سرشناسه : قاریاغدی، محمدحسین، توشیحگر
عنوان قراردادی : الکافی. روضه. شرح
عنوان و نام پديدآور : البضاعةالمزجاة: شرح کتاب الروضه من الکافی/ محمدحسین قاریاغدی ؛ تحقیق حمید الاحمدی الجلفائی.
مشخصات نشر : قم: موسسه دارالحدیث العلمیه والثقافیه، مرکز للطباعه والنشر؛ تهران: کتابخانه٬ موزه و مرکز اسناد مجلس شورای اسلامی،1430ق.= 1388 -
مشخصات ظاهری : ج.
فروست : الشروح والحواشی علی الکافی؛ 14.
مرکز بحوث دارالحدیث؛ 156.
مجموعه آثارالموتمرالدولی الذکری ثقةالاسلام الکلینی(ره)؛ 24 ، 25
شابک : دوره: 978-964-493-329-5 ؛ 70000 ریال: ج. 1 : 978-964-493-319-6
يادداشت : عربی.
يادداشت : کتاب حاضر شرحی بر کتاب "اصول الکافی" تالیف "محمدبن یعقوب کلینی" است.
یادداشت : کتابنامه.
عنوان دیگر : شرح کتاب الروضه من الکافی.
موضوع : کلینی، محمد بن یعقوب - 329ق. . الکافی. روضه -- نقد و تفسیر
موضوع : احادیث شیعه -- قرن 4ق.
شناسه افزوده : احمدی جلفایی، حمید، 1357 -
شناسه افزوده : کلینی، محمد بن یعقوب - 329ق. . الکافی. روضه. شرح
شناسه افزوده : ایران. مجلس شورای اسلامی. کتابخانه، موزه و مرکز اسناد
شناسه افزوده : دار الحدیث. مرکز چاپ و نشر
رده بندی کنگره : BP129/ک8ک240216 1388
رده بندی دیویی : 297/212
شماره کتابشناسی ملی : 1852989
ص: 1
مرکز البحوث
موسسة دارالحديث العلمیة الثقافیة
ص: 2
البضاعَةُ الْمُزْجَاةُ
(شرح کتاب الروضة من الكافي)
مُحَمَّدْ حُسَيْنُ بْنُ قَارُ يَا غَدِي
(م 1089 ق.)
المجلد الرابع
تَحْقِيقُ
حَمِيدِ الْأَحْمَدِي الْجُلْفَائِيِّ
مجموعة آثار المؤتمر الدولي لذكرى الشيخ ثقة الإسلام الكليني - ٢٤
ص: 3
البضاعة المزجاة /
محمد حسين بن قارياغدي
تحقيق : حميد الأحمدي الجلفائي
الإخراج الفنى : محمد كريم صالحي ، مجيد بابكي
الناشر : دار الحديث للطباعة والنشر
الطبعة : الأولى ، ١٤٢٩ ق / ١٣٨٧ ش
المطبعة : دار الحديث
الكمية : ؟؟؟؟
الثمن : ؟؟؟؟
دار الحديث للطباعة والنشر
مؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية
دارالحديث للطباعة والنشر : قم ، شارع معلّم ، قرب ساحة الشهداء ، الرقم ١٢٥
الهاتف : ٠٢١٧٧٤١٦٥٠ - ٠٢٥١٧٧٤٠٥٢٣ ص ب : ٤٤٦٨ / ٣٧١٨٥
hadith@hadith.net
http://www.hadith.net
ص: 4
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
[بسم اللّه الرحمن الرحيم]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : إِنَّ النَّاسَ يَفْزَعُونَ إِذَا قُلْنَا : إِنَّ النَّاسَ ارْتَدُّوا .
فَقَالَ : «يَا عَبْدَ الرَّحِيمِ ، إِنَّ النَّاسَ عَادُوا بَعْدَ مَا قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، إِنَّ الْأَنْصَارَ اعْتَزَلَتْ ، فَلَمْ تَعْتَزِلْ بِخَيْرٍ ، جَعَلُوا يُبَايِعُونَ سَعْدا وَ هُمْ يَرْتَجِزُونَ ارْتِجَازَ الْجَاهِلِيَّةِ ؛ يَا سَعْدُ ، أَنْتَ الْمُرَجّى ، وَشَعْرُكَ الْمُرَجَّلُ ، وَفَحْلُكَ الْمُرَجَّمُ» .
السند مجهول.
قوله: (إنّ الناس يفزعون) أي يخافون، وهو كناية عن شدّة إنكارهم ارتداد الصحابة، فأجاب عليه السلام: لا استبعاد في ذلك؛ فإنّ التخلّف عن وصيّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله، والاعتزال عن وصيّه، وتعيين سعد للإمامة بأهوائهم وآرائهم، وارتجاز الجاهليّة، دليلٌ على أنّهم عادوا بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله أهل جاهليّة.
(إنّ الأنصار اعتزلت، فلم تعتزل بخير).
لعلّ المراد أنّهم وإن اعتزلوا ابتداء عن مبايعة أبي بكر، لكن لم يكن اعتزالهم لاختيار الحقّ، أو ترك الباطل، بل اختاروا باطلاً مكان باطل آخر.
وقيل: المراد أنّهم اعتزلوا عن الدِّين، أو عن أمير المؤمنين، أو عن المهاجرين.(1)
ص: 5
وقوله عليه السلام: (جعلوا يبايعون سعدا) بيان للاعتزال، أو لعودهم أهل جاهليّة، أو للجميع.
وسعد بن عبادة من أشراف الأنصار.
(وهم يرتجزون ارتجاز الجاهليّة).
قال الفيروزآبادي:
الرَّجَز _ بالتحريك _ : ضرب من الشعر، وزنه مستفعلن ستّ مرّات، سمّي لتقارب أجزائه، وقلّة حروفه. وزعم الخليل أنّه ليس بشعر، وإنّما هو أنصاف أبيات وأثلاث، والاُرجوزة: والقصيدة، منه الجمع: أراجيز. وقد رجز وارتجز ورجزبه ورجّزه: أنشده اُرجوزة.(1)
(يا سعد، أنت المُرجّى، وشعرك المرجّل، وفحلك المرجّم).
المرجّى _ بتشديد الجيم _ من الرّجاء، وهو الأمل. قال الجوهري: «رجوتُ فلانا ورجيته ترجية بمعنى».(2)
وقال: «شعر رجل ورجل: إذا لم يكن شديد الجعودة، ولا سَبِطا، تقول منه: رجّل شعره ترجيلاً».(3)
وقال:
الرُّجمة _ بالضمّ _ واحدة الرجم والرِجام، وهي حجارة ضخام دون الرضام، وربما جمعت على القبر ليسنّم.
وقال عبد اللّه مغفّل في وصيّته: لا ترجموا قبري؛ أي لا تجعلوا عليه الرجم، أراد بذلك تسوية قبره [بالأرض] وأن لا يكون مسنّما مرتفعا، انتهى.(4)
أقول: لعلّ المراد: يا سعد، أنت مرتجى للناس مرجوّ منك حصول مقاصدهم، وشعرك مسرّح منظّف محسّن، وفحلك _ أي خصمك _ المدّعي للغلبة، مرجّم القبر، غير داخل في سلك الأحياء.
وقيل: أي خصمك مرجوم مطرود.(5)
وقيل: المرجم إمّا من جعل على قبره الرجمة، أو من رجم في المعارك ورمى فيها،
ص: 6
أو من لا يوقف على حقيقة أمره لفخامته. والفحل على الأوّل الخصم المدّعي للغلبة أو المساواة، وعلى الأخيرين أبو المخاطب، أو [هو] على سبيل الكناية كما في قولك: مثلك لا يبخل.(1)
حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ وَ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ زَكَرِيَّا النَّقَّاضِ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : «النَّاسُ صَارُوا بَعْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِمَنْزِلَةِ مَنِ اتَّبَعَ هَارُونَ عليه السلام وَمَنِ اتَّبَعَ الْعِجْلَ ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ دَعَا ، فَأَبى عَلِيٌّ عليه السلام إِلاَّ الْقُرْآنَ ، وَإِنَّ عُمَرَ دَعَا ، فَأَبى عَلِيٌّ عليه السلام إِلاَّ الْقُرْآنَ ، وَإِنَّ عُثْمَانَ دَعَا ، فَأَبى [عَلِيٌّ] عليه السلام إِلاَّ الْقُرْآنَ ، وَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَدْعُو إِلى أَنْ يَخْرُجَ الدَّجَّالُ إِلاَّ سَيَجِدُ مَنْ يُبَايِعُهُ ، وَمَنْ رَفَعَ رَايَةَ ضَلاَلٍ(2) فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ».
السند مجهول.
قوله: (وأنّ أبا بكر دعا، فأبى علي عليه السلام إلاّ القرآن).
يعني أنّه دعا عليّا عليه السلام والناس جميعا على بيعته وموافقته في بدعته، فلم يعمل علي عليه السلام في زمن استيلائه وغلبته إلاّ بالقرآن، ولم يعمل بأهوائهم، وكذا في زمن استيلاء عمر وعثمان.
(وإنّه ليس من أحد يدعو) أي يدعو الناس إلى بدعته وضلالته؛ بقرينة السابق واللاّحق.
(إلى أن يخرج الدجّال).
قيل: أي إلى زمان خروجه. والمراد به جميع زمانه المتّصل آخره بزمان نزول عيسى وظهور الصاحب عليه السلام، فلا يرد أن «إلى» تفيد خروج ما بعدها عن الحكم المذكور، وليس كذلك.(3)
ص: 7
(إلاّ سيجد من يبايعه).
قيل: السين هنا لمجرّد التأكيد، كما صرّح به صاحب الكشّاف في قوله تعالى: «سَنَكْتُبُ
(حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ)
أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَلَمَةَ اللُّؤلُؤيِّ ، عَنْ رَجُلٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «أَ لاَ أُخْبِرُكُمْ كَيْفَ كَانَ إِسْلاَمُ سَلْمَانَ وَأَبِي ذَرٍّ؟».
فَقَالَ الرَّجُلُ _ وَأَخْطَأَ _ : أَمَّا إِسْلاَمُ سَلْمَانَ فَقَدْ عَرَفْتُهُ ، فَأَخْبِرْنِي بِإِسْلاَمِ أَبِي ذَرٍّ .
فَقَالَ : «إِنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ فِي بَطْنِ مَرٍّ يَرْعى غَنَما لَهُ ، فَأَتى ذِئْبٌ عَنْ يَمِينِ غَنَمِهِ ، فَهَشَّ بِعَصَاهُ عَلَى الذِّئْبِ ، فَجَاءَ الذِّئْبُ عَنْ شِمَالِهِ ، فَهَشَّ عَلَيْهِ أَبُو ذَرٍّ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ : مَا رَأَيْتُ ذِئْبا أَخْبَثَ مِنْكَ وَلاَ شَرّا ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ : شَرٌّ _ وَاللّهِ _ مِنِّي أَهْلُ مَكَّةَ ؛ بَعَثَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ إِلَيْهِمْ نَبِيّا ، فَكَذَّبُوهُ وَشَتَمُوهُ ، فَوَقَعَ فِي أُذُنِ أَبِي ذَرٍّ ، فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ : هَلُمِّي مِزْوَدِي وَإِدَاوَتِي وَعَصَايَ ، ثُمَّ خَرَجَ عَلى رِجْلَيْهِ يُرِيدُ مَكَّةَ لِيَعْلَمَ خَبَرَ الذِّئْبِ وَمَا أَتَاهُ بِهِ(3) حَتّى بَلَغَ مَكَّةَ ، فَدَخَلَهَا فِي سَاعَةٍ حَارَّةٍ وَقَدْ تَعِبَ وَنَصِبَ ، فَأَتى زَمْزَمَ وَقَدْ عَطِشَ ، فَاغْتَرَفَ دَلْوا فَخَرَجَ لَبَنا(4) ، فَقَالَ فِي نَفْسِهِ : هذَا وَاللّهِ يَدُلُّنِي عَلى [أَنَّ] مَا خَبَّرَنِي(5) الذِّئْبُ وَمَا جِئْتُ لَهُ حَقٌّ ، فَشَرِبَ وَجَاءَ إِلى جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا حَلْقَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ ، فَرَآهُمْ يَشْتِمُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله كَمَا قَالَ الذِّئْبُ ، فَمَا زَالُوا فِي ذلِكَ مِنْ ذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وَالشَّتْمِ لَهُ حَتّى جَاءَ أَبُو طَالِبٍ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : كُفُّوا فَقَدْ جَاءَ عَمُّهُ .
قَالَ : فَكَفُّوا ، فَمَا زَالَ يُحَدِّثُهُمْ وَيُكَلِّمُهُمْ حَتّى كَانَ آخِرُ النَّهَارِ ، ثُمَّ قَامَ وَقُمْتُ عَلى أَثَرِهِ ، فَالْتَفَتَإِلَيَّ فَقَالَ(6) : اذْكُرْ حَاجَتَكَ ، فَقُلْتُ : هذَا النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ؟ قَالَ : وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قُلْتُ : أُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ وَأَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسِي ، وَلاَيَأْمُرُنِي بِشَيْءٍ إِلاَّ أَطَعْتُهُ ، فَقَالَ : وَتَفْعَلُ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ :
ص: 8
فَتَعَالَ(1) غَدا فِي هذَا الْوَقْتِ إِلَيَّ حَتّى أَدْفَعَكَ إِلَيْهِ .
قَالَ : «فَبِتُّ(2) تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ حَتّى إِذَا كَانَ الْغَدُ جَلَسْتُ مَعَهُمْ ، فَمَا زَالُوا فِي ذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وَشَتْمِهِ حَتّى إِذَا(3) طَلَعَ أَبُو طَالِبٍ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَمْسِكُوا قَدْ(4) جَاءَ عَمُّهُ ، فَأَمْسَكُوا ،فَمَا زَالَ يُحَدِّثُهُمْ حَتّى قَامَ، فَتَبِعْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : اذْكُرْ حَاجَتَكَ ، فَقُلْتُ : النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ؟ قَالَ : وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ(5) : أُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ ، وَأَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسِي(6) ، وَلاَ يَأْمُرُنِي بِشَيْءٍ إِلاَّ أَطَعْتُهُ، قَالَ : وَتَفْعَلُ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : قُمْ مَعِي ، فَتَبِعْتُهُ، فَدَفَعَنِي إِلى بَيْتٍ فِيهِ حَمْزَةُ عليه السلام ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَجَلَسْتُ ، فَقَالَ لِي : مَا حَاجَتُكَ؟ فَقُلْتُ : هذَا النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ؟ فَقَالَ : وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ؟ قُلْتُ : أُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ ، وَأَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسِي ، وَلاَ يَأْمُرُنِي بِشَيْءٍ إِلاَّ أَطَعْتُهُ ، فَقَالَ : تَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّاللّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ اللّهِ ، قَالَ : فَشَهِدْتُ .
قَالَ : فَدَفَعَنِي حَمْزَةُ إِلى بَيْتٍ فِيهِ جَعْفَرٌ عليه السلام ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَجَلَسْتُ ، فَقَالَ لِي جَعْفَرٌ عليه السلام : مَا حَاجَتُكَ؟ فَقُلْتُ : هذَا النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ؟ قَالَ : وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ؟ فَقُلْتُ(7) : أُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ ،وَأَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسِي(8) ، وَلاَ يَأْمُرُنِي بِشَيْءٍ إِلاَّ أَطَعْتُهُ ، فَقَالَ : تَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
قَالَ: فَشَهِدْتُ ، فَدَفَعَنِي إِلى بَيْتٍ فِيهِ عَلِيٌّ عليه السلام ، فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ ، فَقَالَ : مَا حَاجَتُكَ؟ فَقُلْتُ(9) :هذَا النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ؟ قَالَ : وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ؟ قُلْتُ : أُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ ، وَأَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسِي(10) ، وَلاَ يَأْمُرُنِي بِشَيْءٍ إِلاَّ أَطَعْتُهُ ، فَقَالَ : تَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ اللّهِ .
قَالَ : فَشَهِدْتُ ، فَدَفَعَنِي إِلى بَيْتٍ فِيهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مَا حَاجَتُكَ؟ قُلْتُ : النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ؟ قَالَ : وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ؟ قُلْتُ : أُومِنُ بِهِ وَ أُصَدِّقُهُ ، وَلاَ يَأْمُرُنِي بِشَيْءٍ إِلاَّ أَطَعْتُهُ، فَقَالَ(11) : تَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ اللّهِ ، فَقُلْتُ : أَشْهَدُ
ص: 9
أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ اللّهِ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : يَا أَبَا ذَرٍّ انْطَلِقْ إِلى بِلاَدِكَ ، فَإِنَّكَ تَجِدُ ابْنَ عَمٍّ لَكَ قَدْ مَاتَ ، وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُكَ ، فَخُذْ مَالَهُ ، وَأَقِمْ عِنْدَ أَهْلِكَ حَتّى يَظْهَرَ أَمْرُنَا .
قَالَ : فَرَجَعَ أَبُو ذَرٍّ ، فَأَخَذَ(1) الْمَالَ ، وَأَقَامَ عِنْدَ أَهْلِهِ حَتّى ظَهَرَ أَمْرُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ».
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «هذَا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ وَإِسْلاَمِهِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ ، وَأَمَّا حَدِيثُ سَلْمَانَ ، فَقَدْ سَمِعْتَهُ» .
فَقَالَ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، حَدِّثْنِي بِحَدِيثِ سَلْمَانَ .
فَقَالَ : «قَدْ سَمِعْتَهُ» وَلَمْ يُحَدِّثْهُ لِسُوءِ أَدَبِهِ .
السند مجهول.
قوله: (وأخطأ) يعني ذلك الرجل في قوله.
(إمّا إسلام سلمان فقد عرفته).
ادّعى علمه بكيفيّة إسلام سلمان، وهذا خطأ منه؛ لسوء الأدب، وقد حرم عن معرفة كيفيّة إسلامه، كما سيجيء في آخر الحديث.(2)
(أنّ أبا ذرّ كان في بطن مرّ) بفتح الميم.
قال الفيروزآبادي: «بطن مرٍّ، ويُقال له: مرّ الظهران، موضع على مرحلة من مكّة».(3)
(فهشّ بعصاه على الذئب).
قال في القاموس: «هشّ الورق يهشّه ويهشّه: خبطه بعصا ليتحات».(4)
وقال: «خبطه [يخبطه] : ضربه شديدا».(5)
(فقال لامرأته: هلمّي مزودي وإداوتي).
قال في القاموس: «المِزود، كمنبر: وعاء الزاد».(6)
وقال: «الإداوة _ بالكسر _ : المطهرة»(7).
ص: 10
(فقال: اذكر حاجتك، فقلت: [هذا] النبيّ المبعوث فيكم) أي حاجتي لقاء النبيّ المبعوث فيكم، أو لقاؤه حاجتي، أو النبيّ المبعوث فيكم أين هو.
وأمّا كيفيّة إسلام سلمان، فقد روى الصدوق رحمه الله في كتاب الإكمال _ بسند فيه إرسال _ عن موسى بن جعفر عليهماالسلام، قال: قلت: يابن رسول اللّه ، ألا تخبرنا كيف كان سبب إسلام سلمان الفارسي؟
قال: «نعم(1)، حدّثني أبي عليه السلام أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وسلمان الفارسي وأبا ذرّ وجماعة من قريش كانوا مجتمعين عند قبر النبيّ صلى الله عليه و آله، فقال أمير المؤمنين عليه السلام لسلمان: يا أبا عبد اللّه ، ألا تخبرنا بمبدأ أمرك؟ فقال سلمان: واللّه يا أمير المؤمنين، لو أنّ غيرك سألني ما أخبرته؛ أنا كنت رجلاً من أهل شيراز من أبناء الدهاقين، وكنت عزيزا على والديّ، فبينا أنا سائر مع أبي في عيدٍ لهم إذا أنا بصومعة، وإذا فيهما رجل ينادي: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ عيسى روح اللّه ، وأنّ محمّدا حبيب اللّه ، فرصف حبّ(2) محمّد في لحمي ودمي فلم يهنئني طعام ولا شراب، فقالت لي اُمّي: يا بنيّ، ما لكَ اليوم لم تسجد لمطلع الشمس؟ قال: فكابرتهاحتّى سكتت، فلمّا انصرفت إلى منزلي إذا أنا بكتاب معلّق في السقف، فقلت لاُمّي: ما هذا الكتاب؟ فقالت: يا روزبه، إنّ هذا كتاب لمّا رجعنا من عيدنا رأيناه معلّقا، فلا تقرب ذلك المكان؛ فإنّك إن قربته قتلك أبوك. قال: فجاهدتها حتّى جنَّ الليل ونام أبي واُمّي، فقمتُ وأخذت الكتاب فإذا فيه: بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا عهد من اللّه إلى آدم أنّه خلق من صلبه نبيّا يُقال له محمّد، يأمر بمكارم الأخلاق، وينهى عن عبادة الأوثان. يا روزبه، أنت وصيّ عيسى فآمن واترك المجوسيّة.
قال: فصعقت صعقةً وزادني شدّة، قال: فعلم أبي واُمّي بذلك، فأخذوني وجعلوني في بئر عميقة وقالوا لي: إن رجعت [وإلاّ] قتلناك، فقلت لهم: افعلوا بي ما شئتم، حبّ محمّد لا يذهب من صدري! قال سلمان: واللّه (3) ما كنت أعرف العربيّة قبل قراءتي الكتاب، ولقد
ص: 11
فهّمني اللّه العربيّة من ذلك اليوم، قال: فبقيت في البئر، فجعلوا ينزلون إليَّ قرصا(1) صغارا،[قال: ]فلمّا طال أمري رفعت يدي إلى السماء، فقلت: يا ربّ، إنّك حبّبت محمّدا ووصيّه إليّ، فبحقّ وسيلته، عجّل فرجي، وأرحني ممّا أنا فيه، فأتاني آتٍ وعليه ثياب بيض فقال: قُم يا روزبه، فأخذ بيدي وأتى بي [إلى] الصومعة، فأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ عيسى روح اللّه ، وأنّ محمّدا حبيب اللّه ، فأشرف عليَّ الديراني فقال: أنت روزبه؟ فقلت:
نعم، فقال: اصعد، فأصعدني إليه وخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال: إنّي ميّت،فقلت له: فعلى مَن تخلّفني؟ فقال: لا أعرف أحدا يقول بمقالتي [هذه] إلاّ راهبا بإنطاكية، فإذا لقيته فاقْرأْه منّي السلام، وادفع إليه هذا اللّوح، وناولني لوحا، فلمّا مات غسّلته وكفّنته [ودفنته ]وأخذت اللوح وسرت به إلى إنطاكية، وأتيت الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ عيسى روح اللّه ، وأنّ محمّدا حبيب اللّه . فأشرف عليَّ الدِّيراني فقال لي: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد، فصعدت إليه فخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال لي: إنّي ميّت، فقلت: على مَن تخلفني؟ فقال: لا أعرف يقول بمقالتي [هذه] إلاّ راهبا بالإسكندريّة، فإذا أتيته فأقرئه منّي السلام، وادفع إليه هذا اللوح، فلمّا توفّي غسّلته وكفّنته ودفنته، وأخذت اللّوح، وأتيت الصومعة، وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ عيسى روح اللّه ، وأنّ محمّدا حبيب اللّه . فأشرف عليَّ الديراني فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد، فصعدت إليه وخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال لي: إنّي ميّت، قلت:
على مَن تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحدا يقول بمقالتي [هذه] في الدُّنيا، وأنّ محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب(2) قد حانت ولادته، فإذا أتيته فأقرئه منّي السلام، وادفع إليه هذا اللوح، [قال:] فلمّا توفّي غسّلته وكفّنته ودفنته، وأخذت اللّوح، وخرجت فصحبت قوما، فقلت لهم: يا قوم، اكفوني الطعام والشراب أكفكم الخدمة، قالوا: نعم، قال: فلمّا أرادوا أن يأكلوا شدّوا على شاة، فقتلوها بالضرب، ثمّ جعلوا بعضها كبابا وبعضها شواءً، فامتنعت من الأكل،فقالوا: كُل، فقلت: إنّي غلام ديراني، وأنّ الديرانيّين لا يأكلون اللّحم، فضربوني وكادوايقتلونني، فقال بعضهم: امسكوا عنه حتّى يأتيكم شراب وأنّه(3) لا يشرب، فلمّا أتوا بالشّراب
ص: 12
قالوا: اشرب، فقلت: إنّي غلامٌ ديراني وأنّ الديرانيّين لا يشربون الخمر، فشدّوا عليَّ وأرادوا قتلي، فقلت لهم: يا قوم، لا تضربوني ولا تقتلوني؛ فإنّي أقرّ لكم بالعبوديّة، فأقررتُ لواحدٍ منهم، فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجلٍ يهودي، قال: فسألني عن قصّتي، فأخبرته وقلت له: ليس لى ذنب إلاّ أن أحببت محمّدا ووصيّه، فقال اليهودي: وإنّي لأبغضك وأبغض محمّدا، ثمّ أخرجني إلى خارج داره، فإذا رمل كثير على بابه، فقال: واللّه يا روزبه، لئن أصبحت ولم تنقل هذا الرمل كلّه من هذا الموضع لأقتلنّك، قال: فجعلت أحمل طول ليلتي،فلمّا أجهدني التعب رفعت يدي إلى السماء وقلت: يا ربّ، إنّك حبّبت محمّدا ووصيّه إليَّ،
فبحقّ وسيلته، عجِّل فرجي، وأرحني ممّا أنا فيه، فبعث اللّه _ عزّ وجلّ _ ريحا فقلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال اليهودي، فلمّا أصبح نظر إلى الرمل قد نُقِل كلّه، فقال: يا روزبه، أنت ساحر وأنا لا أعلم، فلاُخرجنّك من هذه القرية لئلاّ تهلكها، قال: فأخرجني وباعني من امرأة سليميّة،(1) فأحبّتني حبّا شديدا، وكان لها حائط، فقالت: هذا الحائط لك، كُل منه [ماشئت ]وهَب وتصدّق، قال: فبقيت في ذلك الحائط ما شاء اللّه ، فبينا أنا ذات يوم في الحائط إذا أنا بسبعة [رهط] قد أقبلوا [تظلّهم غمامة، فقلت في نفسي: واللّه ما هؤلاء كلّهم أنبياء، ولكنّ فيهم نبيّا قال: فأقبلوا] حتّى دخلوا الحائط والغمامة تسير معهم، فلمّا دخلوا إذا فيهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأمير المؤمنين عليه السلاموأبو ذرّ والمقداد وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطّلب وزيد بن حارثة، فدخلوا الحائط، فجعلوا يتناولون من حشف النخل ورسول اللّه صلى الله عليه و آلهيقول لهم: كُلوا الحشف ولا تفسدوا على القوم شيئا، فدخلت على مولاتي، فقلت لها: يا مولاتي هيّئي(2) لي طبقا من رطب، فقالت: لك ستّة أطباق، قال: فجئت فحملت طبقا من رطب، فقلت في نفسي: إن كان فيهم نبيّ؛ فإنّه لا يأكل الصدقة ويأكل الهديّة، فوضعته بين يديه فقلت: هذه صدقة، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: كُلوا، وأمسك رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأمير المؤمنين وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطّلب، وقال لزيد: مدّ يدك وكُل، فأكلوا،(3) فقلت في نفسي: هذه علامة، فدخلت على مولاتي فقلت لها: [هبي لي] طبقا آخر، فقالت:[لك] ستّة أطباق، قال: جئت فحملت طبقا من رطب، فوضعته بين يديه فقلت: هذه هديّة،
ص: 13
فمدَّ يده وقال: بسم اللّه كُلوا، ومدّ القوم جميعا أيديهم وأكلوا، فقلت في نفسي: هذه أيضا علامة. قال: فبينا أنا أدور خلفه إذ حانت من النبيّ صلى الله عليه و آلهالتفاتة، فقال: يا روزبه، تطلب خاتم النبوّة؟ فقلت: نعم، فكشف عن كتفيه فإذا أنا بخاتم النبوّة معجوم بين كتفيه عليه شعرات،قال: فسقطتُ على قدم رسول اللّه صلى الله عليه و آله اُقبّلها، فقال لي: يا روزبه، ادخل على هذه المرأة وقُل لها: يقول لكِ محمّد بن عبد اللّه تبيعينا هذا الغلام، فدخلتُ فقلت لها: يا مولاتي إنّ محمّد بن عبد اللّه يقول لك: تبيعينا هذا الغلام؟ فقالت: قُل له: لا اُبيعك إلاّ بأربع مائة نخلة مائتي نخلة منها صفراء، ومأتي نخلة منها حمراء، قال: فجئت إلى النبيّ صلى الله عليه و آلهفأخبرته، فقال: ما أهون ما سألتْ، ثمّ قال: قُم يا علي فاجمع هذا النوى كلّه، فأخذهُ وغرسهُ وقال(1): اسقه فسقاه أمير المؤمنين عليه السلام، فما بلغ آخره حتّى خرج النخل ولحق بعضه بعضا، فقال لي: ادخل فيها وقل لها: يقول لك محمّد بن عبد اللّه : خُذي شيئك وادفعي إلينا شيئنا، قال: فدخلتُ عليها وقلت ذلك، فخرجت ونظرت إلى النخل فقالت: واللّه لا أبيعكه إلاّ بأربعمائة نخلة كلّها صفراء. قال: [فهبط ]جبرئيل عليه السلام، فمسح جناحه على النخل، فصار كلّه أصفر [قال:] ثمّ [قال لي:] قُل لها: إنّ محمّدا يقول لكِ: خذي شيئك وادفعي إلينا شيئنا، [قال:] فقلت لها [ذلك] فقالت: واللّه لنخلة من هذه أحبُّ إليَّ من محمّد ومنك، فقلت لها: واللّه ليومٌ مع محمّد أحبُّ منك ومن كلّ شيء [أنت] فيه. فأعتقني رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوسمّاني سلمان.
قال الصدوق رحمه الله: كان اسم سلمان روزبه بن خشبوذان، وما سجد قطّ لمطلع الشمس، وإنّما كان يسجد للّه _ عزّ وجلّ _ وكانت القبلة التي أمر بالصلاة إليها شرقيّة، وكان أبواه يظنّان أنّه إنّما يسجد لمطلع الشمس كهيئتهم، وكان سلمان وصيّ وصيّ عيسى عليه السلام في أداء ما حمل إلى من انتهت إليه الوصيّة من المعصومين وهو آبي عليه السلام، وقد ذكر قوم أنّ آبي هو أبو طالب، وإنّما اشتبه الأمر به؛ لأنّ أمير المؤمنين عليه السلامسئل عن آخر أوصياء عيسى عليه السلام فقال: آبي، فضعفه الناس فقالوا أبى، ويقال له بردة أيضا.(2)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ زُرَارَةَ :
ص: 14
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : «أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ أَسَرَتْهُ خَيْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آلهقَالَ : اللّهُمَّ أَمْكِنِّي مِنْ ثُمَامَةَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إِنِّي مُخَيِّرُكَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلاَثٍ : أَقْتُلُكَ ، قَالَ : إِذا تَقْتُلَ عَظِيما(1) ؛ أَوْ أُفَادِيكَ ، قَالَ : إِذا تَجِدَنِي غَالِيا ؛ أَوْ أَمُنُّ عَلَيْكَ ، قَالَ : إِذا تَجِدَنِي شَاكِرا ، قَالَ : فَإِنِّي قَدْ مَنَنْتُ عَلَيْكَ ، قَالَ : فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ ، وَأَنَّكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ ، وَقَدْ وَاللّهِ عَلِمْتُ أَنَّكَ رَسُولُ اللّهِ حَيْثُ رَأَيْتُكَ ، وَمَا كُنْتُ لِأَشْهَدَ بِهَا وَأَنَا فِي الْوَثَاقِ» .
السند حسن موثّق.
قوله: (إنّ ثمامة بن أثال).
قال الفيروزآبادي: «ثمام _ كغراب _ : نبت، واحدته بهاء. وثُمامة بن اُثال صحابيّ».(2)
وقال: «الاُثال _ كسحاب وغراب _ : المجد، والشرف».(3)
وفي المُغرب: الاُثال _ بالضمّ _ : المجد، والمال، وبه سمّي والد ثمامة بن اُثال الحنفي، واُبال تصحيف».(4)
(أسرته خيل النبيّ صلى الله عليه و آله)
قال الجوهري: «الخيل: الفرسان».(5)
(قال: إذا تجدني غاليا).
الغالي: ضدّ الرخيص، أي يلزم عليَّ إذا أن اُعطيك فداءً عظيما.
(وما كنت لأشهد بها) أي بالشهادة المذكورة.
(وأنا في الوثاق).
في القاموس: «الوثاق _ ويكسر _ : ما يشدّ به».(6)
وذكرت العامّة في كتب رجالهم أنّ ثمامة بن اُثال ابن النعمان الحنفي سيّد أهل الميامة
ص: 15
كان أسير، فأطلقه النبيّ صلى الله عليه و آله، فمضى، وغسل ثيابه، واغتسل، ثمّ أتى النبيّ صلى الله عليه و آله وحسُن إسلامه.(1)
وفي بعض كتب السِّير: أنّه خرج معتمرا، فاُسر بنجد، فجاؤوا به، فأصبح مربوطا باُسطوانة عند باب رسول اللّه صلى الله عليه و آله، فرآه فقال له: إنّي مخيّرك واحدة من ثلاث.(2)
عَنْهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : «لَمَّا وُلِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلى مَلاَءٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ هِشَامُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَالْعَاصُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو وَجْزَةَ بْنُ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ وَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، فَقَالَ : أَ وُلِدَ فِيكُمْ مَوْلُودٌ اللَّيْلَةَ؟ فَقَالُوا : لاَ ، قَالَ : فَوُلِدَ إِذا بِفِلَسْطِينَ غُلاَمٌ اسْمُهُ أَحْمَدُ بِهِ شَامَةٌ كَلَوْنِ الْخَزِّ الْأَدْكَنِ ، وَيَكُونُ هَلاَكُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْيَهُودِ عَلى يَدَيْهِ ، قَدْ أَخْطَأَكُمْ وَاللّهِ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ .
فَتَفَرَّقُوا وَسَأَلُوا فَأُخْبِرُوا أَنَّهُ وُلِدَ لِعَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ غُلاَمٌ ، فَطَلَبُوا الرَّجُلَ فَلَقُوهُ ، فَقَالُوا : إِنَّهُ قَدْ وُلِدَ فِينَا وَاللّهِ غُلاَمٌ ، قَالَ : قَبْلَ أَنْ أَقُولَ لَكُمْ ، أَوْ بَعْدَ مَا قُلْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا : قَبْلَ أَنْ تَقُولَ لَنَا ، قَالَ : فَانْطَلِقُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتّى نَنْظُرَ إِلَيْهِ .
فَانْطَلَقُوا حَتّى أَتَوْا أُمَّهُ ، فَقَالُوا : أَخْرِجِي ابْنَكِ حَتّى نَنْظُرَ إِلَيْهِ ، فَقَالَتْ : إِنَّ ابْنِي وَاللّهِ لَقَدْ سَقَطَ ، وَمَا سَقَطَ كَمَا تَسْقُطُ(3) الصِّبْيَانُ ، لَقَدِ اتَّقَى الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ نُورٌ حَتّى نَظَرْتُ إِلى قُصُورِ بُصْرى ، وَسَمِعْتُ هَاتِفا فِي الْجَوِّ يَقُولُ : لَقَدْ وَلَدْتِيهِ سَيِّدَ الْأُمَّةِ ، فَإِذَا وَضَعْتِيهِ(4) ، فَقُولِي : أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدِ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ ، وَسَمِّيهِ مُحَمَّدا .
قَالَ الرَّجُلُ : فَأَخْرِجِيهِ ، فَأَخْرَجَتْهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَلَّبَهُ ، وَنَظَرَ إِلَى(5) الشَّامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، فَخَرَّ مَغْشِيّا عَلَيْهِ ، فَأَخَذُوا الْغُلاَمَ ، فَأَدْخَلُوهُ إِلى أُمِّهِ ، وَقَالُوا : بَارَكَ اللّهُ لَكِ فِيهِ ، فَلَمَّا خَرَجُوا أَفَاقَ ، فَقَالُوا لَهُ : مَا لَكَ وَيْلَكَ؟ قَالَ(6) : ذَهَبَتْ نُبُوَّةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، هذَا وَاللّهِ مَنْ(7) يُبِيرُهُمْ.
ص: 16
فَفَرِحَتْ قُرَيْشٌ بِذلِكَ ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَدْ فَرِحُوا ، قَالَ : قَدْ(1) فَرِحْتُمْ ، أَمَا وَاللّهِ لَيَسْطُوَنَّ بِكُمْ سَطْوَةً يَتَحَدَّثُ بِهَا أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَقُولُ : يَسْطُو بِمِصْرِهِ؟!» .
السند حسن موثّق.
قوله: (إلى ملأٍ من قريش).
في القاموس: «الملأ كجبل الجماعة».(2)
وقال البيضاوي: «الملأ: الجماعة يجتمعون للتشاور، لا واحد له كالقوم، وأبو وجزة بالزاء المعجمة».(3)
(وعتبة بن ربيعة) بضمّ العين وسكون التاء.
(فقال أوُلِد)؛ الهمزة للاستفهام.
(قال: فولد إذا بفلسطين غلام اسمه أحمد).
قال الفيروزآبادي:
فلسطون وفلسطين _ وقد تفتح فاؤهما _ : كورة بالشام، وبلد بالعراق، تقول في حال الرفع بالواو، وفي النصب والجرّ بالياء، أو تلزمها الياء في كلّ حال».(4)
أقول: المراد هنا بفلسطين سرّ من رأى، ولعلّ المراد بالمولود فيها صاحب الزمان عليه السلام، فتأمّل.
وقال الفاضل الإسترآبادي:
مذكور في الكتب المنزلة على الأنبياء المتقدِّمين عليهم السلام أنّه يولد في مكّة رجلٌ معصوم اسمه أحمد، كنيته أبو القاسم، وكذلك في قرية من قرى العراق أحدهما نبيّ والآخر إمام، ومذكور فيها الليلة التي يولد فيها أحد الأحمدين.(5)
(به شامة كلون الخزّ الأدكن).
الشامة _ بتخفيف الميم _ : الخال، وهو علامة تخالف لون البدن التي هي فيه، وأصلها:
ص: 17
شَيَمَة، قُلبت الياء ألفا. والظاهر أنّه أراد بها خاتم النبوّة، كما سيجيء في أواخر الخبر.
والخزّ من الثياب معروف. والدكنة _ بالضمّ _ : لون يضرب إلى السواد، وقد دكن الثوب _ كفرح _ دكنا، وهو أدكن.
(قد أخطأكم واللّه يا معشر قريش).
يمكن قراءة «أخطأ» بالخاء المعجمة، من الخطو، وهو المشي والتجاوز. أو من الخطأ، وهو ضدّ الصواب. يُقال: أخطأ فلان، أي سلك سبيل الخطأ.
والمستتر فيه راجع إلى أحمد، أو المولود يعني أنّه مضى عنكم، وانتقل إلى فلسطين؛ لأنّ الأمر كان مردّدا بين أن يكون فيكم أو فيهم، فلمّا قلتم: لم يولد فينا، ظهر أنّه ولد بفلسطين؛ لأنّه قد ولد الليلة البتّة.
وقيل: معناه: قد جاوزكم خبره، ولم يصل اليكم بعد. أو جاوزكم أمره، ولا محيص لكم منه.(1)
ويمكن أن يقرأ بالحاء المهملة والظاء المعجمة من الحظوة _ بالضمّ والكسر _ وهي المكانة، والمنزلة الرفيعة، والحظّ من الرزق. يُقال: أحظيته على فلان: إذا فضّلته عليه؛ أي جعلكم ذوي فضل على الناس، واُولي منزلةٍ رفيعة عندهم.
(فقالت: إنّ ابني واللّه لقد سقط).
يُقال: سقط الولد من بطن اُمّه سقوطا: إذا خرج. ولا يُقال: وقع.
ثمّ بيّنت كيفيّة سقوطه وقالت: (وما سقط كما تسقط الصبيان) على النحو المعهود، بل سقوطه خارق للعادة، وهو أنّه (لقد اتّقى الأرض بيديه) أي وضع يديه على الأرض حين سقوطه اتّقاءً وحذرا من أذيّتها.
وفي بعض النسخ: «ألقى» بدل «اتّقى».
(حتّى نظرت إلى قصور بُصرى).
القصر من البناء معروف، والجمع: قصور.
وبُصرى _ كحُبلى _ : بلد بالشام، وقرية ببغداد قريب عكبراء. والمراد هنا الأوّل، كما روي
ص: 18
في بعض الأخبار أنّها قالت: «رأيت قصور الشامات كأنّها شعلة نار نورا».(1)
(وسمعت هاتفا في الجوّ).
الجوّ: الهواء، وما بين السماء والأرض.
(هذا واللّه من يبيرهم).
الضمير لبني إسرائيل. والإبارة: الإهلاك.
(أما واللّه ليسطونّ بكم).
في القاموس: «سطا عليه وبه سطوا وسطوة: صال، أو قهر بالبطش».(2)
(وكان أبو سفيان يقول: يسطو بمصره) كأنّه استفهام إنكاري؛ أي لا يسطو بأهل مصره وبلده وعشيرته؟!
وقيل: قاله على الهزء والإنكار؛ أي كيف يقدر أن يسطو بمصره؟!
ويحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الإذعان في ذلك الوقت، أو كان يقول ذلك بعد خبر الراهب.
وفيما رواه قطب الدِّين الراوندي في كتاب الخرائج: فكان أبو سفيان يقول: إنّما يسطو بمضر،(3) أي بقبيلة مضر، أو بها وبأضرابها من القبائل الخارجة عن مكّة.(4)
ثمّ اعلم أنّه يفهم من ظاهر هذا الخبر أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله مختومٌ بخاتم النبوّة حين ولادته.
وقيل: في بعض روايات العامّة(5) دلالة واضحة على أنّه [لم] يولد به، بل حصل بعد
شقّ الصدر.(6)
وقيل: إنّما سمّيت تلك الشامة بخاتم النبوّة لأنّها إحدى العلامات التي يعرف بها علماء أهل الكتاب.(7)
ص: 19
وقيل: إنّ موضعه كان بين الكتفين. ومن طرق العامّة أنّه كان عند ناغض كتفه اليسرى.(1) وفسّر الناغض من الإنسان بأصل عنقه حيث يبغض رأسه.(2)
وقال بعض الشارحين: أمّا مقداره فلم أجد في كلام الأصحاب تقديره. وفي بعض أخبار العامّة: أنّه كان مثل التفّاحة.(3)
وفي بعضها: مثل بيضة الحمامة.(4) وفي بعضها: مثل بيضة الحجلة.(5) وفي بعضها: مثل الجمع.(6) وقيل: الجمع: الكفّ إذا جمع. يقال: ضربته بجمع كفى: إذا جمع كفّه فضربه بها.(7)قال السهيلي: حكمة وضع الخاتم أنّه لمّا شقّ صدره واُزيل مغمز الشيطان مُلئ قلبه حكمةً وإيمانا، فختم عليه كما يختم على الإناء المملوّ، ووضعه عند نغض الكتف؛ لأنّه المحلّ الذي يوسوس الشيطان منه.(8) وقد ذكروا في كتبهم أنّ شقّ الصدر كان بعدما كان قادرا على المشي مع الأطفال، فرأوا رجلين أخذاه، وشقّا صدره، فنادوا: قُتِل محمّد.
أقول: يظهر من كثير من أخبارنا أنّ شقّ الصدر والختم بخاتم النبوّة كليهما حين الولادة، منها: ما رواه الصدوق رحمه الله في أماليه بإسناده عن ابن عبّاس قال: سمعت أبي العبّاس يحدّث _ إلى أن قال: _ فحدّثتني آمنة وقالت لي: إنّه لمّا أخذني الطلق، واشتدّ بي الأمر، سمعت جلبة وكلاما لا يشبه كلام الآدميّين، ورأيت علما من سندس على قضيب من ياقوت قد ضرب بين السماء والأرض، ورأيت نورا يسطع من رأسه حتّى بلغ السماء، ورأيت قصور الشامات كأنّها شعلة نار نورا، ورأيت حولي من القطاة أمرا عظيما وقد نشرت أجنحتها حولي، ورأيت رجلاً شابّا من أتمّ الناس طولاً وأشدّهم بياضا وأحسنهم ثيابا ما ظننته إلاّ عبدالمطّلب قد دنا منّي، فأخذ المولود، فتفل في فيه، ومعه طست من ذهب مضروب بالزمرّد، ومشط من ذهب، فشقّ بطنه شقّا، ثمّ أخرج قلبه، فشقّه، فأخرج منه نكتة سوداء، فرمى بها،
ص: 20
ثمّ أخرج صرّة من حريرة خضراء، ففتحها، فإذا فيها كالذريرة البيضاء، فحشاه، ثمّ ردّه إلى ما كان، ومسح على بطنه فاستنطقه فنطق، فلم أفهم ما قال، إلاّ أنّه قال: في أمان اللّه وحفظه وكلأته، قد حشوت قلبك إيمانا وعلما وحلما ويقينا وعقلاً وشجاعةً، أنت خير البشر، طوبى لمَن اتّبعك، وويلٌ لمَن تخلّف عنك.
ثمّ أخرج صرّةً اُخرى من حريرة بيضاء، ففتحها، فإذا فيها خاتم، فضرب على كتفيه، ثمّ قال: أمرني ربّي أن أنفخ فيك من روح القدس، فنفخ فيه وألبسه قميصا، وقال: هذا أمانك من آفات الدُّنيا. فهذا ما رأيت يا عبّاس بعيني. قال العبّاس: وأنا يومئذٍ أقرأ، فكشفت عن ثوبه، فإذا خاتم النبوّة بين كتفيه، فلم أزَل أكتم شأنه، وأنسيت الحديث، فلم أذكره إلى يوم إسلامي حتّى ذكّرني رسول اللّه صلى الله عليه و آله.(1)
حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ سَالِمٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «كَانَ حَيْثُ طُلِقَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ وَأَخَذَهَا الْمَخَاضُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه و آله حَضَرَتْهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ امْرَأَةُ أَبِي طَالِبٍ ، فَلَمْ تَزَلْ مَعَهَا حَتّى وَضَعَتْ ، فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرى : هَلْ تَرَيْنَ مَا أَرى؟ فَقَالَتْ : وَمَا تَرَيْنَ؟ قَالَتْ : هذَا النُّورَ الَّذِي قَدْ سَطَعَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، فَبَيْنَمَا(2) هُمَا كَذلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمَا أَبُو طَالِبٍ ، فَقَالَ لَهُمَا : مَا لَكُمَا؟ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَعْجَبَانِ؟ فَأَخْبَرَتْهُ فَاطِمَةُ بِالنُّورِ الَّذِي قَدْ(3) رَأَتْ ، فَقَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ : أَ لاَ أُبَشِّرُكِ؟ فَقَالَتْ : بَلى ، فَقَالَ : أَمَا إِنَّكِ سَتَلِدِينَ غُلاَما يَكُونُ وَصِيَّ هذَا الْمَوْلُودِ» .
السند مجهول.
قوله: (حيث طلقت آمنة بنت وهب) بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب.
الطلق والمخاض: وجع الولادة، يُقال: طلِقَت الحامل على ما لم يسمّ فاعله تُطلق طلقا،
ص: 21
أي أصابها وجع الولادة.
فقوله: (وأخذها المخاض بالنبيّ صلى الله عليه و آله) كالتفسير للسابق.
(حضرتها فاطمة بنت أسد) بن هاشم بن عبد مناف (امرأة أبي طالب) وهي اُمّ أمير المؤمنين عليه السلام.
(فلم تزَل معها حتّى وضعت، فقالت إحداهما).
يعني فاطمة، كما يظهر من قوله: (فأخبرته فاطمة بالنور الذي قد رأت).
وقوله: (فقال لها أبو طالب) إلى آخره، يدلّ على كمال فضل أبي طالب وعلمه وإيمانه برسول اللّه صلى الله عليه و آلهقبيل البعثة فكيف بعدها، وانعقد عليه إجماع الشيعة، ويدلّ على ذلك أخبار متكثّرة من طرق الخاصّة(1) والعامّة(2) حتّى قيل: إنّه من آخر أوصياء عيسى عليه السلام،(3) وفي بعض الأخبار(4) دلالة عليه أيضا، وخلاف أهل الخلاف في ذلك ليس بشيء.
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الصَّلْتِ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ(5) عَبْدِ الْعَزِيزِ [بْنِ] الْمُهْتَدِي ، عَنْ رَجُلٍ :
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالى : «مَنْ ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضا حَسَنا فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ»(6) قَالَ : «صِلَةُ الاْءِمَامِ فِي دَوْلَةِ الْفَسَقَةِ(7)» .
السند مجهول.
قوله: (محمّد بن أحمد) لا أعرفه.
وقيل: لا يبعد أن يكون محمّد بن أحمد بن علي بن الصّلت القمّي الذي ذكره الصدوق
ص: 22
في كتاب إكمال الدِّين من أنّ أباه كان يروي عنه، وأثنى عليه،(1) وقد روى عنه في عرض هذا الكتاب كثيرا.
وقوله: (في قوله تعالى) في سورة الحديد: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّه َ قَرْضا حَسَنا».
قال البيضاوي:
من ذا الذي ينفق ماله في سبيله رجاء أن يعوّضه؛ فإنّه كمَن يقرضه، وحسن الإنفاق بالإخلاص فيه، وتحرّى أكرم المال، وفضل الجهات له.(2)
«فَيُضَاعِفَهُ لَهُ» أي يعطى أجره أضعافا.
«وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ» أي وذلك الأجر المضموم إليه الأضعاف كريم في نفسه ينبغي أن يتوخّى، وإن لم يضاعف، فكيف وقد يضاعف أضعافا.
(قال: صلة الإمام في دولة الفسقاء).(3)
في بعض النسخ: «الفسقة». ظاهره اختصاص الأقراض هنا بصلة الإمام، ويحتمل أن يكون المراد أنّها أفضل أفراده. وأصل الصلة البلوغ والانتهاء والاتّصال، ويستعمل في أنواع البرّ من إيصال المال، وترفيه الحال، والمحبّة، والطاعة، ونحوها.
يُونُسُ(4) ، عَنْ سِنَانِ بْنِ طَرِيفٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «يَنْبَغِي لِلْمُؤمِنِ أَنْ يَخَافَ اللّهَ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ خَوْفا كَأَنَّهُ مُشْرِفٌ عَلَى النَّارِ ، وَيَرْجُوَهُ رَجَاءً كَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ».
ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ، إِنْ خَيْرا فَخَيْرا، وَإِنْ شَرّا فَشَرّا».
السند مجهول.
قوله: (ينبغي للمؤمن) إلى قوله: (من أهل الجنّة).
ص: 23
قيل: دلَّ على أنّه ينبغي المساواة بين الخوف والرجاء، والنظر في الأوّل إلى جواز التقصير في الأعمال القلبيّة والبدنيّة مع ملاحظة عظمة الربّ وقهره على جميع الممكنات وغنائه(1) عنها. وفي الثاني إلى العجز والمسكنة مع ملاحظة بسط نعمه وسعة كرمه ورحمته، وغنائه عن تعذيب العباد وعبادتهم، وإنعامه عليهم في هذه الدار بلا سبق استحقاق، فلا يبعد أجرا أعظم منها في دار القرار، فمن نظر إلى هذا تارةً وإلى ذاك اُخرى حصلت له مَلَكَة الخوف وملكة الرجاء، وهو متحيّر بين الحالتين ومتردّد بين المنزلتين، ومن علاماته الزهد في الدُّنيا، وترك ما لا ينبغي، والرغبة في الآخرة، وطلب ما ينبغي، كما روي: «من رجا شيئا طلبه، ومن خاف من شيء هرب منه(2)».(3)
(ثمّ قال: إنّ اللّه تبارك وتعالى).
في أكثر النسخ: «عزّ وجلّ».
(عند ظنّ عبده، إن خيرا فخيرا، وإن شرّا فشرّا).
قال الفاضل الإسترآبادي:
إن قلت: هذا مناف لما تقدّم من تساوي الخوف والرجاء؟
قلت: غير مناف؛ لأنّ المراد أنّه ينبغي أن يكون اجتناب المؤمن عن المحرّمات اجتناب من أشرف على النار، وأن يكون اشتغاله بالعبادات اشتغال من علم أنّه من أهل الجنّة. وبالجملة: ما تقدّم ناظر إلى العمل، وما تأخّر ناظر إلى الاعتقاد والاعتماد على أنّ كرمه تعالى ورحمته أزيد من تقصرات العبد(4) بمراتب لا تحصى، وعلى أنّ رحمته سبقت غضبه، انتهى.(5)
وقال بعض الشارحين:
نظير هذا الخبر من طرق الخاصّة كثير، وفي كتب العامّة موجود؛ روى مسلم عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال: يقول اللّه عزّ وجلّ: «أنا عند ظنّ عبدي بي».(6) قال: قلت: هل فيه دلالة
ص: 24
على ما ينافي صدر الحديث من [أنّ] الرجاء ينبغي أن يكون غالبا على الخوف، قلت: لا لوجوه:
الأوّل: أنّ فيه ترغيبا في رجاء المغفرة، وزجرا عن القنوط عند فعل المعصية، فالخير هو الرجاء، والشرّ هو القنوط، والقنوط كفر، وإليه أشار القابسي في حلّ حديث مسلم.
الثاني: أنّه تعالى عند ظنّ عبده في حسن عمله وسوء عمله؛ لأنّ من حسن عمله حسن ظنّه، ومن ساء عمله ساء ظنّه، وإليه أشار الخطابي في حلّه.
الثالث: أنّ ظنّ الخير _ المترتّب عليه جزاء الخير(1) أن يرجو العبد رحمة اللّه من فضله، ولا يتّكل على عمله، ولا يخاف إلاّ من ذنبه، لا من ذاته تعالى؛ لأنّه ليس بظلاّم للعبيد. وظنّ الشرّ _ المترتّب عليه جزاء الشرّ _ أن يرجو من عمله، ويخاف منه تعالى، لا من ذنبه. واستفدت هذا من كلام مولانا الصادق عليه السلام قال: «حسن الظنّ باللّه أن لا ترجو إلاّ اللّه ، ولا تخاف إلاّ من ذنبك».(2)
الرابع: أنّ ظنّ الخير مركّب من الرجاء والخوف المتساويين، وظنّ الشرّ [ما] ليس كذلك، وهو على أربعة أقسام. وهذا استفدته من قول إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال: «العبد إنّما يكون حسن ظنّه بربّه على قدر خوفه من ربّه، وأنّ أحسن الناس ظنّا باللّه أشدّهم خوفا للّه ».(3)
وقوله عليه السلام«على قدر خوفه من ربّه»(4) معناه على قدر خوفه من عذاب ربّه لأجل ذنبه. وقيل: ظنّ الخير أن يظنّ المغفرة إذا استغفر، وظنّ قبول التوبة إذا تاب، و[ظنّ] قبول العمل الصالح إذا عمله؛ وظنّ الشرّ أن يأتي بهذه الأشياء ويظنّ أنّها لا تقبل ولا تنفعه، وذلك قنوط.(5)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ :
ص: 25
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام بِمَكَّةَ إِذْ جَاءَهُ رَسُولٌ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ لَهُ : «مَنْ صَحِبْتَ؟» قَالَ(1) : مَا صَحِبْتُ أَحَدا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «أَمَا لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ(2) إِلَيْكَ لَأَحْسَنْتُ أَدَبَكَ» ثُمَّ قَالَ : «وَاحِدٌ شَيْطَانٌ ، وَاثْنَانِ شَيْطَانَانِ ، وَثَلاَثةٌ(3) صَحْبٌ ، وَأَرْبَعَةٌ رُفَقَاءُ» .
السند ضعيف.
قوله: (أما لو كنت تقدّمت إليك لأحسنت أدبك).
لعلّ المراد: لو كنت نصحتك وأوصيت إليك قبل هذا، وأعلمتك أنّه لا ينبغي الوحدة في السفر، ثمّ خالفت أمري، ولم تعمل بوصيّتي، لضربتك تأديبا. قال الفيروزآبادي: «تقدّم إليه في كذا: أمره، وأوصاه به».(4)
أو المراد: لو كنت أدركتك عند خروجك من المدينة لأخبرتك أنّه لا ينبغي ذلك.
وقيل: أي لو جئتك لأحسنت أدبك بالضرب، وأمّا إذا جئتني فلا أضربك؛ لقبح ضرب الضيف والزائر.(5)
(ثمّ قال: واحد شيطان، واثنان شيطانان).
قال صاحب النهاية:
فيه: الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب؛ يعني الانفراد والذهاب في الأرض على سبيل الوحدة من فعل الشيطان، أو [شيء] يحمله عليه الشيطان، وكذلك الراكبان، وهو حثّ على اجتماع الرفقة في السفر.(6)
وقيل: لعلّ المراد أنّ المتفرّد في السفر والذاهب على الأرض وحده أو مع واحد شيطان؛ أي متمرّد عات بعيد عن اللّه تعالى؛ لأنّه يوقع نفسه في الضرر والوحشة والهلكة.وأيضا إن مات لم يوجد من يجهّزه ويدفنه، ويوصل خبره إلى أهله، فيشكل عليهم أمر التزويج والإرث.(7)
ص: 26
وقيل: يحتمل أن يكون المراد أنّ الشيطان يستولي عليه، ويعبث به، ويلقي عليه الوساوس والمخاوف، كما يومي إليه ما سيأتي.(1)
(وثلاثة صحب).
في القاموس: «صحبه _ كسمعه _ صحابة، ويكسر، وصحبة: عاشره، وهم أصحاب وصحب».(2)
(وأربعة رفقاء).
يفهم منه أنّ بالثلاثة يخرج من الكراهة، لكن لا يحصل العمل بالمستحبّ من الرفقة إلاّ بالأربعة، وأنّ الثلاثة أقلّ مراتب الاستحباب، والأربعة فما زاد أكمله وأتمّه.
عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَيْفٍ ، عَنْ أَخِيهِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنّى ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، قَالَ :
حَدَّثَنِي(3) أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أَحَبُّ الصَّحَابَةِ إِلَى اللّهِ أَرْبَعَةٌ ، وَمَا زَادَ قَوْمٌ عَلى سَبْعَةٍ إِلاَّ كَثُرَ لَغَطُهُمْ» .
والظاهر أنّ هذا الحكم يعمّ السفر والحضر. قال الفيروزآبادي: «اللغط _ ويحرّك _ : الصوت، والجلبة، أو أصوات مبهمة لا تُفهم، لغطوا كمنعوا ولغطّوا وألغطوا».(1)
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسى عليه السلام ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عليهماالسلام فِي وَصِيَّةِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آلهلِعَلِيٍّ عليه السلام : «لاَ تَخْرُجْ فِي سَفَرٍ وَحْدَكَ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ ، وَهُوَ مِنَ الاِثْنَيْنِ أَبْعَدُ ؛ يَا عَلِيُّ ، إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَافَرَ وَحْدَهُ فَهُوَ غَاوٍ ، وَالاِثْنَانِ غَاوِيَانِ ، وَالثَّلاَثَةُ نَفَرٌ».
قَالَ : وَرَوى بَعْضُهُمْ : «سَفْرٌ» .
السند مرسل، مع احتمال الضعف.
قوله: (فإنّ الشيطان مع الواحد) يوسوسه ويخيّله التخييلات الشيطانيّة، ويفزعه في النوم واليقظة.
(يا علي، إنّ الرجل إذا سافر وحده فهو غاوٍ).
قال الجوهري: «الغيّ: الضلال، والخيبة أيضا. وقد غوى _ بالفتح _ يغوي غيّا وغواية، فهو غاوٍ».(2)
ولعلّ المقصود هنا أنّه ضالّ عن طريقه الذي أراد سلوكه، وخائب عن نيل مقصوده. ويحتمل أن يُراد الغواية عن طريق الحقّ، أو الأعمّ.
(والثلاثة نفر) أي جماعة يصحّ أن يجتزى بهم في السفر، ولا يطلب الأكثر.
قال في المصباح: «النفر _ بفتحتين _ : جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة. وقيل إلىسبعة. ولا يُقال: نفر فيما زاد على العشرة».(3)
ص: 28
وفي القاموس: «النفر: الناس كلّهم، وما دون العشرة من الرجال، كالنفير. الجمع: أنفار».(1)
(قال).
القائل أحد الرواة.
(وروى بعضهم: سفر) بدل نفر، المآل واحد.
السفر: جمع السافر، بمعنى المسافر، كصاحب وصحب. قال بعض الأفاضل: «اعلم أنّ ظاهر بعض الأخبار أنّ المراد رفيق الزاد، وظاهر بعضها رفيق السير، فلا تغفل».(2)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ : يَا بُنَيَّ ، سَافِرْ بِسَيْفِكَ وَخُفِّكَ وَعِمَامَتِكَ وَخِبَائِكَ وَسِقَائِكَ وَإِبْرَتِكَ وَخُيُوطِكَ وَمِخْرَزِكَ ، وَتَزَوَّدْ مَعَكَ مِنَ الْأَدْوِيَةِ مَا تَنْتَفِعُ بِهَا أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ ، وَكُنْ لِأَصْحَابِكَ مُوَافِقا إِلاَّ فِي مَعْصِيَةِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ» .
السند ضعيف.
قوله: (خبائك وسقائك) إلى آخره.
قال الفيروزآبادي: «الخباء _ ككساء _ من الأبنية، يكون من وبر، أو صوف، أو شعر».(3)
وقال: «السّقاء _ ككساء _ : جلد النخلة إذا أجذع، يكون للماء واللّبن. الجمع: أسقية، وأسقيات».(4)
وإبرة الحديد _ بالكسر _ معروفة، وجمعها: إبَر، كعِنب.والخرز: كتب الخفّ والقربة ونحوهما، وهو جمعها وخياطتها، والمِخرز _ بالكسر _ : ما يخرز به، وهو أعمّ من الإبرة، الضخم والآلة التي يسمّونه أهل الفرس درفش، ولعلّ المراد
ص: 29
هنا الأخير؛ لتقدّم ذكر الإبرة.
والتزوّد: أخذ الزاد وحمله.
عَلِيٌّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام ، قَالَ : «قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مِنْ شَرَفِ الرَّجُلِ أَنْ يُطَيِّبَ زَادَهُ إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرِهِ» .
السند ضعيف.
قوله: (من شرف الرجل) أي علوّه ونجابته ومجده.
(أن يطيّب زاده) بتخفيف الياء، أو تشديدها، والثاني أظهر.
يُقال: طاب الشيء يطيب طيبا، أي لذّ، وزكا، وهو طيّب، وطيّبته أنا، والطيب أيضا: الحلال. والطيّب: خلاف الخبيث.
والظاهر أنّ المراد بتطييب الزاد ما يعمّ الكمّ والكيف، ولا يعدّ إسرافا مع المكنة. وقيل: بشرط أن لا يبلغ حدّ التكلّف المشعر بالإدلال والتفاخر.(1)
وقوله: (إذا خرج في سفره) يدلّ بمفهومه على عدم استحباب التطييب في غير السفر. ولعلّ دلالة المفهوم غير معتبرة هاهنا، أو نقول: إنّ الزاد طعام يتّخذ للسفر، فالتقييد من باب التوضيح لا غير.
عَلِيٌّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سِنَانٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام إِذَا سَافَرَ إِلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ تَزَوَّدَ مِنْ أَطْيَبِ الزَّادِ : مِنَ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ وَالسَّوِيقِ الْمُحَمَّصِ وَالْمُحَلّى» .
ص: 30
السند حسن.
قوله: (والسويق المحمّص والمحلّى).
السويق: معروف. والمحمّص، بالصّاد المهملة فيما رأيناه من النسخ. قال الفيروزآبادي: «حبّ محمّص _ كمعظّم _ : مقلوّ».(1)
وفي نسخ الفقيه بالضاد المعجمة، وهو أظهر؛ فإنّهم قد يحمّضون السّويق تحميضا بالسّماق ونحوه، وقد يحلّونه تحلية بالسكر والعسل وغيرهما. وعلى ما في نسخ الكتاب يكون تقييد السويق وتوصيفه بالمحمّض للتوضيح؛ لأنّ السويق هو الدقيق المتّخذ من الحبّ المشويّ. قال الجوهري: «حلّيت الطعام: جعلته حلوا. وربّما قالوا: حلأت السويق،همزوا ما ليس بمهموز»(2) انتهى.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْما ، فَأَلْقى إِلَيَّ ثِيَابا ، وَقَالَ : «يَا وَلِيدُ ، رُدَّهَا عَلى مَطَاوِيهَا» فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «رَحِمَ اللّهُ الْمُعَلَّى بْنَ خُنَيْسٍ».
فَظَنَنْتُ أَنَّهُ شَبَّهَ قِيَامِي بَيْنَ يَدَيْهِ بِقِيَامِ الْمُعَلّى بَيْنَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : «أُفٍّ لِلدُّنْيَا، أُفٍّ لِلدُّنْيَا ؛ إِنَّمَا الدُّنْيَا دَارُ بَلاَءٍ يُسَلِّطُ اللّهُ فِيهَا عَدُوَّهُ عَلى وَلِيِّهِ ، وَإِنَّ بَعْدَهَا دَارا لَيْسَتْ هكَذَا».
فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، وَأَيْنَ تِلْكَ الدَّارُ؟
فَقَالَ : «هاهُنَا» وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ .
السند حسن.
قوله: (ردّها على مطاويها) أي اطوِها على ما كانت قبل نشرها.
قال الفيروزآبادي: «مطاوي الحيّة والأمعاء والبطن [والحشم] والثوب: اطواءها، الواحد:
ص: 31
مطوي. والإطواء في الناقة: طرائق شحم سنامها».(1)
(فقمت بين يديه): لأمتثل ما أمرني من طيّ الثياب.
(فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: رحم اللّه المعلّى بن خنيس)؛ كان من موالي أبا عبداللّه عليه السلامومن قوّامه، قتله داود بن علي والي المدينة، كما مرّ في كتاب الدُّعاء من الاُصول.(2)
(ثمّ قال: اُفٍّ للدُّنيا).
«أفّ» كلمة تكرّه واستقذار. قال الجوهري: «يُقال: أُفّا له، وإفّة له، أي قذرا له. والتنوين للتنكير، وفيه ستّ لغات حكاها الأخفش: اُفَّ، اُفِّ، اُفُّ، اُفّا، اُفٌ»(3).
وقوله عليه السلام: (يسلّط اللّه فيها عدوّه على وليّه) مع ما مرّ من الترحّم يدلّ على مدح عظيم للمعلّى، والأخبار في مدحه وقدحه متعارضة، واللّه أعلم بحاله.
(وأشار بيده إلى الأرض).
لعلّه إشارة إلى القبر، وهو جنّة للدنيا ونارها اللّتان فيهما أرواح المؤمنين والكفّار المسمّى بالبرزخ.
وقيل: يحتمل أن يكون إشارة إلى الأرض في زمن القائم عليه السلام، أو أرض القيامة،(4) فتأمّل.
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الصَّلْتِ ، عَنْ يُونُسَ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، إِنَّ لِلّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ مَلاَئِكَةً يُسْقِطُونَ الذُّنُوبَ عَنْ ظُهُورِ شِيعَتِنَا كَمَا تُسْقِطُ(5) الرِّيحُ الْوَرَقَ مِنَ الشَّجَرِ فِي أَوَانِ سُقُوطِهِ ، وَذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ : «يُسَبِّحُونَبِحَمْدِ رَبِّهِمْ [...] وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا»(6) وَاللّهِ مَا أَرَادَ(7) غَيْرَكُمْ» .
ص: 32
السند مقطوع.
قوله: (يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا)؛ يعني بالاستغفار لهم، كما يدلّ عليه الاستشهاد بالآية، كما تسقط الريح الورق من الشجر في أوان سقوطه.
قال الجوهري: «الأوان: الحين. والجمع: آونة، مثل زمان وأزمنة».(1)
(واللّه ما أراد) اللّه _ عزّ وجلّ _ بقوله: «الَّذِينَ آمَنُوا» (غيركم)؛ الخطاب للشيعة.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّابِ فِي أَحْسَنِ مَا يَكُونُ حَالاً ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «وَإِذا ذُكِرَ اللّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِالاْخِرَةِ»(2)؟
فَقَالَ : «إِذا(3) ذُكِرَ اللّهُ وَحْدَهُ بِطَاعَةِ مَنْ أَمَرَ اللّهُ بِطَاعَتِهِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ بِالاْخِرَةِ، وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ لَمْ يَأْمُرِ اللّهُ بِطَاعَتِهِمْ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ» .
السند ضعيف. وقيل: يمكن عدّه في الحسان لروايته عن أبي الخطّاب في حال استقامته.(4)
قوله: «اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِالاْخِرَةِ» أي انقبضت وانكسرت لكراهة التوحيد في سمعهم.
قال الفيروزآبادي: «اشمأزّ: انقبض، واقشعرّ، أو ذعر، والشيء: كرهه».(5)(فقال: إذا ذكر اللّه وحده بطاعة من أمر اللّه بطاعته من آل محمّد).
الظرف الأوّل متعلّق بالذكر، والثاني بالأمر، والثالث بيان للموصول. وقوله: «اشمأزّت»
ص: 33
جواب الشرط.
وقوله: (وإذا ذكر الذين لم يأمر اللّه بطاعتهم) تأويل لقوله تعالى: «وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ»، فأوّل عليه السلام ذكر اللّه وحده بطاعة من أمر اللّه بطاعته، وذكر الذين من دونه بالذين لم يأمر بطاعتهم.
وقال بعض المحقّقين في توجيه هذا التأويل:
لمّا كان ترك طاعة من أمر اللّه [بطاعته] بمنزلة الشرك باللّه حيث لم يطع اللّه في ذلك وأطاع شياطين الجنّ والإنس، فلذا عبّر عن طاعة وليّ الأمر بذكر اللّه وحده، أو لأنّ توحيده تعالى لمّا لم يعلم إلاّ بالأخذ عنهم سمّى ولايتهم توحيدا.(1)
وقس عليه قرينه.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ صَاحِبِ الشَّعِيرِ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَلْثَمَةَ :
عَنْ أَحَدِهِمَا عليهماالسلام فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ»(2) قَالَ : «لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ،سُبْحَانَكَ اللّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءا ، وَظَلَمْتُ نَفْسِي ، فَاغْفِرْ لِي وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ؛ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، سُبْحَانَكَ اللّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءا ، وَظَلَمْتُ نَفْسِي ، فَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَنْتَ(3) أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ؛ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، سُبْحَانَكَ اللّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءا ، وَظَلَمْتُ نَفْسِي ، فَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرى: وَ فِي(4) قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : «فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ» قَالَ : «سَأَلَهُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ» .
السند مجهول.
قوله: «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ».
ص: 34
قال الجوهري: «تلقّاه، أي استقبله، وقوله تعالى: «إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ»(1) أي يأخذه بعض عن بعض».(2)
وقال البيضاوي:
أي استقبلها بالأخذ والقبول والعمل بها حين عُلّمها. وقرأ ابن كثير بنصب «آدم» ورفع الكلمات، على أنّها استقبلته وبَلَغَتْه، وهي قوله تعالى: «رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا»(3)
الآية. وقيل: سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، لا إله إلاّ أنت، ظلمتُ نفسي، فاغفر لي، إنّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت.(4)
وعن ابن عبّاس قال: يا ربّ ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: يا ربِّ، ألم تنفخ فيّ الروح من روحك؟ قال: بلى، قال: ألم تسبق رحمتُك غَضَبَك؟ قال: بلى، قال: ألم تسكنّي جنّتك؟ قال: بلى، قال: يا ربّ، إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنّة؟ قال: نعم، انتهى.(5)
وقيل: تنكير كلمات للتعظيم.
(قال: لا إله إلاّ أنت، سبحانك [اللّهمّ] وبحمدك).
قيل: الظاهر أنّ الواو للحال، أي وأنا متلبّس بحمدك على التوفيق على التنزيه، أو على إعطاء هذه الكلمات، أو في جميع الأحوال.(6)
وفي رواية اُخرى... يمكن الجمع بين الروايتين بجمعه عليه السلام بينهما؛ لما روى أنّ الدُّعاء المقرون بالتوسّل بهؤلاء الطاهرين مقرون بالإجابة(7) على أنّه يجوز تعدّد الأسباب لمسبّبٍ واحد.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ؛ وَ(8) عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ،
ص: 35
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ(1) ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «لَمَّا رَأى إِبْرَاهِيمُ عليه السلام مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، الْتَفَتَ فَرَأى رَجُلاً يَزْنِي ، فَدَعَا عَلَيْهِ فَمَاتَ ، ثُمَّ رَأى آخَرَ ، فَدَعَا عَلَيْهِ فَمَاتَ حَتّى رَأى ثَلاَثَةً ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَمَاتُوا ، فَأَوْحَى اللّهُ _ عَزَّ ذِكْرُهُ _ إِلَيْهِ : يَا إِبْرَاهِيمُ ، إِنَّ دَعْوَتَكَ مُسْتَجَابَةٌ(2) ، فَلاَ تَدْعُ عَلى عِبَادِي ، فَإِنِّي لَوْ شِئْتُ لَمْ أَخْلُقْهُمْ ، إِنِّي خَلَقْتُ خَلْقِي عَلى ثَلاَثَةِ أَصْنَافٍ : عَبْدا يَعْبُدُنِي لاَ يُشْرِكُ بِي شَيْئا فَأُثِيبُهُ ، وَعَبْدا يَعْبُدُ غَيْرِي فَلَنْ يَفُوتَنِي ، وَعَبْدا عَبَدَ غَيْرِي فَأُخْرِجُ مِنْ صُلْبِهِ مَنْ يَعْبُدُنِي ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَرَأى جِيفَةً عَلى سَاحِلِ الْبَحْرِ ، نِصْفُهَا فِي الْمَاءِ وَنِصْفُهَا فِي الْبَرِّ، تَجِيءُ سِبَاعُ الْبَحْرِ ، فَتَأْكُلُ مَا فِي الْمَاءِ ، ثُمَّ تَرْجِعُ ، فَيَشُدُّ بَعْضُهَا عَلى بَعْضٍ ، فَيَأْكُلُ(3) بَعْضُهَا بَعْضا ، وَتَجِيءُ سِبَاعُ الْبَرِّ ، فَتَأْكُلُ مِنْهَا ، فَيَشُدُّ بَعْضُهَا عَلى بَعْضٍ ، فَيَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضا .
فَعِنْدَ ذلِكَ تَعَجَّبَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلاممِمَّا رَأى ، وَقَالَ : «رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ الْمَوْتى»؟ قَالَ : كَيْفَ تُخْرِجُ مَا تَنَاسَلَ الَّذِي(4) أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضا؟ «قالَ أَ وَلَمْ تُؤمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى» يَعْنِي حَتّى أَرى هذَا كَمَا رَأَيْتُ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا «قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءا» فَقَطِّعْهُنَّ ، وَاخْلِطْهُنَّ كَمَا اخْتَلَطَتْ هذِهِ الْجِيفَةُ فِي هذِهِ السِّبَاعِ الَّتِي أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضا ، فَخَلَّطَ، «ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيا»(5) فَلَمَّا دَعَاهُنَّ أَجَبْنَهُ ، وَكَانَتِ الْجِبَالُ عَشَرَةً» .
السند صحيح.
قوله: (لمّا رأى إبراهيم عليه السلام ملكوت السماوات والأرض) إشارة إلى قوله تعالى: «وَكَذَلِكَ
نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ»(6).
قال الجوهري:
الملكوت من الملك كالرهبوت من الرهبة، يُقال: له ملكوت العراق، ومَلكوةُ
ص: 36
العراق أيضا، مثال الترقوة، وهو الملك والعزّ.(1)
وقال المفسّرون: المراد إراءة عجائبها وبدائعها وآثار صنائعها الدالّة على كمال السلطنة والربوبيّة،(2) ثمّ اختلفوا في كيفيّة هذه الإراءة على قولين؛ فقيل: إنّ اللّه _ عزّ وجلّ _ أراه الملكوت بحسّ العين، وشقّ له السماوات حتّى رأى العرش والكرسي، وإلى حيث ينتهي إليه العالم الجسماني من جهة الفوق، وشقّ له الأرض إلى حيث ينتهي إلى السطح الآخر من العالم الجسماني، فرأى ما في السماوات والأرض من العجائب والبدائع.
وقيل: هذه الإراءة كانت بعين البصيرة والعقل، لا بالحسّ الظاهر.(3) ويؤيّد الأوّل خبر الكتاب، وما رووا عن ابن عبّاس نحوا من ذلك،(4) وما رواه الصفّار في كتاب البصائر بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه السلامقال: سألته عن قول اللّه عزّوجلّ: «وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ» الآية، قال: فكنت مطرقا إلى الأرض، فرفع يده إلى فوق، ثمّ قال لي: «ارفع [رأسك]»، فرفعت رأسي، فنظرت إلى السقف قد انفجر حتّى خلص بصري إلى نور ساطع حار بصري دونه، قال: ثمّ قال لي: «رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض هكذا»(5) الحديث.
والظاهر أنّ قوله عليه السلام: (عبدا يعبدني) بالنصب على البدليّة من «خلقي»، ويحتمل انتصابه بتقدير: أعني.
(ثمّ التفت) يعني إبراهيم عليه السلام (فرأى جيفة) هي بالكسر حبّة الميّت.
وقيل: كانت تلك الجيفة جثّة حمار.(6)
(فعند ذلك تعجّب إبراهيم عليه السلام ممّا رأى وقال: «رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ الْمَوْتى»).
يدلّ على أنّ سبب هذا السؤال رؤية تلك الجيفة.
ص: 37
وقال بعض المفسّرين: «إنّما سأل ذلك ليصير علمه عيانا».(1) وقال بعضهم: إنّه مع مناظرته مع نمرود قال: ربّي يُحيي ويُميت، قال: أنا اُحيي واُميت، فأطلق محبوسا وقتلرجلاً، فقال إبراهيم: ليس هذا بإحياء وإماتة، بل إحياء بردّ الروح إلى بدن الموتى، فقال نمرود: وهل عاينته؟ فلم يقدر أن يقول: نعم، وانتقل إلى تقرير آخر، ثمّ سأل ربّه أن يريه ليطمئنّ قلبه على الجواب إن سُئلَ عنه مرّةً اُخرى.(2)
وقيل: قال عند ذلك: ربِّ أرني كيف تحيي الموتى لتنكشف هذه المسألة عند نمرود وأتباعه.(3)
وقيل: روي بأنّه قال نمرود لإبراهيم عليه السلام: قل لربّك حتّى يُحيي وإلاّ قتلتك، فسأل ذلك.
وقوله: «لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى» بقوّة حجّتي وبرهاني، وأنّ عدولي منها إلى غيرها ما كان بسبب ضعف تلك الحجّة، بل كان بسبب جهل المستمع.(4)
وروى الصدوق رحمه الله في كتاب العيون عن الرضا عليه السلام أنّه قال له المأمون: أخبرني عن قول إبراهيم عليه السلام: «رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى» الآية، قال الرضا عليه السلام: «إنّ اللّه _ تبارك وتعالى _ كان أوحى إلى إبراهيم عليه السلام: إنّي متّخذ من عبادي خليلاً إن سألني إحياء الموتى أجبته، فوقع في نفس إبراهيم عليه السلام أنّه ذلك الخليل، فقال: «رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى»، «قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ»، «قَالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي» على الخلقة.(5)
وروى بعض المفسّرين قريبا من ذلك عن ابن عبّاس وسعيد بن جبير والسّدي.(6) وقال بعضهم: إنّه عليه السلام إنّما سأل ذلك لقومه، وذلك أنّ [أتباع] الأنبياء كان يطالبوهم بأشياء تارةً باطلة وتارةً حقّة، كقولهم لموسى: «اجْعَل لَّنَآ إِلَ_هًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ»(7) فسأل ذلك إبراهيم. والمقصود أن يشاهده قومه فيزول الإنكار عن قلوبهم.(8)
ص: 38
ونقل الرازي في تفسيره عن الحسن والضحّاك وقتادة وابن جريح وعطاء أنّه عليه السلام رأى جيفة مطروحة في شطّ البحر، فإذا مدّ البحر أكل منها دوات البحر، وإذا جزر البحر جاءت السباع وأكلت، وإذا ذهبت السباع جاءت الطيور وأكلت وطارت، فقال إبراهيم: ربِّ أرني كيف تجمع أجزاء الحيوان من بطون السباع والطيور ودوابّ البحر؟ فقيل: أوَلَم تؤمن؟ قال:بلى، ولكن المطلوب من السؤال أن يصير العلم الاستدلالي ضروريّا.(1)
أقول: هذا الوجه الأخير قريب ممّا ذكر في الكتاب، وأنت خبير بأنّ اتّحاد المسبّب لا يوجب اتّحاد السبب.
وقوله: (قال: كيف تخرج ما تناسل الذي أكل بعضها بعضا) تفسير لقوله تعالى: «كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى».
قال الفيروزآبادي: «النسل: الخلق، والولد. نَسَلَ: وَلَدَ، كأنسل. وتناسلوا: أنسل بعضهم بعضا»(2) انتهى.
وفي بعض النسخ: «التي أكل»، وهو الظاهر؛ فإنّ في إرجاع ضمير «بعضها» على نسخة الأصل إلى الموصول إشكال، فتأمّل جدّا.
والمستتر في «قال» لإبراهيم عليه السلام، و«تخرج» بصيغة الخطاب من الإخراج، وكلمة «ما» موصولة، و«تناسل» على نسخة الأصل بصيغة الماضي، وفاعله «الذي»، وعائد الموصول محذوف، وعلى ما في بعض النسخ بصيغة المضارع بحذف إحدى التائين، وكلمة «ما» عبارة عن أجزاء تلك الجيفة التي صارت في بدن الآكل منيّا وكوّن منه حيوان آخر.
وحاصل السؤال أنّه إذا أكل بعض تلك الحيوانات بعضا، وتولّد من تلك الأجزاء الغذائيّة مني وصار مادّة لحيوان آخر، فتلك الأجزاء مع أيّ من تلك الأبدان تعود وتحيى.
وقال بعض العلماء: «التي» بدل من «ما تناسل».(3)
أقول: كلمة «ما» حينئذٍ عبارة عن الحيوانات الآكلة والمأكولة بعينها، لا ما تولّد منها. نعم،يفهم إخراج النسل منه التزاما، كما لا يخفى.
ص: 39
إذا عرفت هذا فنقول: لعلّه عليه السلام أراد بهذا السؤال أن يظهر للناس دفع شبهة بعض الملاحدة وتشكيكهم في المعاد، وتقريرها أنّ المعاد الجسماني غير ممكن؛ لأنّه لو أكل إنسان إنسانا حتّى صار جزء بدن المأكول جزء بدن الآكل، فهذا الجزء إمّا أن لا يعاد أصلاً وهو المطلوب، أو يُعاد في كلّ منهما، وهو محال؛ لاستحالة أن يكون جزء واحد بعينه في آنٍ واحد في شخصين متبائنين، أو يُعاد في أحدهما وحده فلا يكون الآخر معادا بعينه، وهذا مع إفضائه إلى الترجيح بلا مرجّح يثبت مقصودنا، وهو أنّه لا يمكن إعادة جميع الأبدان بأعيانها كما زعمتم.
واُجيب بأنّ المعاد هو الأجزاء الأصليّة، وهي الباقية من أوّل العمر إلى آخره، لا جميع الأجزاء على الإطلاق، وهذا الجزء فضلٌ في الإنسان الآكل، فلا يجب إعادته فيه. ثمّ إن كان من الأجزاء الأصليّة للمأكول أُعيد فيه وإلاّ فلا.
واُورد عليه بأنّه يجوز أن يصير تلك الأجزاء الأصليّة للمأكول الفضليّة في الأكل نطفة وأجزاء أصليّة لبدن آخر، فيعود المحذور.
وردّ بأنّه لعلّ اللّه تعالى يحفظها من أن تصير جزءا لبدن آخر، فضلاً عن أن تصير جزءا أصليّا، وظاهر الآية على هذا التقصير إشارة إلى هذا السؤال والجواب.
والحاصل: أنّه تعالى يحفظ أجزاء المأكول الأصليّة في بدن الآكل وغيره، ويعود في المعاد إلى بدن المأكول، كما اُخرج تلك الأجزاء المختلطة والأعضاء الممتزجة من تلك الطيور الأربعة وميّز بينها.
ثمّ اعلم أنّ القول في المعاد الجسماني من ضروريّات أديان الشرايع والملل، وإنكاره صريحا أو ضمنا كفرٌ وزندقة عند الجميع، والآيات المتظافرة في الكتب السماويّة صريحة في ذلك بحيث لا تقبل التأويل أصلاً، والأخبار المتواترة عند أرباب الملل في ذلك إلى حيث لا تُعدّ ولا تحصى، وقد نفاه كثيرٌ من الفلاسفة صريحا، وبعضهم وإن تلقّاه بالقبول والاعتراف ظاهرا لكن يلزم من كلامه أشدّ الإنكار، وتمسّك النافون بوجوه سخيفة واهية مموّهة؛ منها: ما ذكر، ومنها: امتناع إعادة المعدوم، مع أنّهم لم يقيموا عليه دليلاً، بل ادّعوا تارةً البداهة في ذلك، وتارةً تمسّكوا بشبهات مزيّفة واهنة
ص: 40
كغزل العنكبوت؛ «وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ».(1)
ثمّ اختلف المثبتون في كيفيّته، فمنهم من قال بإعادة البدن المعدوم بعينه، ومنهم من قال بأنّه يجمع اللّه سبحانه أجزاءه المتفرّقة كما كانت أوّلاً.
وقيل: هم الذين ينكرون جواز إعادة المعدوم موافقة للفلاسفة.(2)
قال المحقّق الدواني:
لا يُقال: لو ثبت استحالة إعادة المعدوم لزم بطلان الوجه الثاني أيضا؛ لأنّ أجزاء بدن الشخص _ كبدن زيد مثلاً _ وإن لم يكن لها جزء صوري، لا يكون بدن زيد إلاّ بشرط اجتماع خاصّ وشكل معيّن، فإذا تفرّق أجزاؤه وانتفى الاجتماع والشكل المعيّنان، لمَ يقال: بدن زيد؟ ثمّ إذا اُعيد، فإمّا أن يعاد ذلك الاجتماع والشكل بعينهما، أو لا. وعلى الأوّل يلزم إعادة المعدوم، وعلى الثاني لا يكون المعاد بعينه
هو البدن الأوّل، بل مثله، ويكون حينئذٍ تناسخا، ومن ثمّة قيل: ما من مذهب إلاّ وللتناسخ فيه قدم راسخ؛ لأنّا نقول: إنّما يلزم التناسخ لو لم يكن البدن المحشور مؤلّفا من الأجزاء الأصليّة للبدن، وأمّا إذا كان كذلك، فلا تستحيل إعادة الروح إليه،وليس ذلك من التناسخ، وإن سمّي ذلك تناسخا كان مجرّد اصطلاح؛ فإنّ الذي دلّ على استحالته الدليل هو تعلّق نفس زيد ببدن آخر، لا يكون مخلوقا من أجزاء بدنه. وأمّا تعلّقه بالبدن المؤلّف من أجزائه الأصليّة بعينها مع تشكّلها بشكل مثل السابق، فهو الذي نعنيه بالحشر الجسماني، وكون الشكل والاجتماع [بالشخص] غير الشكل الأوّل والاجتماع السابق، لا يقدح في المقصود، وهو حشر الأشخاص الإنسانيّة بأعيانها؛ فإنّ زيدا _ مثلاً _ شخص واحد محفوظ وحدته الشخصيّة من أوّل العمر إلى آخره بحسب العرف والشرع، ولذلك يؤاخذ شرعا بعد التبدّل بما لزمه قبله، فكما لا يتوهّم أنّ في ذلك تناسخا لا ينبغي أن يتوهّم في هذه الصورة أيضا، وإن كان الشكل الثاني مخالفا للشكل الأوّل، كما ورد في الحديث: «أنّه يحشر المتكبّرون كأمثال الذرّ»،(3) وأنّ «ضرس الكافر مثل اُحُد»،(4) وأنّ «أهل
ص: 41
الجنّة جردٌ مردٌ مكتحلون».(1)
والحاصل: أنّ المعاد الجسماني عبارة عن عود النفس إلى بدن، وهو ذلك البدن بحسب العرف والشرع، ومثل ذلك التبدلاّت والمغايرات التي لا يقدح في الوحدة بحسب العرف والشرع لا يقدح في كون المحشور هو المبدأ، فافهم، انتهى.(2)
وقال بعض الأفاضل:
خلاصة القول في ذلك أنّ للناس في تفرّق الجسم واتّصاله مذاهب؛ فالقائلون بالهيولى يقولون بانعدام الصورة الجسميّة والنوعيّة عند تفرّق الجسم، والنافون للهيولى كالمحقّق الطوسي(3) يقولون ببقاء الصورة الجسميّة في الحالين، لكن لا ينفعهم ذلك في التفصّي عن القول بإعادة المعدوم؛ إذ ظاهر أنّه إذا اُحرق جسد زيد وذرّت الرياح رماده في المشرق والمغرب، لا يبقى تشخّص زيد، بل لابدّ من عود تشخّصه بعد انعدامه.
والقائلون بالجزء أيضا ظنّوا أنّهم قد فرّوا من ذلك؛ لأنّهم يقولون بتفرّق الأجزاء واتّصالها من غير أن يعدم شيء من الأجزاء، ويلزمهم ما يلزم الآخرين بعينه، كما ذكره المحقّق الدواني.
نعم، ذكر بعض المتكلّمين أنّ تشخّص الشخص إنّما هو بالأجزاء الأصليّة المخلوقة من المني، وتلك الأجزاء باقية في مدّة حياة الشخص وبعد موته وتفرّق أجزائه، فلا يعدم التشخّص أصلاً،(4) وربّما يستدلّ عليه ببعض النصوص، وعلى هذا لو عدم بعض العوارض الغير المشخّصة، واُعيد بدلها، لا يقدح في كون الشخص باقيا بعينه.
إذا عرفت هذا، فاعلم أنّ القول بالمعاد على تقدير عدم القول بامتناع إعادة المعدوم حيث لم يتمّ الدليل عليه بيّن لا إشكال فيه، وعلى القول به يمكن أن يُقال: يكفي في المعاد كونه مأخوذا من تلك المادّة بعينها، أو من تلك الأجزاء بعينها، مع كونه شبيها بذلك الشخص في الصفات والعوارض، بحيث لو رأيته لقلت: فلان؛ إذ مدار اللّذات والآلام على الروح، ولو بواسطة الآلات، وهو باقٍ بعينه، ولا يدلّ النصوص
ص: 42
إلاّ على إعادة ذلك الشخص، بمعنى أنّه يحكم عليه عرفا أنّه ذلك الشخص، وربما يعضد ذلك قوله تعالى: «أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ»(1) وقوله تعالى: «كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ»(2).
وسأل ابن أبي العوجاء أبا عبداللّه عليه السلام عن الآية الأخيرة وقال: ما ذنب الغير؟ فقال عليه السلام: «ويحك هي هي، وهي غيرها». قال: فمثّل لي ذلك شيئا من أمر الدُّنيا؟ قال: «نعم، أرأيت لو أنّ رجلاً أخذ لبنة، فكسرها، ثمّ ردّها في ملبنها، فهي هي وهي غيرها»(3)
على أنّا لم نكلّف إلاّ بالتصديق بالحشر الجسماني مجملاً، ولم نكلّف بالعلم بكيفيّتها، وربّما يؤدّي التفكّر في ذلك [إلى القول] بشيء مخالف للواقع، ولم نكن معذورين في ذلك وبعدما علم أصل الحشر بالنصوص القطعيّة وضرورة الدِّين، فلا يجوز للعاقل أن يصغي إلى شبه الملحدين.(4)
«قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ» بأنّي قادر على ذلك الإحياء بإعادة التركيب والحياة، وإنّما قال له ذلك مع علمه تعالى بأنّه أعرف الناس في الإيمان؛ ليجيب بما أجاب، فيعلم السامعون غرضه من هذا السؤال.
«قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي».
قال البيضاوي: «أي بلى آمنت، ولكن سألت لأزيد بصيرة وسكون قلب بمضامّة العيان الفطري والاستدلال النظري».(5)
وقال بعض الشارحين:
أي ليطمئنّ قلبي بحصول المطلوب عيانا؛ فإنّ القلب إذا طلب شيئا ولم يجده اضطرب، فإذا وجده اطمأنّ.
قال:
وهذا أحسن ممّا قاله بعض المفسّرين من زيادة البصيرة وسكون القلب؛ لأنّ
ص: 43
بصيرته كانت تامّة في غاية الكمال، ولم يكن فيها نقص أصلاً حيث تكمل بمشاهدة العيان _ قال: _ وإلى ما ذكرنا أشار عليه السلام بقوله (يعني حتّى أرى هذا كما رأيت الأشياء كلّها) حيث دلّ على أنّ مقصوده مجرّد الرؤية، كما في المشبّه به، وانطباق علمه بالمعلوم، فإنّما علمه بالقدرة في الحالين على السواء، وإليه أشار أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: «لو كشف الغطاء ما ازددتُ يقينا»(1).(2)
انتهى كلامه. وفيه نظر يُعرف بأدنى التفات.
«قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ».
روى الصدوق رحمه الله في كتاب العيون: «أنّ الطيور الأربعة كانت نسرا وبطّا وطاووسا وديكا».(3)
وقال بعض المفسّرين: «إنّها كانت طاووسا وديكا وغرابا وحمامة».(4) ومنهم من ذكر النسر بدل الحمامة.(5)
«فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ».
في القاموس: «صار الشيء صورا: أماله، أو هدّه. وصَوِرَ _ كفرح _ : مال. وصار وجهه يصوره ويصيره: أقبل به، والشيء: قطعه، وفصله».(6)
وقال البيضاوي:
معناه: فأمّلهنّ واضممهنّ إليك لتتأمّلها، وتعرف شأنها وحالها، لئلاّ يلتبس عليك بعد الإحياء. وقرأ حمزة ويعقوب: «فصِرهنّ» بالكسر، وهما لغتان.
«ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءا» أي ثمّ جَزّءهُنّ، وفرّق أجزائهنّ على الجبال التي بحضرتك. قيل: كانت أربعة. وقيل: سبعة، انتهى.(7)
أقول: قال بعض مفسّري العامّة: إنّ المراد جميع جبال الدُّنيا بحسب الإمكان،(8) وسيجيء
ص: 44
أنّه كان الجبال عشرة، وأخبار أهل البيت عليهم السلام في ذلك مستفيضة،(1) وعليه فرّعوا أنّ لو أوصى رجل بجزء ماله أنّه ينصرف إلى العشر.
والظاهر أنّ قوله: (فقطّعهن واخلطهن) تفسير لقوله تعالى: «فَصُرْهُنَّ».
وروت العامّة أيضا عن ابن عبّاس ومجاهد وابن جبير والحسن: أنّ «صرهنّ إليك» معناه قطّعهنّ،(2) ويحتمل كونه بيانا لحاصل المعنى، فلا ينافي تفسيره بالإمالة والضمّ، كما مرّ.
(كما اختلطت هذه الجيفة في هذه السباع التي أكل بعضها بعضا) قد مرّ آنفا ما ينفع في هذا المقام.
قال الفاضل الإسترآبادي:
فيه إشارة إلى أنّ الخلط في الصورتين على نهج واحد، وفيه تنبيه على أنّ اللّه تعالى قدّر أن لا يصير الأجزاء الأصليّة لحيوان جزء لحيوان آخر، وكأنّه أراد أنّه لا يجب إعادة الفواضل، وفي بعض الأخبار دلالة على إعادتها.(3)
(فخلّط).
الظاهر أنّه بصيغة المضي، وفاعله «إبراهيم عليه السلام» أي فخلّط بالدقّ ونحوه أجزاء الطيور بعضها في بعض كما اُمِرَ.
ويحتمل كونه بصيغة الأمر من التخليط فيكون تكرار لما سبق لما فيه من المبالغة.
ثمّ شرع عليه السلام في بيان تتمّة الآية بإعادة بعض فقراتها السابقة وقال: «ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءا». ويحتمل كون هذه الفقرة من تتمّة البيان.
وفي بعض النسخ: «ثمّ جعل»، فتأمّل.
«ثُمَّ ادْعُهُنَّ».
قال البيضاوي: «أي قُل لهنّ تعالين بإذن اللّه «يَأْتِينَكَ سَعْيا» ساعيات مسرعات طيرانا أو مشيا».(4)
ص: 45
(فلمّا دعاهنّ أجبنه).
روى الصدوق رحمه الله عن الرضا عليه السلام: «إنّ إبراهيم عليه السلام أخذ نسرا وبطّا وطاووسا وديكا، فقطّعهنّ وخلّطهنّ، ثمّ جعل على كلّ جبلٍ من الجبال التي حوله، وكانت عشرة منهنّ جزءا، وجعل مناقيرهنّ بين أصابعه، ثمّ دعاهنّ بأسمائهنّ، ووضع عنده حبّا وماءً، فتطايرت الأجزاء بعضها على بعض حتّى استوت الأبدان، وجاء كلّ بدن حتّى انضمّ إلى رقبته ورأسه، فخلّى إبراهيم عليه السلام من مناقيرهنّ، فطِرن، ثمّ وقعن وشربن من ذلك الماء، والتقطن من ذلك الحبّ، وقلن: يا
نبيّ اللّه ، أحييتنا أحياك اللّه ، فقال إبراهيم: بل اللّه يُحيي ويُميت، وهو على كلّ شيء قدير».(1)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ مِمَّا يَكُونَانِ؟
فَقَالَ(2) لِي : «يَا أَبَا أَيُّوبَ ، إِنَّ الْمِرِّيخَ كَوْكَبٌ حَارٌّ ، وَزُحَلَ كَوْكَبٌ بَارِدٌ ، فَإِذَا بَدَأَ الْمِرِّيخُ فِي الاِرْتِفَاعِ انْحَطَّ زُحَلُ ، وَذلِكَ فِي الرَّبِيعِ ، فَلاَ يَزَالاَنِ كَذلِكَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ الْمِرِّيخُ دَرَجَةً انْحَطَّ زُحَلُ دَرَجَةً ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ حَتّى يَنْتَهِيَ الْمِرِّيخُ فِي الاِرْتِفَاعِ ، وَيَنْتَهِيَ زُحَلُ فِي الْهُبُوطِ ، فَيَجْلُوَ الْمِرِّيخُ ، فَلِذلِكَ يَشْتَدُّ الْحَرُّ ، فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ الصَّيْفِ وَأَوَّلِ الْخَرِيفِ ، بَدَأَ زُحَلُ فِي الاِرْتِفَاعِ ، وَبَدَأَ الْمِرِّيخُ فِي الْهُبُوطِ ، فَلاَ يَزَالاَنِ كَذلِكَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ زُحَلُ دَرَجَةً انْحَطَّ الْمِرِّيخُ دَرَجَةً حَتّى يَنْتَهِيَ الْمِرِّيخُ فِي الْهُبُوطِ ، وَيَنْتَهِيَ زُحَلُ فِي الاِرْتِفَاعِ ، فَيَجْلُوَ زُحَلُ ، وَذلِكَ فِي أَوَّلِ الشِّتَاءِ وَآخِرِ الْخَرِيفِ ، فَلِذلِكَ يَشْتَدُّ الْبَرْدُ ، وَكُلَّمَا ارْتَفَعَ هذَا هَبَطَ هذَا ، وَكُلَّمَا هَبَطَ هذَا ارْتَفَعَ هذَا(3) ، فَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْفِ يَوْمٌ بَارِدٌ ، فَالْفِعْلُ فِي ذلِكَ لِلْقَمَرِ ، وَإِذَا كَانَ فِي الشِّتَاءِ يَوْمٌ حَارٌّ ، فَالْفِعْلُ فِي ذلِكَ لِلشَّمْسِ ، هذَا تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ، وَأَنَا عَبْدُ رَبِّ الْعَالَمِينَ» .
السند حسن.
ص: 46
قوله: (إنّ المرّيخ كوكب حارّ، وزحل كوكب بارد)؛ لعل المراد ما ذهب إليه أهل التنجيم من أنّ المرّيخ بالطبع حارّ يابس، وزحل بالطبع بارد يابس. ويحتمل أن يُراد أنّهما كذلك بالخاصّية والتأثير، لا بالذات.
(فإذا بدأ المريّخ) أي ابتدأ وشرع.
(في الارتفاع انحطّ زحل).
يفهم من السياق أن ليس المراد بالارتفاع كون الكوكب في الاُفق الشرقي وطلوعه منه وميله إلى دائرة نصف النهار، بل وكونه في البروج الشماليّة وانتقاله من نقطة الاعتدال الربيعي إلى الانقلاب الصيفي، وهناك غاية ارتفاعه، وأمّا انتقاله من نقطة الانقلاب الصيفي إلى الاعتدال الخريفي ففي حكم الأوّل ومن توابعه، وكذا المراد بالانحطاط ليس باعتبار ميله عن دائرة نصف النهار إلى الاُفق الغربي، بل باعتبار كونه في البروج الجنوبيّة وانتقاله من نقطة الاعتدال الخريفي إلى الانقلاب الشتوي، وهناك غاية انحطاطه، وأمّا انتقاله منه إلى الاعتدال الربيعي فعلى قياس ما مرّ.
هذا ما يتعلّق بالمقام بالنظر إلى ظاهر ما يفهم من الكلام، لكن يلزم منه مقارنة المرّيخ مع الشمس دائما، ومقابلته زحل دائما، وليس كذلك، فلابدّ من ارتكاب أحد من التوجيهين؛ أحدهما أن يُراد بالارتفاع كون الكوكب في ذروة التدوير أو قريبا منها، وبالانحطاط كونه في حقيقته أو قريبا منه، والآخر ما قاله بعض الأفاضل من أنّ المراد بالارتفاع الترقّي في مراتب التسخين والتبريد، وبالانحطاط التنزّل في مراتب أحدهما.(1) والثاني أقرب إلى التحقيق، وسيأتي لهذا زيادة تحقيق إن شاء اللّه تعالى.
(وذلك) أي ما ذكر من ارتفاع المرّيخ وانحطاط زحل.
(في الربيع) يعني بلوغ الشمس إلى الحمل، وميلها إلى شمال المعدّل، وحينئذٍ يعيّن تسخين الشمس باعتبار مسامته سمت الرأس أو قربها منه تسخين المرّيخ.
(فلا يزالان كذلك).
يرتقي المريخ في ارتفاعه في التسخين، ويتنزّل زحل في انحطاطه في التبريد.
ص: 47
(كلّما ارتفع المرّيخ درجة) من الارتفاع.
(انحطّ زحل درجة) من الانحطاط.
(ثلاثة أشهر) شمسيّة، وهي أربعة وتسعون يوما تقريبا.
(حتّى ينتهي المرّيخ في الارتفاع) في التسخين، وهو أوان وصول الشمس إلى الانقلاب الصيفي، وبلوغ تسخينها حدّ الكمال.
(وينتهي زحل) حينئذٍ (في الهبوط) من التبريد، ويبلغ غاية النقصان في ذلك.
(فيجلو المريخ) أي ينكشف ويتّضح تسخينه كمال الانكشاف، أو يفارق عن مكانه في الانحطاط، ويبلغ كمال الارتفاع.
قال الجوهري:
الجلاء _ بالفتح والمدّ _ : الأمر الجليّ، تقول منه: جلا الأمر،(1) أي وضح. والجلاء أيضا: الخروج من البلد، وقد جلوا عن أوطانهم وجلوتهم أنا، يتعدّى ولا يتعدّى.(2)
(فلذلك يشتدّ الحرّ)؛ لكمال سببه من غير مانع.
وكما بيَّن عليه السلام سبب الحرارة أراد أن يبيّن سبب البرد، فقال: (فإذا كان آخر الصيف وأوّل الخريف) عند بلوغ الشمس أوّل الميزان، وميلها إلى الجنوب من المعدّل.
(بدأ زحل في الارتفاع) والترقّي في التبريد.
(وبدأ المرّيخ في الهبوط) والتنزّل في التسخين.
(فلا يزالان كذلك) يوما فيوما وساعةً فساعة.
(كلّما ارتفع زحل درجة) في التبريد.
(انحطّ المرّيخ درجة) في التسخين.
(حتّى ينتهي المرّيخ في الهبوط) ويصير مغلوبا، ويبلغ تأثيره غاية النقصان.
(وينتهي زحل في الارتفاع) والترقّي في التبريد.
(فيجلو زحل)؛ لأنّه حينئذٍ في حدّ الكمال في اقتضائه.
وفي بعض النسخ: «فيعلو زحل».
ص: 48
(وذلك في أوّل الشتاء وآخر الخريف) حين بلوغ الشمس أوّل الجدي.
(فلذلك يشتدّ البرد) لكمال سببه في السببيّة من غير مانع من الاقتضاء.
(وكلّما ارتفع هذا هبط هذا، وكلّما هبط ارتفع هذا).
هذا تأكيد لجميع ما تقدّم.
وهاهنا مظنّة سؤال، وهو أنّه يلزم على هذا لأن يكون أيّام الصيف حارّا دائما، وأيّام الشتاء باردا دائما، وليس كذلك؟!
فأجاب عليه السلامبقوله: (فإذا كان في الصيف يوم بارد، فالفعل في ذلك للقمر)؛ لأنّه بارد رطب كما مرّ، ولذا قالوا: إنّ قوّته وارتفاعه يوجب زيادة البرد والرطوبات، ولا يمكن استناد البرودة حينئذٍ إلى الشمس، ولا إلى المرّيخ؛ لأنّهما حارّان يابسان، ولا إلى زحل نفسه؛ لكونه مغلوبا في الصيف.
(وإذا كان في الشتاء يوم حارّ، فالفعل في ذلك للشمس) لا لزحل؛ لكونه بارد كالقمر، ولا للمرّيخ لكونه مغلوبا حينئذٍ.
وأمّا تأثير الشمس في هذا وتأثير القمر في ذاك دون سائرهما فلزوال المانع من تأثيرهما فيهما ووجوده في غيرهما، هذا الذي ذكر من الجري على هذا التقدير.
([هذا] تقدير العزيز): الغالب بقدرته على كلّ مقدور.
(العليم): المحيط علمه بكلّ معلوم، وبأحوال العباد ومصالحهم، وبأوضاع البلاد وأهلها ومرافقهم.
(وأنا عبد ربّ العالمين).
فيه إظهار للعجز والمسكنة، ودفع لما يتوهّم من استناد التأثيرات إلى الكواكب استقلالاً، من غير استنادها إلى ربٍّ مدبّر لها.
وقيل: لعلّه كان في المجلس من يذهب مذهب الغلاة، أو علم عليه السلام أنّ في قلب السامع(1) شيئا من ذلك، فنفاه، وأذعن بعبوديّته نفسه، وأنّ اللّه هو ربّ العالمين.(2)
واعلم أنّ لبعض الأفاضل هنا تحقيقا دقيقا هو كالتفصيل لما أجملناه سابقا، قال:
ص: 49
وإنّما حمل الارتفاع والانحطاط على مراتب التسخين والتبريد ولم نحمله على ظاهره الدالّ على أنّ الحرارة والبرودة منهما فقط، لا من الشمس بسبب القُرب والبعد، وعلى تساويهما في الحركة وتقابلهما في الوضع ودورهما في سنة؛ لأنّ الكلّ مناف لما هو المقرّر عند الرياضيّين، أو حركة التدوير للمرّيخ في يوم وليلة سبعة وعشرون دقيقة تقريبا، ولزحل سبعة وخمسون دقيقة تقريبا، وحركة الحامل للأوّل إحدى وثلاثون دقيقة تقريبا، وللثاني دقيقتان، فلا تساوي ولا تقابل، ولا دورة في سنة فيهما، لا باعتبار حركة التدوير، ولا باعتبار حركة الحامل وزيادة تدوير، أو خارج مركز لكلّ منهما مع اعتبار حركة الزائد على وجه توافق مجموع حركته، وحركة المزيد عليه حركة خارج مركز الشمس، وهي في كلّ يوم بليلة تسع وخمسون دقيقة بحيث يتحقّق المساواة في الحركة وتتميم الدورة في سنة مناف للمحسوس والمرصود، ومع ذلك لا يرفع الاختلاف بالكلّية، فليتأمّل فإنّه دقيق جدّا،(1) انتهى.
ثمّ اعلم أنّ هذا الخبر لا ينافي حدوث الحرارة في الصيف بارتفاع الشمس وتأثيرها، والبرودة في الشتاء بانخفاضها؛ لجواز أن يكون لكلا الأمرين مدخلاً في ذلك، بأن يكون
أحدهما سببا جليّا، والآخر سببا خفيّا. وتعرّضه عليه السلام بالخفي لخفائه دون الجليّ لجلائه.
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : يَا عَلِيُّ ، مَنْ أَحَبَّكَ ثُمَّ مَاتَ فَقَدْ قَضى نَحْبَهُ ، وَمَنْ أَحَبَّكَ وَلَمْ يَمُتْ فَهُوَ يَنْتَظِرُ ، وَمَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَلاَ غَرَبَتْ إِلاَّ طَلَعَتْ عَلَيْهِ بِرِزْقٍ وَإِيمَانٍ» . وَفِي نُسْخَةٍ : «نُورٍ» .
السند ضعيف.
قوله: (يا علي، من أحبّك ثمّ مات فقد قضى نحبه، ومن أحبّك ولم يمت فهو ينتظر) إشارة
ص: 50
إلى قوله تعالى في سورة الأحزاب: «مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّه َ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً»(1).
قال الجوهري: «النحب: النذر. والنحب: المدّة، والوقت. يُقال: قضى فلان نحبه، إذا مات»(2) انتهى.
وقال البيضاوي في تفسير هذه الآية:
إنّ المراد بصدقهم ما عاهدوا اللّه عليه الثبات مع الرسول والمقاتلة لأعداء الدِّين، من صدقني: إذا قال لك الصدق؛ فإنّ العاهد إذا وفي بعهده فقد صدق فيه.(3)
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
أي بايعوا أن لا يفرّوا، فصدقوا في لقائهم العدوّ، «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ»أي مات، أو قتل في سبيل اللّه ، فأدرك ما تمنّى، فذلك قضاء النحب.
وقيل: «قَضَى نَحْبَهُ» معناه: فرغ من عمله، ورجع إلى ربّه؛ يعني من استشهد يوم اُحد. عن محمّد بن إسحاق.
وقيل: معناه: قضى أجله على الوفاء والصدق. عن الحسن.
وقال ابن قتيبة: أهل النحب النذر، وكان قوم نذروا أن يلقوا العدوّ وأن يقاتلوا حتّى يُقتلوا أو يفتح اللّه ، فقُتلوا، فقيل: فلان قضى نحبه: إذا قتل.
وقال ابن إسحاق: «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ» من استشهد يوم بدر واُحد «وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ» ما وعد اللّه من نصرة أو شهادة على ما مضى عليه أصحابه، «وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً» أي ما غيّروا العهد الذي عاهدوا ربّهم كما غيّر المنافقون.
قال ابن عبّاس: «مَنْ قَضَى نَحْبَهُ» حمزة بن عبد المطّلب ومن قتل معه وأنس بن النضر وأصحابه.
وقال الكلبي: ما بدّلوا العهد بالصبر، ولا نكثوه بالفرار.
وروى أبو القاسم الحسكاني بالإسناد عن عمرو بن ثابت، عن أبي إسحاق، عن عليّ عليه السلام، قال: «فينا نزلت «رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّه َ عَلَيْهِ»فأنا واللّه المنتظر، وما بدّلت تبديلاً» انتهى.(4)
ص: 51
ولعلّ غرض رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّ شيعة أمير المؤمنين عليه السلام داخلون في عموم هذه الآية حيث صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه من ولاية أئمّة الحقّ ونصرتهم، فمن بات منهم وفي بنذره وعهده، حيث كان ثابتا في دين الحقّ متهيّئا لمعاونة إمام الحقّ، حيث أمكن غير ناكث ولا مبدِّل على أن يموت، ومن لم يمت فهو ينتظر دولة الحقّ واستيلاء القائم عليه السلام ونصرته.
(وما طلعت شمس ولا غربت إلاّ طلعت عليه برزقٍ وإيمان) يعني في كلّ صباحٍ ومساء يأتي اللّه برزقه، ولا يكله إلى غيره، ويزيد في إيمانه ويقينه ويثبّته عليه.
(وفي نسخة: نور) يعني بدل «إيمان» أي يفيض اللّه عليه كلّما يصبح ويُمسي نورا من الإيمان والعلم.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : سَيَأْتِي عَلى أُمَّتِي زَمَانٌ تَخْبُثُ فِيهِ سَرَائِرُهُمْ وَتَحْسُنُ فِيهِ عَلاَنِيَتُهُمْ طَمَعا فِي الدُّنْيَا ، وَلاَ يُرِيدُونَ بِهِ مَا عِنْدَ اللّهِ رَبِّهِمْ ، يَكُونُ دِينُهُمْ رِيَاءً ، لاَ يُخَالِطُهُمْ خَوْفٌ ، يَعُمُّهُمُ اللّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ ، فَيَدْعُونَهُ دُعَاءَ الْغَرِيقِ ، فَلاَ يَسْتَجِيبُ لَهُمْ» .
السند ضعيف.
قوله: (يعمّهم اللّه منه بعقاب) كاستيلاء الظلمة وأهل الشبهة والبدعة وغيبة إمام الحقّ ونحو ذلك ممّا ابتلي به الناس في تلك الأزمنة.
عَنْهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليه السلام : كَانَتِ الْفُقَهَاءُ وَالْعُلَمَاءُ إِذَا كَتَبَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ ، كَتَبُوا بِثَلاَثَةٍ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَابِعَةٌ : مَنْ كَانَتْ هِمَّتُهُ آخِرَتَهُ ، كَفَاهُ اللّهُ هَمَّهُ مِنَ الدُّنْيَا ؛ وَمَنْ أَصْلَحَسَرِيرَتَهُ ، أَصْلَحَ اللّهُ عَلاَنِيَتَهُ ؛ وَمَنْ أَصْلَحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَصْلَحَ اللّهُ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _
ص: 52
فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ» .
السند ضعيف.
قوله: (حديث الفقهاء والعلماء).
قيل: العالم أعمّ من الفقيه، باعتبار أنّ الفقه يتعلّق بالأحكام، والعلم يتعلّق بها وبغيرها. أو باعتبار أنّ الفقه في عرف المحدّثين المتقدّمين _ كما صرّح به جماعة من المحقّقين _ بصيرة قلبيّة تامّة في الدِّين تابعة للإدراك توجب الميل إلى الآخرة ورفض الدُّنيا ومقت أهلها في ذات اللّه تعالى، والعلم أعمّ منها ومن الإدراك، وإن اُريد بالعلم أيضا في عرفهم تلك البصيرة _ كما صرّح به بعض الأكابر _ كانت بينهما مساواة، والعطف للتفسير. ثمّ المراد بهم إمّا فقهاء هذه الاُمّة وعلماؤهم، أو الأعمّ الشامل للاُمم السابقة.(1)
وقوله: (ليس معهنّ رابعة) أي مضمون مكاتيبهم منحصر بهذه الثلاثة، حيث إنّها جامعة لمصالح الدِّين والدّنيا.
(من كانت همّته)
في بعض النسخ: «همّه».
(آخرته، كفاه اللّه همّه من الدُّنيا).
في القاموس: «الهمّ: الحزن، وما همَّ به في نفسه. والهِّمة _ بالكسر، ويفتح _ : ما همّ به من أمر ليفعل، والهوى».(2) أي من كانت قصده وإرادته أو حزنه لأمر آخرته والكدّ في تحصيله كفاه اللّه همّه ومؤونته من الدُّنيا، كما ورد: «من كان للّه كان اللّه له»،(3) و«من أصلح اُمور دينه أصلح اللّه اُمور دنياه».(4)
(ومن أصلح سريرته) أي قلبه وخاطره وبواطن اُموره. وأصل السريرة: ما يكتم.
ص: 53
(أصلح اللّه علانيته) أي ظاهره. يُقال: علن الأمر _ كنصر وضرب وكرم وفرح _ علنا وعلانية، أي ظهر. وعلنته وبه: أظهرته.
قيل: إصلاح السريرة _ وهو تنزيه القلب عن الرذائل، وتزيينه بالفضائل، وربطه بالعقائد الحقّة، يوجب صلاح الظاهر؛ لأنّ الظاهر تابع للباطن، ولو صدر منه ما لا ينبغي نادرا، أو مال إليه، أصلح اللّه له بالعفو والتفضّل، ووفّقه للصرف عنه.(1)
(ومن أصلح فيما بينه وبين اللّه ) بامتثال أوامره، والانزجار عن زواجره، والتأدّب بآدابه.
(أصلح اللّه _ تبارك وتعالى _ فيما بينه وبين الناس) بصرف قلوبهم إليه بالمودّة والمحبّة والإتيان بما فيه صلاح حاله.
ولعلّ الغرض من نقل مكاتبتهم هو الحثّ على الاتّعاظ بموعظتهم، والتأسّي بسنّتهم.
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «كَانَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ يَدْخُلُ مَسْجِدَ الرَّسُولِ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : اللّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتِي ، وَصِلْ وَحْدَتِي ، وَارْزُقْنِي جَلِيسا صَالِحا ، فَإِذَا [هُوَ] بِرَجُلٍ فِي أَقْصَى الْمَسْجِدِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ لَهُ : مَنْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللّهِ؟ فَقَالَ : أَنَا أَبُو ذَرٍّ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ : [وَ] لِمَ تُكَبِّرُ يَا عَبْدَ اللّهِ؟ فَقَالَ : إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَدَعَوْتُ اللّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ أَنْ يُؤنِسَ وَحْشَتِي ، وَأَنْ يَصِلَ وَحْدَتِي ، وَ أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيسا صَالِحا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ : أَنَا أَحَقُّ بِالتَّكْبِيرِ مِنْكَ إِذْ(2) كُنْتُ ذلِكَ الْجَلِيسَ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقُولُ : أَنَا وَأَنْتُمْ عَلى تُرْعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتّى يَفْرُغَ النَّاسُ مِنَ الْحِسَابِ ، قُمْ يَا عَبْدَ اللّهِ ، فَقَدْ نَهَى السُّلْطَانُ عَنْ مُجَالَسَتِي» .
السند ضعيف.
قوله: (أنا وأنتم على ترعة يوم القيامة) إلى آخره.
ص: 54
في القاموس: «الترعة _ بالضم _ : الباب، والدرجة، والروضة في مكان مرتفع، ومقام الشاربة على الحوض، والمرقاة من المنبر، وفوهة الجدول».(1)
وفي النهاية:
فيه: [إنّ] منبري على ترعة من ترع الجنّة. الترعة في الأصل: الروضة على المكان المرتفع خاصّة، فإذا كانت في المطمئن فهي روضة. وقيل: الترعة: الدرجة. وقيل: الباب.(2)
أقول: لعلّه صلى الله عليه و آلهمخاطبا لقوم كان أبو ذرّ رحمه اللهفيهم، وإنّما ذكر أبو ذرّ هذا الحديث في هذا المقام لتأييد كلام الرجل، وأراد بالسلطان عثمان بن عفّان.
وقيل: في هذا الحديث دلالة على أنّه ليس على خواصّ الشيعة حساب، وعليه روايات اُخر مرَّ ذكر بعضها.(3)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليه السلام : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَبْقى مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ رَسْمُهُ ، وَمِنَ الاْءِسْلاَمِ إِلاَّ اسْمُهُ ، يُسَمَّوْنَ بِهِ وَهُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْهُ ، مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَهِيَ خَرَابٌ مِنَ الْهُدى ، فُقَهَاءُ ذلِكَ الزَّمَانِ شَرُّ فُقَهَاءَ تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ ، مِنْهُمْ خَرَجَتِ الْفِتْنَةُ وَإِلَيْهِمْ تَعُودُ» .
السند ضعيف.
قوله: (لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه).
في القاموس: «الرسم: الأثر، أو بقيّته، أو ما لا شخص له من الآثار».(4)
ص: 55
(ومن الإسلام إلاّ اسمه).
والغرض أنّ أهل ذلك الزمان لا ينتفعون بالإسلام، ولا بالقرآن، وإن وصفوا أنفسهم بكونهم من أهلها، كما أشار إليه بقوله: (يسمّون) على البناء للمفعول.
(به) أي بالإسلام، وهم أبعد الناس منه. الواو للحال، والضمير المجرور للإسلام.
(مساجدهم عامرة) بالاجتماع بها في أوقات الصلاة.
(وهي خرابٌ من الهدى) لتركهم ما هو الأصل والعمدة في قبول الصلاة، بل في أجزائها وهي الولاية.
(فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء).
قيل: ما أخبر به عليه السلاممن باب الإعجاز؛ فإنّه أخبر بما سيقع، وقد وقع؛ فإنّ زمان موته عليه السلامإلى الآن هو عين ذلك الزمان، إذ أكثر الصحابة ومن بعدهم من المخالفين وفقهائهم إلى يومنا هذا موصوفون بالصفات المذكورة، بل لا يبعد أن يدخل في الذمّ من كان في زماننا هذا من بعض الشيعة وعلمائهم؛ فإنّ أكثرهم(1) راغبون إلى الدُّنيا والفتنة، ساعون إلى الجبابرة والظلمة، لا يعملون بما في القرآن، ويظهرون الإسلام بمجرّد اللسان، وقلوبهم مملوّة من نفاق المؤمنين، وضمائرهم محشوّة بعداوة المسلمين، إلاّ من شذّ وقليلٌ ما هم.(2)
(منهم خرجت الفتنة) والضلالة وشقّ عصا المسلمين.
(وإليهم تعود).
ضرر تلك الفتنة وثمرتها أكثر من غيرهم؛ لأنّهم متّصفون بالضلال والإضلال جميعا، أو تنسب إليهم فتنة من افتتن بهم أو الفتنة تأوي إليهم وتستقرّ فيهم، وهم مرجعها ومآبها، وبهم بقاؤها ودوامها.
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِيَزِيدَ ، قَالَ :
ص: 56
سَمِعْتُ الرِّضَا عليه السلام بِخُرَاسَانَ وَهُوَ يَقُولُ : «إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ وَرِثْنَا الْعَفْوَ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ، وَوَرِثْنَا الشُّكْرَ مِنْ آلِ دَاوُدَ».
وَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ كَلِمَةً أُخْرى وَنَسِيَهَا مُحَمَّدٌ ، فَقُلْتُ لَهُ : لَعَلَّهُ قَالَ(1) : وَوَرِثْنَا الصَّبْرَ مِنْ آلِ أَيُّوبَ؟ فَقَالَ : يَنْبَغِي .
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَسْبَاطٍ : وَإِنَّمَا قُلْتُ ذلِكَ لِأَنِّي سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ يَقْطِينٍ يُحَدِّثُ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ الْمَدِينَةَ سَنَةَ قَتْلِ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَسَنِ ، الْتَفَتَ إِلى عَمِّهِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا الْعَبَّاسِ ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ قَدْ رَأى أَنْ يَعْضِدَ شَجَرَ الْمَدِينَةِ ، وَأَنْ يُعَوِّرَ(2) عُيُونَهَا ، وَأَنْ يَجْعَلَ أَعْلاَهَا أَسْفَلَهَا ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ ، هذَا ابْنُ عَمِّكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِالْحَضْرَةِ، فَابْعَثْ إِلَيْهِ فَسَلْهُ(3) عَنْ هذَا الرَّأْيِ ، قَالَ : فَبَعَثَ إِلَيْهِ ، فَأَعْلَمَهُ عِيسى، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : «يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ ، إِنَّ دَاوُدَ عليه السلام أُعْطِيَ فَشَكَرَ ، وَإِنَّ أَيُّوبَ عليه السلامابْتُلِيَ فَصَبَرَ ، وَإِنَّ يُوسُفَ عليه السلام عَفَا بَعْدَ مَا قَدَرَ، فَاعْفُ ؛ فَإِنَّكَ مِنْ نَسْلِ أُولئِكَ» .
السند ضعيف.
قوله: (التفت إلى عمّه عيسى بن علي).
المستتر في «التفت» والبارز في «عمّه» لأبي جعفر المنصور.
(فقال له: يا أبا العبّاس، إنّ أمير المؤمنين)؛ أراد نفسه الخبيثة.
(قد رأى) أي تعلّق رأيه.
(أن يعضد شجر المدينة).
قال الجوهري: «عضدت الشجر أعضده _ بالكسر _ أي قطعته بالمعضد».(4)
(وأن يعوّر) بالعين المهملة (عيونها).
قال الجزري: «عوّرت الركيّة وأعرتها وعُرتها: إذا طممتها، وسددت أعينها التي ينبع
ص: 57
منها الماء».(1)
وقال الفيروزآبادي: «عاره يعوره ويعيره: أخذه، وذهب به، أو أتلفه».(2)
وفي بعض النسخ: «يغور» بالغين المعجمة، من التغوير، وأصله الإتيان بالغور، وهو قعر الشيء والأرض المطمئن، وذهاب الماء في الأرض، والمراد هنا إذهابه وإعدامه عن وجهها، وكأنّه على الحذف والإيصال.
(فإنّك من نسل اُولئك).
قيل: أي من نسل أضرابهم وأشباههم من الأنبياء؛ أي هكذا كان فعال الأنبياء، وأنت من نسل الأنبياء، فينبغي أن يكون فعالك كفعالهم؛ إذ لم يكن من نسل هؤلاء الأنبياء بأعيانهم،لأنّه كان من ولد إسماعيل.(3)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا»(4) فَقَالَ : «كَانَتِ الْيَهُودُ تَجِدُ فِي كُتُبِهَا أَنَّ مُهَاجَرَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله مَا بَيْنَ عَيْرٍ وَأُحُدٍ ، فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَ الْمَوْضِعَ ، فَمَرُّوا بِجَبَلٍ يُسَمّى حَدَاد(5) ، فَقَالُوا : حَدَادٌ وَأُحُدٌ سَوَاءٌ ، فَتَفَرَّقُوا عِنْدَهُ ، فَنَزَلَ بَعْضُهُمْ بِتَيْمَاءَ ، وَبَعْضُهُمْ بِفَدَكَ ، وَبَعْضُهُمْ بِخَيْبَرَ ، فَاشْتَاقَ الَّذِينَ بِتَيْمَاءَ إِلى بَعْضِ إِخْوَانِهِمْ ، فَمَرَّ بِهِمْ أَعْرَابِيٌّ مِنْ قَيْسٍ فَتَكَارَوْا مِنْهُ ، وَقَالَ لَهُمْ : أَمُرُّ بِكُمْ مَا بَيْنَ عَيْرٍ وَأُحُدٍ ، فَقَالُوا لَهُ : إِذَا مَرَرْتَ بِهِمَا فَآذِنَّا(6) بِهِمَا ، فَلَمَّا تَوَسَّطَ بِهِمْ أَرْضَ الْمَدِينَةِ قَالَ لَهُمْ : ذَاكَ عَيْرٌ وَهذَا أُحُدٌ ، فَنَزَلُوا عَنْ ظَهْرِ إِبِلِهِ ، وَقَالُوا : قَدْ أَصَبْنَا بُغْيَتَنَا ، فَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ ، فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ .
ص: 58
وَكَتَبُوا إِلى إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ بِفَدَكَ وَخَيْبَرَ : أَنَّا قَدْ أَصَبْنَا الْمَوْضِعَ ، فَهَلُمُّوا إِلَيْنَا ، فَكَتَبُوا إِلَيْهِمْ : أَنَّا قَدِ اسْتَقَرَّتْ بِنَا الدَّارُ ، وَاتَّخَذْنَا الْأَمْوَالَ ، وَمَا أَقْرَبَنَا مِنْكُمْ ، فَإِذَا كَانَ ذلِكَ فَمَا أَسْرَعَنَا إِلَيْكُمْ ، فَاتَّخَذُوا بِأَرْضِ الْمَدِينَةِ الْأَمْوَالَ ، فَلَمَّا كَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ بَلَغَ تُبَّعَ ، فَغَزَاهُمْ فَتَحَصَّنُوا مِنْهُ ، فَحَاصَرَهُمْ وَكَانُوا يَرِقُّونَ لِضُعَفَاءِ أَصْحَابِ تُبَّعٍ ، فَيُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِاللَّيْلِ التَّمْرَ وَالشَّعِيرَ ، فَبَلَغَ ذلِكَ تُبَّعَ ، فَرَقَّ لَهُمْ وَآمَنَهُمْ فَنَزَلُوا إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي قَدِ اسْتَطَبْتُ بِلاَدَكُمْ ، وَلاَ أَرَانِي إِلاَّ مُقِيما فِيكُمْ ، فَقَالُوا لَهُ(1) : إِنَّهُ لَيْسَ ذَاكَ لَكَ(2)، إِنَّهَا مُهَاجَرُ نَبِيٍّ ، وَلَيْسَ ذلِكَ لِأَحَدٍ حَتّى يَكُونَ ذلِكَ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي(3) مُخَلِّفٌ فِيكُمْ مِنْ أُسْرَتِي مَنْ إِذَا كَانَ ذلِكَ سَاعَدَهُ وَنَصَرَهُ ، فَخَلَّفَ حَيَّيْنِ : الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ ، فَلَمَّا كَثُرُوا بِهَا(4) كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ أَمْوَالَ الْيَهُودِ ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ لَهُمْ : أَمَا لَوْ قَدْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ لَيُخْرِجَنَّكُمْ(5) مِنْ دِيَارِنَا وَأَمْوَالِنَا ، فَلَمَّا بَعَثَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آلهآمَنَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ ، وَكَفَرَتْ بِهِ الْيَهُودُ ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكافِرِينَ»(6)» .
السند موثّق.
قوله: «وَكانُوا» أي اليهود.
«مِنْ قَبْلُ» أي قبل بعثة رسول اللّه صلى الله عليه و آله.
«يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا».
قال البيضاوي:
أي يستنصرون على المشركين، ويقولون: اللَّهُمَّ انصرنا بنبيّ آخر الزمان المنعوت في التوراة، أو يفتحون عليهم ويعرّفونهم أنّ نبيّا يُبعث منهم، وقد اقترب(7) زمانه،
ص: 59
والسين للمبالغة والإشعار بأنّ الفاعل يسأل ذلك عن نفسه.(1)
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
قال ابن عبّاس: كانت اليهود يستفتحون، أي يستنصرون على الأوس والخزرج برسول اللّه صلى الله عليه و آله قبل مبعثه، فلمّا بعثه اللّه من العرب، ولم يكن من بني إسرائيل، كفروا به، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور: يا معشر اليهود، اتّقوا اللّه وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمّد، ونحن أهل الشرك، وتصفونه، وتذكرون أنّه مبعوث، فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير: ما جاء بشيء نعرفه، وما بالذي كنّا نذكر لكم، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.(2)
ثمّ قال في تفسير الاستفتاح:
فيه وجوه:
أحدها: أنّ معناه يستنصرون، أي يقولون [في الحروب]: اللَّهُمَّ افتح علينا وانصرنا بحقّ النبيّ الاُمّي، اللَّهُمَّ انصرنا بحقّ النبيّ المبعوث إلينا، فهم يسألون الفتح الذي هو النصر.
وثانيها: أنّهم كانوا يقولون لمن ينابذهم: هذا نبيّ قد أطلَّ زمانه ينصرنا عليكم.
وثالثها: [أنّ] معنى يستفتحون يستعلمون من علمائهم صفة نبيّ يبعث من العرب، فكانوا يصفونه لهم، فلمّا بُعث أنكروه.(3)
(ما بين عَير) بالفتح (واُحُد) بضمّتين، وهما جبلان بالمدينة.
(فمرّوا بجبل يسمّى حداد).
كذا في أكثر النسخ، وفي بعضها: «حدادا» بالنصب، وهو الظاهر، ولعلّه على نسخة الأصل غير منصرف.
قال الفيروزآبادي: «حَدَد _ محرّكة _ : جبل بتيماء».(4)
وقال بعض الأفاضل: «لعلّه زيد ألف حداد من النسّاخ، أو كان ذلك الجبل يسمّى بكلّ منهما».(5)
ص: 60
(فقالوا: حداد واُحد سواء) يعني أنّهم توهّموا اتّحادهما.
(فتفرّقوا عنده) أي عند حداد.
(فنزل بعضهم بتيماء) إلى قوله: (فاتّخذوا بأرض المدينة الأموال).
قال الجوهري: «التيماء: الفلاة. وتيماء: اسم موضع».(1)
وقال الفيروزآبادي: «فدك _ محرّكة _ : قرية بخيبر».(2)
وقال: «خيبر: حصن معروف».(3)
وقال: «آذنه الأمر وبه: أعلمه. وأذّن تأذينا: أكثر الإعلام».(4)
وقال: «بغيته أبغيته بغيةً _ بالضمّ والكسر _ : طلبته. والبغيّة _ كرضيّة _ : ما ابتغى بالبغية، بالكسر والضمّ».(5)
(فلمّا كثرت أموالهم بلغ تبّع، فغزاهم).
قيل: تُبَّع: ملكٌ في الزمان الأوّل اسمه أسعد أبو كرب.(6)
وفي القاموس: «التبابعة: ملوك اليمن، الواحد كسكّر، ولا يسمّى به إلاّ إذا كانت له حِمير وحضرموت».(7)
(وكانوا يرقّون) إلى قوله: (وكفرت به اليهود).
في القاموس: «الرقّة _ بالكسر _ : الرحمة، رققت له أرِقُ».(8)
وفيه: «استطاب الشيء: وجده طيّبا».(9)
وفيه: «الاُسرة من الرجل: الرّهط الأدنون».(10)
وقولهم: (ليس ذاك لك) أي لا يمكنك الإقامة فيها على جهة السلطنة؛ فإنّ غرضه من النزول فيها على تلك الجهة.
ص: 61
(وهو قول اللّه عزّ وجلّ: «وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا») من الحقّ.
«كَفَرُوا بِهِ) حسدا وخوفا على الرئاسة.
«فَلَعْنَةُ اللّه ِ عَلَى الْكَافِرِينَ».
مقتضى الظاهر عليهم والإتيان بالمظهر للدلالة على أنّهم لعنوا لكفرهم، فيكون اللاّم للعهد. ويجوز أن يكون للجنس ويدخلوا فيه دخولاً أوّليّا؛ لأنّ الكلام فيهم.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبيه ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ»(1) قَالَ : «كَانَ قَوْمٌ فِيمَا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَعِيسى صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمَا ، وَكَانُوا يَتَوَعَّدُونَ أَهْلَ الْأَصْنَامِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، وَيَقُولُونَ : لَيَخْرُجَنَّ نَبِيٌّ، فَلَيُكَسِّرَنَّ أَصْنَامَكُمْ، وَلَيَفْعَلَنَّ بِكُمْ وَ لَيَفْعَلَنَّ ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله كَفَرُوا بِهِ».
السند حسن موثّق.
قوله: (كان قوم) إلى آخره.
قيل: كأنّهم المذكورون مع احتمال غيرهم؛ لكثرة أهل الاستفتاح قبل بعثته صلوات اللّه عليه.
وقال الجوهري: «توعّد: تهدّد».(2)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ(3) ، عَنْ
ص: 62
عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «خَمْسُ عَلاَمَاتٍ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ : الصَّيْحَةُ ، وَالسُّفْيَانِيُّ ، وَالْخَسْفُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ ، وَالْيَمَانِيُّ».
فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنْ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ قَبْلَ هذِهِ الْعَلاَمَاتِ أَ نَخْرُجُ مَعَهُ؟
قَالَ : «لاَ» .
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ، تَلَوْتُ هذِهِ الاْيَةَ «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ»(1) فَقُلْتُ لَهُ : أَهِيَ الصَّيْحَةُ؟
فَقَالَ : «أَمَا لَوْ كَانَتْ ، خَضَعَتْ أَعْنَاقُ أَعْدَاءِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ».
السند حسن على الأصحّ.
قوله: (خمس علامات قبل قيام القائم عليه السلام).
يظهر من الأخبار أنّ العلامات في ذلك كثيرة، فلعلّ تخصيص هذه الخمس بالذِّكر للاهتمام، أو لأنّها العمدة من بين سائر العلامات، أو لغرض آخر.
(الصيحة) كأنّها النداء الذي يأتي في الخبر الآتي، وقد مرّ سابقا أيضا.
(والسفياني) أي خروجه.
(والخسفة) أي خسف جيش السفياني بالبيداء.
(وقتل النفس الزكيّة) كأنّه الحسني.
(فقلت له: أهي) أي الآية المذكورة في الآية.
(الصيحة؟ فقال: أما لو كانت) أي حين وجدت تلك الآيُة.
(خضعت أعناق أعداء اللّه عزّ وجلّ).
الظاهر أنّه عليه السلام قرّره على أنّ المراد بها الصيحة، وبيّن أنّ الصيحة تصير سببا لخضوعأعناق أعداء اللّه دون أوليائه.
ص: 63
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «اخْتِلاَفُ بَنِي الْعَبَّاسِ مِنَ الْمَحْتُومِ ، وَالنِّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُومِ ، وَخُرُوجُ الْقَائِمِ مِنَ الْمَحْتُومِ» .
قُلْتُ : وَكَيْفَ النِّدَاءُ؟
قَالَ : «يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَوَّلَ النَّهَارِ : أَلاَ إِنَّ عَلِيّا وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ» قَالَ : «وَيُنَادِي مُنَادٍ آخِرَ النَّهَارِ : أَلاَ إِنَّ عُثْمَانَ وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ» .
السند ضعيف.
قوله: (اختلاف بني العبّاس) أي ملوكهم وذهاب بعضهم ومجيء آخر، وقد مرّ مثل هذا الحديث مرارا.
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ ، قَالَ :
دَخَلَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، فَقَالَ : «يَا قَتَادَةُ ، أَنْتَ فَقِيهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ؟».
فَقَالَ : هكَذَا يَزْعُمُونَ .
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «بَلَغَنِي أَنَّكَ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ؟».
فَقَالَ(1) [لَهُ] قَتَادَةُ : نَعَمْ .
[فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «بِعِلْمٍ تُفَسِّرُهُ أَمْ بِجَهْلٍ؟».
ص: 64
قَالَ : لاَ ، بِعِلْمٍ] .
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «فَإِنْ كُنْتَ تُفَسِّرُهُ بِعِلْمٍ ، فَأَنْتَ أَنْتَ وَأَنَا أَسْأَلُكَ».
قَالَ(1) قَتَادَةُ : سَلْ .
قَالَ(2) : «أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ فِي سَبَإٍ : «وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِىَ وَأَيّاما آمِنِينَ»(3)».
فَقَالَ قَتَادَةُ : ذَاكَ(4) مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بِزَادٍ حَلاَلٍ(5) ، وَرَاحِلَةٍ وَكِرَاءٍ(6) حَلاَلٍ يُرِيدُ هذَا الْبَيْتَ ، كَانَ آمِنا حَتّى يَرْجِعَ إِلى أَهْلِهِ .
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «نَشَدْتُكَ اللّهَ يَا قَتَادَةُ ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ بِزَادٍ حَلاَلٍ(7) وَكِرَاءٍ حَلاَلٍ يُرِيدُ هذَا الْبَيْتَ ،فَيُقْطَعُ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ ، فَتُذْهَبُ نَفَقَتُهُ ، وَيُضْرَبُ مَعَ ذلِكَ ضَرْبَةً فِيهَا اجْتِيَاحُهُ».
قَالَ قَتَادَةُ : اللّهُمَّ نَعَمْ .
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ ، إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا فَسَّرْتَ الْقُرْآنَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ ، فَقَدْ هَلَكْتَ[وَأَهْلَكْتَ ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَهُ مِنَ الرِّجَالِ ، فَقَدْ هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ] .
وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ ، ذلِكَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بِزَادٍ وَرَاحِلَةٍ وَكِرَاءٍ حَلاَلٍ يَرُومُ هذَا الْبَيْتَ عَارِفا بِحَقِّنَا ، يَهْوَانَا قَلْبُهُ، كَمَا قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ : و «اجْعَلْ(8) أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ»(9) وَلَمْ يَعْنِ الْبَيْتَ فَيَقُولَ : إِلَيْهِ ، فَنَحْنُ وَاللّهِ دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام الَّتِي مَنْ هَوَانَا قَلْبُهُ قُبِلَتْ حَجَّتُهُ ، وَإِلاَّ فَلاَ .
يَا قَتَادَةُ ، فَإِذَا كَانَ كَذلِكَ ، كَانَ آمِنا مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».قَالَ(10) قَتَادَةُ : لاَ جَرَمَ وَاللّهِ لاَ فَسَّرْتُهَا إِلاَّ هكَذَا .
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ ، إِنَّمَا يَعْرِفُ الْقُرْآنَ مَنْ خُوطِبَ بِهِ» .
ص: 65
السند ضعيف.
قوله: (قال: دخل قتادة بن دعامة) بكسر الدال، وهو من مشاهير مفسّري العامّة ومحدِّثيهم، روى عن أنس بن مالك، وأبي الطفيل، وسعيد بن المسيّب، والحسن البصري.
(فقال له أبو جعفر عليه السلام: فإن كنت تفسّره بعلم، فأنت أنت) أي فأنت العالم المفسِّر الذي لا يحتاج إلى المدح والوصف، وينبغي أن يرجع إليك في العلم لتوحيدك وكمالك فيه.
وفي بعض النسخ: «فقال له أبو جعفر عليه السلام: بعلم تفسّره أم بجهل؟ قال: لا بعلم» [بدل:].
«فقال له أبو جعفر عليه السلام: فإن كنت تفسّره بعلم، فأنت أنت».
(قال: أخبرني عن قول اللّه _ عزّ وجلّ _ في سبأ).
قال الفيروزآبادي: «سَبَأ _ كجبل، ويمنع _ : بلدة بلقيس، ولقب ابن يشجب بن يعرب بن قحطان، واسمه عبد شمس، يجمع قبائل اليمن عامّة».(1)
أقول: سمّي تلك البلدة بهذا الاسم؛ لكون أهلها من أولاد سبأ. وجوّز بعضهم قلب همزته ألفا.
«وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ».
الضمير للقرى. وقال البيضاوي:
تقدير السير فيها بحيث يقبل الغادي في قرية، ويبيت الرائح في قرية، إلى أن يبلغ الشام.
«سِيرُوا فِيهَا» على إرادة القول بلسان الحال، أو المقال.
«لَيَالِي وَأَيَّاما» متى شئتم من ليل أو نهار.
«آمِنِينَ»؛ لا يختلف الأمن فيها باختلاف الأوقات، أو سيروا آمنين وإن طالت مدُّة سفركم فيها، أو سيروا فيها ليالي أعماركم وأيّامها لا تلقون فيها إلاّ الأمن، انتهى.(2)
ويفهم منه ومن كلام كثير من المفسّرين أنّ الأمر في قوله: «سيروا» متوجّه إلى أهل سبأ،(3) ويظهر من كثير من أخبارنا توجّهه إلى خصوص هذه الاُمّة، أو كونه خطابا عامّا بحيث
ص: 66
يشملهم أيضا لكن على وجه كما ستعرفه.
(فقال قتادة: ذاك من خرج من بيته) إلى قوله عليه السلام: (فيها اجتياحه).
الكرا _ بالكسر والقصر _ : أجر المستأجر. وبالمدّ: مصدر كاريته مكاراة، وكِراءٌ.
قال في القاموس: «الجوح: الإهلاك، والاستئصال، كالإجاحة والاجتياح».(1)
(فقال أبو جعفر عليه السلام: ويحك يا قتادة، إن كنت إنّما فسّرت القرآن من تلقاء نفسك، فقد هلكت وأهلكت)؛ صريح في عدم جواز تفسير القرآن بالرأي مطلقا، ويدلّ عليه أخبار اُخر، والأكثرون حملها على المتشابهات.
(يهوانا قلبه).
قال الجوهري: «هوى _ بالكسر _ يهوى هوى، أي أحبّ. الأصمعي: هوى _ بالفتح _ [يهوي] هويّا، أي سقط إلى أسفل، قال: وكذلك الهُويّ [في السير] إذا مضى».(2)
(كما قال اللّه عزّ وجلّ: و «اجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ».
في سورة إبراهيم: «فَاجْعَلْ» بالفاء. قال البيضاوي:
أي أفئدة من أفئدة الناس، و«من» للتبعيض، ولذلك [قيل:] لو قال: أفئدة الناس لازدحمت عليهم فارس والروم ولحجّت اليهود والنصارى، أو للابتداء كقولك: القلب منّي سقيم [أي أفئدة] ناس. «تَهْوِي إِلَيْهِمْ»: تسرع إليهم شوقا وودادا. وقرئ: «تهوى» على البناء للمفعول، من أهوى إليه غيره، وتهوى من هوى يهوى: إذا أحبّ، وتعديته ب«إلى» لتضمّن معنى النزوع، انتهى.(3)
أقول: قوله عليه السلام سابقا «يهوانا قلبه» يُشعر بالقراءة الأخيرة، وقوله فيما بعد: (هوانا قلبه) يومي بالقراءة الاُولى، فتأمّل.
(ولم يعن البيت فيقول: إليه).
العناية: الإرادة. يُقال: عنيت بالقول كذا، أعنيه به، يعني أنّ إبراهيم عليه السلام لم يرد بقوله «تهوى إليهم» البيت، بأن يكون المراد ميل القلوب ونزوعها إلى البيت، وإلاّ لقال: «إليه» بدل «إليهم»،بل أراد أن يجعل اللّه ذرّيّته الذين أسكنهم عند بيت اللّه المحرّم أنبياء وأوصياء وأئمّة
ص: 67
يهوى إليهم قلوب الناس، فالحجّ وسيلة للوصول إليهم، ومعرفة حقّهم، وأخذ الأحكام الدينيّة عنهم.
(فنحن واللّه دعوة إبراهيم عليه السلام)؛ يعني نحن الذرّيّة الذين استجاب اللّه تعالى دعاء إبراهيم عليه السلام فينا أهل البيت.
قال الجوهري:
الدعوة إلى الطعام بالفتح. يُقال: كنّا في دعوة فلان ومدعاة فلان، وهو في الأصل مصدر يريدون الدُّعاء إلى الطعام. والدِعوة _ بالكسر _ : في النسب. ثمّ نقل عن بعض العرب أنّهم يفتحون الدال في النسب، ويكسرونها في الطعام.(1)
وقال الفيروزآبادي: «إنّ الدعوة في الطعام قد يضمّ».(2)
وقال صاحب النهاية: «ومنه الحديث: وسأخبركم بأوّل أمري دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى قوله: «مُبَشِّرا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ»(3)».(4)
(قال قتادة: لا جرم واللّه لا فسّرتها) أي لا أفسّرها بعد (إلاّ هكذا).
قال الجوهري:
وقولهم: لا جرم. قال الفرّاء: هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لابدّ ولا محالة، فجرت على ذلك وكثرت حتّى تحوّلت إلى معنى القسم، وصارت بمنزلة حقّا، فلذلك يُجاب عنه باللاّم، كما يُجاب بها عن القسم، ألا تراهم يقولون: لا جرم لآتينّك. قال: وليس قول من قال جرمت: حقّقت بشيء.(5)
وقال صاحب النهاية:
هي كلمة ترد بمعنى لابدّ، ثمّ استعملت في معنى حقّا. وقيل: جرم بمعنى كسب. وقيل: بمعنى وجب، وحقّ. و«لا» ردّ لما قبلها من الكلام. ثمّ يبتدأ بها كقوله تعالى: «لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمْ النَّارَ»(6) أي ليس الأمر كما قالوا، ثمّ ابتدأ فقال: وجب لهم النار، انتهى.(7)
ص: 68
واعلم أنّ الصدوق رحمه الله ذكر في كتاب العلل لهذه الآية تأويلاً آخر، وهو أنّه دخل أبو حنيفة على أبي عبد اللّه عليه السلام، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: «أخبرنا عن قول اللّه عزّ وجلّ: «سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاما آمِنِينَ»(1) أين ذلك من الأرض؟».
قال: حسبته ما بين مكّة والمدينة. فالتفت أبو عبد اللّه عليه السلام إلى أصحابه فقال: «تعلمون أنّ الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكّة، فتؤخذ أموالهم ولا يأمنون على أنفسهم ويقتلون؟».
قالوا: نعم. فسكت أبو حنيفة، فلمّا خرج سأله أبو بكر الحضرمي عن ذلك، فقال: «يا أبا بكر، «سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاما آمِنِينَ»»، فقال: «مع قائمنا أهل البيت»،(2) والخبر طويل أخذنا موضع الحاجة.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ جَابِرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : أَخْبَرَنِي الرُّوحُ الْأَمِينُ أَنَّ اللّهَ لاَ إِلهَ غَيْرُهُ إِذَا وَقَفَ الْخَلاَئِقَ وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالاْخِرِينَ ، أُتِيَ بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِأَلْفِ زِمَامٍ أَخَذَ بِكُلِّ زِمَامٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ مِنَ الْغِلاَظِ الشِّدَادِ ، وَلَهَا هَدَّةٌ وَتَحَطُّمٌ وَزَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ، وَإِنَّهَا(3) لَتَزْفِرُ الزَّفْرَةَ ، فَلَوْ لاَ أَنَّ اللّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ أَخَّرَهَا إِلَى الْحِسَابِ لَأَهْلَكَتِ الْجَمِيعَ ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ يُحِيطُ بِالْخَلاَئِقِ : الْبَرِّ مِنْهُمْ وَالْفَاجِرِ ، فَمَا خَلَقَ اللّهُ عَبْدا مِنْ عِبَادِهِ مَلَكٍ وَلاِ نَبِيٍّ إِلاَّ وَيُنَادِي(4) : يَا رَبِّ ، نَفْسِي نَفْسِي ، وَأَنْتَ تَقُولُ : يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، ثُمَّ يُوضَعُ(5) عَلَيْهَا صِرَاطٌ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ ، وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ ، عَلَيْهِ ثَلاَثُ قَنَاطِرَ : الْأُولى عَلَيْهَا الْأَمَانَةُ وَالرَّحْمَةُ ، وَالثَّانِيَةُ عَلَيْهَا الصَّلاَةُ ، وَالثَّالِثَةُ عَلَيْهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ لاَ إِلهَ غَيْرُهُ ، فَيُكَلَّفُونَ الْمَمَرَّ عَلَيْهَا ، فَتَحْبِسُهُمُ الرَّحْمَةُ وَالْأَمَانَةُ ، فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا حَبَسَتْهُمُ الصَّلاَةُ ، فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا كَانَ الْمُنْتَهى إِلى رَبِّ الْعَالَمِينَ جَلَّ ذِكْرُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ»(6) وَالنَّاسُ عَلَى
ص: 69
الصِّرَاطِ ، فَمُتَعَلِّقٌ تَزِلُّ قَدَمُهُ ، وَتَثْبُتُ قَدَمُهُ وَالْمَلاَئِكَةُ حَوْلَهَا يُنَادُونَ : يَا حَلِيمُ يَا كَرِيمُ(1) ، اعْفُ وَاصْفَحْ ، وَعُدْ بِفَضْلِكَ وَسَلِّمْ ، وَالنَّاسُ يَتَهَافَتُونَ فِيهَا كَالْفَرَاشِ ، فَإِذَا نَجَا نَاجٍ بِرَحْمَةِ اللّهِ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ نَظَرَ إِلَيْهَا ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ بَعْدَ يَأْسٍ بِفَضْلِهِ وَمَنِّهِ ، إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ» .
السند ضعيف.
(إذا وقف الخلائق).
المستتر في «وقف» عائد إلى اللّه ، و«الخلائق» بالنصب على المفعوليّة.
قال الجوهري: «يُقال: وقفت الدابّة يقف وقوفا ووقفتها أنا وقفا، يتعدّى ولا يتعدّى»(2) وكذا قوله عليه السلام: (وجمع الأوّلين والآخرين).
وقوله: (اُتي بجهنّم) _ على البناء للمفعول _ جواب «إذا»، واحتمال كونه بصيغة المعلوم بعيد.
(تُقاد بألف زِمام) بالكسر.
قال الجوهري: «الزِمام: الخيط الذي يشدّ في البُرَة، أو في الخشاش، ثمّ يشدّ في طرفه المقود، وقد يسمّى المِقْود زماما».(3)
(ولها هدّة وتحطّم).
قال الجوهري: «هدّ البناء يهدّه هدّا: كسره. والهدّة: صوت وقع الحائط ونحوه».(4)
وفي القاموس: «الحطم: الكسر، أو خاصّ باليابس. حطمه [يحطمه] وحطّمه [فانحطم] وتحطّم. تحطّم غيظا: تلظّى».(5)
(وزفير وشهيق).
قال الفيروزآبادي: «زفر يزفِر زفرا وزفيرا: أخرج نفسه بعد مدّة إيّاه. والنار: سُمِعَ
ص: 70
لتوقّدها صوت».(1)
وقال: «شهق _ كمنع وضرب وسمع _ شهيقا: تردّد البكاء في صدره. وشهيق الحمار: نهاقه».(2)
وقال الجوهري: «شهيق الحمار: آخر صوته. وزفيره: أوّله، ويُقال: الشهيق: ردّ النَفَس. والزفير: إخراجه».(3)
(فلولا أنّ اللّه _ عزّ وجلّ _ أخّرها إلى الحساب).
الضمير لجهنّم، ولعلّ المراد أنّه لولا أنّه تعالى أخّر أمرها من الإحراق والإهلاك إلى أن ينقضي محاسبة أهل العرصات.
(لأهلكت الجميع) أي جميع أهل المحشر.
(ثمّ يخرج منها عنق) إلى قوله: (يا ربّ اُمّتي اُمّتي).
قال الفيروزآبادي: «العنق _ بالضمّ وبضمّتين، وكأمير، وصُرَد _ : الجيد، ويؤنّث، والجماعة من الناس. ومن الخبز: القطعة منه».(4)
وقال الجزري: «فيه: يخرج عنق من النار. أي طائفة منها».(5)
وقوله: (نفسي نفسي) منصوب بتقدير الناصب، أي أنج، أو خلّص، أو نحوهما، ويحتمل رفعه بتقدير الخبر أو المبتدأ، وكذا قوله: (اُمّتي اُمّتي) والتكرير فيهما للمبالغة.
(ثمّ يوضع عليها) أي على جهنّم.
(صراط أدقّ من الشعر، وأحدّ من السيف).
في القاموس: «الصراط _ بالكسر _ : الطريق، وجسر ممدود على متن جهنّم منعوت في الحديث الصحيح».(6)
أقول: اتّفق المسلمون على حمله على الظاهر من غير تأويل. وقيل: ظاهر قوله «ثمّ وضع» أنّه يخلق في الوقت الموعود، ويحتمل كونه مخلوقا مع جهنّم، والوضع كناية عن
ص: 71
الإذن على المرور.(1)
(عليه ثلاث قناطر) جمع قنطرة، وهي الجسر الذي يُعبرُ عليه، وما ارتفع من البنيان.
ولعلّ المراد أنّ على ذلك الصرط ثلاث حدود، أو أنّ عليه ثلاث مواضع مرتفعة متبائنة في الوضع من سائر مواضعه.
(الاُولى عليها الأمانة والرحمة).
الأمانة: ضدّ الخيانة، وقد تحدّ بأنّها أداء الحقوق إلى الخالق والخلق وعدم الخيانة فيها.
وقال الفيروزآبادي في قوله تعالى: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ»(2):
أي الفرائض المفروضة، أو النيّة التي يعتقدها في ما يظهره باللِّسان من الإيمان، ويؤديّة جميع الفرائض في الظاهر؛ لأنّه تعالى ائتمنه عليها ولم يظهرها لأحد من خلقه، فمن أضمر من التوحيد مثل ما أظهر فقد أدّى الأمانة، انتهى.(3)
والرحمة _ بسكون الحاء، وقد يحرّك _ : الرقّة، والمغفرة، والتعطّف، وقد تحدّ بأنّها الترحّم على عباد اللّه وترك ظلمهم وإعانتهم ودفع المضارّ عنهم.
وقيل: الأولى الولاية؛ لقوله تعالى: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ» الآية، والثانية الرسالة لقوله تعالى: «وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ»(4).(5) وفي رواية الصدوق في أماليه(6): «والرحم» بدون التاء، فيمكن قراءته بكسر الحاء بمعنى صلة الرحم.
(والثانية عليها الصلاة).
قيل: تخصيصها بالذكر لأنّها عمود الدين، إن قبلت قبل ماسواها. أو لأنّ سائر الفرائض الضروريّة مندرجة فيها.(7)
(والثالثة عليها ربّ العالمين).
قيل: لعلّ المراد أنّه تعالى يسأله هناك عن سائر أعماله، أو يقضي هناك بعلمه فيما كان
ص: 72
بينه وبين اللّه ، ولم يطّلع عليه غيره تعالى، أو يسأل عنه فيما كان من حقوقه تعالى دون حقوق الناس.(1)
وفي رواية الصدوق: «فعليها عدل ربّ العالمين»(2) والمآل واحد.
(وهو قول اللّه تبارك وتعالى: «إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ»(3)).
وقال الفيروزآبادي: «رصَدَه رَصْدا ورَصَدا: رقّبه، كترصّده. والمرصاد: الطريق، والمكان يرصد فيه العدوّ».(4)
وقال البيضاوي: «هو تمثيل لإرصاده العصاة بالعقاب».(5)
(والناس على الصراط). ثمّ أشار إلى أنّ كونهم على الصراط على أنحاء مختلفة بقوله: (فمتعلّق تزلّ قدمه) أي فبعضهم متشبّث، أو معلّق عليه لا تثبت قدمه، وبعضهم (تثبت قدمه والملائكة حولها)؛ الضمير لجهنّم، أو للصراط باعتبار كونه قنطرة أو طريقا.
(ينادون: يا حليم يا كريم).
الحليم: ذو الصفح والأناة الذي لا يعيّره جهل جاهل ولا غضب مغضب ولا عصيان عاص. والكريم: الجواد المفضل.
وقيل: العزيز، كما يُقال: فلان أكرم عليَّ من فلان، أي أعزّ منه.
(أعف) أي تجاوز عن جرائم عبادك.
(واصفح) أي أعرض عن ذنوبهم.
(وعُد بفضلك) أمر من العود، بمعنى الرجوع من النقمة إلى الرحمة. و أو بمعنى العائدة، وهي العطف والمنفعة.
(وسلّم) أي أعطهم سلامة من المكاره والآفات.
(والناس يتهافتون فيها) أي في جهنّم (كالفراش) بالفتح.
قال الجوهري: «التهافت: التساقط قطعة قطعة. وتهافت الفَراش في النار، أي تساقط».(6)
ص: 73
قال الفيروزآبادي: «الفراشة: التي تهافتُ في السّراج. الجمع: فراش».(1)
(الحمد للّه الذي نجّاني منك) بكسر الكاف، خطاب إلى جهنّم.
(بعد يأسٍ) من النجاة (بفضله) أي بمجرّد إحسانه من غير أن أستحقّه بعملي.
(ومنّه).
المنّ: اصطناع المعروف. ومنّه تعالى: إعطاؤه وإنعامه ابتداءً.
(إنّ ربّنا لغفورٌ شكور) أي غفور للمذنبين، وشكور للمطيعين، وكأنّه إشارة إلى قوله تعالى حكايةً عن أهل الجنّة: «الْحَمْدُ للّه ِِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ»(2).
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعا»(3) قَالَ : «الْخَيْرَاتُ الْوَلاَيَةُ ، وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «أَيْنَما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعا»
يَعْنِي أَصْحَابَ الْقَائِمِ : الثَّلاَثَمِائَةِ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً» قَالَ : «وَهُمْ وَاللّهِ الْأُمَّةُ الْمَعْدُودَةُ» قَالَ : «يَجْتَمِعُونَ وَاللّهِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَزَعٌ كَقَزَعِ الْخَرِيفِ» .
السند حسن موثّق على المشهور.
قول: (عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه _ عزّ وجلّ _) في سورة البقرة: «وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا».
«فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ».
قال البيضاوي: «المراد بالخيرات أمر القبلة وغيره ممّا ينال به سعادة الدارين، أوالفاضلات من الجهات، وهي المسامتة للكعبة».(4)
ص: 74
«أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا» في أيّ موضع تكونوا من موافق ومخالف مجتمع الأجزاء أو مفترقها يحشركم اللّه إلى المحشر للجزاء، أو أينما تكونوا من أعماق الأرض وقُلَل الجبال يقبض أرواحكم، أو أينما تكونوا من الجهات المتقابلة يأت بكم اللّه جميعا ويجعل صلواتكم كأنّها إلى جهة واحدة.
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
«فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ» معناه: سارعوا إلى الخيرات [عن الربيع] و [الخيرات] هي الطاعات للّه تعالى.
وقيل: معناه: بادروا إلى القبول من اللّه _ عزّ وجلّ _ فيما يأمركم به مبادرة من طلب السبق إليه. عن الزجاج.
وقيل: معناه: تنافسوا فيما رغبتم من الخير، فلكلّ عندي ثوابه. عن ابن عبّاس.
وقوله: «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا» أي حيثما مِتُّم من بلاد اللّه سبحانه يأت بكم اللّه إلى المحشر يوم القيامة.
وروي في أخبار أهل البيت عليهم السلام: أنّ المراد به أصحاب المهدي في آخر الزمان؛ قال الرضا عليه السلام: «وذلك واللّه ، أن لو قام قائمنا يجمع اللّه إليه جميع شيعتنا من جميع البلدان»(1) انتهى.(2)
(قال: وهم واللّه الاُمّة المعدودة) أي الذين ذكرهم اللّه تعالى في سورة هود بقوله: «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون»(3).
قال الشيخ الطبرسي:
ولئن أخّرنا عن هؤلاء الكفّار عذاب الاستئصال إلى أجلٍ مسمّى ووقتٍ معلوم. والاُمّة: الحين.
وقيل: إلى اُمّة، أي إلى جماعة يتعاقبون، فيصرّون على الكفر، ولا يكون فيهم من يؤمن كما فعلنا بقوم نوح.
وقيل: معناه: إلى اُمّة بعد هؤلاء نكلّفهم، فيعصون، فيقتضي الحكمة إهلاكهم
ص: 75
وإقامة القيامة.
وقيل: إنّ الاُمّة المعدودة هم أصحاب المهدي عليه السلام في آخر الزمان ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً كعدّة أهل بدر، يجتمعون في ساعةٍ واحدة، كما يجتمع قزع الخريف، وهي المروي عن أبي جعفر عليه السلاموأبي عبد اللّه عليه السلام، انتهى.(1)
وقال البيضاوي [في] تفسير هذه الآية:
«وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ» الموعود «إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ»: إلى جماعة من الأوقات قليلة «لَيَقُولُنَّ» استهزاء «مَا يَحْبِسُهُ»: ما يمنعه من الوقوع «أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ» كيوم بدر «لَيْسَ مَصْرُوفا عَنْهُمْ»: ليس العذاب مدفوعا عنهم.
و«يوم» منصوب بخبر «ليس» مقدّم عليه، وهو دليل على جواز تقديم خبرها عليها.
«وَحَاقَ بِهِمْ»: وأحاط بهم، وضع الماضي موضع المستقبل تحقيقا ومبالغةً في التهديد. «مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون» أي العذاب الذي كانوا [به] يستعجلون، فوضع «يستهزؤن» موضع يستعجلون؛ لأنّ استعجالهم كان استهزاء، انتهى.(2)
وقوله عليه السلام: (قزع) بالرفع على الظاهر، على أنّه خبر مبتدأ محذوف؛ أي هم قزع، ويحتمل كونه خبرا آخر لقوله: «وهم واللّه ».
(كقزع الخريف).
قال الفيروزآبادي: «[القزع] محرّكة: قطع من السحاب، الواحدة بهاء».(3)
وقال صاحب النهاية:
في حديث عليّ عليه السلام: «فيجتمعون إليه كما تجتمع قزع الخريف» أي قطع السحاب المتفرّقة، وإنّما خصّ الخريف؛ لأنّه أوّل الشتاء، والسحاب يكون فيه متفرّقا غير متراكم ولا مطبق، ثمّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك.(4)
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ ، عَنْ مُنْذِرِ بْنِ جَيْفَرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، قَالَ :
ص: 76
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «سِيرُوا الْبَرْدَيْنِ».
قُلْتُ : إِنَّا نَتَخَوَّفُ(1) الْهَوَامَّ .
فَقَالَ : «إِنْ أَصَابَكُمْ شَيْءٌ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ، مَعَ أَنَّكُمْ مَضْمُونُونَ» .
السند مجهول، ويمكن عدّه في الحسان.
قوله: (سيروا البردين).
قال الجوهري: «البردان: الغداة، والعشي، ويُقال: ظلاّهما وكذلك الأبردان».(2)
(قلت: إنّا نتخوّف الهوامّ).
قال الجوهري: «تخوّفت عليه الشيء، أي خفت».(3)
وقال: «الهامّة _ بالتشديد _ واحدة الهوامّ، ولا يقع هذا الاسم إلاّ على المخوف من الأحناش».(4)
وفي القاموس: «الحنش _ محرّكة _ : الحيّة، وحشرات الأرض، أو ما أشبه رأسه رأس الحيّات، الجمع: أحناش».(5)
أقول: يحتمل كون الهوام هنا بتشديد الواو وتخفيف الميم.
قال الفيروزآبادي: «الهوام _ كشدّاد _ : الأسد».(6)
(فقال: إن أصابكم شيء) من أذيّة الهوام وغيرها (فهو خيرٌ لكم) مع أنّكم مأجورون في ذلك.
وقيل في توجيه قوله عليه السلام: (مع أنّكم مضمونون): يعني أنتم معشر الشيعة ضمن اللّه لكم حفظكم، أي غالبا، أو مع التوكّل والتفويض العامّ.(7)
وقيل: لمّا أظهر السائل الخوف عن الهوامّ في البردين أجاب عليه السلام بأنّ المصاب مأجور،
ص: 77
والمسافر في ضمان اللّه تعالى وحمايته، قال: ولعلّ المراد بالخوف التوهّم، وإلاّ فالاجتناب واجب؛ لدلالة الآية والرواية عليه.(1)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : عَلَيْكُمْ بِالسَّفَرِ بِاللَّيْلِ ، فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوى بِاللَّيْلِ» .
السند ضعيف.
قوله: (فإنّ الأرض تطوى بالليل).
قيل: أي في آخره كما سيجيء.(2)
أقول: لا حاجة إلى هذا التقييد، كما ستعرفه. قال صاحب النهاية:
ومنه الحديث: إنّ الأرض لتطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار. أي تقطع مسافتها؛ لأنّ الإنسان فيه انشطّ من النهار، وأقدر على المشي والسير لعدم الحرّ وغيره.(3) انتهى.
وحاصل توجيهه: أنّ حمل الحديث على أنّه كناية عن سهولة السير، ولا يبعد حمله على الحقيقة كما يدلّ عليه الخبر الآتي.
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ بَشِيرٍ النَّبَّالِ ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : يَقُولُ النَّاسُ : تُطْوى لَنَا الْأَرْضُ بِاللَّيْلِ ، كَيْفَ تُطْوى؟
قَالَ : «هكَذَا» ثُمَّ عَطَفَ ثَوْبَهُ .
ص: 78
السند مختلفٌ فيه.
قوله: (قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: يقول الناس) إلى آخره.
هذا صريح فيما قلناه من حمل الطيّ على الحقيقة.
وقال بعض المحقّقين:
لا بُعد في ذلك؛ لأنّه ممكن، واللّه تعالى قادر على الممكنات، ومن ثمّ ذهب جماعة إلى تحقّق القبض والبسط في المكان والزمان، وأنّ ذلك يختلف باختلاف الأشخاص؛ فقد يكون قبض بالنسبة إلى شخص وبسط بالنسبة إلى آخر في زمان واحد ومكان واحد، ولابدّ أن يقع ذلك، وإن استبعده الوهم؛ لعدم المشاهدة فيما إذا دفن ميّتان في قبر واحد في آن واحد يستحقّ أحدهما الضغطة دون الآخر.(1)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «الْأَرْضُ تُطْوى فِي آخِرِ اللَّيْلِ» .
السند حسن.
قوله: (الأرض تطوى في آخر الليل).
لعلّ المراد أنّ الطّي وسهولة السير في آخر الليل أكثر من سائره، فلا يدلّ على اختصاص هذا الحكم بآخره.
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ ، قَالَ :
أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ ، فَجِئْنَا نُسَلِّمُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، فَقَالَ : «كَأَنَّكُمْ طَلَبْتُمْ بَرَكَةَ الاْءِثْنَيْنِ» فَقُلْنَا :
ص: 79
نَعَمْ ، فَقَالَ : «وَأَيُّ يَوْمٍ أَعْظَمُ شُؤما مِنْ يَوْمِ الاْءِثْنَيْنِ : يَوْمٍ فَقَدْنَا فِيهِ نَبِيَّنَا ، وَارْتَفَعَ الْوَحْيُ عَنَّا؟ لاَ تَخْرُجُوا ، وَاخْرُجُوا يَوْمَ الثَّلاَثَاءِ» .
السند موثّق، أو ضعيف. ورواه الصدوق رحمه الله في الفقيه(1) بسند صحيح.
قوله: (أيّ يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين) إلى آخره، يدلّ كغيره من الأخبار الصحيحة المتكثّرة على شؤم يوم الاثنين وكراهة السفر، بل غيره من الاُمور والحوائج المحدثة فيه،وعلى استحباب إنشاء السفر في يوم الثلاثاء.
عَنْهُ(2) ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ :
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسى عليه السلام ، قَالَ : «الشُّؤمُ لِلْمُسَافِرِ فِي طَرِيقِهِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ : الْغُرَابُ النَّاعِقُ عَنْ يَمِينِهِ وَالنَّاشِرُ لِذَنَبِهِ ، وَالذِّئْبُ الْعَاوِي الَّذِي يَعْوِي فِي وَجْهِ الرَّجُلِ وَهُوَ مُقْعٍ عَلى ذَنَبِهِ يَعْوِي ثُمَّ يَرْتَفِعُ ثُمَّ يَنْخَفِضُ ثَلاَثا ، وَالظَّبْيُ السَّانِحُ مِنْ يَمِينٍ إِلى شِمَالٍ ، وَالْبُومَةُ الصَّارِخَةُ ، وَالْمَرْأَةُ الشَّمْطَاءُ تُلْقى فَرْجَهَا(3) ، وَالْأَتَانُ الْعَضْبَاءُ يَعْنِي الْجَدْعَاءَ(4) ، فَمَنْ أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ مِنْهُنَّ شَيْئا فَلْيَقُلْ : اعْتَصَمْتُ بِكَ يَا رَبِّ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي» قَالَ : «فَيُعْصَمُ مِنْ ذلِكَ» .
إبراهيم بن هاشم؛ لما ذكره الشيخ من روايته عنه.
قوله: (الشؤم للمسافر في طريقه).
لعلّ المراد ما يتشاءم به الناس، لا أنّها شؤم، ولها تأثير في نفس الأمر؛ لما مرّ من إبطال حكم الطيرة. نعم، ربّما يؤثّر ذلك بتأثّر النفس بها، ويدفع ذلك التأثّر بالصدقة والتوكّل والدّعاء المذكور هنا وفي غيره من الأخبار.(1)
(خمسة أشياء).
كذا في الخصال وفي أكثر نسخ الفقيه. وفي بعضها: «ستّة». وفي بعضها: «سبعة». وهذان موافقان لما في التفصيل.
وقيل: لعلّ الخمسة من تصحيف النسّاخ، أو مبنيّ على عدّ الثلاثة المنصوصة واحدا، أو عدّ الذئب والكلب كما في بعض النسخ واحدا؛ لأنّهما من السباع، وكذا البومة والغراب؛
لأنّهما من الطير، أو عطف المرأة والأتان على الخمسة فيكون أفراد الخمسة لشهرتها بينهم أو لزيادة شؤمها.(2)
(الغراب الناعق).
يُقال: نعق الغراب _ كمنع _ أي صاح.
(عن يمينه).
الظاهر إرجاع الضمير إلى المسافر، ويحتمل إرجاعه إلى الغراب.
(والناشر لذنبه).
الظاهر أنّه عطف على الناعق، فيكون نوعا آخر من شؤم الغراب.
وفي كتاب المحاسن(3) بدون الواو، فيكون صفة اُخرى للغراب.
وفي نسخ الفقيه(4): «والكلب الناشر لذنبه».
وفي القاموس: «النشر: خلاف الطيّ. والنشر: التفريق».(5)
ص: 81
(والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل).
عوى الكلب والذئب وابنُ آوى يعوي عُواء _ بالضمّ _ أي صاح.
(وهو مُقْع على ذنبه يعوي).
قال الجوهري: «أقعى الكلب: إذا جلس على استه مفترشا رجليه وناصبا يديه».(1)
(ثمّ يرتفع وينخفض ثلاثا).
قيد لكلّ من الارتفاع والانخفاض، والظاهر عود المستتر في الفعلين إلى الذئب، ويُقال: إنّ هذا دأبه غالبا، يفعل ذلك لإثارة الغبار في وجه الإنسان. وقيل: بعودهما إلى صوته، أو إلى ذنبه.(2)
(والظبي السانح من يمين إلى شمال).
قال في النهاية:
السانح: ما مرّ من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك، والعرب يتيمّن به؛ لأنّه أمكن للرمي. والصيد البارح ما مرّ من يمينك إلى يسارك، والعرب يتطيّر به؛ لأنّه لا يمكنك أن ترميه حتّى تنحرف.(3)
وقال الكفعمي رحمه الله: «منهم من يتيمّن بالبارح ويتشاءم بالسانح كأهل الحجاز، وأمّا النجديّون فهم على العكس من ذلك».(4)
أقول: لعلّ المراد بالسانح في هذا الخبر العارض من قولهم: سنح لي هذا الأمر، أي عرض. وفي بعض النسخ: «السايح» بالياء من السياحة بمعنى الذهاب في الأرض.
(والبومة الصارخة).
قال الجوهري: «البوم والبومة: طائر يقع على الذكر والاُنثى».(5)
(والمرأة الشمطاء).
قال الجوهري: «الشَمَط: بياض شعر الرأس يخالط سواده، والرجل أشمط
ص: 82
والمرأة شمطاء».(1)
وقيل: هو بياض شعر الرأس في مكان واحد والباقي أسود.(2)
(تلقى فرجها).
اللقاء: للرؤية، وفعله كسمع، و«تلقى» يحتمل الخطاب والغيبة.
وقال بعض الأفاضل: الظاهر أنّه كناية عن استقبالها إيّاك، ومجيئها من قبل وجهك؛ فإنّ فرجها من قدّامها؛(3) أي تلقاها أنت، أو تلقاك هي مواجهة بفرجها.
وقال الفاضل الإسترآبادي: الظاهر أنّ المراد من قوله: «تلقاء فرجها» أن تستقبلك بفرج خمارها فتعرف أنّها شمطاء،(4) ولا يخفى بُعده، وكذا ما قيل من أنّه يحتمل أن يكون المراد افتراشها على الأرض من الإلقاء،(5) وما قيل يحتمل أن يكون كناية عن كونها زانية، ويحتمل أن يكون تتلقّى بحذف إحدى التائين، فالمراد مواجهتها لفرجها بأن تكون جالسة بحيث يواجه الشخص فرجها.(6)
(والأتان العضباء).
قيل: الواو بمعنى «مع»، يعني أنّ الشمطاء شؤم إذا كانت مصاحبة مع الأتان.(7)
وقال الجوهري: «الأتان: الحمارة، ولا تقل: الأتانة، وثلاث اُتُن، مثل عَناق وعُنُق»(8) انتهى.
وقيل: الأتان يقع على الذكر والاُنثى، والأتانة مختصّة بالاُنثى لكنّها قليلة.(9)
وقال الجوهري: «عضبه عضبا، أي قطعه. وناقةٌ عضباء، أي مشقوقة الاُذن، وكذلك الشاة».(10)
ص: 83
وقال الفيروزآبادي: «العضباء: الناقة المشوقة الاُذن، ومن أذان الخيل التي جاوز القطع ربعها».(1)
أقول: لمّا كان المراد هنا المقطوعة الاُذن فسّره بقوله: (يعني الجدعاء) لئلاّ يتوهّم أنّ المراد مشقوقتها.
قال الجوهري: «الجدع: قطع الأنف، وقطع الاُذن أيضا، وقطع الشفة واليد. تقول منه: جدعته، فهو أجدع، والاُنثى: جدعاء».(2)
(فمن أوجس في نفسه) أي أحسّ وأضمر.
(منهنّ) أي من إحداهنّ شيئا من الخوف والكراهة والشّؤم.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ ، قَالَ :
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «إِنَّ اللّهَ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ زَيَّنَ شِيعَتَنَا بِالْحِلْمِ ، وَغَشَّاهُمْ بِالْعِلْمِ ؛ لِعِلْمِهِ بِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ عليه السلام» .
السند ضعيف.
قوله: (وغشّاهم) أي غطّاهم (بالعلم؛ لعلمه بهم) أي بمآل حالهم، وأنّهم يصيرون من شيعة الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام ومواليهم.
(قبل أن يخلق آدم عليه السلام).
يحتمل تعلّقه بالعلم، أو به وبالتزيّن على التنازع.
قيل: لعلّ المراد أنّ الشيعة لمّا كانوا في العلم الأزلي من خواصّه وأوليائه، وكانت قلوبهم صافية بنور اللّه ، جعل العلم والحلم زينة لهم، كالحلي واللّباس الفاخرة للصور الحسنة،
ص: 84
وعلى هذا لا يرد أنّ غير الشيعة أيضا قد يتّصف بالحلم والعلم؛ لأنّ ذلك ليس زينة لهم، بل هو كتعليق الجواهر على أعناق الخنازير.(1)
أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ؛ وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعا ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ ، عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ سَيَابَةَ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحِبُّكُمْ وَمَا يَدْرِي مَا تَقُولُونَ ، فَيُدْخِلُهُ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ الْجَنَّةَ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُبْغِضُكُمْ وَمَا يَدْرِي مَا تَقُولُونَ ، فَيُدْخِلُهُ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ النَّارَ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيُمْلِي(2) صَحِيفَتُهُ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ» .
قُلْتُ : وَكَيْفَ يَكُونُ ذلِكَ؟
قَالَ : «يَمُرُّ بِالْقَوْمِ يَنَالُونَ مِنَّا ، فَإِذَا رَأَوْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : كُفُّوا ؛ فَإِنَّ هذَا الرَّجُلَ مِنْ شِيعَتِهِمْ ، وَيَمُرُّ بِهِمُ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِنَا فَيَهْمِزُونَهُ ، وَيَقُولُونَ فِيهِ ، فَيَكْتُبُ اللّهُ لَهُ بِذلِكَ حَسَنَاتٍ حَتّى يَمْلَأَ(3) صَحِيفَتَهُ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ» .
السند مجهول.
قوله عليه السلام: (أنّ الرجل ليحبّكم وما يدري ما تقولون، فيدخله اللّه الجنّة).
قيل: أي ما يدري ما تقولون بالاستدلال، بل قال به على سبيل التقليد؛ لحسن ظنّه بكم وحبّه لكم. ويمكن حمله على المستضعفين من المخالفين.(4)
وقيل: كان المراد أنّ من يحبّ الشيعة للتشيّع أو لا من هذه الحيثيّة ولا يعرف الحقّ والولاية ولا ينكرهما، وهو المراد بقوله: «وما يدري ما يقولون يدخل الجنّة، أمّا الأوّل فلأنّه داخل في المستضعفين من الشيعة، وهم يدخلون الجنّة. وأمّا الثاني فلأنّه داخل في
ص: 85
المستضعفين من أهل الإسلام، وهم وإن كانوا في المشيّة إلاّ أنّهم بسبب هذه المحبّة يدخلون الجنّة.(1)
(وأنّ الرجل ليبغضكم) إلى آخره، أي يبغضكم من أجل التشيّع، أو لا من أجله، والأوّل ناصبي يدخل النار، والثاني مستضعف يدخلها بسبب البغض.
وقوله عليه السلام: (ليملى صحيفته) يحتمل كونه من المهموز، أو الناقص.
قال الفيروزآبادي في المهموز: «ملأه _ كمنع _ مَلأً ومِلاءة، بالفتح والكسر، وملّأه تملئة».(2)
وقال الجوهري: «أمليت الكتاب وأمليته لغتان جيّدتان».(3)
وقوله: (فيهمزونه) أي يعيبونه.
والضمير في قوله: «فيه» و«له» و«صحيفته» راجع إلى كلّ الرجلين.
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ ، عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ ، قَالَ :
قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْبَصْرَةِ؟».
قُلْتُ : فِي الْمَاءِ خَمْسٌ إِذَا طَابَتِ الرِّيحُ ، وَعَلَى الظَّهْرِ ثَمَانٍ وَنَحْوُ ذلِكَ .
فَقَالَ : «مَا أَقْرَبَ هذَا : تَزَاوَرُوا تَعَاهَدُوا(4) بَعْضُكُمْ بَعْضا ؛ فَإِنَّهُ لاَ بُدَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ كُلُّ إِنْسَانٍ بِشَاهِدٍ يَشْهَدُ لَهُ عَلى دِينِهِ».
وَقَالَ : «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا رَأى أَخَاهُ ، كَانَ حَيَاةً لِدِينِهِ إِذَا ذَكَرَ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ» .
السند مجهول.
قوله: (وعلى الظهر) يعني طريق البرّ.
ص: 86
وقوله عليه السلام: (تزاوروا) إلى آخره، يدلّ على استحباب التزاور من المؤمنين والتعاهد والتفقّد، وإن كان من بلد إلى بلد، ولا ينبغي أن يجعل بُعد المسافة سببا لترك شيء من ذلك، وفيه فوائد كثيرة منها الفائدتان المذكورتان في هذا الخبر.
وقوله عليه السلام: (إذا ذكر اللّه عزّ وجلّ) على البناء للفاعل، وفاعله ذلك المسلم، أو الأخ. ويحتمل البناء للمفعول، فيشملهما جميعا.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ رِبْعِيًّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «وَاللّهِ لاَ يُحِبُّنَا مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ إِلاَّ أَهْلُ الْبُيُوتَاتِ وَالشَّرَفِ وَالْمَعْدِنِ ، وَلاَ يُبْغِضُنَا مِنْ هؤلاَءِ وَهؤلاَءِ إِلاَّ كُلُّ دَنَسٍ مُلْصَقٍ» .
السند حسن على الظاهر.
قوله: (أهل البيوتات والشرف والمعدن).
قال الفيروزآبادي: «البيت من الشعر والمدر معروف، الجمع: أبيات، وبيوت، وجمع الجمع: أباييت، وبيوتات، وأبياوات، والشرف والشريف».(1)
وقال: «الشرف _ محرّكة _ : العلوّ، والمكان العالي، والمجد، أو لا يكون إلاّ بالآباء، أو علوّ الحسب».(2)
وقال:
العدن بالبلد، عَدَن: أقام. والمَعْدِن _ كمجلس _ : منبت الجواهر من ذهبٍ ونحوه لإقامة أهله فيه دائما، أو لإنبات اللّه تعالى إيّاه فيه، ومكان كلّ شيء فيه أصله.(3)
أقول: لعلّ المراد بأهل البيوتات هنا ذوي الأحساب والأنساب الشريفة، وعطف الشرف عليها للتفسير، أو يُراد بأحدهما الشرف في النسب وبالآخر الشرف في الحسب، والمراد
ص: 87
بالمعدن الاُصول التي ينسبون إليها ويتفاخرون بها.
وقيل: الأصل الثابت الذي لا كلام في أصالته.(1)
(ولا يبغضنا من هؤلاء وهؤلاء) أي العرب والعجم.
(إلاّ كلّ دنس ملصق).
الدنِس _ بكسر النون _ : الدنيّ النسب، أو الأخلاق، الذي لا قدر له.
قال الفيروزآبادي: «الدنس _ محرّكة _ : الوسخ. دنس الثوب والعرض والخُلق _ كفرح _ دنسا، فهو دنس: اتّسخ»(2) انتهى.
والملصق على صيغة اسم المعفول من التفعيل، أو اسم الفاعل من الافعال: الدعيّ، كالغنيّ، وهو المتّهم في نسبه، والرجل المقيم في الحيّ، وليس منهم ينسب.
وقيل: لعلّ المراد به هنا من ليس له أب.(3) وقد تظافرت الأخبار عن أهل بيت الأطهار أنّ حبّهم عليهم السلام دليلٌ على طيب الولادة، كما أنّ بغضهم علامة خُبثها.(4)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكا قالُوا أَنّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ» قَالَ : «لَمْ يَكُنْ مِنْ سِبْطِ النُّبُوَّةِ ، وَلاَ مِنْ سِبْطِ الْمَمْلَكَةِ، قالَ : «إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ»(5) وَقَالَ : «إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ»(6) فَجَاءَتْ بِهِ الْمَلاَئِكَةُ تَحْمِلُهُ ، وَقَالَ اللّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ : «إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّى»(7) فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ ثَلاَثَمِائَةٍ
ص: 88
وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً ، مِنْهُمْ مَنِ اغْتَرَفَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْرَبْ ، فَلَمَّا بَرَزُوا قَالَ الَّذِينَ اغْتَرَفُوا : «لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ» وَقَالَ الَّذِينَ لَمْ يَغْتَرِفُوا : «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصّابِرِينَ»(1)» .
السند صحيح على المشهور.
قوله: (عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه _ عزّ وجلّ _) في سورة البقرة: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِىٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّه ِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّه ِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللّه ُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّه َ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكا».
قال البيضاوي: «طالوت [علم] عبريّ [كداود]، وجعله فعلوتا من الطول تعسّف يدفعه منع الصرف».(2)
«قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا» أي من أين يكون له ذلك ويستأهل؟!
«وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ» والواو الاُولى للحال، والثانية لعطف الجملة على الجملة الواقعة حالاً وليتطابقا في الحالية، أي والحال إنّا أحقّ منه بالملك وراثةً ومكنة وأنّه فقير لا مال له يعتضد به، وإنّما قالوا ذلك؛ لأنّ طالوت كان فقيرا راعيا أو سقّاءً أو دبّاغا من أولاد بنيامين، ولم يكن فيه النبوّة ولا الملك، وإنّما كانت النبوّة في أولاد لاوي بن يعقوب، والملك في أولاد يهود.
(قال لم يكن من سبط النبوّة، ولا من سبط المملكة) ظاهر ممّا سبق.
قال الفيروزآبادي: «السِّبط _ بالكسر _ : ولد الولد، والقبيلة من اليهود».(3)
وقال: «ملكه يملكه مُلكا مثلّثة وملكة محرّكة ومملكة، ويضمّ اللاّم أو يثلّث: احتواه
ص: 89
قادرا على الاستبداد به».(1)
«قَالَ إِنَّ اللّه َ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّه ُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللّه ُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»(2).
قال البيضاوي:
لمّا استبعدوا تملّكه لفقره، وسقوط نسبه، ردَّ عليهم ذلك أوّلاً: بأنّ العمدة فيه اصطفاء اللّه ، وقد اختاره عليكم وهو أعلم بالمصالح منكم.
وثانيا: بأنّ الشرط فيه وفور العلم ليتمكّن به من معرفة الاُمور السياسيّة، وجسامة البدن ليكون أعظم خطرا في القلوب وأقوى على مقاومة العدوّ ومكابدة الحرب، لا ما ذكرتم، وقد زاده اللّه فيهما.
وثالثا: بأنّه تعالى مالك الملك على الإطلاق، فله أن يؤتيه مَن يشاء.
ورابعا: بأنّه واسع الفضل يوسع على الفقير ويُغنيه، عليم بمن يليق بالملك من النسيب وغيره.(3)
«وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ» لمّا طلبوا منه الحجّة على أنّه سبحانه اصطفى طالوت وملّكه عليهم: «إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ».
قال الجوهري في الأجوف الوادي: «التابوت، أصله تابُوَة مثل ترقوة، وهو فعلوة، فلمّا سكّنت الواو وانقلبت هاء التأنيث تاء».(4)
وقال البيضاوي:
التابوت: الصندوق، فعلوت من التوب، [وهو الرجوع] فإنّه لا يزال يرجع إلى ما يخرج منه، وليس بفاعول يريد به صندوق التوراة، وكان من خشب الشمشاد مموّها بالذهب نحوا من ثلاثة أذرع في ذرعين.(5)
«فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ».
الضمير للإتيان، أي في إتيانه سكونٌ لكم وطمأنينة. أو للتابوت، أي يودع فيه ما تسكنون إليه، وهو التوراة، ولأنّ موسى عليه السلام إذا قاتل قدّمه فتسكن بني إسرائيل ولا يفرّون.
ص: 90
وقيل: صورة كانت فيه من زبرجد أو ياقوت، لها رأس وذنب كرأس الهرّة وذَنَبها، وجناحان فتئن فيزفّ التابوت نحو العدوّ، وهم يتبعونه، فإذا استقرّ ثبتوا وسكنوا ونزل النصر. وقيل: صور الأنبياء من آدم إلى محمّد صلى الله عليه و آله. وقيل: التابوت هو القلب، والسكينة ما فيه من العلم والإخلاص، وإتيانه مصير قلبه مقرّا للعلم والوقار بعد أن لم يكن.
«وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ» رضاض الألواح، وعصا موسى، وثيابه، وعمامة هارون، وآلهما أبناؤهما أو أنفسهما، والآل مقحم لتفخيم شأنهما، أو أنبياء بني إسرائيل؛لأنّهم أبناء عمّهما.(1)
وقوله عليه السلام: (فجاءت به الملائكة تحمله) إشارة إلى قوله تعالى: «تَحْمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ».
قال البيضاوي:
قيل: رفعه اللّه بعد موسى، فنزلت به الملائكة وهم ينظرون إليه. وقيل: كان بعده مع أنبيائهم يستفتحون به حتّى أفسدوا، فغلبهم الكفّار عليه، وكان في أرض جالوت إلى [أن] ملك اللّه طالوت، فأصابهم ببلاء حتّى هلكت خمس مدائن، فتشأّموا بالتابوت، فوضعوه على ثورين، فساقتهما الملائكة إلى طالوت، انتهى.(2)
وسيجيء لهذا زيادة تحقيق إن شاء اللّه تعالى.
وقال بعض الأفاضل:
في الآية رمز إلى أنّ سبط النبيّ والملك أولى بالملك والخلافة إلاّ أن يختار اللّه تعالى غيره، ويتحقّق الآية فيه، فكيف يجوز ردّ الملك والخلافة عن أسباط خاتم الأنبياء مع تحقّق الاختيار والآية فيهم؟ انتهى.(3)
ثمّ قال اللّه عزّ وجلّ: «إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ».
قال البيضاوي:
انفصل بهم عن بلده لقتال العمالقة، وأصله فصل نفسه عنه، ولكن لمّا كثر حذف مفعوله صار كاللازم. روي أنّه قال لهم: لا يخرج معي إلاّ الشابّ النشيط الفارغ، فاجتمع إليه ممّن اختاره ثمانون ألفا، وكان الوقت قيظا، فسلكوا مفازة، وسألوا أن يجري اللّه نهرا.
ص: 91
«قَالَ إِنَّ اللّه َ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ» أي يعاملكم معاملة المختبر بما اقترحتموه.(1)
قال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
اختلف في النهر الذي ابتلوا به؛ قيل: هو نهر بين الاُردن وفلسطين. عن قتادة والربيع. وقيل: هو نهر فلسطين. عن ابن عبّاس والسّدي،(2) انتهى.
اعلم أنّ الظاهر من السياق والمشهور بين المفسّرين أنّ فاعل «قال» طالوت، وروى علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه، عن الحسين بن خالد، عن الرضا عليه السلام إلى أن قال: ««وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ»: يا بني إسرائيل: «إِنَّ اللّه َ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ» في هذه المفازة».(3)
وسنذكر الخبر بتمامه إن شاء اللّه تعالى.
ويمكن الجمع بينهما على القول بنبوّة طالوت _ كما ذهبت إليه جماعة _ بأنّه علم ذلك بالوحي. وأمّا على القول بعدمها فيمكن أن يُقال بصدور هذا القول من نبيّهم ومن طالوت
أيضا بأخبار النبيّ.
«فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي».
قال البيضاوي:
أي فليس من أشياعي، أو ليس بمتّحد معي.
«وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي» أي من لم يذقه، من طعم الشيء: إذا ذاقه مأكولاً أو مشروبا.
«إِلاَّ مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ» استثناء من قوله: «فمن شرب»، وإنّما قدّمت عليه الجملة الثانية للعناية بها، والمعنى الرخصة في القليل دون الكثير.(4)
وقوله عليه السلام: (فشربوا منه إلاّ ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، منهم مَن اغترف، ومنهم من لم يشرب) تفسير لقوله تعالى: «فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ» أي أفرطوا في الشرب، وتجاوزا عن حدّ الرخصة، وهو الغرفة.
قال البيضاوي:
القليل كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً. وقيل: ألفا. وقيل: ثلاثة آلاف. روي أنّ من
ص: 92
اقتصر على الغرفة كفته لشربه وإداوته، ومن لم يقتصر غلب عليه واسودّت شفته ولم يقدر أن يمضي، وهكذا [الدنيا] لقاصد الآخرة.
ثمّ قال اللّه عزّ وجلّ: «فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ» أي القليل الذين لم يخالفوه.
«قَالُوا» أي بعضهم لبعض.
«لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ» لكثرتهم وقوّتهم.
«وَقَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو اللّه ِ» أي قال الخلّص منهم الذين تيقّنوا لقاء اللّه وتوقّعوا ثوابه، أو علموا أنّهم يستشهدون عمّا قريب فيلقون اللّه . وقيل: هم القليل الذين ثبتوا معه. والضمير في «قالوا» للكثير المنخذلين عنه اعتذارا في التخلّف وتخذيلاً للقليل، وكأنّهم تقاولوا به والنهر بينهما: «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّه ِ» بحكمه وتيسيره، و«كم» تحتمل الخبر والاستفهام، و«من» مزيدة أو مبيّنة، والفئة: الفرقة من الناس.
«وَاللّه ُ مَعَ الصَّابِرِينَ» بالنصر والإثابة.
«وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ» أي ظهروا لهم ودنوا منهم.
«قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ» التجأوا إلى اللّه بالدّعاء.(1)
كذا ذكره البيضاوي.
إذا عرفت فاعلم أنّ قوله عليه السلام: (فلمّا برزوا قال الذين اغترفوا: «لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ» إشارة إلى أنّ الضمير في قوله تعالى: «قالوا» راجع إلى الذين اغترفوا غرفة بقدر الرخصة، لا إلى الكثير المنخذلين الشاربين زائدا على قدر الرخصة، كما نقلنا آنفا عن البيضاوي.
وقوله: (وقال الذين لم يغترفوا) إلى آخره، إشارة إلى تفسير قوله تعالى: «وَقَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو اللّه ِ» الآية، وأنّهم هم الذين لم يشربوا أصلاً، فتأمّل.
وروى علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن
ص: 93
هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام: «إنّ بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام عملوا بالمعاصي، وغيّروا دين اللّه ، وعتوا عن أمر ربّهم، وكان فيهم نبيّ يأمرهم وينهاهم فلم
يطيعوه _ وروي أنّه ارميا النبيّ _ فسلّط اللّه عليهم جالوت وهو من القبط، فأذلّهم، وقتل رجالهم، وأخرجهم من ديارهم وأموالهم، واستعبد نساءهم، ففزعوا إلى نبيّهم وقالوا: سل اللّه أن يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل اللّه ، وكانت النبوّة في بني إسرائيل في بيت، والملك والسلطان في بيت آخر، لم يجمع اللّه لهم النبوّة والملك في بيت [واحد]، فمن ذلك [قالوا: ]«ابْعَثْ لَنَا مَلِكا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّه ِ» فقال لهم نبيّهم: «هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّه ِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا» وكان كما قال اللّه تبارك وتعالى:
«فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ»«فَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّه َ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكا»فغضبوا من ذلك و «قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ» وكانت النبوّة في ولد لاوي، والملك في ولد يوسف، وكان طالوت من ولد ابن يامين أخي يوسف لاُمّه لم يكن من بين النبوّة ولا من بيت المملكة، فقال لهم نبيّهم: «إِنَّ اللّه َ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّه ُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللّه ُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»وكان أعظمهم جسما، وكان شجاعا قويّا، وكان أعلمهم إلاّ أنّه كان فقيرا، فعابوه بالفقر، فقالوا: لم يؤت سعةً من المال، فقال لهم نبيّهم: «إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ»(1) وكان التابوت الذي أنزله اللّه على اُمّ موسى فوضعته فيه اُمّه وألقته في اليمّ، فكان في بني إسرائيل يتبرّكون به، فلمّا حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح وذرعَهُ وما كان عنده من آيات النبوّة، وأودعه يوشع وصيّه، فلم يزل التابوت بينهم حتّى استخفّوا به، وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات، فلم يزَل بنو إسرائيل في عزّ وشرف ما دام التابوت عندهم، فلمّا عملوا بالمعاصي واستخفّوا بالتابوت رفعه اللّه عنهم، فلمّا سألوا النبيّ بعث اللّه إليهم طالوت ملكا(2) يقاتل معهم ردّ اللّه عليهم التابوت»(3) كما
ص: 94
قال اللّه : «إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ»وقال: البقيّة ذرّية الأنبياء. قوله: «فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ»؛ فإنّ التابوت كان يوضع بين يدي العدوّ وبين المسلمين، فيخرج منه ريحٌ طيّبة لها وجه كوجه الإنسان.
حدّثني أبي، عن الحسن بن خالد، عن الرضا عليه السلام أنّه قال: «السكينة ريح من الجنّة لها وجه كوجه الإنسان، فكان إذا وضع التابوت بين يدي المسلمين والكفّار فإن تقدّم التابوت رجل لا يرجع حتّى يُقتل أو يُغلب، ومَن رجع عن التابوت كفر وقتله الإمام، فأوحى اللّه إلى نبيّهم أنّ جالوت يقتله من يستوي عليه دِرع موسى عليه السلام، وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب عليه السلاماسمه داود بن آسي، وكان آسي راعيا، وكان له عشرة بنين أصغرهم داود، فلمّا بعث طالوت إلى بني إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت بعث إلى آسي أن أحضِر ولدك، فلمّا حضروا دعا واحدا واحدا من ولده فألبسه درع موسى عليه السلام، فمنهم من طالت عليه، ومنهم مَن قصرت عنه، فقال لآسي: هل خلّفت من ولدك أحدا؟ قال: نعم، أصغرهم تركته في الغنم راعيا،(1) فبعث إليه فجاء به فلمّا [دعا] أقبل ومعه مقلاع، قال فنادته ثلاث صخرات في طريقه فقالت: يا داود، خذنا، فأخذها في مخلاته، وكان شديد البطش قويّا في بدنه شجاعا،فلمّا جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى فاستوت عليه، ف_ «فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ» وقال لهم نبيّهم: يا بني إسرائيل «إِنَّ اللّه َ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ» في هذه المفازة «فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ» فليس من اللّه ، ومن لم يشرب فهو من اللّه «إِلاَّ مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ» فلمّا وردوا النهر أطلق اللّه لهم أن يغرف كلّ واحد غرفة، «فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ» فالذين شربوا كانوا ستّين ألفا، وهذا امتحان امتحنوا به كما قال اللّه ».(2)
وروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «الذين لم يشربوا ولم يغترفوا ثلاثمائة وثلاث عشر رجلاً، فلمّا جاوزوا النهر ونظروا إلى جنود جالوت قال الذين شربوا: «لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ» وقال الذين لم يشربوا: «قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ» فجاء داود عليه السلام، فوقف بحذاء جالوت [وكان جالوت] على
ص: 95
الفيل، وعلى رأسه التاج، وفي جبهته ياقوتة يلمع نورها، وجنوده بين يديه، فأخذ داود من تلك الأحجار حجرا فرمى به في ميمنة جالوت، فمرَّ في الهواء ووقع فيهم(1) فانهزموا، وأخذ
حجرا اُخرى فرمى به في ميسرة جالوت فانهزموا، فرمى جالوت بحجر [ثالث] فصكّ الياقوتة في جبهته، ووصل إلى دماغه، ووقع إلى الأرض ميّتا، وهو قوله: «فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللّه ِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ»».(2)
وروى الحميري في كتاب قرب الإسناد عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن اسباط، عن أبي الحسن عليه السلام أنّه قال: «السكينة ريح تخرج من الجنّة، لها صورة كصورة الإنسان، ورائحة طيّبة، وهي التي اُنزلت على إبراهيم عليه السلام، فأقبلت تدور حول أركان البيت، وهي يضع الأساطين من التي قال: «فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ»» قال: «تلك السكينة كانت في التابوت، وكانت فيها طست تغسل فيها قلوب الأنبياء، وكانت التابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء عليهم السلام».(3)
وقال ابن الأثير في الكامل وغيره من المؤرِّخين والمفسِّرين:
إنّ بني إسرائيل لمّا طال عليهم البلاء، وطمع فيهم الأعداء، وأخذ التابوت منهم، فصاروا بعده لا يلقون ملكا إلاّ خائفين، فقصدهم جالوت،(4) وكان ملكه ما بين مصر وفلسطين، فظفر بهم، وضرب عليهم الجزية، وأخذ منهم التوراة، فدعوا اللّه أن يبعث لهم نبيّا يقاتلون معه، فبعث اللّه إليهم اشمويل، فدعاهم فكذّبوه، ثمّ أطاعوه، فأقام يدبّر أمرهم عشر سنين، وقيل: أربعين سنة، وكانت العمالقة مع مَلِكهم جالوت، وقد عظمت نكايتهم في بني إسرائيل حتّى كادوا يهلكونهم، فلمّا رأى بنو إسرائيل ذلك قالوا: «ابْعَثْ لَنَا مَلِكا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّه ِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّه ِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا»، فدعا اللّه فأرسل إليه عصا وقرنا فيه دهن، وقيل له: إنّ صاحبكم يكون طوله طول هذه العصا، فإن ادخل عليك رجل فنشّ الدّهن الذي في القرن، فهو
ص: 96
ملك بني [إسرائيل] فادّهن رأسه به وملّكه عليهم، فقاسوا أنفسهم بالعصار، فلم يكونوا مثلها، وقيل: كان طالوت دبّاغا، وقيل: كان سقّاء يسقي الماء ويبعيه، فضلّ حماره، فانطلق يطلبه، فلمّا اجتاز بالمكان الذي فيه اشمويل دخل يسأله أن يدعو له ليردّ اللّه حماره، فلمّا دخل نشّ الدّهن، فقاسوه بالعصا فكان مثلها، فقال لهم نبيّهم: «إِنَّ اللّه َ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكا» وهو طالوت، وبالسريانيّة شاول بن قيس بن أنمار بن ضرار بن يحرف بن يفتح بن أيش بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق، فقالوا له: ما كنت قطّ أكذب منك الساعة ونحن من سبط المملكة، ولم يؤت طالوت سعةً من المال فنتّبعه، فقال اشمويل: «قَالَ إِنَّ اللّه َ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ»فقالوا: إن كنت صادقا فأتِ بآية، فقال: «إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ»والسكينة رأس هرّ، وقيل: طست من ذهب يغسل فيه قلوب الأنبياء، وقيل غير ذلك، وفيه الألواح وهي من درّ وياقوت وزبرجد. وأمّا البقيّة فهي عصا موسى ورضاضة الألواح، فحملته الملائكة، وأتت به إلى طالوت نهارا بين السماء والأرض والناس ينظرون، فأخرجه طالوت إليهم، فأقرّوا بملكه ساخطين، وخرجوا معه كارهين وهم ثمانون ألفا، فلمّا خرجوا قال لهم طالوت: «إِنَّ اللّه َ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي»وهو نهر فلسطين، وقيل: هو الأردن، فشربوا [منه] إلاّ قليلاً وهم أربعة آلاف، فمن شرب منه عطش، ومَنْ لم يشرب منه إلاّ غرفةً روى، «فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ» لقيهم جالوت وكان ذا بأسٍ شديد، فلمّا رأوه رجع أكثرهم وقالوا: «لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ»، ولم يبق معه غير ثلاثمائة وبضعة عشرة عدّة أهل بدر، فلمّا رجع من رجع قالوا: «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّه ِ وَاللّه ُ مَعَ الصَّابِرِينَ» وكان فيهم يشا أبو داود ومن معه من أولاده ثلاثة عشر إبنا، وكان داود أصغر بنيه، وقد خلّفه يرعى لهم ويحمل إليهم الطعام، وكان قد قال لأبيه ذات يوم: يا أبتاه، ما أرمي بقذافتي شيئا إلاّ صرعته، وقال له: لقد دخلت بين الجبال، فوجدتُ تسدا(1) رابضا، فركبتُ عليه وأخذتُ بإذنه فلم أخفه، ثمّ أتاه يوما آخر فقال: إنّي لأمشي بين الجبال، فاُسبِّح فما يبقى جبل إلاّ سبّحَ معي. قال: أبشر فإنّ هذا خيرٌ أعطاكه اللّه ،
ص: 97
فأرسل اللّه تعالى إلى النبيّ الذي مع طالوت قرنا فيه دهن وتنوّرا من حديد، فبعث اللّه إلى طالوت وقال: إنّ صاحبكم الذي يقتل جالوت يوضع هذا الدّهن على رأسه؛ ليغلي حتّى يسيل من القرن، ولا يتجاوز رأسه إلى وجهه، ويبقى على رأسه(1) كهيئة الإكليل، ويدخل في هذا التنوّر فيملأه، فدعا طالوت بني إسرائيل فجرّ بهم فلم يوافقه منهم أحد، فأحضر داود من رعيه، فمرّ في طريقه بثلاثة أحجار، فكلّمته وقلن: خُذنا يا داود، فاقتل جالوت. فأخذهنّ وجعلهنّ في مخلاته، وكان طالوت قد قال: من قتل جالوت زوّجته ابنتي، وأجريت خاتمه في مملكتي.
فلمّا جاء داود وضعوا القرن على رأسه، فغلى حتّى ادّهن منه، ولبس التنوّر فملاءه، وكان داود مسقاما أزرق مصفارا، فلمّا دخل في التنوّر تضايق عليه حتّى ملأه، وفرح اشمويل وطالوت وبنو إسرائيل بذلك، وتقدّموا إلى جالوت، وتصفّفوا للقتال، وخرج داود نحو جالوت، وأخذ الأحجار ووضعها في قذافته ورمى بها جالوت، فوقع الحجر بين عينيه، فثقب رأسه وقتله، ولم يزل الحجر يقتل كلّ من أصابه ينفذ منه إلى غيره، فانهزم عسكر جالوت بإذن اللّه تعالى، ورجع طالوت، فأنكح ابنته داود، وأجرى خاتمه في ملكه،(2) انتهى.
وقال الشيخ الطبرسي:
قيل: كان التابوت هو الذي أنزل اللّه على اُمّ موسى. وقيل: كان التابوت الذي أنزله اللّه على آدم فيه صور الأنبياء، فتوارث من آدم عليه السلام، وكان في بني إسرائيل يستفتحون به.
وقال قتادة: كان في بريّة التيه خلفه هناك يوشع بن نون تحمله الملائكة إلى بني إسرائيل.
وقيل: كان قدر التابوت ثلاثة أذرع في ذراعين عليه صفائح الذهب، وكان من شمشار، وكانوا يقدّمونه في الحروب ويجعلونه أمام جندهم، فإذا سمع من جوفه أنين زفّ التابوت _ أي سار _ وكان الناس يسيرون خلفه، فإذا سكن الأنين وقف، فوقفوا بوقوفه.
«فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ». قيل: في التابوت نفسه. وقيل: فيما في التابوت. واختلف
ص: 98
في السكينة فقيل: إنّ السكينة التي كانت فيه ريح هفافة من الجنّة لها وجه كوجه الإنسان، عن عليّ عليه السلام. وقيل: كان لها جناحان ورأس كرأس الهرّة من الزبرجد والزمرّد، عن مجاهد. وروى ذلك في أخبارنا، وقيل: كان فيه آية يسكنون إليها، عن عطاء. وقيل: روح من اللّه يكلّمهم بالبيان عند وقوع الاختلاف، عن وهب.
«وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ». قيل: إنّها عصا موسى ورضاض الألواح، عن ابن عبّاس وقتادة والسدي، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام. وقيل: هي التوراة وشيء من ثياب موسى عليه السلام، عن الحسن. وقيل: كان فيه لوحان أيضا من التوراة وقفيز من [المنّ] الذي كان ينزل عليهم ونعلا موسى وعمامة هارون وعصاه.
هذه أقوال أهل التفسير في السكينة والبقيّة، والظاهر أنّ السكينة أَمَنة وطمأنينة جعلها اللّه سبحانه فيه ليسكن إليه بنو إسرائيل، والبقيّة جاز أن يكون بقيّة من العلم، أو شيئا من علامات الأنبياء، وجاز أن يتضمّنهما جميعا على ما قاله الزجاج.
«تَحْمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ» قيل: حملته الملائكة بين السماء والأرض حتّى رآه بنو إسرائيل عيانا، عن ابن عبّاس والحسن. وقيل: لمّا غلب الأعداء على التابوت أدخلوه بيت الأصنام، فأصبحت أصنامهم منكبة، فأخرجوه ووضعوه ناحية من المدينة، فأخذهم وجع في أعناقهم، وكلّ موضع وضعوه فيه ظهر فيه بلاء وموت ووباء، فاُشير عليهم بأن يخرجوا التابوت، فأجمع رأيهم على أن يأتوا به، ويحملوه على عجلة، ويشدّوها إلى ثورين، ففعلوا ذلك، وأرسلوا الثورين، فجاءت الملائكة، وساقوا الثورين إلى بني إسرائيل، فعلى هذا يكون معنى «تحمله الملائكة»: تسوقه، كما تقول: حملتُ متاعي إلى مكّة، ومعناه: كنت سببا لحمله إلى مكّة.(1)
عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أَنَّهُ قَرَأَ : «إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ»(2) قَالَ : «كَانَتْ تَحْمِلُهُ فِي صُورَةِ الْبَقَرَةِ»
.
ص: 99
السند مجهول.
قوله: (كانت تحمله في صورة البقرة) يدلّ على أنّ الملائكة الحاملين له كانوا على صورة البقرة؛ ليشبّه على الناس أمرهم، أو لحكمةٍ اُخرى.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : فِي قَوْلِ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «أَنْ يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ» قَالَ : «رَضَاضُ(1) الْأَلْوَاحِ فِيهَا الْعِلْمُ وَالْحِكْمَةُ» .
السند مرسل.
قوله: (رضاض الألواح) بالضمّ.
وفي بعض النسخ: «رضراض» بالضادين المعجمتين. وفي بعضها بالمهملتين.
وعلى التقادير المراد جزاؤها المنكسرة. قال الجوهري: «الرّض _ بالكسر _ :
الدّق: والرضراض: ما دقّ من الحصى، والأرض المرضوضة بالأحجار.(2) ورضاض الشيء:
فتاته».(3)
وقال: «الرّضّ والترضيض: إلصاق الشيء بالشيء».(4)(فيها العلم والحكمة)؛ الضمير للألواح، ولعلّ المراد بالعلم علم الشرائع والأحكام، وبالحكمة ما يعمّ ذلك، أو بالعكس. ويحمل كون العطف للتفسير.
ص: 100
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ(1) ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : قَالَ لِي(2) أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «يَا أَبَا الْجَارُودِ ، مَا يَقُولُونَ لَكُمْ فِي الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عليهماالسلام؟» .
قُلْتُ : يُنْكِرُونَ عَلَيْنَا أَنَّهُمَا ابْنَا رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .
قَالَ : «فَأَيَّ شَيْءٍ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ؟» .
قُلْتُ : احْتَجَجْنَا عَلَيْهِمْ بِقَوْلِ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليهماالسلام : «وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيّا وَيَحْيى وَعِيسى»(3) فَجَعَلَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ عليه السلام» .
قَالَ : «فَأَيَّ شَيْءٍ قَالُوا لَكُمْ؟»
قُلْتُ : قَالُوا : قَدْ يَكُونُ وَلَدُ الاِبْنَةِ مِنَ الْوَلَدِ ، وَلاَ يَكُونُ مِنَ الصُّلْبِ .
قَالَ : «فَأَيَّ شَيْءٍ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ؟»
قُلْتُ : احْتَجَجْنَا عَلَيْهِمْ بِقَوْلِ اللّهِ تَعَالى لِرَسُولِهِ(4) صلى الله عليه و آله : «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ» .(5)
قَالَ : «فَأَيَّ شَيْءٍ قَالُوا؟»
قُلْتُ : قَالُوا : قَدْ يَكُونُ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ أَبْنَاءُ رَجُلٍ ، وَآخَرُ يَقُولُ : أَبْنَاؤنَا .
قَالَ : فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «يَا أَبَا الْجَارُودِ ، لَأُعْطِيَنَّكَهَا مِنْ كِتَابِ اللّهِ _ جَلَّ وَتَعَالى _ أَنَّهُمَا مِنْ صُلْبِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آلهلاَ يَرُدُّهَا(6) إِلاَّ كَافِرٌ(7)» .
قُلْتُ : وَأَيْنَ ذلِكَ، جُعِلْتُ فِدَاكَ؟
ص: 101
قَالَ : «مِنْ حَيْثُ قَالَ اللّهُ تَعَالى : «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ»الاْيَةَ إِلى أَنِ انْتَهى إِلى قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ»(1) فَسَلْهُمْ يَا أَبَا الْجَارُودِ : هَلْ كَانَ يَحِلُّ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آلهنِكَاحُ حَلِيلَتَيْهِمَا؟ فَإِنْ قَالُوا : نَعَمْ ، كَذَبُوا وَفَجَرُوا ، وَإِنْ قَالُوا : لاَ ، فَهُمَا ابْنَاهُ لِصُلْبِهِ» .
السند ضعيف.
قوله: (ينكرون علينا أنّهما ابنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله).
اعلم أنّه لا خلاف في جواز إطلاق الابن والبنت والولد والذرّية على ولد البنت، إنّما النزاع في أنّ هذا الإطلاق هل هو من باب الحقيقة، أو المجاز، وفرّعوا عليه استحقاق الخمس وحرمة الزكاة على من كانت اُمّه هاشميّة دون أبيه، والنذر للأولاد، أو لأولاد الأولاد والوقف عليهم؛ فذهب طائفة منهم السيّد المرتضى رحمه الله(2) إلى الأوّل، لقول النبيّ صلى الله عليه و آله للحسنين عليهماالسلام: «هذان ابناي إمامان قاما أو قعدا»(3) فأطلق عليهما الابن، والأصل في الإطلاق الحقيقة، ومالَ إليه الشيخ الطبرسي رحمه الله حيث قال:
وإذا جعل اللّه سبحانه عيسى من ذرّية إبراهيم أو نوح، ففي ذلك دلالة واضحة وحجّة قاطعة على أنّ أولاد الحسن والحسين عليهماالسلامذرّيّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله على الإطلاق،وأنّهما ابنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله، وقد صحَّ في الحديث أنّه قال لهما عليهماالسلام: «إبناي هذان إمامان قاما أو قعدا»(4) وقال للحسن: «إنّ ابني هذا سيّد».(5) وأنّ الصحابة كانت تقول لكلّ منهما ومن أولادهما: يابن رسول اللّه ، انتهى.(6)
وذهب جماعة جمهور العامّة وأكثر أصحابنا إلى الثاني،(7) واحتجّوا بأنّه إنّما تصدق
ص: 102
الانتساب حقيقةً إذا كانت من جهة الأب عرفا، فلا يُقال تميميّ إلاّ لمَن انتسب إلى تميم بالأب، ولا حارثي إلاّ لمَن انتسب إلى حارث بالأب، وأيّدوه بقول الشاعر:
بنونا بنو أبناءنا وبناتُنا***بنوهنَّ أبناء الرجال الأباعدا
وبما رواه حمّاد بن عيسى مرسلاً عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام أنّه قال: «مَن كانت اُمّه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإنّ الصدقة تحلّ له، وليس له من الخمس شيء؛ لأنّ اللّه يقول: «ادْعُوهُمْ لاِبَائِهِمْ»(1).(2)
ويدلّ على المذهب الأوّل أخبار كثيرة منها: خبر الكتاب، وضعفه بأبي الجارود لا يضرّ؛ لأنّ التمسّك هو الآية، فتدبّر حتّى يظهر لك قوّة المذهب الأوّل، واستناد الآخرين على اللغة والعرف مدخول، واحتمال التجوّز غير قادح.
قال الفيروزآبادي: «ولدك من دَمي عقبيك، أي من نفست به فهو ابنك».(3)
ومرسلة حمّاد معارضة بما هو أكثر وأقوى منها.
ثمّ اعلم أنّ دلالة الآية الثانية على المطلوب ظاهر كالثالثة، وأمّا دلالة الآية الاُولى عليه ففيها خفاء؛ إذ الاستدلال بها إنّما ينفع فيما ورد بلفظ الذرّيّة، ويمكن تطبيقها على المطلوب بانضمام عدم القول بالفصل، أو ادّعاء أنّ من كان ذرّيّة حقيقة فهو ولد حقيقة بشهادة العرف واللّغة.
هذا ويحتمل أن يُراد بقولهم: (قد يكون ولد الابنة من الولد، ولا يكون من الصلب) نفي الحقيقة، وحمل الآية على المجاز، وأنّه إنّما يكون حقيقة إذا كان من الصلب. ويحتمل أن يكون غرضهم تسليم كونه ولدا على الإطلاق، ومنع كونه ولدا من الصلب، لكن الاستدلال بالآية الثانية لدفع هذا المنع لا وجه له، ولذا استدلّ عليه السلام بالآية الثالثة لإثبات ما منعوه بقولهم: (وآخر يقول: أبناءنا) يعني مجازا، فحملوا الآية على المجاز على أنّ هذا المنع لا وجه له؛ إذ مبنى الاستدلال على أنّ الأصل في الإطلاق الحقيقة، فالحمل على التجوّز يحتاج إلى دليل.
والضمير في قوله عليه السلام: (لأعطينكّها) راجع إلى الحجّة.
ص: 103
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمْ»: «زوجاتهم، سمّيت الزوجة حليلة لحلّها، أو لحلولها مع الزوج». وقال: «إنّ قوله: « الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ»احتراز عن المتبنّين لا عن أبناء الولد».(1)
وقال بعض الأفاضل:
هذا الاستدلال مبنيّ على تسليم الخصم، بل اتّفاق العلماء على دخول أولاد الأولاد مطلقا تحت هذه الآية كما صرّح به أكثر المفسّرين؛ قال الرازي: «اتّفقوا على أنّ هذه الآية تقتضي تحريم حليلة ولد الولد على الجدّ، وهذا يدلّ على أنّ ولد الولد يطلق عليه أنّه من صلب الجدّ، وفيه دلالة على أنّ ولد الولد منسوب إلى الجدّ بالولادة»(2).(3)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ(4) أَبِي الْعَلاَءِ الْخَفَّافِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ أُحُدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ وَهُوَ يَقُولُ : أَنَا مُحَمَّدٌ ، أَنَا رَسُولُ اللّهِ ، لَمْ أُقْتَلْ وَلَمْ أَمُتْ ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ ، فَقَالاَ : الاْنَ يَسْخَرُ بِنَا أَيْضا وَقَدْ هُزِمْنَا وَبَقِيَ مَعَهُ عَلِيٌّ عليه السلاموَسِمَاكُ(5) بْنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ رَحِمَهُ اللّهُ ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : يَا أَبَا دُجَانَةَ ، انْصَرِفْ وَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِكَ ، فَأَمَّا عَلِيٌّ فَهُوَ أَنَا هُوَ وَأَنَا هُوَ(6) ، فَتَحَوَّلَ وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وَبَكى ، وَقَالَ : لاَ وَاللّهِ ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ : لاَ وَاللّهِ ، لاَ جَعَلْتُ نَفْسِي فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِي ، إِنِّي بَايَعْتُكَ ، فَإِلى مَنْ أَنْصَرِفُ يَا رَسُولَ اللّهِ : إِلى زَوْجَةٍ تَمُوتُ ، أَوْ وَلَدٍ يَمُوتُ ، أَوْ دَارٍ تَخْرَبُ ، وَمَالٍ يَفْنى ، وَأَجَلٍ قَدِ اقْتَرَبَ ، فَرَقَّ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ، فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ حَتّى أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ وَهُوَ فِي وَجْهٍ ، وَعَلِيٌّ عليه السلام فِي وَجْهٍ .
ص: 104
فَلَمَّا أُسْقِطَ احْتَمَلَهُ عَلِيٌّ عليه السلام ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَوَضَعَهُ عِنْدَهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، أَوَفَيْتُ بِبَيْعَتِي؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله خَيْرا ، وَكَانَ النَّاسُ يَحْمِلُونَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله الْمَيْمَنَةَ ، فَيَكْشِفُهُمْ عَلِيٌّ عليه السلام ، فَإِذَا كَشَفَهُمْ أَقْبَلَتِ الْمَيْسَرَةُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَلَمْ يَزَلْ كَذلِكَ حَتّى تَقَطَّعَ سَيْفُهُ بِثَلاَثِ قِطَعٍ ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَطَرَحَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَقَالَ : هذَا سَيْفِي قَدْ تَقَطَّعَ ، فَيَوْمَئِذٍ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ذَا الْفَقَارِ .
وَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله اخْتِلاَجَ سَاقَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْقِتَالِ ، رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يَبْكِي ، وَقَالَ : يَا رَبِّ ، وَعَدْتَنِي أَنْ تُظْهِرَ دِينَكَ ، وَإِنْ شِئْتَ لَمْ يُعْيِكَ ، فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ عليه السلامإِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، أَسْمَعُ دَوِيّا شَدِيدا ، وَأَسْمَعُ أَقْدِمْ حَيْزُومُ ، وَمَا أَهُمُّ أَضْرِبُ أَحَدا إِلاَّ سَقَطَ مَيِّتا قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَهُ ، فَقَالَ : هذَا جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ فِي الْمَلاَئِكَةِ .
ثُمَّ جَاءَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام ، فَوَقَفَ إِلى جَنْبِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّ هذِهِ هِيَ(1) الْمُوَاسَاةُ ، فَقَالَ : إِنَّ عَلِيّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ ، فَقَالَ(2) جَبْرَئِيلُ : وَأَنَا مِنْكُمَا ، ثُمَّ انْهَزَمَ النَّاسُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لِعَلِيٍّ عليه السلام : يَا عَلِيُّ ، امْضِ بِسَيْفِكَ حَتّى تُعَارِضَهُمْ ، فَإِنْ رَأَيْتَهُمْ قَدْ رَكِبُوا الْقِلاَصَ وَجَنَبُوا الْخَيْلَ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ مَكَّةَ ، وَإِنْ رَأَيْتَهُمْ قَدْ رَكِبُوا الْخَيْلَ وَهُمْ يَجْنُبُونَ الْقِلاَصَ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمَدِينَةَ ، فَأَتَاهُمْ عَلِيٌّ عليه السلام ، فَكَانُوا عَلَى الْقِلاَصِ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِعَلِيٍّ عليه السلام : يَا عَلِيُّ ، مَا تُرِيدُ؟ هُوَ ذَا نَحْنُ ذَاهِبُونَ إِلى مَكَّةَ ، فَانْصَرِفْ إِلى صَاحِبِكَ ، فَأَتْبَعَهُمْ جَبْرَئِيلُ عليه السلام ، فَكُلَّمَا سَمِعُوا وَقْعَ حَوَافِرِ(3) فَرَسِهِ جَدُّوا فِي السَّيْرِ وَكَانَ يَتْلُوهُمْ ، فَإِذَا ارْتَحَلُوا قَالَ(4) : هُوَ ذَا عَسْكَرُ مُحَمَّدٍ قَدْ أَقْبَلَ ، فَدَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ مَكَّةَ ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ .
وَجَاءَ الرُّعَاةُ(5) وَالْحَطَّابُونَ ، فَدَخَلُوا مَكَّةَ ، فَقَالُوا : رَأَيْنَا عَسْكَرَ مُحَمَّدٍ ، كُلَّمَا رَحَلَ أَبُو سُفْيَانَ نَزَلُوا يَقْدُمُهُمْ فَارِسٌ عَلى فَرَسٍ أَشْقَرَ يَطْلُبُ آثَارَهُمْ ، فَأَقْبَلَ أَهْلُ مَكَّةَ عَلى أَبِي سُفْيَانَ يُوَبِّخُونَهُ ، وَ رَحَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله وَالرَّايَةُ مَعَ عَلِيٍّ عليه السلاموَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ .
فَلَمَّا أَنْ أَشْرَفَ بِالرَّايَةِ مِنَ الْعَقَبَةِ وَرَآهُ النَّاسُ ، نَادى عَلِيٌّ عليه السلام : أَيُّهَا النَّاسُ ، هذَا مُحَمَّدٌ لَمْ يَمُتْ وَلَمْ يُقْتَلْ ، فَقَالَ صَاحِبُ الْكَلاَمِ الَّذِي قَالَ : الاْنَ يَسْخَرُ بِنَا وَقَدْ هُزِمْنَا : هذَا عَلِيٌّ وَالرَّايَةُ بِيَدِهِ حَتّى
ص: 105
هَجَمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله وَنِسَاءُ الْأَنْصَارِ فِي أَفْنِيَتِهِمْ عَلى أَبْوَابِ دُورِهِمْ ، وَخَرَجَ الرِّجَالُ إِلَيْهِ يَلُوذُونَ بِهِ وَيَتُوبُونَ(1) إِلَيْهِ ، وَالنِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ قَدْ خَدَشْنَ الْوُجُوهَ ، وَنَشَرْنَ الشُّعُورَ ، وَجَزَزْنَ النَّوَاصِيَ ، وَخَرَقْنَ الْجُيُوبَ ، وَحَزَمْنَ(2) الْبُطُونَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ قَالَ لَهُنَّ خَيْرا ، وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَسْتَتِرْنَ وَيَدْخُلْنَ مَنَازِلَهُنَّ ، وَقَالَ : إِنَّ اللّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ وَعَدَنِي أَنْ يُظْهِرَ دِينَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا ، وَأَنْزَلَ اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله : «وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئا»(3) الاْيَةَ» .
السند حسن كالصحيح.
قوله: (يوم اُحد) هي الغزوة التي وقعت في الاُحُد، وهو بضمّتين اسم جبل بالمدينة.
قيل: سمّي [اُحد] لتوحّده وانقطاعه عن جبال اُخر.(4) وروي: أنّ سبب انهزامهم نداء إبليس فيهم أنّ محمّدا قد قُتل، وكان النبيّ صلى الله عليه و آلهحينئذٍ في زخام الناس، يقاتل وكانوا لا يرونه.(5)
(فالتفت إليه فلان وفلان) كناية عن العمرين.
(فقالا: الآن يسخر بنا أيضا) أي كما سخر قبل مرارا.
(وقد هزمنا) على البناء للمفعول، والواو للحال (وبقي معه علي عليه السلام).
(وسِماك) بكسر السين.
(بن خرشة) بالتحريك.
(أبو دُجانة) بضمّ الدال وتخفيف الجيم.
وفي بعض النسخ: «سمال» باللاّم، وفي بعضها: «شمال» بالشين المعجمّة واللاّم، وكلاهما تصحيف.
(فأمّا عليّ عليه السلام فهو أنا وأنا هو).
في بعض النسخ: «فأنا هو وهو أنا».
ص: 106
(فتحوّل) يعني أبو دُجانة.
(وجلس بين يدي النبيّ صلى الله عليه و آله) إلى قوله عليه السلام: (حتّى أثخنته الجراحة).
قيل: بايعت، مفاعلة من البيع، وكانوا إذا بايعوا أحدا قبضوا على يده اليمنى توكيدا للأمر، فأشبه ذلك فعل البايع والمشتري، فجاءت المفاعلة في بايعت من ذلك. وأمّا البيعة، فهي عرفا معاهدته على تسليم النظر في كلّ الاُمور إليه على وجه لا ينازع ولا ينصرف عنه ولو قتل.(1)
وقال الفيروزآبادي: «أثخن في العدوّ: بالغ الجراحة فيهم. وفلانا: أوهنه».(2)
(وهو في وجه، وعليّ عليه السلام في وجه).
الوجه والجهة بمعنى.
(فلمّا اُسقِطَ) على البناء للمفعول.
(احتمله) أي حمله عليّ عليه السلام، إلى قوله: (وقال له النبيّ صلى الله عليه و آله خيرا).
قيل: يدلّ ظاهر هذا على أنّ أبا دجانة استشهد يوم اُحُد، لكن صرّح بعض العامّة ببقائه بعد النبيّ صلى الله عليه و آله(3)، فلا ينافي بقاءه بعد النبيّ صلى الله عليه و آله. وقيل: استشهد يوم اليمامة،(4) وهذا هو الأشهر.
قال أنس: رمى بنفسه في الحديقة التي كان فيها مسيلمة، فانكسرت رجله، فقاتل حتّى قتل.(5)
وقيل: إنّه شارك وحشيّا في قتل مسيلمة.(6)
وذكر ابن عبد البرقي في كتاب الاستيعاب أنّه شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام في بعض غزواته. وقيل: إنّه عاش حتّى حضر معه عليه السلام بصفّين.(7)
(ولمّا رأى النبيّ صلى الله عليه و آله اختلاج ساقيه) أي اضطرابهما وارتعاشهما.
(وإن شئت لم يعيك) من الإعياء، أي لم يعجزك.
قال في القاموس: «عيّ بالأمر، وعيي بالأمر _ كرضي _ وتعايا واستعيا وتعيّا: لم يهتد لوجه مراده، أو عجز منه، ولم يطق إحكامه. وأعيا السير البعير: أكلّه».(8)
ص: 107
(فقال: يا رسول اللّه ، أسمع دويّا شديدا).
قال الجزري: «الدويّ: صوت ليس بعال، كصوت النحل ونحوه».(1)
(وأسمع أقدم حيزوم).
في القاموس: «أقدم على الأمر: شجع. والمقدام: الكثير الإقدام. وقد قدم _ كنصر وعلم _ وأقدم وتقدّم».(2)
وقال الجوهري:
أقدم على الأمر إقداما، والإقدام: الشجاعة، ويُقال: أقدم، وهو زجر للخيل(3) كأنّه يؤمر بالإقدام. وفي حديث المغازي: إقدم حيزوم، بالكسر، والصواب فتح الهمزة.(4)
وقال الجزري: «في حديث بدر: أقدم حيزوم، جاء في التفسير أنّه اسم فرس جبرئيل عليه السلام، أراد أقدم يا حيزوم، فحذف حرف النداء، والياء فيه زائدة».(5)
وقال بعض الشارحين:
ولعلّ ركوب الملائكة وقتالهم على الوجه المعتاد، وإلاّ فأقلّ حركتهم كافية في إهلاكهم كما اتّفق في إهلاك الاُمم السابقة، لا يُقال: الوجه المعتاد يقتضي أن يروهم؛ لأنّا نقول: ليس هنا ما يدلّ على أنّهم لم يروهم، ولعلّهم رأوهم وظنّوا أنّهم من العساكر المنصورة. وقال بعض] العامّة]: إنّ إظهارهم للمشركين عند آخر القتال واحتضار [الموت] كما قال تعالى: «يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرا مَحْجُورا»(6). وقال بعضهم: يجوز أن يروهم، وإنّما لم يموتوا بلاغا للأعذار وزيادة في إقامة الحجّة عليهم.(7)
(وما أهمّ أضرب أحدا إلاّ سقط ميّتا قبل أن أضربه).
قال في المصباح: «هممت بالشيء من باب قتل: إذا أردته ولم تفعله».(8)
ص: 108
وقوله: (أضرب) بالنصب أو الرفع، بتقدير «أنّ» وإعمالها أو إهمالها.
(فقال: يا محمّد، إنّ هذه هي المواساة).
«هذه» إشارة إلى كثرة مقاتلة عليّ عليه السلام وثبات قدمه بعد انهزام الناس، والمراد بالمواساة معاونته ونصرته ومواطاته بنفسه وماله، من قولهم: واساه بماله مواساة، أي أناله منه.
وقال في النهاية: «المواساة: المشاركة، والمساهمة في المعاش والرزق، وأصلها الهمز، فقُلبت واوا تخفيفا».(1)
(فقال: إنّ عليّا منّي وأنا منه).
قيل: الغرض من هذا الكلام الدلالة على شدّة الاتّصال وتمازج الأهواء واتّحاد المذهب.(2)
قال في الفائق: «يُقال: هو منّي، أي هو بعضي».(3)
وقال الصدوق رحمه الله في كتاب العلل:
قول جبرئيل: (أنا منكما) تمنّي منه لأن يكون منهما، فلو كان أفضل منهما لم يقل ذلك ولم يتمنّ أن ينحطّ عن درجته إلى أن يكون ممّن دونه، وإنّما قال: أنا منكما ليصير ممّن هو أفضل منه، فيزداد محلاًّ إلى محلّه وفضلاً إلى فضله.(4)
(ثمّ انهزم الناس) أي المشركون.
(فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لعليّ عليه السلام: يا علي، امض بسيفك حتّى تعارضهم).
في القاموس:
عارضه: جانَبه، وعدل عنه، وسار حياله. والكتاب: قابله، وأخذ في عروض من الطرق. والجنازة: أتاها معترضا في بعض الطريق، ولم يتبعها من منزله. وفلانا بمثل صنيعة: أتى إليه مثل ما أتى، ومنه المعارضة.(5)
(فإن رأيتهم قد ركبوا القِلاص).في القاموس:
القلوص من الإبل: الشابّة، أو الباقية على السير، أو أوّل ما يركب من إناثها على أنّ
ص: 109
تثنّى، ثمّ هي ناقة، والناقلة الطويلة القوائم خاصّ بالإناث، الجمع: قلائص، وقَلَص،وجمع الجمع: قِلاص.(1)
(وجنبوا الخيل).
في القاموس: «جنّبه جنبا _ محرّكة _ ومجنبا: قاده إلى جنبه، فهو جنيب ومجنوب ومجنّب».(2)
(فكلّما سمعوا وقع حوافر فرسه).
الوقع _ بالتسكين _ : صوتٌ يسمع من ضرب حافر الدابّة بالحجارة، أو الأرض الغليظة. والحافر: الوقيع الذي أصابته الحجارة فرقّقته.
(وكان يتلوهم، فإذا ارتحلوا قال: هو ذا عسكر محمّد) اسم «كان» وفاعل «يتلوه».
(وقال) جبرئيل عليه السلام. ويحتمل أن يكون القائل أبا سفيان.
(فقالوا: رأينا عسكر محمّد) إلى قوله: (يوبّخونه).
إنّما قالوا ذلك لمّا رأوا من عسكر الملائكة المتمثّلين بصورة المسلمين، وإقبال أهل مكّة على توبيخ أبي سفيان؛ لهربه عن ذلك العسكر.
وقوله: (يقدمهم) بضمّ الدالّ، أي تقدّم بهم.
(فارس على فرس أشقر).
قال الفيروزآبادي: «الأشقر من الدوابّ: الأحمر في مُغرة [حمرة] يحمّر منها العرف والذنب».(3)
وقال: «المَغَر _ محرّكة _ والمُغْرَة بالضمّ: لون ليس بناصع الحمرة، أو شقرة بكدرة».(4)
(فقال صاحب الكلام الذي قال: الآن يسخر بنا وقد هزمنا).
لعلّ القائل أحدهما، أو كلاهما بأن يُراد بصاحب الكلام الجنس الشامل للاثنين.
وقوله: (هذا عليّ والراية بيده) مقول القول، والواو للعطف، ويحتمل كونها للحال، وذو الحال فاعل «نادى».
ص: 110
والأوّل أقرب لفظا، والثاني معنى.
(حتّى هجم عليهم النبيّ صلى الله عليه و آله).
في القاموس: «هجم عليه هجوما: انتهى إليه بغتة، أو دخل».(1)
(ونساء الأنصار في أفنيتهم).
فناء الدار _ بالكسر _ : ما اتّسع من أمامِها. وقيل: ما امتدّ من جوانبها، والجمع: أفنية.
(وخرج الرجال إليه يلوذون به).
يُقال: لاذَ به يلوذ لياذا أو لوذا _ مثلّثة _ أي لجأ إليه، أو أحاط به.
(ويتوبون إليه).
التوبة: الرجوع من الذنب والمعصية. ولعلّ المراد هنا أنّهم يعتذرون من الهزيمة، أو من القعود عن الحرب والقتال.
وفي بعض النسخ: «يثوبون» بالثّاء المثلّثة. قال الجوهري: «ثاب الرجل يثوب ثوبا وثَوَبانا: رجع بعد ذهابه. وثاب الناس: اجتمعوا وجاؤوا».(2)
(والنساء) مبتدأ. و (نساء الأنصار) بدل منه، أو عطف بيان له.
وقوله: (قد خدشن الوجوه) خبر المبتدأ.
وخدش الوجه: خمشه، وبالفارسيّة: «خراشيدن»، وفعله كضرب.
(ونشرن الشعور) أي فرّقنها.
(وجززن النواصي).
الجزّ: القطع. والنواصي: جمع ناصية، وهي قصاص الشعر.
(وخرقن الجيوب).
خرق الثوب _ كضرب _ أي شقّه. وجيب القميص ونحوه _ بالفتح _ : طوقه، والجمع: جيوب.
(وخرمن البطون).
في بعض النسخ بالحاء والصاد المهملتين على وزن التفعيل من الحرص _ بالكسر _ أي
ص: 111
جعلنها حريصة على الأكل والشرب، وهو كناية عن غاية الجوع والعطش. أو من الحرص _ بالفتح _ وهو الشقّ، يُقال: حرص القصّار الثوب _ كضرب _ أي أحرقه بالدّق. ولعلّ المراد حينئذٍ شقّ الثوب الملاصق للبطن وخرقه. ويحتمل أن يكون كناية أيضا عمّا ذكرناه من الجوع والعطش.
وفي بعض النسخ بالحاء المهملة والضاد المعجمة، ولعلّه من التحريض بمعنى الحثّ والترغيب، فحاله يرجع إلى التحريض. ويحتمل كونه من الحرض _ بالتحريك _ وهو الفساد في البدن وفي المذهب، والرجل المريض الفاسد. والحارض: المشرف على الهلاك، ومن لا خير عنده، أو لا يرجى خيره ولا يخاف شرّه، ومن أذابه العشق، أو الحزن، والساقط الذي لا يقدر على النهوض، والمُضنى مرضا وسقما. وحرض نفسه يحرضها، أي أفسدها. وحرض _ ككرم وفرح _ : طال همّه وسقمه. وأحرضه المرض: إذا أفسد بدنه وأشفى على الهلاك.
والحاصل أنّهنّ جهلن بطونهنّ حارضة بأحد من تلك المعاني من الحزن أو من الجوع.
وفي بعضها: «خرمن» بالخاء المعجمة والرّاء المهملة، وكأنّه من الخرم، من النقص، أو القطع.
وفي بعضها بالحاء المهملة والزاء المعجمة، يُقال: خرمت الشيء خرما: إذا شددته، ولعلّ المراد أنّهنّ شددن بطونهنّ وأوباطهنّ من الجوع كما هو المتعارف.
وقيل: أي كُنّ شددن بطونهنّ لئلاّ تبدو عوراتهن لشقّ الجيوب،(1) وهو بعيد.
وفي بعضها: «حرمن» بالمهملتين، أي منعنها من الطعام والشراب، يُقال: حرمه الشيء _ كضرب _ : إذا منعه إيّاه.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَغَيْرِهِ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ(2) صلى الله عليه و آله فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ ، خَرَجَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ،
ص: 112
فَلَمَّا انْتَهى إِلَى الْمَكَانِ(1) الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ ، أَحْرَمُوا وَلَبِسُوا السِّلاَحَ ، فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لِيَرُدَّهُ ، قَالَ : ابْغُونِي رَجُلاً يَأْخُذُنِي عَلى غَيْرِ هذَا الطَّرِيقِ ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَسَأَلَهُ فَلَمْ يُوَافِقْهُ ، فَقَالَ : ابْغُونِي رَجُلاً(2) غَيْرَهُ ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ آخَرَ ، إِمَّا مِنْ مُزَيْنَةَ وَإِمَّا مِنْ جُهَيْنَةَ» .
قَالَ : «فَذَكَرَ لَهُ فَأَخَذَهُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهى إِلَى الْعَقَبَةِ ، فَقَالَ : مَنْ يَصْعَدْهَا حَطَّ اللّهُ عَنْهُ كَمَا حَطَّ اللّهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَقَالَ لَهُمُ : «ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّدا [...] نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ»(3)» .
قَالَ : «فَابْتَدَرَهَا خَيْلُ الْأَنْصَارِ : الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ» قَالَ(4) : «وَكَانُوا أَلْفا وَثَمَانَمِائَةٍ .
فَلَمَّا هَبَطُوا إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ إِذَا امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنُهَا عَلَى الْقَلِيبِ ، فَسَعَى ابْنُهَا هَارِبا ، فَلَمَّا أَثْبَتَتْ أَنَّهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، صَرَخَتْ بِهِ هؤلاَءِ الصَّابِئُونَ : لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهُمْ بَأْسٌ ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَأَمَرَهَا فَاسْتَقَتْ دَلْوا مِنْ مَاءٍ ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آلهفَشَرِبَ ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ، فَأَخَذَتْ فَضْلَتَهُ فَأَعَادَتْهُ فِي الْبِئْرِ ، فَلَمْ تَبْرَحْ(5) حَتَّى السَّاعَةِ .
وَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ فِي الْخَيْلِ ، فَكَانَ بِإِزَائِهِ ، ثُمَّ أَرْسَلُوا الْحُبَيْشَ(6) ، فَرَأَى الْبُدْنَ وَهِيَ تَأْكُلُ(7) بَعْضُهَا أَوْبَارَ بَعْضٍ ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ : يَا أَبَا سُفْيَانَ ، أَمَا وَ اللّهِ مَا عَلى هذَا حَالَفْنَاكُمْ عَلى أَنْ تَرُدُّوا الْهَدْيَ عَنْ مَحِلِّهِ .
فَقَالَ : اسْكُتْ ، فَإِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ ، فَقَالَ : أَمَا وَاللّهِ لَتُخَلِّيَنَّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَمَا أَرَادَ ، أَوْ لَأَنْفَرِدَنَّ فِي الْأَحَابِيشِ .
فَقَالَ : اسْكُتْ حَتّى نَأْخُذَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَلْثا .(8)
فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَقَدْ كَانَ جَاءَ إِلى قُرَيْشٍ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ أَصَابَهُمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ كَانَ خَرَجَ مَعَهُمْ مِنَ الطَّائِفِ وَكَانُوا تُجَّارا ، فَقَتَلَهُمْ وَجَاءَ بِأَمْوَالِهِمْ إِلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَأَبى رَسُولُ
ص: 113
اللّهِ صلى الله عليه و آله أَنْ يَقْبَلَهَا ، وَقَالَ : هذَا غَدْرٌ وَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِيهِ .
فَأَرْسَلُوا إِلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ ، هذَا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ قَدْ أَتَاكُمْ وَهُوَ يُعَظِّمُ الْبُدْنَ ، قَالَ : فَأَقِيمُوهَا ، فَأَقَامُوهَا .
فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَجِيءَ مَنْ جِئْتَ؟
قَالَ : جِئْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، وَأَسْعى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَأَنْحَرُ هذِهِ الاْءِبِلَ ، وَأُخَلِّي عَنْكُمْ وَعَنْ(1) لُحْمَانِهَا .
قَالَ : لاَ ، وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى ، فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ رُدَّ عَمَّا جِئْتَ لَهُ ، إِنَّ قَوْمَكَ يُذَكِّرُونَكَ اللّهَ وَالرَّحِمَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِمْ بِلاَدَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ ، وَأَنْ تَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ ، وَأَنْ تُجَرِّيَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ .
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مَا أَنَا بِفَاعِلٍ حَتّى أَدْخُلَهَا» .
قَالَ : «وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ حِينَ كَلَّمَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله تَنَاوَلَ لِحْيَتَهُ وَالْمُغِيرَةُ قَائِمٌ عَلى رَأْسِهِ ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ .
فَقَالَ : مَنْ هذَا يَا مُحَمَّدُ؟
فَقَالَ : هذَا ابْنُ أَخِيكَ الْمُغِيرَةُ .
فَقَالَ : يَا غُدَرُ ، وَاللّهِ مَا جِئْتَ إِلاَّ فِي غَسْلِ سَلْحَتِكَ .
قَالَ : فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ : لاَ وَاللّهِ ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدٍ ، رُدَّ عَمَّا جَاءَ لَهُ ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزّى ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَأُثِيرَتْ فِي وُجُوهِهِمُ الْبُدْنُ، فَقَالاَ : مَجِيءَ مَنْ جِئْتَ؟
قَالَ : جِئْتُ لِأَطُوفَ بِالْبَيْتِ ، وَأَسْعى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَأَنْحَرَ الْبُدْنَ ، وَأُخَلِّيَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ لُحْمَانِهَا .
فَقَالاَ : إِنَّ قَوْمَكَ يُنَاشِدُونَكَ اللّهَ وَالرَّحِمَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِمْ بِلاَدَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ ، وَتَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ ، وَتُجَرِّيَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ» .
قَالَ : «فَأَبى عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إِلاَّ أَنْ يَدْخُلَهَا .
وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ عُمَرَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، إِنَّ عَشِيرَتِي قَلِيلٌ ، وَإِنِّي فِيهِمْ
ص: 114
عَلى مَا تَعْلَمُ ، وَلكِنِّي أَدُلُّكَ عَلى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ .
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : انْطَلِقْ إِلى قَوْمِكَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ ، فَبَشِّرْهُمْ بِمَا وَعَدَنِي رَبِّي مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ ، فَلَمَّا انْطَلَقَ عُثْمَانُ لَقِيَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ ، فَتَأَخَّرَ عَنِ السَّرْجِ(1) ، فَحَمَلَ عُثْمَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَدَخَلَ عُثْمَانُ فَأَعْلَمَهُمْ ، وَكَانَتِ الْمُنَاوَشَةُ ، فَجَلَسَ سُهَيْلُ
بْنُ عَمْرٍو عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله، وَجَلَسَ عُثْمَانُ فِي عَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ، وَبَايَعَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آلهالْمُسْلِمِينَ ، وَضَرَبَ بِإِحْدى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرى لِعُثْمَانَ ، وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : طُوبى لِعُثْمَانَ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ ، وَسَعى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَأَحَلَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مَا كَانَ لِيَفْعَلَ ، فَلَمَّا جَاءَ عُثْمَانُ ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أَطُفْتَ بِالْبَيْتِ؟ فَقَالَ : مَا كُنْتُ لِأَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَرَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَمْ يَطُفْ بِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّةَ وَمَا كَانَ فِيهَا .
فَقَالَ لِعَلِيٍّ عليه السلام : اكْتُبْ : بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ .
فَقَالَ سُهَيْلٌ : مَا أَدْرِي مَا الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ إِلاَّ أَنِّي أَظُنُّ هذَا الَّذِي بِالْيَمَامَةِ ، وَلكِنِ اكْتُبْ كَمَا نَكْتُبُ : بِاسْمِكَ اللّهُمَّ .
قَالَ ، وَاكْتُبْ : هذَا مَا قَاضى(2) رَسُولُ اللّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو .
فَقَالَ سُهَيْلٌ : فَعَلى مَا نُقَاتِلُكَ يَا مُحَمَّدُ؟!
فَقَالَ : أَنَا رَسُولُ اللّهِ وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ .
فَقَالَ النَّاسُ : أَنْتَ رَسُولُ اللّهِ .
قَالَ : اكْتُبْ ، فَكَتَبَ: هذَا مَا قَاضى عَلَيْهِ(3) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ . فَقَالَ النَّاسُ : أَنْتَ رَسُولُ اللّهِ .
وَكَانَ فِي الْقِصَّةِ(4) أَنَّ مَنْ كَانَ مِنَّا أَتى إِلَيْكُمْ رَدَدْتُمُوهُ إِلَيْنَا وَرَسُولُ اللّهِ غَيْرُ مُسْتَكْرِهٍ عَنْ دِينِهِ ، وَمَنْ جَاءَ إِلَيْنَا مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ إِلَيْكُمْ .
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : لاَ حَاجَةَ لَنَا فِيهِمْ ، وَعَلى أَنْ يُعْبَدَ اللّهُ فِيكُمْ عَلاَنِيَةً غَيْرَ سِرٍّ وَإِنْ كَانُوا لَيَتَهَادَوْنَ السُّيُورَ فِي الْمَدِينَةِ إِلى مَكَّةَ ، وَمَا كَانَتْ قَضِيَّةٌ أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنْهَا ، لَقَدْ كَادَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلى أَهْلِ مَكَّةَ الاْءِسْلاَمُ ، فَضَرَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلى أَبِي جَنْدَلٍ ابْنِهِ ، فَقَالَ : أَوَّلُ مَا قَاضَيْنَا عَلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : وَهَلْ قَاضَيْتُ عَلى شَيْءٍ؟ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَا كُنْتَ بِغَدَّارٍ .
ص: 115
قَالَ : فَذَهَبَ بِأَبِي جَنْدَلٍ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ تَدْفَعُنِي إِلَيْهِ؟ قَالَ : وَلَمْ أَشْتَرِطْ لَكَ ، قَالَ : وَقَالَ : اللّهُمَّ اجْعَلْ لِأَبِي جَنْدَلٍ مَخْرَجا» .
السند حسن.
قوله: (في غزوة الحديبيّة) بضمّ الحاء وفتح الدال.
قال الجزري: «فيه: ذكر الحديبيّة [كثيرا] وهي قرية قريبة من مكّة سمّيت باسم بئر هناك(1)، وهي مخفّفة، وكثير من المحدِّثين يشدّدونها»(2) انتهى.
وقيل: كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله محرما بعمرة فصدّه المشركون، فصالحهم، ورجع ولم يدخل مكّة في ذلك العام، ودخلها في العام المقبل، وإنّما سمّيت هذه الرحلة غزوة مع أنّها كانت للعمرة لا للغزاء؛ لأنّها كانت في صورة الغزوة أو لقصدها على تقدير منع المشركين وعدم وقوع الصلح.(3)
(خرج في ذي القعدة) إلى قوله: (ولبسوا السلاح).
وذلك في سنة ستّ من الهجرة. وقيل: اتّفق ذلك في يوم الاثنين غرّة هذا الشهر، وساق معه الهدي، وأحرم بالعمرة من ذي الحليفة _ كما قيل _ ليأمن الناس من حربه، وليعلموا أنّه خرج زائرا.(4)
(قال: أبغوني رجلاً).
قال الفيروزآبادي: «بغيته أبغيه بُغاء وبُغا وبُغيَةً _ بضمّهنّ _ وبغيته بالكسر: طلبته، كابتغيته. وأبغاه الشيء: طلبه [له] كبغاه إيّاه كرماه، أو أعانه على طلبه».(5)
وقال الجزري: «يُقال: أبغني كذا _ بهمزة الوصل _ أي اطلب لي، وابغني _ بهمزة القطع _ أي أعنّي على الطلب».(6)
ص: 116
(يأخذني على غير هذا الطريق) أي يدلّني على غير الطريق الذي كنت أردت سلوكه، ولعلّ غرضه صلى الله عليه و آله من هذا أن لا يصادفه خالد.
(فاُتي برجلٍ من مزينة أو من جُهينة).
لعلّ الترديد من الراوي. و«مزينة» بضمّ الميم وفتح الزاء: قبيلة من مضر. و«جهينة» بالضمّ أيضا: اسم قبيلة.
(قال) أبو عبد اللّه عليه السلام: (فذكر له) أي ذكر ذلك الرجل لرسول اللّه صلى الله عليه و آله.
(فأخذه معه) وسارَ به (حتّى انتهى إلى العقبة) التي كانت هناك، والعقبة _ بالتحريك _ : مرقى صعب في الجبال.
(فقال: من يصعدها) أي العقبة.
(حطّ اللّه عنه) أي وضع ومحى عنه ذنوبه.
(كما حطَّ اللّه عن بني إسرائيل) أي عن طائفة منهم.
(فقال لهم: «ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ»).
قال اللّه عزّ وجلّ: «وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ» يعني بيت المقدس. وقيل: أريحا، اُمروا به بعد التيه.(1) «فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدا وَادْخُلُوا الْبَابَ». قيل: أي باب القرية أو القبّة التي كانوا يصلّون إليها، فإنّهم لم يدخلوا بيت المقدس في حياة موسى عليه السلام.
«سُجَّدا»: متطامنين مخبتين، أو ساجدين للّه شكرا على إخراجكم من التيه.
«وَقُولُوا حِطَّةٌ» أي مسألتنا أو أمرك حطّة، وهي فعلة من الحطّ، كالجلسة.
وقيل: هي اسم من استحطّني وزره، أي سألني أن أحطّ عنه. وقيل: معناه: أمرنا حطّة، أي أن نحطّ في هذه القرية ونُقيم بها.(2)
«نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ» بسجودكم ودعائكم.
(فابتدرها) أي عاجل وأسرع إلى تلك العقبة.
(خيل) من (الأنصار).
الخيل _ بالفتح _ : الفرسان.
ص: 117
وقوله: (الأوس والخزرج) بدل من الأنصار، أو من الخيل.
(قال: وكانوا ألفا وثمانمائة).
قال بعض العامّة: كانوا ألفا وأربعمائة.(1) وفي بعض رواياتهم: ألف وخمسمائة.(2) وفي بعضها: ألف وثلاثمائة.(3)
(فلمّا هبطوا إلى الحديبيّة إذا امرأة معها ابنها على القليب).
في القاموس: «القليب: البئر، أو العادية القديمة منها ويؤنّث».(4)
(فسعى ابنها) أي عدا وأسرع في المشي.
(هاربا) خوفا وفَرَقا.
(فلمّا أثبتت أنّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله) أي عرفته حقّ المعرفة.
(صرخت به) أي صاحت بابنها.
(هؤلاء الصابئون).
قال الجوهري في باب المهموز:
صبأ الرجل صبوء: إذا خرج من دين إلى دين. قال أبو عبيدة: صبأ من دينه إلى دينٍ آخر كما تصبأ النجوم، أي تخرج من مطالعها. وصبأ أيضا: إذا صار صابئا. والصّابئون جنس من أهل الكتاب.(5)
وقال الجزري: «وكانت العرب تسمّي النبيّ صلى الله عليه و آله الصابي؛ لأنّه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام».(6)
(ليس عليك منهم بأس) فلا تخف ولا تهرب.
(فأتاها رسول اللّه صلى الله عليه و آله، فأمرها فاستقت دلوا من ماء).
ضمير التأنيث في الموضعين عائد إلى المرأة، ويحتمل عود الأوّل إلى القليب. وإرجاعه إلى الحديبيّة بعيد.
ص: 118
(فأخذت فضلته فأعادته في البئر) أي أخذت تلك المرأة فضلة ذلك الماء، أو فضلة الغسل والشرب، فأعادت تلك الفضلة في البئر. وتذكير الضمير باعتبار الماء.
(فلم تبرح حتّى الساعة) أي لم يزل الماء من تلك البئر إلى الآن.
وفي كتب السِّير: أنّه صلى الله عليه و آلهلمّا نزل بالحديبيّة أخرج سهما من كنانته، فأعطاه رجلاً من أصحابه، فنزل في قليب من تلك القُلُب، فغرزه في جوفه، فجاش الماء بالريّ حتّى ضرب الناس فيه بعطن، وكان اسم الذي أخذ السهم ناجية بن عمر وسائق بُدن النبيّ صلى الله عليه و آله.(1)
وذكر بعضهم أنّ جريان الماء بين أصابعه صلى الله عليه و آله أيضا كان في تلك الغزوة.(2)
(وخرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله) من الحديبيّة (فأرسل إليه المشركون أبان بن سعيد في الخيل) أي مع فرسانهم وعسكرهم.
(فكان بإزائه) محلّ، المراد أنّه كان بإزاء النبيّ صلى الله عليه و آلهومقابلته ليمنعه من الوصول إلى مكّة.
وقيل: معناه: أنّه أتى حتّى قام بحذاء النبيّ صلى الله عليه و آله. أو المراد: أنّه كان قائد عسكر المشركين، كما أنّه صلى الله عليه و آله كان قائد عسكر المسلمين.(3)
(ثمّ أرسلوا الحُبَيش) مصغّر حبش، وهو الحبيش بن علقمة الكناني سيّد الأحابيش.
وفي بعض النسخ: «الحبش». وفي بعضها: «الحليس» بالحاء المهملة. وفي بعضها بالخاء المعجمة. وفي بعضها: «جليس» بالجيم. وهذا الأخير موافق لكتب السِّير.
والغرض من إرساله إلى المسلمين ليعلم حالهم واستعدادهم، وأنّهم هل جاؤوا محاربين، أو زائرين؟
(فرأى البُدن).
في القاموس: «البدنة _ محرّكة _ من الإبل والبقر كالأضحية من الغنم، تُهدى إلى مكّة، للذكر والاُنثى. الجمع: ككتب».(4)
ص: 119
وقال الجوهري: «جمع البدنة: بدن بالضمّ وبضمّتين».(1)
(وهي تأكل بعضها أوبار بعض).
الوبر _ محرّكة _ : صوف الإبل والأرنب ونحوهما، وجمعه: أوبار. ولعلّه كناية عن عضّ بعضها ظهر بعض، ويكون المقصود تجرّدها عن القتب والجهاز ونحوهما، وهو علامة الهدي؛ لأنّ الإبل تُساق كذلك إذا كانت للهدي.
والحاصل: أنّه لمّا رأى البُدن في البادية كذلك علم أنّها هدي، وأنّ النبيّ صلى الله عليه و آلهجاء زائرا ناسكا ولا يريد القتال.
(فرجع) قبل الوصول.
(ولم يأت رسول اللّه صلى الله عليه و آله) إلى قوله: (ما على هذا حالفناكم).
يُقال: حالفه إذا عاهده، ولازمه.
وقوله: (على أن تردّوا الهدي عن محلّه) بدل من قوله: «على هذا» وبيان للمشار إليه.
وغرضه: أنّا عاهدناكم على أن نردّ عنكم عدوّكم المحارب؛ لأنّ الناسك والزائر للبيت.
وقيل: إنّما قال ذلك؛ لأنّ المشركين كانوا يعظّمون البيت والزائرين له، وكان الصدّ والمنع من بلوغ الهدي محلّه مستقبحا عندهم.(2)
(فقال) يعني أبا سفيان: (اسكت، فإنّما أنت أعرابي).
قال الجوهري:
العرب: جيلٌ من الناس، والنسبة إليه عربيّ. والأعراب منهم: سكّان البادية خاصّة. والنسبة إلى الأعراب أعرابي؛ لأنّه لا واحد له، وليس الأعراب جمعا لعرب، كما كان الأنباط جمعا لنِبَطٍ، وإنّما العرب اسم جنس.(3)
أقول: غرض أبي سفيان من هذا الكلام أنّه لا علم للمخاطب بالخيل ودفع العدوّ وتدبير القتال كما هو شأن الأعراب.
(فقال) يعني الحبيش لأبي سفيان.
(أما واللّه لتخلّينّ عن محمّد وما أراد) من دخول مكّة، وإيقاع المناسك.
ص: 120
(أو لأنفردنّ في الأحابيش) أي أعتزل عنكم معهم، وأمنعهم عن معاونتكم.
قال الفيروزآبادي:
حبشي _ بالضمّ _ : جَبَلٌ بأسفل مكّة، ومنه أحابيش قريش؛ لأنّهم تحالفوا باللّه أنّهم لَيَدٌ على غيرهم ما يسجى ليل ووضح نهار، وما رسى حُبَيش.(1)
وقال صاحب النهاية:
الأحابيش: أحياء [من القارة] انضمّوا إلى بني ليث في محاربتهم قريشا. والتحبّش: التجمّع. وقيل: حالفوا قريشا تحت جبل يسمّى حبشيّا فسمّوا بذلك.(2)
(فقال) أبو سفيان: (اسكت حتّى نأخذ من محمّد ولثا).
قال الجوهري: «الولث: العهد من القوم يقع من غير قصد، أو يكون غير مؤكّد. يُقال: وَلَثَ له عَقْدا».(3)
(فأرسلوا إليه عروة بن مسعود) يعني أرسله مشركي مكّة إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله.
وقال بعض الشارحين: الغرض من قوله عليه السلام: (وقد كان جاء إلى قريش) إلى قوله: (ولا حاجة لنا فيه) بيان سبب انضمام عروة بن مسعود إلى قريش، وحاصله: أنّ قوما من التجّار _ وفيهم عروة _ خرجوا من الطائف، وخرج معهم المغيرة بن شعبة، فقتلهم غيلةً، وهرب عروة إلى قريش وكان بينهم.(4)
أقول: هذا غلط صريح وخطأ فاحش، بل هو تمهيد لما سيذكر بعدُ من قوله: «واللّه ما جئت إلاّ في غسل سلحتك».
وملخّص هذه القصّة على ما نقل عن الواقدي: أنّه ذهب مع ثلاثة عشر رجلاً عن بني مالك إلى مقوقس ملك إسكندريّة، وفضّل مقوقس بني مالك على المغيرة في العطاء، فلمّا رجعوا وكانوا في الطريق شرب بنو ملك خمرا وسكروا، فقتلهم المغيرة حسدا، وأخذ أموالهم، وأتى النبيّ صلى الله عليه و آله وأسلم، فقبل عليه السلام إسلامه، ولم يقبل من ماله شيئا، ولم يأخذ منه الخُمس لغدره، فلمّا بلغ ذلك أبا سفيان أخبر عروة بذلك، فأتى عروة رئيس بني مالك _
ص: 121
وهو مسعود بن عمرة _ فكلّمه في أن يرضى بالدية، فلم يرض بنو مالك بذلك، وطلبوا القصاص من عشائر المغيرة، واشتعلت بينهم نائرة الحرب، فأطفأها عروة بلطائف حيله، وضمن دية الجماعة من ماله.(1)
فنقول: قوله: «جاء إلى قريش» يعني عروة، وكلمة «في» في قوله: «في القوم» تعليليّة، أي جاء لأن يتكلّم ويشفع في أمر المقتولين الذين أصابهم وقتلهم المغيرة.
وقوله: (كان خرج) أي المغيرة، وضمير الجمع في «معهم» وما بعده راجع إلى القوم، والمستتر في «قتلهم» إلى المغيرة.
وقوله عليه السلام: (فأرسلوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله) تكرار لما سبق لتحقّق الربط بعد التوسيط بالقصّة المذكورة.
(فقالوا) أي جماعة من الصحابة.
(هذا عروة بن مسعود قد أتاكم وهو) أي عروة.
(يعظّم البدن) ويعلم مكانها، ولا يرضى بردّ من جاء بها.
(قال) يعني رسول اللّه صلى الله عليه و آله.
(فأقيموها) أي البدن.
(فأقاموها).
قيل: لعلّ الغرض من إقامتها أن يعلم أنّها هدي، وأنّه صلى الله عليه و آله جاء زائرا، لا محاربا، فيخبر قومه إذا رجع.(2)
(واُخلّي عنكم وعن لحمانها) يعني أتركها لكم وأرجع. واللُّحمان _ بالضمّ _ : جمع اللّحم كاللّحوم.
(قال: لا، واللاّت والعزّى).
كلمة «لا» مزيدة لتأكيد القسم. قال الفيروزآبادي: «اللاّت _ مشدّدة [التاء] _ : صنم، وقرأ بها ابن عبّاس وعكرمة وجماعة، سمّى بالذي كان يلت عنده السويق بالسمن، ثمّ خفّف».(3)
ص: 122
وقال: «العزّى: صنم، أو سمرة عبدتها غطفان».(1)
(فما رأيت مثلك ردّ) على صفة المجهول.
(عمّا جئت له).
مراده بالمثل مريد النسك وسائق الهدي.
وقيل: قال هذا على سبيل التعجّب، أي كيف يكون مثلك في الشرافة وعظم الشأن مردودا عن مثل هذا المقصد الذي لا يصلح أن يردّ عنه أحد.(2)
والحاصل: أنّك في جلالتك ينبغي أن لا تردّ عن أيّ مقصد قصدته ومقصدك في الخيريّة بحيث لا ينبغي أن يمنع عنه أحد، ومع اجتماعهما يريد قومك أن يصدّوك عن ذلك.
(إنّ قومك يذكّرونك اللّه والرحم) بالنصب عطف على اللّه .
و«يذكّرونك» من التذكير، أي ينشدونك باللّه ، ويقسمونك به وبالرّحم أن تتجنّب عن اُمور ولا ترتكبها، وهي: (أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم، وأن تقطع أرحامهم، و[أن] تجرّي عليهم عدوّهم).
يقال: جرّأته عليه تجرئة، أي شجّعته عليه، وأغريته به. وكلّ سائق من الاُمور الثلاث علّة للاحقه؛ لأنّ الدخول عليهم عنفا سبب لقطع الرحم، وهما سببان لجرأة سائر الأعداء عليهم.
وقيل: يحتمل أن يكون «تجرى [بالياء] من الإجراء، وأن يُراد بالعدوّ من كان معه صلى الله عليه و آله من أهل الإسلام.(3)
(فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: ما أنا بفاعل حتّى أدخلها) أي لا أفعل شيئا سوى الدخول؛ يعني لابدّ من ذلك بحيث لا يقع نقيضه، فالحصر إضافي.
(قال) أبو عبد اللّه عليه السلام: (وكان عروة بن مسعود حين كلّم رسول اللّه صلى الله عليه و آله) أي حدّثه، (تناول لحيته) أي لحية رسول اللّه صلى الله عليه و آله.
قيل: كانت عادتهم ذلك فيما بينهم عند مكالمتهم، ولجهله بشأنه صلى الله عليه و آله وعدم إيمانه لم
ص: 123
يعرف أنّ ذلك لا يليق بجنابه صلى الله عليه و آله.(1)
قال شارح صحيح مسلم:
إنّ المشركين بعثوا عروة بن مسعود الثقفي إليه صلى الله عليه و آله، فلمّا جلس بين يديه قال: يا محمّد، أجمعت أوباش الناس وجئت إلى بيضتك لتفتضّها بهم _ إلى قال: _ ثمّ جعل عروة يتناول لحية رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو يكلّمه، والمغيرة بن شعبة واقف على رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الحديد، وجعل يقرع يده إذا فعل ذلك ويقول: كفّ يدك عن وجه رسول اللّه صلى الله عليه و آله، انتهى.(2)
أقول: يظهر من هذا ما ذكرناه من إرجاع الضمير في «لحيته» إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله، وكذا الضمير البارز في قوله: (والمغيرة قائم على رأسه)، وأنّ المستتر في قوله: (فضرب) راجع إلى المغيرة، والبارز في (بيده) إلى عروة.
(فقال) أي عروة.
(من هذا) الذي ضرب بيدي (يا محمّد؟ فقال) رسول اللّه صلى الله عليه و آله: (هذا ابن أخيك المغيرة).
(فقال) عروة للمغيرة: (يا غُدر) بضمّ الغين المعجمة وفتح الدال المهملة.
قال الجوهري:
الغَدر: ترك الوفاء، وقد غدر به فهو غادر و غُدر، وأكثر ما يستعمل هذا في النداء بالشتم، يُقال: يا غُدر. وفي الحديث: «يا غدر، ألست أسعى في غدرتك؟».(3)
قال الجزري:
في حديث الحديبيّة: قال عروة بن مسعود للمغيرة: يا غُدَر، هل غسلت غدرتك إلاّ بالأمس. غُدَر معدول عن غادر للمبالغة، يُقال للذكر: غدر، وللاُنثى: غدار _ كقطام _ وهما مختصّان بالنداء في الغالب.(4)
(واللّه ما جئت إلاّ في غسل سلحتك).
السلح _ بالفتح _ : التغوّط. والسُّلاح _ بالضمّ _ : النجو. وجمعه: سِلحة _ بالكسر _ كغُلام وغِلمة.
ص: 124
والظاهر أنّ كلمة «في» للتعليل، وأنّ قوله: «ما جئت» بصيغة المتكلِّم، أي جئت الآن. أو قيل ذلك عند إطفاء نائرة الفتنة لإصلاح فسادك ودفع جرائمك، ويحتمل كونه بصيغة الخطاب، أي لم يكن مجيئك إلى النبيّ صلى الله عليه و آله وتوسّلك به للإسلام، بل للهرب ممّا صنعت من الجناية، وأتيت به من الجناية.
(قال) أبو عبد اللّه عليه السلام: (فرجع) عروة (إليهم) أي إلى المشركين.
(فاُثيرت في وجوههم البدن).
اُثيرت _ بالثاء المثلّثة _ من الإثارة، وهي التهييج، والإزعاج، والإنهاض. و«في» بمعنى «إلى»، أو للظرفيّة مجازا.
(إنّ قومك يناشدونك اللّه والرحم) إلى قوله: (وتجرّي عليهم عدوّهم).
يُقال: ناشده مناشدة ونشادا، أي حلفه؛ يعني أنّهم يسألونك ويقسمون عليك باللّه وبالرحم وبالقرابة التي بينك وبينهم في ترك تلك الاُمور وعدم ارتكابها.
وقوله: (إنّي فيهم على ما تعلم) من الحقارة والدناء والمذلّة، وقد مرّ في حديث نفيل والخطّاب نسبه وحسبه.
قال الجزري: «فيه: كان عمر في الجاهليّة مبرطشا، وهو الساعي بين البايع والمشتري شبه الدلاّل. ويروى بالسين المهملة بمعناه».(1)
وفي القاموس: «المبرطس: الذي يكتري للناس الإبل والحمير ويأخذ عليه جعلاً».(2)
وقوله: (لقى أبان بن سعيد)؛ هو أبان بن سعيد بن العاص بن اُميّة بن عبد شمس الأموي.
(فتأخّر عن السّرج) أي تأخّر أبان عن سرج دابّته، وأركب عثمان وركب خلفه تعظيما له ورعايةً لحقّ القرابة.
(وكانت المناوشة).
قال الجزري: «المناوشة في القتال: تداني الفريقين وأخذ بعضهم بعضا».(3)
وقال الجوهري: «ناوشه: أخذ برأسه ولحيته، ومنه المناوشة في القتال»(4)؛ أي كان
ص: 125
المشركين والمسلمون حينئذٍ في تهيئة القتال والجدال، ووقع بينهم محاربة كما نقل.
(وبايع رسول اللّه صلى الله عليه و آله المسلمين).
قيل: هذه البيعة يسمّونها بيعة الرضوان وبيعة تحت الشجرة، وحكى بعض العامّة أنّ سبب هذه البيعة أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قصد مكّة ليعتمر، فصدّه المشركون، ولمّا نزل الحديبيّة وهي على عشرة أميال من مكّة، وظهر صدّ المشركين، أرسل إليهم خِداش الخزاعي يعلمهم أنّه لا يريد الحرب، وإنّما جاء معتمرا، فعقروا به الجمل وأرادوا قتله، فمنعه الأحابيش، فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه و آله، فأراد أن يبعث عمر فقال: يا رسول اللّه ، قد علمت فظاظتي على قريش وهم يبغضونني، وليس بمكّة من بني عدي [بن] كعب من يمنعني، ولكن ابعث عثمان. فبعثه فلقيه أبان بن عثمان بن العاص، فنزل عن دابّته وحمله عليها، وأجاه حتّى أتى قريشا فأخبرهم، فقالوا: يا عثمان، إن أردت أن تطوف بالبيت فطف، وأمّا دخولكم علينا فلا سبيل إليه، فقال: ما كنت لأطوف حتّى يطوف رسول اللّه صلى الله عليه و آله، وصرخ صارخٌ في عسكر رسول اللّه صلى الله عليه و آله: قُتل عثمان، فقال المسلمون: إن يكن حقّا فلا نبرح حتّى نلقى القوم، فدعا رسول اللّه صلى الله عليه و آلهإلى البيعة، ونادى مناديه: البيعة البيعة، نزل روح القدس. فما تخلّف عن البيعة إلاّ [ابن] قيس الأنصاري المنافق، جعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله يده وقال: «هذه يد عثمان، وهي خير من يد عثمان» فبايعوا على السمع والطاعة والصبر وعدم الفرار وعلى أن لا ينازعوا الأمر أهله.(1)
(وضرب بإحدى يديه على الاُخرى لعثمان).
قيل: فعل هذا ليتأكّد عليه الحجّة والعهد والميثاق، فيستوجب بنكثه أشدّ العذاب، كما قال تعالى فيه وفي أخويه وأضرابهم: «فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ»(2)،(3) فتأمّل.
(ثمّ ذكر القصّة وما كان فيها).
في القاموس: «القِصّة _ بالكسر _ : الأمر، والذي يكتب.(4) الجمع: كعنب».(5)
ص: 126
وقال الجوهري: «القِصة: الأمر، والحديث»،(1) رواه على وجهه؛ يعني ذكر عثمان ما جرى بينه وبين قريش من حبسه ومنعه عن الرجوع، أو من طلبهم الصلح، أو إصرارهم على المنع من دخوله صلى الله عليه و آله مكّة.
وقيل: قوله: «ثمّ ذكر» كلام الراوي، أي ثمّ ذكر الصادق عليه السلام القصّة وما جرى فيها، وترك الراوي، ذكرها اختصارا».(2)
(إلاّ أنّي أظنّ) أي الرحمان الرحيم.
(هذا الذي باليمامة).
أراد مسيلمة الكذّاب، وكان أهل اليمامة يسمّونه رحمان اليمامة. قال الجوهري:
اليمامة: اسم جارية زرقاء، كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيّام. واليمامة: بلاد، وكان اسمها الجوّ، فسمّيت باسم تلك الجارية لكثرة ما اُضيف إليها. وقيل: جوّ اليمامة.(3)
(ولكن اكتب كما نكتب).
في بعض النسخ: «يكتب» بالياء.
(باسمك اللَّهُمَّ).
نقل عن كتاب إكمال الدِّين(4) عن السهيلي أنّه قال: باسم اللَّهُمَّ، كانت قريش تقولها، وأوّل من قالها اُميّة بن أبي الصلت، ومنه تعلّموها وتعلّمها، هو رجلٌ من الجنّ في خبرٍ طويلٌ ذكره.
(هذا ما قاضى رسول اللّه صلى الله عليه و آله سهيل بن عمرو).
والقضاء: الحكم، والفصل.
قال في المصباح: «قاضيته: حاكمته. وقاضيته على مال: صالحته عليه».(5)
وقيل: هذا يدلّ على أنّه يجوز في الصلح الاختصار بالاسم أو اللقب المختصّ، خلافا
ص: 127
لبعض العامّة؛ فإنّه قال: لابدّ فيه من ذكر أربعة أسماء: اسمه، واسم أبيه، وجدّه، وكنيته.(1)
(فقال سهيل: فعلى ما نقاتلك يا محمّد).
كلمة «ما» للاستفهام؛ يعني: ما قبلنا أنّك رسول اللّه ، وما اعترفنا به، ولو كنّا قبلنا ذلك ما نقاتلك.
(فقال) رسول اللّه صلى الله عليه و آله: (أنا رسول اللّه وأنا محمّد بن عبد اللّه ، فقال الناس) أي المسلمون تصديقا له صلى الله عليه و آله: (أنت رسول اللّه ).
(قال) رسول اللّه صلى الله عليه و آله لعليّ عليه السلام: (اكتب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد اللّه ).
روي أنّه صلى الله عليه و آله قال: «يا عليّ، امحُ لفظ الرسول واثبت مكانه: ابن عبد اللّه ». فقال عليّ عليه السلام: «لا يساعدني يدي على محو صفة الرسالة عن اسمك» فقال: «ضع يدي على تلك الكلمة فوضعها عليها فمحاها». ثمّ قال: «يا عليّ، سيكون لك أيضا مثل هذا» وهو إشارة إلى ما وقع بينه عليه السلام وبين معاوية.(2)
وقيل: مساعدته صلى الله عليه و آله على ذلك هي رغبة في إتمام الصلح الذي علم أنّ عاقبته الغلبة، وليس عدم كتب ما ذكر من الرسالة ضارّا، وإنّما الضارّ كتب ما لا يحلّ اعتقاده من ذكر آلهتهم وشركهم ونحوها، وسنذكر بعض فوائده.(3)
(فقال الناس: أنت رسول اللّه ) أي كرّر الصحابة وأعادوا هذا القول ردّا على مَن أنكره.
(وكان في القصّة) أي في قصّة الصلح والمقاضاة.
وفي بعض النسخ: «في القضيّة» وهو بمعنى القضاء.
(أنّ من كان منّا) أي من المشركين.
(أتى إليكم) أي إلى المسلمين مسلما.
(رددتموه إلينا).
قيل: يعني أن طلبناه منكم.(4)
ص: 128
أقول: لا قرينة على اعتبار هذا القيد.
(ورسول اللّه صلى الله عليه و آله غير مستكره عن دينه).
قال في تاج اللّغة: «الاستكراه بمعنى الإكراه». ولعلّ المراد أنّه صلى الله عليه و آله لا يكره أحد أن يرجع عن دينه ولا يجبره على الإسلام.
وقال بعض الشارحين: «أي غير مستكره عن قضائه وحكمه بالردّ إلينا، والدين هنا القضاء والحكم، ومنه الديّان من أسمائه تعالى؛ لأنّه القاضي والحاكم»(1) انتهى كلامه، وهو كما ترى.
(ومن جاء إلينا) أي إلى الكفّار (منكم) يعني من المسلمين مرتدّا عن الإسلام.
(لم نردّه إليكم).
قيل: يعني إن طلبتموه،(2) وقد مرّ مثله.
(فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: لا حاجة لنا فيهم) أي فيمن جاء إليكم مرتدّا عن الإسلام.
(وعلى أن يعبد اللّه فيكم علانية غير سرّ) أي أخذ رسول اللّه صلى الله عليه و آلهالعهد عليهم أن لا يؤذوا أحدا من المسلمين في مكّة وغيرها، ولا يمنعوهم أن يعبدوا اللّه بينهم جهارا من غير تقيّة ولا مانع.
(وإن كانوا ليتهادون السيور في المدينة إلى مكّة).
هذا كلام الصادق عليه السلام لبيان فوائد تلك المصالحة وثمرتها، بأنّها صارت موجبة لأمن المسلمين وأمانهم بحيث كانوا يتهادون، أي يبعثون الهدايا من المدينة إلى مكّة من غير مانع ولا خوف، كما أشار إليه بقوله: (وما كانت قضيّة أعظم بركة منها).
والسّيور _ بالياء المثنّاة التحتانيّة _ جمع السَّير بالفتح، وهو الذي يقدّ من الجلود.
وقيل: لعلّ المراد بها الحصر المدنيّة؛ لأنّها كانت تنسج من السّيور.(3)
ويحتمل أن يُراد بها نوعا من الثياب. قال الجوهري: «السَّير من الثياب: الذي فيه خطوط كالسّيور».(4)
ص: 129
وفي بعض النسخ: «الستور» بالتاء المثنّاة الفوقانيّة، وهي جمع الستر، وهو ما يعلّق على الأبواب وغيرها.
(لقد كاد أن يستولي على أهل مكّة الإسلام) أي أهل الإسلام، أو قبول دين الإسلام.
والاستيلاء: الغلبة، والظفر. وهذا يدلّ على أنّ للإمام أن يعقد الصلح على ما رآه مصلحة لعامّة المسلمين، وأن يظهر تلك المصلحة في بادئ الرأي، وخفى سرّها للبعض وظنّوا احتمال المفسدة فيها.
وروي أنّه لمّا وقع الصلح اختلط الناس بعضهم ببعض، واختلفوا إلى المدينة، وسمعوا من المسلمين أحكام الدِّين، ووقفوا على حُسن سيرة سيّد المرسلين ومعجزاته وأعلام نبوّته، وعاينوا كثيرا من ذلك مشافهةً، وصار ذلك سببا لميلهم إلى الإسلام، ودخلوا في دين اللّه أفواجا.(1)
(فضرب سهيل بن عمرو على أبي جندل ابنه).
يُقال: ضرب على يديه، أي أمسكه.
روي أنّ أبا جندل أسلم بمكّة، فحبسه أبوه سهيل، وكبّله وزجره ليرتدّ عن الإسلام.(2)
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان:
فقال سهيل: على أنّه لا يأتيك منّا رجلٌ، وإن كان على دينك إلاّ رددته إلينا، ومَن جاءنا ممّن معك لم نردّه عليك، فقال المسلمون: سبحان اللّه ، كيف يردّ إلى المشركين وقد جاء مسلما؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: «من جاءهم منّا فأبعده اللّه ، ومَن جاءنا منهم رددناه إليهم، فلو علم اللّه الإسلام من قلبه جعل له مخرجا» _ إلى أن قال:
_ فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده قد خرج من أسفل مكّة حتّى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمّد، أوّل ما اُقاضيك عليه أن تردّه، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله: «إنّا لم نقض بالكتاب بعدُ». قال: واللّه إذا لا اُصالحك على شيء! فقال النبيّ صلى الله عليه و آله: «فأجره لي» فقال: ما أنا بمجيره لك. قال: «بلىفافعل». قال: وما أنا بفاعل. قال مكرز: قد أجرناه. قال أبو جندل بن سهيل: معاشر
ص: 130
المسلمين، اُردّ إلى المسلمين(1) وقد جئت مسلما، ألا ترون ما قد لقيت، وكان قد عُذِّب عذابا شديدا؟!(2)
وقال الشيخ المذكور في كتاب إعلام الورى:
فجاء أبو جندل إلى النبيّ صلى الله عليه و آله حتّى جلس إلى جنبه، فقال أبوه سهيل: ردّه عليَّ، فقال المسلمون: لا نردّه، فقام صلى الله عليه و آله وأخذ بيده فقال: «اللَّهُمَّ إن كنت تعلم أنّ أبا جندل لصادق فاجعل له فرجا ومخرجا!» ثمّ أقبل على الناس وقال: ليس عليه بأس إنّما يرجع إلى أبيه واُمّه، وأنّي اُريد أن أتمّ لقريش شرطها. ورجع رسول اللّه صلى الله عليه و آلهإلى المدينة، وأنزل اللّه في الطريق سورة الفتح: «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحا مُبِينا»(3).
قال الصادق عليه السلام: «فما انقضت تلك المدّة حتّى كاد الإسلام يستولي على أهل مكّة، ولمّا رجع رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى المدينة انفلت أبو بصير بن أسيد ابن جارية الثقفي من المشركين، وبعث الأخنس بن شريق في أثره رجلين، فقتل أحدهما وأتى رسول اللّه صلى الله عليه و آله مسلما مهاجرا، فقال [له] مسعر بن حرب: لو كان معه أحد، ثمّ قال: شأنك بسلب صاحبك، واذهب حيث شئت، فخرج أبو بصير ومعه خمسة نفر كانوا قدموا معه مسلمين حتّى كانوا بين العيض وذي المروة من أرض جهينة على طريق عيرات قريش ممّا يلي سيف البحر، وانفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو في سبعين [رجلاً] راكبا أسلموا، فلحق بأبي بصير، واجتمع إليهم ناس من غفار وأسلم وجهينة حتّى بلغوا ثلاثمائة مقاتل وهم مسلمون لا تمرّ بهم عير لقريش إلاّ أخذوها وقتلوا أصحابها، فأرسلت قريش أبا سفيان بن حرب إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله يسألونه ويتضرّعون إليه أن يبعث إلى أبي بصير وأبي جندل ومن معهم، فيقدّموا عليه وقالوا: من خرج منّا إليك فامسكه غير حرج أنت فيه، فعلم الذين كانوا أشاروا على رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يمنع أبا جندل من أبيه بعد القضيّة أنّ طاعة رسول اللّه صلى الله عليه و آلهخيرٌ لهم فيما أحبّوا وفيما كرهوا،(4) انتهى.
وقال صاحب معارج النبوّة(5): لمّا رجع رسول اللّه صلى الله عليه و آله من منزل الحديبيّة إلى المدينة فرّ أبو بصير من مكّة _ وكان أسلم _ وأتى المدينة راجلاً في سبعة أيّام، فكتب أخنس بن شريق
ص: 131
وأزهر بن عبد عوف إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله بيد رجلين أحدهما من بني عامر والآخر اسمه كوثر، فقرأ اُبيّ بن كعب مكتوب المشركين على رسول اللّه صلى الله عليه و آله التمسوا فيه ردّ أبي بصير إلى مكّة بمقتضى صلح الحديبيّة، فسلّم رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبا بصير إلى الرسولين، فقال: يا رسول اللّه ، تردّني إلى المشركين ليفتنوني في ديني؟ فقال صلى الله عليه و آله: «أنت تعلم إنّا عاهدنا قريشا، وليس في ديننا غدرا ولا نقض عهد» وقال له: «اذهب سيجعل اللّه لك ولمَن أسلم بمكّة فرجا ومخرجا.
فأخذاه وانطلقا إلى مكّة، فلمّا بلغوا إلى ذي الحليفة فنزلوا فيه ليستريحوا، فدخل أبو بصير مسجدا كان هناك وصلّى فيه ركعتين، ثمّ أخرج زاده الذي كان معه، فدعا صاحبيه إلى الطعام، فأبيا وقالا: لا حاجة لنا إلى طعامك، فقال أبو بصير بالرفق والملاطفة: لو كنتما دعوتماني إلى طعامكما؟! فأكلوا جميعا واستأنسوا، فسأل أبو بصير عن العامري اسمه ونسبه، وقال له: إنّ سيفك يروق في عيني، فسلَّ العامري سيفه وقال: نعم إنّ سيفي حسن صارم وقد جرّبته مرارا، فقال أبو بصير: أرنيه حتّى أنظر، فناوله إيّاه فتناوله أبو بصير وقتل العامري بذلك السيف، فلمّا رأى كوثر أنّه قتله هرب منه إلى المدينة، وجاء إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال: إنّ صاحبي قد قتل وأنا أيضا لا آمن منه، فبينا هو كذلك إذ جاء أبو بصير على إثره راكبا على فرس العامري، ودخل في مجلس رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال: يا رسول اللّه ، إنّك قد وفيت بعهدك ولم تنقضه، وجعل اللّه لي مخرجا ونجّاني.
فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: «إنّ أبا بصير لبَطَلٌ لو كان معه أحد» وأشعر بذلك إلى فرار أبي بصير من المدينة، وأن يلحق به المسلمون المحصورون بمكّة، واشتغلوا بإيذاء المشركين، فتفطّن
أبو بصير غرضه صلى الله عليه و آله، فأقبل يهرب، ولم يقف في موضع حتّى بلغ منزل عيس بسيف البحر، فكتب طائفة من الصحابة إلى مسلمي أهل مكّة وأخبروهم بالواقعة وبما قال النبيّ صلى الله عليه و آله في
شأن أبي بصير، فلمّا سمع أبو جندل بن سهيل ذلك انفلت من المشركين، ولحق أبا بصير، ثمّ لحق بهما المسلمون واحدا بعد واحد حتّى اجتمع سبعون رجلاً منهم _ وعلى رواية ثلاثمائة _ فلمّا ذلك الموضع مختلف عير قريش وممرّها انتهزوا فرصة واشتغلوا بقتلها ونهب أموالها، وضيّقوا الأمر على المشركين، فأرسلوا سفيان بن حرب إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله
ص: 132
يناشدونه باللّه والرحم أن يطلب أبا بصير وأصحابه إلى المدينة ويمنعهم من فعلهم، فجاء أبو سفيان وقال: يا رسول اللّه ، إنّ قريشا قالوا: من خرج إليك منّا إليك فامسكه من غير حرج، وقد أقلنا هذا الشرط ولا نناقش فيه بعدُ، فكتب رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى أبي بصير وأصحابه يدعوهم إلى المدينة، فبلغ مكتوبه صلى الله عليه و آله إلى أبي بصير وهو في حالة السّياق يجود بنفسه، فلمّا رأى الكتاب أخذه ومسح به وجهه حتّى مات رحمه الله، فاشتغل أبو جندل ومن معه من المسلمين بتجهيزه وتكفينه ودفنه، فلمّا فرغوا توجّهوا إلى المدينة، وقيل نزل في تلك القضيّة قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ»(1) الآية.
(فقال: أوّل ما قضينا عليه).
في بعض النسخ: «أوّل ما قاضينا عليه»، أي هذا أوّل ما حكمنا وصالحنا عليه فيلزمكم ردّه إلينا.
(فقال رسول اللّه : وهل قاضيت على شيء؟).
الاستفهام للإنكار، ولعلّ المراد أنّه لم يتمّ الكتاب بَعدُ، ولم ينعقد عقد الصلح، فليس علينا أن نردّه. صرّح به كثيرٌ من أهل السِّير، ويفهم أيضا ممّا نقلناه عن الشيخ الطبرسي رحمه الله.
وقيل: معناه: لم نحكم على كلّ شيء حتّى يدخل فيه هذا.(2)
وقيل: يعني ما قاضيت فيه على شيء كيف وهو مسلم وهو عندنا وليس ممّن جاء إليكم مرتدّا.(3)
وقيل: الظاهر «إن قاضيت» على صيغة المتكلّم، أي هل نقضي لك شيئا من المال ليكون هو عندنا إلاّ أنّه عبّر عن المستقبل بصيغة الماضي للدلالة على ترقّب وقوعه، فلم يرض سهيل بن عمرو.(4)
وقال الفاضل الإسترآبادي:
قصده صلى الله عليه و آله أنّه ما قاضينا على شيء نافع لك؛ فإنّه كان عالما بأنّ أبا بصير بن أسيد
ص: 133
وأبا جندل يتقلّبان من المشركين في سبعين راكبا يسلمون على يد أبي جندل، ويجتمع عليهم ناس من غفار وأسلم وجهينة على يده حتّى يبلغوا ثلاثمائة مقاتل كلّهم مسلمون، لا يمرّ عليهم عير لقريش إلاّ أخذوها وقتلوا أصحابها، وهو ما فهم قصد النبيّ صلى الله عليه و آله، انتهى.(1)
وأنت خبير بما في هذه التوجيهات من التعسّف، والظاهر ما قلناه أوّلاً؛ لا يقال: يلزم على ما ذكرت أن لا يردّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبا جندل ولا يدفعه إلى المشركين، لأنّا نقول: لمّا كانت تلك المصالحة لمصالح عامّة المسلمين _ كما عرفت _ ولابدّ من وقوعها البتّة، وتوقّف إيقاعها بردّه كما مرّ من عدم رضاء سهيل بالصلح إلاّ به، فلا جرم ردّه إليه لئلاّ تفوت تلك المصلحة.
(فقال: يا محمّد، ما كنت) على صيغة الخطاب.
(بغدّار).
الغدر: ضدّ الوفاء.
(قال: فذهب بأبي جندل).
الباء للتعدية، أي فردّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله، فذهب به سهيل.
(فقال) أي أبو جندل.
(تدفعني إليه) استفهام أو إنكار.
(قال) رسول اللّه صلى الله عليه و آله: (ولم أشترط لك) أي ما كنت اشترطت استثناءك حين العقد وغيره.
وقيل: أي ليس هذا شرطا يخصّك، بل هذا شرط قاضينا عليه لمصلحة عامّة المسلمين، ولابدّ من ذلك. أو المراد: لم تكن أنت داخلاً في هذا الشرط؛ لمجيئك قبل تمام الكتاب،لكن هؤلاء يجبروننا عليه. قال: ويحتمل على بُعدٍ أن يكون إشارة إلى ما وعده عليه السلامبالخلاص والنجاة على سبيل الاستفهام الإنكاري، أي ألم أشترط لك بالنجاة؟!(2)
(وقال: اللَّهُمَّ اجعل لأبي جندل مخرجا) أي من الضيق والشدّة.
قال ابن الأثير في الكامل:
فبينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله يكتب الكتاب إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في
ص: 134
الحديد قد انفلت إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله، فلمّا رأى سهيل ابنه أخذه وقال: يا محمّد، قد تمّت القضيّة بينك وبيني قبل أن يأتيك هذا، قال: صدقت، وأخذه ليردّه إلى قريش، فصاح أبو جندل: يا معشر المسلمين أردّ إلى المشركين ليفتنوني عن ديني، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه و آله: «احتسب؛ فإنّ اللّه جاعل لك ولمَن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، إنّا قد أعطينا القوم عهودنا على ذلك فلا نغدر بهم».(1)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنِ الْفَضْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «أَوْ جاؤكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ»(2) قَالَ : «نَزَلَتْ فِي بَنِي مُدْلِجٍ ؛ لِأَنَّهُمْ جَاوُوا إِلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَالُوا : إِنَّا قَدْ حَصِرَتْ صُدُورُنَا أَنْ نَشْهَدَ أَنَّكَ رَسُولُ اللّهِ ، فَلَسْنَا مَعَكَ وَلاَ مَعَ قَوْمِنَا عَلَيْكَ» .
قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله؟
قَالَ: «وَاعَدَهُمْ(3) إِلى أَنْ يَفْرُغَ مِنَ الْعَرَبِ، ثُمَّ يَدْعُوهُمْ ، فَإِنْ أَجَابُوا، وَإِلاَّ قَاتَلَهُمْ».
السند موثّق.
(قوله: عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة النساء: «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللّه ِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّا وَلاَ نَصِيرا * إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ»(4) وينتهون إلى قوم عاهدوكم وتفارقوا محاربتكم، والقوم هم خزاعة.
وقيل: هم الأسلميّون؛ فإنّه عليه السلاموادعَ وقت خروجه إلى مكّة هلال بن عويم السلمي على أن لا يعينه ولا يعين عليه، ومن لجأ إليه فله من الجوار مثل ما له.(5)
ص: 135
وقيل: بنو بكر بن زيد بن مناة.(1)
«أَوْ جَاءُوكُمْ»عطف على الصلة، أي الذين جاءوكم كافّين عن قتالكم وقتال قومهم، استثنى عن المأمور بأخذهم وقتلهم من ترك المحاربين، فلحق بالمعاهدين، وأتى الرسول وكفّ عن قتال الفريقين، أو على صفة قوم وكأنّه قيل: إلاّ الذين يصلون إلى قوم معاهدين،أو قوم كافّين عن القتال لكم وعليم، والأوّل أظهر لقوله: «فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ».
«حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ» حال بإضمار «قد»، ويدلّ عليه «أن». قرى: «حَصِرَةٌ صدورهم» و«حصرات». أو بيان ل «جاؤكم».
وقيل: صفة محذوف، أي جاؤوكم قوما حصرت صدورهم، وهم بنو مدلج (جاؤوا
رسول اللّه صلى الله عليه و آله) غير مقاتلين، والحصر: الضيق، والانقباض.(2)
«أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ» أي عن أنْ، أو لإنْ، أو كراهة أن يقاتلوكم.
(قال: نزلت في بني مدلج) بضمّ الميم وكسر اللاّم: قبيلة من كنانة.
وقد يترائى أنّ قوله: (إنّا قد حصرت صدورنا) يكون تفسيرا لقوله تعالى: «حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ» فلا تغفل.
والحصر _ بالتحريك _ : ضيق الصدر، وفعله كعلم.
وقوله عليه السلام: (واعدهم) من المواعدة، وهي أن يعد بعضهم بعضا.
وفي بعض النسخ: «وادعهم» من الموادعة، وهي المهادنة، والمصالحة.
وقوله: (ثمّ يدعوهم) يعني إلى الإسلام.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ وَهُوَ فَرْقَدٌ ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْحَمَّارِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «إِنَّ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى بَعَثَ أَرْبَعَةَ أَمْلاَكٍ فِي إِهْلاَكِ قَوْمِ لُوطٍ :
ص: 136
جَبْرَئِيلَ ، وَمِيكَائِيلَ ، وَإِسْرَافِيلَ ، وَكَرُوبِيلَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ ، فَمَرُّوا بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَهُمْ مُعْتَمُّونَ ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَعْرِفْهُمْ وَرَأى هَيْئَةً حَسَنَةً ، فَقَالَ : لاَ يَخْدُمُ هؤلاَءِ أَحَدٌ إِلاَّ أَنَا بِنَفْسِي وَكَانَ صَاحِبَ أَضْيَافٍ ، فَشَوى لَهُمْ عِجْلاً سَمِينا حَتّى أَنْضَجَهُ ، ثُمَّ قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ «فَلَمَّا»وَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ «رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً»(1).
فَلَمَّا رَأى ذلِكَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام ، حَسَرَ الْعِمَامَةَ عَنْ وَجْهِهِ وَعَنْ رَأْسِهِ ، فَعَرَفَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ، فَقَالَ : أَنْتَ هُوَ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَمَرَّتِ امْرَأَتُهُ سَارَةُ ، فَبَشَّرَهَا بِإِسْحَاقَ ، وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ، فَقَالَتْ : مَا قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَجَابُوهَا(2) بِمَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ .
فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام لَهُمْ : فِيمَا ذَا جِئْتُمْ؟ قَالُوا لَهُ : فِي إِهْلاَكِ قَوْمِ لُوطٍ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنْ كَانَ فِيهَا مِائَةٌ مِنَ الْمُؤمِنِينَ تُهْلِكُونَهُمْ؟ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام : لاَ ، قَالَ : فَإِنْ كَانُوا خَمْسِينَ؟ قَالَ : لاَ ، قَالَ : فَإِنْ كَانُوا ثَلاَثِينَ؟ قَالَ : لاَ ، قَالَ : فَإِنْ كَانُوا عِشْرِينَ؟ [قَالَ : لاَ ، قَالَ : فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً؟ قَالَ : لاَ ، قَالَ ، فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً؟] قَالَ : لاَ ، قَالَ : فَإِنْ كَانُوا وَاحِدا؟ قَالَ : لاَ ، قالَ : إِنَّ(3) فِيها لُوطا ، قالُوا : «نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ»(4) ، ثُمَّ مَضَوْا» .
وَقَالَ الْحَسَنُ الْعَسْكَرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ : «لاَ أَعْلَمُ ذَا الْقَوْلَ إِلاَّ وَ هُوَ يَسْتَبْقِيهِمْ ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
«يُجادِلُنا فِى قَوْمِ لُوطٍ»(5) فَأَتَوْا لُوطا وَهُوَ فِي زِرَاعَةٍ لَهُ قُرْبَ الْمَدِينَةِ ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُمْ مُعْتَمُّونَ ، فَلَمَّا رَآهُمْ رَأى هَيْئَةً حَسَنَةً ، عَلَيْهِمْ عَمَائِمُ بِيضٌ ، وَثِيَابٌ بِيضٌ ، فَقَالَ لَهُمُ : الْمَنْزِلَ ، فَقَالُوا : نَعَمْ ، فَتَقَدَّمَهُمْ وَمَشَوْا خَلْفَهُ ، فَنَدِمَ عَلى عَرْضِهِ عَلَيْهِمُ الْمَنْزِلَ ، وَقَالَ : أَيَّ شَيْءٍ صَنَعْتُ ، آتِي بِهِمْ قَوْمِي وَأَنَا أَعْرِفُهُمْ؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَارَ خَلْقِ اللّهِ ،(6) وَقَدْ قَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام : لاَ تَعْجَلُ(7) عَلَيْهِمْ حَتّى يَشْهَدَ ثَلاَثَ شَهَادَاتٍ ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام : هذِهِ وَاحِدَةٌ .
ثُمَّ مَشى سَاعَةً ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَارَ خَلْقِ اللّهِ ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام : هذِهِاثْنَتَانِ .
ثُمَّ مَضى ، فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ الْمَدِينَةِ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَارَ خَلْقِ اللّهِ ، فَقَالَ
ص: 137
جَبْرَئِيلُ عليه السلام : هذِهِ ثَالِثَةٌ .
ثُمَّ دَخَلَ وَدَخَلُوا مَعَهُ ، فَلَمَّا رَأَتْهُمُ امْرَأَتُهُ رَأَتْ هَيْئَةً حَسَنَةً ، فَصَعِدَتْ فَوْقَ السَّطْحِ ، وَصَفَّقَتْ(1) فَلَمْ يَسْمَعُوا فَدَخَّنَتْ .
فَلَمَّا رَأَوُا الدُّخَانَ أَقْبَلُوا يُهْرَعُونَ إِلَى الْبَابِ ، فَنَزَلَتْ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَتْ : عِنْدَهُ قَوْمٌ مَا رَأَيْتُ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُمْ هَيْئَةً ، فَجَاؤُوا إِلَى الْبَابِ لِيَدْخُلُوهَا(2) ، فَلَمَّا رَآهُمْ لُوطٌ قَامَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : يَا قَوْمِ اتَّقُوا اللّهَ «وَلا تُخْزُونِ فِى ضَيْفِى أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ»فَقَالَ : «هؤلاَءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ»(3) فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحَلاَلِ ، فَقَالُوا : «لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِى بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ»(4) ، فَقالَ : «لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِى إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ»(5) فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام : لَوْ يَعْلَمُ أَيُّ قُوَّةٍ لَهُ .
فَكَاثَرُوهُ حَتّى دَخَلُوا الْبَيْتَ».
قَالَ : «فَصَاحَ بِهِمْ(6) جَبْرَئِيلُ : يَا لُوطُ ، دَعْهُمْ يَدْخُلُونَ ، فَلَمَّا دَخَلُوا أَهْوى جَبْرَئِيلُ نَحْوَهُمْ بِإِصْبَعِهِ(7) ، فَذَهَبَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ : «فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ»(8) .
ثُمَّ نَادى جَبْرَئِيلُ ، فَقَالَ : «إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ»(9) وَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ : إِنَّا بُعِثْنَا فِي إِهْلاَكِهِمْ ، فَقَالَ : يَا جَبْرَئِيلُ عَجِّلْ ، فَقَالَ : «إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ»(10)».
قَالَ : «فَأَمَرَهُ فَتَحَمَّلَ وَ مَنْ مَعَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ».
قَالَ : «ثُمَّ اقْتَلَعَهَا جَبْرَئِيلُ بِجَنَاحِهِ(11) مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ ، ثُمَّ رَفَعَهَا حَتّى سَمِعَ أَهْلُ سَمَاءِ الدُّنْيَا نُبَاحَ الْكِلاَبِ وَ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ ، ثُمَّ قَلَبَهَا وَأَمْطَرَ عَلَيْهَا وَعَلى مَنْ حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ» .
ص: 138
السند مجهول.
قوله: (أربعة أملاك) كأنّه جمع ملك، كجمل وأجمال.
وقوله: (وهم معتمّون) من الاعتمام وهو لبس العمامة.
وقوله: (كان صاحب أضياف) جمع الضيف، أي يدعوهم إلى طعامه كثيرا ويكرمهم ويحبّهم.
وقوله: «نَكِرَهُمْ» بكسر الكاف، أي لم يعرفهم.
«وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً».
الإيجاس: إضمار الخيفة في النفس، من الوجس، وهو فزعة القلب.
ويفهم من هذا الخبر أنّ خوفه منهم لعدم علمه بكونهم ملائكة. وقيل: لأنّه لمّا رآهم شبّانا أقوياء، وكان ينزل طرفا من البلد، وكانوا يمتنعون من تناول طعامه، لم يأمن أن يكون ذلك لبلاء؛ وذلك أنّ أهل ذلك الزمان إذا أكل بعضهم طعام بعض أمِنَه صاحب الطعام على نفسه وماله.
وقيل: إنّه ظنّهم لصوصا يريدون به سوء.
وقيل: علم أنّهم ملائكة، فخاف أن يكون نزولهم لعذاب قومه حتّى «قَالُوا لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ»(1) بالعذاب والإهلاك، لا على قومك.(2)
(فلمّا رأى ذلك) الإيجاس.
(جبرئيل عليه السلام، حسر العمامة عن وجهه وعن رأسه).
يقال: حسرت العمامة عن رأسي والثوب عن بدني _ كنصرت وضربت _ أي كشفتها.
(فعرفه إبراهيم عليه السلام، فقال: أنت هو؟ فقال: نعم).
وقال بعض المفسّرين: «إنّهم دعوا اللّه فأحيى العجل الذي كان ذبحه إبراهيم عليه السلام وشواه فطفر ورعى، فعلم حينئذٍ أنّهم رسل اللّه ».(3)
ص: 139
(ومرّت امرأته)؛ الضمير لإبراهيم.
وقوله: (سارة) عطف بيان لإمرأته، أو بدل منها.
(فبشّرها بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب).
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ»:(1)
نصب يعقوب ابن عامر وحمزة وحفص بفعل يفسّره ما دلّ عليه الكلام، وتقديره: ووهبناها من وراء إسحاق يعقوب. وقيل: إنّه معطوف بموضع «بإسحاق» أو على لفظ إسحاق، وفتحته للجرّ؛ فإنّه [غير مصروف] ورد الفصل بينه وبين ما عطف عليه بالظرف، وقرأ الباقون بالرفع على أنّه مبتدأ وخبره الظرف، أي [ويعقوب] مولود من بعده. وقيل: الوراء ولد الولد، سمّي به لأنّه بعد الولد.(2)
(فقالت ما قال اللّه عزّ وجلّ) وهو قوله تعالى: «قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخا إِنَّ هَذَا لَشَىْ ءٌ عَجِيبٌ».(3)
قيل: يا ويلتي بمعنى يا عجبا، وأصله في الشرّ، فاُطلق في كلّ أمرٍ فظيع، وقرئ بالياء على الأصل.(4)
(فأجابوها) أي الملائكة.
(بما في الكتاب العزيز) وهو قوله عزّ وجلّ: «قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّه ِ رَحْمَةُ اللّه ِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»(5).
(فقال [لهم]: إن كان فيها) أي في قرية قوم لوط.
(مائة من المؤمنين تهلكونهم) إلى قوله: (إن فيها لوطا).
الظاهر أنّ الضمير المنصوب في «تهلكونهم» راجع إلى المائة، لا إلى قوم لوط.
وقيل: إنّما لم يكتف عليه السلامأوّلاً بذكر الواحد؛ ليحتجّ عليهم بأنّ حرمة المؤمن الواحد حرمة الكثير، فإذا لم تهلكهم مع فرض وجود الكثير فيهم، فكيف تهلكونهم مع وجود الواحد،قال ذلك شفاعة وشفقة على عباد اللّه ، وتوهّم أنّ إهلاكهم في معرض البداء، فلذلك مدحه
ص: 140
تعالى وقال: «فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا»(1) أي يجادل رسلنا في قوم لوط، ومجادلته قوله: «إِنَّ فِيهَا لُوطا». «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ»(2).(3)
«إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ».(4)
قال الجوهري: «غَبَرَ يغبر: بقى ومضى، فهو غابر: ماض وباق».(5)
وقال بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى: «كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ»: «أي من الذين بقوا في ديار قوم لوط، وتخلّفوا عن لوط فهلكوا، والتذكير لتغليب الذكور. وقيل: معناه كانت من الباقين في عذاب اللّه ».(6)
(ثمّ مضوا) أي الملائكة، لا هلاك قوم لوط.
(وقال الحسن العسكري أبو محمّد عليه السلام: لا أعلم ذا القول) أي قول إبراهيم عليه السلام أنّ فيها لوطا.
(إلاّ وهو) أي إبراهيم عليه السلام.
(يستبقيهم).
الضمير المنصوب لقوم لوط، أي يطلب بقاءهم ويسعى في استدفاع العذاب عنهم والشفاعة لهم.
واعلم أنّ الظاهر أنّ قوله: (وقال الحسن العسكري) إلى آخره من كلام المصنّف رحمه الله، بأن كان روى للحديث السابق تتمّة عن العسكري عليه السلام بحذف الإسناد، أو من كلام محمّد بن يحيى ذكره في أثناء الرواية لتوضيحها، وهذا مع وضوحه خفي على بعض الأفاضل، وقال:
الظاهر أنّ العسكري من طغيان قلم النسّاخ، وفي تفسير العيّاشي(7): وقد مضى في كتاب الطلاق من هذا الكتاب أيضا «الحسن بن علي» بدون أبي محمّد، فالظاهر حينئذٍ أنّ المراد الحسن بن علي بن فضّال، بأن يكون ذكر هذا في أثناء رواية الحديث على وجه التفسير والتبيين، وكنيته أيضا أبو محمّد، فلا ينافيه إن كان في الخبر. ويحتمل أيضا أن يكون من كلام الصادق عليه السلام راويا عن
ص: 141
الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو بعيد.(1)
هذا كلامه وهو كما ترى.
(وهو قول اللّه عزّ وجلّ: «يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ»)(2)
أي يجادل رسلنا، ويسائلهم في استخلاص قوم لوط، ولمّا سألهم مستقصيا سمّى ذلك السؤال الشفاعة جدالاً.
قال الجوهري: «جادله، أي خاصمه، مجادلة وجِدالاً، والاسم الجدل، وهو شدّة الخصومة. وجدلت الحبل أجدله جدلاً، أي فتلته فتلاً محكما».(3)
وقوله عليه السلام: (المنزل) منصوب بتقدير مثل معنى الإتيان والنزول، ويحتمل رفعه على الابتدائيّة أو الخبريّة، والمراد أنّه عرض عليهم المنزل، والتمس منهم الإتيان إليها والنزول بها.
(وقال: أيّ شيء صنعت).
كلمة «أيّ» للاستفهام، أي ما صنعت شيئا حسنا؟
(أتى بهم قومي).
الباء للتعدية، و«أتى» على صيغة المتكلّم.
(وأنا أعرفهم) بالشرارة وعلى الفاحشة.
وقوله: (وقد قال جبرئيل عليه السلام: لا تعجل) على صيغة المتكلّم، أي قال ذلك في نفسه، أو لأصحابه من الملائكة في أثناء الطريق.
وفي بعض النسخ بصيغة الخطاب، وكأنّه تصحيف، وعلى تقدير صحّته يحتمل كونه خطابا لمن معه، أو لنفسه.
وقوله: (فصعقت) من الصّعق _ محرّكة _ وهو شدّة الصوت، وفعله كمنع.
وفي بعض النسخ: «فصفقت» من الصّفق، وهو ضرب يسمع له صوت، وفعله كضرب. يُقال: صفق على يده صفقا وصفقة، أي ضرب يده على يده عند البيع ونحوه. أو من التصفيق، وهو الضرب بباطن الراحة على الاُخرى.
ص: 142
وقوله: (فدخّنت) من الدخن كالنصر، أو من التدخين. يُقال: دخنت النار دخنا ودخونا ودخّنته تدخينا: إذا ألقيت عليها حطبا ليهيج لها دخان.
(فلمّا رأوا) أي قوم لوط.
(الدخان أقبلوا يهرعون إلى الباب) أي يسرعون إلى بابه لطلب الفاحشة من أضيافه.
قال الجوهري: «الإهراع: الإسراع. وقوله تعالى: «وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ»(1). قال أبو عبيدة: يستحثّون إليه كأنّه يحثّ بعضهم بعضا».(2)
وفي القاموس: «الهرع _ محرّكة، وكغراب _ : مشي في اضطراب وسرعة، وأقبل يهرع بالضمّ، وفي التنزيل: «يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ»».(3)
(فنزلت) امرأة لوط.
(إليهم) من السطح.
(فقالت: عنده) أي عند لوط.
(قوم) إلى قوله: «وَلاَ تُخْزُونِ» أي لا تفضحونِ، أو لا تخجلوني، بأن يكون من الخزي أو من الخزاية بمعنى الحياء.
«فِي ضَيْفِي» أي في شأنهم؛ فإنّ إخزاء ضيف رجل إخزاؤه.
«أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ» يهتدي إلى الحقّ، ويرعوي(4) عن القبيح.
وقيل: أي ليس في جملتكم رجلٌ قد أصاب الرُّشد، فيزجر هؤلاء عن قبيح فعلهم. وقيل: رشيد هنا بمعنى المرشد.(5)
(فقال) بعدما نصحهم ولم يقبلوا نُصحه.
«هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ».
الطهر والنزاهة والنظافة في المفضل محقّق، وفي المفضل عليه موهوم مقدّر، أو محقّق بزعمهم. ويحتمل استعمال «أطهر» هنا بمجرّد الفعل، لا للتفضيل.
ص: 143
وقال بعض المفسّرين:
اختلف في ذلك، فقيل: أراد بناته لصلبه. وقيل: أراد النساء من اُمّته؛ لأنّهنّ كالبنات له، فإنّ كلّ نبيّ أبو اُمّته وأزواجه اُمّهاتهم. واختلف أيضا في كيفيّة عرضهنّ، فقيل بالتزويج، وكان يجوز في شرعه تزويج المؤمنة من الكافر، وكذا كان يجوز أيضا في بدأ الإسلام، وقد زوّج النبيّ صلى الله عليه و آله بنته من أبي العاص بن الربيع قبل أن يسلم، وقد نسخ ذلك. وقيل: أراد التزويج بشرط الإيمان، وكانوا يخطبون بناته فلا يزوّجهنّ منهم لكفرهم. وقيل: إنّه كان لهم سيّدان مطاعان فيهم، فأراد أن يزوّجهما بنتيه زعوراء، ورتياء.(1)
وقوله: (فدعاهم إلى الحلال) يحتمل تلك الوجوه، أي لم يدعهم حين دعاهم إلى بناته إلى الحرام والزنا، بل دعاهم إلى الحلال والتزويج.
فقالوا: «لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ».
قيل: من حاجة.(2) وقيل: من إرادة وشهوة.(3) وقيل: هذا بناء على أنّهم اتّخذوا نكاح الإناث شرعا باطلاً، وإتيان الذكران مذهبا حقّا.(4)
«وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ» وهو إتيان الذكران؛ فإنّ عادتهم القبيحة مشهورة.
واعلم أنّ في سورة هود: «يَا قَوْمِ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللّه َ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي»، فتغيير الترتيب في الخبر إمّا بناءً على النقل بالمعنى لاتّصال جوابهم بالسؤال، أو لبيان أنّ ما هو المقدَّم في الآية كان مؤخّرا في كلام لوط، أو لأنّه كان في قرائتهم عليهم السلامكذلك.
(فقال: «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»).(5)
قال صاحب الكشّاف: «المعنى: لو قويت عليكم بنفسي، أو آوي(6) إلى قويّ أستند إليه، وأتمنّع به، فيحميني منكم، فشبّه القوي العزيز بالركن من الجبل في شدّته ومنعته»(7) انتهى.
ص: 144
قيل: كلمة «لو» للتمنّي.(1) وقيل: للشرط، والجواب محذوف، تقديره: لدفعتكم.(2)
وقيل: أراد بالركن العشيرة جريا على سنّة الناس في الاعتصام بالعشيرة في دفع الأعداء.(3)
وقال بعض العامّة: «أنساه ضيق صدره من قومه اللجاء إلى اللّه الذي هو أشدّ الأركان».(4)
وقال بعض الأفاضل:
الحقّ أنّه عليه السلام لم ينس اللجاء إلى اللّه في هذه القضيّة، وإنّما قال ذلك تطييبا لنفوس الأضياف، وإبداءً للعذر لهم بحسب ما اُلِف في العادة من أنّ الدفع إنّما يكون بقوّة أو عشيرة.(5)
(فقال جبرئيل عليه السلام: لو يعلم أيّ قوّة له).
كلمة «لو» هنا أيضا يحتمل الوجهين.
(فكاثروه).
في القاموس: «كاثروهم فكثروهم: غالبوهم في الكثرة فغلبوهم».(6)
(حتّى دخلوا البيت).
روت العامّة أنّ لوط عليه السلام أغلق بابه دون أضيافه، وأخذ يجادلهم من وراء الباب، فتسوّروا الجدار، فلمّا رأت الملائكة ما على لوط من الكرب قالوا: «يَا لُوطٍ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ»(7) الآية.
(قال: فصاح بهم).
في بعض النسخ: «به» وهو الظاهر. قال (جبرئيل عليه السلام) بعد مشاهدة ما به من الكرب: (يا لوط، دَعْهُم) أي اتركهم. (يدخلون، فلمّا دخلوا) البيت (أهوى جبرئيل عليه السلام نحوهم بإصبعه).
قال الجوهري: «قال الأصمعي: أهويت بالشيء: إذا أومأتَ به. ويُقال: أهويتُ له بالسيف».(8)
ص: 145
(فذهبت أعينهم) وعموا جميعا.
(وهو قوله: «فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ»)؛ الظاهر أنّ ضمير «قوله» راجع إلى اللّه تعالى، وكأنّ هذه الفقرة كانت في قراءتهم عليهم السلام.
قال الفيروزآبادي: «الطموس: الدروس، والإمحاء. وطمستُ الشيء طمسا: استأثرت أثره. ورجلٌ مطموس: ذاهب البصر».(1)
وقيل: معنى «طمسنا أعينهم»: مسخناها، وسوّيناها بسائر الوجه.(2)
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ»: «لن يصلوا [إلى] إضرارك بإضرارنا».(3)
«فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ» في السُرى _ كهدى _ مسير عامّة الليل. سرى يسري سُرىً وأسرى وأسرّى، وسرى به، وأسراه، وبه، وأسرى بعبده ليلاً تأكيدا، ومعناه سيره «بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ» أي بطائفةٍ منه.
قال الفيروزآبادي: «القِطع _ بالكسر _ : ظلمة آخر الليل، أو القطعة منه، كالقطع كعنب، أو من أوّله إلى ثلثه».(4)
«إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ».
قال البيضاوي: «كأنّه علّة من الأمر بالإسراء».(5)
«أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ»(6) جواب لاستعجال لوط واستبطائه العذاب.
وقال الزمخشري: «روى أنّه قال لهم: متى موعد هلاكهم؟ قالوا: الصبح، فقال: أريد أسرع من ذلك، فقالوا: أليسَ الصبح بقريب» انتهى.(7)
ويظهر من هذا الخبر أنّه جواب لقوله: «عجّل»، ولا يخفى على المتأمّل ما بين هذاالتفسير وبين ما نقلناه من الزمخشري من الفرق، وأنّ ما ذكره عليه السلام هو الصواب، فإنّه يبعد من
ص: 146
نبيّ اللّه وخالصته أن يستعجل فيما علم أنّ اللّه تعالى أمر بتأخيره.
(قال: فأمره) يعني جبرئيل عليه السلام بالخروج من القرية الظالمة أهلها.
(فتحمّل ومن معه إلاّ امرأته).
التحمّل: الاحتمال، والنفر والتنقّل، أي ارتحل أو احتمل متاعه. والواو بمعنى «مع» لا للعطف؛ لأنّه يلزم على الأوّل العطف على الضمير المرفوع المتّصل من غير فصل ولا تأكيد، وعلى الثاني العطف على المحذوف.
قيل: فيه دلالة واضحة على أنّه عليه السلام لم يخرج معه امرأته، بل خلّفها مع قومها، وهذا أحد القولين للمفسّرين. وقيل: أخرجها وأمر أن لا يلتفت منهم أحد إلى وراءه، فلمّا سمعت في الطريق هدّة العذاب وصوت وقع الأرض التفتت إلى الخلف وقالت: يا قوماه، فأدركها حجر فقتلها.(1)
(قال: ثمّ اقتلعها) إلى آخره.
الاقتلاع: الاستلاب. ونباح الكلب _ بالضمّ _ : تصويته.
قال الزمخشري:
سجّيل: كلمة معرّبة «سنك كل» بدليل قوله: «حِجَارَةً مِنْ طِينٍ».(2) وقيل: هي من أسجله: إذا أرسله؛ لأنّها تُرسل على الظالمين. ويدلّ عليه قوله: «لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً». [و] قيل: ممّا كتب اللّه أن يعذّب به من السجلّ وسجّل لفلان.(3)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : «وَاللّهِ لَلَّذِي(4) صَنَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام كَانَ خَيْرا لِهذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّا
ص: 147
طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ، وَوَاللّهِ(1) لَقَدْ نَزَلَتْ هذِهِ الاْيَةُ : «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ» إِنَّمَا هِيَ طَاعَةُ الاْءِمَامِ ، وَطَلَبُوا الْقِتَالَ ، فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ مَعَ الْحُسَيْنِ عليه السلام ، قالُوا : «رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ»(2) نُجِبْ دَعْوَتَكَ ، وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ، أَرَادُوا تَأْخِيرَ ذلِكَ إِلَى الْقَائِمِ عليه السلام» .
السند ضعيف.
قوله: (واللّه للذي صنعه الحسن بن عليّ عليهماالسلام) من الصلح مع معاوية.
(كان خيرا لهذه الاُمّة ممّا طلعت عليه الشمس)؛ إذ به كانت نجاتهم من القتل، والاستئصال في زمن دولة الباطل، وبه بقاء دين الحقّ وأهله.
(وواللّه لقد نزلت هذه الآية)؛ قال اللّه _ عزّ وجلّ _ في سورة النساء: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» أي عن القتال مع الكفّار.
«وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» واشتغلوا بهما وبما اُمرتم به من الطاعات. «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّه ِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالاْخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً».(3)
قال البيضاوي في قوله تعالى: «لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ»: «استزادة في مدّة الكفّ عن القتال حذر الموت، ويحتمل أنّهم ما تفوّهوا به، ولكن قالوه في أنفسهم، فحكى اللّه عنهم»(4) انتهى.
وقال اللّه سبحانه في سورة إبراهيم عليه السلام: «وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ».(5)قال البيضاوي:
يعني يوم القيامة، أو يوم الموت؛ فإنّه أوّل أيّام عذابهم، وهو مفعول ثان ل «أنذر».
ص: 148
«فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَ_لَمُوا» بالشرك والتكذيب: «رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ»: أخِّر العذاب عنّا، أو ردّنا إلى الدُّنيا وأخّرنا إلى حدّ من الزمان قريب، أو أخّر آجالنا وأبقنا مقدار ما نؤمن بك. «نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ»جواب للأمر.(1)
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ذهب أكثر المفسّرين إلى أنّ الآية نزلت في قوم من المسلمين يلقون من المشركين أذىً شديدا بمكّة قبل الهجرة إلى المدينة، فشكوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقالوا: ائذن لنا في قتال هؤلاء؛ فإنّهم قد آذونا، فلمّا اُمروا بالقتال بعد الهجرة وبالمسير إلى بدر شقَّ ذلك على بعضهم.(2) وفسّروا الأجل القريب بالموت بآجالهم،(3) وعلى تفسيره عليه السلام يكون المراد بها ذمّ الاُمّة، بأنّ الإمام إذا أمر بترك القتال طلبوه، وإذا أمر بالقتال استوخموه، والظاهر أنّ الضمير في قوله عليه السلام: «إنّما هي طاعة الإمام» عائد إلى الآية؛ يعني الغرض الأصلي فيها طاعة الإمام الذي ينهى عن القتال، لعدم كونه مأمورا به، ويأمر بالصلاة والزكاة وسائر أنواع الطاعات، وأنّ جواب القسم محذوف، أي نزلت هذه الآية في الحثّ على طاعة الإمام، وأنّ الذكور أعني قوله: (إنّما هي) قائم مقام المحذوف وقرينة عليه.
وحاصل قوله عليه السلام: (وطلبوا القتال) إلى آخره، أنّ أصحاب الحسن عليه السلامكانوا مأمورين بحكم هذه الآية بطاعة إمامهم في ترك القتال، فلم يطيعوه، ولم يرضوا به، وطلبوا القتال،فلمّا كتب عليهم القتال مع الحسين عليه السلامقالوا: «رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلاَ أَخَّرْتَنَآ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ» أي قيام القائم عليه السلام.
فإن قلت: أيّ سرّ في وصل آخر الآية الثانية بالآية السابقة؟
قلت: لعلّه عليه السلامأشار به إلى أنّ الآيتين نزلتا لبيان حال تلك الطائفة، أو أضاف الثانية وهي قوله: «نُجِبْ دَعْوَتَكَ» إلى الاُولى للتفسير والبيان، وأنّ غرضهم: إن أخّرتنا إلى ذلك الأجل نجب دعوتك. ويحتمل أن يكون في قراءتهم عليهم السلام هكذا.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ ؛ وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
ص: 149
حَسَّانَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ الزَّيَّاتِ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنِ النُّجُومِ : أَحَقٌّ هِيَ؟
فَقَالَ : «نَعَمْ ، إِنَّ اللّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ بَعَثَ الْمُشْتَرِيَ إِلَى الْأَرْضِ فِي صُورَةِ رَجُلٍ ، فَأَخَذَ رَجُلاً مِنَ الْعَجَمِ ، فَعَلَّمَهُ النُّجُومَ حَتّى ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : انْظُرْ أَيْنَ الْمُشْتَرِي؟ فَقَالَ : مَا أَرَاهُ فِي الْفَلَكِ ، وَمَا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ؟» .
قَالَ : «فَنَحَّاهُ وَأَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ مِنَ الْهِنْدِ ، فَعَلَّمَهُ حَتّى ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ، وَقَالَ : انْظُرْ إِلَى الْمُشْتَرِي أَيْنَ هُوَ؟ فَقَالَ : إِنَّ حِسَابِي لَيَدُلُّ عَلَى أَنَّكَ أَنْتَ الْمُشْتَرِي» .
قَالَ : «وَشَهَقَ(1) شَهْقَةً فَمَاتَ ، وَوَرِثَ عِلْمَهُ أَهْلُهُ ، فَالْعِلْمُ هُنَاكَ» .
السند ضعيف.
قوله: (أحقٌّ هي؟ فقال: نعم) إلى آخره.
فيه دلالة على أنّ النجوم علامات للكائنات يعرفها أهله، لا أنّه يجوز تعليمه وتعلّمه واستخراج الأحكام منه لغير أهل العصمة عليهم السلام.
وقد ذكرنا سابقا ما يتعلّق بهذا الباب بما لا مزيد عليه.
وقوله: (في صورة رجل) يمكن أن يُراد به أنّ اللّه سبحانه جعله في ذلك الوقت حيّا عالما، وبعثه إلى الأرض لمصلحة، ولا استبعاد في ذلك بالنظر إلى القدرة القاهرة كما في جعل العصا حيّة، وإخراج الناقة من الجبل، ولا دلالة فيه على أنّ للسماويّات حياةً وشعورا،فلا ينافي ما نقله السيّد رحمه الله الإجماع على عدم شعورها وحياتها.(2)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : سُئِلَ عَنِ النُّجُومِ ؟
قَالَ(3) : «مَا يَعْلَمُهَا إِلاَّ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ ، وَأَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْهِنْدِ» .
ص: 150
السند مرسل.
قوله: (أهل بيتٍ من العرب) وهم أهل بيت العصمة عليهم السلام.
حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّهْقَانِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الطَّاطَرِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ بَيَّاعِ السَّابِرِيِّ ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنْ صَبَّاحِ بْنِ سَيَابَةَ ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ ، قَالَ :
ذُهِبَ(1) بِكِتَابِ عَبْدِ السَّلاَمِ بْنِ نُعَيْمٍ وَسَدِيرٍ وَكُتُبِ غَيْرِ وَاحِدٍ إِلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلامحِينَ ظَهَرَتِ الْمُسَوِّدَةُ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ وُلْدُ الْعَبَّاسِ بِأَنَّا قَدْ قَدَّرْنَا أَنْ يَؤُولَ هذَا الْأَمْرُ إِلَيْكَ ، فَمَا تَرى؟
قَالَ : فَضَرَبَ بِالْكُتُبِ الْأَرْضَ ، ثُمَّ قَالَ : «أُفٍّ أُفٍّ ، مَا أَنَا لِهؤلاَءِ بِإِمَامٍ ، أَمَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَقْتُلُ السُّفْيَانِيَّ؟» .
السند مجهول.
قوله: (قال ذهب) على البناء للمفعول وقوله: (بكتاب عبد السلام بن نعيم وسدير) قائم مقام فاعله.
(وكتب غير واحد) من الشيعة، وكتب بضمّتين عطف على الكتاب، واحتمال كونه على صيغة الفعل عطفا على «ذهب» بعيد.
(حين ظهرت المسوِّدة).
يظهر من كلام صاحب القاموس أنّ المسوِّدة لقب بني العبّاس، وأنّها بتشديد الواو المكسورة؛ فإنّه قال: «المبيّضة _ كمحدّثة _ : فرقة من الثنويّة؛ لأنّهم يبيّضون ثيابهم، مخالفة للمسوِّدة من العبّاسيّين».(2)أقول: يحتمل أن يكون «المسوّدة» هنا بتشديد الدالّ، والظاهر أنّ المراد بهم
ص: 151
أبو مسلم المروزي وعساكره، لا بنو العبّاس، بقرينة قوله: (قبل أن يظهر ولد العبّاس).
وقوله: (بأنّا قد قدّرنا) إلى آخره، بيان لمضمون الكتب.
و«قدّرنا» بتشديد الدال، أي قدّرنا ذلك في أنفسنا، أو بتخفيفها من القدرة، أي قدرنا على ذلك بكثرة الأعوان.
ولعلّ المراد بقوله عليه السلام: (ما أنا لهؤلاء بإمام) أنّهم لاستعجالهم ظهور هذا الأمر قبل أوانه وعدم تسليمهم لإمامهم خارجون عن عِداد المؤتمّين بهم والمقتفين لآثارهم، أما يعلمون أنّه إنّما يقتل السفياني، أي من علامات ظهور دولة الحقّ قتل السفياني بعد خروجه، وهو لم يخرج بعدُ، ولم يُقتل، فكيف يصحّ لنا الخروج؟!
أَبَانٌ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ»(1)؟
قَالَ : «هِيَ بُيُوتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله» .
السند مجهول.
وحكم بعض الأفاضل بتوثيقه،(2) وهو سهو، قال اللّه عزّ وجلّ: «اللّه ُ نُورُ السَّمَوَاتِ
وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ» إلى قوله تعالى: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّه ُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالاْصَالِ * رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّه ِ»(3) الآية.
قال البيضاوي:
«فِى بُيُوتٍ» بيوت متعلّق بما قبله، أي كمشكاة في بعض بيوت، أو توقد في بيوت، فيكون تقييدا للمثل [به] بما يكون تحبيرا ومبالغة فيه؛ فإنّ قناديل المساجد تكون أعظم، أو بما بعده وهو يسبّح، وفيها تكرير مؤكّد لا يذكر؛ لأنّه من صلة «أن» فلا
ص: 152
يعمل فيما قبله وبمحذوف مثل سبّحوا في بيوت، والمراد بها المساجد؛ لأنّ الصفات تلائمها. وقيل: المساجد الثلاث. والتنكير للتعظيم _ وقال: _ المراد بالرفع رفعها بالبناء، والعظيم والذِّكر عامّ فيما يتضمّن ذكره حتّى المذاكرة في أفعاله والمباحثة في أحكامه.(1)
(قال: هي بيوت النبيّ صلى الله عليه و آله).
قد تكرّر في الأخبار تفسير البيوت في هذه الآية وغيرها ببيوت الأئمّة عليهم السلام،(2) ولعلّ في جمع البيوت المضافة إلى النبيّ صلى الله عليه و آله إيماءً إلى ذلك فافهم. وقد روى المصنّف في كتاب الحجّة بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في قول اللّه عزّ وجلّ: «اللّه ُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ»: « فاطمة عليهاالسلام «فِيهَا مِصْبَاحٌ»: الحسن «مِصْبَاحٌ فِي زُجَاجَةٍ»: الحسين «الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ»؛ فاطمة كوكبٌ درّي بين نساء أهل الدُّنيا» الحديث.(3)
أقول: المراد بالآية على هذا التفسير مدح أهل البيت عليهم السلام، والحثّ على اتّباعهم والاقتباس من آثارهم.
أَبَانٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْعَلاَءِ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «دِرْعُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ذَاتُ الْفُضُولِ ، لَهَا حَلْقَتَانِ مِنْ وَرِقٍ فِي مُقَدَّمِهَا ، وَحَلْقَتَانِ مِنْ وَرِقٍ فِي مُؤخَّرِهَا» وَقَالَ : «لَبِسَهَا عَلِيٌّ عليه السلام يَوْمَ الْجَمَلِ» .
السند مجهول.
قوله: (درع رسول اللّه صلى الله عليه و آله ذات الفضول).
قال الجزري: «فيه: إنّ اسم درعه صلى الله عليه و آله كان ذات الفضول. وقيل: ذو الفضول؛ لفضلة كان فيها وسعة».(4)
ص: 153
أقول: قوله عليه السلام: «درع رسول اللّه صلى الله عليه و آله» مبتدأ، و«ذات الفضول» بدل منها، أو صفتها.
وقوله: (لها حلقتان) خبر المبتدأ، والضمير للدرع؛ لأنّ درع الحديد مؤنّثة.
وقوله: (من ورق) بيان لحلقتان.
والورق _ مثلّثة وككتف وجبل _ : الدراهم المضروبة، والمراد هنا الفضّة.
أَبَانٌ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : شَدَّ عَلِيٌّ عليه السلام عَلى بَطْنِهِ يَوْمَ الْجَمَلِ بِعِقَالٍ أَبْرَقَ نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام مِنَ السَّمَاءِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَشُدُّ بِهِ عَلى بَطْنِهِ إِذَا لَبِسَ الدِّرْعَ» .
السند مجهول.
قوله: (بعقال ابرق).
قال الجوهرى: «العقال _ بالكسر _ : الحبل الذي يعقل به».(1)
وقال: «الأبرق: الحبل الذي فيه لونان، وكلّ شيء اجتمع فيه سواد و بياض فهو ابرق».(2)
أَبَانٌ ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : «إِنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِلْمِقْدَادِ : أَمَا وَاللّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ أَوْ لَأَرُدَّنَّكَ إِلى رَبِّكَ
الْأَوَّلِ؟» .
قَالَ : «فَلَمَّا حَضَرَتِ الْمِقْدَادَ الْوَفَاةُ ، قَالَ لِعَمَّارٍ : أَبْلِغْ عُثْمَانَ عَنِّي أَنِّي قَدْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّيَ الْأَوَّلِ» .
السند مجهول.
ص: 154
قوله: (لتنتهينّ) أي لتكفّن عمّا كنت تقول في ولاية عليّ عليه السلام وأحقّيته بالخلافة والإمامة،وعن القول في ذمّ الثلاثة وكفرهم وبدعهم.
وفي بعض النسخ: «لتنهينّ» من المجرّد المجهول.
قال الفيروزآبادي: «نهى وانتهى ونهي وأنهي _ مضمومتين _ ونَهى كسعى قليلة».(1)
وقوله: (أو لأردّنّك إلى ربّك الأوّل) تهديد له بالقتل مع عدم انتهائه عمّا ذكر، وكأنّه أراد بالربّ الأوّل ربّ العالمين، أو النبيّ صلى الله عليه و آله، فيكون تعريضا له بأنّ له ربّا ثانيا وهو أمير المؤمنين عليه السلام على سبيل التهكّم والتخطية.
وقيل: يحتمل أن يكون مراده بالربّ الأوّل الصنم الذي كانوا يعبدونه قبل الإسلام،(2) وهو كما ترى.
أَبَانٌ ، عَنْ فُضَيْلٍ وَعُبَيْدٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «لَمَّا حَضَرَ مُحَمَّدَ بْنَ أُسَامَةَ الْمَوْتُ ، دَخَلَتْ عَلَيْهِ بَنُو هَاشِمٍ ، فَقَالَ لَهُمْ : قَدْ عَرَفْتُمْ قَرَابَتِي وَمَنْزِلَتِي مِنْكُمْ ، وَعَلَيَّ دَيْنٌ ، فَأُحِبُّ أَنْ تَضْمَنُوهُ عَنِّي .
فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : أَمَا وَاللّهِ(3) ثُلُثُ دَيْنِكَ عَلَيَّ ، ثُمَّ سَكَتَ وَسَكَتُوا ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : عَلَيَّ دَيْنُكَ كُلُّهُ ، ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَضْمَنَهُ أَوَّلاً إِلاَّ كَرَاهَةَ(4) أَنْ يَقُولُوا : سَبَقَنَا» .
السند مجهول.
قوله: (محمّد بن اُسامة)؛ كأنّه ابن اُسامة بن زيد بن شرحبيل الكلبي مولى رسول اللّه صلى الله عليه و آله.
وقوله: (قرابتي)؛ كأنّه أراد القرابة المعنويّة بسبب الإسلام.
وفي هذا الخبر [دلالة] على استحباب إجابة المؤمن وعلى صحّة ضمان البرى ء
ص: 155
وترك المبادرة في الخيرات والاستبداد بها إذا أمكن أن يكون للجلساء والأصدقاء أيضا فيها نصيب.
أَبَانٌ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «كَانَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله الْقَصْوى(1)، إِذَا نَزَلَ عَنْهَا عَلَّقَ عَلَيْهَا زِمَامَهَا» .
قَالَ : «فَتَخْرُجُ فَتَأْتِي الْمُسْلِمِينَ(2)، فَيُنَاوِلُهَا الرَّجُلُ الشَّيْءَ ، وَيُنَاوِلُهُ(3) هذَا الشَّيْءَ ، فَلاَ تَلْبَثُ أَنْ تَشْبَعَ» .
قَالَ : «فَأَدْخَلَتْ رَأْسَهَا فِي خِبَاءِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ ، فَتَنَاوَلَ عَنَزَةً ، فَضَرَبَ بِهَا عَلى رَأْسِهَا ، فَشَجَّهَا ، فَخَرَجَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَشَكَتْهُ» .
السند مجهول.
قوله: (القصوى) كذا في النسخ، والموافق للقياس وتصريح أهل اللّغة(4) القصواء بالمدّ،وهو عطف بيان للناقة، أو صفة.
قال الجزري:
في الحديث: إنّه خطب على ناقته القصواء، وهو لقب ناقة رسول اللّه صلى الله عليه و آله. والقصواء:
الناقة التي قطع طرف اُذنها، وكلّ ما قطع من الاُذن فهو جدع، فإذا بلغ الربع فهو قصو، وإذا جاوز فهو عضب. ولم تكن ناقة النبيّ صلى الله عليه و آله قصواء، وإنّما كان هذا لقبا لها.
وقيل: كانت مقطوعة الاُذن.(5) انتهى.
و(سُمرة) بالضمّ، و(جندب) كقنفذ ودرهم.
ص: 156
وقيل: كان سمرة منافقا.(1)
و(العنزة) _ بالتحريك _ : رميح بين العصا والرّمح فيه زُجٌّ.
وقوله: (فشكته) إمّا بالإشارة، أو بالقول واللّسان. وعلى التقديرين هو من معجزاته صلى الله عليه و آله.
أَبَانٌ ، عَنْ رَجُلٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «إِنَّ مَرْيَمَ عليه السلام حَمَلَتْ بِعِيسى عليه السلام تِسْعَ سَاعَاتٍ كُلُّ سَاعَةٍ شَهْرا» .
السند مجهول.
قوله: (حملت لعيسى) إلى آخره.
قال البيضاوي: «كانت مدّة حملها سبعة أشهر. وقيل: ثمانية. ولم يعش مولود وضع لثمانية غيره. وقيل: ساعة، كما حملته نبذته»(2) انتهى.
والظاهر أنّ المراد بقوله عليه السلام: (كلّ ساعة شهر)؛ لأنّ كلّ ساعة كانت بمنزلة شهر يربّى فيها مثل ما يربّى الجنين الآخر في شهر، ولعلّ نصب «شهرا» على الخبريّة ل «كان» المقدّرة.
وقال بعض الشارحين:
الظاهر أن يكون «شهر» مرفوعا على الخبر، أي كلّ ساعة لها شهر لغيرها ولكنّه في النسخ التي رأيناها منصوب، فكان ناصبه مقدّرا، أي كلّ ساعة تعدّ أو تماثل شهرا، أو بدل عن «تسع ساعات»؛ أي حملت شهرا في كلّ ساعة.(3)
ثمّ الظاهر [أنّ] حمله على الظاهر و حمله على القبض والبسط في الزمان بأن يكون زمان حملها تسعة أشهر لغيرها، وتسع ساعات لها، على نحو ما مرّ سابقا في المكان،بعيد جدّا.
ص: 157
أَبَانٌ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنَّ الْمُغَيِّرَةَ(1) يَزْعُمُونَ أَنَّ هذَا الْيَوْمَ لِهذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ ، فَقَالَ : كَذَبُوا ، هذَا الْيَوْمُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ ؛ إِنَّ أَهْلَ بَطْنِ نَخْلَةَ حَيْثُ رَأَوُا الْهِلاَلَ قَالُوا : قَدْ دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ» .
السند مجهول.
قوله: (إنّ المغيِّرة) كأنّه بكسر الياء المشدّدة اسم فاعل من التغيير، أو المراد الفرقة أو الطائفة المغيّرة لأحكام الدِّين؛ يعني العامّة.
وروي عن الصادق عليه السلام: «أنّهم غيّروا كلّ شيء من أحكام الدِّين إلاّ استقبال الكعبة في الصلاة».(2)
وفي بعض النسخ: «المغيريّة» وهم أتباع المغيرة بن سعيد.
قال العلاّمة في الخلاصة: «إنّ أبا جعفر عليه السلام قال: إنّه [كان] يكذب علينا، وكان يدعو إلى محمّد بن عبد اللّه بن الحسن في أوّل أمره».(3)
(يزعمون أنّ هذا اليوم) إشارة إلى اليوم الحاضر.
(لهذه الليلة المستقبلة).
قيل: كان بناء هذا الزعم على أنّ النهار مقدَّم على الليل.
(فقال: كذبوا) إلى آخره.
لا يبعد أن يتمسّك بمثل هذا الخبر على تقدّم الليل على النهار.
وقوله: (إنّ أهل بطن نخلة) إلى آخره، إشارة إلى وضوح ذلك عند الناس، وبيانه ما روي: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آلهبعث عبد اللّه بن جحش ابن عمّته مع ثمانية _ وقيل: إثنى عشر _ من المهاجرين،
ص: 158
وأمره أن ينزل بطن نخلة بين مكّة والطائف، فيرصد عير قريش، وكان ذلك في شهر جمادى الآخرة من شهور سنة اثنين من الهجرة قبل بدر بشهرين، فانطلقوا حتّى هبطوا بطن نخلة، فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجّار قريش في غرّة رجب، وكانوا يرون أنّه من جمادى الآخرة، وقد طلبوا الهلال في الليلة الماضية، فلم يروه، فاختلفوا لذلك وتردّدوا،فقال قائلٌ منهم: لا ندري أنّ هذا اليوم من الشهر الحرام أم لا، وهذا غنم رزقتموه. وقال بعضهم: لا نعلم هذا اليوم إلاّ من الشهر الحرام، ولا نرى أن تستحلّوه لطمع أشفيتم عليه. ثمّ اتّفقوا بعد الاختلاف على قطع العير، فشدّوا على ابن الحضرمي فقتلوه، وساقوا العير وغنموها، فقال أهل بطن نخلة: إنّا قد رأينا الهلال في الليلة الماضية، وشنّعوا على المسلمين باستحلال القتال في الشهر الحرام، فلمّا بلغ ذلك مشركي مكّة، وقد رهط منهم إلى النبيّ صلى الله عليه و آله، فيسألونه عن القتال في الشهر الحرام، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: «يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللّه ِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللّه ِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْلِ»(1) أي ما يرتكبونه من إخراج أهل المسجد الحرام وهم المؤمنون والنبيّ، والشرك باللّه وتعذيب أهل الإيمان وصدّهم عن دين اللّه أفظع وأشنع من قتل ابن الحضرمي.(2)
واختلفت الروايات في قبول تلك الغنيمة وردّها؛ ففي بعضها: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آلهأخذ تلك الغنيمة وأخرج منها الخمس، وقسّم الباقي بين أصحاب السّريّة.(3) وفي بعضها: أنّه صلى الله عليه و آله ردّها إلى أهلها.(4) وفي بعضها: أنّها قسّمت بعد وقعة بدر مع غنائمه،(5) واللّه أعلم.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَلاَّرٍ أَبِي عَمْرَةَ ، عَنْ أَبِي مُرٍّ(6) الثَّقَفِيِّ ،
ص: 159
عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، قَالَ :
بَيْنَا أَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله إِذْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «إِنَّ الشِّيعَةَ الْخَاصَّةَ الْخَالِصَةَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ» .
فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، عَرِّفْنَاهُمْ حَتّى نَعْرِفَهُمْ .
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله: «مَا قُلْتُ لَكُمْ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله: «أَنَا الدَّلِيلُ عَلَى اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ وَعَلِيٌّ نَصْرُ الدِّينِ ، وَمَنَارُهُ أَهْلُ الْبَيْتِ ، وَهُمُ الْمَصَابِيحُ الَّذِينَ يُسْتَضَاءُ بِهِمْ» .
فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ مُوَافِقا لِهذَا؟
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «مَا وُضِعَ الْقَلْبُ فِي ذلِكَ الْمَوْضِعِ إِلاَّ لِيُوَافِقَ أَوْ لِيُخَالِفَ ، فَمَنْ كَانَ قَلْبُهُ مُوَافِقا لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ كَانَ نَاجِيا ، وَمَنْ كَانَ قَلْبُهُ مُخَالِفا لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ كَانَ هَالِكا» .
السند مجهول.
قوله صلى الله عليه و آله: (إنّ الشيعة الخاصّة الخالصة) هم الذين يتابعونه صلى الله عليه و آله في أفعاله وأقواله جميعا.
وقوله: (منّا أهل البيت) خبر «إنّ».
وفي هذا تصريح بأنّ خلّص الشيعة في عداد أهل بيت النبوّة.
وقوله: (عليّ نصرالدِّين) يعني أنّه عليه السلام ناصر الدِّين ومُعين أهله، والحمل على المبالغة؛ لكونه عليه السلام كاملاً في أحكام الدِّين، مروّجا له، دافعا عنه باللِّسان والسّنان، حافظا له من الزيادة والنقصان.
(ومناره) بالهاء. وفي بعض النسخ بالتاء.
والمنار والمنارة: موضع النور، والمسرجة، أي ما يوضع فيه السّراج، والمراد أنّه عليه السلام محلّ أنوار العلوم الإلهيّة التي يهتدى ويستضاء بها.
(أهل البيت) خبر مبتدأ محذوف، أو منصوب بتقدير «أعني». وعلى نسخة التاء مجرور على الإضافة.
ولعلّ المراد بأهل البيت حينئذٍ الشيعة الخلّص المذكورون، أو ما يعمّ الأئمّة عليهم السلام.
(وهم المصابيح الذين يُستضاء بهم).
ضمير الجمع في الموضعين راجع إلى أهل البيت بأحد المعنيين، والظاهر أنّ الموصول
ص: 160
مع صلته خبر آخر لقوله: «هم»، وأنّه إشارة إلى وجه التشبيه لتشبيههم بالمصابيح؛ يعني هم الذين يستضيء بهم سائر الخلق في ظلمات الجهل، كما يستضيؤون بأنوار المصابيح في ظلمات الليل.
وقوله عليه السلام: (إلاّ ليوافق أو ليخالف) أي ليختبر فيظهر موافقته أو مخالفته.
أَحْمَدُ(1) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ قُتَيْبَةَ الْأَعْشى ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «عَادَيْتُمْ فِينَا الاْبَاءَ وَالْأَبْنَاءَ وَالْأَزْوَاجَ ، وَثَوَابُكُمْ عَلَى اللّهِ عَزَّوَجَلَّ، أَمَا إِنَّ أَحْوَجَ مَا تَكُونُونَ إِذَا بَلَغَتِ الْأَنْفُسُ إِلى هذِهِ» وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلى حَلْقِهِ .
السند صحيح.
قوله: (أحوج ما تكونون) يعني في وقت تكون حاجتكم إلينا وإلى ولايتنا أشدّ وأكثر.
قال الفيروزآبادي: «الحوج: السلامة، والاحتياج. وقد حاج واحتاج. وبالضم: الفقر. والحاجة معروف»(2) انتهى.
وقال بعض الشارحين:
أي أسلم وقت تكونون فيه وقت بلوغ النفس إلى الحلق، فإنّكم ترون فيه من الروح والراحة ما لا يخطر على قلب بشر، أو أشدّ وقت تكونون محتاجين إلى الثواب والكرامة هو هذا الوقت، فلذا أخّره إليه، انتهى، فتأمّل.(3)
عَنْهُ(4) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيًّ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَمَّارِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
ص: 161
يَسَارٍ(1) ، قَالَ :
اسْتَأْذَنَّا عَلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام أَنَا وَالْحَارِثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ النَّصْرِيُّ(2) وَمَنْصُورٌ الصَّيْقَلُ ، فَوَاعَدْنَا دَارَ طَاهِرٍ مَوْلاَهُ ، فَصَلَّيْنَا الْعَصْرَ ، ثُمَّ رُحْنَا(3) إِلَيْهِ، فَوَجَدْنَاهُ(4) مُتَّكِئا عَلى سَرِيرٍ قَرِيبٍ مِنَ الْأَرْضِ ، فَجَلَسْنَا حَوْلَهُ ، ثُمَّ اسْتَوى جَالِسا ، ثُمَّ أَرْسَلَ رِجْلَيْهِ حَتّى وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ، ثُمَّ قَالَ : «الْحَمْدُ لِلّهِ(5) ذَهَبَ النَّاسُ يَمِينا وَشِمَالاً : فِرْقَةٌ مُرْجِئَةٌ ، وَفِرْقَةٌ خَوَارِجُ ، وَفِرْقَةٌ قَدَرِيَّةٌ ، وَسُمِّيتُمْ أَنْتُمُ التُّرَابِيَّةَ» . ثُمَّ قَالَ بِيَمِينٍ مِنْهُ : «أَمَا وَاللّهِ، مَا هُوَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَرَسُولُهُ وَآلُ رَسُولِهِ صلى الله عليه و آلهوَشِيعَتُهُمْ كَرَّمَ اللّهُ وُجُوهَهُمْ ، وَمَا كَانَ سِوى ذلِكَ فَلاَ ، كَانَ عَلِيٌّ وَاللّهِ أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله» يَقُولُهَا ثَلاَثا .
السند موثّق على الظاهر. وفي بعض النسخ: «سعيد بن بشّار»، فالسند مجهول.
قوله: (استأذنا على أبي عبد اللّه عليه السلام) يعني أردنا أن نروح إلى بابه، ونطلب الإذن في الدخول عليه.
وقوله: (رُحْنا).
في القاموس: «الرواح: العشي، أو من الزوال إلى الليل. ورحنا رواحا: سرنا فيه».(6)
وقوله: (الترابيّة) أي المنسوبين إلى أبي تراب.
والضمير في قوله: (ثمّ قال بيمين منه) لأبي عبد اللّه عليه السلام.
وقوله: (أما واللّه ) بيان لليمين.
ولعلّ الضمير المرفوع في قوله: (ما هو إلاّ اللّه ) راجع إلى المعبود بالحقّ، والذي يدلّ إليهويعمل له الذي ينبغي أن يتديّن به ويقتدى له.
وقيل: إلى الشيء الموصوف بحقيقة الشيئيّة، أو إلى الموجود بالحقيقة بقرينة المقام.(7)
ص: 162
وقوله: (وما كان سوى ذلك فلا) أي فلا خير في التديّن به والاقتداء له.
و(كان عليّ واللّه ) إلى آخره، استئناف من كلام منه عليه السلام.
عَنْهُ(1) ، عَنْ أَحْمَدَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُسْتَوْرِدِ النَّخَعِيِّ ، عَمَّنْ رَوَاهُ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «إِنَّ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ(2) الدُّنْيَا لَيَطَّلِعُونَ عَلَى(3) الْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالثَّلاَثَةِ ، وَهُمْ يَذْكُرُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام ، فَيَقُولُونَ : أَ مَا تَرَوْنَ هؤلاَءِ فِي قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ يَصِفُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام؟ فَتَقُولُ(4) الطَّائِفَةُ الْأُخْرى مِنَ الْمَلاَئِكَةِ : ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» .
السند مرسل .
عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «يَا عُمَرُ ، لاَ تَحْمِلُوا عَلى شِيعَتِنَا ، وَارْفُقُوا بِهِمْ ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لاَ يَحْتَمِلُونَ مَا تَحْمِلُونَ» .
السند حسن كالصحيح.
قوله: (لا تحملوا على شيعتنا) إلى آخره.
يُقال: حمله على الأمر _ كضربه _ : إذا أغراه به. وحمل على نفسه في السّير: إذا أجهدها فيه. وحمّله الأمر تحميلاً، أي كلّفه حمله.
ص: 163
والرفق: ضدّ العنف. وقيل: رفق به كنصر.
ولعلّ المراد بالشيعة هنا ضعفاؤهم، أو أوساطهم، أي لا تكلّفونهم بما يشقّ عليهم في العلم والعمل؛ فإنّهم لا يقدرون على احتمال ما يحتمله الكمّل من العلماء والأقوياء، بل ادعوهم إلى العلم والعمل برفق ليكملوا.
روى المصنّف رحمه الله في الاُصول عن أبي جعفر عليه السلام: «أنّ المؤمنين على منازلهم؛ منهم على واحدة، ومنهم على اثنين، ومنهم على ثلاث _ حتّى عدّ إلى السبع _ فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة اثنتين لم يقو، وعلى صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو _ حتّى عدّ إلى السبع _ وعلى هذه الدرجات»(1).
وفي حديث آخر: «إذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق، ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، ومن كسر مؤمنا فعليه جبره»(2).
وقيل في شرح حديث الكتاب: المراد التحريض على التقيّة؛ أي لا تحمّلوا الناس بترك التقيّة على رقاب شيعتنا.
(وارفقوا بهم) أي بالمخالفين؛ فإنّهم لا يصبرون على أذاكم كما تصبرون عنهم، ولا يخفى بُعده من العبارة.(3)
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُمِّيُّ ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الصَّلْتِ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ حُسَيْنٍ الْجَمَّالِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَالاْءِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ»(4) قَالَ : «هُمَا» ثُمَّ قَالَ : «وَكَانَ فُلاَنٌ شَيْطَانا» .
ص: 164
السند مجهول، أو موثّق على أن يكون حسين الجمّال ابن أبي سعيد المكاري.
قوله: (في قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة حم فصّلت: «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا» أي يقولون في القيامة.
«رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنْ الْجِنِّ وَالاْءِنْسِ».
قال البيضاوي: «يعني شيطاني النوعين الحاملين على الضلالة والعصيان. وقيل: هما إبليس وقابيل؛ فإنّهما سنّا الكفر والقتل».(1)
«نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا».
قيل: أي ندسّهما ونطأهما انتقاما منهما وإذلالاً لهما.(2)
وقيل: نجعلهما في الدرك الأسفل.(3)
«لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ».
قيل: يعني أسفل منّا مكانا أو ذلاًّ.(4)
وعن ابن عبّاس: ليكونا أشدّ عذابا منّا.(5)
(قال هما) يعني أبا بكر وعمر، والظاهر أنّه تفسير للجنّ والإنس.
وقوله: (وكان فلان شيطانا)؛ يعني أنّ عثمان أيضا كان شيطانا، فيندرج في الجنّ.
وقيل: الظاهر أنّه عليه السلام فسّر الإنس بهما والجنّ بالثالث.(6)
وقيل: المراد بفلان عمر، أي الجنّ المذكور في الآية عمر، وإنّما سمّي به لأنّه كان شيطانا؛ إمّا لأنّه كان شرك شيطان لكونه ولد زنا، أو لأنّه في المكر والخديعة كالشيطان،وعلى الأخير يحتمل العكس بأن يكون المراد بفلان أبا بكر،(7) انتهى.
أقول: يفهم من هذا الخبر أنّ المراد بالآية التالية لهذه الآية عليّ عليه السلام وشيعته.
ص: 165
يُونُسُ ، عَنْ سَوْرَةَ بْنِ كُلَيْبٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَالاْءِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ»(1) قَالَ : «يَا سَوْرَةُ ، هُمَا وَاللّهِ هُمَا» ثَلاَثا «وَاللّهِ يَا سَوْرَةُ ، إِنَّا لَخُزَّانُ عِلْمِ اللّهِ فِي السَّمَاءِ ، وَإِنَّا لَخُزَّانُ عِلْمِ اللّهِ فِي الْأَرْضِ» .
السند مجهول.
قوله: (إنّا لخزّان علم اللّه في السماء).
قيل: أي بين أهل السماء والأرض، أو العلوم السماويّة والأرضيّة.(2)
وقيل: اُمور السماء واُمور الأرض، أو حال كوننا في السماء وفي الأرض؛ يعني في عالم المثال وعالم الشهود.(3)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام يَقُولُ فِي قَوْلِ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ»(4) قَالَ : «يَعْنِي فُلاَنا وَفُلاَنا وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ» .
السند صحيح.
ص: 166
قوله: «إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ».
قال الجوهري: «بيّت أمرا، أي دبّره ليلاً، ومنه قوله تعالى: «إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ»»(1).
وقوله: (يعني فلانا وفلانا وأبا عبيدة بن الجرّاح) تفسير لمرجع ضمير الجمع في الآية، وهو إشارة إلى ما دبّر العمران وأبو عبيدة، وشاركهم عبد الرحمن بن عوف وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة في أن يخرجوا الخلافة من آل الرسول، وكتبوا بذلك صحيفة عند الكعبة وتعاقدوا على ذلك، فأخبر اللّه تعالى نبيّه بذلك.(2)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ(3) بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرِهِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ النَّجَاشِيِّ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ ما فِى قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِى أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغا»(4) : «يَعْنِي وَاللّهِ فُلاَنا وَفُلاَنا؛ «وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّابا رَحِيما»(5)
[يَعْنِي وَاللّهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آلهوَعَلِيّا عليه السلام مِمَّا صَنَعُوا ، يَعْنِيْ(6) لَوْ جَاؤُوكَ بِهَا يَا عَلِيُّ ، فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ مِمَّا صَنَعُوا ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ، لَوَجَدُوا اللّهَ تَوَّابا رَحِيما]».
«فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ» فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «هُوَ وَاللّهِ عَلِيٌّ بِعَيْنِهِ «ثُمَّ لا يَجِدُوا فِى أَنْفُسِهِمْ حَرَجا مِمّا قَضَيْتَ» عَلى لِسَانِكَ يَا رَسُولَ اللّهِ، يَعْنِي بِهِ مِنْ وَلاَيَةِ عَلِيٍّ «وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيما»(7) لِعَلِيٍّ» .
ص: 167
السند مجهول.
قوله: (قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في قول اللّه عزّ وجلّ؛ «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ _ إلى قوله تعالى: _ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّه ُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ».
قال البيضاوي:
يعني من النفاق، فلا يُغني عنهم الكتمان والحلف الكاذب من العقاب.
«فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أي عن عقابهم؛ لمصلحة في استبقائهم، أو عن قبول معذرتهم.
«وَعِظْهُمْ» بلسانك، وكفّهم عمّا هم عليه.
«وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ» في معنى أنفسهم، أو خاليا بهم؛ فإنّ النصح في السرّ أنجع.
«قَوْلاً بَلِيغا»(1) يبلغ منهم، ويؤثّر فيهم أمرهم بالتجافي عن ذنوبهم والنصح لهم، والمبالغة فيه بالترغيب والترهيب؛ وذلك [مقتضى] شفقة الأنبياء، وتعليق الظرف ب «بليغا» على معنى بليغا في أنفسهم مؤثّرا فيها ضعيف؛ لأنّ معمول الصفة لا يتقدّم [على] الموصوف، والقول البليغ في الأصل هو الذي يطابق مدلوله المقصود به.(2)
وقوله عليه السلام: (يعني واللّه فلانا وفلانا) تفسير للمشار إليهم ب «اُولئك»، وأنّ العمرين ومشاركيهما هم المنافقون المذكورون.
«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّه ِ» بسبب إذنه في طاعته، وأمره المبعوث إليهم بأن يطيعوه.
«وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ» بالنفاق، أو التحاكم إلى الطاغوت.
«جَاءُوكَ» تائبين من ذلك، وهو خبر «أنّ»، و«إذ» متعلّق بقوله: «فاسْتَغْفَرُوا اللّه َ» بالتوبة والإخلاص.
«وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ» واعتذروا إليك حتّى نصبت لهم شفيعا، وإنّما عدل عنالخطاب تفخيما لشأنه وتنبيها على أنّ من حقّ الرسول أن يقبل اعتذار التائب وإن عظم جرمه ويشفع له.
ص: 168
«لَوَجَدُوا اللّه َ تَوَّابا رَحِيما»(1) لعلموه قابلاً لتوبتهم متفضّلاً عليهم بالرحمة، وإن فسّر وجد بصادف كان «توّابا» حالاً و«رحيما» بدل منه، هكذا ذكره المفسّرون.(2)
والظاهر أنّ قوله عليه السلام: (يعني واللّه النبيّ صلى الله عليه و آله وعليّا عليه السلام) تفسير للرسول، والخطاب في «جاؤوك» وقوله: (ممّا صنعوا) تفسير لقوله تعالى: «إِذْ ظَلَمُوا»؛ يعني أنّ المراد بظلمهم ما صنعوا بهما عليهماالسلاممن ردّ أمر الرسول صلى الله عليه و آلهوإنكار ولاية عليّ عليه السلاموتعاهدهم على ردّ الخلافة عنه، ولمّا كان ثمرة الظلم عائدة إلى أنفسهم نسب إليها.
وقوله (يعني لو جاؤك بها يا عليّ) إلى آخره، بيان لحاصل المعنى ولفظة «بها» ليست في تفسير علي بن إبراهيم(3) وهو أظهر. وعلى ما في نسخ الكتاب لعلّ الباء للتعدية، والضمير عائد إلى الخلافة.
«فَلاَ وَرَبِّكَ».
قال البيضاوي:
أي فوربّك، و«لا» مزيدة لتأكيد القسم، لا لتظاهر «لا» في قوله: «لاَ يُؤْمِنُونَ»؛ لأنّها تزاد [أيضا] في الإثبات كقوله تعالى: «لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ»(4).(5)
«حَتَّى يُحَكِّمُوكَ» أي يجعلوك حاكما.
قال الجوهري: «يُقال: حكمته في مالي تحكيما: إذا جعلت إليه الحكم [فيه]».(6)
«فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ» أي فيما اختلف منهم واختلط. يُقال: شجر الأمر بينهم _ كنصر _ شجورا: إذا تنازعوا واختلفوا فيه. قيل: ومنه الشجر؛ لتداخل أغصانه.(7)
(فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: هو واللّه علي بعينه).
الظاهر أنّ الضمير المرفوع راجع إلى المخاطب.
ص: 169
وقيل: يحتمل أن يُراد به أنّ المراد بما شجر بينهم ما شجر بينهم في أمر عليّ عليه السلام وخلافته عليه السلام.(1)
«ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجا مِمَّا قَضَيْتَ».
قال البيضاوي: «أي ضيّقا ممّا حكمت به، أو من حكمك، أو شكا من أجله؛ فإنّ الشاكّ في ضيق من أمره».(2)
وظاهر قوله عليه السلام: (على لسانك يا رسول اللّه ) أنّه كان قراءتهم عليهم السلام قضيت على صيغة التكلّم. ويحتمل كونه بيانا لحاصل المعنى؛ أي المراد بقضاء الرسول صلى الله عليه و آله ما يقضي اللّه على لسانه.
والضمير في قوله: (يعني به) للموصول.
وكلمة «من» في قوله: (من ولاية عليّ عليه السلام) للتبيين.
(«وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيما» لعليّ عليه السلام) أي ينقادون له أو لك فيما أمرتهم من ولايته عليه السلامانقيادا بظاهرهم وباطنهم.
وقيل: يحتمل أن يُراد بالتسليم هنا الإخبات، وهو الخشوع والتواضع.(3) وورد في بعض الأخبار تفسيره بذلك،(4) وروى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك يا عليّ فاستغفروا اللّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللّه توّابا رحيما، هكذا نزلت». ثمّ قال: «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ(5) فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ» يعني فيما تعاهدوا وتعاقدوا عليه بينهم من خلافك وغصبك، «ثُمَّ لا يَجِدُوا فِى أَنْفُسِهِمْ حَرَجا مِمّا قَضَيْتَ» عليهم يا محمّد على لسانك من ولايته «وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيما» لعليّ عليه السلام».(6)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلاَّدٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام يَقُولُ : «رُبَّمَا رَأَيْتُ الرُّؤيَا فَأُعَبِّرُهَا ، وَالرُّؤيَا عَلى مَا تُعَبَّرُ» .
ص: 170
السند صحيح.
قوله: (ربّما رأيت الرؤيا فاُعبّرها).
قيل: دلّ على أنّ الرؤيا ينبغي أن لا يعبّرها إلاّ عالم،(1) فتأمّل.
(والرؤيا على ما تُعَبَّر) أي تقع مطابقة لما عبّرت به.
عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَهْمٍ(2) ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام يَقُولُ : «الرُّؤيَا عَلى مَا تُعَبَّرُ».
فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا رَوى أَنَّ رُؤيَا الْمَلِكِ كَانَتْ أَضْغَاثَ أَحْلاَمٍ .
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام : «إِنَّ امْرَأَةً رَأَتْ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله أَنَّ جِذْعَ بَيْتِهَا قَدِ(3) انْكَسَرَ ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الرُّؤيَا ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : يَقْدَمُ زَوْجُكِ وَيَأْتِي وَهُوَ صَالِحٌ ، وَقَدْ كَانَ زَوْجُهَا غَائِبا ، فَقَدِمَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله .
ثُمَّ غَابَ عَنْهَا(4) زَوْجُهَا غَيْبَةً أُخْرى ، فَرَأَتْ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ جِذْعَ بَيْتِهَا قَدِ انْكَسَرَ ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الرُّؤيَا ، فَقَالَ لَهَا : يَقْدَمُ زَوْجُكِ وَيَأْتِي صَالِحا ، فَقَدِمَ عَلى مَا قَالَ .
ثُمَّ غَابَ زَوْجُهَا ثَالِثَةً ، فَرَأَتْ فِي مَنَامِهَا أَنَّ جِذْعَ بَيْتِهَا قَدِ انْكَسَرَ ، فَلَقِيَتْ رَجُلاً أَعْسَرَ ، فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الرُّؤيَا ، فَقَالَ لَهَا الرَّجُلُ السَّوْءُ : يَمُوتُ زَوْجُكِ» قَالَ(5) : «فَبَلَغَ ذلِكَ(6) النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : أَلاَّ كَانَ عَبَّرَ لَهَا خَيْرا» .
السند موثّق على الظاهر.
قوله: (أنّ رؤيا الملك كانت أضغاث أحلام) أي لم تكن لها حقيقة، ولا يصحّ تعبيرها
ص: 171
لاختلاطها، وإنّما وقعت على وفق تعبير يوسف عليه السلام لها، لا لأنّ لها حقيقة في الواقع.
وأصل الضغث _ بالكسر _ : قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس، فاستعير لها للرؤيا الكاذبة، وإنّما جمع للمبالغة في وصف الحلم بالبطلان، كقولهم فلان يركب الخيل، أو لتضمّنه أشياء مختلفة.
والظاهر أنّ المراد بالملك ملك مصر. وقيل: يحتمل أن يُراد به هنا أيّ ملك كان لتشويش خواطر الملوك وتكثر خيالاتهم، فتكون رؤياهم مختلطة غالبا،(1) ولا يخفى بُعده.
ولعلّ الراوي أورد هذه الرواية تأييدا لما ذكره عليه السلام: (إنّ امرأة رأت على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله) أي في عصره وزمانه.
(أنّ جذع بيتها قد انكسر).
الجذع _ بالكسر _ : ساق النخلة. والمراد هنا ركن بيتها وعمودها.
(فأتت رسول اللّه صلى الله عليه و آله، فقصّت عليه الرؤيا، فقال لها النبيّ صلى الله عليه و آله: يقدم) بفتح الياء والدال.
(زوجك [يأتى] وهو صالح).
في القاموس: «الصلاح ضدّ الفساد، كالصلوح. صلح _ كمنع وكرم _ وهو صَلح وصالح وصليح».(2)
أقول: لعلّه عليه السلامعبّر انكسار ركن بيتها بفوات ما كان لها من التمكّن فيه، واستقلالها بالتصرّف في اُموره عند غيبة زوجها.
وقوله: (فلقيت رجلاً أعسر).
قال الفيروزآبادي: «العُسر: ضدّ اليُسر. ويومٌ عسر وعسير وأعسر: شديد، أو شؤم».(3)
وقال الجوهري: «رجل أعسر: بيِّن العسر [للذي] يعمل بيساره».(4)
أقول: [يمكن] أن يُراد هنا كلاًّ من هذه المعاني، وعلى الأخير يكون كناية عن الشؤم، أو الضعيف الرأي والعاجز. ويظهر من بعض روايات العامّة أنّ ذلك الرجل الأعسر هو أبو بكر، ولعلّه عليه السلام لم يصرّح باسمه تقيّةً.
ص: 172
قال ابن الأثير في النهاية:
فيه أنّ امرأة أتت النبيّ صلى الله عليه و آله فقالت: رأيت [في المنام] كأنّ جائز بيتي انكسر، فقال: يردّ اللّه غائبك، فرجع زوجها ثمّ غاب، فرأت مثل ذلك، فأتت النبيّ صلى الله عليه و آله فلم تجده ووجدت أبا بكر فأخبرته، فقال: يموت زوجك، فذكرت ذلك لرسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال: هل قصصتها على أحد؟ قالت: نعم، قال: هو كما قال لك. الجائز الخشبة التي توضع عليها أطراف العوارض في سقف البيت،(1) انتهى.
(فقال لها الرجل السوء) بالفتح.
قال الجوهري:
سآءه يسؤه سوءا _ بالفتح _ ومساءة ومسايئة: نقيض سرّه، والاسم: السوء بالضمّ. وقرئ: «عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ»(2) يعني الهزيمة والشرّ، ومن فتح فهو من المساءة وتقول: هذا رجل سوء بالإضافة، ثمّ تدخل عليه الألف واللاّم فتقول: هذا رجل السّوء.
قال الأخفش: ولا يُقال: الرجل السّوء، ويُقال: الحقّ اليقين وحقّ اليقين جميعا؛ لأنّ السوء ليس بالرجل، واليقين هو الحقّ. قال: ولا يُقال: هذا رجل السوء بالضمّ،(3) انتهى.
أقول: هذا الخبر يدلّ على ردّ قول الأخفش، فتأمّل.
وقال بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى: «عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ»: «أي يدور عليهم ويعود إليهم ضرر ما دبّروا ويقع الفساد والهلاك بهم».(4)
السّوء _ بالضمّ _ المصدر، ويصلح للاسم، لقد جاء مجموعا نحو الأسواء. والسّوء _ بالفتح _ : النعت. وظنّ السوء، أي ظنّ الأمر السوء، فيكون من باب مسجد الجامع وصلاة الاُولى.
وقوله: (ألاّ كان) بتشديد اللاّم على أن يكون حرف التخصيص.
قال بعض الشارحين:
في هذا الخبر وما قبله دلالة واضحة على أنّ الرؤيا لأوّل عابرٍ وعلى نحو ما وقع به
ص: 173
العبارة أوّلاً، إن خيرا فخيرا وإن شرّا فشرّا، وهذا ينافي ما مرّ من أنّ أبا حنيفة عبّر رؤيا محمّد بن مسلم على خلاف ما هو في الواقع، ثمّ عبّرها أبو عبد اللّه عليه السلامبما هو في الواقع، وقد وقع ما عبّره عليه السلام،(1) ولا يمكن الجمع بينهما بأنّ الرؤيا لأوّل عابرٍ إذا أصاب وجه العبارة، وإلاّ فهي لمن أصابها بعده، بل الجمع بينهما أنّ ذلك محمول على الإيجاب الجزئي؛ إذ قد يؤثّر التعبير في النفس قبضا أو انبساطا من باب التطيّر أو التفاؤل، فيؤثّر لأجل ذلك كما قال نظير ذلك [في المسحور] من قال السحر لا حقيقة له، وقد ورد في بعض الروايات أنّ الطيرة لا أثر لها،(2) مع أنّه ورد في بعضها كيفيّة الاستعاذة منها؛ ليتخلّص من شرّها من يجد في نفسه منها شيئا.(3)
وبالجملة: لأمثال ذلك قد يكون تأثيرا في النفوس، وقد لا يكون، لا يقال: الرؤيا لا تغيّرها عبارة عابر، وكيف يغيّر ما جاءت نسخته من اللّوح المحفوظ بفعل أحد، أو قوله: لأنّا نقول ذلك ممنوع؛ إذ يمحو اللّه ما يشاء ويثبت.
وبالجملة: تغييرها مثل البلايا والأمراض ونحوهما بالدّعاء والصّدقة، فإن قلت: قد سمعت هذه المرأة تعبير رؤياها من النبيّ صلى الله عليه و آله مرّتين، فلِمَ قصّت على رجل أعسر؟ قلت: بعثها ذلك طلب السرور والشغف؛ لظنّها أنّ ذلك الرجل يعبّر لها كما عبّر لها النبيّ صلى الله عليه و آله، أو اعتقدت أنّ الرؤيا الواحدة قد يختلف تعبيرها بحسب الأوقات المختلفة، أو كان قصدها مجرّد الإخبار دون الاستعبار.(4)
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ جَمِيعا ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ غَالِبٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : «أَنَّ رَسُولَ اللّهِ كَانَ يَقُولُ : إِنَّ رُؤيَا الْمُؤمِنِ تُرِفُّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ عَلى رَأْسِ صَاحِبِهَا حَتّى يُعَبِّرَهَا لِنَفْسِهِ ، أَوْ يُعَبِّرَهَا لَهُ مِثْلُهُ ، فَإِذَا عُبِّرَتْ لَزِمَتِ الْأَرْضَ ، فَلاَ تَقُصُّوا رُؤيَاكُمْ إِلاَّ عَلى مَنْ يَعْقِلُ» .
ص: 174
السند حسن.
قوله: (ترفّ بين السماء والأرض).
في بعض النسخ: «ترفرف» وهو أظهر.
قال الفيروزآبادي:
رفّ الطائر يُرفُّ ويَرِف: بسط جناحيه، كرفرف. والثلاثي غير مستعمل. والرفرفة: تحريك الظليم جناحيه حول الشيء يريد أن يقع عليه.(1)
أقول: في تشبيه الرؤيا بالتطيّر وترشيه بالرفرفة وبلزوم الأرض والقصّ لطائف، ومثله ما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله: «لا يزال المنام طائرا حتّى يقصّ، فإذا قصّ وقع».(2)
(فلا تقصّوا رؤياكم إلاّ على من يعقل).
قيل: المراد بالعاقل العالم بالتعبير القادر على الانتقال من الأصل إلى الفرع ومن الجلي إلى الخفي ومن الظاهر إلى الباطن، أو الأعمّ من ذلك، وذلك لئلاّ يعبّرها [له] بما يحزنه، وقد تخرج الرؤيا على نحو ما تعبّر، كما تدلّ عليه الحديث السابق.
وبالجملة: الرؤيا تنقسم إلى ما هو حسن في الظاهر والباطن، وإلى ما هو مكروه فيهما، وإلى ما هو حسن في الظاهر ومكروه في الباطن، وإلى عكسه، والمعبِّر لابدّ أن يكون عاقلاً عالما بطرق التعبير؛ إمّا بالتجربة، أو بالإلهام، أو بالسماع من أهل التجربة والإلهام.
وقال علماء التعبير: طرق التعبير أربعة:
الأوّل: الاشتقاق كاشتقاق العاقبة من رؤية العقبة، والرفعة من رؤية الرافع.
الثاني: ما يعبّر بمثاله في الشكل، أو في الصفة، مثل أن يعبّر الرطب بالدين لحلوّه في القلوب، ولأنّ الدِّين كمل بعد تدريج كما أنّ الرطب كمل بعد تدريج من الطلع إلى أن صار حلوا.
الثالث: تعبيره بالمعنى المقصود من ذلك الشيء المرئي كدلالة فعل السوق على المعيشة، وفعل الدار على الزوجة والجارية.
ص: 175
الرابع: التعبير بما تقدّم له ذكر في القرآن والسنّة والشّعر، أو كلام العرب وأمثالها، أو كلام الناس وأمثالهم، أو خبر معروف، أو كلمة حكمة، وذلك كتعبير الخشبة بالمنافق لقوله تعالى: «كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ»(1)، وتعبير الفأرة بالفاسق؛ لأنّها تسمّى في الحديث فويسقة، وتعبير الزجاجة بفم المرأة لتشبيه الشعراء إيّاه بذلك، إلى غير ذلك من الاعتبارات والمناسبات التي لا يقدر على استنباطها الجاهل، فربّما يكون الرؤيا مكروهة في الظاهر حسنا في الباطن، والرائي محزون بمراعاة ظاهرها، فإذا عبّرها الجاهل نظرا إلى ظاهرها زاده غمّا إلى غمّ، ومع ذلك قد يؤثّر تأويله بصرفه إلى المكروه، فيقع الرائي في مكروه بمقتضى تأويله.(2)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : الرُّؤيَا لاَ تُقَصُّ إِلاَّ عَلى مُؤمِنٍ خَلاَ مِنَ الْحَسَدِ وَالْبَغْيِ» .
السند مجهول.
قوله: (الرؤيا لا تقصّ إلاّ على مؤمن خلا من الحسد والبغي) ليعبّرها بخير؛ فإنّ الغالب في المتّصف بأحدهما أنّه يعبّر الرؤيا بما يوجب كراهة الرائي وضرره وتشويش خاطره؛ لأنّ النفس معتادة بالانقباض عند سماع ما لا يلائم طبعها، وأيضا فربّما يقع ذلك التعبير أوّله مدخل عظيم في وقوعه كما عرفت.
حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ رَجُلٍ :
ص: 176
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: «كَانَ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو النَّمِرَةِ، وَكَانَ مِنْ أَقْبَحِ النَّاسِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ ذُو النَّمِرَةِ(1) مِنْ قُبْحِهِ ، فَأَتى النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، أَخْبِرْنِي : مَا فَرَضَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ عَلَيَّ؟
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : فَرَضَ اللّهُ عَلَيْكَ سَبْعَةَ عَشَرَ(2) رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَصَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ إِذَا أَدْرَكْتَهُ ، وَالْحَجَّ إِذَا اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، وَالزَّكَاةَ ، وَفَسَّرَهَا لَهُ .
فَقَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّا مَا أَزِيدُ رَبِّي عَلى مَا فَرَضَ عَلَيَّ شَيْئا .
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : وَلِمَ يَا ذَا النَّمِرَةِ؟
فَقَالَ كَمَا خَلَقَنِي قَبِيحا» .
قَالَ : «فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُبَلِّغَ ذَا النَّمِرَةِ عَنْهُ السَّلاَمَ ، وَتَقُولَ لَهُ : يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ أَ مَا تَرْضى أَنْ أَحْشُرَكَ عَلى جَمَالِ جَبْرَئِيلَ عليه السلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : يَا ذَا النَّمِرَةِ ، هذَا جَبْرَئِيلُ يَأْمُرُنِي أَنْ أُبَلِّغَكَ السَّلاَمَ ، وَيَقُولُ لَكَ رَبُّكَ : أَمَا تَرْضى أَنْ أَحْشُرَكَ عَلى جَمَالِ جَبْرَئِيلَ .
فَقَالَ ذُو النَّمِرَةِ : فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُ يَا رَبِّ ، فَوَ عِزَّتِكَ لَأَزِيدَنَّكَ حَتّى تَرْضى» .
السند ضعيف على الظاهر، ومرسل على احتمال قوله: «ذو الهمزة».
قال الفيروزآبادي:
النمرة _ بالضمّ _ : النكتة من أيّ لون كان. والأنمر: ما كان فيه نمرة بيضاء سوداء وهي النمراء. والنِمر _ ككتف، وبالكسر _ : سبع معروف سمّي للنُمَر التي فيه. ونمر _ كفرح _ ونمّر وتنمّر: غضب، وساء خلقه.(3)
(وكان من أقبح الناس، وإنّما سمّي ذو النمرة من قبحه) وكان قبحه لعلامات كانت في وجهه، أو لتشوّه خلقه.
ص: 177
(حَدِيثُ الَّذِي أَحْيَاهُ عِيسى عليه السلام)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ وَغَيْرِهِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام أَنَّهُ سُئِلَ : هَلْ كَانَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ أَحْيَا أَحَدا بَعْدَ مَوْتِهِ حَتّى كَانَ لَهُ أَكْلٌ وَرِزْقٌ وَمُدَّةٌ وَوَلَدٌ؟
فَقَالَ : «نَعَمْ ، إِنَّهُ كَانَ لَهُ صَدِيقٌ مُوَاخٍ لَهُ فِي اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى ، وَكَانَ عِيسى عليه السلاميَمُرُّ بِهِ وَيَنْزِلُ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ عِيسى غَابَ عَنْهُ حِينا ، ثُمَّ مَرَّ بِهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ فَسَأَلَهَا عَنْهُ ، فَقَالَتْ : مَاتَ يَا رَسُولَ اللّهِ ، فَقَالَ : أَتُحِبِّينَ(1) أَنْ تَرَيْهِ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، فَقَالَ لَهَا : فَإِذَا(2) كَانَ غَدا فَآتِيكِ(3) حَتّى أُحْيِيَهُ [لَكِ] بِإِذْنِ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَاهَا ، فَقَالَ لَهَا : انْطَلِقِي مَعِي إِلى قَبْرِهِ ، فَانْطَلَقَا حَتّى أَتَيَا قَبْرَهُ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ عِيسى عليه السلام ، ثُمَّ دَعَا اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَانْفَرَجَ الْقَبْرُ وَخَرَجَ ابْنُهَا حَيّا ، فَلَمَّا رَأَتْهُ أُمُّهُ وَرَآهَا بَكَيَا ، فَرَحِمَهُمَا عِيسى عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ عِيسى : أَتُحِبُّ أَنْ تَبْقى مَعَ أُمِّكَ فِي الدُّنْيَا؟ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللّهِ ، بِأَكْلٍ وَرِزْقٍ وَمُدَّةٍ، أَمْ بِغَيْرِ أَكْلٍ وَلاَ رِزْقٍ وَلاَ مُدَّةٍ؟ فَقَالَ لَهُ عِيسى عليه السلام : بِأَكْلٍ وَرِزْقٍ وَمُدَّةٍ ، وَتُعَمَّرُ(4) عِشْرِينَ سَنَةً ، وَتَزَوَّجُ وَيُولَدُ لَكَ ، قَالَ : نَعَمْ إِذا».
قَالَ : «فَدَفَعَهُ عِيسى إِلى أُمِّهِ ، فَعَاشَ عِشْرِينَ سَنَةً ، [وَتَزَوَّجَ] وَوُلِدَ لَهُ» .
السند ضعيف.
قوله: (أتحبّين أن تريه) بفتح التاء والراء وسكون الياء على صيغة الواحدة المخاطبة بحذف النون للناصب، وفي المشهور عدم إشباع الضمير كما في إليه وعليه. وقيل: الإشباع طريق ابن كثير.(5)
والظاهر أنّ قوله: (أم بغير أكل ولا رزق ولا مدّة) كناية عن قلّة زمان البقاء والحياة.
ص: 178
ابْنُ مَحْبُوبٍ(1) ، عَنْ أَبِي وَلاَّدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ»(2) فَقَالَ : «مَنْ عَبَدَ فِيهِ غَيْرَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ تَوَلّى فِيهِ غَيْرَ أَوْلِيَاءِ اللّهِ ، فَهُوَ مُلْحِدٌ بِظُلْمٍ ، وَعَلَى اللّهِ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ أَنْ يُذِيقَهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ» .
السند صحيح.
قوله: (ومن يرد فيه).
الضمير للمسجد الحرام. وقيل: المسجد الحرام هنا الحرم كلّه.(3)
قال البيضاوي: «ترك مفعول «يرد» ليتناول كلّ متناول، وقرئ بالفتح من الورود».(4)
وقال الزمخشري: «الإرادة بمعنى الهمّ، أي من همّ بإلحاد».(5)
وقيل: الباء زائدة كما في قوله تعالى: «تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ»(6).(7)
والإلحاد هو العدول عن القصد. وقيل: هو الشرك،(8) وهو توبيخٌ لمشركي العرب. وقيل: هو القتل.(9) وقيل: هو استحلال الحرام.(10) وقيل: هو الاحتكار بمكّة.(11) وقيل: هو ظلم الناس.(12) وقيل: الإلحاد في اللّغة هو الميل، وفي الشرع الميل عن الحقّ إلى الباطل، فكان عامّا
ص: 179
للشرك ولكلّ معصية.(1)
(بظلم) أي بغير حقّ.
قيل: الباء للتعدية.(2) وقيل: هو بيان الوجه، أي على وجه الظلم.(3)
وقال البيضاوي: «هما حالان مترادفان، أو الثاني بدل من الأوّل بإعادة الجار، أو صلة له، أي ملحدا بسبب الظلم كالإشراك واقتراف الآثام».(4)
(فقال: من عبد فيه غير اللّه ) إلى آخره، لعلّ المراد أنّهما من أشدّ أفراد الإلحاد والظلم وأقبحها، فلا ينافي ما ورد أنّ ضرب الخادم من ذلك.
ابْنُ مَحْبُوبٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ ، عَنْ سَلاَّمِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللّهُ»(5) قَالَ : «نَزَلَتْ فِي رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آلهوَعَلِيٍّ وَحَمْزَةَ وَجَعْفَرٍ وَجَرَتْ فِي الْحُسَيْنِ عليهم السلام أَجْمَعِينَ» .
السند مجهول.
قوله: (عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه تبارك وتعالى) في سورة الحجّ: «الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ».
قال البيضاوي:
يعني مكّه «بِغَيْرِ حَقٍّ» بغير موجب استحقّوا به «إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللّه ُ»على طريقةقول النابغة:
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم***بهنّ فلول من قراع الكتائب
ص: 180
وقيل: منقطع.(1)
(قال: نزلت في رسول اللّه صلى الله عليه و آله وعليّ وحمزة وجعفر) حيث اُخرجوا من مكّة. ولعلّ اختصاص النزول بهم؛ لكونهم الأصل والعمدة بين المهاجرين.
(وجرت في الحسين عليه السلام) استتباعا.
ابْنُ مَحْبُوبٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ بُرَيْدِ(2) الْكُنَاسِيِّ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا»(3)؟
قَالَ : فَقَالَ : «إِنَّ لِهذَا تَأْوِيلاً يَقُولُ : مَا ذَا أُجِبْتُمْ فِي أَوْصِيَائِكُمُ الَّذِينَ خَلَّفْتُمُوهُمْ عَلى أُمَمِكُمْ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : لاَ عِلْمَ لَنَا بِمَا فَعَلُوا مِنْ بَعْدِنَا» .
السند مجهول.
قوله: (سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة المائدة: «وَاتَّقُوا اللّه َ وَاسْمَعُوا وَاللّه ُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ»(4).
قال البيضاوي:
أي فإن لم تتّقوا ولم تسمعوا كنتم قوما فاسقين «وَاللّه ُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ».
فقوله: «يَوْمَ يَجْمَعُ اللّه ُ الرُّسُلَ» ظرف له. وقيل: بدل من مفعول «واتّقوا» بدل الاشتمال، أو مفعول «واسمعوا» على حذف المضاف، أي واسمعوا خبر يوم جمعهم، أو منصوب بإضمار «اذكر».
«فَيَقُولُ» أي للرسل: «مَاذَا أُجِبْتُمْ» أي إجابة أجبتُم على أنّ ماذا في موضع المصدر، أو بأيّ شيء أجبتم، فحذف الجار، وهذا السؤال لتوبيخ قومهم، كما أنّ سؤال
ص: 181
الموؤدة لتوبيخ الوائد، ولذلك قالوا: «لاَ عِلْمَ لَنَا» أي لا علم لنا بما لست تعلّمه.
«إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ»(1) فتعلم ما نعلم ممّا أضمروا في قلوبهم، وفيه التشكّي منهم، وردّ الأمر إلى علمه بما كابدوا منهم.وقيل: المعنى: لا علم لنا إلى جنب علمك، أو لا علم لنا بما أحدثوا بعدنا، وإنّما الحكم للخاتمة،(2) انتهى.
وقال الشيخ الطبرسي في تفسير قوله تعالى: «لاَ عِلْمَ لَنَا»:
فيه أقوال:
أحدها: أنّ للقيامة أحوالاً حتّى تزول القلوب عن مواضعها، فإذا رجعت القلوب إلى مواضعها شهدوا لمن صدّقهم وعلى من كذّبهم، يريد أنّهم عزبت عنهم أفهامهم من هول يوم القيامة، فقالوا: لا علم لنا. عن عطاء عن ابن عبّاس، والحسن ومجاهد والسّدي والكلبي، وهو اختيار الفرّاء.
وثانيها: أنّ المراد: لا علم لنا كعلمك؛ لأنّك تعلم غيبهم وباطنهم، ولسنا نعلم غيبهم وباطنهم، وذلك هو الذي يقع عليه الجزاء. عن الحسن في رواية اُخرى، واختاره الجبّائي، وأنكر القول الأوّل وقال: كيف يجوز ذهولهم عن هول يوم القيامة مع قوله سبحانه: «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ اْلأَكْبَرُ»(3) وقوله: «لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»(4).
وثالثها: أنّ معناه: لا حقيقة لعلمنا؛ إذ كنّا نعلم جوابهم وما كان من أفعالهم وقت حياتنا، ولا نعلم ما كان منهم بعد وفاتنا، وإنّما الثواب والجزاء يستحقّان بما تقع به الخاتمة ممّا يموتون عليه، عن ابن الانباري.
ورابعها: أنّ المراد: لا علم لنا إلاّ ما علّمتنا، فحذف لدلالة الكلام عليه. عن ابن عبّاس في رواية اُخرى.
وخامسها: أنّ المراد به تحقيق فضيحتهم، أي أنت أعلم بحالهم منّا، ولا تحتاج في ذلك إلى شهادتنا «إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ».(5)
وقال بعض الشارحين:
الظاهر أنّ الرسل في قوله تعالى: «يَوْمَ يَجْمَعُ اللّه ُ الرُّسُلَ»يشمل رسولنا صلى الله عليه و آله، فحينئذٍ قوله: (فيقولون «لاَ عِلْمَ لَنَا») ينافي الأخبار الدالّة على عرض الأعمال
ص: 182
عليه صلى الله عليه و آله،(1) والأخبار الدالّة على أنّه صلى الله عليه و آلهأخبر وصيّه بما يفعلون به بعده،(2) فلابدّ من تخصيص الرّسل بغيره صلى الله عليه و آله، أو تخصيص العلم المنفّى بالعلم المخصوص وهو العلم بطريق المشاهدة والعيان، أو يكون نفي العلم كناية عن كثرة مخالفة الاُمّة وعدم متابعتهم للأوصياء بحيث لا يحيط به العلم والبيان،(3) أو القول بأنّ ذلك القول منهم تخشّع وتذلّل وإظهار للعجز بمشاهدة جلال اللّه مع علمه الشامل لكلّ صغير وكبير، فكان علمهم في جنبه ليس بعلم. وأمّا القول بأنّ العرض عليه عرض مجمل، فيقال: عملت اُمّتك كذا، أو عرض من غير تعيين العامل، فبعيد جدّا، يظهر ذلك لمن تأمّل في الأخبار الدالّة على العرض.(4)
(حَدِيثُ إِسْلاَمِ عَلِيٍّ عليه السلام)
ابْنُ مَحْبُوبٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ :
سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : ابْنُ كَمْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام يَوْمَ أَسْلَمَ؟
فَقَالَ : «أَوَ كَانَ كَافِرا قَطُّ؟ إِنَّمَا كَانَ لِعَلِيٍّ عليه السلامحَيْثُ بَعَثَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ رَسُولَهُ صلى الله عليه و آلهعَشْرُ سِنِينَ ، وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ كَافِرا ، وَلَقَدْ آمَنَ بِاللّهِ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه و آله(5) ، وَسَبَقَ النَّاسَ كُلَّهُمْ إِلَى الاْءِيمَانِ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ صلى الله عليه و آله وَإِلَى الصَّلاَةِ بِثَلاَثِ سِنِينَ ، وَكَانَتْ أَوَّلُ صَلاَةٍ صَلاَّهَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ، وَكَذلِكَ فَرَضَهَا اللّهُ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ عَلى مَنْ أَسْلَمَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آلهيُصَلِّيهَا بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ ، وَيُصَلِّيهَا عَلِيٌّ عليه السلام مَعَهُ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ، حَتّى هَاجَرَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آلهإِلَى الْمَدِينَةِ ، وَخَلَّفَ عَلِيّا عليه السلامفِي أُمُورٍ لَمْ يَكُنْ يَقُومُ بِهَا أَحَدٌ غَيْرُهُ ، وَكَانَ خُرُوجُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِنْ مَكَّةَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، وَذلِكَ يَوْمُ الْخَمِيسِ مِنْ سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ مِنَ الْبَعْثِ(6) ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ لاِثْنَيْ عَشَرَ(7) لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مَعَ زَوَالِ الشَّمْسِ ، فَنَزَلَ بِقُبَا ،
ص: 183
فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ مُقِيما يَنْتَظِرُ عَلِيّا عليه السلام يُصَلِّي الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، وَكَانَ نَازِلاً عَلى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْما يَقُولُونَ لَهُ : أَ تُقِيمُ عِنْدَنَا فَنَتَّخِذَ لَكَ مَنْزِلاً وَ مَسْجِدا؟ فَيَقُولُ : لاَ ، إِنِّي أَنْتَظِرُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ يَلْحَقَنِي ، وَلَسْتُ مُسْتَوْطِنا مَنْزِلاً حَتّى يَقْدَمَ عَلِيٌّ ، وَمَا أَسْرَعَهُ إِنْ شَاءَ اللّهُ ، فَقَدِمَ عَلِيٌّ عليه السلام وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه و آله فِي بَيْتِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، فَنَزَلَ مَعَهُ .
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَمَّا قَدِمَ(1) عَلِيٌّ عليه السلام تَحَوَّلَ مِنْ قُبَا إِلى بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ وَعَلِيٌّ عليه السلاممَعَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، فَخَطَّ لَهُمْ مَسْجِدا ، وَنَصَبَ قِبْلَتَهُ ، فَصَلّى بِهِمْ فِيهِ الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ وَخَطَبَ خُطْبَتَيْنِ ، ثُمَّ رَاحَ مِنْ يَوْمِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلى نَاقَتِهِ الَّتِي كَانَ قَدِمَ عَلَيْهَا وَعَلِيٌّ عليه السلام مَعَهُ لاَ يُفَارِقُهُ، يَمْشِي بِمَشْيِهِ ، وَلَيْسَ يَمُرُّ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آلهبِبَطْنٍ مِنْ بُطُونِ الْأَنْصَارِ إِلاَّ قَامُوا إِلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِمْ ، فَيَقُولُ لَهُمْ : خَلُّوا سَبِيلَ النَّاقَةِ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ وَرَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آلهوَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا، حَتّى انْتَهَتْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَرى _ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى بَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله الَّذِي يُصَلّى عِنْدَهُ بِالْجَنَائِزِ _ فَوَقَفَتْ عِنْدَهُ ، وَبَرَكَتْ وَوَضَعَتْ جِرَانَهَا عَلَى الْأَرْضِ ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ مُبَادِرا حَتَّى احْتَمَلَ رَحْلَهُ ، فَأَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آلهوَعَلِيٌّ عليه السلاممَعَهُ حَتّى بُنِيَ لَهُ مَسْجِدُهُ، وَبُنِيَتْ(2) لَهُ مَسَاكِنُهُ وَمَنْزِلُ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَتَحَوَّلاَ إِلى مَنَازِلِهِمَا» .
فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آلهحِينَ أَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَأَيْنَ فَارَقَهُ؟
فَقَالَ : «إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إِلى قُبَا ، فَنَزَلَ بِهِمْ يَنْتَظِرُ قُدُومَ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : انْهَضْ بِنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَإِنَّ الْقَوْمَ قَدْ فَرِحُوا بِقُدُومِكَ وَهُمْ يَسْتَرِيثُونَ إِقْبَالَكَ إِلَيْهِمْ ، فَانْطَلِقْ بِنَا ، وَلاَ تَقُمْ هاهُنَا تَنْتَظِرُ عَلِيّا ، فَمَا أَظُنُّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكَ إِلى شَهْرٍ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : كَلاَّ مَا أَسْرَعَهُ ، وَلَسْتُ أَرِيمُ حَتّى يَقْدَمَ ابْنُ عَمِّي وَأَخِي فِي اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ وَأَحَبُّ أَهْلِ بَيْتِي إِلَيَّ ، فَقَدْ وَقَانِي بِنَفْسِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» .
قَالَ : «فَغَضِبَ عِنْدَ ذلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَاشْمَأَزَّ ، وَدَاخَلَهُ مِنْ ذلِكَ حَسَدٌ لِعَلِيٍّ عليه السلام ، وَكَانَ ذلِكَ أَوَّلَعَدَاوَةٍ بَدَتْ مِنْهُ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آلهفِي عَلِيٍّ عليه السلام ، وَأَوَّلَ خِلاَفٍ عَلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَانْطَلَقَ حَتّى دَخَلَ
ص: 184
الْمَدِينَةَ ، وَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِقُبَا يَنْتَظِرُ عَلِيّا عليه السلام» .
قَالَ : فَقُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : فَمَتى زَوَّجَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ عليهماالسلام؟
فَقَالَ : «بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَكَانَ لَهَا يَوْمَئِذٍ تِسْعُ سِنِينَ» .
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : «وَلَمْ يُولَدْ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِنْ خَدِيجَةَ عليهاالسلام عَلى فِطْرَةِ الاْءِسْلاَمِ إِلاَّ فَاطِمَةُ عليه السلام ، وَقَدْ كَانَتْ خَدِيجَةُ مَاتَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ ، وَمَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ بِسَنَةٍ ، فَلَمَّا فَقَدَهُمَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله سَئِمَ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ ، وَدَخَلَهُ حُزْنٌ شَدِيدٌ ، وَأَشْفَقَ عَلى نَفْسِهِ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ ، فَشَكَا إِلى جَبْرَئِيلَ عليه السلامذلِكَ ، فَأَوْحَى اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ إِلَيْهِ : اخْرُجْ مِنَ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا ، وَهَاجِرْ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَلَيْسَ لَكَ الْيَوْمَ بِمَكَّةَ نَاصِرٌ ، وَانْصِبْ لِلْمُشْرِكِينَ حَرْبا ، فَعِنْدَ ذلِكَ تَوَجَّهَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إِلَى الْمَدِينَةِ» .
فَقُلْتُ لَهُ : فَمَتى فُرِضَتِ الصَّلاَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَلى مَا هُمْ عَلَيْهِ الْيَوْمَ؟
فَقَالَ : «بِالْمَدِينَةِ حِينَ ظَهَرَتِ الدَّعْوَةُ ، وَقَوِيَ الاْءِسْلاَمُ ، وَكَتَبَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْجِهَادَ ، وَزَادَ(1) رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فِي الصَّلاَةِ سَبْعَ رَكَعَاتٍ : فِي الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ ، وَفِي الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ ، وَفِي الْمَغْرِبِ رَكْعَةً ، وَفِي الْعِشَاءِ الاْخِرَةِ رَكْعَتَيْنِ ، وَأَقَرَّ الْفَجْرَ عَلى مَا فُرِضَتْ ؛ لِتَعْجِيلِ نُزُولِ مَلاَئِكَةِ النَّهَارِ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلِتَعْجِيلِ عُرُوجِ مَلاَئِكَةِ اللَّيْلِ إِلَى السَّمَاءِ ، وَكَانَ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةُ النَّهَارِ يَشْهَدُونَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَلِذلِكَ قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ : «وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُودا»(2) يَشْهَدُهُ الْمُسْلِمُونَ ، وَيَشْهَدُهُ(3) مَلاَئِكَةُ النَّهَارِ وَمَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ» .
السند مختَلفٌ فيه للاختلاف في مدح سعيد بن المسسيّب وذمّه، ولعلّ الثاني أرجح، واللّه أعلم.
قوله: (أو كان كافرا قطّ) إلى قوله: (ولقد آمن باللّه _ تبارك وتعالى _ ورسوله).
قال بعض الشارحين:
أفاد عليه السلام أنّ إيمانه التكليفي كان متّصلاً بإيمانه الفطري، ولم يكن مسبوقا بالكفر
ص: 185
أصلاً، فاندفع به ما ذهب إليه بعض النواصب من أنّ إسلامه لم يكن معتبرا؛ لكونه قبل البلوغ.
وتوضيح الدفع أنّه عليه السلام إن [كان] بالغا حين آمن وهو ممكن في عشر سنين سيّما في البلاد الحارّة فقد حصل الغرض واندفع ما ذكروا، وإن لم يكن بالغا فلا يتصوّر الكفر في حقّه عليه السلام؛ لكونه عليه السلام مولودا على الفطرة المستقيمة داخلاً في طاعة اللّه وطاعة رسوله مستمرّا عليها على وجه الكمال، فإيمانه التكليفي وارد على نفسه القدسيّة غير متدنّسة بأدناس الجاهليّة وعبادة الأصنام، ولا ريب في أنّ هذا الإيمان أفضل من إيمان من آمن بعد علوّ السنّ وعبادة الأصنام وشرب المسكّرات، ولا يقدم إلى إنكار ذلك إلاّ جاهل متعصّب،(1) انتهى.
واعلم أنّ العامّة اختلفت في سنّه عليه السلام حين آمن، فقال الكلبي: كان ابن تسع سنين.(2) وقال مجاهد ومحمّد بن إسحاق: كان ابن عشر سنين.(3) وقيل: كان ابن أربع عشر سنة.(4) وقيل: إحدى عشر.(5) وقيل: اثنتي عشر.(6) وقال شارح كتاب مسلم: «اختلف في سنّه رضى الله عنه حين أسلم، فقيل: خمس سنين. وقيل: ثمان وقيل: اثنى عشر».(7)
(وسبق الناس كلّهم إلى الإيمان باللّه وبرسوله).
لا خلاف عند علماء الشيعة في ذلك، وأمّا العامّة فذهب كثير منهم إلى ذلك أيضا، وفيه أخبار كثيرة. وقال بعضهم: أوّل مَن أسلم خديجة،(8) وذهب بعض المعاندين منهم إلى أنّه أبو بكر.(9)
قال شارح مسلم:
علي رضى الله عنه أوّل من أسلم؛ لحديث «أوّلكم واردا عليَّ الحوض أوّلكم إسلاما علي بن أبي طالب عليه السلام».
وعن عليّ رضى الله عنه قال: «عبدتُ اللّه قبل أن يعبده أحد من هذه الاُمّة بخمس سنين». وعنه: «ما كان يصلّي مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله غيري وغير خديجة».(10)
ص: 186
وقال ابن الأثير في الكامل:
اختلف العلماء في أوّل مَن أسلم مع الاتّفاق على أنّ خديجة أوّل خلق اللّه إسلاما، فقال قوم: أوّل ذَكر آمن عليّ.
روى عن عليّ رضى الله عنه: «أنا عبد اللّه ، وأخو رسوله، وأنا الصدِّيق الأكبر، لا يقولها بعدي إلاّ كاذب مفترٍ، صلّيت مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله قبل الناس بسبع سنين».
وقال ابن عبّاس: أوّل من صلّى عليّ.
وقال جابر بن عبد اللّه : بعث النبيّ صلى الله عليه و آله يوم الاثنين، وصلّى عليّ عليه السلاميوم الثلاثاء.
وقال زيد بن أرقم: أوّل من أسلم مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله عليّ عليه السلام.
وقال عفيف الكندي: كنت امرءا تاجرا فقدمتُ مكّة أيّام الحجّ، فأتيت العبّاس، فبينا نحن إذ خرج رجل فقام تجاه الكعبة يصلّي، ثمّ خرجت امرأة فقامت تصلّي معه، ثمّ خرج غلام فقام يُصلّي معه، فقلت: يا عبّاس، ما هذا الدِّين؟ قال: هذا محمّد بن عبد اللّه ابن أخي، زعم أنّ اللّه أرسله، وأنّ كنوز قيصر وكسرى تُفتح عليه، وهذه امرأته خديجة آمنت به، وهذا [الغلام] عليّ ابن أخي أبي طالب آمن به، وايم اللّه ما أعلم على ظهر الأرض على هذا الدِّين غير هؤلاء الثلاثة. قال عفيف: ليتني كنت رابعا.
وقال محمّد بن المنذر وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبو حازم المدني والكلبي: وأوّل من أسلم عليّ. قال الكلبي: كان عمره تسع سنين، وقال: إحدى عشرة سنة. وقال ابن إسحاق: أوّل من أسلم عليّ، وعمره إحدى عشرة سنة. وقيل: أوّل من أسلم أبو بكر.
وقال إبراهيم النخعي: [أبو بكر أوّل من أسلم. وقيل]: أوّل من أسلم زيد بن حارثة. وقال ابن إسحاق: أوّل ذكر أسلم بعد [النبيّ] عليّ [و] زيد بن حارثة، ثمّ أسلم أبو بكر وأظهر الإسلام.(1)
انتهى كلام ابن الأثير.
وقوله عليه السلام: (مدّة عشر سنين) يعني بها بعد ثلاث سنين التي سبق الناس فيها، لئلاّ ينافي قوله: (وكان خروج رسول اللّه صلى الله عليه و آله من مكّة في أوّل يوم من ربيع الأوّل، وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من البعث).
قيل: يفهم منه ومن قوله: (وقدم المدينة لإثنى عشر ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل مع زوال
ص: 187
الشمس) أنّه دخل يوم الاثنين عند زوال الشمس.(1)
(فنزل بقبا).
قال الجوهري: «قُباء _ ممدود _ موضع بالحجاز، يذكّر ويؤنّث».(2)
قال الفيروزآبادي: «قباء _ بالضم ويذكّر ويقصّر _ : بلد بفرغانة».(3)
(فأقام عندهم) أي عند أهل قبا.
(بضعة عشر يوما).
في القاموس:
البضع _ بالكسر ويفتح _ : ما بين الثلاث إلى التسع، أو إلى الخمس، أو ما بين الواحد إلى الأربعة، أو من أربع إلى تسع، أو هو سبع. والبضع: ما بين العقدين من واحد إلى عشرة، ومن أحد عشر إلى عشرين، ومع المذكّر بها، ومعها بغيرها.(4)
أقول: يفهم من نزوله صلى الله عليه و آله بقبا يوم الاثنين كما مرّ، وممّا سيأتي من قوله: (تحوّل من قبا إلى بني سالم بن عوف وعليّ عليه السلام معه يوم الجمعة) أنّ مدّة إقامته صلى الله عليه و آله بقبا سبعة عشر يوما، مع احتمال كونها أحد عشر، فتدبّر.
وقيل: روى مسلم عن أنس بن مالك: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قدم المدينة، فنزل في علو المدينة في حيّ يُقال لهم بنو عمرو بن عوف، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة(5)، فلمّا ذكره ابن إسحاق في سِيَره أنّه أقام فيهم أربعة أيّام: الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسّس مسجدهم، ورحل عنهم يوم الجمعة، فأدركته الصلاة في بني سالم بن عوف، فصلّى بهم الجمعة، ليس بشيء؛ لأنّه مخالف لما رواه العامّة والخاصّة.(6)
وقوله عليه السلام: (وضعت جِرانها) بكسر الجيم وتخفيف الرّاء مقدم عنق البعير من مذبحه إلى منحره، وجمعه: «جُرُن» بضمّتين.
وقوله: (وهم يستريثون إقبالك إليهم) بالياء المثنّاة التحتانيّة والثاء المثلّثة، أي يستبطؤونه.
ص: 188
قال في القاموس: «الريث: الإبطاء، كالتريّث. واستراث: استبطأ».(1)
وضبطه بعض الأفاضل بالباء الموحّدة. قال الفيروزآبادي: «الربث عن الحاجة: الحبس عنها، كالتربيث وارباث: احتبس. وأمرهم: ضعف، وأبطأ حتّى تفرّقوا».(2)
وقوله: (ولست أريم) أي لا أبرح مكاني ولا أزول، يُقال: رامه يريمه رَيْما: إذا برحه.
وقوله: (اشمأزّ) أي انقبض وكره.
وقوله: (وتخلّف رسول اللّه صلى الله عليه و آله بقبا) أي بقي هناك بعد ذهاب أبي بكر، يُقال: خلّفت فلانا ورائي فتخلّف عنّي، أي تأخّر.
وقوله: (بعد الهجرة بسنة) أي في السنة الثانية من الهجرة، وكان لها يومئذ تسع سنين، هذا موافق لما مرّ في الاُصول من أنّها _ صلوات اللّه عليها _ ولدت بعد المبعث بخمس سنين.(3)
وقال بعض العامّة: «كان سنّها يومئذٍ خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصف».(4)
وقوله: (على فطرة الإسلام) أي بعد بعثته صلى الله عليه و آله.
وقوله: (فقال: بالمدينة) إلى قوله: (وفي العشاء الآخرة ركعتين).
قال بعض الفضلاء:
هكذا ذكره الصدوق أيضا في الفقيه،(5) وهو صريح في أنّ ثالثة المغرب زيدت في المدينة، وهذا ينافي ما رواه الصدوق أيضا في الفقيه مرسلاً عن الصادق عليه السلام: «أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لمّا صلّى المغرب بلغه مولد فاطمة عليهاالسلام، فأضاف إليها ركعة شكرا للّه عزّ وجلّ؛(6) فإنّها صريحة في أنّها زيدت بمكّة، وتخصيص الزيادة في مكّة به صلى الله عليه و آله وإيجاب الأمر بها في المدينة وإن كان ممكنا لكن لم نقف فيه على قول من الأصحاب.(7)
(وأقرّ الفجر على ما فرض(8)).
في بعض النسخ: «على ما فرضت».
ص: 189
(لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء، ولتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء).
تعليل عدم الزيادة في الفجر بتعجيل عروج ملائكة الليل ظاهر، وأمّا تعليله بتعجيل نزول ملائكة النهار خفيّة خفاء، وقد يوجّه بوجوه:
الأوّل: أنّ صلاة الفجر إذا كانت قصيرة يعجلون في النزول ليدركوه بخلاف ما إذا كانت طويلة؛ لإمكان تأخيرهم النزول إلى الركعة الثالثة أو الرابعة، وهو كما ترى؛ فإنّه إنّما يستقيم لو لم يكن يلزم شهودهم من أوّل الصلاة وهو غير معلوم، بل الظاهر اللّزوم.
الثاني: أن يقال: اقتضت الحكمة عدم اجتماع ملائكة الليل والنهار كثيرا في الأرض، فيكون تعجيل عروج ملائكة الليل أمرا مطلوبا في نفسه، ومعلّلاً أيضا بتعجيل نزول ملائكة النهار.
الثالث: أن يكون شهود ملائكة النهار لصلاة الفجر في الهواء، ويكون المراد بنزولهم نزولهم إلى الأرض، فلا ينزلون إلاّ مع عروج ملائكة الليل.
الرابع: أنّه لمّا كانت ملائكة النهار تنزل بالتعجيل لأجل فعل ما هي مأمورة به في الأرض من كتابة الأعمال وغيرها، وكان ممّا يتعلّق بها أوّل النهار ناسب ذلك تخفيف الصلاة ليشتغلوا بما اُمروا به، كما أنّ ملائكة الليل تتعجّل العروج إمّا لمثل ما ذكر من كونها تتعلّق بها اُمور بحيث تكون من أوّل الليل كعبادة ونحوها، بل لو لم يكن إلاّ أمرها بالعروج إذا انقضت مدّة عملها لكفى، فتعجيل النزول للغرض المذكور علّة للتخفيف، كما أنّ تعجيل العروج علّة له مع تحصيلهم جميعا الصلاة معه، ولا يضرّ كون التعجيل في الأوّل علّة العلّة.
الخامس: أنّ تعجيل الروح لانقضاء النوبة بطلوع الفجر وتعجيل النزول متلازمان؛ لئلاّ يبقى المكلّف بلا حَفَظَةٍ ولو في آن، وتعجيل العروج مستلزم لعدم الزيادة؛ لاستحالة تخلّف المعلول عن العلّة، كذلك يمكن أن يُقال: تعجيل النزول مستلزم له؛ لاستحالة تخلّف أحد المتلازمين عن الآخر.
وقال بعض الأعلام في توجيه هذا الكلام:
اعلم أنّه ورد في الفقيه والعلل هكذا: «وأقرّ الفجر على ما فرضت بمكّة لتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء ولتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض، فكانت ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون»(1)، فعلى هذا يحتمل أن يكون قصر الصلاة معلّلاً بتعجيل العروج فقط، وأمّا تعجيل النزول فيكون علّة لما بعده، أعني شهود
ص: 190
ملائكة الليل والنهار جميعا، فإن قلت: مدخول الفاء لا يعمل فيما قبله، قلت: قد ورد في القرآن كثيرا كقوله تعالى: «وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ»(1).(2)
انتهى، ولا يخفى بُعده.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «مَا أَيْسَرَ مَا رَضِيَ بِهِ النَّاسُ عَنْكُمْ ، كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْهُمْ» .
السند حسن.
قوله: (كفّوا ألسنتكم عنهم) بيان وتفسير لما قبله.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ؛ وَأَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ :
كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَذَكَرَ بَنِي أُمَيَّةَ وَدَوْلَتَهُمْ ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ : إِنَّمَا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَهُمْ ، وَأَنْ يُظْهِرَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ هذَا الْأَمْرَ عَلى يَدَيْكَ .(3)
فَقَالَ : «مَا أَنَا بِصَاحِبِهِمْ ، وَلاَ يَسُرُّنِي أَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُمْ ، إِنَّ أَصْحَابَهُمْ أَوْلاَدُ الزِّنى ، إِنَّ اللّهَ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ لَمْ يَخْلُقْ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ سِنِينَ وَلاَ أَيَّاما أَقْصَرَ مِنْ سِنِينِهِمْ وَأَيَّامِهِمْ ، إِنَّ اللّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ يَأْمُرُ الْمَلَكَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْفَلَكُ ، فَيَطْوِيهِ طَيّا» .
السند ضعيف.
قوله: (ترجو أن تكون صاحبهم).
ص: 191
الظاهر أنّ المراد بالصاحب هنا من يقتلهم ويستأصلهم بقرينة ما بعده، فالمراد بالأصحاب في قوله: (إنّ أصحابهم أولاد الزنى) بنو العبّاس وأتباعهم. ولعلّ وجه كونهم أولاد الزنا أنّ مهور نسائهم واُمّهات أولادهم من مال الإمام وهم غصبوه.
والضمير في قوله عليه السلام: (من سنينهم) لبني اُميّة، أو لبني العبّاس، والأوّل أظهر.
وفي بعض النسخ: «سِنيهم» وهو أولى.
وأمّا قوله عليه السلام: (إنّ اللّه _ عزّ وجلّ _ يأمر الملك) إلى آخره، فقد مرّ مرارا وتكلّمنا عليه هناك، ونقول هنا: يحتمل أن يكون هذا الفلك غير الأفلاك المشهورة، واللّه يعلم.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «وُلْدُ الْمِرْدَاسِ مَنْ تَقَرَّبَ مِنْهُمْ أَكْفَرُوهُ ، وَمَنْ تَبَاعَدَ مِنْهُمْ أَفْقَرُوهُ ، وَمَنْ نَاوَاهُمْ قَتَلُوهُ ، وَمَنْ تَحَصَّنَ مِنْهُمْ أَنْزَلُوهُ ، وَمَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ أَدْرَكُوهُ حَتّى تَنْقَضِيَ(1) دَوْلَتُهُمْ» .
السند حسن.
قوله: (ولد المرداس).
قال الفيروزآبادي:
رَدس القوم: رماهم بحجر. والحائط والأرض: دكّه بشيء صلِب عريض يُقال له المُردس والمِرداس. وردس الحجر بالحجر يردسه ويردسه: كسره وبالشيء ذهب به. والمِرداس: الرأس. وعبّاس بن مرداس السلمي صحابي شاعر شجاع سخيّ.(2)
أقول: الظاهر أنّ المراد بالمرداس هنا عبّاس بن عبد المطّلب إمّا كناية باعتبار كونه سمي عبّاس بن مرداس السّلمي، فينتقل الذهن منه إليه، وإمّا استعارة باعتبار كلّ واحد من المعاني المذكورة بنوع من التقريب، ولا يبعد أن يُراد به الدوانيقي بالاعتبار الثاني. وما قيل من أنّه اُريد به السفّاح، وهو أوّل خليفة من ولد العبّاس، وإطلاقه عليه من باب
ص: 192
الاستعارة،(1) ففيه أنّ ولد العبّاس لم يملكوا الخلافة، بل سائر الخلفاء العبّاسيّة من ولد الدوانيقي أخي السفّاح، فتأمّل.
(من تقرّب منهم أكفروه).
في القاموس: «أكفره، أي دعاه كافرا».(2) ولعلّ المراد هنا: جعلوه كافرا.
(ومن ناواهم) أي عاداهم.
(قتلوه).
قال الفيروزآبادي في المهموز: «نأواه مناوأة ونواءً: فاخره وعاداه».(3)
(ومَن تحصّن) أي تحفّظ في الحصن وتوقّى به.
(منهم أنزلوه) أي عن حصنه وحرزه، أو عن رتبته ومنزلته.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ(4) بْنِ أَيْمَنَ جَمِيعا ، عَنْ مُحَسِّنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُعَاذٍ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ بَشِيرٍ النَّبَّالِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «بَيْنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله جَالِسا إِذْ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ ، فَرَحَّبَ بِهَا ، وَأَخَذَ بِيَدِهَا وَأَقْعَدَهَا ، ثُمَّ قَالَ : ابْنَةُ نَبِيٍّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ ، دَعَاهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُؤمِنُوا ، وَكَانَتْ نَارٌ يُقَالُ لَهَا : نَارُ الْحَدَثَانِ ، تَأْتِيهِمْ كُلَّ سَنَةٍ ، فَتَأْكُلُ بَعْضَهُمْ ، وَكَانَتْ تَخْرُجُ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنْ رَدَدْتُهَا عَنْكُمْ تُؤمِنُونَ؟ قَالُوا : نَعَمْ».
قَالَ : «فَجَاءَتْ فَاسْتَقْبَلَهَا بِثَوْبِهِ فَرَدَّهَا ، ثُمَّ تَبِعَهَا حَتّى دَخَلَتْ كَهْفَهَا ، وَدَخَلَ مَعَهَا ، وَجَلَسُوا عَلى بَابِ الْكَهْفِ وَهُمْ يَرَوْنَ أَلاَّ يَخْرُجَ أَبَدا ، فَخَرَجَ وَ هُوَ يَقُولُ : هذَا هذَا ، وَكُلُّ هذَا مِنْ ذَا ،(5) زَعَمَتْ(6) بَنُوعَبْسٍ(7) أَنِّي لاَ أَخْرُجُ وَجَبِينِي يَنْدى ، ثُمَّ قَالَ : تُؤمِنُونَ بِي؟ قَالُوا : لاَ [قَالَ :] فَإِنِّي مَيِّتٌ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ،
ص: 193
فَإِذَا أَنَا مِتُّ ، فَادْفِنُونِي ؛ فَإِنَّهُ(1) سَتَجِيءُ عَانَةٌ مِنْ حُمُرٍ يَقْدُمُهَا عَيْرٌ أَبْتَرُ حَتّى يَقِفَ عَلى قَبْرِي ، فَانْبُشُونِي وَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ .
فَلَمَّا مَاتَ دَفَنُوهُ ، وَكَانَ ذلِكَ الْيَوْمُ إِذْ جَاءَتِ الْعَانَةُ اجْتَمَعُوا ، وَجَاؤُوا يُرِيدُونَ نَبْشَهُ ، فَقَالُوا : مَا آمَنْتُمْ بِهِ فِي حَيَاتِهِ ، فَكَيْفَ تُؤمِنُونَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ(2)؟ وَلَئِنْ نَبَشْتُمُوهُ لَيَكُونَنَّ سُبَّةً عَلَيْكُمْ ، فَاتْرُكُوهُ ، فَتَرَكُوهُ» .
السند مجهول.
قوله: (فرحّب بها) أي قال لها: مرحبا.
قيل: فيه دلالة على جواز أن يقول الرجل للمرأة: مرحبا،(3) ولعلّه مقيّد بكونها مسنّة، أو إذا كان الرجل صالحا مأمونا كما نقل إنّها أتت النبيّ في كبر السّن، وعلى جواز قعودها مع الرجال إذا لم يكونوا من أهل ريبة، وعلى استحباب تعظيم شخص لأجل شرافة الآباء والأجداد.
وقوله: (ابنة نبيّ) خبر مبتدأ محذوف، أي هذه ابنة نبيّ.
وجملة (ضيّعه قومه) صفة نبي، وقوله: (خالد بن سنان) عطف بيان له.
وقوله: (دعاهم فأبوا) إلى آخره، بيان للتضييع، وذكروا أنّ خالد بن سنان كان في الفترة في أيّام سلطنة أنوشيروان من ملوك العجم، واختلف في نبوّته، وهذا الخبر يدلّ على أنّه كان نبيّا، والمشهور أنّ نسبه ينتهي إلى عدنان من أجداد رسول اللّه صلى الله عليه و آله.
(وكانت نار يُقال لها: نار الحدثان).
في القاموس: «حِدثان الأمر _ بالكسر _ : أوّله وابتداؤه».(4)
وقال السيوطي في شرح شواهد المغني ناقلاً عن العسكري في ذكر أقسام النّار:
نار الحرّتين كانت في بلاد عَبس تخرج من الأرض، فتؤذّي مَن مرّ بها، وهي التي
ص: 194
دفنها خالد بن سنان النبيّ صلى الله عليه و آله. قال خليد:
كنار الحرّتين لها زفير*** تصمّ مسامع الرجل السميع.(1)
وقال بعض الفضلاء: لعلّ الحدثان في هذا الخبر تصحيف الحرّتين.(2)
(فخرج وهو يقول: هذا هذا).
لعلّه مبتدأ وخبر، والأوّل مبتدأ، والثاني تأكيد له، والخبر محذوف، أي هذا شأني وإعجازي، أو ضيعي أو خروجي.
وقيل: الظاهر أنّ الأوّل إشارة إلى الردّ، والثاني إلى الدخول؛ أي ردّها الذي ضمنت لكم دخولها في الكهف.(3)
(وكلّ هذا من ذا).
قيل: أي كلّ واحد من مجيء النار وردّها ودخولها في الكهف ودخولي فيه وخروجي عنه من اللّه تعالى.(4)
وقيل: أي كلّ هذا ممّا ادّعيت من قوّة نبوّتي التي أعطاها اللّه تعالى.(5)
وفي بعض النسخ: «مُؤذٍ» بدل من «ذا»، فحينئذٍ يكون «هذا» إشارة إلى كلّ واحد من الجالسين على باب الكهف، وحكم عليه بأنّه مؤذ مثل هذه النار.
(زعمت بنو عَبْس أنّي لا أخرج) يعني من الكهف.
و«عبس» بفتح العين وسكون الباء الموحّدة: أبو قبيلة.
وقيل: يحتمل أن يكون مخفّف عبد قيس.(6)
وفي بعض النسخ: «أزعمت» بهمزة الاستفهام للتوبيخ والإنكار.
(وجبيني يندى) كيرضى، أي يبتلّ ويعرق.
وقيل: الظاهر أنّ الواو للحال، أي والحال أنّ جبيني لم يجف من العرق، فكيف يتصوّر
ص: 195
في حقّي الإحراق؟! أو عطف على اسم «أنّ» فهو داخل تحت توبيخهم بما زعموا أنّ النار تحرقه، أو توجب مشقّته، وتؤثّر فيه ولو بعرق الجبين.
(فإنّه سيجئعانة من حُمُر يقدمها عير أبتر).
في القاموس: «العانة: الأتان، والقطيع من حُمُر الوحش. الجمع: عون، بالضمّ».(1)
وحُمُر _ بالضمّتين _ حمار، ويطلق على الإنسي والوحشي.
والعَيْر _ بالفتح _ : الحمار، وغلّب على الوحشي.
والأبتر: المقطوع الذنب.
وقوله: (فانبشوني) من النبش، وهو إبراز المستور، وكشف الشيء عن الشيء، وفعله كنصر.
وقوله: (ليكون(2) سبّة عليكم) بفتح اللاّم.
وقال الجوهري: «يُقال: صار هذا الأمر سُبّة عليه _ بالضمّ _ أي عارا يُسَبّ به. ورجلٌ سُبَّة: أي يسبّه الناس»(3) انتهى. أي هذا عار عليكم أن تحبّوه ولا تؤمنوا به، أو هو يسبّكم بترك الإيمان والكفر، أو يكون هذا النبش عارا لكم عند العرب فيقولون: نبشوا قبر نبيّهم. ويؤيّد الأخير ما ذكره ابن الأثير قال: «فأرادوا نبشه، فكره ذلك بعضهم وقالوا: نخاف إن نبشناه أن تسبّنا العرب بأنّا نبشنا ميّتا لنا، فتركوه».(4)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلاَلِيِّ ، قَالَ :
سَمِعْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ _ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ _ يَقُولُ : لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَصَنَعَ النَّاسُ مَا صَنَعُوا ، وَخَاصَمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ الْأَنْصَارَ ، فَخَصَمُوهُمْ بِحُجَّةِ عَلِيٍّ عليه السلام قَالُوا : يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، قُرَيْشٌ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْكُمْ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آلهمِنْ قُرَيْشٍ ، وَالْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ ، إِنَّ اللّهَ _ عَزَّ ذِكْرُهُ _ بَدَأَ بِهِمْ فِي كِتَابِهِ وَفَضَّلَهُمْ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» .
ص: 196
قَالَ سَلْمَانُ _ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ _ : فَأَتَيْتُ عَلِيّا عليه السلام وَهُوَ يُغَسِّلُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا صَنَعَ النَّاسُ ، وَقُلْتُ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ السَّاعَةَ عَلى مِنْبَرِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَاللّهِ مَا يَرْضى أَنْ يُبَايِعُوهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ ، إِنَّهُمْ لَيُبَايِعُونَهُ بِيَدَيْهِ جَمِيعا بِيَمِينِهِ وَشِمَالِهِ .
فَقَالَ لِي : «يَا سَلْمَانُ ، هَلْ تَدْرِي مَنْ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ عَلى مِنْبَرِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله؟» .
قُلْتُ : لاَ أَدْرِي، إِلاَّ أَنِّي رَأَيْتُ فِي ظُلَّةِ بَنِي سَاعِدَةَ حِينَ خَصَمَتِ الْأَنْصَارُ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ بَشِيرُ(1) بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ، ثُمَّ عُمَرُ ، ثُمَّ سَالِمٌ .
قَالَ : «لَسْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ هذَا ، وَلكِنْ تَدْرِي أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ حِينَ صَعِدَ عَلى مِنْبَرِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله؟» .
قُلْتُ : لاَ ، وَلكِنِّي رَأَيْتُ شَيْخا كَبِيرا مُتَوَكِّئا عَلى عَصَاهُ ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ سَجَّادَةٌ شَدِيدُ التَّشْمِيرِ ، صَعِدَ إِلَيْهِ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَ وَهُوَ يَبْكِي ، وَيَقُولُ : الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي مِنَ الدُّنْيَا حَتّى رَأَيْتُكَ فِي هذَا الْمَكَانِ ، ابْسُطْ يَدَكَ ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ ، ثُمَّ نَزَلَ فَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ .
فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : «أ تَدْرِي(2) مَنْ هُوَ؟» .
قُلْتُ : لاَ ، وَلَقَدْ سَاءَتْنِي مَقَالَتُهُ كَأَنَّهُ شَامِتٌ بِمَوْتِ النَّبِيِّ(3) صلى الله عليه و آله .
فَقَالَ : «ذَاكَ [إِبْلِيسُ] لَعَنَهُ اللّهُ ، أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله أَنَّ إِبْلِيسَ وَرُؤسَاءَ أَصْحَابِهِ شَهِدُوا نَصْبَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آلهإِيَّايَ لِلنَّاسِ بِغَدِيرِ خُمٍّ بِأَمْرِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَخْبَرَهُمْ أَنِّي أَوْلى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، فَأَقْبَلَ إِلى إِبْلِيسَ أَبَالِسَتُهُ وَمَرَدَةُ أَصْحَابِهِ ، فَقَالُوا : إِنَّ هذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ وَمَعْصُومَةٌ ، وَمَا لَكَ وَلاَ لَنَا عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ ، قَدْ أُعْلِمُوا إِمَامَهُمْ وَمَفْزَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ ، فَانْطَلَقَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ كَئِيبا حَزِينا .
وَأَخْبَرَنِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله أَنَّهُ لَوْ قُبِضَ أَنَّ النَّاسَ يُبَايِعُونَ أَبَا بَكْرٍ فِي ظُلَّةِ بَنِي سَاعِدَةَ بَعْدَ مَا يَخْتَصِمُونَ ، ثُمَّ يَأْتُونَ الْمَسْجِدَ ، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُبَايِعُهُ عَلى مِنْبَرِي إِبْلِيسُ _ لَعَنَهُ اللّهُ _ فِي صُورَةِ رَجُلٍ شَيْخٍ مُشَمِّرٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَجْمَعُ شَيَاطِينَهُ وَأَبَالِسَتَهُ ، فَيَنْخُرُ وَيَكْسَعُ ، وَيَقُولُ : كَلاَّ زَعَمْتُمْ أَنْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ ، فَكَيْفَ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِهِمْ حَتّى تَرَكُوا أَمْرَ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ وَطَاعَتَهُ وَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله» .
ص: 197
السند حسن على الأصحّ.
قوله: (فخصموهم بحجّة عليّ عليه السلام) أي غلب هؤلاء الثلاثة على الأنصار بحجّة هي عليّ عليه السلام، أي تدلّ على أحقّيته عليه السلام بالخلافة؛ لأنّ خلاصة تلك الحجّة قرابتهم من رسول اللّه صلى الله عليه و آله، كما يدلّ عليه قولهم: (يا معشر الأنصار) إلى قولهم: (وقد قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: الأئمّة من قريش).
وقد روى في أخبار متكثّرة مستفيضة أنّه عليه السلاماحتجّ عليهم بهذه الحجّة في مواضع؛ منها: ما ذكره الشيخ الطبرسي رحمه الله في كتاب الاحتجاج: أنّ أمير المؤمنين عليه السلاملمّا اُحضر لبيعة أبي بكر قالوا له: بايع أبا بكر، فقال عليّ عليه السلام: «أنا أحقُّ بهذا الأمر منه، وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتجتم عليهم بالقرابة من رسول اللّه صلى الله عليه و آله، وأخذتموها(1) منّا أهل البيت غصبا، ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أولى بهذا الأمر منهم بمكانكم من رسول اللّه صلى الله عليه و آله؟! فأعطوكم المقادة وسلّموا لكم الإمارة، وأنا احتججت عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، أنا أولى برسول اللّه صلى الله عليه و آله حيّا وميّتا، وأنا وصيّه ووزيره، ومستودع سرّه وعلمه، وأنا الصدِّيق الأكبر، وأنا [الفاروق الأعظم] أوّل من آمن به وصدّقه، وأحسنكم بلاءً في جهاد المشركين، وأعرفكم بالكتاب والسنّة، وأفقهكم في الدِّين، وأعلمكم بعواقب الاُمور، وأذربكم لسانا، وأثبتكم جنانا، فعلى ما تنازعونا هذا الأمر، إنصفونا إن كنتم تخافون اللّه من أنفسكم، واعرفوا لنا من(2) الأمر مثل ما عرفته الأنصار لكم، وإلاّ فبوؤا بالظلم [والعدوان] وأنتم تعلمون».(3) الخبر.
(ما يرضى أن يبايعوه).
في كتاب الاحتجاج: «ما يرضى الناس أن يبايعوه».(4)
وقوله: (في ظلّة بني ساعدة).
الظلّة _ بالضمّ _ : ما يستظلّ به. والظلّة أيضا: شيء كهيئة الصّفة يستتر به من الحرّ والبرد.
وقوله: (بين عينيه سجّادة) بفتح السّين وتشديد الجيم: أثر السجود في الجبهة.
ص: 198
(شديد التشمير).
يُقال: شمّر الثوب تشميرا: إذا رفعه. وشمّر في الأمر: إذا خفّ فيه. وتشمّر للأمر: تهيّأ له. والمراد هنا شدّة الاجتهاد في العبادة.
وقوله: (كأنّه شامت) على صيغة اسم الفاعل من الشماتة، وهي الفرح ببليّة العدوّ.
وقوله: (فينخر ويكسع).
قال في القاموس: «نخر ينخُر وينخِر نخيرا: مدّ الصوت في خياشيمه».(1)
وقال: «كسعه _ كمنعه _ : ضرب دبره بيده، أو بصدر قدمه».(2)
وأقول: الظاهر أنّ هذا منه حقيقة؛ لأنّه جسم، وإنّما فعل ذلك فرحا وشعفا.
وقيل: يحتمل أن يكون استعارة على سبيل التمثيل.(3)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ حَمْدَانَ(4) بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْيَمَانِيِّ ، عَنْ مَنِيعِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ صَبَّاحٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِيِّ ، عَنْ جَابِرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : «لَمَّا أَخَذَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِيَدِ عَلِيٍّ عليه السلام يَوْمَ الْغَدِيرِ ، صَرَخَ إِبْلِيسُ فِي جُنُودِهِ صَرْخَةً ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي بَرٍّ وَلاَ بَحْرٍ إِلاَّ أَتَاهُ ، فَقَالُوا : يَا سَيِّدَهُمْ وَمَوْلاَهُمْ ، مَا ذَا دَهَاكَ ، فَمَا سَمِعْنَا لَكَ صَرْخَةً أَوْحَشَ مِنْ صَرْخَتِكَ هذِهِ؟ فَقَالَ لَهُمْ : فَعَلَ هذَا النَّبِيُّ فِعْلاً إِنْ تَمَّ لَمْ يُعْصَ اللّهُ أَبَدا ، فَقَالُوا : يَا سَيِّدَهُمْ ، أَنْتَ كُنْتَ لآِدَمَ .
فَلَمَّا قَالَ الْمُنَافِقُونَ : إِنَّهُ يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ، وَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : أَمَا تَرى عَيْنَيْهِ تَدُورَانِ فِي رَأْسِهِ كَأَنَّهُ مَجْنُونٌ يَعْنُونَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، صَرَخَ إِبْلِيسُ صَرْخَةً بِطَرَبٍ(5) ، فَجَمَعَ أَوْلِيَاءَهُ ، فَقَالَ : أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنِّي كُنْتُ لآِدَمَ مِنْ قَبْلُ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : آدَمُ نَقَضَ الْعَهْدَ ، وَلَمْ يَكْفُرْ بِالرَّبِّ ، وَ هؤلاَءِ نَقَضُوا الْعَهْدَ ، وَكَفَرُوا بِالرَّسُولِ .
فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَأَقَامَ النَّاسُ غَيْرَ عَلِيٍّ ، لَبِسَ إِبْلِيسُ تَاجَ الْمُلْكِ ، وَنَصَبَ مِنْبَرا وَ قَعَدَ
ص: 199
فِي الْزِّنْيَةِ(1) ، وَجَمَعَ خَيْلَهُ وَرَجْلَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : اطْرَبُوا ؛ لاَ يُطَاعُ اللّهُ حَتّى يَقُومَ الاْءِمَامُ(2)» .
وَتَلاَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاّ فَرِيقا مِنَ الْمُؤمِنِينَ»(3) قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «كَانَ تَأْوِيلُ هذِهِ الاْيَةِ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَالظَّنُّ مِنْ إِبْلِيسَ حِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إِنَّهُ يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ، فَظَنَّ بِهِمْ إِبْلِيسُ ظَنّا ، فَصَدَّقُوا ظَنَّهُ» .
السند مجهول.
قوله: (يا سيّدهم ومولاهم).
مقتضى الظاهر: قالوا: يا سيّدنا ومولانا، وإنّما غيّره عليه السلاملئلاّ يوهم انصرافه إليه، وهذا شايع في كلام البلغاء في نقل أمر لا يرضى القائل إضافته إلى نفسه، وإن كان حكاية، كما قيل في قوله تعالى: «أَنَّ لَعْنَةَ اللّه ِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ»(4).(5)
(ماذا دهاك) أي أيّ داهيةٍ أصابك.
قال الجوهري: «الدّاهية: الأمر العظيم. وما دهاك، أي ما أصابك».(6)
(فقالوا: يا سيّدهم أنت كنت لآدم) أي قال شياطينه تسليةً له: أنت الذي كنت خصما لآدم ومغويا له مع وفور علمه وكماله وعقله وفهمه، فإغواء هؤلاء الجهلة الحمقاء ليس ببديع عندك.
وقوله: (وقال أحدهما لصاحبه) يعني أبا بكر وعمر.
وقوله: (وهؤلاء نقضوا العهد، وكفروا بالرسول)؛ فإنّهم نقضوا ميثاقه، وأنكروا رسالته، ونسبوا قوله إلى الهوى والجنون.
قيل: وإنّما لم يقل: وكفروا بالرّبّ، مع أنّه الأنسب بالسابق؛ للإشعار بأنّ الكفر بالرسول كفرٌ بالربّ.(7)
ص: 200
وقوله: (وقعد في الزنية).
في بعض النسخ: «الوثبة» بدل «الزنية» وفسّرت بالوسادة.
قال الجوهري: «الوِثاب _ بكسر الواو _ : المقاعد. وتقول: وثّبه توثيبا، أي أقعده على وسادةٍ، وربّما قالوا: وثّبه وسادة: إذا طرحها ليقعد عليها».(1)
وفي بعضها: «الزُبية» بضمّ الزاء وسكون الباء الموحّدة وتخفيف الياء، وهي حفرة في موضع عال يصاد بها الذئب أو الأسد.
(ثمّ قال لهم: اطربوا) من الطرب _ بالتحريك _ وهو خفّة تُصيب الإنسان لشدّة حزن أو سرور، وفعله كعلم.
ويحتمل كونه من الإطراب، أي وليُطرِب بعضكم بعضا.
«وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ» أي حقّق ظنّه فيهم بتكذيب الرسول وردّ الخلافة عن أهلها، أو وجده صادقا.
«فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ» لم يتّبعوه في العصيان وهم المخلصون.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ ، عَنْ زُرَارَةَ :
عَنْ أَحَدِهِمَا عليهماالسلام ، قَالَ : «أَصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَوْما كَئِيبا حَزِينا ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : مَا لِي أَرَاكَ يَا رَسُولَ اللّهِ كَئِيبا حَزِينا؟ فَقَالَ : وَكَيْفَ لاَ أَكُونُ كَذلِكَ وَ قَدْ رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي هذِهِ أَنَّ بَنِي تَيْمٍ وَبَنِي عَدِيٍّ وَبَنِي أُمَيَّةَ يَصْعَدُونَ مِنْبَرِي هذَا يَرُدُّونَ النَّاسَ عَنِ الاْءِسْلاَمِ الْقَهْقَرى . فَقُلْتُ : يَا رَبِّ ، فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِي؟ فَقَالَ : بَعْدَ مَوْتِكَ» .
السند ضعيف.
قوله: (كئيبا حزينا).
ص: 201
الحزن: خلاف السرور. والكآبة: سوء الحال، والانكسار من الحزن، وفعله كفرح.
وقوله: (أنّ بني تيم) هم بني تَيم بن مرّة رهط أبي بكر.
(وبني عديّ) كغنيّ: رهط عمر.
(وبني اُميّة) رهط عثمان.
وقوله: (القهقرى) هي الرجوع إلى خلفٍ من غير التوجّه إلى جهة المشي.
وقيل: فيه تنبيه على أنّ ارتدادهم عن الإسلام بنحو خاصّ، وهو خروجهم منه مع ادّعائهم له وعدم صرف وجههم عنه بالمرّة.(1)
جَمِيلٌ(2) ، عَنْ زُرَارَةَ :
عَنْ أَحَدِهِمَا عليهماالسلام ، قَالَ : «قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : لَوْ لاَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ مُحَمَّدا اسْتَعَانَ بِقَوْمٍ حَتّى إِذَا ظَفِرَ بِعَدُوِّهِ قَتَلَهُمْ ، لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَ قَوْمٍ كَثِيرٍ» .
السند ضعيف.
قوله: (لضربت أعناق قوم كثير) هم المنافقون الذين سبق ذكرهم.
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ الدِّهْقَانِ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ(3) ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «كَانَ الْمَسِيحُ عليه السلام يَقُولُ : إِنَّ التَّارِكَ شِفَاءَ الْمَجْرُوحِ مِنْ جُرْحِهِ شَرِيكٌ لِجَارِحِهِ لاَ مَحَالَةَ ، وَذلِكَ أَنَّ الْجَارِحَ أَرَادَ فَسَادَ الْمَجْرُوحِ ، وَالتَّارِكَ لاِءِشْفَائِهِ لَمْ يَشَأْ صَلاَحَهُ ، فَإِذَا(4) لَمْ
ص: 202
يَشَأْ صَلاَحَهُ فَقَدْ شَاءَ فَسَادَهُ اضْطِرَارا ، فَكَذلِكَ لاَ تُحَدِّثُوا بِالْحِكْمَةِ غَيْرَ أَهْلِهَا فَتَجْهَلُوا ، وَلاَ تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَأْثَمُوا ، وَلْيَكُنْ أَحَدُكُمْ بِمَنْزِلَةِ الطَّبِيبِ الْمُدَاوِي : إِنْ رَأى مَوْضِعا لِدَوَائِهِ ، وَإِلاَّ أَمْسَكَ» .
السند ضعيف.
قوله: (أنّ التارك شفاء المجروح).
الشفاء _ بالكسر والمدّ _ : الدواء، يُقال: شفاه اللّه من مرضه، أي الذي ترك معالجة المجروح ومداواه مع قدرته عليه، من جرحه الجرح _ بالفتح _ مصدر جرحه، كمنعه: إذا كلّمه. وبالضمّ: الاسم منه.
وكلمة «من» تعليليّة، كما قيل في قوله تعالى: «خَاشِعا مُتَصَدِّعا مِنْ خَشْيَةِ اللّه ِ»(1).
ولعلّ المراد بالجرح ما يعمّ الأمراض والآلام والمصاب.
(شريك لجارحه لا محاله) بفتح الميم، أي لابدّ. وأصل المَحالة الحيلة.
وقوله عليه السلام: (والتارك لإشفائه).
قال الجوهري: «شفاه اللّه من مرضه شفاءً _ ممدود _ وأشفيتك الشيء: أعطيتكه تستشفي به. ويقال: أشفاه اللّه عسلاً: إذا جعل له شفاء، حكاه أبو عبيد».(2)
وقوله: (اضطرارا) أي ضرورة وبديهة، أو البتّة.
وقوله: (فتجهّلوا) يحتمل كونه من الجهل، أي تكوّتوا، أو تصيّروا جهلة، أو من التجهيل على بناء المفعول.
قال الفيروزآبادي: «جهله _ كسمعه _ جهلاً: ضدّ علمه. وعليه: أظهر الجهل. وجهّله تجهيلاً: نسبه إلى الجهل».(3)
وقيل: لعلّ المراد بالجهل أو التجهيل وضع الحكمة في غير موضعها وتضييعها.(4)
وقوله: (فليكن أحدكم) أي كلّ واحد منكم.
وفي هذا الخبر دلالة على جواز معالجة المريض وحثّ عليه، بل على وجوبها
ص: 203
كفاية، وعلى وجوب تعليم الجاهل إن كان أهلاً له، وهداية الضالّ، وعلى جواز كتمان العلم
من غير أهله.
سَهْلٌ(1) ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ :
دَخَلْتُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام أَنَا وَحُسَيْنُ بْنُ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ ، فَقُلْتُ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّا كُنَّا فِي سَعَةٍ مِنَ الرِّزْقِ وَغَضَارَةٍ مِنَ الْعَيْشِ ، فَتَغَيَّرَتِ الْحَالُ بَعْضَ التَّغْيِيرِ(2) ، فَادْعُ اللّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ أَنْ يَرُدَّ ذلِكَ إِلَيْنَا .
فَقَالَ : «أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُونَ ، تَكُونُونَ مُلُوكا؟ أَيَسُرُّكَ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ طَاهِرٍ وَهَرْثَمَةَ ، وَإِنَّكَ عَلى خِلاَفِ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ؟». قُلْتُ : لاَ وَ اللّهِ ، مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا ذَهَبا وَفِضَّةً وَإِنِّي عَلى خِلاَفِ مَا أَنَا عَلَيْهِ .
قَالَ : فَقَالَ : «فَمَنْ أَيْسَرَ مِنْكُمْ فَلْيَشْكُرِ اللّهَ ، إِنَّ اللّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ يَقُولُ : «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»(3) وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى : «اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِىَ الشَّكُورُ»(4) وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللّهِ ؛ فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلامكَانَ يَقُولُ : مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ بِاللّهِ ، كَانَ اللّهُ عِنْدَ ظَنِّهِ بِهِ ، وَمَنْ رَضِيَ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ ، قَبِلَ اللّهُ مِنْهُ الْيَسِيرَ مِنَ الْعَمَلِ ، وَمَنْ رَضِيَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْحَلاَلِ ، خَفَّتْ مَؤُونَتُهُ ، وَتَنَعَّمَ(5) أَهْلُهُ ، وَبَصَّرَهُ اللّهُ دَاءَ الدُّنْيَا وَدَوَاءَهَا ، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِما إِلى دَارِ السَّلاَمِ» .
قَالَ : ثُمَّ قَالَ : «مَا فَعَلَ ابْنُ قِيَامَا؟».
قَالَ : قُلْتُ : وَاللّهِ إِنَّهُ لَيَلْقَانَا فَيُحْسِنُ اللِّقَاءَ .
فَقَالَ : «وَأَيُّ شَيْءٍ يَمْنَعُهُ مِنْ ذلِكَ؟» ثُمَّ تَلاَ هذِهِ الاْيَةَ «لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِى بَنَوْا رِيبَةً فِى قُلُوبِهِمْ إِلاّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ».(6)
قَالَ : ثُمَّ قَالَ : «تَدْرِي لِأَيِّ شَيْءٍ تَحَيَّرَ ابْنُ قِيَامَا؟» قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : «إِنَّهُ تَبِعَ أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام ،فَأَتَاهُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَهُوَ يُرِيدُ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام ،
ص: 204
فَقَالَ : مَا تُرِيدُ، حَيَّرَكَ اللّهُ؟» .
قَالَ : ثُمَّ قَالَ : «أَرَأَيْتَ لَوْ رَجَعَ إِلَيْهِمْ مُوسى فَقَالُوا(1) : لَوْ نَصَبْتَهُ لَنَا فَاتَّبَعْنَاهُ وَاقْتَصَصْنَا أَثَرَهُ ، أَ هُمْ كَانُوا أَصْوَبَ قَوْلاً ، أَوْ مَنْ قَالَ : «لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى»(2)؟» .
قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، بَلْ مَنْ قَالَ : لَوْ(3) نَصَبْتَهُ لَنَا فَاتَّبَعْنَاهُ وَ اقْتَصَصْنَا أَثَرَهُ .
قَالَ : فَقَالَ : «مِنْ هاهُنَا أُتِيَ ابْنُ قِيَامَا وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ» .
قَالَ : ثُمَّ ذَكَرَ ابْنَ السَّرَّاجِ ، فَقَالَ : «إِنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِمَوْتِ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام ، وَذلِكَ أَنَّهُ أَوْصى عِنْدَ مَوْتِهِ ، فَقَالَ : كُلُّ مَا خَلَّفْتُ مِنْ شَيْءٍ حَتّى قَمِيصِي هذَا الَّذِي فِي عُنُقِي لِوَرَثَةِ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام ، وَلَمْ يَقُلْ : هُوَ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه السلام ، وَهذَا إِقْرَارٌ ، وَلكِنْ أَيُّ شَيْءٍ يَنْفَعُهُ مِنْ ذلِكَ ، وَمِمَّا قَالَ» ثُمَّ أَمْسَكَ .
السند ضعيف على الظاهر، وأمّا على نسخة سهل بن عبيد اللّه فمجهول، والظاهر أنّه تصحيف، والصحيح: سهل عن عبيد اللّه ، كما في بعض النسخ.
قوله: (وغضارة من العيش).
الغضارة _ بالفتح _ : طيب العيش، والسِّعة والنعمة، والخصب.
وقوله: (طاهر وهرثمة)؛ هما من اُمراء المأمون، وفي غاية العداوة لأهل البيت عليهم السلام.
وقوله عليه السلام: (فمن أيسر منكم)؛ استفهام إنكاري.
وفي القاموس: «اليسر _ بالضم _ وبضمّتين _ واليسار واليسارة واليسر مثلّثة السين: السهولة والغنى»(4) انتهى.
وأقول: الغنى كما يكون بالمال يكون بالكمال وصحّة العقائد والأعمال، بل الثاني هو اليسر والغنى في الحقيقة؛ إذ به يتحقّق غناء الأبد.
وقوله: (فتشكر(5) اللّه ) بصيغة الخطاب.
ص: 205
وفي بعض النسخ بصيغة الغيبة. وقيل: هو حينئذٍ خبر للموصول،(1) وفيه تأمّل.
وقوله: (إنّ اللّه _ عزّ وجلّ _ يقول: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» تعليل للأمر بالشكر.
وقوله: (وقال سبحانه وتعالى: «اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرا») الآية، تعليل آخر له.
و«آل داود» منادى بتقدير حرف النداء. وقال البيضاوي:
«شكرا» نصب على العلّة، أي اعملوا له، واعبدوه شكرا، أو المصدر؛ لأنّ العمل له شكرا، والوصف، أو الحال، أو المفعول به.
«وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ» أي المتوفّر على أداء الشكر بقلبه ولسانه وجوارحه أكثر أوقاته، ومع ذلك لا يوفّى حقّه؛ لأنّ توفيقه للشكر نعمة تستدعي شكرا آخر لا إلى نهاية، ولذلك قيل: الشكور من يرى عجزه عن الشكر.(2)
وقوله: (وكان اللّه عند ظنّه به) أي يعامل معه على طبق ظنّه به وبحسبه.
(ومن رضى بالقليل من الرزق قبل اللّه منه اليسير من العمل).
قيل: هذا من حسن المعاملة بين العبد والرّبّ؛ لأنّ الرزق حقّ العبد على اللّه ، والعمل حقّ اللّه على العبد، فحسن المعاملة يقتضي قبول اليسير مع القليل.(3)
(ومَن رضى باليسير من الحلال خفّت مؤونته).
الظاهر أنّ المراد باليسير من الحلال قدر الكفاف منه، ولا شكّ أنّ الاكتفاء به وترك طلب الزيادة يوجب خفّة المؤونة في الدُّنيا والآخرة.
(وتنعّم أهله)؛ فإنّ الكفاف كاف في التنعّم والترفّه وخصب العيش.
(وبصّره اللّه داء الدُّنيا ودواءها).
التبصير: التعريف، والإيضاح. والدواء _ بالمدّ، مثلّثة الفاء _ : ما يداوى به.
وقيل: المراد بداء الدُّنيا كلّ ما يمنعه من السّير إلى اللّه ، والميل إلى الآخرة، والعمل لها كالغضب والحسد والبغي وغيرها من أنواع المعاصي، وبدوائها كلّ ما يدفع به تلك الأمراض من الكمالات النفسانيّة والعقائد الحقّة والأعمال الصالحة.(4)
ص: 206
(قال: ثمّ قال: ما فعل ابن قياما).
هو الحسين بن قياما، واقفيّ خبيث، ولعلّ السؤال عن كيفيّة خلطته مع الشيعة وطهور ملاقاته إيّاهم بقرينة الجواب.
وقيل: قوله: (إنّه ليلقانا فيحسن اللِّقاء) محمول على التهكّم، كأنّه إذا قال: رآنا يتهكّم بنا ويستهزئ. ويحتمل أن يكون محمولاً على ظاهره، ويكون غرضه عليه السلاممن قوله: (وأيّ شيء يمنعه من ذلك) الإيماء بنفاقه؛ فإنّ المنافقين يكونون في حالة الملاقاة مع المؤمنين في غاية الملاطفة، أي أنّه يفعل هذا لينتفع منكم ولا يتضرّر بكم.
وقيل: معناه: أيّ شيء يمنعه من ذلك الأمر والإقرار بالإمام بعد موسى بن جعفر عليهماالسلام.(1)
ثمّ استشهد عليه السلام لحاله بما ذكره اللّه تعالى في شأن المنافقين إمّا بتشبيه حاله بحالهم، أو لاندراجه فيهم، وتلا هذه الآية في سورة التوبة: «لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ». الضمير للّذين اتّخذوا مسجدا ضرارا، أو لمن أسّس بنيانه على شفا جرفٍ هار، والحال واحد.
«الَّذِي بَنَوْا».
قال البيضاوي:
أي بناؤهم الذي بنوه، والبنيان مصدر اُريد به المفعول، وليس بجمع، ولذلك تدخله التاء ووصف بالمفرد، وأخبر عنه بقوله: «رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ» أي شكّا ونفاقا. والمعنى: أنّ بناءهم هذا لا يزال سبب شكّهم وتزائد نفاقهم؛ فإنّه حملهم على ذلك، ثمّ لمّا هدمه الرسول صلى الله عليه و آله رسخ ذلك في قلوبهم، وازداد بحيث لا يزول وَسْمُه عن قلوبهم.
«إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ» قطعا بحيث لا يبقى لها قابليّة الإدراك والإضمار، وهو في غاية المبالغة والاستثناء من أعمّ الأزمنة.
وقيل: المراد بالتقطّع ما هو كائن بالقتل، أو في القبر، أو في النار. وقيل: التقطّع بالتوبة نَدَما وأسَفَا.(2)
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله:أي لا يزال بناء المبنيّ الذي بنوه شكّا في قلوبهم فيما كان من إظهار إسلامهم وثباتا
ص: 207
على النفاق.
وقيل: إنّ معناه حزازة في قلوبهم، وقيل: حسرةً في قلوبهم يتردّدون فيها «إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ» معناه إلاّ أن يموتوا. والمراد بالآية أنّهم لا ينزعون عن الخطيئة، ولا يتوبون حتّى يموتوا على نفاقهم وكفرهم، فإذا ماتوا عرفوا بالموت ما كانوا تركوه من الإيمان وأخذوا به من الكفر. وقيل: معناه إلاّ أن يتوبوا توبةً تنقطع بها قلوبهم نَدَما وأَسَفَا على تفريطهم.(1)
وقوله: (إنّه تبع أبا الحسن عليه السلام) أي الكاظم عليه السلام.
وإنّما دعى عليه السلام عليه بالحيرة بقوله: (حيّرك اللّه ) لما علم بما في قلبه من الشكّ والنفاق وبسوء خاتمته، فاستجاب اللّه _ عزّ وجلّ _ دعاءه عليه السلام فيه.
(قال: ثمّ قال) لذمّ ابن قياما ومَن تبعه ومدح من لم يتّبعه من الاثنى عشريّة.
(أرأيت) أخبرني (لو رجع إليهم موسى) إلى قوله: «حَتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى».
لعلّ المراد هنا بموسى في الموضعين الكاظم عليه السلام اقتباسا من الآية. وقيل: أراد به موسى بن عمران عليه السلام بتشبيهه عليه السلام قصّة الواقفيّة بقصّة من عبد العجل، حيث ترك موسى عليه السلام هارون بينهم، فلم يطيعوه وعبدوا العجل، ولم يرجعوا بقوله عن ذلك وقالوا: «لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى»، وكذا موسى بن جعفر عليهماالسلام خلّف الرضا عليه السلامبينهم عند ذهابه إلى العراق ونصّ عليه، فلمّا توفّى عليه السلام تركوا وصيّته ولم يطيعوه، واختاروا الوقف عليه، وقالوا: «لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى»؛ فإنّه غاب ولم يمت،(2) انتهى.
وفاعل «قالوا» في قوله: (فقالوا لو نصبته لنا) على الأوّل الذين لم يتّبعوا الواقفيّة وأقرّوا بإمامة الرضا عليه السلام، والضمائر في قوله: «نصبته» وتالييه لابن قياما، أو من يحذو حذوه من رؤساء الوقف، وعلى الثاني من لم يتّبع السامري ولم يعبد العجل، والضمائر الباقية للسامري بقرينة المقام.
ثمّ اعلم أنّ كلمة «لو» في قوله: «لو نصبته» ليس في بعض النسخ، وحينئذٍ ضمير «نصبته» وما بعده راجع إلى الرضا عليه السلام، أو إلى هارون عليه السلام، ويؤيّد هذه النسخة قوله: (بل من قال: نصبته لنا).
ص: 208
وقوله عليه السلام: (من هاهنا) إشارة إلى استبداد ابن قياما برأيه وعدم اتّباع أثَر إمامته.
(أُتي ابن قياما ومن قال بقوله) في الوقف. و«اُتي» على البناء للمفعول، أي أشرف عليه الشيطان وأغواه.
قال الفيروزآبادي: «اُتي [فلان] كعُني: أشرف عليه العدوّ».(1)
وقيل: أي هلك هو ومَن تبعه حيث لم ينصبه عليه السلام للاقتداء به.(2)
وفي القاموس: «اُتي عليه الدهر: أهلكه»(3) انتهى. وفيه شيء يظهر بأدنى التفات.
(قال: ثمّ ذكر ابن السرّاج) كأنّه أحمد بن بشر السرّاج كان من الواقفة.
وقوله: (لورثة أبي الحسن) أي الكاظم عليه السلام.
وقوله: (وهذا إقرار) يعني أنّ قوله لورثة أبي الحسن عليه السلام لا لأبي الحسن إقرار منه بموت موسى بن جعفر عليهماالسلام.
(ولكن أيّ شيء ينفعه)؛ يعني لا ينتفع بذلك الإقرار إمّا لعدم إقراره بإمامة الرضا عليه السلام، أو لإضلاله كثيرا من الناس، وتوبة المضلّ أن يهدى من أضلّه حيّا وميّتا، وهو محال عادةً.
وقيل: عدم نفعه لأنّ توبة العالم بالشيء المنكر له في هذا الوقت لا ينفعه».(4)
ولعلّ كلمة «من» في قوله: (من ذلك) بيان للشيء، و«ذلك» إشارة إلى الإقرار المفهوم من تلك الوصيّة.
والموصول في قوله: (ممّا قال) عبارة عن الوصيّة المذكورة. ويحتمل كون «من» صلة للنفع، ولا يبعد كون العطف للتفسير.
(ثمّ أمسك) أي ثمّ احتبس الرضا عليه السلام عن الكلام.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ ، عَنْ حَمَّادٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ : إِذَا سَافَرْتَ مَعَ قَوْمٍ فَأَكْثِرِ اسْتِشَارَتَكَ إِيَّاهُمْ فِي
ص: 209
أَمْرِكَ وَأُمُورِهِمْ ، وَأَكْثِرِ التَّبَسُّمَ فِي وُجُوهِهِمْ ، وَكُنْ كَرِيما عَلى زَادِكَ ، وَإِذَا دَعَوْكَ فَأَجِبْهُمْ ، وَإِذَا اسْتَعَانُوا بِكَ فَأَعِنْهُمْ وَاغْلِبْهُمْ بِثَلاَثٍ : بِطُولِ الصَّمْتِ ، وَكَثْرَةِ الصَّلاَةِ ، وَسَخَاءِ النَّفْسِ بِمَا مَعَكَ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ مَالٍ أَوْ زَادٍ ، وَإِذَا اسْتَشْهَدُوكَ عَلَى الْحَقِّ فَاشْهَدْ لَهُمْ ، وَاجْهَدْ رَأْيَكَ لَهُمْ إِذَا اسْتَشَارُوكَ ، ثُمَّ لاَ تَعْزِمْ حَتّى تَثَبَّتَ وَتَنْظُرَ ، وَلاَ تُجِبْ فِي مَشُورَةٍ حَتّى تَقُومَ فِيهَا وَتَقْعُدَ وَتَنَامَ وَتَأْكُلَ وَتُصَلِّيَ وَأَنْتَ مُسْتَعْمِلٌ فِكْرَكَ وَحِكْمَتَكَ فِي مَشُورَتِهِ ؛ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُمْحِضِ النَّصِيحَةَ لِمَنِ اسْتَشَارَهُ ، سَلَبَهُ اللّهُ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ رَأْيَهُ ، وَنَزَعَ عَنْهُ الْأَمَانَةَ ، وَإِذَا رَأَيْتَ أَصْحَابَكَ يَمْشُونَ فَامْشِ مَعَهُمْ ، وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ يَعْمَلُونَ فَاعْمَلْ مَعَهُمْ ، وَإِذَا تَصَدَّقُوا وَأَعْطَوْا قَرْضا فَأَعْطِ مَعَهُمْ، وَاسْمَعْ لِمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ سِنّا ، وَإِذَا أَمَرُوكَ بِأَمْرٍ وَسَأَلُوكَ، فَقُلْ : نَعَمْ ، وَلاَ تَقُلْ : لاَ ؛ فَإِنَّ «لاَ» عِيٌّ وَلُؤمٌ .
وَإِذَا تَحَيَّرْتُمْ فِي طَرِيقِكُمْ فَانْزِلُوا ، وَإِذَا شَكَكْتُمْ فِي الْقَصْدِ فَقِفُوا وَتَآمَرُوا ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ شَخْصا وَاحِدا فَلاَ تَسْأَلُوهُ عَنْ طَرِيقِكُمْ وَلاَ تَسْتَرْشِدُوهُ ؛ فَإِنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ فِي الْفَلاَةِ مُرِيبٌ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عَيْنا لِلُّصُوصِ ، أَوْ يَكُونَ هُوَ الشَّيْطَانَ الَّذِي حَيَّرَكُمْ ، وَاحْذَرُوا الشَّخْصَيْنِ أَيْضا إِلاَّ أَنْ تَرَوْا مَا لاَ أَرى ؛ فَإِنَّ الْعَاقِلَ إِذَا أَبْصَرَ بِعَيْنِهِ شَيْئا عَرَفَ الْحَقَّ مِنْهُ ، وَالشَّاهِدُ يَرى مَا لاَ يَرَى الْغَائِبُ .
يَا بُنَيَّ ، وَإِذَا(1) جَاءَ وَقْتُ الصَّلاَةِ فَلاَ تُؤخِّرْهَا لِشَيْءٍ ، وَصَلِّهَا وَاسْتَرِحْ مِنْهَا ، فَإِنَّهَا دَيْنٌ ، وَصَلِّ فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ عَلى رَأْسِ زُجٍّ ، وَلاَ تَنَامَنَّ عَلى دَابَّتِكَ ؛ فَإِنَّ ذلِكَ سَرِيعٌ فِي دَبَرِهَا ، وَلَيْسَ ذلِكَ مِنْ فِعْلِ الْحُكَمَاءِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ فِي مَحْمِلٍ يُمْكِنُكَ التَّمَدُّدُ لاِسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ ، وَإِذَا قَرُبْتَ مِنَ الْمَنْزِلِ فَانْزِلْ عَنْ دَابَّتِكَ ، وَابْدَأْ بِعَلْفِهَا قَبْلَ نَفْسِكَ ، وَإِذَا أَرَدْتَ النُّزُولَ فَعَلَيْكَ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ بِأَحْسَنِهَا لَوْنا ، وَأَلْيَنِهَا تُرْبَةً ، وَأَكْثَرِهَا عُشْبا ، وَإِذَا نَزَلْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ ، وَ إِذَا أَرَدْتَ قَضَاءَ حَاجَةٍ فَأَبْعِدِ الْمَذْهَبَ فِي الْأَرْضِ ، وَإِذَا ارْتَحَلْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ، وَوَدِّعِ الْأَرْضَ الَّتِي حَلَلْتَ بِهَا ، وَسَلِّمْ عَلَيْهَا وَعَلى أَهْلِهَا ؛ فَإِنَّ لِكُلِّ بُقْعَةٍ أَهْلاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ، وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ طَعَاما حَتّى تَبْدَأَ فَتَتَصَدَّقَ(2) مِنْهُ فَافْعَلْ .
وَعَلَيْكَ بِقِرَاءَةِ كِتَابِ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ مَا دُمْتَ رَاكِبا ، وَعَلَيْكَ بِالتَّسْبِيحِ مَا دُمْتَ عَامِلاً، وَعَلَيْكَ بِالدُّعَاءِ مَا دُمْتَ خَالِيا، وَإِيَّاكَ وَالسَّيْرَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَعَلَيْكَ بِالتَّعْرِيسِ وَالدَّلْجَةِ مِنْ لَدُنْ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلى آخِرِهِ ، وَإِيَّاكَ وَرَفْعَ الصَّوْتِ فِي مَسِيرِكَ».
ص: 210
السند ضعيف على الظاهر.
قوله: (واُمورهم).
قيل: أي استشارك أحد منهم، أو عَرَض له أمر وأنت تعلم، فاستشر في أمره غيرك، ثمّ أعلمه ذلك.(1)
وقيل: أي اكثر استشارتك إيّاهم بحملهم على المشاورة أو بالفكر لو استشاروك، أو المراد الاستخارة؛ فإنّها استشارة من اللّه تعالى، وقد وردت بهذا اللّفظ في الأخبار.(2)
قوله عليه السلام: (لا تعزم حتّى تثبّت وتنظر).
يُقال: عزمت على كذا _ كضربت _ : إذا أردت فعله وقطعت عليه. وتثبت في الأمر: إذا تأنّى فيه. ويحتمل أن يكون «تنظّر» من النظر وهو التأمّل، أو من التنظّر وهو التأنّي.
وقوله: (من لم يمحض النصيحة) من الإمحاض، أو التمحيض.
قال الفيروزآبادي: «أمحضه الودّ: أخلصه، كمحّضه».(3)
(سلبه اللّه _ تبارك وتعالى _ رأيه، ونزع عنه الأمانة).
[الأمانة:] الرأي، والاعتقاد، والتدبير. والأمانة: ضدّ الخيانة، أو الثقة، أو الفرائض المفروضة، أو النيّة التي يعتقدها ممّا يظهره باللسان من الإيمان وتأدية جميع الفرائض في الظاهر.
وقيل: الأمانة: الدِّين، والولاية، والطاعة.(4) ولعلّ المراد بها هنا كونه من أهل الرأي والمشورة ثقة ومعتمدا فيهما.
(واسمع لمن هو أكبر منك سنّا).
قيل: أي اصغ لقوله، أو أجب ما يقول؛ تعظيما له، أو لكونه من أهل التجربة.(5)
ص: 211
(وإذا أمروك بأمرٍ وسألوك فقل: نعم، ولا تقُل: لا).
الظاهر أنّه نشر على ترتيب اللّف.
(فإنّ «لا» عيّ ولؤم).
العِيّ _ بالكسر _ : خلاف البيان. والعيّ أيضا: الجهل. يقال: عيّ بالأمر وعِيي _ كرضى _ : إذا لم يهتد لوجه مراده، أو عجز منه، ولم يطق أحكامه.
واللؤم _ بالضمّ _ : ضدّ الكرم، وفعله ككرم، فهو لئيم.
وحكي أنّ أهل الفضل والمروّة إن قدروا بادروا، وإن لم يقدروا قالوا: يكون إن شاء اللّه .
(وإذا تحيّرتم في طريقكم فانزلوا، وإذا شككتم في القصد) أي في استقامة الطريق (فقفوا وتآمروا).
والتآمر: التشاور. ولعلّ المراد بالتحيّر عدم ظهور الطريق أصلاً، وبالشكّ ما إذا عرض طريق أو طريقان ولم يعلم وجه المقصود.
وقوله: (فإنّ الشخص الواحد في الفلاة مريب) أي شكّاك.
قال الفيروزآبادي: «الفلاة: القفر، أو المفازة لا ماء فيها».(1)
وقال: «أربته: جعلت فيه ريبة. وربته: أوصلتها إليه. وأرابني: ظننت ذلك به، وجعل في الريبة، أو أوهمني الريبة».(2)
وقال الجوهري: «الريبة _ بالكسر _ : التهمة، والشكّ».(3)
(وصلِّ في جماعة ولو على رأس زجّ).
الزّج _ بالضمّ _ : الحديدة في أسفل الرمح ونصل السهم. وفيه مبالغة في إيقاع الصلاة بالجماعة.
وقيل: يمكن أن يكون كناية عن وقت المحاربة.(4)
وقوله: (في دبرها) أي قرحة ظهرها.
قال الفيروزآبادي: «الدَّبَرة _ بالتحريك _ : قرحة الدابّة، والجمع: دَبَرٌ، وأدبار. دِبَر _ كفرح _فهو دِبَر».(5)
ص: 212
(إلاّ أن تكون في محمل يمكنك التمدّد لاسترخاء المفاصل).
المحمِل _ كمجلس _ : المعتمد، وواحد محامل الحاجّ. والتمدّد: التمطّي. واسترخاء المفاصل: استرسالها ووهنها من الكسل والتعب.
وقوله: (فأبعد المذهب).
قال الفيروزآبادي: «ذهب _ كمنع _ ذهابا وذهوبا ومذهبا: سار، أو مرّ. والمذهب: المتوضّأ».(1)
وقوله: (ما دمت عاملاً) أي مشغولاً بعمل بعد النزول، أو مطلقا، كوضع الرِّحال، وضرب الخيام، ونحوهما.
وقوله: (ما دمت خاليا) أي فارغا من العمل، وكنت في الخلوة. يُقال: خلا المكان خلاء وخُلُوّا وخَلْوا: إذا فرغ من شاغل. وخلا: وقع في موضع خال لا يزاحم فيه.
وقوله: (عليك بالتعريس).
قال في النهاية: «التعريس: نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة».(2)
وقيل: هو النزول أيّ وقت كان من ليل أو نهار.
وقيل: لا يبعد أن يُراد بالتعريس هنا النزول أوّل الليل.(3)
(والدّلجة من لدن نصف الليل إلى آخره).
أراد بالدلجة سير الليل، وقيّده يكون السير في نصفه الآخر؛ لأنّه مكروه في أوّله، كما مرّ.
قال في النهاية:
فيه: عليكم بالدّلجة. هو سير الليل. يُقال: أدلج _ بالتخفيف _ : إذا سار من أوّل الليل. وادّلج _ بالتشديد _ : إذا سار من آخره، والاسم منهما الدُّلجة والدَلجة _ بالضمّ والفتح _ ومنهم من يجعل الادّلاج لليل كلّه، وكأنّه المراد في الحديث؛ لأنّه عقّبه بقوله: «فإنّ الأرض تطوى بالليل» ولم يفرّق بين أوّله وآخره، وأنشدوا لعليّ عليه السلام:
اصبر على السّير والادّلاج في السّحر ***وفي الرّواح على الحاجات والبُكَر فجعل الادّلاج في السّحر،(4) انتهى.
ص: 213
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ النَّوْفَلِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْيَعْقُوبِيِّ ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْعَلَوِيِّ ، قَالَ : وَحَدَّثَنِي الْأُسَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُبَشِّرٍ:
أَنَّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ نَافِعٍ الْأَزْرَقَ كَانَ يَقُولُ : لَوْ أَنِّي عَلِمْتُ أَنَّ بَيْنَ قُطْرَيْهَا أَحَدا تُبْلِغُنِي إِلَيْهِ الْمَطَايَا يَخْصِمُنِي أَنَّ عَلِيّا عليه السلامقَتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ وَهُوَ لَهُمْ غَيْرُ ظَالِمٍ لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ ، فَقِيلَ لَهُ : وَلاَ وَلَدَهُ؟ فَقَالَ : أَ فِي وُلْدِهِ عَالِمٌ؟ فَقِيلَ لَهُ : هذَا أَوَّلُ جَهْلِكَ ؛ وَهُمْ يَخْلُونَ مِنْ عَالِمٍ؟! قَالَ : فَمَنْ عَالِمُهُمُ الْيَوْمَ؟ قِيلَ : مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهم السلام .
قَالَ : فَرَحَلَ إِلَيْهِ فِي صَنَادِيدِ أَصْحَابِهِ حَتّى أَتَى الْمَدِينَةَ ، فَاسْتَأْذَنَ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، فَقِيلَ لَهُ : هذَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ نَافِعٍ .
فَقَالَ : «وَمَا يَصْنَعُ بِي وَهُوَ يَبْرَأُ مِنِّي وَمِنْ أَبِي طَرَفَيِ النَّهَارِ؟»
فَقَالَ لَهُ أَبُو بَصِيرٍ الْكُوفِيُّ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّ هذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ بَيْنَ قُطْرَيْهَا أَحَدا تُبْلِغُهُ الْمَطَايَا إِلَيْهِ يَخْصِمُهُ أَنَّ عَلِيّا عليه السلام قَتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ وَهُوَ لَهُمْ غَيْرُ ظَالِمٍ لَرَحَلَ إِلَيْهِ .
فَقَالَ لَهُ(1) أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «أَ تَرَاهُ جَاءَنِي مُنَاظِرا؟» قَالَ(2) : نَعَمْ ، قَالَ : «يَا غُلاَمُ ، اخْرُجْ فَحُطَّ رَحْلَهُ ، وَقُلْ لَهُ : إِذَا كَانَ الْغَدُ فَأْتِنَا».
قَالَ : فَلَمَّا أَصْبَحَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ نَافِعٍ ، غَدَا فِي صَنَادِيدِ أَصْحَابِهِ ، وَبَعَثَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلامإِلى جَمِيعِ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فِي ثَوْبَيْنِ مُمَغَّرَيْنِ ، وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ كَأَنَّهُ فِلْقَةُ قَمَرٍ ، فَقَالَ :
«الْحَمْدُ لِلّهِ مُحَيِّثِ الْحَيْثِ ، وَمُكَيِّفِ الْكَيْفِ ، وَمُؤيِّنِ الْأَيْنِ ؛ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ، لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ _ إِلى آخِرِ الاْيَةِ(3) _ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ ،(4) وَأَشْهَدُ أَنَّمُحَمَّدا صلى الله عليه و آله عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِنُبُوَّتِهِ ، وَاخْتَصَّنَا بِوَلاَيَتِهِ ، يَا مَعْشَرَ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، مَنْ
ص: 214
كَانَتْ عِنْدَهُ مَنْقَبَةٌ فِي عَلِيِّ(1) بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام فَلْيَقُمْ وَلْيَتَحَدَّثْ» .
قَالَ : فَقَامَ النَّاسُ ، فَسَرَدُوا تِلْكَ الْمَنَاقِبَ .
فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ : أَنَا أَرْوى لِهذِهِ الْمَنَاقِبِ مِنْ هؤلاَءِ ، وَإِنَّمَا أَحْدَثَ عَلِيٌّ الْكُفْرَ بَعْدَ تَحْكِيمِهِ الْحَكَمَيْنِ.
حَتّى انْتَهَوْا فِي الْمَنَاقِبِ إِلى حَدِيثِ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدا رَجُلاً يُحِبُّ اللّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ، كَرَّارا غَيْرَ فَرَّارٍ ، لاَيَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللّهُ عَلى يَدَيْهِ» . فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «مَا تَقُولُ فِي هذَا الْحَدِيثِ؟».
فَقَالَ : هُوَ حَقٌّ لاَ شَكَّ فِيهِ ، وَلكِنْ أَحْدَثَ الْكُفْرَ بَعْدُ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ، أَخْبِرْنِي عَنِ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ أَحَبَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ(2) يَوْمَ أَحَبَّهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ ، أَمْ لَمْ يَعْلَمْ؟» .(3)
قَالَ(4) : «فَإِنْ(5) قُلْتَ : لاَ ، كَفَرْتَ» .
قَالَ : فَقَالَ : قَدْ عَلِمَ .
قَالَ : «فَأَحَبَّهُ اللّهُ عَلى أَنْ يَعْمَلَ بِطَاعَتِهِ ، أَوْ عَلى أَنْ يَعْمَلَ بِمَعْصِيَتِهِ؟».
فَقَالَ : عَلى أَنْ يَعْمَلَ بِطَاعَتِهِ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «فَقُمْ مَخْصُوما».
فَقَامَ وَهُوَ يَقُولُ : حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ، اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالاَتِهِ .
السند مجهول.
ص: 215
قال الفيروزآبادي: «اُسَيد _ كزبير _ : اسم جماعة من الصحابة، أو كأمير».(1)
وقال: «يعقوبا: قرية ببغداد»(2) انتهى.
وقيل: سمّيت باسم بانيها أبي يعقوب.(3)
قوله: (أنّ عبد اللّه بن نافع الأزرق).
في القاموس: «الأزارقة من الخوارج نُسبوا إلى نافع بن الأزرق».(4)
والضمير في قوله: (بين قطريها) إلى الأرض، والقُطر بالضمّ: الناحية، والجانب.
(تبلغني إليه) أي إلى ذلك الأحد.
(المطايا) جمع المطيّة، وهي دابّة تمطو في سيرها، أي تجدّ وتسرع فيه، وغرض الملعون: لو وجد أحد في وجه الأرض بحيث يمكنني الوصول إليه ولو بالمطايا.
(يخصمني) أي يغلبني في الخصومة، ويُجيبني عن هذه المسألة وهي: (أنّ عليّا عليه السلام قتل أهل النهروان) من الخوارج (وهو لهم غير ظالم).
الواو للحال.
وقوله: (لرحلت إليه) جواب «لو».
قال الجوهري:
الخصم: معروف. وخاصمت فلانا فخصمته، أخصمه _ بالكسر _ ولا يقال بالضمّ، وهو شاذّ، ومنه قرأ حمزة: «وهم يخصمون»؛ لأنّ ما كان من قولك فاعلته ففعلته، فإنّ يفعل منه يردّ إلى الضمّ إذا لم يكن فيه حرف من حروف الحلق من أيّ باب كان من الصحيح، تقول: عالمته فعلمته أعلمه بالضمّ، وفاخرته ففخرته أفخره بالفتح، لأجل حرف الحلق. وأمّا ما كان من المعتل مثل وجدت وبعت ورميت وسعيت، فإنّ جميع ذلك يردّ إلى الأصل إلاّ ذوات الواو؛ فإنّها ترد إلى الضمّ، تقول: راضيته فرضوته أرضوه، وخاوفني فخفته أخوفه، وليس في كلّ شيء يقال هذا، لا يقال: نازعته فنزعته؛ لأنّهم استغنوا عنه بغلبته.(5)
ص: 216
(فقيل له) أي لعبد اللّه .
(ولا ولده) كان معطوف على ما تضمّنه شرطيّة السابقة، كأنّه قال: لا يخصمني أحدٌ فيما ذكر، فقيل له: ولا يخصمك ولد عليّ عليه السلام أيضا على سبيل الاستفهام الإنكاري.
وقيل: كأنّه عطف على أحد بحسب المعنى، أي ما علمت بين قطريها أحدا ولا ولده.(1)
قوله: (وهم يخلون من عالم) من الخلو، و«عالم» بكسر اللاّم، والجملة استفهام إنكاري، أي لا يخلون من وجود عالم أبدا.
وقيل: يحتمل بعيد أن يكون عالم بفتح اللاّم من باب القلب، والجملة إخبار بحسب اللّفظ ونفى بحسب المعنى، أي لا يخلون منه الحليم أو الجواد أو الشريف.(2)
و«الصناديد» أيضا جماعة العسكر.
وقوله: (فحطّ رحله) أي أنزله.
وقوله: (في ثوبين ممغّرين).
في القاموس: «المغرة _ ويحرّك _ : طين أحمر. والممغّر: لمظم المصبوع بها».(3)
وقوله: (كأنّه فلقة قمر) أي قطعة منه.
قال الجوهري: «الفِلقة _ بالكسر _ : الكِسرة، يُقال: أعطني فلقة الجفنة، أي نصفها».(4)
(فقال: الحمد للّه محيّث الحيث) أي جاعل المكان مكانا فلا حيث له.
قال الجوهري: «حيث: كلمة تدلّ على المكان؛ لأنّه ظرف في الأمكنة بمنزلة حين في الأزمنة»(5) انتهى.
ويحتمل أن يكون المعنى جاعل الدهر والزمان وموجدهما. قال ابن هشام: «قال الأخفش: وقد ترد حيث للزمان».(6)
وقيل: يحتمل أن يكون «حيث» تعليليّة، أي هو علّة العلل وجاعل العلل عللاً.(7)
ص: 217
(ومكيّف الكيف) فلا كيف له.
و«كيف» للاستفهام عن الأحوال. وكيّفه تكييفا، أي قطعه.
(ومؤيّن الأين) فلا أين له.
وأصل «أين» للسؤال عن المكان، ويجيء بمعنى «حين». يقال: آن أينك، أي حان حينك.
(الحمد للّه الذي لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم).
قال البيضاوي:
السنة: فتور يتقدّم النوم، والنوم حال يعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدماغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة بحيث تقف الحواسّ الظاهرة عن الإحساس رأسا، وتقديم السنة عليه وقياس المبالغة عكسه على ترتيب الوجود.(1)
(الحمد للّه الذي أكرمنا بنبوّته) أي بتوفيقنا للإقرار بنبوّته، وجعلنا من اُمّته.
(واختصّنا بولايته) أي بمحبّته، أو بالإذعان برئاسته وإمارته.
وقيل: أي بأن جعل ولايتنا ولايته، أو بأن جعلنا وليّ مَن كان وليّه.(2) ولا يخفى بُعده من العبارة.
وقوله: (فسردوا تلك المناقب) إشارة إلى ما روي في مفاخرة عليّ عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه و آله.
قال الجوهري: «فلان يسرد الحديث سردا: إذا كان جيّد السياق له».(3)
وقال: «المنقبة: ضدّ المثلبة».(4)
وقال: «المثالب: العيوب. الواحدة: مثلبة».(5)
وفي القاموس: «المنقبة: المفخرة».(6)
(فقال عبد اللّه ) بن نافع: (أنا أروي) أي أكثر رواية.
(لهذه المناقب) المذكورة (من هؤلاء) المحدِّثين.
ص: 218
(وإنّما أحدث عليّ الكفر بعد تحكيمه الحكمين).
يُقال: حكمته في مالي تحكيما: إذا جعلت إليه الحكم فيه. وغرضه _ لعنه اللّه _ أنّ الحكم في الإمامة إنّما هو للّه تعالى، فجعْلَهُ للخلق كفرٌ.
واُجيب: بأنّه عليه السلام لم يرض بالتحكيم، بل حرّضهم على القتال حتّى رجعوا عنه، وأجبروه على قبوله، فتقبّله كرها بشرط أن لا يتجاوز من إليه الحكم عن كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلى الله عليه و آله.(1)
وقوله: (كرّارا).
في القاموس: «الكرّة: الحملة».(2)
وقوله عليه السلام: (ثكلتك اُمّك).
قال الفيروزآبادي: «الثكل _ بالضمّ _ : الموت، والهلاك، وفقدان الحبيب أو الولد، ويحرّك. وقد ثكله كفرح».(3)
وكلمة «على» في قوله: (على أن يعمل بطاعته) تعليليّة، كما قيل في قوله تعالى: «وَلِتُكَبِّرُوا اللّه َ عَلَى مَا هَدَاكُمْ»(4).
والحاصل: أنّه تعالى إنّما يحبّ من يعمل بطاعته لأجل هذا العمل، فكيف يجوز أن يحبّ من يعلم أنّه على زعمك الفاسد سيكفر ويحبط جميع أعماله؟!
وفي بعض النسخ بعد قوله: «فقال علي أن يعمل بطاعته هكذا»: «قال ابن نافع: أعِدْ عَلَيَّ، فقال له أبو جعفر عليه السلام: أخبرني عن قول اللّه تعالى أحبّ عليّا يوم أحبّه وهو يعلم أنّه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم» وليس هذا في أكثر النسخ.
(فقال أبو جعفر عليه السلام: فقم مخصوما) أي مغلوبا بالخصومة.
وقيل: وجه كونه مخصوما أنّه إذا سلّم أنّه تعالى أحبّه وهو يعلم أنّه عليه السلام يقتل أهل النهرون، وسلّم أنّ سبب محبّته إنّما هو أن يعمل بطاعته، لزمه الإقرار بأنّ قتل أهل النهروان طاعة لا معصية، وإلاّ لزم وجود المسبّب بدون السبب، وهو باطل.
لا يُقال: إنّه تعالى يحبّ عبده العاصي، لأنّا نقول: لا يرد هذا بعد الاعتراف بأنّ سبب
ص: 219
المحبّة هو العمل بالطاعة، على أنّ لنا أن نقول: إنّه يحبّ العاصي إذا تاب، لا مطلقا؛ لقوله تعالى: «إِنَّ اللّه َ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ»(1) والتوبة طاعة، فسبب المحبّة هو الطاعة وغفران ذنوبه تفضّلاً، لا يوجب المحبّة.
لا يُقال: لو تمّ ما ذكرتم، لزم أن تكون خلافة الأوّل حقّا وطاعة؛ لأنّه تعالى رضي عنه حيث قال: «لَقَدْ رَضِىَ اللّه ُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ»(2) وهو كائن داخلاً فيهم، فحينئذٍ يُقال: أخبرني عن اللّه _ عزّ وجلّ _ رضي عنه يوم رضي، وهو يعلم أنّه يدّعي الخلافة ويحملها أم لم يعلم، إلى آخر ما ذكر.
لأنّا نقول: دخوله في المؤمنين ممنوع، بل هو أوّل البحث، ولو سلّم فالرضا دائر مع الإيمان وجودا وعدما، ومثله لا يجري في المحبّة؛ لأنّ قوله صلى الله عليه و آله: يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله يفيد استمرار المحبّة، وهو لا يتحقّق إلاّ باستمرار سببه، بخلاف الرِّضا، فليتأمّل.(3)
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَطَّابِ الْوَاسِطِيِّ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِيِّ ، عَنْ حَمَّادٍ الْأَزْدِيِّ ، عَنْ هِشَامٍ الْخَفَّافِ ، قَالَ :
قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «كَيْفَ بَصَرُكَ بِالنُّجُومِ؟» .
قَالَ : قُلْتُ : مَا خَلَّفْتُ بِالْعِرَاقِ أَبْصَرَ بِالنُّجُومِ مِنِّي .
فَقَالَ : «كَيْفَ دَوَرَانُ الْفَلَكِ عِنْدَكُمْ؟» .
قَالَ : فَأَخَذْتُ قَلَنْسُوَتِي عَنْ رَأْسِي فَأَدَرْتُهَا .
قَالَ : فَقَالَ : «فَإِنْ(4) كَانَ الْأَمْرُ عَلى مَا تَقُولُ ، فَمَا بَالُ بَنَاتِ النَّعْشِ(5) وَالْجَدْيِ وَالْفَرْقَدَيْنِ لاَ يُرَوْنَ
ص: 220
يَدُورُونَ يَوْما مِنَ الدَّهْرِ فِي الْقِبْلَةِ؟» .
قَالَ : قُلْتُ : هذَا وَاللّهِ(1) شَيْءٌ لاَ أَعْرِفُهُ ، وَلاَ سَمِعْتُ أَحَدا مِنْ أَهْلِ الْحِسَابِ يَذْكُرُهُ .
فَقَالَ لِي : «كَمِ السُّكَيْنَةُ مِنَ الزُّهَرَةِ جُزْءا فِي ضَوْئِهَا؟» .
قَالَ : قُلْتُ : هذَا _ وَاللّهِ _ نَجْمٌ، مَا سَمِعْتُ بِهِ وَلاَ سَمِعْتُ أَحَدا مِنَ النَّاسِ يَذْكُرُهُ .
فَقَالَ : «سُبْحَانَ اللّهِ ، فَأَسْقَطْتُمْ نَجْما بِأَسْرِهِ ، فَعَلى مَا تَحْسُبُونَ؟» .
ثُمَّ قَالَ : «فَكَمِ الزُّهَرَةُ مِنَ الْقَمَرِ جُزْءا فِي ضَوْئِهِ؟»
قَالَ : فَقُلْتُ(2) : هذَا شَيْءٌ لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ .
قَالَ : «فَكَمِ الْقَمَرُ جُزْءا مِنَ الشَّمْسِ فِي ضَوْئِهَا؟» .
قَالَ : قُلْتُ : مَا أَعْرِفُ هذَا .
قَالَ : «صَدَقْتَ» ، ثُمَّ قَالَ : «مَا بَالُ الْعَسْكَرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ، فِي هذَا حَاسِبٌ ، وَفِي هذَا حَاسِبٌ ، فَيَحْسُبُ هذَا لِصَاحِبِهِ بِالظَّفَرِ ، وَيَحْسُبُ هذَا لِصَاحِبِهِ بِالظَّفَرِ ، ثُمَّ يَلْتَقِيَانِ ، فَيَهْزِمُ أَحَدُهُمَا الاْخَرَ ، فَأَيْنَ كَانَتِ النُّجُومُ(3)؟».
قَالَ : فَقُلْتُ : لاَ وَاللّهِ مَا أَعْلَمُ ذلِكَ ، قَالَ : فَقَالَ : «صَدَقْتَ ؛ إِنَّ أَصْلَ الْحِسَابِ حَقٌّ ، وَلكِنْ لاَ يَعْلَمُ ذلِكَ إِلاَّ مَنْ عَلِمَ مَوَالِيدَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ» .
السند مجهول.
قوله: (فأدَرْتُها).
قيل: كأنّه زعم أنّ حركة الفلك في جميع الآفاق دحويّة(4).
(قال: فقال: فإن كان الأمر على ما تقول) إلى قوله: (في القبلة).
قيل: المراد بالأمر دور الفلك المبيّن بإدارة القلنسوة، وكأنّه أدارها مثل دورعرض تسعين، كما هو المتعارف في إدارة القلنسوة، ولذا قال عليه السلام: كما تقول، ولم يقل
ص: 221
كما يقولون، إشارة إلى أنّه غلط منه لا من جميع أهل النجوم؛ فإنّ الفلك في الآفاق المائلة يدور دور الوراب.(1)
واعترض عليه بوجهين: أمّا أوّلاً: فبأنّه خلاف المحسوس؛ إذ كلّ ذي حسّ يعلم أنّ القطب في جميع العروض ليس في سمت الرأس. وأمّا ثانيا: فإنّه في غاية البُعد؛ إذ ذلك المنجّم ادّعى أنّه كامل في علم النجوم، فكيف يدّعي ذلك ويقع في هذا الغلط الفاحش، فالأصوب أنّ المراد بالأمر أمر المنجّم وشأنه، أي إن كان أمرك وشأنك على ما تقول من أنّك أعرف أهل النجوم بالعراق، فما بال الكواكب المذكورة مثلاً لا تدور في سمت القبلة قطّ؟! وهذا الاحتمال وإن كان أيضا بعيدا؛ لأنّ سببه مذكور في علم النجوم يعرفه مَن له أدنى معرفة به، لكن ذلك المنجّم لم يكن عارفا به، وكان دعواه كمال المعرفة محض غلط، انتهى كلام المعترض.(2)
وأقول: لعلّه أشار بإدارة القلنسوة إلى دوران الفلك على النحو المعروف في الآفاق المائلة، لكنّه عليه السلام سأل عن وجه اختصاص الفلك بالدوران المذكور واختصاص الكواكب المذكورة بالمواضع المعلومة من الفلك مع كون أجزاء الفلك متشابهة، ولا ينافي عدم معرفته بذلك كمال معرفته في قواعد علم النجوم، كما لا يخفى.
وقوله عليه السلام: (لا يرون) على البناء للمفعول من الرؤية.
وقوله: (يدورون) أيضا على صيغة المجهول من التدوير.
وفي كثير من النسخ: «يدرون» وفيه كلام.
وقوله عليه السلام: (صدقت) يعني في قولك: لا أدري، وقد مرّ مثله في حديث المنجّم اليماني.
وقوله: (ما بال العسكرين يلتقيان) يعني للمحاربة والمجادلة.
(في هذا) أي في أحد العسكرين.
(حاسب) أي منجّم يرصد سعودهم ونحوسهم بالحساب.
(وفي هذا) أي في العسكر الآخر.
ص: 222
(حاسب فيحسُب) بضمّ السين، أي يعدّ.
(هذا) أي أحد الحاسبين.
(لصاحبه بالظفر) فيحكم بقواعده الحسابيّة أنّه يظفر على الآخر.
(ويحسب هذا) أي الحاسب الآخر.
(لصاحبه بالظفر) أيضا.
(ثمّ يلتقيان) للمحاربة.
(فيهزم أحدهما الآخر).
يُقال: هزم فلان العدوّ _ كضرب _ أي كسرهم وفلّهم، والاسم: الهزيمة.
(فأين كانت النجوم؟) قيل: هذا بيان لخطأ المنجّمين؛ فإنّ كلّ يحكم لمن يريد ظفره بالظفر، ويزعم أنّ السّعد الذي رآه يتعلّق به، وهذا لعدم إحاطتهم بارتباط النجوم بالأشخاص.(1)
ولعلّ المراد بقوله عليه السلام: (إلاّ من علم مواليد الخلق كلّهم) أنّ من أحاط بعلم النجوم يعلم مواليد الخلق، ولمّا يعلم المنجّمون المواليد كلاًّ علم أنّهم لا يحيطون به علما.
أو المراد أنّه يشترط في الإحاطة به العلم بجميع المواليد وارتباط النجوم بها، ولا يتيسّر ذلك إلاّ للأنبياء والأئمّة عليهم السلام.
وعلى التقديرين يدلّ على أنّ أصل هذا العلم وإن كان حقّا لكن لا يجوز النظر فيه واستنباط الأحكام منه لغير أصحاب الوحي ومَن يحذو حذوهم، ويمكن أن يُراد بالعلم بمواليد الخلق العلم بكيفيّة تأثيرات الأجرام العلويّة والأوضاع الفلكيّة بتقدير العزيز العليم في حدوث الحوادث اليوميّة والمواليد العنصريّة في الأوقات المعيّنة بكيفيّات مخصوصة، وفي ترتّب الآثار والخواصّ الفائضة إليهما من المبدأ، ونسبة بعضها إلى بعض، وكيفيّة التيامها وافتراقها، ومدّة بقائها ووقت فنائها، إلى غير ذلك ممّا لا يمكن الاطّلاع على تفاصيلها كما ينبغي، إلاّ لعالم الغيب، أو من يظهره عليه ممّن ارتضى من رسولٍ أو من يسلك به رشدا.
ص: 223
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(1) الْمُؤدِّبُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ؛ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّيْمِيِّ جَمِيعا ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ جَابِرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : «خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليه السلام النَّاسَ بِصِفِّينَ ، فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَصَلّى عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، ثُمَّ قَالَ :
أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ جَعَلَ اللّهُ تَعَالى لِي عَلَيْكُمْ حَقّا بِوَلاَيَةِ أَمْرِكُمْ وَمَنْزِلَتِيَ الَّتِي أَنْزَلَنِي اللّهُ _ عَزَّ ذِكْرُهُ _ بِهَا مِنْكُمْ ، وَلَكُمْ عَلَيَّ(2) مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ ، وَالْحَقُّ أَجْمَلُ الْأَشْيَاءِ فِي التَّرَاصُفِ(3) ، وَأَوْسَعُهَا فِي التَّنَاصُفِ ، لاَ يَجْرِي لِأَحَدٍ إِلاَّ جَرى عَلَيْهِ ، وَلاَ يَجْرِي عَلَيْهِ إِلاَّ جَرى لَهُ ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْرِيَ ذلِكَ لَهُ ، وَ لاَ يَجْرِيَ عَلَيْهِ ، لَكَانَ ذلِكَ لِلّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ خَالِصا دُونَ خَلْقِهِ ؛ لِقُدْرَتِهِ عَلى عِبَادِهِ ، وَلِعَدْلِهِ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ ضُرُوبُ قَضَائِهِ ، وَلكِنْ(4) جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ ، وَجَعَلَ كَفَّارَتَهُمْ عَلَيْهِ بِحُسْنِ(5) الثَّوَابِ، تَفَضُّلاً مِنْهُ،(6) وَتَوَسُّعا بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ لَهُ أَهْلاً.
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقا فَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلى بَعْضٍ ، فَجَعَلَهَا تَتَكَافى فِي وُجُوهِهَا ،وَيُوجِبُ(7) بَعْضُهَا بَعْضا ، وَلاَ يُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْضٍ ، فَأَعْظَمُ مِمَّا(8) افْتَرَضَ اللّهُ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِي عَلَى الرَّعِيَّةِ ، وَحَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْوَالِي، فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ لِكُلٍّ عَلى كُلٍّ ، فَجَعَلَهَا نِظَامَ أُلْفَتِهِمْ(9) ، وَعِزّا لِدِينِهِمْ ، وَقِوَاما لِسَيْرِ(10) الْحَقِّ فِيهِمْ ، فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِصَلاَحِ الْوُلاَةِ ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ إِلاَّ بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّةِ .فَإِذَا أَدَّتِ الرَّعِيَّةُ إِلَى(11) الْوَالِي حَقَّهُ، وَأَدّى إِلَيْهَا الْوَالِي كَذلِكَ، عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ، فَقَامَتْ مَنَاهِجُ
ص: 224
الدِّينِ ، وَاعْتَدَلَتْ(1) مَعَالِمُ الْعَدْلِ ، وَجَرَتْ عَلى أَذْلاَلِهَا(2) السُّنَنُ ، قَصَلَحَ(3) بِذلِكَ الزَّمَانُ ، وَطَابَ بِهَا(4) الْعَيْشُ ، وَطُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ ، وَيَئِسَتْ مَطَامِعُ الْأَعْدَاءِ.
وَإِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ(5) وَالِيَهُمْ ، وَعَلاَ الْوَالِي الرَّعِيَّةَ ، اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ ، وَظَهَرَتْ مَطَالِعُ(6) الْجَوْرِ ، وَكَثُرَ الاْءِذْعَارُ(7) فِي الدِّينِ ، وَتُرِكَتْ مَعَالِمُ السُّنَنِ ، فَعُمِلَ بِالْهَوى ، وَعُطِّلَتِ الاْثَارُ ، وَكَثُرَ(8) عِلَلُ النُّفُوسِ ، وَلاَ يُسْتَوْحَشُ لِجَسِيمِ حَدٍّ عُطِّلَ ، وَلاَ لِعَظِيمِ بَاطِلٍ أُثِّلَ ، فَهُنَالِكَ تَذِلُّ الْأَبْرَارُ ، وَتَعِزُّ الْأَشْرَارُ ، وَتَخْرَبُ الْبِلاَدُ ، وَتَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ عِنْدَ الْعِبَادِ .
فَهَلُمَّ أَيُّهَا النَّاسُ إِلَى التَّعَاوُنِ عَلى طَاعَةِ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ وَالْقِيَامِ بِعَدْلِهِ ، وَالْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ ، وَالاْءِنْصَافِ لَهُ فِي جَمِيعِ حَقِّهِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ الْعِبَادُ إِلى شَيْءٍ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إِلَى التَّنَاصُحِ فِي ذلِكَ ، وَحُسْنِ التَّعَاوُنِ عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ أَحَدٌ _ وَ إِنِ اشْتَدَّ عَلَى رِضَا اللّهِ حِرْصُهُ ، وَطَالَ فِي الْعَمَلِ اجْتِهَادُهُ _ بِبَالِغٍ حَقِيقَةَ مَا أَعْطَى اللّهُ مِنَ الْحَقِّ أَهْلَهُ ، وَلكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ عَلَى الْعِبَادِ النَّصِيحَةُ لَهُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ ، وَالتَّعَاوُنُ عَلى إِقَامَةِ الْحَقِّ فِيهِمْ(9) . ثُمَّ لَيْسَ(10) امْرُؤ _ وَإِنْ عَظُمَتْ فِي الْحَقِّ مَنْزِلَتُهُ، وَجَسُمَتْ فِي الْحَقِّ فَضِيلَتُهُ _ بِمُسْتَغْنٍ عَلى(11) أَنْ يُعَاوَنَ(12) عَلى مَا حَمَّلَهُ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ مِنْ حَقِّهِ ، وَلاَ لاِمْرِىًٔمَعَ ذلِكَ خَسَأَتْ(13) بِهِ الْأُمُورُ وَاقْتَحَمَتْهُالْعُيُونُ بِدُونِ مَا أَنْ يُعِينَ عَلى ذلِكَ وَيُعَانَ عَلَيْهِ ، وَأَهْلُ الْفَضِيلَةِ فِي الْحَالِ وَأَهْلُ النِّعَمِ الْعِظَامِ أَكْثَرُ فِيذلِكَ حَاجَةً ، وَكُلٌّ فِي الْحَاجَةِ إِلَى اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ شَرَعٌ سَوَاءٌ .
ص: 225
فَأَجَابَهُ رَجُلٌ مِنْ عَسْكَرِهِ لاَ يُدْرى مَنْ هُوَ، وَيُقَالُ : إِنَّهُ لَمْ يُرَ فِي عَسْكَرِهِ قَبْلَ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلاَ بَعْدَهُ ، فَقَامَ(1) وَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ عَلَى اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ بِمَا أَبْلاَهُمْ ، وَأَعْطَاهُمْ مِنْ وَاجِبِ حَقِّهِ عَلَيْهِمْ ، وَالاْءِقْرَارَ بِمَا(2) ذَكَرَ مِنْ تَصَرُّفِ الْحَالاَتِ بِهِ وَ بِهِمْ .
ثُمَّ قَالَ : أَنْتَ أَمِيرُنَا ، وَنَحْنُ رَعِيَّتُكَ ، بِكَ أَخْرَجَنَا اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ مِنَ الذُّلِّ ، وَبِإِعْزَازِكَ أَطْلَقَ عِبَادَهُ مِنَ الْغُلِّ ، فَاخْتَرْ عَلَيْنَا فَأَمْضِ(3) اخْتِيَارَكَ ، وَائْتَمِرْ فَأَمْضِ ائْتِمَارَكَ ، فَإِنَّكَ الْقَائِلُ(4) الْمُصَدَّقُ ، وَالْحَاكِمُ الْمُوَفَّقُ ، وَالْمَلِكُ الْمُخَوَّلُ، لاَ نَسْتَحِلُّ فِي شَيْءٍ مَعْصِيَتَكَ ، وَلاَ نَقِيسُ عِلْما بِعِلْمِكَ ، يَعْظُمُ عِنْدَنَا فِي ذلِكَ خَطَرُكَ ، وَيَجِلُّ عَنْهُ فِي أَنْفُسِنَا فَضْلُكَ .
فَأَجَابَهُ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليه السلام [فَقَالَ :] إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلاَلُ اللّهِ فِي نَفْسِهِ ، وَجَلَّ مَوْضِعُهُ مِنْ قَلْبِهِ، أَنْ يَصْغُرَ عِنْدَهُ _ لِعِظَمِ ذلِكَ _ كُلُّ مَا سِوَاهُ ، وَإِنَّ مِنْ(5) أَحَقَّ مَنْ كَانَ كَذلِكَ لَمَنْ عَظُمَتْ نِعَمُ(6) اللّهِ عَلَيْهِ ، وَلَطُفَ إِحْسَانُهُ إِلَيْهِ ، فَإِنَّهُ لَمْ تَعْظُمْ(7) نِعَمُ(8) اللّهِ عَلى أَحَدٍ إِلاَّ زَادَ حَقُّ اللّهِ عَلَيْهِ عِظَما ، وَإِنَّ مِنْ أَسْخَفِ(9) حَالاَتِ الْوُلاَةِ عِنْدَ صَالِحِ النَّاسِ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ حُبُّ الْفَخْرِ ، وَيُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى الْكِبْرِ ، وَقَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ جَالَ فِي ظَنِّكُمْ أَنِّي أُحِبُّ الاْءِطْرَاءَ وَاسْتِمَاعَ الثَّنَاءِ ، وَلَسْتُ بِحَمْدِ اللّهِ كَذلِكَ .
وَلَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُقَالَ ذلِكَ لَتَرَكْتُهُ انْحِطَاطا لِلّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ ، وَرُبَّمَا اسْتَحْلَى النَّاسُ الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلاَءِ ، فَلاَ تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاءٍ ؛ لاِءِخْرَاجِي نَفْسِي إِلَى اللّهِ وَإِلَيْكُمْ مِنَ الْبَقِيَّةِ(10) فِي حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا ، وَفَرَائِضَ لاَ بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهَا ، فَلاَ تُكَلِّمُونِي بِمَاتُكَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ ، وَلاَ تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ ، وَلاَ تُخَالِطُونِي بِالْمُصَانَعَةِ ، وَلاَتَظُنُّوا بِي اسْتِثْقَالاً فِي حَقٍّ قِيلَ لِي ، وَلاَالْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي لِمَا لاَ يَصْلُحُ(11) ؛ فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ
ص: 226
الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ ، أَوِ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ ، كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ ، فَلاَتَكُفُّوا عَنْ(1) مَقَالَةً بِحَقٍّ ، أَوْ مَشُورَةً بِعَدْلٍ ، فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ(2) أَنْ أُخْطِئَ ، وَلاَ آمَنُ ذلِكَ مِنْ فِعْلِي، إِلاَّ أَنْ يَكْفِيَ اللّهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي ، فَإِنَّمَا أَنَا وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ ، يَمْلِكُ مِنَّا مَا لاَنَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا ، وَأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ ، فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلاَلَةِ بِالْهُدى ، وَأَعْطَانَا الْبَصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمى .
فَأَجَابَهُ الرَّجُلُ الَّذِي أَجَابَهُ مِنْ قَبْلُ ، فَقَالَ : أَنْتَ أَهْلُ مَا قُلْتَ ، وَاللّهِ وَاللّهِ أهْلُ(3) فَوْقِ مَا قُلْتَهُ ، فَبَلاَؤهُ عِنْدَنَا مَا لاَيُكْفَرُ(4) ، وَقَدْ حَمَّلَكَ اللّهُ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ رِعَايَتَنَا ، وَوَلاَّكَ سِيَاسَةَ أُمُورِنَا ، فَأَصْبَحْتَ عَلَمَنَا الَّذِي نَهْتَدِي بِهِ ، وَإِمَامَنَا الَّذِي نَقْتَدِي بِهِ ، وَأَمْرُكَ كُلُّهُ رُشْدٌ ، وَقَوْلُكَ كُلُّهُ أَدَبٌ ، قَدْ قَرَّتْ بِكَ فِي الْحَيَاةِ أَعْيُنُنَا ، وَامْتَلَأَتْ مِنْ سُرُورٍ بِكَ قُلُوبُنَا ، وَتَحَيَّرَتْ مِنْ صِفَةِ مَا فِيكَ مِنْ بَارِعِ الْفَضْلِ عُقُولُنَا ، وَلَسْنَا نَقُولُ لَكَ : أَيُّهَا الاْءِمَامُ الصَّالِحُ تَزْكِيَةً لَكَ ، وَلاَ نُجَاوِزُ(5) الْقَصْدَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْكَ ، وَلَمْ يُكَنَّ(6) فِي أَنْفُسِنَا طَعْنٌ عَلى يَقِينِكَ ، أَوْ غِشٌّ فِي دِينِكَ ، فَنَتَخَوَّفَ أَنْ تَكُونَ أَحْدَثْتَ بِنِعْمَةِ اللّهِ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ تَجَبُّرا ، أَوْ دَخَلَكَ كِبْرٌ ، وَلَكِنَّا نَقُولُ لَكَ مَا قُلْنَا تَقَرُّبا إِلَى اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ بِتَوْقِيرِكَ ، وَتَوَسُّعا بِتَفْضِيلِكَ ، وَشُكْرا بِإِعْظَامِ أَمْرِكَ ، فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ لَنَا ، وَآثِرْ أَمْرَ اللّهِ عَلى نَفْسِكَ وَعَلَيْنَا ، فَنَحْنُ طُوَّعٌ فِيمَا أَمَرْتَنَا ، نَنْقَادُ مِنَ الْأُمُورِ مَعَ ذلِكَ فِيمَا يَنْفَعُنَا .
فَأَجَابَهُ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليه السلام ، فَقَالَ : وَأَنَا أَسْتَشْهِدُكُمْ عِنْدَ اللّهِ عَلى نَفْسِي ؛ لِعِلْمِكُمْ فِيمَا وُلِّيتُ بِهِ مِنْ أُمُورِكُمْ ، وَعَمَّا قَلِيلٍ يَجْمَعُنِي وَإِيَّاكُمُ الْمَوْقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَالسُّؤالُ عَمَّا كُنَّا فِيهِ ، ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْضُنَا عَلى بَعْضٍ ، فَلاَ تَشْهَدُوا الْيَوْمَ بِخِلاَفِ مَا أَنْتُمْ شَاهِدُونَ غَدا ، فَإِنَّ اللّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ لاَيَخْفى(7) عَلَيْهِ خَافِيَةٌ ، وَلاَيَجُوزُ عِنْدَهُ إِلاَّ مُنَاصَحَةُ الصُّدُورِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ .
فَأَجَابَهُ الرَّجُلُ ، وَيُقَالُ : لَمْ يُرَ الرَّجُلُ بَعْدَ كَلاَمِهِ هذَا لِأَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عليه السلام ، فَأَجَابَهُ وَقَدْ عَالَ الَّذِي
ص: 227
فِي صَدْرِهِ ، فَقَالَ وَالْبُكَاءُ يَقْطَعُ مَنْطِقَهُ ، وَغُصَصُ الشَّجَا تَكْسِرُ(1) صَوْتَهُ إِعْظَاما لِخَطَرِ مَرْزِئَتِهِ ، وَ وَحْشَةً مِنْ كَوْنِ فَجِيعَتِهِ .
فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنى عَلَيْهِ ، ثُمَّ شَكَا إِلَيْهِ هَوْلَ مَا أَشْفى عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَرِ الْعَظِيمِ ، وَ الذُّلِّ الطَّوِيلِ فِي فَسَادِ زَمَانِهِ ، وَانْقِلاَبِ جَدِّهِ(2) ، وَانْقِطَاعِ مَا كَانَ مِنْ دَوْلَتِهِ ، ثُمَّ نَصَبَ الْمَسْأَلَةَ إِلَى اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ بِالاِمْتِنَانِ عَلَيْهِ ، وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُ بِالتَّفَجُّعِ ، وَحُسْنِ الثَّنَاءِ ، فَقَالَ : يَا رَبَّانِيَّ الْعِبَادِ ، وَيَا سَكَنَ(3) الْبِلاَدِ ، أَيْنَ يَقَعُ قَوْلُنَا مِنْ فَضْلِكَ؟ وَأَيْنَ يَبْلُغُ وَصْفُنَا مِنْ فِعْلِكَ؟ وَأَنّى نَبْلُغُ حَقِيقَةَ حُسْنِ ثَنَائِكَ ، أَوْ نُحْصِي جَمِيلَ بَلاَئِكَ؟ فَكَيْفَ(4) وَ بِكَ جَرَتْ نِعَمُ اللّهِ عَلَيْنَا ، وَعَلى يَدِكَ اتَّصَلَتْ أَسْبَابُ الْخَيْرِ إِلَيْنَا؟ أَلَمْ تَكُنْ لِذُلِّ الذَّلِيلِ مَلاَذا ، وَلِلْعُصَاةِ الْكُفَّارِ إِخْوَانا؟ فَبِمَنْ إِلاَّ بِأَهْلِ بَيْتِكَ وَبِكَ أَخْرَجَنَا اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ مِنْ فَظَاعَةِ تِلْكَ الْخَطَرَاتِ؟ أَوْ بِمَنْ فَرَّجَ عَنَّا غَمَرَاتِ الْكُرُبَاتِ؟ وَ بِمَنْ إِلاَّ بِكُمْ أَظْهَرَ اللّهُ مَعَالِمَ دِينِنَا ، وَاسْتَصْلَحَ مَا كَانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيَانَا حَتَّى اسْتَبَانَ بَعْدَ الْجَوْرِ ذِكْرُنَا ، وَقَرَّتْ مِنْ رَخَاءِ الْعَيْشِ أَعْيُنُنَا ؛ لِمَا وَلَّيْتَنَا بِالاْءِحْسَانِ جَهْدَكَ ، وَ وَفَيْتَ لَنَا بِجَمِيعِ(5) عَهْدِكَ ، فَكُنْتَ شَاهِدَ مَنْ غَابَ مِنَّا ، وَخَلَفَ أَهْلِ الْبَيْتِ لَنَا ، وَكُنْتَ عِزَّ ضُعَفَائِنَا ، وَثِمَالَ فُقَرَائِنَا ، وَعِمَادَ عُظَمَائِنَا ، يَجْمَعُنَا مِنَ(6) الْأُمُورِ عَدْلُكَ ، وَيَتَّسِعُ لَنَا فِي الْحَقِّ تَأَنِّيكَ ، فَكُنْتَ لَنَا أُنْسا إِذَا رَأَيْنَاكَ ، وَسَكَنا إِذَا ذَكَرْنَاكَ ، فَأَيَّ الْخَيْرَاتِ لَمْ تَفْعَلْ؟ وَأَيَّ الصَّالِحَاتِ لَمْ تَعْمَلْ؟ وَلَوْ لاَ(7) أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي نَخَافُ عَلَيْكَ مِنْهُ يَبْلُغُ تَحْرِيكَهُ(8) جُهْدُنَا ، وَتَقْوى لِمُدَافَعَتِهِ طَاقَتُنَا ، أَوْ يَجُوزُ الْفِدَاءُ عَنْكَ مِنْهُ بِأَنْفُسِنَا ، وَ بِمَنْ نَفْدِيهِ بِالنُّفُوسِ مِنْ أَبْنَائِنَا ، لَقَدَّمْنَا أَنْفُسَنَا وَ أَبْنَاءَنَا قِبَلَكَ ، وَلَأَخْطَرْنَاهَا وَقَلَّ خَطَرُهَا دُونَكَ ، وَلَقُمْنَا بِجُهْدِنَا فِي مُحَاوَلَةِ مَنْ حَاوَلَكَ ، وَفِي مُدَافَعَةِ مَنْ نَاوَاكَ ، وَلكِنَّهُ سُلْطَانٌ لاَ يُحَاوَلُ ، وَعِزٌّ لاَ يُزَاوَلُ ، وَرَبٌّ لاَ يُغَالَبُ ، فَإِنْ يَمْنُنْ عَلَيْنَا بِعَافِيَتِكَ ، وَيَتَرَحَّمْ عَلَيْنَابِبَقَائِكَ ، وَيَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا بِتَفْرِيحِ(9) هذَا مِنْ حَالِكَ إِلى سَلاَمَةٍ مِنْكَ لَنَا ، وَبَقَاءٍ مِنْكَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، نُحْدِثْ لِلّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ بِذلِكَ شُكْرا نُعَظِّمُهُ ، وَذِكْرا نُدِيمُهُ ، وَنَقْسِمْ أَنْصَافَ أَمْوَالِنَا صَدَقَاتٍ ، وَأَنْصَافَ رَقِيقِنَا
ص: 228
عُتَقَاءَ ، وَنُحْدِثْ لَهُ تَوَاضُعا فِي أَنْفُسِنَا ، وَ نَخْشَعْ فِي جَمِيعِ أُمُورِنَا ، وَإِنْ يَمْضِ بِكَ إِلَى الْجِنَانِ ، وَيُجْرِي عَلَيْكَ حَتْمَ سَبِيلِهِ ، فَغَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيكَ قَضَاؤهُ ، وَلاَ مَدْفُوعٍ عَنْكَ بَلاَؤهُ ، وَلاَ مُخْتَلِفَةٍ مَعَ ذلِكَ قُلُوبُنَا بِأَنَّ اخْتِيَارَهُ لَكَ مَا عِنْدَهُ عَلى مَا كُنْتَ فِيهِ ، وَلكِنَّا نَبْكِي مِنْ غَيْرِ إِثْمٍ لِعِزِّ هذَا السُّلْطَانِ أَنْ يَعُودَ ذَلِيلاً ، وَلِلدِّينِ وَالدُّنْيَا أَكِيلاً ، فَلاَ نَرى لَكَ خَلَفا نَشْكُو إِلَيْهِ ، وَلاَ نَظِيرا نَأْمُلُهُ وَلاَ نُقِيمُهُ» .
السند ضعيف؛ لكون عبد اللّه بن الحارث مذموما على رواية، وفيها كلام.
قوله: (خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام) يذكر فيها الحقّ الذي به يتحقّق نظام الدِّين والدّنيا وكمال النفس ونجاة الأخرويّة بوجه كلّي، والسند ضعيف.
وقيل: أحمد بن محمّد معطوف على عليّ بن الحسن وهو العاصمي، والتيمي هو ابن فضّال، وقلَّ من تفطّن لذلك.(1)
وقوله: (خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس بصفّين).
قيل: كانت هذه بعد رجوع جمّ غفير من عسكره عن بيعته.(2)
قال الفيروزآبادي:
صفّين _ كسجّين _ : موضع قرب الرّقة بشاطئ الفرات، كانت به الوقعة العظمى بين عليّ ومعاوية غرّة صفر سنة 37، فمن ثمّ احترز الناس السفر في صفر.(3)
وقوله: (فقد جعل اللّه تعالى لي عليكم حقّا بولاية أمركم).
الباء للسببيّة، يُقال: ولّى الوالي البلد وفلان البيع ولاية _ بالفتح والكسر _ : إذا تولاّه، وقام به.
وقيل: الولاية _ بالفتح _ : مصدر، وبالكسر: الإمارة، والسلطان.(4) ولعلّ المراد أنّ اللّه تعالى جعل لي عليكم حقّ الطاعة؛ لأنّه سبحانه جعلني واليا عليكم متولّيا لاُموركم.
(ومنزلتي التي أنزلني اللّه _ عزّ ذكره _ بها) أي بتلك المنزلة (منكم).
الباء بمعنى «في»، وكلمة «من» بمعنى عند، أو مرادفة «في»، والمنزلة: المرتبة، والدرجة،
ص: 229
والجملة عطف على الولاية، أي ولأنّه تعالى أنزلني منزلة عظيمة هي منزلة الإمارة والإمامة ووجوب الطاعة.
(ولكم عليَّ من الحقّ مثل الذي لي عليكم).
قيل: المراد بالمثل المماثلة في جنس الحقّ وإن كان الحقّان متغايران في النوع؛ لأنّ حقّنا عليه الإرشاد والأمر، وحقّه علينا الطاعة والانقياد مثلاً.(1)
(والحقّ أجمل الأشياء في التراصف) أي في النضد والالتيام، أو إحكام الاُمور وإتقانها.
قال الجوهري: «تراصف القوم في الصف، أي قام بعضهم إلى لزق بعض».(2)
وقال في النهاية: «الرّصف: الشدّ والضم. والرصافة: الرفق في الاُمور. والتراصف: تنضيد الحجارة التي يرصف بعضها إلى بعض في مسيل فيجتمع فيها ماء المطر».(3)
وفي بعض النسخ: «التواصف» بالواو. وقيل: أي وصفه حسن، وذكره جميل.(4)
وقيل: أي في أن يصفه بعضهم لبعض، ويذكر كلّ واحد للآخر نعته ليرغب فيه.(5)
قال الفيروزآبادي: «تواصفوا الشيء: وصفه بعضهم لبعض».(6)
(وأوسعها للتناصف).(7)
في القاموس: «تناصفوا: أنصف بعضهم بعضا».(8)
ولعلّ المراد أنّه إذا أنصف الناس بعضهم لبعض كانوا في فسحة وسعة في أمر الدِّين والدُّنيا، ولا يقعون في العمل بالإنصاف في مضيق؛ لأنّ الإنصاف حقّ، والحقّ أوسع الأشياء وأسبغها.
وفي نهج البلاغة: «والحقّ أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف»(9) أي إذا أخذ الناس في وصف الحقّ وبيانه كان لهم في ذلك مجال واسع؛ لسهولته على ألسنتهم، وإذا حضر التناصف بينهم فطلب منهم ضاق عليهم المجال؛ لشدّة العمل بالحقّ وصعوبة
ص: 230
الإنصاف به، لاستلزامه فوات بعض أغراضهم ومقاصدهم المرغوبة عندهم.
(لا يجري) يعني الحقّ (لأحد إلاّ جرى ذلك) الحقّ (عليه) أي على ذلك الأحد.
ولعلّ هذه الفقرة مع بعض الفقرات التالية لها تأكيد لقوله: «فقد جعل اللّه تعالى لي عليكم حقّا» بأنّ سنّة اللّه جارية على أنّ مَن له حقّا على الغير كان لذلك الغير أيضا حقٌّ عليه.
والضمائر البارزة والمستترة في قوله: (ولا يجري عليه إلاّ جرى به)(1) على سياق السابق.
وفي بعض النسخ: «له» بدل «به» وهو أظهر.
وقيل: الحصر الأوّل إشارة إلى أنّ كون الحقّ لأحد لا يفارق من كونه عليه تقريرا للحقّ وتوطينا لنفوس السامعين على الوفاء به؛ إذ كما يجب لذلك الأحد أن لا يترك حقّهم كذلك يجب عليهم أن لا يتركوا حقّه، والحصر الثاني إشارة إلى عكس الأوّل تسكينا لنفوسهم بذكر الحقّ لهم، فأفاد بالحصرين التلازم بين الحقّين.
ثمّ احتجّ لإثبات الحصرين بقياس استثنائي متّصلة استثنى نقيض التالي؛ لينتجّ نقيض المقدّم، فقوله عليه السلام: (لو كان لأحد أن يجري ذلك) أي الحقّ (له، ولايجرى عليه لكان ذلك للّه _ عزّ وجلّ _ خالصا دون خلقه) إشارة إلى القياس المذكور.
ووجه خلوصه له تعالى دون خلقه أنّ الخلق لعجزهم يحتاج كلّ منهم إلى آخر، فلا محالة إذا كان لأحدهم حقّ على الغير كان لذلك الغير أيضا حقٌّ عليه.(2)
وقوله: لقدرته على عباده [ولعدله] في كلّ ما جرت عليه ضروب قضائه) إشارة إلى بيان الملازمة. وضروب قضائه أنواعه المتغيّرة المتوالية، وقضاؤه حكمه.
وفي بعض النسخ: «صروف قضائه» والمآل واحد، أي لكونه قادرا على عباده بإبقائهم وإفنائهم، وعلى الانتصاف منهم، وأخذ حقّه عنهم «لاَ يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ»(3)، مع
أنّه لا حقّ للعباد عليه تعالى لعدله فيهم في كلّ ما جرت به مقاديره التي هي ضروب قضائه مثل الغنى والفقر والصحّة والمرض والعافية والابتلاء وأمثالها؛ فإنّ القضاء بجميع ذلك
ص: 231
مصلحة وحقّ عليهم، وليس لهم في مقابله حقٌّ عليه.
وقوله: (ولكن جعل حقّه على العباد أن يطيعوه) إلى قوله: (أهلاً) إشارة إلى استثناء نقيض التالي باستثناء ملزومه، و«جعلت»(1) على البناء للمفعول.
وفي بعض النسخ: «وجعل» وهو أظهر، والمستتر فيه عائد إلى اللّه .
(كفّارتهم عليه) أي على نفسه تعالى، أو على حقّه على العباد.
ولعلّ المراد بالكفّارة جزاء الطاعة سمّاه كفّارة لكفره وستره ثقل عملهم حيث لم يكن له في جنبه قدر، فكأنّه قد محاه وستره. ويؤيّده ما وقع في نهج البلاغة من قوله: «وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب».(2)
ويظهر منه أنّ المراد بقوله: (بحسن الثواب) الثواب الكامل المضاعف.
الباء للتضعيف، فإنّ ما جعل جزاءهم بعض من حسن الثواب. ويحتمل كونها زائدة، ويؤيّده ما في بعض النسخ: «حسن الثواب» بدون الباء، وما نقلناه من النهج أيضا. ويحتمل كونها للمصاحبة، بأن يُراد بالكفّارة ما يكفّر سيّئاتهم كالتوبة وسائر الكفّارات، أي أوجب على نفسه قبول كفّارتهم وتوبتهم مع حسن الثواب.
وحاصل الاستثناء أنّه تعالى جعل لنفسه على عباده حقّا هو طاعتهم له، وجعل على نفسه لهم حقّا هو جزاء طاعتهم له، فقد ثبت أنّ ذلك لم يخلص للّه تعالى أيضا، بل كما أوجب على عباده حقّا له أوجب لهم على نفسه بذلك حقّا، فإذن لا يجري لأحد حقّ إلاّ جرى عليه، وهو نقيض المقدّم.
وقوله: (تفضّلاً منه) تعليل لقوله: «وجعل كفّارتهم» إلى آخره.
(وتوسّعا بما هو من المزيد له أهلاً).
ضمير «هو» مبتدأ راجع إلى الموصول، و«له» خبره، وضميره راجع إلى اللّه ، واحتمال العكس بعيد.
وكلمة «من» بيان للموصول، و«أهلاً» نصب على التمييز، أو الحال.
وفي بعض النسخ «أهل» بالرفع على أنّه خبر المبتدأ، و«له» متعلّق به؛ لأنّه بمعنى
ص: 232
مستوجب، وحينئذٍ يتعيّن إرجاع ضمير «هو» إليه تعالى، وضمير «له» إلى الموصول. وفي هذا الكلام إشعار بأنّ ما جعله اللّه سبحانه لهم من حسن الثواب ليس حقّا واجبا عليه تعالى، بل محض تفضّل منه وتوسعة عليهم بما هو أهله من مزيد النِّعم، ليقابلوا ذلك التفضّل بمزيد الشكر، وليتأدّبوا بآداب اللّه ، ويتخلّقوا بأخلاقه في أداء ما وجب عليهم من حقّ الغير، ولو لم يكن لذلك الغير حقٌّ عليه.
(ثمّ جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض).
في بعض النسخ: «فأفرضها» بدل «فرضها».
قال الفيروزآبادي: «أفرضه: أعطاه. وله: جعل له فريضة، كفرض له فرضا».(1) وهذا كالمقدّمة لما يريد أن يبيّنه من كون حقّه عليهم واجبا من قِبل اللّه تعالى، وهو حقٌّ من حقوقه، ليكون أدعى لهم على أدائه، وبيّن أنّ حقوق الخلق بعضهم على بعض هي من حقوق اللّه تعالى، من حيث إنّ حقّه على عباده هو الطاعة، وأداء تلك الحقوق طاعة للّه تعالى، كحقّ الوالد على ولده وبالعكس، وحقّ الزوج على الزوجة وبالعكس، وحقّ الوالي على الرعيّة وبالعكس.
(فجعلها تتكافى في وجوهها).
قال الجوهري: «التكافؤ: الاستواء. يُقال: المسلمون تتكافأ دماؤهم، وكلّ شيء ساوى شيئا حتّى يكون مثله فهو مكافئ له»(2) أي جعل الحقوق التي فرضها لبعض الناس على بعض يتساوى في وجوهها، بأن جعل كلّ وجه من تلك الحقوق مقابلاً بمثله؛ فحقّ الوالي هو الطاعة من الرعيّة، مقابل بمثله منه وهو العدل فيهم وحسن السيرة.
(ويوجب بعضها بعضا).
هذا كالتأكيد لسابقه.
وكذا قوله: (ولا يستوجب بعضها إلاّ ببعض).
يُقال: استوجبه، أي استحقّه؛ يعني لا يتحقّق كلّ من الحقّين، ولا يستحقّ الوجوب إلاّ بأن يتحقّق الآخر في مقابله، كما أنّ الوالي إذا لم يعدل لم يستحقّ الطاعة.
ص: 233
وقوله: (فأعظم ممّا افترض) بعضها (اللّه _ تبارك وتعالى _ من تلك الحقوق حقّ الوالي على الرعيّة، وحقّ الرعيّة على الوالي) إشارة إلى بيان ما هو المقصود الأصلي في هذا المقام؛ لأنّ ذينك الحقّين يدور عليهما سائر الحقوق، ونظام المعاش والمعاد، ولفظ «بعضها» ليس في بعض نسخ الكتاب ونسخ النهج، وهو أظهر.
وقوله: (فريضة فرضها اللّه ) نصب على الحال، أو بتقدير أعني. ويحتمل الرفع على الخبريّة من مبتدأ محذوف.
(لكلّ على كلّ) أي لكلّ واحد منهما على الآخر.
ثمّ رغّب في حفظ تلك الفريضة ومراعاتها بقوله: (فجعلها)؛ الضمير للفريضة، أو للحقوق.
(نظام اُلفتهم).
وفي بعض نسخ الكتاب وفي نهج البلاغة: «نظاما لاُلفتهم» أي جعلها سبب اجتماعهم في دفع الأعداء وفي أمر الدِّين وعدم تفرّقهم فيه.
(وعزّا لدينهم) أي سببا لغلبة دينهم على الأديان الباطلة، وعدم مقهوريّته منها.
(وقواما لسير الحقّ فيهم).
وفي بعض النسخ: «لسنن الحقّ» بالنونين.
والقوام _ بالكسر _ : النظام، والعماد. وقوام الأمر أيضا: ما يقوم به ذلك الأمر.
والسَّير _ بالفتح _ : الذهاب. ويمكن قراءته بكسر السين وفتح الياء، على أن يكون جمع السيرة، وهو السنّة والطريقة.
وحاصل المعنى: أنّه تعالى جعل تلك الفريضة ما يقوم به جريان الحقّ فيهم وبينهم؛ إذ بها تجري سائر الفرائض والحقوق فيما بينهم، ولو عطّلت عطّل جميعها.
(فليست تصلح الرعيّة إلاّ بصلاح الولاة).
وصلاح الرعيّة: انتظام اُمورهم في الدِّين والدُّنيا، وكونهم على الحدود الشرعيّة. وصلاح الولاة: حسن السيرة فيهم، والاقتدار على إجراء الأحكام والحدود فيما بينهم.
(ولا تصلح الولاة إلاّ باستقامة الرعيّة)؛ لأنّ اقتدار الولاة يتوقّف على استقامة الرعيّة وانقيادهم لهم بالضرورة.
ص: 234
(فإذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه).
في بعض النسخ: «من الوالي». والمراد بحقّه طاعتهم له، وانقيادهم، واستسلامهم لأمره، واتّعاظهم بمواعظه، وانزجارهم عن زواجره.
(وأدّى إليه الوالي كذلك) أي حقّهم من النصيحة والإرشاد والهداية إلى ما فيه صلاحهم. وفي النّهج: «وأدّى إليهما حقّهما».
(عزّ الحقّ بينهم) أي غلب، أو صار عزيزا قويّا. يُقال: عزّه _ كمدّه _ : إذا غلبه. وعزّ _ كفرّ _ عزّا وعزّة بكسرهما: صار عزيزا وقويّا بعد ذلّة.
وفي بعض النسخ: «عنّ الحقّ» بالنون. يُقال: عنّ الشيء _ كفرّ ومدّ _ عنّا: إذا ظهر أمامك واعترض. والعَنُون: الدابّة المتقدّمة في السير. وعننتُ الفرس، أي حبسته بعنانه. وعننت اللِّجام: إذا جعلت له عنانا.
(فقامت) أي انتصبت، أو صارت رائجة غير كاسدة. يُقال: قامت السوق: إذا نفقت.
(مناهج الدِّين) أي طرقه ومعالمه وقوانينه، جمع المنهج، وهو الطريق الواضح.
(واعتدلت معالم العدل).
يقال: عدّلته فاعتدل، أي أقمته فاستقام. والاعتدال: توسّط حال بين حالين في كمّ أو كيف، وكلّ ما يناسب فقد اعتدل.
ومعلم الشيء _ كمقعد _ : مظنّته، وما يستدلّ به.
والعدل: ضدّ الجور. وعرّف بأنّه حالة نفسانيّة تنشأ من اعتدال القوّة العقليّة والشهويّة والغضبيّة، ولعلّ المراد بمعالم الدِّين مكانه ومظنّته، أو العلامات التي نصبت في طريق العدل لسالكيه، أو طرقه الموصلة إليه من الشرائع النبويّة، وحدوده المضروبة عليه كمعالم الحرم مثلاً، وباعتدال تلك المعالم استقامتها وتوسّطها بين الإفراط والتفريط، واستقرارها على سوقها. ومن البيّن أنّه لو وقع الاختلاف في أداء الحقّين لاختلّ جميع ذلك، وفشا الجور، ووقع الهرج والمرج.
(وجرت على أذلالها السّنن).
إذلال بالذال المعجمة وفتح الهمزة، وضمير التأنيث عائد إلى السنن؛ لتقدّمها رتبةً، أي جرت سنّة اللّه على مسالكها وطرقها ووجوه استقامتها.
ص: 235
قال الفيروزآبادي:
الذلّ _ بالضمّ والكسر _ : ضدّ الصعوبة. وذلّ الطريق _ بالكسر _ : محجّته، والرفق والرحمة، ويضمّ، واُمور اللّه جارية إذلالها وعلى إذلالها، أي مجاريها، جمع ذلّ، بالكسر. ودَعْه على إذلاله: على حاله، بلا واحد. وجاء على إذلاله، أي وجهه.(1)
وقال: «السنّة _ بالضمّ _ : الوجه، والسيرة، والطبيعة. ومن اللّه : حكمه، وأمره، ونهيه. وسنن الطريق _ مثلّثة وبضمّتين _ : نهجه، وجهته».(2)
وفي بعض النسخ: «على إدلالها» بالدال المهملة. قال في النهاية: «فيه يمشي على الصراط مُدِّلاً، أي منبسطا لا خوف عليه، وهو من الادّلال».(3)
أقول: يحتمل كونه بفتح الهمزة جمع دلّ _ بالضمّ _ وهو الغنج.
(وصلح بذلك) أي بأداء الحقّين.
(الزمان) بفقد الجور فيه وارتفاعه عنه.
(وطاب بها) أي بالاُمور المذكورة، أو بتأدية الحقّين. وفي بعض النسخ: «به» وهو أظهر.
(العيش)؛ لزوال البركة، وتحقّق الالتيام والاُلفة.
(وطمع) على البناء للمفعول، وقوله: (في بقاء الدولة) قائم مقام فاعله.
وقيل: يحتمل كونه على البناء للفاعل، والمستتر فيه راجع إلى المطامع، أو إلى كلّ أحد بقرينة المقام.
والدولة _ بالفتح وقد يضمّ _ : ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم، أو الضمّ فيه والفتح الغلبة في الحرب، أو هما سواء فيهما، أو الضمّ في الآخرة والفتح في الدُّنيا.
(يئست مطامع الأعداء).
في القاموس: «مطمع _ كمقعد _ : ما يطمع فيه، وبهاء: ما طمعت [من أجله]».(4)
قيل: اليأس حقيقة للأعداء إلاّ أنّه نسب إلى مطامعهم مجازا للمبالغة في تحقّقه.(5)
ص: 236
ثمّ أشار إلى مفاسد ترك الحقّين بقوله: (وإذا غلبت الرعيّة واليهم) أي قهرته بالمنازعة والمخالفة وترك الطاعة.
(وعلا الوالي الرعيّة) أي استطال عليهم، وركبهم، وتجبّر بهم، ولم يراع حقوقهم.
وفي النهج: «وأجحف الوالي برعيّته».(1) الإجحاف _ بتقديم المعجمة _ : المبالغة في النقصان.
(اختلفت هنالك الكلمة) أي كلمات الناس وأقوالهم، أو آراؤهم، أو كلاهما، وهو يستلزم انحرافهم عن المنهج القويم.
(وظهرت مطالع الجور).
لعلّ المراد مصادره. وقيل: معالمه وآثاره، ومواضع استقراره من كلّ جانب.(2)
وفي بعض النسخ: «مطامع الجور». وفي النهج: «معالم الجور».(3)
(وكثر الإذعار في الدِّين) أي في أهله؛ لاختلاف الأهواء والآراء، وافتراقها عن رأي الوالي، وأخذ كلّ من الرعيّة فيما يشتهيه.
والاذعار _ بكسر الهمزة _ مصدر، وبفتحها جمع ذعر بالضمّ كطهر وأطهار، أو بالتحريك كبطل وإبطال، أو بضمّ الفاء وفتح العين كرطب وأرطاب.
قال الفيروزآبادي: «الذّعر _ بالضمّ _ : الخوف. وبالفتح: التخويف، كالإذعار. وبالتحريك: الدهش. وكصرد: الأمر المخوف».(4)
وفي كثير من النسخ: «الإدغال» وهو موافق لنسخ النهج.
قال الجوهري: «الدَغَل _ بالتحريك _ : الفساد. يقال: أدغل في الأمر: إذا اُدخل فيه ما يخالفه ويفسده. والدواغل: الدواهي».(5)
وفي بعض النسخ: «الأوغار».وقال الفيروزآبادي: «الوغر _ ويحرّك _ : الحقد، والضغن، والعداوة، والتوقّد من الغيظ. وقد وغر صدره، كوعد ووجل».(6)
ص: 237
(وتركت معالم السّنن) أي طرقها ومصادرها ومظانّها.
(فعمل بالهوى) أي بمشتهيات النفس والرأي والقياس في أحكام الدِّين.
(وعطّلت الآثار) أي لم يتعهّد الآثار النبويّة.
والتعطيل: الإهمال. وتعطّل الرجل، أي بقي بلا عمل. والأثر _ محرّكة _ : بقيّة الشيء، والجمع: آثار. والآثار أيضا: الأعلام.
(وكثر علل النفوس).
في النهج: «كثرت».(1)
قيل: علل النفوس: أمراضها بملكات السوء، كالغلّ، والحسد، والعداوة، والعجب، والكبر، ونحوها. وقيل: عللها وجوه ارتكاباتها للمنكرات، فتأتي في كلّ منكر بوجه وعلّة
ورأي فاسد.(2)
(ولا يستوحش) على البناء للمفعول.
(لجسيم حدّ) أي حدّ عظيم من حدود اللّه .
(عطّل) أي أهمل ولم يراع.
قال الفيروزآبادي: «الوحشة: الهمّ، والخلوة، والخوف، واستوحش: وجد الوحشة».(3)
وفي بعض النسخ: «لجسيم حقّ». وفي النهج: «لعظيم حقّ».
(ولا لعظيم باطل اُثّل).
قيل: أي عظّم، أو جعل أصلاً يرجع إليه.
قال الجزري: «يُقال: مال مؤثّل، ومجدٌ مؤثّل، أي مجموع ذو أصل. وأثلّ الشيء: أصّله وزكّاه».(4)
وقال الفيروزآبادي: «أصّله: عظّمه».(5)
وقيل: إنّما خصّ الجسيم والعظيم بالذِّكر للمبالغة في فساد الدِّين، والإشعار بأنّ الحقيرأولى بما ذكر.(6)
ص: 238
وفي نهج البلاغة: «ولا لعظيم باطل فُعل».(1)
(فهنالك تذلّ الأبرار).
الذلّة: الحقّ المعطّل الذي هم أهله وكان عزّهم بعزّه.
(وتعُزّ) بضمّ العين وكسرها.
(الأشرار)؛ لعزّة الباطل الذي هم عليه.
(وتخرب) بفتح الراء.
(البلاد)؛ لشيوع الفتن والجور فيها.
(وتعظيم تبعات اللّه _ عزّ وجلّ _ عند العباد).
قيل: هي المعاصي. وقيل: ما يتبع أعمال العباد من العقاب وسوء العاقبة.(2)
وقيل: التبعة كفرجة، والتباعة _ ككتابة _ اسم للشيء الذي لك بغيته، شبه ظلامة ونحوها.(3)
(فهلمّ أيّها الناس).
قيل: الفاء للتفريع، أي إذا عرفتم ما ذكر من فوائد أداء الحقوق ومفاسد تركها فهلمّ.(4)
قال الجوهري:
هلمّ يا رجل _ بفتح الميم _ بمعنى تعال. قال الخليل: أصله لم، من قولهم: لمَّ اللّه شعثه، أي جمعه، كأنّه أراد: لمّ نفسك إلينا، أي اقرب، وها للتنبيه، وإنّما حذفت ألفها لكثرة الاستعمال، وجعل اسما واحدا، يستوي فيه الواحد والجمع والتأنيث في لغة أهل الحجاز، قال اللّه تعالى: «وَالْقَائِلِينَ لاِءِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا»(5)، وأهل نجد يصرفونها فيقولون للاثنين: هلمّا، وللجمع: هلمّوا، وللنساء هلممن، والأوّل أفصح.(6)
(إلى التعاون على طاعة اللّه عزّ وجلّ).
لا ريب في أنّ الطاعة بأسرها مفتقرة إلى التعاون، سواء تعلّقت باُمور الدِّين والدّنيا واجبة
ص: 239
كانت أو مندوبة مختصّة بكلّ أحد أو مشتركة، ومن ثمّ قيل: الإنسان مدنيّ بالطبع، يحتاج إلى التعاون في أمر المعاش والمعاد.
(والقيام بعدله).
لعلّ المراد بالعدل هنا رعاية قوانين الشرع مطلقا، كما ينبغي على جادّة الوسط بحيث لا إفراط فيها ولا تفريط، أو الإمام العدل؛ فإنّ أمر الاجتماع والتعاون إنّما يتحقّق بهما والقيام بحقّهما.
(والوفاء بعهده).
لعلّ المراد به الإيمان باللّه ورسوله، وبما جاء به، وبالولاية لوليّ الأمر، والقيام بما كلّف به.
قال الفيروزآبادي: «العهد: الوصيّة، والتقدّم إلى المرء في الشيء، والموثّق، واليمين، والحفاظ، ورعاية الحرمة، والأمان، والذمّة، والمعرفة».(1)
(والإنصاف له في جميع حقّه).
الإنصاف: العدل. والحقّ يعمّ التصديق والعمل على وجه لا جور فيه بقدر الوسع والطاقة.
ثمّ أشار عليه السلام إلى علّة الأمر بالتعاون بقوله: (فإنّه ليس العباد إلى شيء أحوج) أي أكثر حاجة (منهم).
(إلى التناصح) أي نصيحة بعضهم بعضا.
(في ذلك).
قيل: أي في التعاون.(2)
أقول: الظاهر أنّه إشارة إلى المذكور من الطاعة وما بعده.
والبارز في قوله: (وحسن التعاون عليه) راجع إليه، وعلى ما قيل(3) راجع إلى التناصح. وفيه حينئذٍ إيماء إلى أنّ التناسخ أيضا من طاعة اللّه التي يجب التعاون عليها.
ص: 240
(وليس أحد وإن اشتدّ على رضا اللّه ) أي على ما يوجب رضاه تعالى، واشتدّ كمده وجهده.
(وطال في العمل) الصالح (اجتهاده) أي بذل وسعه وطاقته.
(ببالغ حقيقة ما أعطى اللّه من الحقّ أهله) أي أعطاه اللّه أهله من الحقّ.
فكلمة «من» بيان للموصول، والضمير للحقّ. وقيل: أو للموصول.(1)
وقال بعض الأفاضل:
معنى «حقيقة ما أعطى اللّه » جزاء ما أعطى أهل الحقّ من الدِّين المبين وسائر ما هداهم اللّه إليه، بأن يكون المراد بالحقيقة الجزاء مجازا، أو يكون [في] الكلام تقدير مضاف، أي حقيقة جزاء ما أعطى اللّه ، أو يكون المراد بالبلوغ إليها كونه بإزائها ومكافأة لها.(2)
وقال بعض الشارحين في قوله:
«وليس أحد» إلى قوله: «من الحقّ أهله» إشارة إلى أنّ العبد وإن بذل جهده في طاعة اللّه تعالى وفي التعاون والتناصح فيهما لم يبلغ بعدما هو سبحانه أهله من الطاعة تحذيرا للسامعين من التقصير والمساهلة وبذل الجهد.
ثمّ قال:
لعلّ المراد به هو التنبيه على أنّ كلّ من صدر عنه الحقّ _ وإن اجتهد أن يبلغ حقيقته ويأتي به كما ينبغي _ لا يقدر عليه؛ لأنّ الإتيان به إنّما يتحقق بالإتيان به وبلوازمه وآثاره، ولا ريب في أنّ ذلك الحقّ الصادر منه نعمة وعطيّة من اللّه تعالى، ومن لوازمها الشكر، وهو نعمةٌ اُخرى، وهكذا إلى ما لا يحصى، وإذا لم يقدر على الإتيان بحقيقة حقّ واحد فكيف بالحقوق المتكثّرة جدّا؟! انتهى كلامه.(3)
وفي النهج: «ببالغ حقيقة ما اللّه أهله من الطاعة له».(4) وقيل: في بعض النسخ القديمة من الكتاب: «حقيقة ما الحقّ من اللّه أهله».(5)
(ولكن من واجب حقوق اللّه _ عزّ وجلّ _ على العباد النصيحة له). أي للّه ، أو للإمام، أو
ص: 241
نصيحة بعضهم لبعض للّه تعالى بأن لا يكون النظر صلة للنصيحة. ويؤيّد الأخير ما وقع في النهج النصيحة.
(بمبلغ جهدهم) دون الصّلة.
قيل: في الإتيان ب «من» التبعيضيّة ولفظ الواجب إشارة إلى أنّ حقوقه تعالى غير منحصرة في الواجب وأنّ حقّه الواجب، غير منحصر في النصيحة.(1)
وقال صاحب النهاية:
النصيحة: الخلوص. يُقال: نصحته ونصحت له. ومعنى نصيحة اللّه صحّة الاعتقاد في وحدانيّته، وإخلاص النيّة في عبادته. والنصيحة لكتاب اللّه هو التصديق به، والعمل بما فيه. ونصيحة رسول اللّه صلى الله عليه و آله التصديق بنبوّته ورسالته، والانقياد لما أمر به ونهى عنه. ونصيحة الأئمّة أن يطيعهم في الحقّ. ونصيحة عامّة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم بمبلغ جهدهم، أي بغاية طاقتهم ونهاية سعيهم.(2)
(والتعاون على إقامة الحقّ فيهم).
في بعض نسخ الكتاب والنهج: «بينهم» بدل «فيهم».
ثمّ أراد عليه السلامأن يشير إلى أنّ أصناف الناس عموما يحتاجون إلى المتعاون، سواء في ذلك الوالي والرعيّة؛ فإنّه عليه السلام مع كمال منزلته وعلوّ درجته في أداء الحقوق يحتاج إلى إجراء الأحكام وإقامة الحدود وغيرها إلى إعانة الرعيّة، وكذا الرعيّة كانوا أقوياء أو ضعفاء يحتاج بعضهم إلى بعض في الامتثال بأداء الحقوق، فقال: (وليس امرؤ).
في بعض النسخ: «ثمّ» بدّل الواو.
(وإن عظمت في الحقّ منزلته) بسبب رعايته كما ينبغي.
(وجسمت) بضمّ السين، أي عظمت.
(في الحقّ فضيلته)؛ لإحاطة علمه بحقوق اللّه تعالى.
وحاصل الفقرتين أنّه وإن كان كاملاً في القوّة العمليّة والنظريّة (بمستغن على أن يعاون) _ في بعض النسخ: «عن» بدل «على». وفي بعضها: «يعان» بدون الواو و (على ما حمّله اللّه
ص: 242
_ عزّ وجلّ _ من حقّه) الضمير المجرور للّه ، ووجه عدم استغنائه ظاهر _ أنّ إجراء حقوق اللّه _ عزّ وجلّ _ في الخلق لا يمكن بدون القدرة والغلبة عليهم، ولا يمكن الغلبة عليهم بدون
ناصر ومُعين بالضرورة.
وقوله: (ولا لإمرىٍٔ) عطف على قوله: «أمر» وكان اللاّم زائدة، ويؤيّده ما وقع في النهج: «ولا امرء» بدون اللاّم.
(مع ذلك) كأنّه إشارة إلى ما حمّله اللّه من حقّه.
وما قيل من أنّه إشارة إلى عدم الاستغناء عن الاستعانة،(1) ففيه: أنّ قوله فيما بعد «بدون ما أن يعين على ذلك ويعاون» يستلزم التكرار مع الاختلال بسلاسة النظم.
وقال بعض الأفاضل:
كان قوله: «ولا لإمرىٍٔمع ذلك» راجع إلى ما حمل اللّه على الوالي، أو إلى الوالي الذي اُشير إليه سابقا؛ أي لا يجوز، أو لابدّ لإمرء مع الوالي، أو مع كون واليه مكلّفا بالجهاد
وغيره من اُمور الدِّين، وإن كان ذلك المرء ضعيفا محقّرا بدون أن يعين على إقامة الدِّين ويعينه الناس أو الوالي عليه.(2)
هذا كلامه وهو كما ترى.
(خسأت به الاُمور).
الظاهر أنّ الجملة صفة لإمرئ، والضمير المجرور راجع إليه. يُقال: خسأت الكلب _ كمنعت _ خسأ، أي طردته، وأبعدته. وخسأ الكلب بنفسه، يتعدّى ولا يتعدّى. نصّ عليه الجوهري.(3)
وقيل: يُقال في المتعدّي: خَسَأ خَسْأً. وفي اللاّزم: خسأ خُسُوء.(4)
وقال الفيروزآبادي:
خسأ الكَلبَ _ كمنع _ خسأ وخسوء: طرده. والكلبُ: بَعُدَ. وخسئ البصر: كَلَّ.
ص: 243
والخاسئ من الكلاب والخنازير: المبعد لا يترك أن يدنو من الناس. وتخاسئوا: تراموا بينهم بالحجارة.(1)
أقول: إن اُريد بالخسأ هنا البُعد فالباء للتعدية، أي طردته الاُمور وأعجزته عن نيل المقصود، أو أذلّته في أعين الناس. وإن اُريد به الإبعاد فالباء للتقوية.
وقيل: يحتمل كونها للسببيّة، أي بعدت بسببه الاُمور.(2)
وفي بعض النسخ: «حبست» أي منعت. وفي بعضها: «حسبت» وكأنّه تصحيف. ويحتمل كونه من الحُسب، أي بمعنى العذاب، فتأمّل.
وعلى أيّ تقدير فالمراد أنّه يكون بحيث لا يتمشّى أمر من اُموره، ولا ينتفع بالسعي في تحصيل أمر من الاُمور.
(واقتحمته العيون).
في بعض النسخ: «واقتحمت العيون».
قال الجوهري: «اقتحمته عيني: ازدرته».(3)
وقال: «ازدريته: حقّرته».(4)
والظاهر أنّ كلمة «ما» في قوله: (بدون ما أن يعين) زائدة.
(على ذلك) أي على أداء حقوق اللّه تعالى.
(ويعان).
في بعض النسخ: «ويعاون عليه»، أي على ما ذكر من أداء الحقوق؛ يعني أنّ المرء وإن اتّصف العجز والحقارة فليس يوجد بدون أن يعين هو غيره على طاعة اللّه وأداء حقّه، ولو بأخذ الصدقات من ذلك الغير والحقوق الماليّة ونحوها، وأن يعان عليه ولو بإعطاء ما يسدّ خلّته ويدفع ضرورته وحاجته.
وحاصل الفقرتين: أنّ الشريف والوضيع جميعا محتاجون في أداء الحقوق إلى إعانة بعضهم بعضا، واستعانة بعضهم ببعض.
ص: 244
وفي نهج البلاغة: «وليس امرئ وإن عظمت في الحقّ منزلته، وتقدّمت في الدِّين فضيلته، بفوق أن يعان على ما حمّله اللّه من حقّه، ولا امرىٍٔوإن صغّرته النفوس واقتحمته العيون بدون أن يعين على ذلك، أو يُعان عليه» انتهى.(1)
ثمّ إنّه عليه السلام أشار إلى كلّ من كانت النعمة عليه أعظم فاحتياجه في ذلك أكثر؛ لأنّ الحقوق عليه أوفر؛ لازدياد الحقوق بحسب ازدياد النِّعم، فقال: (وأهل الفضيلة في الحال وأهل النِّعم العظام أكثر في ذلك) أي في الاحتياج إلى الإعانة والاستعانة في أداء الحقوق.
وفي بعض النسخ من ذلك فلعلّ كلمة من للصلة أو للتفضيل.
و«ذلك» إشارة إلى أهل الحقارة.
وقوله: (حاجة) نصب على التميز عن النسبة في أكثر.
وقيل: المراد بأهل الفضيلة الأئمّة والولاة والاُمراء والعلماء، وكذا أهل النعم العظام؛ فإنّهم لكونهم مكلّفين بعظائم الاُمور كالجهاد في سبيل اللّه وإقامة الحدود والشرائع والأحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهم إلى إعانة الخلق أحوج.(2)
وقيل: لعلّ المراد بأهل الفضيلة العلماء المروّجون للحقّ؛ فإنّهم يحتاجون فيما حمّل عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أعوان، ولا أقلّ إلى من يؤمر وينهى. والمراد بأهل النعم العظام أصحاب النعم والأموال والأحوال من الأغنياء والأقوياء؛ لأنّ ما حمّل عليهم من الحقوق أكثر كأداء الخمس والزكاة، فهم يحتاجون إلى الفقير القابل لها،وإلى الشهود، وإلى غير ذلك،(3) انتهى.
وما قلناه أوّلاً من أنّ المراد بهم أهل الشرف مطلقا أظهر.
وبالجملة: الناس أصناف ثلاثة: إمّا وال، أو رعيّة، والرعيّة فيهم أقوياء وضعفاء، والكلّ يحتاج إلى إقامة حقّه تعالى وفي الامتثال به إلى الإعانة والاستعانة، وإن كانت مراتب الاحتياج متفاوتة.
(وكلّ) من الأصناف (في الحاجة إلى اللّه _ عزّ وجلّ _ شرعٌ سواء).
يُقال: الناس في هذا شرع _ بالتحريك، والتسكين _ أي سواء، فوصفه به للبيان والتأكيد.
ص: 245
وقال الجوهري: «يستوي فيه الواحد والمؤنّث والجمع».(1)
والسّواء: العدل، والمستوي. وإنّما ذكر عليه السلامذلك لئلاّ يتوهّم يستغنون بإعانة بعضهم بعضا عن ربّهم، بل هو الموفّق والمُعين لهم في جميع اُمورهم، ولا يستغنون بشيء عنه سبحانه، وإنّما كلّفهم بذلك ليختبر طاعتهم ويُثيبهم على ذلك، ولأنّ حكمته البالغة اقتضت أن يجري الأشياء بأسبابها، وهو المسبّب لها والقادر على إمضائها بلا سبب.
(فأجابه رجلٌ من عسكره) لعلّه الخضر عليه السلام.
ويظهر من الروايات(2) أنّه قد جاء في مواطن كثيرة، وكلّمه عليه السلام لإتمام الحجّة على الحاضرين، وقد أتى بعد وفاته عليه السلام وقام على باب داره فبكى وأبكى، وخاطبه عليه السلام بأمثال تلك الكلمات، ثمّ خرج وغاب عن الناس.
وقوله: (بما أبلاهم) أي أنعمهم وأحسن إليهم، أو اختبرهم بالتكليف.
(وأعطاهم من واجب حقّه) أي حقّ أمير المؤمنين عليه السلام، أو حقّ اللّه عزّ وجلّ، والأوّل أظهر.
والظاهر أنّ قوله: (والإقرار) عطف على الثناء، وأنّ قوله: (بما ذكر) على البناء للفاعل، أي أقرّ إقرارا حسنا بأشياء ذكرها ذلك الرجل، وأجمل عليه السلام ذكرها، ولم يذكرها مفصّلاً اختصارا أو تقيّةً.
ويحتمل عطف على واجب حقّه، وقراءة «ذكر» على البناء للمفعول.
والضمير المفرد في قوله: (من تصرّف الحالات به وبهم) عائد إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وضمير الجمع إلى أصحابه وعساكره.
ويحتمل بعيدا عود الضمير المفرد إلى ذلك الرجل. وكأنّ المراد بتصرّف الحالات تغييرها من استيلاء أئمّة الجور عليه عليه السلام ومظلوميّته، وتغيير أحوال رعيّته من تقصيرهم في حقّه وطاعته، أو ما وقعت فيهم من التنازع والتخالف والتحكيم، وبناء هذا التوجيه على قراءة «ذكر» على صيغة المعلوم، ولو قرئ على صيغة المجهول فالمراد بتلك الحالات ما ذكره عليه السلام من حالات الولاة والرعيّة.
وقوله: (بك أخرجنا اللّه من الذلّ) أي من مذلّة الجهل والكفر إلى عزّة العلم والإيمان.
ص: 246
وقوله: (من الغلّ) إمّا بالضمّ، وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير في عنقه، أو بالكسر وهو الغش والحقد، فلو اُريد الأوّل _ كما هو الظاهر _ فالمراد أغلال الكفر والشرك والمعاصي، أو يكون إشارة إلى قوله تعالى: «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ»(1) أي يخفّف عنهم ما كلّفوا به من التكاليف الشاقّة.
(فاختر علينا) ما شئت (فامض اختيارك) أي أنفذه علينا وأجره فلك الإمضاء وعلينا التسليم.
(وائتمر فأمض ائتمارك).
الائتمار: المشاورة، وقبول الأمر، فمعناه على الأوّل: شاور نفسك أو مَن شئت في أمرنا، فأمض ما اخترت في مشورتك علينا لما فيه مصلحة ديننا ودُنيانا. وعلى الثاني قيل: معناه:افعل ما أمرك اللّه به فأمضه علينا.(2)
(فإنّك القائل).
في بعض النسخ: «العامل».
(المصدّق) بفتح الدال.
(والحاكم الموفّق) بفتح الفاء، أي وفّقك اللّه للإصابة في الحكم، أو لجميع الخيرات.
(والمِلك) بكسر اللاّم.
(المخوّل) بفتح الواو.
ويقال: خوّله اللّه المال، أي ملّكه وأعطاه إيّاه مفضّلاً، يعني أنّك المملّك والمنعم عليه الذي أعطاك اللّه رئاسة الدارين والإمرة علينا، وجعلنا مواليك وشيعتك.
وفي بعض النسخ: «المحوّل» بالحاء المهملة، وكأنّه على صيغة اسم المفعول [من] الحول بمعنى القوّة، أو بمعنى الحذق وجودة النظر. ويحتمل كونه اسم الفاعل من التحويل بمعنى المتصرّف في الاُمور كيف شاء، أو بمعنى التحوّل وهو الحذق والمهارة.
(لا نستحلّ في شيء من(3) معصيتك).
قال الجوهري: «استحلّ الشيء، أي عدّه حلالاً».(4) وتعديته ب «في» لتضمين مثل معنى الدخول.
ص: 247
وقيل: يحتمل أن يكون «منتحلّ» من الحلول وهو النزول، وهذا أنسب بلفظة «في»(1) انتهى، فتأمّل.
وفي بعض النسخ: «ولا نستحيل». قال الفيروزآبادي: «كلّ ما تحوّل أو تغيّر من الاستواء إلى العوج فقد حال واستحال».(2)
وفي بعض النسخ: «لا نستحلّ في شيء معصيتك».
والظاهر أنّ قوله: (يعظم عندنا) على صيغة المجرّد.
(في ذلك) أي في العلم. وكلمة «في» تعليليّة.
وقيل: يحتمل أن تكون إشارة إلى ما دلّ عليه الكلام من إطاعته عليه السلام.(3)
(خطرك).
قال الفيروزآبادي: «بالفتح _ : الشرف، ويحرّك وبالتحريك: قدر الرجل».(4)
(ويجلّ عنه في أنفسنا فضلك).
قال الجوهري: «جلّ فلان يجلّ _ بالكسر _ جلالة، أي عظم قدره، فهو جليل».(5)
وكلمة «عن» للتعليل، كما قيل(6) في قوله عزّ وجلّ: «وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لاَِبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ»(7)، ويحتمل إرجاع ضمير «عنه» إلى العلم، أو إلى الخطر؛ أي يعظم بسبب ذلك العلم الخطر في أنفسنا فضلك أو كمالك أو شرفك على جميع الخلق، ولا يبعد إرجاعه إلى القياس بمعنى أنّ فضلك أجلّ في أنفسنا من أن يُقاس بفضل أحدٍ من قولهم: جلّ عن كذا:إذا لم يتّصف به.
(فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام) زجرا له عن مدحه وتنفيرا للممدوح عن حبّ المدح والسرور به ودخول العُجب والفخر في قلبه.
(إنّ من حقّ من عظم) من المجرّد ككرم، أو من المزيد.
ص: 248
وقوله: (جلال اللّه ) منصوب على الثاني، ومرفوع على الأوّل.
وقوله: (في نفسه) متعلّق بالعظم، أو التعظيم.
(وجلّ موضعه) أي موضع اللّه ومنزلته، أو موضع جلاله.
(من قلبه) أي في قلبه.
(أن يصغر) من الصغر، وكونه من التصغير محتملٌ بعيد (عنده).
(لعظم ذلك) الجلال (كلّ ما سواه)؛ يعني أنّ ممّا يليق أو يجب على من عظّم جلال اللّه وعظمته في نفسه وجعل موضعه في قلبه أن يصغر عنده كلّ ما سوى اللّه تعالى؛ لما ظهر له من عظم جلال اللّه _ عزّ وجلّ _ ؛ إذ يرى حينئذٍ كلّ ما سواه محتاجا إليه تعالى خاضعا بين يديه، وعظمة كلّ شيء مضمحلّة في جنب عظمته.
(وإنّ من أحقّ من كان كذلك) أي يصغر عنده لعظيم جلال اللّه كلّ ما سواه.
(لمن عظمت).
كلمة «من» للموصول، أي للذي عظمت.
(نعم اللّه ).
في بعض النسخ: «نعمة اللّه ».
(عليه) دينيّة كانت أو دنيويّة.
ولعلّ قوله: (ولطف إحسانه) أي برّه (إليه) على صيغة المصدر معطوف على قوله: «نِعم اللّه ». ويحتمل كونه على صيغة الفعل عطفا على عظمت.
قال الفيروزآبادي: «لطف _ كنصر _ لطفا بالضمّ، أي رأف،(1) ودنا. واللّه لك: أوصل إليك مرادك بلطف. وككرم لطفا ولطافة: صغر ودقّ».(2)
وقال بعض الأفاضل:
إنّ أحقّ من كان كذلك أئمّة الحقّ؛ لعظم نعم اللّه عليهم وكمال معرفتهم بجلال ربّهم، فحقّ اللّه تعالى عليهم أعظم منه على غيرهم، فينبغي أن يصغر عندهم أنفسهم فلا يحبّوا الفخر والإطراء في المدح، أو يجب أن يضمحلّ في
ص: 249
جنب جلال اللّه عندهم غيره تعالى، فلا يكون غيره منظورا لهم في أعمالهم ليطلبوا رضى الناس ومدحهم.(1)
(فإنّه لم تعظم نِعَم اللّه ).
في بعض النسخ: «نعمة اللّه ».
(على أحد إلاّ زاد حقّ اللّه عليه عظما)، ومن أعظم أفراد حقّه حصر العظمة عليه، ومشاهدة كلّ ما سواه صغيرا لديه.
قال الفيروزآبادي: «العِظم _ بكسر العين _ : خلاف الصغر. عظم _ كصغر _ عظما وعظامة. واستعظمه: رآه عظيما، كأعظمه، وأخذ معظمه. والاسم: العظم، بالضمّ».(2)
(وإنّ من أسخفّ حالات الولاة) أي أردأها وأقبحها.
في القاموس: «السخف _ بالضم والفتح _ : رقّة العيش. وكقرصة وسحابة: رقّة العقل وغيره. سَخُفَ ككرم، أو السخف في العقل والسخافة في كلّ شيء».(3)
وفي كثير من النسخ: «من استخفّ» وكأنّه تصحيف، ونسخة الأصل موافق للنهج.(4)
(عند صالح الناس أن يظنّ) على صيغة المجهول.
(بهم) أي بالولاة.
(حبّ الفخر) بسكون الخاء، ويحرّك، أي التمدّح بالخصال.
(ويوضع) عطف على «يظنّ».
(أمرهم على الكبر).
والحاصل أنّ أسوء أحوال الولاة عند الرعيّة أن يكونوا متّهمين عندهم بهذه الخصلة المذمومة؛ لأنّها مع إيجاب الشركة مع الواجب تعالى يوجب البُعد والتنفير وفشوّ الجور وعدم تمشّي الاُمور والأحكام على قانون الشرع.
وقيل: إنّما قال عند صالح الناس؛ إذ لا اعتداد بظنّ فاسقهم وطالحهم، وفيه تنبيه
ص: 250
على أكثر الملوك؛ إذ هم على هذا السلوك فليدرؤا عن أنفسهم الموت وسائر النوائب إن كانوا صادقين.(1)
(وقد كرهت أن يكون جال) كقال من الجَوَلان، أي دار وطاف. ويحتمل أن يكون كسال.
قال الفيروزآبادي: «جأل _ كمنع _ : ذهب وجاء».(2)
وفي بعض النسخ: «ذا» بدل «جال».
(في ظنّكم أنّي اُحبّ الإطراء واستماع الثناء). في القاموس: «أطراه: أحسن الثناء عليه».(3)
وفي النهاية: «الإطراء: مجاوزة الحدّ في المدح والكذب فيه».(4)
(ولستُ بحمد اللّه كذلك)؛ إذ لم يكن في قلبه المطهّر سوى اللّه سبحانه، ومن كان كذلك فكيف يتصوّر فيه محبّة الإطراء واستماع الثناء، ووضع أمره على الكبر مع علمه بأنّ شيئا من ذلك لا يليق إلاّ بجناب الحقّ الذي ليس فيه شائبة الشركة؟!
(ولو كنت اُحبّ أن يُقال ذلك)؛ يعني على تقدير أن أكون محبّا لأن يُقال ذلك فيَّ؛ لما فيه من اللذّة الوهميّة المعتبرة عند الجهّال.
(لتركته) أي استماع الثناء والإطراء.
(انحطاطا): وتواضعا وتصاغرا (للّه سبحانه عن تناول ما هو أحقّ به).
وقوله: (من العظمة والكبرياء) بيان للموصول.
وفيه تنبيه على أنّ حبّ استماع الإطراء يستلزم التكبّر والتعظّم، وهما في حدّ الشرك باللّه .
وفي بعض النسخ العتيقة: «ولو كنت اُحبّ أن يُقال ذلك لتناهيت له، أغنانا اللّه وإيّاكم عن تناول ما هو أحقّ به من التعاظم وحسن الثناء».
(وربّما استحلى الناس الثناء) أي وجدوه أو جعلوه حلوا.
ويحتمل أن يكون الثناء فاعل «استحلى» و«الناس» مفعوله. قال في تاج اللّغة: «الاستحلاء: شيرين آمدن».
ص: 251
(بعد البلاء) أي الفعل الحسن الجميل.
وأصل البلاء: الامتحان، والاختيار. قال ابن ميثم:
هذا يجري مجرى تمهيد العذر لمن أثنى عليه، فكأنّه يقول: وأنت معذور في ذلك حيث رأيتني اُجاهد في اللّه وأحثّ الناس على ذلك، ومن عادة الناس أن يستحلّوا الثناء عند أن يبلوا بلاءً حسنا في جهادٍ أو غيره من سائر الطاعات.
ثمّ أجاب عن هذا العذر في نفسه بقوله: (فلا تثنوا عليَّ بجميل ثناء) أي لا تثنوا عليَّ لأجل ما ترونه منّي من طاعة اللّه ؛ فإنّ ذلك إنّما هو (لإخراجي نفسي إلى اللّه ) أي إخراجٌ لنفسي إليه تعالى من حقوقه الباقية عليّ.
(لم أفرغ) بعد (من أدائها) وهي حقوق نعمه وفرائضه التي لابدّ من المضيّ فيها.
وكذلك إليكم من الحقوق التي أوجب اللّه عليّ من النصيحة في الدِّين والإرشاد إلى الطريق الأفضل والتعليم لكيفيّة سلوكه.
وفي خطّ الرضيّ رحمه الله: «من التقيّة» بالتاء، والمعنى: فإنّ الذي أفعله من طاعة اللّه إنّما هو إخراجٌ لنفسي إلى اللّه وإليكم من تقيّة الخلق فيما يجب عليَّ من الحقوق، إذ كان عليه السلامإنّما يعبد اللّه للّه غير ملتفت في شيء من عبادته وأداء واجب حقّه إلى أحدٍ سواه خوفا منه أو رغبةً إليه، وكأنّه قال: لم أفعل شيئا إلاّ وهو ذا حقّ واجب عليَّ. فإذا كان كذلك، فكيف أستحقّ أن يُثنى عليَّ لأجل إتيان الواجب بثناء جميل واُقابل بهذا التعظيم؟! وهذا من باب التواضع منه وتعليم كيفيّته و كسر للنفس عن محبّة الباطل والميل إليه، انتهى.(1)
وقال ابن أبي الحديد:
معنى قوله عليه السلام: «لإخراجي نفسي إلى اللّه وإليكم» أي لاعترافي بين يدي اللّه وبمحضر منكم أنّ عليَّ حقوقا في إيالتكم ورياستي عليكم لم أقِم بها بعدُ، وأرجو من اللّه القيام بها، انتهى.(2)
وقال بعض الأفاضل بعد نقل كلام ابن أبي الحديد:
كأنّه جعل قوله: «لإخراجي» تعليلاً لترك الثناء، لا مثنيّا عليه. ولا يخفى بُعده _ ثمّ قال: _ اعلم أنّه يحتمل أن يكون المراد بالبقيّة الإبقاء والترحّم كما قال [اللّه ] تعالى:
ص: 252
«أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ»(1) أي إخراجي نفسي من أن أبقى وأترحّم مداهنة (في حقوق لم أفرغ من أدائها).(2)
قال الفيروزآبادي: ««أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ» أي إبقاء أو فهم. وأبقيت ما بيننا: لم أبالغ في إفساده. والاسم: «البقيّة».(3)
(فلا تكلّموني بما تكلّم به) على البناء للمفعول من باب التفعيل.
(الجبابرة) جمع جبّار، وهو المتكبّر الذي لا يرى لأحدٍ عليه حقّا، وكلّ عاتٍ، والقتال في غير حقّ.
أي لا تثنوا عليَّ كما تثني على أهل الجبروت من الملوك خوفا من سطوتهم.
(ولا تتحفّظوا منّي بما يتحفّظ به عند أهل البادرة).
التحفّظ: الاحتراز، والاحتياط.
والبادرة: ما يبدو من الحدّة في الغضب من قولٍ أو فعلٍ. يُقال: أخشى بادرته وبدر منه بوادر، أي غضب.
ولعلّ المراد: ولا تحتشموا منّي كما تحتشم من السلاطين والاُمراء من أهل الجور، كترك المسارّة والحديث إجلالاً وخوفا، وترك مشاورتهم، أو إعلامهم ببعض الاُمور، وعرض الأحوال عليهم، وترك الانبساط معهم، والقيام بين أيديهم، إلى غير ذلك.
قيل: إنّما نهى عنه؛ لأنّه يوجب عُجب النفس وكبرها، ولأنّه يفوت به كثير من المصالح الدينيّة والدنيويّة.(4)
(ولا تخالطوني بالمصانعة).
في القاموس: «المصانعة: الرشوة، والمداراة، والمداهنة».(5)
ولعلّ المراد: لا تداهنوني بالمدح والإطراء وأمثالهما كما يداهن به كثيرٌ من الاُمراء والولاة الذين يستفزّهم المدح ويستخفّهم الإطراء، فيغمضون عن كثيرٍ من الحقوق مكافأة للمادح لما صنع من التزكية وإن كان نفاقا.
ص: 253
(ولا تظنّوا بي استثقالاً في حقٍّ قيل لي).
يُقال: استثقله، أي عدّه ثقيلاً. وجملة «قيل لي» صفة حقّ، أي لا تظنّوا بي أنّي أعدّ ثقيلاً ما قيل لي، أو ألتمس منّي في أمر حقّ من فعلٍ أو قول أو غيرهما، وإنّما نهى عنه لأنّ طبعه عليه السلام كان مجبولاً على سماع الحقّ وقبوله وإن كان مرّا.
(ولا التماس إعظام لنفسي).
يُقال: أعظمه إعظاما، أي فخّمه وكبّره، كعظّمه تعظيما؛ أي لا تظنّوا بي ذلك لأنّي لا ألتمسه ولا أطلبه؛ لأنّ أهل العظام هو اللّه _ عزّ وجلّ _ وأنا لا اُنازعه في كبريائه، ولا أشرك نفسي معه أبدا.
ثمّ علّل عليه السلام النهي عن هذا الظنّ بقوله: (فإنّه من استثقل الحقّ أن يُقال له، أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما) أي بالحقّ والعدل (أثقل عليه) ممّن لا يستثقله.
قيل: هذا بمنزلة قياس استثنائي يستثنى منه نقيض التالي لينتج نقيض المقدّم وهو المطلوب، تقريره: كلّ من استثقل أن يُقال له الحقّ، أو يعرض عليه العدل، كان العمل بهما أثقل عليه بالضرورة، ولكن العمل بهما ليس بثقيل عليَّ، فينتجّ أنّ كلاًّ من قول الحقّ لي وعرض العدل عليَّ ليس بثقيل.
ثمّ فرّع على قوله: «لا تظنّوا» قوله: (فلا تكفّوا) عندي (عن مقالة بحقّ، أو مشورة بعدل)؛ فإنّ في الكفّ عنهما مفاسد لا تُحصى.(1)
(فإنّي لستُ في نفسي بفوق أن اُخطى ء).
الباء زائدة، و«فوق» مضاف إلى قوله «أن أخطئ» أي لست عند نفسي في مرتبة فوق مرتبة الخطأ بأن أعتقد استحالة صدور الخطأ منّي.
(ولا آمن ذلك) أي صدور الخطأ (من فعلي).
هذا الكلام من قبيل التواضع وهضم النفس الباعث لهم على الانبساط معه عليه السلام بقول الحقّ، وعدم الاحتشام منه في ذلك، وليس اعترافا بعدم العصمة، بل عدّ نفسه من المقصّرين في مقام العبوديّة والإقرار بأنّ عصمته من نعمه تعالى، كما أشار إليه بقوله: (إلاّ أن
ص: 254
يكفي اللّه من نفسي) أي يعصمني ويدفع عنّي.
(ما هو أملك به منّي) أي أقدر على دفعه.
والموصول عبارة عن خطيئات النفس وشرورها، وهذا نظير قول يوسف عليه السلام: «إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي»(1)، وفيه إشارة إلى إسناد عصمته إلى اللّه تعالى.
وفي النهج: «إلاّ أن يكفي اللّه »(2) إلى آخره، وهو أظهر. يُقال: كفاه مؤونته.
ثمّ أشار عليه السلام إلى سبب كونه تعالى أملك وأقدر بقوله: (فإنّما أنا وأنتم) إلى قوله: (بعد العمى).
وفيه ترغيب للتمسّك بذيل ربوبيّته للارتقاء من حضيص النقص إلى أوج الكمال.
وقوله عليه السلام: (وأخرجنا) أي بإرسال الرسل وإنزال الكتب (ممّا كنّا فيه) من الجهالة وعدم العلم والمعرفة (إلى ما صَلحنا عليه) بسكون الحاء.
والصلاح: ضدّ الفساد. صلح كمنع وكرم، وتعديته ب «على» بتضمين مثل معنى الورود. والموصول عبارة عن شرف الكمال والعلم والإيمان والهداية.
(فأبدلنا بعد الضلالة) عن طريق الهدى وسبيل الحقّ (بالهدى) إليه (وأعطانا البصيرة) القلبيّة التي بها يدرك الحقّ وتميّز بينه وبين الباطل (بعد العمى) أي عمى القلب عن إدراك الحقّ؛ إذ الجهالة والضلالة كانت فاشية في أهل الأرض قبل بعثة نبيّنا صلى الله عليه و آله، وفيه حثّ على أداء شكر تلك النعمة العظيمة.
قال ابن أبي الحديد:
[ليس] هذا إشارة إلى خاصّ نفسه عليه السلام؛ لأنّه لم يكن كافرا فأسلم، ولكنّه كلام يقوله ويشير به إلى القوم الذين يخاطبهم من أفناء الناس، فيأتي بصيغة الجمع الداخلة فيها نفسه توسّعا، ويجوز أن يكون معناه: لولا ألطاف اللّه تعالى ببعثة محمّد صلى الله عليه و آله لكنت أنا وغيري على مذهب الأسلاف، انتهى.(3)
(فأجابه الرجل الذي أحابه من قبل) تصديقا لما قال عليه السلام، وإبداءً بأنّ ثناءنا عليك لما أوجب اللّه تعالى علينا من توقيرك وتعظيمك وأداءً لشكر نعمه الجليلة التي هي أنّه جعلك إمامنا
ص: 255
وهادينا ومالك سياسة اُمورنا.
(فقال: أنت أهل ما قلت) بصيغة الخطاب (واللّه ).
والموصول عبارة عن قوله عليه السلامسابقا من أنّه لا يحبّ الفخر والكبر لنفسه تعظيما لربّه، ولا يثقل قول الحقّ وعرض العدل عليه، إلى آخر ما قاله عليه السلام.
(واللّه أهل فوق ما قلته)؛ لأنّ صفاتك الجميلة وكمالاتك الجزيلة لا تبلغها الأوهام ولا تحيط بها الأفهام.
وفي بعض النسخ: «أنت أهل ما قلت واللّه فوق ما قلته».
(فبلاؤه) أي نعمه وإحسانه تعالى وحسن صنيعه.
(عندنا) بسبب وجودك وبسبب جودك.
(ما لا يكفر) بالياء على البناء للمفعول.
وفي بعض النسخ بالنون. قال الفيروزآبادي: «كفر نعمة اللّه وبها كفورا وكفرانا: جحدها، وسترها»(1) أي نعمته تعالى عندنا وافرة بحيث لا نستطيع جحدها وسترها، ولا يجوز كفرانها وترك شكرها.
(وقد حمّلك اللّه _ تبارك وتعالى _ رعايتنا).
حمّلته الرسالة تحميلاً: إذا كلّفته حملها.
وراعيته، أي لاحظته محسنا إليه. ورعيته رعاية _ بالكسر _ أي حفظته. ورعى الأمير رعيّته رعاية _ بالكسر _ أيضا: إذا حفظهم من الوقوع في الضلالة والمهلكة. والراعي: كلّ من ولّى أمر قوم وحفظهم عمّا يضرّهم أو يهلكهم.
(وولاّك) أي جعلك واليا.
(سياسة اُمورنا).
في القاموس: «سُسْتُ الرعيّة سياسة: أمرتها ونهيتها»(2) انتهى. وقيل: أصل السياسة الحفظ.
(فأصبحت علمنا الذي نهتدي به).
العلم _ بالتحريك _ : العلامة المنصوبة في الطريق ليُهتدى بها.
ص: 256
(وأمرك كلّه رشد) أي هداية إلى سبيل الخير، وإرشادٌ لنا إلى مصالحنا.
في القاموس: «رشد _ كنصر وفرح _ رَشَدا ورُشْدا ورَشادا: اهتدى».(1)
(وقولك كلّه أدب).
الأدب _ محرّكة _ : حسن التناول، والكياسة. وأدّبه: علّمه؛ يعني أنّ قولك كلّه جارٍ على وفق الآداب الشرعيّة والنواميس الإلهيّة، أو سبب لأدب النفس وتأدّبها بالآداب المستحسنة عقلاً وشرعا.
(قد قرّت بك [في] الحياة أعيننا).
يحتمل أن يكون «قرّت» قرور العين وهو سرورها. يُقال: قرّت عينه تقرّ _ بكسر القاف وفتحها _ قرّا وقرّة، وهو نقيض: سخنت عينه. وإن يكون من القرار. يُقال: قرّ بالمكان يقرّ بالفتح والكسر _ قرارا: إذا ثبت وسكن. وأقرَّ اللّه عينه: أعطاه متمنّاه حتّى تقرّ عينه، فلا تطمح إلى من هو فوقه، أي استقرّت بوجودك وبالاقتداء بك أعيننا، فلا تطمح إلى غيرك، ولا تنظر إلى الجوانب طلبا للمغيث والمنعين؛ لعدم الحاجة إليه.
(وتحيّرت من صفة ما فيك) أي من وصفه.
وقوله: (من بارع الفضل) بيان للموصول.
وقوله: (عقولنا) فاعل «تحيّرت».
واُريد بالفضل البارع الفضل الفائق على فضل الخلائق، أو الغالب على العقول لعجزها عن إدراكه الموجب لتحيّرها.
قال الجوهري: «بَرَع الرجل وبَرُعَ _ أيضا بالضمّ _ براعة، أي فاق أصحابه في العلم وغيره، فهو بارع».(2)
وقال الفيروزآبادي: «برع _ ويثلّث _ براعة وبروعا: فاق أصحابه في العلم وغيره، أو تمّ في كلّ فضيلة وجمال، فهو بارع، وهي بارعة. وبرع صاحبه: غلبه».(3)
(ولسنا نقول لك) ما قلنا من المدح والثناء.
(أيّها الإمام الصالح تزكيةً لك)؛ لعدم شائبة نقص فيك حتّى تحتاج إلى التزكية.
ص: 257
قال الجوهري: «زكّى نفسه تزكيه: مدحها. وقوله تعالى: «وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا»(1) قالوا: تطهّرهم بها».(2)
(ولا نجاوز القصد في الثناء عليك).
في القاموس: «القصد: استقامة الطريق، وضدّ الإفراط، كالاقتصاد»(3) أي لا نجاوز في مدحك طريق الاقتصاد كما يجاوزه الغلاة، فتمنعنا منه.
(ولم يكنّ في أنفسنا طعن على يقينك) إلى قوله: (أو دخلك كِبر).
يحتمل قراءة «يكُنّ» على بناء المجهول من كننت الشيء: إذا سترته، ومعناه: لا يخطر ببالنا أبدا أنّ في يقينك ضعفا، وفي دينك غشّا ونفاقا، فنخاف بما قلنا فيك من المدح والثناء أن يدخل في قلبك تجبّر وتكبّر، كما يدخلان بهما في قلب ضعيف اليقين ناقص الدِّين.
ويحتمل قراءته بفتح الياء وكسر الكاف من الوكن. قال الفيروزآبادي: «وكن الطائر بيضه [وعليه] يكَنَهُ: حضنه. وتوكّن: تمكّن. والوكن: عشّ الطائر، والسير الشديد، والجلوس»(4) انتهى.
وفي بعض النسخ: «لم يكن» وفي بعضها: «لن يكون».
ثمّ أشار إلى أنّ ثمرة ذلك القول ليست راجعة إليك حيث إنّه لا يوجب رفعا لدرجتك، بل هي راجعة إلينا؛ لأنّه يوجب قربنا إلى اللّه وتوسّعنا في الثواب وأداء شكره تعالى بإعظام أمرك بقوله: (ولكنّا نقول لك ما قلنا) من المدح والثناء (تقرّبا إلى اللّه _ عزّ وجلّ _ بتوقيرك) أي تعظيمك وتبجيلك وترزينك، حيث إنّه من أعظم القربات.
(وتوسّعا) في الفضل والثواب.
(بتفضيلك) أي بإقرارنا بفضلك على جميع الاُمّة.
(وشكرا) للّه عزّ وجلّ (بإعظام أمرك)؛ فإنّه نعمة جليلة من اللّه تعالى علينا بها.
ثمّ أشار إلى أنّه مقام التسليم له عليه السلام في جميع الاُمور بقوله: (فانظر) إلى ما ترى فيه
ص: 258
صلاحا (لنفسك ولنا) من أمر الدِّين والدّنيا.
(وآثر) أي اختر من الإيثار (أمر اللّه ) وحكمه.
(على نفسك وعلينا، فنحن طَوّع فيما أمرتنا).
الطوع _ كركع _ : جمع طائع، وهو السلس القياد الذي لا يتأتّى ما يراد منه.
(ننقاد من الاُمور مع ذلك) أي مع طاعتنا لك.
(فيما ينفعنا)؛ يعني أنّ نفس الطاعة أمرٌ مرغوبٌ فيه، ومع ذلك موجب لحصول ما ينفعنا، وهو خيرٌ لنا في عاجلنا وآجلنا.
وقال بعض الشارحين:
أي ننقاد لك فيما ينفعنا من الاُمور بالعمل به مع الطّوع والرغبة، وعدم الكراهة منه، في الفقرة الاُولى إشارة إلى الانقياد قلبا، وفي الثاني على الانقياد عملاً، وكلّ ما أمر به عليه السلام فهو نافع، فقوله: «فيما ينفعنا» لبيان الواقع لا للتقييد.(1)
(فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أنا أستشهدكم).
قال الجوهري: «استشهدت فلانا: سألته أن يشهد».(2)
(عند اللّه على نفسي) بحسن السياسة، والشفقة، والموعظة الحسنة، والنصيحة الخالصة لكم.
وقوله: (لعلمكم فيما ولّيت به من اُموركم) تعليل لتخصيص الاستشهاد بالحاضرين، ضرورة أنّ الشهادة بالشيء موقوفة على العلم بذلك الشيء، كذا قيل،(3) وعندي في ذلك نظر، وظنّي أنّ الخطاب هنا كالخطاب في قوله تعالى: «وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ»(4)، والمقصود كلّ من يصحّ منه العلم بالمشهود به، وكلمة «في» للظرفيّة توسّعا بمعنى الباء، و«ولّيت» على البناء للمفعول من التولية.
(وعمّا قليل يجمعني وإيّاكم الموقف بين يديه).
كلمة «ما» زائدة غير كافّة، كما في قوله تعالى: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللّه ِ»(5)، وإسناد الجمع على الموقف مجاز.
ص: 259
وقوله: (السؤال عمّا كنّا فيه) عطف على الموقف.
(ثمّ يشهد بعضنا على بعض) بما صدر منه من رعاية الحقوق بالنسبة إلى الخالق والمخلوق، ولما كانت الشهادة في الدُّنيا قد يقع على خلاف الواقع لغرض من الأغراض بخلاف الآخرة.
قال: (فلا تشهدوا اليوم) أي في الدُّنيا (بخلاف ما أنتم شاهدون) به (غدا) أي في الآخرة.
واستعمل اسم الفاعل هنا للاستقبال.
وقيل: «شاهدون» في موضع «تشهدون»، عدل عنه تصويرا لما يقع بصورة الواقع.
(فإنّ اللّه _ عزّ وجلّ _ لا يخفى عليه خافيةٌ) أي سريرة.
قال الفيروزآبادي: «الخافية: ضدّ العلانية، والشيء الخفي، كالخافي».(1)
(ولا يجوز عنده إلاّ مناصحة الصدور في جميع الاُمور).
مناصحة الصدور: خلوصها عن غشّ النفاق، بأن يضمر فيها خلاف ما يظهر، أو نصح الإخوان لا بمجرّد اللّسان بل نصحا مستقرّا في الصدور، وهذه المناصحة في جميع الاُمور دينيّة كانت أو دنيويّة، شهادة كانت أو عبادة.
وقيل: هذه الفقرة تعليل لقوله: «فلا تشهدوا» إلى آخره، تقريره: أنّ شهادة الآخرة من صميم القلب قطعا، وشهادة الدُّنيا إذا كانت بخلافه كانت بمجرّد اللسان مع مخالفة القلب، واللّه سبحانه عالم بما في القلوب لا يخفى عليه خافية، فلا يجوز عنده من الشهادة منّا لا يوافق القلب، بل هي نفاق وشهادة زور.(2)
وقوله: (وقد عال الذي في صدره) أي اشتدّ وتفاقم.
وفي بعض النسخ: «وقد عاله» أي غلبه، وثقل عليه، وأهمّه.
قال الفيروزآبادي: «عال أمرهم: اشتدّ وتفاقم. والشيء فلانا: غلبه، وثقل عليه، وأهمّه».(3) انتهى.
والمراد بالذي في صدره اشتداد حزنه من ضعف الدِّين وأهله، وتشتّت أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام واختلاف كلمتهم.
ص: 260
(فقال والبكاء يقطع منطقه) أي كلامه.
ووضع «يقطع» في موضع «قطع»؛ للدلالة على الاستمرار التجدّدي.
(وغصص الشجا تكسر صوته).
قال الفيروزآبادي: «الغصّة _ بالضمّ _ : الشجا. الجمع: غصص. وما اعترض في الحلق فأشرق. وأغصّ علينا الأرض: ضيّقها».(1)
وقال:
شجاه: حزنه. وأشجاه: قهره، وغلبه، وأوقعه في حزن. والشجا: ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه. شجي _ كرضى _ شجىً، ومفازة شجواء: صعبة.(2)
أقول: إضافة الغصص إلى الشجا على بعض هذه المعاني بيانيّة، وعلى بعضها لاميّة. و«تكسر» _ من الكسر، أو من التكسير _ للمبالغة.
وقوله: (إعظاما) مفعول ل «أجابه» حتّى يكون فعلاً لفاعل الفعل المعلّل به، لا ل «يقطع» ولا ل «عال» لاختلاف الفاعل.
(لخطر مرزئته) أي لعظم مصيبته.
والخطر _ بالتحريك وتقديم المعجمة _ : القدر، والمنزلة، والرفعة والإشراف على الهلاك.
والمرزئة _ بفتح الميم وتقديم المهملة وهمز اللاّم _ : المصيبة.
والضمير راجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام، ويحتمل بعيدا إرجاعه إلى القائل، وكذا ضمير «فجيعته» في قوله: (ووحشته)(3) أي همّه أو خوفه، والضمير للقائل (من كون فجيعته) أي من حصول مصيبة ووقوعها.
والفجيعة: المصيبة. ويقال: فجعه _ كمنعه _ : إذا أوجعه. وتفجّع: توجّع للمصيبة. ولعلّ تلك المرزئة والمصيبة لكون ذلك القائل عالما بقرب زمان شهادته عليه السلام، أو لما رآه من اختلاف أصحابه عليه السلامورجوع أكثرهم عنه.
وقوله: (ثمّ شكا إليه) أي إلى اللّه تعالى.
ص: 261
(هول ما أشفى عليه) أي خوف ما أشرف أمير المؤمنين عليه السلام عليه.
قال الجوهري: «أشفى على الشيء: أشرف [عليه]. وأشفى المريض على الموت».(1)
وقوله: (من الخطر العظيم) بيان للموصول، والمراد بذلك الخطر غلبة معاوية، أو شهادته عليه السلام.
(والذلّ الطويل) عطف على «الخطر العظيم».
والذلّ _ بالضمّ _ : الهوان، ولعلّ المراد به قلّة أعوانه عليه السلام.
(في فساد زمانه) بما صنع أصحاب الجمل ومعاوية وعمرو بن العاص. والضمير لأمير المؤمنين عليه السلام.
(وانقلاب جدّه).
في القاموس: «الجدّ: البخت، والحظّ، والرزق، والعظمة».(2)
وفي بعض النسخ: «حدّه» بالحاء المهملة. قال الجوهري: «الحدّ: المنع. والمحدود: الممنوع من البخت وغيره».(3)
وفي القاموس: «الحدّ من كلّ شيء: حدّته. ومنك: بأسك»(4) انتهى.
ومنهم من فسّر الحد هنا بالمرتبة.(5)
(ثمّ نصب المسألة إلى اللّه تعالى) أي أقام، أو رفع إليه حاجته.
وقوله: (بالامتنان عليه) متعلّق بالمسألة، والضمير لأمير المؤمنين عليه السلام؛ أي بأن يمتنّ ويمنع عليه.
(والمدافعة عنه) عطف على الامتنان.
قال الفيروزآبادي: «المدافعة: المماطلة، والدفع، ومنه: «إِنَّ اللّه َ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا»(6).(7)
(بالتفجّع).
الظرف حال عن فاعل «نصب». والتفجّع: التوجّع للمصيبة.
ص: 262
(وحسن الثناء) عطف على التفجّع، أي الثناء على اللّه ، أو على أمير المؤمنين عليه السلام.
والحاصل: أنّه سأل اللّه على وجه التفجّع والتضرّع دفع هذا البلاء الذي قد ظنّ وقوعها عنه عليه السلام.
(فقال) مخاطبا له عليه السلام: (يا ربّانيّ العباد).
قال الجزري:
الربّاني: منسوب إلى الربّ بزيادة الألف والنون للمبالغة. وقيل: هو من الرّبّ بمعنى التربية، كانوا يربّون المتعلّمين بصغار العلوم. وقيل: كبارها. والربّاني: العالم الراسخ في العلم، والدّين، أو الذي يطلب بعلمه وجه اللّه تعالى. وقيل: العالم المعلّم.(1)
(ويا ساكن البلاد).
[هكذا] في كثير من النسخ، وهو أظهر. قال الفيروزآبادي: «السّكَن: أهل الدار. وبالتحريك: [النار، و] ما يسكن إليه، والبركة».(2)
وقوله: (وبك جرت نِعَم اللّه علينا) أي بوجودك واجتهادك ومساعيك الجميلة في إعلاء الدِّين وتشييد أركان الإسلام والمسلمين جرت واستقرّت نِعَم اللّه علينا من الوجود والكمالات اللاّحقة به مطلقا.
(ألم تكن) بصيغة المتكلّم، والاستفهام للتقرير.
وفي بعض النسخ: «تكن» بصيغة الخطاب، والاُولى أظهر.
(لذلّ الذليل ملاذا) بتخفيف الذال وهو الملجأ، أو بتشديدها من اللذّة. والأوّل أنسب.
ولعلّ معناه على النسخة الاُولى: أنّه كان ينزل بنا ذلّ كلّ ذليل، أي كنّا في الجاهليّة وما في حكمها نذلّ بكلّ ذلّة وهوان، أو كنّا قبل أن نهتدي إلى الإسلام بهداك ملجأً وظهيرا ومحاميا للكفرة الأذلاّء. وعلى النسخة الثانية قيل: تقرير وتصديق بأنّه عليه السلام كان ملجأً للأذلاّء بالفقر أو الجهل أو الجور عليهم، حيث إنّه يدفع عنهم الذلّ بهذه المعاني.(3)
(وللعصاة الكفّار إخوانا).
الأخ من النسب معروف، ويجيء بمعنى الصديق والصاحب، والجمع: إخوان، بالكسر والضمّ.
ص: 263
قال الجوهري: «أكثر ما يستعمل الإخوان في الأصدقاء، والإخوة في الولادة».(1)
ومعناه على النسخة الاُولى ظاهر، وعلى الثانية قيل: معناه: كنت تعاشر من يعصيك ويكفر نعمتك معاشرة الإخوان شفقةً منك عليهم، أو المراد الشفقة على الكفّار والعصاة والاهتمام في هدايتهم، ويحتمل أن يكون المراد المنافقين الذين كانوا في عسكره،وكان يلزمه رعايتهم بظاهر الشرع. وقيل: المراد بالإخوان الخِوان، وهو المائدة التي يؤكل عليها الطعام.(2)
قال صاحب النهاية: «الإخوان: لغة قليلة في الخِوان الذي يوضع عليه الطعام عند الأكل».(3)
وأقول: يؤيّد هذا التوجيه أنّه وقع في بعض النسخ: «خوانا» بدل «إخوانا»، وكأنّه على النسخة الثانية شبّه أمير المؤمنين عليه السلامبالمائدة في أنّ العصاة والكفّار يأخذون من مائدة علومه فيصيرون مؤمنين.
وقيل: على النسخة الثانية الإخوان بمعنى الأسد،(4) ولم يثبت مجيئه بهذا المعنى، نعم ذكر الجوهري: «الخوان: الأسد»(5) فتأمّل.
(فبمن إلاّ بأهل بيتك وبك أخرجنا اللّه _ جلّ وعزّ _ من فظاعة تلك الخطرات).
كلمة «من» استفهاميّة. والفظاعة: الشناعة. يُقال: فظع الأمر _ ككرم _ أي اشتدّت شناعته، وجاوز المقدار في ذلك.
وفي الكلام تقديم وتأخير، أي بمن أخرجنا اللّه من شناعة تلك الاُمور الخطيرة إلاّ بك وبأهل بيتك، ولعلّ المراد بتلك الخطرات المعصية والكفر وتعاون أهلهما، ويحتمل بعيد أن يُراد بها خطرات يوم القيامة؛ لتبادرها وإن لم يسبق لها ذكرا.
(وبمن فرّج عنّا غمرات الكربات).
الغمرة: الشدّة. والكربة _ بالضمّ _ : الغمّ، والحزن الذي يأخذ بالنفس.
وقيل: الظاهر أنّ فيه حذفا، وهو الأبكم بقرينة السابق واللاّحق.(6)
ص: 264
وقال: الغمرة في الأصل ما يغمرك من الماء ويغطّيك، ثمّ كثر استعماله في الشدّة مطلقا،(1) والإضافة على تقدير إرادة الماء من الغمرة من قبيل لجين الماء، والوجه الإهلاك، وعلى
تقدير إرادة الشدّة منها لامية.
(وبمَن إلاّ بكم أظهر اللّه معالم ديننا) أي مواضع العلوم الدينيّة، وهي الشرائع النبويّة.
(واستصلح ما كان فسد من دنيانا) بسبب فساد الناس وفشوّ الجور والظلم بينهم قبل الوحي وبعد انقطاعه.
(حتّى استبان بعد الجور ذكرنا) أي نكون في عداد المذكورين بالخير والصلاح والشرف والفلاح بعد الكفر والشرّ والفساد قبل بعثة النبيّ صلى الله عليه و آله وبعد قبضه.
وفي بعض النسخ: «الحور» بالحاء المهملة. قال الفيروزآبادي: «الحَور: الرجوع، والنقصان. وبالضمّ: الهلاك، والنقص».(2)
(وقرّت من رخاء العيش أعيننا).
لا ريب أنّ القوانين العدليّة في العيش قامت بهم _ صلوات اللّه عليهم _ وارتفع كلّ ما هو سبب لضيق العيش من الجور والظلم والبغي والقتل والنهب وغيرها ممّا يخلّ بالنظام ويبدّد جمع الأنام.
قال الفيروزآبادي: «الرّخاء _ بالفتح _ : سعة العيش. رخو ككرم ودعا ورعا ورضى».(3)
والظاهر أنّ قوله: (لما ولّيتنا بالإحسان جهدك) تعليل لقوله: «أخرجنا اللّه من فظاعة تلك الخطرات» وما عطف عليه، و«ما» مصدريّة.
والتولية إمّا بمعنى الاستقبال، والباء للتعدية، أي جعلت الإحسان مستقبلاً إلينا بجهدك. قال الجوهري: «قوله تعالى: «وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا»(4) أي مستقبلها بوجهه».(5)أو بمعنى التقريب، والباء للسببيّة، أي قرّبت إلينا اجتهادك في إرشادنا لإرادتك الإحسان إلينا.
ص: 265
وقيل: أو بمعنى الإعطاء، من قولهم: أوليت معروفا، أي أعطيته.(1) وفيه نظر.
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا»(2): «أي فلنمكنّنك من استقبالها، من قولك: ولّيته كذا: إذا صيّرته واليا. أو فلنجعلنّك تلي جهتها» انتهى.(3)
وقال الجوهري:
الجَهد والجُهد: الطاقة. قال الفرّاء: الجُهد _ بالضمّ _ : الطاقة؛ والجَهد _ بالفتح _ من قولك: أجهد جهدك في هذا الأمر، أي ابلغ غايتك. ولا يُقال: أجهد جُهدك. والجَهْد؛ المشقّة،(4) انتهى.
والمراد بالجهد هنا الاجتهاد في جميع الاُمور المتعلّقة بالدّين أو الدُّنيا بقرينة المقام وحذف المتعلّق.
(ووفيت لنا بجميع عهدك).
العهد: الوصيّة، والموثّق، ورعاية الحرمة، والأمان، والذمّة، والحفاظ، والمعرفة. ولعلّ المراد هنا جميع ما اُمِرَ عليه السلامبتبليغه وإرشاده إلى الاُمّة.
(فكنت شاهد من غاب عنّا).
قيل: هو النبيّ صلى الله عليه و آله، أي تشهد له علينا بما جاء به، أو المراد بالشاهد الحاضر يعني أنّك قائم مقامه.(5)
(وخلف أهل البيت لنا).
يحتمل قراءة «خلّف» بالتشديد فعل ماض من التخليف على أن يكون معطوفا على «شاهد»، ويراد بأهل البيت حينئذٍ النبيّ وفاطمة عليهماالسلام. قال الجوهري:
الخَلْف والخَلَف: ما جاء من بعد، يُقال: هو خَلف سوء من أبيه، وخَلَف صدق من أبيه _ بالتحريك _ : إذا قام مقامه. قال الأخفش: هما سواء منهم من يحرّك ومنهم من يسكّن فيهما جميعا إذا أضاف.(6)
(وكنت عزّ ضعفائنا) أي سبب عزّهم؛ فإنّ الذي ضعف حاله وقلّ ماله من مواليه عليهم السلام
ص: 266
وعجز عن المدافعة عن نفسه وعرضه عزيز عنده يدفع عنه ما يوجب ضعفه وعجزه، ويجلب إليه ما يوجب قوّته وعزّه.
(وثمال فقرائنا).
في القاموس: «ثمال _ ككتاب _ : الغياث الذي يقوم بأمر قومه. وكمنزل: الملجأ. وثملهم: أطعمهم، وسقاهم، وقام بأمرهم».(1)
(وعماد عظمائنا) في الحال والشرف والمال؛ لأنّ بقاء عظمتهم به عليه السلاموبنصره كبقاء الخيام والبيوت بالعمود. قال الفيروزآبادي: «العمود: معروف، كالعِماد بالكسر».(2)
(يجمعنا من الاُمور عدلك).
كلمة «من» بمعنى «في» كما قيل(3) في قوله تعالى: «أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الْأَرْضِ»(4)، وفي قوله عزّ وجلّ: «إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ»(5).
ويحتمل كونها للتبعيض، أي عدلك سبب لاجتماع اُمورنا وعدم تفرّقنا في جميع الاُمور أو من بين سائر الاُمور، أو هو يحيط بجميعنا في جميع الاُمور والخيرات الدينيّة والدنيويّة،والحاصل: أنّه لولا عدلك لانتثرت اُمورنا، وتفرّق جمعنا.
(ويتّسع لنا في الحقّ تأنّيك) أي تثبّتك في الاُمور ومداراتك فيها وعدم مبادرتك في الحكم علينا بما نستحقّه سبب لتوسعة الحقّ علينا وعدم تضيّق الاُمور بنا؛ إذ الحاكم إذا كان عجولاً غضوبا يبطل نظامه ونظام الرعيّة، ويضيق عليهم اُمورهم.
(فكنت لنا اُنسا إذا رأيناك).
الاُنس _ بالضمّ وبالتحريك _ : ضدّ الوحشة، والحمل للمبالغة، أو يراد من الاُنس الأنيس، ولعلّ سبب الاُنس به أنّه عليه السلامكان في غاية الكمال في الإنسانيّة، فكانت القلوب تأنس إليه، وتفرح بمشاهدته.
(ولولا أنّ الأمر الذي نخاف عليك منه) من الموت، أو القتل، أو المغلوبيّة من الأعداء.
ص: 267
(يبلغ تحريكه) أي صرفه وإزالته وتغييره.
وفي بعض النسخ: «تحويله».
(جهدنا) أي طاقتنا، أو اجتهادنا.
(وتقوى لمدافته طاقتنا) أي قدرتنا.
قيل: أشار إلى أنّ الدفع من الطرفين إلاّ أنّ المقدّر لكونه محتوما غالب.(1)
وقوله: (ولأخطرناها) أي لأوقعنا أنفسنا وأبناءنا في الخطر والهلاك.
وقيل: أو صيّرناها خطرا ورهنا وعوضا لك.(2)
قال الجزري:
فيه: فإنّ الجنّة لا خطر لها، أي لا عوض لها ولا مثل. والخطر _ بالتحريك _ في الأصل: الرهن، وما يخاطر عليه، ومثل الشيء، وعدله، ولا يقال إلاّ في الشيء الذي له قدر ومزيّة. ومنه الحديث: إلاّ رجل يخاطر بنفسه وماله، أي يلقيهما في الهلكة بالجهاد. ومنه حديث النعمان: أنّ هؤلاء _ يعني المجوس _ قد أخطروا لكم رثة ومتاعا، وأخطرتم لهم الإسلام، المعنى أنّهم قد شرطوا لكم ذلك، وجعلوه رهنا من جانبهم، وجعلتم رهنكم دينكم.(3)
(وقلَّ خطرها دونك) أي ليس لهلاكها عند بقائك وعافيتك قدر محسوس.
(ولقُمنا بجهدنا في محاولة مَن حاولك).
المحاولة: الروم، والطلب.
(وفي مدافعة مَن ناواك).
قال الجوهري: «ناواه: عاداه، وأصله الهمز؛ لأنّه من النّوء، وهو النهوض».(4)
(ولكنّه) أي الربّ تبارك وتعالى.
(سلطانٌ) أي ملك، أو ذو سلطنة.
(لا يحاول) بفتح الواو، أي ليس لأحد أن يطلب سلطنته، أو يمنع ممّا أراده.قال الفيروزآبادي: «حاوله حِوالاً ومحاولة: رامه.
ص: 268
وكلّ ما حجز بين شيئين فقد حال بينهما».(1)
(وعزّ) أي ذو عزّ وغلبة.
(لا يزاول) على البناء للمفعول.
قال الفيروزآبادي: «زاوله مزاولة وزوالاً: عاجله، وحاوله، وطالبه».(2)
وفي هذه الفقرات إشارة إلى أنّ تلك الاُمور بقضاء اللّه وقدره، ومن سعى في رفعها وبالغ فيه فقد أراد مغالبة اللّه في تقديراته، وهو محال.
(ويتحنّن علينا بتفريح هذا من حالك).
التحنّن: الترحّم. والتفريح من الفرح بمعنى السرور.
وفي بعض النسخ بالجيم من الفرج، وهو كشف الغمّ وإزالته. وهذا إشارة إلى البلاء المظنون نزوله، أو إلى ما ذكر من العافية والبقاء.
وقوله: (بين أظهرنا) أي في وسطنا.
وقوله: (نحدث) من الإحداث.
وقوله: (نعظّمه) صفة «شكرا»، والضمير له، أو للّه .
وقوله: (نديمه) من الإدامة، والضمير للذكر.
(ونقسم) من القسمة، أو من التقسيم. يُقال: قسمه يقسمه وقسّمه، أي جزّأه.
والرقيق المملوك للواحد والجمع.
وقوله: (وإن يمض بك إلى الجنان).
«إن» بكسر الهمزة، و«يمض» من المضيّ والباء للتعدية، أو من الإمضاء والباء للتقوية.
وقوله: (ويجري عليك) من الجري، أو الإجراء.
وقوله: (حتم سبيله) مرفوع على الأوّل، ومنصوب على الثاني.
وقوله: (بلاؤه) يحتمل النعمة أيضا.
وقوله: (ولا مختلفة) أي وغير متفرّقة.
ص: 269
(مع ذلك) أي إمضائك إلى الجنان وما ذكر بعده.
(قلوبنا بأنّ اختياره لك ما عنده).
الظاهر أنّ الباء للتعليل لقوله: «ولا مختلفة»، وخبر «إنّ» محذوف، أي خيرٌ لك، أو لخبر قوله: «ما عنده»، والموصول عبارة عن المقامات العالية؛ يعني أنّه لا تختلف قلوبنا، بل تتّفق على أنّ اللّه تعالى اختار لك بإمضائك إلى نعيم الجنّة والراحة الأبديّة.
(على ما كنت فيه) من المشقّة، والجهد، والعناء، والجار متعلّق بالاختيار.
(ولكنّا نبكي من غير إثم) أي لا نأثم ولا نتحرّج على هذا البكاء؛ فإنّه من أفضل الطاعات، أو لا نقول ما يوجب الإثم وسخط الربّ.
وقوله: (لعزّ هذا السلطان) متعلّق بالبكاء وتعليل له.
وقوله: (أن يعود) بدل اشتمال له، أي نبكي لتبدّل عزّ هذا السلطان ذلاًّ. والمراد بهذا السلطان السلطنة والخلافة، أو أمير المؤمنين عليه السلام.
(وللدِّين والدُّنيا أكيلاً).
الأكيل: فعيل بمعنى الفاعل، أي نبكي لتبدّل هذا السلطان الحقّ بسلطان الجور، فيكون أكلاً للدِّين والدّنيا، فقوله: «أكيلاً» عطف على قوله: «ذليلاً»، و«للدّين» متعلّق بالأكيل.
وقيل: الأكيل بمعنى المأكول، أي مأكولاً للفاسقين، و«للدّين» عطف على قوله: «لعزّ»، و«أكيلاً» منصوب بفعل مقدّر يدلّ عليه المذكور،(1) انتهى.
وفي بعض النسخ: «لعن اللّه هذا السلطان» فلا يكون المشار إليه سلطنته عليه السلام، بل جنسها الشامل للباطل أيضا، أي لعن اللّه السلطنة التي لا تكون أنت صاحبها.
وقيل: يحتمل أن يكون اللّعن مستعملاً في أصل معناه لغةً، وهو الإبعاد، أي أبعد اللّه هذا السلطان عن أن يعود ذليلاً، ولا يخفى ما فيه من البُعد.(2)
(ولا نرى لك خلفا) أي من بين السلاطين.
(نشكوا إليه) لخروج السلطنة عن أهل البيت عليهم السلام.
ص: 270
(ولا نظيرا نأمله).
قال الجوهري: «الأمل: الرجاء. يُقال: أمل خيره يأمله أملاً، وكذلك التأميل».(1)
وقوله: (ولا نقيمه) عطف على نأمله.
و«لا» مزيدة لتأكيد النفي، أي لا نرى لك نظيرا نقيمه مقامك.
(خُطْبَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عليه السلام)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ جَمِيعا، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ؛
وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّيْمِيِّ ؛
وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ جَمِيعا ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَيْفَرٍ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَرِيرٍ الْعَبْدِيِّ ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ ، قَالَ :
أَتى أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ عليه السلام عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ وَ وُلْدُ أَبِي بَكْرٍ ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَطْلُبُونَ مِنْهُ التَّفْضِيلَ لَهُمْ ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَمَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ :
«الْحَمْدُ لِلّهِ وَلِيِّ الْحَمْدِ ، وَمُنْتَهَى الْكَرَمِ ، لاَ تُدْرِكُهُ الصِّفَاتُ ، وَلاَيُحَدُّ بِاللُّغَاتِ ، وَلاَ يُعْرَفُ بِالْغَايَاتِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَ أَنَّ مُحَمَّدا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آلهنَبِيُّ الْهُدَى ، وَمَوْضِعُ التَّقْوَى ، وَرَسُولُ الرَّبِّ الْأَعْلَى ، جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ ، لِيُنْذِرَ بِالْقُرْآنِ الْمُبِينِ(2) ، وَالْبُرْهَانِ الْمُسْتَنِيرِ(3) ، فَصَدَعَ بِالْكِتَابِ الْمُبِينِ ، وَمَضَى عَلَى مَا مَضَتْ عَلَيْهِ الرُّسُلُ الْأَوَّلُونَ .
أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ فَلاَ تَقُولَنَّ(4) رِجَالٌ قَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا غَمَرَتْهُمْ ، فَاتَّخَذُوا الْعَقَارَ ، وَفَجَّرُوا الْأَنْهَارَ ، وَرَكِبُوا أَفْرَهَ الدَّوَابِّ ، وَلَبِسُوا أَلْيَنَ(5) الثِّيَابِ ، فَصَارَ ذلِكَ عَلَيْهِمْ عَارا وَشَنَارا إِنْ لَمْ يَغْفِرْ لَهُمُ الْغَفَّارُ ، إِذَا مَنَعْتُهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ يَخُوضُونَ ، وَصَيَّرْتُهُمْ إِلى مَا يَسْتَوْجِبُونَ ، فَيَفْقِدُونَ ذلِكَ فَيَسْأَلُونَ وَيَقُولُونَ : ظَلَمَنَا ابْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَحَرَمَنَا وَمَنَعَنَا حُقُوقَنَا ، فَاللّهُ عَلَيْهِمُ الْمُسْتَعَانُ ؛ مَنِ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا ، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا ، وَآمَنَ بِنَبِيِّنَا ، وَشَهِدَ شَهَادَتَنَا ، وَدَخَلَ فِي دِينِنَا ، أَجْرَيْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ
ص: 271
الْقُرْآنِ وَحُدُودَ الاْءِسْلاَمِ .
لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلاَّ بِالتَّقْوى ، أَلاَ وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ اللّهِ تَعَالى أَفْضَلَ الثَّوَابِ ، وَأَحْسَنَ الْجَزَاءِ وَالْمَآبِ ، لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ الدُّنْيَا لِلْمُتَّقِينَ ثَوَابا ، وَمَا عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ، انْظُرُوا أَهْلَ دِينِ اللّهِ فِيمَا أَصَبْتُمْ فِي كِتَابِ اللّهِ ، وَتَرَكْتُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَجَاهَدْتُمْ بِهِ فِي ذَاتِ اللّهِ ، أَ بِحَسَبٍ ، أَمْ بِنَسَبٍ ، أَمْ بِعَمَلٍ ، أَمْ بِطَاعَةٍ ، أَمْ زَهَادَةٍ ، وَفِيمَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ رَاغِبِينَ ، فَسَارِعُوا إِلى مَنَازِلِكُمْ _ رَحِمَكُمُ اللّهُ _ الَّتِي أُمِرْتُمْ بِعِمَارَتِهَا ، الْعَامِرَةِ الَّتِي لاَ تَخْرَبُ ، الْبَاقِيَةِ الَّتِي لاَ تَنْفَدُ ، الَّتِي دَعَاكُمْ إِلَيْهَا ، وَحَضَّكُمْ عَلَيْهَا ، وَرَغَّبَكُمْ فِيهَا ، وَجَعَلَ الثَّوَابَ عِنْدَهُ عَنْهَا ، فَاسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللّهِ _ عَزَّ ذِكْرُهُ _ بِالتَّسْلِيمِ لِقَضَائِهِ ، وَالشُّكْرِ عَلى نَعْمَائِهِ ، فَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِهذَا فَلَيْسَ مِنَّا وَلاَ إِلَيْنَا ، وَإِنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِحُكْمِ اللّهِ ، وَلاَ خَشْيَةَ عَلَيْهِ مِنْ ذلِكَ ، أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
وَ فِي نُسْخَةٍ : «وَلاَ وَحْشَةَ ، وَأُولئِكَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَهُمْ يَحْزَنُونَ».
وَقَالَ : «وَقَدْ عَاتَبْتُكُمْ بِدِرَّتِيَ الَّتِي أُعَاتِبُ بِهَا أَهْلِي فَلَمْ تُبَالُوا ، وَضَرَبْتُكُمْ بِسَوْطِيَ الَّذِي أُقِيمُ بِهِ حُدُودَ رَبِّي فَلَمْ تَرْعَوُوا ، أَ تُرِيدُونَ أَنْ أَضْرِبَكُمْ بِسَيْفِي؟ أَمَا إِنِّي أَعْلَمُ الَّذِي تُرِيدُونَ ، وَيُقِيمُ أَوَدَكُمْ ، وَلكِنْ لاَ أَشْتَرِي صَلاَحَكُمْ بِفَسَادِ نَفْسِي ، بَلْ يُسَلِّطُ اللّهُ عَلَيْكُمْ قَوْما ، فَيَنْتَقِمُ لِي مِنْكُمْ ، فَلاَ دُنْيَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ، وَلاَ آخِرَةَ صِرْتُمْ إِلَيْهَا ، فَبُعْدا وَسُحْقا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ» .
السند مجهول.
قوله: (ولد أبي بكر) الظاهر أنّه عبد الرحمن بن الملعون.
(يطلبون منه التفضيل لهم) أي على سائر الناس في العطايا وغيره.
(الحمد للّه وليّ الحمد).
الوليّ: ضدّ العدوّ. وقيل: المراد بوليّ الحمد هنا مستحقّ حقيقة الحمد، أو جميع أفراده؛ لأنّ المحامد كلّها له، أو منه.(1)
وقيل: أي الأولى به، أو المتولّي لحمد نفسه، كما ينبغي له بإيجاد ما يدلّ على كماله
ص: 272
واتّصافه بجميع المحامد، وبتلقين ما يستحقّ من الحمد أنبيائه وحججه عليهم السلام، وإلهام محبّيه وتوفيقهم للحمد.(1)
(ومنتهى الكرم).
قيل: أي الشرف، وكونه منتهاه لأنّ الشرف كلّه ينتهي إليه؛ أمّا شرف الذات والصفات والوجود على الإطلاق فظاهر، وأمّا الشرف بالإضافة فهو منه وإليه.(2)
وقيل: أي ينتهي إليه كلّ جود وكلّ كرم؛ لأنّه موجد النِّعم، والموفّق لبذلها، أو هو المتّصف بأعلى مراتب الكرم والمولي بجلائل النِّعم، ويحتمل أن يكون الكرم بمعنى الكرامة والجلالة على الوجهين السابقين.(3)
(لا تدركه الصفات).
لعلّ المراد توصيفات الواصفين، أو صفات المخلوقين.
وقيل: عدم إدراك الصفات له لأنّه تعالى لا صفة له زائدة على ذاته، وكلّ ما له من صفات الكمال فهو راجع إلى سلب ضدّه عنه.(4)
(ولا يحدّ باللّغات)؛ إذ ليس له حدّ حقيقي ولا رسمي، فلا يمكن حدّه باللّغات المختلفة والألفاظ المتفاوتة جدّا المترقّية على حدّ الكمال.
وقيل: يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ الأسماء الحسنى غيره، كما مرّ في الاُصول.(5)
(ولا يعرف بالغايات) أي النهايات، والحدود الجسمانيّة أو العقليّة، أو ليس له نهاية لا في وجوده ولا في علمه وقدرته ولا في سائر صفاته، أو لا يعرف بما هو غاية أفكار المتفكّرين.
وقيل: يمكن أن يكون الغرض سلب الإمكان الخاصّ عنه تعالى بناءً على أنّ لوجود كلّ ممكن غاية مقصودة، وهو بدونها ليس هو، وليس لوجود الواجب غاية.(6)
(نبيّ الهدى) أي بعث للهداية والإرشاد وموضع التقوى؛ لكونه صلى الله عليه و آلهمنبعها ومعدنها.
ص: 273
(ورسول الرّب الأعلى) من إدراك العقول ذاته ونيل الأوهام صفاته، أو من حيث الرتبة والشرف.
(فصدع بالكتاب المبين).
قال الجوهري:
الصّدع: الشقّ. وصدعت الشيء: أي أظهرته، وبيّنته. ويُقال: صدعت بالحقّ: إذا تكلّمت به جهارا. وقوله تعالى: «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ»(1). قال الفرّاء: أراد فاصدع بالأمر، أي أظهر دينك.(2)
وقال الفيروزآبادي:
قوله تعالى: «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ»أي شقّ جماعاتهم بالتوحيد، أو أجهر بالقرآن، أو أظهر، أو احكم بالحقّ، وافصل بالأمر، أو اقصد بما تؤمر، أو افرق [به] بين الحقّ والباطل.(3)
وقال الجوهري: «بانَ الشيء بيانا: اتّضح. وكذلك أبان الشيء فهو مبين. وأبنته أنا: أي أوضحته».(4)
وقوله: (فلا تقولنّ رجال).
قيل: الظاهر أنّ قوله: «رجال» فاعل «لا تقولنّ» وما ذكر بعده إلى قوله عليه السلام: «ويقولون»صفات تلك الرجال، وقوله: «ظلمنا ابن أبي طالب» مقول القول، وقوله: «يقولون» تأكيد للقول المذكور في أوّل الكلام، وإنّما أتى به لكثرة الفاصلة بين العامل والمعمول.
ويحتمل أن يكون مقول القول محذوفا يدلّ عليه قوله: «ظلمنا ابن أبي طالب».
وقال الفاضل الإسترآبادي:
مفعوله محذوف بتقدير الكلام: فلا تقولنّ ما قلتم من طلب التفضيل وغيره (رجال كانت الدُّنيا غمرتهم) في زمن الخلفاء الثلاثة إذا منعتهم ما كانوا يأخذون، وأعطيتهم ما يستوجبون، فيصرفون ما أعطيتهم، ويسألون الزيادة عليه، ويقولون: ظلمنا ابن أبي طالب، انتهى.(5)
ص: 274
وأقول: يمكن أن ينزّل «يقولّن» منزلة اللاّزم، ويكون المقصود النهي عن حقيقة القول. ويحتمل كونه من التقوّل بحذف إحدى التائين. قال الجوهري: «تقوّل عليه: أي كذب».(1)
وفي بعض النسخ: «رجالاً» بالنصب. قيل: ولعلّ فيه حينئذٍ حذفا، أي لا تقولنّ أنتم نعتقد أو نتولّى رجالاً صفتهم كذا وكذا.(2)
(قد كانت الدُّنيا غمرتهم).
يقال: غمره الماء كنصر غمرا، أي غطّاه. وغمرة الشيء: شدّته، ومزدحمه.
(فاتّخذوا العقار) بالفتح، وهو الأرض، والضياع، والنخل، ومتاع البيت.
(وركبوا أفره الدوابّ).
قال الجزري: «دابّة فارهة، أي نشيطة حادّة قويّة».(3)
(ولبسوا ألين الثياب).
قال الجوهري: «اللّين: ضدّ الخشونة. وشيء ليّن ولَيْن مخفّف منه».(4)
وقوله: (عارا وشنارا).
العار: كلّ شيء لزم به عيب. والشنار _ بالفتح _ : أقبح العيب والعار، وأمر المشهور بالشنعة.
(إذا منعتهم) بصيغة المتكلّم، والظرف متعلّق ب «لا تقولنّ»، أو بصيغة الغائبة، والمستتر فيها للدّنيا. و«إذا» ظرف لقوله: «لم يغفر»، أو لمتقدّر. وكذا «صيّرتهم».
(ما كانوا فيه يخوضون) من أمر الدُّنيا، وطلب الزيادة في قسمة الأموال والعطايا.
وأصل الخوض الدخول في الماء، والاقتحام في الغمرات. وقالوا في قوله تعالى: «وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ»(5) أي في الباطل.(6)
(وصيّرتهم إلى ما يستوجبون).
إن قرئ «صيّرتهم» بصيغة المتكلّم، فالمراد بالموصول ما يستحقّون من التأديب،
ص: 275
والأمر بالإعراض عن زخارف الدُّنيا، والإقبال على الآخرة وأسبابها، والرضا بالقسمة في السّهام والعطايا.
وإن قرئ بصيغة الغيبة، فالموصول عبارة عمّا يستحقّون من التعذيب في العُقبى.
هذا، ولكن التفريع بقوله: (فيفقدون ذلك فيسألون) يؤيّد الأوّل. يُقال: فقده _ كضربه _ : إذا عدمه.
ولعلّ ذلك إشارة إلى ما يشتهون من طلب الفضل، وكونهم مغمورين في الدُّنيا ومشتهياتها، فلا يقبلون ما ذكر ممّا يستوجبون، وفي السؤال عمّا يشتهيهم يبالغون.
(فاللّه عليهم المستعان) فيما يقولون، وما يفترون.
ثمّ أشار عليه السلام من باب الاستئناف بقوله: (من استقبل قبلتنا) إلى قوله: (وحدود الإسلام) إلى أنّه عليه السلام يجري عليهم أحكام القرآن وحدود الإسلام البتّة شاؤوا أو أبوا، والمراد بالشهادة في قوله: (وشهد شهادتنا) المشهود به، أو شهد كشهادتنا.
ثمّ دفع ما توهّموه من فضلهم على غيرهم بقوله: (ليس لأحد على أحد فضل إلاّ بالتقوى)، فالتقيّ وإن كان عبدا حبشيّا أفضل من غيره وإن كان سيّدا قرشيّا.
وقوله: (ألا وأنّ للمتّقين عند اللّه أفضل الثواب) حثّ على التقوى وترك سنن الجاهليّة لا حقيقة لها.
(وأحسن الجزاء والمآب) كما قال عزّ وجلّ: «وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الْأَبْوَابُ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الْأَبْوَابُ»(1) الآية.
ثمّ أشار إلى تسلية المتّقين تعريضا على الفاسقين بقوله: (لم يجعل اللّه _ تبارك وتعالى _ الدُّنيا للمتّقين ثوابا)؛ لاحتقارها وقلّتها وعدم بقائها.
(وما عند اللّه ) من الأجر الجليل والثواب الجزيل الدائم بدوام الأبد (خيرٌ للأبرار) ممّا ركن إليه الأشرار من الزهرات الحاضرة الفانية القليلة السريعة الزوال.
والحاصل: أنّه ليس الفضل والكرم عن اللّه إلاّ بالتقوى، وجزاء التقوى ليس إلاّ في العُقبى، ولم يجعل اللّه جزاء عمل المتّقين التفضيل في القسم وعطايا الدُّنيا.
ص: 276
(انظروا أهل دين اللّه ) أي إلى أهل دين اللّه .
قال الفيروزآبادي: «نظره _ كضربه(1) وسمعه _ وإليه نظرا: تأمّله بعينه»(2) انتهى. فلا حاجة إلى ما ارتكبه بعضهم من أنّ التقدير: يا أهل دينه.
وفي بعض النسخ: «إلى أهل دين اللّه »، وهو يؤيّد ما ذكرناه.
(فيما) قيل: أي السّهام والعطايا والأموال التي (أصبتم) أي أخذتم وتملّكتم كما فرض وقرّر لكم من غير زيادة ونقصان.
(في كتاب اللّه ) أي في القرآن، أو في حكم اللّه وتقديره.
قال الفيروزآبادي: «الكتاب: ما يكتب فيه، والفرض، والحكم، والقَدَر».(3)
(وتركتم عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله) أي وانظروا في الأموال التي تركتموها عند رسول اللّه صلى الله عليه و آلهولم تأخذوها؛ لعدم نصيبكم فيها، أو لمصلحةٍ اُخرى.
وقيل: المراد بقوله: «فيما أصبتم في كتاب اللّه » نعوت الأنبياء والأولياء الذين ذكرهم اللّه في القرآن، أو مواعيده الصادقة على الأعمال الصالحة، وبقوله: (تركتم عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله) صفاته الحسنة وصفات أصحابه وما كان يرتضيه صلى الله عليه و آله من ذلك له ضمان الرسول لهم المثوبات على الصالحات كأنّه وديعة لهم عنده صلى الله عليه و آله.(4)
(وجاهدتم به).
قيل: أي انظروا فيما جاهدتم به من أموالكم وأنفسكم وأنصبائكم التي أنفقتموها.(5)
(في ذات اللّه ) وطلب مرضاته.
وقيل: أي فيما جاهدتم بسببه، وهو ما رأيتم من فضله وكماله صلى الله عليه و آله، أو ما سمعتم من المثوبات عليه.(6)
وقوله: (أبحسب، أم بنسب) إلى آخره، استفهام إنكار، أي لم تكن تلك الاُمور بالحسب
ص: 277
والنسب، بل بالعمل والطاعة والزهادة.
قال الفيروزآبادي: «زهد فيه _ كمنع وسمع وكرم _ ضدّ رغب، زهدا وزهادة، أو الزهادة في الدُّنيا والزهد في الدِّين».(1)
(وفيما أصبحتم فيه راغبين).
قيل: أي انظروا فيما أصبحتم وصرتم راغبين فيه، هل يشبه ما رأيتم وعهدتم ممّا تقدّم ذكره، أو انظروا أيّهما أصلح لأن يرغب فيه.(2)
وقيل: أي انظروا أيضا فيما أصبحتم فيه راغبين هل هو ذاك الذي أصبتم في كتاب اللّه ؛ يعني ليس هو بذاك وإنّما هو الدُّنيا وزهرتها.(3)
وقيل: أي انظروا أيضا في الحالة والطريقة التي أصبحتم اليوم فيه راغبين، وادّعيتم غير سنّة الأوّلين، وهو التفاوت في الانصباء بالحسب والنسب.(4)
وبالجملة أحوالكم في هذا اليوم على خلافها في عهد النبيّ صلى الله عليه و آله، حيث إنّ ما أصبتم في عهده صلى الله عليه و آله من العطيّة، وما لم تصيبوا منها وتركتموه عنده إنّما كان باعتبار العمل للّه والطاعة له ولرسوله، لا باعتبار الحسب والنسب، وكذا ما أنفقتموه في الجهاد من أموالكم وأنفسكم كان لأجل زهادتكم في الدُّنيا، واليوم صرتم راغبين في طلب الزيادة والميل إلى الدُّنيا وترك الزهد فيها، فانظروا في التفاوت بين الحالتين، واختاروا ما هو خيرٌ لكم وأبقى، انتهى.(5)
(فسارعوا إلى منازلكم التي اُمرتم) في الدُّنيا (بعمارتها) بالأعمال الصالحة، والرفض عن زهرات الدُّنيا وزينتها الفانية؛ فإنّ السرعة إليها تستلزم السرعة إلى الأسباب المؤدّية إليها.
وقوله: (العامرة) بالجرّ صفة ل «منازلكم».
(التي لا تخرب) عمارتها.
وقوله: (وحضّكم عليها).
قال في النهاية: «الحضّ على الشيء: الحثّ عليه».(6)
ص: 278
وضمير التأنيث في قوله: (وجعل الثواب عنده عنها) راجع إلى المنازل. ولعلّ المراد بها الأعمال التي توصل إليها.
وقيل: لعلّ كلمة «عن» بمعنى «من» للتبعيض.(1)
(فاستتمّوا نِعَم اللّه عزّ ذكره).
في القاموس: «استتمّه: جعله تماما. واستتمّ النعمة: سأل إتمامها».(2)
والمراد بالنعم ما أنعم اللّه من الإقرار بالتوحيد والرسالة والولاية وغيرها من النِعَم الدينيّة والدنيويّة.
(بالتسليم لقضائه) أي الانقياد له، وعدم استثقاله وإن خفي سرّه، والشكر على نعمائه.
قال الجوهري: «النعمة: اليد، والصنيعة، والمنّة، وما أنعم به عليك، وكذلك النعمى، فإن فتحت النون مددت نقلت النعماء والنعيم مثله».(3)
(فمن لم يرض بهذا) أي بالتسليم بالقضاء، والشكر على النعماء.
(فليس منّا) أي من أهل ديننا وسنّتنا في الدُّنيا.
(ولا إلينا) أي ولا يرجع إلينا في الآخرة.
(وإنّ الحاكم) منّا أو الحاكم الكامل في الحكومة، والمآل واحد.
(يحكم بحكم اللّه )؛ فمن لم يرض بحكمه فليس من حزب ذلك الحاكم، فالفاء للتعليل.
(ولا خشية عليه من ذلك).
قيل: أي لا يخشى على الحاكم العدل _ أي الإمام _ أن يترك حكم اللّه ، ولا يجوز أن يظنّ ذلك به، أو لا يخشى الحاكم بسبب العمل بحكم اللّه من أحد، أو أن يكون معاقبا بذلك عند اللّه .(4)
وقيل: أي لا خشية على الحاكم من عدم الرضا بحكمه؛ إذ ضرره يعود إلى التارك، لا إليه.(5)
ص: 279
(اُولئك هم الملفحون) إشارة إلى المسارعين إلى الإجابة الراضين بقضائه، أو إلى الحكّام المفهوم من الحاكم.
(وفي نسخة: ولا وحشة) ومعناه أنّه إذا عمل الحاكم بحكم اللّه لا يستوحش من مفارقة رعيّته عنه بسبب ذلك، أو لا يستوحش لأجل تزلزله في حكمه وعدم رسوخه فيه.
والظاهر أنّ تلك النسخة إلى قوله: (اُولئك لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون) بدل من قوله:
«ولا خشية عليه من ذلك اُولئك هم المفلحون».
وقال بعض الشارحين: «إنّ تلك النسخة نسخة الجمع بعد قوله: هم المفلحون» وقال: «قوله: ولا وحشة، معطوف على قوله: ولا خشية».(1)
وقوله عليه السلام: (وقد عاتبتكم بدرّتي) إلى قوله: (أن أضربكم بسيفي).
العتاب: مذاكرة المُوجِدَة، وتواصف الغضب. والدِرّة _ بالكسر _ : التي يضرب بها.
وقال الفيروزآبادي: «السوط: الخَلط، والمقرعة؛ لأنّها تخلّط اللّحم بالدّم».(2)
أقول: يظهر من هذا الخبر أنّ السوط أعظم وأشدّ من الدرّة.
وقال الجزري:
فيه: لا يرعوى، أي لا ينكفّ ولا ينزجر. وقد ارعوى عن القبيح يرعوي إرعواء. وقيل: الإرعواء: الندم على الشيء، والانصراف عنه وتركه.(3)
وقوله عليه السلام: (ويقيم أودَكم) عطف على «تريدون».
الأوَد _ محرّكة _ : العوج. وبالتسكين: الإعوجاج. يُقال: أود الشيء _ كعلم _ أَودا: اعوجّ. وأداه: حناه، وعطفه.
(ولكن لا أشتري صلاحكم بفساد نفسي).
قال الفيروزآبادي: «شراه يشريه: ملكه بالبيع، وباعه، كاشترى، فيهما ضدّ».(4)
ولعلّ المراد بصلاحهم ما يرونه صلاحا بزعمهم عن مشتهيات أنفسهم، وبفساده عليه السلاممتابعتهم في ذلك والمجاراة والمماشاة معهم في ذلك وعدم منعهم منه. والحاصل أنّي لا أطلب صلاحكم بالظلم والجور وبما لم يأمرني ربّي، فأكون قد أصلحتكم بإفساد نفسي.
ص: 280
(بل يسلّط اللّه عليكم قوما فينتقم لي منكم) إشارة إلى تسليط الظلمة والجبابرة عليهم من بنى اُميّة والحجّاج وغيرهم حتّى فعلوا بهم ما فعلوا.
(فلا دنياكم استمتعتم بها)؛ لكونكم مغلوبين مقهورين في أيّام دولتهم، أو لأنّهم يقتلونكم فلا تستمتعون من العيش والدّنيا.
(ولا آخرة لكم صرتم إليها)؛ لعدم متابعتكم لحكم اللّه ، ومخالفتكم لوليّ الأمر، وذلك هو الخسران المبين.
(فبعدا وسحقا لأصحاب السعير).
قيل: أي هلاكا لهم. ونصبه بفعل من جنسه.
قال الفيروزآبادي: «البُعد: معروف، والموت، وفعلهما ككرم وفرح، بُعدا وبَعَدا له: أبعدهُ اللّه . والبُعد والبِعاد: اللّعن. وأبعده اللّه : نحّاه عن الخير، ولعنه».(1)
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «فَسُحْقا لاَِصْحَابِ السَّعِيرِ»(2): «فأسحقهم اللّه سحقا، أي أبعدهم من رحمته».(3)
وقال الجوهري: «السُّحْق _ بالضمّ _ : البُعد. يُقال: سُحقا له، وكذلك السُّحُق مثل عُسر وعُسُر. وأسحقه اللّه ، أي أبعده»(4) انتهى.
والسّعير: النار، أو لهبها.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ؛ وَأَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ ، عَنْ جَمِيلٍ ، عَنْ زُرَارَةَ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : سَأَلَهُ حُمْرَانُ ، فَقَالَ : جَعَلَنِيَ اللّهُ فِدَاكَ ، لَوْ حَدَّثْتَنَا مَتى يَكُونُ هذَا الْأَمْرُ فَسُرِرْنَا بِهِ؟
فَقَالَ : «يَا حُمْرَانُ ، إِنَّ لَكَ أَصْدِقَاءَ وَ إِخْوَانا وَمَعَارِفَ ، إِنَّ رَجُلاً كَانَ فِيمَا مَضى مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَكَانَ
ص: 281
لَهُ ابْنٌ لَمْ يَكُنْ يَرْغَبُ فِي عِلْمِ أَبِيهِ ، وَلاَ يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ ، وَكَانَ لَهُ جَارٌ يَأْتِيهِ وَيَسْأَلُهُ وَيَأْخُذُ عَنْهُ ، فَحَضَرَ الرَّجُلَ الْمَوْتُ ، فَدَعَا ابْنَهُ ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ تَزْهَدُ فِيمَا عِنْدِي ، وَتَقِلُّ رَغْبَتُكَ فِيهِ ، وَلَمْ تَكُنْ تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ ، وَلِي جَارٌ قَدْ كَانَ يَأْتِينِي وَيَسْأَلُنِي وَيَأْخُذُ مِنِّي وَيَحْفَظُ عَنِّي ، فَإِنِ احْتَجْتَ إِلى شَيْءٍ فَأْتِهِ ، وَعَرَّفَهُ جَارَهُ ، فَهَلَكَ الرَّجُلُ ، وَبَقِيَ ابْنُهُ .
فَرَأى مَلِكُ ذلِكَ الزَّمَانِ رُؤيَا ، فَسَأَلَ عَنِ الرَّجُلِ ، فَقِيلَ لَهُ : قَدْ هَلَكَ ، فَقَالَ الْمَلِكُ : هَلْ تَرَكَ وَلَدا؟ فَقِيلَ(1) لَهُ : نَعَمْ ، تَرَكَ ابْنا ، فَقَالَ : ائْتُونِي بِهِ ، فَبُعِثَ إِلَيْهِ لِيَأْتِيَ الْمَلِكَ ، فَقَالَ الْغُلاَمُ : وَاللّهِ ، مَا أَدْرِي لِمَا يَدْعُونِي الْمَلِكُ وَمَا عِنْدِي عِلْمٌ ، وَلَئِنْ سَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ لَأَفْتَضِحَنَّ ، فَذَكَرَ مَا كَانَ أَوْصَاهُ أَبُوهُ بِهِ(2) ، فَأَتَى الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ الْعِلْمَ مِنْ أَبِيهِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ بَعَثَ إِلَيَّ يَسْأَلُنِي ، وَلَسْتُ أَدْرِي فِيمَ(3) بَعَثَ إِلَيَّ ، وَقَدْ كَانَ أَبِي أَمَرَنِي أَنْ آتِيَكَ إِنِ احْتَجْتُ إِلى شَيْءٍ .
فَقَالَ الرَّجُلُ : وَلكِنِّي أَدْرِي فِيمَا بَعَثَ إِلَيْكَ ، فَإِنْ أَخْبَرْتُكَ ، فَمَا أَخْرَجَ اللّهُ لَكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، فَاسْتَحْلَفَهُ وَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ أَنْ يَفِيَ لَهُ ، فَأَوْثَقَ لَهُ الْغُلاَمُ .
فَقَالَ : إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَكَ عَنْ رُؤيَا رَآهَا أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقُلْ لَهُ : هذَا زَمَانُ الذِّئْبِ .
فَأَتَاهُ الْغُلاَمُ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : هَلْ تَدْرِي لِمَا(4) أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ : أَرْسَلْتَ إِلَيَّ تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي عَنْ رُؤيَا رَأَيْتَهَا أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : صَدَقْتَ ، فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقَالَ لَهُ : زَمَانُ الذِّئْبِ ، فَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ ، فَقَبَضَهَا الْغُلاَمُ ، وَانْصَرَفَ إِلى مَنْزِلِهِ ، وَأَبى أَنْ يَفِيَ لِصَاحِبِهِ ، وَقَالَ : لَعَلِّي لاَ أُنْفِدُ هذَا الْمَالَ ، وَلاَ آكُلُهُ حَتّى أَهْلِكَ ، وَلَعَلِّي لاَ أَحْتَاجُ ، وَلاَ أُسْأَلُ عَنْ مِثْلِ هذَا الَّذِي سُئِلْتُ عَنْهُ ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللّهُ .
ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ رَأى رُؤيَا ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَدْعُوهُ ، فَنَدِمَ عَلى مَا صَنَعَ ، وَقَالَ : وَاللّهِ مَا عِنْدِي عِلْمٌ آتِيهِ بِهِ ، وَمَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِصَاحِبِي ، وَقَدْ غَدَرْتُ بِهِ وَلَمْ أَفِ لَهُ ، ثُمَّ قَالَ : لآَتِيَنَّهُ عَلى كُلِّ حَالٍ ، وَلَأَعْتَذِرَنَّ إِلَيْهِ ، وَلَأَحْلِفَنَّ لَهُ ، فَلَعَلَّهُ يُخْبِرُنِي .
فَأَتَاهُ ، فَقَالَ(5) : إِنِّي قَدْ صَنَعْتُ الَّذِي صَنَعْتُ ، وَلَمْ أَفِ لَكَ بِمَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، وَتَفَرَّقَ مَا كَانَ فِي
ص: 282
يَدِي وَقَدِ احْتَجْتُ إِلَيْكَ ، فَأَنْشُدُكَ اللّهَ أَنْ لاَ تَخْذُلَنِي(1) وَأَنَا أُوثِقُ لَكَ أَنْ لاَ يَخْرُجَ لِي شَيْءٌ إِلاَّ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيَّ الْمَلِكُ ، وَلَسْتُ أَدْرِي عَمَّا يَسْأَلُنِي .
فَقَالَ : إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَكَ عَنْ رُؤيَا رَآهَا أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقُلْ لَهُ : إِنَّ(2) هذَا زَمَانُ الْكَبْشِ .
فَأَتَى الْمَلِكَ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : لِمَا(3) بَعَثْتُ إِلَيْكَ ، فَقَالَ : إِنَّكَ رَأَيْتَ رُؤيَا ، وَإِنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي : أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقَالَ لَهُ : صَدَقْتَ ، فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقَالَ : هذَا زَمَانُ الْكَبْشِ ، فَأَمَرَ لَهُ بِصِلَةٍ ، فَقَبَضَهَا وَانْصَرَفَ إِلى مَنْزِلِهِ ، وَتَدَبَّرَ(4) رَأْيَهُ فِي أَنْ يَفِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ لاَ يَفِيَ(5) ، فَهَمَّ مَرَّةً أَنْ يَفْعَلَ ، وَمَرَّةً أَنْ لاَيَفْعَلَ ، ثُمَّ قَالَ : لَعَلِّي أَنْ لاَأَحْتَاجَ إِلَيْهِ بَعْدَ هذِهِ الْمَرَّةِ أَبَدا ، وَأَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى الْغَدْرِ وَتَرْكِ(6) الْوَفَاءِ ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللّهُ .
ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ رَأى رُؤيَا ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ ، فَنَدِمَ عَلى مَا صَنَعَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ ، وَقَالَ بَعْدَ غَدْرٍ مَرَّتَيْنِ : كَيْفَ أَصْنَعُ وَلَيْسَ عِنْدِي عِلْمٌ؟ ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلى إِتْيَانِ الرَّجُلِ ، فَأَتَاهُ فَنَاشَدَهُ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ هذِهِ الْمَرَّةَ يَفِي لَهُ(7) ، وَأَوْثَقَ لَهُ ، وَقَالَ : لاَتَدَعْنِي عَلى هذِهِ الْحَالِ ، فَإِنِّي لاَأَعُودُ إِلَى الْغَدْرِ ، وَسَأَفِي لَكَ ، فَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ . فَقَالَ : إِنَّهُ يَدْعُوكَ يَسْأَلُكَ عَنْ رُؤيَا رَآهَا أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَإِذَا سَأَلَكَ ، فَأَخْبِرْهُ أَنَّهُ زَمَانُ الْمِيزَانِ» . قَالَ : «فَأَتَى الْمَلِكَ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : لِمَ بَعَثْتُ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ : إِنَّكَ رَأَيْتَ رُؤيَا ، وَتُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي : أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقَالَ : صَدَقْتَ ، فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ قَالَ(8) : هذَا زَمَانُ الْمِيزَانِ ، فَأَمَرَ لَهُ بِصِلَةٍ ، فَقَبَضَهَا ، وَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى الرَّجُلِ ، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَقَالَ : قَدْ جِئْتُكَ بِمَا خَرَجَ لِي(9) ،فَقَاسِمْنِيهِ ، فَقَالَ لَهُ الْعَالِمُ : إِنَّ الزَّمَانَ الْأَوَّلَ كَانَ زَمَانَ الذِّئْبِ ، وَإِنَّكَ كُنْتَ مِنَ الذِّئَابِ ، وَإِنَّ الزَّمَانَ الثَّانِيَ كَانَ زَمَانَ الْكَبْشِ، يَهُمُّ وَلاَ يَفْعَلُ ، وَكَذلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تَهُمُّ وَلاَتَفِي ، وَكَانَ هذَا زَمَانَ الْمِيزَانِ ، وَكُنْتَ فِيهِ عَلَى الْوَفَاءِ ، فَاقْبِضْ مَالَكَ ، لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ ، وَرَدَّهُ عَلَيْهِ» .
ص: 283
السند ضعيف.
قوله: (متى [يكون] هذا الأمر) أي ظهور دولة الحقّ.
(فسُررنا به) على البناء للمفعول، أو للفاعل، أي جعلنا إخواننا مسرورين، والأوّل أظهر.
(فقال: يا حمران، [إنّ] لك أصدقاء وإخوانا ومعارف)؛ لعلّ الغرض من هذا الكلام وإيراد الحكاية أنّ هذا الزمان ليس زمان العدل والميزان، فأخاف أن لا يفي بعهد الكتمان، فإذا عرفت زمان ظهور هذا الأمر فلك معارف وإخوان، فتحدّثهم به، وينشأ منه المفاسد العظيمة، ومحض العهد بالكتمان لا ينفع؛ إذ لم يأت بعد زمان الميزان.
والحاصل: أنّ غالب أحوال الخلق في ذلك الزمان الغدر وعدم الوفاء بالعهد، وهذا يقتضي كتمان السرّ عنهم، فإذا اعتدل الزمان واعتدل أحوال أهله ينبغي إظهاره. أو المراد أنّ لك معارف وإخوانا تعاشرهم، ويمكنك استعلام زمان ظهور هذا الأمر من أطوارهم، فمهما رأيت منهم العزم على الانقياد والإطاعة والتسليم لإمامهم وكتمان السرّ فاعلم أنّه زمان ظهور القائم عليه السلام؛ فإنّ قيامه عليه السلاممشروط بذلك، وأهل كلّ زمان عامّتهم على وتيرة واحدة، وبذلك الذي ذكرناه من استعلام أحوال المعارف والإخوان نتمكّن من استعلام أحوال جميع أهل الزمان.
وقيل: كان المراد أنّهم وإن كانوا أصدقاء وإخوانا لك إلاّ أنّهم لا يصادقونك على أنفسهم وأموالهم، ولا يفون لك بعهود الاُخوّة؛ لأنّ الزمان لا يقتضي ذلك، ولذلك لا يظهر أمرنا؛ إذ لا يساعده الزمان، ولا يوجد عليه الأعوان؛ لأنّه زمان الذئب، أو الكبش، فإذا جاء زمان الميزان يظهر أمرنا.(1)
وقوله: (تزهد فيما عندي).
الزهد: خلاف الرغبة. يُقال: زهد في الشيء وعن الشيء _ كعلم _ أي لم يرغب فيه. وزَهَدَ _ كمنع _ لغة فيه.
وقوله: (وتقلّ) بكسر القاف.
ص: 284
وقوله: (وعرّفه جاره) من التعريف بمعنى الإعلام، والضمير المنصوب للابن، والمجرور للرجل العالم، أو للابن أيضا.
والأظهر أن يكون الرجل في قوله: (فهلك الرجل) فاعل «عرّف»، وهلك على سبيل التنازع.
وقوله: (ولكنّي أدري).
قيل: لعلّ علمه كان بإخبار ذلك العالم، وكان العالم أخذه من الأنبياء، حيث أخبروا بوحي السماء أنّ هذا المِلك سيرى تلك الأحلام، وهذه تعبيرها، أو بأن أخذ من العالم نوعا من العلم يمكنه استنباط أمثال تلك الاُمور به، وكان ذلك من علوم الأنبياء، على أنّه يحتمل أن يكونا من الأنبياء.(1)
وقوله: (واستوثق منه أن يفي له، فأوثق له).
في القاموس: «أوثقه فيه: شدّه. واستوثق منه: أخذ الوثيقة».(2)
والمستتر في «استوثق» راجع إلى العالم، وضمير «منه» إلى الدِّين، وفي «أوثق له» بالعكس.
وقوله: (لا أنفد هذا المال) من الإنفاد، وهو الإفناء.
وقوله: (حتّى أهلك) من الإهلاك على صيغة الماضي المجهول، والمستتر فيه راجع إلى الرجل العالم.
وقوله: (ولا اُسئل عن مثل هذا الذي سُئلت عنه).
كلمة «عن» ليست في بعض النسخ، والفعلان على البناء للمفعول، وكونهما للفاعل محتمل.
وقوله: (زمان الكبش) بالتسكين، وهو الحمل إذا أثنى، أو إذا خرجت رباعيّته.
وقوله: (وأجمع رأيه على الغدر) برفع رأيه.
قال الجوهري: «أجمعت الأمر وعلى الأمر: إذا عزمت عليه. والأمر مجمع عليه، ويُقال أيضا: اجمع أمرك ولا تدعه منتشرا».(3)
وقوله: (فقاسمنيه).
يقال: قاسمه الشيء، أي أخذ كلّ قسمة. والقسم _ بالكسر _ : الحظّ، والنصيب من الخير.
ص: 285
هذا، قيل في هذا الخبر فوائد:
الاُولى: أنّه ينبغي إظهار السرّ وتعليم العلوم الغريبة التي يحتاج إليها الخلق في بعض الأوقات لمن هو أهلٌ لها.
الثانية: أنّه لا يجوز تعليمها لمن ليس بأهل لها وإن كان ولدا.
الثالثة: أنّه ينبغي ترغيب الجاهل في الرجوع إلى العالم عند الحاجة.
الرابعة: أنّه يجب الوفاء بالعهد لئلاّ يؤدّي إلى الخجالة في وقت.
الخامسة: أنّه تعالى قد ينبّه الرجل بما فيه صلاحه وصلاح الخلق، كما نبّه الملك المذكور الذي وقع الجور في رعيّته، ولم يكن عالما به، فسئل في المنام: أيّ زمانٍ هذا؟ فعبّر بأنّه زمان الذئب، فتنبّه بأنّه وقع الجور وشاع بين الرعيّة، فاشتغل بالإصلاح حتّى رُفع بالكلّيّة،فسئل: أيّ زمانٍ هذا؟ فعبّر بأنّه زمان الميزان، أي زمان القسط والعدل، فعلم وتيقّن ارتفاع الجور بالمرّة، فاطمأنّ قلبه.
ثمّ قال: كأنّه أشار بزمان الذئب إلى زمان سلطان بني اُميّة، وبزمان الكبش إلى مدّة سلطان بني عبّاس؛ فإنّ بعضهم همَّ أن يدفع الأمر إلى صاحبه، ثمّ غدر كالمأمون، وبزمان الميزان زمان ظهور القائم عليه السلام؛ فإنّه زمان عدل يمكن إظهار السرّ فيه.(1)
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَتِّبٌ أَوْ غَيْرُهُ ، قَالَ :
بَعَثَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْحَسَنِ إِلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : يَقُولُ لَكَ أَبُو مُحَمَّدٍ : أَنَا أَشْجَعُ مِنْكَ ، وَأَنَا أَسْخى مِنْكَ ، وَأَنَا أَعْلَمُ مِنْكَ .
فَقَالَ لِرَسُولِهِ : «أَمَّا الشَّجَاعَةُ ، فَوَ اللّهِ مَا كَانَ لَكَ مَوْقِفٌ يُعْرَفُ بِهِ(2) جُبْنُكَ مِنْ شَجَاعَتِكَ ؛ وَأَمَّا السَّخِيُّ(3) ، فَهُوَ الَّذِي يَأْخُذُ الشَّيْءَ مِنْ جِهَتِهِ ، فَيَضَعُهُ فِي حَقِّهِ ؛ وَأَمَّا الْعِلْمُ ، فَقَدْ أَعْتَقَ أَبُوكَ عَلِيُّ بْنُ
ص: 286
أَبِي طَالِبٍ عليه السلام أَلْفَ مَمْلُوكٍ ، فَسَمِّ لَنَا خَمْسَةً مِنْهُمْ وَأَنْتَ عَالِمٌ».
فَعَادَ إِلَيْهِ فَأَعْلَمَهُ ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : يَقُولُ لَكَ : إِنَّكَ رَجُلٌ صَحَفِيٌّ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «قُلْ لَهُ : إِي(1) وَاللّهِ، صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى وَرِثْتُهَا عَنْ آبَائِي عليهم السلام» .
السند مجهول.
قوله: (وأمّا السخيّ فهو الذي يأخذ الشيء من جهته) إلى آخره.
هذا تعريض له حيث إنّه أخذ أموال الإمام وصرفه في تحليل الخلافة لابنه محمّد.
وقوله: (يقول لك: إنّك رجلٌ صَحَّفي).
في بعض النسخ: «يقول لك: أنت رجلٌ صَحفّي».
قال في المصباح:
الصحيفة: قطعة من جلد أو قرطاس كتب فيه، وإذا نسب إليها قيل: رجل صحفي _ بفتحتين _ معناه: يأخذ العلم منها دون المشايخ، كما ينسب إلى بجيلة: بجلي، وما أشبه ذلك.(2)
وقال الفيروزآبادي: «الصحفي _ محرّكة _ : من يخطئ في قراءة الصحيفة. وبضمّتين: لحن».(3)
وقوله عليه السلام: (صحف إيراهيم وموسى وعيسى ورثتها) من باب ما تضمر عامله على شريطة التفسير.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ
ص: 287
رَبِّهِمْ»(1) فَقَالَ : «هُوَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله» .
السند مرسل.
قوله: (في قول اللّه تبارك وتعالى) في سورة يونس عليه السلام: «وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ».
قال الفيروزآبادي:
القدم _ محرّكة _ : السابقة [في الأمر]، والرجل له مرتبة في الخير وهي بهاء، والرِّجل مؤنّثة. وقول الجوهري: واحد الأقدام سهو، والصواب واحده والجمع أقدام، والشجاع، ورجل قدم محرّكة، وامرأة قدم من رجال ونساء قدم أيضا.(2)
وقال: «الصِدق _ بالكسر والفتح _ : ضدّ الكذب. والصّدق _ بالكسر _ : الشدّة. «وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ»(3): أنزلناهم منزلاً صالحا».(4)
وقال الجوهري:
القدم _ أيضا _ : السابقة في الأمر. يُقال: لفلان قدم صدق، أي إثرة حسنة. قال الأخفش: هو التقديم، كأنّه قدّم خيرا وكان له فيه تقديم.(5)
وقال البيضاوي:
«قَدَمَ صِدْقٍ» أي سابقة ومنزلة رفيعة سمّيت قدما؛ لأنّ السبق بها، كما سمّيت النعمة يدا؛ لأنّها تعطي باليد، وإضافتها إلى الصدق لتحقّقها، والتنبيه على أنّهم إنّما ينالونها بصدق القول والنيّة.(6)
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
قال الأزهري: القدم: الشيء [الذي] تقدّمه قدّامك ليكون عدّة لك حتّى تقدم عليه. وقيل: القدم: المقدم.
قال ابن الأعرابي: القدم: المتقدّم في الشرف.
وقال أبو عبيدة والكسائي: كلّ سابق في خير أو شرّ فهو عند العرب قدم.
ص: 288
ثمّ قال رحمه الله:
أي عرّفهم ما فيه الشرف والخلود في نعيم الجنّة على وجه الإكرام والإجلال لصالح الأعمال.
وقيل: إنّ لهم قدم صدق، أي أجرا حسنا ومنزلةً رفيعة بما قدّموا من أعمالهم، عن ابن عبّاس.
وروي عنه أيضا: أنّ المعنى سبقت لهم السعادة في الذكر الأوّل، ويؤيّده قوله: «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى»(1) الآية.
وقيل: هو تقديم اللّه تعالى إيّاهم في البعث يوم القيامة، بيانه قوله صلى الله عليه و آله: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة».
وقيل: القدم اسم للحسنى من العبد، واليد اسمٌ للحسنى من السيّد للفرق بين السيّد والعبد.
وقيل: إنّ معنى «قدم صدق» شفاعة محمّد صلى الله عليه و آلهيوم القيامة. عن أبي سعيد الخدري، وهو المروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.(2)
(فقال: هو رسول اللّه صلى الله عليه و آله).
يحتمل إرجاع الضمير إلى القدم، بأن يراد به المتقدّم في الشرف، أي لهم شفيع متقدّم في الشرف، يشفع لهم عند ربّهم، وهو رسول اللّه صلى الله عليه و آله. أو بتقدير مضاف، أي شفاعة رسول اللّه صلى الله عليه و آله، كما روى الشيخ الطبرسي. أو ولايته وولاية أهل بيته عليهم السلام، كما مرّ في كتاب الحجّة حيث روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في تفسير هذه الآية: «هو ولاية أمير المؤمنين عليه السلام».(3) ويؤيّد هذا التوجيه أنّ عليّ بن إبراهيم روى هذا الخبر في تفسيره بهذا السند وزاد في آخره: «والأئمّة عليهم السلام».(4)
وقيل: الضمير راجع إلى الموصول، والجمع للتعظيم، أو بانضمام الأئمّة عليهم السلام معه. وأنت خبير بأنّ الخطاب في بشّر يأباه، وما قيل من أنّه يجوز عوده إلى المبشّر المفهوم من بشر وتخصيص البشارة بوقت الاحتضار،(5) فبُعده ظاهر. وما يتوهّم من عوده إلى الربّ باعتبار
ص: 289
أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ربّاهم بالعلم والكمال،(1) ففيه أنّ الربّ إذا اُطلق أو اُضيف إلى العباد لا يراد به غيره تعالى.
قال الجوهري: «ربّ كلّ شيء: مالكه. والربّ: اسم من أسماء اللّه عزّ وجلّ، ولا يُقال في غيره إلاّ بالإضافة، وقد قالوه في الجاهليّة للملك».(2)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ يَحْيَى الْكَاهِلِيِّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «وَما تُغْنِى الاْياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤمِنُونَ»(3) قَالَ : «لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ بِالْبُرَاقِ ، فَرَكِبَهَا فَأَتى بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَلَقِيَ مَنْ لَقِيَ مِنْ إِخْوَانِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام ، ثُمَّ رَجَعَ فَحَدَّثَ أَصْحَابَهُ أَنِّي أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَ رَجَعْتُ مِنَ اللَّيْلَةِ ، وَقَالَ(4) جَاءَنِي جَبْرَئِيلُ بِالْبُرَاقِ ، فَرَكِبْتُهَا ، وَآيَةُ ذلِكَ أَنِّي مَرَرْتُ بِعِيرٍ لِأَبِي سُفْيَانَ عَلى مَاءٍ لِبَنِي فُلاَنٍ ، وَقَدْ أَضَلُّوا جَمَلاً لَهُمْ أَحْمَرَ ، وَقَدْ هَمَّ الْقَوْمُ فِي طَلَبِهِ .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : إِنَّمَا جَاءَ الشَّامَ وَهُوَ رَاكِبٌ سَرِيعٌ ، وَلكِنَّكُمْ قَدْ أَتَيْتُمُ الشَّامَ وَعَرَفْتُمُوهَا ، فَسَلُوهُ عَنْ أَسْوَاقِهَا وَأَبْوَابِهَا وَتُجَّارِهَا .
فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ ، كَيْفَ الشَّامُ؟ وَكَيْفَ(5) أَسْوَاقُهَا؟».
قَالَ : «وَكَانَ(6) رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إِذَا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ لاَيَعْرِفُهُ شُقَّ عَلَيْهِ حَتّى يُرى ذلِكَ فِي وَجْهِهِ».
قَالَ : «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذلِكَ إِذْ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ عليه السلام ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، هذِهِ الشَّامُ قَدْ رُفِعَتْ لَكَ(7) ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَإِذَا هُوَ بِالشَّامِ بِأَبْوَابِهَا(8) وَأَسْوَاقِهَا وَتُجَّارِهَا ، فَقَالَ(9) : أَيْنَ السَّائِلُ عَنِالشَّامِ ، فَقَالُوا لَهُ : فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ ، فَأَجَابَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فِي كُلِّ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ ، فَلَمْ يُؤمِنْ مِنْهُمْ إِلاَّ
ص: 290
قَلِيلٌ ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «وَما تُغْنِى الاْياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤمِنُونَ»(1)».
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «نَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ لاَنُؤمِنَ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ(2) ، آمَنَّا بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ صلى الله عليه و آله» .
السند حسن كالصحيح.
قوله: (في قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة يونس عليه السلام: «وَمَا تُغْنِي الاْيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ».
قال الفيروزآبادي:
نذر بالشي _ كفرح _ : علمه فحذّره. وأنذره بالأمر إنذارا ونَذرا _ ويضمّ وبضمّتين _ ونذيرا: أعلمه، وحذّره وخوّفه في إبلاغه. والاسم: النذري بالضمّ، والنُذُر بضمّتين. ومنه: «فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ»(3) أي إنذاري.(4)
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
معناه: ولا تغني هذه الدلالات والبراهين الواضحة مع كثرتها وظهورها ولا الرسل المخوّفة عن قوم لا ينظرون في الأدلّة تفكّرا وتدبّرا وما يريدون الإيمان.
وقيل: ما تُغني معناه: أيّ شيء تغني عنهم من اجتلاب نفع أو دفع ضرر إذا لم يستدلّوا بها، فيكون ما للاستفهام، انتهى.(5)
(قال: لمّا اُسري برسول اللّه صلى الله عليه و آله).
في القاموس:
السرى _ كهدى _ : سير عامّة الليل، سرى يسري سُرىً وأسرى واسترى وسرى به وأسراه وبه و «أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً» تأكيد، أو معناه سيّره.(6)أقول منه ومن كلام بعض الأفاضل(7): إنّ سرى وأسرى بمعنى، والباء في «أسرى به» إمّا للتعدية، أو للتقوية.
وقيل: المفعول في الآية محذوف، أي أسرى البراق بعبده، أي جعله يسري به، وإنّما
ص: 291
حذف لأنّ المقصود ذكر النبيّ صلى الله عليه و آله لا البُراق.(1)
(أتاه جبرئيل بالبراق).
هو اسم دابّة ركبها النبيّ صلى الله عليه و آله ليلة المعراج. وقيل: اشتقاقه من البرق لسرعته.(2) وقيل: يحتمل أنّه سمّي بذلك لأنّ فيه لونين، من قولهم شاة برقاء إذا كان في صوفها الأبيض طاقات سود، وتوصف بأبيض لأنّ الشاة البرقاء معدودة من البيض. وقيل: سمّي به لصفائه وبريقه.(3)
(فركبها فأتى بيت المقدس) بفتح الميم وسكون القاف وكسر الدال، أو بضمّ الميم وشدّ الدالّ المفتوحة. وعلى الأوّل إمّا مصدر كالمرجع، أو اسم مكان بمعنى المكان الذي فيه التقديس، أي الطهارة من الأصنام، أو من الذنوب.
واعلم أنّ الظاهر من هذا الخبر أنّ سيره صلى الله عليه و آله في ليلة المعراج كان في حال اليقظة، وبالجسم والبدن، وهو قول علمائنا(4) وأكثر العامّة(5)، واستدلّوا عليه بقوله تعالى: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ»(6) حيث لم يقل بروح عبده، ولأنّ تحريك الجسم إلى مساحة بعيدة في مدّة قليلة هو المستغرب الذي يحتاج إلى البيان دون تحريك الروح.
وقال بعض العامّة: إنّه كان بالروح فقط.(7)
وقيل: إنّه كان بالجسم إلى المسجد الأقصى، وبالروح إلى السماء؛(8) لأنّه لو كان بالجسم في حال اليقظة لقال: أسرى بعبده إلى السماء.
واُجيب بأنّ هذا لا يعارض إجماع الخاصّة بل إجماع العامّة أيضا؛ إذ الخلاف بينهم منسوب إلى بعض السلف منهم.
ص: 292
واتّفق المتأخّرون من المحدّثين والفقهاء والمتكلّمين على ما ذكرنا. وقال بعضهم: إنّه كان مرّتين؛ مرّة بالروح، واُخرى بالجسم.(1)
وقيل: قوله عليه السلام: «ثمّ رجع» دلّ بظاهره على أنّ الإسراء وقع إلى بيت المقدس فقط، لا إلى السماء أيضا. وقال: يمكن حمله على ظاهره، ويكون الإسراء إلى السماء مرّةً اُخرى غير هذه المرّة، ويمكن أيضا حمله على الاختصار بذكر بعض أجزاء المسافة الذي تطرد [عير] أهل مكّة إليه شهرا ذاهبة وشهرا جائية؛ لأنّ هذه المسافة كانت مأنوسة عندهم، ومدّة السير فيها معلومة، فإذا علموا بأنّ سيره فيها ذهابا أو عودا وقع في بعض [الليل] واُقيم الشاهد على ذلك كان أدفع لإنكاره وأنفع لقبوله بخلاف الاُمور السماويّة؛ فإنّهم لم يعاينوها ولم يشاهدوها.(2)
وقوله: (أنّي مررت بعيرٍ لأبي سفيان).
في القاموس: «العير _ بالكسر _ : القافلة مؤنّثة، أو الإبل تحمل الميرة بلا واحد من لفظها، أو كلّ ما امتير عليه إبلاً كانت أو حميرا أو بغالاً».(3)
وقوله: (فقال بعضهم لبعض).
قيل: يحتمل أن يكون السائل بعض المؤمنين، ويدلّ عليه قوله: «فقالوا يا رسول اللّه » ويؤيّده ما قال بعض العامّة من أنّه ارتدّ بهذا الإخبار جمعٌ من المؤمنين، فقالوا: ما لهذا يدّعي أنّه خرج الليلة إلى الشام ورجع.
ويحتمل أن يكون على سبيل المرافقة والملاينة والقصد إلى تصديقه بعد التبيّن، ولذلك آمن قليلٌ منهم.(4)
(إنّما جاء بالشام وهو راكب سريع).
الظاهر أنّ المستتر في «جاء» عائد إلى النبيّ صلى الله عليه و آله، و«الشام» منصوب على المفعوليّة، أي أتاه.
وقيل: يحتمل أن يكون منصوبا بنزع الخافض، أي أتى منه.(5)
وفي بعض النسخ العتيقة: «إنّما جاءه راكب سريع». قيل: أي جبرئيل، وفيما رواه
ص: 293
الشيخ الطبرسي والعيّاشي: «إنّما جاء راكب سريع» بدون الضمير.(1)
وقيل: يحتمل على النسخة العتيقة أن يكونوا أرادوا به أنّه اطّلع على ذلك من جهة راكب سريع أتاه فأخبره.(2)
وقوله: (شقّ عليه) على البناء للفاعل، أي صَعُبَ عليه، ولعلّه لمخافة تكذيب قومه إذا لم يعلم ذلك الشيء، أو أبطأ في الإخبار به.
وقوله: (حتّى يُرى ذلك في وجهه) على البناء للمفعول، و«ذلك» إشارة إلى أثر الصعوبة.
وقوله: (هذه الشام قد رفعت لك).
في بعض النسخ: «إليك».
قيل: يحتمل أن يكون صورة الشام ومثالها ظهرت له صلى الله عليه و آله، ويحتمل أنّ نفس هذه البلدة ظهرت له بإزالة الحائل بينه وبينها، أو بنقلها من محلّها إلى قريب منه.(3)
قال الفيروزآبادي:
رفعه _ كمنعه _ ضدّ وضعه. والبعير في سيره: بالغ. ورفعته أنا لازم متعدّ. والقوم: أصعدوا في البلاد. و«فُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ»، أي بعضها فوق بعض، أو مقرّبة لهم. ومنه رفعته إلى السلطان رفعانا بالضمّ.(4)
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ زُرَارَةَ(5) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «إِذَا قَالَ الْمُؤمِنُ لِأَخِيهِ : أُفٍّ ، خَرَجَ مِنْ وَلاَيَتِهِ ، وَإِذَا قَالَ : أَنْتَ عَدُوِّي ، كَفَرَ أَحَدُهُمَا ؛ لِأَنَّهُ لاَيَقْبَلُ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ مِنْ أَحَدٍ عَمَلاً فِي تَثْرِيبٍ عَلى مُؤمِنٍ نَصِيحَةً ،
ص: 294
وَلاَيَقْبَلُ مِنْ مُؤمِنٍ عَمَلاً وَهُوَ يُضْمِرُ فِي قَلْبِهِ عَلَى الْمُؤمِنِ سُوءا ، وَلَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ عَنِ النَّاسِ ، فَنَظَرُوا إِلى وَصْلِ مَا بَيْنَ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ مَا(1) بَيْنَ الْمُؤمِنِ ، خَضَعَتْ لِلْمُؤمِنِينَ رِقَابُهُمْ ، وَتَسَهَّلَتْ لَهُمْ أُمُورُهُمْ ، وَلاَنَتْ لَهُمْ طَاعَتُهُمْ ، وَلَوْ نَظَرُوا إِلى مَرْدُودِ الْأَعْمَالِ مِنَ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ لَقَالُوا : مَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ مِنْ أَحَدٍ عَمَلاً» .
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِرَجُلٍ مِنَ الشِّيعَةِ : «أَنْتُمُ الطَّيِّبُونَ ، وَنِسَاؤكُمُ الطَّيِّبَاتُ ، كُلُّ مُؤمِنَةٍ حَوْرَاءُ عَيْنَاءُ ، وَكُلُّ مُؤمِنٍ صِدِّيقٌ» .
قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : «شِيعَتُنَا أَقْرَبُ الْخَلْقِ مِنْ عَرْشِ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعْدَنَا ، وَمَا مِنْ شِيعَتِنَا أَحَدٌ يَقُومُ إِلَى الصَّلاَةِ إِلاَّ اكْتَنَفَتْهُ فِيهَا عَدَدَ مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ، يُصَلُّونَ عَلَيْهِ جَمَاعَةً حَتّى يَفْرُغَ مِنْ صَلاَتِهِ ، وَإِنَّ الصَّائِمَ مِنْكُمْ لَيَرْتَعُ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ تَدْعُو لَهُ الْمَلاَئِكَةُ حَتّى يُفْطِرَ» .
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : «أَنْتُمْ أَهْلُ تَحِيَّةِ اللّهِ بِسَلاَمِهِ ، وَأَهْلُ أُثْرَةِ اللّهِ بِرَحْمَتِهِ ، وَأَهْلُ تَوْفِيقِ اللّهِ بِعِصْمَتِهِ ، وَأَهْلُ دَعْوَةِ اللّهِ بِطَاعَتِهِ ، لاَ حِسَابٌ عَلَيْكُمْ ، وَلاَ خَوْفٌ وَلاَ حُزْنٌ ، أَنْتُمْ لِلْجَنَّةِ ، وَالْجَنَّةُ لَكُمْ ، أَسْمَاؤكُمْ عِنْدَنَا الصَّالِحُونَ وَالْمُصْلِحُونَ ، وَأَنْتُمْ أَهْلُ الرِّضَا عَنِ اللّهِ _ جَلَّ ذِكْرُهُ _ بِرِضَاهُ عَنْكُمْ ، وَالْمَلاَئِكَةُ إِخْوَانُكُمْ فِي الْخَيْرِ ، فَإِذَا اجْتَهَدْتُمُ(2) ادْعُوا ، وَإِذَا غَفَلْتُمُ اجْهَدُوا(3) ، وَأَنْتُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ، دِيَارُكُمْ لَكُمْ جَنَّةٌ ، وَقُبُورُكُمْ لَكُمْ جَنَّةٌ ، لِلْجَنَّةِ خُلِقْتُمْ ، وَفِي الْجَنَّةِ نَعِيمُكُمْ ، وَإِلَى الْجَنَّةِ تَصِيرُونَ» .
السند مجهول.
قوله: (عن زرارة).
كذا في النسخ التي رأيناها، والظاهر: «ابن زرارة».
وقوله: (خرج من ولايته) أي ولاية ذلك الأخ المؤمن؛ يعني انقطع بينهما الولاية التي جعل اللّه بينهما بقوله تعالى: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ»(4) ففيه حينئذٍ إيماء بأنّه خرج من الإيمان، أو المراد أنّه خرج عن ولاية اللّه حيث قال عزّ وجلّ:
ص: 295
«اللّه ُ وَلِىُّ الَّذِينَ آمَنُوا»(1)، والأوّل أظهر.
وقوله: (كفر أحدهما)؛ لأنّه إن كان صادقا فقد كفر أخوه بعداوته، وإن كان كاذبا فقد كفر القائل بالافتراء على أخيه.
ولعلّ المراد بالكفر هنا الكفر الذي يتّصف به أصحاب الكبائر، وهو الكفر في الفروع بترك أوامر اللّه تعالى وعدم رعاية حقوق الاُخوّة، لا الكفر الذي ينافي أصل الإيمان.
وقوله: (لا يقبل اللّه ) إلى آخره، تعليل للكفر؛ فإنّه إذا لم يقبل منه عملاً لأجل تلك الحالة فهو كافر، أو له وللخروج من الولاية أيضا.
وقوله: (في تثريب).
التثريب: التعيير، والتأنيب، والاستقصاء في اللؤم.
وقوله: (نصيحة) بدل أو بيان لقوله «عملاً»، أو مفعول له للتثريب، أي لا يقبل عملاً من أعماله إذا عيّره على وجه النصيحة، فكيف بدونها.
وقيل: يحتمل أن يكون المراد أن يعيّره؛ لكون ذلك المؤمن نصح للّه ، ولا يخفى بُعده من العبارة.(2)
(ولو كشف الغطاء) بالكسر، أي ما يغطّى به (عن الناس).
(فنظروا إلى وصل ما بين اللّه _ عزّ وجلّ _ وما بين المؤمن).
الوصل: ضدّ الهجران، والمراد هنا الروابط المعنويّة من القُرب والمحبّة والرحمة والهداية وغيرها.
(خضعت للمؤمنين رقابهم).
الخضوع: التطامن، والتواضع، والسكون، وفعله كمنع، والمراد هنا غاية التواضع وإظهار الذلّ والمسكنة كما هو المتعارف من فعل الناس بالنسبة إلى الملوك وأمثالهم.
(وتسهّلت لهم اُمورهم).
الضمير الأوّل للناظرين، والثاني للمؤمنين. ولعلّ المراد أنّه سهّلت لهم اُمور المؤمنين من إعانتهم وقضاء حوائجهم وخدمتهم.
ص: 296
وقيل: التسهّل إمّا من السهولة بمعنى اليُسر وعدم المشقّة، أو من السّهل بمعنى الحقير الدنيّ والرديّ.
فعلى الأوّل يكون قوله: «اُمورهم» عبارة عن الاُمور التكليفيّة من الطاعات والقربات التي صارت موجبة لحصول ما يشاهدونه بعد كشف الغطاء من وصل ما بينه تعالى وبين المؤمن، ويؤيّد قوله عليه السلام: (ولانت لهم طاعتهم).
وعلى الثاني عبارة عن اُمورهم التي تخالف اُمور المؤمنين من الركون إليها، وغاية الاهتمام إلى جمع زخارفها الفانية وما يتعلّق بها ممّا يمنع من الوصول إلى درجة المؤمن،فالضمير في «لهم» و«اُمورهم» عائد إلى الناظرين، وعوده إلى المؤمنين بعيد،(1) انتهى.
(ولانت لهم طاعتهم).
اللّين: ضدّ الخشونة. يُقال: إنّ الشيء يلين لينا، أي لانت للناظرين طاعة المؤمنين.
وعلى ما قلنا فهذا كالتأكيد للأوّل. وعلى ما قيل يكون بالطاعة الأمر والنهي، أي كانوا كالمجبورين في تلك الطاعات، ولذلك اقتضت الحكمة عدم كشف الغطاء تحقيقا لمعنى التكليف.
(ولو نظروا إلى مردود الأعمال من اللّه عزّ وجلّ) أي الأعمال التي ردّت ولم تُقبل مع كونها صالحة كاملة ظاهرا؛ لفسادها باطنا.
(لقالوا: ما يتقبّل اللّه من أحد عملاً) وهذا هو الذي أوقف المؤمن بين الخوف والرجاء.
وقوله: (كلّ مؤمنة حوراء عيناء) أي في الواقع، أو في الجنّة. ويؤيّد الأوّل قوله: (كلّ مؤمن صدّيق).
قال الجوهري: «الصدّيق، مثال الفسيّق: الدائم التصديق، ويكون الذي يصدّق قوله بالعمل».(2)
أقول: لعلّ المراد أنّهم عند اللّه منهم.
وقيل: أي ينزلون في الجنّة منازل الصدّيقين، ويكونون في درجاتهم.(3) وكأنّ هذا القائل خصّص الصدّيق بالنبيّ صلى الله عليه و آله والوصيّ.
ص: 297
وقوله: (شيعتنا أقرب الخلق من عرش اللّه _ عزّ وجلّ _ يوم القيامة بعدنا).
المراد بالخلق من يتصوّر في حقّه القرب إلى رحمته تعالى من المؤمنين والصلحاء من هذه الاُمّة وغيرها من الاُمم، والمراد بالعرش العرش الجسماني كما هو الظاهر المتبادر.
وقيل: العرش: الرحمة، سمّيت به لاستقرار المؤمن فيها.(1)
وقوله عليه السلام: (عدد من خالفه) أي من فرق المسلمين، أو كلّ من خالفه في الدِّين من أيّ فرقة كان.
وقوله: (يصلّون عليه جماعة).
قيل: أي يدعون ويستغفرون له جماعة، أي مجتمعين أو يأتمّون به في الصلاة، وله ثواب إمام الجماعة، كما ورد: «أنّ صلاة المؤمن وحده جماعة»،(2) ويحتمل أن يكون«جماعة» فاعل «اكتنفته».(3)
وقوله: (ليرتع في رياض الجنّة) أي في القيامة. أو المراد أنّه يستوجب بذلك دخولها حتّى كأنّه يرتع فيها. أو المراد رياض القرب والوصال.
وقيل: أو ذكر اللّه تعالى، ويؤيّده ما رواه العامّة: «إذا مررتم برياض الجنّة فارتعوا»(4).(5)
قال الجزري: «الرتع: الاتّساع وفي الخصب والنّعم، وأراد برياض الجنّة ذكر اللّه تعالى، وشبّه الخوض فيه بالرتع في الخصب».(6)
وقوله: (أنتم أهل تحيّة اللّه بسلامه) أي يحيّيكم اللّه في الجنّة متلبّسا بسلامه.
والمراد أنّ الملائكة تسلّم عليكم فيها تحيّة من اللّه تعالى، قال اللّه عزّ وجلّ: «وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ»(7)، وقال: «وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ»(8)، فيقولون: «سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ»(9).
ص: 298
قال الجوهري: «التحيّة: المُلك، ويُقال: حيّاك اللّه ، أي ملّكك، والتحيّات للّه ».(1)
قال يعقوب: أي المُلك للّه .
وقال الفيروزآبادي: «التحيّة: السلام. وحيّاه تحيّة، والبقاء، والملك. وحيّاك اللّه ، أي أبقاك، أو ملّكك».(2)
وقال: «السلام: السلامة، والبراءة من العيوب».(3)
أقول: لعلّ المراد بالسلام هنا السلامة من المكاره والآفات.
(وأهل اُثرة اللّه ) أي أهل مكرمته متلبّسا (برحمته) أو اختاركم وآثركم على غيركم.
قال الفيروزآبادي: «الاُثرة _ بالضمّ _ : المكرمة المتوارثة، والبقيّة من العلم. وآثره: أكرمه. وآثر: اختار».(4)
(وأهل دعوة اللّه بطاعته).
قيل: أي دعاكم إلى الجنّة بسبب أنّكم أطعتموه في موالاة أئمّة الهدى، فقبل أعمالكم. أو أنّكم المقصودون في الدعاء؛ إلى الطاعة لعدم قبولها من غيركم.(5)
وأقول: لعلّ المراد أنّكم المنصوبون لدعوة الخلق إلى طاعة اللّه .
(لا حساب عليكم) يوم القيامة (ولا خوف) من العقاب (ولا حزن) بفوات الثواب؛ إذ العقاب غير واقع عليهم جزما، والثواب ثابت دائما أبدا.
(وأنتم أهل الرضا عن اللّه ) أي رضيتم عنه متلبّسا (برضاه عنكم) وهذا إشارة إلى قوله عزّ وجلّ: «رَضِىَ اللّه ُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»(6).
وقيل: أي إنّما رضيتم عن اللّه لعلمكم بأنّه رضى عنكم، أو لرضاه عنكم جعلكم راضين عنه.(7)
وقال بعض المحقّقين:
رضا العبد عنه تعالى عبارة عن رفع الاختيار. وقيل: هو سكون النفس تحت مجاري القدر. وقيل: هو السرور بمرّ القضاء. والأوّلان تعريف لمبدئه، والأخير
ص: 299
تعريف لمنتهاه. ورضاه تعالى عن العبد عبارة عن إفاضته الخيرات في الدُّنيا والآخرة، ومنها تشريفهم بالقُرب.(1)
(فإذا اجتهدتم ادعوا).
لعلّ المراد إذا بالغتم في طاعة اللّه فاسألوه التوفيق للمزيد. وفي بعض النسخ: «فإذا جهدتم»، أي إذا وقعتم في الجهد والمشقّة فادعوا اللّه _ عزّ وجلّ _ لكشفها.
(دياركم لكم جنّة).
لعلّ المراد ديار الدُّنيا، أي أنتم فيها تكسبون الجنّة، فكأنّكم في الجنّة.
أو المراد الجنّة المعنويّة كما مرّ. ويحتمل أن يكون المراد ديار الآخرة، أي أنّها داركم التي خلقتم لها لا دار الدُّنيا.
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ فُضَيْلٍ(2) :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آلهلِجَعْفَرٍ عليه السلام حِينَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ : أَيُّ شَيْءٍ أَعْجَبُ مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ : رَأَيْتُ حَبَشِيَّةً مَرَّتْ(3) وَعَلى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ ، فَمَرَّ رَجُلٌ ، فَزَحَمَهَا ، فَطَرَحَهَا وَوَقَعَ الْمِكْتَلُ عَنْ رَأْسِهَا ، فَجَلَسَتْ ، ثُمَّ قَالَتْ : وَيْلُكَ(4) مِنْ دَيَّانِ يَوْمِ الدِّينِ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْكُرْسِيِّ ، وَأَخَذَ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ . فَتَعَجَّبَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله» .
السند ضعيف على قول الأكثر.
قوله: (وعلى رأسها مكتل).
المكتل _ كمنبر _ : زنبيل يسع خمسة عشر صاعا.
ص: 300
وقوله: (فزحمها).
في القاموس: «الزِحام _ بالكسر _ : المضايقة. زحمه _ كمنعه _ زَحْما وزحاما: ضايقه».(1)
وقوله: (من ديّان يوم الدِّين).
الدّيّان في صفته تعالى للمبالغة من الدَّين بمعنى الجزاء والمكافأة.
وقوله: (فتعجّب رسول اللّه صلى الله عليه و آله).
كان تعجّبه صلى الله عليه و آله من صدور مثل هذا الكلام الدالّ على كمال الإيمان بيوم الجزاء، أو على تهديد الظالم من خشيته في بلد الشرك. ويحتمل أن يكون تعجّبه صلى الله عليه و آله من جرأتها على نسبة الجلوس إليه تعالى.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ(2) ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «إِنَّ آزَرَ أَبَا إِبْرَاهِيمَ عليه السلام كَانَ مُنَجِّما لِنُمْرُودَ ، وَلَمْ يَكُنْ يَصْدُرُ إِلاَّ عَنْ أَمْرِهِ ، فَنَظَرَ لَيْلَةً فِي النُّجُومِ ، فَأَصْبَحَ وَهُوَ يَقُولُ لِنُمْرُودَ : لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَبا ، قَالَ : وَمَا هُوَ؟ قَالَ : رَأَيْتُ مَوْلُودا يُولَدُ فِي أَرْضِنَا يَكُونُ هَلاَكُنَا عَلى يَدَيْهِ ، وَلاَ يَلْبَثُ إِلاَّ قَلِيلاً حَتّى يُحْمَلَ بِهِ» .
قَالَ : «فَتَعَجَّبَ مِنْ ذلِكَ ، وَقَالَ : هَلْ حَمَلَتْ بِهِ النِّسَاءُ؟ قَالَ : لاَ»
قَالَ : «فَحَجَبَ النِّسَاءَ عَنِ الرِّجَالِ ، فَلَمْ يَدَعِ امْرَأَةً إِلاَّ جَعَلَهَا فِي الْمَدِينَةِ لاَ يُخْلَصُ إِلَيْهَا ، وَوَقَعَ(3) آزَرُ بِأَهْلِهِ ، فَعَلِقَتْ بِإِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه و آله ، فَظَنَّ أَنَّهُ صَاحِبُهُ ، فَأَرْسَلَ(4) إِلى نِسَاءٍ مِنَ الْقَوَابِلِ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ لاَ يَكُونُ فِي الرَّحِمِ شَيْءٌ إِلاَّ عَلِمُوا(5) بِهِ ، فَنَظَرْنَ فَأَلْزَمَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ مَا فِي الرَّحِمِ(6) الظَّهْرَ ، فَقُلْنَ : مَا نَرى فِي بَطْنِهَا شَيْئا ، وَكَانَ فِيمَا أُوتِيَ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّهُ سَيُحْرَقُ بِالنَّارِ ، وَلَمْ يُؤتَ عِلْمَ أَنَّ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى سَيُنْجِيهِ» .
ص: 301
قَالَ: «فَلَمَّا وَضَعَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ ، أَرَادَ آزَرُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إِلى نُمْرُودَ لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: لاَتَذْهَبْ بِابْنِكَ إِلى نُمْرُودَ فَيَقْتُلَهُ، دَعْنِي أَذْهَبْ بِهِ إِلى بَعْضِ الْغِيرَانِ أَجْعَلْهُ فِيهِ حَتّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ أَجَلُهُ، وَلاَتَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تَقْتُلُ ابْنَكَ، فَقَالَ لَهَا: فَامْضِي بِهِ».
قَالَ : «فَذَهَبَتْ بِهِ إِلى غَارٍ ، ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ ، ثُمَّ جَعَلَتْ عَلى بَابِ الْغَارِ صَخْرَةً ، ثُمَّ انْصَرَفَتْ عَنْهُ» .
قَالَ : «فَجَعَلَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ رِزْقَهُ فِي إِبْهَامِهِ ، فَجَعَلَ يَمَصُّهَا فَيَشْخُبُ لَبَنُهَا ، وَجَعَلَ يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي الْجُمْعَةِ ، وَيَشِبُّ فِي الْجُمْعَةِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي الشَّهْرِ ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي السَّنَةِ ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللّهُ أَنْ يَمْكُثَ ، ثُمَّ إِنَّ أُمَّهُ قَالَتْ لِأَبِيهِ : لَوْ أَذِنْتَ لِي حَتّى أَذْهَبَ إِلى ذلِكَ الصَّبِيِّ فَعَلْتُ ، قَالَ : فَافْعَلِي ، فَذَهَبَتْ فَإِذَا هِيَ بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام ، وَإِذَا عَيْنَاهُ تَزْهَرَانِ كَأَنَّهُمَا سِرَاجَانِ» .
قَالَ : «فَأَخَذَتْهُ فَضَمَّتْهُ إِلى صَدْرِهَا وَأَرْضَعَتْهُ ، ثُمَّ انْصَرَفَتْ عَنْهُ ، فَسَأَلَهَا آزَرُ عَنْهُ ، فَقَالَتْ : قَدْ وَارَيْتُهُ فِي التُّرَابِ ، فَمَكَثَتْ تَفْعَلُ ، فَتَخْرُجُ فِي الْحَاجَةِ ، وَتَذْهَبُ إِلى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَتَضُمُّهُ إِلَيْهَا(1) وَتُرْضِعُهُ ثُمَّ تَنْصَرِفُ ، فَلَمَّا تَحَرَّكَ أَتَتْهُ كَمَا كَانَتْ تَأْتِيهِ ، فَصَنَعَتْ بِهِ كَمَا كَانَتْ تَصْنَعُ ، فَلَمَّا أَرَادَتِ الاِنْصِرَافَ أَخَذَ بِثَوْبِهَا ، فَقَالَتْ لَهُ : مَا لَكَ؟ فَقَالَ لَهَا : اذْهَبِي بِي مَعَكِ ، فَقَالَتْ لَهُ : حَتّى أَسْتَأْمِرَ أَبَاكَ» .
قَالَ : «فَأَتَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام آزَرَ ، فَأَعْلَمَتْهُ الْقِصَّةَ ، فَقَالَ لَهَا : ائْتِينِي بِهِ ، فَأَقْعِدِيهِ عَلَى الطَّرِيقِ ، فَإِذَا مَرَّ بِهِ إِخْوَتُهُ دَخَلَ مَعَهُمْ وَلاَيُعْرَفُ» .
قَالَ : «وَكَانَ إِخْوَةُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام يَعْمَلُونَ الْأَصْنَامَ ، وَيَذْهَبُونَ بِهَا إِلَى الْأَسْوَاقِ وَيَبِيعُونَهَا» .
قَالَ : «فَذَهَبَتْ إِلَيْهِ، فَجَاءَتْ بِهِ حَتّى أَقْعَدَتْهُ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَمَرَّ إِخْوَتُهُ فَدَخَلَ مَعَهُمْ ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُوهُ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمَحَبَّةُ مِنْهُ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللّهُ» .
قَالَ : «فَبَيْنَمَا إِخْوَتُهُ يَعْمَلُونَ يَوْما مِنَ الْأَيَّامِ الْأَصْنَامَ إِذْ أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلامالْقَدُومَ ، وَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَجَرَ مِنْهَا صَنَما لَمْ يَرَوْا قَطُّ مِثْلَهُ ، فَقَالَ آزَرُ لِأُمِّهِ : إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ نُصِيبَ خَيْرا بِبَرَكَةِ ابْنِكِ هذَا» .
قَالَ : «فَبَيْنَمَا هُمْ كَذلِكَ إِذَا أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ _ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ _ الْقَدُومَ ، فَكَسَرَ الصَّنَمَ الَّذِي عَمِلَهُ ، فَفَزِعَ أَبُوهُ مِنْ ذلِكَ فَزَعا شَدِيدا ، فَقَالَ لَهُ : أَيَّ شَيْءٍ عَمِلْتَ؟ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : وَمَا تَصْنَعُونَ بِهِ؟ فَقَالَ آزَرُ : نَعْبُدُهُ ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : «أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ»فَقَالَ آزَرُ لِأُمِّهِ : هذَا الَّذِي يَكُونُ ذَهَابُ مُلْكِنَا عَلى يَدَيْهِ» .
ص: 302
السند حسن.
قوله: (إنّ آزر أبا إبراهيم عليه السلام).
قال الفاضل الإسترآبادي:
هذا الحديث صريح في أنّ آزر كان أبا إبراهيم عليه السلام، وقد انعقد إجماع الفرقة المحقّة على أنّ أجداد نبيّنا صلى الله عليه و آلهكانوا مسلمين إلى آدم عليه السلام، وقد تواترت عنهم عليهم السلام: «نحن من الأصلاب الطاهرات، والأرحام المطهّرات، لم تدنّسهم الجاهليّة بأدناسها».(1) وفي كتب الشافعيّة كالقاموس وغيره: أنّ آزر كان عمّ إبراهيم عليه السلاموكان أبوه تارخ،ويمكن حمل هذا الحديث على التقيّة بأن يكون هذا مذهب أبي حنيفة،(2) انتهى.
وأقول: يحتمل أن يكون لفظ «آزر» علما لعمّ إبراهيم عليه السلام ولقبا لأبيه تارخ أيضا، فلا إشكال.
(كان منجّما لنمرود).
هو نمرود بن كنعان من أحفاد سام بن نوح.
وقيل: كان بينه وبين نوح آباء، وكان قد ملك الشرق والغرب وادّعى الاُلوهيّة، وأمر بعمل الأصنام على صورته ونشرها على البلاد ليعبدوها، ولم يكن في عهده موحّدا ظاهرا حتّى بعث الخليل.(3)
(ولم يكن يصدر إلاّ عن أمره).
يُقال: صدر عن الشيء كنصر _ وقيل: أو كضرب _ صدرا وصدورا، أي رجع.
وقوله: (حتّى يحمل به) على البناء للمفعول. يُقال: خلص فلان إلى فلان _ كنصر _ خلوصا، أي وصل إليه، وبلغه.
(ووقع آزر بأهله، فعلقت بإبراهيم عليه السلام).
علقت المرأة _ بالكسر _ أي حبلت. وفي معارج النبوّة جعلهنّ في المدينة ومنع الرجال
ص: 303
من الدخول فيها، ووكّل على أبواب المدينة اُمناء منهم آزر، فحضرت زوجته عنده، فواقعها، فحملت بإبراهيم عليه السلام.(1)
(فظنَّ) آزر (أنّه) أيّ إبراهيم عليه السلام (صاحبه) الذي أخبر به نمرود.
(فأرسل) أي نمرود، أو آزر.
وفي بعض النسخ: «فأرسلوا» أي اُمراء نمرود.
(لا يكون في الرحم) أي رحم اُمّ إبراهيم عليه السلام، أو مطلق النساء.
(شيء إلاّ علموا به).
في بعض النسخ: «إلاّ علمن به».
(فنظرن).
في بعض النسخ: «فنظرت» على البناء للمجهول، والمستتر فيه لاُمّ إبراهيم عليه السلام.
وقوله: (إلى بعض الغيران).
قال الفيروزآبادي:
الغَوْر: الكهف، كالمغارة، والغار. أو الغار كالبيت في الجبل، أو المنخفض فيه، أو كلّ مطمئنّ من الأرض أو الجحر يأوي إليه الوحشي، الجمع: أغوار، وغيران.(2)
وقوله: (يمصّها) بفتح الميم.
وقوله: (فيشخب لبنها) أي يسيل منها اللّبن.
قال الفيروزآبادي: «الشخب _ ويضمّ _ : ما خرج من الضرع من اللّبن. وشخب اللّبن _ كنصر ومنع _ فانشخب».(3)
وروى صاحب معارج النبوّة:
أنّه يشخب من إبهامه لبنٌ وعسل صاف، وقيل: إنّه يشخب من إحدى أصابعه ماء ومن الاُخرى لبن خالص ومن الاُخرى عسل مصفّى ومن الاُخرى تمر ومن الاُخرى سمن.(4)
ص: 304
(وجعل يشبّ) إلى آخره.
يُقال: شبّ فلان يشِبّ _ بالكسر _ : إذا نما، وكبر، وارتفع. والمراد بالجمعة الاُسبوع تسمية للكلّ باسم الجزء. ويحتمل أن لا يكون بناء تلك التشبيهات على المساواة الحقيقيّة، بل على محض الإسراع في النموّ كما هو شايع في المحاورات.
وقوله: (تزهران) أي تضيئان. يُقال: زهرت النار والسراج _ كمنع _ زهورا: إذا أضاءت.
وقوله: (فمكثت تفعل) أي ما ذكر.
وقوله: (فتخرج في الحاجة) بيان للفعل.
وفي بعض النسخ: «تعتلّ» بدل «تفعل» وهو أظهر. وفي تاج اللّغة: «الاعتلال: بهانه آوردن».
وقوله: (فلمّا تحرّك) أي مشى.
وقوله: (فلمّا أرادت الانصراف أخذ بثوبها).
قال صاحب معارج النبوّة:
قال لاُمّه: هل غير هذه البقعة منزل آخر؟
قالت: نعم، أحسن وأوسع وأزين، وهذه البقعة ضيّقة، وإنّما أسكنتك خوفا من العدوّ وتحرّزا من قتلك. فالتمسها أن تخرجه معها، فلمّا أخرجته ليلاً رأى عليه السلام أرضا موضوعة مبسوطة وسماءً مرفوعة مزيّنة بزينة الكواكب، فقال ما حكاه جلّ شأنه عنه في القرآن الكريم: «فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبا»(1) الآية.(2)
وقوله: (القدوم) بفتح القاف.
قال الجوهري: «القدوم: التي ينحت بها مخفّفة. قال ابن السكّيت: ولا تقل: قدّوم بالتشديد. والجمع: قُدُم».(3)
وقال في النهاية: «القَدوم _ بالفتح وبالتخفيف والتشديد _ : قدوم النجّار».(4)
ص: 305
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ حُجْرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «خَالَفَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام قَوْمَهُ ، وَعَابَ آلِهَتَهُمْ حَتّى أُدْخِلَ عَلى نُمْرُودَ ،فَخَاصَمَهُ ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : «رَبِّىَ الَّذِى يُحْيِى وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِى وَأُمِيتُ»قَالَ إِبْرَاهِيمُ : «فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِى بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِى كَفَرَ وَاللّهُ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظّالِمِينَ»(1)» .
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «عَابَ آلِهَتَهُمْ ، «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى النُّجُومِ * فَقالَ إِنِّى سَقِيمٌ»(2)».
قَالَ(3) أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «وَاللّهِ مَا كَانَ سَقِيما وَمَا كَذَبَ .
فَلَمَّا تَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ إِلى عِيدٍ لَهُمْ ، دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام إِلى آلِهَتِهِمْ بِقَدُومٍ ، فَكَسَرَهَا إِلاَّ كَبِيرا لَهُمْ ، وَوَضَعَ الْقَدُومَ فِي عُنُقِهِ ، فَرَجَعُوا إِلى آلِهَتِهِمْ ، فَنَظَرُوا إِلى مَا صُنِعَ بِهَا ، فَقَالُوا : لاَ وَاللّهِ ، مَا اجْتَرَأَ عَلَيْهَا وَلاَ كَسَرَهَا إِلاَّ الْفَتَى الَّذِي كَانَ يَعِيبُهَا وَيَبْرَأُ مِنْهَا ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ قِتْلَةً أَعْظَمَ مِنَ النَّارِ ، فَجُمِعَ لَهُ الْحَطَبُ وَاسْتَجَادُوهُ حَتّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي يُحْرَقُ فِيهِ بَرَزَ لَهُ نُمْرُودُ وَجُنُودُهُ، وَقَدْ بُنِيَ لَهُ بِنَاءٌ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ كَيْفَ تَأْخُذُهُ النَّارُ ، وَوُضِعَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام فِي مَنْجَنِيقٍ ، وَقَالَتِ الْأَرْضُ : يَا رَبِّ ، لَيْسَ عَلى ظَهْرِي أَحَدٌ يَعْبُدُكَ غَيْرُهُ يُحْرَقُ بِالنَّارِ ، قَالَ الرَّبُّ : إِنْ دَعَانِي كَفَيْتُهُ» .
فَذَكَرَ أَبَانٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ ، عَمَّنْ رَوَاهُ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : «أَنَّ دُعَاءَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام يَوْمَئِذٍ كَانَ يَا أَحَدُ يَا أَحَدُ ، يَا صَمَدُ يَا صَمَدُ ، يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أَحَدٌ ، ثُمَّ قَالَ : تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ ، فَقَالَ الرَّبُّ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ كَفَيْتُ ، فَقَالَ لِلنَّارِ : «كُونِى بَرْدًا» » .
قَالَ : «فَاضْطَرَبَتْ أَسْنَانُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام مِنَ الْبَرْدِ حَتّى قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ : «وَسَلاما عَلى إِبْراهِيمَ» وَانْحَطَّ جَبْرَئِيلُ عليه السلاموَإِذَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلاميُحَدِّثُهُ فِي النَّارِ ، قَالَ نُمْرُودُ : مَنِ اتَّخَذَ إِلها ، فَلْيَتَّخِذْ مِثْلَ إِلهِ إِبْرَاهِيمَ» .
قَالَ : «فَقَالَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَائِهِمْ : إِنِّي عَزَمْتُ عَلَى النَّارِ أَنْ لاَتُحْرِقَهُ» قَالَ : «فَأَخَذَ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ
ص: 306
نَحْوَهُ حَتّى أَحْرَقَهُ» قَالَ : «فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ، وَخَرَجَ مُهَاجِرا إِلَى الشَّامِ هُوَ وَسَارَةُ وَلُوطٌ» .
(حُجر) بضمّ الحاء المهملة وسكون الجيم: ابن زائدة الحضرمي، وثّقه النجاشي.(1) وروى الكشّي في مدحه رواية(2) وفي ذمّه اُخرى.(3) وعلى تقدير توثيقه فالسند حسن موثّق، وسيأتي لهذا زيادة تحقيق إن شاء اللّه تعالى.
قوله: (وعاب آلهتهم).
في معارج النبوّة:
لامَ إبراهيم عليه السلام لوما شديدا لعبدَة الأصنام، وعاب آلهتهم، فقد كان يقول: «إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه ِ حَصَبُ جَهَنَّمَ»(4)، وكان يقول: «أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه ِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئا وَلاَ يَضُرُّكُمْ»(5) الآية، وكان يقول: «أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللّه ُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ»(6)، وقد كان يقول: إنّ إلهكم جمادٌ لا يسمع ولا يُبصر ولا يعقل ولا يُغني عنكم شيئا.
وبالجملة: كان دائما يذمّ القوم وأصنامهم، وقد نقل أنّهم كانوا ينحتون الأصنام، ويبيعونها في الأسواق، ويقولون: مَن يشتري إلها وصفه كذا وكذا، ويعدّون من الأوصاف الحسنة، فأخذ إبراهيم عليه السلام يوما صنما وشدّ حبلاً على رِجله ويجرّه على الأرض القذرة والطين في الأسواق والسّكك ويقول: من يشتري ما لا يضرّه ولا ينفعه، ويغبن ويخسر في شرائه، وهكذا يعدّ جملة معائبه.(7)
(حتّى اُدخل على نمرود).
قيل: إدخاله عليه بعد كسر الأصنام، وأنّه دخل عليه ولم يسجد، وكان من دأبهم السجودله عند الدخول عليه، فغضب نمرود وقال: لِمَ لم تسجد؟ فقال عليه السلام: لا أسجد إلاّ لربّي، فقال نمرود: ومَن ربّك؟ فقال عليه السلام: «رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ»؛ فقال: «أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ»وأحضر
ص: 307
رجلين فقتل أحدهما وأطلق الآخر، [و] زعم الأحمق أنّه أحياه وأماته.(1)
وقال: «أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ».
قال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
أي فقال نمرود: أنا اُحيي بالتخلية من الحبس من وجب عليه القتل، واُميت بالقتل من شئت، أي ممّن هو حيّ. وهذا جهل من الكافر؛ لأنّه اعتمد في المعارضة على العبارة فقط دون المعنى، عادلاً عن وجه الحجّة بفعل الحياة للميّت، أو الموت للحيّ على سبيل الاختراع الذي ينفرد سبحانه به، ولا يقدر عليه سواه.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: «فَإِنَّ اللّه َ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ».
قيل في انتقاله من حجّة إلى حجّة اُخرى وجهان.
أحدهما: أنّ ذلك لم يكن انتقالاً وانقطاعا عن إبراهيم؛ فإنّه يجوز من كلّ حكيم إيراد حجّة اُخرى على سبيل التأكيد بعدما ابتدأ به من الحِجاج، وعلامة تمامه ظهوره من غير اعتراض عليه بشبهة لها تأثير عند التأمّل والتدبّر.
والثاني: أنّ إبراهيم عليه السلامإنّما قال ذلك ليبيّن أنّ من شأن من يقدر على إحياء الأموات وإماتة الأحياء أن يقدر على إتيان الشمس من المشرق، فإن كنت قادرا على ذلك فأت بها من المغرب. وإنّما فعل ذلك؛ لأنّه لو تشاغل معه بأنّي أردت اختراع الحياة والموت من غير سبب ولا علاج لاشتبه على كثير ممّن حضر، فعدل إلى ما هو أوضح؛ لأنّ الأنبياء عليهم السلام إنّما بُعثوا للبيان والإيضاح، وليست اُمورهم مبنيّة على لجاج الخصمين وطلب كلّ واحد منهما غلبة خصمه.
وقد روي عن الصادق عليه السلام: «أنّ ابراهيم عليه السلام قال له: إحي مَنْ قتلته إن كنت صادقا، ثمّ استظهر عليه بما قال له ثانيا.
«فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ» أي تحيّر عند الانقطاع بما بانَ له من ظهور الحجّة.
«وَاللّه ُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» بالمعونة على بلوغ البغية من الفساد.
وقيل: معناه: لا يهديهم إلى المحاجّة كما يهدي أنبياءه [أولياءه]. وقيل: معناه: لا يهديهم بألطافه وتأييده إذا علم أنّه لا لطف لهم. وقيل: لا يهديهم إلى الجنّة.(2)
انتهى كلام الطبرسي رحمه الله.
ص: 308
قال الجوهري:
بهت الرجل _ بالكسر _ : إذا دهش وتحيّر. وبُهِت بالضمّ مثله. وأفصح منهما بُهِتَ، كما قال تعالى: «فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ»؛ لأنّه يقال: رجلٌ مبهوت، ولا يُقال: باهت ولا بَهيت.(1)
وقوله تعالى: «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ».
كذا في سورة الصافّات. وفي نسخ الكتاب: «ونظر» بالواو.
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
اختلف في معناه على أقوال:
أحدها: أنّه عليه السلام نظر في النجوم واستدلّ بها على وقت حمّى كانت تعتوره، فقال: إنّي سقيم، أراد أنّه قد حضر وقت علّته وزمان نوبتها، فكأنّه قال: إنّي سأسقم لا محالة، وحان الوقت [الذي] يعتريني فيه الحمّى، وقد يسمّى المشارف للشيء باسم الداخل فيه، قال اللّه تعالى: «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ»(2)، وليس نظره في النجوم على حسب ما ينظره المنجّمون طلبا للأحكام.
وثانيها: أنّه نظر في النجوم كنظرهم؛ لأنّهم كانوا يتعاظمون علم النجوم، فأوهمهم أنّه يقول بمثل قولهم، فقال عند ذلك: إنّي سقيم، فتركوه ظنّا منهم أنّ نجمه يدلّ على سقمه، ويجوز أن يكون اللّه علّمه بالوحي أنّه يسقمه في وقت مستقبل، وجعل العلامة على ذلك إمّا طلوع نجم على وجه مخصوص، أو اتّصاله بآخر على وجه مخصوص، فلمّا رأى إبراهيم عليه السلام تلك الأمارة قال: إنّي سقيم، تصديقا لما أخبره اللّه تعالى.
وثالثها: أنّ معناه: نظر في النجوم نظر تفكّر، فاستدلّ بها كما قصّه اللّه في سورة الأنعام على كونها محدثة غير قديمة ولا آلهة، وأشار بقوله: إنّي سقيم، إلى أنّه في حال مهلة النظر، وليس على يقين من الأمر ولا شفاء من العلم، وقد يسمّى الشكّ بأنّه سقم، كما يسمّى العلم بأنّه شفاء. عن أبي مسلم، وهو ضعيف.
ورابعها: أنّ معنى قوله: «إِنِّي سَقِيمٌ»، أي سقيم القلب، أو الرأي، حزنا من إصرار [القوم] على عبادة الأصنام، وهي لا تسمع ولا تبصر، ويكون على هذا معنى نظره
ص: 309
في النجوم: فكرته في أنّها محدثة مخلوقة مدبّرة، وتعجّبه كيف ذهب على العقلاء ذلك من حالها حتّى عبدوها.
وما رواه العيّاشي بإسناده عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام أنّهما قالا: «واللّه ما كان سقيما وما كذب»،(1) فيمكن أن يحمل على أحد الوجوه التي ذكرناها، ويمكن أن يكون على وجه التعريض بمعنى أنّ كلّ من كتب عليه الموت فهو سقيم وإن لم يكن به سقم في الحال،(2) انتهى.
والباء في قبله «بقدوم» للمصاحبة، أو للتعدية.
وقوله: «إِلاَّ كَبِيرا لَهُمْ».
قيل: إنّه كان من الذهب على سرير من فضّة مكلّلاً بالجواهر، وعلى يمينه ستّة وثلاثون صنما، وكذا على يساره.(3)
وقوله: (فلم يجدوا قتلة أعظم من النار).
القِتل _ بالكسر _ : الهيئة. يُقال: قتله قتلة سوء. والقتلة _ بالفتح _ : المرّة.
(فجمع له الحطب) على البناء للمفعول.
(واستجادوه).
الضمير للحطب، أو لجمعه. قال الجوهري: «استجدت الشيء: عددته جيّدا».(4)
وقال الفيروزآبادي: «جاد وأجاد: أتى بالجيّد. واستجاده: وجده، أو طلبه جيّدا».(5)
وحكى صاحب معارج النبوّة أنّ نمرود أمر الصغير والكبير والوضيع والشريف والرّجال والنساء بجمع الحطب يوما إلى الليل، واجتمع الحطب أربعة فراسخ في أربعة فراسخ، وارتفاعه كارتفاع الجبل، وكان في نواحي كوفة، ورأى أهل الشام لسان النار وسمع صوتها من كان على مسافة يوم وليلة.(6)
وقوله: (ووضع إبراهيم عليه السلام في منجنيق).
في القاموس: «المنجنيق _ ويكسر الميم _ : آلة تُرمى بها الحجارة [كالمنجنوق] معرّبة،
ص: 310
وقد تذكر فارسيّتها: من چه نيك، أي أنا ما أجودني»(1) انتهى.
وقد نقل أنّهم لمّا أرادوا لقاءه في النار لم يقدر أحد من الوصول إلى حواليها لشدّة حرّها، فحضر إبليس في صورة رجل، فعلّمهم صنعة المنجنيق، ووضع الحجر فيه بعد تمامه، وألقاه في النار، فاستحسنه نمرود وقومه، ثمّ وضعوا فيه إبراهيم عليه السلام.
وحكى في معارج النبوّة:
أنّ أهل السماوات والأرضين وسكّان الجبال والبحار جميعا تضرّعوا وقالوا: يا ربّ، ليس في الأرض أحدٌ يعبدك ويوحّدك غيره، فاحفظه، وإن أذنتنا في نصرته نصرناه. قال: أذنتكم، فجاء ملك، فقال: [يا] إبراهيم، أنا موكّل على الرِّياح، فأرسل عليهم الريح العقيم. وجاء آخر فقال: أنا موكّل على الماء، فأغرقهم. وجاء آخر فقال: أنا موكّل على الأرض فأخسفهم. فقال عليه السلام: خلّوا بيني وبين خليلي حتّى يفعل بي ما يشاء؛ إن حفظني فمن فضله وإحسانه، وإن أهلكني فمن التقصير في عبوديّته. ثمّ توسّل بنور ذاته تعالى وقال: توكّلت على اللّه ، فلمّا رمى به تقرّب منه جبرئيل عليه السلامفي الهواء، فقال: يا إبراهيم، هل لك حاجة؟ قال: أمّا إليك فلا، قال: لِمَ لا تطلب حاجتك منه، وليست صعوبة أشدّ من هذه؟! فقال: علمه بحالي حسبي من سؤالي، ولمّا خرج عليه السلامبالكلّية عن مقتضى طبيعة الإنسانيّة الطالبة للأسباب أخرج اللّه النار عن طبيعتها المقتضية للإحراق.(2)
وقوله: (فذكر ابان) إلى آخره، كلام البزنطي، والخبر بهذا السند مرسل.
وأشار بقوله: (فاضطربت أسنان إبراهيم عليه السلام من البرد) إلى سرعة إجابة أمره تعالى حتّى بلغت البرودة من أوّل الخطاب إلى الغاية، ثمّ رجعت من آخره إلى الاعتدال.
(حتّى قال اللّه عزّ وجلّ: «وَسَلاَما عَلَى إِبْرَاهِيمَ»(3)).
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدا وَسَلاَما عَلَى إِبْرَاهِيمَ»:
«أي ذات برد وسلام، أي ابردي بردا غير ضارّ. وقيل: نصب سلاما بفعله، أي وسلّمنا سلاما عليه».(4)
ص: 311
أقول: هذا الحديث صريح في أنّ نصب سلاما على العطف لا على تقدير الفعل كما لا يخفى.
حكى بعض المؤرّخين أنّ النار في حوالى إبراهيم عليه السلام صارت معتدلة بين الحرارة والبرودة في أربعين ذراعا _ أو في ثمانين على اختلاف الروايتين _ وصارت بستانا فيه أنواع من الأزهار وأنحاء من الأشجار والأثمار، واُتي له من الجنّة قبّة وسرير وطعام وشراب وأثواب، وجعل بين بستانه والنار ثلج لئلاّ تصل حرارة النار إليه، وجعلت الثلج لا يذوب بالنار، وجاء جبرئيل عليه السلاموميكائيل عليه السلام وجلسا عن يمينه وشماله وهو على السرير، وجاء ملك آخر بصورته يخدمه، وإسرافيل يجيء بطعامه وشرابه من الجنّة في الغداة والعشي، ورأى نمرود في المنام أنّه عليه السلام خرج من النار سالما، وكانت تلك الرؤيا بعد ثلاثة أيّام _ أو سبعة على اختلاف الروايتين _ فصعد منظرا عاليا ليرى حاله، فرآه في منزل مبارك مزيّن لم يُرَ مثله قط، ورأى رجلاً ماثلاً بين يديه، فتحيّر ونادى بصوت عال: يا إبراهيم، كيف نجوت من النار الشديدة ومن هو معك؟! قال: نجوت من فضل ربّي، وهذا ملك أرسله ربّي ليؤنسني ويخدمني. فقال نمرود: لقد اخترت ربّا عظيما له هذه القدرة، فهل تقدر أن تخرج من النار؟ فقام عليه السلام ومشى على النار إلى نمرود، فقام نمرود تعظيما له لمّا شاهد منه من الكرامة، فقال: يا إبراهيم، إنّي اُريد أن أتقرّب من ربّك بقربان!
فقال عليه السلام: إنّي ربّي لا يقبل منك حتّى تؤمن به وتقرّ بوحدانيّته.
فقال: إنّي لا أترك الملك والمال والعزّ والإقبال لكن أتقرّب إلى ربّك لمّا شهدت من آثار عظمته وقدرته فيك، فذبح أربعة آلاف _ وفي رواية _ أربعين الآف من البقر، وأربعة آلاف من الغنم والإبل.
وقيل: إنّه أراد أن يؤمن ووزيره هاران منعه، وقال له: إيمانك بربّ السماء أبعد إن كنت ربّ أهل الأرض، وتنزّلك من الربوبيّة إلى العبوديّة مذلّة ومنقصة لك، فأخذته العزّة وفسخ عزيمته، ثمّ إنّه تعالى منع إبراهيم عليه السلام عن صحبة نمرود ومجالسته، ولمّا شاهد الناس تلك المعجزة آمن به كثير منهم، ومنهم سارة بنت هاران بن عامر بن يقطر، وهاران هذا عمّ إبراهيم عليه السلام ووزير نمرود، ومنهم لوط عليه السلام.(1)
ص: 312
وقوله: (إنّي عزمت على النار أن لا تحرقه).
يحتمل كونه من العزيمة بمعنى القسم، أي أقسمتها. أو من الرقية.
قال الجوهري: «عزمت عليك، بمعنى أقسمت عليك».(1)
وقال الفيروزآبادي: «معزّم _ كمحدّث _ : الرّاقي».(2)
ويحتمل كونه من العزيمة بمعنى الإرادة، ويكون التفات، أي أردت أن أدخل النار وهي لا تحرقني وأفعل مثل فعل إبراهيم عليه السلام.
وقوله: (فأخذ عنق من النار) أي طائفة وقطعة منها.
قال الفيروزآبادي: «العنق _ بالضمّ وبضمّتين، وكصُرد _ : الجيد. ويؤنّث، والجماعة من الناس. ومن الخبز: القطعة منه».(3)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعا ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الْكَرْخِيِّ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام كَانَ مَوْلِدُهُ بِكُوثى(4) رُبَا ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِهَا ، وَكَانَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ وَأُمُّ لُوطٍ سَارَةَ وَوَرَقَةَ _ وَفِي نُسْخَةٍ : «رُقَيَّةَ» _ أُخْتَيْنِ وَهُمَا ابْنَتَانِ(5) لِلاَحِجٍ ، وَكَانَ اللاَّحِجُ نَبِيّا مُنْذِرا وَلَمْ يَكُنْ رَسُولاً ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلامفِي شَبِيبَتِهِ عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ الْخَلْقَ عَلَيْهَا، حَتّى هَدَاهُ اللّهُ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ إِلى دِينِهِ وَاجْتَبَاهُ ، وَإِنَّهُ تَزَوَّجَ سَارَةَ ابْنَةَ لاَحِجٍ وَهِيَ ابْنَةُ خَالَتِهِ ، وَكَانَتْ سَارَةُ صَاحِبَةَ مَاشِيَةٍ كَثِيرَةٍ وَأَرْضٍ وَاسِعَةٍ وَحَالٍ حَسَنَةٍ ، وَكَانَتْ قَدْ مَلَّكَتْ إِبْرَاهِيمَ عليه السلامجَمِيعَ مَا كَانَتْ تَمْلِكُهُ ، فَقَامَ فِيهِ وَأَصْلَحَهُ ، وَكَثُرَتِ الْمَاشِيَةُ وَالزَّرْعُ حَتّى لَمْ يَكُنّْ بِأَرْضِ كُوثى(6) رُبَا رَجُلٌ أَحْسَنُ حَالاً مِنْهُ ، وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلاملَمَّا كَسَرَ أَصْنَامَ نُمْرُودَ أَمَرَ بِهِ نُمْرُودُ ، فَأُوثِقَ وَعَمِلَلَهُ حَيْرا ، وَجَمَعَ لَهُ فِيهِ الْحَطَبَ ، وَأَلْهَبَ فِيهِ النَّارَ ، ثُمَّ قَذَفَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلامفِي النَّارِ لِتُحْرِقَهُ(7) ، ثُمَّ
ص: 313
اعْتَزَلُوهَا حَتّى خَمَدَتِ النَّارُ ، ثُمَّ أَشْرَفُوا عَلَى الْحَيْرِ ، فَإِذَا هُمْ بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلامسَلِيما مُطْلَقا مِنْ وَثَاقِهِ ، فَأُخْبِرَ نُمْرُودُ خَبَرَهُ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْفُوا إِبْرَاهِيمَ عليه السلاممِنْ بِلاَدِهِ ، وَأَنْ يَمْنَعُوهُ مِنَ الْخُرُوجِ بِمَاشِيَتِهِ وَمَالِهِ ، فَحَاجَّهُمْ إِبْرَاهِيمُ عليه السلامعِنْدَ ذلِكَ ، فَقَالَ : إِنْ أَخَذْتُمْ مَاشِيَتِي وَمَالِي ، فَإِنَّ حَقِّي عَلَيْكُمْ أَنْ تَرُدُّوا عَلَيَّ مَا ذَهَبَ مِنْ عُمُرِي فِي بِلاَدِكُمْ ، وَاخْتَصَمُوا إِلى قَاضِي نُمْرُودَ ، فَقَضى عَلى إِبْرَاهِيمَ عليه السلامأَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِمْ جَمِيعَ مَا أَصَابَ فِي بِلاَدِهِمْ ، وَقَضى عَلى أَصْحَابِ نُمْرُودَ أَنْ يَرُدُّوا عَلى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام مَا ذَهَبَ مِنْ عُمُرِهِ فِي بِلاَدِهِمْ ، فَأُخْبِرَ بِذلِكَ نُمْرُودُ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُخَلُّوا سَبِيلَهُ وَسَبِيلَ مَاشِيَتِهِ وَمَالِهِ وَ أَنْ يُخْرِجُوهُ ، وَقَالَ : إِنَّهُ إِنْ بَقِيَ فِي بِلاَدِكُمْ أَفْسَدَ دِينَكُمْ وَأَضَرَّ بِآلِهَتِكُمْ ، فَأَخْرَجُوا إِبْرَاهِيمَ وَلُوطا مَعَهُ _ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمَا _ مِنْ بِلاَدِهِمْ إِلَى الشَّامِ ، فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَمَعَهُ لُوطٌ لاَيُفَارِقُهُ وَسَارَةُ ، وَقَالَ لَهُمْ : «إِنِّى ذاهِبٌ إِلى رَبِّى سَيَهْدِينِ»(1) يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ .
فَتَحَمَّلَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِمَاشِيَتِهِ وَمَالِهِ ، وَعَمِلَ تَابُوتا ، وَجَعَلَ فِيهِ سَارَةَ ، وَشَدَّ عَلَيْهَا الْأَغْلاَقَ غَيْرَةً مِنْهُ عَلَيْهَا ، وَمَضى حَتّى خَرَجَ مِنْ سُلْطَانِ نُمْرُودَ ، وَصَارَ إِلى سُلْطَانِ رَجُلٍ مِنَ الْقِبْطِ يُقَالُ لَهُ : عَرَارَةُ ، فَمَرَّ بِعَاشِرٍ لَهُ ، فَاعْتَرَضَهُ الْعَاشِرُ لِيَعْشُرَ مَا مَعَهُ ، فَلَمَّا انْتَهى إِلَى الْعَاشِرِ وَمَعَهُ التَّابُوتُ ، قَالَ الْعَاشِرُ لاِءِبْرَاهِيمَ عليه السلام : افْتَحْ هذَا التَّابُوتَ حَتّى نَعْشُرَ مَا فِيهِ ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : قُلْ مَا شِئْتَ فِيهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَتّى نُعْطِيَ عُشْرَهُ وَلاَ نَفْتَحَهُ» .
قَالَ(2) : «فَأَبَى الْعَاشِرُ إِلاَّ فَتْحَهُ» .
قَالَ : «وَغَضِبَ(3) إِبْرَاهِيمَ عليه السلام عَلى فَتْحِهِ ، فَلَمَّا بَدَتْ لَهُ سَارَةُ _ وَكَانَتْ مَوْصُوفَةً بِالْحُسْنِ وَالْجَمَالِ _ قَالَ لَهُ الْعَاشِرُ : مَا هذِهِ الْمَرْأَةُ مِنْكَ؟ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : هِيَ حُرْمَتِي وَابْنَةُ خَالَتِي ، فَقَالَ لَهُ الْعَاشِرُ : فَمَا دَعَاكَ إِلى أَنْ خَبَيْتَهَا فِي هذَا التَّابُوتِ؟ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : الْغَيْرَةُ عَلَيْهَا أَنْ يَرَاهَا أَحَدٌ . فَقَالَ لَهُ الْعَاشِرُ : لَسْتُ أَدَعُكَ تَبْرَحُ حَتّى أُعْلِمَ الْمَلِكَ حَالَهَا وَحَالَكَ» .
قَالَ : «فَبَعَثَ رَسُولاً إِلَى الْمَلِكِ فَأَعْلَمَهُ ، فَبَعَثَ الْمَلِكُ رَسُولاً مِنْ قِبَلِهِ لِيَأْتُوهُ بِالتَّابُوتِ ، فَأَتَوْا لِيَذْهَبُوا بِهِ ، فَقَالَ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : إِنِّي لَسْتُ أُفَارِقُ التَّابُوتَ حَتّى تُفَارِقَ رُوحِي جَسَدِي ، فَأَخْبَرُواالْمَلِكَ بِذلِكَ ، فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ : أَنِ احْمِلُوهُ وَالتَّابُوتَ مَعَهُ ، فَحَمَلُوا إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَ التَّابُوتَ وَجَمِيعَ مَا كَانَمَعَهُ حَتّى أُدْخِلَ عَلَى الْمَلِكِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : افْتَحِ التَّابُوتَ ، فَقَالَ لَهُ(4) إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، إِنَّ فِيهِ
ص: 314
حُرْمَتِي وَابْنَةَ(1) خَالَتِي وَأَنَا مُفْتَدٍ فَتْحَهُ بِجَمِيعِ مَا مَعِي» .
قَالَ : «فَغَضِبَ(2) الْمَلِكُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام عَلى فَتْحِهِ ، فَلَمَّا رَأى سَارَةَ ، لَمْ يَمْلِكْ حِلْمُهُ سَفَهَهُ أَنْ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَأَعْرَضَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلامبِوَجْهِهِ عَنْهَا وَعَنْهُ غَيْرَةً مِنْهُ، وَقَالَ: اللّهُمَّ احْبِسْ يَدَهُ عَنْ حُرْمَتِي وَابْنَةِ خَالَتِي ، فَلَمْ تَصِلْ يَدُهُ إِلَيْهَا ، وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : إِنَّ إِلهَكَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِي هذَا؟ فَقَالَ لَهُ : نَعَمْ ، إِنَّ إِلهِي غَيُورٌ يَكْرَهُ الْحَرَامَ ، وَهُوَ الَّذِي حَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَا أَرَدْتَ مِنَ الْحَرَامِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : فَادْعُ إِلهَكَ يَرُدَّ عَلَيَّ يَدِي ، فَإِنْ أَجَابَكَ فَلَمْ(3) أَعْرِضْ لَهَا ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : إِلهِي رُدَّ عَلَيْهِ يَدَهُ لِيَكُفَّ عَنْ حُرْمَتِي» .
قَالَ : «فَرَدَّ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ عَلَيْهِ يَدَهُ ، فَأَقْبَلَ الْمَلِكُ نَحْوَهَا بِبَصَرِهِ ، ثُمَّ عَادَ(4) بِيَدِهِ نَحْوَهَا ، فَأَعْرَضَ إِبْرَاهِيمُ عَنْهُ بِوَجْهِهِ غَيْرَةً مِنْهُ ، وَقَالَ : اللّهُمَّ احْبِسْ يَدَهُ عَنْهَا» .
قَالَ : «فَيَبِسَتْ يَدُهُ ، وَلَمْ تَصِلْ إِلَيْهَا ، فَقَالَ الْمَلِكُ لاِءِبْرَاهِيمَ عليه السلام : إِنَّ إِلهَكَ لَغَيُورٌ ، وَإِنَّكَ لَغَيُورٌ ، فَادْعُ إِلهَكَ يَرُدَّ عَلَيَّ يَدِي ، فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ لَمْ أَعُدْ ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : أَسْأَلُهُ ذلِكَ عَلى أَنَّكَ إِنْ عُدْتَ لَمْ تَسْأَلْنِي أَنْ أَسْأَلَهُ ، فَقَالَ لَهُ(5) الْمَلِكُ : نَعَمْ ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : اللّهُمَّ إِنْ كَانَ صَادِقا فَرُدَّ عَلَيْهِ يَدَهُ ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ يَدُهُ ، فَلَمَّا رَأى ذلِكَ الْمَلِكُ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا رَأى ، وَرَأَى الاْيَةَ فِي يَدِهِ ، عَظَّمَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَهَابَهُ وَأَكْرَمَهُ وَاتَّقَاهُ ، وَقَالَ لَهُ : قَدْ أَمِنْتَ مِنْ أَنْ أَعْرِضَ لَهَا أَوْ لِشَيْءٍ مِمَّا مَعَكَ ، فَانْطَلِقْ حَيْثُ شِئْتَ ، وَلكِنْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : مَا هِيَ؟ فَقَالَ لَهُ : أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُخْدِمَهَا قِبْطِيَّةً عِنْدِي جَمِيلَةً عَاقِلَةً تَكُونُ لَهَا خَادِما» .
قَالَ: «فَأَذِنَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام، فَدَعَا بِهَا، فَوَهَبَهَا لِسَارَةَ، وَهِيَ هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام، فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلامبِجَمِيعِ مَا مَعَهُ ، وَخَرَجَ الْمَلِكُ مَعَهُ يَمْشِي خَلْفَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام إِعْظَاما لاِءِبْرَاهِيمَ عليه السلاموَهَيْبَةً لَهُ ، فَأَوْحَى اللّهُ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ إِلى إِبْرَاهِيمَ أَنْ قِفْ ، وَلاَ تَمْشِ قُدَّامَ الْجَبَّارِ الْمُتَسَلِّطِ وَيَمْشِي هُوَخَلْفَكَ ، وَلكِنِ اجْعَلْهُ أَمَامَكَ ، وَامْشِ خَلْفَهُ(6) وَعَظِّمْهُ وَهَبْهُ ، فَإِنَّهُ مُسَلَّطٌ ، وَلاَ بُدَّ مِنْ إِمْرَةٍ فِي الْأَرْضِ،بَرَّةٍ أَوْ فَاجِرَةٍ .
فَوَقَفَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ، وَقَالَ لِلْمَلِكِ : امْضِ ؛ فَإِنَّ إِلهِي أَوْحى إِلَيَّ السَّاعَةَ أَنْ أُعَظِّمَكَ وَأَهَابَكَ ،
ص: 315
وَأَنْ أُقَدِّمَكَ أَمَامِي ، وَأَمْشِيَ خَلْفَكَ إِجْلاَلاً لَكَ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَوْحى إِلَيْكَ بِهذَا؟ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : نَعَمْ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَشْهَدُ أَنَّ إِلهَكَ لَرَفِيقٌ حَلِيمٌ كَرِيمٌ ، وَإِنَّكَ تُرَغِّبُنِي فِي دِينِكَ» .
قَالَ : «وَوَدَّعَهُ الْمَلِكُ ، فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام حَتّى نَزَلَ بِأَعْلَى الشَّامَاتِ ، وَخَلَّفَ لُوطا عليه السلامفِي أَدْنَى الشَّامَاتِ ، ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلاملَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ ، قَالَ لِسَارَةَ : لَوْ شِئْتِ لَبِعْتِنِي هَاجَرَ لَعَلَّ اللّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا مِنْهَا وَلَدا ، فَيَكُونَ لَنَا خَلَفا ، فَابْتَاعَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلامهَاجَرَ مِنْ سَارَةَ ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا ، فَوَلَدَتْ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام» .
السند مجهول.
قوله: (كان مولده بكوثى ربا).
كوثى، كطوبى _ بالثاء المثلّثة _ : قرية بالعراق.
وربى _ كهدى _ : اسم موضع، ولعلّ كوثى نُسبت إليه.
وفي بعض كتب القصص: كوثى ربا: أرض العراق، وهي أرض ذات أشجار وأنهار.(1)
وقال الجزري:
في حديث علي عليه السلام: قال له رجل: أخبرني يا أمير المؤمنين عن أصلكم معاشر قريش، فقال: نحن [قوم] من كوثى، أراد كوثى العراق وهي سرّة السواد، وبها ولد إبراهيم الخليل عليه السلام.(2)
وقال صاحب الكامل:
اختلف في الموضع الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام؛ فقيل: ولد بالسوس من أرض الأهواز. وقيل: ولد ببابل. وقيل: بكوثى. وقيل: بحرّان. ولكن أباه نقله.(3)
وفي بعض النسخ: «مولده بكوثى ربا» بالباء فيهما، وكأنّه تصحيف.
(وكان أبوه من أهلها) أي من أهل كوثى.
ص: 316
(وكانت اُمّ إبراهيم واُمّ لوط _ صلّى اللّه عليهما _ سارة وورقة).
الظاهر أنّ النشر على ترتيب اللّف. وقيل: اسم اُمّ إبراهيم عليه السلام نونا،(1) وذكر صاحب الكامل أنّ لوطا كان ابن أخي إبراهيم عليه السلام.(2) وفي بعض النسخ: «امرأة إبراهيم وامرأة [لوط]».
(وهما ابنتان للاحج) بتقديم المهملة على المعجمة.
وضبط في كثير من النسخ: «لاحج» كضارب، وفي بعضها: «الأحجّ» كالأشدّ.
(وكان إبراهيم عليه السلام في شبيبته على الفطرة) أي كان في أوّل العمر والشباب على فطرة الإسلام.
(التي فطر اللّه _ عزّ وجلّ _ الخلق عليها) لم يتدنّس بشيء من أدناس الكفر والشرك حتّى بلغ وبعث.
قال الجزري: «يُقال: شبّ يُشِبّ شبابا فهو شابّ، و[الجمع:] شببة وشبّان».(3)
وقال الفيروزآبادي: «الشباب: الفتا، كالشبيبة، وأوّل الشيء».(4)
(وأنّه تزوّج سارة ابنة لاحج) وهي غير سارة المذكورة.
(وهي ابنة خالته) وكانت سميّة لاُمّه وخالته هذه إمّا ورقة أو غيرها، ولا خفاء بالنظر إلى ما ذكره آنفا أنّ ابنة لاحج كانت خالته لا ابنة خالته، ففيه إمّا حذف _ أي ابنة ابنة لاحج _ أو كان الأصل هكذا فتوهّم النسّاخ التكرار فأسقطوا إحداهما؛ إذ اُريد بالابنة ابنة الابنة مجازا أو حقيقةً على اختلاف القولين.
وقوله: (قد ملّكت) من التمليك.
وقوله: (إبراهيم عليه السلام) مفعوله الأوّل، و(جميع ما كانت تملكه) مفعوله الثاني.
وقوله: (وعمل له حيرا).
الحَير _ بالفتح _ : شبه الحظيرة، والحمى، ومنه الحير بكربلاء.
وحكى بعض المؤرِّخين أنّ نمرود بعد المناظرة وعجزه عن الجواب أمر بحبسه في
ص: 317
السجن، وبقي فيه أربعين يوما _ وقيل: سبع سنين _ ثمّ أخرجه منه ليحرقه بعد تمام الحير، وجمع الحطب فيه، وبنى بناءً عاليا مشرفا عليه حتّى ينظر إلى إبراهيم عليه السلام وهو في النار.(1)
وقوله: (وألهب فيه النار) أي أوقدها.
وقوله: (من بلادهم) هي أرض بابل.
وَقَالَ [لهم:] «إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ»(2) إلى ما فيه صلاح ديني، أو إلى مقصدي.
(فتحمّل إبراهيم بماشيته وماله)؛ الباء للتعدية، أو للمصاحبة.
(وعمل تابوتا) أي صندوقا.
قال الجوهري: «التابوت، أصله تابُوَة، مثل ترقوة، وهو فعلوة، فلمّا سكنت الواو انقلبت هاء التأنيث تاء».(3)
(وشدّ عليها الأغلاق)؛ الضمير لسارة.
وفي بعض النسخ: «عليه» فالضمير للتابوت. والأغلاق: جمع غلق _ بالتحريك _ كجمل وإجمال. والغلق والمغلاق: ما يغلق به الباب.
(غيرةً منه عليها) يعني إنّما فعل ذلك لئلاّ يراها أحد.
وروي أنّها كانت في غاية الحسن وكمال الجمال حتّى أنّ حُسن يوسف عليه السلام كان سهمان من ستّة أسهم من حسنها، وكانت كصورة حوراء.(4)
(ومضى حتّى خرج من سلطان نمرود) أي مملكته، حيث يصل سلطنته إليها.
وفي هذا دلالة على أنّ نمرود لم يملك الأرض شرقها وغربها خلافا لبعض المؤرِّخين.(5)
(وصار إلى سلطان رجل من القبط) بالكسر، وهو أهل مصر.
(يُقال له: عرارة) بالعين المهملة والراي مهملتين بينهما ألف.
(فمرّ بعاشر له) أي لعرارة.
ص: 318
(فاعترضه العاشر) أي وقع فيه، أو تصدّى له.
(ليعشر ما معه).
يقال: عشرهم _ كنصر _ عشرا: إذا أخذ عُشر أموالهم. والعاشر والعشار: قابضه.
وقوله: (وغضب إبراهيم عليه السلام على فتحه) بالضاد المعجمة فيما رأيناه من النسخ، وكأنّه على البناء للفاعل. وقيل: للمفعول. وقيل: كلمة «على» تعليليّة.
قال الفيروزآبادي: الغضب _ بالتحريك _ ضدّ الرضى. غَضِبَ عليه وله _ كسمع _ : إذا كان حيّا، وغضب به: إذا كان ميّتا»(1) فتأمّل.
وقراءة بعض الأفاضل بالصّاد المهملة وقال: «أي غصب العاشر إبراهيم عليه السلام»(2) على فتحه.
قال الفيروزآبادي: «غصب فلانا على الشيء: قهره».(3)
وقوله: (هي حرمتي).
قال الفيروزآبادي: «الحرمة _ بالضمّ وبضمّتين وكهمزة _ : ما لا يحلّ انتهاكه».(4)
وقال الجوهري: «حرمة الرجل: حرمه وأهله».(5)
وقوله: (فلم أعرض لها).
كان الأصل: لم أتعرّض لها، فصحّف.
قال الفيروزآبادي: «عرض له كذا يعرض: ظهر عليه وبدا، كعرض كسمع. والشيء له: أظهره له. وتعرّض له: تصدّى».(6)
وقال في تاج اللّغة: «العرض: فراميش آمدن، وآشكار كردن، وفعله كضرب».
وقوله: (أن اُخدمها قبطيّة).
قال الجوهري: «أخدمه، أي أعطاه خادما».(7)
وفي القاموس: «القِبط _ بالكسر _ : أهل مصر. ورجلٌ قبطي _ بالكسر _ وهي بهاء».(8)
ص: 319
وقوله: (فوهبها لسارة وهي هاجر اُمّ إسماعيل عليه السلام).
في القاموس: «هاجر _ بفتح الجيم _ : اُمّ إسماعيل عليه السلام، ويقال لها: آجر أيضا».(1)
وقال صاحب معارج النبوّة:
إنّ إبراهيم عليه السلاماشترى حمارا بعشرين درهما، وحمل عليها سارة حتّى بلغ حوالي مصر، وكان فيه ملك جبّار مشغوف بالنسوان، وكانت عادته أن كلّ امرأة كان لها حسن وجمال يأمر عمّاله بإحضارها عنده، فإن قبلها أخذها، وإلاّ ردّها إلى أهلها، وقد بالغ في ذلك حتّى أرسل أرقاما إلى جميع مملكته وعمّاله، فلمّا سمع إبراهيم عليه السلامذلك جعل سارة في صندوق، فلمّا بلغ إلى العاشر قصد فتحه، فقال عليه السلام: اعتبر ما فيه حريرا أو ديباجا وخُذ عشره، فأبى، فقال: اعتبره ذهبا وفضّة، فأبى، فقال: اعتبره جواهرا ولؤلؤا، فأبى إلاّ أن يفتح الصندوق، ففتحه ورآها، فتعجّب وتحيّر من حسنها، وكتب الواقعة إلى الملك، فأمر الملك بالإحضار، فلمّا رآها تحيّر ولم يرَ مثلها قطّ، فقال لإبراهيم: ما منزلتها منك؟
قال: اُختي؛ يعني في الدِّين ولم يقل: زوجتي، خوف أن يقصد قتله، أو يأمره بالطلاق.
وعند ذلك مدَّ يده إليها، فدعت سارة، فشلّت يده، ولم تتحرّك _ وقيل: عميت عيناه أيضا _ فقال: مَن أنتِ وما حالك؟
فقالت: أنا زوجة إبراهيم نبيّ اللّه .
قال: ادعي لي، ولن أفعل مثل ذلك بعد!
فدعت له، فلمّا رجعت يده إلى حالتها الأصليّة رجع إلى ما كان حتّى صدر منه ثلاث مرّات، فأخرج السوء عن خاطره [و] عظّمها وأعطاها جارية جميلة وقال: إنّها أجر دعائك. ومنه سمّيت هاجر. وقيل: أعطاها أغناما ومواشي أيضا.
وروي أنّها حين اُدخلت في القصر أمر بخروج إبراهيم عنه، فخرج مضطربا وتوسّل إلى اللّه ، ورفع اللّه _ عزّ وجلّ _ الحجاب تسلّيا [له عليه السلام] حتّى رأى جميع ما وقع فيه، فلمّا خرجت من القصر أخبرها بجميع ما مضى.(2)
ص: 320
وقوله: (وعظّمه وهَبْهُ).
قال الجوهري: «الهيبة: المهابة، وهي الإجلال، والمخافة. وقد هابه يهابه، والأمر منه: هب _ بفتح الهاء _ ؛ لأنّ أصله هاب، سقطت الألف لاجتماع الساكنين».(1)
(ولابدّ من إمرة في الأرض) أي ذو أمارة وولاية.
قال في القاموس: «أمر علينا _ مثلّثة _ : إذا ولّى. والاسم: الإمرة بالكسر».(2)
(أو فاجرة) أي لابدّ في نظام العالم من إحداهما، فإذا رفع الفاجر يد سلطان الحقّ عنها ينتظم الاُمور في الجملة، وإن عوقب بعدم تمكين العادل المحقّ.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ جَمِيعا ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِيِّ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : أَ لاَ تَنْهى هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ عَنْ هذَا الرَّجُلِ .
فَقَالَ : «مَنْ هذَا الرَّجُلِ؟ وَمَنْ هذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ(3)؟»
قُلْتُ : أَ لاَ تَنْهى حُجْرَ بْنَ زَائِدَةَ وَعَامِرَ بْنَ جُذَاعَةَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ؟
فَقَالَ : «يَا يُونُسُ ، قَدْ سَأَلْتُهُمَا أَنْ يَكُفَّا عَنْهُ فَلَمْ يَفْعَلاَ ، فَدَعَوْتُهُمَا وَسَأَلْتُهُمَا وَكَتَبْتُ إِلَيْهِمَا ، وَجَعَلْتُهُ حَاجَتِي إِلَيْهِمَا ، فَلَمْ يَكُفَّا عَنْهُ ، فَلاَ غَفَرَ اللّهُ لَهُمَا ، فَوَ اللّهِ لَكُثَيِّرُ عَزَّةَ أَصْدَقُ فِي مَوَدَّتِهِ مِنْهُمَا فِيمَا يَنْتَحِلاَنِ مِنْ مَوَدَّتِي حَيْثُ يَقُولُ :
أَ لاَ زَعَمَتْ بِالْغَيْبِ أَلاَّ أُحِبَّهَا ***إِذَا أَنَا لَمْ يُكْرَمْ عَلَيَّ كَرِيمُهَا
أَمَا وَاللّهِ لَوْ أَحَبَّانِي لَأَحَبَّا مَنْ أُحِبُّ» .
السند ضعيف.
قوله: (ألاّ تنهى حُجر بن زائدة وعامر بن جذاعة عن المفضّل بن عمر).قال العلاّمة رحمه الله في كتاب الإيضاح: «حجر _ بضمّ الحاء المهملة وإسكان الجيم والراء
ص: 321
أخيرا _ : ابن زائدة _ بالزاء والدال المهملة _ الحضرمي، بالضاد المعجمة»(1) انتهى.
أقول: هذا الخبر صريح في ذمّهما ومدح المفضّل، لكنّه ضعيف بالحسين بن أحمد ويونس بن ظبيان، وكذا ما رواه الكشّي بسند فيه إرسال عن عبد اللّه بن الوليد، قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: «ما تقول في مفضّل(2)؟» قلت: وما عسيت أن أقول [فيه] بعدما سمعت منك؟! فقال: «رحمه اللّه ، لكن عامر بن جذاعة وحجر بن زائدة أتياني فعاباه عندي، فسألتهما الكفّ عنه فلم يفعلا، ثمّ سألتهما أن يكفّا عنه وأخبرتهما بسروري بذلك فلم يفعلا، فلا غفر اللّه لهما»(3) لكنّه مرسل كما عرفت.
وقال النجاشي: «حُجر بن زائدة روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام؛ ثقة صحيح المذهب، صالح من هذه الطائفة».(4)
وأمّا عامر بن جذاعة فالأصحاب وإن لم يصرّحوا بتوثيقه، إلاّ أنّه نقل عن الكشّي أنّه وحجر بن زائدة من الحواريّين للباقر والصادق عليهماالسلام.(5)
وبالجملة: سند الجرح مجروح، ومن ثمّ قال العلاّمة: «والتعديل أرجح».(6)
وقوله: (لكثيّر عزّة)؛ اللاّم للابتداء.
وكُثيّر _ بضمّ الكاف وفتح الثاء المثلّثة وكسر الياء المشدّدة _ : اسم شاعر، وكان موالي أهل البيت عليهم السلام. وعزّة _ بفتح العين المهملة والزاء المعجمة المشدّدة المفتوحة _ : محبوبة كثيّر، والإضافة للاختصاص.
وقال بعض العامّة: إنّما صغّر؛ لأنّه كان شديد القصر، واسمه عبد الرحمن، أحد عشّاق العرب، وهو صاحب عزّة بنت جميل، وأكثر شعره فيها، وكان رافضيّا شديد التعصّب لآل أبي طالب، وتوفّى سنة خمسين ومائة.(7)
وقوله:
(ألا زعمت بالغيب إلاّ أحبّها ***إذا أنا لم يكرم عليَّ كريمها)
ص: 322
«ألا» حرف بيّنة، و«زعمت» على صيغة المؤنّث المغائبة، والمستتر فيهما عائد إلى المحبوبة.
و«بالغيب» منصوب المحلّ على الحاليّة، أي حال كونها غائبة عنّي.
و«إذا» جواب وجزاء، تأويلها: إن كان الأمر كما زعمت، وهذا دليل على فساد زعمها؛يعني الناصح زعمها لم يكن كريما من حيث هو كريمها وحبيبها مكرما عندي، ولكنّه عندي مكرّم فلم يصحّ زعمها.
والحاصل: إنّي إذا لم أكن محبّا لمن يحبّها لم أكن محبّا لها.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنِ الْقَاسِمِ شَرِيكِ الْمُفَضَّلِ _ وَكَانَ رَجُلَ صِدْقٍ _ قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، يَقُولُ : «خَلْقٌ(1) فِي الْمَسْجِدِ يَشْهَرُونَّا وَيَشْهَرُونَ أَنْفُسَهُمْ ، أُولئِكَ لَيْسُوا مِنَّا ، وَلاَ نَحْنُ مِنْهُمْ ، أَنْطَلِقُ فَأُدَارِي(2) وَأَسْتُرُ ، فَيَهْتِكُونَ سِتْرِي، هَتَكَ اللّهُ سُتُورَهُمْ(3) ، يَقُولُونَ : إِمَامٌ ، أَمَا وَاللّهِ مَا أَنَا بِإِمَامٍ إِلاَّ مَنْ(4) أَطَاعَنِي ، فَأَمَّا مَنْ عَصَانِي فَلَسْتُ لَهُ بِإِمَامٍ ، لِمَ يَتَعَلَّقُونَ بِاسْمِي؟ أَ لاَ يَكُفُّونَ اسْمِي مِنْ أَفْوَاهِهِمْ؟ فَوَ اللّهِ لاَ يَجْمَعُنِي اللّهُ وَإِيَّاهُمْ فِي دَارٍ» .
السند حسن.
قوله: (خلق في المسجد) مبتدأ.
وفي بعض النسخ: «حلق» بالحاء المهملة، وهو _ بالتحريك وكبدَر _ جمع حلقة.
وقوله: (يشهرونّا) صفته، والخبر قوله: (اُولئك)، أو هو الخبر، و«اُولئك» مع ما بعده جملة مستأنفة.
ص: 323
قال الفيروزآبادي: «الشُهرة _ بالضمّ _ : ظهور الشيء في شنعه. شهره _ كمنعه _ وشهّره».(1)
وقوله: (ليسوا منّا) أي من حزبنا وفي عداد شيعتنا.
(ولا نحن منهم) أي من حزبهم وفي زمرة أئمّتهم؛ لبطلان الارتباط الدينيّة بيننا وبينهم. وهذا كالصريح في أنّ المذيع خارج عن دين اللّه .
(أنطلق) على صيغة المتكلّم.
وكذا قوله: (فاُداري) من المداراة وهي المدافعة والملائنة ضدّ، وأصله من الدرء.
وقوله: (يقولون: إمام) بالرفع، على أنّه خبر مبتدأ محذوف، أي الصادق عليه السلام إمام.
ويحتمل أن يُراد هذا اللّفظ، أي يتلفّظون بلفظ الإمام ولا يفهمون، معناه: ولا يعملون بمقتضاه. ويؤيّد الأوّل قوله: (ما أنا بإمام إلاّ مَن أطاعني).
في بعض النسخ: «إلاّ لمن».
وقوله: (لِمَ يتعلّقون باسمي).
«لِمَ» بكسر اللاّم وفتح الميم لفظ يستفهم به، وأصله «ما» وصلت باللاّم.
والتعلّق: التمسّك، والتشبّث.
وقوله: (ألا يكفّون)؛ الهمزة للاستفهام على سبيل اللؤم والتفريع، ولا للنفي، وفيه تعليم وترغيب على ترك تشهيره بذكر اسمه خصوصا لفظ الإمام، أو تنبيه على أنّه ليس لهم من التشيّع نصيب إلاّ القول، وهو بمجرّده لا ينفعهم.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنْ ذَرِيحٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «لَمَّا خَرَجَتْ قُرَيْشٌ إِلى بَدْرٍ ، وَأَخْرَجُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَعَهُمْ ، خَرَجَ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَنَزَلَ رُجَّازُهُمْ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ ، وَنَزَلَ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَرْتَجِزُ ، وَيَقُولُ :
يَا رَبِّ ، إِمَّا تُعَزِّزَنْ(2) بِطَالِبٍ ***فِي مِقْنَبٍ مِنْ هذِهِ الْمَقَانِبِ
ص: 324
فِي مِقْنَبِ الْمُغَالِبِ الْمُحَارِبِ(1)***بِجَعْلِهِ الْمَسْلُوبَ غَيْرَ السَّالِبِ
وَجَعْلِهِ الْمَغْلُوبَ غَيْرَ الْغَالِبِ
فَقَالتْ قُرَيْشٌ : إِنَّ هذَا لَيَغْلِبُنَا ، فَرَدُّوهُ» .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام: «أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ» .
السند صحيح على الأصحّ.
(فنزل رجّازهم وهم يرتجزون).
في القاموس:
الرجز _ بالتحريك _ : ضربٌ من الشعر وزنهُ مستفعلن ستّ مرّات. وزعم الخليل أنّه ليس بشعر، وإنّما هو أنصاف أبيات وأثلاث. والاُرجوزة كالقصيدة منه الجمع أراجيز، وقد رجز وارتج،(2) انتهى.
وقيل: الرجز هو الكلام المفقور، كما صرّح ابن إسحاق في السيرة، واختلف أهل العروض في أنّ الرجز شعر أم لا، واحتجّ المانع بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله ارتجز كما وقع في بعض الروايات للعامّة والشعر عليه حرام، قال اللّه : «وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي»(3)، واعترض بأنّه لو سلم ارتجازه فنقول: قد صرّح المازري بأنّهم اتّفقوا على أنّه ليس الشعر إلاّ ما قصد وزنه، فإن جرى على اللّسان من أن يقصد وزنه فليس بشعر، وعليه يحمل ما جاء من ذلك عنه صلى الله عليه و آله.(4)وقوله: (يا ربّ أما تعزّزن بطالب).
قال الفيروزآبادي:
عزّ يعزّ عزّا وعزّةً بكسرهما، وعزازة صار عزيزا، كتعزّز وقوى بعد ذلّة، وأعزّه وعزّزه، وعزّ عليَّ أن تفعل كذا: حقّ واشتدّ. وعززت عليه أعزّ: كرُمْتُ. وعزّه _ كمدّه _ : غلبه في المعازّة. ومن عزّ بزّ، أي من غَلَبَ سَلَبَ، انتهى.(5)
ص: 325
والباء على بعض الاحتمالات للتعدية، وعلى بعضها للتقوية، فتدبّر.
(في مقنب من هذه المقانب).
هذه الفقرة صفة لطالب، والمشار إليه بهذه مقانب قريش وعساكرهم.
قال الفيروزآبادي: «المقنب _ كمنبر _ من الخيل: ما بين الثلاثين إلى الأربعين، أو زُهاء ثلاثمائة».(1)
وقال الجزري: «المقنب _ بالكسر _ : جماعة الخيل والفرسان. وقيل: هو دون المائة».(2)
والظرف في قوله: (في مقنب المغالب المحارب) متعلّق بقوله: «تعزّزن»، وكأنّ المراد بالقنب في هذه الفقرة مقنب المسلمين.
(بجعله المسلوب غير السالب).
قيل: الباء للسببيّة، والظرف متعلّق ب «تعزّزن»، والضمير راجع إلى «طالب»، والإضافة إلى الفاعل، والمسلوب: المختلس بصيغة اسم المفعول، والسالب: المختلس بصيغة اسم الفاعل، من السَلَب _ بالتحريك _ وهو ما يأخذه أحد الفريقين من الآخر في الحرب من ثياب القتيل وآلات الحرب كدرع وسلاح ومركوب وسرح ولجام وغير ذلك، وهما مفعولان لطالب،(3) وقس عليه.
قوله: (وجعله المغلوب غير الغالب).
قال بعض الشارحين:
كلامه ذو وجهين؛ لأنّه يحتمل أن يُراد بالمسلوب والمغلوب أهل الإسلام، وأن يراد بهما أهل الشرك، والثاني هو المراد بدليل قوله: (وفي رواية اُخرى: أنّه كان أسلم) فطلب من اللّه تعالى العزّة والغَلَبة، بأن يجعل المغلوب من اختلسه الشيطان غير سالب ومختلِس لأهل الإسلام، أو يجعل المغلوب بالهوى غير غالب على أهل الايمان. ولمّا كان المشركون من أهل اللسان فهموا مقصوده وإن كان مفادابالتورية، فلذلك اُمروا بردّه؛ لئلاّ يفسد عليهم، ويلحق بأهل الإسلام، ويوقع
ص: 326
التفرقة بين المشركين،(1) انتهى.
وقال بعض الأفاضل: إنّ ارتجازه في بعض ما ظفرنا عليه من السير هكذا:
يا ربّ إمّا خرجوا بطالب ***في مقنب من هذه المقانب
فاجعلهم المغلوب غير غالب ***وارددهم المسلوب غير السّالب
وقال صاحب الكامل في ذكر قصّة بدر: وكان بين طالب ابن أبي طالب وهو في القوم وبين بعض قريش محاورة فقالوا: واللّه لقد عرفنا أنّ هواكم مع محمّد، فرجع طالب فيمن رجع إلى مكّة. وقيل: إنّه اُخرج كرها فلم يوجد في الأسرى ولا في القتلى ولا فيمن رجع إلى مكّة، وهو الذي يقول:
يا ربّ إمّا يعزّزن طالب ***في مقنب من هذه المقانب
فليكن المسلوب غير السالب وليكن المغلوب غير الغالب(2)
ثمّ قال الفاضل المذكور: أقول: على ما نقلناه من الكتابين ظهر أنّه لم يكن راضيا بهذه المقالة، وكان يريد ظفر النبيّ صلى الله عليه و آله إمّا لأنّه كان قد أسلم كما تدلّ عليه المرسلة، أو لمحبّة القرابة، فالذي يخطر بالبال في توجيه ما في الخبر أن يكون قوله: «بجعله» بدل اشتمال لقوله «بطالب» أي إمّا تجعل الرسول صلى الله عليه و آله غالبا بمغلوبيّة طالب حال كونه في مقانب عسكر مخالفيه الذين يطلبون الغلبة عليه، بأن تجعل طالبا مسلوب الثياب والسلاح غير سالب لأحد من عسكر النبيّ صلى الله عليه و آله، وبجعله مغلوبا منهم غير غالب عليهم.
وفي النسخة القديمة التي عندنا هكذا:
يا ربّ إمّا يغززن بطالب ***في مقنب من هذه المقانب
في مقنب المغالب المحارب *** فاجعله المسلوب غير السالب
واجعله المغلوب غير الغالب
وهو أظهر، ويوافق ما نقلناه من السِّير. ويؤيّد ما ذكرنا من البيان والتفسير كما لا يخفى،(3) انتهى.
ص: 327
وقوله: (إنّ هذا ليغلبنا) أي يريد غلبة الخصوم علينا، أو يصير تخاذله سببا لغلبتهم علينا.
وقيل: أي يفخر علينا ويظنّ أنّه إنّما يغلب عليهم بإعانته.(1)
حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفَضَّلِ(2) ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «جَاءَتْ فَاطِمَةُ عليهاالسلام إِلى سَارِيَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ تَقُولُ _ وَتُخَاطِبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله _ :
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ ***لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ يَكْثُرِ(3) الْخَطْبُ
إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الْأَرْضِ وَابِلَهَا***وَاخْتَلَّ قَوْمُكَ فَاشْهَدْهُمْ وَلاَ تَغِبُ» .
السند مجهول، وكونه موثّقا احتمال.
قوله: (سارية في المسجد) السارية: الاُسطوانة.
وقوله: (قد كان بعدك أنباءٌ وهنبثةٌ).
«أنباء» بتقديم النون على الباء جمع النبأ، والهنبثة: واحدة الهنابث، وهي الاُمور الشديدة المختلفة. والهنبثة: الاختلاط في القول، والنون زائدة.
(لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب).
في بعض النسخ: «لم يكبر» بالباء الموحّدة.
الشاهد: الحاضر. والضمير راجع إلى هنبثة، أو على الأنباء أيضا.
وقال الجزري: «الخطب: الأمر الذي يقع فيه المخاطبة، والشأن، والحال، ومنه [قولهم:]جلّ الخطب، أي عظُم الأمر والشأن».(4)
ص: 328
(إنّا فقدناك فقْدَ الأرض وابلها).
في القاموس: «الوابل: المطر الشديد الضخم القطر».(1)
(واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغب).
في كشف الغمّة: «واختلّ قومك لما غِبْتَ وانقلبوا».(2)
أَبَانٌ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فِي الْمَسْجِدِ إِذْ خُفِضَ لَهُ كُلُّ رَفِيعٍ ، وَرُفِعَ لَهُ كُلُّ خَفِيضٍ حَتّى نَظَرَ إِلى جَعْفَرٍ عليه السلام يُقَاتِلُ الْكُفَّارَ» قَالَ : «فَقُتِلَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : قُتِلَ جَعْفَرٌ ، وَأَخَذَهُ الْمَغْصُ فِي بَطْنِهِ» .
السند موثّق على احتمال.
قوله: (قال: فقتل).
فاعله أبو عبد اللّه عليه السلام.
(وأخذه المغص في بطنه).
في القاموس: «المغص _ ويحرّك _ : وجع في البطن. مَغَصَ _ كعنى _ فهو مغموص».(3)
والظاهر إرجاع الضميرين إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله أخذه هذا الداء للحزن والغمّ بما شاهد من قتل جعفر.
نقل عن القرطبي أنّه قال:
جعفر كان أكبر من علي بعشر سنين، وكان من المهاجرين الأوّلين، وهاجر إلىالحبشة، وقدم منها بعد فتح خيبر، فعانقه رسول اللّه وقال: «ما أدري بالهما أنا أشدّ فرحا بقدوم جعفر، أم بفتح خيبر، وكان قدومه في السنة السابعة من الهجرة، وقتل
ص: 329
في غزوة موتة.(1)
قال الجوهري: «الموتة _ بالهمزة _ : اسم أرض قتل فيها جعفر بن أبي طالب».(2)
حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ(3) بْنِ أَحْمَدَ الدِّهْقَانِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الطَّاطَرِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ بَيَّاعِ السَّابِرِيِّ ، عَنْ أَبَانٍ(4) ، عَنْ عَجْلاَنَ أَبِي صَالِحٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «قَتَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام بِيَدِهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَرْبَعِينَ» .
السند مجهول.
قوله: (قتل عليّ بن أبي طالب عليه السلام بيده يوم حنين أربعين).
كذا ذكره المفيد في إرشاده(5) وبعض أهل السِّير. قال الفيروزآبادي: «حُنَيْن _ كزُبَير _ : موضع بين الطائف ومكّة».(6)
أَبَانٌ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَطَاءٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : أَتى جَبْرَئِيلُ عليه السلام رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِالْبُرَاقِ أَصْغَرَ مِنَ الْبَغْلِ ، وَأَكْبَرَ مِنَ الْحِمَارِ، مُضْطَرِبَ الْأُذُنَيْنِ ، عَيْنُهُ(7) فِي حَافِرِهِ ، وَخُطَاهُ(8) مَدَّ بَصَرِهِ ، وَإِذَا انْتَهى إِلى جَبَلٍ قَصُرَتْ يَدَاهُ وَطَالَتْ رِجْلاَهُ ، فَإِذَا هَبَطَ طَالَتْ يَدَاهُ وَقَصُرَتْ رِجْلاَهُ ، أَهْدَبَ الْعُرْفِ الْأَيْمَنِ ، لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ خَلْفِهِ» .
ص: 330
السند مجهول.
قوله: (مضطرب الاُذنين).
هذه خلّة ممدوحة في الدّواب. قال الجوهري: «الموج يضطرب، أي يضرب بعضه بعضا. والاضطراب: الحركة».(1)
(عينه في حافره).
الحافر للدابّة كالقدم للإنسان، وهذا يحتمل أن يكون بيانا للواقع، أو كنايةً عن حدّة بصره ومعرفته بما يضع حافره عليه بحيث يرى ما تحت حافره كما يرى ما يقابله.
(وخطاه مدّ بصره).
قيل: كأنّ كون خطاه مدّ بصره كناية من كون قطعه الطريق على قدر معرفته به ورؤيته.(2)
أقول: لا مانع من حمله على ظاهره حقيقةً أو مبالغةً.
قال الجوهري: «الخُطوة _ بالضمّ _ : ما بين القدمين، وجمع القلّة: خطوات، والكثير: خُطىً».(3) وفي بعض النسخ: «خطامه» وكأنّه تصحيف. والخِطام _ بالكسر _ : الزِّمام.
(أهدب العرف الأيمن) أي طويل العرف، أو كثيره، أو هما معا، وكان مرسلاً في جانبه الأيمن.
قال الجوهري: «الأهدب: الرجل الكثير أشفار العين».(4)
وقال الجزري: «في صفته صلى الله عليه و آله: كان أهدف الأشفار، أي طويل شعر الأجفان».(5)
وقال الفيروزآبادي: «العُرف _ بالضمّ _ : شعر عنق الفرس، ويضمّ راؤه».(6)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنْ فَيْضِ بْنِ الْمُخْتَارِ ، قَالَ :
ص: 331
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «كَيْفَ تَقْرَأُ(1) «وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا»(2)؟» قَالَ : «لَوْ كَانُوا(3) «خُلِّفُوا» لَكَانُوا(4) فِي حَالِ طَاعَةٍ(5) ، وَلكِنَّهُمْ خَالَفُوا : عُثْمَانُ وَصَاحِبَاهُ ، أَمَا وَاللّهِ مَا سَمِعُوا صَوْتَ حَافِرٍ ، وَلاَ قَعْقَعَةَ حَجَرٍ إِلاَّ قَالُوا : أُتِينَا ، فَسَلَّطَ اللّهُ عَلَيْهِمُ الْخَوْفَ حَتّى أَصْبَحُوا» .
السند مجهول.
قوله: (كيف تقرأ).
«كيف» للسؤال، أو للإنكار.
«وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا».
قال اللّه _ عزّ وجلّ _ في سورة التوبة: «لَقَدْ تَابَ اللّه ُ عَلَى النَّبِىِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لاَ مَلْجَأَ مِنْ اللّه ِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللّه َ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه َ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ»(6).
قال بعض المفسّرين:
إنّ قوله تعالى: «وَعَلَى الثَّلاَثَةِ» عطف على قوله: «عَلَى النَّبِىِّ» أي تاب على الثلاثة، وهم كعب بن مالك، وهلال بن اُميّة، ومرارة بن الربيع.
وقوله: «خُلِّفُوا» أي تخلّفوا عن الغزو، أو خُلِّف أمرهم؛ فإنّهم المرجون لأمر اللّه .
وقوله: «إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ»أي برحبها لإعراض الناس عنهم بالكلّيّة، وهو مثل لشدّة الحيرة.
وقوله: «وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ» أي قلوبهم من فرط الوحشة والغمّ بحيث لا يسعها اُنس وسرور، وقوله: «ظَنُّوا»أي علموا «أَنْ لاَ مَلْجَأَ مِنْ اللّه ِ»أي من سخطه «إِلاَّ إِلَيْهِ»أي إلى استغفاره «ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ»بالتوفيق للتوبة «لِيَتُوبُوا»، أو أنزل
ص: 332
قلوب توبتهم ليعدّوا من جملة التوّابين، أو رجع عليهم بالقبول والرحمة مرّة بعد اُخرى ليستقيموا على توبتهم.
«إِنَّ اللّه َ هُوَ التَّوَّابُ» لمن تاب، ولو عاد في اليوم مائة مرّة «الرَّحِيمُ»متفضّل عليهم بالنِّعم.(1)
وقال الشيخ الطبرسي:
القراءة المشهورة: الذين خلّفوا. وقرأ عليّ بن الحسين وأبو جعفر الباقر والصادق عليهم السلاموأبو عبد الرحمن السلمي: خالفوا. وقرأ عكرمة وزر بن حبيش وعمرو بن عبيد: خلفوا، بفتح الخاء واللاّم خفيفة.(2)
ثمّ قال:
نزلت في كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن اُميّة، وذلك أنّهم تخلّفوا عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ولم يخرجوا معه، لا عن نفاق، لكن عن توان، ثمّ ندموا، فلمّا قدم النبيّ صلى الله عليه و آلهالمدينة جاؤوا إليه واعتذروا، فلم يكلّمهم النبيّ، وتقدّم إلى المسلمين أن لا يكلّمهم أحد منهم، فهجرهم الناس حتّى الصبيان، وجاءت نساؤهم إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقلن: يا رسول اللّه ، نعتزلهم؟ فقال: لا، ولكن لا يقربوكنّ. فضاقت عليهم المدينة، وخرجوا إلى رؤوس الجبال، وكان أهاليهم يجيئون لهم بالطعام ولا يكلّمونهم، فقال بعضهم لبعض: قد هجرنا الناس ولا يكلّمنا أحد فهلاّ نتهاجر نحن أيضا، فتفرّقوا ولم يجتمع منهم اثنان، وبقوا على ذلك خمسين يوما يتضرّعون إلى اللّه ويتوبون إليه، فقبلَ اللّه توبتهم وأنزل فيهم هذه الآية.
ثمّ قال مجاهد(3): معناه: خلفوا عن غزوة تبوك لمّا تخلّفوا هم، وأمّا قراءة أهل البيت عليهم السلام«خالفوا» فإنّهم قالوا: لو كانوا خلّفوا لما توجّه عليهم العتب، ولكنّهم خالفوا،(4) انتهى.
إذا تمهّد هذا فنقول: ظاهر هذا الخبر أنّه عليه السلام خطأ قراءة التخليف وتفسير الثلاثة بما ذكر، فأشار إلى الأوّل بقوله: (لو كانوا خلفوا) أي لو كان خلّفهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله ورخّص لهم في
ص: 333
القعود، كما يدلّ عليه التخليف. (لكانوا في حال طاعة)؛ إذ التخليف يشعر بأنّه صلى الله عليه و آله خلّفهم، فكانوا في طاعته، فلا يتوجّه إليهم اللّوم والتوبيخ، وهذا يحتمل أن يكون تخطئة لأصل هذه القراءة، ويؤيّده قوله: (ولكنّهم خالفوا) أو لتفسيره بمعنى تخلّفوا؛ إذ لم ينقل من أهل اللّغة مجيء التخليف بمعنى التخلّف، ويلزم منه تخطئة القراءة أيضا كما لا يخفى.
وأشار إلى الثاني بقوله: (ولكنّهم خالفوا) أي الثلاثة المذكورين في الآية خالفوا رسول اللّه صلى الله عليه و آله.
قيل: مخالفتهم في ادّعاء الولاية، وانتحال الخلافة.(1)
وأنت خبير بعدم ملائمته بقوله: (واللّه ما هو صوت حاف) إلى آخره، بل التحقيق ما ذكره بعض المحقّقين من أنّ هذا الخبر يدلّ على أنّ أبا بكر وصاحبيه كان وقع منهم أيضا تخلّف عند خروج النبيّ صلى الله عليه و آله إلى تبوك، فسلّط اللّه عليهم الخوف في تلك الليلة حتّى ضاقت عليهم الأرض برحبها وسعتها، وضاقت عليهم أنفسهم؛ لكثرة خوفهم وحزنهم، حتّى أصبحوا ولحقوا بالنبيّ صلى الله عليه و آله واعتذروا إليه.(2)
وبالجملة: المراد بمخالفتهم هنا تخلّفهم عن تلك الغزوة.
ثمّ أشار عليه السلام إلى تفسير الثلاثة بقوله: (عثمان وصاحباه) أي هم هذه الثلاثة.
وقوله عليه السلام: (أما واللّه ما سمعوا صوت حافر) إلى آخره، إشارة إلى تفسير قوله تعالى: «حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ»(3) الآية، وحاصله: أنّه حصل لهم بسبب تلك المخالفة خوفٌ عظيم ورعبٌ شديد.
وقوله: (ولا قعقعة حجر).
قال الفيروزآبادي: «القعقعة: حكاية صوت السلاح، وتحريك الشيء اليابس الصّلب مع صوت وطرد الثور بقع وقع».(4)
(إلاّ قالوا: اُتينا) على البناء للمفعول.
ص: 334
قال الفيروزآبادي: «أتى _ كعنى _ : أشرف عليه العدوّ. واُتي عليه الدهر: أهلكه».(1)
(فسلّط اللّه _ عزّ وجلّ _ عليهم الخوف حتّى أصبحوا).
قد عرفت سبب خوفهم.
وقال بعض الشارحين بعد تفسير قوله عليه السلام: «ولكنّهم خلفوا» بالمخالفة في ادّعاء الخلافة كما عرفت آنفا: أنّ تسليط الخوف عليهم في كلّ ليلة، خصوصا في ليلة القدر؛ لأنّ كلّ خائن خائف، وقد مرّ في تفسير «إنّا أنزلناه» في كتاب [الحجّة] عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديثٍ طويل قال: «إن كانا _ أي الأوّلان _ ليعرفان تلك الليلة، أي ليلة القدر بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله من شدّة ما تداخلهما من الرعب»(2) هذا كلامه،(3) فتأمّل.
ثمّ اعلم أنّه لا دلالة في الآية على قبول توبتهم؛ لما ذكرنا من الاحتمالات في تفسير قوله تعالى: «ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا».
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : تَلَوْتُ «التّائِبُونَ الْعابِدُونَ»(4) فَقَالَ : «لاَ ، اقْرَأِ «التَّائِبِينَ الْعَابِدِينَ» إِلى آخِرِهَا ، فَسُئِلَ عَنِ الْعِلَّةِ فِي ذلِكَ ، فَقَالَ : اشْتَرى مِنَ الْمُؤمِنِينَ التَّائِبِينَ الْعَابِدِينَ» .
السند ضعيف.
قوله: (تلوت) أي قرأت.
«التّائِبُونَ الْعابِدُونَ».
قال اللّه _ عزّ وجلّ _ في سورة التوبة: «إِنَّ اللّه َ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ
ص: 335
لَهُمْ الْجَنَّةَ _ إلى قوله _ عزّ وجلّ: _ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الاْمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّه ِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ»(1)، قال البيضاوي:
«التائبون» رفع على المدح، أي هم التائبون، والمراد بهم المؤمنون المذكورون، ويجوز أن يكون مبتدأ خبره محذور تقديره: التائبون [من] أهل الجنّة وإن لم يجاهدوا، لقوله: «وَكُلاًّ وَعَدَ اللّه ُ الْحُسْنَى»(2)، أو خبره ما بعده، أي التائبون عن الكفر على الحقيقة هم الجامعون لهذه الخصال. وقرئ بالياء نصبا على المدح، أو جرّا صفة للمؤمنين،(3) انتهى.
ونسب الشيخ الطبرسي رحمه الله(4) وصاحب الكشّاف(5) قراءة «التابئين العابدين» إلى آخرها بالياء إلى عبد اللّه بن مسعود واُبيّ والأعمش.
(فقال لا) أي لا تقرأها بالواو، بل (اقرأ: التائبين العابدين، إلى آخرها) بالياء.
(فسئل عن العلّة في ذلك) أي عن سبب قراءتها بالياء.
(فقال عليه السلام: اشترى من المؤمنين التائبين العابدين) أي أنّها أوصاف للمؤمنين.
وفيه دلالة على جواز الفصل بين الصفة والموصوف بالاثنين.
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَبَلَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «هكَذَا أَنْزَلَ اللّهُ عَزَّوَجَلَّ : لَقَدْ جَاءَنَا رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِنَا عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتْنَا حَرِيصٌ عَلَيْنَا بِالْمُؤمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ» .
السند ضعيف.
ص: 336
قوله: (لقد جاءنا رسول من أنفسنا).
قيل: أي من جنسنا عربيّ مثلنا،(1) فيكون حكاية عن قول المؤمنين كقوله: «رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا»(2).
(عزيزٌ عليه) أي شديد شاقّ على ذلك الرسول.
(ما عنِتنا) أي عنتنا ولقاءنا المكروه لكمال شفقته علينا.
قال الفيروزآبادي: «العنت _ محرّكة _ : الفساد، والإثم، والهلاك، ودخول المشقّة على الإنسان، ولقاء الشدّة، والزنا، والوهي، والانكسار، واكتساب المآثم».(3)
(حريصٌ علينا) أي على إيماننا وصلاح شأننا.
(بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم).
قيل: الرأفة كون القلب بحيث يتأثّر عن وصول الأذى إلى الغير، والرحمة ميل القلب إلى الإحسان.(4)
وقال البيضاوي: «قدّم الأبلغ منهما وهو رؤوف؛ لأنّ الرأفة شدّة الرحمة محافظة على الفواصل».(5)
واعلم أنّ هذه القراءة مخالفة لما في أيدي الناس.
وقال بعض الأفاضل:
كأنّ المراد بقوله عليه السلام (هكذا أنزل اللّه ) أنّه تعالى أنزله ليقرأه بعد قراءة قوله تعالى: «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ»الآية، تصديقا له.(6)
ولا يخفى بُعده، واللّه يعلم.
مُحَمَّدٌ ، عَنْ أَحْمَدَ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ :
عَنِ الرِّضَا عليه السلام : «فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا» قُلْتُ : هكَذَا؟ قَالَ :
ص: 337
«هكَذَا نَقْرَؤهَا ، وَهكَذَا تَنْزِيلُهَا» .
السند موثّق.
قوله: «فَأَنْزَلَ اللّه ُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ»(1) إلى آخره.
في سورة التوبة: «ثُمَّ أَنزَلَ اللّه ُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودا لَمْ تَرَوْهَا»(2)، وفي موضع آخر منها: «فَأَنزَلَ اللّه ُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا»(3)، والظاهر أنّ المراد هنا الثانية تبدّل قوله عليه وعلى رسوله.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ سُوَيْدٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ فِي هذِهِ الاْيَةِ : «فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ»(4) فَقَالَ : «إِنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَمَّا نَزَلَ قُدَيْدَ قَالَ لِعَلِيٍّ عليه السلام : يَا عَلِيُّ ، إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُوَالِيَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَفَعَلَ ، وَسَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُوَاخِيَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَفَعَلَ ، وَسَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَكَ وَصِيِّي فَفَعَلَ ، فَقَالَ رَجُلاَنِ مِنْ قُرَيْشٍ : وَاللّهِ لَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ فِي شَنٍّ بَالٍ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا سَأَلَ مُحَمَّدٌ رَبَّهُ ، فَهَلاَّ سَأَلَ رَبَّهُ مَلَكا يَعْضُدُهُ عَلى عَدُوِّهِ ، أَوْ كَنْزا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ فَاقَتِهِ ، وَاللّهِ مَا دَعَاهُ إِلى حَقٍّ وَلاَ بَاطِلٍ إِلاَّ أَجَابَهُ إِلَيْهِ ، فَأَنْزَلَ اللّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى «فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ» إِلى آخِرِ الاْيَةِ» .
السند مجهول.
قوله: (في هذه الآية) في سورة هود عليه السلام: «فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ».
ص: 338
قال بعض المفسّرين:
أي تترك [تبليغ] بعض ما يوحى إليك، وهو ما يخالف رأي المشركين مخافة ردّهم واستهزائهم به، ولا يلزم من توقّع الشيء لوجود ما يدعو إليه وقوعه؛ لجواز أن يكون ما يصرف عنه، وهو عصمة الرسل عن الخيانة في الوحي مانعا «وَضائِقٌ بِهِ» أي بذلك البعض وتبليغه «صَدْرُكَ» وعارض لك أحيانا ضيق صدر مخافة «أَنْ يَقُولُوا»، أو لأن يقولوا:«لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ» ينفقه في الاستمتاع كالملوك «أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ» يصدّقه: وقيل: الضمير في «به» مبهم يفسّره «أن يقولوا».(1)
ورووا عن ابن عبّاس أنّ رؤساء مكّة من قريش أتوا رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفقال: يا محمّد، إن كنت رسولاً فحوّل لنا جبال مكّة ذهبا، أو ائتنا بملائكة يشهدون لك بالنبوّة، فأنزل اللّه :
«فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ»(2) أي بعض القرآن، وهو ما فيه سبّ آلهتهم، فلا تبلّغهم إيّاه دفعا لشرّهم وخوفا منهم.
(فقال: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله لمّا نزل قديد) كزبير: اسم واد وموضع بين الحرمين.
وقوله: (في شنّ).
قال الفيروزآبادي: «الشن وهي بهاء القربة الخلق الصغيرة».(3)
وكان المراد بقوله: (واللّه ما دعاه) ما دعا رسول اللّه عليه السلام عليّا عليه السلام. (إلى حقّ ولا إلى باطل إلاّ أجابه إليه).
والحاصل: أنّه إنّما سأل تلك المنازل لعليّ عليه السلام لوفور محبّته له، وسبب تلك المحبّة كثرة انقياده له في كلّ ما دعاه إليه وأمره به، ولذا يختلق فيه تلك المفتريات. ويظهر من هذا التفسير أنّ المراد ببعض ما يوحى ما نزل في عليّ عليه السلام.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :
سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا
ص: 339
يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ»(1)؟
فَقَالَ : «كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً ، فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ لِيَتَّخِذَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ» .
السند حسن.
قوله: (عن قول اللّه تعالى) في سورة هود عليه السلام: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ»؛ مشيّة حتميّة وإرادة جبريّة.
«لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً» مسلمين كلّهم.
قال الجوهري:
الاُمّة: الجماعة. قال الأخفش: هو في اللّفظ واحد، وفي المعنى جمع. والاُمّة: الطريقة، والدِّين. يُقال: فلان لا اُمّة له، أي لا دين له، ولا نحلة. وقوله تعالى: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ»(2) قال الأخفش: يريد أهل اُمّة، أي خير أهل دين.(3)
«وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ».
قال البيضاوي:
أي بعضهم على الحقّ، وبعضهم على الباطل «إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ» إلاّ ناسا هداهم اللّه من فضله، فاتّفقوا على ما هو اُصول دين الحقّ والعمدة فيه «وَ لِذَ لِكَ خَلَقَهُمْ»؛ إن كان الضمير للناس، فالإشارة إلى الاختلاف، واللاّم للعاقبة، أو إليه وإلى الرحمة، وإن كان ل «من» فإلى الرحمة.(4)
(فقال: كانوا اُمّة واحدة) في الباطل، كما قبل نوح وإبراهيم عليهماالسلام.
(فبعث اللّه النبيّين ليتّخذ عليهم الحجّة) فمن تبعهم فهو المرحوم.
والحاصل: أنّهم كانوا جميعا على الشرك والضلالة، ولو شاء لتركهم كذلك، ولكن أراد أن يتّخذ عليهم الحجّة، فبعث النبيّين.
وقيل: يحتمل أن يكون المراد أنّهم كانوا في زمن آدم عليه السلام في بدو التكليف كلّهم مؤمنين.(5)
ص: 340
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمَّادٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْنا»(1) قَالَ : «مَنْ تَوَلَّى الْأَوْصِيَاءَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَاتَّبَعَ آثَارَهُمْ ، فَذَاكَ يَزِيدُهُ وَلاَيَةَ مَنْ مَضى مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُؤمِنِينَ الْأَوَّلِينَ حَتّى تَصِلَ وَلاَيَتُهُمْ إِلى آدَمَ عليه السلام ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها»(2) يُدْخِلُهُ(3) الْجَنَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ»» يَقُولُ : «أَجْرُ الْمَوَدَّةِ الَّذِي لَمْ أَسْأَلْكُمْ غَيْرَهُ ، فَهُوَ لَكُمْ تَهْتَدُونَ بِهِ ، وَتَنْجُونَ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
وَقَالَ لِأَعْدَاءِ اللّهِ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ أَهْلِ التَّكْذِيبِ وَالاْءِنْكَارِ : «قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ»(4) يَقُولُ مُتَكَلِّفا أَنْ أَسْأَلَكُمْ مَا لَسْتُمْ بِأَهْلِهِ .
فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ عِنْدَ ذلِكَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَمَا يَكْفِي مُحَمَّدا أَنْ يَكُونَ قَهَرَنَا عِشْرِينَ سَنَةً حَتّى يُرِيدُ أَنْ يُحَمِّلَ أَهْلَ بَيْتِهِ عَلى رِقَابِنَا ، فَقَالُوا : مَا أَنْزَلَ اللّهُ هذَا ، وَمَا هُوَ إِلاَّ شَيْءٌ يَتَقَوَّلُهُ يُرِيدُ أَنْ يَرْفَعَ أَهْلَ بَيْتِهِ عَلى رِقَابِنَا ، وَلَئِنْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ أَوْ مَاتَ لَنَنْزِعَنَّهَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، ثُمَّ لاَ نُعِيدُهَا فِيهِمْ أَبَدا .
وَأَرَادَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ أَنْ يُعْلِمَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله الَّذِي أَخْفَوْا فِي صُدُورِهِمْ وَأَسَرُّوا بِهِ ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ عَزَّ وَجَلَّ : «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِبا فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ»(5) يَقُولُ : لَوْ شِئْتُ حَبَسْتُ عَنْكَ الْوَحْيَ ، فَلَمْ تَكَلَّمْ بِفَضْلِ أَهْلِ بَيْتِكَ وَلاَ بِمَوَدَّتِهِمْ .
وَقَدْ قَالَ اللّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : «وَيَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ» يَقُولُ : الْحَقُّ لِأَهْلِ بَيْتِكَ الْوَلاَيَةُ «إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» وَيَقُولُ بِمَا أَلْقَوْهُ فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ لِأَهْلِ بَيْتِكَ(6) وَالظُّلْمِبَعْدَكَ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ».(7)
ص: 341
وَفِي قَوْلِ اللّه ِ(1) عَزَّ وَجَلَّ : «وَالنَّجْمِ إِذا هَوى» قَالَ : أُقْسِمُ بِقَبْرِ(2) مُحَمَّدٍ إِذَا قُبِضَ «ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ»بِتَفْضِيلِهِ أَهْلَ بَيْتِهِ «وَما غَوى * وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى» يَقُولُ : مَا يَتَكَلَّمُ بِفَضْلِ أَهْلِ بَيْتِهِ بِهَوَاهُ وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى».(3) وَقَالَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله : «قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِى ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِىَ الْأَمْرُ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ»(4) قَالَ : لَوْ أَنِّي أُمِرْتُ أَنْ أُعْلِمَكُمُ الَّذِي أَخْفَيْتُمْ فِي صُدُورِكِمْ مِنِ اسْتِعْجَالِكُمْ بِمَوْتِي لِتَظْلِمُوا أَهْلَ بَيْتِي مِنْ بَعْدِي ، فَكَانَ مَثَلُكُمْ كَمَا قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ : «كَمَثَلِ الَّذِى اسْتَوْقَدَ نارا فَلَمّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ»(5) يَقُولُ : أَضَاءَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ مُحَمَّدٍ كَمَا تُضِيءُ الشَّمْسُ ، فَضَرَبَ(6) مَثَلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آلهالشَّمْسَ ، وَمَثَلَ الْوَصِيِّ الْقَمَرَ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : «جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُورا»(7) وَقَوْلُهُ : «وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ»(8) وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : «ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِى ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ»(9) يَعْنِي قُبِضَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله وَظَهَرَتِ الظُّلْمَةُ ، فَلَمْ يُبْصِرُوا(10) فَضْلَ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : «وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ».(11)ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَضَعَ الْعِلْمَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ عِنْدَ الْوَصِيِّ ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «اللّهُ نُورُ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ»(12) يَقُولُ : أَنَا هَادِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، مَثَلُ الْعِلْمِ الَّذِي أَعْطَيْتُهُ _ وَهُوَ نُورِيَ الَّذِي يُهْتَدى بِهِ _ مَثَلُ الْمِشْكَاةِ فِيهَا الْمِصْبَاحُ ، فَالْمِشْكَاةُ قَلْبُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، وَالْمِصْبَاحُ النُّورُ الَّذِي فِيهِ الْعِلْمُ ، وَقَوْلُهُ : «الْمِصْباحُ فِى زُجاجَةٍ»يَقُولُ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْبِضَكَ ، فَاجْعَلِ الَّذِي عِنْدَكَ عِنْدَالْوَصِيِّ كَمَا يُجْعَلُ الْمِصْبَاحُ فِي الزُّجَاجَةِ «كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ»فَأَعْلَمَهُمْ فَضْلَ الْوَصِيِّ «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ»(13) فَأَصْلُ الشَّجَرَةِ الْمُبَارَكَةِ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «رَحْمَتُ اللّهِ
ص: 342
وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»(1) وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحا وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».(2) «لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ»يَقُولُ : لَسْتُمْ بِيَهُودٍ فَتُصَلُّوا قِبَلَ الْمَغْرِبِ ، وَلاَ نَصَارى فَتُصَلُّوا قِبَلَ الْمَشْرِقِ ، وَأَنْتُمْ عَلى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام ، وَقَدْ قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ : «ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفا مُسْلِما وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ».(3)
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : «يَكادُ زَيْتُها يُضِى ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِى اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ» يَقُولُ : مَثَلُ أَوْلاَدِكُمُ الَّذِينَ يُولَدُونَ مِنْكُمْ كَمَثَلِ الزَّيْتِ الَّذِي يُعْصَرُ مِنَ الزَّيْتُونِ «يَكادُ زَيْتُها يُضِى ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِى اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ»يَقُولُ : يَكَادُونَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالنُّبُوَّةِ وَلَوْ لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِمْ مَلَكٌ» .
السند ضعيف.
قوله: (في قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة الشورى: «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا»(4).
رووا عن ابن عبّاس في سبب نزول هذه الآية أنّ النبيّ صلى الله عليه و آلهلمّا قدم المدينة أتاه الأنصار وقالوا: إنّك ابن اُختنا، وقد هدانا اللّه على يديك، وتنوبك نوائب وحقوق، وليس لك عندها سعة، فرأينا أن نجمع لك من أموالنا شطرا، ونأتيك به وتستعين على ما ينوبك،فنزلت هذه الآية.(5)
قال قتادة: اجتمع المشركون في مجمع لهم، فقال بعضهم لبعض: أترون محمّدا يسأل على ما يتعاطاه أجرا، فأنزل اللّه هذه الآية.(6)واختلف المفسّرون في معناه على أربعة أقوال:
أحدها: أنّ معنى قوله «إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»: إلاّ أن تودّوني في نفسي لقرابتي منكم،
ص: 343
وهذا لقريش خاصّة. وهو قول ابن عبّاس، وعِكرمة، ومجاهد.
الثاني: عن سعيد بن جبير: أنّه لمّا نزل هذه الآية قالوا: يا رسول اللّه ، من هؤلاء الذين نودّهم؟ قال: «عليّ وفاطمة وابناهما عليهم السلام».
الثالث: إنّ القربى التقرّب إلى اللّه ، أي إلاّ أن تودّوا اللّه ورسوله في تقرّبكم إليه بالطاعة والعمل الصالح.
الرابع: أن تودّوا أقرباءكم، وتصِلوا أرحامكم.
وفي الاستثناء قولان: أحدهما أنّه متّصل. والآخر أنّه منقطع؛ أي لا أسألكم أجرا البتّة، ولكن أسألكم المودّة في القربى.
وقالوا: الضمير في «عليه» راجع إلى التبليغ، ومعنى الأجر النفع. والاقتراف: الاكتساب. والحسنة: الطاعة، سيما حبّ آل الرسول.
ومعنى قوله: «نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا»: نضاعفها له، والضمير يعود إلى الحسنة. وقيل: إلى الجنّة.
هذا خلاصة أقوال المفسّرين.(1)
(قال عليه السلام) في تفسير هذه الآية: (من تولّى) أي أحبّ (الأوصياء من آل محمّد واتّبع آثارهم، فذاك) التولّي والاتّباع (يزيده)؛ الضمير البارز للموصول، والمستتر للتولّي والاتّباع.
وقوله: (ولاية من مضى)؛ المفعول الثاني ليزيد.
وقوله: (من النبيّين والمؤمنين الأوّلين) بيان للموصول.
(حتّى تصل) من الوصل، أو الوصول.
(ولايتهم) إضافة المصدر إلى المفعول.
(إلى آدم عليه السلام) أي إلى ولايته.
والحاصل: أنّ مودّتهم مستلزمة لمودّة هؤلاء، أو لا تقبل مودّة هؤلاء إلاّ بمودّتهم، وهذا تأويل ما روي: أنّ من عرف الآخر عرف الأوّل، ومن أنكر الآخر أنكر الأوّل.(2)
ص: 344
ثمّ اعلم أنّ الأخبار من طرق الخاصّة والعامّة مستفيضة في نزول هذه الآية في مودّة أهل البيت عليهم السلام، ولنذكر طرفا منها؛ ذكر أبو حمزة الثمالي، عن السدّي، أنّه قال: اقتراف الحسنة المودّة لآل محمّد صلى الله عليه و آله.(1)
وصحَّ عن الحسن بن عليّ عليهماالسلام أنّه خطب الناس، فقال في خطبته: «إنّا من أهل البيت الذين افترض اللّه مودّتهم على كلّ مسلم» فقال: «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا»؛ فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت.(2)
وروى إسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبد اللّه عليه السلامأنّه قال: «إنّها نزلت فينا أهل البيت أصحاب الكساء».(3)
(وهو قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة القصص: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا»(4) ذاتا ووصفا وقدرا.
والظاهر إرجاع الضمير في قوله: «وهو قول اللّه » إلى من تولّى الأوصياء من آل محمّد، ويحتمل إرجاعه إلى تولّيهم. وعلى هذا التفسير والمآل واحد؛ أي المراد بالحسنة فيها أيضا مودّة الأوصياء عليهم السلام؛ يعني أنّها نزلت فيها، أو هي الفرد الكامل من الحسنة التي يشترط قبول سائر الحسنات بها، فكأنّها منحصرة فيها.
ولعلّ معنى قوله: «فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا» أنّ تلك المودّة مستلزمة لسائر الولايات الواجبة والمندوبة من ولايات الأنبياء وسائر الأوصياء وغيرهم، وهذا المجموع خيرٌ من الأوّل؛لاشتماله عليه وعلى غيره.
وقوله: (يدخله الجنّة) إشارة إلى ثمرة هذه الحسنة، وكونه بيانا لقوله: خيرٌ منها، بعيد كما لا يخفى.
وقد روى محمّد بن العبّاس في تفسيره بإسناده عن أبي عبد اللّه الجدلي، عن أميرالمؤمنين عليه السلام، قال: قال: «هل تدري ما الحسنة التي من جاء بها هم من فزع يومئذٍ آمنون، ومن جاء بالسيّئة كُبَّتْ وجوههم في النار؟» قلت: لا، قال: «الحسنة مودّتنا أهل البيت،
ص: 345
والسيّئة عداوتنا أهل البيت».(1)
وروى بإسناده عن عمّار الساباطي في قوله تعالى: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا»قال: «إنّما الحسنة معرفة الإمام وطاعته، وطاعته [من] طاعة اللّه ».(2)
وبإسناده عنه عليه السلام قال: «الحسنة ولاية أمير المؤمنين عليه السلام».(3)
وبإسناده عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه سأله عن هذه الآية، فقال: «الحسنة ولاية عليّ عليه السلام، والسيّئة بغضه وعداوته».(4)
(وهو) أيضا (قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة سبأ: «قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للّه ِِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ»(5).
قال البيضاوي:
أي أيّ شيء سألتكم من أجر على [الرسالة] «فَهُوَ لَكُمْ» والمراد نفي السؤال، كأنّه جعل النبيّ مستلزما لأحد الأمرين؛ إمّا الجنون وإمّا توقّع نفع؛ لأنّه إمّا أن يكون لغرض، أو غيره، وأيّا ما كان يلزم أحدهما، ثمّ نفى كلاًّ منهما.
وقيل: «ما» موصولة يُراد بها ما سألهم بقوله: «مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً»(6)، وقوله: «لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»(7) واتّخاذ السبيل ينفعهم وقرباؤهم قرباؤه،(8) انتهى.
(يقول) اللّه عزّ وجلّ: (أجر المودّة الذي لم أسألكم غيره) إشارة إلى قوله تعالى: «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» وإضافة الأجر إلى المودّة بيانيّة، وضمير «غيره» راجع إلى الأجر.
(فهو) أي ذلك الأجر (لكم) أي لانتفاعكم وصلاح شأنكم وهو أنّه (تهتدون به) أي
ص: 346
بذلك الأجر الذي هو المودّة.
(وتنجون من عذاب يوم القيامة) إذا علمتم بمقتضاه ولوازمه.
وبناء هذا التفسير على جعل كلمة «ما» موصولة شرطيّة، واللاّم للانتفاع، ولا ريب أنّه وجهٌ حسن تامّ في الجمع بين الآيات الواردة في أجر الرسالة، وردّ على بعض متعصّبي إلى أنّ نفي طلب الأجر مطلقا في هذه الآية بالنسبة إلى الكفّار وأهل النفاق والإنكار، حيث إنّهم لم يقبلوا رسالته، فلم يطلب منهم أجر المودّة.(1)
وقوله تعالى في سورة ص: «قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ».
قال الشيخ الطبرسي:
أي على تبليغ الوحي والقرآن والدّعاء إلى اللّه سبحانه.
«مِنْ أَجْرٍ» أي مال تعطونيه.
«وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ»(2) لهذا القرآن من تلقاء نفسي. وقيل: معناه أي ما أتيتكم رسولاً من قبل نفسي ولم أتكلّف هذا الإتيان، بل اُمرت به. وقيل: معناه: لست ممّن يتعسّف في طلب الأمر الذي لا يقتضيه العقل،(3) انتهى.
وقوله عليه السلام: (يقول) أي يقول اللّه عزّ وجلّ:
(متكلّفا) أي لست متكلّفا.
(أن أسألكم ما لستُم بأهله) من أجر المودّة وعدم أهليّتهم لذلك يستلزم عدم سؤاله صلى الله عليه و آله عنهم؛ لانتفاء فائدته، ولا شكّ أنّ هذا التفسير أظهر وأوفق لفظا ومعنىً ممّا عرفت من أقوال المفسّرين.
وقوله: (وما هو إلاّ شيء يتقوّله).
قال الفيروزآبادي: «تقوّل قولاً: ابتدعه كذبا».(4)
وقوله: (فقال في كتابه _ عزّ وجلّ _) في سورة الشورى بعد قوله: «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا إِنَّ اللّه َ غَفُورٌ شَكُورٌ»: «أَمْ يَقُولُونَ».
قال البيضاوي: «بل يقولون: «افْتَرَى عَلَى اللّه ِ كَذِبا»: افترى محمّد بدعوى النبوّة والقرآن».(5)
ص: 347
أقول: يظهر من تفسيره عليه السلام أنّ المراد: افترى محمّد صلى الله عليه و آله بدعوى أنّ الولاية من الوحي.
«فَإِنْ يَشَأْ اللّه ُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ».(1)
قال البيضاوي:
هذا استبعاد للافتراء عن مثله بالإشعار على أنّه إنّما يجترئ عليه من كان مختوما على قلبه جاهلاً بربّه، فأمّا من كان ذا بصيرة ومعرفة [فلا] وكأنّه قال: إن يشأ اللّه خذلانك يختم على قلبك لتجترئ بالافتراء عليه.
وقيل: يختم على قلبك يمسك القرآن أو الوحي عنه، أو يربط عليه بالصبر فلا يشقّ عليك أذاهم،(2) انتهى.
وقال بعض المفسّرين: معنى قوله: «فَإِنْ يَشَأْ اللّه ُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ»: لأنساك ما أتاك من القرآن،(3) ولكنّه لم يشأ فأثبته فيه ابن عيسى، لو حدّثت نفسك أن تفتري على اللّه كذبا لطبع على قلبك.(4) وقيل: يجعل قلبك كالمختوم عليه لا يصل إليه شيء، ولا يخرج منه شيء.(5) وقيل: لأماتك.(6) فإن قلت: الميّت كالمختوم عليه، ومثله: «لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ»(7)، وفسّره عليه السلام بأنّه تعالى يقول: (لو شئت حبست عنك الوحي) أي الختم على القلب كناية عن حبس الوحي الدالّ على الولاية.
(فلم تكلّم) من التكليم، أو من التكلّم بحذف إحدى التائين.
(بفضل أهل بيتك ولا بمودّتهم) حيث إنّه لو حبس الوحي عنه صلى الله عليه و آله لم يتكلّم بشيء منهما.
(وقد قال اللّه عزّ وجلّ) في سورة الشورى بعد الآية السابقة بلا فصل: «وَيَمْحُ اللّه ُ الْبَاطِلَ».
قيل: أي يرفعه ويزيله.(8) وقيل: يهلك الشرك.(9)
وفي بعض المصاحف: «يمح» بسقوط الواو لا للجزم، بل لاتّباع اللّفظ، ومثله يدع الإنسان، وسندع الزبانية، هذا هو المشهور.
ص: 348
وذهب أبو عليّ الجبائي إلى أنّ الواو حذف للجزم، وجعل معنى الآية: إن افتريت ختم على قلبك، ومحى الباطل المفترى، فعلى قوله «وَيُحِقُّ الْحَقَّ» استئناف، ومعناه يظهر الحقّ ويثبته.
«بِكَلِمَاتِهِ»: بالقرآن. وقيل: بصدق رسله بوحيه.(1) وقيل: بنصر دينه بوعده.(2)
قال الفيروزآبادي: «حقّه _ كمدّه _ : غلبه على الحقّ، كأحقّه. والشيء: أوجبه، كأحقّه وحقّقه».(3)
أقول: الأنسب بتفسيره عليه السلام أن يُراد بمحو الباطل محق ما قدّره المنافقون في أنفسهم من ردّ الولاية عن أهلها باختناق الحقّ إثبات ما هو الحقّ من ولاية أهل البيت عليهم السلام، نظير قوله تعالى: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللّه ِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللّه ُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»(4).
وقال البيضاوي:
«وَيَمْحُ اللّه ُ الْبَاطِلَ» الآية استئناف لنفي الافتراء عمّا يقوله بأنّه لو كان مفترى لمحقه إذ من عادته تعالى محو الباطل وإثبات الحقّ بوحيه أو بقضائه أو بوعده بمحق باطلهم وإثبات حقّه بالقرآن أو بقضائه الذي لا مردّ له.(5)
وقوله: (يقول: الحقّ لأهل بيتك الولاية)؛ يعني أنّه تعالى أراد بالحقّ الولاية، بأن تكون الولاية خيرا للحقّ.
ويحتمل كونها بدلاً منه، والخبر قوله: «لأهل بيتك».
وفي بعض النسخ: «بقول الحقّ» بالباء الموحّدة.
«إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ»(6).
قيل: أي بضمائر القلوب.(7) فلو علم من قلبه أنّه همَّ بالافتراء العاجلة بالعقوبة، فكيف إذا نطق به وصرّح؟!
وقوله عليه السلام: (ويقول بما ألقوه في صدورهم) إلى آخره، تفسير لذات الصدور، فالظاهر
ص: 349
إسقاط الواو، لكن في النسخ التي رأيناها إثباته.
(وهو قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة الأنبياء.
والمناسب إرجاع الضمير إلى قوله: «فقال المنافقون عند ذلك» إلى قولهم: «ثمّ لا نعيدها فيهم أبدا».
«وَأَسَرُّوا النَّجْوَى».
قال البيضاوي: «بالغوا في إخفائها وجعلوها بحيث خفي تناجيهم بها».(1)
«الَّذِينَ ظَلَمُوا» بدل من واو «أسرّوا» للإيماء بأنّهم ظلموا فيما أسرّوا به، أو فاعل له والواو لعلامة الجمع أو مبتدأ، أو الجملة المتقدّمة خبره، وأصله: وهؤلاء أسرّوا النجوى،فوضع الموصول موضعه تسجيلاً على فعلهم بأنّه ظلم، أو منصوب على الذمّ.
«هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ»(2) بأسره في موضع النصب بدلاً من نجوى، أو مفعولاً لقول متقدّر، كأنّهم استدلّوا بكونه بشرا على كذبه في ادّعاء الرسالة؛
لاعتقادهم أنّ الرسول لا يكون إلاّ ملكا، واستلزموا ما جاء به من الخوارق كالقرآن أنّه سحر، وأنكروا حضوره، وإنّما أسرّوا به تشاورا في استنباط ما يهدم أمره ويظهر فساده للناس.
أقول: الغرض من ذكر الآية هنا أنّها نزلت في شأن هؤلاء المنافقين المنكرين لولاية أمير المؤمنين، الجاحدين نزولها من عند ربّ العالمين، وهم الذين تعاهدوا وتعاقدوا أن لا يردّوا الأمر إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وهذه كانت نجواهم وظلمهم، وقالوا: ليس عليّ إلاّ بشرٌ مثلكم، وما جاء به محمّد صلى الله عليه و آله في أمره سحرٌ، أفتقبلون السحر وأنتم من أهل البصيرة، أو وأنتم تعلمون أنّه سحر؟
(وفي قول اللّه عزّ وجلّ: «وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى»(3).
قال البيضاوي:
أقسم بجنس النجوم أو الثّريا؛ فإنّه غلّب فيه إذا علا وصعد، أو بالنجم من نجوم القرآن إذا نزل، أو النبات إذا سقط على الأرض، أو إذا نما ارتفع.(4)
ص: 350
وقال الفيروزآبادي:
هوى الشيء: سقط من علوّ إلى سفل. والرجل هوه _ بالضمّ _ : صعد وارتفع.
والهوى _ بالفتح _ للإصعاد، والهُوي _ بالضمّ _ للانحدار.(1)
(قال: اُقسم بقبر محمّد).
في بعض النسخ: «بقبض محمّد».
(إذا قبض) أي المراد بالنجم هنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله، وإطلاقه عليه من باب الاستعارة والتشبيه شائع في الأخبار والآيات، وقد مرّ في الاُصول في تفسير قوله تعالى: «وَعَلاَمَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ»(2) أنّ المراد بالعلامات أي الأئمّة عليهم السلام، وبالنجم رسول اللّه صلى الله عليه و آله، والمراد بهواه أي سقوطه وهبوطه وغروبه، أو صعوده موته صلى الله عليه و آله وغيبته في التراب، أو صعود روحه إلى الملكوت.
«مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ».
قال البيضاوي:
الخطاب لقريش، أي ما عدل محمّد صلى الله عليه و آله عن الطريق المستقيم.
«وَمَا غَوَى»: وما اعتقد باطلاً. والمراد نفي ما ينسبون إليه.
«وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى»؛ وما يصدر نطقه بالقرآن عن الهوى.
«إِنْ هُوَ» أي القرآن، أو الذي نطق به.
«إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى»(3) إلاّ وحي يوحيه اللّه .(4)
(وقال اللّه _ عزّ وجلّ _ لمحمّد صلى الله عليه و آله) في سورة الأنعام: «قُلْ لَوْ أَنَّ عِندِي» أي عند قدرتي ومكنتي.
«مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ» على تفسيره عليه السلام الموصول عبارة عن موته صلى الله عليه و آله، واستعجالهم به ليظلموا أهل بيته. وعلى قول المفسّرين(5) عبارة عمّا استعجلوا به من العذاب بقوله:
ص: 351
«فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»(1).
«لَقُضِىَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ»؛ أي لانقطع ما بيني وبينكم من الولاية، وأهلكتكم عاجلاً غضبا لربّي حيث ظهر كفركم ونفاقكم ووجوب قتلكم، وتتمّة الآية: «وَاللّه ُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ»(2).
قال البيضاوي:
هذا في معنى استدراك، كأنّه قال: ولكنّ الأمر إلى اللّه وهو أعلم بمَن ينبغي أن يؤخذ وبمن ينبغي أن يمهل.(3)
(قال: لو أنّي اُمرت أن اُعلمكم) من الإعلام.
(الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي) من بيان للموصول.
(لتظلموا أهل بيتي من بعدي).
قيل: لعلّ على تأويله عليه السلام في الكلام تقدير، أي عندي الأخبار بما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم، ولم يفسّر عليه السلام الجزاء لظهوره.(4)
(فكان مثلكم)؛ الخطاب للمنافقين، والفاء للتفريع، والمقصود بيان ما يترتّب على ذهابه صلى الله عليه و آلهمن بينهم من غوايتهم وحيرتهم وضلالتهم.
(كما قال اللّه عزّ وجلّ) أي كالمثل الذي ضربه اللّه _ عزّ وجلّ _ في هذه الآية، حيث قال: «كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ»(5).
قال البيضاوي:
لمّا جاء اللّه بحقيقة حال المنافقين عقّبها بضرب المثل زيادة في التوضيح والتقرير؛ فإنّه أوقع في القلب وأقمع للخصم الألدّ لأنّه يريك المتخيّل محقّقا، والمعقول محسوسا، والمثل في الأصل بمعنى النظير، ثمّ استعير لكلّ حال أو قصّة أو صفة لهاشأن وفيها غرابة، والمعنى حالهم العجيبة الشأن حال من استوقد نارا، و«الذي»
ص: 352
بمعنى الذين، كما في قوله: «وَخُضْتُمْ كَالَّذِى خَاضُوا»(1) إن جعل مرجع الضمير في «بنورهم»، أو قصد به جنس المستوقدين، أو الفوج الذي استوقدوا. والاستيقاد: طلب الوقود، والسعي في تحصيلها، وهو سطوع النار وارتفاع لهبها، «فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ» أي النار ما حول المستوقد إن جعلتها متعدّية، وإلاّ أمكن أن تكون مسندة إلى «ما» والتأنيث؛ لأنّ ما حوله أشياء وأماكن، أو إلى ضمير النار و«ما» موصولة في معنى الأمكنة نصب على الظرف أو مزيدة، و«حوله» ظرف. «ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ» جواب «لمّا».(2)
انتهى كلام البيضاوي.
فلنعد إلى شرح الحديث؛ فلمّا كان المشبّه به أمرا محسوسا ظاهرا لا حاجة فيه إلى توضيحه أشار عليه السلام إلى توضيح المشبّه بقوله: (أضاءت الأرض بنور محمّد صلى الله عليه و آله كما تضيء الشمس).
يحتمل أن يُراد بالأرض ما يعمّ قلوب المؤمنين، والمراد بالنور نور العلم والهداية، وحاصله: أنّ الأرض أشرقت بنور محمّد صلى الله عليه و آله، فلمّا قبض اظلّمت بظلمة النفاق والكفر، وذهب اللّه بنور هؤلاء المنافقين فهم لا يبصرون.
(فضرب مثل محمّد صلى الله عليه و آله الشمس، ومثل الوصيّ القمر)و يقال: ضرب فلان مثلاً، أي وصف وبيّن، وعدّى هنا إلى المفعول؛ لتضمّنه معنى جعل. والغرض من هذا التفريع الاستدلال على أنّ المراد بالضوء منها نور محمّد صلى الله عليه و آله، وبيانه: أنّه تعالى مثّل في القرآن الرسول صلى الله عليه و آله بالشمس ونسب إليها الضياء، والوصيّ بالقمر ونسب إليه النور، فعلم من ذلك أنّ الضوء للرسالة، والنور للإمامة، وربّما يستأنس لذلك بما ذكروه من أنّ ما بالذات ضوء وما بالعرض نور، ومن هنا ينسب النور إلى القمر؛ لأنّه يستفيد النور من الشمس، ولمّا كان نور الأوصياء مقتبسا من نور الرسول صلى الله عليه و آله، وعلمهم من علمه، عبّر عن علمهم وكمالهم بالنور، وعن علم الرسول صلى الله عليه و آله بالضياء.
(وهو قول اللّه (3) عزّ وجلّ) في سورة يونس عليه السلام: «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً».
ص: 353
قيل: أي ذات ضياء، أو الحمل للمبالغة.(1) وكذا قوله: «وَالْقَمَرَ نُورا».(2)قيل: النور أعمّ من الضوء.(3)
ثمّ أشار عليه السلام إلى تأويل آية اُخرى لإيضاح المدّعى فقال: (وقوله: «وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ»).
قيل: أي نزيله ونكشف عن مكانه، مستعار من سلخ الجلد.
«فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ»(4) داخلون في الظلام،(5) إلاّ أن يستضيئوا بنور القمر.
وقيل: فيه استعارة تبعيّة، له وجهٌ ظاهر وتأويل؛ أمّا الظاهر فتشبيه إزالة النهار عن ظلمة الليل، بناءً على أنّ الظلمة أصل، والنهار طارٍ عليها ساتر لها بكشط الجلد وإزالته عن الشاة، والوجه هو ترتّب أمر على أمر، كترتّب ظهور الليل على إزالة النهار، وترتّب ظهور اللّحم على كشط الجلد. وأمّا التأويل _ وهو المراد هنا _ فتشبيه قبض محمّد صلى الله عليه و آلهوإزالة نوره عن ظلمة جهل المنافقين وعداوتهم ونفاقهم بالكشط المذكور، والوجه ظهور تلك الظلمة وبروزها.(6)
ثمّ ذكر عليه السلام تتمّة الآية السابقة بعد بيان أنّ المراد بالإضاءة إضاءة شمس الرسالة، فقال: (وقوله عزّ وجلّ: «ذَهَبَ اللّه ُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَ يُبْصِرُونَ»).
له أيضا ظاهر وتأويل مثل ما مرّ، وأشار إلى التأويل بقوله: (يعني قبض محمّد صلى الله عليه و آلهوظهرت الظلمة) أي ظلمة الكفر والجهل والنفاق، فالمراد بإذهاب النور قبض النبيّ صلى الله عليه و آله.
(فلم يبصروا فضل أهل بيته) لإحاطة الظلمة بهم.
(وهو) أي عدم إبصارهم فضل أهل بيته.
(قوله عزّ وجلّ) في سورة الأعراف: «وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَإِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ»(7) على تفسيره عليه السلام يكون المراد بالهدى الولاية خصوصا، أو لأنّها أعظم أفرادها ونفي السماع والإبصار عنهم؛ لأنّهم لم يعملوا بمقتضاهما.
ص: 354
وقيل: يحتمل أن يكون المراد أنّ هذه الآية نزلت في شأن الاُمّة بعد موت النبيّ صلى الله عليه و آله وذهاب نورهم، فصاروا كمَن كان في ظلمات ينظر ولا يبصر شيئا.
ويحتمل أن يكون على سبيل التنظير، أي كما أنّ في زمان الرسول صلى الله عليه و آلهأخبر اللّه عن حال جماعة تركوا الحقّ واختاروا الضلالة، فأذهب اللّه نور الهدى عن أسماعهم وأبصارهم، فصاروا بحيث مع سماعهم الهدى كأنّهم لا يسمعون، ومع رؤيتهم الحقّ كأنّهم لا يبصرون،فكذا هؤلاء؛ لذهاب نور الرسالة من بينهم لا يبصرون الحقّ وإن كانوا ينظرون إليه.(1)
(ثمّ إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي؛ وهو) أي علم رسول اللّه ووضعه عند الوصيّ (قول اللّه عزّ وجلّ: «اللّه ُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ»(2)).
قال البيضاوي:
النور في الأصل كيفيّة تدركها الباصرة أوّلاً، وبواسطتها سائر المبصرات كالكيفيّة الفائضة من النيّرين على الأجرام الكثيفة المحاذية لها، وهو بهذا المعنى لا يصحّ إطلاقه على اللّه تعالى إلاّ بتقدير مضاف، كقولك: زيد كرم، بعنى ذو كرم، أو على تجوّز إمّا بمعنى نور السماوات والأرض، وقد قرئ به؛ فإنّه تعالى نوّرها بالكواكب وما يفيض عنها من الأنوار، أو بالملائكة والأنبياء، أو مدبّرها من قولهم للرئيس الفائق في التدبير: نوّر القوم؛ لأنّهم يهتدون به في الاُمور، أو موجدها؛ فإنّ النور ظاهر بذاته مُظهر لغيره، وأصل الظهور هو الوجود، كما أنّ أصل الخفاء هو العدم، واللّه سبحانه موجود بذاته موجِد لما عداه، أو الذي به تدرك، أو يدرك أهلها من حيث إنّه يطلق على الباصرة؛ لتعلّقها به، أو لمشاركتها له في توقّف الإدراك عليه، ثمّ على البصيرة؛ لأنّها أقوى إدراكا، فإنّها تدرك نفسها وغيرها من الكلّيّات والجزئيّات الموجودات والمعدومات، وتتصرّف فيها بالتركيب والتحليل، ثمّ إنّ هذه الإدراكات ليست لذاتها، وإلاّ لما فارقتها، فهي إذن من سبب يفيضها عليها، وهو اللّه تعالى ابتداءً أو بتوسّط الملائكة والأنبياء، ولذلك سمّوا أنوارا، ويقرُب منه قول ابن عبّاس رضى الله عنه: معناه هادي من فيهما فهم بنوره يهتدون، انتهى.(3)
وأنت إذا أحطت خبرا بما حكيناه علمت أنّه يمكن تطبيق قوله عليه السلام: (يقول: أنا هادي
ص: 355
السماوات والأرض) على كلّ من تلك الوجوه بضرب من التقريب، وعلمت أنّ تقدير المضاف _ أي هادي أهل السماوات والأرض _ غير محتاج إليه إلاّ على بعض الوجوه، ولعلّ حذف المفعول الثاني للهداية؛ ليدلّ على التعميم، ولئلاّ يتوهّم التخصيص ببعض دون بعض.
وقوله عليه السلام: (مثل العلم الذي أعطيته) تفسير لقوله تعالى: «مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ»وإشارة إلى أنّ النور هنا مستعار للعلم.
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «مَثَلُ نُورِهِ»:
أي صفة نوره العجيبة الشأن، وإضافته إلى ضميره سبحانه دليل على أنّ إطلاقه عليه لم يكن على ظاهره: «كَمِشْكَاةٍ» أي كصفة مشكاة، وهي الكوّة الغير النافذة.(1)
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
«مَثَلُ نُورِهِ» فيه وجوه:
أحدها: أنّ معناه: مثل نور اللّه الذي هدى به المؤمنين و[هو] الإيمان في قلوبهم. عن اُبيّ بن كعب، والضحّاك، وكان اُبيّ يقرأ: «مثل نور من آمن».
والثاني: مثل نوره الذي هو القرآن في القلب. عن ابن عبّاس، والحسن، وزيد بن أسلم.
والثالث: أنّه عنى بالنور محمّدا صلى الله عليه و آله، وأضافه إلى نفسه تشريفا له. عن كعب، وسعيد بن جبير. فالمعنى مثل محمّد رسول اللّه صلى الله عليه و آله.
والرابع: أنّ نوره سبحانه الأدلّة الدالّة على توحيده، وعدله التي هي في الظهور والوضوح مثل النور. عن أبي مسلم.
والخامس: أنّ النور هنا الطاعة، أي مثل طاعة اللّه في قلب المؤمن. عن ابن عبّاس.
وفي رواية اُخرى: «كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ»؛ الْمِصْبَاحُ(2) هي الكوّة في الحائط يوضع عليها زجاجة، ثمّ يكون المصباح خلف تلك الزجاجة، ويكون للكوّة باب آخر يوضع المصباح فيه.
وقيل: المشكاة: عمود القنديل الذي فيه الفتيلة، وهو مثل الكوّة، والمصباح: السراج.
ص: 356
وقيل: المشكاة: القنديل، والمصباح: الفتيلة. عن مجاهد.
«الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ» أي ذلك السراج في زجاجة، وفائدة اختصاص الزجاجة بالذكر أنّه أصفى الجواهر، فالمصباح فيه أضوء.
«الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ» أي تلك الزجاجة مثل الكوكب العظيم المضيء الذي يشبه الدّر في صفائه ونوره ونقائه، وإذا جعلته من الدرء _ وهو الدفع _ فمعناه المندفع السريع الوقع في الانقضاض، ويكون ذلك أقوى لضوئه.
«يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» أي يشتعل ذلك السراج من دهن شجرة مباركة.
«زَيْتُونِةٍ» أراد بالشجرة المباركة [شجرة] الزيتون؛ لأنّ فيها أنواع المنافع، فإنّ الزيت يسرج به، وهو أدام ودهان ودباغ يوقد بحطب الزيتون وثفله، ويغسل برماده الإبريسم، ولا يحتاج في استخراج دهنه إلى إعصار.
وقيل: خصّ الزيتونة؛ لأنّ دهنها أصفى وأضوء. وقيل: لأنّها أوّل شجرة نبتت في الدُّنيا بعد الطوفان ومنبتها منزل الأنبياء. وقيل: لأنّه بارك فيها سبعون نبيّا منهم إبراهيم، فلذلك سمّيت مباركة.
«لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ» أي لا يفيء عليها ظلّ شرق ولا غرب، فهي ضاحية للشمس، ولا يظلّها جبل ولا شجر ولا كهف، فزيتها يكون أصفى. عن ابن عبّاس، والكلبي، وعِكرمة، وقتادة.
فعلى هذا يكون المعنى أنّها ليست بشرقيّة لا تصيبها الشمس إذا [هي] غربت، ولا هي غربيّة لا تصيبها الشمس إذا طلعت، بل هي شرقيّة غربيّة أخذت بحظّها من الأمرين.
وقيل: معناه أنّها ليست من شجر الدُّنيا فتكون شرقيّة أو غربيّة. عن الحسن.
وقيل: معناه أنّها ليست في مقنوءة لا تصيبها الشمس، ولا هي بارزة للشمس لا يصيبها الظلّ. بل تصيبها الشمس والظلّ، عن السدّي.
وقيل: ليست من شجر الشرق ولا من شجر الغرب؛ لأنّ ما اختصّ بإحدى الجهتين كان أقلّ زيتا وأضعف ضوءا، لكنّها من شجر الشام، وهي ما بين المشرق والمغرب. عن ابن زيد.
«يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِى ءُ» من صفائه وفرط ضيائه.
«وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ» أي قبل أن تصيبه النار وتشتعل فيه. واختلف في هذا التشبيه
ص: 357
والمشبّه(1) على أقوال:
أحدها: أنّه مثل ضربه اللّه تعالى لنبيّه محمّد صلى الله عليه و آله، فالمشكوة صدره، والزجاة قلبه، والمصباح فيه النبوّة «لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ» أي لا يهوديّة ولا نصرانيّة، «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» يعني شجرة النبوّة، وهي إبراهيم عليه السلام، يكاد نور محمّد صلى الله عليه و آله يتبيّن للناس ولو لم يتكلّم به، كما أنّ ذلك الزيت يكاد يضيء، ولو لم تمسسه نار، أي تصبه النار. عن كعب وجماعة من المفسّرين.
وقد قيل أيضا: إنّ المشكوة إبراهيم، والزجاجة إسماعيل، والمصباح محمّد، كما سمّي سراجا في موضع آخر من شجرة مباركة، يعني إبراهيم؛ لأنّ أكثر الأنبياء من صلبه «لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ»: لا نصرانيّة ولا يهوديّة؛ لأنّ النصارى تصلّى إلى الشرق، واليهود إلى الغرب «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِى ءُ» أي تكاد محاسن محمّد صلى الله عليه و آله تظهر قبل أن يوحى إليه.
«نُورٌ عَلَى نُورٍ» أي نبيّ من نسل نبيّ. عن محمّد بن كعب.
وقيل: إنّ المشكاة عبد المطّلب، والزجاجة عبد اللّه ، والمصباح هو النبيّ «لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ» بل مكّية؛ لأنّ مكّة وسط الدُّنيا. عن الضحّاك.
وروي عن الرضا عليه السلام أنّه قال: نحن المشكاة، والمصباح محمّد صلى الله عليه و آلهيهدي اللّه لولايتنا مَن أحبّ.
وفي كتاب التوحيد لأبي جعفر بن بابويه رحمه الله بالإسناد عن عيسى بن راشد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله: «كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ» قال: نور العلم في صدر النبيّ صلى الله عليه و آله. «الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ»؛ الزجاجة صدر عليّ عليه السلام، صار علم النبيّ صلى الله عليه و آله إلى صدر عليّ علَّم النبيّ عليّا. «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ»: نور العلم. «لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ»: لا يهوديّة ولا نصرانيّة. «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ»، قال: يكاد العالم من آل محمّد صلى الله عليه و آله يتكلّم بالعلم قبل أن يُسأل.«نُورٌ عَلَى نُورٍ» أي إمام مؤيّد بنور العلم والحكمة في إثر إمام من آل محمّد وذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة، فهؤلاء الأوصياء الذين جعلهم اللّه خلفاء في أرضه وحججه على خلقه، لا تخلو الأرض في كلّ عصر من واحدٍ منهم، ويدلّ عليه قول أبي طالب عليه السلام
ص: 358
في رسول اللّه صلى الله عليه و آله:
أنت الأمين محمّد ***قرم أغرّ مسود
لمسودين أطاهر ***كرموا وطاب المولد
أنت السعيد من السعو ***...د تكنفتك الأسعد
من لدن آدم لم يزل ***فينا وصيٌ مرشد
ولقد عرفتك صادقا ***والقول لا يتفنّد
ما زلت تنطق بالصواب ***وأنت طفلٌ أمرد(1)
وتحقيق هذه الجملة يقتضي أن تكون الشجرة المباركة المذكورة في هذه الآية هي دوحة التّقى والرضوان وعترة الهدى والإيمان، شجرةٌ أصلها النبوّة، وفرعها الإمامة، وأغصانها التنزيل، وأوراقها التأويل، وخدمها جبرئيل وميكائيل.
وثانيها أنّها مثلٌ ضربه اللّه للمؤمن، المشكاة نفسه، والزجاجة صدره، والمصباح الإيمان، والقرآن في قلبه، يوقد من شجرة مباركة هي الإخلاص للّه وحده لا شريك له، فهي خضراء ناعمة كشجرة التفّ بها الشجر، فلا يصيبها الشمس على أيّ حال كانت؛ لا إذا طلعت، ولا إذا غربت، وكذلك المؤمن قد احترز من أن يصيبه شيء من الفتن، فهو بين أربع خِلال؛ إن اُعطي شكر، وإن ابتُلي صبر، وإن حكمَ عدل، وإن قالَ صدق، فهو في سائر الناس كالرجل الحيّ يمشي بين قبور الأموات. «نُورٌ عَلَى نُورٍ»؛ كلامه نورٌ، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى نور يوم القيامة. عن اُبيّ بن كعب.
وثالثها: أنّ مثل القرآن في قلوب المؤمن فكما أنّ هذا المصباح يستضاء به، وهو كما هو لا ينقص، فكذلك [القرآن] يهتدى به ويعمل به، فالمصباح هو القرآن، والزجاجة قلب المؤمن، والمشكاة لسانه وفمه، والشجرة المباركة شجرة الوحي «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ»؛ يكاد حجج القرآن يتّضح وإن لم يقرأ.
وقيل: يكاد حجج اللّه على خلقه تضيء لمن تفكّر فيها وتدبّرها، ولو لم ينزل القرآن «نُورٌ عَلَى نُورٍ»؛ يعني أنّ القرآن نورٌ مع سائر الأدلّة قبله، فازدادوا به نورا على نور. عن الحسن وابن زيد.
ص: 359
وعلى هذا فيجوز أن يكون المراد ترتّب الدلائل؛ لأنّ الدلائل يترتّب بعضها على بعض، ولا يكاد العاقل يستفيد منها إلاّ بمراعاة الترتيب، فمن ذهب عن الترتيب فقد ذهب عن طريق الاستفادة.
وقال مجاهد: ضوء نور السراج على ضوء الزيت على ضوء الزجاجة «يَهْدِي اللّه ُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ» أي يهدي لدينه وإيمانه من يشاء، بأن يفعل له لطفا يختار عنده الإيمان إذا علم أنّ له لطفا.
وقيل: معناه: يهدي اللّه لنبوّته وولايته من يشاء ممّن يعلم أنّه يصلح لذلك.
«وَيَضْرِبُ اللّه ُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ»؛ تقريبا إلى الأفهام، وتسهيلاً لدرك المرام.
«وَاللّه ُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»(1) فيضع الأشياء مواضعها.(2)
انتهى كلامه رفع اللّه مقامه.
(وهو) أي العلم (نوري الذي يهتدى به).
وقوله: (مثل المشكاة) خبر للمثل الأوّل، وإشارة إلى أنّ المثل مقدّر لاحتياج التشبيه إلى تقديره.
والعلم في قوله: (والمصباح النور الذي فيه العلم) بدل من النور، والضمير المجرور للقلب، وإطلاق المصباح على العلم استعارة؛ إذ العلم سبب لظهور المعلومات، كما أنّ المصباح سببٌ لظهور المحسوسات.
وقوله: («الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ» يقول: إنّي اُريد أن أقبضك) أي أتوفّيك.
قال الفيروزآبادي: «قُبِضَ _ كعُني _ : مات».(3)
(فاجعل الدَّين عندك عند الوصيّ)؛ فحينئذٍ شبّه الوصيّ بالزجاج الذي فيه المصباح في شفّافيّته وإنارته وحياطته لمصابيح العلوم وأنوارها، كما يحصل المصباح في الزجاجة.
قيل: هذا إشارة إلى أنّ تلك الاستعارة تمثيليّة مبتنية على تشبيه المعقول بالمحسوس لقصد الإيضاح.(4)
ص: 360
«كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ».
قال الفيروزآبادي: «الدُرّ _ بالضمّ _ : اللؤلؤة العظيمة، و «كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ»، أي مضيء و يثلّث».(1)
وقال البيضاوي:
«كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ»: مضيء متلألئ كالزهرة في صفائه وزهرته، منسوب إلى الدرّ، أو فعيل كمريق من الدرء؛ فإنّه يدفع الظلام بضوئه، أو بعض ضوئه بعضا من لمعانه، إلاّ أنّه قلبت همزته [ياء]، ويدلّ عليه قراءة حمزة وأبي بكر على الأصل، وقرأ أبو عمر والكسائي: درّي كشرّيب، وقد قرئ به مقلوبا.(2)
(فاعلمهم) على صيغة الأمر، عطفا على قوله «اجعل» والضمير للناس، ويمكن قراءته بصيغة المضيّ، أي فأعلمهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله.
(فضل الوصيّ) بجعل علمه فيه، ووصفه بما ذكر.
«يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ».
كلمة «من» للابتداء، أي ابتداء وقود المصباح من تلك الشجرة المتكاثر النفع.
قال البيضاوي:
في إبهام الشجرة ووصفها بالبركة ثمّ إبدال الزيتونة عنها تفخيم لشأنها. وقرأ نافع وابن عامر وحفص بالياء والبناء للمفعول من أوقد، وحمزة والكسائي وأبو بكر بالتاء كذلك على إسناده إلى الزجاجة بحذف المضاف.(3)
(وهو) أي كون عليه السلام أصل الشجرة المباركة، أو توقّد سيّد الأوصياء من تلك الشجرة، فافهم.
(قول اللّه عزّ وجلّ)؛ في سورة هود: «رَحْمَتُ اللّه ِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ»(4).
قال البيضاوي:
أهل البيت نصب على المدح أو النداء لقصد التخصيص كقولهم: اللَّهُمَّ اغفر لناأيّتها العصابة.
ص: 361
«إِنَّهُ حَمِيدٌ» فاعل ما يستوجب به الحمد.
«مَّجِيدٌ»: كثير الخير والإحسان.(1)
ولعلّ بناء الاستشهاد بالآية أنّ هذا الخطاب وقع عند البشارة بإسحاق ويعقوب، فهما من أهل بيت إبراهيم عليه السلام وكذا إسماعيل وكذا أولادهم، وقد بُورك عليهم لكونهم من أهل بيت إبراهيم عليه السلام، فظهر أنّه أصل الشجرة المباركة.
(وهو قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة آل عمران: «قُلْ أَطِيعُوا اللّه َ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللّه َ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ* إِنَّ اللّه َ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ».
قال البيضاوي:
أي اصطفاهم بالرسالة والخصائص الروحانيّة والجسمانيّة، ولذلك قوّوا على ما لم يقو عليه غيرهم؛ لما أوجب طاعة الرسول، وبيّن أنّها الجالبة لمحبّة اللّه عقّب ذلك ببيان مناقبهم تحريضا عليها، وبه استدلّ على فضلهم على الملائكة «وَآلَ إِبْرَاهِيمَ» [وإسماعيل] وإسحاق وأولائهما، وقد دخل فيهم الرسول صلى الله عليه و آله«وَآلَ عِمْرَانَ»موسى وهارون ابنا عمران، وينتهي نسبه إلى لاوي بن يعقوب أو عيسى، واُمّه مريم بنت عمران وينتهي نسبه إلى يهوذا ابن يعقوب، وكان بين العمرانين ألف وثمانمائة سنة.
«ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» حال أو بدل من الآلين، أو منهما ومن نوح؛ أي أنّهم ذرّية واحدة متشعّبة بعضها من بعض.
وقيل: بعضها من بعض في الدِّين. والذرّيّة: الولد، يقع على الواحد والجمع، فعليّة من الذرّ، أو من الذرء. اُبدلت همزتها ياء، ثمّ قلبت الواو [ياء] واُدغمت.
«وَاللّه ُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»(2) بأقوال الناس وأعمالهم، فيصطفي من كان مستقيم القول والعمل، أو سميع بقول امرأة عمران، عليمٌ بنيّتها،(3) انتهى.
وأقول: الاستشهاد بالآيتين وقع في البين، ثمّ أشار عليه السلام إلى تفسير تتمّة آية النور وقال: («لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ» يقول: لستم بيهود فتصلّوا قِبلَ المغرب، ولا نصارى فتصلّوا قبل المشرق).
قيل: الفاء في الموضعين تفريع على المنفي، والظاهر أنّ هذه الجملة صفة لشجرة؛ لأنّ
ص: 362
اتّصاف تلك الشجرة بهذا السلب مستلزم لاتّصافهم به، كما أشار إليه بقوله: (وأنتم على ملّة إبراهيم عليه السلام) وهو لم يكن يهوديّا ولا نصرانيّا.(1)
(وقد قال اللّه عزّ وجلّ)؛ الواو للحال، أي كيف يجوز ذلك، وقد قال اللّه _ عزّ وجلّ _ في سورة آل عمران: «مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّا وَلاَ نَصْرَانِيّا» تحقيق وتقرير للسلب المذكور.
«وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفا»: مائلاً عن العقائد الباطلة.
«مُسْلِما»: منقادا للّه .
قال البيضاوي:
ليس المراد أنّه كان على ملّة الإسلام، وإلاّ لاشترك الإلزام. «وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ»(2) تعريض بأنّهم مشركون لإشراكهم به عزيرا والمسيح، وردّ لادّعاء المشركين أنّهم كانوا على ملّة إبراهيم عليه السلام.(3)
(مثل أولادكم) إلى آخره، استعارة تمثيليّة، ولا يخفى لطفه، والظاهر أنّ الخطاب لرسول اللّه صلى الله عليه و آلهوأهل بيته عليهم السلام.
وقوله: (يكادون أن يتكلّموا) تفسيرا لقوله تعالى: «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِى ءُ»، وضمير الجمع للأولاد.
أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِى الاْفاقِ وَفِى أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ»(4)؟
قَالَ : «نُرِيهِمْ(5) فِي أَنْفُسِهِمُ الْمَسْخَ ، وَنُرِيهِمْ(6) فِي الاْفَاقِ انْتِقَاضَ الاْفَاقِ عَلَيْهِمْ ، فَيَرَوْنَ قُدْرَةَ اللّهِ
ص: 363
_ عَزَّ وَجَلَّ _ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي الاْفَاقِ» .
قُلْتُ لَهُ : «حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ»؟
قَالَ : «خُرُوجُ الْقَائِمِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، يَرَاهُ الْخَلْقُ لاَ بُدَّ مِنْهُ» .
السند ضعيف.
قوله: (عن قول اللّه تبارك وتعالى) في سورة حم فصّلت: «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاْفَاقِ».
قال البيضاوي:
يعني ما خبّرهم النبيّ صلى الله عليه و آله من الحوادث الآتية وآثار النوازل الماضية، وما يسّر اللّه له ولخلفائه من الفتوح والظهور على ممالك الشرق والغرب على وجه خارق للعادة.
«وَفِي أَنْفُسِهِمْ» ما ظهر فيما بين أهل مكّة وما حلّ بهم، أو ما في بدن الإنسان من عجائب الصنع الدالّة على كمال القدرة، «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ»؛ الضمير للقرآن، أو الرسول، أو التوحيد، أو اللّه ،(1) انتهى.
وقال بعض المفسّرين: «آيات الآفاق هي الشمس والقمر والنجوم».(2)
وقيل: إنشقاق القمر.(3) ورووا أنّ أبا جهل قال للنبيّ صلى الله عليه و آله: ائتنا بعلامة، فانشقّ القمر بنصفين، فقال أبو جهل: يا معشر قريش، قد سحركم محمّد، فوجّهوا رسلكم في الآفاق هل عاينوا القمر كذلك، فإن عاينوا شيئا فهو آية وإلاّ فذلك سحر، فوجّهوا رسلهم في الأرض، فإذا الناس كلّهم يتحدّثون في انشقاق القمر، فقال أبو جهل: هذا سحرٌ مستمرّ، فنزلت هذه الآية.(4)
وقال بعضهم: المراد بآيات الأنفس خلقهم من تراب ثمّ من نطفة،(5) الآية. وقال بعضهم: الأمراض والبلايا.(6)
ص: 364
(قال: نريهم في أنفسهم المسخ) تفسير لآيات الأنفس.
(ونريهم في الآفاق انتقاض الآفاق).
يُقال: انتقض البناء والحبل والعهد وغيره، ضدّ إبرام، والانتقاض: الإنكاث.
قال الفاضل الإسترآبادي:
كأنّه ناظر إلى ما نطقت به الأخبار عنهم عليهم السلام من أنّ كلّ من مات من بني اُميّة _ لعنهم اللّه _ مسخ وزغا عند موته، وإلى غلبة بني العبّاس عليهم،(1) انتهى.
وقيل: الظاهر أنّه إشارة إلى ما يبتلى به المخالفون في زمان القائم، أي أنّهم يمسخون في أنفسهم ويبتلون بتضييق الآفاق عليهم بكثرة المصائب التي ترد عليهم وانسداد طرق النجاة عنهم.(2)
وقوله عليه السلام: (خروج القائم) التفسير لمرجع الضمير، وكان حقّ على هذا التفسير، غاية لما مرّ من المسخ وانتقاض الآفاق عليهم؛ يعني هاتان الآيتان مستمرّتان فيهم إلى أن يتبيّن لهم خروجه.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى وَالْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعا ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ الْجُعْفِيِّ ، قَالَ :
قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام : «كَمِ الرِّبَاطُ عِنْدَكُمْ؟» قُلْتُ : أَرْبَعُونَ ، قَالَ : «لكِنْ رِبَاطُنَا رِبَاطُ الدَّهْرِ ، وَمَنِ ارْتَبَطَ فِينَا دَابَّةً كَانَ لَهُ وَزْنُهَا وَوَزْنُ وَزْنِهَا مَا كَانَتْ عِنْدَهُ ، وَمَنِ ارْتَبَطَ فِينَا سِلاَحا كَانَ لَهُ وَزْنُهُ مَا كَانَ عِنْدَهُ ، لاَ تَجْزَعُوا مِنْ مَرَّةٍ ، وَلاَ مِنْ مَرَّتَيْنِ ، وَلاَ مِنْ ثَلاَثٍ ، وَلاَ مِنْ(3) أَرْبَعٍ ؛ فَإِنَّمَا مَثَلُنَا وَمَثَلُكُمْ مَثَلُ نَبِيٍّ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَأَوْحَى اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ إِلَيْهِ(4) : أَنِ ادْعُ قَوْمَكَ لِلْقِتَالِ ، فَإِنِّي سَأَنْصُرُكَ، فَجَمَعَهُمْ مِنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ وَمِنْ غَيْرِ ذلِكَ، ثُمَّ تَوَجَّهَ بِهِمْ، فَمَا ضَرَبُوا بِسَيْفٍوَلاَ طَعَنُوا بِرُمْحٍ حَتَّى انْهَزَمُوا ، ثُمَّ أَوْحَى اللّهُ _ تَبَارَكَ وَتَعَالَى _ إِلَيْهِ : أَنِ ادْعُ قَوْمَكَ إِلَى الْقِتَالِ ، فَإِنِّي سَأَنْصُرُكَ ، فَجَمَعَهُمْ ، ثُمَّ تَوَجَّهَ بِهِمْ ، فَمَا ضَرَبُوا بِسَيْفٍ وَلاَ طَعَنُوا بِرُمْحٍ حَتّى انْهَزَمُوا ، ثُمَّ أَوْحَى اللّهُ إِلَيْهِ : أَنِ ادْعُ قَوْمَكَ إِلَى الْقِتَالِ ، فَإِنِّي
ص: 365
سَأَنْصُرُكَ ، فَدَعَاهُمْ ، فَقَالُوا : وَعَدْتَنَا النَّصْرَ ، فَمَا نُصِرْنَا ، فَأَوْحَى اللّهُ _ عَزَّوَجَّل _ إِلَيْهِ : إِمَّا أَنْ تَخْتَارُوا(1) الْقِتَالَ أَوِ النَّارَ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، الْقِتَالُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ النَّارِ ، فَدَعَاهُمْ فَأَجَابَهُ مِنْهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ عِدَّةَ أَهْلِ بَدْرٍ ، فَتَوَجَّهَ بِهِمْ ، فَمَا ضَرَبُوا بِسَيْفٍ وَلاَ طَعَنُوا بِرُمْحٍ حَتّى فَتَحَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ لَهُمْ» .
السند ضعيف، وأبو عبد اللّه الجعفي كنية لعمرو بن شمر.
قوله: (كم الرباط عندكم).
الرباط: الإرصاد في أطراف بلاد المسلمين للإعلام بأحوال المشركين على تقدير هجومهم، وهو مستحبّ استحبابا مؤكّدا دائما مع حضور الإمام وغيبته، وأقلّه ثلاثة أيّام، وأكثره أربعون يوما، فإن زاد ألحق بالجهاد في الثواب، لا أنّه يخرج عن وصف الرباط.
(قلت: أربعون) أي أربعون يوما.
(قال: لكن رباطنا رباط الدهر).
لعلّ المراد الرباط لنا، أو الرباط عندنا، والأوّل أنسب بما بعده.
وقال في القاموس: «الدهر: الزمان الطويل، وألف سنة _ وتفتح الهاء _ والنازلة، والهمّة، والغاية، والعادة، والغلبة».(2)
أقول: لعلّ المراد أنّه يجب على الشيعة أن يربطوا أنفسهم دائما على طاعة الإمام الحقّ، وانتظار فرجه، والتهيئ لنصرته، حاضرا كان أم غائبا. وقيل: كأنّه إشارة إلى إمهال الفرج.
وقوله: (كان له وزنها ووزن وزنها).
ولعلّ المراد مثلها وضعفها ثوابا؛ أي كان له كلّ يوم ثواب التصدّق بوزنها وضعفها ذهبا أو فضّة. وقيل: يحتمل أن يكون من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس، أي له من الثواب كمثلي وزن الدابّة.(3)
ص: 366
وكلمة «ما» في قوله: (ما كانت عنده) مصدريّة ظرفيّة.
(ومن ارتبط فينا سلاحا).
قال الفيروزآبادي: «ارتبط فرسا: اتّخذه للرباط».(1)
وقال: «السّلاح: آلة الحرب، أو حديدتها، ويؤنّث، والسيف والقوس بلا وتر، والعصا».(2)
ثمّ رغّب في الصبر وترك الجزع والقنوط بتأخير الفرج، فقال: (لا تجزعوا من مرّة) أي من عدم نزول النصرة إلينا وغلبة العدوّ علينا مرّة.
(ولا من مرّتين، ولا من ثلاث، ولا [من] أربع) كما في أمر الحسين عليه السلاموزيد بن علي،وكانصراف الأمر عند انقراض بني اُميّة إلى بني عبّاس، بل اصبروا؛ فإنّ اللّه يأتي بالفرج،والاُمور مرهونة بأوقاتها.
وقيل: كأنّ المرّة ناظرة إلى زمن عليّ عليه السلام، والثانية إلى زمن الحسن عليه السلام، والثالثة إلى زمن الحسين عليه السلام، والرابعة إلى زمن زيد؛ لأنّه لو غلب لردّ الحقّ إلى أهله كما مرّ، أو إلى زمن الرضا عليه السلام على احتمال، أو ذكرها من باب الاستطراد المعروف في الكلام.(3)
وقوله: (فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح)؛ الظاهر أنّ الفعلين في المواضع على البناء للمجهول مع إمكان قراءتهما على صيغة المعلوم.
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ وَالنَّوْفَلِيِّ وَغَيْرِهِمَا :
يَرْفَعُونَهُ إِلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لاَ يَتَدَاوى مِنَ الزُّكَامِ ، وَيَقُولُ : مَا مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَبِهِ عِرْقٌ مِنَ الْجُذَامِ ، فَإِذَا أَصَابَهُ الزُّكَامُ قَمَعَهُ» .
السند ضعيف.قوله: (لا يتداوى من الزكام).
ص: 367
في القاموس: «الزكام _ بالضمّ _ تحلب فضول رطبة من بطني الدماغ المقدّمين إلى المنخرين. وقد زِكُم _ كعُنِي _ وأزكمه فهو مزكوم».(1)
وقوله: (قمعه) أي كسره، وذلّله.
قال الفيروزآبادي: «قمعه _ كمنعه _ : ضربه بالمقمعة، وقهره، وذلّله. وفلانا: صرفه عمّا يريد».(2)
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : الزُّكَامُ جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، يَبْعَثُهُ(3) عَلَى الدَّاءِ ، فَيُزِيلُهُ(4)» .
السند صحيح.
قوله: (يبعثه على الداء فيزيله). وفي بعض النسخ: «يبعثه على الداء فينزله». ولعلّ المراد بالداء الجذام بقرينة الحديث السابق، ويحتمل الأعمّ، فافهم.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ :
بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ وُلْدِ آدَمَ إِلاَّ وَفِيهِ عِرْقَانِ : عِرْقٌ فِي رَأْسِهِ يُهَيِّجُ الْجُذَامَ ، وَعِرْقٌ فِي بَدَنِهِ يُهَيِّجُ الْبَرَصَ ، فَإِذَا هَاجَ الْعِرْقُ الَّذِي فِي الرَّأْسِ ، سَلَّطَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ عَلَيْهِ الزُّكَامَ حَتّى يَسِيلَ مَا فِيهِ مِنَ الدَّاءِ ، وَإِذَا هَاجَ الْعِرْقُ الَّذِي فِي الْجَسَدِ ، سَلَّطَ اللّهُ عَلَيْهِ الدَّمَامِيلَ حَتّى يَسِيلَ مَا فِيهِ مِنَ الدَّاءِ ، فَإِذَا رَأى أَحَدُكُمْ بِهِ زُكَاما وَدَمَامِيلَ ،
ص: 368
فَلْيَحْمَدِ اللّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ عَلَى الْعَافِيَةِ».
وَقَالَ : «الزُّكَامُ فُضُولٌ فِي الرَّأْسِ» .
السند مرسل.
قوله: (يهيّج الجذام)؛ لعلّ المراد أنّه محلّ تولّده مادّة الجذام.
وقوله: (حتّى يسيل) من التسييل، أو الإسالة، وكونه من السيّلان بعيد.
وفي بعض النسخ: «يسلّ» من السّلّ، وهو انتزاعك الشيء وإخراجه برفق، وفعله كيمدّ.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، قَالَ :
دَخَلَ(1) رَجُلٌ عَلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام وَهُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ(2)، فَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ عَنْ هذِهِ الْأَجْزَاءِ الثَّلاَثَةِ : الصَّبِرِ ، وَالْكَافُورِ ، وَالْمُرِّ؟» فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذلِكَ ، فَذَهَبَ عَنْهُ.
السند مجهول.
قوله: (الصبر، والكافور، والمرّ).
قال الفيروزآبادي: «الصبر _ ككتف، ولا يسكّن إلاّ في ضروره شعر _ : عصارة شجرة مرّة».(3)
وقال:
الكافور: طيبٌ معروف يكون من شجر بجبال بحر الهند والصين، وخشبه أبيض هشّ، ويوجد في أجوافه الكافور، وهو أنواع، ولونها أحمر، وإنّما يبيض بالتصعيد. والكَفَر _ بالتحريك _ : وعاء طلع النخل كالكافور.(4)
ص: 369
وقال: «المرّ _ بالضمّ _ : دواء معروف نافع للسعال ولسع العقارب ولديدان الأمعاء»(1) انتهى.
وقيل: الكافور صمغ شجرة؛ وما كان منه جلال، وهو الكبار الذي لم يقع في التراب، لا حاجة له إلى النار، وهو الكافور الخام المستعمل في الحنوط، وما كان منه صغار ووقع في التراب جعل في قدر فيه ماء ويغلى ليتميّز. وقيل: هو نبت له نور كنور الأقحوان، أو غلاف الكرم قبل ظهور نوره، أو وعاء طلع النخل.(2)
وأقول: الظاهر أنّ المراد هنا الكافور المشهور.
عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنَّ لَنَا فَتَاةً كَانَتْ تَرَى الْكَوْكَبَ مِثْلَ الْجَرَّةِ .
قَالَ : «نَعَمْ ، وَتَرَاهُ مِثْلَ الْحُبِّ».
قُلْتُ : إِنَّ بَصَرَهَا ضَعُفَ .
فَقَالَ : «اكْحُلْهَا بِالصَّبِرِ وَالْمُرِّ وَالْكَافُورِ أَجْزَاءً سَوَاءً» فَكَحَلْنَاهَا بِهِ ، فَنَفَعَهَا .
السند صحيح.
قوله: (إنّ لنا فتاة).
الفتى: الشابّ، وهي فتاة.
ص: 370
(مثل الحبّ)، وهو بالضمّ الخابية فارسي معرّب، ولعلّ المراد به تصديق قول القائل، أي نعم إنّي سمعت أو علمت أنّها كانت ترى الكوكب مثل الخابية أيضا.
وقال بعض الأفاضل: «معناه: نعم، تراه مثل الحبّ بعد ذلك إن لم تعالج، أو أنّها ترى في الحال مثل الحبّ»(1) هذا كلامه وهو كما ترى.
وقوله: (اكحلها) إلى قوله: (فكحلناها).
قال الفيروزآبادي: «الكحل _ بالضمّ _ : الأثمد، وكلّ ما وضع في العين يستشفى به. وكحل العين _ كمنع ونصر _ فهي مكحولة، وكحّلها».(2)
عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(3) ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَيْضِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ _ يَعْنِي أَبَا الدَّوَانِيقِ _ فَجَاءَتْهُ خَرِيطَةٌ ، فَحَلَّهَا
وَنَظَرَ فِيهَا ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا شَيْئا ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللّهِ ، أَتَدْرِي مَا هذَا؟
قُلْتُ : وَمَا(4) هُوَ؟ قَالَ : هذَا شَيْءٌ يُؤتى بِهِ مِنْ خَلْفِ إِفْرِيقِيَةَ مِنْ طَنْجَةَ أَوْ طِينَةٍ _ شَكَّ مُحَمَّدٌ _ .
قُلْتُ : مَا هُوَ؟ قَالَ : جَبَلٌ هُنَاكَ يَقْطُرُ مِنْهُ فِي السَّنَةِ قَطَرَاتٌ ، فَتَجْمُدُ(5) وَ هُوَ جَيِّدٌ لِلْبَيَاضِ يَكُونُ فِي الْعَيْنِ يُكْتَحَلُ بِهذَا ، فَيَذْهَبُ بِإِذْنِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
قُلْتُ : نَعَمْ ، أَعْرِفُهُ وَإِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِاسْمِهِ وَحَالِهِ ، قَالَ : فَلَمْ يَسْأَلْنِي عَنِ اسْمِهِ ، قَالَ : وَمَا حَالُهُ؟
فَقُلْتُ : هذَا جَبَلٌ كَانَ عَلَيْهِ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ هَارِبا مِنْ قَوْمِهِ يَعْبُدُ اللّهَ عَلَيْهِ ، فَعَلِمَ بِهِ قَوْمُهُ ، فَقَتَلُوهُ ، فَهُوَ يَبْكِي عَلى ذلِكَ النَّبِيِّ عليه السلام ، وَهذِهِ الْقَطَرَاتُ مِنْ بُكَائِهِ ، وَلَهُ مِنَ الْجَانِبِ الاْخَرِ عَيْنٌ تَنْبُعُ مِنْ ذلِكَ الْمَاءِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَلاَ يُوصَلُ إِلى تِلْكَ الْعَيْنِ» .
ص: 371
السند مجهول.
قوله: (فجاءته خريطة) هي وعاء من اُدم وغيره يشرج على ما فيه.
وقوله: (من خلف إفريقية).
وفي بعض النسخ: «افرنقية» بالنون بعد الراء، وكأنّه تصحيف.
(من طنجة أو طينة).
قال الفيروزآبادي: «إفريقيّة: بلاد واسعة قبالة الأندلس».(1)
وقال: «طنجة: بلد بشاطئ بحر المغرب».(2)
وقال: «طينة _ بمدّ _ : قرب دمياط».(3)
وقوله: (شكّ محمّد) خبر مبتدأ محذوف، أي الترديد، أو الشكّ المذكور شكّ محمّد بن الفيض.
وقوله: (وهو جيّد للبياض).
قيل: لعلّه هو المعروف بدمنه إفرنك.(4)
وقوله: (ولا يوصل إلى تلك العين) أي لا يمكن لأحد الوصول إليها.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ سُلَيْمٍ مَوْلى عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ :
أَنَّهُ كَانَ يَلْقى مِنْ(5) عَيْنَيْهِ أَذًى ، قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام _ ابْتِدَاءً مِنْ عِنْدِهِ _ : «مَا يَمْنَعُكَ مِنْ كُحْلِ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : جُزْءُ كَافُورٍ رَبَاحِيٍّ(6) ، وَجُزْءُ صَبِرٍ أُصْقُوطْرى يُدَقَّانِ جَمِيعا ، وَيُنْخَلاَنِ بِحَرِيرَةٍ، يُكْتَحَلُ مِنْهُ مِثْلَ مَا يُكْتَحَلُ مِنَ الاْءِثْمِدِ الْكَحْلَةُ فِي الشَّهْرِ ، تَحْدُرُ(7) كُلَّ دَاءٍ فِي الرَّأْسِ ، وَتُخْرِجُهُ(8) مِنَ الْبَدَنِ» .
ص: 372
قَالَ : فَكَانَ(1) يَكْتَحِلُ بِهِ ، فَمَا اشْتَكى عَيْنَيْهِ حَتّى مَاتَ .
السند حسن بناءً على إرجاع ضمير «قال» إلى ابن أبي عمير، كما هو الظاهر، وإلاّ فمجهول.
قوله: (رباحي) بالباء الموحّدة بعد الراء المفتوحة.
وفي بعض النسخ بالياء المثنّاة التحتانيّة، وكأنّه تصحيف.
في القاموس:
الرباح _ كسحاب _ : قلعة بالأندلس. والرباحي جنس من الكافور. وقول الجوهري: «الرباح: دويبة يجلب منها الكافور»(2) خلف، وأصلح في بعض النسخ وكتب «بلد» بدل «دويبة» وكلاهما غلط؛ لأنّ الكافور صمغ شجر يكون داخل الخشب، ويتخشخش فيه إذا حرّك، فينتشر ويستخرج.(3)
وقوله: (أصقوطرى).
كذا في نسخ الكتاب، وفي كتب الطبّ: أسقوطري» بالسين المهملة.(4)
وفي القاموس:
سُقُطرى _ بضمّ السّين والقاف ممدودة ومقصورة _ وأسقطرى: جزيرة ببحر الهند على يسار الجائي من بلاد الزنج، والعامّة تقول: سقوطرة، يجلب منها الصبر ودم الأخوين.(5)
وقوله: (ينخلان) على بناء المفعول.
ونخل الدقيق: غربلته، وتصفيته.
والإثمد _ بالكسر _ : حجر الكحل.
(حَدِيثُ الْعَابِدِ)مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ،
ص: 373
عَمَّنْ أَخْبَرَهُ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «كَانَ عَابِدٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُقَارِفْ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا شَيْئا ، فَنَخَرَ إِبْلِيسُ نَخْرَةً ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُنُودُهُ ، فَقَالَ : مَنْ لِي بِفُلاَنٍ؟ فَقَالَ(1) بَعْضُهُمْ : أَنَا(2) ، فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ تَأْتِيهِ ، فَقَالَ(3) : مِنْ نَاحِيَةِ النِّسَاءِ ، قَالَ : لَسْتَ لَهُ ، لَمْ يُجَرِّبِ النِّسَاءَ ، فَقَالَ لَهُ آخَرُ : فَأَنَا لَهُ(4) ، فَقَالَ(5) : مِنْ أَيْنَ تَأْتِيهِ؟ قَالَ : مِنْ نَاحِيَةِ الشَّرَابِ وَاللَّذَّاتِ ، قَالَ : لَسْتَ لَهُ ، لَيْسَ هذَا بِهذَا(6) ، قَالَ آخَرُ : فَأَنَا لَهُ ، قَالَ: مِنْ أَيْنَ تَأْتِيهِ؟ قَالَ : مِنْ نَاحِيَةِ الْبِرِّ ، قَالَ : انْطَلِقْ ، فَأَنْتَ صَاحِبُهُ ، فَانْطَلَقَ إِلى مَوْضِعِ الرَّجُلِ ، فَأَقَامَ(7) حِذَاهُ(8) يُصَلِّي» .
قَالَ : «وَكَانَ الرَّجُلُ يَنَامُ وَالشَّيْطَانُ لاَ يَنَامُ ، وَيَسْتَرِيحُ وَالشَّيْطَانُ لاَ يَسْتَرِيحُ ، فَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ وَقَدْ تَقَاصَرَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ ، وَاسْتَصْغَرَ عَمَلَهُ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللّهِ، بِأَيِّ شَيْءٍ قَوِيتَ عَلى هذِهِ الصَّلاَةِ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ(9) ، فَلَمْ يُجِبْهُ ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللّهِ ، إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبا وَأَنَا تَائِبٌ مِنْهُ ، فَإِذَا ذَكَرْتُ الذَّنْبَ قَوِيتُ عَلَى(10) الصَّلاَةِ ، قَالَ : فَأَخْبِرْنِي بِذَنْبِكَ حَتّى أَعْمَلَهُ وَأَتُوبَ ، فَإِذَا فَعَلْتُهُ قَوِيتُ عَلَى الصَّلاَةِ ، قَالَ : ادْخُلِ الْمَدِينَةَ ، فَسَلْ عَنْ فُلاَنَةَ الْبَغِيَّةِ ، فَأَعْطِهَا دِرْهَمَيْنِ ، وَنَلْ مِنْهَا ، قَالَ : وَمِنْ أَيْنَ لِي دِرْهَمَيْنِ؟ مَا أَدْرِي مَا الدِّرْهَمَيْنِ؟ فَتَنَاوَلَ الشَّيْطَانُ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ(11) دِرْهَمَيْنِ ، فَنَاوَلَهُإِيَّاهُمَا ، فَقَامَ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ بِجَلاَبِيبِهِ ، يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ فُلاَنَةَ الْبَغِيَّةِ ، فَأَرْشَدَهُ(12) النَّاسُ ، وَظَنُّوا أَنَّهُ جَاءَ يَعِظُهَا ، فَأَرْشَدُوهُ ، فَجَاءَ إِلَيْهَا فَرَمى إِلَيْهَا بِالدِّرْهَمَيْنِ ، وَقَالَ : قُومِي ، فَقَامَتْ فَدَخَلَتْ مَنْزِلَهَا ، وَقَالَتِ : ادْخُلْ ، وَقَالَتْ : إِنَّكَ جِئْتَنِي فِي هَيْئَةٍ لَيْسَ يُؤتى مِثْلِي فِي مِثْلِهَا ، فَأَخْبِرْنِي بِخَبَرِكَ ، فَأَخْبَرَهَا .
فَقَالَتْ لَهُ : يَا عَبْدَ اللّهِ ، إِنَّ تَرْكَ الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ طَلَبَ التَّوْبَةَ وَجَدَهَا ،
ص: 374
وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هذَا شَيْطَانا مُثِّلَ لَكَ، فَانْصَرِفْ ؛ فَإِنَّكَ لاَ تَرى شَيْئا ، فَانْصَرَفَ ، وَمَاتَتْ مِنْ لَيْلَتِهَا ، فَأَصْبَحَتْ فَإِذَا(1) عَلى بَابِهَا مَكْتُوبٌ : احْضُرُوا فُلاَنَةَ ؛ فَإِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَارْتَابَ النَّاسُ ، فَمَكَثُوا ثَلاَثا لاَيَدْفِنُونَهَا(2) ارْتِيَابا فِي أَمْرِهَا ، فَأَوْحَى اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ إِلى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ _ لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عليه السلام _ : أَنِ ائْتِ فُلاَنَةَ ، فَصَلِّ عَلَيْهَا ، وَمُرِ النَّاسَ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهَا ؛ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهَا ، وَأَوْجَبْتُ لَهَا الْجَنَّةَ بِتَثْبِيطِهَا عَبْدِي فُلاَنا عَنْ مَعْصِيَتِي» .
السند ضعيف.
قوله: (لم يقارف).
في الصحاح: «قارف فلان الخطيئة، أي خالطها».(3)
وقوله: (فنخر إبليس نخرة).
يُقال: نخر _ كضرب ونصر _ نخيرا: إذا مدّ الصوت في خياشيمه.
وقوله: (لم يجرّب النساء) أي لم يخالطهنّ، ولم يعرف طريق مباشرتهنّ.
في القاموس: «جرّبه تجربةً: اختبره. ورجلٌ مجرّب _ كمعظّم _ بُلي ما عنده. ومجرّب: عرف الاُمور».(4)
وفي بعض النسخ: «لم يحبّ النساء».
وقوله: (تقاصرت إليه نفسه) أي ظهر له تقصيرها.
في القاموس: «تقاصر: انتهى. وعنه: عجز».(5)
وقوله: (منها) أي من فلانة البغية.
قال الجوهري: «نال خيرا ينال نيلاً؛ أي أصاب، وأصله نيل ينيل مثل تعب يتعب، وأناله غيره، والأمر منه: نَل بفتح النون».(6)
وقوله: (بجلابيبه).
في القاموس: «الجلباب _ كسرداب وسنمار _ : القميص، وثوب واسع للمرأة دون
ص: 375
الملحفة، أو ما تغطّي به ثيابها من فوق كالملحفة، أو هو الخمار».(1)
وقوله: (مُثّل لك) على بناء المفعول. يُقال: مثّلت له كذا تمثيلاً: إذا صوّرت مثاله، كأنّه ينظر إليه.
وقوله: (لا أعلمه)؛ الشكّ من الراوي.
وقوله: (بتثبيطها عبدي).
ثبّطه عن الأمر تثبيطا: إذا شغله عنه، وعوّقه، وبطّأه عنه.
ووجه كون ترك الذنب أهون وأسهل من طلب التوبة أنّ النفس قبل ارتكابه أشدّ صفاءً منها بعده، ولا ريب أنّ العبادة مع صفاء النفس أسهل وأنفع من العبادة مع ظلمتها، على أنّ للتوبة أسبابا وشرائط قد لا يتحصّل، فليس كلّ من طلب التوبة وجدها.
وفي هذا الحديث دلالة على أنّ للشياطين تصرّفات غريبة في إغواء بني آدم وإضلاله، فيجب لكلّ أحد وإن بلغ غاية العبادة التيقّظ والتحرّز عن مكرهم وحيلهم.
وقيل: دلَّ هذا الحديث على أنّ من دلّ مؤمنا وهداه ونجّاه عن الضلالة فهو من أهل الجنّة، وإن كان فاسقا آكلاً أموال الناس حراما،(2) انتهى، فليتأمّل.
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ زُرَارَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : «كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ عَابِدٌ ، وَكَانَ مُحَارَفا لاَيَتَوَجَّهُ إِلى(3) شَيْءٍ ، فَيُصِيبَ فِيهِ شَيْئا ، فَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ حَتّى لَمْ يَبْقَ عِنْدَهَا شَيْءٌ ، فَجَاعُوا يَوْما مِنَ الْأَيَّامِ ، فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ نَصْلاً مِنْ غَزْلٍ ، وَقَالَتْ لَهُ : مَا عِنْدِي غَيْرُهُ ، انْطَلِقْ(4) فَبِعْهُ ، وَاشْتَرِ لَنَا شَيْئا نَأْكُلْهُ .
فَانْطَلَقَ بِالنَّصْلِ الْغَزْلِ(5) لِيَبِيعَهُ ، فَوَجَدَ السُّوقَ قَدْ غُلِقَتْ ، وَوَجَدَ الْمُشْتَرِينَ قَدْ قَامُوا وَانْصَرَفُوا ، فَقَالَ : لَوْ أَتَيْتُ هذَا الْمَاءَ ، فَتَوَضَّأْتُ مِنْهُ ، وَصَبَبْتُ عَلَيَّ مِنْهُ ، وَانْصَرَفْتُ ، فَجَاءَ إِلَى الْبَحْرِ وَإِذَا هُوَ
ص: 376
بِصَيَّادٍ قَدْ أَلْقى شَبَكَتَهُ ، فَأَخْرَجَهَا وَلَيْسَ فِيهَا إِلاَّ سَمَكَةٌ رَدِيَّةٌ قَدْ مَكَثَتْ عِنْدَهُ حَتّى صَارَتْ رِخْوَةً مُنْتِنَةً ، فَقَالَ لَهُ : بِعْنِي هذِهِ السَّمَكَةَ ، وَأُعْطِيكَ هذَا الْغَزْلَ تَنْتَفِعُ بِهِ فِي شَبَكَتِكَ ، قَالَ : نَعَمْ ، فَأَخَذَ السَّمَكَةَ ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ الْغَزْلَ ، وَانْصَرَفَ بِالسَّمَكَةِ إِلى مَنْزِلِهِ .
فَأَخْبَرَ زَوْجَتَهُ الْخَبَرَ ، فَأَخَذَتِ السَّمَكَةَ لِتُصْلِحَهَا ، فَلَمَّا شَقَّتْهَا ، بَدَتْ مِنْ جَوْفِهَا لُؤلُؤةٌ ، فَدَعَتْ زَوْجَهَا فَأَرَتْهُ إِيَّاهَا ، فَأَخَذَهَا فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى السُّوقِ ، فَبَاعَهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَانْصَرَفَ إِلى مَنْزِلِهِ بِالْمَالِ فَوَضَعَهُ ، فَإِذَا سَائِلٌ يَدُقُّ الْبَابَ ، وَيَقُولُ : يَا أَهْلَ الدَّارِ ، تَصَدَّقُوا رَحِمَكُمُ اللّهُ عَلَى الْمِسْكِينِ ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : ادْخُلْ ، فَدَخَلَ ، فَقَالَ لَهُ : خُذْ إِحْدَى الْكِيسَيْنِ ، فَأَخَذَ إِحْدَاهُمَا ، وَانْطَلَقَ ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ : سُبْحَانَ اللّهِ بَيْنَمَا نَحْنُ مَيَاسِيرُ إِذْ ذَهَبْتَ بِنِصْفِ يَسَارِنَا ، فَلَمْ يَكُنْ ذلِكَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ دَقَّ السَّائِلُ الْبَابَ ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : ادْخُلْ ، فَدَخَلَ فَوَضَعَ الْكِيسَ فِي مَكَانِهِ ، ثُمَّ قَالَ : كُلْ هَنِيئا مَرِيئا ، إِنَّمَا أَنَا مَلَكٌ مِنْ مَلاَئِكَةِ رَبِّكَ ، إِنَّمَا أَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُوَكَ ، فَوَجَدَكَ شَاكِرا ، ثُمَّ ذَهَبَ» .
السند مجهول.
قوله: (محارفا).
قال الجوهري: «رجلٌ محارف _ بفتح الراي _ أي محدود محروم، وهو خلاف قولك: مبارك».(1)
وقال الجزري:
المحارف _ بفتح الراء _ هو المحروم المحدود الذي إذا طلب فلا يُرزق. و[قد] حُورف كسب فلان: إذا شدّد عليه في معاشه وضيّق كأنّه ميلَ برزقه عنه من الانحراف عن الشيء، وهو الميل عنه.(2)
وقوله: (نصلاً من غزل).
قال الفيروزآبادي: «النصل: الغزل قد خرج من المغزل».(3)
وقال: «غزلت القطن تغزله، فهو غزل _ بالفتح _ أي مغزول».(4)
ص: 377
وقوله: (فوجد السوق قد غلقت).
الضمير المستتر في «غلقت» راجع إلى السوق. قال الجوهري: «السّوق يُذكّر ويؤنّث».(1) وقال:
أغلقت الباب فهو مُغلَق، والاسم: الغلق. ومنه قول الشاعر: وبابٌ إذا ما مال للغلق يصرف.
ويقال: هذا من غلقت الباب غلقا وهي لغة [رديئة] متروكة، وغلّقت الأبواب شدّد للكثرة.(2)
وقوله: (رخوة منتنة).
شيء رَخو ورِخوة _ بكسر الراء وفتحها _ أي هشّ ليّن. وفرش رخوة، أي سهلة مسترسلة.
والنتن: الرائحة الكريهة. وأنتن الشيء فهو منتن.
وقوله: (نحن مياسير إذ ذهبت بنصف يسارنا).
الباء للتعدية، واليسار _ بالفتح _ : السهولة، والغنى. وأيسر يسارا: صار ذا غنىً، فهو موسر، والجمع: مياسير.
قيل: في الحديث فوائد:
الاُولى: أنّ الصبر على الفقر يوجب الفرج.
الثانية: أنّ ما وجد في جوف السمكة من اللؤلؤة ونحوها فهو لواجده لا للبايع.
الثالثة: أنّه لا ينبغي ردّ السائل عن النعمة المتجدّدة؛ إذ ربّما يكون اختبارا من اللّه تعالى.
الرابعة: أنّ إعطاء السائل شكر النعمة.(3)
(خُطْبَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عليه السلام)
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَعِيدِ(4) بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْأَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :
ص: 378
خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليه السلام _ وَ رَوَاهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ هذَا الاْءِسْنَادِ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ خَطَبَ بِذِي قَارٍ _ فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ :
«أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللّهَ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ بَعَثَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ عِبَادِهِ إِلى عِبَادَتِهِ ، وَمِنْ عُهُودِ عِبَادِهِ إِلى عُهُودِهِ ، وَ مِنْ طَاعَةِ عِبَادِهِ إِلى طَاعَتِهِ ، وَمِنْ وَلاَيَةِ عِبَادِهِ إِلى وَلاَيَتِهِ ، بَشِيرا وَنَذِيرا وَدَاعِيا إِلَى اللّهِ بِإِذْنِهِ ، وَسِرَاجا مُنِيرا، عَوْدا وَبَدْءا، وَعُذْرا وَنُذْرا، بِحُكْمٍ قَدْ فَصَّلَهُ ، وَتَفْصِيلٍ قَدْ أَحْكَمَهُ ، وَفُرْقَانٍ قَدْ فَرَقَهُ ، وَقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَهُ؛ لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ ، وَلِيُقِرُّوا بِهِ إِذْ جَحَدُوهُ ، وَلِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ ، فَتَجَلّى لَهُمْ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ ، فَأَرَاهُمْ حِلْمَهُ كَيْفَ حَلُمَ ، وَأَرَاهُمْ عَفْوَهُ كَيْفَ عَفَا ، وَأَرَاهُمْ قُدْرَتَهُ كَيْفَ قَدَرَ ، وَخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ ، وَكَيْفَ خَلَقَ مَا خَلَقَ مِنَ الاْيَاتِ ، وَكَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ مِنَ الْعُصَاةِ بِالْمَثُلاَتِ ، وَاحْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ ، وَكَيْفَ رَزَقَ وَهَدى وَأَعْطَى وَأَرَاهُمْ حُكْمَهُ ، كَيْفَ حَكَمَ وَصَبَرَ حَتّى يَسْمَعَ مَا يَسْمَعُ وَ يَرى .
فَبَعَثَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله بِذلِكَ .
ثُمَّ إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي زَمَانٌ لَيْسَ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ شَيْءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ ، وَلاَ أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ ، وَلاَ أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللّهِ تَعَالى وَرَسُولِهِ صلى الله عليه و آله ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ، وَلاَ سِلْعَةٌ أَنْفَقَ بَيْعا وَلاَ أَغْلَى ثَمَنا مِنَ الْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ، وَلَيْسَ فِي الْعِبَادِ وَلاَ فِي الْبِلاَدِ شَيْءٌ هُوَ أَنْكَرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ ، وَلاَ أَعْرَفَ مِنَ الْمُنْكَرِ ، وَلَيْسَ فِيهَا فَاحِشَةٌ أَنْكَرَ وَلاَ عُقُوبَةٌ أَنْكى مِنَ الْهُدى عِنْدَ الضَّلاَلِ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ ، فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ حَمَلَتُهُ ، وَتَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ، حَتّى تَمَالَتْ(1) بِهِمُ الْأَهْوَاءُ ، وَتَوَارَثُوا ذلِكَ مِنَ الاْبَاءِ ، وَعَمِلُوا بِتَحْرِيفِ الْكِتَابِ كَذِبا وَتَكْذِيبا ، فَبَاعُوهُ بِالْبَخْسِ ، وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ .
فَالْكِتَابُ وَأَهْلُ الْكِتَابِ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ طَرِيدَانِ مَنْفِيَّانِ ، وَصَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ ، لاَيَأْوِيهِمَا مُؤوٍ(2) ، فَحَبَّذَا ذَانِكَ الصَّاحِبَانِ ، وَاها لَهُمَا وَلِمَا يَعْمَلاَنِ(3) لَهُ .
فَالْكِتَابُ وَأَهْلُ الْكِتَابِ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ فِي النَّاسِ وَلَيْسُوا فِيهِمْ ، وَمَعَهُمْ وَلَيْسُوا مَعَهُمْ ، وَذلِكَ
ص: 379
لِأَنَّ الضَّلاَلَةَ لاَتُوَافِقُ الْهُدى وَإِنِ اجْتَمَعَا ، وَقَدِ اجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْفُرْقَةِ ، وَافْتَرَقُوا عَلَى(1) الْجَمَاعَةِ ، قَدْ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ وَأَمْرَ دِينِهِمْ مَنْ يَعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَكْرِ وَالْمُنْكَرِ وَالرِّشَا وَالْقَتْلِ ، كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ ، وَلَيْسَ الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ ، لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحَقِّ إِلاَّ اسْمُهُ ، وَلَمْ يَعْرِفُوا مِنَ الْكِتَابِ إِلاَّ خَطَّهُ وَزَبْرَهُ ، يَدْخُلُ الدَّاخِلُ لِمَا يَسْمَعُ مِنْ حِكَمِ الْقُرْآنِ ، فَلاَ يَطْمَئِنُّ جَالِسا حَتّى يَخْرُجَ مِنَ الدِّينِ ، يَنْتَقِلُ مِنْ دِينِ مَلِكٍ إِلى دِينِ مَلِكٍ ، وَمِنْ وَلاَيَةِ مَلِكٍ إِلى وَلاَيَةِ مَلِكٍ ، وَمِنْ طَاعَةِ مَلِكٍ إِلى طَاعَةِ مَلِكٍ ، وَمِنْ عُهُودِ مَلِكٍ إِلى عُهُودِ مَلِكٍ ، فَاسْتَدْرَجَهُمُ اللّهُ تَعَالى مِنْ حَيْثُ لاَيَعْلَمُونَ ، وَإِنَّ كَيْدَهُ مَتِينٌ بِالْأَمَلِ وَالرَّجَاءِ حَتّى تَوَالَدُوا فِي الْمَعْصِيَةِ ، وَدَانُوا بِالْجَوْرِ ، وَالْكِتَابُ لَمْ يَضْرِبْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ صَفْحا ضُلاَّلاً تَائِهِينَ ، قَدْ دَانُوا بِغَيْرِ دِينِ اللّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ ، وَأَدَانُوا لِغَيْرِ اللّهِ .
مَسَاجِدُهُمْ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ عَامِرَةٌ مِنَ الضَّلاَلَةِ ، خَرِبَةٌ مِنَ الْهُدى(2) ، فَقُرَّاؤهَا وَعُمَّارُهَا أَخَائِبُ خَلْقِ اللّهِ وَخَلِيقَتِهِ ، مِنْ عِنْدِهِمْ جَرَتِ الضَّلاَلَةُ ، وَإِلَيْهِمْ تَعُودُ ، فَحُضُورُ مَسَاجِدِهِمْ وَالْمَشْيُ إِلَيْهَا كُفْرٌ بِاللّهِ الْعَظِيمِ إِلاَّ مَنْ مَشى إِلَيْهَا وَهُوَ عَارِفٌ بِضَلاَلَتِهِمْ(3) ، فَصَارَتْ مَسَاجِدُهُمْ مِنْ فِعَالِهِمْ عَلى ذلِكَ النَّحْوِ خَرِبَةً مِنَ الْهُدى ، عَامِرَةً مِنَ الضَّلاَلَةِ .
قَدْ بُدِّلَتْ سُنَّةُ اللّهِ ، وَتُعُدِّيَتْ حُدُودُهُ ، وَلاَ يَدْعُونَ(4) إِلَى الْهُدى ، وَلاَ يَقْسِمُونَ الْفَيْءَ ، وَلاَ يُوفُونَ بِذِمَّةٍ ، يَدْعُونَ الْقَتِيلَ مِنْهُمْ عَلى ذلِكَ شَهِيدا ، قَدْ أَتَوُا(5) اللّهَ بِالاِفْتِرَاءِ وَالْجُحُودِ ، وَاسْتَغْنَوْا بِالْجَهْلِ عَنِ الْعِلْمِ ، وَمِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحِينَ كُلَّ مُثْلَةٍ ، وَسَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَى اللّهِ فِرْيَةً ، وَجَعَلُوا فِي الْحَسَنَةِ الْعُقُوبَةَ السَّيِّئَةَ .
وَقَدْ بَعَثَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ إِلَيْكُمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤمِنِينَ رَؤفٌ رَحِيمٌ صلى الله عليه و آله ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابا عَزِيزا «لاَ يَأْتِيهِ الْبَ_طِ_لُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ»(6) ، قُرْآنا عَرَبِيّا(7) غَيْرَ ذِي عِوَجٍ؛ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا ، وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ .
ص: 380
فَلاَ يُلْهِيَنَّكُمُ الْأَمَلُ ، وَلاَيَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَجَلُ ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَمَدُ أَمَلِهِمْ ، وَتَغْطِيَةُ الاْجَالِ عَنْهُمْ، حَتّى نَزَلَ بِهِمُ الْمَوْعُودُ الَّذِي تُرَدُّ عَنْهُ الْمَعْذِرَةُ ، وَتُرْفَعُ عَنْهُ التَّوْبَةُ ، وَتَحُلُّ مَعَهُ الْقَارِعَةُ وَالنَّقِمَةُ .
وَقَدْ أَبْلَغَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ إِلَيْكُمْ بِالْوَعْدِ ، وَفَصَّلَ لَكُمُ الْقَوْلَ ، وَعَلَّمَكُمُ السُّنَّةَ ، وَشَرَّعَ(1) لَكُمُ الْمَنَاهِجَ(2) لِيُزِيحَ الْعِلَّةَ ، وَحَثَّ عَلَى الذِّكْرِ ، وَدَلَّ عَلَى النَّجَاةِ ، وَإِنَّهُ مَنِ انْتَصَحَ لِلّهِ وَاتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلاً ، هَدَاهُ لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ، وَوَفَّقَهُ لِلرَّشَادِ ، وَسَدَّدَهُ وَيَسَّرَهُ لِلْحُسْنى ، فَإِنَّ جَارَ اللّهِ آمِنٌ مَحْفُوظٌ ، وَعَدُوَّهُ خَائِفٌ مَغْرُورٌ .
فَاحْتَرِسُوا مِنَ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ ، وَاخْشَوْا مِنْهُ بِالتُّقى ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ ، فَإِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ ، قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ : «وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ».(3)
فَاسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَآمِنُوا بِهِ ، وَعَظِّمُوا اللّهَ الَّذِي لاَيَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللّهِ أَنْ يَتَعَظَّمَ ، فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا عَظَمَةُ اللّهِ أَنْ يَتَوَاضَعُوا لَهُ ، وَعِزَّ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا جَلاَلُ اللّهِ أَنْ يَذِلُّوا لَهُ ، وَسَلاَمَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَةُ اللّهِ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهُ ، فَلاَ يُنْكِرُونَ أَنْفُسَهُمْ بَعْدَ حَدِّ الْمَعْرِفَةِ ، وَلاَ يَضِلُّونَ بَعْدَ الْهُدى ، فَلاَ تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحِيحِ مِنَ الْأَجْرَبِ ، وَالْبَارِىَٔمِنْ ذِي السُّقْمِ .
وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ ، وَلَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ ، وَلَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ ، وَلَنْ تَتْلُوا الْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ حَتّى تَعْرِفُوا الَّذِي حَرَّفَهُ ، وَلَنْ تَعْرِفُوا الضَّلاَلَةَ حَتّى تَعْرِفُوا الْهُدى ، وَلَنْ تَعْرِفُوا التَّقْوى حَتّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَعَدّى ؛ فَإِذَا عَرَفْتُمْ ذلِكَ ، عَرَفْتُمُ الْبِدَعَ وَالتَّكَلُّفَ ، وَرَأَيْتُمُ الْفِرْيَةَ عَلَى اللّهِ وَعَلى رَسُولِهِ ، وَالتَّحْرِيفَ لِكِتَابِهِ ، وَرَأَيْتُمْ كَيْفَ هَدَى اللّهُ مَنْ هَدى ، فَلاَيُجْهِلَنَّكُمُ الَّذِينَ لاَيَعْلَمُونَ ، إِنَّ عِلْمَ الْقُرْآنِ لَيْسَ يَعْلَمُ مَا هُوَ إِلاَّ مَنْ ذَاقَ طَعْمَهُ ، فَعُلِّمَ بِالْعِلْمِ جَهْلَهُ ، وَبُصِّرَ بِهِ عَمَاهُ ، وَسُمِّعَ بِهِ صَمَمَهُ ، وَأَدْرَكَ بِهِ عِلْمَ مَا فَاتَ ، وَحَيِيَ بِهِ بَعْدَ إِذْ مَاتَ .
وَأَثْبَتَ عِنْدَ اللّهِ _ عَزَّ ذِكْرُهُ _ الْحَسَنَاتِ ، وَمَحَا بِهِ السَّيِّئَاتِ ، وَأَدْرَكَ بِهِ رِضْوَانا مِنَ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى .
ص: 381
فَاطْلُبُوا ذلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ خَاصَّةً ، فَإِنَّهُمْ خَاصَّةً نُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ ، وَأَئِمَّةٌ يُقْتَدى بِهِمْ ، وَهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَمَوْتُ الْجَهْلِ ، هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ ، وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ ، لاَيُخَالِفُونَ الدِّينَ ، وَلاَيَخْتَلِفُونَ فِيهِ ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ، فَهُمْ مِنْ شَأْنِهِمْ شُهَدَاءُ بِالْحَقِّ ، وَمُخْبِرٌ صَادِقٌ لاَيُخَالِفُونَ الْحَقَّ وَلاَيَخْتَلِفُونَ فِيهِ ، قَدْ خَلَتْ لَهُمْ مِنَ اللّهِ سَابِقَةٌ(1) ، وَمَضى فِيهِمْ مِنَ اللّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ حُكْمٌ صَادِقٌ ، وَفِي ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ ، فَاعْقِلُوا الْحَقَّ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ ، وَلاَتَعْقِلُوهُ عَقْلَ رِوَايَةٍ ؛ فَإِنَّ رُوَاةَ الْكِتَابِ كَثِيرٌ ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ ، وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ» .
السند مجهول.
قوله: (بذي قار).
في القاموس: «ذو قار: اسم(2) موضع بين الكوفة وواسط».(3)
وقوله: (بالحقّ) هو كلّ ما اُوحي إليه وجاء به، أو القرآن، أو هداية الخلق وإرشادهم.
(ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته).
المستتر في «يخرج» راجع إلى اللّه تعالى، أو إلى محمّد صلى الله عليه و آله. والأوّل أنسب بالسياق، والفرض أنّ الخلق قبل بعثته صلى الله عليه و آله كانوا يعبدون غيره تعالى كعزير وعيسى والملائكة والشمس والقمر والأصنام أيضا تغليبا، أو يتّبعون الشياطين والطواغيت، كقوله عزّ وجلّ: «لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ».
وفي النهج: «من عبادة الأوثان إلى عبادته، ومن طاعة الشيطان إلى طاعته».(4)
(ومن عهود عباده إلى عهوده).
العهد: الوصيّة، والأمان، والذمّة، والحفاظ، ورعاية الحرمة. ولعلّ المراد بعهود العباد ما قرّروه بينهم وتعاهدوا عليه ممّا فيه سخط الربّ _ تبارك وتعالى _ كعهود الاُمراء والسلاطين من أهل الجور، أو الشياطين، أو المضلّين، ويعهد اللّه _ عزّ وجلّ _ كلّ ما قرّره عليهم ممّا فيه رضاه تعالى.
ص: 382
(ومن طاعة عباده إلى طاعته).
قيل: لعلّ المراد بطاعة العباد الانقياد لهم فيما لا يجوز عقلاً [ونقلاً]، وبطاعته تعالى الانقياد والتسليم له في كلّ ما أراد منهم.(1)
(ومن ولاية عباده إلى ولايته).
لعلّ المراد بولاية العباد محبّة الكفّار والفاسقين من حيث الكفر والفسق أو نصرتهم، وبولايته تعالى محبّته ومحبّة أوليائه أو نصرتهم؛ فإنّ الشرع نهى عن بعض الولايات وأمر ببعضها.
(وداعيا إلى اللّه ) أي إلى الإقرار به، وبتوحيده، وما يجب الإيمان به من صفاته.
(بإذنه).
الإذن: العلم، والإباحة، وقد فسّر بالأمر والوحي والتيسير.
(وسراجا منيرا) أي مضيئا مستضاء به عن ظلمات الجهالة.
وهذه الفقرات إشارة إلى قوله عزّ وجلّ: «يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدا وَمُبَشِّرا وَنَذِيرا * وَدَاعِيا إِلَى اللّه ِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجا مُنِيرا»(2).
(عودا وبدءا) منصوبان على الظرفيّة، أو الحاليّة، أو التميز.
وعلى التقادير يحتمل تعلّقهما بكلّ من البشارة والإنذار والدعوة إلى اللّه وكونه سراجا منيرا، أو بالجميع، أي هو كذلك أوّلاً وآخرا وفي جميع الأحوال، أو بادئا وعائذا.
قال الفيروزآبادي: «رجع عوده على بدئه، وفي عوده وبدئه، وفي عودته وبدأته، وعودا وبدءا، أي في الطريق الذي جاء منه»(3) انتهى.
وقيل: معناه أنّه صلى الله عليه و آله كان بهذين الوصفين في حال عوده إلى اللّه ، وابتداء وجوده من اللّه ، فبنوره اهتدى من اهتدى في الدُّنيا، ونجا من نجا في العقبى.(4)
وقيل: أي قبل هجرته عن مكّة وبعد عوده إليها.(5)
ص: 383
وقيل: يعني عوده إلى الدعوة بعدما بدأ فيها، والمراد تكرير الدعوة.(1)
(عُذرا ونذرا).
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «عُذْرا أَوْ نُذْرا»(2):
مصدران لعذر إذا محا الإساءة، وأنذر إذا خوّف، أو جمعان لعذير بمعنى المعذرة ونذير بمعنى الإنذار، أو بمعنى العاذر والمنذر، ونصبهما على الأوّلين بالعلّيّة، أي عذرا للمحقّين أو نذرا للمبطلين، أو البدليّة من ذكرا، وعلى الثالث بالحاليّة.(3)
أقول: يحتمل هنا نصبهما على العلّيّة من قوله: بعث، أو الحاليّة من فاعله، ويمكن أن يُراد بالأوّل أنّه بعثه لأجل أن يكون له عذرا في عقوبتهم وتعذيبهم، قال اللّه عزّ وجلّ: «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً»(4).
وقوله عليه السلام: (بحكم قد فصّله) متعلّق بالبعث.
والمراد بالحكم ما يعمّ الشرعيّة والوضعيّة، وبتفصيله بيانه وإيضاحه بحيث يكون رافعا للاشتباه. والحاصل أنّه تعالى بعثه مع أحكام مفصّلة بيّنة.
(وتفصيل قد أحكمه) أي أتقنه على وجه لا يجوز تبديله، ولا أن يقال: خلافه أحسن منه.
وقيل: لعلّ التفصيل إشارة إلى أنواع الفقه مثل العبادات والعقود وغيرها.(5)
(وفرقان قد فرقه).
الفرقان في الأصل مصدر فرق بين الشيئين: إذا فصل بينهما، سمّي به القرآن لفصله بين الحقّ والباطل بتقريره، أو المحقّ والمبطل بإعجازه، أو لكونه مفصولاً بعضه عن بعض في الإنزال.
(ولعلّ) معنى «فرقه» بالتخفيف أنّه تعالى نزّله منجّما، أو فرق فيه الحقّ من الباطل، أو بالتشديد مبالغة في كثرة نجومه؛ فإنّه نزل في تضاعيف عشرين سنة ليكون أيسر للحفظوأعون في الفهم، ويحتمل أن يُراد بالتفريق تعليقه بالأحكام المتفرّقة.
ص: 384
(وقرآن قد بيّنه) أي أوضح ظاهره، بل باطنه أيضا لأهله، وعرّف محكمه ومتشابهه ومطلقه ومقيّده وعامّه وخاصّه وسائر ما فيه.
(ليعلم العباد ربّهم إذ جهلوه) تعليل للبعث.
وقيل: في ذكر الربّ توبيخ لهم على الغفلة؛ إذ جهل المربوب بربّه دليل واضح على حمقه.(1)
(وليقرّوا به إذ جحدوه).
قال الفيروزآبادي: «الإقرار: الإذعان للحقّ».(2)
وقال: «جحده حقّه وبحقّه _ كمنعه _ جحدا وجحودا: أنكره مع علمه».(3)
(وليثبتوه بعد إذ أنكروه).
في القاموس: «أثبته: عرفه حقّ المعرفة».(4)
وفيه: «أنكره، أي جهله».(5)
وقيل: الظاهر أنّ المراد بالعلم هنا العلم التصوّري، وبالإقرار التصديق بوجوده، وبالإثبات الإقرار بوجوده لسانا، ففيه إشعار بأنّ العباد قبل البعثة لكونهم داخلين في الجهالة لم يدخل في قلوبهم تصوّر الصانع فضلاً عن الآخرين.
ويحتمل أن يُراد بالعلم العلم لصفاته، وبالإقرار التصديق بوجود ذاته، وبالإثبات إثباتهما على نحو ما نطقت به [السنّة و] الشرع؛ إذ بمجرّد معرفة الذات والصفات بدون معرفة وجه الارتباط بينهما لا يتحقّق معرفة الصانع والتوحيد المطلق.(6)
(فتجلّى لهم سبحانه في كتابه) أي ظهر وانكشف لهم في القرآن.
(من غير أن يكونوا رأوه) بالبصر، بل بما ينبّههم عليه في كتابه من قصص الأوّلين وما حلَّ بهم من النقمات بمخالفة الرسل ومن يحذو حذوهم، كما سينبّه عليه، وتحقيقه ما ذكره بعض المحقّقين من أنّ معناه انكشف لهم في كتابه عن الحجب المظلمة الطبيعيّة
ص: 385
من غير أن يروه بالرؤية العينيّة؛ لأنّها عليه محال، بل ظهر فيه بسبب إظهار عظمته المطلقة وقدرته الكاملة وحكمته البالغة بذكر إيجاد الكائنات بعبارات شريفة ومعاني لطيفة متّصفة بالإيجاز والإعجاز.(1)
والحاصل: أنّه عليه السلام أشار إلى ظهوره تعالى لهم في تذكيره إيّاهم في كتابه ما أراهم من عجائب مصنوعاته، وبما خوّفهم به من وعيده، وبتذكيرهم أنّه كيف محق القرون الماضية بالنقمات واحتصدهم بالعقوبات، كلّ ذلك عبارة عن ظهوره وجلائه تعالى لخلقه من غير رؤية له بإدراك الحواسّ.
ونقل عن بعض الفضلاء أنّه قال: يحتمل أن يريد بتجلّيه في كتابه ظهوره في عجائب مصنوعاته ومكوّناته، ويكون لفظ الكتاب استعارة في العالم.(2)
(فأراهم حلمه كيف حلم).
الفاء لتفصيل مراتب تجلّياته تعالى في كتابه. والحِلم _ بالكسر _ : الأناة، والعقل. وقد حلم ككرم.
وقيل: حلمه تعالى عن عقوبة العبد مع استحقاقه لها إمّا لعلمه بأنّه سيرجع، أو بأنّه سيولد منه مؤمن، أو لاستدراجه.(3)
(وأراهم عفوه كيف عفا) عن ذنوبهم بالتوبة، أو الدعاء، أو الشفاعة، أو بدونها تفضّلاً في الجملة.
(وأراهم قدرته) أي آثارها.
(كيف قدر) على الممكنات وإيجادها وإبقاءها وإفنائها بمجرّد إرادة من غير رؤية وآلة.
(وخوّفهم من سطوته) عطف على «أراهم»، وعطفه على «قدر» بعيد.
قال الفيروزآبادي: «سطا عليه وبه سطوا وسطوة: صال، أو قهر بالبطش».(4)
(وكيف محق من محق من العصاة) كقوم نوح وعاد وثمود.
ص: 386
وقال الجوهري: «محقه يمحقه محقا، أي أبطله ومحاه».(1)
(بالمثلات).
قال الجوهري: «المثلة _ بفتح الميم وضمّ الثاء _ : العقوبة، الجمع: المثلات».(2)
(واحتصد من احتصد) أي أهلكهم واستأصلهم.
قال الفيروزآبادي: «حصد الزرع والنبات حصدا وحصادا: قطعه بالمنجل، كاحتصده».(3)
(بالنقمات).
قال الجوهري:
انتقم اللّه منه، أي عاقبه. والاسم منه: النقمة، والجمع: نقمات. ونقم مثل كلمة وكلمات وكلم، وإن شئت سكّنت القاف ونقلت حركتها إلى النون، فقلت: نقمة، والجمع: نقم، مثل نعمة ونِعَمْ.(4)
(وكيف رزق وهدى) إلى سبيل الرزق، أو طريق الحقّ أيضا.
(وأعطى) كلّ شيء خلقه وكماله اللاّئق به.
(وأراهم حكمه، كيف حكم).
في بعض النسخ القديمة: «حلمه كيف حلم» هنا، وفي السابق: «حكمه كيف حكم»، أي أراهم بما ركز فيهم من البصيرة العقليّة أنّ حكمه في كلّ شيء نافذ بلا مانع بمجرّد الإرادة والقضاء، فلا يشكل عليه شيء من حيث الإيجاد والإفناء.
(وصبر حتّى يسمع ما يسمع ويرى) من الأقوال الكاذبة، والأعمال الخاطئة القبيحة، والأخلاق الذميمة، ونحوها.
(فبعث اللّه _ عزّ وجلّ _ محمّدا صلى الله عليه و آله بذلك).
هذا كالتأكيد للسابق، وذلك إشارة إلى الحقّ.
(ثمّ إنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان) كزمان استيلاء بني اُميّة وبني العبّاس وأضرابهم.
(وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور)؛ على صيغة أفعل التفضيل من البَور والبوار، وهو
ص: 387
كساد السوق. والسِلعة _ بالكسر _ : المتاع ما يتّجر به.
(من الكتاب إذا تُليَ حقّ تلاوته).
لعلّ المراد بحقّ التلاوة رعاية لفظه ومعناه جميعا، والعمل بأحكامه، والاتّعاظ بمواعظه، والانزجار عن زواجره.
(ولا سلعة أنفق بيعا).
قال الجوهري: «نفق البيع نفاقا _ بالفتح _ أي راج».(1)
(ولا أغلى ثمنا) أي أعلى قيمة.
(من الكتاب إذا حرّف من مواضعه).
تحريف الكلام عن مواضعه تغييره وصرفه.
ونكيت العدوّ _ كرميت _ نكايةً بالكسر: إذا أكثرت فيهم الجراح أو القتل، فوهنوا لذلك، أو من النكاء بالهمز واللاّم؛ يُقال: نكأ القرحة _ كمنع _ : قشرها قبل أن تبرأ،فنديت، والعدوّ نكاهم.
وعلى أيّ تقدير المراد أنّ الهدى في ذلك الزمان أشدّ عقوبة مؤلمة.
والظاهر أنّ قوله عليه السلام: (عند الضلال) بالضمّ وتشديد اللاّم جمع الضالّ، ويحتمل أن يكون بالفتح والتخفيف على صيغة المصدر.
(فقد نبذ الكتاب حملته) جمع الحامل، أي ألقوه من أيديهم.
(وتناساه حفظته).
قال الجوهري: «تناساه: أرى من نفسه أنّه نسيه».(2)
(حتّى تمالت بهم الأهواء).
في بعض النسخ القديمة: «تمايلت» وهو أظهر، أي أمالتهم الأهواء والشهوات إلى الباطل.
وفي بعضها: «غالت» بالغين المعجمة أي أهلكت.
وفي بعضها بالعين المهملة، يقال: عال في الحكم، أي جار ومال. وعالني الشيء، أي
ص: 388
غلبني، وثقُل عليّ. وعال الأمر، أي اشتدّ وتفاقم.
ولعلّه على نسخة الأصل من التملية، أو التملّي.
قال الجوهري في الناقص: «ملاّك اللّه حبيبك، أي متّعك به، وأعاشك معه طويلاً. وتملّيت عمري: استمتعت منه».(1)
أو من الملو، قال الفيروزآبادي: «ملا يملو مَلْوا، أي سار شديدا أو عدا».(2)
والباء للتعدية، أي سيّرتهم الأهواء، وسارعت بهم إلى الضلالة.
وقيل: كأنّ «تمالت» أصله تمايلت بالنقل، كما في شاكي السلاح، ثمّ بالقلب والحذف، أو تمالأت بتخفيف الهمزة بمعنى تعاونت وتساعدت.
وقيل: يحتمل أن يكون بتشديد اللاّم تفاعلاً من الملال، أي بالغوا في متابعة الأهواء حتّى كأنّها ملّت بهم.
(وتوارثوا ذلك من الآباء) أي أنّ ذلك المذكور من الخصال الذميمة والفِعال الكريهة شنشنةٌ اتّخذها الأبناء من الآباء، واستمرّ بهم أزمنة متطاولة.
(وعملوا بتحريف الكتاب كذبا) على اللّه ورسوله، وفي ادّعاء العلم به.
(وتكذيبا) للراسخين في العلم ومَن يحذو حذوهم من حَمَلَة الكتاب وحَفَظته.
(فباعوه بالبخس) أي بزخارف الدُّنيا الفانية الزائلة.
قال الجوهري: «البخس: الناقص. ومصدر بخسه حقّه، أي نقصه».(3)
(وكانوا فيه) أي في الكتاب.
(من الزاهدين) أي الراغبين عنه؛ لجهلهم بقدره ومنزلته.
والزهد: خلاف الرغبة، يُقال: زهد في الشيء وعن الشيء. فقوله: «فيه» متعلّق بالزاهدين؛ لأنّ متعلّق الصلة يتقدّم على الموصول، والظاهر أنّ الظرف ممّا يكفيه رائحة من الفعل، فلا مانع من تعلّقه به مطلقا.
(فالكتاب وأهل الكتاب) أي حملته وحفظته، وهم أهل بيت العصمة عليهم السلام وشيعتهم.
ص: 389
(في ذلك الزمان) المذكور.
(طريدان منفيّان).
الطرد: الإبعاد. والنفي: التنحية. ولعلّ المراد بالأوّل التنزّه عن المعاشرة، وبالثاني الانتفاء عن البلد، أو بالعكس. ويحتمل التأكيد، وقس عليه قوله: (وصاحبان مصطحبان)؛ فإنّ الثاني إمّا تأكيد للأوّل، أو هو المعاشرة، والثاني المرافقة أو المحافظة؛ لأنّ كلاًّ منهما يحفظ الآخر عن الهلاك والضياع.
قال الفيروزآبادي:
صحبه _ كسمعه _ صحابة ويكسر، وصُحْبة: عاشره. وأصحبته الشيء: جعلته له صاحبا. وفلانا: حفظه، كاصطحبه، ومنعه. والرجل: صار ذا صاحب.(1)
(في طريق واحد) أي في طريق الحقّ، وهما على وتيرة واحدة في كونهما طريدين منفيّين.
(لا يأويهما مؤوٍ) أي لا ينزلهما أحد في منزله، أو لا يرقّ لهما ذو رقّة.
قال الجوهري: «آويته أنا إيواءا: إذا أنزلته بك. وأويت لفلان، أي أرثى له وأرقّ».(2)
وفي بعض النسخ: «لا يؤدّيهما مؤدّ».
وعلى التقديرين يكون كناية عن عدم الاهتمام بهما، وعدم الرجوع إليهما، وعدم المبالاة بتضييعهما.
(فحبّذا ذانك الصاحبان).
قال الجوهري:
ولقد حببت _ بالكسر _ أي صرت حبيبا الأصمعي قولهم: حبّ بفلان معناه: ما أحبّه إليّ. قال الفرّاء: معناه: حُبُبَ بضمّ الباء، ثمّ اُسكنت واُدغمت في الثانية. ومنه قولهم: حبّذا زيد فحبّ، فعل ماض لا يتصرّف، وأصله: حبب، على ما قال الفرّاء، وذا فاعله، وهو اسم مبهم من أسماء الإشارة، جعلا شيئا واحدا فصارا بمنزلة اسم يرفع ما بعده، وموضعه رفع بالابتداء، وزيد خبره، فلا يجوز أن يكون بدلاً من ذا؛ لأنّك
ص: 390
تقول: حبّذا امرأة، ولو كان بدلاً لقلت: حبّذة المرأة.(1)
(واها لهما).
قال الفيروزآبادي: «واها له _ وبترك تنوينه _ : كلمة تعجّب من كلّ شيء، وكلمة تلهّف».(2)
وقال الجزري:
فيه: من ابتلي [فصبر] واها واها. قيل: معنى هذه الكلمة التلهّف، وقد توضع موضع الإعجاب بالشيء. يُقال: واها له. وقد ترِد بمعنى التوجّع، يُقال: فيه آها. ومنه إن يكن خيرا فواها واها، وإن يكن شرّا فآها آها.(3)
(ولما يعملان له).
الموصول عبارة عن قرب الحقّ ومحبّته، والوصول إلى دار كرامته.
وفي كثير من النسخ المصحّحة: «لما يعمدان».
قال الجوهري:
عمدت للشيء، أعمد عمدا: قصدت له، أي تعمّدت، وهو نقيض الخط ء، وفعلت ذلك عمدا على عين وعمد عَين، أي بجدّ ويقين. وعمدت الشيء فانعمد، أي أقمته بعماد يعتمد عليه.(4)
(فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس) بحسب الشخص والجسم.
(وليسوا فيهم) بحسب القلب والعمل، والاتّصاف بالكمالات الروحانيّة. وقس عليه قوله عليه السلام:
(ومعهم وليسوا معهم)؛ فإنّ المعيّة من حيث الخلطة والمعاشرة الظاهرة، ونفيها من حيث الاُلفة القلبيّة والاُنسة الباطنة، والإثبات في الموضعين من جهة والسلب من جهة اُخرى.
ثمّ أشار عليه السلام إلى دليل السّلب فقط؛ لاستغناء الإثبات عنه لظهوره، فقال: (وذلك لأنّ الضلالة لا توافق الهدى) يعني في الواقع.
(وإن اجتمعا) على الوجه المذكور؛ لامتناع اجتماع الضدّين، وكذا المتّصف بأحدهما مع الاتّصاف بالآخر.
ص: 391
وقوله: (قد اجتمع القوم على الفرقة) إشارة إلى بعض الخصال الذميمة لأهل ذلك الزمان.
والفُرقة _ بالضمّ _ : الاسم من فارقته مفارقةً وفِراقا، والمراد هنا مفارقة الحقّ وأهله من أئمّة العدل والمؤتمّين بهم.
(وافترقوا على الجماعة).
لعلّ كلمة «على» بمعنى «عن»، أو بتضمين معنى الاستيلاء والغلبة.
وعلى التقديرين معناه: أنّهم لم يكتفوا بالفرقة من أهل الحقّ وحدها، بل فرّقوا في أنفسهم فرقا مختلفة؛ فمنهم أشاعرة، ومنهم معتزلة، ومنهم مشبّهة، إلى غير ذلك من الفرق الضالّة.
وفي بعض النسخ المصحّحة: «عن الجماعة» وهو أظهر.
(قد ولّوا) أي أهل ذلك الزمان من الفرق الضالّة المضلّة.
(أمرهم) أي أمر نظام دنياهم.
(وأمر دينهم) المطلوب منهم.
واحتمال عود ضمائر الجمع إلى أهل الكتاب _ وهم الفرقة المحقّة _ بعيد.
وقوله: (من يعمل فيهم بالمكر والمنكر والرشا والقتل) مفعول ولّوا، أي جعلوه واليا لاُمورهم.
قال الجوهري: «الرشوة: معروفة. والرشوة _ بالضمّ _ مثله. والجمع: رِشىً ورُشى».(1)
وقال الفيروزآبادي: «الرشوة _ مثلّثة _ : الجعل».(2)
(كأنّهم أئمّة الكتاب).
ضمير الجمع لأهل الضلالة. وأئمّة الكتاب الراسخين في العلم العالمون ظاهره وباطنه والعاملون بأحكامه. وبالجملة يكون الكتاب إمامهم ومُقتداهم في الاُمور كلّها، ولذا صاروا أئمّة لمَن يأتمّ بهم، فالإضافة من قبيل إضافة المسبّب إلى السبب.
(وليس الكتاب إمامهم)؛ لأنّهم نبذوه وراء ظهورهم.
(لم يبق عندهم من الحقّ إلاّ اسمه)؛ إذ تركوا مدلوله ومسمّاه، وأجروا اسمه على ما هو ضدّه ونقيضه.
ص: 392
(ولم يعرفوا من الكتاب إلاّ خطّه وزبره) بسكون الباء، أو بضمّتين، جمع زبور.
قال الفيروزآبادي: «الخطّ: الكتب بالقلم وغيره».(1)
وقال: «الزبر _ بالفتح _ : الكتابة. وبالكسر: المكتوب. والزبور: الكتاب بمعنى المزبور، الجمع: زبر»(2).
(يدخل الداخل) يعني في الدِّين.
(لما يسمع) بتخفيف الميم وكسر اللاّم، أو بتشديدها وفتح اللاّم.
وقوله: (من حكم القرآن) بيان للموصول على الأوّل.
وكلمة «من» للتبعيض، أو زائدة على الثاني. ولعلّ المراد بحكم القرآن الداعي إلى الدخول فيه، ويحتمل الأعمّ.
(فلا يطمئن جالسا) أي لا يتمّ جلوسه بعد، وهذا كناية عن زمان الدخول.
(حتّى يخرج من الدِّين) فيكون دخوله فيه مقارنا لخروجه عنه؛ لما يرى من عدم عمل أهله به، وجورهم وبدعهم وإنكارهم لأعظم اُصوله.
(ينتقل من دين ملك إلى دين ملك).
فاعل «ينتقل» الداخل في الدِّين. وفيه إيماء إلى ما اشتهر من أنّ الناس على دين ملوكهم.
(فاستدرجهم اللّه [تعالى] من حيث لا يعلمون).
يُقال: استدرجه، أي أدناه منه على التدريج، أي أدناهم اللّه وقرّبهم من العذاب درجة درجة بالإمهال وإدامة الصحّة وازدياد النعمة من حيث لا يعلمون أنّه استدراج؛ لأنّهم حسبوه تفضيلاً لهم على المؤمنين.
(وإنّ كيده) أي مكره، والمراد جزاؤه لوقوعه في صحبته، من باب المشاكلة.
(متين) أي صلب مستحكم لا يدفع بشيء.
وقيل: إنّما سمّي إنعامه استدراجه بالكيد؛ لأنّه في صورته.(3)
ص: 393
ثمّ أشار إلى متعلّق الاستدراج بقوله: (بالأمل والرجاء)؛ العطف للتفسير، أي بأن أعطاهم ما يأملون ويرجون من أمتعة الدُّنيا وزخارفها.
وقال [بعض] الفضلاء: يحتمل أن يكون المراد أنّه تعالى وكَلَهم إلى أملهم ورجائهم، ولم يعذّبهم، ولم يبتليهم؛ لينصرفوا عنهما. قال: ويحتمل أن يكون بالأمل حالاً عن ضمير المفعول في استدراجهم، أو خبرا لمبتدأ محذوف، أي هم مشغولون بهما.(1)
(حتّى توالدوا بالمعصية) والكفر، فصارت جبليّا لأولادهم غالبا، كما يشاهد في أولاد سائر الكفّار.
(ودانوا بالجور) أي جعلوه دينهم.
والدين _ بالكسر _ : العادة، والعبادة، والشأن.
(والكتاب لم يضرب عن شيء منه صفحا).
الواو للحال، و«يضرب» على البناء للفاعل من الإضراب، وهو الإعراض. وضمير «منه» راجع إلى الجور. و«صفحا» مصدر، أو، حال، أو مفعول له؛ أي والحال أنّ الكتاب لم يعرض عن بيان شيء من الجور إعراضا أو معرضا.
ويجوز قراءة «لم يضرب» على بناء المجرّد؛ يُقال: ضربت عنه صفحا: إذا أعرضت عنه، وتركته، أي لم يدفع البيان عن شيء منه، كما قال عزّ وجلّ: «أَفَنَضْرِبُ عَنكُمْ الذِّكْرَ صَفْحا»(2).
وقال بعض الشارحين في شرح هذا الكتاب: أي الكتاب لم يصرفهم عن شيء من أفراد الجور صرفا لتماديهم في الغيّ وعدم انتفاعهم به.(3)
(ضُلاّلاً) جمع ضالّ.
(تائهين) أي متحيّرين في طريق الضلالة. يُقال: تاه في الأرض يتيه تيها: إذا ذهب متحيّرا.(قد دانوا بغير دين اللّه ) أي اتّخذوا غير دين اللّه دينا.
ص: 394
(وأدانوا لغير اللّه ).
«أدانوا» من باب الافعال، أو الافتعال. قال الجوهري: «أدان فلان إدانة: إذا باع إلى أجل فصار له عليهم دينٌ. يُقال(1): أدني عشرة دراهم، وأدّان: استقرض، وهو افتعل».(2)
ولعلّ المراد هنا أنّهم عبدوا غيره تعالى، أو أمروا بطاعة غيره؛ فإنّ من عمل للّه وأطاعه أو أمر غيره بطاعة اللّه فهو دين عليه تعالى يؤدّيه إليه وقت الحاجة، ومن عمل لغيره وكَلَه إلى ذلك الغير. ولا يبعد إرادة الحقيقة، أي معاملتهم في الإقراض والاستقراض ليس لطاعة اللّه ،بل لغرض آخر، كما يشاهد من أبناء هذا الزمان.
وفي بعض النسخ العتيقة: «وكانوا لغير اللّه ».
وقوله: (خربة من الهدى) بفتح الخاء وكسر الراء.
قال الجوهري: «الخراب: ضدّ العمارة. وقد خرب الموضع [بالكسر] فهو خرب، ودار خربة».(3)
(فقرّاؤها وعمّارها) جمع القارئ والعامر، والضمير لمساجد، والإضافة في الأوّل لأدنى ملابسة.
وقال الفيروزآبادي: «عَمَر اللّه منزلك عمارة، وأعمره: جعله آهلاً. والرجل ماله وبيته عمارة وعمورا: لزمه»(4) انتهى.
وقيل: لعلّ المراد بالقرّاء العلماء، وبالعمّار العبّاد، أو أعمّ منهم وممّن سعى في عمارة المساجد وترويجها.(5)
(أخائب خلق اللّه وخليقته).
«أخائب» جمع أخيب. والخلق في الأصل مصدر، ثمّ استعمل بمعنى الناس. والخليقة: الطبيعة، والخلائق. ولعلّ المراد بهما هنا غير الناس، أو البهائم.
(من عندهم جرت الضلالة) أي خرجت وصدرت.
ص: 395
(وإليهم تعود) وزرها؛ لعود الفروع إلى الاُصول، ورجوع كلّ بدعة إلى مبدعها ومخترعها من غير أن ينقص شيء من أوزار من عمل بهما وسلك سبيلهما.
(فحضور مساجدهم والمشي إليها كفرٌ باللّه العظيم).
الباء صلة للكفر، وكونه للقسم بعيد. ولعلّ المراد بالكفر هنا الكفر في الفروع.
(إلاّ من مشى إليها وهو عارف بضلالتهم)؛ لابدّ من ارتكاب تجوّز في المستثنى منه، أو تقدير في المستثنى ليصحّ الاستثناء.
(فصارت مساجدهم من فعالهم على ذلك النحو) المذكور.
والظاهر أنّ الظرف حال من الفعال.
وقوله: (ولا يقسمون الفيء)؛ يعني على الوجه المعهود في الشرع.
قال الجوهري: «الفيء: الخراج، والغنيمة».(1)
(ولا يوفون بذمّة) أي عهد للّه ولرسوله وللمؤمنين.
وقوله: (يدعون القتيل منهم) من الدّعاء بمعنى التسمية، وكونه من الادّعاء محتمل بعيد.
(على ذلك) أي على تلك العقائد المذكورة الباطلة، والأعمال القبيحة الفاسدة، من عدم القسمة للفيء، وعدم الوفاء بالعهد، ونحوها.
(شهيدا) مصادفا درجة الشهادة.
(قد أتوا اللّه بالافتراء) عليه وعلى رسوله.
وفي بعض النسخ: «فدانوا اللّه ».
(والجحود) أي الإنكار للحقّ وأهله.
(ومن قبل) بالبناء على الضمّ، أي من قبل هذا.
(ما مثّلوا بالصالحين) هو من قبيل قوله تعالى: «وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ»(2)، فيحتمل أن تكون كلمة «ما» مزيدة، أو مصدريّة في موضع النصب عطفا على مفعول «أتوا».
وقيل: متعلّق بالتمثيل.(3)
ص: 396
ولا بأس بالفصل بين العاطف والمعطوف بالظرف، أو في موضع الرفع بالابتداء وخبره «من قبل»، أو موصولة في موضع الجرّ عطفا على الافتراء.
(كلّ مثلة).
قال الجزري:
مثلّث بالحيوان، أمثل به مثلاً: إذا قطعت أطرافه، وشوّهت به. ومثّلت بالقتيل: إذا جدعت أنفه، أو اُذنه، أو مذاكيره، أو شيئا من أطرافه. والاسم: المُثْلة بالضمّ. فأمّا مثّل بالتشديد فهو للمبالغة، انتهى.(1)
واحتمال كون «مَثُلة» هنا بفتح الميم وضمّ الثاء بمعنى العقوبة بعيد. حاصل المعنى على ما ذكره بعض الفضلاء:
أنّ هؤلاء الأشقياء الذين يفعلون بعدي تلك الأفعال الشنيعة قد فعل آباؤهم وأسلافهم مثل ذلك بالصالحين في زمن الرسول صلى الله عليه و آله كمحاربة أبي سفيان وأضرابه وتمثيلهم بحمزة وغيره، وإنّما نسب إليهم لرضاهم بفعال هؤلاء، وكونهم على دينهم وطريقتهم، كما نسب اللّه تعالى إلى اليهود فِعال آبائهم في مواضع من القرآن.
ويحتمل أن يكون المراد فعال هؤلاء في بدو أمرهم حتّى غلبوا بذلك على الناس واستقرّ أمرهم، انتهى.(2)
وقيل: كأنّه إشارة إلى ما فعلوا به عليه السلام وبسلمان وأبي ذرّ والمقداد(3) وأضرابهم من الصالحين بعد قبض الرسول صلى الله عليه و آله.(4)
وقال ابن ميثم: «هو إشارة إلى زمن بني اُميّة الكائن قبل زمن [من] يخبر عنهم».(5)
(وسمّوا صدقهم على اللّه فرية).
ضمير «صدقهم» للصالحين. والفِرية _ بالكسر _ : الكذب. وقال الجوهري: «هم اسم من قولك: افتراه، إذا اختلقه».(6)
ص: 397
وقال ابن أبي الحديد:
قوله: «على اللّه » متعلّق ب «فِرية» لا ب «صدقهم»؛ أي سمّوا صدقهم فرية على اللّه ، فإن امتنع أن يتعلّق حرف الجرّ به لتقدّمه [عليه] وهو مصدر فليتعلّق بفعل مقدّر دلّ عليه هذا المصدر.(1)
أقول: لعلّ الباعث على هذا التكلّف عدم تعدية الصدق ب «على»، وأنت خبير بأنّ باب التضمين واسع، فليضمّن مثل معنى المعاهدة واللّزوم.
(وجعلوا في الحسنة) من العقائد والأعمال.
(العقوبة السيّئة) وهو ظاهر لمن نظر في معاملتهم بالشيعة من القتل والنهب وسائر أنواع العذيب والاستخفاف. وقوله: «السيّئة» صفة للعقوبة. وفي بعض الروايات: «عقوبة السيّئة»(2) بالإضافة.
(وقد بعث اللّه _ عزّ وجلّ _ إليكم رسولاً من أنفسكم) أي من جنسكم عربيّ مثلكم.
وقرئ: «من أنفسكم» بفتح الفاء، أي أشرفكم.
«عَزِيزٌ عَلَيْهِ»: شديد شاقّ.
«مَا عَنِتُّمْ» أي عنتكم ولقاءكم المكروه.
«حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ» أي على إيمانكم وصلاح شأنكم.
«بِالْمُؤْمِنِينَ» منكم ومن غيركم.
«رَءُوفٌ رَحِيمٌ»(3) قدّم الأبلغ منهما، وهو رؤوف لأنّ الرأفة شدّة الرحمة محافظة على الفواصل.
(وأنزل عليه كتابا عزيزا).
قيل: أي كثير النفع عديم النظير، أو منيع لا يتأتّى إبطاله وتحريفه.
«لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ» أي لا يتطرّق إليه الباطل من جهة من الجهات.
وإنّما خصّ هاتين الجهتين بالذِّكر؛ لأنّ الآتي يأتي منهما غالبا، أو ممّا فيه من الاُمورالماضية والاُمور الآتية.
ص: 398
«تَنزِيلٌ» رفع على المدح.
«مِنْ حَكِيمٍ»: ذي حكمة يعلم الأشياء كما هي، أو يضع كلّ شيء موضعه، أو لا يجوز في حكمه، أو لا يعجل في عقوبة العاصي.
«حَمِيدٍ»(1) يحمده كلّ مخلوق بما ظهر عليه من نعمه، أو يحمد هو ذاته بذاته كما هو أهله.
«قُرآنا» بدل من «كتابا»، أو عطف بيان له، أو منصور بتقدير أعني.
«غَيْرَ ذِي عِوَجٍ»: لا اختلال فيه بوجه.
وقيل: بالشكّّ.(2)
قال الجوهري:
العَوَج _ بالتحريك _ مصدر قولك: عِوَج الشيء بالكسر، فهو أعوج، والاسم: العِوَج، بكسر العين.
قال ابن السكّيت: وكلّ ما كان ينتصب كالحائط والعود قيل فيه العوج بالفتح. والعوج بالكسر: ما كان في أرض، أو دين، أو معاش. يقال: في دينه عوج.(3)
«لِيُنْذِرَ» أي القرآن، أو الرسول.
«مَنْ كَانَ حَيّا» أي عاقِلاً فَهِما قابلاً للإنذار مستعدّا لقبوله؛ فإنّ الغافل كالميّت، أو هو مؤمنا في علم اللّه ؛ فإنّ الحياة الأبديّة بالإيمان وتخصيص الإنذار به، لأنّه المنتفع به.
«وَيَحِقَّ الحقّ» ويجب كلمة العذاب.
قال الجوهري: «حقّ الشيء يحقّ _ بالكسر _ أي وجب».(4)
(على الكافرين) المصرّين على الكفر.
وجعلُهم في مقابلة من كان حيّا إشعار بأنّهم لكفرهم وسقوط حجّتهم وعدم تأمّلهم أموات بالحقيقة.
وقيل: في ذكر الكتاب ووصفه بما ذكر ترغيب في الاقتداء به، وعدم المخالفة له،
ص: 399
وعدم الغفلة من أمر الآخرة بالأمل في الدُّنيا، ولذلك فرّع عليه قوله: (فلا يلهينّكم) أي لا يشغلنّكم.(1)
(الأمل): الرجاء في زخارف الدُّنيا وحطامها.
(ولا يطولنّ عليكم الأجل) هو بالتحريك غاية الوقت في الموت، ومدّة عمر الشيء.
ولما كان الأمل ولوقع طول الأجل تابعين لحبّ الدُّنيا الذي هو رأس كلّ خطيئة وموجبين للغفلة عن الآخرة، قال: (فإنّما أهلك من كان قبلكم) من الاُمم السالفة والقرون الماضية.
(أمد أملهم) أي غاية رجائهم حيث جعلوه بعيدا.
والأمد _ محرّكة _ : الغاية، والمُنتهى.
(وتغطمة الآجال عنهم) أي أملوا اُمورا طويلة المدى تقصر عنها آجالهم، أو كناية عن الغفلة عنها.
(حتّى نزل بهم الموعود الذي تردّ) على البناء للمفعول.
(عنه المعذرة).
المراد بالموعود الموت؛ أي لا تقبل فيه معذرة معتذر. والمعذرة _ بكسر الذال _ مصدر عذره يعذره عذرا، وبتثلّثها اسم من الإعذار.
(وترفع) بضمّ التاء.
(عنه التوبة) أي تنسدّ بابها عند نزوله.
(وتحلّ معه القارعة والنقمة).
«تحلّ» من الحلول، وهو النزول، وفعله كنصر. والقارعة: الداهية، وهي الشديدة من شدائد الدهر.
وقيل: المصيبة التي تقرع، أي تلقى بشدّة وقوّة.(2)
والنقمة: العقوبة. والظاهر أنّ الضمائر للموصول، وكلمة «عن» للمجاوزة، أو للتعليل، أو
ص: 400
مرادفة «بعد» كما قيل في قوله تعالى: «عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ»(1).
(وقد أبلغ اللّه _ عزّ وجلّ _ إليكم بالوعد).
الإبلاغ: الإيصال، والباء زائدة، أو للتبعيض، كما قيل في قوله تعالى: «عَيْنا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللّه ِ»(2).
وفي بعض النسخ: «بالوعيد». قال الجوهري: «الوعد يستعمل في الخير والشرّ. يُقال: وعده خير، أو وعده شرّا، وإذا اُسقط الخير والشرّ قالوا في الخير وعد وعِدة، وفي الشرّ إيعاد ووعيد».(3)
(وفصّل لكم القول) في المبدأ والمعاد والحلال والحرام وغيرها.
و«فصّل» من التفصيل، وهو الإظهار، والتمييز، والتقطيع، أو من الفصل.
(وعلّمكم السنّة) وهي الطريقة الشرعيّة والسيرة النبويّة الداعية إلى كلّ خير والزاجرة عن كلّ شرّ.
(وشرّع لكم المناهج) أي سنَّ وبيّن السّبل الواضحة والطرق المستقيمة. ويحتمل أن يُراد بالمناهج أهل البيت عليهم السلام.
(ليزيح العلّة) تعليل للأفعال السابقة؛ أي ليزيل عذر العباد في المعصية.
قال الجوهري: «زاح الشيء يزيح زَيْحا، أي بَعُدَ، وذهب. وأزاحه غيره».(4)
(وحثّ) أي رغّب.
(على الذِّكر) بالقلب واللِّسان في جميع الأحوال، سيما في موارد الأمر والنهي.
(ودلَّ على النجاة)؛ أي طريق النجاة من شدائد الآخرة وعقوباتها.
(وإنّه من انتصح للّه )؛ الظاهر كسر «إنّ» على الابتداء، والضمير للشأن. ويحتمل فتحها عطفا على النجاة.
قال الجوهري: «انتصح فلان، أي قبِلَ النصيحة. يُقال: انتصحني، فإنّي لك ناصح».(5)
وقيل: نصيحة اللّه عبارة عن إرادة الخير للعباد، وطلبه منهم، وقبول تلك النصيحة هو
ص: 401
القيام بوظائف الطاعات والخيرات.(1)
والحاصل: أنّه من أطاع اللّه فيما أمره به ونهاه عنه، وعلم أنّه تعالى إنّما يهديه إلى مصالحه ويردّه عن مفاسده.
(واتّخذ قوله دليلاً) على ما يُنجيه، صارفا عمّا يرديه، مُعرضا عن الآراء النفسانيّة والأهواء الشهوانيّة والتخيّلات الشيطانيّة.
(هداه) اللّه _ عزّ وجلّ _ أو اتّخاذ قوله دليلاً.
(للّتي هي أقوم) أي للطريقة، أو الحالة، أو الملّة التي هي أقوم الطرق، أو الحالات، أو الملل، أو اتّباعها وسلوكها أقوم.
(ووفّقه للرّشاد).
قال الجوهري: «الرّشاد: خلاف الغيّ».(2) والمراد به هنا سنن النبويّة الموصلة إلى السعادة الأبديّة.
(وسدّده).
التسديد: التوفيق للسّداد، وهو الصواب، والقصد من القول والعمل.
(ويسّره للحُسنى) أي وفّقه وهيّأه لتحصيل كلمة الحسنى، وهي الكلمة الدالّة على الحقّ تعالى، أو التوحيد، أو المثوبة الحسنى، أو الخصلة الحسنى.
وقوله: (فإنّ جار اللّه آمن محفوظ) تعليل لما قبله.
قال الفيروزآبادي: «الجار: المجاور، والذي أجرته من أن يُظلم»(3) انتهى.
وقيل: المراد بجار اللّه هنا القريب إلى اللّه بالطاعة، أو من آجره اللّه من عذابه.(4)
وقيل: من لجأ إليه، وتضرّع بين يديه، واعتمد في كلّ الاُمور عليه. ومَن كان كذلك فهو آمن من الآفات، أو الضلالة وموجباتها، محفوظٌ من الغواية وثمراتها.(5)
(وعدوّه خائف مغرور) أي عدوّ اللّه ، وهو من نكبَ عن منهج القويم، وتشبّث برأيه
ص: 402
السقيم، خائف من كشف سريرته، أو من فوات منفعته، مغرورٌ بالدّنيا وزهراتها بجهالة النفس ومموّهاتها.
والغرّ _ بالكسر _ : الخدعة.
(فاحترسوا من اللّه عزّ وجلّ).
الاحتراس: التحفّظ، أي تحفّظوا من موجبات عقوبته وخذلانه واستدراجه.
(بكثرة الذِّكر) والدّعاء. قال اللّه تعالى: «وَاذْكُرُوا اللّه َ كَثِيرا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»(1).
(واخشوا منه) أي بأسه وتنكيله.
(بالتّقى): بالتوقّي والتحرّز عن مخالفته.
قال الفيروزآبادي: «اتّقيت الشيء وتقيته تقى وتقيّة وتقاء ككساء: حذرته، والاسم: التقوى».(2)
ولعلّ فيه إيماء إلى أنّ الخشية إنّما تحصل بالتّقى.
(وتقرّبوا إليه بالطاعة) ولرسوله ولاُولي الأمر.
وقيل: قد أشار عليه السلامإلى أمرين لابدّ منهما؛ أحدهما التقوى للنجاة من العقوبة الاُخرويّة، والآخر الطاعة للدخول في الرحمة والجنّة.(3)
(فإنّه قريبٌ مجيب) كأنّه تعليل لما سبق، وحثّ على القيام به؛ فإنّ العبد إذا علم أنّه تعالى قريبٌ يسمع ويرى، وأنّه مجيبٌ يقابل الدّعاء بالإجابة، والسؤال بالعطاء، والطاعة بالقبول والثواب، يبعثه ذلك على ملازمة الذكر والتقوى والطاعة.
ثمّ استشهد لذلك بقوله: (قال اللّه عزّ وجلّ: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي») أقريبٌ أنا أم بعيد؟
«فَإِنِّي قَرِيبٌ».
قال البيضاوي:
أي فقُل لهم: إنّي قريب، وهو تمثيل لكمال علمه بأفعال العباد وأقوالهم، واطّلاعه بأحوالهم بحال من قرب مكانه منهم.
روي أنّ أعرابيّا قال لرسول اللّه صلى الله عليه و آله: أقريبٌ ربّنا فنناجيه، أم بعيد فنُناديه؟! فنزلت:
ص: 403
«أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ» تقرير للقُرب، ووعدٌ للداعي بالإجابة.
«فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي» إذا دعوتهم للإيمان والطاعة، كما أجبتهم إذا دعوني لمهمّاتهم.
«وَلْيُؤْمِنُوا بِي» أمر بالثبات والمداومة عليه.
«لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»(1): راجين إصابة الرشد، وهو إصابة الحقّ. وقرئ بفتح الشين وكسرها(2)، انتهى.
وقال الفيروزآبادي: «رشد _ كنصر وفرح _ رشدا ورشَدَا ورشادا: اهتدى».(3)
(فاستجيبوا للّه ) فيما أمركم به من الدّعاء، أو مطلقا.
(وآمنوا به) أي بوعده الاستجابة، أو مطلقا.
(وعظّموا اللّه الذي لا ينبغي لمن عرف عظمة اللّه ) وضع الظاهر موضع الضمير دلالة على كمال العظمة.
(أن يتعظّم) أي يتكبّر.
وقوله: (فإنّ رفعة الذين يعلمون) إلى قوله: (يستسلموا له) تعليل لنفي التعظيم عمّن عرف عظمته تعالى.
قال الفيروزآبادي: «رفع _ ككرم _ رفاعة: صار رفيع الصوت. ورفعة _ بالكسر _ : شرف وعلا قدره، فهو رفيع».(4)
وقال: «عزّ يعزّ عزّا وعِزّةً _ بكسرهما _ : صار عزيزا، وقوي بعد ذلّة»(5) انتهى.
والتواضع للّه تعالى شامل للتواضع لأوليائه، والجلال والعظمة متقاربان، ولعلّ الأوّل باعتبار التنزّه عن صفات النقص، والثاني باعتبار الاتّصاف بصفات الكمال، أو يُراد بالأوّل العظمة باعتبار الصفات، وبالثاني باعتبار الذات، والذلّة له تعالى إنّما يكون بالعبوديّة وإظهار العجز والمسكنة لديه، والمراد بالسلامة السلامة من الآفات والمكاره في الدارين ، وبالاستسلام الإذعان والانقياد له في الاُمور كلّها للعلم بأنّ قدرته قاهرة غالبة لا رادّ لها في الإثابة والتعذيب.
ص: 404
والحاصل: أنّ من عرف عظمة اللّه وجلاله فينبغي له أن يعدّ حقيرا فيما ظهر من عظمته تعالى، أو يعلم أنّ العظمة مختصّة به تعالى، وأمّا غيره فإنّما يعدّ عظيما بما أعاره اللّه _ عزّ وجلّ _ من العظمة، فلا يجوز تعظيم أحد عليه، أو يُقال: إنّ غيره تعالى إنّما يكتسب العظمة بالتذلّل له والتواضع بين يديه والتقرّب إليه، فغاية العظمة والعزّة في العباد منوطة بنهاية التواضع والتذلّل منهم، ومن عرف قدرة اللّه علم أنّه لا تكون السلامة إلاّ بالانقياد له في جميع الاُمور.
(فلا ينكرون أنفسهم بعد حدّ المعرفة).
قال الفيروزآبادي: «نكر الأمر _ كفرح _ وأنكره: جهله».(1)
وقال: «الحدّ: منتهى الشيء، وتمييّز الشيء عن الشيء».(2)
ولعلّ المراد لا يجهلون أنفسهم ومعايبها وعجزها بعدما عرفوها، أو لا يجهلون أنّ اللاّئق بحالهم التواضع والمذلّة والاستسلام بعد معرفة عظمة اللّه وجلاله وقدرته.
وفي بعض النسخ: «فلا يتذكّرون أنفسهم بعد حدّ المعرفة» ولعلّ المراد بالتذكّر التزكّي.
(فلا تنفروا) بضمّ الفاء وكسرها، من النفار _ بالكسر _ والنفور، وهو الاستكراه، والتباعد عن الحقّ.
(نفار الصحيح من الأجرب) أي من به علّة الجرب.
(والبارئ) بهمز اللاّم.
(من ذي السقم).
قال الفيروزآبادي: «برأ المريض بُرءا _ بالضمّ _ ككرم وفرح: نَقَه. وأبرأه اللّه فهو بارئ وبرئ».(3)
وقال: «السقم _ كجبل وقفل _ : المرض».(4)
ولمّا كانت هناك اُمور مطلوبة يتحقّق وجودها واستقرارها باُمور مطلوبة اُخر وبها يتمّ
ص: 405
نظام الدِّين والدنيا، وأشار عليه السلام إليها وحثّ عليها بقوله: (واعلموا أنّكم لن تعرفوا الرُّشد) بالضمّ وبالتحريك (حتّى تعرفوا الذي تركه)؛ الضمير للرشد، والموصول مفعول «تعرفوا».
قال بعض الشارحين:
لا يُقال: معرفة تارك الرشد متوقّف على معرفة الرشد، فلو انعكس لزم الدور؛ لأنّا نقول: المراد أنّ هاتين المعرفتين ينبغي أن تكونا معا إذ انتفاء الثانية يؤدّي إلى متابعة تارك الرشد غالبا، وذلك يوجب انتفاء الاُولى أيضا. أو نقول: معرفة الرشد كناية عن الثبات والاستمرار عليه، وهو متوقّف على معرفة تارك الرشد للتحرّز عن متابعته، وهذه المعرفة تتوقّف على معرفة الرشد لا على الثبات عليه، فلا دور، وقس عليه البواقي.(1)
(ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتّى تعرفوا الذي نقضه)؛ الضمير للميثاق، ويدخل في ميثاق الكتاب العهد بالولاية ومتابعة أهلها.
(ولن تمسّكوا به حتّى تعرفوا الذي نبذه)؛ الضمير في الموضعين للكتاب.
قال الجوهري: «أمسكت الشيء وتمسّكت به واستمسكت به كلّه بمعنى اعتصمت [به]، وكذلك مسّكت به تمسيكا».(2)
وقال: «نبذ ينبذ: ألقاه من يده. ونبّذه مبالغة».(3)
(ولن تعرفوا الضلالة) التي هي الضياع والهلاك بسبب التحيّر والخروج عن قصد السبيل.
(حتّى تعرفوا الهدى) أي الرشاد والاهتداء إلى الصراط المستقيم؛ ضرورة أنّ الخروج عن الشيء لا يعرف بدون معرفة ذلك الشيء.
وإنّما غيّر الاُسلوب للإشعار بأنّ عكس الفقرات السابقة واللاّحقة أيضا صحيح، وثمرة الإشعار إفادة التلازم بين المعرفتين.
(ولن تعرفوا التقوى حتّى تعرفوا الذي تعدّى)؛ لأنّ عدم معرفة المتعدّي عن حدود اللّه تؤدّي غالبا إلى الاقتداء به، وهو ينافي معرفة التقوى والثبات عليها.
(فإذا عرفتم ذلك) المذكور الذي هو تارك الرُّشد وأشباهه.
ص: 406
(عرفتم البدع) بمعرفة من ترك الرشد؛ فإنّه أخذ بضدّه وهو البدع.
وعرفتم (التكلّف) بمعرفة ناقض الميثاق؛ فإنّه يتكلّف الوفاء بالميثاق ويتصنّع به، ويتعرّض لما لا يعنى وادّعى ما لا ينبغي، فإذا عرفته عرفت تكلّفه.
(ورأيتم الفرية على اللّه وعلى رسوله) بمعرفة من نبذ الكتاب؛ لأنّه من أهل الفرية عليهما، ورأيتم (التحريف لكتابه) بمعرفة مَن حرّفه؛ لأنّ معرفته بمعرفة تحريفه.
(ورأيتم كيف هدى اللّه مَن هدى) كأنّه ناظر إلى قوله: «ولن تعرفوا الضلالة» إلى قوله: «الذي تعدّى»، والمراد بمن هدى من هداه اللّه وأرشده إلى ما لابدّ له في نظامه وبقائه واستقامته، وبصّره بطريق معرفته ومعرفة أوليائه، ووفّقه للعمل بسنّته.
والحاصل: أنّه لا يعرف الكتاب، ولا يمكن العمل به وحفظه إلاّ بمعرفة حَمَلته ومعرفة مخالفيهم وأعدائهم المضيّعون له المتّصفون به، ولا تُعرف الهداية إلاّ بمعرفة أهلها ومعرفة الضلالة وأهلها؛ فإنّ الأشياء إنّما تُعرف بأضدادها، وعلامة معرفتها التمييز بينها وبين معارضاتها ومخالفاتها.
(فلا يجهلنّكم) على بناء النهي من التجهيل.
قال الجوهري: «التجهيل: أن تنسبه إلى الجهل».(1) ولعلّ المراد هنا: لا يجعلنّكم منسوبا إلى الجهل.
(الذين لا يعلمون) الكتاب والسنّة، أو الذين ليس لهم حقيقة العلم بجهلهم وضلالتهم.
(إنّ علم القرآن).
قيل المراد علم القرآن والسنّة، ولم يذكرها؛ لأنّ علمها علم القرآن، وهي مفسّرة له في الحقيقة.
(ليس يعلم ما هو إلاّ من ذاق طعمه) فعرف حقيقته وكيفيّته وأنواعه كما تعرف المذوقات وكيفيّاتها وأنواعها بالذوق.
وفيه استعارة تمثيليّة، أو مكنيّة وتخييليّة.(2)
ص: 407
(فعلّم بالعلم جهله).
قيل: أي جهله بالشيء قبل العلم به، أو مجهوله أو باطله، وهو ضدّ الحقّ المعلوم.(1)
وقيل: أي ما جهله ممّا يحتاج إليه في جميع الاُمور، أو كونه جاهلاً قبل ذلك، أو كمل علمه حتّى أقرّ بأنّه جاهل؛ فإنّ غاية كلّ كمال في المخلوق الإقرار بالعجز عن استكماله،والاعتراف بثبوته كما ينبغي للربّ تعالى. أو يُقال: إنّ الجاهل لتساوي نسبة الأشياء إليه؛ لجهله بجميعها يدّعي علم كلّ شيء، وأمّا العالم فهو مميّز بين ما يعلمه وبين ما لا يعلمه،فبالعلم عرف جهله. ولا يخفى جريان الاحتمالات في الفقرتين التاليتين، وأنّ الأوّل أظهر في الجميع بأن يكون المراد بقوله: (وبصّر به) أي بالعلم (عماه)؛ أبصر به ما عمى عنه، أو تبدّلت عماه بصيرة.(2)
قال الفيروزآبادي: «بصر به _ ككرم وفرح _ بصرا وبصارة، ويكسر: صار مبصرا».(3)
وقال: «عمى _ كرضى _ عمى: ذهب بصره كلّه».(4)
أقول: المراد بالبصر الإدراك القلبي، وبالعمى الضلالة والجهالة.
(وسمّع به صممه).
قال الفيروزآبادي: «الصمم _ محرّكة _ : انسداد الاُذن، وثقل السمع. صَمَّ يَصمُّ _ بفتحهما _ وصَمِمَ بالكسر نادر».(5)
أقول: يحتمل قراءة «سمع» بالتخفيف، أي أدرك وأحسّ بالعلم الحاصل من جهة السماع ما كان صمّ عنه قبل حصول ذلك العلم، أو بالتشديد أي بدّل بسبب العلم صَمَمه بكونه سميعا.
قال الجوهري: «سمّع به: إذا رفعه من الخمول، ونشر ذكره. وسمّعه الصوت وأسمعه».(6)
(وأدرك به علم ما فات) أي علم ما جهل به قبل فتداركه.
(وحَيي به بعد إذ مات) أي مات قبله بالجهل. أو المراد الموت المعروف؛ فإنّ العلم سبب
ص: 408
للحياة الأبديّة، والمؤمن حيّ في الدارين، ووجه تخصيص ما بعد الموت بالحياة ظاهر.
وفي بعض النسخ: «حيّ» بالإدغام.
(وأثبت) على البناء للفاعل بقرينة الفقرات السابقة واللاّحقة.
(عند اللّه _ عزّ ذكره _ به الحسنات)؛ ضمير «به» راجع إلى علم القرآن، وفيه دلالة على أنّ ثبوت الحسنات إنّما هو مع العلم بها، لا ما وقع اتّفاقا، ولا ما عدّه الجاهل حسنة.
وقيل: المراد هنا بالحسنات ما يوجب القرب منه تعالى والثواب عليه.(1)
وقال الجوهري: «الحسنة: خلاف السيّئة».(2)
(ومحى به السيّئات)؛ لأنّ العلم بأنّها سيّئات وموجبة لمقته تعالى سبب لمحوها، أي تركها، وإن اُريد بالمحو إزالة الأثر وإسقاط الثابت فالعلم بها سبب للتوبة الماحية لها على أنّ العلم سبب للحسنات وهي سبب لمحو السيّئات؛ لأنّ الحسنات يذهبن السيّات، فالعلم سبب لمحو السيّئات.
(وأدرك به رضوانا من اللّه تبارك وتعالى).
الرضوان _ بالكسر ويضمّ _ مصدر رضى عنه، ورضيه، ضدّ سخط، والعلم سبب لحصوله أوّلاً وبالذات، أو بتوسّط الصالحات.
(فاطلبوا ذلك) أي علم القرآن.
(من عند أهله خاصّة).
أراد بأهله نفسه القدسيّة ومَنْ يحذو حذوه من أولاده أهل بيت العصمة؛ يعني اطلبوا ذلك العلم من عندهم لا من عند المتكلّفين المتصنّعين من أعدائهم ومخالفيهم.
(فإنّهم خاصّة) دون غيرهم.
(نورٌ يُستضاء به) أي بذلك النور.
ولعلّ إتيان النور بلفظ الوحدة للإشعار بأنّهم نورٌ واحد، وأراد به الجنس، وإطلاق النور عليهم إمّا من قبيل الاستعارة والتشبيه في ظهوره بنفسه وإظهاره لغيره، أو حقيقته؛ فإنّهم في الحقيقة أنوارٌ إلهيّة.
ص: 409
(هم الذين يخبركم حكمهم) بضمّ الحاء وسكون الكاف (عن علمهم).
الخطاب للعلماء؛ لأنّهم يعلمون أنّ حكمهم لكونه في غاية المتانة والإحكام، لا يمكن دفعه في مقام المناظرة، وبذلك يحصل لهم العلم الإجمالي بأنّ علومهم في غاية الكمال لايبلغها عقول غيرهم، وذلك _ كما يعلم الفصحاء _ إعجاز القرآن، ولا يقدرون على العلم بتفاصيله، ولا على الإتيان بمثله.
(وصمتهم عن منطقهم) أي يخبرهم سكوتهم عن اللغو والباطل عن حسن منطقهم؛ فإنّ لصمتهم وقتا وهيئة وحالة تكون قرائن دالّة على حسن منطقهم إذا نطقوا، وعلى أنّ سكوتهم ليس إلاّ لمصلحة دعتهم إليه.
وقيل: إنّما يخبر صمتهم عن منطقهم لأنّ صمت العارف أبلغ من نطق غيره.(1)
وقيل: أي يخبركم عن نطقهم وإدراكهم للحقّ، كما روي أنّ الصمت من علامات التفقّه، وأنّه باب من أبواب الحكمة،(2) وذلك لأنّ الفقه والحكمة لا يتمّان إلاّ بالتفكّر وهو لا يتمّ إلاّ بالصمت، ويحتمل أن يُراد بالنطق التكلّم بالحقّ باعتبار أنّ الصامت عن اللّغو محترز عن الإفراط والتفريط طالب للتوسّط _ وهو التكلّم بالحقّ _ أو عمّا لا ينفع، ويلزمه عادةً التعرّض لما ينفع.(3)
(وظاهرهم عن باطنهم) إذ استقامة الباطن وتخلّقه بالأخلاق الفاضلة والعقائد الحقّة موجب لاستقامة الظاهر، فالثاني دليل على الأوّل دلاله الأثر على المؤثّر.
(لا يخالفون الدِّين) أي في أمرٍ من اُموره، وحكمٍ من أحكامه؛ لأنّهم أربابه وقوّامه.
(ولا يختلفون فيه) أي لا يخالف بعضهم بعضا في شيء من اُموره، فحكم الأوّل وقوله مثل حكم الآخر وقوله، وبالعكس.
(فهو بينهم شاهد صادق).
ويحتمل عود الضمير إلى عدم المخالفة والاختلاف في الدِّين، أو إلى القرآن، أو إلى الدِّين، وكل منهما شاهد صدق للّه _ عزّ وجلّ _ بما أنزله على رسوله، وأنّ الحاكم في الدِّين
ص: 410
أهل العلم عليهم السلام، أو أنّهم يأخذون بحكم الدِّين كما يؤخذ بحكم الشاهد الصادق.
(وصامت ناطق).
قيل: صامت بالنسبة إلى من لم يعرفه، حيث إنّ النطق معه عبث ناطق بالنسبة إلى من عرفه أعني أهل الذِّكر عليهم السلام. وقد روي عن الصادق عليه السلام في حديث طويل أنّه قال بعد وصف القرآن بما وصف: «ذلك القرآن فاستنطقوه فلن ينطق لكم أخبركم عنه، وفيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم، وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتموني عنه لعلّمتكم».(1)
وقيل: كونه صامتا ناطقا لأنّه لا ينطق بنفسه، بل لابدّ له من مترجم، فهو صامت في الصورة، [هو] وفي المعنى أنطق الناطقين؛ لأنّ الأوامر والنواهي والآداب كلّها مبنيّة عليه ومتفرّعة [عنه].(2)
(فهم من شأنهم شهداء بالحقّ).
الشأن: الخطب، والأمر، والحال. ولعلّ كلمة «من» للتعليل والسببيّة، أي أنّهم لأجل شأنهم الرفيع شهداء للّه تعالى على الناس بالحقّ الذي أنزله إليهم.
وقيل: يعني أنّهم بسبب أطوارهم الحسنة وأخلاقهم الجميلة شهداء بالحقّ، أي على الحقّ، أو على الدين الذي يدعون إليه، والحاصل أنّ شؤونهم وأعمالهم وأخلاقهم تشهد بحقّيّة أقوالهم.(3)
(ومخبر صادق).
قيل: هو عطف على الحقّ، والمراد به الرسول أو اللّه عزّ وجلّ، وفيه إيماء إلى أنّ من خالفهم فهو منكر للرسالة أو الاُلوهيّة، ويعضده روايات اُخر.(4)
أقول: يمكن أن يتكلّف ويُقال: إنّه معطوف على قوله: «بالحقّ» بأن يُراد من يصدر منه الإخبار والصدق مع قطع النظر عن الوحدة.
ص: 411
وفي بعض النسخ: «ويخبر» على صيغة الفعل، وكأنّه حينئذٍ عطف على قوله: «بالحقّ» بتقدير العايد، أي يخبر لهم صادق بكونهم شهداء.
(لا يخالفون ولا يختلفون فيه)؛ كأنّه تكرير للسابق تأكيد [له].
وقيل: يحتمل أن يكون هذا في الشهادة وذلك في الإخبار، أو التفاوت باعتبار اختلاف المشهود به ولو بحسب الاعتبار، أو هذا باعتبار العمل وذلك باعتبار الحكم.(1)
(قد خلت) أي مضت (لهم من اللّه ) أي في علمه تعالى وتقديره.
(سابقة) أي نعمة سابقة، وهي العصمه والحكمة والهداية والرئاسة العامّة ولوازمها.
(ومضى فيهم من اللّه _ عزّ وجلّ _ حكمٌ صادق) مطابق لما هو في الخارج؛ لوقوع المقدّر على طبق التقدير.
ولعلّ المراد بذلك الحكم ظفرهم ونصرتهم وحفظهم، أو ما ذكر من نعمة سابقة.
(وفي ذلك) أي فيما ذكر من جعل علم القرآن عند أهله وكونهم نورا وأئمّة إلى آخر ما ذكر من الأوصاف.
(ذكرى) أي تذكرة وعبرة.
(للذاكرين).
قال الفيروزآبادي:
تذكره، وأذكره إيّاه، وذكّره، والاسم: الذكرى. تقول: ذكرته ذكرى [غير مجراة]، وقوله تعالى: «ذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ»(2) اسم للتذكير «وَ ذِكْرَى لِأُوْلِى الْأَلْبَ_بِ»(3): عبرة لهم.(4)
(فاعقلوا الحقّ إذا سمعتموه عقل رعاية) أي حفظ وتعاهد بالاعتقاد والإذعان به إن كان اعتقاديّا، وبالعمل إن كان عمليّا.
(ولا تعقلوه عقل رواية)؛ إذ الرواية بدون الرعاية غير نافعة، بل توجب زيادة الحسرة والندامة.
ص: 412
(فإنّ رواة الكتاب كثير، ورعاته قليل)؛ كأنّه تعليل للأمر والنهي، وتنبيه على أنّ ترك الرواية لا يضرّ كثيرا؛ لكثرة أهلها الحافظين لألفاظه وعباراته، وإنّما الأصل والأهمّ هو الرعاية لئلاّ يندرس المقصود لقلّة أهلها.
(واللّه المستعان) في جميع الاُمور.
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ : حَدَّثَنِي مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ :
عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : «وَيْلُ أُمِّهِ فَاسِقا مَنْ لاَيَزَالُ مُمَارِئا ، وَيْلُ أُمِّهِ فَاجِرا مَنْ لاَيَزَالُ مُخَاصِما ، وَيْلُ اُمِّهِ آثِما مَنْ كَثُرَ كَلاَمُهُ فِي غَيْرِ ذَاتِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ» .
السند ضعيف.
قوله: (ويل اُمّه فاسقا من لا يزال ممارئا).
قال في النهاية:
فيه يقول: يا ويله. الويل: الحزن، والهلاك، والمشقّة من العذاب، وكلّ من في هلكة دعا بالويل، ومعنى النداء فيه: يا ويلي، ويا حزني، ويا عذابي، احضر فهذا وقتك وأوانك. وعدل عن [مكاية قول إبليس:] يا ويلي كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه. وقد يرد الويل بمعنى التعجّب، ومنه الحديث: ويل اُمّة مسعر حرب، تعجّبا من شجاعته وحربه.(1)
وقال الجوهري: «ويل كلمة وَيْح إلاّ أنّها كلمة عذاب، وتقول: ويلٌ لزيد، وويلاً لزيد، فالنصب على إضمار الفعل، والرفع على الابتداء»(2) انتهى. وويل اُمّه هنا يحتمل أن يكون مرفوعا على الابتداء والخبر محذوف، وأن يكون منصوبا بتقدير حرف النداء، أو مفعولاً لفعل
ص: 413
مضمر، أي ألزم اللّه ويل اُمّه، وإنّما أضافه إلى الاُمّ للتعارف كما يُقال: ثكلتك اُمّك، أو للإشعار بأنّها سبب لفسقه لكونها مصدرا للخطأ، وضمير اُمّه مبهم يفسّره فاسقا، ونصبه على التميز.
وقيل: يحتمل أن تكون كلمة من مفسّرة للضمير المُبهم، ونصب فاسقا على الذمّ، أو على أن يكون حالاً عن فاعل «لا يزال»(1) فتأمّل حتّى يظهر لك ما فيه من التعسّف.
قال الفيروزآبادي: «المِرية _ بالكسر والضمّ: الشكّ، والجدل. وماراه مماراة ومِراء».(2)
[و]في تاج اللّغة: «المماراة والمراء مثل المعاندة والعناد».
ولعلّ المراد بالمماراة هنا المجادلة في أمر الدِّين، وبالمخاصمة المجادلة في أمر الدِّين، والمجادلة مذمومة مطلقا إلاّ ما هو إثبات حقّ أو ردّ باطل.
(ويل اُمّه فاجرا من لا يزال مخاصما).
في القاموس: «الخصومة: الجدل. خاصمه مخاصمة».(3)
وقيل: المراد بالمخاصمة هنا المعاداة لأهل الحقّ، وإظهار الخصومة والعداوة لهم، والفرق بين الفسق والفجور أنّ الأوّل الترك لأمر اللّه والخروج عن طريق الحقّ، والثانى الانبعاث في المعاصي والزنا، وكثيرا ما يطلق كلّ منهما على الآخر.(4)
(ويل اُمّه آثما من كثر كلامه في غير ذات اللّه عزّ وجلّ) أي في غير ما ينسب إلى اللّه ممّا يرضيه وينجى عن سخطه، سواء كان في اللّغو والمعاصي، أو في الطاعة والعبادة إذا لم تكن خالصا لوجهه الكريم.
قال الفيروزآبادي: «الإثم _ بالكسر _ : الذنب، والخمر، والقمار، وأن يعمل ما لا يحلّ».(5)
وفي بعض النسخ: «في عين ذات اللّه » أي في كنهها.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ؛ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ جَمِيعا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ
ص: 414
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ نُعَيْمٍ الْقُضَاعِيِّ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ: «أَصْبَحَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ، فَرَأى فِي لِحْيَتِهِ شَعْرَةً بَيْضَاءَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي بَلَّغَنِي هذَا الْمَبْلَغَ ، لَمْ أَعْصِ اللّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ» .
السند ضعيف.
قوله: (عن نعيم القضاعي).
قُضاعة _ بالضمّ _ : أبو حيّ من اليمن. كذا في الصحاح.(1)
أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ(2) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ ، عَمَّنْ رَوَاهُ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : «لَمَّا اتَّخَذَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ، أَتَاهُ بُشْرَاهُ بِالْخَلَّةِ ، فَجَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فِي صُورَةِ شَابٍّ أَبْيَضَ ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَدُهْنا ، فَدَخَلَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام
الدَّارَ ، فَاسْتَقْبَلَهُ خَارِجا مِنَ الدَّارِ ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلامرَجُلاً غَيُورا ، وَكَانَ إِذَا خَرَجَ فِي حَاجَةٍ أَغْلَقَ بَابَهُ وَأَخَذَ مِفْتَاحَهُ مَعَهُ ، ثُمَّ رَجَعَ فَفَتَحَ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الرِّجَالِ ، فَأَخَذَهُ(3) بِيَدِهِ ، وَقَالَ : يَا عَبْدَ اللّهِ ، مَنْ أَدْخَلَكَ دَارِي؟ فَقَالَ : رَبُّهَا أَدْخَلَنِيهَا ، فَقَالَ : رَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا مِنِّي ، فَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ : أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ، فَفَزِعَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام، فَقَالَ: جِئْتَنِي لِتَسْلُبَنِي رُوحِي؟ قَالَ: لاَ ، وَلكِنِ اتَّخَذَ اللّهُ عَبْدا خَلِيلاً ، فَجِئْتُ لِبِشَارَتِهِ، قَالَ(4): فَمَنْ هُوَ لَعَلِّي أَخْدُمُهُ حَتّى أَمُوتَ، قَالَ: أَنْتَ هُوَ، فَدَخَلَ عَلى سَارَةَ عليهاالسلام ، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ اللّهَ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ اتَّخَذَنِي خَلِيلاً».
السند مجهول مرسل.
قوله: (لمّا اتّخذ اللّه إبراهيم خليلاً أتاه) من الإيتاء.
(بشراه) أي بشارته.
ص: 415
(بالخلّة).
قيل: الخلّة من الخلال؛ فإنّه ودّ تخلّل النفس وخاذلها. وقيل: من الخلل؛ لأنّ كلّ واحد من الخليلين يسدّ خلل الآخر، أو من الخلّ وهو الطريق في الرمل، فإنّهما يترافقان في الطريقة. أو من الخلّة بمعنى الخصلة؛ فإنّهما يتوافقان في الخصال.(1)
وقيل: الخليل من الخلّة _ بالفتح _ بمعنى الحاجة، وسمّي عليه السلام خليلاً لأنّه قصّر حاجته على اللّه عزّ وجلّ. وقيل: سمّي به لتخلّقه بأخلاق اختصّت به. وقيل: الخليل من لا يسع قلبه غير من فيه، وسمّي عليه السلام خليلاً لأنّ حبّ اللّه سبحانه لم يُبق في قلبه موضعا لغيره.(2)
وقيل: الخليل مشترك بين المحبّ والمحبوب، وكلاهما محتمل في خليل الرحمن.(3)
وقال الفيروزآبادي:
الخلّة: الحاجة، والفقر، والخصاصة. والخلّة: الخصلة. وبالضمّ: الصداقة المختصّة لا خلل فيها، أو الخليل الصادق، أو من أصفى المودّة وأصحّها وهي بهاء.(4)
وقوله: (فجاءه ملك الموت).
الفاء للتفسير. وقيل: لعلّ السرّ في تخصيص ملك الموت بالبشارة بالخلّة كونه سببا للقاء اللّه والوصول إليه، وبالبشارة بالخلّة يشتاق قلب الخليل إلى لقاء خليله ووصوله إليه.(5)
(يقطر رأسه ماءً ودهنا) كأنّه كناية عن غاية الصفاء ونهاية الطراوة، كما يشعر به كلام الجوهري.(6)
وقال الفيروزآبادي: «قوم مدّهنون كمعظّم عليهم آثار النعمة، وهو طيب الدُهنة _ بالضمّ _ أي الرائحة».(7)
وقوله: (فاستقبله) أي استقبل ملك الموت إبراهيم عليه السلام، أو بالعكس.
وقوله: (خارجا من الدار) حال عن ملك الموت.
ص: 416
وقوله: (اتّخذ اللّه عبدا خليلاً) أي اصطفاه وخصّصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ سُلَيْمٍ الْفَرَّاءِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ : «إِنَّ الْمَلَكَ لَمَّا قَالَ : أَدْخَلَنِيهَا رَبُّهَا ، عَرَفَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ : مَا أَهْبَطَكَ؟ قَالَ(1) : جِئْتُ أُبَشِّرُ رَجُلاً أَنَّ اللّهَ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ اتَّخَذَهُ خَلِيلاً ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : فَمَنْ هذَا الرَّجُلُ؟ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ : وَمَا تُرِيدُ مِنْهُ؟ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : أَخْدُمُهُ أَيَّامَ حَيَاتِي ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ : فَأَنْتَ هُوَ» .
السند المرسل .
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : «أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ يَسِيرُ بِبَعِيرٍ ، فَمَرَّ بِفَلاَةٍ مِنَ الْأَرْضِ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي قَدْ قَطَعَ الْأَرْضَ إِلَى السَّمَاءِ طُولُهُ وَلِبَاسُهُ شَعْرٌ».
قَالَ : «فَوَقَفَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ، وَعَجِبَ مِنْهُ ، وَجَلَسَ يَنْتَظِرُ فَرَاغَهُ ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ حَرَّكَهُ بِيَدِهِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ لِي حَاجَةً فَخَفِّفْ» .
قَالَ : «فَخَفَّفَ الرَّجُلُ ، وَجَلَسَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ : لِمَنْ تُصَلِّي؟ فَقَالَ : لاِءِلهِ إِبْرَاهِيمَ ،فَقَالَ لَهُ : وَمَنْ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ؟ فَقَالَ : الَّذِي خَلَقَكَ وَخَلَقَنِي ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : قَدْ أَعْجَبَنِي نَحْوُكَ ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُوَاخِيَكَ فِي اللّهِ ، أَيْنَ مَنْزِلُكَ إِذَا أَرَدْتُ زِيَارَتَكَ وَلِقَاءَكَ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : مَنْزِلِي خَلْفَ هذِهِ النُّطْفَةِ _ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْبَحْرِ _ وَأَمَّا مُصَلاَّيَ فَهذَا الْمَوْضِعُ، تُصِيبُنِي فِيهِ إِذَا أَرَدْتَنِي إِنْ شَاءَ اللّهُ» .
ص: 417
قَالَ : «ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ لاِءِبْرَاهِيمَ عليه السلام : أَ لَكَ حَاجَةٌ؟ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ : نَعَمْ ، فَقَالَ(1) : وَمَا هِيَ؟ قَالَ : تَدْعُو اللّهَ وَأُؤمِّنُ عَلى دُعَائِكَ ، وَأَدْعُو أَنَا فَتُؤمِّنُ عَلى دُعَائِي ، فَقَالَ الرَّجُلُ : فِيمَ(2) نَدْعُو(3) اللّهَ؟ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : لِلْمُذْنِبِينَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : لاَ ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : وَلِمَ؟ فَقَالَ : لِأَنِّي قَدْ دَعَوْتُ اللّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ مُنْذُ ثَلاَثِ سِنِينَ بِدَعْوَةٍ لَمْ أَرَ إِجَابَتَهَا حَتَّى السَّاعَةِ ، وَأَنَا أَسْتَحْيِي مِنَ اللّهِ تَعَالى أَنْ أَدْعُوَهُ حَتّى أَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَجَابَنِي ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : فِيمَ(4) دَعَوْتَهُ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : إِنِّي فِي مُصَلاَّيَ هذَا ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ مَرَّ بِي غُلاَمٌ أَرْوَعُ ، النُّورُ يَطْلُعُ مِنْ جَبْهَتِهِ ، لَهُ ذُؤابَةٌ مِنْ خَلْفِهِ ، وَمَعَهُ بَقَرٌ يَسُوقُهَا كَأَنَّمَا دُهِنَتْ دَهْنا ، وَغَنَمٌ يَسُوقُهَا كَأَنَّمَا دُحِسَتْ دَحْسا(5) ، فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ(6) لَهُ : يَا غُلاَمُ ، لِمَنْ هذَا(7) الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ؟ فَقَالَ لِي : لاِءِبْرَاهِيمَ عليه السلام(8) ، فَقُلْتُ : وَمَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ : أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمنِ ، فَدَعَوْتُ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُرِيَنِي خَلِيلَهُ ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : فَأَنَا إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمنِ ، وَذلِكَ الْغُلاَمُ ابْنِي ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ عِنْدَ ذلِكَ : الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَجَابَ دَعْوَتِي .
ثُمَّ قَبَّلَ الرَّجُلُ صَفْحَتَيْ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَعَانَقَهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا الاْنَ فَقُمْ فَادْعُ حَتّى أُؤمِّنَ عَلى دُعَائِكَ ، فَدَعَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلاملِلْمُؤمِنِينَ وَالْمُؤمِنَاتِ وَالْمُذْنِبِينَ مِنْ يَوْمِهِ ذلِكَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرِّضَا عَنْهُمْ» . قَالَ : «وَأَمَّنَ الرَّجُلُ عَلى دُعَائِهِ».
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «فَدَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام بَالِغَةٌ لِلْمُؤمِنِينَ الْمُذْنِبِينَ مِنْ شِيعَتِنَا إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
السند حسن.
قوله: (قد قطع الأرض إلى السماء).
القطع: العبور.
ص: 418
وقوله: (طوله) فاعل «قطع».
وقوله: (نحوك) أي طريقتك في العبادة، أو مثلك، أو قصدك.
قال الفيروزآبادي: «النطفة _ بالضمّ _ : الماء الصافي _ قلَّ أو كثُر _ والبحر».(1)
وقال: «الأروع: من يعجبك لحسنه ومنظره، أو لشجاعته».(2)
وقوله: (له ذؤابة) بالضمّ وهمز العين وهي قصاص الشعر، ويطلق على شعر الرأس إذا كان متدلّيا مطلقا.
وقوله: (كأنّما دهنت دهنا) بفتح الدال. يُقال: دهن رأسه _ كنصر ومنع _ دهنا ودهنة: بلّه، والاسم: الدهن بالضمّ، وهو هنا كناية عن سمنتها، أي كأنّه ملئت دهنا؛ أو عن صفائها، أي كأنّه اطّليت به.
وقوله: (دحست دحسا) بالحاء المهملة في أكثر النسخ، من قولهم: دحس الشيء _ كمنع _ : إذا ملأه. ودحس السنبل: إذا امتلأت أكمته من الحبّ.
وفي بعضها بالخاء المعجمة. قال الجوهري: «الدخيس: اللحم المكتنز، وكلّ سمين».(3)
وعلى التقديرين يكون كناية عن غاية السمن.
وقوله: (من يومه ذلك)؛ كأنّ المراد إلى يوم القيامة، كما يستفاد من كلمة «من»، ويؤيّده ما رواه الصدوق رحمه الله في كتاب إكمال الدِّين.(4) واعلم أنّ هذه الرواية رواها صاحب كتاب معارج النبوّة(5) بوجه آخر، قال: أمر اللّه _ عزّ وجلّ _ إبراهيم عليه السلامأن يأتي جبل لبنان ليصادف خاصّا من خواصّه تعالى، فأتاه ورأى هناك رجلاً طويل القامة طوله خمسمائة ذراع، فسلّم عليه إبراهيم عليه السلام، فردّ عليه السلام، فقال: ما اسمُك؟ قال: أنا عبد اللّه هوذى بن سام بن نوح.
ثمّ قال لإبراهيم عليه السلام: من أنت؟ قال: عبدُ من عباد اللّه جئت لأزورك. قال هوذى: الحمد للّه الذي جاء بك في يوم إفطاري، فسأله إبراهيم عليه السلام عن صومه وإفطاره، فقال: أفطر في كلّ تسعين يوما مرّة، فتعجّب إبراهيم عليه السلام.
ص: 419
ثمّ أقبل هوذى بوجهه إلى السماء فقال: اللَّهُمَّ انزل عليَّ مائدةً من السماء لأكرم بها ضيفي، فنزلت مائدة من السماء في خِوانٍ أصله زبرجد، وشرفه من لؤلؤة بيضاء، وقوائمه من ياقوتة حمراء، وفي أحد أطرافه أربعة أرغفة، وفي طرفه الآخر سخلة مشويّة، وفي آخر ظروف من الذهب والفضّة فيها من ثمار الجنّة، وفي آخر ثلاثة أقداح صغار في أحدها عسل ممزوج بالدّهن، وفي آخر خردل، وفي آخر خلّ، وعليها غطاء أحد وجهيه أبيض، والآخر أخضر، فأكلا منها وشربا من أشربتها، فقال له إبراهيم عليه السلام: إنّ طعامك وشرابك في غاية الجودة، فأخبرني أين منزلك ومأواك؟
قال: خلف هذا البحر، قال: اُريد أن اُشاهده، قال: إنّ طريق منزلي وجه الماء، فقال إبراهيم عليه السلام: إنّي اُرافقك واتّبعك في هذا الطريق، قال: إنّ هذا البحر بعيد الغور جدّا حتّى مخنا سقط فيه من يد نوح عليه السلام حين اشتغاله بنجر السفينة، فلم يبلغ قعره منذ ألف سنة، فقال له إبراهيم عليه السلام: لعلّ اللّه يُعينني على ذلك.
ثمّ قال هوذى: إنّ في هذا الجبل _ يعني جبل لبنان _ غار، وفيه لبوة، ومعها شبلاها، وهي عظيمة الجثّة حتّى أنّ ما بين عنقها وذنبها خمسمائة ذراع، وما بين فخذيها مائتا ذراع، ومن الأرض إلى بطنها ثلاثمائة ذراع، وفمها كالوادي، وأسنانها كالاسطوانة، وعيناها كجمرتين
من نار، ولها صوتٌ شديد مهيل تزلزل منه الأرض فإذا رأيتها ولم تخفها وسمعت صوتها ولم ترتعش علمت أنّك تقدر على المرور على هذا البحر، فقال: أراني مكانها، فأراه إيّاه،
فلمّا سمعت صوته صوّتت صوتا شديدا تحرّكت واضطربت من هيبته الأرض والجبال، فزبرها إبراهيم عليه السلاموقال لها: اسكتي وإلاّ ضربتك بعصاي ولعنتك وأشبالك.
فقالت: يا إبراهيم، أنت أعظم من أن تتأذّى بي، وتواضعت له، فجاء إلى هوذى سالما، فقال له: الآن علمت أنّك تقدر على المرور معي في هذا البحر؟
ثمّ أخذ بيده ومشيا على وجه الماء حتّى بلغا منزله، فرأى إبراهيم عليه السلام وجنة قصعة وبورياء بالية وعصار منكسرة، فقال: هذه أثاث بيتك؟ فقال: نعم، قال: فما تصنع بها؟ قال:
أشرب من هذه القصعة، وأتوضّأ منها، وأغسل رأسي ولحيتي، وأمّا البورياء فهي مصلاّي ومتّكاي، وأمّا العصا فأغرزها على الأرض حتّى أثمرت، وأفطر من ثمارها إذا احتجت.
فقال إبراهيم عليه السلام: هذا أمرٌ غريب اُريد أن أُشاهده بعيني، وكان هناك صخرة فضرب عصاه
ص: 420
بها فدخل أسفلها فبها، واخضرّت في الحال وخرجت من أطرافها وجوانبها أربعة أغصان؛ في واحد منها الرطب، وفي آخر العنب، وفي آخر التين، وفي آخر الرمّان، فأكلا منها حتّى شبعا، ثمّ أخرج عصاه فعادت إلى سيرتها الاُولى.
ثمّ قال له إبراهيم عليه السلام: يا وليّ اللّه ، إنّ لي إليك حاجة؛ اُريد أن تقضيها لي! قال: وما حاجتك؟ قال: تدعو لي، قال: لا تظنّ بي استجابة دعائي؛ فإنّي سألت اللّه تعالى منذ أربعين سنة ولم يستحب لي حتّى الساعة، قال: وما هي؟ قال: سألته أن يشرّفني برؤية خليله إبراهيم، قال عليه السلام: من أين عرفت إبراهيم حتّى سألت اللّه لقاءه؟ قال: بينا أنا ذات يوم أمرّ على شاطئ هذا البحر إذ رأيت غلاما حسن الوجه وله ذؤابتان مرسلتان إلى حقويه وهو ينادي: اللَّهُمَّ شرّفني برؤية إبراهيم خليك، وعجِّل لي ذلك! فقلت له: مَن أنت؟ قال: أنا إسماعيل بن إبراهيم، أشتاق إلى طلعة أبٍ كريم. فقال هوذى: فأنا سألت اللّه لقاء إبراهيم عليه السلاممنذ أربعين سنة لم يستجب لي بعدُ.
فقال عليه السلام: يا هوذى، اعلم أنّي أنا إبراهيم خليل الرحمن، وقد استجاب اللّه دعاك. ففرح هوذى غاية الفرح، وعانقه، وأظهر كمال الاشتياق والمحبّة وبكيا، وهو أوّل معانة تحقّق بين الأصدقاء، ولم يكن قبل.
ثمّ قال عليه السلام: يا هوذى، وأنا أيضا أتمنّى طلعة ابني، فادع اللّه أن يطوي لي الأرض حتّى أسعد بطلعته عاجلاً، فدعا له فاستُجيب حتّى سمع إبراهيم عليه السلام من ساعته صوت إسماعيل عليه السلام، وسمع هو أيضا صوت أبيه، فالتقيا في ذلك المجلس، واعتنقا وبكيا حتّى ابتلّت الأرض من دموعهما واخضرّت بالنبات.(1)
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ ، قَالَ :
كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام إِذَا قَرَأَ هذِهِ الاْيَةَ «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها»(2) يَقُولُ : «سُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ فِي
ص: 421
أَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ نِعَمِهِ إِلاَّ الْمَعْرِفَةَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ مَعْرِفَتِهَا ، كَمَا لَمْ يَجْعَلْ فِيأَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ إِدْرَاكِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّهُ لاَيُدْرِكُهُ ، فَشَكَرَ _ جَلَّ وَعَزَّ _ مَعْرِفَةَ الْعَارِفِينَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ مَعْرِفَةِ شُكْرِهِ ، فَجَعَلَ مَعْرِفَتَهُمْ بِالتَّقْصِيرِ شُكْرا كَمَا عَلِمَ عِلْمَ الْعَالِمِينَ أَنَّهُمْ لاَيُدْرِكُونَهُ ، فَجَعَلَهُ إِيمَانا، عِلْما مِنْهُ أَنَّهُ قَدُّ وُسْعِ الْعِبَادِ ، فَلاَ يَتَجَاوَزُ ذلِكَ ، فَإِنَّ شَيْئا مِنْ خَلْقِهِ لاَيَبْلُغُ مَدى عِبَادَتِهِ، وَكَيْفَ يُبْلَغُ مَدى عِبَادَتِهِ مَنْ لاَ مَدى لَهُ وَلاَ كَيْفَ ، تَعَالَى اللّهُ عَنْ ذلِكَ عُلُوّا كَبِيرا» .
السند مرسل.
قوله تعالى: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّه ِ لاَ تُحْصُوهَا» أي لا تضبطوا عددها فضلاً أن تطيقوا القيام بشكرها. يُقال: أحصاه، أي عدّه.
وقوله: (سبحان من لم يجعل) إلى آخره.
قيل نزّهه عن جميع النقائص للتنبيه على أنّ عدم الجعل ليس للنقص في إحسانه، بل لقصور البشر عن ادراك غير المحصور والإحاطة به. والظاهر أنّ الحكم شامل للأنبياء، وأنّ المراد بنعمته العموم والشمول؛ لوقوع النكرة في سياق النفي والإضافة، وأنّ المراد بمعرفة نعمه المعرفة التفصيليّة؛ إذ المعرفة الإجماليّة غير متعذّرة، وأنّ التقصير عن معرفتها لا يدلّ لغةً على أنّ معرفتها ممكنة لجواز خروجها عن القدرة البشريّة، وإن كانت في غاية الكمال،كما يدلّ عليه التشبيه في قوله: (كما لم يجعل) إلى قوله: (إنّه لا يدركه) أي لا يدرك حقيقة ذاته وصفاته؛ لأنّ إدراكها ممتنع، فكذا في المشبّه به.(1)
قوله: (فشكر) إلى قوله: (معرفة شكره) إشارة إلى ما يتفرّع على المشبّه، والاعتراف بهذا التقصير لازم للاعتراف بالتقصير عن معرفة نعمه.
(فجعل معرفتهم بالتقصير) عنهما (شكرا) وجزاهم جزاء الشاكرين.
ثمّ إنّه عليه السلامأراد أن يشير إلى ما يترتّب على المشبّه به، فقال: (كما علم علم العالمين) بكسر اللاّم، والفتح محتمل (أنّهم لا يدركونه، فجعله) أي جعل علم العالمين بأنّهم لا يدركونه.
(إيمانا) وجزاهم جزاء المؤمنين.
ص: 422
(علما منه تعالى أنّه) أي عدم إدراكه.
(قدّ وسع العباد).
القدّ _ بالفتح وتشديد الدال المهملة _ : القدر، والقطع المستأصل، وقامة الرجل، وتقطيعه، واعتداله.
ثمّ اعلم أنّ قوله: «علما» تعليل للفقرات السابقة. وقيل: التعليل فيما سوى الأوّل أظهر،(1) فتأمّل.
والمستتر في قوله: (فلا يتجاوز ذلك) راجع على الوسع، و«ذلك» إشارة إلى اعتراف العارفين بالتقصير، وعلم العالمين أنّهم لا يدركونه، وإرجاع المستتر إليه تعالى والإشارة إلى الجعلين محتمل، وكان قوله: (فإنّ شيئا من خلقه لا يبلغ مدى عبادته) تعليل لكونه قدّ وسع العباد.
والمدى _ كالفتى _ : الغاية، أي غاية عبادته اللاّئقة به.
(وكيف يبلغ مدى عبادته).
كذا في النسخ، والظاهر «عبادة» بدون الضمير.
(من لا مدى له) أي لوجوده، أو لمعرفة ذاته وصفاته، أو لكمالاته.
(ولا كيف، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا)؛ لأنّ اللاّئق بمن ليس له مدى، وكيف عبادة خلت عنهما؛ إذ كلّ ما له أحدهما ممكن ناقص لا يليق بجنابه المتعالي عنهما، ولا ريب أنّ أحدا لا يبلغ مدى تلك العبارة الخالية عنهما؛ لأنّ البلوغ والقدرة عليها فرع الخلوّ عنهما، ولا يمكن ذلك في الممكن.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ بِجَادٍ الْعَابِدِ ، عَنْ جَابِرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَهُ وَذَكَرُوا سُلْطَانَ بَنِي أُمَيَّةَ ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «لاَيَخْرُجُ عَلى هِشَامٍ أَحَدٌ إِلاَّ قَتَلَهُ» .
ص: 423
قَالَ: وَذَكَرَ مُلْكَهُ عِشْرِينَ سَنَةً، قَالَ : فَجَزِعْنَا ، فَقَالَ : «مَا لَكُمْ؟ إِذَا أَرَادَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ أَنْ يُهْلِكَ سُلْطَانَ قَوْمٍ أَمَرَ الْمَلَكَ، فَأَسْرَعَ بِسَيْرِ(1) الْفَلَكِ ، فَقَدَّرَ عَلى مَا يُرِيدُ» .
قَالَ : فَقُلْنَا لِزَيْدٍ عليه السلام هذِهِ الْمَقَالَةَ ، فَقَالَ : إِنِّي شَهِدْتُ هِشَاما وَرَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آلهيُسَبُّ عِنْدَهُ ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذلِكَ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ ، فَوَ اللّهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ أَنَا وَابْنِي لَخَرَجْتُ عَلَيْهِ» .
السند صحيح.
قوله: (لا يخرج على هشام)؛ يعني هشام بن عبد الملك بن مروان.
وقوله: (قال)؛ يعني جابر.
(فقلنا لزيد عليه السلام هذه المقالة)؛ يعني مقالة أبي جعفر عليه السلام.
(فقال)؛ يعني زيد.
(إنّي شهدت هشاما)؛ يعني حضرت مجلسه.
وقوله: (يسبّ) على البناء للمفعول.
وقوله: (فلم ينكر ذلك) أي فلم يمنع ذلك السبّ.
وَبِهذَا الاْءِسْنَادِ ، عَنْ عَنْبَسَةَ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ ، قَالَ :
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام إِذْ أَقْبَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ فَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَهَبَ ، فَرَقَّ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، وَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ ، فَقُلْتُ لَهُ : لَقَدْ رَأَيْتُكَ صَنَعْتَ بِهِ مَا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُ؟
فَقَالَ : «رَقَقْتُ لَهُ لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إِلى أَمْرٍ لَيْسَ لَهُ ، لَمْ أَجِدْهُ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ عليه السلاممِنْ خُلَفَاءِ هذِهِ الْأُمَّةِ وَلاَ مِنْ مُلُوكِهَا» .
السند مختلفٌ فيه.
قوله: (محمّد بن عبد اللّه ) وهو محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي
ص: 424
طالب عليه السلام، وقد مرّ في كتاب الحجّة جملة من أحواله.
والرِّقة _ بالكسر _ : الرحمة، وفعله كفرّ.
وقوله: (إلى أمر) يعني الخلافة، أو المُلك والسلطنة.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ رَفَعَهُ ، قَالَ :
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام لِرَجُلٍ : «مَا الْفَتى عِنْدَكُمْ؟».
فَقَالَ لَهُ : الشَّابُّ .
فَقَالَ : «لاَ ، الْفَتَى : الْمُؤمِنُ ، إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ كَانُوا شُيُوخا، فَسَمَّاهُمُ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ فِتْيَةً بِإِيمَانِهِمْ» .
السند مرفوع.
قوله: (ما الفتى عندكم).
قال الجوهري: «الفتى: الشابّ. والفتى: السخيّ الكريم»(1) انتهى.
ولمّا كان معنى الأوّل هو الشايع المتبادر أجاب المخاطب به، (فقال له: الشابّ)؛ فبيّن عليه السلامغرضه من هذا السؤال وأنّه لم يرد هذا المعنى، بل المعنى الذي ورد في كثير من الآيات والأخبار، وهو السخيّ الكريم الذي جاد بترك الدُّنيا وابتغاء الآخرة والإيمان.
(فقال: لا، الفتى: المؤمن).
وحاصله: أنّ المستحقّ بهذا الاسم أو الأولى به المؤمن الذي يبذل نفسه وماله في سبيل اللّه ، وقد روي أنّ النبيّ صلى الله عليه و آلهقال: «أنا الفتى بن الفتى أخو الفتى»(2) أي ابن إبراهيم عليه السلام، وأخو عليّ بن أبي طالب عليه السلام حيث قال فيه: لا فتى إلاّ عليّ.
ص: 425
مُحَمَّدٌ(1) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ سَدِيرٍ ، قَالَ :
سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ»(2) فَقَالَ : «هؤلاَءِ قَوْمٌ كَانَتْ(3) لَهُمْ قُرًى مُتَّصِلَةٌ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ ، وَأَنْهَارٌ جَارِيَةٌ ، وَأَمْوَالٌ ظَاهِرَةٌ ، فَكَفَرُوا بِأَنْعُمِ اللّهِ ، وَغَيَّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ، فَأَرْسَلَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ ، فَغَرَّقَ قُرَاهُمْ ، وَأَخْرَبَ دِيَارَهُمْ ، وَأَذْهَبَ بِأَمْوَالِهِمْ ، وَأَبْدَلَهُمْ مَكَانَ جَنَّاتِهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ ، وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ، ثُمَّ قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ : «ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِى إِلاَّ الْكَفُورَ»(4)» .
السند حسن على الأصحّ.
قوله تعالى: «فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا».
روي أنّه كان سفر أهل سبأ إلى الشام، وكان بين بلدهم وبين الشام قرى متواصلة، فآثروا الأغنياء النعمة وملّوا العافية، وسألوا اللّه أن يجعل بينهم وبين الشام مفاوزا؛ ليتفاخروا على الضعفاء، ويتطاولوا على الفقراء بركوب الرواحل وتزوّد الأزواد.(5)
«وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ» حيث بطروا النعمة ولم يعتدّوا بها.
(فقال عليه السلام: هؤلاء) القائلين (قومٌ كانت لهم قرى متّصلة) بعضها ببعض بحيث (ينظر بعضهم
إلى بعض).
(وأنهار جارية) في قراهم وبساتينهم ومنازلهم.
(وأموال ظاهرة) من الأنعام والمواضي وغيرها.
(فكفروا بأنعم اللّه ) بترك الشكر عليها.
ص: 426
(وغيّروا ما بأنفسهم) من العزم والقصد إلى طاعة اللّه وتصديق نبيّهم.
(فأرسل اللّه عليهم سيل العرم).
قال البيضاوي:
أي الصعب، من عرم الرجل فهو عارم، وعرم: إذا شرس خلقه [وصعب]، أو المطر الشديد، أو الجرذ أضاف إليه السيل؛ لأنّه نقب عليهم سكرا ضربته لهم بلقيس. أو المسناة التي عقدت سِكرا _ على أنّه جمع عرمة وهي الحجارة المركومة _ . وقيل: اسم واد جاء السيل من قِبله، وكان ذلك بين عيسى ومحمّد صلّى اللّه عليهما(1)، انتهى.
وقال الجوهري: «العرم: المسناة، لا واحد لها من لفظها، ويقال: واحدها عرمة».(2)
وفي القاموس:
العرمة _ كفرحة _ : سدّ يعترض به الوادي، الجمع: عرم، أو هو جمع بلا واحد، أو هو الأحباس تبنى في الأودية. والجرذ. الذكر، والمطر الشديد، وواد، وبكلّ فسّر قوله تعالى: «سَيْلَ الْعَرِمِ»(3).
(وأبدلهم مكان جنّاتهم).
قيل: كانت لهم جنّات كثيرة عن اليمين والشمال، وكانت من حيث الاتّصال بمنزلة جنّتين،(4) فلا تنافي بين قوله عليه السلام: «جنّاتهم» وبين قوله تعالى: «بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ»(5) أي مرّ بشع.
وقال الفيروزآبادي:
الخمط: الحامض، أو المرّ من كلّ شيء، وكلّ نبت أخذ طعما من مرارة، والحمل القليل من كلّ شجر، وشجر كالسدر، وشجر قاتل، أو كلّ شجر لا شوك له، وثمر الأراك.(6)
وقال: «الاُكل _ بالضمّ وبضمّتين _ : الثمر، والرزق، والحظّ من الدُّنيا».(7)
ص: 427
«وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ»(1).
قال البيضاوي: «هما معطوفان على الاُكل، لا على «خمط» فإنّ الأثل هو الطرفاء و لا ثمر له».(2)
وقال الرازي: «قلّل السدر؛ لأنّه أكرم ما بدّلوا به».(3)
والأثل والسدر معطوفان على «اُكل» لا على خمط؛ لأنّ الأثل لا أكل له، وكذا السّدر.
«ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا» أي بكفرانهم النعمة، أو بكفرهم بالرُّسل؛ إذ روى أنّه بعث إليهم ثلاثة عشر نبيّا فكذّبوهم،(4) وتقديم المفعول للتعظيم لا للتخصيص.
«وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ»(5)؛ أي هل نجازي بذلك الجزاء، أو مطلقا إلاّ البليغ في الكفران، أو في الكفر المنهمك فيهما؟!
قيل: إنّما يفهم من ظاهر هذا الخبر أنّ تخريب قراهم بسبب كفرهم أو كفرانهم، وصرّح بعض المفسّرين بأنّ بلادهم خرّبت أوّلاً بسبب كفرهم، ثمّ بعد ذلك خرّبت القرى المتوسّطة بينهم وبين الشام بسبب كفرهم وطلب البُعد.(6)
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ :
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام، وَأَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتِ رَحْمَةٍ اخْتَصَّكُمُ اللّهُ _ تَبَارَكَ وَتَعَالى _ بِهَا .
فَقَالَ لَهُ : «كَذلِكَ نَحْنُ ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ، لاَ نُدْخِلُ أَحَدا فِي ضَلاَلَةٍ ، وَلاَنُخْرِجُهُ مِنْ هُدًى ، إِنَّ الدُّنْيَا لاَتَذْهَبُ حَتّى يَبْعَثَ اللّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ رَجُلاً مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ ، يَعْمَلُ بِكِتَابِ اللّهِ ، لاَيَرى فِيكُمْ مُنْكَرا إِلاَّأَنْكَرَهُ» .
ص: 428
السند ضعيف.
قوله: (أهل بيت رحمة)؛ لعلّ المراد بالرحمة المعنى المعروف، وهو الرقّة على خلق اللّه ، والتعطّف بهم، والهداية والإرشاد لمراشدهم، أو النبيّ صلى الله عليه و آله؛ فإنّه رحمةٌ للعالمين. أو أهل بيت نزلت فيهم رحمة اللّه ولطفه وإحسانه ووحيه وعصمته.
وقوله: (لا ندخل أحدا في ضلالة) إلى آخره.
قيل: هذا تثبيت للرحمة، وتحريك على الاقتداء بهم، ونفي الرذيلتين إشارة إلى أنّهم قائمون على الهداية دائما من باب الكناية، وهي أبلغ من التصريح، وتعريض على الثلاثة وأضرابهم.(1)
وقوله: (رجلاً منّا)؛ يعني به المهدي الهادي المنتظر الذي بوجوده قامت الأرض والسماوات ومن فيهما ومَن عليهما، جعلنا اللّه من أنصاره وأعوانه وأوليائه، وأحضرنا تحت لوائه، ومتّعنا بلقائه، وصيّرنا في عِداد من انتقم به من أعدائه، بحرمة محمّد خير أنبيائه،
وعليّ أشرف أوصيائه، وعترته الهادين المهديّين خيرة أصفيائه، صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين، والحمد للّه ربّ العالمين.
قال الشارح الخاطئ الجاني «محمّد حسين بن قارياغدي» عفى اللّه عنه وعن والديه، ولا يُحزنهم يوم تُبلى السرائر لديه: هذا آخر ما تيسّر لنا في شرح روضة الكافي، تأليف محمّد بن يعقوب بن إسحاق أبي(2) جعفر الكليني _ نوّر اللّه مرقده الشريف _ وهو شيخ أصحابنا في وقته بالرّيّ ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم؛ قد صنّف كتاب الكافي في عشرين سنة، مات رحمه الله في شهر شعبان سنة تسع وعشرين _ وقيل: ثمان وعشرين وثلاثمائة _ ودُفن بباب الكوفة في مقبرتها، جزاه اللّه من الإسلام خيرا، آمين!
وقع الفراغ من تسويده في عصر يوم الأحد لأربع عشرة مضت من شهر محرّم الحرام من شهور سنة ثمان وتسعين بعد ألف من الهجرة النبويّة المصطفويّة، عليه ألف ألف من
ص: 429
الثناء والتحيّة، والصلاة والسلام على آله خير البريّة.
المرجوّ من خلاّني وخلّص إخواني أن ينظروا فيه بعين العناية والإنصاف، ويعرضوا عن سنن الجور والاعتساف، وما اُبرئ نفسي فإنّ الإنسان توأم الخطأ والسهو والنسيان، وعلى اللّه سبحانه التكلان، إنّه نِعْمَ المُستعان.(1)
ص: 430
الفه_ارس الع_امّ_ة
1. فهرس الآيات··· 533
2. فهرس الأحاديث··· 583
3. فهرس الأعلام··· 594
4. فهرس الأماكن··· 620
5. فهرس الكتب الواردة في المتن··· 624
6. فهرس الفرق والمذاهب··· 629
7. فهرس الجماعات والقبائل··· 631
8. فهرس الأشعار··· 637
9. فهرس أسماء الآيات والسور الواردة في المتن··· 639
10. فهرس المنابع والمآخذ··· 641
11. فهرس المطالب··· 657
ص: 431
ص: 432
متن الآيةرقم الآيةالصفحة
الفاتحة (1)
«الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَ__لَمِينَ» 3 / 557
«إِيَّاكَ نَعْبُدُ» 2 / 372
البقرة(2)
«لاَ رَيْبَ فِيهِ» 1 / 134
«أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ» 1 / 396
«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الاْخَرِ» 1 / 390
«أُوْلئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ» 1 / 513
«كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ...» 4 / 352، 353، 354
«صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ» 1 / 84
«لاَ يَرْجِعُونَ» 1 / 85
«أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ...» 1 / 270
«إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» 1 / 270؛ 2 / 326
«كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً» 1 / 374؛ 2 / 369
ص: 433
«ثُمَّ اسْتَوى» 2 / 419
«وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ» 3 / 499
«فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ» 4 / 34
«لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ» 4 / 182
«وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» 4 / 148
«أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ» 1 / 487
«وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمْ الْبَحْرَ» 2 / 89
«وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً...» 1 / 349؛ 4 / 117
«فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ...» 1 / 350
«فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً» 3 / 95
«فَمَا جَزَآءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ...» 1 / 352
«وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا...» 4 / 59، 62
«وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ...» 3 / 558، 559
«إِنَّ اللّه َ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»و109 2 / 326
«وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ» 1 / 334
«أَرِنا مَناسِكَنَا» 1 / 322
«وَوَصّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ» 2 / 237
«فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا» 4 / 266
«وَلِكُلِّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا» 1 / 190؛ 4 / 265
«وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ...» 4 / 74، 75
«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ...» 1 / 94
«إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا...» 1 / 507؛ 3 / 314
«صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ» 1 / 84، 85، 168
«فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفا» 1 / 455
«وَلِتُكَبِّرُوا اللّه َ عَلَى مَا هَدَاكُمْ» 3 / 303؛ 4 / 219
ص: 434
«وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ» 4 / 403
«أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي...» 4 / 404
«يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ...» 3 / 299
«تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى» 1 / 196
«وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ» 2 / 340
«ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ» 3 / 328، 329
«فَاذْكُرُوا اللّه َ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرا» 3 / 322
«وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّه َ...» 3 / 554
«وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ...» 3 / 554، 555
«وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّه َ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالاْءِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ» 1 / 254؛ 3 / 554
«سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ...» 3 / 560
«كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً» 2 / 62
«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا...» 3 / 558
«يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ...» 4 / 159
«إِنَّ اللّه َ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ» 4 / 220
«وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ» 1 / 130
«وَالصَّلاَةِ الْوُسْطى» 1 / 118؛ 2 / 41
«عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ» 1 / 164
«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ...» 3 / 87، 88، 89
«مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً» 1 / 128
«أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى...» 4 / 89
«ابْعَثْ لَنَا مَلِكا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّه ِ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ...» 4 / 94، 96
«وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّه َ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكا...» 4 / 89، 97
«وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ...» 4 / 90، 91، 94،
95، 96، 97، 98
ص: 435
«فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ» 4 / 91
«قَالَ إِنَّ اللّه َ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي...» 4 / 92، 97
«فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ...» 4 / 93
«وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ...» 4 / 99
«وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرا...» 4 / 93
«فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللّه ِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ...» 4 / 96
«تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّه ُ...» 3 / 476، 477
«اللّه ُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ...»_257 3 / 7، 455، 456،
556، 557؛ 4/296
«رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ...» 4 / 307، 308
«فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ» 1 / 300؛ 4 / 309
«رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ الْمَوْتى...» 2/463؛ 4 / 37،
38، 39، 43، 44، 45
«أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ...» 2 / 113
«رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا» 4 / 337
آل عمران (3)
«الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَ_بَهَ مِنْهُ...» 3 / 77
«لَنْ تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِنْ اللّه ِ شَيْئا» 3 / 350
«قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ...» 3 / 451، 452
«يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرا وَمَا عَمِلَتْ...» 2 / 12
«قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ» 1 / 170، 305؛ 2/45
«قُلْ أَطِيعُوا اللّه َ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللّه َ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ» 4 / 362
«إِنَّ اللّه َ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ» 4 / 362 ؛ 2 / 241، 511
«ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» 2 / 511
ص: 436
«فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ» 2 / 254
«أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ...» 2 / 327
«مَنْ أَنصَارِى إِلَى اللَّهِ» 3 / 463
«مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّا وَلاَ نَصْرَانِيّا...» 4 / 363
«لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ» 2 / 607
«إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكا» 2 / 135
«وَللّه ِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ» 3 / 116
«وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا» 1 / 601 ؛ 2 / 607؛
3 / 450، 451
«وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ...» 1 / 516
«كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ» 4 / 340
«وَاللّه ُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» 3 / 116
«وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ...» 1 / 130
«وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» 1 / 166
«وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ...» 1 / 107، 163 ؛ 3 / 336،
337، 474، 475
«فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ» 1 / 161
«فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللّه ِ» 4 / 259
«وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّه ِ أَمْوَاتا بَلْ أَحْيَاءٌ...» 2 / 423، 461؛3 / 355
«فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللّه ُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ...» 2 / 461، 462
«سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا» 4 / 8
«فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ...» 1 / 97
«لَتَبْلُوَنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُتُوا الْكِتَابَ...» 1 / 94
«الَّذِينَ... يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» 1 / 266
ص: 437
النساء (4)
«فَإِنْ خِفْتُمْ» 3 / 12
«وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ» 4 / 104
«وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ» 1 / 524
«وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» 1 / 112
«إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ...» 1 / 191؛ 3 / 553
«وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ» 1 / 190 ؛ 2 / 365
«إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ» 1 / 393
«فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكا عَظِيما» 2 / 244، 247
«كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ» 2 / 261؛ 4 / 43
«إِنَّ اللّه َ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ...» 3 / 5
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الْأَمْرِ...» 1 / 144، 154 ؛2 / 253 ؛
3 / 5، 6، 12، 314
«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ...» 3 / 6،7، 576؛ 4 / 168
«لوَ إِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَآ أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ...» 3 / 7
«فَكَيْفَ إِذَآ أَصَ_بَتْهُم مُّصِيبَةُ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ...» 3 / 7، 11
«أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّه ُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ...» 2 / 489؛ 3 / 7، 11، 168
«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّه ِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا...» 3 / 8؛4 / 168، 169
«فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ...» 3 / 8 ، 9، 10؛
4 / 169 ، 170
«وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ...» 3 / 5، 8 ، 9، 10
«وَإِذا لاَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرا عَظِيما» 3 / 9
«لَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطا مُسْتَقِيما» 3 / 9
ص: 438
«وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ...» 1 / 125، 126، 166،
394، 395؛ 2/314
«خُذُوا حِذْرَكُم» 2 / 14
«إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً» 1 / 135، 138
«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ...» 3 / 553؛ 4 / 148، 149
«مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ... فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً» 1 / 305
«وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي اْلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ...» 3 / 6
«فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّه ِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ» 3 / 502
«مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً» 3 / 230
«وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً...» 1 / 137، 167؛ 3 / 227؛
4 / 135
«أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ...» 4 / 135، 136
«وَكُلاًّ وَعَدَ اللّه ُ الْحُسْنَى» 4 / 336
«إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ» 2 / 287
«خُذُوا حِذْرَكُم» 2 / 14
«كِتَاباً مَوْقُوتاً» 1 / 442
«إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ» 4 / 167
«إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ...» 1 / 106، 163، 393
«وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزا» 1 / 455
«مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لاَ إِلى هؤُلاَءِ وَلاَ إِلى هؤُلاَءِ» 1 / 520
«إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ...» 1 / 134، 135، 167
«وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينا» 3 / 436
«وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ» 2 / 235
المائدة(5)
«وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الاْءِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» 1 / 516؛ 2 / 61
ص: 439
«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي...» 1 / 100، 313، 314، 323
«وَمَنْ يَكْفُرْ بِالاْءِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الاْخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ» 1 / 318
«إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ» 2 / 407 ؛ 3 / 548
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّه ِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا...» 2 / 297
«وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَىْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانا...» 1 / 117؛ 2 / 228
«فَبَعَثَ اللّه ُ غُرَابا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ» 2 / 229
«مُصَدِّقا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ...» 1 / 439 ؛ 2 / 555
«وَأَقْسَمُوا بِاللّه ِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ» 1 / 494
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ» 2 / 595
«إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا...» 1 / 154، 301 ؛
2 / 253 ؛ 3 / 314
«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ...» 3 / 92
«قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَ...» 3 / 92
«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ...» 3 / 92
«لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا...» 3 / 92
«وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللّه ُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ...» 3 / 92، 93
«لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ...» 3 / 94
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ...» 3 / 114
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ...» 3 / 115
«ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ» 3 / 114
«وَاتَّقُوا اللّه َ وَاسْمَعُوا وَاللّه ُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ» 4 / 181
«يَوْمَ يَجْمَعُ اللّه ُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ...» 4 / 181 ، 182
«تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ» 2 / 372 ؛ 3 / 362
«وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدا مَا دُمْتُ فِيهِمْ» 3 / 335
«الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» 3 / 335
ص: 440
«رَضِىَ اللّه ُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» 4 / 299
الأنعام (6)
«وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» 3 / 27
«قُلْ أَىُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللّه ُ» 2 / 326
«وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ» 3 / 546، 547
«الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا...» 3 / 547
«انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ» 3 / 547
«إِنْ هذَا إِلاّ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ» 1 / 540
«وَلَوْ تَرَى» 3 / 227
«وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّه ِ يَجْحَدُونَ» 3 / 96، 97
«وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ» 1 / 97
«وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» 1 / 170
«قُلْ لَوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ...» 4 / 351، 352
«وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ...» 2 / 527؛ 3 / 355،
356، 357، 358
«حَتّى إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ» 1 / 314
«ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللّه ِ... وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ» 1 / 314، 315
«وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ» 3 / 97
«وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ...» 1 / 290 ؛ 3 / 69 ؛
4 / 36، 37
«فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبا» 3 / 76؛ 4 / 305
«فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي...» 3 / 77، 563
«إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفا...» 3 / 77
«وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحا هَدَيْنَا...» 2 / 237، 238، 249
ص: 441
«وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصّالِحِينَ» 2 / 249
«وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطا وَكلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ» 2 / 249
«وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ...» 2 / 249، 250
«ذلِكَ هُدَى اللّه ِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا» 2 / 250
«أُوْلئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا...» 2 / 250
«أُوْلئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّه ُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ» 2 / 250
«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللّه ِ كَذِبا أَوْ قَالَ أُوحِىَ إِلَىَّ...» 3 / 99
«لاَ تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ» 1 / 367، 368
«وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّوا اللّهَ...» 1 / 114، 164
«وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ...» 1 / 506 ؛3 / 116، 117
«وَذَرُوا ظَاهِرَ الاْءِثْمِ وَبَاطِنَهُ» 1 / 111، 163
«اللّه ُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ» 3 / 498
«يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرِجاً» 1 / 159 ؛ 3 / 10
«يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الاْءِ نْسِ» 1 / 136
«وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ» 2 / 155 ؛ 3 / 533
«وَمِنْ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللّه ُ وَلاَ تَتَّبِعُوا...» 3 / 533، 534
«مِنْ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ أَالذَّكَرَيْنِ...» 3 / 533، 534
«وَمِنْ الاْءِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ أَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الْأُنثَيَيْنِ...» 3 / 534
«وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» 1 / 128
«بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» 1 / 160
«مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» 3 / 502
الأعراف (7)
«ذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ» 1 / 511 ؛ 4 / 412
«مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ» 3 / 499
ص: 442
«إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ» 3 / 513
«لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ» 2 / 420
«ثُمَّ لاَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ...» 2 / 420، 421
«رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا» 1 / 512 ؛ 4 / 35
«قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» 1 / 111، 128، 166
«كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا» 1 / 507
«وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ» 2 / 562
«إِنَّ رَبَّكُمْ اللّه ُ الَّذِي خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ» 2 / 26، 416
«إِنَّ رَحْمَةَ اللّه ِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ» 1 / 426
«وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها» 1 / 547
«هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ» 2 / 116؛ 3 / 296
«وَإِلى عَادٍ أَخَاهُمْ» 2 / 237
«فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ» 1 / 347
«رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ» 1 / 544
«فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ» 1 / 347
«وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ» 1 / 390، 391
«وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» 2 / 245، 547
«اجْعَل لَّنَآ إِلَ_هًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ» 4 / 38
«أُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي» 1 / 312
«وَلَمَّا سُقِطَ فِى أَيْدِيهِمْ» 3 / 378
«قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِى وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِى» 3 / 286، 582
«وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ» 4 / 247
«وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ...» 2 / 472
«وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْما اللّه ُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ...» 2 / 472
«فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ...» 2 / 472
ص: 443
«فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ» 2 / 472
«بَلى» 2 / 89
«أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ» 2 / 90
«فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ» 2 / 48
«مَنْ يُضْلِلِ اللّه ُ فَلاَ هَادِىَ لَهُ» 2 / 133
«وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ...» 4 / 354
«وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّه ِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» 2 / 21
«إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ» 2 / 21
«وَإِذَا قُرِءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا» 2 / 570
الأنفال (8)
«ذَاتَ بَيْنِكُمْ» 3 / 399
«وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ» 2 / 417
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للّه ِِ وَلِلرَّسُولِ» 3 / 354
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللّه َ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ» 2 / 278
«وَإِذْ قَالُوا اللّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ...» 1 / 540، 543؛ 4 / 352
«وَمَا كَانَ اللّه ُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ» 1 / 541؛ 3 / 381
«وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه ِِ» 1 / 446 ؛
2 / 531؛ 3 / 101، 102
«وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للّه ِ خُمُسَهُ...» 1 / 559، 562 ؛ 3 / 541
«لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ» 2 / 372 ؛ 3 / 225
«وَاذْكُرُوا اللّه َ كَثِيرا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» 4 / 403
«وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» 3 / 140
«لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَّكُمْ» 3 / 512
«ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلى قَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا...» 1 / 144
ص: 444
«فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ» 1 / 582
«يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ...» 3 / 103، 104، 109
التوبة(9)
«إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» 1 / 81
«وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ» 2 / 595
«إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» 1 / 81
«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمْ اللّه ُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ...» 3 / 313
«أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ» 3 / 109 ، 110
«لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّه ِ وَاللّه ُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» 3 / 110
«ثُمَّ أَنزَلَ اللّه ُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ...» 3 / 429؛4 / 338
«وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ » 1 / 368؛ 2 / 531
«فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الاْخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ» 2 / 155
«وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا» 2 / 139
«ثَانِىَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ» 3 / 427
«إِنَّ اللّه َ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّه ُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ» 3 / 428
«إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّه ُ إِذْ أَخْرَجَهُ» 3 / 429
«فَأَنزَلَ اللّه ُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا» 4 / 338
«وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ» 1 / 193
«قُلْ هَلْ تَتَربَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ» 3 / 543
«وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا...» 2 / 190، 191
«فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه ُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا...» 2 / 191، 192 ؛ 2 / 516
«لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ» 3 / 227
«وَاللّه ُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ» 3 / 541
«نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُمْ» 1 / 130
ص: 445
«وَخُضْتُمْ كَالَّذِى خَاضُوا» 4 / 353
«أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ...» 1 / 348؛ 2 / 598
«وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ» 4 / 295
«يَحْلِفُونَ بِاللّه ِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ...» 2 / 501
«سَخِرَ اللّه ُ مِنْهُمْ» 3 / 551
«وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ» 3 / 137
«وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ» 1 / 194
«الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرا وَنِفَاقا» 1 / 537 ؛ 2 / 506
«عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ» 4 / 173
«وَ السَّ_بِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَ_جِرِينَ وَالْأَنصَارِ» 3 / 145
«وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا» 2 / 147 ؛ 3 / 173 ؛
4 / 258
«إِنَّ اللّه َ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» 4 / 333
«عَلى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ» 1 / 601
«لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ» 4 / 207
«إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ» 4 / 208
«إِنَّ اللّه َ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ...» 4 / 335
«التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ...» 4 / 335، 336
«وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ» 1 / 303 ؛ 4 / 248
«لَقَدْ تَابَ اللّه ُ عَلَى النَّبِىِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ...» 4 / 332، 335
«وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الْأَرْضُ...» 4 / 332 ، 334
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه َ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» 4 / 314، 332
«لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ...» 4 / 337، 398
يونس(10)
«وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ» 4 / 288
ص: 446
«إِنَّ رَبَّكُمْ اللّه ُ الَّذِي خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ» 2 / 26
«هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورا وَقَدَّرَهُ...» 3 / 72؛ 4 / 353، 354
«دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَ...» 2 / 158، 159 ،
259، 549
«افْتَرَى عَلَى اللّه ِ كَذِبا» 4 / 347
«وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا» 2 / 62
«لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ» 1 / 390
«جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ» 2 / 117
«إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ...» 2 / 27، 28
«لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى .... أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» 3 / 374
«وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا...» 3 / 373
«أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ» 3 / 131
«وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ» 1 / 513
«وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ» 3 / 457
«الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ» 2 / 97
«لَهُمْ الْبُشْرى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الاْخِرَةِ» 2 / 97
«وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ» 1 / 443 ؛ 4 / 288
«وَمَا تُغْنِي الاْيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ» 4 / 291
هود(11)
«أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ» 2 / 414
«كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» 2 / 26، 128
«وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ...» 2 / 129 ، 138
«وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ...» 4 / 75 ، 76
«فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ...» 4 / 339
ص: 447
«أَ فَمَنْ كَانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ17 1 / 308
«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى...» 3 / 101
«وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحا» 2 / 235
«أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ» 3 / 531
«وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا» 3 / 523
«وَ يَصْنَعُ الْفُلْكَ» 3 / 524
«حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ» 3 / 524
«قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا» 3 / 535
«ارْكَبُوا فِيهَا» 1 / 132، 509
«اهْبِطْ بِسَلاَمٍ» 3 / 351
«قَالُوا لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ» 4 / 139
«نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً» 4 / 139
«فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ» 4 / 140
«قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخا...» 4 / 140
«قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّه ِ رَحْمَةُ اللّه ِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ...» 4 / 140، 361، 362
«فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا» 4 / 141
«يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ» 4 / 142
«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ» 4 / 141
«وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ...» 4 / 143
«يَا قَوْمِ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللّه َ...» 4 / 144
«لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ...» 4 / 144
«لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ» 3 / 582 ؛ 4 / 144
«يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ...» 4 / 145، 146
«بَقِيَّةُ اللّه ِ خَيْرٌ لَكُمْ» 2 / 245، 446
«وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ...» 2 / 238
ص: 448
«ذَ لِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ» 2 / 17
«يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ» 1 / 188
«وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا...» 2 / 29
«إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ» 1 / 485
«أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ» 2 / 245 ، 446؛ 4 / 253
«وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ» 1 / 541
«وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً...» 4 / 340
«وَ لِذَ لِكَ خَلَقَهُمْ إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ» 4 / 340
«لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةَ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» 1 / 155
«ذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ» 1 / 511 ؛ 4 / 412
يوسف(12)
«نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ» 2 / 569؛ 3/359
«وَاللّهُ الْمُسْتَعانُ» 1 / 109، 163
«يَا صَاحِبَىِ السِّجْنِ» 3 / 428
«ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ» 2 / 325
«إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي» 4 / 255
«فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ» 1 / 134
«أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ» 2 / 162
«مَّاذَا تَفْقِدُونَ» 2 / 163
«قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ» 2 / 163
«وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ» 2 / 366
«يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ» 2 / 132 ، 554
«وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ» 4 / 396
«اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ» 3 / 91
ص: 449
«يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ» 2 / 132 ، 554
«وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّه ِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ» 3 / 65
الرعد (13)
«رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا» 2 / 452
«وَ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ» 3 / 357
«إِنَّ اللّه َ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ...» 1 / 144؛ 3 / 394، 395
«اللّه ُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ» 2 / 326
«وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ» 1 / 186
«وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ» 1 / 78
«جَنَّاتُ عَدْنٍ» 1 / 370؛ 2 / 157، 384
«وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ» 2 / 153؛ 4 / 298
«سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ» 2 / 153؛ 4 / 298
«مَثَلُ الْجَنَّةُ الَّتِي» 1 / 143
«يَمْحُوا اللّه ُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» 2 / 62
«عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ» 1 / 305
إبراهيم (14)
«لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» 1 / 122؛ 2 / 303؛
4 / 206
«وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ» 1 / 543، 544
«وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ» 1 / 394
«فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ» 1 / 454
«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللّه ِ كُفْرا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ» 2 / 174
«جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ» 2 / 174
ص: 450
«فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي» 1 / 501
«وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّه ِ لاَ تُحْصُوهَا» 4 / 422
«فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي» 3 / 329
«اجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ...» 4 / 67
«وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ» 4 / 148
«فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَ_لَمُوا رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ» 4 / 149
«وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا» 3 / 27
«يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ» 2 / 260
«مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ» 1 / 305
«وَتَغْشى وُجُوهَهُمْ النَّارُ» 1 / 492 ؛ 2 / 589
الحجر(15)
«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» 2 / 562؛ 3 / 117
«وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ» 2 / 114
«إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ» 2 / 224
«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ» 1 / 391
«اُدْخُلُوهَا بِسَلاَ مٍ آمِنِينَ» 1 / 391، 599
«وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» 3 / 155، 156
«وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ» 1 / 584
«إِلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ» 2 / 516
«فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ» 4 / 274
النحل (16)
«وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِىَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ» 2 / 433
«وَعَلاَمَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ» 3 / 69، 72، 401؛
4 / 351
ص: 451
«وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّه ِ لاَ تُحْصُوهَا» 4 / 422
«أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَما يَشْعُرُونَ» 1 / 193
«جَنَّاتُ عَدْنٍ» 1 / 370؛ 2 / 384
«وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ» 1 / 494
«فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» 1 / 102 ؛ 2 / 253
«أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَات...» 2 / 22، 23
«فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ» 2 / 23
«أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ» 2 / 23
«فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ» 2 / 372
«وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّه ُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ» 3 / 227
«لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمْ النَّارَ» 4 / 68
«عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ» 1 / 305
«فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّه ِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» 3 / 548
«إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» 3 / 548، 549
«إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ...» 3 / 549
«إِلاَّ مَنْ اُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاْءِيمَانِ» 1 / 78
«وَضَرَبَ اللّه ُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا...» 2 / 279
الإسراء(17)
«سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ» 4 / 291، 292
«وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِى الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِى الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ...» 3 / 118، 120
«فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادا لَنَا...» 3 / 118، 119، 120، 121
«ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ...» 3 / 119، 121
«إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأِنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها» 1 / 113، 164
«وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً» 4 / 384
ص: 452
«وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنى» 2 / 288
«وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ...» 3 / 383، 384
«وَإِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ» 1 / 220
«وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ...» 3 / 449
«وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ» 3 / 499
«وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ» 1 / 523
«إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ» 1 / 394
«فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِنْ الرِّيحِ» 2 / 117
«قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ» 3 / 547
«وَقُرْآنا فَرَقْنَاهُ» 1 / 446؛ 2 / 89
«الْحَمْدُ للّه ِ... وَلِىٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيرَا» 2 / 122
الكهف(18)
«فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ» 3 / 429
«قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ» 3 / 429
«وَكانَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً» 1 / 201
«إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ...» 1 / 510؛ 3 / 498، 499
«آتِنَا غَدَاءَنَا» 2 / 548
«أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ» 1 / 265
مريم(19)
«وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ» 2 / 409
«وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الْأَمْرُ» 2 / 435
«وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّه ِ» 3 / 582
«تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّا» 2 / 548
ص: 453
«ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ» 2 / 278
«وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً» 1 / 223
«يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْدا» 2 / 145
«وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ...» 2 / 353
طه (20)
«لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» 3 / 556
«أَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي» 1 / 110
«أُوتِيتَ سُؤْلَكَ» 1 / 274
«وَفَتَنَّاكَ فُتُونا» 1 / 511
«وَأَسَرُّوا النَّجْوَى» 4 / 350
«وَلَأُ صَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ» 71 1 / 189
«لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى» 4 / 208
«وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْما» 2 / 366
«وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ...» 1 / 130 ؛ 2 / 226
«وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى» 2 / 223
«وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ» 2 / 331
«وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجا مِنْهُمْ...» 2 / 516
«وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوى» 2 / 547
الأنبياء (21)
«الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ...» 4 / 350
«فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» 2 / 253
«وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً...» 2 / 23
«فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ» 1 / 496، 497؛
2 / 23، 24
ص: 454
«وَارْجِعُوا إِلى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ» 1 / 496
«لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ...» 2 / 24
«قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ» 2 / 24
«فَما زاَلَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ» 1 / 496 ؛ 2 / 24
«حَتّى جَعَلْناهُمْ حَصِيدا خَامِدِينَ» 2 / 25
«لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوا لاَتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ» 3 / 312
«بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ» 3 / 312
«فَيَدْمَغُهُ» 3 / 312
«يُسَبِّحُونَ الَّيْلَ وَ النَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ» 3 / 249
«لاَ يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ» 4 / 231
«وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ» 3 / 252
«لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ» 3 / 252، 253
«وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى» 1 / 133
«أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا كَانَتَا رَتْقا فَفَتَقْنَاهُمَا...» 2 / 126، 134، 137
«وَلَ_ئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَ_وَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَ__لِمِينَ» 2 / 25
«وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ...» 2 / 26
«إِلاَّ كَبِيرا لَهُمْ» 4 / 310
«بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا... إنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ» 2 / 161، 162
«أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه ِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئا وَلاَ يَضُرُّكُمْ» 4 / 307
«قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدا وَسَلاَما عَلَى إِبْرَاهِيمَ...» 4 / 311
«وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا» 1 / 153 ، 154، 161
«وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» 3 / 372
«فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ» 3 / 372
«لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ» 1 / 512؛ 2 / 123
«فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤمِنِين» 2 / 123
ص: 455
«إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه ِ حَصَبُ جَهَنَّمَ» 1 / 538 ؛ 4 / 307
«إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُوْلئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ» 1 / 553؛ 4 / 289
«لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ اْلأَكْبَرُ» 4 / 182
«إِنَّ فِي هذَا لَبَلاَغا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ» 2 / 564
«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» 2 / 379 ، 561 ؛ 4 / 72
الحج(22)
«إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْ ءٌ عَظِيمٌ» 2 / 337
«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّه َ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ...» 2 / 467، 468
«وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللّه » 2 / 195
«إِنَّ اللّه َ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا» 4 / 262
«الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ...» 4 / 180
«وَلَنْ يُخْلِفَ اللّهُ وَعْدَهُ» 1 / 294
«وَإِنَّ يَوْما عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ» 2 / 406
المؤمنون(23)
«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الاْءِنسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ...» 3 / 99
«ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَ__لِقِينَ» 3 / 99، 101
«تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ» 4 / 179
«وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحا» 2 / 235
«اصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا» 3 / 523
«عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ» 1 / 303 ، 341 ؛
2 / 566 ؛ 4 / 401
«ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً...» 2 / 240
«هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ» 1 / 456
ص: 456
«وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ» 2 / 301 ؛ 3 / 229 ، 230
«مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرا تَهْجُرُونَ» 2 / 377
«وَإِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ» 1 / 319
«ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ» 1 / 78 ، 139 ؛ 2 / 496
«فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ» 3 / 315
«رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا» 3 / 547
النور (24)
«أَنَّ لَعْنَةَ اللّه ِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ» 4 / 200
«إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ» 4 / 35
«إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» 2 / 430
«الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ» 3 / 146
«اللّه ُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ...» 4 / 152 ، 153، 355،
356، 357، 358، 359 ،
360، 361، 362، 363
«فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّه ُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا...» 2 / 248؛ 4 / 152
«رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّه ِ» 4 / 152
«أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللّه َ يُزْجِي سَحَابا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ...» 3 / 298، 454 ، 455
«فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ» 1 / 113
«فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ...» 2 / 82 ؛ 3 / 193
الفرقان (25)
«مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ» 1 / 305
«وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً» 1 / 318
«يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ...» 4 / 108
ص: 457
«وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً» 2 / 260
«يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ...» 1 / 318
«فُلاَناً» 1 / 318
«وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ...» 1 / 319
«إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعَامِ» 3 / 330
«مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً» 4 / 346
«خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ» 2 / 417
«فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللّه ُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ» 1 / 504؛ 2 / 261
«لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّا وَعُمْيَانا» 2 / 585
«قُلْ مَا يَعْبَؤُا بَكُمْ رَبِّي لَوْ لاَ دُعَاؤُكُمْ» 1 / 88
الشعراء(26)
«فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ» 2 / 19
«وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ» 3 / 212
«فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ» 3 / 582
«أَرْجِهِ وَأَخَاهُ» 3 / 508
«إِنَّا لَمُدْرَكوُنَ» 1 / 97
«قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ» 1 / 97
«وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الاْخِرِينَ» 2 / 333
«فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ» 1 / 120
«كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ» 2 / 236
«وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ» 2 / 236
«كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ» 2 / 237
«إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُونَ» 2 / 237
«كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ» 1 / 347
ص: 458
«إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبُ أَلاَ تَتَّقُونَ» 1 / 347
«فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِنَ السَّمَاءِ» 1 / 543
«فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابَ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» 1 / 347
«أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ» 3 / 191
«ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ» 3 / 191
«مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ» 3 / 191
«وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ» 2 / 376
«وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» 1 / 591
النمل(27)
«وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ» 2 / 15
«فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً» 2 / 272
«الْحَمْدُ للّه ِِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ» 2 / 304
«أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ...» 2 / 85
«مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا» 4 / 345 ، 346
القصص(28)
«وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ» 1 / 99، 154 ، 162
«وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدٍى مِنَ اللّهِ» 1 / 112
«وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ» 1 / 78
«إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشآءُ» 1 / 147
«وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ...» 1 / 585
«وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ» 3 / 547
«وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» 2 / 245 ، 547
ص: 459
العنكبوت(29)
«وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللّه ِ فَإِذَا أُوذِىَ فِي اللّه ِ...» 1 / 532
«وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحا إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاما» 2 / 235، 236 ؛ 3 / 536
«وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ...» 2 / 238، 239
«فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلى رَبِّي...» 2 / 238، 239
«إِنَّ فِيهَا لُوطا... إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ» 4 / 141
«فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ» 1 / 347
«فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً» 1 / 346
«وَما كانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» 1 / 348
«مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ...» 1 / 246
«وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ» 1 / 193
الروم (30)
«الم» 3 / 465 ، 471
«غُلِبَتْ الرُّومُ» 3 / 465 ، 471، 472
«فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ...» 3 / 465، 471، 472
«فِي بِضْعِ سِنِينَ للّه ِِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ...» 3 / 465، 466، 473
«بِنَصْرِ اللّه ِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ» 3 / 466
«أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» 3 / 358
«فَسُبْحَانَ اللّه ِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ» 2 / 331
«وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى» 1 / 143 ، 161
«وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ» 2 / 554
«فِطْرَةَ اللّه ِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا» 3 / 530
«ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ...» 1 / 544؛ 2 / 475
ص: 460
«سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ...» 3 / 358
«وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ...» 2 / 116
لقمان (31)
«ما خَلَقَكُمْ وَلا بَعَثَكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ» 1 / 355
«إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ...» 3 / 58
السجدة(32)
«خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ» 2 / 417
«ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ» 2 / 406
«وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ» 4 / 259
«لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةَ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» 1 / 155
(الأحزاب (33)
«مَا جَعَلَ اللّه ُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ» 2 / 362
«ادْعُوهُمْ لاِبَائِهِمْ» 4 / 103
«لاَ مَقَامَ لَكُمْ» 1 / 454
«وَالْقَائِلِينَ لاِءِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا» 3 / 576؛ 4 / 239
«لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّه ِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» 2 / 309
«مِنَ الْمُؤمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا...» 1 / 389، 390؛ 4 / 51
«إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه ُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ» 2 / 125
«وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ» 1 / 413
«وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ» 1 / 333
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللّهَ ذِكْراً كَثِيراً» 1 / 110؛ 3 / 499 ، 500
«يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدا وَمُبَشِّرا وَنَذِيرا» 4 / 383
ص: 461
«وَدَاعِيا إِلَى اللّه ِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجا مُنِيرا» 4 / 383
«إِنَّ اللّهَ وَمَلاَ ئِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ...» 1 / 224
«إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّه َ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللّه ُ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ...» 3 / 290
«لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً» 1 / 124 ؛ 3 / 119 ، 478
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه َ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا» 2 / 194
«يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ» 2 / 194
«إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ» 1 / 334؛ 4 / 72
سبأ(34)
«اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ» 4 / 206
«فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ...» 2 / 413
«سَيْلَ الْعَرِمِ... بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ» 4 / 427
«وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ» 4 / 428
«ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ» 4 / 428
«وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاما آمِنِينَ» 4 / 66 ، 69
«فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ» 4 / 426
«وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ» 2 / 421؛ 4 / 201
«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ» 2 / 381
«قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للّه ِِ مَثْنَى وَ...» 1 / 106؛4 / 346
«قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ» 4 / 346
فاطر(35)
«جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً» 3 / 498
«أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ» 3 / 484
«وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ» 2 / 68
ص: 462
«وَاللّه ُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابا» 3 / 172
«فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ» 3 / 173
«إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ» 1 / 221
«وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ» 1 / 103
«وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ» 1 / 107 ؛ 3 / 475
«إِنَّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ» 1 / 185
«جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤءٍ ...» 2 / 150
«الْحَمْدُ للّه ِِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ» 4 / 74
«أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الْأَرْضِ» 4 / 267
يس(36)
«أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ» 1 / 396
«وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ» 3 / 358
«وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ» 2 / 75
«وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ» 4 / 354
«وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا» 3 / 346
«لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ» 4 / 382
«وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي» 4 / 325
«لِيُنْذِرَ... وَيَحِقَّ الحقّ» 4 / 399
«مَنْ يُحْىِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ» 3 / 90
«أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ...» 4 / 43
الصافّات (37)
«أُوْلئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ» 2 / 159
«وَهُمْ مُكْرَمُونَ» 2 / 159
ص: 463
«عَلى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ» 1 / 301
«لِمِثْلِ هذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ» 1 / 88
«وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الاْخَرِيْنَ» 2 / 378
«فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ» 4 / 309
«فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ» 2 / 160؛ 4 / 309
«فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ» 2 / 147
«أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ» 4 / 307
«وَاللّه ُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ» 4 / 307
«إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ» 4 / 318
«وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الاْخَرِيْنَ» 2 / 378
«وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الاْخَرِيْنَ» 2 / 378
«وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ» 3 / 359
«وَبِاللَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ» 3 / 359
«فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ» 2 / 120
«إِنَّ جُندَنَا لَهُمْ الْغَالِبُونَ» 2 / 139
«فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ» 3 / 545
«سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ» 2 / 132
ص(38)
«عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ» 3 / 77
«أَجَعَلَ الاْلِهَةَ إِلَها وَاحِدا إِنَّ هَذَا لَشَىْ ءٌ عُجَابٌ» 3 / 77
«وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ...» 3 / 77
«مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الاْخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ» 3 / 77
«أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ» 3 / 77
«أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ» 3 / 77
ص: 464
«جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنْ الْأَحْزَابِ» 3 / 77
«كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ» 3 / 77
«وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الْأَحْزَابُ» 3 / 77
«إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ» 3 / 77
«وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ» 2 / 554
«وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً...» 1 / 142؛ 2 / 231
«أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ» 1 / 142 ، 160
«تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ» 1 / 316
«ارْكُضْ بِرِجْلِكَ» 1 / 497
«وَ ذِكْرَى لِأُوْلِى الْأَلْبَ_بِ» 1 / 511 ؛ 4 / 412
«وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ» 4 / 276
«جَنَّ_تِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَ بُ» 3 / 77؛ 4 / 276
«وَقَالُوا مَا لَنَا لاَ نَرى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنْ الْأَشْرَارِ» 1 / 395؛ 2 / 38، 399
«أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَ بْصارُ» 1 / 396
«إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ» 2 / 38
«قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ» 3 / 544، 545 ؛4 / 347
«إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ» 3 / 544
«وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ» 3 / 545
الزمر(39)
«وَإِذَا مَسَّ الاْءِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبا إِلَيْهِ...» 3 / 112، 113
«أَمَّنْ هوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الاْخِرَةَ...» 1 / 112 ، 392 ،508 ؛
3 / 114
«لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ» 2 / 149
«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّه َ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ» 1 / 581
ص: 465
«قُرآنا... غَيْرَ ذِي عِوَجٍ» 4 / 399
«ضَرَبَ اللّه ُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ...» 3 / 201 ، 202
«إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ» 4 / 309
«اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِالاْخِرَةِ» 4 / 33
«وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ» 4 / 34
«قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ...» 1 / 393، 394
«يَا حَسْرَتَى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّه ِ» 1 / 1902 / 365
«اللّه ُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ» 2 / 326
«وَمَا قَدَرُوا اللّه َ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ67 2 / 455
«فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّموَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ» 1 / 365
«وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ» 4 / 298
الغافر(40)
«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ» 1 / 388
«وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْما» 2 / 526
«للَّذِينَ آمَنُوا» 4 / 33
«وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الاْزِفَةِ إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ» 2 / 18، 19
«وَ ذِكْرَى لِأُوْلِى الْأَلْبَ_بِ» 1 / 511 ؛ 4 / 412
«ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» 1 / 88 ، 505
فصّلت(41)
«أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ» 1 / 265
«أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ» 2 / 417
«وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ» 2 / 418
«وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا...» 2 / 418
ص: 466
«ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ...» 2 / 134، 418
«فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ» 2 / 418
«وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ» 3 / 72
«وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا» 4 / 165
«رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنْ الْجِنِّ وَالاْءِنْسِ...» 4 / 165
«لاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ» 1 / 78
«ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» 2 / 496
«وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ» 2 / 562
«لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ...» 2 / 562؛ 4 / 398، 399
«وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ» 3 / 545
«سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ...» 2 / 504 ؛ 4 / 364
الشورى(42)
«لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ» 2 / 572
«مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْأَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِى حَرْثِهِ» 3 / 186
«وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» 3 / 545، 546
«وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ22 1 / 74
«قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى...» 2 / 253 ، 345 ؛
4 / 343، 344 ، 346
«وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا إِنَّ اللّه َ غَفُورٌ شَكُورٌ» 4 / 347
«وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ» 4 / 349
«فَإِنْ يَشَأْ اللّه ُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ...» 4 / 348، 349
«وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللّه ِ» 2 / 496
«وَكَذلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي» 2 / 389
ص: 467
الزخرف (43)
«أَفَنَضْرِبُ عَنكُمْ الذِّكْرَ صَفْحا» 4 / 394
«وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ» 3 / 506
«وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ» 3 / 506
«وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمنِ إِنَاثاً» 1 / 99 ؛ 3 / 498
«إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ» 1 / 521
«وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ» 1 / 317
«وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ» 1 / 317
«حَتّى إِذا جَائَنا قَالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ...» 1 / 317
«وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا» 1 / 538؛ 2 / 258
«وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً» 1 / 537
«إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ» 1 / 538
«وَقَالُوا أَ آلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً...» 1 / 538، 540
«إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ» 1 / 538 ، 539
«وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ...» 1 / 538 ، 539
«وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِي...» 1 / 538، 540
«بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ» 1 / 391
«أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرا...» 2 / 593، 594
«أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلى ...» 2 / 594
«وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ» 3 / 139
الدخان (44)
«فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» 2 / 89 ؛ 3 / 192
«إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ» 1 / 392
ص: 468
«يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً» 1 / 392
«إِلاّ مَنْ رَحِمَ اللّهُ» 1 / 393
الجاثية (45)
«لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللّهِ شَيْئاً» 1 / 133
«هذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ» 1 / 490
«إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» 2 / 131
الأحقاف (46)
«أَمْ يَقُولُونَ» 4 / 347
«قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعا مِنْ الرُّسُلِ» 2 / 553
«رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ» 2 / 113
«فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ...» 1 / 96 ، 97، 169
محمّد (47)
«فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ» 3 / 367
«حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّا بَعْدُ...» 3 / 107، 368
«مَثَلُ الْجَنَّةُ الَّتِي» 1 / 143
«قَالَ ءَانِفًا» 3 / 211
«فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ» 2 / 173
الفتح(48)
«إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحا مُبِينا» 4 / 131
«وَللّه ِِ جُنُودُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ» 2 / 139
«عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ» 4 / 173
ص: 469
«وَللّه ِِ جُنُودُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ» 2 / 139
«يَدُ اللّه ِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ» 2 / 390
«فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ» 4 / 126
«لَقَدْ رَضِىَ اللّه ُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» 4 / 220
«وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّه ِ تَبْدِيلاً» 1 / 124 ؛ 3 / 119
«هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ» 4 / 133
«لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا» 3 / 585
«فَأَنْزَلَ اللّه ُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ» 3 / 429؛ 4 / 338
«لَقَدْ صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا» 1 / 275
الحجرات(49)
«حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الاْءِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ» 2 / 45
«وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا...» 2 / 595
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» 1 / 389
«وَلاَ تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الاْءِيمَانِ» 1 / 381؛ 3 / 59
«لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّه ِ أَتْقَاكُمْ» 2 / 601؛ 3 / 179
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثى...» 2 / 600 ؛ 3 / 339
ق(50)
«مَاءً مُبَارَكا» 3 / 296
«وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ» 2 / 331
«وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ» 1 / 354
«يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ» 1 / 354
«ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ» 1 / 355
«إِنّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ» 1 / 355
ص: 470
«يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ» 1 / 355
«نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ...» 1 / 355
الذاريات (51)
«وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوا» 2 / 116
«وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ» 2 / 452
«لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ» 4 / 147
«وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ» 2 / 113، 116
«وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ» 2 / 557
«فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ» 2 / 176
«وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ» 2 / 177
«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالاْءِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ» 1 / 98
الطور(52)
«أَمْ عِنْدَهُمْ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ» 3 / 220
النجم(53)
«وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى» 4 / 350
«مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى» 4 / 351
«وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى» 4 / 351
«إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى» 2 / 94، 581 ؛ 4 / 351
«فَأَعْرِضْ عَمَّنْ تَوَلّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا» 1 / 514
«ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنْ الْعِلْمِ» 1 / 514
«إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اهْتَدى» 2 / 569
«وَللّه ِِ مَا فِي السَّموَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِىَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا...» 2 / 569
ص: 471
«وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادا الْأُولى» 2 / 597
«وَثَمُودَ فَمَا أَبْقى» 2 / 597
«وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى» 2 / 597
«وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى» 2 / 597
القمر(54)
«يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ» 2 / 186
«خُشَّعا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ» 2 / 186
«مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هذَا يَوْمٌ عَسِرٌ» 2 / 186
«أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ» 3 / 582
«وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونا فَالْتَقَى الْمَاءُ...» 3 / 527، 528
«وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ» 3 / 528
«فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ» 3 / 20 ؛ 4 / 291
«كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ» 2 / 112
«إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحا صَرْصَرا فِي يَوْمِ نَحْسٍ...» 2 / 113؛ 3 / 71
«كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ» 3 / 20
«فَقَالُوا أَبَشَرا مِنَّا وَاحِدا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذا لَفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ» 3 / 20
«أَؤُلْقِىَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ» 3 / 21
«فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ» 4 / 146
الرحمن (55)
«كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ» 3 / 127
«وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ» 2 / 154 ؛ 3 / 243
«وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ» 3 / 243
«فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ» 2 / 463 ؛ 3 / 242، 243
ص: 472
«حُورٌ مَقْصُورَاتٌ» 2 / 464
الواقعة(56)
«وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ» 1 / 140 ؛
2 / 149؛ 4 / 294
«إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً» 2 / 149
«فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارا» 2 / 149
«فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ» 2 / 207 ؛ 3 / 69
«وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ» 3 / 69
«فَسَلاَمٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ» 3 / 417
«وَأَمَّا... مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ» 3 / 417
الحديد (57)
«مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً...» 1 / 128؛ 4 / 23
«يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ...» 1 / 307
«اعْلَمُوا أَنَّ اللّه َ يُحْىِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا» 3 / 453
«مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي...» 3 / 301
«لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللّه ُ لاَ يُحِبُّ...» 3 / 301
المجادلة(58)
«يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللّه ُ جَمِيعا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ» 3 / 547
«مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ...» 2 / 593 ؛ 3 / 429
«إِنَّمَا النَّجْوى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا...» 2 / 98، 104، 401، 402
الحشر (59)
«مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» 1 / 305
ص: 473
«مَا أَفَاءَ اللّه ُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَلِلرَّسُولِ...» 1 / 563
«لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ» 2 / 475
«يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إلَيْهِمْ» 2 / 46
«خَاشِعا مُتَصَدِّعا مِنْ خَشْيَةِ اللّه ِ» 4 / 203
الممتحنة (60)
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ» 1 / 154
«وَبَدا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ» 1 / 79 ؛ 3 / 256
الصف(61)
«مُبَشِّرا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» 4 / 68
«يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللّه ِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللّه ُ مُتِمُّ نُورِهِ...» 4 / 349
«وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّيْنِ كُلِّه» 1 / 368 ؛ 2 / 531
«مَنْ أَنصَارِى إِلَى اللَّهِ» 3 / 463
الجمعة(62)
«كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً» 1 / 507؛ 2 / 48
«إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ» 4 / 267
المنافقون(63)
«يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ» 1 / 246
«كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ» 2 / 48 ؛ 3 / 569 ؛
4 / 176
«وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ» 1 / 407
«وَلكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ » 1 / 408
ص: 474
التغابن (64)
«يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ» 2 / 17
الطلاق(65)
«فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ» 2 / 284، 285
«مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً» 1 / 81 ، 122 ، 587 ؛
3 / 126 ، 493
«وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ» 1 / 122 ؛ 2 / 588
«لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ» 2 / 526
«اللّه ُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ...» 2 / 451، 453
التحريم(66)
«لاَ يَعْصُونَ اللّه َ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ» 3 / 498
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللّه ِ تَوْبَةً نَصُوحا» 1 / 505
«يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ...» 1 / 307
الملك(67)
«مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفَاوُتٍ» 1 / 216
«ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ» 3 / 138
«فَسُحْقا لاَِصْحَابِ السَّعِيرِ» 4 / 281
«أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّا...» 3 / 551
«فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا هَذَا الَّذِي كُنتُمْ...» 3 / 457، 552
القلم(68)
«ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ» 2 / 172
ص: 475
«فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ» 2 / 172
«بِأَيِّيكُمْ الْمَفْتُونُ» 2 / 172
«بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ» 2 / 173
الحاقّة (69)
«وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ» 2 / 116
«قُطُوفُهَا دَانِيَةً» 2 / 154
«لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ» 4 / 348
المعارج (70)
«سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ» 1 / 542
«لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ» 1 / 543
«مِنْ اللّه ِ ذِي الْمَعَارِجِ» 1 / 543
«تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» 2 / 405، 406 ، 407
«فَاصْبِرْ صَبْرا جَمِيلاً» 2 / 405
«وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ» 3 / 315
«وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ» 3 / 546
نوح(71)
«وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّا وَلاَ سُوَاعا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا» 3 / 523
«رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارا» 3 / 522
«إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّا وَلاَ سُوَاعا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا» 3 / 523
الجن (72)
«وَمَنْ يَعْصِ اللّه َ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ» 2 / 224
ص: 476
المزّمّل(73)
«إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئا وَأَقْوَمُ قِيلاً» 2 / 101
«يَوْما يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبا» 1 / 554
المدّثّر(74)
«وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ» 4 / 191
«وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ» 4 / 191
«كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ» 1 / 529
«إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ» 1 / 529
«وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ» 4 / 275
الإنسان (76)
«نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ» 1 / 450
«عَيْنا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللّه ِ» 4 / 401
«وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً» 2 / 154، 155
«وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيما وَمُلْكا كَبِيرا» 2 / 154
«وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً» 2 / 331
المرسلات(77)
«وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرا» 2 / 116
«عُذْرا أَوْ نُذْرا» 4 / 384
«هذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ» 1 / 189
«وَلا يُؤذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ» 1 / 85 ، 168، 189 ؛
2 / 586
ص: 477
النبأ (78)
«عَمَّ يَتَسَائَلُونَ» 1 / 350
«عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ» 1 / 350
«الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ» 1 / 350
«ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ» 1 / 350
«وَالْجِبَالَ أَوْتَادا» 2 / 433
«لاَ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ» 1 / 188
النازعات (79)
«وَالنَّازِعَاتِ غَرْقا» 3 / 69
«فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرا» 3 / 69
«السَّمَاءُ بَنَاهَا» 2 / 136
«رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا» 2 / 135، 136
«وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا...» 2 / 136
«وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحَاهَا» 2 / 136
عبس (80)
«يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ» 3 / 315
«وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ» 3 / 315
«وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ» 3 / 315
تكوير (81)
«وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللّه ُ» 2 / 61
ص: 478
المطففّين(83)
«كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ» 2 / 261
«كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ» 2 / 261
«وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ» 1 / 88
البروج (85)
«مَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللّه ِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» 3 / 351
«قُرْآنٌ مَجِيدٌ» 2 / 572
الطارق (86)
«إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ» 2 / 75
«يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ» 1 / 290
الأعلى(87)
«سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ» 2 / 206
الغاشية (88)
«هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» 1 / 492 ؛ 2 / 589
«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ» 1 / 493 ؛ 2 / 589
«عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ» 1 / 493 ؛ 2 / 484 ؛
3 /148
«تَصْلى نَارا حَامِيَةً» 1 / 493 ؛ 2 / 484؛
3 / 148 ، 149
«لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ» 2 / 589 ، 590، 591
ص: 479
«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ» 2 / 590
«وَزَرَابِىُّ مَبْثُوثَةٌ» 2 / 590
«إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ» 1 / 315 ؛ 2 / 488
الفجر(89)
«إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ» 1 / 582
«إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ» 4 / 73
«يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ» 2 / 405
«ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً» 2 / 405
البلد(90)
«لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ» 3 / 8 ؛ 4 / 169
الشمس(91)
«وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا» 1 / 491؛ 2 / 136
«وَالنَّهارِ إِذا جَلاّها» 1 / 492
«وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها» 1 / 491
الليل (92)
«وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى» 3 / 112
«لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الْأَشْقى» 2 / 554
«وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقى» 2 / 554
الضحى(93)
«أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيما فَآوى» 2 / 389، 390
ص: 480
«وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى» 2 / 389 ، 390
«وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنى» 2 / 389 ، 390
«فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ» 2 / 341
الشرح (94)
«إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً» 1 / 288 ؛ 3 / 572
العلق(96)
«كَلاّ إِنَّ الاْءِنْسَانَ لَيَطْغى» 1 / 255
«أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى» 1 / 255
القدر (97)
«إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» 2 / 293؛ 3 / 192
«وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ» 3 / 192
«لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» 3 / 192
الزلزلة(99)
«إِذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا» 3 / 387
«وَأَخْرَجَتْ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا» 3 / 387
«وَقَالَ الاْءِنسَانُ مَا لَهَا» 3 / 387 ، 388
«يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا» 3 / 387 ، 388
«فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرا يَرَهُ» 2 / 20
العاديات (100)
«إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ» 2 / 18
ص: 481
العصر (103)
«وَالْعَصْرِ» 2 / 570
«إِنَّ الاْءِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ» 2 / 570
«إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ...» 2 / 570
الفيل(105)
«وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرا أَبَابِيلَ» 2 / 69
«تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ» 2 / 70
الماعون(107)
«أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ» 1 / 319
المسد (111)
«تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ» 3 / 510
ص: 482
(2)
فهرس الأحاديث
الحديث المعصوم الصفحة
أتزعَم أنّك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء علي عليه السلام 3 / 58
اتّقوا فراسة المؤمن؛ فإنّه ينظر بنور اللّه النبي صلى الله عليه و آله 1 / 290
اجتناب ما تكرهه علي عليه السلام 1 / 264
احتبس القمر عن بني إسرائيل، فأوحى اللّه _ جلّ جلاله _ إلى موسى... الرضا عليه السلام 2 / 459
احتجم رسول اللّه صلى الله عليه و آله يوم الاثنين وأعطى الحجّام برّا الصادق عليه السلام 3 / 37
احتجم النبيّ صلى الله عليه و آله في رأسه وبين كتفيه وفي قفاه ثلاثا، سمّى واحدة النافعة... الصادق عليه السلام 2 / 482
احتسب؛ فإنّ اللّه جاعل لك ولمَن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ... النبي صلى الله عليه و آله 4 / 135
احرج عليكم أن تدخلوا بيتي بغير إذن فاطمه عليهاالسلام 3 / 284
الاءحسان أن تعبد اللّه كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه... النبي صلى الله عليه و آله 1/ 473
أحسن زينة الرجل السكينة مع إيمان المعصوم عليه السلام 2 / 57
احلب يا عمر حلبا لك شطره أشدد له اليوم أمره ليردّ عليك غدا... علي عليه السلام 3 / 288
إخوانُنا بَغَوا علينا علي عليه السلام 2 / 595
إذا اقترب الزمان، لم تكن رؤيا المسلم... النبي صلى الله عليه و آله 2 / 92
إذا تبيغ بأحدكم الدم، فليحتجم، لا يقتله، ثمّ قال: ما علمت أحدا من¨... النبي صلى الله عليه و آله 3 / 37
إذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق، ولا تحملن عليه... المعصوم عليه السلام 4 / 164
إذا كان أوّل الشهر خميسين، فصوم آخرهما أفضل... الصادق عليه السلام 2 / 41
إذا مررتم برياض الجنّة فارتعوا الحديث القدسي 4 / 298
إذا وقع في نفسك شيء، فتصدّق على أوّل مسكين، ثمّ امض؛ فإنّ اللّه ... الكاظم عليه السلام 3 / 64
اذهب إلى هذا الوادي، فسيعرض لك من أعداء اللّه الجنّ علي عليه السلام 2 / 74
ص: 483
اذهب، فقل : إنّك لا تؤدّي الزكاة الصادق عليه السلام 2 / 110
أربعة لا تزال في اُمّتي إلى يوم القيامة: الفخر بالأحساب، والطعن في... النبي صلى الله عليه و آله 3 / 62
ارتدّ الناس إلاّ ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذرّ والمقداد أبو جعفر عليه السلام 3 / 335
الأواحُ جُنودٌ مُجَنَّدة، فما تَعارف منها ائتَلف... المعصوم عليه السلام 1 / 79
أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر، وفزع الناس إلى أبي بكر... فاطمة عليهاالسلام 3 / 387
أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا النبي صلى الله عليه و آله 2 / 93
أطعموا ثلاثه؛ إن شئتم أن تزدادوا، وإلاّ فقد أدّيتم حقّ يومكم الصادق عليه السلام 2 / 447
أفضل الأعمال أحمزها المعصوم عليه السلام 2 / 312
أفضل الصلاة طول القنوت المعصوم عليه السلام 1 / 333
اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر النبي صلى الله عليه و آله 1 / 340
أكثروا ذكر اللّه _ عزّ وجلّ _ في هاتين الساعتين، وتعوّذوا باللّه من... النبي صلى الله عليه و آله 2 / 331
ألا إنّ أبرار عترتي وأطائب اُرومتي أحلم الناس صغاراً... الصادق عليه السلام 1 / 609
الذي سبق في علم اللّه أن يكون وما كان له أن يقاتلهم، وليس معه إلاّ ثلاثة... الصادق عليه السلام 3 / 585
الذين لم يشربوا ولم يغترفوا ثلاثمائة وثلاث عشر رجلاً، فلمّا جاوزوا... الصادق عليه السلام 4 / 95
أمّا الذي بَرئ فرجل فقيه في دينه أبو جعفر عليه السلام 1 / 78
أمّا داود، فإنّه لعن أهل أيلة لمّا اعتدوا في سبتهم، وكان اعتداؤهم في زمانه... الباقر عليه السلام 3 / 94
أمرني ربّي بحبّ المساكين المسلمين منهم النبي صلى الله عليه و آله 1 / 164
أنا أحقُّ بهذا الأمر منه، وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر... علي عليه السلام 4 / 198
إنّ أبا بصير لبَطَلٌ لو كان معه أحد النبي صلى الله عليه و آله 4 / 132
إنّ أباكم كان طوالاً كالنخلة السّحوق في ستّين ذراعا النبي صلى الله عليه و آله 3 / 262
إنّ إبراهيم عليه السلام أخذ نسرا وبطّا وطاووسا وديكا، فقطّعهنّ وخلّطهنّ... الرضا عليه السلام 4 / 46
أنّ ابراهيم عليه السلام قال له: إحي مَنْ قتلته إن كنت صادقا، ثمّ استظهر عليه... الصادق عليه السلام 4 / 308
إنّ إبليس إنّما يبثّ جنود الليل من حين تغيب الشمس إلى مغيب الشفق... الباقر عليه السلام 2 / 331
أنّ ابن زياد بعثه إلى حرب الحسين عليه السلام في ألف فارس... الصادق عليه السلام 2 / 511
إن أسعده الرضا علي عليه السلام 1 / 253
أنا سيّد ولد آدم، ولا فخر النبي صلى الله عليه و آله 3 / 268
أنا عبد اللّه ، وأخو رسوله، وأنا الصدِّيق الأكبر، لا يقولها بعدي إلاّ... علي عليه السلام 4 / 187
أنا الفتى بن الفتى أخو الفتى النبي صلى الله عليه و آله 4 / 425
أنّ أفضل الأعمال ما أكرهتَ عليه نفسك المعصوم عليه السلام 2 / 312
ص: 484
أنّ الأرض على الديك، والديك على الصخرة، والصخرة على الحوت المعصوم عليه السلام 2 / 87
أنّ الاسم الأكبر هو الكتاب الذي يعلم به علم كلّ شيء، الذي كان مع الأنبياء الصادق عليه السلام 2 / 231
إنّ اللّه اصطفى بني كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من... النبي صلى الله عليه و آله 1 / 331
إنّ اللّه اصطفى من العرب معدّاً، واصطفى من... النبي صلى الله عليه و آله 1 / 331
إنّ اللّه أمرني أن اُحِبّ أربعة، وأخبرني أنّه يحبّهم... النبي صلى الله عليه و آله 3 / 335
إنّ اللّه _ تبارك وتعالى _ أمر الحوت على الأرض... الصادق عليه السلام 3 / 386
إنّ اللّه _ تبارك وتعالى _ خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السماوات... الرضا عليه السلام 2 / 129
إنّ اللّه _ تبارك وتعالى _ كان أوحى إلى إبراهيم عليه السلام: إنّي متّخذ من... الرضا عليه السلام 4 / 38
إنّ اللّه _ تبارك وتعالى _ لمّا خلق نبيّه ووصيّه وابنته وابنيه... الصادق عليه السلام 1 / 225
إنّ اللّه خلق جبلاً محيطا بالدُّنيا من زبرجد أخضر، وإنّ خضرة السماء... أبو جعفر عليه السلام 3 / 246
إنّ اللّه خلق العقل، وهو أوّل خلق من الروحانيّين عن يمين العرش من نوره الصادق عليه السلام 2 / 128
إنّ اللّه خلق القلم من شجرة في الجنّة الصادق عليه السلام 2 / 131
إنّ اللّه ليدفع بالمؤمن الواحد عن القرية الفناء أبو جعفر عليه السلام 1 / 547
إنّا للّه ، وإنّا إليه راجعون، ما أنصفونا أن نكون اُخذنا بالعمل ووُضع عنهم... الصادق عليه السلام 2 / 193
إنّ اللّه يستحي من ذي الشيبة المسلم أن يعذّبه المعصوم عليه السلام 1 / 386
إنّ أمر السفياني من الأمر المحتوم، وخروجه في رجب الصادق عليه السلام 3 / 496
إنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحَطَب الصادق عليه السلام 1 / 121
إنّ الدُّعاء يردّ القضاء ، وقد نزل من السماء... الصادق عليه السلام 2 / 118
إنّ دعوة المسلم المظلوم مستجابة النبي صلى الله عليه و آله 1 / 165
إنّ ذا القرنين لمّا انتهى إلى السدّ، جاوزه، فدخل في الظلمات... الصادق عليه السلام 3 / 386
إنّ الرؤيا ثلاث : فرؤيا صالحة بشرى من اللّه ، ورؤيا تُحزن من الشيطان ... النبي صلى الله عليه و آله 2 / 98
أنّ رؤيا المؤمن جزء من ستّة وأربعين جزءا من أجزاء النبوّة النبي صلى الله عليه و آله 2 / 95
إنّ شرّ الاُمور مُحدثاتها، وكلّ مُحدث بدعة، وكلّ بدعة ضلالة النبي صلى الله عليه و آله 1 / 116
إنّ شرّ الناس مَن باع الناس النبي صلى الله عليه و آله 2 / 37
أنّ الصراط صراطان: صراط في الدنيا، وصراط في الآخرة... العسكرى عليه السلام 1 / 223
إن ضحك لم يَعْلُ صوتُه النبي صلى الله عليه و آله 1/ 258
أنّ ضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين النبي صلى الله عليه و آله 3 / 580
إنّ العباد إذا ناموا، خرجت أرواحهم إلى السماء... أبو جعفر عليه السلام 1 / 109
إنّ العرق ليذهب في الأرض سبعين باعا، وأنّه ليبلغ إلى... النبي صلى الله عليه و آله 2 / 183
ص: 485
أنّ عليّا مع الحقّ، والحقّ مع عليّ حيث ما دار المعصوم عليه السلام 3 / 290
أنّ في الجمعة ساعة لا يحتجم فيها أحدٌ إلاّ مات علي عليه السلام 3 / 36
أنّ قميص المؤمنين إلى نصف الساق، أو إلى الكعب؛ لئلاّ يتنجّس المعصوم عليه السلام 2 / 312
إنّك لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس أشقر أحمر أزرق الصادق عليه السلام 3 / 496
إنّ لإبليس شيطانا يُقال له هزع، يملأ ما بين المشرق والمغرب... أبو جعفر عليه السلام 3 / 254
إنّ لإبليس شيطانا يُقال له: هُزَع، يملأ المشرق والمغرب... أبو جعفر عليه السلام 2 / 110
أنّ لكلّ مؤمن ألف نسوة من الآدميّين المعصوم عليه السلام 2 / 156
إنّ للّه بلدة خلف المغرب يُقال لها: جابلقا، وفي جابلقا سبعون ألف اُمّة... علي عليه السلام 3 / 246
إنّما اُمر الناس بالأذان لعلل كثيرة... الرضا عليه السلام 2 / 258
إنّما أنتم في هذه الدُّنيا غرض تنتضل فيه المنايا علي عليه السلام 2 / 538
إنّما الحسنة معرفة الإمام وطاعته، وطاعته من طاعة اللّه المعصوم عليه السلام 4 / 346
أنّ المراد بالعهد في هذه الآية العهد إلى آدم عليه السلام بخلافة المهديّ عليه السلام... أبو جعفر عليه السلام 2 / 227
إنّ معونة المسلم خير وأعظم أجراً من صيام شهر النبي صلى الله عليه و آله 1 / 165
إنّ من وراء أرضكم هذه أرضا بيضاء ضوءها منها، فيها خلقٌ يعبدون اللّه ... الصادق عليه السلام 3 / 246
إنّ المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة صاعدة إلى السماء... الصادق عليه السلام 2 / 108
أنّ المؤمن شهيد، وإن مات على فراشه المعصوم عليه السلام 2 / 51
أنّ المؤمنين على منازلهم؛ منهم على واحدة، ومنهم على اثنين، ومنهم... أبو جعفر عليه السلام 4 / 164
أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لمّا صلّى المغرب بلغه مولد فاطمة عليهاالسلام... الصادق عليه السلام 4 / 189
أنّها جزء من سبعين جزءا من النبوّة النبي صلى الله عليه و آله 2 / 93
إنّها نزلت فينا أهل البيت أصحاب الكساء الصادق عليه السلام 4 / 345
أنّها هي البشارة عند الموت الصادق عليه السلام 2 / 97
أنّه بايع مع هذا الخارجي جماعة من الخوارج خارج الكوفة، وسمّوه... المعصوم عليه السلام 2 / 511
أنّه رأى نحو ذلك أبو جعفر عليه السلام 1 / 605
إنّه كان يكذب علينا، وكان يدعو إلى محمّد بن عبد اللّه بن الحسن في... أبو جعفر عليه السلام 4 / 158
إنّهم سرقوا يوسف من أبيه ؛ أ لا ترى أنّه قال لهم حين قالوا الصادق عليه السلام 2 / 163
أنّهم غيّروا كلّ شيء من أحكام الدِّين إلاّ استقبال الكعبة في الصلاة الصادق عليه السلام 4 / 158
أنّه من استوى يوماه، فهو مغبون المعصوم عليه السلام 2 / 300
أنّه الهداية إلى الجنّة في الآخرة بسبب إيمانه في الدنيا الرضا عليه السلام 1 / 158
أنّه يحشر الناس يوم القيامة حُفاة عُراة عُزلاً بهما جُردا مُردا النبي صلى الله عليه و آله 2 / 181
ص: 486
إنّه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى ابن مريم النبي صلى الله عليه و آله 1/ 539
إنّي اُباهي بكم الاُمم النبي صلى الله عليه و آله 1 / 224
إنّي أخشاكم للّه وأتقاكم له المعصوم عليه السلام 1 / 185
إنّي أمزح ، ولا أقول إلاّ حقّاً النبي صلى الله عليه و آله 1 / 258
إنّي قد عرفت أنّ رجلاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها... النبي صلى الله عليه و آله 3 / 106
أوّل ثلاثاء تدخل في شهر آذار بالروميّة الحجامة فيه مصحّة سنة بإذن اللّه الصادق عليه السلام 3 / 38
أوّلكم واردا عليَّ الحوض أوّلكم إسلاما علي بن أبي طالب عليه السلام المعصوم عليه السلام 4 / 186
أوّل ما خلق اللّه القلم، فقال له : اُكتب، فكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة الصادق عليه السلام 2 / 131
أوّل ما خلق اللّه النور علي عليه السلام 2 / 128
أوّل ما خلق اللّه نوري النبي صلى الله عليه و آله 2 / 128
إيّاكم وتعلّم النجوم إلاّ ما يهتدى به في برٍّ أو بحر علي عليه السلام 3 / 76
أيّكم أحسنُ عقلاً، وأورع من محارم اللّه ، وأسرع في طاعة اللّه النبي صلى الله عليه و آله 2 / 27
أيّها الناس، إنّي لم أزل منذ قبض النبيّ صلى الله عليه و آله مشغولاً بغسله ،... علي عليه السلام 3 / 283
أيُّها الناس، إيّاكم وتعلّم النجوم إلاّ ما يُهتدى به في برّ علي عليه السلام 3 / 59
تبدّل أرضا من فضّة، وسماوات من ذهب علي عليه السلام 2 / 261
تبدّل الأرض غير الأرض، فتبسط، وتُمدّ مدّ الأديم العكاظي المعصوم عليه السلام 2 / 261
تدقّهم الفتن دقّ الرحا بثفالها علي عليه السلام 1 / 555
تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق كمقدار ميل، فيكون الناس على... النبي صلى الله عليه و آله 2 / 183
التعرّب بعد الهجرة من الكبائر الصادق عليه السلام 3 / 83
تعلمون أنّ الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكّة، فتؤخذ أموالهم... الصادق عليه السلام 4 / 69
تلك السكينة كانت في التابوت، وكانت فيها طست تغسل فيها... المعصوم عليه السلام 4 / 96
توقّوا الحجامة يوم الأربعاء والنورة؛ فإنّ يوم الأربعاء يوم نحس مستمرّ... علي عليه السلام 3 / 38
التي هي أحسن التقيّة المعصوم عليه السلام 1 / 78
ثلاثة أيّام في الشهر: الأربعاء، والخميس، والجمعة الرضا عليه السلام 2 / 40
ثلاثة من عمل الجاهليّة: الفخر بالأنساب، والطعن في الأحساب، والاستسقاء أبو جعفر عليه السلام 3 / 65
ثمّ مكث الربّ _ تبارك وتعالى _ ما شاء، فلمّا أراد أن يخلق السماء أمر الرِّياح... الصادق عليه السلام 2 / 135
حجامة الاثنين لنا، والثلاثاء لبني اُميّة الرضا عليه السلام 3 / 38
الحجامة على الرأس على شبر من طرف الأنف، وفتر من بين الحاجبين الصادق عليه السلام 2 / 482
الحجامة يوم الاثنين من آخر النهار تسلّ الداء سلاًّ من البدن الصادق عليه السلام 3 / 37
ص: 487
حجّة اللّه على العباد النبي صلى الله عليه و آله، والحجّة فيما بين العباد و... الصادق عليه السلام 1 / 353
حسن الظنّ باللّه أن لا ترجو إلاّ اللّه ، ولا تخاف إلاّ من ذنبك الصادق عليه السلام 4 / 25
الحسنة: التقيّة، والسيّئة: الإذاعة المعصوم عليه السلام 1 / 78
الحسنة مودّتنا أهل البيت، والسيّئة عداوتنا أهل البيت المعصوم عليه السلام 4 / 346
الحسنة ولاية أمير المؤمنين عليه السلام المعصوم عليه السلام 4 / 346
الحكمة ضالّة المؤمن، فخُذ الحكمة ولو من أهل النفاق علي عليه السلام 2 / 510
الحمّى من فيح جهنّم، فأبردوها بالماء النبي صلى الله عليه و آله 2 / 204
خُذ الحكمة أنّى كانت؛ فإنّ الحكمة تكون... علي عليه السلام 2 / 510
خميس بين أربعاءين، ثمّ أربعاء بين خميسين المعصوم عليه السلام 2 / 40
خير اُمّتي أبو بكر ثمّ عمر النبي صلى الله عليه و آله 1 / 340
ذلك القرآن فاستنطقوه فلن ينطق لكم أخبركم عنه، وفيه علم ما مضى... الصادق عليه السلام 4 / 411
رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض هكذا المعصوم عليه السلام 4 / 37
رأيت كأنّي على جبل، فيجيء الناس فيركبونه، فإذا ركبوا عليه تصاعد بهم الصادق عليه السلام 2 / 605
رُغم أنف رجل ذُكرتُ عنده، فلم يصلّ عليّ المعصوم عليه السلام 1 / 224
الرؤيا ثلاثة : رؤيا بشرى من اللّه ، ورؤيا ممّا النبي صلى الله عليه و آله 2 / 98
الرؤيا الصالحة من اللّه ، فإذا رأى أحدكم ما يحبّ، فلا يحدّث بها إلاّ مَن... النبي صلى الله عليه و آله 2 / 403
الرؤيا على ما تعبّر أبو الحسن عليه السلام 3 / 567
الرؤيا من اللّه ، والحُلُم من الشيطان النبي صلى الله عليه و آله 2 / 103
سئل رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن الساعة، فقال: عند إيمان بالنجوم، وتكذيب بالقدر الصادق عليه السلام 3 / 62
سألت رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن الرجل ينام فيرى الرؤيا، فربّما... علي عليه السلام 1 / 109
سبحان اللّه ، ما طال العهد فينسى، وأنّه ليعلم أنّ هذا الاسم لا يصلح إلاّ لي... علي عليه السلام 3 / 284
السعيد سعيد في بطن اُمّه، والشقيّ شقيّ في بطن اُمّه المعصوم عليه السلام 2 / 54
السكينة ريح تخرج من الجنّة، لها صورة كصورة الإنسان، ورائحة طيّبة... أبو الحسن عليه السلام 4 / 96
سمّت اليهوديّة النبيّ صلى الله عليه و آله في ذراع، وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يحبّ الذراع... الصادق عليه السلام 2 / 385
سمّي عليّ عليه السلام أمير المؤمنين؛ لأنّه يميرهم العلم أبو الحسن عليه السلام 2 / 83
شرّ الرداء رداء الكذب المعصوم عليه السلام 2 / 55
شرّ الروايا روايا الكذب المعصوم عليه السلام 2 / 55
الشرّ يدفعه الشرّ علي عليه السلام 3 / 415
صم الأّل منهما ، فلعلّك لا تلحق الثاني المعصوم عليه السلام 2 / 41
ص: 488
صوت جبرئيل من السماء، وصوت إبليس من الأرض، فاتّبعوا الصوت الأوّل الصادق عليه السلام 3 / 132
عاش نوح ألفي سنة وأربعمائة سنة وخمسين سنة النبي صلى الله عليه و آله 3 / 538
عاش نوح ألفي سنة، وخمسمائة سنة، منها ثمانمائة سنة وخمسون... الصادق عليه السلام 3 / 537
عاش نوح عليه السلام ألفين وخمسمائة سنة العسكرى عليه السلام 3 / 538
العبد إنّما يكون حسن ظنّه بربّه على قدر خوفه من ربّه، وأنّ أحسن الناس... المعصوم عليه السلام 4 / 25
عبدتُ اللّه قبل أن يعبده أحد من هذه الاُمّة بخمس سنين علي عليه السلام 4 / 186
عجب للبخيل استعجل الفقر الذي منه هرب... علي عليه السلام 1 / 272
عرضه ما بين صنعاء إلى أيلة النبي صلى الله عليه و آله 2 / 385
علم أنّهم سيكفرون، فأراد الكفر لعلمه فيهم الصادق عليه السلام 2 / 514
العلم مقرون إلى العمل، فمن علم عمل، ومن عمل علم... الصادق عليه السلام 1 / 185
عليٌّ سيّد العرب... النبي صلى الله عليه و آله 1 / 449
عليكم بالدُّعاء؛ فإنّ الدُّعاء للّه ، والطلب إلى اللّه يَرُدُّ البلاء... الكاظم عليه السلام 2 / 119
عليٌ منّي وأنا منه المعصوم عليه السلام 3 / 11
فاطمة بضعةٌ منّي، مَن آذاها فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى اللّه النبي صلى الله عليه و آله 3 / 290
فردّ اللّه عليه أهله الذين ماتوا بعدما أصابهم البلاء... الصادق عليه السلام 3 / 372
الفقر الموت الأحمر الصادق عليه السلام 1 / 249
فلسنا نتقدّم أبرار ولده، وأنت من أبرّهم الحديث القدسي 2 / 233
فما انقضت تلك المدّة حتّى كاد الإسلام يستولي على أهل مكّة... الصادق عليه السلام 4 / 131
فو الذي نفسي بيده، لو أنّ الناس سلكوا شعباً،... النبي صلى الله عليه و آله 1 / 620
في آخر الزمان لا تكذب رؤيا المؤمن النبي صلى الله عليه و آله 2 / 93
فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف علي عليه السلام 1 / 577؛ 4 / 76
في السماء أربعة نجوم ما يعلمها إلاّ أهل بيتٍ من العرب وأهل بيتٍ من الهند الصادق عليه السلام 3 / 70
في كلّ عشرة أيّام يوما: خميس وأربعاء وخميس... الصادق عليه السلام 2 / 40
قال اللّه _ عزّ وجلّ _ لنبيّه محمّد صلى الله عليه و آله : الرضا عليه السلام 2 / 389
قالت الحواريّون لعيسى : يا روح اللّه مَن نجالِس؟ قال : من يذكّركم اللّه رؤيتُه النبي صلى الله عليه و آله 2 / 351
قد وعزّتك بلغ بي مَجهودي السجّاد عليه السلام 1 / 182
قل شعرا تنوح به النساء الصادق عليه السلام 3 / 161
قلّموا أظفاركم يوم الثلاثاء، واستحمّوا الأربعاء، وأصيبوا من الحجامة... أبو الحسن عليه السلام 3 / 39
القهقهة من الشيطان الصادق عليه السلام 1 / 258
ص: 489
كانت امرأة من الأنصار تُدعى حسرة ، تغشى آل محمّد، وتحنّ... الصادق عليه السلام 2 / 460
كانت الفترة بين عيسى وبين محمّد صلى الله عليه و آله أربعمائة سنة وثمانين سنة النبي صلى الله عليه و آله 2 / 257
كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا رُئي في الليلة الظَّلماء، رُئي له نورٌ كأنّه شِقّة قمرٍ الصادق عليه السلام 2 / 378
كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يحتجم على رأسه، ويسمّيه المغيثة والمنقذة الصادق عليه السلام 2 / 482
كان سبب نزول هذه الآية أنّ فاطمة عليهاالسلام رأت في منامها... الصادق عليه السلام 2 / 401
كان قد علم نبوّة نوح عليه السلام بالنجوم أبو جعفر عليه السلام 3 / 66
كان القمر منحوسا بزحل الصادق عليه السلام 3 / 71
كان لم يزل حيّاً بلا كيف، ولم يكن له كان، ولا كان لكونه... أبو جعفر عليه السلام 1 / 360
كذبوا، إنّما يُصيب ذلك من حملته اُمّه من طمث النبي صلى الله عليه و آله 3 / 39
كفر باللّه من تبرّأ من نسب وإن دقّ الصادق عليه السلام 1 / 624
كفى بالمرء جَهلاً أن لا يعرف قدره علي عليه السلام 1 / 244
كلّ شيء خلقه اللّه تعالى في الكرسيّ، ما خلا عرشه؛ فإنّه أعظم... الصادق عليه السلام 2 / 456
لا تزال مؤيّدا بروح القدس ما دمتَ تقول فينا أبو جعفر عليه السلام 3 / 158
لا تسبّوا الأموات فتؤذوا الأحياء النبي صلى الله عليه و آله 1 / 618
لا تستحي من إعطاء القليل؛ فإنّ الحرمان أقلّ منه المعصوم عليه السلام 1 / 459
لأنّه خُلِقَ من طين الأرض وأديمها... النبي صلى الله عليه و آله 1 / 450
لا يجتمع اُمّتي على خطأ النبي صلى الله عليه و آله 1 / 340
لا يزال المنام طائرا حتّى يقصّ، فإذا قصّ وقع النبي صلى الله عليه و آله 4 / 175
لا يسأل اللّه _ عزّ وجلّ _ إلاّ بدأَ بالصلاة على محمّد وآله الصادق عليه السلام 3 / 501
لا يصيب قرية عذاب وفيها سبعة من المؤمنين أبو جعفر عليه السلام 1 / 547
لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يتقدّم عليه غيره النبي صلى الله عليه و آله 1 / 340
لضربة عليّ خيرٌ من عبادة الثقلين النبي صلى الله عليه و آله 3 / 282
لمّا استخرج أمير المؤمنين عليه السلام من منزله خرجت فاطمة عليهاالسلام، فما بقيت امرأة... الصادق عليه السلام 3 / 286
لمّا هلك سليمان وضع إبليس السّحر، وكتبه في كتاب ثمّ طواه... أبو جعفر عليه السلام 3 / 559
لم يبق من مبشّرات النبوّة إلاّ الرؤيا الصادقة يراها الرجل المسلم النبي صلى الله عليه و آله 2 / 94
لم يبق من النبوّة إلاّ المبشّرات النبي صلى الله عليه و آله 2 / 96
لو أخرج اللّه ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين، وما في... الصادق عليه السلام 3 / 585
لو كان بعدي نبي، لكان عمر النبي صلى الله عليه و آله 1 / 340
لو كنت متّخذاً خليلاً دون ربّي ، لاتّخذت النبي صلى الله عليه و آله 1 / 340
ص: 490
ليس للمسلم أن يعسر مسلماً، ومن أنظر معسراً أظلّه اللّه يوم القيامة النبي صلى الله عليه و آله 1 / 165
ما أسرع ما كذبتم على رسول اللّه صلى الله عليه و آله، إنّه ليعلم ويعلم الذين حوله أنّ اللّه ... علي عليه السلام 3 / 283
ما أعجب رسول اللّه صلى الله عليه و آله شيءٌ من الدُّنيا إلاّ أن يكون فيها جائعا خائفا الصادق عليه السلام 2 / 308
ما تقول إذا جيء بأرض من فضّة وسماوات من فضّة... الصادق عليه السلام 2 / 262
ما ردّ اللّه العذاب إلاّ عن قوم يونس، وكان يونس يدعوهم إلى... الصادق عليه السلام 2 / 119
ما عليكم لو أخّرتموه إلى عشيّة الأحد، فكان يكون أنزل للداء الصادق عليه السلام 3 / 37
ما كان يصلّي مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله غيري وغير خديجة علي عليه السلام 4 / 186
ما من نبيّ ولا وصيّ نبيّ يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيّام... الصادق عليه السلام 2 / 458
مبتدع الخلائق بعلمه بلا اقتداء ولا تعليم علي عليه السلام 1 / 219
مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من تمسّك بها نجا... النبي صلى الله عليه و آله 1 / 350
المداومة على العمل في اتّباع الآثار والسنن النبي صلى الله عليه و آله 1 / 164
مطلق الخميس والأربعاء في الأعشار الثلاثة المعصوم عليه السلام 2 / 40
مع قائمنا أهل البيت الصادق عليه السلام 4 / 69
معناه: خائفة أن لا تقبل منهم الصادق عليه السلام 2 / 302
من آذى عليّا فقد آذاني النبي صلى الله عليه و آله 3 / 290
من احتجم في آخر خميس من الشهر في أوّل النهار سُلَّ منه الداء سلاًّ الصادق عليه السلام 3 / 39
من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة، أو أربع عشرة النبي صلى الله عليه و آله 3 / 38
من أصبح يشكو مصيبة نزلت به، فإنّما يشكو ربّه علي عليه السلام 2 / 523
المنجّم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار الباقر عليه السلام 3 / 62
من ذكرت عنده، فلم يصلّ عليّ، فدخل النار ، فأبعده اللّه ، المعصوم عليه السلام / 224
مَن رآني فقد رآني؛ فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي المعصوم عليه السلام 2 / 106
من رجا شيئا طلبه، ومن خاف من شيء هرب منه المعصوم عليه السلام 4 / 24
من سَرّه أن يدفع اللّه عنه نحس يومه فليفتتح يومه بصدقة يُذهب اللّه بها... النبي صلى الله عليه و آله 3 / 66
من شكا الحاجة إلى مؤمن، فكأنّما شكا إلى اللّه علي عليه السلام 2 / 523
مَن قَنع شَبع المعصوم عليه السلام 1 / 76
مَن كانت اُمّه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإنّ الصدقة تحلّ له... أبو الحسن الأول 4 / 103
مَن كنت مولاه، فعليٌّ مولاه النبي صلى الله عليه و آله 2 / 172
المنيّة ولا الدنيّة علي عليه السلام 1 / 248
موتوا قبل أن تموتوا المعصوم عليه السلام 1 / 248، 464
ص: 491
المؤمن جمع إحسانا وشفقةً؛ أي خوفا... المعصوم عليه السلام 2 / 302
الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة، خيارهم... النبي صلى الله عليه و آله 2 / 581
الناس نيام، فإذا ماتوا انتهبوا علي عليه السلام 2 / 332
نحن من الأصلاب الطاهرات، والأرحام المطهّرات، لم تدنّسهم الجاهليّة... المعصوم عليه السلام 4 / 303
نزلت في الأفجرين من قريش : من بني اُميّة، وبني المغيرة الصادق عليه السلام 2 / 174
نزلت في القائم عليه السلام، هو واللّه المضطرّ، إذا صلّى في المقام ركعتين الصادق عليه السلام 2 / 85
نعم حدّثني أبي عليه السلام أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وسلمان الفارسي الكاظم عليه السلام 4 / 11
نعم، كما يرى أحدكم الدراهم إذا اُلقيت من ماء صاف قدره قيد رمح الصادق عليه السلام 2 / 157
نعم، من كان منكم محتجما فليحتجم يوم الخميس؛ فإنّ كلّ عشيّة جمعة يبتدر الصادق عليه السلام 3 / 39
نعم، نبيّ من الأنبياء قال له قومه: إنّا لا نؤمن لك حتّى تعلّمنا علي عليه السلام 3 / 67
نهى آدم عن أكل الشجرة، وشاء أن يأكل منها، ولو لم يشأ لم يأكله الصادق عليه السلام 2 / 226
نهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن خصال _ إلى أن قال _ : وعن النظر في النجوم الباقر عليه السلام 3 / 62
وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن تطرد الناس إلى محشرهم النبي صلى الله عليه و آله 2 / 182
واعبدني ليومٍ كألف سنة ممّا تعدّون الحديث القدسي 2 / 406
واللّه ما كان سقيما وما كذب أبو جعفر عليه السلام 4 / 310
وايم اللّه ما كان قوم قطّ في غضّ نعمة من عيش، فزال عنهم... علي عليه السلام 3 / 397
والحقّ أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف علي عليه السلام 4 / 230
وذلك واللّه ، أن لو قام قائمنا يجمع اللّه إليه جميع شيعتنا من جميع البلدان الرضا عليه السلام 4 / 75
وشرّ الرواية رواية الكذب المعصوم عليه السلام 2 / 55
والصبر مفتاح الفرج المعصوم عليه السلام 1 / 289
ولا ابتدع لمكانه مكاناً أبو جعفر عليه السلام 1 / 361
ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك يا عليّ فاستغفروا اللّه واستغفر لهم... أبي جعفر عليه السلام 4 / 170
ويلك إنّه كلام اللّه النبي صلى الله عليه و آله 1 / 540
هذان ابناي إمامان قاما أو قعدا النبي صلى الله عليه و آله 4 / 102
هو علمٌ في أصل صحيح، ذكروا أنّ أوّل كلّ من تكلّم في النجوم الرضا عليه السلام 3 / 68
هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن، أو تُرى له النبي صلى الله عليه و آله 2 / 97
يا أبرش، هو كما وصف نفسه، كان عرشه على الماء، والماء على الهواء... الصادق عليه السلام 2 / 134
يا اُمّ بشر، ما زالت أكلة خيبر التي أكلتُ مع ابنك تعاودني... النبي صلى الله عليه و آله 2 / 385
يا أهل المؤتفكة، ائتفكت بأهلها انقلبت بهم ثلاثا، وعلى اللّه تمام الرابعة علي عليه السلام 2 / 597
ص: 492
يا صخر، الأمر من بعدي لمن هو منّي بمنزلة... النبى صلى الله عليه و آله 1 / 350
يا علي، إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرئيل عليه السلامعلى الصراط النبي صلى الله عليه و آله 1 / 223
يا عليّ، اكفني هذه الكتيبة النبي صلى الله عليه و آله 2 / 209
يا عليّ، امحُ لفظ الرسول واثبت مكانه: ابن عبد اللّه النبي صلى الله عليه و آله 4 / 128
يا عيسى آمرك أن تخبر به . قال عيسى : إلهي،... المعصوم عليه السلام 2 / 381
يا فاطمة، إنّ اللّه يغضب لغضبك، ويرضى لرضاك النبي صلى الله عليه و آله 3 / 290
يا معشر الشيعة، علّموا أولادكم شعر العبدي؛ فإنّه على دين اللّه الصادق عليه السلام 3 / 161
يا معشر المهاجرين، اللّه اللّه ، لا تخرجوا سلطان محمّد عن داره و... علي عليه السلام 3 / 288
يامعشر المهاجرين والأنصار، أنشدكم باللّه ، أسمعتم رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيقول... علي عليه السلام 3 / 285
يحشر معهم النار، يبيت معهم حيث باتوا، ويقيل معهم حيث قالوا النبي صلى الله عليه و آله 2 / 181
يخرج ابن آكلة الأكباد، وهو رجلٌ ربعة وحش الوجه ضخم... الصادق عليه السلام 3 / 496
يخرج القائم عليه السلام يوم السبت، يوم عاشوراء، اليوم الذي قُتل فيه... أبو جعفر عليه السلام 3 / 210، 442
يعني من اتّخذ دينَه رأيَه بغير إمام من أئمّة الهدى أبو الحسن عليه السلام 1 / 112
يكون في اُمّتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل النبي صلى الله عليه و آله 3 / 478
يملك كور الشام الخمس ودمشق وحمص وفلسطين وقنسرين والأردن... الصادق عليه السلام 3 / 496
يؤتى بالموت، كأنّه كبشٌ أملح، فينادى، فيُقال : يا أهل الجنّة،... النبي صلى الله عليه و آله 2 / 435
يؤتى ما أتى، وهو خائف راج المعصوم عليه السلام 2 / 302
ص: 493
الف _ المعصومون والأنبياء عليهم السلام
رسول اللّه صلى الله عليه و آله، 1 / 95، 97، 102، 104، 105، 106،
108، 112، 115، 145، 157، 162، 164، 165،
183، 214، 224، 225، 258، 298، 299، 301،
302، 304، 305، 306، 307، 308، 309، 311،
312، 313، 315، 316، 328، 332، 334، 335،
337، 338، 339، 340، 341، 350، 355، 371،
374، 375، 395، 441، 449، 488، 490، 491،
491، 492، 504، 512، 520، 521، 522، 532،
538، 539، 540، 543، 545، 552، 555، 556،
558، 559، 560، 563، 568، 572، 587، 590،
597، 598، 603، 618، 621، 622؛ 2 / 21، 22،
29، 32، 36، 37، 45، 47، 73، 74، 75، 94، 96،
97، 114، 124، 125، 175، 183، 193، 209،
210، 213، 216، 217، 236، 241، 243، 253،
262، 269، 278، 281، 296، 297، 305، 308،
309، 310، 351، 355، 378، 385، 385، 401،
402، 407، 431، 453، 460، 482، 492، 496،
497، 500، 501، 504، 511، 516، 531، 564،
575، 594، 596، 599، 602؛ 3 / 5، 6، 37، 38،
39، 47، 48، 62، 65، 66، 69، 74، 79، 96، 97،
99، 100، 102، 104، 105، 106، 108، 109،
110، 113، 115، 116، 119، 145، 162، 163،
164، 167، 169، 191، 192، 196، 202، 203،
203، 207، 229، 246، 264، 282، 283، 284،
285، 286، 289، 290، 292، 293، 294، 299،
310، 328، 329، 335، 336، 361، 365، 371،
375، 398، 412، 413، 418، 419، 420، 424،
425، 428، 429، 430، 431، 448، 451، 454،
457، 458، 465، 467، 468، 469، 471، 475،
476، 501، 502، 503، 515، 516، 517، 518،
536، 546، 552، 554، 578، 582، 583، 584؛
4 / 5، 11، 13، 13، 14، 16، 19، 21، 22، 52،
59، 60، 102، 109، 116، 117، 118، 120،
121، 122، 123، 124، 124، 126، 127، 128،
129، 131، 132، 133، 134، 135، 149، 153،
154، 155، 156، 169، 170، 172، 173، 181،
187، 188، 189، 194، 198، 207، 242، 277،
289، 290، 291، 293، 301، 327، 329، 333،
334، 335، 339، 344، 351، 353، 355، 359،
361، 362، 363، 397، 403
الرسول الأمين، 1 / 349
ص: 494
النبيّ صلى الله عليه و آله، 1 / 79، 101، 114، 116، 137، 153،
178، 192، 222، 223، 224، 225، 258، 261،
265، 266، 301، 302، 307، 309، 321، 330،
331، 340، 354، 373، 380، 436، 449، 450،
491، 504، 520، 540، 541، 542، 554، 556،
558، 559، 560، 574، 595، 596، 607، 615،
617، 620، 625؛ 2 / 27، 45، 74، 92، 92، 94،
95، 96، 98، 103، 106، 123، 128، 171،
172، 181، 204، 234، 240، 251، 252، 253،
253، 257، 269، 284، 285، 295، 314، 331،
333، 378، 385، 403، 414، 435، 454، 460،
461، 500، 501، 502، 504، 510، 571، 581؛
3 / 6، 11، 25، 38، 66، 67، 79، 83، 93، 97،
99، 101، 104، 104، 105، 106، 115، 140،
145، 169، 216، 262، 275، 277، 282، 289،
303، 310، 311، 314، 324، 334، 334، 336،
346، 358، 362، 375، 376، 380، 381، 383،
401، 428، 429، 454، 468، 469، 470، 475،
478، 500، 501، 502، 515، 538، 580، 581؛
4 / 11، 15، 16، 22، 24، 92، 98، 102، 106،
107، 111، 118، 119، 120، 121، 125، 126،
130، 132، 134، 144، 153، 155، 156، 158،
159، 169، 172، 173، 174، 175، 187، 195،
218، 265، 266، 278، 292، 293، 297، 325،
327، 333، 334، 343، 354، 355، 358، 364،
425، 429
محمّد صلى الله عليه و آله، 1 / 102، 107، 155، 163، 169، 293،
439، 445، 538، 539، 543، 546، 600؛
2 / 29، 234، 243، 257، 275، 389، 391،
402، 426، 431، 480، 561؛ 3 / 58، 96، 102،
153، 242، 277؛ 4 / 11، 12، 91، 255، 348،
350، 351، 353، 354، 356، 358، 382، 427
محمّد بن عبداللّه صلى الله عليه و آله، 3 / 456، 4 / 187
محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب، 4 / 12
محمّد رسول اللّه ، 2 / 381، 4 / 356
علي عليه السلام، 1 / 100، 142، 223، 293، 314، 368،
393، 438، 449، 488، 520، 522، 524، 539،
540، 555، 560، 577، 597؛ 2 / 47، 49 83،
109، 125، 172، 174، 176، 243، 261، 264،
269، 313، 426، 478، 502، 595؛ 3 / 62، 96،
97، 106، 110، 113، 159، 172، 202، 264،
270، 279، 281، 283، 284، 286، 287، 288،
289، 295، 335، 388، 413، 418، 419، 454،
456، 507، 508، 525، 547، 552، 583، 584،
585؛ 4 / 7، 50، 51، 76، 99، 106، 107، 109،
128، 155، 165، 169، 170، 181، 187، 188،
198، 213، 217، 218، 316، 339، 344، 358،
367
أمير المؤمنين عليه السلام، 1 / 78، 121، 125، 219، 244،
282، 292، 293، 315، 318، 336، 351، 353،
378، 450، 451، 491، 503، 509، 540، 545،
568، 597، 612، 613، 615؛ 2 / 45، 74، 75،
83، 128، 172، 214، 215، 251، 264، 280،
311، 332، 402، 497، 500، 510، 511، 523،
566، 596، 597، 602؛ 3 / 34، 36، 38، 57،
58، 60، 63، 69، 76، 93، 95، 119، 125،
130، 132، 163، 203، 246، 252، 281، 290،
296، 306، 328، 335، 336، 340، 358، 382،
387، 400، 413، 415، 419، 420، 429، 457،
485، 526، 545، 552، 556، 581، 582، 583،
ص: 495
585؛ 4 / 5، 11، 13، 14، 22، 25، 52، 57،
107، 155، 229، 246، 248، 259، 261، 262،
263، 270، 289، 316، 345، 350
أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، 1 / 522
عليّ بن أبي طالب، 1 / 350، 540؛ 2 / 214، 280؛
3 / 66، 68، 110، 119، 469، 507، 510، 584؛
4 / 330، 425
ابن أبي طالب، 4 / 274، 4 / 327
فاطمة عليهاالسلام، 1 / 438، 488، 556، 559؛ 2 / 125،
269، 401، 402، 478؛ 3 / 281، 282، 283،
284، 287، 288، 289، 387، 403، 580، 583؛
4 / 153، 266، 344
الحسن عليه السلام، 2 / 125، 243، 302، 401، 402؛ 3 / 88،
119، 126، 259، 583؛ 4 / 99، 367
الحسن بن عليّ عليه السلام، 1 / 405 ؛ 2 / 512؛ 3 / 246؛
4 / 148، 345
الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، 4 / 142
أبو محمّد بن عليّ عليه السلام، 3 / 275
الحسين عليه السلام، 2 / 125، 161، 243، 401، 402، 487،
512، 594؛ 3 / 120، 122، 123، 127، 161،
162، 259 ، 283، 384، 583؛ 4 / 149، 181،
367
الحسين بن عليّ عليه السلام، 1 / 489؛ 3 / 123
عليّ بن الحسين، 2 / 262، 313، 566؛ 3 / 80، 246،
382؛ 4 / 333
سيّد العابدين عليه السلام، 3 / 142
الباقر عليه السلام، 2 / 37، 293، 331 ؛ 3 / 62، 252، 364 ؛
4 / 322
أبو جعفر، 1 / 130، 360، 361، 501؛ 2 / 24، 35،
46، 109، 110، 164، 165، 227، 267، 414،
547، 605؛ 3 / 65، 66، 99، 202، 210، 219،
221، 246، 254، 280، 294، 331، 334، 335،
371، 442، 465، 474، 513، 559؛ 4 / 37، 66،
67، 74، 76، 79 89، 99، 158، 164، 170،
180، 181، 219، 310، 322، 424
أبو جعفر الباقر، 3 / 94؛ 4 / 333، 358
محمّد بن عليّ الباقر، 3 / 115
محمّد بن عليّ عليهماالسلام، 3 / 135، 491
الصادق عليه السلام، 1 / 376، 537، 609؛ 2 / 40، 41، 49،
160، 170، 194، 467؛ 3 / 49، 62، 82، 83،
197، 198، 211، 251، 252، 264، 286، 299،
364، 386، 408، 494؛ 4 / 25، 127، 129،
131، 141، 158، 189، 308، 322، 324، 333،
411
أبو عبداللّه عليه السلام، 1 / 109، 110، 121، 185، 225 258،
350، 353، 387، 405، 543، 612، 624؛
2 / 80، 85، 97، 108، 110، 118، 119، 128،
131، 134، 135، 157، 161، 162، 164، 174،
193، 226، 231، 244، 262، 302، 308، 324،
351، 378، 385، 401، 447، 456، 458، 460،
471، 482، 514، 522، 566، 571، 583، 605،
606؛ 3 / 37، 38، 39، 39، 41، 43، 59، 60،
61، 62، 63، 64، 65، 66، 68، 69، 70، 71، 71،
102، 129، 132، 132، 158، 161، 162، 196،
198، 229، 241، 245، 246، 246، 255، 274،
275، 278، 319، 322، 342، 354، 356، 364،
372، 373، 375، 377، 388، 400، 401، 408،
409، 412، 413، 414، 415، 416، 418، 419،
425، 444، 453، 496، 498، 501، 502، 513،
516، 520، 565، 585؛ 4 / 32 ، 43، 69، 76،
ص: 496
95، 117، 125، 135، 153، 162، 169، 174،
289، 310، 322، 329، 335، 345، 370
جعفر بن محمّد الصادق ، 3 / 96، 115، 494
جعفر بن محمّد بن علي، 3 / 365
الكاظم عليه السلام، 3 / 64، 69 ؛ 4 / 208، 209
موسى بن جعفر عليهماالسلام، 3 / 69؛ 4 / 11، 207، 208،
209
أبو إبراهيم عليه السلام، 3 / 36
أبو الحسن موسى عليه السلام، 2 / 119؛ 3 / 37
أبو الحسن عليه السلام، 1 / 112؛ 2 / 78، 83؛ 3 / 39، 49،
215، 216، 357، 567 ؛ 4 / 96، 208
أبو الحسن الأوّل، 3 / 380، 4 / 103
العبد الصالح عليه السلام، 3 / 342
الرضا عليه السلام، 1 / 158، 557؛ 2 / 40، 258، 389، 452،
459؛ 3 / 38، 63، 68، 584؛ 4 / 38، 46، 75،
92، 208، 209، 358، 367
أبو الحسن الرضا عليه السلام، 2 / 129؛ 3 / 37
أبو الحسن الثاني عليه السلام، 3 / 39
الجواد عليه السلام، 3 / 176
الهادي عليه السلام، 1 / 553؛ 3 / 176
أبو الحسن العسكري عليه السلام، 3 / 39
عليّ بن محمّد العسكري عليه السلام، 3 / 182
العسكري عليه السلام، 4 / 194
الحسن العسكري عليه السلام، 1 / 223
الحسن العسكري أبو محمّد عليه السلام، 4 / 141
المهديّ عليه السلام، 1 / 407، 588، 589، 590؛ 2 / 49، 49،
92، 93، 227، 293، 503؛ 3 / 134، 311، 332،
365؛ 4 / 429
الصاحب عليه السلام، 1 / 406، 493؛ 2 / 25، 51، 92، 292،
505، 584؛ 3 / 135، 208، 209، 441، 454،
495 ؛ 4 / 7
صاحب الزمان عليه السلام، 4 / 17
صاحب الأمر عليه السلام، 1 / 577، 1 / 585
القائم عليه السلام، 1 / 369، 488، 488، 492، 588، 589،
591، 603؛ 2 / 67، 85، 293، 502، 503، 505،
531، 591، 607؛ 3 / 93، 102، 121، 122،
129، 131، 132، 191، 205، 346، 439، 441،
545، 546، 547 ؛ 4 / 32، 52، 63، 149، 284،
286
قائم المنتظر عليه السلام، 2 / 590
آدم عليه السلام، 1 / 437، 450، 458، 449، 450، 462، 512؛
2 / 62، 90، 224، 227، 229، 231، 232، 233،
234، 235، 236، 239 ، 380، 475؛ 142؛
3 / 153، 182، 245، 260، 261، 262، 263،
264، 328، 337، 361، 417، 479 ، 523، 525،
538؛ 4 / 84، 91، 98، 303، 340، 344
حوّاء عليهاالسلام، 3 / 262، 263
إبراهيم، 1 / 79، 97، 556؛ 2 / 106، 237، 238،
239، 249، 249، 383، 383، 387، 572؛
3 / 66، 69، 256، 303، 338، 379، 494، 563،
582؛ 4 / 36، 37، 38، 39، 45، 46، 67، 68،
96، 102، 139، 141، 287، 303، 303، 304،
307، 308، 308، 309، 310، 311، 311، 312،
312، 313، 316، 316، 317، 318، 319، 320،
340، 357، 358، 358، 362، 363، 416، 419،
420، 425
إدريس عليه السلام، 2 / 62، 232، 235، 249؛ 3 / 68، 69
إسحاق عليه السلام، 1 / 615؛ 2 / 241؛ 4 / 140، 362
إسرافيل عليه السلام، 2 / 18؛ 4 / 312
إسماعيل عليه السلام، 1 / 615؛ 2 / 237، 241؛ 3 / 82، 198،
ص: 497
303، 364؛ 4 / 320، 421، 358، 362
حزقيل عليه السلام، 3 / 88، 89، 90
الخضر عليه السلام، 2 / 366، 4 / 246
داود عليه السلام، 1 / 97؛ 2 / 407؛ 3 / 67، 94، 95، 119؛
4 / 89، 95، 96، 97، 98
زكريّا بن يحيى، 2 / 109؛ 3 / 118
سليمان عليه السلام، 2 / 304، 341، 413، 3 / 559، 560
شمعون نبيّ، 3 / 89
شيث عليه السلام، 2 / 231
صالح عليه السلام، 1 / 343، 503، 612، 3 / 20
عزير عليه السلام، 3 / 130؛ 4 / 363
عيسى، 1 / 97، 433، 437، 488، 537، 538، 539،
540، 589، 603؛ 2 / 93، 241، 257، 325،
327، 340، 345، 355، 373، 381، 406، 410،
505، 561؛ 3 / 94، 95، 118، 130 ، 213، 462،
463، 468، 469، 476 ، 477، 478؛ 4 / 7، 11،
12، 14، 22، 102، 287، 362، 363، 382، 427
لوط عليه السلام، 2 / 238، 249 ؛ 3 / 582؛ 4 / 145، 312،
317
موسى، 1 / 97، 312، 343، 349، 434، 436، 437،
443، 446، 451، 453، 455، 462، 464، 465،
466، 472، 474، 478، 481، 482، 484، 587؛
2 / 239، 241، 243، 249، 304، 307، 341،
358، 366، 459؛ 3 / 69، 88، 210، 582؛
4 / 90، 91، 94، 97، 99، 99، 117، 208، 287،
362
نوح، 1 / 97، 350، 502؛ 2 / 62، 232، 234، 235،
236، 239، 241، 249؛ 3 / 181، 297، 457،
523، 525، 526، 527، 530، 532، 533، 535،
537، 538، 582؛ 4 / 102، 340، 362، 386،
420
هارون عليه السلام، 1 / 312، 349، 463، 587؛ 2 / 241،
249؛ 3 / 69، 582؛ 4 / 91، 99، 208، 208،
362
هود عليه السلام، 1 / 343 ، 615 ؛ 2 / 238
يحيى عليه السلام، 2 / 369، 436؛ 3 / 118
يعقوب، 1 / 97، 493؛ 2 / 418، 503؛ 4 / 140، 362
يوسف عليه السلام، 1 / 97؛ 2 / 132، 162، 239، 243، 458،
459، 502، 503، 554؛ 3 / 91، 340 ؛ 4 / 172،
255، 318
يوشع بن نون، 2 / 243؛ 3 / 63، 88؛ 4 / 94، 98
يونس عليه السلام، 1 / 512؛ 2 / 119، 120، 249؛ 3 / 37
روح القدس جبرئيل عليه السلام
جبرئيل عليه السلام، 1 / 169، 223، 309، 339، 347، 450،
542، 543، 622؛ 2 / 21، 73، 74، 130، 171،
209، 210، 233، 234، 297، 314، 367، 368،
402، 500، 502؛ 3 / 6، 132، 192، 263، 264،
373، 417، 454، 476، 484، 485، 513، 584؛
4 / 108، 110، 126، 139، 142، 145، 147،
293، 311، 312، 359
عزرائيل عليه السلام، 3 / 91
ميكائيل عليه السلام، 4 / 312، 359
ب _ الأشخاص
آزر، 4 / 303، 304
آصف بن برخيا، 3 / 559
آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب،
4 / 21
إبراهيم، 1 / 79، 97، 556؛ 2 / 106، 237، 238،
239، 249، 249، 383، 383، 387، 572؛
ص: 498
3 / 66، 69، 256، 303، 338، 379، 494، 563،
582؛ 4 / 36، 37، 38، 39، 45، 46، 67، 68،
96، 102، 139، 141، 287، 303، 303، 304،
307، 308، 308، 309، 310، 311، 311، 312،
312، 313، 316، 316، 317، 318، 319، 320،
340، 357، 358، 358، 362، 363، 416، 419،
420، 425
إبراهيم بن أخي أبي شبل، 3 / 274
إبراهيم بن عبداللّه بن محمّد بن علي بن عبداللّه بن
عبّاس بن عبد المطّلب، 3 / 494
إبراهيم بن عثمان، 1 / 549
إبراهيم بن عمر اليماني، 1 / 549
إبراهيم بن هاشم، 1 / 75؛ 2 / 385؛ 3 / 323، 324؛
4 / 81
إبراهيم الكرخي، 3 / 585
إبراهيم النخعي، 1 / 109؛ 4 / 187
ابن اُبيّ، 3 / 476
ابن ابي عقيل، 1 / 118
ابن إدريس، 2 / 571؛ 3 / 292
ابن اُسامة بن زيد بن شرحبيل الكلبي، 4 / 155
ابن إسحاق، 4 / 187، 188، 325
ابن الأثير الجزري
ابن الأعرابي، 2 / 149؛ 4 / 288
ابن الانباري، 4 / 182
ابن أبي اُحيحة، 1 / 617
ابن أبي الحديد، 1 / 251، 293، 581، 609؛ 2 / 209؛
3 / 105، 108، 287، 289، 580؛ 4 / 252، 255،
398
ابن أبي سرح، 3 / 101
ابن أبي طالب، 4 / 274، 4 / 327
ابن أبي عَقِب، 2 / 583
ابن أبي عمير، 2 / 119، 131؛ 3 / 64، 585؛ 4 / 373
ابن أبي العوجاء، 4 / 43
ابن أبي ليلى، 2 / 262
ابن أبي نصر، 3 / 28
ابن بابويه، 1 / 150؛ 2 / 41؛ 3 / 255، 412؛ 4 / 358
ابن البتول، 1 / 438، 439
ابن بريدة، 3 / 110
ابن جريج، 3 / 89
ابن جريح، 4 / 39
ابن جعشم، 3 / 431
ابن جُلاّح، 1 / 617
ابن الجنيد، 2 / 40؛ 3 / 83، 167
ابن داود، 1 / 489
ابن دريد، 3 / 409
ابن الزبعرى، 1 / 539
ابن الزبير الخلقاني، 3 / 167
ابن زياد، 2 / 512
ابن زيد، 4 / 357، 359
ابن السرّاج، 4 / 209
ابن سعد، 3 / 364
ابن السكّيت، 2 / 328؛ 3 / 34، 37، 269، 270، 401،
534؛ 4 / 305، 399
ابن سلام، 1 / 450
ابن سنان، 1 / 296
ابن سيرين، 3 / 110
ابن سينا، 3 / 233
ابن شبّر، 2 / 269
ابن شبير، 2 / 269
ابن شعبة، 3 / 286
ص: 499
ابن صعب، 1 / 213
ابن صهّاك، 3 / 286
ابن الطاووس، 2 / 40 ، 267؛ 3 / 68
ابن عامر، 3 / 130، 201؛ 4 / 361
ابن عبّاس، 1 / 545؛ 2 / 257، 261، 389، 421،
433؛ 3 / 6، 89، 94، 99، 102، 106، 116،
172، 289، 334، 355، 356، 359، 372، 414،
499، 512، 525؛ 4 / 20، 35، 37، 38، 51، 60،
75، 92، 99، 122، 165، 182، 187، 289،
339، 343، 344، 355، 356
ابن عبد البرّ، 4 / 107
ابن عبد الرحمن بن ورقاء، 3 / 11
ابن عجلان، 2 / 605
ابن العجوز، 3 / 88
ابن العربي، 2 / 93
ابن عمر، 2 / 204، 257
ابن عمران، 1 / 446
ابن عيسى، 3 / 576؛ 4 / 348
ابن فضّال، 1 / 75؛ 4 / 229
ابن قتيبة، 1 / 259؛ 3 / 289؛ 4 / 51
ابن قميئة، 1 / 108
ابن قياما، 4 / 208 ، 209
ابن قيس الأنصاري، 4 / 126
ابن كثير، 2 / 137؛ 3 / 112، 130، 374؛ 4 / 178
ابن كيسان، 3 / 23
ابن مالك، 1 / 526؛ 2 / 382، 564؛ 3 / 227، 431،
482
ابن محمّد الأشعري، 3 / 402
ابن المخارق بن عبد الرحمن بن ورقاء بن حبشي
بن جنادة أبو جنادة السلولي، 3 / 11
ابن مريم، 2 / 354
ابن مسعود، 2 / 261، 413؛ 3 / 372
ابن مسكان، 2 / 605؛ 3 / 360
ابن ملجم، 2 / 511
ابن ميثم، 1 / 227، 278، 596، 608، 612؛ 4 / 252،
397
ابن نافع، 4 / 219
ابن هشام، 4 / 217
ابن الهُون بن خزيمة أبو قبيلة، 1 / 625
ابن يزيد، 3 / 89
ابن يسار، 3 / 372
ابن يشجب بن يعرب بن قحطان، 4 / 66
اُبيّ، 4 / 336
الآبيّ، 2 / 93؛ 3 / 83، 282، 409
اُبيّ بن خلف، 3 / 465
اُبيّ بن كعب، 3 / 501؛ 4 / 132، 356، 359
الأخفش، 1 / 276، 288؛ 2 / 70، 232، 350، 410،
513؛ 4 / 173، 217، 266، 288، 340
الأخنس بن شريق الثقفي، 3 / 554؛ 4 / 131
الأردبيلي، 3 / 578
الأزهري، 3 / 463؛ 4 / 288
اُسامة، 3 / 580
الإسترآبادي، 1 / 114، 115، 132، 147، 150،
192، 380، 405، 543، 562، 578، 589، 600،
608، 615؛ 2 / 49، 62، 72، 89، 92، 165،
168، 242، 252، 314، 326، 462، 466، 467؛
3 / 29، 134، 139، 161، 198، 251، 311،
542؛ 4 / 17، 24، 45، 83، 133، 274، 303،
365
إسحاق بن موسى، 3 / 582
إسماعيل بن أبان، 2 / 266
ص: 500
إسماعيل بن أبي رافع، 2 / 257
إسماعيل بن جابر، 1 / 129
إسماعيل بن الحسن المتطبّب، 3 / 43
إسماعيل بن داود، 2 / 40
إسماعيل بن الصادق عليه السلام، 3 / 197
إسماعيل بن عبد الخالق، 4 / 345
إسماعيل بن الفضل بن يعقوب الهاشميّ، 3 / 226
إسماعيل بن مجالد، 3 / 288
إسماعيل بن مَخْلَد، 1 / 129
إسماعيل بن مسلم، 3 / 26
إسماعيل بن مهران، 2 / 586
الأشعث بن قيس الكندي أبو محمّد،1 / 622؛
2 / 510، 511؛ 3 / 582، 583
اشمويل، 4 / 96، 97، 98
الأصبغ، 2 / 465
اصطفاني، 1 / 331
الأصمعي، 1 / 444؛ 3 / 65، 271، 425؛ 4 / 67،
145، 390
الأعشى، 3 / 96
الأعمش، 1 / 539؛ 3 / 526؛ 4 / 336
إلياس، 2 / 293
اُمّ جميل، 3 / 509، 3 / 511
اُمّ خالد، 2 / 215
اُمّ سلمة، 2 / 460، 461؛ 3 / 583، 584
اُمّ فروة، 2 / 510؛ 3 / 161
اُمّ الفضل بنت الحارث، 3 / 108
اُمّ معبد، 1 / 261
اُمّ موسى، 4 / 98
اُمّه سَلمى، 1 / 377
اُمّ يحيى، 2 / 369
اُميّة، 1 / 498
اُميّة بن أبي حذيفة بن المغيرة، 2 / 175
اُميّة بن أبي الصلت، 4 / 127
اُوْرمة، 3 / 251
أبان بن أبي عيّاش، 1 / 549
أبان بن تغلب، 3 / 59، 61، 71
أبان بن سعيد بن العاص بن اُميّة بن عبد شمس
الأموي، 4 / 119، 125
أبان بن عثمان بن العاص، 2 / 109، 110؛ 4 / 126
أبرش الكلبي، 2 / 134، 135
أبو إبراهيم عليه السلام، 3 / 36
أبو اُحيحة، 1 / 617
أبو إسحاق، 4 / 51
أبو الأعزّ، 1 / 539
أبو الأعور، 2 / 501
أبو أيّوب الخزّاز، 1 / 549
أبو البختري، 3 / 104، 105
أبو بصير بن أسيد ابن جارية الثقفي ، 1 / 85 ، 386 ،
387، 491، 494، 537، 543، 624 ؛ 2 / 38، 40،
109، 110، 164، 165، 324، 325 ؛ 3 / 38، 71،
210، 229، 254، 372، 501، 549، 559؛
4 / 131، 132 ، 133
أبو بطن، 1 / 213
أبو بكر، 1 / 340، 377، 493، 560، 617؛ 2 / 510؛
3 / 96، 163، 228، 248، 279، 281، 283،
284، 285، 286، 287، 288، 289، 331، 427،
428، 429، 465، 580، 582؛ 4 / 5، 7، 165،
173، 186، 187، 189، 198، 200، 202، 361
أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري، 3 / 287
أبو بكر الباهلي، 3 / 288
ص: 501
أبو بكر بن أبي قحافة، 3 / 113
أبو بكر بن محمّد، 3 / 557
أبو بكر الحضرمي، 3 / 335؛ 4 / 69، 307
أبو بكر عبد العزّى، 3 / 113
أبو تراب، 2 / 47؛ 4 / 162
أبو جعفر الطوسي، 1 / 149، 191؛ 2 / 40؛ 3 / 481،
498؛ 4 / 42
أبو جعفر عبداللّه بن محمّد، 3 / 137
أبو جعفر المنصور الدوانيقي، 1 / 403؛ 2 / 79؛
3 / 137، 141، 157، 494؛ 4 / 57، 192، 193
أبو جندل بن سهيل بن عمرو، 4 / 130، 131، 132،
134
أبو جهل بن هشام، 1 / 543؛ 2 / 175؛ 3 / 96، 97،
106؛ 4 / 364
أبو حازم المدني، 4 / 187
أبو حذيفة، 2 / 501؛ 3 / 285؛ 4 / 167
أبو الحرث بن كعب، 1 / 360
أبو الحسين، 1 / 292
أبو الحصين، 3 / 61
أبو الحمراء بن سفيان، 2 / 209
أبو حمزة الثمالي، 1 / 343، 501؛ 3 / 245؛ 4 / 345
أبو حنيفة، 1 / 109، 563؛ 4 / 69، 174، 303
أبو حيّ، 1 / 213، 557؛ 2 / 295
أبو خالد، 3 / 202
أبو خديجة، 2 / 482
أبو الخطّاب، 3 / 214؛ 4 / 33
أبو داود، 2 / 93؛ 4 / 97
أبو داود المازني، 3 / 105
أبو دُجانة، 4 / 106، 107
أبو الدرداء، 2 / 76، 77، 580
أبو الدوانيق، 3 / 138
أبو الدواهى، 2 / 501
أبو ذرّ، 1 / 378؛ 2 / 282؛ 3 / 124، 125، 126، 127،
190، 196، 198، 281، 282، 283، 286، 376،
583؛ 4 / 10، 11، 55، 397
أبو ذرّ الغفاري، 2 / 295؛ 3 / 125، 335
أبو روق، 3 / 89
أبو زرجمهر، 3 / 493
أبو زيد، 1 / 325، 466؛ 2 / 301، 534، 536؛ 3 / 51،
425
أبو السرايا، 3 / 403
أبو سعيد، 3 / 38
أبو سعيد الخدري، 1 / 296؛ 2 / 407؛ 3 / 38؛
4 / 289
أبو سفيان بن حرب، 1 / 108؛ 3 / 213 ، 336، 468،
476، 496، 509؛ 4 / 19، 110، 120، 121،
131، 133، 397
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، 3 / 471
أبو سلمة سالم بن مكرم الجمّال، 3 / 214
أبو شبل، 3 / 275، 388
أبو الشرور، 2 / 501
أبو الشعثاء بن سفيان، 2 / 209
أبو صادق، 1 / 539
أبو صالح، 3 / 96
أبو الصبّاح، 2 / 465
أبو الصلاح، 2 / 40، 571
أبو الصلت الهروي، 2 / 129
أبو طالب، 3 / 135، 140؛ 4 / 22، 187، 358
أبو طالب الطبرسي، 3 / 61، 581
أبو الطفيل، 2 / 212؛ 4 / 66
ص: 502
أبو عاد، 2 / 237
أبو العاص بن الربيع، 4 / 144
أبو العبّاس، 3 / 414؛ 4 / 20
أبو العبّاس بن نوح، 3 / 68
أبو العبّاس السفّاح، 3 / 522
أبو عبداللّه الآبي، 1 / 560؛ 3 / 281
أبو عبد اللّه الجدلي، 4 / 345
أبو عبد اللّه الجعفي، 4 / 366
أبو عبد اللّه نافع بن سَرْجس، 2 / 256
أبو عبد الرحمن السلمي، 3 / 65؛ 4 / 333
أبو عبيد، 2 / 206، 475؛ 3 / 65، 167؛ 4 / 203
أبو عبيدة بن الجرّاح، 1 / 446، 545، 546، 609؛
2 / 18، 212، 501؛ 3 / 285، 288، 467، 471؛
4 / 118، 143، 167، 288
أبو عثمان، 1 / 609
أبو العطّار، 3 / 363
أبو عليّ، 3 / 72، 97
أبو عليّ الأشعري، 1 / 617؛ 3 / 131
أبو عليّ الجبائي، 2 / 225؛ 3 / 72 ، 97 ؛ 4 / 349
أبو علي سينا، 1 / 292
أبو عمر، 4 / 361
أبو عمرو، 1 / 213، 466، 493؛ 2 / 240، 534؛
3 / 112
أبو عمرو الأوزاعي، 1 / 213
أبو عمرو بن العلاء، 2 / 475
أبو عمرو بن عماس، 3 / 287
أبو عمرو محمّد بن عبد الواحد الزاهد اللغوي
غلام ثعلب، 2 / 209
أبو الفصيل، 3 / 113
أبو الفضل، 3 / 331
أبو القاسم الحسكاني، 2 / 172؛ 3 / 72، 110، 202؛
4 / 17، 51
أبو قبيلة، 1 / 621
أبو قحافة، 1 / 338
أبو قيس بن الفاكهة بن المغيرة، 2 / 175
أبو قيس بن الوليد، 2 / 175
أبو لهب، 3 / ، 509، 510
أبو لهب أعور، 3 / 140
أبو محمّد، 1 / 387، 391؛ 3 / 71، 479
أبو المستهلّ، 3 / 363
أبو مسلم المروزي، 1 / 576، 577، 578، 580؛
2 / 162؛ 3 / 121، 122، 493، 494، 574؛
4 / 152، 309، 356
أبو المعازف، 2 / 501
أبو المقدام ثابت الحدّاد، 2 / 164
أبو منصور على ثابت بن دينار، 2 / 256
أبو موسى الأشعري، 2 / 501
أبو مهران، 3 / 470
أبو هذيل، 2 / 225
أبو هريرة، 2 / 93، 96، 98، 261
أبو الهَيثم بن التَّيِّهان، 1 / 358
أبو يحيى، 3 / 462
أبو يزيد، 3 / 96، 106
أبو يعقوب، 4 / 216
أبي الجارود، 4 / 103
أحمد، 2 / 108
أحمد بن إسحاق الأشعري، 2 / 205، 287
أحمد بن بشر السرّاج، 4 / 209
أحمد بن حنبل، 3 / 290
أحمد بن سيّار، 3 / 287
ص: 503
أحمد بن عبد العزيز، 3 / 288
أحمد بن محمّد، 1 / 543؛ 2 / 266؛ 3 / 331، 434،
462 ، 486، 506 ، 576؛ 4 / 80، 229
أحمد بن محمّد بن خالد، 2 / 606؛ 3 / 576
أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري القمّي،
2 / 459؛ 3 / 64، 175، 176؛ 4 / 96
أحمد بن محمّد بن عيسى القسري، 3 / 175
أحمد بن هلال، 3 / 402
أحمد بن يحيى، 3 / 96
أحمد محمّد الأمين، 1 / 441
أخنس بن شريق، 3 / 96؛ 4 / 131
أزهر بن عبد عوف، 4 / 132
أسباط، 2 / 243
أسد، 1 / 626
أسعد أبو كرب، 4 / 61
أسيد بن حصين، 3 / 285
أسيد بن حضير، 3 / 287
أشعث بن قيس، 3 / 582
أمين [العباسي]، 2 / 585
أنس بن مالك، 1 / 108؛ 2 / 212، 261؛ 3 / 336،
476؛ 4 / 66، 107، 188
أنس بن النضر، 1 / 108، 389؛ 3 / 336، 476؛ 4 / 51
أنوشيروان، 4 / 194
البارحة، 3 / 470
بازان، 3 / 470
بخت نصر، 2 / 25؛ 3 / 118، 119
البراء بن عازب، 3 / 164
البرقي، 2 / 482؛ 3 / 363
البزنطي، 4 / 311
بشر بن البراء بن معرور، 2 / 385؛ 4 / 60
بشر بن سعد الخزرجي، 1 / 546
بشير بن سعد، 2 / 426؛ 3 / 285، 288
البَغَوي، 1 / 544؛ 3 / 466
بكر بن زيد بن مناة، 4 / 136
بكر بن صالح، 4 / 80
بكر بن عبد مناف بن كنانة من الحرب، 512
بكر بن محمّد، 2 / 205
البلخي، 3 / 513
بلعم بن باعور، 1 / 343
بلقيس، 4 / 66، 427
بهمن بن اسفنديار، 3 / 119
بيّاع السابري، 3 / 70
البيضاوي، 1 / 84، 85، 96، 99، 108، 111، 114،
126، 128، 130، 139، 142، 143، 185، 188،
190، 224، 254، 296، 306، 308، 313، 314،
319، 323، 334، 343، 346، 347، 349، 354،
367، 368، 386، 389، 391، 392، 393، 394،
396، 426، 492، 493، 494، 496، 506، 513،
523، 525، 531، 538، 540، 542، 544، 562،
563، 570، 581؛ 2 / 12، 16، 17، 18، 20، 21،
24، 25، 26، 27، 38، 62، 70، 82، 97، 113،
114، 120، 122، 124، 135، 136، 137، 138،
145، 151، 153، 154، 155، 157، 158، 159،
161، 162، 167، 172، 173، 174، 191، 207،
223، 226، 228، 236، 237، 238، 240، 241،
248، 249، 250، 254، 261، 278، 279، 284،
305، 325، 327، 362، 365، 368، 372، 377،
381، 384، 400، 405، 406، 409، 413، 414،
417، 419، 420، 430، 451، 455، 456، 463،
468، 472، 473، 484، 489، 496، 504، 516،
ص: 504
531، 549، 561، 562، 569، 570، 586، 589،
593، 595، 597، 598، 607؛ 3 / 5، 20، 21،
27، 87، 91، 92، 94، 95، 110، 112، 115،
116، 118، 122، 127، 130، 155، 172، 179،
181، 192، 193، 201، 229، 241، 243، 252،
298، 312، 313، 336، 347، 351، 354، 355،
359، 362، 368، 372، 373، 378، 381، 383،
384، 395، 428، 449، 451، 463، 465، 466،
475، 476، 477، 484، 502، 503، 510، 522،
523، 524، 525، 526، 533، 536، 538، 541،
543، 544، 545، 546، 547، 548، 551، 552،
554، 558، 559، 563؛ 4 / 17، 23، 35، 43،
44، 45، 51، 59، 66، 67، 73، 74، 76، 89، 90،
91، 92، 93، 104، 140، 146، 148، 152،
157، 165، 168، 169، 170، 179، 180، 181،
206، 207، 218، 266، 281، 288، 311، 336،
337، 340، 346، 347، 348، 349، 350، 351،
352، 353، 355، 356، 361، 362، 363، 364،
384، 403، 427، 428
تارخ، 4 / 303
تغلب بن وائل، 1 / 557
التفتازاني، 3 / 212
ثعلب، 3 / 98، 487
الثمالي، 2 / 297
ثمامة بن اُثال ابن النعمان الحنفي، 4 / 15
ثمود بن عامر بن إرم بن سام، 1 / 343
ثَمود بن عَبوّد، 1 / 343
الثوري، 1 / 109
جابر بن عبداللّه الأنصاري، 3 / 164؛ 4 / 37، 424،
187
جابر بن يزيد، 1 / 213
جالوت الجزري، 1 / 376؛ 3 / 119؛ 4 / 95، 96، 97،
98
جالينوس، 3 / 237
الجبّائي، 3 / 99، 513؛ 4 / 182
الجدري، 3 / 496
جَذِيمة أسد، 1 / 626
جرّاح بن قبيصة الأسدي الخارجي، 3 / 119
الجزري، 1 / 89، 120، 123، 133، 174، 176،
389، 404، 413، 416، 439، 459، 480، 485،
555، 561، 577، 583، 597، 598، 605، 607،
614، 618، 619، 620، 623؛ 2 / 34، 44، 47،
58، 65، 70، 76، 77، 86، 91، 180، 181،
214، 227، 295، 311، 342، 387، 396، 408،
431، 438، 464، 509، 547، 568، 580، 597؛
3 / 17، 21، 30، 80، 81، 86، 165، 339، 410،
427؛ 4 / 57، 71، 96، 108، 116، 118، 124،
125، 134، 153، 156، 173، 187، 238، 263،
268، 275، 280، 298، 316، 317، 326، 328،
331، 377، 391، 397
جعدة، 2 / 512
جعفر بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن
عبد مناف، 1 / 488، 556؛ 3 / 25، 428، 457؛
4 / 330، 181، 329
جعفر بن مبشر، 2 / 225
جعفر بن محمّد، 1 / 609؛ 2 / 385؛ 3 / 62، 176،
212، 213، 582
جعفر بن محمّد بن علي، 3 / 365
جماعة، 3 / 513
جمد بن معدي، 1 / 622
ص: 505
جميل، 2 / 119 ؛ 3 / 66
جنادة بن عوف الكناني، 1 / 623؛ 3 / 10
جنادة بن مليحة، 3 / 105
جندب بن جنادة الغفاري، 3 / 124
جندل الخزاعي، 3 / 415
الجوهري، 1 / 75، 81، 83، 88، 89، 93، 96، 107،
114، 118، 120، 121، 122، 123، 127، 129،
130، 140، 143، 146، 147، 148، 151، 159،
175، 176، 179، 180، 183، 189، 190، 194،
198، 199، 200، 201، 227، 229، 230، 232،
236، 241، 242، 250، 254، 255، 256، 259،
261، 262، 265، 266، 269، 271، 274، 276،
277، 283، 284، 285، 287، 288، 293، 294،
295، 296، 297، 298، 299، 300، 301، 302،
304، 305، 306، 307، 308، 311، 313، 315،
316، 319، 320، 321، 322، 323، 324، 325،
326، 328، 329، 331، 332، 333، 334، 335،
338، 341، 342، 343، 345، 347، 348، 349،
351، 352، 353، 354، 364، 365، 367، 368،
369، 370، 375، 378، 379، 380، 385، 387،
388، 390، 395، 403، 407، 410، 411، 413،
417، 421، 426، 432، 433، 434، 436، 437،
438، 440، 442، 444، 446، 448، 449، 450،
454، 458، 460، 465، 466، 479، 482، 484،
488، 492، 494، 502، 503، 504، 510، 511،
513، 517، 523، 524، 525، 526، 535، 542،
550، 551، 554، 555، 557، 560، 575، 578،
582، 583، 584، 586، 594، 597، 601، 603،
607، 611، 612، 613، 617، 619، 621، 622،
626، 632؛ 2 / 7، 15، 16، 17، 18، 23، 28،
33، 35، 36، 42، 44، 62، 70، 72، 74، 78، 79،
80، 84، 86، 98، 100، 113، 114، 121، 122،
127، 138، 146، 147، 148، 149، 151، 152،
153، 154، 155، 157، 166، 170، 172، 175،
176، 180، 181، 184، 185، 187، 194، 196،
197، 199، 201، 203، 204، 206، 207، 212،
213، 215، 227، 232، 233، 235، 242، 251،
260، 267، 278، 279، 282، 290، 291، 292،
293، 295، 296، 301، 302، 307، 310، 312،
313، 325، 329، 341، 342، 343، 348، 349،
350، 352، 353، 359، 363، 365، 370، 371،
373، 374، 375، 381، 384، 385، 387، 391،
392، 394، 396، 400، 404، 408، 409، 410،
412، 414، 415، 427، 429، 430، 434، 435،
443، 445، 446، 453، 454، 455، 458، 466،
469، 474، 475، 480، 481، 486، 494، 498،
505، 508، 513، 516، 518، 523، 531، 533،
534، 535، 536، 539، 540، 541، 542، 547،
548، 553، 556، 557، 558، 559، 567، 568،
570، 571، 573، 575، 577، 579، 580، 581،
584، 588، 589، 595، 600، 605؛ 3 / 10، 12،
16، 22، 23، 25، 26، 28، 30، 31، 32، 34، 35،
37، 41، 42، 44، 47، 49، 50، 51، 52، 56، 57،
65، 68، 78، 80، 81، 82، 83، 89، 91، 98،
102، 106، 107، 113، 120، 125، 127، 128،
129، 130، 132، 133، 138، 139، 140، 145،
146، 147، 148، 149، 151، 153، 154، 155،
157، 159، 161، 164، 166، 167، 168، 169،
170، 173، 174، 175، 176، 180، 181، 183،
188، 190، 191، 192، 201، 205، 207، 212،
ص: 506
215، 220، 221، 222، 224، 227، 231، 232،
237، 241، 242، 243، 247، 250، 253، 254،
256، 260، 267، 269، 270، 271، 272، 274،
275، 276، 280، 291، 313، 316، 320، 322،
325، 331، 332، 333، 334، 341، 344، 345،
346، 347، 352، 361، 366، 370، 379، 387،
391، 392، 394، 395، 397، 398، 401، 410،
411، 412، 421، 422، 423، 424، 425، 426،
428، 430، 431، 432، 433، 436، 444، 450،
455، 456، 464، 471، 472، 475، 485، 487،
507، 508، 509، 510، 511، 515، 516، 517،
518، 520، 524، 525، 526، 534، 535، 540،
544، 549، 551، 553، 563، 567، 572، 574،
576؛ 4 / 6، 15، 27، 28، 31، 32، 33، 35، 36،
48، 51، 57، 61، 62، 67، 68، 70، 71، 73، 77،
82، 83، 84، 86، 90، 100، 108، 111، 118،
120، 121، 124، 125، 127، 129، 141، 142،
143، 145، 154، 167، 169، 172، 173، 188،
196، 200، 201، 203، 212، 216، 217، 218،
230، 233، 237، 239، 243، 244، 246، 247،
248، 257، 258، 259، 262، 264، 265، 266،
268، 271، 274، 275، 279، 281، 285، 288،
290، 297، 299، 305، 309، 310، 313، 318،
319، 321، 330، 331، 340، 373، 375، 377،
378، 387، 388، 389، 390، 391، 392، 395،
396، 397، 399، 401، 402، 406، 407، 408،
409، 413، 416، 419، 425، 427
الحارث، 3 / 413، 512
حارث بن أبي شمر الغسّاني، 3 / 471
الحارث بن الحكم، 1 / 559
الحارث بن عمرو الفهري، 1 / 540
الحارث بن عوف، 3 / 520
الحارث بن معاوية، 1 / 622
الحارث بن هشام، 3 / 512
حاطب بن أبي بلتعة، 3 / 471
حُبشي، 3 / 11
الحبيش بن علقمة الكناني، 4 / 119
الحجّاج، 2 / 164؛ 3 / 122، 415؛ 4 / 308
حُجر بن زائدة، 4 / 321، 322
حجر بن عديّ، 2 / 511
حديد بن حكيم الأزدي، 3 / 424
حذيفة، 3 / 516
حذيفة بن منصور، 3 / 39
حذيفة بن اليماني، 1 / 378؛ 2 / 500، 501
حسّان بن ثابت بن المنذر بن عمرو بن النجّار
الأنصاري، 2 / 171
الحسن، 3 / 94، 102، 110، 372، 513، 537؛
4 / 39، 182، 356، 357، 359
الحسن البصري، 2 / 212؛ 4 / 66
الحسن بن أحمد، 2 / 110
الحسن بن الجهم، 2 / 389
حسن بن سهل، 3 / 63، 403
الحسن بن عليّ بن فضّال، 2 / 85، 459؛ 4 / 141
الحسن بن عمر، 3 / 71
الحسن بن محبوب، 1 / 546؛ 2 / 108، 416، 456؛
3 / 324، 479، 483
الحسن بن محمّد، 1 / 75
الحسني، 3 / 207، 209، 210؛ 4 / 63
الحسين بن محمّد الأشعري، 1 / 525
الحسين بن أحمد بن هلال، 3 / 402؛ 4 / 322
ص: 507
الحسين بن خالد، 2 / 452) 3 / 357؛ 4 / 92
الحسين بن سعيد، 2 / 262
الحسين بن قياما، 4 / 207
الحسين بن النضر الفِهري، 1 / 213
حسين الجمّال ابن أبي سعيد المكاري، 4 / 165
حفص، 3 / 130؛ 4 / 140، 361
حفص بن البختري، 3 / 70
حفص بن غياث، 3 / 229
حفص المؤذّن، 1 / 129
الحكم بن العاص، 1 / 559؛ 3 / 292
حمّاد بن عثمان، 2 / 118
حمّاد بن عيسى، 4 / 103
الحمّاسي، 3 / 437
حمدويه بن نصر، 2 / 605
حمران بن أعين، 2 / 244؛ 3 / 65؛ 4 / 284
حمزة، 1 / 142، 389، 488؛ 3 / 25، 112، 457،
547؛ 4 / 140، 181، 361
حمزة بن بزيع، 1 / 501
حمزة بن الطيّار، 3 / 49
حمزة بن عبد المطّلب، 4 / 51
حمزة بن محمّد، 2 / 504
الحميري، 2 / 205، 460؛ 3 / 64؛ 4 / 96
حنان بن سدير، 3 / 331، 334
حيان بن هذيل بن مدركة، 1 / 622
خالد، 2 / 175؛ 3 / 289، 364؛ 4 / 117
خالد بن سفيان، 2 / 209
خالد بن سنان، 4 / 194، 195
خالد بن عبداللّه القَسْري، 2 / 215؛ 3 / 364
خالد بن الوليد، 2 / 175، 213، 215، 501؛ 3 / 285،
286، 288
خالد بن هشام بن المغيرة، 2 / 175
خديجة، 2 / 389؛ 4 / 186، 187
خسرو بن پرويز بن انوشيروان، 3 / 163، 470
خلف بن حمّاد، 3 / 37
الخليل، 1 / 276، 476، 483؛ 2 / 410؛ 3 / 576؛
4 / 239، 416
داود، 2 / 110؛ 3 / 365، 483
داود بن زربيّ، 2 / 85
داود بن علي، 3 / 365، 412، 413، 414؛ 4 / 32
داود بن عليّ بن عبداللّه بن العبّاس، 3 / 364
داود بن عليّ بن عبداللّه بن عبد المطّلب، 3 / 137
داود بن فرقد، 2 / 262
الدجّال، 2 / 93، 479؛ 3 / 134؛ 4 / 7
دحية بن خليفة الكلبي، 3 / 467، 468
دُعثور بن الحرث، 2 / 297
الدواني، 4 / 41، 42
الرازي، 3 / 525؛ 4 / 104، 428
الربيع الشامي، 2 / 256؛ 4 / 92
ربيعة بن أبي عبد الرحمن، 1 / 142؛ 4 / 187
رحمة بنت افراثيم بن يوسف، 3 / 372
رزيق أبي العبّاس، 3 / 166
الرشيد، 2 / 272
الرضيّ، 1 / 609؛ 3 / 58؛ 4 / 252
رفيع العلماء، 1 / 363
روزبه، 4 / 11، 12، 13
رويس، 3 / 112
الريّان بن الصلت، 3 / 68
الزبير بن العوّام، 1 / 597، 626؛ 3 / 283، 286،
287، 288، 289، 409، 410، 411، 412، 416،
582
ص: 508
الزجّاج، 3 / 99
زرارة، 2 / 390، 605؛ 3 / 66، 102، 132، 294؛
4 / 170
زر بن حبيش، 4 / 333
زرقاء، 4 / 127
زكريّا بن يحيى، 2 / 109؛ 3 / 118
الزمخشري، 1 / 623؛ 2 / 14، 280، 413؛ 3 / 128،
378، 558؛ 4 / 146، 147، 179
الزهري، 3 / 413، 471
زهير، 1 / 555
زياد بن أبي سفيان، 3 / 522
زياد بن وليد، 3 / 287
زيد، 1 / 470، 518، 526؛ 2 / 486؛ 3 / 365؛
4 / 367، 390، 424
زيد بن أرقم، 4 / 187
زيد بن أسلم، 4 / 356
زيد بن حارثة، 4 / 187
زيد بن عليّ بن الحسين عليهماالسلام، 1 / 387؛ 2 / 164،
164؛ 3 / 363، 364؛ 4 / 367
زينب العطّارة، 2 / 87
سارة بنت هاران بن عامر بن يقطر، 4 / 312، 317،
318، 320
سالم، 2 / 501؛ 3 / 285؛ 4 / 167
سالم بن أبي حفصة، 2 / 164
سالم بن عوف، 4 / 188
سالم بن مكرم الجمّال، 3 / 214
سام بن نوح، 3 / 472؛ 4 / 303
السّدي، 1 / 350؛ 3 / 89، 96، 99، 512؛ 4 / 38، 92،
99، 182، 345، 357
سدير الصّيرفي، 2 / 164؛ 3 / 331؛ 4 / 151
سراقة بن مالك بن جشعم الكناني، 3 / 116، 430،
512، 513
سرى بن منصور، 3 / 403
سعد، 1 / 528، 529؛ 2 / 108، 109، 151
سعد بن أبي خلف، 2 / 109، 110
سعد بن أبي وقّاص، 2 / 501
سعد بن عُبادة، 1 / 340؛ 545؛ 4 / 6
سعد بن عبداللّه ، 2 / 109، 459
سعد بن عبد الملك، 1 / 501
سعد الصاحب، 1 / 501
سعد المولى، 3 / 59
سعيد بن أبي الخطيب، 2 / 262
سعيد بن أبي وقّاص، 3 / 287
سعيد بن جبير، 4 / 38، 344، 356
سعيد بن عبد الملك الاُموي، 1 / 496
سعيد بن كثير الأنصاري، 3 / 287
سعيد بن المسسيّب، 2 / 212؛ 4 / 66، 185
السفّاح، 3 / 141، 157، 494، 495؛ 4 / 192، 193
سفيان بن حرب، 4 / 132
سفيان بن مصعب العبدي، 3 / 160، 161
السفياني، 2 / 291؛ 3 / 134، 496؛ 4 / 63، 152
السفياني الدجّال، 3 / 207
سلام بن المستنير، 3 / 217
سلام بن مسكين، 3 / 96
سلام بن مشكم، 4 / 60
سلمان الفارسي، 1 / 378، 539؛ 2 / 282، 488؛
3 / 163، 287، 281، 283، 286، 335، 376،
583؛ 4 / 10، 11، 397
سلمة بن أسلم، 3 / 287
سلمة بن عبد الرحمن، 3 / 287
ص: 509
سلمة بن كهيل، 1 / 539؛ 2 / 164؛ 3 / 365
سلول، 3 / 10
سليط بن عمرو، 3 / 471
سليمان بن خالد، 3 / 137، 363
سليمان بن خالد البجلي الأقطع، 3 / 363
سليمان بن خالد بن دهقان بن نافلة، 3 / 363
سليمان الجعفري، 3 / 39
سليمان الديلمي، 1 / 491
سليم بن قيس الهلالي، 1 / 549؛ 3 / 283
سماعة، 2 / 571؛ 3 / 161
سِماك بن خرشة، 4 / 106
السمعاني، 1 / 75
سنديّ بن شاهك، 2 / 272
السنديّ بن محمّد، 2 / 460
سهل بن زياد، 3 / 324، 462، 484، 538
سهل بن عبيد اللّه ، 4 / 205
سهيل بن عمرو، 1 / 626؛ 4 / 127، 128، 130، 133
السهيلي، 4 / 20، 127
سيبويه، 1 / 259، 331، 61، 62؛ 2 / 328؛ 3 / 269،
487
السيّد ابن طاووس، 2 / 473؛ 3 / 62، 66، 72، 74
السيّد المرتضى، 1 / 109؛ 2 / 104 ، 571؛ 3 / 72،
292؛ 4 / 102
سيف بن عميرة، 3 / 335
الشامي، 3 / 207، 210
شاول بن قيس بن أنمار بن ضرار بن يحرف بن
يفتح بن أيش بن بنيامين بن يعقوب بن
إسحاق، 4 / 97
شبيب بن بحيرة، 2 / 511
شجاع بن وهب الأسدي، 3 / 471
شَدّاد بن عاد، 1 / 343
الشعبي، 3 / 110، 288
شهريراز، 3 / 466، 467
الشهيد الثاني، 2 / 40؛ 3 / 47، 75، 84، 169
شيبة بن ربيعة، 1 / / 142؛ 2 / 216؛ 3 / 110
الشيخ البهائي، 1 / 221، 233؛ 3 / 76، 263
الشيخ الرضيّ، 3 / 212
الشيخ عليّ، 3 / 75
شيرويه، 3 / 470
صالح بن سعيد، 2 / 162
صالح بن عقبة، 2 / 85
الصباح بن نضر الهندي، 3 / 68
صخر بن حرب، 1 / 350
صخر بن عامر، 1 / 377
الصدوق، 1 / 118، 223، 286، 296، 556؛ 2 / 54،
67، 108، 109، 127، 128، 129، 131 ، 132،
133، 162، 225، 257، 258، 272، 312، 324،
389، 458، 459، 482، 501، 522؛ 3 / 34، 36،
37، 38، 39، 57، 59، 61، 62، 64، 65، 132،
164، 182، 210، 254، 255، 299، 342، 386،
387، 400، 441، 485، 496، 537، 561، 584؛
4 / 11، 14، 20، 22، 38، 44، 46، 69، 72، 73،
80، 109، 189، 419
صعصعةُ بن معاوية، 1 / 622
الصفّار، 4 / 37، 80
صفوان بن يحيى، 2 / 110، 460؛ 3 / 388
الصفواني، 1 / 74
الضحّاك بن مزاحم، 1 / 545؛ 2 / 172؛ 3 / 88، 89؛
4 / 39، 356، 358
الطالوت، 1 / 358، 376؛ 4 / 89، 90، 92، 94، 97،
ص: 510
98
طاهر، 4 / 205
الطبرسي، 1 / 620؛ 2 / 154، 158، 162، 172، 191،
365، 461؛ 3 / 59، 88، 94، 96، 99، 101،
103، 104، 109، 115، 194، 202، 283، 302،
355، 357، 359، 372، 400، 417، 512، 524؛
4 / 51، 60، 75، 92، 98، 102، 130، 133،
182، 198، 207، 288، 291، 294، 308، 309،
333، 336، 347، 356
الطبري، 3 / 403
طريدي، 3 / 196
طلحة، 1 / 389، 597؛ 2 / 501؛ 3 / 582
طلحة بن أبي طلحة العبدري، 2 / 215
طلحة بن زيد، 3 / 37
طلحة بن شيبة، 3 / 109
الطيبي، 1 / 623؛ 3 / 79
عائشة، 1 / 340، 449؛ 2 / 314؛ 3 / 47
العاتكة، 2 / 94
العاص بن هاشم بن المغيرة، 2 / 175
العاص بن هشام بن الحرب بن أسد، 3 / 104
عاصم، 2 / 151
العاصم بن منيّة، 3 / 454
عامر، 1 / 622
عامر بن جذاعة، 4 / 321، 322
عامر بن صعصعة، 1 / 621، 622
عامر بن هاشم، 2 / 216
العامري، 4 / 132
عبّاد بن بشر، 3 / 100
عبادة بن صامت، 2 / 97
العبّاس، 1 / 560، 587؛ 2 / 585، 600؛ 3 / 104،
106، 108، 109، 110، 411، 416، 583؛
4 / 21، 187
عبّاس بن مرداس السلمي، 4 / 192
عبد الأعلى، 3 / 196، 197
عبداللّه ، 2 / 55، 75، 108، 110؛ 3 / 109
عبد اللّه بن جحش، 4 / 158
عبداللّه بن جعفر الحميري، 2 / 324؛ 3 / 70
عبد اللّه بن الحارث، 4 / 229
عبداللّه بن حذافة السهمي، 3 / 470
عبداللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ7، 3 / 364،
494
عبداللّه بن سعد بن أبي سرح، 3 / 99، 100
عبداللّه بن عبّاس بن عبد المطّلب جارية، 3 / 413،
493
عبداللّه بن عجلان، 2 / 605
عبداللّه بن عليّ بن عبداللّه بن عبّاس، 3 / 141
عبداللّه بن علي هشام بن عبد الملك، 3 / 365
عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب، 2 / 257
عبداللّه بن عوف، 3 / 57
عبداللّه بن قمئة الحارثي، 1 / 108؛ 3 / 336، 475
عبداللّه بن محمّد بن عليّ بن عبداللّه بن عبّاس بن
عبد المطّلب، 1 / 587؛ 3 / 141
عبداللّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب،
2 / 109
عبد اللّه بن مسعود، 4 / 336
عبداللّه بن ميمون القدّاح، 2 / 385
عبد اللّه بن نافع الأزرق، 4 / 216، 218
عبد اللّه بن الوليد، 4 / 322
عبد اللّه مغفّل، 4 / 6
عبد الرحمان بن عمرو بن أسلم، 3 / 37
ص: 511
عبد الرحمان بن عوف، 2 / 501؛ 4 / 167
عبد الرحمن، 2 / 169؛ 3 / 57؛ 4 / 322
عبد الرحمن بن محمّد، 3 / 482
عبد الرحمن بن الملعون، 4 / 272
عبد الرحيم القصير، 2 / 131
عبد السلام بن نعيم، 4 / 151
عبد الصمد بن علي، 3 / 365
عبد العزيز بن مروان، 1 / 501
عبد العظيم الحسني، 3 / 182، 538
عبد قيس، 4 / 195
عبد المطّلب، 2 / 215، 216؛ 3 / 410، 411، 416؛
4 / 20، 358
عبد الملك، 2 / 169؛ 3 / 375
عبد الملك بن أعين، 3 / 64
عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
اُميّة بن عبد الشمس بن عبد مناف، 3 / 257
عبد الوهّاب بن سكينة، 2 / 210
العبيد، 1 / 614
عبيدة بن الحارث، 1 / 142
عتبة بن ربيعة، 1 / 142؛ 4 / 17
عثمان بن عامر، 1 / 338
عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تميم بن مرّة
بن كعب، 1 / 617
عثمان بن عفّان، 1 / 293، 556، 559، 595، 60،
615؛ 3 / 24، 100، 124، 125، 128، 196،
256، 410، 493، 496، 583؛ 4 / 7، 55، 125،
126، 127، 165، 202، 334
عثمان بن عيسى، 2 / 174
عجلان بن صالح، 3 / 247
عجل بن لجيم بن صعب علي بن بكر بن وائل،
3 / 132
العجلي، 3 / 133
عدنان، 2 / 600؛ 4 / 194
العرزمي، 3 / 171
عروة بن مسعود الثقفي، 4 / 121، 4 / 122، 4 / 123،
4 / 124
العزّى، 3 / 577
عساكر، 3 / 494
العضدي، 3 / 580
عطاء، 3 / 66؛ 4 / 39، 182
عطاء بن أبي رياح، 3 / 89
عطاء بن يسار، 3 / 346
عطاء الخراساني، 3 / 89
عطيّة، 1 / 544
عفيف أبو الربيع الأقطع، 3 / 363
عفيف الكندي، 4 / 187
عقبة بن خالد، 2 / 97
عقبة بن عمرو، 3 / 108
عقيل بن أبي طالب، 2 / 603؛ 3 / 104، 106، 108،
407، 583
عكرمة، 1 / 544؛ 3 / 99، 372، 466؛ 4 / 122، 333 ،
344
علاء الحضرمي، 3 / 471
عليّ بن إبراهيم، 1 / 491، 539، 543، 61؛ 2 / 78،
85، 119، 128، 131، 134، 152، 174، 390،
401، 413، 452، 500، 597؛ 3 / 65، 164،
323، 331، 357، 372، 483، 484، 501، 552،
554، 559، 564؛ 4 / 92، 169، 170، 289
عليّ بن أبي حمزة، 2 / 324
عليّ بن أحمد، 3 / 538
ص: 512
عليّ بن أحمد بن أشيم، 3 / 454
علي بن أخي، 3 / 511
عليّ بن أسباط، 2 / 324، 325؛ 4 / 96
عليّ بن جعفر، 3 / 64
عليّ بن الحسن، 4 / 229
عليّ بن الحسين، 2 / 262، 313، 566؛ 3 / 80، 246،
382؛ 4 / 333
عليّ بن الحكم، 2 / 109؛ 3 / 335، 434، 537، 538
عليّ بن عبداللّه بن عبّاس بن عبد المطّلب، 3 / 137
عليّ بن محمّد بن أشيم، 3 / 454
عمّار بن ياسر، 1 / 378؛ 3 / 335، 583
عمّار الساباطي، 4 / 346
العمر بن حصين، 3 / 25
عمر بن الخطّاب، 1 / 292، 293، 340، 546، 557،
558، 560؛ 2 / 174، 175، 460؛ 3 / 6، 7، 163،
248، 281، 283، 284، 285، 286، 287، 288،
289، 331، 407، 409، 580، 582؛ 4 / 7، 165،
200، 202
عمر بن علي، 3 / 494
عمر بن عليّ بن عليّ بن الحسين عليه السلام، 3 / 494
عمرو، 1 / 374، 470، 526، 541؛ 3 / 206
عمرو بن اُميّة الصميري، 3 / 471
عمرو بن اُميّة الضميري، 1 / 622
عمرو بن ثابت، 4 / 51
عمرو بن الحضرمي، 4 / 159
عمرو بن ذرّ القاضي العامّي، 3 / 197
عمرو بن شمر، 1 / 213؛ 4 / 366
عمرو بن العاص، 1 / 340؛ 2 / 501؛ 4 / 262
عمرو بن عبد ودّ، 3 / 515
عمرو بن عبيد، 4 / 333
عمرو بن عوف، 4 / 188
عمرو بن هشام بن المغيرة، 2 / 175
عَناق بنت آدم، 1 / 594
عوج بن عناق، 3 / 261
عوراء، 2 / 510
العيّاشي، 2 / 606؛ 3 / 202، 357؛ 4 / 294، 310
عياض، 2 / 183
عيسى، 1 / 97، 433، 437، 488، 537، 538، 539،
540، 589، 603؛ 2 / 93، 241، 257، 325،
327، 340، 345، 355، 373، 381، 406، 410،
505، 561؛ 3 / 94، 95، 118، 213، 462، 463،
468، 469، 476 ، 477، 478؛ 4 / 7، 11، 12،
14، 22، 102، 287، 362، 363، 382، 427
عيسى بن راشد، 4 / 358
عيسى بن عبداللّه ، 2 / 109
عيسى بن علي، 4 / 57
عيسى بن عمر، 2 / 475
عيسى بن موسى بن علي، بن عبد اللّه بن العبّاس،
3 / 214
عُيينة بن حصن، 1 / 618
عيينة الفزاري، 1 / 618
غراب بن سفيان، 2 / 209
الغسّاني، 3 / 469
غلام خماسي، 3 / 261
غلماني، 3 / 431
غَوْرَثُ بن الحارث، 2 / 296
الفاضل الأمين الإسترآبادي
الفاضل محمّد بن علي بن محمّد، 3 / 62
فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، 4 / 22
فاطمة بنت عمرو بن مخزوم، 3 / 416
ص: 513
الفرّاء، 1 / 603؛ 2 / 260؛ 3 / 37، 99، 153، 504،
526؛ 4 / 68، 274، 390
فرخان، 3 / 466
فرعون، 1 / 595
فضالة، 2 / 262
فضيل، 3 / 551
الفيروزآبادي، 1 / 75، 80، 81، 83، 86، 87، 89،
90، 91، 94، 95، 96، 101، 102، 109، 113،
117، 119، 122، 128، 130، 132، 133، 143،
145، 147، 151، 152، 153، 155، 174، 175،
181، 182، 183، 184، 188، 192، 197، 198،
213، 215، 216، 227، 234، 236، 245، 247،
248، 255، 257، 259، 260، 263، 269، 273،
276، 277، 281، 285، 286، 289، 294، 298،
300، 303، 304، 310، 313، 314، 317، 318،
321، 322، 324، 325، 327، 328، 330، 331،
333، 335، 338، 339، 341، 343، 362، 369،
370، 373، 374، 387، 388، 389، 408، 409،
410، 413، 416، 420، 421، 422، 424، 432،
436، 437، 440، 441، 442، 443، 445، 447،
450، 451، 465، 476، 477، 502، 510، 511،
513، 515، 519، 524، 531، 541، 542، 553،
557، 561، 567، 570، 574، 576، 577، 583،
585، 590، 596، 599، 600، 602، 611، 617،
621، 632؛ 2 / 13، 22، 23، 28، 29، 32، 33،
46، 53، 57، 64، 71، 72، 75، 76، 78، 83، 86،
113، 117، 127، 136، 145، 146، 147، 148،
150، 151، 153، 156، 157، 164، 167، 168،
170، 171، 175، 180، 181، 183، 184، 186،
188، 196، 199، 201، 204، 205، 213، 215،
217، 227، 245، 268، 276، 277، 281، 288،
296، 303، 304، 307، 315، 327، 329، 335،
339، 341، 346، 350، 357، 360، 372، 379،
382، 386، 388، 393، 403، 413، 427، 439،
446، 455، 464، 491، 496، 537، 547، 563،
567، 575، 576، 580، 584، 597، 599؛
3 / 16، 24، 26، 31، 32، 33، 40، 42، 44، 51،
108، 111، 113، 139، 140، 150، 157، 168،
170، 174، 177، 185، 187، 189، 194، 202،
206، 208، 212، 223، 230، 239، 242، 250،
254، 255، 268، 273، 275، 277، 297، 301،
309، 314، 316، 320، 321، 322، 325، 329،
332، 335، 337، 338، 343، 344، 345، 349،
352، 357، 359، 362، 367، 368، 370، 374،
380، 385، 387، 390، 391، 392، 396، 398،
400، 402، 408، 409، 410، 414، 421، 422،
423، 426، 427، 430، 431، 432، 435، 436،
439، 440، 443، 444، 446، 449، 450، 454،
455، 458، 463، 472، 479، 482، 486، 492،
495، 506، 507، 508، 513، 516، 517، 520،
523، 528، 531، 534، 541، 545، 562، 563،
564، 566، 567، 569، 570، 574، 575، 577،
578؛ 4 / 6، 10، 15، 17، 26، 28، 29، 31، 33،
39، 58، 60، 61، 66، 68، 70، 71، 72، 73، 74،
76، 77، 84، 86، 87، 88، 89، 103، 107،
110، 116، 121، 122، 146، 155، 161، 172،
175، 177، 188، 189، 192، 193، 203، 209،
211، 212، 213، 216، 219، 229، 230، 233،
236، 237، 238، 240، 243، 248، 249، 250،
251، 253، 256، 257، 258، 260، 261، 262،
ص: 514
263، 265، 267، 269، 274، 277، 278، 280،
281، 287، 288، 291، 294، 299، 304، 310،
313، 317، 319، 324، 325، 326، 330، 331،
334، 335، 337، 339، 347، 349، 351، 360،
361، 367، 368، 369، 371، 372، 377، 383،
385، 386، 387، 389، 390، 391، 392، 393،
395، 402، 403، 404، 405، 408، 412، 414،
416، 419، 427
فيروز الديلمي، 3 / 470
القابسي، 4 / 25
قابيل، 1 / 462، 463، 544، 545، 594؛ 2 / 228،
229، 235؛ 4 / 165
قارون، 1 / 348
القاسم، 1 / 129
القاسم بن ربيع، 1 / 166
القاسم بن عبد الرحمن الصيرفي، 3 / 251
القاسم بن محمّد، 3 / 456
القاسم الفقيه بن محمّد بن أبي بكر، 3 / 161
قتادة، 2 / 301؛ 3 / 94، 96، 104، 372، 418، 525؛
4 / 39، 68، 92، 98، 99
قتادة بن دعامة، 4 / 66
قتادة بن النعمان، 2 / 212
القرطبي، 2 / 93، 94، 183، 479؛ 3 / 83، 335؛
4 / 329
قرطة بن عبد عمرو، 3 / 426
قرقيسا ابن طهمورث، 3 / 574
قشير بن كعب بن ربيعة، 2 / 215
قُصيّ، 2 / 600
قطب الدِّين الراوندي، 3 / 468؛ 4 / 19
القطب (صاحب درة التاج)، 1 / 359
قنبر، 3 / 146
قنفذ، 3 / 284 ، 285
قيس، 3 / 575
قيس بن الأشعث، 2 / 512
قيس بن عاصم، 1 / 449
قيس بن عبداللّه بن عَجلان، 2 / 605
قيصر، 3 / 163، 467، 468؛ 4 / 187
كالب بن يوقنا، 3 / 88
كثير النواء، 2 / 164، 165
الكسائي، 1 / 287؛ 2 / 581؛ 3 / 32، 95، 96، 98،
374، 547؛ 4 / 288، 361
كسرى، 3 / 467؛ 4 / 187
كشتاسف بن لهراسف، 3 / 119
الكشّي، 2 / 160، 164، 605، 606؛ 3 / 49، 158،
161، 214، 335، 413؛ 4 / 307، 322
كعب، 4 / 356، 358
كعب بن الأشرف، 3 / 6
كعب بن مالك، 4 / 332، 333
الكفعمي، 4 / 82
الكلبي، 3 / 89، 512، 513؛ 4 / 51، 182، 186، 187
الكميت بن زيد الأسدي، 3 / 158، 363
كنانة، 1 / 626
كودرز بن كشواد، 3 / 493
لاوي بن يعقوب، 4 / 362
لهراسف، 3 / 118
ماخير بنت ميشا ابن يوسف، 3 / 372
المارزي، 2 / 103؛ 3 / 81، 84
مالك بن طَوق، 1 / 498
مالك بن عطيّة، 1 / 610
المالك الجهني، 2 / 423
ص: 515
الماوردي، 3 / 470
مأجوج، 3 / 181، 182، 328
المأمون، 2 / 129، 585؛ 3 / 68؛ 4 / 38
المبرّد، 2 / 433
مجاهد، 1 / 545؛ 3 / 94، 99، 372؛ 4 / 99، 182،
186، 333، 344، 357، 360
المجذر بن ذياد البلوي، 3 / 105
محسن، 3 / 282
محمّد ابن اشعث، 2 / 511
محمّد ابن أبي سهل، 3 / 70
محمّد بن إبراهيم، 2 / 205
محمّد بن إبراهيم طباطبا ابن إسماعيل بن إبراهيم
بن حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام،
3 / 403
محمّد بن اُسامة، 4 / 155
محمّد بن إسحاق، 2 / 210؛ 3 / 105، 108؛ 4 / 51،
186
محمّد بن إسماعيل بن بزيع، 1 / 75؛ 3 / 331
محمّد بن أبي بكر، 3 / 161
محمّد بن أبي عبداللّه محمّد بن جعفر بن محمّد بن
عون الأسدي، 3 / 533
محمّد بن أحمد بن عبداللّه القمّي، 3 / 63
محمّد بن أحمد بن علي بن الصّلت القمّي، 4 / 22
محمّد بن أحمد بن محمّد بن عيسى، 3 / 489
محمّد بن أحمد الدقّاق البغدادي، 3 / 39
محمّد بن أحمد الصفواني، 3 / 68
محمّد بن أشعث بن قيس الكندي، 2 / 511
محمّد بن جعفر الأسدي، 3 / 538
محمّد بن حبيب، 2 / 209
محمّد بن الحسن بن الوليد، 2 / 225
محمّد بن الحسن الصفّار، 3 / 245
محمّد بن الحسين، 2 / 108، 109
محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، 2 / 109، 324
محمّد بن الحسين بن الحسن المرادي، 3 / 68
محمّد بن خالد، 1 / 543؛ 2 / 604، 606
محمّد بن رياح القلاّء، 3 / 36
محمّد بن زياد، 3 / 69
محمّد بن سالم، 3 / 223
محمّد بن سالم بن أبي سلمة عن محمّد بن سعيد
بن غزوان، 3 / 272
محمّد بن سعيد، عن غزوان، 3 / 272
محمّد بن سلام الجمحي، 2 / 475
محمّد بن سليمان الديلمي المصري، 1 / 489،
543؛ 2 / 606؛ 3 / 222
محمّد بن سليمان النصري، 1 / 489
محمّد بن شهرآشوب، 2 / 297؛ 3 / 71، 470
محمّد بن العبّاس، 4 / 345
محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن
أبي طالب، 4 / 424
محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب، 4 / 12
محمّد بن عبد الجبّار، 3 / 501
محمّد بن عُمَر بن عليّ بن أبي طالب، 3 / 364
محمّد بن عيسى، 2 / 108، 465، 605
محمّد بن غانم، 3 / 63
محمّد بن الفيض، 4 / 372
محمّد بن القاسم النوفلي، 2 / 108
محمّد بن كعب، 3 / 110؛ 4 / 358
محمّد بن مارد، 2 / 193
محمّد بن محمّد بن زيد، 3 / 403
محمّد بن مسلم، 3 / 222، 567؛ 4 / 174
ص: 516
محمّد بن مسلم بن أبي سلمة، 3 / 219، 348
محمّد بن مقلاص الأسدي، 3 / 214
محمّد بن المنذر، 4 / 187
محمّد بن منصور، 1 / 111
محمّد بن موسى بن المتوكّل، 2 / 324
محمّد بن مؤمن الشيرازي، 1 / 350
محمّد بن الوليد، 4 / 80
محمّد بن يحيى الخثعمي، 1 / 525، 61؛ 3 / 69،
331، 501، 575؛ 4 / 141
محمّد بن يعقوب بن إسحاق أبي جعفر الكليني،
1 / 74، 75؛ 3 / 63، 66؛ 4 / 429
محمّد بن يوسف، 3 / 538
محمّد حسين بن قارياغدي، 4 / 429
محمّد رسول اللّه ، 2 / 381، 4 / 356
محمّد الشهرستاني، 3 / 508
محمّد الطيّار، 3 / 499
محيي الدِّين البغوي، 2 / 93، 204
المختار، 1 / 576؛ 3 / 121
مختار ابن حمزة، 2 / 571
مخيريق اليهودي، 1 / 560
مرارة بن الربيع، 4 / 332، 333
مُرّ بن عمرو، 3 / 520
مرثد بن زيد، 1 / 213
مروان، 3 / 196، 197، 198، 292، 293، 294
مروان بن الحكم بن العاص، 1 / 559، 615؛
2 / 512
مروان الحمار، 3 / 494، 574
مُرّة بن كعب، 3 / 520
مرّة الهمداني، 3 / 110
مريم بنت عمران بن ماثان، 2 / 241، 249، 367؛
4 / 362
المستعصم، 3 / 495، 574
مسعر بن حرب، 4 / 131
مسعود بن أبي اُميّة بن المغيرة، 2 / 175
مسعود بن عمرة، 4 / 122
المسلم، 1 / 116؛ 2 / 204، 479؛ 3 / 83، 281؛
4 / 24، 25، 133، 186، 188
مسلم بن عقيل، 2 / 511
مسلم عن المقداد بن أسود، 2 / 183
المسيّب، 3 / 121
مسيلمة، 3 / 99؛ 4 / 107، 127
مصعب بن عمير، 1 / 108، 389؛ 3 / 336
مصقلة بن إسحاق، 3 / 64
المطرزي، 2 / 508
مطعون، 3 / 69
معاذ بن جبل، 3 / 285؛ 4 / 60
معاذ بن كثير، 3 / 278
المعاوية، 1 / 292، 378، 587؛ 2 / 510، 512، 584؛
3 / 119، 413، 554، 582، 584؛ 4 / 128، 148،
229، 262
معاوية بن حكيم، 3 / 69
معاوية بن عمّار، 2 / 109
معتب بن المبارك، 3 / 39
مَعَدّ بن عَدنان، 1 / 331
معدّ بني النضر بن كنانة، 1 / 331
المعلّى بن خنيس، 3 / 132؛ 4 / 32
المغازي، 4 / 108
المغيرة، 2 / 501؛ 4 / 121، 124
المغيرة بن شعبة، 3 / 285؛ 4 / 121، 167
المغيرة بن عبداللّه بن عمر بن مخزوم القرشي،
ص: 517
2 / 174
المفضّل بن عمر، 3 / 251؛ 4 / 321، 322
المفيد، 1 / 501؛ 2 / 511؛ 3 / 72، 412، 415؛
4 / 330
مقاتل بن مقاتل، 3 / 37، 88، 89
المقداد، 1 / 378، 558؛ 2 / 282؛ 3 / 283، 286،
376، 583؛ 4 / 397
المقداد ابن أسود، 3 / 287، 288، 335
مقوقس، 3 / 471؛ 4 / 121
مَليكة بن جريم، 1 / 626
منذر بن الساوي، 3 / 471
المنصور، 1 / 406؛ 3 / 214
منصور بن خزيمة، 3 / 365
موزة بن علا الحنفي، 3 / 471
موسى بن عيسى، 2 / 78
موسى الزوّار العطّار، 3 / 567
المهدي المامطيري، 3 / 470
ميسّر بن عبد العزيز، 2 / 605
نافع بن الأزرق، 2 / 151، 256؛ 3 / 95، 96، 130،
201؛ 4 / 216، 361
نثيلة بنت ملك بن حبّاب، 3 / 416
النجاشي، 3 / 11، 219، 272، 364، 471؛ 4 / 307،
322
نجم بن حطيم، 3 / 251
نزار بن معدّ بن عدنان، 1 / 621
نصر بن قابوس، 3 / 62
نصر بن مزاحم، 1 / 376
النضر، 1 / 540؛ 2 / 605
نضر بن الحارث، 1 / 542
النضر بن سويد، 2 / 605
النضر بن قِرواش، 3 / 78
النعمان، 4 / 268
نعمان بن المنذر، 3 / 522
النعماني، 1 / 74
نعيم القضاعي، 4 / 415
نمرود بن كنعان، 4 / 38، 303، 304، 307، 308،
310، 312، 317، 318
نوبخت المنجّم، 3 / 71
نوح، 1 / 97، 350، 502؛ 2 / 62، 232، 234، 235،
236، 239، 241، 249؛ 3 / 181، 297، 457،
523، 525، 526، 527، 530، 532، 533، 535،
537، 538، 582؛ 4 / 102، 340، 362، 386،
420
نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ، 2 / 232
نوح بن مشخد بن لمك، 2 / 232
نوفل بن جعفر بن الحارث بن عبد المطّلب،
3 / 104
نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب، 3 / 108
الواقدي، 3 / 105، 364، 365؛ 4 / 121
وردان بن مجالد، 2 / 511
ورش، 3 / 130
ورقة بن نوفل، 3 / 427؛ 4 / 317
وكيع، 1 / 539
الوليد بن عتبة، 1 / 142؛ 3 / 128
الوليد بن المغيرة، 2 / 175
الوليد بن هشام بن الحرث بن أسد بن عبد العزّى،
3 / 105
وهب، 3 / 372
وهب بن منبّة، 3 / 364
وهيب بن حفص، 3 / 229
ص: 518
هابيل، 1 / 462، 463، 545؛ 2 / 228، 229
هاجر، 4 / 320
الهارب، 1 / 498
هارون ابن أبي سهل، 3 / 70
هارون بن خارجة، 3 / 387
هارون الرشيد، 1 / 405؛ 3 / 68، 404
هارون من موسى، 3 / 583
هاشم، 2 / 600
هاشم بن عبد مَناف، 1 / 339
هاشم بن عبد مناف عبد العلى، 2 / 216
هاشم عَمْرو، 2 / 216
هامان، 1 / 595
الهذلي، 3 / 133
هرثمة بن أعين، 3 / 403؛ 4 / 205
هرقل، 1 / 541، 543؛ 3 / 467، 468، 469
الهروي، 3 / 81
هشام، 2 / 131 ؛ 3 / 365
هشام بن الحكم، 2 / 157؛ 3 / 61
هشام بن سالم بن سالم، 3 / 324، 537
هشام بن عبد الملك بن مروان، 2 / 487؛ 3 / 364،
365؛ 4 / 424
هلاكو خان، 2 / 292، 585؛ 3 / 140، 141، 206،
574
هلال بن اُميّة، 4 / 332، 333
هلال بن عويم السلمي، 4 / 135
هود بن شالح بن أرفخشد بن سام، 2 / 237
هوذى بن سام بن نوح، 4 / 419، 420، 421
هُون بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مُضَر،
1 / 626
الهيثم بن عبد اللّه الرمّاني، 3 / 584
يافث، 3 / 181، 182
يأجوج، 3 / 181، 182، 328
يحيى بن زيد، 3 / 365
يحيى الحلبيّ، 2 / 605؛ 3 / 360، 363، 371، 372
يزيد، 3 / 271
اليسع بن أخطوب، 2 / 249
يعقوب، 1 / 97، 493؛ 2 / 418، 503؛ 4 / 140، 362
يعقوب، 4 / 299
يعقوب بن زيد، 2 / 109
يعقوب بن شعيب، 3 / 65
يعقوب بن عامر، 4 / 140
يعقوب بن يزيد، 3 / 39
اليماني، 3 / 59، 60، 61، 207، 400
يوسف بن عمر، 2 / 163؛ 3 / 364، 365
يوشع بن نون، 2 / 243؛ 3 / 63، 88؛ 4 / 94، 98
يونس، 2 / 475
يونس بن ظبيان، 4 / 322
يونس بن عبد الرحمن، 2 / 194؛ 3 / 68
يونس بن متّى، 2 / 249
يهوذا ابن يعقوب، 2 / 241، 4 / 362
ص: 519
فهرس الأماكن
الأبواء، 2 / 500
اُحُد، 4 / 60، 106
أذربايجان، 3 / 360
الاُردن، 4 / 92، 97
إرم، 1 / 582، 1 / 583
الإسكندريّة، 1 / 558، 582؛ 3 / 471 ؛ 4 / 12، 121
إصفهان، 3 / 493
الأندلس، 4 / 373
إنطاكية، 4 / 12
الأهواز، 4 / 316
بئر زمزم، 2 / 215
بئر معاوية، 1 / 622
باب كندة، 3 / 525
بابل، 3 / 118؛ 4 / 316
البادية، 1 / 498
بجيلة، 3 / 460
بحر الشام، 2 / 466
بحر الهند، 2 / 466
البحرين، 1 / 561؛ 3 / 104، 471 ؛ 4 / 121
برهوت، 3 / 421
البصرة، 2 / 229، 418، 596 ، 597؛ 3 / 328، 413،
584
بُصرى، 4 / 18
بطن مرٍّ، 4 / 10
بغداد، 1 / 498؛ 2 / 79، 418، 584؛ 4 / 18، 216
بيت الأصنام، 1 / 321
بيت اللّه الحرام، 1 / 334
بيت الرسول، 1 / 334، 337
بيت اللحم، 2 / 410
بيت المعمور، 1 / 380
بيت المقدّس، 1 / 349؛ 2 / 410؛ 3 / 468؛ 4 / 117،
292
البيداء، 3 / 210
تبوك، 1 / 619، 1 / 621
تنعيم، 1 / 405
تهامة، 2 / 383
ثقيف، 3 / 555
الجائي، 4 / 373
جابرصا، 3 / 249
جابلقا، 3 / 246، 249
ص: 520
الجحفة، 2 / 500
جدّة، 2 / 466
الجزيرة، 3 / 526
جزيرة العرب، 2 / 466
الجودي، 3 / 526
الحبشة، 3 / 428، 471
الحجاز، 1 / 343، 561
الحديبيّة، 4 / 116، 118
حذّاء القادسيّة، 1 / 498
حذر الموت، 3 / 87
حرّان، 4 / 316
الحروراء، 2 / 47؛ 3 / 277
الحرّة، 2 / 292
حضرموت، 1 / 621 ، 622، 623 ؛ 3 / 421؛ 4 / 61
الحضيرة ، 3 / 187؛ 4 / 317
حُنَيْن، 4 / 330
حوران، 1 / 561
الحير، 4 / 317، 318
الحيرة، 2 / 584
خراسان، 3 / 365، 494
خوزستان، 3 / 360
خيبر، 4 / 61
دارين، 3 / 523
دجلة، 2 / 466، 584
دمشق، 1 / 438، 498، 561، 582، 583؛ 3 / 365،
415
الديلم، 3 / 360
ذو قار، 4 / 382
ذي الحليفة ، 3 / 187؛ 4 / 132
ذي خيم، 2 / 584
الرباح، 4 / 373
الربذة، 3 / 124، 125
رحبة، 1 / 496
الروم، 1 / 541؛ 3 / 157، 163، 465، 466، 467،
471، 472؛ 4 / 67، 268
الريّ، 1 / 75؛ 2 / 584، 585
الزنج، 4 / 373
ساباط، 3 / 119
سَبَأ، 4 / 66
سُقُطرى، 4 / 373
سقيفة بني ساعدة، 1 / 340
سقيفة بني النجّار، 1 / 545
سيلحون، 2 / 79
الشام، 1 / 343، 438، 498، 545، 561، 582، 583؛
2 / 216، 459، 466؛ 3 / 119، 141، 164، 210،
277، 409، 415، 465، 468، 471، 472 ، 525،
526؛ 4 / 17، 18، 293، 294، 426
شطّ الفرات، 2 / 584
شيراز، 4 / 11
الصنعاء، 1 / 498؛ 3 / 164
الصين، 1 / 296 ؛ 3 / 182؛ 4 / 369
الطائف، 3 / 157؛ 4 / 159، 330
عَبس، 4 / 194
عدن، 2 / 466
العراق، 1 / 545، 558؛ 2 / 164، 216، 466 ؛ 3 /
187، 207، 210، 345، 364، 403، 582؛ 4 / 17،
36، 37، 222، 316
عراقي العرب، 3 / 360
عسكر، 1 / 562
عقبة، 2 / 500
ص: 521
عكبراء، 4 / 18
عمّان، 3 / 415
غار جبل أبي قبيس، 2 / 234
غدير خُمّ، 1 / 313
فارس، 3 / 360، 465، 470، 471، 472؛ 4 / 67
فخّ، 1 / 405
فدك، 4 / 61
الفرات ، 1 / 498؛ 2 / 410، 466؛ 3 / 366، 367،
523، 526، 574؛ 4 / 229
فرغانة، 4 / 188
فلسطين، 4 / 17، 18، 92، 96، 97
القادسيّة، 3 / 365
قباء، 4 / 188
قديد، 4 / 339
قرقيسا، 3 / 574
القليب، 4 / 118
كربلاء، 3 / 162؛ 4 / 317
الكعبة، 1 / 321، 379، 380، 412؛ 3 / 256، 285،
551
كلين، 1 / 75
كنانة، 3 / 124
كندة، 1 / 622
كوثى، 4 / 316
الكوفة، 1 / 498، 558، 561، 590؛ 2 / 47، 52، 79،
409، 418، 426، 508، 510، 511؛ 3 / 128، 157،
160، 210، 214، 277، 364، 365، 366، 403،
410، 482، 494، 522، 523، 524، 526، 582؛ 4 /
310، 382، 429
لبنان، 4 / 420
متواصلة، 4 / 426
المدائن، 3 / 164، 165
المداين، 3 / 119
مدين، 1 / 347
المدينة، 1 / 405، 498، 542، 560، 589، 620،
621، 625؛ 2 / 96، 401، 402 ، 414، 500، 584؛
3 / 60، 83، 108، 125، 128، 187، 188، 189،
207، 210، 211، 289، 364، 365، 382، 383،
410 ، 428، 467، 494، 580، 584؛ 4 / 26، 32، 57،
60، 61، 69، 99، 106، 129، 130، 131، 132،
133، 149، 188، 189، 333
المدينة الرسول المدينة
مرو، 3 / 493
مسجد الأحزاب، 3 / 515
المسجد الأقصى، 1 / 438
المسجد الحرام، 1 / 556؛ 3 / 110
مسجد الخيف، 2 / 500
مسجد دمشق، 1 / 438، 583
مسجد رسول اللّه ، 3 / 287
مسجد الفتح، 3 / 164
مسجد الكوفة، 3 / 382، 525، 528
مسجد النبي صلى الله عليه و آله، 1 / 313
المشعر الحرام، 1 / 379
المصر، 1 / 587، 558؛ 2 / 459؛ 3 / 100، 141؛ 4 /
19، 96، 117
مَعدٍ، 3 / 460
المغرب، 2 / 79
مكّه، 1 / 334، 405، 443، 498، 589، 619؛ 2 / 78،
96، 215، 216، 229، 315، 383، 383، 385، 502،
584، 596؛ 3 / 100، 105، 108، 187، 207، 359،
410، 423، 428، 441، 453، 465، 467، 512،
ص: 522
561، 584؛ 4 / 10، 17، 19، 69، 99، 116، 119،
120، 121، 126، 127، 129، 130، 131، 132،
135، 149، 159، 179، 180، 181، 187، 189،
327، 330، 339، 358، 383
مكه البلد الحرام بيت اللّه الحرام
ملك دانيال، 3 / 119
نجد، 1 / 621
نجران، 1 / 561
نجف، 3 / 526
النجير، 1 / 623
نهر سعيد، 1 / 496
النهروان، 3 / 57
النيل، 2 / 459
وادي القرى، 1 / 343
واسط، 3 / 87، 345؛ 4 / 382
همدان، 1 / 213؛ 3 / 30 ، 523
الهند، 1 / 296؛ 3 / 68، 70، 523، 524، 525؛ 4 /
369، 373
هوازن، 1 / 622؛ 3 / 10
يثرب، 2 / 602
يعقوبا، 4 / 216
اليمامة، 1 / 498 ؛ 3 / 471؛ 4 / 127
اليمن، 1 / 561، 619، 620، 621 ، 622؛ 2 / 25 ،
79، 216، 383؛ 3 / 60، 164 ، 421 ، 460، 470؛ 4 /
61، 66، 415
ص: 523
(5)
فهرس الكتب الواردة في المتن
الاحتجاج،2 / 157، 502؛ 3 / 59، 61، 283، 400،
581؛ 4 / 198
الاختصاص،1 / 498، 501
الاختيارات،3 / 41
الأربعين،1 / 193، 221
الإرشاد مفيد،2 / 74، 511؛ 3 / 46، 47؛ 4 / 330
الاستيعاب،4 / 107
اعتقادات،3 / 561
إعلام الورى،3 / 161،4 / 131
الاقتصاد،1 / 191؛ 2 / 571
إكمال الإكمال،1 / 560،3 / 409
إكمال الدِّين،2 / 246، 252، 253، 257؛ 3 / 585؛
4 / 11، 23، 127، 419
الأمالي صدوق، 1 / 286؛ 2 / 54، 55، 57، 60،
108، 109، 312، 324، 328، 332، 338، 341،
342، 352، 370، 381، 385، 395، 396،
511،522؛ 3 / 254؛ 4 / 20، 72
الإنجيل،1 / 512؛ 2 / 391؛ 3 / 94
الأنساب،1 / 75
الإيضاح،1 / 178، 213؛ 2 / 85؛ 3 / 11، 152،
251؛ 4 / 321
أعلام النبوّة، 3 / 470
أمالي محمّد بن حبيب،2 / 209
أمان الأخطار،2 / 266، 267، 268
بصائر الدرجات، 2 / 385؛ 3 / 245، 248؛ 4 / 37
تاج اللّغة، 1 / 227؛ 3 / 205، 280، 568؛ 4 / 129،
251، 305، 319، 414
التجريد،1 / 191؛ 3 / 580
التجمّل،3 / 70
التحرير، 3 / 75
تحف العقول، 1 / 183، 190، 249، 254، 283،
481، 482
تفسير الإمام أبي محمّد العسكري عليه السلام،2 / 501
تفسير عليّ بن ابراهيم،1 / 594، 624؛ 2 / 266،
268، 519؛ 3 / 94، 556
تفسير العيّاشي،3 / 94، 121؛ 4 / 141
التوحيد، 1 / 360؛ 2 / 127، 129، 130، 132،
133؛ 4 / 358
التوراة، 1 / 309، 444، 447، 452، 454، 460،
473، 478، 512؛ 2 / 128؛ 3 / 117؛ 4 / 90،
96، 99
ص: 524
التوقيعات،3 / 64
التهذيب،2 / 40، 262
جامع الاُصول، 2 / 256
جامعه الصغير، 3 / 68
جواب المسائل السلاّريّة،3 / 72
الخرائج،2 / 268؛ 4 / 19
الخصال،2 / 501؛ 3 / 38، 39، 57، 59، 61، 62،
400؛ 4 / 80، 81
الخلاصة،2 / 510؛ 3 / 11، 158، 363؛ 4 / 158
الخلاف،2 / 571؛ 3 / 412
الدروس،2 / 40؛ 3 / 47، 55، 75، 169، 369، 455
الدروع الواقية،2 / 40
درّة التاج،1 / 359
الدلائل،3 / 70
الذكرى،2 / 112
رجال الشيخ،1 / 489
رسالة النجوم، 3 / 66
الزبور،3 / 94
سعد السعود،2 / 473
السيرة،4 / 325
شرائع الإسلام، 3 / 412
شرح تلخيص المفتاح،3 / 212
شرح شواهد المغني،4 / 194
شرح مسلم،3 / 335
شرح المشكاة،1 / 623؛ 3 / 502
شرح المواقف،3 / 252، 580
الشفاء،1 / 292
الصحاح،1 / 225، 240، 298، 346، 353، 410،
419، 449، 617، 626؛ 2 / 6، 66، 230، 292،
328، 366، 374، 376، 377، 386، 467، 489،
502، 513، 520، 521، 524، 537، 539، 547،
567، 605؛ 3 / 14، 16، 17، 20، 28؛ 4 / 375،
415
صحيح مسلم، 4 / 124
طبّ الأئمّة، 3 / 37، 38
الطرائف، 1 / 350، 351
الطنافس الحيريّة،2 / 146
العدّة،1 / 359، 439، 449؛ 2 / 131، 272، 325،
394، 526، 553، 554، 572؛ 3 / 487
العلل،2 / 258، 389؛ 3 / 182، 387، 584، 585؛
4 / 69، 109، 190
عمدة الطالب،2 / 216
العيون،2 / 128؛ 3 / 584؛ 4 / 38، 44
الغرر والدرر، 1 / 292؛ 2 / 104؛ 3 / 74
الفائق في غريب الحديث، 1 / 481؛ 2 / 547؛
4 / 109
فتح الأبواب،3 / 62
فرج المهموم،3 / 63،3 / 68
الفقيه،1 / 286، 610؛ 2 / 41، 54، 55، 56، 57، 59،
60، 64، 66، 156، 233، 234، 467؛ 3 / 38،
64، 255، 299، 342، 386؛ 4 / 31، 80، 81،
189، 190
القاموس، 1 / 82، 83، 87، 89، 93، 95، 96، 101،
121، 122، 127، 141، 143، 144، 146، 148،
149، 155، 156، 177، 178، 179، 180، 190،
194، 196، 197، 213، 214، 216، 220، 222،
225، 226، 227، 229، 235، 236، 237، 238،
240، 243، 244، 245، 247، 250، 251، 254،
255، 256، 258، 260، 261، 263، 264، 265،
267، 268، 269، 270، 271، 272، 273، 275،
ص: 525
277، 281، 282، 283، 284، 286، 288، 289،
291، 293، 294، 296، 297، 298، 300، 301،
302، 304، 305، 308، 309، 311، 312، 315،
317، 322، 323، 324، 328، 329، 330، 331،
332، 334، 335، 336، 338، 339، 341، 343،
344، 345، 346، 347، 348، 351، 352، 353،
354، 358، 364، 365، 366، 367، 368، 369،
371، 372، 375، 378، 385، 386، 387، 395،
402، 403، 407، 408، 409، 410، 411، 412،
414، 415، 416، 417، 418، 419، 422، 423،
424، 425، 433، 434، 438، 442، 444، 447،
449، 450، 451، 458، 460، 461، 472، 476،
479، 484، 485، 488، 495، 497، 498، 502،
507، 511، 514، 515، 519، 529، 533، 535،
537، 540، 542، 550، 555، 556، 561، 569،
570، 575، 577، 579، 580، 582، 583، 585،
586، 590، 593، 594، 595، 596، 599، 600،
601، 602، 608، 609، 611، 612، 613، 618،
619، 621، 622؛ 2 / 7، 13، 14، 15، 16، 19،
21، 22، 27، 30، 32، 34، 35، 37، 45، 50، 51،
55، 56، 59، 68، 69، 70، 71، 74، 76، 79، 85،
87، 89، 91، 112، 113، 118، 121، 125،
129، 130، 135، 136، 145، 146، 148، 149،
151، 152، 153، 157، 162، 176، 180، 183،
185، 187، 188، 189، 195، 197، 200، 202،
213، 214، 216، 227، 229، 230، 235، 242،
245، 253، 259، 260، 262، 267، 268، 272،
277، 279، 283، 291، 292، 293، 294، 301،
310، 311، 312، 313، 314، 325، 326، 328،
332، 335، 336، 337، 338، 342، 343، 344،
347، 348، 349، 351، 352، 356، 357، 358،
359، 362، 363، 364، 366، 367، 371، 375،
376، 377، 378، 380، 383، 386، 387، 388،
391، 392، 393، 396، 407، 408، 411، 412،
422، 423، 424، 427، 429، 430، 434، 435،
439، 441، 444، 445، 453، 455، 465، 466،
469، 471، 474، 476، 477، 482، 485، 487،
489، 491، 493، 496، 498، 500، 504، 508،
513، 515، 516، 518، 519، 521، 524، 527،
531، 533، 534، 536، 537، 538، 542، 543،
544، 545، 547، 548، 554، 557، 559، 560،
561، 565، 566، 567، 568، 569، 571، 572،
573، 575، 577، 578، 579، 583، 584، 590،
600، 601؛ 3 / 14، 15، 20، 22، 25، 26، 27،
28، 30، 31، 40، 41، 42، 44، 45، 48، 49، 50،
51، 52، 53، 56، 57، 61، 78، 82، 84، 90، 91،
93، 100، 106، 107، 109، 113، 119، 120،
121، 122، 123، 125، 126، 127، 128، 137،
138، 139، 140، 146، 147، 148، 149، 152،
154، 157، 158، 163، 165، 167، 168، 169،
170، 171، 172، 173، 175، 176، 178، 179،
185، 186، 187، 188، 189، 191، 194، 195،
196، 201، 204، 205، 206، 207، 208، 211،
213، 214، 215، 216، 217، 218، 219، 220،
225، 232، 237، 240، 241، 242، 243، 248،
250، 251، 253، 256، 258، 260، 265، 266،
267، 268، 292، 297، 298، 299، 304، 305،
306، 314، 315، 316، 317، 319، 325، 327،
328، 330، 333، 334، 339، 340، 341، 343،
345، 346، 348، 349، 350، 351، 352، 356،
ص: 526
360، 368، 371، 377، 384، 385، 392، 399،
401، 404، 407، 408، 409، 411، 412، 413،
415، 419، 420، 421، 422، 423، 424، 425،
428، 431، 434، 442، 443، 444، 445، 449،
450، 456، 457، 458، 460، 463، 472، 475،
480، 484، 494، 496، 497، 502، 506، 510،
513، 518، 519، 524، 529، 530، 535، 537،
541، 543، 568، 569، 570، 571، 574؛
4 / 10، 15، 17، 19، 27، 29، 44، 53، 55، 61،
67، 70، 71، 77، 81، 107، 108، 109، 110،
111، 118، 119، 125، 126، 143، 145، 151،
162، 172، 188، 189، 193، 194، 196، 199،
205، 209، 216، 217، 218، 219، 230، 236،
250، 251، 253، 256، 257، 258، 262، 267،
279، 285، 291، 293، 301، 303، 310، 319،
320، 321، 325، 329، 366، 368، 373، 375،
382، 385، 414، 427
قرب الإسناد، 2 / 205، 460؛ 4 / 96
القواعد،3 / 75
الكافي،3 / 556؛ 4 / 429
الكامل، 4 / 96، 134، 187، 316، 317، 327
كتاب التجمّل، 3 / 66
كتاب سعد،3 / 364
كتاب الصفّين، 1 / 376
كتاب عتيق،3 / 66
كتاب الكيمياء،1 / 265
كتاب مسائل،3 / 68
الكشّاف،2 / 585؛ 3 / 108، 352؛ 4 / 8، 144،
336
كشف الغمّة، 4 / 329
كمال الدِّين وتمام النعمة،3 / 132، 210، 442
المبسوط،2 / 571؛ 3 / 369
المجالس،3 / 470
مجمع البيان،1 / 343، 620؛ 2 / 301؛ 4 / 130
المحاسن،2 / 110؛ 4 / 81
المشكوة،3 / 334
المصباح، 1 / 184، 271، 299، 476؛ 2 / 29، 84،
87، 101، 146، 202، 206، 209، 227، 233،
260، 295، 312، 358، 431، 565، 577، 599؛
3 / 106، 159، 189، 208، 496، 516، 543؛
4 / 28، 108، 127، 287
معارج النبوّة،1 / 594؛ 2 / 116، 455؛ 4 / 131،
303، 304، 305، 307، 310، 311، 320، 419
معاني الأخبار،2 / 162؛ 3 / 65
المعتبر،2 / 571؛ 3 / 255
المغرب،1 / 242، 594؛ 2 / 79، 101، 206، 388؛
3 / 31، 53، 409؛ 4 / 15
المقالات،3 / 72
الملل والنحل،2 / 47؛ 3 / 508
المناقب،2 / 385؛ 3 / 71
منتهى المطلب،3 / 74
منهاج الأدوية،3 / 446
النافع،2 / 571
نزهة الكرام وبستان العوام،3 / 68
نوادر الحكمة،3 / 63
النهاية،1 / 145، 242، 259، 265، 298، 324،
336، 339، 379، 460، 558، 599، 608، 619،
625؛ 2 / 7، 18، 33، 44، 53، 55، 64، 77،
151، 189، 193، 201، 203، 291، 292، 294،
314، 327، 333، 383، 386، 466، 472، 497،
ص: 527
518، 534، 544، 567، 571؛ 3 / 16، 31، 45،
78، 79، 81، 82، 83، 86، 140، 146، 159،
165، 169، 172، 177، 180، 207، 208، 221،
222، 260، 278، 309، 321، 328، 351، 408،
412، 422، 462، 487، 504، 509، 516، 519،
534، 575؛ 4 / 26، 55، 68، 76، 78، 82، 109،
121، 173، 213، 230، 236، 242، 251، 264،
278، 305، 413
نهج البلاغة، 1 / 227، 248، 253، 264، 292، 569،
573، 577، 582، 586، 590، 608، 611؛
2 / 8، 519، 538؛ 3 / 58، 67، 397؛ 4 / 230،
232، 234، 235، 237، 238، 239، 241، 242،
243، 250، 255، 382
ص: 528
الاءسلام، 1 / 88 ، 95 ، 100 ، 106 ، 108 ، 119 ،
122 ، 130 ، 131 ، 134 ، 148 ، 149 ، 159 ،
161 ، 164 ، 165 ، 166 ، 167 ، 168 ، 169 ،
221 ، 223 ، 225 ، 314 ، 321 ، 332 ، 336 ،
337 ، 339 ، 341 ، 368 ، 372 ، 412 ، 438 ،
480 ، 518 ، 531 ، 537 ، 558 ، 560 ، 563 ،
567 ، 568 ، 587 ، 590 ، 597 ، 608 ، 624 ؛
2 / 25 ، 47، 50، 51، 119، 127 ، 173، 281،
295، 297، 345، 383، 420، 431، 446، 520،
531، 581، 582، 599؛ 3 / 5 ، 8 ، 11 ، 74 ،
76 ، 79 ، 81 ، 82 ، 84 ، 88 ، 100 ، 102 ،
145 ، 146 ، 147 ، 183 ، 198 ، 257 ، 265 ،
266 ، 272 ، 282 ، 284 ، 286 ، 289 ، 290 ،
291 ، 331 ، 332 ، 333 ، 335 ، 336 ، 337 ،
339 ، 361 ، 371 ، 398 ، 419 ، 465 ، 467 ،
470 ، 471 ، 473 ، 475 ، 480 ، 512 ، 513 ،
519 ، 520 ، 545 ، 547 ، 554 ، 571 ، 578 ،
584؛ 4 / 56 ، 71 ، 86 ، 123 ، 126 ، 128 ،
129 ، 130 ، 130 ، 131 ، 132 ، 134 ، 136 ،
144 ، 149 ، 155 ، 187 ، 189 ، 202 ، 233 ،
263 ، 268 ، 276 ، 317 ، 326 ، 363 ، 366 ،
429
الاءسماعيليّة، 2 / 588
الأاعرة، 1 / 191؛ 2 / 1، 203، 514
الاءماميّة، 2 / 225، 588؛ 3 / 72، 362
أهل الاءسلام الاءسلام
أهل السنّة، 2 / 103
أهل القبلة، 3 / 374
أهل الكتاب، 1 / 102، 174؛ 3 / 87، 102، 217،
264، 465؛ 4 / 19، 118، 389، 391، 392
التشيّع الشيعة
الجبريّة، 1 / 148، 150، 161؛ 2 / 47
الحروريّة، 2 / 47
الخاصّة، 1 / 108، 150، 397، 489، 558؛ 2 / 75،
124، 125، 131، 209، 262، 372، 465، 466،
509؛ 3 / 63، 83، 164، 257، 282، 283،
312، 358، 382، 581؛ 4 / 22، 24، 160،
188، 292، 345
الزيديّة، 2 / 588؛ 3 / 273، 365، 492
الشافعيّة، 4 / 303
الشيعة، 1 / 100، 109، 124، 135، 139، 156،
213، 386، 387، 390، 394، 495، 502، 576،
ص: 529
577، 578، 580، 585، 606؛ 2 / 46، 47، 50،
51، 52، 53، 190، 193، 267، 285، 286،
421، 440، 441، 462، 506، 588، 589، 590؛
3 / 69، 122، 145، 146، 147، 154، 156،
161، 183، 185، 195، 197، 199، 203، 251،
273، 365، 389، 419، 432، 434، 492، 503،
543، 553، 572، 581؛ 4 / 22، 55، 56، 77،
84، 85، 151، 160، 164، 207، 366، 398
العامّة، 1 / 102، 108، 109، 135، 397، 405، 557،
558؛ 2 / 25، 35، 55، 73، 75، 79، 92، 95،
96، 98، 124، 125، 130، 131، 181، 204،
209، 212، 225، 230، 231، 232، 233، 234،
247، 257، 259، 280، 373، 403، 433، 441،
471، 509، 581، 597؛ 3 / 12، 31، 37، 38،
63، 69، 83، 84، 163، 164، 182، 228، 257،
264، 282، 283، 299، 311، 335، 355، 358،
382؛ 4 / 15، 19، 20، 20، 22، 24، 44، 45،
66، 102، 107، 118، 126، 128، 145، 158،
172، 186، 188، 189، 292، 293، 298، 322،
345، 412
العبّاسيّة، 3 / 137 ، 141 ، 495
الغُلاة، 3 / 204، 211، 252؛ 4 / 49 ، 258
القدريّة، 2 / 47
كلاميّة، 1 / 191
المجوسيّة، 4 / 11، 268
المرجئة، 2 / 47، 49
المعتزلة، 1 / 191؛ 2 / 47، 225؛ 3 / 72، 203
النصارى، 1 / 497، 511، 538؛ 2 / 357، 561؛
3 / 476، 477؛ 4 / 362
النواصب، 4 / 186
الواقفة، 4 / 209
اليهود، 1 / 511، 560؛ 2 / 499، 561؛ 3 / 88،
127، 204، 340، 463، 476، 477؛ 4 / 60،
362
ص: 530
آل إبراهيم، 2 / 241، 2 / 247، 2 / 511
آل أبي سفيان، 3 / 141
آل البيت، 3 / 329
آل حمزة بن عمارة، 3 / 493
آل داود، 2 / 293 ؛ 4 / 206
آل الذريح، 3 / 422
آل عمران، 2 / 241
آل فرعون، 1 / 349، 570
آل محمّد صلى الله عليه و آله، 1 / 167، 443، 582؛ 2 / 195،
249، 277، 279، 289، 461، 511، 572؛ 3 /
120، 121، 268، 438، 439، 467، 556، 579؛
4 / 33، 167، 344، 345، 358
آل يعقوب، 2 / 502، 503
الأمّة، 1 / 103، 111، 112، 124، 125، 126،
134، 139، 146، 154، 157، 161، 162، 164،
166، 299، 301، 337، 353، 372، 394، 488،
489، 532، 553، 576، 585، 588، 615؛ 2 /
47، 49، 102، 107، 157، 165، 157، 171،
231، 243، 244، 245، 249، 251، 251، 284،
287، 288، 333، 384، 385، 424، 440، 469،
522، 531، 578، 586، 594 ؛ 3 / 95، 122،
123، 128، 176، 219، 221، 230، 248، 251،
252، 275، 303، 311، 321، 333، 361، 378،
400، 402، 438، 452، 460، 477، 546، 553،
556، 579، 581؛ 4 / 67، 153، 160، 198،
223، 242، 245، 289
أئمّة المعصومين الأئمّة
أئمّة الهدى الأئمّة
أرباب العصمة، 1 / 364؛ 2 / 281، 607
أسباط الأبياء، 1 / 489
أصحاب الأمّة، 1 / 412
أصحاب أبي بكر، 3 / 335
أصحاب أبي جعفر عليه السلام، 3 / 363
أصحاب أبي الخطّاب محمّد بن المقلاص،
3 / 211، 214
أصحاب الاثار، 1 / 412
أصحاب الاُخدود، 3 / 351
أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أصحاب عليّ عليه السلام
أصحاب الايات، 1 / 412
أصحاب الباقر عليه السلام، 3 / 158، 272
ص: 531
أصحاب بدر، 1 / 376
أصحاب الجمل، 1 / 336؛ 2 / 596؛ 4 / 262
أصحاب الحديث، 2 / 225
أصحاب الحسن عليه السلام، 4 / 149
أصحاب خيل، 1 / 403
أصحاب الدار، 1 / 546
أصحاب داود، 3 / 67
أصحاب الرأي، 1 / 265؛ 2 / 520
أصحاب الرسول صلى الله عليه و آله أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله
أصحاب الرضا عليه السلام، 1 / 501؛ 3 / 176
أصحاب السبت، 3 / 95
أصحاب السّريّة، 4 / 159
أصحاب الشرائع، 1 / 96
أصحاب الشمال، 3 / 417
أصحاب طالوت، 1 / 376
أصحاب العصمة أرباب العصمة
أصحاب العلامات والمعجزات، 1 / 412
أصحاب عليّ عليه السلام، 2 / 427، 2 / 510، 2 / 596؛
4 / 260
أصحاب عيسى عليه السلام، 3 / 462، 3 / 463
أصحاب قنفذ، 3 / 284
أصحاب القياس، 1 / 265
أصحاب الكبائر، 4 / 296
أصحاب الكرم، 1 / 262
أصحاب مدين، 1 / 347
أصحاب المهدي عليه السلام، 4 / 75، 76
أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله، 1 / 503، 622؛ 2 / 75، 212،
250، 387؛ 3 / 285
أصحاب النعم، 4 / 245
أصحاب النهروان، 2 / 263؛ 3 / 584
أصحاب الوبر، 1 / 621
أصحاب الوحي، 1 / 101، 266؛ 4 / 223
أصحاب اليمين، 3 / 417، 3 / 418
الأبّاء، 2 / 204، 207؛ 3 / 32، 34، 43، 47،
235، 446
الاُمراء، 4 / 245
الأبياء، 1 / 77، 80، 119، 129، 134، 153، 157،
169، 179، 185، 190، 192، 299، 300، 303،
304، 344، 353، 359، 394، 395، 439، 441،
480، 512، 525، 534، 547، 552، 591؛ 2 /
22، 25، 62، 75، 85، 87، 94، 106، 167،
181، 202، 224، 231، 232، 234، 235، 238،
239، 240، 242، 243، 244، 245، 250، 251،
252، 283، 314، 347، 355، 373، 380، 384،
387، 391، 402، 415، 445، 458، 475، 499،
561، 564، 576؛ 3 / 8، 69، 73، 88، 90، 92،
100، 153، 177، 182، 246، 273، 303، 310،
329، 340، 350، 370، 400، 401، 456، 458،
463، 477، 478، 515، 556، 581، 582؛ 4 /
91، 96، 97، 98، 99، 223، 277، 285، 308،
345، 355 ، 357
الأصار، 1 / 338، 545، 546؛ 3 / 283، 287
الأزاع، 1 / 213
الأس، 4 / 60، 4 / 118
الأصياء، 1 / 119، 134، 179، 185، 190، 192،
300، 353، 359، 445، 490، 523، 534، 591،
606؛ 2 / 45، 85، 231، 232، 235، 243،
245، 253، 276، 380، 415، 475، 576؛ 3 /
ص: 532
60، 69، 153، 242، 242، 246، 329، 350،
400، 552؛ 4 / 183، 344، 345، 361
أولاد إسرائيل، 3 / 120
أولاد الأئمّة، 1 / 405
أولاد بنيامين، 4 / 89
أولاد الحسن عليه السلام، 4 / 102
أولاد الحسين عليه السلام، 4 / 102
أولاد حظلة بن مالك بن عمرو بن تميم، 2 / 212
أولاد الخُلفاء، 2 / 585
أولاد الرسول، 2 / 73، 384
أولاد سبأ، 4 / 66
أولاد سليط، 3 / 493
أولاد شيبة بن عثمان الجحني، 3 / 551
أولاد لاوي بن يعقوب، 4 / 89
أولاد هاني بن قبيصة، 3 / 403
اُولى الأر، 1 / 183
الألياء، 1 / 80، 289، 526؛ 2 / 380؛ 4 / 277
أهل الإجابة، 3 / 151
أهل الارتياب، 3 / 283
أهل أيلة، 3 / 94
أهل البدر، 1 / 376
أهل بدر، 1 / 376؛ 3 / 283، 583؛ 4 / 76، 97
أهل البصرة، 1 / 449؛ 2 / 596، 597
أهل البصيرة، 4 / 350
أهل بطن نخلة، 4 / 158، 159
أهل البواري، 1 / 621
أهل البيت عليهم السلام، 1 / 111، 283، 314، 315، 337،
388، 397، 419، 501، 581؛ 2 / 45، 124،
149، 176، 194، 246، 288، 289، 300، 410،
477، 506؛ 3 / 24، 25، 61، 68، 70، 158،
188، 226، 249، 273، 285، 288، 289، 329،
333، 365، 376، 388، 392، 451، 460، 495،
541، 546، 560، 585؛ 4 / 45، 68، 75، 84،
153، 160، 198، 266، 322، 333، 345، 349،
361، 401، 429
أهل بيت إبراهيم عليه السلام، 4 / 362
أهل البيت الأئمّة
أهل بيت العصمة، 1 / 101؛ 2 / 175، 241، 252؛
3 / 290، 317، 459؛ 4 / 88، 389، 409
أهل التفسير، 1 / 134، 136، 142، 412؛ 2 / 18،
19، 22، 24، 29، 61، 149، 153، 176، 198،
236، 237، 258، 278، 326، 341، 379، 390،
433، 564، 562، 590، 591، 595؛ 3 / 5، 22،
89، 94، 96، 100، 329، 453، 454، 457،
473، 537، 544، 549؛ 4 / 37، 38، 43، 44،
66، 92، 96، 99، 104، 139، 141، 144، 169،
173، 332، 339، 343، 344، 347، 348، 358،
364، 428
أهل التنجيم، 3 / 400، 402؛ 4 / 47
أهل الجبل، 3 / 360
أهل الجدب، 3 / 167
أهل الحجاز، 2 / 15، 173؛ 3 / 424، 576؛ 4 /
82، 239
أهل خراسان، 1 / 577، 584؛ 2 / 585؛ 3 / 494
أهل الخصب، 3 / 167
أهل داوردان، 3 / 87، 88
أهل الذمّة، 3 / 217، 258
أهل الرأي، 4 / 211
أهل ردّة، 3 / 334
أهل سبأ، 4 / 66، 426
ص: 533
أهل سقاية الحاجّ، 3 / 110
أهل السِّير، 3 / 454، 471، 493، 537، 538؛ 4 /
133، 330
أهل الشام، 1 / 498؛ 2 / 87؛ 3 / 365، 584؛ 4 /
310
أهل الطيرة، 3 / 39
أهل العراق، 3 / 507
أهل العصمة أرباب العصمة
أهل العصمة المعصومين
أهل فارس، 3 / 466
أهل الفرس، 3 / 32
أهل قبا، 4 / 188
أهل كوثى، 4 / 316
أهل الكوفة، 3 / 211، 364
أهل اللغة، 3 / 353، 524؛ 4 / 156، 334
أهل المدينة، 3 / 157، 162، 428
أهل المسجد الحرام، 4 / 159
أهل مصر، 4 / 19، 4 / 318، 4 / 319
أهل مكّة، 1 / 350؛ 2 / 504، 596؛ 3 / 104،
165، 210، 358؛ 4 / 110، 130، 132، 293،
364
أهل الميامة، 4 / 15
أهل نجد، 3 / 576؛ 4 / 239
أهل نجران، 1 / 561
أهل النحب النذر، 4 / 51
أهل النهروان، 1 / 336؛ 2 / 264؛ 4 / 216، 219
أهل نينوى، 3 / 119
أهل واسط، 3 / 345
أهل الوبر، 3 / 170
أهل الوصف، 3 / 221
أهل ياسر، 2 / 510
أهل اليمامة، 4 / 127
أهل اليمن 1 / 619؛ 3 / 59
بنات الصادق عليه السلام، 3 / 161
بنات نعش، 2 / 112
بنو إسرائيل، 1 / 349، 438، 444، 454، 538،
539، 587، 615؛ 2 / 345، 381؛ 3 / 8، 87،
88، 89، 92، 93، 94، 119؛ 4 / 19، 90، 91،
92، 94، 96، 97، 98، 99، 117
بنو إسماعيل، 1 / 331، 539
بنو اُميّة، 1 / 178، 269، 405، 555، 576، 577،
578، 579، 580، 581، 582، 583، 584، 585،
587، 591؛ 2 / 174، 213، 487؛ 3 / 120،
138، 192، 193، 256، 257، 277، 293، 365،
367، 382، 438، 452، 493؛ 4 / 192، 202،
365، 367، 387
بنو تغلب، 1 / 557
بنو تميم، 2 / 173، 212؛ 3 / 266
بنو ذُبيان، 2 / 297
بنو سفيان بن عويف، 2 / 209
بنو العبّاس، 1 / 78، 403، 269، 576، 581، 587،
588؛ 2 / 506؛ 3 / 122، 134، 138، 206،
365، 574، 577؛ 4 / 64، 152، 192، 286،
365، 367، 387
بنو عبد الدار، 2 / 215
بنو عبد المطّلب، 1 / 563؛ 2 / 124، 604؛ 3 /
289
بنو عبد مناة بن كنانة، 2 / 209
بنو عجل، 3 / 132
بنو عدي، 4 / 126، 202
ص: 534
بنو قريش، 1 / 331
بنو قريظة، 3 / 515
بنو قصي، 3 / 96
بنو كنانة، 1 / 331؛ 2 / 209
بنو كنعان، 3 / 472
بنو مروان، 1 / 587؛ 2 / 164
بنو مرّة بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن،
3 / 10
بنو معدي كرب، 1 / 622
بنو المغيرة، 2 / 174
بنو النضر، 1 / 331، 560؛ 3 / 515؛ 4 / 60
بنو نوبخت، 3 / 72
بنو هاشم، 1 / 331، 539، 542، 543، 560، 563،
615؛ 2 / 124، 506، 582، 593، 594؛ 3 /
104، 105، 282، 287
تميم، 2 / 15
الثقيف، 3 / 409
جَذيمة، 1 / 626
الجمّالون، 1 / 620
الحمّالون، 1 / 620
الحواريّون، 2 / 351؛ 3 / 462، 463
الخزرج، 4 / 60، 4 / 118
الخوارج، 2 / 47، 224، 257، 263، 264 ؛ 3 / 58،
277؛ 4 / 216
الذريح، 3 / 422
الراسخون في العلم، 1 / 111
الشهداء، 1 / 126، 395، 488، 489؛ 2 / 157،
259، 384، 462، 512؛ 4 / 411، 412
شهداء اُحد، 1 / 489
طئ 3 / 520
العجم ، 1 / ، 542 ، 557 ، 583 ، 615؛ 2 / 292،
431، 491، 506، 507، 600، 601 ؛ 3 / 68،
216، 338، 450 ؛ 4 / 88، 194
عدنان، 2 / 600
العرب،1 / 82، 274، 291، 325، 326، 331، 336،
343، 377، 449، 476، 481، 542، 546، 557،
583، 615، 619، 624؛ 2 / 35، 56، 64، 70،
73، 116، 202، 212، 230، 232، 237، 294،
295، 312، 383، 431، 435، 466، 471، 506،
507، 600، 601؛ 3 / 20، 44، 65، 70، 80،
81، 82، 96، 97، 120، 140، 206، 215، 216،
263، 338، 401، 410، 450، 460، 461، 465،
472، 487، 498، 504، 516، 522، 523، 534 ؛
4 / 60، 68، 82، 88، 118، 120، 151، 176،
179، 196، 288، 322
علماء الأبار، 1 / 102
علماء الشيعة، 4 / 186
علماء العامة، 1 / 292، 558، 560؛ 2 / 165
العلويّون، 2 / 442
غطفان، 1 / 618؛ 2 / 295؛ 3 / 515
الغفار، 3 / 124
الفاطميّين، 3 / 438
الفلاسفة، 1 / 215، 361، 461؛ 2 / 62، 93، 107،
127، 130، 133، 326، 419، 420
الفهر، 1 / 540
القاسطين، 3 / 282، 3 / 584
قريش، 1 / 498، 539، 540، 546، 563، 583،
615؛ 2 / 124، 171، 172، 174، 175، 251،
215، 600؛ 3 / 70، 96، 105، 107، 120،
216، 269، 328، 410، 411، 415، 425، 430،
ص: 535
448، 449، 468، 515، 520؛ 4 / 11، 17، 18،
118، 121، 126، 127، 131، 134، 135، 159،
198، 326، 327، 339، 344، 351، 364
قوم شعيب، 1 / 347
قوم صالح، 1 / 347، 502
قوم عاد، 2 / 139
قوم لوط عليه السلام، 2 / 597؛ 4 / 140، 141، 142، 143
قوم نوح، 1 / 350، 502؛ 2 / 139، 236
قوم يونس، 2 / 119
كنانة، 2 / 600
الكوفيّون، 3 / 201
اللغويّين، 3 / 454
المارقين، 3 / 282، 3 / 584
المتكّلمين، 1 / 116، 361؛ 2 / 102، 127، 513؛
3 / 72؛ 4 / 42، 293
المحدِّثون، 1 / 412؛ 4 / 293
مزينة، 2 / 294؛ 4 / 117
مضر، 2 / 600
المعصومين، 1 / 101، 102، 60؛ 2 / 64، 520،
325، 589؛ 3 / 66، 69، 131، 328؛ 4 / 150
المفسِّرون أهل التفسير
الملائكة، 1 / 89، 124، 388، 388؛ 2 / 86، 89،
97، 101، 101، 104، 105، 109، 114، 115،
139، 147، 154، 158، 159، 167، 171، 182،
184، 185، 209، 233، 242، 250، 251، 293،
355، 373، 388، 389، 402، 405، 419، 419،
421، 423، 433، 468، 499، 505، 512؛ 3 /
89، 130، 150، 154، 172، 246، 252، 298،
334، 340، 347، 386، 418، 430، 477، 482،
484، 485، 486، 497، 498، 498، 499، 500،
512؛ 4 / 355، 382
المنجّمون، 3 / 63، 68، 71، 73، 76، 400؛ 4 /
222
المنجّمون، أهل النجوم
المؤرِّخين، 3 / 95، 4 / 96
الناكثين، 3 / 282، 3 / 584
النجديّون، 4 / 82
نساء أهل مكّة، 3 / 105
النصارى، 1 / 557؛ 2 / 127؛ 3 / 465، 469؛
4 / 67، 358
هوازن، 3 / 157، 409
ص: 536
بنونا بنو أبناءنا وبناتُنا*** بنوهنَّ أبناء الرجال الأباعدا
4/ 103
ومن يك ذا مخ مُرٍّ مريض*** يجد مرّا به الماء الزلالا
3/ 282
ألا زعمت بالغيب إلاّ أحبّها*** إذا أنا لم يكرم عليَّ كريمها
4/ 322
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم*** بهنَّ فلول من قراع الكتائب
3/ 351؛ 4/ 180
وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب*** كمثل أما أنت برّا فاقترب
3/ 482
يا ربّ إمّا خرجوا بطالب*** في مقنب من هذه المقانب
4/ 327
يا ربّ إمّا يعزّزن طالب*** في مقنب من هذه المقانب
4/ 327
الفَذّ والتَّوأم والرقيب والنافس والمُسبُل*** الحِلس والمُعلى والسَفيح والمنيج والوَغد
1/ 324
أنت الأمين محمّد*** قرم أغرّ مسود
4/ 359
ولو طار ذو حافرٍ قبلها*** لطارت ولكنّه لم يطِر
3/ 437
اصبر على السّير والادّلاج في السّحر*** وفي الرّواح على الحاجات والبُكَر
ص: 537
4/ 213
كنار الحرّتين لها زفير*** تصمّ مسامع الرجل السميع
4/ 195
غمر الرداء إذا تبسّم ضاحكا*** علقت لضحكته رقاب المال
2/ 279
إنّ الذي سمك السماء بنا*** لها بيتا دعائمه أعزّ وأطول
2/ 554
أنّ النبيّ محمّدا ووصيّه*** في كلّ سابقة هما إخوان
1/ 202
فللموت تغذو الوالدات سُخّالها*** كما لخراب الدهر تُبنى المساكن
1/ 98
وبعد ماض رفعك الجزاء حسن*** ورفعه بعد مضارع وهن
1/ 526
لن يسلّم ابن حرّة زميله*** حتّى يموت أو يرى سبيله
3/ 105
إن عادت العقرب عدنا لها*** وكانت النعل لها حاضرة
3/ 415
واخصص بفاء عطف ما ليس صلة*** على الذي استقرّ أنّه الصلة
2/ 564
وإنّ مضارع تلاها صُرِفا***إلى المضيّ نحو لو يفي كفى
3/ 227
قد عرف الحرب العوان عنّي*** بازل عامين حديث سنّي
2/ 214
ص: 538
(9)
آية التطهير، 3 / 579
آية الغار، 3 / 428
آية الكرسي، 3 / 36، 489، 556، 557
آية المباهلة، 3 / 579
آية النبوّة، 3 / 469
آية النور، 4 / 362
سورة آل عمران، 1 / 97، 107، 130، 306؛ 2 / 241،
249، 305، 461؛ 3 / 336، 474؛ 4 / 362، 363
سورة إبراهيم، 2 / 260 ؛ 4 / 67، 148
سورة الأحزاب، 1 / 389 ؛ 2 / 194؛ 4 / 51
سورة الأحقاف، 1 / 96؛ 2 / 113
سورة الإسراء، 3 / 547
سورة الأعراف، 1 / 390؛ 2 / 21، 237، 420، 472؛
4 / 354
سورة الأنبياء، 1 / 153، 496 ؛ 2 / 23 ؛ 3 / 252،
312، 372؛ 4 / 350
سورة الأنعام، 1 / 111، 97، 114، 314 ؛ 2 / 237؛
3 / 99، 116، 355، 533، 546؛ 4 / 309، 351
سورة الأنفال، 1 / 540، 562 ؛ 3 / 354، 381، 541
سورة براءة سورة التوبة
سورة البقرة، 1 / 84، 118؛ 2 / 62، 113، 237؛
3 / 476، 554، 558، 560؛ 4 / 74، 89
سورة بني إسرائيل، 3 / 383
سورة التوبة، 2 / 190، 516، 531، 598؛ 3 / 313،
429، 543؛ 4 / 207، 332، 335، 338
سورة الحجّ، 2 / 406، 467 ؛ 4 / 180
سورة الحجر، 1 / 391، 394 ؛ 2 / 114 ؛ 3 / 155
سورة الحديد، 3 / 453 ؛ 4 / 23
سورة الحشر، 1 / 563
سورة الدخان، 1 / 392
سورة الدهر، 2 / 154
سورة الذاريات، 2 / 113، 176
سورة الرعد، 2 / 153؛ 3 / 394
سورة الروم، 1 / 544؛ 3 / 358، 530
سورة الزخرف، 1 / 537
سورة الزمر، 1 / 392، 393؛ 2 / 149؛ 3 / 201
سورة سبأ، 4 / 346
سورة السجدة، 2 / 406
سورة الشعراء، 2 / 236، 237
سورة الشورى، 3 / 545؛ 4 / 343، 347، 348
سورة ص، 1 / 142؛ 3 / 544؛ 4 / 347
سورة الصافّات، 3 / 359؛ 4 / 309
ص: 539
سورة الطلاق، 2 / 451، 2 / 587
سورة طه، 2 / 516
سورة العنكبوت، 2 / 239 ؛ 3 / 358
سورة فاطر، 1 / 185 ؛ 2 / 150؛ 3 / 172، 358
سورة الفتح، 2 / 531 ؛ 3 / 429؛ 4 / 131
سورة فرقان، 2 / 417
سورة فصّلت، 3 / 545؛ 4 / 165، 364
سورة ق، 1 / 354
سورة القتال سورة محمد
سورة القصص، 1 / 99 ؛ 4 / 345
سورة القمر، 2 / 112، 186؛ 3 / 527
سورة المائدة، 1 / 313 ؛ 3 / 92، 114، 115؛ 4 / 181
سورة المعارج، 2 / 405؛ 3 / 546
سورة محمد، 3 / 367
سورة المؤمن، 1 / 388 ؛ 3 / 358
سورة المؤمنون، 2 / 239، 301 ؛ 3 / 229
سورة النجم، 2 / 569، 2 / 597
سورة النحل، 1 / 494 ؛ 3 / 358، 548
سورة النساء، 1 / 125، 134، 137، 305، 394 ؛
2 / 235، 244؛ 3 / 5، 553 ؛ 4 / 135، 148
سورة النمل، 3 / 358
سورة النور، 2 / 454 ؛ 3 / 193، 298
سورة الواقعة، 3 / 417
سورة هود، 1 / 188، 308 ؛ 2 / 138، 238، 414 ؛
3 / 524، 531، 535 ؛ 4 / 75، 144، 338، 340،
361
سورة يوسف، 2 / 162 ؛ 3 / 358
سورة يونس، 2 / 97 ؛ 3 / 130، 373 ؛ 4 / 288،
291، 353
ص: 540
فهرس المنابع والمآخذ
1 . الاحتجاج ؛ أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسي «ت 548 ه» . تحقيق و نشر : دار النعمان _النجف الأشرف 1386 ه .
2 . أحكام القرآن ؛ ابن العربي (ت 543 ه) . تحقيق : محمّد عبدالقادر عطا ، دارالفكر _ بيروت .
3 . أحكام القرآن ؛ محمّد بن إدريس الشافعي (ت 204 ه) . تحقيق : عبدالغني عبدالخالق ، دارالكتب العلميّة _ بيروت 1400 ه .
4 . الأخبار الطوال ؛ أبوحنيفة أحمد بن داود الدينوري (ت 282 ه) . تحقيق : عبد المنعم عامر ، دار إحياء الكتب العربي ، الطبعة الاُولى 1960 ه .
5 . الإختصاص ؛ أو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد رحمه الله(ت 413 ه) . تحقيق : عليّ أكبر الغفاري ، دارالمفيد _ بيروت ، الطبعة الثانية 1414 ه .
6 . الإرشاد ؛ أبو عبداللّه محمّد بن محمّد النعمان المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه) . تحقيق: مؤسّسة آل البيت عليهم السلام_ قم ، الطبعة الثانية 1414 ه .
7 . إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان ؛ ابو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الاُولى 1410 ه .
8 . اسباب نزول الآيات ؛ أبو الحسن عليّ بن أحمد الواحدي النيسابوري (ت 468 ه) . تحقيق ونشر : مؤسّسة الحلبي _ القاهره 1388 ه .
9 . الاستذكار ؛ أبو عمر يوسف بن عبداللّه بن عبدالبرّ النمري (ت 463 ه) . تحقيق : سالم محمّد عطا ،دارالكتب العلميّة _ بيروت ، الطبعة الاُولى 2000 م .
10 . الاستيعاب ؛ أبو عمر يوسف بن عبداللّه بن عبدالبرّ النمري (ت 463 ه) . تحقيق : عليّ محمّد البجاوي ، دار الجيل _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1412 ه .
11 . اُسد الغابة في معرفة الصحابة ؛ أبو الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني المعروف بابن الأثير (ت 630 ه) .تحقيق و نشر : دارالكتاب العربي _ بيروت .
ص: 541
12 . الإصابة في تمييز الصحابة ؛ أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (ت 852 ه) . تحقيق و نشر : دارالكتب العلميّة _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1415 ه .
13 . الإعتقادات في دين الإماميّة ؛ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله (ت 381 ه) . تحقيق : عصام عبدالسيّد ، دارالمفيد _ بيروت ، الطبعة الثانية 1414 ه .
14 . أعلام الدين في صفات المؤمنين ؛ الشيخ الحسن بن أبي الحسن الديلمي (ت 711ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام _ قم .
15 . أعيان الشيعة ؛ السيّد محسن الأمين (ت 1371 ه) . تحقيق : حسن الأمين ، دارالتعارف _ بيروت .
16 . إقبال الأعمال ؛ السيّد عليّ بن موسى بن جعفر بن طاووس الحلّي (ت 664 ه) . تحقيق : جواد القيّومي الإصفهاني ، مكتب الإعلام الإسلامي ، الطبعة الاُولى 1414 ه .
17 . الإقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد ؛ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) . منشورات مكتبة جامع چهلستون _ طهران 1400 ه .
18 . الإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع ؛ محمّد بن أحمد الشربيني (ت 977 ه) . تحقيق و نشر : دارالمعرفة _ بيروت .
19 . إكمال الكمال ؛ الأمير الحافظ ابن ماكولا (ت 475 ه) . تحقيق و نشر : دار إحياء التراث العربي _ بيروت .
20 . الأمالي ؛ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله (ت 381 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة البعثة _ قم ، الطبعة الاُولى 1417 ه .
21 . الأمالي ؛ ابوجعفر محمّد بن الحسن الطوسي رحمه الله (ت 460 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة البعثة ، الطبعة الاُولى 1414 ه .
22 . الإمامة والسياسة ؛ أبو محمّد عبداللّه بن مسلم ابن قتيبة الدينوري (ت 276 ه) . تحقيق : طه محمّد الزيني ،مؤسّسة الحلبي .
23 . الأمان من أخطار الأسفار و الأزمان ؛ السيّد عليّ بن موسى بن طاووس الحلّي (ت 664 ه) . تحقيق و نشر :مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الاُولي 1409 ه .
24 . إمتاع الأسماع ؛ أحمد بن عليّ بن عبد القادر المقريزي (ت 845 ه) . تحقيق : محمّد عبدالحميد النميسي ،منشورات محمّد على بيضون _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1420 ه .
25 . الإنتصار ؛ الشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي البغدادي المعروف بعلم الهدى (ت 436 ه) .تحقيق : مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم 1415 ه .
26 . الأنساب ؛ أبو سعد عبدالكريم السمعاني (ت 562 ه) . تحقيق : عبداللّه عمر البارودي ، دارالجنان _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1408 ه .
27 . أوائل المقالات ؛ الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد (ت 413ه)، تحقيق: الشيخ إبراهيم الأنصاري ، دارالمفيد _ بيروت ، الطبعة الثانية 1414 ه .
ص: 542
28 . إيضاع الاشتباه ؛ أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي المعروف بالعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) . تحقيق : الشيخ محمّد الحسون ، مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الاُولى 1411 ه .
29 . بحار الأنوار ؛ العلاّمة الشيخ محمّد باقر المجلسي رحمه الله (ت 1111 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة الوفاء _ بيروت ، الطبعة الثانية 1403 ه .
30 . البحر الرائق شرح كنز الدقائق ؛ الشيخ زين الدين بن إبراهيم المعروف بابن نجيم المصري (ت 970 ه) . تحقيق : الشيخ زكريّا عميرات ، دارالكتب العلميّة _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1418ه .
31 . البحر المحيط ؛ أبو عبداللّه محمّد بن يوسف الأندلسي (ت 745 ه) . تحقيق و نشر : دارالكتب العلميّة _ بيروت ، الطبعة الأولى 1422 ه .
32 . البداية والنهاية ؛ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 ه) . تحقيق : عليّ شيري ، دار إحياء التراث العربي _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1408 ه .
33 . البرهان في علوم القرآن ؛ محمّد بن عبداللّه الزركشي (ت 794 ه) . تحقيق : محمّد ابوالفضل إبراهيم ، دارإحياء الكتب العربيّة ، الطبعة الاُولى 1376 ه .
34 . بشارة المصطفي لشيعة المرتضى ؛ أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري (ت 525 ه) . تحقيق : جواد القيّومي الإصفهاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الاُولى 1420 ه .
35 . بصائر الدرجات ؛ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار (ت 290 ه) . تصحيح : الحاج ميرزا حسن كوچه باغي ، منشورات الأعلمي _ طهران 1404 ه .
36 . البلد الأمين ؛ الشيخ إبراهيم بن عليّ العاملي الكفعمي (ت 840 ه) . الطبعة الحجريّة .
37 . تأريخ الاُمم و الملوك ؛ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (ت 310 ه) . تحقيق و نشر: مؤسّسة الأعلمي _ بيروت ، الطبعة الرابعة 1403 ه .
38 . تاريخ بغداد (مدينة السلام) ؛ أبو بكر أحمد بن عليّ الخطيب البغدادي (ت 463 ه) . تحقيق : مصطفى عبدالقادر عطا، دارالكتب العلميّة _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1417 ه .
39 . تاريخ مدينة دمشق ؛ أبو القاسم عليّ بن الحسن بن هبة اللّه المعروف بابن عساكر (ت 571 ه) . تحقيق : عليّ شيري ، دارالفكر _ بيروت 1415 ه .
40 . تاريخ اليعقوبي ؛ أحمد بن أبي يعقوب العبّاسي المعروف باليعقوبي (ت 284 ه) . تحقيق و نشر : دار صادر _ بيروت .
41 . تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ؛ السيّد شرف الدين عليّ الحسين النجفي (ت 965 ه) . تحقيق و نشر : مدرسة الإمام المهدي عليه السلام ، الطبعة الاُولى 1407 ه .
42 . تأويل مختلف الحديث ؛ أبو محمّد عبداللّه بن مسلم بن قتيبة (ت 276 ه) . تحقيق و نشر : دار الكتب العلميّة _ بيروت .
43 . التبيان في تفسير القرآن ؛ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي رحمه الله (ت 460 ه) . تحقيق : أحمد حبيب قصير
ص: 543
العاملي ، مكتب الإعلام الإسلامي ، الطبعة الاُولى 1409 ه .
44 . تبصير المنتبه ؛ ابن حجر العسقلاني ، تحقيق : البجاوي ، الدار المصريّة _ مصر 1386 ه .
45 . التجلّي الأعظم في الصلاة على آل النبيّ الأكرم ؛ السيّد فاخر الموسوي (المعاصر) ، نشر المؤلّف ، الطبعة الاُولى 1421 ه .
46 . تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة ؛ أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) . تحقيق : الشيخ إبراهيم البهادري ، مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1420 ه .
47 . تحف العقول عن آل الرسول صلى الله عليه و آله ؛ أبو محمّد الحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحرّاني رحمه الله (ت 381ه) . تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الثانية 1404 ه .
48 . تحفة الأحوذين بشرح جامع الترمذي ؛ أبو العلاء محمّد عبدالرحمن المباركفوري (ت 1282 ه) . تحقيق و نشر : دارالكتب العلميّة _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1410 ه .
49 . تخريج الأحاديث والآثار ؛ الزيعلي (ت 762 ه) . تحقيق : عبداللّه بن عبدالرحمن السعد، دار ابن خزيمة _ الرياض ، الطبعة الاُولى 1414 ه .
50 . تذكرة الفقهاء ؛ أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1414 ه .
51 . تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم) ؛ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 ه) . تحقيق و نشر : دارالمعرفة _ بيروت 1412 ه .
52 . تفسير أبي السعود ؛ أبو السعود محمّد بن حمد العمادي (ت 951 ه) . تحقيق و نشر : دارإحياء التراث العربي _ بيروت .
53 . تفسير الآلوسي ؛ الآلوسي (ت 1270 ه)، طبعة بيروت .
54 . تفسير البغوي ؛ البغوي (ت 510 ه) . تحقيق : خالد عبدالرحمن العك ، دارالمعرفة _ بيروت .
55 . تفسير البيضاوي ؛ القاضي البيضاوي (ت 682 ه) . تحقيق و نشر : دارالفكر _ بيروت .
56 . تفسير الثعلبي ؛ الثعلبي (ت 427 ه) . تحقيق : أبو محمّد بن عاشور ، دارإحياء التراث العربي _ بيروت ،الطبعة الاُولى 1422 ه .
57 . تفسير جوامع الجامع ؛ أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشرالإسلامي _ قم ، الطبعة الاُولى 1418 ه .
58 . تفسير الرازي ؛ الفخر الرازي (ت 606 ه) . الطبعة الثالثة .
59 . تفسير السمرقندي ؛ أبو الليث السمرقندي (ت 383 ه) . تحقيق : محمود مطرجي ، دارالفكر _ بيروت .
60 . تفسير السمعاني ؛ أبو المظفّر منصور بن محمّد السمعاني (ت 489 ه) . تحقيق : ياسر بن إبراهيم ، دارالوطن _ الرياض ، الطبعة الاُولى 418 ه .
61 . تفسير العيّاشي ؛ محمّد بن مسعود السمرقندي المعروف بالعيّاشي (ت 320 ه) . تحقيق : الحاج سيّد هاشم
ص: 544
الرسولي المحلاّتي ، المكتبة العلميّة الإسلامي _ طهران .
62 . تفسير الفرات الكوفي ؛ فرات بن إبراهيم الكوفي (ت 352 ه) . تحقيق : محمّد الكاظم ، مؤسّسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي _ طهران ، الطبعة الاُولى 1410ه .
63 . تفسير القرطبي ؛ أبو عبداللّه محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت 671 ه) . تحقيق : أحمد عبدالعليم البردوني ، دار إحياء التراث العربي _ بيروت .
64 . تفسير القمّي ؛ أبو الحسن عليّ بن إبراهيم القمّي (ت 329 ه) . تصحيح ؛ السيّد طيّب الموسوي الجزائري ، مؤسّسة دارالكتاب - قم ، الطبعة الثالثة 1404 ه .
65 . التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام ؛ تحقيق و نشر ؛ مدرسة الإمام المهدي عليه السلام _ قم ، ا لطبعة الاُولى 1409 ه .
66 . تفسير الواحدي ؛ أبو الحسن الواحدي (ت 468 ه) . تحقيق : صفوان عدنان داوودي ، دارالقلم _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1415 ه .
67 . التمهيد ؛ أبو عمر يوسف بن عبداللّه بن البرّ النمري (ت 463 ه) . تحقيق : مصطفي بن أحمد العلوي ، وزارة عموم الأوقاف والشئون الإسلاميّة - المغرب 1387 ه .
68 . تمهيد الأوائل و تلخيص الدلائل ؛ أبوبكر محمّد بن الطيّب الباقلاني (ت 403 ه) . تحقيق : عماد الدين أحمد حيدر ، مؤسّسة الكتب الثقافيّة _ بيروت ، الطبعة الثالثة 1414 ه .
69 . التوحيد ؛ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله (ت 381 ه) . تحقيق : السيّد هاشم الحسيني ، مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم .
70 . تهذيب الأحكام ؛ أبو جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي رحمه الله(ت 460 ه) . تحقيق : السيّد حسن الموسوي الخرسان ، دارالكتب الإسلاميّة _ طهران ، الطبعة الثالثة 1364 ش .
71 . تهذيب الكمال ؛ أبو الحجّاج يوسف المزي (ت 742 ه) . تحقيق : بشّار عواد معروف ، مؤسّسة الرسالة _ بيروت ، الطبعة الرابعة 1406 ه .
72 . الثقات ؛ محمّد بن حبان التميمي (ت 354 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة الكتب الثقافيّة ، الطبعة الاُولى 1393 ه .
73 . ثواب الأعمال و عقاب الأعمال ؛ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله(ت 381 ه) . تحقيق و نشر : منشورات الشريف الرضي _ قم ، الطبعة الثانية 1368 ش .
74 . جامع البيان عن تأويل أي القرآن ؛ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (ت 310 ه) . تحقيق و نشر : دارالفكر _ بيروت 1415 ه .
75 . جامع بيان العلم و فضله ؛ أبو عمر يوسف بن عبداللّه بن محمّد بن عبد البرّ (ت 463 ه) . تحقيق ونشر : دارالكتب العلميّة _ بيروت 1398 ه) .
ص: 545
76 . الجامع الصغير ؛ عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 ه) . تحقيق و نشر : دارالفكر _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1401 ه .
77 . جامع المقاصد في شرح القواعد ؛ الشيخ عليّ بن الحسين الكركي (ت 940 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1408 ه .
78 . الجرح والتعديل ؛ أبو محمّد عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327 ه) . تحقيق و نشر : دار إحياء التراث العربي _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1371 ه .
79 . الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ؛ الشيخ يوسف البحراني (ت 1186 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم .
80 . الحديقة الهلاهيّة شرح دعاء الهلال ؛ الشيخ محمّد بن الحسين العاملي المعروف بالشيخ البهائي (ت 1031ه) . تحقيق : السيّد عليّ الموسوي الخراساني ، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1410 ه .
81 . الخرائج والجرائح ؛ قطب الدين الراوندي (ت 537 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1409 ه .
82 . خزانة الأدب ؛ عبدالقادر بن عمر البغدادي (ت 1093 ه) . تحقيق : محمّد نبيل الطريفي ، دارالكتب العلميّة _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1998 م .
83 . خصائص الأئمّة ؛ أبو الحسن محمّد بن الحسين بن موسى الموسوي المعروف بالشريف الرضي (ت 406 ه) . تحقيق : محمّد هادي الأميني ، مجمع البحوث الإسلاميّة - مشهد 1406ه .
84 . الخصال ؛ أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله(ت 381 ه) .تحقيق : علي أكبر الغفاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي - قم 1403 ه .
85 . خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ؛ أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي المعروف بالعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) . تحقيق : الشيخ جواد القيّومي ، مؤسّسة النشر الإسلامي - قم ، الطبعة الاُولى 1417 ه .
86 . الخلاف ؛ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) . تحقيق : مؤسّسة النشر الإسلامي - قم 1407 ه .
87 . الدرّ المنثور ؛ جلال الدين عبدالرحمن السيوطي (ت 911 ه) . تحقيق و نشر : دارالمعرفة _ بيروت .
88 . الدرّ النظيم ؛ يوسف بن حاتم الشامي المشغري (ت 664 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي - قم .
89 . الدروس الشرعيّة في فقه الإماميّة ؛ شمس الدين محمّد بن مكّى عاملي (ت 786 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي - قم .
90 . الدروع الوقية ؛ السيّد عليّ بن موسى بن طاووس (ت 664 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1414 ه .
91 . الدعوات (سلوة الحزين) ؛ ابوالحسين سعيد بن هبة اللّه الراوندي (ت 573 ه) . تحقيق : مدرسة الإمام المهدى عليه السلام ، الطبعة الاُولى 1407 ه .
ص: 546
92 . الذريعة إلى تصانيف الشيعة ؛ العلاّمة الشيخ آقا بزرگ الطهراني (ت 1389 ه) . تحقيق و نشر : دارالأضواء _ بيروت ، الطبعة الثالثة 1403 ه .
93 . رجال ابن داوود ؛ الحسن بن عليّ بن داوود الحلّي (ت 740 ه) . تحقيق : السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم ، منشورات مطبعة الحيدريّة _ النجف الأشرف 1392 ه .
94 . رجال البرقي ؛ أحمد بن محمّد بن خالد البرقي (ت 274) . تحقيق و نشر : انتشارات جامعة طهران 1383 ش .
95 . رجال الطوسي ؛ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) . تحقيق : الشيخ جواد القيّومي ، مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الاُولى 1415 ه .
96 . رجال الكشّي (اختيار معرفة الرجال) ؛ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) . تصحيح : ميرداماد الإسترآبادي ، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام _ قم 1404 ه .
97 . رجال النجاشي ؛ أبو العبّاس أحمد بن عليّ النجاشي (ت 450 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي - قم ، الطبعة الخامسة 1416 ه .
98 . رسائل الشهيد الثاني ؛ زين الدين عليّ الجبعي العاملي (ت 966 ه) . الطبعة الحجريّة ، مكتبة بصيرتي _ قم .
99 . رسائل المرتضى ؛ الشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي البغدادي المعروف بعلم الهدى (ت 436 ه) . الإعداد و التحقيق : السيّد مهدي الرجائي ، مطبعة سيّد الشهداء عليه السلام _ قم 1405 ه .
100 . روضة الواعظين ؛ الشيخ الشهيد محمّد بن الفتّال النيسابوري (ت 508) . منشورات الشريف الرضي - قم .
101 . رياض الصالحين ؛ أبو زكريّا يحيى بن شرف النووي المشقي (ت 676 ه) . تحقيق و نشر : دارالفكر المعاصر _ بيروت ، الطبعة الثانية 1411 ه .
102 . رياض المسائل ؛ السيّد عليّ الطباطبائي (ت 1231 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي - قم ،الطبعة الاُولى 1412 ه .
103 . زاد المسير ؛ عبدالرحمن عليّ الجوزي (ت 597 ه) . تحقيق : محمّد عبداللّه ، دارالفكر - بيروت ، الطبعةالاُولى 1407 ه .
104 . سبل الهدى والرشاد ؛ محمّد بن يوسف الصالحي الشامي (ت 942 ه) . تحقيق : الشيخ عادل أحمد ،دارالكتب العلميّة - بيروت ، الطبعة الاُولى 1414 ه .
105 . السرائر ؛ محمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي (ت 598 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشرالإسلامي - قم ، الطبعة الثانية 1410 ه .
106 . سعد السعود ؛ السيد عليّ بن موسى بن طاووس الحلّي (ت 664 ه) . تحقيق و نشر : منشورات الشريف الرضي _ قم 1363 ه .
107 . سنن أبي داوود ؛ أبو داوود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275 ه) . تحقيق : سعيد محمّد اللّحام ،دارالفكر - بيروت ، الطبعة الاُولى 1410 ه .
ص: 547
108 . سنن الترمذي (الجامع الصحيح) ؛ أبو عيسى محمّد بن عيسى الترمذي (ت 279 ه) . تحقيق : عبدالرحمن محمّد عثمان ، دارالفكر - بيروت ، الطبعة الثانية 1403 ه .
109 . سنن الدارمي ؛ أبو محمّد عبداللّه بن الرحمن الدارمي (ت 255 ه) . مطبعة الاعتدال - دمشق 1449 ه .
110 . السنن الكبرى ؛ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 ه) . تحقيق و نشر : دارالفكر - بيروت .
111 . سير أعلام النبلاء ؛ محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه) . تحقيق: حسين الأسد ، مؤسّسة الرسالة - بيروت ، الطبعة التاسعة 1413 ه .
112 . السيرة النبويّة ؛ ابن هشام الحميدي (ت 218 ه) . تحقيق : محمّد محيي الدين عبدالحميد ؛ مكتبة محمّدعلي صبيح - مصر 1383 ه .
113 . شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام ؛ أبو القاسم جعفر بن الحسن المعروف بالمحقّق الحلّي (ت 676ه) . تحقيق : السيّد صادق الشيرازي ، منشورات استقلال - طهران ، الطبعة الثانية 1409 ه .
114 . الشرح الكبير ؛ أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي (ت 682 ه) . دارالكتاب العربي - بيروت .
115 . شرح الكافية ؛ رضي الدين الإسترآبادي (ت 686 ه) . تحقيق : يوسف حسن عمر ، مؤسّسة الصادق -تهران 1395 ه .
116 . شرح اصول الكافي ؛ المولى محمّد صالح المازندراني (ت 1081 ه) . تحقيق و نشر : دار إحياء التراث العربي - بيروت ، الطبعة الاُولى 1421 ه .
117 . شرح صحيح مسلم ؛ النووي (ت 676 ه) . تحقيق و نشر : دارالكتاب العربي - بيروت 1407 ه .
118 . شرح نهج البلاغة ؛ ابن أبي الحديد المعتزلي (ت 656 ه) . تحقيق : محمّد ابوالفضل إبراهيم، مؤسّسة اسماعيليان .
119 . شرح نهج البلاغة ؛ ميثم بن عليّ بن ميثم البحراني (القرن السابع) . تحقيق و نشر : دفتر نشر الكتاب ،الطبعة الثانية 1404 ه .
120 . الشفاء ؛ شيخ الرئيس ابن سينا (ت 428 ه) . تحقيق و نشر : مكتبة آية اللّه المرعشي رحمه الله - قم .
121 . شواهد ا لتنزيل لقواعد التفضيل ؛ عبيداللّه بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني (القرن الخامس) .تحقيق : الشيخ محمّد باقر المحمودي ، مؤسّسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الإرشاد الإسلامي ، الطبعة الاُولى1411 ه .
122 . الصافي ؛ المولى محسن الفيض الكاشاني (ت 1091 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة الهادي - قم ، الطبعة الثانية 1416 ه .
123 . الصحاح (تاج اللغة و صحاح العربيّة) ؛ إسماعيل بن حمّاد الجوهري (ت 393 ه) . تحقيق : أحمد عبدالغفور العطّار ، مؤسّسة دارالعلم للملايين - بيروت ، الطبعة الرابعة 1407 ه .
124 . صحيح ابن حبان ؛ محمّد بن حبان التميمي (ت 354 ه) . تحقيق : شعيب الاُرنؤوط ، مؤسّسة الرسالة الطبعة الثانية 1414 ه .
ص: 548
125 . صحيح البخاري ؛ أبو عبداللّه محمّد بن إسماعيل البخاري الجعفي (ت 256 ه) .تحقيق و نشر : دارالفكر - بيروت 1401 ه .
126 . صحيح مسلم (الجامع الصحيح) ؛ أبو الحسين مسلم بن الحجّاج النيسابوري (ت 261 ه) . تحقيق و نشر :دارالكفر _ بيروت .
127 . الصحيفة السجّاديّة ؛ تحقيق : السيّد محمّد باقر الموحّد الأبطحي ، مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1411 ه .
128 . الصراط المستقيم إلى مستحقِّي التقديم ؛ أبو محمّد عليّ بن يونس العاملي (ت 877 ه) . تحقيق : محمّد باقرالبهبودي ، المكتبة المرتضويّة ، الطبعة الاُولى 1384 ه .
129 . طبّ الأئمّة ؛ أبو عتاب عبداللّه بن سابور الزيّات (ت 401 ه) . تحقيق و نشر : انتشارات الشريف الرضي _ قم ، الطبعة الثانية 1411 ه .
130 . الطبقات الكبرى ؛ محمّد بن سعد (ت 230 ه) . تحقيق و نشر : دار صادر _ بيروت .
131 . الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ؛ السيّد عليّ بن موسى بن طاووس الحلّي (ت 664 ه) . تحقيق و نشر :مطبعة الخيّام _ قم ، الطبعة الاُولى 1399 ه .
132 . عدّة الداعي و نجاح الساعي ؛ أحمد بن فهد الحلّي (ت 841 ه) . تحقيق : أحمد الموحّدي القمّي ، مكتبة وجداني _ قم .
133 . العقد النضيد و الدرّ الفريد ؛ محمّد بن حسن القمّي (القرن الثامن) . تحقيق : على أوسط الناطقي ، دار الحديث _ قم: الطبعة الاُولى 1423 ه .
134 . علل الشرائع ؛ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله(ت 381 ه) .منشورات المكتبة الحيدريّة _ النجف الأشرف 1385 ه .
135 . العمدة (عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار) ؛ يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي (ت 600 ه) .تحقيق ونشر : مؤسّسة النشر الإسلامي - قم 1407 ه .
136 . عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ؛ أحمد بن عليّ الحسيني المعروف بابن عنبة (ت 828 ه) . تحقيق :محمّد بن آل الطالقاني ، منشورات المطبعة الحيدريّة _ النجف الأشرف ، الطبعة الثانية 1380 ه .
137 . عمدة القاري ؛ أبو محمّد محمود بن أحمد العيني (ت 855 ه) . تحقيق و نشر : دارإحياء التراث العربي _ بيروت .
138 . عوإلى اللآلي ؛ الشيخ محمّد بن عليّ بن إبراهيم الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور (ت 880 ه) .تحقيق : آقا مجتبي العراقي ، مطبعة سيّد الشهداء عليه السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1403 ه .
139 . عيون أخبار الرضا عليه السلام؛ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله (ت481 ه) . تصحيح : الشيخ حسين الأعلمي ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات _ بيروت 1404 ه .
140 . عيون الحكم والمواعظ ؛ الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد الليثي الواسطي (القرن السادس) . تحقيق :الشيخ حسين الحسني البيرجندي ، طبعة دار الحديث _ قم، الطبعة الاُولى، 1376ش .
ص: 549
141 . عيون المعجزات ؛ الشيخ حسين بن عبدالوهّاب (القرن الخامس) . تحقيق : محمّد كاظم الشيخ الصادقالكليني ، مطبعة الحيدرية 1369 ه .
142 . غاية المرام و حجة الخصام في تعيين الإمام ؛ السيّد هاشم البحراني الموسوي (ت 1107 ه) . تحقيق : السيّد على عاشور .
143 . غرر الحكم و درر الكلم ؛ عبدالواحد بن محمّد التميمي الآمدي (ت 550 ه) . تحقيق و نشر : دفتر تبليغات الإسلامي - قم 1366 ش .
144 . الفائق في غريب الحديث ؛ العلاّمة محمود بن عمر الزمخشري (ت 583 ه) . تحقيق و نشر : دارالكتب العلميّة _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1417 ه .
145 . فتح الأبواب ؛ السيّد عليّ بن موسى بن طاووس الحلّي (ت 664 ه) . تحقيق : حامد الخفاف ، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1409 ه .
146 . فتح الباري شرح صحيح البخاري ؛ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني (ت 852 ه) . تحقيق و نشر :دارالمعرفة _ بيروت ، الطبعة الثانية .
147 . الفتح السماوي ؛ محمّد عبدالرؤوف المناوي (ت 1031 ه) . تحقيق : أحمد مجتبي ، دارالعاصمة _ الرياض .
148 . فتح القدير ؛ محمّد بن عليّ الشوكاني (ت 1250 ه) . تحقيق و نشر : عالم الكتب .
149 . الفرج بعدالشدّة ؛ أبو علي الحسن بن أبي القاسم التنوخي (ت 384 ه) . تحقيق و نشر : منشورات الشريف الرضي _ قم ، الطبعة الثانية 1364 ش .
150 . فرج المهموم ؛ السيّد عليّ بن موسى بن طاووس الحلّي (ت 664 ه) . تحقيق و نشر : منشورات الشريف الرضي _ 1363 ش .
151 . فردوس الأخبار ؛ ابن شيرويه الديلمي (ت 509 ه) . تحقيق و نشر : دارالكتاب العربي _ بيروت .
152 . الفروق اللغويّة ؛ أبو هلال العسكري (ت 395 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الاُولى 1412 ه .
153 . الفصول المختارة ؛ أبو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد رحمه الله (ت 413 ه) .دارالمفيد - بيروت ، الطبعة الثانية 1414 ه .
154 . الفصول المهمّة في اُصول الأئمّة ؛ الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104 ه) . تحقيق : محمّد بن محمّد الحسين القائيني ، مؤسّسة معارف إسلامي إمام رضا عليه السلام ، الطبعة الاُولى 1418 ه .
155 . فقه الرضا عليه السلام ؛ المنسوب للإمام الرضا عليه السلام . تحقيق : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1406 ه .
156 . فلاح السائل ؛ أبو القاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس (ت 664 ه) . تحقيق و نشر : دفترتبليغات الإسلامي _ قم .
157 . الفوائد الرجاليّة ؛ العلاّمة الوحيد البهبهاني (ت 1205 ه) . تحقيق : حفيد المصنّف .
ص: 550
158 . الفهرست ؛ ابن النديم البغدادي (ت 438 ه) . تحقيق : رضا تجدّد .
159 . الفهرست ؛ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) . تحقيق : الشيخ جواد القيّومي ، مؤسّسة النشر الإسلامي - قم ، الطبعة الاُولى 1417 ه .
160 . فهرستگان نسخه هاى خطّي : علي صدارايي خويي (المعاصر) طبعة دار الحديث _ قم، 1381 ش .
161 . فيض القدير في شرح الجامع الصغير ؛ محمّد عبدالرؤوف المناوي (ت 1031 ه) . تحقيق : أحمد عبدالسلام ، دارالكتب العلميّة - بيروت 1415 ه .
162 . قاموس الرجال ؛ العلاّمة الشيخ محمّد تقي التستري (المعاصر) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الاُولى 1419 ه .
163 . القاموس المحيط ؛ الشيخ مجد الدين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817 ه) . طبعة دارالعلم -بيروت .
164 . القانون ؛ الشيخ الرئيس أبو عليّ بن سينا (ت 428 ه) . تحقيق و نشر : دارصادر - بيروت .
165 . قرب الإسناد ؛ أبو العبّاس عبداللّه بن جعفر الحميري (القرن الثالث) . تحقيق و نشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1413 ه .
166 . قصص الأنبياء ؛ السيّد نعمة اللّه الجزائري (ت 1112 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة الشريف الرضي _ قم .
167 . قواعد الأحكام ؛ أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الاُولى 1413 ه .
168 . القواعد و الفوائد ؛ أبو عبداللّه محمّد بن مكّي العاملي المعروف بالشهيد الأوّل (ت 786 ه) . تحقيق : السيّد عبدالهادي الحكيم ، منشورا مكتبة المفيد _ قم .
169 . كاسح الألغام الكفريّة ؛ عبداللّه بن عبد الإله الحسيني (المعاصر) . مكتبة الشعب _ القاهرة .
170 . الكافي ؛ أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني (ت 429 ه) . تحقيق : على أكبر الغفاري ، دارالكتب الإسلاميّة _ طهران ، الطبعة الخامسة 1363 ه .
171 . الكافي في الفقه ؛ أبو الصلاح الحلبي (ت 447 ه) . تحقيق : رضا اُستادي ، مكتبة أميرالمؤمنين عليه السلام _إصفهان .
172 . الكامل في التاريخ ؛ أبو الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني المعروف بابن الأثير (ت 630 ه) . تحقيق ونشر : دار صادر _ بيروت 1386 .
173 . كتاب سليم بن قيس؛ سليم بن قيس الهلالي (القرن الأوّل) . تحقيق : محمّد باقر الأنصاري الزنجاني .
174 . كتاب العين ؛ أبو عبدالرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 ه) . تحقيق : الدكتور مهدي المخزومي و الدكتور إبراهيم السامرائي ، مؤسّسة دارالهجرة ، الطبعة الثانية 1409 ه) .
175 . كتاب من لايحضره الفقيه ؛ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله
(ت 481 ه) . تحقيق : عليّ أكبر الغفاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الثانية .
ص: 551
176 . الكشّاف عن حقائق التنزيل ؛ أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة مصطفي البابي و أولاده - مصر 1385 ه .
177 . كشف الخفاء ؛ إسماعيل بن محمّد العجلوني (ت 1162 ه) . تحقيق و نشر : دارالكتب العلميّة _ بيروت ،الطبعة الثالثة 1408 ه .
178 . كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ؛ أبو الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي (ت 693 ه) . تحقيق و نشر :دارالأضواء _ بيروت ، الطبعة الثانية 1405 ه .
179 . كشف اللئام عن قواعد الأحكام ؛ الشيخ محمّد بن الحسن الإصفهاني المعروف بالفاضل الهندي (ت 1137 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي - قم ، الطبعة الاُولى 1416 ه .
180 . كشف المحجّة لثمرة المهجة ؛ أبو اللقاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسيني (ت 664 ه) .تحقيق و نشر : المطبعة الحيدريّة _ النجف الأشرف 1370 ه .
181 . كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ؛ العلاّمة الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي (ت 726 ه) .تحقيق : السيّد إبراهيم الموسوي الزنجاني ، انتشارات اشكوري - قم ، الطبعة الرابعة 1373 ش .
182 . كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الاثني عشر ؛ أبو القاسم عليّ بن محمّد بن عليّ الخزّار القّمي (القرن الرابع) .تحقيق : السيّد عبداللطيف الحسيني ، نشر بيدار 1401 ه .
183 . كمال الدين و تمام النعمة؛ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله (ط381 ه) . تحقيق : عليّ أكبر الغفاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي - قم 1405 .
184 . كنز العمال ؛ عليّ بن حسام الدين الهندي (ت 975 ه) . تحقيق : الشيخ صفوة السقا ، مؤسّسة الرسالة - بيروت 1409 ه .
185 . لسان العرب ؛ ابوالفضل محمّد بن مكرم بن منظور الإفريقي (ت 711 ه) . مؤسّسة نشر أدب الحوزة _ قم 1405 ه .
186 . المبدأ والمعاد ؛ المولى صدر المتألّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (ت 1050 ه) . تحقيق : السيّد جلال الدين الآشتياني ، مركز انتشارات دفتر تبليغات الإسلامي - قم ، الطبعة الثالثة 1422 ه .
187 . المبسوط في فقه الإماميّة ؛ أبو جعفر محمّد الحسن الطوسي (ت 460 ه) . تصيحيح : السيّد محمّد تقي الكشفي ، المكتبة المرتضويّة - طهران 1387 ش .
188 . مجمع البيان في تفسير القرآن ؛ أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة الأعلمي - بيروت ، الطبعة الاُولى 1415 ه .
189 . مجمع الزوائد و منبع الفوائد ؛ عليّ بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 ه) . تحقيق و نشر : دارالكتب العلميّة _ بيروت 1408 ه .
190 . المجموع شرح المهذّب ؛ أبو زكريّا محيي الدين بن شرف النووي (ت 676 ه) . تحقيق و نشر : دارالفكر _ بيروت .
ص: 552
191 . مجموعة ورّام ؛ ورّام بن أبي فراس (القرن السادس) . تحقيق و نشر : انشتارات مكتبة الفقيه _ قم .
192 . محاسبة النفس ؛ الشيخ إبراهيم بن عليّ الكفعمي (ت 905 ه) . تحقيق : الشيخ فارس الحسون ، مؤسّسة قائم آل محمّد عليهم السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1413 ه .
193 . المحاسن ؛ أبو جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي (ت 1370 ه) . تصحيح : السيّد جلال الدين الحسيني ؛ دارالكتب الإسلاميّة _ طهران 1370 ه .
194 . المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ؛ ابن عطيّة الأندلسي (ت 546 ه) . تحقيق : عبدالسلام عبدالشافي محمّد ، دارالكتب العلميّة _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1413 ه .
195 . مختار الصحاح ؛ محمّد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي (ت 721 ه) . تحقيق : أحمد شمس الدين ، دارالكتب العلميّة _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1415 ه .
196 . مختصر المعاني ؛ سعد الدين التفتازاني (ت 792 ه) . تحقيق و نشر : درالفكر _ قم ، الطبعة الاُولى 1411 ه .
197 . المختصر النافع ؛ ابوالقاسم جعفر بن الحسن المعروف بالمحقّق الحلّي (ت 676 ه) . نشر : مؤسّسة البعثة _ طهران ، ا لطبعة الثانية 1402 ه .
198 . مختلف الشيعة ؛ أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الثانية 1413 ه .
199 . مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ؛ العلاّمة محمّد باقر المجلسي (ت 1111 ه) . تصحيح : السيّد هاشم الرسولي ، مكتبة وليّ العصر عليه السلام ، الطبعة الثانية 1394 ه .
200 . مسالك الأفهام ؛ زين الدين بن عليّ الجبعي العاملي (ت 966 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة المعارف الإسلاميّة _ قم ، الطبعة الاُولى 1413 ه .
201 . المستدرك على الصحيحين ؛ أبو عبداللّه حاكم النيسابوري (ت 405 ه) . تحقيق : يوسف عبدالرحمن المرعشلي .
202 . مسند أبي يعلي ؛ أبو يعلي الموصلي (ت 307 ه) . تحقيق : حسين سليم أسد ، دار المأمون للتراث .
203 . مسند أحمد ؛ أحمد بن حنبل (ت 241 ه) . تحقيق و نشر : دار صادر _ بيروت .
204 . مسند الشاميّين ؛ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 ه) . تحقيق : حمدي عبدالمجيد السلفي ، مؤسّسة الرسالة - بيروت ، الطبعة الثانية 1417 ه .
205 . مسند الشهاب ؛ أبو عبداللّه محمّد بن سلامة القضاعي (ت 454 ه) . تحقيق : حمدي عبدالمجيد السلفي ، مؤسّسة الرسالة _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1405 ه .
206 . مشكاة الأنوار في غرر الأخبار ؛ أبو الفضل عليّ الطبرسي (القرن السابع) . تحقيق : مهدي هوشمند ، دار الحديث _ قم ، الطبعة الاُولى 1418 ه .
207 . المصباح (الجنّة الأمان الواقية وجنّة الإيمان الباقية) ؛ الشيخ إبراهيم بن عليّ الكفعمي (ت 905 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة الأعلمي _ بيروت ، الطبعة الثالثة 1403 ه .
ص: 553
208 . مصباح المتهجّد ؛ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) . تحقيق : مؤسّسة فقه الشيعة _ بيروت ،الطبعة الاُولى 1411 ه .
209 . المصباح المنير ؛ أحمد بن محمّد بن عليّ المُقري الفيّومي (ت 770 ه) . من منشورات دارالهجرة _ قم،1405 ه .
210 . مصفي المقال في مصنّفي علم الرجال ؛ الشيخ آقا بزرگ الطهراني (ت 1389 ه) . تحقيق : أحمد المنزوي _ طهران 1378 ه .
211 . المصنّف ؛ ابن أبي شيبة الكوفي (ت 235 ه) . تحقيق : سعيد اللّحام ، دارالفكر _ بيروت ، ا لطبعة الاُولى 1409 ه .
212 . المصنّف ؛ أبو بكر عبدالرزّاق الصنعاني (ت 211 ه) . تحقيق : الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي .
213 . مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ؛ محمّد بن طلحة الشافعي (ت 652 ه) . تحقيق : ماجد بن أحمد العطيّة .
214 . معالم العلماء ؛ أبو عبداللّه محمّد عليّ بن شهر آشوب (ت 588 ه) ، طبعة _ قم .
215 . معاني الأخبار ؛ ابوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله(ت 481 ه) .تحقيق : عليّ أكبر الغفاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي 1379 ه .
216 . معاني القرآن ؛ أبو جعفر النحّاس (ت 338 ه) . تحقيق : الشيخ محمّد عليّ الصابوني ، جامعة اُمّ القرى _ عربستان ، الطبعة الاُولى 1409 ه .
217 . المعتبر ؛ ابوالقاسم جعفر بن الحسن المعروف بالمحقّق الحلّي (ت 676 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام _ قم 1364 ش .
218 . المعجم الاُوسط ؛ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 390 ه) . تحقيق و نشر : دار الحرمين 1415 ه .
219 . معجم رجال الحديث ؛ السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي (ت 1411 ه) . الطبعة الخامسة 1413 ه .
220 . المعجم الكبير ؛ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 ه) . تحقيق : حمدي عبدالمجيد السلفي ،دار إحياء التراث العربي _ بيروت .
221 . معجم المؤلّفين ؛ عمر رضا كحالة (المعاصر) . تحقيق و نشر : مكتبة المثنى _ بيروت .
222 . المعيار و الموازنة ؛ أبو جعفر محمّد بن عبداللّه الإسكافي (ت 220 ه) . تحقيق : الشيخ محمّد باقرالمحمودي ، الطبعة الاُولى 1402 ه .
223 . المغازي ؛ محمّد بن عمران الواقدي (ت 207 ه) . اُفست دارالمعرفة الإسلاميّة _ ايران .
224 . المغرب في ترتيب المعرب ؛ أبو الفتح ناصر بن عبد السيّد بن عليّ المطرزي (ت 616 ه) . دارالكتاب العربي _ بيروت .
225 . مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ؛ أبو محمّد عبداللّه الأنصاري (ت 761 ه) . تحقيق : محمّد محيي الدين عبدالحميد ، منشورات مكتبة آية اللّه المرعشي رحمه الله _ قم 1404 ه .
ص: 554
226 . مفاتيح الغيب ؛ المولى صدر المتألّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (ت 1050 ه) ، مؤسّسة تحقيقات فرهنگي .
227 . مفتاح الفلاح ؛ بهاء الدين محمّد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثي الهمداني العاملي (ت 1031 ه) .منشورات مؤسّسة الأعلمي _ بيروت .
228 . مكارم الأخلاق ؛ أبو نصر الحسن بن الفضل الطبرسي (ت 548 ه) . منشورات الشريف الرضي _ قم ،الطبعة السادسة 1329 ه .
229 . الملل والنحل ؛ أبو الفتح محمّد بن عبدالكريم الشهرستاني (ت 548 ه) . تحقيق : محمّد سيّد گيلاني ،دارالمعرفة _ بيروت .
230 . منار الهدى في النصّ على إمامة الأئمّة الاثنى عشر ؛ الشيخ عليّ البحراني (ت 1340 ه) . تحقيق : السيّد عبدالزهراء الخطيب ، دارالمنتظر _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1405 ه .
231 . المناقب ؛ أبو عبداللّه محمّد بن عليّ بن شهر آشوب السروي المازندراني (ت 588 ه) . تحقيق و نشر :المكتبة الحيدريّة _ النجف الأشرف 1376 ه .
232 . منتهي المطلب ؛ أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي المعروف بالعلاّمة الحلّي (ت 726 ه) .تحقيق و نشر : مجمع البحوث الإسلاميّة ، الطبعة الاُولى 1412 ه .
233 . المواقف ؛ القاضي الإيجي (ت 756 ه) . تحقيق : عبدالرحمن عميرة ، دارالجيل _ بيروت ، الطبعة الاُولى1417 ه .
234 . المهجّ الدعوات ؛ السيّد عليّ بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني (ت 664 ه) . انتشارات دارالذخائر_ قم 1411 ه .
235 . ميزان الاعتدال في نقد الرجال ؛ أبو عبداللّه محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه) . تحقيق : عليّمحمّد البجاوي ، دارالمعرفة _ بيروت ، الطبعة الاُولى 1382 ه .
236 . الناصريّات ؛ الشريف المرتضي عليّ بن الحسين الموسوي البغدادي المعروف بعلم الهدى (ت 436 ه) .تحقيق : مركز البحوث والدراسات العلميّة ، مؤسّسة الهدى 1417 ه .
237 . نقد الرجال ؛ السيّد مصطفي بن الحسين التفرشي (القرن الحادي عشر) . تحقيق و نشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام _ قم ، الطبعة الاُولى 1418 ه .
238 . نور البراهين ؛ السيّد نعمة اللّه الموسوي الجزائري (ت 1112 ه) . تحقيق و نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم ، الطبعة الاُولى 1417 ه .
239 . النهاية في غريب الحديث ؛ المبارك بن محمّد الشيباني الجزري المعروف بابن الأثير (ت 606 ه) . تحقيق :طاهر أحمد الزاوي ، مؤسّسة إسماعيليان _ قم ، الطبعة الرابعة 1364 ش .
240 . نهج البلاغه ؛ تدوين : الشريف الرضي ، تحقيق : الشيخ محمّد عبده، دارالذخائر _ قم ، الطبعة الاُولى 1412 ه .
ص: 555
241 . هدية العارفين ؛ إسماعيل باشا البغدادي (ت 1339 ه) . نشر : دارإحياء التراث العربي _ بيروت .
242 . الوافي ؛ المولي محمّد محسن الفيض الكاشاني (ت 1091 ه) . تحقيق و نشر : مكتبة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام _ إصفهان ، الطبعة الثانية 1412 ه .
243 . الوافي بالوفيات ؛ الصفدي (ت 764 ه) . تحقيق : أحمد الأرناؤوط ، دار إحياء التراث _ بيروت 1420 ه .
244 . وسائل الشيعة ؛ الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104 ه). تحقيق و نشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام _ قم ، الطبعة الثانية 1414 ه .
ص: 556
متن الحديث الرابع والخمسون والأربعمائة··· 5
شرح الحديث··· 5
متن الحديث الخامس والخمسون والأربعمائة··· 7
شرح الحديث··· 7
متن الحديث السادس والخمسون والأربعمائة (حديث أبي ذرّ رضي اللّه عنه)··· 8
شرح الحديث··· 10
متن الحديث السابع والخمسون والأربعمائة··· 14
شرح الحديث··· 15
متن الحديث الثامن والخمسون والأربعمائة··· 16
شرح الحديث··· 17
متن الحديث التاسع والخمسون والأربعمائة··· 21
شرح الحديث··· 21
متن الحديث الستّون والأربعمائة··· 22
شرح الحديث··· 22
متن الحديث الواحد والستّون والأربعمائة··· 23
شرح الحديث··· 23
متن الحديث الثاني والستّون والأربعمائة··· 25
شرح الحديث··· 26
ص: 557
متن الحديث الثالث والستّون والأربعمائة··· 27
شرح الحديث··· 27
متن الحديث الرابع والستّون والأربعمائة··· 28
شرح الحديث··· 28
متن الحديث الخامس والستّون والأربعمائة··· 29
شرح الحديث··· 29
متن الحديث السادس والستّون والأربعمائة··· 30
شرح الحديث··· 30
متن الحديث السابع والستّون والأربعمائة··· 30
شرح الحديث··· 31
متن الحديث الثامن والستّون والأربعمائة··· 31
شرح الحديث··· 31
متن الحديث التاسع والستّون والأربعمائة··· 32
شرح الحديث··· 33
متن الحديث السبعون والأربعمائة··· 33
شرح الحديث··· 33
متن الحديث الواحد والسبعون والأربعمائة··· 34
شرح الحديث··· 34
متن الحديث الثاني والسبعون والأربعمائة··· 35
شرح الحديث··· 36
متن الحديث الثالث والسبعون والأربعمائة··· 46
شرح الحديث··· 46
متن الحديث الرابع والسبعون والأربعمائة··· 50
شرح الحديث··· 50
ص: 558
متن الحديث الخامس والسبعون والأربعمائة··· 52
شرح الحديث··· 52
متن الحديث السادس والسبعون والأربعمائة (حديث الفقهاء والعلماء)··· 52
شرح الحديث··· 53
متن الحديث السابع والسبعون والأربعمائة··· 54
شرح الحديث··· 54
متن الحديث الثامن والسبعون والأربعمائة··· 55
شرح الحديث··· 55
متن الحديث التاسع والسبعون والأربعمائة··· 56
شرح الحديث··· 57
متن الحديث الثمانون والأربعمائة··· 58
شرح الحديث··· 59
متن الحديث الواحد والثمانون والأربعمائة··· 62
شرح الحديث··· 62
متن الحديث الثاني والثمانون والأربعمائة··· 62
شرح الحديث··· 63
متن الحديث الثالث والثمانون والأربعمائة··· 64
شرح الحديث··· 64
متن الحديث الرابع والثمانون والأربعمائة··· 64
شرح الحديث··· 66
متن الحديث الخامس والثمانون والأربعمائة··· 69
شرح الحديث··· 70
متن الحديث السادس والثمانون والأربعمائة··· 74
شرح الحديث··· 74
متن الحديث السابع والثمانون والأربعمائة··· 76
شرح الحديث··· 77
ص: 559
متن الحديث الثامن والثمانون والأربعمائة··· 78
شرح الحديث··· 78
متن الحديث التاسع والثمانون والأربعمائة··· 78
شرح الحديث··· 79
متن الحديث التسعون والأربعمائة··· 79
شرح الحديث··· 79
متن الحديث الواحد والتسعون والأربعمائة··· 79
شرح الحديث··· 80
متن الحديث الثاني والتسعون والأربعمائة··· 80
شرح الحديث··· 80
متن الحديث الثالث والتسعون والأربعمائة··· 84
شرح الحديث··· 84
متن الحديث الرابع والتسعون والأربعمائة··· 85
شرح الحديث··· 85
متن الحديث الخامس والتسعون والأربعمائة··· 86
شرح الحديث··· 86
متن الحديث السادس والتسعون والأربعمائة··· 87
شرح الحديث··· 87
متن الحديث السابع والتسعون والأربعمائة··· 88
شرح الحديث··· 89
متن الحديث الثامن والتسعون والأربعمائة··· 99
شرح الحديث··· 100
متن الحديث التاسع والتسعون والأربعمائة··· 100
شرح الحديث··· 100
متن الحديث الخمسمائة··· 101
شرح الحديث··· 102
ص: 560
متن الحديث الواحد والخمسمائة··· 104
شرح الحديث··· 106
متن الحديث الثاني والخمسمائة··· 112
شرح الحديث··· 116
متن الحديث الثالث والخمسمائة··· 135
شرح الحديث··· 135
متن الحديث الرابع والخمسمائة··· 136
شرح الحديث··· 139
متن الحديث الخامس والخمسمائة··· 147
شرح الحديث··· 148
متن الحديث السادس والخمسمائة··· 149
شرح الحديث··· 150
متن الحديث السابع والخمسمائة··· 150
شرح الحديث··· 151
متن الحديث الثامن والخمسمائة··· 151
شرح الحديث··· 151
متن الحديث التاسع والخمسمائة··· 152
شرح الحديث··· 152
متن الحديث العاشر والخمسمائة··· 153
شرح الحديث··· 153
متن الحديث الحادي عشر والخمسمائة··· 154
شرح الحديث··· 154
متن الحديث الثاني عشر والخمسمائة··· 154
شرح الحديث··· 154
متن الحديث الثالث عشر والخمسمائة··· 155
شرح الحديث··· 155
ص: 561
متن الحديث الرابع عشر والخمسمائة··· 156
شرح الحديث··· 156
متن الحديث الخامس عشر والخمسمائة··· 157
شرح الحديث··· 157
متن الحديث السادس عشر والخمسمائة··· 158
شرح الحديث··· 158
متن الحديث السابع عشر والخمسمائة··· 159
شرح الحديث··· 160
متن الحديث الثامن عشر والخمسمائة··· 161
شرح الحديث··· 161
متن الحديث التاسع عشر والخمسمائة··· 161
شرح الحديث··· 162
متن الحديث العشرون والخمسمائة··· 163
شرح الحديث··· 163
متن الحديث الواحد والعشرون والخمسمائة··· 163
شرح الحديث··· 163
متن الحديث الثاني والعشرون والخمسمائة··· 164
شرح الحديث··· 165
متن الحديث الثالث والعشرون والخمسمائة··· 166
شرح الحديث··· 166
متن الحديث الرابع والعشرون والخمسمائة··· 166
شرح الحديث··· 166
متن الحديث الخامس والعشرون والخمسمائة··· 167
شرح الحديث··· 168
ص: 562
متن الحديث السادس والعشرون والخمسمائة··· 170
شرح الحديث··· 171
متن الحديث السابع والعشرون والخمسمائة··· 171
شرح الحديث··· 171
متن الحديث الثامن والعشرون والخمسمائة··· 174
شرح الحديث··· 175
متن الحديث التاسع والعشرون والخمسمائة··· 176
شرح الحديث··· 176
متن الحديث الثلاثون والخمسمائة··· 176
شرح الحديث··· 177
متن الحديث الواحد والثلاثون والخمسمائة (حديث الذي أحياه عيسى (ع))··· 178
شرح الحديث··· 178
متن الحديث الثاني والثلاثون والخمسمائة··· 179
شرح الحديث··· 179
متن الحديث الثالث والثلاثون والخمسمائة··· 180
شرح الحديث··· 180
متن الحديث الرابع والثلاثون والخمسمائة··· 181
شرح الحديث··· 181
متن الحديث الخامس والثلاثون والخمسمائة (حديث إسلام عليّ (ع))··· 183
شرح الحديث··· 185
متن الحديث السادس والثلاثون والخمسمائة··· 191
شرح الحديث··· 191
متن الحديث السابع والثلاثون والخمسمائة··· 191
شرح الحديث··· 191
متن الحديث الثامن والثلاثون والخمسمائة··· 192
شرح الحديث··· 192
ص: 563
متن الحديث التاسع والثلاثون والخمسمائة··· 193
شرح الحديث··· 194
متن الحديث الأربعون والخمسمائة··· 196
شرح الحديث··· 198
متن الحديث الواحد والأربعون والخمسمائة··· 199
شرح الحديث··· 200
متن الحديث الثاني والأربعون والخمسمائة··· 201
شرح الحديث··· 201
متن الحديث الثالث والأربعون والخمسمائة··· 202
شرح الحديث··· 202
متن الحديث الرابع والأربعون والخمسمائة··· 202
شرح الحديث··· 203
متن الحديث الخامس والأربعون والخمسمائة··· 204
شرح الحديث··· 205
متن الحديث السادس والأربعون والخمسمائة··· 209
شرح الحديث··· 211
متن الحديث السابع والأربعون والخمسمائة··· 214
شرح الحديث··· 215
متن الحديث الثامن والأربعون والخمسمائة··· 220
شرح الحديث··· 221
متن الحديث التاسع والأربعون والخمسمائة··· 224
شرح الحديث··· 229
متن الحديث الخمسون والخمسمائة (خطبة لأمير المؤنين)··· 271
شرح الحديث··· 272
ص: 564
متن الحديث الواحد والخمسون والخمسمائة··· 281
شرح الحديث··· 284
متن الحديث الثاني والخمسون والخمسمائة··· 286
شرح الحديث··· 287
متن الحديث الثالث والخمسون والخمسمائة··· 287
شرح الحديث··· 288
متن الحديث الرابع والخمسون والخمسمائة··· 290
شرح الحديث··· 291
متن الحديث الخامس والخمسون والخمسمائة··· 294
شرح الحديث··· 295
متن الحديث السادس والخمسون والخمسمائة··· 300
شرح الحديث··· 300
متن الحديث السابع والخمسون والخمسمائة··· 301
شرح الحديث··· 303
متن الحديث الثامن والخمسون والخمسمائة··· 306
شرح الحديث··· 307
متن الحديث التاسع والخمسون والخمسمائة··· 313
شرح الحديث··· 316
متن الحديث الستّون والخمسمائة··· 321
شرح الحديث··· 321
متن الحديث الحادي والستّون والخمسمائة··· 323
شرح الحديث··· 323
متن الحديث الثاني والستّون والخمسمائة··· 324
شرح الحديث··· 325
متن الحديث الثالث والستّون والخمسمائة··· 328
شرح الحديث··· 328
ص: 565
متن الحديث الرابع والستّون والخمسمائة··· 329
شرح الحديث··· 329
متن الحديث الخامس والستّون والخمسمائة··· 330
شرح الحديث··· 330
متن الحديث السادس والستّون والخمسمائة··· 330
شرح الحديث··· 331
متن الحديث السابع والستّون والخمسمائة··· 331
شرح الحديث··· 332
متن الحديث الثامن والستّون والخمسمائة··· 335
شرح الحديث··· 335
متن الحديث التاسع والستّون والخمسمائة··· 336
شرح الحديث··· 336
متن الحديث السبعون والخمسمائة··· 337
شرح الحديث··· 338
متن الحديث الحادي و السبعون والخمسمائة··· 338
شرح الحديث··· 338
متن الحديث الثاني والسبعون والخمسمائة··· 339
شرح الحديث··· 340
متن الحديث الثالث والسبعون والخمسمائة··· 341
شرح الحديث··· 343
متن الحديث الرابع والسبعون والخمسمائة··· 363
شرح الحديث··· 364
متن الحديث الخامس والسبعون والخمسمائة··· 365
شرح الحديث··· 366
ص: 566
متن الحديث السادس والسبعون والخمسمائة··· 367
شرح الحديث··· 367
متن الحديث السابع والسبعون والخمسمائة··· 368
شرح الحديث··· 368
متن الحديث الثامن والسبعون والخمسمائة··· 368
شرح الحديث··· 369
متن الحديث التاسع والسبعون والخمسمائة··· 369
شرح الحديث··· 369
متن الحديث الثمانون والخمسمائة··· 370
شرح الحديث··· 370
متن الحديث الحادي والثمانون والخمسمائة··· 371
شرح الحديث··· 372
متن الحديث الثاني والثمانون والخمسمائة··· 372
شرح الحديث··· 373
متن الحديث الثالث والثمانون والخمسمائة (حديث العابد)··· 373
شرح الحديث··· 375
متن الحديث الرابع والثمانون والخمسمائة··· 376
شرح الحديث··· 377
متن الحديث الخامس والثمانون والخمسمائة (خطبة لأمير المؤنين)··· 378
شرح الحديث··· 382
متن الحديث السادس والثمانون والخمسمائة··· 413
شرح الحديث··· 413
متن الحديث السابع والثمانون والخمسمائة··· 414
شرح الحديث··· 415
ص: 567
متن الحديث الثامن والثمانون والخمسمائة··· 415
شرح الحديث··· 415
متن الحديث التاسع والثمانون والخمسمائة··· 417
شرح الحديث··· 417
متن الحديث التسعون والخمسمائة··· 417
شرح الحديث··· 418
متن الحديث الحادي والتسعون والخمسمائة··· 421
شرح الحديث··· 422
متن الحديث الثاني والتسعون والخمسمائة··· 423
شرح الحديث··· 424
متن الحديث الثالث والتسعون والخمسمائة··· 424
شرح الحديث··· 424
متن الحديث الرابع والتسعون والخمسمائة··· 425
شرح الحديث··· 425
متن الحديث الخامس والتسعون والخمسمائة··· 426
شرح الحديث··· 426
متن الحديث السادس والتسعون والخمسمائة··· 428
شرح الحديث··· 429
ص: 568