سرشناسه : احمدي ميانجي، علي، 1304 - 1379.، گردآورنده
عنوان و نام پديدآور : مكاتيب الائمه/ علي الاحمدي الميانجي؛ تحقيق و مراجعه مجتبي فرجي.
مشخصات نشر : قم: موسسه دار الحديث العلميه و الثقافيه، مركز الطباعه و النشر، 1427ق.=1385 -
مشخصات ظاهري : ج.
فروست : مركز بحوث دارالحديث؛ 93.
شابك : دوره: 964-493-021-5 ؛ 34000ريال: ج. 1، چاپ دوم: 964-493-019-3 ؛ 32000ريال: ج. 2: 964-493-021-5 ؛ 28000 ريال: ج.3 964-493-028-2: ؛ 32000 ريال: ج.4: 964-493-165-3 ؛ 50000 ريال: ج.5 : 978-964-493-254-0 ؛ 50000 ريال: دوره، چاپ پنجم: 978-964-493-021-8 ؛ ج.1، چاپ پنجم: 978-964-493-019-5 ؛ ج.2، چاپ پنجم: 978-964-493-020-1 ؛ ج.3، چاپ پنجم: 978-964-493-028-7 ؛ ج.4، چاپ سوم: 978-964-493-165-9 ؛ ج.5، چاپ سوم: 978-964-493-254-0 ؛ ج.6، چاپ چهارم: 978-964-493-344-8
يادداشت : عربي.
يادداشت : كتاب حاضر همراه با شرح و توضيح نامه هاي حضرت علي (ع) است كه توسط علي احمدي ميانجي گردآوري و تنظيم شده است.
يادداشت : ج.1 - 3 ( چاپ دوم ).
يادداشت : ج.1 تا 3(چاپ اول: 1384).
يادداشت : ج.4 ( چاپ اول: 1385 ).
يادداشت : ج.5 (چاپ اول: 1387).
يادداشت : ج.1-3(چاپ پنجم: 1389).
يادداشت : ج.5،4 و7 (چاپ سوم: 1389).
يادداشت : ج.6(چاپ چهارم: 1389).
يادداشت : كتابنامه.
يادداشت : نمايه.
مندرجات : ج.1و2 . مكاتيب الامام علي.- ج.3. مكاتيب الامام الحسن والحسين و علي بن الحسين و محمدبن علي.- ج.4. مكاتيب الامام جعفربن محمدالصادق والامام موسي بن جعفرالكاظم عليهما السلام.- ج.5. مكاتيب الامام علي بن موسي الرضا عليهما السلام و مكاتيب الامام محمد بن علي الجواد عليهما السلام.- ج.6.مكاتيب الامام علي بن محمد الهادي عليه السلام و مكاتيب الاما م الحسن بن علي العسكري عليه السلام.- ج.7. مكاتيب الامام ابي القاسم المهدي عجل الله فرجه الشريف.
موضوع : ائمه اثناعشر -- نامه ها
شناسه افزوده : فرجي، مجتبي، 1346 - ، محقق
شناسه افزوده : موسسه علمي - فرهنگي دارالحديث. سازمان چاپ و نشر
رده بندي كنگره : BP36/5/الف3م7 1385
رده بندي ديويي : 297/95
شماره كتابشناسي ملي : 1203857
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
ص: 5
مكاتيب الإمام عليُّ بنُ محمّدٍ الهاديُّ عليه السلام
.
ص: 6
. .
ص: 7
المقدّم_ةعاصر الإمام الهادي عليه السلام ستّة من الخلفاء هم : المعتصم، الواثق ، المتوكّل ، المستنصر ، المستعين والمعتزّ . وقد تزامنت إمامته التي استمرّت 34 سنة مع عصر كانت قد أثرت فيه الدعايات الكاذبة لبني اُميّة وبني العبّاس ضدّ الشيعة ، كما أنّ بعض شخصيّات أهل السنّة لم تقف صامتة ، بل إنّها كانت تؤجّج هذه الفتنة ، حتّى طغت معتقدات أهل السنّة على غالب المجتمع المسلم ، واتّسعت النظرة السلبية والكراهية للشيعة بين عامّة الناس ، ولم تعد نسبة التشيّع إلى الشخص أو الأشخاص بأقلّ من السباب والشتائم (1) . ولذلك كان الشيعة يكتمون تشيّعهم كي لا يتعرّضوا لاضطهاد الناس والدولة . ولم يكن الإمام الهادي عليه السلام مُستثنى من ذلك ، باعتباره إمام المذهب الشيعي ، ولذلك كان يتعرّض للضغوط من جانب حكّام عصره ومن جانب عامّة الناس في نفس الوقت ، وفي ظلّ تلك الظروف استدعاه المتوكّل العبّاسي من المدينة إلى بغداد ، وفرض عليه رقابة شديدة ، وكان يراقب كلّ تحرّكاته ، وأخيراً فقد فرض عليه الإقامة الجبريّة وسجنه ، بل إنّه همّ بقتله ، ولكن الأجل لم يمهله . وفي ظلّ هذه الأوضاع بدا أنّ من غير الممكن إقامة حلقات التدريس والمجالس الصغيرة والكبيرة لإرشاد الشيعة ، وفي أثناء ذلك كانت المناظرات
.
ص: 8
والاحتجاجات بين علماء العصر وفقهائه وبين الإمام عليه السلام ، هي الّتي كانت تضيء بصيصاً من النور في ذلك المجتمع الذي خيّم الظلام على أرجائه ، وتكشف النقاب عن الحقيقة المخفية . وكانت هذه المناظرات تُقام من جانب المتوكّل بشكلٍ رئيس بهدف تحطيم شخصية الإمام عليه السلام ، ولكنّها كانت دوماً تتمخّض عن نتائج عكسية من باب قوله تعالى: « وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَ_كِرِينَ » (1) ، ولم يكن المتوكّل يجني منها شيئاً سوى الفضيحة له ولحاشيتة ، فيما كانت تعود بالرفعة للإمام . ونظراً للتوتر والخناق السياسي الشديد الّذي كان يسود المجتمع آنذاك ، فقد كان الإمام عليه السلام يرشد الشيعة خلال الأحداث الصعبة والأزمات السياسيّة والثقافيّة عن طريق إقامة تنظيمات الوكالة واللقاءات السرّية والمراسلات ، وكان الناس يمدّون جسور التواصل معه عليه السلام من خلال الارتباط بالوكلاء وطرح الأسئلة عليهم إمّا من خلال المراسلات ، أو بشكل شفوي أحياناً ، وبذلك يحلّون مشكلاتهم ويعرفون وظائفهم العلميّة . وكان الإمام الهادي عليه السلام يعلّم الناس طريقة الرجوع إلى الوكلاء بهدف إعدادهم لعصر الغيبة ، ومن خلال نظرة مجملة إلى كثرة رسائله في هذه الفترة من الزمان يُمكن الإشارة إلى انتشار هذه الظاهرة ونجاح الإمام عليه السلام في هذا العصر . وقد كان الإمام عليه السلام يستخدم ألقاباً عديدة حسب ما يقتضيه الوضع السائد ، حيث كان معظمها سريّاً بشكلٍ من الأشكالٍ ، وهو ما يدلّ على التوتر الّذي كان يسود عصره ، حيث يمكننا الإشارة في هذا المجال إلى الألقاب التالية : النقي (2) ، الهادي (3) ،
.
ص: 9
العسكري (1) ، المرتضى ، الناصح ، العالم (2) ، الفقيه (3) ، الدليل ، الطيّب (4) ، الأمين ( المؤتمن ) ، الفقيه العسكري (5) ، النجيب ، المتّقي ، المتوكّل ، الرجل (6) ، الشيخ (7) ، صاحب العسكر (8) ، العبد الصالح (9) ، العالم (10) . كما ذُكرت له عليه السلام كنيتان هما : أبو الحسن (11) ، وأبو الحسن الثالث . 12
.
ص: 10
. .
ص: 11
الفصل الاول: في التوحيد
.
ص: 12
. .
ص: 13
1كتابه عليه السلام إلى عليّ بن بلال في النهي عن التكلّم في ذات اللّهسعد بن عبد اللّه ، قال : حدّثنا محمّد بن عيسى ، قال : قرأت في كتاب عليّ بن بلال (1) أنّه سأل الرجل _ يعني أبا الحسن عليه السلام _ : أنّه روي عن آبائك أنّهم نهوا عن الكلام في الدين ، فتأوّل مواليك المتكلّمون بأنّه إنّما نهى مَن لا يُحسن أن يتكلّم فيه ، فأمّا مَن يُحسن أن يتكلّم فيه فلم ينهه ، فهل ذلك كما تأوّلوا أو لا ؟ فكتب عليه السلام :المُحسِنُ وَغَيرُ المُحسِنِ لا يَتَكَلَّم فِيهِ ، فَإِنَّ إِثمَهُ أَكثَرُ مِن نَفعِهِ . (2)
2كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن نوح بن درّاج في صفات اللّه عز و جلمحمّد بن يحيى عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن عيسى ، عن أيّوب بن نوح (3) أنّه
.
ص: 14
كتب إلى أبي الحسن عليه السلام (1) يسأله عن اللّه عز و جل ، أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكوّنها ، أو لم يعلم ذلك حتّى خلقها وأراد خلقها وتكوينها ، فعلم ما خلق عندما خلق وما كوّن عندما كوّن ؟ فوقّع بخطّه :لَم يَزَلِ اللّهُ عَالِماً بِالأَشيَاءِ قَبلَ أَن يَخلُقَ الأَشيَاءَ ، كَعِلمِهِ بِالأشيَاءِ بَعدَمَا خَلَقَ الأَشيَاءَ . (2)
3كتابه عليه السلام لمن سأل في صفات اللّه عز و جلأبو منصور الطبرسيّ قال : سُئل أبو الحسن عليه السلام (3) عن التوحيد ، فقيل له : لم يزل اللّه وحده لا شيء معه ، ثمّ خلق الأشياء بديعاً ، واختار لنفسه الأسماء ، ولم تزل الأسماء والحروف له معه قديمة ؟ فكتب عليه السلام :لَم يَزَلِ اللّهُ مَوجُوداً ، ثُمَّ كَوَّنَ مَا أَرَادَ ، لا رَادَّ لِقَضَائِهِ ، وَلا مُعَقِّبَ لِحُكمِهِ تَاهَت أَوهَامُ المُتَوَهِّمِينَ ، وَقَصُرَ طَرَفُ الطَّارِفِينَ ، وَتَلاشَتَ أَوصَافُ الوَاصِفِينَ ، وَاضمَحَلَّت أَقَاوِيلُ المُبطِلِينَ عَنِ الدَّركِ لِعَجِيبِ شَأنِهِ ، أَو الوُقُوعِ بِالبُلُوغِ عَلَى عُلُوِّ
.
ص: 15
مَكَانِهِ ، فَهُوَ بِالمَوضِعِ الَّذِي لا يَتَناهَى ، وَبِالمَكَانِ الَّذِي لَم يَقَع عَلَيهِ عُيُونٌ (1) بِإِشَارَةٍ وَلا عِبَارَةٍ ، هَيهَاتَ هَيهَاتَ . (2)
4كتابه عليه السلام إلى أحمد بن إسحاق في إبطال الرؤيةأحمد بن إسحاق 3 ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن الرؤية وما اختلف فيه الناس . فكتب :لا تَجُوزُ الرُّؤيَةُ مَا لَم يَكُن بَينَ الرَّائِيِّ والمَرئِيِّ هَوَاءٌ لَم يَنفُذهُ البَصَرُ ، فَإِذَا انقَطَعَ الهَوَاءُ عَنِ الرَّائِيِّ والمَرئِيِّ لَم تَصِحَّ الرُّؤيَةُ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الاشتِبَاهُ ؛ لِأَنَّ الرَّائِيَ مَتَى سَاوَى المَرئِيَّ فِي السَّبَبِ المُوجِبِ بَينَهُمَا فِي الرُّؤيَةِ وَجَبَ الاشتِبَاهُ ، وَكانَ ذَلِكَ
.
ص: 16
التَّشبِيهُ ؛ لِأَنَّ الأَسبَابَ لا بُدَّ مِنِ اتِّصَالِهَا بِالمُسَبَّبَاتِ . (1)
وفي التوحيد : حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله عن أبيه ، عن أحمد بن إسحاق ، قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن الرؤية وما فيه الناس . فكتب عليه السلام :لا يَجُوزُ الرُّؤيَةُ مَا لَم يَكُن بَينَ الرَّائِيَّ وَالمَرئِيِّ هَوَاءٌ يَنفُذُهُ البَصَرُ ، فَإِذَا انقَطَعَ الهَوَاءُ وَعُدِمَ الضِّيَاءُ بَينَ الرَّائِيِّ وَالمَرئِيِّ ، لَم تَصِحَّ الرُّؤيِةُ . . . (2)
وفي الاحتجاج : حدّثنا أحمد بن إسحاق ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ أسأله عن الرؤية وما فيه الخلق . فكتب :لا تَجُوزُ الرُّؤيَةُ مَا لَم يَكُن بَينَ الرَّائِيِّ وَ المَرئِيِّ هَوَاءٌ يَنفُذُهُ البَصَرُ ، فَمَتَى انقَطَعَ الهَوَاءُ وَ عُدِمَ الضِّيَاءُ ، لَم تَصِحَّ الرُّؤيَةُ ، وَفِي جَوَابِ اتِّصَالِ الضِّيَاءَينِ الرَّائِيِّ وَالمَرئِيِّ ، وُجُوبُ الاشتِبَاهِ ، وَاللّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الاشتِبَاهِ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لا يَجُوزُ عَلَيهِ سُبحَانَهُ الرُّؤيَةُ بِالأَبصَارِ ؛ لِأَنَّ الأَسبَابَ لا بُدَّ مِنِ اتِّصالِهَا بِالمُسَبِّبَاتِّ . (3)
5كتابه عليه السلام إلى حمزة بن محمّد في نفي الجسم والصورةمحمّد بن الحسن ( الصفّار ) عن سهل بن زياد ( الأدمي ) ، عن حمزة بن محمّد (4) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الجسم والصورة . فكتب عليه السلام :سُبحَانَ مَن لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ، لا جِسمٌ وَلا صُورَةٌ .
.
ص: 17
ورواه محمّد بن أبي عبد اللّه ، إلّا أنّه لم يسمّ الرجل . (1)
6كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الفرج الرُّخّجيّ في نفي الجسم و الصورةعليّ بن محمّد ، رفعه عن محمّد بن الفرج الرُّخّجيّ 2 ، (2) قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عمّا قال هشام بن الحكم في الجسم ، وهشام بن سالم في الصورة ؟ فكتب عليه السلام :دَع عَنكَ حَيرَةَ الحَيرَانِ ، وَاستَعِذ بِاللّهِ مِنَ الشَّيطَانِ ، لَيسَ القَولُ مَا قَالَ الهِشَامَانِ . (3)
وفي الأمالي : حدّثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي رحمه الله ، قال:حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام[عاصم] الكليني رضى الله عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني ، عن عليّ بن محمّد المعروف بعلّان (4) ، عن
.
ص: 18
محمّد بن الفرج الرُّخّجيّ ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب : . . . (1)
7كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن محمّد الهمذانيّ في نفي الجسم و الصورةسهل ( بن زياد ) عن إبراهيم بن محمّد الهمذانيّ 2 ، قال : كتبت إلى الرجل عليه السلام : إنّ من قِبَلَنا مِن مواليك قد اختلفوا في التوحيد ، فمنهم من يقول : جسمٌ ، ومنهم من يقول : صورة . فكتب عليه السلام بخطّه :سُبحَانَ مَن لا يُحَدُّ وَلا يُوصَفُ ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ؛ أَو
.
ص: 19
قَالَ البَصِيرُ . (1)
8كتابه عليه السلام إلى بِشر بن بَشّار النيسابوري في نفي الجسم و الصورةسهل ( بن زياد ) عن بشر بن بشّار النيسابوريّ (2) ، قال : كتبت إلى الرجل عليه السلام : إنّ من قِبَلَنا قد اختلفوا في التوحيد ، فمنهم مَن يقول : [ هو ] جسمٌ ، ومنهم مَن يقول : [ هو ] صورة ؟ فكتب إليَّ :سُبحَانَ مَن لا يُحَدُّ وَلا يُوصَفُ ، وَلا يُشبِهُهُ شَيءٌ ، وَلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ، هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ . (3)
9كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عيسى في الحركة والانتقالعليُّ بن محمّد عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عيسى 4 ، قال : كتبتُ إلى أبي
.
ص: 20
الحسن عليّ بن محمّد عليه السلام : جعلني اللّه فداك يا سيّدي ، قد روي لنا : أنّ اللّه في موضعٍ دون موضع على العرش استوى ، وأنّه ينزل كلّ ليلة في النصف الأخير من الليل إلى السماء الدنيا ، ورُوي أنّه ينزل عشيّة عرفة ، ثمّ يرجع إلى موضعه . فقال بعض مواليك في ذلك : إذا كان في موضع دون موضع ، فقد يلاقيه الهواء ويتكنّفُ عليه ، والهواء جسم رقيق يتكنّف على كلّ شيء بقدره ، فكيف يتكنّف عليه جلّ ثناؤُه على هذا المثال ؟ فوقّع عليه السلام :عِلمُ ذَلِكَ عِندَهُ وَهُوَ المُقَدِّرُ لَهُ بِمَا هوَ أَحسَنُ تَقدِيراً ، وَاعلَم أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي السَّماءِ الدُّنيا فَهُوَ كَمَا هُوَ عَلَى العَرشِ ، وَالأَشيَاءُ كُلُّهَا لَهُ سَوَاءٌ ، عِلماً وَقُدرَةً وَمُلكاً وَإِحَاطَةً . وعنه عن محمّد بن جعفر الكوفيّ ، عن محمّد بن عيسى مثله . (1)
10كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عليّ القاسانيّ لا يوصف ، ليس كمثله شيءسهل عن محمّد بن عليّ القاسانيّ 2 ، قال : كتبت إليه عليه السلام أنّ من قبلنا قد اختلفوا في
.
ص: 21
التوحيد ، قال : فكتب عليه السلام :سُبحَانَ مَن لا يُحَدُّ وَلا يُوصَفُ ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ، وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ . (1)
11رسالته عليه السلام في الردّ على أهل الجبر والتفويضمِن عَلِيِّ بنِ مُحَمّدٍ : سَلامٌ عَلَيكُم وَعَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدى وَرَحمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، فَإِنَّهُ القَدَرِ ، وَمَقالَةِ مَن يَقُولُ مِنكُم بِالجَبرِ وَمَن يَقُولُ بِالتَّفوِيضِ ، وَتَفَرُّقِكُم فِي ذلِكَ وَتَقاطِعكُم ، وَمَا ظَهَرَ مِنَ العَدَاوَةِ بَينَكُم ، ثُمَّ سَألتُموُنِي عَنهُ وَبَيَانِهِ لَكُم ، وَفَهِمتُ ذلِكَ كُلَّهُ . اِعلَموُا رَحِمَكُمُ اللّهُ ، أَنَّا نَظَرنَا فِي الآثَارِ وَكَثرَةِ مَا جَاءَت بِهِ الأَخبَارُ ، فَوَجَدنَاهَا عِندَ جَمِيعِ مَن يَنتَحِلُ الإسلامَ مِمَّن يَعقِلُ عَنِ اللّهِ جَلَّ وَعَزَّ ، لا تَخلُو مِن مَعنَييَنِ :
.
ص: 22
إِمَّا حَقٌّ فَيُتَّبَعُ ، وَإِمَّا باطِلٌ فَيُجتَنَبُ . وَقَدِ اجتَمَعَتِ الأُمَّةُ قَاطِبَةً لَا اختِلافَ بَينَهُم أَنَّ القُرآنَ حَقٌّ لا رَيبَ فيهِ عِندَ جَمِيعِ أَهلِ الفِرَقِ ، وَفِي حَالِ اجتِماعِهِم مُقِرُّونَ بِتَصدِيقِ الكِتَابِ وَتَحقِيقِهِ ، مُصِيبُونَ ، مُهتَدُونَ ، وَذلِكَ بِقَولِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «لا تَجتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ » . فَأَخبَرَ أَنَّ جَمِيعَ مَا اجتَمَعَت عَلَيهِ الأُمَّةُ كُلُّهَا حَقٌّ ، هَذَا إِذَا لَم يُخالِف بَعضُها بَعضاً . وَالقُرآنُ حَقٌّ لَا اختِلافَ بَينَهُم فِي تَنزِيلِهِ وَتَصدِيقِهِ ، فَإِذَا شَهِدَ القُرآنُ بِتَصدِيقِ خَبَرٍ وَتَحقِيقِهِ ، وَأَنكَرَ الخَبَرَ طَائِفَةٌ مِنَ الأُمَّةِ ، لَزِمَهُمُ الإِقرارُ بِهِ ضَرُورَةً حِينَ اجتَمَعَت في الأَصلِ عَلَى تَصدِيقِ الكِتَابِ ، فَإِن هِيَ جَحَدَت وَأَنكَرَت لَزِمَهَا الخُرُوجُ مِنَ المِلَّةِ . فَأَوَّلُ خَبَرٍ يُعرَفُ تَحقِيقُهُ مِنَ الكِتَابِ وَتَصدِيقُهُ وَالتِمَاسُ شَهَادَتِهِ عَلَيهِ ، خَبَرٌ وَرَدَ عَن رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَوُجِدَ بِمُوافَقَةِ الكِتَابِ وَتَصدِيقِهِ ، بِحَيثُ لا تُخالِفُهُ أَقَاوِيلُهُم ؛ حَيثُ قَالَ : « إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَينِ : كِتابَ اللّهِ ، وَعِترَتي أَهلَ بَيتِي ، لَن تَضِلُّوا مَاتَمَسَّكتُم بِهِمَا ، وَإِنَّهُمَا لَن يَفتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوضَ » . فَلَمَّا وَجَدنَا شَواهِدَ هَذَا الحَدِيثِ فِي كِتَابِ اللّهِ نَصَّاً مِثلَ قَولِهِ جَلَّ وَعَزَّ : « إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ رَ كِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَ__لِبُونَ » (1) ، وَرَوَتِ العَامَّةُ فِي ذَلِكَ أَخبَاراً لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ عليه السلام أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِخَاتَمِهِ وَهُو رَاكِعٌ ، فَشَكَرَ اللّهُ ذَلِكَ لَهُ وَأَنزَلَ الآيَةَ فِيهِ ، فَوَجَدنَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قَد أَتَى بِقَولِهِ : « مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَليٌّ مَولاهُ » ، وَبِقَولِهِ : « أَنتَ مِنِّي بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَى ، إِلَا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدِي » ، وَوَجَدناهُ يَقُولُ : « عَليٌّ يَقضِي دَينِي ، وَ يُنجِزُ مَوعِدِي ، وَهُوَ خَليفَتي عَلَيكُم مِن بَعدِي » . فَالخَبَرُ الأَوَّلُ الَّذِي استُنبِطَت مِنهُ هذِهِ الأَخبَارُ خَبَرٌ صَحِيحٌ مُجمَعٌ عَلَيهِ لَا اختِلافَ فِيهِ عِندَهُم ، وَهُوَ أَيضاً مُوافِقٌ لِلكِتَابِ ؛ فَلَمَّا شَهِدَ الكِتابُ بِتَصدِيقِ الخَبَرِ
.
ص: 23
وَهذِهِ الشَّوَاهِدُ الأُخَرُ ، لَزِمَ عَلَى الأُمَّةِ الإقرَارُ بِها ضَرُورَةً ، إِذ كانَت هذِهِ الأَخبَارُ شَواهِدُها مِنَ القُرآنِ ناطِقَةٌ ، وَوافَقَتِ القُرآنَ وَالقُرآنُ وَافَقَهَا . ثُمَّ وَرَدَت حَقائِقُ الأَخبارِ مِن رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَنِ الصَّادِقِينَ عليهم السلام ، وَنَقَلَها قَومٌ ثِقاتٌ مَعرُوفُونَ ، فَصَارَ الاقتِدَاءُ بِهَذِهِ الأَخبَارِ فَرضاً وَاجِباً عَلَى كُلِّ مُؤمِنٍ وَمُؤمِنَةٍ لا يَتَعَدَّاهُ إِلَا أَهلُ العِنادِ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَقاوِيلَ آلِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مُتَّصِلَةٌ بِقَولِ اللّهِ ، وَذَلِكَ مِثلُ قَولِهِ فِي مُحكَمِ كِتَابِهِ : «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَ الْأَخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِيناً » (1) ، وَوَجَدنا نَظيرَ هَذِهِ الآيَةِ قَولَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «مَن آذَى عَلِيَّاً فَقَد آذَانِي ، وَمَن آذَانِي فَقَد آذَى اللّهَ ، وَمَن آذَى اللّهَ يُوشِكُ أَن يَنتَقِمَ مِنهُ » ، وَكَذلِكَ قَولُهُ صلى الله عليه و آله : «مَن أَحَبَّ عَلِيَّاًفَقَد أَحَبَّنِي ، وَمَن أَحَبَّنِي فَقَد أَحَبَّ اللّهَ » ، وَمِثلُ قَولِهِ صلى الله عليه و آله في بَنِي وَليعَةَ (2) : « لَأَبعَثَنَ إلَيهِم رَجُلاً كَنَفسِي ، يُحِبُّ اللّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ، قُم يا عَلِيُّ فَسِر إِلَيهِم » . وَقَولِهِ صلى الله عليه و آله يَومُ خَيبَرَ : «لَأَبعَثَنَّ إِلَيهِم غَدَاً رَجُلَاً يُحِبُّ اللّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللّهُوَرَسُولُهُ ، كَرَّاراً غَيرَ فَرَّارٍ ، لا يَرجِعُ حَتَّى يَفتَحَ اللّهُ عَلَيهِ » . فَقَضَى رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِالفَتحِ قَبلَ التَّوجِيهِ ، فَاستَشرَفَ لِكَلامِهِ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله . فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ دَعَا عَلِيَّاً عليه السلام فَبَعَثَهُ إِلَيهِم ، فَاصطَفَاهُ بِهَذِهِ المَنقَبَةِ ، وَسَمَّاهُ كَرَّارَاً غَيرَ فَرَّارٍ ، فَسَمّاهُ اللّهُ مُحِبَّاً للّهِِ وَلِرَسُولِهِ ، فَأَخبَرَ أَنَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُحِبَّانِهِ . وَ إِنَّما قَدَّمَنا هَذَا الشَّرحَ وَالبَيَانَ دَلِيلَاً عَلَى مَا أَرَدنا ، وَقُوَّةً لِمَا نَحنُ مُبَيِّنُوهُ مِن أَمرِ الجَبرِ وَالتَّفوِيضِ وَالمَنزِلَةِ بَينَ المَنزِلَتَينِ ، وَبِاللّهِ العَونُ وَالقُوَّةُ ، وَعَلَيهِ نَتَوَكَّلُ فِي جَمِيع أُمُورِنا ، فَإنَّا نَبدَأ مِن ذَلِكَ بِقَولِ الصَّادِقِ عليه السلام : « لا جَبرَ وَلا تَفوِيضَ ، وَلَكِن مَنزِلَةٌ بَينَ المَنزِلَتَينِ ، وَهَيَ صِحَّةُ الخِلقَةِ ، وَتَخلِيَةُ السَّربِ (3) ، وَالمُهلَةُ في الوَقتِ ، وَالزَّادُ مِثلُ الرَّاحِلَةِ ، وَالسَّبَبُ المُهَيِّجُ لِلفَاعِلِ عَلَى فِعلِهِ » .
.
ص: 24
فَهَذِهِ خَمسَةُ أَشيَاءَ جَمَعَ بِهِ الصَّادِقُ عليه السلام جَوامِعَ الفَضلِ ، فَإِذَا نَقَصَ العَبدُ مِنهَا خَلَّةً ، كَانَ العَمَلُ عَنهُ مَطرُوحاً بِحَسَبِهِ ، فَأَخبَرَ الصَّادِقُ عليه السلام بِأصلِ ما يَجِبُ عَلَى النَّاسِ مِن طَلَبِ مَعرِفَتِهِ وَنَطَقَ الكِتَابُ بِتَصدِيقِهِ ، فَشَهِدَ بِذَلِكَ مُحكَمَاتُ آيَاتِ رَسُولِهِ ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه و آله وَآلَهُ عليهم السلام لا يَعِدُونَ شَيئاً مِن قَولِهِ ، وَأَقاوِيلُهُم حُدُودُ القُرآنِ ، فَإذَا وَرَدَت حَقَائِقُ الأَخبَارِ وَالتُمِسَت شَواهِدُها مِنَ التَّنزِيلِ فَوُجِدَ لَهَا مُوَافِقاً وَعَلَيهَا دَلِيلَاً ، كَانَ الاِقتِداءُ بِهَا فَرضاً ، لا يَتَعَدَّاهُ إِلَا أَهلُ العِنادِ ، كَمَا ذَكَرنَا فِي أَوَّلِ الكِتَابِ . وَلَمَّا التَمَسنَا تَحقِيقَ مَا قَالَهُ الصَّادِقُ عليه السلام مِنَ المَنزِلَةِ بَينَ المَنزِلَتَينِ وَإِنكَارِهِ الجَبرَ وَالتَّفوِيضَ ، وَجَدنَا الكِتَابَ قَد شَهِدَ لَهُ وَصَدَّقَ مَقالَتَهُ في هَذا . وَخَبَرٌ عَنهُ أيضاً مُوافِقٌ لِهَذَا ، أَنَّ الصَّادِقَ عليه السلام سُئِلَ هَل أَجبَرَ اللّهُ العِبَادَ عَلَى المَعَاصِيَ ؟ فَقَالَ الصَّادِقُ عليه السلام : هُوَ أَعدَلُ مِن ذَلِكَ ، فَقِيلَ لَهُ فَهَل فَوَّضَ إِلَيهِم ؟ فَقَالَ عليه السلام : هُوَ أَعَزُّ وَأَقهَرُ لَهُم مِن ذَلِكَ . وَرُوِيَ عَنهُ أَنَّهُ قَالَ : « النَّاسُ فِي القَدَرِ عَلَى ثَلاثَةِ أَوجُهٍ : رَجُلٌ يَزعُمُ أَنَّ الأَمرَمُفَوَّضٌ إِلَيهِ ، فَقَد وَهَّنَ اللّهَ فِي سُلطَانِهِ ، فَهُوَ هَالِكٌ . وَرَجُلٌ يَزعُمُ أنَّ اللّهَ جَلَّ وَعَزَّ أَجبَرَ العِبَادَ عَلَى المَعَاصِيَ ، وَكَلَّفَهُم مَا لا يُطِيقُونَ ، فَقَد ظَلَّمَ اللّهَ فِي حُكمِهِ ، فَهُوَ هَالِكٌ . وَرَجُلٌ يَزعُمُ أَنَّ اللّهَ كَلَّفَ العِبَادَ ما يُطيقُونَ وَلَم يُكلِّفهُم ما لا يُطِيقُونَ ، فَإذَا أَحسَنَ حَمِدَ اللّهَ ، وَإِذَا أَسَاءَ استَغفَرَ اللّهَ ، فَهَذَا مُسلِمٌ بالِغٌ ، فَأَخبَرَ عليه السلام أَنَّ مَن تَقَلَّدَ الجَبرَ وَالتَّفوِيضَ وَدَانَ بِهِمَا ، فَهُوَ عَلَى خِلافِ الحَقِّ . فَقَد شَرَحتُ الجَبرَ الَّذِي مَن دَانَ بِهِ يَلزَمُهُ الخَطَأُ ، وَأَنَّ الَّذِي يَتَقَلَّدُ التَّفوِيضَ يَلزَمُهُ البَاطِلُ ، فَصَارَتِ المَنزِلَةُ بَينَ المَنزِلَتَينِ بَينَهُما . ثُمَّ قَالَ عليه السلام : وَأَضرِبُ لِكُلِّ بَابٍ مِن هَذِهِ الأَبوَابِ مَثَلاً ، يُقرِّبُ المَعنَى لِلطَّالِبِ ، وَيُسَهِّلُ لَهُ البَحثَ عَن شَرحِهِ ، تَشهَدُ بِهِ مُحكَمَاتُ آيَاتِ الكِتَابِ ، وَتَحَقَّقَ تَصدِيقُهُ عِندَ ذَوِي الأَلبَابِ ، وَبِاللّهِ التَّوفِيقُ وَالعِصمَةُ . فَأَمَّا الجَبرُ الَّذِي يَلزَمُ مَن دَانَ بِهِ الخَطَأُ ، فَهُوَ قَولُ مَن زَعَمَ أَنَّ اللّهَ جَلَّ وَعَزَّ أَجبَرَ
.
ص: 25
العِبَادَ عَلَى المَعاصِي وَعَاقَبَهُم عَلَيهَا ، وَمَن قَالَ بِهَذَا القَولِ فَقَد ظَلَّمَ اللّهَ فِي حُكمِهِ وَكَذَّبَهُ ، وَرَدَّ عَلَيهِ قَولَهُ : «وَلَا يَظْ_لِمُ رَبُّكَ أَحَدًا » (1) ، وَقَولَهُ : « ذَ لِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَ_لَّ_مٍ لِّلْعَبِيدِ » (2) ، وَقَولَهُ : « إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْ_لِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَ لَ_كِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْ_لِمُونَ » (3) ، مَع آيٍ كَثيرَةٍ فِي ذِكرِ هَذَا . فَمَن زَعَم أنَّهُ مُجبَرٌ عَلَى المَعَاصِي فَقَد أَحَالَ بِذَنبِهِ عَلَى اللّهِ وَقَد ظَلَّمَه فِي عُقُوبَتِهِ ، وَمَن ظَلَّم اللّهَ فَقَد كَذَّبَ كِتَابَهُ ، وَمَن كَذَّبَ كِتابَهُ فَقَد لَزِمَهُ الكُفرُ بِاجتِمَاعِ الأُمَّةِ ، وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ مَلَكَ عَبدَاً مَملُوكاً لا يَملِكُ نَفسَهُ وَلا يَملِكُ عَرَضاً مِن عَرَضِ الدُّنيا ، وَيَعلَمُ مَولاهُ ذَلِكَ مِنهُ ، فَأَمَرَهُ عَلى عِلمٍ مِنهُ بِالمَصِيرِ إلَى السُّوقِ لِحَاجَةٍ يَأَتِيهِ بِهَا ، وَلَم يُمَلِّكهُ ثَمَنَ ما يَأتيهِ بِه مِن حَاجَتِهِ ، وَعَلِمَ المَالِكُ أنَّ عَلَى الحَاجَةِ رَقيباً لا يَطمَعُ أَحَدٌ فِي أَخذِها مِنهُ إِلَا بِمَا يَرضَى بِهِ مِنَ الثَّمَنِ ، وَقَد وَصَفَ مَالِكُ هَذَا العَبدِ نَفسَهُ بِالعَدلِ وَالنَّصِفَةِ وَإِظهَارِ الحِكمَةِ وَنَفيِ الجَورَ ، وَأَوعَدَ عَبدَهُ إن لَم يَأتِهِ بِحَاجَتِهِ أَن يُعاقِبَهُ ، عَلَى عِلمٍ مِنهُ بِالرَّقِيبِ الَّذِي عَلَى حَاجَتِهِ أَنَّه سَيَمنَعُهُ ، وَعَلِمَ أَنَّ المَملُوكَ لا يَملِكُ ثَمَنَها وَلَم يُمَلِّكهُ ذَلِكَ ، فَلَمَّا صَارَ العَبدُ إِلَى السُّوقِ وَجَاءَ لِيَأخُذَ حَاجَتَهُ الَّتي بَعَثَهُ المَولَى لَهَا ، وَجَدَ عَلَيهَا مَانِعاً يَمنَعُ مِنهَا إِلَا بِشِراءٍ ، وَلَيسَ يَملِكُ العَبدُ ثَمَنَها ، فَانصَرَفَ إلَى مَولاهُ خائِباً بِغَيرِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ ، فَاغتَاظَ مَولاهُ مِن ذَلِكَ وَعَاقَبَهُ عَلَيهِ . أ لَيسَ يَجِبُ في عَدلِهِ وحُكمِهِ أَن لا يُعاقِبَهُ ، وَهُوَ يَعلَمُ أَنَّ عَبدَهُ لا يَملِكُ عَرَضاً مِن عُرُوضِ الدُّنيا ، وَلَم يُمَلِّكه ثَمَنَ حَاجَتِهِ ؟ فَإِن عَاقَبَهُ عاقَبَهُ ظَالِماً مُتَعَدِّياً عَلَيهِ ، مُبطِلاً لِمَا وَصَفَ مِن عَدلِهِ وَحِكمَتِهِ وَنِصفَتِهِ ، وَإِن لَم يُعاقِبهُ كَذَّبَ نَفسَهُ في وَعيدِهِ إِيَّاهُ حِينَ أَوعَدَهُ بِالكِذبِ وَالظُّلمِ اللَّذينِ يَنفِيَانِ العَدلَ وَالحِكمَةَ . تَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ
.
ص: 26
عُلُوَّاً كَبِيرَاً ؛ فَمَن دَانَ بِالجَبرِ أَو بِمَا يَدعُو إِلَى الجَبرِ فَقَد ظَلَّمَ اللّهَ وَنَسَبَهُ إِلَى الجَورِ وَالعُدوَانِ ، إِذ أَوجَبَ عَلَى مَن أَجبَرَهُ العُقُوبَةَ . وَمَن زَعَمَ أَنَّ اللّهَ أَجبَرَ العِبَادَ ، فَقَد أَوجَبَ عَلَى قِياسِ قَولِهِ إِنَّ اللّهَ يَدفَعُ عَنهُمُ العُقُوبَةَ ، وَمَن زَعَمَ أَنَّ اللّهَ يَدفَعُ عَن أَهلِ المَعَاصِي العَذَابَ ، فَقَد كَذَّبَ اللّهَ فِي وَعِيدِهِ حَيثُ يَقُولُ : « بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحَ_طَتْ بِهِ خَطِي_ئتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحَ_بُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَ__لِدُونَ » (1) ، وَقَولَهُ : « إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَ لَ الْيَتَ_مَى ظُ_لْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًاوَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) (2) ، وَقَولَهُ : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِ_ئايَ_تِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَ_هُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً » (3) ، مَعَ آيٍ كَثيرةٍ فِي هَذَا الفَنِّ ، مِمَّن كَذَّبَ وَعيدَ اللّهِ وَيَلزَمُهُ في تَكذِيبِهِ آيَةً مِن كِتَابِ اللّهِ الكُفرُ ، وَهُوَ مِمَّن قَالَ اللّهُ : «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَ_بِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَ لِكَ مِنكُمْ إِلَا خِزْىٌ فِى الْحَيَوةِ لدُّنْيَا وَ يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَ مَا اللَّهُ بِغَ_فِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ » (4) . بَل نَقُولُ : « إِنَّ اللّهَ جَلَّ وَعَزَّ جَازَى العِبَادَ عَلَى أَعمَالِهِم وَيُعَاقِبُهُم عَلَى أَفعَالِهِم بِالاِستِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَهُم إِيَّاهَا ، فَأَمَرَهُم وَنَهَاهُم بِذَلِكَ ، وَنَطَقَ كِتَابُهُ : « مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْ_لَمُونَ » (5) ، وَقالَ جَلَّ ذِكرُهُ : « يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ » (6) ، وَقالَ : « الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسِ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُ_لْمَ الْيَوْمَ» (7) ، فَهَذِهِ آيَاتٌ مُحكَمَاتٌ تَنفِي الجَبرَ وَمَن دَانَ بِهِ ، وَمِثلُها فِي القُرآنِ كَثِيرٌ ، اختَصَرنَا ذَلِكَ لِئَلَا يَطُولَ الكِتَابُ ، وَبِاللّهِ التَّوفِيقُ .
.
ص: 27
وَأَمَّا التَّفوِيضُ الَّذِي أَبطَلَهُ الصَّادِقُ عليه السلام وَأَخطَأ مَن دَانَ بِهِ وَتَقَلَّدَهُ ، فَهُوَ قَولُ القَائِلِ : إِنَّ اللّهَ جَلَّ ذِكرُهُ فَوَّضَ إِلَى العِبادِ اختِيارَ أَمرِهِ وَنَهيِهِ وَأَهمَلَهُم ، وَفِي هذَا كَلامٌ دَقِيقٌ لِمَن يَذهَبُ إلَى تَحرِيرِه وَدِقَّتِهِ ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتِ الأَئِمَّةُ المُهتَدِيَةُ مِن عِترَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه و آله ، فَإِنَّهُم قَالُوا : لَو فَوَّضَ إِلَيهِم عَلَى جَهَةِ الإِهمَالِ لَكَانَ لازِماً لَهُ رِضاً مَا اختَارُوهُ وَاستَوجَبُوا مِنهُ الثَّوَابَ وَلَم يَكُن عَلَيهِم فِيمَا جَنَوهُ العِقَابُ إِذَا كَانَ الإهمَالُ وَاقِعاً . وَتَنصَرِفُ هَذِهِ المَقالَةُ عَلَى مَعنَييَنِ : إِمَّا أَن يَكُونَ العِبَادُ تَظَاهَروُا عَلَيهِ فَأَلزَمُوهُ قَبُولَ اختِيَارِهِم بِآرَائِهِم ضَروُرَةً كَرِهَ ذَلِكَ أم أَحَبَّ فَقَد لَزِمَهُ الوَهنُ ، أَو يَكُونَ جَلَّ وَعَزَّ عَجَزَ عَن تَعَبُّدِهِم بِالأَمرِ وَالنَّهي عَلَى إِرَادَتِهِ كَرِهُوا أَو أَحَبُّوا ، فَفَوَّضَ أَمرَهُ وَنَهيَهُ إلَيهِم وَأَجرَاهُمَا عَلَى مَحَبَّتِهِم ، إِذ عَجَزَ عَن تَعَبُّدِهِم بِإِرادَتِهِ ، فَجَعَلَ الاختِيارَ إِلَيهِم فِي الكُفرِ وَالإِيمَانِ . وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ مَلَكَ عَبدَاً ابتَاعَهُ لِيَخدِمَهُ وَيَعرِفَ لَهُ فَضلَ وِلايَتِهِ وَيَقِفَ عِندَ أَمرِهِ وَنَهيِهِ ، وَادَّعَى مالِكُ العَبدِ أَنَّهُ قَاهِرٌ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ، فَأَمَرَ عَبدَهُ وَنَهَاهُ ، وَوَعَدَهُ عَلَى اتِّباعِ أَمرِهِ عَظِيمَ الثَّوَابِ ، وَأَوعَدَهُ عَلَى مَعصِيَتِهِ أَليمَ العِقَابِ ، فَخَالَفَ العَبدُ إِرَادَةَ مَالِكِهِ ، وَلَم يَقِف عِندَ أَمرِهِ وَنَهيِهِ ، فَأيُّ أَمرٍ أمَرَهُ أَو أيُّ نَهيٍّ نَهَاهُ عَنهُ لَم يَأتِهِ عَلَى إِرَادَةِ المَولَى ، بَل كَانَ العَبدُ يَتَّبِعُ إِرَادَةَ نَفسِهِ وَاتِّبَاعَ هَواهُ ، وَلا يُطِيقَ المَولَى أَن يَرُدَّهُ إِلَى اتِّبَاعِ أَمرِهِ وَنَهيِهِ وَالوُقُوفِ عَلَى إِرَادَتِهِ ، فَفَوَّضَ اختِيارَ أَمرِهِ وَنَهيِهِ إِلَيهِ ، وَرَضِيَ مِنهُ بِكُلِّ مَا فَعلَهُ عَلَى إِرَادَةِ العَبدِ لا عَلَى إِرَادَةِ المَالِكِ ، وَبَعَثَهُ فِي بَعضِ حَوَائِجِهِ ، وَسَمَّى لَهُ الحَاجَةَ ، فَخَالَفَ عَلَى مَولاهُ ، وَقَصَدَ لِاءرادَةِ نَفسِهِ وَاتَّبَعَ هَواهُ ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَولاهُ نَظَرَ إلَى ما أَتَاهُ بِهِ ، فَإِذَا هُوَ خِلافُ مَا أَمَرَهُ بِهِ ، فَقَالَ لَهُ : لِمَ أَتَيتَنِي بِخِلافِ ما أمَرتُكَ ؟ فَقَالَ العَبدُ : اتَّكَلتُ عَلَى تَفوِيضِكَ الأَمرَ إِلَيَّ ، فَاتَّبَعتُ هَوَايَ وَإِرَادَتي ؛ لِأَنَّ المُفَوَّضَ إِلَيهِ غَيرُ مَحَظُورٍ عَلَيهِ ، فَاستَحَالَ التَّفوِيضُ . أَوَ لَيسَ يَجِبُ عَلَى هَذَا السَّبَبِ إِمَّا أَن يَكُونَ المَالِكُ لِلعَبدِ قَادِرَاً ، يَأمرُ عَبدَهُ بِاتِّبَاعِ أَمرِهِ وَنَهيِهِ عَلَى إِرَادَتِهِ لا عَلَى إِرادَةِ العَبدِ ، وَيُمَلِّكَهُ مِنَ الطَّاقَةِ بِقَدرِ مَا يَأمُرُهُ بِهِ
.
ص: 28
وَيَنهَاهُ عَنهُ ، فَإِذَا أَمَرَهُ بِأَمرٍ وَنَهاهُ عَن نَهيٍ ، عَرَّفَهُ الثَّوَابَ وَالعِقَابَ عَلَيهِمَا ، وَحذَّرَهُ وَرَغَّبَهُ بِصِفَةِ ثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ ؛ لِيَعرِفَ العَبدُ قُدرَةَ مَولاهُ بِمَا مَلَّكَهُ مِنَ الطَّاقَةِ لِأَمرِهِ وَنَهيِهِ ، وَتَرغيبِهِ وَتَرهيبِهِ ، فَيَكُونَ عَدلُهُ وَإِنصَافُهُ شَامِلاً لَهُ ، وَحُجَّتُهُ وَاضِحَةً عَلَيهِ لِلإعذارِ وَ الإِنذَارِ . فَإذَا اتَّبَعَ العَبدُ أَمرَ مَولاهُ جَازَاهُ ، وَإِذَا لَم يَزدَجِر عَن نَهيِهِ عَاقَبَهُ . أَو يَكُونُ عَاجِزَاً غَيرَ قَادِرٍ ، فَفَوَّضَ أَمرَهُ إِلَيهِ أَحسَنَ أَم أَسَاءَ ، أَطَاعَ أَم عَصَى ، عَاجِزٌ عَن عُقُوبَتِهِ وَرَدِّهِ إِلَى اتِّبَاعِ أَمرِهِ . وَفِي إِثباتِ العَجزِ نَفيُ القُدرَةِ وَالتَّأَلُّهِ ، وَإِبطالُ الأَمرِ وَالنَّهيِ ، وَالثَّوابِ وَالعِقَابِ ، وَمُخالَفَةُ الكِتَابِ إذ يَقُولُ : «وَ لَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَ إِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ» (1) ، وَقَولُهُ عز و جل : «اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ » (2) ، وقَولُهُ : «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْاءِنسَ إِلَا لِيَعْبُدُونِ * مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَ مَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ » (3) ، وَقَولُهُ : «اعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً» (4) ، وَقَولُهُ : «أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ » (5) . فَمَن زَعَمَ أَنَّ اللّهَ تَعَالَى فَوَّضَ أَمرَهُ وَنَهيَهُ إِلَى عِبَادِهِ ، فَقَد أَثبَتَ عَلَيهِ العَجزَ ، وَأَوجَبَ عَلَيهِ قَبُولَ كُلِّ ما عَمِلوُا مِن خَيرٍ وَشَرٍّ ، وَأَبطَلَ أَمرَ اللّهِ وَنَهيَهُ ، وَوَعدَهُ وَوَعيدَهُ ، لِعِلَّةِ مَا زَعَمَ أَنَّ اللّهَ فَوَّضَهَا إِلَيهِ ؛ لِأَنَّ المُفَوَّضَ إِلَيهِ يَعمَلُ بِمَشيئَتِهِ ، فَإِن شَاءَ الكُفرَ أَوِ الإِيمَانَ كَانَ غَيرَ مَردُودٍ عَلَيهِ وَلا مَحظُورٍ ، فَمَن دَانَ بِالتَّفوِيضِ عَلَى هَذَا المَعنَى فَقَد أَبطَلَ جَميعَ مَا ذَكَرنَا مِن وَعدِهِ وَوَعيدِهِ ، وَأَمرِهِ وَنَهيِهِ ، وَهُوَ مِن أَهلِ هَذِهِ الآيَةِ : «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَ_بِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَ لِكَ مِنكُمْ إِلَا خِزْىٌ فِى الْحَيَوةِ لدُّنْيَا وَ يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَ مَا اللَّهُ بِغَ_فِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ » (6) ، تَعَالَى اللّهُ
.
ص: 29
عَمَّا يَدِينُ بِهِ أَهلُ التَّفوِيضِ عُلُوَّاً كَبِيرَاً . لَكِن نَقُولُ : إِنَّ اللّهَ جَلَّ وَعَزَّ خَلَقَ الخَلقَ بِقُدرَتِهِ ، وَمَلَّكَهُم اِستِطَاعَةً تَعَبَّدَهُم بِهَا ، فَأَمَرَهُم وَنَهَاهُم بِمَا أَرَادَ ، فَقَبِلَ مِنهُمُ اتِّباعَ أَمرِهِ ، وَرَضِيَ بِذَلِكَ لَهُم ، وَنَهَاهُم عَن مَعصِيَتِهِ ، وَذَمَّ مَن عَصَاهُ وَعَاقَبَهُ عَلَيهَا ، وَللّهِِ الخِيَرَةُ فِي الأَمرِ وَالنَّهيِ ، يَختارُ مَا يُريدُ وَيَأمُرُ بِهِ ، وَيَنهَى عَمَّا يَكرَهُ وَيُعَاقِبُ عَلَيهِ ، بِالاِستِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَها عِبادَهُ لِاتِّباعِ أَمرِهِ ، وَ اجتِنابِ مَعَاصِيهِ ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ العَدلِ وَالنَّصَفَةِ وَالحِكمَةِ البَالِغَةِ ؛ بَالَغَ الحُجَّةَ بِالإِعذَارِ وَالإِنذَارِ ، وَإلَيهِ الصَّفوَةُ ، يَصطَفِي مِن عِبَادِهِ مَن يَشَاءُ لِتَبلِيغِ رِسَالَتِهِ وَاحتِجَاجِهِ عَلَى عِبَادِهِ ، اصطَفَى مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله وَبَعَثَهُ بِرِسَالاتِهِ إِلَى خَلقِهِ ، فَقَالَ مَن قَالَ مِن كُفَّارِ قَومِهِ حَسَدَاً وَاستِكبَارَاً : «لَوْلَا نُزِّلَ هَ_ذَا الْقُرْءَانُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ » (1) ، يَعنِي بِذَلِكَ أُمَيَّةَ بنَ أَبِي الصَّلتِ ، وَأَبَا مَسعُودٍ الثَّقَفِيَّ 2 ، فَأَبطَلَ اللّهُ اختِيارَهُم ، وَلَم
.
ص: 30
. .
ص: 31
يُجِز لَهُم آراءَهُم ، حَيثُ يَقُولُ : «أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ رَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَ_تٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ » (1) ، وَ لِذلِكَ اختَارَ مِنَ الأُمُورِ مَا أَحَبَّ ، وَنَهَى عَمَّا كَرِهَ ، فَمَن أَطَاعَهُ أَثَابَهُ ، وَمَن عَصَاهُ عَاقَبَهُ ، وَلَو فَوَّضَ اختِيارَ أَمرِهِ إِلَى عِبَادِهِ لَأَجَازَ لِقُرَيشٍ اختِيارَ اُمَيَّةَ بنِ أَبِي الصَّلتِ وَأَبِي مَسعُودٍ الثَّقَفيِّ ، إِذ كَانَا عِندَهُم أَفضَلَ مِن مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله . فَلَمَّا أَدَّبَ اللّهُ المُؤمِنينَ بِقَولِهِ : «وَ مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ» (2) فَلَم يُجِز لَهُمُ الاِختِيارَ بِأَهوَائِهِم ، وَلَم يَقبَل مِنهُم إِلَا اتِّبَاعَ أَمرِهِ وَاجتِنَابَ نَهيِهِ عَلَى يَدَي مَنِ اصطَفَاهُ ، فَمَن أَطَاعَهُ رَشَدَ ، وَمَن عَصَاهُ ضَلَّ وَغَوَى ، وَلَزِمَتهُ الحُجَّةُ بِمَا مَلَّكَهُ مِنَ الاِستِطَاعَةِ لِاتِّبَاعِ أَمرِهِ وَاجتِنَابِ نَهيِهِ ، فَمَن أَجلِ ذَلِكَ حَرَمَهُ ثَوَابَهُ وَأَنزَلَ بِهِ عِقَابَهُ . وَهَذَا القَولُ بَينَ القَولَينِ لَيسَ بِجَبرٍ وَلا تَفويضٍ ، وَبِذَلِكَ أَخبَرَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ عَبَايَةَ بنَ رَبعِيِّ الأَسَدِيِّ (3) ، حِينَ سَأَلَهُ عنِ الاِستِطَاعَةِ الَّتِي بِهَا يَقُومُ وَيَقعُدُ وَيَفعَلُ ، فَقالَ لَهُ أَميرُ المُؤمِنِينَ عليه السلام : سَأَلتَ عَنِ الاِستِطَاعَةِ تَملِكُهَا مِن دُونِ اللّهِ أَو مَعَ اللّهِ ؟ فَسَكَتَ عَبَايَةُ ، فَقَالَ لَهُ أَميرُ المُؤمِنِينَ عليه السلام : قُل يا عَبَايَةُ ، قَالَ : وَمَا أَقُولُ؟ قَالَ عليه السلام : إِن قُلتَ : إِنَّكَ تَملِكُها مَعَ اللّهِ قَتَلتُكَ ، وَإِن قُلتَ : تَملِكُها دُونَ اللّهِ قَتَلتُكَ . قَالَ عَبَايَةُ : فَمَا أقُولُ يا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ؟ قَالَ عليه السلام : تَقُولُ إِنَّكَ تَملِكُها بِاللّهِ الَّذِي يَملِكُها مِن دُونِكَ ، فَإن يُمَلِّكهَا إِيَّاكَ كَانَ ذَلِكَ مِن عَطَائِهِ ، وَإِن يَسلُبكَهَا كَانَ ذَلِكَ مِن بَلائِهِ ، هُوَ
.
ص: 32
المَالِكَ لِمَا مَلَّكَكَ ، وَالقَادِرُ عَلَى مَا عَلَيهِ أَقدَرَكَ ، أَ مَا سَمِعتَ النَّاسَ يَسأَلُونَ الحَولَ وَالقُوَّةَ حِينَ يَقُولُونَ : لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلَا بِاللّهِ . قَالَ عَبَايَةُ : وَمَا تَأوِيلُها يا أَميرَ المُؤمِنِينَ ؟ قَالَ عليه السلام : لا حَولَ عَن مَعَاصِي اللّهِ إِلَا بِعِصمَةِ اللّهِ ، وَلا قُوَّةَ لَنَا عَلَى طَاعَةِ اللّهِ إِلّا بِعَونِ اللّهِ ، قَالَ : فَوَثَبَ عَبَايَةُ فَقَبَّلَ يَدَيهِ وَرِجلَيهِ . وَرُوِيَ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عليه السلام : حِينَ أَتَاهُ نَجدَةُ يَسأَلُهُ عَن مَعرِفَةِ اللّهِ ، قَالَ : يا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ، بِمَاذَا عَرَفتَ رَبَّكَ ؟ قَالَ عليه السلام : بِالتَّمييزِ الَّذِي خَوَّلَنِي ، وَالعَقلِ الَّذِي دَلَّنِي ، قَالَ : أَفَمَجبُولٌ أَنتَ عَلَيهِ ؟ قَالَ : لَو كُنتُ مَجبُولاً ما كُنتُ مَحمُودَاً عَلَى إِحسَانٍ ، وَلا مَذمُوماً عَلَى إِسَاءَةٍ ، وَكَانَ المُحسِنُ أَولَى بِاللَائِمَةِ مِنَ المُسِيءِ ، فَعَلِمتُ أَنَّ اللّهَ قائِمٌ باقٍ وَما دُونَهُ حَدَثٌ حَائِلٌ زَائِلٌ ، وَلَيسَ القَدِيمُ البَاقِي كَالحَدَثِ الزَّائِلِ . قَالَ نَجدَةُ : أَجِدُكَ أَصبَحتَ حَكِيماً يا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ، قَالَ : أَصبَحتُ مُخَيَّراً ؛ فَإِن أَتَيتُ السَّيِّئَةَ بِمَكَانِ الحَسَنَةِ فَأَنَا المُعَاقَبُ عَلَيهَا . وَرُوِيَ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ بَعدَ انصِرافِهِ مِنَ الشَّامِ ، فَقَالَ : يا أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ، أَخبِرنَا عَن خُرُوجِنَا إِلَى الشَّامِ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ؟ قَالَ عليه السلام : نَعَم يا شَيخُ ؛ ما عَلَوتُم تَلعَةً (1) وَلا هَبَطتُم وَادِياً ، إِلّا بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ مِنَ اللّهِ ، فَقَالَ الشَّيخُ : عِندَ اللّهِ أَحتَسِبُ عَنَائِي يا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ؟ فَقَالَ عليه السلام : مَه يا شَيخُ ، فَإِنَّ اللّهَ قَد عَظَّمَ أَجرَكُم فِي مَسِيرِكُم وَأَنتُم سائِرُونَ ، وَفِي مَقامِكُم وَأَنتُم مُقِيمُونَ ، وَفِي انصِرافِكُم وَأَنتُم مُنصَرِفُونَ ، وَلَم تَكُونُوا في شَيءٍ مِن أُمُورِكُم مُكرَهِينَ ، وَلا إِلَيهِ مُضطَرِّينَ ، لَعلَّكَ ظَنَنتَ أَنَّه قَضاءٌ حَتمٌ وَقَدَرٌ لازِمٌ ، لَو كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَبَطَلَ الثَّوَابُ وَالعِقَابُ ، وَلَسَقَطَ الوَعدُ وَالوَعِيدُ ، وَلَمَا أُلزِمَتِ الأَشيَاءُ أَهلَهُا عَلَى الحَقَائِقِ ؛ ذَلِكَ مَقَالَةُ عَبَدَةِ الأَوثَانِ وَأَولِيَاءِ الشَّيطَانِ ، إِنَّ اللّهَ جَلَّ وَعَزَّ أَمَرَ
.
ص: 33
تَخيِيراً ، وَنَهَى تَحذِيرَاً ، وَلَم يُطَع مُكرَهاً ، وَلم يُعصَ مَغلُوباً ، وَلَم يَخلُقِ السَّماوَاتِ وَالأَرضَ وَما بَينَهُمَا باطِلاً ، ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَوَيلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ . فَقَامَ الشَّيخُ فَقَبَّلَ رَأسَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عليه السلام وَأَنشَأَ يَقُولُ : أَنتَ الإِمَامُ الَّذِي نَرجُو بِطَاعَتِهِ يَومَ النَّجَاةِ مِنَ الرَّحمنِ غُفرَاناً أَوضَحتَ مِن دِينِنَا ما كَانَ مُلتَبِساً جَزَاكَ رَبُّكَ عَنَّا فِيهِ رِضوَاناً فَلَيسَ مَعذِرَةٌ فِي فِعلِ فَاحِشَةٍ قَد كُنتُ رَاكِبَها ظُلماً وَعِصياناً فَقَد دَلَّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عليه السلام عَلَى مُوافَقَةِ الكِتَابِ ، وَنَفي الجَبرِ وَالتَّفويضِ اللَّذَينِ يَلزَمَانِ مَن دَانَ بِهِمَا وَتَقَلَّدَهُمَا البَاطِلَ وَالكُفرَ وَتَكذِيبَ الكِتَابِ ، وَنَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الضَّلالَةِ وَالكُفرِ ، وَلَسنَا نَدِينُ بِجَبرٍ وَلا تَفوِيضٍ ، لَكِنَّا نَقُولُ بِمَنزِلَةٍ بَينَ المَنزِلَتَينِ ، وَهُوَ الامتِحَانُ وَالاختِبَارُ بِالاِستِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَنَا اللّهُ وَتَعَبَّدَنَا بِهَا ، عَلَى ما شَهِدَ بِهِ الكِتَابُ ، وَدَانَ بِهِ الأَئِمَّةُ الأَبرَارُ مِن آلِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم . وَمَثَلُ الاِختِبَارِ بِالاِستِطَاعَةِ مَثَلُ رَجُلٍ مَلَكَ عَبدَاً وَمَلَكَ مالَاً كَثيرَاً ، أَحَبَّ أَن يَختَبِرَ عَبدَهُ عَلَى عِلمٍ مِنهُ بِمَا يَؤُولُ إِلَيهِ ، فَمَلَّكَهُ مِن مالِهِ بَعضَ ما أَحَبَّ ، وَوَقَفَهُ عَلَى أُمُورٍ عَرَّفَهَا العَبدَ ، فَأَمَرَهُ أَن يَصرِفَ ذَلِكَ المَالَ فِيهَا ، وَنَهاهُ عَن أَسبابٍ لَم يُحِبُّها ، وَتَقَدَّم إِلَيهِ أَن يَجتَنِبَهَا ، وَلا يُنفِقَ مِن مَالِهِ فِيهَا ، وَالمَالُ يُتَصرَّفُ فِي أَيِّ الوَجهَينِ ، فَصَرَفَ المَالَ أَحَدُهُمَا فِي اِتِّبَاعِ أَمرِ المَولَى وَرِضَاهُ ، وَالآخَرُ صَرَفَهُ فِى¨ اتِّبَاعِ نَهيِهِ وَسَخَطِهِ ، وَأَسكَنَهُ دَارَ اختِبَارٍ أَعلَمَهُ أَنَّهُ غَيرُ دَائِمٍ لَهُ السُّكنَى فِي الدَّارِ ، وَأَنَّ لَهُ دَارَاً غَيرَهَا وَهُوَ مُخرِجُهُ إلَيهَا ، فِيهَا ثَوَابٌ وعِقَابٌ دَائِمانِ ، فَإِن أَنفَذَ العَبدُ المَالَ الَّذِى¨ مَلَّكَهُ مَولاهُ فِي الوَجهِ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ ، جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ الثَّوابَ الدَّائِمَ فِي تِلكَ الدَّارِ الَّتِي أَعلَمَهُ أَنَّهُ مُخرِجُهُ إِلَيهَا ، وَإِن أَنفَقَ المَالَ فِي الوَجهِ الَّذِي نَهَاهُ عَن إِنفاقِهِ فِيهِ ، جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ العِقَابَ الدَّائِمَ في دَارِ الخُلُودِ ، وَقَد حَدَّ المَولَى فِي ذَلِكَ حَدَّاً مَعرُوفاً ، وَهُوَ المَسكَنُ الَّذِي أَسكَنَهُ فِي الدَّارِ الأُولَى ، فَإِذا بَلَغَ الحَدَّ استَبدَلَ المَولَى بِالمَالِ وَبالعَبدِ ، عَلَى أَنَّهُ لَم يَزَل مالِكاً لِلمَالِ وَالعَبدِ فِي الأَوقَاتِ كُلِّها ، إِلَا أَنَّهُ وَعَدَ أَن لا يَسلُبُهُ ذلِكَ المَالَ ما كَانَ فِي تِلكَ الدَّارِ الأُولَى إِلَى أَن يَستَتِمَّ سُكنَاهُ فِيهَا ، فَوَفَى لَهُ ؛
.
ص: 34
لاِنَّ مِن صِفَاتِ المَولَى العَدلَ وَالوَفَاءَ وَالنَّصَفَةَ وَالحِكمَةَ ، أَوَ لَيسَ يَجِبُ إِن كَانَ ذَلِكَ العَبدُ صَرَفَ ذَلِكَ المَالَ فِي الوَجهِ المَأمُورِ بِهِ أن يَفِيَ لَهُ بِمَا وَعَدَهُ مِنَ الثَّوَابِ ، وَتَفَضَّلَ عَلَيهِ بِأَنِ استَعمَلَهُ فِي دَارٍ فَانِيَةٍ وَأثابَهُ عَلَى طَاعَتِهِ فِيهَا نَعِيماً دَائِماً فِي دَارٍ بَاقِيَةٍ دَائِمَةٍ . وَإن صَرَفَ العَبدُ المَالُ الَّذِي مَلَّكَهُ مَولاهُ أَيَّامَ سُكنَاهُ تِلكَ الدَّارَ الأُولَى فِي الوَجهِ المَنهِيِّ عَنهُ ، وَخالَفَ أَمرَ مَولاهُ كَذلِكَ تَجِبُ عَلَيهِ العُقُوبَةُ الدَّائِمَةُ الَّتِي حَذَّرَهُ إِيَّاهَا ، غَيرَ ظَالِمٍ لَهُ لِما تَقَدَّمَ إِلَيهِ وَأَعلَمَهُ وَعَرَّفَهُ وَأَوجَبَ لَهُ الوَفَاءَ بِوَعدِهِ وَوَعِيدِهِ ، بِذَلِكَ يُوصَفُ القَادِرُ القَاهِرُ . وَأَمَّا المَولَى فَهُوَ اللّهُ جَلَّ وَعَزَّ ، وَأَمَّا العَبدُ فَهُوَ ابنُ آدَمَ المَخلُوقُ ، وَالمَالُ قُدرَةُ اللّهِ الوَاسِعَةُ ، وَمِحنَتُهُ إِظهَارُهُ الحِكمَةَ وَالقُدرَةَ ، وَالدَّارُ الفَانِيَةُ هِيَ الدُّنيَا ، وَبَعضُ المَالِ الَّذِي مَلَّكَهُ مَولاهُ هُوَ الاِستِطَاعَةُ الَّتِي مَلَّكَ ابنَ آدَمَ ، وَالأُمُورُ الَّتِي أَمَرَ اللّهُ بِصَرفِ المَالِ إِلَيهَا هُوَ الاِستِطَاعَةُ لِاتِّباعِ الأَنبِياءِ ، وَالإِقرارِ بِمَا أَورَدُوهُ عَنِ اللّهِ جَلَّ وَعَزَّ ، وَاجتِنابُ الأَسبَابِ الَّتي نَهَى عَنهَا هِيَ طُرُقُ إِبليسَ ، وَأَمَّا وَعدُهُ فَالنَّعيمُ الدَّائِمُ وَهِيَ الجَنَّةُ ، وَأَمَّا الدَّارُ الفَانِيَةُ فَهِيَ الدُّنيا ، وَأَمَّا الدَّارُ الأُخرَى فَهِيَ الدَّارُ البَاقِيَةُ وَهِيَ الآخِرَةُ ، وَالقَولُ بَينَ الجَبرِ وَالتَّفوِيضِ هُوَ الاِختِبَارُ وَالاِمتِحَانُ وَالبَلوَى بِالاِستِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَ العَبدَ . وَشَرحُهَا فِي الخَمسَةِ الأَمثَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا الصَّادِقُ عليه السلام أَنَّها جَمَعَت جَوَامِعَ الفَضلِ ، وَأَنَا مُفَسِّرُهَا بِشَوَاهِدَ مِنَ القُرآنِ وَالبَيَانِ إِن شَاءَ اللّهُ .
تَفسِيرُ صِحَّةِ الخِلقَةِأَمَّا قَولُ الصَّادِقِ عليه السلام : فَإِنَّ مَعنَاهُ كَمَالُ الخَلقِ لِلإِنسَانِ ، وَكَمَالُ الحَوَاسِّ ، وَثَباتُ العَقلِ وَالتَّميِيزِ ، وَإِطلاقُ اللِّسَانِ بِالنُّطقِ ؛ وَذلِكَ قَولُ اللّهِ : «وَ لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءَادَمَ وَحَمَلْنَ_هُمْ فِى الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْنَ_هُم مِّنَ الطَّيِّبَ_تِ وَ فَضَّلْنَ_هُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً » (1) . فَقَد أَخبَرَ عز و جل عَن تَفضِيلِهِ بَنِي آدَمَ عَلَى سَائِرِ خَلقِهِ مِنَ البَهَائِمِ وَالسِّبَاعِ وَدَوابِّ
.
ص: 35
البَحرِ وَالطَّيرِ ، وَكُلِّ ذِي حَرَكَةٍ تُدرِكُهُ حَوَاسُّ بَنِي آدَمَ بِتَميِيزِ العَقلِ وَالنُّطقِ ؛ وَذَلِكَ قَولُهُ : «لَقَدْ خَلَقْنَا الْاءِنسَ_نَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ » (1) ، وَ قَولُهُ : « يَ_أَيُّهَا الْاءِنسَ_نُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ » (2) ، وَ قَولُهُ : « يَ_أَيُّهَا الْاءِنسَ_نُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّكَ فَعَدَلَكَ * فِى أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ » (3) ، وَفِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ . فَأَوَّلُ نِعمَةِ اللّهِ عَلَى الإِنسانِ صِحَّةُ عَقلِهِ ، وَتَفضيلُهُ عَلَى كَثيرٍ مِن خَلقِهِ بِكَمَالِ العَقلِ وَتَميِيزِ البَيانِ ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ ذِي حَرَكَةٍ عَلَى بَسِيطِ الأَرضِ هُوَ قَائِمٌ بِنَفسِهِ بِحَوَاسِّهِ ، مُستَكمِلٌ فِي ذَاتِهِ ، فَفَضَّلَ بَنِي آدَمَ بِالنُّطقِ الَّذِي لَيسَ فِي غَيرِهِ مِنَ الخَلقِ المُدرِكِ بِالحَوَاسِّ ، فَمِن أَجلِ النُّطقِ مَلَّكَ اللّهُ ابنَ آدَمَ غَيرَهُ مِنَ الخَلقِ ، حَتَّى صَارَ آمِرَاً نَاهِياً وَغَيرُهُ مُسَخَّرٌ لَهُ ، كَمَا قَالَ اللّهُ : «كَذَ لِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَكُمْ» (4) ، وَقَالَ : «وَ هُوَ الَّذِى سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَ تَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا» (5) ، وَقَالَ : «وَ الْأَنْعَ_مَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْ ءٌ وَ مَنَ_فِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَ لَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونَ * وَ تَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَ__لِغِيهِ إِلَا بِشِقِّ الْأَنفُسِ» (6) . فَمِن أَجلِ ذَلِكَ دَعَا اللّهُ الإِنسَانَ إِلَى اتِّباعِ أَمرِهِ وَإِلَى طَاعَتِهِ ، بِتَفضِيلِهِ إِيَّاهُ بِاستِوَاءِ الخَلقِ ، وَكَمَالِ النُّطقِ ، وَالمَعرِفَةِ بَعدَ أَن مَلَّكَهُمُ استِطَاعَةَ مَا كَانَ تَعَبَّدَهُم بِهِ بِقَولِهِ : «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ اسْمَعُوا وَ أَطِيعُوا» (7) ، وَقَولِهِ : «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَا وُسْعَهَا» (8) ، وَقَولِهِ : «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَا مَآ ءاتاها» (9) ، وَفِي آيَاتٍ كَثيرَةٍ .
.
ص: 36
فَإذَا سَلَبَ مِنَ العَبدِ حَاسَّةً مِن حَوَاسِّهِ رَفَعَ العَمَلَ عَنهُ بِحَاسَّتِهِ ، كَقَولِهِ : «لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ» (1) الآية ، فَقَد رَفَعَ عَن كُلِّ مَن كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الجِهَادَ ، وَجَمِيعَ الأَعمَالِ الَّتِي لا يَقُومُ بِهَا . وَكَذلِكَ أَوجَبَ عَلَى ذِي اليَسَارِ الحَجَّ وَالزَّكَاةَ لِما مَلَّكَهُ مِنِ استِطَاعَةِ ذَلِكَ ، وَلَم يُوجِب عَلَى الفَقِيرِ الزَّكَاةَ وَالحَجَّ ؛ قَولُهُ : «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» (2) ، وَقَولُهُ فِي الظِّهَارِ : «وَ الَّذِينَ يُظَ_هِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ _ إلى قوله _ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً» (3) . كُلُّ ذلِكَ دَليلٌ عَلَى أَنَّ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَم يُكَلِّف عِبَادَهُ إِلَا مَا مَلَّكَهُمُ استِطَاعَتَهُ بِقُوَّةِ العَمَلِ بِهِ وَنَهَاهُم عَن مِثلِ ذَلِكَ ، فَهَذِهِ صِحَّةُ الخِلقَةِ . وَأَمَّا قَولُهُ : تَخلِيَةُ السَّربِ (4) ، فَهُوَ الَّذِي لَيسَ عَلَيهِ رَقيبٌ يَحظُرُ عَلَيهِ ، وَيمنَعَهُ العَمَلَ بِمَا أَمَرَهُ اللّهُ بِهِ ، وَذَلِكَ قَولُهُ فِيمَنِ استُضعِف وَحُظِرَ عَلَيهِ العَمَلُ فَلَم يَجِد حِيلَةً وَلا يَهتَدِي سَبِيلاً ، كَمَا قَالَ اللّهُ تَعَالَى : « إِلَا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَ نِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً » (5) ، فَأَخبَرَ أَنَّ المُستَضعَفَ لَم يُخَلَّ سَربُهُ ، وَلَيسَ عَلَيهِ مِنَ القَولِ شَيءٌ إِذَا كَانَ مُطمَئِنَّ القَلبِ بِالْاءِيمَانِ . وَأَمَّا المُهلَةُ فِي الوَقتِ ، فَهُوَ العُمرُ الَّذي يُمَتَّعُ الإِنسَانُ ، مِن حَدِّ مَا تَجِبُ عَلَيهِ المَعرِفَةُ إِلَى أَجَلِ الوَقتِ ، وَذَلِكَ مِن وَقتِ تَميِيزِه وَبُلُوغِ الحُلُمِ إِلَى أَن يَأتِيَهُ أَجَلُهُ ، فَمَن مَاتَ عَلَى طَلَبِ الحَقِّ وَلَم يُدرِك كَمَالَهُ فَهُوَ عَلَى خَيرٍ ؛ وَذَلِكَ قَولُهُ : «وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» (6) الآية .
.
ص: 37
وَ إِن كَانَ لَم يَعمَل بِكَمَالِ شَرائِعِهِ لِعِلَّةٍ ما ، لَم يُمهِلهُ فِي الوَقتِ إِلَى استِتمَامِ أَمرِهِ ، وَقَد حَظَرَ عَلَى البَالِغِ ما لَم يَحظُر عَلَى الطِّفلِ إِذَا لَم يَبلُغِ الحُلُمَ فِي قَولِهِ : «وَ قُل لِّلْمُؤْمِنَ_تِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَ_رِهِنَّ» (1) الآيَة ، فَلَم يَجعَل عَلَيهِنَّ حَرَجاً في إِبداءِ الزِّينَةِ لِلطِّفلِ ، وَكَذَلِكَ لا تَجرِي عَلَيهِ الأَحكَامُ . وَأَمَّا قَولُهُ : الزَّادُ ؛ فَمَعنَاهُ الجِدَةُ (2) وَالبُلغَةُ الَّتِي يَستَعِينُ بِهَا العَبدُ عَلَى ما أَمَرَهُ اللّهُ بِهِ ، وَذَلِكَ قَولُهُ : «مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ» (3) الآيَة ، أَلا تَرَى أَنَّهُ قَبِلَ عُذرَ مَن لَم يَجِد ما يُنفِقُ ، وَأَلزَمَ الحُجَّةَ كُلَّ مَن أَمكَنَتهُ البُلغَةُ وَالرَّاحِلَةُ لِلحَجِّ وَالجِهَادِ وَأَشبَاهِ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ قَبِلَ عُذرَ الفُقَرَاءِ وَأَوجَبَ لَهُم حَقَّاً فِي مَالِ الأَغنِياءِ بِقَولِهِ : «لِلْفُقَرَآءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ» (4) الآيَة ، فَأَمَرَ بِإِعفائِهِم ، وَلَم يُكَلِّفُهُمُ الإِعدادَ لِمَا لا يَستَطِيعُونَ وَلا يَملِكُونَ . وَأَمَّا قَولُهُ فِي السَّبَبِ المُهَيِّجِ ؛ فَهُوَ النِّيَّةُ الَّتِي هِيَ داعِيَةُ الإِنسَانِ إِلَى جَمِيعِ الأَفعَالِ ، وَحاسَّتُهَا القَلبُ ، فَمَن فَعَلَ فِعلاً وَكَانَ بِدينٍ لَم يَعقِد قَلبُهُ عَلَى ذَلِكَ ، لَم يَقبَلِ اللّهُ مِنهُ عَمَلاً إِلَا بِصِدقِ النِّيَّةِ ، وَلِذَلِكَ أَخبَرَ عَنِ المُنَافِقِينَ بِقَولِهِ : « يَقُولُونَ بِأَفْوَ هِهِم مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ » (5) ، ثُمَّ أَنزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله تَوبِيخاً لِلمُؤمِنِينَ : « يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ » (6) الآيَة ، فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ قَولاً وَاعتَقَدَ فِي قَولِهِ ، دَعَتهُ النِّيَّةُ إِلَى تَصدِيقِ القَولِ بِإِظهَارِ الفِعلِ ، وَإِذَا لَم يَعتَقِدِ القَولَ لَم تَتَبيَّن حَقِيقَتُهُ ، وَقَد أَجَازَ اللّهُ صِدقَ النِّيَّةِ وَإِن كَانَ الفِعلُ غَيرَ مُوافِقٍ لَهَا لِعِلَّةِ مَانِعٍ يَمنَعُ إِظهَارَ الفِعلِ فِي قَولِهِ : «إِلَا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنُّ بِالْاءِيمَ_نِ» (7) ، وَ قَولِهِ : « لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ
.
ص: 38
بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَ_نِكُمْ» (1) ، فَدَلَّ القُرآنُ وَأَخبَارُ الرَّسُولِ صلى الله عليه و آله أَنَّ القَلبَ مَالِكٌ لِجَمِيعِ الحَوَاسِّ يُصَحِّحُ أَفعَالَهَا ، وَلا يُبطِلُ ما يُصَحِّحُ القَلبُ شَيءٌ . فَهَذَا شَرحُ جَمِيعِ الخَمسَةِ الأَمثَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا الصَّادِقُ عليه السلام أَنَّهَا تَجمَعُ المَنزِلَةَ بَينَ المَنزِلَتَينِ ، وَهُمَا الجَبرُ وَالتَّفوِيضُ . فَإِذَا اجتَمَعَ فِي الإِنسَانِ كَمَالُ هَذِهِ الخَمسَةِ الأَمثَالِ ، وَجَبَ عَلَيهِ العَمَلُ كَمُلاً لِمَا أَمَرَ اللّهُ عز و جل بِهِ وَرَسُولُهُ ، وَإذَا نَقَصَ العَبدُ مِنهَا خَلَّةً ، كَانَ العَمَلُ عَنهَا مَطرُوحاً بِحَسَبِ ذَلِكَ . فَأَمَّا شَواهِدُ القُرآنِ عَلَى الاِختِبارِ وَالبَلوَى بِالاِستِطَاعَةِ الَّتِي تَجمَعُ القَولَ بَينَ القَولَينِ فَكَثيرَةٌ ، وَمِن ذَلِكَ قَولُهُ : «وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَ_هِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّ_بِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ » (2) ، وَقَالَ : «سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ » (3) ، وَقَالَ : «الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا ءَامَنَّا وَ هُمْ لَا يُفْتَنُونَ » (4) ، وَقَالَ فِي الفِتَنِ الَّتِي مَعنَاهَا الاِختِبَارُ : «وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَ_نَ» (5) الآيَة ، وَقَالَ فِي قِصَّةِ مُوسَى عليه السلام : «فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِىُّ » (6) ، وَقَولُ مُوسَى : «إِنْ هِىَ إِلَا فِتْنَتُكَ» (7) ، أَي اختِبَارُكَ ، فَهَذِهِ الآيَاتُ يُقاسُ بَعضُهَا بِبَعضٍ ، وَيَشهَدُ بَعضُهَا لِبَعضٍ . وَأَمَّا آيَاتُ البَلوَى بِمَعنَى الاِختِبَارِ ، قَولُهُ : « لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَآ ءَاتَكُمْ» (8) ، وَقَولُهُ : «ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ» (9) ، وَ قَولُهُ : «إِنَّا بَلَوْنَ_هُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَ_بَ الْجَنَّةِ» (10) ، وَقَولُهُ :
.
ص: 39
«خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَيَوةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» (1) ، وَقَولُهُ : «وَ إِذِ ابْتَلَى إِبْرَ هِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَ_تٍ» (2) ، وَ قَولُهُ : «وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَ لَ_كِن لِّيَبْلُوَا بَعْضَكُم بِبَعْضٍ» (3) ، وَكُلُّ ما فِي القُرآنِ مِن بَلوَى هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي شَرَحَ أَوَّلَهَا فَهِيَ اختِبَارُ ، وَأَمثَالُهَا فِي القُرآنِ كَثيرةٌ . فَهِيَ إِثبَاتُ الاِختِبَارِ وَالبَلوىَ ، إِنَّ اللّهَ جَلَّ وَعَزَّ لَم يَخلُقِ الخَلقَ عَبَثاً ، وَلا أَهمَلَهُم سُدَىً ، وَلا أَظهَرَ حِكمَتَهُ لَعِباً ، وَبِذَلِكَ أَخبَرَ فِي قَولِهِ : «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَ_كُمْ عَبَثًا» (4) . فَإن قَالَ قَائِلٌ : فَلَم يَعلَمِ اللّهُ مَا يَكُونُ مِنَ العِبَادِ حَتَّى اختَبَرَهُم؟ قُلنَا : بَلَى ؛ قَد عَلِمَ ما يَكُونُ مِنهُم قَبلَ كَونِهِ ، وَذَلِكَ قَولُهُ : «وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا» (5) ، وَإِنَّمَا اختَبَرَهُم لِيُعلِمَهُم عَدلَهُ ، وَلا يُعَذِّبَهُم إِلَا بِحُجَّةٍ بَعدَ الفِعلِ ، وَقَد أَخبَرَ بِقَولِهِ : «وَلَوْ أَنَّ_آ أَهْلَكْنَ_هُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا» (6) ، وَقَولِهِ : «وَ مَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا » (7) ، وَقَولِهِ» : «رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ» (8) ، فَالاِختِبارُ مِنَ اللّهِ بِالاِستِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَها عَبدَهُ ، وَهُوَ القَولُ بَينَ الجَبرِ وَالتَّفوِيضِ ، وَبِهَذَا نَطَقَ القُرآنُ ، وَجَرَتِ الأَخبَارُ عَنِ الأَئِمَّةِ مِن آلِ الرَّسُولِ صلى الله عليه و آله . فَإن قَالُوا : مَا الحُجَّةُ فِي قَولِ اللّهِ : «يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ» (9) وَمَا أَشبَهَهَا ؟ قِيلَ : مَجَازُ هَذِهِ الآيَاتِ كُلِّها عَلَى مَعنَيِينِ ، أَمَّا أَحَدُهُمَا : فَإِخبَارٌ عَن قُدرَتِهِ ، أَي إِنَّهُ
.
ص: 40
قَادِرٌ عَلَى هِدايَةِ مَن يَشَاءُ وَضَلالِ مَن يَشَاءُ ، وَإذَا أَجبَرَهُم بِقُدرَتِهِ عَلَى أَحَدِهِما لَم يَجِب لَهُم ثَوابٌ وَلا عَلَيهِم عِقابٌ عَلَى نَحوِ ما شَرَحنَا فِي الكِتَابِ . وَالمَعنَى الآخَرُ : إنَّ الهِدايَةَ مِنهُ تَعرِيفُهُ ، كَقَولِهِ : «وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَ_هُمْ» (1) » ، أَي عَرَّفنَاهُم ، «فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى» (2) » . فَلَو أَجبَرَهُم عَلَى الهُدَى لَم يَقدِرُوا أَن يَضِلُّوا ، وَلَيسَ كُلَّمَا وَرَدَت آيَةٌ مُشتَبِهَةٌ كَانَتِ الآيَةُ حُجَّةً عَلَى مُحكَمِ الآيَاتِ اللَّوَاتِي أُمِرنَا بِالأَخذِ بِهَا ؛ مِن ذَلِكَ قَولُهُ : «مِنْهُ ءَايَ_تٌ مُّحْكَمَ_تٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَ_بِ وَأُخَرُ مُتَشَ_بِهَ_تٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَ_بَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ» (3) الآيَة ، وَقالَ : «فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَ_ئِكَ الَّذِينَ هَدَهُمُ اللَّهُ وَ أُولَ_ئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبَ_بِ » (4) . وَفَّقَنَا اللّهُ وَإِيَّاكُم إِلَى القَولِ وَالعَمَلِ لِمَا يُحِبُّ وَيَرضَى ، وَجَنَّبَنَا وَإِيَّاكُم مَعَاصِيَهُ بِمَنِّهِ وَفَضلِهِ ، وَالحَمدُ للّهِِ كَثِيراً كَمَا هُوَ أَهلُهُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ ، وَحَسبُنَا اللّهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ . 5
.
ص: 41
الفصل الثاني: في الإمامة
.
ص: 42
. .
ص: 43
12كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الريّانإنّ الأرض كلّها لرسول اللّه صلى الله عليه و آلهعلي بن محمّد عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن الريّان 1 ، قال : كتبتُ إلى العسكريّ عليه السلام : جُعلت فداك ، رُوي لنا أن ليس لرسول اللّه صلى الله عليه و آله من الدنيا إِلّا الخُمس ؟ فجاء الجواب :إِنَّ الدُّنيَا وَمَا عَلَيهَا لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله . (1)
13توقيعه عليه السلامجعل قلوب الأئمّة مورداً لإرادة اللّهأحمد بن محمّد السيّاريّ (2) ، قال : حدّثني غير واحد من أصحابنا ، قال : خرج عن
.
ص: 44
أبي الحسن الثالث عليه السلام أنّه قال :إِنَّ اللّهَ جَعَلَ قُلُوبَ الأَئِمَّةِ مَورِدَاً لِاءِرَادَتِهِ ، فَإِذَا شَاءَ اللّهُ شَيئاً شَاءُوهُ ، وَهُوَ قَولُ اللّهِ : «وَ مَا تَشَآءُونَ إِلَا أَن يَشَآءَ اللَّهُ» (1) . (2)
14كتابه عليه السلام إلى بعض الأصحابفيما جاء في معنى الحديث الصعب المستصعبمحمّد بن يحيى وغيره ، عن محمّد بن أحمد ، عن بعض أصحابنا ، قال : كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام : جُعلت فداك ، ما معنى قول الصادق عليه السلام :حَدِيثُنَا لا يَحتَمِلُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيٌّ مُرسَلٌ وَلا مُؤمِنٌ امتَحَنَ اللّهُ قَلبَهُ لِلإِيمَانِ ؟ فجاء الجواب : إِنَّمَا مَعنَى قَولِ الصَّادِقِ عليه السلام _ أَي لا يَحتَمِلُهُ مَلَكٌ وَلا نَبِيٌّ وَلا مُؤمِنٌ _ أَنَّ المَلَكَ لا يَحتَمِلُهُ حَتَّى يُخرِجَهُ إِلَى مَلَكٍ غَيرِهِ ، وَالنَّبِيُّ لا يَحتَمِلُهُ حَتَّى يُخرِجَهُ إِلَى نَبِيٍّ غَيرِه ، وَالمُؤمِنُ لا يَحتَمِلُهُ حَتَّى يُخرِجَهُ إِلَى مُؤمِنٍ غَيرِه ، فَهَذَا مَعنَى قَولِ جَدِّي عليه السلام (3) . 4
.
ص: 45
15كتابه عليه السلام إلى عبد اللّه بن هُلَيلفي دعوى بين المحقّ و المبطل في أمر الإمامةالحسين بن محمّد عن مُعلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه ، قال : كان عبد اللّه بن هُلَيل (1) يقول بعبد اللّهِ (2) ، فصار إلى العسكر (3) ، فرجع عن ذلك ، فسألته عن سبب رجوعه ؟ فقال : إنّي عرضت لأبي الحسن عليه السلام أن أسأله عن ذلك فوافقني في طريقٍ ضيّق ، فمال نحوي حتّى إذا حاذاني ، أقبل نحوي بشيءٍ من فيه ، فوقع على صدري ، فأخذته فإذا هو رقٌّ فيه مكتوب :ما كَانَ هُنَالِكَ ، وَلا كَذَلِكَ . (4)
16كتابه عليه السلام إلى الشيعةفي النصّ على إمامته عليه السلامأحمد بن زياد بن جعفر رضى الله عنه قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليّ بن صدقة ، عن عليّ بن عبد الغفّار 5 ، قال : لمّا مات أبو جعفر الثاني عليه السلام كتبت الشيعة
.
ص: 46
إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام (1) يسألونه عن الأمر ؟ فكتب عليه السلام :الأَمرُ لِي ما دمُتُ حَيَّاً ، فَإِذَا نَزَلَت بِي مَقَادِيرُ اللّهِ عز و جل آتَاكُمُ اللّهُ الخَلَفَ مِنِّي ، وَأَنِّى لَكُم بِالخَلَفِ بَعدَ الخَلَفِ . (2)
17كتابه عليه السلام إلى أبي بكر الفَهفَكيّفي الإشارة و النصّ على إمامة أبي محمّد عليه السلامعلي بن محمّد عن إسحاق بن محمّد ، عن محمّد بن يحيى بن درياب ، عن أبي بكر الفَهفَكيّ 3 ، قال : كتب إليَّ أبو الحسن عليه السلام :
.
ص: 47
أَبُو مُحَمَّد ابنِي أَنصَحُ آلِ مُحَمَّد غَرِيزَةً (1) ، وَأَوثَقُهُم حُجَّةً ، وَهُوَ الأَكبَرُ مِن وُلدِي ، وَهُوَ الخَلَفُ ، وَإِلَيهِ يَنتَهِي عُرَى الإمَامَةِ وَأَحكَامُهَا ، فَمَا كُنتَ سَائِلِي فَسَلهُ عَنهُ ، فَعِندَهُ ما يُحتَاجُ إِلَيهِ . (2)
18كتابه عليه السلام إلى عليّ بن عَمرو العَطّارفي الإشارة على إمامة أبي محمّد عليه السلامعليّ بن محمّد عن أبي محمّد الإسبارقينيّ ، عن عليّ بن عمرو العطّار (3) ، قال : دخلت على أبي الحسن العسكريّ عليه السلام ، وأبو جعفر ابنه في الأحياء ، وأنا أظنّ أنّه هو ، فقلت له : جُعلت فداك ، مَن أخصّ من ولدك ؟ فقال :لا تَخُصُّوا أَحَدَاً حَتَّى يَخرُجَ إِلَيكُم أَمرِي . قال : فكتبت إليه بعد فيمن يكون هذا الأمر ؟ قال : فكتب إليَّ : فِي الكَبِيرِ مِن وُلدِي .
.
ص: 48
قال : وكان أبو محمّد أكبر من أبي جعفر . (1)
19كتابه عليه السلام إلى شاهَوَيه بن عبد اللّه الجلّابفي الإشارة و النصّ على إمامة أبي محمّد عليه السلامعليّ بن محمّد عن إسحاق بن محمّد ، عن شاهويه بن عبد اللّه الجلّاب (2) ، قال : كتب إليَّ أبو الحسن في كتابٍ :أَرَدتَ أَن تَسألَ عَنِ الخَلَفِ بَعدَ أَبِي جَعفَرٍ وَقَلِقتَ (3) لِذَلِكَ ، فَلا تَغتَمَّ ؛ فَإِنَّ اللّهَ عز و جللا يُضِلُّ « قَوْمَاً بَعْدَ إِذْ هَدَهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ» (4) ، وَصَاحِبُكَ بَعدِي أَبُو مُحَمَّدٍابنِي ، وَعِندَهُ مَا تَحتَاجُونَ إِلَيهِ ، يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ اللّهُ وَيُؤخِّرُ مَا يَشَاءُ اللّهُ «مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ» (5) ، قَد كَتَبتُ بِمَا فِيهِ بَيَانٌ وَقِنَاعٌ لِذِي عَقلٍ يَقظَانَ . (6)
20كتابه عليه السلام إلى نرجس اُمّ المهديّ عليه السلامفيما رُوي في نرجس اُمّ القائم ، واسمها مليكة بنت يشوعا بن قيصر الملكمحمّد بن عليّ بن حاتم النوفليّ قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشّاء
.
ص: 49
البغداديّ ، قال : حدّثنا أحمد بن طاهر القمّي ، قال : حدّثنا أبو الحسين محمّد بن بحر الشيبانيّ ، قال : وردتُ كربلاء سنة ستّ وثمانين ومئتين ، قال : وزرتُ قبر غريب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ثمّ انكفأت إلى مدينة السلام متوجّهاً إلى مقابر قريش في وقتٍ قد تضرّمت الهواجر وتوقّدت السمائم ، فلمّا وصلت منها إلى مشهد الكاظم عليه السلام واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة المحفوفة بحدائق الغفران ، أكببت عليها بعبرات متقاطرة ، وزفرات متتابعة ، وقد حجب الدمع طَرفِي عن النظر ، فلمّا رَقَأت العبرةُ وانقطع النحيب ، فتحتُ بصري فإذا أنا بشيخٍ قد انحنى صلبه ، وتقوّس منكباه ، وثفنت جبهته وراحتاه ، وهو يقول لآخرٍ معه عند القبر : يابن أخي ، لقد نال عمّك شرفاً بما حمّله السيّدان من غوامض الغيوب ، وشرائف العلوم الّتي لم يحمل مثلها إلّا سلمان ، وقد أشرف عمّك على استكمال المدّة وانقضاء العمر ، وليس يجد في أهل الولاية رجلاً يفضي إليه بسرّه . قلت : يا نفس ، لا يزال العناء والمشقّة ينالان منكِ بإتعابي الخفّ والحافر (1) في طلب العلم ، وقد قرع سمعي مِن هذا الشيخ لفظ يدلُّ على عِلمٍ جسيم وأثرٍ عظيم . فقلت : أيّها الشيخ ، ومن السيّدان ؟ قال : النجمان المغيّبان في الثرى بسُرَّ مَن رَأى . فقلت : إنّي اُقسم بالموالاة وشرف محلِّ هذين السيّدين من الإمامة والوراثة إنّي خاطبٌ علمهما ، وطالبٌ آثارهما ، وباذلٌ من نفسي الأيمان المؤكّدة على حفظ أسرارهما . قال : إن كنت صادقاً فيما تقول فأحضر ما صحبك من الآثار عن نَقَلَةِ أخبارهم . فلمّا فتّش الكتب وتصفّح الروايات منها ، قال : صدقت ، أنا بِشرُ بن سليمان النخّاس ، من ولد أبي أيّوب الأنصاريّ أحد موالي أبي الحسن وأبي محمّد عليهماالسلام ، وجارُهُما بسُرّ مَن رَأى . قلت : فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما .
.
ص: 50
قال : كان مولانا أبو الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليهماالسلام فقّهني في أمر الرقيق ، فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلّا بإذنه ، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات ، حتّى كملت معرفتي فيه ، فأحسنت الفرق فيما بين الحلال والحرام ، فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسرَّ مَن رَأى وقد مضى هَويٌّ (1) من الليل ، إذ قرع الباب قارع ، فعدوت مسرعاً فإذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهماالسلام يدعوني إليه ، فلبست ثيابي ، ودخلت عليه ، فرأيته يحدِّث ابنه أبا محمّد واُخته حكيمة من وراء الستر ، فلمّا جلست قال :يا بِشرُ ، إِنَّكَ مِن وُلدِ الأَنصَارِ ، وَهَذِهِ الوَلايَةُ لَم تَزَل فِيكُم يَرِثُهَا خَلَفٌ عَن سَلَفٍ ، فَأَنتُم ثِقَاتُنَا أَهلَ البَيتِ ، وَإِنِّي مُزَكِّيكَ وَمُشَرِّفُكَ بِفَضِيلَةٍ تَسبِقُ بِها شَأوَ (2) الشِّيعَةِ (3) في المُوَالاةِ بِها ، بِسِرٍّ أَطلَّعُكَ عَلَيهِ ، وَأُنفِذُكَ في ابتِياعِ أَمَةٍ . فكتب كتاباً ملصقاً (4) بخطٍّ رومي ولغةٍ روميّة ، وطبع عليه بخاتمه ، وأخرج شستقة (5) صفراء فيها مئتان وعشرون ديناراً ، فقال : خُذهَا وَتَوَجَّه بِهَا إِلَى بَغدَادَ ، واحضُر مَعبَرَ الفُرَاتِ ضَحوَةَ كَذَا ، فَإِذَا وَصَلت إِلَى جَانِبِكَ زَوَارِقُ السَّبَايَا وَبَرَزنَ الجَوَارِيَ مِنَها ، فَسَتَحدِقُ بِهِم طَوَائِفُ المُبتَاعِينَ مِن وُكَلاءِ قُوَّادِ بَنِي العَبَّاسِ وَشَرَاذِمُ مِن فِتيَانِ العِرَاقِ ، فَإِذَا رَأَيتَ ذَلِكَ فَأَشرِف مِنَ البُعدِ عَلَى المُسَمَّى عُمَرَ بنَ يَزِيدٍ النَّخَّاسَ عَامَّةَ نَهَارِكَ ، إِلَى أَن تَبرُزَ لِلمُبتَاعِينَ جَارِيَةٌ صَفَتُها كَذَا وَكَذَا ، لابِسَةٌ حَرِيرَتَينِ صَفِيقَتَينِ ، تَمتَنِعُ مِنَ السُّفُورِ وَلَمسِ المُعتَرِضِ ، وَالِانقِيادِ لِمَن يُحَاوِلُ لَمسَها وَيَشغِلُ نَظَرَهُ بِتَأَمُّلِ مَكَاشِفَهَا مِن وَرَاءِ
.
ص: 51
السُّتُرِ الرَّقِيقِ ، فَيَضرِبُها النَّخَّاسُ ، فَتَصرَخُ صَرخَةً رُومِيَّةً ، فَاعلَم إِنَّهَا تَقُولُ : وا هَتكَ سَترَاهُ . فَيَقولُ بَعضُ المُبتَاعِينَ : عَلَيَّ بِثَلاثُمِئَةٍ دِينَارٍ ، فَقَد زَادَنِي العِفَافُ فِيهَا رَغبَةً ، فَتَقُولُ بِالعَرَبِيَّةِ : لَو بَرَزتَ فِي زَيِّ سُلِيمَانَ وَعَلَى مِثلِ سَرِيرِ مُلكِهِ ما بَدَت لِي فِيكَ رَغبَةٌ ، فَاشفَق عَلَى مَالِكَ . فَيَقُولُ النَّخَّاسُ : فَمَا الحِيلَةُ وَلابُدَّ مِن بَيعِكِ ؟ فَتَقُولُ الجَارِيَةُ : وَمَا العَجَلَةُ وَلابُدَّ مِن اختِيارِ مُبتَاعٍ يَسكُنُ قَلبِي إلَيهِ وَإلَى أَمَانَتِهِ وَدِيَانَتِهِ ؟ فَعِندَ ذَلِكَ قُم إِلَى عُمَرَ بنِ يَزيدَ النَّخَّاسِ وَقُل لَهُ : إِنَّ مَعِي كِتَاباً مُلصَّقاً لِبَعضِ الأَشرَافِ ، كَتَبَهُ بِلُغَةٍ رُومِيَّةٍ وَخَطٍّ رُومِيٍّ ، وَوَصَفَ فِيهِ كَرَمَهُ وَوَفاءَهُ وَنُبلَهُ وَسَخاءَهُ ، فَناوِلُهَا لِتَتَأمَّلَ مِنهُ أَخلاقَ صَاحِبِهِ ، فَإِن مَالَت إِلَيهِ وَ رَضِيَتهُ ، فَأَنَا وَكيلُهُ فِي ابتِياعِهَا مِنكَ .
قال بشر بن سليمان النخّاس : فامتثلت جميع ما حدّه لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في أمر الجارية ، فلمّا نَظَرَت في الكتاب بكت بكاءً شديداً ، وقالت لعمر بن يزيد النخّاس : بعني من صاحب هذا الكتاب ، وحلفت بالمُحرِّجة والمُغَلِّظة 1 أنّه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها . فما زلت أُشاحُّه في ثمنها حتّى استقرّ الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير في الشستقة الصفراء ، فاستوفاه وتسلّمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة ، وانصرفت بها إلى الحُجيرة الّتي كنت آوى إليها ببغداد ، فما أخذها القرار حتّى أخرجت كتاب مولانا عليه السلام من جيبها و هي تلثمه وتضعه على خدّها وتطبقه على جفنها وتمسحه على بدنها . فقلت تعجّباً منها : تلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه ؟ فقالت : أيّها العاجز الضعيف المعرفة بمحلّ أولاد الأنبياء ، أعرني سمعك وفرّغ لي قلبك ، أنا مليكة بنت يشوعا (1) بن قيصر ملك الروم ، واُمّي من وُلد الحواريّين ، تُنسب إلى وصيّ المسيح شمعون ، اُنبّئك العجب العجيب ، أنّ جدّي قيصر أراد أن يزوّجني
.
ص: 52
من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة ، فجمع في قصره من نسل الحواريّين ومن القسّيسين والرُّهبان ثلاثمئة رجل ، ومن ذوي الأخطار منهم سبعمئة رجل ، وجمع من اُمراء الأجناد وقوّاد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف ، وأبرز من بهو (1) مُلكه عرشاً مُساغاً (2) من أصناف الجواهر إلى صحن القصر ، فرفعه فوق أربعين مرقاة ، فلمّا صعد ابن أخيه وأحدقت الصلبان وقامت الأساقفه عكفاً ونشرت أسفار الإنجيل ، تسافلت الصُّلُب من الأعالي فلصقت بالأرض ، وتقوّضت أعمدة العرش فانهارت إلى القرار ، وخرّ الصاعد من العرش مغشيّاً عليه ، فتغيّرت ألوان الأساقفة ، وارتعدت فرائصهم ، فقال كبيرهم لجدّي : أيّها الملك ، أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالّة على زوال هذا الدين المسيحيو المذهب المَلِكاني (3) . فتطيّر جدّي من ذلك تطيّراً شديداً ، وقال للأساقفة : أقيموا هذه الأعمدة ، وارفعوا الصلبان ، وأحضروا أخا هذا المُدبَر العاثر (4) المنكوس جدُّه ؛ لأزوّج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده ، فلمّا فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأوّل . وتفرّق الناس ، وقام جدّي قيصر مغتمّاً ، ودخل قصره واُرخيت الستور ، فاُريت في تلك الليلة كأنّ المسيح والشمعون وعدّة من الحواريّين قد اجتمعوا في قصر جدّي ، ونصبوا فيه منبراً يباري (5) السماء علوّاً وارتفاعاً ، في الموضع الّذي كان جدّي نصب فيه عرشه ، فدخل عليهم محمّد صلى الله عليه و آله مع فتيةٍ وعدَّة من بنيه ، فيقوم إليه المسيح فيعتنقه فيقول :يا روحَ اللّهِ ، إِنِّي جِئتُكَ خَاطِبَاً مِن وَصِيِّكَ شَمعُونَ فَتاتَهُ مَلِيكَةَ لِابنِي هَذَا . وأومأ بيده إلى أبي
.
ص: 53
محمّد صاحب هذا الكتاب . فنظر المسيح إلى شمعون فقال له : قَد أَتَاكَ الشَّرَفُ ، فَصِلَ رَحِمَكَ بِرَحِمِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله . قال : قد فعلت . فصعد ذلك المنبر وخطب محمّد صلى الله عليه و آله ، وزوّجني ، وشهد المسيح عليه السلام ، وشهد بنو محمّد صلى الله عليه و آله والحواريّون . فلمّا استيقظت من نومي أشفقت أن أقصّ هذه الرؤيا على أبي وجدّي مخافة القتل ، فكنت أسرُّها في نفسي ولا أبديها لهم ، وضرب صدري بمحبّة أبي محمّد ، حتّى امتنعت من الطعام والشراب ، وضعفت نفسي ودقّ شخصي ، ومرضتُ مرضاً شديداً ، فما بقي من مدائن الروم طبيب إلّا أحضره جدّي وسأله عن دوائي ، فلمّا برَّح (1) به اليأس قال : يا قرّة عيني فهل تخطر ببالك شهوة فاُزوِّدكها في هذه الدنيا ؟ فقلت : يا جدّي أرى أبواب الفرج عليّ مغلقة ، فلو كشفت العذاب عمّن في سجنك من اُسارى المسلمين ، وفككت عنهم الأغلال ، وتصدّقت عليهم ومننتهم بالخلاص ، لرجوت أن يهب المسيح واُمّه لي عافية وشفاء . فلمّا فعل ذلك جدّي تجلّدت في إظهار الصحّة في بدني ، وتناولت يسيراً من الطعام ، فسرّ بذلك جدّي ، وأقبل على إكرام الاُسارى إعزازهم ، فرأيت أيضاً بعد أربع ليالٍ كأنّ سيّدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف وصيفة من وصائف الجنّان ، فتقول لي مريم : هَذِهِ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ اُمُّ زَوجِكَ أَبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام . فأتعلّق بها وأبكي ، وأشكو إليها امتناع أبي محمّد من زيارتي . فقالت لي سيّدة النساء عليهاالسلام : إِنَّ ابنِي أَبَا مُحَمَّدٍ لا يَزورُكِ وَأَنتِ مُشرِكَةٌ بِاللّهِ وَعَلَى مَذهَبِ النَّصَارَى ، وَهَذِهِ أُختِي مَريَمُ تَبرَأُ إِلَى اللّهِ تَعَالَى مِن دِينِكِ ، فَإِن مِلتِ إِلَى رِضَا اللّهِ عز و جل وَرِضَا المَسِيحِ وَمَريَمَ عَنكِ ، وَزِيَارَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ إِيَّاكِ ، فَتَقُولِي : أَشهَدُ أَن لا إِله إِلَا اللّهُ ، وَأَشهَدُ أَنَّ _ أَبِي _ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللّهِ . فلمّا تكلّمت بهذه الكلمة ، ضمّتني سيّدة النساء إلى صدرها فطيّبت لي نفسي ، وقالت : الآنَ تَوَقَّعِي زِيَارَةَ أَبِي مُحَمَّدٍ إِيَّاكِ ، فَإِنِّي مُنفِذَتُهُ إِلَيكِ .
.
ص: 54
فانتبهت وأنا أقول : وا شوقاه إلى لقاء أبي محمّد . فلمّا كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمّد عليه السلام في منامي ، فرأيته كأنّي أقول له : جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبّك . قال : مَا كَانَ تَأخِيرِي عَنكِ إِلَا لِشرِكِكِ ، وَإِذ قَد أَسلَمتِ فَإِنِّي زَائِرُكِ فِي كُلِّ لَيلَةٍ إِلَى أَن يَجمَعَ اللّهُ شَملَنَا فِي العَيَانِ . فما قطع عنّي زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية . قال بشر : فقلت لها : وكيف وقعت في الأسر ؟ فقالت : أخبرني أبو محمّد ليلة من الليالي : إِنَّ جَدَّكِ سَيُسَرِّبُ (1) جُيوشَاً إِلى قِتَالِ المُسلِمِينَ يَومَ كَذَا ، ثُمَّ يَتَبعُهُم ، فَعَلَيكِ بِاللِّحَاقِ بِهِم مُتَنَكِّرَةً فِي زَيِّ الخَدَمِ مَعَ عِدَّةٍ مِنَ الوَصَائِفِ مِن طَرِيقِ كَذَا . ففعلت ، فوقعت علينا طلائع المسلمين ، حتّى كان من أمري ما رأيت وما شاهدت ، وما شعر أحدٌ بي بأنّي ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك ، وذلك باطِّلاعي إيّاك عليه ، ولقد سألني الشيخ الّذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته ، وقلت : نرجس ، فقال : اسم الجواري . فقلت : العجب أنّك روميّة ولسانك عربيّ ! قالت : بلغ من ولوع جدّي وحمله إيّاي على تعلّم الآداب ، أن أوعز (2) إلى امرأة ترجمان له في الاختلاف إليَّ ، فكانت تقصدني صباحاً ومساءً وتفيدني العربيّة ، حتّى استمرّ عليها لساني واستقام . قال بشر : فلمّا انكفأت بها إلى سرّ مَن رَأى دخلت على مولانا أبي الحسن العسكريّ عليه السلام ، فقال لها : كَيفَ أَرَاكِ اللّهُ عِزَّ الإِسلامِ وَذُلَّ النَّصرَانِيِّةِ ، وَشَرَفَ أَهلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ؟ قالت : كيف أصف لك يا ابن رسول اللّه ما أنت أعلم به منّي ؟ قال : فَإِنِّي أُريدُ أَن أُكرِمَكِ ، فَأَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيكِ ، عَشرَةُ آلافِ دِرهَمٍ ؟ أَم بُشرَى لَكِ فِيها شَرَفُ الأَبَدِ ؟ قالت : بل البشرى . قال عليه السلام : فَأَبشِرِي بِوَلَدٍ يَملِكُ الدُّنيا شَرقاً وَغَرباً ، وَيَملَأُ الأَرضَ قِسطاً وَعَدلاً كَمَا مُلِئَت ظُلماً وَجَوَرَاً .
.
ص: 55
قالت : ممّن ؟ قال عليه السلام : مِمَّن خَطَبَكِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَهُ مِن لَيلَةِ كَذَا مِن شَهرِ كَذَا مِن سَنةِ كَذَا بِالرُّوميَّةِ . قالت : من المسيح ووصيّه ؟ قال : فَمِمَّن زَوَّجَكِ المَسِيحُ وَوَصِيُّهُ ، قالت : من ابنك أبي محمّد ؟ قال : فَهَل تَعرِفينَهُ ؟ قالت : وهل خَلَت ليلة من زيارته إيّاي منذ الليلة الّتي أسلمتُ فيها على يد سيّدة النساء اُمّه . فقال أبو الحسن عليه السلام : يا كَافُورُ ، ادعُ لِي أُختِي حَكيمَةَ . فلمّا دَخَلَت عليه قال عليه السلام لها : هَا هِيَه . فاعتَنَقَتها طويلاً وسرَّت بها كثيراً ، فقال لها مولانا : يا بِنتَ رَسُولِ اللّهِ ، أُخرِجِيهَا إِلَى مَنزِلِكِ وَعَلِّمِيهَا الفَرائِضَ وَالسُّنَنَ ، فَإِنَّهَا زَوجَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَأُمُّ القَائِمِ عليه السلام . (1)
21كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد بن زياد ، وعليّ بن مهزيارفي النصّ على القائم وغيبته عليه السلام وانتظار الفرجسعد بن عبد اللّه قال : حدّثني إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه عليّ بن مهزيار ، عن عليّ بن محمّد بن زياد (2) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام أسأله عن الفرج ؟ فكتب إليّ :إِذَا غَابَ صَاحِبُكُم عَن دَارِ الظَّالِمينَ فَتَوَقَّعُوا الفَرَجَ . (3)
وفي روايةٍ اُخرى : أبي ، عن الحميريّ ، عن محمّد بن عمران الكاتب ، عن عليّ بن محمّد (بن زياد) الصيمريّ ، عن عليّ بن مهزيار 4 ، قال : كتبت إلى أبي
.
ص: 56
الحسن عليه السلام أسأله عن الفرج ؟ فكتب عليه السلام :إِذَا غَابَ صَاحِبُكُم عَن دَارِ الظَّالِمينَ فَتَوَقَّعُوا الفَرَجَ . (1)
22كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن نوحفي النصّ على القائم و غيبته عليه السلام وانتظار الفرجسعد بن عبد اللّه قال : حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي غانم القزوينيّ ، قال : حدّثني إبراهيم بن محمّد بن فارس ، قال : كنت أنا ونوح وأيّوب بن نوح (2) في طريق مكّة ، فنزلنا على وادي زُبالة (3) ، فجلسنا نتحدّث ، فجرى ذكر ما نحن فيه ، وبُعد الأمر علينا .
.
ص: 57
فقال أيّوب بن نوح : كتبت في هذه السنة أذكر شيئاً من هذا . فكتب إليّ :إِذَا رُفِعَ عِلمِكُم (1) مِن بَينِ أَظهُرِكُم ، فتَوَقَّعُوا الفَرَجَ مِن تَحتِ أَقَدَامِكُم . (2)
وفي روايةٍ اُخرى : عليّ بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن أيّوب بن نوح ، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام :إِذَا رُفِعَ عِلمُكُم مِن بَينِ أظهُرِكُم فَتَوَقَّعُوا الفَرَجَ مِن تَحتِ أَقدَامِكُم . (3)
23كتابه عليه السلام لأعرابيفي مكارم أخلاقه وكرمه عليه السلامإنّ أبا الحسن عليه السلام كان يوماً قد خرج من سُرَّ مَن رَأى إلى قريةٍ لمهمّ عرض له ، فجاء رجل من الأعراب يطلبه ، فقيل له : قد ذهب إلى الموضع الفلاني ، فقصده ، فلمّا وصل إليه قال له : مَا حَاجَتُكَ ؟ فقال : أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسّكين بوَلاية جدّك عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وقد ركبني دين فادح أثقلني حمله ، ولم أرَ من أقصده لقضائه سواك . فقال له أبو الحسن عليه السلام : طِب نَفساً وَقَرَّ عَيناً . ثمّ أنزله ، فلمّا أصبح ذلك اليوم قال له أبو الحسن عليه السلام : أُريدُ مِنكَ حَاجَةً ، اللّهَ اللّهَ أَن تُخَالِفَنِي فِيهَا . فقال الأعرابيّ : لا أخالفك . فكتب أبو الحسن عليه السلام ورقة بخطّه ، معترفاً فيها أنّ عليه للأعرابيّ مالاً عيّنه فيها يرجَحُ على دَينه ، وقال : خُذ هَذَا الخَطَّ ، فَإِذَا وَصَلتُ إِلَى سُرِّ مَن رَأَى أَحضُر إِليَّ وَعِندِي جَمَاعَةٌ ، فَطَالِبنِي بِهِ ، وَأَغلِظِ القَولَ عَلَيَّ فِي تَركِ إِبقَائِكَ إِيَّاهُ ، اللّهَ اللّهَ فِي
.
ص: 58
مُخَالَفَتِي . فقال : أفعل . وأخذ الخطّ ، فلمّا وصل أبو الحسن إلى سُرّ مَن رَأى ، وحضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة وغيرهم ، حضر ذلك الرجل وأخرج الخطّ وطالبه ، وقال كما أوصاه ، فألان أبو الحسن له القول عليه السلام ورفقه ، وجعل يعتذر إليه ، ووعده بوفائه وطيبة نفسه . فنُقل ذلك إلى الخليفة المتوكّل ، فأمر أن يُحمل إلى أبي الحسن عليه السلام ثلاثون ألف درهم . فلمّا حُملت إليه تركها إلى أن جاء الرجل ، فقال : خُذ هَذَا المَالَ وَاقضِ مِنهُ دَينَكَ ، وَأَنفِقِ البَاقِيَ عَلَى عِيالِكَ وَأَهلِكَ ، وَأَعذرِنَا . فقال له الأعرابيّ : يابن رسول اللّه ، واللّه إنّ أملي كان يقصر عن ثلث هذا ، ولكنّ اللّه أعلم حيث يجعل رسالته . وأخذ المال وانصرف . (1)
.
ص: 59
الفصل الثالث : في بعض كراماته وغرائب شأنه (ع)
.
ص: 60
. .
ص: 61
24كتابه عليه السلام إلى إسحاق الجلّابالحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه ، عن علي بن محمّد ، عن إسحاق الجلّاب (1) ، قال : اشتريتُ لأبي الحسن عليه السلام غنماً كثيرةً ، فدعاني فأدخلني من إصطبل داره إلى موضعٍ واسعٍ لا أعرفه ، فجعلت أُفرّق تلك الغنم فيمن أمرني به ، فبعث إِلى أبي جعفرٍ (2) وإلى والدته وغيرهما ممّن أمرني ، ثمّ استأذنته في الانصراف إلى بغداد إلى والدي ، وكان ذلك يوم التَّروية ، فكتب إليَّ :تُقِيمُ غَداً عِندَنَا ثُمَّ تَنصَرِفُ .
قال : فأقمت ، فلمّا كان يوم عرفة أقمت عنده وبتُّ ليلة الأضحى في رواق له ، فلمّا كان في السحَرِ أتاني فقال :يَا إِسحَاقُ قُم . قال : فقمت ففتحت عيني ، فإذا أنا على بابي ببغداد . قال : فدخلت على والدي وأنا في أصحابي ، فقلت لهم : عرّفت بالعسكر وخرجت ببغداد إلى العيد . (3)
25كتابه عليه السلام إلى عليّ بن الحسين بن عبد اللّهمحمّد بن مسعود ، قال : حدّثنا محمّد بن نصير ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن
.
ص: 62
عيسى ، قال : كتب إليه عليّ بن الحسين بن عبد اللّه 1 يسأله الدعاء في زيادة عمره ؛ حتّى يرى ما يحبّ . فكتب إليه في جوابه :تَصِيرُ إِلَى رَحمَةِ اللّهِ خَيرٌ لَكَ . فتوفّى الرجل بالخزيمية . (1)
26كتابه عليه السلام إلى عليّ بن جعفرمحمّد بن مسعود ، قال : حدّثني عليّ بن القمّي ، قال : حدّثني محمّد بن أحمد ، عن أبي يعقوب يوسف بن السخت ، قال : حدّثني العبّاس ، عن عليّ بن جعفر 3 ، قال : عرضت أمري على المتوكّل ، فأقبل على عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان فقال له : لا تُتعبنّ نفسك بعرض قصّة هذا وأشباهه ، فإن عمّه أخبرني أنّه رافضيّ ، وأنّه وكيل
.
ص: 63
عليّ بن محمّد ، وحلف أن لا يخرج من الحبس إلّا بعد موته ، فكتبت إلى مولانا : إنّ نفسي قد ضاقت ، و إني أخاف الزيغ . فكتب إليّ :أَمَّا إِذَا بَلَغَ الأَمرُ مِنكَ مَا أَرَى ، فَسَأَقصِدُ اللّهَ فِيكَ . فما عادت الجمعة حتّى اُخرجت من السجن . (1)
27كتابه عليه السلام إلى المتوكّلفي تفسير القمّي : حدّثني أبي قال : أمر المعتصم أن يُحفر بالبطائيّة (البطانيّة) بئر ، فحفروا ثلاثمئة قامةٍ فلم يظهر الماء ، فتركه ولم يحفره ، فلمّا ولِّيَ المتوكّل أمر أن يُحفر ذلك البئر أبداً حتّى يبلغ الماء ، فحفروا حتّى وضعوا في كلّ مئة قامة بكرة ، حتّى انتهوا إلى صخرة ، فضربوها بالمِعوَل (2) ، فانكسرت فخرج منها ريح باردة ، فمات من كان بقربها . فأخبروا المتوكّل بذلك ، فلم يعلم بذلك ما ذاك ، فقالوا : سل ابن الرضا عن ذلك ، وهو أبو الحسن عليّ بن محمّد عليهماالسلام ، فكتب إليه يسأل عن ذلك ؟ فقال أبو الحسن عليه السلام :تِلكَ بِلادُ الأَحقَافِ ، وَهُم قَومُ عَاد الَّذِينَ أَهلَكَهُمُ اللّهُ بِالرِّيحِ الصَّرصَرِ (3) . (4)
28كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الفرج الرُّخّجيّالحسين بن محمّد عن المُعَلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن عبداللّه ، عن
.
ص: 64
عليّ بن محمّد النوفليّ ، قال : قال لي محمّد بن الفرج (1) : إنّ أبا الحسن كتب إليه :يَا مُحَمَّدُ ، أَجمِع أَمرَكَ وَخُذ حِذرَكَ . قال : فأنا في جمع أمري وليس أدري ما كتب إليَّ ، حتّى ورد عليَّ رسول حملني من مصر مقيّداً ، وضرب على كلّ ما أملك ، وكنت في السجن ثمان سنين ، ثمّ ورد عليَّ منه في السجن كتاب فيه : يَا مُحَمَّدُ ، لا تَنزِل فِي نَاحِيَةِ الجَانِبِ الغَربِيِّ . فقرأت الكتاب فقلت : يكتب إليَّ بهذا وأنا في السجن ، إن هذا لعجب ! فما مكثت أن خُلّي عنّي والحمد للّه . قال : وكتب إليه محمّد بن الفرج يسأله عن ضياعه ، فكتب إليه : سَوفَ تُرَدُّ عَلَيكَ ، وَمَا يَضُرُّكَ أَن لا تُرَدَّ عَلَيكَ . فلمّا شخص محمّد بن الفرج إلى العسكر كتب إليه بردّ ضياعه ، ومات قبل ذلك . قال : وكتب أحمد بن الخضيب إلى محمّد بن الفرج يسأله الخروج إلى العسكر ، فكتب إلى أبي الحسن عليه السلام يشاوره ، فكتب إليه : اخرُج فَإِنَّ فِيهِ فَرَجَكَ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى . فخرج ، فلم يلبث إلّا يسيراً حتّى مات . (2)
29كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسين بن مصعب المدائنيّروى المُعَلّى بن محمّد البصريّ ، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه ، قال : كتب إليه
.
ص: 65
محمّد بن الحسين بن مصعب المدائني (1) يسأله عن السجود على الزجاج ؟ قال : فلمّا نفذ الكتاب حدّثت نفسي : إنّه ممّا تنبت الأرض ، وإنّهم قالوا : لا بأس بالسجود على ما أنبتت الأرض ، قال : فجاء الجواب :لا تَسجُد ، وَإِن حَدَّثَتكَ نَفسُكَ ، أَنَّهُ مِمَّا أَنبَتَت الأَرضُ ، فَإِنَّهُ مِنَ الرَّملِ وَالمِلحِ ، وَالمِلحُ سَبَخٌ ، وَالرَّملُ سَبَخٌ ، والسَّبَخ بَلَدٌ مَمسُوخٌ (2) . 3
30كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن نوحأيّوب بن نوح (3) قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : أنّ لي حملاً ، فادع اللّه أن يرزقني ابنا . فكتب عليه السلام إليَّ :إِذَا وُلِدَ لَكَ فَسَمِّهِ مُحَمَّدَاً . قال : فولد لي ابن فسمّيته محمّداً . (4)
.
ص: 66
31كتابه عليه السلام إلى يحيى بن زكريّاإنّ أيّوب بن نوح قال : كان ليحيى بن زكريّا 1 حمل ، فكتب إلى أبي الحسن عليه السلام : إِنَّ لي حملاً ، ادعُ اللّه لي أن يرزقني ابناً . فكتب عليه السلام إليه :رُبَّ ابنَةٍ خَيرٌ مِن ابنٍ . فولدت له ابنة . (1)
32كتابه عليه السلام إلى رجل من أهل المدائنروي أنّ رجلاً من أهل المدائن كتب إليه يسأله عمّا بقي من مُلك المتوكّل ، فكتب عليه السلام :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم «قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِى سُنبُلِهِ إِلَا قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِى مِن بَعْدِ ذَ لِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَا قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِى مِن بَعْدِ ذَ لِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ » (2) .
.
ص: 67
فقُتل في أوّل الخامس عشر . (1)
33كتابه عليه السلام إلى بعض عمّال المتوكّلقال المسعوديّ : حدّثني بعض الثقات قال : كان بين المتوكّل وبين بعض عمّاله من الشيعة معاملة ، فعُملت له مؤامرة أُلزم فيها ثمانون ألف درهم ، فقال المتوكّل : إن باعني غلامه الفلاني بهذا المال فليؤخذ منه ويُخلّى له السبيل . قال الرجل : فأحضرني عبيد اللّه بن يحيى ، وكان يعني بأمري ويحبّ خلاصي ، فعرّفني الخبر . ووصف سروره بما جرى ، وأمرني بالإشهاد على نفسي ببيع الغلام ، فانعمت له ، ووجّه لإحضار العدول ، وكتب العهدة ، فقلت في نفسي : واللّه ما بعته غلاماً وقد ربّيته وقد عرف بهذا الأمر واستبصر فيه ، فيملكه طاغوت ، فإنّ هذا حرام عليَّ ، فلمّا حضر الشهود واُحضر الغلام فأقرّ لي بالعبوديّة ، قلت للعدول : اشهدوا إنّه حرّ لوجه اللّه . فكتب عبيداللّه بن يحيى بالخبر ، فخرج التوقيع : أن يقيّد بخمسين رطلاً ، ويغلّ بخمسين ، ويوضع في أضيق الحبوس . قال : فوجّهت بأولادي وجميع أسبابي إلى أصدقائي وإخواني يعرّفونهم الخبر ، ويسألونهم السعي في خلاصي ، وكتبت بعد ذلك بخبري إلى أبي الحسن عليه السلام . فوقّع إليّ :لا وَاللّهِ لا يَكُونُ الفَرَجُ حَتَّى تَعلَمَ أَنَّ الأَمرَ للّهِ وَحدَهُ .
قال : فأرسلت إلى جميع من كنت راسلته وسألته السعي في أمري ، أسأله أن لا يتكلّم ولا يسعى في أمري ، وأمرتُ أسبابي ألّا يعرّفوا خبري ولا يسيروا إلى زائرٍ منهم . فلمّا كان بعد تسعة أيّام فُتحت الأبواب عنّي ليلاً ، فُحملت ، فاُخرجت بقيودي ، فاُدخلت إلى عبيد اللّه بن يحيى ، فقال لي وهو مستبشر : ورد عليَّ الساعة توقيع أمير المؤمنين يأمرني بتخلية سبيلك . فقلت له : إنّي لا أحبّ أن يحلّ قيودي
.
ص: 68
حتّى تكتب إليه تسأله عن السبب في إطلاقي ، فاغتاظ عليّ واستشاط غضبا ، وأمرني فنُحّيت من بين يديه . فلمّا أصبح ركب إليه ثمّ عاد فأحضرني وأعلمني أنّه رأى في المنام كأنّ آتيا أتاه وبيده سكّين ، فقال له : لئن لم تخلّ سبيل فلان بن فلان لأذبحنّك ، وأنّه انتبه فزعا فقرأ وتعوّذ ونام ، فأتاه الآتي فقال له : أليس أمرتك بتخلية سبيل فلان ؟ لئن لم تخلّ سبيله الليلة لأذبحنّك ، فانتبه مذعورا ، وداخله شأن في تخليتك ونام ، فعاد إليه الثالثة فقال له : واللّه لئن لم تخلّ سبيله في هذه الساعة لأذبحنّك بهذا السكّين ، قال : فانتبهت ووقّعت إليك بما وقّعت . قال : ثمّ نمت فلم أر شيئا ، فقلت له : أمّا الآن فتأمر بحلّ قيودي . فحلّوها ، فخرجت إلى منزلي وأهلي ولم أرد من المال درهما . (1)
34كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن نوحأيّوب بن نوح (2) قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : قد تعرّض لي جعفر بن عبد الواحدالقاضي وكان يؤذيني بالكوفة ، أشكو إليه ما ينالني منه مِن الأذى . فكتب إليّ :تُكفَى أَمرَهُ إِلى شَهرَينِ . فعُزل عن الكوفة في شهرين واسترحت منه . (3)
35كتابه عليه السلام الى محمّد بن الريّان بن الصلتمحمّد بن الريّان بن الصلت (4) قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أستأذنه في كيد عدوٍّ لم يُمكن كيده ، فنهاني عن ذلك ، وقال كلاما معناه :تُكفَاهُ .
.
ص: 69
فكُفيته واللّه أحسن كفاية ، ذلّ وافتقر ومات في أسوأ الناس حالاً في دنياه ودينه . (1)
36كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد الحجّالعليّ بن محمّد الحجّال (2) قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : أنا في خدمتك ، وأصابني علّة في رِجلي لا أقدر على النهوض والقيام بما يجب، فإن رأيت أن تدعو اللّه يكشف علّتي ويعينني على القيام بما يجب عليّ ، وأداء الأمانة في ذلك ، ويجعلني من تقصيري من غير تعمّد منّي وتضييع مال أتعمّده من نسيان يصيبني في حلّ ، ويوسّع عليّ ، وتدعو لي بالثبات على دينه الّذي ارتضاه لنبيّه صلى الله عليه و آله . فوقّع عليه السلام :كَشَفَ اللّهُ عَنكَ وَعَن أَبِيكَ . قال : وكان بأبي علّة ولم أكتب فيها ، فدعا له ابتداءً . (3)
37كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارالحسن بن عليّ السرسونيّ ، عن إبراهيم بن مهزيار ، قال : كان أبو الحسن عليه السلام كتب إلى عليّ بن مهزيار (4) يأمره أن يعمل له مقدار الساعات ، فحملناه إليه في سنة ثمان وعشرين ، فلمّا صرنا ب سَيالة (5) كتب يعلمه قدومه ويستأذنه في المصير إليه ، وعن
.
ص: 70
الوقت الّذي نسير إليه فيه ، واستأذن لإبراهيم . فورد الجواب بالإذن ، إنّا نصير إليه بعد الظهر . فخرجنا جميعاً إلى أن صرنا في يوم صائف شديد الحرّ ، ومعنا مسرور غلام عليّ بن مهزيار ، فلمّا أن دنوا من قصره إذا بلال قائم ينتظرنا ، وكان بلال غلام أبي الحسن عليه السلام ، فقال : ادخلوا . فدخلنا حجرة وقد نالنا من العطش أمر عظيم ، فما قعدنا حيناً حتّى خرج إلينا بعض الخدم ومعه قلال من ماء أبرد ما يكون ، فشربنا . ثمّ دعا بعليّ بن مهزيار ، فلبث عنده إلى بعد العصر ، ثمّ دعاني ، فسلّمت عليه واستأذنته أن يناولني يده فاُقبّلها ، فمدّ يده عليه السلام فقبّلتها ، ودعاني وقعدت ، ثمّ قمت فودّعته ، فلمّا خرجت من باب البيت ناداني فقال :يا إِبرَاهِيمَ ! فقلت : لبّيك يا سيّدي . فقال : لا تَبرَح . فلم نَزَل جالساً ومسرور غلامنا معنا ، فأمر أن يُنصب المِقدار (1) ، ثمّ خرج عليه السلام فاُلقي له كرسيّ فجلس عليه ، واُلقي لعليّ بن مهزيار كرسيّ عن يساره فجلس ، وكنت أنا بجنب المقدار ، فسقطت حصاة ، فقال مسرور : هَشت . فقال : هشت ثَمَانِيَةَ ؟ فقلنا : نعم يا سيّدنا . فلبثنا عنده إلى المساء ، ثمّ خرجنا فقال لعليّ : رُدَّ إِليَّ مَسرُورَاً بِالغَدَاةِ . فوجّهه إليه ، فلمّا أن دخل قال له بالفارسيّة : بار خدايا چون . فقلت له : نيك يا سيّدي ! فمرّ نصر ، فقال لمسرور : در ببند ، در ببند . فأغلق الباب . ثمّ ألقى رداه عليّ يخفيني من نصر ، حتّى سألني عمّا أراد ، فلقيه عليّ بن مهزيارفقال له :
.
ص: 71
كُلُّ هَذَا خَوفاً (1) مِن نَصرٍ ! فقال : يا أبَا الحسن ، يكاد خوفي من عمروِ بن قَرحٍ . (2)
38كتابه عليه السلام إلى بعض تجّار المدينةأحمد بن هارون قال : كنت جالساً اُعلّم غلاماً من غِلمانه في فازة (3) داره فيها بستان ، إذ دخل علينا أبو الحسن عليه السلام راكباً على فرسٍ له ، فقمنا إليه فسبقنا ، فنزل قبل أن ندنو منه ، فأخذ بعنان (4) فرسه بيده ، فعلّقه في طُنُبٍ (5) من أطناب الفازة ، ثمّ دخل فجلس معنا ، فأقبل عليَّ فقال :مَتَى رَأيُكَ أَن تَنصَرِفَ إِلَى المَدِينَةِ ؟ فقلت : الليلة . قال : فَاكتُب إِذَن كِتَاباً مَعَكَ تُوصِلُهُ إِلَى فُلَانٍ التَّاجِرِ ؟ قلت : نعم . قال : يا غُلَامُ ، هَاتِ الدَّوَاةَ والقِرطَاسِ . فخرج الغلام ليأتي بهما من دارٍ اُخرى ، فلمّا غاب الغلام صهل الفرس وضرب بذنبه ، فقال له بالفارسيّة : مَا هَذَا القَلَقُ ؟ فصهل الثانية فضرب بذنبه . فقال له بالفارسيّة : لِي حاجَةٌ أُرِيدُ أَن أَكتُبُ كِتَاباً إِلَى المَدِينَةِ ، فَاصبِر حَتَّى أَفرَغُ . فصهل الثانية وضرب بيده ، فقال له _ بالفارسيّة _ : اقلَع ، فَامضِ إِلَى نَاحِيَةِ البُستَانِ ، وَبُل هُناكَ وَرُث ، وَارجِع ، فَقِف هُنَاكَ مَكَانَكَ .
.
ص: 72
فرفع الفرس رأسه وأخرج العنان من موضعه ، ثمّ مضى إلى ناحية البستان حتّى لا نراه في ظهر الفازة ، فبال وراث ، وعاد إلى مكانه . فدخلني من ذلك ما اللّه به عليم ، فوسوس الشيطان في قلبي ، فقال : يا أَحمَدُ ، لا يُعَظِّمُ عَلَيكَ مَا رَأَيتَ ، إِنَّ مَا أَعطَى اللّهُ مُحَمَّدَاً وَآلَ مُحَمَّدٍ أَكثَرُ مِمَّا أَعطَى دَاوُودَ وَآلَ دَاوُودَ . قلتُ : صدق ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فما قال لك وما قلت له فهمته . فقال : قَالَ لِي الفَرَسُ : قُم فَاركَب إِلَى البَيتِ حَتَّى تَفرُغَ عَنِّي ، قُلتُ : مَا هَذَا القَلَقُ ؟ قال : قَد تَعِبتُ ، قُلتُ : لِي حَاجَةٌ أُرِيدُ أَن أكتُبُ كِتَاباً إِلَى المَدِينَةِ ، فَإِذَا فَرَغتُ رَكِبتُكَ ، قَالَ : إِنِّي أُرِيدُ أَن أَرُوثَ وَأَبُولَ ، وَأَكرَهُ أَن أَفعَلَ ذَلِكَ بَينَ يَدَيكَ ، فَقلُتُ : اذهَب إِلَى نَاحِيَةِ البُستانِ فَافعَل مَا أَرَدتَ ، ثُمَّ عُد إِلَى مَكانِكَ . فَفَعَلَ الَّذِي رَأَيتَ . ثمّ أقبل الغلام بالدواة والقرطاس _ وقد غابت الشمس _ فوضعها بين يديه ، فأخذ في الكتابة حتّى أظلم الليل فيما بيني وبينه ، فلم أر الكتاب ، وظننت أنّه قد أصابه الّذي أصابني . فقلت للغلام : قم فهات بشمعة من الدار حتّى يبصر مولاك كيف يكتب . فمضى ، فقال للغلام : لَيسَ إِلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ . ثمّ كتب كتاباً طويلاً إلى أن غاب الشفق ، ثمّ قَطَعه فقال للغلام : أَصلِحهُ. وأخذ الغلام الكتاب ، وخرج من الفازة ليصلحه ، ثمّ عاد إليه وناوله ليختمه ، فختمه من غير أن ينظر الخاتم مقلوباً أو غير مقلوب ، فناولني ( الكتاب ) فأخذت ، فقمت لأذهب ، فعرض في قلبي قبل أن أخرج من الفازة أصلّي قبل أن آتي المدينة . قال : يا أَحمَدُ صَلِّ المَغرِبَ وَ العِشَاءَ الآخِرَةَ فِي مَسجِدِ الرَّسُول صلى الله عليه و آله ثُمَّ اطلُبِ الرَّجُلَ فِي الرَّوضَةِ ، فَإِنَّكَ تُوَافِيهُ ، إِن شَاءَ اللّهُ . قال : فخرجت مبادراً ، فأتيت المسجد وقد نودي العشاء الآخرة ، فصلّيت المغرب ثمّ صلّيت معهم العتمة (1) و طلبت الرجل حيث أمرني فوجدته ، فأعطيته
.
ص: 73
الكتاب ، فأخذه ففضّه ليقرأه ، فلم يتبيّن قراءة في ذلك الوقت ، فدعا بسراج ، فأخذته فقرأته عليه في السراج في المسجد ، فإذا خطّ مستوٍ ليس حرفٌ ملتصقاً بحرفٍ ، وإذا الخاتم مستوٍ ليس بمقلوب ، فقال لي الرجل : عد إليّ غداً حتّى أكتب جواب الكتاب . فغدوت ، فكتب الجواب فمضيت به إليه . فقال : أَلَيسَ قَد وَجَدتَ الرَّجُلَ حَيثُ قُلتُ لَكَ ؟ فقلت : نعم . قال : أَحسَنتَ . (1)
39توقيعه عليه السلام لمحمّد بن الفَرجمحمّد بن الفَرج (2) قال : قال لي عليّ بن محمّد الهادي عليه السلام :إِذَا أَردَتَ أَن تَسأَلَ مَسأَلَةً فَاكتُبهَا ، وَضَعِ الكِتَابَ تَحتَ مُصَلَاكَ ، وَدَعهُ سَاعَةً ، ثُمَّ أَخرجِهُ وَانظُر فيهِ . قال : ففعلت ، فوجدت جواب ما سألت عنه موقّعاً فيه . (3)
40كتابه عليه السلام لمن سألهقال السيّد ابن طاووس بإسناده من كتاب الرسائل للكليني عمّن سمّاه ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : أنّ الرجل يجب (4) أن يفضي (5) إلى إمامه ما يجب أن يفضي إلى
.
ص: 74
ربّه . قال : فكتب عليه السلام :إِن كَانَ لَكَ حَاجَةٌ فَحَرِّك شَفَتَيكَ ، فَإنَّ الجَوَابَ يَأتِيكَ . (1)
.
ص: 75
الفصل الرّابع: في مكاتيبه الفقهيّة عليه السلام
.
ص: 76
. .
ص: 77
41كتابه عليه السلام إلى داوود بن فرقد الفارسيّفي اختلاف الأخبارمحمّد بن عيسى قال : أقرأني داوود بن فرقد الفارسيّ 1 كتابَهُ إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام وجوابَهُ بخَطِّه ، فقال : نَسألُك عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك ، قد اختلفوا علينا فيه ، كيف العمل به على اختلافه إذا نردُّ إليك فقد اختُلف فيه ؟ فكتب وقرأته :مَا عَلِمتُم أنَّهُ قَولُنَا فَاَلزَمُوهُ ، وَمَا لَم تَعلَمُوا فَرُدُّوهُ إِلَينَا . (1)
.
ص: 78
42كتابه عليه السلام إلى أحمد بن حاتم بن ماهويه وأخيهفي أخذ معالم الدينأبو محمّد جبريل بن محمّد الفاريابيّ ، قال : حدّثني موسى بن جعفر بن وهب ، قال : حدّثني أبو الحسن أحمد بن حاتم بن ماهويه 1 ، قال : كتبت إليه _ يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام _ أسأله عمّن آخذ معالم ديني ، وكتب أخوه أيضاً بذلك ؟ فكتب إليهما :فَهِمتُ مَا ذَكَرتُمَا ، فَاصمِدَا فِي دِينِكُما عَلَى مُستَنٍّ فِي حُبِّنَا وكُلِّ كَبِيرِ التَّقدُّمِ (1) فِي أَمرِنَا ، فَإِنَّهُم كَافُوكُمَا إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى . (2)
.
ص: 79
باب الطهارة43كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن نوحفي الوضوء ( المسح على الرجلين )أحمد بن محمّد عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمّد ، عن أيّوب بن نوح (1) ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن المسح على القدمين . فقال :الوُضُوءُ بِالمَسحِ ، وَلا يَجِبُ فِيهِ إِلَا ذَلِكَ ، وَمَن غَسَلَ فَلا بَأسَ . (2)
44كتابه عليه السلام إلى رجلفي الأحداث الموجبة للطهارةالصفّار عن محمّد بن عيسى ، قال : كتب إليه رجل : هل يجب الوضوء ممّا خرج من الذكَر بعد الاستبراء ؟ فكتب عليه السلام :نَعَ_م . (3)
45كتابه عليه السلام إلى أحمد بن هلالفي الاستبراء من الجنابة بالبول قبل الغسلمحمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن هلال 4 ، قال : سألته
.
ص: 80
عن رجلٍ اغتسل قبل أن يبول ؟ فكتب عليه السلام :إِنَّ الغُسلَ بَعدَ البَولِ ، إِلَا أَن يَكونَ ناسِياً فَلا يُعِيدُ مِنهُ الغُسلَ . (1)
46كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عبد الرحمن الهمدانيفي سقوط فرض الوضوء عند غسل الجمعةسَعدُ بن عبد اللّه ، عن الحسن بن عليّ بن إبراهيم بن محمّد ، عن جدّه إبراهيم بن محمّد أنّ محمّد بن عبد الرحمن الهمداني (2) كتب إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام يسأله عن
.
ص: 81
الوضوء للصلاة في غُسل الجمعة ؟ فكتب :لا وُضُوءَ لِلصَّلاةِ فِي غُسلِ يَومِ الجُمُعَةِ وَلا غَيرِهِ . (1)
47كتابه عليه السلام إلى جعفر بن محمّد بن يونسفي الجُنُب يختضب ويدهنأبو القاسم جعفر بن محمّد عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن الحسن بن علّان ، عن جعفر بن محمّد بن يونس (2) ، أنّ أباه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الجُنُب أيختضب ، أو يجنب وهو مختضب ؟ فكتب :لا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ . (3)
48كتابه عليه السلام إلى القاسم بن الصيقلفي غسل الميّتمحمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن عيسى ، عن القاسم بن الصيقل 4 ، قال : كتبت
.
ص: 82
إليه : جُعلت فداك ، هل اغتَسلَ أميرُ المؤمنين حين غسّل رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله عند موته ؟ فأجابه عليه السلام :النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله طَاهِرٌ مُطَهَّرٌ ، وَلكِن أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عليه السلام فَعَلَ وَجَرَت بِهِ السُّنَّةُ . (1)
49كتابه عليه السلام إلى أحمد بن القاسمعليّ بن الحسين _ يعني ابن بابَوَيه _ عن سعد بن عبد اللّه ، عن أيّوب بن نوح ، قال : الغاسل يغسّله وعنده جماعة عن المُرجِئَة ، هل يغسّله غُسل العامّة ولا يعمّمه ولا يصيّر معه جريدةً ؟ فكتب :يُغَسِّلُهُ غُسلَ المُؤمِنِ وَإِن كانُوا حُضُورَاً ، وَأَمَّا الجَرِيدَهُ فَليَستَخفِ بِها ولا يَرَونَهُ ، وَليَجهَد فِي ذَلِكَ جَهدَهُ . (2)
50كتابه عليه السلام إلى عليّ بن بلالفي وضع الجريدتين مع الميتكتب علي بن بلال (3) إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام : الرجلُ يموت في بلادٍ ليس فيها
.
ص: 83
نخل ، فهل يجوز مكان الجريدة شيء من الشجر غير النخل ، فإنّه قد رُوي عن آبائكم : أنّه يتجافى عنه العذابُ مادامت الجريدتان رطبتين ، وأنّها تنفع المؤمن والكافر ؟ فأجاب عليه السلام :يَجُوزُ مِن شَجَرٍ آخَرَ رَطبٍ . (1)
51كتابه عليه السلام إلى عليّ بن بلالعليّ بن إبراهيم عن عليّ بن محمّد القاسانيّ ، عن محمّد بن محمّد (2) ، عن عليّ بن بلال (3) أنّه كتب إليه : يسأله عن الجريدة إذا لم نجد نجعلُ بدلها غيرها في موضعٍ لا يمكن النخل . فكتب :يَجُوزُ إِذَا أُعوِزَتِ (4) الجَرِيدَةُ ، وَالجَرِيدَةُ أَفضَلُ . (5)
52كتابه عليه السلام إلى عليّ بن بلالفي فرش القبر عند الاحتياجعليّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن عليّ بن محمّد القاسانيّ (6) ، قال : كتب عليّ بن
.
ص: 84
بلال (1) إلى أبي الحسن عليه السلام : أ نّه رُبّما مات الميّت عندنا وتكون الأرض نديّةً ، فنفرش القبر بالساج ، أو نطبق عليه ، فهل يجوز ذلك ؟ فكتب عليه السلام :ذَلِكَ جَائِزٌ . (2)
باب النجاسات53كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الريّانفي الثوب يصيبه الدمعليّ بن محمّد عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الريان (3) ، قال : كتبت إلى الرجل عليه السلام : هل يجري دم البقّ مجرى دم البراغيث ؟ وهل يجوز لأحد أن يقيس بدم البقّ على البراغيث فيصلّي فيه ، وأن يقيس على نحو هذا فيعمل به ؟ فوقّع عليه السلام :يَجُوزُ الصَّلاةُ ، وَالطُّهرُ مِنهُ أَفضَلُ . (4)
54كتابه عليه السلام إلى الفتح بن يزيد الجرجانيّفي جلود الميتةعليّ بن إبراهيم عن المُختار بن محمّد بن المُختار ومحمّد بن الحسن ، عن عبد اللّه بن الحسن العلويّ ، جميعاً عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ 5 ، عن أبي الحسن عليه السلام
.
ص: 85
قال : كتبت إليه عليه السلام أسأله عن جلود الميتة الّتي يُؤكل لحمها إن ذُكّي ؟ فكتب عليه السلام :لا يُنتَفَعُ مِنَ المَيتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِنَ السِّخَالِ مِنَ الصُّوفِ إِن جُزَّ ، وَالشَّعرِ وَالوَبَرِ وَالإنفَحَةِ وَالقَرنِ (1) ، وَلا يُتَعَدَّى إِلَى غَيرِهَا إِن شَاءَ اللّهُ (2)
باب الصلاة55كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الفرجفي أوقات الصلاةسعد عن موسى بن جعفر ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ميمون بن يوسف النحّاس ، عن محمّد بن الفرج (3) ، قال : كتبت أسأل عن أوقات الصلاة ؟ فأجاب عليه السلام :إِذَا زَالَتِ الشَّمسُ فَصَلِّ سُبحَتَكَ ، وَأُحِبُّ أَن يَكُونَ فَرَاغُكَ مِنَ الفَرِيضَةِ وَالشَّمسُ عَلَى قَدَمَينِ ، ثُمَّ صَلِّ سُبحَتَكَ ، وَأُحِبُّ أَن يَكُونَ فَرَاغُكَ مِنَ العَصرِ وَالشَّمسُ عَلَى أَربَعَةِ أَقدَامٍ ، فَإِن عَجَّلَ بِكَ أَمَرٌ فَابدَأ بِالفَرِيضَتَينِ وَاقضِ النَّافِلَةَ بَعدَهُمَا ، فَإِذَا طَلَعَ الفَجرُ فَصَلِّ الفَرِيضَةَ ثُمَّ اقضِ بَعدُ مَا شِئتَ . (4)
.
ص: 86
56كتابه عليه السلام إلى أحمد بن محمّدفي وقت صلاة الظهر والعصرالحسين بن سعيد عن أحمد بن محمّد (1) ، قال : سألته عن وقت صلاة الظهر والعصر ؟ فكتب عليه السلام :قَامَةٌ لِلظُّهرِ ، وَقامَةٌ لِلعَصرِ . (2)
57كتابه عليه السلام إلى بعض أصحابهسعد بن عبد اللّه عن محمّد بن أحمد بن يحيى 3 ، قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه السلام روي عن آبائك القدم والقدمين والأربع ، والقامة والقامتين ، وظلّ مثلك والذراع والذراعين ؟ فكتب عليه السلام :لا القَدَمِ وَلا القَدَمَينِ ، إِذَا زَالَتِ الشَّمسُ فَقَد دَخَلَ وَقتُ الصَّلاتَينِ وَبَيَنَ يَدَيهَا سُبحَةٌ وَهِيَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ ، فَإِن شِئتَ طَوَّلتَ ، وَإِن شِئتَ قَصَّرتَ ، ثُمَّ صَلِّ صَلاةَ الظُّهرِ ، فَإِذَا فَرَغتَ كَانَ بَينَ الظُّهرِ وَالعَصرِ سُبحَةٌ وَهِيَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ ، إِن شِئتَ طَوَّلتَ ، وَ إِن شِئتَ قَصَّرتَ ، ثُمَّ صَلِّ العَصِرَ . (3)
.
ص: 87
58كتابه عليه السلام إلى عليّ بن الريّانفي وقت المغرب والعشاءعليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن الريّان 1 ، قال : كتبتُ إليه : الرجل يكون في الدار تمنعه حيطانها النظر إلى حُمرة المغرب ومعرفة مغيب الشفق ووقت صلاة العشاء الآخرة ، متى يصلّيها ؟ وكيف يصنع ؟ فوقّع عليه السلام :يُصَلِّيهَا إِذَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ عِندَ قَصرَةِ النُّجُومِ (1) ، وَالمَغرِبَ عِندَ اشتِباكِهَا ، وَبَياضُ مَغِيبِ الشَّمسِ قَصرَةُ النُّجُومِ إِلَى بَيانِها . (2)
59كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عليّ بن عيسىفي لباس ومكان المصّليفي كتاب مسائل الرجال من مسائل محمّد بن عليّ بن عيسى : محمّد بن أحمد بن
.
ص: 88
محمّد بن زياد وموسى بن محمّد[ ، عن محمّد] بن عليّ بن عيسى 1 ، قال : كتبت إلى الشيخ أعزّه اللّه وأيّده ، أسأله عن الصلاة (1) في الوبر ، أيّ أصنافه أصلح ؟ فأجاب عليه السلام :لا أُحِبُّ الصَّلاةَ فِي شَيءٍ مِنهُ . قال : فرددت الجواب : إنّا مع قومٍ في تقيّةٍ ، وبلادنا بلاد لا يمكن أحداً أن يسافر فيها بلا وبر ، ولا يأمن على نفسه إن هو نزع وبره ، وليس يُمكن الناس كلّهم ما يُمكن الأئمّة ، فما الّذي ترى أن نعمل به في هذا الباب ؟ قال : فرجع الجواب (2) : تَلبَسُ الفَنكَ وَالسَّمُّورَ . (3)
60كتابه عليه السلام إلى محمّد بن إبراهيم الحضيني
.
ص: 89
سألته عن الرجل يصلّي على السرير وهو يقدر على الأرض ؟ فكتب :لا بَأسَ ، صَلِّ فِيهِ . (1)
61كتابه عليه السلام إلى أبي القاسم الصيقل وولدهمحمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن أبي القاسم الصيقل (2) وولده (3) قال : كتبوا إلى الرجل عليه السلام : جعلنا اللّه فداك ، إنّا قوم نعمل السيوف ، ليست لنا معيشة ولا تجارة غيرها ، ونحن مضطرّون إليها ، وإنّما علاجنا جلود الميتة والبغال والحمير الأهليّة ، لا يجوز في أعمالنا غيرها ، فيحلّ لنا عملها وشراؤها وبيعها ومسّها بأيدينا وثيابنا ، ونحن نُصلّي في ثيابنا ؟ ونحن محتاجون إلى جوابك في هذه المسألة يا سيّدنا لضرورتنا ؟ فكتب :اجعَل ثَوباً لِلصَّلاةِ . (4)
62كتابه عليه السلام إلى عليّ بن الريّانمحمّد بن عليّ بن محبوب عن عليّ بن الريّان (5) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : هل تجوز الصلاة في ثوبٍ يكون فيه شعرٌ من شَعر الإنسان وأظفاره مِن غير أن ينفضه ويلقيه عنه ؟ فوقّع عليه السلام :يَجُوزُ . (6)
.
ص: 90
وفي كتاب من لا يحضره الفقيه : سأل عليّ بن الريّان بن الصلت أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الرجل يأخذ من شعره وأظفاره ثمّ يقوم إلى الصلاة من غير أن ينفضه من ثوبه ؟ فقال :لا بَأسَ . (1)
63كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن عُقبَةعليّ بن مهزيار قال : كتب إليه إبراهيم بن عقبة (2) : عندنا جوارب وتِكَك تُعمل من وبر الأرانب ،فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولاتقيّة ؟ فكتب عليه السلام :لا تَجُوزُ الصَّلاةُ فِيهَا . (3)
64كتابه عليه السلام إلى رجلأحمد بن إدريس عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن عليّ بن مهزيار ، عن رجلٍ سأل الماضي عليه السلام عن الصلاة في الثعالب ؟ فنهى عن الصلاة فيها وفي الثوب الّذي يليها ، فلم أدرِ أيّ الثوبين الّذي يلصق بالوبر ، أو الّذي يلصق بالجلد . فوقّع عليه السلام بخطّه :الَّذِي يَلصَقُ بِالجِلدِ . قال : وذكر أبو الحسن عليه السلام أنّه سأله عن هذه المسألة ؟ فقال :
.
ص: 91
لا تُصَلِّ فِي الثَّوبِ الَّذِي فَوقَهُ ، وَلا فِي الَّذِي تَحتَهُ 1 . (1)
65كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن محمّد الهمدانيّمحمّد بن أحمد بن يحيى عن عمر بن عليّ بن عمر بن يزيد ، عن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ (2) ، قال : كتبت إليه : يسقط على ثوبي الوبر والشعر ممّا لا يؤكل لحمه من غير تقيّة ، ولا ضرورة ؟ فكتب عليه السلام :لا يَجُوزُ الصَّلاةُ فِيهِ . (3)
66كتابه عليه السلام إلى داوود الصرمي
.
ص: 92
سأل رجلٌ أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الصلاة في الخزّ يُغشّ بوبر الأرانب . فكتب :يَجُوزُ ذَلِكَ . (1)
67كتابه عليه السلام إلى خيرانعليّ بن محمّد عن سهل بن زياد ، عن خيران الخادم (2) ، قال : كتبتُ إلى الرجل عليه السلام أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير ، أيُصَلَّى فيه أم لا ؟ فإن أصحابنا قد اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : صلِّ فيه فإنَّ اللّهَ إنّما حرّم شربها ، وقال بعضهم : لا تُصلِّ فيه . فكتب عليه السلام :لا تُصَلِّ فِيهِ ، فَإِنَّهُ رِجسٌ . (3)
.
ص: 93
68كتابه عليه السلام إلى محمّد بن إبراهيمعليّ بن إبراهيم عن أحمد بن عِبديلٍ ، عن ابن سنان ، عن عبد اللّه بن جندب ، عن سفيان بن السمط (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : الرَّجُلُ إِذَا اتَّزَرَ بِثَوبٍ وَاحدٍ إِلَى ثُندُوَتِهِ صَلَّى فِيهِ . قال : وقرأت في كتاب محمّد بن إبراهيم 2 إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الفنك يُصَلَّى فيه ؟ فكتب :لا بَأسَ بِهِ . وكتب يسأله عن ثوبٍ حَشوه قَزٌّ (2) يُصلّى فيه ؟ فكتب : لا بَأسَ بِهِ . (3)
69كتابه عليه السلام إلى جعفر بن محمّد بن يونسروي عن جعفر بن محمّد بن يونس (4) أنّ أباه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الفرو والخفِّ ، ألبسه واُصلّي فيه ولا أعلم أنّه ذكيّ ؟ فكتب عليه السلام :لا بَأسَ بِهِ . (5)
.
ص: 94
70كتابه عليه السلام إلى رجلأبو القاسم جعفر بن محمّد عن محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن عيسى ، عن فارس 1 ، قال : كتب إليه رجل يسأله عن ذرق الدجاج تجوز الصلاة فيه ؟ فكتب عليه السلام :لا . (1)
71كتابه عليه السلام إلى داوود بن يزيدفي ما يُسجد عليه و ما لا يُسجد عليهسأل داوود بن يزيد 3 أبا الحسن الثالث عليه السلام عن القَراطيس والكواغذ المكتوبة عليها ،
.
ص: 95
هل يجوز السُّجودُ عليها ؟ فكتب :يَجُوزُ . (1)
72كتابه عليه السلام إلى الحسين بن عليّ بن كَيسان الصنعانيّسعد عن عبد اللّه بن جعفر ، عن الحسين بن عليّ بن كَيسان الصنعانيّ (2) ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسألُهُ عن السجود على القطن والكتّان من غير تقيّة ولا ضَرورة ؟ فكتب إليَّ :ذَلِكَ جَائِزٌ . (3)
.
ص: 96
73كتابه عليه السلام إلى موسى بن عيسىفي الأذان و الإقامةمحمّد بن الحسين عن موسى بن عيسى 1 ، قال : كتبتُ إليه : رجل تجب عليه إعادة الصلاة ، أيعيدها بأذانٍ وإقامة ؟ فكتب :يُعِيدُها بِإِقَامَةٍ . (1)
.
ص: 97
74كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الفرجفي أفعال الصلاةعليّ بن محمّد عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن عُبدوسٍ ، عن محمّد بن زاوية ، عن أبي عليّ بن راشد 1 ، قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : جُعلت فداك ، إنّك كتبت إلى محمّد بن الفرج (1) تُعلِّمه أنّ أفضل ما تقرأ في الفرائض بإنّا أنزلناه ، وقل هو اللّه أحد ، وإنّ صدري ليضيق بقراءتهما في الفجر ؟ فقال عليه السلام :لا يَضِيقَنَّ صَدرُكَ بِهِمَا ، فَإِنَّ الفَضلَ وَاللّهِ فِيهِمَا . (2)
75كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد بن سليمانمحمّد بن عليّ بن محبوب عن عليّ بن محمّد بن سليمان 4 ، قال : كتبت إلى الفقيه عليه السلام أسأله عن القنوت ؟ فكتب عليه السلام إليّ :
.
ص: 98
إِذَا كَانَت ضَرُورَةٌ شَدِيدَةٌ ، فَلا تَرفَعِ اليَدَينَ ، وَقُل ثَلاثَ مَرَّاتٍ : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ . (1)
76كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن عُقبةحمدويه قال : حدّثني محمّد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عُقبة (2) ، قال : كتبتُ إليه _ يعني أبا الحسن عليه السلام _ : جُعلت فداك ، قد عرفت بغض هذه الممطورة ، أفأقنت عليهم في صلاتي ؟ قال :نَعم ، اقنُت عَلَيهِم فِي صَلاتِكَ . (3)
77كتابه عليه السلام إلى محمّد بن إبراهيمعليُّ بن محمّد عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن مهزيار ، قال : كتب محمّد بن إبراهيم (4) إلى أبي الحسن عليه السلام إن رأيت يا سيّدي أن تُعَلّمني دعاءً أدعو به في دُبر صلواتي يجمعُ اللّهُ لي به خير الدنيا والآخرة . فكتب :تَقُولُ عليه السلام : أَعُوذُ بِوَجهِكَ الكَرِيمِ ، وَعِزَّتِكَ الَّتي لا تُرَامُ ، وقُدرَتِكَ الَّتِي لا يَمتَنِعُ
.
ص: 99
مِنهَا شَيءٌ ، مِن شَرِّ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، وَمِن شَرِّ الأَوجَاعِ كُلِّهَا . (1)
78كتابه عليه السلام إلى الحميريّفي الصلاة على راحلةمحمّد بن عليّ المحبوب عن الحميريّ (2) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : روى _ جعلني اللّه فِداك _ مواليك عن آبائك ، أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله صلّى الفريضة على راحلته في يومٍ مَطِير ، ويصيبنا المطرُ ونحن في محاملنا ، والأرض مُبتلّة والمطر يؤذي ، فهل يجوز لنا يا سيّدي أن نُصلّي في هذه الحال في محاملنا أو على دوابِّنا الفريضة إن شاء اللّه ؟ فوقّع عليه السلام :يَجُوزُ ذَلِكَ مَعَ الضَّرُورَةِ الشَّدِيدَةِ . (3)
79كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الفرجفي النوافلسعد عن موسى بن جعفر بن أبي جعفر ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ميمون ، عن
.
ص: 100
محمّد بن الفرج (1) ، قال : كتبت إلى العبد الصالح عليه السلام أسأله عن مسائل . فكتب إليّ :وَصَلِّ بَعدَ العَصرِ مِنَ النَّوافِلِ مَا شِئتَ ، وَصَلِّ بَعدَ الغَدَاةِ مِنَ النَّوافِلِ مَا شِئتَ . (2)
80كتابه عليه السلام إلى عليّ بن هلالمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى ، عن أبي الحسن عليّ بن بلال (3) ، قال : كتبت إليه في قضاء النافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، ومن بعد العصر إلى أن تغيب الشمس . فكتب عليه السلام :لا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَا لِلمُقتَضِي ، فَأَمَّا لِغَيرِهِ فَلا . (4)
81كتابه عليه السلام إلى الحسين بن عليّ بن بلالمحمّد بن عليّ بن محبوب عن إبراهيم بن مهزيار ، عن الحسين بن عليّ بن بلال ، قال : كتبت إليه في وقت صلاة الليل . فكتب عليه السلام :عِندَ زَوَالِ اللَّيلِ وَهُوَ نِصفُهُ أَفضَلُ ، فَإِن فَاتَ فَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ جَائِزٌ . (5)
.
ص: 101
82كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عيسىمحمّد بن عليّ بن محبوب عن محمّد بن عيسى (1) ، قال : كتبت إليه أسأله : يا سيّدي ، روي عن جدّك أنّه قال : لا بأس بأن يصلّي الرجل صلاة الليل في أوّل الليل ؟ فكتب :فِي أَيِّ وَقتٍ صَلَّى فَهُوَ جَائِزٌ إِن شَاءَ اللّهُ . (2)
83كتابه عليه السلام إلى عليّ بن الريانسعد عن عبد اللّه بن جعفر ، عن عليّ بن الريّان (3) ، قال : كتبت إلى الماضي الأخير عليه السلام أسأله عن رجلٍ صلّى صلاة جعفر عليه السلام ركعتين ، ثمّ يعجّله عن الركعتين الأخيرتين حاجة أو يقطع ذلك بحادث ، أيجوز له أن يتمّها إذا فرغ من حاجته وإن قام عن مجلسه ، أم لا يحتسب ذلك إلّا أن يستأنف الصلاة ويصلّي الأربع ركعات كلّها في مقامٍ واحد ؟ فكتب عليه السلام :بَلَى ، إِن قَطَعَهُ عَن ذَلِكَ أَمرٌ لا بُدَّ مِنهُ ، فَليَقطَع ذَلِكَ ، ثُمَّ ليرَجَع فَليَبنِ عَلَى مَا بَقِيَمِنهَا إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى . (4)
.
ص: 102
84كتابه عليه السلام إلى عليّ بن سُليمانفي صلاة التسبيح في المحملأحمد بن إِدريس عن محمّد بن أحمد ، عن عليّ بن سليمان1 ، قال : كتبت إلى الرجل عليه السلام : ما تقول في صلاة التسبيح 2 في المحمل ؟ فكتب عليه السلام : إِذَا كُنتَ مُسَافِرَاً فَصَلِّ . (1)
.
ص: 103
85كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن نوحفي قضاء الصلاةسعد ( بن عبد اللّه ) عن أيّوب بن نوح (1) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن المغمى عليه يوماً أو أكثر ، هل يقضي ما فاته من الصلاة ، أم لا ؟ فكتب عليه السلام :لا يَقضِي الصَّومَ وَلا يَقضِي الصَّلَاةَ . (2)
86كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد القاسانيّمحمّد بن الحسن الصفّار عن عليّ بن محمّد القاسانيّ (3) قال : كتبت إليه عليه السلام وأنا بالمدينة أسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر ، هل يقضي ما فاته ؟ فكتب عليه السلام :لا يَقضِي الصَّومَ . (4)
87كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن عليّ بن مهزيار (5) ، قال : سألته عن المغمى عليه يوماً أو أكثر من ذلك ، هل يقضي ما فاته من الصلاة ؟
.
ص: 104
فكتب عليه السلام :لا يَقضِي الصَّومَ ، وَلا يَقضِي الصَّلَاةَ . (1)
88كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد بن سليمانمحمّد بن عليّ بن محبوب عن عليّ بن محمّد بن سليمان (2) ، قال : كتبتُ إلى الفقيه أبي الحسن العسكري أسأله عليه السلام عن المُغمى عليه يوما أو أكثر ، هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا ؟ فكتب عليه السلام :لا يَقضِي الصَّومَ ، وَلا يَقضِي الصَّلَاةَ . (3)
89كتابه عليه السلام إلى جعفر بن أحمدفي مقدار المسافة التي يجب فيها التقصيرمحمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن عيسى ، عن عمرو بن سعيد ، قال : كتب إليه جعفر بن أحمد (4) يسأله عن السفر ، وفي كم التقصير ؟ فكتب عليه السلام بخطّه _ وأنا أعرفه _ قال :كَانَ أَميرُ المُؤمِنِينَ عليه السلام إِذَا سَافَرَ وَخَرَجَ فِي سَفَرٍ ، قَصَّرَ فِي فَرسَخٍ . ثُمَّ أعاد (5) من قابلٍ المسألة إليه ، فكتب عليه السلام إليه :
.
ص: 105
فِي عَشرَةِ أَيَّامٍ . (1)
90كتابه عليه السلام إلى محمّد بن جَزّكفي صلاة المسافرسعد عن عبد اللّه بن جعفر ، عن محمّد بن جَزّك (2) ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام : إنّ لي جمالاً ولي قُوّاماً عليها ، ولستُ أخرج فيها إلّا في طريق مكّة ؛ لرغبتي في الحجّ أو في الندرة إلى بعض المواضع ، فما يجب عليّ إذا أنا خرجتُ معهم أن أعمل ؟ أيجب عليّ التقصير في الصلاة والصيام في السفر ، أو التمام ؟ فوقّع عليه السلام :إِذا كُنتَ لا تَلزَمُهَا وَلا تَخرُجُ مَعَهَا فِي كُلِّ سَفَرٍ إِلاَّ إِلَى طَرِيقِ مَكَّةَ ، فَعَلَيكَ تَقصِيرٌ وَ إِفطَارٌ . (3)
91توقيعه عليه السلاممحمّد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن محمّد السيّاريّ (4) ، عن بعض أهل العسكر ، قال : خرج عن أبي الحسن عليه السلام :إنَّ صَاحِبَ الصَّيدِ يُقَصِّرُ مَادَامَ عَلَى الجَادَّةِ ، فَإِذَا عَدَلَ عَنِ الجَادَّةِ أَتَمَّ ، فَإِذَارَجَعَ
.
ص: 106
إِلَيهَا قَصَّرَ . (1)
باب الزكاة92كتابه عليه السلام إلى عمران بن إسماعيلفي إعطاء الزكاة للولدمحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ، عن عمران بن إسماعيل بن عمران القمّي 2 ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام : إنّ لي ولداً رجالاً ونساءً ، أفيجوز لي أن أعطيهم من الزكاة شيئاً ؟ فكتب عليه السلام :إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَكُم . (2)
93كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفي زكاة المَهرسهل بن زياد عن عليّ بن مهزيار (3) ، قال : كتبت إليه أسأله عن رجلٍ عليه مَهر امرأته
.
ص: 107
لا تطلبه منه إمّا لرفقٍ بزوجها وإمّا حياءً ، فمكث بذلك على الرجل عمره وعمرها ، يجب عليه زكاة ذلك المهر أم لا ؟ فكتب :لا يَجِبُ عَلَيهِ الزَّكَاةُ إِلَا فِي مَالِهِ . (1)
94كتابه عليه السلام إلى عليّ بن بلالفي مستحقّ الزكاةمحمّد بن الحسن الصفّار عن عليّ بن بلال (2) ، قال : كتبت إليه أسأله هل يجوز أن أدفع زكاة المال والصدقة إلى محتاجٍ غير أصحابي ؟ فكتب عليه السلام :لا تُعطِ الصَدَقَةَ وَالزكاةَ إِلَا لِأَصحَابِكَ . (3)
95كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن عُقبةمحمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن عيسى ، قال : كتب إليه إبراهيم بن عُقبة (4) يسأله عن الفِطرَة كم هي برطل بغداد عن كلّ رأس ، وهل يجوز إعطاؤها غير مؤمنٍ ؟ فكتب عليه السلام إليه :عَلَيكَ أَن تُخرِجَ عَن نَفسِكَ صَاعاً بِصَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، وَعَن عِيالِكَ أَيضاً ، لا يَنبَغِي لَكَ أَن تُعطِيَ زَكَاتَكَ إِلَا مُؤمِناً . (5)
.
ص: 108
96كتابه عليه السلام إلى بعض أصحابهفي مقدار إعطاء المستحقّ من الزكاةمحمّد بن عبد الجبّار : إنّ بعض أصحابنا كتب على يدي أحمد بن إسحاق (1) إلى عليّ بن محمّد العسكريّ عليه السلام : أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة . فكتب :افعَل إِن شَاءَ اللّهُ . (2)
وفي التهذيب : أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن أبي الصهبان (3) ، قال : كتبت إلى الصادق عليه السلام (4) : هل يجوز لي يا سيّدي أن أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة الدراهم ، فقد اشتبه ذلك عليّ ؟ فكتب عليه السلام :ذَلِكَ جَائِزٌ . (5)
97كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عليّ بن شُجاع النيسابوريّفي مقدار زكاة الحنطةسعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن مهزيار ، قال : حدّثني محمّد بن عليّ بن شجاع النيسابوري (6) أنّه سأل أبا الحسن الثالث عليه السلام عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مئة كرٍّ ما يزكّى ، فأخذ منه العشر عشرة أكرار ، وذهب منه بسبب
.
ص: 109
عمارة الضيعة ثلاثون كُرّاً ، وبقي في يده ستّون كُرّاً ، ما الّذي يجب لك من ذلك ؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شيءٌ . فوقّع عليه السلام لي :مِنهُ الخُمُسُ مِمَّا يَفضُلُ مِن مَؤُونَتِهِ . (1)
98كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن نوحفي الفطرةمحمّد بن يحيى عن محمّد بن عبد اللّه ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن أيّوب بن نوح (2) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام : إنّ قوماً سألوني عن الفطرة ويسألونِّي أن يحملوا قيمتها إليك ، وقد بعث إِليك هذا الرجل عام أوّل ، وسألني أن أسألك فنسيت ذلك ، وقد بعثت إليك العام عن كلّ رأسٍ من عيالي بدرهمٍ على قيمة تسعة أرطالٍ بدرهمٍ ، فرأيك جعلني اللّه فداك في ذلك . فكتب عليه السلام :الفِطرَةُ قَد كَثُرَ السُّؤالُ عَنهَا ، وَأَنَا أَكرَهُ كُلَّ مَا أَدَّى إِلَى الشُّهرَةِ ، فَاقطَعُوا ذِكرَ ذَلِكَ ، وَاقبِض مِمَّن دَفَعَ لَهَا ، وَأَمسِك عَمَّن لَم يَدفَع . (3)
99كتابه عليه السلام إلى جعفر بن إبراهيم بن محمّد الهمدانيفي كمّية الفطرةمحمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد ، عن جعفر بن إبراهيم بن محمّد الهمذانيّ (4)
.
ص: 110
وكان معنا حاجّاً ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام على يدي أبي : جُعلت فداك ، إنّ أصحابنا اختلفوا في الصاع ، بعضهم يقول : الفطرة بصاع المدنيّ ، وبعضهم يقول : بصاع العراقيّ . فكتب إليَّ :الصَّاعُ سِتَّةُ أرطَالٍ بِالمَدَنِيِّ ، وَتِسعَةُ أرطَالٍ بِالعِرَاقِيِّ . قال : وأخبرني أنّه يكون بالوزن ألفاً ومئة وسبعين وزنةً . (1)
100كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الريّانمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن الريّان (2) قال : كتبت إلى الرجل عليه السلام أسأله عن الفطرة وزكاتها كم تُؤدّى ؟ فكتب عليه السلام :أَربَعَةُ أَرطَالٍ بِالمَدَنِيِّ . (3)
101كتابه عليه السلام إلى عليّ بن بلالمحمّد بن عيسى عن عليّ بن بلال (4) ، قال : كتبت إلى الرجل أسأله عن الفطرة وكم
.
ص: 111
تُدفع ؟ قال : فكتب :سِتَّةُ أَرطَالٍ مِن تَمرٍ بِالمَدَنِيِّ ، وَذَلِكَ تِسعَةُ أَرطَالٍ بِالبَغدَادِيِّ . (1)
102كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارأبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه عن جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن جعفر بن معروف (2) ، قال : كتبت إلى أبي بكر الرازيّ (3) في زكاة الفطرة ، وسألناه أن يكتب في ذلك إلى مولانا _ يعني عليّ بن محمّد عليهماالسلام _ فكتب :إِنَّ ذَلِكَ قَد خَرَجَ لِعلِيِّ بنِ مَهزيَارِ أنَّهُ يُخرَجُ مِن كُلِّ شَيءٍ ، التَّمرِ والبُرِّ وَغَيرِهِ صَاعٌ ، وَلَيسَ عِندَنَا بَعدَ جَوَابِهِ عَلَينَا فِي ذَلِكَ اختِلافٌ . (4)
.
ص: 112
103كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن محمّد الهمذانيفي تمييز فطرة أهل الأمصارعليّ بن حاتم القزوينيّ ، قال : حدّثني أبو الحسن محمّد بن عمرو ، عن أبي عبد اللّه الحسين بن الحسن الحسينيّ ، عن إبراهيم بن محمّد الهمذانيّ (1) ، قال : اختلفت الروايات في الفطرة ، فكتبتُ إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام أسأله عن ذلك . فكتب :إنَّ الفِطرَةَ صَاعٌ مِن قُوتِ بَلدِكَ عَلَى أَهل مَكَّةَ وَاليَمَنِ وَالطَّائِفِ وَأَطرَافِ الشَّامِ وَاليَمَامَةِ وَالبَحرَينِ والعِرَاقَينِ وَفَارِسَ وَالأَهوَازِ وَكِرمَانَ تَمرٌ ، وَعَلَى أَهلِ أَوسَاطِ الشَّامِ زَبِيبٌ ، وَعَلَى أَهلِ الجَزيرَةِ وَالمَوصِلِ وَالجِبَالِ كُلِّها بُرٌّ أَو شَعِيرٌ ، وَعَلَى أَهلِ طَبَرِستَان الأَرُزُّ ، وَعَلَى أَهل خُرَاسَانَ البُرُّ ، إِلاَّ أَهلَ مَروَ وَالرَّيِّ فَعَلَيهِمُ الزَّبِيبُ وَعَلَى أَهلِ مِصرَ البُرُّ ، وَمَن سِوَى ذَلِكَ فَعَلَيهِم مَا غَلَبَ قُوتَهُم ، وَمَن سَكَنَ البَوَادِيَ مِنَ الأَعرَابِ فَعَلَيهِمُ الأَقِطُ ، وَالفِطرَةُ عَلَيكَ ، وَعَلَى النَّاسِ كُلِّهِم وَمَن تَعُولُ مِن ذَكَرٍ كَانَ أَو أُنثَى ، صَغِيرَاً أَو كَبيرَاً ، حُرَّاً أَو عَبدَاً ، فَطِيماً أَو رَضِيعاً ، تَدَفَعُهُ وَزَنا سِتَّةَ أَرطَالٍ بِرِطلِ المَدِينَةِ ، وَالرَّطلُ مِئَةٌ وَخَمسَةٌ وَتِسعُونّ دِرهَماً ، تَكُونُ الفِطرَةُ أَلفَا وَمِئةً وَسَبعِينَ دِرهَماً . (2)
.
ص: 113
104كتابه عليه السلام إلى عليّ بن بلالفي مستحقّ الفطرةمحمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن عيسى ، قال : حدّثني عليّ بن بلال ، وأراني قد سمعته من عليّ بن بلال (1) ، قال : كتبت إليه : هل يجوز أن يكون الرجل في بلدةٍ ورجل من إخوانه في بلدةٍ اُخرى يحتاج أن يوجّه له فطرةٍ ، أم لا ؟ فكتب عليه السلام :تَقسِمُ الفِطرَةَ عَلَى مَن حَضَرَهَا ، وَلا تُوَجِّه ذَلِكَ إِلَى بَلدَةٍ أُخرَى وَإِن لَم تَجِد مُوَافِقاً . (2)
105كتابه عليه السلام إلى عليّ بن بلالمحمّد بن عيسى عن عليّ بن بلال (3) ، قال : كتبت إلى الطيّب العسكريّ عليه السلام : هل يجوز أن يُعطى الفطرة عن عيال الرجل وهم عشرةٌ أقلّ أو أكثر رجلاً محتاجاً موافقاً ؟ فكتب عليه السلام :نَعَم ، افعَل ذَلِكَ . (4)
باب الخمس106كتابه عليه السلام إلى أحمد بن محمّد بن عيسى بن يزيدفي تفسير الفائدةعدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى بن يزيد 5 ، قال : كتبت : جُعلت لك
.
ص: 114
الفداء ، تعلّمني ما الفائدة وما حدّها ، رأيك أبقاك اللّه تعالى أن تمنّ عليّ ببيان ذلك ، لكيلا أكون مقيماً على حرامٍ لا صلاة لي ولا صوم ؟ فكتب :الفَائِدَةُ مِمَّا يُفِيدُ إِلَيكَ فِي تِجَارَةٍ مِن رِبحِهَا ، وَحَرثٍ بَعدَ الغَرَامِ ، أو جَائِزَةٍ . (1)
107كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن محمّدفي أنّ الخمس لا يجب إلّا بعد المؤونةإبراهيم بن محمّد (2) قال : كتبتُ إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عمّا يجب في
.
ص: 115
الضياع ؟ فكتب :الخُمُسُ بَعدَ المَؤُونَةِ . قال :فناظرت أصحابنا فقالوا : المؤونة بعدما يأخذ السلطان ، وبعد مؤونة الرجل . فكتبت : إنّك قلت : الخُمُسُ بعد المَؤُونَةِ . وإنّ أصحابنا اختلفوا في المؤونة ؟ فكتب : الخُمُسُ بَعدَمَا يَأخُذُ السُّلطَانُ ، وَبَعدَ مَؤُونَةِ الرَّجُلِ وَعِيَالِهِ . (1)
108كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن محمّد الهمذانيّسهلٌ عن إبراهيم بن محمّد الهمذانيّ (2) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : أقرأني عليّ بن مهزياركتاب أبيك عليه السلام فيما أوجبه على أصحاب الضياع نصف السدس بعد المؤونة ، وأنّه ليس على من لم تقم ضيعته بمؤونته نصف السدس ولا غير ذلك ، فاختلف من قِبَلنا في ذلك ، فقالوا : يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة مؤونة الضيعة وخراجها ، لا مؤونة الرجل وعياله . فكتب عليه السلام :بَعدَ مَؤُونَتِهِ وَمَؤُونَةِ عِيَالِهِ ، وَبَعدَ خَرَاجِ السُّلطَانِ . (3)
وفي التهذيب : عليّ بن مهزيار قال : كتب إليه إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ : أقرأني عليّ كتاب أبيك . . . الرجل وعياله . فكتب _ وقرأه عليّ بن مهزيار _ :عَلَيهِ الخُمُسُ بَعدَ مَؤُونَتِهِ وَمَؤُونَةِ عِيَالِهِ ، وَبَعدَ خَرَاجِ السُّلطَانِ . (4)
109كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفيما يأخذ الأجير من أجرة الحجّ
.
ص: 116
كتبت إليه : يا سيّدي ، رجل دَفع إليه مال يحج به ، هل عليه في ذلك المال حين يصير إليه الخمس ، أو على ما فضل في يده بعد الحجّ ؟ فكتب عليه السلام :لَيسَ عَلَيهِ الخُمُسُ . (1)
باب الصيام110كتابه عليه السلام إلى أبي عمروفي علامة أوّل شهر رمضان وآخره ودليل دخولهمحمّد بن عيسى قال : كتب إليه أبو عمرو 2 : أخبرني يا مولاي أنّه ربّما أشكل علينا هلال شهر رمضان فلا نراه ، ونرى السماء ليست فيها علّة ، فيفطر الناس ونفطر معهم ، ويقول قوم من الحُسّاب قِبَلنا : إنّه يُرى في تلك الليلة بعينها بمصر وإفريقيّه والاُندلس ، فهل يجوز يا مولاي ما قال الحُسّاب في هذا الباب حتّى يَختلف الفرض على أهل الأمصار ، فيكون صومهم خلاف صومنا وفِطرهم خلاف فِطرنا ؟ فوقّع عليه السلام :لا تَصُومَنَّ الشَّكَّ ، أَفطِر لِرُؤيَتِهِ ، وَصُم لِرُؤَيَتِهِ . (2)
.
ص: 117
111كتابه عليه السلام إلى أبي عليّ بن راشدأبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن عن أبيه ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى ، قال : حدّثني أبو عليّ بن راشد (1) ، قال : كتب إليّ أبو الحسن العسكريّ عليه السلام كتاباً وأرّخه يوم الثلاثاء لليلة بقيت من شعبان ، وذلك في سنة اثنين وثلاثين ومئتين ، وكان يوم الأربعاء يوم شكّ ، وصام أهل بغداد يوم الخميس ، وأخبروني أنّهم رأوا الهلال ليلة الخميس ، ولم يغب إلّا بعد الشفق بزمانٍ طويل . قال : فاعتقدت أنّ الصوم يوم الخميس وأنّ الشهر كان عندنا ببغداد يوم الأربعاء . قال : فكتب إليّ :زَادَكَ اللّهُ تَوفِيقاً ، فَقَد صُمتَ بِصِيَامِنَا . قال : ثمّ لقيته بعد ذلك فسألته عمّا كتبت به إليه . فقال لي : أَوَ لَم أَكتُب إِلَيكَ أَنَّمَا صُمتَ الخَمِيسَ ، وَلا تَصُم إِلَا لِلرُّؤيَةِ . (2)
112كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد القاسانيمحمّد بن الحسن الصفّار عن عليّ بن محمّد القاسانيّ (3) ، قال : كتبت إليه وأنا بالمدينة ، عن اليوم الّذي يُشكّ فيه من شهر رمضان ، هل يُصام أم لا ؟ فكتب عليه السلام :اليَقِينُ لا يَدخُلُ فِيهِ الشَّكُّ ، صُم لِلرُّؤيَةِ وَأَفطِر لِلرُّؤيَةِ . (4)
.
ص: 118
113كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عيسىعليّ بن حاتم عن محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن عيسى (1) ، قال : كتبت إليه عليه السلام : جُعلت فداك ، ربّما غمّ علينا هلال شهر رمضان ، فيرى من الغد الهلال قبل الزوال ، وربّما رأيناه بعد الزوال ، فترى أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا؟ وكيف تأمرني في ذلك؟ فكتب عليه السلام :تُتِمُّ إِلَى اللَّيلِ ، فَإِنَّهُ إِن كَانَ تَامَّاً رُئِيَ قَبلَ الزَّوَالِ . (2)
114كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الفَرجفي حساب الصوممحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ، عن السيّاريّ (3) ، قال : كتب محمّد بن الفرج (4) إلى العسكريّ عليه السلام يسأله عمّا رُوي من الحساب في الصوم ، عن آبائك في عدّ خمسة أيّام بين أوّل السنة الماضية والسنة الثانية الّتي تأتي . فكتب :صَحِيحٌ ، وَلَكِن عُدَّ فِي كُلِّ أَربَعِ سِنِينَ خَمسَاً ، وَفِي السَّنَةِ الخَامِسَةِ سِتَّاً ، فِيمَا بَينَ الأُولَى وَالحَادِثِ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ خَمسَةٌ خَمسَةٌ .
قال السيّاريّ : وهذه من جهة الكبيسة . قال : وقد حسبه أصحابنا فوجدوه صحيحاً . قال : وكتب إليه محمّد بن الفرج في سنة ثمان وثلاثين ومئتين : هذا الحساب لا يتهيّأُ لكلّ إنسان أن يعمل عليه إنّما هذا لمن يعرف السنين ومن يعلم
.
ص: 119
متى كانت السنة الكبيسة ، ثمّ يصحّ له هلال شهر رمضان أوّل ليلةٍ فإذا صحّ الهلال لليلته وعرف السنين صحّ له ذلك إن شاء اللّه . (1)
115كتابه عليه السلام إلى الخليل بن هاشمفي الوط ء في شهر رمضانأحمد بن محمّد عن إِبراهيم بن مهزيار ، قال : كتب الخليل بن هاشم 2 إلى أبي الحسن عليه السلام : رجل سمع الوط ء والنداء في شهر رمضان ، فظنّ أنّ النداء للسحور ، فجامع وخرج ، فإذا الصبح قد أسفر . فكتب عليه السلام بخطّه :يَقضِي ذَلِكَ اليَومَ إِن شَاءَ اللّهُ . (2)
116كتابه عليه السلام إلى الحسينفي حكم الاحتقان
.
ص: 120
كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : ما تقول في التلطّف (1) يستدخله الإنسان وهو صائم ؟ فكتب :لا بَأسَ بِالجَامِدِ . (2)
117كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفي صوم المستحاضةأبو عليّ الأشعريّ عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن عليّ بن مهزيار (3) ، قال : كتبتُ إليه عليه السلام : امرأةٌ طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أوّل يومٍ من شهر رمضان ، ثمّ استحاضت فصلّت وصامت شهر رمضان كلّه من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكلّ صلاتين ، فهل يجوز صومها وصلاتها أم لا ؟ فكتب عليه السلام :تَقضِي صَومَهَا ولا تَقضِي صَلاتَهَا ، إنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كَانَ يَأمُرُ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهَا وَالمُؤمِنَاتِ مِن نِسَائِهِ بِذَلِكَ . (4)
.
ص: 121
118كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفي المرضعةفي كتاب مسائل الرجال : عليّ بن مهزيار (1) قال : كتبت إليه أسأله عن امرأةٍ ترضع ولدها وغير ولدها في شهر رمضان ، فيشتدّ عليها الصوم وهي تُرضع ، حتّى يُغشى عليها ولا تقدر على الصيام ، أتُرضع وتُفطر وتقضي صيامها إذا أمكنها ، أو تدع الرضاع ؟ ( قال ) : فإن كانت ممّن لا يمكنها اتّخاذ مَن تُرضع ولدها ، فكيف تصنع ؟ فكتب :إِن كَانَت مِمَّن يُمكِنُهَا اتِّخَاذُ ظِئرٍ استَرضَعَت لِوَلَدِهَا وَأَتَمَّت صِيَامَها ، وَإِن كَانَ ذَلِكَ لا يُمكِنُهَا أَفطَرَت وَأَرضَعَت وَلَدَهَا ، وَقَضَت صِيَامَهَا مَتَى أَمكَنَهَا . (2)
119جوابه عليه السلام لمكتوبة الفتح بن يزيد الجرجانيّفي تكرير الكفّارةأبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلويّ رضى الله عنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه أبي النضر محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش العيّاشي ، قال : حدّثنا جعفر بن أحمد ، قال : حدّثني عليّ بن محمّد بن شجاع ، عن محمّد بن عثمان ، عن حميد بن محمّد ، عن أحمد بن الحسن بن صالح ، عن أبيه ، عن
.
ص: 122
الفتح بن يزيد الجرجانيّ (1) ، أنّه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام سأله عن رجل واقع امرأة في شهر رمضان من حلٍّ أو حرامٍ عشر مرّات ؟ قال :عَلَيهِ عَشرُ كَفَّارَاتٍ ، لِكُلِّ مَرَّةٍ كَفَّارَةٌ ، فَإِن أَكَلَ أَو شَرِبَ فَكُفَّارَةُ يَومٍ وَاحِدٍ . (2)
باب الحجّ120كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارعليّ بن مهزيار (3) قال : سألت أبا الحسن عليه السلام : المقام أفضل بمكّة ، أو الخروج إلى بعض الأمصار؟ فكتب عليه السلام :المَقَامُ عِندَ بَيتِ اللّهِ أَفضَلُ . (4)
121كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّدفيما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامهمحمّد بن الحسن الصفّار عن عليّ بن محمّد (5) ، قال : كتبت إليه المُحرم هل يُظلّل على نفسه إذا آذته الشمس أو المطر أو كان مريضاً ، أم لا ؟ فإن ظلّل هل يجب عليه الفداء ، أم لا ؟ فكتب عليه السلام :يُظَلِّلُ عَلَى نَفسِهِ ، وَيُهرِيقُ دَماً إِن شَاءَ اللّهُ . (6)
.
ص: 123
122كتابه عليه السلام إلى أبي عليّ بن راشدمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى ، عن أبي عليّ بن راشد (1) ، قال : كتبت إليه أسأله عن رجلٍ محرم سكر ، وشهد المناسك وهو سكران ، أيتمّ حجّه على سُكره ؟ فكتب عليه السلام :لا يَتِمُّ حَجُّهُ . (2)
123كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن عُقبةفي أن يحجّ الصرورة عن الصرورةمحمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عقبة (3) ، قال : كتبت إليه أسأله عن رجل حجّ عن صَرُورة (4) لم يحجّ قطّ ، أيجزي كلّ واحدٍ منهما تلك الحجّة عن حجّة الإسلام ، أم لا ؟ بيّن لي ذلك يا سيّدي إن شاء اللّه . فكتب عليه السلام :لا يُجزِي ذَلِكَ . (5)
.
ص: 124
124كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفي الحجّ عن المخالفسهل بن زياد عن عليِّ بن مهزيار (1) ، قال : كتبت إليه : الرجل يحج عن الناصب ، هل عليه إثمٌ إذا حجّ عن النَّاصب ؟ وهل ينفع ذلك النَّاصب أم لا ؟ فكتب :لا يَحُجَّ عَنِ النَّاصِبِ وَلا يَحُجَّ بِهِ . (2)
125كتابه عليه السلام إلى محمّد بن سَروفي رجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجّسعد بن عبد اللّه ، عن (3) عبد اللّه بن جعفر ، عن محمّد بن سَروٍ (4) ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام : ما تقول في رجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ وافى غداة عرفه وخرج الناس من منى إلى عرفات ، أعمرته قائمة ، أو ذهبت منه ؟ إلى أيّ وقتٍ عمرته قائمةٌ إذا كان مُتمتّعاً بالعمرة إلى الحجّ فلم يُواف يوم التروية ولا ليلة التروية فكيف يصنع ؟ فوقّع عليه السلام :سَاعَةَ يَدخُلُ مَكَّةَ إن شَاءَ اللّهُ يَطُوفُ وَيُصَلِّي رَكعَتَينِ ، ويَسعَى ويُقَصِّرُ ، ويَخرُجُ
.
ص: 125
بِحَجَّتِهِ وَيَمضِي إِلَى المَوقِفِ ، وَ يُفِيضُ مَعَ الإِمامِ . (1)
126كتابه عليه السلام إلى أبي القاسم مخلّد بن موسى الرازيّفي العمرة المَبتولةمحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، قال : كتب أبو القاسم مخلّد بن موسى الرازي 2 إلى الرجل يسأله عن العمرة المبتولة (2) ، هل على صاحبها طواف النساء والعمرة التي يُتمتّع بها إلى الحجّ ؟ فكتب :أَمَّا العُمرَةُ المَبتُولَةُ فَعَلَى صَاحِبِهَا طَوَافُ النِّسَاءِ ، وَأَمَّا الَّتِي يُتَمَتَّعُ بِهَا إِلَى الحَجِ فَلَيسَ عَلَى صَاحِبِهَا طَوَافُ النِّسَاءِ . (3)
127كتابه عليه السلام إلى عليّ بن سليمانفي الميّت يموت بمنى أو بعرفاتمحمّد بن عيسى عن عليّ بن سليمان (4) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن
.
ص: 126
الميّت يموت بمنىً أو بعرفات _ الوهم منّي _ يُدفن بعرفات أو يُنقل إلى الحرم ؟ وأيّهما أفضل ؟ فكتب عليه السلام :يُحمَلُ إِلَى الحَرَمِ فَيُدفَنُ ، فَهَوُ أَفضَلُ . (1)
وفي الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليّ بن محمّد بن شيرة ( القاساني ) ، عن عليّ بن سليمان ، قال : كتبت إليه أسأله عن الميّت يموت بعرفات ، يدفن بعرفات أو ينقل إلى الحرم ، فأيُّهما أفضل ؟ فكتب عليه السلام :يُحمَلُ إِلَى الحَرَمِ وَيُدفَنُ ، فَهُوَ أَفضَلُ . (2)
128كتابه عليه السلام في جواب هشام المُكاريفي الأضاحيعليّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن عبد اللّه بن عمر ، قال : كنّا بمكة فأصابنا غلاء من الأضاحي ، فاشترينا بدينار ثمّ بدينارين ، ثمّ لم نجد بقليل و لا كثير ، فرقّع هشام المُكاري (3) رقعة إلى أبي الحسن عليه السلام وأخبره بما اشترينا ثمّ لم نجد بقليل ولا كثير . فوقّع :انظُرُوا الثَّمَنَ الأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَالثَّالِثَ ، ثُمَّ تَصَدَّقُوا (4) بِمِثل ثُلُثِهِ . (5)
.
ص: 127
129كتابه عليه السلام إلى عليّ بن الريّانسعد بن عبد اللّه عن عبد اللّه بن جعفر الحميريّ ، عن علي بن الريّان بن الصلت (1) ، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام ، قال : كتبت إليه أسأله عن الجاموس ، عن كم يُجزي في الضحيّة ؟ فجاء في الجواب :إِن كَانَ ذَكَراً فعَن وَاحِدٍ ، وَ إِن كَانَ أُنثَى فَعَن سَبعَةٍ . (2)
130كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن نوحفي النفر من منىمحمّد بن يحيى عن عبد اللّه بن جعفر ، عن أيّوب بن نوح (3) ، قال : كتبتُ إليه : إنّ أصحابنا قد اختلفوا علينا ، فقال بعضهم : إنّ النفر يوم الأخير بعد الزوال أفضل ، وقال بعضهم : قبل الزوال؟ فكتب :أَمَا عَلِمتَ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله صَلَّى الظُّهرَ وَالعَصرَ بِمَكَّةَ ، وَلا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَا وَقَد نَفَرَ قَبلَ الزَّوَالِ . (4)
131كتابه عليه السلام إلى أحمد بن القاسمفي كفّارات الحجّموسى بن القاسم عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : كتب إليه أحمد بن
.
ص: 128
القاسم في رجلٍ تمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، فلم يكن عنده ما يهدي ، فصام ثلاثة أيّام فلمّا قدم أهله لم يقدر على صوم السبعة الأيّام ، فأراد أن يتصدّق من الطعام ، فعلى كم يتصدّق ؟ فكتب :لا بُدَّ مِنَ الصِّيَامِ . (1)
باب التجارة والمكاسب132كتابه عليه السلام إلى أبي القاسم الصيقلفيما يحلّ الشراء والبيع منه وما لا يحلّمحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي القاسم الصيقل (2) ، قال : كتبُ إليه قوائم السيوف التي تسمّى السفن (3) أتخذها من جلود السمك ، فهل يجوز العمل لها ولسنا نأكل لحومها ؟ فكتب عليه السلام :لا بَأسَ . (4)
وفي التهذيب : محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن أبي القاسم الصيقل و ولده ، قال : كتبوا إلى الرجل عليه السلام : جعلنا اللّه فداك ، إنّا قوم نعمل السيوف . . . وكُتب إليه : جُعلت فداك ، وقوائم السيوف الّتي تُسمّى السفن نتّخذها من جلود السمك ، فهل يجوز لي العمل بها . . . (5)
.
ص: 129
133جوابه عليه السلام إلى إبراهيم بن محمّد الهمذانيمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى ، عن الحسين عن إبراهيم بن محمّد الهمذاني (1) ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام وسألته عن رجل . . . يبيع متاعاً في بيت قد عرف كيله بربحٍ إلى أجلٍ أو بنقدٍ ، ويعلم المشتري مبلغ كيل المتاع ، أيجوز ذلك ؟ قال :نَعَم . (2)
134كتابه عليه السلام إلى أحمد بن محمّدفي الحَمَل و الجَدي يرضعان من لبن الخنزيرةأحمد بن محمّد (3) قال : كتبت إليه عليه السلام : جُعلت فداك من كُلّ سوء ، امرأة أرضعت عناقاً (4) حتّى فطمت وكبرت ، وضربها الفحل ثُمّ وضعت ، أيجوز أن يؤكل لحمها ولبنها ؟ فكتب عليه السلام :فِعلٌ مَكرُوهٌ وَلا بَأسَ بِهِ . (5) وفي التهذيب : محمّد بن أحمد عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، قال : كتبت : جعلني اللّه فِداك ، امرأة أرضعت عناقاً بلبن نفسها ، حتّى فُطمت وكبرت وضربها الفحل ووضعت ، يجوز أن يُؤكل لبنها ؟ وتُباع وتُذبح ويُؤكل لحمها ؟ فكتب عليه السلام : فِعلٌ مَكرُوهٌ وَلا بَأسَ بِهِ . (6) وفي الفقيه : كتب أحمد بن محمّد بن عيسى إلى عليّ بن محمّد عليه السلام : امرأة أرضعت
.
ص: 130
عناقاً من الغنم بلبنها حتّى فطمتها . فكتب عليه السلام : فِعلٌ مَكرُوهٌ وَلا بَأسَ بِهِ . (1)
135كتابه عليه السلام إلى أبي القاسم الصَّيقَلفي شراء و بيع السيوف من السلطانمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى ، عن أبي القاسم الصيقل (2) ، قال : كتبت إليه : إنّي رجل صيقل أشتري السيوف وأبيعها من السلطان ، أجائز لي بيعها ؟ فكتب عليه السلام :لا بَأسَ بِهِ . (3)
136كتابه عليه السلام إلى عليّ بن سليمانفي استيفاء الدين من مال الغريم الممتنع من الأداء بغير إذنهمحمّد بن عيسى عن عليّ بن سليمان (4) ، قال : كُتب إليه : رجلٌ غصب رجلاً مالاً أو جاريةً ، ثمّ وقع عنده مال بسبب وديعةٍ أو قرض مثل ما خانه أو غصبه ، أيحلّ له حبسه عليه ، أم لا ؟ فكتب عليه السلام :نَعَم ، يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ إِن كانَ بِقَدرِ حَقِّهِ ، وَإِن كَانَ أَكثَرَ فَيَأخُذُ مِنهُ مَا كَانَ عَلَيهِ وَيُسَلِّمُ البَاقِيَ إِلَيهِ ، إِن شَاءَ اللّهُ . (5)
.
ص: 131
137كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن عنبسةفي اللعب بالقمارحمدويه عن محمّد بن عيسى ، قال : سمعته يقول : كتب إليه إبراهيم بن عنبسة (1) _ يعني إلى عليّ بن محمّد _ : إنّ رأى سيّدي ومولاي أن يخبرني عن قول اللّه : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ» (2) الآية ، فما الميسر جُعلت فداك ؟ فكتب :كُلُّ ما قُومِرَ بِهِ فَهُوَ المَيسِرُ ، وَكُلُّ مُسكِرٍ حَرَامٌ . (3)
138كتابه عليه السلام إلى عليّ بن سليمانفي العقودالصفّار عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن عليّ بن سليمان (4) ، قال : قلت : الرجل يأتيني فيقول لي : اشتر لي ثوباً بدينارٍ وأقلّ وأكثر ، فأشتري له بالثمن الّذي يقول ، ثمّ أقول له : هذا الثوب بكذا وكذا بأكثر من الّذي اشتريته ، ولا اُعلمه أنّي ربحت عليه ، وقد شرطت على صاحبه أن ينقد بالّذي اُريد ، وألّا أردّ به عليه ، فهل يجوز الشرط والربح أو يطيب لي شيء منه؟ وهل يطيب لي شيء أن أربح عليه إذا كنت استوجبته من صاحبه ؟ فكتب عليه السلام :لا يَطِيبُ لَكَ شَيءٌ مِن هَذَا ، فَلا تَفعَلهُ . (5)
.
ص: 132
139كتابه عليه السلام إلى أبي عمر ( عمرو ) الحذاءمحمّد بن عليّ بن محبوب عن محمّد بن عيسى العبيديّ ، قال : كتب أبو عمرو الحذّاء (1) إلى أبي الحسن عليه السلام ، وقرأت الكتاب والجواب بخطّه يعلمه ، أنّه كان يختلف إلى بعض قضاة هؤلاء ، وأنّه صيّر إليه وُقوفاً ومواريث بعض ولد العبّاس أحياءً وأمواتاً ، وأجرى عليه الأرزاق ، وأنّه كان يؤدّي الأمانة إليهم ، ثمّ إنّه بعدُ عاهد اللّه أن لا يدخل لهم في عملٍ ، وعليه مؤونة وقد تلف أكثر ما كان في يده ، وأخاف أن ينكشف عنهم ما لا يحبّ أن ينكشف من الحال ، فإنّه منتظر أمرك في ذلك فما تأمر به ؟ فكتب عليه السلام إليه :لا عَلَيكَ إِن دَخَلتَ مَعَهُمُ ، اللّهُ يَعلَمُ وَنَحنُ مَا أَنتَ عَلَيهِ . (2)
140كتابه عليه السلام إلى طاهرفي الربافي كتاب مسائل الرجال من مسائل محمّد بن عليّ بن عيسى : حدّثنا محمّد بن أحمد بن زياد وموسى بن محمّد(بن عليّ بن عيسى ) ، عن محمّد بن عليّ بن عيسى ، عن طاهر 3 ، قال : كتبت إليه ( الهادي عليه السلام ) أسأله عن الرجل يعطي الرجل
.
ص: 133
مالاً يبيعه شيئاً بعشرين درهماً ، ثُمَّ يحول عليه الحول فلا يكون عنده شَيءٌ فيبيعه شيئاً آخر . فأجابني عليه السلام :مَا تَبايَعَهُ النَّاسُ فَحَلال ، وَمَا لَم يُبَايِعُوهُ فَرِباً . (1)
141كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد القاسانيّفي القرضالصفّار عن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن محمّد (2) وقد سمعته من عليّ ، قال : كتبت إليه : القرض يجرّ المنفعة ، هل يجوز أم لا ؟ فكتب عليه السلام :يَجُوزُ ذَلِكَ .
142كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد القاسانيّالصفّار عن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن محمّد (3) وقد سمعته من عليّ ، قال : . . .
.
ص: 134
كتبت إليه : رجل له على رجلٍ تمر أو حِنطة أو شَعير أو قُطن ، فلمّا تقاضاه قال : خذ بقيمة ما لك عندي دراهم ، أيجوز له ذلك أم لا ؟ فكتب عليه السلام :يَجُوزُ ذَلِكَ عَن تَراضٍ مِنهُمَا إِن شَاءَ اللّهُ . (1)
143كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد القاسانيّفي الضمان على الدلال والجمالمحمّد بن جعفر أبو العبّاس الكوفيّ عن محمّد بن عيسى بن عبيد وعليّ بن إبراهيم جميعاً ، عن عليّ بن محمّد القاسانيّ (2) ، قال : كتبتُ إِليه _ يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام _ وأنا بالمدينة سنة إحدى وثلاثين ومئتين : جُعلت فداك ، رجل أمر رجلاً يشتري له متاعاً أو غير ذلك ، فاشتراه فسُرق منه أو قُطع عليه الطريق من مال من ذهب المتاع ، مِن مال الآمر أو مِن مال المأمور ؟ فكتب عليه السلام :مِن مَالِ الآمِرِ . (3)
144كتابه عليه السلام إلى إبراهيم الهمذانيّفي الإجارةسهل بن زياد وأحمد بن محمّد عن عليِّ بن مهزيار عن إبراهيم بن محمّد الهمذانيّومحمّد بن جعفر الرزاز ، عن محمّد بن عيسى ، عن إبراهيم الهمذانيّ (4) ، قال : كتبتُ
.
ص: 135
إلى أبي الحسن عليه السلام وسألته عن امرأة آجرت ضيعتها (1) عشر سنين على أن تُعطى الاُجرة في كلّ سنة عند انقضائها ، لا يُقدّم لها شيء من الاُجرة ما لم يمضِ الوقت ، فماتت قبل ثلاث سنين أو بعدها ، هل يجب على ورثتها إنفاذ الإجارة إلى الوقت ، أم تكون الإجارة منتقضة بموت المرأة ؟ فكتب عليه السلام :إِن كَانَ لَهَا وَقتٌ مُسَمّىً ، لَم يَبلُغ فَمَاتَت ، فَلِوَرَثَتِهَا تِلكَ الإِجَارَةُ ، فَإِن لَم تَبلُغ ذَلِكَ الوَقتَ وَبَلَغَت ثُلُثَهُ أَو نِصفَهُ أَو شَيئاً مِنهُ ، فَيُعطَى وَرَثَتُهَا بِقَدرِ مَا بَلَغَت مِن ذَلِكَ الوَقتِ إِن شَاءَ اللّهُ . (2)
145كتابه عليه السلام إلى رجلسَهلُ بن زياد عن أحمد بن إسحاق الرازيّ ، قال : كتب رجل إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام : رجل استأجر ضيعةً من رجل ، فباع المُؤاجر تلك الضيعة الّتي آجرها بحضرة المستأجر ولم يُنكر المستأجر البيع وكان حاضراً له شاهداً عليه ، فمات المشتري وله ورثة ، أيرجع ذلك في الميراث ، أو يبقى في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته ؟ فكتب عليه السلام :إِلَى أَن تَنقَضِيَ إِجَارَتُهُ . (3)
.
ص: 136
146كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّفيمن آجر ولده مدّةكتب محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّ (1) إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليهماالسلام في رجلٍ دفع ابنه إلى رجل وسلّمه منه سنة بأجرةٍ معلومة ليخيط له ، ثمّ جاء رجل آخر فقال له : سلّم ابنك منّي سنة بزيادة ، هل له الخيار في ذلك ؟ وهل يجوز له أن يفسخ ما وافق عليه الأوّل أم لا ؟ فكتب عليه السلام بخطّه :يَجِبُ عَلَيهِ الوَفَاءُ لِلأَوَّلِ مَا لَم يَعرِض لِابنِهِ مَرَضٌ أَو ضَعفٌ . (2)
147كتابه عليه السلام إلى عليّ بن سليمانفي الوقوف و الصدقاتمحمّد بن جعفر الرزّاز ، عن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن سليمان (3) ، قال : كتبتُ إليه _ يعني أبا الحسن عليه السلام _ : جُعلت فداك ، ليس لي ولد (4) ولي ضياع ورثتُها من أبي وبعضها استفدتها ، ولا آمنُ الحدثان ، فإن لم يكن لي ولد وحدث بي حدث فما ترى جُعلت فداك ، لي أن أوقف بعضها على فقراء إخواني والمستضعفين ، أو أبيعها وأتصدّق بثمنها في حياتي عليهم ؟ فإنّي أتخوّف أن لا ينفُذ الوقف بعد موتي ، فإن أوقفتها في حياتي فلي أن آكل منها أيّام حياتي أم لا؟ فكتب عليه السلام :
.
ص: 137
فَهِمتُ كِتَابَكَ فِي أَمرِ ضِيَاعِكَ ، وَلَيسَ لَكَ أَن تَأكُلَ مِنهَا مِنَ الصَّدَقَةِ ، فَإِن أَنتَ أَكَلتَ مِنهَا لَم يَنفُذ ، إِن كَانَ لَكَ وَرَثَةٌ فَبِع وَتَصَدَّق بِبعضِ ثَمَنِهَا فِي حَيَاتِكَ ، وَإِن تَصَدَّقتَ أَمسَكتَ لِنَفسِكَ مَا يَقُوتُكَ مِثلَ مَا صَنَعَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عليه السلام . (1)
148كتابه عليه السلام إلى أبي الحسن بن عليّ بن بلالمحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن مهزيار ، عن بعض أصحابنا ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام : إنّي وقفتُ أرضاً على وُلدي وفي حَجٍّ ووجوه بِرٍّ ، ولك فيه حقٌّ بعدي أو لمن بعدك ، وقد أزلتها عن ذلك المجرى . فقال عليه السلام :أَنتَ فِي حِلٍّ وَمُوَسَّعٌ لَكَ . (2)
وفي التهذيب : محمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن عليّ بن مهزيار ، عن أبي الحسن (3) ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام : إنّي وقفتُ أرضاً على وُلدي وفي حجٍّ ووُجوه بِرٍّ ، ولك فيه حقٌّ بعدي ولي بعدك ، وقد أنزلتها (4) عن ذلك المجرى . فقال :أَنتَ فِي حِلٍّ وَمُوَسَّعٌ لَكَ . (5)
.
ص: 138
149كتابه عليه السلام إلى محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن محمّدمحمّد بن عليّ بن محبوب عن محمّد بن الفرج (1) ، عن عليّ بن معبد ، قال : كتب إليه محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد (2) سنة ثلاث وثلاثين ومئتين يسأله عن رجلٍ مات وخلّف امرأةً وبنين وبنات ، وخلّف لهم غلاماً أوقفه عليهم عشر سنين ، ثمّ هو حرّ بعد العشر سنين ، فهل يجوز لهؤلاء الورثة بيع هذا الغلام وهم مضطرّون إذا كان على ما وصفته لك جعلني اللّه فداك ؟ فكتب عليه السلام :لا تَبِعهُ (3) إِلَى مِيقَاتِ شَرطِهِ ، إِلَا أَن يَكُونُوا مُضطَرِّينَ إلَى ذَلِكَ فَهُوَ جائِزٌ لَهُم . (4)
150كتابه عليه السلام إلى أحمد بن حمزة ( أبو طاهر بن حمزة )روى محمّد بن عيسى العبيديّ ، قال : كتب أحمد بن حمزة 5 إلى أبي الحسن عليه السلام :
.
ص: 139
مدبّرٌ وقف ثمّ مات صاحبه وعليه دَين لا يفي بماله . فكتب عليه السلام :يُبَاعُ وَقفُهُ فِي الدَّينِ . (1)
وفي التهذيب : محمّد بن عليّ بن محبوب عن أبي طاهر بن حمزة ، أنّه كتب إليه عليه السلام : مدينٌ أوقف ثمّ . . . (2)
151كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفي وقف المعلوم والمجهولمحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى وعدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، جميعاً عن عليّ بن مهزيار (3) ، قال : قلت : روى بعض مواليك عن آبائك عليهم السلام : أنّ كلّ وقف إلى وقتٍ معلومٍ (4) فهو واجبٌ على الورثة ، وكلّ وقف إلى غير وقتٍ معلومٍ جهلٌ مجهول باطل مردود على الورثة ، وأنت أعلم بقول آبائك ؟ فكتب عليه السلام :
.
ص: 140
هُوَ عِندِي كَذَا 1 . (1)
152كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عليّ بن عيسىفي التصدّق على المساكينفي كتاب مسائل الرجال من مسائل محمّد بن عليّ بن عيسى : ( محمّد بن أحمد بن محمّد بن زياد وموسى بن محمّد[ ، عن محمّد] بن عليّ بن عيسى (2) ، قال : كتبت إلى الشيخ (3) أعزّه اللّه وأيّده . . . ) ، وكتبت إليه أسأله عليه السلام عن المساكين الّذين يقعدون في الطرقات من الجزايرة والساسانيين (4) وغيرهم ، هل يجوز التصدّق عليهم قبل أن أعرف مذهبهم؟ فأجاب :مَن تَصَدَّقَ عَلَى نَاصِبٍ ، فَصَدَقَتُهُ عَلَيهِ لا لَهُ ، لَكِن عَلَى مَن لا يُعرَفُ مَذهَبُهُ وَحالُهُ فَذَلِكَ أَفضَلُ وَأَكثَرُ ، وَمَن بَعدَ فَمَنَ تَرَفَّقتَ عَلَيهِ (5) وَرَحِمتَهُ وَلَم يُمكِنِ استِعلامُ مَا هُوَ عَلَيهِ ، لَم يَكُن بِالتَّصَدُّقِ عَلَيهِ بَأسٌ إِن شَاءَ اللّهُ . (6)
.
ص: 141
153كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عيسى بن عبيدفي الهباتمحمّد بن محمّد بن عصام الكليني رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب الكلينيّ ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّ (1) ، قال : كتبت إلى عليّ بن محمّد بن عليّ عليه السلام : رجل جعل لك _ جعلني اللّه فداك _ شيئاً من ماله ، ثمّ احتاج إليه ، أيأخذه لنفسه ، أو يبعث به إليك ؟ قال عليه السلام :هُوَ بِالخِيَارِ فِي ذَلِكَ مَا لَم يُخرِجهُ عَن يَدِهِ ، وَلَو وَصَلَ إِلَينَا لَرَأَيَنا أَن نُوَاسِيَهُ (2) بِهِ وَقَد احتَاجَ إِلَيهِ . (3)
وزاد في الفقيه : قال : وكتبت إليه : رجلٌ أوصى لك _ جعلني اللّه فداك _ بشيءٍ معلومٍ من ماله ، وأوصى لأقربائه من قبل أبيه واُمّه ، ثمّ إنّه غيّر الوصيّة ، فحَرَم من أعطى وأعطى من حَرَم ، أيجوز له ذلك ؟ فكتب عليه السلام :هُوَ بِالخِيَارِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَى أَن يَأتِيَهُ المَوتُ . (4)
154كتابه عليه السلام إلى خيرانمحمّد بن مسعود قال : حدّثني سليمان بن حفص ، عن أبي بصير حمّاد بن عبد اللّه القنديّ ، عن إبراهيم بن مهزيار ، قال : كتب إليه خيران (5) : قد وجّهت إليك ثمانية
.
ص: 142
دراهم كانت اُهديت إليّ من طرسوس ، دراهم منهم ، وكرهت أن أردّها على صاحبها أو أحدث فيها حدثاً دون أمرك ، فهل تأمرني في قبول مثلها أم لا ، لأعرفها إن شاء اللّه وانتهي إلى أمرك ؟ فكتب وقرأته :اقبَل مِنهُم إِذَا أُهدِيَ إِلَيكَ دَراهِمُ أَو غَيرُها ، فَإِنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَم يَرُدَّ هَدِيَّةً عَلَى يَهُودِيٍّ وَلا نَصرَانِيٍّ . (1)
155كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عليّ بن عيسىفي تحريم الولاية من قبل الجائرفي كتاب مسائل الرجال من مسائل محمّد بن عليّ بن عيسى : ( محمّد بن أحمد بن محمّد بن زياد وموسى بن محمّد[ عن محمّد ] بن عليّ بن عيسىج (2) ، قال : كتبت إلى الشيخ (3) أعزّه اللّه وأيّده . . . ) ، وكتبت إليه أسأله عن العمل لبني العبّاس وأخذ ما أتمكّن من أموالهم ، هل فيه رُخصة ؟ وكيف المذهب في ذلك ؟ فقال :مَا كَانَ المَدخَلُ فِيهِ بِالجَبرِ وَالقَهرِ ، فَاللّهُ قَابِلُ العُذرِ ، وَمَا خَلَا ذَلِكَ فَمَكرُوهٌ ، وَلا مَحَالَةَ قَلِيلُهُ خَيرٌ مِن كَثِيرِهِ ، وَما يُكَفَّرُ بِهِ مَا يَلزَمُهُ فِيهِ ( مَن ) يَرزُقُهُ ، وَيُسَبَّبُ عَلَى يَدَيهِ مَا يَسُرُّكَ فِينَا وَفِي مَوَالِينَا .
قال : وكتبت إليه في جواب ذلك اُعلمه أنّ مذهبي في الدخول في أمرهم ، وجود السبيل إلى إدخال المكروه على عدوّه ، وانبساط اليد في التشفّي منهم بشيءٍ ، أن أتقرّب إليه به إليهم . فأجاب :
.
ص: 143
مَن فَعَلَ ذَلِكَ فَلَيسَ مَدخَلُهُ فِي العَمَلِ حَرَاماً ، بَل أَجرَاً وَثَوَاباً . (1)
باب الوصايا156كتابه عليه السلام إلى أحمد بن هلالفي الوصيّة بالثلث و أقلّ منه و أكثرمحمّد بن عليّ بن محبوب عن العبيديّ عن أحمد بن هلال (2) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : ميّت أوصى بأن يُجرى على رجلٍ ما بقي من ثُلثه ، ولم يأمر بإنفاذ ثُلثه ، هل للوصي أن يوقف ثُلث الميّت بسبب الإجراء ؟ فكتب عليه السلام :يُنفِذُ ثُلُثَهُ وَلا يُوقِفُ . (3)
157كتابه عليه السلام إلى الحسين بن مالكمحمّد بن يحيى عن عبد اللّه بن جعفر ، عن الحسين بن مالك (4) ، قال : كتبت إلى أبي
.
ص: 144
الحسن عليه السلام : اعلم يا سيّدي إنّ ابن أخٍ لي تُوفّي ، فأوصى لسيّدي بضيعةٍ ، وأوصى أن يُدفع كلّ شيءٍ في داره ، حتّى الأوتاد تُباع ويُجعل الثمن إلى سيدي ، وأوصى بحجٍّ ، وأوصى للفقراء من أهل بيته ، وأوصى لعمّته واُخته بمالٍ ، فنظرت فإذا ما أوصى به أكثر من الثلث ، ولعلّه يقارب النصف ممّا ترك ، وخلّف ابناً له ثلاث سنين ، وترك ديناً ، فرأي سيّدي . فوقّع عليه السلام :يُقتَصرُ مِن وَصِيَّتِهِ عَلَى الثُّلُثِ مِن مَالِهِ ، وَيُقسَمُ ذَلِكَ بَينَ مَن أَوصَى لَهُ عَلَى قَدرِ سِهَامِهِم إِن شَاءَ اللّهُ . (1)
158كتابه عليه السلام إلى أحمد بن إسحاقمحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ( بن عيسى ) ، قال : كتب أحمد بن إِسحاق (2) إلى أبي الحسن عليه السلام : إنّ دُرّة بنت مُقاتل توفّيت وتركت ضيعةً أشقاصاً في مواضع ، وأوصت لسيّدها من أشقاصها بما يبلغ أكثر من الثلث (3) ، ونحن أوصياؤها وأحببنا أن نُنهي إلى سيّدنا ، فإن هو أمر بإمضاء الوصيّة على وجهها أمضيناها ، وإن أمر بغير
.
ص: 145
ذلك انتهينا إلى أمره في جميع ما يأمر به إن شاء اللّه . قال : فكتب عليه السلام بخطّه :لَيسَ يَجِبُ لَهَا مِن تَرِكَتِهَا إِلَا الثُّلُثُ ، وَإِن تَفَضَّلتُم وَكُنتُمُ الوَرَثَةَ كَانَ جَائِزاً لَكُم إِن شَاءَ اللّهُ . (1)
159كتابه عليه السلام إلى الحسن بن راشدمحمّد بن عيسى العبيديّ ، عن الحسن بن راشد 2 ، قال : سألت العسكريّ عليه السلام عن رجلٍ أوصى بثلثه بعد موته ، فقال : ثلثي بعد موتي بين موالي ومولياتي ، ولأبيه موال ، يدخلون موالي أبيه في وصيّته بما يسمّون في مواليه ، أم لا يدخلون ؟ فكتب عليه السلام :لا يَدخُلُونَ . (2)
.
ص: 146
160كتابه عليه السلام إلى الحسين بن محمّد الرازيّجعفر بن محمّد بن نوح عن الحسين بن محمّد الرازيّ ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام : الرجل يموت فيوصي بماله كلّه في أبواب البرّ وبأكثر من الثلث ، هل يجوز ذلك له ، وكيف يصنع الوصي ؟ فكتب :تُجَازُ وَصِيَّتُهُ مَا لَم يَتَعَدَّ الثُلُثَ . (1)
161كتابه عليه السلام إلى أحمد بن الحسن ( ابن فضّال )قال عليّ [بن الحسن بن فضّال] : ومات الحسين بن أحمد الحلبيّ وخلّف دراهم مئتين ، فأوصى لامرأته بشيءٍ من صداقها وغير ذلك ، وأوصى بالبقية لأبي الحسن عليه السلام ، فدفعها أحمد بن الحسن إلى أيّوب بحضرتي ، وكتب إليه كتاباً ، فورد الجوابُ بقبضها ، ودعا للميّت . (2)
162كتابه عليه السلام إلى أحمد بن الحسن ( ابن فضّال )فيمن أوصى في جميع تركته أن تُباع ويُحمل ثمنها إلى أبي الحسن عليه السلامقال عليّ بن الحسن [ بن فضّال ] : ومات محمّد بن عبد اللّه بن زرارة ، فأوصى إلى أخي أحمد ، وخلّف داراً ، وكان أوصى في جميع تركته أن تُباع ويُحمل ثمنها إلى أبي الحسن عليه السلام ، فباعها ، فاعترض فيها ابن أخت له وابن عمّ له ، فأصلحنا أمره بثلاثة دنانير ، وكتب إليه أحمد بن الحسن ودفع الشيء بحضرتي إلى أيّوب بن نوح ،
.
ص: 147
وأخبره أنّه جميع ما خلّف وابن عمّ له وابن أخته ، عرض ، فأصلحنا أمره بثلاثة دنانير . فكتب :قَد وَصَلَ ذَلِكَ وَتَرَحَّمَ عَلَى المَيِّتِ ، وَقَرَأتُ الجَوَابَ . (1)
163كتابه عليه السلام إلى محمّد بن إسحاق المتطبّبأحمد بن محمّد بن عيسى قال : كتب إليه محمّد بن إسحاق المتطبّب (2) : وبعد ، أطال اللّه بقاك ، نُعلمك يا سيّدنا أنّا في شبهةٍ من هذه الوصيّة الّتي أوصى بها محمّد بن يحيى بن درياب ، وذلك أنّ موالي سيّدنا وعبيده الصالحين ذكروا أنّه ليس للميّت أن يوصي إذا كان له ولد بأكثر من ثلث ماله ، وقد أوصى محمّد بن يحيى بأكثر من النصف ممّا خلّف من تركته ، فإن رأى سيّدنا ومولانا أطال اللّه بقاءه أن يفتح غياب هذه الظلمة الّتي شكونا ، ويفسّر ذلك لنا نعمل عليه إن شاء اللّه تعالى . فأجاب عليه السلام :إِن كَانَ أَوصَى بِهَا مِن قَبلِ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فَجَائِزٌ وَصِيَّتُهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ وَلَدَهُ وُلِدَ مِن بَعدِهِ . (3)
164كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عبد الجبّارفي الوصيّة في الدَّينمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عبد الجبّار ، قال : كتبتُ إلى العسكريّ عليه السلام : امرأة أوصت إلى رجلٍ وأقرّت له بدين ثمانية آلاف درهم ، وكذلك ما كان لها من
.
ص: 148
متاع البيت من صوفٍ وشَعر وشَبَه وصُفر ونُحاس ، وكلّ ما لها أقرّت به للموصَى إليه ، وأشهدت على وصيّتها ، وأوصت أن يُحجّ عنها من هذه التركة حجتّين ، ويُعطي مولاةٌ لها أربعمئة درهم ، وماتت المرأة وتركت زوجاً ، فلم ندر كيف الخروج من هذا ، واشتبه علينا الأمر . وذكر الكاتب : إنّ المرأة استشارته فسألته أن يكتب لها ما يصحّ لهذا الوصيّ ؟ فقال : لا تصحّ تركتك لهذا الوصيّ إلّا بإقرارك له بدينٍ يحيط بتركتك بشهادة الشهود ، وتأمريه بعد أن ينفذ ما توصيه به ، فكتبت له بالوصيّة على هذا ، وأقرّت للوصيّ بهذا الدين . فرأيك أدام اللّه عزّك في مسألة الفقهاء قبلك عن هذا ، وتعريفنا ذلك ؛ لنعمل به إن شاء اللّه . فكتب عليه السلام بخطّه :إِن كَانَ الدَّينُ صَحِيحاً مَعرُوفاً مَفهُوماً ، فَيُخرَجُ الدَّينُ مِن رَأسِ المَالِ إِن شَاءَ اللّهُ ، وَإِن لَم يَكُن الدَّينُ حَقَّاً أُنفِذَ لَهَا ما أَوصَت بِهِ مِن ثُلُثِها ، كَفَى أَو لَم يَكفِ . (1)
165كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن محمّد الهمذانيفي قيام الورثة بما في الكتاب ولم يأمرهم بذلك قولاًمحمّد بن أحمد بن يحيى عن عمر بن عليّ ، عن إبراهيم بن محمّد الهمذانيّ (2) ، قال : كتبت إليه : رجل كتب كتاباً فيه ما أراد أن يوصي به ، هل يجب على ورثته القيام بما في الكتاب بخطّه ولم يأمرهم بذلك ؟ فكتب :إِن كَانَ وُلدُهُ يُنفِذُونَ كُلَّ شَيءٍ يَجِدُونَ فِي كِتَابِ أَبِيهِم فِي وَجهِ البِرِّ وَغَيرِهِ . (3)
.
ص: 149
وفي الفقيه : روي عن إبراهيم بن محمّد الهمذانيّ ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام :رجل كتب كتاباً بخطّه ، ولم يقل لورثته هذه وصيّتي ، ولم يقل إنّي قد أوصيت ، إلّا أنّه كتب كتاباً . . . إِن كَانَ لَهُ وُلدُ يُنفِذُونَ . . . (1)
166كتابه عليه السلام إلى الحسن [ بن إبراهيم ] بن محمّد الهمذانيّفي الوصيّ يشتري من مال الميّت شيئاًمحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن [ بن إبراهيم ] بن الهمدانيّ (2) ، قال : كتب محمّد بن يحيى : هل للوصيّ أن يشتري شيئاً من مال الميّت إذا بيع فيمن زاد ، فيزيد ويأخذ لنفسه ؟ فقال عليه السلام :يَجُوزُ إِذَا اشتَرَى صَحِيحاً . (3)
167كتابه عليه السلام إلى عليّ بن الريّانفي قبول الولد وصيّة والدهسَهل بن زياد عن عليّ بن الريّان (4) ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام : رجل دعاه والده إلى قبول وصيّته ، هل له أن يمتنع من قبول وصيّته ؟ فوقّع عليه السلام :لَيسَ لَهُ أَن يَمتَنِعَ . (5)
.
ص: 150
168كتابه عليه السلام إلى أحمد بن زيادفي الوصيّة قبل الموتمحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر [ البزنطيّ ] ، عن أحمد بن زيادٍ ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : سألته عن رجلٍ تحضره الوفاة وله مماليك لخاصّة نفسه ، وله مماليك في شركة رجلٍ آخر ، فيوصي في وصيّته : مماليكي أحرارٌ ، ما حال (1) مماليكه الّذين في الشركة ؟ فقال : (2)يُقَوَّمُونَ عَلَيهِ إِن كَانَ مَالُهُ يَحتَمِلُ ، ثُمَّ هُم أَحرَارٌ . (3)
169كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الريّانفي الوصيّ إذا نسي بعض المصارفسَهل بن زياد عن محمّد بن الريّان (4) ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام (5) أسأ له عن إنسانٍ أوصى بوصيّةٍ فلم يَحفظ الوصيّ إلّا باباً واحداً منها ، كيف يصنع في الباقي . فوقّع عليه السلام :الأَبوَابُ البَاقِيَةُ يَجعَلُهَا فِي البِرِّ . (6)
.
ص: 151
170ما يُنسب إليه عليه السلامفيمن أوصى مبهماًعليّ بن الحسن بن فضّال عن محمّد بن أورمة القمّي ، عن محمّد بن الحسن الأشعريّ 1 ، قال : قلتُ لأبي الحسن عليه السلام : جُعلت فداك ، إنّي سألت أصحابنا عمّا أريد أن أسألك ، فلم أجد عندهم جواباً ، وقد اضطررت إلى مسألتك ، وإنّ سعد بن سعدأوصى إليّ فأوصى في وصيّته : حجّوا عنّي ، مبهماً ولم يفسّر ، فكيف أصنع ؟ قال : يأتيك جوابي في كتابك . فكتب عليه السلام :يَحُجُّ مَا دَامَ لَهُ مَالٌ يَحمِلُهُ . (1)
171كتابه عليه السلام إلى الحسين بن مالكفي رجلٍ مات وأوصى كلّ شيء له في حياته . . .محمّد بن أحمد [ بن يحيى ] ، عن الحسين بن مالك (2) ، قال : كتبت إليه : رجلٌ مات
.
ص: 152
وجعل كلّ شيءٍ له في حياته لك ، ولم يكن له ولد ، ثمّ إنّه أصاب بعد ذلك ولداً ، ومبلغ ماله ثلاثة آلاف درهمٍ ، وقد بعثتُ إليك بألف درهمٍ ، فإن رأيت _ جعلني اللّه فداك _ أن تُعلمني فيه رأيك لأعمل به . فكتب :أَطلِق لَهُم . (1)
172كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفي رجلٍ له امرأة لم يكن له منها ولد وله ولد من غيرهامحمّد بن أحمد بن يحيى عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه عليّ بن مهزيار (2) ، قال : سألته عن رجلٍ له امرأة لم يكن له منها ولد وله ولد من غيرها ، فأحبَّ أن لا يجعل لها في ماله نصيباً ، فأشهد بكلّ شيء له في حياته وصحّته لولده دونها ، وأقامت معه بعد ذلك سنين ، أيحلّ له ذلك إذا لم يعلمها ولم يتحلّلها ؟ وإنّما به على أنّ المال له يصنع فيه ما شاء في حياته وصحّته ؟ فكتب عليه السلام :حَقُّهَا وَاجِبٌ ، فَيَنَبَغِي أَن يِتَحَلَّلَها . (3)
173كتابه عليه السلام إلى عليّ بن بلال و أحمد بن هلالفي الوصيّة لأهل الضلالمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن محمّد ، قال : كتب
.
ص: 153
عليّ بن بلال (1) إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد عليه السلام : يهوديّ مات وأوصى لدُيّانه بشيءٍ أقدرُ على أخذه ، هل يجوز أن آخذه فأدفعه إلى مواليك ، أو أنفذه فيما أوصى به اليهوديّ ؟ فكتب عليه السلام :أَوصِلهُ إِلَيَّ وَعَرِّفنِيهِ ؛ لأُنفِذَهُ فِيمَا يَنبَغِي إِن شَاءَ اللّهُ . (2)
وفي حديثٍ آخر : عن محمّد بن عليّ بن محبوب ، عن أبي محمّد الحسن بن عليّ الهمدانيّ ، عن إبراهيم بن محمّد ، قال : كتب أحمد بن هلال (3) إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن يهوديّ مات وأوصى لديّانهم ؟ فكتب عليه السلام :أَوصِلهُ إِلَيَّ وَعَرِّفنِي ؛ لأُنفِذَهُ فِيمَا يَنبَغِي إِن شَاءَ اللّهُ . (4)
باب النكاح174كتابه عليه السلام إلى المهلّب الدلّالفي التزويج الدائم والتمتّع بالأبكارمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى ، عن الفضل بن كثير المدائنيّ ، عن المهلّب الدلّال (5) أنّه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام : إنّ امرأة كانت معي في الدار ، ثمّ إنّها زوّجتني نفسها وأشهدت اللّه وملائكته على ذلك ، ثمّ إنّ أباها زوّجها من رجلٍ
.
ص: 154
آخر ، فما تقول ؟ فكتب عليه السلام :التَّزوِيجُ الدَّائِمُ لا يَكُونُ إِلَا بِوَلِيٍّ وَشاهِدَينِ ، وَلا يَكونُ تَزوِيجُ مُتعَةٍ بِبِكرٍ ، استُرعَلَى نَفسِكَ وَاكتُم رَحِمَكَ اللّهُ . (1)
175كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن بن شمّونفي المتعةسهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شَمّون 2 ، قال : كتب أبو الحسن عليه السلام إلى بعض مواليه :لا تُلِحُّوا عَلَى المُتعَةِ ، إِنَّمَا عَلَيكُم إِقَامَةُ السُّنَّةِ ، فَلا تَشتَغِلُوا بِهَا عَن فُرُشِكُم وَحَرَائِرِكُم ، فَيَكفُرنَ وَيَتَبَرَّينَ وَيَدعِينَ عَلَى الآمِرِ بِذَلِكَ وَيَلعَنُونَا . (2)
.
ص: 155
176كتابه عليه السلام إلى محمّد بن جَزّكفي الرجل يتزوّج بالمرأة على أنّها بكر فيجدها غير عذراءمحمّد بن يحيى عن عبد اللّه بن جعفر ، عن محمّد بن جَزّك ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن رجلٍ تزوّج جارية بكراً فوجدها ثيّباً ، هل يجب لها الصداق وافياً أم يُنتقصُ ؟ قال عليه السلام :يُنتَقَصُ . (1)
177كتابه عليه السلام إلى الحسين بن سعيدفيمن أحلّ اللّه نكاحه من النساء وحرم منهنّالحسين بن سعيد 2 قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : رجلٌ كانت له أمّة يطأها ، فماتت أو باعها ، ثمّ أصاب بعد ذلك اُمّها ، هل يحلّ له أن ينكحها ؟ فكتب عليه السلام :لا يَحِلُّ لَهُ (2) . (3)
.
ص: 156
178كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عيسى ( بن عبيد اليقطينيّ )محمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن عيسى (1) ، قال : كَتبَت إليه خِشفُ اُمّ ولد عيسى بن عليّ بن يقطين في سنة ثلاث ومئتين تسأل عن تزويج ابنتها من الحسين بن عبيد : اُخبرك يا سيّدي ومولاي أنّ ابنة مولاك عيسى بن عليّ بن يقطين أملكتها من ابن عبيد بن يقطين ، فبعدما أملكتها ، ذكروا أنّ جدّتها اُمّ عيسى بن عليّ بن يقطين كانت لعبيد بن يقطين ، ثمّ صارت إلى عليّ بن يقطين فأولدها عيسى بن عليّ ، فذكروا أنّ ابن عبيد قد صار عمّها من قبل جدّتها اُمّ أبيها أنّها كانت لعبيد بن يقطين ، فرأيك يا سيّدي ومولاي أن تمنّ على مولاتك بتفسيرٍ منك ، وتخبرني هل تحلّ له ؟ فإنّ مولاتك يا سيّدي في غمٍّ ، اللّه به عليم . فوقّع عليه السلام في هذا الموضع بين السطرين :إِذَا صَارَ عَمَّاً لا تَحِلُّ لَهُ ، وَالعَمُّ وَالِدٌ وَعَمٌّ . (2)
179كتابه عليه السلام إلى عليّ بن شعيبفيما يحرم من النكاح من الرضاعمحمّد بن أحمد بن يحيى عن عبد اللّه بن جعفر ، عن أيّوب بن نوح ، قال : كتب عليّ بن شعيب (3) إلى أبي الحسن عليه السلام : امرأة أرضعت بعض ولدي ، هل يجوز لي أن
.
ص: 157
أتزوّج بعض ولدها ؟ فكتب عليه السلام :لا يَجُوزُ لَكَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ وُلدَها صَارَت بِمَنزِلَةِ وُلدِكَ . (1)
180كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفي مقدار ما يحرم من الرضاعمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن عليّ بن مهزيار (2) ، عن أبي الحسن عليه السلام أنّه كتب إليه يسأله عن الّذي يُحرّم من الرضاع ؟ فكتب عليه السلام :قَلِيلُه وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ . (3)
181كتابه عليه السلام إلى رجلفي الجمع بين الاُختينأحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره ، قال : قرأت في كتاب رجلٍ إلى أبي الحسن العالم عليه السلام : يتزوّج المرأة متعة إلى أجلٍ مسمّى ، فينقضي الأجل بينهما ، هل له أن ينكح اُختها من قبل أن تنقضي عدّتها ؟ فكتب :لا يَحِلُّ لَهُ أَن يَتَزَوَّجَهَا حَتَّى تنقَضِيَ عِدَّتُها . (4)
.
ص: 158
182كتابه عليه السلام إلى رجلفي مباشرة الأجنبيةسَهل بن زياد عن عليّ بن الريّان (1) ، عن أبي الحسن عليه السلام أنّه كتب إليه : رجلٌ يكون مع المرأة لا يُباشرها إلّا من وراء ثيابها ( وثيابه ) ، فَيُحَرِّكُ حتَّى يُنزلَ مَاءَ الَّذي عليه ، وهَل يَبلُغُ به حَدَّ الخَضخَضَة (2) ؟ فوَقَّعَ في الكتاب :بِذَلِكَ بَالِغُ أَمرِهِ . (3)
183كتابه عليه السلام إلى عليّ بن سليمانفي الرجل إذا زوّج مملوكته عبده كان الطلاق بيدهمحمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن سليمان (4) ، قال : كتبت إليه : جُعلت فداك ، رجل له غلام وجارية ، زوّج غلامُهُ جاريتَهُ ، ثمّ وقع عليها سيّدها ، هل يجب في ذلك شيء ؟ قال عليه السلام :لا يَنبَغِيَ لَهُ أَن يَمَسَّهَا حَتَّى يُطَلِّقَهَا الغُلَامُ . (5)
.
ص: 159
184كتابه عليه السلام إلى اُمّ عليّفي كشف الرأس بين يدي الخادممحمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن عيسى ، عن القاسم الصيقل (1) ، قال : كتبت إليه اُمّ عليّ (2) تسأل عن كشف الرأس بين يدي الخادم ؟ وقالت له : إنّ شيعتك اختلفوا عليَّ في ذلك ، فقال بعضهم : لا بأس ، وقال بعضهم : لا يحلّ . فكتب عليه السلام :سَأَلتِ عَن كَشفِ الرَّأسِ بَينَ يَدَيِّ الخَادِمِ ، لا تَكشَفِي رَأسَكِ بَينَ يَدَيهِ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكرُوهٌ . (3)
185كتابه عليه السلام إلى جعفر بن محمّد بن إسماعيل بن الخطّابفي لحوق الأولاد بالآباءالصفّار عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن سليمان ، عن جعفر بن محمّد بن إسماعيل بن الخطّاب (4) ، أنّه كتب إليه يسأله عن ابن عمٍّ له كانت له جارية تخدمه ، وكان يطؤها ، فدخل يوماً إلى منزله فأصاب معها رجلاً تحدّثه ، فاستراب بها ، فهدّد الجارية فأقرّت أنّ الرجل فجر بها ، ثمّ إنّها حبلت فأتت بولد . فكتب عليه السلام :إِن كَانَ الوَلَدُ لَكَ أَو فِيهِ مُشَابَهَةٌ مِنكَ فَلَا تَبِعهُمَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ لَكَ ، وَإِن كَانَ الِابنُ لَيسَ مِنكَ وَلا فِيهِ مُشَابَهَةٌ مِنكَ فَبِعهُ وَبِع أُمَّهُ . (5)
.
ص: 160
186كتابه عليه السلام إلى يعقوب بن يزيدمحمّد بن الحسن الصفّار عن يعقوب بن يزيد 1 ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام في هذا العصر : رجلٌ وَقَعَ على جاريته ثمّ شكّ في ولده ؟ فكتب عليه السلام :إِن كَانَ فِيهِ مُشَابَهَةٌ مِنهُ فَهُوَ وَلَدُهُ . (1)
187كتابه عليه السلام إلى الحسين بن سعيدفي النزاع في تزويج الزوجةأحمد بن محمّد عن الحسين (2) أنّه كتب إليه يسأله عن رجلٍ تزوّج امرأةً في بلدٍ من البلدان ، فسألها : ألك زوج ؟ قالت : لا ، فتزوّجها ، ثمّ إنّ رجلاً أتاه فقال : هي امرأتي ، فأنكرت المرأة ذلك ، ما يلزم الزوج ؟ فقال :هِيَ امرَأَتُهُ إِلَا أَن يُقِيمَ البَيِّنَةَ . (3)
.
ص: 161
188كتابه عليه السلام إلى عبد اللّه بن الخَزرَجفي رجلٍ خَطَب إلى رجلٍ فطالت . . .أحمد بن محمّد عن عبد اللّه بن الخزرج (1) أنّهُ كتب إليه : رجلٌ خطب إِلى رجلٍ فطالت به الأيّام والشهور والسنون ، فذهب عليه أن يكون قال له : أفعل أو قد فعل ؟ فأجاب فيه :لا يَجِبُ عَلَيهِ إِلَا مَا عَقَدَ عَلَيهِ قَلبَهُ وَثَبَتَت عَلَيهِ عَزِيمَتُهُ . (2)
189كتابه عليه السلام إلى حمدان بن إسحاقفي علاج الإنسان ولدهمحمّد بن يحيى عن عليّ بن إبراهيم الجعفريّ ، عن حمدان بن إسحاق 3 قال : كان لي ابنٌ وكان تصيبه الحصاة ، فقيل لي : ليس له علاج إِلّا أن تبطّه ، فبططته فمات ، فقالت الشيعة : شركت في دم ابنك . قال : فكتبت إلى أبي الحسن العسكريّ عليه السلام ،
.
ص: 162
فوقّع عليه السلام :يَا أَحمَدُ ، لَيسَ عَلَيكَ فِيمَا فَعَلتَ شَيءٌ ، إِنَّمَا التَمَستَ الدَّوَاءَ ، وَكَانَ أَجَلُهُ فِيمَا فَعَلتَ . (1)
190كتابه عليه السلام إلى هارون بن مسلمفي حلق رأس المولودهارون بن مسلم (2) قال : كتبت إلى صاحب الدار عليه السلام : ولد لي مولودٌ وحلقت رأسه ، ووزنت شعره بالدراهم وتصدّقت به . قال :لا يَجوُزُ وَزنُهُ إِلَا بِالذَّهَبِ أَو الفِضَّةِ ، وَكَذا جَرَتِ السُّنَّةُ . (3)
باب الطلاق191كتابه عليه السلام إلى محمّد بن أحمد بن مُطهّرمحمّد بن يحيى عن عبداللّه بن جعفر ، عن محمّد بن أحمد بن مُطهّر (4) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام : إنّي تزوّجت بأربع نسوةٍ لم أسأل عن أسمائهنّ ، ثمّ إنّي أردت طلاق إحداهنّ وتزويج امرأةٍ اُخرى . فكتب :انظُر إِلَى عَلامَةٍ ، إِن كَانَت بِوَاحِدَةٍ مِنهُنَّ فَتَقُولُ : اشهَدُوا أَنَّ فُلانَةَ الَّتِي بِهَا عَلامَةُ
.
ص: 163
كَذَا وَكَذَا هِيَ طَالِقٌ ، ثُمَّ تَزَوَّجُ الأُخرَى إِذَا انقَضَتِ العِدَّةُ . (1)
192كتابه عليه السلام إلى الحسن بن عليّ بن كيسانفي المهورمحمّد بن أبي يحيى عن عبداللّه بن جعفر ، عن الحسن بن عليّ بن كيسان ، قال : كتبت إلى الصادق عليه السلام : أسأله عن رجلٍ يُطلّق امرأته فطلبت منه المهر ، وروى أصحابنا : إذا دخل بها لم يكن لها مهر . فكتب عليه السلام :لا مَهرَ لَهَا . (2)
193كتابه عليه السلام إلى الحسن بن مالكفي التوصّل إلى الطلاق بطلب المَهرروى عبد اللّه بن جعفر الحميري عن الحسن بن مالك (3) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : رجل زوّج ابنته من رجلٍ فرغب فيه ثمّ زهد فيه بعد ذلك ، وأحبّ أن يفرّق بينه وبين ابنته ، وأبى الختن (4) ذلك ولم يجب إلى الطلاق ، فأخذه بمهر ابنته ليجيب إلى الطلاق ، ومذهب الأب التخلّص منه ، فلمّا اُخذ بالمهر أجاب إلى الطلاق . فكتب عليه السلام :إِن كَانَ الزُهدُ مِن طَرِيقِ الدَينِ فَليَعمِد إِلَى التَّخَلُّصِ ، وَإِن كَانَ غَيرَهُ فَلا يَتَعَرَّض لِذَلِكَ . (5)
.
ص: 164
194كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن نوحفي حضانة الولدمن كتاب مسائل الرجال من مسائل أيّوب بن نوح : أيّوب بن نوح (1) قال : كتب معي بشير بن بشّار (2) : جُعلت فداك ، رجل تزوّج بامرأة فولدت منه ، ثمّ فارقها ، متى يجب له أن يأخذ ولده ؟ فكتب له :إِذَا صَارَ لَهُ سَبعُ سِنِينَ ، فَإِن أَخَذَهُ فَلَهُ ، وَإِن تَرَكَهُ فَلَهُ . (3)
195كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن نوحفي الولد يكون بين والديه أيّهما أحقّ بهعبد اللّه بن جعفر الحميريّ عن أيّوب بن نوح (4) ، قال : كتب إليه عليه السلام بعض أصحابه : أنّه كانت لي امرأة ولي منها ولد وخلّيت سبيلها . فكتب عليه السلام :المَرأَةُ أَحَقُّ بِالوَلَدِ إِلَى أَن يَبلُغَ سَبعَ سِنِينَ ، إلَا أَن تَشَاءَ المَرأَةُ . (5)
.
ص: 165
196كتابه عليه السلام إلى الحسن بن عليّ بن كَيسانفي طلاق امرأة تكتم حيضهامحمّد بن يحيى عن عبد اللّه بن جعفر ، عن الحسن بن عليّ بن كيسان ، قال : كتبت إلى الرجل عليه السلام أسألهُ عن رجلٍ له امرأةٌ من نساء هؤلاء العامّة ، وأراد أن يُطلّقها وقد كتمت حيضها وطهرها مخافة الطلاق ؟ فكتب عليه السلام :يَعتَزِلُهَا ثَلاثَةَ أَشهُرٍ وَيُطَلِّقُهَا . (1)
باب العتق197كتابه عليه السلام إلى الفضل بن المباركفي عتق المملوك في مرضهمحمّد بن عيسى العُبيدي عن الفضل بن المُبارك (2) ، أنّه كتب إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهماالسلام في رجلٍ له مملوك فمرض ، أيُعتقه في مرضه أعظمُ لأجره ، أو يتركه مملوكاً ؟ فقال :إِن كَانَ فِي مَرَضٍ فَالعِتقُ أَفضَلُ لَهُ ؛ لِأنَّهُ يُعتِقُ اللّهُ عز و جل بِكُلِّ عُضوٍ مِنهُ عُضوَاً مِنَ النَّارِ ، وَإنِ كَانَ فِي حَالِ حُضُورِ المَوتِ فيَترُكُهُ مَملُوكاً أَفضَلُ لَهُ مِن عِتقِهِ . (3)
.
ص: 166
198كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفي عتق المملوك في موتهمحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن مهزيار (1) قال : كتبتُ إليه أسأله عن المملوك يحضره الموت فيعتقه المولى في تلك الساعة فيخرج من الدنيا حرّاً ، فهل لمولاه في ذلك أجر ، أو يتركه فيكون له أجرِه إذا مات وهو مملوك ؟ فكتب عليه السلام إليه :يَترُكُ العَبدَ مَملُوكاً فِي حَالِ مَوتِهِ ، فَهُوَ أجرٌ لِمَولاهُ ، وَهَذَا عِتقٌ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ لَيسَ بِنَافِعٍ لَهُ . (2)
باب الأيمان والنذور والكفّارات199كتابه عليه السلام إلى الحسين بن عُبيدمحمّد بن عليّ بن محبوب عن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن عُبيد 3 ، قال : كتبت إليه _ يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام _ : يا سيّدي ، رجلٌ نذر أن يصوم يوماً للّه ، فوقع في
.
ص: 167
ذلك اليوم على أهله ، ما عليه من الكفّارة ؟ فأجابه عليه السلام :يَصُومُ يَوماً بَدَلَ يَومٍ ، وَتَحرِيرُ رَقَبَةٍ . (1)
200كتابه عليه السلام إلى أحمد بن هلالفي عتق الآبق إذا لم يُعلم موتهروي عن أحمد بن هلال (2) قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام : كان عليّ عتق رقبة ، فهرب لي مملوك لست أعلم أين هو ، أيجزيني عتقه ؟ فكتب عليه السلام :نَعَم . (3)
201كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفيمن أفطر يوماً نذر صومهعليّ بن مهزيار (4) . . . وكتب إليه _ أي لأبي الحسن عليه السلام _ : يا سيّدي ، رجل نذر أن يصوم يوم الجمعة دائماً ما بقي ، فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحىً أو أيّام التشريق أو السفر أو مرض ، هل عليه صوم ذلك اليوم ، أو قضاؤه ، أو كيف يصنع يا سيّدي ؟ فكتب إليه :قَد وَضَعَ اللّهُ عَنهُ الصِّيَامَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ كُلِّهَا ، وَيَصُومُ يَوماً بَدَلَ يَومٍ إِن شَاءَ اللّهُ . (5)
.
ص: 168
202كتابه عليه السلام إلى القاسم بن أبي القاسم الصيقلمحمّد بن الحسن الصفّار عن القاسم بن أبي القاسم الصيقل (1) ، قال : كتب إليه : يا سيّدي ، رجل نذر أن يصوم يوم الجمعة دائماً ما بقي ، فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطرٍ أو أضحىً أو أيّامَ التشريق أو السفر أو مرض ، هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضاؤه أو كيف يصنع يا سيّدي ؟ فكتب عليه السلام إليه :قَد وَضَعَ اللّهُ عَنهُ الصِّيَامَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ كُلِّهَا ، وَتَصُومُ يَوماً بَدَلَ يَومٍ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى . (2)
203كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفي رجل نذر أن يصوم يوماً فوقع على أهلهعليّ بن مهزيار (3) . . . وكتب إليه _ أي لأبي الحسن عليه السلام _ يسأله : يا سيّدي ، رجلٌ نذر أن يصوم يوماً فوقع ذلك اليوم على أهله ، ما عليه من الكفّارة ؟ فكتب عليه السلام إليه :يَصُومُ يَوماً بَدَلَ يَومٍ ، وَتَحرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤمِنَةٍ . (4)
204كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن محمّدفي رجلٍ نذر متى فاتته صلاة الليل صام في صبيحتها ، ففاتهمحمّد بن عليّ بن محبوب عن محمّد بن عيسى العبيدي ، عن عليّ وإسحاق ابني
.
ص: 169
سليمان بن داوود ، أنّ إبراهيم بن محمّد (1) أخبرهما ، قال : كتبت إلى الفقيه : يا مولاي ، نذرتُ أن يكون متى فاتتني صلاة الليل صمت في صبيحتها ، ففاته ذلك كيف يصنع ؟ فهل له من ذلك مخرج ؟ وكم يجب عليه من الكفّارة في صوم كلّ يوم تركه إن كفّر إن أراد ذلك ؟ فكتب عليه السلام :يُفَرِّقُ عَن كُلِّ يَومٍ بِمُدٍّ مِن طَعَامٍ كُفَّارَةً . (2)
205كتابه عليه السلام إلى بُندار مولى إدريسفي رجلٍ أفطر يوماً نذر صومه على العمدأبو عليّ الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن عليّ بن مهزيار ، قال : كتب بُندار مولى إدريس (3) : يا سيّدي ، نذرت أن أصوم كلّ يوم سبت ، فإن أنا لم أصمه ما يلزمني من الكفّارة ؟ فكتب وقرأته :لا تَترُكهُ إِلَا مِنِ عِلَّةٍ ، وَلَيسَ عَلَيكَ صَومُهُ فِي سَفَرٍ وَلا مَرَضٍ ، إِلَا أَن تَكُونَ نَوَيتَ ذَلِكَ ، وَإِن كُنتَ أَفطَرتَ مِنهُ مِن غَيرِ عِلَّةٍ ، فَتَصَدَّق بِعَدَدِ كُلِّ يَومٍ لِسَبعَةِ مَسَاكِينَ ، نَسأَلُ اللّهَ التَّوفِيقَ لِمَا يُحِبُّ وَيَرضَى . (4)
.
ص: 170
206كتابه عليه السلام إلى المتوكّلفيمن نذر الصدقة بمالٍ كثيريوسف بن السخت قال : اشتكى المتوكّل شكاةً شديدة ، فنذر للّه إن شفاه اللّه يتصدّق بمالٍ كثير ، فعوفي من علّته ، فسأل أصحابه عن ذلك ، فأعلموه أنّ أباه تصدّق بثمانمئة ألف ألف درهم ، وإن أراه تصدّق بخمسة ألف ألف درهم ، فاستكثر ذلك ، فقال أبو يحيى بن أبي منصور المنجّم : لو كتبت إلى ابن عمّك _ يعني أبا الحسن عليه السلام _ . فأمر أن يُكتب له فيسأله ، فكتب إليه ، فكتب أبو الحسن عليه السلام :تَصَدَّقَ بِثَمَانِينَ دِرهَمَا . فقالوا : هذا غلط ، سلوه من أين ؟ قال : هَذَا مِن كِتَابِ اللّهِ ، قَالَ اللّهُ لِرَسُولِهِ : «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ» (1) ، وَالمَوَاطِنُ الَّتِي نَصَرَ اللّهُ رَسُولَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ السَّلامُ فِيهَا ثَمانُونَ مَوطِناً ، فَثَمَانِينَ دِرهَماً مِن حِلِّهِ مَالٌ كَثِيرٌ . (2)
وفي الاحتجاج : عن أبي عبد اللّه الزياديّ قال : لمّا سُمّ المتوكّل ، نذر للّه إنّ رزقه اللّه العافية أن يتصدّق بمالٍ كثير ، فلمّا سلم وعوفي سأل الفقهاء عن حدّ المال الكثير كم يكون؟ فاختلفوا ، فقال بعضهم : ألف درهم ، وقال بعضهم : عشرة آلاف ، وقال بعضهم : مئة ألف ، فاشتبه عليه هذا ، فقال له الحسن حاجبه : إن أتيتك يا أمير المؤمنين من هذا أخبرك بالحقّ والصواب فما لي عندك؟ فقال المتوكّل : إن أتيت بالحقّ فلك عشرة آلاف درهم ، وإلاّ أضربك مئة مقرعة .
.
ص: 171
فقال : قد رضيت ، فأتى أبا الحسن العسكريّ عليه السلام فسأله عن ذلك ، فقال أبو الحسن عليه السلام : قُل لَه :يَتَصَدَّقُ بِثَمَانِينَ دِرهَماً . فرجع إلى المتوكّل فأخبره ، فقال : سله ما العلّة في ذلك ؟ فسأله فقال : إنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله : «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ» (1) . فعددنا مواطن رسول اللّه صلى الله عليه و آله فبلغت ثمانين موطناً . فرجع إليه فأخبره ، ففرح وأعطاه عشرة آلاف درهم . (2)
باب الأطعمة والأشربة207كتابه عليه السلام إلى نصر بن محمّدفي أكل لحم الحُمُر الوحشيّةسهل بن زياد عن نصر بن محمّد 3 ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن لحوم حُمُر الوحش ؟ فكتب عليه السلام :يَجُوزُ أَكلُهُ لِوَحشَتِهِ ، وتَركُهُ عِندِي أَفضَلُ . (3)
.
ص: 172
208كتابه عليه السلام إلى محمّد الطبريّفي سمكٍمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن موسى ، عن سهل ، عن محمّد الطبريّ (1) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن سمكٍ يُقال له الإبلامي ، وسمكٍ يُقال له الطبرانيّ ، وسمكٍ يُقال له الطمر ، وأصحابي ينهوني عن أكله . قال : فكتب :كُلهُ لا بَأسَ بِهِ . وكتبتُ بخطّي . (2)
209كتابه عليه السلامفي الجاموسأيّوب بن نوح بن درّاج (3) قال : سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الجاموس ، وأعلمته أنّ أهل العراق يقولون : إنّه مسخ ؟ فقال :أَوَمَا سَمِعتَ قَولَ اللّهِ : «وَمِنَ الْاءبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ» (4) . وكتبت (5) إلى أبي الحسن عليه السلام بعد مقدمي من خراسان أسأله عمّا حدّثني به أيّوب في الجاموس ؟ فكتب : هُوَ كَمَا قَالَ لَكَ . (6)
.
ص: 173
210كتابه عليه السلام إلى خَلِيل بن هِشَامفي شرابٍ يُسمّى المَيبَةمحمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن خليلان (1) بن هشام (2) ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام : جُعلت فداك ، عندنا شرابٌ يُسمّى المَيبَة ، نعمِد إلى السفرجَل فنقشره ونُلقيه في الماء ، ثمّ نعمد إلى العصير فنطبخه على الثلث ، ثمّ ندقّ ذلك السفرجل ونأخذ ماءه ، ثمّ نعمد إلى ماء هذا المثلّث وهذا السفرجل ، فنلقي فيه المسك والأفاوي والزعفران والعسل ، فنطبخه حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ، أيحلّ شربه ؟ فكتب :لا بَأسَ بِهِ ما لَم يَتَغَيَّر . (3)
211كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عليّ بن عيسىفي طبيخ يُجعل فيه الحِصرِمفي كتاب مسائل الرجال من مسائل محمّد بن عليّ بن عيسى : ( محمّد بن أحمد بن محمّد بن زياد وموسى بن محمّد ، [ عن محمّد] بن عليّ بن عيسى (4) ، قال : كتبت
.
ص: 174
إلى الشيخ (1) أعزّه اللّه وأيّده . . . ) وكتبت إليه : جُعلت فداك ، عندنا طبيخ يُجعل فيه الحِصرِم (2) ، وربّما جُعل فيه العصير من العنب ، وإنّما هو لحم ( قد ) يُطبخ به ، وقد روي عنهم في العصير أنّه إذا جُعل على النار لم يُشرب حتّى يذهب ثلثاه ، ويبقى ثلثه ، وإنّ الّذي يُجعل في القدر من العصير بتلك المنزلة ، وقد اجتنبوا أكله إلى أن يستأذن مولانا في ذلك . فكتب بخطّه عليه السلام :لا بَأسَ بِذَلِكَ . (3)
212كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن بن شَمّونفي التمر البَرنِيمحمّد بن الحسن بن شمّون (4) قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام : إنّ بعض أصحابنا يشكو البَخَر ؟ فكتب عليه السلام إليه :كُلِ التَّمرَ البَرنِيَّ . قال : وكتب إليه آخَرُ يشكو يَبَساً . فكتب عليه السلام إليه : كُلِ التَّمرَ البَرنِيَّ عَلَى الرِّيقِ وَاشرَب عَلَيهِ المَاءَ . ففعل فسمن وغلبت عليه الرطوبة ، فكتب إليه يشكو ذلك . فكتب عليه السلام إليه : كُلِ التَّمرَ البَرنِيَّ عَلَى الرِّيقِ وَلا تَشرَب عَلَيهِ المَاءَ . فاعتدل . (5)
.
ص: 175
باب اللقطة والضالّة213كتابه عليه السلام إلى محمّد بن رجاء الأرّجانيّمحمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن رجاء الأرّجَانيّ 1 ، قال : كتبتُ إلى الطيّب عليه السلام 2 : أ نّي كنتُ في المسجد الحرام فرأيتُ ديناراً فأهويتُ إليه لآخذه فإذا أنا بآخر ، ثمّ بحثتُ الحصى فإذا أنا بثالثٍ ، فأخذتها فعرّفتها فلم يعرفها أحدٌ ، فما ترى في ذلك ؟ فكتب عليه السلام :فَهِمتُ مَا ذَكَرتَ مِن أَمرِ الدَّنَانِيرِ ، فَإِن كُنتَ مُحتَاجاً فَتَصَدَّق بِثُلُثِها ، وَإِن كُنتَ غَنِيَّاً فَتَصَدَّق بِالكُلِّ . (1) وفي التهذيب : عليّ بن مهزيار عن محمّد بن رجاء الخيّاط (2) ، قال : كتبت إليه : إنّي كنت في المسجد الحرام ، فرأيتُ ديناراً فأهويتُ إليه لآخذه فإذا أنا بآخر ، ثمّ نحّيت الحصى فإذا أنا بثالثٍ ، فأخذتها فعرّفتها فلم يعرفها أحد ، فما تأمرني في ذلك جُعلت فداك ؟ قال فكتب عليه السلام إليّ :
.
ص: 176
قَد فَهِمتُ مَا ذَكَرتَ مِن أَمرِ الدَّينَارَينِ _ تحت ذكري موضع الدينارين _ . ثمّ كتب تحت قصّة الثالث : فَإن كُنتَ مُحتَاجاً فَتَصَدَّق بِالثَّالِثِ ، وَإِن كُنتَ غَنِيَّاً فَتَصَدَّق بِالكُلِّ . (1)
214كتابه عليه السلام إلى عبد اللّه بن جعفرمحمّد بن يحيى عن عبد اللّه بن جعفر (2) ، قال : كتبت إلى الرجل أسأله عن رجلٍ اشترى جَزوراً (3) أو بقرةً للأضاحي ، فلمّا ذبحها وجد في جوفها صُرّة فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة لمن يكون ذلك ؟ فوقّع عليه السلام :عَرِّفهَا البَائِعَ ، فَإِن لَم يَكُن يَعرِفُهَا فَالشَّيءُ لَكَ ، رَزَقَكَ اللّهُ إِيَّاهُ . (4)
باب المواريث215كتابه عليه السلامميراث الإخوة و الأخوات مع الولدأحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن الحسن الأشعريّ (5) ، قال : وقع بين رجلين
.
ص: 177
من بني عمّي منازعة في ميراثٍ ، فأشرت عليهما بالكتاب إليه في ذلك ليصدُرا عن رأيه ، فكتبا إليه جميعاً : جعلنا اللّه فداك ، ما تقول في امرأةٍ تركت زوجها وابنتها لأبيها وأمّها ؟ وقلت جُعلت فداك إن رأيت أن تجيبنا بمُرّ الحقّ . فخرج إليهما كتاب (1) :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم عَافَانَا اللّهُ وَإِيَّاكُمَا أَحسَنَ عَافِيَةٍ ، فَهِمتُ كِتَابَكُمَا ، ذَكَرتُمَا أنَّ امرَأةً مَاتَت وَتَرَكَت زَوجَهَا وَابنَتَهَا وَأُختَهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا ، فَالفَرِيضَةُ لِلزَّوجِ الرُّبُعُ ، وَمَا بَقِيَ فَلِلِابنَةِ (2) . (3)
216كتابه عليه السلام إلى محمّد بن يحيى الخراسانيّفي ميراث الأعمام و العمّاتمحمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى ، عن إبراهيم بن محمّد ، قال : كتب محمّد بن يحيى الخراسانيّ 4 في رجلٍ أوصى إلى رجلٍ وله بنو عمٍّ وبنات عمٍّ وعمّ أبٍ وعمّتان (4) ، لمن الميراث ؟ فكتب عليه السلام :أَهلُ العَصَبَةِ بَنُو العَمِّ هُم وَارِثُونَ . (5)
.
ص: 178
217كتابه عليه السلام إلى أبى طاهرمحمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن عيسى ، عن أبي طاهر (1) ، قال : كتبتُ إليه : رجل ترك عمّاً وخالاً . فأجاب عليه السلام :الثُّلُثَانِ لِلعَمِّ ، وَالثُّلُثُ لِلخَالِ . (2)
باب القضاء والشهادات218كتابه عليه السلام إلى أحمد بن هلالفي شهادة النساءمحمّد بن عليّ بن محبوب عن يعقوب بن يزيد ، عن إبراهيم بن محمّد الهمداني (3) ، قال : كتب أحمد بن هلال (4) إلى أبي الحسن عليه السلام : امرأة شهدت على وصيّة رجلٍ لم يشهدها غيرها ، وفي الورثة من يصدّقها ، وفيهم من يتّهمها . فكتب عليه السلام :لا ، إِلاَّ أَن يَكُونَ رَجُلٌ وَامرَأَتَانِ ، وَلَيسَ بِوَاجِبٍ أَن تُنفَذَ شَهَادَتُهَا . (5)
.
ص: 179
باب الحدود219كتابه عليه السلام إلى رجلفي حدّ اللواطالحسين بن سعيد (1) قال : قرأت بخطّ رجلٍ أعرفه إلى أبي الحسن عليه السلام ، وقرأت جواب أبي الحسن عليه السلام بخطّه :هل على رجلٍ لعب بغلامٍ بين فخذيه حدٌّ ، فإنّ بعض العصابة روى أنّه لا بأس بلعب الرجل بالغلام بين فخذيه ؟ فكتب : لَعَنةُ اللّهِ عَلَى مَن فَعَلَ ذَلِكَ . وكتب أيضاً هذا الرجل ولم أرَ الجواب : ما حدّ رجلين نكح أحدهما الآخر طوعاً بين فخذيه ، وما توبته ؟ فكتب : القَتلُ . وما حدّ رجلين وجدا نائمين في ثوبٍ واحدٍ ؟ فكتب عليه السلام : مِئَةُ سَوطٍ (2) . (3)
220كتابه عليه السلام إلى المتوكّلفي أهل الذمّة من الحدودمحمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد ، عن جعفر بن رِزق اللّه أو رجل عن جعفر بن
.
ص: 180
رِزق اللّه ، قال : قُدّم إلى المتوكّل رجل نصرانيّ فجر بامرأَةٍ مسلمةٍ ، فأراد أن يُقيم عليه الحدّ فأسلم ، فقال يحيى بن أكثم : قد هدم إيمانُه شركه وفعله ، وقال بعضهم : يُضرب ثلاثة حدود ، وقال بعضهم : يُفعل به كذا وكذا ، فأمر المتوكّل بالكتاب إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام وسؤاله عن ذلك ، فلمّا قرأ الكتاب ، كتب عليه السلام :يُضرَبُ حَتَّى يَمُوتَ . فأنكر يحيى بن أكثم وأنكر فقهاء العسكر ذلك ، وقالوا : يا أمير المؤمنين سل عن هذا ، فإنّه شيء لم ينطق به كتاب ولم تجيء به سنّةٌ . فكتب إليه : إنّ فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا ، وقالوا لم يجيء به سنّة ولم ينطق به كتاب ، فبيّن لنا لِمَ أوجبت عليه الضرب حتّى يموت ؟ فكتب عليه السلام : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم فَلَمَّا أَحَسُّوا « بَأْسَنَا قَالُوا ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَ_نُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ وَ خَسِرَ هُنَالِكَ الْكَ_فِرُونَ » (1) . قال : فأمر به المتوكّل فضُرب حتّى مات . (2)
221كتابه عليه السلام إلى محمّد بن دَاذَوَيهفي مدمن الخمرسهل بن زياد ويعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن داذَويه 3 قال : كتبتُ إلى أبي
.
ص: 181
الحسن عليه السلام أسأله عن شارب المُسكر ؟ قال فكتب عليه السلام :شَارِبُ الخَمرِ كَافِرٌ . (1)
222كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارفي أَحكام المخالفينأحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن مهزيار (2) ، عن عليّ بن محمّد عليهماالسلام ، قال : سألته هل نأخذ في أحكام المخالفين ما يأخذون منّا في أحكامهم ؟ فكتب عليه السلام :يَجُوزُ لَكُم ذَلِكَ إِن شَاءَ اللّهُ ، إِذَا كَانَ مَذهَ_بُكُم فِيهِ التَقِيَّةُ مِنهُم وَالمُدَارَاةُ لَهُم . (3)
223كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن نوحأيّوب بن نوح (4) قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله : هل نأخذ في أحكام المخالفين ما يأخذون منّا في أحكامهم ، أم لا ؟ فكتب عليه السلام :يَجُوزُ لَكُم ذَلِكَ إِن كَانَ مَذهَبُكُم فيه التَّقِيَّةُ مِنهُم وَالمُدَارَاةُ . (5)
.
ص: 182
224كتابه عليه السلام إلى المتوكّلفي تكنية أهل الكتابالمجلسي رحمهم الله نقلاً عن كتاب الاستدراك ، قال : نادى المتوكّل يوماً كاتباً نصرانيّاً : أبا نوح ! فأنكروا كُنى الكتابيّين ، فاستفتى فاختُلف عليه ، فبعث إلى أبي الحسن . فوقّع عليه السلام :بِسمِ اللّهِ الرَّحم_نِ الرَّحِيم «تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ وَ تَبَّ » (1) . فعلم المتوكّل أنّه يحلّ ذلك ؛ لأنّ اللّه قد كنّى الكافر . (2)
تتمّ_ة225إملاؤه عليه السلام إلى يحيى بن أكثمفي أجوبته عليه السلام ليحيى بن أكثم عن مسائلهقال موسى بن محمّد بن الرضا (3) : لقيت يحيى بن أكثم في دار العامّة ، فسألني عن
.
ص: 183
مسائل ، فجئت إلى أخي عليّ بن محمّد عليهماالسلام فدار بيني وبينه من المواعظ ما حملني وبصّرني طاعته ، فقلت له : جُعلت فداك إنّ ابن أكثم كتب يسألني عن مسائل لأفتيه فيها . فضحك عليه السلام ثمّ قال :فَهَل أفتَيتَهُ ؟ قلتُ : لا ، لم أعرفها ، قال عليه السلام : وَما هِيَ ؟ قلت : كتب يسألني عن قول اللّه : «قَالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَ_بِ أَنَا ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا» (1) ، (2) نبِيّ اللّه كان محتاجا إلى علم آصف ؟ وعن قوله : «وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّدًا» (3) ، سجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء ، وعن قوله : «فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَسْ_ئلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَ_بَ» (4) ، مَن المخاطب بالآية ؟ فإن كان المُخاطب النبِيّ صلى الله عليه و آله فقد شكّ ، وإن كان المخاطب غيره فعلى من إذا أنزل الكتاب ؟ وعن قوله : «وَ لَوْ أَنَّمَا فِى الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَ_مٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَ_تُ اللَّهِ» (5) ، ما هذه الأبحر وأين هي ؟ وعن قوله : «وَ فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ» (6) ، فاشتهت نفس آدم عليه السلام أكل البرّ فأكل وأطعم [ وفيها ما
.
ص: 184
تشتهي الأَنفُسُ ] فكيف عُوقب ؟ وعن قوله : «أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَ إِنَ_ثًا» (1) ، يُزوّج اللّه عباده الذُّكران ، وقد عاقب قوما فعلوا ذلك ؟ وعن شهادة المرأة جازت وحدها وقد قال اللّه : «وَ أَشْهِدُوا ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ» (2) ، وعن الخُنثى وقول عليّ عليه السلام : يُورث من المبال ، فمن ينظر _ إذا بال _ إليه ؟ مع أنّه عسى أن يكون امرأة وقد نظر إليها الرجال ، أو عسى أن يكون رجلاً وقد نظرت إليه النساء وهذا مالا يحلّ ، وشهادة الجارّ إلى نفسه لا تقبل ؟ وعن رجل أتى إلى قطيع غنمٍ فرأى الراعي ينزو على شاةٍ منها ، فلمّا بَصُرَ بصاحبها خلّى سبيلها ، فدخلت بين الغنم ، كيف تُذبح وهل يجوز أكلها أم لا ؟ وعن صلاة الفجر لم يُجهر فيها بالقراءة وهي من صلاة النهار وإنّما يُجهر في صلاة الليل ؟ وعن قول عليّ عليه السلام لابن جُرموز : بشّر قاتل ابن صَفيّة (3) بالنار . فلم يقتله وهو إمام ؟ وأخبرني عن علي عليه السلام لِمَ قتل أَهل صفّين وأمر بذلك مُقبلين ومدبِرِين وأَجاز على الجرحى ، وكان حُكمُه يوم الجمل أنَّه لم يقتُل مولِّيا ولم يُجز على جريح ولم يأمر بذلك ، وقال : من دخل داره فهو آمن ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن . لِمَ فعل ذلك ؟ فإن كان الحُكم الأَوَّل صوابا فالثاني خطأ . وأخبرني عن رجل أقرّ باللواط على نفسهِ أيحدّ ، أم يدرأُ عنه الحدُّ ؟ قال عليه السلام : أُكتُب إِلَيهِ ، قُلت : وما أَكتُب ؟ قال عليه السلام : أُكتُب : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ : وَأَنتَ فَأَلهَمَكَ اللّهُ الرُّشدَ ، أَتَانِي كِتَابُكَ فَامتَحَنتَنا بِهِ مِن تَعَنُّتِكَ لِتَجِدَ إِلَى الطَّعنِ سَبِيلاً إِن قَصُرنَا فِيها ، وَاللّهُ يُكافِيكَ عَلَى نِيَّتِكَ ، وَقَد شَرَحنَا مَسَائِلَكَ فَأَصغِ إِلَيِهَا سَمعَكَ وَذَلِّل لَهَا فَهمَكَ وَاشغَل بِهَا قَلبَكَ ، فَقَد لَزِمَتكَ الحُجَّةُ وَالسَّلامُ .
.
ص: 185
سَأَلتَ : عَن قَولِ اللّهِ جَلَّ وَعَزَّ : «قَالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَ_بِ» (1) ، فَهُوَ آصِفُ بنُ بَرخِيَا وَلَم يَعجِز سُلَيمَانُ عليه السلام عَن مَعرِفَةِ ما عَرَفَ آصِفُ ، لَكِنَّهُ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ أَحَبَّ أَن يُعَرِّفَ أُمَّتَهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ أَنَّهُ الحُجَّةُ مِن بَعدِهِ ، وَذَلِكَ مِن عِلم سُلَيمَانَ عليه السلام أَودَعَهُ عِندَ آصِفَ بِأَمرِ اللّهِ ، فَفَهَّمَهُ ذَلِكَ لِئَلَا يَختَلِفَ عَلَيهِ فِي إِمَامَتِهِ وَدَلالَتِهِ كَمَا فُهِّمَ سُلَيمَانُ عليه السلام في حَيَاةِ داوُودَ عليه السلام لِتُعرَفَ نُبُوَّتُهُ وَإمَامَتُهُ مِن بَعدِهِ لِتَأَكُّدِ الحُجَّةِ عَلَى الخَلقِ . وَأَمَّا سُجُودُ يَعقُوبَ عليه السلام وَوُلدِهِ ، فَكَان طَاعَةً للّهِِ وَمَحَبَّةً لِيُوسُفَ عليه السلام ، كَمَا أَنَّ السُّجُودَ مِنَ المَلائِكَةِ لِادَمَ عليه السلام لَم يَكُن لِادَمَ عليه السلام ، وَإنَّمَا كَانَ ذَلِكَ طَاعَةً للّهِِ وَمَحَبَّةً مِنهُم لِادَمَ عليه السلام ، فَسُجُودُ يَعقُوبَ عليه السلام وَوُلدِهُ وَيُوسُفَ عليه السلام مَعَهُم كَانَ شُكرَا للّهِِ بِاجتِمَاعِ شَملِهِم ، أَلَم تَرَهُ يَقُولُ فِي شُكرِهِ ذَ ل_ِكَ الوَقتَ : «رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِى مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ» (2) إلى آخِرِ الآيَةِ . وَأَمَّا قَولُهُ : « فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَسْ_ئلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَ_بَ» (3) فَإِنَّ المُخَاطَبَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَلَم يَكُن فِي شَكٍّ مِمَّا أُنزِلَ إِلَيهِ وَلَكِن قَالَتِ الجَهَلَةُ : كَيفَ لَم يَبعَثِ اللّهُ نَبِيَّا مِنَ المَلائِكَةِ ؟ إِذ لَم يَفرُق بَينَ نَبِيِّهِ وَبَينَنا فِي الاِستِغنَاءِ عَنِ المَآكِلِ وَالمَشَارِبِ وَالمَشِيِ فِي الأَسوَاقِ ، فَأَوحَى اللّهُ إِلَى نَبِيِّهِ : «فَسْ_ئلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَ_بَ» (4) بِمَحضَرِ الجَهَلَةِ ، هَل بَعَثَ اللّهُ رَسُولاً قَبلَكَ إِلّا وَهُوَ يَأكُلُ الطَّعَامَ ويَمشِي فِي الأَسواقِ وَلَكَ بِهِم أُسوَةٌ . وَإِنَّمَا قَالَ : « فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّ» 5 وَلَم يَكُن شَكٌّ وَلَكِن لِلنَّصَفَةِ كَمَا قَالَ : «تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ
.
ص: 186
نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَ_ذِبِينَ » (1) وَلَو قَالَ : عَلَيكُم لَم يُجِيبُوا إِلَى المُباهَلَةِ ، وَقَد عَلِمَ اللّهُ أَنَّ نَبِيَّهُ يُؤَدِّي عَنهُ رِسَالاتِهِ وَمَا هُوَ مِنَ الكَاذِبيِنَ ، فَكَذَلِكَ عَرَفَ النَّبِيُّ أَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا يَقُولُ وَلَكِن أَحَبَّ أَن يُنصِفَ مِن نَفسِهِ . وَأَمَّا قَولُهُ : «وَ لَوْ أَنَّمَا فِى الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَ_مٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَ_تُ اللَّهِ» (2) ، فَهُوَ كَذَلِكَ ، لَو أَنَّ أَشجَارَ الدُّنيَا أَقلامٌ وَالبَحرُ يَمُدُّهُ سَبعَةُ أَبحُرٍ وَانفَجَرَتِ الأَرضُ عُيُونا لَنَفِدَت قَبلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ اللّهِ وَهِيَ عَينُ الكِبرِيتِ وَعَينُ النَمرِ وَعَينُ البَرَهُوتِ وَعَينُ طَبرِيَّةِ وَحَمَّةُ (3) مَا سَبذانَ وَحَمَّةُ إِفرِيقيَّةَ يُدعَى لَسنَانَ وَعَينُ بَحَرَونَ ، وَنَحنُ كَلِمَاتُ اللّهِ الَّتِي لا تَنفَدُ وَلا تُدرَكُ فَضَائِلُنَا . وَأَمَّا الجَنَّةُ فَإنَّ فِيهَا مِنَ المَآكِلِ وَالمَشَارِبِ وَالمَلاهِي مَا تَشتَهِي الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعيُنُ وَأَبَاحَ اللّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ لِادَمَ عليه السلام . وَالشَّجَرَةَُ الَّتِي نَهَى اللّهُ عَنهَا آدَمَ عليه السلام وَزَوجَتَهُ أَن يَأكُلا مِنهَا شَجَرَةُ الحَسَدِ ، عَهِدَ إِلَيهِمَا أَن لا يَنظُرَا إِلَى مَن فَضَّلَ اللّهُ عَلَى خَلائِقِهِ بِعَينِ الحَسَدِ فَنَسِيَ وَنَظَرَ بِعَينِ الحَسَدِ وَلَم يَجِد لَهُ عَزمَا . وَأَمَّا قَولُهُ : «أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَ إِنَ_ثًا» (4) ، أَي يُولَدُ لَهُ ذُكُورٌ وَيُولَدُ لَهُ إِنَاثٌ ، يُقَالُ لِكُلِّ اثنَينِ مُقرَنَينَ زَوجَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمَا زَوجٌ ، وَمَعَاذَ اللّهِ أَن يَكُونَ عَنَى الجَلِيلُ مَا لَبَّستَ بِهِ عَلَى نَفسِكَ تَطلُبُ الرُّخصَ لِارتِكَابِ المَآثِمِ « ومَن يَفْعَلْ ذَ لِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَ_عَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا » (5) إِن لَم يَتُب .
.
ص: 187
وَأَمَّا شَهادَةُ المَرأَةِ وَحدَهَا الَّتِي جَازَت فَهِيَ القَابِلَةُ جَازَت شَهَادَتُها مَعَ الرِّضا ، فَإِن لَم يَكُن رِضَىً فَلا أَقَلَّ مِن امرَأَتَيِنِ تَقُومُ المَرأَتَانِ بَدَلَ الرَّجُلِ لِلضَّرُورَةِ ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لا يُمكِنُهُ أَن يَقُومَ مَقامَهَا ، فَإِن كَانَت وَحدَهَا قُبِلَ قَولُها مَعَ يَمينِها . وَأَمَّا قَولُ عَلِيٍّ عليه السلام فِي الخُنثَى فَهِيَ كَمَا قَالَ : يَنظُرُ قَومٌ عُدُولٌ يَأخُذُ كُلُّ واحِدٍ مِنهُم مِرآةً وَتَقُومُ الخُنثَى خَلفَهُم عُريانَةً وَيَنظُروُنَ فِي المَرايَا فَيَرَونَ الشَّبَحَ فَيَحكُمُونَ عَلَيهِ . وَأَمَّا الرَّجُلُ النَّاظِرُ إِلَى الرَّاعِي وَقَد نَزَا عَلَى شَاةٍ فَإِن عَرَفَهَا ذَبّحَهَا وَأَحرَقَهَا ، وَإِن لَم يَعرِفهَا قَسَمَ الغَنَمَ نِصفَينِ وَسَاهَمَ بَينَهُمَا ، فَإِذَا وَقَعَ عَلَى أَحَدِ النِّصفَينِ فَقَد نَجَا النِّصفُ الآخَرُ ، ثُمَّ يُفَرِّقُ النِّصفَ الآخَرَ ، فَلا يَزالُ كَذلِكَ حَتَّى تَبقَى شَاتَانِ ، فَيَقرَعُ بَينَهُمَا فَأَيُّتهَا وَقَعَ السَّهمُ بِهَا ذُبِحَت وَأُحرِقَت وَنَجَا سَائِرُ الغَنَمِ . وَأَمَّا صَلاةُ الفَجرِ فَالجَهرُ فِيهَا بِالقِراءَةِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله كَانَ يُغَلِّسُ (1) بِهَا فَقِراءَتُها مِنَ اللَّيلِ . وَأمّا قَولُ عَليٍّ عليه السلام : بَشِّر قَاتِلَ ابنِ صَفيَّةَ بِالنَّارِ فَهُوَ لِقَولِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَكَانَ مِمَّن خَرَجَ يَومَ النَّهرَوان فَلَم يَقتُلهُ أَميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام بِالبَصرَةِ ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يُقتَلُ فِي فِتنَةِ النَّهرَوَانِ . وَأَمَّا قَولُكَ : إِنَّ عَلِيَّا عليه السلام قَتَلَ أَهلَ الصِّفِّينِ مُقبِلِينَ وَمُدبِرِينَ وَأَجَازَ عَلَى جَرِيحِهِم ، وَإنَّهُ يَومَ الجَمَلِ لَم يُتبِع مُوَلِّيَا وَلَم يُجِز عَلَى جَرِيحٍ وَمَن أَلقَى سِلاحَهُ آمَنَهُ وَمَن دَخَلَ دَارَهُ آمَنَهُ ، فَإنَّ أَهلَ الجَمَل قُتِلَ إِمَامُهُم وَلَم تَكُن لَهُم فِئَةٌ يَرجِعُونَ إِلَيهَا ، وَإِنَّمَا رَجَعَ القَومُ إِلَى مَنازِلِهِم غَيرَ مُحَارِبِينَ وَلا مُخالِفِينَ وَلا مُنابِذِينَ ، رَضُوا بِالكَفِّ عَنهُم ، فَكَانَ الحُكمُ فيهِم رَفعَ السَّيفِ عَنهُم وَالكَفَّ عَن أَذَاهُم ، إِذ لَم يَطلُبُوا عَلَيهِ أَعوَانَا ، وَأَهلُ صِفِّينَ كَانُوا يَرجِعُونَ إِلَى فِئَةٍ مُستَعِدَّةٍ وإِمَامٍ يَجمَعُ لَهُمُ السِّلاحَ
.
ص: 188
الدُّرُوعَ وَالرِّمَاحَ وَالسُّيُوفَ ، وَيُسنِي لَهُمُ العَطَاءَ ، ويُهَيِّيءُ لَهُمُ الأَنزَالَ ، وَيَعُودُ مَريضَهُم ، وَيَجبُرُ كَسِيرَهُم ، وَيُدَاوِي جَرِيحَهُم ، وَيَحمِلُ رَاجِلَهُم ، وَيَكسُوا حَاسِرَهُم ، وَيَرُدُّهُم فَيَرجِعُونَ إِلَى مُحَارَبَتِهِم وَقِتَالِهِم ، فَلَم يُساوِ بَينَ الفَرِيقَينِ فِيِ الحُكمِ ؛ لِمَا عَرَفَ مِنَ الحُكمِ في قِتَالِ أَهلِ التَّوحِيدِ ، لَكِنَّهُ شَرَحَ ذَلِكَ لَهُم ، فَمَن رَغِبَ عُرِضَ عَلَى السَّيفِ أَو يَتُوبَ مِن ذلِكَ . وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي اعتَرَفَ بِاللِّواطِ ، فَإنَّهُ لَم تَقُم عَلَيهِ بَيِّنَةٌ ، وَإِنَّمَا تَطَوَّعَ بِالإِقرَارِ مِن نَفسِهِ ، وَإِذَا كَانَ لِلإِمامِ الَّذِي مِنَ اللّهِ أَن يُعاقِبَ عَنِ اللّهِ ، كَانَ لَهُ أَن يَمُنَّ عَنِ اللّهِ ؛ أَما سَمِعتَ قَولَ اللّهِ : «هَ_ذَا عَطَ_آؤُنَا» (1) الآيَة . قَد أَنبَأنَاكَ بِجَمِيعِ مَا سَأَلتَنَا عَنهُ فَاعلَم ذلِكَ . (2)
وفي المناقب : قال المتوكّل لابن السكّيت 3 : اسأل ابن الرضا مسألة عوصاء بحضرتي ، فسأله فقال : لِمَ بعث اللّه موسى بالعصا ؟ وبعث عيسى بإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ؟ وبعث محمّداً بالقرآن والسيف ؟ فقال أبو الحسن عليه السلام :
.
ص: 189
بَعَثَ اللّهُ مُوسَى بِالعَصَا وَاليَدِ البَيضَاءِ فِي زَمَانٍ الغَالِبُ عَلَى أَهلِهِ السِّحرُ ، فَأَتَاهُم مِن ذَلِكَ مَا قَهَرَ سِحرَهُم وَبَهَرَهُم (1) ، وَأَثبَتَ الحُجَّةَ عَلَيهِم . وبَعَثَ عِيسَى بِإبرَاءِ الأَكمَهِ وَالأبرَصِ وَإِحيَاءِ المَوتَى بِإِذنِ اللّهِ فِي زَمَانٍ الغَالِبُ عَلَى أَهلِهِ الطِّبُّ ، فَأَتَاهُم من إبراء الأكمه وَالأَبرَصِ وَإحيَاءِ المَوتَى بِإِذنِ اللّهِ ، فَقَهَرَهُم وَبَهَرَهُم . وَبَعَثَ مُحَمَّدَاً بِالقُرآنِ وَالسَّيفِ فِي زَمَانٍ الغَالِبُ عَلَى أَهلِهِ السَّيفُ وَالشِّعرُ ، فَأَتَاهُم مِنَ القُرآنِ الزَّاهِرِ وَالسَّيفِ القَاهِرِ مَا بَهَرَ بِهِ شِعرَهُم وَقَهَرَ سَيفَهُم وَأَثبَتَ الحُجَّةَ عَلَيهِم . فقال ابن السكّيت : فما الحجّة الآن ؟ قال : العَقلُ ، يُعرَفُ بِهِ الكَاذِبُ عَلَى اللّهِ فَيُكَذَّبُ .
فقال يحيى بن أكثم : ما لابن السكّيت ومناظرته ، وإنّما هو صاحب نحوٍ وشعر ولغة . ورفع قرطاساً فيه مسائل ، فأملى عليّ بن محمّد عليهماالسلام على ابن السكّيت جوابها ، و أمره أن يكتب :سَأَلتَ : عَن قَولِ اللّهِ تَعَالَى : «قَالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَ_بِ» (2) ، فَهُوَ آصِفُ بنُ بَرخِيا ، وَلَم يَعجِز سُلَيمَانُ عليه السلام عَن مَعرِفَةِ مَا عَرَفَهُ آصِفُ ، وَلَكِنَّهُ ( صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ ) أَحَبَّ أَن يُعَرِّفَ أُمَّتَهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ أَنَّهُ الحُجَّةُ مِن بَعدِهِ ، وَذلِكَ مِن عِلمِ سُلَيمَانَ عليه السلام أَودَعَهُ آصِفَ بِأَمرِ اللّهِ ، فَفَهَّمَهُ ذَلِكَ لِئَلَا يَختَلِفَ عَلَيهِ فِي إِمَامَتِهِ وَوَلايَتِهِ مِن بَعدِهِ ، وَلِتأكُّدِ الحُجَّةِ عَلَى الخَلقِ . وَأَمَّا سُجُودُ يَعقُوبَ عليه السلام لِوَلَدِهِ ، فَإِنَّ السُّجُودَ لَم يَكُن لِيُوسُفَ ، وَإنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِن
.
ص: 190
يَعقُوبَ وَوُلدِهِ طَاعَةً للّهِِ تَعَالَى وَتَحِيَّةً لِيُوسُفَ عليه السلام ، كَمَا أَنَّ السُّجُودَ مِنَ المَلائِكَهِ لِادَمَ عليه السلام لَم يَكُن لِادَمَ عليه السلام ، فَسُجُودُ يَعقُوبَ عليه السلام وَوُلدِهِ وَيُوسُفَ عليه السلام مَعَهُم كَانَ شُكرَا للّهِِ تَعَالَى بِإِجمَاعِ ( بِاجتِمَاعِ ) شَملِهِم ، أَلَم تَرَهُ يَقُولُ في شُكرِهِ فِي ذَلِكَ الوَقتِ : «رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِى مِنَ الْمُلْكِ» (1) الآيَة . وَأَمَّا قَولُهُ : «فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَسْ_ئلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَ_بَ» (2) ، فَإِنَّ المُخَاطَبَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَلَم يَكُن فِي شَكٍّ مِمَّا أُنزِلَ إِلَيهِ ، وَلَكِن قَالَتِ الجَهَلَةُ : كَيفَ لَم يَبعَثِ نَبِيَّا مِنَ المَلائِكَةِ ؟ وَلِمَ لَم يُفَرِّقُ بَينَ نَبِيِّهِ وَبَينَ النَّاسِ فِي الاِستِغنَاءِ عَنِ المَأكَلِ وَالمَشرَبِ وَالمَشيِ فِي الأَسوَاقِ ؟ ، فَأَوحَى اللّهُ إِلَى نَبِيِّهِ : «فَسْ_ئلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَ_بَ» (3) بِمَحضَرِ الجَهَلَةِ ، هَل بَعَثَ اللّهُ رَسُولاً قَبلَكَ إِلَا وَهُوَ يَأكُلُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ ، وَلَكَ بِهِم أُسوَةٌ يا مُحَمَّدُ . وَإِنَّمَا قَالَ : « فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّ» (4) وَلَم يَكُن شَكٌّ ، وَلم يَكُن لِلنَّصَفَةِ كَمَا قَالَ : «قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ» ، وَلَو قَالَ : تَعَالُوا نَبتَهِل فَنَجعَل لَّعنَةَ اللّهِ عَلَيكُم ، لَم يَكُونُوا يُجيبُوا إِلَى المُبَاهَلَةِ ، وَقَد عَلِمَ اللّهُ أَنَّ نَبِيَّهُ مُؤَدٍّ ( يُؤَدِّي ) عَنهُ رِسَالَتَهُ وَمَا هُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ ، وَكَذَلِكَ عَرَفَ النَّبِيُّ أَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا يَقُولُ ، وَلَكِن أَحَبَّ أَن يُنصِفَ مِن نَفسِهِ . . . فلمّا قرأ ابن أكثم قال للمتوكّل : ما نحبّ أن تسأل هذا الرجل عن شيءٍ بعد مسائلي هذه ، وأنّه لا يُرَدُّ عليه شيء بعدها إلّا دونها ، وفي ظهور علمه تقويةٌ للرافضة . 5
.
ص: 191
226كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عليّ بن عيسىفي تفسير الناصبفي كتاب مسائل الرجال من مسائل محمّد بن عليّ بن عيسى : ( محمّد بن أحمد بن محمّد بن زياد وموسى بن محمّد ، [ عن محمّد ] بن عليّ بن عيسى (1) ، قال : كتبت إلى الشيخ (2) أعزّه اللّه وأيّده . . . ) ، وكتبت إليه أسألُه عن الناصب هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتهما ؟ فرجع الجواب :مَن كَانَ عَلَى هَذَا فَهُوَ نَاصِبٌ . (3)
.
ص: 192
. .
ص: 193
الفصل الخامس: في الزيارة
.
ص: 194
. .
ص: 195
227كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن محمّد الهمذانيفي قبر فاطمة الزهراء عليهاالسلاموقد ذكر جامع كتاب المسائل وأجوبتها من الأئمّة عليهم السلام فيما سُئل عنه مولانا عليّ بن محمّد الهادي عليه السلام ، فقال فيه ما هذا لفظه : أبو الحسن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ (1) قال : كتبت إليه : إن رأيت أن تخبرني عن بيت اُمّك فاطمة عليهاالسلام ، أهي في طَيبة ، أو كما يقول الناس في البقيع ؟ فكتب :هِيَ مَعَ جَدِّي صلى الله عليه و آله . (2)
228كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن عُقبةفي فضل زيارة أبي عبد اللّه الحسين عليه السلاممحمّد بن يحيى عن حمدان القلانسيّ ، عن عليّ بن محمّد الحُضَينِيِّ ، عن عليِّ بن عبد اللّه بن مروان ، عن إبراهيمَ بن عُقبَةَ (3) ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسألُه عن زيارة أبي عبد اللّه الحسين ، وعن زيارة أبي الحسن ، وأبي جعفر عليهم السلام أجمعين .
.
ص: 196
فكتب إليَّ :أَبُو عَبدِاللّهِ عليه السلام المُقَدَّمُ ، وَهَذَا أَجمَعُ وَأَعظَمُ أَجرَاً . (1)
229كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الفضل البغداديّمحمّد بن أحمد بن داوود القمّي عن محمّد بن الحسين بن أحمد ، عن عبد اللّه بن جعفر الحِميريّ ، قال : حدّثني محمّد بن الفضل البغداديّ 2 ، قال : كتبت إلى أبي الحسن العسكريّ عليه السلام : جُعلت فداك ، يدخل شهر رمضان على الرجل فيقع بقلبه زيارة الحسين عليه السلام وزيارة أبيك ببغداد ، فيقيم في منزله حتّى يخرج عنه شهر رمضان ثمّ يزورهم ؟ أو يخرج في شهر رمضان ويفطر ؟ فكتب عليه السلام :لِشَهرِ رَمَضانَ مِنَ الفَضلِ وَالأَجرِ مَا لَيسَ لِغَيرِهِ مِنَ الشُّهورِ ، فَإِذَا دَخَلَ فَهُوَ المَأثُورُ . (2)
.
ص: 197
230كتابه عليه السلام إلى أبي منصور بن عبد المنعم بن النعمان البغداديّفي زيارة الشهداء في يوم عاشوراءرويناها بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ رحمة اللّه عليه ، قال : حدّثنا الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عيّاش ، قال : حدّثني الشيخ الصالح أبو منصور بن عبد المنعم بن النعمان البغداديّ رحمة اللّه عليه (1) ، قال : خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومئتين على يد الشيخ محمّد بن غالب الإصفهانيحين وفاة أبي رحمه الله ، وكنت حديث السنّ ، وكتبت أستأذن في زيارة مولاي أبي عبد اللّه عليه السلام وزيارة الشهداء رضوان اللّه عليهم ، فخرج إليّ منه :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم إِذَا أَردَتَ زِيَارَةَ الشُّهدَاءِ رِضوَانُ اللّهِ عَلَيهِم فَقِف عِندَ رِجلَي الحُسِينِ عليه السلام وَهُوَ قَبرُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِمَا ، فَاستَقبِل القِبلَةَ بِوَجهِكَ ، فَإِنَّ هُنَاكَ حَومَةُ الشُّهَداءِ ، وَأَومِئ وَأَشِر إِلَى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام وَقُل : السَّلامُ عَلَيكَ يَا أَوَّلَ قَتِيلٍ مِن نَسلِ خَيرِ سَلِيلٍ مِن سُلالَةِ إِبرَاهِيمَ الخَلِيلِ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيكَ وَعَلَى أَبِيكَ ، إِذ قَالَ فِيكَ : قَتَلَ اللّهُ قَوماً قَتَلُوكَ ، يا بُنيَّ مَا أَجرَأَهُم عَلَى الرَّحمنِ وَعَلى انتِهَاكِ حُرمَةِ الرَّسُولِ ، عَلَى الدُنيَا بَعدَكَ العَفَا (2) ، كَأَنِّي بِكَ بَينَ يَدَيهِ مَاثِلاً وَلِلكَافِرِينَ قَائِلاً : أَنَا عَلِيُّ بنُ الحُسِينِ بنِ عَلِيٍّ نَحنُ وَبَيتِ اللّهِ أَولَى بِالنَّبِيِّ أَطعَنُكُم بِالرُّمحِ حَتَّى يَنثَنِي أَضرِبُكُم بِالسَّيفِ أَحمِي عَن أَبِي ضَربَ غُلامٍ هَاشِمِيٍّ عَرَبيٍّ وَاللّهِ لا يَحكُمُ فِينَا ابنُ الدَّعِيِّ حَتَّى قَضَيتَ نَحبَكَ ، وَلَقِيتَ رَبَّكَ ، أَشهَدُ أَنَّكَ أَولَى بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ ، وَأَنَّكَ ابنُ رَسُولِهِ ، وَحُجَّتُهُ وَدِينُهُ ، وَابنُ حُجَّتِهِ ، وَأَمينُهُ . حَكَمَ اللّهُ لَكَ عَلَى قَاتِلُكَ مُرَّةَ بنِ مُنقِذِ بنِ النُّعمَانِ العَبدِيِّ _ لَعَنهُ اللّهُ وَأَخزَاهُ _ وَمَن شرَكَهُ فِي قَتلِكَ ، وَكَانُوا عَلَيكَ ظَهِيراً ، أَصلاهُمُ اللّهُ جَهَنَّمَ وَسَاءَت مَصِيرَاً ، وَجَعَلَنَا اللّهُ مِن مُلاقِيكَ ( مُوافِقِيكَ ) وَمُرافِقِيكَ ، وَمُرافِقِي جَدِّكَ وَأَبِيكَ وَعَمِّكَ وَأَخِيكَ وَأُمِّكَ المُظلُومَةِ ، وَأَبرَأُ إِلَى اللّهِ مِن أَعدَائِكَ أُولِي الجُحُودِ (3) ، وَالسَّلامُ عَلَيكَ وَرَحمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ . السَّلامُ عَلَى عَبدِاللّهِ بنِ الحُسَينِ ، الطِّفلِ الرَّضِيعِ المَرمِيِّ الصَّرِيعِ ، المتَشَحِّطِ دَماً ، المُصَعَّدِ دَمُهُ فِي السَّمَاءِ ، المَذبُوحِ بِالسَّهمِ فِي حِجرِ أَبِيهِ ، لَعَنَ اللّهُ رَامِيَهُ حَرمَلَةَ بنَ كَاهِلٍ الأَسَدِيَّ وَذَويِهِ . السَّلامُ عَلَى عَبدِ اللّهِ بنِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ، مُبلَى البَلاءِ ، وَالمُنادِي بِالوَلاءِ فِي عَرصَةِ كَربَلاءِ ، المَضرُوبِ مُقبِلاً وَمُدبِرَاً ، لَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ هانِيَ بنَ ثُبَيتٍ الحَضرَمِيِّ . السَّلام عَلَى أَبِي الفَضلِ العَبَّاسِ بنِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ، المُواسِي أَخَاهُ بِنَفسِهِ ، الآخِذُ لِغَدِهِ مِن أَمسِهِ ، الفَادِي لَهُ ، الوَاقِي ، السَّاعِي إِلَيه بِمائِهِ ، المَقطوعَةِ يَدَاهُ ، لَعَنَ اللّهُ قَاتِلِيه يَزِيدَ بنَ الرُّقَادِ الحَيتِيّ (4) وَحَكِيمَ بنَ الطُّفَيلِ الطَّائِيَّ . السَّلامُ عَلَى جَعفَرِ بنِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ، الصَّابِر بِنَفسِهِ مُحتَسِباً ، وَالنَّائِي عَنِ الأَوطَانِ مُغتَرِباً ، المُستَسلِمِ لِلقِتَالِ ، المُستَقدِمِ لِلنِّزَالِ ، المَكثُورِ بِالرِّجَالِ ، لَعَنَ اللّهُ قَاتِلَهُ هانِيَ بنَ ثُبَيتٍ الحَضرَمِيَّ . السَّلامُ عَلَى عُثمَانَ بنِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ، سَمِيِّ عُثمَانَ بنَ مَظعُونٍ ، لَعَنَ اللّهُ رَامِيَهُ بِالسَّهمِ خَولِيَّ بنَ يَزِيدَ الأَصبَحيَّ الأَيَادِيَّ (5) الدَّارمِيَّ .
.
ص: 198
السَّلامُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ، قَتِيلِ الأَيَادِيِّ (1) الدَّارمِيِّ ، لَعَنَهُ اللّهُ وَضَاعَفَ عَلَيهِ العَذَابَ الأَلِيمَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلَيكَ يا مُحَمَّدُ وَعَلَى أَهلِ بَيتِكَ الصَّابِرِينَ . السَّلامُ عَلَى أَبِي بَكرٍ بنِ الحَسَنِ الزَّكيِّ الوَليِّ ، المَرمِيِّ بِالسَّهمِ الرَّدِيِّ ، لَعَنَ اللّهُ قَاتِلَهُ عَبدَ اللّهِ بنَ عُقَبَةَ الغَنَوِيَّ . السَّلامُ عَلَى عَبدِ اللّهِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ الزَّكِيِّ ، لَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ ورَامِيَهُ حَرمَلَةَ بنَ كَاهِلِ الأَسَدِيَّ . السَّلامُ عَلَى القَاسِمِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ ، المَضرُوبِ عَلَى هَامَتِهِ ، المَسلُوبِ لامَتُهُ ، حِينَ نَادَى الحُسِينَ عَمَّهُ ، فَجَلَى عَلَيهِ عَمُّهُ كَالصَّقرِ ، وَهُوَ يَفحَصُ بِرِجلَيهِ التُّرابَ ، وَالحُسَينُ يَقُولُ : بُعدَاً لِقَومٍ قَتَلُوكَ ، وَمَن خَصمُهُم يَومَ القِيامَة جَدُّكَ وَأَبُوكَ . ثُمَّ قَالَ : عَزَّ وَاللّهِ عَلَى عَمِّكَ أَن تَدعُوَهُ فَلا يُجِيبُكَ ، أَو أَن يُجِيبَكَ وَأَنتَ قَتِيلٌ جَدِيلٌ فَلا يَنفَعُكَ ، هَذَا وَاللّهِ يَومٌ كَثُرَ وَاتِرُهُ ، وَقَلَّ نَاصِرُهُ ، جَعَلَنِي اللّهُ مَعَكُما يَومَ جَمعِكُما ، وَبَوَّأَنِي مُبَوَّأَكُمَا ، وَلَعَنَ اللّهُ قَاتِلَكَ عُمَرَ بنَ سَعدِ بنِ عُروَةَ بنِ نُفَيلٍ الأَزدِيَّ ، وَأَصلَاهُ جَحِيماً وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً أَلِيماً . السَّلامُ عَلَى عَونِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ الطَّيَّارَ فِي الجِنَانِ ، حَلِيفِ الإِيمَانِ ، وَمُنازِلِ الأَقرَانِ ، النَّاصِحِ لِلرَّحمنِ ، التَّالِي لِلمَثَانِي وَالقُرآنِ ، لَعَنَ اللّهُ قَاتِلَهُ عَبدَ اللّهِ بنَ قُطبَةَ (2) البَهبَهانِيَّ . السَّلامُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ الشَّاهِدِ مَكَانَ أَبِيهِ ، وَالتَّالِي لِأَخِيهِ ، وَوَاقِيهِ بِبَدَنِهِ ، لَعَنَ اللّهُ قَاتِلَهُ عَامِرَ بنَ نَهشَلٍ التَّمِيمِيَّ . السَّلامُ عَلَى جَعفَرِ بنِ عَقَيلٍ ، لَعَنَ اللّهُ قَاتِلَهُ وَرَامِيهُ بِشرَ بنَ خُوطٍ (3) الهَمدَانِيَّ . السَّلامُ عَلَى عَبدِ الرَّحمنِ بنِ عَقِيل ، لَعَنَ اللّهُ قَاتِلَهُ وَرَامِيَهُ عُمَيرَ (4) بنَ خالِدِ بنِ
.
ص: 199
أَسَدِ الجُهَنِيَّ . السَّلامُ عَلَى القَتِيلِ بنِ القَتِيلِ عَبدِ اللّهِ بنِ مُسلِمِ بنِ عَقَيلٍ ، وَلَعَنَ اللّهُ قَاتِلَهُ عَامِرَ بنَ صَعصَعَةَ ، وَقِيلَ : أَسَدَ (1) بنَ مَالِكٍ . السَّلامُ عَلَى عُبَيدِ اللّهِ بنِ مُسلِمِ بنِ عَقِيلٍ ، وَلَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ وَرَامِيَهُ عَمرُو بنَ صُبَيحٍ الصَّيدَاوِيَّ . السَّلامُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَعِيدِ بنِ عَقِيلٍ ، وَلَعَنَ اللّهُ قَاتِلَهُ لَقِيطَ بنَ ناشِرٍ الجُهَنِيَّ . السَّلامُ عَلَى سُلَيمَانَ مَولَى الحُسِينِ بنِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ، وَلَعَنَ اللّهُ قَاتِلَهُ سُلَيمانَ بنَ عَوفٍ الحَضرَمِيَّ . السَّلامُ عَلَى قَارِبٍ ، مَولَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ . السَّلامُ عَلَى مُنجِحٍ ، مَولَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ . السَّلامُ عَلَى مُسلِمِ بنِ عَوسَجَةٍ الأَسَدِيِّ ، القَائِلُ لِلحُسَينِ وَقَد أَذِنَ لَهُ فِي الانصِرَافِ : أَنَحنُ نُخَلِّي عَنكَ ؟ وَبِمَ نَعتَذِرُ عِندَ اللّهِ مِن أَدَاءِ حَقِّكَ ؟ لا وَاللّهِ حَتَّى أَكسِرَ فِي صُدُورِهِم رُمحِي هَذَا ، وَأَضرِبَهُم بِسَيفِي مَا ثَبَتَ قَائِمُهُ فِي يَدِي ، وَلا أُفارِقُكَ ، وَلَو لَم يَكُن مَعِي سِلاحٌ أُقاتِلُهُم بِهِ لَقَذَفتُهُم بِالحِجَارَةِ ، وَلَم أُفارِقُكَ حَتَّى أَموتَ مَعَكَ ؛ وَكُنتَ أَوَّلَ مَن شَرَى نَفسَهُ ، وَأَوَّلَ شَهِيدٍ شَهِدَ للّهِ ، وَقَضَى نَحبَهُ ، بِرَبِّ الكَعبَةِ . شَكَرَ اللّهُ استِقدَامَكَ وَمُوَاسَاتَكَ إِمَامَكَ ، إِذَا مَشَى إِلَيكَ وَأَنتَ صَرِيعٌ ، فَقَالَ : يَرحَمُكَ اللّهُ يا مُسلِمَ بنَ عَوسَجَةَ ، وَقَرَأ : « فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَ مِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً » (2) ، لعَنَ اللّهُ المُشتَرِكِينَ فِي قَتلِكَ : عَبدَ اللّهِ الضَّبَابِيَّ وَعَبدَ اللّهِ بنَ
.
ص: 200
خُشكَارَةَ (1) البَجَلِيَّ . (2) السَّلامُ عَلَى سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الحَنَفِيِّ ، القَائِلِ لِلحُسَينِ عليه السلام وَقَد أَذِنَ لَهُ فِي الانصِرَافِ : لا وَاللّهِ لا نُخَلِّيكَ حَتَّى يَعلَمَ اللّهُ أَنَّا قَد حَفِظنَا غَيبَةَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فِيكَ ، وَاللّهِ لَو أَعلَمُ أَنِّي أُقتَلُ ثُمَّ أُحيَا ثُمَّ أُحرَقُ ثُمَّ أُذرَى ، وَيُفعَلُ بِي ذَلِكَ سَبعِينَ مَرَّةً مَا فَارَقتُكَ ، حَتّى أَلقَى حِمامِي دُونَكَ ، وَكَيفَ لا أَفعَلُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ مَوتَةٌ أَو قَتلَةٌ وَاحِدَةٌ ، ثُمَّ هِيَ بَعدَهَا الكَرامَةُ الَّتِي لا انقِضَاءَ لَها أَبَدَاً ، فَقَد لَقِيتَ حِمامَكَ وَوَاسَيتَ إِمَامَك ، وَلَقِيتَ مِنَ اللّهِ الكَرامَةَ فِي دَارِ المَقامَةِ ، حَشَرَنا اللّهُ مَعَكُم فِي المُستَشهَدِينَ ، وَرَزَقَنَا مُرَافَقَتَكُم فِي أَعلَى عِلِّيِّينَ . السَّلامُ عَلَى بِشرِ بنِ عُمَرَ الحَضرَمِيِّ ، شَكَرَ اللّهُ لَكَ قَولَكَ لِلحُسَينِ عليه السلام وَقَد أَذِنَ لَكَ فِي الانصِرَافِ : أَكَلَتنِي إِذَن السِّبَاعُ حَيَّاً إِن فَارَقتُكَ ، وَأَسأَلُ عَنكَ الرُّكبَانَ وَأَخذُلُكَ مَعَ قِلَّةِ الأَعوَانِ ، لا يَكُونُ هَذَا أَبَدَاً . السَّلامُ عَلَى يَزِيدَ بنِ حُصَينٍ الهَمَدَانِيِّ المَشرِقِيِّ (3) القَارِي ، المُجَدَّلِ بِالمَشرَفِيِّ . السَّلامُ عَلَى عمَرَ بن أَبِي كَعب الأَنصَارِيِّ . السَّلامُ عَلَى نُعِيمَ بنِ العَجلانَ الأَنصَارِيِّ . السَّلامُ عَلَى زُهَيرِ بنِ القَينِ البَجَلِيِّ ، القَائِلُ لِلحُسَينِ وَقَد أَذِنَ لَهُ فِي الانصِرَافِ : لا وَاللّهِ لا يَكونُ ذَلِكَ أَبَدَاً ، أَترُكُ ابنَ رَسُولِ اللّهِ أَسِيرَاً فِي يَدِ الأَعدَاءِ وَأَنجُو! لا أَرَانِيَ اللّهُ ذَلِكَ اليوَمَ . السِّلامُ عَلَى عَمرُو ( عمير ) بنِ قُرظَةَ الأَنصَارِيِّ . السَّلامُ عَلَى حَبِيبِ بنِ مَظاهِرٍ الأَسَدِيِّ . السَّلامُ عَلَى الحُرِّ بنِ يَزِيدَ الرِّياحِيِّ .
.
ص: 201
السَّلامُ عَلَى عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَيرٍ الكَلبِيِّ . السَّلامُ عَلَى نَافِعِ بنِ هِلالِ بنِ نَافِعٍ البَجَلِيِّ المُرادِيِّ . السَّلامُ عَلَى أنَسَ بنِ كَاهِلٍ الأَسَدِيِّ . السَّلامُ عَلَى قَيسِ بنِ مُسهِرٍ الصَّيدَاوِيِّ . السَّلامُ عَلَى عَبدِ اللّهِ وَعَبدِ الرَّحمنِ ابنَي عُروَةَ بنِ حَرَاقٍ الغَفَارِيَّينِ . السَّلامُ عَلَى جَونِ ( عَونِ ) بنِ حَرِيِّ مَولَى أَبِي ذَرِّ الغَفارِيِّ . السَّلامُ عَلَى شَبِيبِ بنِ عَبدِ اللّهِ النَّهشَلِيِّ . السَّلامُ عَلَى الحَجَّاجِ بنِ يَزِيدٍ السَّعدِيِّ . السَّلامُ عَلَى قَاسِطٍ وَ كَرِشٍ ( كَردُوسِ ) ابنَي ظُهَيرٍ ( زُهَيرٍ ) التَّغلِبيَّينِ . السَّلامُ عَلَى كَنانَةَ بنِ عَتِيقٍ . السَّلامُ عَلَى ضِرغَامَةَ بنِ مَالِكٍ . السَّلامُ عَلَى حُوَيِّ بنِ مَالِكٍ الضَّبعِيِّ . السَّلامُ عَلَى عُمَرَ بنِ ضُبَيعَة الضَّبَعِيِّ . السَّلامُ عَلَى زَيدِ بنِ ثُبَيتٍ القَيسِيِّ . السَّلامُ عَلَى عَبدِ اللّهِ وَعُبَيدِ اللّهِ ابنَي زَيدِ بنِ ثُبَيتٍ ( ثُبَيطٍ ) القَيسِيِّ . السَّلامُ عَلَى عَامِرِ بنِ مُسلِمٍ . السَّلامُ عَلَى قَعنَبِ بنِ عَمروٍ التَّمرِيِّ . السَّلامُ عَلَى سَالِمٍ مَولَى عَامِرِ بنِ مُسلِمٍ . السَّلامُ عَلَى سَيفِ بنِ مَالِكٍ . السَّلامُ عَلَى زُهَيرِ بنِ بِشرٍ الخَثعَمِيِّ . السَّلامُ عَلَى زَيدِ بنِ ( بَدرِ بنِ ) مَعقَلٍ الجُعفِيِّ . السَّلامُ عَلَى الحَجَّاجِ بنِ مَسرُوقٍ الجُعفِيِّ . السَّلامُ عَلَى مَسعُودِ بنِ الحَجَّاجِ وَابنِهِ . السَّلامُ عَلَى مُجَمَّعِ بنِ عَبدِ اللّهِ العَائِذِيِّ .
.
ص: 202
السَّلامُ عَلَى عَمَّارِ بنِ حَسَّانِ بنِ شَرِيحٍ الطَّائِيِّ . السَّلامُ عَلَى حَيَّانِ ( حَبَابِ ) بنِ الحَارِثِ السَّلمَانِيِّ الأَزدِيِّ . السَّلامُ عَلَى جُندَبِ بنِ حُجرٍ الخَولانِيِّ . السَّلامُ عَلَى عُمَرَ بنِ خَالِدٍ الصَّيدَاوِيِّ . السَّلامُ عَلَى سَعِيدٍ مَولاهُ . السَّلامُ عَلَى يَزِيدَ بنِ زِيَادِ بنِ المُهَاجِرِ ( المُظَاهِرِ ) الكِندِيِّ . السَّلامُ عَلَى زَاهِرِ ( زَاهِدٍ ) مَولَى عَمرِو بنِ الحَمقِ الخُزَاعِيِّ . السَّلامُ عَلَى جَبَلَةَ بنِ عَلِيٍّ الشَّيبَانِيِّ . السَّلامُ عَلَى سَالِمٍ مَولَى ابنِ المَدَنيَّةِ الكَلبِيِّ . السَّلامُ عَلَى أَسلَمَ بنِ كَثِيرٍ الأَزدِيِّ الأَعرَجِ . السَّلامُ عَلَى زُهَيرِ بنِ سُلَيمٍ الأَزدِيِّ . السَّلامُ عَلَى قَاسِمِ بنِ حَبِيبٍ الأَزدِيِّ . السَّلامُ عَلَى عُمَرَ بنِ جُندَبٍ ( الأحدوث ) الحَضرَمِيِّ . السَّلامُ عَلَى أَبِي ثُمَامَة ( تمامة ) عُمَرَ بنِ عَبدِ اللّهِ الصَّائِدِيِّ . السَّلامُ عَلَى حَنظَلَةَ بنِ أَسعَدٍ الشَّبَامِيِّ ( الشَّيبَانِيِّ ) . السَّلامُ عَلَى عَبدِ الرَّحمنِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ الكَدِرِ الأَرحَبِيِّ . السَّلامُ عَلَى ( أَبِي ) عَمَّارِ بنِ أَبِي سَلامَةَ الهَمدَانِيِّ . السَّلامُ عَلَى عَابِسِ بنِ شَبِيبِ الشَّاكِرِيِّ . السَّلامُ عَلَى شَوذَبٍ مَولَى شَاكِرٍ . السَّلامُ عَلَى شَبِيبِ بنِ الحَارِثِ بنِ سَرِيعٍ . السَّلامُ عَلَى مَالِكِ بنِ عَبدِ بنِ سَرِيعٍ . السَّلامُ عَلَى الجَريِحِ المَأسُورِ سَوَّارِ بنِ أَبِي حِميَرٍ ( خير ) الفَهمِيِّ الهَمدَانِيِّ .
.
ص: 203
السَّلامُ عَلَى المُرَثَّب ( المُرَتَّبِ ) مَعَهُ عَمرِو بنِ عَبدِ اللّهِ الجَندَعِيِّ . السَّلامُ عَلَيكُم يَا خَيرَ أَنصَارٍ . السَّلامُ عَلَيكُم بِمَا صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَى الدَّارِ ، بَوَّأَكُمُ اللّهُ مُبَوَّأ الأَبرَارِ ، أَشهَدُ لَقَد كَشَفَ اللّهُ لَكُم الغِطَاءِ ، وَمَهَّدَ لَكُم الوِطَاءَ ، وَأَجزَلَ لَكُم العَطَاءَ ، وَكُنتُم عَنِ الحَقِّ غَيرَ بِطَاءٍ ، وَأَنتُم لَنَا فُرَطَاءُ ، وَنَحنُ لَكُم خُلَطَاءُ فِي دَارِ البَقَاءِ ، وَالسَّلامُ عَلَيكُم وَرَحَمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ . (1)
.
ص: 204
بي_ان :قال العلّامة المجلسي رحمه الله : هذه الزيارة أوردها المفيد والسيّد في مزاريهما ، وغيرهما ، بحذف الاسناد في زيارة عاشورا ، وكذا قال مؤلّف المزار الكبير ؛ زيارة الشهداء_ رضوان اللّه عليهم _ في يوم عاشورا : أخبرني الشريف أبو الفتح محمّد بن محمّد الجعفري أدام اللّه عزّه عن الفقيه عماد الدين محمّد بن أبي القاسم الطبري ، عن الشيخ أبي عليّ الحسن بن محمّد الطوسي ، وأخبرني عاليا الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن هبة اللّه بن رطبة ، عن الشيخ أبي عليّ ، عن والده أبي جعفر الطوسي ، عن الشيخ محمّد بن أحمد بن عيّاش ، وذكر مثله سواء ، وإنّما أوردناها في الزيارات المطلقة لعدم دلالة الخبر على تخصيصه بوقتٍ من الأوقات . واعلم إنّ في تاريخ الخبر إشكالاً ؛ لتقدّمها على ولادة القائم عليه السلام بأربع سنين ، لعلّها كانت اثنتين وستّين ومئتين ، ويُحتمل أن يكون خروجه عن أبي محمّد العسكريّ عليه السلام . انتهى كلام العلّامة المجلسي رحمه الله . قال العلّامة المحقّق المتتبّع السيّد موسى الزنجاني : إنّ الزيارة خرجت عن الهادي عليه السلام ؛ لأنّ تاريخ كتابة هذا الكتاب على ما في نفس الحديث هو سنة اثنتين وخمسين ومئتين ، وهذه السنة زمن إمامة الإمام الهادي عليه السلام ؛ لأنّه عليه السلام قُبض سنة أربع وخمسين ومئتين . والعجب أنّ المحقّق التستري أيضاً في قاموس الرجال اشتبه عليه الأمر كالعلّامة المجلسي رحمه الله .
.
ص: 205
الفصل السادس: في الدعاء
.
ص: 206
. .
ص: 207
231كتابه عليه السلام إلى عليّ بن بصير ( نصر )في دعاء جامع للدنيا والآخرةمحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى وعِدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعاً ، عن عليّ بن زياد (1) ، قال : كتب عليّ بن بصير (2) يسأله أن يكتب له في أسفل كتابه دعاءً يُعلّمه إيّاه ، يدعو به فيعصم به من الذنوب ، جامعاً للدّنيا والآخرة . فكتب عليه السلام بخطّه :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم يا مَن أَظهَرَ الجَمِيلَ وَسَتَرَ القَبِيحَ وَلَم يَهتِكِ السِّترَ عَنِّي ، يَا كَرِيمَ العَفوِ ، يا حَسَنَ التَّجَاوُزِ ، يا وَاسِعَ المَغفِرَةِ ، يا بَاسِطَ اليَدَينِ بِالرَّحمَةِ ، يَا صَاحِبَ كُلِّ نَجوَى ، وَيا مُنتَهَى كُلِّ شَكوَى ، يا كَرِيمَ الصَّفحِ ، يا عَظِيمَ المَنِّ ، يا مُبتَدِئ كُلِّ نِعمَةٍ قَبلَ استِحقَاقِهَا ، يا رَبَّاه يا سَيِّدَاه ، يا مَولاه يا غِيَاثَاه ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَسألُكَ أَن لا تَجعَلَنِي فِي النَّارِ .
.
ص: 208
ثُمَّ تسأل ما بدا لك (1) . (2)
232كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الريّانمحمّد بن الريّان (3) قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله أن يعلّمني دعاءً للشدائد والنوازل والمهمّات وقضاء حوائج الدنيا والآخرة ، وأن يخصّني كما خصّ آباؤه مواليهم ؟ فكتب إليّ :الزَم الاستِغفَارَ . (4)
233كتابه عليه السلام إلى سهل بن زيادسهل بن زياد قال : كتب إليه _ أي أبي الحسن الهادي عليه السلام _ بعض أصحابنا يسأله أن يعلّمه دعوةً جامعةً للدنيا والآخرة؟ فكتب عليه السلام :أَكثِر مِنَ الاستِغفَارِ وَالحَمدِ ، فَإِنَّكَ تُدرِكَ بِذَلِكَ الخَيرَ كُلَّهُ . (5)
.
ص: 209
234كتابه عليه السلام إلى اليسع بن حمزة القمّيفي الكرب والخوفمحمّد بن جعفر بن هشام الأصبغيّ قال : أخبرني اليسع بن حمزة القمّي 1 ، قال : أخبرني عمرو بن مسعدة وزير المعتصم الخليفة : أنّه جاء عليّ بالمكروه الفظيع حتّى تخوّفته على إراقة دمي وفقر عقبي ، فكتبت إلى سيّدي أبي الحسن العسكريّ عليه السلام أشكو إليه ما حلّ بي . فكتب إليّ :لا رَوعَ إِلَيكَ وَلا بَأسَ ، فَادعُ اللّهَ بِهَذِهِ الكَلِمَاتِ يُخَلِّصكَ اللّهُ وَشِيكاً بِهِ مِمّا وَقَعَتَ فِيهِ ، وَيَجعَل لَكَ فَرَجاً ، فَإِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ يَدعُونَ بِهَا عِندَ إِشرَافِ البَلاءِ وَظُهُورِ الأَعدَاءِ ، وَعِندَ تَخَوُّفِ الفَقرِ وَضِيقِ الصَّدرِ .
قال اليسع بن حمزة : فدعوت اللّه بالكلمات الّتي كتب إليّ سيّدي بها في صدر النهار ، فواللّه ما مضى شطره حتّى جاءني رسول عمرو بن مسعدة ، فقال لي : أجب الوزير . نهضت ودخلت عليه ، فلمّا بصر بي تبسّم إليّ وأمر بالحديد ففُكّ عنّي وبالأغلال فحُلّت منّي ، وأمرني بخلعة من فاخر ثيابه ، وأتحفني بطيبٍ ، ثمّ أدناني وقرّبني، وجعل يحدّثني ويعتذر إليّ، وردّ عليّ جميع ماكان استخرجه منّي، وأحسن رفدي ، وردّني إلى الناحية الّتي كنت أتقلّدها ، وأضاف إليها الكورة الّتي تليها .
.
ص: 210
قال : وكان الدعاء :يا مَن تَحَلُّ بِأَسمَائِهِ عُقَدَ المَكَارِهِ ، وَيا مَن يُفَلُّ بِذِكرِهِ حَدُّ الشَّدَائِدِ ، وَيا مَن يُدعَى بِأَسمَائِهِ العِظَامِ مِن ضِيقِ المَخرَجِ إِلَى مَحَلِّ الفَرَجِ ، ذَلَّت لِقُدرَتِكَ الصِّعَابُ ، وَتَسَبَّبَت بِلُطفِكَ الأَسبَابُ ، وَجَرَى بِطَاعَتِكَ القَضَاءُ ، وَمَضَت عَلَى ذِكرِكَ الأَشيَاءُ فَهِيَ بِمَشيَّتِكَ دُونَ قَولِكَ مُؤتَمِرَةٌ ، وَبِإرَادَتِكَ دُونَ وَحيِكَ مُنزَجِرَةٌ ، وَأَنتَ المَرجُوُّ لِلمُهِمَّاتِ ، وَأَنتَ المَفزَعُ لِلمُلِمَّاتِ ، لا يَندَفِعُ مِنهَا إِلَا مَا دَفَعتَ ، وَلا يَنكَشِفُ مِنهَا إِلَا مَا كَشَفتَ ، وَقَد نَزَلَ بِي مِنَ الأَمرِ مَا فَدَحَنِي ثِقلُهُ ، وَحَلَّ بِي مِنهُ ما بَهَظَنِي حَملُهُ ، وَبِقُدرَتِكَ أَورَدتَ عَلَيَّ ذَلِكَ ، وَبِسُلطَانِكَ وَجَّهتَهُ إِلَيَّ ، فَلا مُصدِرُ لِمَا أَورَدتَ ، وَلا مُيَسِّرَ لِمَا عَسَّرتَ ، وَلا صارِفَ لِمَا وَجَّهتَ ، وَلا فَاتِحَ لِمَا أَغلَقتَ ، وَلا مُغلِقَ لِمَا فَتَحتَ ، وَلا نَاصِرَ لِمَن خَذَلتَ إلَا أَنتَ . صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافتَح لِي بَابَ الفَرَجِ بِطُولِكَ ، وَاصرِف عَنِّي سُلطَانَ الهَمِّ بِحَولِكَ ، وَأَنِلِني حُسنَ النَظَرِ فِي مَا شَكَوتُ ، وَارزُقِني حَلاوَةَ الصُّنع فِيمَا سَألتُكَ ، وَهَب لِي مِن لَدُنكَ فَرَجاً وَحِيَّاً ، وَاجعَل لِي مِن عِندِكَ مَخرَجاً هَنِيئاً ، وَلا تَشغَلنِي بِالاهتِمَامِ عَن تَعاهُدِ فَرَائِضِكَ وَاستِعمَالِ سُنَّتِكَ ، فَقَد ضِقُت بِمَا نَزَلَ بِي ذَرعاً ، وَامتَلأتُ بِحَملِ ما حَدَثَ عَلَيَّ جَزعاً ، وَأَنتَ القَادِرُ عَلَى كَشفِ ما بُليتُ بِهِ وَدَفَعِ ما وَقَعتُ فِيهِ ، فَافعَل ذَلِكَ بِي وَإنِ كُنتُ غَيرَ مُستَوجِبِهِ مِنكَ ، يا ذَا العَرشِ العَظِيمِ ، وَذَا المَنِّ الكَرِيمِ ، فَأَنتَ قَادِرٌ يا أَرحَمَ الرَّاحِمِين ، آمِينَ رَبَّ العَالِمَينَ . (1)
235كتابه عليه السلام إلى حمرانلاحتباس البولعن حمران (2) قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام : جُعلت فداك ، قِبَلي رجلٌ من
.
ص: 211
مواليك به حصر البول ، وهو يسألك الدعاء أن يلبسه اللّه عز و جل العافية ، واسمه نفيس الخادم . فأجاب :كَشَفَ اللّهُ ضُرَّكَ وَدَفَعَ عَنكَ مَكَارِهَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، فَأَلِحَّ عَلَيهِ بِالقُرآنِ ، فَإِنَّهُ يَشفَى إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى . (1)
236كتاب له عليه السلامفي صبيّ يشتكي ريح اُمّ الصبيانوكان بعضهم كتب إلى أبي الحسن العسكريّ عليه السلام في صبيٍّ له يشتكي ريح اُمّ الصبيان ، فقال : اكتُب فِي وَرَقٍ (2) وَعَلِّقهُ عَلَيهِ ، ففعل فعوفي بإذن اللّه ، والمكتوب هذا :بِسمِ اللّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ الحَلِيمِ الكَرِيمِ القَدِيمِ ، الَّذِي لا يَزُولُ ، أَعُوذُ بِعِزَّةِ الحَيِّالَّذِي لا يَمُوتُ مِن شَرِّ كُلِّ حَيٍّ يَمُوتُ . (3)
237كتاب له عليه السلامفي مطلق الدعاءروى ابن عيّاش عن محمّد بن أحمد الهاشميّ المنصوريّ ، عن أبيه ، عن أبي موسى ، عن سيّدنا أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهماالسلام : إنّه كان يدعو في هذه الساعة به ، فادعُ بهذا ، فإنّه خرج عن العسكريّ عليه السلام في قول ابن عيّاش :يا نُورَ النُّورِ ، يا مُدَبِّرَ الأُمُورِ ، يا مُجرِيَ البُحُورِ ، يا بَاعِثَ مَن فِي القُبُورِ ، يا كَهفِي
.
ص: 212
حِينَ تُعِييني المَذاهِبُ ، وَكَنزِي حِينَ تُعجِزُنِي المَكاسِبُ ، وَمُونِسِي حِينَ تَجفُونِي الأَبَاعِدُ ، وَ تَمُلُّنِي الأَقَارِبُ ، وَمُنَزِّهِي بِمُجَالَسَةِ أَولِيَائِهِ وَمُرافَقَةِ أَحِبَّائِهِ فِي رِيَاضِهِ ، وَسَاقِيَّ بِمُؤَانَسَتِهِ مِن نَمِيرِ (1) حِيَاضِهِ ، وَرَافِعِي بِمُجاوَرَتِهِ مِن وَرطَةِ الذُّنُوبِ إِلَى رَبوَةِ (2) التَّقرِيبِ ، وَمُبَدِّلِي بِوَلايَتِهِ عِزَّةَ العَطَايَا مِن ذِلَّةِ الخَطَايَا . أَسأَلُكَ يا مَولايَ بِالفَجرِ وَاللَّيَالِي العَشرِ وَالشَّفعِ وَالوَترِ وَاللَّيلِ إِذَا يَسرِ ، وَبِمَا جَرَى بِهِ قَلَمُ الأَقلامِ بِغَيرِ كَفٍّ وَلا إِبهَامٍ ، وَبِأَسمَائِكَ العِظَامِ ، وَبِحُجَجِكَ عَلَى جَمِيعِ الأَنَامِ ، عَلَيهِم مِنكَ أَفضَلُ السَّلامِ ، وَبِمَا استَحفَظتَهُم مِن أَسمَائِكَ الكِرَامِ ، أَن تُصَلِّيَ عَلَيهِم وَتَرحَمَنَا فِي شَهرِنَا هَذَا وَمَا بَعدَهُ مِنَ الشُّهُورِ وَالأَيَّامِ ، وَأَن تُبلِّغَنَا شَهرَ القِيَامِ (3) فِي عَامِنَا هَذَا وَفِي كُلِّ عَامٍ ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرَامِ وَالمِنَنِ الجِسَامِ ، وَعَلَى مُحَمَّدٍوَآلِهِ مِنّا أَفضَلُ السَّلامِ . (4)
238كتابه عليه السلام إلى الحسين بن سعيدمحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين (5) ، قال : سألتُ أبا الحسن عليه السلام دعاءً وأنا خلفه . فقال :اللَّهُمَّ إِنِّي أسأَلُكَ بِوَجهِكَ الكَرِيمِ ، وَاسمِكَ العَظِيمِ ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتِي لا تُرَامُ ، وَبِقُدرَتِكَ الَّتي لا يَمتَنِعُ مِنهَا شَيءٌ ، أَن تَفعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا .
.
ص: 213
قال : و كتب إليّ رقعةً بخطّه : قُل : يا مَن عَلا فَقَهَرَ ، وَبَطَنَ فَخَبَرَ ، يا مَن مَلَكَ فَقَدَرَ ، وَيا مَن يُحيِي المَوتَى وَهُوَعَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافعَل بِي كَذَا وَكَذَا . ثُمَّ قُل : يا لا إِله إِلَا اللّهُ ارحَمنِي ، بِحَقِّ لا إِله إِلَا اللّهُ ارحَمنِي . وكتب إليَّ في رقعةٍ اُخرى يأمرني أن أقول : اللَّهُمَّ ادفَع عَنِّي بِحَولِكَ وَقُوَّتِكَ ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسأَلُكَ فِي يَومِي هذا وَشَهرِي هَذَا وَعَامِي هَذَا بَرَكَاتِكَ فِيهَا ، وَمَا يَنزِلُ فِيهَا مِن عُقوبَةٍ أَو مَكرُوهٍ أَو بَلاءٍ ، فَاصرِفهُ عَنِّي وَعَن وُلدِي ، بِحَولِكَ وَقُوَّتِكَ ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ . اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ مِن زَوَالِ نِعمَتِكَ وتَحوِيلِ عَافِيَتكَ ، ومِن فَجأَةِ نَقِمَتِكَ ، وَمِن شَرِّ كِتَابٍ قَد سَبَقَ ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ نَفسِي وَمِن شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِها ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، وَإِنَّ اللّهَ قَد أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلمَا ، وَأَحصَى كُلَّ شَيءٍ عَدَدَا (1) . (2)
239كتابه عليه السلام إلى داوود الصرميّفي ذكر الحوائجداوود الصرميّ (3) عن أبي الحسن الثالث عليه السلام ، قال : أمرني عليه السلام بحوائجٍ كثيرة ، فقال لي :
.
ص: 214
قُل كَيفَ تَقُولُ ، فَلَم أحفظ مثل ما قال لي ، فمدّ الدواة وكتب :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ ، أَذكُرُهُ إِن شَاءَ اللّهُ ، وَالأَمرُ بِيَدِ اللّهِ . (1) فتبسّمتُ ، فقال عليه السلام : مَا لَكَ ؟ قلت : خير . فقال : أَخبِرنِي ؟ قلت : جُعلت فداك ، ذكرت حديثاً حدّثني به رجلٌ من أصحابنا عن جدّك الرضا عليه السلام إذا أمر بحاجةٍ كتب : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ ، أَذكُرُ إِن شَاءَ اللّهُ . فتبسّمتُ ، فقال عليه السلام لي : يا دَاوُودُ ، وَلَو قُلتُ : إِنَّ تَارِكَ التَّقيَّةِ كَتَارِكَ الصَّلاةِ لَكُنتُ صَادِقاً . (2)
.
ص: 215
الفصل السابع: في المواعظ
.
ص: 216
. .
ص: 217
240كتابه عليه السلام إلى أحمد بن هلالفي التوبة النصوحمحمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن هلال (1) ، قال : سألت أبا الحسن الأخير عليه السلام عن التوبة النصوح ما هي ؟ فكتب عليه السلام :أَن يَكُونَ البَاطِنُ كَالظَّاهِرِ وَأَفضَلَ مِن ذَلِكَ . (2)
241كتابه عليه السلام إلى بعض أصحابهفي النصيحة للمسلمين وقبول النصحفي كتاب مسائل الرجال : أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه بن الحسن بن عبّاس الجوهريّ وعبد اللّه بن جعفر الحميريّ ، من مسائل أيّوب بن نوح ، قال : وكتب _ أيّ عليّ بن محمّد عليهماالسلام _ إلى بعض أصحابنا :عَاتِب فُلاناً ، وقُل لَهُ إِنَّ اللّهَ إذَا أَرَادَ بِعَبدٍ خَيراً ، إِذَا عُوتِبَ قَبِلَ . (3)
.
ص: 218
242كتابه عليه السلام إلى أبي عمرو الحذّاءفي سورة القدرسهل بن زياد عن عليّ بن سليمان ، عن أحمد بن الفضل ، [ عن ] أبي عمرو الحذّاء (1) ، قال : ساءت حالي فكتبتُ إلى أبي جعفرٍ عليه السلام . . . وكتبتُ من البصرة على يدي عليّ بن مهزيار إلى أبي الحسن عليه السلام : إنّي كنت سألتُ أباك عن كذا وكذا ، وشكوتُ إِليه كذا وكذا ، وإنّي قد نلت الّذي أحببتُ ، فأحببتُ أن تخبرني يا مولاي كيف أصنع في قراءة : «إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ » ، أقتصرُ عليها وحدها في فرائضي وغيرها ، أم أقرأُ معها غيرها ، أم لها حدٌّ أعملُ به ؟ فوقّع عليه السلام ، وقرأتُ التوقيع :لا تَدَع مِنَ القُرآنِ قَصِيرَهُ وَطَوِيلَهُ ، وَيُجزِئُكَ مِن قِرَاءَةِ « إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ » يَومَكَ وَلَيلَتَكَ مِئَةَ مَرَّةٍ . (2)
.
ص: 219
ص: 220
ص: 221
243كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن شَيبَةفي عليّ بن مسعود بن حسكة والقاسم بن يقطين القمّيانقال الكشّي : وجدت بخطّ جبريل بن أحمد الفاريابيّ : حدّثني موسى بن جعفر بن وهب ، عن إبراهيم بن شيبة (1) ، قال : كتبت إليه : جُعلت فداك ، أنّ عندنا قوماً يختلفون في معرفة فضلكم بأقاويل مختلفة تشمئزّ منها القلوب وتضيق لها الصدور ، ويروون في ذلك الأحاديث لا يجوز لنا الإقرار بها ؛ لما فيها من القول العظيم ، ولا يجوز ردّها ولا الجحود لها إذا نُسبت إلى آبائك ، فنحن وقوف عليها ؛ من ذلك أنّهم يقولون ويتأوّلون في معنى قول اللّه عز و جل : «إِنَّ الصَّلَوةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَ الْمُنكَرِ» (2) ، وقوله عز و جل : «وَ أَقِيمُوا الصَّلَوةَ وَ ءَاتُوا الزَّكَوةَ» (3) ، معناها رجل ، لا ركوع ولا سجود ، وكذلك الزكاة معناها ذلك الرجل لا عدد دراهم و لا إخراج مال ، وأشياء تشبهها من الفرائض والسنن والمعاصي ، تأوّلوها وصيّروها على هذا الحدّ الّذي ذكرت لك ، فإن رأيت أن تمنّ على مواليك بما فيه سلامتهم ونجاتهم من الأقاويل الّتي تصيّرهم إلى العطب والهلاك ، والّذين ادّعوا هذه الأشياء ادّعوا أنّهم أولياء ، ودعوا إلى طاعتهم ، منهم
.
ص: 222
عليّ بن حسكة والقاسم اليقطينيّ ، فما تقول في القبول منهم جميعا ؟ فكتب عليه السلام :لَيسَ هَذَا دِينَنَا فَاعتَزِلهُ . (1)
وفي روايةٍ اُخرى : محمّد بن مسعود قال : حدّثني محمّد بن نصير ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى (2) ، كتب إليه في قومٍ يتكلّمون ويقرأون أحاديث ينسبونها إليك وإلى آبائك ، فيها ما تشمئزّ فيها القلوب ، ولا يجوز لنا ردّها إذا كانوا يروون عن آبائك عليهم السلام ، ولا قبولها لما فيها ؛ وينسبون الأرض إلى قوم يذكرون أنّهم من مواليك ، وهو رجل يقال له عليّ بن حسكة ، وآخر يقال له القاسم اليقطينيّ . من أقاويلهم إنّهم يقولون : إنّ قول اللّه تعالى : «إِنَّ الصَّلَوةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِوَ الْمُنكَرِ» (3) معناها رجل ، لا سجود ولا ركوع ، وكذلك الزكاة معناها ذلك الرجل لا عدد درهم ولا إخراج مال ، وأشياء من الفرائض والسنن والمعاصي ، تأوّلوها وصيّروها على هذا الحدّ الّذي ذكرت . فإن رأيت أن تبيّن لنا وأن تمنّ على مواليك بما فيه السلامة لمواليك ونجاتهم من هذه الأقاويل الّتي تخرجهم إلى الهلاك . فكتب عليه السلام :لَيسَ هَذَا دِينَنَا فَاعتَزِلهُ . (4)
244كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عيسىسعد قال : حدّثني سهل بن زياد الآدميّ ، عن محمّد بن عيسى (5) ، قال : كتب إليّ أبو الحسن العسكريّ عليه السلام ابتداءً منه :
.
ص: 223
لَعَنَ اللّهُ القَاسِمَ اليَقطِينِيَّ ، وَلَعَنَ اللّهُ عَلِيَّ بنِ حَسَكَةَ القُمِّيَّ ، إِنَّ شَيطَاناً تَرَاءَى لِلقَاسِمِ فَيُوحِي إِلَيهِ زُخرُفَ القَولِ غُرُورَاً . (1)
245كتابه عليه السلام إلى بعض أصحابهالحسين بن الحسن بن بندار القمّي ، قال : حدّثنا سهل بن زياد الآدميّ ، قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن العسكريّ عليه السلام : جُعلت فداك يا سيّدي ، إنّ عليّ بن حَسكة يدّعي أنّه من أوليائك ، وأنّك أنت الأوّل القديم ، وأنّه بابك ونبيّك أمرته أن يدعو إلى ذلك ، ويزعم أنّ الصلاة والزكاة والحجّ والصوم كلّ ذلك معرفتك ومعرفة من كان فيه ، مثل حال ابن حسكة فيما يدّعي من البابيّة والنبوّة ، فهو مؤمن كامل سقط عنه الاستعباد بالصلاة والصوم والحجّ ، وذكر جميع شرائع الدين أنّ معنى ذلك كلّه ما ثبت لك ، ومال الناس إليه كثيراً ، فإن رأيت أن تمنّ على مواليك بجواب في ذلك تنجيهم من الهلكة . قال : فكتب عليه السلام : كَذِبَ ابنُ حَسَكَةَ عَلَيهِ لَعنَةُ اللّهِ ، وَبِحَسبِكَ أَنِّي لا أَعرِفُهُ فِي مَوَالِيِّ ، مَا لَهُ لَعَنَهُ اللّهُ ؟ فَوَاللّهِ مَا بَعَثَ اللّهُ مُحَمَّدَاً وَالأَنبِيَاءَ قَبلَهُ إِلَا بِالحَنِيفِيَّةِ وَالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالحَجِّ وَالوَلايَةِ ، وَمَا دُعِيَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله إِلَا إِلَى اللّهِ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ . وَكَذَلِكَ نَحنُ الأَوصِياءَ مِن وُلدِهِ عَبِيدُ اللّهِ لا نُشرِكُ بِهِ شَيئاً ، إِن أَطَعنَاهُ رَحِمَنَا ، وَإِن عَصَينَاهُ عَذَّبَنَا ، مَا لَنَا عَلَى اللّهِ مِن حُجَّةٍ ، بَل الحُجَّةُ للّهِ عز و جل عَلَينَا وَعَلَى جَمِيعِ خَلقِهِ ، أَبرَأُ إِلَى اللّهِ مِمَّن يَقُولُ ذَلِكَ ، وَأَنتَفِي إِلَى اللّهِ مِن هَذَا القَولِ ، فَاهجُرُوهُم لَعَنَهُمُ اللّهُ وَأَلجِئُوهُم إِلَى ضِيقِ الطَّرِيقِ ، فَإِن وَجَدتَ مِن أَحَدٍ مِنهُم خَلوَةً فَاشدَخ رَأَسَهُ بِالصَّخرِ . (2)
.
ص: 224
246كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن محمّدفي فارس بن حاتم بن ماهويه القزوينيمحمّد بن مسعود قال : حدّثني عليّ بن محمّد ، قال : حدّثني محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي محمّد الرازي .. . كتب إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ (1) ، مع جعفر ابنه ، في سنة ثمان وأربعين ومئتين يسأل عن العليل وعن القزوينيّ أيّهما يقصد بحوائجه وحوائج غيره ؟ فقد اضطرب الناس فيهما ، وصار يبرأ بعضهم من بعضٍ . فكتب إليه :لَيسَ عَن مِثلِ هَذَا يُسأَلُ ، وَلا فِي مِثلِ هَذَا يُشَكُّ ، وَقَد عَظَّمَ اللّهُ مِن حُرمَةِ العَلِيلِ أَن يُقَاسَ إِلَيهِ القِزوِينِيّ _ سمّى باسمهما جميعاً _ فَاقصِدِ إِلَيهِ بِحَوائِجِكَ وَمَن أَطَاعَكَ مِن أَهلِ بِلادِكَ أَن يَقصُدُوا إِلَى العَلِيلِ بِحَوائِجِهِم . وَأَن تَجتَنِبُوا القِزوينِيَّ أَن تَدخُلُوهُ فِي شَيءٍ مِن أُمورِكُم ، فَإِنَّهُ قَد بَلَغَنِي ما يُمَوِّهُ بِهِ عِندَ النَّاسِ ، فَلا تَلتَفِتُوا إِلَيهِ إِن شَاءَ اللّهُ . وقد قرأ منصور بن عبّاس هذا الكتاب وبعض أهل الكوفة . (2)
247كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّقال سعد : وحدّثني محمّد بن عيسى بن عبيد (3) أنّه كتب إلى أيّوب بن نوح يسأله عمّا خرج إليه في الملعون فارس بن حاتم ، في جواب كتاب الجبليّ عليّ بن عبيد اللّه الدينوري ؟ فكتب إليه أيّوب :
.
ص: 225
سألتني أن أكتب إليك بخبر ما كتب به إليّ في أمر القزوينيّ فارس ، وقد نسخت لك في كتابي هذا أمره ، وكان سبب خيانته ، ثمّ صرفته إلى أخيه . فلمّا كان في سنتنا هذه أتاني وسألني ، وطلب إليّ في حاجة وفي الكتاب إلى أبي الحسن أعزّه اللّه ، فدفعت ذلك عن نفسي ، فلم يزل يلحّ عليَّ في ذلك حتّى قبلت ذلك منه ، وأنفذت الكتاب ومضيت إلى الحجّ ، ثمّ قدّمت فلم يأت جوابات الكتب الّتي أنفذتها قبل خروجي ، فوجّهت رسولاً في ذلك . فكتب إليَّ ما قد كتبت به إليك ، ولولا ذلك لم أكن أنا ممّن يتعرّض لذلك ، حتّى كتب به إليّ : كتب إلى الجبليّ يذكر أنّه وجّه بأشياء على يدي فارس الخائن لعنه اللّه متقدّمة ومتجدّدة ، لها قدر ، فأعلمناه أنّه لم يصل إلينا أصلاً ، وأمرناه أن لا يوصل إلى الملعون شيئاً أبداً ، وأن يصرف حوائجه إليك . ووجّه بتوقيعٍ من فارس بخطّه له بالوصول :لَعَنَهُ اللّهُ وَضَاعَفَ عَلَيهِ العَذَابَ ، فَمَا أَعظَمُ ما اجتَرَأَ عَلَى اللّهِ عز و جل وَعَلَينَا ، فِي الكَذِبِ عَلَينَا وَاختِيانِ أَموَالِ مَوَالِينَا ، وَكَفَى بِهِ مُعَاقِباً وَمنتَقِماً ، فَاشهِر فِعلَ فَارِسَ فِي أَصحَابِنَا الجَبَلِيِّينَ وَغَيرِهِم مِن مَوَالِينَا ، وَلا تَتَجَاوَزَ بِذَلِكَ إِلَى غَيرِهِم مِنَ المُخَالِفِينَ ، كَيمَا تُحَذِّرَ نَاحِيَةَ فَارِسَ لَعَنهُ اللّهُ وَيَتَجَنَّبُوهُ وَيَحتَرِسُوا مِنهُ ، كَفَى اللّهُ مَؤُونَتَهُ ، وَنَحنُ نَسأَلُ اللّهَ السَّلامَةَ فِي الدِّينِ وَالدُّنيَا ، وَأَن يُمَتِّعَنَا بِهَا ، وَالسَّلامُ . (1)
248كتابه عليه السلام إلى سهيل بن محمّدمحمّد بن مسعود قال : حدّثني عليّ بن محمّد ، قال : حدّثني محمّد ، عن محمّد بن موسى ، عن سهل بن خلف ، عن سهيل بن محمّد : وقد اشتبه يا سيّدي على جماعة
.
ص: 226
من مواليك أمر الحسن بن محمّد بن بابا ، فما الّذي تأمرنا يا سيّدي في أمره ، نتولّاه ، أم نتبرّأ عنه ، أم نمسك عنه؟ فقد كثر القول فيه . فكتب عليه السلام بخطّه وقرأته :مَلعُونٌ هُوَ وَفِارِسُ ، تَبَرَّؤُا مِنهُمَا لَعَنَهُمَا اللّهُ ، وَضَاعَفَ ذَلِكَ عَلَى فَارِسَ . (1)
249كتابه عليه السلام إلى عليّ بن عمرو القزوينيّعبد اللّه بن جعفر الحميريّ (2) قال : كتب أبو الحسن العسكريّ عليه السلام إلى عليّ بن عمرو القزوينيّ (3) بخطّه :أَعتَقِدُ فِيمَا تَدِينُ اللّهَ تَعَالَى بِهِ ، أَنَّ البَاطِنَ عِندِي حَسَبَ مَا أَظهَرتُ لَكَ فِيمَنِ استَنبَأتُ عَنهُ ، وَهُوَ فَارِسٌ لَعَنَهُ اللّهُ ، فَإِنَّهُ لَيسَ يِسَعُكَ إِلَا الاجتِهَادُ فِي لَعنِهِ وَقَصدُهُ وَمُعَادَاتُهُ وَالمُبَالَغَةُ فِي ذَلِكَ بِأَكثَرِ مَا تَجِدُ السَّبِيلَ إِلَيهِ . مَا كُنتُ آمُرُ أَن يُدَانَ اللّهُ بِأَمرٍ غَيرِ صَحِيحٍ ، فَجِدَّ وَشُدَّ فِي لَعنِهِ وَهتَكِهِ وَقَطعِ أَسبَابِهِ وَصَدِّ أَصحَابِنَا عَنهُ وَإِبطَالِ أَمرِهِ ، وَأَبلِغهُم ذَلِكَ مِنِّي وَاحكِهِ لَهُم عَنِّي ، وَإِنِّي سَائِلُكُم بَينَ يَدِيِ اللّهِ عَن هَذَا الأَمرِ المُؤَكَّدِ ، فَوَيلٌ لِلعَاصِي وَلِلجَاحِدِ . وَكَتَبتُ بِخَطِّي لَيلَةَ الثَّلاثَاءِ لِتِسعِ لِيَالٍ مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمسِينَ وَمِئَتَينِ وَأَنَا أَتَوَكَّلُ عَلَى اللّهِ وَأَحمِدُهُ كَثَيِرَاً . (4)
.
ص: 227
250كتاب له عليه السلامالحسين بن الحسن بن بندار القمّي قال : حدّثني سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف القمّي ، قال : حدّثني محمّد بن عيسى بن عبيد : أنّ أبا الحسن العسكريّ عليه السلام أمر بقتل فارس بن حاتم القزويني ، وضمن لمن قتله الجنّة ، فقتله جُنيد . وكان فارس فتّاناً يفتن الناس ويدعو إلى البدعة . فخرج من أبي الحسن عليه السلام :هَذَا فَارِسٌ لَعَنَهُ اللّهُ يَعمَلُ مِن قِبَلِي ، فَتَّاناً دَاعِياً إِلَى البِدعَةِ ، وَدَمُهُ هَدَرٌ لِكُلِّ مَن قَتَلَهُ ، فَمَن هَذا الَّذِي يُرِيُحَنِي مِنهُ وَيَقتُلُهُ ، وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ عَلَى اللّهِ الجَنَّةَ .
قال سعد : وحدّثني جماعة من أصحابنا من العراقيّين وغيرهم بهذا الحديث عن جُنيد ، ثمّ سمعته أنا بعد ذلك من جُنيد : أرسل إليّ أبو الحسن العسكريّ عليه السلام يأمرني بقتل فارس بن حاتم القزوينيّ لعنه اللّه ! فقلت : لا ، حتّى أسمعه منه يقول لي ذلك يشافهني به . قال : فبعث إليّ فدعاني ، فصرت إليه فقال :آمُرُكَ بِقَتلِ فَارِسِ بنَ حَاتَمٍ . فناولني دراهم من عنده ، وقال : اشتَرِ بِهَذِهِ سِلاحاً فَأَعرِضهُ عَلَيَّ . فذهبت فاشتريت سيفاً فعرضته عليه ، فقال : رُدَّ هَذَا وَخُذ غَيرَهُ . قال : فرددته وأخذت مكانه ساطوراً فعرضته عليه ، فقال : هَذَا نَعَم .
فجئت إلى فارس وقد خرج من المسجد بين الصلاتين المغرب والعشاء ، فضربته على رأسه فصرعته وثنيت عليه ، فسقط ميتاً ، ووقعت الضجّة ، فرميت الساطور بين يدي واجتمع الناس ، واُخذت إذ لم يوجد هناك أحد غيري ، فلم يروا معي سلاحاً ولا سكّيناً ، وطلبوا الزقاق والدور فلم يجدوا شيئاً ، ولم يُرَ أثر الساطور بعد ذلك . (1)
.
ص: 228
251كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن داوود اليعقوبيقال الكشّي : وجدت بخطّ جبريل بن أحمد : حدّثني موسى بن جعفر بن وهب ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن إبراهيم بن داوود اليعقوبيّ (1) ، قال : كتبت إليه _ يعني أبا الحسن عليه السلام _ أعلمته أمر فارس بن حاتم . فكتب :لا تَحفَلَنَّ بِهِ ، وَ إِن أَتَاكَ فَاستخَفَّ بِهِ . (2)
252كتابه عليه السلام إلى عروةموسى بن جعفر بن وهب عن محمّد بن إبراهيم ، عن إبراهيم بن داوود اليعقوبيّ ، عن موسى [بن جعفر بن إبراهيم بن محمّد] ، قال : كتب عروة 3 إلى أبي الحسن عليه السلام
.
ص: 229
في أمر فارس بن حاتم ؟ فكتب عليه السلام :كَذِّبُوه وَهَتِّكُوه أَبعَدَهُ اللّهُ وَأَخزَاهُ ، فَهُوَ كَاذِبٌ فِي جَمِيعِ مَا يَدَّعِي وَيَصِف ، وَلَكِن صُونُوا أَنفُسَكُم عَنِ الخَوضِ وَالكَلامِ فِي ذَلِكَ ، وَتَوَقَّوا مُشَاوَرَتَهُ ، وَ لا تَجعَلُوا لَهُ السَّبِيلَ إِلَى طَلَبِ الشَّرِّ ، كَفَانَا اللّهُ مَؤُونَتَهُ ، وَمَؤُونَةَ مَن كَانَ مِثلَهُ . (1)
وفي كتاب الدهقان : محمّد بن مسعود قال : حدّثني عليّ بن محمّد ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن عيسى ، قال : قرأنا في كتاب الدهقان (2) وخطّ الرجل في القزوينيّ ، وكان كتب إليه الدهقان يخبره باضطراب الناس في هذا الأمر ، وأنّ الموادعين قد أمسكوا عن بعض ما كانوا فيه لهذه العلّة من الاختلاف . فكتب :كَذِّبُوه وَهَتِّكُوه أَبعَدَهُ اللّهُ وَأَخزَاهُ . . . (3)
253كتابه عليه السلام إلى العبيديفي الحسن بن محمّد بن بابا القمّيذكر أبو محمّد الفضل بن شاذان في بعض كتبه : إنّ من الكذّابين المشهورين ابن بابا القمّي . قال سعد : حدّثني العبيديّ (4) ، قال : كتب إليّ العسكريّ عليه السلام ابتداءً منه :أَبرَأُ إِلَى اللّهِ
.
ص: 230
مِنَ الفِهرِيِّ ، 1 وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَابَا القُمِّيِّ ، فَابرَأ مِنهُمَا ، فَإِنِّي مُحَذِّرُكَ وَجَمِيعَ مَوَالِيَّ ، وَإِنِّي أَلعَنُهُمَا ، عَلَيهُمَا لَعنَةُ اللّهِ ، مُستَأكِلَينِ يَأكُلانِ بِنَا النَّاسَ ، فَتَّانِيَنِ مُؤذِيَينِ ، آذَاهُمَا اللّهُ وَأَركَسَهُمَا فِي الفِتنَةِ رَكساً . يَزعُمُ ابنُ بَابَا أَنِّي بَعَثتُهُ نَبِيَّاً وَأَنَّه بَابٌ ، عَلَيهِ لَعنَةُ اللّهِ ، سَخِرَ مِنهُ الشَّيطَانُ فَأَغوَاهُ ، فَلَعَنَ اللّهُ مَن قَبِلَ مِنهُ ذَلِكَ ، يَا مُحَمَّدُ إِن قَدِرتَ أَن تَشدَخَ (1) رَأسَهُ بِحَجَرٍ فَافعَل ، فَإِنَّهُ قَد آذَانِي آذَاهُ اللّهُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ . (2)
254كتابه عليه السلام إلى محمّد بن باديهفي يونسعليّ قال : حدّثني محمّد بن يعقوب ، عن الحسن بن راشد ، عن محمّد بن باديه (3) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام في يونس ؟ فكتب عليه السلام :
.
ص: 231
لَعَنَهُ اللّهُ وَلَعَنَ أَصحَابَهُ ، أَو بَرِئَ اللّهُ مِنهُ وَمِن أَصحَابِهِ . (1)
255كتابه عليه السلام إلى عليّ بن عبد اللّه الزبيريّفي موقفه عليه السلام من الواقفةمحمّد بن مسعود ومحمّد بن الحسن البراثيّ ، قالا : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن فارس ، قال : حدّثني أبو جعفر أحمد بن عبدوس الخلنجيّ أو غيره ، عن عليّ بن عبد اللّه الزبيريّ (2) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الواقفة ؟ فكتب عليه السلام :الوَاقِفُ عَانِدٌ (3) عَنِ الحَقِّ ، وَمُقِيمٌ عَلَى سَيِّئَةٍ ، إِن مَاتَ بِهَا كَانَت جَهَنَّمُ مَأوَاهُ وَبِئسَ المَصِيرِ . (4)
.
ص: 232
. .
ص: 233
الفصل التاسع: في مكاتبه السياسية
.
ص: 234
. .
ص: 235
256كتابه عليه السلام إلى المتوكّلفي سبب شخوصه عليه السلام من المدينةمحمّد بن يحيى عن بعض أصحابنا قال : أخذتُ نسخة كتاب المتوكّل إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام من يحيى بن هَرثَمَة ، في سنة ثلاث وأربعين ومئتين ، وهذه نسخته : بسم اللّه الرحمن الرحيم أمّا بعد ، فإنّ أمير المؤمنين عارفٌ بقدرك ، راعٍ لقرابتك ، موجبٌ لحقّك ، يقدّر من الاُمور فيك وفي أهل بيتك ما أصلح اللّه به حالك وحالهم ، وثبّت به عزّك وعزّهم ، وأدخل اليمن والأمن عليك وعليهم ، يبتغي بذلك رضاء ربّه وأداء ما افترض عليه فيك وفيهم ، وقد رأى أمير المؤمنين صرف عبد اللّه بن محمّد عمّا يتولّاه من الحرب والصلاة بمدينة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، إذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقّك واستخفافه بقدرك ، وعندما قرفك به ونسبك إليه من الأمر الّذي قد علم أمير المؤمنين براءتك منه ، وصدق نيّتك في ترك محاولته ، وأنّك لم تؤهّل نفسك له ، وقد ولّى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمّد بن الفضل ، وأمره بإكرامك وتبجيلك والانتهاء إلى أمرك ورأيك ، والتقرّب إلى اللّه وإلى أمير المؤمنين بذلك . وأمير المؤمنين مشتاقٌ إليك ، يحبّ إحداث العهد بك والنظر إليك ، فإن نشطت لزيارته المقام قبله ما رأيت ، شخصت ومن أحببت من أهل بيتك ومواليك وحشمك ، على مهلةٍ وطمأنينةٍ ، ترحل إذا شئت وتنزل إذا شئت ، وتسير كيف شئت ،
.
ص: 236
وإن أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين ومن معه من الجند مشيّعين لك يرحلون برحيلك ويسيرون بسيرك ، والأمر في ذلك إليك حتّى توافي أمير المؤمنين ، فما أحدٌ من إخوته وولده وأهل بيته وخاصّته ألطف منه منزلةً ولا أحمد له أثرةً ، ولا هو لهم أنظر وعليهم أشفق ، وبهم أبرّ وإليهم أسكن منه إليك إن شاء اللّه تعالى ، والسلام عليك ورحمة اللّه وبركاته . وكتب إبراهيم بن العبّاس ، وصلّى اللّه على محمّد وآله وسلّم . (1) في الإرشاد : وكان سبب شخوص أبي الحسن عليه السلام إلى سرّ من رأى أنّ عبد اللّه بن محمّد كان يتولّى الحرب والصلاة في مدينة الرسول صلى الله عليه و آله ، فسعى بأبي الحسن عليه السلام إلى المتوكّل ، وكان يقصده بالأذى ، وبلغ أبا الحسن سعايته به ، فكتب إلى المتوكّل يذكر تحامل عبد اللّه بن محمّد ويكذّبه فيما سعى به ، فتقدّم المتوكّل بإجابته عن كتابه ، ودعائه فيه إلى حضور العسكر على جميلٍ من الفعل والقول ، فخرجت نسخة الكتاب وهي : بسم اللّه الرحمن الرحيم أمّا بعد ، فإنّ أمير المؤمنين عارفٌ بقدرك ، راع لقرابتك ، موجبٌ لحقّك ، مؤثرٌ من الاُمور فيك وفي أهل بيتك ما يصلح اللّه به حالك وحالهم ، ويُثبت به عزّك وعزّهم ، ويدخل الأمن عليك وعليهم ، يبتغي بذلك رضى ربّه وأداء ما افترض عليه فيك وفيهم ، وقد رأى أمير المؤمنين صرف عبد اللّه بن محمّد عمّا كان يتولّاه من الحرب والصلاة بمدينة الرسول صلى الله عليه و آله ، إذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقّك واستخفافه بقدرك ، وعند ما قرفك به ونسبك إليه من الأمر الّذي علم أمير المؤمنين براءتك منه ، وصدق نيّتك في برّك وقولك وأنّك لم تؤهّل نفسك لما قرفت بطلبه ، وقد ولّى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمّد بن الفضل ، وأمره بإكرامك وتبجيلك والانتهاء إلى أمرك ورأيك ، والتقرّب إلى اللّه وإلى أمير المؤمنين بذلك .
.
ص: 237
وأمير المؤمنين مشتاقٌ إليك يحبّ إحداث العهد بك والنظر إليك ، فإن نشطت لزيارته والمقام قبله ما أحببت ، شخصت ومن اخترت من أهل بيتك ومواليك وحشمك ، على مهلةٍ وطمأنينة ، ترحل إذا شئت وتنزل إذا شئت وتسير كيف شئت ، وإن أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين ومن معه من الجند يرتحلون برحيلك ويسيرون بسيرك ، فالأمر في ذلك إليك ، وقد تقدّمنا إليه بطاعتك ، فاستخر اللّه حتّى توافي أمير المؤمنين ، فما أحدٌ من إخوته وولده وأهل بيته وخاصّته ألطف منه منزلةً ، ولا أحمد لهم أثرة ، ولا هو لهم أنظر وعليهم أشفق وبهم أبرّ وإليهم أسكن منه إليك ، والسلام عليك ورحمة اللّه وبركاته . وكتب إبراهيم بن العبّاس في شهر كذا من سنة ثلاث وأربعين ومئتين . فلمّا وصل الكتاب إلى أبي الحسن عليه السلام تجهّز للرحيل ، وخرج معه يحيى بن هرثمة ، حتّى وصل إلى سرّ من رأى ، فلمّا وصل إليها تقدّم المتوكّل بأن يحجب عنه في يومه ، فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك ، وأقام فيه يومه ، ثمّ تقدّم المتوكّل بإفراد دارٍ له ، فانتقل إليها . . . (1)
257كتابه عليه السلام إلى بعض شيعته ببغدادفي فتنة الجِدال في القرآنسعد بن عبد اللّه قال : حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّ ، قال : كتب عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا عليهم السلام إلى بعض شيعته ببغداد :بِسمِ اللّهِ الرَحمنِ الرَّحِيم عَصَمَنَا اللّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ الفِتنَةِ ، فَإِن يفعَل فَأَعظِم بِهَا نِعمَةً ، وَإِلَا يَفعَل فَهِيَالهَلَكَةُ ،
.
ص: 238
نَحنُ نَرَى أَنَّ الجِدَالَ فِي القُرآنِ بِدعَةٌ اشترَكَ فِيهَا السَّائِلُ وَالمُجِيبُ ، فيَتَعَاطَى السَّائِلُ مَا لَيسَ لَهُ ، وَيَتَكَلَّفُ المُجِيبُ مَا لَيسَ عَلَيهِ ، وَلَيسَ الخَالِقُ إِلَا اللّهَ عز و جل ، وَمَا سِوَاهُ مَخلُوقٌ ، وَالقُرآنُ كَلامُ اللّهِ ، لا تَجعَل لَهُ اسماً مِن عِندِكَ فَتَكُونَ مِنَ الضَّالِّينَ ، جَعَلَنَا اللّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ الَّذِينَ يَخشُونَ رَبَّهُم بِالغَيبِ ، وَهُم مِنَ السَّاعَةِ مُشفِقُونَ . (1)
.
ص: 239
الفصل العاشر: في ذكر المحمودين من الوكلاء وأصحابه
.
ص: 240
. .
ص: 241
258كتابه عليه السلام إلى عليّ بن بلالفي أبي عليّ بن بلالقال الكشّي : وجدت بخطّ جبريل بن أحمد : حدّثني محمّد بن عيسى اليقطينيّ ، قال : كتب عليه السلام إلى عليّ بن بلال (1) في سنة اثنتين وثلاثين ومئتين :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم أَحمدُ اللّهَ إِلَيكَ وَأَشكُرُ طُولَهُ وَعَودَهُ ، وَأُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَوَاتُ اللّهِوَرَحمَتُهُ عَلَيهِم ، ثُمَّ إِنِّي أَقَمتُ أَبَا عَلِيٍّ مَقَامَ الحُسَينِ بنِ عَبدِ رَبِّهِ ، وَائتَمَنتُهُ عَلَى ذَلِكَ بِالمَعرِفَةِ بِمَا عِندَهُ الَّذِي لا يَتَقَدَّمُهُ أَحَدٌ ، وَقَد أَعلَمُ أَنَّكَ شَيخُ نَاحِيَتِكَ ، فَأَحبَبتُ إِفرَادَكَ وَإِكرَامَكَ بِالكِتَابِ بِذَلِكَ . فَعَلَيكَ بِالطَّاعَةِ لَهُ وَالتَّسلِيمِ إِلَيهِ جَمِيعَ الحَقِّ قَبلَكَ ، وَأَن تَخُصَّ مَوَالِيَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَتُعَرِّفَهُم مِن ذَلِكَ مَا يَصِيرُ سَبَباً إِلَى عَونِهِ وَكِفَايَتِهِ ، فَذَلِكَ تَوفِيرٌ عَلَينَا وَمَحبُوبٌ لَدَينَا ، وَلَكَ بِهِ جَزَاءٌ مِنَ اللّهِ وَأَجرٌ ، فَإِنَّ اللّهَ يُعطِي مَن يَشَاءُ ، ذُو الإِعطَاءِ وَالجَزَاءِ بِرَحمَتِهِ ، وَأَنتَ فِي وَدِيعَةِ اللّهِ . وَكَتَبتُ بِخَطِّي ، وَأَحمَدُ اللّهَ كَثِيرَاً . (2)
.
ص: 242
259كتابه عليه السلام إلى جماعة من المواليمحمّد بن مسعود قال : حدّثني محمّد بن نصير ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن عيسى ، قال : نسخة الكتاب مع ابن راشد إلى جماعة الموالي الّذين هم ببغدادالمقيمين بها والمدائن والسواد وما يليها :أَحمَدُ اللّهَ إِلَيكُم مَا أَنَا عَلَيهِ مِن عَافِيَّتِهِ وَحُسنِ عَادَتِهِ ، وَأُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ وَآلِهِ أَفضَلُ صَلَوَاتِهِ وَأَكمَلُ رَحمَتِهِ وَرَأفَتِهِ ، وَإِنِّي أَقَمتُ أَبَا عَلِيِّ بنِ رَاشِدٍ مَقامَ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ رَبِّهِ 1 وَمَن كَانَ قَبلَهُ مِن وكَلائِي ، وَصَارَ فِي مَنزِلَتِهِ عِندِي ، وَوَلَّيتُهُ مَا كَانَ يَتَوَلَاهُ غَيرُهُ مِن وكَلائِي قَبلَكُم ، لِيَقبِضَ حَقِّي ، وَارتَضَيتُهُ لَكُم وَقَدَّمتُهُ عَلَى غَيرِهِ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ أَهلُهُ وَمَوضِعُهُ . فَصِيرُوا رَحِمَكُم اللّهُ إِلَى الدَّفعِ إِلَيهِ ذَلِكَ وَإِلَيَّ ، وَأَن لا تَجعَلُوا لَهُ عَلَى أَنفُسِكُم عِلَّةً ، فَعَلَيكُم بِالخُرُوجِ عَن ذَلِكَ وَالتَّسَرُّعِ إِلَى طَاعَةِ اللّهِ ، وَتَحلِيلِ أَموَالِكُم ، وَالحَقنِ لِدِمَائِكُم «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى» (1) ، «وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ » (2) ، «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً» 4 ، «وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ » 5 ، فَقَد أَوجَبتُ فِي طَاعَتِهِ طَاعَتِي ،
.
ص: 243
وَالخُرُوجِ إِلَى عِصيَانِهِ الخُرُوجَ إِلَى عِصيانِي ، فَالزَمُوا الطَّرِيقَ يَأجُرُكُمُ اللّهُ وَيَزِيدُكُم مِن فَضلِهِ ، فَإِنَّ اللّهَ بِمَا عِندَهُ وَاسِعٌ كَرِيمٌ ، مُتَطَوِّلٌ عَلَى عِبَادِهِ رَحِيمٌ ، نَحنُ وَأَنتُم فِي وَدِيعَةِ اللّهِ وَحِفظِهِ . وَكَتبتُهُ بِخَطِّي ، وَالحَمدُ للّهِ كَثِيرَاً . وفي كتابٍ آخر : وَأَنا آمُرُكَ يا أَيُّوبَ بنَ نُوحٍ أَن تَقطَعَ الإِكثَارِ بَينَكَ وَبَينَ أَبِي عَلِيٍّ ، وَأَن يَلزَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنكُمَا مَا وُكِّلَ بِهِ وَأَمرَ بِالقِيامِ فِيهِ بِأَمرِ نَاحِيَتهِ ، فَإِنَّكُم إِذَا انتَهَيتُم إِلَى كُلِّ ما أُمرِتُم بِهِ استَغنَيتُم بِذَلِكَ عَن مُعَاوَدَتِي . وَآمُرُكَ يا أَبَا عَلِيٍّ بِمِثلِ ما آمُرُكَ يا أَيُّوبُ أَن لا تَقبَلَ مِن أَحَدٍ مِن أَهلِ بَغدَادَوَالمَدَائِنِ شَيئاً يَحمِلُونَهُ ، وَلا تَلِي لَهُم استِيذَاناً عَلَيَّ ، وَمُر مَن أَتَاكَ بِشَيءٍ مِن غَيرِ أَهلِ نَاحِيَتِكَ أَن يُصَيِّرَهُ إِلَى المُوَكَّلِ بِنَاحِيَتِهِ . وَآمُرُكَ يا أَبَا عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ بِمِثلِ مَا أَمَرتُ بِهِ أَيُّوبَ ، وَليَقبَل كُلُّ وَاحِدٍ مِنكُما قَبلَ ما أَمرَتُهُ بِهِ . (1)
260كتابه عليه السلام إلى جماعةٍ من المواليابن أبي جِيد عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى ، قال : كتب أبو الحسن العسكريّ عليه السلام إلى الموالي ببغداد والمدائن والسواد وما يليها :قَد أَقمَتُ أَبَا عَلِيِّ بنِ رَاشِدٍ مَقامَ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ رَبِّهِ ، وَمَن قَبَلَهُ مِن وُكَلائِي ، وَقدَ أَوجَبتُ فِي طَاعَتِهِ طَاعَتِي ، وَفِي عِصيَانِهِ الخُرُوجَ إِلَى عِصيَانِي ، وَكَتَبتُ بِخَطِّي . (2)
.
ص: 244
261كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الفرجفي جماعةٍ من المَوالي ( عيسى بن جعفر وأبي عليّ راشد وابن بند )محمّد بن قولويه قال : حدّثنا سعد بن عبد اللّه ، قال : حدّثنا أحمد بن هلال ، عن محمّد بن الفرج (1) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن أبي عليّ بن راشد وعن عيسى بن جعفر بن عاصم وابن بند ، فكتب إليّ عليه السلام :ذَكَرتَ ابنَ رَاشِدٍ ( رحمه اللّه ) فَإِنَّهُ عَاشَ سَعِيدَاً وَمَاتَ شَهِيدَاً ، وَدَعَا لِابنِ بندٍوَالعَاصِمِيِّ ، وَابنُ بنِدٍ ضُرِبَ بِالعَمُودِ حَتَّى قُتِلَ ، وَأَبُو جَعفَرٍ ضُرِبَ ثَلاثَمِئَةِ سَوطٍ وَرُمِيَ بِهِ فِي دِجلَةَ . (2)
وفي الغيبة : محمّد بن الفرج قال : كتبتُ إليه أسأله عن أبي عليّ بن راشد ، وعن عيسى بن جعفر [ بن عاصم ] ، وعن ابن بند ، وكتب إليّ :ذَكَرتَ ابنَ رَاشِدٍ رحمه الله فَإِنَّهُ عَاشَ سَعِيداً وَمَاتَ شَهِيدَاً ، وَدَعَا لِابنِ بندٍ وَالعَاصِمِيِّ ، وَابنُ بَندٍ ضُرِبَ بِعَمُودٍ وَقُتِل ، وَابنُ عَاصِمِ ضُرِبَ بِالسِّيَاطِ عَلَى الجِسر ثَلاثمِئَةِ سَوطٍ وَرُمِي بِهِ فِي دِجلَةَ . (3)
262كتابه عليه السلام إلى أيّوب بن النابفي أبي محمّد الفضل بن شاذانأحمد بن يعقوب أبو عليّ البيهقيّ رحمه الله : أمّا ما سألت من ذكر التوقيع الّذي خرج في
.
ص: 245
الفضل بن شاذان ، أنّ مولانا عليه السلام لَعَنَهُ بسبب قوله بالجسم ؛ فإنّي أخبرك أنّ ذلك باطل ، وإنّما كان مولانا عليه السلام أنفذ إلى نيسابور وكيلاً من العراق ، كان يسمّى أيّوب بن الناب ، يقبض حقوقه ، فنزل بنيسابور عند قومٍ من الشيعة ممّن يذهب مذهب الارتفاع والغلوّ والتفويض ، كرهت أن اُسمّيهم ، فكتب هذا الوكيل : يشكو الفضل بن شاذان بأنّه يزعم أنّي لستُ من الأصل ، ويمنع الناس من إخراج حقوقه ، وكتب هؤلاء النفر أيضاً إلى الأصل الشكاية للفضل ، ولم يكن ذكروا الجسم ولا غيره ، وذلك التوقيع خرج من يد المعروف بالدهقان ببغداد في كتاب عبد اللّه بن حمدويه البيهقيّ ، وقد قرأته بخطّ مولانا عليه السلام ، والتوقيع هذا :الفَضلُ بنُ شَاذَانِ مَا لَهُ وَلِمَوَالِيِّ يُؤذِيهِم وَيُكَذِّبُهم ! وَأَنِّي لَأَحلِفُ بِحَقِّ آبَائِي ، لَئِن لَم يَنتِه الفَضلُ بنُ شَاذَانِ عَن هَذَا لَأَرمِيَنَّهُ بِمَرمَاةٍ لا يَندَمِلُ جُرحُهُ مِنهَا فِي الدُّنيا وَلا فِي الآخِرَةِ .
وكان هذا التوقيع بعد موت الفضل بن شاذان بشهرين في سنة ستّين ومئتين . قال أبو عليّ : والفضل بن شاذان كان برستاق بيهق ، فورد خبر الخوارج ، فهرب منهم فأصابه التعب من خشونة السفر فاعتلّ ومات منه ، وصلّيت عليه . (1)
263كتابه عليه السلام إلى المحموديّفي أحمد بن حمّاد المروزيّ[محمّد بن مسعود قال :] قال المحموديّ [ أبو عليّ المحموديّ محمّد بن أحمد بن حمّاد المروزيّ 2 ] : وكتب إليّ الماضي عليه السلام ( أي الهادي ) بعد وفاة أبي :
.
ص: 246
قَد مَضَى أَبُوكَ رَضِيَ اللّهُ عَنهُ وَعَنَكَ وَهُوَ عِندَنَا عَلَى حَالَةٍ مَحمُودَةٍ ، وَلَن تُبعَد مِن تِلكَ الحَالِ . (1)
264كتابه عليه السلام إلى الحسن بن الحسينعلي بن محمّد القتيبيّ عن الزفريّ بكر بن زفر الفارسيّ ، عن الحسن بن الحسين (2) ، أنّه قال : استحلّ أحمد بن حمّاد منّي مالاً له خطر ، فكتبت رقعة إلى أبي الحسن عليه السلام وشكوت فيها أحمد بن حمّاد ، فوقّع فيها :خَوِّفهُ بِاللّهِ . ففعلتُ ولم ينفع ، فعاودته برقعةٍ اُخرى أعلمته أنّي قد فعلت ما أمرتني به فلم
.
ص: 247
أنتفع ، فوقّع : إِذَا لَم يَحُلّ فِيهِ التَّخوِيفُ بِاللّهِ فَكَيفَ تُخَوِّفهُ بِأَنفُسِنَا . (1)
265كتابه عليه السلام إلى موسى بن جعفر بن إبراهيم بن محمّدفي عليّ بن جعفرموسى بن جعفر بن وهب عن محمّد بن إبراهيم ، عن إبراهيم بن داوود اليعقوبيّقال : موسى بن جعفر بن إبراهيم بن محمّد (2) أنّه قال : كتبت إليه : جُعلت فداك ، قِبَلنا أشياء يحكي عن فارس ، والخلاف بينه وبين عليّ بن جعفر ، حتّى صار يبرأ بعضهم من بعض ، فإن رأيت أن تمنّ عليّ بما عندك فيهما ، وأيّهما يتولّى حوائجي قِبَلك حتّى أعدوه إلى غيره ، فقد احتجت إلى ذلك ، فعلت متفضّلاً إن شاء اللّه . فكتب عليه السلام :لَيسَ عَن مِثلِ هَذَا يُسأَلُ وَلا فِي مِثلِهِ يُشَكُّ ، قَد عَظَّمَ اللّهُ قَدرَ عَلِيِّ بنِ جَعفَرٍ (3) ، مَتَّعَنَا اللّهُ تَعَالَى عَن أَن يُقَاسَ إِلَيهِ ، فَاقصُد عَلِيَّ بنَ جَعفَرٍ بِحَوائِجِكَ ، وَاجتَنِبُوا فَارِساً ، وَامتَنِعُوا مِن إِدخَالِهِ فِي شَيءٍ مِن أُمورِكُم أَو حَوائِجِكُم ، تَفعَل ذَلِكَ أَنتَ وَمَن أَطاعَكَ مِن أَهلِ بِلادِكَ ، فَإِنَّهُ قَد بَلَغَنِي مَا تَمَوَّهَ (4) بِهِ عَلَى النَّاسِ ، فَلا تَلتَفِتُوا إلَيهِ إِن شَاءَ اللّهُ . (5)
.
ص: 248
266كتابه عليه السلام إلى عليّ بن جعفرمحمّد بن مسعود قال : قال يوسف بن السخت : كان عليّ بن جعفر وكيلاً لأبي الحسن عليه السلام ، وكان رجلاً من أهل همينيا ، قرية من قرى سواد بغداد ، فسعى به إلى المتوكّل ، فحبسه فطال حبسه ، واحتال من قبل عبيد اللّه بن خاقان بمالٍ ضمنه عنه ثلاثة آلاف دينار ، وكلّمه عبيد اللّه بن خاقان ، فعرض جامعه على المتوكّل ، فقال : يا عبيد اللّه ، لو شككت فيك لقلت أنّك رافضيّ ، هذا وكيل فلان وأنا على قتله . قال : فتأدّى الخبر إلى عليّ بن جعفر ، فكتب إلى أبي الحسن عليه السلام : يا سيّدي ، اللّه اللّه فيّ ، فقد واللّه خفت أن أرتاب . فوقّع عليه السلام في رقعته :أَمَّا إِذَا بَلَغَ بِكَ الأَمرُ مَا أَرَى فَسَأَقصُدُ اللّهَ فِيكَ . وكان هذا في ليلة الجمعة ، فأصبح المتوكّل محموماً فازدادت علّته حتّى صُرخ عليه يوم الاثنين ، فأمر بتخلية كلّ محبوس عرض عليه اسمه ، حتّى ذكر هو عليّ بن جعفر . فقال لعبيد اللّه : لِمَ لم تعرض عليّ أمره ؟ فقال : لا أعود إلى ذكره أبداً . قال : خلّ سبيله الساعة ، وسله أن يجعلني في حلٍّ . فخلّى سبيله وصار إلى مكّة بأمر أبي الحسن عليه السلام ، فجاور بها ، وبرأ المتوكّل من علّته . (1)
حسن الختامدعاؤه عليه السلام في الزيارةأبو محمّد الفحّام قال : حدّثني أبو الحسن محمّد بن أحمد ( بن عبد اللّه المنصوري ) ، قال : حدّثني عمّ أبي ( موسى عيسى بن أحمد بن عيسى ) ، قال : قصدت الإمام
.
ص: 249
( عليّ بن محمّد ) عليه السلام يوماً فقلت : يا سيّدي ، إنّ هذا الرجل قد أطرحني وقطع رزقي وملّلني ، وما أتّهمُ في ذلك إلّا علمه بملازمتي لك ، فإذا سألته شيئاً منه يلزمه القبول منك ، فينبغي أن تتفضّل عليّ بمسألته . فقال :تُكفَى إِن شَاءَ اللّهُ . فلمّا كان في الليل طرقني رُسل المتوكّل ، رسولٌ يتلو رسولاً ، فجئت والفتح على الباب قائم فقال : يا رجل ، ما تأوي في منزلك بالليل ، كدّني هذا الرجل ممّا يطلبك . فدخلت وإذا المتوكّل جالس على فراشه ، فقال : يا أبا موسى ، نشغل عنك وتُنسينا نفسك ، أيّ شيء لك عندي ؟ فقلت : الصلة الفلانيّة ، والرزق الفلانيّ ، وذكرت أشياء ، فأمر لي بها وبضعفها . فقلت للفتح : وافَى عليُّ بن محمّد إلى هاهنا ؟ فقال : لا . فقلت : كتب رقعة ؟ فقال : لا . فولّيت منصرفاً فتبعني ، فقال لي : لست أشكّ أنّك سألته دعاءً لك ، فالتمس لي منه دعاء ! فلمّا دخلت إليه عليه السلام قال لي : يا أَبَا مُوسَى ، هَذَا وَجهُ الرِّضَا . فقلت : ببركتك يا سيّدي ، ولكن قالوا لي : إنّك ما مضيت إليه ولا سألته . فقال : إِنَّ اللّهَ تَعَالَى عَلِم مِنَّا أَنَّا لا نَلجَأُ فِي المُهِمَّاتِ إِلَا إِلَيهِ ، وَلا نَتَوَكَّلُ فِي المُلِمَّاتِ إِلَا عَلَيهِ ، وَعَوَّدنَا إِذَا سَأَلنَا الإِجَابَةَ ، وَنَخَافُ أَن نَعدِلَ فَيَعدِلَ بِنَا . قلت : إنّ الفتح قال لي كيت وكيت ! قال : إِنُّهُ يُوَالِينَا بِظَاهِرِهِ ، وَيُجانِبُنَا بِبَاطِنِهِ ، الدُّعَاءُ لِمَن يَدعُو بِهِ ، إِذَا أَخلَصتَ فِي طَاعَةِ اللّهِ ، وَاعتَرفَتَ بِرَسُولِ اللّه صلى الله عليه و آله وَبِحَقِّنَا أَهلَ البَيتِ ، وَسَأَلَت اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى شَيئاً لَم يَحرِمكَ .
.
ص: 250
قلت : يا سيّدي ، فتعلّمني دعاءً اختصّ به من الأدعية . قال : هَذَا الدُّعَاءُ كَثِيرَاً مَا أَدعُو اللّهَ بِهِ ، وَقَد سَأَلتُ اللّهَ أَن لا يُخَيِّبَ مَن دَعَا بِهِ فِي مَشهَدِي بَعدِي ، وَهُوَ : يا عُدَّتِي عِندَ العُدَدِ ، وَيَا رَجَائِي وَالمُعتَمَدُ ، وَيَا كَهفِي وَالسَّنَد ، وَيَا وَاحِدُ يا أَحَدُ ، وَيَا قُل هُوَ اللّهُأَحَدٌ ، أَسأَلُكَ اللَّهُمَّ بِحَقِّ مَن خَلَقتَهُ مِن خَلقِكَ وَلَم تَجعَل فِي خَلقِكَ مِثلَهُم أَحَدَاً ، أَن تُصَلِّيَ عَلَيهِم ، وَتَفعَلَ بِي كَيتَ وَكَيتَ . (1) وآخر دعوانا : « سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ » (2) .
.
ص: 251
مكاتيب الإمام الحسن بنُ عليٍّ العسكريُّ عليه السلام
.
ص: 252
. .
ص: 253
الفصل الأوّل: في التّوحيد
.
ص: 254
. .
ص: 255
1كتابه عليه السلام إلى يعقوب بن إسحاقفي إبطال الرؤيةمحمّد بن أبي عبد اللّه ، عن عليّ بن أبي القاسم ، عن يعقوب بن إسحاق 1 ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أسأله كيف يعبد العبد ربّه وهو لا يراه ؟ فوقّع عليه السلام :يَا أبَا يُوسُفَ ، جَلَّ سَيِّدِي وَمَوَلايَ والمُنعِمُ عَلَيَّ وَعَلَى آبَائِي أَن يُرَى . قال : وسألته هل رأى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ربّه ؟ فوقّع عليه السلام :
.
ص: 256
إِنَّ اللّهَ _ تَبَارَكَ وَتَعَالَى _ أرَى رَسُولَهُ بِقَلبِهِ مِن نُورِ عَظَمَتِهِ مَا أحَبَّ . (1)
2كتابه عليه السلام إلى سهلفي النهي عن وصفه بغَير ما وصَف به نفسَه تعالىسهلٌ (2) قال : كتبت إلى أبي محمّد عليه السلام سنة خمس وخمسين ومئتين : قد اختلف ياسيّدي أصحابنا في التوحيد ، منهم من يقول : هو جسم ، ومنهم من يقول : هو صورة ، فإن رأيت يا سيّدي أن تُعلّمني من ذلك ما أقفُ عليه ، ولا أجوزُهُ فعلتَ مُتطوّلاً على عبدك . فوقّع بخطّه عليه السلام :سَألتَ عَنِ التَّوحِيدِ وَهَذَا عَنكُم مَعزُولٌ ، اللّهُ وَاحِدٌ أحَدٌ (3) ، لَم يَلِد وَلَم يُولَد وَلَم يَكُن لَهُ كُفُواً أحَدٌ ، خَالِقٌ وَلَيسَ بِمَخلُوقٍ ، يَخلُقُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا يَشَاءُ مِنَ الأجسَامِ وَغَيرِ ذَلِكَ (4) وَلَيسَ بِجِسمٍ ، وَيُصَوِّرُ مَا يَشَاءُ ولَيسَ بِصُورَةٍ ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَقَدَّسَت أسمَاؤُهُ أن يَكُونَ لَهُ شِبهٌ هُوَ لا غَيرُهُ ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ . (5)
.
ص: 257
الفصل الثاني: في الإمامة
.
ص: 258
. .
ص: 259
3كتاب له عليه السلامحكمة بالغةوجِدَ مكتوباً بخطّه هذا الكتاب :قَد صَعِدنَا ذُرَى (1) الحَقَائِقِ بِأَقدَامِ النُّبُوَّةِ وَالوَلايَةِ ، وَنَوَّرنَا السَّبعَ الطَّرَائِقَ بِأَعلامِ الفُتُوَّةِ وَالهِدَايَةِ (2) ، فَنَحنُ لُيُوثُ الوَغَى (3) وَغُيُوثُ النَّدَى ، وَفِينَا السَّيفُ ، وَالقَلَمُ فِي العَاجِلِ ، وَلِوَاءُ الحَمدِ وَالعَلَمُ فِي الآجِلِ ، وَأَسبَاطُنَا خُلَفَاءُ الدِّينِ ، وَحُلَفَاءُ ( خُلَفَاءُ ) اليَقِينِ ، وَمَصَابِيحُ الأُمَمِ ، وَمَفَاتِيحُ الكَرَمِ ، وَالكَلِيمُ أُلبِسَ حُلَّةَ الاِصطِفَاءِ لَمَّا عَهِدنَا مِنهُ الوَفَاءَ ، وَرُوحُ القُدُسِ فِي جِنَانِ الصَّاقُورَةِ (4) ذَاقَ مِن حَدَائِقِنَا البَاكُورَةِ (5) ، وَشِيعَتُنَا الفِئَةُ النَّاجِيَةُ وَالفِرقَةُ الزَّاكِيَةُ ، صَارُوا لَنَا رِداءً وَصَوناً ، وَعَلَى الظَّلَمَةِ إِلباً (6) وَعَوناً ،
.
ص: 260
وَسَيُحفَرُ (1) لَهُم يَنَابِيعُ الحَيَوَانِ بَعدَ لَظَى النِّيرَانِ . (2) وكتبه الحسن بن العسكري في سنة أربع وخمسين ومئتين (3) . (4)
4كتاب له عليه السلامكتاب المحتضر للحسن بن سليمان : رُوي أنّه وجَد بخطِّ مولانا أبي محمّد العسكريّ عليه السلام :أَعُوذُ بِاللّهِ مِن قَومٍ حَذَفُوا مُحكَمَاتِ الكِتَابِ ، وَنَسُوا اللّهَ رَبَّ الأَربَابِ وَالنَّبِيَّوَسَاقِيَ الكَوثَرِ فِي مَوَاقِفِ الحِسَابِ ، وَلَظَى وَالطَّامَّةَ الكُبرَى وَنَعِيمَ دَارِ الثَّوَابِ ، فَنَحنُ السَّنَامُ الأَعظَمُ ، وَفِينَا النُّبُوَّةُ وَالوَلايَةُ وَالكَرَمُ ، وَنَحنُ مَنَارُ الهُدَى وَالعُروَةُ الوُثقَى ، وَالأَنبِيَاءُ كَانُوا يَقتَبِسُونَ مِن أَنوَارِنَا وَيَقتَفُونَ آثَارَنَا ، وَسَيَظهَرُ حُجَّةُ اللّهِ عَلَى الخَلقِ بِالسَّيفِ المَسلُولِ لإِظهَارِ الحَقِّ . وَهَذَا خَطُّ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُوسَى بنِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ بنَ عَلِيٍّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ . (5)
.
ص: 261
5توقيعه عليه السلام إلى أحمد بن داوود ومحمّد بن عبد اللّه الطلحيّفي الإشارة والنصّ إلى الإمام عليه السلامأحمد بن داوود القميّ (1) ومحمّد بن عبد اللّه الطلحيّ (2) ، قالا : حملنا مالاً اجتمع من خُمس ونذور ، من عين وورق وجوهر وحلي وثياب من قمّ وما يليها ، فخرجنا نريد سيّدنا أبا الحسن عليّ بن محمّد عليه السلام ، فلمّا صرنا إلى دسكرة الملك تلقّانا رجل راكب على جمل ونحن في قافلة عظيمة ، فقصدنا ونحن سائرون في جملة الناس وهو يعارضنا بجمله ، حتّى وصل إلينا وقال : يا أحمد بن داوود ومحمّد بن عبد اللّه الطلحيّ ، معي رسالة إليكما . فقلنا له : ممّن يرحمك اللّه ؟ قال : من سيّدكما أبي الحسن عليّ بن محمّد عليه السلام يقول لكما :أَنَا رَاحِلٌ إِلَى اللّهِ فِي هَذِهِ اللَّيلَةِ ، فَأَقِيمَا مَكَانَكُمَا حَتَّى يَأتِيكُمَا أَمرُ ابنِي أَبِي مُحَمَّدٍالحَسَنِ عليه السلام .
فخشعت قلوبنا وبكت عيوننا ، وأخفينا ذلك ولم نظهره ، ونزلنا بدسكرة الملك ، واستأجرنا منزلاً وأحرزنا ما حملناه فيه ، وأصبحنا والخبر شائع في الدسكرة بوفاة مولانا أبي الحسن عليه السلام ، فقلنا : لا إله إلّا اللّه ، أترى ( الرسول ) الّذي جاء برسالته أشاع الخبر في الناس .
.
ص: 262
فلمّا أن تعالى النهار ، رأينا قوماً من الشيعة على أشدّ قلق ممّا نحن فيه ، فأخفينا أثر الرسالة ولم نظهره . فلمّا جنّ علينا الليل جلسنا بلا ضوء حزناً على سيّدنا أبي الحسن عليه السلام ، نبكي ونشتكي إلى اللّه فقده ، فإذا نحن بيدٍ قد دخلت علينا من الباب ، فأضاءت كما يضيء المصباح ، وقائل يقول : يا أحمد يا محمّد ، ( خذا ) هذا التوقيع فاعملا بما فيه . فقمنا على أقدامنا وأخذنا التوقيع فإذا فيه :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ ، مِنَ الحَسَنِ المُستَكِينَ للّهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، إِلَى شِيعَتِهِ المَسَاكِينَ . أَمَّا بَعدُ ، فَالحَمدُ للّهِ عَلَى مَا نَزَلَ بِنَا مِنهُ ، وَنَشكُرُ إِلَيكُم جَمِيلَ الصَّبرِ عَلَيهِ ، وَهُوَ حَسبُنَا فِي أَنفُسِنَا وَفِيكُم وَنِعمَ الوَكِيلِ ، رُدُّوا مَا مَعَكُم لَيسَ هَذَا أَوَانُ وُصُولِهِ إِلَينَا ، فَإِنَّ هَذَا الطَّاغِيَةُ قَد بَثَّ عَسَسَهُ (1) وَحَرَسَهُ حَولَنَا ، وَلَو شِئنَا مَا صَدَّكُم ، وَأَمرُنَا يُرَدَّ عَلَيكُم ، وَمَعَكُمَا صُرَّةٌ فِيهَا سَبعَةُ عَشَرَ دِينَاراً فِي خِرقَةٍ حَمرَاءَ « لِأَيَّوبَ بنِ سُلَيمَانَ الآبِي » ، فَرِدَّاهَا عَلَيهِ ، فَإِنَّهُ مُمتَحَنٌ بِمَا فَعَلَهُ ، وَهُوَ مِمَّن وَقَفَ عَلَى جَدِّي مُوسَى بنِ جَعفَرٍ عليهماالسلام . فَردِّا صُرَّتَهُ عَلَيهِ وَلَا تُخبِرَاهُ . فرجعنا إلى قمّ وأقمنا بها سبع ليالٍ ، فإذا قد جاءنا أمره : قَد أَنفذَنَا إِلَيكُمَا إِبِلاً غَيرَ إِبلِكُمَا ، فَاحمِلَا مَا قَبلَكُمَا عَلَيهَا وَخَلَّيَا لَهَا السَّبِيلَ ، فَإنَّها وَاصِلَةٌ إِلَينَا .
قالا : وكانت الإبل بغير قائدٍ ولا سائق توقيع بها الشرح ، وهو مثل ذلك التوقيع الّذي أوصلته إلينا بالدسكرة تلك اليد ، فحلمنا لها ما عندنا واستودعناها اللّه وأطلقناها . فلمّا كان من قابل خرجنا نريده عليه السلام ، فلمّا وصلنا إلى سُرَّ مَن رَأى دخلنا
.
ص: 263
عليه عليه السلام ، فقال لنا :يَا أَحمَدُ يَا مُحَمَّدُ ، ادخُلَا مِنَ البَابِ الَّذِي بِجَانِبِ الدَّارِ ، فَانظُرَا إِلَى مَا حَمِلتُمَاهِ إِلَينَا عَلَى الإِبِلِ ، فَلَم تَفقِدَا ( فلن نَفقِد ) مِنهُ شَيئَاً . فدخلنا فإذا نحن بالمتاع كما وعيناه وشددناه لم يتغيّر منه شيء ، ووجدنا فيه الصرّة الحمراء والدنانير بختمها ، وكنّا رددناها على أيّوب . فقلنا : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، هذه الصرّة أليس قد رددناها على أيّوب ؟ فما نصنع هاهنا ؟ فواسوأتاه من سيّدنا . فصاح بنا من مجلسه : مَا لَكُمَا سَوأَتكُمَا . فسمعنا الصوت فأتينا إليه . فقال : آمَنَ أَيُّوبُ فِي وَقتِ رَدِّ الصُّرَّةِ عَلَيهِ ، فَقَبِلَ اللّهُ إِيمَانَهُ وَقَبِلنَا هَدِّيَتَهُ . فحمدنا اللّه وشكرناه على ذلك . (1)
6كتابه عليه السلام إلى هارون بن مسلمسعد بن عبد اللّه ، عن هارون بن مسلم 2 ، قال : كتبت إلى أبي محمّد عليه السلام بعد مضيّ أبي
.
ص: 264
الحسن عليه السلام أنا وجماعة نسأله عن وصيّ أبيه ، فكتب :قَد فَهِمتُ مَا ذَكَرتُم وَإِن كُنتُم إِلَى هَذَا الوَقتِ فِي شَكٍّ فَإِنَّهَا المُصِيبَةُ العُظمَى ، أَنَا وَصِيُّهُ وَصَاحِبُكُم بَعدَهُ عليه السلام ، بِمُشَافَهَةٍ مِنَ المَاضِي ، أُشهِدُ اللّهَ تَعَالَى وَمَلَائِكَتَهُ وَأَولِيَاءَهُ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِن شَكَكتُم بَعدَمَا رَأَيتُم خَطِّي وَسَمِعتُم مُخَاطَبَتِي فَقَد أَخطَأتُم حَظَّ أَنفُسِكُم وَغَلَطتُم الطَّرِيقَ . (1)
7كتابه عليه السلام إلى ناصح البادوديّروى علّان الكلابيّ عن إسحاق بن إسماعيل النيشابوريّ ، قال : حدّثني الربيع بن سويد الشيبانيّ (2) ، قال : حدّثني ناصح البادوديّ (3) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أُعزّيه بأبي الحسن ، وقلتُ في نفسي وأنا أكتب : لو قد خرج ببرهانٍ يكون حجّة لي . فأجابني عن تعزيتي ، وكتب بعد ذلك :مَن سَأَلَ آيَةً أَو بُرهَاناً فَأُعطِيَ ثُمَّ رَجَعَ عَمَّن طَلَبَ مِنهُ الآيَةَ ، عُذِّبَ ضِعفَ العَذَابِ ، وَمَن صَبَرَ أُعطِيَ التَّأيِيدَ مِنَ اللّهِ ، وَالنَّاسُ مَجبُولُونَ عَلَى جِبلَةِ (4) إِيثَارِ الكُتُبِ
.
ص: 265
المُنَشَّرَةِ ، فَاسأَلُ اللّهَ ( السَّدَادَ ) (1) ، فَإِنَّمَا هُوَ التَّسلِيمُ أَو العَطَبُ (2) ، وَللّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ . (3)
8كتابه عليه السلام إلى بعض رجالهفي اتّصال الوصيّة من لدن آدم عليه السلامحدّثنا محمّد بن الحسن رضى الله عنه قال : حدّثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري ، قال : حدّثنا أحمد بن إسحاق 4 ، قال :خرج عن أبي محمّد عليه السلام إلى بعض رجاله في عرض كلامٍ له :ما مُنِيَ أَحَدٌ مِن آبَائِي بِمَا مُنِيتُ بِهِ مِن شَكِّ هَذِهِ العِصَابَةِ فِيَّ ، فَإِن كَانَ هَذَا الأَمرُ أَمراً اعتَقَدَتمُوُهُ وَدِنتُم بِهِ إِلَى وَقتٍ ثُمَّ يَنقَطِعُ ، فَلِلشَّكِّ مَوضِعٌ ، وَإِن كَانَ مُتَّصِلاً مَا اتَّصَلَت أُمُورُ اللّهِ عزّ وجلّ فَمَا مَعنَى هَذَا الشَّكِّ ؟ (4)
.
ص: 266
9كتابه عليه السلام إلى أحمد بن محمّد بن مُطهّرفي الواقفيةرُوي عن أحمد بن محمّد بن مطهّر 1 ( قال : ) كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمّد عليه السلام _ من أهل الجَبَل _ يسأله عمّن وقف (1) على أبي الحسن موسى ، أتولاهم أم أتبرّأ منهم ؟ فكتب إليه :لا تَتَرَحَّم عَلَى عَمِّكَ ، لا رَحِمَ اللّهُ عَمَّكَ وَتَبَرَّأ مِنهُ ، أَ نَا إِلَى اللّهِ مِنهُم بَرِيءٌ فَلا تَتَوَلّاهُم ، وَلا تَعُد مَرضَاهُم ، وَلا تَشهَد جَنَائِزَهُم ، وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنهُم ماتَ أَبَداً . سَوَاءٌ مَن جَحَدَ إِمَاماً مِنَ اللّهِ ، أَو زَادَ إِمَاماً لَيسَت إِمَامَتُهُ مِنَ اللّهِ ، أَو جَحَدَ ، أَو قَالَ : ثَالِثُ ثَلاثَةٍ . (2) إِنَّ الجَاحِدَ أَمرَ آخِرِنَا جَاحِدٌ أَمرَ أَوَّلِنَا ، وَالزَّائِدَ فِينَا كَالنَّاقِصِ الجَاحِدِ أَمرَنَا .
.
ص: 267
وكَأنّ هذا _ أي السائل _ لم يعلم أنّ عمّه كان منهم ، فأعلمه ذلك . (1)
10كتابه عليه السلام إلى عبد اللّه بن حمدويه البيهقيّفي نصب الوكلاءومن كتاب له عليه السلام إلى عبد اللّه بن حمدويه البيهقيّ (2) :وَبَعدُ ، فَقَد نَصَبتُ لَكُم إِبرَاهِيمَ بنَ عَبدَةَ ؛ 3 لِيَدفَعَ إِلَيهِ النَّوَاحِي وَأَهلُ نَاحِيَتِكَ حُقُوقِي الوَاجِبَةَ عَلَيكُم ، وَجَعَلتُهُ ثِقَتِي وَأَمِينِي عِندَ مَوَالِي هُنَاكَ ، فَليَتَّقُوا اللّهَ جَلَّ جَلَالَهُ ، وَليُراقِبُوا وَليُؤَدُّوا الحُقُوقَ ، فَلَيسَ لَهُم عُذرٌ فِي تَركِ ذلِكَ وَلَا تَأخِيرِهِ ، لَا أَشقَاكُم اللّهُ بِعِصيَانِ أَولِيَائِهِ ، وَرَحِمَهُم وَإِيَّاكَ مَعَهُم بِرَحمَتِي لَهُم ، إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ كَرِيمٌ . (3)
.
ص: 268
11كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن عبدةقال أبو عمرو : حكى بعض الثقات أنّ أبا محمّد عليه السلام كتب إلى إبراهيم بن عبدة :وَكِتَابِي الَّذِي وَرَدَ عَلَى إِبرَاهِيمَ بنِ عَبدَةَ بِتَوكِيلِي إيِّاهُ بِقَبضِ حُقُوقِي مِن مَوَالِينَا هُنَاكَ ، نَعَم ، هُوَ كِتَابِي بِخَطِّي إِلَيهِ أَقَمتُهُ _ أَعنِي إِبرَاهِيمَ بنَ عَبدَةَ _ لَهُم بِبَلَدِهِم حَقّاً غَيرَ بَاطِلٍ ، فَليَتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ، وَليَخرُجُوا مِن حُقُوقِي ، وَليَدفَعُوهَا إِلَيهِ ، فَقَد جَوَّزتُ لَهُ مَا يَعمَلُ بِهِ فِيهَا ، وَفَّقَهُ اللّهُ ، وَمَنَّ عَلَيهِ بِالسَّلَامَةِ مِنَ التَّقصِيرِ بِرَحمَتِهِ . (1)
12كتاب له عليه السلامفي ولادة صاحب الزمان عليه السلامالحسين بن محمّد الأشعريّ عن معلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه (2) ، قال : خرج عن أبي محمّد عليه السلام حين قُتل الزبيريّ (3) لعنه اللّه :هَذَا جَزَاءُ مَنِ اجتَرَأ عَلَى اللّهِ فِي أولِيَائِهِ ، يَزعُمُ أنَّهُ يَقتُلُنِي وَلَيسَ لِي عَقِبٌ ، فَكَيفَ
.
ص: 269
رَأى قُدرَةَ اللّهِ فِيهِ . ووُلِد له ولدٌ سمّاه « م ح م د » 1 في سنة ستّ وخمسين ومئتين . (1)
13كتابه عليه السلام إلى أحمد بن إسحاقحدّثنا أبو العبّاس أحمد بن الحسين بن عبد اللّه بن مهران الآبي الأزديّ العروضيّ بمرو ، قال : حدّثنا أحمد بن الحسن بن إسحاق القمّي ، قال : لمّا ولد الخلف الصالح عليه السلام ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام إلى جدّي أحمد بن إسحاق (2) كتاب ، فإذا فيه مكتوب بخطّ يده عليه السلام الّذي كان ترد به التوقيعات عليه ، وفيه :وُلِدَ لَنا مَولُودٌ ، فَليَكُن عِندَكَ مَستُوراً ، وعَن جَمِيعِ النَّاسِ مَكتُوماً ، فَإنَّا لَم نُظهِر عَلَيهِ إلَا الأَقرَبَ لِقِرابَتِهِ ، والوَلِيَّ لِوِلايَتِهِ ، أَحبَبنَا إِعلامَكَ لِيَسُرَّكَ اللّهُ لَهُ مِثلَ مَا سَرَّنَا
.
ص: 270
روى الصدوق رحمه الله : حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن _ رضي اللّه عنهما _ ، قالا : حدّثنا عبد اللّه بن جعفر الحميريّ ، قال : حدّثنا أحمد بن إسحاق ، قال : دخلت على مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السلام ، فقال : يَا أَحمَدُ ، مَا كَانَ حَالُكُم فِيمَا كَانَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الشَّكِّ وَالارتِيَابِ ؟ فقلت له : يا سيّديّ ، لمّا ورد الكتاب (3) لم يبق منّا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم إلّا قال بالحقّ . فقال :أَحمِدُ اللّهَ عَلَى ذَلِكَ يَا أَحمَدُ ، أَمَا عَلِمتُم أَنَّ الأَرضَ لَا تَخلُو مِن حُجَّةٍ ؟ وَأَنَا ذَلِكَ الحُجَّةُ _ أَو قَالَ : أَنَا الحُجَّةُ _ . (4)
14كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن إِدرِيسعنه ( محمّد بن عليّ الشلمغانيّ ) ، قال : حدّثني الثقة عن إبراهيم بن إدرِيس 5 ، قال : وجّه إليَّ مولاي أبو محمّد عليه السلام بكبشٍ وقال :عُقَّهُ عَن ابنِي فُلَانٍ وَكُل وَأَطعِم أَهلَكَ .
ففعلت ، ثمّ لقيتُه بعد ذلك ، فقال لي :المَولُودُ الَّذِي وُلِدَ لِي مَاتَ . ثمّ وجّه إليَّ بكبشين وكتب : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ ، عُقَّ هذَينِ الكَبشَينِ عَن مَولَاكَ ، وَكُل
.
ص: 271
هَنَّأَكَ اللّهُ وَأَطعِم إخوَانَكَ . (1)
وفي روايةٍ أُخرى : عن إبراهيم صاحب أبي محمّد عليه السلام (2) أنّه قال : وجّه إليَّ مولاي أبو الحسن عليه السلام بأربعة أكبشٍ ، وكتب إليّ :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ ، عُقَّ هَذِه عَن ابنِي مُحَمَّدٍ المَهدِيِّ ، وَكُل هَنَّأَكَ ، وَأَطعِم مَن وَجَدتَ مِن شِيعَتِنَا . (3)
15كتابه عليه السلام إلى موسى بن جعفر بن وهب البغداديّحدّثنا عليّ بن عبد اللّه الورّاق ، قال : حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال : حدّثني موسى بن جعفر بن وهب البغداديّ (4) أنّه خرج من أبي محمّد عليه السلام توقيع :زَعَمُوا أنَّهُم يُرِيدُونَ قَتلِي لِيَقطَعُوا هَذا النَّسل ، وَقَد كَذَّبَ اللّهُ عزَّ وَجلَّ قَولَهُم وَالحَمدُ للّهِ . (5)
.
ص: 272
16كتاب له عليه السلاموذكر الصيمَريّ 1 أيضاً عن المحموديّ (1) ، قال : رأيت خطّ أبي محمّد عليه السلام لمّا خرج من حبس المُعتمد : « يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَ اهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ » (2) . (3)
17كتابه عليه السلام إلى أُمّه عليهاالسلامحدّثنا عليّ بن الحسين بن شاذويه المؤدّب رضى الله عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن عبد اللّه ، عن أبيه عبد اللّه بن جعفر الحميريّ ، قال : حدّثني محمّد بن جعفر ، قال :حدّثني
.
ص: 273
أحمد بن إبراهيم 1 ، قال : دخلت على حكيمة بنت محمّد بن عليّ الرضا أُخت أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام في سنة اثنتين وستّين ومئتين ، فكلّمتها من وراء حجاب ، وسألتها عن دينها ، فسمّت لي من تأتمّ بهم ، ثمّ قالت : والحجّة بن الحسن بن عليّ ، فسمّته . فقلت لها : جعلني اللّه فداك ، معاينةً أو خبراً ؟ فقالت : خبراً عن أبي محمّد عليه السلام كتب به إلى أُمّه . . . (1)
18كتابه عليه السلام إلى الحسن بن ظَريففي قضاء القائم عليه السلام ، ولحُمّى الرِّبعإسحاق قال : حدّثني الحسن بن ظَريف (2) ، قال : اختلج في صدري مسألتان أردتُ
.
ص: 274
الكتاب فيهما إلى أبي محمّد عليه السلام ، فكتبتُ أسأله عن القائم عليه السلام إذا قام بما يقضي ؟ وأين مجلسه الّذي يقضي فيه بين الناس ؟ وأردت أن أسأله عن شيءٍ لحُمّى الرِّبع (1) ، فأغفلتُ خبر الحُمّى ، فجاء الجواب :سَألتَ عَنِ القَائِمِ ، فَإِذَا قَامَ قَضَى بَينَ النَّاسِ بِعِلمِهِ كَقَضَاءِ دَاوُودَ عليه السلام لا يَسألُ البَيِّنَةَ ، وَكُنتَ أرَدتَ أن تَسألَ لِحُمَّى الرِّبعِ فَأُنسِيتَ ، فَاكتُب فِي وَرَقَةٍ وَعَلِّقهُ عَلَى المَحمُومِ ، فَإِنَّهُ يَبرَأُ بِإِذنِ اللّهِ إِن شَاءَ اللّهُ : « يَا نَارُ كُونِى بَرْدًا وَسَلاماً عَلَى إِبْرَ اهِيمَ » (2) . فعلّقنا عليه ما ذكر أبو محمّد عليه السلام فأفاق . (3)
19كتابه عليه السلام إلى المدائنفي شهادته عليه السلامحدّث أبو الأديان (4) قال : كنت أخدم الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، وأحمل كتبه إلى الأمصار ، فدخلت عليه في علّته الّتي توفّي فيها صلوات اللّه عليه ، فكتب معي كُتباً ، وقال :
.
ص: 275
امضِ بِهَا إِلَى المَدَائِنِ ، فَإِنَّكَ سَتَغِيبُ خَمسَةَ عَشَرَ يَوماً ، فَتَدخُلُ إِلَى سُرَّ مَن رَأَى يَومَ الخَامِسَ عَشَرَ وَتَسمَعُ الوَاعِيَةَ فِي دَارِي وَتَجِدُنِي عَلَى المُغتَسَلِ . قال أبو الأديان : فقلت : يا سيّدي ، فإذا كان ذلك فمَن ؟ قال : مَن طَالَبَكَ بِجَوَاباتِ كُتُبِي فَهُوَ القائِمُ بَعدِي . فقلت : زدني . فقال : مَن يُصَلِّي عَلَيَّ فَهُوَ القَائِمُ بَعدِي . فقلت : زدني . فقال : مَن أَخبَرَ بِمَا فِي الهِميَانِ فَهُوَ القَائِمُ بَعدِي . ثمّ منعتني هيبته أن أسأله عمّا في الهميان . (1)
20كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عليّ بن بِلالعليّ بن محمّد عن محمّد بن عليّ بن بِلال 2 ، قال :خرج إليَّ من أبي محمّد قبل
.
ص: 276
مُضيّه بسنتين يخبرني بالخَلَف من بعده ، ثمّ خرج إليَّ من قبل مُضيّه بثلاثة أيّام يخبرني بالخَلَف من بعده . (1) وفي روايةٍ اُخرى : أبو جعفر قال : بعثنا مع ثقة من ثقات إخواننا إلى العسكرشيئاً ، فعمد الرجل فدسّ فيما معه رقعة من غير علمنا ، فرُدّت عليه الرقعة من غير جواب ، قال أبو عبد اللّه الحسين بن إسماعيل الكنديّ : قال لي أبو طاهر البلالي : التوقيع الّذي خرج إليَّ من أبي محمّد عليه السلام فعلّقوه في الخَلَف بعده وديعةٌ في بيتك ، فقلت له : أحبّ أن تنسخ لي من لفظ التوقيع ما فيه . فأخبر أبا طاهر بمقالتي (2) ، فقال له : جئني به حتّى يسقط الإسناد بيني وبينه . فخرج إليَّ من أبي محمّد عليه السلام قبل مُضيّه بسنتين يخبرني بالخَلَف من بعده ، ثمّ خرج إليَّ بعد مُضيّه بثلاثة أيّام يخبرني بذلك ، فلعن اللّه من جحد أولياء اللّه حقوقهم وحمل الناس على أكتافهم ، والحمد للّه كثيرا (3) . (4)
.
ص: 277
21كتابه عليه السلام إلى جماعةمحمّد بن عيّاش (1) قال :تذاكرنا آيات الإمام ، فقال ناصبيّ : إن أجاب عن كتابٍ بلا مِداد علمت أنّه حقّ . فكتبنا مسائل وكتب الرجل بلا مِدادٍ على ورقٍ ، وجعل في الكتب وبعثنا إليه ، فأجاب عن مسائلنا ، وكتب على ورقه اسمه واسم أبويه . فدهش الرجل ، فلمّا أفاق اعتقد الحقّ . (2)
22كتابه عليه السلام إلى أبي طاهر بن بُلبُلقال أبو جعفر العَمريّ 3 : إنّ أبا طاهر بن بُلبُل 4 حجّ فنظر إلى عليّ بن جعفر
.
ص: 278
. .
ص: 279
الهمدانيّ 1 وهو يُنفق النفقات العظيمة ، فلمّا انصرف كتب بذلك إلى أبي محمّد عليه السلام ،
.
ص: 280
فوقّع في رُقعته :قَد أَمَرنَا لَهُ بِمِئَةِ أَلفِ دِينَارٍ ، ثُمَّ أَمَرنَا لَكَ بِمِثلِهَا . (1)
وفي روايةٍ اُخرى : جماعةٌ عن التلّعُكبَريِّ ، عن أحمد بن عليّ الرازيّ ، عن الحسين بن عليّ ، عن أبي الحسن الإياديّ ، قال : حدّثني أبو جعفر العَمريّ رضى الله عنه : إنّ أبا طاهر بن بُلبُل حجّ ، فنظر إلى عليّ بن جعفر الهمانيّ وهو يُنفق النفقات العظيمة ، فلمّا انصرف كتب بذلك إلى أبي محمّد عليه السلام ، فوقّع في رُقعته :قَد كُنَّا أَمَرنَا لَهُ بِمِئَةِ أَلفِ دِينَارٍ ، ثُمَّ أَمَرنَا لَهُ بِمِثلِهَا ، فَأَبَى قَبُولَهَا إِبقَاءً عَلَينَا ، مَا لِلنَّاسِ وَالدُّخُولَ فِي أَمرِنَا فِيمَا لَم نُدخِلهُم فِيهِ . (2)
23كتابه عليه السلام إلى الحسن بن ظريففي معنى « مَن كُنتُ مَولَاهُ فَهَذَا مَولَاهُ »الحسن بن ظريف (3) قال : كتبت إلى أبي محمّد أسأله ما معنى قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله
.
ص: 281
لأمير المؤمنين عليه السلام :مَن كُنتُ مَولَاهُ فَهَذَا مَولاهُ؟ قال عليه السلام : أرادَ بِذَلِكَ أن يَجعَلَهُ عَلَمَاً يُعرَفُ بِهِ حِزبُ اللّهِ عِندَ الفُرقَةِ . (1)
24كتابه عليه السلام إلى الأقرعفي احتلام الإمامإسحاق (2) عن الأقرع 3 ، قال : كتبت إلى أبي محمّد أسأله عن الإمام هل يحتلم ؟ وقلتُ في نفسي بعدما فَصَلَ الكتابُ : الاحتلام شَيطَنَةٌ ، وقد أعاذ اللّه تبارك وتعالى أولياءه من ذلك . فورد الجواب :حَالُ الأَئِمَّةِ فِي المَنَامِ حَالُهُم فِي اليَقَظَةِ ، لا يُغَيِّرُ النَّومُ مِنهُم شَيئاً ، وَقَد أعَاذَ اللّهُ أَولِيَاءَهُ مِن لَمَّةِ (3) الشَّيطَانِ ، كَمَا حَدَّثَتكَ نَفسُكَ . (4)
.
ص: 282
25كتابه عليه السلام إلى بعض أهل المدائنفي معنى « الصعب المستصعب »محمّد بن يحيى وغيرُه ، عن محمّد بن أحمد ، عن بعض أصحابنا ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام : جُعلتُ فداك ، ما معنى قول الصادق عليه السلام :حَدِيثُنَا لَا يَحتَمِلُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، ولا نَبِيٌّ مُرسَلٌ ، ولا مُؤمِنٌ امتَحَنَ اللّهُ قَلبَهُ لِلإِيمَانِ ؟ فجاء الجواب : إنَّمَا معنَى قَولِ الصَّادِقِ عليه السلام _ أَي لا يَحتَمِلُهُ مَلَكٌ وَلَا نبيٌّ وَلَا مُؤمِنٌ _ أَنَّ المَلَكَ لا يَحتَمِلُهُ حتَّى يُخرِجَهُ إلى مَلَكٍ غَيرِهِ ، والنَّبِيُّ لَا يَحتَمِلُهُ حَتَّى يُخرِجَهُ إِلَى نَبِيٍّ غَيرِه ، وَالمُؤمِنُ لَا يَحتَمِلُهُ حَتَّى يُخرِجَهُ إِلَى مُؤمِنٍ غَيرِهِ ، فَهَذَا مَعنَى قَولِ جَدِّي عليه السلام . (1)
وفي معاني الأخبار : أبي رحمه اللّه قال : حدّثنا أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبد اللّه ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن بعض أهل المدائن ، قال : كتبت إلى أبي محمّد عليه السلام : روي لنا عن آبائكم : إنّ حديثكم صعبٌ مستصعب ، لا يحتمله ملكٌ مقرّب ، ولا نبيٌّ مرسل ، ولا مؤمنٌ امتحن اللّه قلبه للإيمان . قال : فجاءه الجواب :إِنَّمَا مَعنَاهُ أَنَّ المَلَكَ لَا يَحتَمِلُهُ فِي جَوفِهِ حَتَّى يُخرِجَهُ إِلَى مَلَكٍ مِثلِهِ ، وَلَا يَحتَمِلُهُ نَبِيٌّ حَتَّى يُخرِجَهُ إِلَى نَبِيٍّ مِثلِهِ ، وَلَا يَحتَمِلُهُ مؤمِنٌ حَتَّى يُخرِجَهُ إِلَى مُؤمِنٍ مِثلِهِ . إِنَّمَا مَعنَاهُ أَلّا يَحتَمِلُهُ فِي قَلبِهِ مِن حَلَاوَةِ مَا هُوَ فِي صَدرِهِ حَتَّى يُخرِجَهُ إِلَى غَيرِهِ . (2)
.
ص: 283
26كتاب له عليه السلامروى الكلابيّ عن أبي الحسين بن عليّ بن بلال (1) ، وأبي يحيى النعمانيّ (2) ، قالا : ورد كتاب من أبي محمّد عليه السلام ونحن حضور عند أبي طاهر بن بلال (3) ، فنظرنا فيه ، فقال النعمانيّ : فيه لحن أو يكون النحو باطلاً ، وكان هذا بسُرّ مَن رَأى ، فنحن في ذلك إذ جاءنا توقيعه :مَا بَالُ قَومٍ يُلحِّنُونَنَا ، وَإِنَّ الكَلِمَةَ نَتَكَلَّمُ بِهَا تَنصَرِفُ عَلَى سَبعِينَ وَجهَاً ، فِيهَا كُلِّهَا المَخرَجُ مِنهَا وَالمَحَجَّة . (4)
.
ص: 284
. .
ص: 285
الفصل الثالث: في بعض كراماته وغرائب شأنه (ع)
.
ص: 286
. .
ص: 287
27كتابه عليه السلام إلى سفيان بن محمّد الضُّبَعيعلي بن محمّد ومحمّد بن أبي عبد اللّه ، عن إسحاق بن محمّد النخَعيّ ، قال : حدّثني سفيان بن محمّد الضُّبَعيّ (1) ، قال : كتبت إلى أبي محمّد أسأله عن الوليجة (2) ، وهو قول اللّه تعالى : « وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً » (3) ، قلت في نفسي : لا في الكتاب من ترى المؤمنين هاهنا (4) . فرجع الجوابُ :الوَلِيجَةُ الَّذِي يُقَامُ دُونَ وَلِيِّ الأَمرِ ، وَحَدَّثَتكَ نَفسُكَ عَنِ المُؤمِنِينَ مَن هُم فِي هَذَا المَوضِعِ ، فَهُمُ الأَئِمَّةُ الَّذِينَ يُؤمِنُونَ عَلَى اللّهِ فَيُجِيزُ أَمَانَهُم . (5)
.
ص: 288
28كتابه عليه السلام إلى بعض شيعتهقال أبو القاسم الهَرَويّ (1) : خرج توقيعٌ ( من ) أبي محمّد عليه السلام إلى بعض بني أسباط ، قال : كتبت إلى الإمام (2) اُخبرُه من اختلاف الموالي ، وأسألُه بإظهار دليل . فكتب ( إليَّ ) :إِنَّمَا خَاطَبَ اللّهُ العَاقِلَ ، وَلَيسَ أَحَدٌ يَأتِي بِآيَةٍ وَيُظهِرُ دَلِيلاً أَكثَرَ مِمَّا جَاءَ بِهِ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدُ المُرسَلِينَ صلى الله عليه و آله ، فَقَالُوا : كَاهِنٌ وَسَاحِرٌ وَكَذَّابٌ! وَهُدِيَ مَنِ اهتَدَى ، غَيرَ أَنَّ الأَدِلَّةَ يَسكُنُ إِلَيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللّهَ يَأذَنُ لَنَا فَنَتَكَلَّمُ ، وَيَمنَعُ فَنَصمُتُ . وَلَو أَحَبَّ اللّهُ أَلَا يُظهِرَ حَقَّنَا مَا ظَهَرَ ، بَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ، يَصدَعُونَ بِالحَقِّ فِي حَالِ الضَّعفِ وَالقُوَّةِ ، وَيَنطِقُونَ فِي أَوقَاتٍ ؛ لِيَقضِيَ ( اللّهُ ) أَمرَهُ وَيُنفِذَ حُكمَهُ . وَالنَّاسُ عَلَى طَبَقَاتٍ ( مُختَلِفِينَ ) شَتَّى : فَالمُستَبصِرُ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ مُتَمَسِّكٌ بِالحَقِّ ، فَيَتَعَلَّقُ بِفَرعٍ أَصِيلٍ غَيرُ شَاكٍّ وَلا مُرتَابٍ ، لا يَجِدُ عَنهُ مَلجَأً . وَطَبَقَةٌ لَم تَأخُذِ الحَقَّ مِن أَهلِهِ ، فَهُم كَرَاكِبِ البَحرِ يَمُوجُ عِندَ مَوجِهِ ، وَيَسكُنُ عِندَ سُكُونِهِ ، وَطَبَقَةٌ استَحوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطَانُ ، شَأنُهُمُ الرَّدُّ عَلَى أَهلِ الحَقِّ ، وَدَفعُ الحَقِّ بِالبَاطِلِ ، حَسَداً مِن عِندِ أَنفُسِهِم . فَدَع مَن ذَهَبَ يَمِيناً وَشِمَالاً ، كَالرَّاعِي إِذَا أَرَادَ أَن يَجمَعَ غَنَمَهُ جَمَعَهَا بِأَدوَنِ السَّعيِ .
.
ص: 289
ذَكَرتَ مَا اختَلَفَ فِيهِ مَوَالِيَّ ، فَإِذَا كَانَتِ الوَصِيَّةُ وَالكِبَرُ فَلا رَيبَ . وَمَن جَلَسَ بِمَجَالِسِ الحُكمِ فَهُوَ أَولَى بِالحُكمِ ، أَحسِن رِعَايَةَ مَنِ استَرعَيتَ ، فَإِيَّاكَ وَالإِذَاعَةَ وَطَلَبَ الرِّئَاسَةِ ، فَإِنَّهُمَا تَدعُوَانِ إِلَى الهَلَكَةِ . ذَكَرتَ شُخُوصَكَ إِلَى فَارِسَ فَاشخَص (عَافَاكَ اللّهُ) خَارَ اللّهُ لَكَ ، وَتَدخُلُ مِصرَإِن شَاءَ اللّهُ آمِناً ، وَاقرأ مَن تَثِقُ بِهِ مِن مَوَالِيَّ السَّلامَ ، وَمُرهُم بِتَقوَى اللّهِ العَظِيمِ ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ ، وَأَعلِمهُم أَنَّ المُذِيعَ عَلَينَا (سرّنا) حَربٌ لَنَا .
قال : فلمّا قرأتُ : « وَتَدخُلُ مِصرَ » لم أعرف له معنىً ، وقدمت بغداد وعزيمتي الخروج إلى فارس ، فلم يتهيّأ لي الخروج إلى فارس ، وخرجت إلى مصر فعرفت أنّ الإمام عرف أنّي لا أخرج إلى فارس . (1) وفي تحف العقول : وكتب إليه بعض شيعته يعرّفُه اختلاف الشيعة ، فكتب عليه السلام :إِنَّمَا خَاطَبَ اللّهُ العَاقِلَ ، وَالنَّاسُ فِيَّ عَلَى طَبَقَاتٍ : المُستَبصِرُ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ ، مُتَمَسِّكٌ بِالحَقِّ ، مُتَعَلِّقٌ بِفَرعِ الأَصلِ ، غَيرُ شَاكٍّ وَلا مُرتَابٍ ، لا يَجِدُ عَنِّي مَلجَأً . وَطَبَقَةٌ لَم تَأخُذِ الحَقَّ مِن أَهلِهِ ، فَهُم كَرَاكِبِ البَحرِ ، يَمُوجُ عِندَ مَوجِهِ وَيَسكُنُ عِندَ سُكُونِهِ . وَطَبَقَةٌ استَحوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطانُ ، شَأنُهُمُ الرَّدُّ عَلَى أَهلِ الحَقِّ وَدَفعُ الحَقِّ بِالبَاطِلِ حَسَداً مِن عِندِ أَنفُسِهِم . فَدَع مَن ذَهَبَ يَمِيناً وَشِمَالاً ، فَإِنَّ الرَّاعِيَ إِذَا أَرَادَ أَن يَجمَعَ غَنَمَهُ جَمَعَهَا بِأَهوَنِ سَعيٍ .
.
ص: 290
وَإِيَّاكَ وَالإِذَاعَةَ وَطَلَبَ الرِّئَاسَةِ ، فَإِنَّهُمَا يَدعُوَانِ إِلَى الهَلَكَةِ . (1)
29كتابه عليه السلام إلى أحمد بن محمّدإسحاق قال : حدّثني محمّد بن الحسن بن شَمُّونٍ ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام حين أخذ المُهتدي (2) في قتل الموالي :يا سيّدي ، الحمد للّه الّذي شغلهُ عنّا ، فقد بلغني أنّه يتهدّدك ، ويقول : واللّه لأجلينّهم عن جديد الأرض (3) . فوقّع أبو محمّد عليه السلام بخطّه : ذَاكَ أقصَرُ لِعُمُرِهِ ، عُدَّ مِن يَومِكَ هَذَا خَمسَةَ أَيَّامٍ وَيُقتَلُ فِي اليَومِ السَّادِسِ بَعدَ هَوَانٍ وَاستِخفَافٍ يَمُرُّ بِهِ . فكان كما قال عليه السلام . (4)
30كتابه عليه السلام إلى أبي الهيثم بن سيابةسعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد ، قال : أخبرني أبو الهيثم بن
.
ص: 291
سيّابة (1) أنّه كتب إليه لمّا أمر المعتزّ بدفعه إلى سعيد الحاجب عند مُضيّه إلى الكوفة ، وأن يحدَث فيه ما يحدَثُ به الناس بقَصر ابن هُبَيرَة : جعلني اللّه فداك ، بلغنا خبرٌ قد أقلقنا وأبلَغ منّا . فكتب عليه السلام إليه :بَعدَ ثَالثٍ يَأتِيكُمُ الفَرَجُ . فخُلع المُعتز اليوم الثالث 2 . (2)
31كتابه عليه السلام إلى أبي أحمد عبيد اللّه بن عبد اللّه بن طاهرعليّ بن محمّد بن زياد الصيمَريّ قال : دخلت على أبي أحمد عبيد اللّه بن
.
ص: 292
عبد اللّه بن طاهر (1) وبين يديه رُقعة أبي محمّد عليه السلام فيها :إِنِّي نَازَلتُ (2) اللّهَ فِي هَذَا الطَّاغِي _ يعني المستعين 3 _ ، وَهُوَ آخِذُهُ بَعدَ ثَلاثٍ . فلمّا كان اليوم الثالثُ خَلَعَ ، وكان من أمره ما كان إلى أن قُتل . (3)
.
ص: 293
وفي رواية اُخرى : محمّد بنّ عليّ الصيمَرِيّ (1) قال : دخلت على أبي أحمد عبيد اللّه بن عبد اللّه وبين يديه رُقعة أبي محمّد عليه السلام فيها : إنِّي نَازَلتُ اللّهَ فِي هَذَا الطَّاغِي _ يعني الزبيري _ ، وَهُوَ آخِذُهُ بَعدَ ثَلاثٍ . فلمّا كان في اليوم الثالث فُعل به ما فُعل . (2)
32كتابه عليه السلام إلى محمّد بن بُلبُلأبو طاهر : قال محمّد بن بُلبُل (3) : تقدّم المعتزّ إلى سعيد الحاجب (4) أن أخرج أبا محمّد إلى الكوفة ، ثمّ اضرب عنقه في الطريق . فجاء توقيعه عليه السلام إلينا :الّذي سَمِعتُمُوهُ تُكفَونَهُ . فخُلع المعتزّ بعد ثلاث وقُتل . (5)
.
ص: 294
33كتابه عليه السلام إلى محمّد بن شَمّون البصريّكتب محمّد بن شَمون البصريّ 1 ، فسأل أبا محمّد عليه السلام عن الحال وقد اشتدّت على المواليّ من محمّد المُهتدي ، فكتب إليه :عُدَّ مِن يَومِكَ خَمسَةَ أيَّامٍ ، فإنَّه يُقتَلُ فِي اليَومِ السَّادِسِ مِن بَعدِ هَوَانٍ يُلاقِيهِ . فكان كما قال عليه السلام . (1)
34كتابه عليه السلام إلى إسحاق بن جعفرعليّ بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر ، قال : كتب
.
ص: 295
أبو محمّد عليه السلام إلى أبيالقاسم إسحاق بن جعفر الزبيريّ (1) قبل موت المُعتزّ (2) بنحو عشرين يوماً :الزَم بَيتَكَ حَتَّى يَحدُثَ الحَادِثُ . فلمّا قُتل بُرَيحَةُ (3) كتب إليه : قد حدث الحادث فما تأمرني ؟ فكتب : لَيسَ هَذَا الحَادِثُ ، هُوَ الحَادِثُ الآخَرُ . فكان من أمر المُعتزّ ما كان . وعنه قال : كتب إلى رجلٍ آخر : يُقتَلُ ابنُ مُحَمَّدُ بنُ دَاوودَ (4) قَبلَ قَتلِهِ بِعَشَرَةِ أيَّامٍ . فلمّا كان في اليوم العاشر قُتل . (5)
35كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد السَّمريّ[ الصيمريّ ]وعنه ( أي عن عليّ بن محمّد السمريّ ) قال : كتب إليَّ أبو محمّد عليه السلام :فِتنَةٌ تُظِلُّكُم ، فَكُونُوا عَلَى أُهبَةٍ مِنها .
.
ص: 296
فلمّا كان بعد ثلاثة أيّام وقَع بين بني هاشم ما وقع 1 ، فكتبت إليه : هي ؟ قال : لا ، وَلَكِن غَيرُ هَذِهِ فَاحتَرِزوا . فلمّا كان بعد أيّام كان من أمر المُعتزّ ما كان . (1)
36كتابه عليه السلام إلى محمّد بن حُجرعليّ بن محمّد عن بعض أصحابنا قال : كتب محمّد بن حُجر إلى أبي محمّد عليه السلام يشكو عبدَ العزيز بن دُلَفَ ويزيد بن عبد اللّه ، فكتب إليه :أمَّا عَبدُ العَزِيزِ فَقَد كُفِيتَهُ ، وَأمَّا يَزِيدُ فَإِنَّ لَكَ وَلَهُ مَقَاماً بَينَ يَدَيِ اللّهِ . فمات عبد العزيز ، وقَتل يزيد محمّد بن حُجر . (2)
37كتابه عليه السلام إلى أبي هاشم الجعفريّإسحاق قال : حدّثني أبو هاشم الجعفريّ 4 قال : شكوت إلى أبي محمّد عليه السلام ضيق
.
ص: 297
الحبس وكَتَلَ القَيد فكتب إليَّ :أنتَ تُصَلِّي اليَومَ الظُّهرَ فِي مَنزِلِكَ . فاُخرجت في وقت الظهر ، فصلّيت في منزلي كما قال عليه السلام ، وكنت مضيَّقاً ، فأردتُ أن أطلب منه دنانير في الكتاب فاستحييت ، فلمّا صرت إلى منزلي وَجّه إليَّ بمئة دينار ، وكتب إليَّ : إِذَا كَانَت لَكَ حَاجَةٌ فَلا تَستَحيِ وَلا تَحتَشِم وَاطلُبهَا ، فَإِنَّكَ تَرَى مَا تُحِبُّ إِن شَاءَ اللّهُ . (1)
38كتابه عليه السلام إلى الجعفريّعليّ بن محمّد ، عن عليّ (2) بن الحسن بن الفضل اليمانيّ قال : نزل بالجعفريّ من آل جعفر 3 خَلقٌ لا قِبَل له بهم ، فكتب إلى أبي محمّد يشكو ذلك ، فكتب إليه :
.
ص: 298
تُكفَونَ ذَلِكَ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى . فخرج إليهم في نفرٍ يسير والقوم يزيدون على عشرين ألفاً وهو في أقلّ من ألف ، فاستباحهم (1) . (2)
39كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن بن شَمُّونإسحاق قال : حدّثني محمّد بن الحسن بن شَمُّون (3) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أسألُه أن يدعو اللّه لي من وجع عيني ، وكانت إحدى عينيَّ ذاهبةً والأُخرى على شرف ذهاب ، فكتب إليَّ :حبَس اللّهُ عَلَيكَ عَينَكَ .
.
ص: 299
فأفاقت الصحيحةُ . ووقّع في آخر الكتاب : آجَرَكَ اللّهُ وَأحسَنَ ثَوَابَكَ . فاغتممتُ لذلك ولم أعرف في أهلي أحداً مات ، فلمّا كان بعد أيّام جاءتني وفاةُ ابني طيّب ، فعلمتُ أنّ التعزية له . (1)
40كتابه عليه السلام إلى أبي عليّ المُطهّرعليّ بن محمّد ، عن أبي عبد اللّه بن صالح ، عن أبيه ، عن أبي عليّ المُطهّر 2 أنّه كتب إليه (2) سَنَةَ (3) القادسيّة 5 يعلمه انصراف الناس ، وأنّه يخاف العطش ، فكتب عليه السلام :
.
ص: 300
امضُوا فَلا خَوفٌ عَلَيكُم إِن شَاءَ اللّهُ . فمضَوا سالمين ، والحمدُ للّه ربّ العالمين . (1)
41كتابه عليه السلام إلى محمّد بن زيدمحمّد بن الحسن بن شمّون ، قال : كتب إليه ابن عمّنا محمّد بن زيد يشاوره في شراء جارية نفيسة بمئتي دينار لابنه ، فكتب :لا تَشتَرها ؛ فإنَّ بِها جُنُوناً ، وهِيَ قَصِيرةُ العُمرِ مَعَ جُنُونِها . قال : فأضربت عن أمرها ، ثمّ مررت بعد أيّام ومعي ابني على مولاها ، فقلت : اشتهي أن أستعيد عرضها وأراها ، فأخرجها إلينا ، فبينا هي واقفة بين يدينا حتّى صار وجهها في قفاها ، فلبثت على تلك الحال ثلاثة أيّام وماتت . (2)
42كتابه عليه السلام إلى الحجّاج بن سفيان العبديّما روي عن الحجّاج بن سفيان العبديّ ، قال : خلّفتُ ابني بالبصرة عليلاً ، وكتبت إلى أبي محمّد عليه السلام أسأله الدعاء لابني ، فكتب إليّ :
.
ص: 301
رَحِمَ اللّهُ ابنَكَ إِنَّه كَانَ مُؤمِناً . قال الحجّاج : فورد عليَّ كتاب من البصرة أنّ ابني مات في ذلك اليوم الّذي كتب ( إليَّ ) أبو محمّد بموته ، وكان ابني شكّ في الإمامة للاختلاف الّذي جرى بين الشيعة (1) . (2)
43كتابه عليه السلام إلى محمّد بن رياب الرقَاشيّسعد بن عبد اللّه ، عن علّان بن محمّد الكلابيّ ، عن إسحاق بن محمّد النخعيّ ، قال : محمّد بن رياب (3) الرقَاشيّ ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أسأله عن المشكاة ، وأن يدعو لامرأتي _ وكانت حاملاً _ أن يرزقها ذكراً ، وأن يُسمّيه ، فرجع الجواب :المِشكَاةُ قَلبُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله . وكتب في آخر الكتاب : أَعظَمَ اللّهُ أَجرَكَ وَأَخلَفَ عَلَيكَ ، فَوَلَدَت وَلَدَاً مَيِّتاً . وحَمَلَت بعده فولدت غُلاماً . (4)
.
ص: 302
44كتابه عليه السلام إلى هَمَّام ( بن سهيل )أبو محمّد هارون بن موسى : ( قال ) أبو عليّ محمّد بن همّام 1 : كتب أبي إلى أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السلام يُعرِّفه أنّه ما صحّ له حَمل بولد ، ويُعرِّفه أنّ له حملاً ، ويسأله أن يدعو اللّه في تصحيحه وسلامته ، وأن يجعله ذكراً نجيباً من مواليهم . فوقّع على رأس الرقعة بخطّ يده :قَد فَعَلَ اللّهُ ذَلِكَ . فصح الحمل ذكراً . ( قال ) هارون بن موسى : أراني أبو عليّ بن همّام الرقعة والخطّ ، وكان محقّقاً . (1)
45كتابه عليه السلام إلى جعفر بن محمّد القلانسيّعن جعفر بن محمّد القَلانسيّ (2) قال : كتب أخي محمّد إلى أبي محمّد عليه السلام وامرأتُه حاملٌ تسأله الدعاء بخلاصها ، وأن يرزقه اللّه ذكراً ، أو تسأله أن تسمّيه ، فكتب إليه :
.
ص: 303
رَزَقَكَ اللّهُ ذَكَراً سَوِيّاً ، وَنِعمَ الاسمُ مُحَمَّدٌ وَعَبدُ الرَّحمنِ . فولدت ابنين توأماً ، فسمّى أحدهما محمّداً ، والآخر عبد الرحمن . 1
46كتابه عليه السلام إلى عليّ بن يزيدروى أبو سليمان عن عليّ بن يزيد المعروف (1) ب_ « ابن رمش » ، قال : اعتلّ ابني أحمد وكنت بالعَسكر وهو ببغداد ، فكتبت إلى أبي محمّد أسألُه الدعاء ، فخرج توقيعُه :أَ وَمَا عَلِمَ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً . فمات الابنُ . (2)
47كتابه عليه السلام إلى أبي سليمان المحموديّروى أبو سليمان المحموديّ (3) قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أسأله الدعاء بأن اُرزَق
.
ص: 304
ولداً ، فوقّع :رَزَقَكَ اللّهُ وَلَداً وَأَصبَرَكَ عَلَيهِ . فوُلِد لي ابنٌ ومات . (1)
48كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عليّ بن إبراهيم الهمدانيّرُوي عن محمّد بن عليّ بن إبراهيم الهمدانيّ (2) ، قال : كتبت إلى أبي محمّد عليه السلام أسألُه ( التبرّك بأن يدعو ) أن اُرزق ولداً من بنت عمٍّ لي ، فوقّع :رَزَقَكَ اللّهُ ذُكرَاناً . فوُلِد لي أربعةٌ . (3)
49كتابه عليه السلام إلى عمرو بن أبي مسلمعبد اللّه بن جعفر الحِميَريّ في كتاب الدلائل بإسناده عن الكُلينيّ ، عن إسحاق بن محمّد ، عن عمرو بن أبي مسلم أبي عليّ 4 ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام وجاريتي
.
ص: 305
حاملٌ ، أسألُه أن يُسمّي ما في بطنها ، فكتب :سَمِّ مَا فِي بَطنِهَا إِذَا ظَهَرَت . ثمّ ماتت بعد شهرٍ من ولادتها ، فبعث إليَّ بخمسين ديناراً على يد محمّد بن سِنان الصوّاف وقال : اشتَر بِهَذِهِ جَارِيةً . (1)
50كتابه عليه السلام إلى سَيف بن اللَّيثإسحاق قال : حدّثني عمر بن أبي مسلم (2) ، قال : قدم علينا بِسُرّ مَن رَأى رجل من أهل مصر يُقال له : سيف بن اللّيث ، يتظلّم إلى المُهتدي في ضيعةٍ له قد غصبها إيّاه شفيعٌ الخادم وأخرجه منها ، فأشرنا عليه أن يكتب إلى أبي محمّد عليه السلام يسألُه تسهيل أمرها . فكتب إليه أبو محمّد عليه السلام :لا بَأسَ عَلَيكَ ، ضَيعَتُكَ تُرَدُّ عَلَيكَ ، فَلا تَتَقَدَّم إِلَى السُّلطَانِ ، وَالقَ الوَكِيلَ الَّذِي فِي يَدِهِ الضَّيعَةُ وَخَوِّفهُ بِالسُّلطَانِ الأعظَمِ اللّهِ رَبِّ العَالَمِينَ .
فلقيَه ، فقال له الوكيل الّذي في يده الضيعة : قد كتب إليَّ عند خروجك من مصرأن أطلُبك وأردّ الضيعة عليك . فردّها عليه بحكم القاضي ابن أبي الشوارب وشهادة
.
ص: 306
الشهود ، ولم يحتج إلى أن يتقدّم إلى المُهتدي ، فصارت الضيعة له وفي يده ، ولم يكن لها خبر بعد ذلك . قال : وحدّثني سيف بن الليث هذا ، قال : خلّفت ابناً لي عليلاً بمصر عند خروجي عنها ، وابناً لي آخر أسَنّ منه كان وصيّي وقيّمي على عيالي وفي ضياعي ، فكتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أسألُه الدعاء لابني العليل ، فكتب إليَّ :قَد عُوفِيَ ابنُكَ المُعتَلُّ وَمَاتَ الكَبِيرُ وَصِيُّكَ وَقَيِّمُكَ ، فَاحمَدِ اللّهَ وَلا تَجزَع فَيَحبَطَ أجرُكَ . فورد عليَّ الخبر أنّ ابني قد عُوفي من علّته ، ومات الكبير يوم ورد عليَّ جواب أبي محمّد عليه السلام . (1)
51كتابه عليه السلام إلى عليّ بن حميد الذادعإسحاق قال : حدّثني عليّ بن حميد الذادع (2) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أسأله الدعاء بالفرج ممّا نحن فيه من الضيق ، فرجع الجواب :الفَرَجُ سَرِيعٌ (3) يَقَدِمُ عَلَيكَ مَالٌ مِن نَاحِيَةِ فَارِسَ . فمات ابن عمٍّ لي بفارس ورثته ، وجاءني مال بعد أيّامٍ يسيرة . (4)
.
ص: 307
52كتابه عليه السلام إلى هارون بن مسلمهارون بن مسلم (1) قال : ولِد لابني أحمد ابنٌ ، فكتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام ، وذلك بالعسكر اليوم الثاني من ولادته ؛ أسألُه أن يُسمّيه ويُكّنيه ، وكان مَحبّتي أن اُسمّيه جعفراً واُكنّيه بأبي عبد اللّه ، فوافاني رسوله في صبيحة اليوم السابع ومعه كتابٌ :سَمِّهِ جَعفَراً وَكَنِّهِ بِأَبِي عَبدِ اللّهِ . ودعا لي . (2)
53كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد بن زيادعن عليّ بن محمّد بن زياد (3) أنّه خرج إليه توقيع أبي محمّد عليه السلام :فِتنَةٌ تَخُصُّكَ فَكُن حِلساً مِن أَحلاسِ بَيتِكَ . قال : فنابتني نائبةٌ فزعت منها ، فكتبتُ إليه : أهي هذه ؟ فكتب : لا ، أَشَدُّ مِن هَذِهِ . فطلبتُ بسبب جعفر بن محمود ، ونُودي عليَّ : مَن أصابني فله مئة ألف درهم . (4)
.
ص: 308
54كتابه عليه السلام إلى أبي بكرعن أبي بكر قال : عرض عليَّ صديقٌ أن أدخل معه في شراء ثمار من نواحي شتّى ، فكتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أشاوره (1) ، فكتب :لا تَدخُل فِي شَيءٍ مِن ذَلِكَ ، مَا أَغفَلَكَ عَنِ الجَرَادِ وَالحَشَفِ . فوقَع الجرادُ فأفسده ، وما بقي منه تَحشَّفَ وأعاذني اللّه من ذلك ببركته . (2)
55كتابه عليه السلام إلى محمّد بن صالح الخَثعَميّعن محمّد بن صالح الخَثعَميّ (3) قال : كتبتُ إلى أبي محمّد أسأله عن البطّيخ ، وكنت به مشغُوفاً ، فكتب إليَّ :لا تَأكُلهُ علَى الرِّيقِ ؛ فَإِنَّهُ يُوَلِّدُ الفَالِجَ . وكنتُ اُريد أن أسألَه عن صاحب الزنج خرج بالبصرة ، فنسيتُ حتّى نفذ كتابي إليه ، فوقّع : صَاحِبُ الزِّنجِ لَيسَ مِن أَهلِ البَيتِ . (4) وفي المناقب : محمّد بن صالح الخثعميّ قال : عزمتُ أن أسأل في كتابي إلى أبي محمّد عليه السلام عن أكل البطّيخ على الريق ، وعن صاحب الزنج ، فاُنسيت فورد عليّ
.
ص: 309
جوابه : لَا يؤكَل عَلَى الرِّيقِ ؛ فَإِنَّهُ يُورِثُ الفَالِجَ ، وصَاحِبُ الزِّنجِ لَيسَ مِنّا أَهلَ البَيتِ . (1)
56كتابه عليه السلام إلى عُمَر بن أبي مُسلمقال عُمَر بن أبي مسلم : كان سميعٌ المِسمَعيّ يُؤذيني كثيراً ويبلغني عنه ما أكره ، وكان ملاصقاً لداري ، فكتبت إلى أبي محمّد عليه السلام أسأله الدعاء بالفرج منه ، فرجع الجواب :أَبشِر بِالفَرَجِ سَرِيعاً ، وَأَنتَ مَالِكُ دَارِهِ . فمات بعد شهر ، واشتريت داره فوصلتها بداري ببركته . (2)
57كتابه عليه السلام إلى محمّد بن موسىعن محمّد بن موسى قال : شكوتُ إلى أبي محمّد عليه السلام مَطلَ غَريمٍ لي ، فكتب إليَّ :عَن قَرِيبٍ يَمُوتُ ، وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يُسَلِّمَ إِلَيكَ مَا لَكَ عِندَهُ . فما شعرتُ إلّا وقد دقّ عليَّ الباب ومعه مالي ، وجعل يقول : اجعلني في حِلٍّ ممّا مَطلتُك . (3)
.
ص: 310
58كتابه عليه السلام إلى حمزة بن محمّد السَّروِيّحمزة بن محمّد السرويّ (1) قال : أملَقتُ وعزمت على الخروج إلى يحيى بن محمّدابن عمّي بِحَرّان ، وكتبت أسألُه أن يدعو لي ، فجاء الجواب :لَا تَبرَح ، فَإِنَّ اللّهَ يَكشِفُ مَا بِكَ ، وَابنُ عَمِّكَ قَد مَاتَ . وكان كما قال ، ووصَلتُ إلى تركته . (2)
59كتابه عليه السلام إلى محمّد بن حمزة السُّروريّعن محمّد بن حمزة السروريّ (3) قال : كتبتُ على يد أبي هاشم داوود بن القاسم الجعفريّ ، وكان لي مُواخِياً ، إلى أبي محمّد عليه السلام أسألُه أن يدعو لي بالغنى ، وكنت قد أملَقتُ فأوصلها ، وخرج الجواب على يده :أَبشِر ، فَقَد أَجَلَّكَ اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالغِنَى ، مَاتَ ابنُ عَمِّكَ يَحيَى بنُ حَمزَهَ وَخَلَّفَ مِئَةَ أَلفِ دِرهَمٍ ، وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَيكَ ، فَاشكُرِ اللّهَ ، وَعَلَيكَ بِالاقتِصَادِ ، وَإِيَّاكَ وَالإِسرَافَ ، فَإِنَّهُ مِن فِعلِ الشَّيطَنَةِ . فورد عليَّ بعد ذلك قادمٌ معه سَفاتِج من حَرّان ، فإذا ابن عمّي قد مات في اليوم الّذي رجع إليَّ أبو هاشم بجواب مولاي أبي محمّد ، فاستغنيت وزال الفقر عنّي كما قال سيّدي ، فأدّيت حقّ اللّه في مالي ، وبَرِرتُ إخواني ، وتماسكت بعد ذلك _ وكنت
.
ص: 311
مُبذّراً _ كما أمرني أبو محمّد عليه السلام . (1)
60كتابه عليه السلام إلى شاهَوَيه بن عبد ربّهشاهَوَيه بن عبد ربّه (2) قال : كان أخي صالحٌ محبوساً ، فكتبتُ إلى سيّدي أبي محمّد عليه السلام أسأله أشياء ، فأجابني عنها وكتب :إِنَّ أَخَاكَ يَخرُجُ مِنَ الحَبسِ يَومَ يَصِلُكَ كِتَابِي هَذَا ، وَقَد كُنتَ أَرَدتَ أَن تَسأَلَنِيعَن أَمرِهِ فَأُنسِيتَ . فبينا أنا أقرأُ كتابه إذا اُناس جاؤوني يبشّرونني بتخلية أخي ، فتلقّيتُه وقرأت عليه الكتاب . (3)
61كتابه عليه السلام إلى الحسن بن ظَرِيفقال ( الحسن بن ظَريف ) (4) : وكتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام ، وقد تركت التمتّع ثلاثين سنة ، وقد نشطتُ لذلك ، وكان في الحيّ امرأة وُصفت لي بالجمال فمال إليها قلبي ، وكانت عاهراً لا تمنع يد لامس فكرهتها ، ثمّ قلت : قد قال : تمتّع بالفاجرة فإنّك تُخرجها من حرام إلى حلال ، فكتبت إلى أبي محمّد اُشاورُه في المتعة وقلت : أيجوز بعد هذه السنين أن أتمتّع ؟ فكتب :
.
ص: 312
إِنَّمَا تُحيِي سُنَّةً وَتُمِيتُ بِدعَةً ، وَلا بَأسَ ، وَإِيَّاكَ وَجَارَتَكَ المَعرُوفَةَ بِالعَهَرِ وَإِن حَدَّثَتكَ نَفسُكَ ، أَنَّ آبَائِي قَالُوا : تَمَتَّع بِالفَاجِرَةِ فَإِنَّكَ تُخرِجُهَا مِن حَرَامٍ إِلَى حَلالٍ ، فَهَذِهِ امرَأَةٌ مَعرُوفَةٌ بِالهَتكِ وَهِيَ جَارَةٌ ، وَأَخَافُ عَلَيكَ استِفَاضَةَ الخَبَرِ فِيهَا . فتركتُها ولم أتمتّع بها ، وتمتّع بها شاذان بن سعد رجلٌ من إخواننا وجيراننا ، فاشتهر بها حتّى علا أمرُه وصار إلى السلطان ، وغُرّم بسببها مالاً نفيساً ، وأعاذني اللّه من ذلك ببركة سيّدي . (1)
62كتابه عليه السلام إلى ابن الفُراترُوي عن ابن الفُرات ( قال : ) كان لي على ابن عمّي عشرة آلاف درهم (2) ، فكتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أسأله الدعاء لذلك ، فكتب إليَّ :إنّه رادٌّ عَلَيكَ مَالَكَ ، وَهُوَ مَيِّتٌ بَعدَ جُمعَةٍ . قال : فردّ عليَّ ابن عمّي مالي ، فقلت : ما بدا لك في ردّه وقد منعتنيه ؟ قال : رأيت أبا محمّد عليه السلام في النوم فقال : إنَّ أَجَلَكَ قَد دَنَا فَرُدَّ عَلَى ابنِ عَمِّكَ مَالَهُ . (3)
63كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن بن ميمون ( شمّون )أبو عليّ أحمد بن عليّ بن كلثوم السرخسي ، قال : حدّثني إسحاق بن محمّد بن أبان
.
ص: 313
البصري ، قال : حدّثني محمّد بن الحسن بن ميمون (1) ، أنّه قال : كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أشكو إليه الفقر ، ثمّ قلت في نفسي: أليس قال أبو عبد اللّه عليه السلام : الفقر معنا خير من الغنى مع عدوّنا ، والقتل معنا خير من الحياة مع عدوّنا ؟ فرجع الجواب :إِنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمحِضُ (2) أَولِيَاءَنَا إِذَا تَكَاثَفَت ذُنُوبُهُم بِالفَقرِ ، وَقَد يَعفُو عَن كَثِيرٍ ، وَهُوَ كَمَا حَدَّثَت نَفسُكَ الفَقرُ مَعَنَا خَيرٌ مِنَ الغِنَى مَعَ عَدُوِّنَا ، وَنَحنُ كَهفٌ لِمَنِ التَجَأَ إِلَينَا وَنُورٌ لِمَنِ استَضاءَ ( استَبصَرَ ) بِنَا ، وَعِصمَةٌ لِمَنِ اعتَصَمَ بِنَا ، مَن أَحَبَّنَا كَانَ مَعَنَا فِي السَّنَامِ الأَعلَى ، وَمَنِ انحَرَفَ عَنَّا فَإِلَى (3) النَّارِ . (4)
64كتابه عليه السلام إلى جعفر بن محمّد القَلانِسِيّعن جعفر بن محمّد القَلانسيّ (5) قال : كتبت إلى أبي محمّد مع محمّد بن عبد الجبّاروكان خادماً يسأله عن مسائل كثيرة ، ويسأله الدعاء لأخٍ له خرج إلى إرمنيّة ( إِرمِينِيَّة ) يجلب غنماً ، فورد الجواب بما سأل ولم يذكر أخاه فيه بشيء ، فورد الخبر بعد ذلك أنّ أخاه مات يوم كتب أبو محمّد جواب المسائل ، فعلمنا أنّه لم يذكره ؛ لأنّه علم بموته . (6)
.
ص: 314
. .
ص: 315
الفصل الرابع: في مكاتيبه الفقهيّة عليه السلام
.
ص: 316
. .
ص: 317
باب الطّهارة65كتابه عليه السلام إلى عبد اللّه بن جعفرفي الختانمحمّد بن يحيى ومحمّد بن عبد اللّه ، عن عبد اللّه بن جعفر (1) أنّه كتب إلى أبي محمّد عليه السلام : أنّه روي عن الصادقين : أن اختنوا أولادكم يوم السابع يطّهّروا ، وأنّ الأرض تضجّ إلى اللّه من بول الأغلف ، وليس جُعلتُ فداك لحجّامي بلدنا حذقٌ بذلك ولا يختنونه يوم السابع ، وعندنا حجّامُ اليهود ، فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين ، أم لا إن شاء اللّه ؟ فوقّع عليه السلام :السُّنَّةُ يَومَ السَّابِعِ فَلا تُخَالِفُوا السُّنَنَ إِن شَاءَ اللّهُ . (2)
.
ص: 318
66كتابه عليه السلام إلى أبي الخير صالح بن أبي حَمَّادفي غُسل ليالي شهر رمضانحدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى ، قال : حدّثني محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفيّ ، قال : حدّثنا أبو الخير صالح 1 بن أبي حمّاد ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، أسأله عن الغُسل في ليالي شهر رمضان ؟ فكتب عليه السلام :إِن استَطَعتَ أن تَغتَسِلَ لَيلَةَ سَبعَةَ عَشرَةَ وَلَيلَةَ تِسعَةَ عَشرَةَ وَلَيلَةَ إحدَى وَعِشرِينَ وَلَيلَةَ ثَلاثٍ وَعِشرِينَ فَافعَل ، فَإِنَّ فِيها تُرجَى لَيلَةُ القَدرِ ، فَإِن لَم تَقدِر عَلَى إِحيَائِهَا فَلا يَفُوتُنَّك إِحيَاءُ لَيلَةُ ثَلاثٍ وَعِشرِينَ ، تُصَلِّي فِيها مَئَةَ رَكعَةٍ ، تَقرَأُ فِي كُلِّ رَكعَةٍ الحَمدَ مَرَّةً وَقُل هُوَ اللّهُ أحَدٌ عَشرَ مَرَّاتٍ . (1)
.
ص: 319
67كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفي حمل الجنازة والصلاة عليهامحمّد بن الحسن الصفّار 1 قال : كتبتُ إلى أبي محمّد الحسن العسكريّ عليه السلام : أيجوز أن يُجعل الميّتين على جنازة واحدة في موضع الحاجة وقلّة الناس ، وإن كان الميّتان رجلاً وامرأة ، يحملان على سرير واحد ويُصلّى عليهما ؟ فوقّع عليه السلام :لَا يُحمَلُ الرَّجُلُ مَعَ المَرأَةِ عَلَى سَرِيرٍ وَاحدٍ . (1)
68كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفي مسّ الميّتمحمّد بن الحسن الصفّار (2) قال : كتبتُ إليه [ عليه السلام ] : رجلٌ أصاب يديه أو بدنه ثوب الميّت الّذي يلي جلده قبل أن يُغسّل ، هل يجب عليه غسل يديه أو بدنه ؟ فوقّع :إِذَا أَصَابَ يَدكَ جَسَدُ المَيِّتِ قَبلَ أَن يُغسَّلَ فَقَد يَجِبُ عَلَيكَ الغُسلُ . (3)
.
ص: 320
69كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسنفي حدّ الماء الّذي يُغسّل به الميّتمحمّد بن يحيى قال : كتب محمّد بن الحسن (1) إلى أبي محمّد عليه السلام في الماء الّذي يُغسّل به الميّت كم حدّه ؟ فوقّع عليه السلام :حَدُّ غُسلِ المَيِّتِ يُغسَلُ حَتَّى يَطهُرَ إِن شَاءَ اللّهُ . قال وكتب إليه : هل يجوز أن يُغسّل الميّت وماؤُه الّذي يُصبّ عليه يدخل إلى بِئرٍ كنيف ، أو الرجل يتوضّأ وضوء الصلاة أن يُصبّ ماء وضوئه في كنيف ؟ فوقّع عليه السلام : يَكُونُ ذَلِكَ فِي بَلالِيعَ (2) . (3)
وفي روايةٍ اُخرى : محمّد بن الحسن الصفّار قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام : كم حدّ الماء الّذي يُغسّل به الميّت ، كما روَوا أنّ الجُنب يغتسل بستّة أرطالٍ ، والحائض بتسعة أرطالٍ ، فهل للميّت حدٌّ من الماء الّذي يُغسّل به ؟ فوقّع عليه السلام :حَدُّ غُسلِ المَيِّتِ يُغَسَّلُ حَتَّى يَطهُرَ ، إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى . (4)
.
ص: 321
70كتابه عليه السلام إلى أبي عون الأبرشفي النياح على الميّت وشقّ الثوبحدّثنا جَماعةٌ كلّ واحد منهم يحكي أنّه دخل الدار _ أي دار أبي الحسن عليه السلام يوم وفاته _ وقد اجتمع فيها جملة ( جُلُّ ) بني هاشم من الطالبيّين والعبّاسيّين ( والقُوّاد وغيرهم ) ، واجتمع خلقٌ من الشيعة ، ولم يكن ظهر عندهم أمرُ أبي محمّد عليه السلام ولا عرف خبره إلّا الثقات الّذين نصّ أبو الحسن عليه السلام عندهم عليه ، فحكوا أنّهم كانوا في مصيبة وحَيرة ، فهم في ذلك إذ خرج من الدار الداخلة خادم فصاح بخادمٍ آخر : يا رَيّاش ، خذ هذه الرقعة وامض بها إلى دار أمير المؤمنين ، وادفعها إلى فلان وقل له : هذه رقعة الحسن بن عليّ عليه السلام . فاستشرف الناس لذلك ، ثمّ فُتح من صدر الرواق باب وخرج خادم أسود ، ثمّ خرج بعده أبو محمّد عليه السلام حاسراً مكشوف الرأس مشقوق الثياب ، وعليه مُبَطّنة ( مُلحَمٌ) بيضاء ، وكأنّ وجهه وجه أبيه عليه السلام لا يخطئ منه شيئاً ؛ وكان في الدار أولاد المتوكّل وبعضهم ولاة العهود ، فلم يبق أحدٌ إلّا قام على رجله ، ووثب إليه أبو محمّد الموفّق فقصده أبو محمّد عليه السلام فعانقه ، ثمّ قال له : مرحباً بابن العمّ . وجلس بين بابي الرواق ، والناس كلّهم بين يديه ، وكانت الدار كالسوق بالأحاديث ، فلمّا خرج وجلس أمسك الناس ، فما كنّا نسمع شيئاً إلّا العطسة والسعلة ، وخرجت جارية تندب أبا الحسن عليه السلام ، فقال أبو محمّد عليه السلام :ما هاهُنا مَن يَكفِينَا مَؤُونَةَ هَذِهِ الجاهِلَةِ ( الجَارِيَةِ ). فبادر الشيعة إليها فدخلت الدار ، ثمّ خرج خادم ، فوقف بحذاء أبي محمّد عليه السلام ، فنهض عليه السلام وأُخرجت الجنازة ، فوقف يمشي حتّى أُخرج بها إلى الشارع الّذي بإزاء دار موسى بن بقا ، وقد كان أبو محمّد صلّى عليه قبل أن يخرج إلى الناس ، وصلّى عليه لمّا أُخرج المعتمد ، ثمّ دفن في دار من دوره .
.
ص: 322
واشتدّ الحرّ على أبي محمّد عليه السلام ، وضغطه الناس في طريقه ومنصرفه من الشارع بعد الصلاة عليه ، فصار في طريقه إلى دكّان لبقّال رآه مرشوشاً فسلّم واستأذنه في الجلوس ، فأذن له وجلس ، ووقف الناس حوله ، فبينا نحن كذلك إذ أتاه شابّ حسن الوجه نظيف الكسوة على بغلة شهباء على سرج ببرذون أبيض قد نزل عنه ، فسأله أن يركبه ، فركب حتّى أتى الدار ، ونزل وخرج في تلك العشيّة إلى الناس ما كان يحزم عن أبي الحسن عليه السلام ، حتّى لم يفقدوا منه إلّا الشخص . وتكلّمت الشيعة في شقّ ثيابه ، وقال بعضهم : رأيتم أحداً من الأئمّة عليهم السلام شقّ ثوبه في مثل هذه الحال ؟ فوقّع إلى مَن قال ذلك : يَا أَحمَقُ مَا يُدرِيكَ مَا هَذَا ؟ قَد شَقَّ مُوسَى عَلَى هَارُون عليهماالسلام . (1) وفي رجال الكشّي : أحمد بن عليّ بن كلثوم السرخسي ، قال : حدّثني أبو يعقوب إسحاق بن محمّد البصري ، قال : حدّثني محمّد بن الحسن بن شمّون ، وغيره ، قال : خرج أبو محمّد عليه السلام في جنازة أبي الحسن عليه السلام وقميصه مشقوق ، فكتب إليه أبو عون الأبرش (2) قرابة نجاح بن سلمه : من رأيت أو بلغك من الأئمّة شقّ ثوبه في مثل هذا ؟ فكتب إليه أبو محمّد عليه السلام : يَا أَحمَقُ . . . (3) وفي رواية اُخرى : أحمد بن علي قال : حدّثني إسحاق ، قال : حدّثني إبراهيم بن الخضيب الأنباريّ قال : كتب أبو عون الأبرش قرابة نجاح بن سلمه إلى أبي محمّد عليه السلام : إنّ الناس قد استوحشوا من شقّك ثوبك على أبي الحسن عليه السلام ، فقال :
.
ص: 323
يَا أَحمَقُ ، مَا أَنتَ وَذَاكَ ؟ قَد شَقَّ مُوسَى عَلَى هَارُونَ عليهماالسلام ، إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَن يُولَدُ مُؤمِناً ويَحيَا مُؤمِناً وَيَمُوتُ مُؤمِناً ، وَمِنهُم مَن يُولَدُ كَافِراً وَيَحيَا كَافِراً وَيَمُوتُ كَافِراً ، وَمِنهُم مَن يُولَدُ مُؤمِناً وَيحيَا مُؤمِناً وَيَمُوتُ كَافِراً ، وَإِنَّكَ لَا تَمُوتَ حَتَّى تَكفُرَ وَيَتَغَيَّرَ عَقلُكَ . فما مات حتّى حجبه وُلدُه عن الناس وحبسوه في منزله ، في ذهاب العقل والوسوسة وكثرة التخليط ، ويَرِدُ على الإمامة ، وانكشف عمّا كان عليه . (1)
باب الصّلاة71كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عبد الجبّارفي لباس المصلّيمحمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن عبد الجبّار (2) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أسأله : هل يُصلّى في قلنسوة عليها وَبَر ما لا يؤكل لحمه أو تِكّة حريرٍ أو تِكّةٍ من وَبَر الأرانب ؟ فكتب عليه السلام :لا تَحِلُّ الصَّلَاةُ فِي الحَرِيرِ المَحضِ ، وَإِن كَانَ الوَبَرُ ذَكِيَّاً حَلَّت الصَّلَاةُ فِيهِ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى . (3)
.
ص: 324
72كتابه عليه السلام إلى عبد اللّه بن جعفرمحمّد بن عليّ بن محبوب ، عن عبد اللّه بن جعفر ، قال : كتبتُ إليه _ يعني أبا محمّد عليه السلام _ : يجوز للرجل أن يُصلّي ومعه فأرة مسكٍ ؟ فكتب عليه السلام :لا بَأسَ بِهِ إِذَا كَانَ ذَكِيَّاً . (1)
73كتابه عليه السلام إلى عليّ بن مهزيارسَعد ، عن الحسن بن عليّ بن مَهزيار ، عن عليّ بن مهزيار 2 ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أسألُه عن الصلاة في القِرمِز ، وأنّ أصحابنا يتوقّفون عن الصلاة فيه ؟ فكتب عليه السلام :
.
ص: 325
لَا بَأسَ بِهِ مُطلَقٌ ، وَالحَمدُ للّهِ رَبِّ العَالَمِينَ . (1)
74كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن مهزياركتب إبراهيم بن مهزيار 2 إلى أبي محمّد الحسن عليه السلام يسأله عن الصلاة في القرمز ، فإنّ أصحابنا يتوقّون (2) عن الصلاة فيه ، فكتب :لَا بَأسَ مُطلَقٌ ، وَالحَمدُ للّهِِ . (3) كتب ( إبراهيم بن مهزيار ) إليه في الرجل يجعل في جبّته بدل القُطن قَزّاً (4) هل يصلّي فيه ؟ فكتب : نَعَم لَا بَأسَ بِهِ . (5)
.
ص: 326
75كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عبد الجبّارأحمد بن إدريس عن محمّد بن عبد الجبّار (1) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أسألُه :هل يُصلّى في قَلَنسُوة حريرٍ مَحض أو قَلَنسوة ديباج ؟ فكتب عليه السلام ؟ لا تَحِلُّ الصَّلاةُ فِي حَرِيرٍ مَحضٍ . (2)
76كتابه عليه السلام إلى محمّد بن أحمد بن مُطهّر ( أحمد بن محمّد بن مطهّر )في نوافل شهر رمضانعليّ بن محمّد عن محمّد بن أحمد بن مُطهّر (3) أنّه كتب إلى أبي محمّد عليه السلام يُخبره بما جاءت به الروايةُ أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يُصلّي في شهر رمضان وغيره من الليل ثلاث عشرة ركعةً منها الوترُ وركعتا الفجر ، فكتب عليه السلام :فَضَّ اللّهُ فَاهُ ، صَلَّى مِن شَهرِ رَمَضَانَ فِي عِشرِينَ لَيلَةً كُلَّ لَيلَةٍ عِشرِينَ رَكعَةً ، ثَمَانِيَ بَعدَ المَغرِبِ ، وَاثنَتَي عَشرَةَ بَعدَ العِشَاءَ الآخِرَةِ ، وَاغتَسَلَ لَيلَةَ تِسعَ عَشرَهَ ولَيلَةَ إِحدَى وَعِشرِينَ ، وَلَيلَةَ ثَلاثٍ وَعِشرِينَ ، وَصَلَّى فِيهِمَا ثَلاثِينَ رَكعَةً ، اثنَتَي عَشرَةَ بَعدَ المَغرِبِ ، وَثَمَانِيَ عَشرَةَ بَعدَ عِشَاءِ الآخِرَةِ ، وَصَلَّى فِيهِمَا مِئَةَ رَكعَةٍ ، يَقرَأُ فِي كُلِّ رَكعَةٍ فَاتِحَةَ الكِتَابِ وَقُل هُوَ اللّهُ أحَدٌ عَشرَ مَرَّاتٍ ، وَصَلَّى إِلَى آخِرِ الشَّهرِ كُلَّ لَيلَةٍ ثَلاثِينَ رَكعَةً كَمَا فَسَّرتُ لَكَ . (4)
.
ص: 327
وفي روايةٍ اُخرى : عن عليّ بن حاتم ، عن عليّ بن سليمان ، قال : حدّثنا عليّ بن أبي خليس ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن مطهّر ، قال : كتبت إلى أبي محمّد عليه السلام : إنّ رجلاً روى عن آبائك : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما كان يزيد من الصلاة في شهر رمضان على ما كان يصلّيه في سائر الأيّام؟ فوقّع عليه السلام :كَذَبَ فَضَّ اللّهُ فَاهُ ، صَلِّ فِي كُلِّ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضَانَ عِشرِينَ رَكعَةً إِلَى عِشرِينَ مِنَ الشَّهرِ ، وَصَلِّ لَيلَةَ إِحدَى وَعِشرِينَ مِئَةَ رَكعَةً ، وَصَلِّ لَيلَةَ ثَلاَثٍ وَعِشرِينَ مِئَةَ رَكعَةٍ ، وَصَلِّ فِي كُلِّ لَيلَةٍ مِنَ العَشرِ الأَوَاخِرِ ثَلاَثِينَ رَكعَةً (1) .
77كتابه عليه السلام إلى رجاء بن يحيى بن سامانعليّ بن عبد الواحد بإسناده إلى رجاء بن يحيى بن سامان 2 ، قال : خرج إلينا من دار سيّدنا أبي محمّد الحسن بن عليّ صاحب العسكر سنة خمس وخمسين ومئتين ، فذكر الرسالة المقنعة بأسرها ، قال :
.
ص: 328
وَليَكُن مِمَّا يَدعُو بِهِ بَينَ كُلِّ رَكعَتِينِ مِن نَوافَلِ شَهرِ رَمَضَانَ : اللَّهُمَّ اجعَل فِيمَا تَقضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الأَمرِ المَحتُومِ ، وَفِيمَا تَفرُقُ مِنَ الأَمرِ الحَكِيمِ فِي لَيلَةِ القَدرِ ، أَن تَجعَلَنِي مِن حُجَّاجِ بَيتِكَ الحَرَامِ ، المَبرُورِ حَجُّهُم ، المَشكُورِ سَعيُهُم ، المَغفُورِ ذُنُوبُهُم ، وَأَسأَلُكَ أَن تُطِيلَ عُمُرِي فِي طَاعَتِكَ ، وَتُوَسِّعَ لِي فِي رِزقِي ، يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ . (1)
78كتابه عليه السلام إلى بعض أصحابهفي أوقات الصلاةعن محمّد بن أبي قُرّة بإسناده إلى إبراهيم بن سَيَابَة ، قال : كتب بعض أهل بيتي إلى أبي محمّد عليه السلام في صلاة المسافر أوّل الليل صلاة الليل ، فكتب :فَضلُ صَلَاةُ المُسَافِرِ مِن أَوَّلِ اللَّيلِ كَفَضلِ صَلَاةِ المُقِيمِ فِي الحَضَرِ مِن آخِرِ اللَّيلِ . (2)
79كتاب له عليه السلامفي صفة دخول المسجدحدّث أبو الحسين محمّد بن هارون التّلعُكبَريّ ، قال : حدّثنا أبو الفضل محمّد بن
.
ص: 329
عبد اللّه ، قال : حدّثنا رجاء بن يحيى بن سامان العَبَرتائيّ الكاتب (1) ، قال : هذا ممّا خرج من دار سيّدنا أبي محمّد الحسن بن عليّ صاحب العسكر الآخر عليه السلام في سنة خمس وخمسين ومئتين ، قال :إِذَا أَرَدتَ دُخُولَ المَسجِدِ فَقَدِّم رِجلَكَ اليُسرَى قَبلَ اليُمنَى فِي دُخُولِكَ ، وَقُل : بِسمِ اللّهِ وَبِاللّهِ وَمِنَ اللّهِ وَإِلَى اللّهِ وَخَيرُ الأَسمَاءِ كُلِّهَا للّهِ ، تَوَكَّلتُ عَلَى اللّهِ وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ . اللَّهُمَّ افتَح لِي بَابَ رَحمَتِكَ وَتَوبَتِكَ ، وَأَغلِق عَنِّي أَبوَابَ مَعصِيَتِكَ ، وَاجعَلنِي مِن زُوَّارِكَ وَعُمَّارِ مَسَاجِدِكَ ، وَمِمَّن يُنَاجِيكَ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ ، وَمِنَ الَّذِينَ هُم فِي صَلاتِهِم خاشِعُونَ ، وَادحَر عَنِّي الشَّيطَانَ الرَّجِيمَ وَجُنُودَ إِبلِيسَ أَجمَعِينَ . القول عند التوجّه إلى القبلة بالإسناد ، قال : فَإِذَا تَوَجَّهتَ القِبلَةَ فَقُلِ : اللَّهُمَّ إِلَيكَ تَوَجَّهتُ ، وَرِضَاكَ طَلَبتُ ، وَثَوَابَكَ ابتَغَيتُ ، وَلَكَ آمَنتُ ، وَعَلَيكَ تَوَكَّلتُ . اللَّهُمَّ افتَح مَسَامِعَ قَلبِي لِذِكرِكَ ، وَثَبِّت قَلبِي عَلَى دِينِكَ وَدِينِ نَبِيِّكَ ، وَلا تُزِغ قَلبِي بَعدَ إِذ هَدَيتَنِي ، وَهَب لِي مِن لَدُنكَ رَحمَةً ، إِنَّكَ أَنتَ الوَهّابُ . (2)
باب الخمس80كتابه عليه السلام إلى الريّان بن الصلتفيما يجب فيه الخمسروى الريّان بن الصلت (3) قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام : ما الّذي يجب عليّ يا مولاي
.
ص: 330
في غَلّة رَحىً في أرض قطيعةٍ لي ، وفي ثمن سمكٍ وبَرديٍّ وقَصبٍ أبيعه من أجمَةِ هذه القطيعة ؟ فكتب عليه السلام :يَجِبُ عَلَيكَ فِيهِ الخُمسُ ، إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى . (1)
باب الصّيام81كتابه عليه السلام إلى حمزة بن محمّدفي علّة الصياممحمّد بن موسى بن المتوكّل رضى الله عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفيّ ، عن إسحاق بن محمّد ، عن حمزة بن محمّد ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام : لِمَ فرَض اللّه عز و جل الصوم ؟ فورد في الجواب :لِيَجِدَ الغَنِيُّ مسَّ الجُوعِ فَيَمُنَّ عَلَى الفَقِيرِ . (2) وفي الكافي : عليّ بن محمّد ومحمّد بن أبي عبد اللّه ، عن إسحاق بن محمّد ، عن حمزة بن محمّد (3) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام : لِمَ فرض اللّه الصوم ؟ فورد الجواب : لِيَجِدَ الغَنِيُّ مَضَضَ الجُوعِ فَيَحِنَّ عَلَى الفَقِيرِ . (4)
.
ص: 331
82كتابه عليه السلام إلى محمّد ( الصفّار )في قضاء شهر رمضانمحمّد بن يحيى ، عن محمّد (1) ، قال : كتبتُ إلى الأخير عليه السلام : رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيّام وله وليّان ، هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعاً ، خمسة أيّامٍ أحدُ الوليَّين ، وخمسة أيّام الآخرُ ؟ فوقّع عليه السلام :يَقضِي عَنهُ أكبَرُ وَلِيِّهِ (2) عَشَرَةَ أيَّامٍ وِلاءً إِن شَاءَ اللّهُ . (3)
باب الحجّ83كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن مهزيارفيمن أوصى في الحجّ بدون الكفايةمحمّد بن يحيى عمّن حدّثه ، عن إبراهيم بن مَهزيار (4) ، قال : كتبت إلى أبي محمّد عليه السلام : إنّ مولاك عليّ بن مهزيار (5) أوصى أن يُحجّ عنه من ضَيعةٍ صيّر رُبعها لك
.
ص: 332
في كلّ سنةٍ حجّةً إلى عشرين ديناراً ، وأنّه قد انقطع طريق البصرة فتضاعفُ المؤونةُ على الناس ، فليس يكتفون بعشرين ديناراً ، وكذلك أوصى عدّة من مواليك في حِججهم ؟ فكتب عليه السلام :يُجعَلُ ثَلاثُ حِجَجٍ حَجَّتَينِ إِن شَاءَ اللّهُ . (1)
84كتابه عليه السلام إلى عليّ بن محمّد الحصينيّ[محمّد بن عليّ بن محبوب عن] إبراهيم [بن مهزيار] ، قال : وكتب إليه عليّ بن محمّد الحُصَينيّ (2) : إنّ ابن عمّي أوصى أن يُحجّ عنه بخمسة عشر ديناراً في كلّ سنةٍ ، فليس يكفي ، فما تأمر في ذلك ؟ فكتب :يَجعَلُ حَجَّتَينِ فِي حَجَّةٍ ، إِنَّ اللّهَ عَالِمٌ بِذَلِكَ . (3)
85كتابه عليه السلام إلى أحمد بن محمّد بن مطهّرفي دفع الحجّ إلى من يخرج فيهاروى سعد بن عبد اللّه عن موسى بن الحسن ، عن أبي عليّ أحمد بن محمّد بن
.
ص: 333
مطهّر (1) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام : إنّي دفعتُ إلى ستّة أنفسٍ مئة دينارٍ وخمسين ديناراً ليحجّوا بها ، فرجعوا ولم يشخص بعضهم ، وأتاني بعض فذكر أنّه قد أنفق بعض الدنانير وبقيت بقيّة ، وأنّه يرد عليّ ما بقي ، وإنّي قد رمت مطالبة من لم يأتني بما دفعت إليه . فكتب عليه السلام :لا تَعَرَّض لِمَن لَم يَأتِكَ ، وَلَا تَأخُذ مِمَّن أَتَاكَ شَيئاً مِمَّا يَأتِيكَ بِهِ ، وَالأَجرُ قَد وَقَعَ عَلَى اللّهِ عز و جل . (2)
باب التّجارة والمكاسب86كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفي مكاسب الحراممحمّد بن يحيى ، قال : كتب محمّد بن الحسن ( الصفّار ) إلى أبي محمّد عليه السلام : رجلٌ اشترى من رجلٍ ضيعةً أو خادماً بمالٍ أخذه من قَطع الطريق أو من سرقةٍ ، هل يحلّ له ما يدخل عليه من ثمرة هذه الضيعة أو يحلّ له أن يَطأ هذا الفَرجَ الّذي اشتراهُ من السرقة أو من قطع الطريق ؟ فوقّع عليه السلام :لا خَيرَ في شَيءٍ أَصلُهُ حَرَامٌ ، وَلَا يَحِلُّ استِعمَالُهُ . (3)
.
ص: 334
87كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفي رجلٍ يشتري الطعام فيتغيّر سعرهمحمّد بن يحيى ، قال : كتب محمّد بن الحسن ( الصفّار ) (1) إلى أبي محمّد : رجلٌ استأجر أجيراً يعملُ له بِناءً أو غيره ، وجعل يُعطيه طعاماً وقُطناً وغير ذلك ، ثمّ تغيّر الطعام والقُطن من سعره الّذي كان أعطاه إلى نُقصانٍ أو زيادةٍ ، أيحتسبُ له بسعر يوم أعطاه أو بسعر يوم حاسبه ؟ فوقّع عليه السلام :يَحتَسِبُ لهُ بِسِعرِ يَومٍ شَارَطَهُ فِيهِ إِن شَاءَ اللّهُ . وأَجابَ عليه السلام في المال يحلّ على الرجل فيُعطي به طعاماً عند مَحِلِّه ولم يُقاطعه ، ثمّ تغيّر السعرُ . فوقّع عليه السلام : لَهُ سِعرُ يَومَ أَعطَاهُ الطَّعَامَ . (2) وفي روايةٍ اُخرى : محمّد بن الحسن الصفّار ، قال : كتبتُ إليه : في رجلٍ كان له على رجلٍ مال ، فلمّا حلّ عليه المال أعطاه بها طعاماً أو قُطناً أو زعفراناً ، ولم يُقاطعه على السعر ، فلمّا كان بعد شهرين أو ثلاثةٍ ارتفع الزعفران والطعام والقُطن أو نقص ، بأيّ السعرين يحسبه ؟ قال (3) : لصاحب الدَّين سِعرُ يومه الّذي أعطاه وحلّ ماله عليه أو السعرُ الثاني بعد شهرين أو ثلاثةٍ يوم حاسبه . فوقّع عليه السلام : لَيسَ لَه إلَا علَى حَسَبِ سِعرِ وَقتِ مَا دُفِعَ إِلَيهِ الطَّعَامُ ، إنَ شَاءَ اللّهُ . قال : وكتبتُ إليه : الرجل استأجر أجيراً ليعمل له بِناءً أو غيره من الأعمال ، وجعل يعطيه طعاماً أو قُطناً أو غيرهما ، ثمّ يتغيّر الطعام والقُطن عن سعره الّذي كان أعطاه إلى نقصانٍ أو زيادةٍ ، أيحسب له بسعره يوم أعطاه أو بسعره يوم حاسبه ؟ فوقّع عليه السلام : يَحتَسِبُهُ بِسِعر يَومَ شَارَطَهُ فِيهِ ، إِن شَاءَ اللّهُ . (4)
.
ص: 335
88كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسينفي ثبوت الضمان على المستودعمحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين (1) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام : رجلٌ دفع إلى رجلٍ وديعةً فوضعها في منزل جاره فضاعت ، فهل يجب عليه إذا خالف أمره وأخرجها من ملكه ؟ فوقّع عليه السلام :هوَ ضَامِنٌ لَهَا إِن شَاءَ اللّهُ . (2)
89كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفي ضمان من حمل شيئاً فادّعى ذهابهمحمّد بن الحسن الصفّار (3) ، قال : كتبتُ إلى الفقيه 4 عليه السلام في رجلٍ دفع ثوباً إلى القصّار
.
ص: 336
ليقصّره ، فدفعه القصّار إلى قصّارٍ غيره ليقصّره ، فضاع الثوب ، هل يجب على القصّار أن يردّه إذا دفعه إلى غيره ، وإن كان القصّار مأموناً ؟ فوقّع عليه السلام :هُوَ ضَامِنٌ لَه ، إلَا أن يَكُونَ ثِقَةً مَأمُونَاً ، إن شَاءَ اللّهُ . (1)
90كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسينفي الضرارمحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين (2) ، قال : كتبت إلى أبي محمّد عليه السلام : رجل كانت له قناة في قرية ، فأراد رجل أن يحفر قناة اُخرى إلى قريةٍ له ، كم يكون بينهما في البُعد حتّى لا يضرّ بالاُخرى في الأرض إذا كانت صلبة أو رخوة ؟ فوقّع عليه السلام :عَلَى حَسَبِ أَلَا يُضِرُّ إِحدَاهُمَا بِالأُخرَى إِن شَاءَ اللّهُ . قال : وكتبت إليه عليه السلام : رجلٌ كانت له رَحَى على نهر قرية ، والقرية لرجلٍ ، فأراد صاحب القرية أن يسوق إلى قريته الماء في غير هذا النهر ، ويعطّل هذه الرحى ، أ له ذلك أم لا ؟ فوقّع عليه السلام : يَتَّقِي اللّهَ ، وَيَعمَلُ فِي ذَلِكَ بِالمَعرُوفِ ، وَلَا يَضُرُّ أَخَاهُ المُؤمِنَ . (3)
.
ص: 337
وفي روايةٍ اُخرى : محمّد بن عليّ بن محبوب ، قال : كتب رجلٌ إلى الفقيه عليه السلام في رجل كانت له رَحَى على نهر قريةٍ ، والقرية لرجلٍ أو رجلين ، فأراد صاحب القرية أن يسوق الماء إلى قريته في غير هذا النهر الّذي عليه هذه الرحى ، ويعطّل هذه الرحى ، أله ذلك أم لا ؟ فوقّع عليه السلام :يَتَّقِي اللّهَ عز و جل ، وَيَعمَلُ فِي ذَلِكَ بِالمَعرُوفِ وَلَا يُضَارُّ أَخَاهُ المُؤمِنَت .
وفي رجلٍ كانت له قناة في قرية ، فأراد رجل أن يحفر قناة اُخرى فوقه ، كم يكون بينهما في البُعد حتّى لا يضرّ بالاُخرى في أرض إذا كانت صَعبة أو رِخوة ؟ فوقّع عليه السلام :عَلَى حَسَبِ أَلَا يُضِرُّ أَحَدُهُمَا بِالآخَرِ ، إِن شَاءَ اللّهُ . (1)
91كتابه عليه السلام إلى محمّد ( الصفّار )في الديونمحمّد بن يحيى ، قال : كتب محمّد (2) إلى أبي محمّد عليه السلام : رجل يكون له على رجلٍ مئة درهم فيلزمه ، فيقول له : أنصرف إليك إلى عشرة أيّام وأقضي حاجتك ، فإن لم أنصرف فلك عليّ ألف درهم حالّة من غير شرط ، وأشهد بذلك عليه ، ثمّ دعاهم إلى الشهادة . فوقّع عليه السلام :لا يَنبَغِي لَهُم أَن يَشهَدُوا إِلَا بِالحَقِّ ، وَلَا يَنبَغِي لِصَاحِبِ الدَّينِ أَن يَأخُذَ إِلَا الحَقَّ ، إِن شَاءَ اللّهُ . (3)
.
ص: 338
92كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفيمن آجر نفسه ليُبَدرِق القوافلمحمّد بن الحسن الصفّار (1) ، قال : كتبتُ إليه (2) : رجل يُبَدرِق القوافل من غير أمر السلطان (3) في موضعٍ مُخيف ، ويشارطونه على شيءٍ مُسمّى أن يأخذ منهم إذا صاروا إلى الأمن ، هل يحلّ له أن يأخذ منهم أم لا؟ فوقّع عليه السلام :إِذَا آجَرَ نَفسَهُ بِشَيءٍ مَعرُوفٍ أَخَذَ حَقَّهُ ، إِن شَاءَ اللّهُ . (4)
93كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفيمن اشترى بيتاً في دارهكتب محمّد بن الحسن الصفّار (5) إلى أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام في رجلٍ اشترى من رجلٍ بيتاً في داره بجميع حقوقه وفوقه بيتٌ آخر ، هل يدخل البيت الأعلى في حقوق البيت الأسفل أم لا ؟ فوقّع عليه السلام :
.
ص: 339
لَيسَ لَهُ إلَا ما اشترَاهُ بِاسمِهِ وَمَوضِعِهِ إن شَاءَ اللّهُ . (1)
94كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّاركتب ( محمّد بن الحسن الصفّار ) إليه (2) في رجلٍ اشترى حجرة أو مسكناً في دارٍ بجميع حقوقها ، وفوقها بيوت ومسكن آخر ، يدخل البيوت الأعلى والمسكن الأعلى في حقوق هذه الحجرة والمسكن الأسفل الّذي اشتراه ، أم لا ؟ فوقّع عليه السلام :لَيسَ لَهُ مِن ذَلِكَ إِلَا الحَقُّ الَّذِي اشتَرَاهُ إِن شَاءَ اللّهُ . (3)
95كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفيمن اشترى الأرض بحدودهاكتب محمّد بن الحسن الصفّار (4) إلى أبي محمّد عليه السلام في رجلٍ اشترى من رجلٍ أرضاً بحدودها الأربعة ، وفيها زرع ونخل وغيرهما من الشجر ، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه ، وذكر فيه أنّه قد اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة منها ، أيدخل الزرع والنخل والأشجار في حقوق الأرض ، أم لا ؟ فوقّع عليه السلام :إِذَا ابتَاعَ الأَرضَ بِحُدُودِهَا وَمَا أُغلِقَ عَلَيهِ بَابُهَا فَلَهُ جَمِيعُ مَا فِيهَا ، إِن شَاءَ اللّهُ . (5)
.
ص: 340
96كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفي بيع الثمارمحمّد بن الحسن (1) ، قال : كتبتُ إليه عليه السلام في رجلٍ باع بستاناً له فيه شجر وكرم ، فاستثنى شجرة منها ، هل له ممرّ إلى البستان إلى موضع شجرته الّتي استثناها ؟ وكم لهذه الشجرة الّتي استثناها من الأرض الّتي حولها ، بقدر أغصانها ؟ أو بقدر موضعها الّتي هي نابتة فيه ؟ فوقّع عليه السلام :لَهُ مِن ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا بَاعَ وَأَمسَكَ ، فَلَا يَتَعَدَّى الحَقَّ فِي ذَلِكَ ، إِن شَاءَ اللّهُ . (2)
97كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفي سقوط خيار المشتري بتصرّفه في الحيوان وإحداثه فيهمحمّد بن الحسن الصفّار (3) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام في الرجل اشترى من رجلٍ دابّة ، فأحدث فيها حدثاً من أخذ الحافر أو نعلها أو ركب ظهرها فراسخ ، أله أن يردّها في الثلاثة أيّام الّتي له فيها الخيار بعد الحدث الّذي يحدث فيها أو الركوب الّذي ركبها فراسخ ؟ فوقّع عليه السلام :إِذَا أحدَثَ فِيهَا حَدَثاً فَقَد وَجَبَ الشَّرَاءُ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى . (4)
.
ص: 341
98كتابه عليه السلام إلى رجلفي الشركةمحمّد بن عليّ بن محبوب (1) ، عن رجل قال : كتبتُ إلى الفقيه عليه السلام في رجلٍ اشترى من رجلٍ نصف دار مشاعاً غير مقسوم ، وكان شريكه الّذي له النصف الآخر غائباً ، فلمّا قبضها وتحوّل عنها تهدّمت الدار وجاء سيلٌ جارف (2) فهدمها وذهب بها ، فجاء شريكه الغائب فطلب الشفعة من هذا فأعطاه الشفعة على أن يعطيه ماله كمّلاً الّذي نقد في ثمنها ، فقال له : ضع عنّي قيمة البناء ، فإنّ البناء قد تهدّم وذهب به السيل ، ما الّذي يجب في ذلك ؟ فوقّع عليه السلام :لَيسَ لَهُ إِلَا الشِّراءُ وَالبَيعُ الأَوَّلُ إن شَاءَ اللّهُ . (3)
99كتابه عليه السلام إلى بعض أصحابهفي الوقوفمحمّد بن يحيى قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمّد عليه السلام في الوقف وما رُوي فيها ، فوقّع عليه السلام :الوُقُوفُ عَلَى حَسَبِ مَا يَقِفُهَا (4) أهلُهَا إِن شَاءَ اللّهُ . (5)
.
ص: 342
100كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارمحمّد بن الحسن الصفّار (1) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام : أسألُه عن الوقف الّذي يصحّ كيف هو ؟ فقد رُوي أنّ الوقف إذا كان غير مُؤقّتٍ فهو باطلٌ مردودٌ على الورثة ، وإذا كان مؤقّتاً فهو صحيحٌ مُمضىً ، قال قومٌ : إنّ المؤقّت هو الّذي يُذكر فيه أنّه وُقِف على فلان وعَقِبِه فإذا انقرضوا فهو للفقراء والمساكين إلى أن يرث اللّهُ الأرض ومن عليها . قال : وقال آخَرون : هذا مُؤقّتٌ إذا ذُكر أنّه لفلان وعَقِبِه ما بقوا ولم يُذكر في آخره للفقراء والمساكين إلى أن يرث اللّهُ الأرض ومَن عليها ، والّذي هو غير مُؤقّتٍ أن يقول : هذا وقفٌ ولم يذكر أحداً ، فما الّذي يصحّ من ذلك ، وما الّذي يبطل ؟ فوقّع عليه السلام :الوُقُوفُ بِحَسَبِ مَا يُوقِفُهَا إن شَاءَ اللّهُ . (2)
وفي روايةٍ اُخرى : محمّد بن يحيى ، قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمّد عليه السلام في الوقف وما روي فيها ، فوقّع عليه السلام :الوُقُوفُ عَلَى حَسَبِ مَا يَقِفُهَا أَهلُهَا إِن شَاءَ اللّهُ . (3)
.
ص: 343
باب الوصايا101كتابه عليه السلام إلى رجلٍمحمّد بن عليّ بن محبوب ، قال : كتب رجل إلى الفقيه عليه السلام (1) : رجلٌ أوصى لمواليه وموالي أبيه بثلث ماله فلم يبلغ ذلك ، قال عليه السلام :المَالُ لِمَوَالِيه وَسَقَطَ مَوَالِي أبِيهِ . (2)
102كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارمحمّد بن يحيى ، قال : كتب محمّد بن الحسن (3) إلى أبي محمّد عليه السلام : رجلٌ أوصى إلى وُلدِه وفيهم كبار قد أدركوا ، وفيهم صغار ، أيجوز للكبار أن يُنفذوا وصيّته ويقضوا دينه لمن صحّ على الميّت بشهودٍ عدول قبل أن يدرك الأوصياءُ الصغار ؟ فوقّع عليه السلام :نَعَم ، عَلَى الأَكابِر مِنَ الوِلدَانِ أَن يَقضُوا دَينَ أَبِيهِم وَلَا يَحبِسُوهُ بِذَلِكَ . (4)
.
ص: 344
103كتابه عليه السلام إلى سهل بن زيادعدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام : رجل كان له ابنان فمات أحدهما وله وُلدٌ ذكور وإِناث ، فأوصى لهم جدّهم بسهم أبيهم ، فهذا السهم الذكر والاُنثى فيه سواء ؟ أم للذكر مثل حظِّ الاُنثيين ؟ فوقّع عليه السلام :يُنفِذُونَ وَصِيَّةَ جَدِّهِم ، كَمَا أمَرَ إِن شَاءَ اللّهُ . قال : كتبتُ إليه : رجل له وُلدٌ ذكور وإناث ، فأقرّ لهم بضيعةٍ أنّها لوُلده ولم يذكر أنّها بينهم على سهام اللّه عز و جل وفرائضه ، الذكر والاُنثى فيه سواءٌ ؟ فوقّع عليه السلام : يُنفِذُونَ فِيهَا وَصِيَّةَ أبِيهِم عَلَى مَا سَمَّى ، فَإِن لَم يَكُن سَمَّى شَيئاً رَدُّوهَا إِلَى كِتَابِ اللّهِ عز و جل وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله إِن شَاءَ اللّهُ . (1)
104كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارمحمّد بن يحيى ، قال : كتب محمّد بن الحسن ( الصفّار ) إلى أبي محمّد عليه السلام : رجلٌ أوصى بثلث ماله لمواليه ولمَولياته الذكر والاُنثى فيه سواءٌ ؟ أو للذّكر مثل حظّ الاُنثيَين من الوصيّة ؟ فوقّع عليه السلام :جَائِزٌ لِلمَيِّتِ مَا أَوصَى بِهِ عَلَى مَا أَوصَى بِهِ إِن شَاءَ اللّهُ . (2)
.
ص: 345
105كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّاركتب محمّد بن الحسن الصفّار رضى الله عنه إلى أبي محمّد عليه السلام : رجلٌ كان وَصِيَّ رجلٍ ، فمات وأوصى إلى رجلٍ ، هل يَلزَمُ الوصيَّ وصيّةُ الرجل الّذي كان هذا وصِيَّهُ ؟ فكتب عليه السلام :يَلزَمُهُ بِحَقِّهِ إن كَانَ لَهُ قِبَلَهُ حَقٌّ إِن شَاءَ اللّهُ . (1)
106كتابه عليه السلام إلى محمّد بن عبدوسعليّ بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد بن عبدوس 2 ، قال : أوصى رجل بتركته _ متاع
.
ص: 346
وغير ذلك _ لأبي محمّد عليه السلام ، فكتبت إليه : جُعلتُ فداك ، رجلٌ أوصى إليَّ بجميع ما خلّف لك ، وخلّف ابنَتَي اُختٍ له ، فرأيك في ذلك ؟ فكتب إليَّ عليه السلام :بِع مَا خَلَّفَ وَابعَث بِه إِلَيَّ . فبعتُ وبعثتُ به إليه فكتب إليَّ : قَد وَصَلَ . (1)
107كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارمحمّد بن يحيى ، قال : كتب محمّد بن الحسن إلى أبي محمّدٍ عليه السلام : رجلٌ مات وأوصى إلى رجلين ، أيجوز لأحدهما أن ينفرِد بنصف التركة والآخر بالنصف ؟ فوقّع عليه السلام :لا يَنبَغِي لَهُمَا أَن يُخَالِفَا المَيِّتَ ، وأَن يَعمَلَا عَلَى حَسَبِ مَا أَمَرَهُما إِن شَاءَ اللّهُ . (2)
108كتابه عليه السلام إلى عبد اللّه بن جعفرمحمّد بن يحيى العطّار وعليّ بن عبد اللّه ، جميعاً عن إبراهيم ، عن عبد اللّه بن جعفر (3) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام : امرأةٌ ماتت وتركت زوجها وأبويها أو جدّها أو جدّتها ، كيف يُقسَمُ ميراثها ؟ فوقّع عليه السلام :
.
ص: 347
لِلزَّوجِ النِّصفُ وَمَا بَقِيَ فَلِلأبَوَينِ . (1)
109كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّاركتب محمّد بن الحسن الصفّار إلى أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام : رجلٌ مات وترك ابنة ابنته وأخاه لأبيه واُمّه ، لمن يكون الميراث ؟ فوقّع عليه السلام في ذلك :المِيرَاثُ لِلأَقرَبِ إِن شَاءَ اللّهُ . (2)
باب النكاح110كتابه عليه السلام إلى عبد اللّه بن جعفر ( الحميريّ )في الرضاعمحمّد بن يحيى ، عن عبد اللّه بن جعفر ( الحميريّ ) (3) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام : امرأةٌ أرضعت ولد الرجل ، هل يحلّ لذلك الرجل أن يتزوّج ابنة هذه المُرضعة أم لا ؟ فوقّع عليه السلام :لا ، لا تَحِلُّ لَهُ . (4)
.
ص: 348
باب الطّلاق111كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّاركتب محمّد بن الحسن الصفّار رضى الله عنه (1) إلى أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام ، في امرأة طلّقها زوجها ولم يُجرِ عليها النفقة للعدّة وهي محتاجة ، هل يجوز لها أن تخرج وتبيت عن منزلها للعمل والحاجة ؟ فوقّع عليه السلام :لَا بَأسَ بِذَلِكَ إِذَا عَلِمَ اللّهُ الصِّحَّةَ مِنهَا . (2)
وفي روايةٍ اُخرى : كتب محمّدُ بن الحسن الصفّار إلى أبي محمّدٍ الحسن بن عليٍّ عليه السلام في امرأةٍ مات عنها زوجُها وهي في عدّةٍ منه وهي محتاجة لا تجد من يُنفق عليها ، وهي تعمل للناس ، هل يجوز لها أن تخرج وتعمل وتبيت عن منزلها للعمل والحاجة في عدّتها ؟ قال فوقّع عليه السلام :لا بَأسَ بِذَلِكَ إِن شَاءَ اللّهُ . (3)
باب الأيمان والنذور والكفّارات112كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارمحمّد بن يحيى قال : كتب محمّد بن الحسن إلى أبي محمّد عليه السلام : رجلٌ حلف بالبراءة
.
ص: 349
من اللّه ومن رسوله صلى الله عليه و آله فحَنِث ، ما توبته وكفّارته ؟ فوقّع عليه السلام :يُطعِمُ عَشَرَةَ مَساكِينَ لِكُلِّ مِسكِينٍ مُدٌّ ، ويَستَغفِرُ اللّهَ عز و جل . (1)
باب الأطعمة والأشربة113كتابه عليه السلام إلى بعض أصحابهمحمّد بن يحيى ، قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمّد عليه السلام يشكو إليه دماً وصفراء ، فقال : إذا احتجمتُ هاجت الصفراء ، وإذا أخّرت الحجامة أضرّني الدم ، فما ترى في ذلك ؟ فكتب عليه السلام :احتَجِم وَكُل عَلَى أثَرِ الحِجَامَةِ سَمَكَاً طَرِيّاً كَبَاباً . قال : فأعَدتُ عليه المسألةَ بعينها . فكتَب عليه السلام : احتَجِم وَكُل عَلَى أثَرِ الحِجَامَةِ سَمَكَاً طَرِيّاً كَبَاباً بِمَاءٍ وَمِلحٍ . قال : فاستعملتُ ذلك ، فكنت في عافية وصار غِذاي . (2)
114كتابه عليه السلام إلى أحمد بن إسحاقعن أحمد بن إسحاق (3) ، قال : كتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام سألته عن الإسقَنقُور يُدخل في
.
ص: 350
دواء الباءة له مَخاليب وذَنَبٌ ، أيجوز أن يُشرب ؟ فقال :إن كانَ لَهُ قُشُورٌ فَلا بَأسَ . (1)
باب اللقطة والضالّة115كتابه عليه السلام إلى عبد اللّه بن جعفر الحميَريّمحمّد بن يحيى ، عن عبد اللّه بن جعفر (2) ، قال : كتبتُ إلى الرجل عليه السلام أسأله عن رجلٍ اشترى جَزوراً أو بقرةً للأضاحيّ ، فلمّا ذبحها وجد في جوفها صُرّة فيها دراهم أو دنانير ، أو جوهرة ، لمن يكون ذلك ؟ فوقّع عليه السلام :عَرِّفهَا البَائِعَ ، فَإِن لَم يَكُن يَعرِفُهَا فَالشَّيءُ لَكَ رَزَقَكَ اللّهُ إِيَّاهُ . (3)
باب القضاء والشهادات116كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفي الشهادة على النساءكتب محمّد بن الحسن الصفّار (4) إلى أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام ، في رجلٍ أراد أن يشهد على امرأةٍ ليس لها بمحرمٍ ، هل يجوز له أن يشهد عليها من وراء الستر
.
ص: 351
ويسمع كلامها إذا شهد عدلان أنّها فلانة بنت فلان الّتي تُشهدك وهذا كلامها ، أو لا تجوز الشهادة عليها حتّى تبرز وتثبتها بعينها ؟ فوقّع عليه السلام :تَتَنَقَّبُ وتَظهَرُ لِلشُّهُودِ إِن شَاءَ اللّهُ . وهذا التوقيع عندي بخطّه عليه السلام . (1)
117كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفي شهادة الوصي للميت وعليه دينمحمّد بن يحيى ، قال : كتب محمّد بن الحسن (2) إلى أبي محمّد عليه السلام : هل تُقبل شهادة الوصيّ للميّت بدينٍ له على رجلٍ مع شاهدٍ آخر عدل ؟ فوقّع عليه السلام : إذا شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ عَدلٌ فَعَلَى المُدَّعِي يَمِينٌ . وكتب : أيجوز للوصيّ أن يشهد لوارث الميّت صغير أو كبير بحقٍّ له على الميّت أو على غيره وهو القابض للوارث الصغير وليس للكبير بقابض ؟ فوقّع عليه السلام :نَعَم يَنبَغِي لِلوَصِيِّ أن يَشهَدَ بِالحَقِّ ولا يَكتُمَ الشَّهَادَةَ . وكتب : أو تُقبل شهادة الوصيّ على الميّت مع شاهدٍ آخر عدل ؟ فوقّع عليه السلام ؟ نَعَم مِن بَعدِ يَمِينٍ . (3)
.
ص: 352
118كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن الصفّارفي شهادة الشهود بحدود الأرضمحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن (1) ، أنّه كتب إلى أبي محمّد عليه السلام في رجلٍ باع ضيعته من رجلٍ آخر وهي قِطاعُ أرَضِينَ ، ولَم يُعرّف الحدود في وقت ما أشهده ، قال : إذا ما أتوك بالحدود فاشهد بها ، هل يجوز له ذلك ، أو لا يجوز له أن يشهد ؟ فوقّع عليه السلام :نَعَم يَجُوزُ ، والحَمدُ للّهِ .
وكتب إليه : رجلٌ كان له قِطاعُ أرَضِين ، فحضره الخروجُ إلى مكّة والقرية على مراحل من منزله ولم يُؤت بحدود أرضه ، وعرّف حدود القرية الأربعة ، فقال للشهود : اشهدوا أنّي قد بعتُ من فلان جميع القرية الّتي حَدٌّ منها كذا والثاني والثالث والرابع ، وإنّما له في هذه القرية قِطاعُ أَرَضِين ، فهل يصلح للمشتري ذلك ؟ وإنّما له بعض هذه القرية وقد أقرّ له بكلّها . فوقّع عليه السلام :لا يَجُوزُ بَيعُ مَا لَيسَ يَملِكُ ، وَقَد وَجَبَ الشِّرَاءُ عَلَى البَائِعِ عَلَى ما يَملِكُ .
وفي مكتوبةٍ اُخرى : وكتب : هل يجوز للشاهد الّذي أشهده بجميع هذه القرية أن يشهد بحدود قِطاع الأرض الّتي له فيها إذا تعرّف حدودَ هذه القِطاع بقومٍ من أهل هذه القرية إذا كانوا عدولاً ؟ فوقّع عليه السلام :نَعَم يَشهَدُونَ عَلَى شَيءٍ مَفهُومٍ مَعرُوفٍ .
وكتب : رجلٌ قال لرجلٍ : اشهد أنّ جميع الدار الّتي له في موضع كذا وكذا بحدودها كلِّها لفلان بن فلان ، وجميع ما له في الدار من المتاع ، هل يصلح للمشتري ما في الدار من المتاع أيّ شيءٍ هو ؟ فوقّع عليه السلام :
.
ص: 353
يَصلُحُ لَهُ مَا أَحَاطَ الشِّرَاءُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ إِن شَاءَ اللّهُ . (1)
وفي روايةٍ اُخرى : كتب إليه في رجلٍ قال لرجلين : اشهدا أنّ جميع هذه الدار الّتي في موضع كذا وكذا بجميع حدودها كلّها لفلان بن فلان ، وجميع ما له في الدار من المتاع والبيّنة لا تعرف المتاع أيّ شيءٍ هو ؟ فوقّع عليه السلام :يَصلُحُ . . . (2)
وفي روايةٍ اُخرى : كتب إليه : هل يجوز أن يشهد على الحدود إذا جاء قومٌ آخرون من أهل تلك القرية ليشهدوا له : أنّ حدود هذه الضيعة الّتي باعها الرجل هي هذه ، فهل يجوز لهذا الشاهد الّذي أشهده بالضيعة ولم يسمِّ الحدود بأن يشهد بالحدود بقول هؤلاء الّذين عرّفوا هذه الضيعة وشهدوا له ، أم لا يجوز لهم أن يشهدوا ، وقد قال لهم البائع : اشهدوا بالحدود إذا أتوكم بها ؟ فوقّع عليه السلام :لَا يَشهَد إِلَا عَلَى صَاحِبِ الشَّيءِ وَبِقَولِهِ . (3)
باب الحدود119كتابه عليه السلام إلى أحمد بن إسحاقفي اللصّعليّ بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن عبد اللّه بن عامر (4) ، قال : سمعته يقول وقد
.
ص: 354
تجارينا ذكر الصعاليك (1) ، فقال عبد اللّه بن عامر : حدّثني هذا _ وأومأ إلى أحمد بن إسحاق (2) _ : أنّه كتب إلى أبي محمّد عليه السلام يسأل عنهم ، فكتب إليه :اقتُلهُم . (3)
120كتابه عليه السلام إلى أحمد بن أبي عبد اللّه وغيرهأحمد بن أبي عبد اللّه 4 وغيره ، أنّه كتب إليه يسأله عن الأكراد ؟ (4) فكتب (5) إليه :لا تُنَبِّهُوهُم إِلّا بِحَدِّ السَّيفِ . (6)
.
ص: 355
النوادر121كتابه عليه السلام إلى الحسن بن محمّد بن الوجناء أبو محمّد النصيبيّأبو العبّاس بن نوح ، قال : حدّثنا الصفوانيّ ، قال :حدّثنا الحسن بن محمّد بن الوجناء أبو محمّد النصيبيّ 1 ، ( قال ) : كتبنا إلى أبي محمّد عليه السلام نسأله أن يكتب أو يخرج إلينا كتاباً نعمل به ، فأخرج إلينا كتاب عمل . ( قال ) الصفوانيّ : نَسَختُهُ ، فقابَل به كتاب ابن خانِبة (1) ، زيادة حروفٍ أو نقصان حروفٍ يسيرةٍ . (2)
.
ص: 356
. .
ص: 357
الفصل الخامس: في الدعاء
.
ص: 358
. .
ص: 359
122إملاؤه عليه السلام لمحمّد بن عبد اللّه بن محمّد العابدذكر الصلوات على النبيّ صلى الله عليه و آله والأئمّة عليهم السلامالسيّد ابن طاووس ( عليّ بن موسى ) : أخبرني الجماعة الّذين قدّمت ذكر أسمائهم في عدّة مواضع ، بإسنادهم إلى جدّي أبي جعفر الطوسي _ رضوان اللّه عليه _ ، قال : أخبرنا جماعة من أصحابنا عن أبي المفضّل الشيبانيّ ، قال : حدّثنا أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد العابد بالدالية لفظاً ، قلت أنا : الدالية موضعٌ بالقرب من سِنجار . ووجدت في روايةٍ اُخرى بهذه الصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله وهذا لفظ إسنادها : عن محمّد بن وهبان الهينانيّ ، قال : حدّثنا أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه بن المطّلب الشيبانيّ ، قال : حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن باتين بن محمّد بن عجلان اليمنيّ الشيخ الصالح لفظاً . أقول : ثمّ اتّفقت الروايتان بعد ذلك ، كما سيأتي ذكره ، وإن اختلف فيهما شيء ذكرناه على حاشية الكتاب . قال أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد العابد المقدّم (1) ذكره : سألت مولاي أبا محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلام في منزله بسُرَّ مَن رأى سنة خمس وخمسين ومئتين أن يملي
.
ص: 360
عليَّ الصلاة على النبيّ وأوصيائه عليهم السلام ، وأحضرت معي قرطاساً كبيراً ، فأملى عليَّ لفظاً من غير كتاب وقال : اكتُب :
الصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما حَمَلَ وَحيَكَ وَبَلَّغَ رِسالاتِكَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما أَحَلَّ حَلالَكَ وَحَرَّمَ حَرامَكَ وَعَلَّمَ كِتابَكَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما أَقامَ الصَّلاةَ وَأَدَّى الزَّكَاةَ وَدَعا إِلى دينِكَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما صَدَّقَ بِوَعدِكَ وَأَشفَقَ مِن وَعيدِكَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما غَفَرتَ بِهِ الذُّنُوبَ وَسَتَرتَ بِهِ العُيُوبَ وَفَرَّجتَ بِهِ الكُرُوبَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما دَفَعتَ بِهِ الشَّقاءَ وَكَشَفتَ بِهِ الغَماءَ وَأَجَبتَ بِهِ الدُّعاءَ وَنَجَّيتَ بِهِ مِنَ البَلاءِ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما رَحِمتَ بِهِ العِبادَ وَأَحيَيتَ بِهِ البِلادَ وَقَصمتَ بِهِ الجَبابِرَةَ وَأَهلَكتَ بِهِ الفَراعِنَةَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما أَضعَفتَ بِهِ الأَموالَ وَحَذَّرتَ بِهِ مِنَ الأَهوالِ وَكَسَّرتَ بِهِ الأَصنامَ وَرَحِمتَ بِهِ الأَنامَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما بَعَثتَهُ بِخَيرِ الأَديانِ وَأَعزَزتَ بِهِ الإِيمانَ وَتَبَّرْتَ (1) بِهِ الأَوثانَ وَعَظَّمتَ (2) بِه البَيتَ الحَرامَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَاَهلِ بَيتِهِ الطّاهِرينَ الأَخيارِ وَسَلَّمَ تَسليما .
الصلاة على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَميرِالمُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أَبي طَالِبٍ ، أَخِي نَبِيِّكَ وَوَلِيِّهِ وَوَصِيِّهِ (3) وَوَزيرِهِ ، وَمُستَودِعِ عِلمِهِ وَمَوضِعِ سِرِّهِ ، وَبابِ حِكمَتِهِ وَالنّاطِقِ بِحُجَّتِهِ ، وَالدّاعي اِلى شَريعَتِهِ ، وَخَليفَتِهِ في أُمَّتِهِ ، وَمُفَرِّجِ الكُرَبِ عَن وَجهِهِ ، قاصِمِ الكفَرَةِ وَمُرغِمِ الفَجَرَةِ ، الَّذي جَعَلتَهُ مِن نَبِيِّكَ بِمَنزِلَةِ هارُونَ مِن مُوسى ، اَللّهُمَّ والِ مَن والاهُ وَعادِ
.
ص: 361
مَن عاداهُ ، وَانصُر مَن نَصَرَهُ وَاخذُل مَن خَذَلَهُ ، وَالعَن مَن نَصَبَ لَهُ مِنَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، وَصَلِّ عَلَيهِ أَفضَلَ ما صَلَّيتَ عَلى أَحَدٍ مِن أَوصِياءِ أَنبِيائِكَ يا رَبَّ العالَمينَ .
الصلاة على السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى الصِّدِّيقَةِ فاطِمَةَ الزَّهراءِ الزَّكِيَّةِ ، حَبيبَةِ نَبِيِّكَ وَأُمِّ أَحِبّائِكَ وَأَصفِيائِكَ ، الَّتِي انتَجَبتَها وَفَضَّلتَها واختَرتَها عَلى نِساءِ العالَمينَ ، اَللّهُمَّ كُنِ الطّالِبِ لَها مِمَّن ظَلَمَها وَاستَخَفَّ بِحَقَّها ، اَللّهُمَّ وَكُنِ الثائِرَ لَهَا اللّهُمَّ بِدَمِ أَولادِها ، اَللّهُمَّ وَكَما جَعَلتَها أُمَّ أَئِمَّةِ الهُدى ، وحَليلَةَ صاحِبِ اللَّواءِ ، الكَريمَةَ عِندَ المَلاَ الأَعلى ، فَصَلِّ عَلَيها وَعَلى أُمِّها خَديجَةَ الكُبرى ، صَلَاةً تُكَرِّمُ بِها وَجهَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وَتُقِرُّبِها أَعيُنَ ذُرِّيَّتِها ، وَأَبلِغهُم عَنِّي فِي هذِهِ السّاعَةِ أَفضَلَ التَّحِيَّةِ وَالسَّلامِ .
الصلاة على الحسن والحسين عليهماالسلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلىَ الحَسَنِ وَالحُسَينِ ، عَبدَيكَ وَوَلِيَّيكَ وَابنَي رَسُولِكَ وَسِبطَيِ الرَّحمَةِ وَسَيِّدَي شَبابِ أَهلِ الجَنَّةِ ، أَفضَلَ ما صَلَّيتَ عَلى أَحَدٍ مِن أَولادِ النَّبِيّينَ وَالمُرسَلينَ . اَللّهُمَّ صَلِّ عَلَى الحَسَنِ ابنِ سَيِّدِ النَّبِيِّينَ . وَوَصِيِّ أَميرِالمُؤمِنينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ يَابنَ رَسُولِ اللّهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ يَابنَ سَيِّدِ الوَصِيّينَ ، أَشهَدُ أَنَّكَ يَابنَ أَميرِالمُؤمِنينَ ، أَمينُ اللّهَ وَابنُ أَمينِهِ ، عِشتَ رَشيدا مَظلُوما وَمَضَيتَ شَهيدا ، وَأَشهَدُ أَنَّكَ الإِمامُ الزَّكِيُّ الهادِي المَهدِيُّ ، اَللّهُمَّ صَلِّ عَلَيهِ وَبَلِّغ رُوحَهُ وَجَسَدَهُ عَنّي في هذِهِ السّاعَةِ أَفضَلَ التَّحِيَّةِ وَالسَّلامِ . اَللّهُمَّ صَلِّ عَلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ ، اَلمَظلُومِ الشَّهيدِ ، قَتيلِ الكَفَرَةِ وَطَريحِ الفَجَرَةِ ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ يا أَبا عَبدِ اللّهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ يَابنَ رَسُولِ اللّهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ يَابنَ
.
ص: 362
أَميرِالمُؤمِنينَ ، أَشهَدُ مُوقِنا أَنَّكَ أَمينُ اللّهِ وَابنُ أَمينِهِ ، قُتِلتَ مَظلُوما وَمَضَيتَ شَهيدا ، وَأَشهَدُ أَنَّ اللّهَ تَعالى الطّالِبَ بِثارِكَ وَمُنجِزَ ما وَعَدَكَ مِنَ النَّصرِ وَالتَّأييدِ في هِلاكِ عَدُوِّكَ وَإِظهارِ دَعوَتِكَ ، وَأَشهَدُ أَنَّكَ وَفَيتَ بِعَهدِ اللّهِ وَجاهَدتَ في سَبيلِ اللّهِ وَعَبَدتَ اللّهَ مُخلِصا حَتّى أَتَاكَ اليَقينُ ، لَعَنَ اللّهُ أُمَّةً قَتَلتكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ أُمَّةً خَذَلَتكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ أُمَّةً أَلَّبَت عَلَيكَ ، وَأَبرَأُ إِلى اللّهِ تَعالى مِمَّن أَكذَبَكَ وَاستَخَفَّ بِحَقِّكَ وَاستَحَلَّ دَمَكَ ، بِأَبي أَنتَ وَأُمّي يا أَبَا عَبدِ اللّهِ ، لَعَنَ اللّهُ قاتِلَلَكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ خاذِلَكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ مَن سَمِعَ واعِيَتَكَ فَلَم يُجِبكَ وَلَم يَنصُركَ ، وَلَعَنَ اللّهُ مَن سَبى نِساءَكَ ، أَنَا اِلَى اللّهِ مِنهُم بَريء وَمِمَّن والاهُم ، [وَما لأَهُم] (1) وَأَعانَهُم عَلَيهِ ، وَأَشهَدُ أَنَّكَ وَالأَئِمَّهَ مِنْ وُلْدِكَ كَلِمَةُ التَّقوى وَبابُ الهُدى وَالعُروَةُ الوُثقى وَالحُجَّةُ عَلى أَهلِ الدُّنيا ، وَأَشهَدُ أَنّي بِكُم مُؤمِنٌ وَبِمَنزِلَتِكُم مُوقِنٌ وَلَكُم تابِعٌ ، بِذاتِ نَفسي وَشَرائعِ ديني وَخَواتيمِ عَمَلي ، وَمُنقَلَبي وَمَثوايَ في دُنيايَ وَآخِرَتي .
الصلاة على عليِّ بن الحسين عليهماالسلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ ، سَيِّدِ العابِدينَ ، الَّذي استَخلَصتَهُ لِنَفسِكَ وَجَعَلتَ مِنهُ أَئِمَّةُ الهُدى ، الَّذينَ يَهدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعدِلُونَ ، اِختَرتَهُ لِنَفسِكَ وَطَهَّرتَهُ مِنَ الرِّجسِ وَاصطَفَيتَهُ ، وَجَعَلتَهُ هادِيا مَهدِيّا ، اَللّهُمَّ صَلِّ عَلَيهِ أَفضَلَ ما صَلَّيتَ عَلى أَحَدٍ مِن ذُرِّيَّةِ أَنبِيائِكَ حَتّى تَبلُغَ بِهِ ما تُقِرُّ بِهِ عَينُهُ فِي الدُّنيا وَالْاخِرَةِ ، إِنَّكَ عَزيزٌ حَكيمٌ .
الصلاة على محمّد بن عليّ الباقر عليهماالسلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ ، باقِر العِلمِ وَإِمامِ الهُدى وَقائِدِ أَهلِ التَّقوى
.
ص: 363
وَالمُنتَجَبِ مِن عِبادِكَ ، اَللّهُمَّ وَكَما جَعَلتَهُ عَلَما لِعِبادِكَ وَمَنارا لِبِلادِكَ وَمَستُودِعا لِحِكمَتِكَ وَمُتَرجِما لِوَحيِكَ ، وأَمَرتَ بِطاعَتِهِ وَحَذَّرتَ عَن مَعصِيَتِهِ ، فَصَلِّ عَلَيهِ يا رَبِّ أَفضَلَ ما صَلَّيتَ عَلى أَحَدٍ مِن ذُرِّيَّةِ أَنبِيائِكَ وَأَصفِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَمَنائِكَ يا إِلهَ العالَمينَ .
الصلاة على جعفر بن محمّد الصّادق عليهماالسلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَبدِكَ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ عليهماالسلام ، خازِنِ العِلمِ ، الدّاعي إِلَيكَ بِالحَقِّ ، النُّورِ المُبينِ ، اَللّهُمَّ وَكَما جَعَلتَهُ مَعدِنَ كَلامِكَ (1) وَوَحيِكَ وَخازِنِ عِلمِكَ وَلِسانِ تَوحيدِكَ وَوَلِيِّ أَمرِكَ وَمُستَحفِظِ دينِكَ ، فَصَلِّ عَلَيهِ أَفضَلَ ما صَلَّيتَ عَلى أَحَدٍ مِن أَصفِيائِكَ وَحُجَجِكَ إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ .
الصلاة على موسى بن جعفر عليهماالسلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى الأَمينِ المُؤتَمَنِ ، مُوسَى بنِ جَعفَرٍ ، اَلبَرِّ الوَفِيِّ الطّاهِرِ الزَّكِيِّ النُّورِ المُنيرِ (2) ، المُجتَهِدِ المُحتَسِبِ الصّابِرِ عَلَى الأَذى فيكَ ، اَللّهُمَّ وَكَما بَلَّغَ عَن آبائِهِ ما استَودَعَ مِن أَمرِكَ وَنَهيِكَ ، وَحَمَلَ عَلَى المَحَجَّةِ وَكابَدَ (3) أَهلَ الغِرَّةِ وَالشِّدَّةِ فيما كانَ يَلقى مِن جُهّالِ قَومِهِ ، رَبِّ فَصَلِّ عَلَيهِ أَفضَلَ وَأَكمَلَ ما صَلَّيتَ عَلى أَحَدٍ مِمَّن أَطاعَكَ وَنَصَحَ لِعِبادِكَ إِنَّكَ غَفُورٌ رَحيمٌ .
الصلاة على عليِّ بن موسى الرِّضا عليهماالسلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيِّ بنِ مُوسَى الرِّضا ، الَّذِي ارتَضَيتَهُ وَرَضَّيتَ بِهِ مَن شِئتَ مِن
.
ص: 364
خَلقِكَ ، اَللّهُمَّ وَكَما جَعَلتَهُ حُجَّةً عَلى خَلقِكَ وَقائِما بِأَمرِكَ ، وَناصِرا لِدينِكَ وَشاهِدا عَلى عِبادِكَ ، وَكَما نَصَحَ لَهُم فِي السِّرِّ وَالعَلانِيَةِ وَدَعا اِلى سَبيلِكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ ، فَصَلِّ عَلَيهِ أَفضَلَ ما صَلَّيتَ عَلى أَحَدٍ مِن أَولِيائِكَ وَخِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ إِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ .
الصلاة على محمَّد بن عليِّ الجواد عليهماالسلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُوسى عليهم السلام ، عَلَمِ التُّقى وَنُورِ الهُدى وَمَعدِنِ الوَفى (1) ، وَفَرعِ الأَزكِياءِ وَخَليفَةِ الأَوصِياءِ وَأَمينِكَ عَلى وَحيِكَ ، اَللّهُمَّ فَكَما هَدَيتَ بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ وَاستَنقَذتَ بِهِ مِنَ الجَهالَةِ ، وَأَرشَدتَ بِهِ مَنِ اهتَدى وَزَكَّيتَ بِهِ مَن تَزَكّى ، فَصَلِّ عَلَيهِ أَفضَلَ ما صَلَّيتَ عَلى أَحَدٍ مِن أَولِيائِكَ وَبَقِيَّةِ أَولِيائِكَ إِنَّكَ عَزيزٌ حَكيمٌ .
الصلاة على عليِّ بن محمّد أبي الحسن العسكريّ عليهماالسلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ ، وَصِيِّ الأَوصِياءِ وَإِمامِ الأَتقِياءِ وَخَلَفَ أَئِمَّةِ الدِّينِ وَالحُجَّةِ عَلَى الخَلائِقِ أَجمَعينِ ، اَللّهُمَّ كَما جَعَلتَهُ نُورا يَستَضيِي بِهِ المُؤمِنُونَ ، فَبَشَّرَ بِالجَزيلِ مِن ثَوابِكَ ، وَأَنذَرَ بِالأَليمِ مِن عِقابِكَ ، وَحَذَّرَ بَأسَكَ ، وَذكَّرَ بِآياتِكَ ، وَأَحَلَّ حَلالَكَ وَحَرَّمَ حَرامَكَ ، وَبَيَّنَ شَرائِعَكَ وَفَرائِضَكَ وَحَضَّ عَلى عِبادَتِكَ ، وَأَمَرَ بِطاعَتِكَ وَنَهى عَن مَعصِيَتِكَ ، فَصَلِّ عَلَيهِ أَفضَلَ ما صَلَّيتَ عَلى أَحَدٍ مِن أَولِيائِكَ وَذُرِّيَّةِ أَنبِيائِكَ يا إِلهَ العالَمينَ . وفي نسخةٍ اُخرى عتيقة : قال أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد اليمني _ فلمّا انتهيت إلى الصلاة عليه أمسك ، فقلت له في ذلك ، فقال :
.
ص: 365
الصلاة على الحسن بن عليِّ العسكريِّ بن محمّد عليهم السلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ الهادي ، البَرِّ التَّقِيِّ الصّادِقِ الوَفِيِّ ، النُّورِ المُضِيءِ ، خازِنِ عِلمِكَ ، وَالمُذَكِّرِ بِتَوحيدِكَ وَوَلِىِّ أَمرِكَ ، وَخَلَفِ أَئِمَّةِ الدِّينِ الهُداةِ الرّاشِدينَ ، وَالحُجَّةِ عَلى أَهلِ الدُّنيا ، فَصَلِّ عَلَيهِ يا رَبِّ أَفضَلَ ما صَلَّيتَ عَلى أَحَدٍ مِن أَصفِيائِكَ وَحُجَجِكَ عَلى خَلقِكَ وَأَولادِ رُسُلِكَ يا إِلهَ العالَمينَ .
الصلاة على وليّ الأمر المنتظر الحجّة بن الحسن عليهماالسلام :اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى وَلِيِّكَ وَابنِ أَولِيائِكَ ، الَّذينَ فَرَضتَ طاعَتَهُم وَأَوجَبتَ حَقَّهُم وَأَذهَبتَ عَنهُمُ الرِّجسَ وَطهَّرتَهُم تَطهيرا ، اَللّهُمَّ انصُرهُ وَانتَصِر بِهِ لِدينِكَ وَانصُر بِهِ أَولِياءَكَ وَأَولِياءَهُ وَشيعَتَهُ وَأَنصارَهُ ، وَاجعَلنا مِنهُم ، اَللّهُمَّ أَعِذهُ مِن شَرِّ كُلِّ طاغٍ وَباغٍ ، وَمِن شَرِّ جَميعِ خَلقِكَ ، وَاحفَظهُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَمِن خَلفِهِ وَعَن يَمينِهِ وَعَن شِمالِهِ ، وَاحرُسهُ وَامنَعهُ اَن يُوصَلَ إِلَيهِ بِسُوءٍ ، وَاحفَظ فيهِ رَسُولَكَ وَآلَ رَسُولِكَ ، وَأَظهِر بِهِ العَدلَ ، وَأَيِّدهُ بِالنَّصرِ وَانصُر ناصِريهِ وَاِخذُل خاذِليهِ وَاقصِم بِهِ جَبابِرَةِ الكُفرِ (1) وَاقتُل بِهِ الكُفّارَ وَالمُنافِقينَ وَجَميعَ المُلحِدينَ حَيثُ كانُوا ، مِن مَشارِقِ الأَرضِ وَمَغارِبِها وَبَرِّها وَبَحرِها وَسَهِلها وَجَبَلِها ، واملأ بِهِ الْاَرضَ عَدلاً ، وَأَظهِر بِهِ دِينَ نَبِيِّكَ عَلَيهِ وَآلِهِ السَّلاُمُ ، وَاجعَلنِي اللّهُمَّ مِن أَنصارِهِ وَأَعوانِهِ وَأَتباعِهِ وشيعَتِهِ ، وَأَرِني في آلِ مُحَمَّدٍ ما يَأمُلُونَ وَفي عَدُوِّهِم ما يَحذَرُونَ ، إِلهَ الحَقِّ رَبِّ
.
ص: 366
العالَمينَ آمينَ » (1) .
123كتابه عليه السلامفي ذكر قنوتات الأئمّة الطاهرين عليهم السلامالسيّد ابن طاووس ( عليّ بن موسى ) : وجدت في الأصل الّذي نقلت منه هذه القنوتات ما هذا لفظه ممّا يأتي ذكره بغير إسناد ، ثمّ وجدت بعد سطر هذه القنوتات إسنادها في كتاب عمل رجب وشعبان وشهر رمضان تأليف أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن عبّاس رحمهم الله ، فقال : حدّثني أبو الطيب الحسن بن أحمد بن محمّد بن عمر بن الصباح القزوينيّ ، وأبو الصباح محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن البغداديّ الكاتبان ، قالا : جرى بحضرة شيخنا فقيه العصابة ذكر مولانا أبي محمّد الحسن بن أمير المؤمنين عليهماالسلام ، فقال رجل من الطالبييّن : إنّما ينتقم منه الناس تسليم هذا الأمر إلى ابن أبي سفيان ، فقال شيخنا : رأيتُ أيضاً مولانا أبا محمّد عليه السلام أعظم شأناً وأعلى مكاناً وأوضح برهاناً من أن يقدح في فعل له اعتبار المعتبرين أو يعترضه شكّ الشاكّين وارتياب المرتابين . ثمّ أنشأ يحدّث فقال : لمّا مضى سيّدنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمريّ [ رضي اللّه عنه وأرضاه وزاده علوّاً فيما أولاه ] وفرغ من أمره ، جلس الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر _ زاد اللّه توفيقه _ للنّاس في بقيّة نهار يومه في دار الماضي رحمهم الله ، فأخرج إليه ذكاء الخادم الأبيض مُدرّجاً وعُكّازاً وحُقّة خشبٍ مدهونةً ، فأخذ العُكّاز فجعلها في حجره على فخذيه وأخذ المُدرّج بيمينه والحُقّة بشماله ، فقال الورثة : في هذا المُدرّج ذكر ودائع ، فنشره فإذا هي أدعية وقنوت مَوالينا الأئمّة من آل محمّد عليهم السلام
.
ص: 367
فأضربوا عنها ، وقالوا : ففي الحُقّة جوهر لا محالة . قال لهم (1) : تبيعونها ؟ فقالوا : بكَم ؟ قال : يا أبا الحسن _ يعني ابن شيث الكوثاويّ _ ادفع إليهم عشر دنانير . فامتنعوا ، فلم يزل يزيدهم ويمتنعون إلى أن بلغ مئة دينار ، فقال لهم : إن بعتم وإلّا ندمتم . فاستجابوا البيع وقبضوا المئة الدينار ، واستثنى عليهم « المُدرّج » والعُكّاز . فلمّا انفصل الأمر ، قال : هذه عُكّاز مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا عليهم السلام ، الّتي كانت في يده يوم توكيله سيّدنا الشيخ عثمان بن سعيد العَمريّ رحمهم الله ووصيّته إليه وغيبته إلى يومنا هذا ، وهذه الحُقّة فيها خواتيم الأئمّة عليهم السلام . فأخرجها فكانت كما ذَكَرَ من جواهرها ونقوشها وعددها ، وكان في « المُدرّج » قنوت موالينا الأئمّة عليهم السلام ، وفيه قنوت مولانا أبي محمّد الحسن بن أمير المؤمنين عليه السلام ، وأملاها علينا من حفظه ، فكتبناها على ما سَطَرَ في هذه المدرجة ، وقال : احتفظوا بها كما تحتفظون بمُهمّات الدين وعَزَمات ربّ العالمين جلّ وعزّ ، وفيها بلاغٌ إلى حين .
قنوت سيّدنا الحسن عليه السلام :يَا مَن بِسُلطَانِهِ يَنتَصِرُ المَظلُومُ ، وَبِعَونِهِ يَعتَصِمُ المَكلُومُ ، سَبَقَت مَشِيَّتُكَ وَتَمَّت كَلِمَتُكَ وَأَنتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَبِمَا تُمضِيهِ خَبِيرٌ ، يَا حَاضِرَ كُلِّ غَيبٍ وَيَا عَالِمَ كُلِّ سِرٍّ وَمَلجَأَ كُلِّ مُضطَرٍّ ضَلَّت فِيكَ الفُهُومُ وَتَقَطَّعَت دُونَكَ العُلُومُ ، وَأَنتَ اللّهُ الحَيُّ القَيُّومُ الدَّائِمُ الدَّيمُومُ ، قَد تَرَى مَا أَنتَ بِهِ عَلِيمٌ وَفِيهِ حَكِيمٌ وَعَنهُ حَلِيمٌ ، وَأَنتَ بِالتَّنَاصُرِ عَلى كَشفِهِ وَالعَونِ عَلى كَفِّهِ غَيرُ ضَائِقٍ ، وَإِلَيكَ مَرجِعُ كُلِّ أَمرٍ ، كَمَا عَن مَشِيئَتِكَ مَصدَرُهُ وَقَد أَبَنتَ عَن عُقُودِ كُلِّ قَومٍ ، وَأَخفَيتَ سَرَائِرَ آخَرِينَ ، وَأَمضَيتَ مَا قَضَيتَ ، وَأَخَّرتَ مَا لا فَوتَ عَلَيكَ فِيهِ ، وَحَمَلتَ العُقُولَ مَا تَحَمَّلَت فِي غَيبِكَ ،
.
ص: 368
لِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحيا مَن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ، وَإِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ الأَحَدُ البَصِيرُ ، وَأَنتَ اللّه المُستَعَانُ وَعَلَيكَ التَّوَكُّلُ ، وَأَنتَ وَلِيُّ مَن [ مَا ] تَوَلَّيتُ لَكَ الأَمرُ كُلُّهُ ، تَشهَدُ الانفِعَالَ وَتَعلَمُ الاختِلالَ ، وَتَرَى تَخَاذُلَ أَهلِ الجَبَالِ وَجُنُوحَهُم إِلَى مَا جَنَحُوا إِلَيهِ مِن عَاجِلٍ فَانٍ وَحُطَامٍ عُقبَاهُ حَمِيمٌ آنٍ ، وَقُعُودَ مَن قَعَدَ وَارتِدَادَ مَنِ ارتَدَّ ، وَخُلُوِّي مِنَ النُّصَّارِ وَانفِرَادِي عَن الظُّهَارِ ، وَبِكَ أَعتَصِمُ وَبِحَبلِكَ أَستَمسِكُ وَعَلَيكَ أَتَوَكَّلُ . اللّهُمَّ فَقَد تَعلَمُ أَنِّي مَا ذَخَرتُ جُهدِي وَلا مَنَعتُ وُجدِي ، حَتَّى انفَلَّ حَدِّي وَبَقِيتُ وَحدِي ، فَاتَّبَعتُ طَرِيقَ مَن تَقَدَّمَنِي فِي كَفِّ العَادِيَةِ وَتَسكِينِ الطَّاغِيَةِ ، عَن دِمَاءِ أَهلِ المُشَايَعَةِ ، وَحَرَستُ مَا حَرَسَهُ أَولِيَائِي مِن أَمرِ آخِرَتِي وَدُنيَايَ ، فَكُنتُ لِغَيظِهِم أَكظِمُ وَبِنِظَامِهِم أَنتَظِمُ وَلِطَرِيقِهِم أَتَسَنَّمُ وَبِمِيسَمِهِم أَتَّسِمُ ، حَتَّى يَأتِيَ نَصرُكَ وَأَنتَ نَاصِرُ الحَقِّ وَعَونُهُ ، وَإِن بَعُدَ المُدَى مِنَ المُرتَادِ (1) وَنَأَى الوَقتُ عَن إِفنَاءِ الأَضدَادِ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ واخرُجهُم مَعَ النُّصَّابِ فِي سَرمَدِ العَذَابِ ، وَأَعمِ عَنِ الرُّشدِ أَبصَارَهُم ، وَسَكِّعهُم فِي غَمَرَاتِ لَذَّاتِهِم ، حَتَّى تَأخُذَهُم بَغتَةً وَهُم غَافِلُونَ ، وَسُحرَةً وَهُم نَائِمُونَ ، بِالحَقِّ الَّذِي تُظهِرُهُ ، وَاليَدِ الَّتِي تَبطِشُ بِهَا ، وَالعِلمِ الَّذِي تُبدِيهِ ، إِنَّكَ كَرِيمٌ عَلِيم .
و دعا عليه السلام في قنوته :اللّهُمَّ إِنَّكَ الرَّبُّ الرَّؤوفُ ، المَلِكُ العَطُوفُ ، المُتَحَنِّنُ المَألُوفُ ، وَأَنتَ غِيَاثُ
.
ص: 369
الحَيرَانِ المَلهُوفِ ، وَمُرشِدُ الضَّالِّ المَكفُوفِ ، تَشهَدُ خَوَاطِرَ أَسرَارِ المُسِرِّينَ كَمُشَاهَدَتِكَ أَقوَالَ النَّاطِقِينَ ، أَسأَ لُكَ بِمُغَيَّبَاتِ عِلمِكَ فِي بَوَاطِنِ سَرَائِرِ المُسِرِّينَ إِلَيكَ ، أَن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، صَلاةً نَسبِقُ بِهَا مَنِ اجتَهَدَ مِنَ المُتَقَدِّمِينَ ، وَنَتَجَاوَزُ فِيهَا مَن يَجتَهِدُ مِنَ المُتَأَخِّرِينَ ، وَأَن تَصِلَ الَّذِي بَينَنَا وَبَينَكَ صِلَةَ مَن صَنَعتَهُ لِنَفسِكَ وَاصطَنَعتَهُ لِعَينِكَ فَلَم تَتَخَطَّفهُ خَاطِفَاتُ الظِّنَنِ (1) ، وَلا وَارِدَاتُ الفِتَنِ ، حَتَّى نَكُونَ لَكَ فِي الدُّنيَا مُطِيعِينَ وَفِي الآخِرَةِ فِي جِوَارِكَ خَالِدِينَ .
قنوت الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ مِنكَ البَدءُ وَلَكَ المَشِيئَةُ [ المَشِئَةُ ] وَلَكَ الحَولُ وَلَكَ القُوَّةُ وَأَنتَ اللّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إلّا أَنتَ ، جَعَلتَ قُلُوبَ أَولِيَائِكَ مَسكَناً لِمَشِيئَتِكَ وَمَكمَناً لإِرَادَتِكَ ، وَجَعَلتَ عُقُولَهُم مَنَاصِبَ أَوَامِرِكَ وَنَوَاهِيكَ ، فَأَنتَ إِذَا شِئتَ مَا تَشَاءُ حَرَّكتَ مِن أَسرَارِهِم كَوَامِنَ مَا أَبطَنتَ فِيهِم ، وَأَبدَأتَ مِن إِرَادَتِكَ عَلى أَلسِنَتِهِم مَا أَفهَمتَهُم بِهِ عَنكَ فِي عُقُودِهِم ، بِعُقُولٍ تَدعُوكَ وَتَدعُو إِلَيكَ بِحَقَائِقِ مَا مَنَحتَهُم بِهِ ، وَإِنِّي لأَعلَمُ مِمَّا عَلَّمتَنِي مِمَّا أَنتَ المَشكُورُ عَلى مَا مِنهُ أَرَيتَنِي وَإِلَيهِ آوَيتَنِي . اللّهُمَّ وَإِنِّي مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ عَائِذٌ بِكَ ، لائِذٌ بِحَولِكَ وَقُوَّتِكَ ، رَاضٍ بِحُكمِكَ الَّذِي سُقتَهُ إِلَيَّ فِي عِلمِكَ ، جَارٍ بِحَيثُ أَجرَيتَنِي ، قَاصِدٌ مَا أَمَّمتَنِي ، غَيرُ ضَنِينٍ بِنَفسِي فِيمَا يُرضِيكَ عَنِّي إِذ بِهِ قَد رَضَّيتَنِي ، وَلا قَاصِرٌ بِجُهدِي عَمَّا إِلَيهِ نَدَبتَنِي ، مُسَارِعٌ لِمَا عَرَّفتَنِي ، شَارِعٌ فِيمَا أَشرَعتَنِي ، مُستَبصِرٌ مَا بَصَّرتَنِي ، مُرَاعٍ مَا أَرعَيتَنِي ، فَلا تُخلِنِي مِن رِعَايَتِكَ ، وَلا تُخرِجنِي مِن عِنَايَتِكَ ، وَلا تُقعِدنِي عَن حَولِكَ ، وَلا تُخرِجنِي عَن مَقصَدٍ أَنَالُ بِهِ إِرَادَتَكَ ، وَاجعَل عَلى البَصِيرَةِ مَدرَجَتِي ، وَعَلى الهِدَايَةِ مَحَجَّتِي ،
.
ص: 370
وَعَلى الرَّشَادِ مَسلَكِي ، حَتَّى تُنِيلَنِي وَتُنِيلَ بِي أُمنِيَّتِي ، وَتَحِلَّ بِي عَلى مَا بِهِ أَرَدتَنِي وَلَهُ خَلَقتَنِي وَإِلَيهِ آوَيتَ بِي ، وَأَعِذ أَولِيَاءَكَ مِنَ الافتِتَانِ بِي ، وَفَتِّنهُم بِرَحمَتِكَ لِرَحمَتِكَ فِي نِعمَتِكَ تَفتِينَ الاجتِبَاءِ وَالاستِخلاصِ بِسُلُوكِ طَرِيقَتِي وَاتِّبَاعِ مَنهَجِي ، وَأَلحِقنِي بِالصّالِحِينَ مِن آبَائِي وَذَوِي رَحِمِي [لُحمَتي] .
ودعا عليه السلام في قنوته :اللّهُمَّ مَن أَوَى إِلَى مَأوىً فَأَنتَ مَأوَايَ ، وَمَن لَجَأَ إِلَى مَلجَاً فَأَنتَ مَلجَئِي . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد وَاسمَع نِدَائِي وَأَجِب دُعَائِي ، وَاجعَل [عِندَكَ] مَآبِي عِندَكَ وَمَثوَايَ ، وَاحرُسنِي فِي بَلوَايَ مِنِ افتِنَانِ الامتِحَانِ وَلُمَّةِ (1) الشَّيطَانِ ، بِعَظَمَتِكَ الَّتِي لا يَشُوبُهَا وَلَعُ نَفسٍ بِتَفتِينٍ وَلا وَارِدُ طَيفٍ بِتَظنِينٍ وَلا يَلُمُّ بِهَا فَرَحٌ [فَرَجٌ] ، حَتَّى تَقلِبَنِي إِلَيكَ بِإِرَادَتِكَ ، غَيرَ ظَنِينٍ وَلا مَظنُونٍ ، وَلا مُرَابٍ ، وَلا مُرتَابٍ ، إِنَّكَ أَنتَ أَرحَمُ الرّاحِمِينَ .
قنوت الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ إِنَّ جِبِلَّةَ البَشَرِيَّةِ وَطِبَاعَ الإِنسَانِيَّةِ وَمَا جَرَت عَلَيهِ تَركِيبَاتُ النَّفسِيَّةِ وَانعَقَدَت بِهِ عُقُودُ النَّشِئيَّةِ [ النَّسِبيَّةِ ] ، تَعجِزُ عَن حَملِ وَارِدَاتِ الأَقضِيَةِ ، إلّا مَا وَفَّقتَ لَهُ أَهلَ الاصطِفَاءِ وَأَعَنتَ عَلَيهِ ذَوِي الاجتِبَاءِ . اللّهُمَّ وَإِنَّ القُلُوبَ فِي قَبضَتِكَ وَالمَشِيئَةَ لَكَ فِي مَلكَتِكَ ، وَقَد تَعلَمُ أَي رَبِّ مَا الرَّغبَةُ إِلَيكَ فِي كَشفِهِ ، وَاقِعَةً لأَوقَاتِهَا بِقُدرَتِكَ ، وَاقِفَةً بِحَدِّكَ مِن إِرَادَتِكَ ، وَإِنِّي لأَعلَمُ أَنَّ لَكَ دَارَ جَزَاءٍ مِنَ الخَيرِ وَالشَّرِّ مَثُوبَةً وَعُقُوبَةً ، وَأَنَّ لَكَ يَوماً تَأخُذُ فِيهِ
.
ص: 371
بِالحَقِّ ، وَأَنَّ أَنَاتَكَ أَشبَهُ الأَشيَاءِ بِكَرَمِكَ ، وَأَليَقُهَا بِمَا وَصَفتَ بِهِ نَفسَكَ فِي عَطفِكَ وَتَرَاؤُفِكَ ، وَأَنتَ بِالمِرصَادِ لِكُلِّ ظَالِمٍ فِي وَخِيمِ عُقبَاهُ وَسُوءِ مَثوَاهُ . اللّهُمَّ إِنَّكَ قَد أَوسَعتَ خَلقَكَ رَحمَةً وَحِلماً ، وَقَد بَدَّلتَ أَحكَامَكَ وَغَيَّرتَ سُنَنَ نَبِيِّكَ ، وَتَمَرَّدَ الظَّالِمُونَ عَلى خُلَصَائِكَ ، وَاستَبَاحُوا حَرِيمَكَ ، وَرَكِبُوا مَرَاكِبَ الاستِمرَارِ عَلى الجُرأَةِ عَلَيكَ . اللّهُمَّ فَبَادِرهُم بِقَوَاصِفِ سَخَطِكَ وَعَوَاصِفِ تَنكِيلاتِكَ وَاجتِثَاثِ غَضَبِكَ ، وَطَهِّرِ البِلادَ مِنهُم ، وَاعِفَّ عَنهَا آثَارَهُم ، وَاحطُط مِن قَاعَاتِهَا وَمَظَانِّهَا مَنَارَهُم ، وَاصطَلِمهُم بِبَوَارِكَ حَتَّى لا تُبق مِنهُم دِعَامَةً لِنَاجِمٍ وَلا عَلَماً لآِمٍّ وَلا مَنَاصاً لِقَاصِدٍ وَلا رَائِداً لِمُرتَادٍ . اللّهُمَّ امحُ آثَارَهُم ، وَاطمِس عَلى أَموَالِهِم وَدِيَارِهِم ، وَامحَق أَعقَابَهُم وَافكُك أَصلابَهُم ، وَعَجِّل إِلَى عَذَابِكَ السَّرمَدِ انقِلابَهُم ، وَأَقِم لِلحَقِّ مَنَاصِبَهُ ، وَأَقدِح لِلرَّشَادِ زَنَادَهُ ، وَأَثِر لِلثَّارِ مُثِيرَهُ ، وَأَيِّد بِالعَونِ مُرتَادَهُ ، وَوَفِّر مِنَ النَّصرِ زَادَهُ ، حَتَّى يَعُودَ الحَقُّ بِجَدَّيِهِ ، وَيُنِيرَ مَعَالِمُ مَقَاصِدِهِ ، وَيَسلُكَهُ أَهلُهُ بِالأَمَنَةِ حَقَّ سُلُوكِهِ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ .
دعا عليه السلام في قنوته :اللّهُمَّ أَنتَ المُبِينُ البَائِنُ ، وَأَنتَ المَكِينُ المَاكِنُ المُمكِنُ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى آدَمَ بَدِيعِ فِطرَتِكَ ، وَبِكرِ حُجَّتِكَ ، وَلِسَانِ قُدرَتِكَ ، وَالخَلِيفَةِ فِي بَسِيطَتِكَ ، وَأَوَّلِ مُجتَبىً لِلنُّبُوَّةِ بِرَحمَتِكَ ، وَسَاحِفِ شَعرِ رَأسِهِ تَذَلُّلاً لَكَ فِي حَرَمِكَ لِعِزَّتِكَ ، وَمُنشَاً مِنَ التُّرَابِ نَطَقَ إِعرَاباً بِوَحدَانِيَّتِكَ ، وَعَبَدَ لَكَ ، أَنشَأتَهُ لأُمَّتِكَ ، وَمُستَعِيذٍ بِكَ مِن مَسِّ عُقُوبَتِكَ ، وَصَلِّ عَلى ابنِهِ الخَالِصِ مِن صَفوَتِكَ ، وَالفَاحِصِ
.
ص: 372
عَن مَعرِفَتِكَ ، وَالغَائِصِ [ الفَائِضِ ] المَأمُونِ عَن مَكنُونِ سَرِيرَتِكَ بِمَا أَولَيتَهُ مِن نِعَمِكَ وَمَعُونَتِكَ ، وَعَلى مَن بَينَهُمَا مِنَ النَّبِيِّينَ وَالمُرسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ . وَأَسأَلُكَ اللّهُمَّ حَاجَتِيَ الَّتِي بَينِي وَبَينَكَ لا يَعلَمُهَا أَحَدٌ غَيرُكَ ، أَن تَأتِيَ عَلى قَضَائِهَا وَإِمضَائِهَا فِي يُسرٍ مِنكَ [ وَعَافِيَةٍ ] وَشَدِّ أَزرٍ وَحَطِّ وِزرٍ ، يَا مَن لَهُ نُورٌ لا يُطفَأ ، وَظُهُورٌ لَا يَخفَى ، وَأُمُورٌ لا تُكفَى . اللّهُمَّ إِنِّي دَعَوتُكَ دُعَاءَ مَن عَرَفَكَ وَتَسَبَّلَ [تَبَتَّلَ] إِلَيكَ وَآلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ إِلَيكَ . سُبحَانَكَ طَوَتِ الأَبصَارُ فِي صَنعَتِكَ مَدِيدَتَهَا ، وَثَنَتِ الأَلبَابُ عَن كُنهِكَ أَعِنَّتَهَا ، فَأَنتَ المُدرِكُ غَيرُ المُدرَكِ ، وَالمُحِيطُ غَيرُ المُحَاطِ ، وَعِزَّتِكَ لَتَفعَلَنَّ ، وَعِزَّتِكَ لَتَفعَلَنَّ ، وَعِزَّتِكَ لَتَفعَلَنَّ .
قنوت الإمام أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام :اللّهُمَّ إِنَّ عَدُوِّي قَدِ استَسَنَّ فِي غُلوائِهِ ، وَاستَمَرَّ فِي عُدوَانِهِ ، وَأَمِنَ بِمَا شَمِلَهُ مِنَ الحِلمِ عَاقِبَةَ جُرأَتِهِ عَلَيكَ ، وَتَمَرَّدَ فِي مُبَايَنَتِكَ ، وَلَكَ اللّهُمَّ لَحَظَاتُ سَخَطٍ بَياتاً وَهُم نائِمُونَ ، وَنَهَاراً وَهُم غَافِلُونَ ، وَجَهرَةً وَهُم يَلعَبُونَ ، وَبَغتَةً وَهُم سَاهُونَ ، وَأنَّ الخِنَاقَ قَدِ اشتَدَّ وَالوَثَاقَ قَدِ احتَدَّ وَالقُلُوبَ قَد شُجِيَت وَالعُقُولَ قَد تَنَكَّرَت وَالصَّبرَ قَد أَودَى وَكَادَ يَنقَطِعُ حَبَائِلُهُ ، فَإِنَّكَ لَبِالمِرصَادِ مِنَ الظَّالِمِ وَمُشَاهَدَةٍ مِنَ الكَاظِمِ ، لا يَعجِّلُكَ فَوتُ دَركٍ وَلا يُعجِزُكَ احتِجَازُ مُحتَجِزٍ ، وَإِنَّمَا مُهِّلِ [مَهَّلتَهُ ]استِثبَاتاً ، وَحُجَّتُكَ عَلى الأَحوَالِ البَالِغَةِ الدَّامِغَةِ وَبِعُبَيدِكَ [لِعَبدِكَ] ضَعفُ البَشَرِيَّةِ وَعَجزُ الإِنسَانِيَّةِ ، وَلَكَ سُلطَانُ الإِلَهِيَّةِ وَمَلكَةُ البَرِيَّةِ [مَلِكَةُ الرُّبُوبِيَّةِ] وَبَطشَةُ الأَنَاةِ وَعُقُوبَةُ التَّأبِيدِ .
.
ص: 373
اللّهُمَّ فَإِن كَانَ فِي المُصَابَرَةِ لِحَرَارَةِ المُعَانِ مِنَ الظَّالِمِينَ وَكَيدِ مَن يُشَاهِدُ مِنَ المُبَدِّلِينَ ، رِضىً لَكَ وَمَثُوبَةً مِنكَ ، فَهَب لَنَا مَزِيداً مِنَ التَّأيِيدِ وَعَوناً مِنَ التَّسدِيدِ إِلَى حِينِ نُفُوذِ مَشِيئَتِكَ فِيمَن أَسعَدتَهُ وَأَشقَيتَهُ مِن بَرِيَّتِكَ ، وَامنُن عَلَينَا بِالتَّسلِيمِ لِمَحتُومَاتِ أَقضِيَتِكَ ، وَالتَّجَرُّعِ لِوَارِدَاتِ أَقدَارِكَ ، وَهَب لَنَا مَحَبَّةً لِمَا أَحبَبتَ فِي مُتَقَدِّمٍ وَمُتَأَخِّرٍ وَمُتَعَجِّلٍ وَمُتَأَجِّلٍ ، وَالإِيثَارُ لِمَا اختَرتَ فِي مُستَقرَبٍ وَمُستَبعَدٍ ، وَلا تُخلِنَا اللّهُمَّ مَعَ ذَلِكَ مِن عَوَاطِفِ رَأفَتِكَ وَرَحمَتِكَ وَكِفَايَتِكَ وَحُسنِ كِلاءَتِكَ ، بِمَنِّكَ وَكَرَمِكَ .
ودعا عليه السلام في قنوته :يَامَن يَعلَمُ هَوَاجِسَ السَّرَائِرِ وَمَكَامِنَ الضَّمَائِرِ وَحَقَائِقَ الخَوَاطِرِ ، يَامَن هُوَ لِكُلِّ غَيبٍ حَاضِرٌ ، وَلِكُلِّ مَنسِيٍّ ذَاكِرٌ وَعَلى كُلِّ شَيءٍ قَادِرٌ وَإِلَى الكُلِّ نَاظِرٌ ، بَعُدَ المَهَلُ وَقَرُبَ الأَجَلُ وَضَعُفَ العَمَلُ وَأَرَابَ (1) [أَرأَبَ] الأَمَلُ وَآنَ المُنتَقَلُ ، وَأَنتَ يَا اللّهُ الآخِرُ كَمَا أَنتَ الأَوَّلُ ، مُبيدُ [ مُبدِئٌ ] مَا أَنشَأتَ وَمُصَيِّرُهُم إِلَى البِلَى (2) ، وَمُقَلِّدُهُم أَعمَالَهُم وَمُحَمِّلُهَا ظُهُورَهُم إِلَى وَقتِ نُشُورِهِم مِن بِعثَةِ قُبُورِهِم عِندَ نَفخَةِ الصُّورِ وَانشِقَاقِ السَّمَاءِ بِالنُّورِ وَالخُرُوجِ بِالمَنشَرِ إِلَى سَاحَةِ المَحشَرِ ، لايَرتَدُّ إِلَيهِم أبصارُهُم [طَرفُهُم] وَأَفئِدَتُهُم هَواءٌ ، مُتَرَاطِمِينَ فِي غُمَّةٍ مِمَّا أَسلَفُوا وَمُطَالِبِينَ بِمَا احتَقَبُوا وَمُحَاسَبِينَ هُنَاكَ عَلى مَا ارتَكَبُوا ، الصَّحَائِفُ فِي الأَعنَاقِ مَنشُورَةٌ وَالأَوزَارُ عَلى الظُّهُورِ مَأزُورَةٌ ، لا انفِكَاكَ وَلا مَنَاصَ وَلا مَحِيصَ عَنِ القِصَاصِ ، قَد أَفحَمَتهُمُ الحُجَّةُ وَحَلُّوا فِي حَيرَةِ المَحَجَّةِ هَمسِ [هَمَسُوا ]الضَّجَّةَ مَعدُولٌ بِهِم عَنِ المَحَجَّةِ
.
ص: 374
إلّا مَن سَبَقَت لَهُ مِنَ اللّهِ الحُسنَى ، فَنُجِّيَ [فَنَجى ]مِن هَولِ المَشهَدِ وَعَظِيمِ المَورِدِ ، وَلَم يَكُن مِمَّن فِي الدُّنيَا تَمَرَّدَ وَلا عَلى أَولِيَاءِ اللّهِ تَعَنَّدَ ، وَلَهُم استُعبَدَ ، وَعَنهُم بِحُقُوقِهِم تَفَرَّدَ . اللّهُمَّ فَإِنَّ القُلُوبَ قَد بَلَغَتِ الحَنَاجِرَ ، وَالنُّفُوسَ قَد عَلَتِ التَّرَاقِيَ ، وَالأَعمَارَ قَد نَفِدَت بِالانتِظَارِ ، لا عَن نَقصِ استِبصَارٍ وَلا عَنِ اتِّهَامِ مِقدَارٍ وَلَكِن لِمَا تُعَانِي مِن رُكُوبِ مَعَاصِيكَ ، وَالخِلافِ عَلَيكَ فِي أَوَامِرِكَ وَنَوَاهِيكَ ، وَالتَّلَعُّبِ بِأَولِيَائِكَ وَمُظَاهَرَةِ أَعدَائِكَ . اللّهُمَّ فَقَرِّب مَا قَد قَرُبَ ، وَأَورِد مَا قَد دَنَا ، وَحَقِّق ظُنُونَ المُوقِنِينَ ، وَبَلِّغِ المُؤمِنِينَ تَأمِيلَهُم مِن إِقَامَةِ حَقِّكَ وَنَصرِ دِينِكَ وَإِظهَارِ حُجَّتِكَ وَالانتِقَامِ مِن أَعدَائِكَ .
قنوت الإمام جعفر الصّادق عليه السلام :يَا مَن سَبَقَ عِلمُهُ وَنَفَذَ حُكمُهُ وَشَمِلَ حِلمُهُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَزِل حِلمَكَ عَن ظَالِمِيَّ ، وَبَادِرهُ بِالنَّقِمَةِ ، وَعَاجِلهُ بِالاستِئصَالِ ، وَكُبَّهُ لِمَنخِرِهِ ، وَاغصُصهُ بِرِيقِهِ ، وَاردُد كَيدَهُ فِي نَحرِهِ ، وَحُل بَينِي وَبَينَهُ بِشُغُلٍ شَاغِلٍ مُؤلِمٍ ، وَسُقمٍ دَائِمٍ ، وَامنَعهُ التَّوبَةَ ، وَحُل بَينَهُ وَبَينَ الإِنَابَةِ ، وَاسلُبهُ رُوحَ الرَّاحَةِ ، وَاشدُد عَلَيهِ الوَطأَةَ ، وَخُذ مِنهُ بِالمُخَنَّقِ ، وَحَشرِجهُ (1) فِي صَدرِهِ ، وَلا تُثَّبِت لَهُ قَدَماً ، وَأَثكِلهُ وَنَكِّلهُ ، وَاجتَثَّهُ وَاجتَثَّ رَاحَتَهُ ، وَاستَأصِلهُ وَجُثَّهُ ، وَجُثَّ نِعمَتَكَ عَنهُ ، وَأَلبِسهُ الصِّغَارَ ، وَاجعَل عُقبَاهُ النَّارَ بَعدَ مَحوِ آثَارِهِ وَسَلبِ قَرَارِهِ وَإِجهَارِ قَبِيحِ آصَارِهِ (2) ، وَأَسكِنهُ دَارَ بَوَارِهِ ، وَلا تُبقِ لَهُ ذِكراً ، وَلا تُعَقِّبهُ مِن مُستَخلَفٍ أَجراً .
.
ص: 375
اللّهُمَّ بَادِرهُ [ثَلاثاً] . اللّهُمَّ عَاجِلهُ [ثَلاثاً] . اللّهُمَّ لا تُؤَجِّلهُ [ثَلاثاً] . اللّهُمَّ خُذهُ [ثَلاثاً] . اللّهُمَّ اسلُبهُ التَّوفِيقَ [ثَلاثاً] . اللّهُمَّ لا تُنهِضهُ . اللّهُمَّ لا تَرِثهُ . اللّهُمَّ لا تُؤَخِّرهُ . اللّهُمَّ عَلَيكَ بِهِ . اللّهُمَّ اشدُد قَبضَتَكَ عَلَيهِ . اللّهُمَّ بِكَ اعتَصَمتُ عَلَيهِ وَبِكَ استَجَرتُ مِنهُ وَبِكَ تَوَارَيتُ عَنهُ وَبِكَ استَكفَفتُ دُونَهُ وَبِكَ استَتَرتُ مِن ضَرَّائِهِ . اللّهُمَّ احرُسنِي بِحَرَاسَتِكَ مِنهُ وَمِن عِدَاتِكَ ، وَاكفِنِي بِكِفَايَتِكَ كَيدَهُ وَكَيدَ بُغَاتِكَ . اللّهُمَّ احفَظنِي بِحِفظِ الإِيمَانِ ، وَأَسبِل عَلَيَّ سَترَكَ الَّذِي سَتَرتَ بِهِ رُسُلَكَ عَنِ الطَّوَاغِيتِ ، وَحَصِّنِّي بِحِصنِكَ الَّذِي وَقَيتَهُم بِهِ مِنَ الجَوَابِيتِ (1) . اللّهُمَّ أَيِّدنِي مِنكَ بِنَصرٍ لا يَنفَكُّ وَعَزِيمَةِ صِدقٍ لا تُختَلُّ [ تَحِلُّ ] ، وَجَلِّلنِي بِنُورِكَ ، وَاجعَلنِي مُتَدَرِّعاً بِدِرعِكَ الحَصِينَةِ الوَاقِيَةِ ، وَاكلأنِي بِكِلَاءَتِكَ الكَافِيَةِ ، إِنَّكَ
.
ص: 376
وَاسِعٌ لِمَا تَشَاءُ ، وَوَلِيُّ مَن لَكَ تَوَالَى ، وَنَاصِرُ لِمَن إِلَيكَ آوَى ، وَعَونُ مَن بِكَ استَعدَى ، وَكَافِي مَن بِكَ استَكفَى ، وَالعَزِيزُ الَّذِي لا يُمَانِعُ عَمَّا يَشَاءُ ، وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللّهِ ، وَهُوَ حَسبِي وَعَلَيهِ تَوَكَّلتُ ، وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظِيمِ .
ودعا عليه السلام في قنوته :يَا مَأمَنَ الخَائِفِ وَكَهفَ اللّاهِفِ وَجُنَّةَ العَائِذِ وَغَوثَ اللّائِذِ ، خَابَ مَنِ اعتَمَدَ سِوَاكَ ، وَخَسِرَ مَن لَجَأَ إِلَى دُونِكَ ، وَذَلَّ مَنِ اعتَزَّ بِغَيرِكَ ، وَافتَقَرَ مَنِ استَغنَى عَنكَ ، إِلَيكَ اللّهُمَّ المَهرَبُ وَمِنكَ اللّهُمَّ المَطلَبُ . اللّهُمَّ قَد تَعلَمُ عَقدَ ضَمِيرِي عِندَ مُنَاجَاتِكَ ، وَحَقِيقَةَ سَرِيرَتِي عِندَ دُعَائِكَ ، وَصِدقَ خَالِصَتِي بِاللَّجَاَ إِلَيكَ ، فَأَفزِعنِي إِذَا فَزِعتُ إِلَيكَ ، وَلا تَخذُلنِي إِذَا اعتَمَدتُ عَلَيكَ ، وَبَادِرنِي بِكِفَايَتِكَ ، وَلا تَسلُبنِي رِفقَ عِنَايَتِكَ ، وَخُذ ظَالِمِيَّ السَّاعَةَ السَّاعَةَ أَخذَ عَزِيزٍ مُقتَدِرٍ عَلَيهِ مُستَأصِلٍ شَأفَتَهُ (1) مُجتَثٍّ قَائِمَتَهُ حَاطٍّ دِعَامَتَهُ مُبِيرٍ لَهُ مُدَمِّرٍ عَلَيهِ . اللّهُمَّ بَادِرهُ قَبلَ أَذِيَّتِي ، وَاسبِقهُ بِكِفَايَتِي كَيدَهُ وَشَرَّهُ وَمَكرُوهَهُ وَغَمزَهُ وَسُوءَ عَقدِهِ وَقَصدِهِ . اللّهُمَّ إِنِّي إِلَيكَ فَوَّضتُ أَمرِي ، وَبِكَ تَحَصَّنتُ مِنهُ ، وَمِن كُلِّ مَن يَتَعَمَّدُنِي بِمَكرُوهِهِ وَيَتَرَصَّدُنِي بِأَذِيَّتِهِ وَيَصلِتُ لِي بِطَانَتَهُ وَيَسعَى عَلَيَّ بِمَكَايِدِهِ . اللّهُمَّ كِد لِي وَلا تَكِد عَلَيَّ ، وَامكُر لِي وَلا تَمكُر بِي ، وَأَرِنِي الثَّأرَ مِن كُلِّ عَدُوٍّ أَو مَكَّارٍ ، وَلا يَضُرُّنِي ضَارٌّ وَأَنتَ وَلِيِّي ، وَلا يَغلِبُنِي مُغَالِبٌ وَأَنتَ عَضُدِي ، وَلا تَجرِي عَلَيَّ مَسَاءَةٌ وَأَنتَ كَنَفِي .
.
ص: 377
اللّهُمَّ بِكَ استَذرَعتُ وَاعتَصَمتُ ، وَعَلَيكَ تَوَكَّلتُ ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلّا بِكَ .
قنوت الإمام موسى بن جعفر عليه السلام :يَا مَفزَعَ الفَازِعِ وَمَأمَنَ الهَالِعِ (1) وَمَطمَعَ الطَّامِعِ وَمَلجَأَ الضَّارِعِ ، يَا غَوثَ اللَّهفَانِ (2) وَمَأوَى الحَيرَانِ وَمُروِّيَ الظَّمآنِ وَمُشبِعَ الجَوعَانِ وَكَاسِيَ العُريَانِ وَحَاضِرَ كُلِّ مَكَانٍ ، بِلَا دَركٍ وَلا عَيَانٍ وَلا صِفَةٍ وَلا بِطَانٍ ، عَجَزَتِ الأَفهَامُ وَضَلَّتِ الأَوهَامُ عَن مُوَافَقَةِ صِفَةِ دَابَّةٍ مِنَ الهَوَامِّ ، فَضلاً عَنِ الأَجرَامِ العِظَامِ مِمَّا أَنشَأَت حِجَاباً لِعَظَمَتِكَ ، وَأَنَّى يَتَغَلغَلُ إِلَى مَا وَرَاء ذَلِكَ مِمَّا لا يُرَامُ . تَقَدَّستَ يَا قُدُّوسُ عَنِ الظُّنُونِ وَالحُدُوسِ ، وَأَنتَ المَلِكُ القُدُّوسُ ، بَارِي الأَجسَامِ وَالنُّفُوسِ ، وَمُنَخِّرُ العِظَامِ وَمُمِيتُ الأَنَامِ ، وَمُعِيدُهَا بَعدَ الفَنَاءِ وَالتَّطمِيسِ . وَأَسأَلُكَ يَا ذَا القُدرَةِ وَالعَلاءِ وَالعِزِّ وَالثَّنَاءِ ، أَن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أُولِي النُّهَى وَالمَحَلِّ الأَوفَى وَالمَقَامِ الأَعلَى ، وَأَن تُعَجِّلَ مَا قَد تَأَجَّلَ ، وَتُقَدِّمَ مَا قَد تَأَخَّرَ ، وَتَأتِيَ بِمَا قَد أوجَبَتَ إِثبَاتُهُ ، وَتُقَرِّبَ مَا قَد تَأَخَّرَ فِي النُّفُوسِ الحَصِرَةِ أَوَانُهُ ، وَتَكشِفَ البَأسَ وَسُوءَ اللِّبَاسِ وَعَوَارِضَ الوَسوَاسِ الخَنَّاسِ فِي صُدُورِ النَّاسِ ، وَتَكفِيَنَا مَا قَد رَهِقَنَا ، وَتَصرِفَ عَنَّا مَا قَد رَكِبَنَا ، وَتُبَادِرَ اصطِلامَ الظَّالِمِينَ وَنَصرَ المُؤمِنِينَ وَالإِدَالَةَ (3) مِنَ العَانِدِينَ ، آمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِين .
ودعا عليه السلام في قنوته :اللّهُمَّ إِنِّي وَفُلانُ بنُ فُلانٍ عَبدَانِ مِن عَبِيدِكَ ، نَوَاصِينَا بِيَدِكَ ، تَعلَمُ مُستَقَرَّنَا
.
ص: 378
وَمُستَودَعَنَا وَمُنقَلَبَنَا وَمَثوَانَا وَسِرَّنَا وَعَلانِيَتَنَا تَطَّلِعُ عَلى نِيَّاتِنَا وَتُحِيطُ بِضَمَائِرِنَا ، عِلمُكَ بِمَا نُبدِيهِ كَعِلمِكَ بِمَا نُخفِيهِ ، وَمَعرِفَتُكَ بِمَا نُبطِنُهُ كَمَعرِفَتِكَ بِمَا نُظهِرُهُ ، وَلا يَنطَوِي عِندَكَ شَيءٌ مِن أُمُورِنَا ، وَلا يَستَتِرُ دُونَكَ حَالٌ مِن أَحوَالِنَا ، وَلا مِنكَ مَعقِلٌ يُحصِنُنُا وَلا حِرزٌ يُحرِزُنَا ، وَلا مَهرَبٌ لَنَا نَفُوتُكَ بِهِ ، وَلا يَمنَعُ الظَّالِمَ مِنكَ حُصُونُهُ ، وَلا يُجَاهِدُكَ عَنهُ جُنُودُهُ ، وَلا يُغَالِبُكَ مُغَالِبٌ بِمَنعِهِ ، وَلا يُعَازُّكَ مُعَازٌّ بِكَثرَةٍ ، أَنتَ مُدرِكُهُ أَينَمَا سَلَكَ وَقَادِرٌ عَلَيهِ أَينَمَا لَجَأَ ، فَمَعَاذُ المَظلُومِ مِنَّا بِكَ ، وَتَوَكُّلُ المَقهُورِ مِنَّا عَلَيكَ ، وَرُجُوعُهُ إِلَيكَ يَستَغِيثُ بِكَ إِذَا خَذَلَهُ المُغِيثُ ، وَيَستَصرِخُكَ إِذَا قَعَدَ عَنهُ النَّصِيرُ ، وَيَلُوذُ بِكَ إِذَا نَفَتهُ الأَفنِيَةُ ، وَيَطرُقُ بِكَ [بَابَكَ] إِذَا أُغلِقَت [غُلِّقَت] عَنهُ الأَبوَابُ المُرتَجَةُ ، وَيَصِلُ إِلَيكَ إِذَا احتَجَبَ [احتَجَبَت] عَنهُ المُلُوكُ الغَافِلَةُ ، تَعلَمُ مَا حَلَّ بِهِ قَبلَ أَن يَشكُوَهُ إِلَيكَ ، وَتَعلَمُ مَا يُصلِحُهُ قَبلَ أَن يَدعُوَكَ لَهُ ، فَلَكَ الحَمدُ سَمِيعاً لَطِيفاً عَلِيماً خَبِيراً . وَأَنَّهُ قَد كَانَ فِي سَابِقِ عِلمِكَ ، وَمُحكَمِ قَضَائِكَ ، وَجَارِي قَدَرِكَ ، وَنَافِذِ أَمرِكَ ، وَقَاضِي حُكمِكَ ، وَمَاضِي مَشِيئَتِكَ فِي خَلقِكَ أَجمَعِينَ ، شَقِيِّهِم وَسَعِيدِهِم وَبَرِّهِم وَفَاجِرِهِم ، أَن جَعَلتَ لِفُلانِ بنِ فُلانٍ عَلَيَّ قُدرَةً فَظَلَمَنِي بِهَا ، وَبَغَى عَلَيَّ بِمَكَانِهَا ، وَاستَطَالَ وَتَعَزَّزَ بِسُلطَانِهِ الَّذِي خَوَّلتَهُ إِيَّاهُ ، وَتَجَبَّرَ وَافتَخَرَ بِعُلُوِّ حَالِهِ الَّذِي نَوَّلتَهُ ، وَعَزَّهُ [غَرَّهُ] إِملاؤُكَ لَهُ ، وَأَطغَاهُ حِلمُكَ عَنهُ ، فَقَصَدَنِي بِمَكرُوهٍ عَجَزتُ عَنِ الصَّبرِ عَلَيهِ ، وَتَعَمَّدَنِي بَشَرٍّ ضَعُفتُ عَنِ احتِمَالِهِ ، وَلَم أَقدِر عَلى الاستِنصَافِ [الانتِصَافِ] مِنهُ لِضَعفِي ، وَلا عَلى الانتِصَارِ لِقِلَّتِي وَذُلّي ، فَوَكَلتُ أَمرَهُ إِلَيكَ ، وَتَوَكَّلتُ فِي شَأنِهِ عَلَيكَ ، وَتَوَعَّدتُهُ بِعُقُوبَتِكَ ، وَحَذَّرتُهُ بِبَطشِكَ ، وَخَوَّفتُهُ نَقِمَتَكَ ، فَظَنَّ أَنَّ حِلمَكَ عَنهُ مِن ضَعفٍ ، وَحَسِبَ أَنَّ إِملاءَكَ لَهُ من عَجزٍ ، وَلَم تَنهَهُ وَاحِدَةٌ عَن أُخرَى ، وَلا
.
ص: 379
انزَحَرَ [انزَجَرَ] عَن ثَانِيَةٍ بِأُولَى ، لَكِنَّهُ تَمَادَى فِي غَيِّهِ ، وَتَتَابَعَ فِي ظُلمِهِ ، وَلَجَّ فِي عُدوَانِهِ ، وَاستَشرَى [استَثرَى] فِي طُغيَانِهِ ، جُرأَةً عَلَيكَ يَا سَيِّدِي وَمَولايَ ، وَتَعَرُّضاً لِسَخَطِكَ الَّذِي لا تَرُدُّهُ عَنِ الظَّالِمِينَ ، وَقِلَّةَ اكتِرَاثٍ بِبَأسِكَ الَّذِي لا تَحبِسُهُ عَنِ البَاغِينَ فَهَأَنَذَا يَا سَيِّدِي مُستَضعَفٌ فِي يَدِهِ ، مُستَضَامٌ تَحتَ سُلطَانِهِ ، مُستَذِلٌّ بِفِنَائِهِ مَغصُوبٌ مَغلُوبٌ مَبغِيٌّ عَلَيَّ ، مَرعُوبٌ وَجِلٌ خَائِفٌ مُرَوَّعٌ مَقهُورٌ ، قَد قَلَّ صَبرِي وَضَاعَت حِيلَتِي ، وَانغَلَقَت عَلَيَّ المَذَاهِبُ إلّا إِلَيكَ ، وَانسَدَّت عَنِّي الجِهَاتُ إلّا جِهَتُكَ ، وَالتَبَسَت عَلَيَّ أُمُورِي فِي دَفعِ مَكرُوهِهِ عَنِّي ، وَاشتَبَهَت عَلَيَّ الآرَاءُ فِي إِزَالَةِ ظُلمِهِ ، وَخَذَلَنِي مَنِ استَنصَرتُهُ مِن خَلقِكَ ، وَأَسلَمَنِي مَن تَعَلَّقتُ بِهِ مِن عِبَادِكَ ، فَاستَشَرتُ نَصِيحِي فَأَشَارَ عَلَيَّ بِالرَّغبَةِ إِلَيكَ ، وَاستَرشَدتُ دَلِيلِي فَلَم يَدُلَّنِي إلّا إلَيكَ ، فَرَجَعتُ إِلَيكَ يَا مَولايَ صَاغِراً رَاغِماً مُستَكِيناً ، عَالِماً أَنَّهُ لا فَرَجَ لِي إلّا عِندَكَ ، وَلا خَلاصَ لِي إلّا بِكَ ، أَنتَجِزُ وَعدَكَ فِي نُصرَتِي وَإِجَابَةِ دُعَائِي ؛ لأَنَّ قَولَكَ الحَقُّ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، وَقَد قُلتَ تَبَارَكتَ وَتَعَالَيتَ وَمَن بُغِيَ عَلَيهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللّهُ ، وَقُلتَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَتَقَدَّسَت أَسمَاؤُكَ : «ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ» (1) ، فَهَأَنَذَا فَاعِلٌ مَا أَمَرتَنِي بِهِ لا مَنّاً عَلَيكَ ، وَكَيفَ أَمُنُّ بِهِ وَأَنتَ عَلَيهِ دَلَلتَنِي ؟ فَصَلِّ على محمَّدٍ وَآلِ محَمَّدٍ وَاستَجِب لِي كَمَا وَعَدتَنِي ، يَا مَن لا يُخلِفُ المِيعَادَ . وَإِنِّي لأَعلَمُ يَا سَيِّدِي أَنَّ لَكَ يَوماً تَنتَقِمُ فِيهِ مِنَ الظَّالِمِ لِلمَظلُومِ ، وَأَتَيَقَّنُ أَنَّ لَكَ وَقتاً تَأخُذُ فِيهِ مِنَ الغَاصِبِ لِلمَغصُوبِ لأَنَّك لا يَسبِقُكَ مُعَانِدٌ وَلا يَخرُجُ مِن قَبضَتِكَ مُنَابِذٌ وَلا تَخَافُ فَوتَ فَائِتٍ ، وَلَكِنَّ جَزَعِي وَهَلَعِي لا يَبلُغَانِ الصَّبرَ عَلى أَنَاتِكَ وَانتِظَارَ حِلمِكَ ، فَقُدرَتُكَ يَا سَيِّدِي فَوقَ كُلِّ قُدرَةٍ وَسُلطَانُكَ غَالِبٌ كُلَّ
.
ص: 380
سُلطَانٍ ، وَمَعَادُ كُلِّ أَحَدٍ [أَمَدٍ] إِلَيكَ وَإِن أَمهَلتَهُ ، وَرُجُوعُ كُلِّ ظَالِمٍ إِلَيكَ وَإِن أَنظَرتَهُ . وَقَد أَضَرَّنِي يَا سَيِّدِي حِلمُكَ عَن فُلانٍ وَطُولُ أَنَاتِكَ لَهُ وَإِمهَالُكَ إِيَّاهُ ، فَكَادَ القُنُوطُ يَستَولِي عَلَيَّ لَولا الثِّقَةُ بِكَ وَاليَقِينُ بِوَعدِكَ ، وَإِن كَانَ فِي قَضَائِكَ النَّافِذِ وَقُدرَتِكَ المَاضِيَةِ أَنَّهُ يُنِيبُ أَو يَتُوبُ أَو يَرجِعُ عَن ظُلمِي وَيَكُفُّ عَن مَكرُوهِي وَيَنتَقِلُ عَن عَظِيمِ مَا رَكِبَ مِنِّي ، فَصَلِّ اللّهُمَّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَوقِع ذَلِكَ فِي قَلبِهِ السَّاعَةَ السَّاعَةَ ، قَبلَ إِزَالَةِ نِعمَتِكَ الَّتِي أَنعَمتَ بِهَا عَلَيَّ وَتَكدِيرِ مَعرُوفِكَ الَّذِي صَنَعتَهُ عِندِي ، وَإِن كَانَ عِلمُكَ بِهِ غَيرَ ذَلِكَ مِن مُقَامِهِ عَلى ظُلمِي ، فَإِنِّي أَسأَلُكَ يَا نَاصِرَ المَظلُومِينَ المَبغِيِّ عَلَيهِم إِجَابَةَ دَعوَتِي ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَخُذهُ مِن مَأمَنِهِ [مَنامِه] أَخذَ عَزِيزٍ مُقتَدِرٍ ، وَأَفجِأهُ فِي غَفلَتِهِ مُفَاجَأَةَ مَلِيكٍ مُنتَصِرٍ ، وَاسلُبهُ نِعمَتَهُ وَسُلطَانَهُ ، وَافضُض عَنهُ جُمُوعَهُ وَأَعوَانَهُ ، وَمَزِّق مُلكَهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ ، وَفَرِّق أَنصَارَهُ كُلَّ مُفَرَّقٍ ، وَأَعِرهُ مِن نِعمَتِكَ الَّتِي لا يُقَابِلُهَا بِالشُّكرِ ، وَانزِع عَنهُ سِربَالَ عِزِّكَ الَّذِي لَم يُجَازِهِ بِإِحسَانٍ ، وَاقصِمهُ يَا قَاصِمَ الجَبَابِرَةِ ، وَأَهلِكهُ يَا مُهلِكَ القُرُونِ الخَالِيَةِ ، وَأَبِرهُ يَا مُبِيرَ الأُمَمِ الظَّالِمَةِ ، وَاخذُلهُ يَا خَاذِلَ الفِرَقِ البَاغِيَةِ ، وَابتُر عُمُرَهُ ، وَابتَزَّهُ مُلكَهُ ، وَعِفَّ أَثَرَهُ ، وَاقطَع خَبَرَهُ ، وَأَطفِ نَارَهُ ، وَأَظلِم نَهَارَهُ ، وَكَوِّر شَمسَهُ ، وَأَزهِق نَفسَهُ ، وَاهشِم سُوقَهُ ، وَجُبَّ سَنَامَهُ ، وَأَرغِم أَنفَهُ ، وَعَجِّل حَتفَهُ . وَلا تَدَع لَهُ جُنَّةً إلّا هَتَكتَهَا ، وَلا دِعَامَةً إلّا قَصَمتَهَا ، وَلا كَلِمَةً مُجتَمِعَةً إلّا فَرَّقتَهَا ، وَلا قَائِمَةَ عُلُوٍّ إلّا وَضَعتَهَا ، وَلا رُكناً إلّا وَهَنتَهُ ، وَلا سَبَباً إلّا قَطَعتَهُ ، وَأَرِنَا أَنصَارَهُ عَبَادِيدَ (1) بَعدَ الأُلفَةِ ، وَشَتَّى بَعدَ اجتِمَاعِ الكَلِمَةِ ، وَمُقنِعِي الرُّؤُوسِ بَعدَ الظُّهُورِ عَلى
.
ص: 381
الأُمَّةِ ، وَاشفِ بِزَوَالِ أَمرِهِ القُلُوبَ الوَجِلَةَ وَالأَفئِدَةَ اللَّهِفَةَ وَالأُمَّةَ المُتَحَيِّرَةَ وَالبَرِّيَّةَ الضَّائِعَةَ ، وَأَدِل بِبَوَارِهِ الحُدُودَ المُعَطَّلَةَ وَالسُّنَنَ الدَّاثِرَةَ وَالأَحكَامَ المُهمَلَةَ وَالمَعَالِمَ المُغَيَّرَةَ وَالآيَاتِ المُحَرَّفَةَ وَالمَدَارِسَ المَهجُورَةَ وَالمَحَارِيبَ المَجفُوَّةَ وَالمَشَاهِدَ المَهدُومَةَ ، وَأَشبِع بِهِ الخِمَاصَ السَّاغِبَةَ ، وَاروِ بِهِ اللَّهَوَاتِ اللاّغِبَةَ وَالأَكبَادَ الطَّامِعَةَ [الظَّامِئَةَ] ، وَأَرِح بِهِ الأَقدَامَ المُتعَبَةَ ، وَاطرُقهُ بِلَيلَةٍ لا أُختَ لَهَا ، وَبِسَاعَةٍ لا مَثوَى فِيهَا ، وَبِنَكبَةٍ لا انتِعَاشَ مَعَهَا ، وَبِعَثرَةٍ لا إِقَالَةَ مِنهَا . وَأَبِح حَرِيمَهُ ، وَنَغِّص نَعِيمَهُ ، وَأَرِهِ بَطشَتَكَ الكُبرَى وَنَقِمَتَكَ المُثلَى وَقُدرَتَكَ الَّتِي فَوقَ قُدرَتِهِ وَسُلطَانَكَ الَّذِي هُوَ أَعَزُّ مِن سُلطَانِهِ ، وَاغلِبهُ لِي بِقُوَّتِكَ القَوِيَّةِ وَمِحَالِكَ (1) الشَّدِيدِ ، وَامنَعنِي مِنهُ بِمَنعِكَ الَّذِي كُلُّ خَلقٍ فِيهِ ذَلِيلٌ ، وَابتَلِهِ بِفَقرٍ لا تَجبُرُهُ وَبِسُوءٍ لا تَستُرُهُ ، وَكِلهُ إِلَى نَفسِهِ فِيمَا يُرِيدُ ، إِنَّكَ فَعَّالٌ لِمَا تُرِيدُ ، وَأَبرِأهُ مِن حَولِكَ وَقُوَّتِكَ وَكِلهُ إِلَى حَولِهِ وَقُوَّتِهِ ، وَأَزِل مَكرَهُ بِمَكرِكَ ، وَادفَع مَشِيئَتَهُ بِمَشِيئَتِكَ ، وَأَسقِم جَسَدَهُ ، وَأَيتِم وُلدَهُ ، وَاقضِ [انقُص] أَجَلَهُ ، وَخَيِّب أَمَلَهُ ، وَأَدِل دَولَتَهُ ، وَأَطِل عَولَتَهُ ، وَاجعَل شُغُلَهُ فِي بَدَنِهِ ، وَلا تَفُكَّهُ مِن حُزنِهِ ، وَصَيِّر كَيدَهُ فِي ضَلالٍ ، وَأَمرَهُ إِلَى زَوَالٍ ، وَنِعمَتَهُ إِلَى انتِقَالٍ ، وَجِدَّهُ فِي سَفَالٍ ، وَسُلطَانَهُ فِي اضمِحلالٍ ، وَعَاقِبَتَهُ إِلَى شَرِّ مَآلٍ ، وَأَمِتهُ بِغَيظِهِ إِن أَمَتَّهُ ، وَأَبقِهِ بِحَسرَتِهِ إِن أَبقَيتَهُ ، وَقِنِي شَرَّهُ وَهَمزَهُ وَلَمزَهُ وَسَطوَتَهُ وَعَدَاوَتَهُ ، وَالمَحهُ لَمحَةً تُدَمِّرُ بِهَا عَلَيهِ ، فَإِنَّكَ أَشَدُّ بَأساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً .
.
ص: 382
قنوت الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام :الفَزَعَ الفَزَعَ إِلَيكَ يَا ذَا المُحَاضَرَةِ (1) ، وَالرَّغبَةَ الرَّغبَةَ إِلَيكَ يَا مَن بِهِ المُفَاخَرَةُ ، وَأَنتَ اللّهُمَّ مُشَاهِدُ هَوَاجِسِ النُّفُوسِ وَمُرَاصِدُ حَرَكَاتِ القُلُوبِ وَمُطَالِعُ مَسَرَّاتِ السَّرَائِرِ مِن غَيرِ تَكَلُّفٍ وَلا تَعَسُّفٍ ، وَقَد تَرَى اللّهُمَّ مَا لَيسَ عَنكَ بِمُنطَوًى ، وَلَكِن حِلمُكَ آمَنَ أَهلَهُ عَلَيهِ جُرأَةً وَتَمَرُّداً وَعُتُوّاً وَعِنَاداً وَمَا يُعَانِيهِ أَولِيَاؤُكَ مِن تَعفِيَةِ آثَارِ الحَقِّ ، وَدُرُوسِ مَعَالِمِهِ ، وَتَزَيُّدِ الفَوَاحِشِ ، وَاستِمرَارِ أَهلِهَا عَلَيهَا ، وَظُهُورِ البَاطِلِ ، وَعُمُومِ التَّغَاشُمِ ، وَالتَّرَاضِي بِذَلِكَ فِي المُعَامَلاتِ وَالمُتَصَرِّفَاتِ ، قَد جَرَت بِهِ العَادَاتُ وَصَارَ كَالمَفرُوضَاتِ وَالمَسنُونَاتِ . اللّهُمَّ فَبَادِرنَا مِنكَ بِالعَونِ الَّذِي مَن أَعَنتَهُ بِهِ فَازَ ، وَمَن أَيَّدتَهُ لَم يَخَف لَمزَ لَمَّازٍ ، وَخُذِ الظَّالِمَ أَخذاً عَنِيفاً ، وَلا تَكُن لَهُ رَاحِماً وَلا بِهِ رَؤُوفاً . اللّهُمَّ اللّهُمَّ اللّهُمَّ بَادِرهُم . اللّهُمَّ عَاجِلهُم . اللّهُمَّ لا تُمهِلهُم . اللّهُمَّ غَادِرهُم بُكرَةً وَهَجِيرَةً (2) [هجرة] ، وَسَحَرَةً وَبَياتاً وَهُم نائِمُونَ ، وَضُحىً وَهُم يَلعَبُونَ ، وَمَكراً وَهُم يَمكُرُونَ ، وَفَجأَةً وَهُم آمِنُونَ . اللّهُمَّ بَدِّدهُم وَبَدِّد أَعوَانَهُم ، وَافلُل (3) [اغلُل] أَعضَادَهُم ، وَاهزِم جُنُودَهُم ، وَافلُل
.
ص: 383
حَدَّهُم ، وَاجتَثَّ سَنَامَهُم ، وَأَضعِف عَزَائِمَهُم . اللّهُمَّ امنَحنَا أَكتَافَهُم ، وَبَدِّلهُم بِالنِّعَمِ النِّقَمَ ، وَبَدِّلنَا مِن مُحَاذَرَتِهِم وَبَغيِهِمُ السَّلامَةَ ، وَأَغنِمنَاهُم أَكمَلَ المَغنَمِ . اللّهُمَّ لا تَرُدَّ عَنهُم بَأسَكَ الَّذِي إِذَا حَلَّ بِقَومٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنذَرِين .
قنوت الإمام محمّد بن عليّ بن موسى عليه السلام :[اللّهُمَّ] مَنَائِحُكَ مُتَتَابِعَةٌ ، وَأَيَادِيكَ مُتَوَالِيَةٌ ، وَنِعَمُكَ سَابِغَةٌ ، وَشُكرُنَا قَصِيرٌ ، وَحَمدُنَا يَسِيرٌ وَأَنتَ بِالتَّعَطُّفِ عَلى مَنِ اعتَرَفَ جَدِيرٌ . اللّهُمَّ وَقَد غَصَّ أَهلُ الحَقِّ بِالرِّيقِ وَارتَبَكَ (1) أَهلُ الصِّدقِ فِي المَضِيقِ ، وَأَنتَ اللّهُمَّ بِعِبَادِكَ وَذَوِي الرَّغبَةِ إِلَيكَ شَفِيقٌ ، وَبِإِجَابَةِ دُعَائِهِم وَتَعجِيلِ الفَرَجِ عَنهُم حَقِيقٌ . اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَبَادِرنَا مِنكَ بِالعَونِ الَّذِي لا خِذلانَ بَعدَهُ ، وَالنَّصرِ الَّذِي لا بَاطِلَ يَتَكَأَّدُهُ ، وَأَتِح (2) لَنَا مِن لَدُنكَ مَتَاحاً فَيَّاحاً يَأمَنُ فِيهِ وَلِيُّكَ ، وَيَخِيبُ فِيهِ عَدُوُّكَ ، وَيُقَامُ فِيهِ مَعَالِمُكَ ، وَيَظهَرُ فِيهِ أَوَامِرُكَ ، وَتَنكَفُّ فِيهِ عَوَادِي عِدَاتِكَ . اللّهُمَّ بَادِرنَا مِنكَ بِدَارِ الرَّحمَةِ ، وَبَادِر أَعدَاءَكَ مِن بَأسِكَ بِدَارِ النَّقِمَةِ . اللّهُمَّ أَعِنَّا وَأَغِثنَا ، وَارفَع نَقِمَتَكَ عَنَّا وَأَحِلَّهَا بِالقَومِ الظَّالِمِين .
ودعا عليه السلام في قنوته :اللّهُمَّ أَنتَ الأَوَّلُ بِلا أَوَّلِيَّةٍ مَعدُودَةٍ ، وَالآخِرُ بِلا آخِرِيَّةٍ مَحدُودَةٍ ، أَنشَأتَنَا لا لِعِلَّةٍ
.
ص: 384
اقتِسَاراً ، وَاختَرَعتَنَا لا لِحَاجَةٍ اقتِدَاراً ، وَابتَدَعتَنَا بِحِكمَتِكَ اختِيَاراً ، وَبَلَوتَنَا بِأَمرِكَ وَنَهيِكَ اختِبَاراً ، وَأَيَّدتَنَا بِالآلاتِ ، وَمَنَحتَنَا بِالأَدَوَاتِ ، وَكَفَلتَنَا الطَّاقَةَ ، وَجَشَمتَنَا (1) الطَّاعَةَ ، فَأَمَرتَ تَخيِيراً ، وَنَهَيتَ تَحذِيراً ، وَخَوَّلتَ كَثِيراً ، وَسَأَلتَ يَسِيراً ، فَعُصِيَ أَمرُكَ فَحَلَمتَ ، وَجُهِلَ قَدرُكَ فَتَكَرَّمتَ . فَأَنتَ رَبُّ العِزَّةِ وَالبَهَاءِ ، وَالعَظَمَةِ وَالكِبرِيَاءِ ، وَالإِحسَانِ وَالنَّعمَاءِ ، وَالمَنِّ وَالآلاءِ ، وَالمِنَحِ وَالعَطَاءِ ، وَالإِنجَازِ وَالوَفَاءِ ، لا تُحِيطُ القُلُوبُ لَكَ بِكُنهٍ ، وَلا تُدرِكُ الأَوهَامُ لَكَ صِفَةً ، وَلا يُشبِهُكَ شَيءٌ مِن خَلقِكَ ، وَلا يُمَثَّلُ بِكَ شَيءٌ مِن صَنعَتِكَ ، تَبَارَكتَ أَن تُحَسَّ أَو تُمَسَّ أَو تُدرِكَكَ الحَوَاسُّ الخَمسُ ، وَأَنَّى يُدرِكُ مَخلُوقٌ خَالِقَهُ ؟ وَتَعَالَيتَ يَا إِلَهِي عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً . اللّهُمَّ أَدِل لأَولِيَائِكَ مِن أَعدَائِكِ الظَّالِمِينَ البَاغِينَ النَّاكِثِينَ القَاسِطِينَ المَارِقِينَ ، الَّذِينَ أَضَلُّوا عِبَادَكَ ، وَحَرَّفُوا كِتَابَكَ ، وَبَدَّلُوا أَحكَامَكَ ، وَجَحَدُوا حَقَّكَ ، وَجَلَسُوا مَجَالِسَ أَولِيَائِكَ جُرأَةً مِنهُم عَلَيكَ وَظُلماً مِنهُم لأَهلِ بَيتِ نَبِيِّكَ عَلَيهِم سَلامُكَ وَصَلَوَاتُكَ وَرَحمَتُكَ وَبَرَكَاتُكَ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا خَلقَكَ ، وَهَتَكُوا حِجَابَ سِترِكَ [سِرِّكَ] عَن عِبَادِكَ ، وَاتَّخَذُوا اللّهُمَّ مَالَكَ دُوَلاً ، وَعِبَادَكَ خَوَلاً (2) ، وَتَرَكُوا اللّهُمَّ عَالِمَ أَرضِكَ فِي بَكمَاءَ عَميَاءَ ظَلمَاءَ مُدلَهِمَّةً ، فَأَعيُنُهُم مَفتُوحَةٌ وَقُلُوبُهُم عَمِيَّةٌ ، وَلَم تَبقَ لَهُمُ اللّهُمَّ عَلَيكَ مِن حُجَّةٍ ، لَقَد حَذَّرتَ اللّهُمَّ عَذَابَكَ ، وَبَيَّنتَ نَكَالَكَ ، وَوَعَدتَ المُطِيعِينَ إِحسَانَكَ ، وَقَدَّمتَ إِلَيهِم بِالنُّذُرِ ، فَآمَنَت طَائِفَةٌ ، فَأَيَّدِ [وَأَيَّدتَ] اللّهُمَّ الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّ أَولِيَائِكَ ، فَأَصبَحُوا ظاهِرِينَ وَإِلَى الحَقِّ دَاعِينَ
.
ص: 385
وَلِلإِمَامِ المُنتَظَرِ القَائِمِ بِالقِسطِ تَابِعِينَ ، وَجَدِّدِ اللّهُمَّ عَلى أَعدَائِكَ وَأَعدَائِهِم نَارَكَ وَعَذَابَكَ الَّذِي لا تَدفَعُهُ عَنِ القَومِ الظَّالِمِينَ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَقَوِّ ضَعفَ المُخلَصِينَ لَكَ بِالمَحَبَّةِ ، المُشَايِعِينَ لَنَا بِالمُوَالاةِ ، المُتَّبِعِينَ لَنَا بِالتَّصدِيقِ وَالعَمَلِ ، المُؤَازِرِينَ لَنَا بِالمُؤَاسَاةِ فِينَا ، المُحيِينَ ذِكرَنَا عِندَ اجتِمَاعِهِم ، وَشَدِّدِ اللّهُمَّ رُكنَهُم ، وَسَدِّد لَهُمُ اللّهُمَّ دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضَيتَهُ لَهُم ، وَأَتمِم عَلَيهِم نِعمَتَكَ ، وَخَلِّصهُم وَاستَخلِصهُم ، وَسُدَّ اللّهُمَّ فَقرَهُم ، وَالمُمِ اللّهُمَّ شَعَثَ فَاقَتِهِم ، وَاغفِرِ اللّهُمَّ ذُنُوبَهُم وَخَطَايَاهُم ، وَلا تُزِغ قُلُوبُهُم بَعدَ إِذ هَدَيتَهُم ، وَلا تُخلِهِم أَي رَبِّ بِمَعصِيَتِهِم ، وَاحفَظ لَهُم مَا مَنَحتَهُم بِهِ مِنَ الطَّهَارَةِ بِوَلايَةِ أَولِيَائِكَ ، وَالبَرَاءَةِ مِن أَعدَائِكَ ، إِنَّكَ سَمِيعٌ مُجِيبٌ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ أَجمَعِينَ .
قنوت مولانا الزّكي عليّ بن محمّد بن عليّ الرّضا عليه السلام :مَنَاهِلُ كَرَامَاتِكَ بِجَزِيلِ عَطِيَّاتِكَ مُترَعَةٌ ، وَأَبوَابُ مُنَاجَاتِكَ لِمَن أَمَّكَ مُشرَعَةٌ ، وَعَطُوفُ لَحَظَاتِكَ لِمَن ضَرَعَ إِلَيكَ غَيرُ مُنقَطِعَةٍ ، وَقَد أُلجِمَ الحِذَارُ ، وَاشتَدَّ الاضطِرَارُ ، وَعَجَزَ عَنِ الاصطِبَارِ أَهلُ الانتِظَارِ ، وَأَنتَ اللّهُمَّ بِالمَرصَدِ مِنَ المَكَّارِ ، اللّهُمَّ وَغَيرُ مُهمِلٍ مَعَ الإِمهَالِ ، وَاللاّئِذُ بِكَ آمِنٌ ، وَالرَّاغِبُ إِلَيكَ غَانِمٌ ، وَالقَاصِدُ اللّهُمَّ لِبَابِكَ سَالِمٌ . اللّهُمَّ فَعَاجِل مَن قَدِ استَنَّ فِي طُغيَانِهِ وَاستَمَرَّ عَلى جَهَالَتِهِ لِعُقبَاهُ فِي كُفرَانِهِ ، وَأَطمِعهُ حِلمَكَ عَنهُ فِي نَيلِ إِرَادَتِهِ ، فَهُوَ يَتَسَرَّعُ إِلَى أَولِيَائِكَ بِمَكَارِهِهِ ، وَيُوَاصِلُهُم بِقَبَائِحِ مَرَاصِدِهِ ، وَيَقصِدُهُم فِي مَظَانِّهِم بِأَذِيَّتِهِ . اللّهُمَّ اكشِفِ العَذَابَ عَنِ المُؤمِنِينَ ، وَابعَثهُ جَهرَةً عَلى الظَّالِمِينَ .
.
ص: 386
اللّهُمَّ اكفُفِ العَذَابَ عَنِ المُستَجِيرِينَ ، وَاصبُبهُ عَلى المُغتَرِّينَ . اللّهُمَّ بَادِر عُصبَةَ الحَقِّ بِالعَونِ ، وَبَادِر أَعوَانَ الظُّلمِ بِالقَصمِ . اللّهُمَّ أَسعِدنَا بِالشُّكرِ ، وَامنَحنَا النَّصرَ ، وَأَعِذنَا مِن سُوءِ البَدَاءِ وَالعَاقِبَةِ وَالخَتر (1) .
ودعا عليه السلام في قنوته :يَا مَن تَفَرَّدَ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، وَتَوَحَّدَ بِالوَحدَانِيَّةِ ، يَا مَن أَضَاءَ بِاسمِهِ النَّهَارُ ، وَأَشرَقَت بِهِ الأَنوَارُ ، وَأَظلَمَ بِأَمرِهِ حِندِسُ (2) اللَّيلِ ، وَهَطَلَ بِغَيثِهِ وَابِلُ السَّيلِ ، يَا مَن دَعَاهُ المُضطَرُّونَ فَأَجَابَهُم ، وَلَجَأَ إِلَيهِ الخَائِفُونَ فَآمَنَهُم ، وَعَبَدَهُ الطَّائِعُونَ فَشَكَرَهُم ، وَحَمِدَهُ الشَّاكِرُونَ فَأَثَابَهُم ، مَا أَجَلَّ شَأنَكَ ، وَأَعلَى سُلطَانَكَ ، وَأَنفَذَ أَحكَامَكَ . أَنتَ الخَالِقُ بِغَيرِ تَكَلُّفٍ ، وَالقَاضِي بِغَيرِ تَحَيُّفٍ ، حُجَّتُكَ البَالِغَةُ وَكَلِمَةُ الدَّامِغَةُ ، بِكَ اعتَصَمتُ ، وَتَعَوَّذتُ مِن نَفَثَاتِ العَنَدَةِ وَرَصَدَاتِ المُلحِدَةِ ، الَّذِينَ أَلحَدُوا فِي أَسمَائِكَ ، وَرَصَدُوا بِالمَكَارِهِ لأَولِيَائِكَ ، وَأَعَانُوا عَلى قَتلِ أَنبِيَائِكَ وَأَصفِيَائِكَ ، وَقَصَدُوا لإِطفَاءِ نُورِكَ بِإِذَاعَةِ سِرِّكَ ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ ، وَصَدُّوا عَن آيَاتِكَ ، وَاتَّخَذُوا مِن دُونِكَ وَدُونِ رَسُولِكَ وَدُونِ المُؤمِنِينَ وَلِيجَةً رَغبَةً عَنكَ وَعَبَدُوا طَوَاغِيتَهُم وَجَوَابِيتَهُم بَدَلاً مِنكَ ، فَمَنَنتَ عَلى أَولِيَائِكَ بِعَظِيمِ نَعمَائِكَ ، وَجُدتَ عَلَيهِم بِكَرِيمِ آلائِكَ ، وَأَتمَمتَ لَهُم مَا أَولَيتَهُم بِحُسنِ جَزَائِكَ ، حِفظاً لَهُم مِن مُعَانَدَةِ الرُّسُلِ وَضَلالِ السُّبُلِ ، وَصَدَقَت لَهُم بِالعُهُودِ أَلسِنَةُ الإِجَابَةِ ، وَخَشَعَت لَكَ بِالعُقُودِ قُلُوبُ الإِنَابَةِ . أَسأَلُكَ اللّهُمَّ بِاسمِكَ الَّذِي خَشَعَت لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ ، وَأَحيَيتَ بِهِ مَوَاتَ
.
ص: 387
الأَشيَاءِ ، وَأَمَتَّ بِهِ جَمِيعَ الأَحيَاءِ ، وَجَمَعتَ بِهِ كُلَّ مُتَفَرِّقٍ ، وَفَرَّقتَ بِهِ كُلَّ مُجتَمِعٍ ، وَأَتمَمتَ بِهِ الكَلِمَاتِ ، وَرَأَيتَ بِهِ كُبرَى الآيَاتِ ، وَتُبتَ بِهِ عَلى التَّوَّابِينَ ، وَأَخسَرتَ بِهِ عَمَلَ المُفسِدِينَ ، فَجَعَلتَ عَمَلَهُم هَبَاءً مَنثُوراً ، وَتَبَّرتَهُم تَتبِيراً ، أَن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تَجعَلَ شِيعَتِي مِنَ الَّذِينَ حُمِّلُوا فَصَدَّقُوا ، وَاستُنطِقُوا فَنَطَقُوا آمِنِينَ مَأمُونِينَ . اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ لَهُم تَوفِيقَ أَهلِ الهُدَى ، وَأَعمَالَ أَهلِ اليَقِينِ ، وَمُنَاصَحَةَ أَهلِ التَّوبَةِ ، وَعَزمَ أَهلِ الصَّبرِ ، وَتَقِيَّةَ أَهلِ الوَرَعِ ، وَكِتمَانَ الصِّدِّيقِينَ حَتَّى يَخَافُوكَ . اللّهُمَّ مَخَافَةً تَحجُزُهُم عَن مَعَاصِيكَ ، وَحَتَّى يَعمَلُوا بِطَاعَتِكَ لِيَنَالُوا كَرَامَتَكَ ، وَحَتَّى يُنَاصِحُوا لَكَ وَفِيكَ خَوفاً مِنكَ ، وَحَتَّى يُخلِصُوا لَكَ النَّصِيحَةَ فِي التَّوبَةِ حُبّاً لَهُم ، فَتُوجِبَ لَهُم مَحَبَّتَكَ الَّتِي أَوجَبتَهَا لِلتَّوَّابِينَ ، وَحَتَّى يَتَوَكَّلُوا عَلَيكَ فِي أُمُورِهِم كُلِّهَا حُسنَ ظَنٍّ بِكَ ، وَحَتَّى يُفَوِّضُوا إِلَيكَ أُمُورَهُم ثِقَةً بِكَ . اللّهُمَّ لا تُنَالُ طَاعَتُكَ إلّا بِتَوفِيقِكَ ، وَلا تُنَالُ دَرَجَةٌ مِن دَرَجَاتِ الخَيرِ إلّا بِكَ . اللّهُمَّ يَا مَالِكَ يَومِ الدِّينِ ، العَالِمَ بِخَفَايَا صُدُورِ العَالَمِينَ ، طَهِّرِ الأَرضَ مِن نَجَسِ أَهلِ الشِّركِ ، وَأَخرِسِ الخَرَّاصِينَ عَن تَقَوُّلِهِم عَلى رَسُولِكَ الإِفكَ . اللّهُمَّ اقصِمِ الجَبَّارِينَ ، وَأَبِرِ المُفتَرِينَ ، وَأَبِدِ الأَفَّاكِينَ ، الَّذِينَ إِذَا تُتلَى عَلَيهِم آيَاتُ الرَّحمَنِ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ، وَأَنجِز لِي وَعدَكَ إِنَّكَ لا تُخلِفُ المِيعادَ ، وَعَجِّل فَرَجَ كُلِّ طَالِبٍ مُرتَادٍ إِنَّكَ لَبِالمِرصَادِ لِلعِبَادِ . أَعُوذُ بِكَ مِن كُلِّ لَبسٍ مَلبُوسٍ ، وَمِن كُلِّ قَلبٍ عَن مَعرِفَتِكَ مَحبُوسٍ ، وَمِن نَفسٍ تَكفُرُ إِذَا أَصَابَهَا بُؤسٌ ، وَمِن وَاصِفِ عَدلٍ عَمَلُهُ عَنِ العَدلِ مَعكُوسٌ ، وَمِن طَالِبٍ لِلحَقِّ وَهُوَ عَن صِفَاتِ الحَقِّ مَنكُوسٌ ، وَمِن مُكتَسِبِ إِثمٍ بِإِثمِهِ مَركُوسٌ ، وَمِن وَجهٍ
.
ص: 388
عِندَ تَتَابُعِ النِّعَمِ عَلَيهِ عَبُوسٌ ، أَعُوذُ بِكَ مِن ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَمِن نَظِيرِهِ وَأَشكَالِهِ وَأشباهِه وَأَمثَالِهِ ، إِنَّكَ عليٌّ عَلِيمٌ حَكِيمٌ .
قنوت مولانا الوفي الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السلام :يَا مَن غَشِيَ نُورُهُ الظُّلُمَاتِ ، يَامَن أَضَاءَت بِقُدسِهِ الفِجَاجُ المُتَوَعِّرَاتُ ، يَامَن خَشَعَ لَهُ أَهلُ الأَرضِ وَالسَّمَاوَاتِ ، يَامَن بَخَعَ (1) لَهُ بِالطَّاعَةِ كُلُّ مُتَجَبِّرٍ عَاتٍ ، يَاعَالِمَ الضَّمَائِرِ المُستَخفِيَاتِ ، وَسِعتَ كُلَّ شَيءٍ رَحمَةً وَعِلماً ، فَاغفِر لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ، وَقِهِم عَذابَ الجَحِيمِ ، وَعَاجِلهُم بِنَصرِكَ الَّذِي وَعَدتَهُم إِنَّكَ لا تُخلِفُ المِيعادَ ، وَعَجِّلِ اللّهُمَّ اجتِيَاحَ (2) ، أَهلِ الكَيدِ ، وَآوِهِم [أَوِّبهُم] إِلَى شَرِّ دَارٍ فِي أَعظَمِ نَكَالٍ وَأَقبَحِ مَثَابٍ . اللّهُمَّ إِنَّكَ حَاضِرُ أَسرَارِ خَلقِكَ وَعَالِمٌ بِضَمَائِرِهِم ، وَمُستَغنٍ لَولا النَّدبُ بِاللَّجَاَ إِلَى تَنَجُّزِ مَا وَعَدتَ اللاّجِينَ عَن كَشفِ مَكَامِنِهِم ، وَقَد تَعلَمُ يَا رَبِّ مَا أُسِرُّهُ وَأُبدِيهِ ، وَأَنشُرُهُ وَأَطوِيهِ ، وَأُظهِرُهُ وَأُخفِيهِ عَلى مُتَصَرِّفَاتِ أَوقَاتِي ، وَأَصنَافِ حَرَكَاتِي مِن جَمِيعِ حَاجَاتِي ، وَقَد تَرَى يَا رَبِّ مَا قَد تَرَاطَمَ فِيهِ أَهلُ وَلايَتِكَ ، وَاستَمَرَّ عَلَيهِم مِن أَعدَائِكَ ، غَيرَ ظَنِينٍ فِي كَرَمٍ ، وَلا ضَنِينٍ بِنِعَمٍ ، لَكِنَّ الجُهدَ يَبعَثُ عَلى الاستِزَادَةِ ، وَمَا أَمَرتَ بِهِ مِنَ الدُّعَاءِ إِذَا أُخلِصُ لَكَ اللَّجَأَ يَقتَضِي إِحسَانُكَ شَرطَ الزِّيَادَةِ ، وَهَذِهِ النَّوَاصِي وَالأَعنَاقُ خَاضِعَةٌ لَكَ بِذُلِّ العُبُودِيَّةِ ، وَالاعتِرَافِ بِمَلَكَةِ الرُّبُوبِيَّةِ ، دَاعِيَةٌ بِقُلُوبِهَا ، وَمُحَصَّنَاتٍ [مُشَخِّصَاتٍ] إِلَيكَ فِي تَعجِيلِ الإِنَالَةِ ، وَمَا شِئتَ كَانَ ، وَمَا تَشَاءُ كَائِنٌ ، أَنتَ المَدعُوُّ المَرجُوُّ المَأمُولُ المَسؤُولُ ، لا يَنقُصُكَ نَائِلٌ وَإِنِ اتَّسَعَ ، وَلا
.
ص: 389
يُلحِفُكَ (1) [ يُحلِفُكَ ] سَائِلٌ وَإِن أَلَحَّ وَضَرَعَ ، مُلكُكَ لا يَلحَقُهُ [يُخلِقُهُ] التَّنفِيدُ ، وَعِزُّكَ البَاقِي عَلى التَّأبِيدِ ، وَمَا فِي الأَعصَارِ مِن مَشِيئَتِكَ بِمِقدَارٍ ، وَأَنتَ اللّهُ لا إِلَهَ إلّا أَنتَ الرَّؤوفُ الجَبَّارُ . اللّهُمَّ أَيِّدنَا بِعَونِكَ ، وَاكنُفنَا بِصَونِكَ ، وَأَنِلنَا مَنَالَ المُعتَصِمِينَ بِحَبلِكَ المُستَظِلِّينَ بِظِلِّكَ .
ودعا عليه السلام في قنوته وأمر أهل قم بذلك لمّا شكوا من موسى بن بغي :الحَمدُ للّهِ شَاكِراً لِنَعمَائِهِ ، وَاستِدعَاءً لِمَزِيدِهِ ، وَاستِخلاصاً لَهُ وَبِهِ دُونَ غَيرِهِ ، وَعِيَاذاً بِهِ مِن كُفرَانِهِ وَالإِلحَادِ فِي عَظَمَتِهِ وَكِبرِيَائِهِ ، حَمدَ مَن يَعلَمُ أَنَّ مَا بِهِ مِن نَعمَائِه فَمِن عِندِ رَبِّهِ ، وَمَا مَسَّهُ مِن عُقُوبَةٍ فَبِسُوءِ جِنَايَةِ يَدِهِ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ عَبدِهِ وَرَسُولِهِ وَخِيَرَتِهِ مِن خَلقِهِ ، وَذَرِيعَةِ المُؤمِنِينَ إِلَى رَحمَتِهِ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وُلاةِ أَمرِهِ . اللّهُمَّ إِنَّكَ نَدَبتَ إِلَى فَضلِكَ ، وَأَمَرتَ بِدُعَائِكَ وَضَمِنتَ الإِجَابَةَ لِعِبَادِكَ ، وَلَم تُخَيِّب مَن فَزَعَ إِلَيكَ بِرَغبَةٍ وَقَصَدَ إِلَيكَ بِحَاجَةٍ ، وَلَم تَرجِع يَدٌ طَالِبَةٌ صِفراً مِن عَطَائِكَ وَلا خَائِبَةً مِن نِحَلِ هِبَاتِكَ ، وَأَيُّ رَاحِلٍ رَحَلَ إِلَيكَ فَلَم يَجِدكَ قَرِيباً ، أَو [أَيُّ] وَافِدٍ وَفَدَ عَلَيكَ فَاقتَطَعَتهُ عَوَائِقُ [عَوَائِدُ] الرَّدِّ دُونَكَ ، بَل أَيُّ مُحتَفِرٍ مِن فَضلِكَ لَم يُمهِهِ فَيضُ جُودِكَ ، وَأَيُّ مُستَنبِطٍ لِمَزِيدِكَ أَكدَى دُونَ استِمَاحَةِ سِجَالِ (2) عَطِيَّتِكَ . اللّهُمَّ وَقَد قَصَدتُ إِلَيكَ بِرَغبَتِي ، وَقَرَعَت بَابَ فَضلِكَ يَدُ مَسأَلَتِي ، وَنَاجَاكَ بِخُشُوعِ الاستِكَانَةِ قَلبِي ، وَوَجَدتُكَ خَيرَ شَفِيعٍ لِي إِلَيكَ ، وَقَد عَلِمتَ مَا يَحدُثُ مِن
.
ص: 390
طَلِبَتِي قَبلَ أَن يَخطُرَ بِفِكرِي أَو يَقَعَ فِي خَلَدِي ، فَصِلِ اللّهُمَّ دُعَائِي إِيَّاكَ بِإِجَابَتِي وَاشفَع مَسأَلَتِي بِنُجحِ طَلِبَتِي . اللّهُمَّ وَقَد شَمِلَنَا زَيغُ الفِتَنِ ، وَاستَولَت عَلَينَا غَشوَةُ الحَيرَةِ ، وَقَارَعَنَا الذُّلُّ وَالصِّغَارُ ، وَحَكَمَ عَلَينَا غَيرُ المَأمُونِينَ فِي دِينِكَ ، وَابتَزَّ أُمُورَنَا مَعَادِنُ الأُبَنِ مِمَّن عَطَّلَ حُكمَكَ وَسَعَى فِي إِتلافِ عِبَادِكَ وَإِفسَادِ بِلادِكَ . اللّهُمَّ وَقَد عَادَ فينا [فَيئُنَا] دُولَةً بَعدَ القِسمَةِ وَإِمَارَتُنَا غَلَبَةً بَعدَ المَشُورَةِ ، وَعُدنَا مِيرَاثاً بَعدَ الاختِيَارِ لِلأُمَّةِ ، فَاشتُرِيَتِ المَلاهِي وَالمَعَازِفُ بِسَهمِ اليَتِيمِ وَالأَرمَلَةِ ، وَحَكَمَ فِي أَبشَارِ المُؤمِنِينَ أَهلُ الذِّمَّةِ ، وَوَلِيَ القِيَامَ بِأُمُورِهِم فَاسِقُ كُلِّ قَبِيلَةٍ ، فَلا ذَائِدٌ يَذُودُهُم عَن هَلَكَةٍ ، وَلا رَاعٍ يَنظُرُ إِلَيهِم بِعَينِ الرَّحمَةِ وَلا ذُو شَفَقَةٍ يُشبِعُ الكَبِدَ الحَرَّى مِن مَسغَبَةٍ ، فَهُم أُولُو ضَرَعٍ بِدَارٍ مَضِيعَةٍ ، وَأُسَرَاءُ مَسكَنَةٍ ، وَحُلَفَاءُ كَآبَةٍ وَذِلَّةٍ . اللّهُمَّ وَقَدِ استَحصَدَ زَرعُ البَاطِلِ وَبَلَغَ نِهَايَتَهُ وَاستَحكَمَ عَمُودُهُ وَاستَجمَعَ طَرِيدُهُ وَخَذرَفَ وَلِيدُهُ وَبَسَقَ فَرعُهُ وَضُربَ بُحرَانِهِ [ضَرَبَ بِجِرَانِهِ (1) ] . اللّهُمَّ فَأَتِح لَهُ مِنَ الحَقِّ يَداً حَاصِدَةً تَصدَعُ [تَصرَعُ] قَائِمَهُ وَتَهشِمُ سُوقَهُ وَتَجُبُّ سَنَامَهُ وَتَجدَعُ مَرَاغِمَهُ ، لِيَستَخفِيَ البَاطِلُ بِقُبحِ صُورَتِهِ وَيَظهَرَ الحَقُّ بِحُسنِ حِليَتِهِ . اللّهُمَّ وَلا تَدَع لِلجَورِ دِعَامَةً إلّا قَصَمتَهَا ، وَلا جُنَّةً إلّا هَتَكتَهَا ، وَلا كَلِمَةً مُجتَمِعَةً إلّا فَرَّقتَهَا ، وَلا سَرِيَّةَ ثِقلٍ إلّا خَفَّفتَهَا ، وَلا قَائِمَةَ عُلُوٍّ إلّا حَطَطتَهَا ، وَلا رَافِعَةَ عَلَمٍ إلّا نَكَّستَهَا ، وَلَا خَضرَاءَ إلّا أَبَرتَهَا . اللّهُمَّ فَكَوِّر شَمسَهُ ، وَحُطَّ نُورَهُ ، وَاطمِس ذِكرَهُ ، وَارمِ بِالحَقِّ رَأسَهُ ، وَفُضَّ جُيُوشَهُ ، وَأَرعِب قُلُوبَ أَهلِهِ .
.
ص: 391
اللّهُمَّ وَلا تَدَع مِنهُ بَقِيَّةً إلّا أَفنَيتَ ، وَلا بُنيَةً إلّا سَوَّيتَ ، وَلا حَلقَةً إلّا فَصَمتَ ، وَلا سِلاحاً إلّا أَكلَلتَ ، وَلا حَدَّاً إلّا أَفلَلتَ ، وَلا كُرَاعاً إلّا اجتَحتَ ، وَلا حَامِلَةَ عَلَمٍ إلّا نَكَّستَ . اللّهُمَّ وَأَرِنَا أَنصَارَهُ عَبَادِيدَ بَعدَ الأُلفَةِ ، وَشَتَّى بَعدَ اجتِمَاعِ الكَلِمَةِ ، وَمُقنِعِي الرُّؤُوسِ بَعدَ الظُّهُورِ عَلى الأُمَّةِ ، وَأَسفِر لَنَا عَن نَهَارِ العَدلِ ، وَأَرِنَاهُ سَرمَداً لا ظُلمَةَ فِيهِ ، وَنُوراً لا شَوبَ مَعَهُ ، وَأَهطِل عَلَينَا نَاشِئَتَهُ ، وَأَنزِل عَلَينَا بَرَكَتَهُ ، وَأَدِل لَهُ مِمَّن نَاوَاهُ وَانصُرهُ عَلى مَن عَادَاهُ . اللّهُمَّ وَأَظهِر [بِهِ] الحَقَّ ، وَأَصبِح بِهِ فِي غَسَقِ الظُّلَمِ وَبُهَمِ الحَيرَةِ . اللّهُمَّ وَأَحيِ بِهِ القُلُوبَ المَيِّتَةَ ، وَاجمَع بِهِ الأَهوَاءَ المُتَفَرِّقَةَ وَالآرَاءَ المُختَلِفَةَ ، وَأَقِم بِهِ الحُدُودَ المُعَطَّلَةَ وَالأَحكَامَ المُهمَلَةَ ، وَأَشبِع بِهِ الخِمَاصَ السَّاغِبَةَ ، وَأَرِح بِهِ الأَبدَانَ اللّاغِبَةَ المُتعَبَةَ ، كَمَا أَلهَجتَنَا بِذِكرِهِ ، وَأَخطَرتَ بِبَالِنَا دُعَاءَكَ لَهُ ، وَوَفَّقتَنَا لِلدُّعَاءِ إِلَيهِ وَحِيَاشَةِ أَهلِ الغَفلَةِ عنه [عَلَيهِ] ، وَأَسكَنتَ فِي قُلُوبِنَا مَحَبَّتَهُ وَالطَّمَعَ فِيهِ وَحُسنَ الظَّنِّ بِكَ لإِقَامَةِ مَرَاسِمِهِ . اللّهُمَّ فَآتِ لَنَا مِنهُ عَلى أَحسَنِ يَقِينٍ ، يَا مُحَقِّقَ الظَّنُونِ الحَسَنَةِ ، وَيَا مُصَدِّقَ الآمَالِ المُبطِنَةِ [المُبطِئَةِ] . اللّهُمَّ وَأَكذِب بِهِ المُتَأَلِّينَ (1) عَلَيكَ فِيهِ ، وَأَخلِف بِهِ ظُنُونَ القَانِطِينَ مِن رَحمَتِكَ وَالآيِسِينَ مِنهُ . اللّهُمَّ اجعَلنَا سَبَباً مِن أَسبَابِهِ ، وَعَلَماً مِن أَعلامِهِ ، وَمَعقِلاً مِن مَعَاقِلِهِ ، وَنَضِّر وُجُوهَنَا بِتَحلِيَتِهِ ، وَأَكرِمنَا بِنُصرَتِهِ ، وَاجعَل فِينَا خَيراً تُظهِرُنَا لَهُ وَبِهِ ، وَلا تُشمِت بِنَا
.
ص: 392
حَاسِدِي النِّعَمِ وَالمُتَرَبِّصِينَ بِنَا حُلُولَ النَّدَمِ وَنُزُولَ المُثَلِ ، فَقَد تَرَى يَا رَبِّ بَرَاءَةَ سَاحَتِنَا وَخُلُوَّ ذَرعِنَا مِنَ الإِضمَارِ لَهُم عَلى إِحنَةٍ ، وَالتَّمَنِّي لَهُم وُقُوعَ جَائِحَةٍ (1) وَمَا تَنَازَلَ مِن تَحصِينِهِم بِالعَافِيَةِ وَمَا أَضبَؤُوا (2) [أَضَبُّوا] لَنَا مِنِ انتِهَازِ الفُرصَةِ وَطَلَبِ الوُثُوبِ بِنَا عِندَ الغَفلَةِ . اللّهُمَّ وَقَد عَرَّفتَنَا مِن أَنفُسِنَا وَبَصَّرتَنَا مِن عُيُوبِنَا خِلالاً نَخشَى أَن تَقعُدَ بِنَا عَنِ اشتِهارِ : [استِيهَالِ] إِجَابَتِكَ ، وَأَنتَ المُتَفَضِّلُ عَلى غَيرِ المُستَحِقِّينَ ، وَالمُبتَدِئُ بِالإِحسَانِ غَيرَ السَّائِلِينَ ، فَآتِ لَنَا مِن أَمرِنَا عَلى حَسَبِ كَرَمِكَ وَجُودِكَ وَفَضلِكَ وَامتِنَانِكَ ، إِنَّكَ تَفعَلُ مَا تَشَاءُ ، وَتَحكُمُ مَا تُرِيدُ ، إِنَّا إِلَيكَ رَاغِبُونَ وَمِن جَمِيعِ ذُنُوبِنَا تَائِبُونَ . اللّهُمَّ وَالدَّاعِي إِلَيكَ وَالقَائِمُ بِالقِسطِ مِن عِبَادِكَ ، الفَقِيرُ إِلَى رَحمَتِكَ ، المُحتَاجُ إِلَى مَعُونَتِكَ عَلى طَاعَتِكَ إِذِ ابتَدَأتَهُ بِنِعمَتِكَ وَأَلبَستَهُ أَثوَابَ كَرَامَتِكَ ، وَأَلقَيتَ عَلَيهِ مَحَبَّةَ طَاعَتِكَ وَثَبَّتَّ وَطأَتَهُ فِي القُلُوبِ مِن مَحَبَّتِكَ ، وَوَفَّقتَهُ لِلقِيَامِ بِمَا أَغمَضَ فِيهِ أَهلُ زَمَانِهِ مِن أَمرِكَ ، وَجَعَلتَهُ مَفزَعاً لِمَظلُومِ عِبَادِكَ وَنَاصِراً لِمَن لا يَجِدُ [لَهُ] نَاصِراً غَيرَكَ ، وَمُجَدِّداً لِمَا عُطِّلَ مِن أَحكَامِ كِتَابِكَ ، وَمُشَيِّداً لِمَا رُدَّ [دثر] مِن أَعلامِ دِينكَ وَسُنَنِ نَبِيِّكَ عَلَيهِ وَآلِهِ سَلامُكَ وَصَلَوَاتُكَ وَرَحمَتُكَ وَبَرَكَاتُكَ ، فَاجعَلهُ اللّهُمَّ فِي حَصَانَةٍ مِن بَأسِ المُعتَدِينَ ، وَأَشرِق بِهِ القُلُوبَ المُختَلِفَةَ مِن بُغَاةِ الدِّينِ ، وَبَلِّغ بِهِ أَفضَلَ مَا بَلَّغتَ بِهِ القَائِمِينَ بِقِسطِكَ مِن أَتبَاعِ النَّبِيِّينَ . اللّهُمَّ وَأَذلِل بِهِ مَن لَم تُسهِم لَهُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَحَبَّتِكَ وَمَن نَصَبَ لَهُ العَدَاوَةَ ، وَارمِ بِحَجَرِكَ الدَّامِغِ مَن أَرَادَ التَّألِيبَ عَلى دِينِكَ بِإِذلالِهِ وَتَشتِيتِ أمرِه [جَمعِهِ] ،
.
ص: 393
وَاغضَب لِمَن لا تِرَةَ (1) لَهُ وَلا طَائِلَةَ ، وَعَادَى الأَقرَبِينَ وَالأَبعَدِينَ فِيكَ ، مَنّاً مِنكَ عَلَيهِ لا مَنّاً مِنهُ عَلَيكَ . اللّهُمَّ فَكَمَا نَصَبَ نَفسَهُ غَرَضاً فِيكَ لِلأَبعَدِينَ ، وَجَادَ بِبَذلِ مُهجَتِهِ لَكَ فِي الذَّبِّ عَن حَرِيمِ المُؤمِنِينَ ، وَرَدَّ شَرَّ بُغَاةِ المُرتَدِّينَ المُرِيبِينَ ، حَتَّى أُخفِيَ مَا كَانَ جُهِرَ بِهِ مِنَ المَعَاصِي ، وَأبدا [أُبدِيَ] مَا كَانَ نَبَذَهُ العُلَمَاءُ وَرَاءَ ظُهُورِهِم مِمَّا أَخَذتَ مِيثَاقَهُم عَلى أَن يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ وَلا يَكتُمُوهُ ، وَدَعَا إِلَى إِفرَادِكَ بِالطَّاعَةِ ، وَأَلاّ يَجعَلَ لَكَ شَرِيكاً مِن خَلقِكَ يَعلُو أَمرُهُ عَلى أَمرِكَ مَعَ مَا يَتَجَرَّعُهُ فِيكَ مِن مَرَارَاتِ الغَيظِ الجَارِحَةِ بِحَوَاسِّ [ بمواسى ] القُلُوبِ وَمَا يَعتَوِرُهُ مِنَ الغُمُومِ ، وَيَفرُغُ عَلَيهِ مِن أَحدَاثِ الخُطُوبِ ، وَيَشرَقُ بِهِ مِنَ الغُصَصِ الَّتِي لا تَبتَلِعُهَا الحُلُوقُ وَلا تَحنُو عَلَيهَا الضُّلُوعُ مِن نَظرَةٍ إِلَى أَمرٍ مِن أَمرِكَ ، وَلا تَنَالُهُ يَدُهُ بِتَغيِيرِهِ وَرَدِّهِ إِلَى مَحَبَّتِكَ ، فَاشدُدِ اللّهُمَّ أَزرَهُ بِنَصرِكَ وَأَطِل بَاعَهُ فِيمَا قَصُرَ عَنهُ مِن إِطرَادِ الرَّاتِعِينَ في حِمَاكَ ، وَزِدهُ فِي قُوَّتِهِ بَسطَةً مِن تَأيِيدِكَ ، وَلا تُوحِشنَا مِن أُنسِهِ ، وَلا تَختَرِمهُ دُونَ أَمَلِهِ مِنَ الصَّلاحِ الفَاشِي فِي أَهلِ مِلَّتِهِ وَالعَدلِ الظَّاهِرِ فِي أُمَّتِهِ . اللّهُمَّ وَشَرِّف بِمَا استَقبَلَ بِهِ مِنَ القِيَامِ بِأَمرِكَ لَدَى مَوقِفِ الحِسَابِ مُقَامَهُ ، وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَوَاتُكَ عَلَيهِ وَآلِهِ بِرُؤيَتِهِ وَمَن تَبِعَهُ عَلى دَعوَتِهِ ، وَأَجزِل لَهُ عَلى مَا رَأَيتَهُ قَائِماً بِهِ مِن أَمرِكَ ثَوَابَهُ ، وَابنِ قُربَ دُنُوِّهِ مِنكَ فِي حَيَاتِهِ ، وَارحَمِ استِكَانَتَنَا مِن بَعدِهِ وَاستِخذَاءَنَا لِمَن كُنَّا نَقمَعُهُ بِهِ ، إِذ أَفقَدتَنَا وَجهَهُ وَبَسَطتَ أَيدِيَ مَن كُنَّا نَبسُطُ أَيدِيَنَا عَلَيهِ لِنَرُدَّهُ عَن مَعصِيَتِهِ ، وَافتَراقَنا [ افتَرَقنَا ] بَعدَ الأُلفَةِ وَالاجتِمَاعِ تَحتَ ظِلِّ كَنَفِهِ ، وَتَلَهَّفنَا عِندَ الفَوتِ عَلى مَا أَقعَدتَنَا عَنهُ مِن نُصرَتِهِ وَطَلَبنَا مِنَ القِيَامِ بِحَقِّ مَا لا
.
ص: 394
سَبِيلَ لَنَا إِلَى رَجعَتِهِ ، وَاجعَلهُ اللّهُمَّ فِي أَمنٍ مِمَّا يُشفَقُ عَلَيهِ مِنهُ ، وَرُدَّ عَنهُ مِن سِهَامِ المَكَائِدِ مَا يُوَجِّهُهُ أَهلُ الشَّنَآنِ إِلَيهِ وَإِلَى شُرَكَائِهِ فِي أَمرِهِ وَمُعَاوِنِيهِ عَلى طَاعَةِ رَبِّهِ ، الَّذِينَ جَعَلتَهُم سِلاحَهُ وَحِصنَهُ وَمَفزَعَهُ وَأُنسَهُ ، الَّذِينَ سَلَوا عَنِ الأَهلِ وَالأَولادِ ، وَجَفَوُا الوَطَنَ ، وَعَطَّلُوا الوَثِيرَ (1) مِنَ المِهَادِ ، وَرَفَضُوا تِجَارَاتِهِم ، وَأَضَرُّوا بِمَعَايِشِهِم ، وَفُقِدُوا فِي أَندِيَتِهِم بِغَيرِ غَيبَةٍ عَن مِصرِهِم ، وَخالَلُوا (2) [ حَالَفُوا ] (3) البَعِيدَ مِمَّن عَاضَدَهُم عَلى أَمرِهِم ، وَقَلَوُا القَرِيبَ مِمَّن صَدَّ عَنهُم وَعَن جِهَتِهِم ، فَائتَلَفُوا بَعدَ التَّدَابُرِ وَالتَّقَاطُعِ فِي دَهرِهِم ، وَقَلَعُوا الأَسبَابَ المُتَّصِلَةَ بِعَاجِلِ حُطَامِ الدُّنيَا ، فَاجعَلهُمُ اللّهُمَّ فِي أَمنِ حِرزِكَ وَظِلِّ كَنَفِكَ ، وَرُدَّ عَنهُم بَأسَ مَن قَصَدَ إِلَيهِم بِالعَدَاوَةِ مِن عِبَادِكَ ، وَأَجزِل لَهُم عَلى دَعوَتِهِم مِن كِفَايَتِكَ وَمَعُونَتِكَ ، وَأَمِدَّهُم [أَيِّدهُم] بِتَأيِيدِكَ وَنَصرِكَ ، وَأَزهِق بِحَقِّهِم بَاطِلَ مَن أَرَادَ إِطفَاءَ نُورِكَ . اللّهُمَّ وَاملأ بِهِم كُلَّ أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ وَقُطرٍ مِنَ الأَقطَارِ ، قِسطاً وَعَدلاً وَمَرحَمَةً وَفَضلاً ، وَاشكُرهُم عَلى حَسَبِ كَرَمِكَ وَجُودِكَ ، مَا مَنَنتَ بِهِ عَلى القَائِمِينَ بِالقِسطِ مِن عِبَادِكَ ، وَادَّخَرتَ لَهُم مِن ثَوَابِكَ مَا يَرفَعُ لَهُم بِهِ الدَّرَجَاتِ ، إِنَّكَ تَفعَلُ مَا تَشَاءُ وَتَحكُمُ مَا تُرِيدُ .
قنوت مولانا الحجّة محمّد بن الحسن عليهماالسلاماللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَكرِم أَولِيَاءَكَ بِإِنجَازِ وَعدِكَ ، وَبَلِّغهُم دَركَ مَا يَأمُلُونَهُ مِن نَصرِكَ ، وَاكفُف عَنهُم بَأسَ مَن نَصَبَ الخِلافَ عَلَيكَ ، وَتَمَرَّدَ بِمَنعِكَ
.
ص: 395
عَلى رُكُوبِ مُخَالَفَتِكَ ، وَاستَعَانَ بِرِفدِكَ عَلى فَلِّ حَدِّكَ ، وَقَصَدَ لِكَيدِكَ بِأَيدِكَ ، وَوَسِعتَهُ حِلماً لِتَأخُذَهُ عَلى جَهرَةٍ ، وَ[ أَو ] تَستَأصِلَهُ عَلى عِزَّةٍ [ غِرَّةٍ ] ، فَإِنَّكَ اللّهُمَّ قُلتَ وَقَولُكَ الحَقُّ : «إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَاأَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَ لِكَ نُفَصِّلُ الْأَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ » (1) ، وَقُلتَ : «فَلَمَّا ءَاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ » (2) . وَإِنَّ الغَايَةَ عِندَنَا قَد تَنَاهَت ، وَإِنَّا لِغَضَبِكَ غَاضِبُونَ ، وَإِنَّا عَلى نَصرِ الحَقِّ مُتَعَاصِبُونَ ، وَإِلَى وُرُودِ أَمرِكَ مُشتَاقُونَ ، وَلإِنجَازِ وَعدِكَ مُرتَقِبُونَ ، وَلِحَولِ وَعِيدِكَ بِأَعدَائِكَ مُتَوَقِّعُونَ . اللّهُمَّ فَأذَن بِذَلِكَ ، وَافتَح طُرُقَاتِهِ ، وَسَهِّل خُرُوجَهُ ، وَوَطِّئ مَسَالِكَهُ ، وَاشرَع شَرَائِعَهُ ، وَأَيِّد جُنُودَهُ وَأَعوَانَهُ ، وَبَادِر بَأسَكَ القَومَ الظَّالِمِينَ ، وَابسُط سَيفَ نَقِمَتِكَ عَلى أَعدَائِكَ المُعَانِدِينَ ، وَخُذ بِالثَّارِ إِنَّكَ جَوَادٌ مَكَّارٌ .
ودعا عليه السلام في قنوته :اللّهُمَّ مالِكَ المُلكِ ، تُؤتِي المُلكَ مَن تَشاءُ ، وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ ، وَتُعِزُّ مَن تَشاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشاءُ ، بِيَدِكَ الخَيرُ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، يَا مَاجِدُ يَا جَوَادُ ، يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكرَامِ ، يَا بَطَّاشُ ، يَا ذَا البَطشِ الشَّدِيدِ ، يَا فَعَّالاً لِمَا يُرِيدُ ، يَا ذَا القُوَّةِ المَتِينِ ، يَا رَؤُوفُ يَا رَحِيمُ يَا لَطِيفُ ، يَا حَيُّ حِينَ لا حَيَّ . [اللّهُمَّ] أَسأَلُكَ بِاسمِكَ المَخزُونِ المَكنُونِ الحَيِّ القَيُّومِ ، الَّذِي استَأثَرتَ بِهِ فِي عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ وَلَم يَطَّلِع عَلَيهِ أَحَدٌ مِن خَلقِكَ ، وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي تُصَوِّرُ بِهِ
.
ص: 396
خَلقَكَ فِي الأَرحَامِ كَيفَ تَشَاءُ ، وَبِهِ تَسُوقُ إِلَيهِم أَرزَاقَهُم فِي أَطبَاقِ الظُّلُمَاتِ مِن بَينِ العُرُوقِ وَالعِظَامِ ، وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي أَلَّفتَ بِهِ بَينَ قُلُوبِ أَولِيَائِكَ ، وَأَلَّفتَ بَينَ الثَّلجِ وَالنَّارِ ، لا هَذَا يُذِيبُ هَذَا وَلا هَذَا يُطفِئُ هَذَا ، وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي كَوَّنتَ بِهِ طَعمَ المِيَاهِ ، وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي أَجرَيتَ بِهِ المَاءَ فِي عُرُوقِ النَّبَاتِ بَينَ أَطبَاقِ الثَّرَى ، وَسُقتَ المَاءَ إِلَى عُرُوقِ الأَشجَارِ بَينَ الصَّخرَةِ الصَّمَّاءِ ، وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي كَوَّنتَ بِهِ طَعمَ الثِّمَارِ وَأَلوَانَهَا ، وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي بِهِ تُبدِئُ وَتُعِيدُ ، وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الفَردِ الوَاحِدِ المُتَفَرِّدِ بِالوَحدَانِيَّةِ المُتَوَحِّدِ بِالصَّمَدَانِيَّةِ ، وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي فَجَّرتَ بِهِ المَاءَ مِنَ الصَّخرَةِ الصَّمَّاءِ وَسُقتَهُ مِن حَيثُ شِئتَ ، وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي خَلَقتَ بِهِ خَلقَكَ وَرَزَقتَهُم كَيفَ شِئتَ وَكَيفَ شَاؤُوا . يَا مَن لا تُغَيِّرُهُ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي ، أَدعُوكَ بِمَا دَعَاكَ بِهِ نُوحٌ حِينَ نَادَاكَ فَأَنجَيتَهُ وَمَن مَعَهُ وَأَهلَكتَ قَومَهُ ، وَأَدعُوكَ بِمَا دَعَاكَ [ بِهِ ] إِبرَاهِيمُ خَلِيلُكَ حِينَ نَادَاكَ فَأَنجَيتَهُ وَجَعَلتَ النَّارَ عَلَيهِ بَرداً وَسَلاماً ، وَأَدعُوكَ بِمَا دَعَاكَ بِهِ مُوسَى كَلِيمُكَ حِينَ نَادَاكَ فَفَلَقتَ [فَفَرَّقتَ ] لَهُ البَحرَ فَأَنجَيتَهُ وَبَنِي إِسرَائِيلَ وَأَغرَقتَ فِرعَونَ وَقَومَهُ فِي اليَمِّ ، وَأَدعُوكَ بِمَا دَعَاكَ بِهِ عِيسَى رُوحُكَ حِينَ نَادَاكَ فَنَجَّيتَهُ مِن أَعدَائِهِ وَإِلَيكَ رَفَعتَهُ ، وَأَدعُوكَ بِمَا دَعَاكَ بِهِ حَبِيبُكَ وَصَفِيُّكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله فَاستَجَبتَ لَهُ وَمِنَ الأَحزَابِ نَجَّيتَهُ وَعَلى أَعدَائِكِ نَصَرتَهُ ، وَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبتَ ، يَا مَن لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ ، يَا مَن أَحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلماً ، يا مَن أَحصى كُلَّ شَيءٍ عَدَداً ، يَا مَن لا تُغَيِّرُهُ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي ، وَلا تَتَشَابَهُ عَلَيهِ الأَصوَاتُ ، وَلا تَخفَى عَلَيهِ اللُّغَاتُ ، وَلا يُبرِمُهُ إِلحَاحُ المُلِحِّينَ . أَسأَلُكَ أَن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ خِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ ، فَصَلِّ عَلَيهِم
.
ص: 397
بِأَفضَلِ صَلَوَاتِكَ ، وَصَلِّ عَلى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَالمُرسَلِينَ الَّذِينَ بَلَّغُوا عَنكَ الهُدَى وَعَقَدُوا لَكَ المَوَاثِيقَ بِالطَّاعَةِ ، وَصَلِّ عَلى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ، يَا مَن لا يُخلِفُ المِيعادَ أَنجِز لِي مَا وَعَدتَنِي ، وَاجمَع لِي أَصحَابِي وَصَبِّرهُم ، وَانصُرنِي عَلى أَعدَائِكَ وَأَعدَاءِ رَسُولِكَ ، وَلا تُخَيِّب دَعوَتِي ، فَإِنِّي عَبدُكَ ابنُ عَبدِكَ ابنُ أَمَتِكَ أَسِيرٌ بَينَ يَدَيكَ ، سَيِّدِي أَنتَ الَّذِي مَنَنتَ عَلَيَّ بِهَذَا المَقَامِ وَتَفَضَّلتَ بِهِ عَلَيَّ دُونَ كَثِيرٍ مِن خَلقِكَ ، أَسأَلُكَ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَن تُنجِزَ لِي مَا وَعَدتَنِي ، إِنَّكَ أَنتَ الصَّادِقُ وَلا تُخلِفُ المِيعَادَ ، وَأَنتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ . (1)
الظاهر أنّ «المدرج» أيضاً لم يكن جزء من تركة أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمريّ رضى الله عنه حتّى يقسّم بين الورثة ، بل كان من شؤون النيابة ومختصّاً بالنائب ، كما أنّ الظاهر كون «المدرج» كالعكّاز والحقّة من عطايا الإمام أبي محمّد عليه السلام لأبي جعفر ، فحينئذٍ يكون من مكاتيبه عليه السلام أو من إملائه عليه السلام لأبي جعفر ، ولذلك أوردناه هنا في مكاتيبه عليه السلام .
124كتابه عليه السلام إلى القاسم بن العلاء الهمدانيّفي الثالث من شعبانخرج إلى القاسم بن العلاء الهمدانيّ (2) وكيل أبي محمّد عليه السلام : أنّ مولانا الحسين عليه السلام وُلد
.
ص: 398
يوم الخميس لثلاثٍ خلون من شعبان ، فصُمه ، وادع فيه بهذا الدعاء :اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِحَقِّ المَولُودِ فِي هَذَا اليَومِ المَوعُودِ بِشَهَادَتِهِ قَبلَ استِهلالِهِ وَوِلادَتِهِ ، بَكَتهُ السَّمَاءُ وَمَن فِيهَا وَالأَرضُ وَمَن عَلَيهَا ، وَلَمَّا يَطَأ لابَتَيهَا ، قَتِيلِ العَبرَةِ وَسَيِّدِ الأُسرَةِ ، المَمدُودِ بِالنُّصرَةِ يَومَ الكَرَّةِ ، المُعَوَّضِ مِن قَتلِهِ ، أَنَّ الأَئِمَّةَ مِن نَسلِهِ وَالشِّفَاءَ فِي تُربَتِهِ وَالفَوزَ مَعَهُ فِي أَوبَتِهِ ، وَالأَوصِيَاءَ مِن عِترَتِهِ بَعدَ قَائِمِهِم وَغَيبَتِهِ ، حَتَّى يُدرِكُوا الأَوتَارَ وَيَثأَرُوا الثَّأرَ وَيُرضُوا الجَبَّارَ وَيَكُونُوا خَيرَ أَنصَارٍ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيهِم مَعَ اختِلافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ . اللَّهُمَّ فَبِحَقِّهِم إِلَيكَ أَتَوَسَّلُ ، وَأَسأَلُ سُؤَالَ مُقتَرِفٍ وَمُعتَرِفٍ مُسِيءٍ إِلَى نَفسِهِ مِمَّا فَرَّطَ فِي يَومِهِ وَأَمسِهِ ، يَسأَلُكَ العِصمَةَ إِلَى مَحَلِّ رَمسِهِ . اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعِترَتِهِ وَاحشُرنَا فِي زُمرَتِهِ ، وَبَوِّئنَا مَعَهُ دَارَ الكَرَامَةِ وَمَحَلَّ الإِقَامَةِ .
.
ص: 399
اللَّهُمَّ وَكَمَا أَكرَمتَنَا بِمَعرِفَتِهِ فَأَكرِمنَا بِزُلفَتِهِ وَارزُقنَا مُرَافَقَتَهُ وَسَابِقَتَهُ ، وَاجعَلنَا مِمَّن يُسَلِّمُ لأَمرِهِ وَيُكثِرُ الصَّلاةَ عَلَيهِ عِندَ ذِكرِهِ ، وَعَلَى جَمِيعِ أَوصِيَائِهِ وَأَهلِ أَصفِيَائِهِ المَمدُودِينَ مِنكَ بِالعَدَدِ الاثنَي عَشَرَ ، النُّجُومِ الزُّهَرِ وَالحُجَجِ عَلَى جَمِيعِ البَشَرِ . اللَّهُمَّ وَهَب لَنَا فِي هَذَا اليَومِ خَيرَ مَوهِبَةٍ وَأَنجِح لَنَا فِيهِ كُلَّ طَلِبَةٍ ، كَمَا وَهَبتَ الحُسَينَ لِمُحَمَّدٍ جَدِّهِ ، وَعَاذَ فُطرُسُ بِمَهدِهِ ، فَنَحنُ عَائِذُونَ بِقَبرِهِ مِن بَعدِهِ نَشهَدُ تُربَتَهُ ، وَنَنتَظِرُ أَوبَتَهُ ، آمِينَ رَبَّ العَالَمِينَ . (1)
125كتابه عليه السلام إلى بعض مواليهفي سوء الحاليُروى عن عبد اللّه بن جعفر الحِميَري ، قال : كنتُ عند مولاي أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ _ صلوات اللّه عليه _ ، إذ وردت إليه رُقعةٌ من الحبس من بعض مواليه يذكر فيها ثقل الحديد وسوء الحال وتحامل السلطان ، وكتب إليه :يا عَبدَ اللّهِ ، إِنَّ اللّهَ عز و جل يَمتَحِنُ عِبَادَهُ لِيَختَبِرَ صَبرَهُم ، فَيُثِيبَهُم عَلَى ذَلِكَ ثَوَابَ الصَّالِحِينَ ، فَعَلَيكَ بِالصَّبرِ ، وَاكتُب إِلَى اللّهِ عز و جل رُقعَةً وَأَنفِذهَا إِلَى مَشهَدِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ _ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ _ ، وَارفَعهَا عِندَهُ إِلَى اللّهِ عز و جل وَادفَعهَا حَيثُ لا يَرَاكَ أَحَدٌ ، وَاكتُب فِي الرُّقعَةِ : إِلَى اللّهِ المَلِكِ الدَّيَّانِ المُتَحَنِّنِ المَنَّانِ ، ذِي الجَلالِ وَالإِكرَامِ وَذِي المِنَنِ العِظَامِ
.
ص: 400
وَالأَيَادِي الجِسَامِ ، وَعَالِمِ الخَفِيَّاتِ وَمُجِيبِ الدَّعَوَاتِ ، وَرَاحِمِ العَبَرَاتِ الَّذِي لا تَشغَلُهُ اللُّغَاتُ وَلا تُحَيِّرُهُ الأَصوَاتُ وَلا تَأخُذُهُ السِّنَاتُ ، مِن عَبدِهِ الذَّلِيلِ البَائِسِ الفَقِيرِ المِسكِينِ الضَّعِيفِ المُستَجِيرِ . اللَّهُمَّ أَنتَ السَّلامُ وَمِنكَ السَّلامُ وَإِلَيكَ يَرجِعُ السَّلامُ ، تَبَارَكتَ وَتَعَالَيتَ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكرَامِ وَالمِنَنِ العِظَامِ وَالأَيَادِي الجِسَامِ . إِلَهِي ، مَسَّنِي وَأَهلِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ وَأَرأَفُ الأَرأَفِينَ وَأَجوَدُ الأَجوَدِينَ وَأَحكَمُ الحَاكِمِينَ وَأَعدَلُ الفَاصِلِينَ . اللَّهُمَّ إِنِّي قَصَدتُ بَابَكَ وَنَزَلتُ بِفِنَائِكَ وَاعتَصَمتُ بِحَبلِكَ وَاستَغَثتُ بِكَ وَاستَجَرتُ بِكَ ، يَا غِيَاثَ المُستَغِيثِينَ أَغِثنِي ، يَا جَارَ المُستَجِيرِينَ أَجِرنِي ، يَا إِلَهَ العَالَمِينَ خُذ بِيَدِي ، إِنَّهُ قَد عَلا الجَبَابِرَةُ فِي أَرضِكَ وَظَهَرُوا فِي بِلادِكَ ، وَاتَّخَذُوا أَهلَ دِينِكَ خَوَلاً ، وَاستَأثَرُوا بِفَيءِ المُسلِمِينَ ، وَمَنَعُوا ذَوِي الحُقُوقِ حُقُوقَهُمُ الَّتِي جَعَلتَهَا لَهُم ، وَصَرَفُوهَا فِي المَلاهِي وَالمَعَازِفِ ، وَاستَصغَرُوا آلاءَكَ وَكَذَّبُوا أَولِيَاءَكَ ، وَتَسَلَّطُوا بِجَبرِيَّتِهِم لِيُعِزُّوا مَن أَذلَلتَ وَيُذِلُّوا مَن أَعزَزتَ ، وَاحتَجَبُوا عَمَّن يَسأَلُهُم حَاجَةً أَو مَن يَنتَجِعُ مِنهُم فَائِدَةً ، وَأَنتَ مَولايَ سَامِعُ كُلِّ دَعوَةٍ وَرَاحِمُ كُلِّ عَبرَةٍ وَمُقِيلُ كُلِّ عَثرَةٍ ، سَامِعُ كُلِّ نَجوَى وَمَوضِعُ كُلِّ شَكوَى ، لا يَخفَى عَلَيكَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ العُلَى وَالأَرَضِينَ السُّفلَى وَمَا بَينَهُمَا وَمَا تَحتَ الثَّرَى . اللَّهُمَّ إِنِّي عَبدُكَ ابنُ أَمَتِكَ ذَلِيلٌ بَينَ بَرِيَّتِكَ مُسرِعٌ إِلَى رَحمَتِكَ رَاجٍ لِثَوَابِكَ . اللَّهُمَّ إِنَّ كُلَّ مَن أَتَيتُهُ فَعَلَيكَ يَدُلُّنِي وَإِلَيكَ يُرشِدُنِي وَفِيمَا عِندَكَ يُرَغِّبُنِي ، مَولايَ وَقَد أَتَيتُكَ رَاجِياً سَيِّدِي ، وَقَد قَصَدتُكَ مُؤَمِّلاً ، يَا خَيرَ مَأمُولٍ وَيَا أَكرَمَ مَقصُودٍ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تُخَيِّب أَمَلِي وَلا تَقطَع رَجَائِي وَاستَجِب دُعَائِي
.
ص: 401
وَارحَم تَضَرُّعِي ، يَا غِيَاثَ المُستَغِيثِينَ أَغِثنِي ، يَا جَارَ المُستَجِيرِينَ أَجِرنِي ، يَا إِلَهَ العَالَمِينَ خُذ بِيَدِي ، أَنقِذنِي وَاستَنقِذنِي وَوَفِّقنِي وَاكفِنِي . اللَّهُمَّ إِنِّي قَصَدتُكَ بِأَمَلٍ فَسِيحٍ ، وَأَمَّلتُكَ بِرَجَاءٍ مُنبَسِطٍ ، فَلا تُخَيِّب أَمَلِي وَلا تَقطَع رَجَائِي . اللَّهُمَّ إِنَّهُ لا يَخِيبُ مِنكَ سَائِلٌ وَلا يَنقُصُكَ نَائِلُ ، يَا رَبَّاه يَا سَيِّدَاه يَا مَولاه يَا عِمَادَاه يَا كَهفَاه يَا حِصنَاه يَا حِرزَاه يَا لَجَآه . اللَّهُمَّ إِيَّاكَ أَمَّلتُ يَا سَيِّدِي ، وَلَكَ أَسلَمتُ مَولايَ ، وَلِبَابِكَ قَرَعتُ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تَرُدَّنِي بِالخَيبَةِ مَحزُوناً [ محروماً ] ، وَاجعَلنِي مِمَّن تَفَضَّلتَ عَلَيهِ بِإِحسَانِكَ وَأَنعَمتَ عَلَيهِ بِتَفَضُّلِكَ وَجُدتَ عَلَيهِ بِنِعمَتِكَ وَأَسبَغتَ عَلَيهِ آلاءَكَ . اللَّهُمَّ أَنتَ غِيَاثِي وَعِمَادِي وَأَنتَ عِصمَتِي وَرَجَائِي ، مَا لِي أَمَلٌ سِوَاكَ ، وَلا رَجَاءٌ غَيرُكَ . اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَجُد عَلَيَّ بِفَضلِكَ ، وَامنُن عَلَيَّ بِإِحسَانِكَ ، وَافعَل بِي مَا أَنتَ أَهلُهُ ، وَلا تَفعَل بِي مَا أَنَا أَهلُهُ ، يَا أَهلَ التَّقوَى وَأَهلَ المَغفِرَةِ ، وَأَنتَ خَيرٌ لِي مِن أَبِي وَأُمِّي وَمِنَ الخَلقِ أَجمَعِينَ . اللَّهُمَّ إِنَّ هَذِهِ قِصَّتِي إِلَيكَ لا إِلَى المَخلُوقِينَ ، وَمَسأَلَتِي لَكَ إِذ كُنتَ خَيرَ مَسؤُولٍ وَأَعَزَّ مَأمُولٍ . اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَعَطَّف عَلَيَّ بِإِحسَانِكَ ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِعَفوِكَ وَعَافِيَتِكَ ، وَحَصِّن دِينِي بِالغِنَى وَاحرُز أَمَانَتِي بِالكِفَايَةِ ، وَاشغَل قَلبِي بِطَاعَتِكَ وَلِسَانِي بِذِكرِكَ وَجَوَارِحِي بِمَا يُقَرِّبُنِي مِنكَ . اللَّهُمَّ ارزُقنِي قَلباً خَاشِعاً وَلِسَاناً ذَاكِراً وَطَرفاً غَاضّاً وَيَقِيناً صَحِيحاً ، حَتَّى لا
.
ص: 402
أُحِبَّ تَعجِيلَ مَا أَخَّرتَ وَلا تَقدِيمَ مَا أَجَّلتَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ ، وَيَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاستَجِب دُعَائِي ، وَارحَم تَضَرُّعِي ، وَكُفَّ عَنِّي البَلاءَ ، وَلا تُشمِت بِيَ الأَعدَاءَ وَلا حَاسِداً ، وَلَا تَسلُبنِي نِعمَةً أَلبَستَنِيهَا ، وَلا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي طَرفَةَ عَينٍ أَبَداً يَا رَبَّ العَالَمِينَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلِّم تَسلِيماً . (1)
126كتابه عليه السلام إلى رجلٍفي الوالدين كانت الأُمّ غالية والأب مؤمناعن أبي سَهل البَلخيّ (2) قال : كتب رجل إلى أبي محمّد يسأله الدعاء لوالديه ، وكانت الاُمّ غاليةً والأب مؤمناً ، فوقّع :رَحِمَ اللّهُ وَالِدَكَ . (3)
127كتابه عليه السلام إلى رجلٍفي الوالدين كانت الأُمّ مؤمنةً والأب ثنويّاكتب آخر يسأل الدعاء لوالديه ، وكانت الاُمّ مؤمنةً والأبُ ثنويّاً ، فوقّع :رَحِمَ اللّهُ وَالِدَتَكَ . (4)
.
ص: 403
128كتابه عليه السلام إلى محمّد بن الحسن ( بن ميمون _ شمّون )في معالجة علّة العينقال محمّد بن الحسن (1) : لقيت من علّة عيني شدّةً ، فكتبتُ إلى أبي محمّد عليه السلام أسأله أن يدعو لي ، فلمّا نفذ الكتاب قلتُ في نفسي : ليتني كنت سألته أن يصف لي كُحلاً أكحُلها ، فوقّع بخطّه يدعو لي بسلامتها إذ كانت إحداهما ذاهبةً ، وكتب بعده :أردتَ أن أَصِفَ لَكَ كُحلاً ، عَلَيكَ بِصَبرٍ مَعَ الإِثمِدِ كَافُوراً وَتُوتِيَاءَ ، فَإِنَّهُ يَجلُو مَا فِيهَا مِنَ الغِشَاءِ وَيُيبِسُ الرُّطُوبَةَ . قال : فاستعملتُ ما أمرني به عليه السلام فصحّت والحمد للّه . (2)
129كتابه عليه السلام إلى أبي هاشمفي مطلق الدعاءمن دلائل الحِميَريّ عن أبي هاشم (3) ، قال : كتب إليه بعض مواليه يسأله أن يعلّمه دعاءً ، فكتب إليه :أَنِ ادعُ بِهَذِهِ الدُّعَاءِ : يَا أَسمَعَ السَّامِعِينَ ، وَيَا أَبصَرَ المُبصِرِينَ ، يَا عِزَّ النَّاظِرِينَ ،
.
ص: 404
وَيَا أَسرَعَ الحَاسِبِينَ ، وَيَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَيَا أَحكَمَ الحَاكِمِينَ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَوسِع لِي فِي رِزقِي ، وَمُدَّ لِي فِي عُمُرِي ، وَامنُن عَلَيَّ بِرَحمَتِكَ ، وَاجعَلنِي مِمَّن تَنتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ ، وَلا تَستَبدِل بِي غَيرِي . (1)
130كتابة رجاء بن يحيى أبو الحسن العَبَريانيّالسيّد ابن طاووس ( عليّ بن موسى ) : رويناه بإسنادنا إلى أبي الفضل محمّد بن عبد اللّه بن المطّلب الشيباني ، قال : أخبرنا رجاء بن يحيى أبو الحسن العَبَريانيّ (2) ، (3) قال : كتبت هذا الدعاء في دار سيّدنا أبي محمّد الحسن بن عليّ صاحب العسكر عليه السلام ، وهو دعاء الحسن بن عليّ عليه السلام لمّا أتى معاوية :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ ، باسمِ اللّهِ العَظِيمِ الأَكبَرِ ، اللَّهُمَّ سُبحَانَكَ يَا قَيُّومُ ، سُبحَانَ الحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، أَسأَلكَ كَمَا أَمسَكتَ عَن دَانِيَالَ أَفوَاهَ الأَسَدِ وَهُوَ فِي الجُبِّ فَلا يَستَطِيعُونَ إِلَيهِ سَبِيلاً إِلّا بِإِذنِكَ ، أَسأَ لُكَ أَن تُمسِكَ عَنِّي أَمرَ هَذَا الرَّجُلِ ، وَكُلَّ عَدُوٍّ لِي فِي مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا مِنَ الإِنسِ وَالجِنِّ ، خُذ بآذَانِهِم وَأَسمَاعِهِم وَأَبصَارِهِم وَقُلُوبِهِم وَجَوَارِحِهِم ، وَاكفِنِي كَيدَهُم بِحَولٍ مِنكَ وَقُوَّةٍ ، فَكُن لِي جَاراً مِنهُم وَمِن كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَمِن كُلِّ شَيطَانٍ مَرِيدٍ لا يُؤمِنُ بِيَومِ الحِسَابِ ، إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ ، فَإِن تَوَلَّوا فَقُل : حَسبِيَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظِيمِ .
.
ص: 405
وهذا قد ذكرناه في كتاب إعانة الداعي وإغاثة الساعي (1) ، وإنّما كان هذا الكتاب أحقّ فيه المعارف الواعي . (2)
.
ص: 406
. .
ص: 407
الفصل السادس: في المواعظ
.
ص: 408
. .
ص: 409
131كتابه عليه السلام إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابُوريّحكى بعض الثقات بنيسابور أنّه خرج لإسحاق بن إسماعيل (1) من أبي محمّد عليه السلام توقيع :يَا إِسحَاقَ بنَ إِسمَاعِيلَ ، سَتَرَنَا اللّهُ وَإيَّاكَ بِسَترِهِ ، وَتَوَلَاكَ فِي جَمِيعِ أُمورِكَ بِصُنعِهِ ، قَد فَهَمتُ كِتَابَكَ يَرحَمُكَ اللّهُ ، وَنَحنُ بِحَمدِ اللّهِ وَنِعمَتِهِ أَهلُ بَيتٍ نَرِقُّ عَلَى مَوالِينَا ، وَنَسُرُّ ، بِتَتَابُعِ إِحسَانِ اللّهِ إِلَيهِم ، وَفَضلِهِ لَدَيهِم ، وَنَعتَدُّ بِكُلِّ نِعمَةٍ يُنعِمُهَا اللّهُ عز و جل عَلَيهِم . فَأَتَمَّ اللّهُ عَلَيكُم بِالحَقِّ ، وَمَن كَانَ مِثلَكَ ، مِمَّن قَد رَحِمَهُ اللّهُ ، وَبَصَّرَهُ بَصِيرَتَكَ ، وَنَزَعَ عَنِ البَاطِلِ ، وَلَم يَعمَ فِي طُغيانِهِ بِعَمَهٍ . فَإِنَّ تَمَامَ النِّعمَةِ دُخُولِكَ الجَنَّةَ ، وَلَيسَ مِن نِعمَةٍ وَإِن جَلَّ أَمرُهَا ، وَعَظُمَ خَطَرُهَا ، إِلَا وَالحَمدُ للّهِِ تَقَدَّسَت أَسمَاؤُهُ عَلَيهَا ، مُؤَدِّي شُكرَهَا .
.
ص: 410
وَأَنَا أَقُولُ : الحَمدُ للّهِِ مِثلَ مَا حَمِدَ اللّهَ بِهِ حَامِدٌ إِلَى أَبَدِ الأَبَدِ ، بِمَا مَنَّ عَلَيكَ مِن نِعمَةٍ ، وَنَجَّاكَ مِنَ الهَلَكَةِ ، وَسَهَّلَ سَبِيلَكَ عَلَى العَقَبَةِ ، وَايمُ اللّهِ أَنَّها لَعَقَبَةٌ كَؤُودٌ شَدِيدٌ أَمرُهَا ، صَعبٌ مَسلَكُهَا ، عَظِيمٌ بَلاؤُهَا ، طَوِيلٌ عَذَابُهَا قَدِيمٌ فِي الزَّبُرِ الأُولَى ذِكرُهَا . وَلَقَد كَانَت مِنكُم أمُورٌ فِي أَيَّامِ المَاضِي عليه السلام ، إلَى أَن مَضَى لِسَبِيلِهِ عليه السلام عَلَى رُوحِهِ ، وَفِي أَيَّامِي هَذِهِ كُنتُم بِهَا غَيرَ مَحمُودِيّ ، الشَّأنِ ، وَلَا مُسَدَّدِي التَّوفِيقِ . وَاعلَم يَقِيناً يَا إِسحَاقُ ، أَنَّ مَن خَرَجَ مِن هَذِهِ الحَيَاةِ أَعمَى ، فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ، أَنَّها يَا بن إِسماعِيلَ لَيسَ تَعمَى الأَبصَارُ ، وَلَكِن تَعمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ، وَذَلِكَ قَولُ اللّهِ عز و جل فِي مُحكَمِ كِتَابِهِ للِظَّالِمِ : « قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَى وَ قَدْ كُنتُ بَصِيرًا » (1) ؟ قَالَ اللّهُ عز و جل : « كَذَ لِكَ أَتَتْكَ ءَايَ_تُنَا فَنَسِيتَهَا وَ كَذَ لِكَ الْيَوْمَ تُنسَى » (2) . وَأَيَّةُ آيَةٍ يَا إِسحَاقُ ، أَعظَمُ مِن حُجَّةِ اللّهِ عز و جل عَلَى خَلقِهِ وَأَمِينِهِ فِي بِلَادِهِ ، وَشَاهِدِهِ عَلَى عِبَادِهِ مِن بَعدِ مَا سَلَفَ مِن آبَائِهِ الأَوَّلَينَ مِنَ النَّبِيِّينَ ، وَآبَائِهِ الآخِرِينَ مِنَ الوَصِيِّينَ أَجمَعِينَ ، وَرَحمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ . فَأَينَ يُتاهُ بِكُم ، وَأَينَ تَذهَبُونَ كَالأَنعَامِ عَلَى وُجُوهِكُم ، عَنِ الحَقِّ تَصدِفُونَ ، وَبِالبَاطِلِ تُؤمِنُونَ ، وَبِنِعمَةِ اللّهِ تَكفُرُونَ ، أَو تُكَذِّبُونَ ، فَمَن يُؤمِنُ بِبَعضِ الكِتَابِ ، وَيَكفُرُ بِبَعضٍ ، فَمَا جَزَاءُ مَن يَفعَلُ ذَلِكَ مِنكُم ، وَمِن غَيرِكُم إِلَا خِزيٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنيا الفَانِيَةِ ، وَطُولُ عَذَابٍ فِي الآخِرَةِ البَاقِيَةِ ، وَذَلِكَ وَاللّهِ الخِزيُ العَظِيمُ .
.
ص: 411
وفي علل الشرائع و اُصول الإسلام :إِنَّ اللّهَ بِفَضلِهِ وَمَنِّهِ لَمَّا فَرَضَ عَلَيكُم الفَرائِضَ ، لَم يَفرِض عَلَيكُم لِحَاجَةٍ مِنهُ إلَيكُم ، بَل بِرَحمَةٍ مِنهُ _ لا إِله إِلَا هُوَ _ عَليكُم ؛ لِيَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطِّيِّبِ وَلِيَبتَلِيَ مَا فِي صُدُورِكُم ، وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلوبِكُم ، وَلِتَتَسَابِقُونَ إِلَى رَحمَتِهِ ، وَتَتَفَاضَلَ مَنَازِلُكُم فِي جَنَّتِهِ . فَفَرَضَ عَلَيكُمُ الحَجَّ وَالعُمرَةَ ، وَإِقَامَ الصَّلَاةِ ، وَإيتاءَ الزَّكَاةِ ، وَالصَّومَ ، وَالوَلَايَةَ ، وَكَفَاهُم لَكُم بَابَاً لِتَفتَحُوا أَبوَابَ الفَرَائِضِ ، وَمِفتَاحَاً إِلَى سَبِيلِهِ ، وَلَولَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَالأَوصِيَاءُ مِن بَعدِهِ ، لَكُنتُم حَيَارَى كَالبَهَائِمِ لَا تَعرِفُونَ فَرضَاً مِنَ الفَرَائِضِ ، وَهَل تُدخَلُ قَريَةٌ إِلَا مِن بَابِهَا ؟ فَلَمَّا مَنَّ اللّهُ عَلَيكُم بِإِقَامَةِ الأَولِيَاءِ بَعدَ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، قَالَ اللّهُ عز و جل لِنَبِيِّهِ : « اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاءِسْلامَ دِيناً » (1) ، وَفَرَضَ عَلَيكُم لِأَولِيَائِهِ حُقُوقَاً أَمَرَكُم بِأَدَائِهَا إِلَيهِم ، لِيَحِلَّ لَكُم مَا وَرَاءِ ظُهُورِكُم مِن أَزوَاجِكُم ، وَأَموَالِكُم ، وَمَآكِلِكُم ، وَمَشَارِبِكُم وَمَعرِفَتِكُم بِذَلِكَ النِّمَاءِ ، وَالبَرَكَةِ ، وَالثَّروَةِ ، وَليَعلَمَ مَن يُطِيعُهُ مِنكُم بِالغَيبِ ، قَالَ اللّهُ عز و جل : « قُل لَا أَسْ_ئلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى» (2) . وَاعلَمُوا : أَنَّ مَن يَبخَل فَإِنَّمَا يَبخَلُ عَلَى نَفسِهِ ، وَأَنَّ اللّهَ هُوَ الغَنِيُّ ، وَأَنتُم الفُقَرَاءُ إِلَيهِ ، لَا إِلهَ إِلَا هُوَ ، وَلَقَد طَالَت المُخَاطَبَةُ فِيما بَينَنَا وَبينَكُم فِيمَا هُوَ لَكُم وَعَلَيكُم ، فَلَولَا مَا يَجِبُ مِن تَمَامِ النِّعمَةِ مِنَ اللّهِ عز و جل عَلَيكُم لَمَا أَرَيتُكُم لِي خَطّاً ، وَلَا سَمِعتُم مِنِّي حَرفاً مِن بَعدِ المَاضِي عليه السلام ، أَنتُم فِي غَفلَةٍ عَمَّا إِلَيهِ مَعَادُكُم ، وَمَن بَعدِ الثَّانِي
.
ص: 412
رَسُولِي ، وَمَا نَالَهُ مِنكُم حِينَ أَكرَمَهُ اللّهُ بِمَصِيرِهِ إِلَيكُم ، وَمَن بَعدِ إِقَامَتِي لَكُم إِبرَاهِيمَ بنَ عَبدَةَ ، وَفَّقَهُ اللّهُ لِمَرضَاتِهِ وَأَعانَهُ عَلَى طَاعَتِهِ ، وَكِتَابِي الَّذَي حَمَلَهُ مُحَمَّدُ بنُ مُوسَى النِّيسَابُورِيُّ ، وَاللّهُ المُستَعَانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ . وَإِنِّي أَرَاكُم تُفَرِّطُونَ فِي جَنبِ اللّهِ فَتَكُونُونَ مِنَ الخَاسِرِينَ ، فَبعدَاً وَسَحقَاً لِمَن رَغَبَ عَن طَاعَةِ اللّهِ وَلَم يَقبَل مَواعِظَ أَولِيَائِهِ ، وَقَد أَمَرَكُم اللّهُ جَلَّ وَعَلَا بِطَاعَتِهِ لَا إِله إِلَا هُوَ ، وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه و آله ، وَبِطَاعَةِ أُولِى الأَمرِ عليهم السلام ، فَرَحِمَ اللّهُ ضَعفَكُم وَقِلَّةَ صَبرِكُم عَمَّا أَمَامَكُم ، فَمَا أَغَرَّ الإِنسَانَ بِرَبِّهِ الكَرِيمِ ، وَاستَجَابَ اللّهُ دُعَائِي فِيكُم ، وَأَصلَحَ أُمُورَكُم عَلَى يَدِي ، فَقَد قَالَ اللّهُ جَلَّ جَلَالُهُ : « يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسِ بِإِمَامِهِمْ» (1) ، وَقَالَ جل جلاله : « وَكَذَ لِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً » (2) ، وقال اللّه جل جلاله : « كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ» (3) . فَمَا أُحِبُّ أَن يَدعُوَ اللّهَ جل جلاله بِي وَلَا بِمَن هُوَ فِي أَيَّامِي إِلَا حَسَبَ رِقَّتِي عَلَيكُم ، وَمَا انطَوَى لَكُم عَلَيهِ مِن حُبِّ بُلُوغِ الأَمَلِ فِي الدَّارَينِ جَمَيعَاً ، وَالكَينُونَةِ مَعَنا فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ . فَقَد يا إِسحَاقُ _ يَرحَمُكَ اللّهُ وَيَرحَمُ مَن هُوَ وَرَاءَكَ _ بَيَّنتُ لَكُم بَيَاناً ، وَفَسَّرتُ لَكُم تَفسِيراً ، وَفَعَلتُ بِكُم فِعلَ مَن لَم يَفهَم هَذَا الأَمرَ قَطُّ ، وَلَمَ يَدخُل فِيهِ طَرفَةَ عَينٍ ، وَلَو فَهِمَتِ الصُّمُّ الصِّلَابُ بَعضَ مَا فِي هَذَا الكِتَابِ لَتَصَدَّعَت قَلَقاً خَوفاً مِن
.
ص: 413
خَشيَةِ اللّهِ ، وَرُجُوعاً إِلَى طَاعَةِ اللّهِ عز و جل . فَاعمَلُوا مِن بَعدِهِ مَا شِئتُم فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمَؤمِنُونَ ، ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ، وَالحَمدُ للّهِ كَثِيرَاً رَبِّ العَالَمِينَ . وَأَنتَ رَسُولِي يَا إِسحَاقُ إِلَى إِبرَاهِيمَ بنِ عَبدَةَ وَفَّقَهُ اللّهُ ، أَن يَعمَلَ بِمَا وَرَدَ عَلَيهِ فِي كِتَابِي مَعَ مُحَمَّدِ بنِ مُوسَى النِّيسَابُورِيِّ إِن شَاءَ اللّهُ ، وَرَسُولِي إِلَى نَفسِكَ ، وَإلَى كُلِّ مَن خَلفَكَ بِبَلَدِكَ ، أَن يَعمَلُوا بِمَا وَرَدَ عَليكُم فِي كِتَابِي مَعَ مُحَمَّدٍ بنِ مُوسَى إِن شَاءَ اللّهُ ، ويَقرَأُ إِبرَاهيمُ بنُ عَبدَةَ كِتَابِي هَذَا وَمَن خَلفَهُ بِبَلَدِهِ ، حَتَّى لَا يَسأَلُونِي ، وَبِطَاعَةِ اللّهِ يَعتَصِمُونَ ، وَالشَّيطَانِ بِاللّهِ عَن أَنفُسِهِم يَجتَنِبُونَ ، وَلَا يَطِيعُونَ . وَعَلَى إِبرَاهِيمَ بنِ عَبدَةَ سَلَامُ اللّهِ وَرَحمَتُهُ ، وَعَلَيكَ يَا إِسحَاقُ ، وَعَلَى جَمِيعِ مَوَالِيَّ السَّلَامُ كَثِيرَاً ، سَدَّدَكُم اللّهُ جَمِيعاً بِتَوفِيقِهِ ، وَكُلُّ مَن قَرَأَ كِتَابَنَا هَذَا مِن مَوَالِيَّ مِن أَهلِ بَلَدِكَ ، وَمَن هُوَ بِنَاحِيَتِكُم ، وَنَزَعَ عَمَّا هُوَ عَلَيهِ مِنَ الانحِرَافِ عَنِ الحَقِّ ، فَليُؤَدِّ حُقُوقَنَا إِلَى إِبرَاهِيمَ بنِ عَبدَةَ ، وَليَحمِل ذَلِكَ إِبرَاهِيمُ بنُ عَبدَةَ إِلَى الرَّازِيِّ رضى الله عنه ، أَو إِلَى مَن يُسَمِّي لَهُ الرَّازِيُّ ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَن أَمرِي وَرَأيِيِ إِن شَاءَ اللّهُ . وَيَا إِسحَاقُ اقرَأ كِتَابَنَا عَلَى البَلَالِيِّ رضى الله عنه ، فَإِنَّهُ الثِّقَةُ المَأمُونُ العَارِفُ بِمَا يَجِبُ عَلَيهِ ، وَاقرَأهُ عَلَى المَحمُودِيِّ عَافَاهُ اللّهُ ، فَمَا أَحمَدنَا لَهُ لِطَاعَتِهِ ، فَإِذَا وَرَدتَ بَغدَادَفَاقرَأهُ عَلَى الدِّهقَانِ ، وَكيلِنَا ، وَثِقَتِنَا ، وَالَّذِي يَقبِضُ مِن مَوَالِينَا ، وَكُلُّ مَن أَمكَنَكَ مِن مَوَالِينَا فَاقرَأهُم هَذَا الكِتَابَ ، وَيَنسِخُهُ مَن أَرَادَ مِنهُم نُسخَةً إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى . وَلَا يَكتُم إِن شَاءَ اللّهُ أَمرَ هَذَا عَمَّن يُشَاهِدهُ مِن مَوَالِينَا ، إِلَا مِن شَيطَانٍ مُخَالِفٍ لَكُم ، فَلَا تَنثُرَنَّ الدُّرَّ بَينَ أَظلَافِ الخَنَازِيرِ ، وَلَا كَرَامَةَ لَهُم ، وَقَد وَقَعنَا فِي كِتَابِكَ
.
ص: 414
بِالوُصُولِ وَالدُّعَاءِ لَكَ وَلِمَن شِئتَ ، وَقَد أَجَبنَا شِيعَتَنَا عَن مَسأَلَتِهِ وَالحَمُدُ للّهِ ، فَمَا بَعدَ الحَقِّ إِلَا الضَّلَالُ ، فَلَا تَخرُجَنَّ مِنَ البَلدَةِ حَتَّى تَلقَى العَمرِيِّ رضى الله عنه بِرِضَائِي عَنهُ ، فَتُسَلِّمَ عَلَيهِ ، وَتَعرِفَهُ وَيَعرِفَكَ ، فَإِنَّهُ الطَّاهِرُ الأَمِينُ العَفِيفُ القَرِيبُ مِنَّا وَإلَينَا ، فَكُلُّ مَا يُحمَلُ إِلَينَا مِن شَيءٍ مِنَ النَّواحِي فَإِلَيهُ المَسِيرُ آخِرُ عُمرِهِ ، لِيُوصِلَ ذَلِكَ إلَينَا . وَالحَمدُ للّهِ كَثِيرَاً ، سَتَرَنَا اللّهُ وَإِيَّاكُم يِا إِسحَاقُ بِسِترِهِ ، وَتَوَلَاكَ فِي جَمِيعِ أُمورِكَ بِصُنعِهِ ، وَالسَّلَامُ عَلَيكَ وَعَلَى جَمِيعِ مَوَالِيَّ ، وَرَحمَةُ اللّهِ وَبَركَاتُهُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَاً . (1)
وفي علل الشرائع : حدّثنا عليّ بن أحمد رحمه الله ، قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب عن عليّ بن محمّد ، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوريّ ، أنّ العالم كتب إليه _ يعني الحسن بن عليّ عليه السلام _ :إِنَّ اللّهَ تَعَالَى بِمَنِّهِ وَرَحمَتِهِ لَمَّا فَرَضَ عَلَيكُم الفَرائِضَ ، لَم يَفرِض ذَلِكَ عَلَيكُم لِحَاجَةٍ مِنهُ إِلَيهِ ، بَل رَحمَةً مِنهُ إِلَيكُم لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ ؛ لِيَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَلِيَبتَلِيَ مَا فِي صُدُوركُم ، وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُم ، وَلتَتَسَابَقُوا إِلَى رَحمَتِهِ ، وَلتَتَفَاضَلَ مَنَازِلُكُم فِي جَنَّتِهِ ، فَفَوَّضَ عَلِيكُمُ الحَجَّ وَالعُمرَةَ وَإقَامَ الصَّلاةِ وَإيتَاءَ الزَّكَاةِ وَالصُّومَ وَالوَلَايَةَ ، وَجَعَلَ لَكُم بَاباً لِتَفتَحُوا بِهِ أَبوَابَ الفَرِائِضِ وَمِفتَاحاً إِلَى سَبِيلِهِ . وَلَولَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله وَالأَوصِياءُ مِن وُلدِهِ كُنتُم حَيَارَى كَالبَهَائِمِ لَا تَعرِفُونَ فَرضاً مِنَ الفَرَائِضِ ، وَهَل تُدخَلُ قَريَةً إِلَا مِن بَابِهَا ؟ فَلَمَّا مَنَّ اللّهُ عَلَيكُمِ بِإقَامَةِ الأَولِيَاءَ بَعدَ نَبِيِّكُم صلى الله عليه و آله قَالَ اللّهُ عز و جل : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاءِسْلامَ
.
ص: 415
دِيناً » (1) ، وَفَرضَ عَلَيكُم لِأَولِيائِهِ حُقُوقاً فَأَمَرَكُم بِأَدَائِهَا إِلَيهِم ؛ لِيَحِلَّ لَكُم مَا وَرَاءَ ظُهُورِكُم مِن أَزوَاجِكُم وَأَموَالِكُم وَمَأكَلِكُم وَمَشرَبِكُم ، وَيُعَرِّفَكُم بِذَلِكَ البَرَكَةَ والنَّمَاءَ وَالثَّروَةَ ، وَلِيَعلَمَ مَن يُطِيعُهُ مِنكُم بِالغَيبِ ، وقَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : « قُل لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى» (2) . فَاعلَمُوا إِنَّ مَن يَبخَلُ فَإِنَّمَا يَبخَلُ عَلَى نَفسِهِ ، إِنَّ اللّهَ هُوَ الغَنِيُّ وَأَنتُمُ الفُقرَاءُ إِلَيهِ لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ ، فَاعمَلُوا مِن بَعدِ مَا شِئتُم فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُم وَرسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ ، ثُمَّ تُرَدَّوَن إِلَى عَالِمِ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُوَن وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ، وَالحَمدُ للّهِ رَبِّ العَالَمِينَ . (3)
وفي الأمالي للطوسي : قال : أخبرنا الحسين بن عبيد اللّه ، عن عليّ بن محمّد العلويّ ، قال : حدّثنا الحسين بن صالح بن شعيب الجوهري ، قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني ، عن عليّ بن محمّد ، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري ، قال : حدّثنا الحسن بن عليّ عليه السلام :إِنَّ اللّهَ عز و جل بِمَنِّهِ وَرَحمَتِهِ ، لَمَّا فَرَضَ عَلَيكُم الفَرَائِضَ ، لَم يَفرِض ذَلِك عَلَيكُم لِحَاجَةٍ مِنهُ إِلَيهِ ، بَل رَحمَةً مِنهُ ، لِا إِلَهَ إِلَا هُوَ ، لِيَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ، وَلِيَبتَلِيَ مَا فِي صُدُورِكُم ، وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُم ، وَلتَتَسَابَقُوا إِلَى رَحمَتِهِ ، وَلِتَتَفَاضَلَ مَنَازِلُكُم فِي جَنَّتِهِ ، فَفَرَضَ عَلَيكُم الحَجَّ وَالعُمرَةَ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالصَّومَ وَالوَلَايَةَ ، وَجَعَلَ لَكُم بَاباً لِتَفتَحُوا بِهِ أَبوَابَ الفَرَائِضِ مِفتَاحاً إِلَى سُبُلِهِ . وَلَولَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله وَالأَوصِيَاءُ مِن وُلدِهِ كُنتُم حَيَارَى كَالبَهَائِمِ ، لَا تَعرِفُونَ فَرضاً مِنَ
.
ص: 416
الفَرَائِضِ ، وَهَل تُدخَلُ قَريَةً إِلَا مِن بَابِهَا ، فَلَمَّا مَنَّ عَلَيكُم بِإِقَامَةِ الأَولِيَاءِ بَعدَ نَبِيِّكُم صلى الله عليه و آله قَالَ : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاءِسْلامَ دِيناً » (1) ، وَفَرضَ عَلَيكُم لِأَولِيائِهِ حُقُوقاً ، وَأَمَرَكُم بِأَدَائِهَا إِلَيهِم ؛ لِيَحِلَّ لَكُم مَا وَرَاءَ ظُهُورِكُم مِن أَزوَاجِكُم وَأَموَالِكُم وَمَآكِلِكُم وَمَشَارِبِكُم ، وَيُعَرِّفَكُم بِذَلِكَ البَرَكَةَ وَالنَّمَاءَ وَالثَّروَةَ ، لِيَعلَمَ مَن يُطِيعُهُ مِنكُم بِالغَيبِ ، ثُمَّ قَالَ عز و جل : « قُل لَا أَسْ_ئلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى» (2) . فَاعلَمُوا إِنَّ مَن يَبخَلُ فَإِنَّمَا يَبخَلُ عَن نَفسِهِ ، إِنَّ اللّهَ هُوَ الغَنِيُّ وَأَنتُمُ الفُقَراءُ إِلَيهِ ، فَاعمَلُوا مِن بَعدِ مَا شِئتُم فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُم وَرسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ ، ثُمَّ تُرَدّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُوَن وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ، وَلَا عُدوَانَ إِلَا عَلَى الظَّالِمِينَ ، سَمِعتُ جَدِّي رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقوُلُ : خُلِقتُ مِن نُورِ اللّهِ عز و جل ، وَخُلِقَ أَهلُ بَيتِي مِن نُورِي ، وَخُلِقَ مُحِبُّوهُم مِن نُورِهِم ، وَسَائِرُ الخَلقِ فِي النَّارِ . (3)
وفي تحف العقول :سَتَرَنا اللّهُ وَإيّاكَ بِسَترِهِ وَتَولاّكَ في جَميع أُمُورِكَ بِصُنعِهِ ، فَهِمتُ كِتابَكَ يَرحَمُكَ اللّهُ ، وَنَحنُ بِحَمدِ اللّهِ وَنِعمَتِهِ أهلُ بَيتٍ ، نَرِقُّ عَلى أولِيائِنا وَنَسُرُّ بِتَتابُع إِحسانِ اللّهِ إِلَيهِم وفَضلِهِ لَدَيهِم ، وَنَعتَدُّ بِكُلِّ نِعمَةٍ يُنعِمُهَا اللّهُ تَبارَكَ وَتَعالى عَلَيهِم ، فَأَتَمَّ اللّهُ عَلَيكَ يا إِسحاقُ وَعَلى مَن كانَ مِثلَكَ _ مِمَّن قَد رَحِمَهُ اللّهُ وَبَصَّرَهُ بَصيرَتَكَ _ نِعمَتَهُ . وَقَدَّرَ تَمامَ نِعمَتِهِ دُخُولَ الجَنَّةِ ، وَلَيسَ مِن نِعمَةٍ وَإن جَلَّ أمرُها وَعَظُمَ خَطَرُها إِلَا وَ« الحَمدُ للّهِِ» تَقَدَّسَت أسماؤُهُ عَلَيها مُؤَدٍّ شُكرَها .
.
ص: 417
وَأَنَا أقولُ : اَلحَمدُ للّهِِ أَفضَلَ ما حَمِدَهُ حامِدُهُ إِلى أَبَدِ الأَبَدِ بِما مَنَّ اللّهُ عَلَيكَ مِن رَحمَتِهِ وَنَجّاكَ مِنَ الهَلَكَةِ وَسَهَّلَ سَبيلَكَ عَلَى العَقَبَةِ ، وَاَيمُ اللّه إِنَّها لَعَقَبَةٌ كَؤُودٌ ، شَدِيدٌ أَمرُها ، صَعبٌ مَسلَكُها ، عَظيمٌ بَلاؤُها ، قَدِيمٌ في الزُّبُرِ الاُولى ذِكرُها . وَلَقَد كانَت مِنكُم في أيّامِ الماضي عليه السلام إِلى أن مَضى لِسَبيلِهِ وَفي أَيّامي هذِهِ ، أُمُورٌ كُنتُم فيها عِندِي غَيرَ مَحمُودِي الرَّأيِ وَلا مُسَدَّدِي التَّوفيقِ . فَاعلَم يَقينا يا إِسحاقُ إنَّهُ مَن خَرَجَ مِن هذِهِ الدُّنيا أَعمى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمى وَأَضَلُّ سَبيلاً ، يا إِسحاقُ لَيسَ تَعمَى الأَبصارُ ، وَلكِن تَعمَى القُلُوبُ الّتي فِي الصُّدُورِ ؛ وَذلِكَ قَولُ اللّهِ في مُحكَمِ كِتابِهِ حِكايَةً عَنِ الظّالِمِ إِذ يَقُولُ : « رَبِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرا * قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ اليَوْمَ تُنْسى» (1) . وَأَيُّ آيَةٍ أعظَمُ مِن حُجَّةِ اللّهِ عَلى خَلقِهِ وَأَمينِهِ في بِلادِهِ وَشَهيدِهِ عَلى عِبادِهِ مِن بَعدِ مَن سَلَفَ مِن آبائِهِ الأَوَّلينَ النَّبِيِّينَ وَآبائِهِ الآخِرينَ الوَصِيِّينَ ، عَلَيهِم أجمَعينَ السَّلامُ وَرَحمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ . فَأَينَ يُتاهُ بِكُم وَأَينَ تَذهَبُونَ كَالْأنْعامِ عَلى وُجُوهِكُمْ ، عَنِ الحَقِّ تَصدِفُونَ وَبِالباطِلِ تُؤمِنُونَ وَبِنِعمَةِ اللّهِ تَكفُروُنَ ، أَو تَكُونُونَ مِمَّن يُؤمِنُ بِبَعضِ الكِتابِ وَيَكفُرُ بِبَعضٍ ، فَما جَزاءُ مَن يَفعَلُ ذلِكَ مِنكُم وَمِن غَيرِكُم إلّا خِزيٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنيا وَطُولُ عَذابٍ في الآخِرَةِ الباقِيَةِ ، وَذلِكَ وَاللّهِ الخِزيُّ العَظيمُ .
وفي علل الشرائع و أُصول الإسلام :إنَّ اللّهَ بِمَنِّه وَرَحمَتِهِ لَمّا فَرَضَ عَلَيكُمُ الفَرائِضَ ، لَم يَفرِض ذلِكَ عَلَيكُم لِحاجَةٍ
.
ص: 418
مِنهُ إِلَيكُم ، بَل بِرَحمَةٍ مِنهُ _ لا إِله إلّا هُوَ _ عَلَيكُم لِيَميزَ الخَبيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَلِيَبتَليَ ما في صُدُورِكُم وَلِيُمَحِّصَ ما في قُلُوبِكُم ، لِتُسابِقُوا إِلى رَحمَةِ اللّهِ وِلِتَتَفاضَلَ مَنازِلُكُم في جَنَّتِهِ . فَفَرَضَ عَلَيكُمُ الحَجَّ وَالعُمرَةَ وَإقامَ الصّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَالصَّومَ وَالوِلايَة ، وَجَعَلَ لَكُم بابا تَستَفتِحُونَ بِهِ أبوابَ الفَرائِضِ وَمِفتاحا إِلى سَبيلِهِ ، لَولا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله وَالأَوصِياءُ مِن وُلدِهِ لَكُنتُم حَيارى كَالبَهائِمِ لا تَعرِفُونَ فَرضا مِنَ الفَرائِضِ ، وَهَل تُدخَلُ مَدِينَةٌ إلّا مِن بابِها . فَلَمّا مَنَّ عَلَيكُم بِإقامَةِ الأَولِياءِ بَعدَ نَبِيِّكُم ؛ قالَ اللّهُ في كِتابِهِ : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاءِسْلامَ دِيناً » (1) ، فَفَرَضَ عَليكُم لِأَولِيائِهِ حُقُوقا أَمَرَكُم بِأدائِها ، لِيَحِلَّ لَكُم ما وَراءَ ظُهُورِكُم مِن أَزواجِكُم وَأَموالِكُم وَمَآكِلِكم وَمَشارِبِكُم ، قالَ اللّهُ : « قُل لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى» (2) . وَاعلَمُوا إنَّ مَن يَبخَلُ فإِنَّما يَبخَلُ عَن نَفسِهِ وَاللّهُ الغَنِيُّ وَأَنتُمُ الفُقَراءُ ، لا إِلهَ إلّا هُوَ ، وَلَقَد طَالَتِ المُخاطَبَةُ فيما هُوَ لَكُم وَعَلَيكُم . وَلَولا ما يُحِبُّ اللّهُ مِن تَمامِ النِّعمَةِ مِنَ اللّهِ عَلَيكُم لَما رَأَيتُم لي خَطّا وَلا سَمِعتُم مِنِّى حَرفا مِن بَعدِ مُضِيِّ الماضِي عليه السلام وَأَنتُم في غَفلَةٍ مِمّا إِلَيهِ مَعادُكُم ، وَمِن بَعدِ إِقامَتي لَكُم إِبراهيمَ بنَ عَبدَةَ ، وَكِتابي الّذِي حَمَلَهُ إِلَيكُم مُحَمَّدُ بنُ مُوسَى النِّيسابُورِيُّ ، وَاللّهُ المُستَعانُ عَلى كُلِّ حالٍ . وَإِيّاكُم أَن تُفَرِّطُوا في جَنبِ اللّهِ فَتَكُونُوا مِنَ الخاسِرينَ ، فَبُعدا وَسُحقا لِمَن رَغِبَ
.
ص: 419
عَن طاعَةِ اللّهِ وَلَم يَقبَل مَواعِظَ أَولِيائِهِ ، فَقَد أَمَرَكُمُ اللّهُ بِطاعَتِهِ وَطاعَةِ رَسُولِهِ وَطاعَةِ أُولِي الأمرِ ، رَحِمَ اللّهُ ضَعفَكُم وَغَفلَتَكُم وَصَبَّرَكُم عَلى أمرِكُم ، فَما أغَرَّ الإنسانَ بِرَبِّهِ الكَرِيمِ وَلَو فَهِمَتِ الصُّمُ الصّلَابُ بَعضَ ما هُوَ في هذَا الكِتابِ ، لَتَصَدَّعَت قَلِقا وَخَوفا مِن خَشيَةِ اللّهِ وَرُجُوعا إِلى طاعَةِ اللّهِ . اِعمَلُوا ما شِئتُم « فَسَيَرى اللّهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ ، ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلُونَ » (1) ، وَالحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أجمَعينَ . (2)
132كتابه عليه السلام إلى أبي الحسن عليّ بن الحسين بن بابَوَيه القمّيوممّا كتب عليه السلام إلى عليّ بن الحسين بن بابَويه القمّي 3 :وَاعتَصَمتُ بِحَبلِ اللّهِ ، بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ ، وَالحَمدُ للّهِ رَبِّ العالَمِينَ ، وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ، وَالجَنَّةُ لِلمُوَحِّدِينَ وَالنَّارُ لِلمُلحِدِينَ ، وَلا عُدوانَ إِلّا عَلَى الظّالِمِينَ ، وَلا إِلَهَ إِلّا اللّهُ أَحسَنُ الخَالِقِينَ ، وَالصَّلاةُ عَلَى خَيرِ خَلقِهِ مُحَمَّدٍ
.
ص: 420
وَعِترَتِهِ الطَّاهِرِينَ . . . . وَعَلَيكَ بِالصَّبرِ وَانتِظَارِ الفَرَجِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله قال : أَفضَلُ أَعمَالِ أُمَّتِي انتِظَارُ الفَرَجِ ، وَلا تَزَالُ شِيعَتُنَا فِي حُزنٍ حَتَّى يَظهَرَ وَلَدِيَ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ، يَملأُ الأَرضَ قِسطاً وَعَدلاً كَمَا مُلِئَت جَوراً وَظُلماً . فَاصبِر يَا شَيخِي يَا أَبَا الحَسَنِ عَليَّ ، وَأَمُر جَمِيعَ شِيعَتِي بِالصَّبرِ ، فإِنَّ الأَرضَ للّهِ يُورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ، وَالسَّلامُ عَلَيكَ وَعَلَى جَمِيعِ شِيعَتِنَا وَرَحمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ . (1)
وفي خاتمة مستدرك الوسائل : الشيخ الأقدم والطود الأشمّ ، أبو الحسن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي ، العالم الفقيه المحدّث الجليل ، صاحب المقامات الباهرة ، والدرجات العالية الّتي تنبّئ عنها مكاتبة الإمام العسكري ، وتوقيعه الشريف إليه ، وصورته على ما رواه الشيخ الطبرسي في الاحتجاج 2 :بسم اللّه الرحمن الرحيم ، الحَمدُ للّهِ رَبِّ العَالَمَينَ ، وَالعَاقِبَةُ لِلمُوَحِّدِينَ ، وَالنَّارُ لِلمُلحِدِينَ ، وَلَا عُدوَانَ إِلَا عَلَى الظَّالِمِينَ ، وَلَا إِلَهَ إِلَا اللّهُ أَحسَنُ الخَالِقِينَ ، وَالصَّلَاةُ عَلَى خَيرِ خَلقِهِ مُحَمَّدٍ وَعِترَتِهِ الطَّاهِرِينَ . أَمَّا بَعدُ : أُوصِيكَ يَا شَيخِي وَمُعتَمَدِي وَفَقِيهِي أَبَا الحَسَنِ عَليَّ بنَ الحُسِينِ بنَ بَابَوَيهِ القُمِّيِّ _ وَفَّقَكَ اللّهُ لِمَرضَاتِهِ ، وَجَعَلَ من وُلدِكَ أَولَاداً صَالِحِينَ بِرَحمَتِهِ _ بِتَقَوَى اللّهِ ، وَإقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، فَإِنَّهُ لَا تُقبَلُ الصَّلَاةُ مِن مَانِعِي الزَّكَاةِ ،
.
ص: 421
وَأُوصِيكَ بِمَغفِرَةِ الذَّنبِ ، وَكَظمِ الغَيظِ ، وَصِلَةِ الرَّحمِ ، وَمؤَاسَاةِ الإِخوَانِ ، وَالسَّعِي فِي حَوَائِجِهِم فِي العُسرِ وَاليُسرِ ، وَالحِلمِ عِندَ الجَهلِ ، وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ ، وَالتَّثَبُّتِ فِي الأُمورِ ، وَالتَّعَهُّدِ لِلقُرآنِ ، وَحُسنِ الخُلقِ ، وَالأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهِي عَنِ المُنكَرِ ، قَالَ اللّهُ عز و جل : « لا خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ )(1) ، وَاجتِنَابِ الفَوَاحِش كُلِّهَا . وَعَلَيكَ بِصَلَاة اللَّيلِ ، عَلَيكَ بِصَلاَة اللَّيلِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله أَوصَى عَلِيّاً عليه السلام فَقَالَ : يَا عَلِيُّ ، عَلَيكَ بِصَلَاةِ اللَّيلِ ، عَلَيكَ بِصَلَاةِ اللَّيلِ ، عَلَيكَ بِصَلَاةِ اللَّيلِ . وَمَن استَخَفَّ بِصَلَاةِ اللَّيلِ فَلَيسَ مِنَّا . فَاعمَل بِوَصِيَّتِي ، وَآمُرُ جَمِيعَ شِيعَتِي بِهَا ، أَمَرتُكَ بِهِ حَتَّى يَعمَلُوا عَلَيهِ ، وَعَلَيكَ بِالصَّبرِ وَانتِظَارِ الفَرَجِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله قَالَ : أَفضَلُ أَعمَالِ أُمَّتِي انتِظَارُ الفَرَجِ ، وَلاَ تَزَالُ شِيعَتُنَا فِي حُزنٍ حَتَّى يَظهَرَ وَلَدِي الَّذِي بَشَّرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ، حَيثُ قَالَ : إِنَّهُ يَملَأُ الأَرضَ قِسطاً وَعَدلاً ، كَمَا مُلِئَت ظُلماً وَجَوراً . فَاصبِر _ يَا شَيخِي وَمُعتَمَدِي أَبَا الحَسَنِ _ وَأَمُر جَمِيعَ شِيعَتِي بِالصَّبرِ ، فَ « إِنَّ الأَْرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ » (2) . وَالسَّلَامُ عَلَيكَ ، وَعَلَى جَمِيعِ شِيعَتِنَا ، وَرَحمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، وَ « حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ » (3) ، « نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ » (4) .
ونقله القاضي في المجالس (5) وفي الرياض : ونقل الشهيد والقطب الكيدريّ أيضاً
.
ص: 422
_ في كتاب الدرّة الباهرة من الأصداف الطاهرة _ هذا المكتوب من جملة كلام الحسن العسكري عليه السلام (1) . (2)
133كتابه عليه السلام إلى أهل قمّ وآبَةكتب أبو محمّد عليه السلام إلى أهل قمّ وآبَة (3) :إِنَّ اللّهَ تَعَالَى بِجُودِهِ وَرَأفَتِهِ قَد مَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ بَشِيراً وَنَذِيراً ، وَوَفَّقَكُم لِقَبُولِ دِينِهِ ، وَأَكرَمَكُم بِهِدَايَتِهِ ، وَغَرَسَ فِي قُلُوبِ أَسلافِكُمُ المَاضِينَ _ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِم _ وَأَصلابِكُمُ البَاقِينَ _ تَوَلَّى كِفَايَتَهُم وَعَمَّرَهُم طَوِيلاً فِي طَاعَتِهِ _ حُبَّ العِترَةِ الهَادِيَةِ ، فَمَضَى مَن مَضَى عَلَى وَتِيرَةِ الصَّوَابِ وَمِنهَاجِ الصِّدقِ وَسَبِيلِ الرَّشَادِ ، فَوَرَدُوا مَوَارِدَ الفَائِزِينَ ، وَاجتَنَوا ثَمَرَاتِ مَا قَدَّمُوا ، وَوَجَدُوا غِبَّ مَا أَسلَفُوا . ومنها : فَلَم يَزَل نِيَّتُنَا مُستَحكَمَةً ، وَنُفُوسُنَا إِلَى طِيبِ آرَائِكُم سَاكِنَةٌ ، وَالقَرَابَةُ الوَاشِجَةُ بَينَنَا وَبَينَكُم قَوِيَّةً ، وَصِيَّةٌ أُوصيَ بِهَا أَسلافُ_نَا وَأَسلافُكُم ، وَعَهدٌ عُهِدَ إِلَى شُبَّانِنَا وَمَشَايِخِكُم ، فَلَم يَزَل عَلَى جُملَةٍ كَامِلَةٍ مِنَ الاعتِقَادِ لِمَا جَعَلَنَا اللّهُ عَلَيهِ مِنَ الحَالِ القَرِيبَةِ وَالرَّحِمِ المَاسَّةِ ، يَقُولُ العَالِمُ سَلامُ اللّهِ عَلَيهِ إِذ يَقُولُ : المُؤمِنُ أَخُو المُؤمِنِ لأُمَّهِ وَأَبِيهِ . (4)
.
ص: 423
134كتابه عليه السلام إلى عبد اللّه بن حَمدَوَيه البَيهَقِيّقال أبو الحسن عليّ بن محمّد بن قُتيبة : وممّا رقّع ( وقّع ) عبد اللّه بن حَمدَوَيه البَيهقيّ (1) وكتبته عن رقعته : إنّ أهل نَيسابور قد اختلفوا في دينهم وخالف بعضهم بعضاً ويُكفّر بعضهم بعضاً ، وبها قوم يقولون : إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله عرف جميع لغات أهل الأرض ولغات الطيور وجميع ما خلق اللّهُ ، وكذلك لابدّ أن يكون في كلّ زمان من يعرف ذلك ويعلم ما يُضمر الإنسان ، ويعلم ما يعمل أهل كلّ بلاد في بلادهم ومنازلهم ، وإذا لقيَ طفلين يعلم أيّهما مؤمنٌ وأيّهما يكون منافقاً ، وأنّه يعرف أسماء جميع من يتولّاه في الدنيا وأسماء آبائهم ، وإذا رأى أحدهم عرفه باسمه من قبل أن يكلّمه . ويزعمون _ جُعلت فداك _ أنّ الوحي لا ينقطع ، والنبيّ صلى الله عليه و آله لم يكن عنده كمال العلم ، ولا كان عند أحد من بعده ، وإذا حدث الشيء في أيّ زمان كان ولم يكن علم ذلك عند صاحب الزمان ، أوحى اللّهُ إليه وإليهم . فقال :كَذَبُوا لَعَنَهُمُ اللّهُ وَافتَرَوا إِثماً عَظِيماً .
وبها شيخ يقال له فضل بن شاذان ، يخالفهم في هذه الأشياء ويُنكر عليهم أكثرها ، وقوله : شَهادة أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه ، وأنّ اللّه عز و جل في السماء السابعة فوق العرش كما وصف نفسه عز و جل أنّه جسم ، فوصفه بخلاف المخلوقين في جميع المعاني ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وأنّ من قوله : إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قد أتى بكمال الدين وقد بلّغ عن اللّه عز و جل ما أمره به وجاهد في سبيله وعبده حتّى أتاه اليقين ، وإنّه عليه السلام أقام رجلاً يقوم مقامه من بعده ، فعلّمه من العلم الّذي أوحى اللّه ، فعرف ذلك الرجل الّذي عنده من العلم الحلال والحرام وتأويل الكتاب وفصل الخطاب ، وكذلك في كلّ زمان لا بدّ من أن يكون واحد يعرف هذا ، وهو ميراث من
.
ص: 424
رسول اللّه صلى الله عليه و آله يتوارثونه ، وليس يعلم أحد منهم شيئاً من أمر الدين إلّا بالعلم الّذي ورثوه عن النبيّ صلى الله عليه و آله ، وهو يُنكر الوحي بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله . فقال :قَد صَدَقَ فِي بَعضٍ وَكَذَبَ فِي بَعضٍ . وفي آخر الوَرَقة : قَد فَهِمنَا رَحِمَكَ اللّهُ كُلَّ مَا ذَكَرتَ ، وَيَأبَى اللّهُ عز و جل أَن يُرشِدَ أَحَدَكُم وَأَن نَرضَى ( يَرضَى ) عَنكُم وَأَنتُم مُخَالِفُونَ مُعَطِّلُونَ الذِّينَ لا يَعرِفُونَ إِمَاماً وَلا يَتَوَلَّونَ وَلِيّاً ، كُلَّمَا تَلاقُوكُمُ اللّهُ عز و جل بِرَحمَتِهِ وَأَذِنَ لَنَا فِي دُعَائِكُم إِلَى الحَقِّ وَكَتَبنَا إِلَيكُم بِذَلِكَ وَأَرسَلنَا إِلَيكُم رَسُولاً ، لَم تُصَدِّقُوهُ ، فَاتَّقُوا اللّهَ عِبَادَ اللّهِ وَلا تَلِجُوا فِي الضَّلالَةِ مِن بَعدِ المَعرِفَةِ . وَاعلَمُوا إنَّ الحُجَّةَ قَد لَزِمَت أَعنَاقَكُم وَاقبَلُوا نِعمَتَهُ عَلَيكُم ، تَدُم لَكُم بِذَلِكَ السَّعَادَةُ فِي الدَّارَينِ عَنِ اللّهِ عز و جل إِن شَاءَ اللّهُ . وَهَذَا الفَضلُ بنُ شَاذَانَ مَا لَنَا وَلَهُ يُفسِدُ عَلَينَا مَوَالِيَنَا وَيُزَيِّنُ لَهُمُ الأَبَاطِيلَ ، وَكُلَّمَا كَتَبنَا إِلَيهِم كِتَاباً اعتَرَضَ عَلَينَا فِي ذَلِكَ ، وَأَنَا أَتَقَدَّمُ إِلَيهِ أَن يَكُفَّ عَنَّا وَإِلَا وَاللّهِ سَأَلتُ اللّهَ أَن يَرمِيَهُ بِمَرَضٍ لا يَندَمِلُ جُرحُهُ فِي الدُّنيَا وَلا فِي الآخِرَةِ . أَبلِغ مَوَالِيَنَا هَدَاهُمُ اللّهُ سَلامِي وَأَقرِئهُم هَذِهِ الرُّقعَةَ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَى (1) . (2)
.
ص: 425
الفصل السابع: في الغلاة
.
ص: 426
. .
ص: 427
135كتابه عليه السلام إلى أحمد بن محمّد بن عيسىمحمّد بن مسعود ، قال : حدّثني محمّد بن نصير ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى 1 ، كتب إليه في قوم يتكلّمون ويقرؤون أحاديث ينسبونها إليك وإلى آبائك فيها ما تشمئزّ فيها القلوب ، ولا يجوز لنا ردّها إذا كانوا يروون عن آبائك ، ولا قبولها لما فيها ، وينسبون الأرض إلى قوم يذكرون أنّهم من مواليك ، وهو رجل يقال له : عليّ بن حسكة 2 ، وآخر يقال له : القاسم اليقطينيّ .
.
ص: 428
من أقاويلهم : إنّهم يقولون : إنّ قول اللّه تعالى : « إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِوَ الْمُنكَرِ» (1) معناها رجل ، لا سجود ولا ركوع ، وكذلك الزكاة معناها ذلك الرجل لا عدد درهم ولا إخراج مال ، وأشياء من الفرائض والسنن والمعاصي تأوّلوها وصيّروها على هذا الحدّ الّذي ذكرت . فإن رأيت أن تبيّن لنا وأن تمنّ على مواليك بما فيه السلامة لمواليك ونجاتهم من هذه الأقاويل الّتي تخرجهم إلى الهلاك . فكتب عليه السلام :لَيسَ هَذا دِينَنَا فَاعتَزِلهُ . (2)
136كتابه عليه السلام إلى إبراهيم بن شَيبَةوجدت بخطّ جبريل بن أحمد الفاريابيّ : حدّثني موسى بن جعفر بن وهب ، عن إبراهيم بن شيبة (3) ، قال : كتبتُ إليه : جُعلت فداك ، إنّ عندنا قوماً يختلفون في معرفة فضلكم بأقاويل مختلفة تشمئزّ منها القلوب وتضيق لها الصدور ، ويروون في ذلك الأحاديث لا يجوز لنا الإقرار بها ؛ لما فيها من القول العظيم ، ولا يجوز ردّها ولا
.
ص: 429
الجحود لها إذا نُسبت إلى آبائك ، فنحن وقوف عليها ، من ذلك أنّهم يقولون ويتأوّلون في معنى قول اللّه عز و جل : «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَ الْمُنكَرِ» (1) ، وقوله عز و جل : «وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ ءَاتُوا الزَّكَاةَ » (2) معناها رجل ، لا ركوع ولا سجود ، وكذلك الزكاة معناها ذلك الرجل لا عدد دراهم ولا إخراج مال ، وأشياء تشبهها من الفرائض والسنن والمعاصي ، تأوّلوها وصيّروها على هذا الحدّ الّذي ذكرت لك ، فإن رأيت أن تمنّ على مواليك بما فيه سلامتهم ونجاتهم من الأقاويل الّتي تصيّرهم إلى العطب والهلاك ، والّذين ادّعوا هذه الأشياء ادّعوا أنّهم أولياء ، ودعوا إلى طاعتهم ، منهم عليّ بن حسكة والقاسم اليقطينيّ ، فما تقول في القبول منهم جميعا ؟ فكتب عليه السلام :لَيسَ هَذا دِينَنَا فَاعتَزِلهُ . (3)
137كتابه عليه السلام في أحمد بن هلال العَبرَتائيّعليّ بن محمّد بن قُتيبة قال : حدّثني أبو حامد أحمد بن إبراهيم المَراغيّ ، قال : ورد على القاسم بن العلاء 4 نسخة ما خرج من لعن ابن هلال ، وكان ابتداء ذلك أن كتَب عليه السلام إلى قُوّامه بالعراق :احذَرُوا الصُّوفِيَّ المُتَصَنِّعَ .
قال : وكان من شأن أحمد بن هلال أنّه قد كان حجّ أربعاً وخمسين حجّةً ، عشرون منها على قدميه ، قال : وكان رواة أصحابنا بالعراق لقوه وكتبوا منه فأنكروا
.
ص: 430
ما ورد في مذمّته ، فحملوا القاسم بن العلاء على أن يُراجع في أمره ، فخرج إليه :وَقَد كانَ أمرُنا نَفَذَ إلَيكَ في المُتَصَنِّعِ ابنِ هِلالٍ لا رَحِمَهُ اللّهُ بِمَا قَد عَلِمتَ ، لا غَفَرَ اللّهُ لَهُ ذَنبَهُ ، وَلا أَقَالَهُ عَثرَتَهُ ، دَخَلَ فِي أَمرِنَا بِلا إِذنٍ مِنَّا وَلا رِضىً ، يَستَبِدَّ بِرَأيِهِ ، فَيتحَامِىَ مِن دُيُونِنا ، لا يُمضِي مِن أَمرِنَا إِيَّاهُ إِلّا بِمَا يَهوَاهُ وَيُرِيدُ ، أَردَاهُ اللّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، فَصَبَرنَا عَلَيهِ حَتَّى بَتَرَ اللّهُ بِدَعوَتِنَا عُمُرَهُ ، وَكُنَّا قَد عَرَّفَنَا خَبَرَهُ قَوماً مِن مُوَالِينَا فِي أَيَّامَهُ لا رَحِمَهُ اللّهُ ، وَأَمَرنَاهُم بِإِلقَاءِ ذَلِكَ إِلَى الخَاصِّ مِن مَوَالِينَا ، وَنَحنُ نَبرَأُ إِلَى اللّهِ مِنِ ابنِ هِلالٍ لا رَحِمَهُ اللّهُ وَمِمَّن لا يَبرَأُ مِنه . وَأَعلِمِ الإِسحَاقِيَّ سَلَّمَهُ اللّهُ وَأَهلَ بَيتِهِ مِمَّا أَعلَمنَاكَ مِن حالِ هَذَا الفَاجِرِ ، وَجَمِيعَ مَن كَانَ سَأَلَكَ وَيَسأَل_ُكَ عَنهُ مِن أَهلِ بَلَدِهِ وَالخَارِجِينَ وَمَن كَانَ يَستَحِقُّ أَن يَطَّلِعَ عَلَى ذَلِكَ ، فإنّه لا عُذرَ لأَحَدٍ مِن مَوَالِينَا فِي التَّشكِيكِ فِيمَا يُؤَدِّيهِ عَنَّا ثِقَاتُنَا ، قَد عَرَفُوا بِأَنَّنَا نُفَاوِضُهُم سِرَّنَا وَنَحمِلُهُ إِيَّاهُ إِلَيهِم ، وَعَرَفنَا مَا يَكُونُ مِن ذَلِكَ إِن شَاءَ اللّهُ . (1)
138كتابه عليه السلام في الدهقانقال أبو حامد 2 : فثَبَت قومٌ على إنكار ما خرج فيه فعاودوه فيه ؟ فخرج :
.
ص: 431
لا شَكَرَ اللّهُ قَدرَهُ ، لَم يَدَعِ المَرء رَبَّه بِأَلَا يُزِيغَ قَلبَهُ بَعدَ أَن هَدَاهُ ، وَأَن يَجعَلَ مَا مَنَّ بِهِ عَلَيهِ مُستَقَرّاً وَلا يَجعَلَهُ مُستَودَعاً ، وَقَد عَلِمتُم مَا كَانَ مِن أَمرِ الدِّهقَانِ (1) عَلَيهِ لَعنَةُ اللّهِ وَخِدمَتِهِ وَطُولِ صُحبَتِهِ ، فَأَبدَلَهُ اللّهُ بِالإِيمَانِ كُفراً حِينَ فَعَلَ مَا فَعَلَ ، فَعَاجَلَهُ اللّهُ بِالنَّقِمَةِ وَلَم يُمهِلهُ ، وَالحَمدُ للّهِ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلَى مُحمَّدٍ وَآلِه وَسَلَّم . (2) وآخر دعوانا : « سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ » (3) .
.
ص: 432
. .
ص: 433
الفهرس التفصيلي
.
ص: 434
. .
ص: 435
. .
ص: 436
. .
ص: 437
. .
ص: 438
. .
ص: 439
. .
ص: 440
. .
ص: 441
. .
ص: 442
. .
ص: 443
. .
ص: 444
. .
ص: 445
. .
ص: 446
. .
ص: 447
. .
ص: 448
. .
ص: 449
. .
ص: 450
. .
ص: 451
. .
ص: 452
. .
ص: 453
. .