطى موسراً شيئاً من الزكاة وهو يرى أنّه معسر، ثمّ تبيّن بعد ذلك يساره، فعليه الإعادة». (7) ويدلّ عليه مرسلة الحسين بن عثمان، (8) ويؤيّدها رواية أبي المغرا، (9) وأنّه إذا ثبت مال الغير في يده من غير الزكاة ودفعه إلى غير مالكه ظنّاً منه أنّه المالك تجب عليه الاستعادة والإعادة . وخالفهم جماعة من الأصحاب في ذلك ، فقال بعضهم بعدم الضمان مطلقاً ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط والعلّامة في القواعد ؛ ففي المبسوط: إذا دفع الإمام الصدقة الواجبة إلى من ظاهره الفقر، ثمّ بانَ أنّه كان غنيّاً في تلك الحال فلا ضمان عليه ؛ لأنّه أمين وما تعدّى، ولا طريق له إلى الباطن ، فإن كانت الصدقة باقية استرجعت، سواء كان الإمام شرط حال الدفع أنّها صدقة واجبة أو لم يشترط، فإن كانت تالفة رجع عليه بقيمتها، فإن كان موسراً أخذها ودفعها إلى مسكين آخر ، وإن لم يكن موسراً وكان قد مات فقد تلف المال من المساكين ولا ضمان على الإمام ؛ لأنّه أمين . وإذا تولّى الرجل إخراج صدقته بنفسه فدفعها إلى من ظاهره الفقر، ثمّ بان أنّه غنيّ فلا ضمان عليه أيضاً ؛ لأنّه لا دليل عليه، فإن شرط حال الدفع أنّها صدقة واجبة استرجعها، سواء كانت باقية أو تالفة ، فإن لم يقدر على استرجاعها فقد تلف من مال المساكين. (10) وفي القواعد : ويصدَّق مدّعي الفقر فيه من غير يمين وإن كان قويّاً ذا مال قديم إلّا مع علم كذبه، فإن ظهر استُعيد منه، ومع التعذّر فلا ضمان على الدافع، مالكاً كان أو إماماً أو ساعياً أو وكيلاً. (11) وفصّل بعضهم فقال بعدم الضمان مع الاجتهاد ، وبه مع عدمه ، وهو المشهور بين المتأخّرين منهم المحقّق الشيخ عليّ في الشرح، (12) وهؤلاء لم يفرّقوا في الحكم بين كون الدافع مالكاً أو غيره، من الإمام ونائبه مطلقاً . وربّما فصّل بعض الأصحاب بينهما، فقال بعضهم _ كما نقل عنه في المبسوط _ بعدم ضمان الإمام ونائبه مطلقاً؛ لما سيأتي ، وبضمان المالك مطلقاً إذا أعطاها بنفسه؛ محتجّاً بأنّه كان يمكنه إسقاط الفرض عن نفسه بدفعه إلى الإمام. (13) وذهب العلّامة في المنتهى إلى عدم ضمان الإمام ونائبه مطلقاً، وضمان المالك مع عدم الاجتهاد ، وقال : ولو دفع الإمام أو نائبه إلى من يظنّه فقيراً فبانَ غنيّاً لم يضمن الدافع ولا المالك بلا خلاف ؛ أمّا المالك فلأنّه أدّى الواجب وهو الدفع إلى الإمام، فيخرج عن العهدة، وأمّا الدافع فلأنّه نائب عن نافع الفقراء، أمين لهم، لم يوجد منه تفريط من جهته، ولايضمن، ولأنّه فعل مأمورُ به؛ لأنّ الواجب الدفع إلى من يظهر منه الفقر؛ إذ الإطلاع علي الباطن متعذّر، فيخرج عن العهدة ولا نعلم فيه خلافاً ، وعلى الإمام والنائب أن يستردّ ما دفعه مع ظهور غناه . _ ثمّ قال :_ ولو كان الدافع هو المالك . قال الشيخ في المبسوط : لا ضمان عليه ، والأقرب سقوط الضمان مع الاجتهاد وثبوته مع عدمه. (14) واحتجّ عليه بأنّه أمين في يده مال لغيره، فيجب عليه الاجتهاد والاستظهار في دفعه إلى مالكه. وأيّده بحسنة عبيد بن زرارة (15) التي سيرويها المصنّف في الباب الآتي . وعن زرارة مثله غير أنّه قال : «إن اجتهد فقد برئ، وإن قصر في الاجتهاد بالطلب فلا». (16) وفي التأييد تأمّل يظهر في ذيل ذلك الباب . والمشهور بين الأصحاب تساوي جميع الصفات المعتبرة شرعاً في المستحقّ في ذلك الحكم كما قال في المبسوط ، (17) وإذا دفعها إلى من ظاهره الإسلام ثمّ بانَ أنّه كان كافراً، أو إلى من ظاهره الحرّيّة فبانَ أنّه كان عبداً، أو إلى مَن ظاهره العدالة ثمّ بانَ أنّه كان فاسقاً ، أو بانَ أنّه كان من ذوي القُربى كان الحكم ما قلناه في المسألة الاُولى . وفصّل أبو الصلاح قدس سره وقال _ على ما نقل عنه _ : إن أخرجها إلى من يظنّ به تكامل صفات مستحقّها ثمّ انكشف كونه مختلّ الشروط رجع عليه بها، فإن تعذّر ذلك وكان المنكشف هو الغناء وجب عليه إعادتها ثانيةً ، وإن كان غير ذلك فهي مجزية. (18) وكأنّه قال ذلك للجمع بين الخبر والاعتبار الذي اعتبروه الأصحاب . الثانية : تعجيل دفع الزكاة إلى المستحقّ قبل وقت الوجوب وتأخيرها عن وقته . أمّا الثاني فالظاهر أنّه لاخلاف بين الأصحاب في عدم جوازه مع إمكان الدفع وجوازه مع التعذّر ، فلا يتقدّر بقدره ، وأنّ وجوب الإخراج فوريّ . قال في المنتهى : إذا أهلّ الثاني عشر وجب دفع الزكاة على الفور ، وكذا إذا صفت الغلّة واقتطعت الثمرة وجب الإخراج على الفور ، وهو قول علمائنا ، وبه قال الشافعي وأحمد . وقال أبو حنيفة بالتأخير ما لم يطالب به . وبه قال أبو بكر الرازي من أصحاب أبي حنيفة. (19) واستدلّ على الأوّل بما دلَّ على الأمر بالإخراج في وقته المقتضي للفوريّة، وبما دلّ على الضمان بالتأخير مع إمكان الدفع المستلزم لها بأدلّةٍ اُخرى ، لكن قد ورد في بعض الأخبار جواز تأخيرها شهرين وما زاد إلى أربعة أشهر كما سيأتي. ولا يمكن تقييدها بحال الضرورة؛ إذ جواز التأخير حينئذٍ غير متقدّر بقدر معيّن ، بل إنّما يقدّر بقدر الضرورة كما عرفت ، ولا يبعد ذلك مع الضمان ، وقد وقع التصريح من بعض في جواز التأخير لانتظار مستحقّ آخر أولى ، وأمّا الأوّل فالأشهر بين الأصحاب عدم الجواز بنيّة الزكاة ، وبه قال الشيخ في كتابي الأخبار محتجّاً بما رواه في الحسن عن عمر بن يزيد، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : الرجل يكون عنده مال، أيزكّيه إذا مضى نصفُ السنة؟ قال : «لا ، ولكن حتّى يحول عليه الحول ويحلّ عليه أنّه ليس لأحدٍ أن يصلّي صلاة إلّا في وقتها ، و كذلك (20) الزكاة، ولا يصوم أحد شهر رمضان إلّا في شهره إلّا قضاءً ، وكلّ فريضة إنّما تؤدّى إذا حلّت». (21) وفي الصحيح عن زرارة، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أيزكّي الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة؟ قال : «لا ، أتصلّي الاُولى قبل الزوال؟». (22) وحكي ذلك عن ربيعة ومالك وداود من العامّة؛ لما رواه الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «لا تؤدّى زكاة قبل حلول الحول». (23) وجوّز سلّار وابن أبي عقيل تعجيلها على ما حكي عنهما في المختلف، (24) لكنّ ظاهر سلّار عدم تقديره بقدر، فإنّه قال : «وقد ورد الرسم بجواز تقديم الزكاة عند حضور المستحقّ». (25) وهو ظاهر المصنّف . ويدلّ عليه إطلاق حسنة الأحول، وصريح ما سنرويه عن الحسين بن عثمان . وقال ابن أبي عقيل بذلك إذا كان قد مضى من السنة ثلثها فصاعداً على ما سيظهر ممّا نحكيه عنه . وقد ورد في بعض الأخبار تحديده بشهرين وثلاثة وأربعة ، وإليه ميل شيخنا المفيد رضى الله عنهقال : والأصل في إخراج الزكاة عند حلول وقتها دون تقديمها عليه أو تأخيرها عنه ، وقد جاء رخص عن الصادقين عليهم السلام في تقديمها شهرين قبل محلّها وتأخيرها شهرين[عنه] ، وجاء ثلاثة أشهر وأربعة أشهر عند الحاجة إلى ذلك. (26) والظاهر أنّ قوله : «عند الحاجة» متعلّق بالتأخير وأنّه لم يرد بالحاجة الضرورة، وإلّا لم يتقدّر بهذه المقادير ، بل أراد المصلحة كانتظار مستحقّ أفضل ونحوه . وما ذكره إشارة إلى ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قلت له : الرجل تحلّ عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخّرها إلى المحرّم؟ قال :[«لا بأس». قال: قلت: فإنّها لا تحلّ عليه في المحرّم فجعلها في شهر رمضان؟ قال: «لا بأس» (27) و عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال:] (28) «لابأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين». (29) وعن أبي بصير عنه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يعجّل زكاته قبل المحلّ، فقال : «إذا مضت ثمانية أشهر فلا بأس». (30) ويدلّ بعض الأخبار على جواز تقديمها على الإطلاق ، رواه الحسين بن عثمان، عن رجل، عنه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يأتيه المحتاج فيعطيه من زكاته في أوّل السنة ، فقال : «إن كان محتاجاً فلا بأس». (31) وحمل الشيخ قدس سره في الكتابين هذه الأخبار على جواز تقديمها قرضاً ، وأيّده بخبر الأحول. (32) وبما رواه في الصحيح عن ابن مسكان عن الأحول عنه عليه السلام مثله. (33) وكان وجه التأييد أنّه لو لم يكن ذلك التقديم قرضاً بل كان زكاةً لما جاز أخذه بعد حلوله إذا أيسر الآخذ؛ إذ المعتبر باستحقاقه حين الأخذ ، وأنت خبير ببُعد هذا التأويل؛ إذ التقديم قرضاً غير متقدّر بوقت اتّفاقاً، بل يجوز قبل تملّك النصاب أيضاً كما يشعر به كلامه في التهذيب أيضاً حيث قال : وليس لأحدٍ أن يقول: إنّ هذه الأخبار مع تضادّها لا يمكن الجمع بينها ؛ لأنّه يمكن ذلك، لأنّه لا يجوز عندنا تقديم الزكاة إلّا على جهة القرض، ويكون صاحبه ضامناً له متى جاء وقت الزكاة وقد أيسر المعطى، وإن لم يكن أيسر فقد أجزأ عنه، وإذا كان التقديم على هذا الوجه فلا فرق بين أن يكون شهراً أو شهرين أو ما زاد على ذلك. انتهى، (34) فتدبّر. ونقل في المختلف عن ابن أبي عقيل أنّه قال: ومَن أتاه مستحقّ فأعطاه شيئاً قبل حلول الحول وأراد أن يحتسب به من زكاته أجزأه إذا كان قد مضى من السنة ثلثها إلى ما فوق ذلك، وإن كان قد مضى من السنة أقلّ من ثلثها فاحتسب به من زكاته لم يجزءه، بذلك تواترت الأخبار عنهم عليهم السلام . وأراد بذلك تقديمها فرضاً فلا ينافي ما نقل عنه سابقاً. وقال العلّامة بعد ذلك النقل: وأكثر أصحابنا لم يعتبروا ما اعتبره هذا الشيخ، وهو الأقرب. لنا: أنّه يشتمل على مصلحة، وهو الإقراض، فيكون سائغاً قبل الثلث كبعده، والأخبار التي ادّعى تواترها لم تصل إلينا. (35) وأنت خبير بأنّ الطرفين في كلامه إنّما يتعلّقان بالاحتساب من الزكاة لا بالإعطاء، فيدلّ كلامه على عدم جواز الإعطاء بنيّة الزكاة قبل مضيّ ثلث الحول كما نقلنا عنه سابقاً، وأمّا الإعطاء للقرض فكلامه مطلق، فتدبّر.

.


1- . المقنعة ، ص 258.
2- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 99.
3- . النهاية ، 178 ، و مثله في المبسوط ، ج 1 ، ص 213.
4- . السرائر ، ج 1 ، ص447.
5- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 185.
6- . الفقيه ، ج 2 ، ص 30 ، ح 1616.
7- . المقنعة ، ص 259.
8- . هوالحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
9- . هو الحديث الثالث من هذا الباب.
10- . المبسوط ، ج1 ، ص 260 _ 261.
11- . قواعد الأحكام ، ج1 ، ص 348.
12- . جامع المقاصد ، ج 3 ، ص 30.
13- . المبسوط ، ج1 ، ص 261.
14- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 527 .
15- . هي الحديث الثاني من ذلك الباب.
16- . ذيل الحديث الثاني من ذلك الباب.
17- . المبسوط للطوسي ، ج1 ، ص261.
18- . الكافي في الفقه ، ص 173.
19- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 510 . وانظر: فتح العزيز ، ج5 ، ص 520 ؛ المجموع للنووي ، ج5 ، ص 333؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج2 ، ص 541 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج2 ، ص 668 ؛ المعتبر ، ج2 ، ص 554 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج5 ، ص 289 _ 290؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 3.
20- . في الأصل: «فكذلك» ، و المثبت من المصادر.
21- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 43 ، ح 110؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 31_ 32 ، ح 92؛ و هذا هو الحديث الثامن من باب أوقات الزكاة من الكافي؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 305 ، ح 12084.
22- . المصادر المتقدّمة ، الحديث التالي منها.
23- . المغني لابن قدامة ، ج2 ، ص 499؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج2 ، ص 682 .
24- . مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 237.
25- . المراسم العلويّة ، ص 128.
26- . المقنعة ، ص 239 _ 240 ، و ما بين الحاصرتين منها.
27- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 44 ، ح 112؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 32 ، ح 94؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 301 _ 302 ، ح 12072.
28- . ما بين الحاصرتين سقط في الأصل فوقع الخلط بين الحديثين ، فأثبتناه حسب مصادر الحديث.
29- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 44 ، ح 1114؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 96 ، ح 92؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 302 ، ح 12074.
30- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 44 ، ح 115؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 32 ، ح 97؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 302 ، ح 12075. و المذكور في متن الوسائل: «خمسة أشهر» ، و كتب في الهامش: «في نسخة: ثمانية أشهر».
31- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 44 ، ح 113؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 32 ، ح 95؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 302 ، ح 12073. و كان بالأصل: «عنه عليه السلام عن رجل» ، فصوّبناه حسب المصادر.
32- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 214 ، ح 11867.
33- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 45 ، ح 116؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 33 ، ح 98.
34- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 44 _ 45 ، ذيل ح 115.
35- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 240.

ص: 446

. .

ص: 447

. .

ص: 448

. .

ص: 449

. .

ص: 450

. .

ص: 451

. .

ص: 452

باب الزكاة لاتعطى غير أهل الولاية

باب الزكاة لاتعطى غير أهل الولايةلقد أجمع الأصحاب على اعتبار الإيمان، أعني القول بإمامة الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام في المستحقّين مع وجود المؤمن سوى المؤلّفة (1) ؛ لأنّ الإمامة من اُصول الدِّين وقد علم ضرورة في الملّة الحقّة بثبوتها عن النبيّ صلى الله عليه و آله فجاحدها لا يكون مصدّقاً للرسول صلى الله عليه و آله بجميع ما جاء به، فيكون كافراً. ويدلّ على كفر المخالف الأخبار المتواترة معنىً، ولذا حكم جماعة _ منهم الشيخان (2) وابن إدريس قدس سرهم (3) _ بعدم جواز غسل موتاهم وكفنهم ودفنهم إلّا للتقيّة، والكافر خارج عن المستحقّ غير المؤلّفة، وللأخبار التي ذكرها المصنّف قدس سره هنا وفي باب تفضيل القرابة في الزكاة، ولما رواه الشيخ عن زرارة ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلام أنّهما قالا: «الزكاة لأهل الولاية قد بيّن اللّه لكم موضعها في كتابه». (4) وعن إبراهيم الأوسي عن الرضا عليه السلام قال: «سمعت أبي يقول: كنت عند أبي يوماً فأتاه رجل فقال: إنّي رجلٌ من أهل الري ولي زكاة، فإلى مَن أدفعها؟ فقال: إلينا. فقال: أليس الصدقة محرّمة عليكم؟ فقال: بلى إذا دفعتها إلى شيعتنا فقد دفعتها إلينا، فقال: إنّي لا أعرف لها أحداً. فقال: فانتظر بها سنة. قال: إن لم أصب لها أحداً؟ قال: انتظر بها سنتين حتّى بلغ أربع سنين، ثمّ قال له: إن لم تصب لها أحدا فصُرَّها صراراً واطرحها في البحر، فإنّ اللّه عزّ وجلّ حرّم أموالنا وأموال شيعتنا على عدوّنا». (5) وعن عليّ بن بلال قال: كتبت إليه أسأله، هل يجوز أن أدفع زكاة المال والصدقة إلى محتاج غير أصحابي؟ فكتب: «لا تعط الصدقة والزكاة إلّا أصحابك». (6) وعن عمر بن يزيد، قال: سألته عن الصدقة على النصّاب وعلى الزيديّة، فقال: «لا تصدّق عليهم بشيء ولا تسقهم من الماء إن استطعت، وقال: الزيديّة هم النصّاب». (7) وعن عبداللّه بن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : جُعلت فداك، ما تقول في الزكاة لمن هي؟ قال: فقال: «هي لأصحابك»، قال: قلت: فإن فضل عنهم؟ قال: «فأعد عليهم»، قال: قلت: فإن فضل عنهم؟ قال: «فأعد عليهم»، قال: قلت: فإن فضل عنهم؟ قال: «فأعد عليهم»، قلت: فيعطى السؤال منها شيئاً؟ قال: فقال: «لا واللّه إلّا التراب، إلّا أن ترحمه، فإن رحمته فأعطه كسرة»، ثمّ أومى بيده فوضع إبهامه على اُصول أصابعه. (8) وأمّا مع فقد المؤمن فقد قال في المنتهى: «ولو لم يوجد المؤمن هل تصرف إلى غيرهم؟ فيه قولان، أصحّهما المنع». (9) وظاهره وقوع القول من الأصحاب بجواز دفعها إلى المستضعف ومخالفي الحقّ مع فقد المؤمن. ولم أرَ تصريحاً من القول به في كلام أحدٍ منهم، وينفيه بعض ما تقدّم من الأخبار. وعلى تقدير وقوع ذلك القول لعلّه تمسّك برواية يعقوب بن شعيب، عن العبد الصالح عليه السلام قال: إذا لم يجد [من يحملها إليهم قال: «ي] دفعها إلى من [لا]ينصب»، (10) وهي مطرحة للضعيف ومخالفتها للأخبار الكثيرة. والمشهور أنّه لا فرق في ذلك بين زكاة المال وزكاة الفطرة، ذهب إليه شيخنا المفيد، (11) والسيّد المرتضى (12) وابن الجنيد (13) وابن إدريس (14) رضي اللّه عنهم؛ لقوله عليه السلام في صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري: «ولا زكاة الفطرة»، (15) وغير ذلك ممّا يأتي مع الأخبار المعارضة الدالّة على جواز دفع الفطرة إلى المستضعف مع فقد المؤمن في موضعها، وقد عمل بها الشيخ (16) وأتباعه وجوّزوا ذلك في زكاة الفطرة مع عدم المؤمن؛ للجمع بين الأخبار. وربّما جمع بينها أيضاً بحمل الأخبار الثانية على التقيّة، ويجيء تفصيل القول فيه في محلّه. ويتفرّع على ذلك وجوب الإعادة على مَن أعطى غير المؤمن علماً بأنّه غير مؤمن، كما يدلّ عليه الأخبار، وأمّا لو أعطاه ظانّاً إيمانه فقد سبق القول فيه، وقد اعتبر بعض الأصحاب العدالة فيهم محتجّاً بما رواه المصنّف عن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن داود الصرمي قال: سألته عن شارب الخمر يُعطى من الزكاة شيئاً؟ قال: «لا». (17) واُيّد بأنّه إعانة على الإثم والعدوان، وقد ورد النهي عنها بقوله تعالى: «وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْاءِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» ، (18) وموادّة له وقد قال تعالى: «لَا تَجِدُ قَوْما يُؤْمِنُونَ بِاللّه ِ وَالْيَوْمِ الْاخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّه َ وَرَسُولَهُ» ، (19) وركون إليه وقد قال تعالى: «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ» . (20) وأنت خبير بأنّ قياس باقي الكبائر مثل شرب الخمر قياس مع الفارق؛ إذ هو جمّاع الآثام واُمّ الخبائث مع ضعف سند الأصل؛ لجهالة حال داود وإضماره، وإنّما يكون إعطاء الزكاة إعانة على الإثم لو صرفها فيه، بل لو علم أنّه ليصرفها فيه لا مطلقاً، (21) ودخول الفسّاق من الشيعة تحت الآيتين الأخيرتين ممنوع، بل الظاهر منهما الكفّار، ولكن الأحوط منعهم عنها. قوله في حسنة ابن أبي عمير: (في بعض هذه الأهواء الحروريّة) . [ح1/5899] يفهم من عدم التعليل وجوب الإعادة عليه لو كان المعطى مؤمناً، وهو كذلك.

.


1- . اُنظر: فقه الرضا عليه السلام ، ص 199؛ المقنع، ص 165؛ المقنعة ، ص 242؛ الخلاف ، ج 1 ، ص 224 ، المسألة 3؛ الاقتصاد للشيخ الطوسي ، ص 282؛ شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 132؛ المعتبر ، ج 2 ، ص 580 ؛ الرسائل التسع للمحقق الحلّي ، ص 207؛ تحريرالأحكام ، ج1 ، ص 410؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 263؛ الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 242 ، الدرس 65 .
2- . ذهبه إليه المفيد في المقنعة ، ص 85 ؛ والطوسي في النهاية ، ص 43؛ و تهذيب الأحكام ، ج1 ، ص 335 ، بعد ح 981؛ والمبسوط ، ج1 ، ص 181.
3- . السرائر ، ج 1 ، ص 158 و 356.
4- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 52 ، ح 135؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 224 ، ح 11888.
5- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 52_53 ، ح 139؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 223 ، ح 11887.
6- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 53 ، ح 140؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 222 ، ح 11883.
7- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 53 ، ح 141؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 222 ، ح 11884.
8- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 53 ، ح 142؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 222_223 ، ح11885.
9- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 523 .
10- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 46 ، ح 121؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 223 ، ح 11886.
11- . المقنعة ، ص 242.
12- . الانتصار ، ص 228؛ رسائل المرتضى ، ج1 ، ص289.
13- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 307.
14- . السرائر ، ج1 ، ص 471.
15- . هو الحديث السادس من هذا لباب من الكافي؛ المقنعة ، ص 242؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 52 ، ح 137؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 221 ، ح 11880.
16- . المبسوط ، ج 1 ، ص 242؛ النهاية ، ص 192.
17- . الكافي ، باب من يحلّ له أن يأخذ الزكاة و من لا يحلّ له ، ح 15؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 249 ، ح 11947.
18- . المائدة(5): 2.
19- . المجادلة(58): 22.
20- . هود(11): 113.
21- . اُنظر: معجم رجال الحديث ، ج7 ، ص 128 ، الرقم 4422.

ص: 453

. .

ص: 454

. .

ص: 455

باب قضاء الزكاة عن الميّت

باب قضاء الزكاة عن الميّتلا ريب في وجوب إخراج الزكاة من أصل التركة كاُجرة وسائر الديون وفي ذلك والأخبار ناطقة به. قوله في حسنة شعيب العقرقوفي : (فأقضيها أو أؤدّيها) . [ح3/5907] الترديد من الرواي، ويدلّ الخبر على جواز أداء الزكاة عن الميّت تبرّعاً، ولا ريب فيه؛ لأنّه كأداء الدَّين عنه كذلك. قوله في حسنة علي بن يقطين: (قال: يخرجونها فيعودون بها على أنفسهم) إلى آخره. [ح5/5909] لا خلاف في ذلك وإن كان الوارث واجب النفقة لمورّثهم على تقدير حياته؛ إذ بموته زال وجوب النفقة، والظاهر أنّ إخراج قدر منها إلى غيرهم من باب الندب والاستحباب كما صرّح به بعض الأصحاب. (1)

.


1- . اُنظر: مدارك الأحكام ، ج5 ، ص 276.

ص: 456

باب أقلّ ما يعطى من الزكاة وأكثره

باب أقلّ ما يعطى من الزكاة وأكثرهلا خلاف بين الأصحاب في أنّه لا حدّ لما يعطى من الزكاة فقير كثرة، وأنّه يجوز إعطاؤه قدر غناه وأزيد دفعةً، (1) وهو المشهور بين العامّة أيضاً. وعن أبي ثور منهم عدم جواز إعطاء ما زاد على غناه، وعن أحمد في إحدى الروايتين عنه عدم جواز إعطاء قدر الغنى أيضاً. (2) ويدلّ على ما ذهبنا إليه ما ذكره المصنّف قدس سرهفي هذا الباب، وما رواه الشيخ عن زياد بن مروان، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: «أعطه ألف درهم». (3) وعن إسحاق بن عمّار، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : أعطي الرجل من الزكاة مئة درهم؟ قال: «نعم»، قلت: مئتين؟ قال: «نعم»، قلت: ثلاثمئة؟ قال: «نعم»، قلت: أربعمئة؟ قال: «نعم»، قلت: خمسمئة؟ قال: «نعم، حتّى تُغنيه». (4) ويؤيّدها إطلاق الأخبار المتكثّرة جانب القلّة، فالمشهور بين الأصحاب أنّه لا حدّ لها أيضاً وإن استحبّ أن لا يكون أقلّ ممّا ورد في النصاب الأوّل من النقدين؛ جمعاً بين صحيحة أبي ولّاد الحنّاط، (5) ومثلها ما رواه الشيخ عن عبداللّه بن بكير ومعاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال: قال: «لا يجوز أن تدفع الزكاة أقلّ من خمسة دراهم، فإنّها أقلّ الزكاة»، (6) وبين صحيحة محمّد بن أبي الصهبان، قال: كتبت إلى الصادق عليه السلام : هل يجوز لي _ يا سيّدي _ إذا أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة الدراهم، فقد اشتبه ذلك عليَّ؟ فكتب: «ذلك جائز». (7) ويؤيّده إطلاق بعض الأخبار، وإليه ذهب السيّد رضى الله عنهفي الجمل (8) على ما نقل عنه في المختلف، (9) وقد حكى عنه أنّه قال في المسائل المصرية (10) بعدم جواز دفع أقلّ من الدرهم. وفصّل الصدوق رضى الله عنه في المقنع، فجوّز إعطاء ما دون النصاب الأوّل من الفضّة دون الذهب. حكى في المختلف عنه أنّه قال: «ويجوز أن يعطى الرجل الواحد الدرهمين، ولا يجوز في الذهب إلّا نصف دينار». (11) ووجهه غير ظاهر. وظاهر الشيخ والمفيد في المقنعة عدم جواز إعطاء أقلّ من خمسة دراهم، قال: «أقلّ ما يعطى الفقير من الصدقة المفروضة خمسة دراهم فصاعداً» (12) ؛ لصحيحة أبي ولّاد (13) ورواية عبداللّه بن بكير ومعاوية بن عمّار. (14) وقال الشيخ في النهاية: أقلّ ما يعطى الفقير من الزكاة خمسة دراهم أو نصف دينار، وهو أقلّ ما يجب في النصاب الأوّل، فأمّا مازاد على ذلك فلا بأس أن يعطى كلّ واحدٍ ما يجب في نصاب، وهو درهم إن كان من الدراهم أوعشر دينار إن كان من الدنانير، وليس لأكثره حدّ. (15) وإليه ذهب في الكتابين؛ للجمع بين الأخبار حيث حمل صحيحة محمّد بن أبي الصهبان على ما تجب في النصب بعد النصاب الأوّل. (16) وعن سلّار أنّه قال: «أقلّ ما يجزي إخراجه من الزكاة ما يجب في نصاب». (17) وظاهره اعتبار ذلك في الأصناف التسعة الزكوية كلّها. وعن ابن حمزة أنّه قال: «لا يجوز أن يعطى مستحقّ من الذهب والفضّة والمواشي أقلّ من نصاب». (18) ويفهم منه جواز إعطاء أقلّ من نصاب من الغلّات الأربع، وظاهر هؤلاء الوجوب. وعن ابن البرّاج أنّه قال: «أقلّ ما ينبغي دفعه [من الزكاة] إلى مستحقّها هو ما يجب في نصاب واحد». (19) و تنكير النصاب النصاب في كلاميهما يشمل ما يجب في النصاب الثاني من النقدين، وهو منقول في المنتهى عن ابن الجنيد أيضاً، قال: «وقال سلّار: يجوز الاقتصار على ما يجب في النصاب الثاني، وهو درهمان أو قيراطان، وبه قال ابن الجنيد». (20) وفي المختلف عن ابن حمزة أنّه قال: «لا يجوز أن يعطى المستحقّ من الذهب والفضّة والمواشي أقلّ من نصاب». (21) ويفهم منه جواز إعطاء أقلّ من نصاب من الغلّات الأربع. وقال ابن إدريس: اختلف أصحابنا في أقلّ ما يعطى الفقير من الزكاة في أوّل دفعة، فقال بعض منهم: أقلّ ما يجب في النصاب الأوّل من سائر أجناس الزكاة. وقال بعض منهم: أخصّه بأوّل نصاب الذهب والفضّة فحسب، وقال بعض: أقلّه ما يجب في النصاب[الثاني] من الذهب والفضّة. وذهب بعض آخر إلى أنّه يجوز أن يعطى من الزكاة الواحد من الفقراء القليل والكثير، ولا يحدّ القليل بحدّ لا يجزي غيره، وهو الأقوى عندي. (22)

.


1- . اُنظر: النهاية ، ص 189؛ مختلف الشيعة ، ج3 ، س 220؛ تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 340؛ منتهى المطلب ، ج1 ، ص 528 ؛ مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 283.
2- . اُنظر: بداية المجتهد ، ج1 ، ص 222 _ 223؛ الاستذكار ، ج 3 ، ص 210 _ 211؛ أحكام القرآن للجصّاص ، ج3 ، ص 177.
3- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 63 ، ح 171؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 260 ، ح 11975.
4- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 63_ 64 ، ح 172؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 260 ، ح 11976.
5- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
6- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 62 _ 63 ، ح 168؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 38 ، ح 117؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 257 _ 258 ، ح 11968. و كان في الأصل: «خمسة الدارهم» ، فصّوبناه حسب المصادر.
7- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 63 ، ح 169؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 38 ، ح 118؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 258 ، ح 11969.
8- . جمل العلم و العمل (رسائل المرتضى ، ج3 ، ص 79).
9- . مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 227.
10- . لم أعثر عليه في رسالة جوابات المسائل المصريّات ؛ فإنّ موضوعه غير الفروع العمليّة ، نعم هذا القول موجود في جوابات المسائل التبّانيات (رسائل المرتضى ، ج1 ، ص 225).
11- . مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 226. و لفظه في المقنع، ص 162 هكذا: «و لايجزي في الزكاة أن يعطى أقلّ من نصف دينار».
12- . المقنعة ، ص 243.
13- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
14- . وسائل الشيعة ،ج 9 ، ص 257 ، ح 11968.
15- . النهاية ، ص 189.
16- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 63 ، ح 169؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 38 ، ح 118.
17- . المراسم العلويّة ، ص 133.
18- . الوسيلة ، ص 130.
19- . المهذّب ، ج1 ، ص 172 ، و ما بين الحاصرتين منه.
20- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 530 . و حكاه أيضا عنهما المحقق في المعبتر ، ج2 ، ص 590 . و تقدّم كلام سلّار.
21- . مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 227؛ الوسيلة ، ص 130. و تقدّم كلام ابن حمزة آنفا.
22- . السرائر ، ج1 ، ص 464.

ص: 457

. .

ص: 458

. .

ص: 459

باب أنّه يعطى عيال المؤمنين من الزكاة إذا كانوا صغاراً و

باب أنّه يعطى عيال المؤمنين من الزكاة إذا كانوا صغاراً و يقضي عن المؤمنين الدِّيون من الزكاةفيه مسألتان: الاُولى: أجمع الأصحاب على جواز دفع الزكاة إلى أطفال المؤمنين، (1) وبه قال أكثر العامّة. (2) ويدلّ عليه _ مضافاً إلى إطلاق الكتاب والسنّة _ ما رواه المصنّف قدس سرهفي هذا في الحسن عن أبي بصير، (3) وعن أبي خديجة، (4) وهو سالم بن مكرم، وقد اختلف كلام الأصحاب في توثيقه وتضعيفه، (5) واستقرب في الخلاصة التوقّف في قبول روايته؛ للتعارض، (6) وظاهر الأدلّة جواز تسليمها إليهم، ولا يبعد جوازه إذا علم أنّهم يصرفونها في المباحات، وقد صرّح به بعض الأصحاب. وصرّح العلّامة في التذكرة بعدم جواز دفعها إليهم وإن كانوا مميّزين مستدلّاً بأنّ الصغير ليس محلّاً لاستيفاء ماله من الغرماء، فكذا هنا، واشترط دفعها إلى الأولياء أو من يقوم مقامهم في القيام باُمورهم. (7) وكذا الظاهر جواز دفعها إليهم، أي وإن كان آباؤهم فسّاقاً واشترطنا العدالة في المستحقّ كما صرّح به السيّد المرتضى رحمه الله (8) واستحسنه العلّامة في المنتهى محتجّاً بأنّ الأولاد في حكم آبائهم في الإيمان والكفر لا في جميع الأحكام. (9) وقال الشيخ قدس سره: و هذا_ يعني جواز إعطائها الأطفال _ إنّما يتمّ إذا لم نعتبر العدالة في المستحقّ، أمّا لو اعتبرناها أمكن عدم الجواز مطلقاً؛ لعدم اتّصافهم بها، والجواز؛ لأنّ المانع الفسق وهو منفيّ عنهم. (10) الثانية: لقد أجمعوا أيضاً على جواز قضاء ديون المؤمنين منها إذا كانت في غير معصية، (11) أحياء كانوا أم أمواتاً، من سهم الغارمين وإن كانوا واجبي النفقة للمعطي، وإليه ذهب أكثر العامّة (12) ؛ لعموم الآية في الغارمين، وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، (13) ولما روي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّه قال: «قضى ما عليه من سهم الغارمين إذا أنفقه في طاعة اللّه عزّ وجلّ، وإذا كان أنفقه في معصية اللّه فلا شيء له على الإمام». (14) وفي تفسير عليّ بن إبراهيم عن العالم عليه السلام : «الغارمون قومٌ قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة اللّه من غير إسراف، فيجب على الإمام أن يقضي عنهم». (15) ولحسنة زرارة قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل حلّت عليه الزكاة ومات أبوه وعليه دين، أيؤدّي زكاته في دين أبيه وللابن مالٌ كثير؟ فقال: «إن كان أبوه أورثه مالاً ثمّ ظهر عليه دَين لم يعلم به يومئذٍ فيقضيه عنه، قضاه من جميع الميراث ولم يقضه من زكاته، وإن لم يكن أورثه مالاً لم يكن أحد أحقّ بزكاته من دَين أبيه، فإذا أدّاها من دين أبيه على هذه الحال أجزأت عنه». (16) ويؤيّدها الأخبار الواردة في قصاص الزكاة بالدَّين، وسيأتي في مقامه. واعلم أنّ مهور النساء مطلقاً داخل تحت الدِّيون؛ لعدم مخصّص، خلافاً لابن الجنيد رحمه اللهحيث منع من قضائها إذا كان بالأزواج غنى عنهنّ؛ محتجّاً بأنّ فيه نوع إسراف فلا يعطى؛ لما مرّ في بعض الأخبار من اشتراط عدم صرف الدّين إسرافاً. (17) واُجيب بمنع كونه إسرافاً، والمشهور بينهم أنّه إنّما يجوز قضاء دين الميّت عنها إذا لم يكن له تركة كما يدلّ عليه هذه الحسنة، وصرّح به ابن الجنيد (18) والشيخ في المبسوط. (19) وقال في المختلف: «لا يعتبر ذلك؛ لعموم الأمر باحتساب الدَّين على الميّت من الزكاة، ولأنّه بموته انتقلت التركة إلى ورثته، فصار في الحقيقة عاجزاً». (20) وضعفه ظاهر. (21) وإن صرفوها في المعصية فظاهر العلّامة في المنتهى إجماع الأصحاب على عدم جواز قضائها من سهم الغارمين مطلقاً وإن تابوا، (22) واحتجّ عليه بإطلاق الروايتين المذكورتين عن الرضا والعالم عليهماالسلام. (23) وربّما استدلّ عليه بقبح إعانة المستدين في المعصية، وبأنّ قضاء دينه إغراء بالغارم على المعصية؛ لأنّه إذا علم أنّه يقضى عنه عاود الاستدانة للمعصية، ولكن جوّزه المحقّق في المعتبر (24) مع التوبة، ومنشأوه اطّراحه للخبرين؛ لإرسالهما وعدم وقوعهما مسندة في شيء من الاُصول، وعدم اعتماده على الأدلّة العقليّة. على أنّها إنّما تتمّ مع عدم التوبة؛ ولإطلاق باقي الأخبار، وبه قال الشافعي أيضاً. (25) وإن جهل حالهم، هل صرفوها في المعصية أو في الطاعة؟ فالمشهور بين الأصحاب جوازه من سهم الغارمين؛ حملاً لتصرّف المسلم على المشروع (26) وإطلاق الأخبار مع عدم مخصّص صالح. ومنعه الشيخ؛ لما رواه عن رجل من أهل الجزيرة عن الرضا عليه السلام قال: قلت: فهو لا يعلم في ماذا أنفقه، في طاعة اللّه أم في معصية اللّه ؟ قال: «يسعى في ماله فيردّه عليه وهو صاغر». (27) ولاشتراط العلم بانفاقها في الطاعة. وردّ الأوّل بالإرسال، والثاني بالمنع، فإنّ ما يدلّ على اعتبار الصرف في الطاعة على تقدير التسليم لا يدلّ على اعتبار العلم، بل ظاهره كفاية الظنّ، وهو حاصل فيما إذا لم يعلم صرفها في المعصية بناءً على حمل أفعال المؤمنين على الصحّة. ثمّ المشهور بين الأصحاب جواز قضائها وإن صرفت في المعصية من سهم الفقراء بعد التوبة أو قبلها بناءً على الخلاف في اشتراط العدالة في الفقير، ومن سهم سبيل اللّه وإن لم يتب. (28) وذهب أحمد من العامّة إلى عدم جواز قضاء الدَّين عن الميّت مطلقاً محتجّاً بأنّ الغارم هو الميّت ولا يمكن الدفع إليه، والغريم ليس بغارم. (29) واُجيب عنه بأنّ القصد من سهم الغارمين إبراء ذمّة الغارم لا التمليك، ولهذا يجوز للإمام أن يقضي دين الغارم من غير أن يدفعها إليه، والإبراء متحقّق هاهنا. (30)

.


1- . اُنظر: المقنعة ، ص 259؛ النهاية ، ص 186؛ السرائر ، ج1 ، ص 460؛ شرائع الإسلام ، ج1 ، ص 123؛ تذكرة الفقهاء ، ج5 ، ص 279 ؛ مسالك الأفهام ، ج1 ، ص 421 _422؛ مدارك الأحكام ، ج5 ، ص 240 _ 241.
2- . اُنظر: المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج2 ، ص 510 ؛ المجموع للنووي ، ج6 ، ص 159؛ روضة الطالبين ، ج2 ، ص 76 _ 77؛ كشف القناع ، ج4 ، ص 364.
3- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
4- . هو الحديث الثالث من هذا الباب.
5- . قال النجاشي في رجاله ، ص 188 ، الرقم 501: «ثقة ثقة». وضعفّه الشيخ في الفهرست ، ص 141 ، الرقم 337؛ و ابن شهر آشوب في معالم العلماء ، ص 92 ، الرقم 381.
6- . خلاصة الأقوال ، ص 354 _ 355.
7- . تذكرة الفقهاء ، ج5 ، ص 279 _ 280.
8- . حكاه عنه ابن إدريس في السرائر ، ج1 ، ص 460.
9- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 524 .
10- . لم أعثر عليه في كتب الشيخ ، و هذه العبارة بعينها موجودة في مسالك الأفهام للشهيد الثاني ، ج1 ، ص 421 _ 422. فيحتمل أن يكون كلمة «الشيخ» مصحّفا عن كلمة «الشهيد».
11- . اُنظر: المبسوط ، ج1 ، ص 251؛ النهاية ، ص 306؛ الوسيلة ، ص 129 و 274؛ السرائر ، ج2 ، ص 34؛ المعتبر ، ج2 ، ص 575 ؛ شرائع الإسلام ، ج1 ، ص 122؛ الجامع للشرائع ، ص 285؛ كشف الرموز ، ج1 ، ص 254؛ تذكرة الفقهاء ، ج5 ، ص 257؛ شرح اللمعة ، ج2 ، ص 47؛ مدارك الأحكام ، ج5 ، ص 222.
12- . اُنظر: المجموع للنووي ، ج6 ، ص208؛ روضة الطالبين ، ج2 ، ص 180 ، بداية المجتهد ، ج1 ، ص 221؛ تفسير البغوي ، ج2 ، ص 304؛ تفسير الرازي ، ج 16 ، ص 112؛ تفسير الجلالين ، ص 250.
13- . هو الحديث الثاني من هذا الباب.
14- . الكافي، كتاب المعيشة ، باب الدين، ح 5 ؛ تهذيب الأحكام ، ج6 ، ص 185_ 186 ، ح385؛ وسائل الشيعة ، ج18 ، ص 336 ، ح 23796.
15- . تفسير القمّي ، ج1 ، ص 299؛ تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 49_50 ، ح 129؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 211 _ 212 ، ح 11862.
16- . هذا هو الحديث الثالث من «باب نادر» من كتاب الزكاة من الكافي؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص250 ، ح 11949.
17- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 214.
18- . حكاه عنه في مختلف الشيعة ، ج 3 ص 212.
19- . المبسوط للطوسي ، ج1 ، ص 252.
20- . مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 212 ، و فيه: «و الأقرب عندي عدم الاشتراط ، لنا عموم الأمر بجواز احتساب الدين...».
21- . وجه الضعف تقدثيم الدَّين على الميراث.
22- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 521 .
23- . وسائل الشيعة ، ج18 ، ص 336 ، ح 23796.
24- . المعتبر ، ج2 ، ص 575 .
25- . الخلاف ، ج2 ، ص 235 ، المسألة 20؛ المجموع للنووي ، ج6 ، ص 206.
26- . هذا هو الظاهر، و هذه الكلمة في الأصل غير واضحة.
27- . النهاية ، ص 306. و الحديث في تهذيب الأحكام ، ج6 ، ص 185 _ 186 ، ح 385.
28- . اُنظر: مدارك الأحكام ، ج5 ، ص 224.
29- . المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج2 ، ص 527 _ 528 .
30- . المعتبر ، ج2 ، ص 576 ؛ منتهى المطلب ، ج1 ، ص 521 .

ص: 460

. .

ص: 461

. .

ص: 462

. .

ص: 463

باب تفضيل أهل الزكاة بعضهم على بعض

باب تفضيل أهل الزكاة بعضهم على بعضولا خلاف بين الأصحاب في جواز تفضيل بعض المستحقّين على بعض في الزكاة، ولا في جواز تخصيص صنف من الأصناف الثمانية، بل واحد من صنف بها. وحكي ذلك عن ابن عبّاس وحذيفة، وبه قال مالك وأبو حنيفة، وزعم الشافعي وجوب التشريك بين الأصناف الثمانية ودفعها إلى ثلاثة من كلّ صنف. (1) ومنشأ النزاع الخلاف في أنّ اللام في قوله: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ» الآية، (2) هل هي لبيان المصرف أو للتمليك؟ والحقّ الأوّل؛ لأصالة عدم الملك، وعموم اللام. ويؤيّده «وَفِي الرِّقَابِ» «وَفِي سَبِيلِ اللّه ِ» ، فإنّ «في» ليس للملكيّة اتّفاقاً، ولا قائل بالفصل. وتخصيص الفقراء بالذِّكر في قوله تعالى: «الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللّه ِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبا فِي الْأَرْضِ» (3) لو كان في الزكاة، وفي قوله تعالى: «إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» ، (4) لشمول الصدقات الزكاة وعدم ذكر أكثر الأصناف في قوله عزّ وجلّ: «يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّه َ بِهِ عَلِيمٌ» (5) بناءً على شموله للصدقة المندوبة والواجبة. ويدلّ عليه الأخبار من الطريقين، فمن طريق الأصحاب بعض ما رواه المصنّف قدس سرهفي الباب وفي الباب الآتي، وحسنة زرارة (6) التي رويناها في الباب السابق، فإنّ ظاهرها صرف جميع الزكاة في دين الأب. وصحيحة عليّ بن يقطين أنّه قال لأبي الحسن عليه السلام : يكون عندي المال من الزكاة، فأحجّ به مواليّ وأقاربي؟ قال: «نعم لا بأس به». (7) وصحيحة عمرو، عن أبي بصير، (8) عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال: سألته عن الرجل يجتمع عنده من الزكاة الخمسمئة أو الستّمئة، أيشتري منها نسمة ويعتقها؟ فقال: «إذن يظلم قوماً آخرين حقوقهم»، ثمّ مكث مليّاً ثمّ قال: «إلّا أن يكون عبداً مسلماً في ضرورة فيشتريه ويعتقه». (9) ومن طريق الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و سلم أنّه قال لمعاذ: «فإن أجابوك فأعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم». (10) والاكتفاء بالفقراء في مقام الإعلام يعني عدم لزوم الدفع إلى غيرهم. وما روي أنّه صلى الله عليه و آله جاءه مالٌ فجعله في المؤلّفة، (11) كالأقرع بن حابس (12) وعيينة بن حصن (13) وعلقمة (14) وزيد الخيل، (15) وقسّم فيهم الصدقة التي بعث بها عليّ عليه السلام من اليمن، (16) وأنّه أمر لسلمة بن صخر (17) بصدقة قومه[ولو وجب] صرفها إلى الأصناف الثمانية بأسرهم، [لم يجز دفعها الى واحد]. (18) وفي المنتهى: «لأنّ لكلّ واحدٍ منهم قسطا، أو لأنّه يخرج به عن الخلاف». (19) نعم، يستحبّ عندنا. ويستفاد ذلك من صحيحة عمرو عن أبي بصير (20) المتقدّمة. ويستحبّ أيضاً إعطاء جماعة من كلّ صنف فيما ورد فيه لفظ الجمع، ويستحبّ تفضيل ذوي العقل والدين والقرابة والمتعفّفين عن السؤال ونحوها كما ذكره الأصحاب وفهم من بعض الأخبار المذكورة، وما سيأتي في الباب الآتي. قوله في خبر عبداللّه بن سنان: (إنّ صدقة الخفّ والظلف تدفع إلى المتجمّلين، فأمّا صدقة الذهب والفضّة وما كيل بالقفيز ممّا أخرجت الأرض فللفقراء المدقعين) . [ح3/5919] المدقع كمحسن: الملصق بالدقعاء، وهو التراب، (21) واستحباب ذلك مصرّحٌ به في كلام الأصحاب. قوله في خبر عنبسة بن مصعب: (فخصصت اُناسا منكم خشينا جزعهم وهلعهم) .[ح5/5921] قال الجوهري: الهلع: أفحش الجزع، وقد هلع بالكسر فهو هلع وهلوع. (22)

.


1- . الخلاف ، ج4 ، ص 227 _ 228 ، المسألة 7؛ المجموع للنووي ، ج6 ، ص 216؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج6 ، ص 557 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج2 ، ص 707؛ و ج 6 ، ص 480؛ الإنصاف ، ج3 ، ص 248؛ تفسير الآلوسي ، ج10 ، ص 124؛ الاستذكار ، ج3 ، ص 207.
2- . التوبة(9): 60 .
3- . البقرة(2): 273.
4- . البقرة(2): 271.
5- . البقرة(2): 215.
6- . وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 250 ، ح 11949.
7- . الفقيه ، ج2 ، ص 35 _ 36 ، ح 1633؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 290 ، ح12045.
8- . في الأصل: «عمرو بن أبي نصر» و التصويب من مصادر الحديث ، و يحتمل أن يكون في نسخة الشارح كذلك ، و عمرو بن أبي نصر أيضا من أصحاب أبي عبداللّه عليه السلام ، وثّقه النجاشى في رجاله ، ص 290 ، الرقم778.
9- . الكافي ، باب الرجل يحج من الزكاة أو يعتق ،ح 2 ؛ تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 100 ، ح282؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 291 _ 282 ، ح 12049.
10- . مسندالشافعي ، ص 378؛ مسند أحمد ، ج 1، ص 233؛ سنن الدارمي ، ج1 ، ص 379؛ صحيح البخاري ، ج2 ، ص 108 و 136؛ و ج5 ، ص 109؛ صحيح مسلم ، ج 1 ، ص 38؛ سنن ابن ماجة ، ج1 ، ص 568 ، ح 1783؛ سنن أبي داود ، ج1 ، ص356_ 357 ، ح1584؛ سنن الترمذي ، ج2 ، ص 69 ، ح 621 ؛ سنن النسائي ، ج5، ص 3 _ 4 اول كتاب الزكاة؛ و ص 55 ؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج2 ، ص 4 _ 5 ، ح 2215؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 96 و... .
11- . المغني لابن قدامة ، ج2 ، ص 529 ؛ المجموع للنووي ، ج6 ، ص 197؛ بدائع الصنائع ، ج2 ، ص 44.
12- . الأقرع بن حابس بن عقال التميمي ، شهد مع النبى صلى الله عليه و آله فتح مكّة و حنينا ، و كان اسمه فراس، فلقّب بالأقرع لقرع كان في رأسه ، و استعمله عبداللّه بن عامر على جيش سيّرة إلى خراسان فاُصيب بالجوزجان هو والجيش، وذلك في خلافه عثمان. راجع: اُسدالغابة ، ج107 _ 110؛ تاريخ الإسلام ، ج3 ، ص 285.
13- . عيينة بن حصن بن خذيقة بن بدر الفزاري ، أسلم بعد الفتح . و قيل: قبله ، و شهد حنينا والطائف ، و كان من الأعراب الجفاة ، و كان ممّن ارتدّ و تبع طليحة الأسدي فاُخذ أسيرا فأطلقه أبوبكر ، مات في خلافة عثمان ، و قيل في خلافة عمر. راجع: اُسد الغابة، ج 4، ص 166 _ 167؛ الإصابة، ج 4، ص 638 _ 641 ، الرقم 6166 .
14- . علقمة بن علاثة بن عوف الكندي العامري ، لمّا عاد النبي من الطائف ارتدّ علقمة و لحق بالشام ، فكما توفّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله أقبل مسرعا و عسكر في بنى كلاب ، فأرسل إليه أبوبكر جيشا فانهزم منهم و اُسر أهله ، فأطلقهم أبوبكر ، ثمّ أسلم علقمة ، واستعمله عمر على حوران فمات بها. راجع: الاستيعاب ، ج 3 ، ص 1088 ، الرقم 1848 ؛ اسدالغابة ، ج 4 ، ص 13.
15- . زيد بن مهلهل بن زيد الطائي ، قدم على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وفي وفد طيء سنة تسع و أسلم ، و سمّاه ، النبى صلى الله عليه و آله زيد الخير ، و كان شاعرا لسينا شجاعا كريما . قيل: مات عند منصرفه من عند النبي صلى الله عليه و آله . و قيل: بل مات في خلافة عمر. راجع: الاستيعاب ، ج2 ، ص 559 ، الرقم 862 .
16- . مسند أحمد ، ج3 ، ص 4؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج7 ، ص 18؛ مسند الطيالسي ، ص 296؛ السنّة لابن أبي عاصم ، ص 426 ، ح 910؛ مسند أبي يعلى ، ج2 ، ص 290 _ 291 ، ح 189؛ سنن أبي داود ، ج2 ، ص 428 _ 429 ، ح 4764؛ سنن النسائي ، ج 7 ، ص 118.
17- . سلمة بن صخر بن سلمان بن حارثه البياضيّ الأنصاري ، و هو الّذي ظاهر من امرأته ثمّ وقع عليها ، فأمره رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يكفّر ، و كان أحد البكائين. راجع: الاستيعاب، ج 2، ص 641 _ 642 ، الرقم 1023؛ اُسد الغابة ، ج 2 ، ص 337 _ 338؛ الثقات لابن حبّان ، ج3 ، ص 165 _ 166.
18- . تذكرة الفقهاء ، ج5 ، ص 337؛ المغني لابن قدامة ، ج2 ، ص 529 ؛ نصب الراية للزيلعي ، ج2 ، ص 481 ، ومابين الحاصرات من تذكرة الفقهاء.
19- . منتهى المطلب ،ج1 ، ص 528 .
20- . في الأصل: «عمروبن أبينصر»، و صوّبناه حسب مصادر الحديث ، و قد تقدّم آنفا.
21- . القاموس المحيط ، ج3 ، ص 21 (دقع).
22- . صحاح اللغة ، ج3 ، ص 1308 (هلع).

ص: 464

. .

ص: 465

. .

ص: 466

باب تفضيل القرابة في الزكاة ومن لا يجوز أن يعطوا من الزكاة

باب تفضيل القرابة في الزكاة ومن لا يجوز أن يعطوا من الزكاةلا ريب في استحباب تفضيل القرابة وتخصيصهم بالزكاة إذا كانوا على صفة الاستحقاق، ومن شرائط استحقاقهم أن لا يكونوا واجبي النفقة للمعطي وهم الأبوان وإن علوا والأولاد وإن سفلوا، أو الزوجة. ويدلّ عليه الأخبار الواردة في الباب، وما رواه الشيخ عن سهل بن زياد، عن عليّ بن مهزيار، عن الحسن عليه السلام ، قال: سألته عن الرجل يضع زكاته كلّها في أهل بيته وهم يتولّونك، فقال: «نعم». (1) ولكنّ الأفضل أن يخرج بعضاً منها إلى الأجانب كما ستعرف في رواية أبي خديجة. فأمّا ما رواه المصنّف عن عمران بن إسماعيل بن عمران القمّي (2) من جواز الدفع إلى الأولاد، فمع جهالة الخبر حملها الشيخ قدس سره على من كان فقيراً ذا عيال كثير لا يكون معه ما يكفي عياله، وقال: إذا كان هذه حاله جاز أن يصرف الزكاة في الزائد على قدر قوت عياله توسعةً لهم. واستدلّ عليه بخبر أبي خديجة عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «لا تعط من الزكاة أحداً ممّن تعول»، وقال: «إذا كان لرجل خمسمئة درهم وكان عياله كثيراً، قال: ليس عليه زكاة، ينفقها على عياله يزيدها في نفقتهم وكسوتهم، وفي طعام لم يكونوا يطعمونه، وإن لم يكن له عيال وكان وحده فليقسّمها في قومٍ ليس بهم بأس إعفاءً عن المسألة لا يسألون أحداً شيئاً». وقال: «لا تعطين قرابتك الزكاة كلّها ولكن أعطهم بعضاً، واقسم بعضاً في سائر المسلمين». وقال: «الزكاة تحلّ لصاحب الدار والخادم، ومَن كان له خمسمئة درهم بعد أن يكون له عيال، ويجعل زكاة الخمسمئة زيادةً في نفقة عياله ويوسّع عليهم». (3) وربّما حملت على أنّه علم الإمام عليه السلام من حال السائل أنّه غير متمكِّن من النفقة على الأولاد. ووجّهه في المنتهى بوجهين آخرين أيضاً في غاية البُعد، أحدهما: جواز أن يكون النساء والرجال من ذوي الأقارب أطلق عليهم اسم الولد مجازاً بسبب مخالطتهم للأولاد. والثاني: أن يكون أراد الزكاة المندوبة. (4) وعلّة المنع الغنى اللازمة لوجوب نفقتهم عليه، فيجوز الدفع إلى من تجب نفقته عليه من سهم من لا يعتبر فيه الفقر كالغازي والعامل ونحوهما، كما هو مقتضى إطلاق الآية الكريمة والأخبار، وصرّح به بعض العلماء الأخيار، قال في المنتهى: لو كان الأب غازياً أو عاملاً أو ابن سبيل أو مكاتباً جاز أن يدفع إليه، وكذا لكلّ مَن تجب نفقته عليه؛ لأنّ ما يأخذ الغازي والعامل كالاُجرة، ولا يجب على الإنسان فكّ رقبة مَن تجب نفقته ولا مؤونة السفر الزائد على الحضر. (5) وفي شرح اللمعة: ويشترط في المستحقّ أن لا يكون واجب النفقة على المعطي من حيث الفقر، أمّا من جهة الغرم والعمولة وابن السبيل ونحوه إذا اتّصف بموجبه فلا، فيدفع إليه ما يوفي دينه، والزائد عن نفقة الحضر. والضابط: أنّ واجب النفقة إنّما يمنع من سهم الفقراء لقوت نفسه مستقرّاً في وطنه. (6) ولم ينقلا فيه خلافاً، ونحوهما في كلام [غير]هما. (7) ويدلّ على حكم الغارم به من الأخبار التي ذكرناها سابقاً والأخبار الآتية في الباب الآتي. وروى الجمهور عن أبي سعيد الخدري عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: «لا تحلّ الصدقة لغني إلّا لخمس: غاز في سبيل اللّه ، أو عامل عليها، أو غارم، أو قوم تحمّلوا في ضمان مال». (8) وقيل: ذلك بأن يتلف مال رجل ولا يدري مَن أتلفه وكاد أن تقع بسببه فتنة، فضمنه رجل لإطفاء نائرتها. قوله في رواية إسحاق بن عمّار: (فيأتيني إبّان الزكاة) . [ح1/5923] أي وقت وجوبها، والنون أصلية، فيكون فعّالاً، وقيل: هي زائدة، وهو فعلان من أبَّ الشيء، إذا تهيّأ للذهاب، كذا في نهاية ابن الأثير. (9) وفي القاموس: إبّان الشيء بالكسر: حينه أو أوّله. (10)

.


1- . هذا هو الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي. ورواه عنه الشيخ في الاستبصار ، ج 2 ، ص 35 ، ح 105؛ وفي تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 54 _ 55 ، ح 145 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 246 ، ح 11940.
2- . هو الحديث التاسع من هذا الباب.
3- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 57 ، ح 153 ، و كلامه مذكور ذيل ح 152.
4- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 503 .
5- . منتهى المطلب ، ج 3 ، ص 528 .
6- . شرح اللمعة ، ج2 ، ص 52 .
7- . ما بين الحاصرتين لتقويم العبارة.
8- . المبسوط للطوسي ، ج1 ، ص 251؛ منتهى المطلب ، ج1 ، ص 521 ، و مع مغايرة في اللفظ في مسند أحمد ، ج 3 ، ص 56 ، و الخامس الذي لم يذكر هنا هو المسكين الذي تصدّق عليه منها فأهدى منها لغني؛ تفسير القرآن لعبد الرزّاق ، ج2 ، ص 278 _ 279؛ سنن ابن ماجة ، ج 1 ، ص 590 ، ح 1841؛ سنن أبيداود ، ج1 ، ص 369 ، ح 1635؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج7 ، ص 15.
9- . النهاية ،ج1 ، ص 17 (أبن).
10- . القاموس المحيط ، ج4 ، ص 194 (أبن).

ص: 467

. .

ص: 468

. .

ص: 469

باب نادر

باب الزكاة تبعث من بلدٍ إلى بلد أو تدفع إلى من يقسّمها فتضيع

باب نادرالغرض منه بيان جواز صرف الزكاة فيمن تجب نفقته على المعطي من سهم الرِّقاب والغارمين، وفي حكمه سهام من لا يعتبر فيه الفقر كما مرّ.

باب الزكاة تبعث من بلدٍ إلى بلد أو تدفع إلى من يقسّمها فتضيعفيه مسألتان: الاُولى: المشهور بين الأصحاب منهم الشيخان (1) والشهيد في اللمعة (2) والعلّامة في القواعد (3) عدم جواز نقل الزكاة من بلد المال مع وجود المستحقّ فيه، فيأثم ويضمن لو نقلها كذلك، ولكن يجزي اتّفاقاً. وبه قال مالك وسعيد بن جبير وجماعة اُخرى من العامّة، منهم أحمد في إحدى الروايتين عنه، وفي الرواية الاُخرى قال: لا تجزي على تقدير النقل والدفع إلى المستحقّ في بلد آخر. (4) ويفهم من كلام الشهيد تحقّق القول بعدم الإثم مع القول بعدم الجواز، حيث قال: «ولا يجوز نقلها عن بلد المال إلّا مع إعواز المستحقّ، فيضمن لا معه، وفي الإثم قولان». (5) وهو غريب، وربّما وجّه ذلك بأنّ عدم جواز النقل لا ينافي عدم الإثم، فإنّ الإثم قد يرتفع بالضمان والإخراج، (6) ونظيره الكفّارة، وهو أغرب. وقال الشيخ بالجواز مع الضمان، (7) وبعضهم بالكراهة مع الضمان، (8) واختاره العلّامة في المختلف (9) والمنتهى، (10) وقيل بالجواز وعدم الضمان، وقوّاه الشهيد في الدروس. (11) والقول بالجواز مع الضمان قويّ؛ لإطلاق الآية والأخبار الواردة في بيان المصرف من غير تقييد ببلد المال، وظهور حسن ابن أبي عمير (12) في ذلك. ويؤيّدها أصالة براءة الذمّة من إيجاب التفرقة في البلد وتحريم النقل عنه، فلا يعدل عنه إلّا لدليل راجح. ويدلّ عليه أيضاً عموم أكثر الأخبار المذكورة في الباب والدالّة على جواز النقل من غير تخصيص بصورة إعواز المستحقّ فيه. وما رواه الشيخ عن أحمد بن حمزة، قال: سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الرجل يخرج زكاته من بلد إلى بلد آخر ويصرفها في إخوانه، فهل يجوز ذلك؟ فقال: «نعم». (13) ويؤيّدها ما سبق من إرسال عليّ عليه السلام الصدقات من اليمن إلى المدينة؛ لبعد إعواز المستحقّ فيه. ولكن الأفضل أن لا يبعث إلّا بعض منها؛ لرواية درست بن أبي منصور، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، أنّه قال: في الزكاة يبعث بها الرجل إلى بلد غير[بلد]ه، فقال: «لا بأس] أن يبعث بالثلث أو الربع _ شكّ أبو أحمد]». (14) وأبو أحمد فيه كنية ابن أبي عمير. بل لا يبعد القول بوجوب النقل وعدم ضمانه مع الإعواز؛ للأمر به، فلما رواه الشيخ عن يعقوب بن شعيب الحدّاد، عن العبد الصالح عليه السلام قال: قلت له: الرجل منّا يكون في أرض منقطعة كيف يصنع بزكاة ماله؟ قال: «يضعها في إخوانه وأهل ولايته»، فقلت: فإن لم يحضره منهم فيها أحد؟ قال: «يبعث بها إليهم»، قلت: فإن لم يجد من يحملها إليهم؟ قال: «يدفعها إلى من لا ينصب»، قلت: فغيرهم؟ قال: «ما لغيرهم إلّا الحجر». (15) ولعلّ المراد بالأرض المنقطعة: المنقطعة عن بلاد الإسلام. واحتجّ المانعين بأنّ فيه تغريراً بالمال وتعريضاً لإتلافها مع إمكان إيصالها إلى المستحقّ فيكون حراماً، يندفع بجبران الضمان. وربّما استدلّوا عليه بما دلّ على الضمان، ولا يخفى ما فيه، فإنّ الضمان لا ينافي الجواز وقد عرفت أنّه قد قال به بعض الأصحاب. على أنّه لا يبعد حمل الضمان أيضاً على استحباب الإعادة وعدم وجوبها كما قوّاه الشهيد قدس سره. ويدلّ عليه صحيحة أبي بصير، (16) وعن زرارة، (17) ورواية وهيب بن حفص. (18) ويؤيّده نفي الضمان عنه في حسنة بكير بن أعين (19) مع إطلاق البعث فيها. ولا يجوز الاحتجاج عليه بصحيحة الحلبي الدالّة على عدم حليّة صدقة المهاجرين للأعراب ولا بالعكس (20) ؛ لأنّ ذلك ليس للنقل بل لعدم المجانسة، وظاهرها أنّه لو احتاج إلى النقل لتحصيل المجانسة لزمه، وحمل ذلك على الاستحباب. واحتجّ مالك وأضرابه على عدم الجواز بما نقلوا أنّ معاذاً بعث الصدقات من اليمن إلى عمر، فأنكر ذلك عمر، وقال: لم أبعثك جابياً ولا آخذ جزية، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردّ في فقرائهم، فقال معاذ: ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحداً يأخذه منّي. (21) الثانية: يدلّ بعض أخبار الباب على جواز عزل المالك الزكاة من ماله وتعيّنها بذلك، ويدلّ عليه أيضاً ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، أنّه قال في الرجل يخرج زكاته فيقسّم ويبقى بعض يلتمس له الموضع، فيكون بين أوّله وآخره ثلاثة أشهر؟ قال: «لا بأس». (22) وبه صرّح العلّامة في المنتهى من غير نقل خلاف فيه، قال: ويجوز للمالك عزل الزكاة بنفسه وتعيينها وإفرادها من دون إذن الساعي؛ لأنّ له ولاية الإخراج بنفسه، فيكون له ولاية التعيين قطعاً، ولأنّ الساعي يجبر المالك في إخراج أيّ فرد شاء من أفراد الواجب، ولأنّه أمين على حفظها؛ إذ الزكاة تجب في العين فيكون أميناً على تعيينها وافرازها، ولأنّ له دفع القيمة وتملّك العين، فله إفرازها، ولأنّ منعه من افرازها يقتضي منعه من التصرّف في النصاب، وذلك ضرر عظيم، ولأنّ له دفع أيّ قيمة شاء، فيتخيّر في الأصل. (23) بل صرّح جماعة باستحبابه مع عدم وجود المستحقّ، منهم المحقّق في الشرائع، قال: «إذا لم يجد المالك لها مستحقّاً فالأفضل له عزلها»، (24) ومثله ما لو انتظر سائلاً. ويدلّ عليه الأمر به فيما رواه الشيخ في الموثّق عن يونس بن يعقوب، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : زكاتي تحلّ عليَّ شهراً، فيصلح لي أن أحبس منها شيئاً مخافة أن يجيئني مَن يسألني يكون عندي عدّة؟ فقال: «إذا حال الحول فاخرجها من مالك ولا تخلطها بشيء، واعطها كيف شئت». قال: قلت: فإن أنا كتبتها وأثبتّها يستقيم؟ قال: «نعم، لا يضرّك». (25) ويتفرّع على ذلك سقوط الزكاة [؟] من غير تفريط، وهو مدلول ما اُشير إليه من الأخبار، والظاهر أنّه لم يختلف الأصحاب في ذلك وإن اختلفوا في صورة النقل. وفي المنتهى: لو أخرجها عن ملكه ولم يسلّمها إلى الفقير ولا إلى الساعي مع المكنة ضمن بالتأخير؛ لأنّا قد بيّنا وجوب الإخراج إلى الفقير على الفور، ولو أخرجها عن ملكه ولم يجد الساعي ولا الفقير فتلفت من غير تفريط سقطت عنه. وبه قال مالك. وقال الشافعي: إذا لم يفرّط في الإخراج ولا في حفظ المخرج رجع إليه ماله، فإن كان الباقي نصاباً أخرج الزكاة، وإلّا فلا. وقال أحمد: لا تسقط الزكاة مطلقاً. وبه قال الثوري والزهري وحمّاد. وقال أبو حنيفة: يزكّي ما بقي إلّا أن ينقص عن النصاب فيسقط الزكاة، فرّط أو لم يفرّط. (26) لنا: أنّها تعيّنت زكاة بتعيين المالك، وسقطت الزكاة عن المال بالتعيّن على ما تقدّم، فإذا بلغت لم تضمن كالوديعة، أمّا مع التفريط أو في الإخراج فإنّه يضمن كالوديعة إذا فرّط في حفظها أو منع من الدفع مع المطالبة وإمكانه. احتجّ المخالف بأنّها حقّ على ربّ المال تلف قبل وصوله إلى مستحقّه، فيضمن. والجواب المنع من ثبوتها في الذمّة على ما سلف. (27) ويتفرّع أيضاً عليه بكون نماء المخرج لأرباب الزكاة، فإنّه نماء مالهم، فيكون لهم، متّصلاً كان النماء أو منفصلاً. وفي الدروس أنّه للمالك، (28) وهو كما ترى.

.


1- . ذهب إليه المفيد في المقنعة ،ص 240 ؛ والطوسي في الخلاف ، ج2 ، ص 28 ، المسألة 26؛ وج 4 ، ص 228 ، المسألة 8 ؛ والمبسوط ، ج1 ، ص 245.
2- . اللمعة الدمشقيّة ، ص 42 _ 43؛ شرح اللمعة ، ج2 ، ص39.
3- . قواعد الأحكام ، ج1 ، ص 353. و مثله في إرشاد الأذهان ، ج1 ، ص 291.
4- . اُنظر: الخلاف ، ج 4 ، ص 238 ، المسألة 8 ؛ المنتهى ، ج1 ، ص 529 ؛ المغني لابن قدامة ، ج2 ، ص 531 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج2 ، ص 679 ؛ عمدة القاري ، ج9 ، ص 92.
5- . اللعمة الدمشقيّة ، ص 43.
6- . اُنظر: مجمع الفائدة والبرهان ، ج4 ، ص 210 _ 211.
7- . الاقتصاد ، ص 279.
8- . الوسيلة لابن حمزة ، ص 130.
9- . مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 247.
10- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 529 .
11- . الدروس الشرعيّة ، ج1 ، ص 246 ، الدرس 66 . و كلامه صريح في الجواز مع الضمان إلّامع عدم المستحقّ فلا ضمان.
12- . الظاهر أنّ مراده هو الحديث السابع من هذا الباب ، و هذا الحديث رواه ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبداللّه عليه السلام .
13- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 46 ، ح 122؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 283 _ 284 ، ح12029.
14- . هذا هو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ الفقيه ، ج2 ، ص 31 ، ح 1620؛ تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 46 ، ح 120؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 283 ، ح12027. و ما بين الحاصرات من المصادر.
15- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 46 ، ح 121؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 223 ، ح11886.
16- . هو الحديث الثاني من هذا الباب.
17- . هو الحديث الرابع من هذا الباب.
18- . هو الحديث التاسع من هذا الباب.
19- . هو الحديث الخامس من هذا الباب.
20- . هو الحديث العاشر من هذا الباب.
21- . المغني لابن قدامة ، ج2 ، ص 531 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص680 ؛ كشّاف القناع للبهوتي؛ ج 1 ، ص 304؛ كنزالعمّال ، ج 6 ، ص 547 ، ح 16888 ، كلّهم عن أبي عبيد في الأموال.
22- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 45 ، ح118 ؛ ورواه الكليني في الكافي ، باب أوقات الزكاة ، ح 7؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 308 _ 309 ، ح12091.
23- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 511 .
24- . شرائع الإسلام ، ج1 ، ص 125.
25- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 45 _ 46 ، ح 199. و رواه الكيني في باب أوقات الزكاة ، ح 3؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 307 ، ح 12088.
26- . اُنظر: المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 542 _ 543 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج2 ، ص 669 ؛ المجموع للنووي ، ج5 ، ص 377.
27- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 511 .
28- . الدروس الشرعيّة ، ج1 ، ص 247 ، الدرس 67 ، و عنه في مسالك الأفهام ، ج 1 ، ص 430؛ مدارك الأحكام ، ج5 ، ص 275.

ص: 470

. .

ص: 471

. .

ص: 472

. .

ص: 473

. .

ص: 474

باب الرجل يدفع إليه الشيء يفرّقه وهو محتاج إليه يأخذ لنفسه

باب الرجل يدفع إليه الشيء يفرّقه وهو محتاج إليه يأخذ لنفسهقال في المنتهى: ومَن أعطى غيره مالاً من الزكاة أو غيرها من الصدقات ليفرّقها على الفقراء أو غيرهم من الأصناف، وكان متّصفاً بالصفة التي اتّصف بها مَن أمر بالتفرقة عليهم، جاز له أن يأخذ مثل ما يعطي غيره إن لم يكن المالك عيّن له قوماً بأعيانهم؛ لأنّه مأمور بالإيصال إلى المستحقّين، وهو من جملتهم، فكان داخلاً تحت الأمر[و يؤيّده ما رواه الشيخ في الحسن عن الحسين بن عثمان، عن أبي إبراهيم عليه السلام في رجل أعطى مالاً بالتفرقة فيمن يحلّ له، أ له أن يأخذ منه شيئا لنفسه لم يسم له؟ قال: قال: «يأخذ لنفسه مثل ما يعطي غيره» (1) ]. وهل له أن يأخذ أكثر ممّا يعطي غيره، أو يأخذه بأسره ويمنع غيره؟ منع الأصحاب منه؛ لدلالة الحديث عليه، أمّا لو عيّن المالك أقواماً بأعيانهم لم يجز له التخطّي إجماعاً؛ لأنّ الأغراض قد تختلف، وللمالك الخيرة في صرفه إلى مَن يشاء، فالتعدّي حرام. (2) انتهى. أقول: أمّا لو أخذ من المالك شيئاً لمعيّن عيّنه الآخذ، فله دفعه إلى غيره؛ لأصالة الجواز، وانتفاء مانع منه، ويؤكّد ذلك ما قد سبق في آخر تفضيل أهل الزكاة بعضهم على بعض من مرسلة الحسين بن عثمان، (3) والفرق بيِّن، والظاهر جواز أخذه نفسه منه حينئذٍ.

.


1- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 104 ، ح 295 . و هذا هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 288 ، ح 12040.
2- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 530 .
3- . هو الحديث السادس من ذلك الباب.

ص: 475

باب الرجل إذا وصلت إليه الزكاة فهي كسبيل ماله يفعل بها ما يشاء

باب الرجل يحجّ من الزكاة أو يعتق

باب الرجل إذا وصلت إليه الزكاة فهي كسبيل ماله يفعل بها ما يشاءهذا في غير سهام الرقاب والغارمين وسبيل اللّه وابن السبيل؛ لأنّ الفقراء والمساكين والعاملين والمؤلّفة يعطون من الزكاة لا لمصرف خاصّ، بل لاستحقاقهم في السهم، فإذا أخذوها تدخل في أموالهم، يتصرّفون فيها كيف شاؤوا، بخلاف الرقاب والغارمين وسبيل اللّه وابن السبيل، فإنّهم يعطون للصرف في المصارف المخصوصة، فإذا لم يصرفوها فيها استُعيد منهم، وقد صرّح به جماعة من الأصحاب، (1) وهذا هو السرّ في ذكر اللام في اُولئك، وفي هؤلاء في قوله عزّ وجلّ: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّه ِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ» . (2)

باب الرجل يحجّ من الزكاة أو يعتقيحجّ من باب الإفعال بقرينة أخبار الباب، ولا خلاف بين الأصحاب في جواز ذلك من سهم سبيل اللّه بناءً على المشهور من عدم اختصاصه بالجهاد، ومن سهم الرقاب في الثاني؛ لجواز صرف الزكاة إلى صنف من الأصناف الثمانية على ما سبق [إلّا]على قول الشافعي، فإنّه يجوّز ذلك إذا وَفى سهمهما لما ذكر. (3) قوله: (عن عمرو عن أبي بصير) . [ح2/5954] في التهذيب عن عمرو بن أبي نصر، (4) وهو أنسب، وعمرو هذا أبوه زيد أو زياد من أصحاب الصادق عليه السلام وكان ثقة، (5) فالخبر صحيح. قوله في موثّق عبيد بن زرارة: (فنظر إلى مملوك يباع فيمن يزيده) (6) إلى آخره. [ح3/5955] المراد بالزيادة الزيادة في السوم على ما هو شأن الدلّال أنّه يقوّم ما يبيعه بثمن وينادي به، ومَن أراد شراءه يزيده، فلا يبيعه بذلك الثمن إن شاء، وينادي بذلك الثمن الأخير، فيزيد من يريد بيعه، وهكذا إلى أن لا يزيد أحد، فيبيعه لمن زاد أخيراً. ويدلّ الخبر على أنّ ولاء ذلك المعتق لأرباب الاستحقاق، وقد اختلف الأصحاب فيه.

.


1- . اُنظر: مسالك الأفهام ، ج 1 ، ص 418 _ 419.
2- . التوبه (9): 60 .
3- . اُنظر: عمدة القاري، ج 9، ص 105؛ المغني، ج 2، ص 529 ؛ الشرح الكبير، ج 2، ص 707؛ تفسير البغوي، ج 2، ص 503 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 100 ، ح 282 . و الموجود في المطبوع منه: «عمرو عن أبي بصير».
5- . رجال النجاشي ، ص 290 ، الرقم 778؛ إيضاح الاشتباه ، ص 231 ، الرقم 439؛ خلاصة الأقوال ، ص 214.
6- . كذا ، و في الكافي المطبوع: «يريده».

ص: 476

باب القرض أنّه حمى الزكاة

باب القرض أنّه حمى الزكاةبمعنى أنّه إن قضى الغارم وإلّا فيحتسب من الزكاة ويقاصّ بها. ويدلّ عليه ما رواه المصنّف قدس سرهفي هذا الباب وفي الباب الآتي، وما رواه الصدوق رضى الله عنهعن الصادق عليه السلام أنّه عليه السلام قال: «نِعْمَ الشيء القرض، إن أيسر قضاك، وإن أعسر حسبته من الزكاة». (1) قال: وروي أنّ القرض حمى للزكاة، وإن كان لك على رجل مال ولم يتهيّأ لك قضاؤه فاحسبه من الزكاة إن شئت. (2)

.


1- . الفقيه ، ج2 ، ص 18 ، ح 1601؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 303 ، ح 12079.
2- . الفقيه ، ج2 ، ص 18 _ 19 ، ح 1602.

ص: 477

باب قصاص الزكاة بالدَّين

باب قصاص الزكاة بالدَّينالمراد بالمقاصّة احتساب الدَّين من الزكاة، ولا يلزم دفع الزكاة إلى الفقير ثمّ يأخذها منه عوضاً عن دينه كما يظهر لزوم ذلك من كلام بعض الأصحاب، ولا خلاف بين الأصحاب (1) _ بل بين العلماء على ما يظهر من التذكرة (2) والمنتهى (3) والمعتبر (4) _ في جواز ذلك إذا كان المديون في وقت الزكاة على صفة الاستحقاق، وفي حكم الفقير القادر على قوت سنة بحيث لو أخذ منه الدَّين يبقى بلا قوت كما يظهر من موثّق سماعة. ويدلّ على أصل المسألة صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، (5) وما روي عن عقبة بن خالد، قال: دخلت أنا والمعلّى وعثمان بن عمران على أبي عبداللّه عليه السلام فلمّا رآنا قال: «مرحباً بكم، وجوه تحبّنا ونحبّها، جعلنا اللّه معكم في الدُّنيا والآخرة»، فقال له عثمان: جُعلت فداك، فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «نعم فمَه؟» فقال: إنّي رجلٌ موسر، فقال له: «بارك اللّه في يسارك»، قال: فيجيء الرجل فيسألني الشيء وليس هو إبّان زكاتي، فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «القرض عندنا بثمانية عشر، والصدقة بعشرة، وما زاد عليك، إذا كنت موسراً أعطيته، فإذا كان إبّان زكاتك احتسبت بها من الزكاة، يا عثمان، لا تردّه، إنّك لو علمت ما منزلة المؤمن من ربّه ما توانيت في حاجته، ومَن أدخل على مؤمنٍ سروراً فقد أدخل على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وحاجة المؤمن تدفع الجنون والجذام والبرص». (6) وأمّا ما يظهر من آخر موثّق سماعة من النهي عن المقاصّة إذا كان المديون غير قادر على أداء الدَّين، (7) فكأنّه للكراهة واستحباب أداء الزكاة إليه لغاية إعساره وتأخير المقاصّة إلى وقت آخر يحصل في المديون شيء يقوت به نفسه وعياله أيّاماً.

.


1- . اُنظر: مدارك الأحكام ، ج5 ، ص 225 _ 226.
2- . تذكرة الفقهاء، ج5، ص 326، المسألة 237.
3- . منتهى المطلب، ج 1، ص 512 _ 513 .
4- . المعتبر ، ج2 ، ص 576 .
5- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
6- . الكافي ، باب القرض من أبواب الصدقة ، ح 4 ، وسائل الشيعة ، ج 16 ، ص 359 ، ح 21759.
7- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.

ص: 478

باب من فرَّ بماله من الزكاة

باب من فرَّ بماله من الزكاةالمشهور بين الأصحاب سقوط الزكاة عمّا يشترط فيه الحول بنقص أحد الشرائط قبل انقضاء الحول ولو كان بفعل المالك؛ فراراً من الزكاة، (1) وبه قال الشيخ في كتابي الأخبار (2) والنهاية، (3) والشيخ المفيد، (4) ونقل عن السيّد المرتضى في المسائل الطبريّة (5) وابن البرّاج (6) وابن إدريس (7) وابن الجنيد، (8) ومن العامّة وافقهم الشافعي وأبو حنيفة (9) ؛ لحسنة عمر بن يزيد وحسنة هارون بن خارجة عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: قلت له: إنّ أخي يوسف ولي لهؤلاء القوم أعمالاً أصاب فيها أموالاً كثيرة، وأنّه جعل ذلك المال حليّاً أراد أن يفرّ به من الزكاة، أعليه الزكاة؟ قال: «ليس على الحليّ زكاة، وما أدخل على نفسه من النقصان في وضعه ومنعه نفسه فضله أكثر ممّا يخاف من الزكاة». (10) وقد سبق ذلك فيما رواه المصنّف قدس سره في باب المال الذي لا يحول عليه الحول من حسنة زرارة لكن فيها تشويش يمنع من العمل بها. ويؤيّدها إطلاق بعض الأصحاب وعمومها في عدم وجوب الزكاة فيما لم يحلّ الحول على النصاب، وأصالة عدم الوجوب. وذهب السيّد في الانتصار (11) والشيخ في الجمل (12) إلى وجوبها لو كان التبديل بقصد الفرار منها وإن بادلها بغير جنسها، وبه قال مالك وأحمد. (13) ويدلّ عليه ما رواه الشيخ عن عليّ بن الحسن، عن محمّد بن عبداللّه ، عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال: قلت له: الرجل يجعل لأهله الحليّ من المئة دينار والمئتي دينار، وأراني قد قلت ثلاثمئة، قال: «ليس فيه الزكاة»، قال: قلت: فإنّه فرَّ به من الزكاة؟ قال: «إن كان فرَّ به من الزكاة [فعليه الزكاة]، (14) وإن كان إنّما فعله ليتجمّل به فليس عليه زكاة». (15) وعن عليّ بن الحسن، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الحليّ فيه زكاة؟ قال: «لا، إلّا ما فرَّ به من الزكاة». (16) والشيخ حملهما تارةً على الاستحباب، وتارةً على ما لو فرَّ به من الزكاة بعد حلول الحول، وأيّده بما ورد في حسنة زرارة التي رواها المصنّف في باب المال الذي لا يحول عليه الحول، من قوله عليه السلام : «صدق أبي عليه السلام عليه أن يؤدّي ما وجب عليه، وما لم يجب فلا شيء عليه فيه». لمّا قال زرارة: قلت: فإنّ أباك قال لي: «مَن فرّ بها من الزكاة فعليه أن يؤدّيها». (17) وأنت خبير بأنّ الخبرين الأوّلين على فرض صراحتهما في الوجوب لا يقبلان المعارضة للأخبار الكثيرة المذكورة؛ لضعفهما لوجود عليّ بن الحسن فيهما، وهو مشترك، ولجهالة طريق الشيخ إلى عليّ بن الحسن بن رباط البجلي، وكذا عليّ بن الحسن الصيرفي، وضعف طريقه إلى عليّ بن الحسن بن فضّال، (18) وكذا إلى عليّ بن الحسن الطاطري (19) مع وجود محمّد بن عبداللّه في سند الأوّل، وهو أيضاً مشترك. واحتجّ السيّد بإجماع الطائفة، ثمّ قال: فإن قيل: قد ذكر أبو عليّ بن الجنيد أنّ الزكاة لا تلزم الفارّ منها وذلك ينقض ما ذكرناه. قلنا: الإجماع قد تقدّم على ابن الجنيد وتأخّر عنه، وإنّما عوّل ابن الجنيد على أخبار رُويت عن أئمّتنا عليهم السلام تتضمّن أنّه لا زكاة عليه إن فرّ بماله، وبإزاء تلك الأخبار ما هو أظهر وأقوى وأوضح طرقاً. (20) وكأنّ الاخبار التي عدّها أوضح طرقاً إشارة إلى الخبرين اللّذين رويناهما عن الشيخ، وقد عرفت حالهما، والإجماع الذي ادّعاه قبل ابن الجنيد وبعده ممنوع؛ لوجود القول بالسقوط قبله وبعده كما عرفت. وفصّل في المبسوط فذهب إلى عدم السقوط فيما إذا زال السكّة عن النقدين وفيما إذا بادلهما أو بادل الأنعام بغير الجنس للفرار، وبعدم السقوط مطلقاً وإن لم يقصد الفرار إذا بادل إيّاها بجنسها، فقال في موضع: إذا بادل جنساً بجنس مخالف، مثل: إبل ببقر أو بقر بغنم أو غنم بذهب أو ذهب بفضّة أو فضّة بذهب، استأنف الحول وانقطع حول الأوّل، وإن فعل ذلك فراراً من الزكاة لزمته الزكاة، وإن بادل بجنسه لزمته الزكاة، مثل: ذهب بذهب أو فضّة بفضّة أو غنم بغنم وما أشبه ذلك. فأمّا سبائك الذهب والفضّة فإنّه لا يجب فيها الزكاة إلّا إذا قصد بذلك الفرار. (21) وكأنّه استند في الشقّ الأوّل بما عرفت في القول الثاني، وقد عرفت حاله، واحتجّ في الشقّ الثاني بما نقل عنه بأنّ من عارض أربعين سائمة بأربعين سائمة يصدق عليه أنّه ملك أربعين سائمة طول الحول، فيجب عليه فيها الزكاة. (22) وفيه: أنّ كلّاً من الأربعينين لم يحلّ عليه الحول. وقال في الخلاف بلزوم الزكاة على تقدير المبادلة بالجنس، وبسقوطها على تقدير المبادلة بغير الجنس في النقدين، وبسقوطها بالمبادلة مطلقاً من غير فرق فيها بين قصد الفرار وعدمه، حيث قال: من كان معه نصاب فبادله بغيره لا يخلو أن يبادل بجنس مثله، مثل أن بادل إبلاً بإبل، أو بقراً ببقر، أو غنماً بغنم، أو ذهباً بذهب، أو فضّةً بفضّة، فإنّه لا ينقطع الحول ويبني، وإن كان بغيره مثل أن بادل إبلاً بغنم، أو ذهبا بفضّة، أو ما أشبه ذلك، انقطع حوله، واستأنف حول في البدل الثاني، وبه قال مالك. (23) وقال الشافعي: يستأنف الحول في جميع ذلك، (24) وهو قويّ. وقال أبو حنيفة فيما عدا الأثمان بقول الشافعي وقولنا،[و] في الأثمان إن بادل فضّة بفضّة أو ذهباً بذهب كما قلناه، (25) ويجيء على قوله إن بادل ذهباً بفضّة أن يبني. دليلنا: إجماع الفرقة على أنّه لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول، وإذا بادل لم يحل عليه الحول، وهذا يقوّي ما قلناه من مذهب الشافعي.[و] أمّا ما اعتبرناه من الذهب والفضّة إذا بادل شيئاً منهما بمثله خصصناه بقوله : «في الرقّة ربع العشر» (26) وما يجري مجراه من الأخبار المتضمّنة لوجوب الزكاة في الأجناس، ولم يفصّل بين ما يكون بدلاً من غيره أو غير بدل. (27) ثمّ قال بعد ذلك بفصل كثير: قد بيّنا أنّه إذا بادل دنانير بدنانير وحال الحول لم ينقطع حول الأصل، وكذلك إن بادل دراهم بدراهم، وإن بادل دراهم بدنانير[أو دنانير بدراهم، أو] بجنس غيرها بطل حول الأوّل. وقال الشافعي: يستأنف الحول على كلّ حال بادل بجنسه أو بغير جنسه. (28) ثمّ قال: دليلنا ما روي عنهم عليهم السلام أنّهم قالوا: «الزكاة في الدراهم والدنانير» (29) وعدّوا تسعة أشياء، ولم يفرّق بين أن يكون الأعيان باقية أو اُبدلت بمثلها، فيجب حملها على العموم. (30) ولا يخفى أنّ دليله على تقدير التسليم يدلّ على ثبوت الحكم في الجميع، فالتخصيص غير موجّه، وأنت خبير بتشويش كلامه الذي نقلناه أوّلاً، والظاهر أنّ الأقوال المذكورة فيما إذا بقي عين النصاب مع زوال الوصف كجعل الدراهم والدنانير حليّا وسبيكة وأمثالهما أو بقي بدله كما يفهم من الأدلّة ومن قول الشيخ في المبسوط. وأمّا مع زوال العين بلا بدل بنقص النصاب، فالظاهر سقوط الزكاة مطلقاً كما قال في المبسوط: من نقص ماله من النصاب لحاجةٍ إليه لم تلزمه الزكاة إذا حال الحول، وإن نقصه من غير حاجة فعل مكروهاً، ولا يلزمه شيء إذا كان التنقيص قبل الحول، فأمّا إذا كان نقصه بعد الحول فإنّه تلزمه الزكاة. (31) وادّعى في الخلاف إجماع الأصحاب عليه، حيث قال: يكره للإنسان أن ينقص نصاب ماله قبل حلول الحول، فراراً من الزكاة وإن فعل وحالَ عليه الحول وهو أقلّ من النصاب فلا زكاة عليه. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي. وقال بعض التابعين: لا ينفعه الفرار منها، فإذا حالَ عليه الحول وليس معه نصاب أخذنا الزكاة منه. وبه قال مالك. (32) دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضاً روي عن النبيّ صلى الله عليه و سلم أنّه قال: «لا زكاة في مالٍ حتّى يحول عليه الحول»، (33) وهذا لم يحل عليه الحول. (34)

.


1- . اُنظر: مدارك الأحكام ، ج5 ، ص 74.
2- . الاستبصار ، ج2 ، ص 8 ؛ تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 9.
3- . النهاية ، ص 175.
4- . المقنعة ،ص 235.
5- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر ، ج2 ، ص 511 ؛ و العلّامة في منتهى المطلب ، ج1 ، ص 495.
6- . المهذّب ، ج1 ، ص 159 ؛ فإنّه قائل بوجوب الزكاة فيما إذا عمل ذلك فرارا من الزكاة.
7- . السرائر ، ج1 ، ص 442.
8- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 156.
9- . المجموع للنووي ، ج5 ، ص 364 و 468؛ فتح العزيز ، ج5 ، ص 493.
10- . الكافي ، باب أنّه ليس على الحلي و سبائك الذهب و نقر الفضّة و الجوهر زكاة ، ح 7؛ تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 9 ، ح 26؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 8 ، ح 23؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 160 _ 161 ، ح 11744.
11- . الانتصار ، ص 219.
12- . الجمل و العقود ، (الرسائل العشر ، ص 205).
13- . فتح العزيز ، ج5 ، ص 492؛ المجموع للنووي ، ج5 ، ص 468.
14- . اُضيف من المصدر.
15- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 9 ، ح 25؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 8 ، ح 22؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 162 ، ح 11746.
16- . تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 9 ، ح 24؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 8 ، ح 21؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 162 ، ح 11747.
17- . الحديث الرابع من ذلك الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام ، ج4 ، ص 10 ، ح 27؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 8 _ 9 ، ح 24؛ وسائل الشيعة ، ج9 ، ص 161 ، ح 11745.
18- . اُنظر: معجم رجال الحديث ، ج11 ، ص 326 _ 327 ، الرقم 7997.
19- . اُنظر: معجم رجال الحديث ، ج11 ، ص 344 _ 345 ، الرقم 8014 .
20- . الانتصار ، ص 219.
21- . المبسوط للطوسي ، ج1 ، ص 206 ، و الفقرة الأخيرة في ص210.
22- . اُنظر: المبسوط للطوسي ، ج1 ، ص 222 _ 223.
23- . فتح العزيز ، ج5 ، ص 490؛ المحلّى ، ج6 ، ص 92؛ المدوّنة الكبرى ، ج1 ، ص 320.
24- . الاُمّ للشافعي ، ج2 ، ص 26؛ فتح العزيز ، ج5 ، ص 489 _ 490؛ المجموع للنووي ، ج5 ، ص 360 _ 361؛ روضة الطالبين ، ج2 ، ص 44؛المبسوط للسرخسي ، ج2 ، ص 197؛ المحلّى ، ج6 ، ص 92.
25- . المحلّى ، ج6 ، ص 92 ، المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 442.
26- . مسند أحمد ، ج1 ، ص 12؛ مسند الشافعي ، ص 90؛ صحيح البخاري ، ج2 ، ص 124؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 351 ، ح 1567؛ سنن النسائي ، ج5 ، ص 23.
27- . الخلاف ، ج2 ، ص55 _ 56 ، المسألة 64 .
28- . الاُمّ للشافعي ، ج 1 ، ص 26 ، و تقدّم سائر تخريجاته آنفا.
29- . اُنظر: الكافي، باب فرض الزكاة، ح 2.
30- . الخلاف ، ج2 ، ص 99 _ 100 ، المسألة 115.
31- . المبسوط للطوسي ، ج1 ، ص 206.
32- . فتح العزيز ، ج5 ، ص 492؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج2 ، ص 461؛ الإنصاف ، ج3 ، ص 32؛ المغني لابن قدامة ، ج2 ، ص 524 .
33- . سنن ابن ماجة ، ج1 ، ص 571 ، ح 1792؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 95؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص77 ، ح 1877. المصنّف لابن أبي شبيه ، ج 3 ، ص 50 ؛ كنزالعمّال ، ج 6 ، ص 323 ، ح 15861.
34- . الخلاف ، ج2 ، ص 56 _ 57 ، المسألة 65 .

ص: 479

. .

ص: 480

. .

ص: 481

. .

ص: 482

. .

ص: 483

باب الرجل يعطي عن زكاته العوض

باب الرجل يعطي عن زكاته العوضلا خلاف بين أهل العلم في وجود عوض الزكاة مع فقد عينها، وأمّا مع وجودها فهل يجوز التعويض وإخراج القيمة مهما شاء؟ المشهور بين الأصحاب _ منهم الشيخ في الخلاف (1) _ الجواز محتجّاً عليه بصحيحتي البرقي (2) وعليّ بن جعفر، (3) وبإجماع الفرقة. ويؤيّد بما روي من طريق العامّة عن معاذ أنّه كان يأخذ من أهل اليمن الثياب في الصدقات عوضاً عن الزكاة على سبيل القيمة، وهو كان عاملاً على صدقات اليمن في عهد الرسول صلى الله عليه و آله وزمان عمر، (4) والظاهر أنّه إنّما فعل ذلك بأمرهما ورضاهما. واستدلّ بعضهم بأنّ الغرض من وضع الزكاة دفع الخلّة وسدّ الحاجة، وهو يحصل بالقيمة كما يحصل بالعين، وبأنّ الزكاة إنّما شُرّعت معونة للفقراء، وربّما كانت القيمة أنفع في بعض الأوقات، وبمناسبات اُخر، وهذا القول هو منقول عن أبي حنيفة. (5) وأنت خبير بأنّ الصحيحتين إنّما دلّتا على جواز ذلك في غير الأنعام، والإجماع إنّما وقع عليه، والوجوه العقلية المزبورة لا يتمّ مع تعلّق الزكاة بالعين كما هو مذهب الأصحاب أجمع، فجواز التعويض في الأنعام مع وجودها تحتاج إلى حجّة معتمدة منصوصة، ولم أجد فيه خبراً، بل يظهر من بعض الأخبار عدم الجواز، فقد سبق في خبر عبداللّه بن زمعة أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كتب إليه حين بعثه على الصدقات: «من بلغت عنده من الإبل الصدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقّة، فإنّه يقبل منه الحقّة ويجعل معها شاتين أو عشرين درهماً، ومَن بلغت عنده صدقة الحقّة وليست عنده الحقّة وعنده جذعة، فإنّه يقبل منه جذعة ويعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهماً، ومَن بلغت صدقته حقّة وليست عنده حقّة وعنده ابنة لبون، فإنّه يُقبل منه ويعطى معه شاتين أو عشرين درهماً، ومَن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده ابنة لبون وعنده حقّة، فإنّه يقبل منه ويعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهماً، ومَن بلغت صدقته ابنة لبون وليس عنده ابنة لبون وعنده ابنة مخاض، فإنّه يقبل منه ابنة مخاض ويعطى معها شاتين أو عشرين درهماً، ومَن بلغت صدقته ابنة مخاض وليست عنده ابنة مخاض وعنده ابنة لبون، فإنّه يقبل منه ابنة لبون ويعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهماً، ومَن لم يكن عنده ابنة مخاض على وجهها وعنده ابنة لبون وليس معه شيء...»، الحديث. (6) وقد عمل بها الأصحاب وإن اختلفت قيمة البدل والمبدل منه، فإذا لم يعتبر القيمة مع فقد المبدل منه فكيف يعتبر مع وجوده؟! نعم، قد سبق في باب آداب المصدّق في حكم زكاة الأنعام في خبر محمّد بن خالد عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال: «ثمّ ليأخذ _ يعني المصدّق _ صدقته، فإذا أخرجها فليقوّمها فيمن يريد، فإذا قامت على ثمن فإن أراد صاحبها فهو أحقّ بها، وإن لم يردها فليبعها»، (7) فاحتجّوا به وقالوا: إنّما يكون المالك أحقّ بها لو جاز العدول له إلى القيمة ابتداءً. (8) وفيه نظر بيّن؛ لأنّ هذا الخبر مع جهالة محمّد بن خالد بن عبداللّه البجلي القسري الكوفي والي المدينة كما يفهم من صدر الخبر، إنّما يدلّ على جواز إخراج القيمة برضا العامل القائم مقام المستحقّين، وهو خارج عن محلّ النزاع. ولذا فصّل شيخنا المفيد قدس سره وجوّز ذلك في غير الأنعام ولم يجوّز فيها مع وجودها، فقال: ولا بأس بإخراج الذهب عن الفضّة بالقيمة، وإخراج الفضّة عن الذهب بالقيمة، وإخراج الشعير عن الحنطة بقيمتها، وإخراج الحنطة عن الشعير بقيمته، ولا يجوز إخراج القيمة في زكاة الأنعام إلّا أن تعدم [ذوات] الأسنان المخصوصة في الزكاة. (9) وهو قويّ، ومنعه الشافعي مطلقاً محتجّاً بأنّه خروج عن المنصوص بغير دليل، (10) وضعفه ظاهر. واعلم أنّه أجمع الأصحاب وأكثر العامّة على تعلّق الزكاة بالعين لا بالذمّة؛ لظهور الأخبار في ذلك، ويؤيّدها نقصانها بنقص المال وتلفه بعد الحول بغير تفريط. وذهب الشافعي في أحد القولين، (11) وأحمد في إحدى الروايتين إلى تعلّقها بالذمّة؛ لأنّها لو وجدت في العين لما جاز الإخراج من القيمة إلّا برضا المستحقّ ومَن قام مقامه، ولمنع المالك من التصرّف في العين، وضعفه يظهر ممّا ذكر، وقد استدلّ بوجوه اُخرى أضعف. قال في المنتهى: وتظهر الفائدة في مواضع: الأوّل: فيما إذا حال على النصاب حولان ولم يؤدّ زكاته، فعلى قولنا تسقط زكاة الحول الثاني؛ لنقصان المال عن النصاب فيه بتعلّق حقّ الفقراء بجزءٍ منه، وعلى قول المخالف تجب زكاتان، لعدم النقصان، إذ زكاة الحول الأوّل إنّما تعلّق بذمّة المالك لا بالنصاب. الثاني: لو كان له أكثر من النصاب فحال عليه الحول ولم يؤدِّ الزكاة وجبت عليه على المذهب المختار زكوات الأحوال حتّى ينقص عن النصاب؛ لحصول الجبران بالعفو وعلى غيره تجب زكاة كلّ حول من تلك الأحوال. الثالث: لو كان له خمس من الإبل فحالَ عليه حولان، فإن لم يؤدِّ في الأوّل وجبت عليه شاة اُخرى؛ لبقاء النصاب بالإخراج. وقال بعض العامّة ممّن أوجب الزكاة في العين: لو مضى عليه أحوال لم يؤدّ زكاته وجب عليه شاة عن كلّ سنة؛ لأنّ الفرض يجب من غيرها، وهو خطأ؛ لأنّه لو كان معه خمسة وعشرون وليس معها بنت مخاض وحال عليها أحوال يلزم أن يجب عليه في كلّ سنة بنت مخاض، ولا يقول هو بذلك، بل أوجب للحول الأوّل بنت مخاض، وفي كلّ سنة بعده أربع شياه. (12)

.


1- . الخلاف ، ج2 ، ص 50 ، المسألة 59 .
2- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
3- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
4- . صحيح البخاري ، ج2 ، ص 122؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 113.
5- . المغني لابن قدامة ، ج2 ، ص 662 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج2 ، ص 524 _ 525 ؛ المجموع للنووي ، ج5 ، ص 429.
6- . الكافي ، باب أدب المصدّق ، ح 7؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 95 ، ح 273 ، وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 128 ، ح 11677.
7- . هو الحديث الخامس من ذلك الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 98 ، ح 276 ، وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 132 ، ح 11680.
8- . اُنظر: منتهى المطلب ، ج1 ، ص 504 .
9- . المقنعة ، ص 253.
10- . الخلاف ، ج2 ، ص 50؛ المجموع للنووي ، ج5 ، ص 428 و 429.
11- . فتح العزيز ، ج5 ، ص 551 ؛ المجموع للنووي ، ج5 ، ص 343.
12- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 505 ، مع مغايرة في بعض الألفاظ.

ص: 484

. .

ص: 485

. .

ص: 486

باب من يحلّ له أن يأخذ من الزكاة ومن لا يحلّ له ومن له المال القليل

باب من يحلّ له أن يأخذ من الزكاة ومن لا يحلّ له ومن له المال القليلقد مرّ الأصناف الثمانية المستحقّين للزكاة، والغرض من الباب بيان الفقر الذي هو منشأ استحقاق الفقراء والمساكين، واختلف الأصحاب في حدّه، فقال الأكثر: الفقير: مَن لا يقدر على مؤونة سنة له ولعياله الواجبي النفقة، لا فعلاً ولا قوّة بحسب حاله وحالهم وحاجته وحاجتهم في التعيّش، والمراد بالقوّة التكسّب، فالاستغناء بالكسب يجري مجرى الاستغناء بالمال، حكاه في المختلف (1) عن الشيخين (2) والسيّد المرتضى (3) وابن البرّاج (4) وابن الجنيد (5) وابن إدريس، (6) بل ادّعى عليه في الخلاف إجماع الفرقة الناجية، (7) وهو ظاهر الشيخ قدس سرهفي المبسوط. (8) ونقل عن الشافعي (9) ومالك (10) وأحمد (11) في إحدى الروايتين عنه، فالدار السكنى والخادم ومتاع البيت والمركوب وما يتعلّق بها وثياب التجمّل وغير ذلك ممّا يحتاج إليه، ومنه كتب العلم للطلبة، غير مناف للاستحقاق وإن كفت مؤونة سنة نصّ عليه الأصحاب. وقال في التذكرة: «إنّه لا نعلم في ذلك كلّه خلافاً». (12) وحكى في الخلاف عن بعض الأصحاب أنّه يجوّز قطع الزكاة إلى المكتسب، (13) فتأمّل. ومن كان له ضيعة أو بضاعة أو آلات صنعته للاستنماء ولم يكف نماؤه لمؤونته مع كفاية أصلهما يستحقّ أم لا؟ صرّح الشيخ (14) والمحقّق في النافع (15) والعلّامة في المنتهى (16) وغيرهم (17) من الأصحاب على ما نقل عنهم بالأوّل. ويدلّ عليه بعض الأخبار المذكورة في هذا الباب. وإليه مالَ الشهيد الثاني في شرح اللمعة، (18) ولا يخلو عن قوّة. وذهب بعضهم إلى عدم الاستحقاق ولزوم بيعها والإنفاق منها إلى أن لا يبقى كفاية سنة، فيستحقّ حينئذٍ، وهو ظاهر الشهيد في اللمعة، حيث قال: «ويمنع ذو الضيعة والصنعة إذا نهضت لحاجته»، (19) ويبعد أن يكون مراده نهوض نمائهما كما حمله الشارح قدس سره. (20) وظاهر ابن إدريس أيضاً، قال: الغني من ملك الأموال ما يكون قدر كفايته لمؤونته طول سنة على الاقتصاد، وأمّا من له مال قليل لا للاستنماء والبضاعة لا يكفي مؤونته ومؤونة عياله فهو مستحقّ إجماعاً، إلّا أن يكون قدر النصاب فستعرفه. (21) وقال في الخلاف: «الغنيّ من ملك نصاباً فيه الزكاة أو قيمته»، (22) ونسبه في المبسوط إلى بعض الأصحاب، (23) ولعلّه تمسّك في ذلك بحسنة أبي بصير، (24) وبه قال أبو حنيفة. (25) وعلى المشهور إن وفى ذلك المال بمؤونته ومؤونة عياله سنة فهو غنيّ غير مستحقّ للزكاة، وإلّا فهو مستحقّ. وفي رواية عن أحمد أنّه مَن ملك خمسين درهماً أو قيمتها. وبه قال الثوري والنخعي وإسحاق. (26) وعن الحسن وأبي عبيدة أنّه مَن ملك أربعين درهماً، (27) حكاه عنهم في المنتهى. (28) وإذا قصرت الصنعة عن مؤونته فعلى المشهور يجوز أن يعطي دفعة ما زاد على تتمّة كفايته؛ لأنّه مستحقّ فلا يتقدّر العطاء بشيء، وقيل: يحلف على تلفه، (29) ولإطلاق الأخبار. وفي المختلف: «وقيل: يعطى ما يتمّ كفايته» ثمّ قال: احتجّ [المخالف] بأنّه مستغن فلا يستحقّ شيئاً، أمّا المقدّمة الاُولى فلأنّا نبحث على تقدير اكتفائه بالمدفوع إليه، وأمّا الثاني فظاهر. والجواب: أنّ الاستغناء إنّما يكون بعد الدفع، ونحن نمنع حينئذٍ من الإعطاء. (30) قوله في حسنة حريز عن أبي بصير: (يأخذ الزكاة صاحب السبعمئة إذا لم يجد غيره) إلى آخره.[ح1/5965] يعني إذا لم يكف السبعمئة قوت سنة له ولعياله يجوز له أخذ الزكاة بقوله عليه السلام : «فلا يأخذها إلّا أن يكون إذا اعتمد على السبعمئة أنفذها في أقلّ من سنة فهذا يأخذها»، ولعلّ المراد بالزكاة في قول السائل: «قلت: فإنّ صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة»، زكاة التجارة، فالمراد بالوجوب معناه اللغوي في ضمن الندب، ولا يبعد أن يُراد به زكاة الماليّة إن بقيت السبعمئة عنده سنة بصرف ما أخذه من الزكاة في نفقته، وعلى أي حال فالأفضل صرف تلك الزكاة في عياله توسعةً عليهم، وهذا معنى قوله عليه السلام : «زكاته صدقة على عياله»، ويؤكّده ما سيأتي في خبر أبي بصير. (31) قوله في رواية إسماعيل بن عبد العزيز عن أبيه عن أبي بصير : (فقال: يا أبا محمّد أيربح في دراهمه ما يقوت به عياله ويفضل) ، الحديث.[ح3/5967] ظاهره أنّ من كانت بضاعته ثمانمئة درهم يستحقّ الزكاة إذا لم يكن ربحها زائداً على قوت سنة له ولعياله بقدر نصف مؤونة سنتهم، وهو غريب ولم يعمل بها أحد؛ لمعارضتها لأخبار كثيرة، مع ضعفها من وجوه شتّى: اشتراك عبد العزيز بين الثقة والضعيف والمجاهيل، وجهالة ابنه إسماعيل، وضعف بكر بن صالح، فإنّ الظاهر أنّه بكر بن صالح الرازي كما يظهر من الفهرست حيث قال الشيخ فيه: «بكر بن صالح الرازي روى عن إبراهيم بن هاشم»، (32) وضعّفه النجاشي. (33) وقال في الخلاصة: «هو ضعيف جدّاً، كثير التفرّد بالغرائب». (34) أقول: وكان هذا الحديث من جملة غرائبه، ولابدّ من حمل القوت فيه على ما يسدّ الرمق، وقد نقل ذلك المعنى عن أهل اللغة، فقد قال طاب ثراه: «القوت ما كفا الجهد». (35) وقال المارزي: قال أهل اللغة: هو ما يسدّ الرمق (36) وقريب منه ما ذكر في الصحاح قال: «قات أهله يقوتهم قوته وقياتة، والاسم القوت: وهو ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام». (37) وظاهر أنّ ذلك غير معتبر في استحقاق الزكاة، وإنّما المعتبر عدم كفاية ما عنده من مؤونة أمثاله، أو يقال: إنّ اشتراط الزيادة عن القوت لأجل الكسورة؛ ففي شرح الفقيه: «يمكن أن يكون نصف القوت لأجل الكسورة أو لغير القوت من الضروريّات التي يكون غالباً في بلادنا ضعف القوت، وفي بلاد العرب تكون أخفّ». (38) قوله في صحيح عبد الرحمن بن الحجّاج: (إن كانوا لا يوسّعون عليه في كلّ محتاج إليه) . [ح 5/5969] لا يشترط ذلك في جواز أخذ الزكاة في صورة إنفاق غير الأب عليه من المنفقين المذكورين، بل يجوز له أخذها وإن كانوا يوسّعون عليه؛ لعدم وجوب نفقته عليهم. وهو المشهور بين العامّة أيضاً، وحكي عن أحمد في إحدى الروايتين عنه عدم جواز أخذ الزكاة عليه؛ محتجّاً بأنّه يستغني عن تحمّل المؤونة لو أخذها، فيعود النفع على المنفق. (39) وضعفه ظاهر. وأمّا الأب فإن كان ينفق عليه في كلّ ما يحتاج إليه فلا يجوز له أخذ الزكاة، وإلّا فيجوز للتوسّع؛ لوجوب نفقة الإبن عليه، وفي حكم_[_ه] عكسه؛ لوجوب إنفاق الوالد على الولد أيضاً، ولا يبعد القول بجواز أخذ الزكاة فيه أيضاً مطلقاً؛ لأنّ وجوب نفقة الأقارب ليس كوجوب نفقة الزوجة وأضرابها، فإنّ وجوب نفقة الأقارب ليس إلاّ لدفع الضرر عن المنفق عليه لا في نفسه بخلاف نفقة الزوجة، ولذلك تسقط لو أنفقوا بالاستقراض ونحوها، بخلاف نفقة الزوجة، فينبغي أن يكون كالمنفق عليه تبرّعاً، بل لا يبعد القول بجواز أخذ الزكاة من المنفق أيضاً وإن كان المنفق يدفع بذلك الإعطاء وجوب النفقة عن نفسه؛ إذ لا دليل على عدم جواز ذلك الدفع، ولا دليل أيضاً على عدم جوازه إذا عاد النفع إليه، كما لو دفع الزكاة إلى مديونه ويدفعها إليه من دينه. وفي المنتهى: الولد إذا كان مكتفياً بنفقة أبيه أو الأب المكتفي بنفقة الولد، هل يجوز له أخذ الزكاة؟ أمّا منه فلا إجماعاً؛ لأنّه يدفع بذلك وجوب الإنفاق عليه، وأمّا من غيره فالأقرب عندي الجواز؛ لأنّه فقير، ويؤيّده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبدالرحمن بن الحجّاج، (40) _ وذكر الخبر بعينه ثمّ قال: _ وفيه إشكال، وإلّا فيجوز؛ للتوسّع. (41) قوله في صحيحة معاوية بن وهب: (أيكبّ فيأكلها كلّها ولا يأخذ الزكاة) . [ح6/5970] يُكبّ من باب الإفعال، قال ابن الأثير: «يُقال: أكب الرجل يُكبّ على عمله، إذا لزمه». (42) والضمير المجرور للدراهم، يعني أيلازم دراهمه وينفقها ولا يأخذ الزكاة، أو يجعلها بضاعة ويأخذ الزكاة وينفق منها ولا ينفق بضاعته؟ قوله في موثّق إسحاق بن عمّار: (وإنّما يستبضعها) . [ح8/5972] البضاعة: طائفة من مالك تبعثها للتجارة، تقول أبضعت الشيء واستبعضته، أي جعلته بضاعة. (43)

.


1- . مختلف الشيعة ، ج3 ، ص 221.
2- . قاله المفيد في المعقنة، ص 241، و الطوسي في المبسوط، ج1، ص 247.
3- . جمل العلم و العمل (رسائل المرتضى ، ج3 ، ص 79).
4- . المهذّب ، ج1 ، ص 170.
5- . لم أعثر عليه في غير مختلف الشيعة.
6- . السرائر ، ج1 ، ص 461 _ 462.
7- . الخلاف ، ج4 ، ص 230 _ 231.
8- . المبسوط ، ج1 ، ص 247.
9- . الاُم للشافعي ، ج2 ، ص 91؛مختصر المزني ، ص 156؛ المجموع للنووي ، ج6 ، ص 190.
10- . المعتبر ، ج2 ، ص 566 ؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج2 ، ص 523 .
11- . المغني لابن قدامة ، ج2 ، ص 523 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 693 .
12- . تذكرة الفقهاء ،ج5 ، ص 275 ، المسألة 188، و لفظه: «لا نعلم فيه خلافا».
13- . الخلاف ، ج4 ، ص 230 ، و لم أعثر على قائله.
14- . المبسوط للطوسي ، ج1 ، ص 256.
15- . المختصر النافع ، ص 58 .
16- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 518.
17- . منهم الشهيد في الدروس الشرعيّة ، ج1 ، ص 240 ، الدرس 64 .
18- . شرح اللمعة ، ج2 ، ص 45.
19- . اللمعة الدمشقيّة ، ص 43.
20- . شرح اللمعة ، ج2 ، ص 45.
21- . السرائر ، ج1 ، ص 462 مع مغايرة في اللفظ.
22- . الخلاف ، ج4 ، ص 238 ، المسألة 24.
23- . المبسوط للطوسي ، ج1 ، ص 257.
24- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
25- . المجموع للنووي ، ج6 ، ص 197؛ بداية المجتهد ، ج1 ، ص 220.
26- . عمدة القاري ، ج9 ، ص 189؛ فتح الباري ، ج4 ، ص 260؛ تفسير الآلوسي ، ج 10 ، ص 120؛ المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 523 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 692 .
27- . المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 2 ، ص 524 .
28- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 517 .
29- . اُنظر: شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 120 _ 121؛ مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 222.
30- . مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 222.
31- . هو الحديث الثالث من هذا الباب.
32- . الفهرست ، ص 87 ، الرقم 127.
33- . رجال النجاشي ، ص 109 ، الرقم 276.
34- . خلاصة الأقول ، ص 327.
35- . كما قلنا في المقدّمة قائل هذا القول و أمثاله والده قدس سره؛ و لم أعثر عليه.
36- . اُنظر: ترتيب كتاب العين ، ج3 ، ص 1538 (قوت).
37- . صحاح اللغة ، ج1 ، ص 261 (قوت).
38- . لم أعثر عليه.
39- . حكاه عنه العلّامة في منتهى المطلب ، ج1 ، ص 524 ؛ و المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان ، ج4 ، ص 173؛ وابن قدامة في المغني ، ج2 ، ص 514 ؛ و عبدالرحمن بن قدامة في الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 713.
40- . هو الحديث الخامس من هذا الباب.
41- . منتهى المطلب، ج 1، ص 519 .
42- . النهاية ، ج 4 ، ص 138 (كبب).
43- . صحاح اللغة ، ج3 ، ص 1186 (بضع).

ص: 487

. .

ص: 488

. .

ص: 489

. .

ص: 490

. .

ص: 491

. .

ص: 492

باب من تحلّ له الزكاة فيمتنع من أخذها

باب الحصاد والجذاذ

باب من تحلّ له الزكاة فيمتنع من أخذهاالمستحقّ للزكاة إن كان مضطرّاً إلى أخذه بحيث لم يكن له وجه آخر لنفقته ونفقة عياله وجب عليه أخذها ويحرم تركه، كما هو ظاهر خبري عبداللّه بن هلال (1) والحسين بن عليّ، (2) وقد صرّح به بعض الأصحاب، وإلّا فترك أخذه مكروه، كما يشعر به قوله عليه السلام : «ولا ينبغي له أن يستحقّ ممّا فرض اللّه عزّ وجلّ» في حسنة محمّد بن مسلم. (3) واعلم أنّه قد احتمل بعض أن يكون المراد من الوجوب في قوله عليه السلام : «وقد وجبت» في الخبرين الاستحقاق، وعلى هذا فتشبيه تارك أخذها بمانعها للمبالغة في الكراهة.

باب الحصاد والجذاذالحصاد: قطع الزرع والجداد بالجيم [والدال] (4) المهملتين: قطع ثمر النخل والكرم، ففي القاموس: «حصد الزرع والنبات يحصُده ويحصِده حصداً وحصاداً: قطعه بالمِنجل». (5) وفيه: «و صرام النخل كالجداد»، (6) وقد قرئ بالذالين المعجمتين. واختلف الأصحاب في وجوب حقّهما، فقد ذهب الشيخ في الخلاف إليه حيث قال: يجب في المال حقّ سوى الزكاة، وهو ما يجب مفروضاً، وهو ما يخرج يوم الحصاد من الضغث بعد الضغث، (7) والحفنة بعد الحفنة، (8) يوم الجداد. وبه قال الشافعي والنخعي ومجاهد. (9) واحتجّ عليه بقوله تعالى: «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ» ، (10) وبإجماع الفرقة وأخبارهم. (11) واُجيب بأنّ الأمر في الآية والأخبار للندب؛ لظهور أكثر الأخبار فيه، وبمنع الإجماع. (12) وربما يُجاب عن الاحتجاج بالآية بحمل الحقّ فيها على الزكاة المفروضة كما ذكره بعض المفسّرين. (13) ويدفعه ما رواه السيّد المرتضى في الانتصار عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ» قال: «ليس ذلك الزكاة، ألا ترى أنّه قال: «وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» ». وقال السيّد: وهذه نكتة منه عليه السلام مليحة؛ لأنّ النهي عن السرف لا يكون إلّا فيما ليس بمقدّر، والزكاة مقدّرة. (14) وأمّا الإجماع فهو ممنوع لشهرة خلافه، ولذلك ذهب أكثر الأصحاب إلى الندب، وهو منسوب في الخلاف إلى جميع علماء العامّة. (15) قوله: في حسنة حرير: (ومن الجداد الحفنة بعد الحفنة) إلى آخره. [ح2/5985] الحفنة بالحاء المهملة: مل ء الكفّ. (16) ومعافارة: ضرب من التمر في غاية الرداءة (17) واُمّ جعرور: نوع من الدقل يحمل رطباً صغاراً لا خيرَ فيه، وهو أردأ التمر، (18) والغرض من تركهما أكل الفقراء والمارّة، وقيل: يحتمل أن يكون المراد بالترك عدم الحساب على المالك وعدم أخذ زكاتهما، وهو بعيد. والخرص: حزر ما على النخل تمراً. (19) والعذق بالفتح: النخلة، وبالكسر: الكباسة، (20) وهي من التمر بمنزلة العنقود من العنب. (21)

.


1- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب.
2- . هو الحديث الثاني من هذا الباب.
3- . هو الحديث الرابع من هذا الباب.
4- . اُضيفت لاقتضاء السياق.
5- . القاموس المحيط ، ج1 ، ص 288 (حصد).
6- . القاموس المحيط ، ج1 ، ص 281 (جدد).
7- . الضغث: قبضة حشيش مختلطة الرطب و اليابس. مختار الصحاح ، ص 202 (ضغث).
8- . الخفنة: مل ء الكفّين من الطعام. مجمع البحرين ، ج1 ، ص 542 (خفن).
9- . عمدة القاري ، ج 8 ، ص 237 _ 238 ؛ المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 593 _ 594 ؛ المحلّى ، ج 6 ، ص 158 . و في الجميع: «الشعبي» بدل «الشافعي» ، و المنقول عن الشافعي فإنّه قائل بعدم الوجوب على ما في المجموع.
10- . الأنعام (6): 141.
11- . الخلاف ، ج 2 ، ص 5 .
12- . مدارك الأحكام ، ج 5 ، ص 12.
13- . المصدر المتقدّم. وانظر: مجمع البيان ، ج4 ، ص 177.
14- . الانتصار ، ص 208.
15- . الخلاف ، ج2 ، ص 5 .
16- . صحاح اللغة ، ج5 ، ص 2102 (حفن).
17- . مجمع البحرين ، ج3 ، ص 207 (عفر).
18- . النهاية ، ج1 ، ص 276 (جعر).
19- . صحاح اللغة ، ج3 ، ص 1035 (خرص).
20- . صحاح اللغة ، ج4 ، ص 1522 (عذق).
21- . مجمع البحرين ، ج 4 ، ص 13 (كبس).

ص: 493

. .

ص: 494

باب صدقة أهل الجزية

باب صدقة أهل الجزيةأراد قدس سره بصدقة أهل الجزية الجزية، وهي الوظيفة التي تؤخذ من أهل الكتاب في كلّ عام لبقائهم على ذمّتهم. والأصل فيه قوله تعالى: «حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ» ، (1) وإجماع أهل العلم والأخبار المتظافرة التي جاوزت حدّ التواتر، ذكر نبذاً منها المصنّف قدس سرهوفيها غنى عن غيرها. وفي حكمهم المجوس بلا خلاف بين أهل العلم في ذلك؛ لأنّه كان لهم كتاب فأحرقوه، (2) والأخبار من الطريقين شاهدة عليه، فمن طريق الأصحاب مرسلة أبي يحيى الواسطي، (3) وروى الصدوق في باب الخراج والجزية عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: «سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب». وقال: «كان لهم نبيّ[اسمه داماست فقتلوه] وكتاب يُقال: له جاماست كان يقع في اثني عشر ألف جلد ثور، فحرقوه». (4) وفي باب المسلم يقتل الذمّي عن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «بعث النبيّ صلى الله عليه و آله خالد بن الوليد إلى البحرين، فأصاب بها دماء قوم من اليهود والنصارى والمجوس، فكتب إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّي أصبت دماء قوم من اليهود و النصارى فوديتهم ثمانمئة وثمانمئة، وأصبت دماء قوم من المجوس ولم تكن عهدت إليَّ فيهم عهداً. قال: فكتب إليه رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّ ديتهم مثل دية اليهود والنصارى، وقال: إنّهم أهل كتاب». (5) وعن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف أربعة آلاف، ودية المجوسي ثمانمئة درهم». وقال: «أما أنّ للمجوس كتاب يُقال له: جاماست». (6) وقال: «وقد روي أنّ دية اليهودي والنصراني والمجوسي أربعة آلاف درهم؛ أربعة آلاف درهم لأنّهم أهل الكتاب». (7) وروى الجمهور عن عبد الرحمن بن عوف، قال: أشهد سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول: «سنّوا بالمجوس سنّة أهل الكتاب». (8) وعن الشافعي بإسناده: أنّ فروة بن نوفل الأشجعي قال: علامَ تأخذون الجزية من المجوس وليسوا أهل كتاب؟ فقام إليه المستورد فأخذ بتلبيبه، فقال: عدوّ اللّه أتطعن على أبي بكر وعمر وعلى أمير المؤمنين وقد أخذوا منهم؟! فذهب به إلى القصر فخرج عليّ عليه السلام فجلسوا في ظهر القصر فقال: «أنا أعلم الناس بالمجوس كان لهم علمٌ يعلمونه وكتابٌ يدرسونه وأنّ ملكهم سكر فوقع على ابنته واُخته، فاطّلع عليه بعض أهل مملكته، فلمّا أضحى جاؤوا يقيمون عليه الحدّ، فامتنع ودعا أهل مملكته وقال: أتعلمون ديناً خيراً من دين أبيكم آدم وقد ذكر أنّه نكح بنيه بناته وأنا على دين آدم، قال: فتابعه قوم وقاتلوا الذين يخالفونه حتّى قتلوهم، فأصبحوا وقد اُسري بكتابهم ورفع من بين أظهرهم، وذهب العلم الذي في صدورهم فهم أهل كتاب، وقد أخذ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأبو بكر _ وأراه قال _ : وعمر منهم الجزية». (9) وليست الجزية إلّا على الحرّ البالغ العاقل الصحيح غير المزمن، ولا يجوز أخذها عن المرأة والمملوك والصبيّ والمجنون والمقعد والأعمى والشيخ الهرم. واستدلّوا على ذلك بخبر طلحة بن زيد، (10) وبما رواه الصدوق رضى الله عنهعن حفص بن غياث، قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن النساء كيف سقطت الجزية ورفعت عنهنّ؟ فقال: «لأنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب إلّا أن يقاتلن، فإن قاتلت أيضاً فامسك عنها ما أمكنك ولم تخف خللاً، فلمّا نهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن قتلهنّ في دار الحرب كان ذلك في دار الإسلام أولى، ولو امتنعت أن تؤدّي الجزية لم يمكن قتلها، فلمّا لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها، ولو منع الرجال فأبوا أن يؤدّوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلّت دماءهم وقتلهم؛ لأنّ قتل الرجال مباح في دار الشرك والذمّة، وكذلك المقعد من أهل الشرك والذمّة والأعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في أرض الحرب، من أجل ذلك رفعت عنهم الجزية». (11) ولا خلاف في ذلك بين الأصحاب إلّا في المملوك، فقد قال قوم بوجوبها عليه محتجّاً بما رواه أبو الورد، (12) عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: سألته عن مملوك نصراني لرجلٍ مسلم، عليه جزية؟ قال: «نعم»، قلت: فيؤدّي عنه مولاه المسلم الجزية؟ قال: «نعم، إنّما هو ماله يفتديه إذا أخذ يؤدّي عنه». (13) وروى الجمهور عن عليٍّ عليه السلام قال: «لا تشتروا رقيق أهل الذمّة ولا ممّا في أيديهم؛ لأنّهم أهل خراج ويتبع بعضهم بعضاً، ولا يقرن أحدكم بالصغار بعد إذ أنقذه اللّه منه». (14) وفي كتاب النبيّ صلى الله عليه و آله لمعاذ وعمرو بن حزام: «خذا الجزية من العبد». (15) والمشهور عدمه، وهو قول العامّة كافّة. واحتجّ الشيخ (16) على ذلك بما ورد عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «لا جزية على العبد». (17) وربّما استدلّ عليه بأنّ العبد مال فلا تؤخذ عنه كما لا تؤخذ عن الحيوانات. واعلم أنّ الجزية غير مقدّرة شرعاً بل تعيينها برأي الإمام عليه السلام ذهب إليه أكثر الأصحاب، منهم المصنّف والشيخان (18) وابن إدريس (19) لحسنة زرارة، (20) ورواها الصدوق رضى الله عنهفي الصحيح. (21) ويؤيّدها اختلاف مقاديرها التي أخذها الخلفاء على ما روته العامّة: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر معاذاً أن يأخذ من كلّ حالم ديناراً، (22) وأنّه صلى الله عليه و آله صالح أهل نجران على ألفي حلّة النصف في صفر والنصف في رجب. (23) وأنّ عليّاً عليه السلام وضع على الغنيّ ثمانية وأربعين درهماً، وعلى المتوسّط أربعة وعشرين، وعلى الفقير اثني عشر (24) وكذلك فعل عمر بن الخطّاب. (25) وصالح عمر بني تغلب على مثَلى (26) ما على المسلمين من الصدقة، (27) وبه قال الثوري، (28) وهو إحدى الروايات عن أحمد. وقدّرها بعض الأصحاب وأحمد في روايةٍ ثانية بما قدّره عليه السلام على الغنيّ والفقير والمتوسّط. (29) وقد ورد من طرق الأصحاب أيضاً: روى الصدوق والشيخ عن مصعب بن يزيد الأنصاري، قال: استعملني أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام على أربعة رساتيق (30) : المدائن البهقباذات، وبَهْرَ (31) سِير، ونهر جَوْبَر، ونهر الملك، 32 وأمرني أن أضع على كلّ جريب زرع غليظ درهماً ونصفاً، و على كلّ جريب وسط زرع درهماً، وعلى كلّ جريب زرع رقيق ثلثي درهم، وعلى كلّ جريب كرم عشرة دراهم، وعلى كلّ جريب نخل عشرة دراهم وعلى كلّ جريب البساتين التي تجمع النخل والشجر عشرة دراهم، وأمرني أن ألقي كلّ نخل شاذّ عن القرى لمارّة الطريق وأبناء السبيل، ولا آخذ منه شيئاً، وأمرني أن أضع على الدهاقين الذين يركبون البراذين ويتختّمون بالذهب على كلّ رجلٍ منهم ثمانية وأربعين درهماً، وعلى أوساطهم الجزية منهم، على كلّ رجل أربعة وعشرين درهماً، وعلى سفلتهم وفقرائهم على كلّ إنسان منهم اثني عشر درهماً، قال: فجبيتها ثمانية عشر ألف ألف درهم في سنة. (32) وذهب ابن الجنيد إلى أنّها مقدّرة في جانب القلّة، وأنّه لا يؤخذ من رأس أقلّ من دينار، وأمّا في ظرف الكثرة فموكولة إلى نظر الإمام (33) محتجّاً بأنّه لو جاز أقلّ من درهم لأمر النبيّ صلى الله عليه و آله معاذاً به، وبأنّ عليّاً عليه السلام زاد على ما قرّره رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، (34) وضعفه ظاهر. ونقل ذلك عن أحمد في رواية ثالثة. (35) ولبعض العامّة أقوال اُخر أيضاً لا طائل تحتها. ثمّ المشهور بين الأصحاب وجوب وضع الجزية على رؤوسهم أو على أراضيهم وعدم جواز الجمع بينهما؛ للحسنة المذكورة، (36) ولرواية محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن أهل الذمّة ماذا عليهم فيما يحقنون به دماءهم وأموالهم؟ قال: الخراج، فإن أخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على أراضيهم وإن أخذ من أراضيهم، فلا سبيل على رؤوسهم. (37) وقال أبو الصلاح بجواز الجمع بينهما، (38) وقوّاه في المنتهى (39) بناءً على ما تقدّم من عدم التقدير الشرعي فيها في الزيادة والنقصان وبنائها على مصلحة الإمام. وأجاب عن الخبرين بأنّا نحملهما على ما إذا صالحهم على قدر فإن شاء أخذه من رؤوسهم ولا شيء له حينئذٍ على أراضيهم، وإن شاء أخذ من أراضيهم فلا سبيل على رؤوسهم، وليس فيهما دلالة على المنع من المصالحة على أن يأخذ من رؤوسهم وأراضيهم ابتداءً. قوله في حسنة زرارة: (فقلت: فهذا الخمس؟ فقال: إنّما هذا شيءٌ كان صالحهم عليه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ). [ح1/5990] لمّا كان كلامه صلوات اللّه عليه دالّاً على عدم الجمع بين الرؤوس والأرضين، ورأى زرارة أنّ الخلفاء يأخذون الخمس من نماء أراضيهم مع جزية رؤوسهم سأل عن علّته، وأجاب عليه السلام : بأنّ هذا الخمس كان في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقد وضعه على أراضيهم للجزية غير واضع على رؤوسهم بناءً على مصلحة الوقت، فتوهّم الخلفاء أنّه كان حقّاً غير الجزية، فوضعوها على رؤوسهم وأخذوا الخمس أيضاً. قوله في خبر طلحة بن زيد: (لا يؤخذ الجزية من المعتوه ولا من المغلوب على عقله) . [ح3/5992] كأنّه عليه السلام أراد بالمعتوه ناقص العقل، ومن المغلوب على عقله المجنون أو بالعكس، وهو أنسب بقول ابن الأثير في النهاية: «المعتوه: هو المجنون المصاب بعقله». (40) بل بالسياق أيضاً. قوله في مرسلة أبي يحيى الواسطي: (ثمّ أخذت الجزية من مجوس هجر) إلى آخره. [ح4/5993] قال ابن الأثير: «هجر: اسم بلد معروف بالبحرين، وهو مذكّر مصروف، فأمّا هجر التي يُنسب إليها القلال الهجرية فهي قرية من قرى المدينة». (41) وفسّره جدّي قدس سره في شرح الفقيه بالإحساء والقطيف والبحرين جميعاً، وقال قدس سره في شرح قوله عليه السلام : «أتاهم نبيّهم بكتابهم في اثنى عشر ألف جلد ثور»: الظاهر أنّه لم يكن يومئذٍ قرطاس، وكانوا يكتبون على الجلود والألواح، وكذلك كان في ابتداء الإسلام، والمشهور أنّ القرطاس حصل من تعليم أمير المؤمنين عليه السلام وأمره عجيب لمَن شاهد عمله. (42)

.


1- . التوبة(9): 29.
2- . اُنظر: المبسوط ، ج2 ، ص 37؛ مختلف الشيعة ، ج4 ، ص 429؛ تذكرة الفقهاء ، ج 9 ، ص 279.
3- . هو الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 113 ، ح 332 ، و ج 6 ، ص 158 ، ح 285؛ وسائل الشيعة ، ج 15 ، ص 126 ، ح 20131.
4- . الفقيه ، ج2 ، ص 53 _ 54 ، ح 1678؛ وسائل الشيعة ، ج 15 ، ص 127 ، ح20135.
5- . الفقيه ،ج4 ، ص 121 ، ح 5250 ، و رواه الشيخ في الاستبصار ، ج4 ، ص 268 ، ح 1013؛ وتهذيب الأحكام ، ج 10 ، ص 168 ، ح 731 ؛ وسائل الشيعة ، ج 29 ، ص 218_219 ، ح35491.
6- . الفقيه ، ج4 ، ص 122 ، ح 5252 ؛ ورواه الشيخ في الاستبصار ، ج4 ، ص 269 ،ح 1019؛ وتهذيب الأحكام ، ج 10 ، ص 187 ، ح 37 ؛ وسائل الشيعة ، ج 29 ، ص 222 ، ح 35500.
7- . الفقيه ، ج4 ، ص 122 ، ح 5253 ؛ وسائل الشيعة ، ج 29 ، ص 220 ، ح35496.
8- . مسند الشافعي ، ص 209؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج7 ، ص 173؛ و ج9 ، ص 189 _ 190؛ المصنّف لعبد الرزّاق ، ج6 ، ص 69 ، ح 10025؛ و ج 10 ، ص 325 ، ح 19253.
9- . مسند الشافعي ، ص 70؛ كتاب الاُمّ للشافعي ، ج4 ، ص 183؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج9 ، ص 189 _ 190؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 7 ، ص 115 _ 116 ، ح 5515 ؛ كنز العمّال ، ج4 ، ص 499 _ 500 ، ح 11484.
10- . هو الحديث الثالث من هذا الباب.
11- . الفقيه ، ج2 ، ص 52 _ 53 ، ح 1675. و رواه الكليني في كتاب الجهاد ، باب وصيّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله و اميرالمؤمنين عليه السلام في السرايا ، ح6 ؛ و الشيخ فى تهذيب الأحكام ، ج 6 ، ص 156 ، ح 277 ؛ وسائل الشيعة ، ج 15 ، ص 65 ، ح 19993.
12- . في الأصل: «أبو الدرداء» و التصويب من المصدر.
13- . الفقيه ، ج2 ، ص 54 ،ح 1679؛ ج3 ، ص 155 ، ح 3565؛ وسائل الشيعة ، ج 15 ، ص 128 ، ح 20136.
14- . منتهى المطلب ، ج1 ، ص 965. و المذكور في مصادر العامّة «عن عمر» بدل «عن عليّ». و الحديث في السنن الكبرى للبيهقي ، ج9 ، ص 140؛ وشرح نهج البلاغة ، ج 12 ، ص 149 ، شرح الكلام 223.
15- . رواه ابن الجنيد على ما في مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 438.
16- . المبسوط للطوسي ، ج2 ، ص 40.
17- . المجموع للنووي ، ج 19 ، ص 405؛ المغني لابن قدامة ، ج 10 ، ص 586 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 10 ، ص 586 .
18- . المفيد في المقنعة ، ص 272؛ و الطوسي في الخلاف ، ج 5 ، ص 545 ، المسألة 9؛ و المبسوط ، ج2 ، ص 38؛ والنهاية ، ص 193.
19- . السرائر ، ج1 ، ص473.
20- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
21- . الفقيه ، ج2 ، ص 50 ، ح 1670؛ وسائل الشيعة ، ج 15 ، ص 149 _ 150 ، ح20187.
22- . مسند الطيالسي ، ص 77؛ مسند أحمد ، ج5 ، ص 230 و 233 ، و 427؛ سنن أبيداود ، ج 1 ، ص 354 ، ح 1576؛ وج 2 ، ص 42 ، ح 3038؛ المصنّف لابن أبي شبيه ، ج7 ، ص 581 ، باب ما قالوا في وضع الجزية و القتال عليها ، ح 5 ؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 7 ، ص 126؛ سنن الترمذي ، ج2 ، ص 68 ، ح 619 ؛ سنن النسائي ، ج5 ، ص 25 _ 26؛ والسنن الكبرى له أيضا ، ج 2 ، ص 11 ، ح 2230؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج4 ، ص 98؛ وج 9 ، ص 187 و 193.
23- . سنن أبى داود ، ج2 ، ص 42 _ 43 ، ح 3041؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج9 ، ص 195.
24- . الفقيه ، ج2 ، ص 49 ، ح 1667. و انظر سائر تخريجاته ذيل حديث مصعب بن يزيد بعد سطور.
25- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج9 ، ص 196؛ المصنّف لابن أبي شبية ، ج3 ، ص 106 ، الباب 127 من كتاب الزكاة ، ح 3؛ وج 7 ، ص 583 ، كتاب الجهاد ، الباب 17 ، ح13.
26- . في الأصل: «مثل»، و المثبت من المصادر.
27- . تذكرة الفقهاء ، ج9 ، ص 302؛ منتهى المطلب ، ج1 ، ص 965؛ المجموع للنووي ، ج 19 ، ص 393؛ المغني لابن قدامة ، ج 10 ، ص 595 ؛ الشرح الكبير ، ج 10 ، ص 595 .
28- . الخلاف ، ج5 ، ص 545 ؛ المجموع للنووي ، ج 19 ، ص 394؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 10 ، ص 575 ؛ الشرح الكبير ، ج 10 ، ص 601 .
29- . المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 10 ، ص 575 ؛ الشرح الكبير ، ج 10 ، ص 601 .
30- . رساتيق: جمع رستاق معرّب روستا.
31- . البهقبا ذات، هي ثلاثة: الأعلى والأوسط والأسفل . والأعلى يشمل بابل والفلوجتان العليا والسفلى وبهمن اردشير وأبزقباذ وعين التمر ، والأوسط يشمل نهر البدأة وسورا وباروسما ونهر الملك ، والأسفل يشمل خمسة طساسيج كانت على الفرات الأسفل حيث يدخل البطائح.
32- . الفقيه ، ج 2 ، ص 49 _ 50 ، ح 667 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 119_120 ، ح 343 ؛ الاستبصار ، ج2 ، ص 53 _ 54، ح 178 ؛ وسائل الشيعة ، ج 15 ، ص 151_152 ، ح 20188.
33- . حكاه عنه العلّامة في: تذكرة الفقهاء ، ج9 ، ص 303؛ و المنتهى ، ج2 ، ص 966؛ و مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 435.
34- . تقدّم تخريجهما.
35- . تذكرة الفقهاء ، ج9 ، ص 303؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة ، ج 10 ، ص 576 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 10 ، ص 602 .
36- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب.
37- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 118 ، ح 338؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 53 ، ح 177؛ وسائل الشيعة ، ج 15 ، ص 150 ، ح 20186.
38- . الكافي في الفقه ، ص 249.
39- . منتهى المطلب ، ج2 ، ص 966.
40- . النهاية ، ج3 ، ص 181 (عته) ، و كان في الأصل: «المجهول» بدل «المجنون»، فصوّبناه حسب المصدر.
41- . النهاية، ج 5، ص 246 _ 247 (هجر).
42- . روضة المتقين ، ج3 ، ص 156 _ 157 ، باب الخراج و الجزية.

ص: 495

. .

ص: 496

. .

ص: 497

. .

ص: 498

. .

ص: 499

. .

ص: 500

. .

ص: 501

باب نادر

باب نادريذكر فيه بعض الحقوق التي في الأموال غير ما ذُكر سابقاً كجواز أكل المارّة من الزروع [و] النخل والثمار من غير إذن صاحبها، وهو المشهور بين الأصحاب، بل قال ابن إدريس: «أجمعوا عليه؛ لأنّ الأخبار متواترة والإجماع منعقد منهم، ولا يعتدّ بخبر شاذّ أو خلاف مَن لا يعرف اسمه ونسبه؛ لأنّ الحقّ مع غيره». (1) انتهى. لكن قيّدوها بشرائط، منها: عدم العلم بكراهة صاحبها. ومنها: أن لا يكون لها حيطان، ويرجع هذا إلى الأوّل. ومنها: أن لا يروح إليها بقصد الأكل بل اتّفق مروره إليها. ومنها: أن يأكل هناك ولا يحمل شيئاً منها. ومنها: أن لا يفسد. ويستفاد بعض هذه الشرائط من الأخبار المذكورة في الباب، ومثلهما ما رواه الشيخ عن محمّد بن مروان، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : أمرّ بالثمرة فآكل منها؟ قال: «كُلْ ولا تحمل»، قلت: فإنّهم اشتروها؟ قال: «كُلْ ولا تحمل»، قلت: جُعلت فداك، إنّ التجّار قد اشتروها ونقدوا أموالهم؟ قال: «اشتروا ما ليس لهم». (2) وعن يونس مرسلاً عنه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يمرّ بالبستان وقد حيط عليه أو لم يحط[عليه]، هل يجوز له أن يأكل[من] ثمره وليس يحمله على الأكل من ثمره إلّا الشهوة، وله ما يُغنيه عن الأكل من ثمره؟ وهل له أن يأكل منه من جوع؟ قال: «لا بأس أن يأكله ولا يحمله ولا يفسد[ه]». (3) نعم، ما ذكروه أحوط، بل ربّما ينفي أصل الحكم. ومنع العلّامة في المختلف عنه إلّا إذا علم بشاهد الحال إباحة المالك لذلك؛ بناءً على ثبوت حرمة التصرّف في مال الغير بغير إذنه. (4) ولما رواه الشيخ عن مروك بن عبيد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال: قلت له: الرجل يمرّ على قراح الزرع يأخذ منه السنبلة؟ قال: «لا»، قلت: أيّ شيء السنبلة؟ قال: «لو كان كلّ من يمرّ به يأخذ سنبلة كان لا يبقى منه شيء». (5) وفي الصحيح عن الحسن بن عليّ بن يقطين،[عن أخيه الحسين، عن علي بن يقطين] قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يمرّ بالثمرة من الزرع والنخل والكرم والشجر والمباطخ وغير ذلك من الثمر، أيحلّ له أن يتناول منه شيئاً ويأكل بغير إذن صاحبه؟ وكيف حاله إن نهاه صاحب الثمرة أو أمره القيّم وليس له؟ وكم الحدّ الذي يسعه أن يتناول منه؟ قال: «لا يحلّ له أن يأخذ منه شيئاً». (6) ولا يبعد الجمع بالكراهة كما يفهم ظاهراً ممّا رواه الشيخ في الصحيح عن محرز بن عليّ الحلبي عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: سألته عن البستان يكون عليه المملوك أو أجير ليس له من البستان شيء، فيتناول الرجل من بستانه؟، فقال: «إن كان بهذه المنزلة لا يملك من البستان شيئاً فما أحبّ أن يأخذ منه شيئاً». (7) ويستحبّ لمالك البستان أن ينقض الحيطان للمارّة تأسّياً بالنبيّ والإمام عليهماالسلام.

.


1- . السرائر ، ج 2 ، ص 226.
2- . تهذيب الأحكام ، ج 6 ، ص 383 ، ح 1134؛ وج7 ، ص 89 ، ح 380؛ وص 93 ، ح 394؛ الاستبصار ، ج 3 ، ص 90 ، ح 305؛ وسائل الشيعة ، ج 18 ، ص 227 ، ح 23555.
3- . تهذيب الأحكام ، ج 6 ، ص 383_384، ح 1135؛ وسائل الشيعة ، ج 18 ، ص 227 ، ح23556.
4- . مختلف الشيعة ، ج 5 ، ص 26.
5- . تهذيب الأحكام ، ج 6 ، ص 385 ، ح 1140؛ وسائل الشيعة ، ج 18 ، ص 227_228 ، ح23557.
6- . تهذيب الأحكام ، ج 7 ، ص 92 ، ح 392؛ الاستبصار ، ج 3 ، ص 90 ، ح 307؛ وسائل الشيعة ، ج 18 ، ص 228 ، ح 23558 ، و مابين الحاصرتين منها.
7- . تهذيب الأحكام ، ج 6 ، ص 380 ، ح 1117؛ وسائل الشيعة ، ج 17 ، ص 271 ، ح 22498.

ص: 502

. .

ص: 503

باب فضل الصدقة

باب فضل الصدقةالصدقة: إعطاء الشيء لوجه اللّه تعالى، ولها ثوابٌ جميلٌ في الآخرة وأجرٌ جزيل في الدُّنيا، والأفضل تقديم الأقارب على الجيران، ثمّ الجيران على الأباعد. قوله في خبر عبد الرحمن بن يزيد: (قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمنين فإنّ صدقته تظلّه) . [ح6/6005] قال طاب ثراه: لعلّ المراد بالنار شدّة حرارة الشمس عند دنوّها. ويؤيّده قوله: «فإنّ صدقته تظلّه»، والظاهر أنّ المراد بإظلالها معناه المعروف. ومثله وقع من طرق العامّة. (1) وقال ابن دينار: يعني بالظلّ الكرامة والكنف[الكفّ] من المكاره (2) كما يُقال هو في ظلّ فلان، أي في كنفه وحمايته. (3) قوله في خبر أبي جميلة: (ولو بشقّ تمرة) . [ح11/6010] قال طاب ثراه: الشِّق بالكسر: النصف، (4) وفيه الحضّ على الصدقة وإن قلَّت، ويحتمل أن يكون حقيقة فإنّ قليل الخير للّه كثير.

.


1- . اُنظر: مسند ابن المبارك، ص 194 _ 195، ح 341؛ مسند أبي يعلى، ج 3، ص 300_ 301، ح 1766؛ صحيح ابن حبّان، ج 8 ، ص 104؛ المعجم الكبير، ج 17، ص 280.
2- . شرح صحيح مسلم للنووي ، ج7 ، ص 121؛ الديباج على مسلم ، ج 3 ، ص 108؛ شرح سنن النسائي للسيوطي ، ج 8 ، ص222.
3- . صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 1756 (ظلل).
4- . اُنظر: مجمع البيان ، ج6 ، ص 149، تفسير سورة النحل؛ زاد المسير ، ج 4، ص 315، تفسيرالآية 5 _ 7 من سورة النحل.

ص: 504

باب أنّ الصدقة تدفع البلاء

باب فضل صدقة السرّ

باب أنّ الصدقة تدفع البلاءالأخبار فيه متكاثرة وتشهد له التجربة والعيان. قوله في خبر سالم بن مكرم: (قال مرّ يهودي بالنبيّ صلى الله عليه و آله ) إلى آخره. [ح3/6013] قال طاب ثراه: فإن قيل: يلزم من ذلك كذب النبيّ صلى الله عليه و آله . قلت: كلّا، فإنّ قوله صلى الله عليه و آله : «إنّ هذا اليهودي يعضّه أسود في قفاه فيقتله» من كلامه تعالى أوحاه إليه وأمره بالتبليغ؛ لقوله تعالى: «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَي * إِنْ هُوَ إِلَا وَحْىٌ يُوحَى» ، (1) وهذا الكلام في علم اللّه تعالى مقيّد بشرطٍ، هو عدم التصدّق، فهو صادق كصدق سائر الشرطيّات، والمبلِّغ أيضاً صادق؛ لأنّه مأمور من قبله تعالى بالتبليغ، وإنّما يكون كاذباً لو لم يُؤمر بالتبليغ من قبله تعالى، فيبلّغه من قبله. نعم، فيه دلالة على أنّه صلى الله عليه و آله لم يكن عالماً ببعض أسرار القضاء والقدر. (2) قوله في مرسلة عليّ بن أسباط: (قلت: ويل الآخر) . [ح9/6019] قال طاب ثراه: «ويل الآخر بمعنى ويلك، أعدل عن الخطاب إلى لفظ الآخر؛ رعايةً للمخاطب، وهو من قاعدة العرب في ويلك». (3)

باب فضل صدقة السرّقال [والدي] طاب ثراه: دلّ أخبار الباب على أنّ الصدقة على الإطلاق _ سواء كانت مندوبة أو فريضة _ في السرّ أفضل، وبه قال بعض الأصحاب. ويؤيّدها أنّها أقرب إلى القربة وأبعد عن الرياء والسمعة وإحقار الفقير. وقيل: هذا إن لم تتّهم بترك الصدقات، وإلّا فالأفضل الجهر لدفع التهمة، وكذا إن علم أنّ للناس به اُسوة في أداء الصدقات. وقيل: هذا في المندوبة، وأمّا الفريضة فهي في الجهر أفضل. (4) وقد سبق في الباب الأوّل من أبواب الزكاة ما يدلّ على هذا التفصيل. وقال في قوله عليه السلام : «وكذلك واللّه العبادة في السرّ أفضل منها في العلانية» في خبر عمّار (5) : «دلَّ على أنّ العبادة على الإطلاق في السرّ أفضل، ولعلّ المراد بها النافلة؛ إذ الفريضة في المسجد بل الجماعة أفضل عن الرياء والسمعة».

.


1- . النجم(53): 3 _ 4.
2- . شرح اُصول الكافي للمولى صالح المازندراني ، ج 4 ، ص 246 _ 247.
3- . لم أعثر عليه . وانظر: مجمع البحرين ، ج 4 ، ص 569 (ويل).
4- . شرح اُصول الكافي ، ج6 ، ص 240.
5- . الكافي ، أبواب الصدقة من كتاب الزكاة ، باب صدقة الليل ، ح 2.

ص: 505

باب فضل صدقة الليل

باب فضل صدقة الليللعلَّ السرُّ في ذلك كونها أقرب إلى القربة وأبعد عن الرياء والسمعة وقلّة بذل الفقير ماء وجهه لتستّره بظلمة الليل، فيكون ما أنعم عليه هنيئاً له، مع أنّ السائل قد لايكون من الإنس كما يستفاد من بعض الأخبار. قوله في صحيحة هشام بن سالم (1) : (إذا طرقكم سائل ذكر بليل فلا تردّوه) . [ح2/6026] قال طاب ثراه: الطرق: الإتيان بالليل، (2) فذكر الليل بعده مبنيّ على التجريد والنهي عن الردّ، إمّا لأنّ السائل قد لا يكون من الإنس كما دلّ عليه بعض الأخبار، وإمّا لأنّ السائل ربّما يكون مضطرّاً جائعاً لا يجد سبيلاً إلى غيره، وإمّا لأنّ الصدقة بالليل في نفسها زيادة فضل لا ينبغي الحرمان عنها.

.


1- . هذا الخبر مرويّ عن السكوني وليس لهشام بن سالم ، و خبر هشام هو الحديث الأوّل من هذا الباب.
2- . تاج العروس ، ج 13 ، ص 289 (طرق).

ص: 506

باب في أنّ الصدقة تزيد في المال

باب الصدقة على القرابة

باب كفاية العيال والتوسّع عليهم

باب في أنّ الصدقة تزيد في المالتشهد له التجربة، وقال اللّه سبحانه: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّه َ قَرْضا حَسَنا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافا كَثِيرَةً» . (1) قال طاب ثراه: وبذلك فسّر أمير المؤمنين عليه السلام : «إذا أملقتم _ يعني افتقرتم _ فتاجروا اللّه بالصدقة». (2) وقال بعض أهل التأويل: معناه: إذا صرتم قليلة الطاعات فتاجروا اللّه بالصدقات المورثة للدخول في الجنّات.

باب الصدقة على القرابةأي فضيلتها وأفضليّتها، وقد سبق أنّ الصدقة على الأقارب أفضل من الصدقة على الجيران، ثمّ الصدقة على الجيران أفضل من الصدقة على الأباعد. قوله في خبر السكوني: (أيّ الصدقة أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح) . [ح2/6034] الكاشح الذي يضمر لك العداوة، (3) والسرّ في ذلك أنّ الصدقة عليه أقرب لوجه اللّه تعالى وأدخل لرفع الكشح، فإنّ الإنسان عبيد الإحسان.

باب كفاية العيال والتوسّع عليهمقال طاب ثراه: «عيال الرجل من في نفقته كالأب والأولاد والزوجات والمماليك، ومَن اُدخل في العيال»، (4) والحديث دالّ على أنّ النفقة عليهم أفضل من النفقة على غيرهم. والترتيب في الإنفاق معتبر، وهو أن ينفق على نفسه، ثمّ عياله، ثمّ على أقربائه من ذوي الأرحام، ثمّ على جيرانه، ثمّ على الأبعد فالأبعد. قوله في خبر الربيع بن يزيد: (اليد العليا خيرٌ من اليد السُّفلى) . [ح4/6039] قال طاب ثراه: اليد العُليا: اليد المُنفقة، واليد السُّفلى: اليد الآخذة. وقال الخطّابي: المراد بالعُليا: المنفقة عن السؤال والأخذ، والمراد بالعلوّ: علوّ الفضل والمجد، وبالسفلى: السائلة الآخذة، ثمّ قال: ويحتمل تأويلاً آخر وهو: أنّ العُليا: الدافعة، والسُّفلى: المانعة. وقال الآبي: قيل العُليا: الآخذة (5) ؛ لأَنّها حين الإعطاء فوق الدافعة، وليس كلّ مسؤولة خيرٌ من السائلة، فقد سأل الخضر وموسى عليهماالسلامأهل القرية، وقد يسأل السائل للضرورة المقتضية لوجوب السؤال، ثمّ قال: هذا ليس بمسلّم؛ لأنّ الحديث دلّ على خلافه. على أنّ الفضل والأجر للعطيّة. قوله: (عن سيف بن عميرة عن أبي حمزة) . [ح10/6045] الأوّل كان واقفيّاً موثّقاً، (6) والثاني هو الثمالي ثابت بن دينار؛ لقى عليّ بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبداللّه وأبا الحسن عليهم السلام ، وروى عنهم، وهو من ثقات الفرقة المحقّة، بل روى النجاشي عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال: «أبو حمزة في زمانه مثل سلمان في زمانه». (7) وروى الكشّي عن الفضل بن شاذان أنّه قال: سمعت الثقة يقول: سمعت الرضا عليه السلام يقول: «أبو حمزة الثمالي في زمانه كسلمان في زمانه؛ وذلك أنّه خدم أربعة منّا عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وبرهة من عصر موسى بن جعفر عليهم السلام ». (8) والقرم محرّكة: [شدّة]شهوة اللحم. (9)

.


1- . البقرة(2): 245.
2- . نهج البلاغة ، قصار الحكم ، ح 258؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 372 ، ح 12271.
3- . الفروق اللغويّة ، ص 443 ، حرف الكاف؛ مجمع البحرين ، ج 4 ، ص 44 (كشح).
4- . اُنظر: شرح اصول الكافي للمولى صالح المازندراني ، ج 9 ، ص 30.
5- . شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 7 ، ص 125.
6- . رجال النجاشي ، ص 189؛ معالم العلماء ، ص 92 ، الرقم 377؛ خلاصة الأقوال ، ص 160 ، و لم يتعرّض لوقفه غير ابن شهر آشوب في معالم العلماء. قال السيّد الخوئي قدس سره: «إنّ سيف بن عميرة من أصحاب الصادق و الكاظم عليه السلام ، و لم يذكر أحد أنّه أدرك الرضا عليه السلام فضلاً عن التعرّض لكونه واقفيّا ، فما في المعالم من أنّه واقفي من سهو القلم ، أو من غلط النسّاخ». معجم رجال الحديث ، ج 8 ، ص 365 ، الرقم 5656 .
7- . رجال النجاشي ، ص 115 ، الرقم 296.
8- . اختيار معرفة الرجال ، ج 2 ، ص 781 ، ح 919.
9- . صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 2009 (قرم)؛ النهاية ، ج 4 ، ص 49 ، و ما بين الحاصرتين منهما و من غيرهما من كتب اللغة.

ص: 507

. .

ص: 508

باب من يلزم نفقته

باب من يلزم نفقتهأسباب النفقة ثلاثة: الأوّل : القرابة. وقد أجمع الأصحاب على وجوبها على الأبوين وإن علوا و الأولاد وإن سفلوا، بل قيل بوجوبها على الوارث مطلقاً؛ لقوله تعالى: «وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ» (1) بعد قوله: «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» . قال المحقّق الأردبيلي: المولود له هو الأب، وقوله: وعلى الوارث مثل ذلك عطف عليه كما قيل، والمراد بالوارث وارث المولود له يعني على وارث المولود له لزم مثل ما وجب عليه، يعني إن مات المولود له لزم مَن يرثه أن يقوم مقامه في أن يرزقها ويكسوها بالمعروف. (2) ثمّ استشكل ذلك. وربّما فسّر الوارث بوارث الولد وإذا وجب الإنفاق على الوارث بعلّة الإرث ثبت من الطرفين ُ. ويدلّ عليه أيضاً رواية غياث بن إبراهيم. (3) الثاني : الزوجيّة. وتجب نفقة الزوجة الدائمة بشرط التمكين الكامل. ويدلّ على حكم هذين حسنة حريز (4) ورواية محمّد بن مسلم. (5) والثالث : الملكيّة . فيجب الإنفاق على العبيد والإماء والبهائم، وتأتي الأخبار الدالّة على الأوّلين في مواضعها إن شاء اللّه تعالى.

.


1- . البقرة(2): 233.
2- . زبدة البيان ، ص 559 .
3- . هو الحديث الثاني من هذا الباب.
4- . الحديث الأوّل من هذا الباب.
5- . الحديث الثالث من هذا الباب.

ص: 509

باب الصدقة علي من لايعرف

باب الصدقة على أهل البوادي وأهل السواد

باب الصدقة علي من لايعرفيريد بيان مرجوحيّتها، والظاهر أنّ غرضه عدم تأكّد استحبابها، وإلّا فلكلّ كبدٍ حرّى أجر، بل من وجب قتله للكفر وغيره لا ينبغي قتله جائعاً عطشاناً. ويؤيّده ما رواه الصدوق رضى الله عنه في الفقيه، قال: وقال الصادق عليه السلام : «اصنع المعروف إلى كلّ أحدٍ، فإن كان أهله، وإلّا فأنت أهله». (1) قوله في خبر النوفلي: (ولا يدرى ما هو) . [ح2/6054] أي لا يدرى ما مذهبه عارف بالحقّ أو لا.

باب الصدقة على أهل البوادي وأهل السوادالمراد بهما الساكنون في القرى والبوادي البعيدة عن بلاد المسلمين بحيث لا يعرفون أحكام الشريعة، أو يكون فيهم النواصب واليهود والنصارى غير معروفين للمعطي، فإنّه يكره الصدقة عليهم، بمعنى كونها أقلّ ثواباً. قوله في خبر منهال: (وإيّاك وكلٍّ إلى آخره وقال بيده ها وهزّها) . [ح2/6056] التنوين في كلٍّ عوض عن المضاف إليه المحذوف والتقدير كلّ من في البوادي، والتحذير عن الصدقة عليهم أجمع لوجود النواصب واليهود والنصارى والمجوس فيهم، ولعدم معرفة أكثرهم بقوانين الشريعة كما يظهر من أخبار الباب، وقد مرَّ مراراً أنّ القول إذا اُسند إلى عضو غير اللسان يُراد به الفعل الصادر من ذلك العضو الدالّ على معنى كدلالة القول، وكأنّه أشار عليه السلام بيده إلى فمه وتحريكها يميناً وشمالاً لإفادة السكوت عن نقل هذا الخبر إلى غير أهله.

.


1- . الفقيه ، ج 2 ، ص 55 ، ح 1683.

ص: 510

باب كراهية ردّ السائل

باب أنّ الذي يقسّم الصدقة شريكٌ لصاحبها في الأجر

باب كراهية ردّ السائلالمراد بالكراهية بالمعنى المصطلح؛ لعدم دليل قاطع على وجوب إعطاء السائل. نعم، قال طاب ثراه: قال أمير المؤمنين عليه السلام : «إنّ المسكين رسول اللّه ، فمَن منعه فقد منع اللّه ، ومَن أعطاه فقد أعطى اللّه »، (1) يريد أنّ الفقير الذي يأتي بابك رسول من عند اللّه تعالى إليك ليحمل زادك إلى الآخرة حيث تكون أنت فيها أحوج إليه منه الآن إليك، وإذا كان كذلك فمَن منعه فقد منع اللّه ، ومَن أعطاه فقد أعطى اللّه . قوله في خبر حفص بن عمر: (لا تردّ السائل ولو بظلفٍ محترق) . [ح6/6063] النهي للتنزيه، والظلف للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل والخفّ للبعير. (2) والمحترق منه يؤكل في الجدب والمجاعة.

باب أنّ الذي يقسّم الصدقة شريكٌ لصاحبها في الأجرلا ريب في ذلك، ولكنّ الشركة هل هي بالمساواة؟ ظاهر أخبار الباب ذلك. قال طاب ثراه: لا بُعد في ذلك؛ لأنّ أجر الأعمال من فضل اللّه تعالى، واللّه ذو فضلٍ عظيم. وقد جاء في الشرع نظيره كثيراً كقولهم عليهم السلام : «مَنْ دلَّ على خيرٍ فهو كفاعله». (3) ونظائره، فينبغي أن تخصّ قاعدة: «أفضل الأعمال أحمزها» (4) بما لم يرد فيه نصّ.

.


1- . نهج البلاغة، قصار الحكم ، ح 304؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 420 ، ح 12381.
2- . النهاية ، ج 3 ، ص 159 (ظلف).
3- . المعجم الكبير ، ج 17 ، ص 227. و ورد بلفظ: «الدالّ على الخير بفاعلة» في: الكافي ، باب فضل المعروف من أبواب الصدقة ، ح 4 ؛ الفقيه ، ج 2 ، ص 55 ، ح 1682؛ و ج 4 ، ص 380 ، ح 5813 ؛ الخصال ، ص 134 ، باب الثلاثة ، ح 145؛ وسائل الشيعة ، ج 16 ، ص 123 _ 124 ، ح 21145؛ و ص 173 ، ح 21272؛ و ص 286 _ 287 ، ح 21561.
4- . حكاه كثير من الأعلام بعنوان الرواية بلفظ: «قوله عليه السلام » . اُنظر: تذكرة الفقهاء ، ج 8 ، ص 171 ، المسألة 524 ؛ مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 246 و 262؛ مفتاح الفلاح ، ص 32 عن النبى صلى الله عليه و آله ؛ شرح اُصول الكافي للمولى صالح المازندراني ، ج 8 ، ص 53 ، و 64 عن النبي صلى الله عليه و آله ، و كذا في ص 267؛ رياض السالكين ، ج 3 ، ص 284؛ النهاية لابن الأثير ، ج 1 ، ص 440 (حمز) بلفظ: «في حديث ابن عبّاس: سئل رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أيّ الأعمال أفضل؟ فقال: أحمزها».

ص: 511

باب الإيثار

باب الإيثارالإيثار: الاختيار، (1) والمراد هنا الإنفاق على الفقراء مع حاجته، فإنّ اللّه تعالى يقول: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» ، (2) «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينا وَيَتِيما وَأَسِيرا» . (3) قوله في خبر سماعة: (فقال: هو أمران أفضلكم فيه) إلى آخره. [ح1/6071] قال طاب ثراه: «هو راجع إلى إعطاف الرجل أو إلى الرجل الذي يعطف، وضمير فيه راجع إلى الإعطاف، وفيه دلالة على أنّ الإيثار أفضل ممّا خلف غنيّ». وذهب بعض العامّة إلى العكس حتّى قال: لو تصدّق بكلّ المال ولم يبق ما يكفيه ردّت صدقته. (4) وفي بعض رواياتنا أيضاً دلالة على أنّ الصدقة عن ظهر غنى أفضل. (5) ويؤيّده أيضاً ظاهر الآية. ويمكن الجمع بحمل الاختلاف على اختلاف أحوال الناس. قوله: (والأمر الآخر لا يُلام على الكفاف) . [ح1/6071] قال طاب ثراه: «أي لا يُلام على عدم الإعطاء لو كان ماله كفافاً له ولعياله الواجبيّ النفقة، وإنّما يُلام لو كان فضل مال». قوله في خبر أبي بصير: (ترى هاهنا فضلاً) . [ح3/6073] في الفقيه: «هل ترى»، (6) يعني لا فضل أعظم من مدح اللّه تعالى إيّاهم.

.


1- . الفروق اللغويّة ، ص 87 ، الرقم 346.
2- . الحشر(59): 9.
3- . الإنسان(76): 8 .
4- . اُنظر: حاشية الدسوقي ، ج 2 ، ص 163؛ شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 11 ، ص 141؛ عمدة القاري ، ج 14 ، ص 52 .
5- . الكافي ، باب فضل المعروف من أبواب الصدقة ، ح 1 ، و باب النوادر منها ، ح 2؛ الفقيه ، ج 2 ، ص 56 ، ح 1688؛ ثواب الأعمال ، ص 141 ، باب ثواب الصدقة و لو برغيف؛ تحف العقول ، ص 380 في قصار كلمات الإمام الصادق عليه السلام ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 426 ، ح 12398؛ و ص 430 ، ح 12410؛ و ص 457 ، ح 12492؛ و ص 461 _ 462 ، ح 12502.
6- . الفقيه ، ج 2 ، ص 70 ، ح 1751؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 431 _ 432 ، ح 12413.

ص: 512

باب من يسأل من غير حاجة

باب كراهية المسألة

باب من يسأل من غير حاجةظاهر الأخبار حرمة ذلك السؤال، وأمّا مع الضرورة فلا ريب في الجواز، بل قد تجب، ويستفاد ذلك من بعض الأخبار. قوله في خبر مالك بن حصن: (ويثبت اللّه بها النار) . [ح3/6076] قال طاب ثراه: يعني أنّه يعاقبه بالنار إذا غرَّ من نفسه وأخذ باسم الفقير ما يحلّ له، ويحتمل أنّه مجاز استعار لما لحقه من ذلّ السؤال لغير فاقة بإحراقه بالنار، أو يجعل ما أخذه جمراً يكوى بها كما جاء في مانع الزكاة.

باب كراهية المسألةظاهره الكراهة كما هو المشهور، ولا يبعد أن يريد بالكراهة المعنى العام الشامل للحرمة أيضاً. قوله في مرسلة أحمد بن النضر: (فاستعفّوا عن السؤال ما استطعتم) إلى آخره. [ح3/6079] يُقال: عفَّ عن الحرام يعفّ عفا وعفّة، أي كفَّ. (1) وقنيت الحياء بالكسر قنياناً بالضمّ، أي لزمته (2) ؛ أي أصان حياءه ولم يسأل عن الناس ولم يبذل ماء وجهه، والمراد بالحجاب حجاب الحياء. قوله في حسنة أبي بصير: (جاءت فخذ من الأنصار) . [ح5/6081] قال الجوهري: الفخذ في العشائر: أقلّ من البطن، أوّلها الشعب، ثمّ القبيلة، ثمّ الفصيلة، ثمّ الغمارة، ثمّ البطن، ثمّ الفخذ. (3) قوله في مرسلة الحسين بن أبي العلاء: (فإنّه يتعجّل الدنيّة في الدنيا) . [ح6/6082] والمنيّة جوعاً خيرٌ منه. قال طاب ثراه: ولذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام : «المنيّة ولا الدنيّة ولا التقلّل ولا التوسّل»، (4) يجوز نصب الأربعة ورفعها، وعلى النصب معناه: احتمل الموت ولا تحتمل ما يعيبك، وعلى الرفع معناه: المنية ملتزمة والدنية غير ملتزمة، (5) والتقلّل معناه: الزم القليل من الرزق ولا تتوسّل إلى الأغنياء للتناول [م_]مّا عندهم.

.


1- . صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 1405 (عفف).
2- . صحاح اللغة ، ج 6 ، ص 2469 (قنا).
3- . صحاح اللغة ، ج 2 ، ص 568 (فخذ).
4- . نهج البلاغة ، قصار الحكم ، ح 396.
5- . إلى هنا _ بمغايرة _ موجود في شرح اُصول الكافي للمولى صالح ، ج 8 ، ص 410.

ص: 513

باب المنّ

باب المنّقال تعالى: «وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ» . (1) قال طاب ثراه: لا ريب في حرمته ولا في أنّه يهدم أجر الصدقة، سواء صارت عادة له بأن لا يعطي شيئاً إلّا ويمنّ أو لا. وهل التذكير بالنِّعمة أو تعدادها منّة أم لا؟ الظاهر هو الأوّل، وقيل: المنّ أخصّ من التذكير، فعلى هذا يجوز أن يتحقّق التذكير ولا يتحقّق المنّ. ثمّ المنّ يستلزم البُخل؛ لأنّ المال لا يمنّ إلّا بما عظم في عينه وشحّ بإخراجه، والحوادث لا يستعظم فلا يمنّ.

.


1- . المدّثر(74): 6 .

ص: 514

باب من أعطى بعد المسألة

باب المعروف

باب من أعطى بعد المسألةيعني كراهة أن لا يعطى الفقير إلّا بعد المسألة، وأنّ الأفضل أن يُعطيه قبل أن يبذل ماء وجهه بالسؤال. قوله في مرفوعة الذهلي: (ليلة أرقا متململاً) إلى آخره. [ح2/6088] الأرق: السهر. (1) وفلان يتململ على فراشه إذا لم يستقرّ من الوجع. (2) والرجف: الزلزلة والاضطراب. (3) قوله في خبر ياسر [عن اليسع بن حمزة] (4) : (رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه) . [ح3/6089] أي أعطاني ما اُريد قبل أن أسأل. قوله في مرفوعة ابن عاصم: (قال: ما توسّل إلى أحد بوسيلة) إلى آخره. (5) ] ح5/6091]

باب المعروفالعرف بالضمّ: الجود، (6) والمعروف في الأصل: اسم جامع لكلّ ما عرف من طاعة اللّه والقُرب إليه والإحسان وكلّ ما ندب إليه الشرع، على ما صرّح به ابن الأثير، (7) لكنّ المراد هنا وفي الأبواب الآتية الإحسان إلى الغير بالمال وبجميل الأخلاق والآداب. وقال طاب ثراه: قال الطيّبي: المعروف: اسم جمع لكلّ ما عرف من طاعة، ومنه أن يلقى الناس بوجهٍ حسن طلِق بشّاشة. (8) وقيل: هو ما شهد له الشرع باعتباره، سواء كان متعدّياً _ كالنصيحة _ أو غير متعدٍّ كالصلاة والصوم ونحوهما. ومنه ما رواه مسلم عنه صلى الله عليه و آله : «أنّ كلّ تسبيحة صدقة، وكلّ تكبيرة صدقة، وكلّ تحميدة صدقة، وأمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة» (9) والبُضع الجماع. (10) وما رواه عنه صلى الله عليه و سلم قال: «يعين الرجل في دابّته، فيحمله عليها ويرفع له عليها متاعه صدقة». وقال: «والكلمة الطيّبة صدقة، وبكلّ (11) خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة». (12) قوله في خبر ابن القدّاح: (إغاثة اللّهفان) . [ح4/6098] قال الجوهري: لهف، أي حزن وتحسّر، واللهفان: المتحسّر المضطرّ. (13) قوله في حسنة جميل بن درّاج: (اصنع المعروف إلى مَن هو أهله وإلى مَن ليس هو أهله) . [ح6/6100] قال طاب ثراه: الأظهر أنّ المراد بالمعروف هنا غير الواجب، وإلّا فلا يجوز إعطاء الواجب لغير أهله. ويقرب منه ما رواه مسلم عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال: «قال رجل لأتصدّقنّ الليلة بصدقةٍ، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدّثون: تصدّق الليلة على زانية، قال: اللّهمَّ لك الحمد على زانيه _ يعني على تصدّق زانيه _ لأتصدّقنّ بصدقةٍ فخرج بصدقته فوضعها في يد غنيّ، فأصبحوا يتحدّثون: تصدّق على غنيّ، قال: اللّهمَّ لك الحمد على غنيّ، لأتصدّقنّ بصدقةٍ، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدّثون: تصدّق على سارق، فقال: اللّهمَّ لك الحمد على زانية وعلى غنيّ وعلى سارق، فأتى قائل فقال: أمّا صدقتك فقد قُبلت؛ أمّا الزانية فلعلّها تستعفّ بها على زناها، ولعلّ الغني يعتبر فينفق ممّا أعطاه اللّه ، ولعلّ السارق يستعفّ بها عن رقته». (14) . ويحتمل أن يُراد بالمعروف هنا غير المال كطلاقة الوجه وحسن الخُلق، فلا ينافي ما سيجيء في الباب الرابع من أنّ مَن صنع معروفاً لغير أهله ليس له في الآخرة من خلاق؛ لأنّ المراد بالمعروف الواجب أو المال المعروف يدفع مصارع السوء.

.


1- . صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 1445 (أرق).
2- . صحاح اللغة ، ج5 ، ص 1821 (ملل).
3- . النهاية ، ج2 ، ص 203 (رجف).
4- . ما بين المعقوفين من الكافي.
5- . كذا بالأصل، و لم يذكر لها شرح.
6- . القاموس المحيط ، ج 3 ، ص 173 (عرف).
7- . النهاية ، ج 3 ، ص 216 (عرف).
8- . حكاه عنه المباركفوري في تحفة الأحوذي ، ج 5 ، ص 458 . والطيبي هوالحسن بن محمّد بن عبداللّه الدمشقي المتوفّي سنة 743 ه ق ، من تصانيفه: التيبان في المعاني و البيان ، الخلاصه في اُصول الحديث ، شرح أسماء اللّه الحسنى ، فتوح الغيب ، حاشية الكشّاف ، الكاشف عن حقائق السنن في شرح مصابيح السنّة للبغوي. راجع: هدية العارفين ، ج 1 ، ص 285.
9- . صحيح مسلم ، ج 3 ، ص 82 .
10- . تاج العروس ، ج 11 ، ص 18 (بضع).
11- . في المصدر: «كلّ».
12- . صحيح مسلم ، ج3 ، ص 83 .
13- . صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 1428 (لهف).
14- . صحيح مسلم ، ج3 ، ص 89 _ 90؛ كنز العمّال ، ج 6 ، ص 389 ، ح 16193.

ص: 515

. .

ص: 516

باب أنّ أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة

باب أنّ أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرةقال ابن الأثير: أي مَن بذل معروفه للناس في الدُّنيا أتاه اللّه جزاء معروفه في الآخرة، وقيل: أراد مَن بذل جاهه لأصحاب الجرائم التي لا تبلغ الحدود فيشفع فيهم شفعه اللّه تعالى في أهل التوحيد في الآخرة. وروي عن ابن عبّاس في معناه قال: يأتي أصحاب المعروف في الدُّنيا فيُغفر لهم بمعروفهم، وتبقى حسناتهم جامعة فيعطونها لمن زادت سيّئاته على حسناته، فيُغفر له ويدخل الجنّة، فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدُّنيا والآخرة. (1) والتفسير الأخير هو الصواب؛ لوروده عن أبي عبداللّه عليه السلام في مرفوعة أبي عبداللّه البرقي. (2) وهناك وجه آخر أشار إليه في رواية إسحاق بن عمّار، وهو: أنّ المعروف هو اسم باب من أبواب الجنّة. (3) قوله في مرفوعة البرقي (4) : (أمر ريحاً عبقة طيّبة فلزقت بأهل المعروف) . [ح1/6111] العبق بالتحريك: مصدر قولك عبق به الطيب بالكسر، أي لزق به. (5) قال طاب ثراه: المراد بالريح العقبة الطيّبة: الريح التي تخرج من المعروف الذي يحيط بفاعله، فإنّ الأفعال الحسنة تحيط بفاعلها كالأعمال السيّئة، قال تعالى: «وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ» . (6) ويحتمل أن يكون المراد بها الريح التي خلقها اللّه تعالى في فاعل المعروف جزاءً لمعروفه.

.


1- . النهاية ، ج3 ، ص 216 _ 217 (عرف).
2- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
3- . هو الحديث الرابع من هذا الباب.
4- . كذا في الأصل ، لكنّ الحديث مرويّ عن داود بن فرقد أو قتيبة الأعشي ، و مرفوعة البرقي هي الرواية الثانية من هذا الباب ، فلعلّه من سهو القلم.
5- . صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 1519 (عبق).
6- . البقرة(2): 81 .

ص: 517

باب تمام المعروف

باب تمام المعروفأي ما يتمّه ويصلحه من تصغيره وتيسّره وتعجيله وإعطائه قبل سؤال المستحقّ ونظائرها. قوله في خبر سعدان بن حاتم: (سخفته ونكدته) . [ح1/6115] أي نقصته وجعلته غير شيء، والسخيف من كلّ شيء مهزوله، (1) وهما مقابلان لتممتة عبارة ومعنى. قوله في خبر حمران: (وثمرة المعروف تعجيل السِّراح) . [ح2/6116] وفي بعض النسخ السراج (2) بالجيم، (3) وفي أكثرها بالحاء المهملة، وفي القاموس: السراح: الإرسال، والإسم كسحاب، (4) فلعلّ المراد تعجيل إرساله إلى المستحقّ، فإنّ في التأخير آفات، وعلى الجيم فالمقصود تعجيل السراج للضيف والعيال قبل أن يظلمّ الليل.

.


1- . صحاح اللغة ، ج4 ، ص 1372 (سخف).
2- . هذا هو الظاهر ، و في الأصل: «بالسراج».
3- . و مثله في رواية الصدوق في الخصال ، ص 8 ، باب الواحد ، ح 28.
4- . القاموس المحيط ، ج1، ص 228 (سرح) ، و فيه «السرح» بدل «السراح».

ص: 518

باب وضع المعروف موضعه

باب وضع المعروف موضعهأي أفضليّته (1) فلا ينافي ما سبق من جواز وضعه في غير موضعه، بل فضيلته. قوله في حسنة سيف بن عميرة: (وإن كان يضعه إلى غير أهله فاعلم أنّه ليس له عند اللّه خير) . [ح1/6117] قال طاب ثراه: لعلّ المراد من يضع معروفه كلّه إلى غير أهله دائماً، أو يضع معروفه إلى غير أهله مع العلم بأنّه غير أهله، وعلى التقديرين لا ينافي ما مرّ في باب فضل المعروف من قول الصادق عليه السلام : «اصنع المعروف إلى مَن هو أهله وإلى مَن هو ليس من أهله، فإن لم يكن هو من أهله فكُن أنت من أهله»، (2) أو صنعه إلى من ليس من أهله في الواقع، وهو لا يعلم به. ويحتمل أن يُراد بغير أهله هنا الغنيّ كما يرشد إليه الحديث الآتي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، (3) وفي السابق الفقير الفاسق. والمراد بالمعروف هنا: المعروف المالي، وفي السابق غيره كالكلام اللّيّن ونحوه، واللّه تعالى يعلم. قوله في خبر مفضل بن عمر: (وإن كان يضع معروفه عند غير أهله فاعلم أنّه ليس له في الآخرة من خلاق) . [ح2/6118] قال طاب ثراه: «يحتمل أنّه ليس له نصيب في هذا المعروف، وهو ظاهر. ويحتمل أنّه لا خلاف له أصلاً؛ لأنّ ذلك المعروف تبذيرٌ وإسراف «إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ» (4) ». قوله في خبر أبي مخنف الأزدي: (لا يكون ذلك ما سمر السمير) إلى آخره. [ح3/6119] قيل: السمر: المسامرة، وهو الحديث بالليل، وقد سمَرَ يسمُر فهو سامر، و السمير: السامر، وهو المحدّث بالليل، ويُقال: لا أفعله ما سمر السمير؛ أي لا أفعله أبداً، وقد يُقال: السمير الدهر. (5) وقال الجوهري: أَرَمَ على الشيء: عضّ عليه. (6) وآلم: أفعل تفضيل من الألم، أصله أَءْلَم اُعلّ بقلب الهمزة الثانية ألفاً، والخدين: الصديق. (7) والعاني: الخاضع الذليل، (8) قال الجوهري: عنّ: خضع وذلّ. (9)

.


1- . هذا هو الظاهر ، و في الأصل: «أفضليّة».
2- . هوالحديث السادس من باب فضل المعروف.
3- . هو الحديث الثالث من هذا الباب.
4- . الإسراء(17): 27.
5- . اُنظر: صحاح اللغة ، ج 2 ، ص 688 (سمر).
6- . صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 1860 (أرم).
7- . صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 2107 (خدن).
8- . ترتيب كتاب العين ، ج 2 ، ص 300 (عنو).
9- . صحاح اللغة ، ج 6 ، ص 2440 (عنا).

ص: 519

. .

ص: 520

باب تحليل الميّت

باب مؤونة النعم

باب حسن جوار النعم

باب تحليل الميّتأي فضله وثوابه. قوله في خبر الحسن بن خنيس: (وإذا لم يحلّله فإنّما له درهم بدرهم) . [ح1/6137] في شرح الفقيه: يظهر منه أنّ المال يصل إلى الميّت، وله المطالبة في القيمة و إن وصل إلى الوارث؛ لأنّه ضيّع حقّه، ويمكن أن يكون مخصوصاً بما لا يعلم الوارث ولا يوصل إليه، أو يقال: لكلّ من الميّت و الوارث و وارث الوارث و هلمّ جرّا استحقاق المطالبة في القيمة؛ لأنّه ضيّع حقوقهم جميعا. (1)

باب مؤونة النعمالمراد بمؤونة النعم ما يجب بسبب نعم اللّه تعالى على الناس كتربية النعم واستصلاحها وحفظها وعدم الإسراف والتبذير فيها ، واحتمال مؤونات الفقراء ، وهي موجبة لاستدامتها .

باب حسن جوار النعميعني وجوب أن يحسن مجاورتها بأداء حقوق الخالق والخلائق ، وهو شكرها الموجب لمزيدها . قوله في خبر محمّد بن عرفة : (وأبالتها) ، (2) بالباء الموحّدة .[ح1/6143] قال الجوهري : الأبالة حذاقة (3) مصلحة الابل . (4) قوله في صحيحة الحسن بن محبوب : (واحذروا أن تنتقل عنكم إلى غيركم) . [ح3/6145] أي أدّوا الحقوق الماليّة ولا تمنعوها ، وإلّا انتقل عنكم إلى غيركم ؛ لأنّكم بمنزلة الوكلاء الخائنين حينئذٍ كما ورد في الحديث القدسي : «المال مالي والفقراء عيالي والأغنياء وكلائي ، فمن بخل بمالي على عيالي أدخله النار ولا اُبالى» . (5) كذا في شرح الفقيه . (6)

.


1- . الفقيه ، ج 3 ، ص 181.
2- . في الكافي المطبوع: «وإنالتها».
3- . في الأصل : «حذافة» وما أثبت من المصدر .
4- . صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 1618 (أبل) ، ولفظه هكذا : «وأبل الرجل يأبل أبالة مثل شكس شكاسة وتمه تماهة ، فهو إبل وآبل ، أي حاذق بمصلحة الإبل» .
5- . جامع الأخبار ، ص 202 ، ح 492.
6- . اُنظر : لوامع صاحبقراني ، ج 6 ، ص 64 .

ص: 521

باب معرفة الجود والسخاء

باب الإنفاق

باب معرفة الجود والسخاءأي بيان حقيقتهما وحقيقة الجود والسخاء وما ذكر في الباب في بيانهما من أفضل أفرادهما . قوله في خبر مسعدة بن صدقة : (من ماء العوسج) (1) .] ح3/6148] قوله في مرسلة أبي سعيد المكاري : (وتربّد وجهه) .] ح5/6150] في القاموس : تربّد ، أي تغيّر ، والسماء تغيّمت وتعبّست . (2)

باب الإنفاقأي أفضله وكونه للخلف في الدنيا والآخرة . والمراد إنفاق المال في النفقات الواجبة والمندوبة . قوله في مرسلة جابر : (أعط منفقا خلفا وآت ممسكا تلفا) .] ح1/6161] التنكير في «منفقا» و«خلفا» للتعميم كما في «علمت نفس» (3) ، وفي «خلفا» و«تلفا» للتكبير والتعظيم .

.


1- . كذا بالأصل لم يذكر بعده شرح ، ولعلّه أراد بيان معني العوسج فنسي .
2- . القاموس المحيط ، ج 1 ، ص 293 (ربد) .
3- . التكوير (82) : 14 ، والانفطار (82) : 5 .

ص: 522

باب إنظار المعسر

باب البخل والشحّ

باب النوادر

باب إنظار المعسرلا ريب في وجوبه ، قال تعالى : «وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ» (1) ، والأخبار متظافرة فيه وفي فضله .

باب البخل والشحّالشحّ : أشدّ البخل وأخصّ منه (2) ، ويرجع إليه خبر الفضل بن أبي قرّة . (3) ونقل طاب ثراه عن الخطّابي العكس ، وأنّه قال : الشحّ أعمّ ، والشحّ جنس والبخل نوع ؛ لأنّ الشحّ أكثر ما يقال في أفراد الاُمور وبمنزلة الوصف ، والبخل لازم من قبل الطبع ، فكلّ بخيل شحيح دون العكس (4) . وعن عياض أنّهما بمعنى . وقيل : هو البخل مع الحرص . وقيل : البخل في أفراد الاُمور آحادها في الشحّ عامّ . وقيل : البخل بالمال والشحّ بالمال والمعروف . وقيل : البخل امتناع إخراج ما عندك ، والشحّ الحرص على تحصيل ما عندك ، يقال : شحّ يشحّ شحا فهو شحيح ، والاسم الشحّ . (5)

باب النوادريذكر قدس سره فيه أخبار متفرقّة متعلّقة بالصدقة . قوله في خبر عبدالأعلى : (أفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى) . [ح2/6180] قال طاب ثراه : روى مثله مسلم عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى» (6) . قال الخطّابي : المعنى ما أبقت لصاحبها بعد غنى يستعدّ به للنوائب ؛ لأنّها إن لم تبقه فقد يحتاج ويندم ويودّ أنّه لم يتصدّق . وقيل : ما كسبت للمتصدّق عليه غنى . والأوّل أظهر والتنكير في غنى للتعظيم . وقال الآبي : المراد بالغنى غنى النفس ، وصيغته التفصيل تدلّ على ثبوت أصل الفضيلة في الصدقة بجميع المال ، فالنهي عنه يكون تنزيهيّا ، ولعلّه مختلف باختلاف الأشخاص ، فيكون حراما بالنسبة إلى الأكثر . (7) وقال طاب ثراه : واختلفت العامّة في التصدّق بجميع المال ، فأكثرهم يجوّزونه ، وقال بعضهم : يردّ الجميع ، وقيل : يردّ الثلثان ، وقيل : يردّ النصف . (8) قوله في خبر سالم بن أبي حفصة : (فاُربّيها له كما يربّي الرجل فلوه وفصيله) . [ح6/6184] الفعلان من باب الإفعال ، يقال : ربا المال يربو ربوا ، إذا زاد وارتفع ، وأرباه الرجل يربّيه فهو مرب ، قال تعالى شأنه «يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَواْ وَيُرْبِى الصَّدَقَ_تِ» (9) . (10) وفي النهاية في حديث الصدقة : كما يربّي أحدكم فلوّه الفلوّ : المهر الصغير . وقيل : هو الفطيم من أولاد ذوات الحافر . (11) وقال طاب ثراه : في القاموس : الفلوّ بالكسر وكعدوّ وسمّوا الجحش والمهر فطما أو بلغا السنة (12) . وقال عياض : الفلوّ بفتح الفاء وضمّ اللام وشدّ الواو (13) . وقال غير واحد : هو المهر ، سمّي بذلك لأنّه فلى عن اُمّه ، أي عزل عنها . وحكي فيه كسر الفاء وسكون اللام (14) ، و أنكره ابن دريد . والفصيل ما فصل عن رضاع اُمّه (15) . وتلقّفه تعالى الصدقة بيده كناية عن القبول ورضائه بها ، فإنّ الشيء العظيم إنّما يأخذه الملوك بأيديهم ولا يكلونه إلى وكلائهم . قوله في خبر عبدالرحمن العزرمي : (أو غرم مفظع) .[ح7 / 6185] الغرامة : ما يلزم أداؤه وكذلك المغرم والغرم (16) . والمفظع بالفاء والظاء المعجمة . وفي النهاية : لا تحلّ المسألة إلّا لذي غرم مفظع . المفظع : الشديد الشنيع ، وقد أفظع يفظع فهو مفظع . وقطع الأمر فهو فظيع . (17) والدقعاء : التراب ، يقال : دقع الرجل _ بالكسر _ أي لصق بالتراب ذلّاً . والدقع : سوء احتمال الفقر . (18) قوله في موثّق أبان عن أبي بصير : (في قول اللّه تعالى «يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَ_تِ مَا كَسَبْتُمْ» (19) ) .] ح9/6187] قال طاب ثراه : الطيّب : الحلال ، ولا يقبل اللّه إلّا الطيّب ، ولا يثيب إلّا به . ومن طرق العامّة عنه صلى الله عليه و آله قال : «أيّها الناس ، إنّ اللّه طيّب ، لا يقبل إلّا طيّبا» . (20) قوله في حسنة حريز : (قال : إذا ضاق أحدكم فليعلم أخاه ولا يعين على نفسه) . [ح13/6191] قال طاب ثراه : فيه ترجيح للسؤال إذا عرضت بليّة عظيمة أو فاقة شديدة إذا ظنّ بأحد من المؤمنين أنّه قادر على دفعها ، وإعانته في الحقيقة إعانة من اللّه تعالى . وفي قوله : (ولا يعين على نفسه) إشارة إلى قوله تعالى «وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» . (21)

.


1- . البقرة (2) : 280 .
2- . اُنظر : الفروق اللغوية ، ص 295 ، رقم 1181 ؛ النهاية ، ج 2 ، ص 448 (شحح) .
3- . هو الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
4- . اُنظر : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 7 ، ص 123 ، و ج 16 ، ص 134 .
5- . اُنظر : النهاية ، ج 2 ، ص 448 (شحح) .
6- . صحيح مسلم ، ج 3 ، ص 94 ، ورواه أحمد في مسنده ، ج 2 ، ص 245 ؛ والنسائي في السنن الكبرى ، ج 2 ، ص 36 ، ح 2323 ؛ وابن حبّان في صحيحه ، ج 8 ، ص 134 .
7- . اُنظر : فتح الباري ، ج 3 ، ص 234 ؛ شرح سنن النسائي ، ج 5 ، ص 63 ؛ تفسير القرطبي ، ج 4 ، ص 293 .
8- . فتح الباري ، ج 10 ، ص 342 .
9- . البقرة (2) : 276 .
10- . اُنظر : النهاية ، ج 2 ، ص 192 .
11- . النهاية ، ج 3 ، ص 474 (فلا) .
12- . القاموس المحيط ، ج 4 ، ص 375 (فلو) .
13- . الشفا، ج 1 ، ص 73 .
14- . المجموع ، ج 6 ، ص 241 .
15- . صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 1791 (فصل) .
16- . صحاح اللغة ، ج 5 ، ص 1996 (غرم) .
17- . النهاية ، ج 3 ، ص 459 (فظع) .
18- . صحاح اللغة ، ج 3 ، ص 1208 (دقع) .
19- . البقرة (2) : 267 .
20- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 328 ؛ صحيح مسلم ، ج 3 ، ص 85 ؛ سنن الترمذي ، ج 4 ، ص 288 .
21- . البقرة (2) : 195 .

ص: 523

. .

ص: 524

. .

ص: 525

باب فضل إطعام الطعام

باب فضل القصد

باب فضل إطعام الطعاموهو أفضل من الصدقة ؛ لأنّ تسببه للتوادّ للسواد والتألف أكثر . قوله في مرسلة الحسين بن سعيد : (ربّك يقرئك السلام) .] ح9/6203] من الإقراء ، قال ابن الأثير في النهاية : في الحديث : إنّ الربّ عزّوجلّ يقرئك السلام . يقال : أقرء فلانا السلام وأقرأ عليه السلام ، كأنّه حين يبلّغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويردّه ، فإذا قرأ الرجل القرآن أو الحديث على الشيخ يقال : أقرأني فلان ، أي حملني على أن أقرأ عليه . (1) وقال طاب ثراه : قال أبو حاتم : يقال : اقرأ السلام عليه ولا يقال : اقرأه السلام إلّا في لغة سوء ، إلّا أن يكون مكتوبا (2) ، فيقال : اقرأه السلام ، أي اجعله يقرأه كما تقول اقرأه الكتاب (3) ، أي اجعله يقرأه . وهذا الحديث يدفع هذا القول .

باب فضل القصدأي إنفاق المال على ما هو المقرّر في الشرع من دون إسراف و تقتير . قوله في مرفوعة عليّ بن محمّد : (القصد مثراة والسرف متواة) . [ح4/6210] في نهاية ابن الأثير : يقال : ثرى القوم يثرون ، وأثروا : إذا كثروا وكثرت أموالهم . ومنه حديث صلة الرحم «هي مثراة في المال» مثراة مفعلة من الثراء : الكثرة (4) . انتهى . والمتواة مفعلة من التوى : الهلاك . (5)

.


1- . النهاية ، ج 4 ، ص 31 (قرأ) .
2- . اُنظر : القاموس المحيط ، ج 1 ، ص 24 .
3- . حكاه في تاج العروس ، ج 1 ، ص 219 .
4- . النهاية ، ج 1 ، ص 210 (ثرا) .
5- . النهاية ، ج 1 ، ص 201 (توا) .

ص: 526

باب سقي الماء

باب سقي الماءقال طاب ثراه : هذا لكلّ حيوان ، إنسانا كان أو غيره ، والإنسان مؤمنا كان أو كافرا ، وغير الإنسان مملوكا كان أو غير مملوك ، ومأكولاً كان أو غير مأكول . أمّا المؤمن فظاهر ، وأمّا الكافر فيدلّ عليه أيضا رواية مصارف (1) الآتية حيث أمره أبو عبداللّه عليه السلام بسقيه نصرانيا عطشانا . وقد دلّت الروايات على إطعام اُسراء الكفّار وسقيهم إلى أن يجري الحكم فيهم وعلى علف الدوابّ والبهائم وسقيهم . ولا ينافي جواز قتلها وذبحها وأكل لحمها . وأمّا غير المأكول _ كالكلب والهرّة وغيرهما _ فإبراد كبدها لا يخلو من أجر كما في الكافر . ويؤيّده ما روي من طرق العامّة أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «بينما رجل يمشي بطريق أشتدّ عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ، ثمّ خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ منّي فنزل البئر فملأخفه ماءً ثمّ أمسكه بفيه حتّى رقى ، فسقى الكلب ، فشكر اللّه له فغفر له» . فقالوا : يا رسول اللّه ، وإنّ لنا في هذه البهائم لأجرا؟ فقال : «في كلّ كبد رطبة أجر» . (2) أراد ب_ «رطبة» حيّة ، كأنّ من مات جفّ جسمه وكبده . قوله في خبر مصادف : (فإذا رجل من الفراسين) (3) .] ح4/6234] قال الجوهري : الفرسان بالفتح : قبيلة . (4)

.


1- . وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 409 ، ح 12350 .
2- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 375 و 517 ؛ صحيح البخاري ، ج 3 ، ص 103 ، و ج 7 ، ص 77 ؛ صحيح مسلم ، ج 7 ، ص 44 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 574 ، ح 2550 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 185 .
3- . في متن وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 409 ، ح 12350 : «الفرّاشين» وحكاه عن نسخه من الكافي .
4- . صحاح اللغة ، ج 3 ، ص 958 (فرس) .

ص: 527

باب الصدقة لبني هاشم ومواليهم وصلتهم

باب الصدقة لبني هاشم ومواليهم وصلتهملقد أجمعت الاُمّة على تحريم الصدقة الواجبة من غير الهاشمي عليهم إلّا في حال الضرورة (1) ، ودلّت عليه الأخبار المتظافرة والآثار المتكاثرة من الطريقين ، فمنها : ما رواه الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «إنّ الصدقة لا تنبغي لآل محمّد ، إنّما هي أوساخ الناس فلا يحلّ لمحمّد وآل محمّد» . (2) وعن أبي هريرة أنّ الحسن صلى الله عليه و آله أخذ تمرة من تمر الصدقة فقال النبيّ صلى الله عليه و آله : «كخ كخ» ليطرحها ، وقال : «أما شعرت أنّا لا نأكل الصدقة» . (3) ومنها : ما رواه المصنّف قدس سره في هذا الباب . ومنها : ما رواه الشيخ قدس سره عن أبي اُسامة زيد الشحّام ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الصدقة التي حرمت عليهم ، فقال : «هي الزكاة المفروضة ، ولم تحرم علينا صدقة بعضنا على بعض» . (4) وعن ابن سنان ، [عن أبي عبداللّه عليه السلام ] قال : «لا تحلّ الصدقة لولد العبّاس ولا لنظرائهم من بني هاشم» . (5) وعن جميل بن درّاج ، عنه عليه السلام ، قال : سألته هل تحلّ لبني هاشم الصدقة؟ قال : «لا» . قلت : تحلّ لمواليهم؟ قال : «تحلّ لمواليهم ولا تحلّ لهم إلّا صدقات بعضهم على بعض» . (6) ولا ينافي ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : بعثت إلى الرضا عليه السلام بدنانير من قبل بعض أهلي وكتبت إليه في آخره : إنّ منها زكاة خمسة وسبعين والباقي صلة ، فكتب بخطّه : «قبضت» . وبعثت إليه بدنانير لي ولغيري وكتبت إليه : إنّها من فطرة العيال ، فكتب بخطّه : «قبضت» . (7) لأنّه عليه السلام إنّما قبضها ليصرفها في مواليه وفقراء شيعته . وكذا لاينافيه ما رواه المصنّف قدس سره في الحسن عن [أبي] خديجة (8) ؛ لأنّها حملت على حال الاضطرار وعدم كفاية الخمس لموؤناتهم . ويؤيّد ذلك اختصاص الإعطاء فيه ببني هاشم غير الرسول والأئمّة عليهم السلام ، وإنّما ذلك لأنّهم كانوا مستجابوا الدعوة لا يضطرّون إلى أخذ الزكاة ، بخلاف غيرهم فإنّهم لا يبعد أن يضطرّوا بسبب منع الناس الخمس عنهم . ويؤيّده أيضا ما رواه الشيخ في طريقه عن زرارة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لو كان عَدْلٌ ما احتاج هاشمي ولا مطّلبي إلى صدقة ؛ إنّ اللّه تعالى جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم» ثمّ قال : «إنّ الرجل إذا لم يجد شيئا حلّت له الميتة ، والصدقة لا تحلّ لأحد منهم إلّا أن لا يجد شيئا ويكون ممّن تحلّ له الميتة» . (9) واعلم أنّه يحرم عليهم سهم الغارمين أيضا وإن كان ذلك السهم من قبيل الجعل ؛ لأنّه من الزكاة حقيقة ، وقد روى في المنتهى : أنّ الفضل بن العبّاس والمطّلب بن ربيعة سألا النبيّ صلى الله عليه و آله أن يولّيهما العمالة ، فقال لهما : «الصدقة أوساخ الناس ، وأنّه لا يحلّ لمحمّد وآل محمّد» . (10) وجوّزه الشافعي في أحد قوليه _ على ماحكى عنه في المنتهى _ محتجّا بأنّ ما يأخذه اُجرة عمل فكان بمنزلة الحافظ . (11) وهو قياس مع الفارق ؛ فإنّ ما يأخذ العامل من سهم الصدقة . نعم ، يجوز له عمالة الصدقات بالاُجرة من الإمام من غير سهم الصدقات أو تبرّعا أو عمالة صدقات الهاشميّين ، ولا نعلم خلافها . هذا حكم الصدقة الواجبة ، وأمّا المندوبة فمذهب الأصحاب أنّها حلال لهم . (12) ويدلّ عليه قوله تعالى : «وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ» (13) ، وما ذكره المصنّف قدس سره من رواية جعفر بن إبراهيم الهاشمي (14) ، وخبر إسماعيل بن الفضل الهاشمي (15) ، وخبر محمّد بن زيد (16) ، ومرسلة إبراهيم بن هاشم (17) . وبه قال أكثر العامّة (18) . ونقل عن الشافعي قول بالمنع (19) . ويردّ قوله الكريمة المذكورة وما نقلوه في طرقهم عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «كل معروف صدقه» (20) و جار بلاخلاف منهم أنواع المعروف عليهم من معونتهم والعفو عنهم وأمثالهما ، فكذا الصدقه المندوبة . قد تردّد بعض الأصحاب في جواز المندوبة على النبيّ صلى الله عليه و آله (21) وحرّمها عليه صلى الله عليه و آله بعض العامّة (22) لعموم قوله عليه السلام : «إنّا لا نأكل الصدقة» (23) . ولما روي أنّه وصف واصف النبيّ صلى الله عليه و آله لسلمان لمّا أسلم بأنّه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة (24) ، وكان إذا اُتي بطعام سأل عنه فإن قيل صدقة قال لأصحابه : «كلوا» ولم يأكل ، وإن قيل : هدية ضرب بيده فأكل معهم (25) . وحملت في المشهور على الواجبة ؛ لما عرفت . هذا ، والمشهور بين الأصحاب حرمة الصدقة الواجبة من غير بني هاشم عليهم مطلقا ، لكنّ الصدوق رضى الله عنهقال : «وصدقة غير بني هاشم لا تحلّ لبني هاشم إلّا في وجهين : إذا كانوا عطاشا فأصابوا ماءً فشربوا ، وصدقة بعضهم على بعض» . (26) وظاهر جواز شرب الماء لهم إذا كان في مصنع مصنوع من الزكاة الواجبة من سهم سبيل اللّه ونحوه من غير الهاشمي كما هو ظاهر الاستثناء . وقيل : أراد مياه الحياض المصنوعة من الصدقات المندوبة بجعل الاستثناء منقطعا . ويؤيّده انقطاع الاستثناء الثاني في كلامه لا محالة . ويدلّ عليه خبر جعفر بن إبراهيم الهاشمي . (27) ثمّ المشهور بين العامّة والخاصّة اختصاص الحكم بالهاشمي ، كما يدلّ عليه أكثر الأخبار المذكورة في هذا الباب . ويؤيّده ما رواه الشيخ عن يونس ، عن العبد الصالح عليه السلام قال : «الذين جعل اللّه لهم الخمس هم قرابة النبيّ صلى الله عليه و آله ، وهم بنو عبدالمطّلب الذكر والاُنثى منهم ، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحد ، وليس فيهم ولا منهم في هذا الخمس مواليهم ، ومن كانت اُمّه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإنّ الصدقة تحلّ له ، وليس له من الخمس شيء» . (28) وهم المنسوبون إلى عبدالمطّلب ، وهم الآن بنو أبي طالب من العلويّين والجعفريّين والعقيليّين وبنو العبّاس وبنو الحارث وبنو أبي لهب على ما قاله في المنتهى (29) . وبه قال مالك وأكثر أصحابه وأبو حنيفة أيضا إلّا أنّه استثنى آل لهب . (30) وأدخل المفيد رحمه الله في أحد قوليه وابن الجنيد (31) المطّلبي أيضا وهم المنسوبون إلى مطّلب أخي هاشم عمّ عبدالمطّلب ، متمسّكين بقوله عليه السلام : «لو كان عدل ما احتاج هاشمي ولا مطّلبي إلى صدقة» . وقد مرّ في حسنة زرارة (32) ، وبه قال الشافعي وبعض المالكية أيضا محتجّين بما نقلوه عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «إنّا وبنو المطّلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام» وشبّك بين أصابعه . (33) وبقوله صلى الله عليه و آله : «إنّا وبنو المطّلب شيء واحد» . (34) وضعفه ظاهر ؛ لعدم صراحته في حرمان الزكاة واستحقاق الخمس ، فيجوز أن يكون إنّما أراد بذلك النصرة . ونقل طاب ثراه عن أصبغ أنّه قال : هم عشيرته الأقربون الذين اُمر بإنذارهم وهم آل قصيّ . وقيل : إنّهم قريش كلّها . (35) بقي الكلام في تحقيق الهاشمي وأنّه هل يختصّ بالمنسوب إلى هاشم بالأب أو يشمل المنسوب إليه بالاُمّ فقط أيضا؟ ومبنى الخلاف على أنّ المنتسب إلى أحد بالاُمّ فقط هل هو ولد له حقيقة أم لا؟ فالمشهور بين الأصحاب الثاني (36) محتجّين برواية يونس عن العبد الصالح عليه السلام (37) ، وقد سبق . وهو قول العامّة كافة . وفيه ضعّف السند بالإرسال على ما في الكافي ، وبالرجال على ما في التهذيب ، ومعارضتها للأخبار الكثيرة الغير المحصورة التي سنشير إلى نبذ منها . وبأنّ إطلاق الولد على ابن البنت إنّما يكون مجازا ؛ محتجّين بقول شاعر لا يعرف أصله ونسبه ولا أبوه ولا اُمّه ولا كونه ممّن يعتمد على قوله في باب اللغة ، قال : بنونا بنو أبنائنا و بناتنابنوهنّ أبناء الرجال الأباعد (38) على أنّه يجوز أن يكون من الخيالات الشعرية التي لا أصل ولا حقيقة لها «والشعراء يتبعهم الغاوون» (39) . وبالاحتياط ، لوجوب إخراج الخمس قطعا ولا يحصل البراءة يقينا إلّا إذا اُعطي المنتسب بالأب إلى هاشم . وفيه : أنّ الاحتياط معنى آخر . على أنّه معارض بالاحتياط في باب الزكاة ؛ لوجوب إخراج الزكاة قطعا ، ولا يحصل البراءة يقينا بدفعها إلى المنتسب بالاُمّ إلى هاشم. قد تمسّك بعض العامّة في ذلك بقوله تعالى: «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ» ؛ (40) بالشمول أحد ذرّيّة فاطمة صلوات اللّه عليها، وستعرف جوابه. وذهب السيّد المرتضى رضى الله عنه إلى الأوّل، ووافقه ابن إدريس في باب الإرث، (41) وابن حمزة (42) في باب الخمس، ومعين الدِّين المصري (43) في باب الإرث، والمفيد (44) وأبو الصلاح (45) والقاضي (46) والشهيد (47) في باب الوقف، محتجّين بأنّه لا خلاف بين الاُمّة في أنّ ظاهر قوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ» (48) حرّمت علينا بنات أولادنا مطلقاً، فلو لم تكن بنت البنت بنتاً على الحقيقة لما دخلت تحت هذه الآية. قال السيّد: وممّا يدلّ على أنّ ولد البنت يُطلق عليه اسم الولد على الحقيقة أنّه لا خلاف في تسميته الحسنين صلوات اللّه عليهما أنّهما أبناء رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأنّهما يفضّلان بذلك ويمدحان به، ولا فضيلة ولا مدح في وصف مجاز مستعار. ثمّ قال رضى الله عنه: وما زالت العرب في الجاهليّة تنسب الولد إلى جدّه، يعني من اُمّه، إمّا في موضع مدح أو ذمّ، ولا ينكرون ذلك ولا يحتشمون منه، وقد كان الصادق أبو عبداللّه عليه السلام يُقال له أبداً: أنت ابن الصدِّيق؛ لأنّ اُمّه كانت بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر، ولا خلاف بين الاُمّة في أنّ عيسى من بني آدم وولده، وإنّما ينسب إليه بالاُمومة دون الاُبوّة. ثمّ قال رضى الله عنه: وإن قيل: اسم الولد يجري على ولد البنات مجازاً، وليس كلّ شيء استعمل في غيره يكون حقيقة. قلت: الظاهر من الاستعمال الحقيقة، وعلى مدّعي المجاز الدلالة. (49) وبنى على هذا قوله في ميراث أولاد البنات والبنين من أنّهم يقتسمون المال بينهم: «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ» (50) كأولاد الصلب من غير اعتبار من تقرّبوا به حتّى لو خلّف بنت ابن وابن بنت فللذكر الثلثان وللاُنثى الثلث، ولو كان مع ابن البنت أحد الأبوين أو كلاهما فكما لو كانا مع الابن للصلب، ولو كانا مع البنت الابن فكما لو كان مع البنت للصلب، خلافاً للمشهور حيث قالوا: يعطى كلّ نصيب من يتقرّب به فلإبن البنت الثلث ولبنت الابن الثلثان، واحتجّ عليه بقوله سبحانه: «يُوصِيكُمْ اللّه ُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ» . وقال ابن إدريس: بعض أصحابنا يذهب إلى أنّ ابن البنت يعطى نصيب البنت وبنت الابن تعطى نصيب الابن، وذهب آخرون من أصحابنا إلى خلاف ذلك وقالوا: ابن البنت ولد ذكر حقيقة فتعطيه نصيب الولد الذكر دون نصيب اُمّه، وبنت الابن بنت حقيقة تعطيها نصيب البنت دون نصيب الابن الذي هو أبوها. قال: واختاره السيّد المرتضى رضى الله عنه، واستدلّ على صحّته بما لا يمكن للمنصف دفعه من الأدلّة القاهرة اللايحة والبراهين الواضحة. (51) ثمّ قال: وهو الذي يقوى في نفسي، وأفتي به وأعمل عليه؛ لأنّ العدول إلى غير هذا عدولٌ إلى غير دليل من كتابٍ ولا سنّة مقطوعٌ بها ولا إجماع منعقد، بل ما ذهبنا إليه هو ظاهر الكتاب الحكيم، والإجماع حاصل على أنّ ولد الولد ولد حقيقة، ولا يعدل عن هذه الأدلّة القاطعة للأعذار إلّا بأدلّة مثلها توجب العلم، ولا يلتفت إلى أخبار لا توجب علماً ولا عملاً ولا إلى كثرة القائلين به؛ لأنّ الكثرة لا دليل معها، وإلى ما اختاره السيّد واخترناه ذهب الحسن بن أبي عقيل العماني في كتاب المتمسّك، وهذا الرجل من أجلّة أصحابنا وفقهائنا وكان شيخنا المفيد رحمه اللهيكثر الثناء عليه. انتهى. (52) ويدلّ عليه أيضاً قوله سبحانه: «قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ» ، (53) الآية؛ إذ المراد بأبنائنا باتّفاق المفسّرين وأهل العلم من الطرفين الحسنان عليهماالسلام . ونقل في مجمع البيان عن أبي بكر الرازي أنّه قال: هذا يدلّ على أنّ الحسن والحسين ابنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأنّ ولد الابنة ابنٌ على الحقيقة. (54) وقوله تعالى: «وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ» إلى قوله: «وَيَحْيَى وَعِيسَى» ، (55) وهو ظاهر. قال ابن أبي الحديد في شرح قول أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه في بعض أيّام صفّين وقد رأى الحسن عليه السلام يتسرّع إلى الحرب: «املكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني، فإنّي أنفس بهذين _ يعني الحسنين عليهماالسلام _ عن الموت؛ لئلّا ينقطع بهما نسل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ». فإن قلت: أيجوز أن يُقال للحسن والحسين وأولادهما أبناء رسول اللّه صلى الله عليه و آله وولد رسول اللّه ونسل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ قلت: نعم؛ لأنّ اللّه تعالى سمّاهم أبناءه في قوله تعالى: «نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ» ، وإنّما عنى الحسن والحسين، ولو أوصى لولد فلان بمال دخل فيه أولاد البنات، وسمّى اللّه تعالى عيسى ذرّيّة إبراهيم في قوله تعالى: «وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ» إلى أن قال: «وَيَحْيَى وَعِيسَى» ، ولم يختلف أهل اللّغة في أنّ ولد البنات من نسل الرجل. فإن قلت: فما تصنع بقوله تعالى: «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ» ؟ قلت: أسألك عن اُبوّته لإبراهيم بن مارية؟ فكلّ ما تجيب به عن ذلك فهو جوابي عن الحسن والحسين عليهماالسلام، والجواب الشامل للجميع: أنّه عنى زيد بن حارثة؛ لأنّ العرب كانت تقول زيد بن محمّد على عادتهم في تبنّي العبيد، فأبطل اللّه تعالى ذلك ونهى عن سنّة الجاهليّة، وقال: إنّ محمّداً عليه السلام ليس أباً لواحدٍ من الرجال البالغين المعروفين بينكم ليعتزى إليه بالنبوّة، وذلك لا ينفي كونه أباً لأطفال لم يطلق عليهم لفظة الرجال كإبراهيم وحسن وحسين عليهم السلام . ثمّ قال: فإن قلت: إنّ ابن البنت ابنٌ على الحقيقة الأصليّة أم على سبيل المجاز؟ قلت: لذاهبٍ أن يذهب إلى أنّه حقيقة أصليّة؛ لأنّ أصل الإطلاق الحقيقة، وقد يكون مشتركاً بين مفهومين وهو في أحدهما أشهر، ولا يلزم من كونه أشهر في أحدهما أن لا يكون حقيقة في الآخر. ولذاهبٍ أن يذهب إلى أنّه حقيقة عرفية وهي التي كثر استعمالها، وهو في الأصل مجاز حتّى صارت حقيقة في العرف، كالراوية للمزادة، والسماء للمطر. ولذاهبٍ أن يذهب إلى كونه مجازا قد استعمله الشارع فجاز إطلاقه في كلّ حال، واستعماله كسائر المجازات المستعملة. والدليل على مزيد اختصاص ولد فاطمة عليهماالسلامدون بني هاشم كافّة بالنبيّ صلى الله عليه و آله ما كان يحلّ له عليه السلام أن ينكح بنات الحسن والحسين عليهماالسلامولا بنات ذرّيّتهما وإن بعُدن وطال الزمان، ويحلّ له نكاح بنات غيرهم من بني هاشم من الطالبيّين وغيرهم، وهذا يدلّ على مزيد الأقربيّة، وهي كونهم أولاده؛ لأنّه ليس هناك من القربى غير هذا الوجه؛ لأنّهم ليسوا أولاد أخيه ولا أولاد اُخته، ولا هناك وجه يقتضي حرمتهم عليه إلّا كونه والداً لهم وكونهم أولاداً له. فإن قلت: فقد قال الشاعر: بنونا بنو أبنائنا وبناتنابنوهنّ أبناء الرجال الأباعد وقال حكيم العرب أكثم بن صيفي (56) في البنات يذمهنّ: إنّهنّ يلدن الأعداء ويورثن البُعداء. قلت: إنّما قال الشاعر ما قاله على المفهوم الأشهر، وليس في قول أكثم ما يدلّ على نفي بنوّتهم وإنّما ذكر أنّهنّ يلدن الأعداء، وقد يكون ولد الرجل لصلبه عدوّاً، قال اللّه تعالى: «إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّا لَكُمْ» ، (57) ولا ينفي كونه ابناً. انتهى. (58) وأمّا الأخبار في ذلك من الطريقين فهي أكثر من أن تُذكر، ولا يخفى على من له أدنى تتبّع في كتب الأخبار، لكن نذكر نبذاً منها لكفايتها في المقام، فنقول: روى الصدوق رضى الله عنهفي كتاب العيون مرفوعاً عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلامقال: «دخلت على الرشيد، فقال لي: لِمَ جوّزتم للعامّة والخاصّة أن ينسبوكم إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ويقولون لكم: يا بني رسول اللّه وأنتم بنوا عليّ وإنّما يُنسب المرء إلى أبيه، وفاطمة إنّما هي وعاء، والنبيّ صلى الله عليه و آله جدّكم من قِبل اُمّكم؟ فقلت: يا أميرالمؤمنين، لو أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله نُشِرَ فخطب إليك كريمتك هل كنت تُجيبه؟ فقال: سبحان اللّه ، ولِمَ لا اُجيبه، بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك. فقلت: لكنّه صلى الله عليه و آله لا يخطب إليَّ ولا اُزوّجه. فقال: ولِمَ؟ فقلت: لأنّه ولدني ولم يلدك. فقال: أحسنت يا موسى. ثمّ قال: كيف قلتم: إنّا ذرّيّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله والنبيّ لم يعقّب وإنّما العقب للذكر لا للاُنثى، وأنتم ولد الابنة ولايكون لها عقب؟ فقلت: أسألك بحقّ القرابة والقبر إلّا ما أعفيتني عن هذه المسألة. فقال: لا، أو تخبرني فيه يا ولد عليّ وأنت يا موسى يعسوبهم وإمام زمانهم، كذا اُلقي (59) إليَّ، ولستُ أعفيك في كلّ ما أسألك حتّى تأتيني فيه بحجّة من كتاب اللّه تعالى، فأنتم تدّعون معشر ولد عليّ أنّه لا يسقط عنكم مطلقاً شيء لا ألف ولا واو إلّا وتأويله عندكم، واحتججتم بقوله عزّ وجلّ: «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ» ، (60) فقد استغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم. فقلت: تأذن لي في الجواب؟ فقال: هات. فقلت: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم: «وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى» ، (61) مَن أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟ فقال: ليس لعيسى أب. فقلت: إنّما اُلحِقَ بذراري الأنبياء عليهم السلام من طريق مريم عليهاالسلام، وكذلك اُلحقنا بذراري النبيّ صلى الله عليه و آله من قِبل اُمّنا فاطمة صلوات اللّه عليها. أزيدك يا أمير المؤمنين؟ قال: هات، قلت: قول اللّه تعالى عزّ وجلّ: «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللّه ِ عَلَى الْكَاذِبِينَ» ، ولم يدّع أحد أنّه أدخله النبيّ صلى الله عليه و آله تحت الكساء عند مباهلة النصارى إلّا عليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين _ صلوات اللّه عليهم _ فكان تأويل قوله عزّ وجلّ: «أَبْنَاءَنَا» الحسن والحسين، «وَنِسَاءَنَا» فاطمة «وَأَنْفُسَنَا» عليّ بن أبي طالب عليهم سلام اللّه ». (62) وفي روضة الكافي مرفوعاً عن أبي الجارود، قال: قال : «يا أبا الجارود، ما يقولون في الحسن والحسين؟» قلت: ينكرون أنّهما ابناء رسول اللّه صلى الله عليه و آله . قال: «فبأيّ شيءٍ احتججتم عليهم». قلت: بقول اللّه في عيسى بن مريم: «وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاودَ» إلى قوله: «وَكُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ» ، (63) فجعل عيسى من ذرّيّة نوح. قال عليه السلام : «فأيّ شيءٍ قالوا لكم؟» قلت: قالوا: قد يكون ولد الابنة من الولد، ولا يكون من الصلب. قال: «فبأيّ شيءٍ احتججتم عليهم؟» قلت: بقوله تعالى: «نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ» . قال: «فأيّ شيءٍ قالوا؟» قلت: قالوا: قد يكون في كلام العرب مثل هذا التجوّز. قال: فقال أبو جعفر عليه السلام : «واللّه يا أبا الجارود، لأعطينّكها من كتاب اللّه أنّهما من صلبه صلى الله عليه و آله لا يردّها إلّا كافر». قلت: جُعلت فداك، وأين؟ قال: «من حيث قال اللّه عزّ وجلّ: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ» إلى أن انتهى إلى قوله عزّ وجلّ: «وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ» ، (64) فاسألهم يا أبا الجارود، هل كان يحلّ لرسول اللّه صلى الله عليه و آله نكاح حليلتهما؟ فإن قالوا: نعم، كذبوا واللّه ، وفجروا، وإن قالوا: لا، فهما واللّه ابنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله لصلبه، وما حرمتا عليه إلّا للصلب». (65) وروى الشيخ قدس سره في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام أنّه قال: «لو لم يحرم على الناس أزواج النبيّ صلى الله عليه و آله لقول اللّه عزّ وجلّ: «وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّه ِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدا» (66) حرم على الحسن والحسين عليهماالسلام؛ لقول اللّه عزّ وجلّ: «وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ» ». (67) وروي أيضاً: حضر أبو الحسن الأوّل عليه السلام وهارون (68) الخليفة وعيسى بن جعفر وجعفر بن يحيى بالمدينة، فقال هارون لأبي الحسن عليه السلام : تقدّم فأبى، فتقدّم هارون وسلّم، وقال عيسى لأبي الحسن عليه السلام : تقدّم، فأبى فتقدّم عيسى وسلّم ووقف مع هارون، فقال جعفر لأبي الحسن عليه السلام : تقدّم، فأبى، فتقدّم جعفر وسلّم ووقف مع هارون، فتقدّم أبو الحسن عليه السلام وقال: «السلام عليك يا أبه»، فقال هارون لعيسى: سمعته ما يقول؟ قال: نعم، قال [هارون:أشهد] (69) أنّه أبوه حقّاً. (70) وروى المفيد قدس سره في الإرشاد: أنّه خطب الحسن بن عليّ رضى الله عنه على المنبر بعدما قبض أبوه صلوات اللّه عليه، وساق الكلام إلى أن قال: «أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى اللّه بإذنه، أنا ابن السراج المنير، أنا من أهل بيتٍ أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا، أنا من أهل بيتٍ فرض اللّه مودّتهم (71) في كتابه، فقال تعالى: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلَا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا» ، (72) فالحسنة مودّتنا أهل البيت»، ثمّ جلس، فقام عبداللّه بن العبّاس فقال: معاشر الناس هذا ابن نبيّكم ووصيّ إمامكم فبايعوه، فاستجاب له الناس. (73) وروي عن سلمان الفارسي قال: اُهدي إلى النبيّ صلى الله عليه و آله قطف من العنب في غير أوانه، فقال لي: يا سلمان، ايتني بولديّ الحسن والحسين ليأكلا معي من هذا العنب، فأتيت منزل اُمّهما فلم أرَهما، فأتيت منزل اُختها اُمّ كلثوم فلم أرَهما، فجئت فخبّرت النبيّ صلى الله عليه و آله بذلك، فاضطرب ووثب قائماً وهو يقول: «وا ولداه، وا قرّة عيناه، مَن يرشدني عليهما فله على اللّه الجنّة، فنزل جبرئيل من السماء وقال: يا محمّد، على مه هذا الانزعاج؟ فقال: على ولديّ الحسن والحسين، فإنّي خائفٌ عليهما من كيد اليهود. فقال جبرئيل: يا محمّد، بل خف عليهما من كيد المنافقين، فإنّ كيدهم أشدّ من كيد اليهود، واعلم يا محمّد، أنّ ابنيك الحسن والحسين نائمان في حديقة أبي الدحداح». فسار النبيّ صلى الله عليه و آله من وقته وساعته إلى الحديقة وأنا معه حتّى دخلنا الحديقة وإذا هما نائمان، وقد اعتنق أحدهما الآخر وثعبانٌ في فِيه طاقة ريحان يروّح بها وجهيهما، فلمّا رأى الثعبان النبيَّ صلى الله عليه و آله ألقى ما كان في فِيه وقال: السلام عليك يارسول اللّه لست أنا ثعباناً ولكنّي مَلكٌ من ملائكة الكروبيّين، غفلت عن ذكر ربّي طرفة عين، فغضب عليَّ ربّي ومسخني ثعباناً كما ترى، وطردني من السماء إلى الأرض، وإنّي (74) منذ سنين كثيرة أقصد كريماً على اللّه فأسأله أن يشفع لي عند ربّي عسى أن يرحمني ويُعيدني مَلَكاً كما كنت أوّلاً إنّه على كلّ شيءٍ قدير. قال: فجثى النبيّ صلى الله عليه و آله يقبّلهما حتّى استيقظا، فجلسا على ركبتي النبيّ صلى الله عليه و آله فقال لهما النبيّ صلى الله عليه و آله : «انظرا يا وَلَدي، هذا مَلكٌ من ملائكة اللّه الكروبيّين قد غفل عن ذكر ربّه طرفة عين، فجعله اللّه هكذا، وأنا مستشفعٌ إلى اللّه تعالى بكما فاشفعا له. فوثب الحسن والحسين عليهماالسلام فأسبغا الوضوء وصلّيا ركعتين، وقالا: اللّهمَّ، بحقّ جدّنا الجليل الحبيب محمّد المصطفى وبأبينا عليّ المرتضى وباُمّنا فاطمة الزهراء إلّا ما رددته إلى حالته الاُولى، قال: فما استتمّ دعاؤهما وإذا بجبرئيل قد نزل من السماء في رهطٍ من الملائكة وبشّر ذلك الملك برضى اللّه عنه وبردّه إلى سيرته الاُولى، ثمّ ارتفعوا به إلى السماء وهم يسبّحون اللّه تعالى، ثمّ رجع جبرئيل إلى النبيّ صلى الله عليه و آله وهو متبسّم، وقال: يارسول اللّه ، إنّ ذلك المَلك يفتخر على ملائكة السبع السماوات، ويقول لهم: مَن مثلي وأنا في شفاعة السيّدين السبطين الحسن والحسين». (75) وروى الشيخ الطبرسي رضى الله عنه في الاحتجاج: أنّ عمرو بن العاص قال لمعاوية: ابعث إلى الحسن بن عليّ فمره أن يصعد المنبر يخطب الناس لعلّه يحصر، فيكون ذلك ممّا نُعيّرهُ به في كلّ محفلٍ، فبعث إليه معاوية فأصعده المنبر، وقد جمع له الناس ورؤساء أهل الشام، فحمد اللّه الحسن صلوات اللّه عليه وأثنى عليه، ثمّ قال: «أيُّها الناس، مَن عرفني فأنا الذي يعرف، ومَن لم يعرفني فأنا الحسن بن عليّ بن أبي طالب ابن عمّ نبيّ اللّه ، أوّل المسلمين إسلاماً، واُمّي فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وجدّي محمّد بن عبداللّه نبيّ الرحمة، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن مَن بُعثَ رحمةً للعالمين، أنا ابن مَن بُعث إلى الجنّ والإنس أجمعين». فقال معاوية: يا أبا محمّد، خُذ بنا في نعت الرطب، _ أراد تخجيله _ . فقال الحسن عليه السلام : «الريح تلقحه والحرّ ينضجه، والليل يبرّده ويطيّبه»، ثمّ أقبل الحسن عليه السلام فرجع في كلامه الأوّل، فقال: «أنا مستجاب الدعوة، أنا ابن الشفيع المُطاع، أنا ابن أوّل مَن ينفض عن الرأس التراب، أنا ابن من يقرع باب الجنّة فيُفتح له، أنا ابن من قاتل معه الملائكة وأُحلّ له المغنم ونُصِرَ بالرُّعب من مسيرة شهر»، فأكثر في هذا النوع من الكلام ولم يزل به حتّى اظلمّت الدُّنيا على معاوية. (76) وفي صحيح البخاري عن أبي بكرة قال: رأيت النبيّ صلى الله عليه و آله يخطب على المنبر ينظر إلى الناس مرّة وإلى الحسن مرّة، قال: «ابني هذا سيصلح اللّه به فئتين من المسلمين». (77) و روى أبو يعلى الموصلي في المسند عن ثابت البناني عن أنس، وعبداللّه بن شيبة عن أبيه: أنّه دعا النبيّ صلى الله عليه و آله إلى صلاة والحسن متعلّق به، فوضعه صلى الله عليه و آله في مقابل جنبيه وصلّى، فلمّا سجد أطال السجود، فرفعتُ رأسي من بين القوم فإذا الحسن على كتفه صلى الله عليه و آله ، فلمّا سلّم قال له القوم: يارسول اللّه ، لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها كأنّما يوحى إليك؟ فقال صلى الله عليه و آله : «لم يوحَ إليَّ ولكنّ ابني كان على كتفي فكرهت أن أعجّله حتّى نزل». (78) وعن ابن عمر: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بينما يخطب على المنبر إذ خرج الحسين عليه السلام فوطئ في ثوبه فسقط فبكى فنزل عن المنبر، فضمّه إليه وقال: «قاتل اللّه الشيطان»، وقال: «إنّ الولد لفتنة، والذي نفسي بيده، ما دريت أنّي نزلت عن منبري». (79) إذا عرفت ذلك فالظاهر مساواة المنتسب بالاُمّ فقط إلى أحدٍ للمنتسب بالأب إليه، ومساواة أولاد الأولاد للأولاد للصلب في جميع الأحكام إلّا فيما أخرجه دليلٌ قاطع كما في الإرث؛ للأخبار المتظافرة على عدم مساواتهم فيه. وأمّا خبر يونس فهو خبر نادر يشكل الاعتماد عليه في مقابل تلك الأدلّة مع وروده على التقيّة، واللّه تعالى يعلم. (80)

.


1- . اُنظر : تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 268 ، مسألة 180 ؛ المجموع ، ج 6 ، ص 227 .
2- . مسند أحمد ، ج 4 ، ص 166 ؛ صحيح مسلم ، ج 3 ، ص 118 و 119 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 7 ، ص 31 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 2 ، ص 58 ، ح 2391 .
3- . سنن الدارمي ، ج 1 ، ص 387 ؛ صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 135 ؛ السنن الكبرى للبيقهي ، ج 7 ، ص 29 .
4- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 35 ، ح 108 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 59 ، ح 157 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 274 ، ح 12006 .
5- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 35 _ 36 ، ح 109 ، تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 59 ، ح 158 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 269 ، ح 11994 ، وما بين الحاضرتين من المصادر .
6- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 37 ، ح 114 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 60 ، ح 160 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 278 ، ح 12016 .
7- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 36 _ 37 ، ح 112 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 60 ، ح 162 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 281 ، ح 12024 .
8- . ح 6 من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 269 ، ح 11996 .
9- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 36 ، ح 111 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 59 ، ح 159 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 276 _ 277 ، ح 12012 .
10- . منتهى المطلب ، ج 8 ، ص 308 ، وانظر : صحيح مسلم ، ج 3 ، ص 118 و 119 .
11- . منتهى المطلب ، ج 8 ، ص 308 ، وانظر : المجموع ، ج 6 ، ص 168 _ 169 .
12- . اُنظر : منتهي المطلب ، ج 8 ، ص 374 .
13- . المائدة (5) : 2 .
14- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 272 ، ح 12002 .
15- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 35 ، ح 107 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 58 _ 59 ، ح 156 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 274 _ 275 ، ح 12007 .
16- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 111 ، ح 324 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 475 ، ح 12529 .
17- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 111 ، ح 323 ؛ وسائل الشيعة ، ج 16 ، ص 332 ، ح 21690 .
18- . اُنظر : منتهى المطلب ، ج 8 ، ص 374 ؛ المجموع ، ج 6 ، ص 239 _ 240 ؛ الخلاف ، ج 3 ، ص 541 ، مسألة 5 ؛ التمهيد ، ج 3 ، ص 92 ؛ تفسير القرطبي ، ج 8 ، ص 191 .
19- . المجموع ، ج 6 ، ص 239 .
20- . مسند أحمد ، ج 3 ، ص 344 و 360 ، و ج 4 ، ص 307 ، و ج 5 ، ص 397 و 398 ؛ صحيح البخاري ، ج 7 ، ص 79 ، صحيح مسلم ، ج 3 ، ص 82 ، سنن أبي داود ، ج 2 ، ص 465 _ 466 ، ح 4947 ؛ سنن الترمذي ، ج 3 ، ص 234 ، ح 2037 ؛ المستدرك ، ج 2 ، ص 50 ، السنن الكبرى للبيهقي ، ج 4 ، ص 188 ، ج 10 ، ص 242 .
21- . اُنظر : المعتبر ، ج 2 ، ص 584 ؛ تحرير الأحكام ، ج 3 ، ص 325 ؛ منتهى المطلب ، ج 8 ، ص 376 .
22- . اُنظر : المجموع ، ج 6 ، ص 239 _ 240 .
23- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 135 . وتقدّم سائر تخريجاته في أوائل الباب .
24- . اُنظر : مسند أحمد ، ج 5 ، ص 447 ؛ المستدرك ، ج 3 ، ص 602 _ 603 .
25- . صحيح البخاري ، ج 3 ، ص 131 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 6 ، ص 185 ، وج 7 ، ص 34 .
26- . الفقيه ، ج 2 ، ص 38 .
27- . وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 272 ، ح 12002 .
28- . تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 128 _ 129 ، ح 366 ؛ وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 277 _ 278 ، ح 12014 ، و ص 513 _ 514 ، ح 12607 .
29- . منتهى المطلب ، ج 8 ، ص 377 .
30- . اُنظر : الاستذكار ، ج 8 ، ص 613 _ 614 ؛ أحكام القرآن للجصّاص ، ج 3 ، ص 85 و 169 _ 170 .
31- . حكاه عنها العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 3 ، ص 213 ، وفي تذكرة الفقهاء ، ج 5 ، ص 273 عن ا لمفيد وحده ، و كذا المحقّق في المعتبر ، ج 2 ، ص 585 .
32- . وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 276 _ 277 ، ح 12012 .
33- . اُنظر : المجموع ، ج 6 ، ص 227 ؛ المغني ، ج 2 ، ص 519 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 714 .
34- . سنن أبي داود ، ج 2 ، ص 26 ، ح 2980 ، ونحوه في مسند أحمد ، ج 4 ، ص 81 ، و صحيح البخاري ، ج 4 ، ص 57 .
35- . اُنظر : أحكام القرآن لابن العربي ، ج 2 ، ص 539 ، حاشية الرملي ، ج 3 ، ص 52 ؛ أضواء البيان ، ج 2 ، ص 63 ؛ الدر المنثور ، ج 4 ، ص 68 ؛ المحررّ الوجيز ، ج 2 ، ص 530 ؛ شرح معاني الآثار ، ج 3 ، ص 281 .
36- . اُنظر : المعتبر ، ج 2 ، ص 631 ؛ مختلف الشيعة ، ج 6 ، ص 330 .
37- . وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 277 _ 278 ، ح 12014 .
38- . اُنظر : أحكام القرآن للجصّاص ، ج 2 ، ص 19 ؛ الاستذكار ، ج 5 ، ص 325 ؛ الكافي لابن عبدالبرّ ، ص 540 ، المجموع ، ج 15 ، ص 348 ؛ غريب الحديث لابن قتيبة ، ج 1 ، ص 46 ؛ الفروق اللغويّة ، ص 12 ؛ شرح الرضي على الكافيه ، ج 1 ، ص 257 .
39- . الشعراء (26) : 224 .
40- . الأحزاب(33): 40.
41- . سيأتي كلام المرتضى و ابن ادريس.
42- . اُنظر: الوسيلة ، ص 137 ، و الموجود فيه أنّ الخمس لولد هاشم من الطرفين أو من قبل الأب خاصّة.
43- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 9 ، ص 16؛ و الشهيد الثاني في مسالك الأفهام ، ج 13 ، ص 125. و معين الدين المصري هو سالم بن بدران بن علي بن سالم المازني المصري استاذ المحقّق خواجه نصيرالدين الطوسي ، كتب له إجازه بعد قراءة الغنية لابن زهرة عليه في سنة 619 ، من آثاره الأنوار المضيئة ، نقل بعض أقواله في الكتب ، توفّي قبل سنة 672 . (الذريعة ، ج 2 ، ص 441 ، الرقم 1721؛ أعيان الشيعة ، ج 7 ، ص 172؛ مستدركات أعيان الشيعة ، ج 1 ، ص 230؛ الكنى و الألقاب ، ج 3 ، ص 196).
44- . اُنظر: المقنعة ، ص 141 ، ما يحلّ لبني هاشم و يحرم عليهم من الزكاة.
45- . الكافي في الفقه ، ص 371.
46- . اُنظر: المهذّب للقاضي ابن البرّاج ، ج 1 ، ص 179 ، باب ذكر مستحقّ الخمس ؛ فإنّه قال باستحقاق من ينتهي إلى أميرالمؤمنين عليه السلام و جعفر و عقيل و العبّاس بن عبد المطلّب من غير تفصيل.
47- . اُنظر: البيان ، ص 89 . و عبارة صريحة في عدم الشمول لأولاد البنت حيث قال: «لو قال على من انتسب إلَيّ لم يدخل أولاد البنات».
48- . النساء (4): 23.
49- . جمل العلم و العمل (الرسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 264 _ 265).
50- . النساء(4): 11.
51- . السرائر ، ج3 ، ص 232.
52- . السرائر ، ج3 ، ص 239 _ 240.
53- . آل عمران(3): 61 .
54- . مجمع البيان ، ج 2 ، ص 310.
55- . الأنعام(6): 84 _ 85 .
56- . أكثم بن صيفي بن رياح بن الحارث التميمي ،حكيم العرب في الجاهليّة و أحد المعمّرين ، عاش زمنا طويلاً و أدرك الإسلام، و قصد المدينة في مئة من قومه يريدون الإسلام ، فمات في الطريق و لم ير النبيّ صلى الله عليه و آله ، و أسلم من بلغ المدينة من أصحابه ، و ذلك في سنة 9 من الهجرة. راجع: الوافي بالوفيّات ، ج 9 ، ص 199.
57- . التغابن(64): 14.
58- . شرح نهج البلاغة ، ج 11 ، ص 26 _ 28 ، شرح الكلام 200.
59- . كذا بالأصل ، و في المصدر: «اُنهي».
60- . الأنعام(6): 38.
61- . الأنعام (6): 84 _ 85 . و في الأصل زيادة: «و إلياس».
62- . عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 1، ص 81 _ 82 ، الباب 7 ، ح 9.
63- . في النسخة: + «قال» ، ولم تكن في المصدر.
64- . النساء(4): 23.
65- . الكافي ، ج 8 ، ص 317 _ 318 ، ح 501 ، و رواه القمّي في تفسيره ، ج 1 ، ص 209.
66- . الأحزاب(33): 53 .
67- . النساء(4): 22.
68- . الاستبصار ، ج3 ، ص 155 ، ح 566 .
69- . اُضيفت من المصدر.
70- . تهذيب الأحكام ، ج6 ، ص 6 _ 7 ، ح 10. و هذا هو الحديث الثامن من باب دخول المدينة و زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله من أبواب الزيارات.
71- . في المصدر: «حبّهم» بدل «مودّتهم».
72- . الشورى(42): 23.
73- . الإرشاد ، ج 2 ، ص 8 . و لخطبة الإمام الحسن عليه السلام مصادر كثيرة ، منها: الأمالي للطوسي ، المجلس 10 ، ح 39؛ تفسير فرات الكوفي ، ص 197 _ 198 ، ح 256؛ تأويل الآيات الظاهرة ، ج 2 ، ص 545 ، ح 8 ؛ الذريّة الطاهرة للدولابي ، ص 109 _ 110 و 111 ، ح 114 و 115 ، المعجم الأوسط للطبراني ، ج 3 ، ص 87 _ 89 ، ح 2176؛ المستدرك للحاكم ، ج 3 ، ص 172 ، ح 4802؛ كفاية الطالب ، ص 91 _ 93 ، الباب الحادي عشر.
74- . هذا هو الظاهر، و في الأصل: «ولي».
75- . بحارالأنوار ، ج 43 ، ص 313 _ 314 نقلاً عن بعض مؤلّفات أصحابنا.
76- . الاحتجاج ، ج 1 ، ص 418 _ 419. و رواه الحرّاني في تحف العقول ، ص 232 _ 233.
77- . صحيح البخاري ، ج 3 ، ص 169 _ 170 كتاب الصلح؛ و نحوه في ج 4 ، ص 184 و 216؛ و ج 8 ، ص 99. ولكلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله أسانيد و مصادر عديدة ، منها: مسند أحمد ، ج 3 ، ص 494؛ مسند أبي داود الطيالسي ، ص 118؛ المصنّف لابن أبي شبية ، ج 7 ، ص 512 ، الباب 23 من كتاب فضائل ، ح 4؛ سنن أبي داود ، ج 2 ، ص 405 ، ح 4662؛ سنن الترمذي ، ج 5 ، ص 323 ، ح 3862؛ سنن النسائي ، ج 3 ، ص 107؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج 1 ، ص 531 _ 532 ، ح 1718 ، و ج 6 ، ص 71 ، ح 10081. المعجم الصغير للطبراني ، ج 1 ، ص 271 ، من اسمه لؤلؤ؛ المعجم الكبير ، ج 3 ، ص 34 ، ح 2592؛ الاستيعاب ، ج 1 ، ص 386 ، تاريخ بغداد ، ج 13 ، ص 18 _ 19 ، ترجمة لؤلؤ الرومي برقم 6977 ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج 13 ، ص 234 ، ترجمة الإمام الحسن عليه السلام برقم 1383؛ و ج 5 ، ص 330 _ 331 ، ترجمة لؤلؤ بن عبداللّه برقم 5856 ؛ المستدرك للحاكم ، ج 3 ، ص 174 _ 175؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 6 ، ص 165.
78- . عنه ابن شهرآشوب في المناقب ، ج 3 ، ص 188، و اللفظ له، و الظاهر أنّ الشارح أخذ عنه ، و الموجود في سائر المصادر عن عبداللّه بن شداد عن أبيه . اُنظر: الآحاد و المثاني ، ج 2 ، ص 187 _ 188 ، ح 934؛ المصنّف لابن أبي شيبه ، ج 7 ، ص 514 _ 515 ، باب فضائل الحسن و الحسين من كتاب الفضائل ، ح 17؛ المستدرك للحاكم ، ج 3 ، ص 626 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 2 ، ص 263؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ، ص 160 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام برقم 1566؛ المنتخب من ذيل المذيل للطبري ، ص 63 _ 64 .
79- . المناقب لابن شهرآشوب ، ج 3 ، ص 226 ، و الحديث مأخوذ منه. و رواه ابن مردويه على ما في الدّر المنثور ، ج 6 ، ص 228 في تفسير سورة التغابن.
80- . إلى هنا انتهت نسخة كتاب الزكاة ، و بقي منها أبواب لم تصل إلينا مخطوطته.

ص: 528

. .

ص: 529

. .

ص: 530

. .

ص: 531

. .

ص: 532

. .

ص: 533

. .

ص: 534

. .

ص: 535

. .

ص: 536

. .

ص: 537

. .

ص: 538

. .

ص: 539

. .

ص: 540

. .

ص: 541

. .

ص: 542

. .

ص: 543

. .

ص: 544

. .

ص: 545

فهرس المطالب .

ص: 546

. .

ص: 547

. .

ص: 548

. .

ص: 549

. .

ص: 550

. .

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.