سرشناسه : محمدي ري شهري، محمد، 1325-
عنوان و نام پديدآور : موسوعه العقائد الاسلاميه/محمد الريشهري ؛ بمساعده رضا برنجكار ؛ التحقيق مركز بحوث دار الحديث.
مشخصات نشر : قم: موسسه علمي فرهنگي دارالحديث، سازمان چاپ و نشر، 1384.
مشخصات ظاهري : 5 ج.
فروست : مركز بحوث دارالحديث؛ 85
شابك : (دوره):964-7489-99-4 ؛ (ج.1)964-7489-94-3 ؛ (ج.2)964-7489-95-1 ؛ (ج.3)964-7489-96-X ؛ (ج.4)964-7489-97-8 ؛ (ج.5)964-7489-98-6
يادداشت : چاپ دوم
يادداشت : چاپ اول: 1383.
يادداشت : جلد اول كتاب باهمكاري رضا برنجكار و عبدالهادي مسعودي ميباشد.
يادداشت : كتابنامه.
مندرجات : ج 1و 2. المعرفه .--ج 3 و 4 و 5. معرفة الله.
موضوع : اسلام -- عقايد -- احاديث.
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 14.
شناسه افزوده : برنجكار، رضا، 1342-
شناسه افزوده : مسعودي، عبدالهادي، 1343-
شناسه افزوده : دارالحديث
شناسه افزوده : دارالحديث
رده بندي كنگره : BP211/5/م334م8
رده بندي ديويي : 297/4172
شماره كتابشناسي ملي : 1028220
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
ص: 5
ص: 6
ص: 7
ص: 8
ص: 9
الفصل الخامس والأربعون: العليّالعليّ لغةً«العليّ» فعيل بمعنى فاعل من علا يعلو من مادّة «علو» ، وهو يدلّ على السموّ والارتفاع (1) ، و«العليّ»: الرفيع (2) . قال ابن الأَثير : «العليّ» الذي ليس فوقه شيء في المرتبة والحكم ، و «المتعالي»: الذي جلّ عن إِفك المفترين وعلا شأنه ، وقيل: جلّ عن كلّ وصفٍ وثناء . هو متفاعل من العلوّ ، وقد يكون بمعنى العالي (3) .
العليّ في القرآن والحديثلقد استُعملت صفة «العليّ» في القرآن الكريم خمس مرّات مع صفة «الكبير» (4) ، ومرّتين مع صفة «العظيم» (5) ، ومرّة مع صفة «الحكيم» (6) . ووردت صفة «المتعال» مرّة
.
ص: 10
واحدةً أَيضا (1) ، وقد استُعمل اسم «العليّ» ومشتقّات مادّة «علو» في الآيات والأَحاديث بالنسبة إِلى أُمور عديدة ، مثلاً : «تَعَ__لَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» (2) ، «العَليّ عَن شِبهِ المَخلوقينَ» (3) ، «عليّ المكان» (4) ، «أَعلى مِن كُلِّ شَيءٍ» (5) ، وقد نزّهت مثلُ هذه الآيات والأَحاديث اللّهَ تعالى عن كلّ نقصٍ وعيب من خلال اسم «العليّ» ومشتقّات مادّة «علوّ» .
45 / 1العَلِيُّ الكَبيرُ«ذَ لِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَ أَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَ_طِ_لُ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ » . (6)
راجع : النساء : 34 ، لقمان : 30 ، سبأ : 23 ، الزمر : 67 ، غافر : 12.
45 / 2العَلِيُّ العَظيمُالكتاب«لَهُ مَا فِى السَّمَ_وَ تِ وَ مَا فِى الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ » . (7)
راجع : البقرة : 255 .
.
ص: 11
الحديثالإمام الرضا عليه السلام_ في أَسماءِ اللّهِ تَعالى _: اِختارَ لِنَفسِهِ أَسماءً لِغَيرِهِ يَدعوهُ بِها ؛ لِأَنَّهُ إِذا لَم يُدعَ بِاسمِهِ لَم يُعرَف ، فَأَوَّلُ مَا اختارَ لِنَفسِهِ : العَلِيُّ العَظيمُ ؛ لِأَنَّهُ أَعلَى الأَشياءِ كُلِّها ، فَمَعناهُ اللّهُ ، وَاسمُهُ العَلِيُّ العَظيمُ هُوَ أَوَّلُ أَسمائِهِ ، عَلا عَلى كُلِّ شَيءٍ. (1)
45 / 3العَلِيُّ الحَكيمُ«وَ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاىءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِيمٌ » . (2)
45 / 4العَلِيُّ الأَعلىالكتاب«وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَ مَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى » . (3)
«سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى » . (4)
.
ص: 12
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :اللّهُ الصَّمَدُ الدَّيّانُ ، اللّهُ العَلِيُّ الأَعلى. (1)
الإمام الصادق عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ .. . العَلِيِّ الأَعلَى المُتَعالي ، الأَوَّلِ الآخِرِ ، الظّاهِرِ الباطِنِ. (2)
45 / 5صِفَةُ عُلُوِّهِالكتاب«خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَ__لَى عَمَّا يُشْرِكُونَ » . (3)
«قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ ءَالِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْاْ إِلَى ذِى الْعَرْشِ سَبِيلاً * سُبْحَ_نَهُ وَ تَعَ__لَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا » . (4)
«وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَ_ت بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَ_نَهُ وَتَعَ__لَى عَمَّا يَصِفُونَ » . (5)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ العَلِيِّ عَن شَبَهِ المَخلوقينَ ، الغالِبِ لِمَقالِ الواصِفينَ. (6)
فاطمة عليهاالسلام :الحَمدُ للّهِِ العَلِيِّ المَكانِ ، الرَّفيعِ البُنيانِ. (7)
.
ص: 13
الإمام الحسن عليه السلام :اللّهُمَّ يا مَن جَعَلَ بَينَ البَحرَينِ حاجِزا وبُروجا ، وحِجرا مَحجورا ، يا ذَا القُوَّةِ وَالسُّلطانِ ، يا عَلِيَّ المَكانِ ، كَيفَ أَخافُ وأَنتَ أَمَلي ، وكَيفَ أُضامُ (1) وعَلَيكَ مُتَّكَلي. (2)
الإمام الصادق عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ .. . العَظيمِ الشَّأنِ ، الكَريمِ في سُلطانِهِ ، العَلِيِّ في مَكانِهِ ، المُحسِنِ فِي امتِنانِهِ. (3)
عنه عليه السلام :اللّهُ أَعظَمُ مِن كُلِّ شَيءٍ، وأَرحَمُ مِن كُلِّ شَيءٍ، وأَعلى مِن كُلِّ شَيءٍ. (4)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ. .. أَنتَ أَعَزُّ وأَجَلُّ ، وأَسمَعُ وأَبصَرُ ، وأَعلى وأَكبَرُ ، وأَظهَرُ وأَشكَرُ ، وأَقدَرُ وأَعلَمُ ، وأَجبَرُ وأَكبَرُ ، وأَعظَمُ وأَقرَبُ ، وأَملَكُ وأَوسَعُ ، وأَمنَعُ وأَعطى ، وأَحكَمُ وأَفضَلُ وأَحمَدُ ؛ مِن [ أَن] (5) تُدرِكُ العِيانُ عَظَمَتَكَ ، أَو يَصِفَ الواصِفونَ صِفَتَكَ ، أَو يَبلُغوا غايَتَكَ. (6)
الإمام الكاظم عليه السلام :إِنَّ اللّهَ أَعلى وأَجَلُّ وأَعظَمُ مِن أَن يُبلَغَ كُنهُ (7) صِفَتِهِ ، فَصِفوهُ بِما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ ، وكُفّوا عَمّا سِوى ذلِكَ. (8)
.
ص: 14
. .
ص: 15
الفصل السادس والأربعون: الغائبالغائب لغةً«الغائب» اسم فاعل من مادّة «غيب» وهو يدلّ على «تستّر الشيء عن العيون» (1) ، ويُستعمل في «بَعُدَ» ، و «سافر» ، و«دُفن» ، ونظائرها (2) ، والسبب في هذه الاستعمالات هو أَنّ الإنسان إِذا بَعُدَ ، أَو سافر أَو دُفن في القبر ، تستّر عن العيون، لذلك لا يدلّ الغائب على موجود إِلّا إِذا خفي عن العيون والحواس .
الغائب في القرآن والحديثلم ينسب القرآن الكريم صفة «الغائب» إِلى اللّه ، حتّى نفت آية كَون اللّه تعالى غائبا (3) ، أَمّا الأَحاديث فقد أَطلقت هذه الصفة على اللّه ، إِذ جاء فيها على سبيل المثال : «الغائِب عَنِ الحَواسِّ ... الغائِب عَن دَركِ الأَبصارِ ولَمسِ الحَواسِّ» (4) ، و «الغائِب الَّذي
.
ص: 16
لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ» (1) ، ومع هذا ورد في بعض الأَحاديث : «واللّهُ تَعالى لَيسَ بِغائِبٍ» (2) ، بل ورد في أَحد الأَحاديث السبب في كون اللّه سبحانه غيرَ غائب ما نصّه: «كَيفَ يَكونُ غائِبا مَن هُوَ مَعَ خَلقِهِ شاهِدٌ وإِلَيهِم أَقرَبُ مِن حَبلِ الوَريدِ يَسمَعُ كَلامَهُم ويَرى أَشخاصَهُم ويَعلَمُ أَسرارَهُم» (3) . وصفوة القول : إنّ الأَحاديث التي وصفت اللّه بالغيبة تستبين غَيبته عن العيون والحواس، فى حين أَنّ الأَحاديث التي تنفي غيبته سبحانه تنفي غيبته المطلقة، و تثبت حضوره وشهادته، وتقرّر صلته بالإنسان . بعبارة أُخرى، غَيبته _ جلّ شأنه _ لجهةٍ، وشهادته لجهةٍ أُخرى، ولا ينبغي أن نجعل إِحدى الصفتين مطلقةً بشكلٍ لا يبقى فيه مكان للصفة الأُخرى، من هنا نلاحظ أَنّ في الأَحاديث المعهودة ذُكرت صفة «الغائب» أَو غيبة اللّه مثل «الغائب عن الحواس» أَو وردت صفة الغائب مع صفة الشاهد والأَوصاف المشابهة ، مثل: «الغائب الشاهد» و «غائب غير مفقود» . إِنّنا نعلم أَنّ ضمير «هو» للمفرد الغائب، واستعمل القرآن والأَحاديث هذا الضمير في اللّه ، وذهب بعض المفسّرين إِلى أَنّ هذا الضمير من أَسماء اللّه (4) ، وعلى هذا الأَساس، يعبّر ضمير «هو» عن صفة اللّه بالغيبة، ونقرأَ في بعض الأَحاديث والأَدعية استعمال لفظ «يا هو» في اللّه (5) ، فاجتمع فيه شهادة اللّه وحضوره مع غَيبته .
.
ص: 17
46 / 1مَعنى غَيبَتِهِالإمام الباقر عليه السلام_ في قَولِ اللّهِ عز و جل : «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» _: «هُوَ» اسمٌ مُكَنَّى مُشارٌ إِلى غائِبٍ ، فَالهاءُ تَنبيهٌ عَلى مَعنَى ثابِتٍ ، وَالواوُ إِشارَةٌ إِلَى الغائِبِ عَنِ الحَواسِّ ، كَما أَنَّ قَولَكَ: «هذا» إِشارَةٌ إِلَى الشّاهِدِ عِندَ الحَواسِّ ، وذلِكَ أَنَّ الكُفّارَ نَبَّهوا عَن آلِهَتِهِم بِحَرفِ إِشارَةِ الشّاهِدِ المُدرَكِ ، فَقالوا: هذِهِ آلِهَتُنَا المَحسوسَةُ المُدرَكَةُ بِالأَبصارِ ، فَأَشِر أَنتَ يا مُحَمَّدُ إِلى إِلهِكَ الَّذي تَدعو إِلَيهِ حَتّى نَراهُ ونُدرِكَهُ ولا نَألَهَ فيهِ . فَأَنزَلَ اللّهُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ : «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» فَالهاءُ تَثبيتٌ لِلثّابِتِ ، وَالواوُ إِشارَةٌ إِلَى الغائِبِ عَن دَركِ الأَبصارِ ولَمسِ الحَواسِّ . (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ لِجابِرٍ _: يا جابِرُ أَوَ تَدري مَا المَعرِفَةُ ؟ المَعرِفَةُ إِثباتُ التَّوحيدِ أَوَّلاً ، ثُمَّ مَعرِفَةُ المَعاني ثانِيا ... أَمّا إِثباتُ التَّوحيدِ : مَعرِفَةُ اللّهِ القَديمِ الغائِبِ الَّذي لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ ، وهُوَ غَيبٌ باطِنٌ سَتُدرِكُهُ ، كَما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ ... . (2)
46 / 2الغائِبُ الشَّاهِدُالإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ... أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ، الغائِبُ الشّاهِدُ. (3)
.
ص: 18
46 / 3ما لا يُوصَفُ غَيبَتُهُ بِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :التَّوحيدُ ظاهِرُهُ في باطِنِهِ ، وباطِنُهُ في ظاهِرِهِ ، ظاهِرُهُ مَوصوفٌ لا يُرى ، وباطِنُهُ مَوجودٌ لا يَخفى ، يُطلَبُ بِكُلِّ مَكانٍ ، ولَم يَخلُ عَنهُ مَكانٌ طَرفَةَ عَينٍ ، حاضِرٌ غَيرُ مَحدودٍ ، وغائِبٌ غَيرُ مفقودٍ . (1)
الإمام الحسن عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في لَيلَةِ القَدرِ _: يا باطِنا في ظُهورِهِ ، ويا ظاهِرا في بُطونِهِ ، يا باطِنا لَيسَ يَخفى ، يا ظاهِرا لَيسَ يُرى ، يا مَوصوفا لا يَبلُغُ بِكَينونَتِهِ مَوصوفٌ ، ولا حَدٌّ مَحدودٌ ، يا غائِبا غَيرَ مَفقودٍ ، ويا شاهِدا غَيرَ مَشهودٍ ، يُطلَبُ فَيُصابُ ، ولَم يَخلُ مِنهُ السَّماواتُ وَالأَرضُ وما بَينَهُما طَرفَةَ عَينٍ ، لا يُدرَكُ بِكَيفٍ ، ولا يُؤَيَّنُ بِأَينٍ ولا بِحَيثٍ. أَنتَ نورُ النّورِ ، ورَبُّ الأَربابِ ، أَحَطتَ بِجَميعِ الأُمورِ . (2)
راجع : ج 4 ص 317 (الفصل التاسع والثلاثون : الظّاهر ، الباطن) .
.
ص: 19
الفصل السابع والأربعون: الغافر ، الغفور ، الغفّارالغافر والغفور والغفّار لغةً«الغافر» اسم فاعل ، و «الغفور» و «الغفّار» صيغتان للمبالغة بمعنى «الغافر» ، كلّها مشتقّ من مادّة «غفر» وهو يدلّ على الستر والتغطية (1) .
الغافر والغفور والغفّار في القرآن والحديثلقد وردت مشتقّات مادّة «غفر» في القرآن الكريم مئتين وأربع وثلاثين مرّةً ، فقد جاءت صفة «الغفور» إِحدى وتسعين مرّة ، وصفة «الغفّار» خمس مرّات (2) ، وصفة «الغافر» مرّتين (3) . واستُعملت هذه الصفات في القرآن الكريم بأَشكال مختلفة ، منها مع صفات أُخرى مثل «الرحيم» ، و«الحليم» ، و«العفوّ» ، و«الربّ» ، و«العزيز» ، و«الشكور» ، وقد استُعملت المغفرة الإلهيّة في القرآن والأَحاديث بالنسبة إِلى معاصي الناس . بناءً
.
ص: 20
على هذا وبالنظر إِلى المعنى اللغويّ ، فإنّ مادّة «غفر» ، و«الغافر» ، و«الغفور» ، و«الغفّار» بمعنى الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم .
47 / 1غَفّارُ الذُّنوبِالكتاب«وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَ ءَامَنَ وَ عَمِلَ صَ__لِحًا ثُمَّ اهْتَدَى» . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ الغافِرِ، يا غَفّارَ الذُّنوبِ يا أللّهُ. (2)
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ يا أللّهُ، يا رَحمانُ يا رَحيمُ يا كَريمُ... يا غافِرَ الخَطيئاتِ، يا مُعطِيَ المَسأَلاتِ، يا قابِلَ التَّوباتِ، يا سامِعَ الأَصواتِ. (3)
عنه صلى الله عليه و آله :رَجَبٌ شَهرُ الاِستِغفارِ لِأُمَّتي ، أَكثِروا فيهِ الاِستِغفارَ ، فَإِنَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ. (4)
.
ص: 21
عنه صلى الله عليه و آله :إِنَّ اللّهَ يَقولُ: أَنَا جَليسُ مَن جالَسَني، ومُطيعُ مَن أَطاعَني، وغافِرُ مَنِ استَغفَرَني. (1)
عنه صلى الله عليه و آله :إِنَّ اللّهَ غافِرٌ إِلّا مَن شَرَدَ عَلَى اللّهِ شِرادَ البَعيرِ (2) عَلى أَهلِهِ. (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وَهب لي ما يَجِبُ عَلَيَّ لَكَ، وعافِني مِمّا أَستَوجِبُهُ مِنكَ، وأَجِرني (4) مِمّا يَخافُهُ أَهلُ الإِساءَةِ، فَإِنَّكَ مَليءٌ بِالعَفوِ، مَرجُوٌّ لِلمَغفِرَةِ، مَعروفٌ بِالتَّجاوُزِ ، لَيسَ لِحاجَتي مَطلَبٌ سِواكَ، ولا لِذَنبي غافِرٌ غَيرَكَ. (5)
الكافي عن محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام ، قالَ:يا مُحَمَّدَ بنَ مُسلِمٍ، ذُنوبُ المُؤمِنِ إِذا تابَ مِنها مَغفورَةٌ لَهُ، فَليَعمَلِ المُؤمِنُ لِما يَستَأنِفُ بَعدَ التَّوبَةِ وَالمَغفِرَةِ، أَما وَاللّهِ إِنَّها لَيسَت إِلّا لِأَهلِ الإِيمانِ. قُلتُ: فَإِن عادَ بَعدَ التَّوبَةِ وَالاِستِغفارِ مِنَ الذُّنوبِ وعادَ فِي التَّوبَةِ؟! فَقالَ: يا مُحَمَّدَ بنَ مُسلِمٍ، أَتَرَى العَبدَ المُؤمِنَ يَندَمُ عَلى ذَنبِهِ ويَستَغفِرُ مِنُه ويَتوبُ ثُمَّ لا يَقبَلُ اللّهُ تَوبَتَهُ؟ قُلتُ: فَإِنَّهُ فَعَلَ ذلِكَ مِرارا، يُذنِبُ ثُمَّ يَتوبُ ويَستَغفِرُ اللّهَ. فَقالَ: كُلَّما عادَ المُؤمِنُ بِالاِستِغفارِ وَالتَّوبَةِ عادَ اللّهُ عَلَيهِ بِالمَغفِرَةِ، وإِنَّ اللّهَ غَفورٌ
.
ص: 22
رَحيمٌ يَقبَلُ التَّوبَةَ ويَعفو عَنِ السَّيِّئاتِ، فَإِيّاكَ أَن تُقَنِّطَ المُؤمِنينَ مِن رَحمَةِ اللّهِ. (1)
الإمام الصادق عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الغَفورِ الغَفّارِ، الوَدودِ التَّوّابِ الوَهّابِ، الكَبيرِ السَّميعِ البَصيرِ. (2)
47 / 2يَغفِرُ الذُّنوبَ جَميعاالكتاب«قُلْ يَ_عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إِنَّ اللّهَ غافِرُ كُلِّ ذَنبٍ، إِلّا رَجُلاً اغتَصَبَ امرَأَةً مَهرَها، أو أَجيرا أُجرَتَهُ، أَو رَجُلاً باعَ حُرّا. (4)
47 / 3يَغفِرُ الذُّنوبَ قَبلَ الإِستِغفارِالكتاب«إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّ_ئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا» . (5)
.
ص: 23
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :أَوحَى اللّهُ إِلى داوودَ عليه السلام : ما مِن عَبدٍ يَعتَصِمُ بي دونَ خَلقي أَعرِفُ ذلِكَ مِن نِيَّتِهِ فَتَكيدُهُ السَّماواتُ بِمَن فيها إِلّا جَعَلتُ لَهُ مِن بَينِ ذلِكَ مَخرَجا، وما مِن عَبدٍ يَعتَصِمُ بِمَخلوقٍ دوني أَعرِفُ ذلِكَ مِن نِيَّتِهِ إِلّا قَطَعتُ أَسبابَ السَّماواتِ بَينَ يَدَيهِ وأَرسَختُ الهَوى مِن تَحتِ قَدَميهِ، وما مِن عَبدٍ يُطيعُني إِلّا وأَنَا مُعطيهِ قَبلَ أَن يَسأَلَني، وغافِرٌ لَهُ قَبلَ أَن يَستَغفِرَني. (1)
.
ص: 24
. .
ص: 25
الفصل الثامن والأربعون: الغنيّالغنيّ لغةً«الغنيّ» فعيل بمعنى فاعل من «غنى» وهو يدلّ على الكفاية (1) ، فغناه سبحانه بمعنى عدم حاجته مطلقا .
الغنيّ في القرآن والحديثلقد ذكر القرآن الكريم صفة «الغنيّ» مقرونةً بصفة «الحميد» عشر مرّات (2) ، ومرّة واحدة مع كلّ من «الحليم» (3) و «ذو الرحمة» (4) و «الكريم» (5) ، وذكر «غنيّ عن العالمين» مرّتين (6) ،
.
ص: 26
كما ذكر كلّاً من «غنيّ عنكم» (1) و «سبحانه هو الغنيّ» (2) و «اللّه الغني وأَنتم الفقراء» (3) مرّة واحدة ، كما أَكّدت الأَحاديث الغنى المطلق للّه واستغناءه عن جميع المخلوقات واحتياج المخلوقات إِليه وانحصار الغِنى المطلق به سبحانه وتعالى .
48 / 1غَنِيٌّ عَمّا سِواهُالكتاب«إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنِ الْعَ__لَمِينَ » . (4)
«وَ قَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَ مَن فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ حَمِيدٌ» . (5)
راجع : المؤمن : 7 .
الحديثالإمام الصادق عليه السلام_ فيما عَلَّمَهُ أَحَدَ أَصحابِهِ فِي الاِحتِجاجِ عَلَى ابنِ أَبِي العَوجاءِ _: ويَقولُ لَكَ : أَلَيسَ تَزعُمُ أَنَّهُ غَنِيٌّ ؟ فَقُل : بَلى . فَيَقولُ : أَيَكونُ الغَنِيُّ عِندَكَ مِنَ المَعقولِ في وَقتٍ مِنَ الأَوقاتِ لَيسَ عِندَهُ ذَهَبٌ ولا فِضَّةٌ ؟ فَقُل لَهُ : نَعَم .
.
ص: 27
فَإِنَّهُ سَيَقولُ لَكَ : كَيفَ يَكونُ هذا غَنِيّا ؟ فَقُل لَهُ : إِن كانَ الغِنى عِندَك أَن يَكونَ الغَنِيُّ غَنِيّا مِن فِضَّتِهِ وذَهَبِهِ وتِجارَتِهِ فَهذا كُلُّهُ مِمّا يَتَعامَلُ النّاسُ بِهِ ، فَأَيُّ القِياسِ أَكثَرُ وأَولى بِأن يُقالَ غَنِيٌّ مَن أَحدَثَ الغِنى فَأَغنى بِهِ النّاسَ قَبلَ أَن يَكونَ شَيءٌ وهُوَ وَحدَهُ ؟ أَو مَن أَفادَ مالاً مِن هِبَةٍ أَو صَدَقَةٍ أَو تِجارَةٍ ؟! (1)
الإمام الرضا عليه السلام :لَم يَخلُقِ اللّهُ العَرشَ لِحاجَةٍ بِهِ إِلَيهِ ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ عَنِ العَرشِ وعَن جَميعِ ما خَلَقَ . (2)
48 / 2استِمرارُ غِناهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعاءٍ عَلَّمَهُ عَلِيّا عليه السلام _: اللُّهُمَّ إِنَّكَ . . . غَنِيٌّ لا تَفتَقِرُ . (3)
الإمام الكاظم عليه السلام :غَنِيٌّ لا يَحتاجُ . (4)
عنه عليه السلام :الغَنِيُّ الَّذي لا يَفتَقِرُ . (5)
.
ص: 28
الإمام الرضا عليه السلام :إِنَّ مَحضَ الإِسلامِ شَهادَةُ أَن لا إِلهَ إِلَا اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ إِلها واحِدا أَحَدا ... غَنِيّا لا يَحتاجُ ، عَدلاً لا يَجورُ . (1)
48 / 3فَقيرٌ ما سِواهُالكتاب«يَ_أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ» . (2)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ شَيءٍ خاشِعٌ لَهُ ، وكُلُّ شَيءٍ قائِمٌ بِهِ ، غِنى كُلِّ فَقيرٍ ، وعِزُّ كُلِّ ذَليلٍ . (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في طَلَبِ الحَوائِجِ _: يا مَن يُستَغنى بِهِ ولا يُستَغنى عَنهُ ، ويا مَن يُرغَبُ إِلَيهِ ولا يُرغَبُ عَنهُ ، ويا مَن لا تُفني خَزائِنَهُ المَسائِلُ ، ويا مَن لا تُبَدِّلُ حِكمَتَهُ الوَسائِلُ ، ويا مَن لا تَنقَطِعُ عَنهُ حَوائِجُ المُحتاجينَ ، ويا مَن لا يُعَنّيهِ دُعاءُ الدّاعينَ ، تَمَدَّحتَ بِالغَناءِ عَن خَلقِكَ وأَنتَ أَهلُ الغِنى عَنهُم ، ونَسَبتَهُم إِلَى الفَقرِ وهُم أَهلُ الفَقرِ إِلَيكَ . (4)
.
ص: 29
الفصل التاسع والأربعون: الفاطرالفاطر لغةً«الفاطر» اسم فاعل من مادّة «فطر» وهو يدلّ على فتح شيء وإِبرازه (1) ، ولهذا يستعمل في الشقّ والخلق والإيجاد الابتدائيّ . قال ابن عبّاس : ما كنت أَدري ما «فاطر السَّماوات والأَرض» حتّى أَتاني أَعرابيّان يختصمان في بئر ، فقال أَحدهما: أَنا فطرتها ، أَي: أَنا ابتدأَتُ حفرها (2) . واللّه تعالى فاطر الأَشياء ؛ لأَنّ ابتداء الأَشياء وخلقتها بإرادته تعالى .
الفاطر في القرآن والحديثذُكرت صفة «الفاطر» في القرآن الكريم ستّ مرّات (3) . واللّه تعالى في الأَحاديث فاطر السَّماوات والأَرض وما فيها ، وفاطر أَصناف البرايا ، ومبدأُ فاطريّته سبحانه قدرته وحكمته .
.
ص: 30
49 / 1فاطِرُ الأشياءِالكتاب«قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالأَرضِ عالِمَ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ الرَّحمنَ الرَّحيمَ . (2)
الإمام عليّ عليه السلام_ من خُطبَةٍ لَهُ _: بَدايا خَلائِقَ أَحكَمَ صُنعَها، وفَطَرَها عَلى ما أَرادَ وَابتَدَعَها . (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مالِكَ خَزائِنِ الأَقواتِ ، وفاطِرَ أَصنافِ البَرِيّاتِ ، وخالِقَ سَبعِ طَرائِقَ مَسلوكاتٍ مِن فَوقِ سَبعِ أَرَضِينَ مُذَلَّلاتٍ، العالي في وَقارِ العِزِّ وَالمَنَعَةِ . (4)
.
ص: 31
49 / 2فاطِرُ الأَلوانِ وَالأَقدارِالإمام عليّ عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: أَنتَ الرَّؤوفُ الَّذي مَلَكتَ الخَلائِقَ كُلَّهُم ، وفَطَرتَهُم أَجناسا مُختَلِفاتِ الأَلوانِ وَالأَقدارِ عَلى مَشِيئَتِكَ . (1)
49 / 3فَطَرَها بِقُدرَتِهِ وحِكمَتِهِالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يَبلُغُ مِدحَتَهُ القائِلونَ . ولا يُحصي نَعماءَهُ العادّونَ ، ولا يُؤَدّي حَقَّهُ المُجتَهِدونَ ، الَّذي لا يُدرِكُهُ بُعدُ الهِمَمِ ولا يَنالُهُ غَوصُ الفِطَنِ (2) . الَّذي لَيسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحدودٌ ، ولا نَعتٌ مَوجودٌ، ولا وَقتٌ مَعدودٌ ولا أَجَلٌ مَمدودٌ . فَطَرَ الخَلائِقَ بِقُدرَتِهِ . (3)
الإمام الرضا عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ فاطِرِ الأَشياءِ إِنشاءً ، ومُبتَدِعِها ابتِداعا بِقُدرَتِهِ وحِكمَتِهِ ، لا مِن شَيءٍ فَيَبطلَ الاِختِراعُ ، ولا لِعِلَّةٍ فَلا يَصِحَّ الاِبتِداعُ . (4)
راجع : ص 33 (الفصل الخمسون : الفاعل ، الفعّال) ، ج 4 ص 171 (الفصل الثاني والعشرون : الخالق) .
.
ص: 32
. .
ص: 33
الفصل الخمسون: الفاعل ، الفعّالالفاعل والفعّال لغةًفعّال مبالغة في فاعل، من مادّة «فعل» وهو يدلّ على إِحداث شيءٍ من عمل وغيره (1) ، والفعل: التأثير من جهة مؤثّر (2) .
الفاعل والفعّال في القرآن والحديثلقد استُعملت مشتقّات مادّة «فعل» في القرآن ثمانية عشر مرّةً بشأن اللّه ، فقد وردت صفة «الفعّال» مرّتين (3) ، وصفة «الفاعل» على هيئة الجمع ثلاث مرّات (4) ، وقد وصفت الآيات القرآنيّة والأَحاديث اللّهَ أَنّه فاعل وفعّال لما يريد ، ففاعليّته تعالى فاعليّة بالإرادة ، من جهة أُخرى ، إِنّ فاعليّة اللّه ليست كفاعليّة الإنسان التي تتحقّق بالأَدوات والآلات والمباشرة .
.
ص: 34
كما رأَينا في البحث اللغويّ إِنّ الفاعليّة تدلّ على إِحداث شيء من الأَشياء وعلى التأثير ، لذلك يتبيّن أَنّ إِثبات صفة الفاعل والفعّال للّه يدلّ على إِحداث العالم والتأثير فيه بواسطته ، ويمكن أَن نعدّ هذه الرؤية في مقابل رؤية أُخرى كرؤية «ارسطو» الذي لم يعتقد بفعل اللّه ومشيئته في العالم (1) ، ولمّا كانت فاعليّة اللّه من نوع الخالقيّة فإنّ معظم المباحث التي تتّصل بفاعليّة اللّه ذُكر في الحديث عن صفة الخالقيّة .
50 / 1فَعّالٌ لِما يُريدُالكتاب«وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ» . (2)
الحديثالإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: أَنتَ الفاعِلُ لِما تَشاءُ ، تُعَذِّبُ مَن تَشاءُ بِما تَشاءُ كَيفَ تَشاءُ ، وتَرحَمُ مَن تَشاءُ بِما تَشاءُ كَيفَ تَشاءُ ، لا تُسأَلُ عَن فِعلِكَ ، ولا تُنازَعُ في مُلكِكَ ، ولا تُشارَكُ في أَمرِكَ ، ولا تُضادُّ في حُكمِكَ ، ولا يَعتَرِضُ عَلَيكَ أَحَدٌ في تَدبيرِكَ ، لَكَ الخَلقُ وَالأَمرُ تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ العالَمينَ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام_ مِن دُعائِهِ يَومَ عَرَفَةَ _: أَنتَ الفَعّالُ لِما تُريدُ ، وأَنتَ القَريبُ
.
ص: 35
وأَنتَ البَعيدُ ، وأَنتَ السَّميعُ وأَنتَ البَصيرُ . (1)
عنه عليه السلام_ في صِفَةِ اللّهِ جَلَّ وعَلا _: هُوَ مُتَعالٍ نافِذُ الإِرادَةِ وَالمَشيئَةِ فَعّالٌ لِما يَشاءُ . (2)
50 / 2فاعِلٌ لا بِاضطِرابِ آلَةٍالإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ فِي التَّوحيدِ _: فاعِلٌ لا بِاضطِرابِ آلَةٍ ، مُقَدِّرٌ لا بِجَولِ فِكرَةٍ . (3)
عنه عليه السلام :مَن وَصَفَ اللّهَ سُبحانَهُ فَقَد قَرَنَهُ ، ومَن قَرَنَهُ فَقَد ثَنّاهُ ، ومَن ثَنّاهُ فَقَد جَزَّأَهُ ، ومَن جَزَّأَهُ فَقَد جَهِلَهُ ، ومَن جَهِلَهُ فَقَد أشارَ إِلَيهِ ، ومَن أشارَ إِلَيهِ فَقَد حَدَّهُ ، ومَن حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ ، ومَن قالَ: «فيمَ» فَقَد ضَمَّنَهُ ، ومَن قالَ: «عَلامَ» فَقَد أَخلى مِنهُ. كائِنٌ لا عَن حَدَثٍ ، مَوجودٌ لا عَن عَدَمٍ ، مَعَ كُلِّ شَيءٍ لا بِمُقارَنَةٍ ، وغَيرُ كُلِّ شَيءٍ لا بِمُزايَلَةٍ ، فاعِلٌ لا بِمَعنَى الحَرَكاتِ وَالآلَةِ . (4)
50 / 3فاعِلٌ بِغَيرِ مُباشَرَةٍالإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا فَعّالاً بِغَيرِ مُباشَرَةٍ ، وعَلّاما بِغَيرِ مُعاشَرَةٍ ، وقادِرا
.
ص: 36
بِغَيرِ مُكاثَرَةٍ . (1)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ يا مُدرِكَ الهارِبينَ ، ويا مَلجَأَ الخائِفينَ ، ويا صَريخَ المُستَصرِخينَ ... يا فاعِلاً بِغَيرِ مُباشَرَةٍ ، يا عالِماً من غَيرِ مُعَلِّمٍ . (2)
راجع : ص 29 (الفصل التاسع والأربعون : الفاطر) ، ج 3 ص 397 (المرتبة الثالثة : التوحيد في الأفعال) ، ج 4 ص 171 (الفصل الثاني والعشرون : الخالق) .
.
ص: 37
الفصل الحادي والخمسون: القائم ، القيّومالقائم ، القيّوم لغةً«القائم» من مادّة «قوم» بمعنى الانتصاب وعدم الاتّكاء على شيء آخره (1) ، وقام قوما وقَومَةً ، وقياما ، وقامةً: انتصب ، فهو قائم (2) ، والقيّوم على وزن فيعول صيغة مبالغة للقائم ، ويبيّن معناه بالتأَكيد والمبالغة .
القائم والقيّوم في القرآن والحديثوردت صفة «القائم» مرّتين في القرآن الكريم (3) ، وصفة «القيّوم» مع صفة «الحيّ» ثلاث مرّات (4) ، وقيام اللّه في القرآن والأَحاديث ليس بمعنى قيام المخلوقات ، أَي: ليس بمعنى «انتِصاب وقِيامٍ عَلى ساقٍ في كبدٍ» (5) ؛ لأَنّ هذا الضرب من القيام يعبّر
.
ص: 38
عن النقص ، وقيام اللّه في الآيات والأَحاديث بشكل عام ذو معنيين هما:
1 . القيام في ذاتهإِنّ القصد من القيام في نفسه قائميّة اللّه بذاته وبغضّ النظر عن سائر الموجودات ، لذا فقيام اللّه بمعنى أَنّه لا يعتمد على غيره ، ولا يتبع أَحدا ، ولا يأخذه نوم وغفلة وسهو ، ويمكن أَن تشير إِلى المعنى الأَوّل للقيام أَلفاظ مثل «إِنَّ اللّهَ قائِمٌ باقٍ ، وما دونَهُ حَدَثٌ حائِلٌ زائِلٌ» (1) و «القائِم الَّذي لا يَتَغَيَّرُ» (2) .
2 . القيام بشؤون غيرهقيام اللّه بالنسبة إِلى الأَشياء الأُخرى إِخبار عن كَونه حافظا ، كما ورد في حديث الإمام الرضا عليه السلام : «قائِم يُخبرُ أَنَّهُ حافِظٌ» فقيامه بأُمور الموجودات بمعنى أنّه حافظ بقاءها ومتولٍّ أُمورها ، كما جاء «قوام الشيء» في اللغة بمعنى «عماده الذي يقوم به» (3) ، وحينما يقال: «فلان قوام أَهل بيته وقيامهم» فإنّه يعني «هو الذي يقيم شأنهم» (4) ، لذلك يتسنّى لنا أَن نقول إِنّ قائميّة اللّه وقيّوميّته بلا نسبة إِلى سائر الموجودات بمعنى أَنّه مُوجدها وحافظها ومدبّرها ، وهي قائمة به سبحانه من جميع الجهات ، ويمكن أَن تشير إِلى المعنى الثاني للقيام تعابير مثل: «أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ» (5) و «قَائِمَا بِالْقِسْطِ» (6) و « يامَن كُلُّ شَيءٍ قائِمٌ بِهِ» (7) .
.
ص: 39
51 / 1صِفَةُ قِيامِهِالكتاب«شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ وَالْمَلَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَائِمَا بِالْقِسْطِ » . (1)
«أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ» . (2)
«اللَّهُ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ» . (3)
«وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَىِّ الْقَيُّومِ وَ قَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُ_لْمًا » . (4)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: اللّهُمَّ إِنَّكَ . . . قائِمٌ لا تَسهو . (5)
عنه صلى الله عليه و آله_ في تَنزيهِ اللّهِ وتَعظيمِهِ _: سُبحانَ (6) الَّذي لا إِلهَ غَيرُهُ ، الإلهُ العالِمُ الدّائِمُ الَّذي لا يَنفَدُ ، القائِمُ الَّذي لا يَغفُلُ . (7)
عنه صلى الله عليه و آله :يا مَن كُلُّ شَيءٍ قائِمٌ بِهِ ، يا مَن كُلُّ شَيءٍ صائِرٌ إِلَيهِ . (8)
الإمام عليّ عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: الحَمدُ للّهِِ ... القَيّومِ الَّذي لا يَنامُ . (9)
.
ص: 40
عنه عليه السلام_ أَيضا _: أنتَ . . . القَيّومُ الَّذي لا زَوالَ لَكَ . (1)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ المَعروفِ مِن غَيرِ رُؤيَةٍ ، وَالخالِقِ مِن غَيرِ رَوِيَّةٍ ، الَّذي لَم يَزَل قائِما دائِما ، إِذ لا سَماءٌ ذاتُ أَبراجٍ ، ولا حُجُبٌ ذاتُ إِرتاجٍ ، ولا لَيلٌ داجٍ ، ولا بَحرٌ ساجٍ ، ولا جَبَلٌ ذو فِجاجٍ ، ولا فَجٌّ ذُو اعوِجاجٍ ، ولا أَرضٌ ذاتُ مِهادٍ ، ولا خَلقٌ ذُو اعتِمادٍ . (2)
عنه عليه السلام :إِنّ اللّهَ قائِمٌ باقٍ ، وما دونَهُ حَدَثٌ حائِلٌ زائِلٌ ، ولَيسَ القَديمُ الباقي كَالحَدَثِ الزّائِلِ . (3)
عنه عليه السلام :كُلُّ مَعروفٍ بِنَفسِهِ مَصنوعٌ ، (4) وكُلُّ قائِمٍ في سِواهُ مَعلولٌ . (5)
الإمام الصادق عليه السلام :سُبحانَ مَن هُوَ قائِمٌ لا يَلهو . (6)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ ، الحَيِّ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ ، الحَيِّ الَّذي لا يموتُ ، وَالقائِمِ الَّذي لا يَتَغَيَّرُ . (7)
.
ص: 41
عنه عليه السلام :سُبحانَ الدّائِمِ القائِمِ . (1)
الإمام الرضا عليه السلام :اسمُ اللّهِ الأَكبَرُ : يا حَيُّ يا قَيّومُ . (2)
الإمام المهدي عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في قُنوتِهِ _: أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ المَخزونِ المَكنونِ الحَيِّ القَيّومِ ، الَّذِي استَأثَرتَ بِهِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ ، لَم يَطَّلِع عَلَيهِ أَحَدٌ مِن خَلقِكَ . (3)
51 / 2ما لا يُوصَفُ قِيامُهُ بِهِالإمام عليّ عليه السلام :دائِمٌ لا بِأَمَدٍ ، وقائِمٌ لا بِعَمَدٍ . (4)
الإمام الرضا عليه السلام :هُوَ قائِمٌ لَيسَ عَلى مَعنَى انتِصابٍ وقِيامٍ عَلى ساقٍ في كَبَدٍ (5) كَما قامَتِ الأَشياءُ ، ولكِن قائِمٌ يُخبِرُ أَنَّهُ حافِظٌ ، كَقولِ الرَّجُلِ : القائِمُ بِأَمرِنا فُلانٌ وَاللّهُ هُوَ القائِمُ عَلى كُلِّ نَفسٍ بِما كَسَبَت ، وَالقائِمُ أَيضا في كَلامِ النّاسِ الباقي ، وَالقائِمُ أَيضا يُخبِرُ عَنِ الكِفايَةِ ، كَقَولِكَ لِلرَّجُلِ : قُم بِأَمرِ بَني فُلانٍ :
.
ص: 42
أَي اكفِهِم ، وَالقائِمُ مِنّا قائِمٌ عَلى ساقٍ ، فَقَد جَمَعنَا الاِسمُ ولَم نَجمَعِ المَعنى . (1)
الإمام الكاظم عليه السلام :لا أَقولُ : إِنَّهُ قائِمٌ فَأُزيلَهُ عَن مَكانِهِ ، ولا أَحُدُّهُ بِمَكانٍ يكَونُ فيهِ ، ولا أَحُدُّهُ أَن يَتَحَرَّكَ في شَيءٍ مِنَ الأَركانِ وَالجوَارِحِ . (2)
.
ص: 43
الفصل الثاني والخمسون: القادر ، القديرالقادر ، القدير لغةًإِنّ «القادر» اسم فاعل من مادّة «قدر» ، و «القدير» فعيل بمعنى فاعل من مادّة «قدر» وهو يدلّ على مبلغ الشيء وكنهه ونهايته (1) . قَدْر الشيء : مبلغه . قَدَرْتُ الشّيءَ من التقدير . قَدَرْتُ على الشيء : قويتُ عليه وتمكّنت منه والاسم القدرة (2) . و «القدير» و «القادر» يكونان من القدرة ، ويكونان من التقدير (3) . ولمّا كانت صفات «المقتدر» ، «والمُقيت» ، و «المهيمن» قريبةً من صِفتَي «القدير» و «القادر» في المعنى ، فإنّنا نشير إِليها أَيضا . «فالمقتدر» اسم فاعل من اقتدر ، يقتدر ، اقتدار ، من مادّة «قدر» . والاقتدار على الشيء : القدرة عليه (4) . قال ابن الأَثير : في أسماء اللّه تعالى «القادِر ، والمُقْتَدِر ،
.
ص: 44
والقَدِير» فالقادر : اسم فاعل ، من قَدَر يَقْدِر ؛ والقدير : فَعيل منه ، وهو للمبالغة . والمقتدر : مُفْتَعِل ، من اقْتَدَر ، وهو أَبْلَغ . (1) و«المُقيت» اسم فاعل من «قوت» وهو يدلّ على إِمساك وحفظ وقدرة على شيء . المُقيت : الحافظ والشاهد والقادر والمقتدر (2) . و «المهيمن» مُفَيْعل من الأَمانة ، أَصله مُؤَيمن ، فأُبدلت الهاء من الهمزة . المهيمن : الرقيب ، الشاهد ، القائم بأُمور الخلق ، المؤتمن (3) .
القادر ، القدير في القرآن والحديثلقد وردت صفة «القدير» في القرآن الكريم خمسا وأَربعين مرّةً ، وصفة «القادر» بصيغة المفرد والجمع اثنتي عشرة مرّةً (4) ، وصفة «المقتدر» بصيغة المفرد والجمع أَربع مرّات (5) ، وصفة «المُقيت» مرّةً واحدةً (6) ، وصفة المهيمن مرّة واحدةً (7) ، كذلك وردت صفة «القدير» خمسا وثلاثين مرّةً في مضمون «إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ» ، وأَربع مرّات مع صفة «العليم» (8) ، ومرّةً واحدةً مع صفة «الغفور» (9) . وورد كل من التعابير التالية مرة واحدة أيضا «عَفُوًّا قَدِيرًا» (10) ، و «اللَّهُ
.
ص: 45
قَدِيرٌ» (1) و «كَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا» (2) . إِنّ الآيات والأَحاديث قد ذهبت إِلى أَنّ وجود المخلوقات دليل على قدرة اللّه ، كذلك قدرة اللّه مطلقة ، واللّه سبحانه قادر على كلّ أَمر ممكن ، وليس كالمخلوقات القادرة على بعض الأُمور ، والعاجزة عن القيام بأُمور أُخرى ، فقدرات المخلوقات تصدر عن اللّه تعالى ، في حيث أَنّ قدرته _ جلّ شأنه _ ذاتيّة وغير معلولة لموجود آخر ، ومن ثمّ فهي أَزليّة أَبديّة . لقد جاء في بعض الأَحاديث والتفاسير أَنّ صفة «المُقيت» بمعنى صفة «المقتدر» (3) . وصفة «المهيمن» في بعض الأَحاديث هي «المُهَيمِن بِقُدرَتِهِ» (4) و «خَلَقَ فَأَتقَنَ ، وأَقامَ فَتَهَيمَنَ» (5) .
52 / 1صِفَةُ قُدرَتِهِالكتاب«إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ » . (6)
«وَ كَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ مُّقْتَدِرًا » . (7)
«وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَىْ ءٍ فِى السَّمَ_وَ تِ وَ لَا فِى الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا » . (8)
.
ص: 46
«فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَ_دِرُونَ » . (1)
راجع : آل عمران : 26 و 29 و 189 ، النساء : 133 ، المائدة : 17 و 19 و 40 و 720 ، الأنعام : 17 و 37 و 65 ، التوب_ة : 39 ، ه_ود : 4 ، الح_جّ : 6 ، الروم : 50 ، فصّلت : 39 ، الشورى : 9 ، الأحقاف : 33 ، الحديد : 2 ، الحشر : 6 ، التغابن : 1 ، التحريم : 8 ، الملك : 1 ، الأحزاب : 27 ، الفتح : 21 ، القمر : 44 و 55 ، الزخرف : 42 ، الإسراء : 99 ، يس : 81 ، القيامة : 40 ، الطارق : 8 .
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعائِهِ إِذا أَمسى _: اللّهُمَّ إِنَّكَ بِجَميعِ حاجَتي عالِمٌ ، وإِنَّكَ عَلى جَميعِ نُجحِها قادِرٌ . (2)
عنه صلى الله عليه و آله :إِنَّ اللّهَ . . . القادِرُ عَلى ما أَقدَرَهُم عَلَيهِ . (3)
الإمام عليّ عليه السلام :هُوَ القادِرُ الَّذي إِذَا ارتَمَتِ الأَوهامُ لِتُدرِكَ مُنقَطَعَ قُدرَتِهِ ، وحاوَلَ الفِكرُ المُبَرّأُ مِن خَطَراتِ الوَساوِسِ أن يَقَعَ عَلَيهِ في عَميقاتِ غُيوبِ مَلَكوتِهِ ، وتَوَلَّهَتِ القُلوبُ إِلَيهِ لِتَجرِيَ في كَيفِيَّةِ صِفاتِهِ ، وغَمَضَت مَداخِلُ العُقولِ في حَيثُ لا تَبلُغُهُ الصِّفاتُ لِتَناوُلِ عِلمِ ذاتِهِ ، رَدَعَها وهِيَ تَجوبُ مَهاوِيَ سُدَفِ الغُيوبِ مُتَخَلِّصَةً إِلَيهِ سُبحانَهُ . (4)
عنه عليه السلام :كُلُّ قادِرٍ غَيرُهُ يَقدِرُ ويَعجِزُ . (5)
.
ص: 47
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الواحِدِ الأَحَدِ الصَّمَدِ المُتَفَرِّدِ ، الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ خَلَقَ ما كانَ ، قُدرَةٌ بانَ بِها مِنَ الأَشياءِ وبانَتِ الأَشياءُ مِنهُ . (1)
عنه عليه السلام :كُلُّ قادِرٍ غَيرُ اللّهِ سُبحانَهُ مَقدورٌ . (2)
عنه عليه السلام_ في دُعائِهِ المَعروفِ بِدُعاءِ كُمَيلٍ _: اللّهُمَّ عَظُمَ سُلطانُكُ ، وعَلا مَكانُكَ ، وخَفِيَ مَكرُكَ ، وظَهَرَ أَمرُكَ ، وغَلَبَ قَهرُكَ ، وجَرَت قُدرَتُكَ ، ولا يُمكِنُ الفِرارُ مِن حُكومَتِكَ . (3)
عنه عليه السلام_ في خُطبَةٍ يَذكُرُ فيها صِفاتِ اللّهِ جَلَّ جَلالُهُ _: قادِرٌ إِذ لا مَقدورَ . (4)
الإمام زين العابدين عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي مَنَّ عَلَينا ... بِقُدرَتِهِ الّتي لا تَعجِزُ عَن شَيءٍ وإِن عَظُمَ ، ولا يَفوتُها شَيءٌ وإِن لَطُفَ . (5)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا تُقَدَّرُ قُدرَتُهُ ، ولا يَقدِرُ العِبادُ عَلى صِفَتِهِ ، ولا يَبلُغونَ كُنهَ عِلمِهِ ، ولا مَبلَغَ عَظَمَتِهِ ، ولَيسَ شَيءٌ غَيرَهُ . (6)
عنه عليه السلام :لَم يَزَلِ اللّهُ عز و جل رَبَّنا . . . وَالقُدرَةُ ذاتُهُ ولا مَقدورَ ، فَلَمّا أَحدَثَ الأَشياءَ وكانَ
.
ص: 48
المَعلومُ وَقَعَ العِلمُ عَلَى المَعلومِ . . . وَالقُدرَةُ عَلَى المَقدورِ . (1)
عنه عليه السلام :لَم يَزَلِ اللّهُ _ جَلَّ اسمُهُ _ عالِما بِذاتِهِ ولا مَعلومَ ، ولَم يَزَل قادِرا بِذاتِهِ ولا مَقدورَ . (2)
الإمام الكاظم عليه السلام :إِنَّ اللّهَ تَعالى ... القادِرُ الَّذي لا يَعجِزُ ، وَالقاهِرُ الَّذي لا يُغلَبُ . (3)
عيون أخبار الرضا عن محمّد بن عرفة :قُلتُ لِلرِّضا عليه السلام : خَلَقَ اللّهُ الأَشياءَ بِالقُدرَةِ أَم بِغَيرِ القُدرَةِ ؟ فَقالَ عليه السلام : لا يَجوزُ أَن يَكونَ خَلقُ الأَشياءِ بِالقُدرَةِ ؛ لِأَنَّكَ إِذا قُلتَ : خَلَقَ الأَشياءَ بِالقُدرَةِ ، فَكَأَنَّكَ قَد جَعَلتَ القُدرَةَ شَيئا غَيرَهُ ، وجَعَلتَها آلَةً لَهُ بِها خَلَقَ الأَشياءَ ، وهذا شِركٌ ، وإِذا قُلتَ : خَلَقَ الأَشياءَ بِغَيرِ قُدرَةٍ (4) ، فَإِنَّما تَصِفُهُ أَنَّهُ جَعَلَها بِاقتِدارٍ عَلَيها وقُدرَةٍ ، ولكِن لَيسَ هُوَ بِضَعيفٍ ولا عاجِزٍ ولا مُحتاجٍ إِلى غَيرِهِ ، بَل هُوَ سُبحانَهُ قادِرٌ لِذاتِهِ لا بِالقُدرَةِ . (5)
راجع : ج 4 ص 175 ح 4474 وص 335 ح 4868 .
تعليق:قالَ أَكثر المعتزلة : لا يوصف البارئ بالقدرة على شيء يقدر عليه عباده ، ومحال أَن
.
ص: 49
يكون مقدور واحد لقادرين . (1) ويلزم من قول المعتزلة الآنف الذكر أَنّ اللّه سبحانه عاجز إِزاء قدرة الإنسان ، وهذا هو معنى التفويض الباطل ، وفي مقابل هذا القول ورد في أَحاديث أَهل البيت عليهم السلام أنّ اللّه تعالى وإن أَقدر عباده على أَفعالهم الاختياريّة باعتبار أنّ وجود هذه القدرة من شروط التكليف ، إلّا أنّه تعالى متسلّط على قدرتهم ؛ لأنّ هذه القدرة واقعة في طول قدرته تعالى.
52 / 2دَليلُ قُدرَتِهِالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... المُستَشهِدِ بِآياتِهِ عَلى قُدرَتِهِ . (2)
الإمام الصادق عليه السلام_ لِلمُفَضَّلِ بنِ عُمَرَ _: أُنظُر إِلى هذَا الجَرادِ ما أَضعَفَهُ وأَقواهُ ؛ فَإِنَّكَ إِذا تَأَمَّلتَ خَلقَهُ رَأَيتَهُ كَأَضعَفِ الأَشياءِ ، وإِن دَلَفَت (3) عَساكِرُهُ نَحوَ بَلَدٍ مِنَ البُلدانِ لَم يَستَطِع أَحَدٌ أَن يَحمِيَهُ مِنهُ . أَلا تَرى أَنَّ مَلِكا مِن مُلوكِ الأَرضِ لَو جَمَعَ خَيلَهُ ورَجِلَهُ لِيَحمِيَ بِلادَهُ مِنَ الجَرادِ لَم يَقدِر عَلى ذلِكَ ؟ أَفَلَيسَ مِنَ الدَّلائِلِ عَلى قُدرَةِ الخالِقِ أَن يَبعَثَ أَضعَفَ خَلقِهِ إِلى أَقوى خَلقِهِ فَلا يَستطيعُ دَفعَهُ ؟ أُنظُر إِلَيهِ كَيفَ يَنسابُ عَلى وَجهِ الأَرضِ مِثلُ السَّيلِ ، فَيَغشِي السَّهلَ وَالجَبَلَ وَالبَدوَ وَالحَضَرَ ، حَتّى يَستُرَ نورَ الشَّمسِ بِكَثرَتِهِ ، فَلَو كانَ
.
ص: 50
هذا مِمّا يُصنَعُ بِالأَيدي مَتى كانَ يَجتَمِعُ مِنهُ هذِهِ الكَثَرَةُ ؟ وفي كَم مِن سَنَةٍ كانَ يَرتَفِعُ ؟ فَاستَدِلَّ بِذلِكَ عَلَى القُدرَةِ الَّتي لا يَؤودُها (1) شَيءٌ ويَكثُرُ عَلَيها . (2)
الإمام الرضا عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ : لِمَ خَلَقَ اللّهُ عز و جل الخَلقَ عَلى أَنواعٍ شَتّى ولَم يَخلُقهُ نَوعا واحِدا ؟ قالَ _: لِئَلّا يَقَعَ في الأَوهامِ أَنَّهُ عاجِزٌ ، فَلا تَقَعُ صورَةٌ في وَهمِ مُلحِدٍ إِلّا وقَد خَلَقَ اللّهُ عز و جل عَلَيها خَلقا ، ولا يَقولُ قائِلٌ : هَل يَقدِرُ اللّهُ عز و جل عَلى أَن يَخلُقَ عَلى صورَةِ كَذا وكَذا إِلّا وَجَدَ ذلِكَ في خَلقِهِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ ، فَيُعلَمُ بِالنَّظَرِ إِلى أَنواعِ خَلقِهِ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ . (3)
راجع : ص 316 ح 5499 وج 4 ص 344 ح 4906 .
52 / 3قُدرَةُ اللّهِ وَالمُحالُالإمام الصادق عليه السلام :قيلَ لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام : هَل يَقدِرُ رَبُّكَ أَن يُدخِلَ الدُّنيا في بَيضَةٍ مِن غَيرِ أَن يُصَغِّرَ الدُّنيا أَو يُكَبِّرَ البَيضَةَ ؟ فَقالَ : إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا يُنسَبُ إِلى العَجزِ ، وَالَّذي سَأَلتَني لا يَكونُ . (4)
عنه عليه السلام :جاءَ رَجُلٌ إِلى أَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ : أيقَدِرُ اللّهُ أن يُدخِلَ الأَرضَ
.
ص: 51
في بَيضَةٍ ولا يُصَغِّرَ الأَرضَ ولا يُكَبِّرَ البَيضَةَ ؟ فَقالَ : وَيلَكَ ! إِنَّ اللّهَ لا يُوصَفُ بِالعَجزِ ، ومَن أَقدَرُ مِمَّن يُلَطِّفُ الأَرضَ ويُعَظِّمُ البَيضَةَ؟ (1)
الإمام الرضا عليه السلام لَمّا سُئِلَ :هَل يَقدِرُ رَبُّكَ أَن يَجعَلَ السَّماواتِ وَالأَرضَ وما بَينَهُما في بَيضَةٍ ؟ قالَ _ : نَعَم ، وفي أَصغَرَ مِنَ البَيضَةِ ، قَد جَعَلَها في عَينِكَ ، وهِيَ أَقَلُّ مِنَ البَيضَةِ ؛ لِأَنَّكَ إِذا فَتَحتَها عايَنتَ السَّماءَ وَالأَرضَ وما بَينَهُما ، ولو شاءَ لَأَعماكَ عَنها . (2)
.
ص: 52
. .
ص: 53
الفصل الثالث والخمسون: القاهر ، القهّارالقاهر ، القهّار لغةً«القهّار» مبالغة في «القاهر» ومن مادّة «قهر» بمعنى الغلبة (1) ، ولذلك نجد أَنّ القاهر والقهّار صفتان نسبيّتان تعبّران عن نوعٍ من ارتباط موجود بموجود آخر .
القاهر ، القهّار في القرآن والحديثاستعمل القرآن الكريم صفة «القاهر» مرّتين بقوله: «وَ هُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ» (2) ، واستعمل صفة «القهّار» ستّ مرّات مع صفة «الواحد» (3) ، وقاهريّة اللّه سبحانه في الأَحاديث بنحو مطلق وبالنسبة إلى كلّ ما سواه . من جهة أُخرى ، إنّ قاهريّة اللّه ليست كقاهريّة المخلوقات التي تشوبها الحيلة والمكر والنصب عادةً ، وغالبيّتها في جهة تصاحبه مغلوبيّتها من جهة أُخرى ، بل إنّ قاهريّته تعالى تعني أنّ جميع الموجودات لمّا كانت مخلوقة للّه وقائمة به فهي محتاجة إليه
.
ص: 54
في وجودها وجميع شؤونها وترتدي لباس الذلّة والمسكنة أَمامه .
53 / 1مَعنى قاهِريَّتِهِالإمام عليّ عليه السلام :الواحِدُ الصَّمَدُ ، وَالمُتَكَبِّرُ عَنِ الصّاحِبَةِ وَالوَلَدِ ، رافِعُ السَّماءِ بِغَيرِ عَمَدٍ ، ومُجرِي السَّحابِ بِغَيرِ صَفَدٍ (1) ، قاهِرُ الخَلقِ بِغَيرِ عَدَدٍ . (2)
الإمام الرِّضا عليه السلام :. . . أَمَّا القاهِرُ فَلَيسَ عَلى مَعنى عِلاجٍ ونَصبٍ وَاحتِيالٍ ومُداراةٍ ومَكرٍ ، كَما يَقهَرُ العِبادُ بَعضُهُم بَعضا ، وَالمَقهورُ مِنهُم يَعودُ قاهِرا وَالقاهِرُ يَعودُ مَقهورا ، ولكِن ذلِكَ مِنَ اللّهِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ عَلى أَنَّ جَميعَ ما خَلَقَ مُلَبَّسٌ بِهِ الذُّلُّ لِفاعِلِهِ ، وقِلَّةُ الاِمتِناعِ لِما أَرادَ بِهِ ، لَم يَخرُج مِنُه طَرفَةَ عَينٍ أَن يَقولَ لَهُ : «كُن» فَيَكونُ ، وَالقاهِرُ مِنّا عَلى ما ذَكَرتُ ووَصَفتُ ، فَقَد جَمَعَنَا الِاسمُ وَاختَلَفَ المَعنى ، وهكَذا جَميعُ الأَسماءِ وإِن كُنّا لَم نَستَجمِعها . (3)
الإمام الكاظم عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: . . . أَنتَ عَزيزٌ ذُو انتِقامٍ ، قَيّومٌ لا تَنامُ ، قاهِرٌ لا تُغلَبُ ولا تُرامُ ، ذُو البَأسِ الَّذي لا يُستَضامُ . (4)
53 / 2قاهِرُ الأَعداءِ وَالأَضدادِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا صاحِبَ الغُرَباءِ ، يا ناصِرَ الأَولياءِ ، يا قاهِرَ الأَعداءِ . (5)
.
ص: 55
الإمام عليّ عليه السلام :اللّهُ أَكبَرُ القاهِرُ لِلأَضدادِ ، المُتَعالي عَنِ الأَندادِ ، المُتَفَرِّدُ بِالمِنَّةِ عَلى جَميعِ العِبادِ . (1)
عنه عليه السلام :اِتَّسَعَت رَحمَتُهُ لِأَولِيائِهِ في شِدَّةِ نِقمَتِهِ ، قاهِرٌ مَن عازَّهُ ، ومُدَمِّرٌ من شاقَّهُ ، ومُذِلٌّ مَن ناواهُ ، وغالِبٌ مَن عاداهُ . (2)
53 / 3القاهِرُ لِكُلَّ شَيءٍالإمام عليّ عليه السلام :لا شَيءَ إِلَا اللّهُ الواحِدُ القَهّارُ الَّذي إِليهِ مَصيرُ جَميعِ الأُمورِ ، بِلا قُدرَةٍ مِنها كانَ ابتِداءُ خَلقِها ، وبِغَيرِ امتِناعٍ مِنها كانَ فَناؤُها ، ولَو قَدَرَت عَلَى الاِمتِناعِ لَدامَ بَقاؤُها. (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ حينَ سُئِلَ كَيفَ الدَّعوَةُ إِلى الدِّينِ؟ _: تَقولُ: بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ أَدعوكُم إِلَى اللّهِ عز و جل وإِلى دينِهِ ، وجِماعُهُ أَمرانِ : أَحَدُهُما مَعرِفَةُ اللّهِ عز و جل ، وَالآخَرُ العَمَلُ بِرِضوانِهِ ، وإِنَّ مَعرِفَةَ اللّهِ عز و جل أَن يُعرَفَ بِالوَحدانيَّةِ وَالرَّأَفَةِ وَالرَّحمَةِ وَالعِزَّةِ وَالعِلمِ وَالقُدرَةِ وَالعُلُوِّ عَلى كُلِّ شَيءٍ ، وأَنَّهُ النّافِعُ الضّارُّ القاهِرُ لِكُلِّ شَيءٍ . (4)
الإمام الصادق عليه السلام :بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرَّحيمِ ، لا حَولَ ولا قُوَّةَ إِلّا بِاللّهِ العَلِيِّ العَظيمِ ،
.
ص: 56
اللّهُ رَبُّ المَلائِكَةِ وَالرّوحِ وَالنَّبِيّينَ وَالمُرسَلينَ ، وقاهِرُ مَن فِي السَّماواتِ وَالأَرَضينَ ، وخالِقُ كُلِّ شَيءٍ ومالِكُهُ ... . (1)
الإمام العسكريّ عليه السلام_ في شَرحِ «الم» _: الأَلِفُ حَرفٌ مِن حُروفِ قَولِ اللّهِ ، دَلَّ بِ_ «الأَلف» عَلى قَولِكَ اللّهُ ، ودَلَّ ب_ «اللّام» عَلى قَولِكَ المَلِكِ العَظيمِ القاهِرِ لِلخَلقِ أَجمَعينَ ، ودَلَّ بِ_ «الميم» عَلى أَنَّهُ المَجيدُ المَحمودُ في كُلِّ أَفعالِهِ . (2)
.
ص: 57
الفصل الرابع والخمسون: القديم ، الأزليّالقديم ، الأزلي لغةً«القديم» فعيل بمعنى فاعل من مادّة «قدم» وهو يدلّ على سَبْق ، ثمّ يتفرّع منه ما يقاربه ، يقولون: القِدَم: خلاف الحدوث ، ويقال: شيء قديم: إِذا كان زمانه سالفا ، ويقال: قَدَم ، يَقدُم ، قَدما ، أَي : تقدّم (1) ، بناءً على هذا ، القديم تارةً يستعمل في الموجود الذي ليس لوجوده ابتداء والموجود الذي لم يزل ، وتارةً يستعمل في الموجود الذي زمانه سالف. الأَزليّ ، نسبةً إِلى الأَزل ، قال الخليل: الأَزل: شدّة الزمان (2) . قال ابن فارس : «أَزل» أَصلان : الضيق ، والكذب ... أَمّا الأَزل الذي هو القِدَم ، فالأَصل ليس بقياس ، ولكنّه كلام موجز مُبدَل ، إِنّما كان «لم يزل» فأرادوا النسبة إِليه فلم يستقم ، فنسبوا إِلى يزل ، ثُمّ قلبوا الياء همزة فقالوا: أَزليّ (3) .
.
ص: 58
القديم ، الأزليّ في القرآن والحديثلم ترد صفة «القديم» و«الأَزليّ» في القرآن الكريم . وقيل في البحث اللغويّ أنّ الأَزليّ بمعنى القديم ، والقديم تارةً يستعمل في الموجود الذي ليس لوجوده ابتداء ، والموجود الذي لم يزل ، وتارةً يستعمل في الموجود الذي زمانه سالف . وعندما تنسب الأَحاديث القديم والأَزليّ إِلى ذات اللّه وصفاته الذاتيّة فإنّ المعنى الأَوّل هو المقصود ، وعندما تنسب ذلك إِلى المخلوقات وأَفعال اللّه كالإحسان والعفو والغفران فالمعنى الثاني هو المراد . ويمكن أن نشير من القسم الأَوّل إِلى أَلفاظٍ مثل: «القَديمُ ، المُبدِئُ الَّذي لا بَدءَ لَهُ» (1) ، و «القَديمُ لا يَكونُ حَديثا ولا يَفنى ولا يَتَغَيَّرُ» (2) ، و «لَن تَجتَمِعَ صِفَةُ الأَزَلِ وَالعَدَمِ وَالحُدوثِ وَالقِدَمِ في شَيءٍ واحِدٍ» (3) . ومن القسم الثاني إِلى أَلفاظ نحو: «وإِحسانُكَ القَديمُ إِلَيَّ» (4) ، و «إِن تَعفُ عَنّي فَقديما شَمَلَني عَفوُكَ وأَلبَسَتني عافِيَتُكَ» (5) ، و «يا مَن عَفوُهُ قَديمٌ» (6) . ومن الخليق بالذكر أَنّ الأَحاديث التي تحمل عنوان «صفة قدمه» المرتبطة بصفاته الذاتيّة سبحانه تشير إِلى المعنى الأَوّل للقديم ، وإِنّ قسما من الأَحاديث
.
ص: 59
التي تحمل عنوان «ما رُوي في قدم أَسمائه وأَفعاله» المرتبطة بصفاته الفعليّة وأَفعاله تعالى تشير إِلى المعنى الثاني له .
54 / 1صِفَةُ قِدَمِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ أَنتَ اللّهُ .. . الشَّهيدُ القَديمُ ، العَلِيُّ العَظيمُ. (1)
عنه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ المَلِكِ الرَّحيمِ ، الأَوَّلِ القَديمِ ، خالِقِ العَرشِ وَالسَّماواتِ وَالأَرَضينَ ... أَشهَدُ أَنَّ كُلَّ مَعبودٍ مِن عَرشِكَ إِلى قَرارِ أَرضِكَ باطِلٌ غَيرَ وَجهِكَ الكَريمِ المَعبودِ القَديمِ. (2)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يَزولُ ولا يَزالُ ، الحَمدُ للّهِِ الَّذي كانَ قَبلَ كانَ ولا يوجَدُ لِكانَ مَوضِعٌ قَبلَهُ. (3)
عنه عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الَّذي لا حَيَّ مَعَهُ في دَيمومَةِ بَقائِهِ ، قَيّومٌ قَيّومٌ لا يَفوتُ شَيءٌ عِلمَهُ ولا يَؤُودُهُ (4) ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الباقي بَعدَ كُلِّ شَيءٍ وآخِرَهُ ، دائِمٌ بِغَيرِ فَناءٍ ، ولا زَوالَ لِمُلكِهِ. (5)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ المُتَوَحِّدِ بِالقِدَمِ وَالأَزَلِيَّةِ ، الَّذي لَيسَ لَهُ غايَةٌ في دَوامِهِ ولا لَهُ
.
ص: 60
أَوَّلِيَّةٌ .. . هُوَ الباقي بِغَيرِ مُدَّةٍ. (1)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالَى اسمُهُ _ عَلى ما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ بِالاِنفِرادِ وَالوَحدانِيَّةِ ، هُوَ النّورُ الأَزَلِيُّ القَديمُ الَّذي لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ، لا يَتَغَيَّرُ ، ويَحكُمُ ما يَشاءُ ويَختارُ. (2)
عنه عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَنِ الرَّبِّ مَتى كانَ؟ _: كانَ بِلا كَينونِيَّةٍ ، كانَ بِلا كَيفٍ ، كانَ لَم يَزَل بِلا كَمٍّ وبِلا كَيفٍ ، كانَ لَيسَ لَهُ قَبلٌ ، هُوَ قَبلَ القَبلِ بِلا قَبلٍ ولا غايَةٍ ولا مُنتَهىً ، اِنقَطَعَت عَنهُ الغايَةُ ، وهُوَ غايَةُ كُلِّ غايَةٍ. (3)
عنه عليه السلام :إِنّا لَمّا رَأَينا هذَا العالَمَ المُتَحَرِّكَ مُتَناهِيَةً أزمانُهُ وأعيانُهُ وحَرَكاتُهُ وأَكوانُهُ وجَميعُ ما فيهِ ، ووَجَدنا ما غابَ عنّا مِن ذلِكَ يَلحَقُهُ النِّهايَةُ ووَجدنَا العَقلَ يَتَعَلَّقُ بِما لا نِهايَةَ ، ولَولا ذلِكَ لَم يَجِدِ العَقلُ دَليلاً يُفَرِّقُ ما بَينَهُما ، ولَم يَكُن لَنا بُدٌّ مِن إِثباتِ ما لا نِهايَةَ لَهُ مَعلوما مَعقولاً أَبَدِيّا سَرمَدِيّا (4) لَيسَ بِمَعلومٍ أَنَّهُ مَقصورُ القُوى ، ولا مُقدورٌ ولا مُتَجَزِّئٌ ولا مُنقَسِمٌ ، فَوَجَبَ عِندَ ذلِكَ أَن يَكونَ ما لا يَتَناهى مِثلَ ما يَتَناهى. و إِذ قَد ثَبَتَ لَنا ذلِكَ فَقَد ثَبَتَ في عُقولِنا أَنَّ ما لا يَتَناهى هُوَ القَديمُ الأَزَلِيُّ ، وإِذا ثَبَتَ شَيءٌ قَديمٌ وشَيءٌ مُحدَثٌ فَقَدِ استَغنَى القَديمُ البارِئُ لِلأَشياءِ عَنِ المُحدَثِ
.
ص: 61
الَّذي أَنشَأَهُ وبَرَأَهُ وأَحدَثَهُ ، وصَحَّ عِندَنا بِالحُجَّةِ العَقلِيَّةِ أَنَّهُ المُحدِثُ لِلأَشياءِ وأَنَّهُ لا خالِقَ إِلّا هُوَ ، فَتَبارَكَ اللّهُ المُحدِثُ لِكُلِّ مُحدَثٍ ، الصّانِعُ لِكُلِّ مَصنوعٍ ، المُبتَدِعُ لِلأَشياءِ مِن غَيرِ شَيءٍ. (1)
الإمام الحسن عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الواحِدِ بِغَيرِ تَشبيهٍ ، الدّائِمِ بِغَيرِ تَكوينٍ .. . العَزيزِ لَم يَزَل قَديما فِي القِدَمِ. (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ الوَلِيُّ المُرشِدُ .. . وَالرّازِقُ الكَريمُ وَالسّابِقُ القَديمُ. (3)
الإمام الباقر عليه السلام :اللّهُ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ الحَيُّ القَيّومُ ، الدّائِمُ الدَّيمومُ ، القَديمُ الأَزَلِيُّ الأَبَدِيُّ ، بَديعُ السَّماواتِ وَالأَرضِ. (4)
التوحيد عن سليمان بن مهران :قُلتُ لِجَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ عليهماالسلام : هَل يَجوزُ أَن نَقولَ : إِنَّ اللّهَ عز و جل في مَكانٍ؟ فَقالَ : سُبحانَ اللّهِ وتَعالى عَن ذلِكَ ، إِنَّهُ لَو كانَ في مَكانٍ لَكانَ مُحدَثا ، لِأَنَّ الكائِنَ في مَكانٍ مُحتاجٌ إِلَى المَكانِ ، وَالاِحتِياجُ مِن صِفاتِ المُحدَثِ لا مِن صِفاتِ القَديمِ. (5)
الإمام الصادق عليه السلام :يا ذَا القُوَّةِ القَوِيَّةِ ، وَالقِدَمِ الأَزَلِيَّةِ. (6)
عنه عليه السلام_ في بَيانِ احتِجاجاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله _: ... ثُمَّ أَقبَلَ صلى الله عليه و آله عَلَى النَّصارى فَقالَ لَهُم :
.
ص: 62
وأَنتُم قُلتُم : إِنَّ القَديمَ عز و جل اتَّحَدَ بِالمَسيحِ ابنِهِ ، فَمَا الَّذي أَرَدتُموهُ بِهذَا القَولِ؟ أَرَدتم أَنَّ القَديمَ صارَ مُحدَثا لِوُجودِ هذَا المُحدَثِ الَّذي هُوَ عيسى ، أَوِ المُحدَثِ الَّذي هُوَ عيسى صارَ قَديما لِوُجودِ القَديمِ الَّذي هُوَ اللّهُ ، أَو مَعنى قَولِكُم : إِنَّهُ اتَّحَدَ بِهِ أَنَّهُ اختَصَّهُ بِكَرامَةٍ لَم يُكرِم بِها أَحَدا سِواهُ. فَإِن أَرَدتُم أَنَّ القَديمَ صارَ مُحدَثا فَقَد أَبطَلتُم ؛ لِأَنَّ القَديمَ مُحالٌ أَن يَنقَلِبَ فَيَصيرَ مُحدَثا. و إِن أَرَدتُم أَنَّ المُحدَثَ صارَ قَديما فَقَد أَحَلتُم ؛ لِأَنَّ المُحدَثَ أَيضا مُحالٌ أَن يَصيرَ قَديما . و إِن أَرَدتم أَنَّهُ اتَّحَدَ بِهِ بِأَنَّهُ اختَصَّهُ وَاصطَفاهُ عَلى سائِرِ عِبادِهِ ، فَقَد أَقرَرتُم بِحُدوثِ عيسى وبِحُدوثِ المَعنَى الَّذِي اتَّحَدَ بِهِ مِن أَجلِهِ ، لِأَنَّهُ إِذا كانَ عيسى مُحدَثا وكانَ اللّهُ اتَّحَدَ بِهِ _ بِأَن أَحدَثَ بِهِ مَعنىً صارَ بِهِ أَكرَمَ الخَلقِ عِندَهُ _ فَقَد صارَ عيسى وذلِكَ المَعنى مُحدَثَينِ ، وهذا خِلافُ ما بَدَأَتُم تَقولونَهُ . (1)
التوحيد عن أبي بصير:أَخرَجَ أَبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام حُقّا (2) ، فَأَخرَجَ مِنهُ وَرَقَةً فَإِذا فيها: سُبحانَ الواحِدِ الَّذي لا إِلهَ غَيرُهُ ، القَديمِ المُبدِئِ الَّذي لا بَديءَ (3) لَهُ ، الدّائِمِ الَّذي لا نَفادَ لَهُ. (4)
.
ص: 63
الاحتجاج :مِن سُؤالِ الزِّنديقِ الَّذي سَأَلَ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَن مَسائِلَ كَثيرَةٍ أَن قالَ : .. . مِن أَيِّ شَيءٍ خَلَقَ اللّهُ الأَشياءَ؟ قالَ عليه السلام : مِن لا شَيءٍ . فَقالَ : كَيفَ يَجيءُ مِن لا شَيءٍ شَيءٌ؟ قالَ عليه السلام : إِنَّ الأَشياءَ لا تَخلو أَن تَكونَ خُلِقَت مِن شَيءٍ أَو مِن غَيرِ شَيءٍ ؛ فَإِن كانَت خُلِقَت مِن شَيءٍ كانَ مَعَهُ فَإِنَّ ذلِكَ الشَّيءَ قَديمٌ ، وَالقَديمُ لا يَكونُ حَديثا ولا يَفنى ولا يَتَغَيَّرُ. (1)
الكافي عن أَبي الحسن عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن أَدنَى المَعرِفَةِ _: الإِقرارُ بِأَنَّهُ لا إِلهَ غَيرُهُ ولا شِبهَ لَهُ ولا نَظيرَ ، وأَنَّهُ قَديمٌ مُثبَتٌ مَوجودٌ غَيرُ فَقيدٍ ، وأَنَّهُ لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ. (2)
الإمام الرضا عليه السلام :اِعلَم _ عَلَّمَكَ اللّهُ الخَيرَ _ إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ قَديمٌ وَالقِدَمُ صِفَتُهُ الَّتي دَلَّتِ العاقِلَ عَلى أَنَّهُ لا شَيءَ قَبلَهُ ولا شَيءَ مَعَهُ في دَيمومِيَّتِهِ ، فَقَد بانَ لَنا بِإِقرارِ العامَّةِ مُعجِزَةُ الصِّفَةِ أَنَّهُ لا شَيءَ قَبلَ اللّهِ ولا شَيءَ مَعَ اللّهِ في بَقائِهِ ، وبَطَلَ قَولُ مَن زَعَمَ أَنَّهُ كانَ قَبلَهُ أَو كانَ مَعَهُ شَيءٌ ، وذلِكَ أَنَّهُ لَو كانَ مَعَهُ شَيءٌ في بَقائِهِ لَم يَجُز أَن يَكونَ خالِقا لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَم يَزَل مَعَهُ فَكَيفَ يَكونُ خالِقا لِمَن لَم يَزَل مَعَهُ؟ ولو كانَ قَبلَهُ شَيءٌ كانَ الأَوَّلُ ذلِكَ الشَّيءَ لا هذا ، وكانَ الأَوَّلُ أَولى بِأَن يَكونَ خالِقا لِلأَوَّلِ ، ثُمَّ وَصَفَ نَفسَهُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ بِأَسماءٍ دَعَا الخَلقَ إِذ خَلَقَهُم وتَعَبَّدَهُمَ وَابتَلاهُم إِلى أَن يَدعوهُ بِها ، فَسَمّى نَفسَهُ : سَميعا بَصيرا قادِرا قائِما ناطِقا ظاهِرا باطِنا لَطيفا
.
ص: 64
خَبيرا قَوِيّا عَزيزا حَكيما عَليما. (1)
التوحيد عن الحسين بن خالد :سَمِعتُ الرِّضا عَلِيَّ بنَ موسى عليهماالسلاميَقولُ : لَم يَزَلِ اللّهُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ عَليما قادِرا حَيّا قَديما سَميعا بَصيرا . فَقُلتُ لَهُ : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ، إِنَّ قَوما يَقولونَ : إِنَّهُ عز و جل لَم يَزَل عالِما بِعِلمٍ ، وقادِرا بِقُدرَةٍ ، وحَيّا بِحَياةٍ ، وقَديما بِقِدَمٍ ، وسَميعا بِسَمعٍ ، وبَصيرا بِبَصَرٍ . فَقالَ عليه السلام : مَن قالَ ذلِكَ ودانَ بِهِ فَقَدِ اتَّخَذَ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخرى ، ولَيسَ مِن وِلايَتِنا عَلى شَيءٍ ، ثُمَّ قالَ عليه السلام : لَم يَزَلِ اللّهُ عز و جل عَليما قادِرا حَيّا قَديما سَميعا بَصيرا لِذاتِهِ ، تَعالى عَمّا يَقولُ المُشرِكونَ وَالمُشَبِّهونَ عُلُوّا كَبيرا. (2)
الإمام الجواد عليه السلام :هُوَ اللّهُ القَديمُ الَّذي لَم يَزَل وَالأَسماءُ وَالصِّفاتُ مَخلوقاتٌ ، وَالمَعاني وَالمَعنِيُّ بِها هُوَ اللّهُ الَّذي لا يَليقُ بِهِ الاِختِلافُ ولَا الاِئتِلافُ ، وإِنَّما يَختَلِفُ ويَأتَلِفُ المُتَجَزِّئُ ، فَلا يُقالُ : اللّهُ مُؤتَلِفٌ ، ولا : اللّهُ قَليلٌ ، ولا كَثيرٌ ، ولكِنَّهُ القَديمُ في ذاتِهِ ؛ لِأَنَّ ما سِوَى الواحِدِ مُتَجَزِّئٌ ، وَاللّهُ واحِدٌ لا مُتَجَزِّئٌ .. . وما كانَ ناقِصا كانَ غَيرَ قَديمٍ ، وما كانَ غَيرَ قَديمٍ كانَ عاجِزا. (3)
الإمام العسكري عليه السلام :بِاسمِ اللّهِ العَلِيِّ العَظيمِ الحَليمِ الكَريمِ ، القَديمِ الَّذي لا يَزولُ. (4)
.
ص: 65
الأمان :عوذَةٌ رُوِيَ أَنَّها وُجدِتَ في قائِمِ سَيفِ مَولانا عَلِيِّ بنِ أَبي طالِبٍ _ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ _ وكانَت في قائِمِ سَيفِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وهِيَ : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ ، أَسأَ لُكَ يا مَلِكَ المُلوكِ ، الأَوَّلَ القَديمَ الأَبَدِيَّ الَّذي لا يَزولُ ولا يَحولُ (1) . (2)
راجع : ج 3 ص 103 (التفكّر في حدوث العالَم) .
54 / 2كانَ اللّهُ وَلَم يَكُن مَعَهُ شَيءٌرسول اللّه صلى الله عليه و آله :كانَ اللّهُ ولَم يَكُن شَيءٌ غَيرَهُ . (3)
عنه صلى الله عليه و آله :كانَ اللّهُ ولَم يَكُن شَيءٌ قَبلَهُ . (4)
عنه صلى الله عليه و آله :كانَ اللّهُ ولا شَيءَ غَيرُهُ . (5)
عنه صلى الله عليه و آله :كانَ اللّهُ ولَيسَ شَيءٌ غَيرَهُ . (6)
.
ص: 66
الإمام الباقر عليه السلام :كانَ اللّهُ ولا شَيءَ غَيرُهُ ، لا مَعلومٌ ولا مَجهولٌ . (1)
عنه عليه السلام :كانَ اللّهُ عز و جل ولا شَيءَ غَيرُهُ، ولَم يَزَل عالِما بِما يَكونُ، فَعِلمُهُ بِهِ قَبلَ كَونِهِ كَعِلمِهِ بِهِ بَعدَ كَونِهِ . (2)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ كانَ ولا شَيءَ غَيرُهُ، نورا لا ظَلامَ فيهِ، وصادِقا لا كِذبَ فيهِ، وعالِما لا جَهلَ فيه، وحَيّا لا مَوتَ فيهِ، وكَذلِكَ هُوَ اليَومُ، وكَذلِكَ لا يَزالُ أَبَدا . (3)
الكافي عن محمّد بن عطيّة :جاءَ رَجُلٌ إِلى أَبي جَعفَرٍ عليه السلام مِن أَهلِ الشّامِ مِن عُلَمائِهِم ، فَقالَ : يا أَبا جَعفَرٍ ، جِئتُ أَسأَ لُكَ عَن مَسأَلَةٍ قَد أَعيَت عَلَيَّ أَن أَجِدَ أَحَدا يُفَسِّرُها ، وقَد سَأَلتُ عَنها ثَلاثَةَ أَصنافٍ مِنَ النّاسِ ، فَقالَ كُلُّ صِنفٍ مِنهُم شَيئا غَيرَ الَّذي قالَ الصِّنفُ الآخَرُ . فَقالَ لَهُ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام : ما ذاكَ؟ قالَ : فَإِنّي أَسأَ لُكَ عَن أَوَّلِ ما خَلَقَ اللّهُ مِن خَلقِهِ؟ فَإِنَّ بَعضَ مَن سَأَلتُهُ قالَ : القَدَرُ ، وقالَ بَعضُهُمُ : القَلَمُ ، وقالَ بَعضُهُمُ : الرّوحُ . فَقالَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام : ما قالوا شَيئا ، أُخبِرُكَ أنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ كانَ ولا شَيءَ غَيرُهُ ، وكانَ عَزيزا ولا أَحَدَ كانَ قَبلَ عِزِّهِ ، وذلِكَ قَولُهُ : «سُبْحَ_نَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ» (4) وكانَ الخالِقُ قَبلَ المَخلوقِ ، ولَو كانَ أَوَّلُ ما خَلَقَ مِن خَلقِهِ
.
ص: 67
الشَّيءَ مِنَ الشَّيءِ إِذا لَم يَكُن لَهُ انقِطاعٌ أَبَدا ، ولَم يَزَلِ اللّهُ إِذا ومَعَهُ شَيءٌ لَيسَ هُوَ يَتَقَدَّمُهُ ، ولكِنَّهُ كانَ إِذ لا شَيءَ غَيرُهُ ، وخَلَقَ الشَّيءَ الَّذي جَميعُ الأَشياءِ مِنهُ ؛ وهُوَ الماءُ الَّذي خَلَقَ الأَشياءَ مِنهُ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام :كانَ اللّهُ ولَم يَكُن مَعَهُ شَيءٌ . (2)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي كانَ إِذ لَم يَكُن شَيءٌ غَيرَهُ، وكَوَّنَ الأَشياءَ . (3)
الإمام الرضا عليه السلام_ في بَيان بُطلانِ قَولِ مَن زَعَمَ أَنَّهُ تَعالى كانَ مَعَهُ شَيءٌ _: لَو كانَ مَعَهُ شَيءٌ في بَقائِهِ لَم يَجُز أَن يَكونَ خالِقا لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَم يَزَل مَعَهُ ، فَكَيفَ يَكونُ خالِقا لِمَن لَم يَزَل مَعَهُ ؟ (4)
عنه عليه السلام_ لَمّا سَأَلَهُ عِمرانُ الصّابي : أَخبِرني ؛ نُوَحِّدُ اللّهَ بِحَقيقَةٍ أَم نُوَحِّدُهُ بِوَصفٍ؟ _: إِنَّ النُّورَ البَديءَ الواحِدَ الكَونَ الأَوَّلَ واحِدٌ لا شَريكَ لَهُ ولا شَيءَ مَعَهُ ، فَردٌ لا ثانِيَ مَعَهُ ، ولا مَعلومَ ولا مَجهولَ ، ولا مُحكَمَ ولا مُتَشابِهَ . (5)
عنه عليه السلام :اِعلَم _ عَلَّمَكَ اللّهُ الخَيرَ _ أَنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ قَديمٌ، وَالقِدَمُ صِفَتُهُ الَّتي دَلَّت العاقِلَ عَلى أَنَّهُ لا شَيءَ قَبلَهُ ولا شَيءَ مَعَهُ في دَيمومِيَّتِهِ، فَقَد بانَ لَنا بِإِقرارِ العامَّةِ مُعجِزَةُ الصِّفَةِ أَنَّهُ لا شَيءَ قَبلَ اللّهِ ولا شَيءَ مَعَ اللّهِ في بَقائِهِ، وبَطَلَ قَولُ مَن زَعَمَ أَنَّهُ كانَ قَبلَهُ أَو كانَ مَعَهُ شَيءٌ ، وذلِكَ أَنَّهُ لَو كانَ مَعَهُ شَيءٌ في بَقائِهِ لَم يَجُز أَن يَكونَ خالِقا لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَم يَزَل مَعَهُ، فَكَيفَ يَكونُ خالِقا لِمَن لَم يَزَل مَعَهُ، ولَو كانَ قَبلَهُ شَيءٌ
.
ص: 68
كانَ الأَوَّلُ ذلِكَ الشَّيءَ لا هذا؟ وكانَ الأَوَّلُ أَولى بِأَن يَكونَ خالِقا لِلأَوَّلِ (1) . (2)
الكافي عن أبي هاشم الجعفري :كُنتُ عِندَ أَبي جَعفَرٍ الثّانِي عليه السلام ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقالَ : أَخبِرني عَنِ الرَّبِّ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لَهُ أَسماءٌ وصِفاتٌ في كِتابِهِ؟ وأَسماؤُهُ وصِفاتُهُ هِيَ هُوَ؟ فَقالَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام : إِنَّ لِهذَا الكَلامِ وَجهَينِ؛ إِن كُنتَ تَقولُ : «هِيَ هُوَ» أَي إِنَّهُ ذو عَدَدٍ وكَثرَةٍ ، فَتَعالَى اللّهُ عَن ذلِكَ . وإِن كُنتَ تَقولُ : هذِهِ الصِّفاتُ وَالأَسماءُ لَم تَزَل ، فَإِنَّ «لَم تَزَل» مُحتَمِلٌ (3) مَعنَيَينِ؛ فَإِن قُلتَ : لَم تَزَل عِندَهُ في عِلمِهِ وهُوَ مُستَحِقُّها ، فَنَعَم ، وإِن كُنتَ تَقولُ : لَم يَزَل تَصويرُها وهِجاؤُها وتَقطيعُ حُروفِها ، فَمَعاذَ اللّهِ أَن يَكونَ مَعَهُ شَيءٌ غَيرُهُ ، بَل كانَ اللّهُ ولا خَلقَ ، ثُمَّ خَلَقَها وَسيلَةً بَينَهُ وبَينَ خَلقِهِ ، يَتَضَرَّعونَ بِها إِلَيهِ ويَعبُدونَهُ ، وهِيَ ذِكرُهُ ، وكانَ اللّهُ ولا ذِكرَ ، وَالمَذكورُ بِالذِّكرِ هُوَ اللّهُ القَديمُ الَّذي لَم يَزَل . (4)
الإمام الهادي عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَنِ التَّوحيدِ فَقيلَ لَهُ : لَم يَزَل اللّهُ وَحدَهُ لا شَيءَ مَعَهُ، ثُمَّ خَلَقَ الأَشياءَ بَديعا وَاختارَ لِنَفسِهِ الأَسماءَ، ولَم تَزَلِ الأَسماءُ وَالحُروفُ لَهُ مَعَهُ قَديمَةً؟ قالَ _: لَم يَزَلِ اللّهُ مَوجودا ثُمَّ كَوَّنَ ما أَرادَ . (5)
راجع : ج 4 ص 33 (الفصل الثالث : الأَوّل ، الآخِر) وص 183 (الحدوث) و ص 196 (أُصول أَزليّة) .
.
ص: 69
بَحثٌ حَولَ حَدِيثِ «كانَ اللّهُ وَلَم يَكن مَعَهُ شَيءٌ»إِنّ حديث «كانَ اللّهُ ولَم يَكُن مَعَهُ شَيءٌ» (1) قد نُقِل في الجوامع الحديثيّة بتعابير مختلفة ومتنوّعة ، منها : «كانَ اللّهُ ولا شَيءَ غَيرَه» (2) ؛ ومنها «كانَ إذ لَم يَكُن شَيءٌ غَيرَهُ» (3) ؛ ومنها «لَم يَزَلِ اللّهُ مَوجودا ثُمَّ كَوَّنَ ما أرادَ» (4) ؛ ومنها «كانَ اللّهُ ولا خَلقَ» (5) ؛ ومنها «لا شَيءَ قَبلَهُ ولا شَيءَ مَعَهُ في دَيمومِيَّتِهِ» (6) . وهذا الضرب من الأَحاديث في مقام إِثبات تفرّد اللّه في الاتّصاف بصفة «القديم» وإِثبات حدوث العالم ، لا إِثبات صفة «القديم» فحسب . ونُقل أَنّ الجُنيد حين سمع حديث «كانَ اللّهُ ولَم يَكُن مَعَهُ شَيءٌ» قال : «الآن كما كان» (7) . ويريد الجنيد بإضافته هذا اللفظ أَن يبيّن وحدة الوجود ، وأَن ليس في الدار غيره ديّار ، من هنا ليس مع اللّه شيء الآن كما لم يكن معه شيء من قبل ولا
.
ص: 70
تفاوت بين الآن وقبل (1) ، وهذا الموضوع غير منسجم مع مفاد الأَحاديث المذكورة ومقصودها ، فهذه الأَحاديث تحاول أَن تثبت التفاوت بين الآن وقبل (الحاضر والماضي) : كان اللّه ولم يُخلق شيء ، لكن المخلوقات خُلقت الآن ، وفي ضوء هذا إِنّ صفة القدم تنحصر في اللّه ، والموجودات الأُخرى حادثة ولها الآن وجود حقّا ، لذا جاء في بعض الأَحاديث : «لَم يَزَل اللّهُ مَوجودا ثُمَّ كَوَّنَ ما أرادَ»؛ «كانَ إذ لَم يَكُن شَيءٌ غَيرهُ ، وكَوَّنَ الأَشياءَ»؛ «لَم يَزَلِ اللّهُ وَحدَهُ لا شَيءَ مَعَهُ ، ثُمَّ خَلَقَ الأَشياءَ» . بناءً على هذا هناك تفاوت حقيقيّ بين ما قبل الخلقة وما بعدها ، ذلك أَنّ المخلوقات كانت معدومةً سابقا ، والآن هي موجودة حقّا ، وقد جاء في حديثٍ مأثور عن الإمام الرضا عليه السلام في إِثبات تفرّد اللّه في القِدَم ، وإِثبات حدوث المخلوقات : «لَو كانَ مَعَهُ شَيءٌ في بَقائِهِ لَم يَجُز أَن يَكونَ خالِقا لَهُ» . أَي : ما يستلزم الخلقة هو «كانَ اللّهُ ولَم يَكُن مَعَهُ شَيءٌ» ثمّ خلق اللّه الأَشياء . لقد حاول البعض أَن يجد مستندا روائيّا لعبارة الجُنيد ، فذهب إِلى أَنّها والحديث المأثور عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام إِذ قال : «إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ كانَ لَم يَزَل بِلا زَمانٍ ولا مَكانٍ وهُوَ الآنَ كَما كانَ» (2) شيءٌ واحدٌ . (3) في حين أَنّه لا علاقة لحديثه عليه السلام بكلام الجنيد ، وأَساسا بحديث «كانَ اللّهُ ولَم يَكُن مَعَهُ شَيءٌ» ؛ لأَنّ الذي جاء في حديث الإمام موسى بن جعفر عليه السلام هو أَنّ اللّه ليس له زمان ومكان في الماضي وكذلك الآن ، أَي : إِنّه سبحانه غير محدود بزمان ومكان سواءٌ قبل الخلقة أَم بعدها ، مثلما نقول : كان اللّه عالما والآن كما كان ، لذلك لم يرد في هذا الحديث كلام حول المخلوقات وحدوثها ونفي صفة القِدَم عنها وإِثبات تفرّد اللّه سبحانه في صفة القِدَم .
.
ص: 71
54 / 3ما رُويَ في قِدَمِ أَسمائِهِ وَأَفعالِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ الَّذي كانَ في أَوَّلِيَّتِهِ وَحدانِيّا ، وفي أَزَلِيَّتِهِ مُتَعَظِّما بِالإِلهِيَّةِ ، مُتَكَبِّرا بِكِبرِيائِهِ وجَبَروتِهِ (1) ، ابتَدَأَ مَا ابتَدَعَ وأَنشَأَ ما خَلَقَ عَلى غَيرِ مِثالٍ كانَ سَبَقَ بِشَيءٍ مِمّا خَلَقَ ، رَبُّنَا القَديمُ بِلُطفِ رُبوبِيَّتِهِ. (2)
عنه صلى الله عليه و آله :إِذا أَماتَ اللّهُ الخَلائِقَ ولَم يَبقَ شَيءٌ لَهُ روحٌ يَقولُ اللّهُ عز و جل : يا مَلِكَ المَوتِ .. . أَذَقتَ عِبادي و أَنبِيائي وأَوِليائي ورُسُلِيَ المَوتَ ، وقَد سَبَقَ في عِلمِيَ القَديمِ _ وأَنَا عَلّامُ الغُيوبِ _ أَنَّ كُلَّ شَيءٍ هالِكٌ إِلّا وَجهي ، وهذِهِ نَوبَتُكَ. (3)
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ يا أللّهُ .. . يا عَظيمُ يا قَديمُ .. . يا مَن هُوَ في مُلكِهِ مُقيمٌ ، يا مَن هُوَ في سُلطانِهِ قَديمٌ .. . يا مَن هُوَ في حِكمَتِهِ لَطيفٌ ، يا مَن هُوَ في لُطفِهِ قَديمٌ .. . يا أَحكَمَ مِن كُلِّ حَكيمٍ ، يا أَقدَمَ مِن كُلِّ قَديمٍ .. . يا عَظيمَ المَنِّ ، يا كَثيرَ الخَيرِ ، يا قَديمَ الفَضلِ ، يا دائِمَ اللُّطفِ .. . يا جَميلَ الثَّناءِ ، يا قَديمَ السَّناءِ (4) .. . يا مَن هُوَ في حِكمَتِهِ عَظيمٌ ، يا مَن هُوَ في إِحسانِهِ قَديمٌ .. . يا مَن مُلكُهُ قَديمٌ ، يا مَن فَضلُهُ عَميمٌ ، يا مَن عَرشُهُ عَظيمٌ. (5)
عنه صلى الله عليه و آله :يا قَديمَ الإِحسانِ بِأَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ. (6)
.
ص: 72
الإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ المَكنونِ المَخزونِ الطُّهرِ الطّاهِرِ المُبارَكِ ، وأَسأَ لُكَ بِاسمِكَ العَظيمِ وسُلطانِكَ القَديمِ. (1)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ. .. لَكَ الحَمدُ وَلِيَّ الحَمدِ ، ولَكَ الحَمدُ مالِكَ الحَمدِ ، ولَكَ الحَمدُ قَديمَ الحَمدِ ، ولَكَ الحَمدُ صادِقَ الوَعدِ. (2)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: لَكَ المَنُّ القَديمُ ، وَالسُّلطانُ الشّامِخُ. (3)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَحمَدُكَ وأَنتَ لِلحَمدِ أَهلٌ عَلى حُسنِ صُنعِكَ إِلَيَّ ، وتَعَطُّفِكَ عَلَيَّ ، وعَلى ما وَصَلتَني بِهِ من نورِكَ ، وتَدارَكتَني بِهِ مِن رَحمَتِك ، وأَسبَغتَ عَلَيَّ مِن نِعمَتِكَ ، فَقَدِ اصطَنَعتَ عِندي يا مَولايَ ما يَحِقُّ لَكَ بِهِ جَهدي وشُكري لِحُسنِ عَفوِكَ وبَلائِكَ القَديمِ عِندي. (4)
الإمام الحسين عليه السلام :ثُمَّ إِذ خَلَقتَني مِن حُرّ (5) الثَّرى لَم تَرضَ لي يا إِلهي بِنِعمَةٍ دونَ أُخرى ، ورَزَقتَني مِن أنواعِ المَعاشِ وصُنوفِ الرِّياشِ ، بِمَنِّكَ العَظيمِ عَلَيَّ ، وإِحسانِكَ القَديمِ إِلَيَّ ، حَتّى إِذا أَتمَمتَ عَلَيَّ جَميعَ النِّعَمِ ، وصَرَفتَ عَنّي كُلَّ النِّقَمِ ... (6)
.
ص: 73
الإمام زين العابدين عليه السلام :سَيِّدي أَنَا أَسأَ لُكَ ما لا أَستَحِقُّ ، وأَنتَ أَهلُ التَّقوى وأَهلُ المَغفِرَةِ ، فَاغفِر لي وأَلبِسني مِن نَظَرِكَ ثَوبا يُغَطّي عَلَيَّ التَّبِعاتِ ، وتَغفِرُها لي ولا أُطالَبُ بِها ، إِنّك ذو مَنٍّ قَديمٍ وصَفحٍ عَظيمٍ. (1)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: اللّهُمَّ ... إِنَّكَ ذُو الفَضلِ العَظيمِ ، وَالمَنِّ القَديمِ. (2)
عنه عليه السلام :إِذا أَرَدتَ بِقَومٍ فِتنَةً أَو سوءا فَنَجِّني مِنها لِواذا (3) بِكَ ، وإِذ لَم تُقِمني مَقامَ فَضيحَةٍ في دُنياكَ فَلا تُقِمني مِثلَهُ في آخِرَتِكَ ، وَاشفَع لي أَوائِلَ مِنَنِكَ بِأَواخِرِها ، وقَديمَ فَوائِدِكَ بِحَوادِثِها. (4)
عنه عليه السلام :يا إِلهي ، أَيُّ الحالَينِ أَحَقُّ بِالشُّكرِ لَكَ ، وأَيُّ الوَقتَينِ أَولى بِالحَمدِ لَكَ ، أَوَقتُ الصِّحَّةِ الَّتي هَنَّأتَني فيها طَيِّباتِ رِزقِكَ ، ونَشَّطتَني بِها لِابتِغاءِ مَرضاتِكَ وفَضلِكَ ، وقَوَّيتَني مَعَها عَلى ما وَفَّقتَني لَهُ مِن طاعَتِكَ ، أَم وَقتُ العِلَّةِ الَّتي مَحَّصتَني (5) بِها ، وَالنِّعَمِ الَّتي أَتحَفتَني بِها ، تَخفيفا لِما ثَقُلَ بِهِ عَلى ظَهري مِنَ الخَطيئاتِ ، وتَطهيرا لِمَا انغَمَستُ فيهِ مِنَ السَّيِّئاتِ ، وتَنبيها لِتَناوُلِ التَّوبَةِ ، وتَذكيرا لِمَحوِ الحَوبَةِ (6) بِقَديمِ النِّعمَةِ. (7)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ. .. إِن تُعَذِّبني فَإِنّي لِذلِكَ أَهلٌ ، وهُوَ يا رَبِّ مِنكَ عَدلٌ ، وإِن تَعفُ عَنّي
.
ص: 74
فَقَديما شَمَلَني عَفوُكَ ، وأَلبَستَني عافِيَتَكَ. (1)
عنه عليه السلام :يا رَبِّ .. . أَنتَ الجَوادُ الَّذي لا يَضيقُ عَفوُكَ ، ولا يَنقُصُ فَضلُكَ ، ولا تَقِلُّ رَحمَتُكَ ، وقَد تَوَثَّقنا مِنكَ بِالصَّفحِ القَديمِ وَالفَضلِ العَظيمِ. (2)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ. .. ما كانَ مِن عَمَلٍ سَيِّىً أَتَيتُهُ فَعَلى عِلمٍ مِنّي بِأَنَّكَ تَراني وأَنَّكَ غَيرُ غافِلٍ عَنّي، مُصَدِّقٌ مِنكَ بِالوَعيدِ (3) لي، ولِمَن كانَ في مِثلِ حالي، وأَثِقُ بَعدَ ذلِكَ مِنكَ بِالصَّفحِ الكَريمِ ، وَالعَفوِ القَديمِ ، وَالرَّحمَةِ الواسِعَةِ. (4)
الإمام الكاظم عليه السلام :اللّهُمَّ بِبِرِّكَ القَديمِ ، ورَأَفَتِكَ بِبَرِيَّتِكَ (5) اللَّطيفَةِ ، وشَفَقَتِكَ بِصَنعَتِكَ المُحكَمَةِ ... . (6)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ وَلِيَّ الحَمدِ ، ومُنتَهَى الحَمدِ ، وفِيَّ الحَمدِ عَزيزَ الجُندِ ، قَديمَ المَجدِ. (7)
عنه عليه السلام :إِلهي ، عَلِمتَ كُلَّ شَيءٍ ، وقَدَّرتَ كُلَّ شَيءٍ ، وهَدَيتَ كُلَّ شَيءٍ ، ودَعَوتَ كُلَّ شَيءٍ إِلى جَلالِكَ وجَلالِ وَجهِكَ وعِظَمِ مُلكِكَ وتَعظيمِ سُلطانِكَ وقَديمِ أَزَلِيَّتِكَ
.
ص: 75
ورُبوبِيَّتِكَ. (1)
عنه عليه السلام :يا مَن عَفوُهُ قَديمٌ ، وبَطشُهُ (2) شَديدٌ. (3)
عنه عليه السلام :إِنَّ موسَى عليه السلام احتَبَسَ عَنهُ الوَحيُ أَربَعينَ أَو ثَلاثينَ صَباحا ، فَصَعِدَ عَلى جَبَلٍ بِالشّامِ يُقالُ لَهُ : أَريحا ، فَقالَ : يا رَبِّ ، إِن كُنتَ حَبَستَ عَنّي وَحيَكَ وكَلامَكَ لِذُنوبِ بَني إِسرائيلَ ، فَغُفرانُكَ القَديمُ. (4)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِموجِباتِ رَحمَتِكَ وأَسمائِكَ العِظامِ ، وبِكُلِّ اسمٍ لَكَ عَظيمٍ ، وأَسأَ لُكَ بِوَجهِكَ الكَريمِ وبِفَضلِكَ القَديمِ. (5)
عنه عليه السلام_ في دُعائِهِ لِوَداعِ شَهرِ رَمَضانَ _: اللّهُمَّ وأَسأَ لُكَ بِرَحمَتِكَ وطَولِكَ وعَفوِكَ ونَعمائِكَ وجَلالِكَ ، وقَديمِ إِحسانِكَ وَامتِنانِكَ ، ألّا تَجعَلَهُ آخِرَ العَهدِ مِنّا لِشَهرِ رَمَضانَ. (6)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِالعَظيمِ مِن آلائِكَ ، وَالقَديمِ مِن نَعمائِكَ ، وَالمَخزونِ مِن أَسمائِكَ. (7)
.
ص: 76
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ مِن مَنِّكَ بِأَقدَمِهِ وكُلُّ مَنِّكَ قَديمٌ ، اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِمَنِّكَ كُلِّهِ. (1)
الإمام الرضا عليه السلام :إِنَّ اللّهَ تَعالى هُوَ العالِمُ بِالأَشياءِ قَبلَ كَونِ الأَشياءِ .. . فَلَم يَزَلِ اللّهُ عز و جلعِلمُهُ سابِقا لِلأَشياءِ ، قَديما قَبلَ أَن يَخلُقَها ، فَتَبارَكَ رَبُّنا [و] (2) تَعالى عُلُوّا كَبيرا ، خَلَقَ الأَشياءَ وعِلمُهُ بِها سابِقٌ لَها كَما شاءَ ، كَذلِكَ لَم يَزَل رَبُّنا عَليما سَميعا بَصيرا. (3)
مهج الدعوات :دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله عَلى فاطِمَةَ الزَّهراءِ عليهاالسلام ، فَوَجَدَ الحَسَنَ عليه السلام مَوعوكا (4) ، فَشَقَّ ذلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَنَزَلَ جَبرَئيلُ عليه السلام فَقالَ : يا مُحَمَّدُ أَلا أُعَلِّمُكَ مَعاذَةً (5) تَدعو بِها فَيَنجَلي بِها عَنهُ ما يَجِدُهُ؟ قالَ : بَلى . قالَ : قُل : اللّهُمَّ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ العَلِيُّ العَظيمُ ، ذُو السُّلطانِ القَديمِ وَالمَنِّ العَظيمِ ... . (6)
راجع : ج 4 ص 33 (الفصل الثالث : الأَوَّلُ ، الآخِرُ) .
.
ص: 77
الفصل الخامس والخمسون: القريبالقريب لغةً«القريب» فعيل بمعنى فاعل ، مشتقّ من مادّة «قرب» وهو يدلّ على خلاف البُعد (1) .
القريب في القرآن والحديثوردت مشتقّات مادّة «قرب» منسوبة إلى اللّه خمس مرّات في القرآن الكريم ، فقد جاءت صفة القريب مع صفة «المجيب» مرّةً واحدةً (2) ، ومع صفة «السميع» مرّة واحدةً أَيضا (3) ، ووحدها كذلك (4) . كما عُدَّ النصر الإلهيّ قريبا، مرّةً واحدةً ، وكذا الرحمة الإلهيّة (5) . لقد أَكّد القرآن والأَحاديث قرب اللّه إِلى الموجودات في العالم بخاصّة الإنسان ، بل قال سبحانه في الإنسان: «وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ» (6) .
.
ص: 78
ونطقت الأَحاديث بتفاوت قرب اللّه وقرب الكائنات الأُخرى ، ونفت عن اللّه سبحانه لوازم قرب المخلوقات بعضها إِلى البعض الآخر . بناءً على هذا ، في الوقت الذي لا ينسجم قرب المخلوقات بعضها من بعض مع بعدها وتعالي أَحدها على الآخر ، وكذلك ما يستلزمه قرب المخلوقات من الالتصاق والملابسة ، فإنّ قرب اللّه هو في عين بُعده ومصحوب بالتعالي وبلا التصاق وملابسة ومداناة . والنقطة المهمّة في صفة «القريب» هي أَنّ القرب صنفان: صنف تكوينيّ : من جهة أَنّ قربه سبحانه من الموجودات الأُخرى لا يتفاوت ، وأَنّه قريب منها بقياس واحد ، وقد جاء في الأَحاديث : «اِستَوى في كُلِّ شَيءٍ فَلَيسَ شَيءٌ أَقرَبَ إِلَيهِ مِن شَيءٍ» (1) . وصنف تشريعيّ معنويّ : ومن هذه الجهة هو سبحانه أَقرب إِلى المؤمنين من الملحدين ، والعباد ، بمقدار الإيمان والأَعمال يتقرّبون إِلى اللّه تعالى .
55 / 1قَريبٌ في بُعدِهِالإمام عليّ عليه السلام_ في صِفَةِ اللّهِ جَلَّ و عَلا _: قَريبٌ في بُعدِهِ ، بَعيدٌ في قُربِهِ . (2)
الكافي عن أبي الحسن(3) عليه السلام : نَأى في قُربِهِ وقَرُبَ في نَأيِهِ ؛ فَهُوَ في نَأيِهِ قَريبٌ ،
.
ص: 79
وفي قُربِهِ بَعيدٌ . (1)
55 / 2قَريبٌ في عُلُوِّهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا عالي ؛ القَريبُ في عُلُوِّهِ وَارتِفاعِهِ ودَوامِهِ . (2)
عنه صلى الله عليه و آله_ أَيضاً _: يا قَريبُ ؛ المُجيبُ المُتَداني دونَ كُلِّ شَيءٍ ، يا عالي ؛ الشّامِخُ فِي السَّماءِ فَوقَ كُلِّ شَيءٍ عُلُوُّهُ وَارتِفاعُهُ . (3)
عنه صلى الله عليه و آله :يا مَن هُوَ في عُلُوِّهِ قَريبٌ ، يا مَن هُوَ في قُربِهِ لَطيفٌ . (4)
الإمام عليّ عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ المُتَعالِي القَريبُ في عُلُوِّ ارتِفاعِهِ دُنُوُّهُ . (5)
الإمام زين العابدين عليه السلام :كانَ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبي طالِبٍ عليهماالسلاميُصَلّي ، فَمَّرَ بَينَ يَدَيهِ رَجُلٌ فَنَهاهُ بَعضُ جُلَسائِهِ ، فَلَمَّا انصَرَفَ مِن صَلاتِهِ ، قالَ لَهُ : لِمَ نَهَيتَ الرَّجُلَ؟ قالَ : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ حَظَرَ (6) فيما بَينَكَ وبَينَ المِحرابِ .
.
ص: 80
فَقالَ : وَيحَكَ ، إِنَّ اللّهَ عز و جل أَقرَبُ إِلَيَّ مِن أَن يَحظُرَ فيما بَيني وبَينهُ أَحَدٌ . (1)
55 / 3قَريبٌ إلى مَن دَعاهُالكتاب«وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ» . (2)
«وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ» . (3)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :لا إِلهَ إِلّا اللّهُ الشّاكِرُ لِلمطيعِ لَهُ ، المُملي لِلمُشرِكِ بِهِ ، القَريبُ مِمَّن دَعاهُ عَلى حالِ بُعدِهِ ، وَالبَرُّ الرَّحيمُ بِمَن لَجَأَ إِلى ظِلِّهِ وَاعتَصَمَ بِحَبلِهِ .
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ لِوُلدِهِ عليهم السلام _: وأَعِذنا مِن عَذابِ السَّعيرِ ، وأَعطِ جَميعَ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ وَالمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ مِثلَ الَّذي سَأَلتُكَ لِنَفسي ولِوُلدي في عاجِلِ الدُّنيا وآجِلِ الآخِرَةِ ، إِنَّكَ قَريبٌ مُجيبٌ سَميعٌ عَليمٌ عَفُوٌّ غَفورٌ رَؤوفٌ رَحيمٌ «ءَاتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الْاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (4) . (5)
.
ص: 81
55 / 4قَريبٌ إلى مَن حاوَلَ قُربَهُالإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ لِوَداعِ شَهرِ رَمَضانَ _: أَنتَ المَليءُ بِما رُغِبَ فيهِ إِلَيكَ ، الجَوادُ بِما سُئِلتَ مِن فَضلِكَ ، القَريبُ إِلى مَن حاوَلَ قُربَكَ . (1)
55 / 5أَقرَبُ مِن كُلِّ قَريبٍالكتاب«وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْاءِنسَ_نَ وَ نَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ» . (2)
«فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَ أَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَ لَ_كِن لَا تُبْصِرُونَ» . (3)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ أَوَّلِ مَحمودٍ وآخِرِ مَعبودٍ وأَقرَبِ مَوجودٍ ، البَديءِ بِلا مَعلومٍ لِأَزَلِيَّتِهِ ، ولا آخِرَ لِأَوَّلِيَّتِهِ ، وَالكائِنِ قَبلَ الكَونِ بَغَيرِ كِيانٍ . (4)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن هُوَ أَقرَبُ إِلَيَّ مِن حَبلِ الوَريدِ ، يا فَعّالاً لِما يُريدُ . (5)
.
ص: 82
55 / 6ما لا يُوصَفُ قُربُهُ بِهِالإمام عليّ عليه السلامقَريبٌ مِنَ الأَشياءِ غَيرَ مُلابِسٍ (1) ، بَعيدٌ مِنها غَيرَ مُبايِنٍ . (2)
عنه عليه السلام :المُتَعالي عَنِ الخَلقِ بِلا تَباعُدٍ مِنهُم ، القَريبُ مِنهُم بِلا مُلامَسَةٍ مِنهُ لَهُم . (3)
عنه عليه السلام :لَم يَقرُب مِنَ الأَشياءِ بِالتِصاقٍ ، ولَم يَبعُد عَنها بِافتِراقٍ . (4)
عنه عليه السلام :سَبَقَ فِي العُلُوِّ فَلا شَيءَ أَعلى مِنهُ ، وقَرُبَ فِي الدُّنُوِّ فَلا شَيءَ أَقرَبُ مِنهُ ، فَلَا استِعلاؤُهُ باعَدَهُ عَن شَيءٍ مِن خَلقِهِ ، ولا قُربُهُ ساواهُم فِي المَكانِ بِهِ . (5)
الإمام الحسين عليه السلام :قَريبٌ غَيرُ مُلتَصِقٍ ، وبَعيدٌ غَيرُ مُتَقَصٍّ . (6)
الإمام الصادق عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى: «الرَّحْمَ_نُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» (7) _: اِستَوى في كُلِّ شَيءٍ ، فَلَيسَ شَيءٌ أَقرَبَ إِلَيهِ مِن شَيءٍ ، لَم يَبعُد مِنهُ بَعيدٌ ، ولَم يَقرُب مِنهُ قَريبٌ ،
.
ص: 83
اِستَوى في كُلِّ شَيءٍ . (1)
الإمام الرضا عليه السلام :مُبايِنٌ لا بِمَسافَةٍ ، قَريبٌ لا بِمُداناةٍ . (2)
عنه عليه السلام_ في صِفَةِ اللّهِ جَلَّ و عَلا _: قَريبٌ غَيرُ مُلتَزِقٍ وبَعيدٌ غَيرُ مُتَقَصٍّ . (3)
55 / 7الرَّاحِلُ إلَيهِ قَريبُ المَسافَةِالإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: وَأَعلَمُ أَنَّكَ لِلرّاجي بِمَوضِعِ إِجابَةٍ . . . وَأَنَّ الرَّاحِلَ إِلَيكَ قَريبُ المَسافَةِ . (4)
ربيع الأبرار :قالَ موسى عليه السلام : يا رَبِّ أَينَ أَجِدُكَ ؟ قالَ: يا موسى ، إِذا قَصَدتَ إِلَيَّ فَقَد وَصَلتَ . (5)
راجع : المحبّة في الكتاب والسنّة : (القسم الثاني / الفصل الثاني / العزم) .
.
ص: 84
. .
ص: 85
الفصل السادس والخمسون: القويالقويّ لغةً«القويّ» فعيل بمعنى فاعل من مادّة «قوي» وهو يدلّ على شدّةٍ وخلافِ ضعفٍ؛ فالقويّ خلاف الضعيف (1) .
القويّ في القرآن والحديثوُصف اللّه سبحانه بمشتقّات مادّة «قوي» في القرآن الكريم ثلاثة عشر مرّة، ورد في ثلاث منها أَنّ القوّة للّه (2) ، وفي سبع منها ذكرت صفة «القويّ» مع صفة «العزيز» (3) ، وجاءت هذه الصفة مع عبارة «شديد العقاب» مرّتين (4) . ووردت عبارة «شديد القوى» مرة واحدة . (5) وقد استُعملت صفة «القوي» في القرآن والأَحاديث كصفةٍ ذاتيّة ، وصفة فعليّة ،
.
ص: 86
وقوّة اللّه سبحانه كصفة ذاتيّة تعني عدم ضعفه ، وجملة: «قَوِيٌّ لا تَضعُفُ» (1) تشير إِلى هذا المعنى. وقوّته تعالى كصفة فعليّة تعني خلقه الموجودات العظيمة القويّة ، وإِليها تُشير جملة: «إِنَّما قُلنا: إِنَّهُ قَوِيٌّ لِلخَلقِ القَوِيِّ» (2) .
56 / 1مَعنى قُوَّتِهِالإمام الصادق عليه السلام :إِنَّما سُمِّيَ رَبُّنا _ جَلَّ جَلالُهُ _ قَوِيّا لِلخَلقِ العَظيمِ القَوِيِّ الَّذي خَلَقَ ، مِثلِ الأَرضِ وما عَلَيها ، مِن جِبالِها وبِحارِها ورِمالِها وأَشجارِها وما عَلَيها ، مِنَ الخَلقِ المُتَحَرِّكِ مِنَ الإِنسِ ومِنَ الحَيَوانِ ، وتَصريفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ المُسَخَّرِ المُثَقَّلِ بِالماءِ الكَثيرِ ، وَالشَّمسِ وَالقَمَرِ وعِظَمِهِما وعِظَمِ نورِهِما ، الَّذي لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ بُلوغاً ولا مُنتَهىً ، وَالنُّجومِ الجارِيَةِ ودَوَرانِ الفَلَكِ وغِلَظِ السَّماءِ ، وعِظَمِ الخَلقِ العَظيمِ ، وَالسَّماءِ المُسَقَّفَةِ فَوقَنا راكِدَةً فِي الهَواءِ ، وما دونَها مِنَ الأَرضِ المَبسوطَةِ ، وما عَلَيها مِنَ الخَلقِ الثَّقيلِ ، وهِيَ راكِدَةٌ لا تَتَحَرَّكُ ، غَيرَ أَنَّهُ رُبَّما حَرَّكَ فيها ناحيةً ، وَالنّاحِيَةُ الأُخرى ثابِتَةٌ ، ورُبَّما خَسَفَ مِنها ناحِيَةً وَالنّاحِيَةُ الأُخرى قائِمَةٌ، يُرينا قُدرَتَهُ ويَدُلُّنا بِفِعلِهِ عَلى مَعرِفَتِهِ . فَلِهذا سُمِّيَ قَوِيّا ، لا لِقَوَّةِ البَطشِ المَعروفَةِ مِنَ الخَلقِ ، ولَو كانَت قُوَّتُهُ تُشبِهُ قُوَّةَ الخَلقِ لَوَقَعَ عَلَيهِ التَّشبيهُ ، وكانَ مُحتَمِلاً لِلزِّيادَةِ ، ومَا احتَمَلَ الزِّيادَةَ كانَ ناقِصا ، وما كانَ ناقِصا لَم يَكُن تامّا ، وما لَم يَكُن تامّا كانَ عاجِزا ضَعيفا ، وَاللّهُ عز و جل لا يُشَبَّهُ بِشَيءٍ ، وإِنَّما قُلنا : إِنَّهُ قَوِيٌّ لِلخَلقِ القَوِيِّ . (3)
.
ص: 87
الإمام الجواد عليه السلام :سَمَّينا رَبَّنا قَوِيّا ، لا بِقُوَّةِ البَطشِ المَعروفِ مِنَ المَخلوقِ ، ولَو كانَت قُوَّتُهُ قُوَّةَ البَطشِ المَعروفِ مِنَ المَخلوقِ لَوَقَعَ التَّشبيهُ ولَاحتَمَلَ الزِّيادَةَ ، ومَا احتَمَلَ الزِّيادَةَ احتَمَلَ النُّقصانَ ، وما كانَ ناقِصا كانَ غَيرَ قَديمٍ ، وما كانَ غَيرَ قَديمٍ كانَ عاجِزا . (1)
56 / 2خَصائِصُ قُوَّتِهِالكتاب«أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا» . (2)
«لَا قُوَّةَ إِلَا بِاللَّهِ» . (3)
«هُوَ الْقَوِىُّ الْعَزِيزُ » . (4)
«ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ » . (5)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ الَّذي . . . لَهُ الإِحاطِةُ بِكُلِّ شَيءٍ ، وَالغَلَبَةُ عَلى كُلِّ شَيءٍ ، وَالقُوَّةُ في كُلِّ شَيءٍ . (6)
.
ص: 88
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنَّكَ حَيٌّ لا تَموتُ .. . وقَوِيٌّ لا تَضعُفُ ، وحَليمٌ لا تَعجَلُ. (1)
عنه صلى الله عليه و آله :يا أَشرَفَ مِن كُلِّ شَريفٍ ، يا أَرفَعَ مِن كُلِّ رَفيعٍ ، يا أَقوى مِن كُلِّ قَوِيٍّ. (2)
الإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ . . . بِقُوَّتِكَ الَّتي قَهَرتَ بِها كُلَّ شَيءٍ ، وخَضَعَ لَها كُلُّ شَيءٍ ، وذَلَّ لَها كُلُّ شَيءٍ . (3)
عنه عليه السلام_ مِن كَلامِهِ عِندَ تِلاوَتِهِ : «يَ_أَيُّهَا الْاءِنسَ_نُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ» (4) _: فَتَعالى مِن قَوِيٍّ ما أَكرَمَهُ ! وتَواضَعتَ مِن ضَعيفٍ ما أَجرَأَكَ عَلى مَعصِيَتِهِ! (5)
عنه عليه السلام :كُلُّ شَيءٍ خاشِعٌ لَهُ ، وكُلُّ شَيءٍ قائِمٌ بِهِ ، غِنى كُلِّ فَقيرٍ ، وعِزُّ كُلِّ ذَليلٍ ، وقُوَّةُ كُلِّ ضَعيفٍ . (6)
عنه عليه السلام :كُلُّ قَويٍّ غَيرُهُ ضَعيفٌ . (7)
عنه عليه السلام_ في بَيانِ مَعنى قَولِ المُؤَذِّنِ «اللّهُ أَكبَرُ» _: لِقَولِهِ «اللّهُ أَكبَرُ» مَعانٍ كَثيرَةٌ .. . الثّالِثُ : «اللّهُ أَكبَرُ» أَيِ القادِرُ عَلى كُلِّ شَيءٍ ، يَقدِرُ عَلى ما يَشاءُ ، القَوِيُّ لِقُدرَتِهِ المُقتَدِرُ عَلى خَلقِهِ ، القَوِيُّ لِذاتِهِ ، وقُدرَتُهُ قائِمَةٌ عَلَى الأَشياءِ كُلِّها ، إِذا قَضى أَمرا فَإِنَّما يَقولُ لَهُ كُن فَيَكونُ. (8)
.
ص: 89
عنه عليه السلام :اِعتَصَمتُ بِاللّهِ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ ، الَّذي هُوَ في عُلُوِّهِ دانٍ ، وفي دُنُوِّهِ عالٍ ، وفي سُلطانِهِ قَوِيٌّ. (1)
الإمام الحسن عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا شَديدَ القُوى ، يا شَديدَ المِحالِ (2) . (3)
الكافي عن أبي بصير :جاءَ رَجُلٌ إِلى أَبي جَعفَرٍ عليه السلام فَقالَ لَهُ : أخبِرني عَن رَبِّكَ مَتى كانَ؟ فَقالَ : وَيلَكَ! إِنَّما يُقالُ لِشَيءٍ لَم يَكُن مَتى كانَ ، إِنَّ رَبّي _ تَبارَكَ وتَعالى _ كانَ ولَم يَزَل حَيّا بِلا كَيفٍ ، ولَم يَكُن لَهُ كانَ ولا كانَ لِكَونِهِ كَونَ كَيفٍ ولا كانَ لَهُ أَينٌ ولا كانَ في شَيءٍ ولا كانَ عَلى شَيءٍ ، ولَا ابتَدَعَ لِمَكانِهِ مَكانا ولا قَوِيَ بَعدَ ما كَوَّنَ الأَشياءَ ، ولا كانَ ضَعيفا قَبلَ أَن يُكَوِّنَ شَيئا ، ولا كانَ مُستَوحِشا قَبلَ أَن يَبتَدِعَ شَيئا ، ولا يُشبِهُ شَيئا مَذكورا. (4)
الإمام الصادق عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الحَليمِ الرَّشيدِ ، القَوِيِّ الشَّديدِ ، المُبدِىَ المُعيدِ ، الفَعّالِ لِما يُريدُ. (5)
الإمام الكاظم عليه السلام :كُلُّ قَويٍّ ضَعيفٌ عِندَ قُوَّةِ اللّهِ . (6)
.
ص: 90
. .
ص: 91
الفصل السابع والخمسون: الكاشفالكاشف لغةً«الكاشف» اسم فاعل من مادّة «كشف» وهو يدلّ على سَرْوِ الشيء عن الشيء ، كالثوب يُسرَى عن البدن (1) . قال الخليل : الكشف: رفعك الشيء عمّا يواريه ويغطّيه ، كرفع الغطاء عن الشيء (2) .
الكاشف في القرآن والحديثنُسبت مشتقّات مادّة «كشف» إِلى اللّه تعالى في القرآن الكريم سبع عشرة مرّةً ، ووردت صفة «الكاشف» مرّتين بلفظ «وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَا هُوَ» (3) ، ومرّةً واحدةً بلفظ «إِنَّا كَاشِفُواْ الْعَذَابِ» (4) .
.
ص: 92
وتتعلّق كاشفيّة اللّه في الآيات والأَحاديث بأُمور مثل: الضرّ ، والألم ، والغمّ ، والكرب ، والبلاء ، وعذاب الخزي ، وغطاء الغفلة ، وبصورة عامّة كلّ شيء يطلق عليه السوء .
57 / 1كاشِفُ الضُّرِّالكتاب«وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ » . (1)
راجع : يونس : 12 و 107 ، النحل : 54 ، الأنبياء : 84 ، المؤمنون : 75 .
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ .. . يا غافِرَ الخَطايا ، يا كاشِفَ البَلايا ، يا مُنتَهَى الرَّجايا. (2)
عنه صلى الله عليه و آله :يا صَريخَ المَكروبينَ (3) ، ويا مُجيبَ دَعوَةِ المُضطَرّينَ ، ويا كاشِفَ غَمِّي ، اكشِف عَنّي غَمّي وهَمّي وكَربي. (4)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي عَلا بِحَولِهِ ، ودَنا بِطَولِهِ (5) ، مانِحِ كُلِّ غَنيمَةٍ وفَضلٍ ، وكاشِفِ كُلِّ عَظيمَةٍ وأَزلٍ (6) . (7)
.
ص: 93
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ مُنزِّلَ الآياتِ ، مُجيبَ الدَّعَواتِ ، كاشِفَ الحَوباتِ (1) ، النَّفّاحَ (2) بِالخَيراتِ ، مالِكَ المَحيا وَالمَماتِ. (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام :يا مُجيبَ المُضطَرِّ ، يا كاشِفَ الضُّرِّ ، يا عَظيمَ البِرِّ ، يا عَليما بِما فِي السِّرِّ ، يا جَميلَ السِّترِ ، استَشفَعتُ بِجودِكَ وكَرَمِكَ إِلَيكَ ، وتَوَسَّلتُ بِحَنانِكَ وتَرَحُّمِكَ لَدَيكَ ، فَاستَجِب دُعائي. (4)
الإمام الصادق عليه السلام :يا فارِجَ الهَمِّ ويا كاشِفَ الغَمِّ ، يا رَحمانَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ورَحيمَهُما ، فَرِّج هَمّي وَاكشِف غَمّي. (5)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ مُنَزِّلَ الآياتِ ، مُجيبَ الدَّعَواتِ ، كاشِفَ الكُرُباتِ ، مُنَزِّلَ الخَيراتِ ، مَلِكَ المَحيا وَالمَماتِ. (6)
المصباح للكفعمي_ في الدعاء _: اللّهُمَّ أَنتَ الكاشِفُ لِلمُلِمّاتِ (7) ، وَالكافي لِلمُهِمّاتِ ، وَالمُفَرِّجُ لِلكُرُباتِ ، وَالسّامِعُ لِلأَصواتِ ، وَالمُخرِجُ مِنَ الظُّلُماتِ ، وَالمُجيبُ لِلدَّعَواتِ. (8)
.
ص: 94
57 / 2كاشِفُ السّوءِالكتاب«أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَ_هٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ » . (1)
«بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ » . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ .. . أَدعوكَ يا مُجيبَ دَعَوةِ المُضطَرِّ ، ويا كاشِفَ السّوءِ عَنِ المَكروبِ ، ويا جاعِلَ اللَّيلِ سَكَنا ، ويا مَن لا يَموتُ ، اغفِر لِمَن يَموتُ ، قَدَّرتَ وخَلَقتَ وسَوَّيتَ ، فَلَكَ الحَمدُ. (3)
57 / 3كاشِفُ عَذابِ الخِزيِ«فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَ_نُهَا إِلَا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا ءَامَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْىِ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ مَتَّعْنَ_هُمْ إِلَى حِينٍ » . (4)
«وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَ_مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِى إِسْرَ ءِيلَ * فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَ__لِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ» . (5)
.
ص: 95
57 / 4كاشِفُ غِطاءِ الغَفلَةِ«وَ جَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَ لِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَ نُفِخَ فِى الصُّورِ ذَ لِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَ جَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَ شَهِيدٌ * لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَةٍ مِّنْ هَ_ذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَ_اءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ » . (1)
راجع : ج 2 ص 175 (الغفلة) .
.
ص: 96
. .
ص: 97
الفصل الثامن والخمسون: الكافيالكافي لغةً«الكافي» اسم فاعل من مادّة «كفى» وهو يدلّ على الحَسْب الذي لا مستزاد فيه . كفى الشيء ، يكفي ، كفاية ، فهو كافٍ: إِذا حصل به الاستغناء عن غيره ، وقد كفى كفايةً إِذا قام بالأَمر (1) .
الكافي في القرآن والحديثنُسبت مشتقّات مادّة «كفى» إِلى اللّه تعالى في القرآن الكريم ثماني وعشرين مرّةً ، وذُكرت صفة الكافي في قوله : «أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ» (2) . وقد جاء في الآيات والأَحاديث أَنّ اللّه تعالى كافٍ من كلّ شيء ولا يكفي منه شيء ، ولا كافي سواه ، وكفى باللّه وليّا ونصيرا .
.
ص: 98
58 / 1الكافي لِلمُهِمّاتِالكتاب«أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّ فُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَ مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَالَهُ مِنْ هَادٍ» . (1)
«إِنَّا كَفَيْنَ_كَ الْمُسْتَهْزِءِينَ» . (2)
الحديثالمصباح للكفعمي_ في الدعاء _: اللّهُمَّ أَنتَ الكاشِفُ لِلمُلِمّاتِ ، وَالكافي لِلمُهِمّاتِ ، وَالمُفَرِّجُ لِلكُرُباتِ. (3)
58 / 2الكافي مِن كُلِّ شَيءٍالكتاب«وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً» .
«وَلِلَّهِ مَا فِى السَّمَ_وَ تِ وَمَا فِى الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً» .
«وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا » . (4)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمّ يا كافِياً مِن كُلِّ شَيءٍ ولا يَكفي مِنهُ شَيءٌ ، يا رَبَّ كُلِّ شَيءٍ ، اِكفِنا
.
ص: 99
كُلَّ شَيءٍ حَتّى لا يَضُرَّ مَعَ اسمِكَ شَيءٌ. (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام :يا كافِيَ كُلِّ شَيءٍ ولا يَكفي مِنهُ شَيءٌ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ، وَاكفِني شَرَّ ما أَحذَرُ وشَرَّ ما لا أَحذَرُ. (2)
الإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: اِكفِني يا كافِيَ ما لا يَكفي سِواكَ ، فَإِنَّكَ الكافي لا كافِيَ سِواكَ. (3)
.
ص: 100
. .
ص: 101
الفصل التاسع والخمسون: الكبير ، المتكبِّرالكبير والمتكبّر لغةًاشتقّ الكبير والمتكبّر من مادّة «كبر» ، والكبر يدلّ على خلاف الصغر ، والكبر والكبرياء بمعنى العظمة (1) . قال ابن الأَثير: «في أَسماء اللّه تعالى المتكبّر والكبير ، أَي: العظيم ذو الكبرياء» (2) ، فالكبير والعظيم متقاربان في المعنى ، ومن هنا ذكر بعض اللغويّين صفة أُخرى في تفسير كلّ من الصفتين (3) .
الكبير والمتكبّر في القرآن والحديثاستعملت مشتقّات مادّة «كبر» في شأن الباري سبحانه ثمان مرّات في القرآن الكريم ، فقد وردت صفة «الكبير» مقرونةً بصفة «العلي» خمس مرّات في القرآن الكريم (4) ، وجاءت مرّةً واحدةً بهذه الصورة: «عَ__لِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهَ_دَةِ الْكَبِيرُ
.
ص: 102
الْمُتَعَالِ» (1) ، ومرة بهذه الصورة «وَ لَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِى السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ» (2) ووردت صفة «المتكبّر» مرّةً واحدة مقرونةً بصفة «الجبّار» (3) ، وقد ذكرت الأَحاديث معنيين للكبير والمتكبّر ، هما :
1 . صفة الذاتالكبير والمتكبّر بوصفهما صفتين ذاتيتين يدلّان على عظمة اللّه ، وفي الحديث : «الكِبرياءُ رِداءُ اللّهِ عز و جل ، فَمَن يُنازِعُ اللّهَ رِداءَهُ يَغضَب عَلَيهِ» (4) . قال الزجّاج : «هذه الصفة لا تكون إِلّا للّه خاصّة ، لأَنّ اللّه سبحانه وتعالى هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس لأَحد مثله ، وذلك الذي يستحقّ أَن يقال له: المتكبّر ، وليس لأَحدٍ أَن يتكبّر ؛ لأَنّ النَّاس في الحقوق سواء ، فليس لأَحد ما ليس لغيره» (5) . وعندما يستعمل الكبر والتكبّر بشأن الإنسان فإنّه يعني ادّعاء العظمة والاستعلاء مع العُجب بالنفس ، وذلك لا يليق به ، ومن هنا فهو مذموم . قال الراغب : «الكبر الحالة التي يتخصّص بها الإنسان من إِعجابه بنفسه ، وذلك أَن يرى الإنسانُ نفسه أَكبر من غيره ، وأَعظم التكبّر ، التكبّر على اللّه بالامتناع من قبول الحقّ والإذعان له بالعبادة» (6) . قال ابن الأَثير في تفسير المتكبّر: «التاء فيه للمتفرّد والتخصّص لا تاء
.
ص: 103
التعاطي والتكلّف» (1) . لذلك المتكبّر _ من باب تفعّل _ يدلّ على التفرّد واختصاص الكبرياء باللّه . وقد جاء في حديث أَنّ الذات الإلهيّة هي أَكبر من أَن توصف : «اللّهُ أكبَرُ مِن أن يوصَفَ» (2) .
2 . صفة الفعلالكبير والمتكبّر بوصفهما من صفات الفعل تعنيان خالق المخلوقات الكبيرة . قال الإمام الصادق عليه السلام : «إِنَّما قُلنا: إِنَّهُ قَوِيٌّ ، لِلخَلقِ القَوِيِّ ، وكَذلِكَ قَولُنا: «العَظيمُ وَالكَبيرُ» (3) .
59 / 1صِفَةُ كِبرِيائِهِالكتاب«عَ__لِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهَ_دَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ » . (4)
«وَ لَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِى السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » . (5)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الجَليلُ المُتَكَبِّرُ عَلى كُلِّ شَيءٍ ، فَالعَدلُ أَمرُهُ ،
.
ص: 104
وَالصِّدقُ وَعدُهُ . (1)
فاطمة عليهاالسلام :الحَمدُ للّهِِ المُتَكَبِّرِ في سُلطانِهِ ، العَزيزِ في مَكانِهِ ، المُتَجَبِّرِ في مُلكِهِ . (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام :أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ الأَحَدُ المُتَوَحِّدُ . . . الكَبيرُ المُتَكَبِّرُ . (3)
الإمام الباقر عليه السلام :الكِبرُ (4) رِداءُ اللّهِ ، وَالمُتَكَبِّرُ يُنازِعُ اللّهَ رِداءَهُ . (5)
الإمام الصادق عليه السلام_ في ذِكرِ أَسماءِ اللّهِ تَبارَكَ وَتَعالى _: هُوَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ . . . العَزيزُ الجَبّارُ المُتَكَبِّرُ العَلِيُّ العَظيمُ . (6)
عنه عليه السلام_ في تَمجيدِ اللّهِ تَبارَكَ وتَعالى _: أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ . . . العَزيزُ الجَبّارُ المُتَكَبِّرُ . (7)
الزهد عن موسى بن عليّ عن أبيه :بَلَغَني أَنَّ نوحا عليه السلام قالَ لِابنِهِ سامٍ : . . . يا بُنَيَّ ، لا تَدخُلَنَّ القَبرَ وفي قَلبِكَ مِثقالُ ذَرَّةٍ مِنَ الكِبرِ ، فَإِنَّ الكِبرِياءَ رِداءُ اللّهِ عز و جل فَمَن يُنازِعِ اللّهَ رَداءَهُ يغَضَب عَلَيهِ . (8)
.
ص: 105
59 / 2ما لا يُوصَفُ كِبرِياؤُهُ بِهِالإمام الصادق عليه السلام :وَاللّهُ عز و جل لا يُشَبَّهُ بِشَيءٍ ، وإِنَّما قُلنا : إِنَّهُ قَوِيٌّ لِلخَلقِ القَوِيِّ ، وكَذلِكَ قَولُنا : العَظيمُ وَالكَبيرُ ، ولا يُشَبَّهُ بِهذِهِ الأَسماءِ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى . (1)
راجع : ج 3 ص 440 (معنى اللّه أكبر) .
.
ص: 106
. .
ص: 107
الفصل الستون: الكريم ، الأكرمالكريم ، الأَكرم لغةً«الكريم» فعيل بمعنى فاعل من مادّة «كرم» ، و«الأَكرم» أَفعل التفضيل . قال ابن فارس : «كرم» يدلّ على شرف في الشيء في نفسه أَو شرف في خلق من الأَخلاق . والكرم في الخلق يقال هو الصفح عن ذنب المذنب. قال عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة: الكريم : الصفوح واللّه تعالى هو الكريم الصفوح عن ذنوب عباده المؤمنين (1) . قال الفيوميّ : كَرُمَ الشيء كرما: نَفُسَ وعَزَّ فهو كريم ... ويطلق الكرم على الصفح (2) . وقال الجوهريّ: الكَرَم : ضد اللؤم ... والكريم: الصفوح (3) . قال ابن الأَثير : في أَسماء اللّه تعالى «الكريم» هو الجواد المعطي الذي لا ينفد
.
ص: 108
عطاؤه وهو الكريم المطلق ، والكريم الجامع لأَنواع الخير والشرف والفضائل (1) .
الكريم ، الأَكرم في القرآن والحديثلقد وردت صفة «الكريم» في القرآن الكريم مرّةً واحدةً مع صفة «الغنيّ» (2) ، ومرّةً واحدةً مع صفة «الرب» (3) . و وردت صفة «الأَكرم» مرّة بشكل «رَبُّكَ الْأَكْرَمُ» (4) ومرّتين بشكل «ذُو الْجَلَ_لِ وَ الْاءِكْرَامِ» (5) . وكما لاحظنا في المعنى اللغويّ فإنّ الكرم ورد بمعنيين هما: الشرف ، والصفح عن الذنب ، وقد ورد في الأَحاديث أَيضا بمعنيين هما: الشريف ، والصفوح عن ذنوب العباد ، ولفظ «فَإنَّهُ أعَزُّ وأَكرَمُ وأَجَلُّ وأَعظَمُ مِن أَن يَصِفَ الواصِفونَ كُنهَ جَلالِهِ ، أَو تَهتَدِي القُلوبُ إِلى كُنهِ عَظَمَتِهِ» (6) يشير إِلى المعنى الأَوّل . وتعابير أُخرى مثل: «وَاعفُ عَنّي وتَجاوَز يا كَريمُ» (7) ، و «اللّهُمَّ فَجُد عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وفَضلِكَ» (8) تشير إِلى المعنى الثاني . والظاهر أَنّ الكرم إِذا نُسب إِلى الذات جاء بمعنى الشرف ، وإِذا نُسب إِلى الفعل جاء بمعنى الصفح والعطاء .
.
ص: 109
60 / 1الغَنِيُّ الكَريمُ«قالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَ_بِ أَنَا ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَ_ذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِى ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِىٌّ كَرِيمٌ » . (1)
60 / 2الكَريمُ الأَكرَمُالكتاب«اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ » . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ الكَريمِ الأَكرَمِ ، يا أَكرَمَ الأَكرَمينَ يا أللّهُ. (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ يَومَ عَرَفَةَ _: أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، الكَريمُ الأَكرَمُ. (4)
الإقبال_ مِمّا يُدعى بِهِ في غُرَّةِ رَبيعِ الآخَرِ _: واِنعَشني بِعِزِّ جَلالِكَ الكَريمِ الأَكرَمِ. (5)
.
ص: 110
60 / 3الأَعَزُّ الأَكرَمُالإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ اغفِر وَارحَم وتَجاوَز عَمّا تَعلَمُ ، وأَنتَ الأَعَزُّ الأَكرَمُ. (1)
مصباح المتهجّد_ فِي الدُّعاءِ المَعروفِ بِدُعاءِ الحَريقِ _: إِنّي أَشهَدُ .. . أَنَّ كُلَّ مَعبودٍ .. . باطِلٌ مُضمَحِلٌّ ، ما خَلا وَجهِكَ الكَريمِ ؛ فَإِنَّهُ أَعَزُّ وأَكرَمُ وأَجَلُّ وأَعظَمُ مِن أَن يَصِفَ الواصِفونَ كُنهَ جَلالِهِ ، أَو تَهتَدِيَ القُلوبُ إِلى كُنهِ عَظَمَتِهِ. (2)
60 / 4أَكرَمُ الأَكرَمينَرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا أَبصَرَ النّاظِرينَ ، يا أَشفَعَ الشّافِعينَ ، يا أَكرَمَ الأَكَرمينَ. (3)
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن يَأمُرُ بِالعَفوِ وَالتَّجاوُزِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وَاعفُ عَنّي وتَجاوَز يا كَريمُ يا كَريمُ ، يا أَكرَمَ مِن كُلِّ كَريمٍ ، وأَرأَفَ مِن كُلِّ رَؤوفٍ ، وأعطَفَ مِن كُلِّ عَطوفٍ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وأَنعِم عَلَيَّ بِالعَفوِ وَالعافِيَةِ وَالمَغفِرَةِ وَالرَّحمَةِ. (4)
.
ص: 111
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ عِندَ رُؤيَةِ هِلالِ شَهرِ رَمَضانَ _: اللّهُمَّ اجعَلنا مِن أَرضى مَن طَلَعَ عَلَيهِ ، وأَزكى مَن نَظَرَ إِلَيهِ، وأَسَعدِ مَن تَعَبَّدَ لَكَ فيهِ ، وَوفِّقنَا اللّهُمَّ فيهِ لِلطَّاعَةِ وَالتَّوبَةِ ، وَاعصِمنا فيهِ مِنَ الآثامِ وَالحَوبَةِ، وأَوزِعنا شُكرَ النِّعمَةِ ، وَاجعَل لَنا فيهِ عَونا مِنكَ عَلى ما نَدَبتَنا إِلَيهِ مِن مُفتَرَضِ طاعَتِكَ ونَفِلها، إِنَّكَ الأَكرَمُ مِن كُلِّ كَريمٍ، وَالأَرحَمُ مِن كُلِّ رَحيمٍ. (1)
60 / 5التَّوَسُّلُ بِكَرَمِهِالإمام عليّ عليه السلام :إِلهي إِن كُنتُ غَيرَ مَستَوجِبٍ لِما أَرجو مِن رَحمَتِكَ ، فَأَنتَ أَهلُ التَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ ، فَالكَريمُ لَيسَ يَصنَعُ كُلَّ مَعروفٍ عِندَ مَن يَستَوجِبُهُ. (2)
عنه عليه السلام :إِلهي لَولا مَا اقتَرَفتُ مِنَ الذُّنوبِ ما خِفتُ عِقابَكَ ، ولَولا ما عَرَفتُ مِن كَرَمِكَ ما رَجَوتُ ثَوابَكَ ، وأَنتَ أَكرَمُ الأَكرَمينَ بِتَحقيقِ آمالِ الآمِلينَ ، وأَرحَمُ مَنِ استُرحِمَ فِي تَجاوزِهِ عَنِ المُذنِبينَ. (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ .. . هذا مَقامُ مَن تَداوَلَتهُ الذُّنوبُ ... وَاستَغاثَ بِكَ مِن عَظيمِ ما وَقَعَ بِهِ في عِلمِكَ ، و قَبيحِ ما فَضَحَهُ في حُكمِكَ ؛ مِن ذُنوبٍ أَدبَرَت لَذّاتُها فَذَهَبَت ، وأَقامَت تَبِعاتُها فَلَزِمَت ، لا يُنكَرُ يا إِلهي عَدلُكَ إِن عاقَبتَهُ ، ولا يُستَعظَمُ عَفوُكَ إِن عَفَوتَ عَنهُ ورَحِمتَهُ ، لِأَنَّكَ الرَّبُّ الكَريمُ الَّذي لا يَتَعاظَمُهُ
.
ص: 112
غُفرانُ الذَّنبِ العَظيمِ. (1)
الإمام الصادق عليه السلام :سَيِّدي .. . عَلى كَرَمِكَ يُعَوِّلُ المُستَقيلُ (2) التَّائِبُ ، أَدَّبتَ عِبادَكَ بِالتَّكَرُّمِ وأَنتَ أَكرَمُ الأَكرَمينَ. (3)
عنه عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في لَيلَةِ النِّصفِ مِن شَعبانَ _: اللّهُمَّ فَجُد عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وفَضلِكَ ... وتَغَمَّدني في هذِهِ اللَّيلَةِ بِسابِغِ كَرامَتِكَ ... اللّهُمَّ فَلا تَحرِمني ما رَجَوتُ مِن كَرَمِكَ .. . رَبِّ إِن لَم أَكُن مِن أَهلِ ذلِكَ فَأَنتَ أَهلُ الكَرَمِ وَالعَفوِ وَالمَغفِرَةِ ، وجُد عَلَيَّ بِما أَنتَ أَهلُهُ لا بِما أَستَحِقُّهُ ، فَقَد حَسُنَ ظَنّي بِكَ ، وتَحَقَّقَ رَجائي لَكَ ، وعَلِقَت نَفسي بِكَرَمِكَ ، فَأَنتَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ وأَكرَمُ الأَكرَمينَ. (4)
.
ص: 113
الفصل الحادي والستون: اللّطيفاللطيف لغةً«اللطيف» فعيل بمعنى فاعل من مادّة «لطف» وهو يدلّ على رفق ، ويدلّ على صغر في الشيء (1) . لَطُفَ الشيء فهو لطيف: صغر جسمه ، وهو ضدّ الضخامة ، ولطف اللّه بنا لطفا: رَفَقَ بنا ، فهو لطيفٌ بنا (2) .
اللطيف في القرآن والحديثلقد جاءت صفة «اللطيف» إِلى جانب صفة «الخبير» خمس مرّات في القرآن الكريم (3) ، وجاءت بشكل «لطيف لما يشاء» (4) وبشكل «لطيف بعباده» (5) مرّة واحدة في كلّ منهما . وقيل في البحث اللغويّ أَنّ اللطيف يستعمل بمعنى «الرفيق» ، و«الصغير».
.
ص: 114
والمعنى الأَوّل الذي هو صفة فعليّة يُوصف به اللّه سبحانه في القرآن والأَحاديث إِذ أن_ّه تعالى يلطف بعباده ويتكرّم عليهم. أَمّا المعنى الثاني فلا يستعمل في اللّه _ جلّ شأنه _ لأَنّه ليس بجسم فيكون صغيرا، من هنا إِذا دار الكلام حول المعنى الثاني للطيف في الأَحاديث فقد صُرّح بأنّه إِذا قيل للّه لطيف فمن حيث إنّه خلق المخلوقات اللطيفة والصغيرة وهو يعلم بها . (1)
61 / 1مَعنى لُطفِهِالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ لِلّهِ الكَريمِ في مُلكِهِ ، القاهِرِ لِمَن فيهِ ، القادِرِ عَلى أَمرِهِ ، المَحمودِ في صُنعِهِ ، اللَّطيفِ بِعِلمِهِ ، الرَّؤوفِ بِعِبادِهِ ، المُستَأثرِ في جَبَروتِهِ في عِزِّ جَلالِهِ وهَيبَتِهِ . (2)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ وتَعالى لا يَخفى عَلَيهِ ما العِبادُ مُقتَرِفونَ في لَيلِهِم ونَهارِهِم ، لَطُفَ بِهِ خُبرا وأَحاطَ بِهِ عِلما . (3)
عنه عليه السلام :لا إِلهَ إِلّا اللّهُ اللَّطيفُ بِمَن شَرَدَ عَنهُ مِن مُسرِفي عِبادِهِ ، لِيرَجِعَ عَن عُتُوِّهِ وعِنادِهِ . (4)
.
ص: 115
عنه عليه السلام :يُجيبُ دَعوَةَ منَ يَدعوهُ ، ويَرزُقُ عَبدَهُ ويَحبوهُ ، ذو لُطفٍ خَفِيٍّ وبَطشٍ قَوِيٍّ . (1)
عنه عليه السلام_ فِي الدِّيوانِ المَنسوبِ إِلَيهِ _: وكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفِيِّ يَدِقُّ خِفاهُ عَن فَهمِ الذَّكِيِّ وكَم يُسرٍ أَتى مِن بَعدِ عُسرٍ! وفَرَّجَ كُربَةَ القَلبِ الشَّجِيِّ وكَم أَمرٍ تُساءُ بِهِ صَباحا وتَأتيكَ المَسَرَّةُ بِالعَشِيِّ ولا تَجزَع إِذا ما نابَ خطبٌ فَكَم للّهِِ مِن لُطفٍ خَفِيِّ (2)
الإمام الحسن عليه السلام :رَبُّنَا اللَّطيفُ بِلُطفِ رُبوبِيَّتِهِ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام :سَمَّيناهُ لَطيفا لِلخَلقِ اللَّطيفِ ، ولِعِلمِهِ بِالشَّيءِ اللَّطيفِ مِمّا خَلَقَ مِنَ البَعوضِ وَالذَّرَّةِ ، ومِمّا هُوَ أَصغَرُ مِنهُما لا يَكادُ تُدرِكُهُ الأَبصارُ وَالعُقولُ ؛ لِصِغَرِ خَلقِهِ مِن عَينِهِ وسَمعِهِ وصورَتِهِ ، لا يُعرَفُ مِن ذلِكَ لِصغَرِهِ الذَّكَرُ مِنَ الاُنثى ، ولَا الحَديثُ المَولودُ مِنَ القَديمِ الوالِدِ ، فَلَمّا رَأَينا لُطفَ ذلِكَ في صِغَرِهِ ومَوضِعَ العَقلِ فيهِ وَالشَّهوَةَ لِلسِّفادِ ، وَالهَرَبَ مِنَ المَوتِ ، وَالحَدَبَ عَلى نَسلِهِ مِن وَلَدِهِ ، ومَعرِفَةَ بَعضِها بَعضا ، وما كانَ مِنها في لُجَجِ البِحارِ ، وأَعنانِ السَّماءِ ، وَالمَفاوِزِ وَالقِفارِ ، وما هُوَ مَعَنا في مَنزِلِنا ، ويَفهَمُ بَعضُهُم بَعضا مِن مَنطِقِهِم ، وما يَفهَمُ مِن أَولادِها ، ونَقلِهَا الطَّعامَ إِلَيها وَالماءَ ، عَلِمنا أَنَّ خالِقَها لَطيفٌ ، وأَنَّهُ لَطيفٌ بِخَلقِ اللَّطيفِ . (4)
.
ص: 116
الإمام الرضا عليه السلام :وأَمَّا اللَّطيفُ فَلَيسَ عَلى قِلَّةٍ وقَضافَةٍ (1) وصِغَرٍ ، ولكِن ذلِكَ عَلَى النَّفاذِ فِي الأَشياءِ، وَالاِمتِناعِ مِن أَن يُدرَكَ ، كَقَولِكَ لِلرَّجُلِ : لَطُفَ عَنّي هذَا الأَمرُ ، ولَطُفَ فُلانٌ في مَذهَبِهِ ، وقَولِهِ يُخبِرُكَ أَنَّهُ غَمَضَ فيهِ العَقلُ وفاتَ الطَّلَبُ وعادَ مُتَعَمِّقا مُتلَطِّفا لا يُدرِكُهُ الوَهمُ ، فَكَذلِكَ لُطفُ اللّهِ تَبارَكَ وتَعالى عَن أَن يُدرَكَ بِحَدٍّ أَو يُحَدَّ بَوَصفٍ ، وَاللَّطافَةُ مِنَّا الصِّغَرُ وَالقِلَّةُ ، فَقَد جَمَعَنا الاِسمُ وَاختَلَفَ المَعنى . (2)
عيون أخبار الرضا عن محمّد بن عبد اللّه الخراساني خادم الرضا عليه السلام :دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الزَّنادِقَةِ عَلَى الرِّضا عليه السلام وعِندَهُ جَماعَةٌ ، فَقالَ : . . . أَخبِرني عَن قَولِكُم : إِنَّهُ لَطيفٌ وسَميعٌ وحَكيمٌ وبَصيرٌ وعَليمٌ ، أَيَكونُ السَّميعُ إِلّا بِأُذُنٍ ، وَالبَصيرُ إِلّا بِالعَينِ ، وَاللَّطيفُ إِلّا بِالعَمَلِ بِاليَدَينِ ، وَالحَكيمُ إِلّا بِالصَّنعَةِ ؟ فَقالَ أَبُو الحَسَنِ عليه السلام : إِنَّ اللَّطيفَ مِنّا عَلى حَدِّ اتِّخاذِ الصَّنعَةِ ، أَوَما رَأَيتَ الرَّجُلَ يَتَّخِذُ شَيئا يَلطُفُ فِي اتِّخاذِهِ ؟ فَيُقالَ : ما أَلطَفَ فُلانا! فَكَيفَ لا يُقالُ لِلخالِقِ الجَليلِ: لَطيفٌ؟ إِذ خَلَقَ خَلقا لَطيفا وجَليلاً، ورَكَّبَ فِي الحَيَوانِ مِنهُ أَرواحَها ، وخَلَقَ كُلَّ جِنسٍ مُتَبايِنا من جِنسِهِ فِي الصّورَةِ ، لا يُشبِهُ بَعضُهُ بَعضا ، فَكُلٌّ لَهُ لُطفٌ مِنَ الخالِقِ اللَّطيفِ الخَبيرِ في تَركيبِ صورَتِهِ . ثُمَّ نَظَرنا إِلَى الأَشجارِ وحَملِها أَطايِبَها المَأكولَةَ ، فَقُلنا عِندَ ذلِكَ : إِنَّ خالِقَنا لَطيفٌ لا كَلُطفِ خَلقِهِ في صَنعَتِهِم . (3)
.
ص: 117
الكافي عن أبي الحسن عليه السلام (1)_ لِلفَتحِ بنِ يَزيدَ الجُرجانِيِّ _الكافي عن أبي الحسن عليه السلام (2) : يا فَتحُ إِنَّما قُلنا : اللَّطيفُ لِلخَلقِ اللَّطيفِ [ و] لِعِلمِهِ بِالشَّيءِ اللَّطيفِ ، أَوَلا تَرى _ وَفَّقَكَ اللّهُ وثَبَّتَكَ _ إِلى أَثَرِ صُنعِهِ فِي النَّباتِ اللَّطيفِ وغَيرِ اللَّطيفِ ، ومِنَ الخَلقِ اللَّطيفِ ، ومِنَ الحَيَوانِ الصِّغارِ ، ومِنَ البَعوضِ وَالجِرجِسِ (3) وما هُوَ أَصغَرُ مِنها ما لا يَكادُ تَستَبينُهُ العُيونُ ، بَل لا يَكادُ يُستَبانُ لِصِغَرِهِ الذَّكَرُ مِنَ الأُنثى ، وَالحَدَثُ المَولودُ مِنَ القَديمِ ، فَلَمّا رَأَينا صِغَرَ ذلِكَ في لُطفِهِ ، وَاهتِداءَهُ لِلسِّفادِ وَالهَرَبَ مِنَ المَوتِ ، وَالجَمعَ لِما يُصلِحُهُ ، وما فِي لُجَجِ البِحارِ ، وما في لِحاءِ الأَشجارِ وَالمَفاوزِ والقِفارِ ، وإِفهامَ بَعضِها عَن بعضٍ مَنطِقَها ، وما يَفهَمُ بِهِ أَولادُها عَنها ، ونَقلَهَا الغِذاءَ إِلَيها ، ثُمَّ تَأليفَ أَلوانِها؛ حُمرَةٍ مَعَ صُفرَةٍ ، وبَياضٍ مَعَ حُمرَةٍ ، وأَنَّهُ ما لا تَكادُ عُيونُنا تَستَبينُهُ لِدَمامَةِ خَلقِها ، لا تَراهُ عُيونُنا ولا تَلمِسُهُ أَيدينا ، عَلِمنا أَنَّ خالِقَ هذَا الخَلقِ لَطيفٌ لَطُفَ بِخَلقِ ما سَمّيناهُ ، بِلا عِلاجٍ ولا أَداةٍ ولا آلَةٍ . (4)
الإمام الجواد عليه السلام :سَمَّيناهُ لَطيفا لِعِلمِهِ بِالشَّيءِ اللَّطيفِ ، مِثلِ البَعوضَةِ وأَخفى مِن ذلِكَ ، ومَوضِعِ النُّشوءِ مِنها ، وَالعَقلِ وَالشَّهَوةِ لِلسِّفادِ والحَدَبِ عَلى نَسلِها ، وإِقامِ بَعضِها عَلى بَعضٍ ، ونَقلِهَا الطَّعامَ وَالشرّابَ إِلى أَولادِها فِي الجِبالِ وَالمفاوِزِ وَالأَودِيَةِ وَالقِفارِ ، فَعَلِمنا أَنَّ خالِقَها لَطيفٌ بِلا كَيفٍ ، وإِنَّمَا الكَيفِيَّةُ لِلمَخلوقِ المُكَيَّفِ . 5
.
ص: 118
ص: 119
الفصل الثاني والستّون: المالك ، الملك ، المليكالمالك والمَلِك لغةً«المالك» اسم فاعل ، و«الملك» صفة مشبهة ، و«المليك» صفة مشبهة أَو صيغة مبالغة ، كلّها مشتقّ من مادّة «ملك» وهو يدلّ على قوّة في الشيء وصحّة ، قيل: مَلَكَ الإنسان الشيء يملكه ملكا ، والاسم المِلك ؛ لأَنّ يده فيه قويّة صحيحة (1) . قال ابن منظور : المَلْك والمُلك والمِلك : احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به (2) . قال الجوهريّ : كأنّ المَلْك مخفَّف من مَلِك ، والملِك مقصور من مالك أَو مليك. والجمع الملوك والأَملاك ، والاسم المُلك ، والموضع مملكة (3) . قال الفيوميّ : ملك على النَّاس أَمرهم إِذا تولّى السلطنة فهو مَلِك بكسر اللام وتُخفّف بالسكون ، والجمع ملوك (4) .
.
ص: 120
والسؤال الذي يُثار حول هذه الصفات هو: ما الفرق بين هذه الصفات الثلاث؟ ولمّا كانت مادّة هذه الصفات «ملك» فالأَوصاف المذكورة تدلّ على القوّة والاقتدار والاستبداد والسلطنة ، وفي الفرق بين هذه الصفات الثلاث نقول: إِنّ أَغلب الظنّ هو أَنّ المَلِك والمليك لمّا كانا صفتين مشبهتين أَو صيغتين للمبالغة فدلالتهما على السلطنة أَكثر من المالك الذي هو اسم فاعل . لكنّ المَلِك والمليك لمّا أُطلقا على «المَلِك» طوال الزمن ، فإنّ بعض المفسّرين قد ذهب إِلى أنّ المالك هو مالك العين ، والمَلِك والمليك هو مالك التدبير (1) . بيد أَنّ فريقا منهم أَنكر مثل هذا التفاوت بالنسبة إِلى اللّه سبحانه (2) . وسنذكر في الحديث عن استعمالات هذه الصفات في القرآن والأَحاديث فهرسا لإطلاقات هذه الصفات ، وهو مفيد للحكم وإِبداء الرأَي في هذا المجال .
المالك والمَلِك في القرآن والحديثأُسند القرآن الكريم مشتقّات مادّة «ملك» إِلى اللّه تعالى خمسا وأَربعين مرّةً ، فقد وردت صفة «الملك» خمس مرّات (3) ، وصفة «المالك» مرّتين (4) ، وصفة «المليك» مرّة واحدة . (5) وقد ذُكرت صفة «الملك» مع صفة «الحقّ» مرّتين (6) ، ومع صفة «القدّوس» مرّتين أَيضا (7) .
.
ص: 121
ومن استعمالات صفة «الملك» و«المالك» و «المليك» في القرآن والأَحاديث : «مَلِكِ النَّاسِ» (1) ، «عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ» (2) ، «ملك الآخرة والدنيا» (3) ، «ملك العطايا» (4) ، «ملك المحيا والممات» (5) ، «ملك الملكوت بقدرته» (6) ، «ملك الملوك» (7) ، «ملك من في السَّماوات وملك من في الأَرض ، لا ملك فيهما غيرك» (8) ، «ملك السَّماوات والأَرض» (9) ، «مَ__لِكِ يَوْمِ الدِّينِ» (10) ، «مالك نفوسهم» (11) ، «إِنّ مالك الموت هو مالك الحياة» (12) ، «مالك العطايا» (13) ؛ «مالك الملوك» (14) ، «مالك الملك» (15) ، «مالك كلّ شيء» (16) ، «مليك الحقّ» 17 .
.
ص: 122
وكما نلاحظ فإنّ كثيرا من مواضع إِطلاق الملك والمالك يمكن أَن يكون عينا ، ويمكن أَن يكون تدبيرا أَيضا ، على سبيل المثال يتيسّر لنا أن نفسّر «ملك النَّاس» ب_«مالك أَعيان النَّاس» لأَنّ اللّه سبحانه مالك أَعيان كلّ شيء بما فيها النَّاس ، ويتيسّر لنا أَيضا أن نفسّره ب_«مالك تدبير النَّاس» ، أو «مالك العطايا» فيتسنّى تفسيره ب_«مالك أَعيان العطايا» وكذلك «مالك تدبير العطايا» ، حتّى في بعض المواضع مثل «يوم الدين» ورد استعمال مالك وملك على حدّ سواء . والملاحظة المهمّة هي أَنّ ملكيّة التدبير شرط في الملكيّة الحقيقيّة للعين ، ولا تنفصل هاتان الملكيّتان ، ولمّا كان للّه تعالى الملكيّة الحقيقيّة لجميع الموجودات فله أَيضا ملكيّة تدبيرها ، في حين أنّ ملكيّة غيره اعتباريّة سواءٌ كانت ملكيّة عين أَم ملكيّة تدبير ، لذا فإنّهما قابلتان للانفصال ، ويمكن أَن يملك شخص شيئا لكنّ التصرّف فيه غير مأذون له ، أَو يملك تدبير شيء ولا يملك عينه .
62 / 1صِفَةُ مُلكِهِ وَمالِكِيَّتِهِالإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ مالِكٍ غَيرُهُ مَملوكٌ . (1)
عنه عليه السلام_ في أَسمائِهِ تَعالى _: أَمّا وَضعُ الأَسماءِ ، فَإِنَّهُ _ تَبارَكَ وتَعالَى _ اختارَ لِنَفسِهِ الأَسماءَ الحُسنى فَسَمّى نَفسَهُ : «الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَ_مُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ» (2) وغَيرَ ذلِكَ ، وكُلُّ اسمٍ يُسَمّى بِهِ فَلِعِلَّةٍ ما ، ولَمّا تَسَمّى بِالمَلِكِ : أَرادَ تَصحيحَ مَعنَى الاِسمِ لِمُقتَضَى الحِكمَةِ ، فَخَلَقَ الخَلقَ وأَمَرَهُم ونَهاهُم لِيَتَحَقَّقَ حَقيقَةَ الاِسمِ ومَعنَى المُلكِ . وَالمُلكُ لَهُ وُجوهٌ أَربَعَةٌ : القُدرَةُ وَالهَيبَةُ وَالسَّطوَةُ وَالأَمرُ وَالنَّهيُ .
.
ص: 123
فَأَمَّا القُدرَةُ فَقَولُهُ تَعالى : «إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْ ءٍ إِذَآ أَرَدْنَ_هُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ » (1) فَهذِهِ القُدرَةُ التّامَّةُ الَّتي لا يَحتاجُ صاحِبُها إِلى مُباشَرَةِ الأَشياءِ ، بَل يَختَرِعُها كَما يَشاءُ سُبحانَهُ ولا يَحتاجُ إِلَى التَّرَوّي في خَلقِ الشَّيء ، بَل إِذا أَرادَهُ صارَ عَلى ما يُريدُهُ مِن تَمامِ الحِكمَةِ ، وَاستَقامَ التَّدبيرُ لَهُ بِكَلِمَةٍ واحِدَةٍ ، وقُدرَةٍ قاهِرَةٍ بانَ بِها مِن خَلقِهِ . ثُمَّ جَعَلَ الأَمرَ وَالنَّهيَ تَمامَ دَعائِمِ المُلكِ ونِهايَتَهُ ، وذلِكَ أَنَّ الأَمرَ وَالنَّهيَ يَقتَضِيانِ الثَّوابَ وَالعِقابَ وَالهَيبَةَ وَالرَّجاءَ وَالخَوفَ ، وبِهِما بَقاءُ الخَلقِ ، وبِهِما يَصِحُّ لَهُمُ المَدحُ وَالذَّمُّ ، ويُعرَفُ المُطيعُ مِنَ العاصي ، ولَو لَم يَكُنِ الأَمرُ وَالنَّهيُ لَم يَكُن لِلمُلكِ بَهاءٌ (2) ولا نِظامٌ ، ولَبَطَلَ الثَّوابُ وَالعِقابُ ، وكَذلِكَ جَميعُ التَّأويلِ فيما اختارَهُ سُبحانَهُ لِنَفسِهِ مِنَ الأَسماءِ. (3)
عنه عليه السلام_ في بَيانِ مَعنى قَولِ المُؤَذِّنِ «حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ» _: أَي هَلُمّوا إِلى خَيرِ أَعمالِكُم ودَعوَةِ رَبِّكُم ، و سارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم ، وإِطفاءِ نارِكُمُ الَّتي أَوقَدتُموها عَلى ظُهورِكُم ، وفِكاكِ رِقابِكُمُ الَّتي رَهَنتُموها بِذُنوبِكُم ، لِيُكَفِّرَ اللّهُ عَنكُم سَيِّئاتِكُم ، ويَغفِرَ لَكُم ذُنوبَكُم ، ويُبَدِّلَ سَيِّئاتِكُم حَسَناتٍ ؛ فَإِنَّهُ مَلِكٌ كَريمٌ ، ذُو الفَضلِ العَظيمِ. (4)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن لا تَنتَهي مُدَّةُ مُلكِهِ . (5)
الإمام الباقر عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ الحَقُّ ، وقَولُكَ الحَقُّ ، ووَعدُكَ الحَقُّ ، وأَنتَ مَليكُ الحَقِّ ،
.
ص: 124
أَشهَدُ أَنَّ لِقاءَكَ حَقٌّ ، وأَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ ، وَالسّاعَةَ حَقٌّ آتِيَةٌ لا رَيبَ فيها. (1)
عنه عليه السلام :قالَ اللّهُ عز و جل لِادَمَ عليه السلام : أَنَا اللّهُ المَلِكُ القادِرُ ولي أَن أُمضِيَ جَميعَ ما قَدَّرتُ عَلى ما دَبَّرتُ ، ولي أَن أُغَيِّرَ مِن ذلِكَ ما شِئتُ إِلى ما شِئتُ ، وأُقَدِّمَ مِن ذلِكَ ما أَخَّرتُ وأُؤَخِّرَ مِن ذلِكَ ما قَدَّمتُ. (2)
عنه عليه السلام :إِنَّ رَبّي تَبارَكَ وتَعالى .. . لَم يَزَل حَيّا بِلا حَياةٍ ، ومَلِكا قادِرا قَبلَ أَن يُنشِئَ شَيئا ، ومَلِكا جَبّارا بَعدَ إِنشائِهِ لِلكَونِ ، فَلَيسَ لِكونِهِ كَيفٌ ، ولا لَهُ أَينٌ ، ولا لَهُ حَدٌّ ، ولا يُعرَفُ بِشَيءٍ يُشبِهُهُ ، ولا يَهرَمُ لِطولِ البَقاءِ ، ولا يَصعَقُ (3) لِشَيءٍ ، بَل لِخَوفِهِ تَصعَقُ الأَشياءُ كُلُّها . كانَ حَيّا بِلا حَياةٍ حادِثَةٍ ، ولا كونٍ مَوصوفٍ ، ولا كَيفٍ مَحدودٍ ، ولا أَينٍ مَوقوفٍ عَلَيهِ ، ولا مَكانٍ جاوَرَ شَيئا ، بَل حَيٌّ يُعرَفُ ومَلِكٌ لَم يَزَل لَهُ القُدرَةُ وَالمُلكُ ، أَنشَأَ ما شاءَ حينَ شاءَ بِمَشيئَتِهِ. (4)
62 / 2لا مالِكَ إلّا هُوَالكتاب«قُلِ اللَّهُمَّ مَ__لِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ» . (5)
.
ص: 125
«وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا» . (1)
«لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ» . (2)
«وَ لَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِى الْمُلْكِ» . (3)
«ذَ لِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ» . (4)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في صِفَةِ اللّهِ سُبحانَهُ وتَعالى _: وَالمالِكُ لِما مَلَّكَهُم إِيّاهُ . (5)
عنه صلى الله عليه و آله :يَقولُ ابنُ آدَمَ : مالي مالي ! وهَل لَكَ يَا ابنَ آدَمَ مِن مالِكَ إِلّا ما أَكَلتَ فَأَفنَيتَ ، أَو لَبِستَ فَأَبلَيتَ ، أَو تَصَدَّقتَ فَأَمضَيتَ . (6)
الإمام عليّ عليه السلام_ وقَد سُئِلَ عَن مَعنى قَولِهِم : لا حَولَ ولا قُوَّةَ إِلّا بِاللّهِ _: إِنّا لا نَملِكُ مَعَ اللّهِ شَيئا ، ولا نَملِكُ إِلّا ما مَلَّكَنا ، فَمَتى مَلَّكَنا ما هُوَ أَملَكُ بِهِ
.
ص: 126
مِنّا كَلَّفَنا ، ومَتى أَخَذَهُ مِنّا وَضَعَ تَكليفَهُ عَنّا . (1)
جامع الأخبار :قالَ اللّهُ تَعالى : المالُ مالي ، وَالفُقَراءُ عِيالي ، وَالأَغنياءُ وُكَلائي ، فَمَن بَخِلَ بِمالي عَلى عِيالي أُدخِلهُ النَّارَ ولا أُبالي . (2)
الإمام الصادق عليه السلام :المالُ مالُ اللّهِ عز و جل ، جَعَلَهُ ودائِعَ عِندَ خَلقِهِ ، وأَمَرَهُم أَن يَأكُلوا مِنهُ قَصدا ويَشرَبوا مِنهُ قَصدا ، ويَلبَسوا مِنهُ قَصدا ، ويَنكَحوا مِنهُ قَصدا ، ويَركَبوا مِنهُ قَصدا ، ويَعودوا بما سِوى ذلِكَ عَلى فُقَراءِ المُؤمِنينَ ، فَمَن تَعَدّى ذلِكَ كانَ أَكلُهُ مِنهُ حَراما ، وما شَرِبَ مِنهُ حَراما ، وما لَبِسَهُ مِنهُ حَراما ، وما نَكَحَهُ مِنه حَراما ، وما رَكِبَهُ مِنهُ حَراما . (3)
عنه عليه السلام_ لَمّا قيلَ لَهُ : ما حَقيقَةُ العُبودِيَّةِ ؟ قالَ _: ثَلاثَةُ أَشياءَ : ألّا يَرى العَبدُ لِنَفسِهِ فيما خَوَّلَهُ اللّهُ إِلَيهِ مُلكا ؛ لِأَنَّ العَبيدَ لا يَكونُ لَهُم مُلكٌ يَرَونَ المالَ مالَ اللّهَ يَضَعونَهُ حَيثُ أَمَرَهُمُ اللّهُ تَعالى بِهِ . . . فَإِذا لَم يَرَ العَبدُ لِنَفسِهِ فيما خَوَّلَهُ اللّهُ تَعالى مُلكا هانَ عَلَيهِ الإِنفاقُ فيما أَمَرَهُ اللّهُ تَعالى أَن يُنفِقَ فيهِ . (4)
62 / 3لا مَلِكَ إلّا هُوَالكتاب«هُوَ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ» . (5)
.
ص: 127
«فَتَعَ__لَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ» . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فيما عَلَّمَهُ جَبرَئيلُ عليه السلام مِنَ الدُّعاءِ _: أَنتَ مَلِكُ مَن فِي السَّماواتِ ، ومَلِكُ مَن فِي الأَرضِ ، لا مَلِكَ فيهِما غَيرُكَ . (2)
عنه صلى الله عليه و آله :اِشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلى رَجُلٍ تَسَمّى بِمَلِكِ الأملاكِ ، لا مُلكَ إلَا لِلّهِ عز و جل. (3)
عنه صلى الله عليه و آله :أَغيَظُ رجُلٍ عَلَى اللّهِ يَومَ القِيامَةِ وأَخبَثُهُ وأَغيَظُهُ عَلَيهِ رَجُلٌ كانَ يُسمَّى مَلِكَ الأَملاكِ ، لامَلِكَ إِلّا اللّهُ عز و جل . (4)
.
ص: 128
. .
ص: 129
الفصل الثالث والستون: المؤمنالمؤمن لغةً«المؤمن» اسم فاعل من آمن ، يُؤمن ، من مادّة «أَمن» وهو أَصلان متقاربان : أَحدهما الأَمانة التي ضدّ الخيانة ومعناها سكون القلب ، والآخر التصديق (1) . أَمِنَ منه مثل سَلِمَ منه وزنا ومعنىً . والأَصل أَن يُستعمَل في سكون القلب (2) . والأَمن : ضدّ الخوف (3) . قال ابن الأَثير : في أَسماء اللّه تعالى «المؤمن» هو الذي يصدق عبادَه وعده ، فهو من الإيمان : التصديق؛ أَو يؤمِّنهم في القيامة من عذابه ، فهو من الأَمان ، والأَمن ضدّ الخوف (4) .
المؤمن في القرآن والحديثلقد أُسندت مشتقّات «الأَمن» إِلى اللّه سبحانه في القرآن الكريم أَربع مرّات (5) ، وقد
.
ص: 130
وردت صفة «المؤمن» مرّةً واحدةً في قوله تعالى : «هُوَ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَ_مُ الْمُؤْمِنُ» (1) ، كما رأَينا في البحث اللغويّ أَنّ المؤمن يمكن أَن يكون بمعنى المصدِّق ، وبمعنى المؤمن الذي يُعطي الأَمان ، وهذا المعنى هو المقصود في الآيات والأَحاديث . وقد جاء في الحديث : «سُمِّيَ الباري عز و جل مُؤمِنا لِأَنَّهُ يُؤمِنُ مِن عَذابِهِ مَن أَطاعَهُ» (2) .
63 / 1مَعنى إيمانِهِالإمام عليّ عليه السلام :إِنَّ رَبّي... رَؤوفُ الرَّحمَةِ لا يُوصَفُ بِالرِّقَّةِ، مُؤمِنٌ لا بِعِبادَةٍ، مُدرِكٌ لا بِمِجَسَّةٍ ، قائِلٌ لا بِاللَّفظِ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام :سُمِّيَ البارِي عز و جل مُؤمِنا ؛ لِأَنَّهُ يُؤمِنُ مِن عَذابِهِ مَن أَطاعَهُ، وسُمِّيَ العَبدُ مُؤمِنا ؛ لِأَنَّهُ يُؤمِنُ عَلَى اللّهِ عز و جل فَيُجيزُ اللّهُ أَمانَهُ . (4)
63 / 2يُؤمِنُ الخائِفينَالكتاب«لِاءِيلَ_فِ قُرَيْشٍ * إِيلَ_فِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَ الصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَ_ذَا الْبَيْتِ * الَّذِى أَطْعَمَهُم مِّن
.
ص: 131
جُوعٍ وَ ءَامَنَهُم مِّنْ خَوْف » . (1)
الحديثالإمام الكاظم عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ لِهِشامٍ _: اِعلَم أَنَّ اللّهَ . . . لَم يُؤمِنِ الخائِفينَ بِقَدرِ خَوفِهِم ، ولكِن آمَنَهُم بِقَدرِ كَرَمِهِ وجودِهِ . (2)
63 / 3يُؤمِنُ أَولِياءَهُالكتاب«وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَ عَمِلُواْ الصَّ__لِحَ_تِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِى لَا يُشْرِكُونَ بِى شَيْ_ئا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَ لِكَ فَأُوْلَ_ئِكَ هُمُ الْفَ_سِقُونَ» . (3)
راجع : آل عمران : 154 ، الأنفال : 11 .
الحديثالإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ . . . يا مُؤمِنَ أَولِيائهِ مِنَ العَذابِ المُهينِ . (4)
.
ص: 132
. .
ص: 133
الفصل الرابع والستون: المبين ، المبيِّنالمُبين والمبيّن لغةً«المبين» اسم فاعل من أَبان ، يُبينُ ، إِبانةً . «المُبيِّن» اسم فاعل من بيّن ، يُبيّن ، تبيينا ، كلاهما مشتقٌ من مادّة «بين» وهو يدلّ على الفراق والوصل ، وهو من الأَضداد (1) . «المُبين» و«المبيِّن» يستعملان لازمين ومتعدّيين بمعنى الواضِح والموضِح (2) . كلاهما مشتقّ من المعنى الثاني ، أَي : الوصل ؛ لأَنّ البيان الواضح والشخص الموضِح يوصلان المخاطب إِلى مقصوده وكشف مراده .
المبين والمبيّن في القرآن والحديثلقد وردت صفة «المبين» للّه تعالى مرّةً واحدةً في القرآن الكريم بقوله سبحانه : «أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ» (3) ، ولم تُنسب صفة «المبيّن» إِليه _ جلّ شأنه _ ولكنّه استعمل كثيرا في هيئة الفعل من بيّن ، يبيّن .
.
ص: 134
وكما قيل في البحث اللغويّ فإنّ المبين والمبيّن وأَفعالهما تستعمل بصيغة اللازم وبصيغة المتعدّي ، لكنّ الذي يبدو من استعمالات القرآن والأَحاديث هو أَنّ المبين ورد بصيغة اللازم والمبيّن وأَفعاله بصيغة المتعدّي . لقد قال الإمام عليّ عليه السلام في تفسير صفة «المبين» الواردة مرّةً واحدةً في القرآن الكريم : «هُوَ اللّهُ الحَقُّ المُبينُ ، أَحَقُّ وأَبيَنُ مِمّا تَرَى العُيونُ» (1) . والمبين في هذا الحديث الذي يفسّر الآية أَيضا ، بصيغة اللازم ، وقد ورد تبيين اللّه متعدّيا في الآيات القرآنيّة بصورة «يبيّن الآيات»، و «يبيّن الحدود» ، و «يبيّن سنن الذين من قبل» ، و «تبيّن للناس ما يتّقون».
64 / 1هُوَالحَقُّ المُبينُالكتاب«يَوْمَ_ئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ» . (2)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذِي انحَسَرَتِ الأَوصافُ عَن كُنهِ (3) مَعرِفَتِهِ ، ورَدَعَت عَظَمَتُهُ العُقولَ فَلَم تَجِد مَساغا إِلى بُلوغِ غايَةِ مَلَكوتِهِ (4) ؛ هُوَ اللّهُ الحَقُّ المُبينُ ، أَحَقُّ وأَبيَنُ مِمّا تَرَى العُيونُ ، لَم تَبلُغهُ العُقولُ بِتَحديدٍ فَيَكونَ مُشَبَّها ، ولَم تَقَع
.
ص: 135
عَلَيهِ الأَوهامُ بِتَقديرٍ فَيَكونَ مُمَثَّلاً. (1)
64 / 2يُبَيِّنُ الآياتِ«وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَ نًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَ لِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَ_تِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» . (2)
«يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَ هِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْايَ_تِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ» . 3
.
ص: 136
. .
ص: 137
الفصل الخامس والستون: المتكلّمالمتكلّم لغةً«المتكلّم» اسم فاعل من تكلّم ، يتكلّم ، تكلُّما ، من مادة «كلّم» وهو يدلّ على نطق مُفهم (1) .
المتكلّم في القرآن والحديثلم ترد صفة «المتكلّم» في القرآن الكريم ، لكنّ الصيغة الفعليّة ل_ «كلّم ، يكلّم» نُسبت إِلى اللّه تعالى تسع مرّات ، كماورد الكلام والكلمة والكلمات الإلهيّة ثمانٍ وعشرين مرّةً . ومن ذلك وصف القرآن الكريم عيسى عليه السلام بكلمة اللّه في ثلاثة مواضع (2) ، ووصف كلمة اللّه بالحسنى في موضع واحدٍ (3) ، ووصفها بالصّدق والعدل في موضع واحدٍ (4) ، ووصفها بالعليا في موضع واحدٍ أَيضا (5) ، ووصف كلمات اللّه في أَربعة
.
ص: 138
مواضعَ بعدم التبديل (1) ، ووصفها بالكثرة في موضعين (2) ، وأَشار في موضع واحدٍ إِلى تلقّي آدم عليه السلام لكلمات اللّه (3) ، وتحدّث في موضعٍ واحدٍ عن امتحان النبيّ ابراهيم عليه السلام بكلمات اللّه (4) . إِنّ صفة «المتكلّم» للّه من الصفات المثيرة للنقاش والجدل ، فقد ذهب أَهل الحديث إِلى أَنّ الكلام الإلهيّ قديم ، في حين قال المعتزلة: إِنّه حادث ، أَمّا الأَشاعره فقد فصلوا بين الكلام النفسيّ واللفظيّ فعدّوا الأَوّل قديما ، والثاني حادثا ، والكلام الإلهيّ في الأَحاديث صفة حادثة غير أَزليّة تطلق على أَصل الفعل الإلهيّ تارةً ، وعلى ما يحصل من الفعل الإلهيّ ، أَي : المخلوق تارةً أُخرى ، ويراد من الكلام في الإطلاق الثاني الكلام اللفظيّ حينا ، وغير اللفظيّ حينا آخر كإطلاق الكلمة على عيسى بن مريم عليهماالسلام ، وجاءت الكلمة في بعض الآيات القرآنيّة بمعنى الحكم والقضاء الإلهيّ كقوله تعالى: «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِى إِسْرَ ءِيلَ بِمَا صَبَرُوا» (5) . لقد ذُكرت وجوه مختلفة في سبب إِطلاق الكلمة على عيسى بن مريم عليهماالسلام ، أَشهرها هو أَنّه خُلق بكلمة اللّه ، وهو قوله: (كُن) من غير واسطة الأَب ، فلمّا كان تكوينه بمحض قول اللّه : (كُنْ) وبمحض تكوينه وتخليقه من غير واسطة الأَب والبذر ، لا جرم سُميّ: كلمة ، كما يُسمّى المخلوق خلقا ، والمقدر قدرةً (6) .
.
ص: 139
65 / 1يَتَكَلَّمُ مَعَ الأَنبِياءِ وَالأَولِياءِالكتاب«وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَ_هُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا » . (1)
«تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَ_تٍ» . (2)
«وَ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاىءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِيمٌ » . (3)
«وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ» . (4)
الحديثالإمام الرضا عليه السلام :إِنَّ كَليمَ اللّهِ موسَى بنَ عِمرانَ عليه السلام عَلِمَ أَنَّ اللّهَ تَعالى عَن أَن يُرى بِالأَبصارِ ، ولكِنَّهُ لَمّا كَلَّمَهُ اللّهُ عز و جل وقَرَّبَهُ نَجِيّا رَجَعَ إِلى قَومِهِ فَأَخبَرَهُم أَنَّ اللّهَ عز و جلكَلَّمَهُ وقَرَّبَهُ وناجاهُ ، فَقالَوا : لَن نُؤمِنَ لَكَ حَتّى نَسمَعَ كَلامَهُ كَما سَمِعتَ ، وكانَ القَومُ سَبعَمِئةِ أَلفِ رَجُلٍ ، فَاختارَ مِنهمُ سَبعينَ أَلفا ، ثُمَّ اختارَ مِنهُم سَبعَةَ آلافٍ ، ثُمَّ اختارَ مِنهُم سَبعَمِئَةٍ ، ثُمَّ اختارَ مِنهُم سَبعينَ رَجُلاً لِميقاتِ رَبِّهِ ، فَخَرَجَ بِهِم إِلى طورِ سينا ، فَأَقامَهُم في سَفحِ الجَبَلِ ، وصَعِدَ موسى عليه السلام إِلَى الطّورِ ، وسَأَلَ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ أَن يُكَلِّمَهُ ويُسمِعَهُم كَلامَهُ ، فَكَلَّمَهُ اللّهُ تَعالى ذِكرُهُ وسَمِعوا كَلامَهُ مِن فَوقٍ وأَسفَلَ ويَمينٍ وشِمالٍ وورَاءٍ وأَمامٍ ؛ لِأَنَّ اللّهَ عز و جل أَحدَثَهُ فِي الشَّجَرَةِ ، ثُمَّ جَعَلَهُ مُنبَعِثا
.
ص: 140
مِنها حَتّى سَمِعوهُ مِن جَميعِ الوُجوهِ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :وما بَرِحَ للّهِِ _ عَزَّت آلاؤُهُ _ فِي البُرهَةِ بَعدَ البُرهَةِ ، وفي أَزمانِ الفَتَراتِ ، عِبادٌ ناجاهُم في فِكرِهِم ، وكَلَّمَهُم في ذاتِ عُقولِهِم ، فَاستَصبَحوا بِنورِ يَقَظَةٍ فِي الأَبصارِ وَالأَسماعِ وَالأَفئِدَةِ ، يُذَكِّرونَ بِأيّامِ اللّهِ ، ويُخَوِّفونَ مَقامَهُ ، بِمَنزِلَةِ الأَدِلَّةِ فِي الفَلَواتِ ، مَن أَخَذَ القَصدَ حَمِدوا إِلَيهِ طَريقَهُ وبَشَّروهُ بِالنَّجاةِ ، ومَن أَخَذَ يَمينا وشِمالاً ذَمّوا إِلَيهِ الطَّريقَ وحَذَّروهُ مِنَ الهَلَكَةِ ، وكانوا كَذلِكَ مَصابيحَ تِلكَ الظُّلُماتِ ، وأَدِلَّةَ تِلكَ الشُّبُهاتِ . (2)
65 / 2صِفَةُ كَلامِهِالإمام عليّ عليه السلام :يُخبِرُ لا بِلِسانٍ ولَهَواتٍ ، ويَسمَعُ لا بِخُروقٍ وأَدَواتٍ ، يَقولُ ولا يَلفِظُ ، ويَحفَظُ ولا يَتَحَفَّظُ . . . يَقولُ لِمَن أَرادَ كونَهُ : «كُن» فَيَكونُ ؛ لا بِصوتٍ يُقرَعُ ، ولا بِنِداءٍ يُسمَعُ ، وإِنَّما كَلامُهُ سُبحانَهُ فِعلٌ مِنهُ ، أَنشَأَهُ ومَثَّلَهُ ، لَم يَكُن مِن قَبلِ ذلِكَ كائِنا ، ولَو كانَ قَديما لَكانَ إِلها ثانِيا . (3)
عنه عليه السلام :ما بَرحَ للّهِِ _ عَزَّت آلاؤُهُ _ فِي البُرهَةِ بَعدَ البُرهَةِ ، وفي أَزمانِ الفَتَراتِ ، عِبادٌ ناجاهُم في فِكرِهِم ، وكَلَّمَهُم في ذاتِ عُقولِهِم . (4)
.
ص: 141
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ الكَلامَ صِفَةٌ مُحدَثَةٌ لَيسَت بِأَزَلِيَّةٍ ، كانَ اللّهُ عز و جلولا مُتَكَلِّمَ . (1)
65 / 3ما لا يُوصَفُ كلَامُهُ بِهِالإمام عليّ عليه السلام :كَلَّمَ موسى تكَليما ، بِلا جِوارِحَ وأَدَواتٍ ، ولا شَفَةٍ ولا لَهَواتٍ . (2)
عنه عليه السلام :الَّذي كَلَّمَ موسى تَكليما ، وأَراهُ مِن آياتِهِ عَظيما ، بِلا جَوارِحَ ولا أَدَواتٍ، ولا نُطقٍ ولا لَهَواتٍ . (3)
الإمام الكاظم عليه السلام :لا أَحُدُّهُ بِلَفظِ شَقِّ فَمٍ ، ولكِن كَما قالَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ : «كُن فَيَكُونُ» بِمَشيئَتِهِ ، مِن غَيرِ تَرَدُّدٍ في نَفسٍ ، صَمَدا فَردا لَم يَحتَج إِلى شَريكٍ يَذكُرُ لَهُ مُلكَهُ ، ولا يَفتَحُ لَهُ أَبوابَ عِلمِهِ . (4)
الاحتجاج عن صفوان بن يحيى :سَأَلَني أَبو قُرَّةَ المُحَدِّثُ صاحِبُ شُبرُمَةَ أن أُدخِلَهُ عَلى أَبِي الحَسَنِ الرِّضا عليه السلام ، فَاستَأذَنَهُ فَأَذِنَ لَهُ ، فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ عَن أَشياءَ مِنَ الحَلالِ وَالحَرامِ وَالفَرائِضِ وَالأَحكامِ حَتّى بَلَغَ سُؤالُهُ إِلَى التَّوحيدِ . فَقالَ لَهُ : أَخبِرني _ جَعَلَنِي اللّهُ فِداكَ ! _ عَن كَلامِ اللّهِ لِموسى ؟ فَقالَ : اللّهُ أَعلَمُ ورسَولُهُ بِأَيِّ لِسانٍ كَلَّمَهُ ، بِالسُّريانِيَّةِ أَم بِالعِبرانِيَّةِ .
.
ص: 142
فَأَخَذَ أَبو قُرَّةَ بِلِسانِهِ فَقالَ : إِنَّما أسَأَ لُكَ عَن هذَا اللِّسانِ! فَقالَ أَبُو الحَسَنِ : سُبحانَ اللّهِ عَمّا تَقولُ! ومَعاذَ اللّهِ أَن يُشبِهَ خَلقَهُ ، أَو يَتَكَلَّمَ بِمِثلِ ما هُم بِهِ مُتَكَلِّمونَ ، ولكِنَّهُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ، ولا كَمِثلِهِ قائِلٌ ولا فاعِلٌ . قالَ : كَيفَ ذلِكَ ؟ قالَ : كَلامُ الخالِقِ لِمَخلوقٍ لَيسَ كَكَلامِ المَخلوقِ لِمَخلوقٍ ، ولا يَلفِظُ بِشقِّ فَمٍ ولِسانٍ ، ولكن يَقولُ لَهُ : «كُن» فَكانَ بِمَشيئَتِهِ ما خاطَبَ بِهِ موسى عليه السلام مِنَ الأَمرِ وَالنَّهيِ مِن غَيرِ تَرَدُّدٍ في نَفسٍ . (1)
.
ص: 143
الفصل السادس والستون: المتوفّي ، الموفي ، الموفّيالمتوفّي و الموفي والموفّي لغةً«المتوفّي» اسم فاعل من توفّى ، يتوفّى؛ و«المُوفي» اسم فاعل من أَوفى ، يُوفي؛ والموفّي اسم فاعل من وفّى ، يوفّي . كلّها مشتقّ من مادّة «وفى» وهو يدلّ على إِكمال وإِتمام. منه الوفاء : إِتمام العهد وإِكمال الشرط . توفّيتَ الشيء واستوفيتَه ، إِذا أَخذتَ كلّه حتّى لم تترك منه شيئا ، ومنه يقال للميت: توفّاه اللّه (1) . أَوفاه حقّه ووفّاه بمعنىً ، أَي : أَعطاه وافيا (2) .
المتوفِّي والموفي والموفّي في القرآن والحديثلقد وردت مشتقّات مادّة «وفى» في القرآن الكريم اثنتين وعشرين مرّةً ، ووردت صفة «متوفّي» مرّة واحدة (3) ، وصفة «موفّي» مرّة واحدة بصيغة الجمع (4) .
.
ص: 144
إِنّ توفّي اللّه تعالى تستعمل في القرآن الكريم بالنسبة إِلى النفس حين الوفاة (1) وحين النوم (2) ، وتستعمل أَيضا بالنسبة إِلى عيسى بن مريم عليه السلام ونجاته من أيدي المخالفين (3) ؛ والظاهر أَنّ المراد فيجميع الموارد أَخذ مورد التوفّي بتمامه وحفظه. وجاء إِيفاء اللّه وتوفّيه في القرآن الكريم بالنسبة إِلى العهد ، والأَعمال ، والأُجور ، والأرزاق ، والحساب. ويبدو أَنّ المقصود في جميع هذه الموارد إِعطاؤها وافيةً . على سبيل المثال عندما يقول القرآن الكريم : «أَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ» (4) فإنّ القصد منها هو أَنّ النَّاس إِذا عملوا بعهدهم فإنّ اللّه سبحانه يعمل بعهده تماما ويفي بوعده وفاءً .
66 / 1موفِي العَهدِالكتاب«أَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِيَّ_ىَ فَارْهَبُونِ» . (5)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا فارِجَ الهَمِّ ، يا كاشِفَ الغَمِّ ، يا غافِرَ الذَّنبِ، يا قابِلَ التَّوبِ، يا خالِقَ الخَلقِ، يا صادِقَ الوَعدِ، يا موفِيَ العَهدِ. (6)
.
ص: 145
عنه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا كافِيَ مَنِ استَكفاهُ ، يا هادِيَ مَنِ استَهداهُ ، يا كالِيَ (1) مَنِ استَكلاهُ ، يا راعِيَ مَنِ استَرعاهُ ، يا شافِيَ مَنِ استَشفاهُ، يا قاضِيَ مَنِ استَقضاهُ، يا مُغنِيَ مَنِ استَغناهُ، يا موفِيَ مَنِ استَوفاهُ (2) .
66 / 2يُوَفِّي الأَعمالَ«وَ إِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَ__لَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» .
«مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَ__لَهُمْ فِيهَا وَ هُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ» . (3)
66 / 3يُوَفِّي الأُجورَ«وَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّ__لِحَ_تِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُ الظَّ__لِمِينَ» . (4)
66 / 4يُوَفِّي الحِسابَ«وَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَعْمَ__لُهُمْ كَسَرَاب بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْ_ئانُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْ_ئا وَ وَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَ اللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ» . (5)
.
ص: 146
66 / 5يوفِي الأَرزاقَرسول اللّه صلى الله عليه و آله :أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللّهَ موفي كُلِّ عَبدٍ ما كَتَبَ لَهُ مِنَ الرِّزقِ ، فَأَجمِلوا (1) فِي الطَّلَبِ ، خُذوا ما حَلَّ ودَعوا ما حَرَّمَ . (2)
عنه صلى الله عليه و آله :إِنَّ اللّهَ عز و جل يوفي عَبدَهُ ما كَتَبَ لَهُ مِنَ الرِّزقِ ، فَأَجمِلوا فِي الطَّلَبِ ، خُذوا ما حَلَّ ودَعوا ما حَرَّمَ . (3)
66 / 6يَتَوَفَّى الأَنفُسَ«إِذْ قَالَ اللَّهُ يَ_عِيسَى إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَ_مَةِ ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ» . (4)
«اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَ الَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِى ذَ لِكَ لَايَ_تٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» . (5)
«وَهُوَ الَّذِى يَتَوَفَّاكُم بِالَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» . (6)
.
ص: 147
الفصل السابع والستون: المجيبالمجيب لغةً«المجيب» اسم فاعل من أَجاب ، يُجيب من مادّة «جوب» وهو مراجعة الكلام (1) . يقال: أَجاب عن سؤاله (2) . ولا يُسمّى جوابا إِلّا بعد طلب (3) . المجيب ، هو الذي يقابل الدعاء والسؤال بالقبول والعطاء (4) .
المجيب في القرآن والحديثلقد وردت مشتقّات مادّة «جوب» أربع عشرة مرّةً بالنسبة إلى اللّه تعالى في القرآن الكريم؛ وجاءت صفة «المجيب» مرّةً واحدةً في الآية الكريمة : «إِنَّ رَبِّى قَرِيبٌ مُّجِيبٌ» (5) .
.
ص: 148
وقد استعمل القرآن والأحاديث صفة «المجيب» والأفعال المتعلّقة به في الدعاء والطلب ، واللّه يُجيب الداعين والمحتاجين والمضطرّين والتوّابين ويقضي حوائجهم .
67 / 1مُجيبُ الدَّعَواتِالكتاب«إِنَّ رَبِّى قَرِيبٌ مُّجِيبٌ» . (1)
«وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ» . (2)
«وَ قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ» . (3)
«إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَ_ئِكَةِ مُرْدِفِينَ» . (4)
«فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» . (5)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا مَن هُوَ لِمَن دَعاهُ مُجيبٌ. (6)
.
ص: 149
الإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ رَفيعَ الدَّرَجاتِ ، مُجيبَ الدَّعواتِ ، مُنزِلَ البَرَكاتِ ، مِن فَوقِ سَبعِ سَماواتٍ ، مُعطِيَ السُّؤالاتِ ، ومُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ بِالحَسَناتِ ، وجاعِلَ الحَسَناتِ دَرَجاتٍ . (1)
عنه عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ المُجيبُ لِمَن ناداهُ بِأَخفَضِ صَوتِهِ ، السَّميعُ لِمَن ناجاهُ لِأَغمَضِ سِرِّهِ . (2)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ . . . يا مَن عَلى كُلِّ شَيءٍ رَقيبٌ ، وعَلى كُلِّ شَيءٍ حَسيبٌ ، ومِن كُلِّ عَبدٍ قَريبٌ ، ولِكُلِّ دَعوَةٍ مُستَجيبٌ . (3)
67 / 2مُجيبُ المُضطَرّينَالكتاب«أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ» . (4)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعائِهِ لَيلَةَ الأَحزابِ _: يا صَريخَ المَكروبينَ (5) ، ويا مُجيبَ المُضطَرّينَ ، ويا كاشِفَ الكَربِ العَظيمِ . (6)
.
ص: 150
عنه صلى الله عليه و آله :يا مُجيبَ مَن لا مُجيبَ لَهُ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :هُوَ اللّهُ أَسرَعُ الحاسِبينَ وأَجوَدُ المُفضِلينَ ، المُستَجيبُ دَعوَةَ المُضطَرّينَ وَالطَّالِبينَ إِلى وَجهِهِ الكَريمِ . (2)
الإمام الباقر عليه السلام :كانَ دُعاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله لَيلَةَ الأَحزابِ : يا صَريخَ المَكروبينَ ويا مُجيبَ دَعوَةِ المُضطَرّينَ . (3)
67 / 3مُجيبُ التَّوّابينَالإمام عليّ عليه السلام :يا غِياثَ المُستَغيثينَ أَغِثني ، يا مُعينَ المُؤمِنينَ أَعِنّي ، يا مُجيبَ التَّوّابينَ تُب عَلَيَّ ، إِنَّكَ أَنتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ . (4)
67 / 4مُجيبٌ ما أَسمَعَهُالإمام زين العابدين عليه السلام :سُبحانَهُ مِن خالِقٍ ما أَصنَعَهُ ، ورازِقٍ ما أَوسَعَهُ ، وقَريبٍ ما أَرفَعَهُ ، ومُجيبٍ ما أَسمَعَهُ ، وعَزيزٍ ما أَمنَعَهُ (5) . (6)
.
ص: 151
67 / 5مُجيبٌ لا يَسأَمُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنَّكَ حَيٌّ لا تَموتُ ، وصادِقٌ لا تَكذِبُ ، وقاهِرٌ لا تُقهَرُ ، وبَديءٌ لاتَنفَدُ ، وقَريبٌ لا تَبعُدُ ، وقادِرٌ لا تُضادُّ ، وغافِرٌ لا تَظلِمُ ، وصَمَدٌ لا تَطعَمُ ، وقَيّومٌ لاتَنامُ ، ومُجيبٌ لا تَسأَمُ ، وجَبّارٌ لا تُعانُ . (1)
.
ص: 152
. .
ص: 153
الفصل الثامن والستون: المحيطالمحيط لغةً«المحيط» اسم فاعل من أَحاط ، يُحيط ، من مادّة «حوط» وهو الشيء يُطيف بالشيء. الحوط : شيء مستدير تعلّقه المرأَة على جبينها ، من فضّة (1) . الحائط : الجدار ؛ لأَنّه يحوط مافيه (2) . أَحاط القوم بالبلد إِحاطةً: استداروا بجوانبه (3) ، ثمّ يستعمل في الحفظ والصيانة . قال ابن الأَثير : حاطه ، يحوطه حوطا وحياطةً : إِذا حفظه وصانه وذبّ عنه وتوفّر على مصالحه (4) . والمناسبة بين الإطافة والاستدارة وبين الحفظ والصيانة واضحة؛ كأنّ الحافظ
.
ص: 154
بإطافته واستدراته بالشيء يحفظه من الآفات و الأَخطار . أَحطتُ به علما ، أَي : أَحدق علمي به من جميع جهاته وعرفته (1) ، ولم يفته شيء منها (2) .
المحيط في القرآن والحديثلقد وردت مشتقّات مادّة «حوط» منسوبةً إِلى اللّه سبحانه في القرآن الكريم ثلاث عشرة مرّةً ، فقد جاءت صفة «المحيط» ثلاث مرّات في قوله: «بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ» (3) ، ومرّتين بقوله: «بِكُلِّ شَىْ ءٍ مُّحِيط» (4) ، ومرّة واحدة بلفظ «بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ» (5) ، ومرّة واحدة أَيضا بلفظ «وَ اللَّهُ مُحِيط بِالْكَ_فِرِينَ» (6) ، ومرّة واحدة بلفظ «مِن وَرَائِهِم مُّحِيط» (7) ، وقد وصف القرآن والأَحاديث اللّه بأنّه محيط بكلّ شيء بما في ذلك النَّاس ، وهذه الإحاطة من حيث العلم والقدرة ، كما في قوله تعالى «وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عِلْمَا» (8) لا بالذات ، لأَنّ الأَماكن محدودة تحويها حدود أَربعة ، فإذا كان بالذات لزمها الحواية. (9)
.
ص: 155
68 / 1مُحيطٌ بِكُلِّ شَيءٍالكتاب«أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَىْ ءٍ مُّحِيط» . (1)
«وَلِلَّهِ مَا فِى السَّمَ_وَ تِ وَمَا فِى الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْ ءٍ مُّحِيطًا» . (2)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :حَدَّ الأَشياءَ كُلَّها عِندَ خَلقِهِ إِبانَةً (3) لَها مِن شِبهِهِ وإِبانَةً لَهُ مِن شِبهِها ، لَم يَحلُل فيها فَيُقالَ : هُوَ فيها كائِنٌ ، ولَم يَن ءَ عَنها فَيُقالَ : هُوَ مِنها بائِنٌ (4) ، ولَم يَخلُ مِنها فَيُقالَ لَهُ : أَينَ ، لكِنَّهُ سُبحانَهُ أَحاطَ بِها عِلمُهُ وأَتقَنَها صُنعُهُ وأَحصاها حِفظُهُ ، لَم يَعزُب (5) عَنهُ خَفِيّاتُ غُيوبِ الهَواءِ ولا غَوامِضُ مَكنونِ ظُلَمِ الدُّجى ولا ما فِي السَّماواتِ العُلى إِلَى الأَرَضينَ السُّفلى ، لِكُلِّ شَيءٍ مِنها حافِظٌ ورَقيبٌ ، وكُلُّ شَيءٍ مِنها بِشَيءٍ مُحيطٌ ، وَالمُحيطُ بِما أَحاطَ مِنهَا الواحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ . (6)
عنه عليه السلام_ في خُطبَةٍ لَهُ يَذكُرُ فيها خَلقَ اللّهِ عز و جل العالَمَ _: أَحالَ الأَشياءَ لأَوقاتِها ، ولَأَمَ (7)
.
ص: 156
بَينَ مُختَلِفاتِها ، وغَرَّزَ غَرائِزَها (1) ، وأَلزَمَها أَشباحَها ، عالِما بِها قَبلَ ابتِدائِها ، مُحيطا بِحُدودِها وَانتِهائِها ، عارِفا بِقَرائِنِها وأَحنائِها (2) . (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ كَوَّنَ ما قَد كانَ ... مُستَشهِدٌ بِكُلِّيَّةِ الأَجناسِ عَلى رُبوبِيَّتِهِ ، وبِعَجزِها عَلى قُدرَتِهِ ، وبِفُطورِها (4) عَلى قِدمَتِهِ ، وبِزَوالِها عَلى بَقائِهِ ، فَلا لَها مَحيصٌ عَن إِدراكِهِ إِيّاها ، ولا خُروجٌ مِن إِحاطَتِهِ بِها ، ولَا احتِجابٌ عَن إِحصائِهِ لَها ، ولَا امتِناعٌ مِن قُدرَتِهِ عَلَيها . (5)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ . . . بِالاِسمِ الأَعظَمِ الأَعظَمِ الأَعظَمِ ، المُحيطِ بِمَلَكوتِ السَّماواتِ وَالأَرضِ . (6)
الإمام الصادق عليه السلام :سُبحانَ مَن هُوَ عالِمٌ لا يَسهو (7) ، سُبحانَ مَن هُوَ مُحيطٌ بِخَلقِهِ لا يَغيبُ ، سُبحانَ مَن هُوَ مُحتَجِبٌ لا يُرى . (8)
عنه عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ : مَا الفَرقُ بَينَ أَن تَرفَعوا أَيدِيَكُم إِلَى السَّماءِ وبَينَ أَن تَخفِضوها نَحوَ الأَرضِ؟ _: ذلِكَ في عِلمِهِ وإِحاطَتِهِ وقُدرَتِهِ سَواءٌ ، ولكِنَّهُ عز و جل أَمَرَ أَولياءَهُ
.
ص: 157
وعِبادَهُ بِرَفعِ أَيديهِم إِلَى السَّماءِ نَحوَ العَرشِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَعدِنَ الرِّزقِ ، فَثَبَّتنا ما ثَبَّتَهُ القُرآنُ . (1)
عنه عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَنِ التّكبيرِ فِي العيدَينِ _: تَقولُ : اللّهُ أَكبَرُ أَحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ حِفظُكَ ، وقَهَرَ كُلَّ شَيءٍ عِزُّكَ . (2)
الإمام الرضا عليه السلام :أَنتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، وبِكُلِّ شَيءٍ مُحيطٌ ، وبِعِبادِكَ خَبيرٌ بَصيرٌ . (3)
الإمام الجواد عليه السلام :أَسأَ لُكَ بِالعَينِ الَّتي لا تَنامُ ، وبِالحَياةِ الَّتي لا تَموتُ ، وبِنورِ وَجهِكَ الَّذي لا يَطفَأُ ، وبِالاِسمِ الأَكبَرِ الأَكبَرِ الأَكبَرِ ، وبِالاِسمِ الأَعظَمِ الأَعظَمِ الأَعظَمِ الَّذي هُوَ مُحيطٌ بِمَلَكوتِ السَّماواتِ وَالأَرضِ . (4)
الإمام الهادي عليه السلام_ لَمّا قيلَ لَهُ : رُوِيَ لَنا أَنَّ اللّهَ في مَوضِعٍ دونَ مَوضِعٍ _: اِعلَم أَنَّهُ إِذا كانَ فِي السَّماءِ الدُّنيا فَهُوَ كَما هُوَ عَلَى العَرشِ ، وَالأَشياءُ كُلُّها لَهُ سَواءٌ عِلما وقُدرَةً ومُلكا وإِحاطَةً . (5)
.
ص: 158
68 / 2مُحيطٌ بِالنَّاسِالكتاب«وَ إِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَ مَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِى أَرَيْنَ_كَ إِلَا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِى الْقُرْءَانِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَا طُغْيَ_نًا كَبِيرًا» . (1)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام_ لَمّا قالَ لَهُ يَهودِيٌّ : فَأَخبِرني عَنِ اللّهِ عز و جل أَينَ هُوَ؟ _: هُوَ هاهُنا وهاهُنا وفَوقُ وتَحتُ ومُحيطٌ بِنا ومَعَنا ، وهُوَ قَولُهُ : «مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَ_ثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ» (2) . (3)
عنه عليه السلام :أَمّا قَولُهُ : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَ_رُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَ_رَ» (4) فَهُوَ كَما قالَ ؛ «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَ_رُ» يَعني لا تُحيطُ بِهِ الأَوهامُ ، «وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَ_رَ» يَعني يُحيطُ بِها «وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» . (5)
عنه عليه السلام :قَد أَحاطَ عِلمُ اللّهِ سُبحانَهُ بِالبَواطِنِ وأَحصى الظَّواهِرَ . (6)
عنه عليه السلام :خَرَقَ عِلمُهُ باطِنَ غَيبِ السُّتُراتِ ، وأَحاطَ بِغُموضِ عَقائِدِ السَّريراتِ . (7)
.
ص: 159
الإمام الكاظم عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي وفُلانُ بن فُلانٍ عَبدانِ مِنَ عَبيدِكَ ، نَواصينا (1) بِيَدِكَ ، تَعلَمُ مُستَقَرَّنا ومُستَودَعَنا ، ومُنقَلَبَنا ومَثوانا ، وسِرَّنا وعَلانِيَتَنا ، تَطَّلِعُ عَلى نِيّاتِنا وتُحيطُ بِضَمائِرِنا ، عِلمُكَ بِما نُبديهِ كَعِلمِكَ بِما نُخفيهِ . (2)
68 / 3مُحيطٌ بِالكافِرينَ«أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُ_لُمَ_تٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَ_بِعَهُمْ فِى ءَاذَانِهِم مِّنَ الصَّوَ عِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَ اللَّهُ مُحِيط بِالْكَ_فِرِينَ» . (3)
«بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى تَكْذِيبٍ * وَ اللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيط» . (4)
68 / 4مُحيطٌ بكلِّ شيءٍ عِلماالكتاب«اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَ_وَ تٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عِلْمَا» . (5)
«ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْ_لِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْ_لُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا * كَذَ لِكَ وَ قَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا» . (6)
.
ص: 160
«إِلَا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَ__لَ_تِ رَبِّهِمْ وَ أَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَ أَحْصَى كُلَّ شَىْ ءٍ عَدَدَا» . (1)
«إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْ_ئا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ» . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ الَّذي عَلا في تَوَحُّدِهِ ، ودَنا في تَفَرُّدِهِ ، وجَلَّ في سُلطانِهِ ، وعَظُمَ في أَركانِهِ ، وأَحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلما وهُوَ في مَكانِهِ . (3)
عنه صلى الله عليه و آله :أَشهَدُ أَنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، وأَنَّ اللّهَ قَد أَحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلما ، وأَحصى كُلَّ شَيءٍ عَدَدا ، وأَحاطَ بِالبَرِيَّةِ خُبرا . (4)
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِرَحمَتِكَ الَّتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ ، وبِعِزَّتِكَ الَّتي قَهَرَت كُلَّ شَيءٍ ، وبِعِزَّتِكَ (5) الَّتي ذَلَّ لَها كُلُّ شَيءٍ ، وبِقُوَّتِكَ الَّتي لا يَقومُ لَها شَيءٌ، وبِسُلطانِكَ الَّذي عَلا كُلَّ شَيءٍ ، وبِعِلمِكَ الَّذي أَحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ . (6)
.
ص: 161
الإمام عليّ عليه السلام :تَعالَى اللّهُ العَلِيُّ الأَعلى ، عالِمُ كُلِّ خَفِيَّةٍ ، وشاهِدُ كُلِّ نَجوى، لا كَمُشاهَدَةِ شَيءٍ مِنَ الأَشياءِ ، عَلَا (1) السَّماواتِ العُلى إِلَى الأَرَضينَ السُّفلى ، وأَحاطَ بِجَميعِ الأَشياءِ عِلما ، فَعَلَا الَّذي دَنا ودَنَا الَّذي عَلا . (2)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ بِما حَمِدَهُ بِهِ كُرسِيُّهُ (3) وكُلُّ شَيءٍ أَحاطَ بِهِ عِلمُهُ ، وسُبحانَ اللّهِ بِما سَبَّحَهُ بِهِ كُرسِيُّهُ وكُلُّ شَيءٍ أَحاطَ بِهِ عِلمُهُ ، ولا إِلهَ إِلَا اللّهُ بِما هَلَّلَهُ بِهِ كُرسِيُّهُ وكُلُّ شَيءٍ أَحاطَ بِهِ عِلمُهُ ، وَاللّهُ أَكبَرُ بِما كَبَّرَهُ بِهِ كُرسِيُّهُ وكُلُّ شَيءٍ أَحاطَ بِهِ عِلمُهُ . (4)
عنه عليه السلام :كُلُّ عالِمٍ فَمِن بَعدِ جَهلٍ تَعَلَّمَ ، وَاللّهُ لَم يَجهَل ولَم يَتَعَلَّم ، أَحاطَ بِالأَشياءِ عِلما قَبلَ كَونِها فَلَم يَزدَد بِكَونِها عِلما ، عِلمُهُ بِها قَبلَ أَن يُكَوِّنَها كَعِلمِهِ بَعدَ تَكوينِها . (5)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ . . . الجَليلِ ثَناؤُهُ ، الصّادِقَةِ أَسماؤُهُ ، المُحيطِ بِالغُيوبِ وما يَخطُرُ عَلَى القُلوبِ . (6)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ . . . أَحَطتَ كُلَّ شَيءٍ بِعِلمِكَ ، وأَحصَيتَ كُلَّ شَيءٍ عَدَدا . (7)
.
ص: 162
الإمام الكاظم عليه السلام :إِنَّ اللّهَ قَد أَحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلما وأَحصى كُلَ شَيءٍ عَدَدا. (1)
الإمام المهديّ عليه السلام_ في قُنوتِهِ _: يا مَن أَحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلما ، يا مَن أَحصى كُلَّ شَيءٍ عَدَدا . (2)
المزار الكبير_ فِي الدُّعاءِ بِمَسجِدِ قُبا _: . . . لا لَكَ حالٌ سَبَقَ حالاً فَتَكونَ أَوَّلاً قَبلَ أَن تَكونَ آخِرا ، وتَكونَ ظاهِرا قَبلَ أَن تَكونَ باطِنا ، أَحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلمُكَ ، وأَحصى كُلَّ شَيءٍ غَيبُكَ . (3)
68 / 5مُحيطٌ بكلِّ شيءٍ قُدرَةًالكتاب«وَ أُخْرَى لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَ كَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرًا» . (4)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ بِما وارَتِ (5) الحُجُبُ مِن جَلالِكَ وجَمالِكَ ، وبِما أَطافَ بِهِ العَرشُ مِن بَهاءِ كَمالِكَ ، وبِمَعاقِدِ العِزِّ مِن عَرشِكَ ، وبِما تُحيطُ بِهِ قُدرَتُكَ مِن مَلَكوتِ سُلطانِكَ ... (6)
.
ص: 163
الإمام الصادق عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَ_ثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لَا خَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ» (1) _: هُوَ واحِدٌ وأَحَدِيُّ الذَّاتِ ، بائِنٌ مِن خَلقِهِ وبِذاكَ وَصَفَ نَفسَهُ ، وهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ مُحيطٌ بِالإِشرافِ وَالإِحاطَةِ وَالقُدرَةِ «لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى السَّمَ_وَ تِ وَ لَا فِى الْأَرْضِ وَ لَا أَصْغَرُ مِن ذَ لِكَ وَ لَا أَكْبَرُ» (2) بِالإِحاطَةِ وَالعِلمِ لا بِالذَّاتِ ، لِأَنَّ الأَماكِنَ مَحدودَةٌ تَحويها حُدودٌ أَربَعَةٌ ، فَإذا كانَ بِالذَّاتِ لَزِمَهَا الحَوايَةُ . (3)
68 / 6مُحيطٌ غَيرَ مُحاطٍرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في حِرزٍ لَهُ _: أَعوذُ بِاللّهِ المُحيطِ بِكُلِّ شَيءٍ ولا يُحيطُ بِهِ شَيءٌ ، وهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ مُحيطٌ . (4)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ . . . لا تُدرِكُهُ حَدَقُ (5) النّاظِرينَ ، ولا يُحيطُ بِسَمعِهِ سَمعُ السّامِعينَ . (6)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ في قُنوتِهِ _: ثَنَتِ الأَلبابُ (7) عَن كُنهِكَ (8) أَعِنَّتَها (9) ، فَأَنتَ المُدرِكُ غَيرَ المُدرَكِ ، وَالمُحيطُ غَيرَ المُحاطِ . (10)
.
ص: 164
التوحيد عن يعقوب السرّاج :قُلتُ لِأَبي عَبدِاللّهِ عليه السلام : إِنَّ بَعضَ أَصحابِنا يَزعُمُ أَنَّ للّهِِ صورَةً مِثلَ صورَةِ الإِنسانِ ، وقالَ آخَرُ : إِنَّهُ في صورَةِ أَمرَدَ (1) جَعدٍ (2) قَطَطٍ (3) ، فَخَرَّ أَبو عَبدِاللّهِ ساجِدا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ . فَقالَ : سُبحانَ اللّهِ الَّذي لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ولا تُدرِكُهُ الأَبصارُ ولا يُحيطُ بِهِ عِلمٌ ، لَم يَلِد لِأَنَّ الوَلَدَ يُشبِهُ أَباهُ ، ولَم يولَد فَيُشبِهَ مَن كانَ قَبلَهُ ، ولَم يَكُن لَهُ مِن خَلقِهِ كُفُوا أَحَدٌ ، تَعالى عَن صِفَةِ مَن سِواهُ عُلُوّا كَبيرا . (4)
الكافي عن عليّ بن أبي حمزة :قُلتُ لِأَبي عَبدِاللّهِ عليه السلام : سَمِعتُ هِشامَ بنَ الحَكَمِ يَروي عَنكُم : إِنَّ اللّهَ جِسمٌ ، صَمَدِيٌّ نورِيٌّ ، مَعرِفَتُهُ ضَرورَةٌ ، يَمُنُّ بِها عَلى مَن يَشاءُ مِن خَلقِهِ . فَقالَ عليه السلام : سُبحانَ مَن لا يَعلَمُ أَحَدٌ كَيفَ هُوَ إِلّا هُوَ ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ ، لا يُحَدُّ ولا يُحَسُّ ولا يُجَسُّ (5) ولا تُدرِكُهُ الأَبصارُ ولَا الحَواسُّ ولا يُحيطُ بِهِ شَيءٌ ، ولا جِسمٌ ولا صورَةٌ ولا تَخطيطٌ ولا تَحديدٌ . (6)
الإمام الكاظم عليه السلام :إِنَّ اللّهَ تَعالى واحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ لَم يَلِد فَيورَثَ ولَم يُولَد فَيُشارَكَ ، ولَم يَتَّخِذ صاحِبَةً ولا وَلَدا . . . ولا تَقَعُ عَلَيهِ الأَوهامُ ولا تُحيطُ بِهِ الأَقطارُ ، ولا يَحويهِ
.
ص: 165
مَكانٌ ولا تُدرِكُهُ الأَبصارُ ، وهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ . (1)
الإمام الرضا عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ فاطِرِ الأَشياءِ إِنشاءً . . . لا تَضبِطُهُ العُقولُ ولا تَبلُغُهُ الأَوهامُ ، ولا تُدرِكُهُ الأَبصارُ ولا يُحيطُ بِهِ مِقدارٌ . (2)
.
ص: 166
. .
ص: 167
الفصل التاسع والستون: المحيي ، المميتالمحيي و المميت لغةً«المحيي» اسم فاعل من أَحيا ، يُحيي، من مادّة «حيّ» وهو يدلّ على خلاف الموت (1) . «المميت» اسم فاعل من أَمات ، يُميت ، من مادّة «موت» وهو يدلّ على ذهاب القوّة من الشيء. منه الموت خلاف الحياة (2) . فالمحيي والمميت هو الذي أَعطى الحياة والموت .
المحيي والمميت في القرآن والحديثوردت صفة «المحيي» في القرآن الكريم مرّتين ، ولفظها «لَمُحْىِ الْمَوْتَى» (3) ، ونُسبت صفة الإحياء إِلى اللّه بشكل فعليّ سبعا وأَربعين مرّةً ، ولم ترد صفة «المميت» في القرآن الكريم، أَمّا صفة الإماتة فقد نُسبت إِلى اللّه سبحانه بشكل فعليّ عشرين مرّةً. وقد تكرّرت عبارة «يُحيي ويُميت» في القرآن الكريم تسع مرّات (4) ، وجاء
.
ص: 168
مضمون جملة «يُحيي اللّه الموتى» سبع مرّات (1) ، ومعنى «إِخراج الحيّ من الميّت» وبالعكس في أَربع آيات (2) ، ومعنى «إِحياء الأَرض بعد موتها» تسع مرّات (3) . لقد ذكر القرآن الكريم والأَحاديث أَنّ اللّه تعالى مصدر الحياة والموت ، لكنّ الحياة والموت وردا بمعنيين ظاهريّ ومعنويّ ، والقصد من الحياة والموت الظاهريّين حياة الأَرض والنبات والحيوان والإنسان وموتها ، ومن آثار هذه الحياة التغذّي ، والنموّ ، والإدراك ، والقدرة ، ومن آثار الموت الظاهريّ انعدام آثار الحياة الظاهريّة. أَمّا الحياة والموت المعنويّان فهما حياة القلوب وموتها إِذ إِنّ مصدر الحياة المعنويّة الحكمة والفضائل الأَخلاقيّة وعناية اللّه ومصدر الموت المعنويّ اتّباع الأَهواء ، والمعاصي ، والجهل . إِنّ اللّه _ جلّ شأنه _ منشئ الحياة والموت الظاهريّين ، وكذلك منشئ الحياة المعنويّة. أَمّا مصدر الموت المعنويّ فالإنسان نفسه وإِرادته للسوء .
راجع : ج 4 ص 165 (الفصل الحادي والعشرون : الحيّ) .
69 / 1يُحيي ويُميتُالكتاب«لَهُ مُلْكُ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ يُحْىِ وَ يُمِيتُ وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ» . (4)
«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِى حَاجَّ إِبْرَ هِيمَ فِى رَبِّهِ أَنْ ءَاتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَ هِيمُ رَبِّىَ الَّذِى يُحْىِ وَيُمِيتُ
.
ص: 169
قَالَ أَنَا أُحْىِ وَ أُمِيتُ قَالَ إِبْرَ هِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِى بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِى كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّ__لِمِينَ * أَوْ كَالَّذِى مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْىِ هَ_ذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَ هِيمُ رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَ_كِن لِّيَطْمَ_ئِنَّ قَلْبِى قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا مُنشِئَ كُلِّ شَيءٍ ومُقَدِّرَهُ ، يا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيءٍ ومُحَوِّلَهُ ، يا مُحيِيَ كُلِّ شَيءٍ ومُميتَهُ ، يا خالِقَ كُلِّ شِيءٍ ووارِثَهُ . (2)
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا مُميتَ كُلِّ شَيءٍ ووارِثَهُ . (3)
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ أَنتَ المُحيي لِلأَمواتِ ، وَالمُميتُ لِلأَحياءِ ، وَالقادِرُ عَلى ما تَشاءُ . (4)
الإمام عليّ عليه السلام_ مِن وَصِيَّتِهِ لِوَلَدِهِ الحَسَنِ عليه السلام _: اِعلَم أَنَّ مالِكَ المَوتِ هُوَ مالِكُ الحَياةِ ، وأَنَّ الخالِقَ هُوَ المُميتُ ، وأَنَّ المُفنِيَ هُوَ المُعيدُ . (5)
.
ص: 170
69 / 2يُحيِي الأَرضَ«فَانظُرْ إِلَى ءَاثَ_رِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْىِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَ لِكَ لَمُحْىِ الْمَوْتَى وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ» . (1)
«وَ اللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِى ذَ لِكَ لَأَيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ» . (2)
راجع : البقرة : 164 ، الفرقان : 49 ، العنكبوت : 63 ، الروم : 19 و 24 ، فاطر : 9 ، يس : 33 ، الجاثية : 5 ، الحديد : 17 .
69 / 3يُحيِي المَوتىالكتاب«ذَ لِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَ أَنَّهُ يُحْىِ الْمَوْتَى وَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ» . (3)
«وَ ضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَ نَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْىِ الْعِظَ_مَ وَ هِىَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ» . (4)
«اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَ لِكُم مِّن شَىْ ءٍ سُبْحَ_نَهُ وَ تَعَ_لَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» . (5)
«وَ هُوَ الَّذِى أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْاءِنسَ_نَ لَكَفُورٌ» . (6)
.
ص: 171
«وَ قَالُواْ مَا هِىَ إِلَا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَ نَحْيَا وَ مَا يُهْلِكُنَا إِلَا الدَّهْرُ وَ مَا لَهُم بِذَ لِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَا يَظُنُّونَ * وَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَ_تُنَا بَيِّنَ_تٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَا أَن قَالُواْ ائْتُواْ بِ_ئابَائِنَا إِن كُنتُمْ صَ_دِقِينَ * قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَ_مَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَ_كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» . (1)
«كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ كُنتُمْ أَمْوَ تًا فَأَحْيَ_كُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» . (2)
«قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ» . (3)
الحديثفاطمة عليهاالسلام_ مِن دُعائِها عَقيبَ الصَّلَواتِ _: تَبارَكتَ يا مُحصِيَ قَطرِ المَطَرِ ، ووَرَقِ الشَّجَرِ ، ومُحيِيَ أَجسادِ المَوتى لِلحَشرِ (4) . (5)
الإمام الصادق عليه السلام :هَب لي يا إِلهي فَرَجا بِالقُدرَةِ الَّتي بِها تُحيي أَمواتَ العِبادِ ، وبِها تَنشُرُ (6) مَيتَ البِلادِ . (7)
عنه عليه السلام :أَسأَ لُكَ اللّهُمَّ بِاسمِكَ الَّذي تَقومُ بِهِ السَّماواتُ وتَقومُ بِهِ الأَرَضونَ ، وبِهِ أَحصَيتَ كَيلَ البُحورِ ووَزنَ الجِبالِ ، وبِهِ تُميتُ الأَحياءَ وبِهِ تُحيِي المَوتى ، وبِهِ تُنشِئُ السَّحابَ . (8)
.
ص: 172
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ إِنَّكَ تُبرِئُ الأَكمَهَ (1) وَالأَبرَصَ (2) ، وتُحيِي العِظامَ وهِيَ رَميمٌ (3) . (4)
عنه عليه السلام :أَماتَ اللّهُ إِرمِيا النَّبِيَّ عليه السلام الَّذي نَظَرَ إِلى خَرابِ بَيتِ المَقدِسِ وما حَولَهُ حينَ غَزاهُم بُختُ نُصَّرُ (5) وقالَ : «أَنَّى يُحْىِ هَ_ذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِاْئَةَ عَامٍ» (6) ، ثُمَّ أَحياهُ ، ونَظَرَ إِلى أَعضائِهِ كَيفَ تَلتَئِمُ وكَيفَ تَلبَسُ اللَّحمَ ، وإِلى مَفاصِلِهِ وعُروقِهِ كَيفَ توصَلُ! فَلَمَّا استَوى قاعِدا قالَ : «أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ» (7) . وأَحيَا اللّهُ قَوما خَرَجوا عَن أَوطانِهِم هارِبينَ مِنَ الطّاعونِ لا يُحصى عَدَدُهُم ، فَأَماتَهُمُ اللّهُ دَهرا طَويلاً حَتّى بَلِيَت عِظامُهُم وتَقَطَّعَت أَوصالُهُم وصاروا تُرابا ، فَبَعَثَ اللّهُ تَعالى _ في وَقتٍ أَحَبَّ أَن يُرِيَ خَلقَهُ قُدرَتَهُ _ نَبِيّا يُقالُ لَهُ: حِزقيلُ ، فَدَعاهُم فَاجتَمَعَت أَبدانُهُم ورَجَعَت فيها أَرواحُهُم ، وقاموا كَهَيئَةِ يَومٍ ماتوا لا يَفقِدونَ مِن أَعدادِهِم رَجُلاً ، فَعاشوا بَعدَ ذلِكَ دَهرا طَويلاً . وإِنَّ اللّهَ أَماتَ قَوما خَرَجوا مَعَ موسى عليه السلام حينَ تَوَجَّهَ إِلَى اللّهِ عز و جل فَقالوا : «أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً» (8) فَأَماتَهُمُ اللّهُ ثُمَّ أَحياهُم. 9
.
ص: 173
69 / 4يَحيِي القُلوبَ المَيتَةَالكتاب«يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» . (1)
«مَنْ عَمِلَ صَ__لِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ» . (2)
«أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَ_هُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِى بِهِ فِى النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِى الظُّ_لُمَ_تِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَ لِكَ زُيِّنَ لِلْكَ_فِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ» . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إِنَّ لُقمانَ قالَ لِابنِهِ : يا بُنَيَّ عَلَيكَ بِمَجالِسِ العُلَماءِ وَاستَمِع كَلامَ الحُكَماءِ ، فَإِنَّ اللّهَ يُحيِي القَلبَ المَيِّتَ بِنورِ الحِكمَةِ كَما يُحيِي الأَرضَ المَيتَةَ بِوابِلِ المَطَرِ . (4)
يوسف عليه السلام :يا مَن يُحيِي المَوتى وهُوَ عَلَيهِ يَسيرٌ . (5)
.
ص: 174
رسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا مُحيِيَ كُلِّ نَفسٍ بَعدَ المَوتِ . (1)
عنه صلى الله عليه و آله :يا مُثبِتَ أَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ ، يا مُحيِيَ أهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ ، يا مُميتَ أهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ . (2)
.
ص: 175
الفصل السبعون: المخرجالمُخرِج لغةً«المخرِج» اسم فاعل من أَخرج ، يُخرج ، من مادّة «خرج» نقيض «دخل» ، فالخروج نقيض الدخول (1) ؛ المخرج هو الذي أَخرج الشيء من الشيء.
المُخرِج في القرآن والحديثلقد نسب القرآن الكريم مشتقّات «خرج» إِلى اللّه اثنتين وخمسين مرّة ، و وردت صفة «المخرج» ثلاث مرّات في قوله تعالى : «وَ اللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ» (2) ، وقوله: «إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّاتَحْذَرُونَ» (3) ، وقوله: «مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَىِّ» (4) ، وقد نسب القرآن والأَحاديث إِلى اللّه سبحانه إِخراج الشيء من الشيء بأَشكال مختلفة ، يمكننا في تقسيم عام أَنّ نقسّم هذه الصور إِلى قسمين هما: الإخراج المادّي ،
.
ص: 176
والإخراج المعنويّ ، ومن القسم الأَوّل لنا أَن نشير إِلى الآية الكريمة: «مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَىِّ» ، والحديث: «مُخرِجُ المَوجودِ مِنَ العَدَمِ» (1) ، ومن القسم الثاني لنا أَن نشير إِلى الآية الكريمة : «هُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ ءَايَ_ت بَيِّنَ_تٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّ_لُمَ_تِ إِلَى النُّورِ» (2) ، والنوع الأَخير مشروط باختيار العبد وتقواه .
70 / 1يُخرِجُ الخَب ءَ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ«أَلَا يَسْجُدُواْ لِلَّهِ الَّذِى يُخْرِجُ الْخَبْ ءَ فِى السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ وَ يَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَ مَا تُعْلِنُونَ» . (3)
70 / 2الكتابيُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ويُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ ومخرج النفس من النفس؟؟؟«تُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ» . (4)
«إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَىِّ ذَ لِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» . (5)
راجع : يونس : 31 ، الروم : 19 .
.
ص: 177
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: أَنتَ سَيِّدي ... فالِقُ الحَبِّ وَالنَّوى ، مولِجُ اللَّيلِ فِي النَّهارِ ومولِجُ النَّهارِ فِي اللَّيلِ ، ومُخرِجُ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ ومُخرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ . (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ مُخرِجَ الوَلَدِ مِنَ الرَّحِمِ ، ورَبَّ الشَّفعِ (2) وَالوَترِ ، سَخِّر لي ما أُريدُ مِن دُنيايَ وآخِرَتي . (3)
عيسى عليه السلام :اللّهُمَّ خالِقَ النَّفسِ مِنَ النَّفسِ ، ومُخرِجَ النَّفسِ مِنَ النَّفسِ ، ومُخَلِّصَ النَّفسِ مِنَ النَّفسِ ، فَرِّج عَنّا وخَلِّصنا مِن شِدَّتِنا . (4)
70 / 3يُخرِجُ الأَمواتَ مِنَ الأَرضِ«وَ اللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَ يُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا» . (5)
70 / 4يُخرِجُ ما فِي الصُّدورِ«يَحْذَرُ الْمُنَ_فِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِى قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِءُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّاتَحْذَرُونَ» . (6)
.
ص: 178
«وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّ رَءْتُمْ فِيهَا وَ اللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ» . (1)
70 / 5يُخرِجُ المَرعى«سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِى خَلَقَ فَسَوَّى * وَ الَّذِى قَدَّرَ فَهَدَى * وَ الَّذِى أَخْرَجَ الْمَرْعَى» . (2)
70 / 6يُخرِجُ الماءَ مِنَ الأَرضِ«ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَ أَغْطَشَ لَيْلَهَا وَ أَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذَ لِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَ مَرْعَاهَا» . (3)
70 / 7يُخرِجُ الزِّينَةَ«قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَّيِّبَ_تِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِىَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ كَذَ لِكَ نُفَصِّلُ الاْيَ_تِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» . (4)
70 / 8يُخرِجُ الثَّمَراتِالكتاب«الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَ شًا وَالسَّمَاءَ بِنَ_اءً وَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَ تِ رِزْقًا
.
ص: 179
لَّكُمْ فَلَا تَجْعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادًا وَ أَنتُمْ تَعْلَمُونَ» . (1)
«يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَ_تِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ» . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ ... يا مُنبِتَ الأَشجارِ فِي الأَرضِ القِفارِ (3) ، يا مُخرِجَ النَّباتِ . (4)
الإمام عليّ عليه السلام :سُبحانَكَ اللّهُمَّ وبِحَمدِكَ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، أَستَغفِرُكَ وأَتوبُ إِلَيكَ ، أَنتَ الرَّؤوفُ وإِلَيكَ المَرغَبُ ، تُنزِلُ الغَيثَ بِقَدرِ الأَقواتِ ، وأَنتَ قاسِمُ المَعاشِ ، قاضِي الآجالِ ، رازِقُ العِبادِ ، مُروِي البِلادِ ، مُخرِجُ الثَّمَراتِ ، عَظيمُ البَرَكاتِ . (5)
70 / 9يُخرِجُ المُؤمِنينَ مِنَ الظُّلُماتِ إلَى النُّورِ«هُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ ءَايَ_ت بَيِّنَ_تٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّ_لُمَ_تِ إِلَى النُّورِ وَ إِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ» . (6)
«هُوَ الَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَ مَلَ_ئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّ_لُمَ_تِ إِلَى النُّورِ وَ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا» . (7)
«قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَّسُولًا يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ ءَايَ_تِ اللَّهِ مُبَيِّنَ_تٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ
.
ص: 180
الصَّ__لِحَ_تِ مِنَ الظُّ_لُمَ_تِ إِلَى النُّورِ» . (1)
«يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَ نَهُ سُبُلَ السَّلَ_مِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّ_لُمَ_تِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَ طٍ مُّسْتَقِيمٍ» . (2)
70 / 10يُخرِجُ لِلإِنسانِ كِتابَ أَعمالِهِ«وَ كُلَّ إِنسَ_نٍ أَلْزَمْنَ_هُ طَ_ئِرَهُ فِى عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ كِتَ_بًا يَلْقَ_ل_هُ مَنشُورًا» . (3)
70 / 11يُخرِجُ الشَّيءَ مِن حَدِّ العَدَمِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا مَن خَلَقَ الأَشياءَ مِنَ العَدَمِ . (4)
الإمام زين العابدين عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ خالِقِ أَمشاجِ النَّسَمِ ، ومولِجِ الأَنوارِ فِي الظُّلَمِ ، ومُخرِجِ المَوجودِ مِنَ العَدَمِ ، وَالسَّابِقِ الأَزَلِيَّةِ بِالقِدَمِ . (5)
70 / 12يُخرِجُ البَرَكاتِالإمام المهدي عليه السلام_ مِن دُعائِهِ عِندَ ظُهورِهِ _: لا إِلهَ إِلَا اللّهُ حَقّا حَقّا ... يا مُنشِرَ الرَّحمَةِ مِن مَواضِعِها ومُخرِجَ البَرَكاتِ مِن مَعادِنِها . (6)
.
ص: 181
الفصل الحادي والسبعون: المخزيالمُخزي لغةً«المخزي» اسم فاعل من أَخزى ، يُخزي من مادّة «خزي» وهو يدلّ على الإبعاد (1) . خَزِيَ ، يَخزَى خزيا ، أَي : ذلّ وهان ووقع في بليّةٍ ، وأَخزاه اللّه : أَبعده ومَقَته وأَذلّه وأَهانَه وقهَره (2) . ومن هذا الباب قولهم : خَزِي الرجل : استحيا من قُبح فعله ، خزايةً ، فهو خزيان ، وذلك أَنّه إِذا فعل ذلك واستحيا ، تباعد ونأى (3) .
المخزي في القرآن والحديثنُسبت مشتقّات «خزي» إِلى اللّه تعالى في القرآن الكريم تسع مرّات صراحة (4) ، وإثنا عشر مرّة تلويحا. 5 لقد وردت صفة «المخزي» مرّةً واحدةً في قوله سبحانه : «وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِى
.
ص: 182
الْكَ_فِرِينَ» (1) ومن الحريّ بالذكر أَنّ «الخزي» في الحقيقة انعكاس لعمل غير صالح في النظام التشريعيّ أَو التكوينيّ ، وهو يحيق بالخاطئين في الدنيا أَو الآخرة ، لذا نلاحظ في القرآن والأَحاديث في سياق وصف اللّه بصفة «المخزي» _ أَنّها تشير إِلى سبب صدور فعل الإخزاء من اللّه أَيضا مثل: «مُخْزِى الْكَ_فِرِينَ» ، و مخزي الظالمين ، و مخزي الفاسقين، و مخزي المعاندين .
71 / 1مُخزِي الكافِرينَ«بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَ_هَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُواْ فِى الأَْرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِى الْكَ_فِرِينَ» . (2)
71 / 2مُخزِي المكذِّبِين«كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْىَ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ لَعَذَابُ الْاخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ» . (3)
71 / 3مُخزِي الْمُسْتَكْبِرين«فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُواْ فِى الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ قَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ كَانُواْ بِ_ئايَ_تِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِى أَيَّامٍ
.
ص: 183
نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْىِ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ لَعَذَابُ الْأَخِرَةِ أَخْزَى وَ هُمْ لَا يُنصَرُونَ» . (1)
71 / 4مُخزِي الْمُضِلّين«وَ مِنَ النَّاسِ مَن يُجَ_دِلُ فِى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لَا هُدًى وَ لَا كِتَ_بٍ مُّنِيرٍ * ثَانِىَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِى الدُّنْيَا خِزْىٌ وَ نُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ» . (2)
71 / 5مُخزِي الفاسِقينَالكتاب«مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَ لِيُخْزِىَ الْفَ_سِقِينَ» . (3)
الحديثالاحتجاج عن سعد بن عبداللّه القمّي_ في أَسئِلَتِهِ لِلإِمامِ المَهدِيِّ عليه السلام _: قُلتُ: أَخبِرني عَنِ الفاحِشَةِ المُبَيَّنَةِ الَّتي إِذا فَعَلَتِ المَرأَةُ تِلكَ ، يَجوزُ لِبَعلِها أن يُخرِجَها مِن بَيتِهِ في أَيّامٍ عِدَّتِها؟ فَقالَ عليه السلام : تِلكَ الفاحِشَةُ السَّحقُ ... فَيَجِبُ عَلَيهَا الرَّجمُ ، وَالرَّجمُ هُوَ الخِزيُ ، ومَن أَمَرَ اللّهُ تَعالى بِرَجمِها فَقَد أَخزاها ، لَيسَ لِأَحَدٍ أَن يُقَرِّبَها . (4)
.
ص: 184
71 / 6مخزي الظالمين«وَ مَنْ أَظْ_لَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَ_جِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَ سَعَى فِى خَرَابِهَا أُوْلَ_ئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَا خَائِفِينَ لَهُمْ فِى الدُّنْيَا خِزْىٌ وَ لَهُمْ فِى الْاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» . (1)
«رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّ__لِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ» . (2)
71 / 7مخزي المحاربين«إِنَّمَا جَزَ ؤُاْ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَ_فٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الْأَرْضِ ذَ لِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» . (3)
71 / 8لا يُخزِي النَّبِيَّ وَالَّذينَ آمَنوا«يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّ_ئاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكُمْ جَنَّ_تٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَ_رُ يَوْمَ لَا يُخْزِى اللَّهُ النَّبِىَّ وَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَ_نِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَ اغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ» . (4)
.
ص: 185
الفصل الثاني والسبعون: المدبّرالمُدبِّر لغةً«المدبّر» اسم فاعل من دبّر ، يدبّر من مادّة «دبر» وهو آخر الشيء وخلفه خلاف قبله ، والتدبير : أَن يدبّر الإنسان أَمرَه ، وذلك أَنّه ينظر إِلى ما تصير عاقبته وآخره ، وهو دبره (1) .
المُدبِّر في القرآن والحديثنسب القرآن الكريم التدبير إِلى اللّه سبحانه بشكل فعليّ أَربع مرّات : «يَدَبِّرُ الْأَمْرَ» (2) . لكنّ صفة «المدبّر» لم ترد فيه . وجاء في القرآن والأَحاديث أَنّ تدبير السَّماوات والأرض والدنيا والآخرة ، وبعامّة كلّ شيء باللّه تعالى ، ويدلّ هذا الموضوع على أَنّ اللّه سبحانه يلاحظ مصلحة كلّ شيء وعاقبته في خلقه وإِدارته .
.
ص: 186
72 / 1مُدَبِّرُ خَلقِ السَّماواتِ وَالأَرضِالكتاب«يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ» . (1)
«إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَ لِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» . (2)
راجع : الرعد: 2 ، يونس : 32 .
الحديثالإمام زين العابدين عليه السلام :أَنتَ الَّذي قَدَّرتَ كُلَّ شَيءٍ تَقديرا ، ويَسَّرتَ كُلَّ شَيءٍ تَيسيرا ، ودَبَّرتَ ما دونَكَ تَدبيرا . (3)
الإمام الصادق عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ بارِئِ خَلقِ المَخلوقينَ بِعِلمِهِ ، ومُصَوِّرِ أَجسادِ العِبادِ بِقُدرَتِهِ ، ومُخالِفِ صُوَرِ مَن خَلَقَ مِن خَلقِهِ ، ونافِخِ الأَرواحِ في خَلقِهِ بِعِلمِهِ ، ومُعَلِّمِ مَن خَلَقَ مِن عِبادِهِ اسمَهُ ، ومُدَبِّرِ خَلقِ السَّماواتِ وَالأَرضِ بِعَظَمَتِهِ ، الَّذي وَسِعَ كُلَّ شَيءٍ خَلقُ كُرسِيِّهِ ، وعَلا بِعَظَمَتِهِ فَوقَ الأَعلَينَ . (4)
الإمام الرضا عليه السلام_ في صِفَةِ اللّهِ جَلَّ وعَلا _: إِنَّهُ مُدَبِّرٌ لِكُلِّ ما بَرَأَ . (5)
.
ص: 187
72 / 2مُدَبِّرُ أمرِ الدُّنيا وَالآخِرَةِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا دَيّانَ (1) العِبادِ ، ومُدَبِّرَ أُمورِهِم بِتَقديرِ أَرزاقِهِم . (2)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الوَلِيِّ الحَميدِ ، الحَكيمِ المَجيدِ ، الفَعّالِ لِما يُريدُ ، عَلّامِ الغُيوبِ ، وخالِقِ الخَلقِ ، ومُنزِلِ القَطرِ ، مُدَبِّرِ أَمرِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ . (3)
72 / 3لا يُجاوَزُ المَحتومُ مِن تَدبيرِهِالإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ ... لا يُغالَبُ أَمرُكَ ، ولا يُجاوَزُ المَحتومُ مِن تَدبيرِكَ ، كَيفَ شِئتَ وأَنّى شِئتَ . (4)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ ... أَصبَحنا في قَبضَتِكَ ، يَحوينا مُلكُكَ وسُلطانُكَ ، وتَضُمُّنا مَشيئَتُكَ ، ونَتَصَرَّفُ عَن أَمرِكَ ، ونَتَقَلَّبُ في تَدبيرِكَ . (5)
.
ص: 188
72 / 4ما لا يَكونُ في تَدبيرِهِالإمام الرضا عليه السلام_ في صِفَةِ اللّهِ _: مُدَبِّرٌ لا بِحَركَةٍ . (1)
راجع : ج 3 ص 401 (التوحيد في التدبر) .
.
ص: 189
الفصل الثالث والسبعون: المريدالمُريد لغةًإِنّ «المريد» اسم فاعل من أَراد ، يريد من مادّة «رود» وهو يدلّ على مجيء وذهاب من انطلاق في جهةٍ واحدةٍ ، يقال : بعثنا رائدا يرود الكلأ ، أَي : ينظر ويطلب (1) ، وفي هذا الضوء الإرادة بمعنى الطلب ، يسبقها العلم والاطّلاع ودراسة الموضوع وإِمكان الإرادات المتنوّعة .
المريد في القرآن والحديثلقد نسب القرآن الكريم مشتقّات «إِرادة» إِلى اللّه سبحانه زُهاء إِحدى وأَربعين مرّةً (2) ، لكنّ صفة «المريد» لم تُذكَر فيها ، وقد ذهبت الأَحاديث إِلى أَنّ الإرادة مرحلة من مراحل الفعل الإلهيّ المسبوق بالعلم ، وفي الآن ذاته أَكّدت أَنّ الإرادة الإلهيّة هي غير إِرادة الإنسان التي لها أُصولها الخاصّة بها ، ومن أَهمّ النقاط التي
.
ص: 190
ركّزت عليها الأَحاديث هي أَنّ الإرادة ليست كالعلم الذي هو صفة ذاتيّة ، بل هي من صفات الفعل ، وحادثة . لقد قسّمت الأَحاديثُ الإرادةَ الإلهيّةَ قسمين هما : إِرادة حتميّة ؛ وإِرادة غير حتميّة _ فالإرادة الحتميّة هي الإرادة التي لا تقبل النقض ولا مناص من تحقّقها ، أَمّا الإرادة غير الحتميّة فهي الإرادة التي تقبل البداء والتغيير ، وسنتوفّر على دراسة هذا الموضوع في مبحث «البداء» الذي هو من المباحث المتعلّقة بالعدل الإلهيّ .
73 / 1صِفَةُ إرادَتِهِالكافي عن معلّى بن محمّد :سُئِلَ العالِمُ عليه السلام : كَيفَ عِلمُ اللّهِ ؟ قالَ : عَلِمَ وشاءَ وأَرادَ وقَدَّرَ وقَضى وأَمضى ؛ فَأَمضى ما قَضى ، وقَضى ما قَدَّرَ ، وقَدَّرَ ما أَرادَ ، فَبِعِلمِهِ كانَتِ المَشيئَةُ ، وبِمَشيئَتِهِ كانَت الإِرادَةُ ، وبِإِرادَتِهِ كانَ التَّقديرُ ، وبِتَقديرِهِ كانَ القَضاءُ ، وبِقَضائِهِ كانَ الإِمضاءُ ، وَالعِلمُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى المَشيئَةِ ، وَالمَشيئَةُ ثانِيَةٌ ، وَالإِرادَةُ ثالِثَةٌ ، وَالتَّقديرُ واقِعٌ إِلَى القَضاءِ بِالإِمضاءِ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام لَمّا سُئِلَ :لَم يَزَلِ اللّهُ مُريدا ؟ قالَ : إِنَّ المُريدَ لا يَكونُ إِلّا لِمُرادٍ مَعَهُ ، لَم يَزَلِ اللّهُ عالِما قادِرا ثُمَّ أَرادَ . (2)
الإمام الرضا عليه السلام :المَشِيئَةُ وَالإِرادَةُ مِن صِفات الأَفعالِ ؛ فَمَن زَعَمَ أَنَّ اللّهَ تَعالى لَم يَزَل
.
ص: 191
مُريدا شائِيا فَلَيسَ بِمُوَحِّدٍ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ الإِرادَةَ مِنَ العِبادِ الضَّميرُ وما يَبدو بَعدَ ذلِكَ مِنَ الفِعلِ ، وأَمّا مِنَ اللّهِ عز و جل فَالإِرادَةُ لِلفِعلِ إِحداثُهُ ، إِنَّما يَقولُ لَهُ : كُن فَيَكونُ بِلا تَعَبٍ ولا كَيفٍ . (2)
الكافي عن صفوان بن يحيى :قُلتُ لِأَبِي الحَسَنِ عليه السلام : أَخبِرني عَنِ الإِرادَةِ مِنَ اللّهِ ومِنَ الخَلقِ ؟ قالَ : فَقالَ : الإِرادَةُ مِنَ الخَلقِ الضَّميرُ وما يَبدو لَهُم بَعدَ ذلِكَ مِنَ الفِعلِ ، وأَمّا مِنَ اللّهِ تَعالى فَإِرادَتُهُ إِحداثُهُ لا غَيرُ ؛ ذلِكَ لِأَنَّهُ لا يُرَوّي ولا يَهُمُّ ولا يَتَفَكَّرُ ، وهذِهِ الصِّفاتُ مَنفِيَّةٌ عَنهُ وهِيَ صِفاتُ الخَلقِ ، فَإِرادَةُ اللّهِ الفِعلُ لا غَيرُ ذلِكَ ، يَقولُ لَهُ : كُن فَيَكونُ ، بِلا لَفظٍ ولا نُطقٍ بِلِسانٍ ولا هِمَّةٍ ولا تَفَكُّرٍ ولا كَيفَ لِذلِكَ ، كَما أَنَّهُ لا كَيفَ لَهُ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام :لَمّا صَعِدَ موسى عليه السلام إِلَى الطّورِ فَناجى رَبَّهُ عز و جل قالَ : يا رَبِّ ، أَرِني خَزائِنَكَ . فَقالَ : يا موسى ، إِنَّما خَزائِني إِذا أَرَدتُ شَيئا أَن أَقولَ لَهُ : «كُن» فَيَكونُ . (4)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ يَومَ عَرَفَةَ _: أَنتَ الَّذي أَرَدتَ فَكانَ حَتما
.
ص: 192
ما أَردَتَ ، وقَضَيتَ فَكانَ عَدلاً ما قَضَيتَ ، وحَكَمتَ فَكانَ نَصَفا ما حَكَمتَ . (1)
راجع : ج 3 ص 381 (الفرق بين صفات ذاته وصفات فعله).
73 / 2ما لا تُوصَفُ إرادَتُهُ بِهِالإمام عليّ عليه السلام :شاءَ الأَشياءَ لا بِهِمَّةٍ . . . مُريدٌ لا بِهَمامَةٍ (2) . (3)
عنه عليه السلام :مُريدٌ لا بِهِمَّةٍ ، صانِعٌ لا بِجارِحَةٍ . (4)
الإمام الصادق عليه السلام :ولا لِاءِرادَتِهِ فَصلٌ . (5)
الإمام الكاظم عليه السلام :إِنَّما تَكونُ الأَشياءُ بِإِرادَتِهِ ومَشيئَتِهِ مِن غَيرِ كَلامٍ ، ولا تَرَدُّدٍ في نَفسٍ ، ولا نُطقٍ بِلِسانٍ . (6)
الإمام عليّ عليه السلام :يَقولُ ولا يَلفِظُ . . . ويُريدُ ولا يُضمِرُ . (7)
.
ص: 193
الإمام الرضا عليه السلام :مُريدٌ لا بِعَزيمَةٍ ، شاءَ لا بِهِمَّةٍ . (1)
73 / 3أَقسامُ مَشِيئَتهِ وإرادَتِهِالإمام عليّ عليه السلام :إِنَّ للّهِِ مَشيئَتَينِ : مَشيئَةَ حَتمٍ ، ومَشيئَةَ عَزمٍ ، وكَذلِكَ إِنَّ للّهِِ إِرادَتَينِ : إِرادَةَ عَزمٍ ، وإِرادَةَ حَتمٍ لا تُخطِئُ ، وإِرادَةَ عَزمٍ تُخطِئُ وتُصيبُ (2) ، ولَهُ مِشيئَتانِ : مَشيئَةٌ يَشاءُ ، ومَشيئَةٌ لا يَشاءُ ، يَنهى وهُوَ ما يَشاءُ ، ويَأمُرُ وهُوَ لا يَشاءُ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام :شاءَ وأَرادَ ولَم يُحِبَّ ولم يَرضَ ؛ شاءَ ألّا يَكونَ شَيءٌ إِلّا بِعِلمِهِ وأَرادَ مِثلَ ذلِكَ ولَم يُحِبَّ أَن يُقالَ : ثالِثُ ثَلاثَةٍ ولَم يَرضَ لِعِبادِهِ الكُفرَ . (4)
الإمام الرضا عليه السلام :إِنَ للّهِِ إِرادَتَينِ ومَشيئَتَينِ ؛ إِرادَةَ حَتمٍ وإِرادَةَ عَزمٍ ، يَنهى وهُوَ يَشاءُ ، ويَأمُرُ وهُوَ لا يَشاءُ ، أَوَما رَأَيتَ أنَّهُ نَهى آدَمَ وزَوجَتَهُ أن يَأكُلا مِنَ الشَّجَرَةِ وشاءَ ذلِكَ ؛ ولَو لَم يَشَأ أَن يَأكُلا لَما غَلَبَت مَشيئَتُهُما مَشيئَةَ اللّهِ تَعالى ، وأَمَرَ إِبراهيمَ أَن يَذبَحَ إِسحاقَ (5) ولَم يَشَأ أَن يَذبَحَهُ ، ولَو شاءَ لَما غَلَبَت مَشيئَةُ إِبراهيمَ مَشيئَةَ اللّهِ تَعالى . (6)
.
ص: 194
. .
ص: 195
الفصل الرابع والسبعون: المستعانالمستعان لغةً«المستعان» اسم مفعول من استعان ، يستعين ، من مادّة «عون» ، والعَون : الظهير على الأَمر (1) ، والمستعان هو من يُعتمَد عليه ويُطلَب منه العون .
المستعان في القرآن والحديثنُسبت صفة «المستعان» إِلى اللّه سبحانه مرّتين في القرآن الكريم (2) ، و وردت الاستعانة باللّه بشكلٍ فعلي أَيضا مرّتين (3) . لقد جاء في القرآن والحديث أَنّ اللّه تعالى هو المستعان على الأُمور كلّها وعلى كلّ حال ، بل الاستعانة كلّها منه وترجع إِليه ؛ لأَنّ الحول والقوّة والعون كلّها للّه تعالى ، ولهذا السبب يلزم على عباد اللّه أَن يستعينوا باللّه وحده ، كما جاء في سورة
.
ص: 196
الحمد قوله سبحانه: «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» (1) ، علما أَنّ هذا الموضوع لا ينافي الاستعانة بالآخرين على شرط أَن نعتقد أَنّ كلّ استعانة ترجع إِلى اللّه في آخر الأَمر ، ولولا عون اللّه ، ما نفعت إِعانات غيره .
74 / 1المُستَعانُ عَلى كُلِّ حالٍالكتاب«وَ رَبُّنَا الرَّحْمَ_نُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ» . (2)
«قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُواْ بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَْرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَ_قِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» . (3)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :اللّهُ المُستَعانُ عَلى كُلِّ حالٍ . (4)
عنه عليه السلام_ مِنْ خُطبَةٍ لَهُ _: قَدِ اصطَلَحتُم عَلَى الغِلِّ (5) فيما بَينَكُم ، ونَبَتَ المَرعى عَلى دِمَنِكُم (6) ، وتَصافَيتُم عَلى حُبِّ الآمالِ ، وتَعادَيتُم في كَسبِ الأَموالِ . لَقَدِ
.
ص: 197
استَهامَ (1) بِكُمُ الخَبيثُ ، وتاهَ بِكُمُ الغُرورُ ، وَاللّهُ المُستَعانُ عَلى نَفسي وأَنفُسِكُم . (2)
74 / 2المُستَعانُ عَلى كُلِّ أَمرٍالكتاب«إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» . (3)
الحديثالإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ المُستَعانُ عَلَى الأُمورِ كُلِّها . (4)
عنه عليه السلام :إِذا خَرَجتَ مِن بَيتِكَ تُريدُ الحَجَّ وَالعُمرَةَ إِن شاءَ اللّهُ ، فَادعُ دُعاءَ الفَرَجِ : ... اللّهُمَّ أَنتَ الحامِلُ عَلَى الظَّهرِ (5) ، وَالمُستَعانُ عَلَى الأَمرِ ، اللّهُمَّ بَلِّغنا بَلاغا يَبلُغُ إِلى خَيرٍ ، بَلاغا يَبلُغُ إِلى مَغفِرَتِكَ ورِضوانِكَ ، اللّهُمَّ لاطَيرَ (6) إِلّا طَيرُكَ ، ولا خَيرَ إِلّا خَيرُكَ ، ولا حافِظَ غَيرُكَ . (7)
.
ص: 198
74 / 3وَلَنِعمَ المُستَعانُالإمام زين العابدين عليه السلام :سَيِّدي لَنِعمَ المُجيبُ أَنتَ ، ولَنِعمَ المَدعُوُّ أَنتَ ، ولَنِعمَ المُستَعانُ أَنتَ ، ولَنِعمَ الرَّبُّ أَنتَ ، ولَنِعمَ القادِرُ أَنتَ ، ولَنِعمَ الخالِقُ أَنتَ ، ولَنِعمَ المُبدِئُ أَنتَ ، ولَنِعمَ المُعيدُ أَنتَ ، ولَنِعمَ المُستَغاثُ أَنتَ ، ولَنِعمَ الصَّريخُ أَنتَ . (1)
.
ص: 199
الفصل الخامس والسبعون: المصوّرالمُصوِّر لغةً«المصوِّر» اسم فاعل من صوّر ، يصوّر من مادّة «صور». والصورة: التمثال ، وصورة كلّ مخلوق هي هيئة خلقته (1) ، والمصوِّر هو الذي أَعطى الصورة على الشيء .
المصوِّر في القرآن والحديثنُسبت مشتقّات «التّصوير» إِلى اللّه ستّ مرّات في القرآن الكريم (2) ، و وردت صفة «المصوِّر» مرّةً واحدةً في قوله تعالى: «هُوَ اللَّهُ الْخَ__لِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ» (3) . وجاء في القرآن والأحاديث أَنّ اللّه تعالى مصوّر صور المخلوقين ، وجميع الصور التي صوّرها اللّه سبحانه إِبداعيّة غير مستندة إِلى مثال قبلها . (4)
.
ص: 200
75 / 1مُصَوِّرُ الصُّوَرِالكتاب«هُوَ اللَّهُ الْخَ__لِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِى السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» . (1)
«خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ» . (2)
«يَ_أَيُّهَا الْاءِنسَ_نُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِى أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ» . (3)
«وَلَقَدْ خَلَقْنَ_كُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَ_كُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَ_ئِكَةِ اسْجُدُواْ لِأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلَا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّ_جِدِينَ» . (4)
«هُوَ الَّذِى يُصَوِّرُكُمْ فِى الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» . (5)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا مَن يَخلُقُ ما يَشاءُ ، يا مَن يَفعَلُ ما يَشاءُ ، يا مَن يَهدي مَن يَشاءُ ، يا مَن يُضِلُّ مَنَ يَشاءُ ، يا مَن يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ ، يا مَن يَغفِرُ لِمَن يَشاءُ ، يا مَن يُعِزُّ مَن يَشاءُ ، يا مَن يُذِلُّ مَن يَشاءُ ، يا مَن يُصَوِّرُ فِي الأَرحامِ ما يَشاءُ ، يا مَن يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشاءُ . (6)
.
ص: 201
الإمام الصادق عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ بارِىَ خَلقِ المَخلوقينَ بِعِلمِهِ ، ومُصَوِّرِ أَجسادِ العِبادِ بِقُدرَتِهِ ، ومُخالِفِ صُوَرِ مَن خَلَقَ مِن خَلقِهِ ، ونافِخِ الأَرواحِ في خَلقِهِ بِعِلمِهِ . (1)
عنه عليه السلام_ في صِفَةِ اللّهِ جَلَّ وعَلا _: هُوَ مُجَسِّمُ الأَجسامِ ومُصَوِّرُ الصُّوَرِ . (2)
75 / 2صِفَةُ تَصويرِهِالإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ يَومَ عَرَفَةَ _: الحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ ، اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ بَديعَ (3) السَّماواتِ وَالأَرضِ ... صَوَّرتَ ما صَوَّرتَ مِن غَيرِ مِثالٍ ، وَابتَدَعتَ المُبتَدَعاتِ بِلَا احتِذاءٍ ، أَنتَ الَّذي قَدَّرتَ كُلَّ شَيءٍ تَقديرا ، ويَسَّرتَ كُلَّ شَيءٍ تَيسيرا ودَبَّرتَ ما دونَكَ تَدبيرا . (4)
75 / 3يُصَوِّرُ ولَيسَ بِمُصَوَّرٍالتوحيد عن سهل بن زياد :كَتَبتُ إِلى أَبي مُحَمَّدٍ عليه السلام سَنَةَ خَمسٍ وخَمسينَ ومِئَتَينِ : قَدِ اختَلَفَ يا سَيِّدي أَصحابُنا فِي التَّوحيدِ ؛ مِنهُم مَن يَقولُ : هُوَ جِسمٌ ، ومِنهُم مَن يَقولُ : هُوَ صَورَةٌ ، فَإِن رَأَيتَ يا سَيِّدي أن تُعَلِّمَني مِن ذلِكَ ما أَقِفُ عَلَيهِ ولا أَجوزُهُ فَعَلتَ مُتَطَوِّلاً عَلى عَبدِكَ فَوَقَّعَ بِخَطِّهِ عليه السلام :
.
ص: 202
سَأَلتَ عَنِ التَّوحيدِ وهذا عَنكُم مَعزولٌ ، اللّهُ تَعالى واحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ ، لَم يَلِد ولَم يُولَد ، ولَم يَكُن لَهُ كُفُوا أَحَدٌ . خالِقٌ ولَيسَ بِمَخلوقٍ ، يَخلُقُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ ما يَشاءُ مِنَ الأَجسامِ وغَيرِ ذلِكَ ، ويُصَوِّرُ ما يَشاءُ ، ولَيسَ بِمُصَوَّرٍ ، جَلَّ ثَناؤُهُ وتَقَدَّسَت أَسماؤُهُ ، وتَعالى عَن أَن يَكونَ لَهُ شَبيهٌ ، هُوَ لا غَيرُهُ ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ . (1)
.
ص: 203
الفصل السادس والسبعون: المفضل ، المتفضّلالمفضل ، المتفضل لغةًإِنّ «المُفضل» اسم فاعل من أَفضل ، يُفضل ، و«المتفضّل» اسم فاعل من تفضّل ، يتفضّل ، كلاهما من مادّة «فضل» ، وهو يدلّ على زيادة في شيء . من ذلك الفضل : الزيادة ، والخير . والإفضال : الإحسان ، والمفضل : المُحسن ، والمتفضّل جاء بمعنى المفضل والمحسن ، وجاء بمعنى الذي يدّعي الفضل على أَقرانه (1) .
المُفضل ، المتفضّل في القرآن والحديثلقد وردت مشتقّات مادّة «فضل» في القرآن الكريم مئة وأربع مرّات ، لكنّ صفتي «المفضل» و «المتفضل» لم تردا فيه . إِنّ اللّه سبحانه في القرآن والأَحاديث مفضل ومتفضّل ، بل هو ذوالفضل العظيم ، فينبغي أَن نقول في توضيح هذا المطلب أَنّ الفضل بمعنى الزيادة ، والمقصود إِعطاء شيء أَكثر من الاستحقاق ، ولمّا لم يكن للموجودات حقّ على اللّه ، ولم تكن النعم
.
ص: 204
التي وهبها اللّه لها في هذا العالم من باب الاستحقاق ، فجميع النعم المُعطاة التي هي نعم عظيمة من باب الفضل . لقد جاءَ في بعض الآيات والأَحاديث أَن اللّه سبحانه ذو فضلٍ على النَّاس كلّهم ، وفي بعضها الآخر ذو فضلٍ على الخاصة منهم كالمؤمنين ، فتشير هاتان الطائفتان من الآيات والأَحاديث إِلى نوعين من الفضل ، أَي : الفضل العامّ الذي يشمل النَّاس بأسرهم ، والفضل الخاصّ الذي يشمل بعض النَّاس الذين يطيعون اللّه تعالى .
76 / 1ذو فَضلٍ عَظيمٍالكتاب«وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ» . (1)
«ذَ لِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» . (2)
«لِّئَلَا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَ_بِ أَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَىْ ءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَ أَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» . (3)
«يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّ_ئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» . (4)
«وَلَا تُؤْمِنُواْ إِلَا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَ سِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ
.
ص: 205
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» . (1)
«مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَ_بِ وَ لَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَ اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» . (2)
«وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيرًا» . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: سُبحانَهُ مِن جوادٍ ما أَفضَلَهُ ، وسُبحانَهُ مِن مُفضِلٍ ما أَنعَمَهُ . (4)
عنه صلى الله عليه و آله_ في خُطبَتِهِ يَومَ الغَديرِ _: قُدّوسٌ سُبُّوحٌ رَبُّ المَلائِكَةِ وَالرّوحِ ، مُتَفَضِّلٌ عَلى جَميعِ مَن بَرَأَهُ (5) ، مُتَطَوِّلٌ عَلى مَن أدناهُ . (6)
عنه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءٍ عَلَّمَهُ أَميرَالمُؤمِنينَ عليه السلام _: يا مُحسِنُ يا مُجمِلُ ، يا مُنعِمُ يا مُفضِلُ . (7)
عنه صلى الله عليه و آله_ كانَ إِذا أَتاهُ الأَمرُ ممّا يُعجِبُهُ قالَ _: الحَمدُ للّهِِ المُنعِمِ المُفضِلِ ، الَّذي بِنِعمَتِهِ
.
ص: 206
تَتِمُّ الصالِحاتُ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ المَعروفِ بِاليَمانِيّ _: أَنتَ المُنعِمُ المُفضِلُ . (2)
عنه عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الغِياثُ المُغيثُ المُفضِلُ . (3)
عنه عليه السلام :اللّهُ الواسِعُ المُفضِلُ ... هُوَ اللّهُ أَسرَعُ الحاسِبينَ ، وأَجوَدُ المُفضِلينَ. (4)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... أَوسَعِ المُفضِلينَ ، واسِعِ الفَضلِ . (5)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... المَحمودِ بِامتِنانِهِ وبِإِحسانِهِ ، المُتَفَضِّلِ بِعَطائِهِ وجَزيلِ فَوائِدِهِ ، المُوَسِّعِ بِرِزقِهِ ، المُسبِغِ (6) بِنِعَمِهِ ، نَحمَدُهُ عَلى آلائِهِ وتَظاهُرِ نَعمائِهِ . (7)
عنه عليه السلام_ في مُناجاتِهِ _: قَد كُنتَ بي لَطيفا أَيّامَ حَياةِ الدُّنيا يا أَفضَلَ المُنعِمينَ في آلائِهِ ، وأَنعَمَ المُفضِلينَ في نَعمائِهِ ، كَثُرَت أَياديكَ عِندي فَعَجَزتُ عَن إِحصائِها . (8)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ ... أَفضِل عَلَيَّ وأَنتَ خَيرُ المُفضِلينَ . (9)
.
ص: 207
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ المُحسِنِ المُجمِلِ ، المُنعِمِ المُفضِلِ ، ذِي الجَلالِ وَالإِكرامِ ، وذِي الفَواضِلِ العِظامِ وَالنِّعَمِ الجِسامِ . (1)
عنه عليه السلام_ من دُعائِهِ يَومَ عَرَفَةَ _: يا مَن يَمُنُّ بِإِقالَةِ العاثِرينَ ، ويَتَفَضَّلُ بِإِنظارِ الخاطِئينَ . (2)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن عَوَّدَ عِبادَهُ قَبولَ الإِنابَةِ ... ويا مَن ضَمِنَ لَهُم إِجابَةَ الدُّعاءِ ، ويا مَن وَعَدَهُم عَلى نَفسِهِ بِتَفَضُّلِهِ حُسنَ الجَزاءِ . (3)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ... وَاجعَل مَخرَجي عَن عِلَّتي إِلى عَفوِكَ ، ومُتَحَوَّلي عَن صَرعَتي إِلى تَجاوُزِكَ ، وخَلاصي مِن كَربي إِلى رَوحِكَ (4) ، وسَلامَتي مِن هذِهِ الشِّدَّةِ إِلى فَرَجِكَ ، إِنَّكَ المُتَفَضِّلُ بِالإِحسانِ ، المُتَطَوِّلُ بِالاِمتِنانِ . (5)
عنه عليه السلام :يا مَن ... أَمَّهُ الخائِفونَ فَوَجَدوهُ مُتَفَضِّلاً . (6)
الإمام الصادق عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ المُفضِلُ المَنّانُ . (7)
عنه عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَنِ الأَسماءِ التِّسعَةِ وَالتِّسعينَ الَّتي مَن أَحصاها دَخَلَ الجَنَّةَ _: إِنَّها لَفي كِتابِ اللّهِ ... أَمّا الَّتي في آلِ عِمرانَ : يا وهّابُ ، يا قائِمُ ، يا صادِقُ ،
.
ص: 208
يا مُنعِمُ ، يا مُتَفَضِّلُ . (1)
الإمام الرضا عليه السلام_ في دُعاءِ العافِيَةِ _: يا أللّهُ يا وَلِيَّ العافِيَةِ ، وَالمنّانَ بِالعافِيَةِ ، ورازِقَ العافِيَةِ ، وَالمُنعِمَ بالعافِيَةِ ، وَالمُتَفَضِّلَ بِالعافِيَةِ عَلَيَّ وعَلى جَميعِ خَلقِهِ . (2)
الإمام الجواد عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مُتَفَضِّلاً عَلى عِبادِهِ بِالإِحسانِ . (3)
76 / 2ذو فَضلٍ عَلَى المُؤمِنينَالكتاب«وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ» . (4)
الحديثالإمام زين العابدين عليه السلام_ في مُناجاةِ المُريدينَ _: فَيا مَن هُوَ عَلَى المُقبِلينَ عَلَيهِ مُقبِلٌ ، وبِالعَطفِ عَلَيهِم عائِدٌ مُفضِلٌ . (5)
عنه عليه السلام_ في دُعائِهِ المَعروفِ بِدُعاءِ أَبي حَمزَةَ الثُّماليِّ _: إِلهي رَبَّيتَني في نِعَمِكَ وإِحسانِكَ صَغيرا ، ونَوَّهتَ بِاسمي كَبيرا ، فَيا مَن رَبّاني فِيالدُّنيا بِإِحسانِهِ وتَفَضُّلِهِ ونِعَمِهِ ، وأَشارَ لي فِي الآخِرَةِ إِلى عَفوِهِ وكَرَمِهِ ... . (6)
.
ص: 209
76 / 3ذو فَضلٍ عَلَى النَّاسِالكتاب«إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَ_كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ» . (1)
«وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَ_كِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَ__لَمِينَ». (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يَقولُ اللّهُ تَعالى : تَفَضَّلتُ عَلى عَبدي بِأَربَعِ خِصالٍ : سَلَّطتُ الدّابَّةَ عَلَى الحَبَّةِ ، ولَو لا ذلِكَ لَادَّخَرَهَا المُلوكُ كَما يَدَّخِرونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ ، وأَلقَيتُ النَّتنَ (3) عَلَى الجَسَدِ ، ولَو لا ذلِكَ ما دَفَنَ خَليلٌ خَليلَهُ أَبَدا ، وسَلَّطتُ السَّلوَ عَلَى الحُزنِ ، ولَو لا ذلِكَ لَانقَطَعَ النَّسلُ ، وقَضَيتُ الأَجَلَ وأَطَلتُ الأَمَلَ ، ولَولا ذلِكَ لَخَرِبَتِ الدُّنيا ، ولَم يَتَهَنَّ ذو مَعيشَةٍ بِمَعيشَتِهِ . (4)
جمال الاُسبوع_ في دُعاءِ يَومِ الأَحَدِ _: أَنتَ مَولايَ الَّذي جُدتَ بِالنِّعَمِ قَبلَ استِحقاقِها ، وأَهّلتَ بِتَطَوُّلِكَ غَيرَ مُؤَهِّليها ، لَم يُعازَّك مَنعٌ ، ولا أَكداكَ (5) إِعطاءٌ ، ول_'c7 أَنفَدَ سَعَتَكَ سُؤالُ مُلِحٍّ ، بَل أَدرَرتَ أَرزاقَ عِبادِكَ ، مَنّا مِنكَ وتَطَوُّلاً عَلَيهِم وَتَفَضُّلاً ، اللّهُمَّ كَلَّتِ
.
ص: 210
العِبارَةُ عَن بُلوغِ صِفَتِكَ ، وهَذَى (1) اللِّسانُ عَن نَشرِ مَحامِدِكَ وَتَفَضُّلِكَ . (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن أَعطى مَن سَأَلَهُ تَحَنُّنَا مِنهُ ورَحمَةً ، ويا مَن أَعطى مَن لَم يَسأَلهُ ومَن لَم يَعرِفهُ ومَن لَم يُؤمِن بِهِ تَفَضُّلاً مِنهُ وكَرَما . (3)
عنه عليه السلام_ مِن دُعائِهِ يَومَ عَرَفَةَ _: يا مَن لَم يُعاجِلِ المُسيئينَ ، ولا ينده (4) المُترَفينَ ، ويا مَن يَمُنُّ بِإِقالَةِ (5) العاثِرينَ ، ويَتَفَضَّلُ بِإِنظارِ الخاطِئينَ . (6)
الإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن هُوَ كُلَّ يَومٍ في شَأنٍ ، كَما كانَ مِن شَأنِكَ أَن تَفَضَّلتَ عَلَيَّ بِأَن جَعَلتَني مِن أَهلِ إِجابَتِكَ وأَهلِ دينِكَ وأَهلِ دَعوَتِكَ ، ووَفَّقتَني لِذلِكَ في مُبتَدَاَ خَلقي تَفَضُّلاً مِنكَ وكَرَما وجودا ، ثُمَّ أَردَفْتَ الفَضلَ فَضلاً ، وَالجودَ جودا ، وَالكَرَمَ كَرَما ، رَأَفةً مِنكَ ورَحمَةً . (7)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: بَل مَلَكتَ _ يا إِلهي _ أَمرَهُم قَبلَ أَن يَملِكوا عِبادَتَكَ ، وأَعدَدتَ ثَوابَهُم قَبلَ أَن يُفيضوا في طاعَتِكَ ، وذلِكَ أَنَّ سُنَّتَكَ الإِفضالُ ، وعادَتَكَ الإِحسانُ ، وسَبيلَكَ العَفوُ ، فَكُلُّ البَرِيَّةِ مُعتَرِفَةٌ بِأَنَّكَ غَيرُ ظالِمٍ لِمَن عاقَبتَ ،
.
ص: 211
وشاهِدَةٌ بِأَنَّكَ مُتَفَضِّلٌ عَلى مَن عافَيتَ ، وكُلٌّ مُقِرٌّ عَلى نَفسِهِ بِالتَّقصيرِ عَمَّا استَوجَبتَ ، فَلَولا أَنَّ الشَّيطانَ يَختَدِعُهُم عَن طاعَتِكَ ما عَصاكَ عاصٍ ، ولَولا أَنَّهُ صَوَّرَ لَهُمُ الباطِلَ في مِثالِ الحَقِّ ما ضَلَّ عَن طَريقِكَ ضالٌّ ، فَسُبحانَكَ ما أَبيَنَ كَرَمَكَ في مُعامَلَةِ مَن أَطاعَكَ أَو عَصاكَ ، تَشكُر لِلمُطيعِ ما أَنتَ تَوَلَّيتَهُ لَهُ ، وتُملي (1) لِلعاصي فيما تَملِكُ مُعاجَلَتَهُ فيهِ ، أَعطَيتَ كُلّاً مِنهُما ما لَم يَجِب لَهُ ، وتَفَضَّلتَ عَلى كُلٍّ مِنهُما بِما يَقصُرُ عَمَلُهُ عَنهُ . (2)
76 / 4ذو فَضلٍ عَلى أَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن أَياديهِ عَلى أَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ ، يا مَن فَضلُهُ عَلى أَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ ، يا مَن تَفَضُّلُهُ عَلى أَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ ، يا مَن تَعَطُّفُهُ عَلى أَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ ، يا مَن نِعَمُهُ مَبسوطَةٌ عَلى أَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ . (3)
76 / 5رَبَّنا عامِلنا بِفَضلِكَ ولا تُعامِلنا بِعَدلِكَ (4)الكتاب«فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَ_سِرِينَ» . (5)
.
ص: 212
«وَ لَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ فِى الدُّنْيَا وَالْاخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِى مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» . (1)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :... لكِن جَعَلَ [ اللّهُ عز و جل ] حَقَّهُ عَلَى العِبادِ أَن يُطيعوهُ ، وجَعَلَ كَفّارَتَهُم عَلَيهِ بِحُسنِ الثَّوابِ تَفَضُّلاً مِنهُ وتَطَوُّلاً بِكَرَمِهِ ، وَتَوسُّعا بِما هُوَ مِنَ المَزيدِ لَهُ أَهلاً . (2)
عنه عليه السلام :إِلهي إِن كُنتُ غَيرَ مُستَوجِبٍ لِما أَرجو مِن رَحمَتِكَ ، فَأَنتَ أَهلُ التَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ . (3)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مُفضِلُ ، بِفَضلِكَ أَعيشُ ولَكَ أَرجو وعَلَيكَ أَعتَمِدُ ، فَأَوسِع عَلَيَّ مِن فَضلِكَ ، وَارزُقني مِن حَلالِ رِزقِكَ ... يا مُنعِمُ ، بَدَأتَ بِالنِّعَمِ قَبلَ استِحقاقِها وقَبلَ السُّؤالِ بِها ، فَكَذلِكَ إِتمامُها بِالكَمالِ وَالزِّيادَةِ مِن فَضلِكَ ، يا ذَا الإِفضالِ ، يا مُفضِلُ لَولا فَضلُكَ هَلَكنا ، فَلا تُقَصِّر عَنّا فَضلَكَ . (4)
عنه عليه السلام :إِن شاءَ اللّهُ أَن يُعَذِّبَني فَأَنَا عَبدُهُ ، وإِن شاءَ أَن يَرحَمَني فَبِتَفَضُّلٍ مِنهُ عَلَيَّ . (5)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاحمِلني بِكَرَمِكَ عَلَى التَّفَضُّلِ ، ولا تَحمِلني بِعَدلِكَ عَلَى الاِستِحقاقِ . (6)
عنه عليه السلام_ مِن دُعائِهِ المَعروفِ بِدُعاءِ أَبي حَمزَةَ الثُّماليِّ _: يا مُحسِنُ يا مُجمِلُ يا مُنعِمُ
.
ص: 213
يا مُفضِلُ لَستُ أَتَّكِلُ فِي النَّجاةِ مِن عِقابِكَ عَلى أَعمالِنا ، بَل بِفَضلِكَ عَلَينا . (1)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: سُبحانَكَ ما أَعجَبَ ما أَشهَدُ بِهِ عَلى نَفسي ، وأَعَدِّدُهُ مِن مَكتومِ أَمري ، وأَعجَبُ مِن ذلِكَ أَناتُكَ (2) عَنّي ، وإِبطاؤُكَ عَن مُعاجَلَتي ، ولَيسَ ذلِكَ مِن كَرَمي عَلَيكَ ، بَل تَأَنِّيا مِنكَ لي ، وتَفَضُّلاً مِنكَ عَلَيَّ لِئَن أَرتَدِعَ عَن مَعصِيَتِكَ المُسخِطَةِ ، وأُقلِعَ عَن سَيِّئاتِي المُخلِقَةِ . (3)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: إِلهي فَإِذ قَد تَغَمَّدتَني بِسِترِكَ فَلَم تَفضَحني ، وتَأَنَّيتَني بِكَرَمِكَ فَلَم تُعاجِلني ، وحَلُمتَ عَنّي بِتَفَضُّلِكَ فَلَم تُغَيِّرِ نِعمَتَكَ عَلَيَّ ، ولم تُكَدِّر مَعروفَكَ عِندي ... (4) .
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَعتَذِرُ إِلَيكَ مِن جَهلي ، وأَستَوهِبُكَ سوءَ فِعلي ، فَاضمُمني إِلى كَنَفِ (5) رَحمَتِكَ تَطَوُّلاً ، وَاستُرني بِسِتر عافِيَتِكَ تَفَضُّلاً . (6)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ يا مَن لا يَرغَبُ فِي الجَزاءِ ، ويا مَن لا يَندَمُ عَلَى العَطاءِ ، ويا مَن لا يُكافِئُ عَبدَهُ عَلَى السَّواءِ ، مِنَّتُكَ ابتِداءٌ ، وعَفوُكَ تَفَضُّلٌ ، وعُقوبَتُكَ عَدلٌ ، وقَضاؤُكَ خِيَرَةٌ ، إِن أَعطَيتَ لَم تَشُب (7) عَطاءَكَ بِمَنٍّ ، وإِن مَنَعتَ لَم يَكُن مَنعُكَ تَعَدّيا ، تَشكُرُ مَن شَكَرَكَ وأَنتَ أَلهَمتَهُ شُكرَكَ ، وتُكافِئُ مَن حَمِدَكَ وأَنتَ عَلَّمتَهُ حَمدَكَ ، تَستُرُ عَلى
.
ص: 214
مَن لَو شِئتَ فَضَحتَهُ ، وتَجودُ عَلى مَن لَو شِئتَ مَنَعتَهُ ، وكِلاهُما أَهلٌ مِنكَ لِلفَضيحَةِ وَالمَنعِ ، غَيرَ أَنَّكَ بَنَيتَ أَفعالَكَ عَلَى التَّفَضُّلِ ، وأَجرَيتَ قُدرَتَكَ عَلَى التَّجاوُزِ . (1)
عنه عليه السلام_ مِن دُعائِهِ المَعروفِ بِدُعاءِ أَبي حَمزَةَ الثُّمالِيِّ _: يا غَفّارُ بِنورِكَ اهتَدَينا ، وبِفَضلِكَ استَغنَينا ، وبِنِعمَتِكَ أَصبَحنا وأَمسَينا ، ذُنوبُنا بَينَ يَدَيكَ ، نَستَغفِرُكَ اللّهُمَّ مِنها ونَتوبُ إِلَيكَ . تَتَحَبَّبُ إِلَينا بِالنِّعَمِ ونُعارِضُكَ بِالذُّنوبِ ، خَيرُكَ إِلَينا نازِلٌ وشَرُّنا إِلَيكَ صاعِدٌ ، ولَم يَزَل ولا يَزالُ مَلَكٌ كَريمٌ يَأتيكَ عَنّا بِعَمَلٍ قَبيحٍ ، فَلا يَمنَعُكَ ذلِكَ أَن تَحوطَنا بِنِعَمِكَ ، وتَتَفَضَّلَ عَلَينا بِآلائِكَ ، فَسُبحانَكَ ما أَحلَمَكَ وأَعظَمَكَ وأَكرَمَكَ ، مُبدِئا ومُعيدا . (2)
التَّوحيد عن جابر بن يزيد الجعفي :قُلتُ لِأَبي جَعفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الباقِرِ عليه السلام : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ، إِنّا نَرى مِنَ الأَطفالِ مَن يُولَدُ مَيِّتا ، ومِنهُم مَن يَسقُطُ غَيرَ تَامٍّ ، ومِنهُم مَن يُولَدُ أَعمى أَو أَخرَسَ أَو أَصَمَّ ، ومِنهُم مَن يَموتُ مِن ساعَتِهِ إِذا سَقَطَ عَلَى الأَرضِ ، ومِنهُم مَن يَبقى إِلَى الاِحتِلامِ ، ومِنهُم مَن يُعَمَّرُ حَتّى يَصيرَ شَيخا ، فَكَيفَ ذلِكَ ، وما وَجهُهُ؟ فَقالَ عليه السلام : إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ أَولى بِما يُدَبِّرُهُ مِن أَمرِ خَلقِهِ مِنهُم ، وهُوَ الخالِقُ وَالمالِكُ لَهُم ، فَمَن مَنَعَهُ التَّعميرَ فَإِنَّما مَنَعَهُ ما لَيسَ لَهُ ، ومَن عَمَّرَهُ فَإِنَّما أَعطاهُ ما لَيسَ لَهُ ، فَهُوَ المُتَفَضِّلُ بِما أَعطاهُ وعادِلٌ فيما مَنَعَ ، ولا يُسأَلُ عَمّا يَفعَلُ وهُم يَسأَلونَ . قالَ جابِرٌ : فَقُلتُ لَهُ : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ، وكَيفَ لا يُسأَلُ عَمّا يَفعَلُ؟ قالَ : لِأَنَّهُ لا يَفعَلُ إِلّا ما كانَ حِكمَةً وصَوابا... (3) .
.
ص: 215
الفصل السابع والسبعون: المقدِّرالمقدّر لغةً«المقدِّر» اسم فاعل من قَدَّر ، يقدِّر من مادّة «قدر» وهو يدلّ على مبلغ الشيء وكنهه ونهايته (1) ، فالمقدِّر هو الذي يعيّن مبلغ الشيء الذي يريده ونهايته وحجمه .
المقدِّر في القرآن والحديثأُسندت مشتقّات التقدير إِلى اللّه سبحانه قرابة ثلاث وعشرين مرّةً في القرآن الكريم ، أَمّا صفة «المقدِّر» فلم ترد فيه ، فقد ذكرت الأَحاديث التقدير بأنّه يمثّل مرحلة من مراحل الفعل وخلقة الموجودات التي تتحقّق بعد المشيئة والإرادة ، وقبل القضاء: «لا يَكونُ إِلّا ما شاءَ اللّهُ وأَرادَ وقَدَّرَ وقَضى» (2) ، ووردت في تفسير التقدير أَلفاظ مثل «الهندسة مِنَ الطّولِ وَالعَرضِ وَالبَقاءِ» (3) ، و «تَقديرُ الشَّيءِ مِن طولِهِ وعَرضِهِ» 4 ، و «وضع
.
ص: 216
الحُدود مِنَ الآجالِ وَالأَرزاقِ وَالبَقاءِ وَالفَناءِ» (1) ، وتدلّ هذه الأَحاديث على أَنّ كلّ شيء في النظام الكَونيّ يقوم على مقياس وتقدير خاصّين من جهات مختلفة كالطول والعرض والبقاء والآجال والأَرزاق .
77 / 1صِفَةُ تَقديرِهِالكتاب«وَ خَلَقَ كُلَّ شَىْ ءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا » . (2)
«إِنَّا كُلَّ شَىْ ءٍ خَلَقْنَ_هُ بِقَدَرٍ » . (3)
«وَ كُلُّ شَىْ ءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ » . (4)
«إِنَّ اللَّهَ بَ__لِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَىْ ءٍ قَدْرًا » (5)
«وَ إِن مِّن شَىْ ءٍ إِلَا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَ مَا نُنَزِّلُهُ إِلَا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ » . (6)
«نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَ مَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ » . (7)
«وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَ لِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» . (8)
«وَ مَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَ لَا تَضَعُ إِلَا بِعِلْمِهِ وَ مَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَا
.
ص: 217
فِى كِتَ_بٍ » . (1)
راجع : الشورى : 27 ، الزخرف : 11 ، المرسلات : 22 .
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا مُنشِئَ كُلِّ شَيءٍ ومُقَدِّرَهُ . (2)
عنه صلى الله عليه و آله :يا مَن لَهُ التَّدبيرُ وإِلَيهِ التَّقديرُ . (3)
رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن جبرئيل عليه السلام :سُبحانَ اللّهِ المَلِكِ الواحِدِ الحَميدِ . . . قادِرٌ عَلى ما يَشاءُ ، مُقَدِّرُ المَقدورِ . (4)
عنه صلى الله عليه و آله :قَدَّرَ اللّهُ المَقاديرَ قَبلَ أَن يَخلُقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ بِخَمسينَ أَلفَ سَنَةٍ . (5)
الإمام زين العابدين عليه السلام :الحَمُدُ للّهِِ المَذكورِ بِكُلِّ لِسانٍ ، المَشكورِ عَلى كُلِّ إِحسانٍ ، المَعبودِ في كُلِّ مَكانٍ ، مُدَبِّرِ الأُمورِ ، ومُقَدَّرِ الدُّهورِ . (6)
الإمام الصادق عليه السلام :وَضَعَ كُلَّ شَيءٍ مِن ذلِكَ مَوضِعَهُ عَلى صَوابٍ مِنَ التَّقديرِ وحِكمَةٍ مِنَ التَّدبيرِ . (7)
.
ص: 218
عنه عليه السلام :أَفعالُ العِبادِ مَخلوقَةٌ خَلقَ تَقديرٍ لا خَلقَ تَكوينٍ ، وَاللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ . (1)
التوحيد عن حمدان بن سليمان :كَتَبتُ إِلَى الرِّضا عليه السلام أَسأَلُهُ عَن أَفعالِ العِبادِ أَمَخلوقَةٌ أَم غَيرُ مَخلوقَةٍ ؟ فَكَتَبَ عليه السلام : أَفعالُ العِبادِ مُقَدَّرَةٌ في عِلمِ اللّهِ عز و جل قَبلَ خَلقِ العِبادِ بِأَلفَي عامٍ . (2)
معاني الأخبار عن عبد السلام بن صالح الهرويّ :سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ موسَى الرِّضا عليه السلام يَقولُ : أَفعالُ العِبادِ مَخلوقَةٌ . فَقُلتُ لَهُ : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ، ما مَعنى «مَخلوقَةٌ»؟ قالَ : مُقَدَّرَةٌ . (3)
الإمام الرضا عليه السلام :وَاعلَم أَنَّ الواحِدَ الَّذي هُوَ قائِمٌ بِغَيرِ تَقديرٍ ولا تَحديدٍ خَلَقَ خَلقا مُقَدَّرا بِتَحديدٍ وتَقديرٍ ، وكانَ الَّذي خَلَقَ خَلقَينِ اثنَينِ : التَّقديرَ وَالمُقَدَّرَ ، فَلَيسَ في كُلِّ واحِدٍ مِنهُما لَونٌ ولا ذَوقٌ ولا وَزنٌ ، فَجَعَلَ أَحَدَهُما يُدرَكُ بِالآخَرِ ، وجَعَلَهُما مُدرَكَينِ بِأَنفُسِهِما . (4)
المحاسن عن يونس بن عبد الرحمن عن الإمام الرضا عليه السلام :لا يَكونُ إِلّا ما شاءَ اللّهُ وأَرادَ وقَدَّرَ وقَضى . قُلتُ : فَما مَعنى شاءَ؟
.
ص: 219
قالَ: اِبتِداءُ الفِعلِ . قُلتُ: فَما مَعنى أَرادَ؟ قالَ: الثُّبوتُ عَلَيهِ . قُلتُ: فَما مَعنى قَدَّرَ؟ قالَ: تَقديرُ الشَّيءِ مِن طولِهِ وعَرضِهِ . قُلتُ: فَما مَعنى قَضى؟ قالَ: إِذا قَضاهُ أَمضاهُ ، فَذلِكَ الَّذي لا مَرَدَّ لَهُ . (1)
تفسير القمّي عن يونس عن الإمام الرضا عليه السلام :لا يَكونُ إِلّا ما شاءَ اللّهُ وأَرادَ وقَدَّرَ وقَضى ، أَتَدري مَا المَشِيئَةُ يا يونُسُ؟ قُلتُ: لا . قالَ : هُوَ الذِّكرُ الأَوَّلُ . أَتَدري مَا الإِرادَةُ؟ قُلتُ: لا . قالَ: العَزيمَةُ عَلى ما شاءَ اللّهُ . وتَدري مَا التَّقديرُ؟ قُلتُ: لا . قالَ: هُوَ وَضعُ الحُدودِ مِنَ الآجالِ وَالأَرزاقِ وَالبَقاءِ وَالفَناءِ . وتَدري مَا القَضاءُ؟
.
ص: 220
قُلتُ: لا . قالَ: هُو إِقامَةُ العَينِ . (1)
المحاسن عن محمّد بن إسحاق :قالَ أَبُوالحَسَنِ عليه السلام لِيونُسَ مَولى عَلِيِّ بنِ يَقطينٍ: يا يونُسُ ... لا يَكونُ إِلّا ما شاءَ اللّهُ وأَرادَ وقَدَّرَ وقَضى ، ثُمَّ قالَ: أَتَدري مَا المَشيئَةُ؟ فَقالَ: لا . فَقالَ: هَمُّهُ بِالشَّيءِ . أَوَتَدري ما أَرادَ؟ قالَ: لا . قالَ: إِتمامُهُ عَلَى المَشيئَةِ. فَقالَ: أَوَتَدري ما قَدَّرَ؟ قالَ: لا . قالَ: هُوَ الهَندَسَةُ مِنَ الطّولِ وَالعَرضِ وَالبَقاءِ . ثُمَّ قالَ: إِنَّ اللّهَ إِذا شاءَ شَيئا أَرادَهُ ، وإِذا أَرادَهُ قَدَّرَهُ ، وإِذا قَدَّرَهُ قَضاهُ ، وإِذا قَضاهُ أَمضاهُ . (2)
77 / 2ما لا يُوصَفُ تَقديرُهُ بِهِالإمام عليّ عليه السلام_ في تَمجيدِ اللّهِ وتَعظيمِهِ _: المُقَدِّرُ لِجَميعِ الأُمورِ بِلا رَوِيَّةٍ ولا ضَميرٍ . (3)
.
ص: 221
عنه عليه السلام :مُقَدِّرٌ لا بِحَرَكَةٍ . (1)
عنه عليه السلام :مُقَدِّرٌ لا بِجَولِ فِكرَةٍ . (2)
عنه عليه السلام :خَلَقَ الخَلقَ مِن غَيرِ رَوِيَّةٍ ؛ إِذ كانَتِ الرَّوِيّاتُ لا تَليقُ إِلّا بِذَوِي الضَّمائِرِ ، ولَيسَ بِذي ضَميرٍ في نَفسِهِ . (3)
راجع : ج 4 ص 175 (التقدير) .
.
ص: 222
. .
ص: 223
الفصل الثامن والسبعون: المنّانالمنّان لغةً«المنّان» صيغة مبالغة من مادّة «منن» ، وهو يدلّ على اصطناع خير . (1) المنّ : العطاء ، فالمنّان هو المنعم المعطي ، وكثيرا ما يرد المنّ في كلام العرب بمعنى الإحسان إِلى من لا يستثيبه ولا يطلب الجزاء عليه (2) .
المنّان في القرآن والحديثلقد نُسبت مشتقّات مادّة «منن» إِلى اللّه تعالى في القرآن الكريم اثنتي عشرة مرّةً ، لكنّ صفة «المنّان» لم ترد فيه ، وقد حصر بعض الأَحاديث هذه الصفة باللّه وحده ، لأنّه المعطي ابتداءً وجميع العطايا تعود إِلى اللّه في نهاية المطاف ، وهو سبحانه المصدر النهائيّ لكافّة النعم ، والموجودات الأُخرى وسائط لإيصال المنّ إِلى شتّى النَّاس . كما ذُكرت في الأَحاديث أُمور متنوّعة بصفة المنّ ، منها : العلم ، والعقل ، والمُلك ،
.
ص: 224
والعدل ، والنصرة ، والنبوّة ، والشريعة والطاعات ، والإيمان ، والهداية ، وولاية أَهل البيت والجنّة ، وهذه الأُمور في الحقيقة نعم إِلهيّة ، لكنّ أغلب التركيز من بين النعم الإلهيّة على النعم المعنويّة وتأكيدها أَكثر من تأكيد النعم المادّيّة .
78 / 1لَهُ المَنُّ كُلُّهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إِنَّ للّهِِ عز و جل تِسعَةً وتِسعينَ اسما _ مِئَةً إِلّا واحِدا _ مَن أَحصاها دَخَلَ الجَنَّةَ وهِيَ : اللّهُ ، الإِلهُ ، الواحِدُ ، الأَحَدُ ، الصَّمَدُ ... المَنّانُ . (1)
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ كُلُّهُ ، ولَكَ المَنُّ كُلُّهُ . (2)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يَفِرُهُ (3) المَنعُ وَالجُمودُ ، ولا يُكديهِ (4) الإِعطاءُ وَالجودُ ، إِذ كُلُّ مُعطٍ مُنتَقِصٌ سِواهُ ، وكُلُّ مانِعٍ مَذمومٌ ما خَلاهُ ، وهُوَ المَنّانُ بِفَوائِدِ النِّعَمِ ، وعَوائِدِ المَزيدِ وَالقِسَمِ . (5)
عنه عليه السلام :أَفضَلُ ما مَنَّ اللّهُ سُبحانَهُ بِهِ عَلى عِبادِهِ ، عِلمٌ وعَقلٌ ومُلكٌ وعَدلٌ. (6)
.
ص: 225
الإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ عِندَ زِيارَةِ الحُسَينِ عليه السلام _: اللّهُمَّ اجعَلنا مِمَن يَنصُرُهُ وتَنتَصِرُ بِهِ ، وتَمُنُّ عَلَيهِ بِنَصرِكَ لِدينِكَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَنّانُ الَّذي يُقبِلُ عَلى مَن أَعرَضَ عَنهُ ، وَالمَنّانُ الَّذي يَبدَأُ بِالنَّوالِ قَبلَ السُّؤالِ . (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: إِنَّكَ المَنّانُ بِجَسيمِ المِنَنِ ، الوَهّابُ لِعَظيمِ النِّعَمِ ، القابِلُ يَسيرَ الحَمدِ ، الشّاكِرُ قَليلَ الشُّكرِ ، المُحسِنُ المُجمِلُ ذُو الطَّولِ (3) ، لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، إِلَيكَ المَصيرُ . (4)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: إِنَّكَ المُتَفَضِّلُ بِالإِحسانِ ، المُتَطَوِّلُ بِالاِمتِنانِ ، الوَهّابُ الكَريمُ ، ذُوالجَلالِ وَالإِكرامِ . (5)
عنه عليه السلام_ فيالدُّعاءِ _: يا مَن تَحَمَّدَ إِلى عِبادِهِ بِالإِحسانِ وَالفَضلِ وغَمَرَهُم بِالمَنِّ وَالطَّولِ. (6)
الإمام الصادق عليه السلام :ياذَا المَنِّ لا مَنَّ عَلَيكَ ، يا ذَا الطَّولِ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ . (7)
.
ص: 226
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ ولَكَ المَجدُ ... ولَكَ الاِمتِنانُ ، ولَكَ التَّسبيحُ . (1)
عنه عليه السلام :ما مِن قَبضٍ ولا بَسطٍ إِلّا وللّهِِ فيهِ المَنُّ والاِبتِلاءُ . (2)
الإمام الكاظم عليه السلام :إِذا مَنَّ اللّهُ عَلَى العَبدِ المُؤمِنِ ، جَمَعَ اللّهُ لَهُ الرَّغبَةَ وَالقُدرَةَ وَالإِذنَ ، فَهُناكَ تَجِبُ السَّعادَةُ . (3)
78 / 2يَمُنُّ بِالنُّبُوَّةِالكتاب«قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَ لَ_كِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَ مَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَ_نٍ إِلَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» . (4)
«بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُو بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَ لِلْكَ_فِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ» . (5)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في بَيانِ قَولِهِ تَعالى : «لَوْلَا نُزِّلَ هَ_ذَا الْقُرْءَانُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ» (6) _: ... ولَيسَ قِسمَةُ رَحمَةِ اللّهِ إِلَيكَ ، بَلِ اللّهُ هُوَ
.
ص: 227
القاسِمُ لِلرَّحَماتِ ، وَالفاعِلُ لِما يَشاءُ ... وإِنَّما مُعامَلَتُهُ بِالعَدلِ ، فَلا يُؤثِرُ أَحَدا لِأَفضَلِ مَراتِبِ الدّينِ وخَلالِهِ إِلّا الأَفضَلَ في طاعَتِهِ، وَالأَجَدَّ في خِدمَتِهِ ، وكَذلِكَ لا يُؤَخِّرُ في مَراتِبِ الدّينِ وخَلالِهِ إِلّا أَشَدَّهُم تَباطُؤا عَن طاعَتِهِ . وإِذا كانَ هذا صِفَتُهُ لَم يَنظُر إِلى مالٍ ولا إِلى حالٍ بَل هذَا المَالُ وَالحالُ مِن تَفَضُّلِهِ ، ولَيسَ لِأَحَدٍ مِن عِبادِهِ عَلَيهِ ضَربَةُ لازبٍ (1) ، فَلا يُقالُ له : إِذا تَفَضَّلتَ بِالمالِ عَلى عَبدٍ فَلا بُدَّ مِن أَن تَتَفَضَّلَ عَلَيهِ بِالنُّبُوَّةِ أَيضا ؛ لِأَنَّهُ لَيسَ لِأَحَدٍ إِكراهُهُ عَلى خِلافِ مُرادِهِ ، ولا إِلزامُهُ تَفَضُّلاً ؛ لِأَنَّهُ تَفَضَّلَ قَبلَهُ بِنِعَمِهِ . (2)
78 / 3يَمُّنُ عَلَى المُؤمِنينَ بِالإِيمانِالكتاب«يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لَا تَمُنُّواْ عَلَىَّ إِسْلَ_مَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْاءِيمَ_نِ إِن كُنتُمْ صَ_دِقِينَ» . (3)
«لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَ_تِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَ_بَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَ_لٍ مُّبِينٍ» . (4)
«يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلَا تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَ_مَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَ لِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ
.
ص: 228
عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا» . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ الَّذي يُطعِمُ ولا يَطعَمُ ، مَنَّ عَلَينا فَهَدانا ، وأَطعَمَنا وسَقانا . (2)
عنه صلى الله عليه و آله :مَن مَنَّ اللّهُ عَلَيهِ بِمَعرِفَةِ أَهلِ بَيتي ووِلايَتِهِم فَقَد جَمَعَ اللّهُ لَهُ الخَيرَ كُلَّهُ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام :أَبشِروا بِأَعظَمِ المِنَنِ عَلَيكُم؛ قَولِ اللّهِ : «وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا» (4) ، فَالإِنقاذُ مِن اللّهِ هِبَةٌ ، وَاللّهُ لا يَرجِعُ مِن هِبَتِهِ . (5)
78 / 4يَمُنُّ عَلَى المُستَضعَفينَ بِوَراثَةِ الأَرضِ«وَ نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِى الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَ رِثِينَ» . (6)
78 / 5يَمُنُّ بِالطَّاعاتِالإمام الباقر عليه السلام :إِنَّ فِي التَّوراةِ مَكتوبا : ... يا موسى ، ولِيَ المِنَّةُ عَلَيكَ في طاعَتِكَ لي ،
.
ص: 229
ولِيَ الحُجَّةُ عَلَيكَ في مَعصِيَتِكَ لي . (1)
رسول اللّه صلى الله عليه و آله :ما مِن يَومٍ ولا لَيلَةٍ ولا ساعَةٍ إِلّا للّهِِ تَعالى فيهِ صَدَقَةٌ يَمُنُّ بِها عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ، وما مَنّ اللّهُ عز و جل عَلى عَبدٍ بِمِثلِ أَن يُلهِمَهُ ذِكْرَهُ. (2)
عنه صلى الله عليه و آله :إِنَّ اللّهَ عز و جل مَنَّ عَلى قَومٍ فَأَلهَمَهُمُ الخَيرَ وأَدخَلَهُم في رَحمَتِهِ ، وَابتَلى قَوما فَخَذَلَهُم وذَمَّهُم عَلى أَفعالِهِم ولَم يَستَطيعوا غَيرَمَا ابتَلاهُم بِهِ ، فَعَذَّبَهُم وقَد عَدَلَ فيهِم . (3)
عنه صلى الله عليه و آله :إِذا كانَ يَومُ الفِطرِ ، وَقَفَتِ المَلائِكَةُ عَلى أَبوابِ الطُّرُقِ فَنادَوا : أُغدوا يا مَعشَرَ المُسلِمينَ إِلى رَبٍّ كَريمٍ ، يَمُنُّ بِالخَيرِ ثُمَّ يُثيبُ عَلَيهِ الجَزيلَ . (4)
78 / 6يَمُنُّ بِالجَنَّةِالكتاب«قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَ وَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ» . (5)
.
ص: 230
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِنِعمَتِكَ السّابِغَةِ عَلَيَّ ، وبَلائِكَ الحَسَنِ الَّذي أَبلَيتَني بِهِ ، وفَضلِكَ الَّذي أَفضَلتَ عَلَيَّ ، أَن تُدخِلَنِي الجَنَّةَ بِمَنِّكَ وفَضلِكَ ورَحمَتِكَ . (1)
.
ص: 231
الفصل التاسع والسبعون: المنتقمالمُنتقِم لغةً«المنتقم» اسم فاعل من انتقم ، ينتقم ، من مادّة «نقم» ، وهو يدلّ على إِنكار شيء وعَيبه ، نقمتُ عليه ، أَنقم : أَنكرتُ عليه فعله وعِبتهُ وكرهته أَشدّ الكراهة لسوء فعله ، والنقمة من العذاب والانتقام ، كأنّه أَنكر عليه فعاقبه (1) . قال ابن الأَثير: في أَسماء اللّه تعالى «المنتقم» هو المبالغ في العقوبة لمن يشاء (2) .
المنتقم في القرآن والحديثلقد نُسبت مشتقّات مادّة «نقم» إِلى اللّه تعالى ثلاث عشرة مرّةً في القرآن الكريم . ووردت عبارة «عزيز ذوانتقام» في اللّه عز و جل أَربع مرّات (3) ، وصفة «منتقمون» ثلاث مرّات (4) .
.
ص: 232
إِنّ انتقام اللّه في هذه الآيات يشمل الكفّار ، والمكذّبين ، والمجرمين ، والعاصين ، وبالنظر إِلى المعنى اللغويّ لمادّة «نقم» و«انتقام» فإنّ ملاحظتين جديرتان بالاهتمام : الأُولى : لا يَصدُق الانتقام إِلّا إِذا كان الجُرم المرتكب كبيرا ، ومن ثمّ تكون عقوبته ثقيلةً أَيضا ، لذا جاء في الحديث : «المُنتَقِمُ مِمَّن عَصاهُ بِأَليمِ العَذابِ» (1) والثانية : إِنّ الانتقام لا يعني العقوبة والعذاب فحسب ، بل هما مع الإنكار ؛ لأنَّ كراهة اللّه سبحانه بمعنى إنكاره ، وهاتان الملاحظتان تبيّنان التفاوت بين صفة المنتقم والصفات المماثلة كالمعذّب ، والمخزي ، والمهلك . إِنّ النقطة الأَخيرة هي انّه استبان من المباحث المذكورة أَنّ الانتقام الإلهيّ يعني العقوبة على الجرم الكبير مصحوبةً بالإنكار ، وهذا المعنى يتحققّ على أَساس العدل الإلهيّ ، من هنا يتباين انتقام اللّه والانتقام المألوف بين النَّاس الذي يجري تشفّيّا للقلب وقد يرافقه الظلم والعدوان عادةً .
79 / 1عَزيزٌ ذُو انتِقامٍالكتاب«فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ» . (2)
«مِن قَبْلُ هُدىً لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِ_ئايَ_تِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ
.
ص: 233
ذُو انتِقَامٍ» . (1)
«وَ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِى انتِقَامٍ» . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ ... يا ناصِرُ يا مُنتَصِرُ ، يا مُهلِكُ يا مُنتَقِمُ . (3)
79 / 2يَنتَقِمُ مِنَ المُجرِمينَالكتاب«وَ مَنْ أَظْ_لَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِ_ئايَ_تِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ» . (4)
«وَ لَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَ_تِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَ كَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ» . (5)
«فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَ_قِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ» . (6)
راجع : الأعراف : 136 ، زخرف : 55 ، الحجر : 79 .
.
ص: 234
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :يا كَريمَ المَآبِ (1) ، وَالجَوادَ الوَهّابَ ، وَالمُنتَقِمَ مِمَّن عَصاهُ بِأَليمِ العَذابِ ، دَعَوتُكَ مُقِرّا بِالإِساءَةِ عَلى نَفسي إِذ لَم أَجِد مَلجَأً أَلجَأُ إِلَيهِ فِي اغتِفارِ مَا اكتَسَبتُ . (2)
.
ص: 235
الفصل الثمانون: المنذرالمنذر لغةً«المنذر» اسم فاعل من أَنذر ، يُنذِر ، من مادّة «نذر» وهو يدلّ على تخويف أَو تخوّف . والإنذار : الإبلاغ ، ولا يكاد يكون إِلّا في التخويف (1) .
المنذر في القرآن والحديثلقد نُسبت مشتقّات مادّة «الإنذار» إِلى اللّه ثلاث مرّات في القرآن الكريم (2) ، بَيْدَ أَنّ صفة «المنذر» لم ترد فيه ، ونلاحظ في هذه الآيات أَنّ اللّه أَنذر النَّاس وخوّفهم الآخرة والعذاب ونار جهنّم ، وحذّرهم في إِحدى الآيات وأَنذرهم «يوم التلاق» (3) ، وقد فسّر بعض الأَحاديث «يوم التلاق» ب_«يوم يلتقي أَهل السماوات والأرض» (4) كنايةً عن يوم القيامة ، وجاء في حديثٍ أَنّ اللّه سبحانه أَنذر المتكبّرين والمخالفين للحقّ ، وذكر أَنّ سبب هذا الإنذار هو إِشعارهم بعاقبة سوء أَعمالهم ، وتثبيت الحجّة
.
ص: 236
عليهم ، ورفض كلّ ما يأتون به من عذرٍ يوم القيامة .
80 / 1يُنذِرُ يَومَ التَّلاقِ«رَفِيعُ الدَّرَجَ_تِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِى الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ» . (1)
80 / 2يُنذِرُ عَذابا قَريبا«إِنَّ_ا أَنذَرْنَ_كُمْ عَذَابًا قَرِيبًا » . (2)
80 / 3يُنذِرُ نارا تَلَظّى«فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَا الْأَشْقَى * الَّذِى كَذَّبَ وَ تَوَلَّى * وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَ مَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَ لَسَوْفَ يَرْضَى» . (3)
80 / 4يُنذِرُ مَن عَنَدَ وَعَتارسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ يا مُصَوِّرُ يا مُقَدِّرُ ، يا مُدَبِّرُ يا مُطَهِّرُ ، يا مُنَوِّرُ
.
ص: 237
يا مُيَسِّرُ ، يا مُبَشِّرُ يا مُنذِرُ ، يا مُقَدِّمُ يا مُؤَخِّرُ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ المُنذِرُ مَن عَنَدَ (2) عَن طاعَتِهِ وعَتا (3) عَن أَمرِهِ ، وَالمُحَذِّرُ مَن لَجَّ (4) في مَعصِيَتِهِ وَاستَكبَرَ عَن عِبادَتِهِ ، المُعذِرُ إِلى مَن تَمادى في غَيِّهِ وضَلالَتِهِ ؛ لِتَثبيتِ حُجَّتِهِ عَلَيهِ وعِلمِهِ بِسوءِ عاقِبَتِهِ . (5)
.
ص: 238
. .
ص: 239
الفصل الحادي والثمانون: المنزلالمُنزل لغةً«المُنْزِل» اسم فاعل من أَنزل ، يُنزل ، من مادّة «نزل» وهو يدلّ على هبوط شيء ووقوعه ، والنزول : الهبوط من عُلوّ إِلى سُفل والوقوع والحلول (1) .
المُنْزِل في القرآن والحديثلقد نُسبت صفة «المُنْزِل» إِلى اللّه سبحانه في القرآن الكريم أربع مرّات تمثّلت في قوله تعالى : «نَحْنُ الْمُنزِلُونَ» (2) ، وقوله : «خَيْرُ الْمُنزِلِينَ» (3) ، وقوله تعالى : «إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَ_ذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ» (4) وقوله : «وَ مَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ...» (5) . ووردت هذه الصفة بصيغة الفعل في مواضع كثيرة . لقد جاء في الآيات والأَحاديث أَنّ اللّه تعالى مُنْزِل كلّ شيء سواء ما نص عليه القرآن الكريم بالإنزال من كالملائكة والكتاب ، والسكينة ، والماء ، والمنّ ، والسلوى ، واللباس ، والأَنعام ، والنعاس ، والبركات أَو غير ذلك .
.
ص: 240
والدليل أَنّ كلّ شيء من أَشياء العالم مخلوق للّه ، والعناية في إِطلاق اسم المنزل على اللّه تعالى أَنّ مقامه تعالى العلوّ ومقام المخلوقات السُفل ، والنزول : هبوط الشيء من علو إِلى سفل .
81 / 1يُنزِلُ الملائكة«أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَ_نَهُ وَ تَعَ__لَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» . (1)
81 / 2يُنزِلُ الكِتابَالكتاب«إِنَّ_ا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَ_بَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ» . (2)
«وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَ_بَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَ_بِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ» . (3)
«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَ_بَ وَ لَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا» . (4)
راجع : البقرة : 99 و 170 و 174 و 213 ، آل عمران : 3 و 4 و 7 ، النساء : 61 و 113 و 166 ، المائدة : 47 و 48 و 49 ، الأنعام: 114 ، الرعد : 7 ، النحل: 64 ، الإسراء : 102 ، الأنبياء: 10 ، العنكبوت : 47 و 51 ، الزمر : 2 و 41، الطلاق : 10 ، الحجر: 9 ، الحديد : 25 ، غافر: 2، الشورى : 15 و 17 .
.
ص: 241
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ رَبَّنا ورَبَّ كُلِّ شَيءٍ ، مُنزِلَ التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالفُرقانِ ، فالِقَ الحَبِّ وَالنَّوى . (1)
الإمام الحسين عليه السلام_ في دُعاءِ عَرَفَةَ _: يا إِلهي وإِلهَ آبائي إِبراهيمَ وإِسماعيلَ وإِسحاقَ ويَعقوبَ ، ورَبَّ جِبريلَ وميكائيلَ وإِسرافيلَ ، ورَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وآلِهِ المُنتَجَبينَ ، ومُنزِلَ التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالزَّبورِ وَالفُرقانِ العَظيمِ ، ومُنزِلَ كهيعص وطه ويس وَالقُرآنِ الحَكيمِ ، أَنتَ كَهفي حينَ تُعيينِي المَذاهِبُ في سَعَتِها ، وتَضيقُ عَلَيَّ الأَرضُ بِرُحبِها . (2)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ رَبَّنا ... لَكَ الحَمدُ يا مُنزِلَ الآياتِ وَالذِّكرِ (3) العَظيمِ. (4)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ رَبَّ النُّورِ العَظيمِ ، ورَبَّ الكُرسِيِّ الرَّفيعِ ، ورَبَّ البَحرِ المَسجورِ ، ومُنزِلَ التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالزَّبورِ (5) ، ورَبَّ الظِّلِّ وَالحَرورِ ، ومُنزِلَ الفُرقانِ العَظيمِ ، ورَبَّ المَلائِكَةِ المُقَرَّبينَ وَالأَنبياءِ وَالمُرسَلينَ . (6)
.
ص: 242
المصباح_ مِمّا يُدعى بِهِ قَبلَ اصفِرارِ الشَّمسِ _: اللّهُمَّ إِنَّكَ مُنزِلُ القُرآنِ وخالِقُ الإِنسِ وَالجانِّ ، وجاعِلُ الشَّمسِ وَالقَمَرِ بِحُسبانٍ . (1)
81 / 3يُنزِلُ السَّكينةَ«هُوَ الَّذِى أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُواْ إِيمَ_نًا مَّعَ إِيمَ_نِهِمْ وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ وَ كَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا» . (2)
81 / 4يُنزِلُ الماءَالكتاب«الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَ شًا وَالسَّمَاءَ بِنَ_اءً وَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَ تِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلَا تَجْعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادًا وَ أَنتُمْ تَعْلَمُونَ» . (3)
«وَ أَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَ تِ مَاءً ثَجَّاجًا» . (4)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :سُبحانَكَ اللّهُمَّ وبِحَمدِكَ ، لا إِلهَ إِلّا أَنتَ أَستَغفِرُكَ وأَتوبُ إِلَيكَ ، أَنتَ المُغيثُ وإِلَيكَ المَرغَبُ ، مُنزِلُ الغَيثِ (5) . (6)
.
ص: 243
81 / 5يُنزِلُ البَرَكاتِالإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ مُجيبَ الدَّعَواتِ ، رَفيعَ الدَّرَجاتِ ، مُنزِلَ الآياتِ مِن فَوقِ سَبعِ سَماواتٍ ، مُخرِجَ النُّورِ مِنَ الظُّلُماتِ ، مُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ حَسَناتٍ ، وجاعِلَ الحَسَناتِ دَرَجاتٍ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام :يا مُنزِلَ الشِّفاءِ ومُذهِبَ الدَّاءِ ، أَنزِل عَلى ما بي مِن داءٍ شِفاءً . (2)
عنه عليه السلام :يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ ... يا مُنزِلَ البَرَكاتِ ، يا مُعطِيَ الخَيراتِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ . (3)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ مُنزِلَ الآياتِ ، مُجيبَ الدَّعَواتِ ، كاشِفَ الكُرُباتِ ، مُنزِلَ الخَيراتِ ، مَلِكَ المَحيا وَالمَماتِ . (4)
الإمام الكاظم عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مُنزِلَ نِعمَتي ، يا مُفَرِّجَ كُربَتي ، ويا قاضِيَ حاجَتي ، أَعطِني مَسأَلَتي بِلا إِلهَ إِلّا أَنتَ . (5)
الأُصول الستّة عشر عن زيد الزرّاد :رَأَيتُ أبا عَبدِاللّهِ عليه السلام قَد خَرَجَ مِن مَنزِلِهِ فَوَقَفَ
.
ص: 244
عَلى عُتبَةِ بابِ دارِهِ ، فَلَمّا نَظَرَ إِلَى السَّماءِ رَفَعَ رَأَسَهُ وحَرَّكَ إِصبَعَهُ السَّبّاحَةَ (1) يدبرُها (2) ويَتَكَلَّمُ بِكَلامٍ خَفِيٍّ لَم أَسمَعهُ ، فَسَأَلتُهُ ، فَقالَ : نَعَم يا زَيدُ ، إِذا أَنتَ نَظَرتَ إِلَى السَّماءِ فَقُل : يا مَن جَعَلَ السَّماءَ سَقفا مَرفوعا ، يا مَن رَفَعَ السَّماءَ بِغَيرِ عَمَدٍ ، يا مَن سَدَّ الهَواءَ بِالسَّماءِ ، يا مُنزِلَ البَرَكاتِ مِنَ السَّماءِ إِلَى الأَرضِ ، يا مَن في السَّماءِ مُلكُهُ وعَرشُهُ ، وفِي الأَرضِ سُلطانُهُ ، يا مَن هُوَ بِالمَنظَرِ الأَعلى ، يا مَن هُوَ بِالأُفُقِ المُبينِ ، يا مَن زَيَّنَ السَّماءَ بِالمَصابيحِ وجَعَلَها رُجوما لِلشَّياطينِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ . (3)
راجع : ص 251 (منشئ البركات) .
81 / 6يُنزِلُ الأَنعامَ«خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَ حِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ أَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَ_مِ ثَمَ_نِيَةَ أَزْوَ جٍ يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَ_تِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِى ظُ_لُمَ_تٍ ثَلَ_ثٍ ذَ لِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ» . (4)
81 / 7أَنْزَلَ المَنَّ وَالسَّلوى«وَ ظَ_لَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَ_تِ مَا رَزَقْنَ_كُمْ وَ مَا ظَ_لَمُونَا
.
ص: 245
وَ لَ_كِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْ_لِمُونَ» . (1)
راجع : الأعراف : 160 ، المائدة : 114 ، طه : 80 .
81 / 8يُنزِلُ اللِّباسَ«يَ_بَنِى ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَ رِى سَوْءَ تِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَ لِكَ خَيْرٌ ذَ لِكَ مِنْ ءَايَ_تِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ» . (2)
81 / 9يُنزِلُ النُّعاسَ«ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَ_ائِفَةً مِّنكُمْ وَطَ_ائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَ_هِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ شَىْ ءٌ» . (3)
81 / 10يُنزِلُ كُلَّ شَيءٍ«وَ إِن مِّن شَىْ ءٍ إِلَا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَ مَا نُنَزِّلُهُ إِلَا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ» . (4)
.
ص: 246
. .
ص: 247
الفصل الثاني والثمانون: المنشئالمُنشئ لغةً«المنشئ» اسم فاعل من أَنشأ ، يُنشئ ، إِنشاءً من مادّة «نشأ» وهو يدلّ على ارتفاع في شيء وسمّو (1) . والإنشاء : الابتداء . نشأ الشيء : حدث وتجدّد . أَنشأ السحاب يمطر : بدأَ ، وفلان يُنشئ الأَحاديث ، أَي : يضعها _ أَنشأه اللّه : ابتدأَ خَلْقَه وخَلَقَهُ (2) ، فالمنشئ هو خالق الشيء ابتداءً ، والمناسبة بين الخلقة الابتدائيّة وبين الارتفاع والسموّ هو أَنّ الشيء في الخلقة الابتدائيّة يرتفع من حضيض العدم لِيَصِل إِلى كمال الوجود .
المنشئ في القرآن والحديثنُسبت مشتقّات مادّة الإنشاء الى اللّه سبحانه اثنتين وستّين مرّة في القرآن الكريم ، ووردت صفة المنشئ مرّةً واحدةً في قوله تعالى : «نَحْنُ الْمُنشِئُونَ» (3) ، واللّه تعالى
.
ص: 248
في القرآن والأَحاديث مُنشئُ كلِّ شيء ، والإنشاء في الأَحاديث بمعنى الخلقة الابتدائيّة من دون سابقة مثال وصورة وعيّنة ، وقد صُرِّح أَيضا أنّ إِنشاء اللّه يتحقّق بغير رويّة وتجربة واقتداء وشريك . (1)
82 / 1مُنشِئُ الإِنسانِالكتاب«ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَ_مًا فَكَسَوْنَا الْعِظَ_مَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَ_هُ خَلْقًا ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَ__لِقِينَ» . (2)
«الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَ_ئِرَ الْاءِثْمِ وَالْفَوَ حِشَ إِلَا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَ سِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَ إِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِى بُطُونِ أُمَّهَ_تِكُمْ فَلَا تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى» . (3)
«وَرَبُّكَ الْغَنِىُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ ءَاخَرِينَ» . (4)
«وَهُوَ الَّذِى أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَ حِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْايَ_تِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ» . (5)
«قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ» . (6)
«قُلْ هُوَ الَّذِى أَنشَأَكُمْ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَ_رَ وَ الْأَفْ_ئدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ» . (7)
.
ص: 249
الحديثالإمام الصادق عليه السلام :مِنَّا التَّحميدُ وَالتَّسبيحُ وَالتَّعظيمُ وَالتَّقديسُ لِلاسمِ الأَقدَمِ، وَالنّورِ الأَعظَمِ العَلِيِّ العَلّامِ، ذِي الجَلالِ وَالإِكرامِ، ومُنشِئِ الأَنامِ، ومُفنِي (1) العَوالِمِ وَالدُّهورِ، وصاحِبِ السِّرِّ المَستورِ وَالغَيبِ المَحظورِ، وَالاِسمِ المَخزونِ وَالعِلمِ المَكنونِ. (2)
82 / 2مُنشِئُ القُرونِ«أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّ_هُمْ فِى الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَ_رَ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَ_هُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا ءَاخَرِينَ » . (3)
راجع : الأنبياء : 11 ، المؤمنون : 31 و 42 ، القصص : 45 .
82 / 3مُنشِئُ الجَنّاتِ«وَهُوَ الَّذِى أَنشَأَ جَنَّ__تٍ مَّعْرُوشَ_تٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَ_تٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَ_بِهًا وَغَيْرَ مُتَشَ_بِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» . (4)
راجع : الرعد : 12 ، المؤمنون : 19 و 78 ، الواقعة : 35 و 72 .
.
ص: 250
82 / 4مُنشِئُ النَّشأَةِ الآخِرَةِالكتاب«قُلْ سِيرُواْ فِى الْأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْاخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ » . (1)
«عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَ__لَكُمْ وَ نُنشِئَكُمْ فِى مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ » . (2)
الحديثالإمام الرضا عليه السلام :يا إِلهي وتَقَدَّستَ عَمّا بِهِ المُشَبِّهونَ نَعتَوكَ ، يا سامِعَ كُلِّ صَوتٍ ، ويا سابِقَ كُلِّ فَوتٍ ، يا مُحيِيَ العِظامِ وهِيَ رَميمٌ ومُنشِئَها بَعدَ المَوتِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَل لي مِن كُلِّ هَمٍّ فَرَجا ومَخرَجا وجَميعِ المُؤمِنينَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ . (3)
82 / 5مُنشِئُ السَّحابِالكتاب«وَ يُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ» . (4)
.
ص: 251
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ مُعتِقَ الرِّقابِ ورَبَّ الأَربابِ ومُنشِئَ السَّحابِ ، ومُنزِلَ القَطرِ مِنَ السَّماءِ إِلَى الأَرضِ بَعدَ مَوتِها ، فالِقَ الحَبِّ وَالنَّوى ، ومُخرِجَ النَّباتِ ، وجامِعَ الشَّتاتِ (1) ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ . (2)
82 / 6مُنشِئُ الْبَركاتِبحار الأنوار عن عديّ بن حاتم الطائي :دَخَلتُ عَلى أَميرِالمُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أَبي طالِبٍ عليه السلام فَوَجَدتُهُ قائِما يُصَلّي ... حَتّى صَلّى رَكعَتَينِ أَوجَزَهُما وأَكمَلَهُما ، ثُمَّ سَلَّمَ ، ثُمَّ سَجَدَ سَجدَةً أَطالَها . فَقُلتُ في نَفسي : نامَ وَاللّهِ! فَرَفَعَ رَأَسَهُ ، ثُمَّ قالَ: لا إِلهَ إِلَا اللّهُ حَقّا حَقّا ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ إِيمانا وتَصديقاً ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ تَعَبُّدا ورِقّا ، يا مُعِزَّ المُؤمِنينَ بِسُلطانِهِ ، يا مُذِلَّ الجَبّارينَ بِعَظَمَتِهِ ، أَنتَ كَهفي حَين تُعيينِي المَذاهِبُ عِندَ حُلولِ النَّوائِبِ ، فَتَضيقُ عَلَيَّ الأَرضُ بِرُحبِها ، أَنتَ خَلَقتَني يا سَيِّدي رَحمَةً مِنكَ لي ، ولَولا رَحمَتُكَ لَكُنتُ مِنَ الهالِكينَ ، وأَنتَ مُؤَيِّدي بِالنَّصرِ مِن أَعدائي ، ولَولا نَصرُكَ لَكُنتُ مِنَ المَغلوبينَ ، يا مُنشِئَ البَرَكاتِ مِن مَواضِعِها ، ومُرسِلَ الرَّحمَةِ مِن مَعادِنِها . (3)
راجع : ص 243 (يُنزل البركات) .
.
ص: 252
82 / 7مُنشِئُ جَميعِ الأَشياءِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا أَوَّلَ كُلِّ شَيءٍ وآخِرَهُ ، يا إِلهَ كُلِّ شَيءٍ ومَليكَهُ ، يا رَبَّ كُلِّ شَيءٍ وصانِعَهُ ، يا بارِئَ كُلِّ شَيءٍ وخالِقَهُ ، يا قابِضَ كُلِّ شَيءٍ وباسِطَهُ ، يا مُبدِئَ كُلِّ شَيءٍ ومُعيدَهُ ، يا مُنشِئَ كُلِّ شَيءٍ ومُقَدِّرَهُ ، يا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيءٍ ومُحَوِّلَهُ ، يا مُحيِيَ كُلِّ شَيءٍ ومُميتَهُ ، يا خالِقَ كُلِّ شَيءٍ ووارِثَهُ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ العَدلِ ذِي العَظَمَةِ وَالجَبَروتِ ، وَالعِزِّ وَالمَلَكوتِ ، الحَيِّ الَّذي لا يَموتُ ، ومُبدِىَ الخَلقِ ومُعيدِهِ ومُنشِىَ كُلِّ شَيءٍ ومُبيدِهِ ، الَّذي لَم يَلِد ولَم يُولَد ، ولَم يَكُن لَهُ كُفُوا أَحَدٌ ، واحِدٌ لا كَالآحادِ ، الخالي مِنَ الأَندادِ ، لا إِلهَ إِلّا هُوَ راحِمُ العِبادِ. (2)
الإمام الصادق عليه السلام :هُوَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ ... البارِئُ المُنشِئُ البَديعُ . (3)
التوحيد عن أَبي الحسن عليه السلام :هُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ ... مُنشِئُ الأَشياءِ ، ومُجَسِّمُ الأَجسامِ ، ومُصَوِّرُ الصُّوَرِ . (4)
82 / 8صِفَةُ إنشائِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في صِفَةِ اللّهِ جَلَّ وعَلا _: لَهُ الإِحاطَهُ بِكُلِّ شَيءٍ ، وَالغَلَبَةُ عَلى كُلِّ
.
ص: 253
شَيءٍ ، وَالقُوَّةُ في كُلِّ شَيءٍ ، وَالقُدرَةُ عَلى كُلِّ شَيءٍ ولَيسَ مِثلَهُ شَيءٌ ، وهُوَ مُنشِئُ الشَّيءِ حينَ لا شَيءَ ، دائِمٌ قائِمٌ بِالقِسطِ لا إِلهَ إِلّا هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ ، جَلَّ عَن أَن تُدرِكَهُ الأَبصارُ وهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ البارِئُ المُنشِئُ بِلا مِثالٍ خَلا مِن غَيرِهِ . (2)
عنه عليه السلام_ في خُطبَةِ الأَشباحِ _: المُنشِئُ أَصنافَ الأَشياءِ بِلا رَوِيَّةِ فِكرٍ آلَ إِلَيها ، ولا قَريحَةِ غَريزَةٍ أَضمَرَ عَلَيها ، ولا تَجرِبَةٍ أَفادَها مِن حَوادِثِ الدُّهورِ ، ولا شَريكٍ أَعانَهُ عَلَى ابتِداعِ عَجائِبِ الأُمورِ ، فَتَمَّ خَلقُهُ بِأَمرِهِ ، وأَذعَنَ لِطاعَتِهِ . (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الفاشي فِي الخَلقِ حَمدُهُ ، وَالغالِبِ جُندُهُ ، وَالمُتَعالي جَدُّهُ (4) . أَحمَدُهُ عَلى نِعَمِهِ التُّؤامِ (5) ، وآلائِهِ العِظامِ . الَّذي عَظُمَ حِلمُهُ فَعَفا ، وعَدَلَ في كُلِّ ما قَضى ، وعَلِمَ ما يَمضي وما مَضى . مُبتَدِعِ الخَلائِقِ بِعِلمِهِ ، ومُنشِئِهِم بِحُكمِهِ ، بِلَا اقتِداءٍ ولا تَعليمٍ ، ولَا احتِذاءٍ لِمِثالِ صانِعٍ حَكيمٍ . (6)
.
ص: 254
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ المُتَوَحِّدِ بِالقِدَمِ وَالأَزَلِيَّةِ ، الَّذي لَيسَ لَهُ غايَةٌ في دَوامِهِ ، ولا لَهُ أَوَّلِيَّةٌ ، أَنشَأَ صُنوفَ البَرِيَّةِ لا مِن أُصولٍ كانَت بَدِيَّةً ، وَارتَفَعَ عَن مُشارَكَةِ الأَندادِ (1) ، وتَعالى عَنِ اتِّخاذِ صاحِبَةٍ وأَولادٍ ، وهُوَ الباقي بِغَيرِ مُدَّةٍ ، وَالمُنشِئُ لا بِأَعوانٍ ، لا بِآلَةٍ فَطَرَ (2) ، ولا بِجَوارِحَ صَرَفَ ما خَلَقَ ، لا يَحتاجُ إِلى مُحاوَلَةِ التَّفكيرِ . (3)
التوحيد عن منصور بن حازم :سَأَلتُهُ _ يَعني أَبا عَبدِاللّه عليه السلام _ : هَل يَكونُ اليَومَ شَيءٌ لَم يَكُن في عِلمِ اللّهِ عز و جل؟ قالَ : لا ، بَل كانَ في عِلمِهِ قَبلَ أَن يُنشِئَ السَّماواتِ وَالأَرضَ . (4)
.
ص: 255
الفصل الثالث والثمانون: المهلكالمُهلك لغةً«المهلك» اسم فاعل من أَهلك ، يُهلك من مادّة «هلك» وهو يدلّ على كسر وسقوط ، منه الهلاك : السقوط ، ولذلك يقال للميّت : هلك (1) . يقال : هلك النَّاس ، أَي : استوجبوا النَّار بسوء أَعمالهم (2) .
المهلك في القرآن والحديثلقد نَسَبَ القرآن الكريم مشتقّات مادّة «هلكَ» إِلى اللّه تعالى قُرابةَ أَربع وأَربعين مرّةً وأَورد صفة «المهلك» خمسَ مرّاتٍ (3) ، وقد فسّر القرآن والأَحاديث الهلاك بالموت والإبادة في هذه الدنيا ، وبالموت والفناء فيها مع إِنزال العذاب ، وبدخول جهنّم في الآخرة ، والحديث القائل : «مُبيدُ كُلِّ شَيءٍ ومُهلِكُهُ» (4) يشير إِلى المعنى الأَوّل ، لأَنّ لكلّ
.
ص: 256
موجود عمرا محدودا في هذا العالم ، ويبدو أَنّ الآيات والأَحاديث التي وصفت اللّه سبحانه بأنّه مهلك المذنبين والفاسقين والظالمين والمسرفين تقصد المعنى الثاني والثالث معا ، أَي : عندما يقول القرآن الكريم : «وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَ_لَمُواْ» (1) فالمراد إِنزال العذاب عليهم في الدنيا وإِدخالهم في جهنّم يوم القيامة .
83 / 1يُهلِكُ المُذنِبينَالكتاب«أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّ_هُمْ فِى الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَ_رَ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَ_هُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا ءَاخَرِينَ» . (2)
«أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْاخِرِينَ * كَذَ لِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ» . (3)
«وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» . (4)
الحديثالإمام زين العابدين عليه السلام_ في قِصَّةِ أَصحابِ السَّبتِ _: كانوا فِي المَدينَةِ نَيِّفا (5) وثَمانينَ
.
ص: 257
أَلفا ، فَعَلَ هذا مِنهُم سَبعونَ أَلفا وأَنكَرَ عَلَيهِمُ الباقونَ ، كَما قَصَّ اللّهُ تَعالى : «وَسْ_ئلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ» (1) الآية. وذلِكَ أَنَّ طائِفَةً مِنهُم وَعَظوهُم وزَجَروهُم ، ومِن عَذابِ اللّهِ خَوَّفوهُم ، ومِنِ انتِقامِهِ وشَديدِ بَأسِهِ حَذَّروهُم ، فَأَجابوهُم عَن وعَظِهِم : «لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ» بِذُنوبِهِم هَلاكَ الاِصطِلامِ (2) «أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا» . فَأَجابُوا القائِلينَ لَهُم هذا : «مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ» هذَا القَولُ مِنّا لَهُم مَعذِرَةٌ إِلى رَبِّكُم، إِذ كَلَّفَنا الأَمرَ بِالمَعروفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ ، فَنَحنُ نَنهى عَنِ المُنكَرِ لِيَعلَمَ رَبُّنا مُخالَفَتَنا لَهُم ، وكَراهَتَنا لِفِعلِهِم. قالوا : «وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» ونَعِظُهم أَيضا لَعَلَّهُم تَنجَعُ فيهِمُ المَواعِظُ، فَيَتَّقوا هذِهِ الموبِقَةَ (3) ، ويَحذَروا عُقوبَتَها. (4)
83 / 2يُهلِكُ الفاسِقينَ«وَ إِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَ_هَا تَدْمِيرًا» . (5)
83 / 3يُهلِكُ الظَّالِمينَ«وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَ_لَمُواْ وَ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَ_تِ وَ مَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَ لِكَ نَجْزِى الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ» . (6)
.
ص: 258
«وَ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَة بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَ_كِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَا قَلِيلاً وَ كُنَّا نَحْنُ الْوَ رِثِينَ * وَ مَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِى أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَ_تِنَا وَ مَا كُنَّا مُهْلِكِى الْقُرَى إِلَا وَ أَهْلُهَا ظَ__لِمُونَ» . (1)
«وَ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّ__لِمِينَ» . (2)
83 / 4يُهلِكُ المُسرِفينَ«وَ مَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَا رِجَالًا نُّوحِى إِلَيْهِمْ فَسْ_ئلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَ مَا جَعَلْنَ_هُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَ مَا كَانُواْ خَ__لِدِينَ * ثُمَّ صَدَقْنَ_هُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَ_هُمْ وَ مَن نَّشَاءُ وَ أَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ» . (3)
83 / 5يُهلِكُ المُكَذِّبينَالكتاب«وَ إِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَ_مَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَ لِكَ فِى الْكِتَ_بِ مَسْطُورًا» . (4)
.
ص: 259
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ مِن خُطبَتِهِ يَومَ الغَديرِ _: مَعاشِرَ النّاسِ ، إِنَّهُ ما مِن قَريَةٍ إِلّا وَاللّهُ مُهلِكُها بِتَكذيبِها ، وكَذلِكَ يُهلِكُ القُرى وهِيَ ظالِمَةٌ كَما ذَكَرَ اللّهُ تَعالى ، وهذا عَلِيٌّ إِمامُكُم ووَلِيُّكُم ، وهُوَ مَواعيدُ اللّهِ وَاللّهُ يَصدُقُ ما وَعَدَهُ . مَعاشِرَ النّاسِ ، قَد ضَلَّ قَبلَكُم أَكثَرُ الأَوَّلينَ ، وَاللّهُ لَقَد أَهلَكَ الأَوَّلينَ وهُوَ مُهلِكُ الآخَرينَ ، قالَ اللّهُ تَعالى : «أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْاخِرِينَ * كَذَ لِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ * وَيْلٌ يَوْمَ_ئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ» (1) . (2)
83 / 6مُبيدُ كُلِّ شَيءٍ ومُهلِكُهُالإمام عليّ عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: اللّهُ أَكبَرُ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ ومالِكُهُ ، ومُبيدُ كُلِّ شَيءٍ ومُهلِكُهُ . (3)
.
ص: 260
. .
ص: 261
الفصل الرابع والثمانون: النّاصر ، النّصيرالنَّاصر والنَّصير لغةً«الناصر» اسم فاعل و «النَّصير» فعيل بمعنى فاعل ، كلاهما من مادّة «نَصَرَ» وهو يدلّ على إِتيان خيرٍ وإِيتائه (1) ، نصرتُه على عدوّه : أَعنته وقوّيتُه (2) ، نصر اللّه المسلمين : آتاهم الظفر على عدوّهم . (3)
النَّاصر والنَّصير في القرآن والحديثنسبت مشتقّات مادّة «نصر» إِلى اللّه سبحانه في القرآن الكريم قُرابة أَربعٍ وخمسين مرّةً ، ووردت صفة : «النَّاصر» مرّةً واحدةً في قوله تعالى : «هُوَ خَيْرُ النَّ_صِرِينَ» (4) ، وصفة «النَّصير» مرّتين بشكل «نِعْمَ النَّصِيرُ» 5 ، ومرّتين بشكل «كَفَى بِاللَّهِ
.
ص: 262
نَصِيرًا» (1) ، وذكرت تسع مرّات في مضمون قوله : «مَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِىٍّ وَ لَا نَصِيرٍ» (2) ، ومرّتين في مضمون قوله : «وَ اجْعَل لِّى مِن لَّدُنكَ سُلْطَ_نًا نَّصِيرًا» (3) . وقد ورد في الآيات القرآنيّة أَنّ اللّه نعم النَّصير ، وخير النَّاصرين ، بل انحصر النصر فيه سبحانه ، كما جاء في قوله تعالى : «وَمَا النَّصْرُ إِلَا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» (4) ، ويعود ذلك إِلى أَنّ جميع الخيرات في العالم تصدر منه جلّ شأنه ، والمعنى الأَصليّ للنصر هو إتيان الخير ، علما أَنّنا لابدّ أَن نلتفت إِلى أَنّ النصر الإلهيّ نوعان ، أَحدهما : النصر العام ويشمل جميع الموجودات في العالم ، والآخر : النصر الخاص وهو للمؤمنين وأُولي طاعة اللّه ، والذين ينصرون دين اللّه . قال سبحانه : «إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» .
84 / 1نِعمَ النَّصيرُ«وَقَ_تِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ» . (5)
«وَ جَ_هِدُواْ فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَ هِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَ فِى هَ_ذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَ ءَاتُواْ الزَّكَوةَ وَ اعْتَصِمُواْ بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ » . (6)
.
ص: 263
84 / 2كَفى بِهِ نَصيرا«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَ_بِ يَشْتَرُونَ الضَّلَ__لَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا » . (1)
«وَكَذَ لِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَ كَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَ نَصِيرًا» . (2)
84 / 3النَّصرُ مِنهُ«وَمَا النَّصْرُ إِلَا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» . (3)
«أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ وَ مَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِىٍّ وَ لَا نَصِيرٍ» . (4)
راجع : الأحزاب: 17، النساء : 123، البقرة: 120 ، التوبة: 74 و 116 ، العنكبوت: 22، الشورى: 31 .
84 / 4صِفَةُ نَصرِهِالكتاب«إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَ_دُ » . (5)
«يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» . (6)
«لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ يَهْدِيَكَ صِرَ طًا مُّسْتَقِيمًا *
.
ص: 264
وَ يَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا» . (1)
«يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَ_بِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَ_سِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّ_صِرِينَ» . (2)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام_ مِن كَلامِهِ بَعدَ النَّهرَوانِ _: أَيُّهَا النَّاسُ ، اِستَعِدّوا لِلمَسيرِ إِلى عَدُوٍّ في جِهادِهِ القُربَةُ إِلَى اللّهِ ودَرَكُ الوَسيلَةِ عِندَهُ... فَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ ومِن رِباطِ الخَيلِ ، وتَوَكَّلوا عَلَى اللّهِ وكَفى بِاللّهِ وَكيلاً وكَفى بِاللّهِ نَصيرا (3) . (4)
الإمام الصادق عليه السلام_ مِن دُعائِهِ بَعدَ رُجوعِهِ مِن رَميِ الجِمارِ _: اللّهُمَّ بِكَ وَثِقتُ وعَلَيكَ تَوَكَّلتُ، فَنِعمَ الرَّبُّ ونِعمَ المَولى ونِعمَ النَّصيرُ. (5)
عنه عليه السلام :كانَ أَبي عليه السلام يَقولُ إِذا صَلَّى الغَداةَ: يا مَن هُوَ أَقرَبُ إِلَيَّ مِن حَبلِ الوَريدِ، يا مَن يَحولُ بَينَ المَرءِ وقَلبِهِ، يا مَن هُوَ بِالمَنظَرِ الأَعلى، يا مَن لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ العَليمُ، يا أَجوَدَ مَن سُئِلَ، ويا أَوسَعَ مَن أَعطى، ويا خَيرَ مَدعُوٍّ، ويا أَفضَلَ مَرجُوٍّ، ويا أَسمَعَ السّامِعينَ، ويا أَبصَرَ النّاظِرينَ، ويا خَيرَ النّاصِرينَ، ويا أَسرَعَ الحاسِبينَ، ويا أَرحَمَ الرّاحِمينَ. (6)
.
ص: 265
الفصل الخامس والثمانون: النّورالنُّور لغةً«النور» في اللغة بمعنى الضوء والضياء ، وهو خلاف الظلمة (1) ، والنُّور هو الظاهر الذي به كلّ ظهور ، فالظاهر في نفسه ، المُظهِر لغيره يسمّى نورا (2) .
النُّور في القرآن والحديثلقد وصف القرآن الكريم ، اللّه سبحانه بأنّه نور ، وذلك في قوله : «اللَّهُ نُورُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ» (3) ، وأُضيف النُّور إِلى اللّه تعالى في خمس آيات بشكل نور اللّه (4) ، ونسبت آيات عديدة ، جَعْل النُّور ، وإِنزال النُّور ، وإِخراج النَّاس من الظلمات إِلى النُّور ، إِلى اللّه (5) .
.
ص: 266
لقد نُسب النُّور إِلى اللّه في القرآن الكريم بأَشكال متنوّعة كما أُشير إِلى ذلك ، فوُصِف اللّه بالنُّور تارةً ، وعُدَّ النُّورُ من مخلوقات اللّه تارةً أُخرى ، وقد فسّر الشيخ الصدوق رحمه الله النُّور في الآية ، التي وصفت اللّه سبحانه بالنُّور ، أَنّه المنير ، فقال : النُّور معناه المنير ، ومنه قوله عز و جل : «اللَّهُ نُورُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ» (1) أَي : منير لهم وآمرهم وهاديهم ، فهم يهتدون به في مصالحهم ، كما يهتدون في النُّور والضياء ، وهذا توسّع (2) . وفي الحديث المنقول عن الإمام الرضا عليه السلام : «هُوَ نورٌ ، بِمَعنى أَنَّهُ هادٍ لِخَلقِهِ مِن أَهلِ السَّماءِ وأهلِ الأَرضِ» (3) . إِنّ إِطلاق اسم النُّور على اللّه سبحانه لا يعني النُّور الحسّيّ ؛ لأَنّ اللّه _ جلّ شأنه _ ليس بجسمٍ ، بل كما أَنّ النُّور ظاهر بذاته ومُظهر الأَشياء الأُخرى ومُنيرها فكذلك اللّه تعالى ليس فيه ظُلمةٌ ، وهو مُظهر الأَشياء الأُخرى ومُنيرها . يمكن أَن نقدّم احتمالين في تفسير ظاهريّة اللّه الذاتيّة ، الأَوّل : إِنّ المراد من فقدان الظُلمة في الذات الإلهيّة هو أَنّ اللّه فاقد كلّ نقصٍ ، كما في الدّعاء : «يا مَوصوفا بِغَيرِ كُنهٍ... وموجِدَ كُلِّ مَوجودٍ ، ومُحصِيَ كُلِّ مَعدودٍ وفاقِدَ كُلِّ مَفقودٍ» (4) . والثاني هو نفس ما قلناه في كلامنا حول اسم «الظاهر» . إِنّ ثمّة احتمالين أَيضا يتسنّى عرضهما في تفسير إِظهار اللّه الأَشياءَ الأُخرى ، الأَوّل : إِنّ اللّه سبحانه هو أَصل الموجودات الأُخرى ومصدرها ، والآخر : إِنّه تعالى هادي الأَشياء الأُخرى ، وهذه الهداية يمكن أَن تكون بالمعنى التكوينيّ والتشريعيّ
.
ص: 267
على حدٍّ سواء ، والحديث المأثور عن الإمام الرضا عليه السلام يشير إِلى الاحتمال الثاني .
85 / 1أَقسامُ النُّورِ فِي القُرآنِالإمام عليّ عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن أَقسامِ النُّورِ فِي القُرآنِ _: النُّورُ القُرآنُ، وَالنُّورُ اسمٌ مِن أَسماءِ اللّهِ تَعالى، وَالنُّورُ النّورِيَّةُ، وَالنُّورُ القَمَرُ، وَالنُّورُ ضَوءُ المُؤمِنِ وهُوَ المُوالاةُ الَّتي يَلبَسُ بِها نورا يَومَ القِيامَةِ، وَالنُّورُ في مَواضِعَ مِنَ التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالقُرآنِ حُجَّهُ اللّهِ عز و جلعَلى عِبادِهِ، وهُوَالمَعصومُ. (1)
85 / 2نورُ كُلِّ شَيءٍالكتاب«اللَّهُ نُورُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ» . (2)
الحديثالكافي عن أحمد بن محمّد البرقي رفعه :سَأَلَ الجاثَليقُ (3) أَميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ: ... أَخبِرني عَن قَولِهِ : «وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَ_ئِذٍ ثَمَ_نِيَةٌ» (4) فَكَيفَ قالَ ذلِكَ وقُلتَ: إِنَّهُ يَحمِلُ العَرشَ وَالسَّماواتِ وَالأَرضَ!؟
.
ص: 268
فَقالَ أَميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : إِنَّ العَرشَ خَلَقَهُ اللّهُ تَعالى مِن أَنوارٍ أَربَعَةٍ: نورٌ أَحمَرُ ، مِنهُ احمَرَّتِ الحُمرَةُ، ونورٌ أَخضَرُ مِنهُ اخضَرَّتِ الخُضرَةُ، ونورٌ أَصفَرُ مِنهُ اصفَرَّتِ الصُّفرَةُ، ونورٌ أَبيَضُ مِنهُ ابيَضَّ البَياضُ، وهُوَ العِلمُ الَّذي حَمَّلَهُ اللّهُ الحَمَلَةَ وذلِكَ نورٌ مِن عَظَمَتِهِ، فَبِعَظَمَتِهِ ونورِهِ أَبصَرَ قُلوبُ المُؤمِنينَ، وبِعَظَمَتِهِ ونورِهِ عاداهُ الجاهِلونَ، وبِعَظَمَتِهِ ونورِهِ ابتَغى مَن فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ مِن جَميعِ خَلائِقِهِ إِلَيهِ الوَسيلَةَ، بِالأَعمالِ المُختَلِفَةِ وَالأَديانِ المُشتَبِهَةِ. فَكُلُّ مَحمولٍ يَحمِلُهُ اللّهُ بِنورِهِ وعَظَمَتِهِ وقُدرَتِهِ لا يَستَطيعُ لِنَفسِهِ ضَرّا ولا نَفعا ولا مَوتا ولا حَياةً ولا نُشورا، فَكُلُّ شَيءٍ مَحمولٌ وَاللّهُ _ تَبارَكَ وتَعالَى _ المُمسِكُ لَهُما أَن تَزولا وَالمُحيطُ بِهِما مِن شَيءٍ، وهُوَ حَياةُ كُلِّ شَيءٍ ونورُ كُلِّ شَيءٍ، سُبحانَهُ وتَعالى عَمّا يَقولونَ عُلُوّا كَبيرا. (1)
الإمام عليّ عليه السلام :يا سابِغَ (2) النِّعَمِ، يا دافِعَ النِّقَمِ، يا نورَ المُستَوحِشينَ فِي الظُّلَمِ، يا عالِما لا يُعَلَّمُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَافعَل بي ما أَنتَ أَهلُهُ. (3)
الإمام الصادق عليه السلام :_ في دُعاءٍ عَلَّمَهُ مُعاوِيَةَ بنَ عَمّارٍ _: اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ العَظيمِ الأَعظَمِ الأَجَلِّ الأَكرَمِ، المَخزونِ المَكنونِ (4) ، النّورِ الحَقِّ البُرهانِ المُبينِ، الَّذي هُوَ نورٌ مَعَ نورٍ، ونورٌ مِن نورٍ، ونورٌ في نورٍ، ونورٌ عَلى نورٍ، ونورٌ فَوقَ كُلِّ نورٍ، ونورٌ يُضيءُ بِهِ كُلُّ ظُلمَةٍ. (5)
الإمام الرضا عليه السلام_ لَمّا قالَ لَهُ عِمرانُ الصَّابِئ : فَأَيُّ شَيءٍ هُوَ؟ _: هُوَ نورٌ،
.
ص: 269
بِمَعنى أَنَّهُ هادٍ لِخَلقِهِ مِن أَهلِ السَّماءِ وأَهلِ الأَرضِ، ولَيسَ لَكَ عَلَيَّ أَكثَرُ مِن تَوحيدي إِيّاهُ. (1)
الكافي عن العبّاس بن هلال :سَأَلتُ الرِّضا عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ: «اللَّهُ نُورُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ» فَقالَ: هادٍ لِأَهلِ السَّماءِ، وهادٍ لِأَهلِ الأَرضِ. وفي رَوايَةِ البَرقِيِّ : هَدى مَن فِي السَّماءِ وهَدى مَن فِي الأَرضِ. (2)
85 / 3نورٌ لا ظَلام فيهِالإمام الباقر عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ كانَ ولا شَيءَ غَيرُهُ نورا لا ظَلامَ فيهِ، وصادِقا لا كَذِبَ فيهِ، وعالِما لا جَهلَ فيهِ، وحَيّا لا مَوتَ فيهِ، وكَذلِكَ هُوَ اليَومُ، وكَذلِكَ لا يَزالُ أَبَدا. (3)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ اللّهَ عِلمٌ لا جَهلَ فيهِ، حَياةٌ لا مَوتَ فيهِ، نورٌ لا ظُلمَةَ فيهِ. (4)
85 / 4نورُ النّورِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :بِاسمِ اللّهِ النُّورِ، بِاسمِ اللّهِ نورِ النُّورِ، بِاسمِ اللّهِ نورٌ عَلى نورٍ، بِاسمِ اللّهِ الَّذي هُوَ مُدَبِّرُ الأُمورِ، بِاسمِ اللّهِ الَّذي خَلَقَ النّورَ مِنَ النّورِ، الحَمدُ للّهِِ الَّذي خَلَقَ النّورَ مِنَ
.
ص: 270
النّورِ، وأَنزَلَ النُّورَ عَلَى الطّورِ (1) ، في كِتابٍ مَسطورٍ، في رِقٍّ (2) مَنشورٍ، بِقَدَرٍ مَقدورٍ، عَلى نَبِيٍّ مَحبورٍ. (3)
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا شاهِدَ كُلِّ نَجوى، يا رَبّاهُ يا سَيِّداهُ، أَنتَ النّورُ فَوقَ النّورِ، ونورُ النّورِ، فَيا نورَ النّورِ أَسأَ لُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وآلِهِ أَن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ. (4)
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ... يا نورَ النّورِ، يا مُنَوِّرَ النّورِ، يا خالِقَ النّورِ، يا مُدَبِّرَ النّورِ، يا مُقَدِّرَ النّورِ، يا نورَ كُلِّ نورٍ، يا نورا قَبلَ كُلِّ نورٍ، يا نورا بَعدَ كُلِّ نورٍ، يا نورا فَوقَ كُلِّ نورٍ، يا نورا لَيسَ كَمِثلِهِ نورٌ. (5)
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ البُرهانِ المُنيرِ الَّذي سَكَنَ لَهُ الضِّياءُ وَالنّورُ يا أللّهُ . (6)
الإمام الصادق عليه السلام :يا أللّهُ يا أللّهُ، أَنتَ المَرهوبُ مِنكَ جَميعُ خَلقِكَ، يا نورَ النّورِ فَلا يُدرِكُكَ نورٌ كَنورِكَ، يا أَللّهُ يا أَللّهُ أَنتَ الرَّفيعُ فَوقَ عَرشِكَ مِن فَوقِ سَماواتِكَ، فَلا يَصِفُ عَظَمَتَكَ أَحَدٌ مِن خَلقِكَ، يا نورَ النّورِ أَنتَ الَّذي قَدِ استَنارَ بِنورِكَ أَهلُ سَماواتِكَ، وَاستَضاءَ بِنورِكَ أَهلُ أَرضِكَ... يا نورَ النّورِ كُلُّ نورٍ خامِدٌ لِنورِكَ. (7)
الإمام الجواد عليه السلام_ في حِرزِهِ المَعروفِ _: أَسأَ لُكَ يا نورَ النَّهارِ، ويا نورَ اللَّيلِ، ويا نورَ
.
ص: 271
السَّماءِ وَالأَرضِ، ونورَ النّورِ، ونورا يُضيءُ بَينَ كُلِّ نورٍ... . (1)
85 / 5مَثَلُ نورِهِالكتاب«اللَّهُ نُورُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَوةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَ_رَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَ لَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِى ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِى اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَ_لَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمٌ» . (2)
الحديثالإمام الصادق عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «اللَّهُ نُورُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَوةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ» _: هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللّهُ لَنا ؛ فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه و آله وَالأَئِمَّهُ _ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم أَجمَعينَ _ مِن دَلالاتِ اللّهِ وآياتِهِ الَّتي يُهتَدى بِها إِلَى التَّوحيدِ ومَصالِحِ الدّينِ وشَرائِعِ الإِسلامِ وَالفرائِضِ وَالسُّنَنِ، ولا قُوَّةَ إِلّا بِاللّهِ العَلِيِّ العَظيمِ. (3)
.
ص: 272
. .
ص: 273
الفصل السادس والثمانون: الوارثالوارث لغةًإنّ «الوارث» اسم فاعل من «ورث» ، وهو أن يكون الشيء لقوم ، ثمّ يصير إِلى آخرين بنَسبٍ أَو سبب (1) . ولعلّ إِطلاق اسم «الوارث» على اللّه تعالى يعود إلى أنّ لكلّ موجود في هذا العالم عمرا محدودا ، والموجود الأَزليّ الأَبديّ هو اللّه وحده ، فهو بالنتيجة وارث كلّ شيء . أَجل ، إِنّه سبحانه المالك الحقيقيّ المطلق لكلّ شيء دائما وأَبدا ، أَمّا اسم الوارث فإنّه يشير إِلى مالكيّة اللّه باعتبار بقائه عَزَّ اسمه بعد فناء الأَشياء (2) . والاحتمال الآخر هو أَنّه لمّا كان وارث الشيء هو من يملكه بلا تعبٍ ولا عناء ، وكان اللّه مالكا لجميع الموجودات بلا تعبٍ ولا عناء ، فإنّه سبحانه يُسمّى الوارث .
.
ص: 274
الوارث في القرآن والحديثلقد نُسبت مشتقّات مادّة «ورث» إلى اللّه خمسَ عشرةَ مرّةً في القرآن الكريم ، ووردت صفة الوارث ثلاث مرّات فيه (1) . كما جاء في الآيات والأَحاديث أنّ اللّه سبحانه وارث جميع الموجودات في العالم ، وهذا يعود إِلى أنّ لكافّة المالكين للأَشياء في هذا العالم عمرا محدودا ، وأنّ كلّ شيء سيفنى الّا اللّه _ جلّ شأنه _ ، فهو إِذا وارث الأَشياء برمّتها ، وإن كانت _ كما قلنا في توضيح صفة المالك _ الملكيّة الحقيقيّة والمطلقة للّه وحده ، وملكيّات الآخرين اعتباريّة وفي طول ملكيّة اللّه تعالى .
86 / 1وارِثُ كُلِّ شَيءٍالكتاب«وَ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَة بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَ_كِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَا قَلِيلاً وَ كُنَّا نَحْنُ الْوَ رِثِينَ» . (2)
«إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْهَا وَ إِلَيْنَا يُرْجَعُونَ» . (3)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الوَلِيِّ الحَميدِ الحَكيمِ المَجيدِ، الفَعّالِ لِما يُريدُ، عَلّامِ الغُيوبِ، وخالِقِ الخَلقِ، ومُنزِلِ القَطرِ، ومُدَبِّرِ أَمرِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ، ووارِثِ
.
ص: 275
السَّماواتِ وَالأَرضِ، الَّذي عَظُمَ شَأنُهُ فَلا شَيءَ مِثلُهُ، تَواضَعَ كُلُّ شَيءٍ لِعَظَمَتِهِ، وذَلَّ كُلُّ شَيءٍ لِعِزَّتِهِ، وَاستَسلَمَ كُلُّ شَيءٍ لِقُدرَتِهِ، وَقَرّ كُلُّ شَيءٍ قَرارَهُ لِهَيبَتِهِ. (1)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الوَلِيِّ الحَميدِ الحَكيمِ المَجيدِ الفَعّالِ لِما يُريدُ، عَلّامِ الغُيوبِ وسَتّارِ العُيوبِ، خالِقِ الخَلقِ ومُنزِلِ القَطرِ ومُدَبِّرِ الأَمرِ، رَبِّ السَّماءِ وَالأَرضِ وَالدُّنيا وَالآخِرَةِ، وارِثِ العالَمينَ وخَيرِ الفاتِحينَ الَّذي مِن عِظَمِ شَأنِهِ أَنَّهُ لا شَيءَ مِثلُهُ، تواضَعَ كُلُّ شَيءٍ لِعَظَمَتِهِ، وذَلَّ كُلُّ شَيءٍ لِعِزَّتِهِ، وَاستَسلَمَ كُلُّ شَيءٍ لِقُدرَتِهِ. (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ بَديعَ السَّماواتِ وَالأَرضِ، ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ، رَبَّ الأَربابِ، وإِلهَ كُلِّ مَألوهٍ، وخالِقَ كُلِّ مَخلوقٍ، ووارِثَ كُلِّ شَيءٍ. (3)
الإمام الصادق عليه السلام_ في ذِكرِ أَسماءِ اللّهِ جَلَّ وعَلا _: هُوَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ ... المُحيي المُميتُ الباعِثُ الوارِثُ. (4)
86 / 2خَيرُ الوارِثينَالكتاب«وَ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِى فَرْدًا وَ أَنتَ خَيْرُ الْوَ رِثِينَ» . (5)
.
ص: 276
الحديثالإمام عليّ عليه السلام_ في دُعاءِ يَومِ المُباهَلَةِ _: يا باعِثُ ابعَثني شَهيدا صِدِّيقا رَضِيّا عَزيزا حَميدا مُغتَبِطا مَسرورا مَشكورا مَحبورا، يا وارِثُ تَرِثُ الأَرضَ ومَن عَلَيها وَالسَّماواتِ وسُكّانَها وجَميعَ ما خَلَقتَ، فَوَرِّثني حِلما وعِلما إِنَّكَ خَيرُ الوارِثينَ. (1)
.
ص: 277
الفصل السابع والثمانون: الواسع، الموسعالواسع والموسع لغةًإنّ «الواسع والموسع» اسما فاعل من مادّة «وسع» التي تدلّ على خلاف الضيق والعُسر، والوُسع: الغِنى والجدة والطلاقة والقوّة، وسع اللّه عليه رزقه:بسطه وكثّره (1) .
الواسع والموسع في القرآن والحديثلقد أُسندت مشتقّات مادّة «وسع» إلى اللّه تعالى سبع عشرة مرّةً في القرآن الكريم ، ووردت صفة «الواسع» فيه سبع مرّات مع صفة «العليم» (2) ، ومرّة واحدة مع صفة «الحكيم» (3) ، ومرّة واحدة بشكل «وَ سِعُ الْمَغْفِرَةِ» (4) . ووردت صفة الموسع فيه مرة واحدة وهي قوله تعالى : «وَ السَّمَاءَ بَنَيْنَ_هَا بِأَيْيْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ» (5) .
.
ص: 278
إنّنا نلاحظ هذه الصفة في الآيات والأَحاديث بالنسبة إلى شيء من الأَشياء حينا مثل «وَ سِعُ الْمَغْفِرَةِ» ، و «وَسِعَ كُلَّ شَىْ ءٍ عِلْمًا» ، و «وَسِعَت رَحمَتُهُ كُلَّ شَيءٍ» ، حينئذٍ تدلّ على سعة المضاف إليه وامتداده وعدم ضيقه ، مثلاً تدلّ في الموارد المذكورة على أنّ علم اللّه لا يتناهى ، وعلى سعة مغفرته ورحمته _ جلّ شأنه _ . وحينا آخر ، يرد اسم الواسع غير مضاف إِلى شيء ، مثل «الجواد الواسع» ، عندئذٍ يتيسّر لنا أن نفسّر الواسع بمعنى الشيء الفاقد للضيق والنقص من كلّ جهةٍ ، وبمعنى الغنيّ المطلق ، ويمكن أن نفسّر سعة اللّه من كلّ جهةٍ مثل الرحمة ، والمغفرة ، والعلم ، والقدرة ، ويمكن أن تكون «ال» للعهد ، ومثلاً نعتبر الواسع في المورد المذكور بمعنى السعة في الجود .
87 / 1واسِعٌ عَليمٌ«إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَ سِعٌ عَلِيمٌ» . (1)
«وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَ سِعٌ عَلِيمٌ» . (2)
87 / 2واسِعٌ حَكيمٌ«وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَ سِعًا حَكِيمًا» . (3)
.
ص: 279
87 / 3واسِعُ المَغفِرَةِ«الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَ_ئِرَ الْاءِثْمِ وَالْفَوَ حِشَ إِلَا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَ سِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَ إِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِى بُطُونِ أُمَّهَ_تِكُمْ فَلَا تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى». (1)
87 / 4وَسِعَ كُلَّ شَيءٍ عِلما«إِنَّمَا إِلَ_هُكُمُ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَىْ ءٍ عِلْمًا» . (2)
87 / 5ذو رَحمَةٍ واسِعَةٍالكتاب«فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَ سِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ» . (3)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الخافِضِ الرّافِعِ، الضّارِّ النّافِعِ، الجَوادِ الواسِعِ، الجَليلِ ثَناؤُهُ، الصّادِقَةِ أَسماؤُهُ، المُحيطِ بِالغُيوبِ. (4)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ إِنَّكَ بِحاجَتي عالِمٌ غَيرُ مُعَلَّمٍ، وأَنتَ لَها واسِعٌ غَيرُ مُتَكَلِّفٍ، وأَنتَ الَّذي لا يُحفيكَ سائِلٌ ، ولا يَنقُصُكَ نائِلٌ ، ولا يَبلُغُ مِدحَتَكَ قَولُ قائِلٍ، أَنتَ
.
ص: 280
كَما تَقولُ ، وفَوقَ ما نَقولُ. (1)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ أَيِّدني مِنكَ بِنَصرٍ لا يَنفَكُّ، وعَزيمَةِ صِدقٍ لا تَختَلُّ، وجَلِّلني بِنورِكَ، وَاجعَلني مُتَدَرِّعا بِدِرعِكَ الحَصينَةِ الواقِيَةِ، وَاكلَأني بِكِلاءَتِكَ (2) الكافِيَةِ، إِنَّكَ واسِعٌ لِما تَشاءُ، ووَلِيٌّ لِمَن لَكَ تَوالى ، وناصِرٌ لِمَن إِلَيكَ آوى، وعَونُ مَن بِكَ استَعدى. (3)
.
ص: 281
الفصل الثامن والثمانون: الودودالودود لغةً«الودود» فعول بمعنى فاعل من مادّة «ودّ» وهو يدلّ على المحبّة ويُستعمل في التمنّي . يقال : وَدِدتُه ، أي : أَحببتُه . ويُقال : وَدِدْتُ أنّ ذاك كان ، إذا تمنّيتَه . «الودّ» يدلّ على المحبّة و«الودادة» تدلّ على التمنّي (1) . قال ابن الأَثير : في أَسماء اللّه تعالى «الودود» هو فعول بمعنى مفعول . أي : محبوب في قلوب أَوليائه ، أو هو فعول بمعنى فاعل ، أي : إنّه يحبّ عباده الصالحين ، بمعنى أنّه يرضى عنهم (2) .
الودود في القرآن والحديثلقد وردت صفة «الودود» في القرآن الكريم مرّةً واحدةً مع صفة «الرحيم» (3) ومرّة
.
ص: 282
واحدة مع صفة «الغفور» (1) . أَمّا صفة «الودود» في الآيات والأَحاديث ففعول بمعنى فاعل لا مفعول ، وتدلّ على محبّة اللّه لعباده ، وممّا يؤيّد هذا المطلب أَنّ الصفة المذكورة وردت مع صفات مثل «الغفور» و «الرَّحيم» بمعناها الفاعليّ .
88 / 1الرَّحيمُ الوَدودُالكتاب«إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَ يُعِيدُ * وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ» . (2)
«وَ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّى رَحِيمٌ وَدُودٌ» . (3)
الحديثالإمام زين العابدين عليه السلام_ في مُناجاةِ المُريدينَ _: فَيامَن هُوَ عَلَى المُقبِلينَ عَلَيهِ مُقبِلٌ، وبِالعَطفِ عَلَيهِم عائِدٌ مُفضِلٌ ، وبِالغافِلينَ عَن ذِكرِهِ رَحيمٌ رَؤوفٌ، وبِجَذبِهِم إِلى بابِهِ وَدودٌ عَطوفٌ. (4)
الإمام الكاظم عليه السلام :أَستَغفِرُ اللّهَ رَبّي وأَتوبُ إِلَيهِ إِنَّ رَبّي قَريبٌ مُجيبٌ، أَستَغفِرُ اللّهَ رَبّي وأَتوبُ إِلَيهِ إِنَّ رَبّي رَحيمٌ وَدودٌ، أَستَغفِرُ اللّهَ رَبّي وأَتوبُ إِلَيهِ إِنَّهُ كانَ غَفّارا. (5)
.
ص: 283
88 / 2الوَدودُ المُتَوَحِّدُرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ الوَدودِ المُتَوَحِّدِ يا أللّهُ ، وأَسأَ لُكَ بِاسمِكَ الرَّشيدِ مُرشِدَنا يا أللّهُ، وأَسأَ لُكَ بِاسمِكَ الواهِبِ الموهِبِ يا وَهّابُ يا أللّهُ، وأَسأَ لُكَ بِاسمِكَ الغائِبِ في خَزائِنِ الغَيبِ يا عَلّامَ الغُيوبِ يا أللّهُ. (1)
88 / 3الوَدودُ العَلِيُّالإمام عليّ عليه السلام_ في حَديثٍ طَويلٍ _: وَاللّهُ تَعالى يَقولُ: وعِزَّتي وجَلالي وَارتِفاعِ مَكاني، إِنّي لا أُعَذِّبُ أَحدَا مِن خَلقي إِلّا بِحُجَّةٍ وبُرهانٍ وعِلمٍ وبَيانٍ، لِأَنَّ رَحمَتي سَبَقَت غَضَبي، وكَتَبتُ الرَّحمَةَ عَلَيَّ، فَأَنَا الرَّاحِمُ الرَّحيمُ ، وأَنَا الوَدودُ العَلِيُّ، وأَنَا المَنّانُ العَظيمُ، وأَنَا العَزيزُ الكَريمُ، فَإِذا أَرسَلتُ رَسولاً أَعطَيتُهُ بُرهانا وأَنزَلتُ عَلَيهِ كِتابا . فَمَن آمَنَ بي وبِرَسولي فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ الفائِزونَ، ومَن كَفَرَ بي وبِرَسولي فَأُولئِكَ هُمُ الخاسِرونَ الَّذينَ استَحَقّوا عَذابي. (2)
.
ص: 284
. .
ص: 285
الفصل التاسع والثمانون: الوكيلالوكيل لغةً«الوكيل» على وزن فعيل مشتقّ من «وكل» وهو يدلّ على اعتماد غيرك في أَمرك ، والتوكّل هو إِظهار العجز في الأَمر والاعتماد على غيرك ، وقد سمّي الوكيل ؛ لأَنّه يوكل إليه الأَمر (1) . قال الفيوميّ : الوكيل ، فعيل بمعنى مفعول ؛ لأنّه موكول إِليه ، ويكون بمعنى فاعل إذا كان بمعنى الحافظ ، ومنه «حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» (2) . (3) قال ابن الأَثير : في أَسماء اللّه تعالى «الوكيل» هو القيّم الكفيل بأرزاق العباد ، وحقيقته أنّه يستقلّ بأمر الموكول إليه (4) . وقيل : الوكيل : الكافي (5) .
.
ص: 286
الوكيل في القرآن والحديثلقد نُسبت مشتقّات مادّة «وكل» إِلى اللّه سبحانه خمس وخمسين مرّةً في القرآن الكريم ، ووردت صفة «الوكيل» فيه ستّ مرّات في مثل قوله تعالى : «كَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً» (1) ، وثلاث مرّات بلفظ «عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ وَكِيلٌ» (2) ، ومرّتين بشكل «عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ» (3) ، ومرّةً واحدةً بصورة «حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» (4) ، ومرّةً واحدةً بشكل «فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً» (5) ، ومرّةً واحدةً بلفظ «أَلَا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً» (6) ، وكما قيل في البحث اللغويّ فإنّ صفة «الوكيل» يمكن أن تكون بصيغة المفعول ومعناها «الشخص الذي توكل إليه الأُمور» ، ويمكن أن تكون بصيغة الفاعل أَيضا ومعناها الحافظ والقيّم والكفيل والكافي . من جهة أُخرى يتسنّى لنا أن ننظر إلى صفة «الوكيل» من الوجهة التكوينيّة والتشريعيّة ، فوكالة اللّه من الوجهة التشريعيّة بمعنى أنّ المؤمنين يوكلون أُمورهم إلى اللّه ويثقون به ويتبعون تعاليم رسله ، وقوله تعالى : «رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً» 7 يشير إلى هذا النوع من الوكالة . أَمّا الوكيل من الوجهة التكوينيّة فبمعنى أنّ أُمور الموجودات في العالم
.
ص: 287
من حيث التكوين ، أي : الخلقة والحفظ والتدبير ، بيد اللّه تعالى . ولا صلة لهذا النوع من وكالة اللّه بإرادة النَّاس واختيارهم ، وللّه كلّ ما يتعلّق بهذا الضرب من الوكالة ، والآية الكريمة «وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ وَكِيلٌ» (1) تدلّ على هذه الوكالة التكوينيّة للّه تعالى .
89 / 1هُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ وَكيلٌ«ذَ لِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ خَ__لِقُ كُلِّ شَىْ ءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ وَكِيلٌ» . (2)
89 / 2نِعمَ الوَكيلُالكتاب«الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَ_نًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :آخِرُ ما تَكَلَّمَ بِهِ إِبراهيمُ عليه السلام حينَ أُلقِيَ فِي النَّارِ : «حَسبي اللّهُ ونِعمَ الوَكِيل» . (4)
.
ص: 288
صحيح البخاري عن ابن عبّاس :«حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» قالَها إِبراهيمُ عليه السلام حينَ أُلقِيَ فِي النّارِ ، وقالَها مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله حينَ قالوا : «إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَ_نًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» (1) . (2)
تنبيه الخواطر_ في قَولِ إِبراهيمَ عليه السلام : «حسبي اللّه ونعم الوكيل» _: أنّه قالَ ذلِكَ حينَ اُرمِيَ بِهِ . (3)
89 / 3كَفى بِهِ وَكيلاًالكتاب«وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَ_ائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِى تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً» . (4)
الحديثالإمام زين العابدين عليه السلام_ في المُناجاةِ الإِنجيلِيَّةِ _: لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، عَلَيكَ أَعتَمِدُ وبِكَ أَستَعينُ ، وأَنتَ حَسبي وكَفى بِكَ وَكيلاً . (5)
.
ص: 289
89 / 4اِتَّخِذهُ وَكيلاًالكتاب«رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً» . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في حَديثِ المِعراجِ _: ناداني رَبّي _ جَلَّ جَلالُهُ _ : يا مُحَمَّدُ ، أَنتَ عَبدي وأَنَا رَبُّكَ ، فَلي فَاخضَع ، وإِيّايَ فَاعبُد ، وعَلَيَّ فَتَوَكَّل ، وبي فَثِق . (2)
عنه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا مَن لا يُتَوَكَّلُ إِلّا عَلَيهِ . (3)
89 / 5لا تَتَّخِذ مِن دونِهِ وَكيلاًالكتاب«وَ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَ_بَ وَ جَعَلْنَ_هُ هُدًى لِّبَنِى إِسْرَ ءِيلَ أَلَا تَتَّخِذُوا مِن دُونِى وَكِيلاً» . (4)
.
ص: 290
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :لا تَتَّكِل إِلى (1) غَيرِ اللّهِ ، فَيَكِلَكَ اللّهُ إِلَيهِ . (2)
الإمام عليّ عليه السلام_ في عَهدِهِ إِلى بَعضِ عُمّالِهِ وقَد بَعَثَهُ عَلَى الصَّدَقَةِ _: أَمَرَهُ بِتَقوَى اللّهِ في سرائِرِ أَمرِهِ وخَفِيّاتِ عَمَلِهِ ، حَيثُ لا شَهيدَ غَيرُهُ ، ولا وَكيلَ دونَهُ . (3)
.
ص: 291
الفصل التسعون: الوليّالوليّ لغةً«الوليّ» على وزن فعيل مشتقّ من «ولي» بمعنى القرب والدنوّ (1) . قال الفيوميّ : «الوليّ» فعيل بمعنى فاعل من «وليه» إِذا قام به ، ومنه «اللَّهُ وَلِىُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا» (2) ... و«الوليّ» بمعنى مفعول في حقّ المطيع فيقال : المؤمن وليّ اللّه (3) . قال ابن الأَثير : في أَسماء اللّه تعالى «الوليّ» هو الناصر . وقيل : المتولّي لأُمور العالم والخلائق ، القائم بها (4) .
الوليّ في القرآن والحديثإِنّ مشتقّات مادّة «ولي» قد نسبت إِلى اللّه تعالى زُهاء ستّ وأَربعين مرّة ، وقد وردت صفة «الوليّ» بصيغة الإفراد والجمع ثلاثا وعشرين مرّةً ، كما حصرت سبعُ آيات
.
ص: 292
صفة «الوليّ» مع صفة «النَّصير» في اللّه عز و جل (1) ، كما انحصرت الولاية في اللّه تعالى في أَربع آيات (2) ، وقد ذكرت عشر آيات أَنّ اللّه وليّ المؤمنين والخاصّة من النَّاس (3) ، وجاءت صفة «الوليّ» مع صفة «الحميد» في آية واحدة (4) ، وورد تعبير «كفى باللّه وليّا» في آية واحدة أَيضا (5) . عندما تنسب الآيات والأَحاديث صفة «الوليّ» إِلى اللّه ، فهي تريد القائم بالأُمور ، أمّا مناسبة هذا المعنى للمعنى الأَصليّ لمادّة «ولى» أي : القرب والدنوّ ، فيبدو أنّ بين الوليّ بمعنى الفاعل ، والوليّ بمعنى المفعول قُربا ؛ لأنّ الوليّ بمعنى المفعول يتبع الوليّ بمعنى الفاعل ، فلا افتراق ولا انفصال بينهما ، بل بينهما في الحقيقة صلة إِشراف وطاعة ودّيّة قائمة على الاعتقاد . إنّنا نلاحظ في بعض الآيات والأَحاديث أنّ الولاية قد انحصرت في اللّه وحده حينا ، وولايته سبحانه بالنسبة إِلى جميع الموجودات هي المقصودة حقّا ، لكنّها اختصّت بثلّة خاصّة كالمؤمنين حينا آخر ، فيتسنى لنا أن نقول في هذا المجال أنّ ولاية اللّه تنقسم إلى ولاية عامّة وولاية خاصّة ، فولايته العامّة سبحانه تشمل جميع الموجودات ، ذلك أنّه تعالى قائم بأُمور جميع الموجودات في العالم . أمّا ولايته الخاصّة فتقتصر على من رضي بولايته الشرعيّة _ جلّ شأنه _ واتّبع تعاليمه
.
ص: 293
وأَحكامه طوعا ، ويتولّى اللّه تعالى ولايته بالنسبة إلى أَمثال هؤلاء عن طريق إِرسال الرسل وإِنزال الشرائع ، وكذلك الإمدادات الخاصّة .
90 / 1هُوَ الوَلِيُّالكتاب«أَمِ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِىُّ وَ هُوَ يُحْىِ الْمَوْتَى وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ» . (1)
«قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» . (2)
«هُنَالِكَ الْوَلَ_يَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَ خَيْرٌ عُقْبًا» . (3)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :مولايَ يا مولايَ أَنتَ المَولى وأَنَا العَبدُ، وهَل يَرحَمُ العَبدَ إِلَا المَولى. (4)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ الوَلِيُّ المُرشِدُ، وَالغَنِيُّ المُرفِدُ (5) ، وَالعَونُ المُؤَيِّدُ. (6)
.
ص: 294
90 / 2وَلِيُّ المُؤمِنينَالكتاب«إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَ_ذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَاللَّهُ وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ» . (1)
«إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْ_ئا وَ إِنَّ الظَّ__لِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَ اللَّهُ وَلِىُّ الْمُتَّقِينَ». (2)
«اللَّهُ وَلِىُّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّ_لُمَ_تِ إِلَى النُّورِ وَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّ_غُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّ_لُمَ_تِ أُوْلَ_ئِكَ أَصْحَ_بُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَ__لِدُونَ» . (3)
«لَهُمْ دَارُ السَّلَ_مِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ» . (4)
«قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» . (5)
«بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّ_صِرِينَ» . (6)
«ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَ_سِبِينَ» . (7)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا وَلِيَّ المُؤمِنينَ أَنتَ المُستَعانُ، وعَلَيكَ المُعَوَّلُ (8) ، وإِلَيكَ المُشتَكى، وبِكَ المُستَغاثُ، وأَنتَ المُؤَمَّلُ وَالرَّجاءُ وَالمُرتَجى لِلآخِرَةِ وَالأُولى. (9)
.
ص: 295
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ أَنتَ ثِقَتي عِندَ شِدَّتي، ورَجائي عِندَ كُربَتي، وعُدَّتي عِندَ الأُمورِ الَّتي تَنزِلُ بي، فَأَنتَ وَلِيِّي في نِعمَتي، وإِلهي وإِلهُ آبائي ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ. (1)
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ أَنتَ ثِقَتي في كُلِّ كَربٍ، وأَنتَ رَجائي في كُلِّ شِدَّةٍ، وأَنتَ لي في كُلِّ أَمرٍ نَزَلَ بي ثِقَةٌ وعُدَّةٌ، وكَم مِن كَربٍ... أَنزَلتُهُ بِكَ وشَكَوتُهُ إِلَيكَ راغِبا فيهِ إِلَيكَ عَمَّن سِواكَ فَفَرَّجتَهُ وكَشَفتَهُ، فَأَنتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعمَةٍ وصاحِبُ كُلِّ حاجَةٍ ومُنتَهى كُلِّ رَغبَةٍ، فَلَكَ الحَمدُ كَثيرا ولَكَ المَنُّ فاضِلاً. (2)
الإمام عليّ عليه السلام : «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّ_لُمَ_تِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ» (3) ، لا نُشرِكُ بِاللّهِ شَيئا، ولا نِتَّخِذُ مِن دونِهِ وَليّا . وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرضِ، ولَهُ الحَمدُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وهُوَ الحَكيمُ الخَبيرُ، «يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى الْأَرْضِ وَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَ مَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَ هُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ» (4) . (5)
.
ص: 296
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ وَلِيُّ الأَصفِياءِ وَالأَخيارِ، ولَكَ الخَلقُ وَالاِختِيارُ. (1)
عنه عليه السلام :سَيِّدي، أَكثَرتَ عَلَيَّ مِنَ النِّعَمِ وأَقلَلتُ لَكَ مِنَ الشُّكرِ، فَكَم لَكَ عِندي مِن نِعمَةٍ لا يُحصيها أَحَدٌ غَيرُكَ ... فَوَجَدتُكَ يا مَولايَ نِعمَ المَولى ونِعمَ النَّصيرُ، وكَيفَ لا أَشكُرُكَ يا إِلهي ، أَطلقَتَ لِساني بِذِكرِكَ رَحمَةً لي مِنكَ، وأَضَأتَ لي بَصَري بِلُطفِكَ حُجَّةً مِنكَ عَلَيَّ، وسَمِعَت أُذُنايَ بِقُدرَتِكَ نَظَرا مِنكَ، ودَلَلتَ عَقلي عَلى تَوبيخِ نَفسي. (2)
الإمام الصادق عليه السلام :العالِمُ بِزَمانِهِ لا تَهجُمُ عَلَيهِ اللَّوابِسُ (3) وَالحَزمُ مَساءَةُ الظَّنِّ، وبَينَ المَرءِ وَالحِكمَةِ نِعمَةُ العالِمِ، وَالجاهِلُ شَقِيٌّ بَينَهُما، وَاللّهُ وَلِيُّ مَن عَرَفَهُ وعَدُوُّ مَن تَكَلَّفَهُ، وَالعاقِلُ غَفورٌ وَالجاهِلُ خَتورٌ (4) . (5)
عنه عليه السلام :يا مَن قَلَّ شُكري لَهُ فَلَم يَحرِمني، وعَظُمَت خَطيئَتي فَلَم يَفضَحني، ورَآني عَلَى المَعاصي فَلَم يَجبَهني (6) ، وخَلَقَني لِلَّذي خَلَقَني لَهُ فَصَنَعتُ غَيرَ الَّذي خَلَقَني لَهُ، فَنِعمَ المَولى أَنتَ يا سَيِّدي وبِئسَ العَبدُ أَنَا، وَجَدتَني ونِعمَ الطّالِبُ أَنتَ رَبّي وبِئسَ المَطلوبُ أَنَا أَلفَيتَني، عَبدُكَ وَابنُ عَبدِكَ وَابنُ أَمَتِكَ بَينَ يَدَيكَ ما شِئتَ صَنَعتَ بي . (7)
الكافي عن عبد الرحمن بن سيابة :أَعطاني أَبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام هذَا الدُّعاءَ :
.
ص: 297
الحَمدُ للّهِِ وَلِيِّ الحَمدِ وأَهلِهِ ومُنتَهاهُ ومَحَلِّهِ، أَخلَصَ مَن وَحَّدَهُ، وَاهتَدى مَن عَبَدَهُ ، وفازَ مَن أَطاعَهُ ، وأَمِنَ المُعتَصِمُ بِهِ. (1)
الكافي عن عليّ بن أسباط عنهم عليهم السلام: فيما وَعَظَ اللّهُ عز و جل بِهِ عيسى عليه السلام : ... يا عيسى، كُلُّ وَصفي لَكَ نَصيحَةٌ، وكُلُّ قَولي لَكَ حَقٌّ وأَنَا الحَقُّ المُبينُ، فَحَقّا أَقولُ : لَئِن أَنتَ عَصَيتَني بَعدَ أَن أَنبَأتُكَ، ما لَكَ مِن دوني وَلِيٌّ ولانَصيرٌ. (2)
90 / 3وَلِيٌّ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِالكتاب«رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِى مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ أَنتَ وَلِىِّ فِى الدُّنْيَا وَ الْاخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَ أَلْحِقْنِى بِالصَّ__لِحِينَ» . (3)
الحديثالإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: أَعوذُ بِكَ مِن قَلبٍ لايَخشَعُ، ومِن عَينٍ لا تَدمَعُ، وصَلاةٍ لا تُقبَلُ، أَجِرنا مِن سوءِ الفِتَنِ، يا وَلِيَّ الدُّنيا وَالآخِرَةِ. (4)
.
ص: 298
90 / 4الوَلِيُّ الحَميدُ«وَ هُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَ يَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَ هُوَ الْوَلِىُّ الْحَمِيدُ» . (1)
90 / 5كَفى بِهِ وَلِيّا«وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا» . (2)
90 / 6لَيسَ دونَهُ وَلِيٌّ«أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ وَ مَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِىٍّ وَ لَا نَصِيرٍ» . (3)
«وَ لَا تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَ_لَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَ مَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ». (4)
«وَ مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِىٍّ مِّن بَعْدِهِ وَ تَرَى الظَّ__لِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ» . (5)
«لَهُ مُعَقِّبَ_تٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ» . (6)
.
ص: 299
«وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِىٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» . (1)
90 / 7وَلِيُّ الإِعطاءِ وَالمَنعِالإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ صُن وَجهي بِاليَسارِ، ولا تَبذُل جاهي (2) بِالإِقتارِ؛ فَأَستَرزِقَ طالِبي رِزقِكَ، وأَستَعطِفَ شِرارَ خَلقِكَ ، وأُبتَلى بِحَمدِ مَن أَعطاني، وأُفتَتَنَ بِذَمِّ مَن مَنَعَني ، وأَنتَ مِن وَراءِ ذلِكَ كُلِّهِ وَلِيُّ الإِعطاءِ وَالمَنعِ. (3)
.
ص: 300
. .
ص: 301
الفصل الحادي والتسعون: الوهّابالوهّاب لغةً«الوهّاب» على وزن «فعّال» مبالغة في «الواهب» مشتق من مادّة «وهب» . وهو يدلّ على العطيّة الخالية من الأَعواض والأَغراض (1) .
الوهّاب في القرآن والحديثإنّ مشتقّات مادّة «وهب» قد نسبت إلى اللّه سبحانه أكثر من عشرين مرّة في القرآن الكريم ، وقد وردت صفة «الوهّاب» فيه ثلاث مرّات ، مرّتين بشكل «إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ» (2) ، ومرّة مع صفة «العزيز» (3) ، كما تتعلّق هبة اللّه سبحانه في الآيات القرآنيّة بأُمور كالرحمة ، والحكم ، والملك ، والذرّيّة ، والأَزواج (4) ، ولا ريب في أنّ جميع النِعَم التي يمنّ اللّه بها على الموجودات هي من نوع الهبة ، ذلك أنّها لا تستطيع أن
.
ص: 302
تجزي اللّه عليها ؛ لأنّه تعالى الغنيّ المطلق .
91 / 1وَهّابُ العَطاياالكتاب«قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا لَا يَن_بَغِى لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِى إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ» . (1)
«رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ» . (2)
الحديثالإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِحُرمَةِ مَن عاذَ بِكَ ولَجَأَ إِلى عِزِّكَ، وَاعتَصَمَ بِحَبلِكَ ولَم يَثِق إِلّا بِكَ، يا وَهّابَ العَطايا، يا مُطلِقَ الاُسارى، يا مَن سَمّى نَفسَهُ مِن جُودِهِ الوَهّابَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ المَرضِيِّينَ بِأَفضَلِ صَلَواتِكَ، وبارِك عَلَيهِم بِأَفضَلِ بَرَكاتِكَ. (3)
الإمام الرضا عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِحُرمَةِ مَن عاذَ بِكَ مِنكَ ولَجَأَ إِلى عِزِّكَ وَاستَظَلَّ بِفَيئِكَ وَاعتَصَمَ بِحَبلِكَ ولَم يَثِق إِلّا بِكَ ، يا جَزيلَ العَطايا، يا مُطلِقَ الاُسارى، يا مَن سَمّى نَفسَهُ مِن جودِهِ وَهّابا . (4)
.
ص: 303
91 / 2وَهّابٌ لا يَمَلُّرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ أَنتَ حَيٌّ لا تَموتُ ... ومَعروفٌ لا تُنكَرُ، ووَكيلٌ لا تُخفَرُ، وغالِبٌ لا تُغلَبُ، وقَديرٌ لا تُستَأمَرُ، وفَردٌ لا تَستَشيرُ، ووَهّابٌ لا تَمَلُّ، وسَريعٌ لا تَذهَلُ، وجَوادٌ لا تَبخَلُ، وعَزيزٌ لا تَزالُ، وحافِظٌ لا تَغفُلُ، وقائِمٌ لا تَنامُ، ومُحتَجِبٌ لا تُرى، ودائِمٌ لا تَفنى، وباقٍ لا تَبلى، وواحِدٌ لاتُشَبَّهُ، ومُقتَدِرٌ لا تُنازَعُ. (1)
.
ص: 304
. .
ص: 305
الفصل الثاني والتسعون: الهاديالهادي لغةً«الهادي» اسم فاعل من مادّة «هدى» بمعنى التقدّم للإرشاد والدلالة . يقال : هديتُه الطريق ، هدايةً ، أي : تقدّمته لأُرشده ، أو عرّفته (1) .
الهادي في القرآن والحديثلقد أُسندت مشتقّات مادّة «هدي» إلى اللّه تعالى قُرابة مئة مرّة في القرآن الكريم ، ووردت صفة «الهادي» مرّتين ، إحداها بلفظ «وَ كَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَ نَصِيرًا» (2) ، والاُخرى بلفظ «إِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِلَى صِرَ طٍ مُّسْتَقِيمٍ» (3) . وقد استعملت الهداية في الآيات والأَحاديث بالمعنى التكوينيّ تارةً ، والمعنى التشريعيّ تارةً أُخرى ، والهداية التكوينيّة تعني أنّ اللّه سبحانه يدبّر أَمر الموجودات كلّها على أَساس قوانين معيّنة ونظم خاصّ ، وهذه الموجودات جميعا تتبع الهداية
.
ص: 306
المذكورة جبرا (1) . أَمّا الهداية التشريعيّة للّه فهي توجيه النَّاس وإِرشادهم إِلى الكمال والطريق الصحيح للحياة والنجاة من الغي والضلال ، ويتحقّق ذلك عادةً عبر إِرسال الرسل والأَنبياء ، والنَّاس مختارون حيال هذه الهداية ، فلهم أَن يؤمنوا ولهم أَن يكفروا (2) . إِنّ الهداية التشريعية تنقسم إِلى قسمين أَيضا : هداية عامّة ، وهداية خاصّة ، أَمّا الهداية العامّة فهي الهداية التي تُمنح لجميع النَّاس ، وأَمّا الهداية الخاصّة فهي للمؤمنين والأَولياء الرّبانيّين (3) .
92 / 1هادي كُلَّ شَيءٍالكتاب«قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَ_مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِى أَعْطَى كُلَّ شَىْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى» . (4)
الحديثالإمامُ عليٌّ عليه السلام :أَيُّها المَخلوقُ السَّوِيُّ ، وَالمُنشأُ المَرعِيُّ ، في ظُلُماتِ الأَرحامِ ... ثُمّ أُخرِجتَ مِن مَقَرِّكَ إِلى دارٍ لَم تَشهَدها ، ولَم تَعرِف سُبُلَ مَنافِعِها ، فمَن هَداكَ لِاجتِرارِ الغِذاءِ مِن ثَديِ أُمِّكَ ، وعَرَّفَكَ عِندَ الحاجَةِ مَواضِعَ طَلَبِكَ وإِرادَتِكَ ؟! (5)
.
ص: 307
92 / 2هادِي الإنسانَالكتاب«إِنَّا هَدَيْنَ_هُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَ إِمَّا كَفُورًا» . (1)
«وَ هَدَيْنَ_هُ النَّجْدَيْنِ» . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إِنَّما أَنَا مُبَلِّغٌ وَاللّهُ يَهدي، وقاسِمٌ وَاللّهُ يُعطي . (3)
92 / 3مَن يَهديهِ اللّهُ بِالهِدايَةِ الخاصَةِ«وَ مَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمٌ» . (4)
«وَ يَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ» . (5)
«وَ الَّذِينَ جَ_هَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا» . (6)
الإمامُ عليٌّ عليه السلام :هُدِيَ مَن أَشعَرَ التَّقوى قَلبَهُ . (7)
.
ص: 308
. .
ص: 309
الفصل الثالث والتسعون: الأحاديث الجامعة في تفسير أسماء اللّه وصفاتهرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في بَعضِ خُطَبِهِ _: الحَمدُ لِلّهِ الَّذي كانَ في أَوَّلِيَّتِهِ وَحدانِيّا ، وفي أَزَلِيَّتِهِ مُتَعَظِّما بِالإِلهِيَّةِ ، مُتَكَبِّرا بِكِبرِيائِهِ وجَبَروتِهِ ، اِبتَدَأَ مَا ابتَدَعَ ، وأَنشَأَ ما خَلَقَ عَلى غَيرِ مِثالٍ كانَ سَبَقَ بِشَيءٍ مِمّا خَلَقَ ، رَبُّنَا القَديمُ بِلُطفِ رُبوبِيَّتِهِ ، وبِعلِمِ خُبرِهِ فَتَقَ ، وبِإحكامِ قُدرَتِهِ خَلَقَ جَميعَ ما خَلَقَ ، وبِنورِ الإِصباحِ فَلَقَ ؛ فَلا مُبَدِّلَ لِخَلقِهِ ، ولا مُغَيِّرَ لِصُنعِهِ ، ولا مُعَقِّبَ لِحُكمِهِ ، ولا رادَّ لِأَمرِهِ ، ولا مُستراحَ عَن دَعوَتِهِ ، ولا زَوالَ لِمُلكِهِ ، ولَا انقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ، وهُوَ الكَينونُ أَوَّلاً وَالدَّيمومُ أَبَدا ، المُحتَجِبُ بِنورِهِ دونَ خَلقِهِ فِي الأُفُقِ الطَّامِحِ ، وَالعِزَّ الشّامِخِ ، وَالمُلكِ الباذِخِ ، فَوقَ كُلِّ شَيءٍ عَلا ، ومِن كُلِّ شَيءٍ دَنا ، فَتَجَلّى لِخَلقِهِ مِن غَيرِ أَن يَكونَ يُرى وهُوَ بِالمَنظَرِ الأَعلى . فَأَحَبَّ الاِختِصاصَ بِالتَّوحيدِ إِذِ احتَجَبَ بِنورِهِ ، وسَما في عُلُوّهِ ، وَاستَتَرَ عَن خَلقِهِ ، وبَعَثَ إِلَيهِمُ الرُّسُلَ لِتَكونَ لَهُ الحُجَّةُ البالِغَةُ عَلى خَلقِهِ ، ويَكونَ رُسُلُهُ إِلَيهم شُهداءَ عَلَيهِم ، وَابتَعَثَ فيهِمُ النَّبِيّينَ مُبشِّرينَ ومُنذِرينَ لِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويَحيا مَن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ، ولِيَعقِلَ العِبادُ عَن رَبِّهِم ما جَهِلوهُ فَيَعرِفوهُ بِرُبوبِيَّتِهِ بَعدَما أَنكَروا ، ويُوَحِّدوهُ بِالإلهِيَّةِ بَعدَما عَضَدوا . (1)
.
ص: 310
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ لِلّهِ الَّذي لا يَبلُغُ مِدحَتَهُ القائِلونَ ، ولا يُحصي نَعَماءَهُ العادّونَ ، ولا يُؤَدّي حَقَّهُ المُجتَهِدونَ ، الَّذي لا يُدرِكُهُ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُهُ غَوصُ الفِطَنِ ، الَّذي لَيسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحدودٌ ، ولا نَعتٌ مَوجودٌ ، ولا وَقتٌ مَعدودٌ ولا أَجَلٌ مَمدودٌ . فَطَرَ الخَلائِقَ بِقُدرَتِهِ ، ونَشَرَ الرِّياحَ بِرَحمَتِهِ ، ووَتَّدَ بِالصُّخورِ مَيَدانَ أَرضِهِ . أَوَّلُ الدِّينِ مَعرِفَتُهُ ، وكَمالُ مَعرِفَتِهِ التَّصديقُ بِهِ ، وكَمالُ التَّصديقِ بِهِ تَوحيدُهُ ، وكَمالُ تَوحيدِهِ الإِخلاصُ لَهُ ، وكَمالُ الإِخلاصِ لَهُ نفيُ الصِّفاتِ عَنهُ ؛ لِشَهادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّها غَيرُ المَوصوفِ ، وشَهادَةِ كُلِّ مَوصوفٍ أَنَّهُ غَيرُ الصِّفَةِ . فَمَن وَصَفَ اللّهَ سُبحانَهُ فَقَد قَرَنَهُ ، ومَن قَرَنَهُ فَقَد ثَنّاهُ ، ومنَ ثَنّاهُ فَقَد جَزَّأَهُ ، ومَن جَزَّأَهُ فَقَد جَهِلَهُ ، ومَن جَهِلَهُ فَقَد أَشارَ إِلَيهِ ، ومَن أَشارَ إِلَيهِ فَقَد حَدَّهُ ، ومَن حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ ، ومَن قالَ «فيمَ ؟» فَقَد ضَمَّنَهُ ، ومَن قالَ «عَلامَ ؟» فَقَد أَخلى مِنهُ . كائِنٌ لا عَن حَدَثٍ ، مَوجودٌ لا عَن عَدَمٍ ، مَعَ كُلِّ شَيءٍ لا بِمُقارَنَةٍ ، وغَيرُ كُلِّ شَيءٍ لا بِمُزايَلَةٍ . فاعِلٌ لا بِمَعنَى الحَرَكاتِ وَالآلةِ ، بَصيرٌ إِذ لا مَنظورَ إِلَيهِ مِن خَلقِهِ ، مُتَوَحِّدٌ إِذ لا سَكَنَ يَستَأنِسُ بِهِ ولا يَستَوحِشُ لِفَقدِهِ . (1)
عنه عليه السلام :أَوَّلُ عِبادَةِ اللّهِ مَعرِفَتُهُ ، وأَصلُ مَعرِفَتِهِ تَوحيدُهُ ، ونِظامُ تَوحيدِهِ نَفيُ التَّشبيهِ عَنهُ ، جَلَّ عَن أَن تَحُلَّهُ الصِّفاتُ ؛ لِشَهادَةِ العُقولِ أَنَّ كُلَّ مَن حَلَّتهُ الصِّفاتُ مَصنوعٌ ، وشَهادَةِ العُقولِ : أَنَّهُ جَلَّ جَلالُهُ صانِعٌ لَيسَ بِمَصنوعٍ ، بِصُنعِ اللّهِ يُستَدَلُّ عَلَيهِ ، وبِالعُقولِ تُعتَقَدُ مَعرِفَتُهُ ، وبِالنَّظَرِ تَثبُتُ حُجَّتُهُ ، جَعَلَ الخَلقَ دَليلاً عَلَيهِ ، فَكَشَفَ بِهِ عَن رُبوبِيَّتِهِ ... بِمُضادَّتِهِ بَينَ الأَشياءِ المُتَضادَّةِ عُلِمَ أَن لا ضِدَّ لَهُ ، وبِمُقارَنَتِهِ بَينَ
.
ص: 311
الأُمورِ المُقتَرِنَةِ عُلِمَ أَن لا قَرينَ لَهُ . (1)
عنه عليه السلام :ما وَحَّدَهُ مَن كَيَّفَهُ ، ولا حَقيقَتَهُ أَصابَ مَن مَثَّلَهُ ، ولا إِيّاهُ عَنى مَن شَبَّهَهُ ، ولا صَمَدَهُ مَن أَشارَ إِلَيهِ وتَوَهَّمَهُ . كُلُّ مَعروفٍ بِنَفسِهِ مَصنوعٌ ، وكُلُّ قائِمٍ في سِواهُ مَعلولٌ . فاعِلٌ لا بِاضطِرابِ آلَةٍ ، مُقَدِّرٌ لا بِجَولِ فِكرَةٍ ، غَنِيٌّ لا بِاستِفادَةٍ . لا تَصحَبُهُ الأَوقاتُ ، ولا تَرفِدُهُ الأَدَواتُ . سَبَقَ الأَوقاتَ كَونُهُ ، وَالعَدَمَ وُجودُهُ ، وَالاِبتِداءَ أَزَلُهُ بِتَشعيرِهِ المَشاعِرَ عُرِفَ أَن لا مَشَعَرَ لَهُ ، وبِمُضادَّتِهِ بَينَ الأُمورِ عُرِفَ أَن لا ضِدَّ لَهُ ، وبِمُقارَنَتِهِ بَينَ الأَشياءِ عُرِفَ أَن لا قَرينَ لَهُ . ضادَّ النّورَ بِالظُّلمَةِ ، وَالوُضوحَ بِالبُهمَةِ ، وَالجُمودَ بِالبَلَلِ ، وَالحَرورَ بِالصَّرَدِ . (2) مُؤَلِّفٌ بَينَ مُتَعادِياتِها ، مُقارِنٌ بَينَ مُتَبايِناتِها ، مُقَرِّبٌ بَينَ مُتَباعِداتِها ، مُفَرِّقٌ بَينَ مُتَدانِياتِها . لا يُشمَلُ بِحَدٍّ ، ولا يُحسَبُ بِعَدٍّ ، وإِنَّما تَحُدُّ الأَدَواتُ أَنفُسَها ، وتُشيرُ الآلاتُ إِلى نظائِرِها . مَنَعَتها «مُنذُ» القِدمَةَ ، وحَمَتها «قَد» الأَزَلِيَّةَ ، وجَنَّبَتها «لَولا» التَّكمِلَة . بَها تَجَلّى صانِعُها لِلعُقولِ ، وبِهَا امتَنَعَ عَن نَظَرِ العُيونِ ، ولا يَجري عَلَيهِ السُّكونُ وَالحَرَكَةُ ، وكَيفَ يَجري عَلَيهِ ما هُوَ أَجراهُ ، ويَعودُ فِيهِ ما هو أَبداهُ ، ويَحدُثُ فيهِ ما هُوَ أَحدَثَهُ! إِذا لَتَفاوَتَت ذاتُهُ ، ولَتَجَزَّأَ كُنهُهُ ، ولَامتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعناهُ ، ولَكانَ لَهُ وَراءُ إِذ وجِدَ لَهُ أَمامٌ ، ولَالتَمَسَ التَّمامَ إِذ لَزِمَهُ النُّقصانُ ، وإِذاً لَقامَت آيَةُ المَصنوعِ فيهِ ، ولَتَحَوَّلَ دَليلاً بَعدَ أَن كانَ مَدلولاً عَلَيهِ ، وخَرَجَ بِسُلطانِ الاِمتِناعِ مِن أَن يُؤَثِّرَ فيهِ ما يُؤَثِّرُ في غَيرِهِ .
.
ص: 312
الَّذي لا يَحولُ ولا يَزولُ ، ولا يَجوزُ عَلَيهِ الاُفولُ . (1) لَم يَلِد فَيَكونَ مَولودا ، ولَم يُولَد فَيَصيرَ مَحدودا ، جَلَّ عَنِ اتِّخاذِ الأَبناء ، وطَهُرَ عَن مُلامَسَةِ النِّساءِ . لا تَنالُهُ الأَوهامُ فَتُقَدِّرَهُ ، ولا تَتَوَهَّمُهُ الفِطَنُ فَتُصَوِّرَهُ ، ولا تُدرِكُهُ الحَواسُّ فَتُحِسَّهُ ، ولا تَلمِسُهُ الأَيدي فَتَمَسَّهُ . ولا يَتَغَيَّرُ بِحالِ ، ولا يَتَبَدَّلُ فِي الأَحوالِ . ولا تُبليهِ اللَّيالي وَالأَيّامُ ، ولا يُغَيِّرُهُ الضِّياءُ وَالظَّلامُ . ولا يُوصَفُ بِشَيءٍ مِنَ الأَجزاءِ ، ولا بِالجَوارِحِ وَالأَعضاءِ ، ولا بِعَرَضٍ مِنَ الأَعراضِ ، ولا بِالغَيرِيَّةِ وَالأَبعاضِ . ولا يُقالُ لَهُ حَدٌّ ولا نِهايةٌ ، ولَا انقِطاعٌ ولا غايَةٌ ؛ ولا أَنَّ الأَشياءَ تَحويهِ فَتُقِلَّهُ أَو تُهوِيَهُ ، أَو أَنَّ شَيئا يَحمِلُهُ فَيُميلَهُ أَو يُعَدِّلَهُ . لَيسَ فِي الأَشياءِ بِوالِجٍ ، ولا عَنها بِخارِجٍ . يُخبِرُ لا بِلسانٍ ولَهَواتٍ ، ويَسمَعُ لا بِخُروقٍ وأَدَواتٍ . يَقولُ ولا يَلفِظُ ، ويَحفَظُ ولا يَتَحَفَّظُ ، ويُريدُ ولا يُضمِرُ . يُحِبُّ ويَرضى مِن غَيرِ رِقَّةٍ ، ويُبغِضُ ويَغضَبُ مِن غَيرِ مَشَقَّةٍ . يَقولُ لِمَن أَرادَ كَونَهُ : «كُن» فَيَكونُ ، لا بِصَوتٍ يَقرَعُ ، ولا بِنِداءٍ يُسمَعُ ؛ وإِنَّما كَلامُهُ سُبحانَهُ فِعلٌ مِنهُ أَنشَأَهُ ومَثَّلَهُ ، لَم يَكُن مِن قَبلِ ذلِكَ كائِنا ، ولَو كانَ قَديما لَكانَ إِلها ثانِيا . لا يُقالُ : كانَ بَعدَ أَن لَم يَكُن ، فَتَجريَ عَلَيهِ الصِّفاتُ المُحدَثاتُ ، ولا يَكونُ بَينَها وبَينَهُ فَصلٌ ، ولا لَهُ عَلَيها فَضلٌ ، فَيَستَوِي الصَّانِعُ وَالمَصنوعُ ، ويَتَكافَأُ المُبتَدَعُ والبَديعُ . خَلَقَ الخَلائِقَ عَلى غَيرِ مِثالٍ خَلا مِن غَيرِهِ ، ولم يَستَعِن عَلى خَلقِها بِأَحدٍ مِن خَلقِهِ . وأَنشَأَ الأَرضَ فَأَمسَكَها مِن غَيرِ اشتِغالٍ ، وأَرساها عَلى غَيرِ قَرارٍ ، وأَقامَها بِغَيرِ قَوائِمَ ، ورَفَعَها بِغَيرِ دَعائِمَ ، وحَصَّنَها مِنَ الأَوَدِ وَالاِعوِجاجِ ، ومَنَعَها مِنَ التَّهافُتِ وَالاِنفِراجِ ، أَرسى أَوتادَها ، وضَرَبَ أَسدادَها ، وَاستَفاضَ عُيونَها ،
.
ص: 313
وخَدَّ (1) أَودِيَتها ، فَلَم يَهِن ما بَناهُ ، ولا ضَعُفَ ما قَوّاهُ . هُوَ الظّاهِرُ عَلَيها بِسُلطانِهِ وعَظَمَتِهِ ، وهُوَ الباطِنُ لَها بِعِلمِهِ ومَعرِفَتِهِ ، وَالعالي عَلى كُلِّ شَيءٍ مِنها بِجَلالِهِ وَعِزَّتِهِ ، لا يُعجِزُهُ شَيءٌ مِنها طَلَبَهُ ، ولا يَمتَنِعُ عَلَيهِ فَيَغلِبَهُ ، ولا يَفوتُهُ السَّريعُ مِنها فَيَسبِقَهُ ، ولا يَحتاجُ إِلى ذي مالٍ فَيَرزُقَهُ . خَضَعَتِ الأَشياءُ لَهُ ، وذَلَّت مُستَكينَةً لِعَظَمَتِهِ ، لا تَستطيعُ الهَرَبَ مِن سُلطانِهِ إِلى غَيرِهِ فَتَمتَنِعَ مِن نَفعِهِ وضَرِّهِ ، ولا كُف ءَ لَهُ فَيُكافِئَهُ ، ولا نَظيرَ لَهُ فَيُساوِيَهُ . هُوَ المُفني لَها بَعدَ وُجودِها ، حَتّى يَصيرَ مَوجودُها كَمَفقودِها ، ولَيسَ فَناءُ الدُّنيا بَعدَ ابتِداعِها بِأَعجَبَ مِن إِنشائِها واختِراعِها ، وكَيفَ ولَوِ اجتَمَعَ جَميعُ حَيَوانِها مِن طَيرِها وبَهائِمِها ، وما كانَ مِن مُراحِها وسائِمِها ، وأَصنافِ أَسناخِها وأَجناسِها ، ومُتَبَلِّدَةِ أُمَمِها وأَكياسِها ، عَلى إِحداثِ بَعوضَةٍ ما قَدَرَت عَلى إِحداثِها ، ولا عَرَفَت كَيفَ السَّبيلُ إِلى إِيجادِها ، ولَتَحَيَّرَت عُقولُها في عِلمِ ذلِكَ وتاهَت ، وعَجَزَت قُواها وتَناهَت ، وَرَجَعت خاسِئَةً حَسيرَةً ، عارِفَةً بِأَنَّها مَقهورَةٌ ، مُقِرَّةً بِالعَجزِ عَن إِنشائِها ، مُذعِنَةً بِالضَّعفِ عَن إِفنائِها! وإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ يَعودُ بَعدَ فَناءِ الدُّنيا وَحدَهُ لا شَيءَ مَعَهُ ، كَما كانَ قَبلَ ابتِدائِها كَذلِكَ يَكونُ بَعدَ فَنائِها ، بِلا وَقتٍ ولا مَكانٍ ، ولا حينٍ ولا زَمانٍ ، عُدِمَت عِندَ ذلِكَ الآجالُ وَالأَوقاتُ ، وزالَتِ السِّنونَ وَالسَّاعاتُ ، فَلا شَيءَ إِلَا اللّهُ الواحِدُ القَهّارُ الَّذي إِلَيهِ مَصيرُ جَميعِ الأُمورِ ، بِلا قُدرَةٍ مِنها كانَ ابتِداءُ خَلقِها ، وبِغَيرِ امتِناعٍ مِنها كانَ فَناؤُها ، ولَو قَدَرَت عَلَى الاِمتناعِ لَدامَ بَقاؤُها . لَم يَتَكاءَدهُ صُنعُ شَيءٍ مِنها إِذ صَنَعَهُ ، ولَم يَؤُدهُ مِنها خَلقُ ما خَلَقَهُ وبَرَأَهُ ، ولَم
.
ص: 314
يُكَوِّنها لِتَشديدِ سُلطانٍ ، ولا لِخَوفٍ مِن زَوالٍ ونُقصانٍ ، ولا لِلاِستِعانَةِ بِها عَلى نِدٍّ مُكاثِرٍ ، ولا لِلاِحتِرازِ بِها مِن ضِدٍّ مُثاوِرٍ ، ولا لِلاِزدِيادِ بِها في مُلكِهِ ، ولا لِمُكاثَرَةِ شَريكٍ في شِركِهِ ، ولا لِوَحشَةٍ كانَت مِنهُ ، فَأَرادَ أَن يَستَأنِسَ إِلَيها . ثُمَّ هُوَ يُفنيها بَعدَ تَكوينِها ، لا لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَيهِ في تَصريفِها وتَدبيرِها ، ولا لِراحَةٍ واصِلَةٍ إِلَيهِ، ولا لِثِقَلِ شَيءٍ مِنها عَلَيهِ . لا يُمِلُّهُ طولُ بَقائِها فَيَدعُوَهُ إِلى سُرعَةِ إِفنائِها ، ولكِنَّهُ سُبحانَهُ دَبَّرَها بِلُطفِهِ ، وأَمسَكَها بِأَمرِهِ ، وأَتقَنَها بِقُدرَتِهِ ، ثُمَّ يُعيدُها بَعدَ الفَناءِ مِن غَيرِ حاجَةٍ مِنهُ إِلَيها ، ولَا استِعانَةٍ بِشَيءٍ مِنها عَلَيها ، ولا لِانصِرافٍ مِن حالِ وَحشَةٍ إِلى حالِ استِئناسٍ ، ولا مِن حالِ جَهلٍ وعَمى إِلى حالِ عِلمٍ وَالتِماسٍ ، ولا مِن فَقرٍ وحاجَةٍ إِلى غِنىً وكَثرَةٍ ، ولا مِن ذُلٍّ وضَعَةٍ إِلى عِزٍّ وقُدرَةٍ . (1)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الواحِدِ الأَحَدِ الصَّمَدِ المُتَفَرِّدِ الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ خَلَقَ ما كانَ ، قُدرَةٌ بانَ بِها مِنَ الأَشياءِ وبانَتِ الأَشياءُ مِنهُ ، فَلَيسَت لَهُ صِفَةٌ تُنالُ ولا حَدٌّ تُضرَبُ لَهُ فيهِ الأَمثالُ ، كَلَّ دونَ صِفاتِهِ تَحبيرُ اللُّغاتِ ، وضَلَّ هُناكَ تَصاريفُ الصِّفاتِ ، وحارَ في مَلَكوتِهِ عَميقاتُ مَذاهِبِ التَّفكيرِ ، وَانقَطَعَ دونَ الرُّسوخِ في عِلمِهِ جَوامِعُ التَّفسيرِ ، وحالَ دونَ غَيبِهِ المَكنونِ حُجُبٌ مِنَ الغُيوبِ ؛ تاهَت في أَدنى أَدانيها طامِحاتُ العُقولِ في لَطيفاتِ الأُمورِ . فَتَبارَكَ اللّهُ الَّذي لا يَبلُغُهُ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُهُ غَوصُ الفِطَنِ ، وتَعالَى الَّذي لَيسَ لَهُ وَقتٌ مَعدودٌ ، ولا أَجَلٌ مَمدودٌ ، ولا نَعتٌ مَحدودٌ ، سُبحانَ الَّذي لَيسَ لَهُ أَوَّلٌ مُبَتَدَأٌ ، ولا غايَةٌ مُنتَهىً ، ولا آخِرٌ يَفنى . سُبحانَهُ هُوَ كَما وَصَفَ نَفسَهُ وَالواصِفونَ لا يَبلُغونَ نَعتَهُ ، وحَدَّ الأَشياءَ كُلَّها عِندَ
.
ص: 315
خَلقِهِ ، إِبانَةً لَها مِن شَبَهِهِ وإِبانَةً لَهُ مِن شَبَهِها ، لَم يَحلُل فيها فَيُقالَ : هُوَ فيها كائِنٌ ، ولَم يَن ءَ عَنها فَيُقالَ : هُوَ مِنها بائِنٌ ، ولَم يَخلُ مِنها فَيُقالَ لَهُ : أَينَ ، لكِنَّهُ سُبحانَهُ ، أَحاطَ بِها عِلمُهُ ، وأَتقَنَها صُنعُهُ ، وأَحصاها حِفظُهُ ، لَم يَعزُب عَنهُ خَفِيّاتُ غُيوبِ الهَواءِ ، ولا غَوامِضُ مَكنونِ ظُلَمِ الدُّجى ، ولا ما فِي السَّماواتِ العُلى إِلَى الأَرَضينَ السُّفلى ، لِكُلِّ شَيءٍ مِنها حافِظٌ ورَقيبٌ ، وكُلُّ شَيءٍ مِنها بِشَيءٍ مُحيطٌ ، وَالمُحيطُ بِما أَحاطَ مِنها . الواحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ ، الَّذي لا يُغَيِّرُهُ صُروفُ الأَزمانِ ، ولا يَتَكَأَّدُهُ صُنعُ شَيءٍ كانَ ، إِنَّما قالَ لِما شاءَ : «كُن» فَكانَ . اِبتَدَعَ ما خَلَقَ بِلا مِثالٍ سَبَقَ ، ولا تَعَبٍ ولا نَصَبٍ ، وكُلُّ صانِعِ شَيءٍ فَمِن شَيءٍ صَنَعَ ؛ وَاللّهُ لا مِن شَيءٍ صَنَعَ ما خَلَقَ ، وكُلُّ عالِمٍ فَمِن بَعدِ جَهلٍ تَعَلَّمَ ؛ وَاللّهُ لَم يَجهَل ولَم يَتَعَلَّم . أَحاطَ بِالأَشياءِ عِلما قَبلَ كَونِها ، فَلَم يَزدَد بِكَونِها عِلما ، عِلمُهُ بِها قَبلَ أَن يُكَوِّنَها كَعِلمِهِ بَعدَ تَكوينِها ، لَم يُكَوِّنها لِتَشديدِ سُلطانٍ ، ولا خَوفٍ مِن زَوالٍ ولا نُقصانٍ ، ولا استِعانَةٍ عَلى ضِدٍّ مُناوٍ ، ولانِدٍّ مُكاثِرٍ ، ولا شَريكٍ مُكابِرٍ ، لكِن خَلائِقُ مَربوبونَ وعِبادٌ داخِرونَ . فَسُبحانَ الَّذي لا يَؤودُهُ خَلقُ ما ابتَدَأَ ، ولا تَدبيرُ ما بَرَأَ ، ولا مِن عَجزٍ ولا مَن فَترةٍ بِما خَلَقَ اكتَفى ، عَلِمَ ما خَلَقَ وخَلَقَ ما عَلِمَ ، لا بِالتَّفكيرِ في عِلمٍ حادِثٍ أَصابَ ما خَلَقَ ، ولا شُبهَةٍ دَخَلَت عَلَيهِ فيما لَم يَخلُق ، لكِن قَضاءٌ مُبرَمٌ ، وعِلمٌ مُحكَمٌ ، وأَمرٌ مُتقَنٌ . تَوَحَّدَ بِالرُّبوبِيَّةِ ، وخَصَّ نَفسَهُ بِالوَحدانِيَّةِ ، وَاستَخلَصَ بِالمَجدِ وَالثَّناءِ ، وتَفَرَّدَ بِالتَّوحيدِ وَالمَجدِ وَالسَّناءِ ، وتَوَحَّدَ بِالتَّحميدِ وتَمَجَّدَ بِالتَّمجيدِ ، وعَلا عَن اتِّخاذِ الأَبناءِ ، وتَطَهَّرَ وتَقَدَّسَ عَن مُلامَسَةِ النِّساءِ ، وعزَّوجلَّ عَن مُجاوَرَةِ الشُّرَكاءِ .
.
ص: 316
فَلَيسَ لَهُ فيما خَلَقَ ضِدٌّ ، ولا لَهُ فيما مَلَكَ نِدٌّ ، ولَم يُشرِكهُ في مُلكِهِ أَحَدٌ ، الواحِدٌ الأَحَدُ الصَّمَدُ ، المُبيدُ لِلأَبَدِ وَالوارِثُ لِلأَمَدِ ، الَّذي لَم يَزَل ولا يَزالُ وَحدانِيّا أَزَلِيّا ، قَبلَ بَدءِ الدُّهورِ وبَعدَ صُروفِ الأُمورِ ، الَّذي لا يَبيدُ ولا يَنفَدُ ، بِذلِكَ أَصِفُ رَبّي فَلا إِلهَ إِلَا اللّهُ ، مِن عَظيمٍ ما أَعظَمَهُ ! ومِن جَليلٍ ما أَجَلَّهُ ! ومِن عَزيزٍ ما أَعَزَّهُ ؟! وتَعالى عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّا كَبيرا . (1)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ كَوَّنَ ما قَد كانَ ، المُستَشهِدِ بِحُدوثِ الأَشياءِ عَلى أَزَلِيَّتِهِ ، وبِما وَسَمَها بِهِ مِنَ العَجزِ عَلى قُدرَتِهِ ، وبِمَا اضطَرَّها إِلَيهِ مِنَ الفَناءِ عَلى دَوامِهِ ، لَم يَخلُ مِنهُ مَكانٌ فَيُدرَكَ بِأَينيَّتِهِ ، ولا لَهُ شَبَحُ مِثالٍ فَيوصَفَ بِكَيفِيَّتِهِ ، ولَم يَغِب عَن شَيءٍ فَيُعلَمَ بِحَيِثيَّتِهِ . مُبايِنٌ لِجَميعِ ما أَحدَثَ فِي الصِّفاتِ ، ومُمتَنِعٌ عَنِ الإِدراكِ بِمَا ابتَدَعَ مِن تَصريفِ الذَّواتِ ، وخارِجٌ بِالكِبرِياءِ وَالعَظَمَةِ مِن جَميعِ تَصَرُّفِ الحالاتِ ، مُحَرَّمٌ عَلى بَوارِعِ ناقِباتِ الفِطَنِ تَجديدُها (2) ، وعَلى غَوامِضِ ثاقِباتِ الفِكرِ تَكييفُهُ وعَلى غَوائِصِ سابِحاتِ النَّظَرِ تَصويرُهُ . لا تَحويهِ الأَماكِنُ لِعَظَمَتِهِ ، ولا تُدرِكُهُ المَقاديرُ لِجَلالِهِ ، ولا تَقطَعُهُ المَقائيسُ لِكِبرِيائِهِ . مُمتَنِعٌ عَنِ الأَوهامِ أَن تَستَغرِقَهُ ، وعَنِ الأَذهانِ أَن تُمَثِّلَهُ ، وقَد يَئِسَت مِن استِنباطِ الإِحاطَةِ بِهِ طَوامِحُ العُقولِ ، ونَضَبَت عَنِ الإِشارَةِ إِلَيهِ بِالاِكتِناهِ بِحارُ العُلومِ ، ورَجَعَت بِالصِّغَرِ عَنِ السُّمُوِّ إِلى وَصفِ قُدرَتِهِ لَطائِفُ الخُصومِ .
.
ص: 317
واحِدٌ لا مِن عَدَدٍ ، ودائِمٌ لا بِأَمَدٍ ، وقائِمٌ لا بِعَمَدٍ ، لَيسَ بِجِنسٍ فَتُعادِلَهُ الأَجناسُ ، ولا بِشَبَحٍ فَتُضارِعَهُ الأَشباحُ ، ولا كَالأَشياءِ فَتَقَعَ عَلَيهِ الصِّفاتُ ، قَد ضَلَّتِ العُقولُ في أَمواجِ تَيّارِ إِدراكِهِ ، وتَحَيَّرَتِ الأَوهامُ عَن إِحاطَةِ ذِكرِ أَزَلِيَّتِهِ ، وحَصَرَتِ الأَفهامُ عَنِ استِشعارِ وَصفِ قدُرَتِهِ ، وغَرَقَتِ الأَذهانُ في لُجَجِ أَفلاكِ مَلَكوتِهِ ، مُقتَدِرٌ بِالآلاءِ ، ومُمتَنِعٌ بِالكِبرِياءِ ، ومُتَمَلِّكٌ عَلَى الأَشياءِ. فَلا دَهرٌ يُخلِقُهُ ، ولا زَمانٌ يُبليهِ ، ولا وَصفٌ يُحيطُ بِهِ ، وقَد خَضَعَت لَهُ الرِّقابُ الصِّعابُ في مَحَلِّ تُخومِ قَرارِها ، وأَذعَنَت لَهُ رَواصِنُ الأَسبابِ في مُنتَهى شَواهِقِ أَقطارِها ، مُستَشهِدٌ بِكُلِّيَّةِ الأَجناسِ عَلى رُبوبِيَّتِهِ ، وبِعَجزِها عَلى قُدرَتِهِ ، وبِفُطورِها عَلى قِدمَتِهِ ، وبِزَوالِها عَلى بَقائِهِ ، فَلا لَها مَحيصٌ عَن إِدراكِهِ إِيّاها ، ولا خرُوجٌ مِن إِحاطَتِهِ بِها ، ولَا احتِجابٌ عَن إِحصائِهِ لَها ، ولَا امتِناعٌ مِن قُدرَتِهِ عَلَيها . كَفى بِإِتقانِ الصُّنعِ لَها آيَةً ، وبِمَركَبِ الطَّبعِ عَلَيها دِلالَةً ، وبِحُدوثِ الفِطرِ عَليَها قِدمَةً ، وبِإِحكامِ الصَّنعَةِ لَها عِبرَةً ، فَلا إِلَيهِ حَدٌّ مَنسوبٌ ، ولا لَهُ مَثَلٌ مَضروبٌ ، ولا شَيءٌ عَنهُ مَحجوبٌ ، تَعالى عَن ضَربِ الأَمثالِ وَالصَّفاتِ المَخلوقَةِ عُلُوّا كَبيرا . (1)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي مَنَعَ الأَوهامَ أَن تَنالَ إِلّا وُجودَهُ ، وحَجَبَ العُقولَ أَن تَتَخَيَّلَ ذاتَهُ ؛ لِامتِناعِها مِنَ الشَّبَهِ وَالتَّشاكُلِ ، بَل هُوَ الَّذي لا يَتَفاوَتُ في ذاتِهِ ، ولا يَتَبَعَّضُ بِتَجزِئَةِ العَدَد في كَمالِهِ . فارَقَ الأَشياءَ لا عَلَى اختِلافِ الأَماكِنِ ، ويَكونُ فيها لا عَلى وَجهِ المُمازَجَةِ . وعَلِمَها لا بِأَداةٍ ، لا يَكونُ العِلمُ إِلّا بِها . ولَيسَ بَينَهُ وبَينَ مَعلومِهِ عِلمُ غَيرِهِ بِهِ كانَ
.
ص: 318
عالِما بِمَعلومِهِ . إِن قيلَ : كانَ ، فَعَلى تَأويلِ أَزَلِيَّةِ الوُجودِ ، وإِن قيل : لَم يَزَل ، فَعَلى تَأويلِ نَفيِ العَدَمِ . (1)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي بَطَنَ خَفِيّاتِ الأُمورِ ، ودَلَّت عَلَيهِ أَعلامُ الظُّهورِ ، وَامتَنَعَ عَلى عَينِ البَصيرِ ، فَلا عَينُ مَن لَم يَرَهُ تُنكِرُهُ ، ولا قَلبُ مَن أَثبَتَهُ يُبصِرُهُ . سَبَقَ فِي العُلُوِّ فَلا شَيءَ أَعلى مِنهُ ، وقَرُبَ فِي الدُّنُوِّ فَلا شَيءَ أَقرَبُ مِنهُ . فَلا استِعلاؤُهُ باعَدَهُ عَن شَيءٍ مِن خَلقِهِ ، ولا قُربُهُ ساواهُم فِي المَكانِ بِهِ ، لَم يُطلِعِ العُقولَ عَلى تَحديدِ صِفَتِهِ ، ولَم يَحجُبها عَن واجِبِ مَعرِفَتِهِ ، فَهُوَ الَّذي تَشهَدُ لَهُ أَعلامُ الوُجودِ عَلى إِقرارِ قَلبِ ذِي الجُحودِ . تَعالَى اللّهُ عَمّا يَقولُهُ المُشَبِّهونَ بِهِ وَالجاحِدونَ لَهُ عُلُوّا كَبيرا . (2)
عنه عليه السلام :قَريبٌ مِنَ الأَشياءِ غَيرُ مُلابِسٍ ، بَعيدٌ مِنها غَيرُ مُبايِنٍ ، مُتَكَلِّمٌ لا بِرَوِيَّةٍ ، مُريدٌ لابِهِمَّةٍ ، صانِعٌ لا بِجارِحَةٍ ، لَطيفٌ لا يوصَفُ بِالخَفاءِ ، كَبيرٌ لا يوصَفُ بِالجَفاءِ ، بَصيرٌ لا يوصَفُ بِالحاسَّةِ ، رَحيمٌ لا يوصَفُ بِالرِّقَّةِ ، تَعنُو الوُجوهُ لِعَظَمَتِهِ ، وتَجِبُ (3) (تَجلُّ) القُلوبُ مِن مَخافَتِهِ . (4)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَم تَسبِق لَهُ حالٌ حالاً ، فَيَكونَ أَوَّلاً قَبلَ أَن يَكونَ آخِرا ، ويَكونَ ظاهِرا قَبلَ أَن يَكونَ باطِنا ، كُلُّ مُسَمّىً بِالوَحدَةِ غَيرُهُ قَليلٌ ، وكُلُّ عَزيزٍ غَيرُهُ
.
ص: 319
ذَليلٌ ، وكُلُّ قَوِيٍّ غَيرُهُ ضَعيفٌ ، وكُلُّ مالِكٍ غَيرُهُ مَملوكٌ ، وكُلُّ عالِمٍ غَيرُهُ مُتَعَلِّمٌ . (1)
عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إِلَيهِ _: سُبحانَ الواحِدِ الَّذي لَيسَ غَيرُهُ ، سُبحانَ الدّائِمِ الَّذي لا نَفادَ لَهُ ، سُبحانَ القَديمِ الَّذي لَا ابتِداءَ لَهُ ، سُبحانَ الغَنِيِّ عَن كُلِّ شَيءٍ ولا شَيءَ مِنَ الأَشياءِ يُغني عَنهُ . (2)
عنه عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الشّاكِرُ لِلمُطيعِ لَهُ ، المُملي (3) لِلمُشرِكِ بِهِ ، القَريبُ مِمَّن دَعاهُ عَلى حالِ بُعدِهِ ، وَالبَرُّ الرَّحيمُ بِمَن لَجَأَ إِلى ظِلَّهِ وَاعتَصَمَ بِحَبلِهِ . ولا إِلهِ إِلَا اللّهُ المُجيبُ لِمَن ناداهُ بِأَخفَضِ صَوتِهِ ، السَّميعُ لِمَن ناجاهُ لِأَغمَضِ سِرِّهِ ، الرَّؤوفُ بِمَن رَجاهُ لِتَفريجِ هَمِّهِ ، القَريبُ مِمَّن دَعاهُ لِتَنفيسِ كَربِهِ وغَمِّهِ . ولا إِلهَ إِلَا اللّهُ الحَليمُ عَمَّن أَلحَدَ في آياتِهِ ، وَانحَرَفَ عَن بَيِّناتِهِ ، ودانَ بِالجُحودِ في كُلِّ حالاتِهِ ، واللّهُ أَكبَرُ القاهِرُ لِلأَضدادِ ، المُتَعالي عَنِ الأَندادِ ، المُتَفَرِّدُ بِالمِنَّةِ عَلى جَميعِ العِبادِ ، وَاللّهُ أَكبَرُ المُحتَجِبُ بِالمَلَكوتِ وَالعِزَّةِ ، المُتَوَحِّدُ بِالجَبَروتِ وَالقُدرَةِ ، المُتَرَدّي بِالكِبرِياءِ وَالعَظَمَةِ ، وَاللّهُ أَكبَرُ المُتَقَدِّسُ بِدَوامِ السُّلطانِ ، وَالغالِبُ بِالحُجَّةِ وَالبُرهانِ ، ونَفاذِ المَشِيئةِ في كُلِّ حينٍ وأَوانٍ . (4)
الكافي عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور :خَطَبَ أَميرُالمُؤمِنينَ عليه السلام خُطبَةً بَعدَ العَصرِ ، فَعَجِبَ النّاسُ مِن حُسنِ صِفَتِهِ وما ذَكَرَهُ مِن تَعظيمِ اللّهِ _ جَلَّ جَلالُهُ _ ، قالَ أَبو إِسحاقَ: فَقُلتُ لِلحارِثِ: أوَما حَفِظتَها؟
.
ص: 320
قالَ: قَد كَتَبتُها ، فَأَملاها عَلَينا مِن كِتابِهِ: الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يَموتُ ولا تَنقَضي عَجائِبُهُ ؛ لِأَنَّهُ كُلَّ يَومٍ في شَأنٍ مِن إِحداثِ بَديعٍ لَم يَكُن. الَّذي لَم يَلِد فَيَكونَ فِي العِزِّ مُشارَكا ، ولَم يُولَد (1) فَيَكونَ مَوروثا هالِكا ، ولَم تَقَع عَلَيهِ الأَوهامُ فَتُقَدِّرَهُ شَبَحا ماثِلاً ، ولَم تُدرِكهُ الأَبصارُ فَيَكونَ بَعدَ انتِقالِها حائِلاً. الَّذي لَيسَت في أَوَّلِيَّتِهِ نِهايَةٌ ولا لِاخِرِيَّتِهِ حَدٌّ ولا غايَةٌ. الَّذي لَم يَسبِقهُ وَقتٌ ، ولَم يَتَقَدَّمهُ زَمانٌ ، ولا يَتَعاوَرُهُ زِيادَةٌ ولا نُقصانٌ ، ولا يُوصَفُ بِأَينٍ ولا بِمَ ولا مَكانٍ. الَّذي بَطَنَ مِن خَفِيّاتِ الأُمورِ ، وظَهَرَ فِي العُقولِ بِما يُرى في خَلقِهِ مِن عَلاماتِ التَّدبيرِ. الَّذي سُئِلَتِ الأَنبياءُ عَنهُ فَلَم تَصِفهُ بِحَدٍّ ولا بِبَعضٍ ، بَل وَصَفَتهُ بِفِعالِهِ ودَلَّت عَلَيهِ بِآياتِهِ. لا تَستَطيعُ عُقولُ المُتَفَكِّرينَ جَحدَهُ ؛ لِأَنَّ مَن كانَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ فِطرَتَهُ وما فيهِنَّ وما بَينَهُنَّ وهُوَ الصّانِعُ لَهُنَّ ، فَلا مَدفَعَ لِقُدرَتِهِ. الَّذي نَأى مِنَ الخَلقِ فَلا شَيءَ كَمِثلِهِ. الَّذي خَلَقَ خَلقَهُ لِعِبادَتِهِ وأَقدَرَهُم عَلى طاعَتِهِ بِما جَعَلَ فيهِم ، وقَطَعَ عُذرَهُم بِالحُجَجِ ، فَعَن بَيِّنَةٍ هَلَكَ مَن هَلَكَ ، وبِمَنِّهِ نَجا مَن نَجا ، وللّهِِ الفَضلُ مُبدِئا ومُعيدا . ثُمَّ إِنَّ اللّهَ ولَهُ الحَمدُ افتَتَحَ الحَمدَ لِنَفسِهِ (2) ، وخَتَمَ أَمرَ الدُّنيا ومَحَلَّ الآخِرَةِ بِالحَمدِ لِنَفسِهِ ، فَقالَ: «وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَ__لَمِينَ» . (3) الحَمدُ للّهِِ اللّابِسِ الكِبرياءِ بِلا تَجسيدٍ ، وَالمُرتَدي بِالجَلالِ بِلا تَمثيلٍ ، وَالمُستَوي عَلَى العَرشِ بِغَيرِ زَوالٍ ، وَالمُتَعالي عَلَى الخَلقِ بِلا تَباعُدٍ مِنهُم ولا مُلامَسَةٍ مِنهُ لَهُم.
.
ص: 321
لَيسَ لَهُ حَدٌّ يُنتَهى إِلى حَدِّهِ ، ولا لَهُ مِثلٌ فَيُعرَفَ بِمِثلِهِ. ذَلَّ مَن تَجَبَّرَ غَيرَهُ ، وصَغُرَ مَن تَكَبَّرَ دونَهُ ، وتَواضَعَتِ الأَشياءُ لِعَظَمَتِهِ ، وَانقادَت لِسُلطانِهِ وعِزَّتِهِ ، وكَلَّت عَن إِدراكِهِ طُروفُ العُيونِ ، وقَصُرَت دونَ بُلوغِ صِفَتِهِ أَوهامُ الخَلائِقِ. الأَوَّلِ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ولا قَبلَ لَهُ ، وَالآخِرِ بَعدَ كُلِّ شَيءٍ ولا بَعدَ لَهُ ، الظّاهِرِ عَلى كُلِّ شَيءٍ بِالقَهرِ لَهُ ، وَالمُشاهِدِ لِجَميعِ الأَماكِنِ بِلَا انتِقالٍ إِلَيها ، لا تَلمِسُهُ لامِسَةٌ ولا تَحُسُّهُ حاسَّةٌ ، «هُوَ الَّذِى فِى السَّمَاءِ إِلَ_هٌ وَ فِى الْأَرْضِ إِلَ_هٌ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ» . (1) أَتقَنَ ما أَرادَ مِن خَلقِهِ مِنَ الأَشباحِ كُلِّها ، لا بِمِثالٍ سَبَقَ إِلَيهِ ، ولا لُغوبٍ (2) دَخَلَ عَلَيهِ في خَلقِ ما خَلَقَ لَدَيهِ. ابتَدَأَ ما أَرادَ ابتِداءَهُ ، وأنشَأ ما أَرادَ إِنشاءَهُ عَلى ما أرادَ مِنَ الثَّقَلَينِ الجِنِّ وَالإِنسِ ؛ لِيَعرِفوا بِذلِكَ رُبوبِيَّتَهُ وتَمَكَّنَ فيهِم طاعَتُهُ. نَحمَدُهُ بِجَميعِ مَحامِدِهِ كُلِّها عَلى جَميعِ نَعمائِهِ كُلِّها ، ونَستَهديهِ لِمَراشِدِ أُمورِنا ، ونَعوذُ بِهِ مِن سَيِّئاتِ أَعمالِنا ، ونَستَغفِرُهُ لِلذُّنوبِ الَّتي سَبَقَت مِنّا ، ونَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلَا اللّهُ وأَنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ ورَسولُهُ ، بَعَثَهُ بِالحَقِّ نَبِيّا دالّاً عَلَيهِ وهادِيا إِلَيهِ ، فَهَدى بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ ، وَاستَنقَذَنا بِهِ مِنَ الجَهالَةِ ، مَن يُطِعِ اللّهَ ورَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزا عَظيما ونالَ ثَوابا جَزيلاً ، ومَن يَعصِ اللّهَ ورَسولَهُ فَقَد خَسِرَ خُسرانا مُبينا وَاستَحَقَّ عَذابا أَليما . فَأَنجِعوا 3 بَما يَحِقُّ عَلَيكُم مِنَ السَّمعِ وَالطَّاعَةِ وإِخلاصِ النَّصيحَةِ وحُسنِ
.
ص: 322
المُؤازَرَةِ ، وأَعينوا عَلى أَنفُسِكُم بِلُزومِ الطَّريقَةِ المُستَقيمَةِ وهِجرِ الأُمورُ المَكروهَةِ ، وتَعاطَوُا الحَقَّ بَينَكُم وتَعاوَنوا بِهِ دوني ، وخُذوا عَلى يَدِ الظّالِمِ السَّفيهِ ، ومُروا بِالمَعروفِ وَانهَوا عَنِ المُنكَرِ ، وَاعرِفوا لِذَوِي الفَضلِ فَضلَهُم . عَصَمَنَا اللّهُ وإِيّاكُم بِالهُدى وثَبَّتَنا وإِيّاكُم عَلَى التَّقوى وأَستَغفِرُ اللّهَ لي ولَكُم . (1)
حلية الأولياء عن النعمان بن سعد :كُنتُ بالكوفَةِ في دارِ الإمارَةِ ؛ دارِ عَلِيِّ بنِ أَبي طالِبٍ عليه السلام ، إذ دَخَلَ عَلَينا نَوفُ بنُ عَبدِ اللّهِ فَقالَ : يا أَميرَ المُؤمِنينَ ، بِالبابِ أَربَعونَ رَجُلاً مِنَ اليَهودِ . فقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : عَلَيَّ بِهِم . فَلَمّا وَقَفوا بَينَ يَدَيهِ قالوا لَهُ : يا عَلِيُ ، صِف لَنا رَبَّكَ هذا الَّذي فِي السَّماءِ كَيفَ هُوَ؟ وكَيفَ كانَ؟ ومَتى كانَ؟ وعَلى أيِّ شَيءٍ هُوَ؟ فَاستَوى عَليٌّ عليه السلام جالِسَا ، وقالَ : مَعشَرَ اليَهودِ ، اسمَعوا مِنّي ولا تُبالوا ألّا تَسأَلوا أَحَدا غَيري : إنَّ رَبّي عز و جل هُوَ الأَوَّلُ لَم يُبدَ مِمّا ، ولا مُمازِجٌ مَعَ ما ، ولا حالٌّ وَهما ، ولا شَبَحٌ يُتَقَصّى ، ولا مَحجوبٌ فَيُوحى ، ولا كانَ بَعدَ أن لَم يَكُن فَيُقالَ حادِثٌ ، بَل جَلَّ أن يُكَيِّفَ المُكَيِّفُ للأَشياءِ كَيفَ كانَ ، بَل لَم يَزَل ولا يَزولُ لِاختِلافِ الأَزمانِ ، ولا لِتَقَلُّبِ شَأنٍ بَعدَ شَأنٍ . وكَيفَ يوصَفُ بِالأَشباحِ ، وكَيفَ يُنعَتُ بِالأَلسُنِ الفِصاحِ مَن لَم يَكُن فِي الأَشياءِ فَيُقالَ : بائِنٌ ، ولَم يَبِن عَنها فَيُقالَ : كائِنٌ (2) بَل هُوَ بِلا كَيفيَّةٍ ، وهُوَ أَقرَبُ مِن حَبلِ
.
ص: 323
الوَريدِ ، وأَبعَدُ فِي الشَّبَهِ مِن كُلِّ بَعيدٍ . لا يَخفى عَلَيهِ مِن عِبادِهِ شُخوصُ لَحظَةٍ ، ولا كُرورُ لَفظَةٍ ، ولا ازدِلافُ رَقوَةٍ ، ولَا انبِساطُ خُطوَةٍ ، في غَسَقِ لَيلٍ داجٍ ، ولا إدلاجٌ . لا يَتَغَشّى عَلَيهِ القَمَرُ المُنيرُ ، ولَا انبِساطُ الشَّمسِ ذاتِ النُّورِ بِضَوئِهِما فِي الكُرورِ ، ولا إقبالُ لَيلٍ مُقبِلٍ ، ولا إدبارُ نَهارٍ مُدبِرٍ ، إلّا وَهُوَ مُحيطٌ بِما يُريدُ مِن تَكوينِهِ . فَهُوَ العالِمُ بِكُلِّ مَكانٍ ، وكُلِّ حينٍ وأَوانٍ ، وكُلِّ نِهايَةٍ ومُدَّةٍ ، وَالأَمَدُ إلَى الخَلقِ مَضروبٌ ، وَالحَدُّ إلى غَيرهِ مَنسوبٌ ، لَم يَخلُقِ الأَشياءَ مِن أُصولٍ أَوَّلِيَّةٍ ، ولا بِأَوائِلَ كانَتَ قَبلَهُ بَدِيَّةً ، بَل خَلَقَ ما خَلَقَ فَأَقامَ خَلقَهُ ، وصَوَّرَ ما صَوَّرَ فَأَحسَنَ صورَتَهُ . تَوَحَّدَ في عُلُوِّهِ فَلَيسَ لِشَيءٍ مِنهُ امتِناعٌ ، ولا لَهُ بِطاعَةِ شَيءٍ مِن خَلقِهِ انتِفاعٌ . إجابَتُهُ لِلدّاعينَ سَريعَةٌ ، وَالمَلائِكَةُ فِي السَّماواتِ وَالأَرَضينَ لَهُ مُطيعَةٌ . عِلمُهُ بِالأَمواتِ البائِدينَ ، كَعِلمِهِ بِالأَحياءِ المُتَقَلِّبينَ ، وعِلمُهُ بِما فِي السَّماواتِ العُلى كَعِلمِهِ بِما فِي الأَرضِ (1) السُّفلى ، وعِلمُهُ بِكُلِّ شَيءٍ . لا تُحَيِّرُهُ الأَصواتُ ، ولا تَشغَلُهُ اللُّغاتُ ، سَميعٌ لِلأَصواتِ المُختَلِفَةِ ، بِلا جَوارِحَ لَهُ مُؤتَلِفَةٌ . مُدَبِّرٌ بَصيرٌ ، عالِمٌ بِالأُمورِ ، حَيٌّ قَيّومٌ ، سُبحانَهُ . كَلَّمَ موسى تَكليما بِلا جَوارِحَ ولا أَدَواتٍ ، ولا شَفَةٍ ولا لَهَواتٍ ، سُبحانَهُ وتَعالى عَن تَكييفِ الصِّفاتِ . مَن زَعَمَ أنَّ إلهَنا مَحدودٌ فَقَد جَهِلَ الخالِقَ المَعبودَ ، ومَن ذَكَرَ أنَّ الأماكِنَ بِهِ تُحيطُ لَزِمَتهُ الحَيرَةُ وَالتَّخليطُ ، بَل هُوَ المُحيطُ بِكُلِّ مَكانٍ . فَإِن كُنتَ صادِقا أيُّهَا المُتَكَلِّفُ لِوَصفِ الرَّحمنِ ، بِخِلافِ التَّنزيلِ وَالبُرهانِ ، فَصِف لي جِبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ ، هَيهاتَ! أتَعجَزُ عَن صِفَةِ مَخلوقٍ مِثلِكَ ، وتَصِفُ
.
ص: 324
الخالِقَ المَعبودَ؟! وأنتَ تُدرِكُ (1) صِفَةَ رَبِّ الهَيئَةِ وَالأَدَواتِ ، فَكَيفَ مَن لَم تَأخُذهُ سِنَةٌ ولا نَومٌ لَهُ ما فِي الأَرَضينَ وَالسَّماواتِ وما بَينَهُما وهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ . (2)
الإمام الحسن عليه السلام_ لَمّا قالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ، صِف لي رَبَّكَ حَتّى كَأَنّي أَنظُرُ إِلَيهِ! _: الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَم يَكُن لَهُ أَوَّلٌ مَعلومٌ ، ولا آخِرٌ مُتَناهٍ ، ولا قَبلٌ مُدرَكٌ ، ولا بَعدٌ مَحدودٌ ، ولا أَمَدٌ بِحَتّى ، ولا شَخصٌ فَيَتَجَزَّأَ ، ولَا اختِلافُ صِفَةٍ فَيُتَناهى . فَلا تُدرِكُ العُقولُ وأَوهامُها ، ولَا الفِكرُ وخَطَراتُها ، ولَا الأَلبابُ وأَذهانُها صِفَتَهُ فَتَقولَ : مَتى ؟ ولا بُدِئَ مِمّا؟ ولا ظاهِرٌ عَلامَ؟ ولا باطِنٌ فيما؟ ولا تارِكٌ فَهَلّا (3) ! خَلَقَ الخَلقَ فَكانَ بَديئا بَديعا ، اِبتَدَأَ ما ابتَدَعَ ، وَابتَدَعَ مَا ابتَدَأَ ، وفَعَلَ ما أَرادَ وأَرادَ ما استَزادَ ، ذلِكُم اللّهُ رَبُّ العالَمينَ . (4)
الإمام الحسين عليه السلام :لا يُدرَكُ بِالحَواسِّ ، ولا يُقاسُ بِالنّاسِ ، فَهُوَ قَريبٌ غَيرُ مُلتَصِقٍ ، وبَعيدٌ غَيرُ مُتَقَصٍّ ، يُوَحَّدُ ولا يُبَعَّضُ ، مَعروفٌ بِالآياتِ ، مَوصوفٌ بِالعَلاماتِ ، لا إِلهَ إِلّا هُوَ الكَبيرُ المُتَعالُ . (5)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ الوَلِيُّ المُرشِدُ ، وَالغَنِيُّ المُرفِدُ ، وَالعَونُ المُؤَيِّدُ،
.
ص: 325
الرَّاحِمُ الغَفورُ، وَالعاصِمُ المُجيرُ، وَالقاصِمُ المُبيرُ، وَالخالِقُ الحَليمُ، وَالرّازِقُ الكَريمُ ، وَالسّابِقُ القَديمُ ، عَلِمتَ فَخَبَرتَ ، وحَلُمتَ فَسَتَرتَ ، ورَحِمتَ فَغَفَرتَ ، وعَظُمتَ فَقَهَرتَ ، ومَلَكتَ فَاستَأثَرتَ ، وأَدرَكتَ فَاقتَدَرتَ ، وحَكَمتَ فَعَدَلتَ ، وأَنَعَمتَ فَأَفضَلتَ وأَبدَعتَ فَأَحسَنتَ ، وصَنَعتَ فَأَتقَنتَ ، وجُدتَ فَأَغنَيتَ ، وأَيَّدتَ فَكَفَيتَ ، وخَلَقتَ فَسَوَّيتَ ، ووَفَّقتَ فَهَدَيتَ ، بَطَنتَ الغُيوبَ ، فَخَبرتَ مَكنونَ أَسرارِها . (1)
الإمام الكاظم عليه السلام :أَوَّلُ الدِّيانَةِ بِهِ مَعرِفَتُهُ ، وكَمالُ معرِفَتِهِ تَوحيدُهُ ، وكَمالُ تَوحيدِهِ نَفيُ الصِّفاتِ عَنهُ ، بِشهادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّها غَيُر المَوصوفِ ، وشَهادَةِ المَوصوفِ أَنَّهُ غَيرُ الصِّفَةِ ، وشَهادَتِهِما جَميعا بِالتَّثنِيَةِ ، المُمتَنِعِ مِنهُ الأَزَلُ ، فَمَن وَصَفَ اللّهَ فَقَد حَدَّهُ ، ومَن حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ ، ومَن عَدَّهُ فَقَد أَبطَلَ أَزَلَهُ ، ومَن قالَ : «كَيفَ ؟» فَقَدِ استَوصَفَهُ ، ومَن قالَ : «فيمَ ؟» فَقَد ضَمَّنَهُ ، ومَن قالَ : «عَلامَ ؟» فَقَد جَهِلَهُ ، ومَن قالَ : «أَينَ؟» فَقَد أَخلى مِنهُ ، ومَن قالَ : «ما هُوَ ؟» فَقَد نَعَتَهُ ، ومَن قالَ : «إِلامَ ؟» فَقَد غاياهُ ، عالِمٌ إِذ لا مَعلومَ ، وخالِقٌ إِذ لا مَخلوقَ ، ورَبٌّ إِذ لا مَربوبَ ، وكَذلِكَ يوصَفُ رَبُّنا ، وفَوقَ ما يَصِفُهُ الواصِفونَ . (2)
الإمام الرضا عليه السلام :أَوَّلُ عِبادَةِ اللّهِ تَعالى مَعرِفَتُهُ ، وأَصلُ مَعرِفَةِ اللّهِ تَوحيدُهُ ، ونِظامُ تَوحيدِ اللّهِ تَعالى نَفيُ الصِّفاتِ عَنهُ ؛ لِشَهادَةِ العُقولِ أَنَّ كُلَّ صِفَةٍ ومَوصوفٍ مَخلوقٌ ، وشَهادَةِ كُلِّ مَخلوقٍ أَنَّ لَهُ خالِقا لَيسَ بِصِفَةٍ ولا مَوصوفٍ ، وشَهادَةِ كُلِّ صِفَةٍ ومَوصوفٍ بِالاِقتِرانِ ، وشَهادَةِ الِاقتِرانِ بِالحَدَثِ ، وشَهادَةِ الحَدَثِ بالاِمتِناعِ مِن الأَزَلِ المُمتَنِعِ
.
ص: 326
مِن الحَدَثِ . فَلَيسَ اللّهَ عَرَفَ مَن عَرَفَ بِالتَّشبيهِ ذاتَهُ ، ولا إِيّاهُ وَحَّدَ مَنِ اكتَنَهَهُ (1) ، ولا حَقيقَتَهُ أَصابَ من مَثَّلَهُ ، ولا بِهِ صَدَّقَ مَن نَهّاهُ ، ولا صَمَدَ صَمَدَهُ مَن أَشارَ إِلَيهِ، ولا إِيّاهُ عَنى مَن شَبَّهَهُ ، ولا لَهُ تَذَلَّلَ مَن بَعَّضَهُ ، ولا إِيّاهُ أَرادَ من تَوَهَّمَهُ . كُلُّ مَعروفٍ بِنَفسِهِ مَصنوعٌ ، وكُلُّ قائِمٍ في سِواهٌ مَعلولٌ ، بِصُنعِ اللّهِ يُستَدَلُّ عَلَيهِ ، وبِالعُقولِ يُعتَقَدُ مَعرِفَتُهُ ، وبِالفِطَرَةِ تَثبُتُ حُجَّتُهُ ، خَلقُ اللّهِ الخَلقَ حِجابٌ بَينَهُ وبَينَهُم ، ومُبايَنَتُهُ إِيّاهُم مُفارَقَتُهُ إِنِّيَّتَهُم ، وَابتِداؤُهُ إِيّاهُم دَليلُهُم عَلى أَن لَا ابتِداءَ لَهُ ؛ لِعَجزِ كُلِّ مُبتَدَا عَنِ ابِتداءِ غَيرِهِ ، وأَدوُهُ (2) إيّاهُم دَليلٌ عَلى أَن لا أَداةَ فَيهِ ؛ لِشَهادَةِ الأَدَواتِ بِفاقَةِ المُتَأَدّينَ . وأَسماؤُهُ تَعبيرٌ ، وأَفعالُهُ تَفهيمٌ ، وذاتُهُ حَقيقَةٌ ، وكُنهُهُ تَفريقٌ بَينَهُ وبَينَ خَلِقهِ ، وغُبورُهُ تَحديدٌ لِما سِواهُ ، فَقَد جَهِلَ اللّهَ مَنِ استَوصَفَهُ ، وقَد تَعدّاهُ مَنِ اشتَمَلَهُ ، وقَد أَخطَأَهُ مَنِ اكتَنَهَهُ ، ومَن قالَ : «كَيفَ ؟» فَقَد شَبَّهَهُ ، ومَن قالَ : «لِمَ ؟» فَقَد عَلَّلَهُ ، ومَن قالَ : «متى ؟» فَقَد وَقَّتَهُ ، ومَن قالَ : «فيمَ ؟» فَقَد ضَمَّنَهُ ، ومَن قالَ : «إِلامَ ؟» فَقَد نَهّاهُ ، ومَن قالَ «حَتّامَ ؟» فَقد غَيّاهُ ، ومَن غَيّاهُ فَقَد غاياهُ ، ومَن غاياهُ فَقَد جَزَّأَهُ ، ومَن جَزَّأَهُ فَقَد وَصَفَهُ ، ومَن وَصَفَهُ فَقَد أَلحَدَ فيهِ . ولا يَتَغَيَّرُ اللّهُ بِانغِيارِ المَخلوقِ ، كَما لا يَتَحَدَّدُ بِتَحديدِ المَحدودِ . أَحَدٌ لا بِتَأويلِ عَدَدٍ ، ظاهِرٌ لا بِتَأويلِ المُباشَرَةِ ، مُتَجَلٍّ لا بِاستِهلالِ رُؤيَةٍ ، باطِنٌ لا بِمُزايَلَةٍ ، مُبايِنٌ
.
ص: 327
لا بِمَسافَةٍ ، قَريبٌ لا بِمُداناةٍ ، لَطيفٌ لا بِتَجَسُّمٍ ، مَوجودٌ لا بَعدَ عَدَمٍ ، فاعِلٌ لا بِاضطِرارٍ ، مُقَدِّرٌ لا بِحَولِ فِكرَةٍ ، مُدَبِّرٌ لا بِحَرَكَةٍ ، مُريدٌ لا بِهَمامَةٍ ، شاءٍ لا بِهِمَّةٍ ، مُدرِكٌ لا بِمِجَسَّةٍ ، سَميعٌ لا بِآلَةٍ ، بَصيرٌ لا بِأَداةٍ . لا تَصحَبُهُ الأَوقاتُ ، ولا تَضَمَّنُهُ الأَماكِنُ ، ولا تَأخُذُهُ السِّناتُ ، ولا تَحُدُّهُ الصِّفاتُ ، ولا تُقَيِّدُهُ الأَدَواتُ ، سَبَقَ الأَوقاتَ كَونُهُ ، وَالعَدَمَ وُجودُهُ وَالاِبتِداءَ أَزَلُهُ ، بِتَشعيرِهِ المَشاعِرَ عُرِفَ أَن لا مَشعَرَ لَهُ ، وبِتَجهيرِهِ الجَواهِرَ عُرِفَ أَن لا جَوهَرَ لَهُ ، وبِمُضادَّتِهِ بَينَ الأَشياءِ عُرِفَ أَن لا ضِدَّ لَهُ ، وبِمُقارَنَتِهِ بَينَ الأُمورِ عُرِفَ أَن لا قَرينَ لَهُ ، ضادَّ النُّورَ بِالظُّلمَةِ ، وَالجَلايَةَ بِالبُهمِ ، وَالجَسوَ (1) بِالبَلَلِ ، وَالصَّردَ بِالحَرورِ . مُؤَلِّفٌ بَينَ مُتَعادِياتِها ، مُفَرِّقٌ بَينَ مُتَدانِياتِها ، دالَّةٌ بِتَفريقِها عَلى مُفَرِّقِها ، وبِتَأليفِها عَلى مُؤَلِّفِها ، ذلِكَ قَولُهُ عز و جل : «وَ مِن كُلِّ شَىْ ءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ » (2) فَفَرَّقَ بِها بَينَ قَبلٍ وبَعدٍ ؛ لِيُعلَمَ أَن لا قَبلَ لَهُ ولا بَعدَ ، شاهِدَةٍ بِغَرائِزِها أَن لا غَريزَةَ لِمُغَرِّزِها ، دالَّةً بِتَفاوُتِها أَن لا تَفاوُتَ لِمُفاوِتِها ، مُخبِرَةً بِتَوقيتِها أَن لا وَقتَ لِمُوَقِّتِها . حَجَبَ بَعضَها عَن بَعضٍ لِيُعلَمَ أَن لا حِجابَ بَينَهُ وبَينَها غَيرُها ، لَهُ مَعنَى الرُّبوبِيَّةِ إِذ لا مَربوبَ ، وحَقيقَةُ الإِلهِيَّةِ إِذ لا مَألوهَ ، ومَعنَى العالِمِ ولا مَعلومَ ، ومَعنَى الخالِقِ ولا مَخلوقَ ، وتَأويلُ السَّمعِ ولا مَسموعَ ، لَيسَ مُذ خَلَقَ استَحَقَّ مَعنَى الخالِقِ ، ولا بِإِحداثِهِ البَرايا استَفادَ مَعنَى البارِئِيَّةِ ، كَيفَ ولا تُغَيِّبُهُ مُذ ، ولا تُدنيهِ قَد ، ولا تَحجُبُهُ لَعَلَّ ، ولا تُوَقِّتُهُ مَتى ، ولا تَشمُلُهُ حينَ ، ولا تُقارِنُهُ مَعَ . إِنَّما تَحُدُّ الأَدَواتُ أَنفُسَها ، وتُشيرُ الآلَةُ إِلى نَظائِرِها ، وفِي الأَشياءِ يوجَدُ فِعالُها ،
.
ص: 328
مَنَعَتها مُنذُ القِدمَةَ ، وحَمَتها قَدِ الأَزَلِيَّةَ ، وجَنَّبَتها لَولا التَّكمِلَةَ ، اِفتَرَقَت فَدَلَّت عَلى مُفَرِّقِها ، وتَبايَنَت فَأَعرَبَت عَن مُبايِنِها لِما تَجلّى صانِعُها لِلعُقولِ ، وبِهَا احتَجَبَ عَنِ الرُّؤيَةِ ، وإِلَيها تَحاكَمَ الأَوهامُ ، وفيها أُثبِتَ غَيرُهُ ، ومِنها أُنيطُ الدَّليلُ ، وبِها عَرَّفَها الإِقرارَ ، وبِالعُقولِ يُعتَقَدُ التَّصديقُ بِاللّهِ ، وبِالإِقرارِ يَكمُلُ الإِيمانُ بِهِ ، ولا دِيانَةَ إِلّا بَعدَ المَعرِفَةِ ، ولا مَعرِفَةَ إِلّا بِالإِخلاصِ ، ولا إِخلاصَ مَعَ التَّشبيهِ ، ولا نَفيَ مَعَ إثباتِ الصِّفاتِ لِلتَّشبيهِ ، فَكُلُّ ما فِي الخَلقِ لا يوجَدُ في خالِقِهِ ، وكُلُّ ما يُمكِنُ فيهِ يَمتَنِعُ مِن صانِعِهِ ، لا تَجري عَلَيهِ الحَرَكَةُ وَالسُّكونُ ، وكَيفَ يَجري عَلَيهِ ما هُوَ أَجراهُ ، أَو يَعودُ إِلَيهِ ما هُوَ ابتَدَأَهُ ؟! إِذاً لَتَفاوتَت ذاتُهُ ولَتَجَزَّأَ كُنهُهُ ، ولَامتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعناهُ ، ولَما كانَ لِلبارِئِ مَعنىً غَيرُ المَبروءِ . ولَو حُدَّ لَهُ وَراءٌ إِذا لَحُدَّ لَهُ أَمامٌ ، ولَوِ التُمِسَ لَهُ التَّمامُ إِذا لَزِمَهُ النُّقصانُ ، كَيفَ يَستَحِقُّ الأَزَلَ مَن لا يَمتَنِعُ مِنَ الحُدوثِ ؟ وكَيفَ يُنشِئُ الأَشياءَ مَن لا يَمتَنِعُ مِنَ الإِنشاءِ ؟ إِذا لَقامَت فيهِ آيَةُ المَصنوعِ ، ولَتَحَوَّلَ دَليلاً بَعدَما كانَ مَدلولاً عَلَيهِ . لَيسَ في مُحالِ القَولِ حُجَّةٌ ، ولا فِي المَسأَلَةِ عَنهُ جَوابٌ ، ولا فِي مَعناهُ لَهُ تُعَظيمٌ ، ولا في إِبانَتِهِ عَنِ الخَلقِ ضَيمٌ ، إِلّا بِامتِناعِ الأَزَلِيِّ أَن يُثَنّى ، وما لا بَدءَ لَهُ أَن يُبدَأَ ، لا إِلهَ إِلّا اللّهُ العَلِيُّ العَظيمُ ، كَذَبَ العادِلونَ بِاللّهِ وضَلّوا ضَلالاً بَعيدا وخَسِروا خُسرانا مُبينا ، وصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وآلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ . (1)
.
ص: 329
القسم الخامس : التعرّف على الصفات السلبيّةالفصل الأوّل: المثلالفصل الثاني: الحدّالفصل الثالث: التّجزّيالفصل الرابع: التّغييرالفصل الخامس: الجسم والصورةالفصل السادس: الوالد والولدالفصل السابع: السِّنة والنّومالفصل الثامن: الحركة والسُّكون
.
ص: 330
. .
ص: 331
الفصل الأوّل: المثل1 / 1لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌالكتاب«لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ » . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :لَيسَ شَيءٌ إِلّا ولَهُ شَيءٌ يَعدلِهُ ، إِلَا اللّهَ عز و جل ، فَإِنَّهُ لا يَعدِلُهُ شَيءٌ . (2)
الإمام عليّ عليه السلام :لا لَهُ مِثلٌ فَيُعرَفَ بِمِثلِهِ . (3)
عنه عليه السلام :الَّذي نَأى مِنَ الخَلقِ فَلا شَيءَ كَمِثلِهِ . (4)
.
ص: 332
عنه عليه السلام :لا يَتَغَيَّرُ بِحالٍ ، ولا يَتَبَدَّلُ فِي الأَحوالِ ، ولا تُبليهِ اللَّيالي وَالأَيّامُ ، ولا يُغَيِّرُهُ الضِّياءُ وَالظَّلامُ ، ولا يُوصَفُ بِشَيءٍ مِنَ الأَجزاءِ ولا بِالجَوارِحِ وَالأَعضاءِ ، ولا بِعَرَضٍ مِنَ الأَعراضِ ، ولا بِالغَيرِيَّةِ وَالأَبعاضِ ، ولا يُقالُ : لَهُ حَدٌّ ولا نِهايَةٌ ، ولَا انقِطاعٌ ولا غايَةٌ ، ولا أَنَّ الأَشياءَ تَحويهِ فَتُقِلَّهُ أَو تُهوِيَهُ ، أَو أَنَّ شَيئا يَحمِلُهُ فَيُميلَهُ أَو يُعَدِّلَهُ . (1)
عنه عليه السلام :اِتَّقُوا اللّهَ أَن تُمَثِّلوا بِالرَّبِّ الَّذي لا مِثلَ لَهُ ، أَو تُشَبِّهوهُ بِشَيءٍ مِن خَلقِهِ ، أَو تُلقوا عَلَيهِ الأَوهامَ ، أَو تُعمِلوا فيهِ الفِكرَ ، أَو تَضرِبوا لَهُ الأَمثالَ ، أَو تَنعَتوهُ بِنُعوتِ المَخلوقينَ ؛ فَإِنَّ لِمَن فَعَلَ ذلِكَ نارا . (2)
الإمام الحسين عليه السلام :أَيُّهَا النّاسُ ، اتَّقوا هؤُلاءِ المارِقَةَ ! الَّذين يُشَبِّهونَ اللّهَ بِأَنفُسِهِم ، يُضاهِئونَ قَولَ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ ، بَل هُوَ اللّهُ لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ ، لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ ، وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ . اِستَخلَصَ الوَحدانِيَّةَ وَالجَبَروتَ ، وأَمضَى المَشيئَةَ والإِرادَةَ وَالقُدرَةَ وَالعِلمَ بِما هُوَ كائِنٌ ، لا مُنازِعَ لَهُ في شَيءٍ مِن أَمرِهِ ، ولا كُفوَ لَهُ يُعادِلُهُ ، ولا ضِدَّ لَهُ يُنازِعُهُ ، ولا سَمِيَّ لَهُ يُشابِهُهُ ، ولا مِثلَ لَهُ يُشاكِلُهُ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام_ لِمُحَمَّدِ بنِ مُسلِمٍ _: يا مُحَمَّدُ ، إِنَّ النّاسَ لا يَزالُ بِهِمُ المَنطِقُ حَتّى يَتَكَلَّموا فِي اللّهِ ، فَإِذا سَمِعتُم ذلِكَ فَقولوا : لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الواحِدُ الَّذي لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ . (4)
.
ص: 333
عنه عليه السلام :قَدِمَ وَفدٌ مِن أَهلِ فِلَسطينَ عَلَى الباقِرِ عليه السلام ، فَسَأَلوهُ عَن مَسائِلَ فَأَجابَهُم : . . . «وَ لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد» فَيُعاوِنَهُ في سُلطانِهِ . (1)
ربيع الأبرار :سَأَلَ أَعرابِيٌّ جَعفَرا الصّادِقَ عليه السلام عَنِ التَّوحيدِ ، فَتَناوَلَ بَيضَةً بَينَ يَدَيهِ فَوَضَعَها عَلى راحَتِهِ وقالَ : هذا حِصنٌ مملقٌ لا صَدعَ فيهِ ، ثُمَّ مِن وَرائِهِ غِرقِيءٌ (2) مُستَشِفٌّ ، ثُمَّ مِن وَرائِهِ دَمعَةٌ سائِلَةٌ ، ثُمَّ مِن وَرائِها ذَهَبٌ مائِعٌ ، ثُمَّ لا تَنفَكُّ الأَيّامُ وَاللَّيالي حَتّى تَنفَلِقَ عَن طاووسٍ مُلَمَّعٍ . فَأَيُّ شَيءٍ فِي العالَمِ إِلّا وهُوَ دَليلٌ عَلى أَنَّهُ لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ؟ (3)
الكافي عن حمزة بن محمّد :كَتَبتُ إِلى أَبِي الحَسَنِ عليه السلام أَسأَلُهُ عَنِ الجِسمِ وَالصّورَةِ ، فَكَتَبَ : سُبحانَ مَن لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ! لا جِسمٌ ولا صورَةٌ . (4)
الإمام الرضا عليه السلام :لا يُدرَكُ بِحاسَّةٍ ، ولا يُقاسُ بِشَيءٍ . (5)
عنه عليه السلام_ لَمّا قالَ لَهُ بَعضُ الزَّنادِقَةِ : هَل يُقالُ للّهِِ : إِنَّهُ شَيءٌ ؟ _: نَعَم ، وقَد سَمّى نَفسَهُ بِذلِكَ في كِتابِهِ فَقالَ : «قُلْ أَىُّ شَىْ ءٍ أَكْبَرُ شَهَ_دَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيد بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ» (6) فَهُوَ شَيءٌ لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ . (7)
.
ص: 334
التوحيد عن محمّد بن عيسى بن عبيد :قالَ لي أَبُوالحَسَنِ عليه السلام : ما تَقولُ إِذا قيلَ لَكَ : أَخبِرني عَنِ اللّهِ عز و جل شَيءٌ هُوَ أَم لا ؟ قالَ : فَقُلتُ لَهُ : قَد أَثبَتَ اللّهُ عز و جلنَفسَهُ شَيئا حَيثُ يَقولُ : «قُلْ أَىُّ شَىْ ءٍ أَكْبَرُ شَهَ_دَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيد بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ» فَأقولُ : إِنَّهُ شَيءٌ لا كَالأَشياءِ ؛ إِذ في نَفيِ الشَّيئِيَّةِ عَنهُ إِبطالُهُ ونَفيُهُ . قالَ لي : صَدَقتَ وأَصَبتَ . ثُمَّ قالَ لِيَ الرِّضا عليه السلام : لِلنّاسِ فِي التَّوحيدِ ثَلاثَةُ مَذاهِبَ : نَفيٌ ، وتَشبيهٌ ، وإِثباتٌ بِغَيرِ تَشبيهٍ ، فَمَذهَبُ النَّفيِ لا يَجوزُ ؛ ومَذهَبُ التَّشبيهِ لا يَجوزُ ؛ لِأَنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا يُشبِهُهُ شَيءٌ ، وَالسَّبيلُ فِي الطَّريقَةِ الثّالِثَةِ إِثباتٌ بِلا تَشبيهٍ . (1)
الإمام الجواد عليه السلام :رَبُّنا _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا شِبهَ لَهُ ، ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا كَيفَ ولا نِهايَةَ ولا تَبصارَ بَصَرٍ . (2)
عنه عليه السلام :قامَ رَجُلٌ إِلَى الرِّضا عليه السلام فَقالَ لَهُ : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ، صِف لَنا رَبَّكَ ؛ فَإِنَّ مَن قِبَلَنا قَدِ اختَلَفوا عَلَينا . فَقالَ الرِّضا عليه السلام : إِنَّهُ مَن يَصِفُ رَبَّهُ بِالقياسِ لا يَزالُ الدَّهرُ فِي الاِلتِباسِ ، مائِلاً عَنِ المِنهاجِ ، ظاعِنا فِي الاِعوِجاجِ ، ضالّاً عَنِ السَّبيلِ ، قائِلاً غَيرَ الجَميلِ ، أُعَرِّفُهُ بِما عَرَّفَ بِهِ نَفَسهُ مِن غَيرِ رُؤيَةٍ ، وأَصِفُهُ بِما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ مِن غَيرِ صورَةٍ ، لا يُدرَكُ
.
ص: 335
بِالحَواسِّ ، ولا يُقاسُ بِالنّاسِ ، مَعروفٌ بِغَيرِ تَشبيهٍ ، ومُتدانٍ في بُعدِهِ لا بِنَظيرٍ ، لا يُمَثَّلُ بِخَليقَتِهِ . (1)
1 / 2ما عَرَفَ اللّهَ مَن شَبَّهَهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :قالَ اللّهُ جَلَّ جَلالُهُ : . . . ما عَرَفَني مَن شَبَّهَني بِخَلقي . (2)
الإمام عليّ عليه السلام :مَن وَحَّدَ اللّهَ سُبحانَهُ لَم يُشَبِّههُ بِالخَلقِ . (3)
عنه عليه السلام_ في تَنزيهِ اللّهِ سُبحانَهُ _: وأَشهَدُ أَنَّ مَن ساواكَ بِشَيءٍ مِن خَلقِكَ فَقَد عَدَل بِكَ ، وَالعادِلُ بِكَ كافِرٌ بِما تَنَزَّلَت بِهِ مُحكَماتُ آياتِكَ ، ونَطَقَت عَنهُ شَواهِدُ حُجَجِ بَيِّناتِكَ. (4)
عنه عليه السلام_ أَيضا _: فَأَشهَدُ أَنَّ مَن شَبَّهَكَ بِتَبايُنِ أَعضاءِ خَلقِكَ وتَلاحُمِ حِقاقِ مَفاصِلِهِم المُحتَجِبَةِ لِتَدبيرِ حِكمَتِكَ لَم يَعقِد غَيبَ ضَميرِهِ عَلى مَعرِفَتِكَ ، ولَم يُباشِر قَلبَهُ اليَقينُ بِأَنَّهُ لا نِدَّ لَكَ ، وكَأَنَّهُ لَم يَسمَع تَبَرُّؤَ التّابِعينَ مِنَ المَتبوعينَ إِذ يَقولونَ : «تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِى ضَلَ_لٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَ__لَمِينَ » (5) . (6)
.
ص: 336
الإمام الصادق عليه السلام :مَن شَبَّهَ اللّهَ بِخَلقِهِ فَهُوَ مُشرِكٌ ، إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا يُشبِهُ شَيئا ، ولا يُشبِهُهُ شَيءٌ ، وكُلُّ ما وَقَعَ فِي الوَهمِ فَهُوَ بِخِلافِهِ . (1)
الإمام الرضا عليه السلام_ في تَمجيدِ اللّهِ جَلَّ وعَلا _: إِلهي بَدَت قُدرَتُكَ ولَم تَبدُ هَيئَةً ، فَجَهِلوكَ وقَدَّروكَ وَالتَّقديُر عَلى غَيرِ ما بِهِ وَصَفوكَ ، وإِنّي بَريءٌ يا إِلهي مِنَ الَّذين بِالتَّشبيهِ طَلَبوكَ ، لَيسَ كَمِثلِكَ شَيءٌ ، إِلهي ولَن يُدرِكوكَ ، وظاهِرٌ ما بِهِم مِن نِعمَتِكَ دَليلُهُم عَلَيكَ لَو عَرَفوكَ ، وفي خَلقِكَ يا إِلهي مَندوحَةٌ أَن يَتَناولَوكَ بَل سَوَّوكَ بِخَلقِكَ ، فَمِن ثَمَّ لَم يَعرِفوكَ ، وَاتَّخَذوا بَعضَ آياتِك رَبّا فَبِذلِكَ وَصَفوكَ ، تَعالَيتَ رَبّي عَمّا بِهِ المُشَبِّهونَ نَعَتوكَ . (2)
1 / 3تَوضيحُ ما يوهِمُ التَّشبيهَالتوحيد عن محمّد ابن الحنفيّة :حَدَّثَني أَميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام أنَّ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَومَ القِيامَةِ آخِذٌ بِحُجزَةِ اللّهِ ، ونَحنُ آخِذونَ بِحُجزَةِ نَبِيِّنا ، وشيعَتُنا آخِذونَ بِحُجزَتِنا ؛ قُلتُ : يا أَميرَ المُؤمِنينَ ، ومَا الحُجزَةُ ؟ قالَ : اللّهُ أَعظَمُ مِن أن يُوصَفَ بالحُجزَةِ أَو غَيرِ ذلِكَ ، ولكِن رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله آخِذٌ بِأَمرِ اللّهِ ، ونَحنُ آلُ مُحَمَّدٍ آخِذونَ بِأَمرِ نَبِيِّنا وشيعَتُنا آخِذونَ بِأَمرِنا . (3)
.
ص: 337
الإمام الباقر عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «يَ_إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ» (1) _: اليَدُ في كَلامِ العَرَبِ القُوَّةُ وَالنِّعمَةُ ؛ قالَ : «وَ اذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ» (2) وقالَ : «وَ السَّمَاءَ بَنَيْنَ_هَا بِأَيْيْدٍ» (3) أَي بِقُوَّةٍ ، وقالَ : «وَ أَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ» (4) أَي قَوّاهُم ، ويُقالُ: لِفُلانٍ عِندي أَيادي كثيرةٌ أي فَواضِلُ وإحسانٌ ، وَلَهُ عِندي يَدٌ بَيضاءُ ؛ أَي نِعمَةٌ . (5)
عنه عليه السلام_ في قَولِ اللّهِ عز و جل : «وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى» (6) _: روحٌ اختارَهُ اللّهُ وَاصطَفاهُ وخَلَقَهُ وأَضافَهُ إِلى نَفسِهِ ، وفَضَّلَهُ عَلى جَميعِ الأَرواحِ ، فَأَمَرَ فَنُفِخَ مِنهُ في آدَمَ . (7)
الإمام الصادق عليه السلام_ في قَولِ اللّهِ عز و جل : «الرَّحْمَ_نُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» (8) _: اِستَوى مِن كُلِّ شَيءٍ ، فَلَيسَ شَيءٌ أَقرَبَ إِلَيهِ مِن شَيءٍ . (9)
التوحيد عن محمّد بن عليّ الحلبيّ عن الإمام الصادق عليه السلام_ في قَولِهِ عز و جل : «يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ» (10) _قالَ : تَبارَكَ الجَبّارُ ، ثُمَّ أَشارَ إِلى ساقِهِ فَكَشَفَ عَنَها الإِزارَ . (11) قالَ :
.
ص: 338
«وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ» (1) ، قالَ : أُفحِمَ القَومُ ، ودخَلَتهُمُ الهَيبَةُ ، وشَخَصَتِ الأَبصارُ ، وبَلَغَتِ القُلوبُ الحَناجِرَ ، خاشِعَةً أَبصارُهمُ ، تَرهَقُهُم ذِلَّةٌ ، وقَد كانوا يُدعَونَ إِلَى السُّجودِ وهُم سالِمونَ . (2)
التوحيد عن سليمان بن مهران :سَأَلتُ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ» (3) . فَقالَ : يَعني مَلَكَهُ لا يَملِكُها مَعَهُ أَحَدٌ ، وَالقَبضُ مِنَ اللّهِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ في مَوضِعٍ آخَرَ المَنعُ ، وَالبَسطُ مِنهُ الإِعطاءُ وَالتَّوسيعُ ، كَما قالَ عز و جل : «وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُ_طُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ » (4) يَعني يُعطي ويُوسِّعُ ويَمنَعُ ويُضَيِّقُ ، والقَبضُ مِنهُ عز و جل في وَجهٍ آخَرَ الأَخذُ ، وَالأَخذُ في وَجهِ القَبولِ منهُ ، كَما قالَ : «وَ يأْخُذُ الصَّدَقَ_تِ» (5) أَي يَقبَلُها مِن أَهلِها ويُثيبُ عَلَيها . قُلتُ : فَقَولُهُ عز و جل «وَ السَّمَ_وَ تُ مَطْوِيَّ_ت بِيَمِينِهِ» (6) ؟ قالَ : اليَمينُ اليَدُ ، وَاليدُ القُدرَةُ وَالقُوَّةُ ، يَقولُ عز و جل : «وَ السَّمَ_وَ تُ مَطْوِيَّ_تُ» بِقُدرَتِهِ وقُوَّتِهِ «سُبْحَ_نَهُ وَ تَعَ__لَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» . 7
كفاية الأثر عن يونس بن ظبيان :دَخَلتُ عَلَى الصّادِقِ عليه السلام فَقُلتُ : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ،
.
ص: 339
إِنّي دَخَلتُ عَلى مالِكٍ وأَصحابِهِ فَسَمِعتُ بَعضَهُم يَقولُ : إِنَّ اللّهَ لَهُ وجَهٌ كَالوُجوهِ ، وبَعضُهُم يَقولُ : لَهُ يَدانِ ، وَاحتَجّوا لِذلِكَ بِقَولِ (1) اللّهِ تَعالى : «بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ» (2) وبَعضُهُم يَقولُ : هُوَ كَالشّابِّ مِن أَبناءِ ثَلاثينَ سَنَةً ، فَما عِندَكَ في هذا يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ؟ قالَ : فَكانَ مُتَّكِئاً فَاستَوى جالِسا ، وقالَ : اللّهُمَّ عَفوَكَ عَفوَكَ ! ثُمَّ قالَ : يا يونُسُ ، مَن زَعَمَ أَنَّ للّهِ وَجها كَالوُجوهِ فَقَد أَشرَكَ ، ومَن زَعَمَ أَنَّ للّهِ جَوارِحَ (3) كَجَوارِحِ المَخلوقينَ فَهُوَ كافِرٌ بِاللّهِ ، فَلا تَقبَلوا شَهادَتُهُ ولا تَأَكُلوا ذَبيحَتَهُ ، تَعالَى اللّهُ عَمّا يَصِفُهُ المُشَبِّهونَ بِصِفَةِ المَخلوقينَ ، فَوَجهُ اللّهِ أَنبِياؤُهُ ، وقَولُهُ : «خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ» فَاليَدُ القُدرَةُ كَقَولِهِ : «وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ» (4) . فَمَن زَعَمَ أَنَّ اللّهَ في شَيءٍ أَو عَلى شَيءٍ ، أَو تَحَوَّلَ مِن شَيءٍ إِلى شَيءٍ ، أَو يَخلو مِنهُ شَيءٌ أَو يُشغَلُ بِهِ شَيءٌ ، فَقَد وَصَفَهُ بِصِفَةِ المَخلوقينَ ، وَاللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ لا يُقاسُ بِالقِياسِ ولا يُشَبَّهُ بِالنّاسِ ، لا يَخلو مِنهُ مَكانٌ ، ولا يَشغَلُ بِهِ مَكانٌ ، قَريبٌ في بُعدِهِ ، بَعيدٌ في قُربِهِ ، ذلِكَ اللّهُ رَبُّنا لا إِلهَ غَيرُهُ ، فَمَن أَرادَ اللّهَ وأَحَبَّهُ بِهذِهِ الصِّفَةِ فَهُوَ مِنَ المُوَحِّدينَ ، ومَن أَحَبَّهُ بِغَيرِ هذِهِ الصِّفَةِ فَاللّهُ مِنهُ بَريءٌ ونَحنُ مِنهُ بُرَآءُ . (5)
التوحيد عن هشام بن الحكم :إنّ رَجُلاً سَألَ أَبا عبدِ اللّهِ عليه السلام عَن اللّهِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لَهُ
.
ص: 340
رِضا وسَخَطٌ ؟ فَقالَ : نَعَم ، ولَيسَ ذلِكَ عَلى ما يوجَدُ مِن المَخلوقينَ ، وذلِكَ أَنَّ الرِّضا وَالغَضَبَ دِخالٌ يَدخُلُ عَلَيهِ ، فَيَنقُلُهُ مِن حالٍ إِلى حالِ ، مُعتَمَلٌ ، مُرَكَّبٌ ، لِلأَشياءِ فيهِ مَدخَلٌ وخالِقُنا لا مَدخَلَ لِلأَشياءِ فيهِ ، واحِدٌ ، أَحَدِيُّ الذَّاتِ ، وأَحَدَيُّ المَعنى ، فَرِضاهُ ثَوابُهُ ، وسَخَطُهُ عِقابُهُ ، مِن غَيرِ شَيءٍ يَتَداخَلُهُ فَيُهيجُهُ ويَنقُلُهُ مِن حالٍ إِلى حالٍ ؛ فَإِنَّ ذلِكَ صِفَةُ المَخلوقينَ العاجِزينَ المُحتاجينَ ، وهُوَ تَبارَكَ وتَعالى القَوِيُّ العَزيزُ الَّذي لا حاجَةَ بِهِ إِلى شَيءٍ مِمّا خَلَقَ ، وخَلقُهُ جَميعا مُحتاجونَ إِلَيهِ، إِنَّما خَلَقَ الأَشياءَ مِن غَيرِ حاجَةٍ ولا سَبَبٍ اختِراعا وَابتِداعا . (1)
التوحيد عن محمّد بن عمارة :سَأَلتُ الصّادِقَ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ عليهماالسلام ؛ فَقُلتُ لَهُ : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ أَخبِرني عَنِ اللّهِ عز و جل هَل لَهُ رِضا وسَخَطٌ؟ فَقالَ : نَعَم ، ولَيسَ ذلِكَ عَلى ما يوجَدُ مِنَ المَخلوقينَ ، ولكِن غَضَبُ اللّهِ عِقابُهُ ، ورِضاهُ ثَوابُهُ . (2)
الإمام الرضا عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن قَولِ اللّه عز و جل : «نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ» (3) _: إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا يَنسى ولا يَسهو ، وإِنَّما يَنسى ويَسهُو المَخلوقُ المُحدَث ، أَلا تَسمَعُهُ عز و جل يَقولُ : «وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا » (4) وإِنَّما يُجازي مَن نَسيَهُ ونَسِيَ لِقاءَ يَومِهِ بِأَن يُنسِيَهُم أَنفُسَهُم ، كَما قالَ عز و جل : «وَ لَا تَكُونُواْ كَالَّذِينَ نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَ_ئِكَ
.
ص: 341
هُمُ الْفَ_سِقُونَ » (1) وقَولُهُ عز و جل : «فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَ_ذَا» (2) أَي نَترُكُهُم كَما تَرَكُوا الاِستِعدادَ لِلِقاءِ يَومِهِم هذا . (3)
التوحيد عن الحسين بن خالد :قُلتُ لِلرِّضا عليه السلام : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ، إِنَّ النّاسَ يَروونَ أَنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قالَ : إِنَّ اللّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلى صورَتِهِ . فَقالَ : قاتَلَهُمُ اللّهُ ، لَقَد حَذَفوا أَوَّلَ الحَديثِ ، إِنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله مرَّ بِرَجُلَينِ يَتَسابّانِ ، فَسَمِعَ أَحَدَهُما يَقولُ لِصاحِبِهِ : قَبَّحَ اللّهَ وَجهَكَ ووَجهَ مَن يُشبِهُكَ ! فَقالَ صلى الله عليه و آله : يا عَبدَ اللّهِ ، لا تَقُل هذا لِأَخيكَ ؛ فَإِنَّ اللّهَ عز و جل خَلَقَ آدَمَ عَلَى صورَتِهِ . (4)
التوحيد عن عبد اللّه بن قيس عن الإمام الرِّضا عليه السلام :سَمِعتُهُ يَقولُ : «بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ» (5) فَقُلتُ لَهُ : لَهُ يَدانِ هكَذا ؟ وأَشَرتُ بِيَدي إِلى يَدِهِ . فَقالَ : لا ، لَو كانَ هكَذا لَكانَ مَخلوقا . (6)
معاني الأخبار عن محمّد بن عيسى بن عبيد :سَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ العَسكَرِيَّ عليهماالسلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ وَ السَّمَ_وَ تُ مَطْوِيَّ_ت بِيَمِينِهِ» ، فَقالَ : ذلِكَ تَعييرُ اللّهِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لِمنَ شَبَّهَهُ بِخَلقِهِ ، أَلا تَرى
.
ص: 342
أَنَّهُ قالَ : «وَ مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ وَ السَّمَ_وَ تُ مَطْوِيَّ_ت بِيَمِينِهِ» كَما قالَ عز و جل «وَ مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالَواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَىْ ءٍ» (1) ثُمَّ نَزَّهَ عز و جلنَفَسَهُ عَنِ القَبضَةِ وَاليَمينِ ، فَقالَ : «سُبْحَ_نَهُ وَ تَعَ__لَى عَمَّا يُشْرِكُونَ » . (2)
الإمام المهدي عليه السلام_ في تَوقيعِهِ لِمُحَمَّدِ بنِ عُثمانَ العَمرِيِّ _: إِنَّ اللّهَ تَعالى هُوَ الَّذي خَلَقَ الأَجسامَ ، وقَسَّمَ الأَرزاقَ ؛ لِأنَّهُ لَيسَ بِجِسمٍ ولا حالٍّ في جِسمٍ ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ العَليمُ ، وأَمَّا الأَئِمَّةُ عليهم السلام فَإِنَّهُم يَسأَلونَ اللّهَ تَعالى فَيَخلُقُ ، ويَسأَلونَهُ فَيَرزُقُ ، إِيجابا لِمَسأَلَتِهِم ، وإِعظاما لِحَقِّهِم . (3)
راجع: ج 3 ص 301 (الفصل الثامن : آفاق معرفة اللّه ) و 355 (القسم الثاني : التعرّف على توحيد اللّه ) ، ج 4 ص 27 (الفصل الثاني : الأحد ، الواحد) .
تعليقالحشويّة من أَهل السنّة يقولون بالتشبيه و يعتقدون أنّ اللّه سبحانه شبيه بمخلوقاته . حكى الأَشعريّ عَن محمّد بن عيسى أَنّه حكى عَن مضر وأَحمس وأَحمد الهجيمي : أَنّهم أَجازوا على ربّهم الملامسة والمصافحة ، وأَنّ المسلمين المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة إِذا بلغوا في الرياضة والاجتهاد إِلى حدّ الإخلاص والاتّحاد المحض .
.
ص: 343
وحكى الكعبي عَن بعضهم : أَنّه كان يجوّز الرؤية في دار الدنيا وأَن يزور ويزورهم . وحُكي عَن داوود الجواري أَنّه قالَ : اعفوني عَن الفرج واللحية واسألوني عمّا وراء ذلِكَ . وقالَ : إِنّ معبوده جسم ولحم ودم ، وله جوارح وأَعضاء من يد ورجل ورأَس ولسان وعينين وأُذنين ، ومع ذلِكَ جسم لا كالأَجسام ، ولحم لا كاللحوم ، ودم لا كالدماء ، وكذلِكَ سائر الصفات وهو لا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبهه شيء . وحُكي عنه أَنّه قالَ : هو أَجوف من أَعلاه إِلى صدره ، مصمت ما سوى ذلِكَ ، وأَنّ له وفرة سوداء ، وله شعرٌ قَطَط . (1) وأَمّا ما ورد في التنزيل من الاستواء والوجه واليدين والجنب والمجيء والإتيان والفوقيّة وغير ذلِكَ فأجروها على ظواهرها . أَعني ما يفهم عند الإطلاق على الأَجسام . (2) والأَشعري أَيضا ينسب إِلى اللّه صفات مخلوقاته وأنّ له رجلاً ويدا و عينا ، ولكنّه يضيف إِليها قيد «بلا كيف» . (3) وفي مقابل هذه الأَقوال يعتقد الإماميّة أَنّ اللّه لا يشبه مخلوقاته في أَيّ صفة من الصفات. وعلى هذا الأَساس فإنّهم يتعاملون مع الآيات والأَحاديث التي يستفاد من ظاهرها التشبيه ، بالرجوع إِلى أَساليب البيان في اللغة العربيّة ، وإِلى أَحاديث أَهل
.
ص: 344
البيت عليهم السلام في تفسيرها بمعناها الحقيقي . نشير على سبيل المثال إِلى أَنّ اليد تُستخدم في اللغة العربيّة بمعنى القدرة ، وأَهل البيت عليهم السلام يفسّرون «يد اللّه » بمعنى استطاعته وقدرته .
.
ص: 345
الفصل الثاني: الحدّالإمام عليّ عليه السلام :لَيسَ لَهُ حَدٌّ يَنتَهي إِلى حَدِّهِ . (1)
عنه عليه السلام :وحَدَّ الأَشياءَ كُلَّها عِندَ خَلقِهِ ، إِبانَةً لَها مِن شَبَهِهِ ، وإِبانَةً لَهُ مِن شَبَهِها . (2)
عنه عليه السلام :حَدَّ الأَشياءَ عِندَ خَلقِهِ لَها إِبانَةً لَهُ مِن شَبَهِها ، لا تُقَدِّرُهُ الأَوهامُ بِالحُدودِ وَالحَرَكاتِ ، ولا بِالجَوارِحِ وَالأَدَواتِ . . . تَعالَى اللّهُ عَمّا يَنحَلُهُ المُحَدِّدونَ مِن صِفاتِ الأَقدارِ ، ونِهاياتِ الأَقطارِ ، وتَأَثُّلِ (3) المَساكِنِ ، وتَمَكُّنِ الأَماكِنِ ، فَالحَدُّ لِخَلقِهِ مَضروبٌ ، وإِلى غَيرِهِ مَنسوبٌ . (4)
.
ص: 346
عنه عليه السلام :لا يُشمَلُ بِحَدٍّ ولا يُحسَبُ بِعَدٍّ ، وإِنَّما تَحُدُّ الأَدَواتُ أَنفُسَها، وتُشيرُ الآلاتُ إِلى نَظائِرِها . . . ولا يُقالُ لَهُ حَدٌّ ولا نِهايَةٌ ، ولَا انقِطاعٌ ولا غايَةٌ ، ولا أَنَّ الأَشياءَ تَحويهِ فَتُقِلَّهُ أَو تُهوِيَهُ . (1)
عنه عليه السلام_ في تَعظيمِ اللّهِ جَلَّ و عَلا _: أَنتَ اللّهُ الَّذي لَم تَتَناهَ فِي العُقولِ فَتَكونَ في مَهَبِّ فِكرِها مُكَيَّفا ، ولا في رَوِيّات خَواطِرِها فَتَكونَ مَحدودا مُصَرَّفا . (2)
عنه عليه السلام :لا يُدرَك بِوَهمٍ ، ولا يُقَدَّرُ بِفَهمٍ . . . ولا يُحَدُّ بِأَينٍ . (3)
عنه عليه السلام :تَعالَى الَّذي لَيسَ لَهُ وَقتٌ مَعدودٌ ، ولا أَجَلٌ مَمدودٌ ، ولا نَعتٌ مَحدودٌ ، سُبحانَ الَّذي لَيسَ لَهُ أَوَّلٌ مُبتَدَأٌ ، ولا غايَةٌ مُنتَهىً ، ولا آخِرٌ يَفنى . (4)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... الَّذي لا يُدرِكُهُ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُهُ غَوصُ الفِطَنِ ، الَّذي لَيسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحدودٌ ، ولا نَعتٌ مَوجودٌ ، ولا وَقتٌ مَعدودٌ ، ولا أَجَلٌ مَمدودٌ . (5)
الكافي عن أبي حمزة :قالَ لي عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام : يا أَبا حَمزَةَ ، إِنَّ اللّهَ لا يوصَفُ بِمَحدوِديَّةٍ، عَظُمَ رَبُّنا عَنِ الصِّفَةِ، فَكَيفَ يوصَفُ بِمَحدودِيَّةٍ مَن لا يُحَدُّ ،
.
ص: 347
ولا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ؟! (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ يَومَ عَرَفَةَ _: أَنتَ الَّذي لا تُحَدُّ فَتَكونَ مَحدودا ، ولَم تُمَثَّل فَتَكونَ مَوجودا ، ولَم تَلِد فَتَكونَ مَولودا . (2)
الإمام الصادق عليه السلام :هُوَ الخالِقُ لِلأَشياءِ لا لِحاجَةٍ ، فَإِذا كانَ لا لِحاجَةٍ استَحالَ الحَدُّ وَالكَيفُ فيهِ . (3)
الإمام الكاظم عليه السلام :. . . فَاحذَروا في صِفاتِهِ مِن أَن تَقِفوا لَهُ عَلى حَدٍّ تَحُدّونَهُ ، بِنَقصٍ أَو زِيادَةٍ ، أَو تَحريكٍ أَو تَحَرُّكٍ ، أَو زَوالٍ أَو استِنزالٍ ، أَو نُهوضٍ أَو قُعودٍ ؛ فَإِنَّ اللّهَ _ جَلَّ وعَزَّ _ عَن صِفَةِ الواصِفينَ ونَعتِ النّاعِتينَ وتَوهُّمِ المُتَوهِّمينَ . (4)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ أَجَلُّ وأَعظَمُ مِن أَن يُحَدَّ بِيَدٍ أَو رِجلٍ ، أَو حَرَكَةٍ أَو سُكونٍ ، أَو يوصَفَ بِطولٍ أَو قِصَرٍ ، أَو تَبلُغَهُ الأَوهامُ ، أَو تُحيطَ بِهِ صِفَةُ العُقولِ . (5)
الإمام الرضا عليه السلام :ولَو حُدَّ لَهُ وَراءٌ ؛ إِذا حُدَّ لَهُ أَمامٌ ، ولَوِ التُمِسَ لَهُ التَّمامُ ؛ إِذاً لَزِمَهُ النُّقصانُ . (6)
.
ص: 348
عنه عليه السلام :لا يَتَغَيَّرُ اللّهُ بِانغِيارِ المَخلوقِ ، كَما لا يَتَحَدَّدُ بِتَحديدِ المَحدودِ . (1)
الإمام الهادي عليه السلام :سُبحانَ مَن لا يُحَدُّ ولا يُوصَفُ ! لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ . (2)
.
ص: 349
الفصل الثالث: التّجزّيالإمام الصادق عليه السلام_ لَمّا سَأَلَهُ الزِّنديقُ : فَكَيفَ هُوَ اللّهُ الواحِدُ ؟_: واحِدٌ في ذاتِهِ ، فَلا واحِدٌ كَواحِدٍ ؛ لِأَنَّ ما سِواهُ مِنَ الواحِدِ مُتَجَزِّئٌ ، وهُوَ تَبارَكَ وتَعالى واحِدٌ لا يَتَجَزَّأُ ، ولا يَقَعُ عَلَيهِ العَدُّ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :لا يوصَفُ بِشيءٍ مِنَ الأَجزاءِ ، ولا بِالجَوارِحِ وَالأَعضاءِ ، ولا بِعَرَضٍ مِنَ الأَعراضِ ، ولا بِالغَيرِيَّةِ وَالأَبعاضِ . (2)
الكافي عن يونس بن ظبيان :دَخلتُ عَلى أَبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام فَقُلتُ لَهُ : إِنَّ هِشامَ بنَ الحَكَمِ يَقولُ قَولاً عَظيما ، إِلّا أَنّي أَختَصِرُ لَكَ مِنهُ أَحرُفا ، فَزَعَم أَنَّ اللّهَ جِسمٌ ؛ لِأَنَّ الأَشياءَ شَيئانٍ : جِسمٌ وفِعلُ الجِسمِ ، فَلا يَجوزُ أَن يَكونُ الصَّانِعُ بِمَعنَى الفِعلِ ويَجوزُ أَن يَكونَ بِمَعنَى الفاعِلِ . فَقالَ أَبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام : وَيحَهُ ! أما عَلِم أنَّ الجِسمَ مَحدودٌ مُتَناهٍ ، وَالصّورَةَ مَحدودَةٌ مُتَناهِيَةٌ ، فَإِذَا احتَمَلَ الحَدَّ احتَمَلَ الزِّيادَةَ وَالنُقصانَ ، وإِذَا احتَمَلَ الزّيادَةَ وَالنُقصانَ
.
ص: 350
كانَ مَخلوقا . قالَ : قُلتُ : فَما أَقولُ ؟ قالَ : لا جِسمٌ ولا صورَةٌ وهُوَ مُجَسِّمُ الأَجسامِ ومُصَوِّرُ الصُّوَرِ ، لَم يَتَجَزَّأ ولَم يَتَناهَ ولَم يَتَزايَد ولَم يَتَناقَص ، لَو كانَ كَما يَقولونَ لَم يَكُن بَينَ الخالِقِ والمَخلوقِ فَرقٌ ، ولا بَينَ المُنشِئ وَالمُنشَأ ، لكِن هُوَ المُنشِئُ ، فَرقٌ بَينَ مَن جَسَّمَهُ وصَوَّرَهُ وأَنشَأَهُ ، إِذ كان لا يُشبِهُهُ شَيءٌ ولا يُشبِهُ هُوَ شَيئا . (1)
التوحيد عن محمّد بن عبد اللّه الخراساني خادم الرضا عليه السلام :دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الزَّنادِقَةِ عَلَى الرِّضا عليه السلام ... قالَ : فَحُدَّهُ لي . قالَ لا حَدَّ لَهُ . قالَ : ولِمَ؟ قالَ : لِأَنَّ كُلَّ مَحدودٍ مُتنَاهٍ إِلى حَدٍّ ، وإِذَا احتَمَلَ التَّحديدَ احتَمَلَ الزِّيادَةَ ، وإِذا احتَمَلَ الزِّيادةَ احتَمَلَ النُّقصانَ ، فَهُوَ غَيرُ مَحدودٍ ولا مُتَزايِدٍ ولا مُتناقِصٍ ولا مُتَجَزِّىً ولا مُتَوَهَّمٍ . (2)
الإمام الجواد عليه السلام :كُلُّ مُتَجَزِّىً أَو مُتَوَهَّمٍ بِالقِلَّةِ وَالكَثرَةِ فَهُوَ مَخلوقٌ دالٌّ عَلى خالِقٍ لَهُ . (3)
.
ص: 351
الفصل الرابع: التّغييرالإمام عليّ عليه السلام :لا يَتَغَيَّرُ بِحالٍ ، ولا يَتَبَدَّلُ فِي الأَحوالِ ، ولا تُبليهِ اللَّيالي وَالأَيّامُ ، لا يُغَيِّرُهُ الضِّياءُ وَالظَّلامُ . (1)
الإمام الحسين عليه السلام :لا تَتَداوَلُهُ الأُمورُ ، ولا تَجري عَلَيهِ الأَحوالُ ، ولا تَنزِلُ عَلَيهِ الأَحداثُ . (2)
الإمام الباقر عليه السلام_ حينَ قالَ لَهُ عَمرُو بنُ عُبَيدٍ : _جُعِلتُ فِداكَ ! قَولُ اللّهِ تَبارَكَ وتَعالى : «وَ مَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوَى» (3) ما ذلِكَ الغَضَبُ ؟ _ : هُوَ العِقابُ يا عَمرُو ، إِنَّهُ مَن زَعَمَ أَنَّ اللّهَ قَد زالَ مِن شَيءٍ إِلى شَيءٍ فَقَد وَصَفَهُ صِفَةَ مَخلوقٍ ، وإِنَّ اللّهَ تَعالى لا يَستَفِزُّهُ شَيءٌ فَيُغَيِّرَهُ . (4)
الإمام الصادق عليه السلام_ في قَولِ اللّهِ عز و جل : «فَلَمَّا ءَاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ» (5) _: إِنَّ اللّهَ عز و جللا
.
ص: 352
يَأسَفُ كَأَسَفِنا ، ولكِنَّهُ خَلَقَ أَولياءَ لِنَفسِهِ يَأسَفونَ ويَرضَونَ وهُم مَخلوقونَ مَربوبونَ ، فَجَعَلَ رِضاهُم رِضا نَفسِهِ وسَخَطَهُم سَخَطَ نَفسِهِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمُ الدُّعاةَ إِلَيهِ والأَدِلّاءَ عَلَيهِ ، فَلِذلِكَ صاروا كَذلِكَ ، ولَيسَ أَنَّ ذلِكَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ ما يَصِلُ إِلى خَلقِهِ ، لكِن هذا مَعنى ما قالَ مِن ذلِكَ ، وقَد قالَ : «مَن أَهانَ لي وَلِيّا فَقَد بارَزَني بِالمُحاربَةِ ودَعاني إِلَيها» ، وقالَ : «مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ» (1) ، وقالَ : «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ» . (2) فَكُلُّ هذا وشِبهُهُ عَلى ما ذَكَرتُ لَكَ ، وهكَذَا الرِّضا وَالغَضَبُ وغَيرُهُما مِنَ الأَشياءِ مِمّا يُشاكِلُ ذلِكَ ، ولَو كانَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ الأَسَفُ وَالضَّجَرُ ، وهُوَ الَّذي خَلَقَهُما وأَنشَأَهُما لَجازَ لِقائِلِ هذا أَن يَقولَ : إِنَّ الخالِقَ يَبيدُ يَوما ما ؛ لِأَنَّهُ إِذا دَخَلَهُ الغَضَبُ وَالضَّجَرُ دَخَلَهُ التَّغييرُ ، وإِذا دَخَلَهُ التَّغييرُ لَم يُؤمَن عَلَيهِ الإِبادَةُ ، ثُمَّ لَم يُعرَفِ المُكَوِّنَ مِنَ المُكَوَّنَ ، ولَا القادِرُ مِنَ المَقدورِ عَلَيهِ ، ولا الخالِقُ مِنَ المَخلوقِ ، تَعالَى اللّهُ عَن هذَا القَولِ عُلُوّا كَبيرا . 3
الكافي عن صفوان بن يحيى :سَأَلَني أَبو قُرَّةَ المُحَدِّثُ أن أُدخِلَهُ عَلى أَبِي الحَسَنِ الرِّضا عليه السلام ، فَاستَأذَنتُهُ فَأَذِنَ لِي ، فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ عَنِ الحَلالِ وَالحَرامِ ثُمَّ قالَ لَهُ : أَفَتُقِرُّ أَنَّ اللّهَ مَحمولٌ ؟ فَقالَ أَبُو الحَسَنِ عليه السلام : كُلُّ مَحمولٍ مَفعولٌ بِهِ مُضافٌ إِلى غَيرِهِ مُحتاجٌ ، وَالمَحمولُ اسمُ نَقصٍ فِي اللَّفظ ، وَالحامِلُ فاعِلٌ وهُوَ فِي اللَّفظِ مِدحَةٌ وكَذلِكَ قَولُ القائِلِ : فَوقَ
.
ص: 353
وتَحتَ وأَعلى وأَسفَلَ . وقَد قالَ اللّهُ : «وَلِلَّهِ الأَْسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا» (1) ولَم يَقُل في كُتُبِهِ : إِنَّهُ المَحمولُ ، بَل قالَ : إِنَّهُ الحامِلُ فِي البَرِّ والبَحرِ ، وَالمُمسِكُ السَّماواتِ وَالأَرضَ أَن تَزولا ، وَالمَحمولُ ما سِوَى اللّهِ ولَم يُسمَع أَحَدٌ آمَنَ بِاللّهِ وعَظَمَتِهِ قَطُّ قالَ في دُعائِهِ : يا محَمولُ . قالَ أَبو قُرَّةَ : فَإنَّهُ قالَ : «وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَ_ئِذٍ ثَمَ_نِيَةٌ » (2) وقالَ : «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ» (3) ؟ فَقالَ أَبُو الَحَسنِ عليه السلام : العَرشُ لَيسَ هُوَ اللّهُ ، وَالعَرشُ اسمُ عِلمٍ وقُدرَةٍ وعَرشٍ فيهِ كُلُّ شَيءٍ ، ثُمَّ أَضافَ الحَملَ إِلى غَيرِهِ : خَلقٍ مِن خَلقِهِ ؛ لِأَنَّهُ استَعبَدَ خَلقَهُ بِحَملِ عَرشِهِ وهُم حَمَلَةُ عِلمِهِ ، وخَلقا يُسَبِّحونَ حَولَ عَرشِهِ وهُم يَعمَلونَ بِعِلمِهِ ، ومَلائِكَةً يَكتُبونَ أَعمالَ عِبادِهِ . وَاستَعبَدَ أَهلَ الأَرضِ بِالطَّوافِ حَولَ بَيتِهِ ، وَاللّهُ عَلَى العَرشِ استَوى ، كَما قالَ : وَالعَرشُ ومَن يَحمِلُهُ ومَن حَولَ العَرشِ وَاللّهُ الحامِلُ لَهُم ، الحافِظُ لَهُم ، المُمسِكُ القائِمُ عَلى كُلِّ نَفسٍ ، وفَوقَ كُلِّ شَيءٍ ، وعَلى كُلِّ شَيءٍ ، ولا يُقالُ : مَحمولٌ ولا أَسفَلُ ، قَولاً مُفرَدا لا يُوصَلُ بِشَيءٍ فَيَفسُدُ اللَّفظُ وَالمَعنى . قالَ أَبو قُرَّةَ : فَتُكَذِّبُ بِالرِّوايَةِ الَّتي جاءَت : أنَّ اللّهَ إِذا غَضِبَ إِنَّما ، يُعرَفُ غَضَبُهُ ؛ أَنَّ المَلائِكَةَ الَّذين يَحمِلونَ العَرشَ يَجِدونَ ثِقلَهُ عَلى كَواهِلِهِم ، فَيَخِرّونُ سُجَّدا ، فَإِذا ذَهَبَ الغَضَبُ خَفَّ ورَجَعوا إِلى مَواقِفِهِم ؟ فَقالَ أَبُو الحسن عليه السلام : أَخبِرني عَنِ اللّهِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ مُنذُ لَعَنَ إِبليسَ إِلى يَومِكَ
.
ص: 354
هذا هُوَ غَضبانُ عَلَيهِ ، فَمَتى رَضِيَ ؟ وهُوَ في صِفَتِكَ لَم يَزَل غَضبانَ عَلَيهِ وعَلى أَولِيائِهِ وعَلى أَتباعِهِ ، كَيفَ تَجتَرِئُ أَن تَصِفَ رَبَّكَ بِالتَّغييرِ مِن حالٍ إِلى حالٍ وأَنَّهُ يَجري عَلَيهِ ما يَجري عَلَى المَخلوقينَ ؟! سُبحانَهُ وتَعالى ، لَم يَزُل مَعَ الزّائِلينَ ، ولَم يَتَغَيَّر مَعَ المُتَغَيِّرينَ ، ولَم يَتَبَدَّل مَعَ المُتَبَدِّلينَ ، ومَن دونَهُ في يَدِهِ وتَدبيرِهِ ، وكُلُّهُم إِلَيهِ مُحتاجٌ وهُوَ غَنِيٌّ عَمَّن سِواهُ . (1)
الإمام الرضا عليه السلام_ لَمّا سَأَلَهُ عِمرانُ الصّابئ : يا سَيِّدي أَلا تُخبِرُني عَنِ الخالِقِ إِذا كانَ واحِدا لا شَيءَ غَيرُهُ ولا شَيءَ مَعَهُ ، أَلَيسَ قَد تَغَيَّرَ بِخَلقِهِ الخَلقَ ؟ _: لَم يَتَغَيَّر عز و جل بِخَلقِ الخَلقِ ، ولكِنَّ الخَلقَ يَتَغَيَّرُ بِتَغييرِهِ . (2)
راجع : ص 363 (الفصل الثامن : الحركة والسّكون)، ج 4 ص 40 ح 4167 و ص 42 ح 4171 .
.
ص: 355
الفصل الخامس: الجسم والصورةالإمام الصادق عليه السلام_ في تَنزيهِ اللّهِ سُبحانَهُ _: سُبحانَ مَن لا يَعلَمُ أَحَدٌ كَيفَ هُوَ إِلّا هُوَ ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ ، لا يُحَدُّ ولا يُحَسُّ ولا يُجَسُّ (1) ، ولا تُدرِكُهُ الأَبصارُ ولَا الحَواسُّ ، ولا يُحيطُ بِهِ شَيءٌ ولا جِسمٌ و لا صورَةٌ ولا تَخطيطٌ ولا تَحديدٌ. (2)
عنه عليه السلام_ في تَنزيهِ اللّهِ سُبحانَهُ _: لا جِسمٌ ولا صورَةٌ ، وهُوَ مُجَسِّمُ الأَجسامِ ومُصَوِّرُ الصُّوَرِ ، لَم يَتَجَزَّأ ولَم يَتَناهَ ولَم يَتَزايَد ولَم يَتَناقَص ، لَو كانَ كَما يَقولونَ لَم يَكُن بَينَ الخالِقِ وَالمَخلوقِ فَرقٌ ، ولا بَينَ المُنشِىَ وَ المُنشَاَ ؛ لكِن هُوَ المُنشِئُ ، فَرقٌ بَينَ مَن جَسَّمَهُ وصَوَّرَهُ وأَنشَأَهُ ، إِذ كانَ لا يُشبِهُهُ شَيءٌ ولا يُشبِهُ هُوَ شَيئا. (3)
الكافي عن حمزة بن محمّد :كَتَبتُ إِلى أَبِي الحَسَنِ عليه السلام أَسأَلُهُ عَنِ الجِسمِ وَالصّورَةِ ، فَكَتَبَ :
.
ص: 356
سُبحانَ مَن لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ، لا جِسمٌ ولا صورَةٌ. (1)
الكافي عن محمّد بن زيد :جِئتُ إِلَى الرِّضا عليه السلام أَسأَلُهُ عَنِ التَّوحيدِ ، فَأَملى عَلَيَّ : الحَمدُ للّهِِ فاطِرِ الأَشياءِ إِنشاءً ، ومُبتَدِعِهَا ابتِداعا بِقُدرَتِهِ وحِكمَتِهِ ، لا مِن شَيءٍ فَيَبطُلَ الاِختِراعُ ولا لِعِلَّةٍ فَلا يَصِحَّ الاِبتِداعُ ، خَلَقَ ما شاءَ كَيفَ شاءَ ، مُتَوَحِّدا بِذلِكَ لِاءِظهارِ حِكمَتِهِ وحَقيقَةِ رُبوبِيَّتِهِ ، لا تَضبِطُهُ العُقولُ ولا تَبلُغُهُ الأَوهامُ ولا تُدرِكُهُ الأَبصارُ ولا يُحيطُ بِهِ مِقدارٌ ، عَجَزَت دونَهُ العِبارَةُ وكَلَّت دونَهُ الأَبصارُ وضَلَّ فيهِ تَصاريفُ الصِّفاتِ ، احتَجَبَ بِغَيرِ حِجابٍ مَحجوبٍ وَاستَتَرَ بِغَيرِ سِترٍ مَستورٍ ، عُرِفَ بِغَيرِ رُؤيَةٍ ووُصِفَ بِغَيرِ صورَةٍ ونُعِتَ بِغَيرِ جِسمٍ ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الكَبيرُ المُتَعالِ. (2)
راجع : ج 3 ص 315 (لا تَحُسُّهُ الحواس) ، الكافي : ج 1 ص 104 (باب النهي عن الجسم و الصورة) .
.
ص: 357
الفصل السادس: الوالد والولدالكتاب«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ * وَ لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد » . (1)
«إِنَّمَا اللَّهُ إِلَ_هٌ وَ حِدٌ سُبْحَ_نَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ» . (2)
«مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَ مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَ_هٍ » . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يوشِكُ النّاسُ يَتَساءَلونَ بَينَهُم حَتّى يَقولَ قائِلُهُم : هذَا اللّهُ خَلَقَ الخَلقَ ؛ فَمَن خَلَقَ اللّهَ عز و جل ؟ فَإِذا قالوا ذلِكَ فَقولوا : «اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ * وَ لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد» ، ثُمَّ لِيَتفُل عَن يَسارِهِ ثَلاثا ، وَليَستَعِذ بِاللّهِ مِنَ
.
ص: 358
الشَّيطانِ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :لَم يَلِد فَيَكونَ مَولودا ، ولَم يُولَد فَيَصيرَ مَحدودا ، جَلَّ عَنِ اتِّخاذِ الأَبناءِ ، وطَهُرَ عَن مُلامَسَةِ النِّساءِ . (2)
عنه عليه السلام :لَم يُولَد سُبحانَهُ فَيَكونَ فِي العِزِّ مُشارَكا ، ولَم يَلِد فَيَكونَ مَوروثا هالِكا (3) . (4)
الإمام الحسين عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَم يَتَّخِذ وَلَدا فَيَكونَ مَوروثا . (5)
عنه عليه السلام_ في كِتابِهِ لِأَهلِ البَصرَةِ _: «لَمْ يَلِدْ» لَم يَخرُج مِنهُ شَيءٌ ... كَما يَخرُجُ الأَشياءُ الكَثيفَةُ مِن عَناصِرِها . . . ولا كَما يَخرُجُ الأَشياءُ اللَّطيفَةُ مِن مَراكِزِها كَالبَصَرِ مِنَ العَينِ . (6)
الإمام الباقر عليه السلام :قَولُهُ عز و جل «لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ » يَقولُ : لَم يَلِد عز و جل فَيَكونَ لَهُ وَلَدٌ يَرِثُهُ ، ولَم
.
ص: 359
يولَد فَيَكونَ لَهُ والِدٌ يُشرِكُهُ في رُبوبِيَّتِهِ ومُلكِهِ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام :لَم يَلِد فَيورَثَ ، ولَم يُولَد فَيُشارَكَ ، ولَم يَكُن لَهُ كُفوا أَحَدٌ . (2)
عنه عليه السلام :لَم يَلِد لِأَنَّ الوَلَدَ يُشبِهُ أَباهُ ، ولَم يُولَد فَيُشبِهُ مَن كانَ قَبلَهُ ، ولَم يَكُن لَهُ مِن خَلقِهِ كُفُوا أَحَدٌ ، تَعالى عَن صِفَةِ مَن سِواهُ عُلُوّا كَبيرا . (3)
راجع : ج 4 ص 29 (واحد فلا ولد له) .
.
ص: 360
. .
ص: 361
الفصل السابع: السِّنة والنّومالكتاب«اللَّهُ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ» . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إِنَّ اللّهَ عز و جل لا يَنامُ ولا يَنبَغي لَهُ أَن يَنامَ ، يَخفِضُ القِسطَ ويَرفَعُهُ ، يُرفَعُ إِلَيهِ عَمَلُ اللَّيلِ قَبلَ عَمَلِ النَّهارِ ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبلَ عَمَلِ اللَّيلِ ، حِجابُهُ النّورُ ، لَو كَشَفَهُ لَأَحرَقَت سُبُحاتُ وَجهِهِ مَا انتَهى إِلَيهِ بَصَرُهُ مِن خَلقِهِ . (2)
مسند أَبي يعلى عن أَبي هريرة :سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَحكي موسى عليه السلام عَلَى المِنبَرِ ، فَقالَ : وَقَعَ في نَفسِهِ هَل يَنامُ اللّهُ عز و جل ، فَأَرسَلَ اللّهُ إِلَيهِ مَلَكا فَأَرَّقَهُ ثَلاثا ، ثُمَّ أَعطاهُ قارورَتَينِ في كُلِّ يَدٍ قارورَةٌ ، وأَمَرَهُ أَن يَحتَفِظَ بِهِما .
.
ص: 362
قالَ : فَجَعَلَ يَنامُ وتَكادُ يَداهُ تَلتَقِيانِ ، ثُمَّ استَيقَظَ فَيَحبِسُ إِحداهُما عَنِ الأُخرى حَتّى نامَ نَومَةً ، فَاصطَفَقَت يَداهُ ، فَانكَسَرَتِ القارورَتانِ ، قالَ : ضَرَبَ اللّهُ لَهُ مَثَلاً أَنَّ اللّهَ عز و جل لَو كانَ يَنامُ لَم يَستَمسِكِ السَّماءَ وَالأَرضَ . (1)
بحار الأنوار :سُئِلَ أَبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَنِ المَلائِكَةِ يَأكُلونَ ويَشرَبونَ ويَنكَحونَ ؟ فَقالَ : لا ، إِنَّهُم يَعيشونَ بِنَسيمِ العَرشِ . فَقيلَ لَهُ : مَا العِلَّةُ في نَومِهِم ؟ فَقالَ : فَرقا بَينَهُم وبَينَ اللّهِ عز و جل ؛ لِأَنَّ الَّذي لا تأخَذُهُ سِنَةٌ ولا نَومٌ هُوَ اللّهُ . (2)
بحار الأنوار عن الحسين بن خالد :قَرَأَ أَبُو الحَسَنِ الرِّضا عليه السلام : «اللَّهُ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ» أَي نُعاسٌ . (3)
.
ص: 363
الفصل الثامن: الحركة والسُّكونالإمام عليّ عليه السلام :المُشاهِدُ لِجَميعِ الأَماكِنِ بِلا انتِقالٍ إِلَيها . (1)
عنه عليه السلام :لا يَجري عَلَيهِ السُّكونُ وَالحَرَكَةُ ، وكَيفَ يَجري عَلَيهِ ما هُوَ أَجراهُ ، ويَعودُ فيهِ ما هُوَ أَبداهُ ، ويَحدُثُ فيهِ ما هُوَ أَحدَثَهُ إِذا لَتَفاوَتَت ذاتُهُ ، ولَتَجَزَّأَ كُنهُهُ ، ولَامتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعناهُ ، ولَكانَ لَهُ وَراءٌ إِذ وُجِدَ لَهُ أَمامٌ ، ولَالتَمَسَ التَّمامَ إِذ لَزِمِهِ النُّقصانُ! وإِذا لَقامَت آيَةُ المَصنوعِ فيهِ ، ولَتَحَوَّلَ دَليلاً بَعدَ أَن كانَ مَدلولاً عَلَيهِ ، وخَرَجَ بِسُلطانِ الاِمتِناعِ مِن أَن يُؤَثِّرَ فيهِ ما يُؤَثِّرُ في غَيرِهِ ؟ ! (2)
عنه عليه السلام :إِنَّ رَبّي لا يُوصَفُ بِالبُعدِ ولا بِالحَرَكَةِ ولا بِالسُّكونِ ، ولا بِالقِيامِ قِيامِ انتِصابٍ ، ولا بِجيئَةٍ ولا بِذَهابٍ . . . هُوَ فِي الأَشياءِ عَلى غَيرِ مُمازَجَةٍ ، خارِجٌ مِنها عَلى غَيرِ مُبايَنَةٍ . . . داخِلٌ فِي الأَشياءِ لا كَشَيءٍ في شَيءٍ داخِلٌ وخارِجٌ مِنها لا
.
ص: 364
كَشَيءٍ مِن شَيءٍ خارِجٌ . (1)
عنه عليه السلام :الخالِقُ لا بِمَعنى حَرَكَةٍ . (2)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا يُوصَفُ بِزَمانٍ ولا مَكانٍ ولا حَرَكَةٍ ولَا انتِقالٍ ولا سُكونٍ ، بَل هُوَ خالِقُ الزَّمانِ وَالمَكانِ وَالحَرَكَةِ وَالسُّكونِ ، تَعالَى اللّهُ عَمّا يَقولونَ عُلُوّا كَبيرا! (3)
الإمام الكاظم عليه السلام :... أَمّا قَولُ الواصِفينَ : إِنَّهُ يَنزِلُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ فَإِنَّما يَقولُ ذلِكَ مَن يَنسِبُهُ إِلى نَقصٍ أَو زِيادَةٍ ، وكُلُّ مُتَحَرِّكٍ مُحتاجٌ إِلى مَن يُحَرِّكُهُ أَو يَتَحَرَّكُ بِهِ ، فَمَن ظَنَّ بِاللّهِ الظُّنونَ هَلَكَ ، فَاحذَروا في صِفاتِهِ مِن أَن تَقِفوا لَهُ عَلى حَدٍّ تَحُدّونَهُ بِنَقصٍ أَو زِيادَةٍ ، أَو تَحريكٍ أَو تَحرُّكٍ ، أَو زَوالٍ أَو استِنزالٍ ، أَو نُهوضٍ أَو قُعودٍ ، فَإنَّ اللّهَ جَلَّ وَعَزَّ عَن صِفَةِ الواصِفينَ ، ونَعتِ النّاعِتينَ ، وَتَوَهُّمِ المُتَوَهِّمينَ . (4)
الإمام الرضا عليه السلام :فاعِلٌ لا بِمَعنَى الحَرَكاتِ وَالآلَةِ . (5)
.
ص: 365
عنه عليه السلام :مُدَبِّرٌ لا بِحَرَكَةٍ . (1)
راجع : ص 351 (الفصل الرابع : التغيير) ، ج 4 ص 200 ح 4548 .
الحمد للّه الّذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه . اللّهمَّ إِنّي أسألك باسمك الّذي سمّيت به نفسك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تصلّي على محمّد وأهل بيته ، وأن تأذن لِفَرَج مَن بفرجه فَرَجُ أَوليائك وأَصفيائك من خلقك ، وبه تُبيد الظّالمين وتُهلكهم ، عجّل ذلك يا ربّ العالمين . اللّهمَّ كن لوليّك الحجّة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه ، في هذه السَّاعة وفي كلّ ساعة ، وليّا ، وحافظا ، وقائدا ، وناصرا ، ودليلاً ، وعينا ، حتّى تُسكنه أَرضك طوعا وتمتّعه فيها طويلاً ، واجعلنا من أَعوانه وأنصاره ومقوّية سلطانه وارزقنا رؤيته ورضاه . إلهي ، هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك . إلهي ، تردّدي في الآثار يوجب بُعد المزار فاجمعني بخدمة إليك . الهي ، أمرت بالرّجوع إلى الآثار فارجعني بكسوة الأنوار وهداية
.
ص: 366
الاستبصار . إلهي ، حقّقني بحقائق أَهل القرب ، واسلك بي مسلك أَهل الجذب . إلهي ، هذا ذُلّي بين يديك ، وهذا حالي لا يخفى عليك ، منك أطلب الوصول إليك . ربّنا ، تقبّل منّا ، ولا تخيّب سعينا ، ولا تخزنا يوم القيامة ، يا مبدّل السيّئات بالحسنات ، يا أَرحم الراحمين . ليلة القدر 23 رمضان المبارك 1424 26 / 8 / 1382 17 NOV 2003
.
ص: 367
الفهرس التفصيلي .
ص: 368
. .
ص: 369
. .
ص: 370
. .
ص: 371
. .
ص: 372
. .
ص: 373
. .
ص: 374
. .
ص: 375
. .
ص: 376
. .
ص: 377
. .
ص: 378
. .
ص: 379
. .
ص: 380
. .
ص: 381
. .
ص: 382
. .