موسوعه الامام علي بن ابي طالب في الكتاب و السنه و التاريخ المجلد 6

اشارة

سرشناسه : محمدي ري شهري، محمد، 1325 -

عنوان و نام پديدآور : موسوعه الامام علي بن ابي طالب في الكتاب و السنه و التاريخ/ محمد الري شهري، بمساعده محمدكاظم طباطبائي، محمود طباطبائي نژاد؛ مراجعه النهايه حيدر المسجدي، مجتبي الغيوري.

مشخصات نشر : قم: موسسه دارالحديث العلميه والثقافيه، مركز للطباعه والنشر، 1421ق.= 1379.

مشخصات ظاهري : 8 ج.

فروست : مركز بحوث دا رالحديث؛ 16.

شابك : 300000 ريال: دوره 964-493-216-1 : ؛ ج.1 964-493-217-X : ؛ ج.2 964-493-218-8 : ؛ ج. 3، چاپ دوم 964-493-219-6 : ؛ ج.4 964-493-220-X : ؛ ج. 6، چاپ دوم 964-493-222-6 : ؛ ج.7، چاپ دوم 964-493-223-4 : ؛ 22000ريال: ج.12 964-5985-89-7 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرستنويسي بر اساس جلد دوم: 1427ق. = 1385.

يادداشت : چاپ دوم.

يادداشت : ج.1، 3، 4، 6 و 7 (چاپ دوم: 1427ق. = 1385).

يادداشت : ج.4 (چاپ؟: 1427ق.= 1385).

يادداشت : ج.12(چاپ اول: 1421ق.=1379).

يادداشت : كتابنامه.

موضوع : علي بن ابي طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق -- اثبات خلافت

موضوع : علي بن ابي طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- اصحاب

موضوع : علي بن ابي طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- فضايل

شناسه افزوده : طباطبائي، سيدمحمدكاظم، 1344 -

شناسه افزوده : طباطبايي، محمود، 1239 - 1319ق.

شناسه افزوده : مسجدي، حيدر

شناسه افزوده : غيوري،سيد مجتبي، 1350 -

رده بندي كنگره : BP37/م36م8 1379

رده بندي ديويي : 297/951

شماره كتابشناسي ملي : 1670645

ص: 1

اشاره

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

ص: 7

القسم الحادي عشر : علوم الإمام عليّ عليه السلام

اشاره

القسم الحادي عشر : علوم الإمام عليّوفيه فصول :الفصل الأوّل : التعلّم في مدرسة النبيّالفصل الثاني : المنزلة العلميّةالفصل الثالث : أنواع علومهالفصل الرابع : قبسات من علمه

.

ص: 8

المدخليختصّ هذا القسم بدراسة المدى الذي يَترامى على أطرافه علم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ؛ إذ يتوفّر من جهة على متابعة الجهود النبويّة الحثيثة التي بذلها رسول اللّه صلى الله عليه و آله في تنشئة الإمام معرفيّاً وإعداده علميّاً ، كما يومئ من جهة اُخرى إلى الاستعداد العظيم الذي كان يتحلّى به الإمام وسعته الوجوديّة وما بذله في التعلّم من رسول اللّه صلى الله عليه و آله والتلقّي منه ، ومن ثمّ يكشف بالضرورة عن الموقع الشاهق الذي يحظى به الإمام علميّاً وهيمنته المذهلة على العلوم . إنّ متابعة هذا المسار ، والتأمّل في فصول القسم الحادي عشر يجذب الباحث بقوّة إلى علم الإمام ، ويدفعه بشوق كي يطلّ على قبسات من علومه الممتدّة ، ويطمح ببصره تلقاء رشفات من بحره الزخّار . من هنا جاء هذا القسم وهو يشتمل على قبسات من علمه كاستجابة طبيعيّة لذلك التطلّع ، كما يظهر ذلك جليّاً من التدقيق في الفصول التي تنتظم القسم. مع ذلك ليست هذه الجولة سوى غيض من فيض ، وإن هي إلّا إضمامة متواضعة على هذا السبيل ، وهي جهد المقلّ في بيانِ محضِ أمثلةٍ من ينبوع العلم العلوي ، كما نؤكّد أنّه لايمثّل إلّا شطراً ضئيلاً ممّا وصلَنا من المعرفة العلويّة ، على أنّ ما وصلنا لايمثّل بدوره سوى شطر ضئيل أيضاً ممّا بادر إلى بيانه الإمام، وأعلنه على الاُمّة ، ثمّ ضاع ولم يصلنا خبره أو مادّته وأثره لعوامل متعدّدة ذُكرت في مظانّها.

.

ص: 9

المدخل

عجيب هو علم الإمام ، يُثير التأمّل في مدياته الممتدّة الذهول والحيرى . إذا رام القلم أن يخطّ من هذا العلم حقيقة واحدة سرعان ما يتراءى أمامه بحر زخّار تتدافع أمواجه ، وتتباعد المسافة بين شُطّانه حتى تبلغ المدى الأقصى . بحر لا ينزف هو علم الإمام ، تتراكب أمواجه موج فوقه موج ، شواطئ ممتدّة على الاُفق دون نهاية ، وقعر ليس له قرار . أنّى للقلم أن يرقى إلى بيان علمه وهو «باب علم» النبيّ و«حكمته» ، وأنّى للكلمات أن تتسلّق إلى ذراه وهو «خزانة علم النبيّ» وجميع النبيّين . ثمّ كيف يقدر القلم أن يواكب علم عليّ عليه السلام ، وفي مدى هذا العلم اجتمعت جميع العلوم القرآنيّة ، والمعارف الدينيّة ، وعلم المنايا والبلايا ؛ وقد كان صاحب العلم ينظر إلى الماضي والحاضر كما ينظر إلى الذي بين يديه ، يتبدّى له كما تتبدّى الشمس في رابعة النهار ! «عِلْمُ الْكِتَ_بِ» (1) كلّه كان عند عليّ بن أبي طالب عليه السلام بنصّ الروايات ، ولم يكن عند آصف بن برخيّا من هذا العلم إلّا شيئاً منه «عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَ_بِ» (2) وقد استطاع أن يُحضِر عرش بلقيس عند سليمان عليه السلام من مسافة بعيدة بأقلّ من طرفة عين . وعندئذٍ ينبغي التأمّل ببصيرة وفكر في هذا العلم «علم من الكتاب» مقارنة بذلك العلم «علم الكتاب» لنتصوّر الفارق بين الاثنين ، وفيما إذا كان بمقدور الكلمات والصفحات والأقلام أن ترقى إلى بيان علم عليّ عليه السلام مهما بلغت ، أو تومئ إلى أبعاده ! كان علم الإمام من السعة بحيث أنّ شعاعاً واحداً منه لو تبلّج لكان حريّاً أن يُبهر

.


1- .الرعد : 43 .
2- .النمل : 40 .

ص: 10

العقول ، ويأخذ بمجامع النفوس ، ويبعث برعشةٍ راحت تسري في الأجساد ، وذلك قوله عليه السلام : «اندَمَجتُ عَلى مَكنونِ عِلمٍ لَو بُحتُ بِهِ لَاضطَرَبتُمُ اضطِرابَ الأَرشِيَةِ فِي الطَّوِيِّ البَعيدَةِ» (1) . لقد برقت عن ينبوع الإمام المعرفي ومكنون علمه ومضات علميّة ومعرفيّة صدرت قبل أربعة عشر قرناً استجابة لمتطلّبات ذلك العصر وتلبية لحاجات الموقف إليها _ لا أنّها صدرت بدافع الواقع ونفس الأمر _ راحت تُلقي أضواءً على بداية الخليقة وانبثاق الوجود ، وخلق الملائكة ، وخلق السماوات والأرضين ، والإنسان ، والحيوان ، وأعطت رؤىً مكثّفة في المجتمع ، وعلم النفس ، والتاريخ ، والأدب ، وأبدت إشارات في الفيزياء ، وعلم الأرض «الجيولوجيا» ممّا لا يزال يتّسم بالجدة والحداثة لدى العلماء المعاصرين رغم التطوّر والتكامل . مَن تكون هذه أثارة من علمه وقبضة من معرفته ، كيف يمكن تحديد أبعاد علمه ، والوقوف على مكنون معرفته؟ وهل يمكن تحرّي جميع الجوانب ، ومعرفة كافّة الزوايا في علم إنسانٍ وقف يصدع بعلوّ قامته ، ويهتف بصلابة ورسوخ : «سَلُوني قَبلَ أن تَفقِدُوني» (2) ، ثمّ لم يعجز عن جواب سؤال قطّ ، ولم يسجّل التاريخ مثيلاً لهذه الظاهرة ، ولم تعرف الإنسانيّة في ماضيها وحاضرها من نطق بمثل هذه المقالة أبداً . هالة من الغموض كانت ولا تزال تكتنف علم عليّ ومداه ، ولا غرو فهذا رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : «ما عَرَفَ اللّهَ حَقَّ مَعرِفَتِهِ غَيري وغَيرُكَ ، وَما عَرَفَكَ حَقَّ مَعرِفَتِكَ غَيرُ اللّهِ وغَيري» (3) . إنّ القلم ليعجز ، وتنكفئ الكلمات ، ولن يكون أمام المرء مهما بلغت كفاءته إلا

.


1- .راجع : ج 2 ص 52 (وعي الإمام في مواجهة الفِتنة) .
2- .راجع : ج 3 ص 609 (المارقون من وجهة نظر الإمام) .
3- .راجع : ج 4 ص 514 (ما عرفه إلّا اللّه وأنا) .

ص: 11

الاعتراف بالعجز أمام هذه الظاهرة المدهشة. على هذا يتحتّم على الإنسان أن يكون كالمتنبّي في الإفصاح عن عجزه في بيان أبعاد المعرفة العلويّة ، حيث يكون الصمت في مثل هذا المشهد أبلغ من أيّ نطق (1) . ومن ثمَّ ما أحرانا أن نرفع الأقلام صوب ساحته الغرّاء فنمسك عن الكتابة لنصغي إليه وننصت له بأدب ، عساه يُفيض بشيء قليل ممّا عنده ، ويُبدي قطرة من بحر علومه الزخّار ، وينشر وميضاً من مكنون حقائقه.

.


1- .راجع : ج 5 ص 133 (المتنبّي) .

ص: 12

. .

ص: 13

الفصل الأوّل : التعلّم في مدرسة النبيّ

1 / 1 شِدّة اهتمام النّبيّ بتعليمه

الفصل الأوّل : التعلّم في مدرسة النبيّ1 / 1شِدَّةُ اهتِمامِ النَّبِيِّ بِتَعليمِهِ* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في صفة النبيّ صلىالإمام عليّ عليه السلام :كُنتُ إذا سَأَلتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أعطاني ، وإذا سَكَتُّ ابتَدَأَني (1) .* وعنه صلى الله عليه و آله :الطبقات الكبرى عن محمّد بن عمر بن عليّ عليه السلام :قيلَ لِعَلِيٍّ عليه السلام : ما لَكَ أكثَرُ أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله حَديثا ؟

فَقالَ : إنّي كُنتُ إذا سَأَلتُهُ أنبَأَني ، وإذا سَكَتُّ ابتَدَأَني (2) .زين : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الاستسالإمام عليّ عليه السلام :كُنتُ إذا سَأَلتُهُ [ صلى الله عليه و آله ] أجابَني ، وإذا سَكَتُّ عَنهُ وفَنِيَت مَسائِلِي ابتَدَأَني (3) .

.


1- .سنن الترمذي : ج5 ص637 ح3722 عن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عمرو بن هند الحبلي و ص640 ح3729 ، المستدرك على الصحيحين : ج3 ص135 ح4630 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ص221 ح119 ، المصنّف لابن أبي شيبة : ج7 ص495 ح7 ، اُسد الغابة : ج4 ص104 ح3789 ، تاريخ دمشق : ج42 ص377 ؛ الأمالي للصدوق : ص315 ح365 كلّها عن عبد اللّه بن عمرو بن هند ، غرر الحكم : ح3779 وح7236 وفيه «أمسكت» بدل «سكتّ» .
2- .الطبقات الكبرى : ج2 ص338 ، أنساب الأشراف : ج2 ص351 ، تاريخ دمشق : ج42 ص378 ، الصواعق المحرقة : ص123 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص45 .
3- .الكافي : ج1 ص64 ح1 ، الخصال : ص257 ح131 ، تحف العقول : ص196 ، الاعتقادات : ص121 ، الغيبة للنعماني : ص80 ح10 وفيه «ابتدأت» بدل «سألته» ، المسترشد : ص235 ح67 ، بصائر الدرجات : ص198 ح3 كلّها عن سليم بن قيس .

ص: 14

* وعنه عليه السلام في المهديّ عليه السلام :الطبقات الكبرى عن أبي البَختَريّ :أتَينا عَلِيّا . . . قُلنا : فَأَخبِرنا عَن نَفسِكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ .

قالَ : إيّاها أرَدتُم ! كُنتُ إذا سَأَلتُ اُعطيتُ ، وإذا سَكَتُّ ابتُدِئتُ (1) .* ومنه في أميرالمؤمنين عليه السلام في حُنين :الإمام عليّ عليه السلام :ولَيسَ كُلُّ أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مَن كان يَسأَلُهُ ويَستَفهِمُهُ ، حَتّى إن كانوا لَيُحِبّونَ أن يَجيءَ الأَعرابيُّ وَالطّارِئُ ، فَيَسأَلَهُ عليه السلام حَتّى يَسمَعوا ، وكانَ لا يَمُرُّ بي مِن ذلِكَ شَيءٌ إلّا سَأَلتُهُ عَنهُ وحَفِظتُهُ (2) .* وفي الحديث القدسي :التوحيد عن الأَصبَغ بن نُباتَة :لَمّا جَلَسَ عَلِيٌّ عليه السلام فِي الخِلافَةِ وبايَعَهُ النّاسُ خَرَجَ إلَى المَسجِدِ مُتَعَمِّما بِعِمامَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله لابِسا بُردَةَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، مُنتَعِلاً نَعلَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، مُتَقَلِّدا سَيفَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَصَعِدَ المِنبَرَ فَجَلَسَ عَلَيهِ مُتَمَكِّنا ، ثُمَّ شَبَّكَ بَينَ أصابِعِهِ فَوَضَعَها أسفَلَ بَطنِهِ ، ثُمَّ قالَ :

يا مَعشَرَ النّاسِ سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، هذا سَفَطُ العِلمِ ، هذا لُعابُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، هذا مازَقَّني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله زَقّا زَقّا ، سَلوني فَإِنَّ عِندي عِلمَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ (3) .زيل : في الحديث القدسي :الإمام عليّ عليه السلام_ بَعدَ إخبارِهِ لِحَوادِثَ آتِيَةٍ ، فَقالَ لَهُ بَعضُ أصحابِهِ : لَقَد اُعطيتَ يا .


1- .الطبقات الكبرى : ج2 ص346 ، المصنّف لابن أبي شيبة : ج7 ص495 ح6 ، المعجم الكبير : ج6 ص214 ح6042 ، تهذيب الكمال : ج33 ص236 ص7305 كلاهما عن زاذان ، خصائص أميرالمؤمنين للنسائي : ص223 ح120 ، حلية الأولياء : ج1 ص68 ، تاريخ دمشق : ج42 ص377 ، كنز العمّال : ج13 ص128 ح36406 نقلاً عن المستدرك على الصحيحين عن هبيرة نحوه ؛ الأمالي للصدوق : ص324 ح377 عن المسيّب بن نجبة ، الغارات : ج1 ص178 عن أبي عمرو الكندي ، الاحتجاج : ج1 ص616 ح139 عن الأصبغ بن نباتة ، شرح الأخبار : ج2 ص202 ح532 عن سلمان .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 210، الاحتجاج: ج1 ص631 ح146 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عنه عليهماالسلام.
3- .التوحيد : ص305 ح1 ، الأمالي للصدوق : ص422 ح560 ، الاحتجاج : ج1 ص609 ح138 ؛ المناقب للخوارزمي : ص91 ح85 ، فرائد السمطين : ج1 ص341 ح263 كلاهما عن أبي البختري نحوه .

ص: 15

زيل : في الحديث القدسي :أميرَ المُؤمِنينَ عِلمَ الغَيبِ ! فَضَحِكَ عليه السلام ، وقالَ لِلرَّجُلِ ، وكانَ كَلبِيّا _:

يا أخا كَلبٍ ، لَيسَ هُوَ بِعِلمِ غَيبٍ ، وإنَّما هُوَ تَعَلُّمٌ مِن ذي عِلمٍ وإنَّما عِلمُ الغَيبِ عِلمُ السّاعَةِ ، وما عَدَّدَهُ اللّهُ سُبحانَهُ بِقَولِهِ «إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ مَا فِى الْأَرْحَامِ وَ مَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَ مَا تَدْرِى نَفْسُم بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ» الآية (1) فَيَعلَمُ اللّهُ سُبحانَهُ ما فِي الأَرحامِ مِن ذَكَرٍ أو اُنثى ، وقَبيحٍ أو جَميلٍ ، وسَخِيٍّ أو بَخيلٍ ، وشَقِيٍّ أو سَعيدٍ ، ومَن يَكونُ فِي النّارِ حَطَبا ، أو فِي الجِنانِ لِلنَّبيّينَ مُرافِقا .

فَهذا عِلمُ الغَيبِ الَّذي لا يَعلَمُهُ أحَدٌ إلَا اللّهُ ، وما سِوى ذلِكَ فَعِلمٌ عَلَّمَهُ اللّهُ نَبِيَّهُ فَعَلَّمَنيهِ ، ودَعا لي بِأَن يَعِيَهُ صَدري ، وتَضطَمَّ (2) عَلَيهِ جَوانِحي (3) .زيق : في الخبر :الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ عِلمَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام مِن عِلمِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَعَلِمناهُ نَحنُ فيما عَلِمناهُ ، فَاللّهَ فَاعبُد وإيّاهُ فَارجُ (4) .* وعنه عليه السلام في الطاووس :المناقب لابن المغازليّ عن اُمّ سَلَمَةَ :كانَ جَبرَئيلُ يُمِلُّ عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ورَسولُ اللّهِ يُمِلُّ عَلى عَلِيٍّ (5) .راجع : ص 49 (علم القرآن) و كتاب «أهل البيت في الكتاب والسنّة» : ص 211 (مبادئ علومهم) .

.


1- .لقمان : 34 .
2- .الاضطمام : من الضمّ ، اضطممتُ الشيء : ضممته إلى نفسي (لسان العرب : ج12 ص358) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 128 .
4- .الاختصاص : ص279 ، بصائر الدرجات : ص295 ح1 كلاهما عن أبي يعقوب الأحول والأخير من دون إسنادٍ إلى المعصوم .
5- .المناقب لابن المغازلي : ص253 ح302 .

ص: 16

1 / 2 ساعة خاصّة لتعليمه

1 / 2ساعَةٌ خاصَّةٌ لِتَعليمِهِ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :كانَت لي ساعَةٌ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِنَ اللَّيلِ يَنفَعُنِي اللّهُ عَزَّ وجَلَّ بِما شاءَ أن يَنفَعَني بِها (1) .* ومنه عن أبي بكر :عنه عليه السلام :كانَت لي ساعَةٌ فِي السَّحَرِ أدخُلُ فيها عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَإِن كانَ قائِما يُصَلّي سَبَّحَ بي ، فَكانَ ذاكَ إذنَهُ لي ، وإن لَم يَكُن يُصَلّي أذِنَ لي (2) .زيغ : عن موسى بن جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :كانَت لي مَنزِلَةٌ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَم تَكُن لِأَحَدٍ مِنَ الخَلائِقِ ، فَكُنتُ آتيهِ كُلَّ سَحَرٍ ، فَأَقولُ : السَّلامُ عَلَيكَ يا نَبِيَّ اللّهِ ! فَإِن تَنَحنَحَ انصَرَفتُ إلى أهلي ، وإلّا دَخَلتُ عَلَيهِ (3) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: ولَقَد عَلِمتُم أنّي كانَ لي مِنهُ [ صلى الله عليه و آله ]مَجلِسُ سِرٍّ لا يَطَّلِعُ عَلَيهِ غَيري (4) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الشيعة :عنه عليه السلام :كانَ لي مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مَدخَلانِ : مَدخَلٌ بِاللَّيلِ ، ومَدخَلٌ بِالنَّهارِ ، فَكُنتُ إذا أتَيتُهُ وهُوَ يُصَلّي ، يَتَنَحنَحُ لي (5) .

.


1- .مسند ابن حنبل : ج1 ص317 ح1289 عن عبد اللّه بن نجي .
2- .مسند ابن حنبل : ج1 ص167 ح570 عن عبد اللّه بن نجي و ص172 ح598 عن القاسم بن أبي اُمامة نحوه ، السنن الكبرى : ج2 ص351 ح3339 و ح3340 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ص219 ح115 و ح116 والأربعة الأخيرة عن عبد اللّه بن نجي و ص217 ح114 عن نجي نحوه .
3- .سنن النسائي : ج3 ص12 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ص220 ح118 ، مسند ابن حنبل : ج1 ص184 ح647 نحوه وكلّها عن نجي .
4- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص316 ح625 .
5- .سنن ابن ماجة : ج2 ص1222 ح3708 ، مسند ابن حنبل : ج1 ص175 ح608 ، سنن النسائي : ج3 ص12 كلّها عن عبد اللّه بن نجي ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ص220 ح117 عن أبي نجي وفيهما «إذا دخلت بالليل» بدل «إذا أتيته وهو يُصلّي» .

ص: 17

زيد : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :وقَد كُنتُ أدخُلُ عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله كُلَّ يَومٍ دَخلَةً وكُلَّ لَيلَةٍ دَخلَةً ، فَيُخَلّيني فيها أدورُ مَعَهُ حَيثُ دارَ ، وقَد عَلِمَ أصحابُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله أنَّهُ لَم يَصنَع ذلِكَ بِأَحَدٍ مِنَ النّاسِ غَيري ، فَرُبَّما كانَ في بَيتي يَأتيني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله أكثَرُ ذلِكَ في بَيتي ، وكُنتُ إذا دَخَلتُ عَلَيهِ بَعضَ مَنازِلِهِ أخلاني ، وأقامَ عَنّي نِساءَهُ . فلا يَبقى عِندَهُ غَيري .

وإذا أتاني لِلخَلوَةِ مَعي في مَنزِلي لَم تَقُم عَنّي فاطِمَةُ ولا أحَدٌ من بَنِيَّ ، وكُنتُ إذا سَأَلتُهُ أجابَني ، وإذا سَكَتُّ عَنهُ وفَنِيَت مَسائِلِي ابتَدَأَني .

فَما نَزَلَت عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله آيَةٌ مِنَ القُرآنِ إلّا أقرَأَنيها ، وأملاها عَلَيَّ ، فَكَتَبتُها بِخَطّي وعَلَّمَني تَأويلَها وتَفسيرَها ، وناسِخَها ومَنسوخَها ، ومُحكَمَها ومُتشابِهَها ، وخاصَّها وعامَّها ، ودَعَا اللّهَ أن يُعطِيَني فَهمَها وحِفظَها ، فَما نَسيتُ آيَةً مِن كِتابِ اللّهِ ، ولا عِلما أملاهُ عَلَيَّ وكَتَبتُهُ ، مُنذُ دَعَا اللّهَ لي بِما دَعا .

وما تَرَكَ شَيئا عَلَّمَهُ اللّهُ مِن حَلالٍ ولا حَرامٍ ، ولا أمرٍ ولا نَهيٍ ، كانَ أو يَكونُ ، ولا كِتابٍ مُنزَلٍ عَلى أحَدٍ قَبلَهُ مِن طاعَةٍ أو مَعصِيَةٍ ، إلّا عَلَّمَنيهِ وحَفِظتُهُ ، فَلَم أنسَ حَرفا واحِدا .

ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلى صَدري ، ودَعَا اللّهَ لي أن يَملَأَ قَلبي عِلما وفَهما ، وحُكما ونورا ، فَقُلتُ : يا نَبِيَّ اللّهِ ! بِأَبي أنتَ واُمّي ، مُنذُ دَعَوتَ اللّهَ لي بِما دَعَوتَ لَم أنسَ شَيئا ، ولَم يَفُتني شَيءٌ لَم أكتُبهُ ، أفَتَتَخَوَّفُ عَلَيَّ النِّسيانَ فيما بَعدُ ؟

فَقالَ : لا ، لَستُ أتَخَوَّفُ عَلَيكَ النِّسيانَ وَالجَهلَ (1) .راجع : ج 4 ص 624 (أبو سعيد الخدري) ، و ص 625 (أنس بن مالك) .

.


1- .الكافي : ج1 ص64 ح1 ، الخصال : ص257 ح131 ، الغيبة للنعماني : ص80 ح10 ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص624 ح10 كلاهما نحوه وكلّها عن سليم بن قيس .

ص: 18

1 / 3 علّمه ألف باب

1 / 3عَلَّمَهُ ألفَ بابٍزيب : عن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :عَلَّمَني] صلى الله عليه و آله ] ألفَ بابٍ مِنَ العِلمِ ، فَتَحَ لي كُلُّ بابٍ ألفَ بابٍ (1) .* وفي حديث الطفّ :عنه عليه السلام :إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلَّمَني ألفَ بابٍ مِنَ العِلمِ ، يَفتَحُ كُلُّ بابٍ ألفَ بابٍ ، ولَم يُعَلِّم ذلِكَ أحَدا غَيري (2) .* وفي حصن الطائف :الإمام الباقر عليه السلام :إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلَّمَ عَلِيّا عليه السلام ألفَ بابٍ ، يَفتَحُ كُلُّ بابٍ ألفَ بابٍ (3) .* وعن أبي جعفر عليه السلام في العابد :الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلَّمَني ألفَ بابٍ مِنَ الحَلالِ وَالحَرامِ ، ومِمّا كانَ ومِمّا يَكونُ إلى يَومِ القِيامَةِ ، كُلُّ بابٍ مِنها يَفتَحُ ألفَ بابٍ ، فَذلِكَ ألفُ ألفِ بابٍ حَتّى عُلِّمتُ عِلمَ المَنايا وَالبَلايا وفَصلَ الخِطابِ (4)

.راجع : ج 1 ص 405 (وارث علم النبيّ) .

.


1- .الإرشاد : ج1 ص34 ، إعلام الورى : ج1 ص318 كلاهما عن عبد اللّه بن مسعود ، الفصول المختارة : ص106 ، الاختصاص : ص283 ، بصائر الدرجات : ص303 ح6 كلاهما عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام الباقر عنه عليهماالسلام ، الفضائل لابن شاذان : ص87 ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص801 ح30 وفيه «علّمني مفتاح ألف» بدل «علّمني ألف» وكلاهما عن ابن عبّاس و ص912 ح64 عن سليم ، عوالي اللآلي : ج4 ص123 ح207 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص36 ؛ فرائد السمطين : ج1 ص101 ح70 كلاهما عن زيد بن عليّ عن أبيه عن جدّه عنه عليهم السلام ، تاريخ دمشق : ج42 ص385 ح8992 عن عبد اللّه بن عمرو ، البداية والنهاية : ج7 ص360 ، كنز العمّال : ج13 ص114 ح36372 .
2- .الخصال : ص572 ح1 عن مكحول .
3- .الخصال : ص644 ح25 عن سالم بن أبي حفصة و ص645 ح27 عن زرارة وراجع الكافي : ج1 ص296 ح4 والخصال : ص648 ح38 وبصائر الدرجات : ص314 ح5 و ص304 ح8 .
4- .الخصال : ص646 ح30 و ص643 ح22 ، الاختصاص : ص283 و ص305 ، بصائر الدرجات : ص305 ح11 و ص358 ح14 كلّها عن الأصبغ بن نباتة .

ص: 19

1 / 4 علّمه ألف حرف

1 / 5 علّمه ألف كلمة

1 / 4عَلَّمَهُ ألفَ حرَفٍزها : في مناهي النبيّ صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :عَلَّمَني [ صلى الله عليه و آله ] ألفَ حَرفٍ ، الحَرفُ يَفتَحُ ألفَ حَرفٍ (1) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في ولد زنا تركالإمام الباقر عليه السلام :عَلَّمَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلِيّا عليه السلام ألفَ حَرفٍ ، كُلُّ حَرفٍ يَفتَحُ ألفَ حَرفٍ (2) .1 / 5عَلَّمَهُ ألفَ كَلِمَةٍ* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام الباقر عليه السلام :إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله حَدَّثَ عَلِيّا عليه السلام ألفَ كَلِمَةٍ ، كُلُّ كَلِمَةٍ يَفتَحُ ألفَ كَلِمَةٍ ، فَما يَدرِي النّاسُ ما حَدَّثَهُ (3) .زهق : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في أميرالالخصال عن ذَريحِ بن محمّد بن يَزيدَ المُحارِبيّ :سَمِعتُ أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام يَقولُ : نَحنُ وَرَثَةُ الأَنبِياءِ . ثُمَّ قالَ : جَلَّلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلى عَلِيِّ عليه السلام ثَوبا ، ثُمَّ عَلَّمَهُ ألفَ كَلِمَةٍ ، كُلُّ كَلِمَةٍ يَفتَحُ ألفَ كَلِمَةٍ (4) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في صفة الطاووس :الإمام الجواد عليه السلام :عَلَّمَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلِيّا عليه السلام ألفَ كَلِمَةٍ ، كُلُّ كَلِمَةٍ يَفتَحُ ألفَ كَلِمَةٍ (5) .

.


1- .الخصال : ص648 ح40 عن الحارث بن المغيرة ، بصائر الدرجات : ص308 ح6 عن الحارث بن المغيرة وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام .
2- .الكافي : ج1 ص296 ح5 ، الخصال : ص648 ح41 ، الاختصاص : ص284 وليس فيه «كلّ حرف» ، بصائر الدرجات : ص308 ح2 و ح 5 كلّها عن أبي بكر الحضرمي .
3- .الخصال : ص650 ح47 ، بصائر الدرجات : ص310 ح6 وليس فيه ذيله وكلاهما عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح عن الإمام الصادق عليه السلام .
4- .الخصال : ص651 ح49 ، بصائر الدرجات : ص309 ح4 و ص310 ح9 وفيهما «حلل» بدل «جلّل» ، الاُصول الستّة عشر : ص88 نحوه .
5- .الخصال : ص650 ح46 عن عبد اللّه بن المغيرة ، بصائر الدرجات : ص310 ح8 عن الحارث بن المغيرة عن الإمام الباقر عليه السلام .

ص: 20

1 / 6 علّمه ألف حديث

* ومنه عن أبي هاشم العسكريّ :كنز العمّال عن ابن عبّاس :إنّه[ صلى الله عليه و آله ] عَلَّمَهُ[ عليه السلام ] ألفَ ألفِ كَلِمَةٍ ، كُلُّ كَلِمَةٍ تَفتَحُ ألفَ كَلِمَةٍ (1) .1 / 6عَلَّمَهُ ألفَ حَديثٍزهر : في صفته صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :حَدَّثَني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِأَلفِ حَديثٍ ، لِكُلِّ حَديثٍ ألفُ بابٍ (2) .* وفي الخبر :الخصال عن الأَصبَغِ بنِ نُباتَةَ :أمَرَنا أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام بِالمَسيرِ إلَى المَدائِنِ مِنَ الكوفَةِ ، فَسِرنا يَومَ الأَحَدِ ، وتَخَلَّفَ عَمرُو بن حُرَيثٍ في سَبعَةِ نَفَرٍ ، فَخَرَجوا إلى مَكانٍ بِالحيرَةِ (3) يُسَمَّى الخَوَرنَقَ (4) ، فَقالوا : نَتَنَزَّهُ فَإِذا كانَ يَومَ الأَربَعاءِ خَرَجنا فَلَحِقنا عَلِيّا عليه السلام قَبلَ أن يُجَمِّعَ (5) ، فَبَينَما هُم يَتَغَذَّونَ إذ خَرَجَ عَلَيهِم ضَبٌّ فَصادوهُ ، فَأَخَذَهُ عَمرُو بنُ حُرَيثٍ ، فَنَصَبَ كَفَّهُ وقالَ : بايِعوا ، هذا أميرُ المُؤمِنينَ ، فَبايَعَهُ السَّبعَةُ وعَمرٌو ثامِنُهُم .

وَارتَحَلوا لَيلَةَ الأَربَعاءِ فَقَدِمُوا المَدائِنَ يَومَ الجُمُعَةِ ، وأميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام يَخطُبُ ولَم يُفارِق بَعضُهُم بَعضا وكانوا جَميعا حَتّى نَزَلوا عَلى بابِ المَسجِدِ ، فَلَمّا دَخَلوا نَظَرَ إلَيهِم أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ : يا أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أسَرَّ إلَيَّ ألفَ حَديثٍ في كُلِّ حَديثٍ ألفُ بابٍ ، لِكُلِّ بابٍ ألفُ مِفتاحٍ :

.


1- .كنز العمّال : ج13 ص165 ح36500 نقلاً عن الإسماعيلي في معجمه .
2- .الخصال : ص651 ح51 عن الأصبغ بن نباتة و ح52 ، بصائر الدرجات : ص314 ح3 كلاهما عن بكر بن حبيب عن الإمام الباقر عليه السلام و ح4 عن الأصبغ بن نباتة .
3- .الحِيرة : مدينة جاهليّة ، كثيرة الأنهار، وهي عن الكوفة على نحو فرسخ ، وكانت منازل آل النعمان بن المنذر (تقويم البلدان: ص299) .
4- .الخَوَرْنَق : قصر بحيرَة الكوفة، بناه النعمان بن امرئ القيس (تاج العروس : ج13 ص113) .
5- .يجمّع : أي يصلّي ، أو يصلّون صلاة الجمعة (النهاية : ج1 ص297) .

ص: 21

1 / 7 إملاء النّبيّ وكتابة عليٍّ

* وفي الخبر :وإنّي سَمِعتُ اللّهَ جَلَّ جَلالُهُ يَقولُ : «يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاس بِإِمَ_مِهِمْ» (1) وإنّي اُقسِمُ لَكُم بِاللّهِ ، لَيُبعَثَنَّ يَومَ القِيامَةِ ثَمانِيَةُ نَفَرٍ يُدعَونَ بِإِمامِهِم وهُوَ ضَبٌّ ، ولَو شِئتُ أن اُسَمِّيَهُم لَفَعَلتُ !

قالَ : فَلَقَد رَأَيتُ عَمرَو بنَ حُرَيثٍ قَد سَقَطَ كَما تَسقُطُ السَّعَفَةُ حَياءً ولَوما (2)(3) .1 / 7إملاءُ النَّبِيِّ وكِتابَةُ عَلِيٍّ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ كُلَّ آيَةٍ أنزَلَهَا اللّهُ جَلَّ وعَلا عَلى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله عِندي بِإِملاءِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وخَطِّ يَدي ، وتَأويلُ كُلِّ آيَةٍ أنزَلَهَا اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، وكُلُّ حَرامٍ وحَلالٍ ، أو حَدٍّ أو حُكمٍ ، أو شَيءٍ تَحتاجُ إلَيهِ الاُمَّةُ إلى يَومِ القِيامَةِ مَكتوبٌ بِإملاءِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وخَطِّ يَدي ، حَتّى أرشُ الخَدشِ (4) .زهد : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الدّنيا :الإمام الحسن عليه السلام :إنَّ العِلمَ فينا ، ونَحنُ أهلُهُ ، وهُوَ عِندَنا مَجموعٌ كُلُّهُ بِحَذافيرِهِ ، وإنَّهُ لا يَحدُثُ شَيءٌ إلى يَومِ القِيامَةِ حَتّى أرشُ الخَدشِ إلّا وهُوَ عِندَنا مَكتوبٌ بِإِملاءِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وخَطِّ عَلِيٍّ عليه السلام بِيَدِهِ (5) .* وعنه عليه السلام :العِلَل لابن حَنبَل عن عَبد الرّحمن بن أبي لَيلى :سَأَلتُ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ عَن قَولِ عَلِيٍّ فِى

¨

.


1- .الإسراء : 71 .
2- .الخصال : ص644 ح26 ، الاختصاص : ص283 ، بصائر الدرجات : ص306 ح15 .
3- .وردت أحاديث «الألف باب» بطرق مختلفة وبنقول كثيرة ، ومن جملتها ما ورد في الخصال : ص642 _ 652 حيث ذكر فيه أكثر من ثلاثين رواية ، وبصائر الدرجات : ص302 _ 315 وبحار الأنوار : ج40 ص127 _ 151 .
4- .الاحتجاج : ج1 ص356 ح56 ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص657 ح11 كلاهما عن سليم بن قيس .
5- .الاحتجاج : ج2 ص63 ح155 ، العدد القويّة : ص50 ح61 كلاهما عن عبد اللّه بن جعفر ، بحار الأنوار : ج44 ص100 ح9 .

ص: 22

* وعنه عليه السلام :الخِيارِ ، فَدَعا بِرَبعَةٍ (1) ، فَأَخرَجَ مِنها صَحيفَةً صَفراءَ مَكتوبٌ فيها قَولُ عَلِيٍّ فِي الخِيارِ (2) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام الباقر عليه السلام :في كِتابِ عَلِيٍّ عليه السلام كُلُّ شَيءٍ يُحتاجُ إلَيهِ حَتَّى الخَدشُ وَالأَرشُ والهَرشُ (3) .* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام :رجال النجاشي عن عُذافِرٍ الصَّيرفيّ :كُنتُ مَعَ الحَكَمِ بنِ عُتَيبَةَ عِندَ أبي جَعفَرٍ عليه السلام ، فَجَعَلَ يَسأَلُهُ ، وكانَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام لَهُ مُكرِما ، فَاختَلَفا في شَيءٍ ، فَقالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام :

يا بُنَيَّ ، قُم فَأَخرِج كِتابَ عَلِيٍّ عليه السلام .

فَأَخرَجَ كِتابا مَدروجا عَظيما ، فَفَتَحَهُ وجَعَلَ يَنظُرُ حَتّى أخرَجَ المَسأَلَةَ .

فَقالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : هذا خَطُّ عَلِيٍّ عليه السلام وإملاءُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .

وأقبَلَ عَلَى الحَكَمِ وقالَ : يا أبا مُحَمَّدٍ ، اِذهَب أنتَ وسَلَمَةُ وأبُو المِقدامِ حَيثُ شِئتُم يَمينا وشِمالاً ، فَوَاللّهِ لا تَجِدونَ العِلمَ أوثَقَ مِنهُ عِندَ قَومٍ كانَ يَنزِلُ عَلَيهِم جَبرَئيلُ عليه السلام (4) .* ومنه الحديث القدسي :الإمام الباقر عليه السلام :وَجَدنا في كِتابِ عَلِيٍّ عليه السلام : قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إذا مُنِعَتِ الزَّكاةُ مَنَعَتِ الأَرضُ بَرَكاتِها (5) .* وعنه صلى الله عليه و آله :تهذيب الأحكام عن محمّد بن مُسلِم :أقرَأَني أبو جَعفَرٍ عليه السلام صَحيفَةَ كِتابِ الفَرائِضِ الَّتي هى

¨ .


1- .ربعة : إناء مربّع (لسان العرب : ج8 ص107) .
2- .العلل لابن حنبل : ج1 ص346 ح639 .
3- .بصائر الدرجات : ص164 ح5 و ص148 ح6 وفيه «أرش الخدش والأرش» بدل «الخدش والأرش والهرش» وكلاهما عن عبد اللّه بن ميمون عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج26 ص35 ح59 .
4- .رجال النجاشي : ج2 ص261 ح967 .
5- .الكافي : ج3 ص505 ح17 عن أبي حمزة .

ص: 23

* وعنه صلى الله عليه و آله :إملاءُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وخَطُّ عَلِيٍّ عليه السلام بِيَدِهِ ، فَإِذا فيها : إنّ السِّهامَ لا تَعولُ (1) .زوى : عن النّبي صلى الله عليه و آله :الكافي عن أبي الجارود (2) عن الإمام الباقر عليه السلام :الكافي عن أبي الجارود (3) عن الإمام الباقر عليه السلام : إنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليهماالسلام لَمّا حَضَرَهُ الَّذي حَضَرَهُ ، دَعَا ابنَتَهُ الكُبرى فاطِمَةَ بِنتَ الحُسَينِ عليه السلام فَدَفَعَ إلَيها كِتابا مَلفوفا ووَصِيَّةً ظاهِرَةً ، وكانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهماالسلاممَبطونا مَعَهُم لايَرَونَ إلّا أنَّهُ لِما بِهِ ، فَدَفَعَت فاطِمَةُ الكِتابَ إلى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام ، ثُمَّ صارَ واللّهِ ذلِكَ الكِتابُ إلَينا يا زِيادُ .

قالَ : قُلتُ : ما في ذلِكَ الكِتابِ جَعَلَنِي اللّهُ فِداكَ ؟

قالَ : فيهِ وَاللّهِ ما يَحتاجُ إلَيهِ وُلدُ آدَمُ مُنذُ خَلَقَ اللّهُ آدَمَ إلى أن تَفنَى الدُّنيا ، وَاللّهِ إنَّ فيهِ الحُدودِ ، حَتّى إنَّ فيهِ أرشَ الخَدشِ (4) .زون : عن أبي عبداللّه عليه السلام في قُربان قابيلالأمالي للطوسي عن يعقوب بن ميثم التمّار مولى عليّ بن الحسين عليهماالسلام :دَخَلتُ عَلى أبي جَعفَرٍ عليه السلام فَقُلتُ لَهُ : جُعِلتُ فِداكَ يَا بنَ رَسولِ اللّهِ ، إنّي وَجَدتُ فيكُتُبِ أبي أنَّ عَلِيّا عليه السلام قالَ لِأَبي مَيثَمٍ : . . . إنّي سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله وهُوَ يَقولُ : «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّ__لِحَ_تِ أُوْلَ_ئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ» (5) ، ثُمَّ التَفَتَ إلَيَّ وقالَ : هُم وَاللّهِ أنتَ وشيعَتُكَ يا عَلِيُّ ، وميعادُكَ وميعادُهُمُ الحَوضُ غَدا ، غُرّا مُحَجَّلينَ مُكتَحِلينَ مُتَوَّجينَ . فَقالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : هكَذا هُوَ عِياناً في كِتابِ عَلِيٍّ عليه السلام (6) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في التوحيد :الإمام الصادق عليه السلام :دَعا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلِيّا عليه السلام ودَعا بِدَفتَرٍ ، فَأَملى عَلَيهِ رَسولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِما بَطنَهُ 7 . .


1- .تهذيب الأحكام : ج9 ص247 ح959 ، عوالي اللآلي : ج2 ص152 ح424 عن الصادقين عليهماالسلام نحوه .
2- .هو زياد بن المنذر الهمداني الأعمى .
3- .الكافي : ج1 ص303 ح1 ، بصائر الدرجات : ص148 ح9 ، الإمامة والتبصرة : ص197 ح51 .
4- .البيّنة : 7 .
5- .الأمالي للطوسي : ص405 ح909 ، تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص831 ح4 نحوه ، بحار الأنوار : ج68 ص 25 ح46 .
6- .الاختصاص : ص275 عن حنان بن سدير ، بحار الأنوار : ج39 ص152 ح5 .

ص: 24

* وعن لقمان عليه السلام في العدوّ :عنه عليه السلام :إنَّ عِندَنا ما لا نَحتاجُ مَعَهُ إلَى النّاسِ ، وإنَّ النّاسَ لَيَحتاجونَ إلَينا . وإنَّ عِندَنا كِتابا إملاءُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وخَطُّ عَلِيٍّ عليه السلام ، صَحيفَةً فيها كُلُّ حَلالٍ وحَرامٍ (1) .زول : عن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :لَو ثُنِيَت لِيَ الوِسادَةُ وعُرِفَ لي حَقّي لَأَخرَجتُ لَهُم مُصحَفا كَتَبتُهُ وأملاهُ عَلَيَّ رَسولُ اللّهِ (2)

.* وعن عيسى عليه السلام :الكافي عن مُعَلَّى بن خُنَيس :كُنتُ عِندَ أبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام إذ أقبَلَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ (3) فَسَلَّمَ ثُمَّ ذَهَبَ ، فَرَقَّ لَهُ أبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام ودَمَعَت عَيناهُ ، فَقُلتُ لَهُ : لَقَد رَأَيتُكَ صَنَعتَ بِهِ ما لَم تَكُن تَصنَعُ !

قالَ : رَقَقتُ لَهُ لِأَ نَّهُ يُنسَبُ إلى أمرٍ لَيسَ لَهُ ، لَم أجِدهُ في كِتابِ عَلِيٍّ عليه السلام مِن خُلَفاءِ هذِهِ الاُمَّةِ ولا مِن مُلوكِها (4) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام :الكافي عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه :سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَن جَنائِزِ الرِّجالِ وَالنِّساءِ إذَا اجَتَمَعَت ، فَقالَ : يُقَدِّمُ الرِّجالُ في كِتابِ عَلِيٍّ عليه السلام (5) .زوق : في النبيّ صلى الله عليه و آله :أدب الإملاء والاستِملاء عن اُمّ سَلَمَة :دَعا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِأَديمٍ وعَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ رضى الله عنهعِندَهُ ، فَلَم يَزَل رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يُملي وعَلِيٌّ يَكتُبُ حَتّى مَلَأَ بَطنَ الأَديمِ وظَهرَهُ وأكارِعَهُ (6) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمامة والتَّبصِرة عن اُمّ سَلَمَة :أقعَدَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلِيّا عليه السلام في بَيتِهِ ، ثُمَّ دَعا بِجِلدِ شاةٍ ، فَكَتَبَ فيهِ حَتّى أكارِعَهُ (7) . .


1- .الكافي : ج1 ص241 ح6 عن بكر بن كرب الصيرفي .
2- .المناقب لابن شهرآشوب : ج2 ص41 عن جبلة بن سحيم عن أبيه، بحار الأنوار : ج40 ص155.
3- .هو محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام (راجع قاموس الرجال ، طبعة مركز نشر الكتاب : ج8 ص241 ومعجم رجال الحديث : ج16 ص235 ح11083) .
4- .الكافي : ج8 ص395 ح594 ، بصائر الدرجات : ص168 ح1 .
5- .الكافي : ج3 ص175 ح6 ، الاستبصار : ج1 ص472 ح1826 .
6- .أدب الإملاء والاستملاء : ص12 .
7- .الإمامة والتبصرة : ص174 ح28 ، بصائر الدرجات : ص163 ح4 وفيه «ملأ أكارعه» بدل «أكارعه» .

ص: 25

الفصل الثاني : المنزلة العلميّة

2 / 1 باب علم النّبيّ

الفصل الثاني : المنزلة العلميّة2 / 1بابُ عِلمِ النَّبِيِّ* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها ، فَمَن أرادَ العِلمَ فَليَأتِ البابَ (1) .* وعن الصادق عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها ، فَمَن أرادَ المَدينَةَ فَليَأتِ البابَ (2) .

.


1- .المستدرك على الصحيحين : ج3 ص138 ح4639 ، المناقب لابن المغازلي : ص80 ح120 كلاهما عن جابر بن عبد اللّه و ص81 ح121 ، المعجم الكبير : ج11 ص55 ح11061 ، تاريخ بغداد : ج4 ص348 ح2186 و ج 11 ص49 ، تاريخ دمشق : ج42 ص379 ح8977 و ص381 ح8981 ، اُسد الغابة : ج4 ص95 الرقم3789 ، المناقب للخوارزمي : ص83 ح69 والثمانية الأخيرة عن ابن عبّاس ، الاستيعاب : ج3 ص205 الرقم1875 ؛ صحيفة الإمام الرضا عليه السلام : ص123 ح82 عن أحمد بن عامر الطائي عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلامعنه صلى الله عليه و آله ، الاحتجاج : ج1 ص196 ح37 عن أبان عن الإمام الصادق عليه السلام عن عمّار بن ياسر ، شرح الأخبار : ج1 ص 89 ح2 عن ابن عبّاس ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص34 .
2- .المستدرك على الصحيحين : ج3 ص137 ح4637 و ح 4638 ، تاريخ دمشق : ج42 ص379 ح8978 كلّها عن ابن عبّاس و ص383 ح8985 وفيه «الدار» بدل «المدينة» ، تاريخ بغداد : ج2 ص377 ح887 وفيه «البيت» بدل «المدينة» ، الفردوس : ج1 ص44 ح106 والثلاثة الأخيرة عن جابر ، كنز العمّال : ج13 ص148 ح36463 ؛ عيون أخبار الرضا : ج1 ص233 ح1 عن الريّان بن الصلت ، تحف العقول : ص430 كلاهما عن الإمام الرضا عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله ، الفصول المختارة : ص220 ، الصراط المستقيم : ج2 ص19 ، عوالي اللآلي : ج4 ص123 ح205 .

ص: 26

* ومنه عن سعد بن عبداللّه في مناظرته مع أحد النواعنه صلى الله عليه و آله :أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها ، فَمَن أرادَ العِلمَ فَليَأتِ بابَ المَدينَةِ (1) .* ومنه عن إسحاق بن عمّار :عنه صلى الله عليه و آله :أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها ، فَمَن أرادَ البابَ فَليَأتِ عَلِيّا (2) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الدنيا :عنه صلى الله عليه و آله :يا عَلِيُّ ، أنَا مَدينَةُ العِلمِ وأنتَ البابُ ، كَذَبَ مَن زَعَمَ أنَّهُ يَصِلُ إلَى المَدينَةِ إلّا مِنَ البابِ (3) .زور : عن أبي سعيد الخدريّ في أميرالمؤمنين عليه العنه صلى الله عليه و آله :أنَا مَدينَةُ العِلمِ و عَليٌّ بابُها ، ولَن تُدخَلَ المَدينَةُ إلّا مِن بابِها (4) .* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه صلى الله عليه و آله :أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها ، وهَل تُدخَلُ المَدينَةُ إلّا مِن بابِها (5) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها ، فَمَن أرادَ العِلمَ فَليَقتَبِسهُ مِن عَلِيٍّ (6) .* وعنه عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :أنا دارُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها (7) . .


1- .تاريخ دمشق : ج42 ص378 ح8976 ، البداية والنهاية : ج7 ص359 كلاهما عن الصنابحي عن الإمام عليّ عليه السلام .
2- .تاريخ دمشق : ج42 ص380 ح8979 ، تذكرة الحفّاظ : ج4 ص1231 ح1047 ، فرائد السمطين : ج1 ص98 ح67 كلّها عن ابن عبّاس .
3- .المناقب لابن المغازلي : ص85 ح126 ؛ الأمالي للطوسي : ص578 ح1194 ، العمدة: ص294 ح486 كلّها عن محمّدبن عبداللّه اللاحقي عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، الصراط المستقيم : ج2 ص20 ، نهج الإيمان : ص342.
4- .الخصال : ص574 ح1 عن مكحول عن الإمام عليّ عليه السلام ، المجازات النبويّة : ص207 ح166 ، مائة منقبة : ص64 ح18 عن ابن عبّاس وفيه «تؤتى» بدل «تدخل» ، كفاية الأثر : ص184 عن اُمّ سلمة وفيه «وما تؤتى» بدل «لن تدخل» ؛ المناقب لابن المغازلي : ص82 ح122 عن جرير عن الإمام عليّ عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله وفيه «لا تؤتى البيوت إلّا من أبوابها» بدل «لن تدخل . . .» .
5- .التوحيد : ص307 ح1 ، الاختصاص : ص238 ، الأمالي للصدوق : ص425 ح560 كلّها عن الأصبغ بن نباتة عن الإمام الحسن عليه السلام و ص655 ح891 عن الحسن بن راشد عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله ، تفسير فرات : ص265 ح360 عن الإمام عليّ عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله وفيهما «تؤتى» بدل «تدخل» .
6- .الإرشاد : ج1 ص33 عن أبي سعيد الخدري ، بحار الأنوار : ج40 ص203 ح7 .
7- .ذخائر العقبى : ص142 ، الرياض النضرة : ج3 ص159 ، ينابيع المودّة : ج2 ص170 ح482 كلّها عن الإمام عليّ عليه السلام .

ص: 27

2 / 2 باب حكمة النّبيّ

زود : عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :عَلِيٌّ بابُ عِلمي ، ومُبَيِّنٌ لِاُمَّتي ما اُرسِلتُ بِهِ مِن بَعدي (1) .* وعن الرضا عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :أنَا ميزانُ العِلمِ وعَلِيٌّ كَفَّتاهُ (2) .راجع : ج 4 ص 466 (باب الجنّة) .

2 / 2بابُ حِكمَةِ النَّبِيِّ* وسُئِل أبو عبداللّه عليه السلام قوله تعالى :رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أنَا مَدينَةُ الحِكمَةِ وعَلِيٌّ بابُها ، فَمَن أرادَ الحِكمَةَ فَليَأتِ البابَ (3) .زنم : عن أميرالمؤمنين عليه السلام لجويريّة :عنه صلى الله عليه و آله :أنَا مَدينَةُ الحِكَمِ _ أوِ الحِكمَةِ _ وعَلِيٌّ بابُها ، فَمَن أرادَ المَدينَةَ فَليَأتِ بابَها (4) .* ومنه في حديث آخر عن النبيّ صلى الله عليه و آلهعنه صلى الله عليه و آله :مَعاشِرَ النّاسِ ! أنَا مَدينَةُ الحِكمَةِ وعَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ بابُها ، ولَن تُؤتَى المَدينَةُ إلّا مِن قِبَلَ البابِ (5) .زنق : في الحديث القدسيّ في الجنّة :عنه صلى الله عليه و آله :يا عَلِيُّ ، أنا مَدينَةُ الحِكمَةِ وأنتَ بابُها ، فَمَن أتَى المَدينَةَ مِن البابِ وَصَلَ (6) .

.


1- .الفردوس : ج3 ص65 ح4181 عن أبي ذرّ ، ينابيع المودّة : ج2 ص240 ح672 عن أبي الدرداء ، كنز العمّال : ج 11 ص614 ح32981 ؛ كنز الفوائد : ج2 ص67 ، كشف اليقين : ص261 ح289 كلاهما عن أبي ذرّ ، بحار الأنوار : ج40 ص76 ح112 .
2- .الفردوس : ج1 ص44 ح107 عن ابن عبّاس ، ينابيع المودّة : ج2 ص242 ح679 عن عبد اللّه ؛ الفضائل لابن شاذان : ص130 عن أنس بن مالك والزبير بن العوّام ، تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص105 ح10 عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله ، بحار الأنوار : ج23 ص139 ح87 .
3- .تاريخ بغداد : ج11 ص204 ح5098 ، المناقب لابن المغازلي : ص86 ح128 كلاهما عن ابن عبّاس ؛ الأمالي للطوسي : ص483 ح1055 عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، عوالي اللآلي : ج4 ص123 ح206 .
4- .تاريخ دمشق : ج42 ص382 ح8984 عن جابر بن عبد اللّه ؛ الأمالي للصدوق : ص619 ح843 ، بشارة المصطفى : ص230 كلاهما عن الريّان بن الصلت عن الإمام الرضا عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله .
5- .الأمالي للصدوق : ص188 ح197 عن عبد اللّه بن الفضل الهاشمي عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلامو ص342 ح408 ، كمال الدين : ص241 ح65 كلاهما عن ابن عبّاس ، بشارة المصطفى : ص24 عن عبد اللّه بن الفضل الهاشمي عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلامعنه صلى الله عليه و آله ، روضة الواعظين : ص116 .
6- .تفسير فرات : ص64 ح29 عن عليّ بن سالم الأنصاري والحسين بن أبي العلاء وعاصم عن الإمام الصادق عليه السلام .

ص: 28

2 / 3 خازن علم النّبيّ

* وفي القرآن :عنه صلى الله عليه و آله :أنَا مَدينَةُ الحِكمَةِ وهِيَ الجَنَّةُ ، وأنتَ يا عَلِيُّ بابُها ، فَكَيفَ يَهتَدِي المُهتَدي إلَى الجَنَّةِ ؟ ! ولا يَهتَدي إلَيها إلّا مِن بابِها (1) .زندق : في الحديث :عنه صلى الله عليه و آله :أنَا دارُ الحِكمَةِ وعَلِيٌّ بابُها (2) .* وعن بحيراء للنبيّ صلى الله عليه و آله :عنه صلى الله عليه و آله :معاشِرَ النّاسِ ، أنَا دارُ الحِكمَةِ وعَلِيٌّ مِفتاحُها ، ولَن يوصَلَ إلَى الدّارِ إلّا بِالمِفتاحِ ، وكَذَبَ مَن زَعَمَ أنَّهُ يُحِبُّني ويُبغِضُ عَلِيّا (3) .* ومنه زيارة العسكري عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :أنَا ميزانُ الحِكمَةِ وعَلِيٌّ لِسانُهُ (4) .2 / 3خازِنُ عِلمِ النَّبِيِّزنأ : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :رسول اللّه صلى الله عليه و آله :معاشِرَ النّاسِ ، منَ سَرَّهُ أن يَتَوالى وِلايَةَ اللّهِ فَليَقتَدِ بِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، فَإِنَّهُ خِزانَةُ عِلمي (5) .زمهر : في الحديث القدسي :عنه صلى الله عليه و آله_ لِعَلِيٍّ عليه السلام _: إنّي لَم أسأَلِ اللّهَ شَيئا إلّا أعطانيهِ . . . وسَأَلتُهُ أن يَجعَلَكَ وَصِيّي ووارِثي وخازِنَ عِلمي ، فَفَعَلَ (6) .

.


1- .الأمالي للصدوق : ص472 ح632 ، الأمالي للطوسي : ص431 ح964 كلاهما عن جابر عن الإمام الباقر عن آبائه عليهم السلام ، مائة منقبة : ص148 ح94 عن أبي سعيد الخدري ، روضة الواعظين : ص134 .
2- .سنن الترمذي : ج5 ص637 ح3723 ، فضائل الصحابة لابن حنبل : ج2 ص635 ح1081 ، تاريخ دمشق : ج42 ص378 ح8975 ، حلية الأولياء : ج1 ص64 ، البداية والنهاية : ج7 ص359 كلّها عن الصنابحي ، المناقب لابن المغازلي : ص87 ح129 عن الصنابجي وكلّها عن الإمام عليّ عليه السلام وزاد في آخره «فمن أراد الحِكمة فليأتها» .
3- .الأمالي للصدوق : ص434 ح574 عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عليه السلام عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري .
4- .كتاب «شرح ديوان منسوب به أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام » للميبدي (بالفارسيّة) : ص2 نقلاً عن الرسالة العقليّة للغزالي ، الغدير : ج6 ص80 .
5- .إرشاد القلوب : ص293 عن ابن عبّاس .
6- .كتاب سليم بن قيس : ج2 ص815 ح36 .

ص: 29

2 / 4 عيبة علم النّبيّ

* وفي الميثاق :الإمام عليّ عليه السلام :أنَا بابُ مَدينَةِ العِلمِ وخازِنُ عِلمِ رَسولِ اللّهِ ووارِثُهُ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: «رجل نذر أن يعنه عليه السلام :لَقَد عُلِّمتُ الكِتابَ ، ولَقَد عَهِدَ إلَيَّ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ما كانَ وما يَكونُ ، وأنَا أخو رَسولِ اللّهِ وخازِنُ عِلمِهِ (2) .زمن : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :رسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في عَلِيٍّ عليه السلام _: هذا وَصِيّي وخَليفَتي مِن بَعدي ، وخازِنُ سِرّي (3) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الأمالي للصدوق عن أبي اُمامَة :كانَ عَلِيٌّ عليه السلام إذا قالَ شَيئا لَم نَشُكَّ فيهِ ، وذلِكَ إنّا سَمِعنا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : خازِنُ سِرّي بَعدي عَلِيٌّ (4) .2 / 4عَيبَةُ عِلمِ النَّبِيِّ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عَلِيٌّ عَيبَةُ عِلمي (5) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في اُميّة :عنه صلى الله عليه و آله_ في وصفَ عَلِيٍّ عليه السلام _: هُوَ عَيبَةُ عِلمي (6) .* ومنه عن حماد اللحّام :عنه صلى الله عليه و آله :هذا عَلِيٌّ أميرُ المُؤمِنينَ ، وسَيِّدُ المُسلِمينَ ، وعَيبَةُ عِلمي (7) .

.


1- .معاني الأخبار : ص58 ح9 ، بشارة المصطفى : ص12 كلاهما عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام .
2- .مشارق أنوار اليقين : ص51 عن أبي سعيد الخدري ، بحار الأنوار : ج26 ص260 ح37 .
3- .الفضائل لابن شاذان : ص105 عن عمر ، بحار الأنوار : ج40 ص122 ح11 .
4- .الأمالي للصدوق : ص641 ح868 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص30 ، بحار الأنوار : ج40 ص184 ح66 .
5- .تاريخ دمشق : ج42 ص385 ح8990 عن ابن عبّاس ؛ شرح الأخبار : ج2 ص205 ح533 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص32 ، الصراط المستقيم : ج2 ص10 عن اُمّ سلمة .
6- .المناقب للخوارزمي : ص87 ح77 ، فرائد السمطين : ج1 ص332 ح257 كلاهما عن عبد اللّه ، كفاية الطالب : ص312 عن سعيد بن زيد ؛ علل الشرائع : ص66 ح3 عن ابن عبّاس ، اليقين : ص290 ح104 عن الرعلي عن الإمام عليّ عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله وعن زيد بن عليّ ، الفضائل لابن شاذان : ص6 عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام عن جابر بن عبد اللّه .
7- .المناقب للخوارزمي : ص142 ح163 ، كفاية الطالب : ص168 ، فرائد السمطين : ج1 ص150 ح113 ؛ اليقين : ص383 ح137 كلّها عن ابن عبّاس ، تفسير فرات : ص545 ح700 عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري .

ص: 30

2 / 5 وارث علم النّبيّ

* وعن أبي جعفر عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ اللّهَ جَلَّ جَلالُهُ جَعَلَ عَلِيّا وَصِيّي ، ومَنارَ الهُدى بَعدي ، ومَوضِعَ سِرّي ، وعَيبَةَ عِلمي (1) .2 / 5وارِثُ عِلمِ النَّبِيِّزمل : عن النبيّ صلى الله عليه و آله في شهداء اُحدرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا عَلِيُّ ، أنتَ . . . وارِثُ عِلمي (2) .* ومنه عن اُمّ أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله_ لِعَلِيٍّ عليه السلام _: أنتَ وارِثُ عِلمي ، وأنتَ الإِمامُ وَالخَليفَةُ بَعدي ، تُعَلِّمُ النّاسَ بَعدي ما لا يَعلَمونَ (3) .* وفي اُهيب :عنه صلى الله عليه و آله_ لِعَلِيٍّ عليه السلام _: أنتَ وارِثُ عِلمي ، ومَعدِنُ حُكمي ، وَالإِمامُ بَعدي (4) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الدنيا :عنه صلى الله عليه و آله_ لِعَلِيٍّ عليه السلام _: لِتَهنِكَ الحِكمَةُ ، لِيَهنِكَ العِلمُ يا أبَا الحَسَنِ ، وأنتَ وارِثُ عِلمي ، وَالمُبَيِّنُ لِاُمَّتي مَا اختَلَفَت فيهِ مِن بَعدي (5) .زمع : فيه :عنه صلى الله عليه و آله :لَيسَ أحَدٌ مِن اُمَّتي يَعلَمُ جَميعَ عِلمي غَيرُ عَلِيٍّ ، وإنَّ اللّهَ جَلَّ وعَزَّ عَلَّمَني عِلما لا يَعلَمُهُ غَيري ، وعَلَّمَ مَلائِكَتَهُ ورُسُلَهُ عِلما ، فَكُلَّما عَلَّمَهُ مَلائِكَتَهُ ورُسُلَهُ فَأَنَا

.


1- .الأمالي للصدوق : ص359 ح443 ، بشارة المصطفى : ص33 كلاهما عن عبد الرحمن بن كثير عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام .
2- .الأمالي للصدوق : ص383 ح489 ، بشارة المصطفى : ص54 كلاهما عن ابن عبّاس ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص75 عن أبي موسى الضرير البجلي عن أبي الحسن عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله وزاد في آخره «وحكمتي وسرّي وعلانيتي» ، كفاية الأثر : ص121 عن عمّار ، مشارق أنوار اليقين : ص52 ؛ ينابيع المودّة : ج1 ص397 ح17 عن ابن عبّاس وراجع كمال الدين : ص310 ح1 وعيون أخبار الرضا : ج1 ص44 ح2 .
3- .كفاية الأثر : ص132 عن عمران بن حصين .
4- .كفاية الأثر : ص167 عن داود بن أبي عوف ، الصراط المستقيم : ج2 ص154 كلاهما عن الإمام الحسن عليه السلام .
5- .الأمالي للطوسي : ص492 ح1077 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص355 كلاهما عن جابر بن عبد اللّه وابن عبّاس ، الصراط المستقيم : ج2 ص13 عن اُبيّ .

ص: 31

زمع : فيه :أعلَمُهُ ، وأمَرَنِي اللّهُ أن اُعَلِّمَهُ إيّاهُ ، فَفَعَلتُ ، فَلَيسَ أحَدٌ مِن اُمَّتي يَعلَمُ جَميعَ عِلمي وفَهمي وحِكمَتي غَيرُهُ (1) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في هاجر :عنه صلى الله عليه و آله_ يَومَ الغَديرِ _: معاشِرَ النّاسِ ، ما مِن عِلمٍ إلّا وقَد أحصاهُ اللّه فِيَّ ، وكُلُّ عِلمٍ عَلِمتُ فَقَد أحصَيتُهُ في إمامِ المَتَّقينَ ، وما مِن عِلمٍ إلّا عَلَّمتُهُ عَلِيّا ، وهُوَ الإِمامُ المُبينُ (2) .زمزم : عن الصادق عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله_ في عَلِيٍّ عليه السلام _: فَقَلِّدوهُ دينَكُم ، وأطيعوهُ في جَميعِ اُمورِكُم ؛ فَإِنَّ عِندَهُ جَميعَ ما عَلَّمَنِي اللّهُ عَزَّوجَلَّ (3) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في بني إسرائيلعنه صلى الله عليه و آله :فَوَعِزَّةِ رَبّي ، ما عَلَّمَني رَبّي شَيئا إلّا عَلَّمتُهُ عَلِيّا ، وإنَّهُ بِطُرُقِ السَّماءِ أعرَفُ مِنهُ بِطُرُقِ الأَرضِ (4) .* وعن الصادق عليه السلام :الكافي عن حمران بن أعين عن الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ جَبرَئيل عليه السلام أتى رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِرُمّانَتَينِ ، فَأَكَلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إحداهُما وكَسَرَ الاُخرى بِنِصفَينِ ، فَأَكَلَ نِصفا وأطعَمَ عَلِيّا نِصفا .

ثُمَّ قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : يا أخي ، هَل تَدري ما هاتانِ الرُّمّانَتانِ ؟ قالَ : لا .

قالَ : أمَّا الاُولى فَالنُّبُوَّةُ ، لَيسَ لَكَ فيها نَصيبٌ ، وأمَّا الاُخرى فَالعِلمُ ، أنت .


1- .كمال الدين : ص263 ح10 ، إرشاد القلوب : ص419 ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص566 ح1 وفيه «فقهي» بدل «حكمتي» وكلّها عن سلمان الفارسي .
2- .الاحتجاج : ج1 ص144 ح32 عن علقمة بن محمّد الحضرمي ، روضة الواعظين : ص105 كلاهما عن الإمام الباقر عليه السلام وراجع اليقين : ص350 ح127 .
3- .الغيبة للنعماني : ص71 ح8 ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص761 ح25 كلاهما عن أبي الهيثم بن التيّهان وأبي أيّوب وعمّار وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين و ص646 ح11 ، الاحتجاج : ج1 ص344 ح56 كلاهما عن زيد بن أرقم والبرّاء بن عازب وأبي ذرّ والمقداد وعمّار وزاد في آخرهما «من علمه وحكمته» .
4- .الفضائل لابن شاذان : ص138 عن سلمان .

ص: 32

2 / 6 وارث علم النّبيّين

* وعن الصادق عليه السلام :شَريكي فيهِ .

فَقُلتُ : أصلَحَكَ اللّهُ ، كَيفَ كانَ يَكونُ شَريكَهُ فيهِ ؟

قالَ : لَم يُعَلِّمِ اللّهُ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله عِلما إلّا وأمَرَهُ أن يُعَلِّمَهُ عَلِيّا عليه السلام (1) .راجع : ج 1 ص 403 (أحاديث الوراثة) .

2 / 6وارِثُ عِلمِ النَّبِيّينَ* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ كانَ هِبَةَ اللّهِ لِمُحَمَّدٍ ، ووَرِثَ عِلمَ الأَوصِياءِ ، وعِلمَ مَن كانَ قَبلَهُ (2) .زمر : عن موسى بن جعفر عليهماالسلام لمّا سئل عن الالإمام عليّ عليه السلام :سَلوني عَن أسرارِ الغُيوبِ ، فَإِنّي وارِثُ عُلومِ الأَنبِياءِ وَالمُرسَلينَ (3) .* ومنه :الإمام الباقر عليه السلام :لَمّا أن قَضى مُحَمَّدٌ نُبُوَّتَهُ ، وَاستَكمَلَ أيّامَهُ ، أوحَى اللّهُ تَعالى إلَيهِ أن يا مُحَمَّدُ قَد قَضَيتَ نُبُوَّتَكَ وَاستَكمَلتَ أيّامَكَ ، فَاجعَلِ العِلمَ الَّذي عِندَكَ وَالإِيمانَ وَالاِسمَ الأَكبَرَ وميراثَ العِلمِ وآثارَ عِلمِ النُّبُوَّةِ في أهلِ بَيتِكَ عِندَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، فَإِنّي لَن أقطَعَ العِلمَ وَالإيمانَ وَالاِسمَ الأَكبَرَ وميراثَ العِلمِ وآثارَ عِلمِ النُّبُوَّةِ مِنَ العَقِبِ مِن ذُرِّيَّتِكَ كَما لَم أقطَعها مِن ذُرِّيّات

.


1- .الكافي : ج1 ص263 ح1 و ح2 عن زرارة و ح3 ، الاختصاص : ص279 كلاهما عن محمّد بن مسلم وكلّها نحوه ، بصائر الدرجات : ص292 ح1 عن حمران وكلّها عن الإمام الباقر عليه السلام وراجع ص293 ح2 _ 5 .
2- .الكافي : ج1 ص224 ح2 عن عبد الرحمن بن كثير ، بصائر الدرجات : ص121 ح1 عن عبد الرحمن بن بكير الهجري و ص294 ح10 ، الاختصاص : ص279 كلاهما عن عبد اللّه بن بكير الهجري وزاد في آخرهما «من الأنبياء والمرسلين» وكلّها عن الإمام الباقر عليه السلام .
3- .ينابيع المودّة : ج1 ص213 ح17 .

ص: 33

* ومنه :الأَنبِياءِ (1) .زمجر : عن حذيفة حين قَتَلَ أميرُ المؤمنين عليه الالكافي عن عليّ بن النُّعمان رفعه عن الإمام الباقر عليه السلام :إنَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ جَمَعَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله سُنَنَ النَّبِيّينَ مِن آدَمَ وهَلُمَّ جَرّا إلى مَحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله . قيلَ لَهُ : وما تِلكَ السُّنَنُ ؟

قالَ: عِلمُ النَّبِيّينَ بِأَسرِهِ، وإنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله صَيَّرَ ذلِكَ كُلَّهُ عِندَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام .

فَقالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا بنَ رَسولِ اللّهِ فَأَميرُ المُؤمِنينَ أعلَمُ أم بَعضُ النَّبِيّينَ ؟

فَقالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : اِسمَعوا ما يَقولُ ! إنَّ اللّهَ يَفتَحُ مَسامِعَ مَن يَشاءُ ، إنّي حَدَّثتُهُ أنَّ اللّهَ جَمَعَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله عِلمَ النَّبِيّينَ وأنَّهُ جَمَعَ ذلِكَ كُلَّهُ عِندَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، وهُوَ يَسأَلُني أ هُوَ أعلَمُ أم بَعضُ النَّبِيّينَ ؟ ! (2)* وعن عبدالمسيح :الإمام الصادق عليه السلام_ في حديثٍ طَويلٍ ذَكَرَ فيهِ الأَنبِياءَ وأوصِياءَهُم عليهم السلام ، ثُمَّ عَرَجَ بِذِكرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ووَصِيَّتِهِ لِعَلِيٍّ عليه السلام فَقالَ _: . . . ثُمَّ أتاهُ جَبرَئيلُ فَقالَ : يا مُحَمَّدُ ، إنّك قَد قَضَيتَ نُبُوَّتَكَ ، وَاستَكمَلتَ أيّامَكَ ، فَاجعَلِ الاِسمَ الأَكبَرَ وميراثَ العِلمِ وآثارَ عِلمِ النُّبُوَّةِ عِندَ عَلِيّ عليه السلام ، فَإِنّي لَم أترُكِ الأَرضَ إلّا ولي فيها عالِمٌ تُعرَفُ بِهِ طاعَتي وتُعرَفُ بِهِ وِلايَتي ، ويَكونُ حُجَّةً لِمَن يُولَدُ بَينَ قَبضِ النَّبِيِّ إلى خُروجِ النَّبِيِّ الآخَرِ .

قالَ : فَأَوصى إلَيهِ بِالاِسمِ الأَكبَرِ وميراثِ العِلمِ وآثارِ عِلمِ النُّبُوَّةِ ، وأوصى إلَيهِ بِأَلفِ كَلِمَةٍ وألفِ بابٍ ، يَفتَحُ كُلُّ كَلِمَةٍ وكُلُّ بابٍ ألفَ كَلِمَةٍ وألفَ بابٍ (3) . .


1- .الكافي : ج1 ص293 ح2 و ج8 ص117 ح92 ، كمال الدين : ص217 ح2 ، بصائر الدرجات : ص469 ح3 كلّها عن أبي حمزة الثمالي وفيها «بيوتات» بدل «ذرّيّات» ، كفاية الأثر : ص178 عن أبي خالد الكابلي عن الإمام زين العابدين عن أبيه عليهماالسلامعنه صلى الله عليه و آله نحوه .
2- .الكافي : ج1 ص222 ح6 ، بصائر الدرجات : ص117 ح12 ، الخرائج والجرائح : ج2 ص797 ح6 عن الحسين بن علوان عن الإمام الصادق عليه السلام نحوه .
3- .الكافي : ج1 ص296 ح3 عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، تفسير فرات : ص398 ح530 عن عبد الرحمن بن كثير عن الإمام الباقر عليه السلام نحوه .

ص: 34

2 / 7 أعلم الامّة

زلم : عن أبي جعفر عليه السلام :الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ في عَلِيٍّ عليه السلام سُنَّةَ ألفِ نَبِيٍّ مِنَ الأَنبِياءِ ، وإنَّ العِلمَ الَّذي نَزَلَ مَعَ آدَمَ عليه السلام لَم يُرفَع ، وما ماتَ عالِمٌ فَذَهَبَ عِلمُهُ ، وَالعِلمُ يُتَوارَثُ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام الرضا عليه السلام :عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام ... وارِثُ عِلمِ النَّبِيّينَ وَالمُرسَلينَ (2) .2 / 7أعلَمُ الاُمَّةِ* وفيه :رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ أعلَمُ اُمَّتي (3) .زلق : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :أعلَمُ اُمَّتي مِن بَعدي عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ (4) .* ومنه عن الباقر عليه السلام في العيش :عنه صلى الله عليه و آله_ في وَصفِ عَلِيٍّ عليه السلام _: أقدَمُ اُمَّتي سِلما ، وأكثَرُهُم عِلما (5) .

.


1- .الكافي : ج1 ص222 ح4 عن الفضيل بن يسار ، بصائر الدرجات : ص114 ح2 عن فضيل عن الإمام الباقر عليه السلام .
2- .عيون أخبار الرضا : ج2 ص122 ح1 عن الفضل بن شاذان .
3- .الإرشاد : ج1 ص33 عن ابن عبّاس ، بحار الأنوار : ج40 ص144 ح49 .
4- .الفردوس : ج1 ص370 ح1491 ، المناقب للخوارزمي : ص82 ح67 ، كفاية الطالب : ص332 ، فرائد السمطين : ج1 ص97 ح66 ؛ الأمالي للصدوق : ص642 ح870 ، شرح الأخبار : ج1 ص126 ح58 و ج2 ص310 ح636 ، المناقب للكوفي : ج1 ص386 ح304 كلّها عن سلمان الفارسي ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص32 .
5- .مسند ابن حنبل : ج7 ص288 ح20329 عن معقل بن يسار ، المصنّف لابن أبي شيبة : ج7 ص505 ح68 ، المعجم الكبير : ج1 ص94 ح156 ، أنساب الأشراف : ج2 ص354 والثلاثة الأخيرة عن أبي إسحاق ، المناقب لابن المغازلي : ص102 ح144 وفيه «أعلمهم» بدل «أكثرهم» ، المناقب للخوارزمي : ص112 ح122 ؛ الخصال : ص412 ح16 ، المناقب للكوفي : ج1 ص254 ح168 والأربعة الأخيرة عن أبي أيّوب الأنصاري و ص279 ح193 عن بكر بن عبد اللّه المزني ، كمال الدين : ص263 ح10 عن سلمان الفارسي ، الإرشاد : ج1 ص36 عن أبي سعيد الخدري ، الأمالي للطوسي : ص155 ح256 عن أبي أيّوب و ص248 ح436 و ص633 ح1035 كلاهما عن الحارث عن الإمام عليّ عليه السلام ، الأمالي للصدوق : ص101 ح77 عن مقاتل بن سليمان عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام والثلاثة الأخيرة عنه صلى الله عليه و آله ، مائة منقبة : ص74 ح25 عن جابر بن عبد اللّه وراجع الاستيعاب : ج3 ص203 ح1875 .

ص: 35

* ومنه الدعاء :عنه صلى الله عليه و آله :عَلِيٌّ أشجَعُ النّاسِ قَلبا ، وأعلَمُ النّاسِ عِلما (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :أعلَمُكُم عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ (2) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في إبراهيم عليعنه صلى الله عليه و آله :عَلِيٌّ المُحيي لِسُنَّتي مِن بَعدي ومُعَلِّمُ اُمَّتي والقائِمُ بِحُجَّتي (3) .زلف : عن ابن عبّاس في أعرابيّ :عنه صلى الله عليه و آله_ لِعَلِيٍّ عليه السلام _: أنتَ أقرَأُهُم لِكِتابِ اللّهِ عَزَّوجَلَّ ، وأعلَمُهُم بِسُنَّتي (4) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :مسند ابن حنبل عن هُبَيرَة :خَطَبَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ رضى الله عنه [بَعدَ مَقتَلِ الإِمامِ عَلِيٍّ عليه السلام ]فَقالَ : لَقَد فارَقَكُم رَجُلٌ بِالأَمسِ ، لَم يَسبِقهُ الأَوَّلونَ بِعِلمٍ ، ولا يُدرِكُهُ الآخِرونَ (5) .زلزل : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الأحزأنساب الأشراف عن أبي إسحاق :مَرَّ رَجُلٌ عَلى سَلمانَ ، فَقالَ : أرى عَلِيّا يَمُرُّ بَينَ ظَهرانَيكُم فَلا تَقومونَ فَتَأخُذونَ بِحُجزَتِهِ (6) ، فَوَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ لا يُخبِرُكُم أحَدٌ بِسِر .


1- .المناقب لابن المغازلي : ص151 ح188 ، المناقب للخوارزمي : ص290 ح279 ؛ الأمالي للصدوق : ص524 ح709 ، بشارة المصطفى : ص174 ، الفضائل لابن شاذان : ص102 ، المناقب للكوفي : ج2 ص595 ح1100 كلّها عن ابن عبّاس .
2- .الكافي : ج7 ص424 ح6 ، تهذيب الأحكام : ج6 ص306 ح849 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص84 كلّها عن عمر .
3- .الاحتجاج : ج1 ص298 ح52 ، المناقب للكوفي : ج1 ص225 ح142 و ص416 ح330 كلّها عن عبد اللّه بن الحسن عن أبيه ، اليقين : ص449 ح170 عن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن عن جدّه وكلّها عن الإمام عليّ عليه السلام عن اُبيّ بن كعب .
4- .الاحتجاج : ج1 ص363 ح60 عن سليم بن قيس ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص601 ح6 وفيه «بسنن اللّه » بدل «بسنّتي» ، الفضائل لابن شاذان : ص123 كلّها عن سلمان والمقداد وأبي ذرّ ، بحار الأنوار : ج40 ص1 ح1 .
5- .مسند ابن حنبل : ج1 ص425 ح1719 و ص426 ح1720 عن عمرو بن حبشي ، فضائل الصحابة لابن حنبل : ج2 ص601 ح1026 عن أبي رزين و ص595 ح1013 و ج1 ص548 ح922 ، المصنّف لابن أبي شيبة : ج7 ص502 ح47 كلّها عن عمرو بن حبشي و ص499 ح31 عن عاصم بن ضمرة ، حلية الأولياء : ج1 ص65 ، البداية والنهاية : ج7 ص333 ؛ مسائل عليّ بن جعفر : ص328 ح818 عن عمر بن عليّ ، بشارة المصطفى : ص240 عن عامر بن واثلة .
6- .الحُجزة : موضع شدّ الإزار ، فاستعاره للاعتصام والالتجاء والتمسّك بالشيء (النهاية : ج1 ص344) .

ص: 36

زلزل : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الأحزنَبِيِّكُم بَعدَهُ (1) .زلخ : عن غورث المحاربي :الأمالي للصدوق عن زِرِّ بن حُبَيشٍ :مَرَّ عَلِيٌّ عليه السلام عَلى بَغلَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وسَلمانُ في مَلَاً فَقالَ سَلمانُ : أ لا تَقومونَ تَأخُذونَ بِحُجزَتِهِ تَسأَلونَهُ ؟ فَوَالَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ ، إنَّهُ لا يُخبِرُكُم بِسِرِّ نَبِيِّكُم أحَدٌ غَيرُهُ ، وإنَّهُ لَعالِمُ الأَرضِ ورَبّانِيُّها وإلَيهِ تَسكُنُ ، لَو فَقَدتُموهُ لَفَقَدتُمُ العِلمَ وأنكَرتُمُ النّاسَ (2) .* وعن الرضا عليه السلام في إخوته :اُسد الغابة عن ابن عبّاس :إذا ثَبَتَ لَنا الشَّيءُ عَن عَلِيٍّ لَم نَعدِل عَنهُ إلى غَيرِهِ (3) .* ومن وصيّته صلى الله عليه و آله :الأمالي للمفيد عن سعيد بن المُسَيِّب :سَمِعتُ رَجُلاً يَسأَلُ ابنَ عَبّاسٍ عن عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : إنَّ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ صَلَّى القِبلَتَينِ ، وبايَعَ البَيعَتَينِ ، ولَم يَعبُد صَنَما ولا وَثَنا ، ولَم يُضرَب عَلى رَأسِهِ بِزَلَمٍ (4) ولا قَدَحٍ ، وُلِدَ عَلَى الفِطرَةِ ، ولَم يُشرِك بِاللّهِ طَرفَةَ عَينٍ .

فَقالَ الرَّجُلُ : إنّي لَم أسأَلكَ عَن هذا ، إنَّما سَأَلتُكَ عَن حَملِهِ سَيفَهُ عَلى عاتِقِهِ يَختالُ بِهِ حَتّى أتَى البَصرَةَ ، فَقَتَلَ بِها أربَعينَ ألفا ، ثُمَّ سارَ إلَى الشّامِ فَلَقِيَ حَواجِبَ (5) العَرَبِ ، فَضَرَبَ بَعضَهُم بِبَعضٍ حَتّى قَتَلَهُم ، ثُمَّ أتَى النَّهرَوانَ وهُم مُسلِمونَ فَقَتَلَهُم .


1- .أنساب الأشراف : ج2 ص406 وراجع الأمالي للمفيد : ص354 ح6 والأمالي للطوسي : ص124 ح194 وبشارة المصطفى : ص124 و ص265 والمناقب للكوفي : ج2 ص532 ح1032 و ص439 ح923 .
2- .الأمالي للصدوق : ص641 ح869 ، الأمالي للمفيد : ص138 ح2 وفيه «زرّها» بدل «ربّانيها» ، شرح الأخبار : ج2 ص281 ح591 .
3- .اُسد الغابة : ج4 ص96 الرقم3789، تاريخ دمشق: ج42 ص407، الاستيعاب : ج3 ص207 الرقم1875 نحوه.
4- .واحد الأزلام : وهي القِداح التي كانت في الجاهليّة عليها مكتوب : الأمر والنهي ، افعل ولا تفعل ، كان الرجل منهم يضعها في وعاءٍ له ، فإذا أراد سفرا أو زواجا أو أمرا مهمّا أدخل يده فأخرج منها زلما ، فإن خرج الأمر مضى لشأنه ، وإن خرج النهي كفّ عنه ولم يفعله (النهاية : ج2 ص311) .
5- .حواجب الشمس : نواحيها (لسان العرب : ج1 ص299) .

ص: 37

* ومن وصيّته صلى الله عليه و آله :عَن آخِرِهِم .

فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : أ عَلِيٌّ أعلَمُ عِندَكَ أم أنَا ؟

فَقالَ : لَو كانَ عَلِيٌّ أعلَمُ عِندي مِنكَ لَما سَأَلتُكَ .

قالَ : فَغَضِبَ ابنُ عَبّاسٍ حَتَّى اشتَدَّ غَضَبُهُ ، ثُمَّ قالَ : ثَكَلَتكَ اُمُّكَ ، عَلِيٌّ عَلَّمَني ، كانَ عِلمُهُ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ورَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلَّمَهُ اللّهُ مِن فَوقِ عَرشِهِ ، فَعِلمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله مِنَ اللّهِ ، وعِلمُ عَلِيٍّ مِنَ النَّبِيِّ ، وعِلمي مِن عِلمِ عَلِيٍّ ، وعِلمُ أصحابِ مُحَمَّدٍ كُلِّهِم في عِلمِ عَلِيٍّ عليه السلام كَالقَطرَةِ الواحِدَةِ في سَبعَةِ أبحُرٍ (1) .* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله :اُسد الغابة عن عبد الملك بن أبي سليمان :قُلتُ لِعَطاءٍ : أكانَ في أصحابِ مُحَمَّدٍ أعلَمُ مِن عَلِيٍّ ؟ قالَ : لا ، وَاللّهِ لا أعلَمُهُ ! (2)زكا : في الصلاة على الميّت :مقتل أمير المؤمنين عن عبد المَلِك بن أبي سليمان :قُلتُ لِعَطاءٍ : أكانَ أحَدٌ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله أفقَهُ مِن عَلِيٍّ عليه السلام ؟ قالَ : لا ، وَاللّهِ ما عَلِمتُهُ (3) .زكن : عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :الكافي عن أبي سعيد الخُدريّ :كُنتُ حاضِرا لَمّا هَلَكَ أبو بَكرٍ واستَخلَفَ عُمَرَ ، أقبَلَ يَهودِيٌّ مِن عُظَماءِ يَهودِ يَثرِبَ ، وتَزعُمُ يَهودُ المَدينَةِ أنَّهُ أعلَمُ أهلِ زَمانِهِ ، حَتّى رُفِعَ إلى عُمَرَ ، فَقالَ لَهُ : يا عُمَرُ ، إنّي جِئتُكَ اُريدُ الإِسلامَ ، فَإِن أخبَرتَني عَمّا أسأَلُكَ عَنهُ فَأَنتَ أعلَمُ أصحابِ مُحَمَّدٍ بِالكِتابِ وَالسُّنَّةِ وجَميعِ ما اُريدُ أن أسأَلَ عَنهُ .

قالَ : فَقالَ لَهُ عُمَرُ : إنّي لَستُ هُناكَ ، لكِنّي اُرشِدُكَ إلى مَن هُوَ أعلَمُ اُمَّتِنا بِالكِتاب .


1- .الأمالي للمفيد : ص235 ح6 ، الأمالي للطوسي : ص11 ح14 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص30 عن ابن عبّاس نحوه من «عِلمه من رسول اللّه . . .» .
2- .اُسد الغابة : ج4 ص95 الرقم 3789 ، المصنّف لابن أبي شيبة : ج7 ص502 ح46 ، الاستيعاب : ج3 ص206 الرقم 1875 ، تاريخ دمشق : ج42 ص410 ، الرياض النضرة : ج3 ص160 ؛ شرح الأخبار : ج1 ص91 ح7 وج2 ص310 ح635 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص30 ، كشف الغمّة : ج1 ص117 .
3- .مقتل أمير المؤمنين : ص107 ح97 .

ص: 38

زكن : عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :وَالسُّنَّةِ وجَميعِ ما قَد تَسأَلُ عَنهُ وهُوَ ذاكَ _ فَأَومَأَ إلى عَلِيٍّ عليه السلام _ (1) .زكت : عن أبي طالب في النبيّ صلى الله عليه و آله :الغارات عن عليّ بن محمّد بن أبي سيف عن أصحابه_ في بَيانِ اهتِمامِ مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ بِكِتابِ الإِمامِ عَلِيٍّ عليه السلام حينَ وَلّاهُ مِصرَ وَالَّذي كانَ فيهِ عِلمٌ كَثيرٌ _: كانَ يَنظُرُ فيهِ ويَتَعَلَّمُهُ ويَقضي بِهِ ، فَلَمّا ظُهِرَ عَلَيهِ وقُتِلَ ، أخَذَ عَمرُو بنُ العاصِ كُتُبَهُ أجمَعَ ، فَبَعَثَ بِها إلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ ، وكانَ مُعاوِيَةُ يَنظُرُ في هذَا الكِتابِ ويُعجِبُهُ .

فَقالَ الوَليدُ بنُ عُقبَةَ وهُوَ عِندَ مُعاوِيَةَ لَمّا رَأى إعجابَ مُعاوِيَةَ بِهِ : مُر بِهذِهِ الأَحاديثِ أن تُحرَقَ ! فَقالَ لَهُ مُعاوِيَةُ : مَه يَابنَ أبي مُعَيطٍ ، إنَّهُ لا رَأيَ لَكَ .

فَقالَ لَهُ الوَليدُ : إنَّهُ لا رَأيَ لَكَ أفَمِنَ الرَّأيِ أن يَعلَمَ النّاسُ أنَّ أحاديثَ أبي تُرابٍ عِندَكَ ؟ ! تَتَعَلَّمُ مِنها وتَقضي بِقَضائِهِ ؟ ! فَعَلامَ تُقاتِلُهُ ؟ !

فَقالَ مُعاوِيَةُ : وَيحَكَ ! أ تَأمُرُني أن اُحرِقَ عِلما مِثلَ هذا ؟ ! وَاللّهِ ما سَمِعتُ بِعِلمٍ أجمَعَ مِنهُ ولا أحكَمَ ولا أوضَحَ .

فَقالَ الوَليدُ : إن كُنتَ تَعجَبُ مِن عِلمِهِ وقَضائِهِ فَعَلامَ تُقاتِلُهُ ؟

فَقالَ مُعاوِيَةُ : لَولا أنَّ أبا تُرابٍ قَتَلَ عُثمانَ ثُمَّ أفتانا لَأَخَذنا عَنهُ ، ثُمَّ سَكَتَ هُنَيئَةً ثُمَّ نَظَرَ إلى جُلَسائِهِ ، فَقالَ : إنّا لا نَقولُ : إنَّ هذِهِ مِن كُتُبِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ولكِنّا نَقولُ : إنَّ هذِهِ مِن كُتُبِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ كانَت عِندَ ابنِهِ مُحَمَّدٍ ، فَنَحنُ نَقضي بِها ونُفتي .

فَلَم تَزَل تِلكَ الكُتُبُ في خَزائِنِ بَني اُمَيَّةَ حَتّى وَلِيَ عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ ، فَهُوَ الَّذي أظهَرَ أنَّها مِن أحاديثِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام .

فَلَمّا بَلَغَ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ عليه السلام أنَّ ذلِكَ الكِتابَ صارَ إلى مُعاوِيَةَ اشتَدَّ ذلِكَ عَلَيهِ (2) . .


1- .الكافي : ج1 ص531 ح8 ، الغيبة للطوسي : ص152 ح113 ، كشف الغمّة : ج3 ص296 ، إعلام الورى : ج2 ص167 .
2- .الغارات : ج1 ص251 ، بحار الأنوار : ج33 ص550 ح720 ؛ شرح نهج البلاغة : ج6 ص72 وليس فيه «فلمّا بلغ عليّ بن أبي طالب . . .» .

ص: 39

* ومنه عن جبرئيل عليه السلام في قوم لوط :تفسير فرات عن كعب الأحبار :إنّي لَأَعلَمُ أنَّ أعلَمَ هذِهِ الاُمَّةِ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام بَعدَ نَبِيِّها ؛ لِأَ نّي لَم أسأَلهُ عَن شَيءٍ إلّا وَجَدتُ عِندَهُ عِلما تُصَدِّقُهُ بِهِ التَّوراةُ وجَميعُ كُتُبِ الأَنبِياءِ (1) .زقا : عن أمير المؤمنين عليه السلام في الطاووس :رسول اللّه صلى الله عليه و آله :قُسِمَتِ الحِكمَةُ عَشرَةَ أجزاءٍ ، فَاُعطِيَ عَلِيٌّ تِسعَةَ أجزاءٍ ، وَالنّاسُ جُزءا واحِدا (2) .* ومنه عن أبي جهل :عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ فَرَضَ العِلمَ عَلى سِتَّةِ أجزاءٍ ، فَأَعطى عَلِيّا عليه السلام خَمسَةَ أجزاءٍ ، وأسهَمَ لَهُ فِي الجُزءِ الآخَرِ (3) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :العِلمُ خَمسَةُ أجزاءٍ ، اُعطِيَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ مِن ذلِكَ أربَعَةَ أجزاءٍ ، واُعطِيَ سائِرُ النّاسِ جُزءا واحِدا ، وَالَّذي بَعَثَني بِالحَقِّ بَشيرا ونَذيرا ، لَعَلِيٌّ بِجُزءِ النّاسِ أعلَمُ (4) .زقم : عن أبي جعفر عليه السلام في أهل النار :الاستيعاب عن عبد اللّه بن عبّاس :وَاللّهِ لَقَد اُعطِيَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ تِسعَةَ أعشارِ العِلمِ ، وَايمُ اللّهِ ، لَقَد شارَكَكُم فِي العُشرِ العاشِرِ (5) . .


1- .تفسير فرات : ص184 ح235 .
2- .تاريخ دمشق : ج42 ص384 ح8988 و ح8989 ، حلية الأولياء : ج1 ص65 ، المناقب لابن المغازلي : ص287 ح328 ، البداية والنهاية : ج7 ص360 كلّها عن عبد اللّه ، الفردوس : ج3 ص227 ح4666 ، المناقب للخوارزمي : ص82 ح68 كلاهما عن ابن مسعود ، كنز العمّال : ج11 ص615 ح32982 وزاد فيه «وعليّ أعلم بالواحد منهم» .
3- .مختصر بصائر الدرجات : ص67 عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام ، بصائر الدرجات : ص518 ح52 عن أبي بصير عنه صلى الله عليه و آله .
4- .مائة منقبة : ص133 ح78 عن أبي سعيد الخدري .
5- .الاستيعاب : ج3 ص207 الرقم 1875 ، اُسد الغابة : ج4 ص96 الرقم 3789 ، ذخائر العقبى : ص143 ، مطالب السؤول : ص30 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص30 وفيهما «وإنّه لأعلمهم بالعشر الباقي» بدل «وايم اللّه لقد . . .» ، كشف الغمّة : ج1 ص117 .

ص: 40

2 / 8 لم ينس ما سمعه

* ومنه عن جعفر عليه السلام :المناقب للخوارزميّ عن ابن عبّاس :العِلمُ سِتَّةُ أسداسٍ ، لِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام خَمسَةُ أسداسٍ ، ولِلنّاسِ سُدسٌ ، ولَقَد شارَكَنا فِي السُّدسِ حَتّى لَهُوَ أعلَمُ بِهِ مِنّا (1) .زقق : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الكامل في التاريخ عن ابن عبّاس :قُسِمَ عِلمُ النّاسِ خَمسَةَ أجزاءٍ ، فَكانَ لِعَليٍّ مِنها أربَعَةُ أجزاءٍ ، ولِسائِرِ النّاسِ جُزءٌ شارَكَهُم عَلِيٌّ فيهِ فَكانَ أعلَمَهُم بِهِ (2) .2 / 8لَم ينسَ ما سَمِعَهُزفف : عن النبيّ صلى الله عليه و آله لبلال في وليمأنساب الأشراف عن مَكحول :قَرَأَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «وَ تَعِيَهَآ أُذُنٌ وَ عِيَةٌ» (3) فَقالَ : يا عَلِيُّ ، سَأَلتُ اللّهَ أن يَجعَلَها اُذُنَكَ .

قالَ عَلِيٌّ : فَما نَسيتُ حَديثا أو شَيئا سَمِعتُهُ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله (4) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام الباقر عليه السلام :قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام : اُكتُب ما اُملِيَ عَلَيكَ .

قال : يا نَبِيَّ اللّهِ أ تَخافُ عَلَيَّ النِّسيانَ ؟ فَقالَ : لَستُ أخافُ عَليكَ النِّسيانَ ، وقَد دَعَوتُ اللّهَ لَكَ أن يَحفَظَكَ ولا يُنسِيَكَ ، ولكِنِ اكتُب لِشُرَكائِكَ .

قالَ : قُلتُ : ومَن شُرَكائي يا نَبِيَّ اللّهِ ؟

قالَ : الأَئِمَّةُ مِن وُلدِكَ ، بِهِم تُسقى اُمَّتِيَ الغَيثَ ، وبِهِم يُستَجابُ دُعاؤُهُم ، وبِهِم يَصرِفُ اللّهُ عَنهُمُ البَلاءَ ، وبِهِم تَنزِلُ الرَّحمَةُ مِنَ السَّماءِ ، وهذا أوَّلُهُم _ وأومَأَ بِيَدِهِ إلَى

.


1- .المناقب للخوارزمي : ص92 ح88 و ح89 ، مقتل الحسين للخوارزمي : ج1 ص44 ، فرائد السمطين : ج1 ص369 ح298 ؛ شرح الأخبار : ج2 ص312 ح641 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص31 عن عمر ، كشف الغمّة : ج1 ص117 .
2- .الكامل في التاريخ : ج2 ص441 ، تاريخ دمشق : ج42 ص407 .
3- .الحاقّة : 12 .
4- .أنساب الأشراف : ج2 ص363 ، تفسير الطبري : ج14 الجزء29 ص55 ، الدرّ المنثور : ج8 ص267 .

ص: 41

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الحَسَنِ عليه السلام ، ثُمَّ أومَأَ بِيَدِهِ إلَى الحُسَينِ عليه السلام _ ثُمَّ قالَ عليه السلام : الأَئِمَّةُ مِن وُلدِهِ (1) .زفر : عن أبي عبداللّه عليه السلام في بكاء داود علالإمام عليّ عليه السلام :ما نَزَلَت عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله آيَةٌ مِنَ القُرآنِ إلّا أقرَأَنيها وأملاها عَلَيَّ ، فَكَتَبتُها بِخَطّي ، وعَلَّمَني تَأويلَها وتَفسيرَها ، وناسِخَها ومَنسوخَها ، ومُحكَمَها ومُتَشابِهَها ، وخاصَّها وعامَّها ، ودَعَا اللّهَ أن يُعطِيَني فَهمَها وحِفظَها ، فَما نَسيتُ آيَةً مِن كِتابِ اللّهِ ، ولا عِلما أملاهُ عَلَيَّ وكَتَبتُهُ ، مُنذُ دَعَا اللّهَ لي بِما دَعا ، وما تَرَكَ شَيئا عَلَّمَهُ اللّهُ مِن حَلالٍ ولا حَرامٍ ، ولا أمرٍ ولا نَهيٍ كانَ أو يَكونُ ، ولا كتابٍ مُنزَلٍ عَلى أحَدٍ قَبلَهُ مِن طاعَةٍ أو مَعصِيَةٍ إلّا عَلَّمَنيهِ وحَفِظتُهُ ، فَلَم أنسَ حَرفا واحِدا .

ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلى صَدري ودَعَا اللّهَ لي أن يَملَأَ قَلبي عِلما وفَهما ، وحُكما ونورا ، فَقُلتُ : يا نَبِيَّ اللّه بِأَبي أنتَ واُمّي ، مُنذُ دَعَوتَ اللّهَ لي بِما دَعَوتَ لَم أنسَ شَيئا ، ولَم يَفُتني شَيءٌ لَم أكتُبهُ ، أفَتَتَخَوَّفُ عَلَيَّ النِّسيانَ فيما بَعدُ ؟

فَقالَ : لا ، لَستُ أتَخَوَّفُ عَلَيكَ النِّسيانَ وَالجَهلَ (2) .* وعنه عليه السلام في جهاز فاطمة عليهاالسلام :عنه عليه السلام :دَعا [ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ] اللّهَ أن يَحفَظَني ويُفهِمَني ، فَما نَسيتُ شَيئا قَطُّ مُذ دَعا لي (3) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :ما سَمِعتُ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله شَيئا إلّا حَفِظتُهُ ووَعَيتُهُ ، ولَم أنسَهُ (4) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :وَاللّهِ ما ضَلَلتُ ولا ضُلَّ بي ، ولا نَسيتُ الَّذي قيلَ لي (5) . .


1- .كمال الدين : ص206 ح21 ، الأمالي للطوسي : ص441 ح989 ، الأمالي للصدوق : ص485 ح659 ، الإمامة والتبصرة : ص183 ح38 والثلاثة الأخيرة عن الإمام الباقر عن آبائه عليهم السلامعنه صلى الله عليه و آله ، بصائر الدرجات : ص167 ح22 كلّها عن أبي الطفيل .
2- .الكافي : ج1 ص64 ح1 ، الخصال : ص257 ح131 ، كمال الدين : ص284 ح37 ، تفسير العيّاشي : ج1 ص14 ح2 و ص253 ح177 ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص624 ح10 نحوه وكلّها عن سليم بن قيس .
3- .الغيبة للنعماني : ص80 ح10 عن سليم بن قيس .
4- .المناقب للخوارزمي : ص283 ح278 ؛ سعد السعود : ص108 ، تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص715 ح4 كلاهما عن مكحول وفيهما «كان عليّ يقول . . .» ، بحار الأنوار : ج35 ص329 ح8 .
5- .تاريخ دمشق : ج42 ص534 عن أبي وائل .

ص: 42

2 / 9 لم يجد حملةً لعلمه

زفت : عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :وَاللّهِ ما كَذَبتُ ولا كُذِبتُ ، ولا ضَلَلتُ ولا ضُلَّ بي ، ولا نَسيتُ ما عَهِدَ إلَيَّ (1) .راجع : ج 4 ص 374 (اُذنٌ واعية) .

2 / 9لَم يَجِد حَمَلَةً لِعِلمِهِزغب : عن النبيّ صلى الله عليه و آله في ديك العرشالإمام عليّ عليه السلام :اندَمَجتُ (2) عَلى مَكنونِ عِلمٍ لَو بُحتُ بِهِ لَاضطَرَبتُمُ اضطِرابَ الأَرشِيَةِ (3) فِي الطَّوِيِّ (4) البَعيدَةِ (5) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في أحاديث أهلعنه عليه السلام :لَيسَ كُلُّ العِلمِ يَستَطيعُ صاحِبُ العِلمِ أن يُفَسِّرَهُ لِكُلِّ النّاسِ ؛ لِأَنَّ مِنهُمُ القَوِيَّ وَالضَّعيفَ ، ولِأَنَّ مِنهُ ما يُطاقُ حَملُهُ ومِنهُ ما لا يُطاقُ حَملُهُ إلّا مَن يُسَهِّلُ اللّهُ لَهُ حَملَهُ وأعانَهُ عَلَيهِ مِن خاصَّةِ أولِيائِهِ (6)

.* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام_ لِكُمَيلِ بنِ زيادٍ النَّخَعِيِّ _: ها إنَّ هاهُنا لَعِلما جَمّا _ وأشارَ بِيَدِهِ إلى صَدرِهِ

_

.


1- .تاريخ دمشق : ج42 ص396 عن عبد اللّه بن يحيى ، ينابيع المودّة : ج1 ص240 ح13 عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر عن أبيه عن جدّه عنه عليهم السلام ؛ الأمالي للطوسي : ص261 ح473 عن عبد اللّه بن نجي ، الأمالي للصدوق : ص491 ح668 ، وقعة صفّين : ص315 كلاهما عن جابر عن الإمام الباقر عنه عليهماالسلام ، المزار للشهيد الأوّل : ص74 .
2- .اندمجت : أي اجتمعت عليه ، وانطويت واندرجت (النهاية : ج2 ص132) .
3- .الأرشية : جمع رشاء وهو الحبل (لسان العرب : ج14 ص322) .
4- .الطويُّ : البئر المطويّة بالحجارة (لسان العرب : ج15 ص19) .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 5 ، الاحتجاج : ج1 ص246 ح48 وفيه «لو بحت بما أنزل اللّه سبحانه في كتابه فيكم» بدل «اندمجت على مكنون علم لو بحت به» ؛ تذكرة الخواصّ : ص128 وليس فيه «مكنون» ، النهاية في غريب الحديث : ج2 ص132 ، لسان العرب : ج2 ص275 ، تاج العروس : ج3 ص374 .
6- .التوحيد : ص268 ، تفسير الصافي : ج1 ص489 ، بحار الأنوار : ج93 ص141 ح2 .

ص: 43

* وعنه عليه السلام :لَو أصَبتُ لَهُ حَمَلَةً ! بَلى أصَبتُ لَقِنا غَيرَ مَأمونٍ عَلَيهِ (1) ، مُستَعمِلاً آلَةَ الدّينِ لِلدُّنيا ، ومُستَظهِرا بِنِعَمِ اللّهِ عَلى عِبادِهِ ، وبِحُجَجِهِ عَلى أولِيائِهِ ، أو مُنقادا لِحَمَلَةِ الحَقِّ ، لا بَصيرةَ لَهُ في أحنائِهِ (2) ، يَنقَدِحُ الشَّكُّ في قَلبِهِ لِأَوَّلِ عارِضٍ مِن شُبهَةٍ . ألا لا ذا ولا ذاكَ ! أو مَنهوما بِاللَّذَّةِ ، سَلِسَ القِيادِ لِلشَّهوَةِ ، أو مُغرَما بِالجَمعِ وَالِادِّخارِ ، لَيسا مِن رُعاةِ الدّينِ في شَيءٍ ، أقرَبُ شَيءٍ شَبَهاً بِهِمَا الأَنعامُ السّائِمَةُ ! كَذلِكَ يَموتُ العِلمُ بِمَوتِ حامِليهِ (3) . (4)* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في علائم الظهور :عنه عليه السلام :إنَّ هاهُنا لَعِلما جَمّا _ وأشارَ إلى صَدرِهِ _ ولكِنَّ طُلّابَهُ يَسيرَةٌ ، وعَن قَليلٍ يَندَمونَ لَو قَد يَفقِدوني (5) .زعم : عن عبد الأعلى :عنه عليه السلام :إنّ في صَدري هذا لَعِلما جَمّا ، عَلَّمَنيهِ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، لَو أجِدُ لَهُ حَفَظَةً يَرعَونَهُ حَقَّ رِعايَتِهِ ويَروونَهُ كَما يَسمَعونَهُ مِنّي إذا لَأَودَعتُهُم بَعضَهُ ، فَعَلَّمَ بِهِ كَثيرا مِنَ العِلمِ ، .


1- .أي فهِما غير ثِقة (النهاية : ج4 ص266) .
2- .أحْناء الاُمور : أطرافُها ونَواحيها (لسان العرب : ج14 ص204) .
3- .وفي فيض القدير (ج6 ص410) : وقال عليّ كرّم اللّه وجهه _ وأشار إلى صدره _ : إنّ هاهنا علما جمّا لو وجدت له حملة . . . قال الغزالي : وصدق ؛ فقلوب الأبرار قبور الأسرار ، فلا ينبغي أن يفشي العالم كلّ مايعلمه إلى كلّ أحد ، هذا إذا كان من يفهمه كيسا أهلاً للانتفاع به فكيف بمن لا يفهمه ؟ ! وقيل في قوله تعالى : «وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أَمْوَ لَكُمُ» الآية (النساء : 5) ، إنّه نبّه به على هذا المعنى ، وذلك لأ نّه لما منعنا من تمكين السفيه من المال الذي هو عرض حاضر يأكل منه البرّ والفاجر تفاديا أنّه ربّما يؤدّيه إلى هلاك دنيوي ، فلأن يمنع عن تمكينه من حقائق العلوم التي إذا تناولها السفيه أدّاه إلى ضلال وإضلال وهلاك وإهلاك .
4- .نهج البلاغة : الحكمة 147 ، الإرشاد : ج1 ص228 ، الأمالي للمفيد : ص249 ح3 ، كمال الدين : ص291 ح2 ، الخصال : ص186 ح257 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص105 ، الأمالي للطوسي : ص20 ح23 ، الغارات : ج1 ص150 ، تاريخ اليعقوبي : ج2 ص206 ، شرح الأخبار : ج2 ص370 ح732 كلّها عن كميل بن زياد ، تحف العقول : ص170 ؛ حلية الأولياء : ج1 ص80 كلّها نحوه ، تاريخ بغداد : ج6 ص379 ح3413 وفيه إلى «للدنيا» وكلاهما عن كميل بن زياد .
5- .علل الشرائع : ص40 ح1 ، عيون أخبار الرضا : ج1 ص205 ح1 كلاهما عن أبي الصلت عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام .

ص: 44

زعم : عن عبد الأعلى :إنَّ العِلمَ مِفتاحُ كُلِّ بابٍ ، وكُلُّ بابٍ يَفتَحُ ألفَ بابٍ (1) .زعل : عن مروان :الإمام الصادق عليه السلام :قَدِمَ وَفدٌ مِن أهلِ فِلَسطينَ عَلَى الباقِرِ عليه السلام ، فَسَأَلوهُ عَن مَسائِلَ ، فَأَجابَهُم : . . . لَم يَجِد جَدّي أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام حَمَلَةً لِعِلمِهِ حَتّى كانَ يَتَنَفَّسُ الصُّعَداءَ ، ويَقولُ عَلَى المِنبَرِ : سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَإِنَّ بَينَ الجَوانِحِ (2) مِنّي عِلما جَمّا ، ها هاه ألا لا أجِدُ مَن يَحمِلُهُ ! (3)* وعن أمير المؤمنين عليه السلام :المزار الكبير عن مَيثَم :أصحَرَ (4) بي مَولايَ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام لَيلَةً مِنَ اللَّيالي ، حَتّى خَرَجَ مِنَ الكوفَةِ وَانتَهى إلى مَسجِدِ جُعفِيٍّ ، تَوَجَّهَ إلَى القِبلَةِ وصَلّى أربَعَ رَكَعاتٍ ، فَلَمّا سَلَّمَ وسَبَّحَ بَسَطَ كَفَّيهِ وقالَ : «إلهي كَيفَ أدعوكَ وقَد عَصَيتُكَ ، وكَيفَ لا أدعوكَ وقَد عَرَفتُكَ . . .» وأخفَتَ دُعاءَهُ ، وسَجَدَ وعَفَّرَ وقالَ : العَفوَ العَفوَ ، مِئَةَ مَرَّةٍ ، وقامَ وخَرَجَ وَاتَّبَعتُهُ حَتّى خَرَجَ إلَى الصَّحراءِ ، وخَطَّ لي خَطَّةً وقالَ : إيّاكَ أن تُجاوِزَ هذِهِ الخَطَّةَ ، ومَضى عَنّي .

وكانَت لَيلَةٌ دَلهَمَةٌ (5) ، فَقُلتُ : يا نَفسي أسلَمتِ مَولاكِ ولَهُ أعداءٌ كَثيرَةٌ ، أيُّ عُذرٍ يَكونُ لَكَ عِندَ اللّهِ وعِندَ رَسولِهِ ؟ ! وَاللّهَ لَأَقفنَّ [ لَأَقفُوَنَّ ] أثَرَهُ ، ولَأَعلَمَنَّ خَبَرَهُ ، وإن كُنتُ قَد خالَفتُ أمرَهُ ، وجَعَلتُ أتَّبِعُ أثَرَهُ ، فَوَجَدتُهُ عليه السلام مُطَّلِعا فِي البِئرِ إلى نِصفِهِ يُخاطِبُ البِئرَ وَالبِئرُ تُخاطِبُهُ ، فَحَسَّ بي ، وَالتَفَتَ عليه السلام وقالَ : مَن ؟ قُلتُ : مَيثَمٌ . .


1- .الخصال : ص645 ح29 ، الاختصاص : ص283 ، بصائر الدرجات : ص305 ح12 كلّها عن أبي إسحاق السبيعي عن بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ممّن يثق به .
2- .الجوانح : أوائل الضلوع تحت الترائب ممّا يلي الصدر ، كالضلوع ممّا يلي الظهر ، سُمّيت بذلك لجنوحها على القلب (لسان العرب : ج2 ص429) .
3- .التوحيد : ص92 ح6 عن وهب بن وهب القرشي وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص38 .
4- .أصحَر الرجلُ : إذا خَرج إلى الصحراء (النهاية : ج3 ص12) .
5- .في المصدر : «دلهة» ، وما أثبتناه من المزار للشهيد الأوّل . ولَيلٌ دَلْهَم : مظلم (المحيط في اللغة : ج4 ص136) .

ص: 45

* وعن أمير المؤمنين عليه السلام :فَقالَ : يا مَيثَمُ ، ألَم آمُركَ أن لا تُجاوِزَ الخَطَّةَ ؟ قُلتُ : يا مَولايَ ، خَشيتُ عَلَيكَ مِنَ الأَعداءِ ، فَلَم يَصبِر لِذلِكَ قَلبي .

فَقالَ : أ سَمِعتَ مِمّا قُلتُ شَيئا ؟ قُلتُ : لا يا مَولايَ . فَقالَ : يا مَيثَم

وفِي الصَّ_در لب_اناتُ (1)

إذا ض_اقَ لَه_ا صَ_دري نَكَتُّ الأَرضَ بِ__الكَفِّ

وأب_دَيتُ لَه_ا سِ_رّي فَ__مَهما تُ__نبِتُ الأَرضُ

فَذاكَ النَ_بتُ مِ_ن بَ_ذري (2) .


1- .جمع اللبانة : الحاجة من غير فاقة ولكن من هِمّة (لسان العرب : ج13 ص377) .
2- .المزار الكبير : ص149 و ص153 ، المزار للشهيد الأوّل : ص270 و ص275 .

ص: 46

. .

ص: 47

الفصل الثالث : أنواع علومه

3 / 1 علم الكتاب

الفصل الثالث : أنواع علومه3 / 1عِلمُ الكِتابِ* ومنه عن جبرئيل عليه السلام في إخباره النبيّ صلىالإمام عليّ عليه السلام_ في قَولِ اللّهِ تَبارَكَ وتَعالى : «قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدَا بَيْنِى وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَ_بِ» (1) _: أنَا هُوَ الَّذي عِندَهُ عِلمُ الكِتابِ (2) .زعزع : عن فاطمة عليهاالسلام :المناقب لابن المغازليّ عن عبد اللّه بن عَطاء :كُنتُ عِندَ أبي جَعفَرٍ جالِسا إذ مَرَّ عَلَيهِ ابنُ عَبدِ اللّهِ بنِ سَلامٍ ، قُلتُ : جَعَلَنِي اللّهُ فِداكَ ، هذَا ابنُ الَّذي عِندَهُ عِلمٌ مِنَ الكِتابِ ؟ قالَ : لا ، ولكِنَّهُ صاحِبُكُم عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ الَّذي نَزَلَت فيهِ آياتٌ مِن كِتابِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ ، الَّذي عِندَهُ عِلمٌ مِنَ الكِتابِ (3) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في ضغط القبرالإمام الحسين عليه السلام :نَحنُ الَّذينَ عِندَنا عِلمُ الكِتابِ وبَيانُ ما فيهِ ، ولَيسَ لِأَحَدٍ مِن خَلقِهِ ما

.


1- .الرعد : 43 .
2- .بصائر الدرجات : ص216 ح21 عن سلمان .
3- .المناقب لابن المغازلي : ص314 ح358 ، شواهد التنزيل : ج1 ص402 ح425 ؛ تفسير الحبري : ص28 ح41 وليس فيهما «الذي نزلت فيه . . .» ، شرح الأخبار : ج2 ص347 ح698 كلّها نحوه وراجع تفسير العيّاشي : ج2 ص220 ح77 والعمدة : ص290 ح476 والمناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص29 .

ص: 48

* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في ضغط القبرعِندَنا ، لِأَ نّا أهلُ سِرِّ اللّهِ (1) .زعر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام يصف الغيث :الكافي عن عبد الرحمن بن كثير عن الإمام الصادق عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «قَالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَ_بِ أَنَا ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ» (2) _: فَفَرَّجَ أبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام بَينَ أصابِعِهِ فَوَضَعَها في صَدرِهِ ، ثُمَّ قالَ : وعِندَنا وَاللّهِ عِلمُ الكِتابِ كُلُّهُ (3) .* وفي فاطمة عليهاالسلام في القيامة :عيون أخبار الرضا عن أبي الحسن محمّد بن يحيى الفارِسيّ :نَظَرَ أبو نُواسٍ إلى أبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ موسَى الرِّضا عليهماالسلام ذاتَ يَومٍ وقَد خَرَجَ مِن عِندِ المَأمونِ عَلى بَغلَةٍ لَهُ ، فَدَنا مِنهُ أبو نُواسٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ وقالَ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، قَد قُلتُ فيكَ أبياتا فَاُحِبُّ أن تَسمَعَها مِنّي ، قالَ : هاتِ . فَأَنشَأَ يَقولُ :

مُطَهَّرونَ نَقِيّاتٌ ثِيابُهُمُ

تَجرِي الصَّلاةُ عَلَيهِم أينَما ذُكِروا مَن لَم يَكُن عَلَوِيّا حينَ تَنسِبُهُ

فَمالَهُ مِن قَديمِ الدَّهرِ مُفتَخَرُ فَاللّهُ لَمّا بَرَا (4) خَلقا فَأَتقَنَهُ

صَفّاكُم وَاصطَفاكُم أيُّهَا البَشَرُ فَأَنتُمُ المَلَأُ الأَعلى وعِندَكُمُ

عِلمُ الكِتابِ وما جاءَت بِهِ السُّوَرُ

فِقالَ الرِّضا عليه السلام : قَد جِئتَنا بِأَبياتٍ ما سَبَقَكَ إلَيها أحَدٌ (5) .راجع : كتاب «أهل البيت في الكتاب والسنّة» : ص 193 (علم الكتاب) .

.


1- .المناقب لابن شهر آشوب : ج4 ص52 عن الأصبغ بن نباتة ، بحار الأنوار : ج44 ص184 ح11 .
2- .النمل : 40 .
3- .الكافي : ج1 ص229 ح5 و ص257 ح3 عن سدير نحوه ، مختصر بصائر الدرجات : ص108 ، الخرائج والجرائح : ج2 ص797 ح6 كلاهما عن الحسين بن علوان ، بصائر الدرجات : ص212 ح2 ، تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص239 ح22 .
4- .في المصدر : «برئ» ، وما أثبتناه من المناقب لابن شهر آشوب .
5- .عيون أخبار الرضا : ج2 ص143 ح10 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج4 ص366 وفيه من «مطهّرون نقيّات . . .» .

ص: 49

3 / 2 علم القرآن

3 / 2عِلمُ القُرآنِزحل : عن أبي عبداللّه عليه السلام :شواهد التنزيل عن أنس :قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : عَلِيٌّ يُعَلِّمُ النّاسَ بَعدي مِن تَأويلِ القُرآنِ ما لا يَعلَمونَ _ أو قالَ : يُخبِرُهُم _ (1) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :رسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَعاشِرَ النّاسِ ، هذا عَلِيٌّ أخي ووَصِيّي وواعي عِلمي وخَليفَتي في اُمَّتي عَلى مَن آمَنَ بي ، ألا إنَّ تَنزيلَ القُرآنِ عَلَيَّ ، وتَأويلَهُ وتَفسيرَهُ بَعدي عَلَيهِ (2) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :وَاللّهِ ما نَزَلَت آيَةٌ إلّا وقَد عَلِمتَ فيما نَزَلَت ، وأينَ نَزَلَت ، وعَلى مَن نَزَلَت ، إنَّ رَبّي وَهَبَ لي قَلبا عَقولاً ولِسانا طَلِقا (3) .زحف : عن الرضا عليه السلام في بيان الكبائر :عنه عليه السلام :وَاللّهِ ما نَزَلَت آيَةٌ إلّا وقَد عَلِمتُ فيما نَزَلَت ، وأينَ نَزَلَت ، إنَّ رَبّي وَهَبَ لي قَلبا عَقولاً ولِسانا سَؤولاً (4) .* ومنه أ نّه عليه السلام :عنه عليه السلام :سَلوني عَن كِتابِ اللّهِ ، فَإِنَّهُ لَيسَ مِن آيَةٍ إلّا وقَد عَرَفتُ بِلَيلٍ نَزَلَت أم بِنَهارٍ ، في سَهلٍ أم في جَبَلٍ (5) .

.


1- .شواهد التنزيل : ج1 ص39 ح28 .
2- .اليقين : ص352 ح127 ، الاحتجاج : ج1 ص147 ح32 كلاهما عن علقمة بن محمّد الحضرمي عن الإمام الباقر عليه السلام وفيه «على اُمّتي وعلى تفسير كتاب اللّه عزّ وجلّ والداعي إليه» بدل «في اُمّتي . . .» ، التحصين لابن طاووس : ص583 ح29 وفيه «على تفسير كتاب ربّي والدعاء إليه» بدل «ألا إنّ تنزيل . . .» ، العدد القويّة : ص174 ح8 وفيه «على تفسير كتاب اللّه ربّي والداعي إليه» بدل «ألا إنّ تنزيل . . .» ، الصراط المستقيم : ج1 ص302 وفيه «على تفسير كتاب ربّي» بدل «ألا إنّ تنزيل . . .» والثلاثة الأخيرة عن زيد بن أرقم .
3- .الطبقات الكبرى : ج2 ص338 ، تاريخ دمشق : ج42 ص398 ، شواهد التنزيل : ج1 ص45 ح38 ، المناقب للخوارزمي : ص90 ح82 كلّها عن سليمان الأحمسي عن أبيه ، الصواعق المحرقة : ص127 وفيه «ناطقا» بدل «طلقا» ؛ تفسير العيّاشي : ج1 ص17 ح12 عن سليمان الأعمش عن أبيه .
4- .أنساب الأشراف : ج2 ص351 عن سليمان الأحمسي ، حلية الأولياء : ج1 ص67 ، المناقب للخوارزمي : ص90 ح81 كلاهما عن سليمان الأحمسي عن أبيه ، تاريخ دمشق : ج42 ص397 عن ثوير عن أبيه نحوه .
5- .الطبقات الكبرى : ج2 ص338 ، التاريخ الكبير : ج8 ص165 ح2570 وفيه «مافي القرآن آية إلّا أعلم فأين نزلت ، في سهلٍ أو جبل ، أو بليلٍ أو بنهار» ، أنساب الأشراف : ج2 ص351 ، الصواعق المحرقة : ص128 ، تاريخ دمشق : ج42 ص398 ، المناقب للخوارزمي : ص94 ح92 كلّها عن أبي الطفيل وراجع علل الشرائع : ص40 ح1 والأمالي للصدوق : ص350 ح423 والاُصول الستّة عشر : ص64 .

ص: 50

* وعن الحسن بن عليّ عليهماالسلام في الخلافة :عنه عليه السلام :سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَوَاللّهِ ما فِي القُرآنِ آيَةٌ إلّا وأنَا أعلَمُ فيمَن نَزَلَت ، وأينَ نَزَلَت ، في سَهلٍ أو في جَبَلٍ ، وإنَّ رَبّي وَهَبَ لي قَلبا عَقولاً ، ولِسانا ناطِقا (1) .* ومنه عن فاطمة عليهاالسلام :عنه عليه السلام :يا أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ العِلمَ يُقبَضُ قَبضا سَريعا ، وإنّي اُوشِكُ أن تَفقِدوني فَسَلوني ، فَلَن تَسأَلوني عَن آيَةٍ مِن كِتابِ اللّهِ إلّا نَبَّأتُكُم بِها ، وفيما اُنزِلَت ، وإنَّكُم لَن تَجِدوا أحَدا مِن بَعدي يُحَدِّثُكُم (2) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :يا أيُّهَا النّاسُ ، سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَوَاللّهِ ما بَينَ لَوحَيِ المُصحَفِ آيَةٌ تَخفى عَلَيَّ فيما اُنزِلَت ، ولا أينَ نَزَلَت ، ولا ما عُنِيَ بِها (3) .زحزح : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :يا أيُّهَا النّاسُ سَلوني ، فَإِنَّكُم لا تَجِدون أحَدا بَعدي هُوَ أعلَمُ بِما تَسأَلونَهُ مِنّي ، ولا تَجِدونَ أحَدا أعلَمَ بِما بَينَ اللَّوحَينِ مِنّي ، فَسَلوني (4) .* وعن الصادق عليه السلام :عنه عليه السلام :ما نَزَلَت عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله آيَةٌ مِنَ القُرآنِ إلّا أقرَأَنيها وأملاها عَلَيَّ ، فَكَتَبتُها بِخَطّي ، وعَلَّمَني تَأويلَها وتَفسيرَها ، وناسِخَها ومَنسوخَها ، ومُحكَمَها ومُتَشابِهَها ، وخاصَّها وعامَّها (5) . .


1- .غرر الحكم : ح5637 .
2- .تاريخ دمشق : ج42 ص397 عن عامر بن واثلة .
3- .تاريخ دمشق : ج42 ص397 عن أبي الطفيل ؛ تفسير العيّاشي : ج1 ص17 ح11 عن أبي فاختة وفيه «ما بين اللوحين شيء إلّا وأنا أعلمه» .
4- .تاريخ دمشق : ج42 ص398 عن أبي الطفيل وراجع شرح الأخبار : ج2 ص217 و ص231 و ج1 ص91 ح7 و ص196 ح160 .
5- .الكافي : ج1 ص64 ح1 ، الخصال : ص257 ح131 ، كمال الدين : ص284 ح37 ، تفسير العيّاشي : ج1 ص14 ح2 و ص253 ح177 وفيهما إلى «متشابهها» ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص624 ح10 وفيه إلى «بخطّي» وكلّها عن سليم بن قيس .

ص: 51

زجا : عن جابر :عنه عليه السلام :ما نَزَلَت عَلَيهِ[ صلى الله عليه و آله ] آيَةٌ في لَيلٍ ولا نَهارٍ ، ولا سَماءٍ ولا أرضٍ ، ولا دنيا وآخِرَةٍ ، ولا جَنَّةٍ ولا نارٍ ، ولا سَهلٍ ولاجَبَلٍ ، ولا ضِياءٍ ولا ظُلمَةٍ ، إلّا أقرَأَنيها وأملاها عَلَيَّ ، فَكَتَبتُها بِيَدي ، وعَلَّمَني تَأويلَها وتَفسيرَها ، وناسِخَها ومَنسوخَها ، ومُحكَمَها ومُتَشابِهَها ، وخاصَّها وعامَّها ، وأينَ نَزَلَت وفيمَ نَزَلَت إلى يَومِ القِيامَةِ (1) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :ما فِي القُرآنِ آيَةٌ إلّا وقَد قَرَأتُها عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وعَلَّمَني مَعناها (2) .زجل : عن الرضا عليه السلام في الملائكة :عنه عليه السلام :لَم يُنزِلِ اللّهُ عَلى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله آيَةً مِنَ القُرآنِ إلّا وقَد جَمَعتُها ، ولَيسَت مِنهُ آيَةٌ إلّا وقَد أقرَأَنيها رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وعَلَّمَني تَأويلَها (3) .* ومنه الخبر :الإمام الصادق عن الإمام عليّ عليهماالسلام :سَلوني عَن كِتابِ اللّهِ عَزَّوجَلَّ ، فَوَاللّهِ ما نَزَلَت آيَةٌ مِنهُ في لَيلٍ أو نَهارٍ ، ولا مَسيرٍ ولا مُقامٍ ، إلّا وقَد أقرَأَنيها رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وعَلَّمَني تَأويلَها .

فَقالَ ابنُ الكَوّاءِ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، فَما كانَ يَنزِلُ عَلَيهِ وأنتَ غائِبٌ عَنهُ ؟

قالَ : كانَ يَحفَظُ عَلَيَّ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ما كانَ يَنزِلُ عَلَيهِ مِنَ القُرآنِ وأنَا عَنهُ غائِبٌ حَتّى أقدَمَ عَلَيهِ فَيُقرِئُنيهِ ويَقولُ لي : يا عَلِيُّ ، أنزَلَ اللّهُ عَلَيَّ بَعدَكَ كَذا وكَذا وتَأويلُهُ كَذا وكَذا ، فَيُعَلِّمُنيتَنزيلَهُ وتَأويلَهُ (4) .زجر : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى قَد خَصَّني مِن بَينِ أصحابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله بِعِلمِ النّاسِخِ والمَنسوخِ ، وَالمُحكَمِ والمُتَشابِهِ ، وَالخاصِّ وَالعامِّ ، وذلِكَ مِمّا مَنَّ اللّهُ بِهِ عَلَى .


1- .تحف العقول : ص196 ، بصائر الدرجات : ص198 ح3 عن سليم بن قيس .
2- .شواهد التنزيل : ج1 ص43 ح33 عن إسماعيل بن جعفر عن أبيه الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام .
3- .الاحتجاج : ج1 ص207 ح38 ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص581 ح4 كلاهما عن سلمان .
4- .الأمالي للطوسي : ص523 ح1158 ، بشارة المصطفى : ص219 كلاهما عن محمّد بن جعفر بن محمّد عليهماالسلاموعن المجاشعي عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، الاحتجاج : ج1 ص617 ح140 عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص802 ح31 عن الإمام عليّ عليه السلام نحوه .

ص: 52

زجر : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :وعَلى رَسولِهِ (1) .* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :ذلِكَ القُرآنُ فَاستَنطِقوهُ ولَن يَنطِقَ لَكُم ، اُخبِرُكُم عَنهُ : إنَّ فيهِ عِلمَ ما مَضى ، وعِلمَ ما يَأتي إلى يَومِ القِيامَةِ ، وحُكمَ ما بَينَكُم ، وبَيانَ ما أصبَحتُم فيهِ تَختَلِفونَ ، فَلَو سَأَلتُموني عَنهُ لَعَلَّمتُكُم (2) .* ومنه في حمزة :عنه عليه السلام :ذلِكَ القُرآنُ فَاستَنطِقوهُ ولَن يَنطِقَ ، ولكِن اُخبِرُكُم عَنهُ : ألا إنَّ فيهِ عِلمَ ما يَأتي ، وَالحَديثَ عَنِ الماضي ، ودَواءَ دائِكُم ، ونَظمَ ما بَينَكُم (3) .* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله :الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ اللّهَ عَلَّمَ نَبِيَّهُ التَّنزيلَ وَالتَّأويلَ ، فَعَلَّمَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلِيّا عليه السلام . قالَ : وعَلَّمَنا وَاللّهِ (4) .* ومنه في صفة المهديّ عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :لَو شِئتُ لَأَوقَرتُ (5) مِن تَفسيرِ الفاتِحَةِ سَبعينَ بَعيرا (6) .زجج : عن ابن الحنفيّة :يَنابيعُ المَودّة عن ابن عبّاس :أخَذَ بِيَدي الإِمامُ عَلِيٌّ لَيلَةً مُقمِرَةً ، فَخَرَجَ بي إلَى البقَيعِ (7) بَعدَ العِشاءِ ، وقالَ : اِقرَأ يا عَبدَ اللّهِ ، فَقَرَأتُ : «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَ_نِ الرَّحِيمِ» ، فَتَكَلَّمَ لي في أسرارِ الباء إلى بُزوغِ الفَجرِ (8) .* وفي قضاء أميرالمؤمنين عليه السلام :تفسير العيّاشي عن الأَصبَغ بن نُباتَة :لَمّا قَدِمَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام الكوفَةَ صَلّى بِهِم أربَعينَ صَباحا يَقرَأُ بِهِم : «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى» (9) قالَ : فَقالَ المُنافِقونَ : لا وَاللّهِ ما يُحسِن .


1- .الخصال : ص576 ح1 عن مكحول .
2- .الكافي : ج1 ص61 ح7 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، تفسير القمّي : ج1 ص3 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 158 ، بحار الأنوار : ج92 ص23 ح24 .
4- .الكافي : ج7 ص442 ح15 ، تهذيب الأحكام : ج8 ص286 ح1052 ، تفسير العيّاشي : ج1 ص17 ح13 وفيه إلى «عليّا عليه السلام » وكلّها عن أبي الصباح .
5- .الوِقر _ بكسر الواو _ : الحِمْل ، وأكثر ما يُستعمل في حِمْل البغل والحمار (النهاية : ج5 ص213) .
6- .ينابيع المودّة : ج3 ص209 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص43 .
7- .البَقيع : هو مقبرة أهل المدينة ، وهو داخل المدينة ، ويسمّى بقيع الغَرْقَد (معجم البلدان : ج1 ص473) .
8- .ينابيع المودّة : ج1 ص214 ح19 .
9- .الأعلى : 1 .

ص: 53

* وفي قضاء أميرالمؤمنين عليه السلام :ابنُ أبي طالِبٍ أن يَقرَأَ القُرآنَ ، ولَو أحسَنَ أن يَقَرأَ القُرآنَ لَقَرَأَ بِنا غَيرَ هذِهِ السّورَةِ .

قالَ : فَبَلَغَهُ ذلِكَ ، فَقالَ : وَيلٌ لَهُم ، إنّي لَأَعرِفُ ناسِخَهُ مِن مَنسوخِهِ ، ومُحكَمَهُ مِن مُتَشابِهِهِ ، وفَصلَهُ من فِصالِهِ ، وحُروفَهُ مِن مَعانيهِ . وَاللّهِ ما مِن حَرفٍ نَزَلَ عَلى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله إلّا أنّي أعرِفُ فيمَن اُنزِلَ ، وفي أيِّ يَومٍ ، وفي أيِّ مَوضِعٍ .

وَيلٌ لَهُم ! أ ما يَقرَؤونَ : «إِنَّ هَ_ذَا لَفِى الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَ هِيمَ وَ مُوسَى» (1) ؟ وَاللّهِ عِندي ، وَرِثتُهُما مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وقَد أنهى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِن إبراهيمَ وموسى عليهماالسلام .

وَيلٌ لَهُم ! وَاللّهِ أنَا الَّذي أنزَلَ اللّهُ فِيَّ : «وَ تَعِيَهَآ أُذُنٌ وَ عِيَةٌ» (2) فَإِنَّما كُنّا عِندَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَيُخبِرُنا بِالوَحيِ فَأَعيهِ أنَا ومَن يَعيهِ ، فَإِذا خَرَجنا قالوا : ماذا قالَ آنِفا ؟ (3)زبا : عن عثمان :تاريخ دمشق عن ابن شُبرُمَة :ما كانَ أحَدٌ عَلَى المِنبَرِ يَقولُ : سَلوني عَمّا بَينَ اللَّوحَينِ إلّا عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ (4) .* وعن العالم عليه السلام في أهل النار :المناقب لابن شهر آشوب عن الشّعبي :ما أحَدٌ أعلَمَ بِكِتابِ اللّهِ بَعدَ نَبِيِّ اللّهِ مِن عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ (5) .* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :النهاية عن ابن عبّاس :فَإِذا عِلمي بِالقُرآن في عِلمِ عَلِيٍّ كَالقَرارَةِ (6) في المُثعَنجَرِ (7) . (8) .


1- .الأعلى : 18 و 19 .
2- .الحاقّة : 12 .
3- .تفسير العيّاشي : ج1 ص14 ح1 ، بصائر الدرجات : ص135 ح3 .
4- .تاريخ دمشق : ج42 ص399 ، شواهد التنزيل : ج1 ص50 ح46 و 47 .
5- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص43 ؛ شواهد التنزيل : ج1 ص48 ح42 و ص49 ح43 كلاهما نحوه .
6- .القَرارة : الغدير الصغير (النهاية : ج1 ص212) .
7- .المثْعَنْجَر : هو أكثر موضع في البحر ماءً . والميم والنون زائدتان (النهاية : ج1 ص212) .
8- .النهاية في غريب الحديث : ج1 ص212 ، لسان العرب : ج4 ص103 ؛ بحار الأنوار : ج92 ص106 نقلاً عن النقّاش .

ص: 54

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الكافي عن منصور بن حازم :قُلتُ لِأَبي عَبدِ اللّه عليه السلام : إنَّ اللّهَ أجَلُّ وأكرَمُ مِن أن يُعرَفَ بِخَلقِهِ ، بَلِ الخَلقُ يُعرَفونَ بِاللّهِ . قالَ : صَدَقَت .

قُلتُ : إنَّ مَن عَرَفَ أنَّ لَهُ رَبّا فَيَنبَغي لَهُ أن يَعرِفَ أنَّ لِذلِكَ الرَّبِّ رِضا وسَخَطا ، وأنَّهُ لا يُعرَفُ رِضاهُ وسَخَطُهُ إلّا بِوَحيٍ أو رَسولٍ ، فَمَن لَم يَأتِهِ الوَحيُ فَقَد يَنبَغي لَهُ أن يَطلُبَ الرُّسُلَ ، فَإِذا لَقِيَهُم عَرَفَ أنَّهُمُ الحُجَّةُ وأنَّ لَهُم الطّاعَةُ المُفتَرَضَةُ .

وقُلتُ لِلنّاسِ : تَعلَمونَ أنَّ رَسولَاللّهِ صلى الله عليه و آله كانَ هُوَ الحُجَّةَ مِنَ اللّهِ عَلى خَلقِهِ ؟ قالوا : بَلى .

قُلتُ : فَحينَ مَضى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، مَن كانَ الحُجَّةُ عَلى خَلقِهِ ؟ فَقالوا : القُرآنُ .

فَنَظَرتُ فِي القُرآنِ فَإِذا هُوَ يُخاصِمُ بِهِ المُرجِئُ وَالقَدَرِيُّ وَالزِّنديقُ الَّذي لا يُؤمِنُ بِهِ حَتّى يَغلِبَ الرِّجالَ بِخُصومَتِهِ ، فَعَرَفتُ أنَّ القُرآنَ لا يَكونُ حُجَّةً إلّا بِقَيِّمٍ ، فَما قالَ فيهِ مِن شَيءٍ كانَ حَقّا .

فَقُلتُ لَهُم : مَن قَيِّمُ القُرآنِ ؟ فَقالوا : اِبنُ مَسعودٍ ، قَد كانَ يَعلَمُ ، وعُمَرُ يَعلَمُ ، وحُذَيفَةُ يَعلَمُ .

قُلتُ : كُلَّهُ ؟ قالوا : لا .

فَلَم أجِد أحَدا يُقالُ : إنَّهُ يَعرِفُ ذلِكَ كُلَّهُ إلّا عَلِيّا عليه السلام ، وإذا كانَ الشَّيءُ بَينَ القَومِ فَقالَ هذا : لا أدري ، وقالَ هذا : لا أدري ، وقالَ هذا : لا أدري ، وقالَ هذا : أنَا أدري ، فَأَشهَدُ أنَّ عَلِيّا عليه السلام كانَ قَيِّمُ القُرآنِ ، وكانَت طاعَتُهُ مُفتَرَضَةً ، وكانَ الحُجَّةُ عَلَى النّاسِ بَعدَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وأنَّ ما قالَ فِيالقُرآنِ فَهُوَ حَقٌّ. فَقالَ : رَحِمَكَ اللّهُ (1) .زبن : فيه :تاريخ دمشق عن أبي عبد الرحمن السُّلَميّ :ما رَأَيتُ أحَدا أقرَأَ لِكِتابِ اللّهِ مِن عَلِيِّ بن .


1- .الكافي : ج1 ص168 ح2 .

ص: 55

زبن : فيه :أبي طالِبٍ (1) .* وعن قنبر في الغُلاة :المعجم الكبير عن عبد اللّه [بن مسعود] :قَرَأتُ عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله سَبعينَ سورَةً ، وخَتَمتُ القُرآنَ عَلى خَيرِ النّاسِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رضى الله عنه (2) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام :شواهد التنزيل عن عبد اللّه بن مسعود :أفرَضُ أهلِ المَدينَةِ وأقرَؤُها عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام (3) .زبل : في الخبر :تاريخ دمشق عن أبي عبد الرحمن السُّلَميّ :ما رَأَيتُ قُرَشِيّا قَطُّ أقرَأَ مِن عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ (4) .* ومنه عن القاسم بن المحسن :شرح نهج البلاغة_ في عَلِيٍّ عليه السلام _: أمّا قِراءَتُهُ القُرآنَ وَاشتِغالُهُ بِهِ فَهُوَ المَنظورُ إلَيهِ في هذَا البابِ . . . إذا رَجَعتُ إلى كُتُبِ القِراءاتِ وَجَدتُ أئِمَّةَ القُرّاءِ كُلَّهُم يَرجِعونَ إلَيهِ ؛ كَأَبي عَمرِو بنِ العَلاءِ وعاصِمِ بن أبي النَّجودِ وغَيرِهِما ؛ لِأَ نَّهُم يَرجِعونَ إلى أبي عَبدِ الرَّحمنِ السُّلَمِيِّ القارِىَ، وأبو عَبدِ الرَّحمنِ كانَ تِلميذَهُ ، وعَنهُ أخَذَ القُرآنَ ، فَقَد صارَ هذَا الفَنُّ مِنَ الفُنونِ الَّتي تَنتَهي إلَيهِ أيضا ، مِثلُ كَثيرٍ مِمّا سَبَقَ (5) .* ومنه عن أبي سعيد الخدريّ :شرح نهج البلاغة_ في عَلِيٍّ عليه السلام _: ما أقولُ في رَجُلٍ تَعَزّى إلَيهِ كُلُّ فَضيلَةٍ . . . ومِنَ العُلومِ عِلمُ تَفسيرِ القُرآنِ ، وعَنهُ اُخِذَ ، ومِنهُ فُرِّعَ . وإذا رَجَعتَ إلى كُتُبِ التَّفسيرِ عَلِمتَ صِحَّةَ ذلِكَ ، لِأَنَّ أكثَرَهُ عَنهُ وعَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ ، وقَد عَلِمَ النّاسُ حالَ ابن .


1- .تاريخ دمشق : ج42 ص401 ، الاستيعاب : ج3 ص210 الرقم 1875 ، شواهد التنزيل : ج1 ص33 الرقم 17 و ص34 الرقم 19 وليس فيها ذيله و ص32 الرقم 15 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص42 عن ابن مسعود .
2- .المعجم الكبير : ج9 ص76 ح8446 ، المعجم الأوسط : ج5 ص101 ح4792 ، تاريخ دمشق : ج42 ص401 وفيه «تسعين» بدل «سبعين» ، المناقب للخوارزمي : ص93 ح90 ؛ شرح الأخبار : ج1 ص144 ح83 ، الأمالي للطوسي : ص606 ح1253 نحوه .
3- .شواهد التنزيل : ج1 ص34 ح20 .
4- .تاريخ دمشق : ج42 ص402 .
5- .شرح نهج البلاغة : ج1 ص27 .

ص: 56

3 / 3 علم الدّين

* ومنه عن أبي سعيد الخدريّ :عَبّاسٍ في مُلازَمَتِهِ لَهُ ، وَانقِطاعِهِ إلَيهِ ، وأنَّهُ تِلميذُهُ وخِرّيجُهُ . وقيلَ لُهُ : أينَ عِلمُكَ مِن عِلمِ ابنِ عَمِّكَ ؟ فَقالَ : كَنِسبَةِ قَطرَةٍ مِنَ المَطَرِ إلَى البَحرِ المُحيطِ ! (1)زبع : عن ابن مسعود في الجنّ :مطالب السؤول :قَدِ استَفاضَ بَينَ الاُمَّةِ أنَّ رَئيسَ أئِمَّةِ التَّفسيرِ وقُدوَتَهُم وَالمُقَدَّمَ عَلَيهِم وَالمُشارَ إلَيهِ فيهِ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ ، وهُوَ كانَ تِلميذا لِعَلِيٍّ عليه السلام ، ومُقتَدِيا بِهِ ، وآخِذا عَنهُ ، ومُستَفيدا مِنهُ .

وإمامُ الكوفِيّينَ المَشهورُ بِالقِراءَةِ بَينَهُم عاصِمُ بنُ أبِي النَّجودِ ، وقَدِ انتَشَرَ قِراءَتُهُ فِي الدُّنيا ، واُخِذَت عَنهُ مِن رِوايَةِ أبي بَكرٍ وحَفصٍ وهِيَ القِراءَةُ المَشهورَةُ المَذكورَةُ ، وهُوَ فيها تِلميذٌ لِأَبي عَبدِ الرَّحمنِ السُّلَمِيَّ ، وأبو عَبدِ الرَّحمنِ تِلميذٌ لِعَلِيٍّ عليه السلام ، نَقَلَها عَنهُ وأخَذَها مِنهُ ، وهُوَ عليه السلام أخَذَها وَاستَفادَها مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَعاصِمٌ فيها تِلميذٌ لِتِلميذِ عَلِيٍّ عليه السلام (2) .راجع : ج 4 ص 363 (الذي عنده علم الكتاب) و ص 533 (القرآن الناطق) .

3 / 3عِلمُ الدّينِ* وعن أبي ذرّ في معاوية :رسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا اُمَّ سَلَمَةَ ، اسمَعي وَاشهَدي : هذا عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ أميرُ المُؤمِنينَ ، وسَيِّدُ المُسلِمينَ ، وعِندَهُ عِلمُ الدّينِ (3) .* ومنه عن الصادق عليه السلام :الإمام الصادق عليه السلام :كان عَلِيٌّ عليه السلام يَعلَمُ الخَبَرَ الحَلالَ وَالحَرامَ ، ويَعلَمُ القُرآنَ ، ولِكُلِّ شَيءٍ مِنهُما حَدّا (4) .

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج1 ص17 و ص19 .
2- .مطالب السؤول : ص29 .
3- .اليقين : ص415 ح154 ، بحار الأنوار : ج38 ص123 ح70 .
4- .المحاسن : ج1 ص425 ح978 عن حفص بن قرط .

ص: 57

* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :كانَ عَلِيٌّ عليه السلام صاحِبَ حَلالٍ وحَرامٍ وعِلمٍ بِالقُرآنِ ، ونَحنُ عَلى مِنهاجِهِ (1) .* وعن ابن صدقة عن الصادق عن آبائه عليهم السلامالطبقات الكبرى عن ابن عبّاس :إذا حَدَّثَنا ثِقَةٌ عَن عَلِيٍّ بِفُتيا لا نَعدوها (2) .زبر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في يوم القيامةتاريخ دمَشق عن ابن عبّاس :إذا بَلَغَنا شَيءٌ تَكَلَّمَ بِهِ عَلِيٌّ مِن فُتيا أو قَضاءٍ وثَبَتَ ، لَم نُجاوِزهُ إلى غَيرِهِ (3) .زبد : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله _ لمّافضائل الصحابة عن عبد اللّه :أعلَمُ أهلِ المَدينَةِ بِالفَرائِضِ عَلِيُّ بنُ أبيطالِبٍ (4)

.* وعن جعفر عليه السلام :تاريخ دمَشق عن الشَّعبِيّ :لَيسَ مِنهُم أحَدٌ أقوى قَولاً فِي الفَرائِضِ مِن عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ (5) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في منع الزكاالتاريخ الكبير عن عائشة :عَلِيٌّ أعلَمُ النّاسِ بِالسُّنَّةِ (6) .زبب : عن عمّار :شرح نهج البلاغة عن عمر :لا يُفتِيَنَّ أحَدٌ فِي المَسجِدِ وعَلِيٌّ حاضِرٌ (7) .زؤان : عن أبي عبداللّه عليه السلام :الاستيعاب عن اُذَينة بن سَلَمَة العَبديّ :أتَيتُ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ فَسَأَلتُهُ : مِن أينَ أعتَمِرُ ؟ فَقالَ : ائتِ عَلِيّا فَاسأَلهُ . . . وذَكَرَ الحَديثَ . وفيهِ : وقالَ عُمَرُ : ما أجِدُ لَكَ إلّا ما قالَ عَلِيٌّ (8) . .


1- .تفسير العيّاشي : ج1 ص15 ح5 عن حفص بن قرط الجهني ، بحار الأنوار : ج92 ص95 ح53 .
2- .الطبقات الكبرى : ج2 ص338 ، أنساب الأشراف : ج2 ص352 ، تاريخ دمشق : ج42 ص407 وفيه «بقينا» بدل «بفتيا» .
3- .تاريخ دمشق : ج42 ص407 .
4- .فضائل الصحابة لابن حنبل : ج1 ص534 ح888 ، أنساب الأشراف : ج2 ص354 ، تاريخ دمشق : ج42 ص405 ، الاستيعاب : ج3 ص207 الرقم 1875 ، الرياض النضرة : ج3 ص160 .
5- .تاريخ دمشق : ج42 ص405 ، الاستيعاب : ج3 ص207 الرقم 1875 عن مغيرة .
6- .التاريخ الكبير : ج2 ص255 الرقم 2377 و ج3 ص228 الرقم 767 ، أنساب الأشراف : ج2 ص365 وفيه «من بقى» بدل «الناس» ، تاريخ دمشق : ج42 ص408 ، الاستيعاب : ج3 ص206 الرقم 1875 ، المناقب للخوارزمي : ص91 ح84 ؛ شرح الأخبار : ج2 ص310 ح633 .
7- .شرح نهج البلاغة : ج1 ص18 .
8- .الاستيعاب : ج3 ص208 و ص206 الرقم 1875 عن اُذينة بن مسلمة ، ذخائر العقبى : ص145 وفيه إلى «فاسأله» .

ص: 58

3 / 4 علم الشّرائع

زأم : فيه :السنن الكبرى عن أبي جعفر :أبصَرَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ عَلى عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ ثَوبَينِ مُضَرَّجَينِ وهُوَ مُحرِمٌ ، فَقالَ : ما هذِهِ الثِّيابُ ؟

فَقالَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ رضى الله عنه : ما أخالُ (1) أحَدا يُعَلِّمُنَا السُّنَّةُ . فَسَكَتَ عُمَرُ (2) .راجع : ج 4 ص 658 (عمر بن الخطّاب) .

3 / 4عِلمُ الشَّرائِعِزأبر : في الحديث :الإمام عليّ عليه السلام :أنَا وَاللّهِ أعلَمُ بِالتَّوراةِ مِن أهلِ التَّوراةِ ، وأعلَمُ بِالإِنجيلِ مِن أهلِ الإِنجيلِ ، وأعلَمُ بِالقُرآنِ مِن أهلِ القُرآنِ (3) .زاب : عن ابن أبي الهذيل :عنه عليه السلام :وَاللّهِ لَو ثُنِيَت لِيَ الوِسادَةُ لَقَضَيتُ بَينَ أهلِ التَّوراةِ بِتَوراتِهِم ، وبَينَ أهلِ الإِنجيلِ بِإِنجيلِهِم ، وبَينَ أهلِ الزَّبورِ بِزَبورِهِم ، وبَينَ أهلِ القُرآنِ بِقُرآنِهِم (4) .ريا : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإرشاد عن الأَصبَغ بن نُباتَة :لَمّا بويِعَ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام بِالخِلافَة

.


1- .خِلت إخال _ بالكسر والفتح ، والكسر أفصح وأكثر استعمالاً _ : إذا ظننتُ (النهاية : ج2 ص93) .
2- .السنن الكبرى : ج5 ص94 ح9115 ، الاُمّ : ج2 ص147 عن عمرو بن إيثار عن أبي جعفر محمّد بن عليّ ، كنز العمّال : ج5 ص267 ح12839 وراجع تفسير العيّاشي : ج2 ص38 ح105 .
3- .كتاب سليم بن قيس : ج2 ص913 ح65 و ص942 ح78 ، الفضائل لابن شاذان : ص119 ، تفسير فرات : ص68 ح38 كلّها عن سليم بن قيس .
4- .الأمالي للطوسي : ص523 ح1159 ، بشارة المصطفى : ص216 كلاهما عن محمّد بن جعفر بن محمّد عليهماالسلامعن الإمام الصادق عليه السلام وعن المجاشعي عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام وليس فيه «بين أهل الزبور بزبورهم» ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص55 ، الاحتجاج : ج1 ص625 ح145 ، الاُصول الستّة عشر : ص40 ، العمدة : ص208 ح321 ، تفسير فرات : ص188 ح239 والثلاثة الأخيرة عن زاذان ، شرح الأخبار : ج2 ص311 ح639 ؛ ينابيع المودّة : ج1 ص216 ح28 و 29 وليس في الثلاثة الأخيرة «بين أهل الزبور بزبورهم» وراجع تفسير العيّاشي : ج1 ص15 ح3 وبصائر الدرجات : ص132 _ 134 .

ص: 59

3 / 5 علم البلايا والمنايا

ريا : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :خَرَجَ إلَى المَسجِدِ مُعتَمّا بِعِمامَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، لابِسا بُردَيهِ ، فَصَعِدَ المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ووَعَظَ وأنذَرَ ، ثُمَّ جَلَسَ مُتَمَكِّنا وشَبَّكَ بَينَ أصابِعِهِ ووَضَعَها أسفَلَ سُرَّتِهِ .

ثُمَّ قالَ : يا مَعشَرَ النّاسِ ، سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَإِنَّ عِندي عِلمَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ .

أما وَاللّهِ لَو ثُنِيَ لِيَ الوَسادِ لَحَكَمتُ بَينَ أهلِ التَّوراةِ بِتَوراتِهِم ، وبَينَ أهلِ الإِنجيلِ بِإِنجيلِهِم ، وأهلِ الزَّبورِ بِزَبورِهِم ، وأهلِ القُرآنِ بِقُرآنِهِم ، حَتّى يَزهَرَ كُلُّ كِتابٍ مِن هذِهِ الكُتُبِ ويَقولُ : يا رَبِّ ، إنَّ عَلِيّا قَضى بِقَضائِكَ .

وَاللّهِ إنّي أعلَمُ بِالقُرآنِ وتَأويلِهِ مِن كُلِّ مُدَّعٍ عِلمَهُ ، ولَولا آيَةٌ في كِتابِ اللّهِ لَأَخبَرتُكُم بِما يَكونُ إلى يَومِ القِيامَةِ .

ثُمَّ قالَ : سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، وَالَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَو سَأَلتُموني عَن آيَةٍ آيَةٍ لَأَخبَرتُكُم بِوَقتِ نُزولِها ، وفيمَن نَزَلَت ، وأنبَأتُكُم بِناسِخِها مِن مَنسوخِها ، وخاصِّها مِن عامِّها ، ومُحكَمِها مِن مُتَشابِهِها ، ومَكِّيِّها مِن مَدَنِيِّها ، وَاللّهِ ما مِن فِئَةٍ تُضَلُّ أو تُهدى إلّا وأنَا أعرِفُ قائِدَها وسائِقَها وناعِقَها (1) إلى يَومِ القِيامَةِ (2) .3 / 5عِلمُ البَلايا وَالمَنايارين : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :أنَا الَّذي عُلِّمتُ عِلمَ المَنايا وَالبَلايا (3) وَالقَضايا ، وفَصلَ الخِطاب

.


1- .نعق الراعي بالغنم : صاح (لسان العرب : ج10 ص356) .
2- .الإرشاد : ج1 ص34 ، التوحيد : ص305 ح1 ، الأمالي للصدوق : ص422 ح560 ، الاحتجاج : ج1 ص609 ح138 ، الاختصاص : ص235 ، روضة الواعظين : ص132 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص38 كلّها نحوه وراجع الفصول المختارة : ص222 وشرح نهج البلاغة : ج20 ص283 ح242 .
3- .علمت المنايا : أي آجال الناس ، والبلايا : أي ما يمتحن اللّه به العباد من الشرور والآفات أو الأعمّ منها ومن الخيرات (مرآة العقول : ج2 ص371) .

ص: 60

3 / 6 علم ما كان وما يكون

رين : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :وَالأَنسابَ (1) .* وعن أبي جعفر عليه السلام في منع الزّكاة :عنه عليه السلام :سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، أ لا تَسأَلونَ مَن عِندَهُ عِلمُ المَنايا وَالبَلايا وَالأَنسابُ ؟ (2)* وعن ذي القرنين :عنه عليه السلام :عِندي عِلمُ المَنايا وَالبَلايا ، وَالوَصايا وَالأَسبابِ ، وفَصل الخِطابِ ، ومَولِدِ الإِسلامِ ، ومَوارِدِ الكُفرِ ، وأنَا صاحِبُ الميسَمِ ، وأنَا الفاروقُ الأَكبَرُ ، وأنَا صاحِبُ الكَرّاتِ ودَولَةُ الدُّوَلِ ، فَاسأَلوني عَمّا يَكونُ إلى يَومِ القِيامَةِ ، وعَمّا كانَ عَلى عَهدِ كُلِّ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللّهُ (3) .* ومنه عن حبّابة الوالبيّة في أبي جعفر عليه السلاالإمام الصادق عليه السلام :كانَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام كَثيرا ما يَقولُ : . . . ولَقَد اُعطيتُ خِصالاً ما سَبَقَني إلَيها أحَدٌ قَبلي ، عُلِّمتُ المَنايا وَالبَلايا ، وَالأَنسابَ وفَصلَ الخِطابِ ، فَلَم يَفُتني ما سَبَقَني ، ولَم يَعزُب عَنّي ما غابَ عَنّي ، اُبَشِّرُ بِإِذنِ اللّهِ واُؤَدّي عَنهُ ، كُلُّ ذلِكَ مِنَ اللّهِ مَكَّنَني فيهِ بِعِلمِهِ (4) .3 / 6عِلمُ ما كانَ وما يَكونُ* وعنه عليه السلام :الإمام الباقر عليه السلام :سُئِلَ عَلِيٌّ عليه السلام عَن عِلمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَقالَ :

.


1- .مختصر بصائر الدرجات : ص34 عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام الباقر عليه السلام ، بصائر الدرجات : ص269 ح16 عن سلمان ، الخصال : ص414 ح4 عن يزداد بن إبراهيم عمّن حدّثه من أصحابنا ، الأمالي للطوسي : ص205 ح351 عن المفضّل بن عمر ، تفسير فرات : ص178 ح230 والثلاثة الأخيرة عن الإمام الصادق عنه عليهماالسلامنحوه .
2- .بصائر الدرجات : ص266 ح1 عن عباية بن ربعي و ص267 ح7 عن هشام بن سالم رفعه وفيه «القضايا وفصل الخطاب» بدل «الأنساب» و ص268 ح14 عن عمران بن عباية .
3- .بصائر الدرجات : ص202 ح5 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص39 كلاهما عن سلمان .
4- .الكافي : ج1 ص196 ح1 عن المفضّل بن عمر و ص197 ح2 عن سعيد الأعرج ، بصائر الدرجات : ص201 ح3 عن المفضّل بن عمر الجعفي وفيه «اُنشر» بدل «اُبشّر» .

ص: 61

3 / 7 علم كلّ شيء

* وعنه عليه السلام :عِلمُ النَّبِيِّ عِلمُ جَميعِ النَّبِيّينَ ، وعِلمُ ما كانَ وعِلمُ ما هُوَ كائِنٌ إلى قِيامِ السّاعَةِ .

ثُمَّ قالَ : وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ إنّي لَأَعلَمُ عِلمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، وعِلمَ ما كانَ وما هُوَ كائِنٌ فيما بَيني وبَينَ قِيامِ السّاعَةِ (1) .ريف : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في قوس قزح :الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله التَقَمَ (2) اُذُني وعَلَّمَني ما كانَ وما يَكونُ إلى يَومِ القِيامَةِ ، فَساقَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ ذلِكَ إلَيَّ عَلى لِسانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله (3) .راجع : ج 6 ص 419 (الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة) .

3 / 7عِلمُ كُلِّ شَيءٍريع : عن سلمان :الإمام عليّ عليه السلام :يا كُمَيلُ ، ما مِن عِلمٍ إلّا وأنَا أفتَحُهُ ، وما مِن سِرٍّ إلّا وَالقائِمُ عليه السلام يَختِمُهُ . يا كُمَيلُ ، ذُرِّيَّةٌ بَعضُها مِن بَعضٍ وَاللّهُ سَميعٌ عَليمٌ (4) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في المبيت :الإمام الحسين عليه السلام :لَمّا اُنزِلَت هذِهِ الآيَةُ عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «وَ كُلَّ شَىْ ءٍ أَحْصَيْنَ_هُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ» (5) قامَ أبوبَكرٍ وعُمَرُ مِن مَجلِسِهِما فَقالا :

يا رَسولَ اللّهِ ، هُوَ التَّوراةُ ؟ قالَ : لا .

قالا : فَهُوَ الإِنجيلُ ؟ قالَ : لا .

قالا : فَهُوَ القُرآنُ ؟ قالَ : لا .

قالَ : فَأَقبَلَ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيٌّ عليه السلام ، فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : هُوَ هذا ، إنَّهُ الإِمامُ الَّذى

¨

.


1- .بصائر الدرجات : ص127 ح1 عن أبي بصير ، بحار الأنوار : ج26 ص110 ح6 .
2- .التقم اُذنه : سارّه (تاج العروس : ج17 ص656) .
3- .الخصال : ص576 ح1 عن مكحول .
4- .تحف العقول : ص171 ، بشارة المصطفى : ص25 عن كميل بن زياد ، بحار الأنوار : ج77 ص267 ح1 .
5- .يس : 12 .

ص: 62

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في المبيت :أحصَى اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى فيهِ عِلمَ كُلِّ شَيءٍ (1) .* وعنه صلى الله عليه و آله في قصور الجنّة :الإمام عليّ عليه السلام :أنَا وَاللّهِ الإِمامُ المُبينُ ، اُبيِّنُ الحَقَّ مِنَ الباطِلِ ، ووَرِثتُهُ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله (2)

.ريط : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الجنّةيَنابيع المَوَدّة عن عمّار بن ياسِر :كُنتُ مَعَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام سائِرا ، فَمَرَرنا بوادٍ مَملوءٍ نملاً ، فَقُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، تَرى أحَدا مِن خَلقِ اللّهِ يَعلَمُ عَدَدَ هذَا النَّملِ ؟

قالَ : نَعَم يا عَمّارُ ، أنَا أعرِفُ رَجُلاً يَعلَمُ كَم عَدَدُهُ ، وكَم فيهِ ذَكَرٌ وكَم فيهِ اُنثى .

فَقُلتُ : مَن ذلِكَ الرَّجُلُ ؟

فَقالَ : يا عَمّارُ ، ما قَرَأتَ في سورَةِ يس «وَ كُلَّ شَىْ ءٍ أَحْصَيْنَ_هُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ» .

فَقُلتُ : بَلى يا مَولايَ .

قال : أنَا ذلِكَ الإِمامُ المُبينُ (3) .* وفي الوليد بن المغيرة :يَنابيع المَوَدّة عن أبي ذَرّ :كُنتُ سائِرا مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام إذ مَرَرنا بِوادٍ نَملُهُ كَالسَّيلِ ، فَقُلتُ : اللّهُ أكبَرُ جَلَّ مُحصيهِ !

فَقالَ عليه السلام : لا تَقُل ذلِكَ ، ولكِن قُل : جَلَّ بارِئُهُ ، فَوَالَّذي صَوَّرَني وصَوَرَّكَ إنّي اُحصي عَدَدَهُم ، وأعلَمُ الذَّكَرَ مِنهُم وَالاُنثى بِإِذنِ اللّهِ عَزَّوجَلَّ (4) .* ومنه :الإمام الصادق عليه السلام : «وَ كُلَّ شَىْ ءٍ أَحْصَيْنَ_هُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ» في أميرِ المُؤمِنينَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ نَزَلَت (5) . .


1- .معاني الأخبار : ص95 ح1 عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عن أبيه عليهماالسلام ، الأمالي للصدوق : ص235 ح250 عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عليه السلام ، مشارق أنوار اليقين : ص55 عن ابن عبّاس ؛ ينابيع المودّة : ج1 ص230 ح66 عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عن أبيه عنه عليهم السلام نحوه .
2- .تفسير القمّي : ج2 ص212 عن ابن عبّاس .
3- .ينابيع المودّة : ج1 ص230 ح68 ؛ الفضائل لابن شاذان : ص81 .
4- .ينابيع المودّة : ج1 ص231 ح69 ؛ تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص490 ح8 .
5- .ينابيع المودّة : ج1 ص230 ح67 ؛ تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص487 ح2 كلاهما عن صالح بن سهل .

ص: 63

الفصل الرابع : قبسات من علمه

القبس الأوّل : معرفة اللّه

اشاره

الفصل الرابع : قبسات من علمهالقبس الأوّل : معرفة اللّهوفيه أبواب :الباب الأوّل : فضل معرفة اللّهالباب الثاني : طرق معرفة اللّهالباب الثالث : موانع معرفة اللّهالباب الرابع : ما يمتنع في معرفة اللّهالباب الخامس : الصفات الثبوتيّةالباب السادس : الصفات السلبيّةالباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

.

ص: 64

. .

ص: 65

الباب الأوّل : فضل معرفة اللّه
1 / 1 أهمّيّة معرفة اللّه
1 / 2 بركات معرفة اللّه

الباب الأوّل : فضل معرفة اللّه1 / 1أهَمِّيَّةُ مَعرِفَةِ اللّهِ* وعنه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :ما يَسُرُّني لَو مِتُّ طِفلاً واُدخِلتُ الجَنَّةَ ولَم أكبُر فأَعرِفَ رَبّي عَزَّوجَلَّ (1) .* وعن محمّد بن مسلم للجارية :عنه عليه السلام :مَعرِفَةُ اللّهِ سُبحانَهُ أعلَى المَعارِفِ (2) .* ومنه الدعاء :عنه عليه السلام :العِلمُ بِاللّهِ أفضَلُ العِلمَينِ (3) .* وعن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :مَن عَرَفَ اللّهَ كَمُلَت مَعرِفَتُهُ (4) .ريب : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :أوَّلُ الدّينِ مَعرِفَتُهُ (5) .1 / 2بَرَكاتُ مَعرِفَةِ اللّهِ* وعن أبيعبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :التَّوحيدُ حَياةُ النَّفسِ (6) .

.


1- .حلية الأولياء : ج1 ص74 عن أبي الفرج ، ربيع الأبرار : ج2 ص60 ، كنز العمّال : ج13 ص151 ح36472 .
2- .غرر الحكم : ح9864 ، عيون الحكم والمواعظ : ص486 ح8989 .
3- .غرر الحكم : ح1674 .
4- .غرر الحكم : ح7999 ، عيون الحكم والمواعظ : ص431 ح7384 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، الاحتجاج : ج1 ص473 ح113 ، عوالي اللآلي : ج4 ص126 ح215 .
6- .غرر الحكم : ح540 ، عيون الحكم والمواعظ : ص40 ح883 .

ص: 66

رهن : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :من عَرَفَ اللّهَ سُبحانَهُ لَم يَشقَ أبَدا (1) .* وعن أبي جعفر عليه السلام فيما قاله نوح عليه السعنه عليه السلام_ في خُطبَتِهِ في صِفَةِ المَلائِكَةِ _: ووَصَلَت حَقائِقُ الإِيمانِ بَينَهُم وبَينَ مَعرِفَتِهِ ، وقَطَعَهُمُ الإِيقانُ بِهِ إلَى الوَلَهِ (2) إلَيهِ ، ولَم تُجاوِز رَغَباتُهُم ما عِندَهُ إلى ما عِندَ غَيرِهِ . قَد ذاقوا حَلاوَةَ مَعرِفَتِهِ ، وشَرِبوا بِالكَأسِ الرَّوِيَّةِ مِن مَحَبَّتِهِ ، وتَمَكَّنَت مِن سُوَيداءِ (3) قُلوبِهِم وَشيجَةُ (4) خيفَتِهِ (5) .رهم : في زيارة عاشوراء :عنه عليه السلام :مَن عَرَفَ اللّهَ تَوَحَّدَ (6) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :سَهَرُ العُيونِ بِذِكرِ اللّهِ خُلصانُ العارِفينَ ، وحُلوانُ المُقَرَّبينَ (7) .* ومنه عن الصادق عليه السلام :عنه عليه السلام_ في دُعائِهِ _: يا أمَلَ العارِفينَ ، ورَجاءَ الآمِلينَ (8) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :الشَّوقُ خُلصانُ العارِفينَ (9) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل :عنه عليه السلام :الخَوفُ جِلبابُ العارِفينَ (10) .* ومنه عن ابن مسعود في رسول اللّه صلى الله عليه وعنه عليه السلام :البُكاءُ مِن خيفَةِ اللّهِ لِلبُعدِ عَنِ اللّهِ عِبادَةُ العارِفينَ (11) . .


1- .غرر الحكم : ح8954 ، عيون الحكم والمواعظ : ص463 ح8427 .
2- .الوله : ذهاب العقل ، والتحيُّر من شدّة الوجد (النهاية : ج5 ص227) .
3- .سويداء القلب : حبّته وقيل : دمه (لسان العرب : ج3 ص227) .
4- .الوشيجة : عرق الشجرة ، وليف يُفتل ثمّ يشدّ به ما يُحمل . ووَشَجت العروق والأغصان : إذا اشتبكت (النهاية : ج5 ص187) .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 91 ، بحار الأنوار : ج57 ص110 ح90 .
6- .غرر الحكم : ح7829 ، عيون الحكم والمواعظ : ص452 ح8101 .
7- .غرر الحكم : ح5612 ، عيون الحكم والمواعظ : ص286 ح5163 وفيه «دأب» بدل «حلوان» .
8- .بحارالأنوار : ج87 ص242 ح51، مستدرك الوسائل : ج6 ص341 ح6958 كلاهما نقلاً عن مصباح ابن الباقي.
9- .غرر الحكم : ح855 ، عيون الحكم والمواعظ : ص40 ح923 .
10- .غرر الحكم : ح664 ، عيون الحكم والمواعظ : ص24 ح242 .
11- .غرر الحكم : ح1791 ، عيون الحكم والمواعظ : ص53 ح1386 .

ص: 67

* وعن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :عنه عليه السلام :عَجِبتُ لِمَن عَرَفَ اللّهَ كَيفَ لا يَشتَدُّ خَوفُهُ ؟ ! (1)رهق : عن قوم موسى عليه السلام :عنه عليه السلام :أعلَمُ النّاس بِاللّهِ أكثَرُهُم لَهُ مسَأَلَةً (2) .* وعن سعد بن معاذ في يهود بني قريظة :عنه عليه السلام_ في دُعاءٍ دَعا بِهِ في مَسجِدِ جُعفِيٍّ _: إلهي كَيفَ أدعوكَ وقَد عَصَيتُكَ ، وكَيفَ لا أدعوكَ وقَد عَرَفتُكَ (3) .رهف : في هارون عليه السلام :عنه عليه السلام :أعلَمُ النّاسِ بِاللّهِ أكثَرُهُم خَشيَةً لَهُ (4) .رهط : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :أعلَمُ النّاسِ بِاللّهِ سُبحانَهُ أخوَفُهُم مِنهُ (5) .رهص : فيما يُفعل للرَّهْصَة والتَّمائم :عنه عليه السلام :مَن سَكَنَ قَلبَهُ العِلمُ بِاللّهِ ، سَكَنَهُ الغِنى عَن خَلقِ اللّهِ (6) .رهس : في العوذة للدوابّ :عنه عليه السلام :ثَمَرَةُ المَعرِفَةِ العُزوفُ عَن دارِ الفَناءِ (7) .* وعن الفضل بن العبّاس في حُنين :عنه عليه السلام :مَن صَحَّت مَعرِفَتُهُ انصَرَفَت عَنِ العالَمِ الفاني نَفسُهُ وهِمَّتُهُ (8) .رهج : عن أميرالمؤمنين عليه السلام لعائشة :عنه عليه السلام :يَسيرُ المَعرِفَةِ يوجِبُ الزُّهدَ فِي الدُّنيا (9) .* وعنه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :يَنبَغي لِمَن عَرَفَ اللّهَ سُبحانَهُ أن يَرغَبَ فيما لَدَيهِ (10) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :يَنبَغي لِمَن عَرَفَ اللّهَ سُبحانَهُ أن لا يَخلُوَ قَلبُهُ مِن رجَائِهِ وخَوفِهِ (11) . .


1- .غرر الحكم : ح6261 ، عيون الحكم والمواعظ : ص329 ح5646 .
2- .غرر الحكم : ح3260 ، عيون الحكم والمواعظ : ص122 ح2795 .
3- .المزار للشهيد الأوّل : ص270 عن ميثم .
4- .غرر الحكم : ح3157 ، عيون الحكم والمواعظ : ص111 ح2418 .
5- .غرر الحكم : ح3121 ، عيون الحكم والمواعظ : ص121 ح2762 .
6- .غرر الحكم : ح8896 ، عيون الحكم والمواعظ : ص463 ح8415 .
7- .غرر الحكم : ح4651 .
8- .غرر الحكم : ح9142 .
9- .غرر الحكم : ح10984 .
10- .غرر الحكم : ح10935 ، عيون الحكم والمواعظ : ص549 ح10131 .
11- .غرر الحكم : ح10926 ، عيون الحكم والمواعظ : ص551 ح10167 .

ص: 68

رهب : عن الرضا عليه السلام في بيان علل الوضوء :عنه عليه السلام_ مِن دُعائِهِ بَعدَ صَلاةِ الصُّبحِ _: سُبحانَكَ اللّهُمَّ وبِحَمدِكَ ! مَن ذا يَعرِفُ قَدرَكَ فَلا يَخافُكَ ؟ ! ومَن ذا يَعلَمُ ما أنتَ فلا يَهابُكَ ؟ ! (1)* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :العارِفُ وَجهُهُ مُستَبشِرٌ مُتَبَسِّمٌ ، وقَلبُهُ وَجِلٌ مَحزونٌ (2) .* وعنه عليه السلام في خلق آدم عليه السلام :عنه عليه السلام :كُلُّ عارِفٍ مَهمومٌ (3) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :كُلُّ عارِفٍ عائِفٌ (4)(5) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في البيعة :عنه عليه السلام :العارِفُ مَن عَرَفَ نَفسَهُ فَأعتَقَها ، ونَزَّهَها عَن كُلِّ ما يُبَعِّدُها ويوبِقُها (6) .* وعن عليّ بن الطعان :عنه عليه السلام :لا يَنبَغي لِمَن عَرَفَ عَظَمَةَ اللّهِ أن يَتَعَظَّمَ ؛ فَإِنَّ رِفعَةَ الَّذينَ يَعلَمونَ ما عَظَمَةُ اللّهِ أن يَتَواضَعوا لَهُ (7) . .


1- .بحار الأنوار : ج87 ص341 ح19 و ج94 ص245 ح11 كلاهما نقلاً عن اختيار السيّد ابن الباقي .
2- .غرر الحكم : ح1985 ، عيون الحكم والمواعظ : ص60 ح1515 .
3- .غرر الحكم : ح6827 ، عيون الحكم والمواعظ : ص376 ح6341 .
4- .وفي طبعة النجف : «عازف» .
5- .غرر الحكم : ح6829 ، عيون الحكم والمواعظ : ص376 ح6343 .
6- .غرر الحكم : ح1788 ، عيون الحكم والمواعظ : ص53 ح1384 .
7- .الكافي : ج8 ص390 ح586 عن محمّد بن الحسين عن أبيه عن جدّه عن أبيه ، نهج البلاغة: الخطبة 147.

ص: 69

الباب الثاني : طرق معرفة اللّه
2 / 1 الفطرة

الباب الثاني : طرق معرفة اللّه2 / 1الفِطرَة* ومنه عن فاطمة عليهاالسلام :الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ المُلهِمِ عِبادَهُ حَمدَهُ ، وفاطِرِهِم عَلى مَعرِفَةِ رُبوبِيَّتِهِ (1) .روى : في استسقاء النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :إنَّ أفضَلَ ما تَوَسَّلَ بِهِ المُتَوَسِّلونَ إلَى اللّهِ سُبحانَهُ وتَعالى الإِيمانُ بِهِ وبِرَسولِهِ وَالجِهادُ في سَبيلِهِ ، فَإِنَّهُ ذِروَةُ الإِسلامِ ، وكَلِمَةُ الإِخلاصِ فَإِنَّها الفِطرَةُ ، وَإقامُ الصَّلاةِ فَإِنَّهَا المِلَّةُ (2) .رون : في أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :فَبَعَثَ فيهِم رُسُلَهُ وواتَرَ إلَيهِم أنبِياءَهُ لِيَستَأدوهُم ميثاقَ فِطرَتِهِ ، ويُذَكِّروهُم مَنسِيَّ نِعمَتِهِ ، ويَحتَجّوا عَلَيهِم بِالتَّبليغِ ، ويُثيروا لَهُم دَفائِنَ العُقولِ (3) .رول : في النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: اللّهُمَّ خَلَقتَ القُلوبَ عَلى إرادَتِكَ ، وفَطَرتَ العُقولَ عَلى مَعرِفَتِكَ ، فَتَمَلمَلَتِ الأَفئِدَةُ مِن مَخافَتِكَ ، وصَرَخَتِ القُلوبُ بِالوَلَهِ ، وتَقاصَرَ وُسعُ قَدر

.


1- .الكافي : ج1 ص139 ح5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق عليه السلام .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 110 ، علل الشرائع : ص247 ح1 ، الزهد للحسين بن سعيد : ص13 ح27 ، المحاسن : ج1 ص451 ح1040 والثلاثة الأخيرة عن إبراهيم بن عمر رفعه ، الأمالي للطوسي : ص216 ح380 عن أبي بصير عن الإمام الباقر عنه عليهماالسلاموليس فيها «فإنّه ذروة الإسلام» ، تحف العقول : ص149 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 1 .

ص: 70

2 / 2 العقل
2 / 2 _ 1 علامات التّدبير

رول : في النبيّ صلى الله عليه و آله :العُقولِ عَنِ الثَّناءِ عَلَيكَ ، وَانقَطَعَتِ الأَلفاظُ عَن مِقدارِ مَحاسِنِكَ ، وكَلَّتِ الأَلسُنِ عَن إحصاءِ نِعَمِكَ ، فَإِذا وَلَجَت بِطُرُقِ البَحثِ عَن نَعتِكَ بَهَرَتها حَيرَةُ العَجزِ عَن إدراكِ وَصفِكَ ، فَهِيَ تَرَدَّدُ فِي التَّقصيرِ عَن مُجاوَزَةِ ما حَدَدتَ لَها ؛ إذ لَيسَ لَها أن تَتَجاوَزَ ما أمَرتَها (1) .2 / 2العَقل2 / 2 _ 1عَلاماتُ التَّدبيرِ* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :الإمام عليّ عليه السلام_ في تَعظيمِ اللّهِ جَلَّ جَلالُهُ _: الَّذي بَطَنَ مِن خَفِيّاتِ الاُمورِ ، وظَهَرَ فِي العُقولِ بِما يُرى في خَلقِهِ مِن عَلاماتِ التَّدبيرِ ، الَّذي سُئِلَتِ الأَنبِياءُ عَنهُ ، فَلَم تَصِفهُ بِحَدٍّ ولا بِبَعضٍ ، بَل وَصَفَتهُ بِفِعالِهِ ودَلَّت عَلَيهِ بِآياتِهِ ، لا تَستَطيعُ عُقولُ المُتَفَكِّرينَ جَحدَهُ ؛ لِأَنَّ مَن كانَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ فِطرَتَهُ وما فيهِنَّ وما بَينَهُنَّ ، وهُوَ الصّانِعُ لَهُنَّ ؛ فَلا مَدفَعَ لِقُدرَتِهِ (2) .روق : فيه :عنه عليه السلام_ أيضا _: وأرانا مِن مَلَكوتِ قُدرَتِهِ ، وعَجائِبِ ما نَطَقَت بِهِ آثارُ حِكمَتِهِ ، وَاعتِرافُ الحاجَةِ مِنَ الخَلقِ إلى أن يُقيمَها بِمِساكِ قُوَّتِهِ ، ما دَلَّنا بِاضطِرارِ قِيامِ الحُجَّةِ لَهُ عَلى مَعرِفَتِهِ ، فَظهَرَتِ البَدائِعُ الَّتي أحدَثَتها آثارُ صَنعَتِهِ وأعلامُ حِكمَتِهِ ، فَصارَ كُلُّ ما خَلَقَ حُجَّةً لَهُ ودَليلاً عَلَيهِ ؛ وإن كان خَلقا صامِتا ، فَحُجَّتُهُ بِالتَّدبيرِ ناطِقَةٌ ، ودِلالَتُهُ عَلَى المُبدِعِ قائِمَةٌ (3) .

.


1- .مهج الدعوات : ص154 ، بحار الأنوار : ج95 ص403 ح34 .
2- .الكافي : ج1 ص141 ح7 ، التوحيد : ص31 ح1 وفيه «بنقص» بدل «ببعض» وكلاهما عن الحارث الأعور .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 91 ، التوحيد : ص52 ح13 نحوه من «فظهرت . . .» وكلاهما عن مسعدة بن فصدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص107 ح90 .

ص: 71

* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في الأحول :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي بَطَنَ خَفِيّاتِ الاُمورِ ، ودَلَّت عَلَيهِ أعلامُ الظُّهورِ ، وَامتَنَعَ عَلى عَينِ البَصيرِ ، فَلا عَينُ مَن لَم يَرَهُ تُنكِرُهُ ، ولا قَلبُ مَن أثبَتَهُ يُبصِرُهُ . . .فَهُوَ الَّذي تَشهَدُ لَهُ أعلامُ الوُجودِ عَلى إقرارِ قَلبِ ذِي الجُحودِ (1) .* ومنه :عنه عليه السلام :بِصُنعِ اللّهِ يُستَدَلُّ عَلَيهِ ، وبِالعُقولِ تُعتَقَدُ مَعرِفَتُهُ ، وبِالتَّفَكُّرِ تَثبُتُ حُجَّتُهُ ، مَعروفٌ بِالدَّلالاتِ ، مَشهودٌ بِالبَيِّناتِ (2) .* وعنه عليه السلام لَمّا انصرف الناس عنه بالنخيلةعنه عليه السلام_ فِي المَخلوقاتِ _: بِها تَجَلّى صانِعُها لِلعُقولِ (3) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ المُتَجَلّي لِخَلقِهِ بِخَلقِهِ ، وَالظّاهِرِ لِقُلوبِهِم بِحُجَّتِهِ (4) .* وفي الدعاء :عنه عليه السلام :ظَهَرَ لِلعُقولِ بِما أرانا مِن عَلاماتِ التَّدبيرِ المُتقَنِ ، وَالقضاءِ المُبرَمِ (5) .* ومنه عن أنس :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي . . . تَتَلَقّاهُ الأَذهانُ لا بِمُشاعَرَةٍ ، وتَشهَدُ لَهُ المَرائي لا بِمُحاضَرَةٍ . لَم تُحِط بِهِ الأَوهامُ ، بَل تَجَلّى لَها بِها (6) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :وأقامَ مِن شَواهِدِ البَيِّناتِ عَلى لَطيفِ صَنعَتِهِ ، وعَظيمِ قُدرَتِهِ ، مَا انقادَت لَهُ العُقولُ مُعتَرِفَةً بِهِ ، ومُسَلِّمَةً لَهُ ، ونَعَقَت في أسماعِنا دَلائِلُهُ عَلى وَحدانِيَّتِهِ (7) .* وعن ابن مهزيار :عنه عليه السلام_ لَمّا قالَ لَهُ الجاثَليقُ في مُناظَرَتِهِ : خَبِّرني عَنهُ تَعالى ، أمُدرَكٌ بِالحَواسِّ عِندَكَ فَيَسلِكَ المُستَرشِدُ في طَلَبِهِ استِعمالَ الحَواسِّ ، أم كَيفَ طَريقُ المَعرِفَةِ بِهِ إن لَم يَكُن .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 49 ، بحار الأنوار : ج4 ص308 ح36 .
2- .جامع الأخبار : ص35 ح14 ، روضة الواعظين : ص25 ، الإرشاد : ج1 ص223 عن صالح بن كيسان ، الاحتجاج : ج1 ص475 ح114 وليس فيهما من «معروف . . .» ، بحار الأنوار : ج3 ص55 ح28 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، تحف العقول : ص66 ، الاحتجاج : ج1 ص476 ح116 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 108 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 182 عن نوف البكالي ، بحار الأنوار : ج77 ص308 ح13 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 185 ، الاحتجاج : ج1 ص480 ح117 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 165 ، بحار الأنوار : ج65 ص30 ح1 .

ص: 72

* وعن ابن مهزيار :الأَمرُ كَذلِكَ ؟ _: تَعالَى المَلِكُ الجَبّارُ أن يوصَفَ بِمِقدارٍ ، أو تُدرِكَهُ الحَواسُّ أو يُقاسَ بِالنّاسِ ، وَالطَّريقُ إلى مَعرِفَتِهِ صَنائِعُهُ الباهِرَةُ لِلعُقولِ ، الدّالَّةُ ذَوِي الاِعتِبارِ بِما هُوَ عِندَهُ مَشهودٌ ومَعقولٌ (1) .* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام في المهديّ عليه العنه عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن إثباتِ الصّانِعِ _: البَعرَةُ تَدُلُّ عَلَى البَعيرِ ، وَالرَّوثَةُ تَدُلُّ عَلَى الحَميرِ ، وآثارُ القَدَمِ تَدُلُّ عَلَى المَسيرِ ، فَهَيكَلٌ عِلوِيٌّ بِهذِهِ اللَّطافَةِ ، ومَركَزٌ سِفلِيٌّ بِهذِهِ الكَثافَةِ ، كَيفَ لا يَدُلّانِ عَلَى اللَّطيفِ الخَبيرِ ؟ ! (2)* ومنه :عنه عليه السلام :عَجِبتُ لِمَن شَكَّ فِي اللّهِ وهُوَ يَرى خَلقَ اللّهِ (3) .روغ : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الشيعة :التوحيد عن سلمان الفارِسي :سَأَلَ الجاثَليقُ عَلِيّا عليه السلام : أخبِرني ! عَرَفتَ اللّهَ بِمُحَمَّدٍ ، أم عَرَفتَ مُحَمَّدا بِاللّهِ عَزَّوجَلَّ ؟

فَقالَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام : ما عَرَفتُ اللّهَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، ولكِن عَرَفتُ مُحَمَّدا بِاللّهِ عَزَّ وجَلَّ حينَ خَلَقَهُ وأحدَثَ فيهِ الحُدودَ مِن طولٍ وعَرضٍ ، فَعَرَفتُ أنَّهُ مُدَبَّرٌ مَصنوعٌ بِاستِدلالٍ وإلهامٍ مِنهُ وإرادَةٍ ، كَما ألهَمَ المَلائِكَةَ طاعَتَهُ وعَرَّفَهُم نَفسَهُ بِلا شِبهٍ ولا كَيفٍ (4) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام_ وكانَ كَثيرا ما يَقولُ إذا فَرَغَ مِن صَلاةِ اللَّيلِ _: أشهَدُ أنَّ السَّماواتِ وَالأَرضَ وما بَينَهُما آياتٌ تَدُلُّ عَلَيكَ ، وشَواهِدُ تَشهَدُ بِما إلَيهِ دَعَوتَ . كُلُّ ما يُؤَدّي عَنكَ الحُجَّةَ ، ويَشهَدُ لَكَ بِالرُّبوبِيَّةِ ، مَوسومٌ بِآثارِ نِعمَتِكَ ومَعالِمِ تَدبيرِكَ . عَلَوتَ بِها عَن خَلقِكَ ، فَأَوصَلتَ إلَى القُلوبِ مِن مَعرِفَتِكَ ما آنَسَها مِن وَحشَةِ الفِكرِ ، وكَفاها .


1- .الأمالي للطوسي : ص220 ح382 ، الخرائج والجرائح : ج2 ص555 ح14 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص258 كلّها عن سلمان الفارسي .
2- .جامع الأخبار : ص35 ح13 ، بحار الأنوار : ج3 ص55 ح27 .
3- .نهج البلاغة : الحكمة 126 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص101 .
4- .التوحيد : ص286 ح4 ، بحار الأنوار : ج3 ص272 ح9 .

ص: 73

2 / 2 _ 2 حدوث الخلق

* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :رَجمُ الاِحتِجاجِ ؛ فَهِيَ مَعَ مَعرِفَتِها بِكَ ، ووَلَهِها إلَيكَ ؛ شاهِدَةٌ بِأَنَّكَ لا تَأخُذُكُ الأَوهامُ ، ولا تُدرِكُكَ العُقولُ ولَا الأَبصارُ (1) .* وعنه صلى الله عليه و آله في حقّ الوالد :عنه عليه السلام_ مِن قَولِهِ عِندَ رُؤيَةِ الهِلالِ _: أيُّهَا الخَلقُ المُطيعُ ، الدّائِبُ السَّريعُ ، المُتَرَدِّدُ في فَلَكِ التَّدبيرِ ، المُتَصَرِّفُ في مَنازِلِ التَّقديرِ ، آمَنتُ بِمَن نَوَّرَ بِكَ الظُّلَمَ ، وأضاءَ بِكَ البُهَمَ ، وجَعَلَكَ آيَةً مِن آياتِ سُلطانِهِ ، وَامتَهَنَكَ بِالزِّيادَةِ وَالنُّقصانِ ، وَالطُّلوعِ وَالاُفولِ ، وَالإِنارَةِ وَالكُسوفِ ، في كُلِّ ذلِكَ أنتَ لَُه مُطيعٌ وإلى إرادَتِهِ سَريعٌ ، سُبحانَهُ ما أحسَنَ ما دَبَّرَ ! وأتقَنَ ما صَنَعَ في مُلكِهِ ! وجَعَلَكَ اللّهُ هِلالَ شَهرٍ حادِثٍ لِأَمرٍ حادِثٍ ، جَعَلَكَ اللّهُ هِلالَ أمنٍ وإيمانٍ ، وسَلامَةٍ وإسلامٍ ، هِلالَ أمَنَةٍ مِنَ العاهاتِ وسَلامَةٍ مِنَ السَّيِّئاتِ ، اللّهُمَّ اجعَلنا أهدى مَن طَلَعَ عَلَيهِ ! وأزكى مَن نَظَرَ إلَيهِ ! وصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وآلِهِ ، اللّهُمَّ افعَل بي كَذا وكَذا يا أرحَمَ الرّاحِمينَ (2) .2 / 2 _ 2حُدوثُ الخَلقِسبت : في الخبر :الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ . . . الدّالِّ عَلى قِدَمِهِ بِحُدوثِ خَلقِهِ ، وبِحُدوثِ خَلقِهِ عَلى وُجودِهِ . . . مُستَشهِدٌ بِحُدوثِ الأَشياءِ عَلى أزَلِيَّتِهِ ، وبِما وَسَمَها بِهِ مِنَ العَجزِ عَلى قُدرَتِهِ ، وبِمَا اضطَرَّها إلَيهِ مِنَ الفَناءِ عَلى دَوامِهِ (3) .* وعن أعرابيّ في عبداللّه بن الزبير وعثمان بن عمرعنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ المُلهِمِ عِبادَهُ حَمدَهُ ، وفاطِرِهِم عَلى مَعرِفَةِ رُبوبِيَّتِهِ ، الدّالِّ عَلى وُجودِهِ بِخَلقِهِ ، وبِحُدوثِ خَلقِهِ عَلى أزَلِهِ (4) .

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص255 ح1 .
2- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج2 ص101 ح1847 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 185 ، الاحتجاج : ج1 ص480 ح117 ، التوحيد : ص69 ح26 عن الهيثم بن عبد اللّه الرماني عن الإمام الرضا عن آبائه عنه عليهم السلام ، البلد الأمين : ص92 وفيهما من «مستشهد بحدوث . . .» .
4- .الكافي : ج1 ص139 ح5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق عليه السلام ، نهج البلاغة : الخطبة 152 وفيه ف من «الدالّ على . . .» .

ص: 74

2 / 2 _ 3 معرفة النّفس
2 / 2 _ 4 فسخ العزائم

* وعن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام_ فِي المَخلوقاتِ _: كَفى بِإِتقانِ الصُّنعِ لَها آيَةً ، وبِمُرَكَّبِ الطَّبعِ عَلَيها دَلالَةً ، وبِحُدوثِ الفِطَر عَلَيها قِدمَةً ، وبِإِحكامِ الصَّنعَةِ لَها عِبرَةً (1) .2 / 2 _ 3مَعرِفَةُ النَّفسِ* وعن أبي جعفر عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :مَن عَرَفَ نَفسَهُ عَرَفَ رَبَّهُ (2) .* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :عنه عليه السلام :أكثَرُ النّاسِ مَعرِفَةً لِنَفسِهِ أخوَفُهُم لِرَبِّهِ (3) .* ومنه عن الصادق عليه السلام في الروح : «أربعمائةعنه عليه السلام :عَجِبتُ لِمَن يَجهَلُ نَفسَهُ ، كَيفَ يَعرِفُ رَبَّهُ ؟ ! (4)* وعن أبيطالب لفاطمة بنت أسد لمّا بشّرته بمولد العنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: مَن عَجَزَ عَن مَعرِفَةِ نَفسِهِ فَهُوَ عَن مَعرِفَةِ خالِقِهِ أعجَزُ (5) .2 / 2 _ 4فَسخُ العَزائِمِ* ومنه عن الحسن بن عليّ الوشّاء :الإمام عليّ عليه السلام :عَرَفتُ اللّهَ بِفَسخِ العَزائِمِ ، وحَلِّ العُقودِ ، ونَقضِ الهِمَمِ (6) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :عُرِف اللّهُ سُبحانَهُ بِفَسخِ العَزائِمِ ، وحَلِّ العُقودِ ، وكَشفِ الضُّرِّ وَالبَلِيَّةِ عَمَّن

.


1- .التوحيد : ص71 ح26 عن الهيثم بن عبد اللّه الرمّاني عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، البلد الأمين : ص92 .
2- .غرر الحكم : ح7946 ، عيون الحكم والمواعظ : ص430 ح7348 ؛ شرح نهج البلاغة : ج20 ص292 ح339 ، المناقب للخوارزمي : ص375 ح395 ، مائة كلمة : ص22 ح6 ، ينابيع المودّة : ج2 ص413 ح94 .
3- .غرر الحكم : ح3126 ، عيون الحكم والمواعظ : ص112 ح2438 وفيه «أكبر» بدل «أكثر» .
4- .غرر الحكم : ح6270 ، عيون الحكم والمواعظ : ص329 ح5639 .
5- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص292 ح340 .
6- .نهج البلاغة : الحكمة 250 ، روضة الواعظين : ص38 وليس فيه «نقض الهمم» .

ص: 75

2 / 3 القلب
2 / 3 _ 1 خرق حجب النّور

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :أخلَصَ لَهُ النِّيَّةَ (1) .سبح : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في المعراالإمام الحسين عليه السلام :إنَّ رَجُلاً قامَ إلى أميرِ المُؤمِنينَ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، بِماذا عَرَفتَ رَبَّكَ ؟

قالَ : بِفَسخِ العَزمِ ، ونَقضِ الهَمِّ ، لَمّا هَمَمتُ فَحيلَ بَيني وبَينَ هَمّي ، وعَزَمتُ فَخالَفَ القَضاءُ عَزمي ، عَلِمتُ أنَّ المُدَبِّرَ غَيري (2) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :جامع الأخبار :سُئِلَ أميرُ المُؤمِنينَ : مَا الدَّليلُ عَلى إثباتِ الصّانِعِ ؟

قالَ : ثَلاثَةُ أشياءَ : تَحويلُ الحالِ ، وضَعفُ الأَركانِ ، ونَقضُ الهِمَّةِ (3) .2 / 3القَلب2 / 3 _ 1خَرقُ حُجُبِ النّورِ* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام_ مِن مُناجاتِهِ في شَهرِ شَعبانَ _: إلهي هَب لي كَمالَ الاِنقِطاعِ إلَيكَ ، وأنِر أبصارَ قُلوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها إلَيكَ ، حَتّى تَخرِقَ أبصارُ القُلوبِ حُجُبَ النّورِ ، فَتَصِلَ إلى مَعدِنِ العَظَمَةِ ، وتَصيرَ أرواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدسِكَ . . . إلهي وألحِقني بِنورِ عِزِّكَ الأَبهَجِ ؛ فَأَكونَ لَكَ عارِفا ، وعَن سِواكَ مُنحَرِفا ، ومِنكَ خائِفا مُراقبا ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ (4) .

.


1- .غرر الحكم : ح6315 ، عيون الحكم والمواعظ : ص339 ح5778 .
2- .التوحيد : ص288 ح6 عن زياد بن المنذر عن الإمام الباقر عن أبيه عليهماالسلام ، الخصال : ص33 ح1 ، مختصر بصائر الدرجات : ص131 كلاهما عن هشام بن سالم عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عنه عليهم السلام ، روضة الواعظين : ص38 عن الإمام الباقر عليه السلام من دون إسنادٍ إليه عليه السلام ، إرشاد القلوب : ص168 وفيه «الهمم» بدل «الهمّ» .
3- .جامع الأخبار : ص39 ح28 ، بحار الأنوار : ج3 ص55 ح29 .
4- .الإقبال : ج3 ص299 ، بحار الأنوار : ج94 ص99 ح13 نقلاً عن الكتاب العتيق الغروي وفيه «أتحفني» بدل «ألحقني» وكلاهما عن ابن خالويه .

ص: 76

* وفي أفراسه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ في وَصفِ السّالِكِ الطّريقَ إلَى اللّهِ سُبحانَهُ _: قَد أحيا عَقلَهُ وأماتَ نَفسَهُ ، حَتّى دَقَّ جَليلُهُ ولَطُفَ غَليظُهُ ، وبَرَقَ لَهُ لامِعٌ كَثيرُ البَرقِ ، فَأَبانَ لَهُ الطَّريقَ وسَلَكَ بِهِ السَّبيلَ ، وتَدافَعَتهُ الأَبوابُ إلى بابِ السَّلامَةِ ودارِ الإِقامَةِ ، وثَبَتَت رِجلاهُ بِطُمَأنينَةِ بَدَنِهِ في قَرارِ الأَمنِ وَالرّاحَةِ ، بِمَا استَعمَلَ قَلبَهُ وأرضى رَبَّهُ (1) .سبخ : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام_ مِن دُعاءٍ عَلَّمَهُ نَوفا البِكالِيَّ _: فَأَسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذي ظَهَرتَ بِهِ لِخاصَّةِ أولِيائِكَ فَوَحَّدوكَ وعَرَفوكَ فَعَبَدوكَ بِحَقيقَتِكَ ، أن تُعَرِّفَني نَفسَكَ لِاُقِرَّ لَكَ بِرُبوبِيَّتِكَ عَلى حَقيقَةِ الإِيمانِ بِكَ ، ولا تَجعَلني يا إلهي مِمَّن يَعبُدُ الاِسمَ دونَ المَعنى ، وَالحَظني بِلَحظَةٍ مِن لَحَظاتِكَ تُنَوِّرُ بِها قَلبي بِمَعرِفَتِكَ خاصَّةً ومَعرِفَةِ أولِيائِكَ ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ (2) .* وعنه عليه السلام في تأنيب القاعدين عن الجهاد :عنه عليه السلام :ومَعنى «قَد قامَتِ الصَّلاةُ» فِي الإِقامَةِ ، أي حانَ وَقتُ الزِّيارَةِ وَالمُناجاةِ ، وقَضاءِ الحَوائِجِ ، ودَركِ المُنى ، وَالوُصولِ إلَى اللّهِ عَزَّوجَلَّ ، وإلى كَرامَتِهِ وغُفرانِهِ وعَفوِهِ ورِضوانِهِ (3)

.سبد : عن النبيّ صلى الله عليه و آله في الخوارج :نور البراهين عن كُمَيل_ لِعَلِيٍّ عليه السلام _: يا أميرَ المُؤمِنينَ ، مَا الحَقيقَةُ ؟ فَقالَ : ما لَكَ وَالحَقيقَةَ ؟ فَقالَ : أ وَلَستُ صاحِبَ سِرِّكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟ فَقالَ : بلى ، ولكِن أخافُ أن يَطفَحَ عَلَيكَ ما يَرشَحُ مِنّي . فَقالَ : أوَمِثلُكَ مَن يُخَيِّبُ سائِلاً ؟

فَقالَ : الحَقيقَةُ كَشفُ سُبُحاتِ الجَلالِ مِن غَيرِ إشارَةٍ . فَقالَ : زِدني فيهِ بَيانا يا أميرَ المُؤمِنينَ ! .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 220 ، بحار الأنوار : ج69 ص316 ح34 .
2- .بحار الأنوار : ج94 ص96 ح12 نقلاً عن الكتاب العتيق الغروي عن نوف البكالي .
3- .التوحيد : ص241 ح1 ، معاني الأخبار : ص41 ح1 كلاهما عن يزيد بن الحسن عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام .

ص: 77

2 / 3 _ 2 معنى رؤية اللّه بالقلب

سبد : عن النبيّ صلى الله عليه و آله في الخوارج :فقالَ : نَفيُ المَوهومِ مَعَ صِحَّةِ المَعلومِ . فَقالَ : زِدني فيهِ بَيانا !

فَقالَ : هَتكُ السِّترِ لِغَلَبَةِ السِّرِّ . فَقالَ : زِدني فيهِ بَيانا !

فَقالَ : جَذبُ الأَحَدِيَّةِ لِصِفَةِ التَّوحيدِ . فَقالَ : زِدني فيهِ بَيانا !

فَقالَ : نورٌ يَلمَعُ مِن صُبحِ الأَزَلِ فَيَظهَرُ عَلى هَياكِلِ التَّوحيدِ آثارُهُ . فَقالَ : زِدني فيهِ بَيانا !

فَقالَ : أطفِ المِصباحَ فَقَد أضاءَ المِصباحُ (1) .2 / 3 _ 2مَعنى رُؤيَةِ اللّهِ بِالقَلبِ* وعن أبي جعفر عليه السلام :الإمام الصادق عليه السلام :بَينا أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام يَخطُبَ عَلى مِنبَرِ الكوفَةِ إذ قامَ إلَيهِ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ «ذِعلِبٌ» ذو لِسانٍ بَليغٍ فِي الخُطَبِ ، شُجاعُ القَلبِ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، هَل رَأَيتَ رَبَّكَ ؟

قالَ : وَيلَكَ يا ذِعلِبُ ! ما كُنتُ أعبُدُ رَبّا لَم أرَهُ .

فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، كَيفَ رَأَيتَهُ ؟

قالَ : وَيلَكَ يا ذِعلِبُ ! لَم تَرَهُ العُيونُ بِمُشاهَدَةِ الأَبصارِ ، ولكِن رَأَتهُ القُلوبُ بِحَقائِقِ الإِيمانِ (2) .

.


1- .نورالبراهين : ج1 ص221 ، شرح الأسماء الحسنى : ج1 ص131 _ 133 ، روضات الجنّات : ج6 ص62 ح562 كلاهما نحوه وفي ذيلهما «أطف السراج فقد طلع الصبح» .
2- .الكافي : ج1 ص138 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه و ص98 ح6 ، التوحيد : ص109 ح6 كلاهما عن أبي الحسن الموصلي ، نهج البلاغة : الخطبة 179 ، الأمالي للصدوق : ص423 ح561 عن الأصبغ بن نباتة وكلّها نحوه .

ص: 78

. .

ص: 79

الباب الثالث : موانع معرفة اللّه
3 / 1 الذّنوب

الباب الثالث : موانع معرفة اللّه3 / 1الذُّنوبسبسب : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله لسلمة بنالكافي عن محمّد بن يزيدَ الرِّفاعيّ رَفَعَهُ :إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ سُئِلَ عَنِ الوُقوفِ بِالجَبَلِ ؛ لِمَ لَم يَكُن فِي الحَرَمِ ؟ فَقالَ : لِأَنَّ الكَعبَةَ بَيتُهُ وَالحَرَمَ بابُهُ ، فَلَمّا قَصَدوهُ وافِدينَ وَقَفَهم بِالبابِ يَتَضَرَّعونَ .

قيلَ لَهُ : فَالمَشعَرُ الحَرامُ لِمَ صارَ فِي الحَرَمِ ؟ قالَ : لِأَ نَّهُ لَمّا أذِنَ لَهُم بِالدُّخولِ وَقَفَهُم بِالحِجابِ الثّاني ، فَلَمّا طالَ تَضَرُّعُهُم بِها أذِنَ لَهُم لِتَقريبِ قُربانِهِم ، فَلَمّا قَضَوا تَفَثَهُم (1) ] و] (2) تَطَهَّروا بِها منَ الذُّنوبِ الَّتي كانَت حِجابا بَينَهُم وبَينَهُ ، أذِنَ لَهُم بِالزِّيارَةِ عَلَى الطَّهارَةِ (3) .

.


1- .التفث : إذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقا (النهاية : ج1 ص191) .
2- .هذه الزيادة من تهذيب الأحكام .
3- .الكافي : ج4 ص224 ح1 ، تهذيب الأحكام : ج5 ص448 ح1565 كلاهما عن محمّد بن يزيد الرفاعي رفعه ؛ شعب الإيمان : ج3 ص468 ح4084 عن عبد الرحمن بن أحمد بن عطيّة نحوه .

ص: 80

3 / 2 الغفلة
3 / 3 أمراض القلوب
3 / 4 حجاب الخلق

3 / 2الغَفلَةسبط : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام_ مِن دُعاءٍ عَلَّمَهُ نَوفا البِكالِيَّ _: إلهي تَناهَت أبصارُ النّاظِرينَ إلَيكَ بِسَرائِرِ القُلوبِ ، وطالَعَت أصغَى السّامِعينَ لَكَ نَجِيّاتُ الصُّدورِ ، فَلَم يَلقَ أبصارَهُم رَدٌّ دونَ ما يُريدونَ ، هَتَكتَ بَينَكَ وبَينَهُم حُجُبَ الغَفلَةِ ، فَسَكَنوا في نورِكَ ، وتَنَفَّسوا بِرَوحِكَ (1) .3 / 3أمراضُ القُلوبِ* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الأنصار :الإمام عليّ عليه السلام :لَو فَكَّروا في عَظيمِ القُدرَةِ وجَسيمِ النِّعمَةِ لَرَجَعوا إلَى الطَّريقِ ، وخافوا عَذابَ الحَريقِ ، ولكِنِ القُلوبُ عَليلَةٌ ، وَالبَصائِرُ مَدخولَةٌ ! أ لا يَنظُرونَ إلى صَغيرِ ما خَلَقَ ؛ كَيفَ أحكَمَ خَلقَهُ ، وأتقَنَ تَركيبَهُ ، وفَلَقَ لَهُ السَّمعَ وَالبَصَرَ ، وسَوّى لَهُ العَظمَ وَالبَشَرَ ! ... فَالوَيلُ لِمَن أنكَرَ المُقَدِّرَ ، وجَحَدَ المُدَبِّرَ ! زَعَموا أنَّهُم كَالنَّباتِ ما لَهُم زارِعٌ ، ولا لِاختِلافِ صُوَرِهِم صانِعٌ ؛ ولَم يَلجَؤوا إلى حُجَّةٍ فيمَا ادَّعَوا ، ولا تَحقيقٍ لِما أوعَوا . وهَل يَكونُ بِناءٌ مِن غَيرِ بانٍ ، أو جِنايَةٌ مِن غَيرِ جانٍ ؟ (2)3 / 4حِجابُ الخَلقِ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :لا تَشمُلُهُ المَشاعِرُ ، ولا تَحجُبُهُ الحُجُبُ ، وَالحِجابُ بَينَهُ وبَينَ خَلقِه خَلقُه

.


1- .بحار الأنوار : ج94 ص95 ح12 نقلاً عن الكتاب العتيق الغروي عن نوف البكالي .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 185 ، الاحتجاج : ج1 ص481 ح117 وفيه «الأبصار» بدل «البصائر» .

ص: 81

* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :إيّاهُم ؛ لِامتِناعِهِ مِمّا يُمكِنُ في ذَواتِهِم ، ولإِمكانٍ (1) ممّا يَمتَنِعُ مِنهُ ، ولِافتِراقِ الصّانِعِ مِنَ المَصنوعِ ، وَالحادِّ مِنَ المَحدودِ ، وَالرَّبِّ مِنَ المَربوبِ (2) .راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج3 ص335 (ما ورد في حُجب اللّه ) .

.


1- .قال الفيض الكاشاني : «لإمكان» بالتنوين بحذف المضاف إليه ؛ أي : ولإمكان ذواتهم ، وفي توحيد الصدوقهكذا : ولإمكان ذواتهم ممّا يمتنع منه ذاته (الوافي : ج1 ص437) .
2- .الكافي : ج1 ص139 ح5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق عليه السلام .

ص: 82

. .

ص: 83

الباب الرابع : ما يمتنع في معرفة اللّه
4 / 1 معرفة اللّه بالحواسّ

الباب الرابع : ما يمتنع في معرفة اللّه4 / 1مَعرِفَةُ اللّهِ بِالحَواسِّ* ومنه في المباهلة :الإمام عليّ عليه السلام_ في صِفَةِ اللّهِ سُبحانَهُ _: لا تَلمِسُهُ لامِسَةٌ ، ولا تَحُسُّهُ حاسَّةٌ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الكافي عن عليّ بن عُقبة :سُئِلَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : بِمَ عَرَفتَ رَبَّكَ ؟ قالَ : بِما عَرَّفَني نَفسَهُ . قيلَ : وكَيفَ عَرَّفَكَ نَفسَهُ ؟ قالَ : لا يُشبِهُهُ صورَةٌ ، ولا يُحَسُّ بِالحَواسِّ ، ولا يُقاسُ بِالنّاسِ (2) .* ومنه في موسى بن جعفر عليهماالسلام :الإمام عليّ عليه السلام :ظاهِرٌ لا بِتَأويلِ المُباشَرَةِ ، مُتَجَلٍّ لا بِاستِهلالِ رُؤيَةٍ (3) .* ومنه عن عليّ بن جعفر عن أخيه الإمام الكاظم عليهعنه عليه السلام :الرّادِعُ أناسِيَّ (4) الأَبصارِ عَن أن تَنالَهُ أو تُدرِكَهُ (5) .

.


1- .الكافي : ج1 ص142 ح7 ، التوحيد : ص33 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص266 ح14 .
2- .الكافي : ج1 ص85 ح2 ، التوحيد : ص285 ح2 كلاهما عن عليّ بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، المحاسن : ج1 ص373 ح818 عن أبي ربيحة رفعه وفيه «بالقياس» بدل «بالناس» ، بحار الأنوار : ج3 ص270 ح8 و ج61 ص105 .
3- .الكافي : ج1 ص138 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص304 ح34 .
4- .أناسِيّ : جمع إنسان ؛ وهو المثال الذي يُرى في السواد (لسان العرب : ج6 ص13) .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص106 فح90 و ج77 ص315 ح17 .

ص: 84

4 / 2 معرفة كنه ذاته

* ومنه عن الصادق عليه السلام :عنه عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _: لم يَنتَهِ إلَيكَ نَظَرٌ ، ولَم يُدرِككَ بَصَرٌ . أدرَكتَ الأَبصارَ ، وأحصَيتَ الأَعمالَ (1) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ في صِفَةِ اللّهِ سُبحانَهُ _: لَم تَقَع عَلَيهِ الأَوهامُ فَتُقَدِّرَهُ شَبَحا ماثِلاً ، ولَم تُدرِكهُ الأَبصارُ فَيَكونَ بَعدَ انتِقالِها حائِلاً . . . كَلَّت عَن إدراكِهِ طُروفُ العُيونِ ، وقَصُرَت دونَ بُلوغِ صِفَتِهِ أوهامُ الخَلائِقِ (2) .سبغ : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام_ أيضا _: لا تَنالُهُ الأَبصارُ مِن مَجدِ جَبَروتِهِ ؛ إذ حَجَبَها بِحُجُبٍ لا تَنفُذُ في ثِخَنِ كَثافَتِهِ ، ولا تَخرِقُ إلى ذِي العَرشِ مَتانَةَ خَصائِصِ سُتُراتِهِ ، الَّذي صَدَرَتِ الاُمورُ عَن مَشِيَّتِهِ (3) .* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :مَن حازَ (4) عَلَيهِ البَصَرُ وَالرُّؤيَةُ فَهُوَ مَخلوقٌ ، ولابُدَّ لِلمَخلوقِ مِن الخالِقِ (5) .4 / 2مَعرِفَةُ كُنهِ ذاتِهِ* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :الإمام عليّ عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _: كَلَّتِ الأَوهامُ عَن تَفسيرِ صِفَتِكَ ، وَانحَسَرَتِ العُقولُ عَن كُنهِ عَظَمَتِكَ . . . وكَلَّ دونَ ذلِكَ تَحبيرُ (6) اللُّغاتِ ، وضَلَّ هُنالِكَ التَّدبيرُ في تَصاريفِ الصِّفاتِ ، فَمَن تَفَكَّرَ في ذلِكَ رَجَعَ طَرفُهُ إلَيهِ حَسيرا ، وعَقلُهُ مَبهورا ،

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 160 ؛ جواهر المطالب : ج1 ص351 وراجع بحار الأنوار : ج95 ص424 .
2- .الكافي : ج1 ص141 و ص142 ح7 ، التوحيد : ص31 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص265 ح14 .
3- .التوحيد : ص52 ح13 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص276 ح16 .
4- .في بعض النسخ _ كما في هامش المصدر _ : «جاز» .
5- .كفاية الأثر : ص257 عن هشام عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص54 ح34 .
6- .حبّرت الشعر والكلام : حسّنته (لسان العرب : ج4 ص157) .

ص: 85

* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :وتَفَكُّرُهُ مُتَحَيِّرا (1) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :مُمتَنِعٌ عَنِ الأَوهامِ أن تَكتَنِهَهُ ، وعَنِ الأَفهامِ أن تَستَغرِقَهُ ، وعَنِ الأَذهانِ أن تُمَثِّلَهُ (2) .سبل : قد تكرّر في الحديث :عنه عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _: فَلَسنا نَعلَمُ كُنهَ عَظَمَتِكَ ، إلّا أنّا نَعلَمُ أنَّكَ حَيٌّ قَيّومٌ ، لا تَأخُذُكَ سِنَةٌ ولا نَومٌ ، لَم يَنتَهِ إلَيكَ نَظَرٌ ، ولَم يُدرِككَ بَصَرٌ (3) .* وعن القمّي في قوله تعالى :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي أظهَرَ مِن آثارِ سُلطانِهِ وجَلالِ كِبرِيائِهِ ما حَيَّرَ مُقَلَ (4) العُقولِ مِن عَجائِبِ قُدرَتِهِ ، ورَدَعَ خَطَراتِ هَماهِمِ النُّفوسِ عَن عِرفانِ كُنهِ صِفَتِهِ (5)

.* وعن الحسن بن راشد :عنه عليه السلام :حارَ في مَلَكوتِهِ عَميقاتُ مَذاهِبِ التَّفكيرِ ، وَانقَطَعَ دونَ الرُّسوخِ في عِلمِهِ جَوامِعُ التَّفسيرِ ، وحالَ دونَ غَيبِهِ المَكنونِ حُجُبٌ مِنَ الغُيوبِ ، تاهَت في أدنى أدانيها طامِحاتُ (6) العُقولِ في لَطيفاتِ الاُمورِ (7) .* وعن الحسين بن عمر :عنه عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _: إنَّكَ أنتَ اللّهُ الَّذي لَم تَتَناهَ فِي العُقولِ فَتَكونَ في مَهَبِّ فِكرِها مُكَيَّفا، ولا في رَوِيّاتِ خَواطِرِها فَتَكونَ مَحدودا مُصَرَّفا (8) . .


1- .مهج الدعوات : ص140 عن عبد اللّه بن عبّاس وعبد اللّه بن جعفر ، بحار الأنوار : ج95 ص243 ح31 .
2- .التوحيد : ص70 ح26 ، عيون أخبار الرضا : ج1 ص121 ح15 كلاهما عن الهيثم بن عبد اللّه الرمّاني عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، البلد الأمين : ص92 ، بحار الأنوار : ج90 ص138 ح7 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 160 ؛ جواهر المطالب : ج1 ص351 نحوه .
4- .جمع مُقْلة ؛ وهي شَحمة العين التي تَجمعُ سوادَها وبياضَها ، تُستَعار لقوّة العَقل باعتبار إدراكها (مجمع البحرين : ج3 ص1709) .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 195 ، بحار الأنوار : ج77 ص314 ح15 .
6- .طمح بصري إليه : امتدّ وعلا (لسان العرب : ج2 ص534) .
7- .الكافي : ج1 ص134 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص41 ح3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص269 ح15 .
8- .نهج البلاغة : الخطبة 91 ، التوحيد : ص54 ح13 كلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، غرر الحكم : ح7559 وفيه «محدّدا» بدل «فتكون محدودا» ، بحار الأنوار : ج77 ص318 ح17 .

ص: 86

* وعن أحمد بن الفضل :عنه عليه السلام_ في تَنزيهِ اللّهِ سُبحانَهُ _: تَتَلَقّاهُ الأَذهانُ لا بِمُشاعَرَةٍ ، وتَشهَدُ لَهُ المَرائي لا بِمُحاضَرَةٍ ، لَم تُحِط بِهِ الأَوهامُ ، بَل تَجَلّى لَها بِها (1) .* ومنه الخبر :عنه عليه السلام :فَتَبارَكَ اللّهُ الَّذي لا يَبلُغُهُ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُهُ غَوصُ الفِطَنِ (2) .* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله في الاستسقاء :عنه عليه السلام_ في تَنزيهِ اللّهِ سُبحانَهُ _: لَم تَبلُغهُ العُقولُ بِتَحديدٍ فَيَكونَ مُشبَّها ، ولَم تَقَع عَلَيهِ الأَوهامُ بِتَقديرٍ فَيَكون مُمَثَّلاً (3) .* وعنه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي مَنَعَ الأَوهامَ أن تَنالَ إلّا وُجودَهُ ، وحَجَبَ العُقولَ أن تَتَخَيَّلَ ذاتَهُ ؛ لِامتِناعِها مِنَ الشَّبَهِ وَالتَّشاكُلِ (4) .* وفي صفته صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :أزَلُهُ نُهيَةٌ لِمَجاوِلِ الأَفكارِ ، ودَوامُهُ رَدعٌ لِطامِحاتِ العُقولِ (5) .* ومنه عن أبيطالب لحمزة :عنه عليه السلام :فَانظُر أيُّهَا السّائِلُ ؛ فَما دَلَّكَ القُرآنُ عَلَيهِ مِن صِفَتِهِ فَائتَمَّ بِهِ ، وَاستَضِئ بِنورِ هِدايَتِهِ ، وما كَلَّفَكَ الشَّيطانُ عِلمَهُ مِمّا لَيسَ فِي الكِتابِ عَلَيكَ فَرضُهُ ولا في سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وأئِمَّةِ الهُدى أثَرُهُ ، فَكِل عِلمَهُ إلَى اللّهِ سُبحانَهُ ؛ فَإِنَّ ذلِكَ مُنتَهى حَقِّ اللّهِ عَلَيكَ . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 185 ، الاحتجاج : ج1 ص480 ح117 ، بحار الأنوار : ج4 ص261 ح9 .
2- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص42 ح3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عنه عليهم السلام ، نهج البلاغة : الخطبة 94 وفيه «حدس» بدل «غوص» ، الاحتجاج : ج1 ص473 ح113 نحوه ، بحار الأنوار : ج4 ص269 ح15 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 155 ، بحار الأنوار : ج4 ص317 ح42 و ج64 ص323 ح2 .
4- .الكافي : ج8 ص18 ح4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، التوحيد : ص73 ح27 ، الأمالي للصدوق : ص399 ح515 وفيهما «أعجز» بدل «منع» و«في امتناعها من الشبه والشكل» بدل «لامتناعها . . . » وكلاهما عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عن آبائه عنه عليهم السلام ، تحف العقول : ص92 وفيه «أعدم» بدل «منع» ، بحار الأنوار : ج70 ص280 ح1 .
5- .الكافي : ج1 ص140 ح5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص287 .

ص: 87

* ومنه عن أبيطالب لحمزة :وَاعلَم أنَّ الرّاسِخينَ فِي العِلمِ هُمُ الَّذينَ أغناهُم عَنِ اقتِحامِ السُّدَدِ المَضروبَةِ دونَ الغُيوبِ ، الإِقرارُ بِجُملَةِ ما جَهِلوا تَفسيرَهُ مِنَ الغَيبِ المَحجوبِ ، فَمَدَحَ اللّهُ تَعالَى اعتِرافَهُم بِالعَجزِ عَن تَناوُلِ ما لَم يُحيطوا بِهِ عِلما ، وسَمّى تَركَهُمُ التَّعَمُّقَ فيما لَم يُكَلِّفهُمُ البَحثَ عَن كُنهِهِ رُسوخا . فَاقتَصِر عَلى ذلِكَ ، ولا تُقَدِّر عَظَمَةَ اللّهِ سُبحانَهُ عَلى قَدرِ عَقلِكَ فَتَكونَ مِنَ الهالِكينَ .

هُوَ القادِرُ الَّذي إذَا ارتَمَتِ الأَوهامُ لِتُدرِكَ مُنقَطَعَ قُدرَتِهِ ، وحاوَلَ الفِكرُ المُبَرَّأُ مِن خَطَراتِ الوَساوِسِ أن يَقَعَ عَلَيهِ في عَميقاتِ غُيوبِ مَلَكوتِهِ ، وتَوَلَّهَتِ القُلوبُ إلَيهِ ؛ لِتَجرِيَ في كَيفِيَّةِ صِفاتِهِ ، وغَمَضَت مَداخِلُ العُقولِ في حَيثُ لا تَبلُغُهُ الصِّفاتُ لِتَناوُلِ عِلمِ ذاتِهِ ، رَدَعَها وهِيَ تَجوبُ مَهاوِيَ سُدَفِ (1) الغُيوبِ ، مُتَخَلِّصَةً إلَيهِ سُبحانَهُ ، فَرَجَعَت إذ جُبِهَت مُعتَرِفَةً بِأَنَّهُ لا يُنالُ بِجَورِ الاِعتِسافِ كُنهُ مَعرِفَتِهِ ، ولا تَخطُرُ بِبالِ اُولي الرَوِيّاتِ (2) خاطِرَةٌ مِن تَقديرِ جَلالِ عِزَّتِهِ (3) .سبا : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: غايَةُ كُلِّ مَتَعَمِّقٍ في مَعرِفَةِ الخالِقِ سُبحانَهُ الِاعتِرافُ بِالقُصورِ عَن إدراكِها (4) .* وعن اُمّ كلثوم في الكوفة :عنه عليه السلام_ فِي الدّيوانِ المَنسوبِ إلَيهِ _:

كَيفِيَّةُ المَرءِ لَيسَ المَرءُ يُدرِكُها

فَكَيفَ كَيفِيَّةُ الجَبّارِ فِي القِدَمِ هُوَ الَّذي أنشَأَ الأَشياءَ مُبتَدِعا

فَكَيفَ يُدرِكُهُ مُستَحدَثُ النَّسَمِ (5) .


1- .السُّدَف : جمع سُدْفة ؛ وهي من الأضداد ؛ تقع على الضِياء والظلمة (النهاية : ج2 ص354 _ 355) والمراد هنا الظُّلَم .
2- .هو جمع رَوِيّة ؛ وهي التفكّر في الأمر (تاج العروس : ج19 ص481) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 91 ، التوحيد : ص55 و ص51 ح13 ، تفسير العيّاشي : ج1 ص163 ح5 وفيه إلى «رسوخاً» وكلّها عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، تيسير المطالب : ص203 عن زيد بن أسلم وكلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج57 ص107 ح90 .
4- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص292 ح344 .
5- .الديوان المنسوب إلى الإمام عليّ عليه السلام : ص518 الرقم390 .

ص: 88

4 / 3 إحاطة القلب به
4 / 4 وصفه بغير ما وصف به نفسه

* وعن ذيالقرنين :عنه عليه السلام :مَن تَفَكَّرَ في ذاتِ اللّهِ ألحَدَ (1) .ستت : قالت بنت أبي جعفر العمريّ لاُمّ أبي جعفر بنعنه عليه السلام :مَن أفكَرَ في ذاتِ اللّهِ تَزَندَقَ (2)(3) .راجع : ص 63 (القبس الأوّل : معرفة اللّه ) و ص 110 (الظاهر الباطن) .

4 / 3إحاطَةُ القَلبِ بِهِ* وفي الخبر :الإمام عليّ عليه السلام :لا تَنالُهُ التَّجزِئَةُ وَالتَّبعيضُ ، ولا تُحيطُ بِهِ الأَبصارُ وَالقُلوبُ (4) .سته : عن عبّاد بن كثير :عنه عليه السلام :عَظُمَ عَن أن تَثبُتَ رُبوبِيَّتُهُ بِإِحاطَةِ قَلبٍ أو بَصَرٍ (5) .4 / 4وَصفُهُ بِغَيرِ ما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ* ومنه عن فاطمة عليهاالسلام :الإمام عليّ عليه السلام :سُبحانَهُ هُوَ كَما وَصَفَ نَفسَهُ ، وَالواصِفونَ لا يَبلُغونَ نَعتَهُ (6) .

.


1- .غرر الحكم : ح8487 ، عيون الحكم والمواعظ : ص449 ح7976 .
2- .أفكر في الشيء وفكّر فيه وتفكّر بمعنىً ، وتزنّدق : أي صار زنديقا ، ويطلق الزنديق على الثنوي ، وعلى المنكر للصانع ، وعلى كلّ ملحد كافر (مرآة العقول : ج25 ص48) .
3- .الكافي : ج8 ص22 ح4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، تحف العقول : ص96 وفيه «فكّر» بدل «أفكر» ، غرر الحكم : ح8503 وفيه «تفكّر» بدل «أفكر» ، بحار الأنوار : ج77 ص285 ح1 ؛ دستور معالم الحكم : ص29 وفيه «تفكّر» بدل «أفكر» .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 85 ، بحار الأنوار : ج4 ص319 ح45 .
5- .نهج البلاغة : الكتاب 31 ، بحار الأنوار : ج4 ص317 ح41 .
6- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص42 ح3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، الغارات : ج1 ص172 عن إبراهيم ابن إسماعيل اليشكري ، بحار الأنوار : ج4 ص269 ح15 ؛ جواهر المطالب : ج1 ص346 .

ص: 89

* ومنه عن عائشة لأميرالمؤمنين عليه السلام في البصعنه عليه السلام :مَنِ اعتَمَدَ عَلَى الرَّأيِ وَالقِياسِ في مَعرِفَةِ اللّهِ ضَلَّ وتَشَعَّبَت عَلَيهِ الاُمُورُ (1) .سجد : في الدعاء :عنه عليه السلام :إنَّ مَن يَعجِزُ عَن صِفاتِ ذِي الهَيئَةِ وَالأَدَواتِ فَهُوَ عَن صِفاتِ خالِقِهِ أعجَزُ ، ومِن تَناوُلِهِ بِحُدودِ المَخلوقينَ أبعَدُ (2) .* ومنه عن الباقر عليه السلام في رسول اللّه صلى العنه عليه السلام :كَيفَ يَصِفُ إلهَهُ مَن يَعجِزُ عَن صِفَةِ مَخلوقٍ مِثلِهِ (3) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام أيضا :عنه عليه السلام :لَم يُطلِعِ العُقولَ عَلى تَحديدِ صِفَتِهِ ، ولَم يَحجُبها عَن واجِبِ مَعرِفَتِهِ (4) .* وفي الخبر :عنه عليه السلام :مَن وَصَفَ اللّهَ فَقَد حَدَّهُ ، ومَن حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ ، ومَن عَدَّهُ فَقَد أبطَلَ أزَلَهُ ، ومَن قالَ : أينَ ؟ فَقَد غَيّاهُ ، ومَن قالَ : عَلامَ ؟ فَقَد أخلى مِنهُ ، ومَن قالَ : فيمَ ؟ فَقَد ضَمَّنَهُ (5) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :كَمالُ تَوحيدِهِ الإِخلاصُ لَهُ ، وكَمالُ الإِخلاصِ لَهُ نَفيُ الصِّفاتِ عَنهُ ؛ لِشَهادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أنَّها غَيرُ المَوصوفِ ، وشَهادَةِ كُلِّ مَوصوفٍ أنَّهُ غَيرُ الصِّفَةِ ؛ فَمَن وَصَفَ اللّهَ فَقَد قَرَنَهُ ومَن قَرَنَهُ فَقَد ثَنّاهُ ، ومَن ثَنّاهُ فَقَد جَزَّأَهُ ومَن جَزَّأَهُ فَقَد جَهِلَهُ ، ومَن جَهِلَهُ فَقَد أشارَ إلَيهِ ، ومَن أشارَ إلَيهِ فَقَد حَدَّهُ ، ومَن حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ ، ومَن قالَ : فيمَ ؟ فَقَد ضَمَّنَهُ ، ومَن قالَ : عَلامَ ؟ فَقَد أخلى مِنهُ (6) .* وعن سلمان :عنه عليه السلام :قَد جَهِلَ اللّهَ مَنِ استَوصَفَهُ ، وتَعَدّاهُ مَن مَثَّلَهُ ، وأخطَأَهُ مَنِ اكتَنَهَهُ ، فَمَن قالَ : .


1- .غرر الحكم : ح9191 ، عيون الحكم والمواعظ : ص433 ح7463 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 163 ، بحار الأنوار : ج60 ص348 ح34 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 112 ، بحار الأنوار : ج6 ص143 ح9 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 49 ، شرح الأخبار : ج2 ص312 ح640 عن جعفر بن سليمان بإسناده عنه عليه السلام وفيه «السواتر عن يقين» بدل «عن واجب» ، بحار الأنوار : ج4 ص308 ح36 .
5- .الكافي : ج1 ص140 ح5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق عليه السلام ، نهج البلاغة : الخطبة 152 وفيه إلى «أزله» ، بحار الأنوار : ج4 ص267 ح5 ؛ دستور معالم الحكم : ص122 وفيه «نعته» بدل «غيّاه» .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، الاحتجاج : ج1 ص473 ح113 ، بحار الأنوار : ج4 ص247 ح5 ؛ دستور معالم الحكم : ص122 نحوه .

ص: 90

* وعن سلمان :أينَ ؟ فَقَد بَوَّأَهُ (1) ، ومَن قالَ : فيمَ ؟ فَقَد ضَمَّنَهُ ، ومَن قالَ : إلامَ ؟ فَقَد نَهّاهُ ، ومَن قالَ : لِمَ فَقَد عَلَّلَهُ ، ومَن قالَ : كَيفَ ؟ فَقَد شَبَّهَهُ ، ومَن قالَ : إذ فَقَد وَقَّتَهُ ، ومَن قالَ : حَتّى فَقَد غَيّاهُ ، ومَن غَيّاهُ فَقَد جَزَّأَهُ ، ومَن جَزَّأَهُ فَقَد وَصَفَهُ ، ومَن وَصَفَهُ فَقَد ألحَدَ فيهِ ، ومَن بَعَّضَهُ فَقَد عَدَلَ عَنهُ (2)

.* ومنه عن الغسّاني في صاحب الزمان عليه السلام :عنه عليه السلام :لَم تَرَهُ سُبحانَهُ العُقولُ فَتُخبِرَ عَنهُ ، بَل كانَ تَعالى قَبلَ الواصِفينَ بِهِ لَهُ (3) .سجر : عن معاوية لأميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :لا تَحويهِ الأَماكِنُ ، ولا تَضمَنُهُ الأَوقاتُ ، ولا تَحُدُّهُ الصِّفاتُ ، ولا تَأخُذُهُ السِّناتُ (4) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام لعقيل :عنه عليه السلام :لا تَقَعُ الأَوهامُ لَهُ عَلى صِفَةٍ ، ولا تُعقَدُ القُلوبُ مِنهُ عَلى كَيفِيَّةٍ (5) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :تَبارَكَ اللّهُ الَّذي لا يَبلُغُهُ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُهُ غَوصُ الفِطَنِ (6) .سجز : عن أبي عبداللّه عليه السلام في علاج كثرة العنه عليه السلام :فَلَيسَت لَهُ صِفَةٌ تُنالُ ، ولا حَدٌّ تُضرَبُ لَهُ فيهِ الأَمثالُ ، كَلَّ دونَ صِفاتِهِ تَحبيرُ اللُّغاتِ ، وضَلَّ هُناكَ تَصاريفُ الصِّفاتِ (7) . .


1- .يقال : بَوّأه اللّه منزِلاً : أي أسكنَه إيّاه ، وتبوّأت منزِلاً : أي اتّخذته ، والمَباءة : المنزل (النهاية : ج1 ص159) .
2- .تحف العقول : ص63 .
3- .غرر الحكم : ح7556 ، عيون الحكم والمواعظ : ص414 ح7045 .
4- .الكافي : ج1 ص139 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه عن الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام وفيه «لا تصحبه» بدل «لا تضمّنه» ، بحار الأنوار : ج4 ص305 ح34 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 85 ؛ المعيار والموازنة : ص254 .
6- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص42 ح3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، نهج البلاغة : الخطبة 94 وفيه «حدس» بدل «غوص» .
7- .الكافي : ج1 ص134 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص41 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام وفيه «تعبير اللغات» بدل «تحبير اللغات» ، بحار الأنوار : ج4 ص269 ح15 .

ص: 91

سجس : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي . . . لا يَتَعاوَرُهُ زِيادَةٌ ولا نُقصانٌ ، ولا يوصَفُ بِأَينٍ ولا بِمَ ولا مَكانٍ ، الَّذي بَطَنَ مِن خَفِيّاتِ الاُمورِ ، وظَهَرَ فِي العُقولِ بِما يُرى في خَلقِهِ مِن عَلاماتِ التَّدبيرِ ، الَّذي سُئِلَتِ الأَنبِياءُ عَنهُ فَلَم تَصِفهُ بِحَدٍّ ولا بِبَعضٍ ، بَل وَصَفَتهُ بِفِعالِهِ ، ودَلَّت عَلَيهِ بِآياتِهِ (1) .* ومنه حرز آمنة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :لا يوصَفُ بِالأَزواجِ ، ولا يَخلُقُ بِعِلاجٍ ، ولا يُدرَكُ بِالحَواسِّ . . . بَل إن كُنتَ صادِقا أيُّهَا المُتَكَلِّفُ لِوَصفِ رَبِّكَ ، فَصِف جِبريلَ وميكائيلَ وجُنودَ المَلائِكَةِ المُقَرَّبينَ في حُجُراتِ القُدُسِ ، مُرجَحِنّينَ (2) مُتَوَلِّهَةً عُقولُهُم أن يَحُدّوا أحسَنَ الخالِقينَ ؛ فَإِنَّما يُدرَكُ بِالصِّفاتِ ذَوُو الهَيئاتِ وَالأَدَواتِ ، ومَن يَنقَضي إذا بَلَغَ أمَدَ حَدِّهِ بِالفَناءِ (3) .سجع : عن ابن زياد :عنه عليه السلام :مَن زَعَمَ أنَّ إلهَنا مَحدودٌ فَقَد جَهِلَ الخالِقَ المَعبودَ ، ومَن ذَكَرَ أنَّ الأَماكِنَ بِهِ تُحيطُ لَزِمَتهُ الحَيرَةُ وَالتَّخليطُ، بَل هُوَ المُحيطُ بِكُلِّ مَكانٍ ؛ فَإِن كُنتَ صادِقا أيُّها المُتَكَلِّفُ لِوَصفِ الرَّحمنِ ، بِخِلافِ التَّنزيلِ وَالبُرهانِ ، فَصِف لي جِبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ ، هَيهاتَ ! أ تَعجِزُ عَن صِفَةِ مَخلوقٍ مِثلِكَ وتَصِفُ الخالِقَ المَعبودَ ، وإنَّما لا تُدرِكُ (4) صِفَةَ رَبِّ الهَيئَةِ وَالأَدَواتِ ، فَكَيفَ مَن لَم تَأخُذهُ سِنَةٌ ولا نَومٌ ؟ لَهُ ما فِي الأَرَضينَ وَالسَّماواتِ وما بَينَهُما وهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ (5) . .


1- .الكافي : ج1 ص141 ح7 ، التوحيد : ص31 ح1 نحوه وكلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص265 ح14 .
2- .ارجَحنَّ الشيء : إذا مَال من ثِقَلة وتحرَّك (النهاية : ج2 ص198) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 182 عن نوف البكالي ، بحار الأنوار : ج4 ص314 ح40 و ج77 ص310 ح13 .
4- .في المصدر : «أنت تدرك» ، وما أثبتناه من كنز العمّال .
5- .حلية الأولياء : ج1 ص73 ، كنز العمّال : ج1 ص409 ح1737 كلاهما عن النعمان بن سعد .

ص: 92

. .

ص: 93

الباب الخامس : الصفات الثبوتيّة
5 / 1 الواحد

الباب الخامس : الصفات الثبوتيّة5 / 1الواحِدسجل : عن عمر لأبي بكر :الإمام عليّ عليه السلام :الواحِدُ بِلا تَأويلِ عَدَدٍ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :واحِدٌ لا مِن عَدَدٍ ، ودائِمٌ لا بِأَمَدٍ ، وقائِمٌ لا بِعَمَدٍ (2) .* ومنه عن أبي سفيان حينما سأله قيصر عن حروبهم معالخصال عن شُرَيح بن هاني :إنَّ أعرابِيّا قامَ يَومَ الجَمَلِ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ أ تَقولُ : إنَّ اللّهَ واحِدٌ ؟ قالَ : فَحَمَلَ النّاسُ عَلَيهِ ، وقالوا : يا أعرابِيُّ ! أ ما تَرى ما فيهِ أميرُ المُؤمِنينَ مِن تَقَسُّمِ القَلبِ ؟ فَقالَ أميرُ المُؤمِنينِ عليه السلام : دَعوهُ ؛ فَإِنَّ الَّذي يُريدُهُ الأَعرابِيُّ هُوَ الَّذي نُريدُهُ مِنَ القَومِ ، ثُمَّ قالَ : يا أعرابِيُّ ! إنَّ القَولَ في أنَّ اللّهَ واحِدٌ عَلى أربَعَةِ أقسامٍ :

.


1- .الكافي : ج1 ص140 ح5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق عليه السلام ، نهج البلاغة : الخطبة 152 ، مجمع البيان : ج10 ص862 عن عبد خير ، روضة الواعظين : ص24 وفيها «الأحد» بدل «الواحد» ، تحف العقول : ص63 وفيه «أحد لا بتأويل عدد» .
2- .التوحيد : ص70 ح26 ، عيون أخبار الرضا : ج1 ص121 ح15 كلاهما عن الهيثم بن عبد اللّه الرمّاني عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، نهج البلاغة : الخطبة 185 ، تيسير المطالب : ص198 عن الإمام زين العابدين عنه عليهماالسلاموفيهما «لا بعدد» بدل «لا من عدد» ، بحار الأنوار : ج4 ص222 ح2 و ج90 ص139 ح7 .

ص: 94

* ومنه عن أبي سفيان حينما سأله قيصر عن حروبهم معفَوَجهانِ مِنها لا يَجوزانِ عَلَى اللّهِ عَزَّوجَلَّ ، ووَجهانِ يَثبُتانِ فيهِ . فَأَمَّا اللَّذانِ لا يَجوزانِ عَلَيهِ فَقَولُ القائِلِ : واحِدٌ ، يَقصُدُ بِهِ بابَ الأَعدادِ ، فَهذا ما لا يَجوزُ ؛ لِأَنَّ ما لا ثانِيَ لَهُ لا يَدخُلُ في بابِ الأَعدادِ ، أما تَرى أنَّهُ كَفَّرَ مَن قالَ : إنَّهُ ثالِثُ ثَلاثَةٍ ؟ وقَولُ القائِلِ : هُوَ واحِدٌ مِنَ النّاسِ ، يُريدُ بِهِ النَّوعَ مِنَ الجِنسِ ، فَهذا ما لا يَجوزُ عَلَيهِ ؛ لِأَ نَّهُ تَشبيهٌ ، وجَلَّ رَبُّنا وتَعالى عَن ذلِكَ .

وأمَّا الوَجهانِ اللَّذانِ يَثبُتانِ فيهِ فَقَولُ القائِلِ : هُوَ واحِدٌ لَيسَ لَهُ فِي الأَشياءِ شِبهٌ كَذلِكَ رَبُّنا ، وقَولُ القائِلِ : إنَّهُ عَزَّ وجَلَّ أحَدِيُّ المَعنى ، يَعني بِهِ أنَّهُ لا يَنقَسِمُ في وُجودٍ ولا عَقلٍ ولا وَهمٍ كَذلِكَ رَبُّنا عَزَّوجَلَّ (1) .* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله في الاستسقاء :الإمام عليّ عليه السلام :ما وَحَّدَهُ مَن كَيَّفَهُ ، ولا حَقيقَتَهُ أصابَ مَن مَثَّلَهُ ، ولا إيّاهُ عَنى مَن شَبَّهَهُ (2) .* ومنه في الرجل الشامي وهشام بن سالم :عنه عليه السلام :التَّوحيدُ ألّا تَتَوَهَّمَهُ (3) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :دَليلُهُ آياتُهُ ، ووُجودُهُ إثباتُهُ ، ومَعرِفَتُهُ تَوحيدُهُ ، وتَوحيدُهُ تَمييزُهُ مِن خَلقِهِ ، وحُكمُ التَّمييزِ بَينونَةُ صِفَةٍ لا بَينونَةُ عُزلَةٍ ، إنَّهُ رَبٌّ خالِقٌ غَيرُ مَربوبٍ مَخلوقٍ كُلَّما يُتَصَوَّرَ فَهُوَ بِخِلافِهِ (4) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في القيامة :عنه عليه السلام_ في قَولِ المُؤَذِّنِ : أشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ _: إعلامٌ بِأَنَّ الشَّهادَةَ لا تَجوزُ إلّا بِمَعرِفَتِهِ مِنَ القَلبِ ، كَأَنَّهُ يَقولُ : اُعلِمُ أنَّهُ لا مَعبودَ إلَا اللّهُ عَزَّوجَلَّ ، وأنَّ كُلَّ مَعبودٍ باطِلٌ سِوَى اللّهِ عَزَّوجَلَّ ، واُقِرُّ بِلِساني بِما في قَلبي مِنَ العِلمِ بِأَنَّهُ لا إلهَ إلَا اللّهُ ، .


1- .الخصال : ص2 ح1 ، معاني الأخبار : ص5 ح2 ، التوحيد : ص83 ح3 ، روضة الواعظين : ص45 ، إرشاد القلوب : ص166 نحوه من «إنّ القول . . .» ، بحار الأنوار : ج3 ص206 ح1 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، بحار الأنوار : ج77 ص310 ح14 .
3- .نهج البلاغة : الحكمة 470 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص124 ، روضة الواعظين : ص48 ، بحار الأنوار : ج5 ص52 ح86 .
4- .الاحتجاج : ج1 ص475 ح115 ، بحار الأنوار : ج4 ص253 ح7 .

ص: 95

* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في القيامة :وأشهَدُ أنَّهُ لا مَلجَأَ مِنَ اللّهِ إلّا إلَيهِ ، ولا مَنجا مِن شَرِّ كُلِّ ذي شَرٍّ وفِتنَةِ كُلِّ ذي فِتنَةٍ إلّا بِاللّهِ .

وفِي المَرَّةِ الثّانِيَةِ : أشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ . مَعناهُ : أشهَدُ أن لا هادِيَ إلَا اللّهُ ، ولا دَليلَ لي إلَى الدّينِ إلَا اللّهُ ، واُشهِدُ اللّهَ بِأَنّي أشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ ، واُشهِدُ سُكّانَ السَّماواتِ وسُكّانَ الأَرَضينَ وما فيهِنَّ مِنَ المَلائِكَةِ وَالنّاسِ أجمَعينَ ، وما فيهِنَّ مِنَ الجِبالِ والأَشجارِ وَالدَّوابِّ وَالوُحوشِ ، وكُلِّ رَطبٍ ويابِسٍ بِأَنّي أشهَدُ أن لا خالِقَ إلَا اللّهُ ، ولا رازِقَ ولا مَعبودَ ، ولا ضارَّ ولا نافِعَ ، ولا قابِضَ ولا باسِطَ ، ولا مُعطِيَ ولا مانِعَ ، ولا ناصِحَ ولا كافِيَ ولا شافِيَ ، ولا مُقَدِّمَ ولا مُؤَخِّرَ إلَا اللّهُ ، لَهُ الخَلقُ والأَمرُ ، وبِيَدِهِ الخَيرُ كُلُّهُ ، تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ العالَمينَ (1) .سجم : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في أهل الجنّة :عنه عليه السلام_ في خُطبَةٍ لَهُ _: ولَو ضَرَبتَ في مَذاهِبِ فِكرِكَ لِتَبلُغَ غاياتِهِ ، ما دَلَّتكَ الدَّلالَةُ إلّا عَلى أنَّ فاطِرَ النَّملَةِ هُوَ فاطِرُ النَّخلَةِ ، لِدَقيقِ تَفصيلِ كُلِّ شَيءٍ ، وغامِضِ اختِلافِ كُلِّ حَيٍّ ، ومَا الجَليلُ وَاللَّطيفُ ، وَالثَّقيلُ وَالخَفيفُ ، وَالقَوِيُّ وَالضَّعيفُ في خَلقِهِ إلّا سَواءٌ (2) .* وعن أبيطالب يمدح رسول اللّه صلى الله عليه و آلهعنه عليه السلام :لَمّا لَم يَكُن إلى إثباتِ صانِعِ العالَمِ طَريقٌ إلّا بِالعَقلِ ؛ لِأَ نَّهُ لا يُحَسُّ فَيُدرِكَهُ العَيانُ أو شَيءٌ مِنَ الحَواسِّ ، فَلَو كانَ غَيرَ واحِدٍ بَلِ اثنَينِ أو أكثَرَ لَأَوجَبَ العَقلُ عِدَّةَ صُنّاعٍ كَما أوجَبَ إثباتَ الصّانِعِ الواحِدِ ، ولَو كانَ صانِعُ العالَمِ اثنَينِ لَم يَجرِ تَدبيرُهُما عَلى نِظامٍ ، ولَم يَنسُق أحوالُهُما عَلى إحكامٍ ولا تَمامٍ ؛ لِأَ نَّهُ مَعقولٌ مِنَ الِاثنَينِ الِاختِلافُ في دَواعيهِما وأفعالِهِما . .


1- .معاني الأخبار : ص39 ح1 ، التوحيد : ص239 ح1 كلاهما عن يزيد بن الحسن عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج84 ص132 ح24 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 185 ، الاحتجاج : ج1 ص482 ح117 ، بحار الأنوار : ج3 ص26 ح1 .

ص: 96

5 / 2 الصّمد

* وعن أبيطالب يمدح رسول اللّه صلى الله عليه و آلهولا يَجوزُ أن يُقالَ : إنَّهُما مُتَّفِقانِ ولا يَختَلِفانِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَن جازَ عَلَيهِ الِاتِّفاقُ جازَ عَلَيهِ الِاختِلافُ ، أ لا تَرى أنَّ المُتَّفِقَينَ لا يَخلو أن يَقدِرَ كُلٌّ مِنهُما عَلى ذلِكَ أو لا يَقدِرَ كُلٌّ مِنهُما عَلى ذلِكَ ؛ فَإِن قَدَرا كانا جَميعا عاجِزَينِ ، وإن لَم يَقدِرا كانا جاهِلَينِ ، وَالعاجِزُ وَالجاهِلُ لا يَكونُ إلها ولا قَديما (1) .سجن : عن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ لِابنِهِ الحَسَنِ عليه السلام _: اِعلَم يا بُنَيَّ أنَّهُ لَو كانَ لِرَبِّكَ شَريكٌ لَأَتَتكَ رُسُلُهُ ، ولَرَأَيتَ آثارَ مُلكِهِ وسُلطانِهِ ، ولَعَرَفتَ أفعالَهُ وصِفاتِهِ ، ولكِنَّهُ إلهٌ واحِدٌ كَما وَصَفَ نَفسَهُ ، لا يُضادُّهُ في مُلكِهِ أحَدٌ (2) .5 / 2الصَّمَد* وعنه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :صَمَدٌ لا بِتَبعيضِ بَدَدٍ (3) . (4)* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :تَأويلُ الصَّمَدِ : لَا اسمٌ ولا جِسمٌ ، ولا مِثلٌ ولا شِبهٌ ، ولا صورَةٌ ولا تِمثالٌ ، ولا حَدٌّ ولا مَحدودٌ ، ولا مَوضِعٌ ولا مَكانٌ ، ولا كَيفٌ ولا أينٌ ، ولا هُنا ولا ثَمَّةَ ولا عَلى ، ولا خَلاءٌ ولا مَلَأٌ ، ولا قِيامٌ ولا قُعودٌ ، ولا سُكونٌ ولا حَرَكاتٌ ، ولا ظُلمانِيٌّ ولا نورانِيٌّ ، ولا روحانِيٌّ ولا نَفسانيٌّ ، ولا يَخلو مِنهُ مَوضِعٌ ولا يَسَعُهُ مَوضِعٌ ، ولا عَلى لَونٍ ، ولا خَطَرَ عَلى قَلبٍ ، ولا عَلى شَمِّ رائِحَةٍ ، مَنفِيٌّ مِن هذِهِ الأَشياءِ (5) .

.


1- .بحار الأنوار : ج93 ص91 نقلاً عن النعماني في كتابه في تفسير القرآن عن إسماعيل بن جابر عن الإمام الصادق عليه السلام .
2- .نهج البلاغة : الكتاب 31 ، تحف العقول : ص72 ، بحار الأنوار : ج3 ص234 .
3- .الصَّمَد : الذي يقصد في الحوائج ، والبَدَد : الحاجة (تاج العروس : ج5 ص66 و ج 4 ص347) أي : السيّد المقصود إليه في الحوائج من دون تبعيض الحاجة .
4- .تحف العقول : ص63 ، مجمع البيان : ج10 ص862 عن عبد خير .
5- .جامع الأخبار : ص38 ح25 عن محمّد ابن الحنفيّة ، بحار الأنوار : ج3 ص230 ح21 .

ص: 97

5 / 3 العالم

5 / 3العالِم* وعن أبيحمزة في زيد بن عليّ عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ عالِمٍ غَيرَهُ مُتَعَلِّمٌ (1) .سحت : عن فاطمة الصغرى :عنه عليه السلام :كُلُّ عالِمٍ فَمِن بَعدِ جَهلٍ تَعَلَّمَ ، وَاللّهُ لَم يَجهَل ولَم يَتَعَلَّم (2) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في التوبة :عنه عليه السلام :العالَمُ بِلَا اكتِسابٍ ولَا ازدِيادٍ ولا عِلمٍ مُستَفادٍ . . . لَيسَ إدراكُهُ بِالإِبصارِ ، ولا عِلمُهُ بِالإِخبارِ (3) .* ومنه عن الصادق عليه السلام :عنه عليه السلام :عِلمُهُ بِالأَمواتِ الماضينَ كَعِلمِهِ بِالأَحياءِ الباقينَ ، وعِلمُهُ بِما فِي السَّماواتِ العُلى كَعِلمِهِ بِما فِي الأَرَضينَ السُّفلى (4) .* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :عِلمُها لا بِأَداةٍ ، لا يَكونُ العِلمُ إلّا بِها ، ولَيسَ بَينَهُ وبَينَ مَعلومِهِ عِلمُ غَيرِهِ (5) بِهِ كانَ عالِما بِمَعلومِهِ (6) .سحح : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الصدقة :عنه عليه السلام :كانَ رَبّا إذ لا مَربوبَ ، وإلها إذ لا مَألوهَ ، وعالِما إذ لا مَعلومَ (7) .

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 65 ، غرر الحكم : ح6887 ، عيون الحكم والمواعظ : ص375 ح6317 وفيهما «غير اللّه » ، بحار الأنوار : ج4 ص309 ح37 .
2- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص43 ح3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، الغارات : ج1 ص174 عن إبراهيم بن إسماعيل اليشكري ، بحار الأنوار : ج4 ص270 ح15 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 213 ، بحار الأنوار : ج4 ص319 ح45 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 163 ، بحار الأنوار : ج4 ص307 ح35 .
5- .قال المجلسي قدس سره : «علمها» : أي علم الأشياء . «علم غيره» : يحتمل الإضافة والتوصيف ، فعلى الأوّل : فالمراد أنّه لا يتوسّط بينه وبين معلومه علم عالم آخر به . وعلى الثاني : فالمراد أنّ ذاته المقدّسة كافية للعالم ، ولا يحتاج إلى علم أيّ صورة علميّة غيره (مرآة العقول : ج25 ص37) .
6- .الكافي : ج8 ص18 ح4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، التوحيد : ص73 ح27 ، الأمالي للصدوق : ص399 ح515 كلاهما عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عن آبائه عنه عليهم السلام وليس فيهما «به كان عالما بمعلومه» ، تحف العقول : ص92 وراجع كنز الفوائد : ج1 ص75 .
7- .الكافي : ج1 ص139 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص309 ح2 عن عبد اللّه بن فيونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص166 ح104 .

ص: 98

* وعنه عليه السلام في الغمام :عنه عليه السلام :أحالَ الأَشياءَ لِأَوقاتِها ... عالِما بِها قَبلَ ابتِدائِها (1) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :أحاطَ بِالأَشياءِ عِلما قَبلَ كَونِها ، فَلَم يَزدَد بِكَونِها عِلما ، عِلمُهُ بِها قَبلَ أن يُكَوِّنَها كَعِلمِهِ بَعدَ تَكوينِها (2) .* ومنه عن الحسين بن عليّ عليهماالسلام :عنه عليه السلام :عِلمُهُ بِما فِي السَّماواتِ العُلى كَعِلمِهِ بِما فِي الأَرضِ السُّفلى ، وعِلمُهُ بِكُلِّ شَيءٍ ، لا تَحَيَّرُهُ الأَصواتُ ، ولا تَشغَلُهُ اللُّغاتُ (3) .سحر : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :فَسُبحانَ مَن لا يَخفى عَلَيهِ سَوادُ غَسَقٍ داجٍ ، ولا لَيلٍ ساجٍ (4) ، في بِقاعِ الأَرَضينَ المُتَطَأطِئاتِ ، ولا في يَفاعِ السُّفعِ (5) المُتَجاوِراتِ ، وما يَتَجَلجَلُ بِهِ الرَّعدُ في اُفُقِ السَّماءِ ، وما تَلاشَت عَنهُ بُروقُ الغَمامِ ، وما تَسقُطُ مِن وَرَقَةٍ تُزيلُها عَن مَسقَطِها عَواصِفُ الأَنواءِ وَانهِطالُ السَّماءِ ! ويَعلَمُ مَسقَطَ القَطرَةِ ومَقَرَّها ومَسحَبَ الذَّرَّةِ ومَجَرَّها ، وما يَكفِي البعُوضَةَ مِن قوتِها ، وما تَحمِلُ الاُنثى في بَطنِها (6) .* وعن أبيجهل في بدر :عنه عليه السلام :لا يَعزُبُ (7) عَنهُ عَدَدُ قَطرِ الماءِ ، ولا نُجومِ السَّماءِ ، ولا سَوافِي الرّيحِ فِي الهَواءِ ، ولا دَبيبُ النَّملِ عَلَى الصَّفا ، ولا مَقيلُ الذَّرِّ فِي اللَّيلَةِ الظُّلماءِ ، يَعلَمُ مَساقِطَ الأَوراق .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، الاحتجاج : ج1 ص474 ح113 ، بحار الأنوار : ج57 ص177 ح136 .
2- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص43 ح3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، الغارات : ج1 ص174 عن إبراهيم بن إسماعيل اليشكري نحوه ، بحار الأنوار : ج4 ص270 ح15 .
3- .حلية الأولياء : ج1 ص73 ، جواهر المطالب : ج1 ص340 وفيه «الأرضين» بدل «الأرض» وكلاهما عن النعمان بن سعد ، كنز العمّال : ج1 ص409 ح1737 .
4- .ليلٌ ساجٍ : أي يغطِّي بظلامه وسكونه (النهاية : ج2 ص344) .
5- .اليَفَاع : المرتَفِع من كلّ شيء . والسُّفْع : جمع سُفعة : نوع من السواد ليس بالكثير . وقيل : هو سواد مع لون آخر (النهاية : ج5 ص299 و ج2 ص374).
6- .نهج البلاغة : الخطبة 182 ، بحار الأنوار : ج77 ص309 ح13 .
7- .عزبَ يعزُب : غابَ وبَعُد (لسان العرب : ج1 ص596) .

ص: 99

* وعن أبيجهل في بدر :وخَفِيَّ طَرفِ الأَحداقِ (1) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في طلحة والزبيعنه عليه السلام :لا يَخفى عَليهِ مِن عِبادِهِ شُخوصُ لَحظَةٍ ، ولا كُرورُ لَفظَةٍ ، ولَا ازدِلافُ (2) رَبوَةٍ ، ولَا انبِساطُ خُطوَةٍ ، في لَيلٍ داجٍ ، ولا غَسَقٍ ساجٍ (3) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :لَم يَعزُب عَنهُ خَفِيّاتُ غُيوبِ الهَواءِ ، ولا غَوامِضُ مَكنونِ ظُلَمِ الدُّجى ، ولا ما فِي السَّماواتِ العُلى إلَى الأَرَضينَ السُّفلى (4) .* وعن الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _: كُلُّ سِرٍّ عِندَكَ عَلانِيَةٌ (5) .سحط : عن النبيّ صلى الله عليه و آله في الشياطين :عنه عليه السلام_ أيضا _: كُلُّ غَيبٍ عِندَكَ شَهادَةٌ (6) .سحق : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الحوضعنه عليه السلام :خَرَقَ عِلمُهُ باطِنَ غَيبِ السُّتُراتِ ، وأحاطَ بِغُموضِ عَقائِدِ السَّريراتِ (7) .* ومنه عن أبي القاسم بن الحسين بن رَوْح :عنه عليه السلام :عالِمُ السِّرِّ مِن ضَمائِرِ المُضمِرينَ ، ونَجوَى المُتَخافِتينَ ، وخَواطِرِ رَجمِ الظُّنونِ ، وعُقَدِ عَزيماتِ اليَقينِ ، ومَسارِقِ إيماضِ (8) الجُفونِ ، وما ضَمِنَتهُ أكنانُ القُلوبِ ، وغَياباتُ الغُيوبِ (9) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :يَعلَمُ اللّهُ سُبحانَهُ ما فِي الأَرحامِ مِن ذَكَرٍ أو اُنثى ، وقَبيحٍ أو جَميلٍ ، وسَخِيٍّ أو .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 178 ، بحار الأنوار : ج4 ص312 ح39 و ج77 ص307 ح12 .
2- .أي قرب دخولهم فيها ونظرهُم إليها (لسان العرب : ج9 ص138) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 163 ، بحار الأنوار : ج4 ص306 ح35 .
4- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبيعبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص42 ح3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص270 ح15 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 109 ، غرر الحكم : ح6891 وفيه «عند اللّه » بدل «عندك» ، بحار الأنوار : ج4 ص318 ح43 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 109 ، بحار الأنوار : ج4 ص318 ح43 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 108 ، غرر الحكم : ح5053 ، عيون الحكم والمواعظ : ص242 ح4609 وفيهما «علم اللّه سبحانه» بدل «علمه» .
8- .يقال : أومَض البَرق إيماضا : إذا لَمع لَمْعا خَفِيّا ولم يَعترِض (النهاية : ج5 ص230) .
9- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج77 ص328 ح17 .

ص: 100

* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :بَخيلٍ ، وشَقِيٍّ أو سَعيدٍ ، ومَن يَكونُ فِي النّارِ حَطَبا أو فِي الجِنانِ لِلنَّبِيّينَ مُرافِقا (1) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :قَد عَلِمَ السَّرائِرَ ، وخَبَرَ الضَّمائِرَ ، لَهُ الإِحاطَةُ بِكُلِّ شَيءٍ (2) .سحل : في النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :كُلُّ باطِنٍ عِندَ اللّهِ جَلَّت آلاؤُهُ ظاهِرٌ (3) .* وفي عجل بني إسرائيل :عنه عليه السلام :إنَّ اللّهَ سُبحانَهُ عِندَ إضمارِ كُلِّ مُضمِرٍ ، وقَولِ كُلِّ قائِلٍ ، وعَمَلِ كُلِّ عامِلٍ (4) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :أيُّهَا النّاسُ ! اتَّقُوا اللّهَ الَّذي إن قُلتُم سَمِعَ ، وإن أضمَرتُم عَلِمَ (5) .زخر : عن الحسن عليه السلام في بني هاشم :عنه عليه السلام :العالِمُ بِما تُكِنُّ الصُّدورُ وما تَخونُ العُيونُ (6) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في الفرات :عنه عليه السلام :قَسَمَ أرزاقَهُم ، وأحصى آثارَهُم وأعمالَهُم ، وعَدَدَ أنفُسِهِم ، وخائِنَةَ أعيُنِهِم ، وما تُخفي صُدورُهُم مِنَ الضَّميرِ (7) .زخرف : في زيارة الحسين عليه السلام :عنه عليه السلام :قَد أحاطَ عِلمُ اللّهِ سُبحانَهُ بِالبَواطِنِ ، وأحصَى الظَّواهِرَ (8) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام_ في دُعاءٍ عَلَّمَهُ كُمَيلَ بنِ زيادٍ _: اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ . . . بِعِلمِكَ الَّذي أحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ (9) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 128 ، بحار الأنوار : ج26 ص103 ح6 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 86 ، بحار الأنوار : ج4 ص319 ح45 .
3- .غرر الحكم : ح6890 ، عيون الحكم والمواعظ : ص376 ح6362 .
4- .غرر الحكم : ح3447 ، عيون الحكم والمواعظ : ص142 ح3177 .
5- .نهج البلاغة : الحكمة 203 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص115 ، روضة الواعظين : ص479 ، غرر الحكم : ح2506 ، عيون الحكم والمواعظ : ص87 ح2074 ؛ جواهر المطالب : ج2 ص155 ح102 و ص158 ح119 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 132 ؛ جواهر المطالب : ج1 ص332 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 90 ، بحار الأنوار : ج4 ص310 ح38 و ج77 ص305 ح10 .
8- .غرر الحكم : ح6677 ، عيون الحكم والمواعظ : ص368 ح6199 .
9- .مصباح المتهجّد : ص844 ح910 ، الإقبال : ج3 ص331 كلاهما عن كميل بن زياد النخعي ، البلد الأمين : ص188 .

ص: 101

5 / 4 الشّاهد
5 / 5 السّميع البصير

5 / 4الشّاهِدزرب : عن الحسن بن عليّ عليهماالسلام لمروان :الإمام عليّ عليه السلام :شاهِدُ كُلِّ نَجوى ، لا كَمُشاهَدَةِ شَيءٍ مِنَ الأَشياءِ ، عَلا السَّماواتِ العُلى إلَى الأَرَضينَ السُّفلى ، وأحاطَ بِجَميعِ الأَشياءِ عِلما ، فَعَلَا الَّذي دَنا ، ودَنا الَّذي عَلا ، لَهُ المَثَلُ الأَعلى ، وَالأَسماءُ الحُسنى تَبارَكَ وتَعالى (1) .* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله لأبي ذرّ :عنه عليه السلام :المُشاهِدُ لِجَميعِ الأَماكِنِ بِلَا انتِقالٍ إلَيها (2) .5 / 5السَّميعُ البَصيرُزرر : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في أمير االإمام عليّ عليه السلام :مَن تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطقَهُ ، ومَن سَكَتَ عَلِمَ سِرَّهُ (3) .* وعن أبي العبّاس البقباق :عنه عليه السلام :كانَ . . . سَميعا إذ لا مَسموعٌ (4) .* وعن أمير المؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :سَميعٌ لِلأَصواتِ المُختَلِفَةِ ، بِلا جَوارِحَ لَهُ مُؤتَلِفَةٍ (5) .زرع : عن أبي عبداللّه عليه السلام في أيّوب عليه اعنه عليه السلام :السَّميعُ لا بِأَداةٍ (6) .* وعنهم عليهم السلامعنه عليه السلام :سَميعٌ لا بِآلَةٍ (7) .

.


1- .الغارات : ج1 ص176 عن إبراهيم بن إسماعيل اليشكري ، بحار الأنوار : ج4 ص273 .
2- .الكافي : ج1 ص142 ح7 ، التوحيد : ص33 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص266 ح14 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 109 ، بحار الأنوار : ج4 ص318 ح43 ؛ جواهر المطالب : ج1 ص332 نحوه .
4- .الكافي : ج1 ص139 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص309 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام .
5- .حلية الأولياء : ج1 ص73 ، كنز العمّال : ج1 ص409 ح1737 كلاهما عن النعمان بن سعد .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 152 .
7- .الكافي : ج1 ص139 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام ، تحف العقول : ص63 .

ص: 102

5 / 6 اللّطيف الخبير

زرق : عن موسى بن جعفر عليهماالسلام :عنه عليه السلام :السَّميعُ لا بِتَفريقِ آلَةٍ (1) .* وعن دعبل :عنه عليه السلام :كُلُّ سَميعٍ غَيرَهُ يَصَمُّ عَن لَطيفِ الأَصواتِ ، ويُصِمُّهُ كَبيرُها ويَذهَبُ عَنهُ ما بَعُدَ مِنها وكُلُّ بَصيرٍ غَيرَهُ يَعمى عَن خَفِيِّ الأَلوانِ ، ولَطيفِ الأَجسامِ (2) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :بَصيرٌ إذ لا مَنظورَ إلَيهِ مِن خَلقِهِ (3) .* وفي الخبر :عنه عليه السلام :بَصيرٌ لا يوصَفُ بِالحاسَّةِ (4) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في حمزة :عنه عليه السلام :البَصيرُ لا بِتَفريقِ آلَةٍ (5) .زرم : عن الحسن :عنه عليه السلام :بَصيرٌ لا بِأَداةٍ (6) .5 / 6اللَّطيفُ الخَبيرُزرا : عن رجل :الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ رَبّي لَطيفُ اللَّطافَةِ ، لا يوصَفُ بِاللُّطفِ (7) .* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :لَطيفٌ لا بِتَجَسُّمٍ (8) .

.


1- .الكافي : ج1 ص140 ح5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق عليه السلام .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 65 ، بحار الأنوار : ج4 ص309 ح37 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، الاحتجاج : ج1 ص474 ح113 ، بحار الأنوار : ج4 ص247 ح5 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 179 ، بحار الأنوار : ج4 ص53 ح29 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 152 .
6- .الكافي : ج1 ص139 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه و ص140 ح5 عن إسماعيل بن قتيبة ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلّها عن الإمام الصادق عليه السلام ، تحف العقول : ص63 .
7- .الكافي : ج1 ص138 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام و ص306 ح1 ، الأمالي للصدوق : ص423 ح560 ، الاختصاص : ص236 ، إرشاد القلوب : ص374 كلّها عن الأصبغ بن نباتة ، روضة الواعظين : ص40 ، بحار الأنوار : ج4 ص304 ح34 .
8- .الكافي : ج1 ص138 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام ، تحف العقول : ص63 ، بحار الأنوار : ج4 ص304 ح34 .

ص: 103

* ومنه عن عبداللّه بن أبيالهذيل :عنه عليه السلام :لَطيفٌ لا يوصَفُ بِالخِفاءِ (1) .زطط : عن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :لا إلهَ إلَا اللّهُ اللَّطيفُ بِمَن شَرَدَ عَنهُ مِن مُسرِفي عِبادِهِ ؛ لِيَرجِعَ عَن عُتُوِّهِ وعِنادِهِ (2) .* وفي الخبر :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الكَريمِ في مُلكِهِ ، القاهِرِ لِمَن فيهِ ، القادِرِ عَلى أمرِهِ ، المَحمودِ في صُنعِهِ ، اللَّطيفِ بِعِلمِهِ ، الرَّؤوفِ بِعِبادِهِ ، المُستَأثِرِ في جَبَروتِهِ في عِزِّ جَلالِهِ وهَيبَتِهِ (3) .* وعن ابن حمران :عنه عليه السلام :إنَّ اللّهَ سُبحانَهُ وتَعالى لا يَخفى عَلَيهِ مَا العِبادُ مُقتَرِفونَ في لَيلِهِم ونَهارِهِم ، لَطُفَ بِهِ خُبرا وأحاطَ بِهِ عِلما (4) .زعب : في أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :يُجيبُ دَعوَةَ مَن يَدعوهُ ، ويَرزُقُ عَبدَهُ ويَحبوهُ ، ذو لُطفٍ خَفِيٍّ وبَطشٍ قَوِيٍّ (5) .زعج : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام_ في الدّيوانِ المَنسوبِ إلَيهِ _:

وكَم للّهِِ مِن لُطفٍ خَفِيِّ

يَدِقُّ خِفاهُ عَن فَهمِ الذَّكِيِّ وكمَ يُسرٍ أتى مِن بَعدِ عُسرٍ

وفَرَّجَ كُربَةَ القَلبِ الشَّجِيِّ وكَم أمرٍ تُساءُ بِهِ صَباحا

وتَأتيكَ المَسَرَّةُ بِالعَشِيِّ ولا تَجزَع إذا ما نابَ خَطبٌ

فَكَم للّهِِ مِن لُطفٍ خَفِيِّ (6) .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 179 ، بحار الأنوار : ج4 ص53 ح29 ؛ تذكرة الخواصّ : ص157 عن ابن عبّاس وفيه «بالجفا» بدل «بالخفاء» .
2- .البلد الأمين : ص112 ، بحار الأنوار : ج90 ص171 ح19 .
3- .الدروع الواقية : ص182 ، بحار الأنوار : ج97 ص142 ح4 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 199 ، بحار الأنوار : ج33 ص450 .
5- .المصباح للكفعمي : ص968 ، بحار الأنوار : ج77 ص340 ح28 ؛ شرح نهج البلاغة : ج19 ص141 ، مطالب السؤول : ص60 ، كنز العمّال : ج16 ص210 ح44234 عن أبي صالح .
6- .الديوان المنسوب إلى الإمام عليّ عليه السلام : ص650 الرقم 506 .

ص: 104

5 / 7 القادر

5 / 7القادِرسحم : عن ابن مهزيار في المهديّ عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :فَطَرَ الخَلائِقَ بِقُدرَتِهِ (1) .* وعن الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام :كُلُّ قادِرٍ غيرَ اللّهِ سُبحانَهُ مَقدورٌ (2) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الطاووس :عنه عليه السلام :قادِرٌ إذ لا مَقدورٌ (3) .سحا : قال المأمون لأبي الحسن الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام :المُستَشهِدُ بِآياتِهِ عَلى قُدرَتِهِ (4) .* ومنه عن الصادق عليه السلام في الدعاء :عنه عليه السلام :كُلُّ قادِرٍ غَيرَهُ يَقدِرُ ويَعجِزُ (5) .* وفي موسى عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الكَريمِ في مُلكِهِ . . . القادِرِ عَلى أمرِهِ (6) .* وعن العبّاس لأخيه الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _: سُبحانَكَ ما أعظَمَ ما نَرى مِن خَلقِكَ ! وما أصغَرَ كُلَّ عَظيمَةٍ في جَنبِ قُدرَتِكَ ! وما أهوَلَ ما نَرى مِن مَلَكوتِكَ ! وما أحقَرَ ذلِكَ فيما غابَ عَنّا مِن سُلطانِكَ ! وما أسبَغَ نِعَمَكَ فِي الدُّنيا ! وما أصغَرَها في نِعَمِ الآخِرَةِ ! (7)سخب : عن أبي هريرة في النبيّ صلى الله عليه و آلهعنه عليه السلام :هُوَ القادِرُ الَّذي إذَا ارتَمَتِ الأَوهامُ لِتُدرِكَ مُنقَطَعَ قُدرَتِهِ ، وحاوَلَ الفِكرُ المُبَرَّأُ مِن خَطَراتِ الوَساوِسِ أن يَقَعَ عَلَيهِ في عَميقاتِ غُيوبِ مَلَكوتِهِ ، وتَوَلَّهَتِ القُلوبُ إلَيهِ لِتَجرِيَ في كَيفِيَّةِ صِفاتِهِ ، وغَمَضَت مَداخِل العُقولِ في حَيثُ لا تَبلُغُهُ الصِّفات

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 1 و 183 وفيه «خلق» بدل «فطر» ، الاحتجاج : ج1 ص473 ح113 ، بحار الأنوار : ج4 ص247 ح5 .
2- .غرر الحكم : ح6889 ، عيون الحكم والمواعظ : ص377 ح6400 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 152 ؛ دستور معالم الحكم : ص122 .
4- .الكافي : ج1 ص139 ح5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق عليه السلام .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 65 ، بحار الأنوار : ج4 ص309 ح37 .
6- .الدروع الواقية : ص182 ، بحار الأنوار : ج97 ص142 ح4 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 109 ، بحار الأنوار : ج4 ص318 ح43 ؛ جواهر المطالب : ج1 ص333 نحوه .

ص: 105

5 / 8 القويّ

سخب : عن أبي هريرة في النبيّ صلى الله عليه و آلهلتَنَاوُلِ عِلمِ ذاتِهِ ، رَدَعَها وهِيَ تَجوبُ مَهاوِيَ سُدَفِ الغُيوبِ مُتَخَلِّصَةً إلَيهِ سُبحانَهُ (1) .* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الواحِدِ الأَحَدِ الصَّمَدِ المُتَفَرِّدِ ، الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ولا مِن شَيءٍ خَلَقَ ما كانَ ، قُدرَةٌ بانَ بِها مِنَ الأَشياءِ وبانَتِ الأَشياءُ مِنهُ (2) .* وفي نعت النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ في دُعاءٍ عَلَّمَهُ كُمَيلَ بنَ زِيادٍ _: اللّهُمَّ عَظُمَ سُلطانُكَ ، وعَلا مَكانُكَ ، وخَفِيَ مَكرُكَ ، وظَهَرَ أمرُكَ ، وغَلَبَ قَهرُكَ ، وجَرَت قُدرَتُكَ ، ولا يُمكِنُ الفِرارُ مِن حُكومَتِكَ (3) .5 / 8القَوِيّ* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في قصور الجنالإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ قَوِيٍّ غَيرَهُ ضَعيفٌ (4) .سخر : في الخبر :عنه عليه السلام :كُلُّ شَيءٍ خاشِعٌ لَهُ ، وكُلُّ شَيءٍ قائِمٌ بِهِ ، غِنى كُلِّ فَقيرٍ ، وعِزُّ كُلِّ ذَليلٍ ، وقُوَّةُ كُلِّ ضَعيفٍ (5) .سخط : عن فاطمة عليهاالسلام :عنه عليه السلام :فَتَعالى مِن قَوِيٍّ ما أكرَمَهُ ! وتَواضَعتَ مِن ضَعيفٍ ما أجرَأَكَ عَلى مَعصِيَتِهِ ! (6)سخف : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ في دُعاءٍ عَلَّمَهُ كُمَيلَ بنَ زِيادٍ _: اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ . . . بِقُوَّتِكَ الَّتي قَهَرتَ بِها

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص275 ح16 .
2- .الكافي : ج1 ص134 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص41 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص269 ح15 .
3- .مصباح المتهجّد : ص845 ح910 ، الإقبال : ج3 ص332 وفيه «جندك» بدل «قهرك» وكلاهما عن كميل بن زياد ، البلد الأمين : ص188 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 65 ، غرر الحكم : ح6884 ، عيون الحكم والمواعظ : ص375 ح6314 وفيهما «غير اللّه » .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 109 ، بحار الأنوار : ج4 ص317 ح43 ؛ جواهر المطالب : ج1 ص332 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 223 ، بحار الأنوار : ج71 ص192 ح59 .

ص: 106

5 / 9 القاهر
5 / 10 القائم

سخف : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :كُلَّ شَيءٍ ، وخَضَعَ لَها كُلُّ شَيءٍ ، وذَلَّ لَها كُلُّ شَيءٍ (1) .5 / 9القاهِر* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في كربلاء :الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الكَريمِ في مُلكِهِ ، القاهِرِ لِمَن فيهِ (2) .سخم : عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :الواحِدُ الصَّمَدُ ، وَالمُتَكَبِّرُ عَنِ الصّاحِبَةِ وَالوَلَدِ ، رافِعِ السَّماءِ بِغَيرِ عَمَدٍ ، ومُجرِي السَّحابِ بِغَيرٍ صَفَدٍ (3) ، قاهِرِ الخَلقِ بِغَيرِ عَدَدٍ (4) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :اللّهُ أكبَرُ القاهِرُ لِلأَضدادِ ، المُتَعالي عَنِ الأَندادِ ، المُتَفَرِّدُ بِالمِنَّةِ عَلى جَميعِ العِبادِ (5) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :هُوَ الَّذِي اشتَدَّت نِقمَتُهُ عَلى أعدائِهِ في سَعَةِ رَحمَتِهِ واتَّسَعَت رَحمَتُهُ لِأَولِيائِهِ في شِدَّةِ نِقمَتِهِ ، قاهِرُ مَن عازَّهُ (6) ، ومُدَمِّرُ مَن شاقَّهُ ، ومُذِلُّ مَن ناواهُ ، وغالِبُ مَن عاداهُ (7) .5 / 10القائِم* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ شَيءٍ قائِمٌ بِهِ (8) .

.


1- .مصباح المتهجّد : ص844 ح910 ، الإقبال : ج3 ص331 كلاهما عن كميل بن زياد النخعي ، البلد الأمين : ص188 .
2- .الدروع الواقية : ص182 .
3- .الصَّفَد : حَبلٌ يوثَق به أو غِلّ (لسان العرب : ج3 ص256) .
4- .مهج الدعوات : ص144 ، بحار الأنوار : ج94 ص232 ح8 .
5- .البلد الأمين : ص93 ، بحار الأنوار : ج90 ص139 ح7 .
6- .عازّه أي غالبه (شرح نهج البلاغة : ج6 ص396) .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 90 ، بحار الأنوار : ج4 ص310 ح38 .
8- .نهج البلاغة : الخطبة 109 ، بحار الأنوار : ج4 ص317 ح43 .

ص: 107

* وعنه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :كُلُّ مَعروفٍ بِنَفسِهِ مَصنوعٌ ، وكُلُّ قائِمٍ في سِواهُ مَعلولٌ (1) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :إنَّ اللّهَ قائِمٌ باقٍ ، وما دونَهُ حَدَثٌ حائِلٌ زائِلٌ ، ولَيسَ القَديمُ الباقي كَالحَدَثِ الزّائِلِ (2) .سخا : عن الحسن بن عليّ عليهماالسلام :عنه عليه السلام :سُبحانَ مَن هُوَ قائِمٌ لا يَلهو (3) .* ومنه عن الصادق عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ المَعروفِ مِن غَيرِ رُؤيَةٍ ، وَالخالِقِ مِن غَيرِ رَوِيَّةٍ ، الَّذي لَم يَزَل قائِما دائِما إذ لا سَماءٌ ذاتُ أبراجٍ ، ولا حُجُبٌ ذاتَ إرتاجٍ (4) ، ولا لَيلٌ داجٍ ، ولا بَحرٌ ساجٍ (5) ، ولا جَبَلٌ ذو فِجاجٍ ، ولا فَجٌّ ذو اعوِجاجٍ ، ولا أرضٌ ذاتُ مِهادٍ ، ولا خَلقٌ ذُو اعتِمادٍ (6) .سدد : عن أبي عبداللّه عليه السلام في الفرائض :عنه عليه السلام :واحِدٌ لا بِعَدَدٍ ، ودائِمٌ لا بِأَمَدٍ ، وقائِمٌ لا بِعَمَدٍ (7) .* ومنه الحديث القدسيّ :عنه عليه السلام :القَيّومُ الَّذي لا يَنامُ (8) .* ومنه عن الحسين بن عليّ عليهماالسلام :عنه عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _: أنتَ . . . القَيّومُ الَّذي لا زَوالَ لَكَ (9) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، بحار الأنوار : ج77 ص310 ح14 .
2- .تحف العقول : ص468 عن الإمام الهادي عليه السلام ، بحار الأنوار : ج5 ص75 ح1 .
3- .الدروع الواقية : ص200 .
4- .الرَّتَج والرِّتاج : الباب العظيم ، وقيل : هو الباب المغلَق (لسان العرب : ج2 ص279) .
5- .ساجٍ : أي ساكن (النهاية : ج2 ص345) .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 90 ، بحار الأنوار : ج4 ص310 ح38 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 185 ، التوحيد : ص70 ح26 عن الهيثم بن عبد اللّه الرمّاني عن الإمام الرضا عن آبائه عنه عليهم السلام ، الاحتجاج : ج1 ص480 ح117 ، البلد الأمين : ص92 ، بحار الأنوار : ج90 ص139 ح7 .
8- .مهج الدعوات : ص145 .
9- .الدروع الواقية : ص204 ، بحار الأنوار : ج97 ص203 ح3 .

ص: 108

5 / 11 الحيّ
5 / 12 الأوّل والآخر

5 / 11الحَيُّ* وعن اُمّ سلمة لعائشة :الإمام عليّ عليه السلام :هُوَ حَياةُ كُلِّ شَيءٍ ، ونورُ كُلِّ شَيءٍ ، سُبحانَهُ وتَعالى عَمّا يَقولونَ عُلُوّا كَبيرا . . . وبِحَياتِهِ حَيِيَت قُلوبُهُم وبِنورِهِ اهتَدَوا إلى مَعرِفَتِهِ (1) .5 / 12الأَوَّلُ وَالآخِرُ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في محمّد بن عبداللالإمام عليّ عليه السلام :الأَوَّلُ لا شَيءَ قَبلَهُ ، وَالآخِرُ لا غايَةَ لَهُ (2) .سدر : عن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :الأَوَّلُ الَّذي لا غايَةَ لَهُ فَيَنتَهِيَ ، ولا آخِرَ لَهُ فَيَنقَضِيَ (3) .* وعن يحيى بن المغيرة :عنه عليه السلام :الأَوَّلُ الَّذي لَم يَكُن لَهُ قَبلٌ فَيَكونَ شَيءٌ قَبلَهُ ، وَالآخِرُ الَّذي لَيسَ لَهُ بَعدٌ فَيَكونَ شَيءٌ بَعدَهُ (4) .* ومنه عن البزنطي :عنه عليه السلام :لا تَصحَبُهُ الأَوقاتُ ، ولا تَرفِدُهُ الأَدَواتُ ، سَبَقَ الأَوقاتَ كَونُهُ ، وَالعَدَمَ وُجودُهُ ، وَالِابتِداءَ أزَلُهُ . . . مَنَعَتها «مُنذُ» القِدمَةَ ، وحَمَتها «قَدُ» الأَزَلِيَّةَ (5) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :لَم يَتَقَدَّمهُ وَقتٌ ولا زَمانٌ (6) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :الَّذي لَيسَ لَهُ وَقتٌ مَعدودٌ ، ولا أجَلٌ مَمدودٌ ، ولا نَعتٌ مَحدودٌ ؛ سُبحانَ الَّذي لَيسَ لَهُ أوَّلٌ مُبتَدَأٌ ، ولا غايَةٌ مُنتَهًى ، ولا آخِرٌ يَفنى (7) .

.


1- .الكافي : ج1 ص130 ح1 عن أحمد بن محمّد البرقي رفعه ، بحار الأنوار : ج58 ص10 ح8 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 85 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 94 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 91 ، بحار الأنوار : ج57 ص106 ح90 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، بحار الأنوار : ج57 ص30 ح6 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 182 وراجع بحار الأنوار : ج57 ص167 ح107 .
7- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص42 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، الغارات : ج1 ص172 عن إبراهيم بن إسماعيل اليشكري نحوه ، بحار الأنوار : ج4 ص269 ح15 .

ص: 109

سدف : عن اُمّ سلمة لعائشة :عنه عليه السلام :لَيسَ لِأَوَّلِيَّتِهِ ابتِداءٌ ، ولا لِأَزَلِيَّتِهِ انقِضاءٌ ، هُوَ الأَوَّلُ ولَم يَزَل ، وَالباقي بِلا أجَلٍ . . . لا يُقالُ لَهُ : «مَتى ؟» ولا يُضرَبُ لَهُ أمَدٌ بِ_ «حَتّى» . . . قَبلَ كُلِّ غايَةٍ ومُدَّةٍ ، وكُلِّ إحصاءٍ وعِدَّةٍ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :قَبلَ كُلِّ شَيءٍ لا يُقالُ شَيءٌ قَبلَهُ ، وبَعدَ كُلِّ شَيءٍ لا يُقالُ لَهُ بَعدٌ . . . مَوجودٌ لا بَعدَ عَدَمٍ (2) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :لا أمَدَ لِكَونِهِ ، ولا غايَةَ لِبَقائِهِ (3) .سدل : خرج أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الكائِنِ قَبلَ أن يَكونَ كُرسِيٌّ أو عَرشٌ ، أو سَماءٌ أو أرضٌ ، أو جانٌّ أو إنسٌ (4) .* وعنه عليه السلام في الخلافة :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَم تَسبِق لَهُ حالٌ حالاً ، فَيَكونَ أوَّلاً قَبلَ أن يَكونَ آخِرا (5) .* وعنه عليه السلام في الخفّاش :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الأَوَّلِ فَلا شَيءَ قَبلَهُ ، وَالآخِرِ فَلا شَيءَ بَعدَهُ (6) .* وعن زينب عليهاالسلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الأَوَّلِ قَبلَ كُلِّ أوَّلٍ ، وَالآخِرِ بَعدَ كُلِّ آخِرٍ ، وبِأَوَّلِيَّتِهِ وَجَبَ أن لا أوَّلَ لَهُ ، وبِآخِرِيَّتِهِ وَجَبَ أن لا آخِرَ لَهُ (7) .سدم : في الدعاء :عنه عليه السلام :الَّذي لَيسَت في أوَّلِيَّتِهِ نِهايَةٌ ، ولا لِاخِرِيَّتِهِ حَدٌّ ولا غايَةٌ ، الَّذي لَم يَسبِقهُ وَقتٌ ، .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 163 ، بحار الأنوار : ج57 ص27 ح3 .
2- .الكافي : ج1 ص138 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص304 ح34 .
3- .الكافي : ج1 ص139 ص5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص166 ح105 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 182 عن نوف البكالي ، بحار الأنوار : ج4 ص314 ح40 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 65 ، بحار الأنوار : ج4 ص308 ح37 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 96 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 101 .

ص: 110

5 / 13 الظّاهر والباطن

سدم : في الدعاء :ولَم يَتَقَدَّمهُ زَمانٌ (1) .* وعن عطيّة عن أبي عبداللّه عليه السلام في المنكوعنه عليه السلام :الَّذي لَم يَزَل ولا يَزالُ وَحدانِيّا أزَلِيّا قَبلَ بَدءِ الدُّهورِ ، وبَعدَ صُروفِ الاُمورِ ، الَّذي لا يَبيدُ ولا يَنفَدُ (2) .سدن : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :لا يَزولُ أبَدا ولَم يَزَل ، أوَّلٌ قَبلَ الأَشياءِ بِلا أوَّلِيَّةٍ ، وآخِرٌ بَعدَ الأَشياءِ بِلا نِهايَةٍ (3) .* ومنه عن أبي طالب :الإمام الصادق عليه السلام :جاءَ حِبرٌ مِنَ الأَحبارِ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، مَتى كانَ رَبُّكَ ؟ فَقالَ لَهُ : ثَكَلَتكَ اُمُّكَ ! ومَتى لَم يَكُن حَتّى يُقالَ : مَتى كانَ ؟ كانَ رَبّي قَبلَ القَبلِ بِلا قَبلٍ ، وبَعدَ البَعدِ بِلا بَعدٍ ولا غايَةٍ ، ولا مُنتَهى لِغايَتِهِ ، انقَطَعَتِ الغاياتُ عِندَهُ ؛ فَهُوَ مُنتَهى كُلِّ غايَةٍ (4) .5 / 13الظّاهِرُ وَالباطِنُسدا : عن أبي جعفر عليه السلام في زيارة القبور :الإمام عليّ عليه السلام_ في تَمجيدِ اللّهِ _: الظّاهِرُ بِعَجائِبِ تَدبيرِهِ لِلنّاظِرينَ ، وَالباطِنُ بِجَلالِ عِزَّتِهِ عَن فِكرِ المُتَوَهِّمينَ (5) .

.


1- .الكافي : ج1 ص141 ح7 ، التوحيد : ص31 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص265 ح14 .
2- .الكافي : ج1 ص136 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص43 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام وفيه «صرف» بدل «صروف» و«لا يفقد» بدل «لا ينفد» ، بحار الأنوار : ج4 ص271 ح15 .
3- .نهج البلاغة : الكتاب 31 ، بحار الأنوار : ج4 ص317 ح41 ؛ كنز العمّال : ج16 ص171 ح44215 نقلاً عن وكيع والعسكري في المواعظ .
4- .الكافي : ج1 ص89 ح5 ، التوحيد : ص174 ح3 ، الأمالي للصدوق : ص769 ح1041 كلّها عن أبي الحسن الموصلي ، الاحتجاج : ج1 ص496 ح126 ، بحار الأنوار : ج3 ص283 ح1 وراجع الكافي : ج1 ص89 ح4 و ص90 ح6 و ح8 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 213 ، بحار الأنوار : ج4 ص319 ح45 .

ص: 111

* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :عنه عليه السلام :الظّاهِرُ فَلا شَيءَ فَوقَهُ ، وَالباطِنُ فَلا شَيءَ دونَهُ (1) .* وعن الشاكري في الإمام العسكري عليه السلام :عنه عليه السلام :هُوَ الظّاهِرُ عَلَيها بِسُلطانِهِ وعَظَمَتِهِ ، وهُوَ الباطِنُ لَها بِعِلمِهِ ومَعرِفَتِهِ (2) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :الظّاهِرُ لا يُقالُ : «مِمَّ» ، وَالباطِنُ لا يُقالَ : «فيمَ» (3) .* وعن الطرمّاح لمعاوية :عنه عليه السلام :الَّذي بَطَنَ مِن خَفِيّاتِ الاُمورِ ، وظَهَرَ فِي العُقولِ بِما يُرى في خَلقِهِ مِن عَلاماتِ التَّدبيرِ (4)

.سرب : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :الظّاهِرُ لِقُلوبِهِم بِحُجَّتِهِ (5) .* ومنه عن الأحنف :عنه عليه السلام :الظّاهِرُ عَلى كُلِّ شَيءٍ بِالقَهرِ لَهُ (6) .* ومنه عن دعبل :عنه عليه السلام :الظّاهِرُ لا بِرُؤيَةٍ ، وَالباطِنُ لا بِلَطافَةٍ (7) .* وعن أبيالحسن الرضا عليه السلام في الاستطاعة :عنه عليه السلام :باطِنٌ لا بِمُداخَلَةٍ ، ظاهِرٌ لا بِمُزايَلَةٍ (8) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الأرض :عنه عليه السلام :لا يُجِنُّهُ (9) البُطونُ عَنِ الظُّهورِ ، ولا يَقطَعُهُ الظُّهورُ عَنِ البُطونِ ؛ قَرُبَ فَنَأى ، وعَلا فَدَنا ، وظَهَرَ فَبَطَنَ ، وبَطَنَ فَعَلَنَ (10) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَم تَسبِق لَهُ حالٌ حالاً ؛ فَيَكونَ أوَّلاً قَبلَ أن يَكونَ آخِرا ، ويَكونَ ظاهِرا قَبلَ أن يَكونَ باطِنا . . . كُلُّ ظاهِرٍ غَيرَهُ غَيرُ باطِنٍ ، وكُلُّ باطِنٍ غَيرَهُ غَيرُ ظاهِرٍ (11) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 96 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص478 ح116 ، بحار الأنوار : ج77 ص313 ح14 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 163 .
4- .الكافي : ج1 ص141 ح7 ، التوحيد : ص31 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص265 ح14 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 108 .
6- .الكافي : ج1 ص142 ح7 ، التوحيد : ص33 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص266 ح14 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 152 .
8- .تحف العقول : ص63 وراجع نهج البلاغة : الخطبة 1 .
9- .يُجِنّه : أي يُغطّيه و يستره (النهاية : ج1 ص308) .
10- .نهج البلاغة : الخطبة 195 ، بحار الأنوار : ج77 ص315 ح15 .
11- .نهج البلاغة : الخطبة 65 ، بحار الأنوار : ج4 ص308 ح37 .

ص: 112

5 / 14 القريب البعيد
5 / 15 البائن الدّاخل

5 / 14القَريبُ البَعيدُ* وفي صفته صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :قَريبٌ مِنَ الأَشياءِ غَيرَ مُلابسٍ ، بَعيدٌ مِنها غَيرَ مُبايِنٍ (1) .* ومنه في صفة الحسن بن عليّ عليهماالسلام :عنه عليه السلام :المُتَعالي عَلَى الخَلقِ بِلا تَباعُدٍ مِنهُم ، ولا مُلامُسَةٍ مِنهُ لَهُم (2) .* ومنه في صفة الصادق عليه السلام :عنه عليه السلام :إنَّهُ لَبِكُلِّ مَكانٍ ، وفي كُلِّ حينٍ وأوانٍ ، ومَعَ كُلِّ إنسٍ وجانٍّ (3) .سربل : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :لَم يَقرُب مِنَ الأَشياءِ بِالتِصاقٍ ، ولَم يَبعُد عَنها بِافتِراقٍ (4) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام لمعاوية :عنه عليه السلام :ناءٍ لا بِمَسافَةٍ ، قَريبٌ لا بِمُداناةٍ (5) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :سَبَقَ فِي العُلُوِّ ؛ فَلا شَيءَ أعلى مِنهُ ، وقَرُبَ فِي الدُّنُوِّ ؛ فَلا شَيءَ أقرَبُ مِنهُ، فَلَااستِعلاؤُهُ باعَدَهُ مِن شَيءٍ مِن خَلقِهِ، ولا قُربُهُ ساواهُم فِيالمَكانِ بِهِ (6) .5 / 15البائِنُ الدّاخِلُ* ومنه في أبرهة :الإمام عليّ عليه السلام :البائِنُ لا بِتَراخي مَسافَةٍ (7) .

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 179 ، غرر الحكم : ح6796 ، عيون الحكم والمواعظ : ص372 ح6309 .
2- .الكافي : ج1 ص142 ح7 ، التوحيد : ص33 ح1 وفيه «القريب منهم بلا ملامسة» وكلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص266 ح14 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 195 ، بحار الأنوار : ج77 ص315 ح15 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 163 ، بحار الأنوار : ج4 ص306 ح35 .
5- .الكافي : ج1 ص138 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام وفيه «بائن» بدل «ناءٍ» ، تحف العقول : ص63 وفيه «بعيد» بدل «ناءٍ» ، بحار الأنوار : ج4 ص304 ح34 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 49 ، شرح الأخبار : ج2 ص312 ح640 ، بحار الأنوار : ج4 ص308 ح36 .
7- .الكافي : ج1 ص140 ح5 عن إسماعيل بن قتيبة ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما فعن الإمام الصادق عليه السلام وفيه «بائن لا بمسافة» ، بحار الأنوار : ج4 ص304 ح34 .

ص: 113

* وعن الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام :مُباينٌ لِجَميعِ ما أحدَثَ فِي الصِّفاتِ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في النبيّ صلى اللهعنه عليه السلام :بانَ مِنَ الأَشياءِ بِالقَهرِ لَها وَالقُدرَةِ عَلَيها ، وبانَتِ الأَشياءُ مِنهُ بِالخُضوعِ لَهُ وَالرُّجوعِ إِلَيهِ (2) .سرحب : عن الكشّي :عنه عليه السلام :لا أنَّ الأَشياءَ تَحويهِ فَتُقِلَّهُ (3) أو تُهوِيَهُ ، أو أنَّ شَيئا يَحمِلُهُ فَيُميلَهُ أو يُعَدِّلَهُ ، لَيسَ فِي الأَشياءِ بِوالِجٍ ، ولا عَنها بِخارِجٍ (4) .* وعن ابن عطيّة عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :فِي الأَشياءِ كُلِّها ، غَيرَ مُتَمازِجٍ بِها ، ولا بائِنٍ مِنها (5) .سرحان : عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :فارَقَ الأَشياءَ لا عَلَى اختِلافِ الأَماكِنِ ، ويَكونُ فيها لا عَلى وَجهِ المُمازَجَةِ (6) .سرد : في لقمان عليه السلام :الإرشاد عن الإمام عليّ عليه السلام_ عِندَما سَأَلَهُ حِبرٌ يَهودِيٌّ عَنِ اللّهِ أ هُوَ فِي السَّماءِ أم فِي الأَرضِ ؟ _: إنَّ اللّهَ جَلَّ وعَزَّ أيَّنَ الأَينَ فَلا أينَ لَهُ ، وجَلَّ عَن أن يَحوِيَهُ مَكانٌ ، وهُوَ في كُلِّ مَكانٍ بِغَيرِ مُماسَّةٍ ولا مُجاوَرَةٍ ، يُحيطُ عِلما بِما فيها ، ولا يَخلو شَيءٌ مِنها مِن تَدبيرِهِ ، وإنّي مُخبِرُكَ بِما جاءَ في كِتابٍ مِن كُتُبِكُم يُصَدِّقُ ما ذَكَرتُهُ لَكَ ، فَإِن عَرَفتَهُ أتُؤمِنُ بِهِ ؟ قالَ اليَهودِيُّ : نَعَم . .


1- .عيون أخبار الرضا : ج1 ص121 ح15 ، التوحيد : ص69 ح26 كلاهما عن الهيثم بن عبد اللّه الرمّاني عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص222 ح2 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 152 وراجع الكافي : ج1 ص134 ح1 والتوحيد : ص41 ح3 والغارات : ج1 ص171 وبحار الأنوار : ج4 ص269 ح15 .
3- .أقَلَّ الشيء : رفَعَه وحمَلَه (النهاية : ج4 ص104) .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص477 ح116 ، بحار الأنوار : ج77 ص312 ح14 .
5- .الكافي : ج1 ص138 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص304 ح34 .
6- .الكافي : ج8 ص18 ح4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، تحف العقول : ص92 ، التوحيد : ص73 ح27 ، الأمالي للصدوق : ص399 ح515 كلاهما عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر عن آبائه عنه عليهم السلاموفيهما «تمكّن منها» بدل «يكون فيها» ، بحار الأنوار : ج4 ص221 ح1 .

ص: 114

5 / 16 العزيز الحكيم

سرد : في لقمان عليه السلام :قالَ : أ لَستُم تَجِدونَ في بَعضِ كُتُبِكُم أنَّ موسَى بنَ عِمرانَ عليه السلام كانَ ذاتَ يومٍ جالِسا إذ جاءَهُ مَلَكٌ مِنَ المَشرِقِ ، فَقالَ لَهُ مُوسى : مِن أينَ أقبَلتَ ؟ قالَ : مِن عِندِ اللّهِ عَزَّوجَلَّ ، ثُمَّ جاءَهُ مَلَكٌ مِن المَغرِبِ فَقالَ لَهُ : مِن أينَ جِئتَ ؟ قالَ : مِن عِندِ اللّهِ ، وجاءَهُ مَلَكٌ آخَرُ فَقالَ : قَد جِئتُكَ مِنَ السّماءِ السّابِعَةِ مِن عِندِ اللّهِ تَعالى ، وجاءَهُ مَلَكٌ آخَرُ فَقالَ : قَد جِئتُكَ مِنَ الأَرضِ السّابِعَةِ السُّفلى مِن عِندِ اللّهِ عَزَّ اسمُهُ ، فَقالَ مُوسى عليه السلام : سُبحانَ مَن لا يَخلو مِنهُ مَكانٌ ، ولا يَكونُ إلى مَكانٍ أقرَبَ مِن مَكانٍ ؟

فَقالَ اليَهودِيُّ : أشهَدُ أنَّ هذا هُوَ الحَقُّ ، وأنَّكَ أحَقُّ بِمَقامِ نَبِيِّكَ مِمَّنِ استَولى عَلَيهِ (1) .* ومنه عن الرضا عليه السلام في قوله تعالى :الإمام عليّ عليه السلام :وحَدَّ الأَشياءَ كُلَّها عِندَ خَلقِهِ إبانَةً لَها مِن شَبَهِهِ ، وإبانَةً لَهُ مِن شَبَهِها ، لَم يَحلُل فيها فَيُقالَ : هُوَ فيها كائِنٌ ، ولَم يَنأَ عَنها فَيُقالَ : هُوَ مِنها بائِنٌ ، ولَم يَخلُ مِنها فَيُقالَ لَهُ : أينَ ، لكِنَّهُ سُبحانَهُ أحاطَ بِها عِلمُهُ ، وأتقَنَها صُنعُهُ ، وأحصاها حِفظُهُ . لَم يَعزُب عَنهُ خَفِيّاتُ غُيوبِ الهَواءِ ، ولا غَوامِضُ مَكنونِ ظُلَمِ الدُّجى ، ولا ما فِي السَّماواتِ العُلى إلَى الأَرَضينَ السُّفلى . لِكُلِّ شَيءٍ مِنها حافِظٌ ورَقيبٌ ، وكُلُّ شَيءٍ مِنها بِشَيءٍ مُحيطٌ ، وَالمُحيطُ بِما أحاطَ مِنها (2) .5 / 16العَزيزُ الحَكيمُسردق : في عذاب النار :الإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ عَزيزٍ غَيرَهُ ذَليلٌ (3) .

.


1- .الإرشاد : ج1 ص201 ، الاحتجاج : ج1 ص494 ح124 ، بحار الأنوار : ج3 ص309 ح2 .
2- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص42 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، الغارات : ج1 ص172 عن إبراهيم بن إسماعيل اليشكري نحوه ، بحار الأنوار : ج4 ص269 ح15 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 65 ، غرر الحكم : ح6878 وفيه «غير اللّه سبحانه» ، بحار الأنوار : ج4 ص309 ح37 .

ص: 115

* ومنه في الدعاء :عنه عليه السلام :عِزُّ كُلِّ ذَليلٍ (1) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :الَّذي لَم يَلِد فَيَكونَ فِي العِزِّ مُشارَكا (2) .سرر : عن الصادق عليه السلام في أميرالمؤمنين عليهعنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَبِسَ العِزَّ وَالكِبرياءَ ، وَاختارَهُما لِنَفسِهِ دونَ خَلقِهِ (3) .* وعنه عليه السلام للطبيب الهندي في الجبهة :عنه عليه السلام :ظَهَرَ فِي العُقولِ بِما يُرى في خَلقِهِ مِن عَلاماتِ التَّدبيرِ . . . وهُوَ الحَكيمُ العَليمُ . أتقَنَ ما أرادَ مِن خَلقِهِ مِنَ الأَشباحِ كُلِّها ، لا بِمِثالٍ سَبَقَ إلَيهِ ، ولا لُغوبٍ (4) دَخَلَ عَلَيهِ في خَلقِ ما خَلَقَ لَدَيهِ (5) .* وفي ولادة الأوصياء عليهم السلامعنه عليه السلام :أمرُهُ قَضاءٌ وحِكمَةٌ ، ورِضاهُ أمانٌ ورَحمَةٌ ؛ يَقضي بِعِلمٍ ، ويَعفو بِحِلمٍ (6) .* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :وفَرَّقَها أجناسا مُختَلِفاتٍ فِي الحُدودِ وَالأَقدارِ ، وَالغَرائِزِ وَالهَيئاتِ ، بَدايا خَلائِقَ أحكَمَ صُنعَها ، وفَطَرَها عَلى ما أرادَ وَابتَدَعَها ! (7)* ومنه في ولادة الحسن عليه السلام :عنه عليه السلام :وأرانا مِن مَلَكوتِ قُدرَتِهِ ، وعَجائِبِ ما نَطَقَت بِهِ آثارُ حِكمَتِهِ . . . ما دَلَّنا بِاضطِرارِ قِيامِ الحُجَّةِ لَهُ عَلى مَعرِفَتِهِ ، فَظَهَرَتِ البَدائِعُ الَّتي أحدَثَتها آثارُ صَنعَتِهِ وأعلامُ حِكمَتِهِ ، فَصارَ كُلُّ ما خَلَقَ حُجَّةً لَهُ ودَليلاً عَلَيهِ (8) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 109 .
2- .الكافي : ج1 ص141 ح7 ، التوحيد : ص31 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، نهج البلاغة : الخطبة 182 وفيهما «لم يولد» بدل «لم يلد» ، بحار الأنوار : ج4 ص265 ح14 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 192 ، بحار الأنوار : ج14 ص465 ح37 و ج63 ص214 ح49 .
4- .اللُّغوب : التعَب و الإعياء (لسان العرب : ج1 ص742) .
5- .الكافي : ج1 ص141 ح7 ، التوحيد : ص31 _ 33 ح1 وفيه «ما أراد خلقه من الأشياء» بدل «ما أراد من خلقه من الأشباح» وكلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج57 ص167 ح107 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 160 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 91 ، التوحيد : ص54 ح13 كلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص276 ح16 و ج57 ص108 ح90 .
8- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص107 ح90 .

ص: 116

5 / 17 الرّحمن الرّحيم

5 / 17الرَّحمنُ الرَّحيمُ* وعنه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :الرَّحمنُ الَّذي يَرحَمُ بِبَسطِ الرِّزقِ عَلَينَا ، الرَّحيمُ بِنا في أديانِنا ودُنيانا وآخِرَتِنا (1) .* وفي الحديث القدسيّ :عنه عليه السلام_ في كِتابِهِ إلى قَيصَرَ _: وأمّا سُؤالُكَ عَنِ الرَّحمنِ ؛ فَهُوَ عَونٌ لِكُلِّ مَن آمَنَ بِهِ ، وهُوَ اسمٌ لَم يَتَسَمَّ بِهِ غَيرَ الرَّحمنِ تَبارَكَ وتَعالى ، وأمَّا الرَّحيمُ فَرَحيمُ مَن عَصى وتابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحا (2) .* وعن ابن ذي يزن :عنه عليه السلام :البَرُّ الرَّحيمُ بِمَن لَجَأَ إلى ظِلِّهِ وَاعتَصَمَ بِحَبلِهِ (3) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :مُتَقَدِّسٌ بِعُلُوِّهِ ، مُتَكَبِّرٌ بِسُمُوِّهِ ، لَيسَ يُدرِكُهُ بَصَرٌ ، ولَم يُحِط بِهِ نَظَرٌ ، قَوِيٌّ مَنيعٌ ، بَصيرٌ سَميعٌ ، عَلِيٌّ حَكيمٌ ، رَؤوفٌ رَحيمٌ ، عَزيزٌ عَليمٌ ، عَجَزَ في وَصفِهِ مَن يَصِفُهُ ، وضَلَّ في نَعتِهِ مَن يَعرِفُهُ ، قَرُبَ فَبَعُدَ وبَعُدَ فَقَرُبَ ، يُجيبُ دَعوَةَ مَن يَدعوهُ ، ويَرزُقُ عَبدَهُ ويَحبوهُ ، ذُو لُطفٍ خَفِيٍّ ، وبَطشٍ قَوِيٍ ، ورَحمَةٍ موسَعَةٍ ، وعُقوبَةٍ موجِعَةٍ ، رَحمَتُهُ جَنَّةٌ عَريضَةٌ مونِقَةٌ ، وعُقوبَتُهُ جَحيمٌ مُوصَدَةٌ موبِقَةٌ (4) .* وفي يعقوب عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ . . . الَّذي لا تَبرَحُ (5) مِنهُ رَحمَةٌ ، ولا تُفقَدُ لَهُ نِعمَةٌ (6) .

.


1- .التوحيد : ص232 ح5 عن محمّد بن زياد ومحمّد بن سيّار ، التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص28 ح9 كلاهما عن الإمام العسكري عن الإمام زين العابدين عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج92 ص233 ح14 .
2- .إرشاد القلوب : ص366 ، بحار الأنوار : ج92 ص259 ح53 .
3- .البلد الأمين : ص93 ، بحار الأنوار : ج90 ص139 ح7 .
4- .المصباح للكفعمي : ص968 ، بحار الأنوار : ج77 ص340 ح28 ؛ شرح نهج البلاغة : ج19 ص140 ، مطالب السؤول : ص60 كلاهما نحوه ، كنز العمّال : ج16 ص210 ح44234 نقلاً عن أبي الفتوح يوسف بن المبارك بن كامل الخفّاف في مشيخته عن أبي صالح .
5- .برِح بَرَحا وبُروحا : زال (لسان العرب : ج2 ص408) . يعني أنّ الرحمة ليست عظيمة أو عزيزة على اللّه سبحانه وتعالى ، نعم البَرحُ فيه معنى البُعد أيضا ؛ أي لا تبعد .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 45 ، بحار الأنوار : ج73 ص81 ح42 .

ص: 117

5 / 18 الغنيّ

سرع : عن أميرالمؤمنين عليه السلام بعد دفن فاطمة ععنه عليه السلام :هُوَ الَّذِي اشتَدَّت نِقمَتُهُ عَلى أعدائِهِ في سَعَةِ رَحمَتِهِ ، وَاتَّسَعَت رَحمَتُهُ لِأَولِيائِهِ في شِدَّةِ نِقمَتِهِ (1) .سرف : عن أبي عبداللّه عليه السلام في حمزة :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: يَسُرُّني مِنَ القُرآنِ كَلِمَةٌ أرجوها لِمَن أسرَفَ عَلى نَفسِهِ : «قَالَ عَذَابِى أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْ ءٍ» (2) فَجَعَلَ الرَّحمَةَ عُموما ، وَالعَذابَ خُصوصا (3) .* وعن لقمان عليه السلام :عنه عليه السلام_ في دُعاءٍ عَلَّمَهُ كُمَيلَ بنَ زِيادٍ _: اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِرَحمَتِكَ الَّتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ (4) .* وفي عليّ بن الحسين عليهماالسلام :عنه عليه السلام :فَلا يُبعِدُ اللّهُ إلّا مَن أبَى الرَّحمَةَ ، وفارَقَ العِصمَةَ (5) .سرق : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الأتْراك :عنه عليه السلام :لا تَحجُزُهُ هِبَةٌ عَن سَلبٍ ، ولا يَشغَلُهُ غَضَبٌ عَن رَحمَةٍ ، ولا تولِهُهُ رَحمَةٌ عَن عِقابٍ (6) .5 / 18الغَنِيّ* وعن يوسف عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ شَيءٍ خاشِعٌ لَهُ ، وكُلُّ شَيءٍ قائِمٌ بِهِ ، غِنى كُلِّ فَقيرٍ ، وعِزُّ كُلِّ ذَليلٍ (7) .

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 90 ، بحار الأنوار : ج77 ص306 ح10 .
2- .الأعراف : 156 .
3- .شرح نهج البلاغة :ج 20 ص344 ح960 .
4- .الإقبال : ج3 ص331 ، مصباح المتهجّد : ص844 ح910 كلاهما عن كميل بن زياد ، البلد الأمين : ص188 .
5- .الإرشاد : ج1 ص291 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج34 ص156 ح967 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 195 ، بحار الأنوار : ج77 ص315 ح15 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 109 ، بحار الأنوار : ج4 ص317 ح43 ؛ جواهر المطالب : ج1 ص350 وفيه إلى «قائم به» .

ص: 118

5 / 19 العظيم

* وعن أبي الحسن عليه السلام :عنه عليه السلام :لم يُكَوِّنَها [الأَشياءَ] لِتَشديدِ سُلطانٍ ، ولا خَوفٍ مِن زَوالٍ ، ولا نُقصانٍ ، ولا استِعانَةٍ عَلى ضِدٍّ مُناوٍ ، ولا نِدٍّ مُكاثِرٍ ، ولا شَريكٍ مُكابِرٍ (1)

.* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _: لَم تَخلُقِ الخَلقَ لِوَحشَةٍ ، ولَا استَعمَلتَهُم لِمَنفَعَةٍ (2) .سرم : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: سُبحانَ الواحدِ الَّذي لَيسَ غَيرَهُ ، سُبحانَ الدّائِمِ الَّذي لا نَفادَ لَهُ ، سُبحانَ القَديمِ الَّذي لَا ابتِداءَ لَهُ ، سُبحانَ الغَنِيِّ عَن كُلِّ شَيءٍ ولا شَيءَ مِنَ الأَشياءِ يُغني عَنهُ (3) .5 / 19العَظيم* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام_ في دُعاءٍ عَلَّمَهُ كُمَيلَ بنِ زِيادٍ _: اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِعَظَمَتِكَ الَّتي مَلَأَت كُلَّ شَيءٍ ، وبِسُلطانِكَ الَّذي عَلا كُلَّ شَيءٍ (4) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام لمعاوية :عنه عليه السلام :تَواضَعَتِ الأَشياءُ لِعَظَمَتِهِ ، وَانقادَت لِسُلطانِهِ وعِزَّتِهِ (5) .* ومنه عن عكرمة :عنه عليه السلام :صَغُرَ كُلُّ جَبّارٍ في عَظَمَةِ اللّهِ (6) .* ومنه عن اُسامة :عنه عليه السلام :عَظيمُ العَظَمَةِ لا يوصَفُ بِالعِظَمِ ، كَبيرُ الكِبرياءِ لا يوصَفُ بِالكِبَرِ ، جَليلُ الجَلالَة

.


1- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، نهج البلاغة : الخطبة 186 ، التوحيد : ص43 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، الاحتجاج : ج1 ص479 ح116 كلّها نحوه .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 109 ، غرر الحكم : ح7554 نحوه ، بحار الأنوار : ج4 ص318 ح43 .
3- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص348 ح997 .
4- .مصباح المتهجّد : ص844 ح910 ، الإقبال : ج3 ص332 وفيه «ملأت أركان كلّ شيء» وكلاهما عن كميل بن زياد النخعي ، البلد الأمين : ص188 .
5- .الكافي : ج1 ص142 ح7 ، التوحيد : ص33 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص266 ح14 .
6- .مكارم الأخلاق : ج2 ص294 ح2652 ، بحار الأنوار : ج94 ص195 ح3 .

ص: 119

5 / 20 المريد

* ومنه عن اُسامة :لا يوصَفُ بِالغِلَظِ (1) .* وعن الكلبي :عنه عليه السلام :لا تُقَدِّر عَظَمَةَ اللّهِ سُبحانَهُ عَلى قَدرِ عَقلِكَ ، فَتَكونَ مِنَ الهالِكينَ (2) .* وفي وصيّة عليّ عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذِي انحَسَرَت الأَوصافُ عَن كُنهِ مَعرِفَتِهِ ، ورَدَعَت عَظَمَتُهُ العُقولَ ، فَلَم تَجِد مَساغا إلى بُلوغِ غايَةِ مَلَكوتِهِ (3) .* وعن ابن وهب :عنه عليه السلام :فَلا إلهَ إلَا اللّهُ مِن عَظيمٍ ما أعظَمَهُ ، ومِن جَليلٍ ما أجَلَّهُ ، ومِن عَزيزٍ ما أعَزَّهُ ، وتَعالى عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّا كَبيرا (4) .5 / 20المُريد* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :مُريدٌ لا بِهِمَّةٍ ، صانِعٌ لا بِجارِحَةٍ (5) .* وفي الوحي :عنه عليه السلام :شاءَ الأَشياءَ لا بِهِمَّةٍ . . . مُريدٌ لا بِهَمامَةٍ (6) .

.


1- .الكافي : ج1 ص138 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام ، الأمالي للصدوق : ص423 ح560 ، الاختصاص : ص236 كلاهما عن الأصبغ بن نباتة ، روضة الواعظين : ص40 ، بحار الأنوار : ج4 ص27 ح2 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 91 ، التوحيد : ص56 ح13 كلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، تفسير العيّاشي : ج1 ص163 ح5 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عن أبيه عنه عليهم السلام ، أعلام الدين : ص103 ، بحار الأنوار : ج4 ص278 ح16 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 155 ، بحار الأنوار : ج4 ص317 ح42 .
4- .الكافي : ج1 ص136 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص44 ح3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص271 ح15 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 179 ، بحار الأنوار : ج4 ص53 ح29 .
6- .الكافي : ج1 ص138 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص304 ح34 .

ص: 120

5 / 21 المقدّر

* ومنه عن القائم عليه السلام :عنه عليه السلام :يَقولُ ولا يَلفِظُ . . . ويُريدُ ولا يُضمِرُ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الوَلِيِّ الحَميدِ ، الحَكيمِ المَجيدِ ، الفَعّالِ لِما يُريدُ ، عَلّامِ الغُيوبِ ، وخالِقِ الخَلقِ ، ومُنزِلِ القَطرِ ، ومُدَبِّرِ أمرِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ (2) .* ومنه في النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن مَشِيَّةِ اللّهِ وإرادَتِهِ _: إنَّ للّهِِ مَشِيَّتَينِ : مَشِيَّةَ حَتمٍ ، ومَشِيَّةَ عَزمٍ ، وكَذلِكَ إنَّ للّهِِ إرادَتَينِ : إرادَةَ عَزمٍ ، وإرادَةَ حَتمٍ لا تُخطِئُ ، وإرادَةُ عَزمٍ تُخطِئُ وتُصيبُ ، ولَهُ مَشِيَّتانِ : مَشِيَّةٌ يَشاءُ ، ومَشِيَّةٌ لا يَشاءُ ، يُنهى وهو ما يَشاءُ ، ويَأمُرُ وهُوَ لا يَشاءُ (3) .5 / 21المُقَدِّرسطح : في الخبر :الإمام عليّ عليه السلام :مُقَدِّرٌ لا بِحَرَكَةٍ (4) .* ومنه عن صفوان :عنه عليه السلام :مُقَدِّرٌ لا بِجَولِ فِكرَةٍ (5) .* وعن الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام_ في تَمجيدِ اللّهِ وتَعظيمِهِ _: المُقَدِّرُ لِجَميعِ الاُمورِ بِلا رَوِيَّةٍ ولا ضَميرٍ (6) .سطر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :قَدَّرَ ما خَلَقَ ، فَأَحكَمَ تَقديرَهُ (7) .

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص477 ح116 ، بحار الأنوار : ج4 ص254 ح8 .
2- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج1 ص427 ح1263 ، مصباح المتهجّد : ص380 ح508 عن زيد بن وهب نحوه .
3- .الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام : ص410 ، بحار الأنوار : ج5 ص124 ح73 .
4- .الكافي : ج1 ص139 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص304 ح34 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، تحف العقول : ص63 ، بحار الأنوار : ج77 ص310 ح14 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 213 ، بحار الأنوار : ج4 ص319 ح45 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 91 ، التوحيد : ص53 ح13 كلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج77 ص319 ح17 .

ص: 121

5 / 22 المتكلّم
5 / 23 الخالق

5 / 22المُتَكَلِّم* وعن الرضا عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :يُخبِرُ لا بِلِسانٍ ولَهَواتٍ (1) ، ويَسمَعُ لا بِخُروقٍ وأدَواتٍ ، يَقولُ ولا يَلفِظُ ، ويَحفَظُ ولا يَتَحَفَّظُ . . . يَقولُ لِمَن أرادَ كَونَهُ : «كُن» فَيَكونُ ، لا بِصَوتٍ يُقرَعُ ، ولا بِنِداءٍ يُسمَعُ ، وإنَّما كَلامُهُ سُبحانَهُ فِعلٌ مِنهُ ، أنشَأَهُ ومَثَّلَهُ ، لَم يَكُن مِن قَبلِ ذلِكَ كائِنا ، ولَو كانَ قَديما لَكان إلها ثانِيا (2) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :كَلَّمَ موسى تَكليما ، بِلا جَوارِحَ وأدَواتٍ ، ولا شَفَةٍ ولا لَهَواتٍ (3) .سطة : عن ابن عيّاش :عنه عليه السلام :الَّذي كَلَّمَ موسى تَكليما ، وأراهُ مِن آياتِهِ عَظيما ، بِلا جَوارِحَ ولا أدَواتٍ ، ولا نُطقٍ ولا لَهَواتٍ (4) .سطا : عن أبي عبداللّه عليه السلام في مؤمن آل فرعوعنه عليه السلام :ما بَرِحَ للّهِِ _ عَزَّت آلاؤُهُ _ فِي البُرهَةِ بَعدَ البُرهَةِ ، وفي أزمانِ الفَتَراتِ ، عِبادٌ ناجاهُم في فِكرِهِم ، وكَلَّمَهُم في ذاتِ عُقولِهِم (5) .5 / 23الخالِقسعد : عن الصادق عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :الخالِق لا بِمَعنى حَرَكَةٍ ونَصَبٍ (6) .

.


1- .اللَّهَوات : جمع لَهاة ؛ وهي اللَّحَمات في سَقف أقصَى الفَمِ (النهاية : ج4 ص284) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص477 ح116 ، بحار الأنوار : ج4 ص254 ح8 .
3- .التوحيد : ص79 ح34 عن أبي المعتمر مسلم بن أوس ، بحار الأنوار : ج4 ص295 ح22 ؛ حلية الأولياء : ج1 ص73 ، جواهر المطالب : ج1 ص341 كلاهما عن النعمان بن سعد ، كنز العمّال : ج1 ص409 ح1737 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 182 عن نوف البكالي ، بحار الأنوار : ج13 ص50 ح21 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 222 ، بحار الأنوار : ج69 ص325 ح39 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 152 ، الكافي : ج1 ص140 ح5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق عنه عليهماالسلاموليس فيه «ونَصَبٍ» .

ص: 122

* وعن أبيالحسن عليه السلام :عنه عليه السلام :الخالِق مِن غَيرِ مَنصَبَةٍ ، خَلَقَ الخَلائِقَ بِقُدرَتِهِ (1) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في مسجد النّبيّ صلعنه عليه السلام :خَلَقَ الخَلقَ مِن غَيرِ رَوِيَّةٍ ؛ إذ كانَتِ الرَّوِيّاتُ لا تَليقُ إلّا بِذَوِي الضَّمائِر ، ولَيسَ بِذي ضَميرٍ في نَفسِهِ (2) .* وفي الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام :لا يَؤودُهُ (3) خَلقُ مَا ابتَدَأَ (4) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :صانِعٌ لا بِجارِحَةٍ (5) .سعر : عن النبيّ صلى الله عليه و آله في أبيبصير :عنه عليه السلام :الَّذِي ابتَدَعَ الخَلقَ عَلى غَيرِ مِثالٍ اِمتَثَلَهُ ، ولا مِقدارٍ اِحتَذى عَلَيهِ مِن خالقٍ مَعبودٍ كانَ قَبلَهُ (6) .* وعن الرضا عليه السلام في التوراة :عنه عليه السلام :اِبتَدَعَ ما خَلَقَ بِلا مِثالٍ سَبَقَ (7) .* ومنه في الدعاء :عنه عليه السلام :لَم يَذرَاَ الخَلقَ بِاحتِيالٍ (8) .سعط : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :ما خَلَقَ اللّهُ سُبحانَهُ أمرا عَبَثا فَيَلهُوَ (9) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 183 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 108 والخطبة 90 و 91 نحوه .
3- .آدَهُ الأمر يؤوده : بلغ منه المجهود والمشقّة (لسان العرب : ج3 ص74) .
4- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، نهج البلاغة : الخطبة 65 ، التوحيد : ص43 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص309 ح37 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 179 ، بحار الأنوار : ج4 ص53 ح29 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 91 ، التوحيد : ص50 ح13 وليس فيه «خالق» وكلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص275 ح16 .
7- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص43 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص270 ح15 .
8- .نهج البلاغة : الخطبة 195 ، بحار الأنوار : ج77 ص315 ح15 .
9- .غرر الحكم : ح9606 ، عيون الحكم والمواعظ : ص477 ح8764 ، بحار الأنوار : ج78 ص5 ح55 ؛ دستور معالم الحكم : ص44 وفيه «امرؤ» بدل «أمرا» .

ص: 123

* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :خَلَقَ الخَلقَ عَلى غَيرِ تَمثيلٍ ، ولا مَشورَةِ مُشيرٍ ، ولا مَعونَةِ مُعينٍ ؛ فَتَمَّ خَلقُهُ بِأَمرِهِ ، وأذعَنَ لِطاعَتِهِ ، فَأَجابَ ولَم يُدافِع ، وَانقادَ ولَم يُنازِع (1) .سعف : عن أبي جعفر في سيلمان عليه السلام :عنه عليه السلام :ولَو شاءَ أن يَخلُقَها في أقَلَّ مِن لَمحِ البَصَرِ لَخَلَقَ ، ولكِنَّهُ جَعَلَ الأَناةَ وَالمُداراةَ مِثالاً لِاُمَنائِهِ ، وإيجابا لِلحُجَّةِ عَلى خَلقِهِ (2) .* ومنه في فرعون :عنه عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْ ءٍ إِذَآ أَرَدْنَ_هُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ» (3) _: فَهذِهِ القُدرَةُ التّامَّةُ الَّتي لا يَحتاجُ صاحِبُها إلى مُباشَرَةِ الأَشياءِ ، بَل يَختَرِعُها كَما يَشاءُ سُبحانَهُ ولا يَحتاجُ إلَى التَّرَوّي في خَلقِ الشَّيءِ ، بَل إذا أرادَهُ صارَ عَلى ما يُريدُهُ مِن تَمامِ الحِكمَةِ ، وَاستَقامَ التَّدبيرُ لَهُ بِكَلِمَةٍ واحِدَةٍ ، وقُدرَةٍ قاهِرَةٍ بانَ بِها مِن خَلقِهِ (4) .* وعن عمّار في حرب الجَمَل :عنه عليه السلام :فَإِذا قالَ المُؤَذِّنُ «اللّهُ أكبَرُ» فَإِنَّهُ يَقولُ : اللّهُ الَّذي لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ وبِمَشِيَّتِهِ كانَ الخَلقُ ، ومِنهُ كانَ كُلُّ شَيءٍ لِلخَلقِ (5) .* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام في رسول اللّه صلىعنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يَموتُ ولا تَنقَضي عَجائِبُهُ ؛ لِأَ نَّهُ كُلَّ يَومٍ في شَأنٍ مِن إحداثِ بَديعٍ لَم يَكُن (6) .* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في نخل اعنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الواحِدِ الأَحَدِ الصَّمَدِ المُتَفَرِّدِ ، الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ خَلَقَ ما كانَ . . . اِبتَدَعَ ما خَلَقَ بِلا مِثالٍ سَبَقَ ولا تَعَبٍ ولا نَصَبٍ ، وكُلُّ صانِعِ شَيء .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 155 ، بحار الأنوار : ج4 ص317 ح42 و ج64 ص323 ح2 .
2- .الاحتجاج : ج1 ص601 ح137 ، بحار الأنوار : ج57 ص6 .
3- .النحل : 40 .
4- .بحار الأنوار : ج93 ص42 نقلاً عن رسالة النعماني .
5- .التوحيد : ص238 ح1 ، معاني الأخبار : ص38 ح1 كلاهما عن أبي يزيد بن الحسن عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج84 ص131 ح24 .
6- .الكافي : ج1 ص141 ح7 ، التوحيد : ص31 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج57 ص167 ح107 .

ص: 124

5 / 24 المالك

* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في نخل افَمِن شَيءٍ صَنَعَ ، وَاللّهُ لا مِن شَيءٍ صَنَعَ ما خَلَقَ (1) .سعل : في الحديث :عنه عليه السلام :لَم يَخلُقِ الأَشياءَ مِن اُصولٍ أزَلِيَّةٍ ، ولا مِن أوائِلَ أبَدِيَّةٍ ، بَل خَلَقَ ما خَلَقَ ، فَأَقامَ حَدَّهُ ، وصَوَّرَ ما صَوَّرَ فَأَحسَنَ صورَتَهُ (2) .سعى : في الدعاء :عنه عليه السلام :ولَوِ اجتَمَعَ جَميعُ حَيَوانِها ؛ مِن طَيرِها وبَهائِمِها ، وما كانَ مِن مُراحِها وسائِمِها ، وأصنافِ أسناخِها وأجناسِها ، ومُتَبَلِّدَةِ (3) اُمَمِها وأكياسِها ، عَلى إحداثِ بَعوضَةٍ _ ما قَدَرَت على إحداثِها ، ولا عَرَفَت كَيفَ السَّبيلُ إلى إيجادِها ، ولَتَحَيَّرَت عُقولُها في عِلمِ ذلِكَ وتاهَت ، وعَجَزَت قُواها وتَناهَت ، ورَجَعَت خاسِئَةً حَسيرَةً ، عارِفَةً بِأَنَّها مَقهورَةٌ ، مُقِرَّةً بِالعَجزِ عن إنشائِها ، مُذعِنَةً بِالضَّعفِ عَن إفنائِها ! (4)5 / 24المالِك* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الدنيا :الإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ مالِكٍ غَيرَهُ مَملوكٌ (5) .* وعن موسى بن جعفر عليهماالسلام في المملوك :عنه عليه السلام_ عِندَما سُئِلَ عَن مَعنى قَولِهِم : لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ _: إنّا لا نَملِكُ مَعَ اللّهِ شَيئا ، ولا نَملِكُ إلّا ما مَلَّكَنا ، فَمَتى مَلَّكَنا ما هُوَ أملَكُ بِهِ مِنّا ، كَلَّفَنا ومَتى أخَذَهُ مِنّا وَضَعَ تَكليفَهُ عَنّا (6) .

.


1- .الكافي : ج1 ص134 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص41 ح3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص164 ح103 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 163 ، التوحيد : ص79 ح34 عن أبي المعتمر مسلم بن أوس نحوه ، بحار الأنوار : ج4 ص295 ح22 ؛ حلية الأولياء : ج1 ص73 عن النعمان بن سعد نحوه ، كنز العمّال : ج1 ص409 ح1737 .
3- .من البَلادَة : ضدّ النفاذ والذكاء (لسان العرب : ج3 ص96) .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص478 ح116 ، بحار الأنوار : ج6 ص330 ح16 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 65 ، غرر الحكم : ح6885 ، عيون الحكم والمواعظ : ص375 ح6316 وفيهما «غير اللّه » ، بحار الأنوار : ج4 ص309 ح37 .
6- .نهج البلاغة : الحكمة 404 ، بحار الأنوار : ج5 ص209 ح49 .

ص: 125

5 / 25 العادل

5 / 25العادِلسفتج : عن محمّد بن صالح :الإمام عليّ عليه السلام :أشهَدُ أنَّهُ عَدلٌ عَدَلَ ، وحَكَمٌ فَصَلَ (1) .* ومنه الخبر :عنه عليه السلام :الَّذي عَظُمَ حِلمُهُ فَعَفا ، وعَدَلَ في كُلِّ ما قَضى (2) .سفح : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :الَّذي صَدَقَ في ميعادِهِ ، وَارتَفَعَ عَن ظُلمِ عِبادِهِ ، وقامَ بِالقِسطِ في خَلقِهِ ، وعَدَلَ عَلَيهِم في حُكمِهِ (3) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام_ وسُئِلَ عَنِ العَدلِ _: العَدلُ ألّا تَتَّهِمَهُ (4) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الطاووس :عنه عليه السلام :ما كانَ قَومٌ قَطُّ في غَضِّ نِعمَةٍ مِن عَيشٍ فَزالَ عَنهُم إلّا بِذُنوبٍ اِجتَرَحوها ؛ لِأَنَّ اللّهَ لَيسَ بِظَلّامٍ لِلعَبيدِ (5) .

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 214 ، بحار الأنوار : ج69 ص311 ح32 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 191 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 185 ، الاحتجاج : ج1 ص480 ح117 ، بحار الأنوار : ج4 ص261 ح9 .
4- .نهج البلاغة : الحكمة 470 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص124 ، إعلام الورى : ج1 ص545 ، روضة الواعظين : ص48 ، بحار الأنوار : ج5 ص52 ح86 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 178 وراجع الخصال : ص624 ح10 وتحف العقول : ص114 .

ص: 126

. .

ص: 127

الباب السادس : الصفات السلبيّة
6 / 1 الحدّ

الباب السادس : الصفات السلبيّة6 / 1الحَدّ* وفي الخبر:الإمام عليّ عليه السلام :لا يُشمَل بِحَدٍّ ولا يُحسَب بِعَدٍّ ، وإنَّما تَحُدُّ الأَدَواتُ أنفُسَها ، وتُشيرُ الآلاتُ إلى نَظائِرِها . . . ولا يُقالُ لَهُ حَدٌّ ولا نِهايَةٌ ، ولَا انقِطاعٌ ولا غايَةٌ ، ولا أنَّ الأَشياءَ تَحويهِ فَتُقِلَّهُ أو تُهوِيَهُ (1) .* وفي الحسن بن عليّ عليهماالسلام :عنه عليه السلام :حَدَّ الأَشياءَ عِندَ خَلقِهِ لَها إبانَةً لَهُ مِن شَبَهِها . لا تُقَدِّرُهُ الأَوهامُ بِالحُدودِ وَالحَرَكاتِ ، ولا بِالجَوارِحِ وَالأَدَواتِ (2) .* وعن فاطمة عليهاالسلام في دعائها :عنه عليه السلام :لَيسَ لَهُ حَدٌّ يَنتَهي إلى حَدِّهِ (3) .* وعن أنس :عنه عليه السلام :لا يُدرَكُ بِوَهمٍ ، ولا يُقَدَّرُ بِفَهمٍ . . . ولا يُحَدُّ بِأَينٍ (4) .* ومنه الخبر :عنه عليه السلام :فَتَبارَكَ اللّهُ الَّذي لا يَبلُغُهُ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُهُ غَوصُالفِطَنِ وتَعالَى الَّذي لَيس

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص476 و 477 ح116 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 163 ، بحار الأنوار : ج4 ص306 ح35 .
3- .الكافي : ج1 ص142 ح7 ، التوحيد : ص33 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص266 ح14 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 182 عن نوف البكالي ، بحار الأنوار : ج4 ص314 ح40 .

ص: 128

6 / 2 المثل

* ومنه الخبر :لَهُ وَقتٌ مَعدودٌ ، ولا أجَلٌ مَمدودٌ ، ولا نَعتٌ مَحدودٌ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في اسم رسول اللّهعنه عليه السلام :الَّذي لا يُدرِكُهُ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُهُ غَوصُ الفِطَنِ ، الَّذي لَيسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحدودٌ ، ولا نَعتٌ مَوجودٌ ، ولا وَقتٌ مَعدودٌ ، ولا أجَلٌ مَمدودٌ (2) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :وحَدَّ الأَشياءَ كُلَّها عِندَ خَلقِهِ ، إبانَةً لَها مِن شَبَهِهِ ، وإبانَةً لَهُ مِن شَبَهِها (3) .6 / 2المِثلسفسف : عن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :الَّذي نَأى مِنَ الخَلقِ فَلا شَيءَ كَمِثلِهِ (4) .سفط : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :لا لَهُ مِثلٌ فَيُعرَفَ بِمِثلِهِ (5) .* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في شجرةعنه عليه السلام :مَن وَحَّدَ اللّهَ سُبحانَهُ لَم يُشَبِّههُ بِالخَلقِ (6) .سفع : في نبتل بن الحارث :عنه عليه السلام :فَلا إلَيهِ حَدٌّ مَنسوبٌ ، ولا لَهُ مَثَلٌ مَضروبٌ ، ولا شَيءٌ عَنهُ مَحجوبٌ ، تَعالى عَن ضَربِ الأَمثالِ وَالصِّفاتِ المَخلوقَةِ عُلُوّا كَبيرا (7) .

.


1- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعاً رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص42 ح3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ؛ المعيار والموازنة : ص255 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، الاحتجاج : ج1 ص473 ح113 ، بحار الأنوار : ج77 ص300 ح7 نقلاً عن عيون الحكمة والمواعظ و ج4 ص247 ح5 وراجع المناقب للخوارزمي : ص300 ح296 .
3- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص42 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام وزاد فيه «إيّاها» بعد «خلقه» ، بحار الأنوار : ج4 ص269 ح15 .
4- .الكافي : ج1 ص141 ح7 ، التوحيد : ص32 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور وفيه «بان» بدل «نأى» ، بحار الأنوار : ج4 ص266 ح14 .
5- .الكافي : ج1 ص142 ح7 ، التوحيد : ص33 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص266 ح14 .
6- .غرر الحكم : ح8648 .
7- .التوحيد : ص71 ح26 ، عيون أخبار الرضا : ج1 ص22 ح15 كلاهما عن الهيثم بن عبد اللّه الرمّاني عن فالإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام .

ص: 129

6 / 3 التّغيير

* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في رجل :عنه عليه السلام :اِتَّقُوا اللّهَ أن تُمَثِّلوا بِالرَّبِّ الَّذي لا مِثلَ لَهُ ، أو تُشَبِّهوهُ بِشَيءٍ مِن خَلقِهِ ، أو تُلقوا عَلَيهِ الأَوهامَ ، أو تُعمِلوا فيهِ الفِكرَ ، أو تَضرِبوا لَهُ الأَمثالَ ، أو تَنعَتوهُ بِنُعوتِ المَخلوقينَ ؛ فَإِنَّ لِمَن فَعَلَ ذلِكَ نارا (1) .* وفي الدعاء :عنه عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _: وأشهَدُ أنَّ مَن ساواكَ بِشَيءٍ مِن خَلقِكَ فَقَد عَدَلَ بِكَ ، وَالعادِلُ بِكَ كافِرٌ بِما تَنَزَّلَت بِهِ مُحكَماتُ آياتِكَ ، ونَطَقَت عَنهُ شَواهِدُ حُجَجِ بَيِّناتِكَ (2) .* وفي الدعاء :عنه عليه السلام_ أيضا _: فَأَشهَدُ أنَّ مَن شَبَّهَكَ بِتَبايُنِ أعضاءِ خَلقِكَ وتَلاحُمِ حِقاقِ مَفاصِلِهِم المُحتَجِبَةِ لِتَدبيرِ حِكمَتِكَ لَم يَعقِد غَيبَ ضَميرِهِ عَلى مَعرِفَتِكَ ، ولَم يُباشِر قَلبَهُ اليَقينُ بِأَنَّهُ لا نِدَّ لَكَ ، وكَأَنَّهُ لَم يَسمَع تَبَرُّؤَ التّابِعينَ مِنَ المَتبوعينَ إذيَقولونَ : «تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِى ضَلَ_لٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَ__لَمِينَ» (3) . (4)6 / 3التَّغييرسفف : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :الواحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذي لا يُغَيِّرُهُ صُروفُ الأَزمانِ (5) .* ومنه عن ابن عبّاس في التحكيم :عنه عليه السلام :لا يَشغَلُهُ شَأنٌ ، ولا يُغَيِّرُهُ زَمانٌ ، ولا يَحويهِ مَكانٌ (6) .

.


1- .روضة الواعظين : ص46 ، بحار الأنوار : ج3 ص298 ح25 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 91 ، التوحيد : ص54 ح13 نحوه وكلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص277 ح16 .
3- .الشعراء : 97 و 98 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج77 ص318 ح17 .
5- .الكافي : ج1 ص135 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص42 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ؛ المعيار والموازنة : ص256 وفيه «صدوف سوالف الأزمان» .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 178 ، بحار الأنوار : ج77 ص307 ح12 .

ص: 130

6 / 4 الحركة والسّكون
6 / 5 الوالد والولد

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في داود عليه السلاعنه عليه السلام :لا يَتَغَيَّرُ بِحالٍ ، ولا يَتَبَدَّلُ فِي الأَحوالِ ، ولا تُبليهِ اللَّيالي وَالأيَّامُ ، ولا يُغَيِّرُهُ الضِّياءُ وَالظَّلامُ (1) .6 / 4الحَرَكَةُ وَالسُّكونُسفق : في موسى عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :لا يَجري عَلَيهِ السُّكونُ وَالحَرَكَةُ ، وكَيفَ يَجري عَلَيهِ ما هُوَ أجراهُ ، ويَعودُ فيهِ ما هُوَ أبداهُ ، ويَحدُثُ فيهِ ما هُوَ أحدَثَهُ ؟ إذا لَتَفاوَتَت ذاتُهُ ، ولَتَجَزَّأَ كُنهُهُ ، ولَامتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعناهُ ، ولَكانَ لَهُ وَراءٌ إذ وُجِدَ لَهُ أمامٌ ، ولَالتَمَسَ التَّمامَ إذ لَزِمَهُ النُّقصانُ ! وإذا لَقامَت آيَةُ المَصنوعِ فيهِ ، ولَتَحَوَّلَ دَليلاً بَعدَ أن كانَ مَدلولاً عَلَيهِ ، وخَرَجَ بِسُلطانِ الِامتِناعِ من أن يُؤَثِّرَ فيهِ ما يُؤَثِّرَ في غَيرِهِ ؟ ! (2)سفك : عن الصادق عليه السلام :عنه عليه السلام :إنَّ رَبّي لا يوصَفُ بِالبُعدِ ، ولا بِالحَرَكَةِ ولا بِالسُّكونِ ، ولا بِالقِيامِ قِيامِ انتِصابٍ ، ولا بِجيئَةٍ ولا بِذَهابٍ (3) .سفل : قال رجل لأبيعبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :المُشاهِد لِجَميعِ الأَماكِنِ بِلَا انتِقالٍ إلَيها (4) .6 / 5الوالِدُ وَالوَلَدُ* وسُئِل أبوالحسن عليه السلام عن السَّفِلة فقال :الإمام عليّ عليه السلام :لَم يَلِد فَيَكونَ مَولودا ، ولَم يُولَد فَيَصيرَ مَحدودا ، جَلَّ عَنِ اتِّخاذِ الأَبناءِ ، وطَهُرَ عَن مُلامَسَةِ النِّساءِ (5) .

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص477 ح116 ، بحار الأنوار : ج4 ص254 ح8 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص476 ح116 ، بحار الأنوار : ج57 ص30 ح6 .
3- .التوحيد : ص305 ح1 ، الأمالي للصدوق : ص423 ح560 ، الاختصاص : ص236 كلّها عن الأصبغ بن نباتة ، روضة الواعظين : ص40 ، بحار الأنوار : ج4 ص27 ح2 .
4- .الكافي : ج1 ص142 ح7 ، التوحيد : ص33 ح1 كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص266 ح14 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص476 ح116 ، بحار الأنوار : ج4 ص254 ح8 .

ص: 131

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :لَم يولَد سُبحانَهُ فَيَكونَ فِي العِزِّ مُشارَكا ، ولَم يَلِد فَيَكونَ مَوروثا هالِكا (1) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :عَلا عَنِ اتِّخاذِ الأَبناءِ ، وتَطَهَّرَ وتَقَدَّسَ عَن مُلامَسَةِ النِّساءِ وعَزَّ وجَلَّ عَن مُجاوَرَةِ الشُّرَكاءِ (2) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 182 عن نوف البكالي ، التوحيد : ص31 ح1 عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج4 ص314 ح40 . وجاء في الكافي (ج1 ص141 ح7) : «الذي لم يلد فيكون في العزّ مشاركا ، ولم يولد فيكون موروثا هالكا» ، كما جاء نظيرها في روضة الواعظين : ص24 . ولمّا كان الراوي لهاتين الروايتين هو الحارث الأعور مع تضادّ معانيهما فالصحيح هو إحدى الروايتين . ومع ملاحظة معناهما ، وأنّ الوارد في نهج البلاغةوالتوحيد يوافق مضمونا لما ورد في الأحاديث الثلاثة التالية ، والتي هي عن الإمام عليّ عليه السلام والإمام الصادق عليه السلام مع ورودها في مصادر مختلفة ، يظهر أنّ هذا الحديث هو المنقول صحيحا ، وإن كان النقل الآخر _ الوارد في الكافي _ قابلاً للتوجيه (راجع مرآة العقول : ج2 ص104 و 105) .
2- .الكافي : ج1 ص136 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص43 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام .

ص: 132

. .

ص: 133

الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات* وسئل أميرالمؤمنين عليه السلام عن السَّفَه ؟ قالالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يَبلُغُ مِدحَتَهُ القائِلونَ ، ولا يُحصي نَعماءَهُ العادّونَ ، ولا يُؤَدّي حَقَّهُ المُجتَهِدونَ ، الَّذي لا يُدرِكُهُ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُهُ غَوصُ الفِطَنِ ، الَّذي لَيسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحدودٌ ، ولا نَعتٌ مَوجودٌ ، ولا وَقتٌ مَعدودٌ ، ولا أجَلٌ مَمدودٌ . فَطَرَ الخلائِقَ بِقُدرَتِهِ ، ونَشَرَ الرِّياحَ بِرَحمَتِهِ ، ووَتَّدَ بِالصُّخورِ مَيَدانَ أرضِهِ .

أوَّلُ الدّينِ مَعرِفَتُهُ ، وكَمالُ مَعرِفَتِهِ التَّصديقُ بِهِ ، وكَمالُ التَّصديقِ بِهِ تَوحيدُهُ ، وكَمالُ تَوحيدِهِ الإِخلاصُ لَهُ ، وكَمالُ الإِخلاصِ لَهُ نَفيُ الصِّفاتِ عَنهُ ، لِشَهادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أنَّها غَيرُ المَوصوفِ ، وشَهادَةِ كُلِّ مَوصوفٍ أنَّهُ غَيرُ الصِّفَةِ .

فَمَن وَصَفَ اللّهَ سُبحانَهُ فَقَد قَرَنَهُ ، ومَن قَرَنَهُ فَقَد ثَنّاهُ ، ومَن ثَنّاهُ فَقَد جَزَّأَهُ ، ومَن جَزَّأَهُ فَقَد جَهِلَهُ ، ومَن جَهِلَهُ فَقَد أشارَ إلَيهِ ، ومَن أشارَ إلَيهِ فَقَد حَدَّهُ ، ومَن حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ .

ومَن قالَ «فيمَ ؟» فَقَد ضَمَّنَهُ ، ومَن قالَ «عَلامَ ؟» فَقَد أخلى مِنهُ . كائِنٌ لا عَن حَدَثٍ ، مَوجودٌ لا عَن عَدَمٍ ، مَعَ كُلِّ شيءٍ لا بِمُقارَنَةٍ ، وغَيرُ كُلِّ شَيءٍ لا بِمُزايَلَةٍ . فاعِلٌ لا بِمَعنَى الحَرَكاتِ وَالآلَةِ ، بَصيرٌ إذ لا مَنظورَ إلَيهِ مِن خَلقِهِ ، مُتَوَحِّدٌ إذ لا سَكَن

.

ص: 134

* وسئل أميرالمؤمنين عليه السلام عن السَّفَه ؟ قاليَستَأنِسُ بِهِ ولا يَستَوحِشُ لِفَقدِهِ (1) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام_ فِي الحَثِّ عَلى مَعرِفَتِهِ تَعالى وَالتَّوحيدِ لَهُ _: أوَّلُ عِبادَةِ اللّهِ مَعرِفَتُهُ ، وأصلُ مَعرِفَتُهُ تَوحيدُهُ ، ونِظامُ تَوحيدِهِ نَفيُ التَّشبيهِ عَنهُ ، جَلَّ عَن أن تَحُلَّهُ الصِّفاتُ لِشَهادَةِ العُقولِ : أنَّ كُلَّ مَن حَلَّتهُ الصِّفاتُ مَصنوعٌ ، وشَهادَةِ العُقولِ : أنَّهُ جَلَّ جَلالُهُ صانِعٌ لَيسَ بِمَصنوعٍ ، بِصُنعِ اللّهِ يُستَدَلُّ عَلَيهِ ، وبِالعُقولِ تُعتَقَدُ مَعرِفَتُهُ ، وبِالنَّظَرِ تَثبُتُ حُجَّتُهُ ، جَعَلَ الخَلقَ دَليلاً عَلَيهِ ، فَكَشَفَ بِهِ عَن رُبوبِيَّتِهِ ، هُوَ الواحِدُ الفَردُ في أزَلِيَّتِهِ ، لا شَريكَ لَهُ في إلهيَّتِهِ ، ولا نِدَّ لَهُ في رُبوبِيَّتِهِ ، بِمُضادَّتِهِ بَينَ الأَشياءِ المُتَضادَّةِ عُلِمَ أن لا ضِدَّ لَهُ ، وبِمُقارَنَتِهِ بَينَ الاُمورِ المُقتَرِنَةِ عُلِمَ أن لا قَرينَ لَهُ (2) .سفا : عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :ما وَحَّدَهُ مَن كَيَّفَهُ ، ولا حَقيقَتَهُ أصابَ مَن مَثَّلَهُ ، ولا إيّاهُ عَنى مَن شَبَّهَهُ ، ولا صَمَدَهُ مَن أشارَ إلَيهِ وتَوَهَّمَهُ . كُلُّ مَعروفٍ بِنَفسِهِ مَصنوعٌ ، وكُلُّ قائِمٍ في سِواهُ مَعلولٌ . فاعِلٌ لا بِاضطِرابِ آلَةٍ ، مُقَدِّرٌ لا بِجَولِ فِكرَةٍ ، غَنِيٌّ لا بِاستِفادَةٍ . لا تَصحَبُهُ الأَوقاتُ ، ولا تَرفِدُهُ الأَدَواتُ .

سَبَقَ الأَوقاتَ كَونُهُ ، وَالعَدَمَ وُجودُهُ ، وَالِابتداءَ أزَلُهُ . بِتَشعيرِهِ المَشاعِرَ عُرِفَ أن لا مَشعَرَ لَهُ ، وبِمُضادَّتِهِ بَينَ الاُمورِ عُرِفَ أن لا ضِدَّ لَهُ ، وبِمُقارَنَتِهِ بَينَ الأَشياءِ عُرِفَ أن لا قَرينَ لَهُ .

ضَادَّ النّورَ بِالظُّلمَةِ ، وَالوُضوحَ بِالبُهمَةِ ، وَالجُمودَ بِالبَلَلِ ، وَالحَرورَ بِالصَّرَدِ (3) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، الاحتجاج : ج1 ص473 ح113 ، بحار الأنوار : ج77 ص300 ح7 و ج 4 ص247 ح5 وراجع نهج الحقّ : ص65 .
2- .الإرشاد : ج1 ص223 عن صالح بن كيسان ، الاحتجاج : ج1 ص475 ح114 وفيه «نفي الصفات» بدل «نفي التشبيه» و «بالفكر» بدل «بالنظر» ، بحار الأنوار : ج4 ص253 ح6 .
3- .الحرور : الريح الحارّة بالليل ، وقد تكون بالنهار . والصرَد : البَرد وقيل : شِدّته (لسان العرب : ج4 ص177 و ج3 ص248) .

ص: 135

سفا : عن أبي عبداللّه عليه السلام :مُؤَلِّفٌ بَينَ مُتَعادِياتِها ، مُقارِنٌ بَينَ مُتَبايِناتِها ، مُقَرِّبٌ بَينَ مُتَباعِداتِها ، مُفَرِّقٌ بَينَ مُتَدانِياتِها . لا يُشمَل بِحَدٍّ ، ولا يُحسَب بِعَدٍّ ، وإنَّما تَحُدُّ الأَدَواتُ أنفُسَها ، وتُشيرُ الآلاتُ إلى نَظائِرِها .

مَنَعَتها «مُنذُ» القِدمَةَ ، وحَمَتها «قَدُ» الأَزَلِيَّةَ ، وجَنَّبَتها «لَولا» التَّكمِلَةَ 1 ! بِها تَجَلّى صانِعُها لِلعُقولِ ، وبِهَا امتَنَعَ عَن نَظَرِ العُيونِ ، ولا يَجري عَلَيهِ السُّكونُ وَالحَرَكَةُ ، وكَيفَ يَجري عَلَيهِ ما هُوَ أجراهُ ، ويَعودُ فيهِ ما هُوَ أبداهُ ، ويَحدُثُ فيهِ ما هُوَ أحدَثَهُ ! إذا لَتَفاوَتَت ذاتُهُ ، ولَتَجَزَّأَ كُنهُهُ ، ولَامتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعناهُ ، ولَكانَ لَهُ وَراءٌ إذ وُجِدَ لَهُ أمامٌ ، ولَالتَمَسَ التَّمامَ إذ لَزِمَهُ النُّقصانُ . وإذاً لَقامَت آيَةُ المَصنوعِ فيهِ ، ولَتَحَوَّلَ دَليلاً بَعدَ أن كانَ مَدلولاً عَلَيهِ ، وخَرَجَ بِسُلطانِ الِامتِناعِ مَن أن يُؤَثِّرَ فيهِ ما يُؤَثِّرُ في غَيرِهِ .

الَّذي لا يَحولُ ولا يَزولُ ، ولا يَجوزُ عَلَيهِ الاُفولُ . لَم يَلِد فَيَكونَ مَولوداً ، ولَم يولَد فَيَصيرَ مَحدودا . جَلَّ عَنِ اتِّخاذِ الأَبناءِ ، وطَهُرَ عَن مُلامَسَةِ النِّساءِ .

لا تَنالُهُ الأَوهامُ فَتُقَدِّرَهُ ، ولا تَتَوَهَّمُهُ الفِطَنُ فَتُصَوِّرَهُ ، ولا تُدرِكُهُ الحَواسُّ فَتُحِسَّهُ ، ولا تَلمِسُهُ الأَيدي فَتَمَسَّهُ . ولا يَتَغَيَّرُ بِحالٍ ، ولا يَتَبَدَّلُ فِي الأَحوالِ . ولا تُبليهِ اللَّيالي وَالأَيّامُ ، ولا يُغَيِّرُهُ الضِّياءُ وَالظَّلامُ . ولا يوصَفُ بِشَيءٍ مِنَ الأَجزاءِ ، ولا بِالجَوارِحِ وَالأَعضاءِ ، ولا بِعَرَضٍ مِنَ الأَعراضِ ، ولا بِالغَيرِيَّةِ وَالأَبعاضِ .

ولا يُقالُ لَهُ حَدٌّ ولا نِهايَةٌ ، ولَا انقِطاعٌ ولا غايَةٌ ؛ ولا أنَّ الأَشياءَ تَحويهِ فَتُقِلَّهُ أو .

ص: 136

سفا : عن أبي عبداللّه عليه السلام :تُهوِيَهُ ، أو أنَّ شَيئا يَحمِلُهُ فَيُميلَهُ أو يُعَدِّلَهُ . لَيسَ فِي الأَشياءِ بِوالِجٍ ، ولا عَنها بِخارِجٍ . يُخبِرُ لا بِلِسانٍ ولَهَواتٍ ، ويَسمَعُ لا بِخُروقٍ وأدَواتٍ . يَقولُ ولا يَلفِظُ ، ويَحفَظُ ولا يَتَحَفَّظُ ، ويُريدُ ولا يُضمِرُ .

يُحِبُّ ويَرضى مِن غَيرِ رِقَّةٍ ، ويُبغِضُ ويَغضَبُ مِن غَيرِ مَشَقَّةٍ . يَقولُ لِمَن أرادَ كَونَهُ : «كُن فَيَكونُ» ، لا بِصَوتٍ يَقرَعُ ، ولا بِنِداءٍ يُسمَعُ ؛ وإنَّما كَلامُهُ سُبحانَهُ فِعلٌ مِنهُ أنشَأَهُ ومَثَّلَهُ ، لَم يَكُن مِن قَبلُ ذلِكَ كائِنا ، ولَو كانَ قَديما لَكانَ إلها ثانِيا .

لا يُقالُ : كانَ بَعدَ أن لَم يَكُن ؛ فَتَجرِيَ عَلَيهِ الصِّفاتُ المُحدَثاتِ ، ولا يَكونُ بَينَها وبَينَهُ فَصلٌ ، ولا لَهُ عَلَيها فَضلٌ ؛ فَيَستَوِيَ الصّانِعُ وَالمَصنوعُ ، ويَتَكافَأَ المُبتَدَعُ وَالبَديعُ . خَلَقَ الخَلائِقَ عَلى غَيرِ مِثالٍ خَلا مِن غَيرِهِ ، ولَم يَستَعِن عَلى خَلقِها بِأَحَدٍ مِن خَلقِهِ . وأنشَأَ الأَرضَ فَأَمسَكَها مِن غَيرِ اشتِغالٍ ، وأرساها عَلى غَيرِ قَرارٍ ، وأقامَها بِغَيرِ قَوائِمَ ، ورَفَعَها بِغَيرِ دَعائِمَ ، وحَصَّنَها مِنَ الأَوَدِ وَالِاعوِجاجِ ، ومَنَعَها مِنَ التَّهافُتِ وِالِانفِراجِ . أرسى أوتادَها ، وضَرَبَ أسدادَها ، وَاستَفاضَ عُيونَها ، وخَدَّ أودِيَتَها ، فَلَم يَهِن ما بَناهُ ، ولا ضَعُفَ ما قَوّاهُ .

هُوَ الظّاهِرُ عَلَيها بِسُلطانِهِ وعَظَمَتِهِ ، وهُوَ الباطِنُ لَها بِعِلمِهِ ومَعرِفَتِهِ ، وَالعالي عَلى كُلِّ شَيءٍ مِنها بِجَلالِهِ وعِزَّتِهِ . لا يُعجِزُهُ شَيءٌ مِنها طَلَبَهُ ، ولا يَمتَنِعُ عَلَيهِ فَيَغلِبَهُ ، ولا يَفوتُهُ السَّريعُ مِنها فَيَسبِقَهُ ، ولا يَحتاجُ إلى ذي مالٍ فَيَرزُقَهُ . خَضَعَتِ الأَشياءُ لَهُ ، وذَلَّت مُستَكينَةً لِعَظَمَتِهِ ، لا تَستَطيعُ الهَرَبَ مِن سُلطانِهِ إلى غَيرِهِ فَتَمتَنِعَ مِن نَفعِهِ وضَرِّهِ ، ولا كُف ءَ لَهُ فَيُكافِئَهُ ، ولا نَظيرَ لَهُ فَيُساوِيَهُ . هُوَ المُفني لَها بَعدَ وُجودِها ، حَتّى يَصيرَ مَوجودُها كَمَفقودِها .

ولَيسَ فَناءُ الدُّنيا بَعدَ ابتِداعِها بَأَعجَبَ مِن إنشائِها وَاختِراعِها . وكَيفَ ولَوِ اجتَمَعَ جَميعُ حَيَوانِها مِن طَيرِها وبَهائِمِها ، وما كانَ مِن مُراحِها وسائِمِها ، وأصنافِ أسناخِها .

ص: 137

سفا : عن أبي عبداللّه عليه السلام :وأجناسِها ، ومُتَبَلِّدَةِ اُمَمِها وأكياسها ، عَلى إحداثِ بَعوضَةٍ ما قَدَرَت عَلى إحداثِها ، ولا عَرَفَت كَيفَ السَّبيلُ إلى إيجادِها ، ولَتَحَيَّرَت عُقولُها في عِلمِ ذلِكَ وتاهَت ، وعَجَزَت قُواها وتَناهَت ، ورَجَعَت خاسِئَةً حَسيرَةً ، عارِفَةً بِأَنَّها مَقهورَةٌ ، مُقِرَّةً بِالعَجزِ عَن إنشائِها ، مُذعِنَةً بِالضَّعفِ عَن إفنائِها !

وإنَّ اللّهَ سُبحانَهُ يَعودُ بَعدَ فَناءِ الدُّنيا وَحدَهُ لا شَيءَ مَعَهُ . كَما كانَ قَبلَ ابتِدائِها كَذلِكَ يَكونُ بَعدَ فَنائِها ، بِلا وَقتٍ ولا مَكانٍ ، ولا حينٍ ولا زَمانٍ . عُدِمَت عِندَ ذلِكَ الآجالُ وَالأَوقاتُ ، وزالَتِ السِّنونَ وَالسّاعاتُ ، فَلا شَيءَ إلّا اللّهُ الواحِدُ القَهّارُ الَّذي إلَيهِ مَصيرُ جَميعِ الاُمورِ . بِلا قُدرَةٍ مِنها كانَ ابتِداءُ خَلقِها ، وبِغَيرِ امتِناعٍ مِنها كانَ فَناؤُها ، ولَو قَدَرَت عَلَى الِامتِناعِ لَدامَ بَقاؤُها .

لَم يَتَكاءَدهُ (1) صُنعُ شَيءٍ مِنها إذ صَنَعَهُ ، ولمَ يَؤُدهُ مِنها خَلقُ ما خَلَقَهُ وبَرَأَهُ ، ولَم يُكَوِّنها لِتَشديدِ سُلطانٍ ، ولا لِخَوفٍ مِن زَوالٍ ونُقصانٍ ، ولا لِلِاستِعانَةِ بِها عَلى نِدٍّ مُكاثِرٍ ، ولا لِلِاحتِرازِ بِها مِن ضِدٍّ مُثاوِرٍ ، ولا لِلِازدِيادِ بِها في مُلكِهِ ، ولا لِمُكاثَرَةِ شَريكٍ في شِركِهِ ، ولا لِوَحشَةٍ كانَت مِنهُ ؛ فَأَرادَ أن يَستَأنِسَ إلَيها .

ثُمَّ هُوَ يُفنيها بَعدَ تَكوينِها ، لا لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَيهِ في تَصريفِها وتَدبيرِها ، ولا لِراحَةٍ واصِلَةٍ إلَيهِ ، ولا لثِقَلِ شَيءٍ مِنها عَلَيهِ . لا يُمِلُّهُ طولُ بَقائِها فَيَدعُوَهُ إلى سُرعَةِ إفنائِها ، ولكِنَّهُ سُبحانَهُ دَبَّرَها بِلُطفِهِ ، وأمسَكَها بِأَمرِهِ ، وأتقَنَها بِقُدرَتِهِ ، ثُمَّ يُعيدُها بَعدَ الفَناءِ مِن غَيرِ حاجَةٍ مِنهُ إلَيها ، ولَا استِعانَةٍ بِشَيءٍ مِنها عَلَيها ، ولا لِانصِرافٍ مِن حالِ وَحشَةٍ إلى حالِ استِئناسٍ ، ولا مِن حالِ جَهلٍ وعَمىً إلى حالِ عِلمٍ وَالتِماسٍ ، ولا مِن فَقرٍ وحاجَةٍ إلى غِنىً وكَثرَةٍ ، ولا مِن ذُلٍّ وضَعَةٍ إلى عِزٍّ وقُدرَةٍ (2) . .


1- .يتكاءدهُ : أي يَصعب عليه ويَشقّ (النهاية : ج4 ص137) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، بحار الأنوار : ج77 ص310 ح14 .

ص: 138

* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام في بني إسرائيل :عنه عليه السلام_ عِندَمَا استَنهَضَ النّاسَ في حَربِ مُعاوِيَةَ فِي المَرَّةِ الثّانِيَةِ ، فَلَمَّا اجتَمَعَ النّاسُ قامَ خَطيبا _: الحَمدُ للّهِِ الواحِدِ الأَحَدِ الصَّمَدِ المُتَفَرِّدِ الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ خَلَقَ ما كانَ ، قُدرَةٌ بان بِها مِنَ الأَشياءِ وبانَتِ الأَشياءُ مِنهُ ، فَلَيسَت لَهُ صِفَةٌ تُنالُ ولا حَدٌّ تُضرَبُ لَهُ فيهِ الأَمثالُ ، كَلَّ دونَ صِفاتِهِ تَحبيرُ اللُّغاتِ ، وضَلَّ هُناكَ تَصاريفُ الصِّفاتِ ، وحارَ في مَلَكوتِهِ عَميقاتُ مَذاهِبِ التَّفكيرِ ، وَانقَطَعَ دونَ الرُّسوخِ في عِلمِهِ جَوامِعُ التَّفسيرِ ، وحالَ دونَ غَيبِهِ المَكنونِ حُجُبٌ مِنَ الغُيوبِ ، تاهَت في أدنى أدانيها طامِحاتُ العُقولِ في لَطيفاتِ الاُمورِ .

فَتَبارَكَ اللّهُ الَّذي لا يَبلُغُهُ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُهُ غَوصُ الفِطَنِ ، وتَعالَى الَّذي لَيسَ لَهُ وَقتٌ مَعدودٌ ، ولا أجَلٌ مَمدودٌ ، ولا نَعتٌ مَحدودٌ ، سُبحانَ الَّذي لَيسَ لَهُ أوَّلٌ مُبتَدَأٌ ، ولا غايَةٌ مُنتَهًى ، ولا آخِرٌ يَفنى .

سُبحانَهُ هُوَ كَما وَصَفَ نَفسَهُ ، وَالواصِفونَ لا يَبلُغونَ نَعتَهُ ، وحَدَّ الأَشياءَ كُلَّها عِندَ خَلقِهِ ، إبانَةً لَها مِن شَبَهِهِ وإبانَةً له مِن شَبَهِها ، لَم يَحلُل فيها فَيُقالَ : هُوَ فيها كائِنٌ ، ولَم يَنأَ عَنها فَيُقالَ : هُوَ مِنها بائِنٌ ، ولَم يَخلُ مِنها فَيُقالَ لَهُ : أينَ ، لكِنَّهُ سُبحانَهُ أحاطَ بِها عِلمُهُ ، وأتقَنَها صُنعُهُ ، وأحصاها حِفظُهُ ، لَم يَعزُب عَنهُ خَفِيّاتُ غُيوبِ الهَواءِ ، ولا غَوامِضُ مَكنونِ ظُلَمِ الدُّجى ، ولا ما فِي السَّماواتِ العُلى إلَى الأَرَضينَ السُّفلى ، لِكُلِّ شَيءٍ مِنها حافِظٌ ورَقيبٌ ، وكُلُّ شَيءٍ مِنها بِشَيءٍ مُحيطٌ ، وَالمُحيطُ بِما أحاطَ مِنها .

الواحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ ، الَّذي لا يُغَيِّرُهُ صُروفُ الأَزمانِ ، ولا يَتَكَأَّدُهُ صُنعُ شَيءٍ كانَ ، إنَّما قالَ لِما شاءَ : كُن فَكَان . اِبتَدَعَ ما خَلَقَ بِلا مِثالٍ سَبَقَ ، ولا تَعَبٍ ولا نَصَبٍ ، وكُلُّ صانِعِ شَيءٍ فَمِن شَيءٍ صَنَعَ ، وَاللّهُ لا مِن شَيءٍ صَنَعَ ما خَلَقَ ، وكُلُّ عالِمٍ فَمِن بَعدَ جَهلٍ تَعَلَّمَ ، وَاللّهُ لَم يَجهَل ولَم يَتَعَلَّم . أحاطَ بِالأَشياءِ عِلما قَبلَ كَونِها ، فَلَم يَزدَد .

ص: 139

* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام في بني إسرائيل :بِكَونِها عِلما ، عِلمُهُ بِها قَبلَ أن يُكَوِّنَها كَعِلمِهِ بَعدَ تَكوينِها ، لَم يُكَوِّنها لِتَشديدِ سُلطانٍ ، ولا خَوفٍ مِن زَوالٍ ولا نُقصانٍ ، ولَا استِعانَةٍ عَلى ضِدٍّ مُناوٍ ، ولا نِدٍّ مُكاثِرٍ ، ولا شَريكٍ مُكابِرٍ ، لكِن خَلائِقُ مَربوبونَ وعِبادٌ داخِرونَ .

فَسُبحانَ الَّذي لا يَؤُودُهُ خَلقُ ما ابتَدَأَ ، ولا تَدبيرُ ما بَرَأَ ، ولا مِن عَجزٍ ولا مِن فَترَةٍ بِما خَلَقَ اكتَفى ، عَلِمَ ما خَلَقَ وخَلَقَ ما عَلِمَ ، لا بِالتَّفكيرِ في عِلمٍ حادِثٍ أصابَ ما خَلَقَ ، ولا شُبهَةٍ دَخَلَت عَلَيهِ فيما لَم يَخلُق ، لكِن قَضاءٌ مُبرَمٌ ، وعِلمٌ مُحكَمٌ ، وأمرٌ مُتقَنٌ . تَوَحَّدَ بِالرُّبوبِيَّةِ ، وخَصَّ نَفسَهُ بِالوَحدانِيَّةِ ، وَاستَخلَصَ بِالمَجدِ وَالثَّناءِ ، وتَفَرَّدَ بِالتَّوحيدِ وَالمَجدِ وَالسَّناءِ ، وتَوَحَّدَ بِالتَّحميدِ ، وتَمَجَّدَ بِالتَّمجيدِ ، وعَلا عَنِ اتِّخاذِ الأَبناءِ ، وتَطَهَّرَ وتَقَدَّسَ عَن مُلامَسَةِ النِّساءِ ، وعَزَّ وجَلَّ عَن مُجاوَرَةِ الشُّرَكاءِ .

فَلَيسَ لَهُ فيما خَلَقَ ضِدٌّ ، ولا لَهُ فيما مَلَكَ نِدٌّ ، ولَم يَشرَكهُ في مُلكِهِ أحَدٌ ، الواحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ ، المُبيدُ لِلأَبَدِ وَالوارِثُ لِلأَمَدِ ، الَّذي لَم يَزَل ولا يَزالُ وَحدانِيّا أزَلِيّا ، قَبلَ بَدءِ الدُّهورِ وبَعدَ صُروفِ الاُمورِ ، الَّذي لا يَبيدُ ولا يَنفَدُ ، بِذلِكَ أصِفُ رَبّي فَلا إلهَ إلَا اللّهُ ، مِن عَظيمٍ ما أعظَمَهُ ؟ ! ومِن جَليلٍ ما أجَلَّهُ ؟ ! ومِن عَزيزٍ ما أعَزَّهُ ؟ ! وتَعالى عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّا كَبيرا (1) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام_ في خُطبَتِهِ في مَسجِدِ الكوفَةِ _: الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ كَوَّنَ ما قَد كانَ ، المُستَشهِدِ بِحُدوثِ الأَشياءِ عَلى أزَلِيَّتِهِ ، وبِما وَسَمَها بِهِ مِنَ العَجزِ عَلى قُدرَتِهِ ، وبِما اضطَرَّها إلَيهِ مِنَ الفَناءِ عَلى دَوامِهِ ، لَم يَخلُ مِنهُ مَكان .


1- .الكافي : ج1 ص134 ح1 عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص41 ح3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج4 ص269 ح15 .

ص: 140

* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :فَيُدرَكَ بَأَينِيَّتِهِ ، ولا لَهُ شَبَحُ مثالٍ فَيوصَفَ بِكَيفِيَّتِهِ ، ولَم يَغِب عَن شَيءٍ فَيُعلَمَ بِحَيثِيَّتِهِ .

مُبايِنٌ لِجَميعِ ما أحدَثَ فِي الصِّفاتِ ، ومُمتَنِعٌ عَنِ الإِدراكِ بِمَا ابتَدَعَ مِن تَصريفِ الذَّواتِ ، وخارِجٌ بِالكِبرياءِ وَالعَظَمَةِ مِن جَميعِ تَصَرُّفِ الحالاتِ ، مُحَرَّمٌ عَلى بَوارِعِ ناقِباتِ الفِطَنِ تَحديدُها ، وعَلى غَوامِضِ ثاقِباتِ الفِكرِ تَكييفُهُ وعَلى غَوائِصِ سابِحات النَّظَرِ تَصويرُهُ .

لا تَحويهِ الأَماكِنُ لِعَظَمَتِهِ ، ولا تُدرِكُهُ المَقاديرُ لِجَلالِهِ ، ولا تَقطَعُهُ المَقاييسُ لِكِبرِيائِهِ ، مُمتَنِعٌ عَنِ الأَوهامِ أن تَكتَنِهَهُ ، وعَنِ الأَفهامِ أن تَستَغرِقَهُ ، وعَنِ الأَذهانِ أن تُمَثِّلَهُ ، وقَد يَئِسَت مِنِ استِنباطِ الإِحاطَةِ بِهِ طَوامِحُ العُقولِ ، ونَضَبَت عَنِ الإِشارَةِ إلَيهِ بِالِاكتِناهِ بِحارُ العُلومِ ، ورَجَعَت بِالصُّغرِ عَنِ السُّمُوِّ إلى وَصفِ قُدرَتِهِ لَطائِفُ الخُصومِ .

واحِدٌ لا مِن عَدَدٍ ، ودائِمٌ لا بَأَمَدٍ ، وقائِمٌ لا بِعَمَدٍ ، لَيسَ بِجِنسٍ فَتُعادِلَهُ الأَجناسُ ، ولا بِشَبَحٍ فَتُضارِعَهُ الأَشباحُ ، ولا كَالأَشياءِ فَتَقَعَ عَلَيهِ الصِّفاتُ ، قَد ضَلَّتِ العُقولُ في أمواجِ تَيّارِ إدراكِهِ ، وتَحَيَّرَتِ الأَوهامُ عَن إحاطَةِ ذِكرِ أزَلِيَّتِهِ ، وحَصِرَتِ الأَفهامُ عَنِ استِشعارِ وَصفِ قُدرَتِهِ ، وغَرِقَتِ الأَذهانُ في لُجَجِ أفلاكِ مَلَكوتِهِ ، مُقتَدِرٌ بِالآلاءِ ، ومُمتَنِعٌ بِالكِبرِياءِ ، ومُتَمَلِّكٌ عَلَى الأَشياءِ .

فَلا دَهرٌ يُخلِقُهُ ولا زَمانٌ يُبليهِ ، ولا وَصفٌ يُحيطُ بِهِ ، وقَد خَضَعَت لَهُ الرِّقابُ الصِّعابُ في مَحَلِّ تُخوم قَرارِها ، وأذعَنَت لَهُ رَواصِنُ الأَسبابِ في مُنتَهى شَواهِقِ أقطارِها ، مُستَشهِدٌ بِكُلِّيَّةِ الأَجناسِ عَلى رُبوبِيَّتِهِ ، وبِعَجزِها عَلى قُدرَتِهِ ، وبِفُطورِها عَلى قِدمَتِهِ ، وبِزَوالِها عَلى بَقائِهِ ، فَلا لَها مَحيصٌ عَن إدراكِهِ إيّاها ، ولا خُروجٌ من إحاطَتِهِ بِها ، ولَا احتِجابٌ عَن إحصائِهِ لَها ، ولَا امتِناعٌ مِن قُدرَتِهِ عَلَيها .

كَفى بِإِتقانِ الصُّنعِ لَها آيَةً ، وبِمُرَكَّبِ الطَّبعِ عَلَيها دَلالَةً ، وبِحُدوثِ الفِطَرِ عَلَيها .

ص: 141

* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :قِدمَةً ، وبِإِحكامِ الصَّنعَةِ لَها عِبرَةً (1) .سقب : عن كعب في ناقة صالح عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي مَنَعَ الأَوهامَ أن تَنالَ إلّا وُجودَهُ ، وحَجَبَ العُقولَ أن تَتَخَيَّلَ ذاتَهُ لِامتِناعِها مِنَ الشَّبَهِ وَالتَّشاكُلِ ، بَل هُوَ الَّذي لا يَتَفاوتُ في ذاتِهِ ، ولا يَتَبَعَّضُ بِتَجزِئَةِ العَدَدِ في كَمالِهِ .

فارَقَ الأَشياءَ لا عَلَى اختِلافِ الأَماكِنِ ، ويَكونُ فيها لا عَلى وَجهِ المُمازَجَةِ . وعَلِمَها لا بِأَداةٍ ؛ لا يَكونُ العِلمُ إلّا بِها . ولَيسَ بَينَهُ وبَينَ مَعلومِهِ عِلمُ غَيرِهِ بِهِ كانَ عالِما بِمَعلومِهِ . إن قيلَ : كانَ ، فَعَلى تَأويلِ أزَلِيَّةِ الوُجودِ ، وإن قيلَ : لَم يَزَل ، فَعَلى تَأويلَ نَفيِ العَدَمِ (2) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي بَطَنَ خَفِيّاتِ الاُمورِ ، ودلَّتَ عَلَيهِ أعلامُ الظُّهورِ ، وَامتَنَعَ عَلى عَينِ البَصيرِ ؛ فَلا عَينُ مَن لَم يَرَهُ تُنكِرُهُ ، ولا قَلبُ مَن أثبَتَهُ يُبصِرُهُ . سَبَقَ فِي العُلُوِّ فَلا شَيءَ أعلى مِنهُ ، وقَرُبَ فِي الدُّنُوِّ فَلا شَيءَ أقرَبُ مِنهُ .

فَلَا استِعلاؤُهُ باعَدَهُ عَن شَيءٍ مِن خَلقِهِ ، ولا قُربُهُ ساواهُم فِي المَكانِ بِهِ ، لَم يُطلِعِ العُقولَ عَلى تَحديدِ صِفَتِهِ ، ولَم يَحجُبها عَن واجِبِ مَعرِفَتِهِ ، فَهُوَ الَّذي تَشهَدُ لَهُ أعلامُ الوُجودِ عَلى إقرارِ قَلبِ ذِي الجُحودِ . تَعالَى اللّهُ عَمّا يَقولُهُ المُشَبِّهونَ بِهِ وَالجاحِدونَ لَهُ عُلُوّا كَبيرا (3) . .


1- .عيون أخبار الرضا : ج1 ص121 ح15 ، التوحيد : ص69 ح26 كلاهما عن الهيثم بن عبد اللّه الرمّاني عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، البلد الأمين : ص92 كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج4 ص221 ح2 .
2- .الكافي : ج8 ص18 ح4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، التوحيد : ص73 ح27 ، الأمالي للصدوق : ص399 ح515 كلاهما عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عن آبائه عنه عليهم السلام نحوه وفيهما «أعجز الأوهام» بدل «منع الأوهام» ، تحف العقول : ص92 وفيه «أعدم الأوهام» بدل «منع الأوهام» ، بحار الأنوار : ج77 ص280 ح1 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 49 ، شرح الأخبار : ج2 ص311 ح640 نحوه وفيه «واستتر بلطفه عن عين البصيرة» بدل «وامتنع على عين البصير» ، بحار الأنوار : ج4 ص308 ح36 .

ص: 142

سقر : عن أبيالحسن موسى عليه السلام :عنه عليه السلام :قَريبٌ مِنَ الأَشياءِ غَيرُ مُلابِسٍ ، بَعيدٌ مِنها غَيرُ مُبايِنٍ ، مُتَكلِّمٌ لا بِرَوِيَّةٍ ، مُريدٌ لا بِهِمَّةٍ ، صانِعٌ لا بِجارِحَةٍ ، لَطيفٌ لا يوصَفُ بِالخَفاءِ ، كَبيرٌ لا يوصَفُ بِالجَفاءِ ، بَصيرٌ لا يوصَفُ بِالحاسَّةِ ، رَحيمٌ لا يوصَفُ بِالرِّقَّةِ ، تَعنُو الوُجوهُ لِعَظَمَتِهِ ، وتَجِبُ القُلوبُ مِن مَخافَتِهِ (1) .سقط : في ابن جحش :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَم تَسبِق لَهُ حالٌ حالاً ، فَيَكونَ أوَّلاً قَبلَ أن يَكونَ آخِرا ، ويَكونَ ظاهِرا قَبلَ أن يَكونَ باطِنا ، كُلُّ مُسَمّىً بِالوَحدَةِ غيرَهُ قَليلٌ ، وكُلُّ عَزيزٍ غَيرَهُ ذَليلٌ ، وكُلُّ قَوِيٍّ غَيرَهُ ضَعيفٌ ، وكُلُّ مالِكٍ غَيرَهُ مَملوكٌ ، وكُلُّ عالِمٍ غَيرَهُ مُتَعَلِّمٌ (2) .* ومنه في هاني بن عروة :عنه عليه السلام :لا إلهَ إلَا اللّهُ الشّاكِرُ لِلمُطيعِ لَهُ ، المُملي لِلمُشرِكِ بِهِ ، القَريبُ مِمَّن دَعاهُ عَلى حالٍ بَعدَهُ ، وَالبَرُّ الرَّحيمُ بِمَن لَجَأَ إلى ظِلِّهِ وَاعتَصَمَ بِحَبلِهِ .

ولا إلهَ إلَا اللّهُ المُجيبُ لِمَن ناداهُ بِأَخفَضِ صَوتِهِ ، السَّميعُ لِمَن ناجاهُ لِأَغمَضِ سِرِّهِ ، الرَّؤوفُ بِمَن رَجاهُ لِتَفريجِ هَمِّهِ ، القَريبُ مِمَّن دَعاهُ لِتَنفيسِ كَربِهِ وغَمِّهِ .

ولا إلهَ إلَا اللّهُ الحَليمُ عَمَّن ألحَدَ في آياتِهِ ، وَانحَرَفَ عَن بَيِّناتِهِ ، ودانَ بِالجُحودِ في كُلِّ حالاتِهِ . وَاللّهُ أكبَرُ القاهِرُ لِلأَضدادِ ، المُتَعالي عَنِ الأَندادِ ، المُتَفَرِّدُ بِالمِنَّةِ عَلى جَميعِ العِبادِ ، وَاللّهُ أكبَرُ المُحتَجِبُ بِالمَلَكوتِ وَالعِزَّةِ ، المُتَوَحِّدُ بِالجَبَروتِ وَالقُدرَةِ ، المُتَرَدّي بِالكِبرياءِ وَالعَظَمَةِ ، وَاللّهُ أكبَرُ المُتَقَدِّسُ بِدَوامِ السُّلطانِ ، وَالغالِبُ بِالحُجَّةِ وَالبُرهانِ ، ونَفاذِ المَشِيَّةِ في كُلِّ حينٍ وأوانٍ (3) .* وعن محمّد بن عليّ الجواد عليهماالسلام :حلية الأولياء عن النُّعمان بن سَعد :كُنتُ بِالكوفَةِ في دارِ الإِمارَةِ دارِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، إذ دَخَلَ عَلَينا نَوفُ بنُ عَبدِ اللّهِ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ بِالبابِ أربَعونَ رَجُلاً مِنَ اليَهود .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 179 ، بحار الأنوار : ج72 ص279 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 65 ، بحار الأنوار : ج4 ص309 ح37 .
3- .البلد الأمين : ص93 ، بحار الأنوار : ج90 ص139 ح7 .

ص: 143

* وعن محمّد بن عليّ الجواد عليهماالسلام :فَقالَ عَلِيٌّ : عَلَيَّ بِهِم ، فَلَمّا وَقَفوا بَينَ يَدَيهِ قالوا لَهُ : يا عَلِيُّ صِف لَنا رَبَّكَ هذَا الَّذي فِي السَّماءِ ، كَيفَ هُوَ ؟ وكَيفَ كانَ ؟ ومَتى كانَ ؟ وعَلى أيِّ شَيءٍ هُوَ ؟

فَاستَوى عَلِيٌّ جالِسا وقالَ : مَعشَرَ اليَهودِ ! اسمَعوا مِنّي ولا تُبالوا أن لا تَسأَلوا أحَدا غَيري! إنَّ رَبّي عَزَّ وجَلَّ هُوَ الأَوَّلُ لَم يبدَ مِمّا، ولا مُمازِجٌ مَعَ ما ، ولا حالٌّ وَهما ، ولا شَبَحٌ يُتَقَصّى ، ولا مَحجوبٌ فَيُحوى ، ولا كانَ بَعدَ أن لَم يَكُن فَيُقالَ حادِثٌ ، بَل جَلَّ أن يُكَيَّفَ المُكَيِّفُ لِلأَشياءِ كَيفَ كانَ ، بَل لَم يَزَل ولا يَزولُ لِاختِلافِ الأَزمانِ ، ولا لِتَقَلُّبِ شَأنٍ بَعدَ شَأنٍ .

وكَيفَ يوصَفُ بِالأَشباحِ ، وكَيفَ يُنعَتُ بِالأَلسُنِ الفِصاحِ مَن لَم يَكُن فِي الأَشياءِ فَيُقالُ : بائِنٌ ، ولَم يَبِن عَنها فَيُقالُ : كائِنٌ ؟ بَل هُوَ بِلا كَيفِيَّةٍ ، وهُوَ أقرَبُ مِن حَبلِ الوَريدِ ، وأبعَدُ فِي الشَّبَهِ مِن كُلِّ بَعيدٍ ، لا يَخفى عَلَيهِ مِن عِبادِهِ شُخوصُ لَحظَةٍ ، ولا كُرورُ لَفظَةٍ ، ولَا ازدِلافُ رَقوَةٍ ، ولَا انبِساطُ خُطوَةٍ ، فِي غَسَقِ لَيلٍ داجٍ ، ولا إدلاجٍ ، لا يَتَغَشّى عَلَيهِ القَمَرُ المُنيرُ ، ولَا انبِساطُ الشَّمسِ ذاتِ النّورِ بِضَوئِهِما فِي الكُرورِ ، ولا إقبالُ لَيلٍ مُقبِلٍ ، ولا إدبارُ نَهارٍ مُدبِرٍ إلّا وهُوَ مُحيطٌ بِما يُريدُ مِن تَكوينِهِ .

فَهُوَ العالِمُ بِكُلِّ مَكانٍ ، وكُلِّ حينٍ وأوانٍ ، وكُلِّ نِهايَةٍ ومُدَّةٍ ، وَالأَمَدُ إلَى الخَلقِ مَضروبٌ ، والحَدُّ إلى غَيرِهِ مَنسُوبٌ ، لَم يَخلُقِ الأَشياءَ مِن اُصولٍ أوَّلِيَّةٍ ، ولا بِأَوائِلَ كانَت قَبلَهُ بَدِيَّةً ، بَل خَلَقَ ما خَلَقَ فَأَقامَ خَلقَهُ . وصَوَّرَ ما صَوَّرَ فأَحَسنَ صُورَتَهُ .

تَوحَّدَ فِي عُلُوِّهِ . فَلَيسَ لِشَيءٍ مِنهُ امتَناعٌ ، ولا لَهُ بِطاعَةِ شَيءٍ مِن خَلقِهِ انتِفاعٌ ، إجابَتُهُ لِلدّاعينَ سَريعَةٌ ، وَالمَلائِكَةُ فِي السَّماواتِ وَالأَرَضينَ لَهُ مُطيعَةٌ ، عِلمُهُ بِالأَمواتِ البائِدينَ كَعِلمِهِ بِالأَحياءِ المُتَقَلِّبينَ ، وعِلمُهُ بِما فِي السَّماواتِ العُلى كعِلمِهِ بِما فِي الأَرضِ السُّفلى ، وعِلمُهُ بِكُلِّ شَيءٍ . .

ص: 144

* وعن محمّد بن عليّ الجواد عليهماالسلام :لا تُحَيِّرُهُ الأَصواتُ ، ولا تَشغَلُهُ اللُّغاتُ ، سَميعٌ لِلأَصواتِ المُختَلِفَةِ ، بِلا جَوارِحَ لَهُ مُؤتَلِفَةٍ ، مُدَبِّرٌ بَصيرٌ ، عالِمٌ بِالاُمورِ ، حَيٌّ قَيّومٌ ، سُبحانَهُ .

كَلَّمَ موسى تَكليما بِلا جَوارِحَ ولا أدَواتٍ ولا شَفَةٍ ولا لَهَواتٍ ، سُبحانَهُ وتَعالى عَن تَكييفِ الصِّفاتِ .

مَن زَعَمَ أنَّ إلهَنا مَحدودٌ فَقَد جَهِلَ الخالِقَ المَعبودَ ، ومَن ذَكَرَ أنَّ الأَماكِنَ بِهِ تُحيطُ لَزِمَتهُ الحَيرَةُ وَالتَّخليطُ ، بَل هُوَ المُحيطُ بِكُلِّ مَكانٍ .

فَإِن كُنتَ صادِقا أيُّهَا المُتَكَلِّفُ لِوَصفِ الرَّحمنِ بِخِلافِ التَّنزيلِ وَالبُرهانِ فَصِف لي جِبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ ، هَيهاتَ ! أ تَعجِزُ عَن صِفَةِ مَخلوقٍ مِثلِكَ وتَصِفُ الخالِقَ المَعبودَ ؟ ! وأنتَ تُدرِكُ صِفَةَ رَبِّ الهَيئَةِ وَالأَدَواتِ ، فَكَيفَ مَن لَم تَأخُذهُ سِنَةٌ ولا نَومٌ ، لَهُ ما فِي الأَرَضينَ وَالسَّماواتِ ، وما بَينَهُما وهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ ! (1) .


1- .حلية الأولياء : ج1 ص72 ، كنز العمّال : ج1 ص408 ح1737 .

ص: 145

القبس الثاني : معرفة خلق اللّه
اشاره

القبس الثاني : معرفة خلق اللّهوفيه أبواب :الباب الأوّل : بدء الخلق وخلق السماواتالباب الثاني : خلق الملائكةالباب الثالث : خلق الأرض وتأهيلها للمعيشةالباب الرابع : خلق الانسانالباب الخامس : خلق الحيوانات

.

ص: 146

. .

ص: 147

الباب الأوّل : بدء الخلق وخلق السماوات

الباب الأوّل : بدء الخلق والخلق السماوات 1سقا : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ يَصِفُ فيها خَلقَ العالَمِ _: ثُمَّ أنشَأَ _ سُبحانَهُ _ فَتقَ الأَجواءِ وشَقَّ الأَرجاءِ وسَكائِكَ (1) الهَواءِ . فَأَجرى فيها ماءً مُتَلاطِماً تَيّارُهُ ، مُتَراكِماً زَخّارُهُ (2) . حَمَلَهُ عَلى مَتنِ الرّيحِ العاصِفَةِ ، وَالزَّعزَعِ (3) القاصِفَةِ ، فَأَمَرَها بِرَدِّهِ ، وسَلَّطَها عَلى شَدِّهِ ، وقَرَنَها إلى حَدِّهِ . الهَواءُ مِن تَحتِها فَتيقٌ ، وَالماءُ مِن فَوقِها دَفيقٌ (4) . ثُمَّ أنشَأ

.


1- .السُّكاك : الجوُّ ، وهو ما بين السماء والأرض (النهاية : ج2 ص385) .
2- .زخر : أي مدّ وكثُر ماؤه وارتفعت أمواجه (النهاية : ج2 ص299) .
3- .ريحٌ زَعْزَعٌ : شديدة (لسان العرب : ج8 ص142) .
4- .الدُّفاق : المطهر الواسع الكثير (النهاية : ج2 ص125) .

ص: 148

سقا : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :سُبحانَهُ ريحا اِعتَقَمَ مَهَبَّها وأدامَ مُرَبَّها (1) . وأعصَفَ مَجراها وأبعَدَ مَنشَأَها . فَأَمَرَها بِتَصفيقِ الماءِ الزُّخّارِ ، وإثارَةِ مَوجِ البِحارِ . فَمَخَضَتهُ (2) مَخضَ السِّقاءِ ، وعَصَفَت بِهِ عَصفَها بِالفَضاءِ . تَرُدُّ أوَلَّهُ إلى آخِرِهِ ، وساجِيَهُ (3) إلى مائِرِهِ (4) . حَتّى عَبَّ عُبابُهُ ، ورَمى بِالزَّبَدِ رُكامُهُ ، فَرَفَعَهُ في هَواءٍ مُنفَتِقٍ ، وجَوٍّ مُنفَهِقٍ (5) . فَسَوّى مِنهُ سَبعَ سَماواتٍ جَعَلَ سُفلاهُنَّ مَوجا مَكفوفا وعُلياهُنَّ سَقفا مَحفوظا . وسَمَكا مَرفوعا ، بِغَيرِ عَمَدٍ يَدعَمُها ، ولا دِسارٍ (6) يَنظِمُها . ثُمَّ زَيَّنَها بِزينَةٍ الكَواكِبِ ، وضِياءِ الثَّواقِبِ ، وأجرى فيها سِراجا مُستَطيرا ، وقَمَرا مُنيرا : في فَلَكٍ دائِرٍ ، وسَقفٍ سائِرٍ ، ورَقيمٍ مائِرٍ (7)(8) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ في صِفَةِ السَّماءِ _: ونَظَمَ بِلا تَعليقٍ رهواتِ (9) فُرَجِها ، ولاحَمَ صُدوعَ انفِراجِها ، ووَشَّجَ بَينَها وبَينَ أزواجِها ، وذَلَّلَ لِلهابِطينَ بِأَمرِهِ وَالصّاعِدينَ بِأَعمالِ خَلقِهِ حُزونَةَ (10) مِعراجِها ، وناداها بَعدَ إذ هِيَ دُخانٌ (11) ، فَالتَحَمَت عُرى .


1- .أرب الدهر : اشتدّ (لسان العرب : ج1 ص208) .
2- .المَخْضُ : تحريك السِّقاء الذي فيه اللبن ؛ ليخرُج زُبْدُه (النهاية : ج4 ص307) .
3- .الساجي : أي الساكن (النهاية : ج2 ص345) .
4- .مار الشيء يمور مورا : إذا جاء وذهب (النهاية : ج4 ص371) .
5- .الفَهق : هو الامتِلاء والاتّساع (النهاية : ج3 ص482) .
6- .الدِسار : المِسْمار وجمعه دُسُر (النهاية : ج2 ص116) .
7- .يريد به وشي السماء بالنجوم (النهاية : ج2 ص254) .
8- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، بحار الأنوار : ج57 ص177 ح136 و ج77 ص301 ح7 .
9- .الرهوات : أي المواضع المتفتّحة منها ، وهي جمع رهوة (النهاية : ج2 ص285) .
10- .الحُزُونة : الخُشونة (النهاية : ج1 ص380) .
11- .يتصوّر علماء الفلك اليوم أنّ أوّل نشوء الكون كان نتيجة انفجار كبير شاع منه دخان مؤلّف من دقائق ناعمة ، وساد عندها في الكون سكون وظلام دامس ، ثمّ بدأت الذرّات تتجمّع في مناطق معيّنة مشكّلة أجراما ، ما لبثت أن بدأت فيها التفاعلات النوويّة ، التي جعلت هذا الأجرام نجوما مضيئة . وفي قول الإمام : «فالتحمت عرى أشراجها» تشبيه لنجوم المجرّة بالحلقات المرتبطة ببعضها بوشاج الجاذبيّة والتأثير المتبادل . وبعد نشوء النجوم الملتهبة الدائرة بدأت تقذف بالحمم التي شكّلت الكواكب السيّارة كالأرض وغيرها ، وهو ما عبّر عنه الإمام عليه السلام ب_ «وفتق بعد الارتتاق» (تصنيف نهج البلاغة : ص779) .

ص: 149

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :أشراجِها (1) ، وفَتَقَ بَعدَ الِارتِتاقِ صَوامِتَ أبوابِها ، وأقام رَصَداً مِنَ الشُّهُبِ الثَّواقِب عَلى نِقابها ، وأمسَكَها من أن تَمورَ في خَرقِ الهَواءِ بِأَيدِهِ (2) ، وأمَرَها أن تَقِفَ مُستَسلِمَةً لِأَمرِهِ ، وجَعَلَ شَمسَها آيَةً مُبصِرَةً لِنَهارِها ، وقَمَرَها آيَةً مَمحُوَّةً مِن لَيلِها ، وأجراهُما في مَناقِلِ مَجراهُما . وقَدَّرَ سَيرَهُما في مَدارِجَ دَرجِهِما ؛ لِيُمَيِّزَ بَينَ اللَّيلِ وَالنَّهارِ بِهِما ، ولِيُعلَمَ عَدَدُ السِّنينَ وَالحِسابُ بِمَقاديرِهِما . ثُمَّ عَلَّقَ في جَوِّها فَلَكَها ، وناطَ بِها زينَتَها من خَفِيّاتِ درارِيِّها ومَصابيحِ كَواكِبِها ، ورَمى مُستَرقِي السَّمعِ بِثَواقِبِ شُهُبِها وأجراها عَلى أذلالِ (3) تَسخيرِها مِن ثَباتِ ثابِتِها ومَسيرِ سائِرِها وهُبوطِها وصُعودِها ونُحوسِها وسُعودِها (4) .* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله في عبدالمطلّب :عنه عليه السلام_ من خُطبَةٍ لَهُ فِي التَّوحيدِ ويَذكُرُ فيها خَلقَ السَّماواتِ _: فَمِن شَواهِدِ خَلقِهِ خَلقُ السَّماواتِ مُوَطَّداتِ بِلا عَمَدٍ ، قائِماتٍ بِلا سَنَدٍ . دَعاهُنَّ فَأَجَبنَ طائِعاتٍ مُذعِناتٍ ، غَيرَ مُتَلَكِّئاتٍ ولا مُبطِئاتٍ . ولَولا إقرارُهُنَّ لَهُ بِالرُّبوبِيَّةِ وإذعانُهُنَّ بِالطَّواعِيَةِ لَما جَعَلَهُنَّ مَوضِعا لِعَرشِهِ ، ولا مَسكَنا لِمَلائِكَتِهِ ، ولا مَصعَدا لِلكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالعَمَلِ الصّالِحِ مِن خَلقِهِ . جَعَلَ نُجومَها أعلاما يَستَدِلُّ بِهَا الحَيرانُ في مُختَلِفِ فِجاجِ الأَقطارِ . لَم يَمنَع ضَوءَ نورِهَا ادلِهمامُ سُجُفِ اللَّيلِ المُظلِمِ ، ولَا استَطاعَت جَلابيبُ سَوادِ الحَنادِسِ (5) أن تَرُدَّ ما شاعَ فِي السَّماواتِ مِن تَلَألُوَ نورِ القَمَرِ (6) .* وعن جعفر عليه السلام في الاستسقاء :عنه عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _فَمَن فَرَّغَ قَلبَهُ وأعمَلَ فِكرَهُ ؛ لِيَعلَمَ كَيفَ أقَمتَ عَرشَك ، وكَيفَ ذَرَأتَ خَلقَكَ ، وكَيفَ عَلَّقتَ فِي الهَواءِ سَماواتِكَ ، وكَيفَ مَدَدتَ عَلى .


1- .أسرَجْتُ العَيبةَ وشرَجْتُها : إذا شَددْتُها بالشَّرَجِ ؛ وهي العُرَى (النهاية : ج2 ص456) .
2- .الأيدُ : القُوّة (النهاية : ج1 ص84) .
3- .أي على وجوهِها وطرُقها ، وهو جمع ذِلٍّ (النهاية : ج2 ص166) .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص108 ح90 .
5- .حِنْدس : أي شَدِيدة الظُّلْمة (النهاية : ج1 ص450) .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 182 عن نوف البكالي ، بحار الأنوار : ج77 ص308 ح13 .

ص: 150

* وعن جعفر عليه السلام في الاستسقاء :مَورِ الماءِ أرضَكَ ، رَجَعَ طَرفُهُ حَسيراً ، وعَقلُهُ مَبهوراً ، وسَمعُهُ والِهاً ، وفِكرُهُ حائِرا (1) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي . . . خَلَقَ الخَلقَ عَلى غَيرِ أصلٍ ، وَابتَدَأَهُم عَلى غَيرِ مِثالٍ ، وقَهَرَ العِبادَ بِغَيرِ أعوانٍ ، ورَفَعَ السَّماءَ بِغَيرِ عَمَدٍ ، وبَسَطَ الأَرضَ عَلَى الهَواءِ بِغَيرِ أركانٍ (2) .* وعنه صلى الله عليه و آله :الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام: كانَ عَلِيُّ بنُ أبي طالبٍ عليه السلام بِالكوفَةِ فِي الجامِعِ ، إذ قامَ إلَيهِ رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي أسأَلُكَ عن أشياءَ .

فَقالَ سَل تَفَقُّها ولا تَسأَل تَعَنُّتا . فَأَحدَقَ النّاسُ بِأَبصارِهِم فَقالَ : أخبِرني عَن أوَّلِ ما خَلَقَ اللّهُ تَعالى ؟ فَقالَ عليه السلام : خَلَقَ النّورَ .

قالَ : فَمِمَّ خُلِقَتِ السَّماواتُ ؟ قالَ عليه السلام : مِن بُخارِ الماءِ .

قالَ : فَمِمَّ خُلِقَتِ الأَرضُ ؟ قالَ عليه السلام : مِن زَبَدِ الماءِ .

قالِ : فَمِمَّ خُلِقَتِ الجِبالُ ؟ قالَ : مِنَ الأَمواجِ (3) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :كنز العمّال عن حَبَّةَ العُرَنِيّ :سَمِعتُ عَلِيّا عليه السلام يَحلِفُ ذاتَ يَومٍ : وَالَّذي خَلَقَ السَّماءَ مِن دُخانٍ وماءٍ (4) .* وعن جعفر عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام_ في جَوابِ رَجُلٍ مِن أهلِ الشّامِ فيما سَأَلَهُ عَنِ السَّماءِ الدُّنيا مِمّا هِيَ ؟ قالَ _: مِن مَوجٍ مَكفوفٍ (5) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 160 وراجع المعيار والموازنة : ص257 وجواهر المطالب : ج1 ص333 و ص351 .
2- .الدروع الواقية : ص182 .
3- .عيون أخبار الرضا : ج1 ص241 ح1 عن أحمد بن عامر الطائي ، علل الشرائع : ص593 ح44 عن عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي .
4- .كنز العمّال : ج6 ص170 ح15235 نقلاً عن ابن أبي حاتم ، الدرّ المنثور : ج1 ص110 عن حبّة العوفي ؛ بحار الأنوار : ج58 ص104 ح35 .
5- .علل الشرائع : ص593 ح44 عن عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي ، عيون أخبار الرضا : ج1 ص241 ح1 عن أحمد بن عامر الطائي وكلاهما عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج10 ص76 ح1 .

ص: 151

الباب الثاني : خلق الملائكة

الباب الثاني : خلق الملائكة* ومنه عن دعبل :الإمام عليّ عليه السلام_ في صِفَةِ المَلائِكَةِ عليهم السلام _: ثُمَّ خَلَقَ سُبحانَهُ لِاءِسكانِ سَماواتِهِ ، وعِمارَةِ الصَّفيحِ الأَعلى مِن مَلَكوتِهِ خَلقاً بَديعاً مِن مَلائِكَتِهِ ، وَملَأَ بِهِم فُروجَ فِجاجِها ، وحَشى بِهِم فُتوقَ أجوائِها . وبَينَ فَجَواتِ تِلكَ الفُروجِ زَجَلُ (1) المُسَبِّحينَ مِنهُم في حَظائِرِ القُدُسِ وُستُراتِ الحُجُبِ وسُرادِقاتِ (2) المَجدِ . ووَراءَ ذلِكَ الرَّجيجِ (3) الَّذي تَستَكُّ مِنهُ الأَسماعُ سُبُحاتُ نورٍ تَردَعُ الأَبصارَ عَن بُلوغِها ، فَتَقِفُ خاسِئَةً عَلى حُدودِها ، وأنشَأَهُم عَلى صُوَرٍ مُختَلِفاتٍ وأقدارٍ مُتَفاوِتاتٍ . «أُوْلِى أَجْنِحَةٍ» (4) تُسَبِّحُ جَلالَ عِزَّتِهِ لا يَنتَحِلونَ ما ظَهَرَ فِي الخَلقِ مِن صُنعِهِ ، ولا يَدَّعونَ أنَّهُم يَخلُقونَ شَيئاً مَعَهُ مِمّا انفَرَدَ بِهِ . «بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ» (5) .

جَعَلَهُمُ اللّهُ فيما هُنالِكَ أهلَ الأَمانَةِ عَلى وَحيِهِ ، وحَمَّلَهُم إلَى المُرسَلينَ وَدائِعَ أمرِهِ ونَهيِهِ ، وعَصمَهُم مِن رَيبِ الشُّبُهاتِ ، فَما مِنهُم زائِغٌ عَن سَبيلِ مَرضاتِهِ .

.


1- .أي صوت رفيع عالٍ (النهاية : ج2 ص297) .
2- .السُّرادِق : وهو كلّ ما أحاطَ بشيء من حائطٍ أو مضرَبٍ أو خِبَاء (النهاية : ج2 ص359) .
3- .الرَّجّ : الحركةُ الشَّديدَةُ (النهاية : ج2 ص197) .
4- .فاطر : 1 .
5- .الأنبياء : 26 و27 .

ص: 152

* ومنه عن دعبل :وأمَدَّهُم بِفَوائِدِ المَعونَةِ ، وأشعَرَ قُلوبَهُم تَواضُعَ إخباتِ السَّكينَةِ ، وفَتَحَ لَهُم أبواباً ذُلُلاً إلى تَماجيدِهِ . ونَصَبَ لَهُم مَناراً واضِحَةً عَلى أعلامِ تَوحيدِهِ . لَم تُثقِلهُم مُؤصِراتُ (1) الآثامِ ، ولَم تَرتَحِلهُم عُقَبُ اللَّيالي وَالأَيّامِ ، ولَم تَرمِ الشُّكوكُ بِنَوازِعِها عَزيمَةَ إيمانِهِم ، ولَم تَعتَرِكِ الظُّنونُ عَلى مَعاقِدِ يَقينِهِم ، ولا قَدَحَت قادِحَةُ الإِحَنِ (2) فيما بَينَهم ، ولا سَلَبَتهُمُ الحَيرَةُ ما لاقَ مِن مَعرِفَتِهِ بِضَمائِرِهِم ، وما سَكَنَ مِن عَظَمَتِهِ وهَيبَةِ جَلالَتِهِ في أثناءِ صُدورِهِم ، ولَم تَطمَع فيهِمُ الوَساوِسُ فَتَقتَرِعَ بِرَينِها عَلى فِكرِهِم ، ومِنهُم مَن هُوَ في خَلقِ الغَمامِ الدُّلَّحِ (3) ، وفي عِظَمِ الجِبالِ الشُّمَّخِ ، وفي قَترَةِ (4) الظَّلامِ الأَيهَمِ (5) ، ومِنهُم مَن قَد خَرَقَت أقدامُهُم تَخومَ الأَرضِ السُّفلى ، فَهِيَ كَراياتٍ بيضٍ قَد نَفَذَت في مَخارِقِ الهَواءِ ، وتَحتَها ريحٌ هَفّافَةٌ (6) تَحبِسُها عَلى حَيثُ انتَهَت مِنَ الحُدودِ المُتَناهِيَةِ ، قَدِ استَفرَغَتهُم أشغالُ عِبادَتِهِ ، ووَصَلَت حَقائِقُ الإِيمانِ بَينَهُم وبَينَ مَعرِفَتِهِ ، وقَطَعَهُمُ الإِيقانُ بِهِ إلَى الوَلَهِ إلَيهِ ، ولم تُجاوِز رَغَباتُهُم ما عِندَهُ إلى ما عِندَ غَيرِهِ .

قد ذاقوا حَلاوَةَ مَعرِفَتِهِ ، وشَرِبوا بِالكَأسِ الرَّوِيَّةِ مِن مَحَبَّتِهِ ، وتَمَكَّنَت مِن سُوَيداءِ قُلوبِهِم وَشيجَةُ خيفَتِهِ ، فَحَنوا بِطولِ الطّاعَةِ اعتِدالَ ظُهورِهِم ، ولَم يُنفِد طولُ الرَّغبَةِ إلَيهِ مادَّةَ تَضَرُّعِهِم ، ولا أطلَقَ عَنهُم عَظيمُ الزُّلفَةِ رِبَقَ (7) خُشوعِهِم ، .


1- .يقال للثقلِ : إصر ؛ لأنّه يَأصِرُ صاحِبه من الحرَكة لثقله (مجمع البحرين : ج1 ص50) .
2- .الإحْنَةُ : الحقد ، وجمعها إحَن وإحَنَاتٌ (النهاية : ج1 ص27) .
3- .الدَّلح : أن يَمشي بالحمل وقد أثقلَه (النهاية : ج2 ص129) .
4- .القترة : غَبرَة يعلوها سواد كالدخان (لسان العرب : ج5 ص71) .
5- .الأيْهَمُ : البلد الذي لا عَلَمَ به . واليَهمَاء : الفَلاةُ التي لا يُهتَدى لِطُرقِها ، ولا ماء فيها ولا عَلَمَ بِها (النهاية : ج5 ص304) .
6- .هفّافة : سريعة المرور في هُبُوبها (النهاية : ج5 ص266) .
7- .الربقة: عروة في حَبل تجعل في عنق البهيمة أو يَدِها تُمسِكها ، وتجمع الرِّبقة على رِبَق (النهاية: ج2 ص190).

ص: 153

* ومنه عن دعبل :ولم يَتَوَلَّهُم الإِعجابُ فَيَستَكثِروا ما سَلَفَ مِنهُم ، ولا تَرَكَت لَهُم استِكانَةُ الإِجلالِ نَصيباً في تَعظيمِ حَسَناتِهِم . ولَم تَجرِ الفَتَراتُ فيهِم عَلى طولِ دُؤوبِهِم ، ولَم تَغِض (1) رَغَباتُهُم فَيُخالِفوا عَن رَجاءِ رَبِّهم ، ولَم تَجِفَّ لِطولِ المُناجاةِ أسلاتُ (2) ألسِنَتِهِم ، ولا مَلَكَتهُمُ الأَشغالُ فَتَنقَطِعَ بِهَمسِ الجُؤارِ (3) إلَيهِ أصواتُهُم ، ولَم تَختَلِف في مَقاوِمِ الطّاعَةِ مَناكِبُهُم ، ولَم يَثنوا إلى راحَةِ التَّقصيرِ في أمرِهِ رِقابَهُم ، ولا تَعدو عَلى عَزيمَةِ جَدِّهِم بَلادَةُ الغَفَلاتِ ، ولا تَنتَضِلُ (4) في هِمَمِهِم خَدائِعُ الشَّهَواتِ .

قَدِ اتَّخَذوا ذَا العَرشِ ذَخيرَةً لِيَومِ فاقَتِهِم ، ويَمَّموهُ عِندَ انقِطاعِ الخَلقِ إلَى المَخلوقينَ بِرَغبَتِهِم ، لا يَقطَعونَ أمَدَ غايَةِ عِبادَتِهِ ، ولا يَرجِعُ بِهِمُ الِاستِهتارُ (5) بِلُزومِ طاعَتِهِ ، إلّا إلى مَوادَّ مِن قُلوبِهِم غَيرَ مُنَقَطِعَةٍ مِن رَجائِهِ ومَخافَتِهِ ، لَم تَنقَطِع أسبابُ الشَّفَقَةِ مِنهُم ، فَيَنوا (6) في جِدِّهِم ، ولَم تَأسِرهُمُ الأَطماعُ فَيُؤثرِوا وَشيكَ السَّعيِ عَلَى اجتِهادِهِم . لَم يَستَعظِموا ما مَضى مِن أعمالِهِم ، ولَوِ استَعظَموا ذلِكَ لَنَسَخَ الرَّجاءُ مِنهُم شَفَقاتِ وَجَلِهِم ، ولَم يَختَلِفوا في رَبِّهِم بِاستِحواذِ الشَّيطانِ عَلَيهِم . ولَم يُفَرِّقهُم سوءُ التَّقاطُعِ ، ولا تَوَلّاهُم غِلُّ التَّحاسُدِ ، ولا تَشَعَّبَتهُم مَصارِفُ الرِّيَبِ ، ولا اقتَسَمَتهُم أخيافُ الهِمَمِ ، فَهُم اُسراءُ إيمانٍ لَم يَفُكَّهُم مِن رِبقَتِهِ زَيغٌ ولا عُدولٌ ولا وَنًى ولا فُتورٌ . ولَيسَ في أطباقِ السَّماءِ مَوضِعُ إهابٍ إلّا وعَلَيهِ مَلَكٌ ساجِدٌ ، أو ساعٍ حافِدٌ (7) ، .


1- .غاضَ الماء : نقَص أو غارَ فذهب (لسان العرب : ج7 ص201) .
2- .جمع أسَلَة ؛ وهي طرف اللسان (النهاية : ج1 ص49) .
3- .الجؤار : رَفْع الصَّوت والاستِغاثة ، جأر يَجْأر (النهاية : ج1 ص232) .
4- .نَضِلَ البعير والرجُل نَضلاً : هزُل وأعيا وأنضلَه هو (لسان العرب : ج11 ص666) .
5- .مُستهتَر : أي مُولَع به لا يَتَحدّث بغيره ، ولا يَفعل غَيره (النهاية : ج5 ص243) .
6- .أي يَفتُروا في عَزمِهم واجتهادِهِم (النهاية : ج5 ص231) .
7- .نَحفِد : أي نُسرع في العمل والخِدمة (النهاية : ج1 ص406) .

ص: 154

* ومنه عن دعبل :يَزدادونَ عَلى طولِ الطّاعَةِ بِرَبِّهِم عِلماً ، وتَزدادُ عِزَّةُ رَبِّهِم في قُلوبِهِم عِظَماً (1) .* وعن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام_ في خَلقِ المَلائِكَةِ _: ثُمَّ فَتَقَ ما بَينَ السَّماواتِ العُلا ، فَمَلَأَهُنَّ أطوارا مِن مَلائِكَتِهِ ، مِنهُم سُجودٌ لا يَركَعونَ ، ورُكوعٌ لا يَنتَصِبونَ ، وصافّونَ لا يَتَزايَلونَ ، ومُسَبِّحونَ لا يَسأَمونَ ، لا يَغشاهُم نَومُ العُيونِ ، ولا سَهوُ العُقولِ ، ولا فَترَةُ الأَبدانِ ، ولا غَفلَةُ النِّسيانِ . ومِنهُم اُمَناءُ عَلى وَحيِهِ ، وألسِنَةٌ إلى رُسُلِهِ ، ومُختَلِفونَ بِقَضائِهِ وأمرِهِ ، ومِنهُمُ الحَفَظَةُ لِعِبادِهِ ، وَالسَّدَنَةُ لِأَبوابِ جِنانِهِ . ومِنهُمُ الثّابِتَةُ فِي الأَرَضينَ السُّفلى أقدامُهُم ، وَالمارِقَةُ مِنَ السَّماءِ العُليا أعناقُهُم ، وَالخارِجَةُ مِنَ الأَقطارِ أركانُهُم ، وَالمُناسِبَةُ لِقَوائِمِ العَرشِ أكتافُهُم . ناكِسَةٌ دونَهُ أبصارُهُم ، مُتَلَفِّعونَ تَحتَهُ بِأَجنِحَتِهِم ، مَضروبَةٌ بَينَهُم وبَينَ مَن دونَهُم حُجُبُ العِزَّةِ ، وأستارُ القُدرَةِ . لا يَتَوَهَّمونَ رَبَّهُم بِالتَّصويرِ ، ولا يُجرونَ عَلَيهِ صِفاتِ المَصنوعينَ ، ولا يَحُدّونَهُ بِالأَماكِنِ ، ولا يُشيرونَ إلَيهِ بِالنَّظائِرِ (2) .سكبج : عن أبي اُسامة :عنه عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _: ومَلائِكَةٌ خَلَقتَهُم وأسكَنتَهُم سَماواتِكَ فَلَيسَ فيهِم فَترَةٌ ولا عِندَهُم غَفلَةٌ ولا فيهِم مَعصِيَةٌ ، هُم أعلَمُ خَلقِكَ بِكَ ، وأخوَفُ خَلقِكَ مِنكَ ، وأقرَبُ خَلقِكَ إلَيكَ وأعمَلُهُم بِطاعَتِكَ ، ولا يَغشاهُم نَومُ العُيونِ ولا سَهوُ العُقولِ ولا فَترَةُ الأَبدانِ ، لَم يَسكُنُوا الأَصلابَ ولَم تَتَضَمَّنَهُمُ الأَرحامُ ولَم تَخلُقهُم مِن ماءٍ مَهينٍ ، أَنشَأتَهُم إنشاءً فَأَسكَنتَهُم سَماواتِكَ وأكرَمتَهُم بِجِوارِكَ وَائتَمَنتَهُم عَلى وَحيِكَ ، وجَنَّبتَهُمُ الآفاتِ ووَقَيتَهُمُ البَلِيّاتِ وطَهَّرتَهُم مِنَ الذُّنوبِ ، ولَولا قُوَّتُكَ لَم يَقوَوا ، ولَولا تَثبيتُكَ لَم يَثبُتوا ، ولَولا رَحمَتُكَ لَم يُطيعوا (3) .* ومنه عن أبيالحسن عليه السلام :عنه عليه السلام_ أيضا _: مِن مَلائِكَةٍ أسكَنتَهم سَماواتِكَ ، ورَفَعتَهُم عَن أرضِكَ ، هُم أعلَم .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص109 ح90 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، بحار الأنوار : ج57 ص177 ح136 .
3- .تفسير القمّي : ج2 ص207 ، بحار الأنوار : ج59 ص175 ح6 .

ص: 155

* ومنه عن أبيالحسن عليه السلام :خَلقِكَ بِكَ ، وأخوَفُهُم لَكَ ، وأقرَبُهُم مِنكَ . لَم يَسكُنُوا الأَصلابَ ، ولَم يُضَمَّنُوا الأَرحامَ ، ولَم يُخلَقوا من مَّآءٍ مَّهِينٍ ، ولم يَتَشَعَّبهُم رَيبُ المَنونِ . وإنَّهُم عَلى مَكانِهِم مِنكَ ، ومَنزِلَتِهِم عِندَكَ ، وَاستِجماعِ أهوائِهِم فيكَ ، وكَثرَةِ طاعَتِهِم لَكَ ، وقِلَّةِ غَفلَتِهِم عَن أمرِكَ ، لَو عايَنوا كُنهَ ما خَفِيَ عَلَيهِم مِنكَ لَحَقَّروا أعمالَهُم ، ولَزَرَوا (1) عَلى أنفُسِهِم ، ولَعَرَفوا أنَّهُم لَم يَعبُدوكَ حَقَّ عِبادَتِكَ ، ولَم يُطيعوكَ حَقَّ طاعَتِكَ . سُبحانَكَ خالِقاً ومَعبوداً ! (2) .


1- .الازدِرَاء : الاحتِقارُ والانتِقاصُ والعيبُ (النهاية : ج2 ص302) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 109 .

ص: 156

. .

ص: 157

الباب الثالث : خلق الأرض وتأهيلها للمعيشة

الباب الثالث : خلق الأرض وتأهيلها للمعيشة* وعن أبي جعفر عليه السلام لجابر :الإمام عليّ عليه السلام :أنشَأَ الأَرضَ فَأَمسَكَها مِن غَيرِ اشتِغالٍ ، وأرساها عَلى غَيرِ قَرارٍ ، وأقامَها بِغَيرِ قَوائِمَ ، ورَفَعَها بِغَيرِ دَعائِمَ ، وحَصَّنَها مِنَ الأَوَدِ (1) وَالاِعوِجاجِ ، ومَنَعَها مِنَ التَّهافَتِ وَالِانفِراجِ . أرسى أوتادَها ، وضَرَبَ أسدادَها (2) ، وَاستَفاضَ عُيونَها ، وخَدَّ أودِيَتَها ، فَلَم يَهِن ما بَناهُ ، ولا ضَعُفَ ما قَوّاهُ . هُوَ الظّاهِرُ عَلَيها بِسُلطانِهِ وعَظَمَتِهِ ، وهُوَ الباطِنُ لَها بِعِلمِهِ ومَعرِفَتِهِ ، وَالعالي عَلى كُلِّ شَيءٍ مِنها بِجَلالِهِ وعِزَّتِهِ . لا يُعجِزُهُ شَيءٌ مِنها طَلَبَهُ ، ولا يَمتَنِعُ عَلَيهِ فَيَغلِبَهُ ، ولا يَفوتُهُ السَّريعُ مِنها فَيَسبِقَهُ ، ولا يَحتاجُ إلى ذي مالٍ فَيَرزُقَهُ . خَضَعَتِ الأَشياءُ لَهُ ، وذَلَّت مُستَكينَةً لِعَظَمَتِهِ ، لا تَستَطيعُ الهَرَبُ مِن سُلطانِهِ إلى غَيرِهِ فَتَمتَنِعَ مِن نَفعِهِ وضَرِّهِ ، ولا كُف ءَ لَهُ فَيُكافِئَهُ ، ولا نَظيرَ لَهُ فَيُساوِيَهُ . هُوَ المُفني لَها بَعدَ وُجودِها ، حتّى يَصيرَ مَوجودُها كَمَفقودِها . ولَيسَ فَناءُ الدُّنيا بَعدَ ابتِداعِها بَأَعجَبَ مِن إنشائِها وَاختِراعها (3) .سكر : عن أبي جعفر عليه السلام في الشيخين :عنه عليه السلام_ في صِفَةِ الأَرضِ ودَحوِها عَلَى الماءِ _: كَبَسَ الأَرضَ عَلى مَورِ أمواج

.


1- .الأوَدُ : العِوَج (النهاية : ج1 ص79) .
2- .السُّد _ بالفتح والضمّ _ : الجبل والرَّدم (النهاية : ج2 ص353) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص477 ح116 ، بحار الأنوار : ج4 ص255 ح8 .

ص: 158

سكر : عن أبي جعفر عليه السلام في الشيخين :مُستَفحِلَةٍ ، ولُجَجَ بِحارٍ زاخِرَةٍ ، تَلتَطِمُ أواذِيُّ أمواجِها ، وتَصطَفِقَ مُتَقاذِفاتُ أثباجِها (1) ، وتَرغو زَبَداً كَالفُحولِ عِندَ هِياجها ، فَخَضَع جِماحُ الماءِ المُتَلاطِمِ لِثِقَلِ حَملِها ، وسَكَنَ هَيجُ ارتِمائِهِ إذ وَطِئَتهُ بِكَلكَلِها ، وذَلَّ مُستَخذِياً إذ تَمَعَّكَت (2) عَلَيهِ بِكَواهِلِها ، فَأَصبَحَ بَعدَ اصطِخابِ أمواجِهِ ساجِياً مَقهوراً ، وفي حِكمَةِ الذُّلِّ مُنقاداً أسيراً ، وسَكَنَتِ الأَرضُ مَدحُوَّةً في لُجَّةِ تَيّارِهِ ، ورَدَّت مِن نَخوَةِ بَأوِهِ (3) وَاعتِلائِهِ ، وشُموخِ أنفِهِ وسُمُّوِ غُلوَائِهِ ، وكَعَمَتهُ (4) عَلى كِظَّةِ جَريَتِهِ ، فَهَمَدَ بَعدَ نَزَقاتِهِ ، ولَبَدَ (5) بَعدَ زَيَفانِ (6) وثَباتِهِ .

فَلَمّا سَكَنَ هَيجُ الماءِ مِن تَحتِ أكنافِها ، وحَملِ شَواهِقِ الجِبالِ الشُّمَّخِ البُذَّخِ عَلى أكتافِها ، فَجَّرَ يَنابيعَ العُيونِ مِن عَرانينِ (7) اُنوفِها ، وفَرَّقَها في سُهوب (8) بيدِها وأخاديدِها ، وعَدَّلَ حَرَكاتِها بِالرّاسِياتِ مِن جَلاميدِها وذَواتِ الشَّناخيبِ (9) الشُّمِّ مَن صَياخيدِها (10) ، فَسَكَنَت مِنَ المَيَدانِ لِرُسوبِ الجِبال في قِطَعِ أديمِها ، وتَغَلغُلِها مُتَسَرِّبَةً في جَوباتِ (11) خَياشيمِها ، ورُكوبِها أعناقَ سُهولِ الأَرَضينَ وجَراثيمِها (12) ، وفَسَحَ بَين .


1- .الثَّبَج : علوّ وسط البحر إذا تلاقت أمواجه (لسان العرب : ج2 ص220) .
2- .تمعَّك : أي تَمرّغ في ترابِه (النهاية : ج4 ص343) .
3- .البأو : الكِبر والتعظيم (النهاية : ج1 ص91) .
4- .كَعم : أن يَلثَم الرجلُ صاحِبه ، ويَضع فَمه على فَمِه كالتقبيل ، اُخِذ من كَعم البعير ؛ وهو أن يُشَدّ فَمُه إذا هاج (النهاية : ج4 ص180) .
5- .لَبَد بالمكان : أقام به ولَزِق فهو مُلبِدٌ به (لسان العرب : ج3 ص385) .
6- .الزَّيَفان : التَّبختُر في المَشي ، من زافَ البعير يَزيف إذا تَبَختر (النهاية : ج2 ص325) .
7- .العِرنين : الأنف . وقيل : رَأسه ، وجمعه عَرانين (النهاية : ج3 ص223) .
8- .السَّهْب : وهي الأرضُ الواسعة (النهاية : ج2 ص428) .
9- .رُؤوس الجِبال العاليةِ ، واحِدها شُنخوب (النهاية : ج2 ص504) .
10- .جمع صَيخود ، وهي الصخرة الشديدة (النهاية : ج3 ص14) .
11- .الجَوْبَة : هي الحفرة المستَديرة الواسعة (النهاية : ج1 ص310) .
12- .الجراثيم : أماكن مرتفِعة عن الأرض مجتَمِعة من تراب أو طين (النهاية : ج1 ص254) .

ص: 159

سكر : عن أبي جعفر عليه السلام في الشيخين :الجَوِّ وبَينَها ، وأعَدَّ الهَواءَ مُتَنَسَّماً لِساكِنِها ، وأخرَجَ إلَيها أهلَها عَلى تَمام مَرافِقِها ، ثُمَّ لَم يَدَع جُرُزَ الأَرضِ الَّتي تَقصُرُ مِياهُ العُيونِ عَن رَوابيها ، ولا تَجِدُ جَداوِلُ الأَنهارِ ذَريعَةً إلى بُلوغِها ، حَتّى أنشَأَ لَها ناشِئَةَ سَحابٍ تُحيي مَواتَها وتَستَخرِج نَباتَها .

ألَّفَ غَمامَها بَعدَ افتِراقِ لُمَعِهِ وتَبايُنِ قَزَعِهِ (1) ، حَتّى إذا تَمَخَّضت لُجَّةُ المُزنِ فيهِ ، وَالتَمَعَ بَرقُهُ في كُفَفِهِ ، ولَم يَنَم وَميضُهُ في كَنَهوَرِ (2) رَبابِهِ (3) ومُتَراكِمِ سَحابِهِ ، أرسَلَهُ سَحّاً مُتَدارِكاً ، قَد أسَفَّ هَيدَبُهُ (4) ، تَمريهِ (5) الجَنوبُ دِرَرَ أهاضيبِهِ ودُفَعَ شَآبيبِهِ . فَلَمّا ألقَتِ السَّحابُ بَركَ بِوانَيها (6)

، وبَعاعَ (7) مَا استَقَلَّت بِهِ مِنَ العِب ءِ المَحمولِ عَلَيها ، أخرَجَ بِهِ مِن هَوامِدِ الأَرضِ النَّباتَ ، ومِن زُعر (8) الجِبالِ الأَعشابَ ، فَهِيَ تَبهَجُ بِزينَةِ رِياضِها ، وتَزدَهي بِما اُلبِسَتهُ مِن رَيطِ (9) أزاهيرِها ، وحِليَةِ ما سُمِطَت بِهِ مِن ناضِرِ أنوارِها ، وجَعَلَ ذلِكَ بَلاغاً لِلأَنامِ ورِزقاً لِلأَنعامِ وخَرَقَ الفِجاجَ في آفاقِها ، وأقامَ المَنارَ لِلسّالِكينَ عَلى جَوادِّ طُرُقها .

فَلَمّا مَهَدَ أرضَهُ وأنفَذَ أمرَهُ ، اختارَ آدَمَ عليه السلام خيرَةً مِن خَلقِهِ ، وجَعَلَهُ أوَّلَ جِبِلَّتِهِ ، وأسكَنَهُ جَنَّتَهُ وأرغَدَ فيها اُكُلَهُ ، وأوعَزَ إلَيهِ فيما نَهاهُ عَنهُ ، وأعلَمَهُ أنَّ فِي الإِقدامِ عَلَيهِ التَّعَرُّضَ لِمَعصِيَتِهِ وَالمُخاطَرَةَ بِمَنزِلَتِهِ ، فَأَقدَمَ عَلى ما نَهاهُ عَنهُ _ مُوافاةً لِسابِقِ عِلمِهِ _ فَأَهبَطَهُ بَعدَ التَّوبَةِ لِيَعمُرَ أرضَهُ بِنَسلِهِ ، ولِيُقيمَ الحُجَّةَ بِهِ عَلى عِبادِهِ ، ولَم .


1- .القَزع : قِطَع السَّحاب المتفرّقة (النهاية : ج4 ص59) .
2- .الكَنَهْوَر : العَظيم من السحاب (النهاية : ج4 ص206) .
3- .الرَّباب : الأبيض منه (النهاية : ج4 ص206) أي من السحاب .
4- .الهَيدَب : سَحابٌ يَقْرُبُ من الأرض ، كأنّه مُتَدَلٍّ (لسان العرب : ج1 ص780) .
5- .تمريه : من مَرَي الضرعَ يَمرِيه (النهاية : ج4 ص322) .
6- .بوانيها : ما فيها من المطر (النهاية : ج 1 ص 164) .
7- .البَعاع : شِدّة المطَر (النهاية : ج1 ص140) .
8- .الزعر : القليلة النبات (النهاية : ج2 ص303) .
9- .رَيط : جمع رَيطة : كلّ ثوبٍ رقيق لَيّن (النهاية : ج2 ص289) .

ص: 160

سكر : عن أبي جعفر عليه السلام في الشيخين :يُخلِهِم بَعدَ أن قَبَضَهُ ، مِمّا يُؤَكِّدُ عَلَيهِم حُجَّةَ رُبوبِيَّتِهِ ، ويَصِلُ بَينَهُم وبَينَ مَعرِفَتِهِ ، بَل تَعاهَدَهُم بِالحُجَجِ عَلى ألسُنِ الخِيَرَةِ مِن أنبيائِهِ ، ومُتَحَمِّلي وَدائِعِ رِسالاتِهِ ، قَرناً فَقَرناً حتّى تَمَّت بِنَبِيِّنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله حُجَّتُهُ ، وبَلَغَ المَقطَعَ عُذرُهُ ونُذُرُهُ .

وقَدَّرَ الأَرزاقَ فَكَثَّرَها وقَلَّلَها . وقَسَّمَها عَلَى الضّيقِ وَالسَّعَةِ فَعَدَلَ فيها لِيَبتَلِيَ مَن أرادَ بِمَيسورِها ومَعسورِها ، ولِيَختَبِرَ بِذلِكَ الشُّكرَ وَالصَّبرَ مِن غَنِيِّها وفَقيرِها . ثُمَّ قَرَنَ بِسَعَتِها عَقابيلَ (1) فاقَتِها ، وبِسَلامَتِها طَوارِقَ آفاتِها ، وبِفُرَجِ أفراحِها غُصَصَ أتراحِها .

وخَلَقَ الآجالَ فَأَطالَها وقَصَّرَها ، وقَدَّمَها وأخَّرَها ، ووَصَلَ بِالمَوتِ أسبابَها ، وجَعَلَهُ خالِجاً (2) لِأَشطانِها (3) وقاطِعاً لِمَرائِرِ أقرانِها . عالِمُ السِّرِّ مِن ضَمائِرِ المُضمِرينَ ، ونَجوَى المُتَخافِتينَ ، وخَواطِرِ رَجمِ الظُّنونِ ، وعُقَدِ عَزيماتِ اليَقينِ ، ومَسارِقِ إيماضِ الجُفونِ ، وما ضَمِنَتهُ أكنانُ القُلوبِ وغِياباتُ الغُيوبِ ، وما أصغَت لِاستِراقِهِ مَصائِخُ الأَسماعِ ، ومَصائِفُ الذَّرِّ ومَشاتِي الهَوامِّ ، ورَجعِ الحَنينِ مِنَ المولَهاتِ وهَمسِ الأَقدام ، ومُنفَسَحِ الثَّمَرَةِ مِن وَلائِجِ غُلُفِ الأَكمامِ ، ومُنقَمَعِ الوُحوش مِن غيرانِ الجِبالِ وأودِيَتِها . ومُختَبَإِ البَعوضِ بَينَ سوقِ الأَشجارِ وألحِيَتِها ، ومَغرِزِ الأَوراقِ مِنَ الأَفنانِ ، ومَحَطِّ الأَمشاجِ مِن مَسارِبِ الأَصلابِ ، وناشِئَةِ الغُيومِ ومُتَلاحِمِها . ودُرورِ قَطرِ السَّحابِ في مُتَراكِمِها ، وما تَسفِي الأَعاصيرُ بِذُيولِها ، وتَعفُو الأَمطارُ بِسُيولِها ، وعَومِ بَناتِ الأَرضِ في كُثبانِ الرِّمالِ ، ومُستَقَرِّ ذَواتِ الأَجنِحَةِ بَذُرا شَناخيبِ الجِبالِ ، وتَغريدِ ذَواتِ المَنطِقِ في دَياجيرِ الأَوكارِ ، وما أوعَبَته .


1- .العقابيل : بقايا المرض وغيره ، واحدها عُقبُول (النهاية : ج3 ص269) .
2- .الخالج : المُسرِع في الأخذِ (النهاية : ج2 ص475) .
3- .الشَّطن : الحبل وقيل : هو الطَّويلُ منه ، وإنّما شدَّه بشطنين لقُوّته وشدَّته . فاستعار الأشطان للحياة لامتِدادِها وطولِها (النهاية : ج2 ص475) .

ص: 161

سكر : عن أبي جعفر عليه السلام في الشيخين :الأَصدافُ ، وحَضَنَت عَلَيهِ أمواجُ البِحارِ ، وما غَشِيَتهُ سُدفَةُ (1) لَيلٍ أو ذَرَّ عَلَيهِ شارِقُ نَهارٍ ، ومَا اعتَقَبَت عَلَيهِ أطباقُ الدُّياجيرِ وسُبُحاتُ النّورِ ، وأثَرِ كُلِّ خَطوَةٍ ، وحِسِّ كُلِّ حَرَكَةٍ ، ورَجعِ كُلِّ كَلِمَةٍ ، وتَحريكِ كُلِّ شَفَةٍ ، ومُستَقَرِّ كُلِّ نَسَمَةٍ ، ومِثقالِ كُلِّ ذَرَّةٍ ، وهَماهِمِ كُلِّ نَفسٍ هامَّةٍ ، وما عَلَيها مِن ثَمَرِ شَجَرَةٍ ، أو ساقِطِ وَرَقَةٍ ، أو قَرارَةِ نُطفَةٍ ، أو نُقاعَةِ دمٍ ومُضغَةٍ ، أو ناشِئَةِ خَلقٍ وسُلالَةٍ ، لَم يَلحَقهُ في ذلِكَ كُلفَةٌ ، ولَا اعتَرَضَتهُ في حِفظِ مَا ابتَدَعَ مِن خَلقِهِ عارِضةٌ ، ولَا اعتَوَرَتهُ في تَنفيذِ الاُمورِ وتَدابيرِ المَخلوقينَ مَلالَةٌ ولا فَترَةٌ ، بَل نَفَذَهُم عِلمُهُ ، وأحصاهُم عَدَدُهُ ، ووَسِعَهُم عَدلُهُ ، وغَمَرَهُم فَضلُهُ مَعَ تَقصيرِهِم عَن كُنهِ ما هُوَ أهلُهُ .

اللّهُمَّ أنتَ أهلُ الوَصفِ الجَميلِ وَالتَّعدادِ الكَثيرِ ، إن تُؤَمَّل فَخَيرُ مَأمولٍ وإن تُرجَ فَخَيرُ مَرجُوٍّ . اللّهُمَّ وقَد بَسَطتَ لي فيما لا أمدَحُ بِهِ غَيرَكَ ، ولا اُثني بِهِ عَلى أحَدٍ سِواكَ ، ولا اُوَجِّهُهُ إلى مَعادِنِ الخَيبَةِ ومَواضِعِ الرّيبَةِ ، وعَدَلتَ بِلِساني عَن مَدائِحِ الآدَمِيّينَ ، وَالثَّناءِ عَلَى المَربوبينَ المَخلوقينَ .

اللّهُمَّ ولِكُلِّ مُثنٍ عَلى مَن أثنى عَلَيهِ مَثوبَةٌ مِن جَزاءٍ أو عارِفَةٌ مِن عَطاءٍ ، وقَد رَجَوتُكَ دَليلاً عَلى ذَخائِرِ الرَّحمَةِ وكُنوزِ المَغفِرَةِ . اللّهُمَّ وهذا مَقامُ مَن أفرَدَكَ بِالتَّوحيدِ الَّذي هُوَ لَكَ ، ولَم يَرَ مُستَحِقّاً لهذِهِ المَحامِدِ وَالمَمادِحِ غَيرَكَ ، وبي فاقَةٌ إلَيكَ لا يَجبُرُ مَسكَنَتَها إلّا فَضلُكَ ، ولا يَنعَشُ مِن خَلَّتِها إلّا مَنُّكَ وجودُكَ ، فَهَب لَنا فيهذَا المَقامِ رِضاكَ، وأغنِنا عَن مَدِّ الأَيديإلى سِواكَ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ (2) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :ألا وإنَّ الأَرضَ الَّتي تُقِلُّكُم وَالسَّماءَ الَّتي تُظِلُّكُم مُطيعَتانِ لِرَبِّكُم ، وما أصبَحَتا .


1- .السُّدْفة : من الأضداد تقع على الضياء والظلمة ، ومنهم من يجعلها اختِلاط الضوء والظلمة معاً ، كوقت ما بين طلوع الفجر والإسفارِ (النهاية : ج2 ص354) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص111 ح90 .

ص: 162

* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :تَجودانِ لَكُم بِبَرَكَتِهِما تَوَجُّعاً لَكُم ولا زُلفَةً إلَيكُم ، ولا لِخَيرٍ تَرجُوانِهِ مِنكُم ، ولكِن اُمِرَتا بِمَنافِعِكُم فَأَطاعَتا ، واُقيمَتا عَلى حُدودِ مَصالِحِكُم فَقامَتا (1) .* وعن جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :وكانَ مِنِ اقتِدارِ جَبَروتِهِ ، وبَديعِ لَطائِفِ صَنعَتِهِ أن جَعَلَ مِن ماءِ البَحرِ الزّاخِرِ المُتَراكِمِ المُتَقاصِفِ يَبَساً جامِداً ، ثُمَّ فَطَرَ مِنهُ أطباقاً فَفَتَقَها سَبعَ سَماواتٍ بَعدَ ارتِتاقِها ، فَاستَمسَكَت بِأَمرِهِ ، وقامَت عَلى حَدِّهِ . وأرسى أرضاً يَحمِلُهَا الأَخضَرُ المُثعَنجِرُ (2) والقَمقامُ المُسَخَّرُ ، قَد ذَلَّ لِأَمرِهِ ، وأذعَنَ لِهَيبَتِهِ ، ووَقَفَ الجارِي مِنهُ لِخَشيَتِهِ . وجَبَلَ جَلاميدَها ونُشوزَ مُتونِها وأطوادِها ، فَأَرساها في مَراسيها ، وألزَمَها قَراراتِها فَمَضَت رُؤوسُها فِي الهَواءِ ، ورَسَت اُصولُها فِي الماءِ ، فَأَنهَدَ جِبالَها عَن سُهولِها ، وأساخَ قَواعِدَها في مُتونِ أقطارِها ومواضِعِ أنصابِها ، فَأَشهَقَ قِلالَها ، وأطالَ أنشازَها ، وجَعَلَها لِلأَرضِ عِماداً ، وأرَّزَها فيها أوتاداً ، فَسَكَنَت عَلى حَرَكَتِها مِن أن تَميدَ بِأَهلِها أو تَسيخَ بِحَملِها أو تَزولَ عَن مَواضِعِها . فَسُبحانَ مَن أمسَكَها بَعدَ مَوجانِ مِياهِها ، وأجمَدَها بَعدَ رُطوبَةِ أكنافِها ! فَجَعَلَها لِخَلقِهِ مِهاداً ، وبَسَطَها لَهُم فِراشاً فَوقَ بَحرٍ لُجِّيٍّ راكِدٍ لا يَجري ، وقائِمٍ لا يَسري ، تُكَركِرُهُ الرِّياحُ العَواصِفُ ، وتَمخُضُهُ الغَمامُ الذَّوارِفُ «إِنَّ فِى ذَ لِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى» (3)(4)

.* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الجنّة :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي سَدَّ الهَواءَ بِالسَّماءِ ، ودَحَا الأَرضَ عَلَى الماءِ (5) .سكركة : عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :فَطَرَ الخَلائِقَ بِقُدرَتِهِ ، ونَشَرَ الرِّياحَ بِرَحمَتِهِ ، ووَتَّدَ بِالصُّخورِ مَيَدانَ أرضِهِ (6) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 143 ، بحار الأنوار : ج91 ص312 ح3 .
2- .المثعنجر : هو أكثر موضع في البحر ماءً . والميم والنون زائدتان (النهاية : ج1 ص212) .
3- .النازعات : 26 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 211 ، بحار الأنوار : ج57 ص38 ح15 .
5- .الدروع الواقية : ص187 ، بحار الأنوار : ج97 ص194 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، الاحتجاج : ج1 ص473 ح113 ، بحار الأنوار : ج4 ص247 ح5 .

ص: 163

سكرجة : في الخبر :عنه عليه السلام_ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ _: أنتَ الَّذي فِي السَّماءِ عَظَمَتُكَ ، وفِي الأَرضِ قُدرَتُكَ وعَجائِبُكَ (1) .* ومنه عن أنس :عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: سُبحانَكَ ما أعظَمَ شَأنَكَ ، وأعلى مَكانَكَ ، وأنطَقَ بِالصِّدقِ بُرهانَكَ ، وأنفَذَ أمرَكَ ، وأحسَنَ تَقديرَكَ ! سَمَكتَ السَّماءَ فَرَفَعتَها ، ومَهَّدتَ الأَرضَ فَفَرَشتَها ، وأخرَجتَ مِنها ماءً ثَجّاجا ، ونَباتا رَجراجا (2) ، فَسَبَّحَكَ نَباتُها ، وجَرَت بِأَمرِكَ مِياهُها ، وقاما عَلى مُستَقَرِّ المَشِيَّةِ كَما أمَرتَهُما (3) .سكع : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا مَقنوطٌ مِن رَحمَتِهِ ، ولا مَخلُوٌّ مِن نِعمَتِهِ ، ولا مُؤيَسٌ مِن رَوحِهِ ، ولا مُستَنكِفٌ عَن عِبادَتِهِ الَّذي بِكَلِمَتِهِ قامَتِ السَّماواتُ السَّبعُ ، وَاستَقَرَّتِ الأَرضُ المِهادُ ، وثَبَتَتِ الجِبالُ الرَّواسي ، وجَرَتِ الرِّياحُ اللَّواقِحُ ، وسارَ في جَوِّ السَّماءِ السَّحابُ ، وقامَت عَلى حُدودِهَا البِحارُ (4) .* ومنه عن الحسن عليه السلام في قنوته :عنه عليه السلام :السَّحابُ غِربالُ المَطَرِ ، لَولا ذلِكَ لَأَفسَدَ كُلَّ شَيءٍ وَقَعَ عَلَيهِ (5) .سكك : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :تفسير القمّي :نَظَرَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام في رُجوعِهِ مِن صِفّينَ إلَى المَقابِرِ فَقالَ : هذِهِ كِفاتُ الأَمواتِ _ أي مَساكِنُهُم _ ثُمَّ نَظَرَ إلى بُيوتِ الكوفَةِ فَقالَ : هذِهِ كِفاتُ الأَحياءِ ، ثُمَّ تَلا قَولَهُ : «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَآءً وَ أَمْوَ تًا» (6) . (7) .


1- .الدروع الواقية : ص202 ، بحار الأنوار : ج97 ص202 .
2- .الرجرَجَة : الاضطراب ، ورجَّه : حرَّكه (لسان العرب : ج2 ص281) .
3- .البلد الأمين : ص94 ، بحار الأنوار : ج90 ص141 ح7 .
4- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج1 ص514 ح1482 ، مصباح المتهجّد : ص659 ح728 عن عبد اللّه الأزدي وفيه «وقرّت الأرضون السبع» بدل «واستقرّت الأرض المهاد» .
5- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج1 ص525 ح1495 ، قرب الإسناد : ص136 ح479 عن أبي البختري عن الإمام الصادق عن أبيه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج59 ص373 ح5 .
6- .المرسلات : 25 و26 .
7- .تفسير القمّي : ج2 ص400 ، بحار الأنوار : ج82 ص34 ح22 .

ص: 164

* وعنه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام_ في دُعائِهِ _: اللّهُمَّ رَبَّ السَّقفِ المَرفوعِ . . . ورَبَّ هذِهِ الأَرضِ الَّتي جَعَلتَها قَرارا لِلأَنامِ ، ومَدرَجا لِلهَوامِّ وَالأَنعامِ ، وما لا يُحصى مِمّا يُرى وما لا يُرى (1) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 171 ، وقعة صفّين : ص232 عن زيد بن وهب وليس فيه «ومدرجا» ، بحار الأنوار : ج32 ص462 ح402 .

ص: 165

الباب الرابع : خلق الانسان
4 / 1 آدم أبو البشر

الباب الرابع : خلق الانسان4 / 1آدَمُ أبُو البَشَرِ* ومنه عن أبي الأسود الدؤلي :الإمام عليّ عليه السلام_ في صِفَةِ خَلقِ آدَمَ عليه السلام _: ثُمَّ جَمَعَ سُبحانَهُ مِن حَزنِ الأَرضِ وسَهلِها ، وعَذبِها وسَبَخِها ، تُربَةً سَنَّها بِالماءِ حَتّى خَلَصَت ، ولاطَها بِالبِلَّةِ حَتّى لَزبَت (1) ، فَجَبَلَ مِنها صورَةً ذاتَ أحناءٍ ووُصولٍ وأعضاءٍ وفُصولٍ ، أجمَدَها حَتَّى استَمسَكَت ، وأصلَدَها حَتّى صَلصَلَت ، لِوَقتٍ مَعدودٍ وأمَدٍ مَعلومٍ ؛ ثُمَّ نَفَخَ فيها مِن روحِهِ فَمَثُلَت إنسانا ذا أذهانٍ يُجيلُها ، وفِكَرٍ يَتَصَرَّفُ بِها ، وجَوارِحَ يَختَدِمُها ، وأدَواتٍ يُقَلِّبُها ، ومَعرِفَةٍ يَفرُقُ بِها بَينَ الحَقِّ وَالباطِلِ وَالأَذواقِ وَالمَشامِّ وَالأَلوانِ وَالأَجناسِ ، مَعجوناً بِطينَةِ الأَلوانِ المُختَلِفَةِ ، وَالأَشباهِ المُؤتَلِفَةِ ، وَالأَضدادِ المُتَعادِيَةِ ، وَالأَخلاطِ المُتَبايِنَةِ مِنَ الحَرِّ وَالبَردِ وَالبَلَّةِ وَالجُمودِ .

وَاستَأدَى اللّهُ سُبحانَهُ المَلائِكَةَ وَديعَتَهُ لَدَيهِم ، وعَهدَ وَصِيَّتِهِ إلَيهِم فِي الإِذعانِ بِالسُّجودِ لَهُ وَالخُنوعِ لِتَكرِمَتِهِ ، فَقالَ سُبحانَهُ : «اسْجُدُواْ لِأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلَا إِبْلِيسَ» (2)

.


1- .أي لَصِقت ولَزِمَت (النهاية : ج4 ص248) .
2- .البقرة : 34.

ص: 166

* ومنه عن أبي الأسود الدؤلي :اِعتَرَتهُ الحَمِيَّةُ وغَلَبَت عَلَيهِ الشِّقوَةُ وتَعَزَّزَ بِخِلقَةِ النّارِ وستَوهَنَ خَلقَ الصَّلصالِ ، فَأَعطاهُ اللّهُ النَّظِرَةَ استِحقاقا لِلسُّخطَةِ وَاستِتماما لِلبَلِيَّةِ وإنجازاً لِلعِدَةِ ، فَقالَ : «إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ» (1) ثُمَّ أسكَنَ سُبحانَهُ آدَمَ دارا أرغَدَ فيها عَيشَهُ ، وآمَنَ فيها مَحَلَّتَهُ ، وحَذَّرَهُ إبليسَ وعَداوَتَهُ . فَاغتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفاسَةً عَلَيهِ بِدارِ المُقامِ ومُرافَقَةِ الأَبرارِ ، فَباعَ اليَقينَ بِشَكِّهِ وَالعَزيمَةَ بِوَهنِهِ ، وَاستَبدَلَ بِالجَذَلِ وَجَلاً وِبالِاغتِرارِ نَدَماً . ثُمَّ بَسَطَ اللّهُ سُبحانَهُ لَهُ في تَوبَتِهِ ولَقّاهُ كَلِمَةَ رَحمَتِهِ ، ووَعَدَهُ المَرَدَّ إلى جَنَّتِهِ . وأهبَطَهُ إلى دارِ البَلِيَّةِ ، وتَناسُلِ الذُّرِّيَّةِ (2) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :فَلَمّا مَهَدَ أرضَهُ وأنفَذَ أمرَهُ ، اختارَ آدَمَ عليه السلام خيرَةً مِن خَلقِهِ ، وجَعَلَهُ أوَّلَ جِبِلَّتِهِ وأسكَنَهُ جَنَّتَهُ وأرغَدَ فيها اُكُلَهُ ، وأوعَزَ إلَيهِ فيما نَهاهُ عَنهُ . وأعلَمَهُ أنَّ فِي الإِقدامِ عَلَيهِ التَّعَرُّضَ لِمَعصِيَتِهِ وَالمُخاطَرَةَ بِمَنزِلَتِهِ ، فَأَقدَمَ عَلى ما نَهاهُ عَنهُ _ مُوافاةً لِسابِقِ عِلمِهِ _ فَأَهبَطَهُ بَعدَ التَّوبَةِ ؛ لِيَعمُرَ أرضَهُ بِنَسلِهِ ولِيُقيمَ الحُجَّةَ بِهِ عَلى عِبادِهِ (3) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الأموات :عنه عليه السلام_ في صِفَةِ خَلقِ آدَمَ مِن طينٍ _: ولَو أرادَ اللّهُ أن يَخلُقَ آدَمَ مِن نورٍ يَخطَفُ الأَبصارَ ضِياؤُهُ ، ويَبهَرُ العُقولَ رُواؤُهُ ، وطيبٍ يَأخُذُ الأَنفاسَ عَرفُهُ لَفَعَلَ . ولَو فَعَلَ لَظَلَّت لَهُ الأَعناقُ خاضِعَةً ، ولَخَفَّتِ البَلوى فيهِ عَلَى المَلائِكَةِ . ولكِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ يَبتَلي خَلقَهُ بِبَعضِ ما يَجهَلونَ أصلَهُ تَمييزا بِالِاختِبارِ لَهُم ونَفيا لِلِاستِكبارِ عَنهُم ، وإبعاداً لِلخُيَلاءِ مِنهُم (4) . .


1- .الحِجر : 37 و38 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، بحار الأنوار : ج11 ص122 ح56 ؛ جواهر المطالب : ج2 ص161 ح137 وفيه إلى «الجمود» .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص112 ح90 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 192 ، بحار الأنوار : ج14 ص465 ح37 .

ص: 167

4 / 2 ذرّيّة آدم

4 / 2ذُرِّيَّةُ آدَمَسكن : قد تكرّر في الحديث ذكر «الاسْتِكانة» و«المِالإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ يَصِفُ فيها خِلقَةَ الإِنسانِ _: أم هذَا الَّذي أنشَأَهُ في ظُلُماتِ الأَرحامِ ، وشُغُفِ الأَستارِ نُطفَةً دِهاقا . . . ثُمَّ مَنَحَهُ قَلبا حافِظا ، ولِسانا لافِظا ، وبَصَرا لاحِظا ؛ لِيَفهَمَ مُعتَبِرا ، ويُقَصِّرَ مُزدَجِرا ، حَتّى إذا قامَ اعتِدالُهُ ، وَاستَوى مِثالُهُ ، نَفَرَ مُستَكبِرا (1) .* عن الصادق عليه السلام :عنه عليه السلام :أيُّهَا المَخلوقُ السَّوِيُّ ، وَالمُنشَأُ المَرعِيُّ في ظُلُماتِ الأَرحامِ ، ومُضاعَفاتِ الأَستارِ ، بُدِئتَ مِن سُلالَةٍ مِن طينٍ ، ووُضِعتَ في قَرارٍ مَكينٍ إلى قَدَرٍ مَعلومٍ ، وأجلٍ مَقسومٍ ، تَمورُ في بَطنِ اُمِّكَ جَنينا لا تُحيرُ دُعاءً ، ولا تَسمَعُ نِداءً .

ثُمَّ اُخرِجتَ مِن مَقَرِّكَ إلى دارٍ لَم تَشهَدها ، ولَم تَعرِف سُبُلَ مَنافِعِها ، فَمَن هَداكَ لِاجتِرارِ الغَذاءِ مَن ثَديِ اُمِّكَ ، وعَرَّفَكَ عِندَ الحاجَةِ مَواضِعَ طَلَبِكَ وإرادَتِكَ ؟ (2)* وعنه عليه السلام في الدعاء :عنه عليه السلام :عالِمُ السِّرِّ مِن ضَمائِرِ المُضمِرينَ . . . ومَحَطِّ الأَمشاجِ مِن مَسارِبِ (3) الأَصلابِ (4) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «وَ فِى أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ» (5) قالَ _: سَبيلُ الغائِطِ وَالبَولِ (6) .

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 83 ، بحار الأنوار : ج60 ص349 ح35 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 163 ، بحار الأنوار : ج60 ص347 ح34 .
3- .وفي نسخة : «مشارب» .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص113 ح90 ؛ النهاية في غريب الحديث : ج4 ص333 وفيه ذيله .
5- .الذاريات : 21 .
6- .فضيلة الشكر للخرائطي : ص40 ح22 عن الأصبغ بن نباتة ، الدرّ المنثور : ج7 ص619 نقلاً عن مساوئ الأخلاق للخرائطي .

ص: 168

. .

ص: 169

الباب الخامس : خلق الحيوانات
5 / 1 الطّيور

الباب الخامس : خلق الحيوانات5 / 1الطُّيور* وعن عليّ بن أسباط عن الرضا عليه السلام في ركوبالإمام عليّ عليه السلام :اِبتَدَعَهُم خَلقاً عَجيباً مِن حَيَوانٍ ومَواتٍ ، وساكِنٍ وذي حَرَكاتٍ . وأقامَ من شَواهِدِ البَيِّناتِ عَلى لَطيفِ صَنعَتِهِ وعَظيمِ قُدرَتِهِ مَا انقادَت لَهُ العُقولُ مُعتَرِفَةً بِهِ ومُسَلِّمَةً لَهُ ، ونَعَقَت في أسماعِنا دَلائِلُهُ عَلى وَحدانِيَّتِهِ ، وما ذَرَأَ مِن مُختَلَفِ صُوَرِ الأَطيارِ الَّتي أسكَنَها أخاديدَ الأَرضِ وخُروقَ فِجاجِها ، ورَواسِيَ أعلامِها ، من ذاتِ أجنِحَةٍ مُختَلِفَةٍ ، وهَيئاتٍ مُتَبايِنَةٍ ، مُصَرَّفَةٍ في زِمامِ التَّسخيرِ ، ومُرَفرِفَةٍ بِأَجنِحَتِها في مَخارِقِ الجَوِّ المُنفَسِحِ ، وَالفَضاءِ المُنفَرِجِ .

كَوَّنَها بَعدَ إذ لَم تَكُن في عَجائِبِ صُوَرٍ ظاهِرَةٍ ، ورَكَّبَها في حِقاقِ مَفاصِلَ مُحتَجِبَةٍ ، ومَنَعَ بَعضَها بِعَبالَةِ (1) خَلقِهِ أن يَسمُوَ فِي الهَواءِ خُفوفاً ، وجَعَلَهُ يَدِفُّ دَفيفاً . ونَسَقَها عَلَى اختِلافِها فِي الأَصابيغِ بِلَطيفِ قُدرَتِهِ ودَقيقِ صَنعَتِهِ . فَمِنها مَغموسٌ في قالَبِ لَونٍ لا يَشوبُهُ غَيرُ لَونِ ما غُمِسَ فيهِ ، ومِنها مَغموسٌ في لَونِ صِبغٍ قَد طُوِّقَ بِخِلافِ ما صُبِغَ بِهِ (2) .

.


1- .العَبْلُ : الضخم من كلّ شيء (لسان العرب : ج11 ص420) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 165 ، بحار الأنوار : ج65 ص30 ح1 .

ص: 170

5 / 2 الطّاووس

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في تابوت موسى عليهعنه عليه السلام :فَتَبَارَكَ اللّهُ الَّذي يَسجُدُ لَهُ مَن فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ طَوعاً وكَرهاً ، ويُعَفِّرُ لَهُ خَدّاً ووَجهاً ، ويُلقي إلَيهِ بِالطّاعَةِ سِلماً وضَعفاً ، ويُعطي لَهُ القِيادَ رَهبَةً وخَوفاً ! فَالطَّيرُ مُسَخَّرَةٌ لِأَمرِهِ . أحصى عَدَدَ الرّيشِ مِنها وَالنَّفَسِ ، وأرسى قَوائِمَها عَلَى النَّدى وَاليَبَسِ . وقَدَّرَ أقواتَها ، وأحصى أجناسَها . فَهذا غُرابٌ وهذا عُقابٌ . وهَذا حَمامٌ وهذا نَعامٌ . دَعا كُلَّ طائِرٍ بِاسمِهِ ، وكَفَلَ لَهُ بِرِزقِهِ (1) .5 / 2الطّاووس* وعن فاطمة عليهاالسلام في عليّ عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام_ في بَيانِ عَجائِبِ خَلقِ الطّاووسِ _: ومَن أعجَبِها خَلقاً الطّاووسُ الَّذي أقامَهُ في أحكَمِ تَعديلٍ ، ونَضَّدَ ألوانَهُ في أحسَنِ تَنضيدٍ ، بِجَناحٍ أشرَجَ قَصَبَهُ (2) ، وذَنَبٍ أطالَ مَسحَبَهُ . إذا دَرَجَ إلَى الاُنثى نَشَرَهُ من طَيِّهِ ، وسَما بِهِ مُطِلّاً عَلى رَأسِهِ كَأَنَّهُ قِلعُ دارِيٍّ (3) عَنَجَهُ نُوتِيُّهُ (4) . يَختالُ بِأَلوانِهِ ، ويَميسُ (5) بِزَيَفانِهِ ، يُفضي كِإِفضاءِ الدِّيَكَةِ ، ويَؤُرُّ بِمَلاقِحِهِ أرَّ (6) الفُحولِ المُغتَلِمَةِ (7) لِلضِّرابِ . اُحيلُكَ مِن ذلِكَ عَلى مُعايَنَةٍ ، لا كَمَن يُحيلُ عَلى ضَعيفٍ إسنادُهُ . ولَو كانَ كَزَعمِ مَن يَزعُمُ أنَّهُ يُلقِحُ بِدَمعَةٍ تَسفَحُها مَدامِعُهُ ، فَتَقِفُ في ضَفَّتَي جُفونِهِ ، وأنَّ اُنثاهُ تَطعَمُ ذلِكَ ، ثُمَّ تَبيضُ لا مِن لِقاحِ فَحلٍ سِوَى الدَّمعِ المُنبَجِسِ ، لَما كانَ ذلِكَ بِأَعجَبَ مِن مُطاعَمَةِ الغُرابِ ! تَخالُ قَصَبَه

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 185 ، الاحتجاج : ج1 ص483 ح117 ، بحار الأنوار : ج3 ص27 ح1 .
2- .القصَب : كلّ عظم مستدير أجوف (لسان العرب : ج1 ص675) .
3- .القِلع : شراع السفينة . والداريّ : البَحَّار والمَلَاح (النهاية : ج4 ص102) .
4- .عَنَجَه : أي عَطفه ، نُوتيُّه : مَلّاحُه (النهاية : ج3 ص307) .
5- .يميس : إذا تَبَختَر في مَشيِه وتَثنّى (النهاية : ج4 ص380) .
6- .الأرّ : الجماع (النهاية : ج1 ص37) .
7- .الغُلْمة : هَيَجان شَهوة النكاح من المرأة والرجل وغَيرهما (النهاية : ج3 ص382) .

ص: 171

* وعن فاطمة عليهاالسلام في عليّ عليه السلام :مَدارِيَ مِن فِضَّةٍ ، وما اُنبِتَ عَلَيها مِن عَجيبِ داراتِهِ وشُموسِهِ خالِصَ العِقيانِ (1) وفِلَذَ الزَّبَرجَدِ .

فَإِن شَبَّهتَهُ بِما أنبَتَتِ الأَرضُ قُلتَ : جَنًى جُنِيَ مِن زَهرَةِ كُلِّ رَبيعٍ . وإن ضاهَيتَهُ بِالمَلابِسِ فَهُوَ كَمَوشِيِّ الحُلَلِ ، أو كَمونِقِ عَصبِ اليَمَنِ . وإن شاكَلتَه بِالحُلِيِّ فَهُوَ كَفُصوصٍ ذاتِ ألوانٍ ، قَد نُطِّقَت بِاللُّجَينِ (2) المُكَلَّلِ .

يَمشي مَشيَ المَرحِ المُختالِ ، ويَتَصَفَّحُ ذَنَبَهُ وجَناحَيهِ ، فَيُقَهقِهُ ضاحِكاً لِجَمالِ سِربالِهِ وأصابيغِ وِشاحِهِ ، فَإِذا رَمى بِبَصَرِهِ إلى قَوائِمِهِ زَقا (3) مُعوِلاً بِصَوتٍ يَكادُ يُبينُ عَنِ استِغاثَتِهِ ، ويَشهَدُ بِصادِقِ تُوَجُّعِهِ ؛ لِأَنَّ قَوائِمَهُ حُمشٌ (4) كَقَوائِمِ الدِّيكَةِ الخِلاسِيَّةِ (5) ، وقَد نَجَمَت مِن ظُنبوبِ (6) ساقِهِ صيصِيَةٌ خَفِيَّةٌ ، ولَهُ في مَوضِعِ العُرفِ قُنزُعَةٌ (7)

خَضراءُ مُوَشّاةٌ . ومَخرَجُ عُنُقِهِ كَالإِبريقِ ، ومَغرِزُها إلى حَيثُ بَطنُهُ كَصِبغِ الوَسِمَةِ اليَمانِيَّةِ ، أو كَحَريرَةٍ مُلبَسَةٍ مِرآةً ذاتَ صِقالٍ ، وكَأَنَّهُ مُتَلَفِّعٌ بِمِعجَرٍ (8) أسحَ (9) ، إلّا أنَّهُ يَُخيَّلُ لِكَثرَةِ مائِهِ وشِدَّةِ بَريقِهِ أنَّ الخُضرَةَ النّاضِرَةَ مُمتَزِجَةٌ بِهِ . ومَعَ فَتقِ سَمعِهِ خَطٌّ كَمُستَدَقِّ القَلَمِ في لَونِ الاُقحُوانِ أبيَضُ يَقَقٌ (10) ، فَهُوَ بِبَياضِهِ في سَوادِ ما هُنالِكَ يَأتَلِقُ (11) . .


1- .العِقْيَان : هو الذهَب الخالِص (النهاية : ج3 ص283) .
2- .اللُّجَين : هو الفِضّة (النهاية : ج4 ص235) .
3- .زقا يَزْقو : إذا صاحَ (النهاية : ج2 ص307) .
4- .حَمَشت قوائمه وحَمُشت : دَقَّت (لسان العرب : ج6 ص288) .
5- .الخِلاسيُّ من الدِّيكَةِ : بين الدّجاج الهِنْدِيّة والفارسيّة (لسان العرب : ج6 ص66) .
6- .الظُّنوب : حرف العظم اليابس من الساق (النهاية : ج3 ص162) .
7- .القَنازِع : خُصَل الشعر ، واحِدتها قُنزُعة (النهاية : ج4 ص112) .
8- .المِعْجَر : ثوب تَعتَجِر به المرأة أصغَر من الرداء وأكبر منَ المِقنَعة (لسان العرب : ج4 ص544) .
9- .م الأسحَم : الأسود (النهاية : ج2 ص348) .
10- .يقق : أبيض يَقَق ويَقِق ، بكسر القاف الاُولى : شديد البياض ناصعه (لسان العرب : ج10 ص387) .
11- .تألَّق البرق : التَمَع (تاج العروس : ج13 ص10) .

ص: 172

5 / 3 الجرادة

* وعن فاطمة عليهاالسلام في عليّ عليه السلام :وقَلَّ صِبغٌ إلّا وقَد أخَذَ مِنهُ بِقِسطٍ ، وعَلاهُ بِكَثرَةِ صِقالِهِ وبَريقِهِ وبَصيصِ ديباجِهِ ورَونَقِهِ ، فَهُوَ كَالأَزاهيرِ المَبثوثَةِ لَم تُرَبِّها أمطارُ رَبيعٍ ولا شُموسُ قَيظٍ . وقَد يَنحَسِرُ مِن ريشِهِ ، ويَعرى مِن لباسِهِ ، فَيَسقُطُ تَترى ، ويَنبُتُ تِباعاً ، فَيَنحَتُّ مِن قَصَبِهِ انحِتاتَ أوراقِ الأَغصانِ ، ثُمَّ يَتَلاحَقُ نامِياً حَتى يَعودَ كَهَيئَتِهِ قَبلَ سُقوطِهِ ، لا يُخالِفُ سالِفَ ألوانِهِ ، ولا يَقَعُ لَونٌ في غَيرِ مَكانِهِ ! وإذا تَصَفَّحتَ شَعرَةً مِن شَعَراتِ قَصَبِهِ أرَتكَ حُمرَةً وَردِيَّةً ، وتارَةً خُضرَةً زَبرجَدِيَّةً ، وأحياناً صُفرَةً عَسجَدِيَّةً (1) . فَكَيفَ تَصِلُ إلى صِفَةِ هذا عَمائِقُ الفِطَنِ ، أو تَبلُغُهُ قَرائِحُ العُقولِ ، أو تَستَنظِمُ وَصفَهُ أقوالُ الواصِفينَ ؟ ! وأقَلُّ أجزائِهِ قَد أعجَزَ الأَوهامَ أن تُدرِكَهُ ، وَالأَلسِنَةَ أن تَصِفَهُ ! فَسُبحانَ الَّذي بَهَرَ العُقولَ عَن وَصفِ خَلقٍ جَلّاهُ لِلعُيونِ فَأَدرَكَته مَحدوداً مُكَوَّناً ، ومُؤَلَّفاً مُلَوَّناً ، وأعجَزَ الأَلسُنَ عَن تَلخيصِ صِفَتِهِ ، وقَعَدَ بِها عَن تَأدِيَةِ نَعتِهِ ! (2)5 / 3الجَرادَة* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في يوم عاشوراءالإمام عليّ عليه السلام :وإن شِئتَ قُلتَ فِي الجَرادَةِ ، إذ خَلَقَ لَها عَينَينِ حَمراوَينِ ، وأسرَجَ لَها حَدقَتَينِ قَمراوَينِ ، وجَعَلَ لَهَا السَّمعَ الخَفِيَّ ، وفَتَحَ لَهَا الفَمَ السَّوِيَّ ، وجَعَلَ لَهَا الحِسَّ القَوِيَّ ، ونابَينِ بِهِما تَقرِضُ ، ومِنجَلَينِ بِهِما تَقبِضُ . يَرهَبُهَا الزُّرّاعُ في زَرعِهِم ، ولا يَستَطيعونَ ذَبَّها ، ولَو أجلَبوا بِجَمعِهِم ، حَتّى تَرِدَ الحَرثَ في نَزَواتِها ، وتَقضِيَ مِنهُ شَهَواتِها . وخَلقُها كُلُّهُ لا يُكَوِّنُ إصبَعاً مُستَدِقَّةً (3) .

.


1- .العَسجَدُ : الذهب (لسان العرب : ج3 ص290) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 165 ، بحار الأنوار : ج65 ص30 ح1 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 185 ، الاحتجاج : ج1 ص483 ح117 ، بحار الأنوار : ج3 ص27 ح1 ؛ ربيع الأبرار : ج4 ص459 .

ص: 173

5 / 4 الخفّاش

5 / 4الخُفّاش* ومنه عن أمير المؤمنين عليه السلام : «فِتَنٌ ..الإمام عليّ عليه السلام :ومِن لَطائِفِ صَنعَتِهِ وعَجائِبِ خِلقَتِهِ ما أرانا مِن غَوامِضِ الحِكمَةِ في هذِهِ الخَفافيشِ الَّتي يَقبِضُهَا الضِّياءُ الباسِطُ لِكُلِّ شَيءٍ ، ويَبسُطُهَا الظَّلامُ القابِضُ لِكُلِّ حَيٍّ ، وكَيفَ عَشِيَت أعيُنُها عَن أن تَستَمِدَّ مِنَ الشَّمسِ المُضيئَةِ نوراً تَهتَدي بِهِ في مَذاهِبِها ، وتَتَّصِلُ بِعَلانِيَةِ بُرهانِ الشَّمسِ إلى مَعارِفِها . ورَدَعَها بِتَلَألُوَ يائِها عَنِ المُضِيِّ في سُبُحاتِ إشراقِها . وأكَنَّها في مَكامِنِها عَنِ الذَّهابِ في بُلَجِ ائتِلاقِها ، فَهِيَ مُسدَلَةُ الجُفونِ بِالنَّهارِ عَلى حِداقِها . وجاعِلَةُ اللَّيلِ سِراجاً تَستَدِلُّ بِهِ فِي التِماسِ أرزاقِها . فلا يَرُدُّ أبصارَها إسدافُ ظُلمَتِهِ ، ولا تَمتَنِعُ مِنَ المُضِيِّ فيهِ لِغَسَقِ دُجُنَّتِهِ . فَإِذا ألقَتِ الشَّمسُ قِناعَها ، وبَدَت أوضاحُ نَهارِها ، ودَخَلَ مِن إشراقِ نورِها عَلَى الضِّبابِ في وِجارِها (1) ، أطبَقَتِ الأَجفانَ عَلى مَآقيها ، وتَبَلَّغَت بِمَا اكتَسَبَتهُ مِنَ المَعاشِ في ظُلَمِ لَياليها .

فَسُبحانَ مَن جَعَلَ اللَّيلَ لَها نَهاراً ومَعاشاً ، وَالنَّهارَ سَكَناً وقَراراً ! وجَعَلَ لَها أجنِحَةً مِن لَحمِها تَعرُجُ بِها عِندَ الحاجَةِ إلَى الطَّيَرانِ ، كَأَنَّها شَظايَا الآذانِ ، غَيرَ ذواتِ ريشٍ ولا قَصَبٍ . إلّا أنَّكَ تَرى مَواضِعَ العُروقِ بَيِّنَةً أعلاماً . لَها جَناحانِ لَمّا يَرِقّا فَيَنشَقّا ، ولَم يَغلُظا فَيَثقُلا . تَطيرُ ووَلَدُها لاصِقٌ بِها لاجِئٌ إلَيها يَقَعُ إذا وَقَعَت ويَرتَفِعُ إذَا ارتَفَعَت . لا يُفارِقُها حَتّى تَشتَدَّ أركانُهُ ، ويَحمِلُهُ لِلنُّهوضِ جَناحُهُ ، ويَعرِفُ مَذاهِبَ عَيشِهِ ومَصالِحَ نَفسِهِ . فَسُبحانَ البارِىَ لِكُلِّ شَيءٍ عَلى غَيرِ مِثالٍ خَلا مِن غَيرِهِ ! (2)

.


1- .وجارها : جُحْرُها الذي تَأوي إليه (النهاية : ج5 ص156) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 155 ، بحار الأنوار : ج64 ص323 ح2 .

ص: 174

5 / 5 النّملة

5 / 5النَّملَة* وفي أهل النار :الإمام عليّ عليه السلام :أ لا يَنظُرونَ إلى صَغيرِ ما خَلَقَ كَيفَ أحكَمَ خَلقَهُ ، وأتقَنَ تَركيبَهُ ، وفَلَقَ لَهُ السَّمعَ وَالبَصَرَ ، وسَوّى لَهُ العَظمَ وَالبَشَرَ ! انظُروا إلَى النَّملَةِ في صِغَرِ جُثَّتِها ولَطافَةِ هَيئَتِها ، لا تَكادُ تُنالُ بِلَحظِ البَصَرِ ، ولا بِمُستَدرَكِ الفِكَرِ ، كَيفَ دَبَّت عَلى أرضِها ، وصُبَّت عَلى رِزقِها ، تَنقُلُ الحَبَّةَ إلى جُحرِها ، وتُعِدُّها في مُستَقَرِّها . تَجمَعُ في حَرِّها لِبَردِها ، وفي وِردِها لِصَدرِها ، مَكفولٌ بِرِزقِها مَرزوقَةٌ بِوفقِها ، لا يُغفِلُهَا المَنّانُ ، ولا يَحرِمُهَا الدَّيّانُ ولَو فِي الصَّفَا اليابِسِ وَالحَجَرِ الجامِسِ (1) ! ولَو فَكَّرتَ في مَجاري أكلِها في عُلوِها وسُفلِها ، وما فِي الجَوفِ مِن شَراسيفِ (2) بَطنِها ، وما فِي الرَّأسِ مِن عَينِها واُذُنِها لَقَضَيتَ مِن خَلقِها عَجَباً ، ولَقيتَ مِن وَصفِها تَعَباً !

فَتَعالَى الَّذي أقامَها عَلى قَوائِمِها ، وبَناها عَلى دَعائِمِها ! لَم يَشرَكهُ في فِطرَتِها فاطِرٌ ، ولَم يُعِنهُ عَلى خَلقِها قادِرٌ . ولَو ضَرَبتَ في مَذاهِبِ فِكرِكَ لِتَبلُغَ غاياتِهِ ، ما دَلَّتكَ الدَّلالَةُ إلّا عَلى أنَّ فاطِرَ النَّملَةِ هُوَ فاطِرُ النَّخلَةِ ، لِدَقيقِ تَفصيلِ كُلِّ شَيءٍ ، وغامِضِ اختِلافِ كُلِّ حَيٍّ . ومَا الجَليلُ وَاللَّطيفُ وَالثَّقيلُ وَالخَفيفُ وَالقَوِيُّ وَالضَّعيفُ في خَلقِهِ إلّا سَواءٌ (3) .

.


1- .الجَمْس بالفتح : الجامِدُ (النهاية : ج1 ص294) .
2- .الشُّرسُوف واحد الشَّراسيف ، وهي أطراف الأضلاع المشرِفة على البطن ، وقيل : هو غُضروف مُعلّق بكلّ بَطن (النهاية : ج2 ص459) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 185 ، الاحتجاج : ج1 ص481 ح117 ، بحار الأنوار : ج3 ص26 ح1 ؛ ربيع الأبرار : ج4 ص481 وفيه إلى «قادر» .

ص: 175

5 / 6 الوحوش والحيتان

5 / 6الوُحوشُ وَالحيتانُ* ومنه عن أمير المؤمنين عليه السلام إلى اُمرائه عالإمام عليّ عليه السلام :وسُبحانَ مَن أدمَجَ قَوائِمَ الذَّرَّةِ (1) والهَمَجَةِ (2) إلى ما فَوقَهُما مِن خَلقِ الحيتانِ وَالفِيَلَةِ ! (3)* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :يَعلَمُ عَجيجَ الوُحوشِ فِي الفَلَواتِ ، ومَعاصِيَ العِبادِ في الخَلَواتِ ، وَاختِلافَ النّينانِ (4) فِي البِحارِ الغامِراتِ ، وتَلاطُمَ الماءِ بِالرِّياحِ العاصِفاتِ (5) .

.


1- .الذَّرُّ : النَّمل الأحمر الصّغير ، واحِدتُها ذَرَّةٌ (النهاية : ج2 ص157) .
2- .الهَمَجة : واحدة الهمج ؛ وهو ذُبابٌ صَغيرٌ يَسقط على وجوه الغنم والحَمير . وقيل : هو البعوض (النهاية : ج5 ص273) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 165 ، بحار الأنوار : ج65 ص32 ح1 .
4- .النُّونُ : الحوت ، والجمع أنوانٌ ونِينانٌ ، وأصله نُونانٌ فقلبت الواو ياء لكسرة النون (لسان العرب : ج13 ص427) .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 198 ، بحار الأنوار : ج77 ص315 ح16 .

ص: 176

. .

ص: 177

القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم
اشاره

القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوموفيه أبواب :الباب الأوّل : علم الاجتماعالباب الثاني : علم النفسالباب الثالث : علم التاريخالباب الرابع : علم الموعظةالباب الخامس : علم الآدابالباب السادس : علم الذرّةالباب السابع : علم الحسابالباب الثامن : علم الفيزياءالباب التاسع : علم طبقات الأرض وحركة الجوّالباب العاشر : سلوني قبل أن تفقدونيالباب الحادي عشر : سرعة البديهة

.

ص: 178

. .

ص: 179

الباب الأوّل : علم الاجتماع
1 / 1 المجتمع قبل البعثة

الباب الأوّل : علم الاجتماع1 / 1المُجتَمَعُ قَبلَ البِعثَةِسلف : عن عمر لأميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام_ من خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام يَصِفُ فيهَا العَرَبَ قَبلَ بِعثَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله _: إنَّ اللّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله نَذيراً لِلعالَمينَ ، وأميناً عَلَى التَّنزيلِ . وأنتُم مَعشَرَ العَرَبِ عَلى شَرِّ دينٍ وفي شَرِّ دارٍ . مُنيخونَ بَينَ حِجارَةٍ خُشنٍ وحَيّاتٍ صُمٍّ ، تَشرَبونَ الكَدِرَ وتَأكُلونَ الجَشِبَ (1) ، وتَسفِكونَ دِماءَكُم وتَقطَعونَ أرحامَكُم . الأَصنامُ فيكُم مَنصوبَةٌ والآثامُ بِكُم مَعصوبَةٌ (2) .* وعن أحدهما عليهماالسلام :عنه عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام يَصِفُ فيهَا النّاسَ قَبلَ بِعثَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله _: وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسولُهُ ، أرسَلَهُ بِالدّينِ المَشهورِ ، وَالعِلمِ المَأثورِ وَالكِتابِ المَسطورِ ، وَالنّورِ السّاطِعِ وَالضِّياءِ اللّامِعِ ، وَالأَمرِ الصّادِعِ ، إزاحَةً لِلشُّبُهاتِ ، وَاحتِجاجاً بِالبَيِّناتِ ، وتحذيراً بِالآياتِ ، وتَخويفاً بِالمَثُلاتِ ، وَالنّاسُ في فِتَنٍ اِنجَذَمَ (3) فيها حَبلُ الدّينِ وتَزَعزَعَت سَوارِي اليَقينِ ، وَاختَلَفَ النَّجرُ وتَشَتَّتَ الأَمرُ ، وضاقَ المَخرَجُ ، وعَمِى

.


1- .الجشب : الغليظ الخشِنُ من الطعام ، وقيل : غير المأدوم ، وكلّ بشع الطَّعم جَشْبٌ (النهاية : ج1 ص272) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 26 ، الغارات : ج1 ص303 عن جندب نحوه ، بحار الأنوار : ج18 ص226 ح68 .
3- .الجَذْم : القَطع (النهاية : ج1 ص251) .

ص: 180

1 / 2 أصناف النّاس

* وعن أحدهما عليهماالسلام :المَصدَرُ ، فَالهُدى خامِلٌ وَالعَمى شامِلٌ . عُصِيَ الرَّحمنُ ، ونُصِرَ الشَّيطانُ ، وخُذِلَ الإِيمانُ ، فَانهارَت دَعائِمُهُ ، وتَنَكَّرَت مَعالِمُهُ ، ودَرَسَت سُبُلُهُ ، وعَفَت شُرُكُهُ .

أطاعُوا الشَّيطانَ فَسَلَكوا مَسالِكَهُ ، ووَرَدوا مناهِلَهُ . بِهِم سارَت أعلامُهُ ، وقامَ لِواؤُهُ في فِتَنٍ داسَتهُم بِأَخفافِها ، ووَطِئَتهُم بِأَظلافِها وقامَت عَلى سَنابِكِها . فَهُم فيها تائِهونَ حائِرونَ جاهِلونَ مَفتونونَ في خَيرِ دارٍ وشَرِّ جيرانٍ . نَومُهُم سُهودٌ وكُحلُهُم دُموعٌ . بِأَرضٍ عالِمُها مُلجَمٌ وجاهِلُها مُكرَمٌ (1) .1 / 2أصنافُ النّاسِ* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الحديالإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام يَصِفُ زَمانَهُ بِالجَورِ ، ويَقسِمُ النّاسَ فيهِ خَمسَةَ أصنافٍ ، ثُمَّ يُزَهِّدُ فِي الدُّنيا _: أيُّهَا النّاسُ ، إنّا قَد أصبَحنا في دَهرٍ عَنودٍ ، وزَمَنٍ كَنودٍ ، يُعَدُّ فيهِ المُحسِنُ مُسيئاً ، ويَزدادُ الظّالِمُ فيهِ عُتُوّاً ، لا نَنتَفِعُ بِما عَلِمنا ، ولا نَسأَلُ عَمّا جَهِلنا ، ولا نَتَخَوَّفُ قارِعَةً حَتّى تَحُلَّ بِنا . وَالنّاسُ عَلى أربَعَةِ أصنافٍ :

مِنهُم مَن لا يَمنَعُهُ الفَسادَ فِي الأَرضِ إلّا مَهانَةُ نَفسِهِ وكَلالَةُ حَدِّهِ ونَضيضُ وَفرِهِ .

ومِنهُمُ المُصلِتُ لِسَيفِهِ ، وَالمُعلِنُ بِشَرِّهِ ، وَالمُجلِبُ بِخَيلِهِ ورَجِلِهِ ، قَد أشرَطَ نَفسَهُ وأوبَقَ دينَهُ لِحُطامٍ يَنتَهِزُهُ أو مِقنَبٍ (2) يَقودُهُ أو مِنبَرٍ يَفرَعُهُ . ولَبِئسَ المَتجَرُ أن تَرَى الدُّنيا لِنَفسِكَ ثَمَناً ومِمّا لَكَ عِندَ اللّهِ عِوَضاً !

ومِنهُم مَن يَطلُبُ الدُّنيا بِعَمَلِ الآخِرَةِ ولا يَطلُبُ الآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنيا ، قَد طامَنَ مِن شَخصِهِ وقارَبَ مِن خَطوِهِ وشَمَّرَ مِن ثَوبِهِ وزَخرَفَ مِن نَفسِهِ لِلأَمانَةِ ، وَاتَّخَذَ سِترَ اللّه

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 2 ، بحار الأنوار : ج18 ص217 ح49 .
2- .المِقنَب بالكسر : جَماعة الخيل والفُرسان (النهاية : ج4 ص111) .

ص: 181

* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الحديذَريعَةً إلَى المَعصِيَةِ .

ومِنهُم مَن أبعَدَهُ عَن طَلَبِ المُلكِ ضُؤولَةُ نَفسِهِ وَانقِطاعُ سَبَبِهِ ، فَقَصَرَتهُ الحالُ عَن حالِهِ فَتَحَلّى بِاسمِ القَناعَةِ وتَزَيَّنَ بِلِباسِ أهلِ الزَّهادَةِ ، ولَيسَ مِن ذلِكَ في مَراحٍ ولا مَغدًى .

وبَقِيَ رِجالٌ غَضَّ أبصارَهُم ذِكرُ المَرجِعِ ، وأراقَ دُموعَهُم خَوفُ المَحشَرِ ، فَهُم بَينَ شَريدٍ نادٍّ ، وخائِفٍ مَقموعٍ ، وساكِتٍ مَكعومٍ ، وداعٍ مُخلِصٍ ، وثَكلانَ موجَعٍ ، قَد أخمَلَتهُمُ التَّقِيَّةُ وشَمِلَتهُمُ الذِّلَّةُ ، فَهُم في بَحرٍ اُجاجٍ ، أفواهُهُم ضامِزَةٌ (1) ، وقُلوبُهُم قَرِحَةٌ ، قَد وَعَظوا حَتّى مَلّوا وقُهِروا حَتّى ذَلّوا ، وقُتِلوا حَتّى قلّوا .

فَلتَكُنِ الدُّنيا في أعيُنِكُم أصغَرَ مِن حُثالَةِ القَرَظِ (2) ، وقُراضَةِ (3) الجَلَمِ (4) ، وَاتَّعِظوا بِمَن كانَ قَبلَكُم ، قَبلَ أن يَتَّعِظَ بِكُم مَن بَعدَكُم ، وَارفُضوها ذَميمَةً ، فَإِنَّها قَد رَفَضَت مَن كانَ أشغَفَ بِها مِنكُم (5) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :نهج البلاغة :مِن كَلامٍ لَهُ عليه السلام لِكُمَيلِ بنِ زِيادٍ النَّخَعِيِّ ، قالَ كُمَيلُ بنُ زِيادٍ : أخَذَ بِيَدي أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام فَأَخرَجَني إلَى الجَبّانِ (6) ، فَلَمّا أصحَرَ تَنَفَّسَ الصُّعَداءِ ثُمَّ قالَ :

يا كُمَيلَ بنَ زِيادٍ ، إنَّ هذِهِ القُلوبَ أوعِيَةٌ فَخَيرُها أوعاها ، فَاحفَظ عَنّى

¨ .


1- .الضامِز : المُمسك (النهاية : ج3 ص100).
2- .القَرَظ : وَرقُ السَّلَم (النهاية : ج4 ص43) .
3- .القُراضة : ما سقط بالقَرض (لسان العرب : ج7 ص216) .
4- .الجَلَم : الذي يُجَزُّ به الشَّعَر والصُّوف كالمقصّ (مجمع البحرين : ج1 ص307) وهما كناية عن الغاية في الزهادة .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 32 ، بحار الأنوار : ج78 ص4 ح54 ؛ مطالب السؤول : ص32 .
6- .الجَبّان والجبّانة : الصحراء ، وتسمّى بهما المقابر ؛ لأنّها تكون في الصحراء تسميةً للشيء بموضعه (لسان العرب : ج13 ص85) .

ص: 182

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :ما أقولُ لَكَ :

النّاسُ ثَلاثَةٌ : فَعالِمٌ رَبّانِيٌّ ، ومُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ نَجاةٍ ، وهَمَجٌ رَعاعٌ أتباعُ كُلِّ ناعِقٍ ، يَميلونَ مَعَ كُلِّ ريحٍ ، لَم يَستَضيئوا بِنورِ العِلمِ ، ولَم يَلجَؤوا إلى رُكنٍ وَثيقٍ .

يا كُمَيلُ ، العِلمُ خَيرٌ مِنَ المالِ ، العِلمُ يَحرُسُكَ وأنتَ تَحرُسُ المالَ ، وَالمالُ تَنقُصُهُ النَّفَقَةُ ، وَالعِلمُ يَزكو عَلَى الإِنفاقِ ، وصَنيعُ المالِ يَزولُ بِزَوالِهِ .

يا كُمَيلَ بنَ زِيادٍ ، مَعرِفَةُ العِلمِ دينٌ يُدانُ بِهِ ، بِهِ يَكسِبُ الإِنسانُ الطّاعَةَ في حَياتِهِ ، وجَميلَ الاُحدوثَةِ بَعدَ وَفاتِهِ . وَالعِلمُ حاكِمٌ وَالمالُ مَحكومٌ عَلَيهِ .

يا كُمَيلُ ، هَلَكَ خُزّانُ الأَموالِ وهُم أحياءٌ ، وَالعُلَماءُ باقونَ ما بَقِيَ الدَّهرُ : أعيانُهُم مَفقودَةٌ ، وأمثالُهُم فِي القُلوبِ مَوجودَةٌ . ها ، إنَّ ههُنا لَعِلماً جَمّاً _ وأشارَ بِيَدِهِ إلى صَدرِهِ _ لَو أصَبتُ لَهُ حَمَلَةً ! بَلى أصَبتُ لَقِناً (1) غَيرَ مأمونٍ عَلَيهِ ، مُستَعمِلاً آلَةَ الدّينِ لِلدُّنيا ، ومُستَظهِراً بِنِعَمِ اللّهِ عَلى عِبادِهِ ، وبِحُجَجِهِ عَلى أولِيائِهِ ، أو مُنقاداً لِحَمَلَةِ الحَقِّ ، لا بَصيرَةَ لَهُ في أحنائِهِ (2) ، يَنقَدِحُ الشَّكَّ في قَلبِهِ لِأَوَّلِ عارِضٍ مِن شُبهَةٍ . ألا لا ذا ولا ذاكَ ! أو مَنهوماً بِاللَّذَّةِ ، سَلِسَ القِيادِ لِلشَّهوَةِ ، أو مُغرَماً بِالجَمعِ وَالِادِّخارِ ، لَيسا مِن رُعاةِ الدّينِ في شَيءٍ ، أقرَبُ شَيءٍ شَبَهاً بِهِما الأَنعامُ السّائِمَةُ ! كَذلِكَ يَموتُ العِلمُ بِمَوتِ حامِليهِ .

اللّهُمَّ بَلى ! لا تَخلُو الأَرضُ مِن قائِمٍ للّهِِ بِحُجَّةٍ ، إمّا ظاهِراً مَشهوراً أو خائِفاً مَغموراً ؛ لِئَلّا تَبطُلَ حُجَجُ اللّهِ وبَيِّناتِهِ . وكَم ذا ؟ وأينَ اُولِئَكَ ؟ اُولئِكَ _ وَاللّهِ _ الأَقَلّونَ عَدَداً ، وَالأَعظَمونَ عِندَ اللّهِ قَدراً . يَحفَظُ اللّهُ بِهِم حُجَجَهُ وبَيِّناتِهِ حَتّى يودِعوها نُظَراءَهُم ، ويَزرَعوها في قُلوبِ أشباهِهِم . هَجَمَ بِهِمُ العِلمُ عَلى حَقيقَةِ البَصيرَةِ ، .


1- .أي فَهِمٌ حَسَنُ التَّلَقُّن لِمَا يَسْمَعُه (النهاية : ج4 ص266) .
2- .الحِنْوُ : واحد الأحناء ، وهي الجَوانِب (لسان العرب : ج14 ص206) .

ص: 183

1 / 3 أوصاف المنافقين

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :وباشَروا روحَ اليَقينِ ، وَاستَلانوا مَا استَعوَرَهُ المُترَفونَ ، وأنِسوا بِمَا استَوحَشَ مِنهُ الجاهِلونَ ، وصَحِبُوا الدُّنيا بِأَبدانٍ أرواحُها مُعَلَّقَةٌ بِالمَحَلِّ الأَعلى . اُولئِك خُلَفاءُ اللّهِ في أرضِهِ وَالدُّعاةُ إلى دينِهِ . آهِ آهِ شَوقاً إلى رُؤيَتِهِم ! اِنصَرِف يا كُمَيلُ إذا شِئتَ (1) .1 / 3أوصافُ المُنافِقينَسلفع : عن أميرالمؤمنين عليه السلام للمرأة المراديالإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام يَصِفُ فيهَا المُنافِقينَ _: اُحَذِّرُكُم أهلَ النِّفاِق فَإنَّهُمُ الضّالّونَ المُضِلّونَ ، وَالزّالّونَ المُزِلّونَ ، يَتَلَوَّنونَ ألواناً ، ويَفتَنّونَ افتِناناً ، ويَعمِدونَكُم بِكُلِّ عِمادٍ ، ويَرصُدونَكُم بِكُلِّ مِرصادٍ . قُلوبُهُم دَوِيَّةٌ ، وصِفاحُهُم نَقِيَّةٌ . يَمشونَ الخَفاءَ ، ويَدِبّونَ الضَّرّاءَ . وَصفُهُم دَواءٌ ، وقَولُهُم شِفاءٌ ، وفِعلُهُمُ الدّاءُ العَياءُ . حَسَدَةُ الرَّخاءِ ، ومُؤَكِّدُو البَلاءِ ، ومُقنِطو الرَّجاءِ . لَهُم بِكُلِّ طَريقٍ صَريعٌ ، وإلى كُلِّ قَلبٍ شَفيعٌ ، ولِكُلِّ شَجوٍ دُموعٌ . يَتَقارَضونَ الثَّناءَ ، ويَتَراقَبونَ الجَزاءَ : إن سَأَلوا ألحَفوا ، وإن عَذَلوا كَشَفوا ، وإن حَكَموا أسرَفوا . قَد أعَدّوا لِكُلِّ حَقٍّ باطِلاً ، ولِكُلِّ قائِمٍ مائِلاً ، ولِكُلِّ حَيٍّ قاتِلاً ، ولِكُلِّ بابٍ مِفتاحَاً ، ولِكُلِّ لَيلٍ مِصباحاً . يَتَوَصَّلونَ إلَى الطَّمعِ بِاليَأسِ لِيُقيموا بِهِ أسواقَهُم ، ويُنفِقوا بِهِ أعلاقَهُم (2) . يَقولونَ فَيُشَبِّهونَ ، ويَصِفونَ فيَُمَوِّهونَ . قَد هَوَّنُوا الطَّريقَ ، وأضلَعُوا المَضيقَ (3) . فَهُم لُمَةُ الشَّيطانِ ، وحُمَةُ (4) النّيرانِ :

.


1- .نهج البلاغة : الحكمة 147 ، الإرشاد : ج1 ص227 ، الأمالي للمفيد : ص247 ح3 ، كمال الدين : ص290 ح2 ، الخصال : ص186 ح257 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص105 ، تحف العقول : ص169 ، الأمالي للطوسي : ص20 ح23 ، الغارات : ج1 ص149 ؛ حلية الأولياء : ج1 ص79 ، تاريخ بغداد : ج6 ص379 ح3413وفيه إلى «آلة الدِّين للدنيا» ، المعيار والموازنة : ص79 ، كنز العمّال : ج10 ص262 ح29391 .
2- .الأعلاق : جمع العِلْق ؛ وهو النفِيس من كلّ شيء (تاج العروس : ج13 ص350) .
3- .أي : يجعلونها معوجّة يصعب تجاوزها ، فيهلكون (صبحي الصالح) .
4- .حُمَةُ العَقرب : سمّها وضرّها (تاج العروس : ج19 ص344) .

ص: 184

1 / 4 مبادئ اختلاف النّاس

سلفع : عن أميرالمؤمنين عليه السلام للمرأة المرادي «أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَ_نِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَ_نِ هُمُ الْخَ_سِرُونَ» (1) . (2)1 / 4مَبادِئُ اختِلافِ النّاسِ* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام لامرأة :الإمام عليّ عليه السلام_ وقَد ذُكِرَ عِندَهُ اختِلافُ النّاسِ _: إنَّما فَرَّقَ بَينَهُم مَبادِئُ طينِهِم ، وذلِكَ أنَّهُم كانوا فِلقَةً مِن سَبَخِ أرضٍ وعَذبِها ، وحَزنِ تُربَةٍ وسَهلِها ، فَهُم عَلى حَسَبِ قُربِ أرضِهِم يَتَقارَبونَ ، وعَلى قَدرِ اختِلافِها يَتَفاوَتونَ . فَتامُّ الرُّواءِ (3) ناقِصُ العَقلِ ، ومادُّ القامَةِ قَصيرُ الهِمَّةِ ، وزاكِي العَمَلِ قَبيحُ المَنظَرِ ، وقَريبُ القَعرِ بَعيدُ السَّبرِ (4) ، ومَعروفُ الضَّريبَةِ (5) مُنكَرُ الجَليبَةِ (6) ، وتائِهُ القَلبِ مُتَفَرِّقُ اللُّبِّ ، وطَليقُ اللِّسانِ حَديدُ الجَنانِ (7) .* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :إنَّما أنتُم إخوانٌ عَلى دينِ اللّهِ ، ما فَرَّقَ بَينَكُم إلّا خُبثُ السَّرائِرِ ، وسوءُ الضَّمائِرِ . فَلا تَوازَرونَ ولا تَناصَحونَ ، ولا تَباذلونَ ولا تَوادّونَ (8) .* وعن أبي الحسن عليه السلام في الجَزَر :عنه عليه السلام :لو سَكَتَ الجاهِلُ مَا اختَلَفَ النّاسِ (9)

.

.


1- .المجادلة : 19 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 194 ، بحار الأنوار : ج72 ص177 ح6 وراجع عيون الحكم والمواعظ : ص105 ح2358 و ص234 ح4492 و ص554 ح10209 .
3- .الرُّواء : المنظَر الحسَن (النهاية : ج2 ص280) .
4- .السَّبْر : التجرِبَة واستِخراج كُنْهِ الأمر ، وسَبَره : حَزَره وخَبَرَه (لسان العرب : ج4 ص340) . والمراد إنّك إذا سبرته واختبرت ما عنده وجدّته لبيبا فطنا لا يوقف على أسراره (شرح نهج البلاغة : ج13 ص22) .
5- .الضريبة : الطَبيعة والسَجيّة (النهاية : ج3 ص80) .
6- .قال المجلسي قدس سره : الجليبة : ما يجلبه الإنسان ويتكلّفه ؛ أي خلقه حسن يتكلّف فعل القبيح (بحار الأنوار : ج5 ص254) .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 234 عن مالك بن دحية ، بحار الأنوار : ج5 ص254 ح50 .
8- .نهج البلاغة : الخطبة 113 .
9- .كشف الغمّة : ج3 ص139 ، بحار الأنوار : ج78 ص81 ح75 ؛ الفصول المهمّة : ص271 .

ص: 185

1 / 5 النّوادر

1 / 5النَّوادِر* ومنه حديث الهجرة :الإمام عليّ عليه السلام :النّاسُ بِزَمانِهِم أشبَهُ مِنهُم بِآبائِهِم (1) .* وعن الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام :خَوضُ النّاسِ فِي الشَّيءِ مُقَدِّمَةُ الكائِنِ (2) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في حقّ المسلمعنه عليه السلام :النّاسِ كَالشَّجَرِ ؛ شَرابُهُ واحِدٌ وثَمَرُهُ مُختَلِفٌ (3) .* وفي زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام :نهج البلاغة :قال عليه السلام في صِفَةِ الغَوغاءِ : . . . هُمُ الَّذينَ إذَا اجتَمَعوا ضَرَّوا ، وإذا تَفَرَّقوا نَفَعوا ، فَقيلَ : قَد عَرَفنا مَضَرَّةَ اجتِماعِهِم فَما منَفَعَةُ افتِراقِهِم ؟

فَقالَ عليه السلام : يَرجِعُ أصحابُ المِهَنِ إلى مِهنَتِهِم ، فَيَنتَفِعُ النّاسُ بِهِم ؛ كَرُجوعِ البَنّاءِ إلى بِنائِهِ ، وَالنَّسّاجِ إلى مَنسَجِهِ ، وَالخَبّازِ إلى مَخبَزِهِ (4) .

.


1- .المائة كلمة : ص19 ح3 ، المناقب للخوارزمي : ص375 ح395 ، شرح نهج البلاغة : ج19 ص209 ، ينابيع المودّة : ج2 ص412 ح90 ؛ خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص115 ، عيون الحكم والمواعظ : ص66 ح1674 .
2- .غرر الحكم : ح5067 ، عيون الحكم والمواعظ : ص242 ح4612 .
3- .غرر الحكم : ح2097 ، عيون الحكم والمواعظ : ص64 ح1649 ؛ جواهر المطالب : ج2 ص145 ح40 .
4- .نهج البلاغة : الحكمة 199 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص113 ، بحار الأنوار : ج70 ص11 ح13 .

ص: 186

. .

ص: 187

الباب الثاني : علم النفس
2 / 1 أصناف النّفوس

الباب الثاني : علم النفس2 / 1أصنافُ النُّفوسِ 1* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :خَلَقَ اللّهُ عَزَّوجَلَّ النّاسَ عَلى ثَلاثِ طَبَقاتٍ ، وأنزَلَهُم ثَلاثَ مَنازِلَ ، وذلِكَ قَولُ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ فِي الكِتابِ : أصحابُ المَيمَنَةِ وأصحابُ المَشأَمَة

.

ص: 188

2 / 2 أحوال النّفس

* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله :وَالسّابِقونَ . فَأَمّا ما ذَكَرَهُ مِن أمرِ السّابِقينَ فَإِنَّهُم أنبِياءُ مُرسَلونَ ، وغَيرُ مُرسَلينَ جَعَلَ اللّهُ فيهِم خَمسَةَ أرواحٍ : روحَ القُدُسِ وروحَ الإِيمانِ وروحَ القُوَّةِ وروحَ الشَّهوَةِ وروحَ البَدَنِ . . . ثُمَّ ذَكَرَ أصحابَ المَيمَنَةِ وهُمُ المُؤمِنونَ حَقّا بِأَعيانِهِم ، جَعَلَ اللّهُ فيهِم أربَعَةَ أرواحٍ : روحَ الإِيمانِ وروحَ القُوَّةِ وروحَ الشَّهوَةِ وروحَ البَدَنِ . . . فَأَمّا أصحابُ المَشأَمَةِ . . . فَسَلَبَهُم روحَ الإِيمانِ وأسكَنَ أبدانَهُم ثَلاثَةَ أرواحٍ : روحَ القُوَّةِ وروحَ الشَّهوَةِ وروحَ البَدَنِ ، ثُمَّ أضافَهُم إلَى الأَنعامِ ، فَقالَ : «إِنْ هُمْ إِلَا كَالْأَنْعَ_مِ» (1) لِأَنَّ الدّابَّةَ إنَّما تَحمِلُ بِروحِ القُوَّةِ وتَعتَلِفُ بِروحِ الشَّهوَةِ وتَسيرُ بِروحِ البَدَنِ (2) .2 / 2أحوالُ النَّفسِ* وفي كتاب النبيّ صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :إنّ لِلجِسمِ سِتَّةَ أحوالٍ : الصِّحَّةَ وَالمَرَضَ وَالمَوتَ وَالحَياةَ وَالنَّومَ وَاليَقَظَةَ ،

.


1- .الفرقان : 44 .
2- .الكافي : ج2 ص282 ح16 ، بصائر الدرجات : ص449 ح6 كلاهما عن الأصبغ بن نباتة ، تحف العقول : ص189 ، بحار الأنوار : ج25 ص65 ح46 .

ص: 189

2 / 3 تشاكل النّفوس

* وفي كتاب النبيّ صلى الله عليه و آله :وكَذلِكَ الرّوحُ فَحَياتُها عِلمُها ، ومَوتُها جَهلُها ، ومَرَضُها شَكُّها ، وصِحَّتُها يَقينُها ، ونَومُها غَفلَتُها ، ويَقظَتُها حِفظُها (1) .2 / 3تَشاكُلُ النُّفوسِ* وعن أبي جعفر عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :النُّفوسُ أشكالٌ ، فَما تَشاكَلَ مِنهَا اتَّفَقَ ، وَالنّاسُ إلى أشكالِهِم أميَلُ (2) .* وعن الحسين عليه السلام :عنه عليه السلام :إنَّ النُّفوسَ إذا تَناسَبَت ايتَلَفَت (3) .* وفي زيارة عاشوراء :عنه عليه السلام :اللَّئيمُ لا يَتبَعُ إلّا شَكلَهُ ، ولا يَميلُ إلّا إلى مِثلِهِ (4) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في إبراهيم عليعنه عليه السلام :لا يُوادُّ الأَشرارَ إلّا أشباهُهُم (5)

.* وعن ضرار في أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ لِبَنيهِ _: يا بَنِيَّ ، إنَّ القُلوبَ جُنودٌ مُجَنَّدةٌ ، تَتَلاحَظُ بِالمَوَدَّةِ وتَتَناجى بِها ، وكَذلِكَ هِيَ فِي البُغضِ ؛ فَإِذا أحبَبتُمُ الرَّجُلَ مِن غَيرِ خَيرٍ سَبَقَ مِنهُ إلَيكُم فَارجوهُ ، وإذا أبغَضتُمُ الرَّجُلَ مِن غَيرِ سوءٍ سَبَقَ مِنهُ إلَيكُم فَاحذَروهُ (6) .* ومنه عن الصادق عليه السلام في الحسن بن عليّ عليالاختصاص عن الأَصبَغ بن نُباتَة :كُنتُ مَعَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَأَتاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي وَاللّهِ لَاُحبُّكَ فِي اللّهِ ، واُحِبُّكَ فِي السِّرِّ كَما اُحِبُّكَ فِي العَلانِيَةِ ، وأدينُ اللّهَ بِوِلايَتِكَ فِي السِّرِّ كَما أدينُ بِها فِي العَلانِيَةِ . وبِيَدِ أميرِ المُؤمِنينَ عودٌ ، طَأطَأَ رَأسَهُ ، ثُمَّ نَكَتَ بِالعودِ ساعَةً فِي الأَرضِ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ إلَيهِ فَقالَ :

.


1- .التوحيد : ص300 ح7 عن محمّد بن عمارة عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج61 ص40 ح10 .
2- .كنز الفوائد : ج2 ص32 ، بحار الأنوار : ج78 ص92 ح100 .
3- .غرر الحكم : ح3393 ، عيون الحكم والمواعظ : ص149 ح3270 .
4- .غرر الحكم :ح 1920 ، عيون الحكم والمواعظ : ص21 ح130 .
5- .غرر الحكم :ح 10602 ، عيون الحكم والمواعظ : ص533 ح9748 .
6- .الأمالي للطوسي : ص595 ح1232 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، بحار الأنوار : ج74 ص163 ح26 .

ص: 190

2 / 4 ربط السّجايا بعضها ببعض

* ومنه عن الصادق عليه السلام في الحسن بن عليّ عليإنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله حَدَّثَني بِأَلفِ حَديثٍ ، لِكُلِّ حَديثٍ ألفُ بابٍ ، وإنَّ أرواحَ المُؤمِنينَ تَلتَقي فِي الهَواءِ فَتَشُمُّ (1) وتَتَعارَفُ ، فَما تَعارَفَ مِنهَا ائتَلَفَ ، وما تَناكَرَ مِنهَا اختَلَفَ ، وبِحَقِّ اللّهِ لَقَد كَذَبتَ ؛ فَما أعرِفُ وَجهَكَ فِي الوُجوهِ ، ولَا اسمَكَ في الأَسماءِ (2) .راجع : ص 473 (معرفة الأرواح) .

2 / 4رَبطُ السَّجايا بَعضِها بِبَعضٍ* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :إذا كانَ في رَجُلٍ خَلَّةٌ رائِقَةٌ فَانتَظِروا أخَواتِها (3) .سمت : عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :أعجَبُ ما فِي الإنسانِ قَلبُهُ ، ولَهُ مَوارِدُ مِنَ الحِكمَةِ ، وأضدادٌ مِن خِلافِها ، فَإِن سَنَحَ لَهُ الرَّجاءُ أذَلَّهُ الطَّمَعُ ، وإن هاجَ بِهِ الطَّمَعُ أهلَكَهُ الحِرصُ ، وإن مَلَكَهُ اليَأسُ قَتَلَهُ الأَسَفُ ، وإن عَرَضَ لَهُ الغَضَبُ اشتَدَّ بِهِ الغَيظُ ، وإن سُعِدَ بِالرِّضى نَسِيَ التَّحَفُّظَ ، وإن نالَهُ الخَوفُ شَغَلَهُ الحَذَرُ ، وإنِ اتَّسَعَ لَهُ الأَمنُ استَلَبَتهُ الغَفلَةُ ، وإن حَدَثَت لَهُ النِّعمَةُ أخَذَتهُ العِزَّةُ ، وإن أصابَتهُ مُصيبَةٌ فَضَحَهُ الجَزَعُ ، وإنِ استَفادَ مالاً أطغاهُ الغِنى ، وإن عَضَّتهُ فَاقَةٌ شَغَلَهُ البَلاءُ ، وإن جَهَدَهُ الجوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعفُ ، وإن أفرَطَ فيِ الشِّبَعِ كَظَّتهُ البِطنَةُ ، فَكُلُّ تَقصيرٍ بِهِ مُضِرٌّ ، وكُلُّ إفراطٍ بِهِ مُفسِدٌ (4) .

.


1- .كذا في المصدر ، والأصحّ «فتشامّ» كما في بصائر الدرجات وكنز العمّال .
2- .الاختصاص : ص311 ، بصائر الدرجات : ص391 ح2 ، بحار الأنوار : ج61 ص134 ح7 وراجع كنز العمّال : ج9 ص172 ح25560 .
3- .نهج البلاغة : الحكمة 445 .
4- .علل الشرائع : ص109 ح7 عن محمّد بن سنان بإسناده يرفعه ، الكافي : ج8 ص21 ح4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عنه عليهماالسلام ، نهج البلاغة : الحكمة 108 ، الإرشاد : ج1 ص301 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص97 ، تحف العقول : ص95 كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج77 ص284 ح1 .

ص: 191

2 / 5 العلاقة بين الخصائص الظّاهريّة والباطنيّة

2 / 5العَلاقَةُ بَينَ الخَصائِصِ الظّاهِرِيَّةِ وَالباطِنِيَّةِ* ومنه عن ابن مهزيار في صفة المهديّ عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :مَن أحسَنَ للّهِِ سَريرَتَهُ أحسَنَ اللّهُ عَلانِيَتُهُ (1) .* وعن ابن سنان لأبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :مَن حَسُنَت سَريرَتُهُ ، حَسُنَت عَلانِيَتُهُ (2) .سمج : عن الحسين عليه السلام :عنه عليه السلام :اِعلَم أنَّ لِكُلِّ ظاهِرٍ باطِنا عَلى مِثالِهِ ، فَما طابَ ظاهِرُهُ طابَ باطِنُهُ ، وما خَبُثَ ظاهِرُهُ خَبُثَ باطِنُهُ (3) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :عِندَ فَسادِ العَلانِيَةِ تَفسُدُ السَّريرَةُ (4) .سمح : عنه عليه السلام :عنه عليه السلام :صَلاحُ الظَّواهِرِ عِنوانُ صِحَّةِ الضَّمائِرِ (5) .* وعن أبيبكر وعمر في سلمان :عنه عليه السلام :ما أضمَرَ أحَدٌ شَيئا إلّا ظَهَرَ في فَلَتاتِ لِسانِهِ وصَفَحاتِ وَجهِهِ (6) .سمحق : عن أبي عبداللّه عليه السلام :نهج البلاغة عن مالِك بن دِحيَة :كُنّا عِندَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام وقَد ذُكِرَ عِندَهُ اختِلافُ النّاسِ فَقالَ : إنَّما فَرَّقَ بَينَهُم مَبادِئُ طينِهِم ، وذلِكَ أنَّهُم كانوا فِلقَةً مِن سَبَخِ أرضٍ وعَذبِها ، وحَزنِ تُربَةٍ وسَهلِها ، فَهُم عَلى حَسَبِ قُربِ أرضِهِم يَتَقارَبونَ ، وعَلى قَدرِ اختِلافِها يَتَفاوَتونَ . فَتامُّ الرُّواءِ ناقِصُ العَقلِ ، ومادُّ القامَةِ قَصيرُ الهِمَّةِ ، وزاكِي العَمَلِ قَبيحُ المَنظَرِ ، وقَريبُ القَعرِ بَعيدُ السَّبرِ ، ومَعروفُ الضَّريبَةِ مُنكَرُ الجَليبَةِ ، وتائِهُ القَلبِ مُتَفَرِّقُ اللُّبِّ ، وطَليقُ اللِّسانِ حَديدُ الجَنانِ (7) .

.


1- .الجعفريّات : ص236 ، كنز الفوائد : ج2 ص68 عن سهل بن سعيد ، بحار الأنوار : ج27 ص113 ح87 .
2- .غرر الحكم : ح8026 ، عيون الحكم والمواعظ : ص431 ح7404 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 154 ، غرر الحكم : ح7313 ، عيون الحكم والمواعظ : ص401 ح6769 ، بحار الأنوار : ج71 ص367 ح17 .
4- .غرر الحكم : ح6227 ، عيون الحكم والمواعظ : ص338 ح5770 .
5- .غرر الحكم : ح5808 ، عيون الحكم والمواعظ : ص301 ح5335 .
6- .نهج البلاغة : الحكمة 26 ؛ المائة كلمة للجاحظ : ص113 ح96 ، المناقب للخوارزمي : ص376 ح395 ، دستور معالم الحكم : ص25 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 234 ، بحار الأنوار : ج5 ص254 ح50 .

ص: 192

2 / 6 دور الخصائص النّفسانيّة في الأعمال
2 / 7 دور كرامة النّفس في الأخلاق والأعمال

2 / 6دَورُ الخَصائِصِ النَّفسانِيَّةِ فِي الأَعمالِسمدع : عن خلادة في موت هاشم :الإمام عليّ عليه السلام :الخَلقُ أشكالٌ فَكُلٌّ يَعمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ (1) .سمذ : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في سدرة اعنه عليه السلام :إنَّ طِباعَكَ تَدعوكَ إلى ما ألِفتَهُ (2) .سمر : في صفته صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: الخَيِّرُ النَّفسُ تَكونُ الحَرَكَةُ فِي الخَيرِ عَلَيهِ سَهلَةً مُتَيَسِّرَةً ، وَالحَرَكَةُ فِي الإِضرارِ عُسرَةً بَطيئَةً ، وَالشِّرّيرُ بِالضِّدِّ مِن ذلِكَ (3) .2 / 7دَورُ كَرامَةِ النَّفسِ فِي الأَخلاقِ وَالأَعمالِ* وعنه عليه السلام لمّا عوتب على التسوية في العطاالإمام عليّ عليه السلام :مَن كَرُمَت عَلَيهِ نَفسُهُ لَم يُهِنها بِالمَعصِيَةِ (4) .* وفي الأثر :عنه عليه السلام :مَن كَرُمَت عَلَيهِ نَفسُهُ هانَت عَلَيهِ شَهَواتُهُ (5) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الشيعة :عنه عليه السلام :مَن كَرُمَت نَفسُهُ صَغُرَتِ الدُّنيا في عَينِهِ (6) .* وفي الدعاء :عنه عليه السلام :مَن كَرُمَت نَفسُهُ قَلَّ شِقاقُهُ وخِلافُهُ (7) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في إسماعيل عليه العنه عليه السلام :النَّفسُ الكَريمَةُ لا تُؤَثِّرُ فيهَا النَّكَباتُ (8) .سمسر : سُئِل أبوجعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :النَّفسُ الشَّريفَةُ لا تَثقُلُ عَلَيهَا المَؤُناتُ (9) .

.


1- .كشف الغمّة : ج3 ص139 ، بحار الأنوار : ج78 ص82 ح78 ؛ الفصول المهمّة : ص271 .
2- .غرر الحكم : ح3420 ، عيون الحكم والمواعظ : ص142 ح3183 .
3- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص275 ح179 .
4- .غرر الحكم : ح8730 ، عيون الحكم والمواعظ : ص439 ح7616 .
5- .نهج البلاغة : الحكمة 449 ، غرر الحكم : ح8771 ، عيون الحكم والمواعظ : ص437 ح7565 ؛ شرح نهج البلاغة : ج11 ص128 وفيه «هان عليه دينه» و ج20 ص327 ح742 وفيه «هان عليه ماله» .
6- .غرر الحكم : ح9130 وراجع عيون الحكم والمواعظ : ص482 ح8889 .
7- .غرر الحكم : ح9051 ، عيون الحكم والمواعظ : ص464 ح8448 .
8- .غرر الحكم : ح1555 ، عيون الحكم والمواعظ : ص27 ح336 .
9- .غرر الحكم : ح1556 ، عيون الحكم والمواعظ : ص49 ح1242 .

ص: 193

2 / 8 دور الأخلاق في الأرزاق
2 / 9 عوامل البناء الرّوحيّ
2 / 9 _ 1 المجاهدة

سمط : عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام في رجل له غُعنه عليه السلام :يَشرُفُ الكَريمُ بِآدابِهِ ويَفتَضِحُ اللَّئيمُ بِرَذائِلِهِ (1) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في طيور الجنّةعنه عليه السلام :أطهَرُ النّاسِ أعراقا أحسَنُهُم أخلاقا (2) .2 / 8دَورُ الأَخلاقِ فِي الأَرزاقِ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :في سَعَةِ الأَخلاقِ كُنوزُ الأَرزاقِ (3) .* ومنه :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: سَعَةُ الأَخلاقِ كيمِياءُ الأَرزاقِ (4) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في البراق :عنه عليه السلام :مَن ساءَ خُلُقُهُ ضاقَ رِزقُهُ ، مَن كَرُمَ خُلُقُهُ اتَّسَعَ رِزقُهُ (5) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في صفة الأرض :عنه عليه السلام :حُسنُ الأَخلاقِ يُدِرُّ الأَرزاقَ ويونِسُ الرِّفاقَ (6) .2 / 9عَوامِلُ البِناءِ الرّوحِيِّ2 / 9 _ 1المُجاهَدَةُ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في حديث الشابّ :الإمام عليّ عليه السلام :صَلاحُ النَّفسِ مُجاهَدَةُ الهَوى (7) .

.


1- .غرر الحكم : ح9694 ، عيون الحكم والمواعظ : ص484 ح8923 .
2- .غرر الحكم : ح3032 ، عيون الحكم والمواعظ : ص119 ح2691 .
3- .الكافي : ج8 ص23 ح4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، تحف العقول : ص214 ، بحار الأنوار : ج78 ص53 ح86 ؛ دستور معالم الحكم : ص22 .
4- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص339 ح884 .
5- .غرر الحكم : ح8023 و 8024 ، عيون الحكم والمواعظ : ص431 ح7401 و 7402 .
6- .غرر الحكم : ح4856 ، عيون الحكم والمواعظ : ص228 ح4398 .
7- .غرر الحكم : ح5805 ، عيون الحكم والمواعظ : ص303 ح5398 وفيه «مخالفة» بدل «مجاهدة» .

ص: 194

2 / 9 _ 2 الِاستِقامة

* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :اِملِكوا أنفُسَكُم بِدَوامِ جِهادِها (1) .* ومنه الدعاء :عنه عليه السلام :لا تَترُكِ الاِجتِهادَ في إصلاحِ نَفسِكَ ، فَإِنَّهُ لا يُعينُكَ إلَا الجِدُّ (2) .* وفي الخبر :عنه عليه السلام_ مِن وَصِيَّتِهِ لِشُرَيحِ بنِ هاني ، لَمّا جَعَلَهُ عَلى مُقَدِّمَتِهِ إلَى الشّامِ _: اِعلَم أنَّكَ إن لَم تَردَع نَفسَكَ عَن كَثيرٍ مِمّا تُحِبُّ مَخافَةَ مَكروهٍ سَمَت بِكَ الأَهواءُ إلى كَثيرٍ مِنَ الضَّرَرِ ، فَكُن لِنَفسِكَ مانِعا رادِعا (3) ، ولِنَزوَتِكَ عِندَ الحَفيظَةِ واقِما (4) قامِعا (5) .* ومنه عن أحمد بن عبيداللّه في جعفر ابن الإمام العنه عليه السلام :أقبِل عَلى نَفسِكَ بِالإِدبارِ عَنها (6) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :دَواءُ النَّفسِ الصَّومُ عَنِ الهَوى ، وَالحِميَةُ عَن لَذّاتِ الدُّنيا (7) .* وعنه عليه السلام في المؤمن :عنه عليه السلام :أكرِه نَفسَكَ عَلَى الفَضائِلِ ، فَإِنَّ الرَّذائِلَ أنتَ مَطبوعٌ عَلَيها (8) .2 / 9 _ 2الاِستِقامَة* وعنه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :إذا صَعُبَت عَلَيكَ نَفسُكَ فَاصعُب لَها تَذِلَّ لَكَ ، وخادِع نَفسَكَ عَن نَفسِك

.


1- .غرر الحكم : ح2489 ، عيون الحكم والمواعظ : ص89 ح2113 .
2- .غرر الحكم : ح10365 ، عيون الحكم والمواعظ : ص526 ح9573 .
3- .في نهج السعادة : ج2 ص116 «أنّه عليه السلام دعا زياد بن النضر وشريح بن هاني ، ثمّ أوصى زيادا وقال : ... اعلم أنّك إن لم تزع نفسك عن كثير ممّا تحبُّ مخافة مكروهه سمت بك الأهواء إلى كثيرٍ من الضرّ ، فكن لنفسك مانعا وازعا من البغي والظلم والعدوان» .
4- .الوَقْمُ : جَذْبُكَ العِنانَ . . . ووَقَم الرجلَ : أذلّه وقَهره ، وقيل : ردّه أقبح الردّ (لسان العرب : ج12 ص642) .
5- .نهج البلاغة : الكتاب 56 ، تحف العقول : ص191 نحوه وفيه «من وصيّته لزياد بن النضر» ، عيون الحكم والمواعظ : ص162 ح3461 وفيه إلى «الضرر» ، وقعة صفّين : ص121 ؛ المعيار والموازنة : ص140 كلاهما نحوه وفيهما «دعا زياد بن النضر وشريح بن هاني ، ثمّ أوصى زيادا» .
6- .غرر الحكم : ح2434 ، عيون الحكم والمواعظ : ص81 ح1959 .
7- .غرر الحكم : ح5153 ، عيون الحكم والمواعظ : ص250 ح4686 .
8- .غرر الحكم : ح2477 ، عيون الحكم والمواعظ : ص86 ح2072 .

ص: 195

2 / 9 _ 3 ال_ذّك_ر

* وعنه صلى الله عليه و آله :تَنقَد لَكَ (1) .سمل : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :مَن لَزِمَ الِاستِقامَةَ لَزِمَتهُ السَّلامَةُ (2) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :عَلَيكَ بِمَنهَجِ الِاستِقامَةِ ؛ فَإِنَّهُ يَكسِبُكَ الكَرامَةَ ويَكفيكَ المَلامَةَ (3) .* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :عنه عليه السلام :لا مَسلَكَ أسلَمُ مِنَ الِاستِقامَةِ ، لا سَبيلَ أشرَفُ مِنَ الِاستِقامَةِ (4) .2 / 9 _ 3ال_ذِّك_رسملق : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في القيامة :الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ اللّهَ سُبحانَهُ وتَعالى جَعَلَ الذِّكرَ جِلاءً لِلقُلوبِ ، تَسمَعُ بِهِ بَعدَ الوَقرَةِ (5) ، وتُبصِرُ بِهِ بَعدَ العَشوَةِ ، وتَنقادُ بِهِ بَعدَ المُعانَدَةِ (6) .سمم : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الحسنعنه عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ لِلإِمامِ الحَسَنِ عليه السلام _: إنّي اُوصيكَ بِتَقوَى اللّهِ _ أي بُنَيَّ _ ولُزومِ أمرِهِ ، وعِمارَةِ قَلبِكَ بِذِكرِهِ (7) .* وعن سليمان بن خالد عن أبي عبداللّه عليه السلامعنه عليه السلام :الذِّكرُ نورٌ ورُشدٌ (8) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :الذِّكرُ نورُ العَقلِ وحَياةُ النُّفوسِ وجِلاءُ الصُّدورِ (9) .

.


1- .غرر الحكم : ح4107 ، عيون الحكم والمواعظ : ص133 ح2985 .
2- .كنز الفوائد : ج1 ص280 ، بحار الأنوار : ج78 ص91 ح95 .
3- .غرر الحكم : ح6127 ، عيون الحكم والمواعظ : ص333 ح5679 .
4- .غرر الحكم : ح10636 و ح10556 ، عيون الحكم والمواعظ : ص537 ح9892 و ص532 ح9711 .
5- .الوَقر _ بفتح الواو _ : ثِقَل السَّمع (النهاية : ج5 ص213) .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 222 ، بحار الأنوار : ج69 ص325 ح39 .
7- .نهج البلاغة : الكتاب 31 ، تحف العقول : ص68 ، كشف المحجّة : ص221 عن عمرو بن أبي المقدام عن الإمام الباقر عنه عليهماالسلام ، المناقب لابن شهر آشوب : ج4 ص37 عن الإمام الصادق عنه عليهماالسلام ، كنز العمّال : ج16 ص168 ح44215 نقلاً عن وكيع والعسكري في المواعظ .
8- .غرر الحكم : ح602 ، عيون الحكم والمواعظ : ص50 ح1290 .
9- .غرر الحكم : ح1999 ، عيون الحكم والمواعظ : ص60 ح1523 .

ص: 196

2 / 9 _ 4 التّقوى
2 / 9 _ 5 القناعة
2 / 9 _ 6 سعة الرّزق

* وفي خبرٍ آخر :عنه عليه السلام :الذِّكرُ يَشرَحُ الصَّدرَ (1) .2 / 9 _ 4التَّقوى* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الدنيا :الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ تَقوَى اللّهِ دَواءُ داءِ قُلوبِكُم ، وبَصَرُ عَمى أفئِدَتِكُم ، وشِفاءُ مَرَضِ أجسادِكُم ، وصَلاحُ فَسادِ صُدورِكُم ، وطُهورُ دَنَسِ أنفُسِكُم ، وجِلاءُ عَشا أبصارِكُم ، وأمنُ فَزَعَ جَأشِكُم (2) ، وضِياءُ سَوادِ ظُلمَتِكُم (3) .سمن : عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :سَبَبُ صَلاحِ النَّفسِ الوَرَعُ (4) .2 / 9 _ 5القَناعَةُسمهر : عن خلادة في موت هاشم :الإمام عليّ عليه السلام :أعوَنُ شَيءٍ عَلى صَلاحِ النَّفسِ القَناعَةُ (5) .سما : عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :كَيفَ يَستَطيعُ صَلاحَ نَفسِهِ مَن لا يَقنَعُ بِالقَليلِ ؟ ! (6)* ومنه في حديث اُمّ مَعْبَد :عنه عليه السلام :إذا رَغِبتَ في صَلاحِ نَفسِكَ فَعَلَيكَ بِالاِقتِصادِ وَالقُنوعِ وَالتَّقَلُّلِ (7) .2 / 9 _ 6سَعَةُ الرِّزقِ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في ولادة النبيّ صلالإمام عليّ عليه السلام_ في كِتابٍ كَتَبَهُ إلى مالِكٍ الأَشتَرِ لَمّا وَلّاهُ عَلى مِصرَ _: أسبِغ عَلَيهِم

.


1- .غرر الحكم : ح835 ، عيون الحكم والمواعظ : ص32 ح542 .
2- .الجأش : القلب ، والنفس ، والجَنان (النهاية : ج1 ص232) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 198 ، بحار الأنوار : ج70 ص284 ح6 .
4- .غرر الحكم : ح5547 .
5- .غرر الحكم : ح3191 ، عيون الحكم والمواعظ : ص112 ح2424 .
6- .غرر الحكم : ح6979 ، عيون الحكم والمواعظ : ص384 ح6484 .
7- .غرر الحكم : ح4172 ، عيون الحكم والمواعظ : ص137 ح3124 .

ص: 197

2 / 9 _ 7 اللّذّات المحلّلة
2 / 9 _ 8 طرائف الحكم

* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في ولادة النبيّ صلالأَرزاقَ ، فَإِنَّ ذلِكَ قُوَّةٌ لَهُم عَلَى استِصلاحِ أنفُسِهِم ، وغِنىً لَهُم عَن تَناوُلِ ما تَحتَ أيديهِم ، وحُجَّةٌ عَلَيهِم إن خالَفوا أمرَكَ أو ثَلَموا أمانَتَكَ (1) .2 / 9 _ 7اللَّذّاتُ المُحَلَّلَةُسنت : عن أميرالمؤمنين عليه السلام فيالاستسقاء :الإمام عليّ عليه السلام :لِلمُؤمِنِ ثَلاثُ ساعاتٍ ، فَساعَةٌ يُناجي فيها رَبَّهُ ، وساعَةٌ يَرُمُّ مَعاشَهُ ، وساعَةٌ يُخَلّي بَينَ نَفسِهِ وبَينَ لَذَّتِها فيما يَحِلُّ ويَجمُلُ (2) .2 / 9 _ 8طَرائِفُ الحِكَمِسنح : عن الرضا عليه السلام في الواقفيّة :الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ هذِهِ القُلوبِ تَمُلُّ كَما تَمَلُّ الأَبدانُ ، فَابتَغوا لَها طَرائِفَ الحِكَمِ (3) .* وعن البيضاوي في قوله تعالى :عنه عليه السلام :اِجمَعوا هذِهِ القُلوبَ وَابتَغوا لَها طَرائِفَ الحِكمَةِ ، فَإِنَّها تَمَلُّ كَما تَمَلُّ الأَبدانُ (4) .* ومنه عن أبي الحسن موسى عليه السلام :عنه عليه السلام :كُلُّ شَيءٍ يُمِلُّ ما خَلا طَرائِفَ الحِكَمِ (5) .

.


1- .نهج البلاغة : الكتاب 53 ، تحف العقول : ص137 ، دعائم الإسلام : ج1 ص361 نحوه ، بحار الأنوار : ج33 ص605 ح744 .
2- .نهج البلاغة : الحكمة 390 ، الأمالي للطوسي : ص146 ح240 عن أبي وَجزَة السعدي عن أبيه ، غرر الحكم : ح7370 ، عيون الحكم والمواعظ : ص405 ح6856 وفيها «يحاسب نفسه» بدل «يَرُمّ معاشه» .
3- .نهج البلاغة : الحكمة 91 و 197 ، مشكاة الأنوار : ص447 ح1497 ، روضة الواعظين : ص453 ؛ أنساب الأشراف : ج2 ص373 عن عبد اللّه بن صالح ، دستور معالم الحكم : ص25 ، العقل وفضله لابن أبي الدنيا : ص35 ح90 عن النجيب بن السري وفيه «فالتمسوا لها من الحكمة طرفا» بدل «فابتغوا . . .» .
4- .جامع بيان العلم : ج1 ص104 عن النجيب بن السري ، كنز العمّال : ج3 ص669 ح8411 .
5- .غرر الحكم : ح6896 ، عيون الحكم والمواعظ : ص376 ح6365 .

ص: 198

2 / 10 عوامل الهدم الرّوحيّ
2 / 10 _ 1 اله_وى

2 / 10عَوامِلُ الهَدمِ الرُّوحِيِّ2 / 10 _ 1الهَ_وى* وعنه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :مَن عَشِقَ شَيئا أعشى بَصَرَهُ وأمرَضَ قَلبَهُ ، فَهُوَ يَنظُرُ بِعَينٍ غَيرِ صَحيحَةٍ ، ويَسمَعُ بِاُذُنٍ غَيرِ سَميعَةٍ ، قَد خَرَقَتِ الشَّهَواتُ عَقلَهُ ، وأماتَتِ الدُّنيا قَلبَهُ ، ووَلِهَت عَلَيها نَفسُهُ (1) .سند : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :النَّفسُ مَجبولَةٌ عَلى سوءِ الأَدَبِ ، وَالعَبدُ مَأمورٌ بِمُلازَمَةِ حُسنِ الأَدَبِ ، وَالنَّفسُ تَجري بِطَبعِها في مَيَدانِ المُخالَفَةِ ، وَالعَبدُ يَجهَدُ بِرَدِّها عَن سوءِ المُطالَبَةِ ، فَمَتى أطلَقَ عِنانَها فَهُوَ شَريكٌ في فَسادِها ، ومَن أعانَ نَفسَهُ في هَوى نَفسِهِ فَقَد أشرَكَ نَفسَهُ في قَتلِ نَفسِهِ (2) .* وفي الخبر :عنه عليه السلام :آفَةُ النَّفسِ الوَلَهُ بِالدُّنيا (3) .* وفي الخبر :عنه عليه السلام :رَأسُ الآفاتِ الوَلَهُ بِاللَّذّاتِ (4) .سندر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :خِدمَةُ الجَسَدِ إعطاؤُهُ ما يَستَدعيهِ مِنَ المَلاذِّ وَالشَّهَواتِ وَالمُقتَنَياتِ ، وفي ذلِكَ هَلاكُ النَّفسِ (5) .

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 109 ، عيون الحكم والمواعظ : ص366 ح6141 وفيه من «قد خرقت ...» ؛ المعيار والموازنة : ص284 نحوه .
2- .مشكاة الأنوار : ص433 ح1448 .
3- .غرر الحكم : ح3926 ، عيون الحكم والمواعظ : ص182 ح3731 وفيه «العقل» بدل «النفس» .
4- .غرر الحكم : ح5244 ، عيون الحكم والمواعظ : ص264 ح4797 .
5- .غرر الحكم : ح5097 ، عيون الحكم والمواعظ : ص245 ح4650 .

ص: 199

2 / 10 _ 2 العجب
2 / 10 _ 3 تضييع الحقوق
2 / 10 _ 4 صحبة الأشرار

2 / 10 _ 2العُجبسنم : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في أميرالالإمام عليّ عليه السلام :عُجبُ المَرءِ بِنَفسِهِ أحَدُ حُسّادِ عَقلِهِ (1) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :العُجبُ يُفسِدُ العَقلَ (2) .* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :آفَةُ اللُّبِّ العُجبُ (3) .2 / 10 _ 3تَضييعُ الحُقوقِ* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :إذا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ والِيَهُم وعَلَا الوالِي الرَّعِيَّةَ ، اختَلَفَت هُنالِكَ الكَلِمَةُ ، وظَهَرَت مَطامِعُ الجَورِ ، وكَثُرَ الإِدغالُ فِي الدّينِ ، وتُرِكَت مَعالِمُ السُّنَنِ ، فَعُمِلَ بِالهَواءِ [بَالهَوى] وعُطِّلَتِ الآثارُ وكَثُرَت عِلَلُ النُّفوسِ (4) .2 / 10 _ 4صُحبَةُ الأَشرارِ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :صُحبَةُ الأَشرارِ تَكسِبُ الشَّرَّ ، كَالرّيحِ إذا مَرَّت بِالنَّتِنِ حَمَلَت نَتِنا (5)

.* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :صُحبَةُ الأَشرارِ توجِبُ سوءَ الظَّنِّ بِالأَخيارِ (6) .

.


1- .نهج البلاغة : الحكمة 212 ، مشكاة الأنوار : ص539 ح1810 ، بحار الأنوار : ج72 ص317 ح25 .
2- .غرر الحكم : ح726 .
3- .غرر الحكم : ح3956 ، عيون الحكم والمواعظ : ص181 ح3715 .
4- .الكافي : ج8 ص353 ح550 عن جابر عن الإمام الباقر عليه السلام ، نهج البلاغة : الخطبة 216 نحوه .
5- .غرر الحكم : ح5839 ، عيون الحكم والمواعظ : ص304 ح5409 .
6- .غرر الحكم : ح5868 ، عيون الحكم والمواعظ : ص302 ح5368 .

ص: 200

2 / 10 _ 5 صحبة السّفهاء
2 / 10 _ 6 العسر

* وعن ابن مهزيار في صفة المهديّ عليه السلام :عنه عليه السلام :مُصاحِبُ الأَشرارِ كَراكِبِ البَحرِ ؛ إن سَلِمَ مِنَ الغَرَقِ لَم يَسلمَ مِنَ الفَرَقِ (1)(2) .* وعن أبي جعفر عليه السلام في قنوته :عنه عليه السلام :يَنبَغي لِمَن أرادَ صَلاحَ نَفسِهِ وإحرازَ دينِهِ أن يَجتَنِبَ مُخالَطَةَ أبناءِ الدُّنيا (3) .2 / 10 _ 5صُحبَةُ السُّفَهاءِ* وعن عليّ بن الحسين عليهماالسلام لمحمّد بن مسلمالإمام عليّ عليه السلام :فَسادُ الأَخلاقِ بِمُعاشَرَةِ السُّفَهاءِ (4) .2 / 10 _ 6العُسرُسنه : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :العُسرُ يَشينُ الأَخلاقَ ويوحِشُ الرِّفاقَ (5) .* ومنه في خبر جهينة :عنه عليه السلام_ في وَصفِ الدُّنيا _: مَنِ افتَقَرَ فيها حَزِنَ (6) .* ومنه في دعائه صلى الله عليه و آله على مضر :عنه عليه السلام_ لِابنِهِ مُحَمَّدِ بِن الحَنَفِيَّةِ _: يا بُنَيَّ ، إنّي أخافُ عَلَيكَ الفَقرَ ، فَاستَعِذ بِاللّهِ مِنهُ ، فَإِنَّ الفَقرَ مُنقَصَةٌ لِلدّينِ ، مَدهَشَةٌ لِلعَقلِ ، داعِيَةٌ لِلمَقتِ (7) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الاستسقاء :عنه عليه السلام :إنَّ الفَقرَ مَذَلَّةٌ لِلنَّفسِ مَدهَشَةٌ لِلعَقلِ جالِبٌ لِلهُمومِ (8) .

.


1- .الفَرَق بالتحريك : الخَوْف والفَزَع (النهاية : ج3 ص438) .
2- .غرر الحكم : ح9835 ، عيون الحكم والمواعظ : ص487 ح9011 .
3- .غرر الحكم : ح10951 ، عيون الحكم والمواعظ : ص555 ح10221 وفيه «ينبغي للعاقل أن يتجنّب . . .» .
4- .كشف الغمّة : ج3 ص139 ، بحار الأنوار : ج78 ص82 ح78 .
5- .غرر الحكم : ح1599 ، عيون الحكم والمواعظ : ص49 ح1264 و ص30 ح480 وفيه «العسر يفسد الأخلاق» .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 82 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص118 ، تحف العقول : ص201 ، الأمالي للسيّد المرتضى : ج1 ص107 ، الاختصاص : ص188 ، روضة الواعظين : ص488 ، بحار الأنوار : ج73 ص120 ح110 ؛ مطالب السؤول : ص52 ، المناقب للخوارزمي : ص364 ح379 عن عبيد اللّه بن محمّد التقي عن شيخ من بني عديّ ، كنز العمّال : ج3 ص720 ح8567 نقلاً عن ابن أبي الدنيا والدينوري عن شيخ من بني عديّ .
7- .نهج البلاغة : الحكمة 319 ، بحار الأنوار : ج72 ص53 ح83 .
8- .غرر الحكم : ح3428 ، عيون الحكم والمواعظ : ص149 ح3285 وفيه «مذهلة» بدل «مذلّة» .

ص: 201

2 / 10 _ 7 الإك_راه
2 / 11 طرق النّفوذ في قلوب الآخرين
2 / 11 _ 1 حسن النّيّة

سنا : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: نَظَرتُ إلى كُلِّ ما يُذِلُّ العَزيزَ ويَكسِرُهُ ، فَلَم أرَ شَيئا أذَلَّ لَهُ ولا أكسَرَ مِنَ الفاقَةِ (1) .2 / 10 _ 7الإِك_راهُ* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ لِلقُلوبِ شَهوَةً وإقبالاً وإدبارا ، فَاتوها مِن قِبَلِ شَهوَتِها وإقبالِها ، فَإِنَّ القَلبَ إذا اُكرِهَ عَمِيَ (2) .* وفي دعائه عليه السلام للنبيّ صلى الله عليه و آلعنه عليه السلام :إنَّ نَفسَكَ مَطِيَّتُكَ ؛ إن أجهَدتَها قَتَلتَها ، وإن رَفَقتَ بِها أبقَيتَها (3) .* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ لِابنِهِ الحَسَنِ عليه السلام _: يا بُنَيَّ إنَّ النَّفسَ حَمضَةٌ وَالاُذُنَ مَجّاجَةٌ ، فَلا تَحُثَّ فَهمَكَ عَلَى الإِلحاحِ عَلى عَقلِكَ ، ورَوِّح مِن عَقلِكَ فَإِنَّ لِكُلِّ عُضوٍ مِنَ الجَسَدِ مُستَراحاً (4) .2 / 11طُرُقُ النُّفوذِ في قُلوبِ الآخَرينَ2 / 11 _ 1حُسنُ النِّيَّةِ* وعن أبي جعفر عليه السلام في النار :الإمام عليّ عليه السلام :مَن حَسُنَت نِيَّتُهُ كَثُرَت مَثوبَتُهُ ، وطابَت عيشَتُهُ ، ووَجَبَت مَوَدَّتُهُ (5) .

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص293 ح355 .
2- .نهج البلاغة : الحكمة 193 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص112 ، نزهة الناظر : ص47 ح16 ، عيون الحكم والمواعظ : ص158 ح3424 .
3- .غرر الحكم : ح3643 ، عيون الحكم والمواعظ : ص155 ح3384 .
4- .نزهة الناظر : ص63 ح48 ، غرر الحكم : ح3603 نحوه .
5- .غرر الحكم : ح9094 ، عيون الحكم والمواعظ : ص465 ح8473 .

ص: 202

2 / 11 _ 2 حسن الظّنّ
2 / 11 _ 3 حسن الخلق
2 / 11 _ 4 حسن المقال

2 / 11 _ 2حُسنُ الظَّنِّ* وعنه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :مَن حَسُنَ ظَنُّهُ بِالنّاسِ حازَ مِنهُمُ المَحَبَّةَ (1) .* ومنه عن أبي إ براهيم في الجواد عليه السلام :عنه عليه السلام :مَن غَلَبَ عَلَيهِ سوءُ الظَّنِّ ، لَم يَترُك بَينَهُ وبَينَ خَليلٍ صُلحاً (2) .2 / 11 _ 3حُسنُ الخُلُقِ* وعن سلمان الفارسي عند دنوّ وفاته :الإمام عليّ عليه السلام :حُسنُ الخُلُقِ يورِثُ المَحَبَّةَ ، ويُؤَكِّدُ المَوَدَّةَ (3) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :عَلَيكَ بِحُسنِ الخُلُقِ ؛ فَإِنَّهُ يَكسِبُكَ المَحَبَّةَ (4) .2 / 11 _ 4حُسنُ المَقالِ* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :الِاستِصلاحُ لِلأَعداءِ بِحُسنِ المَقالِ وجَميلِ الأَفعالِ ، أهوَنُ مِن مُلاقاتِهِم ومَغالَبَتِهِم بِمَضيضِ (5) القِتالِ (6) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في صفّين :عنه عليه السلام :مَن لانَت كَلِمَتُهُ وَجَبت مَحَبَّتُهُ (7) .

.


1- .غرر الحكم : ح8842 ، عيون الحكم والمواعظ : ص435 ح7529 .
2- .غرر الحكم : ح8950 ، عيون الحكم والمواعظ : ص433 ح7477 .
3- .غرر الحكم : ح4864 ، عيون الحكم والمواعظ : ص228 ح4400 .
4- .غرر الحكم : ح6100 ، عيون الحكم والمواعظ : ص335 ح5726 .
5- .المَضض : وجع المصيبة ومضِضتُ منه : ألمتُ ، ومضّني الجرح : آلمني وأوجعني (لسان العرب : ج7 ص233) .
6- .غرر الحكم : ح1926 ، عيون الحكم والمواعظ : ص57 ح1472 .
7- .تحف العقول : ص91 ، نزهة الناظر : ص62 ح43 ، غرر الحكم : ح7941 ، عيون الحكم والمواعظ : ص429 ح7331 ، بحار الأنوار : ج71 ص396 ح79 ؛ شرح نهج البلاغة : ج19 ص35 ، المناقب للخوارزمي : ص368 ح385 وفيه «مودّته» بدل «محبّته» ، كشف الخفاء : ج2 ص285 ح2648 .

ص: 203

2 / 11 _ 5 حسن العشرة
2 / 11 _ 6 ال_رّف_ق

* ومنه :عنه عليه السلام :مَن عَذُبَ لِسانُهُ كَثُرَ إخوانُهُ (1) .* وقال أميرالمؤمنين عليه السلام لرسول اللّه صلى اعنه عليه السلام :عَوِّد لِسانَكَ لينَ الكَلامِ وبَذلَ السَّلامِ ، يَكثُر مُحِبّوكَ ويَقِلَّ مُبغِضوكَ (2) .2 / 11 _ 5حُسنُ العِشرَةِ* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في رسول اللّهالإمام عليّ عليه السلام :بِحُسنِ العِشرَةِ تَأنَسُ الرِّفاقُ (3) .* وعن ابن علقمة في المباهلة :عنه عليه السلام :بِحُسنِ الصُّحبَةِ تَكثُرُ الرِّفاقُ (4) .* وعن شيبة حين أراد قتل رسول اللّه صلى الله عليهعنه عليه السلام :حُسنُ الصُّحبَةِ يَزيدُ في مَحَبَّةِ القُلوبِ (5) .* وعن عمر في يوم خيبر :عنه عليه السلام :مَن أحسَنَ المُصاحَبَةَ كَثُرَ أصحابُهُ (6)

.2 / 11 _ 6ال_رِّف_قُ* وعن ابن شبيب :الإمام عليّ عليه السلام :رِفقُ المَرءِ وسَخاؤُهُ يُحَبِّبُهُ إلى أعدائِهِ (7) .سوس : عن أبي طالب :عنه عليه السلام :مَن يُلِن حاشِيَتَهُ يَعرِف صَديقُهُ مِنهُ المَوَدَّةَ (8) .

.


1- .المائة كلمة : ص24 ح8 ، المناقب للخوارزمي : ص375 ح395 ؛ عيون الحكم والمواعظ : ص424 ح7142 .
2- .غرر الحكم : ح6231 ، عيون الحكم والمواعظ : ص340 ح5793 .
3- .غرر الحكم : ح4233 ، عيون الحكم والمواعظ : ص187 ح3835 .
4- .غرر الحكم : ح4282 ، عيون الحكم والمواعظ : ص188 ح3874 .
5- .غرر الحكم : ح4812 ، عيون الحكم والمواعظ : ص228 ح4381 .
6- .غرر الحكم : ح8341 ، عيون الحكم والمواعظ : ص447 ح7908 .
7- .غرر الحكم : ح5429 ، عيون الحكم والمواعظ : ص269 ح4944 .
8- .الكافي : ج2 ص154 ح19 عن يحيى عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج74 ص122 ح86 .

ص: 204

2 / 11 _ 7 إخلاص المودّة
2 / 11 _ 8 البشاشة

* ومنه في الحديث القدسي :عنه عليه السلام :بِالرِّفقِ تَدومُ الصُّحبَةُ (1) .* ومنه عن قوم موسى عليه السلام :عنه عليه السلام :مَن تَلِن حاشِيَتُهُ يَستَدِم مِن قَومِهِ المَوَدَّةَ (2) .2 / 11 _ 7إخلاصُ المَوَدَّةِ* وفي حديث دعوة رسول اللّه صلى الله عليه و آله علالإمام عليّ عليه السلام :دارِ عَدُوَّكَ ، وأخلِص لِوَدودِكَ ؛ تَحفَظِ الاُخُوَّةَ ، وتُحرِزِ المُروءَةَ (3) .2 / 11 _ 8البَشاشَةُ* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :البَشاشَةُ حِبالَةُ المَوَدَّةِ (4) .* وفي حديث آخر :عنه عليه السلام :البَشاشَةُ فَخُّ (5) المَوَدَّةِ (6) .سوع : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :دارِ النّاسَ تَستَمتِع بِإِخائِهِم ، وَالقَهُم بِالبِشرِ تُمِت أضغانَهُم (7) .

.


1- .غرر الحكم : ح4342 ، عيون الحكم والمواعظ : ص186 ح3779 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 23 ، غرر الحكم : ح8583 ، عيون الحكم والمواعظ : ص441 ح7682 ، مجمع البحرين : ج3 ص1665 وفيه «المحبّة» بدل «المودّة» .
3- .غرر الحكم : ح5130 ، عيون الحكم والمواعظ : ص251 ح4705 .
4- .نهج البلاغة : الحكمة 6 ، مشكاة الأنوار : ص394 ح1297 ، روضة الواعظين : ص413 ، غرر الحكم : ح1075 وح6101 وفيه «عليك بالبشاشة فإنّها ...» ، عيون الحكم والمواعظ : ص44 ح1052 ، بحار الأنوار : ج74 ص167 ح35 ؛ ينابيع المودّة : ج2 ص232 ح651 .
5- .الفخّ : المصيدة (الصحاح : ج1 ص428) .
6- .تحف العقول : ص202 ، كنز الفوائد : ج1 ص93 ، أعلام الدين : ص178 ، بحار الأنوار : ج78 ص39 ح13 ؛ دستور معالم الحكم : ص20 وفيه «محّ» بدل «فخّ» .
7- .غرر الحكم : ح5129 ، عيون الحكم والمواعظ : ص251 ح4704 .

ص: 205

2 / 11 _ 9 التّودّد
2 / 11 _ 10 التّواضع
2 / 11 _ 11 الوفاء

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :حُسنُ اللِّقاءِ يَزيدُ في تَأَكُّدِ الإِخاءِ (1) .2 / 11 _ 9التَّوَدُّدُسوف : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :بَالتَّوَدُّدِ تَكونُ المَحَبَّةُ (2) .* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :بِالتَّوَدُّدِ تَتَأَكَّدُ المَحَبَّةُ (3) .* ومنه عن الصادق عليه السلام :عنه عليه السلام :مَن تَأَ لَّفَ النّاسَ أحَبّوهُ . مَن عانَدَ النّاسَ مَقَتوهُ (4) .2 / 11 _ 10التَّواضُعُ* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :ثَمَرَةُ التَّواضُعِ المَحَبَّةُ (5) .2 / 11 _ 11الوَفاءُ* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :سَبَبُ الايتِلافِ الوَفاءُ (6) .سوك : في حديث اُمّ معبد :عنه عليه السلام :مَن كانَ ذا حِفاظٍ ووَفاءٍ لَم يَعدَم حُسنَ الإِخاءِ (7) .

.


1- .غرر الحكم : ح4827 ، عيون الحكم والمواعظ : ص227 ح4372 وليس فيه «تأكّد» .
2- .غرر الحكم : ح4194 ، عيون الحكم والمواعظ : ص187 ح3808 وفيه «تكثر» بدل «تكون» .
3- .غرر الحكم : ح4341 ، عيون الحكم والمواعظ : ص186 ح3778 .
4- .غرر الحكم : ح7895 و ح7896 ، عيون الحكم والمواعظ : ص424 ح7166 وفيه صدره .
5- .غرر الحكم : ح4613 ، عيون الحكم والمواعظ : ص209 ح4192 ؛ شرح نهج البلاغة : ج20 ص296 ح389 .
6- .غرر الحكم : ح5511 ، عيون الحكم والمواعظ : ص282 ح5080 .
7- .غرر الحكم : ح8726 ، عيون الحكم والمواعظ : ص462 ح8392 .

ص: 206

2 / 11 _ 12 الإنص_اف
2 / 11 _ 13 الصّ_دق
2 / 11 _ 14 الك_رم

2 / 11 _ 12الإِنص_افُسول : عن فاطمة الصغرى في الكوفة :الإمام عليّ عليه السلام :الإِنصافُ يُؤَلِّفُ القُلوبَ (1) .سوم : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في يوم بدعنه عليه السلام :الإِنصافُ يَستَديمُ المَحَبَّةَ (2) .* وعنه صلى الله عليه و آله في القائم عليه السلامعنه عليه السلام :عَلَى الإِنصافِ تَرسُخُ المَوَدَّةُ (3) .* وعن أبي الحسن عليه السلام في قوله تعالى :عنه عليه السلام :المُنصِفُ كَثيرُ الأَولِياءِ وَالأَوِدّاءِ (4) .2 / 11 _ 13الصِّ_دقُ* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :يَكتَسِبُ الصّادِقُ بِصِدقِهِ ثَلاثا : حُسنَ الثِّقَةِ بِهِ ، وَالمَحَبَّةَ لَهُ ، وَالمَهابَةَ عَنهُ (5) .2 / 11 _ 14الكَ_رَمُ* وعن عمرو لأميرالمؤمنين عليه السلام في الخندق :الإمام عليّ عليه السلام :الكَريمُ عِندَ اللّهِ مَحبورٌ (6) مُثابٌ ، وعِندَ النّاسِ محَبوبٌ مُهابٌ (7) .

.


1- .غرر الحكم : ح1130 .
2- .غرر الحكم : ح1076 ، عيون الحكم والمواعظ : ص44 ح1053 .
3- .غرر الحكم : ح6190 ، عيون الحكم والمواعظ : ص327 ح5628 وفيه «على قدر الإنصاف . . .» .
4- .غرر الحكم : ح2116 ، عيون الحكم والمواعظ : ص20 ح102 .
5- .غرر الحكم : ح11038 ، عيون الحكم والمواعظ : ص550 ح10159 وفيه «منه» بدل «عنه» .
6- .الحَبرة بالفتح : النعمة وسَعَة العيش (النهاية : ج1 ص327) .
7- .غرر الحكم : ح2146 ، عيون الحكم والمواعظ : ص67 ح1705 .

ص: 207

2 / 11 _ 15 السّخاء
2 / 11 _ 16 الإحسان
2 / 11 _ 17 بذل النّوال

2 / 11 _ 15السَّخاءُ* وفي الخبر :الإمام عليّ عليه السلام :السَّخاءُ يَكسِبُ المَحَبَّةَ ، ويُزَيِّنُ الأَخلاقَ (1) .سوا : عن معاوية لأميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :سَبَبُ المَحَبَّةِ السَّخاءُ (2) .2 / 11 _ 16الإِحسانُ* وعنه عليه السلام في صفة الأرض :الإمام عليّ عليه السلام :الإِحسانُ مَحَبَّةٌ (3) .سهد : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :سَبَبُ المَحَبَّةِ الإِحسانُ (4) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :مَن كَثُرَ إحسانُهُ أحَبَّهُ إخوانُهُ (5) .2 / 11 _ 17بَذلُ النَّوالِ* وفي صفة المهديّ عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :العَطاءُ مَحَبَّةٌ (6) .سهم : عن أبي عبداللّه عليه السلام لإبراهيم الجعفيعنه عليه السلام :مَن سَمَحَت نَفسُهُ بِالعَطاءِ استَعبَدَ أبناءَ الدُّنيا (7) .

.


1- .غرر الحكم : ح1600 ، عيون الحكم والمواعظ : ص50 ح1265 .
2- .غرر الحكم : ح5510 ، عيون الحكم والمواعظ : ص282 ح5079 وراجع بحار الأنوار : ج15 ص31 ح48 .
3- .غرر الحكم : ح109 ، عيون الحكم والمواعظ : ص37 ح785 .
4- .غرر الحكم : ح5518 ، عيون الحكم والمواعظ : ص281 ح5059 .
5- .غرر الحكم : ح8473 ، عيون الحكم والمواعظ : ص449 ح7965 .
6- .مطالب السؤول : ص56 .
7- .غرر الحكم : ح9077 ، عيون الحكم والمواعظ : ص465 ح8461 .

ص: 208

2 / 11 _ 18 ترك الحسد
2 / 11 _ 19 تناسي المساوىَ
2 / 11 _ 20 الزّهد فيما في أيدي النّاس

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في النبيّ صلى اللهعنه عليه السلام :مَن بَذَلَ مَعروفَهُ كَثُرَ الرّاغِبُ إلَيهِ (1) .* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الجماعنه عليه السلام :مَن بَذَلَ النَّوالَ قَبلَ السُّؤالِ فَهُوَ الكَريمُ المَحبوبُ (2) .2 / 11 _ 18تَركُ الحَسَدِ* وعن أبي أيّوب الأنصاري :الإمام عليّ عليه السلام :مَن تَرَكَ الحَسَدَ كانَت لَهُ المَحَبَّةُ عِندَ النّاسِ (3) .2 / 11 _ 19تَناسِي المَساوِىَ* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :تَناسَ مَساوِئَ الإِخوانِ تَستَدِم وُدَّهُم (4) .سيأ : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: مِمّا تَكتَسِبُ بِهِ المَحَبَّةَ أن تَكونَ عالِما كَجاهِلٍ ، وواعِظا كَموعوظٍ (5) .2 / 11 _ 20الزُّهدُ فيما في أيدِي النّاسِ* وفي الحسن والحسين عليهماالسلام :الإمام عليّ عليه السلام :تَحَبَّب إلَى النّاسِ بِالزُّهدِ فيما في أيديهِم تَفُز بِالمَحَبَّةِ مِنهُم (6) .

.


1- .غرر الحكم : ح8492 ، عيون الحكم والمواعظ : ص449 ح7978 و ص440 ح7644 وفيه «مالت إليه القلوب» بدل «كثر الراغب إليه» .
2- .غرر الحكم : ح8643 ، عيون الحكم والمواعظ : ص440 ح7645 .
3- .تحف العقول : ص89 و ص99 ، بحار الأنوار : ج77 ص237 ح1 .
4- .غرر الحكم : ح4584 ، عيون الحكم والمواعظ : ص200 ح4054 .
5- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص330 ح788 .
6- .غرر الحكم : ح4506 ، عيون الحكم والمواعظ : ص200 ح4053 .

ص: 209

2 / 11 _ 21 العدل
2 / 11 _ 22 حسن الكفاية
2 / 11 _ 23 صلة الرّحم

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الخِضْر :عنه عليه السلام :تَحَلَّ بِاليَأسِ مِمّا في أيدِي النّاسِ تَسلَم مِن غَوائِلِهم ، وتُحرِزِ المَوَدَّةَ مِنهُم (1) .2 / 11 _ 21العَدلُ* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :مَن عَمِلَ بِالحَقِّ مالَ إلَيهِ الخَلقُ (2)

.* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: قَدِّمِ العَدلَ عَلَى البَطشِ تَظفَر بِالمَحَبَّةِ ، ولا تَستَعمِلِ الفِعلَ حَيثُ يَنجَعُ القَولَ (3) .سيج : عن ابن عبّاس :عنه عليه السلام :مَن كَثُرَ عَدلُهُ حُمِدَت أيّامُهُ (4) .2 / 11 _ 22حُسنُ الكِفايَةِ* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في العباد :الإمام عليّ عليه السلام :مَن حَسُنَت كِفايَتُهُ أحَبَّهُ سُلطانُهُ (5) .2 / 11 _ 23صِلَةُ الرَّحِمِ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في الزكاة :الإمام عليّ عليه السلام :صِلَةُ الرَّحِمِ توجِبُ المَحَبَّةَ (6) .

.


1- .غرر الحكم : ح4507 ، عيون الحكم والمواعظ : ص202 ح4088 .
2- .غرر الحكم : ح8646 ، عيون الحكم والمواعظ : ص460 ح8362 .
3- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص278 ح207 .
4- .غرر الحكم : ح8410 ، عيون الحكم والمواعظ : ص455 ح8221 .
5- .غرر الحكم : ح8474 ، عيون الحكم والمواعظ : ص449 ح7966 .
6- .غرر الحكم : ح5852 ، عيون الحكم والمواعظ : ص304 ح5413 .

ص: 210

2 / 11 _ 24 الهديّة
2 / 11 _ 25 النّصيحة
2 / 11 _ 26 عتاب العاقل

2 / 11 _ 24الهَدِيَّةُسير : في خبر سعد بن عبادة حين حمل النبيّ صلى اللهالإمام عليّ عليه السلام :الهَدِيَّةُ تَجلِبُ المَحَبَّةَ (1) .* وعن سلمان في أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :مَا استُعطِفَ السُّلطانُ ، ولَا استُسِلَّ سَخيمَةُ (2) الغَضبانِ ، ولَا استُميلَ المَهجورُ ، ولا استُنجِحَت صِعابُ الاُمورِ ، ولَا استُدفِعَتِ الشُّرورُ بِمِثلِ الهَدِيَّةِ (3) .2 / 11 _ 25النَّصيحَةُسيف : فيالحديث :الإمام عليّ عليه السلام :النَّصيحَةُ تُثمِرُ الوُدَّ (4) .سيل : في صفته صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :النُّصحُ يُثمِرُ المَحَبَّةَ (5) .2 / 11 _ 26عِتابُ العاقِلِسيه : في تفسير القمّي في قوله تعالى :الإمام عليّ عليه السلام :العِتابُ حَياةُ المَوَدَّةِ (6) .* ومنه عن الحسين بن عليّ عليهماالسلام :عنه عليه السلام :لا تُعاتِبِ الجاهِلَ فَيَمقُتَكَ ، وعاتِبِ العاقِلَ يُحبِبكَ (7) .

.


1- .غرر الحكم : ح316 ، عيون الحكم والمواعظ : ص39 ح859 .
2- .السخيمة : الحقد في النفس (النهاية : ج2 ص351) .
3- .غرر الحكم : ح9695 ، عيون الحكم والمواعظ : ص478 ح8780 .
4- .غرر الحكم : ح844 ، عيون الحكم والمواعظ : ص32 ح540 .
5- .غرر الحكم : ح614 ، عيون الحكم والمواعظ : ص32 ح558 .
6- .غرر الحكم : ح315 ، عيون الحكم والمواعظ : ص39 ح858 .
7- .غرر الحكم : ح10215 ، عيون الحكم والمواعظ : ص519 ح9414 .

ص: 211

2 / 11 _ 27 جوامع الأسباب

2 / 11 _ 27جَوامِعُ الأَسبابِ* وعنه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ أحسَنَ ما يَألَفُ بِهِ النّاسُ قُلوبَ أوِدّائِهِم ، ونَفَوا بِهِ الضِّغنَ عَن قُلوبِ أعدائِهِم ، حُسنُ البِشرِ عِندَ لِقائِهِم ، وَالتَّفَقُّدُ في غَيبَتِهِم ، وَالبَشاشَةُ بِهِم عِندِ حُضورِهِم (1) .شأف : عن زينب عليهاالسلام ليزيد :عنه عليه السلام :العَقلُ غِطاءٌ سَتيرٌ ، وَالفَضلُ جَمالٌ ظاهِرٌ ، فَاستُر خَلَلَ خُلُقِكَ بِفَضلِكَ ، وقاتِل هَواكَ بِعَقلِكَ ، تَسلَم لَكَ المَوَدَّةُ ، وتَظهَر لَكَ المَحَبَّةُ (2) .* ومنه عن جابر في بني اُميّة :عنه عليه السلام :طَلاقَةُ الوَجهِ بِالبِشرِ ، وَالعَطِيَّةُ ، وفِعلُ البِرِّ ، وبَذلُ التَّحِيَّةِ ، داعٍ إلى مَحَبَّةِ البَرِيَّةِ (3) .* ومنه عن المنصور في جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :مَا استَجلَبَتِ المَحَبَّةَ بِمِثلِ السَّخاءِ ، وَالرِّفقِ ، وحُسنِ الخُلُقِ (4) .شأم : عن ابن ذي يزن :عنه عليه السلام :ثَلاثٌ يوجِبنَ المَحَبَّةَ : حُسنُ الخُلُقِ ، وحُسنُ الرِّفقِ ، وَالتَّواضُعُ (5) .* ومنه في هارون عليه السلام :عنه عليه السلام :تَسَربَلِ الحَياءَ ، وَادَّرِعِ الوَفاءَ ، وَاحفَظِ الإِخاءَ ، وأقلِل مُحادَثَةَ النِّساءِ يَكمُل لَكَ السَّناءُ (6) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الإبل :عنه عليه السلام :بِكَثرَةِ الصَّمتِ تَكونُ الهَيبَةُ ، وبِالنَّصَفَةِ يَكثُرُ المُواصِلونَ ، وبِالإِفضالِ تَعظُمُ الأَقدارُ ، وبِالتَّواضُعِ تَتِمُّ النِّعمَةُ ، وبِاحتِمالِ المُؤَنِ يَجِبُ السُّؤدَدُ ، وبِالسّيرَةِ العادِلَةِ يُقهَرُ المُناوِئُ ، وبِالحِلمِ عَنِ السَّفيهِ تَكثُرُ الأنصارُ عَلَيهِ (7) .

.


1- .تحف العقول : ص218 ، بحار الأنوار : ج78 ص57 ح124 .
2- .الكافي : ج1 ص20 ح13 عن سهل بن زياد رفعه .
3- .غرر الحكم : ح6032 ، عيون الحكم والمواعظ : ص318 ح5541 .
4- .غرر الحكم : ح9561 .
5- .غرر الحكم : ح4684 ، عيون الحكم والمواعظ : ص212 ح4235 .
6- .غرر الحكم : ح4536 ، عيون الحكم والمواعظ : ص202 ح4098 .
7- .نهج البلاغة : الحكمة 224 ، نزهة الناظر : ص47 ح15 ، بحار الأنوار : ج69 ص410 ح126 ؛ ينابيع المودّة : ج2 ص244 ح686 وفيه إلى «تتمّ النعمة» .

ص: 212

2 / 12 موانع النّفوذ في قلوب الآخرين
2 / 12 _ 1 خبث السّريرة

* وعنه صلى الله عليه و آله في سبأ :عنه عليه السلام :اِحمِل نَفسَكَ مِن أخيكَ عِندَ صَرمِهِ عَلَى الصِّلَةِ ، وعِندَ صُدودِهِ عَلَى اللَّطَفِ وَالمُقارَبَةِ ، وعِندَ جُمودِهِ عَلَى البَذلِ ، وعِندَ تَباعُدِهِ عَلَى الدُّنُوِّ ، وعِندَ شِدَّتِهِ عَلَى اللّينِ ، وعِندَ جُرمِهِ عَلَى العُذرِ حَتّى كَأَنَّكَ لَهُ عَبدٌ وكَأَنَّهُ ذو نِعمَةٍ عَلَيكَ . وإيّاكَ أن تَضَعَ ذلِكَ في غَيرِ مَوضِعِهِ أو أن تَفعَلَهُ بِغَيرِ أهلِهِ . لا تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَديقِكَ صَديقاً فَتُعادِيَ صَديقَكَ ، وَامحَض أخاكَ النَّصيحَةَ حَسَنَةً كانَت أو قَبيحَةً . وتَجَرَّعِ الغَيظَ فَإِنّي لَم أرَ جُرعَةً أحلى مِنها عاقِبَةً ولا ألَذَّ مَغَبَّةً . ولِن لِمَن غالَظَكَ فَإِنَّهُ يوشِكُ أن يَلينَ لَكَ . وخُذ عَلى عَدُوِّكَ بِالفَضلِ فَإِنَّهُ أحلَى الظَّفَرينِ وإن أرَدتَ قَطيعَةَ أخيكَ فَاستَبقِ لَهُ مِن نَفسِكَ بَقِيَّةً يَرجِعُ إلَيها إن بَدا لَهُ ذلِكَ يَوماً ما . ومَن ظَنَّ بِكَ خَيراً فَصَدِّق ظَنَّهُ . ولا تُضيعَنَّ حَقَّ أخيكَ اتِّكالاً عَلى ما بَينَكَ وبَينَهُ فَإِنَّهُ لَيسَ لَكَ بِأَخٍ مَن أضَعتَ حَقَّهُ . ولا يَكُن أهلُكَ أشقَى الخَلقِ بِكَ . ولا تَرغَبَنَّ فيمَن زَهِدَ عَنكَ ، ولا يَكونَنَّ أخوكَ أقوى عَلى قَطيعَتِكَ مِنكَ عَلى صِلَتِهِ ، ولا تَكونَنَّ عَلَى الإِساءَةِ أقوى مِنكَ عَلَى الإِحسانِ ، ولا يَكبُرَنَّ عَلَيكَ ظُلمُ مَن ظَلَمَكَ ، فَإِنَّهُ يَسعى في مَضَرَّتِهِ ونَفعِكَ ، ولَيسَ جَزاءُ مَن سَرَّكَ أن تَسوءَهُ (1) .2 / 12مَوانِعُ النُّفوذِ في قُلوبِ الآخَرينَ2 / 12 _ 1خُبثُ السَّريرَةِ* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في النبيّ صلىالإمام عليّ عليه السلام :إنَّما أنتُم إخوانٌ عَلى دينِ اللّهِ ، ما فَرَّقَ بَينَكُم إلّا خُبثُ السَّرائِرِ وسوء

.


1- .نهج البلاغة : الكتاب 31 ، كشف المحجّة : ص232 عن عمرو بن أبي المقدام عن الإمام الباقر عنه عليهماالسلام ، تحف العقول : ص81 نحوه ، بحار الأنوار : ج74 ص168 ح35 وراجع دستور معالم الحكم : ص63 .

ص: 213

2 / 12 _ 2 سوء الخلق
2 / 12 _ 3 تتبّع العيوب
2 / 12 _ 4 مناقشة الأصدقاء

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في النبيّ صلىالضَّمائِرِ ، فَلا تَوازَرونَ ، ولا تَناصَحونَ ، ولا تَباذَلونَ ، ولا تَوادّونَ (1) .2 / 12 _ 2سوءُ الخُلُقِ* ومنه في كعب بن الأشرف :الإمام عليّ عليه السلام :مَن ساءَ خُلُقُهُ قَلاهُ مُصاحِبُهُ و رَفيقُهُ (2) .* وفي حديث اُمّ مَعبَد :عنه عليه السلام :مَن ساءَ خُلُقُهُ أعوَزَهُ الصَّديقُ وَالرَّفيقُ (3) .* وعن الحميري في رُبّ الجَوز :عنه عليه السلام :مَن خَشُنَت عَريكَتُهُ أقفَرَت حاشِيَتُهُ (4) .2 / 12 _ 3تَتَبُّعُ العُيوبِشبح : في صفته صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :مَن تَتَبَّعَ خَفِيّاتِ العُيوبِ حَرَمَهُ اللّهُ مَوَدّاتِ القُلوبِ (5)

.2 / 12 _ 4مُناقَشَةُ الأَصدِقاءِشبدع : عن أعرابيٍّ في أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :مَن ناقَشَ الإِخوانَ قَلَّ صَديقُهُ (6) .شبر : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في ولد فاعنه عليه السلام :مَنِ استَقصى عَلى صَديقِهِ انقَطَعَت مَوَدَّتُهُ (7) .

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 113 .
2- .غرر الحكم : ح8773 ، عيون الحكم والمواعظ : ص437 ح7567 .
3- .غرر الحكم : ح9187 .
4- .غرر الحكم : ح8581 .
5- .غرر الحكم : ح8800 ، عيون الحكم والمواعظ : ص436 ح7540 .
6- .غرر الحكم : ح8772 ، عيون الحكم والمواعظ : ص437 ح7566 .
7- .غرر الحكم : ح8582 ، عيون الحكم والمواعظ : ص459 ح8320 .

ص: 214

2 / 12 _ 5 المراء
2 / 12 _ 6 السّفه
2 / 12 _ 7 الِاحتِشام

* وقال جماعة لمحمّد بن عثمان :عنه عليه السلام :مَن جانَبَ الإِخوانَ عَلى كُلِّ ذَنبٍ قَلَّ أصدِقاؤُهُ (1) .شبرق : في العاص بن وائل :عنه عليه السلام :شَرطُ المُصاحَبَةِ قِلَّةُ المُخالَفَةِ (2) .2 / 12 _ 5المِراءُ* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :لا مَحَبَّةَ مَعَ المِراءِ (3) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في أسماء زمزم :عنه عليه السلام :لا مَحَبَّةَ مَعَ كَثرَةِ مِراءٍ (4) .شبق : عن الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام :لَيسَ بِرَفيقٍ مَحمودِ الطَّريقَةِ مَن أحوَجَ صاحِبَهُ إلى مُماراتِهِ (5) .2 / 12 _ 6السَّفَهُ* وعنه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :إيّاكَ وَ السَّفَهَ ؛ فَإِنَّهُ يوحِشُ الرِّفاقَ (6) .2 / 12 _ 7الاِحتِشامُشبه : عن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :إذَا احتَشَمَ المُؤمِنُ أخاهُ فَقَد فارَقَهُ (7) .

.


1- .غرر الحكم : ح8166 ، عيون الحكم والمواعظ : ص443 ح7766 .
2- .غرر الحكم : ح5783 ، عيون الحكم والمواعظ : ص298 ح5327 .
3- .المائة كلمة : ص36 ح20 ، المناقب للخوارزمي : ص375 ح395 ، الإعجاز والإيجاز للثعالبي : ص37 .
4- .غرر الحكم : ح10532 ، عيون الحكم والمواعظ : ص531 ح9663 .
5- .غرر الحكم : ح7504 ، عيون الحكم والمواعظ : ص411 ح7001 .
6- .غرر الحكم : ح2655 ، عيون الحكم والمواعظ : ص95 ح2198 .
7- .نهج البلاغة : الحكمة 480 ؛ شرح نهج البلاغة : ج20 ص251 ح488 .

ص: 215

2 / 12 _ 8 الشحّ
2 / 12 _ 9 الملل

2 / 12 _ 8الشُحُّ* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :زِيادَةُ الشُّحِّ تَشينُ الفُتُوَّةَ ، و تُفسِدُ الاُخُوَّةَ (1) .شبا : في حديث المعراج :عنه عليه السلام :لَيسَ لِشَحيحٍ رَفيقٌ (2) .* وفي الدعاء :عنه عليه السلام :لَيسَ لِبَخيلٍ حَبيبٌ (3) .2 / 12 _ 9المَلَلُ* وعنه عليه السلام متمثّلاً :الإمام عليّ عليه السلام :المَلَلُ يُفسِدُ الاُخُوَّةَ (4) .شتر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في بدر :عنه عليه السلام :لا اُخوَّةَ لِمَلولٍ (5) .* وعن فقه الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام :لا خُلَّةَ لِمَلولٍ (6) .* ومنه عن ابن العرق :عنه عليه السلام_ كانَ يَقولُ _: لا راحَةَ لِحَسودٍ ، و لا مَوَدَّةَ لِمَلولٍ (7) .شتقن : عن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :قَلَّما تَنجَحُ حيلَةُ العَجولِ ، أو تَدومُ مَوَدَّةُ المَلولِ (8) .

.


1- .غرر الحكم : ح5508 ، عيون الحكم والمواعظ : ص277 ح5051 .
2- .غرر الحكم : ح7465 ، عيون الحكم والمواعظ : ص409 ح6953 .
3- .غرر الحكم : ح7473 ، عيون الحكم والمواعظ : ص410 ح6956 .
4- .غرر الحكم : ح1108 .
5- .غرر الحكم : ح10437 ، عيون الحكم والمواعظ : ص532 ح9678 .
6- .غرر الحكم : ح10443 ، عيون الحكم والمواعظ : ص532 ح9682 .
7- .الإرشاد : ج1 ص303 ، تحف العقول : ص215 وفيه «لا عيش» بدل «لا راحة» ، كنز الفوائد : ج1 ص137 .
8- .غرر الحكم : ح6741 ، عيون الحكم والمواعظ : ص371 ح6274 وفيه «خلّة» بدل «مودّة» .

ص: 216

2 / 12 _ 10 الكبر
2 / 12 _ 11 الجفاء
2 / 12 _ 12 الحقد

2 / 12 _ 10الكِبرُشثث : عن النبيّ صلى الله عليه و آله في جلد شاة ميالإمام عليّ عليه السلام :لَيسَ لِمُتَكَبِّرٍ صَديقٌ (1) .شثن : في صفته صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :مَنِ استَطالَ عَلَى الإِخوانِ لَم يَخلُص لَهُ إنسانٌ (2) .2 / 12 _ 11الجَفاءُشجج : عن موسى بن جعفر عليهماالسلام :الإمام عليّ عليه السلام :الجَفاءُ يُفسِدُ الإِخاءَ (3) .* وعن سعد بن عبداللّه في الشِّجَاج وأسمائها :عنه عليه السلام :إيّاكَ وَ الجَفاءَ ؛ فَإِنَّهُ يُفسِدُ الإِخاءَ ، و يُمَقِّتُ إلَى اللّهِ وَ النّاسِ (4) .شجر : في الحديث القدسيّ :عنه عليه السلام :لا تَطلُبَنَّ الإِخاءَ عِندَ أهلِ الجَفاءِ ، وَ اطلُبهُ عِندَ أهلِ الحِفاظِ وَالوَفاءِ (5) .2 / 12 _ 12الحِقدُ* وعنه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :لا مَوَدَّةَ لِحَقودٍ (6) .* وعن عليّ بن الحسين عليهماالسلام في أميرالمؤمنينعنه عليه السلام :لَيسَ لِحَقودٍ اُخُوَّةٌ (7) .

.


1- .غرر الحكم : ح7464 ، عيون الحكم والمواعظ : ص409 ح6952 وفيه «لكلّ متكبّر» .
2- .غرر الحكم : ح8393 ، عيون الحكم والمواعظ : ص455 ح8210 .
3- .غرر الحكم : ح562 ، عيون الحكم والمواعظ : ص50 ح1283 .
4- .غرر الحكم : ح2662 ، عيون الحكم والمواعظ : ص97 ح2240 .
5- .غرر الحكم : ح10421 ، عيون الحكم والمواعظ : ص519 ح9429 .
6- .غرر الحكم : ح10436 ، عيون الحكم والمواعظ : ص531 ح9669 .
7- .غرر الحكم : ح7483 ، عيون الحكم والمواعظ : ص409 ح6939 .

ص: 217

2 / 12 _ 13 الحسد
2 / 12 _ 14 الغدر
2 / 12 _ 15 طاعة الواشي

2 / 12 _ 13الحَسَدُ* وعن الحسن بن عليّ عليهماالسلام لمروان :الإمام عليّ عليه السلام :الحَسودُ لا خُلَّةَ لَهُ (1) .شجن : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :حَسَدُ الصَّديقِ مِن سُقمِ المَوَدَّةِ (2)

.2 / 12 _ 14الغَدَرُ* وعن أبي ذرّ :الإمام عليّ عليه السلام :لا تَدومُ مَعَ الغَدرِ صُحبَةُ خَليلٍ (3) .* وعن ثابت في عليّ بن الحسين عليهماالسلام :عنه عليه السلام :إذا ظَهَرَ غَدرُ الصَّديقِ سَهُلَ هَجرُهُ (4) .2 / 12 _ 15طاعَةُ الواشيشحب : عن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :من أطاعَ الواشِيَ ضَيَّعَ الصَّديقَ (5) .* ومنه في زيارة عاشوراء :عنه عليه السلام :مَن صَدَّقَ الواشِيَ أفسَدَ الصَّديقَ (6) .

.


1- .غرر الحكم : ح886 ، عيون الحكم والمواعظ : ص409 ح6940 .
2- .نهج البلاغة : الحكمة 218 ، غرر الحكم : ح4928 ، عيون الحكم والمواعظ : ص234 ح4483 ، بحار الأنوار : ج74 ص163 ح28 .
3- .غرر الحكم : ح10601 ، عيون الحكم والمواعظ : ص533 ح9746 .
4- .غرر الحكم : ح4162 ، عيون الحكم والمواعظ : ص131 ح2959 .
5- .نهج البلاغة : الحكمة 239 ، بحار الأنوار : ج73 ص160 ح7 ؛ ينابيع المودّة : ج2 ص245 ح688 .
6- .غرر الحكم : ح8479 ، عيون الحكم والمواعظ : ص449 ح7972 .

ص: 218

2 / 12 _ 16 كثرة التّقريع
2 / 12 _ 17 ترك التّعاهد

2 / 12 _ 16كَثرَةُ التَّقريعِشحح : عن النّبيّ صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :كَثرَةُ التَّقريعِ توغِرُ القُلوبَ ، و توحِشُ الأَصحابَ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الميّت :عنه عليه السلام :لا تُنابِذ عَدُوَّكَ ولا تُقَرِّع صَديقَكَ ، وَاقبَلِ العُذرَ وإن كانَ كَذِباً ، ودَعِ الجَوابَ عَن قُدرَةٍ وإن كانَ لَكَ (2) .2 / 12 _ 17تَركُ التَّعاهُدِ* وعن أبي جعفر عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :تَركُ التَّعاهُدِ لِلصَّديقِ داعِيَةُ القَطيعَةِ (3) .* وروي عن الصادق عليه السلام أ نّه قال :عنه عليه السلام :مَن لَم يَتَعاهَد مُوادِدَهُ فَقَد ضَيَّعَ الصَّديقَ (4) .شحذ : عن أبي عبداللّه عليه السلام في جابلقا :عنه عليه السلام : الصَبرُ مِن كَرَمِ الطَّبيعَةِ

وَالمَنُّ مَفسَدَةُ الصَّنيعَةِ وَالحَقُّ أمنَعُ جانِبا

مِن قُلَّةِ الجَبَلِ المَنيعَةِ وَالشَّرُّ أسرَعُ جَريَةً

مِن جَريَةِ الماءِ السَّريعَةِ تَركُ التَّعاهُدِ لِلصَّديقِ

يَكونُ داعِيَةَ القَطيعَةِ (5)

.


1- .غرر الحكم : ح7112 ، عيون الحكم والمواعظ : ص390 ح6600 .
2- .غرر الحكم : ح10358 ، عيون الحكم والمواعظ : ص529 ح9624 وفيه «لا تأمن» بدل «لا تُنابذ» .
3- .الإرشاد : ج1 ص303 ، كشف اليقين : ص223 ح249 ، بحار الأنوار : ج77 ص421 ح40 .
4- .غرر الحكم : ح8550 .
5- .تاريخ دمشق : ج42 ص529 عن محمّد بن عليّ بن عبيد اللّه ؛ الديوان المنسوب إلى الإمام عليّ عليه السلام : ص338 الرقم262 نحوه .

ص: 219

2 / 12 _ 18 عدم الإنصاف
2 / 12 _ 19 منع الخير
2 / 12 _ 20 العجب وسوء الخلق وقلّة الصّبر
2 / 13 ما يظهر الخصال الرّوحيّة

2 / 12 _ 18عَدَمُ الإِنصافِشحط : عن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :مَن عُدِمَ إنصافُهُ لَم يُصحَب (1) .* وعن المهدي عليه السلام لابن مهزيار :عنه عليه السلام :لا تَدومُ عَلى عَدَمِ الإِنصافِ المَوَدَّةُ (2)

.2 / 12 _ 19مَنعُ الخَيرِ* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :مَنعُ خَيرِكَ يَدعو إلى صُحبَةِ غَيرِكَ (3) .2 / 12 _ 20العُجبُ وسوءُ الخُلُقِ وقِلَّةُ الصَّبرِشحن : فيه :الإمام عليّ عليه السلام :إيّاكَ وَ العُجبَ و سوءَ الخُلُقِ و قِلَّةَ الصَّبرِ ؛ فَإِنَّهُ لا يَستَقيمُ لَكَ عَلى هذِهِ الخِصالِ الثَّلاثِ صاحِبٌ ، و لا يَزالُ لَكَ عَلَيها مِنَ النّاسِ مُجانِبٌ (4) .2 / 13ما يُظهِرُ الخِصالَ الرّوحِيَّةَشحا : من أفْراسه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :القُدرَةُ تُظهِرُ مَحمودَ الخِصالِ ومَذمومَها (5) .

.


1- .غرر الحكم : ح8114 ، عيون الحكم والمواعظ : ص442 ح7715 .
2- .غرر الحكم : ح10827 ، عيون الحكم والمواعظ : ص541 ح10040 .
3- .غرر الحكم : ح9783 ، عيون الحكم والمواعظ : ص489 ح9056 .
4- .الخصال : ص147 ح178 عن حمّاد بن عيسى عمّن ذكره عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج74 ص175 ح6 .
5- .غرر الحكم : ح1153 ، عيون الحكم والمواعظ : ص18 ح34 وليس فيه «ومذمومها» .

ص: 220

2 / 14 علم النّفس التّربويّ
2 / 14 _ 1 المبادرة بتأديب الأولاد

شخب : عن يوسف عليه السلام :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: السَّفَرُ مِيزانُ الأَخلاقِ (1) .* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :خَوافِي الأَخلاقِ تَكشِفُهَا المُعاشَرَةُ (2) .* ومنه في خيبر :عنه عليه السلام :في تَقَلُّبِ الأَحوالِ عُلِمَ جَواهِرُ الرِّجالِ (3) .شخت : في الجنّ :عنه عليه السلام :المَرءُ يَتَغَيَّرُ في ثَلاثٍ : القُربِ مِنَ المُلوكِ وَالوِلاياتِ ، وَالغِناءِ مِنَ الفَقرِ ، فَمَن لَم يَتَغَيَّر في هذِهِ فَهُوَ ذو عَقلٍ قَويمٍ وخُلُقٍ مُستَقيمٍ (4) .شخص : عن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: إذا وُلِّيَ صَديقُكَ وِلايَةً فَأَصَبتَهُ عَلَى العُشرِ مِن صَداقَتِهِ فَلَيسَ بِصاحِبِ سَوءٍ (5) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: المِرآةُ الَّتي يَنظُرُ الإنسانُ فيها إلى أخلاقِهِ هِيَالنّاسُ؛ لِأَ نَّهُ يَرى مَحاسِنَهُ مِن أولِيائِهِ مِنهُم،ومَساوِيَهُ مِن أعدائِهِ فيهِم (6) .2 / 14عِلمُ النَّفسِ التَّربَوِيُّ2 / 14 _ 1المُبادَرَةُ بِتَأديبِ الأَولادِشدد : في أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام_ فيما أوصى إلَى ابنِهِ الحَسَنِ عليه السلام _: إنَّما قَلبُ الحَدَثِ كَالأَرضِ الخالِيَةِ ما

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص294 ح366 .
2- .غرر الحكم : ح5099 ، عيون الحكم والمواعظ : ص244 ح4647 .
3- .الكافي : ج8 ص23 ح4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص388 ح5834 ، نهج البلاغة : الحكمة 217 ، تحف العقول : ص97 .
4- .غرر الحكم : ح2133 ، عيون الحكم والمواعظ : ص65 ح1670 .
5- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص295 ح377 .
6- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص271 ح128 .

ص: 221

2 / 14 _ 2 المواساة بين الأولاد
2 / 14 _ 3 العدل مع الصّبيان

شدد : في أميرالمؤمنين عليه السلام :اُلقِيَ فيها مِن شَيءٍ قَبِلَتهُ . فَبادَرتُكَ بِالأَدَبِ قَبلَ أن يَقسُوَ قَلبُكَ ويَشتَغِلُ لُبُّكَ (1) .2 / 14 _ 2المُواساةُ بَينَ الأَولادِ* وفي كتابه عليه السلام إلى أبي موسى :ربيع الأبرار :لَما تَزَوَّجَ عَليٌّ رضى الله عنه النَّهشَلِيَّةَ بِالبَصرَةِ ، قَعَدَ عَلى سَريرِهِ وأقعَدَ الحَسَنَ عَن يَمينِهِ ، وَالحُسَينَ عَن شِمالِهِ ، وأجلَسَ مُحَمَّدَ بنَ الحَنَفِيَّةَ بِالحَضيضِ ، فَخافَ أن يَجِدَ مِن ذلِكَ فَقالَ : يا بُنَيَّ أنتَ ابني وهذانِ ابنا رَسولِ اللّهِ (2) .شدق : في صفته صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :أبصَرَ رَسولُ اللّهِ رَجُلاً لَهُ وَلَدانِ فَقَبَّلَ أحَدَهُما وتَرَكَ الآخَرَ ، فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : فَهَلّا واسَيت بَينَهُما ! (3)2 / 14 _ 3العَدلُ مَعَ الصِّبيانِشذب : في صفته صلى الله عليه و آله :الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام ألقى صِبيانُ الكُتّابِ ألواحَهُم بَينَ يَدَيهِ لِيَخيرَ بَينَهُم ، فَقالَ : أما إنَّها حُكومَةٌ ! وَالجَورُ فيها كَالجَورِ فِي الحُكمِ ، أبلِغوا مُعَلِّمَكُم إن ضَرَبَكُم فَوقَ ثَلاثِ ضَرَباتٍ فِي الأَدَبِ اقتُصَّ مِنهُ (4) .

.


1- .نهج البلاغة : الكتاب 31 ، تحف العقول : ص70 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص116 ، نزهة الناظر : ص58 ح341 ؛ ينابيع المودّة : ج3 ص439 ح10 .
2- .ربيع الأبرار : ج2 ص330 .
3- .النوادر للراوندي : ص96 ح43 ، الجعفريّات : ص55 و ص189 ، بحار الأنوار : ج74 ص84 ح94 نقلاً عن الإمامة والتبصرة .
4- .الكافي : ج7 ص268 ح38 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص149 ح599 كلاهما عن السكوني وراجع كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص72 ح5137 .

ص: 222

2 / 14 _ 4 أدب التّعليم
2 / 14 _ 5 آداب التّأديب

2 / 14 _ 4أدَبُ التَّعليمِشذذ : عن الحسين بن عليّ عليهماالسلام في يوم عاشورالإمام عليّ عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: لا تَقسِروا أولادَكُم عَلى آدابِكُم فَإِنَّهُم مَخلوقونَ لِزَمانٍ غَيرَ زمانِكُم (1) .* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :مَن تَواضَعَ لِلمُتَعَلِّمينَ وذَلَّ لِلعُلَماءِ سادَ بِعِلمِهِ (2) .شذر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في البُغاة :عنه عليه السلام :يَنبَغي لِلعاقِلِ إذا عَلَّمَ أن لا يَعنُفَ ، وإن عُلِّمَ أن لا يَأنَفَ (3) .2 / 14 _ 5آدابُ التَّأديبِشذكن : في الخبر :الإمام عليّ عليه السلام :لا أدَبَ مَعَ غَضَبٍ (4) .شذا : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :لا تُكثِرِ العِتابَ ؛ فَإِنَّهُ يورِثُ الضَّغينَةَ ويَجُرُّ إلَى البِغضَةِ ، وَاستَعتِب مَن رَجَوتَ إعتابَهُ (5) .شرب : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في صفته صلى اللعنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: إذا عاتَبتَ الحَدَثَ فَاترُك لَهُ مَوضِعا مِن ذَنبِهِ ، لِئَلّا يَحمِلَهُ الإِخراجُ (6) عَلَى المُكابَرَةِ (7) .

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص267 ح102 .
2- .مطالب السؤول : ص48 ؛ بحار الأنوار : ج78 ص6 ح57 .
3- .غرر الحكم : ح10954 ، عيون الحكم والمواعظ : ص553 ح10182 .
4- .غرر الحكم : ح10529 ، عيون الحكم والمواعظ : ص531 ح9654 .
5- .تحف العقول : ص84 ، كنز الفوائد : ج1 ص93 وليس فيه «واستعتب من رجوت إعتابه» ، غرر الحكم : ح10412 ، عيون الحكم والمواعظ : ص519 ح9424 ؛ كنز العمّال : ج16 ص181 ح44215 نقلاً عن الوكيع والعسكري في المواعظ .
6- .كذا ورد في شرح نهج البلاغة بجميع طبعاته المتيسّرة لنا ، ولعلّ الصحيح : «الإحراج» .
7- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص333 ح819 .

ص: 223

* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :اِستِصلاحُ الأَخيارِ بِإِكرامِهِم ، وَالأَشرارِ بِتَأديبِهِم (1) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في قصّة صالح عليهعنه عليه السلام :و لا تَكونَنَّ مِمَّن لا تَنفَعُهُ العِظَةُ إلّا إذا بالَغتَ في إيلامِهِ ، فَإِنَّ العاقِلَ يَتَّعِظُ بِالآدابِ ، وَالبَهائِمِ لا تَتَّعِظُ إلّا بِالضَّربِ (2) .* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله في أيّام التَّشْعنه عليه السلام :إذا لَوَّحتَ لِلعاقِلِ فَقَد أوجَعتَهُ عِتابا (3) .* وعن ابن عمر لأميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :عُقوبَةُ العُقَلاءِ التَّلويحُ ، عُقوبَةُ الجُهَلاءِ التَّصريحُ (4) .* وروي :عنه عليه السلام :التَّعريضُ لِلعاقِلِ أشَدُّ عِتابِهِ (5) .* وفي الخبر :عنه عليه السلام_ في عَهدِهِ إلى مالِكٍ الأَشتَرِ لَمّا وَلّاهُ عَلى مِصرَ _: لا يَكونَنَّ المُحسِنُ وَالمُسيءُ عِندَكَ بِمَنزِلَةٍ سَواءٍ ، فَإِنَّ ذلِكَ تَزهيدٌ لِأَهلِ الإِحسانِ فِي الإِحسانِ ، وتَدريبٌ لِأَهلِ الإِساءَةِ عَلَى الإِساءَةِ ، فَأَلزِم كُلّاً مِنهُم ما ألزَمَ نَفسَهُ ، أدَبا مِنكَ يَنفَعكَ اللّهُ بِهِ وتَنفَع بِهِ أعوانَكَ (6)

.* ومنه الخبر :عنه عليه السلام :اُزجُرِ المُسيءَ بِثَوابِ المُحسِنِ (7) . .


1- .كشف الغمّة : ج3 ص140 ، بحار الأنوار : ج78 ص82 ح81 .
2- .نهج البلاغة : الكتاب 31 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص117 ، تحف العقول : ص83 ، كشف المحجّة : ص233 عن عمر بن أبي المقدام عن الإمام الباقر عنه عليهماالسلام ، نزهة الناظر : ص59 ح41 وفيه «بالقليل» بدل «بالآداب» ؛ دستور معالم الحكم : ص64 ، كنز العمّال : ج16 ص180 ح44215 نقلاً عن الوكيع والعسكري في المواعظ .
3- .غرر الحكم : ح4103 ، عيون الحكم والمواعظ : ص136 ح3104 .
4- .غرر الحكم : ح6328 و6329 ، عيون الحكم والمواعظ : ص339 ح5776 و5777 .
5- .غرر الحكم : ح1161 .
6- .تحف العقول : ص130 وراجع نهج البلاغة : الكتاب 53 .
7- .نهج البلاغة : الحكمة 177 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص110 ، عيون الحكم والمواعظ : ص75 ح1827 وفيه «بفعل» بدل «بثواب» .

ص: 224

. .

ص: 225

الباب الثالث : علم التاريخ
3 / 1 اهتمام الإمام بعلم التّاريخ

الباب الثالث : علم التاريخ3 / 1اِهتِمامُ الإِمامِ بِعِلمِ التّاريخِ* وعنه عليه السلام في الطاووس :الإمام عليّ عليه السلام_ مِن وَصِيَّةٍ لَهُ لِابنِهِ الحَسَنِ عليه السلام كَتَبَها إلَيهِ بِحاضِرينَ عِندَ انصِرافِهِ مِن صِفّينَ _: أي بُنَيَّ ، إنّي وإن لَم أكُن عُمِّرتُ عُمُرَ مَن كانَ قَبلي ؛ فَقَد نَظَرتُ في أعمالِهِم ، وفَكَّرتُ في أخبارِهِم ، وسِرتُ في آثارِهِم ، حَتّى عُدتُ كَأَحَدُهُم ، بَل كَأَنّي _ بِمَا انتَهى إلَيَّ مِن اُمورِهِم _ قَد عُمِّرتُ مَعَ أوَّلِهِم إلى آخِرِهِم ؛ فَعَرَفتُ صَفوَ ذلِكَ مِن كَدَرِهِ ، ونَفعَهُ مِن ضَرَرِهِ ، فَاستَخلَصتُ لَكَ مِن كُلِّ أمرٍ نَخيلَهُ (1) وتَوَخَّيتُ لَكَ جَميلَهُ ، وصَرَفتُ عَنكَ مَجهولَهُ ، ورَأَيتُ _ حَيثُ عَناني مِن أمرِكَ ما يَعنِي الوالِدَ الشَّفيقَ ، وأجمَعتُ عَلَيهِ مِن أدَبِكَ _ أن يَكونَ ذلِكَ وأنتَ مُقبِلُ العُمُرِ ومُقتَبَلُ الدَّهرِ ، ذَو نِيَّةٍ سَليمَةٍ ونَفسٍ صافِيَةٍ (2) .

.


1- .نَخَل الشيء : صَفّاه واختَاره (لسان العرب : ج11 ص651) .
2- .نهج البلاغة : الكتاب 31 ، تحف العقول : ص70 ، كشف المحجّة : ص223 عن عمر بن أبي المقدام عن الإمام الباقر عنه عليهماالسلام ، بحار الأنوار : ج77 ص201 ؛ ينابيع المودّة : ج3 ص439 ح10 ، كنز العمّال : ج16 ص169 ح44215 .

ص: 226

3 / 2 تأكيد الإمام على الاعتبار بالتّاريخ

3 / 2تَأكيدُ الإِمامِ عَلَى الاِعتِبارِ بِالتّاريخِشرح : في الشجرة التي غرسها الرضا عليه السلام بنيسالإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام تُسَمّى بِالقاصِعَةِ _: اِحذَروا ما نَزَلَ بِالاُمَمِ قَبلَكُم مِنَ المَثُلاتِ بِسوءِ الأَفعالِ وذَميمِ الأَعمالِ . فَتَذَكَّروا فِي الخَيرِ وَالشَّرَّ أحوالَهُم ، وَاحذَروا أن تَكونوا أمثالَهُم .

فَإِذا تَفَكَّرتُم في تَفاوُتِ حالَيهِم فَالزَموا كُلَّ أمرٍ لَزِمَتِ العِزَّةُ بِهِ شَأنَهُم ، وزاحَتِ الأَعداءُ لَهُ عَنهُم ، ومُدَّتِ العافِيَةُ بِهِ عَلَيهِم ، وَانقادَتِ النِّعمَةُ لَهُ مَعَهُم ، ووَصَلَتِ الكَرامَةُ عَلَيهِ حَبلَهُم ، مِنِ الِاجتِنابِ لَلفُرقَةِ ، وَاللُّزومِ لِلاُلفَةِ ، وَالتَّحاضِّ عَلَيها ، وَالتَّواصي بِها ، وَاجتَنِبوا كُلَّ أمرٍ كَسَرَ فِقرَتَهُم ، وأوهَنَ مُنَّتَهُم (1) ، مِن تَضاغُنِ القُلوبِ ، وتَشاحُنِ الصُّدورِ ، وتَدابُرِ النُّفوسِ ، وتَخاذُلِ الأَيدي ، وتَدَبَّروا أحوالَ الماضينَ مِنَ المُؤمِنينَ قَبلَكُم ، كَيفَ كانوا في حالِ التَّمحيصِ وَالبَلاءِ ؛ أ لَم يَكونوا أثقَلَ الخَلائِقِ أعباءً ، وأجهَدَ العِبادِ بَلاءً ، وأضيَقَ أهلِ الدُّنيا حالاً ؟ اِتَّخَذَتهُمُ الفَراعِنَةُ عَبيدا ، فَساموهُم سوءَ العَذابِ ، وجَرَّعوهُمُ المُرارُ ، فَلَم تَبرَحِ الحالُ بِهِم في ذُلِّ الهَلَكَةِ وقَهرِ الغَلَبَةِ . لا يَجِدونَ حيلَةً فِي امتِناعِ ، ولا سَبيلاً إلى دِفاعٍ . حَتّى إذا رَأَى اللّهُ سُبحانَهُ جِدَّ الصَّبرِ مِنهُم عَلَى الأَذى في مَحَبَّتِهِ ، وَالاِحتِمالَ لِلمَكروهِ مِن خَوفِهِ ؛ جَعَلَ لَهُم مِن مَضايِقِ البَلاءِ فَرَجا ؛ فَأَبدَلَهُمُ العِزَّ مَكانَ الذُّلِّ ، والأَمنَ مَكانَ الخَوفِ ، فَصاروا مُلوكا حُكّاما ، وأئِمَّةً أعلاما ، وقَد بَلَغَتِ الكَرامَةُ مِنَ اللّهِ لَهُم ما لَم تَذهَبِ الآمالُ إلَيهِ بِهِم .

فَانظُروا كَيفَ كانوا حَيثُ كانَتِ الأَملاءُ مُجتَمِعَةً ، والأَهواءُ مُؤتَلِفَةً ، وَالقُلوبُ مُعتَدِلَةً ، والأَيدي مُتَرادِفَةً ، وَالسُّيوفُ مُتَناصِرَةً ، وَالبَصائِرُ نافِذَةً ، وَالعَزائِمُ واحِدَةً . أ لَم يَكونوا أربابا في أقطارِ الأَرَضينَ ، ومُلوكا عَلى رِقابِ العالَمينَ ؟ فَانظُروا إلى

.


1- .المُنّة : القوّة (تاج العروس : ج18 ص547) .

ص: 227

شرح : في الشجرة التي غرسها الرضا عليه السلام بنيسما صاروا إلَيهِ في آخِرِ اُمورِهِم حينَ وَقَعَتِ الفُرقَةُ ، وتَشَ الاُلفَةُ ، وَاختَلَفَتِ الكَلِمَةُ وَالأَفئِدَةُ ، وتَشَعَّبوا مُختَلِفينَ ، وتَفَرَّقوا مُتَحارِبينَ ، قَد خَلَعَ اللّهُ عَنهُم لِباسَ كَرامَتِهِ ، وسَلَبَهُم غَضارَةَ نِعمَتِهِ . وبَقِيَ قَصَصُ أخبارِهِم فيكُم عِبَرا لِلمُعتَبِرينَ .

فَاعتَبِروا بِحالِ وَلَدِ إسماعيلَ وبَني إسحاقَ وبَني إسرائيلَ عليهم السلام ؛ فَما أشَدَّ اعتِدالَ الأَحوالِ ، وأقرَبَ اشتِباهَ الأَمثالِ ! تَأَمَّلوا أمرَهُم في حالِ تَشَتُّتِهِم وتَفَرُّقِهِم لَيالِيَ كانَتِ الأَكاسِرَةُ والقَياصِرَةُ أربابا لَهُم ، يَحتازونَهُم عَن ريفِ الآفاقِ ، وبَحرِ العِراقِ ، وخُضرَةِ الدُّنيا إلى مَنابِتِ الشّيحِ ، ومَهافِي (1) الرّيحِ ، ونَكَدِ المَعاشِ . فَتَرَكوهُم عالَةً مَساكينَ ، إخوانَ دَبَرٍ (2) ووَبَرٍ ، أذَلَّ الاُمَمِ دارا ، وأجدَبَهُم قَرارا . لا يَأوونَ إلى جَناحِ دَعوَةٍ يَعتَصِمونَ بِها ، ولا إلى ظِلِّ اُلفَةٍ يَعتَمِدونَ عَلى عِزِّها . فَالأَحوالُ مُضطَرِبَةٌ ، وَالأَيدي مُختَلِفَةٌ ، وَالكَثرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ ؛ في بَلاءِ أزلٍ (3) ، وأطباقِ جَهلٍ ! مِن بَناتٍ مَوؤُودَةٍ ، وأصنامٍ مَعبودَةٍ ، وأرحامٍ مَقطوعَةٍ ، وغاراتٍ مَشنونَةٍ .

فَانظُروا إلى مَواقِعِ نِعَمِ اللّهِ عَلَيهِم حينَ بَعَثَ إلَيهِم رَسولاً ، فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طاعَتَهُم ، وجَمَعَ عَلى دَعوَتِهِ اُلفَتَهُم ؛ كَيفَ نَشَرَتِ النِّعمَةُ عَلَيهِم جَناحَ كَرامَتِها ، وأسالَت لَهُم جَداوِلَ نَعيمِها ، وَالتَفَّتِ المِلَّةُ بِهِم في عَوائِدِ بَرَكَتِها ، فَأَصبَحوا في نِعمَتِها غَرِقينَ ، وفي خُضرَةِ عَيشِها فَكِهينَ . قَد تَرَبَّعَتِ الاُمورُ بِهِم في ظِلِّ سُلطانٍ قاهِرٍ ، وآوَتهُمُ الحالُ إلى كَنَفِ عِزٍّ غالِبٍ . وتَعَطَّفَتِ الاُمورُ عَلَيهِم في ذُرى مُلكٍ ثابِتٍ . فَهُم حُكّامٌ عَلَى العالَمينَ ، ومُلوكٌ في أطرافِ الأَرَضينَ . يَملِكونَ الاُمورَ عَلى مَن كانَ يَملِكُها عَلَيهِم . ويُمضونَ الأَحكامَ فيمَن كانَ يُمضيها فيهِم . لا تُغمَزُ لَهُم قَناةٌ ، .


1- .مهافي : جمع مهفىً ؛ وهو مَوضِع هبوبِها في البَراري (النهاية : ج5 ص267) .
2- .الدَّبَر : الجرح الذي يكون في ظَهرِ البعير (النهاية : ج2 ص97) .
3- .الأزْل : الشدّة والضيق (لسان العرب : ج1 ص46) .

ص: 228

شرح : في الشجرة التي غرسها الرضا عليه السلام بنيسولا تُقرَعُ لَهُم صَفاةٌ (1) .

ألا وإنَّكُم قَد نَفَضتُم أيدِيَكُم مِن حَبلِ الطّاعَةِ . وثَلَمتُم حِصنَ اللّهِ المَضروبَ عَلَيكُم بِأَحكامِ الجاهِلِيَّةِ . فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ قَدِ امتَنَّ عَلى جَماعَةِ هذِهِ الاُمَّةِ _ فيما عَقَدَ بَينَهُم مِن حَبلِ هذِهِ الاُلفَةِ الَّتي يَنتَقِلونَ في ظِلِّها ، ويَأوونَ إلى كَنَفِها _ بِنِعمَةٍ لا يَعرِفُ أحَدٌ مِنَ المَخلوقينَ لَها قيمَةً ؛ لِأَ نَّها أرجَحُ مِن كُلِّ ثَمَنٍ ، وأجَلُّ مِن كُلِّ خَطَرٍ (2) . .


1- .الصَّفاة : الصخرة والحجر الأملس . والمراد أنّه لا ينالهم أحدٌ بسوء (النهاية : ج3 ص41) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 192 ، بحار الأنوار : ج14 ص472 ح37 .

ص: 229

الباب الرابع : علم الموعظة
4 / 1 كلمة جامعة للعظة

الباب الرابع : علم الموعظة4 / 1كَلِمَةٌ جامِعَةٌ لِلعِظَةِ* ومنه عن فاطمة بنت أسد رضي اللّه عنها في رؤياهانهج البلاغة :مِن خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام وهِيَ كَلِمَةٌ جامِعَةٌ لِلعِظَةِ وَالحِكمَةِ :

فَإِنَّ الغايَةَ أمامَكُم ، وإنَّ وَراءَكُمُ السَّاعَةَ تَحدوكُم . تَخَفَّفوا تَلحَقوا (1) ؛ فَإِنَّما يُنتَظَرُ بِأَوَّلِكُم آخِرُكُم .

قالَ السيّد الشَّريف : أقول : إنَّ هذا الكلامَ لَو وُزِنَ بَعدَ كَلامِ اللّهِ سُبحانَهُ وبَعدَ كلامِ رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله بكُلّ كلام لَمالَ به راجحا ، وبَرَزَ عَلَيهِ سابِقا . فَأمّا قَولُهُ عليه السلام : «تَخَفَّفوا تَلحقوا» فَما سُمِعَ كلامٌ أقَلُّ منه مَسموعا ولا أكثَرُ مَحصولاً ، وما أبعَدَ غَورَها مِن كَلِمةٍ ، وأنقَعَ نُطفتها (2) من حِكمَةٍ ! وقَد نَبَّهَنا في كتاب الخَصائِصِ عَلى عِظَمِ قَدرِها ، وشَرَفِ جَوهرِها (3) .

.


1- .أي تخفَّفوا من الذنوب تَلحَقوا مَن سبَقكم في العمل الصالح (مجمع البحرين : ج1 ص530) .
2- .ماءٌ ناقِع ونَقِيع : ناجع يَقطع العطَش ويُذهبه ويُسَكِّنه . والنُّطْفة : الماء الصافي (تاج العروس : ج11 ص488 و ج12 ص505) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 21 ، روضة الواعظين : ص537 ، عيون الحكم والمواعظ : ص203 ح4120 وفيه «تخفّفوا ؛ فإنّ الغاية أمامكم ، والساعة من ورائكم تحدوكم» ، بحار الأنوار : ج6 ص135 ح36 .

ص: 230

4 / 2 الطّريق الواضح
4 / 3 صفات المتّقين

4 / 2الطَّريقُ الواضِحُ* وعنه عليه السلام في ولد الزنا :الإمام عليّ عليه السلام_ مِن كَلامٍ لَهُ عليه السلام يَعِظُ بِسُلوكِ الطَّريقِ الواضِحِ _: أيُّهَا النّاسُ ! لا تَستَوحِشوا في طَريقِ الهُدى لِقِلَّةِ أهلِهِ ؛ فَإِنَّ النّاسَ قَدِ اجتَمَعوا عَلى مائِدَةٍ شِبَعُها قَصيرٌ ، وجوعُها طَويلٌ .

أيُّهَا النّاسُ ! إنَّما يَجمَعُ النّاسَ الرِّضا وَالسُّخطُ ، وإنَّما عَقَرَ ناقَةَ ثَمودَ رَجُلٌ واحِدٌ ، فَعَمَّهُمُ اللّهُ بِالعَذابِ لَمّا عَمّوهُ بِالرِّضا ، فَقالَ سُبحانَهُ : «فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَ_دِمِينَ» (1) فَما كانَ إلّا أن خارَت (2) أرضُهُم بِالخَسفَةِ خُوارِ السِّكَّةِ (3) المُحماةِ فِي الأَرضِ الخَوّارَةِ (4) .

أيُّهَ_ا النّاسُ مَن سَلَ_كَ الطَّريقَ الواضِ_حَ وَرَدَ الماءَ ، ومَن خالَفَ وَقَعَ فِي التّيهِ ! (5)4 / 3صِفاتُ المُتَّقينَ* وعن خالد :نهج البلاغة :مِن خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام يَصِفُ فيهَا المُتَّقينَ . رُوِيَ أنَّ صاحِبا لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام يُقالُ لَهُ : هَمّامٌ كانَ رَجُلاً عابِدا ، فَقالَ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، صِف لِيَ المُتَّقينَ حَتّى كَأَ نّي أنظُرُ إلَيهِم . فَتَثاقَلَ عليه السلام عَن جَوابِهِ ثُمَّ قالَ : يا هَمّامُ! اتَّقِ اللّهَ وأحسِن فَ «إِنَّ اللَّهَ مَع

.


1- .الشعراء : 157.
2- .خارَ : صاح ، والخُوار : ما اشتدّ من الصوت (لسان العرب : ج4 ص261) .
3- .السِّكّة : هي التي تُحرث بها الأرض (النهاية : ج2 ص384) .
4- .أرضٌ خوّارةٌ : لينة سهلة (لسان العرب : ج4 ص262) .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 201 ، الغارات : ج2 ص584 عن فرات بن أحنف وليس فيه من «فقال سبحانه» إلى «الخوّارة» ، المسترشد : ص407 ح138 وليس فيه من «فقال سبحانه . . . » وكلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج70 ص107 ح5 .

ص: 231

* وعن خالد :الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّ الَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ» (1) فَلَم يَقنَع هَمّامٌ بِهذَا القَولِ حَتّى عَزَمَ عَلَيهِ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وصَلّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، ثُمَّ قالَ عليه السلام :

أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ وتَعالى خَلَقَ الخَلقَ حينَ خَلَقَهُم غَنِيّاً عَن طاعَتِهِم ، آمِناً مِن مَعصِيَتِهِم ؛ لِأَنَّهُ لا تَضُرُّهُ مَعصِيَةُ مَن عَصاهُ ، ولا تَنفَعُهُ طاعَةُ مَن أطاعَهُ . فَقَسَمَ بَينَهُم مَعايِشَهُم ، ووَضَعَهُم مِنَ الدُّنيا مَواضِعَهُم . فَالمُتَّقونَ فيها هُم أهلُ الفَضائِلِ ؛ مَنطِقُهُمُ الصَّوابُ ، ومَلبَسُهُمُ الِاقتِصادُ ، ومَشيُهُمُ التَّواضُعُ . غَضّوا أبصارَهُم عَمّا حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِم ، ووَقَفوا أسماعَهُم عَلَى العِلمِ النّافِعِ لَهُم . نُزِّلَت أنفُسُهُم مِنهُم فِي البَلاءِ كَالَّتي نُزِّلَت فِي الرَّخاءِ . ولَولَا الأَجَلُ الَّذي كَتَبَ اللّهُ عَلَيهِم لَم تَستَقِرَّ أرواحُهُم في أجسادِهِم طَرفَة عَينٍ ؛ شَوقا إلَى الثَّوابِ ، وخَوفا مِنَ العِقابِ .

عَظُمَ الخالِقُ في أنفُسِهِم ؛ فَصَغُرَ ما دونَهُ في أعيُنِهِم ، فَهُم وَالجَنَّةُ كَمَن قَد رَآها ؛ فَهُم فيها مُنَعَّمونَ ، وهُم وَالنّارُ كَمَن قَد رَآها فَهُم فيها مُعَذَّبونَ . قُلوبُهُم مَحزونَةٌ ، وشُرورُهُم مَأمونَةٌ ، وأجسادُهُم نَحيفَةٌ ، وحاجاتُهُم خَفيفَةٌ ، وأنفُسُهُم عَفيفَةٌ . صَبَروا أيّاما قَصيرَةً ، أعقَبَتهُم راحَةً طَويلَةً . تِجارَةٌ مُربِحَةٌ يَسَّرَها لَهُم رَبُّهُم . أرادَتهُمُ الدُّنيا فَلَم يُريدوها ، وأسَرَتهُم فَفَدَوا أنفُسَهُم مِنها .

أمَّا اللَّيلَ فَصافّونَ أقدامَهُم ، تالينِ لِأَجزاءِ القُرآنِ يُرَتِّلونَها تَرتيلاً . يُحَزِّنونَ بِهِ أنفُسَهُم ، ويَستَثيرونَ بِهِ دَواءَ دائِهِم ، فَإِذا مَرّوا بِآيَةٍ فيها تَشويقٌ رَكَنوا إلَيها طَمَعا ، وتَطَلَّعَت نُفوسُهم إلَيها شَوقا ، وظَنّوا أ نَّها نُصبَ أعيُنِهِم ، وإذا مَرّوا بِآيَةٍ فيها تَخويفٌ أصغَوا إلَيها مَسامِعَ قُلوبِهِم ، وظَنّوا أنَّ زَفيرَ جَهَنَّمَ وشَهيقَها في اُصولِ آذانِهِم ؛ فَهُم حانونَ عَلى أوساطِهِم ، مُفتَرِشونَ لِجِباهِهِم وأكُفِّهِم ورُكَبِهِم وأطرافِ أقدامِهِم ، يَطلُبونَ إلَى اللّهِ تَعالى في فَكاكِ رِقابِهِم . .


1- .النحل : 128 .

ص: 232

* وعن خالد :وأمَّا النَّهارَ فَحُلَماءُ عُلَماءُ ، أبرارٌ أتقِياءٌ . قَد بَراهُمُ الخَوفُ بَريَ القِداحِ (1) ، يَنظُرُ إلَيهِمُ النّاظِرُ فَيَحسَبُهُم مَرضى وما بِالقَومِ مِن مَرَضٍ ، ويَقولُ : قَد خولِطوا ! ، ولَقَد خالَطَهُم أمرٌ عَظيمٌ ! لا يَرضَونَ مِن أعمالِهِمُ القَليلَ ، ولا يَستِكثِرونَ الكَثيرَ . فَهُم لِأَنفُسِهِم مُتَّهِمونَ ، ومِن أعمالِهِم مُشفِقونَ . إذا زُكِّيَ أحَدٌ مِنهُم خافَ مِمّا يُقالُ لَهُ فَيَقولُ : أنَا أعلَمُ بِنَفسي مِن غَيري ، ورَبّي أعلَمُ بي مِن نَفسي . اللّهُمَّ لا تُؤاخِذني بِما يَقولونَ ، وَاجعَلني أفضَلَ مِمّا يَظُنّونَ ، وَاغفِر لي ما لا يَعلَمونَ .

فَمِن عَلامَةِ أحَدِهِم أ نَّكَ تَرى لَهُ قُوَّةً في دينٍ ، وحَزما في لينٍ ، وإيمانا في يَقينٍ ، وحِرصا في عِلمٍ ، وعِلما في حِلمٍ ، وقَصداً في غِنىً ، وخُشوعا في عِبادَةٍ ، وتَجَمُّلاً في فاقَةٍ ، وصَبرا في شِدَّةٍ ، وطَلَبا في حَلالٍ ، ونَشاطا في هُدىً ، وتَحَرُّجا عَن طَمَعٍ . يَعمَلُ الأَعمالَ الصّالِحَةَ وهُوَ عَلى وَجَلٍ . يُمسي وهَمُّهُ الشُّكرُ ، ويُصبِحُ وهَمُّهُ الذِّكرُ . يَبيتُ حَذِرا ، ويُصبِحُ فَرِحا ؛ حَذِرا لِما حُذِّرَ مِنَ الغَفلَةِ ، وفَرِحا بِما أصابَ مِنَ الفَضلِ وَالرَّحمَةِ . إنِ استَصعَبَت عَلَيهِ نَفسُهُ فيما تَكرَهُ لَم يُعطِها سُؤلَها فيما تُحِبُّ . قُرَّةُ عَينِهِ فيما لا يَزولُ ، وزَهادَتُهُ فيما لا يَبقى . يَمزُجُ الحِلمَ بِالعِلمِ ، وَالقَولَ بِالعَمَلِ . تَراهُ قَريبا أمَلُهُ ، قَليلاً زَلَلُهُ ، خاشِعا قَلبُهُ ، قانِعَةً نَفسُهُ ، مَنزورا (2) أكلُهُ ، سَهلاً أمرُهُ ، حَريزا دينُهُ ، مَيِّتَةٌ شَهوَتُهُ ، مَكظوما غَيظُهُ . الخَيرُ مِنهُ مَأمولٌ ، وَالشَّرُّ مِنهُ مَأمونٌ . إن كانَ فِي الغافِلينَ كُتِبَ فِي الذّاكِرينَ ، وإن كانَ فِي الذّاكِرينَ لَم يُكتَب مِنَ الغافِلينَ . يَعفو عَمَّن ظَلَمَهُ ، ويُعطي مَن حَرَمَهُ ، ويَصِلُ مَن قَطَعَهُ . بَعيدا فُحشُهُ ، لَيِّنا قَولُهُ ، غائِبا مُنكَرُهُ . حاضِرا مَعروفُهُ ، مُقبِلاً خَيرُهُ ، مُدبِرا شَرُّهُ . فِي الزَّلازِلِ وَقورٌ ، وفِي المَكارِهِ صَبورٌ ، وفِي الرَّخاءِ شَكورٌ . لا يَحيفُ عَلى مَن يُبغِضُ ، ولا يَأثَمُ فيمَن يُحِبُّ . يَعتَرِفُ بِالحَق .


1- .القِداح : جمع قِدْح ؛ السهم قبل أن ينَصَّل ويُراشَ (لسان العرب : ج2 ص556) .
2- .أي قليلاً (النهاية : ج5 ص40) .

ص: 233

* وعن خالد :قَبلَ أن يُشهَدَ عَلَيهِ . لا يُضيعُ مَا استُحفِظَ ، ولا يَنسى ما ذُكِّرَ ، ولا يُنابِزُ بِالأَلقابِ ، ولا يُضارُّ بِالجارِ ، ولا يَشمَتُ بِالمَصائِبِ ، ولا يَدخُلُ فِي الباطِلِ ، ولا يَخرُجُ مِنَ الحَقِّ .

إن صَمَتَ لَم يَغُمَّهُ صَمتُهُ ، وإن ضَحِكَ لَم يَعلُ صَوتُهُ ، وإن بُغِيَ عَلَيهِ صَبَرَ حَتّى يَكونَ اللّهُ هُوَ الَّذي يَنتَقِمُ لَهُ . نَفسُهُ مِنهُ في عَناءٍ ، وَالنّاسُ مِنهُ في راحَةٍ . أتعَبَ نَفسَهُ لِاخِرَتِهِ ، وأراحَ النّاسَ مِن نَفسِهِ . بُعدُهُ عَمَّن تباعَدَ عَنهُ زُهدٌ ونَزاهَةٌ ، ودُنُوُّهُ مِمَّن دَنا مِنهُ لَينٌ ورَحمَةٌ . لَيسَ تَباعُدُهُ بِكِبرٍ وعَظَمَةٍ ، ولا دُنُوُّهُ بِمَكرٍ وخَديعَةٍ .

قالَ : فَصَعِقَ هَمّامٌ صَعقَةً كانَت نَفسُهُ فيها .

فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أما وَاللّهِ لَقَد كُنتُ أخافُها عَلَيهِ . ثُمَّ قالَ : أ هكَذا تَصنَعُ المَواعِظُ البالِغَةُ بِأَهلِها ؟ فَقالَ لَهُ قائِلٌ : فَما بالُكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ !

فَقالَ عليه السلام : وَيحَكَ ! إنَّ لِكُلِّ أجَلٍ وَقتا لا يَعدوهُ ، وسَبَبا لا يَتَجاوَزُهُ . فَمَهلاً لا تَعُد لِمِثلِها (1) ؛ فَإِنَّما نَفَثَ (2) الشَّيطانُ عَلى لِسانِكَ ! (3) . .


1- .قال ابن أبي الحديد : إنّما نهى أمير المؤمنين عليه السلام القائل : «فهلّا أنت يا أمير المؤمنين !» لأ نّه اعترض في غير موضع الاعتراض ، وذلك أ نّه لايلزم من موت العامّي عند وعظ العارف أن يموت العارف عن وعظ نفسه ؛ لأنّ انفعال العامّي ذي الاستعداد التامّ للموت عند سماع المواعظ البالغة أتمّ من استعداد العارف عند سماع نفسه أو الفكر في كلام نفسه ؛ لأنَّ نفس العارف قويّة جدّاً ، والآلة التي يُحفر بها الطين قد لا يُحفر بها الحجر (شرح نهج البلاغة : ج10 ص161) .
2- .نَفَثَ الشيطان على لسانه : أي ألقى فتكلّم (مجمع البحرين : ج3 ص1808) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 193 ، صفات الشيعة : ص96 ح35 ، الأمالي للصدوق : ص666 ح897 كلاهما عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن الإمام الصادق عن أبيه عنه عليهم السلام ، تحف العقول : ص159 ، التمحيص : ص70 ح170 ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص849 ح43 كلّها نحوه وراجع الخطبة 87 و 157 و161 و178 و188 و190 و191 والكافي : ج2 ص226 ح1 وبحار الأنوار : ج77 ص367 _ 442 وتذكرة الخواصّ : ص138 .

ص: 234

4 / 4 الخطبة الغرّاء

4 / 4الخُطبَةُ الغَرّاءُ* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في النملة :الإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ ، وهِيَ مِنَ الخُطَبِ العَجيبَةِ ، وتُسمَّى الغَرّاءَ _: الحَمدُ للّهِِ الَّذي عَلا بِحَولِهِ ، ودَنا بِطَولِهِ (1) . مانِحِ كُلِّ غَنيمَةٍ وفَضلٍ ، . وكاشِفِ كُلِّ عَظيمَةٍ وأزلٍ .

أحمَدُهُ عَلى عَواطِفِ كَرَمِهِ ، وسَوابِغِ نِعَمِهِ . واُؤمِنَ بِهِ أوَّلاً بادِيا ، وأستَهديهِ قَريبا هادِيا ، وأستَعينُهُ قاهِرا قادِرا ، وأتَوَكَّلُ عَلَيهِ كافِيا ناصِرا . وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله عَبدُهُ ورَسولُهُ ؛ أرسَلَهُ لِاءِنفاذِ أمرِهِ ، وإنهاءِ عُذرِهِ ، وتَقديمِ نُذُرِهِ .

اُوصيكُم عِبادَ اللّهِ بِتَقوَى اللّهِ الَّذي ضَرَبَ الأَمثالَ ، ووَقَّتَ لَكُمُ الآجالَ . وألبَسَكُمُ الرِّياشَ وأرفَغَ لَكُم المَعاشَ (2) . وأحاطَ بِكُمُ الإِحصاءَ (3) ، وأرصَدَ (4) لَكُمُ الجَزاءَ ، وآثَرَكُم بِالنِّعَمِ السَّوابِغِ ، وَالرِّفَدِ الرَّوافِغِ ، وأنذَرَكُم بِالحُجَجِ البَوالِغِ . فَأَحصاكُم عَدَدا ، ووَظَّفَ لَكُم مُدَدا ، في قَرارِ خِبرَةٍ ، ودارِ عِبرَةٍ ، أنتُم مُختَبَرونَ فيها ، ومُحاسَبون عَلَيها .

فَإِنَّ الدُّنيا رَنِقٌ (5) مَشرَبُها ، رَدِغٌ (6) مَشرَعُها ، يونِقُ مَنظَرُها ، ويوبِقُ مَخبَرُها . غُرورٌ حائِلٌ ، وضَوءٌ آفِلٌ ، وظِلٌ زائِلٌ ، وسِنادٌ مائِلٌ . حَتّى إذا أنِسَ نافِرُها ، وَاطمَأَنَّ ناكِرُها ؛ قَمَصَت (7) بِأَرجُلِها ، وقَنَصَت بِأَحبُلِها ، وأقصَدَت بِأَسهُمِها ، وأعلَقَتِ المَرء

.


1- .الطَّوْل : الفَضل (النهاية : ج3 ص145) .
2- .أي أوسَع عليكم . وعَيشٌ رافغٌ : أي واسع (النهاية : ج2 ص244) .
3- .قال ابن أبي الحديد : تقول : حاط فلان كرْمَه : أي جعل عليه حائطاً ، فكأ نّه جعل الإحصاء والعدّ كالحائط المدار عليهم ؛ لأنّهم لا يبعدون منه ولا يخرجون عنه (شرح نهج البلاغة : ج6 ص245) .
4- .أرصد : أعدّ (النهاية : ج2 ص226).
5- .رَنِق : كَدِر (تاج العروس : ج13 ص177) .
6- .مكانٌ رَدِغٌ : أي وَحِلٌ . والردَغَة : السماء والطين والوَحَل الكَثِير الشديد (تاج العروس : ج12 ص20) .
7- .قَمَص : أي نَفَر وأعرَض . يقال : قَمص الفَرس ؛ وهو أن يَنفر ويَرفع يديه ويَطرحهما معاً (النهاية : ج4 ص108) .

ص: 235

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في النملة :أوهاقَ (1) المَنِيَّةِ قائِدَةً لَهُ إلى ضَنكِ المَضجَعِ ، ووَحشَةِ المَرجِعِ ، ومُعايَنَةِ المَحَلِّ ، وثَوابِ العَمَلِ . وكَذلِكَ الخَلَفُ بِعَقبِ السَّلَفِ . لا تُقلِعُ المَنِيَّةُ اختِراما (2)

ولا يَرعَوِي الباقونَ اجتِراما . يَحتَذونَ مِثالاً ويَمضونَ أرسالاً (3) ، إلى غايَةِ الاِنتِهاءِ ، وصَيّورِ الفَناءِ .

حَتّى إذا تَصَرَّمَتِ الاُمورُ ، وتَقَضَّتِ الدُّهورُ ، وأزِفَ (4) النُّشورُ ؛ أخرَجَهُم مِن ضَرائِحِ القُبورِ ، وأوكارِ الطُّيورِ ، وأوجِرَةِ (5) السِّباعِ ، ومَطارِحِ المَهالِكِ ، سِراعا إلى أمرِهِ ، مُهطِعينَ (6) إلى مَعادِهِ . رَعيلاً صُموتا ، قِياما صُفوفا . يَنفُذُهُمُ البَصُرُ ، ويُسمِعُهُمُ الدّاعي . عَلَيهِم لَبوسُ الِاستِكانَةِ ، وضَرَعُ الِاستِسلامِ وَالذِّلَّةِ . قَد ضَلَّتِ الحِيَلُ ، وَانقَطَعَ الأَمَلُ . وهَوَتِ الأَفئِدَةُ كاظِمَةً ، وخَشَعَتِ الأَصواتُ مُهَينِمَةً (7) . وألجَمَ (8) العَرَقُ ، وعَظُمَ الشَّفَقُ ، واُرعِدَتِ الأَسماعُ لِزَبرَةِ الدّاعي إلى فَصلِ الخِطابِ ، ومُقايَضَةِ الجَزاءِ ، ونَكالِ العِقابِ ، ونَوالِ الثَّوابِ .

عِبادٌ مَخلوقونَ اقتِدارا ، ومَربوبونَ اقتِسارا ، ومَقبوضونَ احتِضارا ، ومُضَمَّنونَ أجداثا ، وكائِنونَ رُفاتا (9) . ومَبعوثونَ أفرادا ، ومَدينونَ جَزاءً ، ومُمَيَّزونَ حِسابا . قَد اُمهِلوا في طَلَبِ المَخرَجِ ، وهُدوا سَبيلَ المَنهَجِ ، وعُمِّروا مَهَلَ المُستَعتِبِ ، وكُشِفَت عَنهُم سُدَفُ (10) الرِّيَبِ ، وخُلّوا لِمِضمارِ الجِيادِ ، ورَوِيَّةِ الاِرتِيادِ ، وأناةِ المُقتَبِس .


1- .الأوهاق : جمع وَهَق ؛ وهو حَبل كالطِّوَل تُشدّ به الإبل والخَيل ، لئلّا تَندَّ (النهاية : ج5 ص233) .
2- .يقال : اخترمهم وتَخرَّمَهم : أي اقتَطعهم واستأصلهم (النهاية : ج2 ص27) .
3- .أرسالاً : أي أفواجاً وفِرَقاً متقطّعة ، يتبع بعضهم بعضاً (النهاية : ج2 ص222) .
4- .أزِفَ : أي دنا وقَرُبَ (النهاية : ج1 ص45) .
5- .أوجرة السباع : جمع وِجار ؛ وهو جُحْرها الذي تأوي إليه (النهاية : ج5 ص156) .
6- .الإهطاع : الإسراع في العَدْو . وأهطَع : إذا مَدّ عنقَه ، وصَوّبَ رأسَه (النهاية : ج5 ص266) .
7- .الهَيْنَمة : الكلام الخَفيّ لا يُفهَم (النهاية : ج5 ص290) .
8- .ألجَمَ العَرَقُ : أي وصل إلى أفواههم ، فيصير لهم بمنزلة اللِّجام يَمنَعهم عن الكلام (النهاية : ج4 ص234).
9- .الرُّفات : الحُطام من كلّ شيء تكسّر (لسان العرب : ج2 ص34) .
10- .سُدَفُ الرِّيَب : ظُلَمها (النهاية : ج2 ص355) .

ص: 236

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في النملة :المُرتادِ ، في مَدَّةِ الأَجَلِ ، ومُضطَرَبِ المَهَلِ .

فَيالَها أمثالاً صائِبَةً ، ومواعِظَ شافِيَةً ، لَو صادَفَت قُلوبا زاكِيَةً ، وأسماعا واعِيَةً ، وآراءً عازِمَةً ، وألباباً حازِمَةً !

فَاتَّقُوا اللّهَ تَقِيَّةَ مَن سَمِعَ فَخَشَعَ ، وَاقتَرَفَ فَاعتَرَفَ ، ووَجِلَ فَعَمِلَ ، وحاذَرَ فَبادَرَ ، وأيقَنَ فَأَحسَنَ ، وعُبِّرَ فَاعتَبَرَ ، وحُذِّرَ فَحَذِرَ ، وزُجِرَ فَازدَجَرَ ، وأجابَ فَأَنابَ ، وراجَعَ فَتابَ ، وَاقتَدى فَاحتَذى ، واُرِيَ فَرَأى ، فَأَسرَعَ طالِبا ، ونَجا هارِبا ، فَأَفادَ ذَخيرَةً ، وأطابَ سَريرَةً . وعَمَّرَ مَعادا ، وَاستَظهَرَ زادا لِيَومِ رَحيلِهِ ، ووَجهِ سَبيلِهِ ، وحالِ حاجَتِهِ ، ومَوطِنِ فاقَتِهِ ، وقَدَّمَ أمامَهُ ، لِدارِ مُقامِهِ .

فَاتَقُّوا اللّهَ عِبادَ اللّهِ جِهَةَ ما خَلَقَكُم لَهُ ، وَاحذَروا مِنهُ كُنهَ ما حَذَّرَكُم مِن نَفسِهِ ، وَاستَحِقّوا مِنهُ ما أعَدَّ لَكُم بِالتَّنَجُّزِ (1) لِصِدقِ ميعادِهِ ، وَالحَذَرِ مِن هَولِ مَعادِهِ .

ومِنها : جَعَلَ لَكُم أسماعا لِتَعِيَ ما عَناها ، وأبصارا لِتَجلُوَ عَن عَشاها ، وأشلاءً (2) جامِعَةً لِأَعضائِها ، مُلائِمَةً لِأَحنائِها (3) ، في تَركيبِ صُوَرِها ومُدَدِ عُمُرِها ، بِأَبدانٍ قائِمَةٍ بِأَرفاقِها (4) ، وقُلوبٍ رائِدَةٍ لِأَرزاقِها ، في مُجَلِّلاتِ (5) نِعَمِهِ ، وموجِباتِ مِنَنِهِ ، وحَواجِزِ عافِيَتِهِ . وقَدَّرَ لَكُم أعمارا سَتَرَها عَنكُم ، وخَلَّفَ لَكُم عِبَرا مِن آثارِ الماضينَ قَبلَكُم ؛ مِن مُستَمتَعِ خَلاقِهِم (6) ، ومُستَفسَحِ خَناقِهِم (7) . .


1- .التنجّز : طلب شيء قد وُعِدتَه (لسان العرب : ج5 ص414) .
2- .الأشلاء : جمع شلو ؛ وهو العضو ، وأراد عليه السلام بالأشلاء هاهنا الأعضاء الظاهرة ، و بالأعضاء : الجوارح الباطنة (شرح نهج البلاغة : ج6 ص258) .
3- .أحناؤها : أي معاطفها (النهاية : ج1 ص455) .
4- .أرفاقها : منافعها ، يقال : هذا الأمر رَفيق بك أي نافِع (تاج العروس : ج13 ص169) .
5- .جلّل الشيء : عَمَّ (تاج العروس : ج14 ص118) .
6- .الخَلاق : الحظّ والنصِيب (النهاية : ج2 ص70) .
7- .الخِناق : الحَبل الذي يُخنَق به (لسان العرب : ج10 ص93) .

ص: 237

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في النملة :أرهَقَتهُمُ (1) المَنايا دونَ الآمالِ ، وشَذَّبَهُم عَنها (2) تَخَرُّمُ الآجالِ . لَم يَمهَدوا في سَلامَة الأَبدانِ ، ولَم يَعتَبِروا في اُنُفِ (3) الأَوانِ .

فَهَل يَنتَظِرُ أهلُ بَضاضَةِ (4) الشَّبابِ إلّا حَوانِيَ الهَرَمِ ؟ وأهلُ غَضارَةِ (5)

الصِّحَّةِ إلّا نَوازِلَ السَّقَمِ ؟ وأهلُ مُدَّةِ البَقاءِ إلّا آوِنَةَ الفَناءِ ؟ مَعَ قُربِ الزِّيالِ ، واُزوفِ الاِنتِقالِ ، وعَلَزِ (6) القَلَقِ ، وألَمِ المَضَضِ وغُصَصِ الجَرَضِ (7) ، وتَلَفُّتِ الاِستِغاثَةِ بِنُصرَةِ الحَفَدَةِ وَالأَقرِباءِ وَالأَعِزَّةِ وَالقُرَناءِ ! فَهَل دَفَعَتِ الأَقارِبُ أو نَفَعَتِ النَّواحِبُ ، وقَد غودِرَ في مَحَلَّةِ الأَمواتِ رَهينا ، وفي ضيقِ المَضجَعِ وَحيدا ، قَد هَتَكَتِ الهَوامُّ جِلدَتَهُ ، وأبلَتِ النَّواهِكُ جِدَّتَهُ ، وعَفَتِ (8) العَواصِفُ آثارَهُ ، ومَحَا الحَدَثانِ (9) مَعالِمَهُ ، وصارَتِ الأَجسادُ شَحِبَةً بَعدَ بَضَّتِها ، وَالعِظامُ نَخِرَةً بَعدَ قُوَّتِها ، وَالأَرواحُ مُرتَهَنَةً بِثِقَلِ أعبائِها ، موقِنَةً بِغَيبِ أنبائِها ، لا تُستَزادُ مِن صالِحِ عَمَلِها ، ولا تُستَعتَبُ مِن سَيِّىَ زَلَلِها !

أ وَلَستُم أبناءَ القَومِ وَالآباءَ ، وإخوانَهُم وَالأَقرِباءَ ، تَحتَذونَ أمثِلَتَهُم ، وتَركَبونَ قِدَّتَهُم (10) وتَطَؤونَ جادَّتَهُم ؟ ! . فَالقُلوبُ قاسِيَةٌ عَن حَظِّها ، لاهِيَةٌ عَن رُشدِها ، سالِكَةٌ في غَيرِ مِضمارِها ، كَأنَّ المَعنِيَّ سِواها ، وكَأَنَّ الرُّشدَ في إحرازِ دُنياها ! .


1- .أرهقه: أغشاه و أعجله (النهاية: ج2 ص283).
2- .شذّبهم عنها : قطعهم وفرّقهم ، من تشذيب الشجرة ؛ وهو تقشيرها . وتخرّمت زيداً المنيّة استأصلته واقتطعته (شرح نهج البلاغة : ج6 ص260) .
3- .اُنُف : أي مستأنف استئنافاً ، واُنْفة الشيء : ابتداؤه (النهاية : ج1 ص75) .
4- .البَضاضة : رقّة اللون وصفاؤه الذي يؤثّر فيه أدنى شيء (النهاية : ج1 ص132) .
5- .الغَضارة : النِّعمة والخَير والسَّعة في العَيش والخِصب والبَهجة (تاج العروس : ج7 ص311) .
6- .العَلَز : خِفّة وهَلَع يُصيب الإنسان (النهاية : ج3 ص287) .
7- .الجَرَض : أن تَبلغ الروحُ الحلقَ (النهاية : ج1 ص261) .
8- .عفا الأثر : بمعنى دَرَسَ وامَّحى (النهاية : ج3 ص266) .
9- .حَدَثان الدهر : نُوَبه وما يَحدث منه (لسان العرب : ج2 ص132) .
10- .القِدّة : الطريقة (لسان العرب : ج3 ص344) .

ص: 238

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في النملة :وَاعلَموا أنَّ مَجازَكُم عَلَى الصِّراطِ ومَزالِقِ دَحضِهِ (1) وأهاويلِ زَلَلِهِ ، وتاراتِ أهوالِهِ . فَاتَّقُوا اللّهَ عِبادَ اللّهِ تَقِيَّةَ ذي لُبٍّ شَغَلَ التَّفَكُّرُ قَلبَه ، وأنصَبَ الخَوفُ بَدَنَهُ ، وأسهَرَ التَّهَجُّدُ غِرارَ (2) نَومِهِ ، وأظمَأَ الرَّجاءُ هَواجِرَ (3) يَومِهِ ، وظَلَفَ الزُّهدُ شَهَواتِهِ (4) ، وأوجَفَ الذِّكرُ بِلِسانِهِ (5) ، وقَدَّمَ الخَوفَ لِأَمانِهِ ، وتَنَكَّبَ المَخالِجَ (6) عَن وَضَحِ السَّبيلِ ، وسَلَكَ أقصَدَ المَسالِكِ إلَى النَّهجِ المَطلوبِ ، ولَم تَفتِلهُ فاتِلاتُ الغُرورِ ، ولَم تَعمَ عَلَيهِ مُشتَبِهاتُ الاُمورِ . ظافِرا بِفَرَحَةِ البُشرى ، وراحَةِ النُّعمى في أنعَمِ نَومِهِ وآمَنَ يَومِهِ . قَد عَبَرَ مَعبَرَ العاجِلَةِ حَميدا ، وقَدَّمَ زادَ الآجِلَةِ سَعيدا . وبادَرَ مِن وَجَلٍ ، وأكمَشَ (7) في مَهَلٍ . ورَغِبَ في طَلَبٍ ، وذَهَبَ عَن هَرَبٍ ، وراقَبَ في يَومِهِ غَدَهُ ، ونَظَرَ قُدُما أمامَهُ . فَكَفى بِالجَنَّةِ ثَوابا ونَوالاً ، وكَفى بِالنّارِ عِقابا ووَبالاً ! وكَفى بِاللّهِ مُنتَقِما ونَصيرا ! وكَفى بِالكِتابِ حَجيجا وخَصيما !

اُوصيكُم بِتَقوَى اللّهِ الَّذي أعذَرَ بِما أنذَرَ ، واحتَجَّ بِما نَهَجَ ، وحَذَّرَكُم عَدُوّا نَفَذَ فِي الصُّدورِ خَفِيّا ، ونَفَثَ فِي الآذانِ نَجِيّا (8) ؛ فَأَضَلَّ وأردى ، ووَعَدَ فَمَنّى ، وزَيَّنَ سَيِّئاتِ الجَرائِمِ ، وهَوَّنَ موبِقاتِ العَظائِمِ . حَتّى إذَا استَدرَجَ قَرينَتَهُ (9) ، وَاستَغلَقَ رَهينَتَهُ ، أنكَر .


1- .دحض : زلق (النهاية : ج2 ص104) .
2- .الغرار : النوم القليل ، وقيل : هو القليل من النوم وغيره (لسان العرب : ج5 ص17) .
3- .الهواجر : جمع هاجِرة ؛ وهي نصف النهار عند اشتداد الحرّ (الصحاح : ج2 ص851) .
4- .أي : كَفّها ومَنَعها (النهاية : ج3 ص159) .
5- .أي : حَرّكه مسرِعاً (النهاية : ج5 ص157) .
6- .تنكَّب عن الطريق : إذا عدل عنه . والمخالج : أي الطرق المتشعّبة عن الطريق الأعظم الواضح (النهاية : ج5 ص112 و ج2 ص59) .
7- .أي تَشَمّر وجَدَّ (النهاية : ج4 ص200) .
8- .من النجوى ؛ وهو السِرّ ما بين الاثنين والجماعة (مجمع البحرين : ج3 ص1756) .
9- .القرينة _ هاهنا _ : الإنسان الذي قارنه الشيطان ، ولفظه لفظ التأنيث ، وهو مذكّر . ويجوز أن يكون أراد بالقرينة النفس (شرح نهج البلاغة : ج6 ص268) .

ص: 239

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في النملة :ما زَيَّنَ ، وَاستَعظَمَ ما هَوَّنَ ، وحَذَّرَ ما أمَّنَ .

أم هذَا الَّذي أنشَأَهُ في ظُلُماتِ الأَرحامِ ، وشُغُفِ (1) الأَستارِ ، نُطفَةً دِهاقا (2) ، وعَلَقَةً مِحاقا ، وجَنينا وراضِعا ، ووَليدا ويافِعا . ثُمَّ مَنَحَهُ قَلبا حافِظا ، ولِسانا لافِظا ، وبَصَرا لاحِظا ؛ لِيَفهَمَ مُعتَبِرا ، ويُقَصِّرُ مُزدَجِرا . حَتّى إذا قامَ اعتِدالُهُ ، وَاستَوى مِثالُهُ ؛ نَفَرَ مُستَكبِرا ، وخَبَطَ سادِرا (3) ، ماتِحا في غَربِ (4) هَواهُ ، كادِحا سَعيا لِدُنياهُ ، في لَذّاتِ طَرَبِهِ ، وبَدَواتِ (5) أرَبِهِ ، ثُمَّ لا يَحتَسِبُ رَزِيَّةً ، ولا يَخشَعُ تَقِيَّةً . فَماتَ في فِتنَتِهِ غَريرا (6) ، وعاشَ في هَفوَتِهِ يَسيرا . لَم يُفِد عِوَضا ، ولَم يَقضِ مُفتَرَضا . دَهِمَتهُ فَجَعاتُ المَنِيَّةِ في غُبَّرِ (7)

جِماحِهِ ، وسَنَن مِراحِهِ ، فَظَلَّ سادِرا ، وباتَ ساهِرا ، في غَمَراتِ الآلامِ ، وطَوارِقِ الأَوجاعِ وَالأَسقامِ ، بَينَ أخٍ شَقيقٍ ، ووالِدٍ شَفيقٍ ، وداعِيَةٍ بِالوَيلِ جَزَعا ، ولادِمَةٍ (8) لِلصَّدرِ قَلَقا . وَالمَرءُ في سَكرَةٍ مُلهِثَةٍ ، وغَمرَةٍ (9) كارِثَةٍ ، وأ نَّةٍ موجِعَةٍ ، وجَذبَةٍ مُكرِبَةٍ ، وسَوقَةٍ مُتعِبَةٍ . ثُمَّ اُدرِجَ في أكفانِهِ مُبلِسا (10) ، وجُذِبَ مُنقادا سَلِسا . ثُمَّ اُلقِيَ عَلَى الأَعوادِ رَجيعَ وَصَبٍ (11) ، .


1- .الشُّغُف : جمع شَغافِ القلب ، وهو حجابُه ، فاستعارَه لموضِع الوَلد (النهاية : ج2 ص483) .
2- .نطفة دِهاقاً : أي نطفة قد اُفرغَت إفراغاً شديداً (النهاية : ج2 ص145) .
3- .سادراً : أي لاهِياً (النهاية : ج2 ص354) .
4- .الماتِح : المستقي من البئر بالدلوِ من أعلى البئر . والغَرْب : الدلو العظيمة التي تتّخذ من جلد ثور (النهاية : ج4 ص291 و ج3 ص349) .
5- .بَدوات: آراء تظهر للرجل فيختار بعضاً ويسقط بعض (تاج العروس : ج19 ص190) .
6- .الغَرير : المغرور (لسان العرب : ج5 ص13) .
7- .الغُبّر : جمع الغابِر ؛ أي الباقي (النهاية : ج3 ص338) .
8- .أي ضاربات . والالتدام : ضرب النساء وجوهَهنّ في النياحة (النهاية : ج4 ص245) .
9- .غَمرة كلّ شيء : منهَمَكهُ وشدَّته ، كغَمرةِ الهمّ والموت ونحوهما (لسان العرب : ج5 ص29) .
10- .المُبلِس : الساكت من الحزن أو الخوف . والإبلاس : الحيرة (النهاية : ج1 ص152) .
11- .الرجيع من الدوابّ : ما رَجَعْته من سفر إلى سفر ؛ وهَو الكالّ . والوَصَب : دوام الوَجَع ولزومه ، وقد يطلق على التعب والفتور في البَدن (لسان العرب : ج8 ص116 و ج1 ص797) .

ص: 240

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في النملة :ونِضوَ (1) سَقَمٍ ، تَحمِلُهُ حَفَدَةُ الوِلدانِ ، وحَشَدَةُ الإِخوانِ ، إلى دارِ غُربَتِهِ ، ومُنقَطَعِ زَورَتِهِ ، ومُفرَدِ وَحشَتِهِ . حَتّى إذَا انصَرَفَ المُشَيِّعُ ، ورَجَعَ المُتَفَجِّعُ ؛ اُقعِدَ في حُفرَتِهِ ، نَجِيّا لِبَهتَةِ السُّؤالِ ، وعَثرَةِ الِامتِحانِ . وأعظَمُ ما هُنالِكَ بَلِيَّةُ نُزولُ الحَميمِ ، وتَصلِيَةُ الجَحيمِ ، وفَوراتُ السَّعيرِ ، وسَوراتُ (2) الزَّفيرِ . لا فَترَةٌ مُريحَةٌ ، ولا دَعَةٌ مُزيحَةٌ ، ولا قُوَّةٌ حاجِزَةٌ ، ولا مَوتَةٌ ناجِزَةٌ ، ولا سِنَةٌ مُسَلِّيَةٌ بَينَ أطوارِ المَوتاتِ وعَذابِ السّاعاتِ ، إنّا بِاللّهِ عائِذونَ !

عِبادَ اللّهِ ! أينَ الَّذينَ عُمِّروا فَنَعِموا ، وعُلِّموا فَفَهِموا ، واُنظِروا فَلَهَوا وسُلِّموا فَنَسوا ! . اُمهِلوا طَويلاً ، ومُنِحوا جَميلاً ، وحُذِّروا أليما ، ووُعِدوا جَسيما . اِحذَرُوا الذُّنوبَ المُوَرِّطَةَ ، وَالعُيوبَ المُسخِطَةَ .

اُولِي الأَبصارِ وَالأَسماعِ ، وَالعافِيَةِ وَالمَتاعِ ! هَل مِن مَناصٍ أو خَلاصٍ، أو مَعاذٍ أو مَلاذٍ ، أو فِرارٍ أو مَحارٍ (3) أم لا ؟ «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» (4) ! أم أينَ تُصرَفونَ ! أم بِماذا تَغتَرّونَ ! وإنّما حَظُّ أحَدِكُم مِنَ الأَرضِ ذاتِ الطّولِ وَالعَرضِ قيدُ (5) قَدِّهِ ، مُتَعَفِّرا عَلى خَدِّهِ !

الآنَ عِبادَ اللّهِ وَالخِناقُ مُهمَلٌ ، وَالرّوحُ مُرسَلٌ ، في فَينَةِ (6) الإِرشادِ ، وراحَةِ الأَجسادِ ، وباحَةِ الِاحتِشادِ ، ومَهَلِ البَقِيَّةِ ، واُنُفِ المَشِيَّةِ ، وإنظارِ التَّوبَةِ ، وَانفِساح .


1- .النِّضْو : الدابّة التي أهزَلتها الأسفار ، وأذهبت لَحمها (النهاية : ج5 ص72) .
2- .سَوْرات : جمع سَوْرة ؛ أي شِدّة . وزَفرَت النار : سُمِع لتوقّدها صوت (تاج العروس : ج6 ص552 و ص465) .
3- .من حارَ يحور : إذا رجع (النهاية : ج1 ص459) .
4- .الأنعام : 95 وغيرها . وأفِكَهُ : أي صَرفَه عن الشيء وقَلَبَه (النهاية : ج1 ص56) .
5- .قِيد : أي قَدْر (النهاية : ج4 ص131) .
6- .الفَينَة : الحين والساعة (النهاية : ج3 ص486) .

ص: 241

4 / 5 التّحذير من الغفلة

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في النملة :الحَوبَةِ (1) قَبلَ الضَّنكِ وَالمَضيقِ ، وَالرَّوعِ وَالزُّهوقِ ، وقَبلَ قُدومِ الغائِبِ المُنتَظَرِ ، وإخذَةِ العَزيزِ المُقتَدِرِ (2) .4 / 5التَّحذيرُ مِنَ الغَفلَةِ* ومنه عن الصادق عليه السلام في الشيعة :الإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ في صِفَةِ الضّالِّ _: وهُوَ في مُهلَةٍ مِنَ اللّهِ يَهوي مَعَ الغافِلينَ ، ويَغدو مَعَ المُذنِبينَ ، بِلا سَبيلٍ قاصِدٍ ، ولا إمامٍ قائِدٍ .

... حَتّى إذا كَشَفَ لَهُم عَن جَزاءِ مَعصِيَتِهِم ، وَاستَخرَجَهُم مِن جَلابيبِ غَفلَتِهِمُ ، استَقبَلوا مُدبِرا ، وَاستَدبَروا مُقبِلاً ؛ فَلَم يَنتَفِعوا بِما أدرَكوا مِن طَلِبَتِهِم ، ولا بِما قَضَوا مِن وَطَرِهِم (3) .

إنّي اُحَذِّرُكُم ونَفسي هذِهِ المَنزِلَةَ ؛ فَليَنتَفِعِ امرُؤٌ بِنَفسِهِ ؛ فَإِنَّمَا البَصيرُ مَن سَمِعَ فَتَفَكَّرَ ، ونَظَرَ فَأَبصَرَ ، وَانتَفَعَ بِالعِبَرِ ثُمَّ سَلَكَ جَدَدا (4) واضِحا يَتَجَنَّبُ فيهِ الصَّرعَةَ فِي المَهاوي ، وَالضَّلالَ فِي المَغاوي ، ولا يُعينُ عَلى نَفسِهِ الغُواةَ بِتَعَسُّفٍ في حَقٍّ ، أو تَحريفٍ في نُطقٍ ، أو تَخَوُّفٍ مِن صِدقٍ .

فَأَفِق أيُّهَا السّامِعُ مِن سَكرَتِكَ ، وَاستَيقِظ مِن غَفلَتِكَ ، وَاختَصِر مِن عَجَلَتِكَ . وأنعِمِ الفِكرَ فيما جاءَكَ عَلى لِسانِ النَّبِيِّ الاُمِّيِّ صلى الله عليه و آله مِمّا لا بُدَّ مِنهُ ، ولا مَحيصَ عَنهُ . وخالِف مَن خالَفَ ذلِكَ إلى غَيرِهِ ، ودَعهُ وما رَضِيَ لِنَفسِهِ . وضَع فَخرَكَ وَاحطُط

.


1- .الحَوْبة : الحاجَة (النهاية : ج1 ص455) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 83 . وقال الشريف الرضي رحمه الله في ذيل الخطبة : وفي الخبر : أ نّه عليه السلام لمّا خطب بهذه الخطبة اقشعرّت لها الجلود ، وبكت العيون ، ورجفت القلوب . ومن الناس من يُسمّي هذه الخطبة : «الغَرّاء» .
3- .الوَطَرُ : كلُّ حاجة كان لصاحبها فيها همّة (لسان العرب : ج5 ص285) .
4- .الجَدَد : المستوي من الأرض (النهاية : ج1 ص245) .

ص: 242

4 / 6 المبادرة بالعمل الصّالح

* ومنه عن الصادق عليه السلام في الشيعة :كِبرَك ، وَاذكُر قَبرَك ؛ فَإِنَّ عَلَيهِ مَمَرَّكَ ، وكَما تَدينُ تُدانُ . وكَما تَزرَعُ تَحصُدُ . وما قَدَّمتَ اليَومَ تَقدَمُ عَلَيهِ غَدا ؛ فَامهَد لِقَدَمِكَ ، وقَدِّم لِيَومِكَ . فَالحَذَرَ الحَذَرَ أيُّهَا المُستَمِعُ ! وَالجِدَّ الجِدَّ أيُّهَا الغافِلُ ! «وَ لَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ» (1) . (2)4 / 6المُبادَرَةُ بِالعَمَلِ الصّالِحِ* وفي ميثم التمّار :الإمام عليّ عليه السلام :فَاتَّقُوا اللّهَ عِبادَ اللّهِ ، وبادِروا آجالَكُم بِأَعمالِكُم ، وَابتاعوا ما يَبقى لَكُم بِما يَزولُ عَنكُم ، وتَرَحَّلوا فَقَد جُدَّ بِكُم (3) ، وَاستَعِدّوا لِلمَوتِ فَقَد أظَلَّكُم ، وكونوا قَوما صيحَ بِهِم فَانتَبَهوا ، وعَلِموا أنَّ الدُّنيا لَيسَت لَهُم بِدارٍ فَاستَبدَلوا ؛ فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ لَم يَخلُقكُم عَبَثا ، ولَم يَترُككُم سُدًى ، وما بَينَ أحَدِكُم وبَينَ الجَنَّةِ أوِ النّارِ إلَا المَوتُ أن يَنزِلَ بِهِ . وإنَّ غايَةً تَنقُصُها اللَّحظَةُ ، وتَهدِمُهَا السّاعَةُ لَجَديرَةٌ بِقِصَرِ المُدَّةِ ، وإنَّ غائِبا يَحدوهُ الجَديدانِ ؛ اللَّيلُ وَالنَّهارُ لَحَرِيٌّ بِسُرعَةِ الأَوبَةِ (4) ، وإنَّ قادِما يَقدُمُ بِالفَوزِ أوِ الشِّقوَةِ لِمُستَحِقٌّ لِأَفضَلِ العُدَّةِ .

فَتَزَوَّدوا فِي الدُّنيا مِنَ الدُّنيا ما تَحرُزونَ بِهِ أنفُسَكُم غَدا . فَاتَّقى عَبدٌ رَبَّهُ نَصَحَ نَفسَهُ ، وقَدَّمَ تَوبَتَهُ ، وغَلَبَ شَهوَتَهُ ؛ فَإِنَّ أجَلَهُ مَستورٌ عَنهُ ، وأمَلَهُ خادِعٌ لَهُ ، وَالشَّيطانُ مُوَكَّلٌ بِهِ يُزَيِّنُ لَهُ المَعصِيَةَ لِيَركَبَها ، ويُمَنّيهِ التَّوبَةَ لِيُسَوِّفَها . إذا هَجَمَت مَنِيَّتُهُ عَلَيهِ أغفَلَ ما يَكونُ عَنها .

.


1- .فاطر : 14 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 153 ، بحار الأنوار : ج77 ص407 ح38 ؛ جواهر المطالب : ج1 ص308 نحوه وراجع تحف العقول : ص154 .
3- .أي حثثتم على الرحيل (شرح نهج البلاغة : ج5 ص146) .
4- .الأوبة : الرُّجوع (لسان العرب : ج1 ص219) .

ص: 243

4 / 7 في التّزهيد من الدّنيا

* وفي ميثم التمّار :فَيالَها حَسرَةً عَلى كُلِّ ذي غَفلَةٍ أن يَكونَ عُمُرُهُ عَلَيهِ حُجَّةً ، وأن تُؤَدِّيَهُ أيّامُهُ إلَى الشِّقوَةِ ! نَسأَلُ اللّهَ سُبحانَهُ أن يَجعَلَنا وإيّاكُم مِمَّن لا تُبطِرُهُ نِعمَةٌ ، ولا تُقَصِّرُ بِهِ عَن طاعَةِ رَبِّهِ غايَةٌ ، ولا تَحُلُّ بِهِ بَعدَ المَوتِ نَدامَةٌ ولا كَآبَةٌ (1) .4 / 7فِي التَّزهيدِ مِنَ الدُّنيا* وعنه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :اُوصيكُم عِبادَ اللّهِ! بِتَقوَى اللّهِ الَّتي هِيَ الزّادُ وبِهَا المَعاذُ ؛ زادٌ مُبلِغٌ ، ومَعاذٌ مُنجِحٌ . دَعا إلَيها أسمَعُ داعٍ ، ووَعاها خَيرُ واعٍ . فَأَسمَعَ داعيها ، وفازَ واعيها .

عِبادَ اللّه ! إنَّ تَقوَى اللّه حَمَت (2) أولِياءَ اللّهِ مَحارَمِهُ ، وألزَمَت قُلوبَهُم مَخافَتَهُ ، حَتّى أسهَرَت لَيالِيَهُم ، وأَظمَأَت هَواجِرَهُم . فَأَخَذُوا الرّاحَةَ بِالنَّصَبِ ، وَالرّيَّ بِالظَّمَاَ. وَاستَقرَبُوا الأَجَلَ فَبادَرُوا العَمَلَ ، وكَذَّبُوا الأَمَلَ فَلاحَظُوا الأَجَلَ .

ثُمَّ إنَّ الدُّنيا دارُ فَناءٍ وعَناءٍ وغِيَرٍ وعِبَرٍ ؛ فَمِنَ الفَناءِ أنَّ الدَّهرَ مُوتِرٌ قوسَهُ ، لا تُخطِئُ سِهامُهُ ، ولا تُؤسى (3) جِراحُهُ . يَرمِي الحَيَّ بِالمَوتِ ، وَالصَّحيحَ بِالسَّقَمِ ، وَالنّاجِيَ بِالعَطَبِ . آكِلٌ لا يَشبَعُ ، وشارِبٌ لا يَنقَعُ . ومِنَ العَناءِ أنَّ المَرءَ يَجمَعُ ما لا يَأكُلُ ، ويَبني ما لا يَسكُنُ ، ثُمَّ يَخرُجُ إلَى اللّهِ تَعالى لا مالاً حَمَلَ ، ولا بِناءً نَقَلَ ! ومِن غِيَرِها أ نَّكَ تَرَى المَرحومَ مَغبوطا وَالمَغبوطَ مَرحوما ، لَيسَ ذلِكَ إلّا نَعيما زَلَّ (4) ، وبُؤسا نَزَلَ .

ومِن عِبَرِها أنَّ المَرءَ يُشرِفُ عَلى أمَلِهِ ، فَيَقتَطِعُهُ حُضورُ أجَلِهِ ؛ فَلا أمَلٌ يُدرَكُ ،

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 64 ؛ جواهر المطالب : ج1 ص305 نحوه .
2- .حمى الشيءَ : منعه ودفع عنه (لسان العرب : ج14 ص198) .
3- .أسا الجرحَ : داواه . والأسا : المداواة والعِلاج (لسان العرب : ج14 ص34) .
4- .زَلَّ يَزِلُّ : إذا مَرّ مروراً سريعاً (لسان العرب : ج11 ص307) .

ص: 244

* وعنه عليه السلام :ولا مَؤَمَّلٌ يُترَكُ . فَسُبحانَ اللّهِ ! ما أعَزَّ سُرورَها ! وأظمَأَ رِيَّها ! وأضحى فَيئَها! لا جاءٍ يُرَدُّ ، ولا ماضٍ يَرتَدُّ . فَسُبحانَ اللّهِ ! ما أقرَبَ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ لِلَحاقِهِ بِهِ ، وأبعَدَ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ لِانقِطاعِهِ عَنهُ !

إنَّهُ لَيسَ شَيءٌ بِشَرٍّ مِنَ الشَّرِّ إلّا عِقابُهُ ، ولَيسَ شَيءٌ بِخَيرٍ مِنَ الخَيرِ إلّا ثَوابُهُ . وكُلُّ شَيءٍ مِنَ الدُّنيا سَماعُهُ أعظَمُ مِن عِيانِهِ ، وكُلُّ شَيءٍ مِنَ الآخِرَةِ عِيانُهُ أعظَمُ مِن سَماعِهِ ؛ فَليَكفِكُم مِنَ العِيانِ السَّماعُ ، ومِنَ الغَيبِ الخَبَرُ . وَاعلَموا أنَّ ما نَقَصَ مِنَ الدُّنيا ، وزادَ فِي الآخِرَةِ خَيرٌ مِمّا نَقَصَ مِنَ الآخِرَةِ ، وزادَ فِي الدُّنيا ؛ فَكَم مِن مَنقوصٍ رابِحٍ ، ومَزيدٍ خاسِرٍ ! إنَّ الَّذي اُمِرتُم بِهِ أوسَعُ مِنَ الَّذي نُهيتُم عَنهُ . وما اُحِلَّ لَكُم أكثَرُ مِمّا حُرِّمَ عَلَيكُم ؛ فَذَروا ما قَلَّ لِما كَثُرَ ، وما ضاقَ لِمَا اتَّسَعَ . قَد تَكَفَّلَ لَكُم بِالرِّزقِ واُمِرتُم بِالعَمَلِ ؛ فَلا يكونَنَّ المَضمونُ لَكُم طَلَبُهُ أولى بِكُم مِنَ المَفروضِ عَلَيكُم عَمَلُهُ ، مَعَ أ نَّهُ وَاللّهِ لَقَدِ اعتَرَضَ الشَّكُّ ، ودَخِلَ اليَقينُ ، حَتّى كَأَنَّ الَّذي ضُمِنَ لَكُم قَد فُرِضَ عَلَيكُم ، وكَأَنَّ الَّذي قَد فُرِضَ عَلَيكُم قَد وُضِعَ عَنكُم . فَبادِرُوا العَمَلَ ، وخافوا بَغتَةَ الأَجَلِ ؛ فَإِنَّهُ لا يُرجى مِن رَجعَةِ العُمُرِ ما يُرجى مِن رَجعَةِ الرِّزقِ ؛ ما فاتَ مِنَ الرِّزقِ رُجِيَ غَدا زِيادَتُهُ ، وما فاتَ أمسِ مِنَ العُمُرِ لَم يُرجَ اليَومَ رَجعَتُهُ . الرَّجاءُ مَعَ الجائي ، وَاليَأسُ مَعَ الماضي . فَ_ «اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ» (1) . (2) .


1- .آل عمران : 102 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 114 وراجع الخطبة 103 و 111 و 113 و 132 و 203 و 226 وتحف العقول : ص218 وعيون الحكم والمواعظ : ص158 ح3421 و ص370 ح6242 .

ص: 245

4 / 8 نداء طالما نادى به أصحابه

4 / 8نِداءٌ طالَما نادى بِهِ أصحابَهُ* ومنه الدعاء :الإمام عليّ عليه السلام :تَجَهَّزوا رَحِمَكُمُ اللّهُ ! فَقَد نودِيَ فيكُم بِالرَّحيلِ ، وأقِلُّوا العُرجَةَ (1) عَلَى الدُّنيا ، وَانقَلِبوا بِصالِحِ ما بِحَضرَتِكُم مِنَ الزّادِ ؛ فَإِنَّ أمامَكُم عَقَبَةً كَؤودا ، ومَنازِلَ مخَوفَةً مَهولَةً لابُدَّ مِنَ الوُرودِ عَلَيها ، وَالوُقوفِ عِندَها . وَاعلَموا أنَّ مَلاحِظَ المَنِيَّةِ نَحوَكُم دانِيَةٌ . وكَأَ نَّكُم بِمَخالِبِها وقَد نَشِبَت فيكُم ، وقَد دَهَمَتكُم فيها مُفظِعاتُ الاُمورِ ، ومُعضِلاتُ المَحذورِ ؛ فَقَطِّعوا عَلائِقَ الدُّنيا ، وَاستَظهِروا بِزادِ التَّقوى (2) .

.


1- .العُِرْجة : المقام (لسان العرب : ج2 ص321) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 204 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص98 ، الإرشاد : ج1 ص234 ، الأمالي للصدوق : ص587 ح810 عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام ، بحار الأنوار : ج73 ص106 ح102 ؛ المعيار والموازنة : ص270 كلّها نحوه وليس فيها من «واعلموا . . . » .

ص: 246

. .

ص: 247

الباب الخامس : علم الآداب
5 / 1 معرفة الإمام جميع اللّغات

الباب الخامس : علم الآداب5 / 1مَعرِفَةُ الإِمامِ جَميعَ اللُّغاتِ* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام الباقر والإمام الصادق عليهماالسلام :إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام لَمّا فَرَغَ مِن أهلِ البَصرَةِ أتاهُ سَبعونَ رَجُلاً مِنَ الزُّطِّ (1) فَسَلَّموا عَلَيهِ وكَلَّموهُ بِلِسانِهِم فَرَدَّ عَلَيهِم بِلِسانِهِم (2) .* ومنه عن أبيذرّ :الإمام الصادق عليه السلام :أخرَجَ [يَهودِيٌّ] مِن قَبائِهِ كِتابا فَدَفَعَهُ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَفَضَّهُ ونَظَرَ فيهِ وبَكى ، فَقالَ لَهُ اليَهودِيُّ : ما يُبكيكَ يَا بنَ أبي طالِبٍ ؟ إنَّما نَظَرتَ في هذَا الكِتابِ وهُوَ كِتابٌ سُريانِيٌّ وأنتَ رَجُلٌ عَرَبِيٌّ ، فَهَل تَدري ما هُوَ ؟

فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ : نَعَم ، هذَا اسمي مُثبَتٌ .

فَقالَ لَهُ اليَهودِيُّ : فَأَرِنِي اسمَكَ في هذَا الكِتابِ ، وأخبِرني مَا اسمُكَ بِالسُّريانِيَّةِ ؟

قالَ : فَأَراهُ أميرُ المُؤمِنينَ سَلامُ اللّهِ عَلَيهِ اسمَهُ فِي الصَّحيفَةِ وقالَ : اِسمي إليا (3) .

.


1- .الزطّ : جنس من السودان والهنود (النهاية : ج2 ص302) .
2- .الكافي : ج7 ص259 ح23 عن كردين عن رجل ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج3 ص150 ح3550 عن الإمام الباقر عليه السلام وليس فيه «فردّ عليهم بلسانهم» ، رجال الكشّي : ج1 ص325 ح175 عن مسمع بن عبد الملك أبي سيّار عن رجل عن الإمام الباقر عليه السلام ، بحار الأنوار : ج25 ص287 ح43 .
3- .الكافي : ج4 ص183 ح7 عن محمّد بن عمران ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص256 ، بحار الأنوار : فج38 ص61 ح13 .

ص: 248

* وعن سطيح لكسرى :عنه عليه السلام :إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام حينَ أتى أهلَ النَّهرَواِن نَزَلَ قَطُفتا (1) ، فَاجتَمَعَ إلَيهِ أهلُ بادرويا (2) ، فَشَكوا ثِقَلَ خَراجِهِم ، وكَلَّموهُ بِالنَّبَطِيَّةِ ، وأنَّ لَهُم جيرانا أوسَعَ أرضا وأقَلَّ خَراجا ، فَأَجابَهُم بِالنَّبَطِيَّةِ : وغرزطا من عوديا .

قالَ : فَمَعناهُ : رُبَّ رَجَزٍ صَغيرٍ خَيرٌ مِن رَجَزٍ كَبيرٍ (3) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :المناقب لابن شهر آشوب :رُوِيَ أ نَّهُ قالَ [عَلِيٌّ] عليه السلام لِابنَةِ يَزدجَردَ : ما اسمُكِ ؟ قالَت : جَهان بانُوَيهِ . فَقالَ : بَل شَهرَ بانُوَيهِ . وأجابَها بِالعَجَمِيَّةِ (4) .* وفي أبيذرّ :الخرائج والجرائح عن ابن مسعود :كُنتُ قاعِدا عِندَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام في مَسجِدِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذ نادى رَجُلٌ : مَن يَدُلُّني عَلى مَن آخُذُ مِنهُ عِلما ؟ ومَرَّ .

فَقُلتُ لَهُ : يا هذا ، هَل سَمِعتَ قَولَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله : أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها ؟

فَقالَ : نَعَم . قُلتُ : وأينَ تَذهَبُ وهذا عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ؟ فَانصَرَفَ الرَّجُلُ وجَثا بَينَ يَدَيهِ . فَقالَ عليه السلام لَهُ : مِن أيِّ بِلادِ اللّهِ أنتَ ؟ قالَ : مِن أصفَهانَ . قالَ لَهُ : اُكتُب : أملى عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام . . . قالَ : زِدني يا أميرَ المُؤمِنينَ . قالَ _ بِاللِّسانِ الأَصفَهانِيِّ _ : أروت إين وَس . يَعنِي اليَومَ حَسبُكَ هذا (5) . .


1- .قَطُفْتا : محلّة كبيرة ذات أسواق بالجانب الغربي من بغداد ، مجاورة لمقبرة الدير التي فيها قبر الشيخ معروف الكرخي (معجم البلدان : ج4 ص374) .
2- .في تقويم البلدان : ص294 «بادَرايا : قرية ، وأظنّها من أعمال واسط» ، وفي معجم البلدان : ج1 ص317 «بادوريا : طسوج [أي ناحية ]من كورة [أي بلدة] الاُستان بالجانب الغربي من بغداد» .
3- .بصائر الدرجات : ص335 ح10 عن إبراهيم الكرخي ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص55 وفيه «زعر اوطائه من زعر ارباه ، معناه : دخن صغير خير من دخن كبير» بدل «وغرزطا . . .» ، بحار الأنوار : ج41 ص289 ح13 .
4- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص56 ، بحار الأنوار : ج40 ص171 وراجع بصائر الدرجات : ص335 ح8 .
5- .الخرائج والجرائح : ج2 ص545 ح7 ، بحار الأنوار : ج41 ص301 ح32 .

ص: 249

5 / 2 مؤسّس علم النّحو

* ومنه عن حليمة السعديّة :عيون أخبار الرضا عن أبي الصَّلتِ الهَرَويّ :كانَ الرِّضا عليه السلام يُكَلِّمُ النّاسَ بِلُغاتِهِم ، وكانَ وَاللّهِ أفصَحَ النّاسِ وأعلَمَهُم بِكُلِّ لِسانٍ ولُغَةٍ ، فَقُلتُ لَهُ يَوما : يَا بنَ رَسولِ اللّهِ إنّي لَأَعجَبُ مِن مَعرِفَتِكَ بِهذِهِ اللُّغاتِ عَلَى اختِلافِها !

فَقالَ : يا أبَا الصَّلتِ أنَا حُجَّةُ اللّهِ عَلى خَلقِهِ ، وما كانَ اللّهُ لِيَتَّخِذَ حُجَّةً عَلى قَومٍ وهُوَ لا يَعرِفُ لُغاتِهِم ، أو ما بَلَغَكَ قَولُ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام : اُوتينا فَصلَ الخِطابِ ؟ فَهَل فَصلُ الخِطابِ إلّا مَعرِفَةُ اللُّغاتِ ؟ (1)راجع : كتاب «أهل البيت في الكتاب والسنّة» : ص 199 (جميع اللغات) .

5 / 2مُؤَسِّسُ عِلمِ النَّحوِشرق : عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله تعالى :سِيَر أعلام النُّبَلاء عن أبي الأَسود :دَخَلتُ عَلى عَلِيٍّ فَرَأَيتُهُ مُطرِقا ، فَقُلتُ : فيمَ تَتَفَكَّرُ يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟

قالَ : سَمِعتُ بِبَلَدِكُم لَحنا فَأَرَدتُ أن أضَعَ كِتابا في اُصولِ العَرَبِيَّةِ .

فَقُلتُ : إن فَعَلتَ هذا أحيَيتَنا . فَأَتَيتُهُ بَعدَ أيّامٍ ، فَأَلقى إلَيَّ صَحيفَةً فيها :

الكَلامُ كُلُّهُ : اسمٌ ، وفِعلٌ ، وحَرفٌ ، فَالاِسمُ : ما أنبَأَ عَنِ المُسَمّى ، وَالفِعلُ : ما أنبَأَ عَن حَرَكَةِ المُسَمّى ، وَالحَرفُ : ما أنبَأَ عَن معنىً لَيسَ بِاسمٍ ولا فِعلٍ . ثُمَّ قالَ لي : زِدهُ وتَتَبَّعهُ . فَجَمَعتُ أشياءَ ثُمَّ عَرَضتُها عَلَيهِ (2) .* وعنه عليه السلام :تاريخ الخُلَفاء عن أبي الأسود الدُّؤَليّ :دَخَلتُ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالبٍ رضى الله عنه

.


1- .عيون أخبار الرضا : ج2 ص228 ح3 ، إعلام الورى : ج2 ص70 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج4 ص333 ، كشف الغمّة : ج3 ص119 ، بحار الأنوار : ج49 ص87 ح3 .
2- .سير أعلام النبلاء : ج4 ص84 الرقم 28 ؛ الفصول المختارة : ص91 ، الصراط المستقيم : ج1 ص220 ، الفصول المهمّة للحرّ العاملي : ج1 ص684 ح1079 كلّها نحوه .

ص: 250

* وعنه عليه السلام :فَرَأَيتُهُ مُطرِقا مُفَكِّرا ، فَقُلتُ : فيمَ تُفَكِّرُ يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟

قالَ : إنّي سَمِعتُ بِبَلَدِكُم هذا لَحنا فَأَرَدتُ أن أصنَعَ كِتابا في اُصولِ العَرَبِيَّةِ .

فَقُلتُ : إن فَعَلتَ هذا أحيَيتَنا ، وبَقِيَت فينا هذِهِ اللُّغَةُ .

ثُمَّ أتَيتُهُ بَعدَ ثَلاثٍ ، فَأَلقى إلَيَّ صَحيفَةً فيها : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، الكَلِمَةُ : اسمٌ ، وفِعلٌ ، وحَرفٌ ، فَالاِسمُ : ما أنبَأَ عَنِ المُسَمّى ، وَالفِعلُ : ما أنبَأَ عَن حَرَكَةِ المُسَمّى ، وَالحَرفُ : ما أنبَأَ عَن مَعنىً لَيسَ بِاسمِ ولا فِعلٍ .

ثُمَّ قالَ : تَتَبَّعهُ وزِد فيهِ ما وَقَعَ لَكَ ، وَاعلَم يا أبَا الأَسوَدِ ، أنَّ الأَشياءَ ثَلاثَةٌ : ظاهِرٌ ، ومُضمَرٌ ، وشَيءٌ لَيسَ بِظاهِرٍ ولا مُضمَرٍ ، وإنَّما يَتَفاضَلُ العُلَماءُ في مَعرِفَةِ ما لَيسَ بِظاهِرٍ ولا مُضمَرٍ .

قالَ أبُو الأَسوَدِ : فَجَمَعتُ مِنهُ أشياءَ وعَرَضتُها عَلَيهِ ، فَكانَ مِن ذلِكَ حُروفُ النَّصبِ ، فَذَكَرتُ مِنها : إنَّ وأنَّ ولَيتَ ولَعَلَّ وكَأَنَّ ، ولَم أذكُر لكِنَّ ، فَقالَ لي : لِمَ تَرَكتَها ؟

فَقُلتُ : لَم أحسَبها مِنها . فَقالَ : بَلى هِيَ مِنها ، فَزِدها فيها (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :شعب الإيمان عن صَعصَعَة بن صَوحان :جاءَ أعرابِيٌّ إلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، فَقالَ : السَّلامُ عَلَيكُم يا أميرَ المُؤمِنينَ ، كَيفَ تَقرَأُ هذَا الحَرفَ «لا يَأكُلُهُ إلَا الخاطونَ» كُلٌّ وَاللّهِ يَخطو ؟

فَتَبَسَّمَ عَلِيٌّ رضى الله عنه وقالَ : يا أعرابِيُّ «لَا يَأْكُلُهُ إِلَا الْخَ_طِئونَ» (2) .

قالَ : صَدَقتَ وَاللّهِ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ما كانَ اللّهُ لِيُسلِمَ عَبدَهُ . .


1- .تاريخ الخلفاء : ص213 ، كنز العمّال : ج10 ص283 ح29456 وفيه «الكلام» بدل «الكلمة» وراجع الفصول المهمّة للحرّ العاملي : ج1 ص681 ح1073 .
2- .الحاقّة : 37 .

ص: 251

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :ثُمَّ التَفَتَ عَلِيٌّ إلى أبِي الأَسوَدِ الدُّؤَلِيِّ فَقالَ : إنَّ الأَعاجِمَ قَد دَخَلَت فِي الدّينِ كافَّةً ، فَضَع لِلنّاسِ شَيئا يَستَدِلّونَ بِهِ عَلى صَلاحِ ألسِنَتِهِم ، فَرَسَمَ لَهُ الرَّفعَ وَالنَّصبَ وَالخَفضَ (1) .* وعنه عليه السلام :المناقب لابن شهر آشوب :وهُوَ [الإِمامُ عَلِيٌّ عليه السلام ]واضِعُ النَّحوِ ؛ لِأَنَّهُم يَروونَهُ عَنِ الخَليلِ بنِ أحمَدَ بنِ عيسَى بنِ عَمرٍو الثَّقَفِيِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ إسحاقَ الحَضرَمِيِّ عَن أبي عَمرِو بنِ العَلاءِ عَن مَيمونٍ الأَفرَنِ عَن عَنبَسَةَ الفيلِ عَن أبِي الأَسوَدِ الدُّؤَلِيِّ عَنهُ عليه السلام .

وَالسَّبَبُ في ذلِكَ : إنَّ قُرَيشا كانوا يُزَوِّجونَ بِالأَنباطِ (2) فَوَقَعَ فيما بَينَهُم أولادٌ فَفَسَدَ لِسانُهُم ، حَتّى إنَّ بِنتا لِخُويلِدٍ الأَسَدِيِّ كانَت مُتَزَوِّجَةً بِالأَنباطِ ، فَقالَت : إنَّ أبويَ ماتَ وتَرَكَ عَلَيَّ مالٌ كَثيرٌ . فَلَمّا رَأَوا فَسادَ لِسانِها أسَّسَ النَّحوَ .

ورُوِيَ أنَّ أعرابِيّا سَمِعَ مِن سوقِيٍّ يَقرَأُ : «إنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ المُشرِكينَ ورَسُولِهِ» (3) فَشَجَّ رَأسَهُ ، فَخاصَمَهُ إلى أميرِ المُؤمِنينَ ، فَقالَ لَهُ في ذلِكَ ، فَقالَ : إنَّهُ كَفَرَ بِاللّهِ في قِراءَتِهِ .

فَقالَ عليه السلام : إنَّهُ لَم يَتَعَمَّد ذلِكَ .

ورُوِيَ أنَّ أبَا الأَسوَدِ كانَ في بَصَرِهِ سوءٌ ، ولَهُ بُنَيَّةٌ تَقودُهُ إلى عَلِيٍّ عليه السلام ، فَقالَت : يا أبَتاه ، ما أشَدُّ حَرِّ الرَّمضاءِ ! تُريدُ التَّعَجُّبَ ، فَنَهاها عَن مَقالَتِها ، فَأَخبَرَ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام بِذلِكَ فَأَسَّسَ .

ورُوِيَ أنَّ أبَا الأَسوَدِ كانَ يَمشي خَلفَ جَنازَةٍ ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ : مَنِ المُتَوَفّي ؟

فقالَ : اللّهُ ، ثُمَّ أخبَرَ عَلِيّا بِذلِكَ فَأَسَّسَ . .


1- .شعب الإيمان : ج2 ص259 ح1684 ، كنز العمّال : ج10 ص284 ح29457 .
2- .النَبَط والنَبِيط : قومٌ ينزلون بالبطائح بين العراقَين (الصحاح : ج3 ص1162) .
3- .ومراده الآية : «أَنَّ اللَّهَ بَرِىءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ» (التوبة : 3) .

ص: 252

5 / 3 فصاحة الإمام وبلاغته

* وعنه عليه السلام :فَعَلى أيِّ وَجهٍ كانَ وقعه إلى أبِي الأَسوَدِ وقالَ : ما أحسَنَ هذَا النَّحوَ ! ، احشُ لَهُ بِالمَسائِلِ ، فَسُمِّيَ نَحوا (1) .* ومنه :تاج العروس :إنَّ أوَّلَ مَن رَسَمَ لِلنّاسِ النَّحوَ وَاللُّغَةَ أبُوالأَسوَدِ الدُّؤَلِيُّ ، وكانَ أخَذَ ذلِكَ عَن أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رضى الله عنه (2) .* ومنه في قنوت الإمام العسكري عليه السلام :تاج العروس_ في بَيانِ الأَقوالِ في وَجهِ تَسمِيَةِ عِلمِ النَّحوِ بِهذَا الاسمِ _: قيلَ : لِقَولِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللّهُ تَعالى عَنهُ بَعدَما عَلَّمَ أبَا الأَسوَدِ الاِسمَ وَالفِعلَ وأبوابا مِنَ العَرَبِيَّةِ : اُنحُ عَلى هذَا النَّحوِ (3) .* وعن الصادق عليه السلام :البداية والنهاية عن ابن خَلّكان وغيرِهِ :كانَ أوَّلُ مَن ألقى إلَيهِ عِلمَ النَّحوِ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ، وذَكَرَ لَهُ أنَّ الكَلامَ : اِسمٌ ، وفِعلٌ ، وحَرفٌ . ثُمَّ إنَّ أبَا الأَسودَ نَحا نَحوَهُ ، وفَرَّعَ عَلى قَولِهِ ، وسَلَكَ طَريقَهُ ، فَسُمِّيَ هذَا العِلمُ : النَّحوَ ، لِذلِكَ (4) .5 / 3فَصاحَةُ الإِمامِ وبَلاغَتُهُ* وعن أبيمحمّد عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :إنّا لَاُمَراءُ الكَلامِ ، وفينا تَنَشَّبَت (5) عُروقُهُ ، وعَلَينا تَهَدَّلَت (6) غُصونُهُ (7) .* وفي الدعاء :المناقب لابن شَهر آشوب عَنِ الرِّضا عَن آبائِهِ عليهم السلام: إنَّهُ اجتَمَعَتِ الصَّحابَةُ فَتَذاكَروا أنَّ الأَلِفَ أكثَرُ دُخولاً فِي الكَلامِ ، فَارتَجَلَ عليه السلام الخُطبَةَ المونِقَةَ الَّتي أوَّلُها : حَمِدتُ مَن عَظُمَت

.


1- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص46 .
2- .تاج العروس : ج1 ص62 ، البداية والنهاية : ج8 ص312 نحوه .
3- .تاج العروس : ج20 ص226 ؛ الفصول المهمّة للحرّ العاملي : ج1 ص681 ح1073 .
4- .البداية والنهاية : ج8 ص312 .
5- .نَشِبَ الشيء في الشيء نُشوبا : أي عَلِقَ فيه (الصحاح : ج1 ص224) .
6- .في حديث قُسّ : «وروضة قد تهدّل أغصانها» أي تدلّت واسترخت لثقلها بالثمرة (النهاية : ج5 ص251) .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 233 ، بحار الأنوار : ج71 ص292 .

ص: 253

* وفي الدعاء :مِنَّتُهُ ، وسَبَغَت نِعمَتُهُ ، وسَبَقَت رَحمَتُهُ ، وتَمَّت كَلِمَتُهُ ، ونَفَذَت مَشِيَّتُهُ ، وبَلَغَت قَضِيَّتُهُ . . . إلى آخِرِها (1) .

ثُمَّ ارتَجَلَ خُطبَةً اُخرى مِن غَيرِ النُّقَطِ الَّتي أوَّلُها : الحَمدُ للّهِِ أهلَ الحَمدِ ومَأواهُ ، ولَهُ أوكَدُ الحَمدِ وأحلاهُ ، وأسرَعُ الحَمدِ وأسراهُ ، وأظهَرُ الحَمدِ وأسماهُ ، وأكرَمُ الحَمدِ وأولاهُ . . . إلى آخِرِها (2) . وقَد أورَدتُهُما فِي المَخزونِ المَكنونِ .

ومِن كَلامِهِ : تَخَفَّفوا تَلحَقوا فَإِنَّما يُنتَظَرُ بِأَوَّلِكُم آخِرُكُم .

وقَولُهُ : ومَن يَقبِض يَدَهُ عَن عَشيرَتِهِ فَإِنَّما يَقبِضُ عَنهُم بِيَدٍ واحِدَةٍ ، ويَقبِضُ مِنهُم عَنهُ أيدٍ كَثيرَةٌ ، ومَن تَلِن حاشِيَتُهُ يَستَدِم مِن قَومِهِ المَوَدَّةَ .

وقَولُهُ : مَن جَهِلَ شَيئا عاداهُ ، مِثلُهُ : «بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ» (3) .

وقَولُهُ : المَرءُ مَخبوءٌ تَحتَ لِسانِهِ ، فَإِذا تَكَلَّمَ ظَهَرَ ، مِثلُهُ : «وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ الْقَوْلِ» (4) .

وقَولُهُ : قيمَةُ كُلِّ امرِئٍ ما يُحسِنُ ، مِثلُهُ : «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَ_هُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِى الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ» (5) .

وقَولُهُ : القَتلُ يُقِلُّ القَتلَ ، مِثلُهُ : «وَ لَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَوةٌ» (6) . (7)شرا : عن جابر :تاريخ دمشق :قالَ مُعاوِيَةُ : إن كُنّا لَنَتَحَدَّثُ أ نَّهُ ما جَرَتِ المَواسي (8) عَلى رَأسِ رَجُلٍ مِن .


1- .راجع : ص 265 (خطبته الخالية من الألف) .
2- .راجع : ص 268 (خطبته الخالية من النقط) .
3- .يونس : 39 .
4- .محمّد : 30 .
5- .البقرة : 247 .
6- .البقرة : 179 .
7- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص48 .
8- .المواسي : جمع مُوسى الحديد ؛ وهو ما يحلق به (لسان العرب : ج15 ص391) .

ص: 254

شرا : عن جابر :قُرَيشٍ أفصَحَ مِن عَلِيٍّ (1) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمامة والسياسة_ في ذِكرِ قُدومِ ابنِ أبي مِحجَنٍ عَلى مُعاوِيَةَ _: قالَ مُعاوِيَةُ : فَوَاللّهِ لَو أنَّ ألسُنَ النّاسِ جُمِعَت فَجُعِلَت لِسانا واحِدا لَكَفاها لِسانُ عَلِيٍّ (2) .* ومنه في الموقف :مُروج الذَّهَب_ في ذِكرِ لُمَعٍ مِن كَلامِ عَلِيٍّ عليه السلام _: وَالَّذي حَفِظَ النّاسُ عَنهُ مِن خُطَبِهِ في سائِرِ مَقاماتِهِ أربَعُمِئَةِ خُطبَةٍ ونَيِّفٌ وثَمانونَ خُطبَةً يورِدُها عَلَى البَديهَةِ ، وتَداوَلَ النّاسُ ذلِكَ عَنهُ قَولاً وعَمَلاً (3) .* ومنه عن ابن قرظة :نَثر الدُّرّ عن محمّد ابن الحنفيّة_ في وَصفِ عَلِيٍّ عليه السلام _: كانَ إذا تَكَلَّمَ بَذَّ (4) ، وإذا كَلَمَ (5)

حَذَّ (6) وهذا مِثلُ قَولِ غَيرِهِ : كانَ عَلِيٌّ إذا تَكَلَّمَ فَصَلَ وإذا ضَرَبَ قَتَلَ (7) .* وعن موسى بن جعفر عليهماالسلام في قنوته :الشّريف الرَّضِيّ في مُقدَّمة نهج البلاغة :. . . وسَأَلوني [جَماعَةٌ مِنَ الأَصدِقاءِ وِالإِخوانِ ]عِندَ ذلِكَ [أي بَعدَ تَأليفِ كِتابِ خَصائِصِ الأَئِمَّةِ] أن أبتَدِئَ بِتَأليفِ كِتابٍ يَحتَوي عَلى مُختارِ كَلامِ مَولانا أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام في جَميعِ فُنونِهِ ، ومُتَشَعِّباتِ غُصونِهِ : مِن خُطَبٍ وكُتُبٍ ومَواعِظَ وأدَبٍ ، عِلما أنَّ ذلِكَ يَتَضَمَّنُ عَجائِبَ البَلاغَةِ ، وغَرائِبَ الفَصاحَةِ ، وجَواهِرَ العَرَبِيَّةِ ، وثَواقِبَ الكَلِمِ الدّينِيَّةِ وَالدُّنيَوِيَّةِ ، ما لا يوجَدُ مُجتَمِعا في كَلامٍ ، ولا مَجموعَ الأَطرافِ في كِتابٍ .

إذ كانَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام مَشرَعَ الفَصاحَةِ ومَورِدَها ، ومَنشَأَ البَلاغَةِ ومَولِدَها ، .


1- .تاريخ دمشق : ج42 ص414 ، جواهر المطالب : ج1 ص297 .
2- .الإمامة والسياسة : ج1 ص134 ؛ شرح الأخبار : ج2 ص99 وفيه «ولو لم يكن للاُمّة إلّا لسان عليّ لكفاها» .
3- .مروج الذهب : ج2 ص431 .
4- .بَذَّ القومَ يَبذُّهم بَذّا : سبقهم وغلبهم (لسان العرب : ج3 ص477) .
5- .الكلم : الجرح (النهاية : ج4 ص199) .
6- .الحَذّ ، القطع المستأصل (لسان العرب : ج3 ص 482) .
7- .نثر الدرّ : ج1 ص407 .

ص: 255

* وعن موسى بن جعفر عليهماالسلام في قنوته :ومِنهُ عليه السلام ظَهَرَ مَكنونُها ، وعَنهُ اُخِذَت قَوانينُها ، وعَلى أمثِلَتِهِ حَذا كُلُّ قائِلٍ خَطيبٍ ، وبِكَلامِهِ استَعانَ كُلُّ واعِظٍ بَليغٍ ، ومَعَ ذلِكَ فَقَد سَبَقَ وقَصَّروا ، وقَد تَقَدَّمَ وتَأَخَّروا ؛ لِأَنَّ كَلامَهُ عليه السلام الكَلامُ الَّذي عَلَيهِ مَسحَةٌ مِنَ العِلمِ الإِلهِيِّ ، وفيهِ عَبَقَةٌ مِنَ الكَلامِ النَّبَوِيِّ .

فَأَجبَتُهُم إلَى الِابتِداءِ بِذلِكَ ، عالِما بِما فيهِ مِن عَظيمِ النَّفعِ ومَنشورِ الذِّكرِ ، ومَذخورِ الأَجرِ ، وَاعتَمَدتُ بِهِ أن اُبَيِّنَ عَن عَظيمِ قَدرِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام في هذِهِ الفَضيلَةِ ، مُضافَةً إلَى المَحاسِنِ الدَّثرَةِ ، وَالفَضائِلِ الجَمَّةِ ، وأ نَّهُ عليه السلام انفَرَدَ بِبُلوغِ غايَتِها عَن جَميعِ السَّلَفِ الأَوَّلينَ ، الَّذينَ إنَّما يُؤثَرُ عَنهُم مِنهَا القَليلُ النّادِرُ ، وَالشّاذُ الشّارِدُ .

فَأَمّا كَلامُهُ فَهُوَ البَحرُ الَّذي لا يُساجَل ، وَالجَمُّ الَّذي لا يُحافَلُ . وأرَدتُ أن يَسوغَ لِيَ التَّمَثُّلُ فِي الاِفتِخارِ بِهِ عليه السلام بِقَولِ الفَرَزدَقِ :

اُولئِكَ آبائي فَجِئني بِمِثلِهِم

إذا جَمَعَتنا يا جَريرُ المَجامِعُ (1)

وقالَ في ذَيل قَولِهِ عليه السلام : «قيمَةُ كُلِّ امرِىً ما يُحسِنُهُ» ، وهِيَ الكَلِمَةُ الَّتي لا تُصابُ لَها قيمَةٌ ، ولا توزَنُ بِها حِكمَةٌ ، ولا تُقرَنُ إلَيها كَلِمَةٌ (2) .

وقالَ في ذَيلِ قَولِهِ عليه السلام : «فَإِنَّ الغايَةَ أمامَكُم ، وإنَّ وَراءَكُمُ السّاعَةَ تَحدوكُم . تَخَفَّفوا تَلحَقوا ، فَإِنَّما يُنتَظَرُ بِأَوَّلِكُم آخِرُكُم» ، أقولُ : إنَّ هذَا الكَلامَ لو وُزِنَ ، بَعدَ كَلامِ اللّهِ سُبحانَهُ وبَعدَ كَلامِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، بِكُلِّ كَلامٍ لَمالَ بِهِ راجِحا ، وبَرَّزَ عَلَيهِ سابِقا . فَأَمّا قَولُهُ عليه السلام : «تَخَفَّفوا تَلحَقوا» فَما سُمِعُ كَلامٌ أقَلَّ مِنهُ مَسموعا ولا أكثَرُ مِنهُ مَحصولاً ، وما أبعَدَ غَورَها مِن كَلِمَةٍ ! وأنقَعَ (3) نُطفَتَها (4) مِن حِكمَةٍ ! وقَد نَبَّهنا في كِتاب .


1- .نهج البلاغة : مقدّمة الشريف الرضي .
2- .نهج البلاغة : الحكمة 81 ، بحار الأنوار : ج1 ص182 ح77 .
3- .ماء ناقع ونقيع : ناجع يقطع العطشَ ويُذهبه ويسكّنه (تاج العروس : ج11 ص488) .
4- .النطفة : الماء الصافي (لسان العرب : ج9 ص335) .

ص: 256

* وعن موسى بن جعفر عليهماالسلام في قنوته :«الخَصائِصِ» عَلى عِظَمِ قَدرِها وشَرَفِ جَوهَرِها (1) .

وقالَ في ذَيلِ الخُطبَةِ السّادِسَة عَشَرَةَ : إنَّ في هذَا الكَلامِ الأَدنى مِن مَواقِعِ الإِحسانِ ما لا تَبلُغُهُ مَواقِعَ الاِستِحسانِ ، وإنَّ حَظَّ العَجَبِ مِنهُ أكثَرُ مِن حَظِّ العَجَبِ بِهِ ! وفيهِ _ مَعَ الحالِ الَّتي وَصَفنا _ زَوائِدُ مِنَ الفَصاحَةِ لا يَقومُ بِها لِسانٌ ولا يَطَّلِعُ فَجَّها إنسانٌ ، ولا يَعرِفُ ما أقولُ إلّا مَن ضَرَبَ في هذِهِ الصَّناعَةِ بِحَقٍّ ، وجَرى فيها عَلى عِرقٍ «وَ مَا يَعْقِلُهَآ إِلَا الْعَ__لِمُونَ» (2) .شزر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :ابن أبي الحَديدِ في شَرحِ نَهجِ البَلاغَةِ :وأمَّا الفَصاحَةُ فَهُوَ عليه السلام إمامُ الفُصَحاءِ ، وسَيِّدُ البُلَغاءِ ، وفي كَلامِهِ قيلَ : دونَ كَلامِ الخالِقِ ، وفوقَ كَلامِ المَخلوقينَ . ومِنهُ تَعَلَّمَ النّاسُ الخِطابَةَ وَالكِتابَةَ .

قالَ عَبدُ الحَميدِ بنُ يَحيى : حَفِظتُ سَبعينَ خُطبَةً مِن خُطَبِ الأَصلَعِ ، فَفاضَت ثُمَّ فاضَت .

وقالَ ابنُ نُباتَةَ : حَفِظتُ مِنَ الخِطابَةِ كَنزا لا يَزيدُهُ الإِنفاقُ إلّا سَعَةً وكَثرَةً ، حَفِظتُ مِئَةَ فَصلٍ مِن مَواعِظِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ .

ولَمّا قالَ مِحفَنُ بن أبي مِحفَن لِمُعاوِيَةَ : جِئتُكَ مِن عِندِ أعيَى النّاسِ ، قالَ لَهُ : وَيحَكَ ، كَيفَ يَكونُ أعيَى النّاسِ ! فَوَاللّهِ ما سَنَّ الفَصاحَةَ لِقُرَيشٍ غَيرُهُ .

ويَكفي هذَا الكِتابُ الَّذي نَحنُ شارِحوهُ دَلالةً عَلى أ نَّهُ لا يُجارى فِي الفَصاحَةِ ، ولا يُبارى فِي البَلاغَةِ . وحَسبُكَ أ نَّهُ لَم يُدَوَّن لِأَحَدٍ مِن فُصَحاءِ الصَّحابَةِ العُشرُ ولا نِصفُ العُشرِ مِمّا دُوِّنَ لَهُ ، وكَفاكَ في هذَا البابِ ما يَقولُهُ أبو عُثمانَ الجاحِظُ فى

¨ .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 21 وراجع خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص112 .
2- .العنكبوت : 43 .

ص: 257

شزر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :مَدحِهِ في كِتابِ «البَيان وَالتَّبيين» وفي غَيرِهِ مِن كُتُبِهِ (1) .

وقالَ في ذَيلِ الكِتابِ 35 : اُنظُر إلَى الفَصاحَةِ كَيفَ تُعطي هذَا الرَّجُلَ قِيادَها ، وتُمَلِّكُهُ زِمامَها ، وأعجَبُ لِهذِهِ الأَلفاظِ المَنصوبَةِ ، يَتلو بَعضُها بَعضا كَيفَ تُؤاتيهِ وتُطاوِعُهُ ، سَلِسَةً سَهلَةً ، تَتَدَفَّقُ مِن غَيرِ تَعَسُّفٍ ولا تَكَلُّفٍ، حَتَّى انتَهى إلى آخِرِ الفَصلِ فَقالَ : «يَوما واحِدا ، ولا ألتَقي بِهِم أبَدا» . وأنتَ وغَيرُكَ مِنَ الفُصَحاءِ إذا شَرَعوا في كِتابٍ أو خُطبَةٍ ، جَاءَتِ القَرائِنُ وَالفَواصِلُ تارَةً مَرفوعَةً ، وتارَةً مَجرورَةً ، وتارَةً مَنصوبَةً ، فَإِن أرادوا قَسرَها بِإِعرابٍ واحِدٍ ظَهَرَ مِنها فِي التَّكَلُّفِ أثَرٌ بَيِّنٌ ، وعَلامَةٌ واضِحَةٌ

وهذَا الصِّنفُ مِنَ البَيانِ أحَدُ أنواعِ الإِعجازِ فِي القُرآنِ ، ذَكَرَهُ عَبدُ القاهِرِ قالَ : اُنظُر إلى سورَةِ النِّساءِ وبَعدَها سورَةِ المائِدَةِ ، الاُولى مَنصوبَةُ الفَواصِلِ وَالثّانِيَةُ لَيسَ فيها مَنصوبٌ أصلاً ، ولَو مَزَجتَ إحدَى السّورَتَينِ بِالاُخرى لَم تَمتَزِجا ، وظَهَرَ أثَرُ التَّركيبِ وَالتَّأليفِ بَينَهُما ، ثُمَّ إنَّ فَواصِلَ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما تَنساقُ سِياقَةً بِمُقتَضَى البَيانِ الطَّبيعِيِّ لَا الصَّناعَةِ التَّكَلُّفِيَّةِ .

ثُمَّ انظُر إلَى الصِّفاتِ وَالمَوصوفاتِ في هَذا الفَصلِ ، كَيفَ قالَ : وَلَدا ناصِحا ، وعامِلاً كادِحا ، وسَيفا قاطِعا ، ورُكنا دافِعا ، لَو قالَ : وَلَدا كادِحا ، وعامِلاً ناصِحا ، وكَذلِكَ ما بَعدَهُ لَما كانَ صَوابا ولا فِي المَوقِعِ واقِعا .

فَسُبحانَ اللّهِ مِن مَنحِ هذَا الرَّجُلِ هذِهِ المَزايَا النَّفيسَةَ وَالخَصائِصَ الشَّريفَةَ ! أن يَكونَ غُلامٌ مِن أبناءِ عَرَبِ مَكَّةَ يَنشَأُ بَينَ أهلِهِ ، لَم يُخالِطِ الحُكَماءَ وخَرَجَ أعرَفَ بِالحِكمَةِ ودَقائِقِ العُلومِ الإِلهِيَّةِ مِن أفلاطونَ وأرَسطو ! ولَم يُعاشِر أربابَ الحِكَمِ الخُلقِيَّةِ ، وَالآدابِ النَّفسانِيَّةِ ؛ لِأَنَّ قُرَيشا لَم يَكُن أحَدٌ مِنهُم مَشهورا بِمِثلِ ذلِكَ ، وخَرَجَ أعرَفَ بِهذَا البابِ مِن سُقراطَ . ولَم يُرَبَّ بَينَ الشَّجعانِ ؛ لِأَنَّ أهلَ مَكَّةَ كانوا .


1- .شرح نهج البلاغة : ج1 ص24 .

ص: 258

شزر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :ذَوي تِجارَةٍ ولَم يَكونوا ذَوي حَربٍ ، وخَرَجَ أشجَعَ مِن كُلِّ بَشَرٍ مَشى عَلَى الأَرضِ .

قيلَ لِخَلَفٍ الأَحمَرِ : أيُّما أشجَعُ عَنبَسَةُ وبِسطامُ أم عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ؟

فَقالَ : إنَّما يُذكَرُ عَنبَسَةُ وبِسطامُ مَعَ البَشَرِ وَالنّاسِ لا مَعَ مَن يَرتَفِعُ عَن هذِهِ الطَّبَقَةِ .

فَقيلَ لَهُ : فَعَلى كُلِّ حالٍ . قالَ : وَاللّهِ لَو صاحَ في وُجوهِهِما لَماتا قَبلَ أن يَحمِلَ عَلَيهِما .

وخَرَجَ أفصَحَ مِن سَحبانِ وقُسٍّ ، ولَم تَكُن قُرَيشٌ بِأَفصَحِ العَرَبِ ، كانَ غَيرُها أفصَحَ مِنها ، قالوا : أفصَحُ العَرَبِ جُرهُمُ وإن لَم تَكُن لَهُم نَباهَةٌ .

وخَرَجَ أزهَدَ النّاسِ فِي الدُّنيا وأعَفَّهُم ، مَعَ أنَّ قُرَيشا ذَوو حِرصٍ ومَحَبَّةٍ لِلدُّنيا ، ولا غَروَ فيمَن كانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله مُرَبِّيَهُ ومُخرِجَهُ ، وَالعِنايَةُ الإِلهِيَّةُ تَمُدُّهُ وتُرفِدُهُ ، أن يَكونَ مِنهُ ما كانَ (1) !

وذَكَرَ عَن شَيخِهِ أبي عُثمانَ قالَ : حَدَّثَني ثُمامَةُ ، قالَ : سَمِعتُ جَعفَرَ بنَ يَحيى _ وكانَ مَن أبلَغِ النّاسِ وأفصَحِهِم _ يَقولُ : الكِتابَةُ ضَمُّ اللَّفظَةِ إلى اُختِها ، أ لَم تَسمَعوا قولَ شاعِرٍ لِشاعِرٍ وقَد تَفاخرا : أنَا أشعَرُ مِنكَ لِأَنّي أقولُ البَيتَ وأخاهُ ، وأنتَ تَقولُ البَيتَ وابنَ عَمِّهِ ! ثُمَّ قالَ : وناهيكَ حُسنا بِقَولِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام : هَل مِن مَناصٍ أو خَلاصٍ ، أو مَعاذٍ أو مَلاذٍ ، أو فِرارٍ أو مَحارٍ ! .

قالَ أبو عُثمانَ : وكانَ جَعفَرٌ يُعجَبُ أيضا بِقَولِ عَلِيٍّ عليه السلام : أينَ مَن جَدَّ واجتَهَدَ ، وجَمَعَ وَاحتَشَدَ ، وبَنى فَشَيَّدَ ، وفَرَشَ فَمَهَّدَ ، وزَخرَفَ فَنَجَّدَ ؟ !

قالَ : ألا تَرى أنَّ كُلَّ لَفظَةٍ مِنها آخِذَةٌ بِعُنُقِ قَرينَتِها ، جاذِبَةٌ إيّاها إلى نَفسِها ، دالَّة .


1- .شرح نهج البلاغة : ج16 ص145 .

ص: 259

شزر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عَلَيها بِذاتِها ؟ !

قالَ أبو عُثمانَ : فَكانَ جَعفَرٌ يُسَمّيهِ فَصيحَ قُرَيشٍ .

وَاعلَم أ نَّنا لا يَتَخالَجُنا الشَّكُّ في أ نَّهُ عليه السلام أفصَحُ مِن كُلِّ ناطِقٍ بِلُغَةِ العَرَبِ مِنَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، إلّا مِن كَلامِ اللّهِ سُبحانَهُ ، وكَلامِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؛ وذلِكَ لِأَنَّ فَضيلَةَ الخَطيبِ وَالكاتِبِ في خِطابَتِهِ وكِتابَتِهِ تَعتَمِدُ عَلى أمرَينِ ،هُما : مُفرَداتُ الأَلفاظِ ومُرَكَّباتُها .

أمَّا المُفرَداتُ : فَأَن تَكونَ سَهلةً ، سَلِسَةً ، غَيرَ وَحشِيَّةٍ ولا مُعَقَّدَةٍ ، وألفاظُهُ عليه السلام كُلُّها كَذلِكَ .

فَأَمَّا المُرَكَّباتُ فَحُسنُ المَعنى ، وسُرعَةُ وُصولِهِ إلَى الأَفهامِ ، وَاشتِمالُهُ عَلىَ الصِّفاتِ الَّتي بِاعتِبارِها فُضِّلَ بَعضُ الكَلامِ عَلى بَعضٍ ، وتِلكَ الصِّفاتُ هِيَ الصَّناعَةُ الَّتي سَمّاهَا المُتَأَخِّرونَ البَديعَ ، مِنَ المُقابَلَةِ والمُطابَقَةِ ، وحُسنِ التَّقسيمِ ، ورَدِّ آخِرِ الكَلامِ عَلى صَدرِهِ ، وَالتَّرصيعِ ، وَالتَّسهيمِ ، وَالتَّوشيحِ ، وَالمُماثَلَةِ ، وَالاستِعارَةِ ، ولَطافَةِ استِعمالِ المَجازِ ، وَالمُوازَنَةِ ، وَالتَكافُوَ ، وَالتَّسميطِ ، وُالمُشاكَلَةِ .

ولا شُبهَةَ أنَّ هذِهِ الصِّفاتِ كُلَّها مَوجودَةٌ في خُطَبِهِ وكُتُبِهِ ، مَبثوثَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ في فُرُشِ كَلامِهِ عليه السلام ، ولَيسَ يوجَدُ هذانِ الأَمرانِ في كَلامِ أحَدٍ غَيرِهِ ، فَإِن كانَ قَد تَعَمَّلَها وأفكَرَ فيها ، وأعمَلَ رَوِيَّتَهُ في رَصفِها ونَثرِها ، فَلَقَد أتى بِالعَجَبِ العُجابِ ، ووَجَبَ أن يَكونَ إمامَ النّاسِ كُلِّهِم في ذلِكَ ، لِأَنَّهُ ابتَكَرَهُ ولَم يَعرِف مَن قَبلَهُ ، وإن كانَ اقتَضَبَها ابتِداءً ، وفاضَت على لِسانِهِ مُرتَجِلَةً ، وجاشَ بِها طَبعُهُ بَديهَةً ، مِن غَيرِ رَوِيَّةٍ ولَا اعتِمالٍ ، فَأَعجَبُ وأعجَبُ !

وعَلى كِلَا الأَمرَينِ فَلَقَد جاءَ مُجَلِّيا ، وَالفُصَحاءُ تَنقَطِعُ أنفاسُهُم عَلى أثَرِهِ . وبِحَقٍّ ما قالَ مُعاوِيَةُ لِمِحفَنٍ الضَّبِّيِّ ، لَمّا قالَ لَهُ : جِئتُكَ مِن عِندِ أعيَى النّاسِ : يَابنَ اللَّخناءِ ، .

ص: 260

شزر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :ألِعَلِيٍّ تَقولُ هذا ؟ ! وهَل سَنَّ الفَصاحَةَ لِقُرَيشٍ غَيرُهُ ؟ !

وَاعلَم أنَّ تَكَلُّفَ الِاستِدلالِ عَلى أنَّ الشَّمسَ مُضيئَةٌ يُتعِبُ ، وصاحِبَهُ مَنسوبٌ إلَى السَّفَهِ ، ولَيسَ جاحِدُ الاُمورِ المَعلومَةِ عِلما ضَرورِيّا بِأَشَدَّ سَفها مِمَّن رامَ الِاستِدلالَ بِالأَدِلَّةِ النَّظَرِيَّةِ عَلَيها (1) .

وقال أيضا في ذيل الخطبة 91 _ الَّتي تُعرَفُ بِخُطبَةِ الأَشباحِ _ : «إذا جاءَ نَهرُ اللّهِ بَطَلَ نَهرُ مَعقِلٍ» ! إذا جاءَ هذَا الكَلامُ الرَّبّانِيُّ واللَّفظُ القُدسِيُّ بَطَلَت فَصاحَةُ العَرَبِ وكانَت نِسبَةُ الفَصيحِ مِن كَلامِها إلَيهِ نِسبَةَ التُّرابِ إلَى النُّضارِ الخالِصِ ، ولَو فَرَضنا أنَّ العَرَبَ تَقدِرُ عَلَى الأَلفاظِ الفَصيحَةِ المُناسَبَةِ أوِ المُقارَبَةِ لِهذِهِ الأَلفاظِ ، مِن أينَ لَهُمُ المادَّةُ الَّتي عَبَّرت هذِهِ الأَلفاظُ عِنها ؟ ! ومِن أينَ تَعرِفُ الجاهِلِيَّةُ بَلِ الصَّحابَةُ المُعاصِرونَ لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله هذِهِ المَعانِيَ الغامِضَةَ السَّمائِيَّةَ لِيَتَهَيَّأَ لَهَا التَّعبيرَ عَنها ؟ ! أمَّا الجاهِلِيَّةُ فَإِنَّهُم إنَّما كانَت تَظهَرُ فصاحَتُهُم في صِفَةِ بَعيرٍ أو فَرَسٍ أو حِمارِ وَحشٍ أو ثَورِ فَلاةٍ أو صِفَةِ جِبالٍ أو فَلَواتٍ ونَحوَ ذلِكَ .

وأمَّا الصَّحابَةُ فَالمَذكورونَ مِنهمُ بِفَصاحَةٍ إنَّما كانَ مُنتَهى فَصاحَةِ أحَدِهِم كَلِماتٍ لا تَتَجاوَزُ السَّطرَينِ أوِ الثَّلاثَةَ ؛ إمّا في مَوعِظَةٍ تَتَضَمَّنُ ذِكرَ المَوتِ أو ذَمَّ الدُّنيا أو ما يَتَعَلَّقُ بِحَربٍ وقِتالٍ من تَرغيبٍ أو تَرهيبٍ ، فَأَمَّا الكَلامُ فِي المَلائِكَةِ وصِفاتِها وصُوَرِها وعِباداتِها وتَسبيحِها ومَعرِفَتِها بِخالِقِها وحُبِّها لَهُ ووَلَهِها إلَيهِ ، وما جَرى مَجرى ذلِكَ مِمّا تَضَمَّنَهُ هذَا الفَصلُ عَلى طولِهِ فَإِنَّهُ لَم يَكُن مَعروفا عِندَهُم عَلى هذَا التَّفصيلُ ، نَعَم رُبَّما عَلِموهُ جُملَةً غَيرَ مُقَسَّمَةٍ هذَا التَّقسيمَ ولا مُرَتَّبَةً هذَا التَّرتيبَ بِما سَمِعوهُ مِن ذِكرِ المَلائِكَةِ فِي القُرآنِ العَظيمِ .

وأمّا مَن عِندَهُ عِلمٌ مِن هذِهِ المادَّةِ كَعَبدِ اللّهِ بنِ سَلامٍ واُمَيَّةَ بنِ أبِي الصَّلتِ وغَيرِهِم .


1- .شرح نهج البلاغة : ج6 ص277 .

ص: 261

شزر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :فَلَم تَكُن لَهُم هذِهِ العِبارَةِ ولا قَدَروا عَلى هذِهِ الفَصاحَةِ ، فَثَبَتَ أنَّ هذِهِ الاُمورَ الدَّقيقَةَ في مِثلِ هذِهِ العِبارَةِ الفَصيحَةِ لَم تَحصُل إلّا لِعَلِيٍّ وَحدَهُ ، واُقسِمُ أنَّ هذَا الكَلامَ إذا تَأَمَّلَهُ اللَّبيبُ اقشَعَرَّ جِلدُهُ ورَجَفَ قَلبُهُ ، وَاستَشعَرَ عَظَمَةَ اللّهِ العَظيمِ في رَوعِهِ وخَلَدِهِ وهامَ نَحوَهُ وغَلَبَ الوَجدُ عَلَيهِ ، وكادَ أن يَخرُجَ مِن مَسكِهِ شَوقا وأن يُفارِقَ هَيكَلَهُ صَبابةً ووَجدا (1) .

وقال أيضا في ذيل الخطبة 109 : هذا مَوضِعُ المَثَلِ : «في كُلِّ شَجَرَةٍ نارٌ ، وَاستَمجَدَ المَرخُ وَالعَفارُ (2)

» الخُطَبُ الوَعظِيَّةُ الحِسانُ كَثيرَةٌ، ولكِن هذا حَديثٌ يَأكُلُ الأَحاديثَ :

مَحاسِنُ أصنافِ المُغَنّين جُمَّةٌ

وما قَصَباتُ السَّبقِ إلّا لِمَعبَدِ

مَن أرادَ أن يَتَعَلَّمَ الفَصاحَةَ وَالبَلاغَةَ ويَعرِفَ فَضلَ الكَلامِ بَعضَهُ عَلى بَعضٍ فَليَتَأَمَّل هذِهِ الخُطبَةَ ، فَإِنَّ نِسبَتَها إلى كُلِّ فَصيحٍ مِنَ الكَلامِ _ عَدا كَلامَ اللّهِ ورسولِهِ _ نِسبَةُ الكَواكِبِ المُنيرَةِ الفَلَكِيَّةِ إلَى الحِجارَةِ المُظلِمَةِ الأَرضِيَّةِ ، ثُمَّ ليَنظُرِ النّاظِرُ إلى ما عَلَيها مِنَ البَهاءِ وَالجَلالَةِ وَالرُّواءِ وَالدّيباجَةِ ، وما تُحدِثُهُ مِنَ الرَّوعَةِ وَالرَّهبَةِ وَالمَخافَةِ وَالخَشيَةِ ، حَتّى لَو تُلِيَت عَلى زِنديقٍ مُلحِدٍ مُصَمَّمٍ عَلَى اعتِقادِ نَفيِ البَعثِ وَالنُّشورِ ؛ لَهَدَّت قُواهُ وأرعَبَت قَلبَهُ وأضعَفَت عَلى نَفسِهِ وزَلزَلَتِ اعتِقادَهُ ، فَجَزَى اللّهُ قائِلَها عَنِ الإِسلامِ أفضَلَ ما جَزى بِهِ وَلِيّا مِن أولِيائِهِ ، فَما أبلَغَ نُصرَتَهُ لَهُ تارَةً بِيَدِهِ وسَيفِهِ وتارَةً بِلِسانِهِ ونُطقِهِ وتارَةً بِقَلبِهِ وفِكرِهِ ، إن قيلَ : جِهادٌ وحَربٌ فَهُوَ سَيِّدُ المُجاهِدينَ وَالمُحارِبينَ ، وإن قيلَ : وَعظٌ وتَذكيرٌ فَهُوَ أبلَغُ الواعِظينَ وَالمُذَكِّرينَ ، وإن قيلَ : فِقهٌ وتَفسيرٌ فَهُوَ رَئيسُ الفُقَهاءِ والمُفَسِّرينَ ، وإن قيلَ : عَدلٌ وتَوحيدٌ فَهُوَ إمام .


1- .شرح نهج البلاغة : ج6 ص425 .
2- .المَرْخ: من شجر النار ، سريع الوَرْي ، والعَفار : شجر يُتّخذ منه الزناد (تاج العروس : ج4 ص311 و ج7 ص243) . قال الميداني : استمجد المرخُ والعَفار : أي استكثرا وأخذا من النار ما هو حسبهما يُضرب في تفضيل بعض الشيء على بعض (مجمع الأمثال : ج2 ص445) .

ص: 262

شزر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :أهلِ العَدلِ وَالمُوَحِّدينَ :

لَيسَ عَلَى اللّهِ بمُستَنكَرٍ

أن يَجمَعَ العالَمَ في واحِدِ (1)

وقال أيضا في ذيل الخطبة 221 : مَن أرادَ أن يَعِظَ ويُخَوِّفَ ويَقرَعَ صَفاةَ القَلبِ ، ويُعَرِّفَ النّاسَ قَدرَ الدُّنيا وتَصَرُّفَها بِأَهلِها ، فَليَأتِ بِمِثلِ هذِهِ المَوعِظَةِ في مِثلِ هذَا الكَلامِ الفَصيحِ وإلّا فَليُمسِك ، فَإِنَّ السُّكوتَ أستَرُ ، وَالعِيَّ خَيرٌ مِن مَنطِقٍ يَفضَحُ صاحِبَهُ ، ومَن تَأَمَّلَ هذَا الفَصلَ عَلِمَ صِدقَ مُعاوِيَةَ في قَولِهِ فيهِ : «وَاللّهِ ما سَنَّ الفَصاحَةَ لِقُرَيشٍ غَيرُهُ» ويَنبَغي لَوِ اجتَمَعَ فُصَحاءُ العَرَبِ قاطِبَةً في مَجلِسٍ وتُلِيَ عَلَيهِم أن يَسجُدوا لَهُ كَما سَجَدَ الشُّعَراءُ لِقَولِ عَدِيِّ بنِ الرِّقاعِ :

«قَلَمٌ أصابَ مِنَ الدَّواةِ مِدادَها» (2)

فَلَمّا قيلَ لَهُم في ذلِكَ قالوا : إنّا نَعرِفُ مَواضِعَ السُّجودِ فِي الشِّعرِ كَما تَعرِفونَ مَواضِعَ السُّجودِ فِي القُرآنِ .

وإنّي لَاُطيلُ التَّعَجُّبَ مِن رَجُلٍ يَخطُبُ فِي الحَربِ بِكَلامٍ يَدُلُّ عَلى أنَّ طَبعَهُ مُناسِبٌ لِطِباعِ الاُسودِ وَالنُّمورِ وأمثالِهِما مِنَ السِّباعِ الضّارِيَةِ ، ثُمَّ يَخطُبُ في ذلِكَ المَوقِفِ بِعَينِهِ إذا أرادَ المَوعِظَةَ بِكَلامٍ يَدُلُّ عَلى أنَّ طَبعَهُ مُشاكِلٌ لِطِباعِ الرُّهبانِ لابِسِي المُسوحِ ، الَّذينَ لَم يَأكُلوا لَحما ولَم يُريقوا دِماءً ، فَتارَةً يَكونُ في صورَةِ بِسطامِ بن قَيسٍ الشَّيبانِيِّ وعُتَيبَةَ بنِ الحارِثِ اليَربوعِيِّ وعامِرِ بنِ الطُّفَيلِ العامِرِيِّ ، وتارَةً يَكونُ في صورَةِ سُقراطَ الحَبرِ اليونانِيِّ ويوحَنَّا المَعمَدانَ الإِسرائيلِيِّ والمَسيحِ بنِ مَريَمَ الإِلهِيِّ .

واُقسِمُ بِمَن تُقسِمُ الاُمَمُ كُلُّها بِهِ ، لَقَد قَرَأتُ هذِهِ الخُطبَةَ مُنذُ خَمسينَ سَنَةً وإلَى .


1- .شرح نهج البلاغة : ج7 ص202 .
2- .صدره : «تُزجي أغنَّ كأنّ إبرة روقة» (الأمالي للسيّد المرتضى : ج4 ص37) .

ص: 263

شزر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الآنَ أكثَرَ مِن ألفِ مَرَّةٍ ، ما قَرَأتُها قَطُّ إلّا وأحدَثَت عِندي رَوعَةً وخَوفا وعِظَةً ، وأثَّرَت في قَلبي وَجيبا (1) وفي أعضائي رِعدَةً ، ولا تَأَمَّلتُها إلّا وذَكَرتُ المَوتى مِن أهلي وأقارِبي وأربابِ وُدّي ، وخَيَّلتُ في نَفسي أنّي أنَا ذلِكَ الشَّخصُ الَّذي وَصَفَ عليه السلام حالَهُ .

وكَم قَد قالَ الواعِظونَ وَالخُطَباءُ وَالفُصَحاءُ في هذَا المَعنى ، وكَم وَقَفتُ عَلى ما قالوهُ وتَكَرَّرَ وقوفي عَلَيهِ ، فَلَم أجِد لِشَيءٍ مِنهُ مِثلَ تَأثيرِ هذَا الكَلامِ في نَفسي ، فَإِمّا أن يَكونَ ذلِكَ لِعَقيدَتي في قائِلِهِ ، أو كانَت نِيَّةُ القائِلِ صالِحَةً ويَقينُهُ كانَ ثابِتا وإخلاصُهُ كانَ مَحضا خالِصا ، فَكانَ تَأثيرُ قَولِهِ فِي النُّفوسِ أعظَمَ ، وسَرَيانُ مَوعِظَتِهِ فِي القُلوبِ أبلَغَ (2) .* ومنه عن سلمان في أميرالمؤمنين عليه السلام :البيان والتبيين_ في بَيانِ قَولِ عَلِيٍّ عليه السلام «قيمَةُ كُلِّ امرِئٍ ما يُحسِنُ» _: فَلَو لَم نَقِف مِن هذَا الكِتابِ إلّا عَلى هذِهِ الكَلِمَةِ لَوَجَدناها شافِيَةً كافِيَةً ، ومُجزِئَةً مُغنِيَةً ، بَل لَوَجَدناها فاضِلَةً عَنِ الكِفايَةِ ، وغَيرَ مُقَصِّرَةٍ عَنِ الغايَةِ . وأحسَنُ الكَلامِ ما كانَ قَليلُهُ يُغنيكَ عَن كَثيرِهِ ، ومَعناهُ في ظاهِرِ لَفظِهِ ، وكانَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ قَد ألبَسَهُ مِنَ الجَلالَةِ ، وغَشّاهُ مِن نورِ الحِكمَةِ عَلى حَسَبِ نِيَّةِ صاحِبِهِ وتَقوى قائِلِهِ (3) .شزن : في حديث سطيح :رسائل الجاحظ :أجمَعوا عَلى أ نَّهُم لَم يَجِدوا كَلِمَةً أقَلَّ حَرفا ، ولا أكثَرَ رَيعا (4) ، ولا أعَمَّ نَفعا ، ولا أحَثَّ عَلى بَيانٍ ، ولا أدعى إلى تَبَيُّنٍ ، ولا أهجى لِمَن تَرَكَ التَّفَهُّمَ وقَصَّرَ فِي الإِفهامِ ، مِن قَولِ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رِضوانُ اللّه .


1- .وَجَبَ القلبُ وَجباً ووجِيباً : خَفَق واضطرَبَ (لسان العرب : ج1 ص794) .
2- .شرح نهج البلاغة : ج11 ص152 .
3- .البيان والتبيين : ج1 ص83 .
4- .الرَّيع : الزيادة والنماء على الأصل (النهاية : ج2 ص289) .

ص: 264

شزن : في حديث سطيح :عَلَيهِ : قيمَةُ كُلِّ امرِىً ما يُحسِنُ (1) .شسع : عن المهديّ عليه السلام :المناقب لابن شهر آشوب عن الجاحظ في كتاب الغُرَّة :كَتَبَ [عَلِيٌّ عليه السلام ] إلى مُعاوِيَةَ : غَرَّكَ عِزُّكَ ، فَصارَ قَصارُ ذلِكَ ذُلَّكَ ، فَاخشَ فاحِشَ فِعلِكَ فَعَلَّكَ تُهدى بِهذا ، وقالَ عليه السلام : مَن آمَنَ أمِنَ ! (2)(3)* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :المناقب لابن شهر آشوب_ في وَصفِ عَلِيٍّ عليه السلام _: وهُوَ أخطَبُهُم ، ألا تَرى إلى خُطَبِهِ مِثلِ : التَّوحيدِ ، وَالشِّقشِقِيَّةِ ، وَالهِدايَةِ ، وَالمَلاحِمِ ، وَاللُؤلُؤَةِ ، وَالغَرّاءِ ، وَالقاصِعَةِ ، وَالِافتِخارِ ، وَالأَشباحِ ، وَالدُرَّةِ اليَتيمَةِ ، وَالأَقاليمِ ، وَالوَسيلَةِ ، وَالطّالوتِيَّةِ ، وَالقَصَبِيَّةِ ، وَالنَّخيلَةِ ، وَالسَّلمانِيَّةِ ، وَالنّاطِقَةِ ، وَالدّامِغَةِ ، وَالفاضِحَةِ ، بَل إلى نَهجِ البَلاغَةِ عَنِ الشَّريفِ الرَّضِيِّ ، وكِتابِ خُطَبِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام عَن إسماعيلَ بنِ مِهرانَ السَّكونِيِّ عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ أيضا ؟ ! (4)* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام للمنذر بن الجارودمطالب السؤول_ إحصاءِ أنواعِ العُلومِ الَّتي عَلَّمَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله _: ... رابِعُها : عَلِمَ البَلاغَةَ وَالفَصاحَةَ ، وكانَ فيها إماما لا يُشَقُّ غُبارُهُ ، ومُقَدَّما لا تُلحَقُ آثارُهُ ، ومَن وَقَفَ عَلى كَلامِهِ المَرقومِ المَوسومِ بِنَهجِ البَلاغَةِ صارَ الخَبَرُ عِندَهُ عَن فَصاحَتِهِ عِيانا ، وَالظَّنُّ بِعُلُوِّ مَقامِهِ فيهِ إيقانا (5) .شصب : عن العاقب :تذكرة الخواصّ :كانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَنطِقُ بِكَلامٍ قَد حُفَّ بِالعِصمَةِ ، ويَتَكَلَّمُ بِمِيزانِ الحِكمَةِ ، كَلامٌ ألقَى اللّهُ عَلَيهِ المَهابَةَ ، فَكُلُّ مَن طَرَقَ سَمعَهُ راعَه فَهابَهُ ، وقَد جَمَعَ اللّهُ لَهُ بَين .


1- .رسائل الجاحظ : ج3 ص29 .
2- .إذا التفتنا إلى نقطتين نستطيع حينئذٍ أن نتحسّس جمال هذا الكلام : أوّلاً : إنّه كلام مكتوب . ثانيا : إنّه لم يكن منقّطا ؛ إذ أنّ التنقيط اُحدث فيما بعد .
3- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص48 ، بحار الأنوار : ج40 ص163 ؛ مطالب السؤول : ص61 وفيه «نفعا» بدل «تهدى بهذا . . .» .
4- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص47 ، بحار الأنوار : ج40 ص162 ؛ البيان والتبيين : ج1 ص353 وفيه «وكان عليّ أخطبهم» فقط .
5- .مطالب السؤول : ص29 .

ص: 265

5 / 4 خطبته الخالية من الألف

شصب : عن العاقب :الحَلاوَةِ وَالمَلاحَةِ ، وَالطَّلاوَةِ وَالفَصاحَةِ ، لَم يَسقُط مِنهُ كَلِمَةٌ ، ولا بارَت لَهُ حُجَّةٌ ، أعجَزَ النّاطِقينَ ، وحازَ قَصَبَ السَّبقِ فِي السّابِقينَ ، ألفاظٌ يُشرِقُ عَلَيها نورُ النُّبُوَّةِ ، ويُحَيِّرُ الأَفهامَ وَالأَلبابَ (1) .5 / 4خُطبَتُهُ الخالِيَةُ مِنَ الأَلِفِشطب : عن الصيقل في قميص أميرالمؤمنين عليه السلامشرح نهج البلاغة :رَوى كَثيرٌ مِنَ النّاسِ قالوا : تَذاكَرَ قَومٌ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله أيُّ حُروفِ الهِجاءِ أدخَلُ فِي الكَلامِ ؟ فَأَجمَعوا عَلَى الأَلِفِ ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام :

حَمِدتُ مَن عَظُمَت مِنَّتُهُ وسَبَغَت نِعمَتُهُ وسَبَقَت غَضَبَهُ رَحمَتُهُ وتَمَّت كَلِمَتُهُ ونَفَذَت مَشيئَتُهُ وبَلَغَت قَضِيَّتُهُ ، حَمِدتُهُ حَمدَ مُقِرٍّ بِرُبوبِيَّتِهِ مُتَخَضِّعٌ لِعُبودِيَّتِهِ مُتَنَصِّلٌ مِن خَطيئَتِهِ مُتَفَرِّدٌ بِتَوحيدِهِ مُؤَمِّلٌ مِنهُ مَغفِرَةً تُنجيهِ يَومَ يَشغَلُ عَن فَصيلَتِهِ وبَنيهِ .

ونَستَعينُهُ ونَستَرشِدُهُ ونَستَهديهِ ونُؤمِنُ بِهِ ونَتَوَكَّلُ عَلَيهِ ، وشَهِدَتُ لَهُ شُهودَ مُخلِصٍ موقِنٍ وفَرَّدتُهُ تَفريدَ مُؤمِنٍ مُتَيَقِّنٍ ، ووَحَّدتُهُ تَوحيدَ عَبدٍ مُذعِنٍ ، لَيسَ لَهُ شَريكٌ في مُلكِهِ ، ولَم يَكُن لَهُ وَلِيٌّ في صُنعِهِ جَلَّ عَن مُشيرٍ ووَزيرٍ وعَن عَونِ مُعينٍ ونَصيرٍ ونَظيرٍ .

عَلِمَ فَسَتَرَ وبَطَنَ فَخَبَرَ ومَلَكَ فَقَهَرَ وعُصِيَ فَغَفَرَ وحَكَمَ فَعَدَلَ لَم يَزَل ولَن يَزولَ «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ» (2) وهُوَ بَعدَ كُلِّ شَيءٍ رَبٌّ مُتَعَزِّزٌ بِعِزَّتِهِ مُتَمَكِّنٌ بِقُوَّتِهِ مُتَقَدِّسٌ بِعُلُوِّهِ مُتَكَبِّرٌ بِسُمُوِّهِ ، لَيسَ يُدرِكُهُ بَصَرٌ ولَم يُحِط بِهِ نَظَرٌ ، قَوِيٌّ مَنيعٌ بَصيرٌ سَميعٌ رَؤوفٌ رَحيمٌ . عَجَزَ عَن وَصفِهِ مَن يَصِفُهُ وضَلَّ عَن نَعتِهِ مَن يَعرِفُهُ .

.


1- .تذكرة الخواصّ : ص119 .
2- .الشورى : 11 .

ص: 266

شطب : عن الصيقل في قميص أميرالمؤمنين عليه السلامقَرُبَ فَبَعُدَ وبَعُدَ فَقَرُبَ ، يُجيبُ دَعوَةَ مَن يَدعوهُ ويَرزُقُهُ ويَحبوهُ ، ذو لُطفٍ خَفِيٍّ وبَطشٍ قَوِيٍّ ورَحمَةٍ موسَعَةٍ وعُقوبَةٍ موجَعَةٍ ، رَحمَتُهُ جَنَّةٌ عَريضَةٌ مُونِقةٌ (1) ، وعُقوبَتُهُ جَحيمٌ مَمدودَةٌ موبِقَةٌ .

وشَهِدتُ بِبَعثِ مُحَمَّدٍ رَسولِهِ وعَبدِهِ وصَفِيِّهِ ونَبِيِّهِ ونَجِيِّهِ وحَبيبِهِ وخَليلِهِ ، بَعَثَهُ في خَيرِ عَصرٍ وحينِ فَترَةٍ وكُفرٍ ، رَحمَةً لِعَبيدِهِ ومِنَّةً لِمَزيدِهِ ، خَتَمَ بِهِ نُبُوَّتَهُ وشَيَّدَ بِهِ حُجَّتَهُ ، فَوَعَظَ ونَصَحَ وبَلَّغَ وكَدَحَ ، رَؤوفٌ بِكُلِّ مُؤمِنٍ رَحيمٌ سَخِيٌّ رَضِيٌّ وَلِيٌّ زَكِيٌّ ، عَلَيهِ رَحمَةٌ وتَسليمٌ وبَرَكَةٌ وتَكريمٌ مِن ، رَبٍّ غَفورٍ رَحيمٍ قَريبٍ مُجيبٍ .

وَصَّيتُكُم مَعشَرَ مَن حَضَرَني بِوَصِيَّةِ رَبِّكُم ، وذَكَّرتُكُم بِسُنَّةِ نَبِيِّكُم ، فَعَلَيكُم بِرَهبَةٍ تُسَكِّنُ قُلوبَكُم ، وخَشيَةٍ تُذري دُموعَكُم ، وتَقِيَّةٍ تُنجيكُم قَبلَ يَومٍ تُبليكُم وتُذهِلُكُم ، يَومٌ يَفوزُ فيهِ مَن ثَقُلَ وَزنُ حَسَنَتِهِ ، وخَفَّ وَزنُ سَيِّئَتِهِ ، وَلتَكُن مَسأَلَتُكُم وتَمَلُّقُكُم مَسأَلَةَ ذُلٍّ وخُضوعٍ وشُكرٍ وخُشوعٍ بِتَوبَةٍ وتَوَرُّعٍ ونَدَمٍ ورُجوعٍ ، وَليَغتَنِم كُلُّ مَغتَنِمٍ مِنكُم صِحَّتَهُ قَبلَ سُقمِهِ وشَبيبَتَهُ قَبلَ هَرَمِهِ ، وسَعَتَهُ قَبلَ فَقرِهِ ، وفَرغَتَهُ قَبلَ شُغلِهِ ، وحَضَرَهُ قَبلَ سَفَرِهِ ، قَبلَ تَكَبُّرٍ وتَهَرُّمٍ وتَسَقُّمٍ ، يَمَلُّهُ طَبيبُهُ ، ويُعرِضُ عَنه حَبيبُهُ ، ويَنقَطِعُ غَمدُهُ ، ويَتَغَيَّرُ عَقلُهُ .

ثُمَّ قيلَ : هُوَ مَوعوكٌ وجِسمُهُ مَنهوكٌ ، ثُمَّ جَدَّ في نَزعٍ شَديدٍ ، وحَضَرَهُ كُلُّ قَريبٍ وبَعيدٍ ، فَشَخَصَ بَصَرُهُ ، وطَمَحَ نَظَرُهُ ، ورَشَحَ جَبينُهُ ، وعَطَفَ عَرينُهُ ، وسَكَنَ حَنينُهُ ، وحَزَنَتهُ نَفسُهُ ، وبَكَتهُ عُرسُهُ ، وحُفِرَ رَمسُهُ ، ويُتِّمَ مِنهُ وِلدُهُ ، وتَفَرَّقَ مِنهُ عَدَدُهُ ، وقُسِّمَ جَمعُهُ ، وذَهَبَ بَصَرُهُ وسَمعُهُ ، ومُدِّدَ وجُرِّدَ وعُرِّيَ وغُسِّلَ ونُشِّفَ وسُجِّيَ ، وبُسِطَ لَهُ وهُيِّئَ ، ونُشِرَ عَلَيهِ كَفَنُهُ ، وشُدَّ مِنهُ ذَقنُهُ وقُمِّصَ وعُمِّمَ ، ووُدِّعَ وسُلِّمَ ، وحُمِلَ فَوق .


1- .الأنَقَ : الفَرح والسرور ، الشيء الأنيق : المُعجِب (النهاية : ج1 ص76) .

ص: 267

شطب : عن الصيقل في قميص أميرالمؤمنين عليه السلامسَريرٍ ، وصُلِّيَ عَلَيهِ بِتَكبيرٍ ، ونُقِلَ مِن دورٍ مُزَخرَفَةٍ وقُصورٍ مُشَيَّدَةٍ وحُجُرٍ مُنَجَّدَةٍ (1) ، وجُعِلَ في ضَريحٍ مَلحودٍ وضيقٍ مَرصودٍ بِلَبِنٍ مَنضودٍ ، مُسَقَّفٍ بِجُلمودٍ ، وهيلَ عَلَيهِ حَفرُهُ ، وحُثِيَ عَلَيهِ مَدَرُهُ ، وتَحَقَّقَ حِذرُهُ ، ونُسِيَ خَبَرُهُ ، ورَجَعَ عَنهُ وَلِيُّهُ وصَفِيُّهُ ونَديمُهُ ونَسيبُهُ ، وتَبَدَّلَ بِهِ قَرينُهُ وحَبيبُهُ ، فَهُوَ حَشوُ قَبرٍ ورَهينُ قَفرٍ ، يَسعى بِجِسمِهِ دودُ قَبرِهِ ، ويَسيلُ صَديدُهُ (2) مِن مَنخِرِهِ ، يَسحَقُ تُربُهُ لَحمَهُ ، ويَنشَفُ دَمُهُ ، ويَرِمُّ عَظمُهُ ، حَتّى يَومِ حَشرِهِ ، فَنُشِرَ مِن قَبرِهِ حينَ يُنفَخُ في صورٍ ، ويُدعى بِحَشرٍ ونُشورٍ .

فَثَمَّ بُعثِرَت قُبورٌ ، وحُصِّلَت سَريرَةُ صُدورٍ ، وجيءَ بِكُلِّ نَبِيٍّ وصِدّيقٍ وشَهيدٍ ، وتُوَحَّدَ لِلفَصلِ قَديرٌ بِعَبدِهِ خَبيرٌ بَصيرٌ ، فَكَم مِن زَفرَةٍ تُضنيهِ ، وحَسرَةً تُنضيهِ (3) ، في مَوقِفٍ مَهولٍ ، ومَشهَدٍ جَليلٍ ، بَينَ يَدَي مِلِكٍ عَظيمٍ ، وبِكُلِّ صَغيرٍ ، وكَبيرٍ عَليمٍ ، فَحينَئِذٍ يُلجِمُهُ عَرَقُهُ ، ويُحصِرُهُ قَلَقُهُ ، عَبرَتُهُ غَيرُ مَرحومَةٍ ، وصَرخَتُهُ غَيرُ مَسموعَةٍ ، وحُجَّتُهُ غَيرُ مَقولَةٍ ، زالَت جَريدَتُهُ (4) ، ونُشِرَت صَحيفَتُهُ . نُظِرَ في سوءِ عَمَلِهِ ، وشَهِدَت عَلَيهِ عَينُهُ بِنَظَرِهِ ، ويَدُهُ بِبَطشِهِ ، ورِجلُهُ بِخَطوِهِ ، وفَرجُهُ بِلَمسِهِ ، وجِلدُهُ بِمَسِّهِ ، فُسُلسِلَ جيدُهُ ، وغُلَّت يَدُهُ ، وسيقَ فَسُحِبَ وَحدَهُ ، فَوَرَدَ جَهَنَّمَ بِكَربٍ وشِدَّةٍ ، فَظَلَّ يُعَذَّبُ في جَحيمٍ ، ويُسقى شُربَةً مِن حَميمٍ ؛ تَشوي وَجهَهُ وتَسلِخُ جِلدَهُ وتَضرِبُهُ زِبنِيَةٌ بَمَقمَعٍ مِن حَديدٍ ، ويَعودُ جِلدُهُ بَعد نُضجِهِ كَجِلدٍ جَديدٍ ، يَستَغيثُ فَتُعرِّضُ عَنهُ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ ، ويَستَصرِخُ فَيَلبَثُ حُقبَةً يَندَمُ .

نَعوذُ بِرَبٍّ قَديرٍ مِن شَرِّ كُلِّ مَصيرٍ ، ونَسأَلُهُ عَفوَ مَن رَضِيَ عَنهُ ، ومَغفِرَةَ مَن قَبِلَهُ ، فَهُوَ وَلِيُّ مَسأَلَتَي ومُنجِحُ طَلِبَتي ، فَمَن زُحزِحَ عَن تَعذيبِ رَبِّهِ ، جُعِلَ في جَنَّتِهِ بِقُربِهِ ، .


1- .التنجيد : التَّزيين . يقال : بيت مُنَجَّد ، ونُجوده : ستوره التي تُعَلّق على حيطانه ، يُزَيَّن بها (النهاية : ج5 ص19) .
2- .الصديدُ : قيحٌ ودَمٌ (مجمع البحرين : ج2 ص1015) .
3- .الضَّنى: السقِيمُ، وأضناه المرض أي أثقَله، والضِّنى بالكسر: الأوجاع(لسان العرب :ج14 ص486 و 487) .
4- .جُرَيَدة : تَصغير جَرْدَة ، وهي : الخِرْقة البالية (النهاية : ج1 ص257) .

ص: 268

5 / 5 خطبته الخالية من النّقط

شطب : عن الصيقل في قميص أميرالمؤمنين عليه السلاموخَلَدَ في قُصورٍ مُشَيَّدَةٍ ومُلكٍ بِحورِ عينٍ وحَفَدَةٍ ، وطيفَ عَلَيهِ بِكُؤوسٍ ، اُسكِنَ في حَظيرَةِ قُدّوسٍ ، وتَقَلَّبَ في نَعيمٍ ، وسُقِيَ مِن تَسنيمٍ ، وشَرَبَ مِن عَينٍ سَلسَبيلٍ ، ومُزِجَ لَهُ بِزَنجَبيلٍ مُخَتَّمٍ بِمِسكٍ وعَبيرٍ ، مُستَديمٌ لِلمُلكِ ، مُستَشعِرٌ لِلسُّرُرِ ، يَشرَبُ مِن خُمورٍ ، في رَوضٍ مُغدِقٍ ، لَيسَ يُصَدِّعُ مَن شَرِبَهُ ولَيسَ يُنزَفُ .

هذِهِ مَنزِلَةُ مَن خَشِيَ رَبَّهُ ، وحَذَّرَ نَفسَهُ مَعصِيَتَهُ ، وتِلكَ عُقوبَةُ مَن جَحَدَ مَشيئَتَهُ ، وسَوَّلَت لَهُ نَفسُهُ مَعصِيَتَهُ ، فَهُوَ قَولٌ فَصلٌ وحُكمٌ عَدلٌ وخَيرُ (1) قَصَصٍ قُصَّ ووَعظٍ نُصَّ «تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» (2) نَزَلَ بِهِ روحُ قُدُسٍ مُبين عَلى قَلبِ نَبِيٍّ مُهتَدٍ رَشيدٍ ، صَلَّت عَلَيهِ رُسُلٌ سَفَرَةٌ مُكرَّمونَ بَرَرَةٌ .

عُذتُ بِرَبٍّ عَليمٍ رَحيمٍ كَريمٍ مِن شَرِّ كُلِّ عَدُوٍّ لَعينٍ رَجيمٍ ، فَليَتَضَرَّع مُتَضَرِّعُكُم وَليَبتَهِل مُبتَهِلُكُم ، وَليَستَغفِر كُلُّ مَربوبٍ مِنكُم لي ولَكُم ، وحَسبي رَبّي وَحدَهُ (3) .5 / 5خُطبَتُهُ الخالِيَةُ مِنَ النُّقَطِ* ومنه في خبر اليهوديّ الذي أسلم فقال : «أشهد أنالإمام عليّ عليه السلام_ في خُطبَةٍ خَطَبَهَا ارتِجالاً خالِيَةً مِنَ النُّقَطِ (4) _: الحَمدُ للّهِِ أهلِ الحَمدِ ومَأواهُ ، ولَهُ أوكَدُ الحَمدِ وأحلاهُ ، وأسعَدُ الحَمدِ وأسراهُ ، وأطهَرُ الحَمدِ وأسماهُ ، وأكرَمُ الحَمدِ وأولاهُ . الواحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ لا والِدَ لَهُ ولا وَلَدَ .

.


1- .نقلنا ما أوردناه من «مصباح الكفعمي» ، و ما في المصدر : «خبر قصص» .
2- .فصّلت : 42 .
3- .شرح نهج البلاغة : ج19 ص140 ، مطالب السؤول : ص60 ، كفاية الطالب : ص393 عن أبي صالح ، كنز العمال : ج16 ص209 ح44234 ؛ المصباح للكفعمي : ص968 كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج77 ص340 ح28 وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص48 والخرائج والجرائح : ج2 ص740 ح56 .
4- .يجد القارئ الكريم في ثنايا هذه الخطبة الغرّاء أنّ الهاء الآخريّة في بعض الكلمات منقّطة ؛ ولكن بما أنّها تلفظ هاءً عند الوقف في أكثر الأحيان ، فلذا لم يورد الكثير عليها هذا الإشكال .

ص: 269

* ومنه في خبر اليهوديّ الذي أسلم فقال : «أشهد أنسَلَّطَ المُلوكَ وأعداها ، وأهلَكَ العُداةَ وأدحاها ، وأوصَلَ المَكارِمَ وأسراها ، وسَمَكَ السَّماءَ وعَلّاها ، وسَطَحَ المِهادَ وطَحاها ، ووَطَّدَها ودَحاها ، ومَدَّها وسَوّاها ، ومَهَّدَها ووَطّاها ، وأعطاكُم ماءَها ومَرعاها ، وأحكَمَ عَدَدَ الاُمَمِ وأحصاها ، وعَدَّلَ الأَعلامَ وأرساها .

الإِلهُ الأَوَّلُ لا مُعادِلَ لَهُ ، ولا رادَّ لِحُكمِهِ ، لا إلهَ إلّا هُوَ المَلِكُ السَّلامُ المُصَوِّرُ العَلّامُ الحاكِمُ الوَدودُ المُطَهِّرُ الطّاهِرُ ، المَحمودُ أمرُهُ ، المَعمورُ حَرَمُهُ ، المَأمولُ كَرَمُهُ .

عَلَّمَكُم كَلامَهُ ، وأراكُم أعلامَهُ ، وحَصَّلَ لَكُم أحكامَهُ ، وحَلَّلَ حَلالَهُ وحَرَّمَ حَرامَهُ ، وحَمَّلَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله الرِّسالَةَ ، رَسولَهُ المُكَرَّمَ ، المُسَوَّدَ المُسَدَّدَ ، الطُّهرَ المُطَهَّرَ ، أسعَدَ اللّهُ الاُمَّةَ لِعُلُوِّ مَحَلِّهِ ، وسُمُوِّ سُؤدَدِهِ ، وسَدادِ أمرِهِ ، وكَمالِ مُرادِهِ .

أطهَرُ وُلدِ آدَمَ مَولودا ، وأسطَعُهُم سُعودا ، وأطوَلُهُم عَمودا ، وأرواهُم عودا ، وأصَحُّهُم عُهودا ، وأكرَمُهُم مُردا وكُهولاً .

صَلاةُ اللّهِ لَهُ ولِالِهِ الأَطهارِ مُسَلَّمَةً مُكَرَّرَةً مَعدودَةً ، ولِالِ وُدِّهِمُ الكِرامِ ، مُحَصَّلَةً مُرَدَّدَةً ما دامَ لِلسَّماءِ أمرٌ مَرسومٌ وحَدٌّ مَعلومٌ .

أرسَلَهُ رَحمَةً لَكُم ، وطَهارَةً لِأَعمالِكُم ، وهُدوءَ دارِكُم ، ودُحورَ عارِكُم ، وصَلاحَ أحوالِكُم ، وطاعَةً للّهِِ ورُسُلِهِ ، وعِصمَةً لَكُم ورَحمَةً .

اِسمَعوا لَهُ ، وراعوا أمرَهُ ، وحَلِّلوا ما حَلَّلَ ، وحَرِّموا ما حَرَّمَ ، وَاعمِدوا _ رَحِمَكُمُ اللّهُ _ لِدَوامِ العَمَلِ ، وداحِرُوا الحِرصَ ، وَاعدِمُوا الكَسَلَ ، وَادروا السَّلامَةَ وحِراسَةَ المُلكِ ورَوعَها ، وهَلَعَ الصُّدورِ وحُلولَ كُلِّها وهَمِّها .

هَلَكَ _ وَاللّهِ _ أهلُ الإِصرارِ ، وما وَلَدَ والِدٌ لِلإِسرارِ ، كَم مُؤَمِّلٍ أمَّلَ ما أهلَكَهُ ، وكَم مالٍ وسِلاحٍ اُعِدَّ صارَ لِلأَعداءِ عَدُّهُ وعَمَدُهُ . .

ص: 270

5 / 6 الإمام وفنّ الشّعر

* ومنه في خبر اليهوديّ الذي أسلم فقال : «أشهد أناللّهُمَ لَكَ الحَمدُ ودَوامُهُ ، وَالمُلكَ وكَمالُهُ ، لا إلهَ إلّا هُوَ ، وَسِعَ كُلَّ حِلمٍ حِلمُهُ ، وسَدَّدَ كُلَّ حُكمٍ حُكمُهُ ، وحَدَرَ كُلَّ عِلمٍ عِلمُهُ .

عَصَمَكُمُ ولَوّاكُمٌ ، ودَوامَ السَّلامَةِ أولاكُم ، ولِلطّاعَةِ سَدَّدَكُم ، ولِلإِسلامِ هَداكُم ورَحِمَكُم ، وسَمِعَ دُعاءَكُم وطَهَّرَ أعمالَكُم وأصلَحَ أحوالَكُم .

وأسأَلُهُ لَكُم دَوامَ السَّلامَةِ ، وكَمالَ السَّعادَةِ ، وَالآلاءَ الدَّارَّةَ ، والأَحوالَ السّارَّةَ ، وَالحَمدُ للّهِِ وَحدَهُ 1 .5 / 6الإِمامُ وفَنُّ الشِّعرِشطرنج : في مناهي النبيّ صلى الله عليه و آله :أنساب الأشراف عن الشَّعبي :كانَ أبو بَكرٍ يَقولُ الشِّعرَ ، وكانَ عُمَرُ يَقولُ الشِّعرَ ، وكانَ عَلِيٌّ أشعَرَ الثَّلاثَةِ (1) .شطط : عن العسكري عليه السلام :شرح نهج البلاغة عن ابن عَرادَةَ :كانَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام يُعَشِّي النّاسَ في شَهرِ رَمَضانَ بِاللَّحمِ ولا يَتَعَشّى مَعَهُم ، فَإِذا فَرَغوا خَطَبَهُم ووَعَظَهُم ، فَأَفاضوا لَيلَةً فِي الشُّعَراءِ وهُم عَلى عَشائِهِم ، فَلَمّا فَرَغوا خَطَبَهُم عليه السلام وقالَ في خُطبَتِهِ :

.


1- .أنساب الأشراف : ج2 ص382 ، تاريخ دمشق : ج42 ص520 ، البداية والنهاية : ج8 ص8 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج 2 ص 49 .

ص: 271

شطط : عن العسكري عليه السلام :اِعلَموا أنَّ مِلاكَ أمرِكُمُ الدّينُ ، وعِصمَتَكُمُ التَّقوى ، وزينَتَكُمُ الأَدَبُ ، وحُصونَ أعراضِكُمُ الحِلمُ . ثمَّ قالَ : قُل يا أبَا الأَسوَدِ ، فِيمَ كُنتُم تُفيضونَ فيهِ ، أيُّ الشُّعَراءِ أشعَرُ ؟ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، الَّذي يَقولُ :

ولَقَد أغتَدي يُدافِعُ رُكني

أعوَجِيٌّ ذو مَيعَةٍ إضريجُ مِخلَطٌ مِزيَلٌ مِعَنٌّ مِفَنٌّ

مِنفَحٌ مِطرَحٌ سَبوحٌ خَروجُ (1)

يَعني أبا دُؤادٍ الإِيادِيَّ ، فَقالَ عليه السلام : لَيسَ بِهِ ، قالوا : فَمَن يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟

فَقالَ : لَو رُفِعَت لِلقَومِ غايَةٌ فَجَرَوا إلَيها مَعا عَلِمنا مَنِ السّابِقُ مِنهُم ، ولكِن إن يَكُن فَالَّذي لَم يَقُل عَن رَغبَةٍ ولا رَهبَةٍ .

قيلَ : مَن هُوَ يا أميرَالمُؤمِنينَ ؟ قالَ : هُوَ المَلِكُ الضِّلّيلُ ذُو القُروحِ .

قيلَ : اِمرُؤُ القَيسِ يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟ قالَ : هُوَ (2) . .


1- .قال ابن دُرَيد : إضريجُ : ينبثق في عَدْوه ، وقيل : واسع الصدر . ومِنفح : يُخرِج الصيد من مَواضِعه ، ومِطرَح : يطرح ببَصَره . وخَروج : سابق . والغاية : الراية . والمَيعة : أوّل جَري الفَرَس ؛ وقيل : الجَري بعدَ الجَري (شرح نهج البلاغة : ج20 ص154) .
2- .شرح نهج البلاغة : ج20 ص153 ح464 .

ص: 272

بحث حول أشعاره والديوان المنسوب إليه

بحث حول اشعاره والديوان المنسوب إليهيحظى الشعر بمكانة مرموقة في المعارف البشريّة وذلك لدوره المتميّز في نقل المفاهيم وتخليد الأحداث وإغناء الثقافة ، أمّا من حيث المضمون فمن الواضح أنّه لا يختلف عن كثير من الأدوات والوسائل التي يمكن استخدامها كسلاح ذي حدّين ؛ فمن الممكن أن يرتدي حُلّة رائعة ، أو يتّخذ قالبا مَقيتا . ومن هنا يُعدّ نظم الشعر وإجادته منقبة ، ويُعتبر استخدامه أمرا ضروريّا . لقد كان القادة الربّانيّون يملكون هذه المقدرة ، ولكن هناك خلاف تاريخي حول ما إذا كانوا أنفسهم ينظمون الأشعار ، وإلى أيّ حدّ؟ من هنا ، يرى البعض أنّ الإمام عليّاً عليه السلام كان معروفا بقول الشعر ، وكان متفوّقا في معرفة الشعر ، هذا فضلاً عمّا لديه من مقدرة فائقة على نقد الشعر . فعن ابن عبد ربّه : «قالَ سَعيدُ بنُ المُسَيِّبِ : كانَ أبو بَكرٍ شاعِرا ، وعُمَرُ شاعِرا ، وعَلِيٌّ أشعَرَ الثَّلاثَةِ» (1) . ويبدو أنّ الشعر وإنشاء الكلام الموزون والمقفّى والمسجّع كان صفة غالبة لدى الإمام عليّ عليه السلام إلى درجة أنّه أصبح يُعرف بها ، بحيث إنّ بطلة كربلاء «زينب

.


1- .العقد الفريد : ج4 ص230 .

ص: 273

الكبرى» بعدما ألقت كلمتها المشهورة في الكوفة بعد واقعة كربلاء جعلت عبيد اللّه ابن زياد يقول : هذِهِ سَجّاعَةٌ! ولَعَمري لَقَد كانَ أبوها سِجّاعا شاعِرا (1) . ذكر الشريف الرضي أنّ الإمام عليّاً عليه السلام لَمّا سُئِلَ : مَن أشعَرُ الشُّعَراءِ؟ قالَ : «إنَّ القَومَ لَم يجروا في حَلبَةٍ تُعرَفُ الغايَةُ عِندَ قَصَبَتِها ، فَإِن كانَ ولابُدَّ فَالمَلِكُ الضِّلّيلُ» (2) . وبيّن الشريف الرضي المراد من هذا الكلام بقوله : يُريدُ امرَأَ القَيسِ (3) . وفي هذا السياق استند الأديب والكاتب المصري المعروف الاُستاذ عبّاس محمود العقّاد إلى هذا الخبر وإلى غيره من الأخبار قائلاً في هذا المعنى : «وعِندَنا أنَّهُ عليه السلام كانَ يَنظِمُ الشِّعرَ ويُحسِنُ النَّظَرَ فيهِ ، وكانَ نَقدُهُ لِلشَّعَراءِ نَقدَ عَليمٍ بَصيرٍ ، يَعرِفُ اختِلافَ مَذاهِبِ القَولِ ، وَاختِلافَ وُجوهِ المُقابَلَةِ وَالتَّفضيلِ عَلى حَسَبِ المَذاهِبِ . ومِن بَصَرِهِ بِوُجوهِ المُقابَلَةِ بَينَهُم أنَّهُ سُئِلَ : مَن أشعَرُ النّاسِ (4) ؟ قالَ : إنَّ القَومَ لَم يَجروا في حَلبَةٍ تُعرَفُ الغايَةُ عِندَ قَصَبَتِها ، فَإِن كانَ ولابُدَّ فَالمَلِكُ الضِّلّيلُ . وهذا _ فيما نَعتَقِدُ _ أوَّلُ تَقسيمٍ لِمَقاييسِ الشِّعرِ عَلى حَسَبِ «المَدارِسِ» وَ«الأَغراضِ الشِّعرِيَّةِ» بَينَ العَرَبِ ، فَلا تَكونُ المُقابَلَةُ إلّا بَينَ أشباهٍ وأمثالٍ ،

.


1- .الإرشاد : ج2 ص116 ، مثير الأحزان : ص90 ، كشف الغمّة : ج2 ص276 ، بحار الأنوار : ج45 ص116 ح1 .
2- .نهج البلاغة : الحكمة 455 ؛ النهاية في غريب الحديث : ج3 ص98 .
3- .نهج البلاغة : الحكمة 455 . نقل ابن أبي الحديد عن ابن دُرَيد مضمون الجملة المذكورة ، ونقل تصريح الإمام عليه السلام بأنّ المراد من «الملك الضلّيل» امرؤ القيس (اُنظر شرح نهج البلاغة : ج20 ص153 و154) .
4- .في نهج البلاغة : «الشعراء» بدل «الناس» .

ص: 274

ولا يَكونُ التَّعميمُ بِالتَّفضيلِ إلّا عَلَى التَّغليبِ» (1) . وأمثال هذه المنقولات _ التي تعكس آراء الإمام عليّ عليه السلام في الشعر والشعراء _ ليست قليلة في النصوص القديمة (2) . وهي تدلّ _ كما أشار العقّاد _ على مدى تضلّعه في هذا الميدان ، فهو _ بحقٍّ _ «أمير البيان» و «سيّد البلاغة» . يُستدلّ من الوثائق التاريخيّة أنّ الإمام عليّاً عليه السلام كان ينظم الشعر ، وكان يُوصي بتعلّمه واستخدامه ضمن المعايير التي كان يؤكّد هو عليها (3) . وكان يتمثّل في خطبه ورسائله شيئا من أشعار الآخرين ، ومع كلّ ذلك فإنّ العلماء والمؤرّخين كانوا منذ القدم يتأمّلون في نسبة كلّ ما ورد باسم الإمام عليّ عليه السلام إليه ، وطرحوا آراءً كثيرة في كيفيّة الأشعار المنسوبة إليه (4) . نُقل عن الجاحظ أنّه كان يقول : لَم يَقُل عَلِيٌّ شِعرا سِوَى الرَّجَزِ (5) . وأورَدَ ياقوتٌ الحِمَوِيُّ عَن أبي عُثمانَ المازِنِيِّ : لا يَصِحُّ عِندَنا أنَّهُ تَكَلَّمَ بِشَيءٍ مِنَ الشِّعرِ غَيرَ هذَينِ البَيتَينِ : تِلكُم قُرَيشٌ تَمَنّاني لِتَقتُلَني فَلا وجَدِّكَ ما بَرّوا ولا ظَفِروا فَإِن هَلَكتُ فَرَهنٌ ذِمَّتي لَهُمُ بِذاتِ رَوقَين (6) لا يَعفو لَها أثَرُ (7)

.


1- .المجموعة الكاملة (عبقريّة الإمام علي عليه السلام ) : ج2 ص136 .
2- .انظر على سبيل المثال : العمدة في محاسن الشعر وآدابه : ج1 ص111 ، مصادر نهج البلاغة وأسانيده : ج4 ص312 .
3- .وعلى سبيل المثال أنّه كان يؤكّد على تعلّم شعر أبي طالب وتدوينه ونشره عند تعليله لسبب تعلّم شعر هذا الرجل الذي كان يدافع عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قائلاً : «تعلّموا شعر أبي طالب وعلّموه أولادكم ؛ فإنّه كان على دين اللّه ، وفيه علم كثير» (راجع تصنيف نهج البلاغة : ص773 ووسائل الشيعة : ج12 ص248) .
4- .راجع مقدّمة كتاب «أنوار العقول من أشعار وصيّ الرسول» بقلم كامل سليمان الحبّوري .
5- .فهرست نسخ الكتب الخطّية في المكتبة المركزيّة بجامعة طهران : ج2 ص116 .
6- .الرَّوْقان : تثنية الرَّوْق ؛ وهو القَرْن ، وأراد بها هاهنا الحربَ الشديدة وقيل : الداهية (النهاية : ج2 ص279) .
7- .معجم الاُدباء: ج4 ص1810 الرقم 784 ، النهاية في غريب الحديث: ج2 ص279؛ العدد القويّة: ص238 ح16 كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج42 ص223 ح31 .

ص: 275

وهذان الرأيان كلاهما غير صائب ، ويبالغان في نفي أشعار الإمام . وبيّن البعض عند نقدهم لرأي المازني بأنّ هناك أبيات مرويّة عن الإمام عليّ عليه السلام لا يمكن تجاهلها بهذه البساطة . ومع أنّ العلاّمة المجلسي يذهب إلى القول بأنّ الحكم على نسبة جميع ما نُسب إلى الإمام عليّ عليه السلام في الديوان المشهور ، موضع تأمّل إلّا أنّه يُقِرّ بأنّ نسبة الديوان إليه أمر مشهور (1) . وعلى كلّ حال هناك علائم عريقة في القدم تحمل دلالات على جمع وتدوين شعر الإمام عليّ عليه السلام ؛ فقد كتب النجاشي ضمن إحصائه لآثار أبي أحمد عبد العزيز ابن يحيى الجلودي الأزدي البصري (م 332 ه ) ، ما يلي : وله كتب منها . . . شعره عليه السلام (2) . «إنّ أشهر وأقدم الكتب الموجودة من أشعار أمير المؤمنين عليه السلام هو كتاب (أنوار العقول من أشعار وصيّ الرسول) الذي أعدّه قطب الدين محمّد البيهقي الكيدري على أساس مصدرين تولّيا قبل ذلك مهمّة جمع وتدوين هذا الكتاب ، وكذلك على أساس المنقولات التي عُثر عليها بين طيّات الكتب الموجودة . ووصف الكيدري نفسه في مقدّمة الكتاب كيفيّة كتابة هذا الديوان وطبيعة محتواه على النحو التالي : وقد كنت على قديم الدهر ظفرت بمجموع من أشعاره الجامعة لجلائل الكلم ، وعقابل الحكم ، نحوا من مائتي بيت جمعها الإمام أبو الحسن الفنجكردي رحمه اللّه ، فأنستُ بذلك ، واجتهدتُ فى اقتناص شوارد ، على ما فيه زوائد ؛ إذ لم يكن إلاّ طرفا من طرفه ، ودرّة من صدفه ، إلى أن عثرت بمجموع آخر أبسط منه باعا ،

.


1- .لمزيد من التفاصيل راجع كتاب «تحقيقات أدبي» لكيوان سميعي : ص333 _ 359 .
2- .رجال النجاشي : ج2 ص55 الرقم 638 .

ص: 276

وأرحب ذراعا ، وإن لم يكن شمل الكلّ واستجمع الكلّ الكثر والقلّ ، قد استخرج بعضها من كتاب محمّد بن إسحاق وغيره من العلماء والتقط بعضها من ستون الكتب ممّا وُجد منسوبا إليه . فاقترح عليّ بعض الإخوان أن اُجرّد من المجموعَين ما اختُصّ بالآداب والمواعظ والحكم والعِبَر دون ما ذُكر في سائر الأغراض ، فأسعفتُ سؤله ، وحقّقتُ مأموله ، وسمّيت المجموع بالحديقة الأنيقة . ثمّ وقع إليّ بأخرة مجموع من أشعاره عليه السلام جمعه السيّد الجليل أبو البركات هبة اللّه بن محمّد الحسني ، فلم أجد فيه كثيرا ممّا وصل إليّ ، وإن كان قد أورد أبياتا شردت منّي ، وشذّت من يدي ، وكنت في خلال ذلك أجدُّ في الطلب ، وأدأبُ كلّ الدأب ، أتفحّص كتب التواريخ والسير ، والتقط ما أقف عليه من الغرر والدرر ، مسندا ومرسلاً ، مقيّدا ومهملاً ؛ إذ كان غرضي أن أنظم أفرادها ، وأجمع آحادها . فلذلك لست أدّعي أنّ كلّ فلقٍ فيه سمع من فَلْق فيه ، وأنّه عليه السلام قطعا ويقينا ناظمه ومُنشِئُه ، بل في كثير منه أخذ بالظنّ والتخمين ؛ إذ من المتعذّر في مثله الحكم باليقين ؛ فإن ورد على امرئ ما يريبه ، فحسبه من الكلام طيبه . هذا ولا أزعم أنّي أحطت بجميع أشعاره ، واطّلعت على نتائج أفكاره ، بل اجوّز أن يكون الحاصل عندي دون ما ظفرت منه يدي ، وما عليّ إلّا بذل جهدي ، وأرجو أن تكون المنفعة به كاملة تامّة ، والفائدة شاملة عامّة . وها أنا قد أمّلت زمام الهمّة إلى القيام بهذه المهمّة ، ورأيت بعد أن اسمّي هذا المجموع ب_ : أنوار العقول من أشعار وصيّ الرّسول» (1) . ومن الواضح أنّ كلام الكيدري كلام رصين ؛ فمن جهة لا يمكن التصديق بأنّ جميع الأشعار الواردة فى هذا الديوان من نظم الإمام عليّ عليه السلام وإنشائه ، ومن جهة

.


1- .أنوار العقول من أشعار وصيّ الرسول : ص92 .

ص: 277

اُخرى لا يمكن القطع بأنّ كلّ الأشعار المنسوبة إليه وردت في هذا الكتاب . ويمكن تبويب الأشعار الواردة في هذه المجموعة ، والأشعار الاُخرى المنسوبة إليه ، على النحو التالي : 1 _ ما جاء على صيغة الرَّجز ، والأشعار التي وردت في المصادر المعتبرة الاُخرى . 2 _ أشعار الآخرين التي تمثّل بها الإمام عليه السلام في طيّات خطبه وكتبه . 3 _ قول أو فعل الإمام عليه السلام الذي نُظِم شعرا على لسان شاعر آخر ، ثمّ نُسب على مرّ الزمن إليه . 4 _ أشعار مَن تطابقت أسماؤهم مع اسمه ، أو غيرهم ، ثمّ نُسبت إليه على امتداد التاريخ ، وتسلّلت إلى الديوان (1) .

.


1- .راجع : الذريعة : ج2 ص431 و ج9 ص101 .

ص: 278

. .

ص: 279

الباب السادس : علم الذرّة
اشاره

الباب السادس : علم الذرّة* وعنه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :مُؤَلِّفٌ بَينَ مُتَعادِياتِها ، ومُفَرِّقٌ بَينَ مُتَدانِياتِها ، دالَّةٌ بِتَفريقِها عَلى مُفَرِّقِها ، وبِتَأليفِها عَلى مُؤَلِّفِها ، وذلِكَ قَولُهُ تَعالى : «وَ مِن كُلِّ شَىْ ءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» (1) . (2)* وعن الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام :وأمَّا الجَماداتُ فَهُوَ يُمسِكُها بِقُدرَتِهِ ، ويُمسِكُ المُتَّصِلَ مِنها أن يَتَهافَتَ ، ويُمسِك المُتَهافِتَ مِنها أن يَتَلاصَقَ (3) .* وفي الحديث :عنه عليه السلام :أحالَ الأَشياءَ لِأَوقاتِها ، ولَأَمَ بَينَ مُختَلِفاتِها ، وغَرَّزَ غَرائِزَها ، وألزَمَها أشباحَها (4) .

.


1- .الذاريات : 49 .
2- .الكافي : ج1 ص139 ح4 عن محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه ، التوحيد : ص308 ح2 عن عبد اللّه بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام ، الأمالي للمفيد: ص256 ح4 عن محمّد بن زيد الطبري وفيه «متباعداتها» بدل «متعادياتها» ، الأمالي للطوسي : ص23 ح28 عن محمّد بن يزيد الطبري وفيه «متعاقباتها» بدل «متعادياتها» وكلاهما عن الإمام الرضا عليه السلام ، تحف العقول : ص65 وفيه «متقاربا بين متبايناتها» بدل «مفرّق بين متدانياتها» وليس فيه الآية ، بحار الأنوار : ج4 ص229 ح3 .
3- .عيون أخبار الرضا : ج1 ص282 ح30 ، علل الشرائع : ص416 ح3 ، بشارة المصطفى : ص213 كلّها عن محمّد بن زياد ومحمّد بن سيّار عن الإمام العسكري عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج92 ص224 ح2 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، الاحتجاج : ج1 ص474 ح113 .

ص: 280

نكتة

* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :فَأَقامَ مِنَ الأَشياءِ أوَدَها (1) ، ونَهَجَ حُدودَها ، ولاءَمَ بِقُدرَتِهِ بَينَ مُتَضادِّها ، ووَصَلَ أسبابَ قَرائِنِها (2) .نكتةيقول أينشتاين : «لقد تمكّن بنو البشر وبعد مرور قرون متمادية من التعرّف إلى أسرار تركيب الذّرّة ، وتبيّن لهم أنّ هذا العالم المادّي إنّما يتألّف من الذّرّات الناتجة بدورها من اتّحاد الألكترونات بالبروتونات ، وأنّ وجود المادّة وبقاءها رهين بدوام تلك الآصرة التي تربط بين أجزاء الذّرّة المتكوّنة من جسمين متضادّين ؛ سالب وموجَب» . لكنّ الباحث المتتبّع إذا نظر بدقّة وتفحّص في كلام الإمام عليّ عليه السلام ؛ في تفسيره للآية الشريفة(49) من سورة الذاريات ، سيندهش حين يرى بأ نّه عليه السلام قد سبق علماء عصرنا ب_ (14) قرنا من الزمان ؛ بالتعرّف إلى أسرار تركيب الذّرّة ؛ حيث جاء في أحاديث هذا الباب أنّ الإمام عليه السلام أشار إلى ما يمكن انطباقه اليوم ب_ (الألكترون) و(البروتون) ، وتطرّق إلى الآصرة الموجودة بين هذين الجسمين بشكل دقيق للغاية.وعلى ما تقدّم يمكن حمل كلام الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله في مناظرته مع الدهريين حيث أشار إلى تلك المسألة العلميّة الدقيقة بقوله : « ... فهذا الذي نشاهده من الأشياء بعضُها إلى بعض مفتقرٌ ؛ لأ نّه لا قوام للبعض إلّا بما يتّصل به» . (3) وفي هذا السياق أيضا يقول الإمام الرضا عليه السلام : «ولَم يَخلُق شَيئا فَردا قائِما بِنَفسِهِ دونَ غَيرِهِ لِلَّذي أرادَ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى نَفسِهِ وإثباتِ وُجودِهِ ، فَاللّهُ تَبارَكَ وتَعالى فَردٌ واحِدٌ لا ثانِيَ مَعَهُ يُقيمُهُ ولا يَعضُدُهُ ولا يَكُنُّهُ ، وَالخَلقُ يُمسِكُ بَعضُهُ بَعضا بِإِذنِ اللّهِ تَعالى ومَشِيَّتِهِ» (4) .

.


1- .الأوَد : العوج (لسان العرب : ج3 ص75) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 91 ، التوحيد : ص54 ح13 وفيه «ونَهّى معالم» بدل «ونهج» وكلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج77 ص319 ح17 .
3- .بحار الأنوار : ج 9 ص 262 ح 1 .
4- .عيون أخبار الرضا : ج 1 ص 176 ح 1 ، بحار الأنوار : ج 10 ص 316 ح 1 .

ص: 281

الباب السابع : علم الحساب

الباب السابع : علم الحسابشظم : عن عاتكة :تصنيف نهج البلاغة :سُئِلَ عليه السلام عَن أصغَرِ عَدَدٍ يُقَسَّمُ عَلَى الأَعدادِ الطَّبيعِيَّةِ مِن واحِدٍ إلى تِسعَةٍ بِدون باقٍ ، فَقالَ عَلَى الفَورِ : اِضرِب أيّامَ اُسبوعِكَ في أيّامِ سَنَتِكَ (1) . (2)شظى : في اُحُد :بحار الأنوار_ في تَفسيرِ قَولِهِ تَعالى : «وَ لَبِثُواْ فِى كَهْفِهِمْ ثَلَ_ثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَ ازْدَادُواْ تِسْعًا» (3) _: ورَوَى الطَّبرِسِيُّ رحمه الله وغَيرُهُ أنَّ يَهودِيّا سَأَلَ عَلِيّا عليه السلام عَن مُدَّةِ لَبثِهِم ، فَأَخبَرَ عليه السلام بِما فِي القُرآنِ ، فَقالَ : إنّا نَجِدُ في كِتابِنا ثَلاثَمِئَةٍ ! فَقالَ عليه السلام : ذلِكَ بِسِنِي الشَّمسِ ، وهذا بِسِنِي القَمَرِ (4) . (5)* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الخفّاش :تهذيب الأحكام عن عبيدة السلماني عن أمير المؤمنين عليه السلام_ حَيثُ سُئِلَ عن رَجُلٍ مات

.


1- .المقصود بالسنة هنا : السنة القمريّة (360) يوما ، فإذا ضربنا 360 × 7 وهو عدد أيّام الاُسبوع حصلنا على (2520) وهو العدد الذي يقسّم على الأعداد الطبيعيّة من 1 إلى 9 بدون باقي .
2- .تصني_ف نهج البلاغة : ص780 و 781 وراج_ع بحار الأنوار : ج40 ص187 وينابيع المودّة : ج1 ص227 ح59 .
3- .الكهف : 25 .
4- .يعني أنّ السنين التي اعتمدها القرآن الكريم هي السنين القمريّة ؛ ولذا كان عدد السنين التي نام فيها أصحاب الكهف هو ثلاثمائة وتسع سنين ، وأمّا السنين المذكورة في كتابكم فهي على أساس السنين الشمسيّة ؛ وتكون حينئذٍ ثلاثمائة سنة .
5- .بحار الأنوار : ج58 ص352 .

ص: 282

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الخفّاش :وخَلَّفَ زَوجَةً وأبَوَينِ وَابنَتَيهِ ، فَقالَ _: صارَ ثُمنُها تِسعاً 1 .* وفي الوليد بن المغيرة :المُصنَّف عن سُفيان عن رَجُلٍ لَم يُسَمِّهِ :ما رَأَيتُ رَجُلاً كانَ أحسَبَ مِن عَلِيٍّ ، سُئِلَ عَنِ ابنَتَينِ وأبَوَينِ وَامرَأَةٍ ، فَقالَ : صارَ ثُمنُها تِسعاً (1) .شعب : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الجنّةالاستيعاب عن زِرّ بن حُبَيش :جَلَسَ رَجُلانِ يَتَغَدَّيانِ ، مَعَ أحَدِهِما خَمسَةُ أرغِفَةٍ ، ومَعَ الآخَرِ ثَلاثَةُ أرغِفَةٍ ، فَلَمّا وَضَعَا الغَداءَ بَينَ أيديهِما مَرَّ بِهِما رَجُلٌ فَسَلَّمَ ، فَقالا : اِجلِس لِلغَداءِ ، فَجَلَسَ ، وأكَلَ مَعَهُما ، وَاستَوفَوا في أكلِهِمُ الأَرغِفَةَ الثَّمانِيَةَ ، فَقامَ الرَّجُلُ وطَرَحَ إلَيهِما ثَمانِيَةَ دَراهِمَ ، وقالَ : خُذا هذا عِوَضا مِمّا أكَلتُ لَكُما ، ونِلتُهُ مِن طَعامِكُما ، فَتَنازعا ، وقالَ صاحِبُ الخَمسَةِ الأَرغِفَةِ : لي خَمسَةُ دَراهِمَ ، ولَكَ ثَلاثَةٌ ، فَقالَ صاحِبُ الثَّلاثَةِ الأَرغِفَةِ : لا أرضى إلّا أن تَكونَ الدَّراهِمُ بَينَنا نِصفَينِ . وَارتَفَعا إلى أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رضى الله عنه ، فَقَصّا عَلَيهِ قِصَّتَهُما ، فَقالَ لِصاحِبِ الثَّلاثَةِ الأَرغِفَةِ : قَد عَرَضَ عَلَيكَ صاحِبُك ما عَرَضَ ، وخُبزُهُ أكثَرُ مِن خُبزِكَ ، فَارضَ بِثَلاثَةٍ . فَقالَ : لا وَاللّهِ ، لا رَضيتُ مِنهُ إلّا بِمُرِّ الحَقِّ . فَقالَ عَلِيٌّ رضى الله عنه : لَيسَ لَكَ في مُر .


1- .المصنّف لابن أبي شيبة : ج7 ص349 ح1 .

ص: 283

شعب : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الجنّةالحَقِّ إلّا دِرهَمٌ واحِدٌ ولَهُ سَبعَةٌ .

فَقالَ الرَّجُلُ : سُبحانَ اللّهِ يا أميرَ المُؤمِنينَ ! وهُوَ يَعرِضُ عَلَيَّ ثَلاثَةً فَلَم أرضَ ، وأشَرتَ عَلَيَّ بِأَخذِها فَلَم أرضَ ، وتَقولُ لِيَ الآنَ : إنَّهُ لا يَجِبُ في مُرِّ الحَقِّ إلّا دِرهَمٌ واحِدٌ . فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ : عَرَضَ عَلَيكَ صاحِبُكَ أن تَأخُذَ الثَّلاثَةَ صُلحا ، فَقُلتَ : لَم أرضَ إلّا بِمُرِّ الحَقِّ ، ولا يَجِبُ لَكَ بِمُرِّ الحَقِّ إلّا واحِدٌ . فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ : فَعَرِّفني بِالوَجهِ في مُرِّ الحَقِّ حَتّى أقبَلَهُ .

فَقالَ عَلِيٌّ رضى الله عنه :أ لَيسَ لِلثَّمانِيَةِ الأَرغِفَةِ أربَعَةٌ وعِشرونَ ثُلثا أكَلتُموها وأنتُم ثَلاثَةُ أنفُسٍ ، ولا يُعلَمُ الأَكثَرُ مِنكُم أكلاً ، ولَا الأَقَلُّ ، فَتُحمَلونَ في أكلِكُم عَلَى السَّواءِ ؟ قالَ : بَلى . قالَ : فَأَكَلتَ أنتَ ثَمانِيَةَ أثلاثٍ ، وإنَّما لَكَ تِسعَةُ أثلاثٍ ، وأكَلَ صاحِبُكَ ثِمانَيَةَ أثلاثٍ ، ولَهُ خَمسَةَ عَشَرَ ثُلثا ، أكَلَ مِنها ثَمانِيَةً ويَبقى لَهُ سَبعَةٌ ، وأكَلَ لَكَ واحِدا مِن تِسعَةٍ ، فَلَكَ واحِدٌ بِواحِدِكِ ، ولَهُ سَبعَةٌ بِسَبعَتِهِ . فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ : رَضيتُ الآنَ (1) . .


1- .الاستيعاب : ج3 ص207 الرقم 1875 ، جواهر المطالب : ج1 ص205 ، كنز العمّال : ج5 ص835 ح14512 ؛ تهذيب الأحكام : ج8 ص319 ح1184 ، كنز الفوائد : ج2 ص69 كلاهما نحوه .

ص: 284

. .

ص: 285

الباب الثامن : علم الفيزياء

الباب الثامن : علم الفيزياء* وفي الدعاء :الإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ سَميعٍ غَيرَهُ يَصَمُّ عَن لَطيفِ الأصواتِ ، ويُصِمُّهُ كَبيرُها 1 . (1)* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :كُلُّ بَصيرٍ غَيرَهُ يَعمى عَن خَفِيِّ الأَلوانِ ، ولَطيفِ الأَجسامِ (2) . (3)

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 65 ، بحار الأنوار : ج4 ص309 ح37 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 65 ، بحار الأنوار : ج4 ص309 ح37 .
3- .كثير من الحيوانات لا ترى الألوان ، بل ترى الصورة سوداء بيضاء فقط . أمّا الإنسان فإنّه يرى الألوان السبعة التي هي ألوان الطيف المرئي والتي تنحصر أطوال موجاتها بين 4 / 0 مكرون (البنفسجي) و8 / 0 مكرون (الأحمر) . أمّا الأضواء التي تقع أطوال موجاتها خارج هذا المجال فإنّ الإنسان لايراها ، ومنها الأشعّة فوق البنفسجيّة والأشعّة تحت الحمراء . إذن فقدرة الإنسان البصريّة محدودة ، أمّا اللّه تعالى فهو يرى كلّ جسم وكلّ لون مهما كان نوعه أو لطافته . وقد وجد بقدرة اللّه أنّ النحلة تستطيع أن تميّز بين سبعة ألوان مختلفة من اللون الأبيض ، يراها الإنسان لونا واحدا . بهذه الدقّة الكبيرة تستطيع أن تميّز بين أنواع الزهور وهي تطير في أعلى السماء (تصنيف نهج البلاغة : ص782) .

ص: 286

* وعنه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ حيثُ كانَ جالِسا عَلى نَهرِ الفُراتِ وبِيَدِهِ قَضيبٌ ، فَضَرَبَ بِهِ عَلى صَفحَةِ الماءِ وقالَ _: لَو شِئتُ لَجَعَلتُ لَكُم مِنَ الماءِ نورا ونارا (1)(2) . .


1- .لم يفصح الإمام عليه السلام عن مضمون كلامه بل أجراه مجرى الرموز ، وذلك لأنّ عقول الناس في ذلك الزمان لا تتحمّل أكثر من هذا . وفي قوله : «لجعلت لكم من الماء نورا ونارا» دلالة خفيّة إلى ما في الماء من طاقة يمكن أن تولّد النور (وهو الكهرباء) والنار (وهو الطاقة الحراريّة) . وإذا تعمّقنا في النظرة وجدنا أنّ الماء يتركّب من عنصرين هما الهيدروجين والاُكسجين . الأوّل قابل للاحتراق وإعطاء النور ، والثاني يساعد على الاحتراق ويعطي الحرارة . وأبعد من ذلك فإنّ وجود الماء الثقيل D2O في الماء الطبيعي بنسبة 2 إلى 000 / 10 يجعله أفضل مصدر طبيعي للهيدروجين الثقيل الذي نسمّيه (الدوتريوم) ونرمز له بالرمز D . وهذا النظير هو حجر الأساس في تركيب القنبلة الهيدروجينية ، القائمة على اندماج ذرّتين من الدوتيريوم لتشكيل الهليوم . علما بأنّ الطاقة الناتجة عن هذا الاندماج والتي _ هي منشأ طاقة الشمس _ تفوق آلاف المرّات الطاقة الناتجة عن القنبلة الذرّية التي تقوم على انشطار اليورانيوم ، ولأخذ فكرة فإنّ اصطناع غرام من الهليوم نتيجة اندماج الدوتيريوم يعطي طاقة = 675 مليون بليون ارغة = 200 ألف كيلو واط ساعي (تصنيف نهج البلاغة : ص783) .
2- .تصنيف نهج البلاغة : ص782 .

ص: 287

الباب التاسع : علم طبقات الأرض وحركة الجوّ
9 / 1 وظيفة الجبال في الأرض

الباب التاسع : علم طبقات الأرض وحركة الجوّ9 / 1وَظيفَةُ الجِبالِ فِي الأَرضِ* وعن المهديّ عليه السلام في جعفر بن عليّ :الإمام عليّ عليه السلام :عَدَّلَ حَرَكاتِها بِالرّاسياتِ منِ جَلاميدِها ، وذَواتِ الشَّناخيبِ الشُّمِّ مِن صَياخيدِها (1) . فَسَكَنَت مِنَ المَيَدانِ لِرُسوبِ الجِبالِ في قِطَعِ أديمِها ، وتَغَلغُلِها مُتَسَرِّبَةً في جَوباتِ خَياشيمِها ، ورُكوبِها أعناقَ سُهولِ الأَرَضينَ وجَراثيمِها (2) .شعث : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :أنشَأَ الأَرضَ فَأَمسَكَها مِن غَيرِ اشتِغالٍ ، وأرساها عَلى غَيرِ قَرارٍ ، وأقامَها بِغَيرِ قَوائِمَ ، ورَفَعَها بِغَيرِ دَعائِمَ وحَصَّنَها مِنَ الأَوَدِ وَالاِعوجاجِ ، ومَنَعَها مِنَ التَّهافُتِ وَالاِنفِراج ، أرسى أوتادَها ، وضَرَبَ أسدادَها (3) .* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ في عَجيبِ صَنعَةِ الكَونِ _: جَبَلَ جَلاميدَها ونُشوزَ مُتونِها وأطوادِها ، فَأَرساها في مَراسيها ، وألزَمَها قَراراتِها فَمَضَت رُؤوسُها فِي الهَواءِ ، ورَسَت اُصولُها فِي الماءِ ، فَأَنهَدَ جِبالَها عَن سُهولِها ، وأساخَ قَواعِدَها في مُتونِ أقطارِها ومَواضِع

.


1- .الصَيخُود : الصخرة الملساء الصُّلْبة لاتحرّك من مكانها ولايعمل فيها الحديد (لسان العرب : ج3 ص245) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص112 ح90 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص477 ح116 ، بحار الأنوار : ج4 ص255 ح8 .

ص: 288

9 / 2 تسيير سحب الأمطار إلى أعالي الجبال

* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أنصابِها ، فَأَشهَقَ قِلالَها ، وأطالَ أنشازَها ، وجَعَلَها لِلأَرضِ عِماداً ، وأرَّزَها فيها أوتاداً ، فَسَكَنَت عَلى حَرَكَتِها مِن أن تَميدَ بِأَهلِها أو تَسيخَ بِحِملِها أو تَزولَ عَن مَواضِعِها (1) .* وعنه صلى الله عليه و آله في فاطمة بنت أسد :عنه عليه السلام :فَطَرَ الخَلائِقَ بِقُدرَتِهِ ، ونَشَرَ الرِّياحَ بِرَحمَتِهِ ، ووَتَّدَ بِالصُّخورِ مَيَدانَ أرضِهِ 2(2) .9 / 2تَسييرُ سَحبِ الأَمطارِ إلى أعالِي الجِبالِ (3)* وفي الدعاء :الإمام عليّ عليه السلام :وفَسَحَ بَينَ الجَوِّ وبَينَها ، وأعَدَّ الهَواءَ مُتَنَسَّماً لِساكِنِها ، وأخرَجَ إلَيها

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 211 ، بحار الأنوار : ج57 ص38 ح15 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، الاحتجاج : ج1 ص473 ح113 ، بحار الأنوار : ج77 ص300 ح7 و ج4 ص247 ح5 .
3- .يبيّن الإمام عليّ عليه السلام في الخطبة 91 نعمة من نِعَم اللّه على عباده ، تتّصل بتحريك الجوّ وما فيه من هواء ورياح وغيوم . ففي تقدير اللّه تعالى أ نّه أجرى في السهول أنهارا ليشرب منها الناس والدوابّ والنبات ، أمّا المناطق العالية في الجبال فلم يتركها بدون ماء وحياة ، بل سيّر لها نصيبها من الماء عن طريق حركة الرياح التي تنشأ عن اختلاف الحرارة بين سطح البحر وسطح الجبل ، فإذا تبخّر ماء البحر علا في الجوّ لخفّته ، وانحدر من الجبل هواء بارد يملأ فراغه ، فتحدث بذلك دورة للرياح ، تحمل بموجبها سحب الأمطار إلى أعالي الجبال ، فإذا وصلت إلى هنالك فوجئت ببرودة جوّ الجبال ، فتكاثفت وانعقدت أمطارا ، تجري على رؤوس الجبال ، مشيعة الحياة والخصب والنضارة والرزق للنبات والأنعام والأنام(تصنيف نهج البلاغة : ص785) .

ص: 289

9 / 3 الجبال مخازن مياه الأنهار

* وفي الدعاء :أهلَها عَلى تَمامِ مَرافِقِها ، ثُمَّ لَم يَدَع جُرُزِ (1) الأَرضِ الَّتي تَقصُرُ مِياهُ العُيونِ عَن رَوابيها ، ولا تَجِدُ جَداوِلُ الأَنهارِ ذَريعَةً إلى بُلوغِها ، حَتّى أنشَأَ لَها ناشِئَةَ سَحابٍ تُحيي مَواتَها وتَستَخرِجُ نَباتَها . ألَّفَ غَمامَها بَعدَ افتِراقِ لُمَعِهِ وتَبايُنِ قَزَعِهِ ، حَتّى إذا تَمَخَّضَت لُجَّةُ المُزنِ فيهِ ، وَالتَمَعَ بَرقُهُ في كُفَفِهِ (2) ، ولَم يَنَم وَميضُهُ في كَنَهوَرِ رَبابِهِ ومُتَراكِمِ سَحابِهِ ، أرسَلَهُ سَحّاً مُتَدارِكاً ، قَد أسَفَّ هَيدَبُهُ ، تَمريهِ الجَنوبُ دِرَرَ أهاضيبِهِ ودَفَعَ شَآبيبِهِ ، فَلَمّا ألقَتِ السَّحابُ بَركَ بِوانَيها ، وبَعاعَ مَا استَقَلَّت بِهِ مِنَ العِب ءِ المَحمولِ عَلَيها أخرَجَ بِهِ مِن هَوامِدِ الأَرضِ النَّباتَ ، ومِن زُعرِ الجِبالِ الأَعشابَ ، فَهِيَ تَبهَجُ بِزينَةِ رِياضِها ، وتَزدَهي بِما اُلبِسَتهُ مِن رَيطِ أزاهيرِها ، وحِليَةِ ما سُمِطَت بِهِ مِن ناضِرِ أنوارِها ، وجَعَلَ ذلِكَ بَلاغاً لِلأَنامِ ورِزقاً لِلأَنعامِ ، وخَرَقَ الفِجاجَ في آفاقِها وأقامَ المَنارَ لِلسّالِكينَ عَلى جَوادِّ طُرُقِها (3) .9 / 3الجِبالُ مَخازِنُ مِياهِ الأَنهارِ (4)* ومنه الدعاء :الإمام عليّ عليه السلام :فَلَمّا سَكَنَ هَيجُ الماءِ مِن تَحتِ أكنافِها ، وحَملِ شَواهِقِ الجِبالِ الشُّمَّخِ البُذَّخِ عَلى أكتافِها ، فَجَّرَ يَنابيعَ العُيونِ مِن عَرانينِ اُنوفِها ، وفَرَّقَها في سُهوبِ بيدِها

.


1- .الجرز : الأرض التي لا نبات بها ولا ماء (النهاية : ج1 ص260) .
2- .كُفَّة كلِّ شيء بالضم : طُرّته وحاشيَتُه (النهاية : ج4 ص191) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص112 ح90 .
4- .عندما تسقط الأمطار على الجبال ترتوي تربتها فتنمو فيها الأشجار والزروع ، وتزدهر حياة الإنسان والحيوان . أمّا المياه الفائضة فتمتصّها الجبال لتخزنها في جيوب كبيرة نقيّة باردة . حتى إذا جاء الصيف وقلّت مياه الأنهار ، تفجّرت تلك المياه من الينابيع معيناً عذباً سلسبيلاً ، وقد أشار القرآن إلى هذه الحقيقة العلميّة ، التي تفيد أنّ الجبال مخازن مياه الينابيع ، والأنهار ، كما أشار إليها الإمام عليّ عليه السلام في عدّة مواضع (تصنيف نهج البلاغة : ص787) .

ص: 290

* ومنه الدعاء :وأخاديدِها (1) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه عليه السلام :أرسى أوتادَها ، وضَرَبَ أسدادَها ، وَاستَفاضَ عُيونَها ، وخَدَّ أودِيَتَها ، فَلَم يَهنِ ما بَناهُ ، ولا ضَعُفَ ما قَوّاهُ (2) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج57 ص111 ح90 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 186 ، الاحتجاج : ج1 ص478 ح116 ، بحار الأنوار : ج57 ص30 ح6 .

ص: 291

الباب العاشر : سلوني قبل أن تفقدوني
اشاره

الباب العاشر : سلوني قبل أن تفقدوني* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :الإمام عليّ عليه السلام :سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الدعاء :تاريخ دمشق عن عُمَير بن عبد اللّه :خَطَبَنا عَلِيٌّ عَلى مِنبَرِ الكوفَةِ ، فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ، سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَبَينَ الجَبلينِ (2) مِنّي عِلمٌ جَمٌّ (3) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَلَأَنا بِطُرُقِ السَّماءِ أعلَمُ مِنّي بِطُرُقِ الأَرضِ ، قَبلَ أن تَشغَرَ (4) بِرِجلِها فِتنَةٌ تَطَأُ في خِطامِها (5) وتَذهَبُ بِأَحلام

.


1- .التوحيد : ص305 ح1 ، الاحتجاج : ج1 ص610 ح138 كلاهما عن الأصبغ بن نباتة ، تاريخ اليعقوبي : ج2 ص193 ، تفسير العيّاشي : ج2 ص282 ح22 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، الملاحم والفتن : ص221 ح319 عن زرّ بن حبيش ، غرر الحكم : ح5637 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص38 وفيه «روى ابن البختري من ستّة طرق ، وابن القصل من عشر طرق ، وإبراهيم الثقفي من أربعة عشر طريقا» ؛ المناقب للخوارزمي : ص91 ح85 عن أبي البختري .
2- .وفي نسخة : «الجنبين» .
3- .تاريخ دمشق : ج42 ص400 ؛ التوحيد : ص92 ح6 عن وهب بن وهب القرشي عن الإمام الصادق عن أبيه عنه عليهم السلام ، تفسير العيّاشي : ج2 ص282 ح22 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عنه عليهم السلاموفيهما «فإنّ بين جوانحي علما جمّا» بدل «فبين الجبلين . . .» .
4- .الشَّغرُ : الرفع (لسان العرب : ج4 ص417) .
5- .الخطم من كلّ طائر : منقارُهُ . والحظم من كلّ دابّة : مُقَدَّمُ أنفها وفمها نحو الكلب والبعير (لسان العرب : فج12 ص186) .

ص: 292

* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :قَومِها (1) .* وعن عمر :عنه عليه السلام :سَلوني عَن طُرُقِ السَّماءِ ، فَإِنّي أعلَمُ بِها مِن طُرُقِ الأَرضِ ، سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَإِنَّ بَينَ جَنبَيَّ عُلوما كَثيرَةً كَالبِحارِ الزَّواخِرِ (2) .شعشع : في المختار :عنه عليه السلام :سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَإِنّي لا اُسأَلُ عَن شَيءٍ دونَ العَرشِ إلّا أخبَرتُ عَنهُ (3) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :سَلوني عَمّا فَوقَ العَرشِ ، سَلوني عَمّا تَحتَ العَرشِ ، سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني (4) .* وفي هاشم :عنه عليه السلام :سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَوَاللّهِ لا تَسأَلونّي عَن شَيءٍ مَضى ولا عَن شَيءٍ يَكونُ إلّا أنبَأتُكُم بِهِ (5) .* وفي أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :سَلوني ، فَوَاللّهِ لا تَسأَلونّي عن شَيءٍ يَكونُ إلى يَومِ القِيامَةِ إلّا حَدَّثتُكُم بِهِ ، وسَلوني عَن كتابِ اللّهِ ، فَوَاللّهِ ما مِنهُ آيَةٌ إلّا أنَا أعلَمُ بِلَيلٍ نَزَلَت أم بِنَهارٍ ، أم بِسَهلٍ نَزَلَت أم بِجَبَلٍ (6) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 189 ، غرر الحكم : ح5635 ، عيون الحكم والمواعظ : ص285 ح5145 كلاهما إلى «بطرق الأرض» وفيهما «أخبر» بدل «أعلم» .
2- .ينابيع المودّة : ج3 ص208 و ص223 وفيه من «سلوني قبل أن تفقدوني . . .» .
3- .كنز العمّال : ج13 ص165 ح36502 نقلاً عن ابن النجّار عن أبي المعتمر مسلم بن أوس وجارية بن قدامة السعدي وراجع إرشاد القلوب : ص377 .
4- .الفضائل لابن شاذان : ص117 ، بحار الأنوار : ج46 ص135 ح25 .
5- .الأمالي للصدوق : ص196 ح207 عن الأصبغ بن نباتة ، كامل الزيارات : ص155 ح191 .
6- .جامع بيان العلم : ج1 ص114 ، الاستيعاب : ج3 ص208 الرقم1875 ، كنز العمّال : ج2 ص565 ح4740 ، ذخائر العقبى : ص151 ، شواهد التنزيل : ج1 ص42 ح31 ؛ سعد السعود : ص109 كلّها عن أبي الطفيل ، غرر الحكم : ح5637 كلاهما نحوه .

ص: 293

* وعنه عليه السلام :تفسير الطبري عن أبي الطُّفيلِ :سَمِعتُ عَلِيّا رضى الله عنهيَقولُ : لا تَسأَلّوني عَن كِتابٍ ناطِقٍ ولا سُنَّةٍ ماضِيَةٍ إلّا حَدَّثتُكُم ، فَسَأَلَهُ ابنُ الكَوّاءِ عَنِ الذّارِياتِ . فَقالَ : هِيَ الرِّياحُ (1) .شعع : وعنه عليه السلام لكميل :المستدرك على الصحيحين عن أبي الطُّفيل :رَأَيتُ أميرَ المُؤمِنينَ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ رضى الله عنهقامَ عَلَى المِنبَرِ فَقالَ : سَلوني قَبلَ أن لا تَسأَلوني ، ولَن تَسأَلوا بَعدي مِثلي .

قالَ : فَقامَ ابنُ الكَوّاءِ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، مَا «الذَّ رِيَ_تِ ذَرْوًا» (2) ؟ قالَ : الرِّياحُ .

قالَ : فَمَا «الْحَ_مِلَ_تِ وِقْرًا» (3) ؟ قالَ : السَّحابُ .

قالَ : فَمَا «الْجَ_رِيَ_تِ يُسْرًا» (4) ؟ قالَ : السُّفُنُ .

قالَ : فَمَا «الْمُقَسِّمَ_تِ أَمْرًا» (5) ؟ قالَ : المَلائِكَةُ .

قالَ : فَمَن «الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَ أَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ» (6) ؟ قالَ : منافِقُو قُرَيشٍ (7) .شعف : عن ابن الحنفيّة لأبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :وَاللّهِ لَو شِئتُ أن اُخبِرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنكُم بِمَخرَجِهِ ومَولِجِهِ وجَميعِ شَأنِهِ لَفَعَلتُ ، ولكِن أخافُ أن تَكفُروا فِيَّ بِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .

ألا وإنّي مُفضيهِ إلَى الخاصَّةِ مِمَّن يُؤمَنُ ذلِكَ مِنهُ ، وَالَّذي بَعَثَهُ بِالحَقِّ وَاصطَفاهُ عَلَى الخَلقِ ، ما أنطِقُ إلّا صادِقا ، وقَد عَهِدَ إلَيَّ بِذلِكَ كُلِّهِ ، وبِمَهلِكِ مَن يَهلِكُ ، ومَنجى مَن يَنجو ، ومَآلِ هذَا الأَمرِ ، وما أبقى شَيئا يَمُرُّ عَلى رأسي إلّا أفرَغَهُ في اُذُنَيَّ وأفضى بِهِ إلَيَّ (8) . .


1- .تفسير الطبري : ج13 الجزء 26 ص186 ، تفسير ابن كثير : ج7 ص390 عن أبي الطفيل نحوه .
2- .الذاريات : 1 .
3- .الذاريات : 2 .
4- .الذاريات : 3 .
5- .الذاريات : 4 .
6- .إبراهيم : 28 و 29 .
7- .المستدرك على الصحيحين : ج2 ص506 ح3736 ؛ الاحتجاج : ج1 ص612 ح139 عن الأصبغ بن نباتة نحوه ، وراجع المستدرك على الصحيحين : ج2 ص383 ح3342 والمعيار والموازنة : ص298 .
8- .نهج البلاغة : الخطبة 175 ، غرر الحكم : ح7606 ، عيون الحكم والمواعظ : ص416 ح7071 وليس ففيهما «ومآل هذا الأمر» ؛ ينابيع المودّة : ج1 ص207 ح8 .

ص: 294

* ومنه في المختار :عنه عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ ذَكَرَ فيهَا الفِتنَةَ ، ثُمَّ قالَ _: فَاسأَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَوَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ لا تَسأَلونّي عَن شَيءٍ فيما بَينَكُم وبَينَ السّاعَةِ ، ولا عَن فِئَةٍ تَهدي مِئَةً وتُضِلُّ مِئَةً ، إلّا أنبَأتُكُم بِناعِقِها وقائِدِها وسائِقِها ، ومُناخِ رِكابِها ، ومَحَطِّ رِحالِها ، ومَن يُقتَلُ مِن أهلِها قَتلاً ومَن يَموتُ مِنهُم مَوتاً .

ولَو قَد فَقَدتُموني ونَزَلَت بِكُم كَرائِهُ الاُمورِ ، وحَوازِبُ الخُطوبِ (1) ، لَأَطرَقَ كَثيرٌ مِنَ السّائِلينَ ، وفَشِلَ كَثيرٌ مِنَ المَسؤولينَ ، وذلِكَ إذا قَلَّصَت (2) حَربُكُم وشَمَّرَت عَن ساقٍ ، وضاقَتِ الدُّنيا عَلَيكُم ضيقا ، تَستَطيلونَ مَعَهُ أيّامَ البَلاءِ عَلَيكُم ، حَتّى يَفتَحَ اللّهُ لِبَقِيَّةِ الأَبرارِ مِنكُم (3) .شغب : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام :سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَإِنّي عَن قَليلٍ مَقتولٌ ، فَما يَحبِسُ أشقاها أن يَخضِبَها بِدَمِ أعلاها ، فَوَالَّذي فَلَقَ البَحرَ وبَرَأَ النَّسمَةَ ، لا تَسأَلونّي عَن شَيءٍ فيما بَينَكُم وبَينَ السّاعَةِ ، ولا عَن فِتنَةٍ تُضِلُّ مِائَةً أو تَهدي مِائَةً إلّا أنبَأتُكُم بِناعِقِها وقائِدِها وسائِقِها إلى يَومِ القِيامَةِ .

إنَّ القُرآنَ لا يَعلَمُ عِلمَهُ إلّا مَن ذاقَ طَعمَهُ ، وعَلِمَ بِالعِلمِ جَهلَهُ ، وأبصَرَ عَمَلَهُ ، وَاستَمَعَ صَمَمَهُ ، وأدرَكَ بِهِ مَأواهُ ، وحَيَّ بِهِ إن ماتَ ، فَأَدرَكَ بِهِ الرِّضى مِنَ اللّهِ ، فَاطلُبوا ذلِكَ عِندَ أهلِهِ . فَإِنَّهُم في بَيتِ الحَياةِ ، ومُستَقَرِّ القُرآنِ ، ومَنزِلِ المَلائِكَةِ ، وأهلُ العِلمِ الَّذينَ يُخبِرُكُم عَمَلُهُم عَن عِلمِهِم ، وظاهِرُهُم عَن باطِنِهِم . هُمُ الَّذينَ لا يُخالِفونَ الحَقَّ ، ولا يَختَلِفونَ فيهِ ، قَد مَضى فيهِم مِنَ اللّهِ حُكمٌ صادِقٌ ، وفي ذلِك .


1- .حوازب الخطوب : الأمر الشديد (لسان العرب : ج1 ص309) .
2- .قلّصت الإبل : استمرّت في مضيّها (لسان العرب : ج7 ص81) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 93 ، الغارات : ج1 ص7 عن ابن أبي ليلى ، شرح الأخبار : ج2 ص39 ح410 كلاهما نحوه ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص39 وفيه إلى «موتا» وراجع عوالي اللآلي : ج4 ص129 ح221 .

ص: 295

شغب : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :ذِكرى لِلذّاكِرينَ (1) .* ومنه عن أبيهاشم :الأمالي للطوسي عن عَبايَةَ بن رِبعِيّ :كانَ عَلِيٌّ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام كَثيرا ما يَقولُ : سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَوَاللّهِ ما مِن أرٍض مُخصِبَةٍ (2) ولا مُجدِبَةٍ (3) ، ولا فِئَةٍ تُضِلُّ مِئَةً أو تَهدي مِئَةً إلّا وأنَا أعلَمُ قائِدَها وسائِقَها وناعِقَها إلى يَومِ القِيامَةِ (4) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام لمعاوية :بصائر الدرجات عن سلام :قُلتُ لِأَبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام : إنّا نَروي أحاديثَ لَم نَجِد عِندَ أحَدٍ مِن أهلِ بَيتِكَ فيها شَيئا .

فَقالَ : ما هِيَ ؟

قُلتُ : يَروونَ أنَّ عَلِيّا عليه السلام كانَ يَقولُ وهُوَ يَخطُبُ النّاسَ : يا أيُّهَا النّاسُ ، سَلوني فَإِنَّكُم لَن تَسأَلوني عَن شَيءٍ فيما بَيني وبَينَ السّاعَةِ ، لا عَن أرضٍ مُجدِبَةٍ ولا عَن أرضٍ مُخصِبَةٍ ، ولا فِرقَةٍ تُضِلُّ مِئَةً وتَهدي مِئَةً إلّا أن لَو شِئتُ اُنبِئُكم بِناعِقِها وقائِدِها وسائِقِها .

قالَ : وإنَّهُ حَقٌّ (5) .شغر : عن أبي عبداللّه عليه السلام :الكافي عن زرارة :كُنتُ عِندَ أبي جَعفَرٍ عليه السلام ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ مِن أهلِ الكوفَةِ يَسأَلُهُ عَن قَولِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام : سَلوني عَمّا شِئتُم ، فَلا تَسأَلونّي عَن شَيءٍ إلّا أنبَأتُكُم بِهِ . .


1- .تاريخ اليعقوبي : ج2 ص193 ، الملاحم والفتن : ص221 ح319 عن زرّ بن حُبَيش ، شرح الأخبار : ج2 ص286 ح601 كلاهما نحوه إلى «وسائقها» .
2- .المُخصِبة : الأرض المُكلِئَةُ (لسان العرب : ج1 ص356) .
3- .الجَدْبة : الأرضُ التي ليس بها قليلٌ ولا كثيرٌ ولا مَرتَعٌ ولا كلأٌ (لسان العرب : ج1 ص256) .
4- .الأمالي للطوسي : ص58 ح85 ، الإرشاد : ج1 ص330 عن أبي الحكم نحوه ، الاختصاص : ص279 عن الأصبغ بن نباتة ، بصائر الدرجات : ص299 ح13 عن سعد بن الأصبغ وليس فيهما «وناعقها إلى يوم القيامة» ؛ ينابيع المودّة : ج1 ص222 ح45 .
5- .بصائر الدرجات : ص296 ح2 و ص297 ح8 .

ص: 296

شغر : عن أبي عبداللّه عليه السلام :قالَ : إنَّه لَيسَ أحَدٌ عَندَهُ عِلمُ شَيءٍ إلّا خَرَجَ مِن عِندَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَليَذهَبِ النّاسُ حيثُ شاؤوا ، فَوَاللّهِ لَيسَ الأَمرُ إلّا مِن هاهُنا . وأشارَ بِيَدِهِ إلى بَيتِهِ (1) .* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام في المنافقالاستيعاب عن سعيد بن المُسَيِّب :ما كانَ أحَدٌ مِنَ النّاسِ يَقولُ : «سَلوني» ، غَيرُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رضى الله عنه (2)

.* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :التوحيد عن الأَصبَغ بن نُباتَة :لَمّا جَلَسَ عَلِيٌّ عليه السلام فِي الخِلافَةِ وبايَعَهُ النّاسُ ، خَرَجَ إلَى المَسجِدِ مَتَعَمِّماً بِعِمامَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله لابِساً بُردَةَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مُتَنَعِّلاً نَعلَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مُتَقَلِّداً سَيفَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَصَعِدَ المِنبَرَ فَجَلَسَ عليه السلام عَلَيهِ مُتَمَكِّناً ، ثُمَّ شَبَّكَ بَينَ أصابِعِهِ فَوَضَعَها أسفَلَ بَطنِهِ ثُمَّ قالَ :

يا مَعشَرَ النّاسِ سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، هذا سَفَطُ (3) العِلمِ ، هذا لُعابُ رسَولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله هذا ما زَقَّني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله زَقّاً زَقّاً . سَلوني فَإِنّ عِندي عِلمَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، أما وَاللّهِ لَو ثُنِيَت لِيَ الوِسادَةُ فَجَلَستُ عَلَيها ؛ لَأَفتَيتُ أهلَ التَّوراةِ بِتَوراتِهِم حَتّى تَنطِقَ التَّوراةُ فَتَقولَ : صَدَقَ عَلِيٌّ ، ما كَذَبَ لَقَد أفتاكُم بِما أنزَلَ اللّهُ فِيَّ ، وأفتَيتُ أهلَ الإِنجيلِ بِإِنجيلِهِم حَتّى يَنطِقُ الإِنجيلُ فَيَقولَ : صَدَقَ عَلِيٌّ ، ما كَذَبَ لَقَد أفتاكُم بِما أنزَلَ اللّهُ فِيَّ ، وأفتَيتُ أهلَ القُرآنِ بِقُرآنِهِم حَتّى يَنطِقَ القُرآنُ فَيَقولَ : صَدَقَ عَلِيٌّ ، ما كَذَبَ لَقَد أفتاكُم بِما أنزَلَ اللّهُ فِيَّ . وأنتُم تَتلونَ القُرآنَ لَيلاً ونَهاراً فَهَل فيكُم أحَدٌ يَعلَمُ ما نَزَلَ فيهِ ؟ ولَولا آيَةٌ في كِتابِ اللّهِ لَأَخبَرتُكُم بِما كانَ وبِما يَكونُ وبِما هُوَ كائِنٌ إلى يَومِ القِيامَةِ ، وهِيَ هذِهِ الآيَةُ «يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآء .


1- .الكافي : ج1 ص399 ح2 ، بصائر الدرجات : ص12 ح1 وفيه «المدينة» بدل «بيته» .
2- .الاستيعاب : ج3 ص206 الرقم 1875 ، اُسد الغابة : ج4 ص95 الرقم 3789 ، جامع بيان العلم : ج1 ص114 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص39 .
3- .السَّفَط : الذي يُعَبَّى فيه الطِّيب وما أشبهه من أدوات النساء (لسان العرب : ج7 ص315) .

ص: 297

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :وَ يُثْبِتُ وَ عِندَهُ أُمُّ الْكِتَ_بِ» (1) .

ثُمَّ قالَ : سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَوَ اللّهِ الَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ لَو سَأَلتُموني عَن آيَةٍ آيَةٍ في لَيلٍ اُنزِلَت أو في نَهارٍ اُنزِلَت ، مَكِّيِّها ومَدَنِيِّها ، سَفَرِيِّها وحَضَرِيِّها ، ناسِخِها ومَنسوخِها ، مُحكَمِها ومُتَشابِهِها ، وتَأويلِها وتَنزيلِها لَأَخبَرتُكُم .

فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ ذِعلِبٌ وكانَ ذَرِبَ اللِّسانِ بَليغاً فِي الخُطَبِ شُجاعَ القَلبِ فَقالَ : لَقَدِ ارتَقَى ابنُ أبي طالِبٍ مِرقاةً صَعبَةً لَاُخَجِّلَنَّهُ اليَومَ لَكُم في مَسأَلَتي إيّاهُ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ هَل رَأَيتَ رَبَّكَ ؟

قالَ : وَيلَكَ يا ذِعلِبُ ! لَم أكُن بِالَّذي أعبُدُ رَبّاً لَم أرَهُ .

قالَ : فَكَيفَ رَأَيتَهُ ؟ صِفهُ لَنا .

قالَ : وَيلَكَ ! لَم تَرَهُ العُيونُ بِمُشاهَدَةِ الأَبصارِ ، ولكِن رَأَتهُ القُلوبُ بِحَقائِقِ الإِيمانِ ! وَيلَكَ يا ذِعلِبُ ! إنَّ رَبّي لا يوصَفُ بِالبُعدِ ولا بِالحَرَكَةِ ولا بِالسُّكونِ ولا بِالقِيامِ قِيامِ انتِصابٍ ولا بِجيئَةٍ ولا بِذَهابٍ ، لَطيفُ اللَّطافَةِ لا يوصَفُ بِاللُّطفِ ، عَظيمُ العَظَمَةِ لا يوصَفُ بِالعِظَمِ ، كَبيرُ الكِبرياءِ لا يوصَفُ بِالكِبَرِ ، جَليلُ الجَلالَةِ لا يوصَفُ بِالغِلَظِ . رَؤوفُ الرَّحمَةِ لا يوصَفُ بِالرِّقَّةِ . مُؤمِنٌ لا بِعِبادَةٍ ، مُدرِكٌ لا بِمِجَسَّةٍ ، قائِلٌ لا بِاللَّفظِ ، هُوَ فِي الأَشياءِ عَلى غَيرِ مُمازَجَةٍ ، خارِجٌ مِنها عَلى غَيرِ مُبايَنَةٍ ، فَوقَ كُلِّ شَيءٍ فَلا يُقالُ : شَيءٌ فَوقَهُ ، أمامَ كُلِّ شَيءٍ فَلا يُقالُ : لَهُ أمامٌ ، داخِلٌ فِي الأَشياءِ لا كَشَيءٍ في شَيءٍ داخِلٍ ، وخارِجٌ مِنها لا كَشَيءٍ مِن شَيءٍ خارِجٍ .

فَخَرَّ ذِعلِبُ مَغشِيّاً عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : تَاللّهِ ما سَمِعتُ بِمِثلِ هذَا الجَوابِ ، وَاللّهِ لا عُدتُ إلى مِثلِها . .


1- .الرعد : 39 .

ص: 298

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :ثُمَّ قالَ : سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَقامَ إلَيهِ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، كَيف يُؤخَذُ مِنَ المَجوسِ الجِزيَةَ ولَم يُنزَل عَلَيهِم كِتابٌ ولَم يُبعَث إلَيهِم نَبِيٌّ ؟

قالَ : بَلى يا أشعَثُ قَد أنزَلَ اللّهُ عَلَيهِم كِتاباً وبَعَثَ إلَيهِم رَسولاً ، حَتّى كانَ لَهُم مَلِكٌ سَكِرَ ذاتَ لَيلَةٍ فَدَعا بِابنَتِهِ إلى فِراشِهِ فَارتَكَبَها ، فَلَمّا أصبَحَ تَسامَعَ بِهِ قَومُهُ فَاجتَمَعوا إلى بابِهِ فَقالوا : أيُّهَا المَلِكُ دَنَّستَ عَلَينا دينَنا وأهلَكتَهُ فَاخرُج نُطَهِّركَ ونُقِم عَلَيكَ الحَدَّ .

فَقالَ لَهُم : اِجتَمِعوا وَاسمَعوا كَلامي فَإِن يَكُن لي مَخرَجٌ مِمّا ارتَكَبتُ وإلّا فَشَأنَكُم . فَاجتَمَعوا فَقالَ لَهُم : هَل عَلِمتُم أنَّ اللّهَ لَم يَخلُق خَلقاً أكرَمَ عَلَيهِ مِن أبينا آدَمَ واُمِّنا حَوّاءَ ؟

قالوا : صَدَقتَ أيُّهَا المَلِكُ . قالَ : أفَلَيسَ قَد زَوَّجَ بنيهِ مِن بَناتِهِ وبَناتَهُ مِن بَنيهِ ؟

قالوا : صَدَقتَ هذا هُوَ الدّينُ . فَتَعاقَدوا عَلى ذلِكَ ، فَمَحَا اللّهُ ما في صُدورِهِم مِنَ العِلمِ ، ورَفَعَ عَنهُمُ الكِتابَ ، فَهُمُ الكَفَرَةُ يَدخلونَ النّارَ بِلا حِسابٍ . وَالمُنافِقونَ أشَدُّ حالاً مِنهُم .

قالَ الأَشعَثُ : وَاللّهِ ما سَمِعتُ بِمِثلِ هذَا الجَوابِ ، وَاللّهِ لا عُدتُ إلى مِثلِها أبَدا .

ثُمَّ قالَ : سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ مِن أقصَى المَسجِدِ مُتَوَكِّئاً عَلى عَصاهُ ، فَلَم يَزَلَ يَتَخَطَّى النّاسَ حَتّى دَنا مِنهُ فَقالَ : يا أميرَ المُومِنينَ دُلَّني عَلى عَمَلٍ أنَا إذا عَمِلتُهُ نَجّانِيَ اللّهُ مِنَ النّارِ .

قالَ لَهُ : اِسمَع يا هذا ثُمَّ افهَم ثُمَّ استَيقِن ، قامَتِ الدُّنيا بَثَلاثَةٍ : بِعالِمٍ ناطِقٍ مُستَعمِلٍ لِعِلمِهِ ، وبِغَنِيٍّ لا يَبخَلُ بِمالِهِ عَلى أهلِ دينِ اللّهِ ، وبِفَقيرٍ صابِرٍ . فَإِذا كَتَمَ العالِمُ عِلمَهُ وبَخِلَ الغَنِيُّ ولَم يَصبِرِ الفَقيرُ فَعِندَهَا الوَيلُ وَالثُّبورُ ! وعِندَها يَعرِفُ العارِفونَ بِاللّهِ أن .

ص: 299

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الدّارَ قَد رَجَعَت إلى بَدئِها أيِ الكُفرِ بَعدَ الإِيمانِ . أيُّهَا السّائِلُ فَلا تَغتَرَّنَّ بِكَثرَةِ المَساجِدِ وجَماعَةِ أقوامٍ أجسادُهُم مُجتَمِعَةٌ وقُلوبُهُم شَتّى . أيُّهَا السّائِلُ ، إنَّمَا النّاسُ ثَلاثَةٌ : زاهِدٌ وراغِبٌ وصابِرٌ ، فَأَمّا الزّاهِدُ فَلا يَفرَحُ بِشَيءٍ مِنَ الدُّنيا أتاهُ ولا يَحزَنُ عَلى شَيءٍ مِنها فاتَهُ ، وأمّا الصّابِرُ فَيَتَمَنّاها بِقَلبِهِ فَإِن أدرَكَ مِنها شَيئاً صَرَفَ عَنها نَفسَهُ لِما يَعلَمُ مِن سوءِ عاقِبَتِها ، وأمَّا الرّاغِبُ فَلا يُبالي مِن حِلٍّ أصابَها أم مِن حَرامٍ .

قالَ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ فَما عَلامَةُ المُؤمِنِ في ذلِكَ الزَّمانِ ؟

قالَ : يَنظُرُ إلى ما أوجَبَ اللّهُ عَلَيهِ مِن حَقٍّ فَيَتَوَلّاهُ ، ويَنظُرُ إلى ما خالَفَهُ فَيَتَبَرَّأُ مِنهُ وإن كانَ حَميما قَريباً . قالَ : صَدَقتَ وَاللّهِ يا أميرَ المُومِنينَ . ثُمَّ غابَ الرَّجُلُ فَلَم نَرَهُ فَطَلَبَهُ النّاسُ فَلَم يَجِدوهُ . فَتَبسَّمَ عَلِيٌّ عليه السلام عَلَى المِنبَرِ ثُمَّ قالَ : ما لَكُم هذا أخِي الخَضِرُ عليه السلام .

ثُمَّ قالَ : سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَلَم يَقُم إلَيهِ أحَدٌ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ وصَلّى عَلى نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله ، ثُمَّ قالَ لِلحَسَنِ عليه السلام : يا حَسَنُ قُم فَاصعَدِ المِنبَرَ فَتَكَلَّم بِكَلامٍ لا تُجَهِّلُكَ قُرَيشٌ مِن بَعدي ، فَيَقولونَ : إنَّ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ لا يُحسِنُ شَيئاً .

قالَ الحَسَنُ : عليه السلام يا أبتِ كَيفَ أصعَدُ وأتَكَلَّمُ وأنتَ فِي النّاسِ تَسمَعُ وتَرى ؟

قالَ لَهُ : بِأَبي واُمّي اُواري نَفسي عَنكَ وأسمَعُ وأرى وأنتَ لا تَراني .

فَصَعِدَ الحَسَنُ عليه السلام المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ بِمَحامِدَ بَليغَةٍ شَريفَةٍ ، وصَلّى عَلَى النَّبِيِّ وآلِهِ صَلاةً موجَزَةً ، ثُمَّ قالَ : أيُّهَا النّاسُ سَمِعتُ جَدّي رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها وهَل تُدخَلُ المَدينَةُ إلّا مِن بابِها ثُمَّ نَزَلَ .

فَوَثَبَ إلَيهِ عَلِيٌّ عليه السلام فَحَمَلَهُ وضَمَّهُ إلى صَدرِهِ ، ثُمَّ قالَ لِلحُسَينِ : يا بُنَيَّ قُم فَاصعَدِ المِنبَرَ وتَكَلَّم بِكَلامٍ لا تُجَهِّلُكَ قُرَيشٌ مِن بَعدي ، فَيَقولونَ : إنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ لا يُبصِرُ شَيئا ، وَليَكُن كَلامُك تَبَعا لِكَلامِ أخيكَ . .

ص: 300

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :فَصَعِدَ الحُسَينُ عليه السلام المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ وصَلّى عَلى نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله صَلاةً موجَزَةً ، ثُمَّ قالَ : معاشِرَ النّاسِ سَمِعتُ جَدّي رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله وهُوَ يَقولُ : إنَّ عَلِيّا هُوَ مَدينَةُ هُدىً فَمَن دَخَلَها نَجا ومَن تَخَلَّفَ عَنها هَلَكَ .

فَوَثَبَ إلَيهِ عَلِيٌّ فَضَمَّهُ إلى صَدرِهِ وقَبَّلَهُ ثُمَّ قالَ : مَعاشِرَ النّاسِ اشهَدوا أنَّهُما فَرخا رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ووَديعَتُهُ الَّتِي استَودَعَنيها وأنَا أستَودِعُكُموها مَعاشِرَ النّاسِ ورَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله سائِلُكُم عَنهُما (1) . .


1- .التوحيد : ص305 ح1 ، الأمالي للصدوق : ص423 ح560 ، الاختصاص : ص235 ، الاحتجاج : ج1 ص609 ح138 وفيه إلى «هذا أخي الخضر عليه السلام » ؛ ينابيع المودّة : ج2 ص337 ح982 نحوه إلى «نهارا» .

ص: 301

خزي من قال : «سلوني» غير النبيّ والإمام

خزي من قال : «سلوني» غير النبيّ والإمام* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :العلّامة الأميني قدس سره في الغدير :لَم أرَ فِي التّاريخِ قَبلَ مَولانا أميرِ المُؤمِنينَ مَن عَرَضَ نَفسَهُ لِمُعضِلاتِ المَسائِلِ وكَراديسِ الأَسئِلَةِ ، ورَفَعَ عَقيرَتَهُ (1) بِجَأشٍ رابِطٍ بَينَ المَلَاَ العِلمِيِّ بِقَولِهِ : سَلوني ، إلّا صِنوَهُ النَّبِيَّ الأَعظَمَ ؛ فَإِنَّهُ صلى الله عليه و آله كانَ يُكثِرُ مِن قَولِهِ : «سَلوني عَمّا شِئتُم» ، وقَولِهِ : «سَلوني ، سَلوني» ، وقَولِهِ : «سَلوني ، ولا تَسأَلونّي عَن شَيءٍ إلّا أنبَأتُكُم بِهِ» . فَكَما وَرِثَ أميرُ المُؤمِنينَ عِلمَهُ صلى الله عليه و آله وَرِثَ مَكرُمَتَهُ هذِهِ وغَيرَها ، وهُما صِنوانٌ فِي المَكارِمِ كُلِّها .

وما تَفَوَّهَ بِهذَا المَقالِ أحَدٌ بَعدَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام إلّا وقَد فُضِحَ ووَقَعَ في رَبيكَةٍ (2) ، وأماطَ بِيَدِهِ السِّترَ عَن جَهلِهِ المُطبِقِ ، نُظَراءُ :

1 _ إبراهيم بن هِشامِ بنِ إسماعيلَ بنِ هشامِ بنِ الوَليدِ بنِ المُغيرَةِ المَخزومِيّ القُرَشِيّ والي مَكَّةَ وَالمَدينَةِ وَالمَوسِم لِهِشامِ بنِ عَبدِ المَلِكِ ، حَجَّ بِالنّاسِ سَنَةَ (107) ، وخَطَبَ بِمِنى ، ثُمَّ قالَ : سَلوني ؛ فَأَنَا ابنُ الوَحيدِ ، لا تَسأَلوا أحدا أعلَمَ مِنّي !

.


1- .العَقِيْرة : الصَّوْت (النهاية : ج3 ص275) .
2- .يقال : اِرْتَبَك الرجلُ في الأمر : أي نَشِب فيه ولم يَكَدْ يتخلّص منه . وارْتَبَك في كلامه : تَتَعْتَعَ (اُنظر لسان العرب : ج10 ص431) .

ص: 302

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ مِن أهلِ العِراقِ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الاُضحِيَّةِ أ واجِبَةٌ هِيَ ؟ فَما دَرى أيَّ شَيءٍ يَقولُ لَهُ ، فَنَزَلَ عَنِ المِنبَرِ (1) .

2 _ مُقاتِلُ بنُ سُلَيمانَ : قالَ إبراهيمُ الحَربِيُّ : قَعَدَ مُقاتِلُ بنُ سُلَيمانَ فَقالَ : سَلوني عَمّا دونَ العَرشِ إلى لويانا (2) !

فَقالَ لَهُ رَجُلٌ : آدَمُ حينَ حَجَّ مَن حَلَقَ رَأسَهُ ؟

قالَ : فَقالَ لَهُ : لَيسَ هذا مِن عَمَلِكُم ، ولكَنَّ اللّهَ أرادَ أن يَبتَلِيَني بِما أعجَبَتني نَفسي ! (3)

3 _ قالَ سُفيانُ بنُ عُيَينَةَ : قالَ مُقاتِلُ بنُ سُلَيمانَ يَوما : سَلوني عَمّا دونَ العَرشِ !

فَقالَ لَهُ إنسانٌ : يا أبَا الحَسَنِ ، أرَأَيتَ الذَّرَّةَ أوِ النَّملَةَ أمعاؤُها في مُقَدَّمِها أو مُؤَخَّرِها ؟

قالَ : فَبَقِيَ الشَّيخُ لا يَدري ما يَقولُ لَهُ . قالَ سُفيانُ : فَظَنَنتُ أنَّها عُقوبَةٌ عوقِبَ بِها (4) .

4 _ قالَ موسَى بنُ هارونَ الحَمّالُ : بَلَغَني أنَّ قَتادَةَ قَدِمَ الكوفَةَ ، فَجَلَسَ في مَجلِسٍ لَهُ وقالَ : سَلوني عَن سُنَنِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله حَتّى اُجيبَكُم .

فَقالَ جَماعَةٌ لِأَبي حَنيفَةَ : قُم إلَيهِ فَسَلهُ . فَقامَ إلَيهِ فَقالَ : ما تَقولُ يا أبَا الخَطّابِ في رَجُلٍ غابَ عَن أهلِهِ فَتَزَوَّجَتِ امرَأَتُهُ ، ثُمَّ قَدِمَ زَوجُهَا الأَوَّلُ فَدَخَلَ عَلَيها وقالَ : .


1- .راجع : تاريخ دمشق : ج7 ص261 ح535 وتاريخ الطبري : ج7 ص53 .
2- .كذا في المصدر .
3- .راجع : تاريخ بغداد : ج13 ص163 ح7143 وتهذيب الكمال : ج28 ص447 الرقم 6161 .
4- .راجع : تاريخ بغداد : ج13 ص166 ح7143 وتهذيب الكمال : ج28 ص447 الرقم 6161 .

ص: 303

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :يا زانِيَةُ ، تَزَوَّجتِ وأنَا حَيٌّ ؟ ! ثُمَّ دَخَلَ زَوجُهَا الثّاني فَقالَ لَها : تَزَوَّجتِ يا زانِيَةُ ولَكِ زَوجٌ ؟ ! كَيفَ اللِّعانُ ؟

فَقالَ قَتادَةُ : قَد وَقَعَ هذا ؟

فَقالَ لَهُ أبو حَنيفَةَ : وإن لَم يَقَع نَستَعِدُّ لَهُ !

فَقالَ لَهُ قَتادَةُ : لا اُجيبُكُم في شَيءٍ مِن هذا ؛ سَلوني عَنِ القُرآنِ .

فَقالَ لَهُ أبو حَنيفَةَ : ما تَقولُ في قَولِهِ عَزَّ وجَلَّ : «قَالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَ_بِ أَنَا ءَاتِيكَ بِهِ» (1) ؛ مَن هُوَ ؟

قالَ قَتادَةُ : هذا رَجُلٌ مِن وُلدِ عَمِّ سُلَيمانَ بنِ داودَ ؛ كانَ يَعرِفُ اسمَ اللّهِ الأَعظَمَ .

فَقالَ أبو حَنيفَةَ : أكانَ سُلَيمانُ يَعلَمُ ذلِكَ الاِسمَ ؟

قالَ : لا .

قالَ : سُبحانَ اللّهِ ! ويَكونُ بِحَضرَةِ نَبِيٍّ مِنَ الأَنبِياءِ منَ هُوَ أعلَمُ مِنهُ ؟ !

قالَ قَتادَةُ : لا اُجيبُكُم في شَيءٍ مِنَ التَّفسيرِ ؛ سَلوني عَمَّا اختَلَفَ النّاسُ فيهِ .

فَقالَ لَهُ أبو حَنيفَةَ : أمؤمِنٌ أنتَ ؟

قالَ : أرجو .

قالَ لَهُ أبو حَنيفَةَ : فَهَلّا قُلتَ كَما قالَ إبراهيمُ فيما حَكَى اللّهُ عَنهُ حينَ قالَ لَهُ : «أَوَ لَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى» (2) . .


1- .النمل : 40 .
2- .البقرة : 260 .

ص: 304

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :قالَ قَتادَةُ : خُذوا بِيَدي ؛ وَاللّهِ لا دَخَلتُ هذَا البَلَدَ أبَدا ! (1)

5 _ وحُكِيَ عَن قَتادَةَ أ نَّهُ دَخَلَ الكوفَةَ فَاجتَمَعَ عَلَيهِ النّاسُ ، فَقالَ : سَلوا عَمّا شِئتُم ، وكانَ أبو حَنيفَةَ حاضِرا وهُوَ يَومَئِذٍ غُلامٌ حَدَثٌ ، فَقالَ : سَلوهُ عَن نَملَةِ سُلَيمانَ أكانَت ذَكَرا أم اُنثى ؟ فَسَأَلوهُ فَاُفحِمَ .

فَقالَ أبو حَنيفَةَ : كانَت اُنثى . فَقيلَ لَهُ : كَيفَ عَرَفتَ ذلِكَ ؟ فَقالَ : مِن قَولِهِ تَعالى : «قَالَتْ» (2) ، ولَو كانَت ذَكَرا لَقالَ : قالَ نَملَةٌ ؛ مِثلُ الحَمامَةِ وَالشّاةِ في وُقوعِها عَلَى الذَّكَرِ وَالاُنثى (3) .

6 _ قالَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ مَحَمَّدِ بنِ هارونَ : سَمِعتُ الشّافِعِيَّ بِمَكَّةَ يَقولُ : سَلوني عَمّا شِئتُم اُحَدِّثكُم مِن كِتابِ اللّهِ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ .

فَقيلَ : يا أبا عَبدِ اللّه ، ما تَقولُ في مُحرِمٍ قَتَلَ زُنبورا ؟

قالَ : «وَ مَآ ءَاتَ_كُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ» (4) . (5)(6)شغف : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الصِّراط المُستقيم :مِمّا سَمِعناهُ مُذاكَرَةً أنَّ ابنَ الجَوزِيِّ قالَ عَلَى المِنبَرِ : سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني . فَسَأَلَتهُ امرَأَةٌ عَمّا رُوِيَ أنَّ عَليّا سارَ في لَيلَةٍ إلى سَلمانَ فَجَهَّزَهُ ورجَعَ . .


1- .راجع : الانتقاء لابن عبد البرّ : ص156 .
2- .النمل : 18 .
3- .راجع : حياة الحيوان الكبرى : ج2 ص368 والكشّاف : ج3 ص137 وفيض القدير : ج4 ص673 وبحار الأنوار : ج14 ص95 .
4- .الحشر : 7 .
5- .راجع : تذكرة الحفّاظ : ج2 ص755 الرقم 756 والسنن الكبرى : ج5 ص347 الرقم 10055 .
6- .الغدير : ج6 ص195 .

ص: 305

شغف : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :فَقالَ : رُوِيَ ذلِكَ .

قالَت : وعُثمانُ تَمَّ ثَلاثَةَ أيّامٍ مَنبوذا في مَزابِلِ البَقيعِ ، وعَلِيٌّ حاضِرٌ ؟

قالَ : نَعَم .

قالَت : فَقَد لَزِمَ الخَطَأُ لِأَحَدِهِما !

فَقالَ : إن كُنتِ خَرَجتِ مِن بَيتِكِ بِغَيرِ إذنِ بَعلِكِ فَعَلَيكِ لَعنَةُ اللّهِ وإلّا فَعَلَيهِ !

فَقالَت : خَرَجَت عائِشَةُ إلى حَربِ عَلِيٍّ بِإِذنِ النَّبِيِّ أو لا ؟ ! فَانقَطَعَ . (1)راجع : ص 419 (الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة) .

.


1- .الصراط المستقيم ، زين الدين العاملي : ج1 ص218 .

ص: 306

. .

ص: 307

الباب الحادي عشر : سرعة البديهة
اشاره

الباب الحادي عشر : سرعة البديهة* ومنه في الدِّية :نهج البلاغة :قالَ لَهُ بَعضُ اليَهودِ : ما دَفَنتُم نَبِيَّكُم حَتَّى اختَلَفتُم فيهِ !

فَقالَ عليه السلام لَهُ : إنَّمَا اختَلَفنا عَنهُ لا فيهِ (1) ، ولكِنَّكُم ما جَفَّت أرجُلُكُم مِنَ البَحرِ حَتّى قُلتُم لِنَبِيِّكُم : «اجْعَل لَّنَآ إِلَ_هًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ» (2) ! (3)* وعن ابن عبّاس :نهج البلاغة :سُئِلَ عليه السلام : كَيفَ يُحاسِبُ اللّهُ الخَلقَ عَلى كَثرَتِهِم ؟ !

فَقالَ عليه السلام : كَما يَرزُقُهُم عَلى كَثرَتِهِم .

فَقيلَ : كَيفَ يُحاسِبُهُم ولا يَرونَهُ ؟

فَقالَ عليه السلام : كَما يَرزُقُهُم ولا يَرَونَهُ (4) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في المعراج :الأمالي للسيّد المرتضى :قالَ لَهُ عليه السلام ابنُ الكَوّاءِ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، كَم بَينَ السَّماءِ وَالأَرضِ ؟

.


1- .أي في أخبار وردت عنه ، لا في صدق نبوّته .
2- .الأعراف : 138 .
3- .نهج البلاغة : الحكمة 317 ، الأمالي للسيّد المرتضى : ج1 ص198 وراجع جواهر المطالب : ج1 ص259 .
4- .نهج البلاغة : الحكمة 300 ، الأمالي للسيّد المرتضى : ج1 ص103 ، روضة الواعظين : ص41 ، بحار الأنوار : ج7 ص271 ح37 .

ص: 308

* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في المعراج :قالَ : دَعوَةٌ مُستَجابَةٌ (1) .* وفي أميرالمؤمنين عليه السلام :نهج البلاغة :سُئِلَ عَن مَسافَةِ ما بَينَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ ، فَقالَ عليه السلام : مَسيرَةُ يَومٍ لِلشَّمسِ (2) .شفع : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الغارات عن أبي عمرو الكِندِيّ_ في ذِكرِ أسئِلَةِ ابنِ الكَوّاءِ مِنهُ عليه السلام _:

قالَ [ ابنُ الكَوّاءِ ] : فَكَم بَينَ السَّماءِ وَالأَرضِ ؟

قالَ : مَدُّ البَصَرِ ، ودَعوَةٌ بِذِكرِ اللّهِ فَيُسمَعُ . لا نَقولُ غَيرَ ذلِكَ ؛ فَاسمَع ، لا أقولُ غَيرَ ذلِكَ (3) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام_ حينَ قالَ لَهُ ابنُ الكَوّاءِ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، كَم بَينَ مَوضِعِ قَدَمِكَ إلى عَرشِ رَبِّكَ ؟ قالَ _: ثَكَلَتكَ اُمُّكَ يَابنَ الكَوّاءِ ! سَل مُتَعَلِّما ولا تَسأَل مُتَعَنِّتا ؛ مِن مَوضِعِ قَدمي إلى عَرشِ رَبّي أن يَقولَ قائِلٌ مُخلِصا : لا إلهَ إلَا اللّهُ (4) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ في جَوابِ سائِلٍ _: أمَّا الاِبنُ الَّذي أكبَرُ مِن أبيهِ ولَهُ ابنٌ أكبَرُ مِنهُ فَهُوَ عُزَيرٌ ؛ بَعَثَهُ اللّهُ ولَهُ أربَعونَ سَنَةً ولِابنِهِ مِئَةٌ وعَشرُ سِنينَ (5) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في شفاعة النبيخصائص الأئمّة عليهم السلام: قالَ كَعبُ الأَحبارِ : . . . أخبِرني يا أبَا الحَسَنِ عَمَّن لا أبَ لَهُ ، وعَمَّن لا عَشيرَةَ لَهُ ، وعَمَّن لا قِبلَةَ لَهُ ؟

قالَ : أمّا مَن لا أبَ لَهُ فَعيسى عليه السلام ، وأمّا [مَن] (6) لا عَشيرَةَ لَهُ فَآدَمُ عليه السلام ، وأمّا مَن .


1- .الأمالي للسيّد المرتضى : ج1 ص198 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص383 ، بحار الأنوار : ج10 ص84 ح5 .
2- .نهج البلاغة : الحكمة 294 ، الغارات : ج1 ص180 ، بحار الأنوار : ج58 ص166 ح25 .
3- .الغارات : ج1 ص180 ، بحار الأنوار : ج58 ص93 ح13 ، نهج السعادة : ج2 ص632 ح342 ؛ كنز العمّال : ج13 ص161 ح36492 نقلاً عن ابن منيع عن زاذان وفيهما «قدر دعوة عبدٍ دعا اللّه ، لا أقول غير ذلك» .
4- .الاحتجاج : ج1 ص614 ح139 ، بحار الأنوار : ج10 ص122 ح2 .
5- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص385 ، الصراط المستقيم : ج2 ص19 نحوه ، بحار الأنوار : ج10 ص88 ح7 وراجع تفسير العيّاشي : ج1 ص141 ح468 .
6- .إضافة يقتضيها السياق .

ص: 309

* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في شفاعة النبيلا قِبلَةَ لَهُ فَهُوَ البَيتُ الحَرامِ ؛ هُوَ قِبلَةٌ ولا قِبلَةَ لَها .

هاتِ يا كَعبُ .

فَقالَ : أخبِرني يا أبَا الحَسَنِ عَن ثَلاثَةِ أشياءَ لَم تَرتَكِض في رَحِمٍ ولَم تَخرُج مِن بَدَنٍ ؟

فَقالَ عليه السلام : هِيَ عَصا موسى عليه السلام ، وناقَةُ ثَمودَ ، وكَبشُ إبراهيمَ .

ثُمَّ قالَ : هاتِ يا كَعبُ .

فَقالَ : يا أبَا الحَسَنِ ، بَقِيَت خَصلَةٌ ؛ فَإِن أنتَ أخبَرتَني بِها فَأَنتَ أنتَ ! قالَ : هَلُمَّها يا كَعبُ .

قالَ : قَبرٌ سارَ بِصاحِبِهِ ؟

قالَ : ذلِكَ يونُسُ بنُ مَتّى إذ سَجَنَهُ اللّهُ في بَطنِ الحوتِ (1) .* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله :تذكرة الخواصّ عن ابن المسيّب :كَتَبَ مَلِكُ الرّومِ إلى عُمَرَ : . . . أمّا بَعدُ ؛ فَإِنّي مُسائِلُكَ عَن مَسائِلَ ، فَأَخبِرني عَنها : ما شَيءٌ لَم يَخلُقهُ اللّهُ ؟ وما شِيءٌ لا يَعلَمُهُ اللّهُ ؟ و . . . فَقَرَأَ عَلِيٌّ عليه السلام الكِتابَ ، وكَتَبَ فِي الحالِ خَلفَهُ : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، . . . أمَّا الَّذي لا يَعلَمُهُ اللّهُ فَقَولُكُم : لَهُ وَلَدٌ وصاحِبَةٌ وشَريكٌ ؛ «مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَ مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَ_هٍ» (2) ؛ «لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ» (3) .

وأمَّا الَّذي لَيسَ عِندَ اللّهِ : فَالظُّلمُ ؛ «وَ مَا رَبُّكَ بِظَ_لَّ_مٍ لِّلْعَبِيدِ» (4) .

وأمَّا الَّذي كُلُّهُ فَمٌ : فَالنّارُ تَأكُلُ ما يُلقى فيها . .


1- .خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص89 وراجع الخصال : ص456 ح1 وبحار الأنوار : ج10 ص3 ح1 .
2- .المؤمنون : 91 .
3- .الإخلاص : 3 .
4- .فصّلت : 46 .

ص: 310

* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله :وأمَّا الَّذي كُلُّهُ رِجلٌ : فَالماءُ .

وأمَّا الَّذي كُلُّهُ عَينٌ : فَالشَّمسُ .

وأمَّا الَّذي كُلُّهُ جَناحٌ : فَالرّيحُ .

وأمَّا الَّذي لا عَشيرَةَ لَهُ : فَآدَمُ عليه السلام .

وأمَّا الَّذينَ لَم يَحمِل بِهِم رَحِمٌ : فَعَصا موسى ، وكَبشُ إبراهيمَ ، وآدَمُ ، وحَوّاءُ .

وأمَّا الَّذي يَتَنَفَّسُ مِن غَيرِ روحٍ : فَالصُّبحُ ؛ لِقَولِهِ تَعالى : «وَ الصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ» (1) . . . .

وأمَّا الظّاعِنُ (2) : فَطورُ سَيناءَ (3) ؛ لَمّا عَصَت بَنو إسرائيلَ ، وكانَ بَينَهُ وبَينَ الأَرضِ المُقَدَّسَةِ أيّامٌ ، فَقَلَعَ اللّهُ مِنهُ قِطعَةً وجَعَلَ لَها جَناحَينِ مِن نورٍ ، فَنَتَقَهُ (4) عَلَيهِم ؛ فَذلِكَ قَولُهُ : «وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُ_لَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِع بِهِمْ» (5) ، وقالَ لِبَني إسرائيلَ : إن لَم تُؤمِنوا وإلّا أوقَعتُهُ عَلَيكُم ، فَلَمّا تابوا رَدَّهُ إلى مَكانِهِ .

وأمَّا المَكانُ الَّذي لَم تَطَّلِع عَلَيهِ الشَّمسُ إلّا مَرَّةً واحِدَةً : فَأَرضُ البَحرِ لَمّا فَلَقَهُ اللّهُ لِموسى عليه السلام ، وقامَ الماءُ أمثالَ الجِبالِ ، ويَبِسَتِ الأَرضُ بِطُلوعِ الشَّمسِ عَلَيها ، ثُمَّ عادَ ماءُ البَحرِ إلى مَكانِهِ .

وأمَّا الشَّجَرَةُ الَّتي يَسيرُ الرّاكِبُ في ظِلِّها مِئَةَ عامٍ : فَشَجَرَةُ طوبى ؛ وهِيَ سِدرَةُ المُنتَهى فِي السَّماءِ السّابِعَةِ ، إلَيها يَنتَهي أعمالُ بَني آدَمَ ، وهِيَ مِن أشجارِ الجَنَّةِ ، .


1- .التكوير : 18 .
2- .اسم فاعل من ظَعَن يظْعَن : أي ذَهَب وسارَ (انظر لسان العرب : ج13 ص270) .
3- .طُور سَيْناء : سينا _ بفتح السين أو كسرها _ اسم موضع بالشام يضاف إليه الطور فيقال : طُور سَيْناء ، الجبل الذي كلّم اللّه تعالى عليه موسى بن عمران عليه السلام (معجم البلدان : ج3 ص300) .
4- .النَّتْق : أن تَقْلَع الشيءَ فتَرفَعه من مكانه لِتَرمي به (النهاية : ج5 ص13) .
5- .الأعراف : 171 .

ص: 311

* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله :لَيسَ فِي الجَنَّةِ قَصرٌ ولا بَيتٌ إلّا وفيهِ غُصنٌ مِن أغصانِها . ومَثَلُها فِي الدُّنيَا الشَّمسُ أصلُها واحِدٌ وضَوؤُها في كُلِّ مَكانٍ .

وأمَّا الشَّجَرَةُ الَّتي نَبَتَت مِن غَيرِ ماءٍ : فَشَجَرَةُ يونُسُ ، وكانَ ذلِكَ مُعجِزَةً لَهُ ؛ لِقَولِهِ تَعالى : «وَ أَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ» (1) .

وأمَّا غِذاءُ أهلِ الجَنَّةِ : فَمَثَلُهُم فِي الدُّنيا الجَنينُ في بَطنِ اُمِّهِ ؛ فَإِنَّهُ يَغتَذي مِن سُرَّتِها ولا يَبولُ ولا يَتَغَوَّطُ .

وأمَّا الأَلوانُ فِي القَصعَةِ الواحِدَةِ : فَمَثَلُهُ فِي الدُّنيا البيضَةُ فيها لَونانِ أبيَضُ وأصفَرُ ولا يَختَلِطانِ .

وأمَّا الجارِيَةُ الَّتي تَخرُجُ مِنَ التُّفّاحَةِ : فَمَثَلُها فِي الدُّنيا الدّودَةُ تَخرُجُ مِنَ التُّفّاحَةِ ولا تَتَغَيَّرُ .

وأمَّا الجارِيَةُ الَّتي تَكونُ بَينَ اثنَينِ : فَالنَّخلَةُ الَّتي تَكونُ فِي الدُّنيا لِمُؤمِنٍ مِثلي ولِكافِرٍ مِثلِكَ ، وهِيَ لي فِي الآخِرَةِ دونَكَ ؛ لِأَ نَّها فِي الجَنَّةِ وأنتَ لا تَدخُلُها !

وأمّا مَفاتيحُ الجَنَّةِ : فَلا إلهَ إلَا اللّهُ ، مُحَمَّدٌ رسولُ اللّهِ .

قالَ ابنُ المُسَيِّبِ : فَلَمّا قَرَأَ قَيصَرُ الكِتابَ قالَ : ما خَرَجَ هذَا الكَلامُ إلّا مِن بَيتِ النُّبُوَّةِ ! (2)* وعن أبي عبداللّه عليه السلام فيالمؤمنين :بحار الأنوار :قَضى [عَلِيٌّ عليه السلام ] بِالبَصرَةِ لِقَومٍ حَدّادينَ اشتَرَوا بابَ حَديدٍ مِن قَومٍ ، فَقالَ أصحابُ البابِ : كَذا وكَذا مَنّا ، فَصَدَّقوهُم وَابتاعوهُ ، فَلَمّا حَمَلُوا البابَ عَلى أعناقِهِم قالوا لِلمُشتَري : ما فيهِ ما ذَكَروهُ مِنَ الوَزنِ ، فَسَأَلوهُم الحَطيطَةَ فَأَبَوا ، فَارتَجَعوا عَلَيهِم ، فَصاروا إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَقالَ : أدُلُّكُمُ ؛ احمِلوهُ إلَى الماءِ . فَحُمِلَ فَطُرِح .


1- .الصافّات : 146 .
2- .تذكرة الخواصّ : ص145 ؛ الغدير : ج6 ص248 عن ابن المسيّب .

ص: 312

* وعن أبي عبداللّه عليه السلام فيالمؤمنين :في زَورَقٍ صَغيرٍ وعُلِّمَ عَلَى المَوضِعِ الَّذي بَلَغَهُ الماءُ . ثُمَّ قالَ : أرجِعوا مَكانَهُ تَمرا مَوزونا . فَما زالوا يَطرَحونَ شَيئا بَعدَ شَيءٍ مَوزونا حَتّى بَلَغَ الغايَةَ . قالَ : كَم طَرَحتُم ؟ قالوا : كَذا وكَذا مَنّا ورِطلاً . قالَ عليه السلام : وَزنُهُ هذا (1) .شفف : عن أميرالمؤمنين عليه السلام فيالدّنيا :الفضائل :رُوِيَ أنَّ امرَأَةً تَرَكَت طِفلاً ابنَ سِتَّةِ أشهُرٍ عَلى سَطحٍ ، فَمَشَى الصَّبِيُّ يَحبو حَتّى خَرَجَ مِنَ السَّطحِ وجَلَسَ عَلى رَأسِ الميزابِ ، فَجاءَت اُمُّهُ عَلَى السَّطحِ فَما قَدَرَت عَلَيهِ ، فَجاؤوا بِسُلَّمٍ ووَضَعوهُ عَلَى الجِدارِ فَما قَدَروا عَلَى الطِّفلِ ؛ مِن أَجلِ طولِ الميزابِ وبُعدُهُ عَنِ السَّطحِ ، وَالاُمُّ تَصيحُ وأهلُ الصَّبِيِّ كُلُّهُم يَبكونَ ، وكانَ في أيّامِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ ، فَجاؤوا إلَيهِ فَحَضَرَ مَعَ القَومِ فَتَحَيَّروا فيهِ ، وقالوا : ما لِهذا إلّا عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ! فَحَضَرَ عَلِيٌّ عليه السلام ، فَصاحَت اُمُّ الصَّبِيِّ في وَجهِهِ ، فَنَظَرَ أميرُ المُؤمِنينَ إلَى الصَّبِيِّ ، فَتَكَلَّمَ الصَّبِيَّ بِكَلامٍ لا يَعرِفُهُ أحَدٌ ، فَقالَ عليه السلام : أحضِروا هاهُنا طِفلاً مِثلَهُ ، فَأَحضَروهُ ، فَنَظَرَ بَعضُهُما إلى بَعضٍ وتَكَلَّمَ الطِّفلانِ بِكَلامِ الأَطفالِ ، فَخَرَجَ الطِّفلُ مِنَ الميزابِ إلَى السَّطحِ ، فَوَقَعَ فَرَحٌ فِي المَدينَةِ لَم يُرَ مِثلُهُ (2) . .


1- .بحار الأنوار : ج40 ص286 ح45 نقلاً عن كتاب صفوة الأخبار .
2- .الفضائل لابن شاذان : ص56 ، بحار الأنوار : ج40 ص267 ح36 .

ص: 313

كلام ابن أبي الحديد في علوم الإمام

كلامُ ابنِ أبي الحديد في علوم الإمامقالَ ابنُ أبِي الحَديدِ في مُقَدَّمَةِ شَرحِ نَهجِ البَلاغَةِ : قَد عَرَفتَ أنَّ أشرَفَ العُلومِ هُوَ العِلمُ الإِلهِيُّ ؛ لِأَنَّ شَرَفَ العِلمِ بِشَرَفِ المَعلومِ ، ومَعلومُهُ أشرَفُ المَوجوداتِ ، فَكانَ هُوَ أشرَفَ العُلومِ . ومِن كَلامِهِ عليه السلام اقتُبِسَ ، وعَنهُ نُقِلَ ، وإلَيهِ انتُهِيَ ، ومِنهُ ابتُدِئَ . فَإِنَّ المُعتَزِلَةَ _ الَّذينَ هُم أهلُ التَّوحيدِ وَالعَدلِ ، وأربابُ النَّظَرِ ، ومِنهُم تَعَلَّمَ النّاسُ هذَا الفَنَّ _ تَلامِذَتُهُ وأصحابُهُ ؛ لِأَنَّ كَبيرَهُم واصِلَ بنَ عَطاءٍ تِلميذُ أبي هاشِمٍ عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمَّدِ ابنِ الحَنَفِيَّةِ ، وأبو هاشِمٍ تِلميذُ أبيهِ ، وأبوهُ تِلميذُهُ عليه السلام . وأمَّا الأَشعَرِيَّةُ : فَإِنَّهُم يَنتَمونَ إلى أبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ إسماعيلَ بنِ أبي بِشرٍ الأَشعَرِيِّ ، وهُوَ تِلميذُ أبي عَلِيٍّ الجُبّائِيِّ ، وأبو عَلِيٍّ أحَدُ مَشايِخِ المُعتَزِلَةِ ، فَالأَشعَرِيَّةُ يَنتَهونَ بِأَخَرَةٍ إلى اُستاذِ المُعتَزِلَةِ ومُعَلِّمِهِم ، وهُوَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام . وأمَّا الإِمامِيَّةُ وَالزَّيدِيَّةُ فَانتِماؤُهُم إلَيهِ ظاهِرٌ . ومِنَ العُلومِ عِلمُ الفِقهِ ، وهُوَ عليه السلام أصلُهُ وأساسُهُ ، وكُلُّ فَقيهٍ فِي الإِسلامِ فَهُوَ عِيالٌ عَلَيهِ ، ومُستَفيدٌ مِن فِقهِهِ . أمّا أصحابُ أبي حَنيفَةَ ، كَأَبي يوسُفَ ومُحَمَّدٍ وغَيرِهِما ، فَأَخَذوا عَن أبي حَنيفَةَ . وأمَّا الشّافِعِيُّ فَقَرَأَ عَلى مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ ، فَيَرجِعُ فِقهُهُ أيضا إلى أبي حَنيفَةَ . وأمّا أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ فَقَرَأَ عَلَى الشّافِعِيِّ ، فَيَرجِعُ فِقهُهُ أيضا إلى أبي حَنيفَةَ ،

.

ص: 314

وأبو حَنيفَةَ قَرَأَ عَلى جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ عليه السلام ، وقَرَأَ جَعفَرٌ عَلى أبيهِ عليه السلام ، ويَنتَهِي الأَمرُ إلى عَلِيٍّ عليه السلام . وأمّا مالِكُ بنُ أنَسٍ فَقَرَأَ عَلى رَبيعَةِ الرَّأيِ ، وقَرَأَ رَبيعَةُ عَلى عِكرِمَةَ ، وقَرَأَ عِكرِمَةُ عَلى عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ ، وقَرَأَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ عَلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ . وإن شِئتَ فَرَدَدتَ إلَيهِ فِقهَ الشّافِعِيِّ بِقِراءَتِهِ عَلى مالِكٍ كانَ لَكَ ذلِكَ . فَهؤُلاءِ الفُقَهاءُ الأَربَعَةُ . وأمّا فِقهُ الشّيعَةِ فَرُجوعُهُ إلَيهِ ظاهِرٌ . وأيضا فَإِنَّ فُقَهاءَ الصَّحابَةِ كانوا : عُمَرَ بنَ الخَطّابِ ، وعَبدَ اللّهِ بنَ عَبّاسٍ ؛ وكِلاهُما أخذا عَن عَلِيٍّ عليه السلام . وأمّا ابنُ عَبّاسٍ فَظاهِرٌ ، وأمّا عُمَرُ فَقَد عَرَفَ كُلُّ أحَدٍ رُجوعَهُ إلَيهِ في كَثيرٍ مِنَ المَسائِلِ الَّتي أشكَلَت عَلَيهِ وعَلى غَيرِهِ مِنَ الصَّحابَةِ ، وقَولَهُ غَيرَ مَرَّةٍ : «لَولا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ !» ، وقَولَهُ : «لا بَقيتُ لِمُعضِلَةٍ لَيسَ لَها أبُو الحَسَنِ !» ، وقَولَهُ : «لا يُفتِيَنَّ أحَدٌ فِي المَسجِدِ وعَلِيٌّ حاضِرٌ» . فَقَد عُرِفَ بِهذَا الوَجهِ أيضا اِنتِهاءُ الفِقهِ إلَيهِ . وقَد رَوَتِ العامَّةُ وَالخاصَّةُ قَولَهُ صلى الله عليه و آله : «أقضاكُم عَلِيٌّ» . وَالقَضاءُ هُوَ الفِقهُ ، فَهُوَ إذا أفقَهُهُم . ورَوَى الكُلُّ أيضا أ نَّهُ عليه السلام قالَ لَهُ وقَد بَعَثَهُ إلَى اليَمَنِ قاضِيا : «اللّهُمَّ اهدِ قَلبَهُ ، وثَبِّت لِسانَهُ» . قالَ : فَما شَكَكتُ بَعدَها في قَضاءٍ بَينَ اثنَينِ . وهُوَ عليه السلام الَّذي أفتى في المَرأَةِ الَّتي وَضَعَت لِسِتَّةِ أشهُرٍ ، وهُوَ الَّذي أفتى في الحامِلِ الزّانِيَةِ ، وهُوَ الَّذي قالَ فِي المِنبَرِيَّةِ (1) : «صارَ ثُمنُها تِسعا» . وهذِهِ المَسأَلَة

.


1- .راجع : ص 281 (الباب السابع : علم الحساب) .

ص: 315

لَو فَكَّرَ الفَرَضي (1) فيها فِكرا طَويلاً لَاستُحسِنَ مِنهُ بَعدَ طولِ النَّظَرِ هذَا الجَوابُ ، فَما ظَنُّكَ بِمَن قالَهُ بَديهَةً ، وَاقتَضَبَهُ ارتِجالاً ! ومِنَ العُلومِ عِلمُ تَفسيرِ القُرآنِ ، وعَنهُ اُخِذَ ، ومِنهُ فُرِّعَ . وإذا رَجَعتَ إلى كُتُبِ التَّفسيرِ عَلِمتَ صِحَّةَ ذلِكَ ؛ لِأَنَّ أكثَرَهُ عَنهُ وعَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ ، وقَد عَلِمَ النّاسُ حالَ ابنِ عَبّاسٍ في مُلازَمَتِهِ لَهُ وانقِطاعِهِ إلَيهِ ، وأ نَّهُ تِلميذُهُ وخِرّيجُهُ . وقيلَ لَهُ : أينَ عِلمُكَ مِن عِلمِ ابنِ عَمِّكَ ؟ فَقالَ : كَنِسبَةِ قَطرَةٍ مِنَ المَطَرِ إلَى البَحرِ المُحيطِ . ومِنَ العُلومِ عِلمُ الطَّريقَةِ وَالحَقيقَةِ وأحوالِ التَّصَوُّفِ ، وقَد عَرَفتَ أنَّ أربابَ هذَا الفَنِّ في جَميعِ بِلادِ الإِسلامِ إلَيهِ يَنتَهون ، وعِندَهُ يَقِفونَ . وقَد صَرَّحَ بِذلِكَ الشِّبِليُّ ، وَالجُنَيدُ ، وسَرِيّ ، وأبو يَزيدَ البِسطامِيّ ، وأبو مَحفوظٍ مَعروفٌ الكَرَخِيُّ ، وغَيرُهُم . ويَكفيكَ دَلالَةً عَلى ذلِكَ ، الخِرقَةُ الَّتي هِيَ شِعارُهُم إلَى اليَومِ ، وكَونُهُم يُسنِدونَها بِإِسنادٍ مُتَّصِلٍ إلَيهِ عليه السلام . ومِنَ العُلومِ عِلمُ النَّحوِ وَالعَرَبِيَّةِ ، وقَد عَلِمَ النّاسُ كافَّةً أ نَّهُ هُوَ الَّذي ابتَدَعَهُ وأنشَأَهُ ، وأملى عَلى أبِي الأَسوَدِ الدُّؤَلِيِّ جَوامِعَهُ واُصولَهُ ؛ مَن جُملَتِهَا : الكَلامُ كُلُّهُ ثَلاثَةُ أشياءَ : اِسمٌ وفِعلٌ وحَرفٌ . ومِن جُملَتِها : تَقسيمُ الكَلِمَةِ إلى مَعرِفَةٍ ونَكِرَةٍ ، وتَقسيمُ وُجوهِ الإِعرابِ إلَى الرَّفعِ وَالنَّصبِ وَالجَرِّ وَالجَزمِ ، وهذا يَكادُ يُلحَقُ بِالمُعجِزاتِ ؛ لِأَنَّ القُوَّةَ البَشَرِيَّةَ لا تَفي بِهذا الحَصرِ ، ولا تَنهَضُ بِهذَا الاِستِنباطِ (2) .

.


1- .هو الذي يعرف الفرائض (لسان العرب : ج7 ص202) .
2- .شرح نهج البلاغة : ج1 ص17 .

ص: 316

. .

ص: 317

القسم الثاني عشر : قضايا الإمام عليّ عليه السلام

اشاره

القسم الثاني عشر : قضايا الإمام عليوفيه فصول :الفصل الأوّل : نظرة عامّةالفصل الثاني : نماذج من أقضيته في عصر النبيّ صلى الله عليه و آلهالفصل الثالث : نماذج من أقضيته بعد النبيّ صلى الله عليه و آلهالفصل الرابع : نماذج من أقضيته في إمارته

.

ص: 318

. .

ص: 319

الفصل الأوّل : نظرة عامّة

1 / 1 أقضى الاُمّة

الفصل الأوّل : نظرة عامّة1 / 1أقضَى الاُمَّةِ* وفي الحسن بن الحسن يوم الطفّ :رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أقضى اُمَّتي عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ (1) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :أقضى اُمَّتي وأعلَمُ اُمَّتي بَعدي عَلِيٌّ (2) .* وعنه عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :أعلَمُ اُمَّتي بِالسُّنَّةِ وَالقَضاءِ بَعدي عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ (3) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :عَلِيٌّ أقضى اُمَّتي بِكِتابِ اللّهِ ، فَمَن أحَبَّني فَليُحِبَّهُ ؛ فَإِنَّ العَبدَ لا يَنالُ وَلايَتي إلّا بِحُبِّ عَلِيٍّ (4) .شقح : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في التمرفضائل الصحابة عن حميد بن عبد اللّه بن يزيد المدني :أ نَّهُ ذُكِرَ عِندَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله قَضاءٌ قَضى بِهِ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ، فَأَعجَبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله ، فَقالَ : الحَمدُ للّهِِ الَّذي جَعَلَ فينَا الحِكمَةَ أهلَ البَيتِ (5) .

.


1- .المعجم الصغير : ج1 ص201 ، تاريخ أصبهان : ج1 ص437 ح854 كلاهما عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، المناقب للخوارزمي : ص81 ح66 عن أبي سعيد الخدري ، ذخائر العقبى : ص151 عن أنس .
2- .الأمالي للصدوق : ص642 ح870 عن سلمان ، الإرشاد : ج1 ص33 عن ابن عبّاس نحوه .
3- .كفاية الطالب : ص332 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص33 كلاهما عن أبي اُمامة .
4- .تاريخ دمشق : ج42 ص241 ح8753 ؛ بشارة المصطفى : ص149 كلاهما عن ابن عبّاس .
5- .فضائل الصحابة لابن حنبل: ج2 ص654 ح1113، ذخائر العقبى:ص154، الرياض النضرة:ج3 ص169 عن جميل بن عبد اللّه بن يزيد ، المناقب لابن المغازلي : ص288 ح329 عن عبد اللّه المازني ؛ شرح الأخبار : ج2 ص309 ح631 كلاهما نحوه .

ص: 320

شقر : عن أبي عبداللّه عليه السلام :المستدرك على الصحيحين عن عبد اللّه [بن مسعود] :كُنّا نَتَحَدَّثُ أنَّ أقضى أهلِ المَدينَةِ عَلِيٌّ بنُ أبي طالِبٍ رضى الله عنه (1) .* وعن أبي جعفر عليه السلام في قوم صالح :صحيح البخاري عن عمر :أقضانا عَلِيٌّ (2) .* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله :المناقب لابن شهر آشوب عن عمر :كُنّا اُمِرنا إذَا اختَلَفنا في شَيءٍ أن نُحَكِّمَ عَلِيّا (3) .* وعن أبي الحسن عليه السلام :شرح نهج البلاغة :إنَّ عَلِيّا عليه السلام جَلَسَ إلى عُمَرَ في المَسجِدِ وعِندَهُ ناسٌ ، فَلَمّا قامَ عَرَّضَ واحِدٌ بِذِكرِهِ ، ونَسَبَهُ إلَى التّيهِ وَالعُجبِ .

فَقال عُمَرُ : حَقٌّ لِمِثلِهِ أن يَتيهَ ! وَاللّهِ ، لولا سَيفُهُ لَما قامَ عَمودُ الإِسلامِ ، وهُوَ بَعدُ أقضَى الاُمَّةِ ، وذو سابِقَتِها ، وذو شَرَفِها (4) .* وعن الحسين بن عليّ عليهماالسلام :الإمام الباقر عليه السلام :تَقَدَّمَ إلى عُمَرَ بنِ الخَطّابِ رَجُلانِ يَختَصِمانِ وعَلِيٌّ عليه السلام جالِس إلى جانِبِهِ ، فَقالَ لَهُ : اِقضِ بَينَهُما يا أبَا الحَسَنِ . فَقالَ أحَدُ الخَصمَينِ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، يَقضي هذا بَينَنا وأنتَ قاعِدٌ ! قالَ : وَيحَكَ ! أ تَدري مَن هذا ؟ ! هذا مَولايَ ومَولى كُلِّ مُسلِمٍ ؛ فَمَن لَم يَكُن هذا مَولاهُ فَلَيسَ بِمُسلِمٍ (5) . .


1- .المستدرك على الصحيحين : ج3 ص145 ح4656 ، تاريخ دمشق : ج42 ص404 و 405 ، اُسد الغابة : ج4 ص95 الرقم 3789 ، الاستيعاب : ج3 ص206 الرقم 1875 ، الرياض النضرة : ج3 ص167 ، الطبقات الكبرى : ج2 ص339 وفيه «إنّ عبد اللّه كان يقول» و ص338 ، أنساب الأشراف : ج2 ص350 وفيهما «مِن أقضى» بدل «أقضى» ؛ الأمالي للطوسي : ص387 ح848 .
2- .صحيح البخاري : ج4 ص1629 ح4211 ، المعجم الأوسط : ج7 ص357 ح7721 ، الرياض النضرة : ج3 ص167 ، تاريخ دمشق : ج 42 ص403 و ص402 و 404 ، مسند ابن حنبل : ج8 ص5 ح21142 ، المستدرك على الصحيحين : ج3 ص345 ح5328 ، الطبقات الكبرى : ج2 ص339 ، أنساب الأشراف : ج2 ص350 ، حلية الأولياء : ج1 ص65 ؛ الأمالي للطوسي : ص251 ح445 وفي الثمانية الأخيرة «عليّ أقضانا» .
3- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص30 و ص364 ، شرح الأخبار : ج2 ص305 ح625 كلاهما نحوه .
4- .شرح نهج البلاغة : ج12 ص82 .
5- .شرح الأخبار : ج1 ص110 ح31 عن إبراهيم بن خيار .

ص: 321

1 / 2 بداية قضائه

شقشق : عن فاطمة عليهاالسلام :المناقب لابن شهر آشوب عن ابن عبّاس :إنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ قالَ لَهُ : يا أبَا الحَسَنِ ، إنَّكَ لَتَعجَلُ فِي الحُكمِ وَالفَصلِ لِلشَّيءِ إذا سُئِلتَ عَنهُ ! قالَ : فَأَبرَزَ عَلِيٌّ عليه السلام كَفَّهُ وقالَ لَهُ : كَم هذا ؟ فَقالَ عُمَرُ : خَمسَةٌ ! فَقالَ : عَجِلتَ يا أبا حَفصٍ . قالَ : لَم يَخفَ عَلَيَّ . فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : وأنَا اُسرِعٌ فيما لا يَخفى عَليَّ ! (1)* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :تاريخ الطبري عن المقداد :ما رَأَيتُ مِثلَ ما اُوتِيَ إلى أهلِ هذَا البَيتِ بَعدَ نَبِيِّهِم ؛ إنّي لَأَعجَبُ مِن قُرَيشٍ أ نَّهُم تَرَكوا رَجُلاً ما أقولُ إنَّ أحَدا أعلَمُ ولا أقضى مِنهُ بِالعَدلِ (2) .1 / 2بِدايَةُ قَضائِهِشقص : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :بَعَثَني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إلَى اليَمَنِ ، فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، تَبعَثُني وأنَا شابٌّ أقضي بَينَهُم ولا أدري مَا القَضاءُ ؟ فَضَرَبَ بِيَدِهِ في صَدري ، ثُمَّ قالَ : «اللّهُمَّ اهدِ قَلبَهُ ، وثَبِّت لِسانَهُ» ، فَما شَكَكتُ بَعدُ في قَضاءٍ بَينَ اثنَينِ (3) .* ومنه الحديث :عنه عليه السلام :لَمّا بَعَثَني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إلَى اليَمَنِ ، فَقُلتُ : تَبعَثُني وأنَا رَجُلٌ حَديثُ السِّنِّ ، ولَيسَ لي عِلمٌ بِكَثيرٍ مِنَ القَضاءِ ؟ فَضَرَبَ صَدري رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وقالَ : «اِذهَب ؛ فَإِنَّ اللّهَ سَيُثَبِّتُ لِسانَكَ ، ويَهدي قَلبَكَ» ، فَما أعياني قَضاءٌ بَينَ اثنَينِ (4) .

.


1- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص31 ، بحار الأنوار : ج40 ص147 ح53 .
2- .تاريخ الطبري : ج4 ص233 ، الكامل في التاريخ : ج2 ص223 ، العقد الفريد : ج3 ص288 .
3- .سنن ابن ماجة : ج2 ص774 ح2310 ، المستدرك على الصحيحين : ج3 ص146 ح4658 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ص 94 ح34 ، الطبقات الكبرى : ج2 ص337 ، أنساب الأشراف : ج2 ص352 ، اُسد الغابة : ج4 ص95 الرقم 3789 كلّها عن أبي البختري ، تاريخ الخلفاء : ص202 ؛ دعائم الإسلام : ج2 ص529 ح1880 كلّها نحوه وراجع مسند أبي يعلى : ج1 ص180 ح288 .
4- .مسند ابن حنبل : ج1 ص288 ح1145 ، مسند أبي يعلى : ج1 ص189 ح311 كلاهما عن أبي البختري الطائي عمّن سمعه ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ص91 ح32 و ح 33 كلاهما عن أبي البختري و ص97 ح36 عن حارثة بن مضرب و ح 37 عن عمرو بن حبشي ، الطبقات الكبرى : ج2 ص337 عن حارثة وكلّها نحوه .

ص: 322

1 / 3 إحاطته بالقضاء

شقق : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :بَعَثَني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إلَى اليَمَنِ قاضِيا ، فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، تُرسِلُني وأنَا حَديثُ السِّنِّ ولا عِلمَ لي بِالقَضاءِ ؟ فَقالَ : «إنَّ اللّهَ سَيَهدي قَلبَكَ ، ويُثَبِّتُ لِسانَكَ ؛ فَإِذا جَلَسَ بَينَ يَدَيكَ الخَصمانِ فَلا تَقضِيَنَّ حَتّى تَسمَعَ مِنَ الآخَرِ كَما سَمِعتَ مِنَ الأَوَّلِ ؛ فَإِنَّهُ أحرى أن يَتَبَيَّنَ لَكَ القَضاءُ» ، قالَ : فما زِلتُ قاضِيا _ أو : ما شَكَكتُ في قَضاءٍ بَعدُ _ (1) .1 / 3إحاطَتُهُ بِالقَضاءِ* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله يسأل عنالإمام عليّ عليه السلام :وَاللّهِ لَو ثُنِيَت لِيَ الوِسادَةُ لَقَضَيتُ بَينَ أهلِ التَّوراةِ بِتَوراتِهِم ، وبَينَ أهلِ الإِنجيلِ بِإِنجيلِهِم ، وبَينَ أهلِ الزَّبورِ بِزَبورِهِم ، وبَينَ أهلِ القُرآنِ بِقُرآنِهِم (2) .* وعن ابن مسلم لأبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :لَو ثُنِيَ لِيَ الوِسادُ لَحَكَمتُ بَينَ أهلِ التَّوراةِ بِتَوراتِهِم ، وبَينَ أهلِ الإِنجيلِ بِإِنجيلِهِم ، وأهلِ الزَّبورِ بِزَبورِهِم ، وأهلِ القُرآنِ بِقُرآنِهِم ، حَتّى يَزهَرَ كُلُّ كِتابٍ مِن هذِهِ الكُتُبِ ويَقولُ : يا رَبِّ إنَّ عَلِيّا قَضى بِقَضائِكَ (3) .

.


1- .سنن أبي داوود : ج3 ص301 ح3582 ، السنن الكبرى : ج10 ص236 ح20487 ، مسند ابن حنبل : ج1 ص236 ح882 ، الطبقات الكبرى : ج2 ص337 كلاهما نحوه وكلّها عن حنش ، كنز العمّال : ج6 ص103 ح15036 ؛ مسند زيد : ص294 نحوه .
2- .الأمالي للطوسي : ص523 ح1159 ، بشارة المصطفى : ص216 وليس فيه «وبين أهل الزبور بزبورهم» وكلاهما عن المجاشعي عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص55 ، الاحتجاج : ج1 ص625 ح145 ، الاُصول الستّة عشر : ص40 ، تفسير فرات : ص 188 ح239 ، تفسير الحبري : ص277 ح36 ، العمدة : ص208 ح321 والأربعة الأخيرة عن زاذان ، شرح الأخبار : ج 2 ص311 ح639 ؛ ينابيع المودّة : ج1 ص216 ح28 وليس فيهما «وبين أهل الزبور بزبورهم» ، تذكرة الخواصّ : ص16 ، شواهد التنزيل : ج1 ص366 ح384 كلاهما عن زاذان نحوه وراجع تفسير العيّاشي : ج1 ص15 ح3 وبصائر الدرجات : ص132 _ 134 .
3- .الإرشاد : ج1 ص35 عن الأصبغ بن نباتة ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص38 عن ابن أبي البختري فمن ستّة طرق ، وابن المفضّل من عشرة طرق ، وإبراهيم الثقفي من أربعة عشر طريقا ؛ شرح نهج البلاغة : ج20 ص283 ح242 نحوه .

ص: 323

* ومنه عن صاحب الأمر عليه السلام لابن مهزيار :الإمام الصادق عليه السلام :كانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَقولُ : لَوِ اختَصَمَ إلَيَّ رَجُلانِ فَقَضَيتُ بَينَهُما ، ثُمَّ مَكَثا أحوالاً كَثيرَةً ، ثُمَّ أتَياني في ذلِكَ الأَمرِ لَقَضَيتُ بَينَهُما قَضاءً واحِدا ؛ لِأَنَّ القَضاءَ لا يَحولُ ولا يَزولُ أبَدا (1) .* وعن أبي بصير :الإمام الباقر عليه السلام :لَيسَ عِندَ أحَدٍ مِنَ النّاسِ حَقٌّ ولا صَوابٌ ، ولا أحَدَ مِنَ النّاس يَقضي بِقَضاءِ حَقٍّ إلّا ما خَرَجَ مِنّا أهلَ البَيتِ ، وإذا تَشَعَّبَت بِهِمُ الاُمورُ كانَ الخَطَأُ مِنهُم ، وَالصَّوابُ مِن عَلِيٍّ عليه السلام (2) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام لمعاوية :عنه عليه السلام :إنَّهُ لَيسَ عِندَ أحَدٍ مِن حَقٍّ ولا صَوابٍ ، ولَيسَ أحَدٌ مِنَ النّاسِ يَقضي بِقَضاءٍ يُصيبُ فيهِ الحَقَّ إلّا مِفتاحُهُ عَلِيٌّ ، فَإِذا تَشَعَّبَت بِهِمُ الاُمورُ كانَ الخَطَأُ مِن قِبَلِهِم وَالصَّوابُ مِن قِبَلِهِ _ أو كَما قالَ _ (3) .* ومنه عن أبي ذرّ :عنه عليه السلام :لا أحَدَ مِنَ النّاسِ يَقضي بِحَقٍّ ولا عَدلٍ إلّا ومِفتاحُ ذلِكَ القَضاءِ وبابُهُ وأوَّلُهُ وسَنَنُهُ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام (4) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في ذمّ أهل البصرةالإمام الصادق عليه السلام :ما رَأَيتُ عَلِيّا عليه السلام قَضى قَضاءً إلّا وجَدتُ لَهُ أصلاً فِي السُّنَّةِ (5) .راجع : ج 2 ص 505 (السياسة القضائيّة) .

.


1- .الأمالي للمفيد : ص287 ح5 ، بشارة المصطفى : ص254 كلاهما عن الحسن بن ظريف ، الأمالي للطوسي : ص64 ح94 عن الحسن بن طريف .
2- .الكافي : ج1 ص399 ح1 ، بصائر الدرجات : ص519 ح4 كلاهما عن محمّد بن مسلم .
3- .بصائر الدرجات : ص519 ح2 عن محمّد بن مسلم ، بحار الأنوار : ج2 ص95 ح35 .
4- .الأمالي للمفيد : ص96 ح6 ، المحاسن : ج1 ص243 ح448 وفيه «سببه» بدل «سننه» وكلاهما عن محمّد بن مسلم وراجع بصائر الدرجات : ص519 ح3 .
5- .الأمالي للمفيد : ص286 ح5 ، بشارة المصطفى : ص254 كلاهما عن الحسن بن ظريف ، الأمالي للطوسي : ص64 ح94 عن الحسن بن طريف .

ص: 324

. .

ص: 325

الفصل الثاني : نماذج من أقضيته في عصر النبيّ صلى الله عليه و آله

2 / 1 قتلى زبية الأسد

الفصل الثاني : نماذج من أقضيته في عصر النبيّ2 / 1قَتلى زُبيَةِ الأَسَدِشكر : في أسمائه تعالى :الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ قَوما احتَفَروا زُبيَةً (1) لِلأَسَدِ بِاليَمَنِ ، فَوقَعَ فيهَا الأَسَدُ ، فَازدَحَمَ النّاسُ عَلَيها يَنظُرونَ إلَى الأَسَدِ ، فَوَقَعَ فيها رَجُلٌ ، فَتَعَلَّقَ بِآخَرَ ، فَتَعَلَّقَ الآخَرُ بِآخَرَ وَالآخَرُ بِآخَرَ ، فَجَرَحَهُمُ الأَسَدُ ؛ فَمِنهُم مَن ماتَ مِن جِراحَةِ الأَسَدِ ، ومِنهُم مَن اُخرِجَ فَماتَ ، فَتَشاجَروا في ذلِكَ حَتّى أخَذُوا السُّيوفَ .

فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : هَلُمّوا أقضي بَيَنُكم ؛ فَقَضى أنَّ لِلأَوَّلِ رُبعَ الدِّيَةِ ، ولِلثّاني ثُلثَ الدِّيَةِ ، ولِلثّالِثِ نِصفَ الدِّيَةِ ، ولِلرّابِعِ دِيَةً كامِلَةً ، وجَعَلَ ذلِكَ عَلى قَبائِلِ الَّذينَ ازدَحَموا ، فَرَضِيَ بِعضُ القَومِ وسَخِطَ بَعضٌ . فَرُفِعَ ذلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله واُخبِرَ بِقَضاءِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَأَجازَهُ (2) .

.


1- .الزُّبية : حفيرة تُحفر للأسد والصيد ، ويُغطّى رأسها بما يسترها ليقع فيها (النهاية : ج2 ص295) .
2- .الكافي : ج7 ص286 ح2 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص239 ح952 كلاهما عن مسمع بن عبد الملك ؛ مسند ابن حنبل : ج1 ص167 ح573 و ص272 ح1063 كلاهما عن حنش الكناني ، الرياض النضرة : ج3 ص169 عن الإمام عليّ عليه السلام والثلاثة الأخيرة نحوه .

ص: 326

2 / 2 ثور رجل قتل حمار الآخر

2 / 3 فرس أفلت فقتل رجلاً

2 / 2ثَورُ رَجُلٍ قَتَلَ حِمارَ الآخَرِشكس : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام الباقر عليه السلام :أتى رَجُلٌ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَقالَ : إنَّ ثَورَ فُلانٍ قَتَلَ حِماري ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : اِيتِ أبا بَكرٍ فَسَلهُ . فَأَتاهُ فَسَأَلَهُ ، فَقالَ : لَيسَ عَلَى البَهائِمِ قَوَدٌ . فَرَجَعَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَأَخَبَرهُ بِمَقالَةِ أبي بَكرٍ ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : اِيتِ عُمَرَ فسَلهُ . فَأَتاهُ فَسَأَلَهُ ، فَقالَ مِثلَ مَقالَةِ أبي بَكرٍ . فَرَجَعَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَأَخبَرَهُ ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : اِيتِ عَلِيّا عليه السلام فَسلهُ . فَأَتاهُ فَسَأَلَهُ ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام :

إن كانَ الثَّورُ الدّاخِلُ عَلى حِمارِكَ في مَنامِهِ حَتّى قَتَلَهُ فَصاحِبُهُ ضامِنٌ ، وإن كانَ الحِمارُ هُوَ الدّاخِلُ عَلَى الثَّورِ في مَنامِهِ فَلَيسَ عَلى صاحِبِهِ ضَمانٌ .

قالَ : فَرَجَعَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَأَخَبَرَهُ ، فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : الحَمدُ للّهِِ الَّذي جَعَلَ مِن أهِل بَيتي مَن يَحكُمُ بِحُكمِ الأَنبِياءِ (1) .2 / 3فَرَسٌ أفلَتَ فَقَتَلَ رَجُلاً* ومنه في الزيارة :الإمام الباقر عليه السلام :بَعَثَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلِيّا عليه السلام إلَى اليَمَنِ ، فَأَفلَتَ فَرَسٌ لِرَجُلٍ مِن أهلِ اليَمَنِ ، ومَرَّ يَعدو فَمَرَّ بِرَجُلٍ فَنَفَحَهُ (2) بِرِجلِهِ فَقَتَلَهُ ، فَجاءَ أولِياءُ المَقتولِ إلَى الرَّجُلِ فَأَخَذوهُ ورَفَعوهُ إلى عَلِيٍّ عليه السلام ، فَأَقامَ صاحِبُ الفَرَسِ البَيِّنَةَ عِندَ عَلِيٍّ عليه السلام أنَّ فَرَسَه

.


1- .الكافي : ج7 ص352 ح7 عن سعد بن طريف الإسكاف و ح6 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص229 ح901 كلاهما عن مصعب بن سلام التميمي عن الإمام الصادق عن أبيه عليهماالسلام ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص81 عن الإمام الصادق عليه السلام ، عوالي اللآلي : ج3 ص626 ح42 ، دعائم الإسلام : ج2 ص424 ح1477 كلّها نحوه وراجع الإرشاد : ج1 ص197 والفضائل لابن شاذان : ص140 .
2- .نَفَحَتِ الدابَّةُ : إذا رمحت برجلها ورَمَت بحدّ حافرها ودَفَعتْ (لسان العرب : ج2 ص622) .

ص: 327

2 / 4 رجلان اختصما في غلام

* ومنه في الزيارة :أفلَتَ مِن دارِهِ ونَفَحَ الرَّجُلَ ، فَأَبطَلَ عَلِيٌّ عليه السلام دَمَ صاحِبِهِم .

فَجاءَ أوِلياءُ المَقتوِل مِنَ اليَمَنِ إلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَقالوا : يا رَسولَ اللّهِ ، إنَّ عَلِيّا عليه السلام ظَلَمَنا وأبطَلَ [دَمَ] (1) صاحِبِنا .

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إنَّ عَلِيّا عليه السلام لَيسَ بَظَلّامٍ ، ولَم يُخلَق لِلظُّلمِ ، إنَّ الوَلايَةَ لِعَلِيٍّ عليه السلام مِن بَعدي ، وَالحُكمَ حُكمُهُ ، وَالقَولَ قَولُهُ ، ولا يَرُدُّ وَلايَتَهُ وقَولَهُ وحُكمَهُ إلّا كافِرٌ ، ولا يَرضى وَلايَتَهُ وقَولَهُ وحُكمَهُ إلّا مُؤمِنٌ .

فَلَمّا سَمِعَ اليَمانِيّون قَولَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله في عَلِيٍّ عليه السلام قالوا : يا رَسولَ اللّه رَضينا بِحُكمِ عَلِيٍّ عليه السلام وقَولِهِ . فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : هُوَ تَوبَتُكُم مِمّا قُلتُم (2) .2 / 4رَجُلانِ اختَصَما في غُلامٍ* وعن الصادق عليه السلام :الإرشاد_ في ذِكرِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام بَعدَما بَعَثَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إلَى اليَمَنِ _: رُفِعَ إلَيهِ رَجلانِ بَينَهُما جارِيَةٌ يَملِكانِ رِقَّها عَلَى السَّواءِ ، قَد جَهِلا حَظرَ وَطئِها فَوَطِئاها مَعا في طُهرٍ واحِدٍ عَلى ظَنٍّ مِنهُما جَوازَ ذلِكَ لِقُربِ عَهدِهِما بِالإِسلامِ ، وقِلَّةِ مَعرِفَتِهِما بِما تَضَمَّنَتهُ الشَّريعَةُ مِنَ الأَحكامِ ، فَحَمَلَتِ الجارِيَةُ ووَضَعَت غُلاما ، فَاختَصَما إلَيهِ فيهِ ، فَقَرَعَ عَلَى الغُلامِ بِاسمَيهِما ، فَخَرَجِتِ القُرعَةُ لِأَحَدِهِما فَأَلَحَقَ الغُلامَ بِهِ ، وألزَمَهُ نِصفَ قيمَتِهِ ؛ لِأَ نَّهُ كانَ عَبدا لِشَريكِهِ ، وقالَ : لَو عَلِمتُ أ نَّكُما أقدَمتُما عَلى ما فَعَلتُماهُ بَعدَ الحُجَّةِ عَلَيكُما بِحَظرِهِ لَبالَغتُ في عُقوبَتِكُما .

.


1- .هذه الزيادة أثبتناها من تهذيب الأحكام والأمالي للصدوق .
2- .الكافي : ج7 ص352 ح8 عن عبيد اللّه الحلبي عن رجل ، تهذيب الأحكام : ج10 ص228 ح900 عن عبد اللّه الحلبي عن رجل، الأمالي للصدوق : ص428 ح566 عن جبير، دعائم الإسلام : ج2 ص425 ح1478 نحوه وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص33 .

ص: 328

2 / 5 حكم القارصة والقامصة

* وعن الصادق عليه السلام :وبَلَغَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله هذِهِ القَضِيَّةُ فَأَمضاها ، وأقَرَّ الحُكمَ بِها فِي الإِسلامِ ، وقالَ : الحَمدُ للّهِِ الَّذي جَعَلَ فينا أهلَ البَيتِ مَن يَقضي عَلى سَنَنِ داوُدَ عليه السلام وسَبيلِهِ فِي القَضاءِ (1) .2 / 5حُكمُ القارِصَةِ وَالقامِصَةِ* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله :الإرشاد :رُفِعَ إلَيهِ [ عليه السلام ] خَبَرُ جارِيَةٍ حَمَلَت جارِيَةً عَلى عاتِقِها عَبَثا ولَعِبا ، فَجاءَت جارِيَةٌ اُخرى فَقَرَصَتِ الحامِلَةَ فَقَفَزَت لِقَرصَتِها ، فَوَقَعَتِ الرّاكِبَةُ فَاندَقَّت عُنُقُها وهَلَكَت . فَقَضى عليه السلام عَلَى القارِصَةِ بِثُلثِ الدِّيَةِ ، وعَلَى القامِصَةِ (2) بِثُلثِها ، وأسقَطَ الثُّلثَ الباقي بِقُموصِ الرّاكِبَةِ لِرُكوبِ الواقِعَةِ عَبَثا القامِصَةَ . وبَلَغَ الخَبَرُ بِذلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَأَمضاهُ وشَهِدَ لَهُ بِالصَّوابِ بِهِ (3) .

.


1- .الإرشاد : ج1 ص195 ، بحار الأنوار : ج40 ص244 ح21 وفيه «وأسقط الثلث الباقي لركوب الواقصة عبثا القامصةَ . والواقصة الَّتي كسر عنقها» .
2- .القامصة : النافرة الضاربة برجْلَيها (النهاية : ج4 ص108) .
3- .الإرشاد : ج1 ص196 ، بحار الأنوار : ج40 ص245 ح21 وراجع المقنعة : ص750 والمناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص354 .

ص: 329

الفصل الثالث : نماذج من أقضيته بعد النبيّ صلى الله عليه و آله

3 / 1 رجل شرب الخمر جاهلاً بحرمته

الفصل الثالث : نماذج من أقضيته بعد النبيّ3 / 1رَجُلٌ شَرِبَ الخَمرَ جاهِلاً بِحُرمَتِهِشكا : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام الصادق عليه السلام :لَقَد قَضى أميرُ المُؤمِنينَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ بِقَضِيَّةٍ ما قَضى بِها أحَدٌ كانَ قَبلَهُ ! وكانَت أوَّلَ قَضِيَّةٍ قَضى بِها بَعدَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .

وذلِكَ أ نَّهُ لَمّا قُبِضَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله واُفضِيَ الأمرُ إلى أبي بَكرٍ اُتِيَ بِرَجُلٍ قَد شَرِبَ الخَمَر ، فَقالَ لَهُ أبو بَكرٍ : أشَرِبتَ الخَمرَ ؟ فَقالَ الرَّجُلُ : نَعَم ، فَقالَ : ولِمَ شَرِبتَها وهِيَ مُحَرَّمَةٌ ؟ فَقالَ : إنَّني لَمّا (1) أسلَمتُ ومَنزِلي بَينَ ظَهرانَي قَومٍ يَشربَون الخَمرَ ويَستَحِلّونَها ، ولَم (2) أعلَم أ نَّها حَرامٌ فَأَجتَنِبُها . قالَ : فَالتَفَتَ أبو بَكرٍ إلى عُمَرَ فَقالَ : ما تَقولُ يا أبا حَفصٍ في أمرِ هذَا الرَّجُلِ ؟ فَقالَ : مُعضِلَةٌ وأبُو الحَسَنِ لَها .

فَقالَ أبو بَكرٍ : يا غُلامُ ادعُ لَنا عَلِيّا ، قالَ عُمَرُ : بَل يُؤتىَ الحَكَمُ في مَنزِلِهِ ، فَأَتَوهُ ومَعَهُ سَلمانُ الفارِسِيُّ ، فَأَخبَرَهُ بِقِصَّةِ الرَّجُلِ فَاقتَصَّ عَلَيهِ قِصَّتَهُ .

.


1- .كذا في المصدر،وجاءفي الموضع الآخر من الكافي وخصائص الأئمّة عليهم السلامبحذف «لمّا»،وهو المناسب للسياق.
2- .في المصدر : « ولو » ، والصواب ما أثبتناه كما في خصائص الأئمّة عليهم السلام . وفي الموضع الآخر من الكافي : «ولو علمتُ أ نّها حرام اجتنَبتُها» .

ص: 330

3 / 2 جارية اخذت عذرتها بالإصبع

شكا : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام لِأَبي بَكرٍ : اِبعَث مَعَهُ مَن يَدورُ بِهِ عَلى مَجالِسِ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ ؛ فَمَن كانَ تَلا عَلَيهِ آيَةَ التَّحريمِ فَليشَهَد عَلَيهِ ؛ فَإِن لَم يَكُن تَلا عَلَيهِ آيَةَ التَّحريمِ فَلا شَيءَ عَلَيهِ .

فَفَعَلَ أبو بَكرٍ بِالرَّجُلِ ما قالَ عَلِيٌّ عليه السلام ، فَلَم يَشهَد عَلَيهِ أحَدٌ ، فَخَلّى سَبيلَهُ (1) .3 / 2جارِيَةٌ اُخِذَت عُذرَتُها بِالإِصبَعِ* وعنه صلى الله عليه و آله لاُمّ سلمة :الإمام الصادق عليه السلام :اُتِيَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ بِجارِيَةٍ قَد شَهِدوا عَلَيها أَ نَّها بَغَت ، وكانَ مِن قِصَّتِها أ نَّها كانَت يَتيمَةً عِندَ رَجُلٍ ، وكانَ الرَّجُلُ كَثيرا ما يَغيبُ عَن أهلِهِ ، فَشَبَّتِ اليَتيمَةُ فَتَخَوَّفَتِ المَرأَةُ أن يَتَزَوَّجَها زَوجُها ، فَدَعَت بِنِسوَةٍ حَتّى أمسَكنَها ، فَأَخَذَت عُذرتَهَا بِإِصبَعِها .

فَلَمّا قَدِمَ زَوجُها مِن غَيبَتِهِ رَمَتِ المَرأَةُ اليَتيمَةَ بِالفاحِشَةِ وأقامَتِ البَيِّنَةَ مِن جاراتِهَا الّلاتي ساعَدنَها (2) عَلى ذلِكَ ، فَرُفِعَ ذلِكَ إلى عُمَرَ ، فَلَم يَدرِ كَيفَ يَقضي فيها ، ثُمَّ قالَ لِلرَّجُلِ : اِيتِ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ عليه السلام ، وَاذهَب بِنا إلَيهِ ، فَأَتَوا عَلِيّا عليه السلام وقَصّوا عَلَيهِ القِصَّةَ .

فَقالَ لِامرَأَةِ الرَّجُلِ : أ لَكِ بَيِّنَةٌ أو بُرهانٌ ؟ قالَت : لي شُهودٌ ؛ هؤُلاءِ جاراتي يَشهَدنَ عَلَيها بِما أقولُ ، فَأَحضَرَتهُنَّ ، فَأَخرَجَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام السَّيفَ مِن غِمدِهِ فَطَرح (3) بَينَ يَدَيهِ ، وأمَرَ بِكُلِّ واحِدَةٍ مِنهُنَّ فَاُدخِلَت بَيتا ، ثُمَّ دَعا بِامرَأَةِ الرَّجُل

.


1- .الكافي : ج7 ص249 ح4 عن أبي بصير و ص216 ح16 عن ابن بكير ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص81 كلاهما نحوه .
2- .في المصدر : «ساعدتها» ، والصحيح ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام .
3- .كذا في الكافي والتهذيب ، وفي كتاب من لا يحضره الفقيه: « وطَرَحَهُ » .

ص: 331

* وعنه صلى الله عليه و آله لاُمّ سلمة :فَأَدارَها بِكُلِّ وَجهٍ فَأَبَت أن تَزولَ عَن قَولِها ، فَرَدَّها إلَى البَيتِ الَّذي كانَت فيهِ ودَعا إحدَى الشُّهودِ وجَثا عَلى رُكبَتَيهِ ثُمَّ قالَ : تَعرِفيني ؟ أنَا عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ، وهذا سَيفي ، وقَد قالَتِ امرَأَةُ الرَّجُلِ ما قالَت ورَجَعَت إلَى الحَقِّ وأعطَيتُهَا الأَمانَ ، وإن لَم تَصدُقيني لَأَملَأَنَّ السَّيفَ مِنكِ ! فَالتَفَتَت (1) إلى عُمَرَ فَقالَت : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، الأَمانَ عَلَيَّ ؟ فَقالَ لَها أميرُ المُؤمِنينَ[ عليه السلام ] : فَاصدُقي .

فَقالَت : لا وَاللّهِ إلّا أ نَّها رَأَت جَمالاً وهَيئَةً ، فَخافَت فَسادَ زَوجِها عَلَيها ، فَسَقَتهَا المُسكِرَ ، ودَعَتنا فَأَمسَكناها فَافتَضَّتها بِإِصبَعِها .

فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : اللّهُ أكبَرُ ، أنَا أوَّلُ مَن فَرَّقَ بَينَ الشّاهِدَينِ إلّا دانيالَ النَّبِيَّ .

فَأَلزَمَ عَلِيٌّ عليه السلام المَرأَةَ حَدَّ القاذِفِ ، وألزَمَهُنَّ جَميعا العُقرَ (2) ، وجَعَلَ عُقرَها أربَعَمِئَةِ دِرهَمٍ وأمَرَ المَرأَةَ (3) أن تُنفى مِنَ الرَّجُلِ ويُطَلِّقَها زَوجُها ، وزَوَّجَهُ الجارِيَةَ وساقَ عَنهُ عَلِيٌّ عليه السلام المَهرَ .

فَقالَ عُمَرُ : يا أبَا الحَسَنِ ، فَحَدِّثنا بِحَديثِ دانيالَ .

فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : إنَّ دانيالَ كانَ يَتيما لا اُمَّ لَهُ ولا أبَ ، وإنَّ امرَأَةً مِن بَني إسرائيلَ عَجوزا كَبيرَةً ضَمَّتهُ فَرَبَّتهُ ، وإنَّ ملِكا مِن مُلوكِ بَني إسرائيلَ كانَ لَهُ قاضِيانِ ، وكانَ لَهُما صَديقٌ ، وكانَ رَجُلاً صالِحا ، وكانَت لَهُ امرَأَةٌ بَهِيَّةٌ جَميلَةٌ ، وكانَ يَأتِي المَلِكَ فَيُحَدِّثُهُ ، فَاحتاجَ المَلِكُ إلى رَجُلٍ يَبعَثُهُ في بَعضِ اُمورِهِ ، فَقالَ لِلقاضِيَينِ : اختارا رَجُلاً اُرسِلُهُ في بَعضِ اُموري ، فَقالا : فُلانٌ ، فَوَجَّهَهُ المَلِكُ ، فَقالَ الرَّجُلُ لِلقاضِيَينِ : اُوصيكُما بِامرَأَتي خَيرا ، فَقالا : نَعَم ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ . .


1- .في المصدر : «فالتفت» ، والصحيح ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام .
2- .عُقْر المرأة : دِيَة فرجها إذا غُصِبَت فَرجَها (لسان العرب : ج4 ص595) .
3- .في المصدر : «امرأة» ، والصحيح ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام .

ص: 332

* وعنه صلى الله عليه و آله لاُمّ سلمة :فَكانَ القاضِيانِ يَأتِيانِ بابَ الصديقِ ، فَعَشِقَا امرَأَتَهُ فَراوَداها عَن نَفسِها ، فَأَبَت ، فَقالا لَها : وَاللّهِ لَئِن لَم تَفعَلي لَنَشهَدَنَّ عَلَيكِ عِندَ المَلِكِ بِالزِّنى ، ثُمَّ لَنَرجُمَنَّكِ ، فَقالَتِ : افعَلا ما أحبَبتُما ، فَأَتَيَا المَلِكَ فَأَخبَراهُ وشَهِدا عِندَهُ أ نّها بَغَت ، فَدَخَلَ المَلِكُ مِن ذلِكَ أمرٌ عَظيمٌ ، وَاشتَدَّ بِها غَمُّهُ وكانَ بِها مُعجَبا .

فَقالَ لَهُما : إنَّ قَولَكُما مَقبولٌ ، ولكِنِ ارجُموها بَعدَ ثَلاثَةِ أيّامٍ ، ونادى فِي البَلَدِ الَّذي هُوَ فيهِ : احضُروا قَتلَ فُلانَةٍ العابِدَةِ . فَإِنَّها قَد بَغَت ؛ فَإِنَّ القاضِيَينِ قَد شَهِدا عَلَيها بِذلِكَ .

فَأَكثَرَ النّاسُ في ذلِكَ وقالَ المَلِكُ لِوَزيرِهِ : ما عِندَكَ في هذا مِن حيلَةٍ ؟ فَقالَ : ما عِندي في ذلِكَ من شَيءٍ .

فَخَرَجَ الوَزيرُ يَومَ الثّالِثِ ؛ وهُوَ آخِرُ أيّامِها ، فَإِذا هُوَ بِغِلمانٍ عُراةٍ يَلعَبونَ وفيهِم دانيالُ عليه السلام وهُوَ لا يَعرِفُهُ ، فَقالَ دانيالُ : يا مَعشَرَ الصِّبيانِ تَعالَوا حَتّى أكونَ أنَا المَلِكَ وتَكونَ أنتَ يا فُلانُ العابِدةَ ، ويَكونَ فُلانٌ وفُلانٌ القاضِيَينِ الشّاهِدَينِ عَلَيها .

ثُمَّ جَمَعَ تُرابا وجَعَلَ سَيفا مِن قَصَبٍ ، وقالَ لِلصِّبيانِ : خُذوا بِيَدِ هذا فَنَحّوهُ إلى مَكانِ كَذا وكَذا ، وخُذوا بِيَدِ هذا فَنَحّوهُ إلى مَكانِ كَذا وكَذا . ثُمَّ دَعا بِأَحَدِهِما فَقالَ لَهُ : قُل حَقّا ؛ فَإِنَّكَ إن لَم تَقُل حَقّا قَتَلتُكَ _ وَالوَزيرُ قائِمٌ يَنظُرُ ويَسمَعُ _ فَقالَ : أشهَدُ أ نَّها بَغَت . فَقالَ : مَتى ؟ قالَ : يَومَ كَذا وكَذا . فَقالَ : رُدّوهُ إلى مَكانِهِ وهاتُوا الآخَرَ . فرَدّوهُ إلى مَكانِهِ وجاؤوا بِالآخَرِ ، فَقالَ لَهُ : بِما تَشهَدُ ؟ فَقالَ : أشهَدُ أ نَّها بَغَت . قالَ : مَتى ؟ قالَ : يَومَ كَذا وكَذا . قالَ : مَعَ مَن ؟ قالَ : مَعَ فُلانِ بنِ فُلانٍ . قالَ : وأينَ ؟ قالَ : بِمَوضِعِ كَذا وكَذا . فَخالَفَ أحَدُهُما صاحِبَهُ .

فَقالَ دانيالُ عليه السلام : اللّه أكبَرُ ، شَهِدا بِزورٍ ، يا فُلانُ نادِ فِي النّاسِ أ نَّهُما شَهِدا عَلى فُلانَةَ بِزورٍ ، فَاحضُروا قَتلَهُما . .

ص: 333

3 / 3 المتّهمة بالفجور

* وعنه صلى الله عليه و آله لاُمّ سلمة :فَذَهَبَ الوَزيرُ إلَى المَلِكِ مُبادِرا ، فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ . فَبَعَثَ المَلِكُ إلَى القاضِيَينِ ، فَاختَلَفا كَمَا اختَلَفَ الغُلامانِ . فَنادَى المَلِكُ فِي النّاسِ ، وأمَرَ بِقَتِلهِما (1) .3 / 3المُتَّهَمَةُ بِالفُجورِشلل : في الخبر :الإمام الصادق عليه السلام :اُتِيَ عُمَرُ بِامرَأَةٍ تَزَوَّجَها شَيخٌ ، فَلَمّا أن واقَعَها ماتَ عَلى بَطنِها ، فَجاءَت بِوَلَدٍ فَادَّعى بَنوهُ أ نَّها فَجَرَت ، وتَشاهَدوا عَلَيها ، فَأَمَرَ بِها عُمَرُ أن تُرجَمَ ، فَمَرَّ بِها عَلِيٌّ عليه السلام فَقالَت : يَابنَ عَمِّ رَسوِلِ اللّهِ ! إنَّ لي حُجَّةً . قالَ : هاتي حُجَّتَكِ ! فَدَفَعَت إلَيهِ كِتابا فَقَرَأَهُ ، فَقالَ : هذِهِ المَرأَةُ تُعلِمُكُم بِيوَمَ تَزَوَّجها ، ويَومَ واقَعَها ، وكَيفَ كانَ جِماعُهُ لَها ، رُدُّوا المَرأَةَ .

فَلَمّا أن كانَ مِنَ الغَدِ دَعا بِصِبيانٍ أترابٍ ودَعا بِالصَّبِيِّ مَعَهُم ، فَقالَ لَهُم : اِلعَبوا ، حَتّى إذا ألهاهُمُ اللَّعِبُ قالَ لَهُم : اِجلِسوا ، حَتّى إذا تَمَكَّنوا صاحَ بِهِم ، فَقامَ الصِّبيانُ وقامَ الغُلامُ فَاتَّكَأَ عَلى راحَتَيهِ . فَدَعا بِهِ عَلِيٌّ عليه السلام (2) وَوَرَّثَهُ مِن أبيهِ وجَلَدَ إخوَتَهُ المُفتَرينَ حَدّا حَدّا .

فَقالَ لَهُ عُمَرُ : كَيفَ صَنَعتَ ؟ قالَ عليه السلام : عَرَفتُ ضَعفَ الشَّيخِ فِي اِتّكاءِ الغُلامِ عَلى راحَتَيهِ (3) .

.


1- .الكافي : ج7 ص426 ح9 ، تهذيب الأحكام : ج6 ص308 ح852 كلاهما عن معاوية بن وهب ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج3 ص20 ح3251 عن الأصبغ بن نباتة ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص372 نحوه وكلاهما من دون إسنادٍ إلى المعصوم .
2- .في المصدر : «عليّا» ، والصحيح ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام .
3- .الكافي : ج7 ص424 ح7 ، تهذيب الأحكام : ج6 ص306 ح850 كلاهما عن أبي الصباح الكناني ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج3 ص24 ح3254 عن الأصبغ بن نباتة ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص369 كلاهما من دون إسنادٍ إلى المعصوم .

ص: 334

3 / 4 مجنونة زنت

3 / 4مَجنونَةٌ زَنَتشلم : عن المهديّ عليه السلام :المستدرك على الصحيحين عن ابن عبّاس :مَرَّ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ بِمَجنونَةِ بَني فُلانٍ وقَد زَنَت ، وأمَرَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ بِرَجمِها ، فَرَدَّها عَلِيٌّ ، وقالَ لِعُمَرَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ أ تَرجُمُ هذِهِ ؟ ! قالَ : نَعَم . قالَ : أ وَما تَذكُرُ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قالَ : «رُفِعَ القَلَمُ عَن ثَلاثٍ : عَنِ المَجنونِ المَغلوبِ عَلى عَقلِهِ ، وعَنِ النّائِمِ حَتّى يَستَيقِظَ ، وعَنِ الصَّبِيِّ حَتّى يَحتَلِمَ» ؟

قالَ : صَدَقتَ . فَخَلّى عَنها (1) .شلا : في الزيارة :مسند ابن حنبل عن أبي ظبيان الجنبي :إنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ اُتِيَ بِامرَأَةٍ قَد زَنَت ، فَأَمَرَ بِرَجمِها ، فَذَهَبوا بِها لِيَرجُموها ، فَلَقِيَهُم عَلِيٌّ عليه السلام ، فَقالَ : ما هذِهِ ؟ قالوا : زَنَت فَأَمَرَ عُمَرُ بِرَجمِها ، فَانتَزَعَها عَلِيٌّ مِن أيديهِم ورَدَّهُم ، فَرَجَعوا إلى عُمَرَ ، قالَ : ما رَدَّكُم ؟ قالوا : رَدَّنا عَلِيٌّ عليه السلام ، قالَ : ما فَعَلَ هذا عَلِيٌّ إلّا لِشَيءٍ قَد عَلِمُهُ .

فَأَرسَلَ إلى عَلِيٍّ فَجاءَ وهُوَ شِبهُ المُغضَبِ ، فَقالَ : ما لَكَ رَدَدتَ هؤُلاءِ ؟ قالَ : أما سَمِعتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله يَقولُ : «رُفِعَ القَلَمُ عَن ثَلاثَةٍ : عَنِ النّائِمِ حَتّى يَستَيقِظَ ، وعَنِ الصَّغيرِ حَتّى يَكبَرَ ، وعَنِ المُبتَلى حَتّى يَعقَلَ» ؟ قالَ : بَلى ، قالَ عَلِيٌّ عليه السلام : فَإِنَّ هذِهِ مُبتَلاةُ بَني فُلانٍ ، فَلَعَلَّهُ أتاها وهُوَ بِها ، فَقالَ عُمَرُ : لا أدري ، قالَ : وأنَا لا أدري . فَلم يَرجُمها (2) .

.


1- .المستدرك على الصحيحين : ج1 ص389 ح949 و ج2 ص68 ح2351 ، صحيح ابن خزيمة : ج4 ص348 ح869 ، سنن الدارقطني : ج3 ص139 ح173 ، السنن الكبرى : ج4 ص448 ح8307 و ج8 ص460 ح17211 كلّها نحوه وراجع صحيح البخاري : ج6 ص2499 والمناقب للخوارزمي : ص80 ح64 والإرشاد : ج1 ص203 والمناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص366 .
2- .مسند ابن حنبل : ج1 ص325 ح1327 ، فضائل الصحابة لابن حنبل : ج2 ص707 ح1209 ، سنن أبي داوود : ج4 ص140 ح4402 ، السنن الكبرى : ج8 ص460 ح17212 ، مسند أبي يعلى : ج1 ص292 ح583 ، ذخائر العقبى : ص147 والأربعة الأخيرة نحوه وراجع مسند ابن حنبل : ج1 ص295 ح1183 وفضائل الصحابة لابن حنبل : ج2 ص719 ح1232 والمستدرك على الصحيحين : ج4 ص429 ح8168 و ص430 ح8169 وشرح الأخبار : ج2 ص315 ح648 .

ص: 335

3 / 5 المعترفة بالفجور بعد التّعذيب

* ومنه في يوم الجمل :سنن أبي داوود عن ابن عبّاس :اُتِيَ عُمَرُ بِمَجنونَةٍ قَد زَنَت ، فَاستَشارَ فيها اُناسا ، فَأَمَرَ بِها عُمَرُ أن تُرجَمَ ، فَمُرَّ بِها عَلى عَليٍّ بنِ أبي طالِبٍ رِضوانُ اللّهِ عَلَيهِ ، فَقالَ : ما شَأنُ هذِهِ ؟ قالوا : مَجنونَةٌ بَني فُلانٍ زَنَت فَأَمَرَ بِها عُمَرُ أن تُرجَمَ . فَقالَ : اِرجِعوا بِها . ثُمَّ أتاهُ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، أما عَلِمتَ أنَّ القَلَمَ قَد رُفِعَ عَن ثَلاثَةٍ : عَنِ المَجنونِ حَتّى يَبَرأَ ، وعَنِ النّائِمِ حَتّى يَستَيقِظَ ، وعَنِ الصَّبِيِّ حَتّى يَعْقَلَ ؟ قالَ : بَلى ، قالَ : فَما بالُ هذِهِ تُرجَمُ ؟ قالَ : لا شَيءَ . قالَ : فَأَرسِلها ، قالَ : فَأَرسَلَها . قالَ : فَجَعَلَ يُكَبِّرُ (1) .3 / 5المُعتَرِفَةُ بِالفُجورِ بَعدَ التَّعذيبِشمت : عن الصادق عليه السلام :الإمام الحسين عليه السلام :لَمّا كانَ في وِلايَةِ عُمَرَ اُتِيَ بِامرَأَةٍ حامِلٍ ، فَسَأَلَها عُمَرُ فَاعتَرَفَت بِالفُجورِ ، فَأَمَرَ بِها عُمَرُ أن تُرجَمَ . فَلَقِيَها عَلِيُّ بن أبي طالِبٍ عليه السلام فَقالَ : ما بالُ هذِهِ ؟ فَقالوا : أمَرَ بِها عُمَرُ أن تُرجَمَ .

فَرَدَّها عَلِيٌّ عليه السلام فَقالَ : أمرَتَ بِها أن تُرجَم ؟ فَقالَ : نَعَم ، اِعتَرَفَت عِندي بِالفُجورِ .

فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : هذا سُلطانُكَ عَلَيها ، فَما سُلطانُكَ عَلى ما في بَطنِها ؟ !

قالَ : ما عَلِمتُ أ نَّها حُبلى .

قالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : إن لَم تَعلَم فَاستَبرِ رَحِمَها . ثُمَّ قالَ عليه السلام : فَلَعَلَّكَ انتَهَرتَها أو أخَفتَها !

.


1- .سنن أبي داوود : ج4 ص140 ح4399 ، سنن سعيد بن منصور : ج2 ص67 ح2078 عن أبي ظبيان نحوه .

ص: 336

3 / 6 امرأة ولدت بعد قدوم زوجها بستّة أشهر

شمت : عن الصادق عليه السلام :قالَ : قَد كانَ ذلِكَ .

فَقالَ عليه السلام : أ وَما سَمِعتَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : «لا حَدَّ عَلى مُعتَرِفٍ بَعدَ بَلاءٍ» ؛ إنَّهُ مَن قَيَّدتَ أو حَبَستَ أو تَهَدَّدتَ فَلا إقرارَ لَهُ .

قالَ : فَخَلّى عُمَرُ سَبيلَها ، ثُمَّ قالَ : عَجَزَتِ النِّساءُ أن تَلِدَ مِثلَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ! لَولا عَلِيٌّ لَهلَكَ عُمَرُ (1) .3 / 6اِمرَأَةٌ وَلَدَت بَعدَ قُدومِ زَوجِهِا بِسِتَّةِ أشُهرٍ* وعنه عليه السلام في شجرة النبوّة :المناقب لابن شهر آشوب :كانَ الهَيثَمُ في جَيشٍ ، فَلَمّا جاءَتِ امرَأَتُهُ بَعدَ قُدومِهِ بِستَّةِ أشهُرٍ بِوَلَدٍ ، فَأَنكَرَ ذلِكَ مِنها وجاءَ بِهِ عُمَرَ ، وقَصَّ عَلَيهِ ، فَأَمَرَ بِرَجمِها ، فَأَدرَكَها عَلِيٌّ مِن قَبلِ أن تُرجَمَ ، ثُمَّ قالَ لِعُمَر : اربَع (2) عَلى نَفسِكَ ؛ إنَّها صَدَقَت ، إنَّ اللّهَ تَعالى يَقولُ : «وَ حَمْلُهُ وَ فِصَ__لُهُ ثَلَ_ثُونَ شَهْرًا» (3) وقالَ : «وَالْوَ لِدَ تُ يُرْضِعْنَ أَوْلَ_دَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ» (4) فَالحَملُ وَالرِّضاعُ ثَلاثونَ شَهرا ، فَقالَ عُمَرُ : لَولا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ . وخَلّى سَبيلَها ، وأَلحَقَ الوَلَدَ بِالرَّجُلِ (5) .* وعن الحسن بن عليّ عليهماالسلام :المناقب للخوارزمي عن أبي الأسود :إنَّ عُمَرَ اُتِيَ بِامرَأَةٍ قَد وَضَعَت لِسِتَّةِ أشهُرٍ ، فَهَم

.


1- .مسند زيد : ص335 ؛ المناقب للخوارزمي : ص80 ح65 ، فرائد السمطين : ج1 ص350 ح276 ، ذخائر العقبى : ص146 نحوه وليس فيهما من «قال : ما علمت» إلى «رحمها» وكلّها عن زيد بن عليّ عن الإمام زين العابدين عليه السلام .
2- .ارْبَع : قِفْ واقتصِر (النهاية : ج2 ص187) .
3- .الأحقاف : 15 .
4- .البقرة : 233 .
5- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص365 ؛ تفسير القرطبي : ج16 ص193 نحوه وفيه «عثمان» بدل «عمر» وراجع تذكرة الخواصّ : ص 148 .

ص: 337

3 / 7 امرأة مكّنت من نفسها اضطرارا

* وعن الحسن بن عليّ عليهماالسلام :بِرَجمِها ، فَبَلَغَ ذلِكَ عَلِيّا عليه السلام فَقالَ : لَيسَ عَلَيها رَجمٌ ، فَبَلَغَ ذلِكَ عُمَرَ ، فَأَرسَلَ إلَيهِ يَسأَلُهُ ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : «وَالْوَ لِدَ تُ يُرْضِعْنَ أَوْلَ_دَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ» وقالَ : «وَ حَمْلُهُ وَ فِصَ__لُهُ ثَلَ_ثُونَ شَهْرًا» ؛ فَسِتَّةُ أشهُرٍ حَملُهُ، و «حَولَينِ» تَمامُ الرَّضاعَةِ؛ لا حَدَّ عَلَيها ، قالَ : فَخَلّى عَنها، ثُمَّ وَلَدَت بَعدُ لِسِتَّةِ أشهُرٍ (1) .3 / 7اِمرَأَةٌ مَكَّنَت مِن نَفسِها اضطِرارا* وعنه عليه السلام في صفّين :كتاب من لا يحضره الفقيه عن محمّد بن عمرو بن سعيد رفعه :إنَّ امرَأَةً أتَت عُمَرَ فَقالَت : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي فَجَرتُ ، فَأَقِم فِيَّ حَدَّ اللّهِ عَزَّوجَلَّ . فَأَمَرَ بِرَجمِها ، وكانَ عَلِيٌّ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام حاضِرا ، فَقالَ : سَلها كَيفَ فَجَرَت ، فَسَأَلَها فَقالَت :

كُنتُ في فَلاةٍ مِنَ الأَرضِ ، فَأَصابَني عَطَشٌ شَديدٌ ، فَرُفِعَت لي خَيمَةٌ ، فَأَتَيتُها ، فَأَصَبتُ فيها رَجُلاً أعرابِيّا ، فَسَأَلتُهُ ماءً ، فَأَبى عَلَيَّ أن يَسقِيَني إلّا أن اُمَكِّنَهُ مِن نَفسي ، فَوَلَّيتُ مِنهُ هارِبَةً ، فَاشتَدَّ بِيَ العَطَشُ حَتّى غارَت عَينايَ وذَهَبَ لِساني ، فَلَمّا بَلَغَ مِنّي العَطَشُ أتَيتُهُ فَسَقاني ، ووَقَعَ عَلَيَّ .

فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : هذِهِ الَّتي قالَ اللّهُ عَزَّوجَلَّ : «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَ لَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ» (2) ، هذِهِ غَيرُ باغِيَةٍ ولا عادِيَةٍ ، فَخَلِّ سَبيلَها . فَقالَ عُمَرُ : لَولا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ (3) .

.


1- .المناقب للخوارزمي : ص95 ح94 ، السنن الكبرى : ج7 ص727 ح15549 عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي ، ذخائر العقبى : ص 148 ، سنن سعيد بن منصور : ج2 ص66 ح2074 ؛ الإرشاد : ج1 ص206 كلاهما عن الحسن وكلّها نحوه .
2- .البقرة : 173 .
3- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص35 ح5025 ، تفسير العيّاشي : ج1 ص74 ح155 عن بعض أصحابنا ؛ سنن سعيد بن منصور : ج 2 ص69 ح2083 عن أبي الضحى نحوه .

ص: 338

3 / 8 رجل محصن فجر بالمدينة

3 / 9 إقامة الحدّ على قدامة

3 / 8رَجُلٌ مُحصَنٌ فَجَرَ بِالمَدينَةِ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في القائم عليه السالإمام الرضا عليه السلام :أمَرَ عُمَرُ بِرَجُلٍ يَمَنِيٍّ مُحصَنٍ فَجَرَ بِالمَدينَةِ أن يُرجَمَ ، فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ : لا يَجِبُ عَلَيهِ الرَّجمُ ؛ لِأَ نَّهُ غائِبٌ عَن أهلِهِ ، وأهلُهُ في بَلَدٍ آخَرَ ، إنَّما يَجِبُ عَلَيهِ الحَدُّ . فَقالَ عُمَرُ : لا أبقانِي اللّهُ لِمُعضِلَةٍ لَم يَكُن لَها أبُو الحَسَنِ (1) .3 / 9إقامَةُ الحَدِّ عَلى قُدامَةَشمس : عن النبيّ صلى الله عليه و آله في الصلاة :الإمام الباقر عليه السلام :اُتِيَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ بِقُدامَةَ بنِ مَظعونٍ وقَد شَرِبَ الخَمرَ ، فَشَهِدَ عَلَيهِ رَجُلانِ : أحَدُهُما خَصِيٌّ ؛ وهُوَ عَمُرو التَّميمِيُّ ، وَالآخَرُ المُعَلَّى بنُ الجارودِ ، فَشَهِدَ أحَدُهُما أ نَّهُ رَآهُ يَشرَبُ ، وشَهِدَ الآخَرُ أ نَّهُ رَآهُ يَقيءُ الخَمرَ ، فَأَرسَلَ عُمَرُ إلى اُناسٍ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فيهِم أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام .

فَقالَ لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام : ما تَقولُ يا أبَا الحَسَنِ ؟ فَإنَّكَ الَّذي قالَ فيكَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «أنتَ أعلَمُ هذِهِ الاُمَّةِ ، وأقضاها بِالحَقِّ» فإِنَّ هذَينِ قَدِ اختَلَفا في شَهادَتِهِما !

قالَ : مَا اختَلَفا في شَهادَتِهِما وما قاءَها حَتّى شَرِبَها . فَقالَ : هَل تَجوزُ شَهادَةُ الخَصِيِّ ؟ قالَ : ما ذَهابُ لِحيَتِهِ إلّا كَذَهابِ بَعضِ أعضائِهِ (2) .* ومنه عن المختار :الإمام الصادق عليه السلام :اُتِيَ عُمَرُ بِقُدامَةَ بنِ مَظعونٍ وقَد شَرِبَ الخَمرَ وقامَت عَلَيهِ البَيِّنَةُ ،

.


1- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص360 ، بحار الأنوار : ج40 ص226 ح6 .
2- .الكافي : ج7 ص401 ح2 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج3 ص42 ح3287 وفيه «اُنثييه» بدل «لحيته» وكلاهما عن الحسين بن زيد عن الإمام الصادق عليه السلام ، تهذيب الأحكام : ج6 ص280 ح772 عن الحسين بن زيد عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام .

ص: 339

3 / 10 امرأة افترت على غلام أنّه كابرها على نفسها

* ومنه عن المختار :فَسَأَلَ علِيّا عليه السلام فَأَمَرَهُ أن يَجلِدَهُ ثَمانينَ ، فَقالَ قُدامَةُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! لَيسَ عَلَيَّ حَدٌّ ، أنَا مِن أهلِ هذِهِ الآيَةِ : «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّ__لِحَ_تِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ» (1) .

فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : لَستَ مِن أهلِها ؛ إنَّ طَعامَ أهلِها لَهُم حَلالٌ لَيسَ يَأكُلونَ ولا يَشرَبونَ إلّا ما أحَلَّهُ اللّهُ لَهُم . ثُمَّ قالَ عَلِيٌّ عليه السلام : إنَّ الشّارِبَ إذا شَرِبَ لَم يَدرِ ما يَأكُلُ ولا ما يَشرَبُ ، فَاجلِدوهُ ثَمانينَ جَلدَةً (2) .3 / 10اِمرَأَةٌ افتَرَت عَلى غُلامٍ أنَّهُ كابَرَها عَلى نَفسِها* ومنه عن أبيالحسن موسى عليه السلام :الإمام الصادق عليه السلام :اُتِيَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ بِامرَأَةٍ قَد تَعَلَّقَت بِرَجُلٍ مِنَ الأَنصارِ وكانَت تَهواهُ ولَم تَقدِرَ لَهُ عَلى حيلَةٍ ، فَذَهَبَت فَأَخَذَت بَيضَةً فَأَخرَجَتِ مِنَها الصُّفرَةَ وصَبَّتِ البَياضَ عَلى ثِيابِها بَينَ فَخِذَيها ، ثُمَّ جاءَت إلى عُمَرَ فَقالتَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنَّ هذَا الرَّجُلَ أخَذَني في مَوضِعِ كَذا وكَذا فَفَضَحَني !

فَهَمَّ عُمَرُ أن يُعاقِبَ الأَنصارِيَّ ، فَجَعَلَ الأَنصارِيُّ يَحلِفُ _ وأميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام جالِسٌ _ ويَقولُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! تَثَبَّت في أمري .

فَلَمّا أكثَرَ الفَتى ، قالَ عُمَرُ لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام : يا أبَا الحَسَنِ ! ما تَرى ؟ فَنَظَرَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام إلى بَياضٍ عَلى ثَوبِ المَرأَةِ وبَينَ فَخِذَيها ، فَاتَّهَمَها أن تَكونَ احتالَت لِذلِكَ ، فَقالَ : اِيتوني بِماءٍ حارٍّ قَد اُغلِيَ غَلَيانا شَديدا ، فَفَعَلوا ، فَلَمّا اُتِى

.


1- .المائدة : 93 .
2- .الكافي : ج7 ص215 ح10 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص93 ح360 ، تفسير العيّاشي : ج1 ص341 ح189 كلّها عن عبد اللّه بن سنان ، علل الشرائع : ص539 ح7 وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص366 وسنن الدارقطني : ج3 ص166 ح245 .

ص: 340

3 / 11 امرأة نفت عنها ولدها

* ومنه عن أبيالحسن موسى عليه السلام :بِالماءِ أمَرَهُم فَصَبّوا عَلى مَوضِعِ البَياضِ ، فَاشتَوى ذلِكَ البَياضُ ، فَأَخَذَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فَأَلقاهُ في فيهِ ، فَلَمّا عَرَفَ طَعمَهُ ألقاهُ مِن فيهِ ، ثُمَّ أقبَلَ عَلَى المَرأَةِ حَتّى أقَرَّت بِذلِكَ ، ودَفَعَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ عَنِ الأَنصارِيِّ عُقوبَةَ عُمَر (1) .3 / 11اِمرَأَةٌ نَفَت عَنها وَلَدَها* وعن أنس :الكافي عن عاصم بن حمزة السلولي :سَمِعتُ غُلاما بِالمَدينَةِ وهُوَ يَقولُ : يا أحكَمَ الحاكِمينَ ! احكُم بَيني وبَينَ اُمّي . فَقالَ لَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ : يا غُلامُ ، لِمَ تَدعو عَلى اُمِّكَ ؟ ! فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنَّها حَمَلَتني في بَطِنها تِسعَةَ أشهُرٍ ، وأرضَعَتني حَولَينِ ، فَلَمّا تَرَعرَعتُ وعَرَفتُ الخَيرَ مِنَ الشَّرِّ ويَميني مِن شِمالي طَرَدَتني وَانتَفَت مِنّي ، وزَعَمَت أ نَّها لا تَعرِفُني .

فَقالَ عُمَرُ : أينَ تَكونُ الوالِدَةُ ؟ قالَ : في سَقيفَةِ بَني فُلانٍ .

فَقالَ عُمَرُ : عَلَيَّ بِاُمِّ الغُلامِ . قالَ : فَأَتَوا بِها مَعَ أربَعَةِ إخوَةٍ لَها وأربَعينَ قَسامَةً يَشهَدونَ لَها أ نَّها لا تَعرِفُ الصَّبِيَّ ، وأنَّ هذَا الغُلامَ غُلامٌ مُدَّعٍ ظَلومٌ غَشومٌ يُريدُ أن يَفضَحَها في عَشيرَتِها ، وأنَّ هذِهِ جاريةٌ مِن قُرَيشٍ لَم تَتَزَوَّج قَطُّ ، وأ نَّها بِخاتَمِ رَبِّها .

فَقالَ عُمَرُ : يا غُلامُ ما تَقولُ ؟ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمنينَ ، هذِهِ وَاللّهِ اُمّي ؛ حَمَلَتني في بَطنِها تِسعَةَ أشهُرٍ ، وأرضَعَتني حَولَينِ ، فَلَمّا تَرَعرَعتُ وعَرَفتُ الخَيرَ مِنَ الشَّرِّ ويَميني مِن شِمالي طَرَدَتني وَانتَفَت مِنّي ، وزَعَمَت أ نَّها لا تَعرِفُني .

فَقالَ عُمَرُ : يا هذِهِ ! ما يَقولُ الغُلامُ ؟ فَقالَت : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، وَالَّذي احتَجَب

.


1- .الكافي : ج7 ص422 ح4 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص82 كلاهما عن أبي المعلّى ، تهذيب الأحكام : ج6 ص304 ح848 عن أبي العلا وراجع الإرشاد : ج1 ص218 وكنز الفوائد : ج2 ص183 والمناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص367 .

ص: 341

* وعن أنس :بِالنورِ ؛ فَلا عَينٌ تَراهُ ، وحَقِّ مُحَمَّدٍ وما وَلَدَ ، ما أعرِفُهُ ولا أدري مِن أيِّ النّاسِ هُوَ ، وإنَّهُ غُلامٌ مُدَّعٍ يُريدُ أن يَفضَحَني في عَشيرَتي ، وإنّي جارِيةٌ مِن قُرَيشٍ لَم أتَزَوَّج قَطُّ ، وإنّي بِخاتَمِ رَبّي .

فَقالَ عُمَرُ : أ لَكِ شُهودٌ ؟ فَقالَت : نَعَم هؤُلاءِ ، فَتَقدَّمَ الأَربَعونَ القَسامَةَ فَشَهِدوا عِندَ عُمَرَ أنَّ الغُلامَ مُدَّعٍ يُريدُ أن يَفضَحَها في عَشيرَتِها ، وأنَّ هذِهِ جارِيَةٌ مِن قُرَيشٍ لَم تَتَزَوَّج قَطُّ ، وأ نَّها بِخاتَمِ رَبِّها .

فَقالَ عُمَرُ : خُذوا هذَا الغُلامَ وَانطَلِقوا بِهِ إلَى السِّجنِ حَتّى نَسأَلَ عَنِ الشُّهودِ ؛ فَإِن عُدَّلَت شَهادَتُهُم جَلَدتُهُ حَدَّ المُفتَري .

فَأَخَذُوا الغُلامَ يُنطَلَقُ بِهِ إلَى السِّجنِ ، فَتَلَقّاهُم أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام في بَعضِ الطَّريقِ ، فَنادَى الغُلامُ : يَابنَ عَمِّ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ! إنَّني غُلامٌ مَظلومٌ ، وأعادَ عَلَيهِ الكَلامَ الَّذي كَلَّمَ بِهِ عُمَرَ ، ثُمَّ قالَ : وهذا عُمَرُ قَد أمَرَ بي إلَى الحَبس !

فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : رُدّوهُ إلى عُمَرَ ، فَلَمّا رَدّوهُ قالَ لَهُم عُمَرُ : أمَرتُ بِهِ إلَى السِّجنِ فرَدَدتُموهُ إلَيَّ ؟ ! فَقالوا : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، أمَرَنا عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام أن نَرُدَّهُ إلَيكَ ، وسَمِعناكَ وأنتَ تَقولُ : لا تَعصوا لِعَلِيٍّ عليه السلام أمرا . فَبَينا هُم كَذلِكَ إذ أقبَلَ عَلِيٌّ عليه السلام فَقالَ : عَلَيَّ بِاُمِّ الغُلامِ ، فَأَتَوا بِها .

فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : يا غُلامُ ! ما تَقولُ ؟ فَأَعادَ الكَلامَ ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام لِعُمَرَ : أ تَأذَنُ لي أن أقضِيَ بَينَهُم ؟ فَقالَ عُمَرُ : سُبحانَ اللّهِ ! وكَيفَ لا وقَد سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : أعلَمُكُم عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ .

ثُمَّ قالَ لِلمَرأَةِ : يا هذِهِ أ لَكِ شُهودٌ ؟ قالَت : نَعَم ، فَتَقَدَّم الأَربَعونَ قَسامَةً فَشَهِدوا بِالشَّهادَةِ الاُولى ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : لَأَقضِيَنَّ اليَومَ بِقَضِيَّةٍ بَينَكُما هِيَ مَرضاةٌ الرَّبِّ مِن فَوقِ عَرشِهِ ، عَلَّمَنيها حَبيبي رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله . .

ص: 342

3 / 12 امرأتان تنازعتا في طفل

* وعن أنس :ثُمَّ قالَ لَها : أ لَكِ وَليٌّ ؟ قالَت : نَعَم هؤُلاءِ إخوَتي ، فَقالَ لِاءِخوَتِها : أمري فيكُم وفي اُختِكُم جائِزٌ ؟ فَقالوا : نَعَم يَابنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، أمرُكَ فينا وفي اُختِنا جائِزٌ .

فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : اُشهِدُ اللّهَ واُشهِدُ مَن حَضَرَ مِنَ المُسلِمينَ أ نّي قَد زَوَّجتُ هذَا الغُلامَ مِن هذِهِ الجارِيَةِ بِأَربَعِمِئَةِ دِرهَمٍ ، وَالنَّقدُ مِن مالي . يا قَنبَرُ ! عَلَيَّ بِالدَّراهِمِ ، فَأَتاهُ قَنبَرُ بِها ، فَصَبَّها في يَدِ الغُلامِ ، قالَ : خُذها فَصُبَّها في حِجر امرَأَتِكَ ، ولا تَأتِنا إلّا وبِكَ أثَرُ العُرسِ _ يَعني الغُسلَ _ فقامَ الغُلامُ فَصَبَّ الدَّراهِمَ في حِجرِ المَرأَةِ ثُمَّ تَلَبَّبَها (1) فَقالَ لَها : قومي .

فَنادَتِ المَرأَةُ : النّارَ النّارَ يَابنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ ! ! تُريدُ أن تُزَوِّجَني مِن وَلَدي ، هذا وَاللّهِ وَلَدي ، زَوَّجَني إخوَتي هَجينا (2) فَوَلَدتُ مِنهُ هذا الغُلامَ ، فَلَمّا تَرَعرَعَ وشَبَّ أمَروني أن أنتَفِيَ مِنهُ وأطرُدَهُ ، وهذا وَاللّهِ وَلَدي ، وفُؤادي يَتَقَلّى أسَفا عَلى وَلَدي . قالَ : ثُمَّ أخَذَت بِيَدِ الغُلامِ وَانطَلَقَت ، ونادى عُمَرُ : وا عُمَراه ! ! لَولا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ (3) .3 / 12اِمرَأَتانِ تَنازَعَتا في طِفلٍ* وعنها عليهاالسلام في الدعاء :الإرشاد :رَوَوا أنَّ امرَأَتَينِ تَنازَعَتا عَلى عَهدِ عُمَرَ في طِفلٍ ادَّعَتهُ كُلُّ واحِدَةٍ مِنهُما وَلَدا لَها بِغَيرِ بَيِّنَةٍ ، ولَم يُنازِعهُما فيهِ غَيرُهُما ، فَالتَبَسَ الحُكمُ في ذلِكَ عَلى عُمَرَ ، وفَزِعَ فيهِ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فاستَدعَى المَرأَتَينِ ووَعَظَهُما وخَوَّفَهُما ، فَأَقامَتا عَلَى التَّنازُعِ وَالِاختِلافِ .

.


1- .لَبَّبْتُ فُلانا : إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره ثمّ جررته (لسان العرب : ج1 ص733) .
2- .الهجين : العربيّ ابنُ الأمة (لسان العرب : ج13 ص431) .
3- .الكافي : ج7 ص423 ح6 ، تهذيب الأحكام : ج6 ص304 ح849 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص83 كلاهما عن عاصم بن ضمرة وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص361 .

ص: 343

3 / 13 دية الصّبيّ على الخليفة

* وعنها عليهاالسلام في الدعاء :فَقالَ عليه السلام عِندَ تَماديهِما فِي النِّزاعِ : اِيتوني بِمِنشارٍ ، فَقالَت لَهُ المَرأَتانِ : ما تَصنَعُ ؟ فَقالَ : أقُدُّهُ نِصفَينِ ، لِكُلِّ واحِدَةٍ مِنكُما نِصفُهُ ، فَسَكَتَت إحداهُما وقالَتِ الاُخرى : اللّهَ اللّهَ يا أبَا الحَسَنِ ، إن كانَ لابُدَّ مِن ذلِكَ فَقَد سَمَحتُ بِهِ لَها !

فَقالَ : اللّهُ أكبَرُ ، هذَا ابنُكِ دونَها ، ولَو كانَ ابنَها لَرَقَّت عَلَيهِ وأشفَقَت .

فَاعتَرَفَتِ المَرأَةُ الاُخرى بِأَنَّ الحَقَّ مَعَ صاحِبَتِها وَالوَلَدُ لَها دونها (1) ، فَسُرِّيَ عَن عُمَرَ ، ودَعا لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام بِما فَرَّجَ عَنهُ فِي القَضاءِ (2) .3 / 13دِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى الخَليفَةِ* وفي زيد بن عمرو :الإمام الصادق عليه السلام :كانَتِ امرَأَةٌ بِالمَدينَةِ تُؤتى ، فَبَلَغَ ذلِكَ عُمَرَ ، فَبَعَثَ إلَيها فَرَوَّعَها ، وأمَرَ أن يُجاءَ بِها إلَيهِ ، فَفَزِعَتِ المَرأَةُ فَأَخَذَها الطَّلقُ ، فَانطَلَقَت إلى بَعضِ الدّورِ فَوَلَدَت غُلاما فَاستَهَلَّ (3) الغُلامُ ثُمَّ ماتَ ، فَدَخَلَ عَلَيهِ مِن رَوعَةِ المَرأَةِ ومِن مَوتِ الغُلامِ ما شاءَ اللّهُ .

فَقالَ لَهُ بَعضُ جُلَسائِهِ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ما عَلَيكَ مِن هذا شَيءٌ ، وقالَ بَعضُهُم : وما هذا ! قالَ : سَلوا أبَا الحَسَنِ ، فَقالَ لَهُم أبُو الحَسَنِ عليه السلام :

لَئنِ كُنتُمُ اجتَهَدتُم ما أصَبتُم ، ولَئِن كُنتُم قُلتُم بِرَأيِكُم لَقَد أخطَأتُم ! ثُمَّ قالَ : عَلَيكَ دِيَةُ الصَّبِيِّ (4) .

.


1- .في المصدر : «دونه» ، والصحيح ما أثبتناه كما في المناقب لابن شهر آشوب .
2- .الإرشاد : ج1 ص205 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص367 وراجع الفضائل لشاذان : ص56 .
3- .استهلال الصبيّ : تصويته عند ولادته (النهاية : ج5 ص271) .
4- .الكافي : ج7 ص374 ح11 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص312 ح1165 وفيه «ما ساءه» بدل «ما شاء اللّه » وكلاهما عن يعقوب بن سالم وراجع الإرشاد : ج1 ص204 والمناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص366 وشرح نهج البلاغة : ج1 ص174 .

ص: 344

3 / 14 عمر وأعرابيٌّ

3 / 14عُمَرُ وأعرابِيٌّ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في الأرزّ :شرح الأخبار عن أنس بن مالك :كُنتُ مَعَ عُمَرَ بِمِنى إذ أقبَلَ أعرابِيٌّ مَعَهُ ظَهرٌ (1) ، فَقالَ عُمَرُ : يا أنَسُ ، سَلهُ هَل يَبيعُ الظَّهرَ ؟ فَقُمتُ إلَيهِ فَسَأَلتُهُ ، فَقالَ : نَعَم . فَقامَ إلَيهِ عُمَرُ فَاشتَرى مِنهُ أربَعَةَ عَشَرَ بَعيرا . ثُمَّ قالَ : يا أنَسُ ، ألحِقها بِالظَّهرِ _ يَعِني الَّتي لَهُ _ قالَ الأَعرابِيُّ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، جَرِّدها مِن أحلاسِها . فَقالَ عُمَرُ : إنَّمَا اشتَرَيتُها مِنكَ بِأَحلاسِها وأقَتَابها (2) .

فَقالَ الأَعرابِيُّ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، جَرِّدها مِن أحلاسِها وأقتابِها . فَقالَ عُمَرُ : إنَّمَا اشتَرَيتُها مِنكَ بِأَحلاسِها وأقتابِها . فَقالَ الأَعرابِيُّ : يا أميرَ المُؤمنين ، جَرِّدها ؛ فَما بِعتُ مِنكَ أحلاسا ولا قَتَبا .

فَقالَ عُمَرُ : هَل لَكَ أن تَجعَلَ بَينَنا وبَينَكَ رَجُلاً كُنّا اُمِرنا إذَا اختَلَفنا في شَيءٍ أن نُحَكِّمَهُ ؟ ثُمَّ قالَ لي عُمَرُ : انظرُ هَل تَرى عَلِيّا في الشِّعبِ ؟ فَأَتَيتُ الشِّعبَ فَوَجَدتُ عَلِيّا عليه السلام قائِما يُصَلّي ومَعِيَ الأَعرابِيُّ ، فَأَخبَرتُهُ . فَقامَ حَتّى أتى عُمَرَ فَقَصَّ عَلَيهِ القِصَّةَ .

فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : أكُنتَ شَرَطتَ عَلَيهِ أقتابَها وأحلاسَها ؟ فَقالَ عُمَرُ : لا ، مَا اشتَرَطتُ ذلِكَ . قالَ : فَجَرِّدها لَهُ ؛ فَإِنَّما لَكَ الإِبِلُ .

فَقالَ لي عُمَرُ : فَجَرِّدها وَادفَع أقتابَها وأحلاسَها إلَى الأَعرابِيِّ ، وألحِقها

.


1- .الظَّهْر : الإبل الَّتي يُحمل عليها وتُركب (النهاية : ج3 ص166) .
2- .أحلاسها وأقتابها : أي أكسيَتها (النهاية : ج1 ص424) .

ص: 345

3 / 15 رجل له رأسان

3 / 16 رجلان احتالا في ذهاب مال امرأة

* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في الأرزّ :بِالظَّهرِ . فَفَعَلتُ (1)

.3 / 15رَجُلٌ لَهُ رَأسانِ* وعنه عليه السلام في ذمّ الكِبر :المناقب لابن شهر آشوب عن سلمة بن عبد الرحمن :اُتِيَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ بِرَجُلٍ لَهُ رَأسانِ وفَمانِ وأنفانِ وقُبُلانِ ودُبُرانِ وأربَعَةُ أعيُنٍ في بَدَنٍ واحِدٍ ، ومَعَهُ اُختٌ ، فَجَمَعَ عُمَرُ الصَّحابَةَ وسَأَلَهُم عَن ذلِكَ فَعَجَزوا ، فَأَتَوا عَلِيّا وهُوَ في حائِطٍ لَهُ ، فَقالَ :

قَضِيَّتُهُ أن يُنَوَّمَ ؛ فَإِن غَمَّضَ الأعيُنَ أو غَطَّ (2) مِنَ الفَمَينِ جَميعا فَبَدَنٌ واحِدٌ ، وإن فَتَحَ بَعضَ الأَعيُنِ أو غَطَّ [ مِن ] (3) أحَدِ الفَمَينِ فَبَدَنانِ ، هذِهِ قَضِيَّتُهُ .

وأمَّا القَضِيَّةُ الاُخرى ، فَيُطعَمُ ويُسقى حَتّى يَمتَلِئَ ، فَإِن بالَ مِنَ المَبالَينِ جَميعا وتَغَوَّطَ مِنَ الغائِطَينِ جَميعا فَبَدَنٌ واحِدٌ ، وإن بالَ أو تَغَوَّط مِن أحَدِهِما فَبَدَنانِ (4) .3 / 16رَجُلانِ احتالا في ذَهابِ مالِ امرَأَةٍ* ومنه في صفة ابنة غَيْلان :الكافي عن زاذان :اِستَودَعَ رَجُلانِ امرَأَةً وَديعَةً وقالا لَها : لا تَدفَعيها إلى واحِدٍ مِنّا حَتّى نَجتَمِعَ عِندَكِ . ثُمَّ انطَلَقا فَغابا ، فَجاءَ أحَدُهُما إلَيها فَقالَ : أعطيني وَديعَتي ؛ فَإِنَّ صاحِبي قَد ماتَ ، فَأَبَت حَتّى كَثُرَ اختِلافُهُ ثُمَّ أعطَتُه ، ثُمَّ جاءَ الآخَرُ فَقالَ : هاتي وَديَعتي ، فَقالَت : أخَذَها صاحِبُكَ وذَكَرَ أ نَّكَ قَد مُتَّ ، فَارتَفَعا إلى عُمَرَ ، فَقالَ لَها

.


1- .شرح الأخبار : ج2 ص306 ح626 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص363 ، بحار الأنوار : ج40 ص229 ح9 ؛ كنز العمّال : ج 4 ص142 ح9910 .
2- .غطّ يَغِطّ غَطِيطا ؛ والغَطِيط : الصوت الذي يَخرج مع نَفس النائم (النهاية : ج3 ص372) .
3- .إضافة يقتضيها السياق .
4- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص375 ، بحار الأنوار : ج104 ص355 ح5 .

ص: 346

3 / 17 خمسة اخذوا في الزّنى

* ومنه في صفة ابنة غَيْلان :عُمَرُ : ما أراكِ إلّا وقَد ضَمِنتِ ، فَقالَتِ المَرأَةُ : اِجعَل عَلِيّا عليه السلام بَيني وبَينَهُ ، فَقالَ عُمَرُ : اِقضِ بَينَهُما ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام :

هذِهِ الوَديعَةُ عِندي ، وقَد أمَرتُماها ألّا تَدفَعَها إلى واحِدٍ مِنكُما حَتّى تَجتَمِعا عِندَها فَائِتنيِ بِصاحِبِكَ !

فَلَم يُضَمِّنها وقالَ عليه السلام : إنَّما أرادا أن يَذهَبا بِمالِ المَرأَةِ (1) .3 / 17خَمسَةٌ اُخِذوا فِي الزِّنىشنر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الكافي عن الأصبغ بن نباتة رفعه :اُتِيَ عُمَرُ بِخَمسَةٍ نَفَرٍ اُخِذوا فِي الزِّنى ، فَأَمَرَ أن يُقامَ عَلى كُلِّ واحِدٍ مِنهُمُ الحَدُّ ، وكانَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام حاضِرا فَقالَ : يا عُمَرُ لَيس هذا حُكمُهُم ! قالَ : فَأَقِم أنتَ عَلَيهِمُ الحُكمَ ، فَقَدَّمَ واحِدا مِنهُم فَضَرَبَ عُنُقَهُ ، وقَدَّمَ الثّانيَ فَرَجَمَهُ ، وقَدَّمَ الثّالِثَ فَضَرَبَهُ الحَدَّ ، وقَدَّمَ الرّابِعَ فَضَرَبَهُ نِصفَ الحَدِّ ، وقَدَّمَ الخامِسَ فَعَزَّرَهُ . فَتَحَيَّرَ عُمَرُ ، وتَعَجَّبَ النّاسُ مِن فِعلِهِ .

فَقالَ عُمَرُ : يا أبَا الحَسَنِ ! خَمسَة نَفَرٍ في قَضِيَّةٍ واحِدَةٍ ؛ أقَمتَ عَلَيهِم خَمسَ حُدودٍ ، لَيسَ شَيءٌ مِنها يُشبِهُ الآخَرَ ؟ !

فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أمَّا الأَوَّلُ فَكانَ ذِمِّيّا خَرَجَ عَن ذِمَّتِهِ لَم يَكُن لَهُ حُكمٌ إلَا السَّيفُ ، وأمَّا الثّاني فَرَجُلٌ مُحصَنٌ كانَ حَدُّهُ الرَّجمَ ، وأمَّا الثّالِثُ فَغَيرُ مُحصَنٍ جُلِدَ الحَدَّ ، وأمَّا الرّابِعُ فَعَبدٌ ضَرَبناهُ نِصفَ الحَدِّ ، وأمَّا الخامِسُ فَمَجنونٌ مَغلوبٌ عَلى عَقلِهِ (2) .

.


1- .الكافي : ج7 ص428 ح12 ، تهذيب الأحكام : ج6 ص290 ح804 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج3 ص19 ح3248 وفيه «الوديعة عندها» بدل «الوديعة عندي» ؛ تذكرة الخواصّ : ص148 نحوه وفي ذيله «فبلغ ذلك عمر فقال : لا أبقاني اللّه بعد ابن أبي طالب» .
2- .الكافي : ج7 ص265 ح26 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص50 ح188 وليس فيه «رفعه» وراجع تفسير فالقمّي : ج2 ص96 .

ص: 347

3 / 18 طلاق الزّوجة في الشّرك

3 / 19 من زنى بها غلام صغير

3 / 20 بقرة قتلت جملاً

3 / 18طَلاقُ الزَّوجَةِ فِي الشِّركِشنع : في خبر الرشيد مع موسى بن جعفر عليهماالسلامشرح الأخبار عن أبي عثمان البدري :جاءَ رَجُلٌ إلى عُمَرَ بنِ الخَطّابِ فَقالَ : إنّي طَلَّقتُ امرَأَتي فِي الشِّركِ تَطليقَةً ، وفِي الإِسلامِ تَطليقَتَينِ ، فَما تَرى ؟ فَسَكَتَ عُمَرُ . فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ : ما تَقولُ ؟ فَقالَ : كَما أنتَ حَتّى يَجيءَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ .

فَجاءَ عَلِيٌّ عليه السلام فَقالَ لِلرَّجُلِ : قُصَّ عَلَيهِ قِصَّتَكَ . فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : هَدَمَ الإِسلامُ ما كانَ قَبلَهُ ، هِيَ عِندَكَ عَلى واحِدَةٍ (1) .3 / 19مَن زَنى بِها غُلامٌ صَغيرٌ* وعن أبي الحسن الرضا عليه السلامفي الحسن والحسينالإمام الرضا عليه السلام :قَضى أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فِي امرَأَةٍ مُحصَنَةٍ فَجَرَ بِها غُلامٌ صَغيرٌ ، فَأَمَر عُمَرُ أن تُرجَمَ ، فَقالَ عليه السلام : لا يَجِبُ الرَّجمُ ، إنَّما يَجِبُ الحَدُّ ؛ لِأَنَّ الَّذي فَجَرَ بِها لَيسَ بِمُدرِكٍ (2) .3 / 20بَقَرَةٌ قَتَلَت جَمَلاًشنق : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :المقنع :جاءَ رَجُلٌ إلى عُمَرَ بنِ الخَطّابِ ومَعَهُ رَجُلٌ ، فَقالَ : إنَّ بَقَرَةَ هذا شَقَّت بَطنَ جَمَلي ، فَقالَ عُمَرُ : قَضى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فيما قَتَلَ البَهائِمُ : أ نَّهُ جُبارٌ _ والجُبارُ : الَّذى

¨

.


1- .شرح الأخبار : ج2 ص317 ح654 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص364 ، بحار الأنوار : ج40 ص230 ح9 كلاهما عن أبي عثمان النهدي .
2- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص360 ، بحار الأنوار : ج40 ص226 ح6 .

ص: 348

3 / 21 رجل قتل أخا رجل

شنق : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :لا دِيَةَ له ولا قِوَدَ _ .

فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : «لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ» ، إن كانَ صاحِبُ البَقَرَةِ رَبَطَها عَلى طَريقِ الجَمَلِ فَهُوَ لَهُ ضامِنٌ ، فَنَظَروا فَإِذا تِلكَ البَقَرَةُ جاءَ بِها صاحِبُها مِنَ السَّوادِ ، وَرَبَطها عَلى طَريقِ الجَمَلِ ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِرَأيِهِ عليه السلام ، وأغرَمَ صاحِبَ البَقَرَةِ ثَمَنَ الجَمَلِ (1) .3 / 21رَجُلٌ قَتَلَ أخا رَجُلٍ* ومنه في رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام الباقر أو الإمام الصادق عليهماالسلام :اُتِيَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ بِرَجُلٍ قَد قَتَلَ أخا رَجُلٍ ، فَدَفَعَهُ إلَيهِ وأَمَرَهُ بِقَتلِهِ ، فَضَرَبَهُ الرَّجُلُ حَتّى رَأى أ نَّهُ قَد قَتَلَهُ ، فَحُمِلَ إلى مَنزِلِهِ فَوَجَدوا بِهِ رَمَقا فعالَجوهُ فَبَرَأَ ، فَلَمّا خَرَجَ أخَذَهُ أخُو المَقتولِ الأَوِّل فَقالَ : أنتَ قاتِلُ أخي ولي أن أقتُلَكَ ، فَقالَ : قَد قَتَلتَني مَرَّةً ، فَانطَلَقَ بِهِ إلى عُمَرَ فَأَمَرَهُ بِقَتلِهِ ، فَخَرَجَ وهُوَ يَقولُ : وَاللّهِ قَتَلتَني مَرَّةً !

فَمَرّوا عَلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَأَخبَرَهُ خَبَرَهُ ، فَقالَ : لا تَعجَل حَتّى أخرُجَ إلَيكَ ، فَدَخَلَ عَلى عُمَرَ فَقالَ : لَيسَ الحُكُم فيهِ هكَذا ، فَقالَ : ما هُوَ يا أبَا الحَسَنِ ؟ فَقالَ : يَقتَصُّ هذا مِن أخِي المَقتولِ الأَوَّلِ ما صَنَعَ بِهِ ، ثُمَّ يَقتُلُهُ بِأَخيهِ ، فَنَظَرَ الرَّجُلُ أ نَّهُ إنِ اقتَصَّ مِنهُ أتى عَلى نَفسِهِ ، فَعَفا عَنهُ وتَتارَكا (2) .

.


1- .المقنع : ص537 .
2- .الكافي : ج7 ص360 ح1 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص278 ح1087 كلاهما عن أبان بن عثمان عمّن أخبره ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص174 ح5401 عن أبان بن عثمان من دون إسنادٍ إلى المعصوم .

ص: 349

3 / 22 اختبار المدّعي

3 / 23 حمل امرأة من دون افتضاض !

3 / 22اختبار المدّعي* وعن فاطمة عليهاالسلام :الكافي عن الأصبغ بن نباتة :سُئِلَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام عَن رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلاً عَلى هامَتِهِ ، فَادَّعَى المَضروبُ أ نَّهُ لا يُبصِرُ شَيئا ولا يَشُمُّ الرّائِحَةَ ، وأ نَّهُ قَد ذَهَبَ لِسانُهُ . فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : إن صَدَقَ فَلَهُ ثَلاثُ دِياتٍ . فَقيلَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، وكَيفَ يُعلَمُ أ نَّهُ صادِقٌ ؟ فَقالَ :

أمّا مَا ادَّعاهُ أ نَّهُ لا يَشُمُّ الرّائِحَةَ ؛ فَإِنَّهُ يُدنى مِنهُ الحُراقُ (1) ، فَإِن كانَ كَما يَقولُ وإلّا نَحّى رَأسَهُ ودَمَعَت عَينُهُ . وأمّا ما ادَّعاهُ في عَينِهِ فَإِنَّهُ يُقابَلُ بِعَينِهِ الشَّمسَ ؛ فَإِن كانَ كاذِبا لَم يَتَمالَك حَتّى يُغَمِّضَ عَينَهُ ، وإن كانَ صادِقا بَقِيَتا مَفتوحَتَينِ . وأمّا مَا ادَّعاهُ في لِسانِهِ ؛ فَإِنَّهُ يُضرَبُ عَلى لِسانِهِ بِإِبرَةٍ ، فَإِن خَرَجَ الدَّمُ أحمَرَ فَقَد كَذَبَ ، وإن خَرَجَ الدَّمُ أسوَدَ فَقَد صَدَقَ (2) .3 / 23حَملُ امرَأَةٍ مِن دونِ افتِضاضٍشنا :الإرشاد :إنَّ امرَأَةً نَكَحَها شَيخٌ كَبيرٌ فَحَمَلَت ، فَزَعَمَ الشَّيخُ أ نَّهُ لَم يَصِل إلَيها ،

وأنكَرَ حَملَها ، فَالتَبَسَ الأَمرُ عَلى عُثمانَ ، وسَأَلَ المَرأَةَ : هَلِ افتَضَّكِ الشَّيخُ ؟ وكانَت بِكرا ، فَقالَت : لا ، فَقالَ عُثمانُ : أقيمُوا الحَدَّ عَلَيها ، فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : إنَّ لِلمرأَةِ سَمَّينِ (3) : سَمُّ المَحيضِ ، وسَمُّ البَولِ ، فَلَعلَّ الشَّيخَ كانَ يَنالُ مِنها فَسالَ ماؤُهُ في سَمِّ المَحيضِ فَحَمَلَت مِنهُ ، فَاسأَلُوا الرَّجُلَ عَن ذلِكَ ، فَسُئِلَ ، فَقالَ : قَد

.


1- .الحُراق : ما تقع فيه النار عند القدْح (الصحاح : ج4 ص1458) .
2- .الكافي : ج7 ص323 ح7 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج3 ص19 ح3250 عن الإمام الباقر عليه السلام نحوه .
3- .السَّمُّ و السُّمّ : الثَّقْب (لسان العرب : ج12 ص303) .

ص: 350

3 / 24 دعوى موت الزّوج في عدّة الطّلاق

3 / 25 قصاص العين وهي قائمة

شنا :كُنتُ اُنزِلُ الماءَ في قُبُلِها مِن غَيرِ وُصولٍ إلَيها بِالِافتِضاضِ ، فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : الحَملُ لَهُ وَالوَلَدُ وَلَدُهُ ، وأرى عُقوبَتَهُ عَلَى الإِنكارِ لَهُ ، فَصارَ عُثمانُ إلى قَضائِهِ بِذلِكَ وتَعَجَّبَ مِنهُ (1) .3 / 24دَعوى مَوتِ الزَّوجِ في عِدَّةِ الطَّلاقِ* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :شرح الأخبار عن محمّد بن يحيى :كانَ لِرَجُلٍ امرَأَتانِ : امرَأَةٌ مِنَ الأَنصارِ ، وَامرَأَةٌ مِن بَني هاشِمٍ ، فَطَلَّقَ الأَنصارِيَّةَ ثُمَّ ماتَ بَعدَ مُدَّةٍ ، فَذَكَرَتِ الأَنصارِيَّةُ _ التَّي طَلَّقَها _ أ نَّ_ها في عِدَّتِها ، وقامَت عِندَ عُثمانَ بنِ عَفّانَ بِميراثِها مِنهُ ، فَلَم يَدرِ ما يَحكُمُ بِهِ في ذلِكَ ورَدَّهُم إلى عَلِيٍّ عليه السلام ، فَقالَ : تَحلِفُ أ نَّها لَم تَحِض بَعدَ أن طَلَّقَها ثَلاثَ حِيَضٍ وتَرِثُهُ .

فَقالَ عُثمانُ لِلهاشِمِيَّةِ : هذا قَضاءُ ابنِ عَمِّكَ ، قالَت : قَد رَضيتُهُ ، فَلتَحلِف وتَرِث ، فَتَحَرَّجَتِ الأَنصارِيَّةُ مِنَ اليَمينِ وتَرَكَتِ الميراثَ (2) .3 / 25قَصاصُ العَينِ وهِيَ قائِمَةٌشور : في الخبر :الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ عُثمانَ أتاهُ رَجُلٌ مِن قَيسٍ بِمَولىً لَهُ قَد لَطَمَ عَينَهُ ، فَأَنزَلَ الماءَ فيها وهِيَ قائِمَةٌ ، لَيسَ يُبصِرُ بِها شَيئا ، فَقالَ لَهُ : اُعطيكَ الدِّيَةَ ، فَأَبى ، فَأَرسَلَ بِهِما إلى عَلِيٍّ عليه السلام وقالَ : اُحكُم بَينَ هذَينِ . فَأَعطاهُ الدِّيَةَ فَأَبى ، فَلَم يَزالوا يُعطونَهُ (3) حَتّى

.


1- .الإرشاد : ج1 ص210 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص370 ، بحار الأنوار : ج40 ص256 ح29 .
2- .شرح الأخبار : ج2 ص313 ح643 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص371 ، بحار الأنوار : ج40 ص237 ح13 .
3- .في المصدر : «يعطونهم» ، والصحيح ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام .

ص: 351

شور : في الخبر :أعطَوهُ دِيَتَينِ ، فَقالَ : لَيسَ اُريدُ إلّا القَصاصَ ، فَدَعا عَلِيٌّ عليه السلام بِمِرآةٍ فَحَماها ، ثُمَّ دَعا بِكُرسُفٍ (1) فَبَلَّهُ ثُمَّ جَعَلَهُ عَلى أشفارِ عَينَيهِ وعَلى حَوالَيها ، ثُمَّ استَقبَلَ بِعَينِهِ عَينَ الشَّمسِ ، وجاءَ بِالمِرآةِ فَقالَ : اُنظُر ، فَنَظَرَ فَذابَ الشَّحمُ وبَقِيَت عَينُهُ قائِمَةً وذَهَبَ البَصَرُ (2) . .


1- .الكُرسُف : القطن (النهاية : ج4 ص163) .
2- .الكافي : ج7 ص319 ح1 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص276 ح1081 وفيه «عمر» بدل «عثمان» وكلاهما عن رفاعة .

ص: 352

. .

ص: 353

الفصل الرابع : نماذج من أقضيته في إمارته

4 / 1 قضاء كقضاء داوود

الفصل الرابع : نماذج من أقضيته في إمارته4 / 1قَضاءٌ كَقَضاءِ داوُدَ* وعن أبي سعيد الآدمي :الإمام الباقر عليه السلام :دَخَلَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام المَسجِدَ فَاستَقبَلَهُ شابٌّ يَبكي وحَولَهُ قَومٌ يُسكِتونَهُ ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : ما أبكاكَ ؟ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! إنَّ شُرَيحا قَضى عَلَيَّ بِقَضِيَّةٍ ما أدري ما هِيَ ؟ إنَّ هؤُلاءِ النَّفَرَ خَرَجوا بِأَبي مَعَهُم في السَّفَرِ ، فَرَجَعوا ولَم يَرجِع أبي ، فَسَأَلتُهُم عَنهُ ، فَقالوا : ماتَ ، فَسَأَلتُهُم عَن مالِهِ ، فَقالوا : ما تَرَكَ مالاً ، فَقَدَّمتُهُم إلى شُرَيحٍ فَاستَحلَفَهُم ، وقَد عَلِمتُ _ يا أميرَ المُؤمِنينَ _ أنَّ أبي خَرَجَ ومَعَهُ مالٌ كَثيرٌ ، فَقالَ لَهُم أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : اِرجِعوا ، فَرَجَعوا وَالفَتى مَعَهُم إلى شُرَيحٍ .

فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : يا شُرَيحُ ! كَيفَ قَضَيتَ بَينَ هؤُلاءِ ؟ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، اِدَّعى هذَا الفَتى عَلى هؤلاءِ النَّفَرِ أ نَّهُم خَرَجوا في سَفَرٍ وأبوهُ مَعَهُم ، فَرَجَعوا ولَم يَرجِع أبوهُ ، فَسَأَلتُهُم عَنهُ ، فَقالوا : ماتَ ، فَسَأَلَتُهُم عَن مالِهِ ، فَقالوا : ما خَلَّفَ مالاً ، فَقُلتُ لِلفَتى : هَل لَكَ بَيِّنَةٌ عَلى ما تَدَّعي ؟ فَقالَ : لا ، فَاستَحلَفتُهُم فَحَلَفوا .

فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : هَيهاتَ يا شُرَيحُ ! هكَذا تَحكُمُ في مِثلِ هذا ؟ ! فَقالَ : يا

.

ص: 354

* وعن أبي سعيد الآدمي :أميرَ المُؤمِنينَ ، فَكَيفَ ؟

فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : وَاللّهِ لَأَحكُمَنَّ فيهِم بِحُكمٍ ما حَكَمَ بِهِ خَلقٌ قَبلي إلّا داوُودَ النَّبِيَّ عليه السلام . يا قَنبَرُ ! ادعُ لي شَرَطَةَ الخَميسِ . فَدَعاهُم ، فَوَكَّلَ بِكُلَّ رَجُلٍ مِنهُم رَجُلاً مِنَ الشَّرَطَةِ ، ثُمَّ نَظَرَ إلى وُجوهِهِم فَقالَ : ماذا تَقولونَ ؟أ تَقولونَ : إنّي لا أعلَمُ ما صَنَعتُم بِأَبي هذَا الفَتى ؟ إنّي إذا لَجاهِلٌ !

ثُمَّ قالَ : فَرِّقوهُم وغَطّوا رُؤوسَهُم . فَفُرِّقَ بَينَهُم واُقيمَ كُلُّ رَجُلٍ مِنهُم إلى اُسطُوانَةٍ مِن أساطينِ المَسجِدِ ورُؤوسُهُم مُغَطّاةٌ بِثِيابِهِم ، ثُمَّ دَعا بِعُبَيدِ اللّهِ بنِ أبي رافِعٍ كاتِبِهِ فَقالَ : هاتِ صَحيفَةً ودَواةً ، وجَلَسَ أميرُ المُؤمِنينَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ في مَجلِسِ القَضاءِ وجَلَسَ النّاسُ إلَيهِ ، فَقالَ لَهُم : إذا أنا كَبَّرتُ فَكَبِّروا ، ثُمَّ قالَ لِلناسِ : اِفرِجوا (1) ، ثُمَّ دَعا بِواحِدٍ مِنهُم فَأَجلَسَهُ بَينَ يَدَيهِ وكَشَفَ عَن وَجهِهِ .

ثُمَّ قالَ لِعبُيَدِ اللّهِ بنِ أبي رافِعٍ : اُكتُب إقرارَهُ وما يَقولُ . ثُمَّ أقبَلَ عَلَيهِ بِالسُّؤالِ ، فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : في أيِّ يَومٍ خَرَجتُم مِن مَنازِلِكُم وأبو هذَا الفَتى مَعَكُم ؟ فَقالَ الرَّجُلُ : في يَومِ كَذا وكَذا . قالَ : وفي أيِّ شَهرٍ ؟ قالَ : في شَهرِ كَذا وكَذا . قالَ : في أيِّ سَنَةٍ ؟ قالَ : في سَنَةِ كَذا وكَذا . قالَ : وإلى أينَ بَلَغتُم في سَفَرِكُم حَتّى ماتَ أبو هذَا الفَتى ؟ قالَ : إلى مَوضِعِ كَذا وكَذا ، قالَ : وفي مَنزِلِ مَن ماتَ ؟ قالَ : في مَنزِلِ فُلانِ بن فُلانٍ ، قالَ : وما كانَ مَرَضُهُ ؟ قالَ : كَذا وكَذا ، قالَ : وكَم يَوما مَرِضَ ؟ قالَ : كَذا وكَذا ، قالَ : فَفي أيِّ يَومٍ ماتَ ؟ ومَن غَسَّلَهُ ؟ ومَن كَفَّنَهُ ؟ وبِما كَفَّنتُموهُ ؟ ومَن صَلّى عَلَيهِ ؟ ومَن نَزَلَ قَبرَهُ ؟

فَلَمّا سَأَلَهُ عَن جَميعِ ما يُريدُ كَبَّرَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، وكَبَّرَ النّاسُ جَميعا ، فَارتابَ اُولئِكَ الباقونَ ، ولَم يَشُكّوا أنَّ صاحِبَهُم قَد أقَرَّ عَلَيهِم وعَلى نَفسِهِ . فَأَمَرَ أن يُغَطّى .


1- .في المصدر : «اخرجوا» ، والصحيح ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام .

ص: 355

* وعن أبي سعيد الآدمي :رَأسُهُ ويُنطَلَقَ بِهِ إلَى السِّجنِ .

ثُمَّ دَعا بِآخَرَ فَأَجلَسَهُ بَينَ يَدَيهِ وكَشَفَ عَن وَجهِهِ ثُمَّ قالَ : كَلّا ! زَعَمتُم أ نّي لا أعلَمُ بِما صَنَعتُم ؟ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ما أنَا إلّا واحدٌ مِنَ القَومِ ، ولَقَد كُنتُ كارِها لِقَتِلِه ، فَأَقَرَّ .

ثُمَّ دَعا بِواحِدٍ بَعدَ واحِدٍ كُلُّهُم يُقِرُّ بِالقَتلِ وأخذِ المالِ ، ثُمَّ رَدَّ الَّذي كانَ أمَرَ بِهِ إلَى السِّجنِ فَأَقَرَّ أيضا ، فَأَلزَمَهُمُ المالَ وَالدَّمَ .

فَقالَ شُرَيحٌ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، وكَيفَ حَكَمَ داوُدُ النَّبِيُّ عليه السلام ؟

فَقالَ : إنَّ داوُدَ النَّبِيَّ عليه السلام مَرَّ بِغِلمَةٍ يَلعَبونَ ويُنادونَ بَعضَهُم : ب «يا ماتَ الدّينُ» ، فَيُجيبُ مِنهُم غُلامٌ ، فَدَعاهُم داوُودُ عليه السلام فَقالَ : يا غُلامُ ، مَا اسمُكَ ؟ قالَ : ماتَ الدّينُ ، فَقالَ لَهُ داوُدُ عليه السلام : مَن سَمّاكَ بِهذا الاِسمِ ؟ فَقالَ اُمّي .

فَانطَلَقَ داوُدُ عليه السلام إلى اُمِّهِ ، فَقالَ لَها : يا أيَّتُها المَرأَةُ ! مَا اسمُ ابنِكِ هذا ؟ قالَت : ماتَ الدّينُ ، فَقالَ لَها : ومَن سَمّاهُ بِهذا ؟ قالَت : أبوهُ ، قالَ : وكَيفَ كانَ ذاكَ ؟ قالَت : إنَّ أباهُ خَرَجَ في سَفَرٍ لَهُ ومَعَهُ قَومٌ ، وهذَا الصَّبِيُّ حَملٌ في بَطني ، فَانصَرَفَ القَومُ ولَم يَنصَرِف زَوجي ، فَسَأَلتُهُم عَنهُ ، فَقالوا : ماتَ ، فَقُلتُ لَهُم : فَأَينَ ما تَرَكَ ؟ قالوا : لَم يُخلِّف شَيئا ، فَقُلتُ : هَل أوصاكُم بِوَصِيَّةٍ ؟ قالوا : نَعَم ، زَعَمَ أ نَّكِ حُبلى ، فَما وَلَدتِ مِن وَلَدٍ _ جارِيَةٍ أو غُلامٍ _ فَسَمّيهِ «ماتَ الدّين» ، فَسَمَّيتُهُ .

قالَ داوُدُ عليه السلام : وتَعرِفينَ القَومَ الَّذينَ كانوا خَرَجوا مَعَ زَوجِكِ ؟ قالَت : نَعَم ، قالَ : فَأَحياءٌ هُم أم أمواتٌ ؟ قالَت : بَل أحياءٌ ، قالَ : فَانطَلِقي بِنا إلَيهِم ، ثُمَّ مَضى مَعَها فَاستَخرَجَهُم مِن مَنازِلِهِم ، فَحَكَمَ بَينَهُم بِهذا الحُكمِ بِعَينِهِ وأثبَتَ عَلَيهِمُ المالَ وَالدَّمَ ، وقالَ لِلمَرأَةِ : سَمِّي ابنَكِ هذا «عاشَ الدّينُ» (1) . .


1- .الكافي : ج7 ص371 ح8 ، تهذيب الأحكام : ج6 ص316 ح875 كلاهما عن أبي بصير ، كتاب من فلا يحضره الفقيه : ج3 ص24 ح3255 ، الإرشاد : ج1 ص215 نحوه من دون إسنادٍ إلى المعصوم وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص379 .

ص: 356

4 / 2 رجلان تنازعا في ثمانية دراهم

4 / 2رَجُلانِ تَنازَعا في ثَمانِيَةِ دَراهِمَشوص : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الكافي عن ابن أبي ليلى :قَضى أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام بَينَ رَجُلَينِ اصطَحَبا في سَفَرٍ ، فَلَمّا أرادا الغَداءَ أخرَجَ أحَدُهُما مِن زادِهِ خَمسَةَ أرغِفَةٍ ، وأخرَجَ الآخَرُ ثَلاثَةَ أرغِفَةٍ ، فَمَرَّ بِهِما عابِرُ سَبيلٍ ، فَدَعَواهُ إلى طَعامِهِما ، فَأَكَلَ الرَّجُلُ مَعَهُما حَتّى لَم يَبقَ شَيءٌ ، فَلَمّا فَرَغوا أعطاهُما العابِرُ بِهِما ثَمانِيَةَ دَراهِمَ ثَوابَ ما أكَلَهُ مِن طَعامِهِما ، فَقالَ صاحِبُ الثَّلاثَةِ أرغِفَةٍ لِصاحِبِ الخَمسَةِ أرغِفةٍ : اِقسِمها نِصفَينِ بَيني وبَينَكَ ، وقالَ صاحِبُ الخَمسَةِ : لا ، بَل يُأخُذُ كُلُّ واحِدٍ مِنّا مِنَ الدَّراهِمِ عَلى عَدَدِ ما أخرَجَ مِنَ الزّادِ .

قالَ : فَأَتَيا أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام في ذلِكَ ، فَلَمّا سَمِعَ مَقالَتَهُما قالَ لَهُما : اِصطَلِحا ؛ فَإِنَّ قَضِيَّتُكما دَنِيَّةٌ ، فَقالا : اِقضِ بَينَنا بِالحَقِّ .

قالَ : فَأَعطى صاحِبَ الخَمسَةِ أرغِفَةٍ سَبعَةَ دَراهِمَ ، وأعطى صاحِبَ الثَّلاثَةِ أرغِفَةٍ دِرهَما ، وقالَ : أ لَيسَ أخرَجَ أحَدُكُما مِن زادِهِ خَمسَةَ أرغِفَةٍ ، وأخرَجَ الآخَرُ ثلاثَةَ أرغِفَةٍ ؟ قالا : نَعَم .

قالَ : أ لَيسَ أكَلَ مَعَكُما ضَيفُكُما مِثلَ ما أكَلتُما ؟ قالا : نَعَم !

قال : أ لَيسَ أكَلَ كُلُّ واحِدٍ مِنكُما ثلاثة أرغِفَةٍ غَيرَ ثُلُثِها ؟ قالا : نَعَم !

قالَ : أ لَيس أكَلتَ أنتَ يا صاحِبَ الثَّلاثَةِ ثَلاثةَ أرغِفَةٍ غَيرَ (1) ثُلُثٍ ، وأكلَتَ أنتَ يا صاحِبَ الخَمسَةِ ثَلاثَةَ أرغِفَةٍ غَيرَ ثُلُثٍ ، وأكَلَ الضَّيفُ ثَلاثَةَ أرغِفَةٍ غَيرَ ثُلُثٍ ؟ أ لَيسَ بَقيَ لَكَ يا صاحِبَ الثَّلاثَةِ ثُلُثُ رَغيفٍ مِن زادِكَ ، وبَقِيَ لَكَ يا صاحِبَ الخَمسَة

.


1- .في المصدر : «إلّا ثلث» ، والصحيح ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام .

ص: 357

4 / 3 رجلان ادّعى كلٌّ منهما أنّه مولىً للآخر

شوص : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :رَغيفانِ وثُلُثٌ ، وأكلَتَ ثَلاثَةَ أرغِفَةٍ غَيرَ ثُلُثٍ ؟ !

فَأَعطاهُما لِكُلِّ ثُلُثِ رَغيفٍ دِرهَما ؛ فَأَعطى صاحِبَ الرَّغيفَينِ وثُلُثٍ سَبعَةَ دَراهِم ، وأعطى صاحِبَ ثُلُثِ رَغيفٍ دِرهَما (1) .4 / 3رَجُلانِ ادَّعى كُلٌّ مِنهُما أنَّهُ مَولىً لِلآخَرِشوط : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ رَجُلاً أقبَلَ عَلى عَهدِ عَلِيٍّ عليه السلام مِنَ الجَبَلِ حاجّا ومَعَهُ غُلامٌ لَهُ ، فَأَذنَبَ ، فَضَرَبَهُ مَولاهُ ، فَقالَ : ما أنتَ مَولايَ ، بَل أنَا مَولاكَ ! فَما زالَ ذا يَتَوَعَّدُ ذا ، وذا يَتَوَعَّدُ ذا ويَقولُ : كَما أنتَ حَتّى نَأتِيَ الكوفَةَ يا عَدُوَّ اللّهِ ، فَأَذهَبِ بِكَ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام .

فَلَمّا أتَيَا الكوفَةَ أتَيا أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَقالَ الَّذي ضَرَبَ الغُلامَ : أصلَحَكَ اللّهُ ! هذا غُلامٌ لي وإنَّهُ أذنَبَ فَضَرَبتُهُ فَوَثَبَ عَلَيَّ . وقالَ الآخَرُ : هُوَ وَاللّهِ غُلامٌ لي ؛ إنَّ أبي أرسَلَني مَعَهُ لِيُعَلِّمَني ، وإ نَّهُ وَثَبَ عَلَيَّ يَدَّعيني لِيَذهَبَ بِمالي !

فَأَخَذَ هذا يَحلِفُ وهذا يَحلِفُ ، وهذا يُكَذِّبُ هذا وهذا يُكَذِّبُ هذا ، فَقالَ : اِنطَلِقا فَتَصادَقا في لَيلَتِكُما هذِهِ ولا تَجيئاني إلّا بِحَقٍّ .

فَلَمّا أصبَحَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام قالَ لَقَنبَرٍ : اِثقِب فِي الحائِطِ ثَقبَينِ ، وكانَ إذا أصبَحَ عَقَّبَ _ حَتّى تَصيرَ الشَّمسُ عَلى رُمحٍ _ يُسَبِّحُ ، فَجاءَ الرَّجُلانِ وَاجتَمَعَ النّاسُ ، فَقالوا : لَقَد وَرَدَت عَلَيهِ قَضِيَّةٌ ما وَرَدَ عَلَيهِ مِثلُها ، لا يَخرُجُ مِنها !

.


1- .الكافي : ج7 ص427 ح10 ، تهذيب الأحكام : ج6 ص290 ح805 وراجع كتاب من لا يحضره الفقيه : ج3 ص37 ح3279 والإرشاد : ج1 ص219 والاختصاص : ص107 والمناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص52 والرياض النضرة : ج3 ص168 .

ص: 358

4 / 4 رجلان ادّعيا بغلةً

4 / 5 رجل ادّعى أنّ عبده تزوّج بغير إذنه

شوط : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :فَقالَ لَهُما : ما تَقولانِ ؟ فَحَلَفَ هذا أنَّ هذا عَبدُهُ ، وحَلَفَ هذا أنَّ هذا عَبدُهُ ، فَقالَ لَهُما : قوما ؛ فَإِنّي لَستُ أراكُما تَصدُقانِ ، ثُمَّ قالَ لِأَحَدِهِما : أدخِل رَأسَك فِي هذا الثَّقبِ ، ثُمَّ قالَ لِلآخَرِ : أدخِل رَأسَكَ في هذَا الثَّقبِ ، ثُمَّ قالَ : يا قَنبَرُ ! عَلَيَّ بِسَيفِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، عَجَّلِ اضرِب رَقَبَةَ العَبدِ مِنهُما !

فَأَخرَجَ الغُلامُ رَأسَهُ مُبادِرا ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام لِلغُلامِ : أ لَستَ تَزعُمُ أ نَّكَ لَستَ بِعَبدٍ ؟ ومَكَثَ الآخَرُ فِي الثَّقبِ . فَقالَ : بَلى ولكِنَّهُ ضَرَبَني وتَعَدّى عَلَيَّ . فَتَوَثَّق لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ودَفَعَهُ إلَيهِ (1) .4 / 4رَجُلانِ ادَّعَيا بَغلَةً* وسُئِل أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام الصادق عليه السلام :قَضى أميرُ المُؤمنينَ عليه السلام في رَجُلَينِ ادَّعَيا بَغلَةً ، فَأَقامَ أحَدُهُما عَلى صاحِبِهِ شاهِدَينِ ، وَالآخَرُ خَمسَةً ، فَقَضى لِصاحِبِ الشُّهودِ الخَمسَةِ خَمسَةَ أسهُمٍ ، ولِصاحِبِ الشّاهِدَينِ سَهمَينِ (2) .4 / 5رَجُلٌ ادَّعى أنَّ عَبدَهُ تَزَوَّجَ بِغَيرِ إذنِهِ* ومنه الخبر :الإمام الكاظم عن آبائه عن الإمام عليّ عليهم السلام: أ نَّهُ أتاهُ رَجُلٌ بِعَبدِهِ فَقالَ : إنَّ عبدي تَزَوَّجَ بِغَيرِ إذني ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام لِسَيِّدِهِ : فرِّق بَينَهُما ، فَقالَ السَّيِّدُ لِعَبدِهِ : يا عَدُوَّ اللّهِ ! طَلِّق ، فَقال

.


1- .الكافي : ج7 ص425 ح8 ، تهذيب الأحكام : ج6 ص307 ح851 كلاهما عن عبد اللّه بن عثمان عن رجل وراجع خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص86 .
2- .الكافي : ج7 ص433 ح23 عن السكوني ، تهذيب الأحكام : ج6 ص237 ح583 و ج7 ص76 ح325 كلاهما عن السكوني عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، الجعفريّات : ص145 .

ص: 359

4 / 6 أعور اصيبت عينه الصّحيحة

4 / 7 رجل اصيبت إحدى عينيه

* ومنه الخبر :عَلِيٌّ عليه السلام : كَيفَ قُلتَ لَهُ ؟ قالَ : قُلتُ لَهُ : طَلِّق ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام لِلعَبدِ : أمَّا الآنَ فَإِن شِئتَ فَطَلِّق ، وإن شِئتَ فَأَمسِك ، فَقالَ السَّيِّدُ : يا أميرُ المُؤمِنينَ ! أمرٌ كانَ بِيَدي فَجَعَلتَهُ بِيَدِ غَيري ؟ ! قالَ : ذلِكَ لِأَ نَّكَ حَيثُ قُلتَ لَهُ : طَلِّق ، أقرَرتَ لَهُ بِالنِّكاحِ (1) .4 / 6أعوَرُ اُصيبَت عَينُهُ الصَّحيحَةُشول : عن موسى بن جعفر عليهماالسلام في التخلّي :الإمام الباقر عليه السلام :قَضى أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام في رَجُلٍ أعوَرَ اُصيبَت عَينُهُ الصَّحيحَةُ فَفُقِئَت _ أن تُفقَأَ إحدى عَينَي صاحِبِهِ ويُعقَلَ لَهُ نِصفُ الدِّيَةِ ، وإن شاءَ أخَذَ دِيَةً كامِلَةً ويُعفى عَن عَينِ صاحِبِهِ (2) .4 / 7رَجُلٌ اُصيبَت إحدى عَينَيهِ* ومنه زيارة عاشوراء :الكافي عن الحسن بن كثير عن أبيه :اُصيبَت عَينُ رَجُلٍ وهِيَ قائِمَةٌ فَأَمَرَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فَرُبِطَت عَينُهُ الصَّحيحَةُ ، وأقامَ رَجُلاً (3)

بِحِذاهُ بِيَدِهِ بَيضَةٌ ، يَقولُ : هَل تَراها ؟ قالَ : فَجَعَلَ إذا قالَ : نَعَم ، تَأَخَّرَ قَليلاً ، حَتّى إذا خَفِيَت عَلَيهِ عُلِّمَ ذلِكَ المَكانُ ، قالَ : وعُصِّبَت عَينُهُ المُصابَةُ ، وجَعَلَ الرَّجُلُ يَتَباعَدُ وهُوَ يَنظُرُ بِعَينِهِ الصَّحيحَةِ حَتّى إذا خَفِيَت عَلَيهِ ، ثُمَّ قيسَ ما بَينَهُما فَاُعطِيَ الأَرشَ عَلى ذلِكَ (4) .

.


1- .تهذيب الأحكام : ج7 ص352 ح1433 عن عليّ بن جعفر .
2- .الكافي : ج7 ص317 ح1 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص269 ح1057 كلاهما عن محمّد بن قيس .
3- .في المصدر: «رجلٌ» ، والصواب ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام.
4- .الكافي : ج7 ص323 ح6 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص266 ح1047 .

ص: 360

4 / 8 امرأة ظنّ إخوتها أنّها حبلى

4 / 8اِمرَأَةٌ ظَنَّ إخوَتُها أنَّها حُبلى* وعنه صلى الله عليه و آله :الخرائج والجرائح :إنَّ سَبعَةَ إخوَةٍ أو عَشرَةً في حَيٍّ مِن أحياءِ العَرَبِ كانَت لَهُم اُختٌ واحِدَةٌ ، فَقالوا لَها : كُلُّ ما يَرزُقُنَا اللّهُ مِن عَرَضِ الدُّنيا وحُطامِها فَإِنّا نَطرَحُهُ بَينَ يَدَيكِ ونُحَكِّمُكِ فيهِ ؛ فَلا تَرغَبي فِي التَّزويجِ ؛ فَحَمِيَّتُنا لا تَحتَمِلُ ذلِكَ . فَوافَقَتهُم في ذلِكَ ورَضِيَت بِهِ وقَعَدَت في خِدمَتِهِم وهُم يُكرِمونَها .

فَحاضَت يَوما ، فَلَمّا طَهُرَت أرادَتِ الاِغتِسالَ وخَرَجَت إلى عَينِ ماءٍ كانَت بِقُربِ حَيِّهِم ، فَخَرَجَت مِنَ الماءِ عَلَقَةٌ (1) فَدَخَلَت في جَوفِها وقَد جَلَسَت فِي الماء ، فَمَضَت عَلَيها أيّامٌ وَالعَلَقَةُ تَكبُرُ حَتّى عَلا بَطنُها ، وظَنَّ الإِخوَةُ أ نَّها حُبلى وقَد خَانَت ، فَأَرادوا قَتلَها .

قالَ بَعضُهُم : نَرفَعُ خَبَرَها إلى أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ؛ فَإِنَّهُ يَتَوَلّى ذلِكَ .

فَأَخرَجوها إلى حَضرَتِهِ وقالوا فيها ما ظَنّوا بِها ، فَاستَحضَرَ طَشتا مَملوءا بِالحَمأَةِ (2) وأمَرَها أن تَقعُدَ عَلَيهِ ، فَلَمّا أحَسَّتِ العَلَقَةُ بِرائِحَةِ الحَمأَةِ نَزَلَت مِن جَوفِها . فَقالوا : يا عَلِيُّ ، أنتَ رَبُّنا ! أنتَ رَبُّنا العَلِيُّ ! فَإِنَّكَ تَعلَمُ الغَيبَ ! فَزَبَرَهُم وقالَ : إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أخبَرَنا بِذلِكَ عَنِ اللّهِ بِأَنَّ هذِهِ الحادِثَةَ تَقَعُ في هذَا اليَومِ ، في هذَا الشَّهرِ ، في هذِهِ السّاعَةِ (3) .

.


1- .العَلَقة : دودة في الماء تمصّ الدم (لسان العرب : ج10 ص267) .
2- .الحمأة والحمأ : الطين الأسود المنتن (لسان العرب : ج1 ص61) .
3- .الخرائج والجرائح : ج1 ص210 ح52 ، بحار الأنوار : ج40 ص242 ح20 .

ص: 361

4 / 9 ستّة غرق واحد منهم

4 / 10 رجل قال للآخر : احتلمت بامّك

4 / 11 شرب الخمر في شهر رمضان

4 / 9سِتَّةٌ غَرِقَ واحِدٌ مِنهُم* وعن ابن عبّاس :الإمام الصادق عليه السلام :رُفِعَ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام سِتَّةُ غِلمانٍ كانوا فِي الفُراتِ ، فَغَرِقَ واحِدٌ مِنهُم ، فَشَهِدَ ثَلاثَةٌ مِنهُم عَلَى اثنَينِ أ نَّهُما غَرَّقاهُ ، وشَهِدَ اثنانِ عَلَى الثَّلاثَةِ أ نَّهُم غَرَّقوهُ ، فَقَضى عليه السلام بِالدِّيَةِ أخماسا ؛ ثَلاثَةَ أخماسٍ عَلَى الاثنَينِ ، وخُمسَينِ عَلَى الثَّلاثَةِ (1) .4 / 10رَجُلٌ قالَ لِلآخَرِ : احتَلَمتُ بِاُمِّكَ* ومنه الخبر :الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ رَجُلاً لَقِيَ رَجُلاً عَلى عَهدِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ لَهُ : إنِّي احتَلَمتُ بِاُمِّكَ ، فَرُفِعَ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ : إنَّ هذَا افتَرى عَلَيَّ ، فَقالَ : وما قالَ لَكَ ؟ قالَ : زَعَمَ أ نَّهُ احتَلَمَ بِاُمّي ! فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : فِي العَدلِ إن شِئتَ أقَمتُهُ لَكَ فِي الشَّمسِ وجَلَدتُ ظِلَّهُ ؛ فَإِنَّ الحُلُمَ مِثلُ الظِّلِّ ! ولكِنّا سَنَضرِبُهُ إذا آذاكَ حَتّى لا يَعودَ يُؤذِي المُسلِمينَ (2) .4 / 11شُربُ الخَمرِ في شَهرِ رَمَضانَ* وعن يوسف عليه السلام :الكافي عن أبي مريم :اُتِيَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام بِالنَّجاشِيِّ الشّاعِرِ قَد شَرِبَ الخَمرَ في شَهر

.


1- .الكافي : ج7 ص284 ح6 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص239 ح953 كلاهما عن السكوني ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص116 ح5233 نحوه وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص380 .
2- .علل الشرائع : ص544 ح1 عن سماعة ، الكافي : ج7 ص263 ح19 عن سماعة من دون إسنادٍ إلى المعصوم ، تهذيب الأحكام : ج10 ص80 ح313 عن أبي العلا عن الإمام الصادق عليه السلام ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص72 ح5136 كلاهما نحوه وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص356 .

ص: 362

4 / 12 مولود له رأسان

4 / 13 إلحاق الولد بالزّوج مع العزل

* وعن يوسف عليه السلام :رَمَضانَ ، فَضَرَبَهُ ثَمانينَ ثُمَّ حَبَسَهُ لَيلَةً ، ثُمَّ دَعا بِهِ مِنَ الغَدِ فَضَرَبَهُ عِشرينَ سَوطا ، فَقالَ لَهُ : يا أمير المُؤمِنينَ ! فَقَد ضَرَبتَني في شُربِ الخَمرِ ، وهذِهِ العِشرونَ (1) ما هِيَ ؟ فَقالَ : هذا لِتَجَرّيكَ عَلى شُربِ الخَمرِ في شَهرِ رَمَضانَ (2) .4 / 12مَولودٌ لَهُ رَأسانِشهد : في أسمائه تعالى :الإمام الصادق عليه السلام :وُلِدَ عَلى عَهدِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام مَولودٌ لَهُ رَأسانِ وصَدرانِ في حَقوٍ (3) واحِدٍ ، فَسُئِلَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : يُوَرَّثُ ميراثَ اثنَينِ أو واحِدٍ ؟ فَقالَ : يُترَكُ حَتّى يَنامَ ثُمَّ يُصاحُ بِهِ ؛ فَإِنِ انتَبَها جَميعا مَعا كانَ لَهُ ميراثٌ واحِدٌ ، وإن انتبَهَ واحِدٌ وبَقِيَ الآخَرُ نائِما يُوَرَّثُ مِيراثَ اثنَينِ (4) .4 / 13إلحاقُ الوَلَدِ بِالزَّوجِ مَعَ العَزلِ* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :شرح الأخبار عن جابر بن عبد اللّه بن يحيى :جاءَ رَجُلٌ إلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! إنّي كُنتُ أعزِلُ عَنِ امرَأَتي ، وإنَّها جاءَت بِوَلَدٍ ! فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام :

.


1- .في المصدر: «العشرين»، والصواب ما أثبتناه .
2- .الكافي : ج7 ص216 ح15 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص94 ح362 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص55 ح5089 عن جابر يرفعه ، دعائم الإسلام : ج2 ص464 ح1644 وفي آخره «لتجرّئك على اللّه ، وإفطارك في شهر رمضان» .
3- .الحَقْو : الخصْر ومَشَدّ الإزار (الصحاح : ج6 ص2317) .
4- .الكافي : ج7 ص159 ح1 ، تهذيب الأحكام : ج9 ص358 ح1278 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص329 ح5706 كلّها عن حريز بن عبد اللّه ، الإرشاد : ج1 ص212 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص375 كلاهما نحوه من دون إسنادٍ إلى المعصوم ، بحار الأنوار : ج40 ص257 ح30 .

ص: 363

4 / 14 درء الرّجم لتعذّر الوصول إلى الزّوجة

4 / 15 العفو عن السّارق لقراءته سورة البقرة

* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :اُناشِدُكَ اللّهَ ، هَل وَطِئتَها ثُمَّ عاوَدَتها قَبلَ أن تَبولَ ؟قالَ : نَعَم ، قالَ : فَالوَلَدُ لَكَ (1) .4 / 14دَرءُ الرَّجمِ لِتَعَذُّرِ الوُصولِ إلَى الزَّوجَةِشهر : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام الباقر عليه السلام :قَضى أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فِي الرَّجُلِ الَّذي لَهُ امرَأَةٌ بِالبَصرَةِ ، فَفَجَرَ بِالكوفَةِ أن يُدرَأَ عَنهُ الرَّجمُ ، ويُضرَبَ حَدَّ الزّاني (2) .* وعن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :قَضى [عَلِيٌّ] عليه السلام في رَجُلٍ مَحبوسٍ في السِّجنِ ولَهُ امرَأَةٌ حُرَّةٌ في بَيتِهِ فِي المِصرِ وهُوَ لا يَصِلُ إلَيها ، فَزَنى فِي السِّجنِ ، قالَ : عَلَيهِ الجَلدُ ، ويُدرَأُ عَنهُ الرَّجمُ (3) .4 / 15العَفوُ عَنِ السّارِقِ لِقِراءَتِهِ سورَةَ البَقَرَةِ* وعنه عليه السلام :بعض الصادقين عليهم السلام: جاءَ رَجُلٌ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَأَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ، فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أ تَقرَأُ شَيئا مِن كِتابِ اللّهِ ؟ قالَ : نَعَم ، سورَةَ البَقَرَةِ ، قالَ : قَد وَهَبتُ يَدَكَ لِسورَةِ البَقَرَةِ . فَقالَ الأَشعَثُ : أ تُعَطِّلُ حَدّا مِن حُدودِ اللّهِ ؟ !

فَقالَ : وما يُدريكَ ما هذا ؟ إذا قامَتِ البَيِّنَةُ فَلَيسَ لِلإِمامِ أن يَعفُوَ ، وإذا أقَرَّ الرَّجُلُ عَلى نَفسِهِ فَذلِكَ إلَى الإِمامِ ؛ إن شاءَ عَفا ، وإن شاءَ قَطَعَ (4) .

.


1- .شرح الأخبار : ج2 ص325 ح667 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص377 .
2- .الكافي : ج7 ص179 ح12 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص15 ح39 كلاهما عن أبي عبيدة .
3- .الكافي : ج7 ص179 ح12 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص15 ح39 وليس فيه «حرّة» وكلاهما عن أبي عبيدة .
4- .تهذيب الأحكام : ج10 ص129 ح516 عن أبي عبد اللّه البرقي عن بعض أصحابه ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص62 ح5106 من دون إسنادٍ إلى المعصوم .

ص: 364

4 / 16 العفو عمّن أقرّ باللّواط فتاب

4 / 16العَفوُ عَمَّن أقَرَّ بِاللِّواطِ فَتابَ* وعن المأمون في الجواد عليه السلام :الإمام الصادق عليه السلام :بَينا أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام في مَلَأً مِن أصحابِهِ إذ أتاهُ رَجُلٌ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي قَد أوقَبتُ عَلى غُلامٍ فَطَهِّرني ، فَقالَ لَهُ : يا هذا ، اِمضِ إلى مِنزِلِكَ ، لَعَلَّ مِرارا (1) هاجَ بِكَ . فَلَمّا كانَ مِن غَدٍ عادَ إلَيهِ فَقالَ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي أوقَبتُ عَلى غُلامٍ فَطَهِّرني ، فَقالَ لَهُ : يا هذا ، اِمضِ إلى مَنزِلِكَ ؛ لَعَلَّ مِرارا هاجَ بِكَ . حَتّى فَعَلَ ذلِكَ ثَلاثا بَعدَ مَرَّتِهِ الاُولى .

فَلَمّا كانَ فِي الرّابِعَةِ قالَ لَهُ : يا هذا ، إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله حَكَمَ في مِثلِكَ بِثَلاثَةٍ أحكامٍ ، فَاختَر أيَّهُنَّ شِئتَ .

قالَ : وما هُنَّ يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟

قال : ضَرَبَةٌ بِالسَّيفِ في عُنُقِكَ بالِغَةٌ ما بَلَغَت ، أو إهداءٌ مِن جَبَلٍ مَشدودَ اليَدَينِ وَالرِّجلَينِ ، أو إحراقٌ بِالنّارِ .

فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، أيُّهُنَّ أشَدُّ عَلَيَّ ؟

قال : الإِحراقُ بِالنّارِ . قالَ : فَإِنّي قَدِ اختَرتُها يا أميرَ المُؤمِنينَ .

قال : خُذ لِذلِكَ اُهبَتَكَ .

فقالَ : نَعَم ، فَقامَ فَصَلّى رَكعَتَينِ ، ثُمَّ جَلَسَ في تَشَهُّدِهِ فَقالَ : اللّهُمَّ إنّي قَد أتَيتُ مِنَ الذَّنبِ ما قَد عَلِمتَهُ ، وإنّي تَخَوَّفتُ مِن ذلِكَ ، فَجِئتُ إلى وَصِيِّ رَسولِكَ ، وَابنِ عَمِّ نَبِيِّكَ فَسَأَلتُهُ أن يُطَهِّرنَي ، فَخَيَّرَني بَينَ ثَلاثَةِ أصنافٍ مِنَ العَذابِ ، اللّهُمَّ فَإِنّي قَدِ اختَرتُ أشَدَّها ، اللّهُمَّ فَإِنّي أسأَلُكَ أن تَجعَلَ ذلِكَ كَفّارَةً لِذُنوبي ، وأن لا تُحرِقَنى

¨

.


1- .المِرّة : إحدى الطبائع الأربع من أمزجة البدن (لسان العرب : ج5 ص168) .

ص: 365

4 / 17 إقامة الحدّ على من أقرّ بالزّنى

* وعن المأمون في الجواد عليه السلام :بِنارِكَ في آخِرَتي .

ثُمَّ قامَ وهُوَ باكٍ حَتّى جَلَسَ فِي الحُفرَةِ الَّتي حَفَرَها لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام وهُوَ يَرَىَ النّارَ تَتَأَجَّجُ حَولَهُ ، فَبَكى أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام وبَكى أصحابُهُ جَميعا ، فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : قُم يا هذا ! فَقَد أبكَيتَ مَلائِكَةَ السَّماءِ ومَلائِكَةَ الأَرضِ ؛ فَإِنَّ اللّهَ قَد تابَ عَلَيكَ ، فَقُم ولا تُعاوِدَنَّ شَيئا مِمّا قدَ فَعَلتَ (1) .4 / 17إقامَةُ الحَدِّ عَلى مَن أقَرَّ بِالزِّنى* وعنه عليه السلام في المتّقين :الكافي عن أحمد بن محمّد بن خالد رفعه إلى الإمام عليّ عليه السلام :أتاهُ رَجُلٌ بِالكوفَةِ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي زَنَيتُ فَطَهِّرني ، قالَ : مِمَّن أنتَ ؟ قالَ : مِن مُزَينَةَ ، قالَ : أ تَقرَأُ مِنَ القُرآنِ شَيئا ؟ قالَ : بَلى ، قالَ : فَاقرَأ ، فَقَرَأَ فَأَجادَ ، فَقالَ : أ بِكَ جِنَّةٌ ؟ قالَ : لا ، قالَ : فَاذهَب حَتّى نَسأَلُ عَنكَ .

فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثَمَّ رَجَعَ إلَيهِ بَعدُ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي زَنَيتُ فَطَهِّرني ، فَقالَ : أ لَكَ زَوجَةٌ ؟ قالَ : بَلى . قالَ : فَمُقيمَةٌ مَعَكَ فِي البَلَدِ ؟ قالَ : نَعَم ، قالَ : فَأَمَرَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فَذَهَب ، وقالَ : حَتّى نَسأَلَ عَنكَ . فَبَعَثَ إلى قَومِهِ فَسَأَلَ عَن خَبَرِهِ ، فَقالوا : يا أميرُ المُؤمِنينَ ، صَحيحُ العَقلِ .

فَرَجَعَ إلَيهِ الثّالِثَةَ فَقالَ لَهُ مِثلَ مَقالَتِهِ ، فَقالَ لَهُ : اِذهَب حَتّى نَسأَلَ عَنكَ . فَرَجَعَ إلَيهِ الرّابِعَةَ ، فَلَمّا أقَرَّ قالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام لِقَنبَرٍ : اِحتَفِظ بِهِ ، ثُمَّ غَضِبَ ثُمَّ قالَ :

ما أقبَحَ بِالرَّجُلِ مِنكُم أن يَأتِيَ بَعضَ هذِهِ الفَواحِشِ ، فَيفضَحَ نَفسَهُ عَلى رُؤوس

.


1- .الكافي : ج7 ص201 ح1 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص53 ح198 وفيه «إهدارك» بدل «إهداء» وكلاهما عن مالك بن عطيّة .

ص: 366

* وعنه عليه السلام في المتّقين :المَلَأَ ! أ فَلا تابَ في بَيتِهِ ؟ !فَوَاللّهِ لَتَوبَتُهُ فيما بَينَهُ وبَينَ اللّهِ أفضَلُ مِن إقامَتي عَلَيهِ الحَدَّ .

ثُمَّ أخرَجَهُ ونادى فِي النّاس : يا مَعشَرَ المُسلِمينَ ! اُخرُجوا لِيُقامَ عَلى هذَا الرَّجُلِ الحَدُّ ، ولا يَعرِفَنَّ أحَدُكُم صاحِبَهُ . فَأَخرَجَهُ إلَى الجَبّانِ (1) ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، أنظِرني اُصَلّي رَكعَتَينِ .

ثُمَّ وَضَعَهُ في حُفرَتِهِ وَاستَقبَلَ النّاسَ بِوَجهِهِ فَقالَ :

يا مَعاشِرَ المُسلِمينَ ! إنَّ هذا حَقٌّ مِن حُقوقِ اللّهِ عَزَّوجَلَّ ؛ فَمَن كانَ للّهِِ في عُنُقِهِ حَقٌّ فَليَنصَرِف ولا يُقيمُ حُدودَ اللّهِ مَن في عُنُقِهِ للّهِِ حَدٌّ .

فَانصَرَفَ النّاسُ وَبقِيَ هُوَ وَالحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهماالسلام ، فَأَخَذَ حَجَرا ، فَكَبَّرَ ثَلاثَ تَكبيراتٍ ، ثُمَّ رَماهُ بِثَلاثَةِ أحجارٍ ؛ في كُلِّ حَجَرٍ ثَلاثَ تَكبيراتٍ . ثُمَّ رَماهُ الحَسَنُ عليه السلام مِثلَ ما رَماهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام . ثُمَّ رَماهُ الحُسَينُ عليه السلام ، فَماتَ الرَّجُلُ .

فَأَخرَجَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فَأَمَرَ فَحُفِرَ لَهُ وصَلّى عَلَيهِ ودَفَنَهُ ، فَقيلَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ألا تُغَسِّلُهُ ؟ فَقالَ : قَدِ اغتَسَلَ بِما هُوَ طاهِرٌ إلى يَومِ القِيامَة ؛ لَقَد صَبَرَ عَلى أمرٍ عَظيمٍ (2) .شهل : عن ابن الحنفيّة في أميرالمؤمنين عليه السلامالكافي عن ميثم :أتَتِ امرَأَةٌ مُجِحٌّ (3) أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَت : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي زَنَيتُ فَطَهِّرني طَهَّرَكَ اللّهُ ؛ فَإِنَّ عَذابَ الدُّنيا أيسَرُ مِن عَذابِ الآخِرَةِ الَّذي لا يَنقَطِعُ . فَقالَ لَها : مِمّا اُطَهِّرُكِ ؟ فَقالَت : إنّي زَنَيتُ . فَقالَ لَها : أ وَذاتُ بَعلٍ أنتِ أم غَيرُ ذلِكَ ؟ فَقالَت : .


1- .الجَبّان والجبّانة : الصحراء، وتسمّى بهما المقابر؛ تسمية للشيء بموضعه (لسان العرب : ج13 ص85) .
2- .الكافي : ج7 ص188 ح3 ، تفسير القمّي : ج2 ص96 عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام نحوه ، بحار الأنوار : ج40 ص292 ح66 وراجع كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص31 ح5017 .
3- .المُجِحُّ : الحامِلُ المُقْرِب الَّتي دنا وِلادُها (النهاية : ج1 ص240) .

ص: 367

شهل : عن ابن الحنفيّة في أميرالمؤمنين عليه السلامبَل ذاتُ بَعلٍ ، فَقالَ لَها : أ فحاضِرا كانَ بَعلُكِ إذ فَعَلتِ ما فَعَلتِ أم غائِبا كانَ عَنكِ ؟ فَقالَت : بَل حاضِرا . فَقالَ لَها : اِنطَلِقي ، فَضَعي ما في بَطنِكِ ، ثُمَّ ائتِني اُطَهِّركِ . فَلَمّا وَلَّت عَنهُ المَرأَةُ فَصارَت حَيثُ لا تَسمَعُ كَلامَهُ قالَ : اللّهُمَّ إنَّها شهادَةٌ .

فَلَم يَلبَث أن أتَتهُ ، فَقالَت : قَد وَضَعتُ فَطَهِّرني . فَتَجاهَلَ عَلَيها ، فَقالَ : اُطَهِّرُكِ يا أمَةَ اللّهِ مِمّاذا ؟ فَقالَت : إنّي زَنَيتُ فَطَهِّرني . فَقالَ : وذاتُ بَعلٍ إذ فَعَلتِ ما فَعَلتِ ؟ قالَت : نَعَم . قالَ : وكانَ زَوجُكِ حاضِرا أم غائِبا ؟ قالَت : بَل حاضِرا . قالَ : فَانطَلِقي وأرضِعيهِ حَولَينِ كامِلَينِ كَما أمَرَكِ اللّهُ . فَانصَرَفَتِ المَرأَةُ ، فَلَمّا صارَت مِن حَيثُ لا تَسمَعُ كَلامَهُ قالَ : اللّهُمَّ إنَّهُما شَهادَتانِ .

فَلَمّا مَضى حَولانِ أتَتِ المَرأَةُ فَقالَت : قَد أرضَعتُهُ حَولَينِ ، فَطَهِّرني يا أميرَ المُؤمِنينَ . فَتَجاهَلَ عَلَيها وقالَ : اُطَهِّرُكِ مِمّاذا ؟ فَقالَت : إنّي زَنَيتُ فَطَهِّرني . قالَ : وذاتُ بَعلٍ أنتِ إذ فَعَلتِ ما فَعَلتِ ؟ فقالَت : نَعَم . قالَ : وبَعلُكِ غائِبٌ عَنكِ إذ فَعَلِت ما فَعَلتِ أو حاضِرٌ ؟ قالَت : بَل حاضِرٌ . قالَ : فَانطَلِقي فَاكفُليهِ حَتّى يَعِقلَ أن يَأكُلَ ويَشَربَ ولا يَتَرَدّى مِن سَطحٍ ولا يَتَهَوّرَ في بِئرٍ .

فَانَصَرفَت وهِيَ تَبكي ، فَلَمّا وَلَّت فَصارَت حَيثُ لا تَسمَعُ كَلامَهُ قالَ : اللّهُمَّ إنَّها ثَلاثُ شَهاداتٍ .

فَاستَقبَلَها عَمرُو بنُ حُرَيثٍ المَخزومِيُّ فَقالَ لَها : ما يُبكيكِ يا أمَةَ اللّهِ وقَد رَأَيتُكِ تَختَلِفينَ إلى عَلِيٍّ تَسأَلينَهُ أن يُطَهِّرَكِ ؟ فَقالَت : إنّي أتَيتُ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام فَسَأَلتُهُ أن يُطَهِّرَني فَقالَ : اكفُلي وَلَدَكِ حَتّى يَعقِلَ أن يَأكُلَ ويَشرَبَ ولا يَتَردّى مِن سَطحٍ ولا يَتَهَوَّرَ في بِئرٍ ، وقَد خِفتُ أن يَأتِيَ عَلَيَّ المَوتُ ولَم يُطَهِّرني .

فَقالَ لَها عَمرُو بنُ حُرَيثٍ : ارجِعي إلَيهِ فَأَنَا أكفُلُهُ .

فَرَجَعَت فَأَخبَرَت أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام بِقَولِ عَمروٍ ، فَقالَ لَها أميرُ المؤمِنينَ عليه السلام وهُو .

ص: 368

شهل : عن ابن الحنفيّة في أميرالمؤمنين عليه السلاممُتَجاهِلٌ عَلَيها : ولِمَ يَكفُلُ عَمرٌو وَلَدَكِ ؟ فَقالَت : يا أميرَ المُؤمِنينَ إنّي زَنَيتُ فَطَهِّرني . فَقالَ : وذاتُ بَعلٍ أنتِ إذ فَعلَتِ ما فَعَلتِ ؟ قالَت : نَعمَ . قالَ : أ فَغائِبا كانَ بَعلُكِ إذ فَعَلتِ ما فَعَلتِ أم حاضِرا ؟ فَقالَت : بَل حاضِرا . قالَ : فَرَفَعَ رَأسَهُ إلَى السَّماءِ وقالَ : اللّهُمَّ إنَّهُ قَد ثَبَتَ لَكَ عَلَيها أربَعُ شَهاداتٍ ، وإنَّكَ قَد قُلتَ لِنَبِيِّكَ صلى الله عليه و آله فيما أخبَرتَهُ بِهِ مِن دينِكَ : يا مُحَمَّدُ مَن عَطَّلَ حَدّا مِن حُدودي فَقَد عانَدَني وطَلَبَ بِذلِكَ مُضادَّتي ، اللّهُمَّ فَإِنّي غَيرُ مُعَطِّلٍ حُدودَكَ ، ولا طالِبٍ مُضادَّتَكَ ، ولا مُضَيِّعٍ لاِحكامِكَ ، بَل مُطيعٍ لَكَ ، ومُتَّبِعٍ سُنَّةَ نَبِيِّكَ صلى الله عليه و آله .

فَنَظَرَ إلَيهِ عَمرُو بنُ حُرَيثٍ وكَأَ نَّما الرُّمّانُ يُفقَأُ في وَجهِهِ (1) ، فَلَمّا رَأى ذلِكَ عَمرٌو قالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنَّني إنَّما أرَدتُ أكفُلُهُ إذ ظَنَنتُ أ نَّكَ تُحِبُّ ذلِكَ ، فَأَمّا إذا كَرِهتَهُ فَإِنّي لَستُ أفعَلُ !

فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أ بَعدَ أربَعِ شَهاداتٍ بِاللّهِ ؟ ! لَتَكفُلَنَّهُ وأنتَ صاغِرٌ .

فَصَعِدَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام المِنبَرَ فَقالَ : يا قَنبَرُ ! نادِ فِي النّاسِ الصَّلاةَ جامِعَةً . فَنادى قَنبَرٌ فِي النّاسِ ، فَاجتَمَعوا حَتّى غَصَّ المَسجِدُ بِأهلِهِ ، وقامَ أميرُ المُؤمِنينَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :

أيُّهَا النّاسُ ! إنَّ إمامَكُم خارِجٌ بِهذِهِ المَرأَةِ إلى هذَا الظَّهرِ لِيُقيمَ عَلَيهَا الحَدَّ إن شاءَ اللّهُ ، فَعَزَمَ عَلَيكُم أميرُ المُؤمِنينَ لَمّا خَرَجتُم وأنتمُ مُتَنَكِّرونَ ومَعَكُم أحجارُكُم، لا يَتَعَرَّفُ أحَدٌ مِنكُم إلى أحَدٍ حَتّى تَنصَرِفوا إلى مَنازِلِكُم إن شاءَ اللّهُ . ثُمَّ نَزَلَ .

فَلَمّا أصبَحَ النّاسُ بُكرَةً خَرَجَ بِالمَرأَةِ ، وخَرَجَ النّاسُ مُتَنَكِّرينَ مُتَلَثِّمينَ بِعَمائِمِهِم وبِأَردِيَتِهِم وَالحِجارَةُ في أردِيَتِهِم وفي أكمامِهِم ، حَتَّى انتَهى بِها وَالنّاسُ مَعَهُ إلَى .


1- .قال الطريحي: في الحديث: «كأنّما الرمّان يفقأ في وجهه»؛ يريد شدّة الحمرة (مجمع البحرين: ج3 ص1406 «فقأ»).

ص: 369

4 / 18 حامل فزعت فطرحت ما في بطنها وماتت

شهل : عن ابن الحنفيّة في أميرالمؤمنين عليه السلامالظَّهرِ بِالكوفَةِ ، فَأَمَرَ أن يُحفَرَ لَها حَفيرَةٌ ثُمَّ دَفَنَها فيها ، ثُمَّ رَكِبَ بَغلَتَهُ وأثبَتَ رِجلَيهِ في غَرزِ الرِّكابِ ، ثُمَّ وَضَعَ إصبَعَيهِ السَّبّابَتَينِ في اُذُنَيهِ ، ثُمَّ نادى بِأَعلى صَوتِهِ :

يا أيُّهَا النّاسُ ! إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى عَهِدَ إلى نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله عَهدا عَهِدَهُ مَحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله إلَيَّ بِأَ نَّهُ لا يُقيمُ الحَدَّ مَن للّهِِ عَلَيهِ حَدٌّ ؛ فَمَن كانَ عَلَيهِ حَدٌّ مِثلُ ما عَلَيها فَلا يُقيمُ عَلَيهَا الحَدَّ .

فَانصَرَفَ النّاسُ يَومَئِذٍ كُلُّهُم ما خَلا أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام وَالحَسَنَ وَالحُسَينَ عليهماالسلام ، فَأَقامَ هؤُلاءِ الثَّلاثَةُ عَلَيهَا الحَدَّ يَومَئِذٍ وما مَعَهُم غَيرُهُم (1) .4 / 18حامِلٌ فَزِعَت فَطَرَحَت ما في بَطنِها وماتَتشهو : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الكافي عن الحسن :إنَّ عَلِيّا عليه السلام لَمّا هَزَمَ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ أقبَلَ النّاسُ مُنهَزِمينَ ، فَمَرّوا بِامرَأَةٍ حامِلٍ عَلَى الطَّريقِ ، فَفَزِعَت مِنهُم ، فَطَرَحَت ما في بَطنِها حَيّا ، فَاضطَرَبَ حَتّى ماتَ ، ثُمَّ ماتَت اُمُّهُ مِن بَعدِهِ ، فَمَرَّ بِها عَلِيٌّ عليه السلام وأصحابُهُ وهِيَ مَطروحَةٌ ووَلَدُها عَلَى الطَّريقِ ، فَسَأَلَهُم عَن أمرِها ، فَقالوا لَهُ : إنَّها كانَت حُبلى فَفَزِعَت حينَ رَأَتِ القِتالَ وَالهَزيمَةَ .

قالَ : فَسَأَلَهُم أيُّهُما ماتَ قَبلَ صاحِبِهِ ؟ فَقيلَ : إنَّ ابنَها ماتَ قَبلَها . قالَ : فَدَعا بِزَوجِها أبِي الغُلامِ المَيِّتِ ، فَوَرَّثَهُ مِنِ ابنِهِ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ ، ووَرَّثَ اُمَّهُ ثُلُثَ الدِّيَةِ ، ثُمَّ وَرَّثَ الزَّوجَ مِنِ امرَأَتِهِ المَيِّتَةِ نِصفَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الَّذي وَرِثَتهُ مِنِ ابنِها ، ووَرَّثَ قَرابَةَ المَرأَةِ المَيِّتَةِ الباقِيَ ، ثُمَّ وَرَّثَ الزَّوجَ أيضا مِن دِيَةِ امرَأَتِهِ المَيِّتَةِ نِصفَ الدِّيَةِ ؛ وهُوَ ألفان

.


1- .الكافي : ج7 ص186 ح1 ، تهذيب الأحكام : ج10 ص9 ح23 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص32 ح5018 ، المحاسن : ج 2 ص21 ح1094 .

ص: 370

4 / 19 قطع يد السّارق

شهو : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :وخَمسُمِئَةِ دِرهَمٍ ، ووَرَّثَ قَرابَةَ المَرأَةِ المَيِّتَةِ نِصفَ الدِّيَةِ ؛ وهُوَ ألفانِ وخَمسُمِئَةِ دِرهَمٍ ، وذلِكَ أ نَّهُ لَم يَكُن لَها وَلَدٌ غَيرُ الَّذي رَمَتَ بِهِ حينَ فَزِعَت . قالَ : وأدّى ذلِكَ كُلَّهُ مِن بَيتِ مالِ البَصرَةِ (1) .4 / 19قَطعُ يَدِ السّارِقِ* ومن دعائه صلى الله عليه و آله في الاستسقاء :الكافي عن الحارث بن حصيرة :مَرَرتُ بِحَبَشِيٍّ وهُوَ يَستَسقي بِالمَدينَةِ ، وإذا هُوَ أقطَعُ ، فَقُلتُ لَهُ : مَن قَطَعَكَ ؟فَقالَ : قَطَعَني خَيرُ النّاسِ ! إنّا اُخِذنا في سَرِقَةٍ ونَحنُ ثَمانِيةُ نَفَرٍ ، فَذُهِبَ بِنا إلى عَلِيِّ بن أبي طالِبٍ عليه السلام ، فَأَقرَرنا بِالسَّرِقَةِ ، فَقالَ لَنا : تَعرِفونَ أ نَّها حَرامٌ ؟ قُلنا : نَعَم . فَأَمَرَ بِنا فَقُطِعَت أصابِعُنا مِنَ الرّاحَةِ وخُلِّيَتِ الإِبهامُ ، ثُمَّ أمَرَ بِنا فَحُبِسنا في بَيتٍ يُطعِمُنا فيهِ السَّمنَ وَالعَسلَ حَتّى بَرِئَت أيدينا ، ثُمَّ أمَرَ بِنا فَاُخرِجنا ، وكَسانا فَأَحسَنَ كِسوَتَنا ، ثُمَّ قالَ لَنا : إن تَتوبوا وتُصلِحوا فَهُوَ خَيرٌ لَكُم ، يُلحِقكُمُ اللّهُ بِأَيديكُم فِي الجَنَّةِ ، وإن لا تَفعَلوا يُلحِقكُمُ اللّهُ بِأيديكُم فِي النّارِ (2) .شيخ : عن الرضا عليه السلام :أنساب الأشراف عن المقدام :شَهِدتُ عِندَ المُغيرَةِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ أبي عَقيلٍ رَجُلاً أقطَعَ ، فَلَقيتُهُ فَقُلتُ : مَن قَطَعَكَ ؟ فَقالَ : مَن رَحِمَهُ اللّهُ وغَفَرَ لَهُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ! فَقُلتُ : أ ظَلَمَكَ ؟ قالَ : لا وَاللّهِ ما ظَلَمَني (3) .* وفي الاستسقاء :الخرائج والجرائح :إنَّ أسوَدا دَخَلَ عَلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي سَرَقتُ فَطَهِّرني .

.


1- .الكافي : ج7 ص138 ح1 ، تهذيب الأحكام : ج9 ص376 ح1344 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج4 ص308 ح5662 .
2- .الكافي : ج7 ص264 ح22 ، بحار الأنوار : ج40 ص314 ح89 .
3- .أنساب الأشراف : ج2 ص385 .

ص: 371

* وفي الاستسقاء :فَقالَ : لَعَلَّكَ سَرَقتَ مِن غَيرِ حِرزٍ ، ونَحّى رَأسَهُ عَنهُ .

فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، سَرَقتُ مِنَ الحِرزِ ، فَطَهِّرني .

فَقالَ عليه السلام : لَعَلَّكَ سَرَقتَ غَيرَ نِصابٍ ، ونَحّى رأسَهُ عَنهُ .

فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، سَرَقتُ نِصابا .

فَلَمّا أقَرَّ ثَلاثَ مَرّاتٍ قَطَعَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَأَخَذَ المَقطوعَ وذَهَبَ ، وجَعَلَ يَقولُ فِي الطَّريقِ : قَطَعَني أميرُ المُؤمِنينَ ، وإمامُ المُتَّقينَ ، وقائِدُ الغُرِّ المُحَجَّلينَ ، ويَعسوبُ الدّينِ ، وسَيِّدُ الوَصِيّينَ ، وجَعَلَ يَمدَحُهُ ، فَسَمِعَ ذلِكَ مِنهُ الحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهماالسلاموقَدِ استَقبَلاهُ ، فَدَخَلا عَلى أبيهِما عليه السلام وقالا : رَأَينا أسَودا يَمدَحُكَ فِي الطَّريقِ !

فَبَعَثَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام مَن أعادَهُ إلى حَضرَتِهِ ، فَقالَ عليه السلام لَهُ : قَطَعتُ يَمينَكَ وأنتَ تَمدَحُني ؟ ! فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنَّكَ طَهَّرتَني ، وإنَّ حُبَّكَ قَد خالَطَ لَحمي ودَمي وعَظمي ، فَلَو قَطَّعتَني إربا إربا لَما ذَهَبَ حُبُّكَ مِن قَلبي .

فَدَعا عليه السلام لَهُ ، وَوَضَعَ المَقطوعَ إلى مَوضِعِهِ ، فَصَحَّ وصَلَحَ كَما كانَ (1) . .


1- .الخرائج والجرائح : ج2 ص561 ح19 وراجع الفضائل لابن شاذان : ص144 والتحصين لابن طاووس : ص610 ح11 وتفسير الفخر الرازي : ج21 ص89 .

ص: 372

. .

ص: 373

القسم الثالث عشر : آيات الإمام علي عليه السلام

اشاره

القسم الثالث عشر : آيات الإمام عليوفيه فصول :الفصل الأوّل : استجابة دعواتهالفصل الثاني : ردّ الشمس لهالفصل الثالث : إخباره بالامور الغيبيّةالفصل الرابع : النوادر

.

ص: 374

. .

ص: 375

الفصل الأوّل : استجابة دعواته

1 / 1 استجابة دعائه لزاذان في حفظه القرآن

الفصل الأوّل : استجابة دعواته1 / 1اِستِجابَةُ دُعائِهِ لِزاذانَ في حِفظِهِ القُرآنَ* ومنه عن فاطمة عليهاالسلام في القرآن :الخرائج والجرائح عن سعد الخفّاف عن زاذان أبي عمرو :قُلتُ : يا زاذانُ إنَّكَ لَتَقرَأُ القُرآنَ فَتُحسِنُ قِراءَتَهُ ! فَعَلى مَن قَرَأتَ ؟

فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قالَ : إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ مَرَّ بي وأنَا أُنشِدُ الشِّعرَ ، وكانَ لي خُلُقٌ حَسَنٌ، فَأَعجَبَهُ صَوتي ، فَقالَ :

يا زاذانُ هَلّا بِالقُرآنِ ؟ !

قُلتُ : وكَيفَ لي بِالقُرآنِ ، فَوَاللّهِ ما أقرَأُ مِنهُ إلّا بِقَدَرِ ما اُصلّي بِهِ !

قالَ : فَادنُ مِنّي .

فَدَنَوتُ مِنهُ ، فَتَكَلَّمَ في اُذني بِكَلامٍ ما عَرَفتُهُ ولا عَلِمتُ ما يَقولُ ، ثُمَّ قالَ لي : اِفتَح فاكَ ، فَتَفَلَ في فِيِّ ، فَوَاللّهِ ما زالت قَدَمَيَّ مِن عِندِهِ حَتّى حَفِظتُ القُرآنَ بِإِعرابِهِ وهَمزِهِ ، وما احتَجتُ أن أسأَلَ عَنهُ أحَدا بَعدَ مَوقِفي ذلِكَ .

قالَ سَعدٌ : فَقَصَصتُ قِصَّةَ زاذانَ عَلى أبي جَعفَرٍ عليه السلام ، قالَ :

.

ص: 376

1 / 2 استجابة دعائه لشابٍّ يبس نصف بدنه

* ومنه عن فاطمة عليهاالسلام في القرآن :صَدَقَ زاذانُ ، إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام دَعا لِزاذانَ بِالاِسمِ الأَعظَمِ الَّذي لا يُرَدُّ (1) .1 / 2اِستِجابَةُ دُعائِهِ لِشابٍّ يَبِسَ نِصفُ بَدَنِهِ* ومنه عن عبداللّه بن قيس :المناقب لابن شهر آشوب :إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام سَمِعَ في لَيلَةِ الإِحرامِ مُنادِيا باكِيا ، فَأَمَرَ الحُسَينَ عليه السلام بِطَلَبِهِ (2) ، فَلَمّا أتاهُ وَجَدَ شابّا يَبِسَ نِصفُ بَدَنِهِ ، فَأَحضَرَهُ فَسَأَلَهُ عَلِيٌّ عليه السلام عَن حالِهِ ، فَقالَ :

كُنتُ رَجُلاً ذا بَطَرٍ ، وكانَ أبي يَنصَحُني ، فَكانَ يَوما في نُصحِهِ إذ ضَرَبتُهُ ، فَدَعا عَلَيَّ بِهذَا المَوضِعِ وأنشَأَ شِعرا ، فَلَمّا تَمَّ كَلامُهُ يَبِسَ نِصفي ، فَنَدِمتُ وتُبتُ وطَيَّبتُ قَلبَهُ ، فَرَكِبَ عَلى بَعيرٍ لِيَأتِيَ بي إلى هاهُنا ويَدعوَ لي ، فَلَمَّا انتَصَفَ البادِيَةَ نَفَرَ البَعيرُ مِن طَيَرانِ طائِرٍ وماتَ والِدي .

فَصَلّى عَلِيٌّ عليه السلام أربَعا ثُمَّ قالَ : قُم سَليما ؛ فَقامَ صَحيحا ، فَقالَ : صَدَقتَ ، لَو لَم يَرضَ عَنَكَ لَما سُمِعَت (3) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام الحسين عليه السلام :كُنتُ مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام في الطَّوافِ في لَيلَةٍ دَيجوجِيَّةٍ (4) قَليلَةِ النّورِ ، وقَد خَلَا الطَّوافُ ، ونامَ الزُّوّارُ ، وهَدَأَتِ العُيونُ ، إذ سَمِعَ مستَغيثا مُستَجيرا مُتَرَحِّما (5) بِصَوتٍ حَزينٍ مَحزونٍ مِن قَلبٍ موجَعٍ وهُوَ يَقولُ :

يا مَن يُجيبُ دُعَا المُضطَرِّ فِي الظُّلَمِ

يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلوى مَعَ السَّقَمِ قَد نامَ وَفدُكَ حَولَ البَيتِ وَانتَبَهوا

يَدعو وعينُكَ يا قَيّومُ لَم تَنَمِ هَب لي بِجودِكَ فَضلَ العَفوِ عَن جُرُمي

يا مَن أشارَ إلَيهِ الخَلقُ فِي الحَرَمِ إن كانَ عَفوُكَ لا يَلقاهُ ذو سَرَفٍ

فَمَن يَجودُ عَلَى العاصينَ بِالنِّعَمِ

قالَ الحُسينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام : فَقالَ لي : يا أبا عَبدِ اللّهِ ، أ سَمِعتَ المُنادِيَ ذَنبَهُ ، المُستَغيثَ رَبَّهُ ؟

فَقُلتُ : نَعَم قَد سَمِعتُهُ . فَقالَ : اِعتَبِرهُ (6) ، عَسى [ أن ] (7) تَراهُ .

فَما زِلتُ أخبِطُ في طَخياءِ الظَّلامِ ، وأتَخَلَّلُ بَينَ النِّيامِ ، فَلَمّا صِرتُ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقامِ ، بَدا لي شَخصٌ مُنتَصِبٌ ، فَتَأَمَّلتُهُ فإِذا هُوَ قائِمٌ ، فَقُلتُ :

السَّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا العَبدُ المُقِرُّ المُستَقيلُ ، المُستَغفِرُ المُستَجيرُ ، أجِب بِاللّهِ ابنَ عَمِّ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله !

فَأَسرَعَ في سُجودِهِ وقُعودِهِ وسَلَّمَ ، فَلَم يَتَكَلَّم حَتّى أشارَ بِيَدِهِ بِأَن تَقَدَّمني ، فَتَقَدَّمتُهُ ، فَأَتَيتُ بِهِ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقُلتُ : دونَكَ ها هُوَ .

فَنَظَرَ إلَيهِ ، فَإِذا هُوَ شابٌّ حَسَنُ الوَجهِ نَقِيُّ الثِّيابِ ، فَقالَ لَهُ : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟

فَقالَ لَهُ : مِن بَعضِ العَرَبِ .

فَقالَ لَهُ : ما حالُكَ ، ومِمَّ بُكاؤُكَ وَاستِغاثَتُكَ ؟ !

.


1- .الخرائج والجرائح : ج1 ص195 ح30 ، بحار الأنوار : ج41 ص195 ح6 .
2- .في المصدر: «يطلبه»، والتصويب من بحار الأنوار .
3- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص286 ، بحار الأنوار : ج41 ص209 ح23 .
4- .دَجا الليلُ : إذا تَمّت ظُلمتُه وألبس كُلَّ شيء (النهاية : ج2 ص 102) .
5- .في أحد موضعي بحار الأنوار : «مُستَرحِما» بدل «مُترَحِّما» ، وهو الأصحّ .
6- .اِعتَبِر : اُنظر وتَدَبَّر (اُنظر لسان العرب : ج4 ص531).
7- .ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .

ص: 377

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :فَقالَ : حالُ مَن أُوخِذَ بِالعُقوقِ فَهُو في ضيقٍ ، ارتَهَنَهُ المُصابُ ، وغَمَرَهُ الاِكتِئابُ فَارتابَ (1) ، فَدُعاؤُهُ لا يُستَجابُ .

فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : ولِمَ ذلِكَ ؟ !

فَقالَ : لاِ نّي كُنتُ مُلتَهِيا في العَرَبِ بِاللَّعِبِ وَالطَّرَبِ ، اُديمُ العِصيانَ في رَجَبٍ وشَعبانَ ، وما اُراقِبُ الرَّحمنَ ، وكانَ لي والِدٌ شَفيقٌ يُحَذِّرُني مَصارِعَ الحَدَثانِ ، ويُخَوِّفُنِي العِقابَ بِالنّيرانِ ، ويَقولُ : كَم ضَجَّ مِنكَ النَّهارُ وَالظَّلامُ ، وَاللَّيالي وَالأَيّامُ ، وَالشُّهورُ وَالأَعوامُ ، وَالمَلائِكَةُ الكِرامُ ؟ ! وكانَ إذا ألَحَّ عَلَيَّ بِالوَعظِ زَجرَتُهُ وَانتَهَرتُهُ ، ووَثَبتُ عَلَيهِ وضَرَبتُهُ ، فَعَمَدتُ يَوما إلى شَيءٍ مِنَ الوَرِقِ (2) وكانَت فِي الخِباءِ ، فَذَهَبتُ لِاخُذَها وأصرِفَها فيما كُنتُ عَلَيهِ ، فَمانَعَني عَن أخذِها ، فَأَوجَعتُهُ ضَربا ولَوَيتُ يَدَهُ ، وأخَذتُها ومَضَيتُ .

فَأَومَأَ بِيَدِهِ إلى رُكبَتَيهِ يَرومُ النُّهوضَ مِن مَكانِهِ ذلِكَ ، فَلَم يُطِق يُحَرِّكُها مِن شِدَّةِ الوَجَعِ وَالأَلَم ، فَأَنشَأَ يَقولُ :

جَرَت رَحِمٌ بَيني وبَينَ مُنازِلٍ

سَواءً كَما يَستَنزِلُ القَطرَ طالِبُه ورَبَّيتُ حَتّى صار جَلدا شَمَردَلاً

إذا قامَ ساوى غارِبَ الفَحلِ غارِبُه وقَد كُنتُ اُوتيهِ مِنَ الزّادِ فِي الصِّبا

إذا جاعَ مِنهُ صَفوَهُ وأطايِبَه فَلَمَّا استَوى في عُنفُوانِ شَبابِهِ

وأصبَحَ كَالرُّمحِ الرُّدَينيِّ خاطِبُه تَهَضَّمَني مالي كَذا ولَوى يَدي

لَوى يَدَهُ اللّهُ الَّذي هُوَ غالِبُه

ثُمَّ حَلَفَ بِاللّهِ لَيَقدَمَنَّ إلى بَيتِ اللّهِ الحَرامِ فَيَستَعدِي اللّهَ عَلَيَّ . .


1- .في بحار الأنوار : ج41 ص225 «فإن تابَ» بدل «فَارتابَ».
2- .الورق : الدراهم (لسان العرب : ج10 ص375) .

ص: 378

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :قالَ : فَصامَ أسابيعَ ، وصَلّى رَكَعاتٍ ، ودَعا ، وخَرَجَ مُتَوَجِّها عَلى عَيرانَةٍ (1) يَقطَعُ بِالسَّيرِ عَرضَ الفَلاةِ ، ويَطوِي الأَودِيَةَ ويَعلُو الجِبالَ ، حَتّى قَدِمَ مَكَّةَ يَومَ الحَجِّ الأَكبَرِ ، فَنَزَلَ عَن راحِلَتِهِ وأقبَلَ إلى بَيتِ اللّهِ الحَرامِ ، فَسَعى وطافَ بِهِ ، وتَعَلَّقَ بِأَستارِهِ وَابتَهَلَ ، وأنشَأَ يَقولُ :

يا مَن إلَيهِ أتَى الحُجّاجُ بِالجَهَدِ

فَوقَ المَهاوي مِنَ اقصى غايَةِ البُعدِ إنّي أتَيتُكَ يا مَن لا يُخَيّبُ مَن

يَدعوهُ مُبتَهِلاً بِالواحِدِ الصَّمَدِ هذا مُنازِلُ لا يَرتاعُ مِن عققي

فَخُذ بِحَقّيَ يا جَبّارُ مِن وَلَدي حَتّى تُشِلَّ بِعَونٍ مِنكَ جانِبَهُ

يا مَن تَقَدَّسَ لَم يُولَد ولَم يَلِدِ

قالَ : فَوَالَّذي سَمَكَ السَّماءَ ، وأنبَعَ الماءَ ، مَا استَتَمَّ دُعاءَهُ حَتّى نَزَلَ بي ما تَرى _ ثُمَّ كَشَفَ عَن يَمينِهِ فَإِذا بِجانِبِهِ قَد شَلَّ _ فَأَنَا مُنذُ ثَلاثِ سِنينَ أطلُبُ إلَيهِ أن يَدعُوَ لي (2) فِي المَوضِعِ الَّذي دَعا بِهِ عَلَيَّ فَلَم يُجِبني ، حَتّى إذا كانَ العامُ أنعَمَ عَلَيَّ فَخَرَجتُ عَلى ناقَةٍ عُشَراءَ (3) أجِدُّ السَّيرَ حَثيثا رَجاءَ العافِيَةِ ، حَتّى إذا كُنّا عَلَى الأَراكِ (4) وحَطَمَةِ وادِي السِّياكِ (5) ، نَفَرَ طائِرٌ فِي اللَّيلِ فَنَفَرَت مِنهُ النّاقَةُ الَّتي كانَ عَلَيها فَأَلقَتُه إلى قَرارِ الوادي ، وَارفَضَّ بَينَ الحَجَرَينِ ، فَقَبَرتُهُ هُناكَ ، وأعظَمُ مِن ذلِكَ أ نّي لا اُعرَفُ إلّا « المَأخوذَ بِدَعَوةِ أبيهِ » .

فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أتاكَ الغَوثُ ! ألا اُعَلِّمُكَ دُعاءً عَلَّمَنيهِ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله .


1- .العَيرانة من الإبل : الناجية في نشاط ، سُمّيت لكثرة تَطْوافِها وحركتها (تاج العروس : ج7 ص282) .
2- .في المصدر: «يدعوني»، والتصويب من بحار الأنوار .
3- .العُشَراء : الَّتي أتى على حَملها عشرة أشهر، ثمّ اتّسع فيه ، فقيل لكلّ حامل : عُشراء (النهاية : ج3 ص240).
4- .الأراك : هو وادي الأراك ، قرب مكّة (معجم البلدان : ج1 ص135) .
5- .في المصدر : «وحطته وادي السجال»، والتصويب من بحار الأنوار .

ص: 379

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :وفيهِ اسمُ اللّهِ الأَكبَرُ الأَعظَمُ العَزيزُ الأَكرَمُ ، الَّذي يُجيبُ بِهِ مَن دَعاهُ ، ويُعطي بِهِ مَن سَأَلَهُ ، ويُفَرِّجُ الهَمَّ ، ويَكشِفُ بِهِ الكَربَ ، ويُذهِبُ بِهِ الغَمَّ ، ويُبرِئُ بِهِ السُّقمَ ، ويَجبُرُ بِهِ الكَسيرَ ، ويُغني بِهِ الفَقيرَ ، ويَقضي بِهِ الدَّين ، ويَرُدُّ بِهِ العَينَ ، ويَغفِرُ بِهِ الذُّنوبَ ، ويَستُرُ بِهِ العُيوبَ ، ويُؤمِنُ بِهِ كُلَّ خائِفٍ مِن شَيطانٍ مَريدٍ وجَبّارٍ عَنيدٍ ، ولَو دَعا بِهِ طائِعٌ للّهِِ عَلى جَبَلٍ لَزالَ مِن مَكانِهِ ، أو عَلى مَيِّتٍ لَأَحياهُ اللّهُ بَعدَ مَوتِهِ ، ولَو دَعا بِهِ عَلَى الماءِ لَمَشى عَلَيهِ بَعدَ أن لا يَدخُلَهُ العُجبُ .

فَاتَّقِ اللّهَ أيُّهَا الرَّجُلُ فَقَد أدرَكَتنِي الرَّحمَةُ لَكَ ، وليَعلَمِ اللّهُ مِنكَ صِدقَ النِّيَّةِ أ نَّك لا تَدعو بِهِ في مَعصِيَتِهِ ، ولا تُفيدُهُ إلَا الثِّقَةَ في دينِكَ ، فَإِن أخلَصتَ النِّيَّةَ استَجابَ اللّهُ لَكَ ، ورَأَيتَ نَبِيَّكَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله في مَنامِكَ ، يُبَشِّرُكَ بِالجَنَّةِ وَالإِجابَةِ .

قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام : فَكانَ سُروري بِفائِدَةِ الدُّعاءِ أشَدَّ مِن سُرورِ الرَّجُلِ بِعافِيَتِهِ وما نَزَلَ بِهِ ؛ لاِ نَّني لَم أكُن سَمِعتُهُ مِنهُ ، ولا عَرَفتُ هذَا الدُّعاءَ قَبلَ ذلِكَ .

ثُمَّ قالَ : اِيتِني بِدَواةٍ وبَياضٍ وَاكتُب ما اُمليهِ عَلَيكَ . فَفَعَلتُ ؛ وهُوَ :

«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا ذَا الجَلالِ وَالإكرامِ . . . » (1) وتَسأَلُ اللّهَ تَعالى ما أحبَبتَ ، وتُسَمّي حاجَتَكَ ، ولا تَدعُ بِهِ إلّا وأنتَ طاهِرٌ . ثُمَّ قالَ لِلفَتى : إذا كانَتِ اللَّيلَةُ فَادعُ بِهِ عَشرَ مَرّاتٍ وَأْتِني مِن غَدٍ بِالخَبَرِ .

قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام : وأخَذَ الفَتَى الكِتابَ ومَضى ، فَلَمّا كانَ مِن غَدٍ ما أصبَحنا حينا (2) حَتّى أتَى الفَتى إلَينا سَليما مُعافىً ، وَالكِتابُ بِيَدِهِ ، وهُوَ يَقولُ : هذا وَاللّهِ الاِسمُ الأَعظَم ، استُجيبَ لي ورَبِّ الكَعبَةِ .

قالَ لَهُ عَلِيٌّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ : حَدِّثني ! .


1- .اُنظر تمام الدّعاء في المصدر ، ولم نورِده هنا لِطُوله .
2- .في المصدر: «حسنا» ، والتصويب من بحار الأنوار .

ص: 380

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :قالَ : [ لمّا ] (1) هَدَأَتِ العُيونُ بِالرُّقادِ ، وَاستَحلَكَ جِلبابُ اللَّيلِ ، رَفَعتُ يَدي بِالكِتابِ ودَعَوتُ اللّهَ بِحَقِّهِ مِرارا ، فَاُجِبتُ فِي الثّانِيَةِ : حَسبُكَ فَقَد دَعَوتَ اللّهَ بِاسمِهِ الأَعظَمِ .

ثُمَّ اضطَجَعتُ ، فَرَأَيتُ رَسولَ اللّه صلى الله عليه و آله في مَنامي وقَد مَسَحَ يَدَهُ الشَّريفَةَ عَلَيَّ وهُوَ يَقولُ : اِحتَفِظ بِاسمِ اللّهِ الأَعظَمِ العَظيمِ ، فَإِنَّكَ عَلى خَيرٍ . فَانتبَهَتُ مُعافىً كَما تَرى ، فَجَزاكَ اللّهُ خَيرا (2) . .


1- .الزيادة من بحار الأنوار .
2- .مهج الدعوات : ص191 ، بحار الأنوار : ج41 ص224 ح37 و ج95 ص394 ح33 .

ص: 381

1 / 3 استجابة دعائه لانخفاض ماء الفرات

1 / 3اِستِجابَةُ دُعائِهِ لاِنخِفاضِ ماءِ الفُراتِشين : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :الإمام الباقر عليه السلام :شَكا أهلُ الكوفَةِ إلى عَلِيٍّ عليه السلام زِيادَةَ الفُراتِ ، فَرَكِبَ هُوَ وَالحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهماالسلام فَوَقَفَ عَلَى الفُراتِ وقَدِ ارتَفَعَ الماءُ عَلى جانِبَيهِ ، فَضَرَبَهُ بِقَضيبِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَنَقَصَ ذِراعٌ ، وضَرَبَهُ اُخرى فَنَقَصَ ذِراعانِ .

فَقالوا : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، لَو زِدتَنا !

فَقالَ : إنّي سَأَلتُ اللّهَ فَأَعطاني ما رَأَيتُم ، وأكرَهُ أن أكونَ عَبدا مُلِحّا (1) .* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في الشيعة :الإمام الصادق عليه السلام :مَدّ الفُراتُ عِندَكُم عَلى عَهدِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَأَقبَلَ إلَيهِ النّاسُ فَقالوا : يا أميرَ المُؤمِنينَ نَحنُ نَخافُ الغَرَقَ ؛ لِأَنَّ فِي الفُراتِ قَد جاءَ مِنَ الماءِ ما لَم يُرَ مِثلُهُ ، وقَدِ امتَلَأَت جَنبَتاهُ ، فَاللّهَ اللّهَ .

فَرَكِبَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام وَالنّاسُ مَعَهُ وحَولُهُ يَمينا وشِمالاً ... حَتَّى انتَهى إلَى

.


1- .الخرائج والجرائح : ج1 ص173 ح4 ، بحار الأنوار : ج41 ص249 ح3 وراجع الفضائل لابن شاذان : ص91 وإثبات الوصيّة : ص160 .

ص: 382

1 / 4 استجابة دعائه على طلحة والزّبير

1 / 5 استجابة دعائه على بسر بن أرطاة

* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في الشيعة :الفُراتِ وهُوَ يَزخَرُ بِأَمواجِهِ ، فَوَقَفَ وَالنّاسُ يَنظُرونَ ، فَتَكَلَّمَ بِالعَبرانِيَّةِ كَلاما ، فَضَرَبَهُ بِقَضيبٍ كانَ مَعَهُ وزَجَرَهُ ، وَنَزَلَ الفُراتُ ذِراعا ... (1) .1 / 4اِستِجابَةُ دُعائِهِ عَلى طَلحَةَ وُالزُّبَيرِ* وعن المفضّل :الفتوح_ في ذِكرِ عَلِيٍّ عليه السلام بَعدَما راسَلَ أهلَ الجَمَلِ مَرَّةً بَعدَ اُخرى لِيَكُفّوا عَنِ الحَربِ ، فَلَم يُجيبوهُ _: ثُمَّ جَمَعَ عَلِيٌّ رضى الله عنه النّاسَ فَخَطَبَهُم خُطبَةً بَليغَةً وقالَ :

أيُّهَا النّاسُ ، إنّي قَد ناشَدتُ هؤُلاءِ القَومَ كَيما يَرجِعوا ويَرتَدِعوا ، فَلَم يَفعَلوا ولَم يَستَجيبوا . . . ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ إلَى السَّماءِ وهُوَ يَقولُ :

اللّهُمَّ إنَّ طَلحَةَ بنَ عُبَيدِ اللّهِ أعطاني صَفَقَةً بِيَمينِهِ طائِعا ثُمَّ نَكَثَ بَيعَتَهُ ، اللّهُمَّ ! فَعاجِلهُ ولا تُمَيِّطهُ . اللّهُمَّ ! إنَّ الزُّبَيرَ بنَ العَوّامِ قَطَعَ قَرابَتي ، ونَكَثَ عَهدي ، وظاهَرَ عَدُوّي ، ونَصَبَ الحَربَ لي وهُو يَعلَمُ أ نَّهُ ظالِمٌ ، فَاكفِنيهِ كَيفَ شِئتَ وأ نّى شِئتَ (2) .1 / 5اِستِجابَةُ دُعائِهِ عَلى بُسرِ بنِ أرطاةَ* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في ابن الزبير :الغارات :كانَ عَلِيٌّ عليه السلام دَعا قَبلَ مَوتِهِ عَلى بُسرِ بنِ أبي أرطاةَ (3) _ لعنه اللّه _ فيما بَلَغَنا ،

.


1- .اليقين : ص416 ح155 عن أبي بصير ، الخرائج والجرائح : ج1 ص230 ح74 نحوه من دون إسنادٍ إلى المعصوم ، بحار الأنوار : ج 41 ص237 ح8 و ص250 ح6 .
2- .الفتوح : ج2 ص468 ، المناقب للخوارزمي : ص184 ح223 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص279 وفيه من «اللّهُمَّ إنّ طلحة . . . » .
3- .هكذا ورد في بعض النصوص: «ابن أبي أرطاة» ، وقال العلّامة محمّد تقي التستري : لا خلاف أنّه «ابن أرطاة» ، وأبو أرطاة جدّه... لكن نقل في اُسد الغابة قولاً بأنّه «ابن أبي أرطاة» بدون تعيين قائله (قاموس الرجال : ج2 ص305) .

ص: 383

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في ابن الزبير :فَقالَ :

اللّهُمَّ إنَّ بُسرا باعَ دينَهُ بِدُنياهُ ، وَانتَهَكَ مَحارِمَكَ ، وكانَت طاعَةُ مَخلوقٍ فاجِرٍ آثَرَ عِندَهُ مِمّا عِندَكَ ، اللّهُمَّ فَلا تُمِتهُ حَتّى تَسلُبَهُ عَقلَهُ .

فَما لَبِثَ بَعدَ وَفاةِ عَلِيٍّ عليه السلام إلّا يَسيرا حَتّى وَسوَسَ وذَهَبَ عَقلُهُ (1) .* وعن دعبل :الإرشاد عن الوليد بن الحارث وغيره عن رجالهم :إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام لَمّا بَلَغَهُ ما صَنَعَهُ بُسرُ بنُ أرطاةَ بِاليَمَنِ قالَ :

اللّهُمَّ إنَّ بُسرا باعَ دينَهُ بِالدُّنيا ، فَاسلُبهُ عَقلَهُ ، ولا تُبقِ لَهُ مِن دينِهِ ما يَستَوجِبُ بِهِ عَلَيكَ رَحمَتَكَ .

فَبَقِيَ بُسرٌ حَتَّى اختَلَطَ (2) ، فَكانَ يَدعو بِالسَّيفِ ، فَاتُّخِذَ لَهُ سَيفٌ مِن خَشَبٍ ، فَكان يَضرِبُ بِهِ حَتّى يُغشى عَلَيهِ ، فَإِذا أفاقَ قالَ : السّيفَ السَّيفَ ، فَيُدفَعُ إلَيهِ فَيَضرِبُ بِهِ ، فَلَم يَزَل ذلِكَ دَأبُهُ حَتّى ماتَ (3) .* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله في المعراج :مروج الذهب :كانَ عَلِيٌّ عليه السلام _ حينَ أتاهُ خَبَرُ قَتلِ بُسرٍ لاِبنَي عُبيَدِ اللّهِ : قُثَمَ وعَبدِ الرَّحمنِ _ دَعا عَلى بُسرٍ ، فَقالَ: اللّهُمَّ اسلُبهُ دينَهُ وعَقلَهُ .

فَخَرِفَ الشَّيخُ حَتّى ذَهِلَ عَقلُهُ ، وَاشتهرَ بِالسَّيفِ فَكانَ لا يُفارِقُهُ ، فَجُعِلَ لَهُ سَيفٌ مِن خَشَبٍ ، وجُعِلَ بَينَ يَدَيهِ زِقٌّ (4) مَنفوخٌ يِضرِبُهُ ، وكُلَّما تَخَرَّقَ اُبدِلَ ، فَلَم يَزَل .


1- .الغارات : ج2 ص640 ؛ شرح نهج البلاغة : ج2 ص18 .
2- .خُولِطَ فُلان في عَقله مخالَطة : إذا اختَلّ عَقله (النهاية : ج2 ص64) .
3- .الإرشاد : ج1 ص321 وراجع الغارات : ج2 ص640 _ 642 والخرائج والجرائح : ج1 ص201 ح42 وإرشاد القلوب : ص228 وشرح نهج البلاغة : ج2 ص18 والكامل في التاريخ : ج2 ص432 .
4- .الزِّق : السِّقاء ينقل فيه الماء، أو جلد يُجَزّ شَعره ولا ينتف نتف الأديم (تاج العروس : ج13 ص196) .

ص: 384

1 / 6 استجابة دعائه على أنس بن مالك

1 / 7 استجابة دعائه على جاسوس معاوية

* ومنه عن النبيّ صلى الله عليه و آله في المعراج :يَضرِبُ ذلِكَ الزِّقَّ بِذلِكَ السَّيفِ ، حَتّى ماتَ ذاهِلَ العَقلِ يَلعَبُ بِخُرئِهِ ، ورُبَّما كانَ يَتَناوَلُ مِنهُ ، ثُمَّ يُقبِلُ عَلى مَن يَراهُ فَيقولُ : اُنظُروا كَيفَ يُطعِمُني هذانِ الغُلامانِ ابنا عُبَيدِ اللّهِ ؟

وكانَ رُبَّما شُدَّت يَداهُ إلى وَراءَ مَنعا مِن ذلِكَ ، فَأَنجى ذاتَ يَومٍ في مَكانِهِ ، ثُمَّ أهوى بِفيهِ فَتَناوَلَ مِنهُ ، فَبادَروا إلى مَنِعهِ ، فَقالَ : أنتُم تَمنَعونَني وعَبدُ الرَّحمنِ وقُثَمُ يُطعِمانِني (1) .راجع : ج 7 ص 114 (بسر بن أرطاة) .

1 / 6اِستِجابَةُ دُعائِهِ عَلى أنَسِ بنِ مالِكٍ* ومنه الخبر :نهج البلاغة :قالَ عليه السلام لاِنَسِ بنِ مالِكٍ ، وقَد كانَ بَعَثَهُ إلى طَلحَةَ وُالزُّبَيرِ لَمّا جاءَ إلَى البَصرَةِ يُذَكِّرُهُما شَيئا مِمّا سَمِعَهُ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله في مَعناهُما ، فَلَوى عَن ذلِكَ ، فَرَجَعَ إلَيهِ ، فَقالَ : إنّي اُنسيتُ ذلِكَ الأَمرَ ، فَقالَ عليه السلام : إن كُنتَ كاذِبا فَضَرَبَكَ اللّهُ بِها بَيضاءَ لامِعَةً لا تُواريهَا العِمامَةُ .

قالَ الرَّضِيُّ : يَعنِي البَرَصَ ، فَأَصابَ أنَسا هذَا الدّاءُ فيما بَعدُ في وَجهِهِ ، فَكانَ لا يُرى إلّا مُبَرقَعا (2) .راجع : ج 1 ص 582 (الدعاء على الكاتمين) .

.


1- .مروج الذهب : ج3 ص172 وراجع تهذيب التهذيب : ج1 ص333 الرقم 802 .
2- .نهج البلاغة : الحكمة 311 وراجع المسترشد : ص674 ح346 .

ص: 385

1 / 8 استجابة دعائه على الحسن البصريِ

1 / 9 استجابة دعائه على أهل البصرة

1 / 7اِستجِابَةُ دُعائِهِ عَلى جاسوسِ مُعاوِيَةَ* وعن سَلَمة بن الأكْوع :الإرشاد عن جُميع بن عمير :اِتَّهَمَ عَلِيٌّ عليه السلام رَجُلاً يُقالُ لَهُ العيزارُ بِرَفعِ أخبارِهِ إلى مُعاوِيَةَ ، فَأَنكَرَ ذلِكَ وجَحَدَهُ ، فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أ تَحلِفُ بِاللّهِ يا هذا إنَّكَ ما فَعَلتَ ذلِكَ ؟ قالَ : نَعَم . وبَدَرَ فَحَلَفَ .

فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : إن كُنتَ كاذِبا فَأَعمَى اللّهُ بَصَرَكَ . فَما دارَتِ الجُمُعَةُ حَتّى اُخرِجَ أعمى يُقادُ قَد أذهَبَ اللّهُ بَصَرَهُ (1) .1 / 8اِستجِابَةُ دُعائِهِ عَلَى الحَسَنِ البَصرِيِ* ومنه عن عقبة :الخرائج والجرائح :إنَّ عَلِيّا عليه السلام رَأَى الحَسَنَ البَصرِيَّ يَتَوَضَّأُ في ساقِيَةٍ ، فَقالَ : أسبِغ طَهورَكَ يا كفتيُّ (2) . قالَ : لَقَد قَتَلتَ بِالأَمسِ رِجالاً كانوا يُسبِغونَ الوُضوءَ ! قالَ : وإِنَّكَ لَحَزينٌ عَلَيهِم ؟ قالَ : نَعَم . قالَ : فَأَطالَ اللّهُ حُزنَكَ . قالَ أيّوبُ السَّجِستانِيُّ : فَما رَأَينَا الحَسَنَ قَطُّ إلّا حَزينا كَأَ نَّهُ يَرجِعُ عَن دَفنِ حَميمٍ ، أو كَأَ نَّهُ خَربَندَجُ (3) ضَلَّ حِمارُهُ ، فَقُلنا لَهُ في ذلِكَ ، فَقالَ : عَمِلَ فِيَّ دَعوَةُ الرَّجُلِ الصّالِحِ . (4)

.


1- .الإرشاد : ج1 ص350 ، الخرائج والجرائح : ج1 ص207 ح48 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص279 ، كشف الغمّة : ج1 ص283 وفيه «الغيرار» بدل «العيزار» وراجع إرشاد القلوب : ص228 .
2- .كفتيّ بالنّبطيّة : شيطان ، وكانت امّه سمّته بذلك ودعته في صغره ، فلم يعرف ذلك أحد حتّى دعاه به أمير المؤمنين عليه السلام (الصراط المستقيم : ج 1 ص 107) .
3- .قال المجلسي قدس سره : لعلّه معرّب خربنده ؛ أي مكاري الحمار (بحار الأنوار : ج41 ص302) .
4- .الخرائج والجرائح: ج2 ص547 ح8 ، بحار الأنوار : ج41 ص302 ح33 وفيه «لفتي» بدل«كفتي» .

ص: 386

1 / 10 استجابة دعائه على من كذّبه

1 / 11 استجابة دعائه على فتىً نسبه إلى الظّلم

1 / 9اِستِجابَةُ دُعائِهِ عَلى أهلِ البَصرَةِ* وفي الدعاء :شرح الأخبار : قالَ عَلِيٌّ عليه السلام_ عَلَى المِنبَرِ _: يا أهلَ البَصرَةِ ، إن كُنتُ قَد أدَّيتُ لَكُمُ الأَمانَةَ ، ونَصَحتُ لَكُم بِالغَيبِ ، وَاتَّهَمتُموني ، وكَذَّبتُموني ، فَسَلَّطَ اللّهُ عَلَيكُم فَتى ثَقيفٍ. فَقامَ رَجُلٌ، فَقالَ لَهُ: يا أميرَالمُؤمِنينَ، وما فَتى ثَقيف؟ قالَ: رَجُلٌ لا يَدَعُ للّهِِ حُرمَةً إلّا انتَهَكَها، بِهِ داءٌ يَعتَرِي المُلوكَ ، لَو لَم تَكُن إلّا النّارُ لَدَخَلَها (1) .1 / 10اِستجِابَةُ دُعائِهِ عَلى مَن كَذَّبهُ* وعنه عليه السلام في الدّنيا :المعجم الأوسط عن زاذان :إنَّ عَلِيّا حَدَّثَ حَديثا فَكَذَّبَهُ رَجُلٌ . فَقالَ عَلِيٌّ : أدعو عَلَيكَ إن قُلتَ كاذِبا . قالَ : اُدعُ . فَدعا عَلَيهِ فَلَم يَبرَح حَتّى ذَهَبَ بَصَرُهُ (2) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :فضائل الصحابة عن زاذان أبي عمر عن رجل حدّثه :إنَّ عَلِيّا سَأَلَ رَجُلاً عَن حَديثٍ فِي الرُّحَبةِ فَكَذَّبَهُ ، فَقالَ : إنَّكَ قَد كَذَّبتَني . فَقالَ : ما كَذَّبتُكَ .

قالَ : فَأَدعُو اللّهَ عَلَيكَ إن كُنتَ قَد كَذَّبتَني أن يُعمِيَ اللّهُ بَصَرَكَ . قالَ : فَدَعَا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ أن يُعِميَهُ فَعَمِيَ (3) .

.


1- .شرح الأخبار : ج2 ص290 ح606 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص272 وفيه إلى «إلّا انتهكها» .
2- .المعجم الأوسط : ج2 ص219 ح1791 ، دلائل النبوّة لأبي نعيم : ج2 ص582 ح532 عن عمّار الحضرمي ، الصواعق المحرقة : ص 129 ، البداية والنهاية : ج8 ص5 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص279 .
3- .فضائل الصحابة لابن حنبل : ج1 ص539 ح900 ، المناقب للخوارزمي : ص378 ح396 .

ص: 387

1 / 11اِستجِابَةُ دُعائِهِ عَلى فَتىً نَسَبَهُ إلَى الظُّلمِصبغ : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :شرح الأخبار عن الأصبغ بن نباتة :لَمَّا انهَزَمَ أهلُ البَصرَةِ قامَ فَتىً إلى عَلِيٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ ، فَقالَ : ما بالُ ما فِي الأَخبِيَةِ لا تُقَسَّمُ ؟ فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : لا حاجَةَ لي في فَتوَى المُتَعَلِّمينَ . قالَ : ثُمَّ قامَ إلَيهِ فَتىً آخَرُ ، فَقالَ مِثلَ ذلِكَ ، فَرَدَّ عَلَيهِ مِثلَ ما رَدَّ أوَّلاً . فَقالَ لَهُ الفَتى : أمَا وَاللّهِ ما عَدَلتَ ! فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : إن كُنتَ كاذِبا فَبَلَغَ اللّهُ بِكَ سُلطانَ فَتى ثَقيفٍ .

ثُمَّ قالَ عَلِيٌّ عليه السلام : اللّهُمَّ إنّي قَد مَلَلتُهُم ومَلّوني ، فَأَبدِلني بِهِم ما هُوَ خَيرٌ مِنهُم ، وأبدلِهُم بي ما هُوَ شَرٌّ لَهُم .

قالَ الأَصبَغُ بنُ نُباتَةَ : فَبَلَغَ ذلِكَ الفَتى سُلطانَ الحَجّاجِ ، فَقَتَلَهُ (1) .راجع : ج 1 ص 582 (الدعاء على الكاتمين).

.


1- .شرح الأخبار : ج2 ص290 ح605 . راجع : ص 443 (سلطة الحجّاج) .

ص: 388

. .

ص: 389

الفصل الثاني : ردّ الشمس له

2 / 1 من ردّت له الشّمس

الفصل الثاني : ردّ الشمس له2 / 1مَن رُدَّت لَهُ الشَّمسُ* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام لمعاوية :رسول اللّه صلى الله عليه و آله :غَزا نَبِيٌّ مِنَ الأَنبِياءِ فَقالَ لِقَومِهِ : لا يَتبَعني رَجُلٌ مَلَكَ بُضعَ امرَأَةٍ وهُو يُريدُ أن يَبنِيَ بِها ولَمَّا يَبنِ بِها ، ولا أَحدٌ بَنى بُيوتا ولَم يَرفَع سُقوفَها ، ولا أحَدٌ اشتَرى غَنَماً أو خَلِفاتٍ (1) وهُوَ يَنتَظِرُ وِلادَها .

فَغَزا ، فَدَنا مِنَ القَريَةِ صَلاةَ العَصرِ أو قَريبا مِن ذلِكَ ، فَقالَ لِلشَّمسِ : إنَّكِ مَأمورَةٌ وأنَا مَأمورٌ ؛ اللّهُمَّ احبِسها عَلَينا ! فَحُبِسَت حَتّى فَتَحَ اللّهُ عَلَيهِ (2) .صحب : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه صلى الله عليه و آله :لَم تَحتَبِسِ الشَّمسُ عَلى أحَدٍ إلّا لِيوشَعَ (3) .* وعن النوفلي :الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ سُلَيمانَ بنَ داودَ عليه السلام عُرِضَ عَلَيهِ ذاتَ يَومٍ بِالعَشِيِّ الخيَلُ ، فَاشتَغَلَ بِالنَّظَرِ إلَيها حَتّى تَوارَتِ الشَّمسُ بِالحِجابِ ، فَقالَ لِلمَلائِكَةِ : رُدُّوا الشَّمسَ عَلَيَّ حَتّى اُصَلِّيَ صَلاتي في وَقتِها ! فَرَدّوها ، فَقامَ فَمَسَحَ ساقَيهِ وعُنُقَهُ ، وأمَرَ أصحابَه

.


1- .الخَلِفَة : الحامل من النُّوق وتُجمع على خَلِفات وخَلائف (النهاية : ج2 ص68) .
2- .صحيح البخاري : ج3 ص1136 ح2956 ، صحيح مسلم : ج3 ص1366 ح1747 كلاهما عن أبي هريرة .
3- .مشكل الآثار : ج2 ص10 ، البداية والنهاية : ج6 ص282 كلاهما عن أبي هريرة .

ص: 390

* وعن النوفلي :الَّذينَ فاتَتُهُم الصَّلاةُ مَعَهُ بِمِثلِ ذلِكَ _ وكانَ ذلِكَ وُضوءَهُم لِلصَّلاةِ _ ثُمَّ قامَ فَصَلّى ، فَلَمّا فَرَغَ غابَتِ الشَّمسُ وطَلَعَتِ النُّجومُ . ذلِكَ قَولُ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ : «وَ وَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَ_نَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِىِّ الصَّ_فِنَ_تُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّى أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّى حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَىَّ فَطَفِقَ مَسْحَام بِالسُّوقِ وَ الْأَعْنَاقِ» (1) . (2)* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :فتح الباري عن ابن عبّاس :قالَ لي عَلِيٌّ : ما بَلَغَكَ في قَولِ اللّهِ تَعالى حِكايَةً عَن سُلَيمانَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : « رُدُّوهَا عَلَىَّ » ؟

فَقُلتُ : قالَ لي كَعبٌ : كانَت أربَعَةَ عَشَرَ فَرَسا عَرَضها ، فَغابَتِ الشَّمسُ قَبلَ أن يُصلِّيَ العَصرَ ، فَأَمَرَ بِرَدِّها فَضَرَبَ سوقَها وأعناقَها بِالسَّيفِ فَقَتَلَها ، فَسَلَبَهُ اللّهُ مُلكَهُ أربَعَةَ عَشَرَ يَوما ؛ لِأَ نَّهُ ظَلَمَ الخَيلَ بِقَتلِها .

فَقالَ عَلِيٌّ : كَذَبَ كَعبٌ ، وإنَّما أرادَ سُلَيمانُ جِهادَ عَدُوِّهِ فَتَشاغَلَ بِعَرضِ الخَيلِ حَتّى غابَتِ الشَّمسُ ، فَقالَ لِلمَلائِكَةِ المُوَكّلَينِ بِالشَّمسِ بِإِذنِ اللّهِ لَهُم : « رُدُّوهَا عَلَىَّ » فَرَدّوها عَلَيهِ حَتّى صَلَّى العَصرَ في وَقتِها ، وإنَّ أنبِياءَ اللّهِ لا يَظلِمونَ ولا يَأمُرون بِالظُّلمِ (3) .* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله :المناقب لابن شهر آشوب :عَن ابنِ عَبّاسٍ بِطُرُقٍ كَثيرَةٍ أ نَّهُ لَم تُرَدِّ الشَّمسُ إلّا لِسُلَيمانَ وَصِيّ داوُدَ ، ولِيوشَعَ وَصِيِّ موسى ، ولِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ وَصِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم أجمَعينَ (4) . .


1- .ص : 30 _ 33 .
2- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج1 ص202 ح607 .
3- .فتح الباري : ج6 ص222 .
4- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص318 ، بحار الأنوار : ج41 ص175 ح10 .

ص: 391

2 / 2 ردّ الشّمس للإمام مرّتين

* وعنه صلى الله عليه و آله :الإمام الصادق عليه السلام_ في زِيارَةِ الإِمامِ عَلِيٍّ عليه السلام _: السَّلامُ عَلَيكَ يامَن رُدَّت لَهُ الشَّمسُ فَسامى شَمعونَ الصَّفاءَ (1) .* وعنه صلى الله عليه و آله :فتح الباري عن عروة بن الزبير :إنَّ اللّهَ لَمّا أمَرَ موسى بِالمَسيرِ بِبَني إسرائيلَ أمَرَهُ أن يَحمِلَ تابوتَ يوسُفَ فَلَم يُدَلَّ عَلَيهِ حَتّى كادَ الفَجرُ أن يَطلُعَ ، وكانَ وعَدَ بَني إسرائيلَ أن يَسيرَ بِهِم إذا طَلَعَ الفَجرُ ، فَدَعا رَبَّهُ أن يُؤَخِّرَ الطُّلوعَ حَتّى يَفروغَ (2) مِن أمرِ يوسُفَ ، فَفَعَلَ (3) .2 / 2رَدُّ الشَّمسِ لِلإِمامِ مَرَّتَينِ* وعنه صلى الله عليه و آله :الإمام علي عليه السلام :إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى رَدَّ عَلَيَّ الشَّمسَ مَرَّتَينِ ، ولَم يَرُدَّها عَلى أحَدٍ مِن اُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله غَيري (4) .* وعنه صلى الله عليه و آله في المهديّ عليه السلامالمناقب للخوارزمي عن مجاهد :قيلَ لاِبنِ عَبّاسٍ : ما تَقولُ في عَلِيٍّ بنِ أبي طالِبٍ ؟

فَقالَ : ذَكَرتَ واللّهِ أحَدَ الثَّقَلَينِ (5)

؛ سَبَقَ بِالشَّهادَتَينِ ، وصَلَّى القِبلَتَينِ ، وبايَعَ البَيعَتَينِ ، واُعطِيَ السِّبطَينِ؛ وهُوَ أبُو السِّبطَينِ الحَسَنِ وَالحُسَينِ ، ورُدَّت عَلَيهِ الشَّمسُ مَرَّتَينِ بَعدَما غابَت عَنِ الثَّقَلَينِ (6) ، وجَرَّدَ السَّيفَ تارَتَينِ ، وهُوَ صاحِبُ الكَرَّتَينِ ، فَمَثَلُهُ فِي الاُمَّةِ مَثَلُ ذِي القَرنَينِ ، ذاكَ مَولايَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام (7) .

.


1- .المزار للشهيد الأوّل : ص91 ، بحار الأنوار : ج100 ص374 ح9 .
2- .في المصدر: «فرغ»، والصواب ما أثبتناه . ( المطالب لابن الدمشقي ، تحقيق الشيخ المحمودي: ج1 ص145).
3- .فتح الباري : ج6 ص221 .
4- .الخصال : ص580 ح1 عن مكحول .
5- .في الحديث: «إنّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَينِ : كِتابَ اللّه ِ وعِترَتي» سمّاهما ثَقَلَين؛ لأنّ الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل. ويقال لكلّ خطيرٍ نفيسٍ ثَقَل، فسمّاهُما ثَقَلين إعظاما لقَدرِهما وتفخيما لشأنِهِما ( النهاية: ج1 ص216 ) .
6- .الثَّقَلان: هما الإنس والجنّ؛ لأنّهما قُطّان الأرض (النهاية: ج1 ص217) .
7- .المناقب للخوارزمي : ص330 ح349 ؛ مائة منقبة : ص130 ح75 نحوه وزاد فيه «وهما حرب بدر فوحنين» بعد «الكرّتين» .

ص: 392

2 / 3 ردّ الشّمس في عهد النّبيّ

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في مقاسمة النّار :الإرشاد :ومِمّا أظهَرَهُ اللّهُ تَعالى مِنَ الأَعلامِ الباهِرَةِ عَلى يَدِ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام مَا استَفاضَت بِهِ الأَخبارُ ، ورَواهُ عُلَماءُ السِّيَرِ وَالآثارِ ، ونَظَّمَت فيهِ الشُّعَراءُ الأَشعارَ : رُجوعَ الشَّمسِ لَهُ عليه السلام مَرَّتَينِ ؛ في حَياةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله مَرَّةً ، وبَعدَ وَفاتِهِ اُخرى (1) .2 / 3رَدُّ الشَّمسِ لَهُ في عَهدِ النَّبِيِّ* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام الصادق عليه السلام :صَلّى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله العَصرَ ، فَجاءَ عَلِيٌّ عليه السلام ولَم يَكُن صَلّاها ، فَأَوحَى اللّهُ إلى رَسولِهِ صلى الله عليه و آله عِندَ ذلِكَ ، فَوَضَعَ رَأسَهُ في حِجرِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَقامَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَن حِجرِهِ حينَ قامَ وقَد غَرَبَتِ الشَّمسُ فَقالَ : يا عَلِيُّ ، أما صَلَّيتَ العَصرَ ؟

فَقالَ : لا ، يا رَسولَ اللّهِ .

قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : اللّهُمَّ إنَّ عَلِيّا كانَ في طاعَتِكَ ، فَاردُد عَلَيهِ الشَّمسَ .

فَرُدَّت عَلَيهِ الشَّمسُ عِندَ ذلِكَ (2) .* وعنه عليه السلام :البداية والنهاية عن عمرو بن ثابت :سَأَلتُ عَبدَ اللّهِ بنَ حَسنِ بنِ حُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عَن حَديثِ رَدِّ الشَّمسِ عَلى عَلِيٍّ بنِ أبي طالِبٍ : هَل يَثبُتُ عِندَكُم ؟

فَقالَ لي : ما أنزَلَ اللّهُ في كِتابِهِ أعظَمُ مِن رَدِّ الشَّمسِ !

قُلتُ : صَدَقتَ جَعَلَني اللّهُ فِداكَ ، ولكِنّي اُحِبُّ أن أسمَعَهُ مِنكَ .

فَقالَ : حَدَّثني أبي _ الحَسَنُ _ عَن أسماءَ بِنتِ عُمَيسٍ أ نَّها قالَت : أقبَلَ عَلِيُّ بن

.


1- .الإرشاد : ج1 ص345 ، إعلام الورى : ج1 ص350 نحوه .
2- .قرب الإسناد : ص175 ح644 عن أبي جميلة ، بحار الأنوار : ج41 ص169 ح4 .

ص: 393

* وعنه عليه السلام :أبي طالِبٍ ذاتَ يَومٍ وهُوَ يُريدُ أن يُصَلِّيَ العَصرَ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَوافَقَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قَدِ انصَرَفَ ونَزَلَ عَلَيهِ الوَحيُ ، فَأَسنَدَهُ إلى صَدرِهِ ، فَلَم يَزَل مُسنَدِهُ إلى صَدرِهِ حَتّى أفاقَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقالَ :

أصَلَّيتَ العَصرَ يا عَلِيُّ ؟

قالَ : جِئتُ وَالوَحُي يَنزِلُ عَلَيكَ ، فَلَم أزَل مُسنِدُكَ إلى صَدري حَتّى السّاعَةَ .

فَاستَقبَلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله القِبلَةَ _ وقَد غَرُبَتِ الشَّمسُ _ وقالَ : اللّهُمَّ إنَّ عَلِيّا كانَ في طاعَتِكَ فَاردُدها عَلَيهِ .

قالَت أسماءُ : فَأَقبَلَتِ الشَّمسُ ولَها صَريرٌ كَصَريرِ الرَّحى حَتّى كانَت في مَوضِعِها وَقتَ العَصرِ ، فَقامَ عَلِيٌّ مُتَمَكِّناً فَصَلّى ، فَلَما فَرَغَ رَجَعَتِ الشَّمسُ ولَها صَريرٌ كَصَريرِ الرَّحى ، فَلَمّا غابَتِ اختَلَطَ الظَّلامُ وبَدَتِ النُّجومُ (1) .صحصح : عن الحسن بن عليّ عليهماالسلام في التخلّي :المعجم الكبير عن أسماء بنت عميس :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذا نَزَلَ عَلَيهِ الوَحيُ يَكادُ يُغشى عَلَيهِ ، فَاُنزِلَ عَلَيهِ يَوما وهُوَ في حِجرِ عَلِيٍّ ، فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : صَلَّيتَ العَصرَ ياعَلِيُّ ؟

قالَ : لا يا رَسولَ اللّهِ .

فَدَعا اللّهَ فَرَدَّ عَلَيهِ الشَّمسَ حَتّى صَلَّى العَصرَ .

قالَت : فَرَأَيتُ الشَّمسَ طَلَعَت بَعدَما غابَت حينَ رُدَّت حَتّى صَلَّى العَصرَ (2) .* ومنه في هاشم :تاريخ دمشق عن أسماء بنت عميس :إنَّ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ رضى الله عنه دَفَعَ إلى نَبِيِّ اللّهِ صلى الله عليه و آله وقَد اُوحِيَ إلَيهِ ، فَجَلَّلَهُ بِثَوبِهِ ، فَلَم يَزَل كَذلِكَ حَتّى أدبَرَتِ الشَّمسُ _ تَقولُ : _ غابَت أو كادَت أن تَغيبَ ، ثُمَّ إنَّ نَبِيَّ اللّهِ صلى الله عليه و آله سُرِّيَ عَنهُ فَقالَ : .


1- .البداية والنهاية : ج6 ص83 .
2- .المعجم الكبير : ج24 ص152 ح391 ، المناقب لابن المغازلي : ص98 ح141 عن أبي رافع نحوه .

ص: 394

* ومنه في هاشم :أصَلَّيتَ يا عَلِيُّ ؟

قالَ : لا .

فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : اللّهُمَّ رُدَّ عَلى عَلِيٍّ الشَّمسَ .

فَرَجَعَتِ الشَّمسُ حَتّى بَلَغَت نِصفَ المَسجِدِ (1) .صحف : عن أبي عبداللّه عليه السلام :علل الشرائع عن اُمّ جعفر أو (2) اُمّ محمّد ابنتي محمّد بن جعفر عن أسماء بنت عميس_ وهِيَ جَدَّتُهُما _علل الشرائع عن اُمّ جعفر أو (3) اُمّ محمّد ابنتي محمّد بن جعفر عن أسماء بنت عميس : خَرَجتُ مَعَ جَدَّتي أسماءَ بِنتِ عُمَيسٍ وعَمّي عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ حَتّى إذا كُنّا بِالصَّهباءِ (4) قالَت : حَدَّثَتني أسماءُ بِنتُ عُمَيسٍ قالَت : يا بُنَيَّةُ ، كُنّا مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله في هذَا المَكانِ فَصَلّى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله الظُّهرَ ثُمَّ دَعا عَلِيّا عليه السلام فَاستَعانَ بِهِ في بَعضِ حاجَتِهِ ، ثُمَّ جاءَتِ العَصرُ فَقامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله فَصَلَّى العَصرَ ، فَجاءَ عَلِيٌّ عليه السلام فَقَعَدَ إلى جَنبِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَأَوحَى اللّهُ تَعالى إلى نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله فَوَضَعَ رَأسَهُ في حِجرِ عَلِيٍّ عليه السلام حَتّى غابَتِ الشَّمسُ لا يُرى مِنها شَيءٌ لا عَلى أرضٍ ولا عَلى جَبَلٍ ، ثُمَّ جَلَسَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَقالَ لِعَلِيّ عليه السلام هَل صَلَّيَت العَصرَ ؟

فَقالَ : لا يا رَسولَ اللّهِ ، اُنبِئتُ أ نَّكَ لَم تُصَلِّ فَلَمّا وَضَعتَ رَأسَكَ في حِجري لَم أكُن لاُحَرِّكَهُ .

فَقالَ : اللّهُمَّ إنَّ هذا عَبدُكَ (5) عَلِيٌّ احتَبَسَ نَفسَهُ عَلى نَبِيِّكَ ، فَردَُّ عَلَيهِ شَرقَها . فَطَلَعَتِ الشَّمسُ فَلَم يَبقَ جَبَلٌ ولا أرضٌ إلّا طَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ ، ثمَّ قامَ عَلِيٌّ عليه السلام فَتَوَضَّأَ وصَلّى ثُمَّ انكَسَفَت 6 . .


1- .تاريخ دمشق : ج42 ص314 ، البداية والنهاية : ج6 ص78 .
2- .في المصدر : «و» بدل «أو» ، والتصحيح من بحار الأنوار .
3- .الصَّهباء : اسم موضع قرب خيبر على مرحلة أو مرحلتين (راجع معجم البلدان : ج3 ص435) .
4- .في المصدر : «عبد» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .
5- .علل الشرائع : ص351 ح3 ، بحار الأنوار : ج41 ص167 ح2 .

ص: 395

* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :البداية والنهاية عن جابر وأبي سعيد :إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله نَزَلَ عَلَيهِ جِبريلُ يَوما يُناجيهِ مِن عِندِ اللّهِ ، فَلَمّا تَغَشّاهُ الوَحيُ تَوَسَّدَ فَخِذَ أميرِ المُؤمِنينَ ، فَلَم يَرفَع رَأسَهُ حَتّى غابَتِ الشَّمسُ ، فَصَلّى عَلِيٌّ العَصرَ بِالإيماءِ ، فَلَمَّا استَيقَظَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله قالَ لَهُ : سَلِ اللّهَ أن يَرُدَّ عَلَيكَ الشَّمسَ فَتُصَلِّيَ قائِماً .

فَدَعا فَرُدَّتِ الشَّمسُ ، فَصَلَّى العَصرَ قائِما (1) .* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :الإرشاد عن أسماء بنت عميس واُمّ سلمة زوج النبيّ صلى الله عليه و آله وجابر بن عبد اللّه الأنصاري وأبي سعيد الخدري في جماعة من الصحابة :إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله كانَ ذاتَ يَومٍ في مَنزِلِهِ ، وعَلِيٌّ عليه السلام بَينَ يَدَيهِ إذ جاءَهُ جَبرَئيلُ عليه السلام يُناجيهِ عَنِ اللّهِ سُبحانَهُ ، فَلَمّا تَغَشّاهُ الوَحيُ تَوَسَّدَ فَخِذَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَلَم يَرفَع رَأسَهُ عَنهُ حَتّى غابَتِ الشَّمسُ ، فَاضطُرَّ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام لِذلِكَ إلى صَلاةِ العَصرِ جالِسا يُومِئُ بِرُكوعِهِ وسُجودِهِ إيماءً ، فَلَمّا أفاقَ مِن غَشيَتِهِ قالَ لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام :

أ فاتَتكَ صَلاةُ العَصرِ ؟

قالَ لَهُ : لَم أستَطِع أن اُصَلِّيَها قائِما لِمَكانِكَ يا رَسولَ اللّهِ ، وَالحالِ التَّي كُنتَ عَلَيها فِي استِماعِ الوَحيِ .

فَقالَ لَهُ : اُدعُ اللّهَ لِيَرُدَّ عَلَيكَ الشَّمسَ حَتّى تُصَلِّيَها قائِما في وَقتِها كَما فاتَتكَ ، فَإِنَّ اللّهَ يُجيبُكَ لِطاعَتِكَ للّهِِ ورَسولِهِ .

فَسَأَلَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام اللّهَ عَزَّ اسمُهُ في رَدِّ الشَّمسِ ، فَرُدَّت عَلَيهِ حَتّى صارَت في مَوضِعِها مِنَ السَّماءِ وَقتَ العَصرِ ، فَصَلّى أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام صَلاةَ العَصرِ في وَقتِها ، ثُمَّ غَرَبَت . .


1- .البداية والنهاية : ج6 ص86 .

ص: 396

* وعن أبي عبداللّه عليه السلام :فَقالَت أسماءُ : أمَ واللّهِ ، لَقَد سَمِعنا لَها عِندَ غُروبِها صَريرا كَصَريرِ المِنشارِ فِي الخَشَبَةِ (1) .* وعنه عليه السلام :المعجم الكبير عن أسماء بنت عميس :إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله صَلَّى الظُّهرَ بِالصَّهباءِ ثُمَّ أرسَلَ عَلِيّا في حاجَةٍ فَرَجَعَ وقَد صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله العَصرَ ، فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله رَأسَهُ في حِجرِ عَلِيٍّ فَنامَ فَلَم يُحَرِّكهُ حَتّى غابَتِ الشَّمسُ ، فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله :

اللّهُمَّ إنَّ عَبدَكَ عَلِيّا احتَبَسَ بِنَفسِهِ عَلى نَبِيِّهِ فَرُدَّ عَلَيهِ الشَّمسَ .

قالَت : فَطَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ حَتّى رُفِعَت عَلَى الجِبالِ وعَلَى الأَرضِ ، وقامَ عَلِيٌّ فَتَوَضَّأَ وصَلَّى العَصرَ ثُمَّ غابَت ، وذلِكَ بِالصَّهباءِ (2) .صحل : في صفته صلى الله عليه و آله :كتاب من لا يحضره الفقيه عن أسماء بنت عميس :بَينَما رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله نائِمٌ ذاتَ يَومٍ ورَأسُهُ في حِجرِ عَلِيٍّ عليه السلام فَفاتَتهُ العَصرُ حَتّى غابَتِ الشَّمسُ ، فَقالَ :

اللّهُمَّ إنَّ عَلِيّا كانَ في طاعَتِكَ وطاعَةِ رَسولِكَ فَاردُد عَلَيهِ الشَّمسُ .

قالَت أسماءُ : فَرَأَيتُها وَاللّهِ غَرَبَت ثُمَّ طَلَعَت بَعدَما غَرَبَت ، ولَم يَبقَ جَبَلٌ ولا أرضٌ إلّا طَلَعَت عَلَيهِ ، حَتّى قامَ عَلِيٌّ عليه السلام فَتَوَضَّأ وصَلّى ثُمَّ غَرَبَت (3) .* وعن أبيهريرة :الإمام علي عليه السلام_ فِي احتِجاجِهِ عَلى أبي بَكرٍ _: أنشُدُكَ بِاللّهِ ، أنتَ الَّذي رُدَّت لَهُ الشَّمس .


1- .الإرشاد : ج1 ص345 ، إعلام الورى : ج2 ص350 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص316 نحوه وفيه «ما روت اُمّ سلمة وأسماء بنت عميس وجابر الأنصاري وأبو ذرّ وابن عبّاس والخدري وأبو هريرة والصادق عليه السلام » .
2- .المعجم الكبير : ج24 ص145 ح382 ، مشكل الآثار : ج2 ص9 ، البداية والنهاية : ج6 ص80 وفيه «بالصهباء من أرض خيبر» ؛ المناقب للكوفي : ج2 ص517 ح1022 وفيه «بالصهباء في غزوة خيبر» ، قصص الأنبياء : ص290 ح358 وزاد في آخره «فقالت أسماء : وذلك بالصهباء في غزوة حنين ، وأنّ عليّا لعلّه صلّى إيماءً قبل ذلك أيضا» .
3- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج1 ص203 ح610 ؛ المعجم الكبير : ج24 ص150 ح390 ، مشكل الآثار : ج2 ص8 ، تاريخ دمشق : ج42 ص314 ح8865 ، المناقب لابن المغازلي : ص96 ح140 ، تذكرة الخواصّ : ص50 كلّها نحوه إلى «طلعت بعدما غَربت».

ص: 397

2 / 4 ردّ الشّمس أيّام إمارة الإمام

* وعن أبيهريرة :لِوَقتِ صَلاتِهِ فَصَلّاها ثُمَّ تَوارَت ، أم أنا ؟ !

قالَ [أبو بَكرٍ] : بَل أنتَ (1) .* وعن رُقَيقَة :عنه عليه السلام_ يَومَ الشّورى _: أنشُدُكُم بِاللّهِ ، هَل فيكُم مَن رُدَّت عَلَيهِ الشَّمسُ غَيري حينَ نامَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وجَعَلَ رَأسَهُ في حِجري حَتّى غابَتِ الشَّمسُ ، فَانتَبَهَ فَقالَ : يا عَلِيُّ صَلَّيتَ العَصرَ ؟ قُلتُ : اللّهُمَّ لا . فَقالَ : اللّهُمَّ اردُدها عَلَيهِ فَإِنَّهُ كان في طاعَتِكَ وطاعَةِ رَسولِكَ ؟ (2)2 / 4رَدُّ الشَّمسِ أيّامَ إمارَةِ الإِمامِ* وعن موسى بن جعفر عليهماالسلام :كتاب من لا يحضره الفقيه عن جويرية بن مسهر :أقبَلنا مَعَ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام مِن قَتلِ الخَوارِجِ ، حَتّى إذا قَطَعنا في أرضِ بابِلَ حَضَرَت صَلاةُ العَصرِ ، فَنَزَلَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ونَزَلَ النّاسُ ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام :

أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ هذِهِ أرضٌ مَلعونَةٌ قَد عُذِّبَت فِي الدَّهرِ ثَلاثَ مَرّاتٍ _ وفي خَبَرٍ آخَرَ : مَرَّتَينِ _ وهِيَ تَتَوَقَّعُ الثّالِثَةَ ، وهِيَ إحدَى المُؤتَفِكاتِ (3) ، وهِيَ أوَّلُ أرضٍ عُبِدَ فيها وَثَنٌ ، وإنَّهُ لا يَحِلُّ لِنَبِيٍّ ولا لِوَصِيِّ نَبِيٍّ أن يُصَلِّيَ فيها ، فَمَن أرادَ مِنكُم أن يُصَلِّيَ فَليُصَلِّ .

فَمالَ النّاسُ عَن جَنبَيِ الطَّريقِ يُصَلّونَ ، ورَكِبَ هُوَ عليه السلام بَغلَةَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ومَضى .

قالَ جُوَيرِيَةُ : فَقُلتُ : وَاللّهِ لَأَتبَعَنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام ولَاُقَلِّدَنَّهُ صَلاتِيَ اليَومَ .

.


1- .الخصال : ص550 ح30 عن أبي سعيد الورّاق عن أبيه عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عليهم السلام .
2- .كشف اللبس للسيوطي : ص106 عن أبي ذرّ ؛ الخصال : ص558 ح31 عن عامر بن واثلة نحوه .
3- .ائتفكتِ البَلدة بأهلها : أي انقلَبت ؛ فهي مُؤتَفكة (النهاية : ج1 ص56) .

ص: 398

* وعن موسى بن جعفر عليهماالسلام :فَمَضَيتُ خَلفَهُ ، فَوَاللّهِ ما جُزنا جِسرَ سوراءَ (1) حَتّى غابَتِ الشَّمسُ فَشَكَكتُ ، فَالتَفَتَ إلَيَّ وقالَ :

ياجُوَيرِيَةُ ، أشَكَكتَ ؟

فَقُلتُ : نَعم يا أميرَ المُؤمِنينَ !

فَنَزلَ عليه السلام عَن ناحِيَةٍ فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ قامَ فَنَطَقَ بِكَلامٍ لا أُحسِنُهُ إلّا كَأَ نَّهُ بِالعِبرانِيِّ ، ثُمَّ نادى بِالصَّلاةِ (2) ، فَنَظَرتُ وَاللّهِ إلَى الشَّمسِ قَد خَرَجَت مِن بَينِ جَبَلَينِ لَها صَريرٌ ، فَصَلَّى العَصرَ وصَلَّيتُ مَعَهُ ، فَلَمّا فَرَغنا مِن صَلاتِنا عادَ اللَّيلُ كَما كانَ.

فَالتَفَتَ إلَيَّ وقالَ : يا جُوَيرِيَةَ بنَ مُسهِرٍ ، إنَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ يَقولُ : «فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ» (3) وإنّي سَأَلتُ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ بِاسمِهِ العَظيمِ فَرَدَّ عَلَيَّ الشَّمسَ .

ورُوِيَ أنَّ جُوَيرِيَةَ لَمّا رأى ذلِكَ قالَ : أنتَ وَصِيُّ نَبِيٍّ ورَبِّ الكَعبَةِ (4) .صخب : في صفته صلى الله عليه و آله :بصائر الدرجات عن أبي الجارود :سَمِعتُ جُوَيرِيَةَ يَقولُ : أسرى عَلِيٌّ عليه السلام بِنا مِن كَربَلا إلَى الفُراتِ ، فَلَمّا صِرنا بِبابِلَ قالَ لي : أيُّ مَوضِعٍ يُسَمّى هذا يا جُوَيرِيَةُ ؟

قُلتُ : هذِهِ بابِلُ يا أميرَ المُؤمِنينَ .

قال : أما إنَّهُ لا يَحِلُّ لِنَبِيٍّ ولا وَصِيٍّ نَبِيٍّ أن يُصَلِّيَ بِأَرضٍ قَد عُذِّبَت مَرَّتَينِ .

قالَ : قُلتُ : هذِهِ العَصرُ يا أميرَ المُؤمِنينَ فَقَد وَجَبَتِ الصَّلاةُ يا أميرَ المُؤمِنينَ !

قالَ : قَد أخبرَتُكَ أ نَّهُ لا يَحِلُّ لِنَبِيٍّ ولا وَصِيِّ نَبِيٍّ أن يُصَلِّيَ بِأَرضٍ قَد عُذِّبَت .


1- .سُوراء: موضع بالعراق من أرض بابل، وهي قريبة من الوقف والحِلّة المزيديّة (معجم البلدان: ج3 ص278).
2- .في المصدر: «الصلاة» ، وما أثبتناه من المصادر الاُخرى .
3- .الواقعة : 74 .
4- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج1 ص203 ح611 ، بصائر الدرجات : ص217 ح1 و ص218 ح3 ، الخرائج والجرائح : ج 1 ص224 ح69 ، تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص721 ح17 ، بحار الأنوار : ج41 ص168 ح3 و ص178 ح13 .

ص: 399

صخب : في صفته صلى الله عليه و آله :مَرَّتَينِ وهِيَ تَتَوقَّعُ الثالِثَةَ ؛ إذا طَلَع كَوكَبُ الذَّنَبِ وعُقِدَ جِسرُ بابِلَ قَتَلوا عَلَيهِ مِئَةَ ألفٍ ، تَخوضُهُ الخَيلُ إلَى السَّنابِكِ .

قالَ جُوَيرِيَةُ : قُلتُ : وَاللّهِ لَاُقَلِّدَنَّ صَلاتِيَ اليَومَ أميرَ المُؤمِنينَ .

وعَطَفَ عَلِيٌّ عليه السلام بِرَأسِ بَغلَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله « الدُّلدُلِ » حَتّى جازَ سورى (1) .

قالَ لي : أذِّن بِالعَصرِ يا جُوَيرِيَةُ .

فَأَذَّنتُ . وخَلا عَلِيٌّ ناحِيَةً فَتَكَلَّمَ بِكَلامٍ لَهُ سِريانِيٍّ أو عِبرانِيٍّ ، فَرَأَيتُ لِلشَّمسِ صَريراً وَانِقضاضاً حَتّى عادَت بَيضاءَ نَقِيَّةً .

قالَ : ثُمَّ قالَ : أقِم .

فَأَقَمت ، ثُمَّ صَلّى بِنا فَصَلَّينا مَعَهُ ، فَلَمّا سَلَّمَ اشتَبَكَتِ النُّجومُ .

فَقُلتُ : وَصِيُّ نَبِيٍّ ورَبِّ الكَعبَةِ (2) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :وقعة صفّين عن عبد خير :كُنتُ مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام أسيرُ في أرضِ بابِلَ ، قالَ : وحَضَرَتِ الصَّلاةُ صَلاةُ العَصرِ ، قالَ : فَجَعَلنا لانَأتي مَكانا إلّا رَأَيناهُ أقَبحَ مِنَ الآخَرِ ، قالَ : حَتّى أتَينا عَلى مَكانٍ أحسَنَ ما رَأَينا ، وقَد كادَتِ الشَّمسُ أن تَغيبَ ، فَنَزَلَ عَلِيٌّ وَنَزلتُ مَعَهُ ، قالَ : فَدَعَا اللّهَ فَرَجَعَتِ الشَّمسُ كَمِقدارِها مِن صَلاةِ العَصرِ ، قالَ : فَصَلَّينَا العَصرَ ثُمَّ غابَتِ الشَّمسُ (3) .* وفي سفينة نوح عليه السلام :الإرشاد :وكانَ رُجوعُها [أيِ الشَّمسِ] عَلَيهِ بَعدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله : إنَّهُ لَمّا أرادَ أن يَعبُرَ الفُراتَ بِبابِلَ ، اشتَغَلَ كَثيرٌ مِن أصحابِهِ بِتَعبيرِ دَوابِّهِم ورِحالِهِم ، وصَلَّى عليه السلام بِنَفسِهِ في طائِفَة .


1- .سُورى _ كَطُوبى _ : موضع بالعراق من أرض بابل ، بالقرب من الحلّة ، وهو من بلدِ السُّريانيّين (تاج العروس: ج6 ص555) .
2- .بصائر الدرجات : ص218 ح3 و ص219 ح4 نحوه .
3- .وقعة صفّين : ص136 ، بحار الأنوار : ج41 ص184 ح21 .

ص: 400

2 / 5 أبيات في شأن هذه الآية العظيمة

* وفي سفينة نوح عليه السلام :مَعَهُ العَصرَ ، فَلَم يَفرَغِ النّاسُ مِن عُبورِهِم حَتّى غَرَبَتِ الشَّمسُ ، فَفاتَتِ الصَّلاةُ كَثيرا مِنهُم ، وفاتَ الجُمهورُ فَضلَ الاِجتِماعِ مَعَهُ ، فَتَكَلَّموا في ذلِكَ ، فَلَمّا سَمِعَ كَلامَهُم فيهِ سَأَلَ اللّهَ تَعالى رَدَّ الشَّمسِ عَلَيهِ لِيَجتَمِعَ كافَّةُ أصحابِهِ عَلى صَلاةِ العَصرِ في وَقتِها ، فَأَجابَهُ اللّهُ تَعالى في رَدِّها عَلَيهِ ، فَكانَت فِي الاُفُقِ عَلَى الحالِ الَّتي تَكونُ عَلَيها وَقتَ العَصرِ ، فَلَمّا سَلَّمَ بِالقَومِ غابَت ، فَسُمِعَ لَها وَجيبٌ (1) شَديدٌ هالَ النّاسَ ذلِكَ ، وأكثَروا مِنَ التَّسبيحِ وَالتَّهليلِ وَالاِستِغفارِ وَالحَمدُ للّهِِ عَلى نِعمَتِهِ الَّتي ظَهَرَت فيهِم ، وسارَ خَبَرُ ذلِكَ فِي الآفاقِ وَانتَشَرَ ذِكرُهُ فِي النّاسِ (2) .2 / 5أبياتٌ في شَأنِ هذِهِ الآيَةِ العَظيمَةِصخد : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :بشارة المصطفى عن عبد اللّه بن عبّاس :رَأَيتُ حَسّانَ واقِفا بِمِنى وَالنَّبِيَّ مُجتَمِعَينِ ، فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله :

مَعاشِرَ النّاسِ ، هذا عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام سَيِّدُ العَرَبِ وَالوَصِيُّ الأَكبَرُ ، مَنزِلَتُهُ مِنّي مَنزِلَةَ هارونَ مِن موسى إلّا أ نَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي ، لا تُقبَلُ التَّوبَةُ مِن تائِبٍ إلّا بِحُبِّهِ ، يا حَسّانُ قُل فينا شَيئا ، فَأَنشَأَ يَقولُ :

لا تُقبَلُ التَّوبَةُ مِن تائِبٍ

إلّا بِحُبِّ ابنِ أبي طالِبِ أخو رَسولِ اللّهِ بَل صِهرُهُ

وَالصِّهُر لا يُعدَلُ بِالصّاحِبِ ومَن يَكُن مِثلَ عَلِيّ وقَد

رُدَّت لَهُ الشَّمسُ مِنَ المَغرِبِ رُدَّت عَلَيهِ الشَّمسُ في ضَوئِها

بَيضا كَأَنَّ الشَّمسَ لَم تَغرُبِ (3)

.


1- .أي صوت شديد (اُنظر المحيط في اللغة : ج7 ص203) .
2- .الإرشاد : ج1 ص346 ، روضة الواعظين : ص145 ، إعلام الورى : ج1 ص351 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص318 عن جويرية بن مسهر وأبي رافع والحسين بن عليّ عليهماالسلام .
3- .بشارة المصطفى : ص147 ، تفسير أبي الفتوح الرازي : ج6 ص329 عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، بحار الأنوار : ج37 ص260 ح19 وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص317 والخرائج والجرائح : ج2 ص499 . راجع : ج 5 ص 105 (حسّان بن ثابت) .

ص: 401

* وعنه عليه السلام :الإرشاد عن السيّد الحميري : رُدَّت عَلَيهِ الشَّمسُ لَمّا فاتَهُ

وقَتُ الصَّلاةِ وقَد دَنَتِ لِلمَغرِبِ حَتّى تَبَلَّجَ نورُها في وَقتِها

لِلعَصرِ ثُمَّ هَوَت هُوِيَّ الكَوكَبِ وعَلَيهِ قَد رُدَّت بِبابِلَ مَرَّةً

اُخرى ومارُدَّتِ لِخَلقٍ مُعرِبِ إلّا لِيوشَعَ أو لَهُ مِن بَعدِهِ

ولِرَدِّها تَأويلُ أمرٍ مُعجِبِ (1)صخر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :المناقب لابن شهر آشوب عن قدامة السعدي : رَدَّ الوَصِيُّ لَنَا الشَّمسَ الَّتي غَرَبَت

حَتّى قَضَينا صَلاةَ العَصرِ في مَهَلِ لا أنسَهُ حينَ يَدعوها فَتَتَبعُهُ

طَوعاً بِتَلبِيَةٍ هاها عَلى عَجَلِ فَتِلكَ آيَتُهُ فينا وحُجَّتُهُ

فَهَل لَهُ في جَميعِ النّاسِ مِن مَثَلِ ؟ أقسَمتُ لا أبتَغي يَوماً بِهِ بَدَلاً

وهَل يَكونُ لِنورِ اللّهِ مِن بَدَلِ ؟ حَسبي أبو حَسَنٍ مَولىً أدينُ بِهِ

ومَن بِهِ دانَ رُسلُ اللّهِ فِي الاُوَلِ (2)صدأ : سُئِل ابن عبّاس عن أميرالمؤمنين عليه السلامالمناقب لابن شهر آشوب عن العوني : ولا تَنسَ يَومَ الشَّمسِ إذ رَجَعَت لَهُ

بِمُنتَشَرِ [ ال ] (3)

_وادي مِنَ النّورِ مُمتِعِ فَذَلِكَ بِالصَّهبا وقَد رَجَعَت لَهُ

بِبابِلَ أيضا رَجعَةَ المُتَطَوِّعِ (4) .


1- .الإرشاد : ج1 ص347 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص52 وفيه «أحمد» بدل «ليوشع» ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص317 ؛ البداية والنهاية : ج6 ص86 وليس فيه البيت الأخير . راجع : ج 5 ص 112 (السيّد الحِمْيري) .
2- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص319 ، تفسير أبي الفتوح الرازي : ج6 ص331 .
3- .الزيادة منّا ولا يستقيم الوزن بدونها .
4- .المناقب لابن شهر آشوب: ج2 ص319. راجع: ج 5 ص 145 (أبو محمّد العوني).

ص: 402

* ومنه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :المناقب لابن شهر آشوب عن ابن حماد : ورُدَّت لَكَ الشَّمسُ في بابِلٍ

فَسامَيتَ يوشَعَ لَمّا سَمى ويَعقوبُ ما كانَ أسباطُهُ

كنَجلَيكَ سِبطَي نَبِيِّ الهُدى (1)صدد : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في صفة النار :المناقب لابن شهر آشوب عن السروجي : وَالشَّمسُ لَم تَعدِل بِيومِ بابِلٍ

ولا تَعَدَّت أمرَهُ حينَ أمَر جاءَت صَلاةُ العَصرِ وَالحَربُ عَلى

ساقٍ فَأَومى نَحوَها رَدَّ النَّظَر فَلَم تَزَل واقِفَةً حَتّى قَضى

صَلاتَهُ ثُمَّ هَوَت نَحوَ المَقَرّ (2)* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في معنى طِيْنة خَبالبداية والنهاية عن حبيب بن أوس (3) :البداية والنهاية عن حبيب بن أوس (4) :

فَرُدَّت عَلَينَا الشَّمسُ وَاللَّيلُ راغِمٌ

بِشَمسٍ لَهُم مِن جانِبِ الخِدرِ تطلُعُ نَضا (5) ضَوءُها صِبغَ الدُّجُنَّةِ (6) وَانطَوى

لِبَهجَتِها نورُ السَّماءِ المُرَجَّعُ فَوَاللّهِ ما أدري عَلِيٌّ بَدا لَنا فَرُدَّت

لَهُ أم كانَ فِي القَومِ يُوشَعُ (7)* وعنه عليه السلام في الحجّ :الروضة المختارة عن ابن أبي الحديد : يا مَن لَهُ رُدَّت ذُكاءُ (8) ولَم يَفُز

بِنَظيرِها مِن قَبلُ إلّا يوشَعُ 9 .


1- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص319 . راجع : ج 5 ص 122 (بكر بن حمّاد التاهرتيّ) .
2- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص319 .
3- .أبو تمّام حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس الطائي : ولد أيّام الرشيد . أسلم وكان نصرانيّا ، كان واحد عصره في ديباجة لفظه وفصاحة شعره ، وفي تاريخ وفاته خلاف بين سنة 228 و 231 و 232 ه (راجع سير أعلام النبلاء : ج11 ص63 الرقم 26) .
4- .نَضا الثوبُ الصِّبغَ عن نفسهِ: إذا ألقاهُ (لسان العرب: ج15 ص329).
5- .الدُّجُنَّة: الظُّلْمَة (لسان العرب: ج13 ص147) .
6- .البداية والنهاية : ج6 ص87 .
7- .ذُكاء _ بالضمّ _ : اسم الشمس (لسان العرب : ج14 ص287) .
8- .الروضة المختارة : ص140 ، إثبات الهداة : ج2 ص533 .

ص: 403

2 / 6 مسجد ردّ الشّمس

اشارة

2 / 6مَسجِدُ رَدِّ الشَّمسِصدر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الدّنيا :الكافي عن عمّار بن موسى :دَخَلتُ أنَا وأبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام مَسجِدَ الفَضيخِ فَقالَ : يا عَمّارُ ، تَرى هذِهِ الوَهدَةَ ؟قُلتُ : نَعَم . قالَ : كانَتِ امرَأَةُ جَعفَرٍ الَّتي خَلَفَ عَلَيها أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام قاعِدَةً في هذَا المَوضِعِ ومَعَهَا ابناها مِن جَعفَرٍ ، فَبَكَت ، فَقالَ لَهَا ابناها : ما يُبكيكِ يا اُمَّه ؟ قالَت : بَكَيتُ لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام . فَقالا لَها : تَبكينَ لِأَميرِ المُؤمِنينَ ولا تَبكينَ لِأَبينا ؟ قالَت : لَيسَ هذا هكَذا ، ولكِنَ ذَكَرتُ حَديثا حَدَّثَني بِهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام في هذَا المَوضِعِ فَأَبكاني . قالا : وما هُوَ ؟ قالَت :

كُنتُ أنَا وأميرُ المُؤمِنينَ في هذَا المَسجِدِ فَقالَ لي : تَرَينَ هذِهِ الوَهدَةَ ؟ قُلتُ : نَعَم .

قالَ : كُنتُ أنَا ورَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله قاعِدَينِ فيها إذ وَضَعَ رَأسَهُ في حِجري ثُمَّ خَفَقَ حَتّى غَطَّ ، وحَضَرَت صَلاةُ العَصرِ فَكَرِهتُ أن اُحَرِّكَ رَأسَهُ عَن فَخِذي فَأَكونَ قَد آذَيتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، حَتّى ذَهَبَ الوَقتُ وفاتَت ، فَانتَبَهَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَقالَ : يا عَلِيُّ ، صَلَّيتَ ؟ قُلتُ : لا . قالَ : ولِمَ ذلك ؟ قُلتُ : كَرِهتُ أن اُوذيكَ .

قالَ : فَقامَ وَاستَقبَلَ القِبلَةَ ومَدَّ يَدَيهِ كِلتَيهِما وقالَ : اللّهُمَّ رُدَّ الشَّمسَ إلى وَقتِها حَتّى يُصلِّيَ عَلِيٌّ » ، فَرَجَعَتِ الشَّمسُ إلى وَقتِ الصَّلاةِ حَتّى صَلَّيتُ العَصرَ ، ثُمَّ انقَضَّتِ انقِضاضَ الكَوكَبِ (1) .

.


1- .الكافي : ج4 ص562 ح7 ، قصص الأنبياء : ص291 ح359 نحوه .

ص: 404

بحث حول حديث ردّ الشمس
اشاره

بحث حول حديث ردّ الشمسذلك الذي مضى سجّل للإمام أمير المؤمنين عليه السلام فضيلة عظيمة ومنقبة متألّقة . والحقّ أنّ فهم تلك المنقبة الكريمة والإيمان بها صعب شاقّ إلّا لذوي البصيرة الذين تفيءُ نفوسهم إلى جلال الحقيقة ، والقلوب المغموسة بنور الحقّ الوضّاء . وعلى العكس اُولئك الذين انكفأت بهم البصيرة ، فاختاروا في حياتهم مناهضة الفضيلة ، وصدّوا عن كلّ ما يكون عنوانه منقبةً لعليّ عليه السلام ، فراحوا يخفضون من شأنه ، وينالون منه بأقاويل واهية . لمواجهة موقف كهذا مجانب للحقّ والصواب ، سجّل التاريخ جهود عدد من المحدِّثين والمؤرِّخين والباحثين المتمرّسين (من الشيعة والسنّة) همّهم تحرّي الحقيقة ، ورائدهم الإخلاص للحقّ ؛ توفّروا على دراسة الواقعة ، وتتبّع أنبائها ، وضبط طرقها المختلفة على أدقّ وجه ؛ دفاعاً عن حياض الحقّ وصوناً لحرمته . وما نصبو إلى تقديمه في هذا المجال الضيّق هو أن نبيّن من جهةٍ الشهرة الَّتي تحظى بها طرق الواقعة ورواياتها ، وأن نتعرّض من جهة اُخرى لبعض الإيرادات والإشكالات ونُجيب عليها . لكن قبل ذلك يحسن التذكير بالملاحظتين التاليتين : الاُولى : لمّا كانت دائرة النقد والردود ترتبط بواقعة «ردّ الشمس» على عهد

.

ص: 405

أ _ سعة النقل وشهرته
اشاره

رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ولمّا كانت النقطة الأكثر أهمّية على هذا الصعيد هي إثبات أصل «ردّ الشمس» ، فسنجعل محور البحث في هذه السطور مركّزاً على واقعة «ردّ الشمس» في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، رغم أنّ الإشكالات لها _ غالباً _ صلة بالواقعتين معاً . الثانية : تتحلّى بعض الحوادث والظواهر بموقع يتخطّى العقل الإنساني العادي والفهم البشري المحدود ، سواء من حيث الوقوع أو من حيث الطبيعة والكيفيّة . وعمليّة إثبات مثل هذه الوقائع ينبغي أن تستند إلى النصوص الثابتة والأخبار الصحيحة المتقنة ، كما ينبغي التأكيد في عمليّة نقل خبر الواقعة إلى الأجيال اللاحقة على الطرق الَّتي تبعث على الاطمئنان . كما من البديهي أن يُلحظ في الواقعة ألّا تكون مستحيلة عقلاً . أمّا لو سعى البعض إلى تحليل أمثال هذه الحوادث الَّتي مرّ ذكرها من خلال محدّدات العقل العادي ، وتفسيرها على ضوء اُطر الفهم الإنساني المألوف ؛ فلن يُفضي ذلك إلى نتيجة . بعد هاتين الملاحظتين ، نمرّ على البحث من خلال المحورين التاليين :

أ _ سعة النقل وشهرتهلحديث «ردّ الشمس» شهرة ملأت الآفاق ؛ فمنذ اللحظة الَّتي انبلجت فيها الواقعة اتّسعت الأخبار والنقولات ، وعنى كثيرون بتتبّع أنبائها وضبط طرقها والتوثيق لها . وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار طبيعة الواقعة والمناخ الصعب الذي واجهته في ظلّ أجواء محمّلة بالخوف ، مثقلة بالإرهاب وبمناوأة كلّ ما يمتّ إلى الفضائل العلويّة بصلة ، لَتبيّن أنّ حجم هذه الأخبار يُلفت النظر ، وهو حريّ بالتأمّل والتقدير . للتدليل على ذلك كلّه تكفي ملاحظة النقاط التالية :

.

ص: 406

1 _ الصحابة وحديث ردّ الشمس
2 _ المؤلّفون وحديث ردّ الشمس
3 _ رواة حديث ردّ الشمس

1 _ الصحابة وحديث ردّ الشمسلقد روى عدد من الصحابة واقعة «ردّ الشمس» ، نذكر فيما يلي عشرة منهم : الإمام عليّ عليه السلام ، الإمام الحسين عليه السلام ، أسماء بنت عميس ، عبد اللّه بن عبّاس ، أنس بن مالك ، أبو رافع ، أبو سعيد الخدري ، جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، أبو هريرة ، واُمّ المؤمنين اُمّ سلمة .

2 _ المؤلِّفون وحديث ردّ الشمسأفرد عدد كبير من الباحثين والمؤلِّفين تصانيف مستقلّة عن الواقعة ، حتى تكوّنت من بين الآثار المكتوبة مجموعة فخمة ، خليقة بالقراءة حيال واحدة من أعظم مآثر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأسمى مناقبه . وإليك أسماء نزر منهم : 1 _ أبو بكر الورّاق 2 _ أبو الحسن شاذان الفضيلي 3 _ الحافظ أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزدي الموصلي 4 _ أبو القاسم الحاكم ابن الحذّاءِ الحسكاني النيسابوري الحنفي 5 _ أبو عبد اللّه الحسين بن عليّ البصري ثمّ البغدادي 6 _ أخطب خوارزم أبو المؤيّد موفّق بن أحمد 7 _ أبو عليّ الشريف محمّد بن أسعد بن عليّ بن المعمّر الحسني النقيب النسّابة 8 _ الحافظ جلال الدين السيوطي 9 _ أبو عبد اللّه محمّد بن يوسف الدمشقي الصالحي (1) 10 _ الحافظ الشهير ابن مردويه (2) .

3 _ رواة حديث ردّ الشمسلقد أخرج حديث «ردّ الشمس» عدد كبير من محدِّثي أهل السنّة وعلمائهم ، وعلاوة على روايته فقد صحّح طرقه وأسانيده جمع من هؤلاء .

.


1- .الغدير : ج3 ص127 .
2- .كشف الرمس عن حديث ردّ الشمس : ص18 .

ص: 407

4 _ تصحيح الحديث وتأييده

كَتَب العلّامة المحقّق الشيخ عبد الحسين الأميني بهذا الشأن : «لا يسعنا ذكر تلكم المتون ، وتلكم الطرق والأسانيد ؛ إذ يحتاج إلى تأليف ضخم يُخصّ به ، غير أنّا نذكر نماذج ممّن أخرجه من الحفّاظ والأعلام بين مَن ذكره مِن غير غمز فيه ، وبين مَنْ تكلّم حوله وصحّحه ، وفيها مقنع وكفاية» (1) . لا شكّ أنّ ما جاء في موسوعة «الغدير» لم يرصد جميع من روى الحديث وجاء على ذكره في مصنّفاته ، كما أشار لذلك المؤلِّف نفسه ، فالعلّامة الأميني لم يأتِ _ مثلاً _ على ذكر أعلام مشهورين كالفخر الرازي في تفسيره (2) ، والرافعي في «التدوين» ، والدياربكري في «تأريخ الخميس» وغيرهم (3) . وإليك أسماء بعض مَنْ ذكرهم العلّامة الأميني ممّن أخرج الحديث من الحفّاظ والأعلام دون غمز فيه : الحافظ أبو بشر الدولابي ، الحافظ أبو جعفر الطحاوي ، الحافظ أبو جعفر العقيلي ، الحافظ أبو القاسم الطبراني ، الحاكم أبو عبد اللّه النيسابوري ، الحافظ ابن مردويه الإصفهاني ، أبو إسحاق الثعلبي ، الفقيه أبو الحسن الماوردي ، الحافظ أبو بكر البيهقي ، الحافظ الخطيب البغدادي ، الحافظ أبو زكريا بن مندة ، الحافظ ابن حجر الهيثمي ، نور الدين الحلبي ، الحافظ أبو الحسن عثمان بن أبي شيبة والحافظ القاضي عياض .

4 _ تصحيح الحديث وتأييدهأشرنا آنفاً إلى أنّ جمعاً غفيراً من أعلام أهل السنّة ومحدّثيهم عمدوا _ إضافة

.


1- .الغدير : ج3 ص128 .
2- .تفسير الفخر الرازي : ج32 ص126 .
3- .لمزيد الاطّلاع على رواة الحديث وطرقه وأسانيده ، راجع : إحقاق الحقّ : ج5 ص521 _ 539 و ج16 ص315 _ 331 و ج20 ص617 _ 620 و ج21 ص261 _ 271 .

ص: 408

إلى نقل الواقعة _ إلى تصحيح الحديث وتصويبه . وفي المقابل انتهى بعضهم إلى الطعن بها من خلال التشكيك بالحديث . والآن نذكر آراء بعض المحدِّثين في تصحيح حديث «ردّ الشمس» : أ : أبو جعفر أحمد بن صالح الطبري المصري (1) : من محدّثي القرن الثالث الهجري ، ومن مشايخ البخاري . قال _ بعد أن نقل حديث أسماء بطريقين صحيحين _ ما نصّه : «لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلّف عن حفظ حديث أسماء الذي روي لنا عنه صلى الله عليه و آله ؛ لأ نّه من أجلّ علامات النبوّة» (2) . ب : أبو جعفر أحمد بن محمّد الطحاوي : أخرج حديث أسماء بطريقين ، ثم راح يدافع عن الحديث ، حيث أورد شبهة تعارضه مع رواية : «لم تُحبس الشمس على أحد إلّا ليوشع» وأجاب عنها ، لينتهي في آخر المطاف إلى القول : «وكلّ هذه الأحاديث من علامات النبوّة» (3) . ج : الحافظ ابن حجر العسقلاني : كتب في مصنّفه المهمّ والمشهور «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» : «وروى الطحاوي والطبراني في «الكبير» ، والحاكم ، والبيهقي في «الدلائل» ، عن أسماء بنت عميس : أنّه صلى الله عليه و آله دعا لمّا نام على ركبة عليّ ففاتته صلاة العصر ، فرُدّت الشمس حتى صلّى عليّ ثمّ غربت . وهذا أبلغ في المعجزة ، وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات ، وهكذا ابن تيميّة في كتاب الردّ على الروافض ، في زعم وضعه» 4 .

.


1- .قال الذهبي في ميزان الاعتدال : «أحمد بن صالح ، أبو صالح المصري الحافظ الثبت ، أحد الأعلام . . . قال البخاري : أحمد بن صالح ثقة ، ما رأيت أحداً يتلكّم فيه بحجّة» (ميزان الاعتدال : ج1 ص103 الرقم 406 ، وراجع التاريخ الكبير : ج2 ص6 الرقم 1510 و الوافي بالوفيات : ج 6 ص424 الرقم 2942) .
2- .مشكل الآثار : ج2 ص11 .
3- .فتح الباري : ج6 ص221 .

ص: 409

د : الحافظ السيوطي : وقد روى الحديث في عدد من كتبه المختلفة ، ثمّ بادر إلى تصحيحه (1) . كما ذكره أيضاً في كتابه «الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة» الذي روى فيه الأحاديث المشهورة ، ثمّ انتهى للقول : «أخرجه ابن مندة وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس ، وابن مردويه من حديث أبي هريرة ، وإسنادهما حسن ، وممّن صحّحه الطحاوي والقاضي عيّاض . وقد ادّعى ابن الجوزي أنّه موضوع ، فأخطأ كما بيّنته في مختصر الموضوعات وفي التعقبات» (2) . لقد ذكرنا فيما سلف أنّ الجلال السيوطي صنّف رسالة مستقلّة في بيان طرق الحديث وتصحيحها والدفاع عنه ، بعنوان «كشف اللبس عن حديث ردّ الشمس» كتب في مقدّمة هذه الرسالة : «وبعد ؛ فإنّ حديث ردّ الشمس معجزة لنبيّنا صلى الله عليه و آله ، صحّحه الإمام أبو جعفر الطحاوي وغيره ، وأفرط الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي فأورده في كتاب «الموضوعات» . وهذا جزء في تتبّع طرقه وبيان حاله سميته : كشف اللبس عن حديث ردّ الشمس» (3) . ثمّ عاد ليقول آخر الرسالة : «وممّا يشهد لصحّة ذلك قول الإمام الشافعي وغيره : ما اُوتي نبيّ معجزة إلّا اُوتي نبيّنا صلى الله عليه و آله نظيرها أو أبلغ منها ، وقد صحّ أنّ الشمس حُبست على يوشع ليالي قاتل الجبّارين ، فلابدّ أن يكون لنبيّنا صلى الله عليه و آله نظير ذلك ، فكانت هذه القصّة نظير ذلك ، واللّه أعلم بالصواب» (4) . ه : الحافظ ابن حجر الهيثمي : كتب ابن حجر في كتاب «الصواعق المحرقة» ضمن تعداده لكرامات المولى أمير المؤمنين ، ما نصّه : «ومن كراماته الباهرة أن

.


1- .راجع الغدير : ج3 ص133 ح27 .
2- .الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة : ص266 ح488 .
3- .كشف اللبس عن حديث ردّ الشمس المطبوع في ضمن كشف الرمس عن حديث ردّ الشمس : ص89 .
4- .كشف اللبس عن حديث ردّ الشمس المطبوع في ضمن كشف الرمس عن حديث ردّ الشمس : ص108 .

ص: 410

5 _ رؤية الشيعة
6 _ شعر الشعراء

الشمس رُدّت عليه لمّا كان رأس النبيّ في حجره . . . وحديث ردّها صحّحه الطحاوي والقاضي في الشفاء ، وحسّنه شيخ الإسلام أبو زرعة وتبعه غيره ، وردّوا على جمع قالوا : إنّه موضوع» (1) .

5 _ رؤية الشيعةمنذ أقدم العصور وإلى القرون الأخيرة تحتفي مصادر الشيعة بهذه الواقعة المدهشة العظيمة ، وتُعنى برصدها والتوثيق لها بمختلف كتبها . فهاهم اُولاء أئمّة أهل البيت عليهم السلام يتعاطَونها فضيلةً متألّقة لأمير المؤمنين عليه السلام ، ويُركّزون عليها بوصفها معجزةً شامخة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله . وها هو ذا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يجهر بحقيقتها مرّات ، ويستشهد بها على الملأ حينما يرى ذلك ضرورياً ، وقد ناشدهم بها مراراً ، كما رأينا النصوص تفصح عن ذلك (2) . وهاهُم علماء الشيعة حماة الفكر المنافحون عن ثغور العقيدة ، يزيدون على توثيق الواقعة ورصدها بمختلف طرقها ، الدفاعَ عمّا يحوم حولها من شبهات ، ويرصدون ما يُثيره الآخرون ضدّها من مواضع ، بمنطق سليم وجواب محكم قويم (3) ، على ما ستمرّ الإشارة إليه .

6 _ شعر الشعراءالشعراء على مسار التاريخ أصوات تندّ بالقيم ، وتؤبّد الوقائع . والشعر في طليعة الوسائل الَّتي تسهم في حركة القيم والعواطف والأفكار نقلاً وانتقالاً .

.


1- .الصواعق المحرقة : ص128 .
2- .كشف الرمس عن حديث ردّ الشمس : ص197 _ 231 .
3- .راجع : دلائل الصدق : ج2 ص295 _ 301 .

ص: 411

ب _ إشكالات وأجوبة
اشاره

وما دام للشعر هذا الدور الفاعل الكبير في تثبيت الحوادث وترسيخها ، فقد انبرى الشعراء لهذه المأثرة ، ولم يروا السكوت عنها سائغاً . فأحاطوا جلالها بكلماتهم ، وعكفوا على بثّ معانيها المتألّقة في قوالب شعرهم الزخّار بالفكر ، الفائض بالعاطفة ، فحفظوا هذه المنقبة العليّة حيّة نابضة في أروقة التاريخ على مرّ الزمان (1) . إنّ لواقعة «ردّ الشمس» في حديث الشعر والشعراء ، خلفيّة متوغّلة في الزمان تتمادى حتى تتّصل بعصر رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأيّامه الزاهية الرحيبة ؛ فهاهو ذا حسّان بن ثابت يطوف في قصيدة على فضائل عليّ الَّتي تنأى عن العدّ ، وتعظم على الإحصاء ، فيلبث مع الواقعة منشداً : يا قَومُ مَن مِثلُ عَلِيٍّ وقَد رُدَّت لَهُ الشَّمسُ مِنَ المَغرِبِ أجل ، لقد كان للشعر حظّه العظيم ، ولقصيد الشعراء دوره النافذ العميق في تخليد هذه الواقعة ، وصونها في منعطفات التاريخ (2) .

ب _ إشكالات وأجوبةطالما كرّرنا أنّ أعداء الفضيلة لم يدّخروا وسعاً في سبيل أن يُطفئوا وهج هذا الفضل العلوي ، أو ينالوا من تألّقه شيئاً ؛ فقد راحوا يفرضون حول الواقعة طوقاً ، ويحاصرونها بإشكالات عديدة ؛ فمن حيث السند راموا مثلاً أن «يجرحوا» بعض رجاله ، كما رَموا البعض الآخر بالضعف مع أنّهم من رجال الصحيحَين ! مفارقة كبيرة ولا ريب ! فمن جهة حكم هؤُلاءِ بصحّة أخبار الصحيحَين أجمع ،

.


1- .راجع : كشف الرمس عن حديث ردّ الشمس : ص231 _ 276 .
2- .كشف الرمس عن حديث ردّ الشمس : ص233 .

ص: 412

1 _ ضعف السند
2 _ تعارضه مع حديث «لم تحبس الشمس على أحد إلّا ليوشع»
3 _ فضيلة نبويّة وليست علويّة

ومن جهة ثانية راحوا يخرّبون البناء الذي أسّسوه من القواعد ، عندما ضاقت عليهم الأمور ، فكيف يجتمع هذا إلى ذاك ! (1) لم يذر العلماء أمر هذه الإشكالات هملاً ، بل أجابوا عليها . وإليك جولة مع أبرز هذه الإشكالات وجواب العلماء عليها ، نوردها مع بعض الإضافات :

1 _ ضعف السندهذا إشكال لا يُفضي إلى شيء ؛ فمن جهة «صحّح» جمّ كثير من علماء أهل السنّة ومحدِّثيهم _ كما سلفت الإشارة _ طرقَ الحديث ، ولم يعبأ هؤلاء بمن ذهب إلى تضعيف الحديث وتوهين طرقه ، بل زادوا أحياناً على ذلك بأن شدّدوا النكير على مَنْ ضعّف حديثاً صحيحاً مثل هذا . ومن جهة اُخرى ، وعلى فرض التسليم بضعف تمام طرق الحديث وأسانيده ، فإنّ نُقوله بلغت من الاستفاضة ما يكفي لحصول الاطمئنان بوقوع أصل الحادثة حتى مع فرض ضعف السند . وهذا القدر يكفي لإثبات المطلوب وإن كان قاصراً عن إثبات التفاصيل .

2 _ تعارضه مع حديث «لم تُحبس الشمس على أحدٍ إلّا ليوشع»لهذا الإشكال جوابات عدّة ؛ منها : أنّ الحديث يُفيد أنّ هذه الواقعة لم تحصل في الاُمم السابقة إلّا ليوشع ، لكن ليس له دلالة قطّ على عدم وقوع ذلك في المستقبل .

3 _ فضيلة نبويّة وليست علويّةيبدو أنّ اُولئك الذين يلوكون هذه الكلمات أو يسطرونها بأقلامهم لم يتأمّلوا لا

.


1- .دلائل الصدق : ج2 ص297 .

ص: 413

4 _ فقدان فائدة «ردّ الشمس»
5 _ التغيّر في نظام الوجود

بالواقعة ولا بنصوص النقول والروايات ! فالنبيّ صلى الله عليه و آله يذكر في دعائه عليّاً عليه السلام ، ويطلب أن تعود له الشمس كي يؤدّي صلاته ، فهي إذاً فضيلة نبويّة ، لأ نّها تمّت بطلبه ودعائه ، وهي علويّة ؛ لأنّ «ردّ الشمس» تحقّق للإمام أمير المؤمنين عليه السلام .

4 _ فقدان فائدة «ردّ الشمس»قالوا : إنّ الصلاة صارت قضاءً عند غروب الشمس وفوات وقتها ، فما الفائدة من ردّها والصلاة لن تصير أداءً عندئذٍ ؟ ذكر ابن حجر الهيثمي هذا الإشكال ، ثمّ أوضح في جوابه : كما أنّ «ردّ الشمس» خصوصيّة لعليّ عليه السلام ، كذلك إدراك العصر الآن _ أي بعد ردّ الشمس _ أداءً خصوصيّة له وكرامة (1) . والمحصّل أنّه لمّا كان أصل الواقعة ثابتاً بنقول صحيحة ، فلا يعدّ ثمَّ مجال لمثل هذه الإشكالات . ولا ريب أنّ الحادثة بأساسها غير عاديّة ولها خصوصيّة ؛ ومن ثمّ كذا تكون ملابساتها ومعطياتها . يُضاف إلى ذلك أنّه يمكن النظر إلى مثل هذه الأحكام والإيرادات على أنّها اجتهاد في مقابل النصّ ؛ فعندما يريد رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يُجري الأمر على هذا المنوال ، فمعنى ذلك أنّ هناك فائدة تُرجى ، وعندئذٍ كيف يجوز مواجهة هذا النصّ والاستنباط بأن ليس هناك فائدة تُتوخّى منه !

5 _ التغيّر في نظام الوجودطروء التغيّر على نظام الأفلاك هو لازمة الإيمان بهذه الواقعة ، وهذا ممّا لا يمكن القبول به . هذا هو الإشكال الخامس .

.


1- .راجع : الصواعق المحرقة : ص128 . وقد أجاب الملّا علي القارئ على الإشكال بالجواب ذاته في «المرقاة» شرح «المشكاة» كما في الغدير : ج3 ص135 ح33 نقلاً عن المرقاة : ج4 ص287 .

ص: 414

6 _ تعارض النقول وتنافيها

ذكرنا في بداية التحليل أنّ الحادثة قد تكون أحياناً فوق أن تنتظمها الاُطر التحليليّة العقلانيّة العاديّة ، ومن ثمّ يكفي في إثبات هذه الحوادث عدم استحالتها وتعارضها مع النصوص الثابتة . وممّا لا ريب فيه أنّ وقوع مثل هذه الحادثة _ الَّتي كان لها مثال قطعي في التاريخ _ هو ليس محالاً عقلاً حتى تعدّ خارج دائرة القدرة الإلهيّة . على هذا الأساس لا يمنع من الإيمان بها كأمر «على خلاف العادة» بيدَ أنّه يتوائم مع العلل والعوامل الموجودة في الوجود ، وينسجم مع القدرة الإلهيّة ، علاوة على أنّه قد وقع فعلاً على عهد يوشع كما سلفت الإشارة إليه .

6 _ تعارض النقول وتنافيهالقد رأينا كثرة النصوص الَّتي تتوفّر على نقل الواقعة . ولمّا كانت النقول الكثيرة تقترن غالباً مع ظاهرة النقل بالمعنى ، وتتخلّلها أغراض متعدّدة للرواة والناقلين ، وأساليب مختلفة في كيفية ضبط الواقعة ، فسيطرأ التغيّر على النصوص والنقول من حيث المحتوى . فمن الرواة من ينقل الواقعة بأبعادها كافّة ، ومنهم من يكتفي بأصل الواقعة وهكذا ، ممّا لا ينفي النسيان ولا يُسقِط إمكان الخطأ . على هذا الضوء يبدو أنّ تعدّد الأخبار حول الحادثة الواحدة واختلافها هو أمر طبيعي ، قد يُفضي أحياناً إلى تهافت بعض أجزائها وسقوطها عن الاعتبار . بيدَ أنّ هذا التنافي لا يوجب نفي أصل الواقعة ؛ لأنّ لذلك معايير وملاكات خاصّة . لذلك يُعدّ خطأً كبيراً ما ذهب إليه نقّاد الواقعة من أنّ تنافي بعض خصوصيّاتها وتهافته يُفضي إلى كذب أصل الواقعة ونفيه .

.

ص: 415

لقد تناول العلّامة الشيخ محمّد حسن المظفر أبعاد هذا الإشكال والجواب عليه . وقد رأينا من الجدير ذكر النصّ كاملاً ، كما يلي : «الأمر الثالث : إنّ خصوصيّات الروايات متنافية من وجوه ؛ وهو يكشف عن كذب الواقعة : الأوّل : دلالة بعضها على طلوع الشمس حتى وقعت على الجبال وعلى الأرض ، وبعضها حتى توسّطت السماء ، وبعضها حتى بلغت نصف المسجد ، وهذا دالّ على أنّ ذلك بالمدينة ؛ لأنّ المقصود مسجدها ، وكثير من الأخبار يدلّ على أنّه بالصهباء في غزوة خيبر . الثاني : أنّ بعضها يدلّ على أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يُوحَى إليه ، وبعضها كان نائماً ثمّ استيقظ . الثالث : دلالة بعضها على أنّ عليّاً كان مشغولاً بالنبيّ صلى الله عليه و آله ، وبعضها على أنّه كان مشغولاً بقسم الغنائم ؛ إلى غير ذلك من الخصوصيّات المتنافية . والجواب : أنّ تنافي الخصوصيّات لا يوجب كذب أصل الواقعة ، وإنّما يقتضي الخطأ في الخصوصيّات ؛ إذ لا ترى واقعة تكثر طرقها إلّا واختلف النقل في خصوصيّاتها ، حتى أنّ قصّة انشقاق القمر قد وردت في الرواية الَّتي تقدّمت عن الترمذي ، بأنّ القمر صار فرقتين على جبلين ، وفي رواية اُخرى للترمذي انشقّ فلقتين : فلقة من وراء الجبل وفلقة دونه ، وفي «صحيح البخاري» فرقة فوق الجبل وفرقة دونه . على أنّه لا تنافي بين تلك الخصوصيّات ؛ لأنّ المراد بجميع الخصوصيّات في الوجه الأوّل هو رجوع الشمس إلى وقت صلاة العصر ، كما صرّح به بعض الأخبار ، لكن وقعت المبالغة في بعضها بأنّها توسّطت السماء ، والمبالغة غير عزيزة في الكلام ، كما أنّ وقوع ردّ الشمس في غزوة خيبر لا ينافي بلوغها نصف المسجد .

.

ص: 416

7 _ طبيعة النقل وقلّته

وأمّا الخصوصيّات في الوجه الثاني ، فلا تنافي بينها أيضاً ؛ لصحّة حمل نوم النبيّ صلى الله عليه و آله على غشية الوحي ، والاستيقاظ على تسرّيه ، ولذا عبّر بعض الأخبار بالاستيقاظ بعد ذكر نزول جبرئيل وتغشّي الوحي للنبيّ صلى الله عليه و آله . وأمّا الخصوصيّات في الوجه الثالث فهي أظهر بعدم التنافي بينها ؛ إذ لا يبعد أنّ قسم الغنائم هو الحاجة الَّتي وقعت قبل شغل عليّ عليه السلام بالنبيّ صلى الله عليه و آله لا في عرضه . وعلى هذا القياس في سائر الخصوصيّات الَّتي يتوهّم تنافيها» (1) .

7 _ طبيعة النقل وقلّتهممّا ذكروه في عداد الإشكالات أنّه لو كان لواقعة «ردّ الشمس» أصلٌ ؛ لكان من الطبيعي أن يراها عدد كبير من النّاس ، كما كان حريّاً أن تُسجَّل بوصفها واقعة تاريخيّة من أعظم عجائب العالم الَّتي تتوفّر الدواعي إلى نقلها ، ومن ثَمّ لَتناقلها مختلف الأقوام والملل ، ولم يُقصر نقلها على عدّة قليلة . ربما ظنّ بعضهم أنّ هذا الإشكال هو أهمّ ما يواجه الواقعة من إشكالات . بيدَ أنّه بدوره يحظى بجوابين : نقضيّ وحلّيّ معاً : أمّا نقضاً : فقد شهد التاريخ الإسلامي على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله حدوث واقعة عظيمة حقّاً هي «شقّ القمر» الَّتي تُعدّ أدعى للعجب وإثارة الدهشة من مسألة «ردّ الشمس» ؛ فقد انشقّ القمر وصار شطرين بإشارة إعجازيّة من النبيّ صلى الله عليه و آله ، بعد أن طلب المشركون ذلك ، بحيث صار كلّ شقّ على جانب . وقد رأى المسافرون الذين كانوا يتّجهون تلقاء مكّة هذه الظاهرة الإعجازيّة ، وأخبروا قريشاً برؤيتهم . ثمّ إنّ جميع المفسِّرين بلا استثناء أذعنوا للواقعة ، وقد

.


1- .دلائل الصدق : ج2 ص298 _ 299 .

ص: 417

جاءت تؤكّدها الآيات الاُولى من سورة «القمر» وتوثّقها في قوله سبحانه (1) : «اقْتَرَبَتِ السَّ_اعَةُ وَ انشَقَّ الْقَمَرُ * وَ إِن يَرَوْاْ ءَايَةً يُعْرِضُواْ وَ يَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ» (2) ، ومن ثمّ لم تتوفّر الدواعي لإخفائها ، لكن مع ذلك كلّه لم يزِد رواتها على رواة «ردّ الشمس» ؛ كما لم تطبق شهرتها الآفاق أيضاً بحيث يعرف خبرها جميع الأقوام والملل . أكثر من ذلك ، لو لم تُوثّق الآيات الكريمة للواقعة وتؤبّدها على مدار الزمان من خلال الوحي الإلهي ، فلربّما لم تبلغ نصوصها حتى هذا القدر الموجود الآن ، ولاختفت النصوص ، وصارت واقعة «شقّ القمر» في مطاوي النسيان . أمّا الجواب حلّاً : فما يبعث على الأسف أنّ ثقافة ضبط الحديث وتدوينه وكتابته كانت ضعيفة بين عامّة المسلمين خلال القرن الهجري الأوّل ؛ لأسباب ليس هذا محلّ تفصيلها . وبذلك اندثرت آثار ومآثر كثيرة ، وضاع مثلها من الأحاديث والروايات ، ومن ثَمّ لم تحظَ معاجز رسول اللّه صلى الله عليه و آله بنقولٍ مكثّفة تغطّيها باستفاضة من كلّ جانب . من زاوية اُخرى يُلحظ أنّ الفضاء الذي كان يُهيمن على أجواء الحياة الإسلاميّة كان يميل إلى مواجهة الفضائل العلويّة ، ويسعى إلى طمس مناقب آل اللّه عليهم السلام ، ليس خلال القرن الأوّل وحده وإنّما على مدار قرون . وبذلك كان ضبط هذه الأخبار وإذاعتها يستتبع تبعات مكلّفة ، ويترتّب عليه ثمن باهض . إنّ هذا الجوّ الذي يعرفه الباحثون في تاريخ الإسلام ، يمكن أن يفسِّر لنا قلّة النصوص بإزاء هذه الوقائع ، وأكثر من ذلك أنّه يكشف أنّ هذا القدر الذي بلغنا كان

.


1- .راجع : كتب التفسير في ظلال سورة القمر .
2- .القمر : 1 و 2 .

ص: 418

رهين اللطف الإلهي ، وما تحظى به تلك الوقائع من عظمة وجلال . من جهة ثالثة يُلحظ أنّ الأرضيّة لم تكن واضحة بما فيه الكفاية لرؤية الواقعة من قبل عدد كبير من النّاس ؛ فمن ناحية كانت المدّة الَّتي عادت بها الشمس قصيرة ، ومن ناحية اُخرى تقضي طبيعة الحادثة وخصوصيّاتها ألّا تكون الشمس قد ارتفعت كثيراً في كبد السماء ، وبذلك لم تكن رؤيتها ممكنة إلّا في المناطق القريبة من الاُفق ، وبشرط عدم وجود المانع كالغمام والغبار (1) . مع ذلك كلّه ، لا تبدو نصوص الواقعة قليلة إذا ما قيست بنصوص وأخبار ما سواها من الوقائع . فعلى رغم عدم عناية المعاصرين للواقعة وعدم اهتمامهم بتوثيقها بحكم كونهم في صلب الحادثة وصميمها ، إلّا أنّ الذين وثّقوا لها في الأجيال اللاحقة ، وعنَوا بضبطها وتدوينها لم يكونوا قلّة قط . ومهما يكن ؛ فإنّ وقوع «ردّ الشمس» هو أمر قطعيّ ، وأخبار الواقعة ثابتة مستفيضة .

.


1- .ثَمَّ نصّ بهذا الشأن ربّما كان عن المعصوم ، جاء فيه : «قال العالم : علّة ردّ الشمس على أمير المؤمنين عليه السلام وما طلعت على أهل الأرض كلّهم ، أنّه جلّل اللّه السماء بالغمام إلّا الموضع الذي كان فيه أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه ؛ فإنّه جلاه حتى طلعت عليهم» (بحار الأنوار : ج58 ص166 ح26 نقلاً عن العلل لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم) .

ص: 419

الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة
3 / 1 استشهاد الحسين في كربلاء

الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة3 / 1اِستِشهادُ الحُسَينِ في كَربَلاءَ* وعن قُسٍّ في أخويه :كامل الزيارات عن أبي عبد اللّه الجدلي :دَخَلتُ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام والحسين عليه السلام إلى جَنبِهِ ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلى كَتِفِ الحُسَينِ عليه السلام ، ثُمَّ قالَ : إنَّ هذا يُقتَلُ ولا يَنصُرُهُ أحَدٌ . قالَ : قُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، وَاللّهِ إنَّ تِلكَ لَحَياةُ سوءٍ . قالَ : إنَّ ذلِكَ لَكائِنٌ (1) .* وعن الرضا عليه السلام في مكّة :الإرشاد عن إسماعيل بن زياد :إنَّ عَلِيّا عليه السلام قالَ لِلبَراء بنِ عازِبٍ يَوما : يا بَراءُ ، يُقتَلُ ابنِيَ الحُسَينُ وأنتَ حَيٌّ لا تَنصُرُهُ .

فَلَمّا قُتِلَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام كانَ البَراءُ بنُ عازِبٍ يَقولُ : صَدَقَ _ وَاللّهِ _ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ، قُتِلَ الحُسَينُ ولَم أنصُرهُ . ثُمَّ يُظهِرُ الحَسرَةَ عَلى ذلِكَ وَالنَّدَمَ (2) .* وعن محمّد بن عليّ وأبي عبداللّه عليهماالسلام :الإرشاد عن جويرية بن مسهر العبدي :لَمّا تَوَجَّهنا مَعَ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام إلى صِفّينَ ، فَبَلَغنا طُفوفَ كَربَلاءَ ، وَقَفَ عليه السلام ناحِيَةً مِنَ العَسكَرِ ، ثُمَّ نَظَرَ يَمينا وشِمالاً وَاستَعبَرَ ، ثُمَّ قالَ : هذا _ وَاللّهِ _ مُناخُ رِكابِهِم ومَوضِعُ مَنِيَّتِهِم .

.


1- .كامل الزيارات : ص149 ح176 وراجع رجال الكشّي : ج1 ص307 ح147 .
2- .الإرشاد : ج1 ص331 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص270 نحوه .

ص: 420

* وعن محمّد بن عليّ وأبي عبداللّه عليهماالسلام :فَقيلَ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ما هذَا المَوضِعُ ؟

قالَ : هذا كَربَلاءُ ، يُقتَلُ فيهِ قَومٌ يَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ . ثُمَّ سارَ (1) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الدّنيا :المعجم الكبير عن أبي حبرة :صَحِبتُ عَلِيّا رضى الله عنه حَتّى أتَى الكوفَةَ ، فَصَعِدَ المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : كَيفَ أنتمُ إذا نَزَلَ بِذُرِّيَّةِ نَبِيِّكُم بَينَ ظَهرانَيكُم ؟

قالوا : إذا نُبلِي اللّهَ فيهِم بَلاءً حَسَنا .

فَقالَ : وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ ، لَيَنزِلُنَّ بَينَ ظَهرانَيكُم ولَتَخُرجُنَّ إلَيهِم فَلَتَقتُلنَّهُم . ثُمَّ أقبَلَ يَقولُ :

هُم أورَدوهُم بِالغَرورِ وعَرَّدوا (2)

أحَبّوا نَجاةً لا نَجاةَ ولا عُذرَ (3)صرح : عن رجل لأبيعبداللّه عليه السلام :مسند ابن حنبل عن عبد اللّه بن نُجَيّ عن أبيه :أنَّهُ سارَ مَعَ عَلِيٍّ رضى الله عنهوكانَ صاحِبَ مِطهَرَتِهِ (4) ، فَلَمّا حاذى نينَوى وهُوَ مُنطَلِقٌ إلى صِفّينَ ، فَنادى عَلِيٌّ رضى الله عنه : اِصبِر أبا عَبدِ اللّهِ ، اِصبِر أبا عَبدِ اللّهِ بِشَطِّ الفُراتِ .

قُلتُ : وماذا (5) ؟

قالَ : دَخَلتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ذاتَ يَومٍ وعَيناهُ تَفيضانِ ، قُلتُ : يا نَبِيَّ اللّهِ ، أغضَبَكَ أحَدٌ ، ما شَأنُ عَينَيكَ تَفيضانِ ؟

قالَ : بَل قامَ مِن عِندي جِبريلُ قَبلُ فَحَدَّثَني أنَّ الحُسَينَ يُقتَلُ بِشَطِّ الفُراتِ . .


1- .الإرشاد : ج1 ص332 وراجع خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص47 وقرب الإسناد : ص26 ح87 ووقعة صفّين : ص142 وكامل الزيارات : ص 453 ح685 وذخائر العقبى : ص174 .
2- .عرَّدوا : أي فرّوا وأعرضوا (النهاية : ج3 ص204) .
3- .المعجم الكبير : ج3 ص110 ح2823 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص270 عن عمر بن محمّد الزيّات نحوه .
4- .المِطْهَرة : الإناءُ الذي يُتَوَضّأُ به ويُتطَهَّر به (لسان العرب : ج4 ص506) .
5- .في بعض المصادر: «وماذا: أبا عبد اللّه ؟!»، وفي بعضها: «ومن ذا: أبا عبد اللّه ؟ !» .

ص: 421

صرح : عن رجل لأبيعبداللّه عليه السلام :قالَ : فَقالَ : هَل لَكَ إلى أن أُشِمَّكَ مِن تُربَتِهِ ؟

قالَ : قُلتُ : نَعَم .

فَمَدَّ يَدَهُ فَقَبَضَ قَبضَةً مِن تُرابٍ فَأَعطانيها ، فَلَم أملِك عَينَيَّ أن فاضَتا (1) .* ومنه في حديث اُمّ مَعْبَد :مقتل الحسين للخوارزمي عن الحاكم الجشمي :إنَّ أميرَ المُؤمِنين عليه السلام لَمّا سارَ إلى صِفّينَ نَزَلَ بِكَربَلاءَ وقالَ لابنِ عَبّاسٍ : أ تَدري ما هذِهِ البُقعَةُ ؟

قالَ : لا .

قالَ : لَو عَرفتَها لَبَكَيتَ بُكائي . ثُمَّ بَكى بُكاءً شَديدا ، ثُمَّ قالَ : ما لي ولاِلِ أبي سُفيانَ ؟ !

ثُمَّ التَفَتَ إلَى الحُسَينِ وقالَ : صَبرا يا بُنَيَّ ، فَقَد لَقِيَ أبوكَ مِنهُم مِثلَ الَّذي تَلقى بَعدَهُ (2) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام لمعاوية :اُسد الغابة عن غرفة الأزدي :دَخَلَني شَكٌّ مِن شَأنِ عَليٍّ ، فَخَرَجتُ مَعَهُ عَلى شاطِئِ الفُراتِ ، فَعَدَلَ عَنِ الطَّريقِ ووَقَفَ ووَقَفنا حَولَهُ ، فَقالَ بِيَدِهِ : هذا مَوضِعُ رَواحِلِهِم، ومُناخُ رِكابِهِم، ومُهراقُ دِمائِهِم ، بِأَبي مَن لا ناصِرَ لَهُ فِي الأَرضِ ولا فِي السَّماءِ إلّا اللّهُ .

فَلَمّا قُتِلَ الحُسَينُ خَرَجتُ حَتّى أتَيتُ المَكانَ الَّذي قَتَلوهُ فيهِ ، فَإِذا هُوَ كَما قالَ ، ما أخطَأَ شَيئا . قالَ : فَاستَغفَرتُ اللّهَ مِمّا كانَ مِنّي مِنَ الشَّكِّ ، وعَلِمتُ أنَّ عَلِيّا رضى الله عنه لَم .


1- .مسند ابن حنبل : ج1 ص184 ح648، مسند أبي يعلى : ج1 ص206 ح358، تهذيب التهذيب : ج1 ص589 الرقم 1577 ، الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة): ج1 ص429 الرقم 417 عن عامر الشعبي، تاريخ دمشق: ج14 ص187 ح3517، المعجم الكبير : ج3 ص105 ح2811 نحوه ؛ الملاحم والفتن : ص237 ح344 و ص333 ح484 .
2- .مقتل الحسين للخوارزمي : ج1 ص162 .

ص: 422

* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام لمعاوية :يُقدِم إلّا بِما عُهِدَ إلَيهِ فيهِ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الاحتضار :الطبقات الكبرى عن أبي عبيد الضبّي :دَخَلنا عَلى أبي هَرثَمٍ الضَّبِّيِّ حينَ أقبَلَ مِن صِفّينَ _ وهُوَ مَعَ عَلِيٍّ _ وهُوَ جالِسٌ عَلى دُكّانٍ (2) ، ولَهُ امرَأَةٌ يُقالُ لَها : جَرداءُ ، هِيَ أشَدُّ حُبّا لِعَلِيٍّ وأشَدُّ لِقَولِهِ تَصديقا . فَجاءَت شاةٌ فَبَعَرَت ، فَقالَ : لَقَد ذَكَّرَني بَعرُ هذِهِ الشّاةِ حَديثا لِعَلِيٍّ .

قالوا : وما عِلمُ عَلِيٍّ بِهذا ؟

قالَ : أقبَلنا مَرجِعَنا مِن صِفّينَ فَنَزَلنا كَربَلاء ، فَصَلّى بِنا عَليٌّ صَلاةَ الفَجرِ بَينَ شَجَراتٍ ودَوحاتٍ حَرمَلٍ ، ثُمَّ أخَذَ كَفّا مِن بَعرِ الغِزلانِ فَشَمَّهُ ، ثُمَّ قالَ : أوهِ ، أوهِ ، يُقتَلُ بِهذَا الغائِطِ (3) قَومٌ يَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ .

قالَ : قالَت جَرداءُ : وما تُنكِرُ مِن هذا ؟ ! هُوَ أعلَمُ بِما قالَ مِنكَ ، نادَت بِذلِكَ وهِيَ في جَوفِ البَيتِ (4) .* وفي ولادة النبيّ صلى الله عليه و آله :تاريخ دمشق عن هرثمة بن سلمى :خَرَجنا مَعَ عَلِيٍّ في بَعضِ غَزوِهِ ، فَسارَ حَتَّى انتَهى إلى كَربَلاءَ ، فَنَزَلَ إلى شَجَرَةٍ فَصَلّى إلَيها ، فَأَخَذَ تُربَةً مِنَ الأَرضِ فَشَمَّها ، ثُمَّ قالَ : واها لَكِ [ مِن ] (5) تُربَةٍ ! لَيُقتَلَنَّ بِكِ قَومٌ يَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ .

قالَ : فَقَفَلنا مِن غَزَواتِنا (6) ، وقُتِلَ عَلِيٌّ ، ونَسيتُ الحَديثَ . .


1- .اُسد الغابة : ج4 ص322 الرقم 4173 وراجع تاريخ دمشق : ج14 ص198 .
2- .الدُّكّان : الدكّة المبنيّة للجلوس عليها (لسان العرب : ج13 ص157) .
3- .الغائط : المتّسع من الأرض مع طمأنينة (لسان العرب : ج7 ص364) .
4- .الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج1 ص432 الرقم 420 ، تاريخ دمشق : ج14 ص198 عن أبي عبد اللّه الضبّي ؛ شرح الأخبار : ج3 ص136 ح1077 ، المناقب للكوفي : ج2 ص26 ح514 كلاهما نحوه وراجع تهذيب التهذيب : ج1 ص590 الرقم 1577 ومقتل الحسين للخوارزمي : ج1 ص165 .
5- .الزيادة من الترجمة المطبوعة بتحقيق الشيخ المحموديّ .
6- .في هامش المصدر هنا: كذا، وفي المطبوعة: «غَزوَتِنا»، وبهامشها عن نسخةٍ: «غَزاتِنا» .

ص: 423

* وفي ولادة النبيّ صلى الله عليه و آله :قالَ : وكُنتُ فِي الجَيشِ الذَّينَ ساروا إلَى الحُسَينِ ، فَلَمَّا انتَهَيتُ إلَيه نَظَرتُ إلَى الشَّجَرَةِ فَذَكَرتُ الحَديثَ ، فَتَقدَّمتُ عَلى فَرَسٍ لي فَقُلتُ : اُبَشِّرُكَ [ يَا ] (1) ابن بنت رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وحَدَّثتُهُ الحَديثَ .

قالَ : مَعَنا أو عَلَينا ؟

قُلتُ : لا مَعَكَ ولا عَلَيكَ ، تَرَكتُ عِيالاً ، وتَرَكتُ (2) .

قالَ : أمّا لا فَوَلِّ فِي الأَرضِ ؛ فَوَالَّذي نَفسُ حُسَينٍ بِيَدِهِ لا يَشهَدُ قَتلنَا اليَومَ رَجُلٌ إلّا دَخَلَ جَهَنَّمَ .

قالَ : فَانطَلَقتُ هارِبا مُوَلِّيا فِي الأَرضِ حَتّى خَفِيَ عَلَيَّ مَقتَلُهُ (3) .* وفي حديث اُم سليم :وقعة صفّين عن أبي عبيدة عن هرثمة بن سليم :غَزَونا مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ غَزوَةَ صِفّينَ ، فَلَمّا نَزَلنا بِكَربَلاءَ صَلّى بِنا صَلاةً ، فَلَمّا سَلَّمَ رَفَعَ إلَيهِ مِن تُرَبتِها فَشَمَّها ، ثُمَّ قالَ :

واها لَكِ أيَّتُها التُّربَةُ ، لَيُحشَرَنَّ مِنكِ قَومٌ يَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ .

فَلَمّا رَجَعَ هَرثَمَةُ مِن غَزوَتِهِ إلَى امرَأَتِهِ _ وهِيَ جَرداءُ بِنتُ سُمَيرٍ ، وكانَت شيعَةً لِعَلِيّ _ فَقالَ لَها زَوجُها هَرثَمَةُ : ألا اُعَجِّبُكِ مِن صَديقِكِ أبِي الحَسَنِ ؟ ! لَمّا نَزَلنا كَربَلاءَ رَفَعَ إلَيهِ مِن تُربَتِها فَشَمَّها وقالَ : واها لَكِ يا تُربَةُ ، لَيُحشَرَنَّ مِنكِ قَومٌ يَدخُلون الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ ! وما عِلمُهُ بِالغَيبِ ؟ !

فَقالَت : دَعنا مِنكَ أيُّهَا الرَّجُلُ ، فَإِنَّ أميرَ المُؤمِنينَ لَم يَقُل إلّا حَقّا .

فَلَمّا بَعَثَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ البَعثَ الَّذي بَعَثَهُ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ وأصحابِهِ ، قالَ : كُنتُ فيهِم فِي الخَيلِ الَّتي بَعَثَ إلَيهِم ، فَلَمَّا انتَهَيتُ إلَى القَومِ وحُسَينٍ وأصحابِه .


1- .الزيادة من الترجمة المطبوعة بتحقيق الشيخ المحمودي .
2- .كذا .
3- .تاريخ دمشق : ج14 ص222 ؛ الملاحم والفتن : ص335 ح488 نحوه .

ص: 424

3 / 2 استشهاد الرّضا في خراسان

* وفي حديث اُم سليم :عَرَفتُ المَنزِلَ الَّذي نَزَلَ بِنا عَلِيٌّ فيهِ ، وَالبُقعَةَ الَّتي رَفَعَ إلَيهِ مِن تُرابِها ، وَالقَولَ الَّذي قالَهُ ، فَكَرِهتُ مَسيري ، فَأَقبَلتُ عَلى فَرَسي حَتّى وَقَفتُ عَلَى الحُسَينِ ، فَسَلَّمتُ عَلَيهِ ، وحَدَّثتُهُ بِالَّذي سَمِعتُ مِن أبيهِ في هذَا المَنزِلِ .

فَقالَ الحُسَينُ : مَعَنا أنتَ أو عَلَينا ؟

فَقُلتُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، لا مَعَكَ ولا عَلَيكَ ، تَرَكتُ أهلي ووُلدي أخافُ عَلَيهِم مِنِ ابنِ زِيادٍ .

فَقالَ الحُسَينُ : فَوَلِّ هَرَبا حَتّى لا تَرى لَنا مَقتَلاً ، فَوَالَّذي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَرى مَقتَلَنَا اليَومَ رَجُلٌ ولا يُغيثُنا إلّا أدخَلَهُ اللّهُ النّارَ .

قالَ : فَأَقبَلتُ فِي الأَرضِ هارِبا حَتّى خَفِيَ عَلَيَّ مَقتَلُهُ (1) .صرخ : عن الحسين بن عليّ عليهماالسلام :الإمام عليّ عليه السلام :كَأَ نّي بِالقُصورِ قَد شُيِّدَت حَولَ قَبرِ الحُسَينِ ، وكَأَ نّي بِالمَحامِلِ تَخرُجُ مِنَ الكوفَةِ إلى قَبرِ الحُسَينِ ، ولا تَذهَبُ اللَّيالي وَالأَيّامُ حَتّى يُسارَ إلَيه مِنَ الآفاقِ ، وذلِكَ عِندَ انقِطاعِ مُلكِ بَني مَروانَ (2) .راجع : ج 3 ص 386 (بكاء الإمام لمّا وصل إلى كربلاء) .

3 / 2استِشهادُ الرِّضا في خُراسانَ* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في حجّ آدم عليه الالإمام عليّ عليه السلام :سَيُقتَلُ رَجُلٌ مِن وُلدي بِأَرضِ خُراسانَ بِالسُّمِّ ظُلما ، اِسمُهُ اسمي ، وَاسم

.


1- .وقعة صفّين : ص140 ، الأمالي للصدوق : ص199 ح213 عن هرثمة بن أبي مسلم ، شرح الأخبار : ج3 ص141 ح1083 عن هزيمة بن سلمة وكلاهما نحوه .
2- .عيون أخبار الرضا : ج2 ص48 ح190 عن أحمد بن عامر وأحمد بن عبد اللّه الهروي وداوود بن سليمان عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، صحيفة الإمام الرضا عليه السلام : ص248 ح161 عن الإمام زين العابدين عليه السلام ، بحار الأنوار : ج41 ص287 ح9 .

ص: 425

3 / 3 مصير الحرب في وقعة الجمل

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في حجّ آدم عليه الأبيهِ اسمُ ابنِ عِمرانَ موسى عليه السلام ، ألا فَمَن زارَهُ في غُربَتِهِ غَفَرَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ لَهُ ذُنوبَهُ ما تَقَدَّمَ مِنها وما تَأَخَّرَ ، ولَو كانَت مِثلَ عَدَدِ النُّجومِ وقَطَرِ الأَمطارِ ووَرَقِ الأَشجارِ (1) .3 / 3مَصيرُ الحَربِ في وَقعَةِ الجَمَلِ* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى :المعجم الكبير عن الأجلح بن عبد اللّه عن زيد بن عليّ عن أبيه عن ابن عبّاس :لَمّا بَلَغَ أصحابَ عَلِيٍّ حينَ ساروا إلَى البَصرَةِ أنَّ أهلَ البَصرَةِ قَدِ اجتَمَعوا لِطَلَحَةَ وَالزُّبيَرِ، شَقَّ عَلَيهِم ووَقَعَ في قُلوبِهِم ، فَقالَ عَلِيٌّ :

وَالَّذي لا إلهَ غَيرُهُ ، لَيُظهَرَنَّ عَلى أهلِ البَصرَةِ ، ولَيُقتَلَنَّ طَلحَةُ وَالزُّبَيرُ ، ولَيَخرُجَنَّ إلَيكُم مِنَ الكوفَةِ سِتَّةُ آلافٍ وخَمسُمِئَةٍ وخَمسونَ رَجُلاً ، أو خمسة آلافٍ وخَمسُمِئَةٍ وخَمسونَ رَجُلاً _ شَكَّ الأَجلَحُ _ .

قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَوَقَعَ ذلِكَ في نَفسي ، فَلَمّا أتى أهلُ الكوفَةِ خَرَجتُ ، فَقُلتُ : لاَنظُرَنَّ ، فَإِن كانَ كَما يَقولُ (2) فَهُوَ أمرٌ سَمِعَهُ ، وإلّا فَهِيَ خَديعَةُ الحَربِ . فَلَقيتُ رَجُلاً مِنَ الجَيشِ فَسَأَلتُهُ ، فَوَاللّهِ ما عَتَّمَ (3) أن قالَ ما قالَ عَلِيٌّ . قالَ ابنُ عَبّاسٍ : وهُوَ مِمّا كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يُخبِرُهُ (4) .* وفي ابن قمئة :الأمالي للطوسي عن المنهال بن عمرو :أخَبَرني رَجُلٌ مِن تَميمٍ قالَ : كُنّا مَعَ عَلِيٍّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام بِذيقارٍ ونَحُن نَرى أ نّا سَنُختَطَفُ في يَومِنا ، فَسَمِعتُهُ يَقولُ :

.


1- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج2 ص584 ح3188 ، عيون أخبار الرضا : ج2 ص259 ح17 ، الأمالي للصدوق : ص181 ح185 كلّها عن النعمان بن سعد ، روضة الواعظين : ص258 .
2- .في المصدر: «تقول»، والصواب ما أثبتناه.
3- .عَتَمَ عن الشيء وعَتَّمَ: أبطأ ( لسان العرب : ج 12 ص380 ) .
4- .المعجم الكبير : ج10 ص305 ح10738 .

ص: 426

3 / 4 مصير الخوارج

* وفي ابن قمئة :وَاللّهِ لَنَظهَرَنَّ عَلى هذِهِ الفِرقَةِ ، ولَنَقتُلَنَّ هذَينِ الرَّجُلَينِ _ يَعني طَلَحَةَ وَالزُّبَيرَ _ ولَنَستَبيحَنَّ عَسكَرَهُما .

قالَ التَّميمِيُّ : فَأَتَيتُ إلى عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ فَقُلتُ : أما تَرى إلَى ابنِ عَمِّكَ وما يَقولُ ؟

فَقالَ : لا تَعجَل حَتّى تَنظُرَ ما يَكونُ .

فَلَمّا كانَ مِن أمرِ البَصرَةِ ما كانَ أتَيتُهُ فَقُلتُ : لا أرَى ابنَ عَمِّكَ إلّا قَد صَدَقَ !!

فَقالَ : وَيحَكَ ! إنّا كُنّا نَتَحَدَّثُ أصحابَ مُحَمَّدٍ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله عَهِدَ إلَيهِ ثَمانينَ عَهدا لَم يَعَهد شَيئا مِنها إلى أحَدٍ غَيرَهُ ، فَلَعَلَّ هذا مِمّا عَهِدَ إلَيهِ (1) .راجع : ج 3 ص 150 (وصول قوّات الكوفة إلى الإمام) .

3 / 4مَصيرُ الخَوارِجِ* وعن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام_ لَمّا عَزَمَ عَلى حَربِ الخَوارِجِ _: مَصارِعُهُم دونَ النُّطفَةِ . وَاللّهِ لا يُفلِتُ مِنهُم عَشَرَةٌ ، ولا يَهلِكُ مِنكُم عَشَرَةٌ ! (2)

قال ابن أبي الحديد في شرح كلامه عليه السلام : هذا الخبر من الأخبار الَّتي تكاد تكون متواترة لاشتهاره ونقل النّاس كافّة له ، وهو من معجزاته وأخباره المفصّلة عن الغيوب .

الأخبار على قسمين : أحدهما الأخبار المجملة ، ولا إعجاز فيها ، نحو أن يقول الرجل لأصحابه : إنّكم ستنصرون على هذه الفئة الَّتي تلقونها غدا ، فإن نُصِر جعل

.


1- .الأمالي للطوسي : ص113 ح173 ، الأمالي للمفيد : ص335 ح5 ، بشارة المصطفى : ص247 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 59 ؛ ينابيع المودّة : ج1 ص206 ح4 .

ص: 427

3 / 5 ما يقع بعده من الفتن

* وعن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السلام :ذلك حُجّة له عند أصحابه وسمّاها معجزة وإن لم ينصر قال لهم : تغيرت نيّاتكم وشككتم في قولي ، فمنعكم اللّه نصره ، ونحو ذلك من القول ، ولأ نّه قد جرت العادة أنّ الملوك والرؤساء يَعِدون أصحابهم بالظفر والنصر ، ويُمنّونهم الدُّوَل ، فلا يدل وقوع ما يقع من ذلك على إخبار عن غيب يتضمّن إعجازا .

و القسم الثاني : في الأخبار المفصّلة عن الغيوب ، مثل هذا الخبر ، فإنّه لا يحتمل التلبيس لتقييده بالعدد المعيّن في أصحابه وفي الخوارج ، ووقوع الأمر بعد الحرب بموجبه من غير زيادة ولا نقصان ، وذلك أمرٌ إلهي عرفه من جهة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وعرفه رسول اللّه صلى الله عليه و آله من جهة اللّه سبحانه ، والقوّة البشريّة تقصُر عن إدراك مثل هذا ، ولقد كان له من هذا الباب ما لم يكن لغيره (1) .راجع : ج 4 ص 16 (إخبار الإمام بما سيقع في الحرب) و ص 38 (إخبار الإمام باستمرار نهجهم في التاريخ).

3 / 5ما يَقَعُ بَعدَهُ مِنَ الفِتَنِصرع : عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :الإمام عليّ عليه السلام :لَو فَقَدتُموني لَرَأَيتُم مِن بَعدي اُمورا يَتَمَنّى أحَدُكُمُ المَوتَ مِمّا يَرى مِن ( أهَلِ ) (2) الجُحودِ وَالعُدوانِ مِن أهلِ الأَثَرَةِ (3) ، وَالاِستِخفافِ بِحَقِّ اللّهِ تَعالى ذِكرُهُ ، وَالخَوفِ عَلى نَفسِهِ ! فَإِذا كانَ ذلِكَ فَاعتَصِموا بِحَبلِ اللّهِ جَميعا ولا تَفَرَّقوا ، وعَلَيكُم بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ وَالتَّقِيَّةِ (4) .

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج5 ص3 ؛ بحار الأنوار : ج41 ص318 .
2- .الظاهر أنّ كلمة «أهل» هنا زيادة من النسّاخ، وعبارة تحف العقول وتفسير فرات خالية عنها.
3- .اِستَأثَرَ بالشيء: استَبَدَّ به، والاسم: الأَثرَةُ (المصباح المنير: ص4) .
4- .الخصال : ص626 ح10 عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، تحف العقول : ص115 ، تفسير فرات : ص367 ح499 .

ص: 428

* وفيالزيارة :أنساب الأشراف عن جندب بن عبد اللّه الأزدي :إنَّ عَلِيّا خَطَبَهُم حينَ استَنفَرَهُم إلَى الشّامِ بَعدَ النَّهرَوانِ فَلَم يَنفِروا ، فَقالَ : . . . أما إنَّكُم سَتَلقَونَ بَعدي ذُلّاً شامِلاً ، وسَيفا قاطِعا ، وأثَرَةً يَتَّخِذُها الظّالِمونَ فيكُم سُنَّةً ، فَيُفَرِّقُ جَماعَتَكُم ، ويُبكي عُيونَكُم ، ويُدخِلُ الفَقرَ بُيوتَكُم ، وتَتَمَنَّونَ عَن قَليلٍ أ نَّكُم رَأَيتُموني فَنَصَرتُموني ، فَسَتَعلَمونَ حَقَّ ما أقولُ ولا يُبعِدُ اللّهُ إلّا مَن ظَلَمَ وأثِمَ (1) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الجنّة :شرح نهج البلاغة عن زياد بن فلان :كُنّا في بَيتٍ مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام نَحنُ شيعَتُهُ وخَواصُّهُ ، فَالتَفَتَ فَلَم يُنكِر مِنّا أحَدَا ، فَقالَ :

إنَّ هؤُلاءِ القَومَ سَيَظهَرونَ عَلَيكُم ، فَيَقطَعونَ أيدِيَكُم ، ويَسمُلونَ أعيُنَكُم .

فَقالَ رَجُلٌ مِنّا : وأنتَ حَيٌّ يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟ قالَ : أعاذَنِي اللّهُ مِن ذلِكَ .

فَالتَفَتُّ فإِذا واحِدٌ يَبكي ، فَقالَ لَهُ : يَابنَ الحَمقاءِ ، أ تَريدُ اللَّذّاتِ فِي الدُّنيا وَالدَّرَجاتِ فِي الآخِرَةِ ؟ ! إنَّما وَعَدَ اللّهُ الصّابِرينَ (2) .* وعنه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَتِهِ لاِهلِ الكوفَةِ _: سَيُسَلَّطُ عَلَيكُم مِن بَعدي سُلطانٌ صَعبٌ ؛ لا يُوقِّرُ كَبيرَكُم ، ولا يَرحَمُ صَغيرَكُم ، ولا يُكرِمُ عالِمَكُم ، ولا يُقَسِّمُ الفَيءَ بِالسَّوِيَّةِ بَينَكُم ، ولَيَضرِبَنَّكُم ويُذِلَّنَّكُم ويُجَمِّرَنَّكُم (3) فِي المَغازي ويَقطَعَنَّ سَبيلَكُم ، ولَيَحجُبُنَّكُم عَلى بابِهِ ، حَتّى يَأكُلَ قَوِيُّكُم ضَعيفَكُم ، ثُمَّ لا يُبعِدُ اللّهُ إلّا مَن ظَلَم مِنكُم ، ولَقَلَّما أدبَرَ شَيءٌ ثُمَّ أقبَلَ ، وإنّي لَأَظُنُّكُم في فَترةٍ (4) . .


1- .أنساب الأشراف : ج3 ص154 ، الإمامة والسياسة : ج1 ص171 ، المعيار والموازنة : ص186 ؛ تاريخ اليعقوبي : ج2 ص193 ، الغارات : ج2 ص482 عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي ، شرح الأخبار : ج2 ص73 ح441 ، دعائم الإسلام : ج1 ص391 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص272 كلّها نحوه .
2- .شرح نهج البلاغة : ج4 ص109 .
3- .تجمير الجيش : جمعهم في الثغور وحبسهم عن العود إلى أهليهم (لسان العرب : ج4 ص146) .
4- .الإرشاد : ج1 ص281 ، الاحتجاج : ج1 ص414 ح89 .

ص: 429

صرف : عن موسى بن جعفر عليهماالسلام :عنه عليه السلام :أيُّهَا النّاسُ ، إنّي دَعَوتُكُم إلَى الحَقِّ فَتَلَوَّيتُم عَلَيَّ ، وضَرَبتُكُم بِالدرِّةِ فَأَعيَيتُموني ، أما إنَّهُ سَيَليكُم مِن بَعدي وُلاةٌ لا يَرضَونَ مِنكُم بِهذا حَتّى يُعَذِّبوكُم بِالسِّياطِ وبِالحَديدِ ، إنَّهُ مَن عَذَّبَ النّاسَ فِي الدُّنيا عَذَّبَهُ اللّهُ فِي الآخِرَةِ . وآيَةُ ذلِكَ أن يَأتِيَكُم صاحِبُ اليَمَنِ حَتّى يَحُلَّ بَينَ أظهُرِكُم ، فَيَأخُذَ العُمّالَ وعُمّالَ العُمِّال ، رَجُلٌ يُقالُ لَهُ : يوسُفُ بنُ عُمَرَ (1)(2) .* وعن كميل بن زياد للحجّاج :عنه عليه السلام :يَأتي مِن بَعدِكُم زَمانٌ يُنكِرُ فيهِ الحَقَّ تِسعَةُ أعشِرائِهِم ، لا يَنجو فيهِ إلّا كُلُّ نُوَمَةٍ (3)(4) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :معاني الأخبار عن أبي الطفيل عن الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ بَعدي فِتَنا مُظلِمَةً ، عَمياءَ مُشَكِّكَةً ، لا يَبقى فيها إلّا النُّوَمَةُ .

قيلَ : ومَا النُّوَمةُ يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟

قالَ : الَّذي لا يَدرِي النّاسُ ما في نَفسِهِ (5) .* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله لسَعد حين أعالإمام عليّ عليه السلام :سَيَأتي عَلَيكُم مِن بَعدي زَمانٌ لَيسَ في ذلِكَ الزَّمانِ شَيءٌ أخفى مِنَ الحَقِّ ، ولا أظهَر مِنَ الباطِلِ ، ولا أكثَرَ مِنَ الكَذِبِ عَلَى اللّهِ تَعالى ورَسولِهِ صلى الله عليه و آله ، ولَيسَ عِندَ أهلِ ذلِكَ الزَّمانِ سِلعَةٌ أبوَرَ مِنَ الكِتابِ إذا تُلِيَ حَقَّ تِلاوَتِهِ ، ولا سِلعَةٌ أنفَقَ بَيعا ولا أغلى ثَمَنا مِنَ الكِتابِ إذا حُرِّفَ عَن مَواضعِهِ ، ولَيسَ فِي العِبادِ ولا فِي البِلاد .


1- .ابن محمّد بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي ، أمير العراقين وخراسان لهشام ، ثمّ أمّره الوليد بن يزيد ، وكان مهيبا ، جبّارا ، وكان من أقارب الحجّاج بن يوسف (سير أعلام النبلاء : ج5 ص442 الرقم 197) .
2- .الإرشاد : ج1 ص322 ، الغارات : ج2 ص458 عن زيد بن عليّ بن أبي طالب ، الخرائج والجرائح : ج1 ص203 ح45 نحوه ؛ شرح نهج البلاغة : ج2 ص306 عن زيد بن عليّ .
3- .النُّوَمَة : الخامل الذِّكر الذي لا يُؤبَه له (النهاية : ج5 ص131) .
4- .عيون الأخبار لابن قتيبة : ج2 ص352 عن أوفى بن دلهم .
5- .معاني الأخبار : ص166 ح1 .

ص: 430

* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله لسَعد حين أعشَيءٌ هُوَ أنكَرَ مِنَ المَعروفِ ولا أعرَفَ مِنَ المُنكَرِ ، ولَيسَ فيها فاحِشَةٌ أنكَرَ ولا عُقوبَةٌ أنكى مِنَ الهُدى عِندَ الضَّلالِ في ذلِكَ الزَّمانِ ، فَقَد نَبذَ الكِتابَ حَمَلَتُهُ ، وتَناساهُ حَفَظَتُهُ حَتّى تَمالَت بِهِمُ الأَهواءُ ، وتَوارَثوا ذلِكَ مِنَ الآباءِ ، وعَمِلوا بِتَحريفِ الكِتابِ كَذِبا وتَكذيبا ، فَباعوهُ بِالبَخسِ وكانوا فيهِ مِنَ الزّاهِدينَ (1) .* وعن أبي الحسن عليه السلام :عنه عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ يَصِفُ فيهَا الزَّمانَ المُقبِلَ _: إنَّهُ سَيَأتي عَلَيكُم مِن بَعدي زَمانٌ لَيسَ فيهِ شَيءٌ أخفى مِنَ الحَقِّ ، ولا أظهَرَ من الباطِلِ ، ولا أكثَرَ مِنَ الكَذِبِ عَلَى اللّهِ ورَسولِهِ ، ولَيسَ عِندَ أهلِ ذلِكَ الزَّمانِ سِلعَةٌ أبوَرَ مِنَ الكِتابِ إذا تُلِيَ حَقَّ تِلاوَتِهِ ، ولا أنفَقَ مِنهُ إذا حُرِّفَ عَن مَواضِعِهِ ، ولا فِي البِلادِ شَيءٌ أنكَرَ مِنَ المَعروفِ ، ولا أعرَفَ مِنَ المُنكَرِ ! فَقَد نَبَذَ الكِتابَ حَمَلَتُهُ ، وتَناساهُ حَفَظَتُهُ : فَالكِتابُ يَومَئِذٍ وأهلُهُ طَريدانِ مَنفِيّانِ ، وصاحِبانِ مُصطَحِبانِ في طَريقٍ واحِدٍ لا يُؤويهِما مُؤوٍ !

فَالكِتابُ وأهلُهُ في ذلِكَ الزَّمانِ فِي النّاسِ ولَيسا فيهِم ، ومَعَهُم ولَيسا مَعَهُم ! لِأَنَّ الضَّلالَةَ لا تُوافِقُ الهُدى ، وإن اجتَمَعا . فَاجتَمَعَ القَومُ عَلَى الفُرقَةِ ، وَافتَرَقوا عَلَى الجَماعَةِ ، كَأَ نَّهُم أئِمَّةُ الكِتابِ ولَيسَ الكِتابُ إمامَهُم ، فَلَم يَبقَ عِندَهُم مِنهُ إلّا اسمُهُ ، ولا يَعرِفونَ إلّا خَطَّهُ وزَبرَهُ (2) . ومِن قَبلُ ما مَثَّلوا بِالصّالِحينَ كُلَّ مُثلَةٍ ، وسَمَّوا صِدقَهُم عَلَى اللّهِ فِريَةً ، وجَعَلوا فِي الحَسَنَةِ عُقوبَةَ السَّيِّئَةِ (3) .* وعن إسحاق بن عمّار :عنه عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ يَصِفُ فيها آخِرَ الزَّمانِ _: أيُّهَا النّاسُ ! سَيَأتي عَلَيكُم زَمانٌ يُكفَأُ فيهِ الإِسلامُ كَما يُكفَأُ الإِناءُ بِما فيهِ (4) . .


1- .الكافي : ج8 ص387 ح586 عن محمّد بن الحسين عن أبيه عن جدّه عن أبيه ، بحار الأنوار : ج77 ص366 ح34 .
2- .زَبَرتُ الكتاب أزْبُره : إذا أتْقَنتُ كتابته (النهاية : ج2 ص293) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 147 .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 103 .

ص: 431

3 / 6 ملك بني اُميّة وزواله

* ومنه عن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :يَأتي عَلَى النّاسِ زَمانٌ لا يَبقى فيهِم مِنَ القُرآنِ إلّا رَسمُهُ ، ومِنَ الإِسلامِ إلَا اسمُهُ . ومَساجِدُهُم يَومَئِذٍ عامِرَةٌ مِنَ البِناءِ ، خَرابٌ مِنَ الهُدى ، سُكّانُها وعُمّارُها شَرُّ أهلِ الأَرضِ ، مِنهُم تَخرُجُ الفِتنَةُ ، وإلَيهِم تَأوِي الخَطيئَةُ ، يَرُدّونَ مَن شَذَّ عَنها فيها ، ويَسوقونَ مَن تَأَخَّرَ عَنها إلَيها . يَقولُ اللّهُ سُبحانَهُ : فَبي حَلَفتُ لَأَبعَثَنَّ عَلى اُولئِكَ فِتنَةً تَترُكُ الحَليمَ فيها حَيرانَ . وقَد فَعَلَ ، ونَحنُ نَستَقيلُ اللّهَ عَثرَةَ الغَفلَةِ (1) .راجع: ج 7 ص 172 (إخبار الإمام عن سبّه والبراءة منه) .

3 / 6مُلك بني اُميّة وزواله* وعن معتّب :الإمام عليّ عليه السلام_ عَلى مِنبَرِ الكوفَةِ _: ألا لَعَنَ اللّهُ الأَفجَرَينِ مِن قُرَيشٍ : بَني اُمَيَّةَ ، وبَني مُغيرَةَ ؛ أمّا بَنُو المُغيرَةِ فَقَد أهلَكَهُمُ اللّهُ بِالسَّيفِ يَومَ بَدرٍ ، وأمّا بَنو اُمَيَّةَ فَهَيهاتَ هَيهاتَ ! أمَا وَالَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَو كانَ المُلكُ مِن وَراءِ الجِبالِ لَنَقَبوا إلَيهِ حَتّى يَصِلوا إلَيهِ (2) .* وعن أمير المؤمنين عليه السلام في يوم القيامة :عنه عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ بِالمَدينَةِ _: إنَّ اللّهَ _ ولَهُ الحَمدُ _ سَيَجمَعُ هؤُلاءِ لِشَرِّ يَومٍ لِبَني اُمَيَّةَ كَما يَجمَعُ قَزَعَ (3) الخَريفِ ، يُؤَلِّفُ اللّهُ بَينَهُم ، ثُمَّ يَجعَلُهُم رُكاما كَرُكامِ السَّحابِ ، ثُمَّ يَفتَحُ لَهُم أبوابا يَسيلونَ مِن مُستَثارِهِم كَسَيلِ الجَنَّتَينِ سَيلَ العَرِمِ ؛ حَيثُ بَعَثَ عَلَيهِ فَأرَةً 4 ،

.


1- .نهج البلاغة : الحكمة 369 .
2- .تاريخ دمشق : ج52 ص314 عن قيس بن أبي حازم ، كنز العمّال : ج11 ص363 ح31753 وراجع تفسير فرات : ص221 ح296 .
3- .القَزَع : قِطَع السَّحاب المُتَفرّقة (النهاية : ج4 ص59) .

ص: 432

* وعن أمير المؤمنين عليه السلام في يوم القيامة :فَلَم يَثبُت عَلَيهِ أكَمَةٌ (1) ، ولَم يَرُدَّ سَنَنَهُ (2) رَصُّ (3) طَودٍ (4) .

يُذَعذِعُهُمُ (5) اللّهُ في بُطونِ أودِيَةٍ ، ثُمَّ يَسلُكُهُم يَنابيعَ فِي الأَرضِ (6) ، يَأخُذُ بِهِم مِن قَومٍ حُقوقَ قَومٍ ، ويُمَكِّنُ بِهمِ قَوما في دِيارِ قَومٍ ، تَشريدا لِبَني اُمَيَّةَ ، ولِكَيلا يَغتَصِبوا ما غَصَبوا ، يُضَعِضعُ اللّهُ بِهِم رُكنا ، ويَنقُضُ بِهِم طَيَّ الجَنادِلِ (7) مِن إرَمَ ، ويَملَأُ مِنهُم بُطنانَ (8)

الزَّيتونِ (9) .

فَوَالَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ لَيَكونَنَّ ذلِكَ، وكَأَ نّي أسمَعُ صَهيلَ خَيلِهِم وطَمطَمَةَ (10) رِجالِهِم ، وَايمُ اللّهِ ، لَيَذوبَنَّ ما في أيديهِم بَعدَ العُلُوِّ وَالتَّمكينِ فِي البِلادِ كَما تَذوبُ الأَليَةُ عَلَى النّارِ ، مَن ماتَ مِنهُم ماتَ ضالّاً ، وإلَى اللّهِ عَزَّ وجَلَّ يُفضي مِنهُم مَن دَرَجَ ، ويَتوبُ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ علَى مَن تابَ ، ولَعَلَّ اللّهَ يجَمَعُ شيعَتي بَعد .


1- .الأكَمَة : الرابية (النهاية : ج1 ص59) .
2- .يقال : تَنَحَّ عن سَنَنِ الطريق وعن سَنَنِ الخَيل؛ أي عن طريقها (المصباح المنير : ص292 ).
3- .في المصدر : «رضّ» ، والتصويب من بحار الأنوار ونهج البلاغة. قال ابن الأثير : رصَّ البناءَ يَرُصُّه رَصّا : إذا ألصَقَ بعضه ببعضٍ فأدغَمَ (النهاية : ج2 ص227).
4- .طودٌ : جَبَلٌ (النهاية : ج3 ص141) .
5- .الذَّعْذَعَة : التفريق (النهاية : ج2 ص160) .
6- .قال العلّامة المجلسي قدس سره : أي كما أنّ اللّه تعالى يُنزّل الماء من السماء فيَستَكِنّ في أعماق الأرض ، ثمّ يظهر ينابيع إلى ظاهرِها ، كذلك هؤلاء؛ يغرّقُهم اللّه في بطون الأودية وغوامض الأغوار ، ثمّ يُظهرهم بعد الاختفاء (بحار الأنوار : ج31 ص561).
7- .الجَنْدَل : الحِجَارة (لسان العرب : ج11 ص128) ، أي ينقض اللّه بهم البنيان المطويّة والمبنيّة بالجنادل والأحجار من بلاد إرم .
8- .البُطنان : الوسط (النهاية : ج1 ص137) .
9- .الزيتون: مسجد دمشق أو جبال الشام (القاموس المحيط : ج1 ص148).
10- .رجُلٌ طِمطِمٌ : أي في لسانِهِ عُجمَةٌ ، وطُمطُمانِيٌّ مثله (الصحاح : ج5 ص1976) .

ص: 433

* وعن أمير المؤمنين عليه السلام في يوم القيامة :التَّشَتُّتِ لِشَرِّ يَومٍ لهؤُلاءِ (1) .* وفي الخبر :عنه عليه السلام_ يُشيرُ إلى ظُلمِ بَني اُمَيَّةَ _: وَاللّهِ لا يَزالونَ حَتّى لا يَدَعوا للّهِِ مُحَرَّما إلَا استَحَلّوهُ ، ولا عَقدا إلّا حَلّوهُ ، وحَتّى لا يَبقى بَيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلّا دَخَلَهُ ظُلمُهُم ونَبا بِهِ سوءُ رَعيِهِم ، وحَتّى يَقومَ الباكِيانِ يَبكِيانِ : باكٍ يَبكي لِدينِهِ ، وباكٍ يَبكي لِدُنياهُ ، وحَتّى تَكونَ نُصرَةُ أحَدِكُم مِن أحَدِهِم كَنُصرَةِ العَبدِ مِن سَيِّدِهِ ، إذا شَهِدَ أطاعَهُ ، وإذا غابَ اغتابَهُ ، وحَتّى يَكونَ أعظَمَكُم فيها عَناءً ، أحسَنُكُم بِاللّهِ ظَنّا ، فَإِن أتاكُمُ اللّهُ بِعافِيَةٍ فَاقبَلوا ، وإن ابتُليتُم فَاصبِروا ، فَإِنَّ العاقِبَةَ لِلمُتَّقينَ (2) .* وعن المهديّ عليه السلام :عنه عليه السلام :ألا إنَّ أخوَفَ الفِتَنِ عِندي عَلَيكُم فِتنَةُ بَني اُمَيَّةَ ؛ إنَّها فِتنَةٌ عَمياءُ مُظلِمَةٌ (3) .صرا : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :ألا وإنَّ أخوَفَ الفِتَنِ عِندي عَلَيكُم فِتنَةُ بَني اُمَيَّةَ ، فَإِنَّها فِتنَةٌ عَمياءُ مُظلِمَةٌ : عَمَّت خُطَّتُها ، وخَصَّت بَلِيَّتُها ، وأصابَ البَلاءُ مَن أبصَرَ فيها ، وأخَطأَ البَلاءُ مَن عَمِيَ عَنها . وَايمُ اللّهِ ، لَتَجِدُنَّ بَني اُمَيَّةَ لَكُم أربابَ سوءٍ بَعدي ، كَالنّابِ الضَّروسِ ؛ تَعذِمُ (4) بِفيها ، وتَخبِطُ بِيَدِها ، وتَزبِنُ بِرِجلِها ، وتَمنَعُ دَرَّها ، لا يَزالونَ بِكُم حَتّى لا يَتُركوا مِنكُم إلّا نافِعا لَهُم ، أو غَيرَ ضائِرٍ بِهِم .

ولا يَزالُ بَلاؤُهُم عَنكُم حَتّى لا يَكونَ انتِصارُ أحَدِكُم مِنهُم إلّا كَانتِصارِ العَبدِ مِن رَبِّهِ ، وَالصّاحِبِ مِن مُستَصحِبِهِ ، تَرِدُ عَليكُم فِتنَتُهُم شَوهاءَ مَخشِيَّةً ، وقِطَعا جاهِلِيَّةً ، لَيسَ فيها مَنارُ هُدىً ، ولا عَلَمٌ يُرى . .


1- .الكافي : ج8 ص64 ح22 ، الإرشاد : ج1 ص293 نحوه وكلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، نهج البلاغة : الخطبة 166 نحوه ، بحار الأنوار : ج31 ص555 ح52 و ج51 ص123 ح24 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 98 .
3- .الغارات : ج1 ص10 عن ابن أبي ليلى ، شرح الأخبار : ج2 ص40 ح410 و ص287 ح601 ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص714 ح17 وفيه «إنّها فتنة عمياء صمّاء مطبقة مظلمة» ؛ الفتن : ج1 ص195 ح529 عن ذرّ بن حبيش .
4- .العَذم : العَضّ (النهاية : ج3 ص200) .

ص: 434

صرا : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :نَحنُ أهلَ البَيتِ مِنها بِمَنجاةٍ ، ولَسنا فيها بِدُعاةٍ ، ثُمّ يُفَرِّجُهَا اللّهُ عَنكُم كَتَفريجِ الأَديم ؛ بِمَن يَسومُهُم خَسفا (1) ، ويَسوقُهُم عُنفا ، ويَسقيهِم بِكَأسٍ مُصَبَّرَةٍ (2) ، لا يُعطيهِم إلَا السَّيفَ ، ولا يُحلِسُهُم (3) إلَا الخَوفَ ، فَعِندَ ذلِكَ تَودّ قُرَيشٌ _ بِالدُّنيا وما فيها _ لَو يَرَونَني مَقاما واحِدا ، ولَو قَدرَ جَزرِ جَزورٍ ، لِأَقبَلَ مِنهُم ما أطلُبُ اليَومَ بَعضَهُ فَلا يُعطونيهِ ! (4)* وعنه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ _: حَتّى يَظُنَّ الظّانُّ أنَّ الدُّنيا مَعقولَةٌ عَلى بَني اُمَيَّةَ ؛ تَمنَحُهُم دَرَّها ، وتورِدُهُم صَفوَها ، ولا يُرفَعُ عَن هذِهِ الاُمَّةِ سَوطُها ولا سَيفُها ! وكَذَبَ الظّانُّ لِذلِكَ ، بَل هِيَ مَجَّةٌ (5) مِن لَذيذِ العَيشِ ؛ يَتَطَعَّمونَها بُرهَةً ، ثُمَّ يَلفِظونَها جُملَةً ! (6)* وعنه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام_ في ذِكرِ بَني اُمَيَّةَ _: يَظهَرُ أهلُ باطِلِها عَلى أهلِ حَقِّها حَتّى تُملَأَ الأَرضُ عُدوانا وظُلما وبِدَعا ، إلى أن يَضَعَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ جَبَروتَها ، ويَكسِرَ عَمَدَها ، ويَنزَعَ أوتادَها ، ألا وإنَّكُم مُدرِكوها ، فَانصُروا قَوما كانوا أصحابَ راياتِ بَدرٍ وحُنَينٍ تُؤجَروا، ولا تُمالِئوا عَلَيهِم عَدُوَّهُم فَتَصرَعَكُمُ البَلِيَّةُ وتَحُلَّ بِكُمُ النَّقِمَةُ (7) .صطب : عن أبي جعفر عليه السلام :عنه عليه السلام :فاُقسِمُ بِاللّهِ ، يا بَني اُمَيَّةَ عَمّا قَليلٍ لَتَعرِفُنَّها في أيدي غَيرِكُم وفي دارِ عَدُوِّكُم (8) .* وعنه عليه السلام في بني شيبة :عنه عليه السلام :فَاُقسِمُ بِاللّهِ الَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرأَ النَّسَمَةَ ، لَتنتَحِرُنَّ عَلَيها يا بَني اُمَيَّةَ ، ولَتَعرِفُنَّها .


1- .الخَسْفُ : النُّقْصان والهَوان (النهاية : ج2 ص31) .
2- .الصَّبِرُ _ بكسر الباء في المشهور _ : الدواءُ المُرّ ، والكأس المُصبَّرةُ : الَّتي يُجعل فيها الصَّبر (مجمع البحرين : ج2 ص1005) .
3- .أي ولا يُلزمهم إلّا الخوف من قولهم: استحلسنا الخوفَ : أي لازمناه ولم نفارقه (اُنظر النهاية: ج1 ص424) .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 93 .
5- .المَجّ : الرمي ، وما بقي في الإناء إلّا مَجَّة : أي قَدْر ما يُمَجّ (اُنظر لسان العرب : ج2 ص361) .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 87 .
7- .شرح نهج البلاغة : ج7 ص58 .
8- .نهج البلاغة : الخطبة 105 .

ص: 435

* وعنه عليه السلام في بني شيبة :في أيدي غَيرِكُم ودارِ عَدُوِّكُم عَمّا قَليلٍ ، ولَيَعلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعدَ حينٍ (1) .صعب : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام_ في بَني اُمَيَّةَ _: لا يَزالُ هؤُلاءِ القَومُ آخِذينَ بِثَبَجِ (2) هذَا الأَمرِ ما لَم يَختَلِفوا بَينَهُم ، فَإِذَا اختَلَفوا بَينَهُم خَرَجَت مِنهُم فَلَم تَعُد إلَيهِم إلى يَومِ القِيامَةِ (3) .* وعنه عليه السلام في الاستسقاء :عنه عليه السلام :إنَّ لِبَني اُمَيَّةَ مِروَدا (4)

يَجرونَ فيهِ ، ولَو قَدِ اختَلَفوا فيما بَينَهُم ثُمَّ كادَتهُمُ الضِّباعُ لَغَلَبَتهُم (5) .* وعنه عليه السلام :عنه عليه السلام :فَاُقسِمُ ثُمَّ اُقسِمُ ، لَتَنخَمَنَّها اُمَيَّةُ مِن بَعدي كَما تُلفَظُ النُّخامَةُ ، ثُمَّ لا تَذوقُها ولا تَطعَمُ بِطَعمِها أبَدا ما كَرَّ الجَديدانِ (6) .صعد : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :لا يَزالُ بَلاءُ بَني اُمَيَّةَ شَديداً حَتّى يَبعَثَ اللّهُ العُصَبَ مِثلَ قَزَعِ الخَريفِ ، يَأتونَ مِن كُلٍّ ، ولا يَستَأمِرونَ أميرا ولا مَأمورا ، فَإِذا كانَ ذلِكَ أذهَبَ اللّهُ مُلكَ بَني اُمَيَّةَ (7) .* وعنه صلى الله عليه و آله :عنه عليه السلام :إنَّ بَني اُمَيَّةَ لا يَزالونَ يَطعَنونَ في مِسحَلِ ضَلالَةٍ ، ولَهُم فِي الأَرضِ أجَلٌ ونِهايَةٌ ، حَتّى يُهريقُوا الدَّمَ الحَرامَ فِي الشَّهرِ الحَرامِ . وَاللّهِ لَكَأَ نَّي أنظُرُ إلى غُرنوقٍ (8) مِن قُرَيشٍ يَتَشَحَّطُ في دَمِهِ ، فإذا فَعَلوا ذلِكَ لَم يَبقَ لَهُم فِي الأَرضِ عاذِرٌ ، ولَم يَبقَ لَهُم مُلكٌ عَلى وَجهِ الأَرضِ بَعدَ خَمسَ عَشرَةَ لَيلَةً (9) . .


1- .الإرشاد : ج1 ص276 .
2- .الثَّبَجُ : الوسط (النهاية : ج1 ص206) .
3- .الفتن : ج1 ص193 ح522 ؛ الملاحم والفتن : ص84 ح31 كلاهما عن عبيدة .
4- .قال الشريف الرضي رحمه الله : والمِرْوَد هنا : مِفْعَل من الإرواد ؛ وهو الإمهال والإظهار ، وهذا من أفصح الكلام وأغربه ، فكأ نّه عليه السلام شبّه المهلة الَّتي هم فيها بالمضمار الذي يجرون فيه إلى الغاية ، فإذا بلغوا منقطعها انتقض نظامهم بعدها (المصدر) .
5- .نهج البلاغة : الحكمة 464 ، نثر الدرّ : ج1 ص311 .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 158 .
7- .الفتن : ج1 ص197 ح539 عن النزّال بن سبرة .
8- .الغُرْنُوق : الشابّ الناعم الأبيض (النهاية : ج3 ص364) .
9- .الفائق في غريب الحديث : ج2 ص161 ، شرح نهج البلاغة : ج19 ص131 وفيه «مَسجَل» بدل «مِسْحَل» ، وقال في ذيله : «الغِرْنوق : القُرشي الذي قتلوه ثمّ انقضى أمرُهم عقيب قتله : إبراهيم الإمام ، وقد اختلفت الرواية في كيفيّة قتله ؛ فقيل : قُتل بالسيف ، وقيل : خُنق في جِراب فيه نُورة ، وحديث أمير المؤمنين عليه السلام يُسند الرواية الاُولى» .

ص: 436

3 / 7 ملك معاوية

* وعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى :المناقب لابن شهر آشوب ، عن الأعمش بروايته ، عن رجل من همدان :كُنّا مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام بِصِفّينَ ، فَهَزَمَ أهلُ الشّامِ مَيمَنَةَ العِراقِ ، فَهَتَفَ بِهِمُ الأَشتَرُ لِيَتَراجَعوا ، فَجَعَلَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام يَقولُ لِأَهلِ الشّامِ : يا أبا مُسلِمٍ خُذهُم _ ثَلاثَ مَرّاتٍ _ .

فَقالَ الأَشتَرُ : أ وَلَيسَ أبو مُسلِمٍ مَعَهُم ؟!

قالَ : لَستُ اُريدُ الخَولانِيَّ ، وإنَّما اُريدُ رَجُلاً يَخرُجُ في آخِرِ الزَّمانِ مِنَ المَشرِقِ ، يُهلِكُ اللّهُ بِهِ أهلَ الشّامِ ، ويَسلُبُ عَن بَني اُمَيَّةَ مُلكَهُم (1) .3 / 7مُلكُ مُعاوُيَةَ* وفي الحديث :الإمام الحسن عليه السلام :إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام قالَ لي ذاتَ يَومٍ وقَد رَآني فَرِحا : يا حَسَنُ ، أَتفرَحُ ؟ ! كَيفَ بِكَ إذا رَأَيتَ أباكَ قَتيلاً ؟ ! أم كَيفَ بِكَ إذا وَلِيَ هذَا الأَمرَ بَنو اُمَيَّةَ ، وأميرُها الرَّحبُ البُلعومِ ، الواسِعُ الأَعفاجِ (2) ، يَأكُلُ ولا يَشَبَعُ ، يَموتُ ولَيسَ لَهُ فِي السَّماءِ ناصِرٌ ولا فِي الأَرضِ عاذِرٌ ، ثُمَّ يَستَولي عَلى غَربِها وشَرقِها ، يَدينُ لَهُ العِبادُ ويَطولُ مُلكُهُ ، يستَنُّ بِسُنَنِ البِدَعِ وَالضَّلالِ ، ويُميتُ الحَقَّ وسُنَّةَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، يُقَسِّمُ المالَ في أهلِ وِلايَتِهِ ، ويَمنَعُهُ مَن هُوَ أحَقُّ بِهِ ، ويُذَلُّ في مُلكِهِ المُؤمِنُ ، ويَقوى في سُلطانِهِ الفاسِقُ ، ويَجعَلُ المالَ بَينَ أنصارِهِ دُوَلاً ، ويَتَّخِذُ عِبادَ اللّهِ خَوَلاً ، يَدرُسُ في سُلطانِهِ الحَقُّ ، ويَظهَرُ الباطِلُ ، ويُلعَنُ الصّالِحونَ ، ويَقتُلُ مَن ناواهُ عَلَى الحَقِّ ، ويَدين

.


1- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص262 ، بحار الأنوار : ج41 ص310 ح39 .
2- .العَفَج : المِعَى ؛ مفرد أمعاء (تاج العروس : ج3 ص434) .

ص: 437

* وفي الحديث :مَن والاهُ عَلَى الباطِلِ (1) .صعر : عن الحسن بن عليّ عليهماالسلام لمعاوية :الإمام عليّ عليه السلام :أما إنَّهُ سَيَظهَرُ عَلَيكُم بَعدي رَجُلٌ رَحبُ البُلعومِ ، مُندَحِقُ البَطنِ (2) ، يَأكُلُ ما يَجِدُ ، ويَطلُبُ ما لا يَجدُ ، فَاقتُلوهُ ، ولَن تَقتُلوهُ ! ألا وِإنَّهُ سَيَأمُرُكُم بِسَبّي وَالبَراءَةِ مِنّي ، فَأَمَّا السَّبُّ فَسُبّوني ؛ فَإِنَّهُ لي زَكاةٌ ، ولَكُم نَجاةٌ ، وأمَّا البَراءَةُ فَلا تَتَبَرَّؤوا مِنّي ؛ فَإِنّي وُلِدتُ عَلَى الفِطرَةِ ، وسَبَقتُ إلَى الإِيمانِ وَالهِجرَةِ (3) .* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإيضاح عن مِيْنا مولى عبد الرحمن بن عوف :سَمِعَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ ضَوضاةً في عَسكَرِهِ ، فَقالَ : ما هذا ؟

فَقيلَ : قُتِلَ مُعاوِيَةُ !

فَقالَ : كَلّا ورَبِّ الكَعبَةِ ، لا يُقتَلُ حَتّى تَجتَمِعَ الاُمَّةُ عَلَيهِ .

فَقيلَ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ فَبِمَ تُقاتِلُهُ ؟

قالَ : ألتَمِسُ العُذرَ فيما بَيني وبَينَ اللّهِ (4) .صعق : عن أبي جعفر عليه السلام :الخرائج والجرائح عن عوف بن مروان :إنَّ راكِبا قَدِمَ مِنَ الشّامِ ، فَأَفشى فِي الكوفَةِ أنَّ مُعاوِيَةَ ماتَ ، فَجيءَ بِالرَّجُلِ إلى عَلِيٍّ عليه السلام فَقالَ : أنتَ شَهِدتَ مَوتَ مُعاوِيَةَ ؟

قالَ : نَعَم ، كُنتُ فيمَن دَفَنَهُ .

فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ : إنَّكَ كاذِبٌ .

فَقالَ القَومُ : أهُوَ يَكذِبُ ؟ .


1- .الاحتجاج : ج2 ص70 ح158 عن زيد بن وهب الجهني ، بحار الأنوار : ج44 ص20 ح4 وراجع المناقب للكوفي : ج2 ص128 ح614 و ص315 ح787 .
2- .مُندَحِق البطن : أي واسِعُها ، كأنّ جوانبها قد بَعُد بعضها من بعض فاتَّسَعَت (النهاية : ج2 ص105) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 57 ، إعلام الورى : ج1 ص340 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص272 .
4- .الإيضاح : ص455 ، الخرائج والجرائح : ج1 ص198 ح37 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص259 ، بحار الأنوار : ج 41 ص298 ح27 .

ص: 438

صعق : عن أبي جعفر عليه السلام :قالَ : نَعَم ؛ لِأَنَّ مُعاوِيَةَ لا يَموتُ حَتّى يَملِكَ هذِهِ الاُمَّةَ ، ويَفعَلَ كَذا ، ويَفعَلَ كَذا بَعدَما مَلَكَ .

فَقالَ القَومُ : فَلِمَ تُقاتِلُهُ وأنتَ تَعلَمُ أ نَّهُ سَيَبلُغُ هذا ؟

قالَ : لِلحُجَّةِ (1) .* ومنه عن أبي الحسن عليه السلام :مروج الذهب :قَد كان مُعاوِيَةُ دَسَّ اُناسا مِن أصحابِهِ إلَى الكوفَةِ يُشيعونَ مَوتَهُ ، وأكثَرَ النّاسُ القَولَ في ذلِكَ حَتّى بَلَغَ عَلِيّا ، فَقالَ في مَجلِسِهِ :

قَد أكثَرتُم مِن نَعيِ مُعاوِيَةَ ، وَاللّهِ ما ماتَ ولا يَموتُ حَتّى يَملِكَ ما تَحتَ قَدَمَيَّ ، وإنَّما أرادَ ابنُ آكِلَةِ الأكبادِ أن يَعلَمَ ذلِكَ مِنّي فَبَعَثَ مَن يُشيعُ ذَلِكَ فيكُم لِيَعلَمَ ويَتَيَقَّنَ ما عِندي فيهِ ، وما يَكونُ مِن أمرِهِ فِي المُستَقبَلِ مِنَ الزَّمانِ .

ومَرَّ في كَلامٍ كَثيرٍ يَذكُرُ فيهِ أيّامَ مُعاوِيَةَ ومَن تَلاهُ مِن يَزيدَ ومَروانَ وبَنيهِ ، وذَكَرَ الحَجّاجَ وما يَسومُهُم مِنَ العَذابِ ، فَارتَفَعَ الضَّجيجُ ، وكَثُرَ البُكاءُ وَالشَّهيقُ ، فَقامَ قائِمٌ مِنَ النّاسِ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ولَقَد وصَفتَ اُمورا عَظيمَةً ، آللّهُ إنَّ ذلِكَ كائِنٌ ؟

قالَ عَلِيٌّ : وَاللّهِ إنَّ ذلِكَ لَكائِنٌ ، ما كَذَبتُ ولا كُذِبتُ .

فَقالَ آخَرونَ : مَتى يَكونُ ذلِكَ ياأميرَ المُؤمِنينَ ؟

قالَ : إذا خُضِبَت هذِهِ مِن هذِهِ ، ووَضَعَ إحدى يَدَيهِ عَلى لِحيَتِهِ وَالاُخرى عَلى رَأسِهِ ، فَأَكثَرَ النّاسُ مِنَ البُكاءِ .

فَقالَ : لا تَبكوا في وَقتِكُم هذا فَسَتَبكونَ بَعدي طَويلاً .

فَكاتَبَ أكثَرُ أهلِ الكوفَةِ مُعاوِيَةَ سِرّا في اُمورِهِم ، وَاتَّخَذوا عِندَهُ الأَيادِيَ ، فَوَاللّه .


1- .الخرائج والجرائح : ج1 ص198 ح37 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص259 عن عوف عن مروان الأصفر نحوه ، بحار الأنوار : ج 41 ص304 ح37 .

ص: 439

3 / 8 عاقبة خالد بن عرفطة

* ومنه عن أبي الحسن عليه السلام :ما مَضَت إلّا أيّامٌ قَلائِلُ حَتّى كانَ ذلِكَ (1) .3 / 8عاقِبَةُ خالِدِ بنِ عُرفُطَةَصعو : في النزح :مقاتل الطالبيّين عن السائب :بَينَما عَلِيٌّ عليه السلام عَلَى المِنبَرِ إذ دَخَلَ رَجُلٌ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ماتَ خالِدُ بنُ عُرفُطَةَ .

فَقالَ : لا وَاللّهِ ما ماتَ .

إذ دَخَلَ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ماتَ خالِدُ بنُ عُرفُطَةَ .

فَقالَ : لا وَاللّهِ ما ماتَ .

إذ دَخَلَ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ماتَ خالِدُ بنُ عُرفُطَةَ .

فَقالَ : لا وَاللّهِ ما ماتَ ولا يَموتُ حَتّى يَدخُلَ مِن بابِ هذَا المَسجِدِ _ يَعني بابَ الفيلِ _ بِرايَةِ ضَلالَةٍ يَحمِلُها لَهُ حَبيبُ بنُ عَمّارٍ .

قالَ : فَوَثَبَ رَجُلٌ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، أنَا حَبيبُ بنُ عَمّارٍ ، وأنَا لَكَ شيعَةٌ !

قالَ : فَإِنَّهُ كَما أقولُ .

فَقَدِمَ خالِدُ بنُ عُرفُطَةَ عَلى مُقَدِّمَةِ مُعاوِيَةَ يَحمِلُ رَايَتَهُ حَبيبُ بنُ عَمّارٍ (2) .صغر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإرشاد عن سويد بن غفلة :إنَّ رَجُلاً جاءَ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي مَرَرتُ بِوادِي القُرى (3) ، فَرَأَيتُ خالِدَ بنَ عُرفُطَةَ قَد ماتَ بِها ، فَاستَغفِر لَهُ .

فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : مَه ، إنَّهُ لَم يَمُت، ولا يَموتُ حَتّى يَقودَ جَيشَ ضَلالَةٍ ،

.


1- .مروج الذهب : ج2 ص429 .
2- .مقاتل الطالبيّين : ص78 .
3- .وادي القُرى : وادٍ بين المدينة والشام من أعمال المدينة ، كثير القرى (معجم البلدان : ج5 ص345) .

ص: 440

صغر : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :صاحِبُ لِوائِهِ حَبيبُ بنُ حِمازٍ .

فَقامَ رَجُلٌ مِن تَحتِ المِنبَرِ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، وَاللّهِ إنّي لَكَ شيعَةٌ ، وإنّي لَكَ مُحِبٌّ !

قالَ : ومَن أنتَ ؟

قالَ : أنَا حَبيبُ بنُ حِمازٍ .

قالَ : إيّاكَ أن تَحمِلَها ، ولَتَحمِلَنَّها فَتَدخُلُ بِها مِن هذَا البابِ _ وأومَأَ بِيَدِهِ إلى بابِ الفيلِ _ .

فَلَمّا مَضى أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، وقَضَى الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ مِن بَعدِهِ ، وكانَ مِن أمرِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليهماالسلام ومِن ظُهورِهِ ما كانَ ، بَعَثَ ابنُ زِيادٍ بِعُمَرَ بنِ سَعدٍ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيّ عليه السلام ، وجَعَلَ خالِدَ بنَ عُرفُطة عَلى مُقَدِّمَتِهِ ، وحَبيبَ بنَ حِمازٍ صاحِبَ رايَتِهِ ، فَسارَ بِها حَتّى دَخَلَ المَسجِدَ مِن بابِ الفيلِ .

[قالَ المُفيدُ :] وهذا _ أيضا _ خَبَرٌ مُستَفيضٌ ، لا يَتَناكَرُهُ أهلُ العِلمِ الرُّواةُ لِلآثارِ ، وهُوَ مُنتَشِرٌ في أهلِ الكوفَةِ ، ظاهِرٌ في جَماعَتِهِم ، لا يَتَناكَرُهُ مِنهُمُ اثنانِ ، وهُوَ مِنَ المُعجِزِ الَّذي بَيَّنّاهُ (1) .* وعنه عليه السلام في الجهاد :خصائص الأئمّة عليهم السلامعن اُمّ حكيم بنت عمرو : خَرَجتُ وأنَا أشتَهي أن أسمَعَ كَلامَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، فَدَنَوتُ مِنهُ وفِي النّاسِ رِقَّةٌ ، وهُوَ يَخطُبُ عَلَى المِنبَرِ ، حَتّى سَمِعتُ كَلامَهُ ، فَقالَ رَجُلٌ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، استَغفِر لِخالِدِ بنِ عُرفُطَةَ ، فَإِنَّهُ قَد ماتَ بِأَرض .


1- .الإرشاد : ج1 ص329 ، إعلام الورى : ج1 ص345 ، إرشاد القلوب : ص225 ، الاختصاص : ص280 ، بصائر الدرجات : ص298 ح11 وفيها «جماز» بدل «حِماز» ؛ الإصابة : ج2 ص209 الرقم 2187 ، شرح نهج البلاغة : ج2 ص286 وفيهما «حمار» بدل «حِماز» والأربعة الأخيرة نحوه .

ص: 441

3 / 9 ملك بني مروان

* وعنه عليه السلام في الجهاد :تَيماءَ (1) ، فَلَم يَرُدَّ عَلَيهِ ، فَقالَ الثّانِيَةَ فَلَم يَرُدَّ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ الثّالِثَةَ .

فَالتَفَتَ إلَيهِ فَقالَ : أيُّهَا النّاعي خالِدَ بنَ عُرفُطَةَ ! كَذَبتَ ، وَاللّهِ ما ماتَ ، ولا يَموتُ حَتّى يَدخُلَ مِن هذَا البابِ ، يَحمِلُ رايَةَ ضَلالَةٍ .

قالَت : فَرَأَيتُ خالِدَ بنَ عُرفُطَةَ يَحمِلُ رايَةَ مُعاوِيَةَ حَتّى نَزَلَ نُخَيلَةَ (2) وأَدخَلَها مِن بابِ الفيلِ (3) .3 / 9مُلكُ بَني مَروانَ* وعن الرضا عليه السلام في الإمام :الإمام عليّ عليه السلام_ في وَصفِ مَروانَ بنِ الحَكَمِ _: أما إنَّ لَهُ إمرَةً كَلعَقَةِ الكَلبِ أنفَهُ (4) ، وهُوَ أبُو الأَكبُشِ الأَربَعَةِ (5) ، وسَتَلقَى الاُمَّةُ مِنهُ ومِن وُلدِهِ يَوما أحمَرَ (6) .صغى : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الهرّ :عنه عليه السلام_ لِمَروانَ بنِ الحَكَمِ يَومَ الجَمَلِ وقَد بايَعَهُ _: يَابنَ الحَكَمِ ، فَلَقَد كُنتَ تَخافُ أن يَقَعَ رَأسُكَ في هذِهِ البُقعَةِ ؟ ! كَلّا ، أبَى اللّهُ أن يَكونَ ذلِكَ حَتّى يَخرُجَ مِن صُلبِك

.


1- .تَيْماء: بليدة في أطراف الشام، بين الشام وواديالقرى على طريق حاجّ الشام ، ولمّا سيطر رسول اللّه صلى الله عليه و آله على وادي القرى صالحه أهل تيماء على البقاء في بلادهم ودفع الجزية (اُنظر معجم البلدان : ج2 ص67) .
2- .النُّخَيلَة : موضع قرب الكوفة على سمت الشام ، وهو الموضع الذي خرج إليه الإمام عليّ عليه السلام (معجم البلدان : ج5 ص278) .
3- .خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص52 ، الملاحم والفتن : ص234 ح341 نحوه .
4- .يريد قصر المدّة ، وكذلك كانت مدّة خلافة مروان ؛ فإنّه ولِيَ تسعة أشهر .
5- .الأكْبُش الأربعة : بنو عبد الملك ؛ الوليد ، وسليمان ، ويزيد ، وهشام ، ولم يلِ الخلافة من بني اُميّة ولا من غيرهم أربعة إخوة إلّا هؤلاء (شرح نهج البلاغة : ج6 ص147) .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 73 ؛ ربيع الأبرار : ج4 ص242 ، تذكرة الخواصّ : ص78 وليس فيه «وهو أبو الأكْبُش الأربعة» .

ص: 442

صغى : عن أميرالمؤمنين عليه السلام في الهرّ :طَواغيتُ يَملِكونَ هذِهِ الرَّعِيَّةَ (1) .* وعنه عليه السلام في قريش :عنه عليه السلام_ في مَروانَ بنِ الحَكَمِ _: لَيَحمِلَنَّ رايَةَ ضَلالَةٍ بَعدَما يَشيبُ صُدغاهُ ، ولَهُ إمرَةٌ كَلَحسَةِ الكَلبِ أنفَهُ (2) .* وفي أبي ذرّ :تاريخ دمشق عن أبي سليمان :بَينا عَلِيٌّ واضِعٌ يَدَهُ عَلى بَعضٍ (3) يَمشي في سِكَكِ المَدينَةِ ، إذ جاءَ مَروانُ بنُ الحَكَمِ في حُلَّةٍ ؛ فَتىً شابٌّ ناصِعُ اللَّونِ وقاذ (4) ، فَقالَ لَهُ : ما (5) كَذا وكَذا ، يا أبَا الحَسَنِ ؟ وجَعَلَ عَلِيٌّ يُخبِرُهُ . فَلَمّا فَرَغَ وَلّى مِن عِندِهِ ، فَنَظَرَ في قَفاهُ ، ثُمَّ قالَ : وَيلٌ لِاُمَّتِكَ مِنكَ ومِن بَنيكَ إذا شابَت ذِراعاكَ (6) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :لَكَأَ نّي أنظُرُ إلى ضِلّيلٍ قَد نَعَقَ بِالشّامِ ، وفَحَصَ بِراياتِهِ في ضَواحي كوفانَ . فَإِذا فَغَرَت فاغِرَتُهُ ، وَاشتَدَّت شَكيَمُتُه ، وثَقُلَت فِي الأَرضِ وَطأَتُهُ ، عَضَّتِ الفِتنَةُ أبناءَها بِأَنيابِها ، وماجَتِ الحَربُ بِأَمواجِها ، وبَدا مِنَ الأَيّامِ كُلوحُها (7) ، ومِنَ اللَّيالي كُدوحُها (8) . فَإِذا أينَعَ زَرعُهُ ، وقامَ عَلى يَنعِهِ ، وهَدَرَت شَقاشِقُهُ ، وبَرَقَت بَوارِقُهُ ، عُقِدَت راياتُ الفِتَنِ المُعضِلَةِ ، وأَقبَلنَ كَاللَّيلِ المُظلِمِ ، وَالبَحرِ المُلتَطِمِ . هذا، وكَم يَخرِقُ الكوفَةَ مِن قاصِفٍ ، ويَمُرُّ عَلَيها مِن عاصِفٍ ! وعَن قَليلٍ تَلتَفُّ القُرون .


1- .إرشاد القلوب : ص277 عن رباب بن رياح ، مشارق أنوار اليقين : ص76 وراجع الخرائج والجرائح : ج1 ص197 ح35 .
2- .الطبقات الكبرى : ج5 ص43 ، تاريخ دمشق : ج57 ص263 .
3- .كذا في المصدر،والظاهر أنّ الصواب: «واضعٌ يديه على بعض»، أو ما في كنز العمّال: «واضعٌ يده على كتفي».
4- .هكذا في المصدر ، ولعلّ الصواب : «وَقّاد». قال ابن منظور : قلبٌ وَقّاد : ماضٍ سريع التوقّد في النشاط. وكوكبٌ وقّاد : مُضيء (لسان العرب : ج3 ص466).
5- .في المصدر : «يا» بدل «ما» ، والصحيح ما أثبتناه كما في كنز العمّال.
6- .تاريخ دمشق : ج57 ص265 ، كنز العمّال : ج11 ص361 ح31744 .
7- .الكُلُوح : العُبُوس (النهاية : ج4 ص196) .
8- .الكدوح : الخُدُوش (النهاية : ج4 ص155) .

ص: 443

3 / 10 سلطة الحجّاج

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :بِالقُرونِ ، ويُحصَدُ القائِمُ ، ويُحطَمُ المَحصودُ ! 1(1)3 / 10سُلطَةُ الحَجّاجِ* ومنه عن أبي عبداللّه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :أما وَاللّهِ ، لَيُسَلَّطَنَّ عَلَيكُم غُلامُ ثَقيفٍ ، الذَّيّالُ (2) المَيّالُ ، يَأكُلُ خَضِرَتَكُم، ويُذيبُ شَحمَتَكُم ، إيهٍ أبا وذَحَةَ ! (3)* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :دلائل النبوّة عن حبيب بن أبي ثابت :قالَ عَليٌِّ رضى الله عنهلِرَجُلٍ : لا مُتَّ حَتّى تُدرِكَ فَتى ثَقيفٍ .

قيلَ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ما فتى ثَقيفٍ ؟

قالَ : ليُقالَنَّ لَهُ يَومَ القِيامَةِ : اِكفِنا زاوِيَةً مِن زَوايا جَهَنَّمَ ؛ رَجُلٌ يَملِكٌ عِشرينَ أو بِضعا وعِشرينَ سَنَةً ، لا يَدَعُ للّهِِ مَعصِيَةً إلّا ارتَكَبَها، حَتّى لَو لَم تَبقَ إلّا مَعصِيَةٌ واحِدة

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 101 .
2- .الذَّيّال : المُتَبَختِر في مَشيِهِ ، وتذَيَّلَ : تبَختَر (القاموس المحيط : ج3 ص380).
3- .نهج البلاغة : الخطبة 116 . قال الشريف الرضي قدس سره : الوذَحة : الخنفساء ، وهذا القول يومئ به إلى الحجّاج ، وله مع الوذَحة حديث ليس هذا موضع ذكره .

ص: 444

3 / 11 ملك بني العبّاس وزواله

* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :وكانَ بَينَهُ وبينها بابٌ مُغلَقٌ لَكَسَرَهُ حَتّى يَرتَكِبَها ، يَقتُلُ بِمَن أطاعَهُ مَن عَصاهُ (1) .* وعن أبيعبداللّه عليه السلام :مقاتل الطالبيّين عن موسى بن أبي النعمان :جاءَ الأَشعَثُ إلى عَلِيٍّ يَستَأذِنُ عَلَيهِ ، فَرَدَّهُ قَنبَرُ ، فَأَدمَى الأَشعَثُ أنفَهُ ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ وهُوَ يَقولُ : ما لي ولَكَ يا أشعَثُ ؟ ! أمَا وَاللّهِ لَو بِعَبدِ ثَقيفٍ تَمَرَّستَ لَاقشَعَرَّت شُعيراتُكُ .

قيلَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ومَن غُلامُ ثَقيفٍ ؟

قالَ : غُلامٌ يَليهِم لا يُبقي أهلَ بَيتٍ مِنَ العَرَبِ إلّا أدخَلَهُم ذُلّاً .

قيلَ : يا أميرَ المُؤمِنين ، كَم يَلي ؟ وكَم يَمكُثُ ؟

قالَ : عِشرينَ إن بَلَغَها (2) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :تاريخ دمشق عن مالك بن دينار عن الحسن :قالَ عَلِيٌّ لِأَهلِ الكوفَةِ :

اللّهُمَّ كَمَا ائتَمَنتُهُم فَخانوني ، ونَصَحتُ لَهُم فَغَشّوني ، فَسَلِّط عَلَيهِم فَتى ثَقيفٍ ، الذَّيّالَ المَيّالَ ، يأكُلُ خَضِرَتَها ، ويَلبَسُ فَروَتَها ، ويَحكُمُ فيها بِحُكمِ الجاهِلِيَّةِ !

قالَ : يَقولُ الحَسَنُ (3) : وما خَلَقَ اللّهُ الحَجّاجَ يَومَئِذٍ (4) .3 / 11مُلكُ بَني العَبّاسِ وزَوالُهُ* ومنه عن الصادق عليه السلام :الكامل للمبرّد_ في ذِكرِ وِلادَةِ عَلِيِّ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ _: أنَّ الإِمامَ أخَذَهُ فَحَنَّكَه

.


1- .دلائل النبوّة للبيهقي : ج6 ص489 ، البداية والنهاية : ج6 ص238 وفيه «يفتن» بدل «يقتل» .
2- .مقاتل الطالبيّين : ص47 ، البداية والنهاية : ج9 ص132 عن اُمّ حكيم بنت عمر بن سنان نحوه .
3- .هكذا في المصدر ، ولكنّ الصحيح «الإمام عليّ عليه السلام » بدل «الحسن» ؛ لأنّ الحسن البصري كان حيّا حَتّى بعد موت الحجّاج .
4- .تاريخ دمشق : ج12 ص169 ، دلائل النبوّة للبيهقي : ج6 ص488 ، البداية والنهاية : ج6 ص237 ، كنز العمّال : ج11 ص326 ح31747 .

ص: 445

* ومنه عن الصادق عليه السلام :ودعا لَهُ ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيهِ ، وقالَ : خُذهُ إلَيكَ أبَا الأَملاكِ ، قَد سَمَّيتُهُ عَلِيّا ، وكَنَّيتُهُ أبَا الحَسَنِ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :يَابنَ عَبّاسٍ ، إنَّ مُلكَ بَني اُمَيَّةَ إذا زالَ فَأَوَّلُ ما يَملِكُ مِن بَني هاشِمٍ وُلدُكَ ، فَيَفعَلونَ الأَفاعيلَ (2) .صفد : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :الفتن عن ابن عبّاس :قُلتُ لِعَلِيٍّ بنِ أبي طالِبٍ رضى الله عنه : مَتى دَولَتُنا يا أبا حَسَنٍ ؟

قالَ : إذا رَأَيتَ فِتيانَ أهلِ خُراسانَ أصَبتُم أنتُم إثمَها ، وأصَبنا نَحنُ بِرَّها (3)

.* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام في أهل الناالإمام عليّ عليه السلام_ في خُطبَتِهِ _: وَيلُ هذِهِ الاُمُّةِ مِن رِجالِهِمُ ؛ الشَّجَرَةِ المَلعونَةِ الَّتي ذَكَرَها رَبُّكُم تَعالى ! أوَّلُهُم خَضراءُ ، وآخِرُهُم هَزماءُ ، ثُمَّ يَلي بَعدَهُم أمرَ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ رِجالٌ ، أوَّلُهُم أرأَفُهُم، وثانيهِم أفتَكُهُم،وخامِسُهُم كَبشُهُم،وسابِعُهُم أعلَمُهُم، وعاشِرُهُم أكفَرُهُم، يَقتُلُهُ أخَصُّهُم بِهِ ، وخامِسُ عَشَرِهِم كَثيرُ العَناءِ قَليلُ الغَناءِ ، سادِسُ عَشَرِهِم أقضاهُم لِلذِّمَمِ وأوصَلُهُم لِلرَّحِمِ ، كَأَ نّي أرى ثامِنَ عَشَرِهِم تَفحَصُ رِجلاهُ في دَمِهِ بَعدَ أن يَأخُذَ جُندُهُ بِكَظَمِهِ (4) ، مِن وُلدِهِ ثَلاثَةُ رِجالٍ سيرَتُهُم سيرَةُ الضُّلّالِ ، وَالثّاني وَالعِشرونَ مِنهُمُ الشَّيخُ الهَرمُ ، تَطولُ أعوامُهُ ، وتُوافِقُ الرَّعِيَّةَ أيّامُهُ ، والسّادِسُ وَالعِشرونَ 5 .


1- .الكامل للمبرّد : ج2 ص756 .
2- .الفضائل لابن شاذان : ص120 ، كتاب سليم بن قيس : ج2 ص916 ح66 .
3- .الفتن : ج1 ص201 ح547 .
4- .الكَظَم : مخرَج النَّفَس ، يقال : أخَذتُ بكَظَمِهِ ؛ أي بمخرَج نَفَسِه (لسان العرب : ج12 ص520) .

ص: 446

3 / 12 فتنة القرامطة

* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام في أهل النامِنهُم يَشرُدُ المُلكُ مِنهُ شُرودَ المُنفَتقِ ، ويَعضُدُهُ الهَزرَةُ (1) المُتَفَيهِقُ (2) ، لَكَأَ نّي أراهُ عَلى جِسرِ الزَّوراءِ قَتيلاً « ذَ لِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَ_لَّ_مٍ لِّلْعَبِيدِ» (3) . (4)* وعن أبيالحسن الرضا عليه السلام وذكر سيف رسول العنه عليه السلام :كَأَ نّي أرى رِجُلاً مِن بَني عَبّاسٍ يُنحَرُ كَما يُنحَرُ الإِبِلُ ، ولا يَقدِرُ أن يَدفَعَ عَن نَفسِهِ ، وَيلٌ لَهُ ثُمَّ وَيلٌ لَهُ ! ما أذَلَّهُ لَمّا وَلّى عَن أمرِ رَبِّهِ ، وأقبَلَ إلَى الدُّنيا الدَّنِيَّةِ ! _ إلى أن قالَ _ : لَو شِئتُ عَن أسمائِهِم وكُناهُم ومَواضِع قَتلِهِم لَأَخبَرتُ (5) .* وعن إسماعيل المتطبّب :عنه عليه السلام :إنَّ مُلكَ وُلدِ بَنِي العَبّاسِ مِن خُراسانَ يُقبِلُ ، ومِن خُراسانَ يَذهَبُ (6) .3 / 12فِتنَةُ القَرامِطَة (7)قال ابن أبي الحديد في شرح الخطبة 176 من نهج البلاغة : « . . . وَاللّهِ لَو شِئت

.


1- .رجلٌ هِزْر : مغبون أحمق يطمع به (لسان العرب : ج 5 ص263) .
2- .المُتفيهق : الذي يتوسّع في كلامه ويفهق به فمه (لسان العرب : ج10 ص314) .
3- .الحجّ : 10 .
4- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص276 ، بحار الأنوار : ج41 ص322 ح45 .
5- .إحقاق الحقّ : ج8 ص168 .
6- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص275 ، بحار الأنوار : ج41 ص320 ح44 .
7- .يرجع مذهب القرامطة إلى كبيرهم الحسن بن بهرام الجنابي ، أبو سعيد ، كان دقّاقا من أهل جنابة بفارس ، ونفي فيها فأقام في البحرين تاجرا ، وجعل يدعو العرب إلى نحلتهم فعظم أمره ؛ فحاربه الخليفة مظفّر الحسن ، وصافاه المقتدر العبّاسي ؛ وكان أصحابه يسمّونه السيّد . استولى على هجر والأحساء والقطيف وسائر بلاد البحرين ؛ وكان شجاعا ؛ داهية ، قتله خادم له صقلبي في الحمّام بهجر ، سنة (301 ه) (شرح نهج البلاغة : ج10 ص13 الهامش) .

ص: 447

أن اُخبِرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنكُم بِمَخرَجِهِ ومَولِجِهِ وجَميعَ شَأنِهِ لَفَعَلتُ . . .» تحت عنوان : «جملة من إخبار عليّ بالاُمور الغيبيّة» : وقد ذكرنا فيما تقدّم من إخباره عليه السلام عن الغيوب طرفا صالحا ، ومن عجيب ما وقفت عليه من ذلِكَ قوله في الخطبة الَّتي يذكر فيها الملاحم ، وهو يشير إلى القرامطة : «يَنتَحِلونَ لَنَا الحُبَّ وَالهَوى ، ويُضمِرون لَنَا البُغضَ وَالقِلى ، وآيَةُ ذلِكَ قَتلُهُم وُرّاثَنا ، وهَجرُهُم أحداثَنا» (1) . وصحّ ما أخبر به ؛ لأنّ القرامطة قتلت من آل أبي طالب عليه السلام خلقا كثيرا ، وأسماؤهم مذكورة في كتاب «مقاتل الطالبيّين» لأبي الفرج الأصفهاني . ومرّ أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي في جيشه بالغريّ (2) وبالحاير (3) ، فلم يعرّج على واحد منهما ولا دخل ولا وقف . وفي هذه الخطبة قال _ وهو يشير إلى السارية الَّتي كان يستند إليها في مسجد الكوفه _ : «كَأَ نّي بِالحَجَرِ الأَسوَدِ مَنصوبا هاهُنا . وَيحَهُم ! إنَّ فَضيلَتَهُ لَيسَت في نَفسِهِ ، بَل في مَوضِعِهِ واُسُسِهِ ، يَمكُثُ هاهُنا بُرهَةً ، ثُمَّ هاهُنا بُرهَةً _ وأَشارَ إلَى البَحرَينِ _ ثُمَّ يَعودُ إلى مَأواهُ واُمِّ مَثواهُ» . ووقع الأمر في الحجر الأسود . بموجب ما أخبر به عليه السلام (4) .

.


1- .الكتب الَّتي أوردت هذا الحديث نقَلَته من شرح نهج البلاغة ، ولم نعثر على مصدر آخر لهذا الحديث .
2- .الغري : بظاهر الكوفة ، قرب قبر عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه (معجم البلدان : ج4 ص196) .
3- .الحائر : قبر الحسين بن عليّ رضى الله عنه (معجم البلدان : ج2 ص208) .
4- .شرح نهج البلاغة : ج10 ص13 .

ص: 448

3 / 13 فتنة المغول

3 / 13فِتنَةُ المَغولِ* وعن عتبة لأبي جهل :الإمام عليّ عليه السلام_ في وَصفِ الأَتراكِ _: كَأَ نّي أراهُم قَوما كَأَنَّ وُجوهَهُمُ المَجانُّ المُطَرَّقُة ، يَلبَسون السَّرَقَ (1) وَالدّيباجَ ، ويَعتَقِبونَ الخَيلَ العِتاقَ ، ويَكونُ هُناكَ استِحرارُ قَتلٍ حَتّى يَمشِيَ المَجروحُ عَلَى المَقتولِ ، ويَكونَ المُفلِتُ أقلَّ مِنَ المَأسورِ ! (2)* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في قوم لوط :كشف اليقين : قالَ الحِلِّيُّ_ في بَيانِ إخبارِ عَلِيٍّ عليه السلام بِالمُغَيَّباتِ _: ومِن ذلِكَ : إخبارُهُ بِعِمارَةِ بَغداد ، ومُلكِ بَنِي العَبّاسِ ، وذِكرِ أحوالِهِم ، وأَخذِ المَغولِ المُلكَ مِنهُم .

رَواهُ والِدي رحمه الله وكانَ ذلِكَ سَبَبُ سَلامَةِ أهلِ الحِلَّةِ وَالكوفَةِ وَالمَشهَدَينِ الشَّريفَينِ مِنَ القَتلِ ؛ لأَ نَّهُ لَمّا وَصَلَ السُّلطانُ هولاكو إلى بَغدادَ قَبلَ أن يَفتَحَها هَرَبَ أكثَرُ أهلِ الحِلَّةِ إلَى البَطائِحِ (3) إلّا القَليلَ ، وكانَ مِن جُملَةِ القَليلِ والِدي رحمه اللهوَالسَيّدُ مَجدُالدّينِ ابنُ طاووسَ وَالفَقيهُ ابنُ أبِي العِزِّ ، فَأَجمَعَ رَأيُهُم عَلى مُكاتَبَةِ السُّلطانِ بِأَ نَّهُم مُطيعونَ داخِلونَ تَحتَ الإيليَةِ (4) ، وأَنفَذوا بِهِ شَخصا أعجَمِيّا .

فَأَنفَذَ السُّلطانُ إلَيهِم فَرمانا مَعَ شَخصَينِ؛ أحَدُهُما يُقالُ لَهُ : تُكلَم ، والآخَرُ يُقالُ لَهُ : عَلاءُ الدّينِ ، وقالَ لَهُما : إن كانَت قُلوبُهُم كَما وَرَدَتِ بِهِ كُتُبُهُم فَيَحضُرونَ إلَينا ، فَجاءَ الأَميرانِ ، فَخافوا لِعَدَمِ مَعرِفَتِهِم بِما يَنتَهِي الحالُ إلَيهِ ، فَقالَ والِدي رحمه الله : إن جِئتُ وَحدي كَفى ، فَقالا : نَعَم ، فَأَصعَدَ مَعَهُما .

فَلَمّا حَضَرَ بَينَ يَدَيهِ _ وكانَ ذلِكَ قَبلَ فَتحِ بَغدادَ وقَبلَ قَتلِ الخَليفَةِ _ قالَ لَهُ :

.


1- .سَرَقَة : قِطعة من جَيّد الحرير ، وجمعها سَرَق (النهاية : ج2 ص362) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 128 .
3- .البَطَائح : جمع بطيحة ؛ وهي أرض واسعة في جنوب العراق بين واسط والبصرة ، كانت قديما قرى متّصلة (راجع معجم البلدان : ج1 ص450) .
4- .الإيالة : السياسة ، يقال : فلان حَسن الإيَالة وسَيّئ الإيالة (النهاية : ج1 ص85) .

ص: 449

* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في قوم لوط :كَيفَ أقدَمتُم عَلى مُكاتَبَتي وَالحُضورِ عِندي قَبلَ أن تَعلَموا ما يَنتَهي إلَيهِ أمري وأَمرُ صاحِبِكُم ؟ وكَيفَ تَأمَنونَ _ إن صالَحَني ورَحَلتُ _ نِقمَتَهُ ؟

فَقالَ لَهُ والِدي : إنَّما أقدَمنا عَلى ذلِكَ ؛ لِأَ نّا رُوّينا عَن إمامِنا عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام أ نَّهُ قالَ في بَعضِ خُطَبِهِ :

«الزَّوراءُ وما أدراكَ مَا الزَّوراءُ ؟ ! أرضٌ ذاتُ أثلٍ (1) ، يُشَيَّدُ فيهَا البُنيانُ ، ويَكثُرُ فيهَا السُّكّانُ ، ويَكونُ فيها مهارِمُ (2) وخُزّانٌ ، يَتَّخِذُها وُلدُ العَبّاسِ مَوطنا ، ولِزُخرُفِهِم مَسكَنا ، تَكونُ لَهُم دارُ لَهوٍ ولَعِبٍ ، يَكونُ بِهَا الجَورُ الجائِرُ ، وَالحَيفُ المُحيفُ ، وَالأَئِمَّةُ الفَجَرَةُ ، وَالقُرّاءُ الفَسَقَةُ ، وَالوُزَراءُ الخَوَنَةُ ، تَخدِمُهُم أبناءُ فارِسَ وَالرّومُ .

لا يَأتَمِرونَ بَينَهُم بِمَعروفٍ إذا عَرَفوهُ ، ولا يَنتَهونَ عَن مُنكَرٍ إذا أنكَروهُ ، تَكتَفِي الرِّجالُ مِنهُم بِالرِّجالِ ، وَالنَّساءُ بِالنِّساءِ ، فَعِندَ ذلِكَ الغَمُّ الغَميمُ ، وَالبُكاءُ الطَّويلُ ، وَالوَيلُ وَالعَويلُ لِأَهلِ الزَّوراءِ مِن سَطَواتِ التُّركِ ، وما هُمُ التُّركُ ؟ قَومٌ صِغارُ الحَدَقِ ، وُجوهُهُم كَالمَجانِّ المُطَرَّقَةِ ، لِباسُهُم الحَديدُ ، جُردٌ مُردٌ ، يَقدَمُهُم مَلِكٌ يَأتي مِن حَيثُ بَدَأَ مُلكُهُم ، جَهوَرِيُّ الصَّوتِ ، قَوِيُّ الصَّولَةِ ، عالِي الهِمَّةِ ، لا يَمُرُّ بِمَدينَةٍ إلّا فَتَحَها ، ولا تُرفَعُ لَهُ رايَةٌ إلّا نَكَسَها ، الوَيلُ الوَيلُ لِمَن ناواهُ ! فَلا يَزالُ كَذلِكَ حَتّى يَظفَرَ» .

فَلَمّا وَصَفَ لَنا ذلِكَ ، ووَجَدنَا الصِّفاتِ فيكُم ، رَجَوناكَ فَقَصَدناك .

فَطَيَّبَ قُلوبَهُم ، وكَتَبَ لَهُم فَرمانا بِاسمِ والِدي رحمه اللهيُطَيِّبُ فيهِ قُلوبَ أهلِ الحِلَّةِ وأعمالِها . وَالأَخبارُ الوارِدَةُ في ذلِكَ كَثيرَةٌ (3) . .


1- .الأثل : شَجَرٌ شبيه بالطَّرْفَاء إلّا أ نّه أعظم منه (النهاية : ج1 ص23) .
2- .كذا .
3- .كشف اليقين : ص100 ح93 .

ص: 450

3 / 14 ما يأتي على مدينة البصرة

3 / 14ما يَأتي عَلى مَدينَةِ البَصرَةِ* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله للجدّ بن قيسالإمام عليّ عليه السلام_ في خُطبَةٍ ذَكَرَ فيها أحوالَ النّاسِ المُقبِلَةَ _: فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ ، لا تَقومُ لَها قائِمَةٌ ، ولا تُرَدُّ لَها رايَةٌ ، تَأتيكُم مَزمومَةً مَرحولَةً ، يَحفِزُها قائِدُها ، ويَجهَدُها راكِبُها ، أهلُها قَومٌ شَديدٌ كَلَبُهُم (1) ، قَليلٌ سَلَبُهُم ، يُجاهِدُهُم في سَبيلِ اللّهِ قَومٌ أذِلَّةٌ عِندَ المُتَكَبِّرينَ ، فِي الأَرضِ مَجهولونَ ، وفِي السَّماءِ مَعروفونَ . فَوَيلٌ لَكِ يا بَصرَةُ عِندَ ذلِكَ ، مِن جَيشٍ مِن نِقَمِ اللّهِ ! لا رَهَجَ (2) لَهُ ولا حَسَّ (3) ، وسَيُبتَلى أهلُكِ بِالمَوتِ الأَحمَرِ ، وَالجوعِ الأَغبَرِ (4)

.* ومنه عن أميرالمؤمنين عليه السلام :عنه عليه السلام_ في وصَفِ مَدينَةِ البَصرَةِ _: وَايمُ اللّهِ ، لَيَأتِيَنَّ عَلَيها زَمانٌ لا يُرى مِنها إلّا شُرُفاتُ مَسجِدِها فِي البَحرِ مِثلَ جُؤجُؤِ السَّفينَةِ (5) .صفف : في الإمام العسكري عليه السلام :نهج البلاغة_ مِن كَلامٍ لَهُ عليه السلام في ذَمِّ أهلِ البَصرَةِ بَعدَ وَقعَةِ الجَمَلِ _: كَأَ نّي بِمَسجِدِكُم كَجُؤجُؤِ (6) سَفينَةٍ ، قَد بَعَثَ اللّهُ عَلَيهَا العَذابَ مِن فَوقِها ومِن تَحتِها ، وغَرِقَ مَن في ضِمنِها .

وفي رِوايَةٍ : وَايمُ اللّهِ ، لَتَغرَقَنَّ بَلدَتُكُم حَتّى كَأَ نّي أنظُرُ إلى مَسجِدِها كَجُؤجُؤِ سَفينَةٍ ، أو نَعامَةٍ جاثِمَةٍ .

وفي رِوايَةٍ : كَجُؤجُؤِ طَيرٍ في لُجَّةِ بَحرٍ .

.


1- .الكَلَب : الشرّ والأذى (اُنظر لسان العرب : ج1 ص723) .
2- .الرهج : الغُبَار (النهاية : ج2 ص281) .
3- .الحَسُّ : الجَلَبَةُ . والحِسُّ : الحَرَكَة ( تاج العروس : ج8 ص240 و 241 ) .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 102 .
5- .الأخبار الطوال : ص152 .
6- .الجؤجؤ : الصَّدر (النهاية : ج1 ص232) .

ص: 451

صفف : في الإمام العسكري عليه السلام :وفي رِوايَةٍ اُخرى : . . . كَأَ نّي أنظُرُ إلى قَريَتِكُم هذِهِ قَد طَبَّقَهَا الماءُ حَتّى ما يُرى مِنها إلّا شُرَفُ المَسجِدِ ، كَأَ نَّهُ جُؤجُؤُ طَيرٍ في لُجَّةِ بَحرٍ (1) .

قال ابن أبي الحديد : والصحيح أنّ المُخبَر به قد وقع ، فإنّ البصرة غرقت مرّتين : مرّة في أيّام القادر باللّه ، ومرّة في أيّام القائم بأمر اللّه ، غرقت بأجمعها ولم يبقَ منها إلّا مسجدها الجامع بارزا بعضه كجؤجؤ الطائر ، حسب ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام ، جاءها الماء من بحر فارس من جهة الموضع المعروف الآن بجزيرة الفرس ، ومن جهة الجبل المعروف بجبل السنام ، وخربت دورها ، وغرق كلّ ما في ضمنها ، وهلك كثير من أهلها .

وأخبار هذين الغرقين معروفة عند أهل البصرة ، يتناقلها خلفهم عن سلفهم (2) .* ومنه في أشراط الساعة :الإمام عليّ عليه السلام_ فيما يُخبِرُ بِهِ عَنِ المَلاحِمِ بِالبَصرَةِ _: يا أحنَفُ ، كَأَ نّي بِهِ وقَد سارَ بِالجَيشِ الَّذي لا يَكونُ لَهُ غُبارٌ ولا لَجَبٌ (3) ، ولا قَعقَعَةُ (4) لُجُمٍ ، ولا حَمحَمَةُ خَيلٍ ، يُثيرونَ الأَرضَ بِأَقدامِهِم كَأَ نّها أقدامُ النَّعامِ (5) .

_ ثُمَّ قالَ عليه السلام : _ وَيلٌ لِسِكَكِكُمُ العامِرَةِ ، وَالدّورِ المُزَخرَفَةِ الَّتي لَها أجنِحَةٌ كَأَجنِحَةِ النُّسورِ ، وخَراطيمُ كَخَراطيمِ الفِيَلَةِ ! مِن اُولئِكَ الَّذينَ لا يُندَبُ قَتيلُهُم ، ولا يُفقَدُ غائِبُهُم . أنَا كابُّ الدُّنيا لِوَجهِها ، وقادِرُها بِقَدرِها ، وناظِرُها بِعَينِها (6) . .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 13 .
2- .شرح نهج البلاغة : ج1 ص253 .
3- .اللَّجَب : الصوت والصياح والجَلَبة (لسان العرب : ج1 ص735) .
4- .تَقَعْقَعَ الشيء : اضطرب وتحرّك (لسان العرب : ج8 ص286) .
5- .قال الشريف الرضي رحمه الله : يومئ بذلك إلى صاحب الزنج .
6- .نهج البلاغة : الخطبة 128 .

ص: 452

3 / 15 غلبة الحقّ على الباطل في آخر الزّمان

3 / 15غَلَبَةُ الحَقِّ عَلَى الباطِلِ في آخِرِ الزَّمانِ* وعنه أبي عبداللّه عليه السلام :نهج البلاغة :وقالَ الإمامُ عَلِيّ عليه السلام : لَتَعطِفَنَّ الدُّنيا عَلَينا بَعدَ شِماسِها (1) عَطفَ الضَّروسِ (2) عَلى وَلَدِها _ وتَلا عَقيبَ ذلِكَ _ : «وَ نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِى الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَ رِثِينَ» (3) . (4)صفق : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام :لَيَخرُجَنَّ رَجُلٌ مِن وُلدي عِندَ اقتِرابِ السّاعَةِ حينَ تَموتُ قُلوبُ المُؤمِنينَ كَما تَموتُ الأَبدانُ ، لِما لَحِقَهُم مِنَ الضُّرّ وَالشِّدَّةِ وَالجوعِ وَالقَتلِ ، وتَواتُرِ الفِتَنِ وَالمَلاحِمِ العِظامِ ، وإماتَةِ السُّنَنِ وإحياءِ البِدَعِ ، وتَركِ الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ ، فَيُحيِي اللّهُ بِالمَهدِيِّ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ السُّنَنَ الَّتي قَد اُميتَت ، ويُسَرُّ بِعَدلِهِ وبَرَكَتِهِ قُلوبُ المُؤمِنينَ ، وتَتَأَلَّفُ إلَيهِ عُصَبٌ مِنَ العَجَمِ وقَبائِلُ مِنَ العَرَبِ ، فَيَبقى عَلى ذلِكَ سِنينَ (5) .* ومنه عن الرضا عليه السلام :عنه عليه السلام_ في خُطبَةٍ لَهُ ذَكَرَ فيها رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله _: وخَلَّفَ فينا رايَةَ الحَقِّ ، مَن تَقَدَّمَها مَرَقَ ، ومَن تَخَلَّفَ عَنها زَهَقَ ، ومَن لَزِمُها لَحِقَ ، دَليلُها مَكيثُ (6) الكَلامِ ، بَطيءُ القِيامِ ، سَريعٌ إذا قامَ . فَإِذا أنتُم ألَنتُم لَهُ رِقابَكُم ، وأشَرتُم إلَيهِ بِأَصابِعِكُم ، جاءَهُ المَوتُ فَذَهَبَ بِهِ ، فَلَبِثتُم بَعدَهُ ما شاءَ اللّهُ ، حَتّى يُطلِعَ اللّهُ لَكُم مَن يَجمَعُكُم ويَضُمُّ نَشرَكُم .

.


1- .شُمس : جمع شَمُوس ، وهو النَّفور من الدَّوابّ الذي لا يَستقِرّ لشَغَبه وحدّته (النهاية : ج 2 ص 501) .
2- .الضَّرُوس : الناقة العضوض لتذبّ عن ولدها (تاج العروس : ج8 ص334) .
3- .القصص : 5 .
4- .نهج البلاغة : الحكمة 209 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص70 عن الإمام الصادق عليه السلام ، عيون الحكم والمواعظ : ص405 ح6855 وليس فيه الآية ؛ ينابيع المودّة : ج3 ص272 ح7 .
5- .كنز العمّال : ج14 ص592 ح39678 نقلاً عن ابن المنادي في الملاحم .
6- .المَكِيث : الرَّزين الذي لا يعجل في أمره (لسان العرب : ج2 ص191) .

ص: 453

* ومنه عن الرضا عليه السلام :فَلا تَطمَعوا في غَيرِ مُقبِلٍ ، ولا تَيأَسوا مِن مُدبِرٍ ، فَإِنَّ المُدبِرَ عَسى أن تَزِلَّ بِهِ إحدى قائِمَتَيهِ ، وتَثبُتَ الاُخرى ، فَتَرجِعا حَتّى تَثبُتا جَميعا .

ألا إنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله كَمَثلِ نُجومِ السَّماءِ ؛ إذا خَوى نَجمٌ طَلَعَ نَجمٌ ، فَكَأَ نَّكُم قَد تَكامَلَت مِنَ اللّهِ فِيكُمُ الصَّنائِعُ ، وأراكُم ما كُنتُم تَأمُلونَ (1) .* ومنه :الغيبة للنعماني عن أبي وائل :نَظَرَ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيٌّ عليه السلام إلَى الحُسَينِ عليه السلام فَقالَ : إنَّ ابني هذَا سَيِّدٌ كَما سَمّاهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله سَيِّدا ، وسَيُخرِجُ اللّهُ مِن صُلبِهِ رَجُلاً بِاسمِ نَبِيِّكُم ، يُشبِهُهُ فِي الخَلقِ وَالخُلُقِ ، يَخرُجُ عَلى حينِ غَفلَةٍ مِنَ النّاسِ وإماتَةٍ لِلحَقِّ وإظهارٍ لِلجَورِ ، وَاللّهِ لَو لَم يَخرُج لَضُرِبَت عُنُقُهُ ، يَفرَحُ بِخُروجِهِ أهلُ السَّماواتِ وسُكّانُها ، وهُوَ رَجلٌ أجلَى الجَبينِ (2) ، أقنَى الأَنفِ (3) ، ضَخمُ البَطنِ ، أزيَلُ الفَخِذَينِ (4) ، بِفَخِذِهِ اليُمنى شامَةٌ ، أفلَجُ (5) الثَّنايا ، ويَملَأُ الأَرضَ عَدلاً كَما مُلِئَت ظُلما وجَورا (6) .* وعن ابن وهب :كمال الدين عن الحسين بن خالد عن الإمام الرضا عن آبائه عن الإمام عليّ عليهم السلام_ لِلحُسَينِ عليه السلام _: التّاسِعُ مِن وُلدِكَ يا حُسَينُ هُوَ القائِمُ بِالحَقِّ ، المُظهِرُ لِلدّينِ ، وَالباسِطُ لِلعَدلِ .

قالَ الحُسَينُ : فَقُلتُ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، وإنَّ ذلِكَ لَكائِنٌ ؟

فَقالَ عليه السلام : إي وَالَّذي بَعَثَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله بِالنُّبُوَّةِ ، وَاصطَفاهُ عَلى جَميعِ البَرِيَّةِ ، ولكِنَ بَعدَ غَيبَةٍ وحَيرَةٍ ، فَلا يَثبُتُ فيها عَلى دينِهِ إلّا المُخلِصونَ المُباشِرونَ لِروحِ اليَقينِ ، الَّذينَ أخَذَ اللّهُ عَزَّوجَلَّ ميثاقَهُم بِوَلايَتِنا ، وكَتَبَ في قُلوبِهِم .


1- .نهج البلاغة : الخطبة 100 .
2- .الأجْلَى : الخفيف شعر ما بين النزعَتَين من الصُّدغَين ، والذي انحَسَرَ الشعرُ عن جَبهته (النهاية : ج1 ص290) .
3- .القَنا في الأنف : طوله ورِقّة أرنَبَتِه مع حَدَبٍ في وسطه (النهاية : ج4 ص116) .
4- .أزيَلُ الفَخِذَينِ : أي منفرجُهما (النهاية : ج2 ص325) .
5- .الفَلَج : فُرجَة ما بين الثَّنايا والرَّباعيات (النهاية : ج3 ص468) .
6- .الغيبة للنعماني : ص214 ح2 ، الغيبة للطوسي : ص190 ح152 ، الصراط المستقيم : ج2 ص224 نحوه .

ص: 454

* وعن ابن وهب :الإيمانَ ، وأيَّدَهُم بِروحٍ مِنهُ (1) .* وسُئِل أبو عبداللّه عليه السلام :الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام: زادَ الفُراتُ عَلى عَهدِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَرَكِبَ هُوَ وَابناهُ الحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهم السلامفَمَرَّ بِثَقيفٍ ، فَقالوا : قَد جاءَ عَلِيٌّ يَرُدُّ الماءَ .

فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : أمَا وَاللّهِ لَاُقتَلَنَّ أنَا وَابنايَ هذانِ ، ولَيَبعَثَنَّ اللّهُ رَجُلاً مِن وُلدي في آخِرِ الزَّمانِ يُطالِبُ بِدِمائِنا ، ولَيَغيبَنَّ عَنهُم ، تَمييزا لِأَهلِ الضَّلالَةِ ، حَتّى يَقولَ الجاهِلُ : ما للّهِِ في آلِ مُحَمَّدٍ مِن حاجَةٍ (2) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام في الجنّة :نهج البلاغة :مِن خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام يومِئُ فيها إلى ذِكرِ المَلاحِمِ : يَعطِفُ الهَوى عَلَى الهُدى إذا عَطَفوا الهُدى عَلَى الهَوى ، ويَعطِفُ الرَّأيَ عَلَى القُرآنِ إذا عَطَفُوا القُرآنَ عَلَى الرَّأيِ .

ومنها :

حَتّى تَقومَ الحَربُ بِكُم عَلى ساقٍ بادِيا نَواجِذُها ، مَملوءَةً أخلافُها ، حُلوا رَضاعُها ، عَلقَما عاقِبَتُها . ألا وفي غَدٍ _ وسَيَأتي غَدٌ بِما لا تَعرِفونَ _ يَأخُذُ الوالي مِن غَيرِها عُمّالَها عَلى مَساوِئِ أعمالِها ، وتُخرِجُ لَهُ الأَرضُ أفاليذَ كَبِدِها ، وتُلقي إلَيهِ سِلما مَقاليدَها . فَيُريكُم كَيفَ عَدلُ السّيرَةِ ، ويُحيي مَيِّتَ الكِتابِ وَالسُّنَّةِ (3) .* وعنه عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ يومِئُ فيها إلَى المَلاحِمِ _: فَلا تَستَعجِلوا ما هُوَ كائِنٌ مُرصَدٌ ، ولا تَستَبطِئوا ما يَجيءُ بِهِ الغَدُ ؛ فَكَم مِن مُستَعجِلٍ بِما إن أدَرَكَهُ وَدَّ أ نَّهُ لَم يُدرِكهُ ، وما أقرَبَ اليَومَ مِن تَباشيرِ غَدٍ ! يا قَومِ ، هذَا إبّانُ ورودِ كُلِّ مَوعودٍ ، ودُنُوٍّ مِن طَلعَةِ ما لا تَعرِفونَ . ألا وإنَّ مَن أدرَكَها مِنّا (4) يَسري فيها بِسِراجٍ مُنيرٍ ، ويَحذو .


1- .كمال الدين : ص304 ح16 ، إعلام الورى : ج2 ص229 كلاهما عن الحسين بن خالد عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام .
2- .الغيبة للنعماني : ص141 ح1 عن فرات بن أحنف ، بحار الأنوار : ج51 ص112 ح7 .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 138 ، عيون الحكم والمواعظ : ص554 ح10210 وفيه صدره ؛ ينابيع المودّة : ج1 ص207 ح6 وليس فيه من «حَتّى تقوم» إلى «أعمالها» .
4- .قال ابن أبي الحديد : عنى بقوله : «وإنّ من أدركها منّا» ؛ المهديّ عجّل اللّه فرجه (شرح نهج البلاغة : ج9 ص128) .

ص: 455

* وعنه عليه السلام :فيها عَلى مِثالِ الصّالِحينَ ، لِيَحُلّ فيها رِبقا (1) ، ويُعتِقَ فيها رِقّا ، ويَصدَعَ شَعبا ، ويَشعَبَ صَدعا (2) ، في سُترَةٍ عَنِ النّاسِ لا يُبصِرُ القائِفُ أثَرَهُ ولَو تابَعَ نَظَرَهُ . ثُمَّ ليُشحَذَنَّ فيها قَومٌ شَحذَ القَينِ (3) النَّصلَ ، تُجلى بِالتَّنزيلِ أبصارُهُم ، ويُرمى بِالتَّفسيرِ في مَسامِعِهِم ، ويُغبَقونَ كَأسَ الحِكمَةِ بَعدَ الصَّبوحِ (4) .* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله في أشراط الساعةالإمام الصادق عليه السلام :خَطَبَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام بِالمَدينَةِ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ وصَلّى عَلَى النَّبِيِّ وآلِهِ ، ثُمَّ قالَ :

أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى لَم يَقِصم جَبّاري دَهرٍ إلّا مِن بَعدِ تَمهيلٍ ورَخاءٍ ، ولَم يَجبرُ كَسرَ عَظمٍ مِنَ الاُمَمِ إلّا بَعدَ أزلٍ (5) وبَلاءٍ . أيُّهَا النّاسُ ! في دونِ مَا استَقبَلتُم مِن عَطَبٍ واستَدبَرتُم مِن خَطبٍ مُعتَبَرٌ ، وما كُلُّ ذي قَلبٍ بِلَبيبٍ ، ولا كُلُّ ذي سَمعٍ بِسَميعٍ ، ولا كُلُّ ذي ناظِرِ عَينٍ بِبَصيرٍ .

عِبادَ اللّهِ ! أحسِنوا فيما يَعنيكُمُ النَّظَرُ فيهِ ، ثُمَّ انظُروا إلى عَرَصاتِ مَن قَد أقادَهُ اللّهُ بِعِلمِهِ ؛ كانوا عَلى سُنَّةٍ مِن آلِ فِرَعونَ أهلَ جَنّاتٍ وعُيونٍ وزُروعٍ ومَقامٍ كَريمٍ ، ثُمَّ انظُروا بِما خَتَمَ اللّهُ لَهُم بَعدَ النَّضرَةِ وَالسُّرورِ وَالأَمرِ وَالنَّهيِ ، ولِمَن صَبَرَ مِنكُمُ العاقِبُةُ فِي الجِنانِ _ واللّه _ مُخَلَّدونَ، وللّهِِ عاقِبَةُ الاُمورِ . .


1- .الرِّبقَة في الأصل : عُروة في حَبل تجعل في عُنق البهيمة أو يَدِها تُمسِكها ، وتجمع الرِّبقة على رِبَق (النهاية : ج2 ص190) .
2- .يصدَع شَعْباً : أي يفرّق جماعة من جماعات الضلال . ويَشعَب صَدْعاً : يجمع ما تفرّق من كلمة أهل الهدى والإيمان (شرح نهج البلاغة : ج 9 ص128) .
3- .يقال : شحذتُ السيف : إذا حدَّدته بالمِسنّ وغيره ممّا يخرجه عن حدّه . والقَين : هو الحدّاد (النهاية : ج2 ص449 و ج4 ص135) .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 150 .
5- .الأزْل : الشدّة والضيق (النهاية : ج1 ص46) .

ص: 456

* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله في أشراط الساعةفياعجبا ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينِها ! لا يَقتَصّونَ أثَرَ نبِيٍّ ، ولا يَقتَدونَ بِعَمَلِ وَصِيٍّ ، ولا يُؤمِنونَ بِغَيبٍ ، ولا يَعفون عَن عَيبٍ . المَعروفُ فيهِم ما عَرَفوا ، وَالمُنكَرُ عِندَهُم ما أنكَروا ، وكُلُّ امرِئٍ مِنهُم إمامُ نَفسِهِ ، آخِذٌ مِنها فيما يَرى بِعُرىً وَثيقاتٍ ، وأسبابٍ مُحكَماتٍ .

فَلا يَزالونَ بِجَورٍ ، ولَن يَزدادوا إلّا خَطَأً ، لا يَنالونَ تَقرَّبا، ولَن يَزدادوا إلّا بُعدا مِنَ اللّهِ عَزَّوجَلَّ ، اُنسُ بَعضِهِم بِبَعضٍ وتَصديقُ بَعضِهِمِ لِبَعضٍ ، كُلُّ ذلِكَ وَحشَةً مِمّا وَرَّثَ النَّبِيُّ الاُمِّيُّ صلى الله عليه و آله ، ونُفورا مِمّا أدّى إلَيهِم مِن أخبارِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالأَرضِ ، أهلُ حَسَراتٍ ، وكُهوفُ شُبُهاتٍ ، وأهلُ عَشَواتٍ وضَلالَةٍ وريبَةٍ ، مَن وَكَلَهُ اللّهُ إلى نَفسِهِ ورَأيِهِ فَهُوَ مَأمونٌ عِندَ مَن يَجهَلُهُ ، غَيرُ المُتَّهَمِ عِندَ مَن لا يَعرِفُهُ ، فَما أشبَهَ هؤُلاءِ بِأَنعامٍ قَد غابَ عَنها رِعاؤُها .

ووا أسَفا مِن فَعَلاتِ شيعَتي ! مِن بَعدِ قُربِ مَوَدَّتِهَا اليَومَ ، كَيفَ يَستَذِلُّ بَعدي بَعضُها بَعضا ؟ وكَيفَ يَقتُلُ بَعضُها بَعضا ؟ المُتَشَتِّةِ غدا عَنِ الأَصلِ ، النّازِلَةِ بِالفَرعِ ، المُؤَمِّلَةِ الفَتحَ مِن غَيرِ جِهَتِهِ ، كُلُّ حِزبٍ مِنهُم آخِذٌ مِنهُ بِغُصنٍ ، أينَما مالَ الغُصنُ مالَ مَعَهُ ، مَعَ أنَّ اللّهَ _ ولَهُ الحَمدُ _ سَيَجمَعُ هؤُلاءِ لِشَرِّ يَومٍ لِبَني اُمَيَّةَ كَما يَجمَعُ قَزَعَ الخَريفِ ، يُؤَلِّفُ اللّهُ بَينَهُم ، ثُمَّ يَجعَلُهُم رُكاما كَرُكامِ السَّحابِ ، ثُمَّ يَفتَحُ لَهُم أبوابا يَسيلونَ مِن مُستَثارِهِم كَسَيلِ الجَنَّتَينِ سَيلَ العَرِمِ ؛ حَيثُ بَعَثَ عَلَيهِ فَأرَةً (1) ، فَلَم يَثبُت عَلَيهِ أكَمَةٌ ، ولَم يَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ (2) طَودٍ ، يُذَعذِعُهُمُ اللّهُ في بُطونِ أودِيَةٍ ، ثُمَّ يَسلُكُهُم يَنابيعَ فِي الأَرضِ ، يَأخُذُ بِهِم مِن قَومٍ حُقوقَ قَومٍ ، ويُمَكِّنُ بِهِم قَوما في دِيارِ قَومٍ ، تَشريدا لِبَني اُمَيَّةَ ، ولِكَيلا يَغتَصِبوا ما غَصَبوا ، يُضَعضِعُ اللّهُ بِهِم رُكنا ، ويَنقُضُ بِهِم .


1- .في المصدر : «قارةً» ، وقد مرّ تعليقنا عليها في ح 5861 .
2- .في المصدر : «رضّ» ، والتصويب من بحار الأنوار .

ص: 457

3 / 16 علم الإمام بما يكون إلى يوم القيامة

* وعن النبيّ صلى الله عليه و آله في أشراط الساعةطَيَّ الجَنادِلِ مِن إرَمَ ، ويَملَأُ مِنهُم بُطنانَ الزَّيتونِ .

فَوَالَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسمَةَ ! لَيَكونَنَّ ذلِكَ ، وكَأَ نّي أسمَعُ صَهيلَ خَيلِهِم وطَمطَمَةَ رِجالِهِم . وَايمُ اللّهِ لَيَذوبَنَّ ما في أيديهِم بَعدَ العُلُوِّ وَالتَّمكينِ فِي البِلادِ كَما تَذوبُ الأَليَةُ عَلَى النّارِ . مَن ماتَ مِنهُم ماتَ ضالّاً ، وإلَى اللّهِ عَزَّوجَلَّ يُفضي مِنهُم مَن دَرَجَ ، وَيتوبُ اللّهُ عَزَّوجَلَّ عَلى مَن تابَ ، ولَعَلَّ اللّهَ يَجمَعُ شيعَتي بَعدَ التَّشَتُّتِ لِشَرِّ يَومِ لِهؤلاءِ ! ولَيسَ لِأَحَدٍ عَلَى اللّهِ عَزَّ ذِكرُهُ الخِيَرَةُ بَل للّهِِ الخِيَرَةُ وَالأَمرُ جَميعا (1) .3 / 16عِلمُ الإِمامِ بِما يَكونُ إلى يَومِ القِيامَةِ* وعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الإمام عليّ عليه السلام_ في خُطبَةٍ لَهُ يُنَبِّهُ فيها عَلى فَضلِهِ وعِلمِهِ ، ويُبَيِّنُ فِتنَةَ بَني اُمَيَّةَ _: أمّا بَعدُ . . . أيُّهَا النّاسُ !فَإِنّي فَقَأتُ عَينَ الفِتنَةِ ، ولَم يَكُن لِيَجتَرِئَ عَلَيها أحَدٌ غَيري بَعدَ أن ماج غَيهَبُها وَاشتَدَّ كَلَبُها . فَاسأَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ؛ فَوَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ لا تَسألوني عَن شَيءٍ فيما بَينَكُم وبَينَ السّاعَةِ ، ولا عَن فِئَةٍ تَهدي مِئَةً وتُضِلُّ مِئَةً إلّا أنبَأتُكُم بِناعِقِها وقائِدِها وسائِقِها ، ومُناخِ رِكابِها ومَحَطِّ رِحالِها ، ومَن يُقتَلُ مِن أهلِها قَتلاً ، ومَن يَموتُ مِنهُم مَوتا (2) .

.


1- .الكافي : ج8 ص63 ح22 ، الإرشاد : ج1 ص291 نحوه وكلاهما عن مسعدة بن صدقة ، بحار الأنوار : ج31 ص555 ح52 و ج51 ص23 ح24 وراجع نهج البلاغة : الخطبة 88 .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 93 .

ص: 458

كلام حول ما أخبر به الإمام من الامور الغيبيّة

كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّةقال ابن أبي الحديد في شرح ما مرّ من كلامه عليه السلام (في الخطبة : 93) : «فَصلٌ في ذِكرِ اُمورٍ غَيبِيَّةٍ أخبَرَ بِهَا الإِمامُ ثُمَّ تَحَقَّقَت» : وَاعلَم أ نَّهُ عليه السلام قَد أقسَمَ في هذَا الفَصلِ بِاللّهِ الَّذي نَفسُهُ بِيدَهِ ، أ نَّهُم لا يَسأَلونَهُ عَن أمرٍ يَحدُثُ بَينَهُم وبَينَ القِيامَةِ إلّا أخبَرَهُم بِهِ ، وأ نَّهُ ما صَحَّ مِن طائِفَةٍ مِنَ النّاسِ يَهتَدي بِها مِئَةٌ وتَضِلُّ بِها مِئَةٌ ، إلّا وهُوَ مُخبِرٌ لَهُم _ إن سَأَلوهُ _ بِرُعاتِها وقائِدِها وسائِقِها ومَواضِعُ نُزولِ رُكّابِها وخُيولِها ، ومَن يُقتَلُ مِنها قَتلاً ، ومَن يَموتُ مِنها مَوتا . وهذِهِ الدَّعوى لَيسَت مِنهُ عليه السلام ادّعاءَ الرُّبوبِيَّةِ ، ولَا ادِّعاءَ النُّبُوَّةِ ، ولكِنَّهُ كانَ يَقولُ : إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أخبَرَهُ بِذلِكَ . ولَقَدِ امتَحَنّا إخبارَهُ فَوَجَدناهُ مُوافِقا ، فَاستَدلَلنا بِذلِكَ عَلى صِدقِ الدَّعوَى المَذكورَةِ ؛ كَإِخبارِهِ عَنِ الضَّربَةِ يُضرَبُ بِها في رَأسِهِ فَتُخضَبُ لِحيَتُهُ . وإخبارِهِ عَن قَتلِ الحُسَينِ ابنِهِ عليهماالسلام ، وما قالَهُ في كَربلاءَ حَيثُ مَرَّ بِها . وإخبارِهِ بِمُلكِ مُعاوِيَةَ الأَمرَ مِن بَعدِهِ . وإخبارِهِ عَنِ الحَجّاجِ ، وعَن يوسُفَ بنِ عُمَرَ . وما أخبَرَ بِهِ مِن أمرِ الخَوارِجِ بِالنَّهرَوانِ ، وما قَدَّمَهُ إلى أصحابِهِ مِن إخبارِهِ بِقَتلِ مَن يُقتَلُ مِنهُم ، وصَلبِ مَن يُصلَبُ . وإخبارِهِ بِقتِالِ النّاكِثينَ وَالقاسِطِين وَالمارِقينَ ، وإخبارِهِ بِعِدَّةِ الجَيشِ الوارِدِ إلَيه

.

ص: 459

مِنَ الكوفَةِ لَمّا شَخَصَ عليه السلام إلَى البَصرَةِ لِحَربِ أهلِها . وإخبارِهِ عَن عَبدِ اللّه بنِ الزُّبَيرِ ، وقَولِهِ فيهِ : «خَبٌّ (1) ضَبٌّ ، يَرومُ أمرا ولا يُدرِكُهُ ، يَنصِبُ حِبالَةَ الدّينِ لِاصطِيادِ الدُّنيا ، وهُوَ بَعدُ مَصلوبُ قُرَيش» . وكَإِخبارِهِ عَن هَلاكِ البَصرَةِ بِالغَرَقِ ، وهَلاكِها تارَةً اُخرى بِالزِّنجِ ، وهُوَ الَّذي صَحَّفَهُ قَومٌ فَقالوا : بِالرّيحِ . وكَإِخبارِهِ عَن ظُهورِ الرّاياتِ السّودِ مِن خُراسانَ ، وتَنصيصِهِ عَلى قَومٍ مِن أهلِها يُعرَفونَ بِبَني رُزَيقٍ _ بِتَقديمِ المُهمَلَةِ _ وهُم آلُ مُصعَبٍ الَّذينَ مِنهُم طاهِرُ بنُ الحُسَينِ ووَلدُهُ وإسحاقُ بنُ إبراهيمَ ، وكانوا هُم وسَلَفُهُم دُعاةَ الدَّولَةِ العَبّاسِيَّةِ . وكَإِخبارِهِ عَنِ الأَئِمَّةِ الَّذينَ ظَهَروا مِن وُلِدِهِ بِطَبَرِستانَ (2) ، كَالنّاصِرِ وَالدّاعي وغَيرِهِما ، في قوله عليه السلام : «وإنَّ لِالِ مُحَمَّدٍ بِالطّالَقانِ (3) لَكَنزا سَيُظهِرُهُ اللّهُ إذا شاءَ ، دُعاؤُهُ حَقٌّ، يَقومُ بِإِذنِ اللّهِ فَيَدعو إلى دينِ اللّهِ» . وكإِخبارِهِ عَن مَقتَلِ النَّفسِ الزَّكِيَّةِ بِالمَدينَةِ ، وقَولِهِ : «إنَّهُ يُقتَلُ عِندَ أحجارِ الزَّيتِ (4) » . وكَقَولِهِ عَن أخيهِ إبراهيمَ المَقتولِ بِبابِ حَمزَةَ : «يُقتَلُ بَعدَ أن يَظهَرَ ، ويُقهَرُ بَعدَ أن يَقهَرَ» . وقَولِهِ فيهِ أيضا : «يَأتيهِ سَهمٌ غَرِبٌ يَكونُ فيهِ مَنِيَّتُهُ ، فَيابُؤسا لِلرّامي ! شُلَّت يَدُهُ ، ووَهَنَ عَضُدُهُ» .

.


1- .الخَبُّ بالفتح : الخدَّاعُ (النهاية : ج2 ص4) .
2- .طَبَرِسْتان : هي البلاد المعروفة بمازندران ، ومن أعيان بلدانها : استراباد وسارويه وآمل (راجع معجم البلدان : ج4 ص13) .
3- .الطَّالَقَان : بلدتان ؛ إحداهما في إيران قرب قزوين ، والاُخرى في أفغانستان بين مرو الروذ (ورواليز) وبلخ .
4- .أحْجَار الزَّيْت : موضع بالمدينة ، وهو موضع صلاة الاستسقاء (معجم البلدان : ج1 ص109) .

ص: 460

وكَإِخبارِهِ عَن قَتلى وَجٍّ (1) ، وقَولِهِ فيهِم «هُم خَيرُ أهلِ الأَرضِ» . وكَإِخبارِهِ عَنِ المَملَكَةِ العَلَوِيَّةِ بِالغَربِ ، وتَصريحِهِ بِذِكرِ كُتامَةَ ؛ وهُمُ الذَّين نَصَروا أبا عَبدِ اللّهِ الدّاعي المُعَلّمَ . وكَقَولِهِ وهُوَ يُشيرُ إلى أبي عَبدِ اللّهِ المَهدِيِّ : وهُوَ أوَّلُهُم : «ثُمَّ يَظهَرُ صاحِبُ القَيرَوانِ (2) ، الغَضُّ البَضُّ ، ذُو النَّسَبِ المَحضِ ، المُنتَجَبِ مِن سُلالَةِ ذِي البَداءِ ، المُسَجّى بِالرِّداءِ» . وكانَ عُبَيدُ اللّهِ المَهدِيُّ أبيَضَ مُترَفا مُشَرَّبا بِحُمرَةٍ ، رَخصَ البَدَنِ ، تارَّ (3) الأَطرافِ . وذُو البَداءِ : إسماعيلُ بنُ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ عليهماالسلام ، وهُوَ المَسَجّى بِالرِّداءِ ؛ لِأَنَّ أباهُ أبا عَبدِ اللّهِ جَعفَرا سَجّاهُ بِرِدائِهِ لَمّا ماتَ ، وأدخَلَ إلَيهِ وُجوَه الشّيعَةِ يُشاهِدونَهُ ، لِيَعلَموا مَوتَهُ ، وتَزولَ عَنهُمُ الشُّبهَةُ في أمرِهِ . وكَإخبارِهِ عَن بَني بُوَيهٍ وقَولِهِ فيهِم : «ويَخرُجُ مِن دَيلَمانَ (4) بَنُو الصَّيّادِ» ، إشارَةً إلَيهِم . وكانَ أبوهُم صَيّادَ السَّمَكِ ، يَصيدُ مِنهُ بِيَدِهِ ما يَتَقَوَّتُ هُوَ وعِيالُهُ بِثَمَنِهِ ، فَأَخَرجَ اللّهُ تَعالى مِن وُلدِهِ لِصُلبِهِ مُلوكا ثَلاثَةً ، ونَشَرَ ذُرِيَّتَهُم حَتّى ضُرِبَتِ الأَمثالُ بِمُلكِهِم . وكَقَولِهِ عليه السلام فيهِم : «ثُمَّ يَستَشري أمرُهُم حَتّى يَملِكُوا الزَّوراءَ ، ويَخلَعُوا الخُلَفاءَ» . فَقالَ لَهُ قائِلٌ : فَكَم مُدَّتُهُم يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟ فَقالَ : «مِئَةٌ أو تَزيدُ قَليلاً» . وكَقَولِهِ فيهِم : «وَالمُترَفُ ابنُ الأَجذَمِ ، يَقتُلُهُ ابنُ عَمِّهِ عَلى دِجلَةَ» ، وهُوَ إشارَةٌ إلى عِزّ الدَّولَةِ بَختيارَ ابنِ مُعِزِّ الدَّولَةِ أبِي الحُسَينِ ، وكانَ مُعِزُّ الدَّولَةِ أقطَعَ اليَدِ ، قُطِعَت يَدُهُ لِلنُّكوصِ فِي الحَربِ ، وكانَ ابنُهُ عِزُّ الدولة بَختِيارُ مُترَفا ، صاحِبَ لَهوٍ وشُربٍ ،

.


1- .وَجّ : الطائف (معجم البلدان : ج5 ص361) .
2- .القَيْرَوان : مدينة عظيمة في شمال إفريقية (راجع معجم البلدان : ج4 ص420) . وهي اليوم من مُدن تونس .
3- .التَّارُّ : الممتَلئ البدن (النهاية : ج1 ص186) .
4- .دَيْلَمان : من مناطق إيران القديمة الواقعة في شمال همدان .

ص: 461

وقَتَلَهُ عَضدُ الدَّولَةِ فَناخُسرو ابنُ عَمِّهِ بِقَصرِ الجُصِّ عَلى دِجلَةَ فِي الحَربِ ، وسَلَبَهُ مُلكَهُ . فَأَمّا خَلعُهُم لِلخُلفَاءِ ، فَإنَّ مُعِزَّ الدَّولَةِ خَلَعَ المُستَكفِيَ ورَتَّبَ عِوَضَهُ المُطيعَ ، وبَهاءَ الدَّولَةِ أبا نَصرِ بنَ عَضدِ الدَّولَةِ خَلَعَ الطّائِعَ ورَتَّبَ عِوَضَهُ القادِرَ ، وكانَت مُدَّةُ مُلكِهمِ كَما أخبَرَ بِهِ عليه السلام . وكَإِخبارِهِ عليه السلام لِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ رحمه الله عَنِ انتِقالِ الأَمرِ إلى أولادِهِ ، فَإِنَّ عَلِيَّ بنَ عَبدِ اللّهِ لَمّا وُلِدَ ، أخرَجَهُ أبوهُ عَبدُ اللّهِ إلى عَلِيٍّ عليه السلام ، فَأَخَذَهُ وتَفَلَ في فيهِ وحَنَّكَهُ بِتَمرَةٍ قَد لاكَها ، ودَفَعَهُ إلَيهِ ، وقالَ : «خُذ إلَيكَ أبَا الأَملاكِ» . هكَذَا الرِّوايَةُ الصَّحيحَةُ ، وهِيَ الَّتي ذَكَرها أبُو العَبّاسِ المُبَرَّدُ في كِتابِ «الكامِلِ» ، ولَيسَتِ الرِّوايَةُ الَّتي يُذكَرُ فيهَا العَدَدُ بِصَحيحَةٍ ولا مَنقولَةٍ مِن كِتابٍ مُعتَمَدٍ عَلَيهِ . وكَم لَهُ مِنَ الإِخبارِ عَن الغُيوبِ الجارِيَةِ هذَا المَجرى ، مَمّا لَو أرَدنَا استِقصاءَهُ لَكَرَّسنا لَهُ كَراريسَ كَثيرَةً ، وكُتُبُ السِّيَرِ تَشتَمِلُ عَلَيها مَشروحَةً (1) . وقالَ ابنُ أبِي الحَديدِ أيضا في شَرحِ الخُطبَةِ 37 تَحتَ عُنوانِ «الأَخبارُ الوارِدَةُ عَن مَعرِفَةِ الإِمامِ عَلِيٍّ عليه السلام بِالاُمورِ الغَيبِيَّةِ» : رَوَى ابنُ هِلالٍ الثَّقَفِيُّ في كِتابِ «الغاراتِ» عَن زَكَرِيَّا بنِ يَحيَى العَطّارِ عَن فُضَيلٍ عَن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ ، قالَ : لَمّا قالَ عَلِيٌ عليه السلام : «سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَوَاللّهِ لا تَسأَلونَني عَن فِئَةٍ تُضِلُّ مِئَةً وتَهدي مِئَةً إلّا أنبُأتُكُم بِناعِقَتِها وسائِقَتِها» قامَ إلَيهِ رَجُلُ فَقالَ : أخبِرني بِما في رَأسي ولِحيَتي مِن طاقَةِ شَعرٍ !

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج7 ص47 _ 50 .

ص: 462

فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : «وَاللّهِ لَقَد حَدَّثَني خَليلي أنَّ عَلى كُلِّ طاقَةِ شَعرٍ مِن رَأسِكَ مَلَكا يَلعَنُكَ ، وأنَّ عَلى كُلِّ طاقَةِ شَعرٍ مِن لِحيَتِكَ شَيطانا يُغويكَ ، وأنَّ في بَيتِكَ سَخلاً يَقتُلُ ابنَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله » وكانَ ابنُهُ قاتِلُ الحُسَينِ عليه السلام يَومَئذٍ طِفلاً يَحبو ؛ وهُوَ سِنانُ بنُ أنَسِ النَّخَعِيُّ . ورَوى مُحَمّدُ بنُ إسماعيلَ بنِ عَمرِو البَجَلِيُّ ، قالَ : أخبَرَنا عَمُرو بنُ موسى الوَجيهِيُّ عَنِ المِنهالِ بنِ عَمروٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحارِثِ ، قالَ : قالَ عَلِيٌّ عليه السلام عَلَى المِنبَرِ : ما أحَدٌ جَرَت عَلَيهِ المَواسي إلّا وقَد أنزَلَ اللّهُ فيهِ قُرآنا . فَقامَ إلَيه رَجُلٌ مِن مُبغِضيهِ فَقالَ لَهُ : فَما أنزَلَ اللّهُ تَعالى فيكَ ؟ فَقامَ النّاسُ إلَيهِ يَضرِبونَهُ ، فَقالَ : دَعوهُ ، أ تَقرَأُ سورَةَ هودٍ ؟ قالَ : نَعَم . قالَ : فَقَرَأَ عليه السلام «أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ» (1) ثُمَّ قالَ : الَّذي كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله ، وَالشاهِدُ الَّذي يَتلوهُ أنا . . . . ورَوى عُثمانُ بنُ سَعيدٍ عَن شَريكِ بنِ عَبدِ اللّهِ ، قالَ : لَمّا بَلَغَ عَلِيّا عليه السلام أنَّ النّاسَ يَتَّهِمونَهُ فيما يَذكُرُهُ مِن تَقديمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وتَفضيلِهِ إيّاهُ عَلَى النّاسِ ، قالَ : أنشُدُ اللّهَ مَن بَقِيَ مِمَّن لَقِيَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله وسَمِعَ مَقالَهُ في يَومِ غَديرِ خُمٍّ إلّا قامَ فَشَهِدَ بِما سَمِعَ .

.


1- .هود : 17 .

ص: 463

فَقامَ سِتَّةٌ مِمَّن عَن يَمينِهِ ، مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وسِتَّةٌ مِمَّن عَلى شِمالِهِ مِنَ الصَّحابَةِ أيضا ، فَشَهِدوا أ نَّهُم سَمِعوا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ ذلِكَ اليَومَ ، وهُوَ رافِعٌ بِيدَيَ عَلِيٍّ صلى الله عليه و آله : «مَن كُنتُ مَولاهُ فَهذا عَلِيٌّ مَولاهُ ، اللّهُمَّ والِ مَن والاهُ وعادِ مَن عاداهُ ، وَانصُر مَن نَصَرَهُ وَاخذُل مَنَ خَذَلَهُ ، وأَحِبَّ مَن أحَبَّهُ وأَبِغض مَن أبغَضَهُ» . ورَوى مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصَّوّافُ عَنِ الحُسَينِ بنِ سُفيانَ عَن أبيهِ عَن شُمَيرِ بنِ سَديرٍ الأَزدِيِّ ، قالَ : قالَ عليّ عليه السلام لِعَمرِو بنِ الحَمقِ الخُزاعِيِّ : أينَ نَزَلتَ يا عَمرُو ؟ قالَ : في قَومي . قالَ : لا تَنزِلَنَّ فيهِم . قالَ : فَأَنزِلُ في بَني كِنانَةَ جيرانِنا ؟ قالَ : لا . قالَ : فَأَنزِلُ في ثَقيفٍ ؟ قالَ : فَما تَصنَعُ بِالمَعَرَّةِ وَالمَجَرَّةِ ؟ قالَ : وما هُما ؟ قالَ : عُنُقانِ مِن نارٍ ، يَخرُجانِ مِن ظَهرِ الكوفَةِ ، يَأتي أحَدُهُما عَلى تَميمٍ وبَكرِ بنِ وائِلٍ ، فَقَلَّما يُفلِتُ مِنهُ أحَدٌ ، ويَأتِي العُنُقُ الآخَرُ ، فَيَأخُذُ عَلَى الجانِبِ الآخَرِ مِنَ الكوفَةِ ، فَقَلَّ مَن يُصيبُ مِنهُم ، إنَّما يَدخُلُ الدّارَ فَيُحرِقُ البَيتَ وَالبَيتَينِ . قالَ : فَأَينَ أنزِلُ ؟ قالَ : اِنزِل في بَني عَمرِو بنِ عامِرٍ ، مِنَ الأَزدِ . _ قالَ : فَقالَ قَومٌ حَضَروا هذَا الكَلامَ : ما نَراهُ إلّا كاهِنا يَتَحدَّثُ بِحَديثِ الكَهَنَةِ _ . فَقالَ : يا عَمرُو ، إنَّكَ المَقتولُ بَعديِ ، وإنَّ رَأسَكَ لَمَنقولٌ ، وهُوَ أوَّلُ رَأسٍ يُنقَلُ فِى ¨

.

ص: 464

الإِسلامِ ، وَالويَلُ لِقاتِلِكَ !أما إنَّكَ لا تَنزِلُ بِقَومٍ إلّا أسلَموكَ بِرُمَّتِكَ ، إلّا هذَا الحَيَّ مِن بَني عَمرِو بنِ عامِرٍ مِنَ الأَزدِ ، فَإِنَّهُم لَن يُسلِموكَ ولَن يَخذِلوكَ . قالَ : فَوَاللّهِ ما مَضَت إلّا أيّامٌ حَتّى تَنَقَّلَ عَمرُو بنُ الحَمِقِ في خِلافَةِ مُعاوِيَةَ في بَعضِ أحياءِ العَرَبِ ، خائِفا مَذعورا ، حَتّى نَزَلَ في قَومِهِ مِن بَني خُزاعَةَ ، فَأَسلَموهُ ، فَقُتِلَ وحُمِلَ رَأسُهُ مِنَ العِراقِ إلى مُعاوِيَةَ بِالشّامِ ، وهُوَ أوَّلُ رَأسٍ حُمِلَ فِي الإِسلامِ مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ . ورَوى إبراهيمُ بنُ مَيمونَ الأَزدِيُّ عَن حَبَّةَ العُرَنيِّ ، قال : كانَ جُوَيرِيَةُ بنُ مُسهِرٍ العَبدِيُّ صالِحا ، وكانَ لِعَلِيّ بنِ أبي طالِبٍ صَديقا ، وكانَ عَلِيٌّ يُحِبُّهُ ، ونَظَرَ يَوما إلَيهِ وهُوَ يَسيرُ ، فَناداهُ : يا جُوَيرِيَةُ ، الحَق بي ، فَإِنّي إذا رَأَيتُكَ هَوَيتُكَ . قالَ إسماعيلُ بنُ أبانٍ : فَحَدَّثَني الصَّبّاحُ عَن مُسلمٍ عَن حَبَّةَ العُرَنِيِّ ، قالَ : سِرنا مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام يَوما فَالتَفَتَ فَإِذا جُوَيرِيَةُ خَلفَهُ بَعيدا ، فَناداهُ : يا جُوَيرِيَةُ ، الحَق بي لا أبا لَكَ ! ألا تَعلَمُ أ نّي أهواكَ واُحِبُّكَ ! قالَ : فَرَكَضَ نَحوَهُ ، فَقالَ لَهُ : إنّي مُحَدِّثُكَ بِاُمورٍ فَاحفَظها . ثُمَّ اشتَرَكا فِي الحَديثِ سِرّا ، فَقالَ لَهُ جُوَيرِيَةُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي رَجُلٌ نَسِيٌّ . فَقالَ لَهُ : إنّي اُعيدُ عَلَيكَ الحَديثَ لِتَحفَظَهُ . ثُمَّ قالَ لَهُ في آخِرِ ما حَدَّثَهُ إيّاهُ : يا جُوَيرِيَةُ ، أحبِب حَبيبَنا ما أحَبَّنا ، فَإِذا أبغَضَنا فَأَبغِضهُ ، وأَبغِض بَغيضَنا ما أبغَضَنا ، فَإِذا أحَبَّنا فَأَحِبَّهُ . قالَ : فَكانَ ناسٌ مِمَّن يَشُكُّ في أمرِ عَلِيٍّ عليه السلام يَقولونَ : أ تَراهُ جَعَلَ جُوَيرِيَةَوَصِيَّهُ كَما يَدَّعي هُوَ مِن وَصِيَّةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؟

.

ص: 465

قالَ : يَقولونَ ذلِكَ لِشِدَّةِ اختِصاصِهِ لَهُ ، حَتّى دَخَلَ عَلى عَلِيٍّ عليه السلام يَوما ، وهُوَ مُضطَجِعٌ ، وعِندَهُ قَومٌ مِن أصحابِهِ ، فَناداهُ جُوَيرِيَة : أيُّهَا النّائِمُ استَيقِظ ، فَلَتُضرَبَنَّ عَلى رَأسِكَ ضَربَةً تُخضَبُ مِنها لِحيَتُكَ . قالَ : فَتَبَسَّمَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، قالَ : واُحَدِّثُكَ يا جُوَيرِيَةُ بِأَمرِكَ ؛ أمَا وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ لَتُعتَلَنَّ إلَى العُتُلِّ الزَّنيمِ ، فَلَيقطَعَنَّ يَدَكَ ورِجلَكَ ولَيَصلُبَنَّكَ تَحتَ جِذعٍ كافِرٍ (1) . قالَ : فَوَاللّهِ ما مَضَت إلّا أيّامٌ عَلى ذلِكَ حَتّى أخَذَ زِيادٌ جُوَيرِيَةَ ، فَقَطَعَ يَدَهُ ورِجلَهُ وصَلَبَهُ إلى جانِبِ جِذعٍ ابنِ مُكَعبَرٍ ، وكانَ جِذعا طَويلاً ، فَصَلَبَهُ عَلى جِذعٍ قَصيرٍ إلى جانِبِهِ . ورَوى إبراهيمُ في كِتابِ «الغاراتِ» عَن أحمَدَ بنِ الحَسَنِ الميثَمِيِّ ، قال : كانَ ميثَمٌ التَّمّارُ مَولى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام عَبدا لِامرَأَةٍ مِن بَني أسَدٍ ، فَاشتَراهُ عَلِيٌّ عليه السلام مِنها وأعتَقَهُ ، وقالَ لَهُ : مَا اسمُكَ ؟ فَقالَ : سالِمٌ . فَقالَ : إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أخبَرَني أنَّ اسمَكَ الَّذي سَمّاكَ بِهِ أبوكَ فِي العَجَمِ : ميثَمٌ . فَقالَ : صَدَقَ اللّهُ ورَسولُهُ ، وصَدَقتَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، فَهُوَ وَاللّهِ اسمي . قالَ : فَارجِع إلَى اسمِكَ ، ودَع سالِما ، فَنَحنُ نُكَنّيكَ بِهِ ، فَكَنّاهُ أبا سالِمٍ . قالَ : وقَد كانَ قَد أطلَعَهُ عَلِيٌّ عليه السلام عَلى عِلمٍ كَثيرٍ ، وأسرارٍ خَفِيَّةٍ مِن أسرارِ الوَصِيَّةِ ، فَكانَ ميثَمٌ يُحَدِّثُ بِبَعضِ ذلِكَ ، فَيَشُكُّ فيهِ قَومٌ مِن أهلِ الكوفَةِ ، ويَنسِبون

.


1- .هكذا في المصدر ، ولم نعثر له على معنىً مناسب في كتب اللغة ، والظاهر أنّ الصواب : «كَفرٍ» ؛ قال الفيروزآبادي : الكَفر : الخشَبَة الغليظة القصيرة ( القاموس المحيط : ج2 ص128 ).

ص: 466

عَلِيّا عليه السلام في ذلِكَ إلَى المَخرَقَةِ وَالإيهامِ وَالتَّدليسِ ، حَتّى قالَ لَهُ يَوما بِمَحضَرٍ مِن خَلقٍ كَثيرٍ مِن أصحابِهِ ، وفيهِمُ الشّاكُّ وَالمُخلِصُ : يا ميثَمُ ، إنَّكَ تُؤخَذُ بَعدي وتُصلَبُ ، فَإِذا كانَ اليَومُ الثّانِي ابتَدَرَ مَنخَراكَ وفَمُكَ دَما ، حَتّى تُخضَبَ لِحيَتُكَ ، فَإِذا كانَ اليَومُ الثّالِثُ طُعِنتَ بِحَربَةٍ يُقضى عَلَيكَ ، فَانتَظِر ذلِكَ . وَالمَوضِعُ الَّذي تُصلَبُ فيهِ عَلى بابِ دارِ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ ؛ إنَّكَ لَعاشِرُ عَشَرَةٍ أنتَ أقصَرُهُم خَشَبَةً ، وأقرَبُهُم مِنَ المُطَهِّرَةِ _ يَعني الأَرضَ _ ولَاُرِيَنَّكَ النَّخلَةَ الَّتي تُصلَبُ عَلى جِذعِها . ثُمَّ أراهُ إيّاها بَعدَ ذلِكَ بِيَومَينِ ، وكانَ ميثمٌ يَأتيها ، فَيُصَلّي عِندَها ، ويَقولُ : بورِكتِ مِن نَخلَةٍ ، لَكِ خُلِقتُ ، ولي نَبَتِّ ، فَلَم يَزَل يَتَعاهَدُها بَعدَ قَتلِ عَلِيٍّ عليه السلام ، حَتّى قُطِعَت ، فَكانَ يَرصُدُ جِذعَها ، ويَتعاهَدُهُ ويَتَرَدَّدُ إلَيهِ ، ويُبصِرُهُ ، وكانَ يَلقى عَمرَو بنَ حُرَيثٍ ، فَيَقولُ لَهُ : إنّي مُجاوِرُكَ فَأَحسِن جِواري . فَلا يَعلَمُ عَمرٌو ما يُريدُ ، فَيَقولُ لَهُ : أ تُريدُ أن تَشتَرِيَ دارَ ابنِ مَسعودٍ ، أم دارَ ابنِ حكيمٍ ؟ ! قالَ : وحَجَّ فِي السَّنَةِ الَّتي قُتِلَ فيها ، فَدَخَلَ عَلى اُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنها ، فَقالَت لَهُ : مَن أنتَ ؟ ! قالَ : عِراقِيٌ . فَاستَنسَبَتهُ ، فَذَكَرَ لَها أ نَّهُ مَولى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ . فَقالَت : أنتَ هَيثَمٌ . قالَ : بَل أنَا ميثَمٌ . فَقالَت : سُبحانَ اللّهِ ! وَاللّهِ لَرُبَّما سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يوصي بِكَ عَلِيّا في جَوفِ اللَّيلِ . فَسَأَلَها عَنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ ، فَقالَت : هُوَ في حائِطٍ لَهُ ، قالَ : أخبِريهِ أ نّي قَد أحبَبتُ السَّلامَ عَلَيهِ ، ونَحنُ مُلتَقونَ عِندَ رَبِّ العالَمينَ إن شاءَ اللّهُ ، ولا أقدِرُ اليَومَ عَلى لِقائِهِ ، واُريدُ الرُّجوعَ .

.

ص: 467

فَدَعَت بِطيبٍ فَطَيَّبَت لِحيَتَهُ ، فَقالَ لَها : أما إنَّها سَتُخضَبُ بِدَمٍ . فَقالَت : مَن أنبَأَكَ هذَا ؟ قالَ : أنبَأَني سَيِّدي . فَبَكَت اُمُّ سَلَمَةَ ، وقالَت لَهُ : إنَّهُ لَيسَ بِسَيِّدِكَ وَحدَكَ ؛ هُوَ سَيِّدي وسَيِّدُ المُسلِمينَ ، ثُمَّ وَدَّعَتهُ . فَقَدِمَ الكوفَةَ ، فَاُخِذَ واُدخِلَ عَلى عُبَيدِ اللّهِ بنِ زيادٍ . وقيلَ لَهُ : هذَا كانَ مِن آثَرِ النّاسِ عِندَ أبي تُرابٍ . قالَ : ويحَكُم ! هذَا الأَعجَمِيُّ ؟ ! قالوا : نَعَم . فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللّهِ : أينَ رَبُّكَ ؟ قالَ : بِالمِرصادِ . قالَ : قَد بَلَغَنِي اختصاصُ أبي تُرابٍ لَكَ ! قالَ : قَد كانَ بَعضُ ذلِكَ ، فَما تُريدُ ؟ قالَ : وإنَّهُ لَيُقالُ إنَّهُ قَد أخبَرَكَ بِما سَيَلقاكَ . قالَ : نَعَم ، إنَّهُ أخبَرَني . قالَ : مَا الَّذي أخبَرَكَ أ نّي صانِعٌ بِكَ ؟ قالَ : أخبَرَني أ نَّكَ تَصلُبُني عاشِرَ عَشَرَةٍ وأنَا أقصَرُهُم خَشَبَةً ، وأقرَبُهُم مِنَ المُطَهِّرَةِ . قالَ : لاُخالِفَنَّهُ . قالَ : وَيحَكَ ! كَيفَ تُخالِفُهُ ؟ ! إنَّما أخبَرَ عَن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وأخبَرَ رَسولُ اللّهِ عَن جِبرائيلَ ، وأخبَرَ جِبرائيلُ عَنِ اللّهِ ، فَكَيفَ تُخالِفُ هؤُلاءِ ؟ ! أمَا وَاللّهِ لَقَد عَرَفتُ المَوضِعَ الَّذي اُصلَبُ فيهِ أينَ هُوَ مِنَ الكوفَةِ ، وإنّي لَأَوَّلُ خَلقِ اللّهِ اُلجَمُ في الإِسلامِ بِلِجامٍ كَما يُلجَمُ الخَيلُ . فَحَبَسَهُ وحَبَسَ مَعَهُ المُختارَ بنَ أبي عُبَيدَةَ الثَّقَفِيَّ ، فَقالَ ميثَمٌ لِلمُختارِ _ وهُما في حَبسِ ابنِ زِيادٍ _ : إنَّكَ تُفلِتُ وتَخرُجُ ثائِرا بِدَمِ الحُسَينِ عليه السلام ، فَتَقتُلُ هذَا الجَبّارَ الَّذي نَحنُ في سِجنِهِ ، وتَطَأُ بِقَدَمِكَ هذِهِ عَلى جَبهَتِهِ وخَدَّيهِ . فَلَمّا دَعا عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ بِالمُختارِ لِيَقتُلَهُ طَلَعَ البَريدُ بِكتابِ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ إلى عُبَيدِ اللّهِ بنِ زَيادٍ ، يَأمُرُهُ بِتَخلِيَةِ سَبيلِهِ ، وذاكَ أنَّ اُختَهُ كانَت تَحتَ عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ ، فَسَأَلَت بَعلَها أن يَشفَعَ فيهِ إلى يَزيدَ فَشَفَعَ ، فَأمضى شَفاعَتَهُ ، وكَتَبَ بِتَخلِيَةِ سَبيلِ المُختارِ عَلَى البَريدِ ، فَوافَى البَريدُ وقَد اُخرِجَ لِيُضرَبَ عُنُقُهُ ، فَاُطلِقَ .

.

ص: 468

وأمّا ميثَمٌ فَاُخرِجَ بَعدَهُ لِيُصلَبَ ، وقالَ عُبَيدُ اللّهِ : لاُمضِيَنَّ حُكمَ أبي تُرابٍ فيهِ . فَلَقِيَهُ رَجُلٌ ، فَقالَ لَهُ : ما كانَ أغناكَ عَن هذا يا مَيثُم ؟ فَتَبَسَّمَ ، وقالَ : لَها خُلِقتُ ، ولي غُذِيَت . فَلَمّا رُفِعَ عَلَى الخَشَبَةِ اجتَمَعَ النّاسُ حَولَهُ عَلى بابِ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ ، فَقالَ عَمرٌو : لَقَد كانَ يَقولُ لي : إنّي مُجاوِرُكَ ! فَكانَ يَأُمرُ جارِيَتَهُ كُلَّ عَشِيَّةٍ أن تَكنُسَ تَحتَ خَشَبَتِهِ وتَرُشَّهُ ، وتُجَمِّرَ بِالمِجمَرِ تَحتَهُ . فَجَعَلَ ميثَمٌ يُحَدِّثُ بِفَضائِلِ بَني هاشِمٍ ، ومَخازي بَني اُمَيَّةَ ، وهُوَ مَصلوبٌ عَلَى الخَشَبَةِ ، فَقيلَ لِابنِ زِيادٍ : قَد فَضَحَكُم هذَا العَبدُ . فَقالَ : ألجِموهُ ، فَاُلجِمَ ، فَكانَ أوَّلُ خَلقِ اللّهِ اُلجِمَ فِي الإِسلامِ . فَلَمّا كانَ فِي اليوَمِ الثّاني فاضَت مَنخَراهُ وفَمُهُ دَما ، فَلَمّا كانَ فِي اليَومِ الثّالِثِ طُعِنَ بِحَربَةٍ فَماتَ . وكانَ قَتلُ ميثَمٍ قَبلَ قُدومِ الحُسَينِ عليه السلام العِراقَ بِعَشَرَةِ أيّامٍ . قالَ إبراهيمُ : وحَدَّثَني إبراهيمُ بنُ العَبّاسِ النَّهدِيُّ ، حَدَّثَني مُبارَكٌ البَجلِيُّ عَن أبي بَكرِ بنِ عَيّاشٍ ، قالَ : حَدَّثَنِي المُجالِدُ عَنِ الشَّعبِيِّ عَن زِيادِ بنِ النَّضرِ الحارِثِيِّ ، قالَ : كُنتُ عِندَ زِيادٍ ، وقَد أُتِىَ بِرُشَيدٍ الهَجَرِيِّ _ وكانَ مِن خَواصِّ أصحابِ عَلِيٍّ عليه السلام _ فَقالَ لَهُ زِيادٌ : ما قالَ خَليلُكُ لَكَ إنّا فاعِلونَ بِكَ ؟ قالَ : تَقطَعونَ يَدَيَّ ورِجلَيَّ ، وتَصلُبونَني . فَقالَ زِيادٌ : أمَا وَاللّهِ لاُكَذِّبَنَّ حَديثَهُ ، خَلّوا سَبيلَهُ ، فَلَمّا أرادَ أن يَخرُجَ قالَ : رُدّوهُ ، لا نَجِدُ شَيئا أصلَحَ مِمّا قالَ لَكَ صاحِبُكَ ، إنَّكَ لاتَزالُ تَبغي لَنا سوءا إن بَقيتَ ، اِقطَعوا يَدَيهِ ورِجلَيهِ . فَقَطَعوا يَدَيهِ ورِجلَيهِ ، وهُوَ يَتَكَلَّمُ . فَقال : اُصلُبوهُ خَنقا في عُنُقِهِ .

.

ص: 469

فَقالَ رُشيدٌ: قَد بَقِيَ لي عِندَكُم شَيءٌ ما أراكُم فَعَلتُموهُ . فَقالَ زِيادٌ : اِقطَعوا لِسانَهُ . فَلَمّا أخرَجوا لِسانَهُ لِيُقطَعَ قالَ : نَفِّسوا عَنّي أتَكَلَّمُ كَلِمَةً واحِدَةً . فَنَفَّسوا عَنهُ ، فَقالَ : هذا وَاللّهِ تَصديقُ خَبَرِ أميرِ المُؤمِنينَ ؛ أخبَرَني بِقَطعِ لِساني . فَقَطَعوا لِسانَهُ وصَلَبوهُ . ورَوى أبو داودَ الطَّيالِسِيُّ عَن سُلَيمانَ بنِ رُزَيقٍ عَن عَبدِ العَزيزِ بنِ صُهَيبٍ ، قالَ : حَدَّثني أبُو العالِيَةِ ، قالَ : حَدَّثني مزرعٌ صاحِبُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام أ نَّهُ قالَ : لَيُقبِلَنَّ جَيشٌ حَتّى إذا كانوا بِالبَيداءِ ، خُسِفَ بِهِم . قالَ أبُو العالِيَةِ : فَقُلتُ لَهُ : إنَّكَ لَتُحَدِّثُني بِالغَيبِ ! فَقالَ : اِحفَظ ما أقولُهُ لَكَ ، فَإِنَّما حَدَّثَني بِهِ الثِّقَةُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ . وحَدَّثني أيضا شَيئا آخَرَ : لَيُؤخَذَنَّ رَجُلٌ فَلَيُقتَلَنَّ ولَيُصلَبَنَّ بَينَ شُرفَتَينِ مِن شُرَفِ المَسجِدِ . فَقُلتُ لَهُ : إنَّكَ لَتُحَدِّثُني بِالغَيبِ ! فَقالَ : اِحفَظ ما أقولُ لَكَ . قالَ أبُو العالِيَةِ : فَوَاللّهِ ، ما أتَت عَلَينا جُمُعَةٌ حَتّى اُخِذَ مزرعٌ ، فَقُتِلَ وصُلِبَ بَينَ شُرفَتَينِ مِن شُرَفِ المَسجِدِ . قُلتُ : حَديثُ الخَسفِ بِالجَيشِ قَد خَرَّجَهُ البُخارِيُّ ومُسلِمٌ فِي الصَّحيحَينِ ، عَن اُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنها ، قالَت : سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : يَعوذُ قَومٌ بِالبَيتِ حَتّى إذا كانوا بِالبَيداءِ خُسِفَ بِهمِ . فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، لَعَلَّ فيهِمُ المُكرَهُ أو الكارِهُ ، فَقالَ : يُخسَفُ بِهِم ، ولكِن يُحشَرونَ _ أو قالَ : يُبعَثونَ _ عَلى نِيّاتِهِم يَومَ القِيامَةِ . قالَ : فَسُئِلَ أبو جَعفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ : أهِيَ بَيداءٌ مِنَ الأَرضِ ؟ فَقالَ : كَلّا وَاللّهِ إنَّها بَيداءُ المَدينَةِ . أخرَجَ البُخارِيُّ بَعضَهُ وأخرَجَ مُسلِمٌ الباقِيَ .

.

ص: 470

ورَوى مُحَمَّدُ بنُ موسَى العَنزِيُّ ، قالَ : كانَ مالِكُ بنُ ضَمرَةَ الرُّؤاسِيُّ مِن أصحابِ عَلِيٍّ عليه السلام ، ومِمَّنِ استَبطَنَ مِن جِهَتِهِ عِلما كَثيرا ، وكانَ أيضا قَد صَحَبَ أبا ذَرٍّ ، فَأَخَذَ مِن عِلمِهِ ، وكانَ يَقولُ في أيّامِ بَني اُمَيَّةَ : اللّهُمَّ لا تَجعَلني أشقَى الثَّلاثَةِ . فَيُقالُ لَهُ : ومَا الثَّلاثَةُ ؟ فَيَقولُ : رَجُلٌ يُرمى مِن فَوقِ طَمارِ (1) ، ورَجُلٌ تُقطَعُ يَداهُ ورِجلاهُ ولِسانُهُ ويُصلَبُ ، ورَجُلٌ يَموتُ عَلى فِراشِهِ . فَكانَ مِنَ النّاسِ مَن يَهزَأُ بِهِ ، ويَقولُ : هذَا مِن أكاذيبِ أبي تُرابٍ . قالَ : وكانَ الَّذي رُمِيَ بِهِ مِن طَمارِ هانِئُ بنُ عُروَةَ ، وَالَّذي قُطِعَ وصُلِبَ رُشَيدٌ الهَجَرِيُّ ، وماتَ مالِكٌ عَلى فِراشِهِ (2) .

راجع : ص 7 (القسم الحادي عشر : علوم الإمام علي عليه السلام ) و ج 3 ص 63 (الحرب الاولى : وقعة الجمل) و ص 265 (الحرب الثانية : وقعة صفّين) و ص 569 (الحرب الثالثة : وقعة النهروان) و ج 4 ص 235 (الفصل الثاني : إخبار الإمام باستشهاده) و ج 7 ص 172 (إخبار الإمام عن سبّه والبراءة منه) و ص 286 (حجر بن عدي) و ص 309 (رشيد الهجري) و ص 443 (قنبر مولى أمير المؤمنين) و ص 463 (كميل بن زياد) و ص 506 (ميثم التمّار) .

.


1- .طَمارِ _ كَقَطامِ ، ويُفتَح آخِرُه _ : المكانُ المرتَفِعُ ( تاج العروس : ج7 ص145 ).
2- .شرح نهج البلاغة : ج2 ص286 _ 295 .

ص: 471

الفصل الرابع : النّوادر
4 / 1 رؤية نور الوحي
4 / 2 سماع رنّة الشّيطان

الفصل الرابع : النوادر4 / 1رُؤيَةُ نورِ الوَحيِ* ومنه عن فاطمة عليهاالسلام :الإمام عليّ عليه السلام_ في خُطبَتِهِ المُسمّاةِ بِالقاصِعَةِ _: ولَقَد كانَ [ صلى الله عليه و آله ] يُجاوِرُ في كُلِّ سَنَةٍ بِحِراءَ ، فَأَراهُ ولا يَراهُ غَيري . ولَم يَجمَع بَيتٌ واحِدٌ يَومَئِذٍ فِي الإِسلامِ غَيرَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وخَديجَةَ وأنَا ثالِثُهُما ؛ أرى نورَ الوَحيِ وَالرِّسالَةِ ، وأشُمُّ ريحَ النُّبُوَّةِ .

ولَقَد سَمِعتُ رَنَّةَ الشَّيطانِ حينَ نَزَلَ الوَحيُ عَلَيهِ صلى الله عليه و آله ، فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، ما هذِهِ الرَّنَّةُ ؟ فَقالَ : هذَا الشَّيطانُ قَد أيِسَ مِن عِبادَتِهِ . إنَّكَ تَسمَعُ ما أسمَعُ ، وتَرى ما أرى ، إلّا أ نَّكَ لَستَ بِنَبِيٍّ ، ولكِنَّكَ لَوَزيرٌ ، وإنَّكَ لَعَلَى خَيرٍ (1) .4 / 2سَماعُ رَنَّةَ الشَّيطانِصقر : عن الإمام العسكري عليه السلام :الإمام عليّ عليه السلام :كُنتُ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله صَبيحَةَ اللَّيلَةِ الَّتي اُسرِيَ بِهِ فيها وهُوَ بِالحِجرِ يُصَلّي ، فَلَمّا قَضى صَلاتَهُ وقَضَيتُ صَلاتي سَمِعتُ رَنَّةً شَديدَةً ، فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، ما هذِهِ الرَّنَّةُ ؟ قالَ : ألا تَعلَمُ ؟ ! هذِهِ رَنَّةُ الشَّيطانِ ؛ عَلِمَ أ نّي اُسرِيَ بِيَ اللَّيلَةَ إلَى

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 192 .

ص: 472

4 / 3 إمداد الملائكة
4 / 4 مخاطبة الأرواح

صقر : عن الإمام العسكري عليه السلام :السَّماءِ فَأَيِسَ مِن أن يُعبَدَ في هذِهِ الأَرضِ (1) .4 / 3إمدادُ المَلائِكَةِ* وعن أبي عبداللّه عليه السلام في أبيبكر :الإمام عليّ عليه السلام :لَقَد قُبِضَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وإنَّ رَأسَهُ لَعَلى صَدري . ولَقَد سالَت نَفسُهُ في كَفّي ، فَأَمرَرتُها عَلى وَجهي . ولَقَد وُلّيتُ غُسلَهُ صلى الله عليه و آله وَالمَلائِكَةُ أعواني ، فَضَجَّتِ الدّارُ وَالأَفنِيَةُ ؛ مَلَأٌ يَهبِطُ ، ومَلَأٌ يَعرُجُ ، وما فارَقَت سَمعي هَينَمَةٌ (2) مِنهمُ ، يُصَلّونَ عَلَيهِ حَتّى وارَيناهُ في ضَريحِهِ (3) .صقل : في حديث اُمّ معبد :عنه عليه السلام :لَقَد قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله وإنَّ رأسَهُ لَفي حِجري ، ولَقَد وُلّيتُ غُسلَهُ بِيَدي ، تُقَلِّبُهُ المَلائِكَةُ المُقَرَّبونَ مَعي (4) .* وعن الحسن بن عليّ عليهماالسلام :فضائل الصحابة عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس :ذُكِرَ عِندَهُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ، فَقالَ : إنَّكُم لَتَذكُرونَ رَجُلاً كانَ يُسمَعُ وَط ءُ جِبريلَ فَوقَ بَيتِهِ ! (5)راجع : ج 5 ص 506 (جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره) .

4 / 4مُخاطَبَةُ الأَرواحِصكك : عن أبي عبداللّه عليه السلام في آدم عليه السالكافي عن حبّة العرني :خَرَجتُ مَعَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام إلَى الظَّهرِ ، فَوَقَفَ بِوادِي السَّلامِ (6)

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج13 ص209 ؛ بحار الأنوار : ج18 ص223 .
2- .الهينمة : هي الكلام الخَفِيّ لا يُفهَم (النهاية : ج5 ص290) .
3- .نهج البلاغة : الخطبة 197 .
4- .الأمالي للمفيد : ص235 ح5 ، الأمالي للطوسي : ص11 ح13 كلاهما عن الأصبغ بن نباتة ، وقعة صفّين : ص224 عن أبي سنان الأسلمي .
5- .فضائل الصحابة لابن حنبل : ج2 ص654 ح1112 ، ذخائر العقبى : ص169 .
6- .وادي السَّلام : اسم موضع في ظهر الكوفة ، يقرب من النجف (مجمع البحرين : ج2 ص872) .

ص: 473

4 / 5 معرفة الأرواح

صكك : عن أبي عبداللّه عليه السلام في آدم عليه السكَأَ نَّهُ مُخاطِبٌ لِأَقوامٍ ، فَقُمتُ بِقِيامِهِ حَتّى أعيَيتُ ، ثُمَّ جَلَستُ حَتّى مَلِلتُ ، ثُمَّ قُمتُ حَتّى نالَني مِثلَ ما نالَني أوَّلاً ، ثُمَّ جَلَستُ حَتّى مَلِلتُ ، ثُمَّ قُمتُ وجَمَعتُ رِدائي ، فَقُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي قَد أشفَقتُ عَلَيكَ مِن طولِ القِيامِ ، فَراحَةُ ساعَةٍ ! ثُمَّ طَرَحتُ الرِّداءَ لِيَجلِسَ عَلَيهِ .

فَقالَ لي : يا حَبَّةُ ، إن هُوَ إلّا مُحادَثَةُ مُؤمِنٍ أو مُؤانَسَتُهُ .

قالَ : قُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، وإِنَّهُم لَكَذلِكَ ؟

قالَ : نَعَم ، ولَو كُشِفَ لَكَ لَرَأَيتَهُم حَلَقا حَلَقا مُحتَبينَ (1) يَتَحادَثونَ .

فَقُلتُ : أجسامٌ أم أرواحٌ ؟

فَقالَ : أرواحٌ ، وما مِن مُؤمِنٍ يَموتُ في بُقعَةٍ مِن بِقاعِ الأَرضِ إلّا قيلَ لِروحِهِ : اِلحَقي بِوادِي السَّلامِ . وإنَّها لَبُقَعةٌ مِن جَنَّةِ عَدنٍ (2)

.4 / 5مَعرِفَةُ الأَرواحِصلب : عن رجل لأبيعبداللّه عليه السلام :الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ رَجُلاً جاءَ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام وهُوَ مَعَ أصحابِهِ فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : أنَا وَاللّهِ اُحِبُّكَ وأتَوَلّاكَ ! فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : كَذَبتَ !

قالَ : بَلى وَاللّهِ ، إنّي اُحِبُّكَ وأتَوَلّاكَ ! _ فَكَرَّرَ ثَلاثا _ فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : كَذَبتَ ! ما أنتَ كَما قُلتَ ؛ إنَّ اللّهَ خَلَقَ الأَرواحَ قَبلَ الأَبدانِ بِأَلفَي عامٍ ، ثُمَّ عَرَضَ عَلَينا المُحِبَّ لَنا ، فَوَاللّهِ ما رَأَيتُ روحَكَ فيمَن عَرَضَ ، فَأَينَ كُنتَ ؟ !

.


1- .الاحْتِباء : هو أن يضُمّ الإنسان رجلَيه إلى بَطنه بثَوب يَجمَعهما به مع ظَهره ، ويَشُدُّه عليها . وقد يكون الاحتِباء باليَدَين عوَض الثوب (النهاية : ج1 ص335) .
2- .الكافي : ج3 ص243 ح1 .

ص: 474

صلب : عن رجل لأبيعبداللّه عليه السلام :فَسَكَتَ الرَّجُلُ عِندَ ذلِكَ ولَم يُراجِعهُ (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :الاختصاص عن الأصبغ بن نباتة :كُنتُ مَعَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَأَتاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي وَاللّهِ لَاُحِبُّكَ فِي اللّهِ ، واُحِبُّكَ فِي السِّرِّ كَما اُحِبُّكَ فِي العَلانِيَةِ ، وأدينُ اللّهَ بِوَلايَتِكَ فِي السِّرِّ كَما أدينُ بِها فِي العَلانِيَةِ . وبِيَدِ أميرِ المُؤمِنينَ عودٌ فَطَأطَأَ (2) رَأسَهُ ، ثُمَّ نَكَتَ بِالعودِ ساعَةً فِي الأَرضِ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ إلَيهِ فَقالَ :

إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله حَدَّثَني بِأَلفِ حَديثٍ ، لِكُلِّ حَديثٍ ألفُ بابٍ ، وإنَّ أرواحَ المُؤمِنينَ تَلتَقي فِي الهَواءِ فَتَشامُّ (3) وتَتَعارَفُ ؛ فَما تَعارَفَ مِنهَا ائَتَلَفَ ، وما تَناكَرَ مِنهَا اختَلَفَ . وبِحَقِّ اللّهِ لَقَد كَذَبتَ ! فَما أعرِفُ وَجهَكَ فِي الوُجوهِ ، ولَا اسمَكَ فِي الأَسماءِ (4) .* وعنه عليه السلام :الإمام الباقر عليه السلام :بَينا أميرُ المُؤمِنينَ يَوما جالِسٌ (5) فِي المَسجِدِ وأَصحابُهُ حَولَهُ، فَأَتاهُ رَجُلٌ مِن شيعَتِهِ فَقالَ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنَّ اللّهَ يَعلَمُ أَ نّي أدينُهُ بِحُبِّكَ فِي السِّرِّ كَما أدينُهُ بِحُبُّكَ فِي العَلانِيةِ ، وأَتَوَلّاكَ فِي السِّرِّ كَما أتَوَلّاكَ فِي العَلانِيَةِ .

فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : صَدَقتَ ! أما فَاتَّخِذ لِلفَقرِ جِلبابا ؛ فَإِنَّ الفَقرَ أسرَعُ إلى شيعَتِنا مِنَ السَّيلِ إلى قَرارِ الوادي .

قالَ : فَوَلَّى الرَّجُلُ وهُوَ يَبكي فَرِحا لِقَولِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام : صَدَقتَ . .


1- .الكافي : ج1 ص438 ح1 ، بصائر الدرجات : ص87 ح1 كلاهما عن صالح بن سهل و ح2 عن أبي محمّد المشهدي نحوه وراجع ح3 _ 8 .
2- .في المصدر : «طأطأ» ، والتصحيح من بحار الأنوار وبصائر الدرجات.
3- .في المصدر وبحار الأنوار : «فتشمّ» ، والتصحيح من المصدرين الآخرين . قال ابن الأثير : شامَمْتُ فلاناً إذا قارَبْتَه وتَعرَّفْتَ ما عندَه بالاختبار والكشْف ، وهي مفاعلة من الشَّمّ (النهاية : ج2 ص502) .
4- .الاختصاص : ص311 ، بصائر الدرجات : ص391 ح2 ، بحار الأنوار : ج61 ص134 ح7 وراجع كنز العمّال : ج9 ص172 ح25560 .
5- .في المصدر : «جالساً» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بصائر الدرجات وبحار الأنوار .

ص: 475

4 / 6 لقاء الخضر

* وعنه عليه السلام :قالَ : وكانَ هُناكَ رَجُلٌ مِنَ الخَوارِجِ يُحَدِّثُ صاحِبا (1) لَهُ قَريبا مِن أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَقالَ أحَدُهُما : تَاللّهِ إن رَأيتُ كَاليَومِ قَطُّ ! إنَّهُ أتاهُ رَجُلٌ فَقالَ لَهُ : إنّي اُحِبُّكَ ، فَقالَ لَهُ : صَدَقتَ . فَقالَ لَهُ الآخَرُ : ما أنكَرتَ [ مِن ] (2) ذلِكَ ! أ تَجِدُ بُدّا مِن أن إذا قيلَ لَهُ : إنّي اُحِبُّكَ ، أن يَقولَ : صَدَقتَ ؟ أ تَعلَمُ أ نّي اُحِبُّهُ ؟ فَقالَ : لا ، قالَ : فَأَنَا أقومُ فَأَقولُ لَهُ مِثلَ ما قالَ لَهُ الرَّجُلُ فَيَرُدُّ عَلَيَّ مِثلَ ما رَدَّ عَلَيهِ . قالَ : نَعَم .

فَقامَ الرَّجُلُ فَقالَ لَهُ مِثلَ مَقالَةِ الرَّجُلِ الأَوَّلِ ، فَنَظَرَ إلَيهِ مَلِيّا ثُمَّ قالَ لَهُ : كَذَبتَ ! لا وَاللّهِ ما تُحِبُّني ولا اُحِبُّكَ (3) .4 / 6لقاء الخضر* ومنه عن العبّاس يمدح النبيّ صلى الله عليه و آلهالإمام عليّ عليه السلام :دَخَلتُ الطَّوافَ في بَعضِ اللَّيلِ فَإِذا أنَا بِرَجُلٍ مُتَعَلِّقٍ بِأَستارِ الكَعبَةِ وهُوَ يَقولُ : يا مَن لا يَمنَعُهُ سَمعٌ عَن سَمعٍ ، ويا مَن لا تُغَلِّطُهُ المَسائِلُ ، ويا مَن لا يُبَرِّحُهُ (4) إلحاحُ المُلِحّينَ ، ولا مَسأَلَةُ السّائِلينَ ؛ ارزُقني بَردَ عَفوِكَ ، وحَلاوَةَ رَحمَتِكَ !

قالَ : فَقُلتُ لَهُ : يا هذَا ، أعِد عَلَيَّ ما قُلتَ . قالَ : قالَ لي : أ وَسَمِعتَهُ ؟ ! قُلتُ : نَعَم .

قالَ لي : وَالَّذي نَفسُ الخِضرِ بِيَدِهِ _ قالَ : وكانَ هُوَ الخِضرُ _ لا يَقولُها عَبدٌ خَلفَ صَلاةٍ مَكتوبَةٍ إلّا غَفَرَ اللّهُ لَهُ ذُنوبَهُ ، ولَو كانَت مِثلَ زَبَدِ البَحرِ ، ورَملِ عالِجٍ (5) ، ووَرَق

.


1- .في المصدر : «وصاحباً» بدل «يحدّث صاحباً له» ، والتصحيح من بصائر الدرجات وبحار الأنوار .
2- .الزيادة من بحار الأنوار وبصائر الدرجات .
3- .الاختصاص : ص312 ، بصائر الدرجات : ص391 ح3 كلاهما عن سعد الخفّاف ، بحار الأنوار : ج41 ص294 ح17 .
4- .بَرَّحَ به الأمرُ تبريحا : أي جَهَدَه . وبَرَّح بي : ألَحَّ عليّ بالأذى ( تاج العروس : ج4 ص10 ) . وفي المصادر الاُخرى : «لا يبرمُه » ؛ قال الفيروزآبادي : البَرَم : السَّآمَة والضَّجَر ، وأبرَمَهُ فَبَرِمَ : أمَلَّهُ فمَلَّ ( القاموس المحيط : ج4 ص78 ) .
5- .عَالِج : رمال بين فيد والقُرَيات في الحجاز ، وهي متّصلة بالثعلبيّة على طريق مكّة ، لا ماء فيها (معجم فالبلدان : ج4 ص70) .

ص: 476

* ومنه عن العبّاس يمدح النبيّ صلى الله عليه و آلهالشَّجَرِ ، وعَدَدِ النُّجومِ ، لَغَفَرَهَا اللّهُ لَهُ (1) .* وعن أبيالحسن موسى عليه السلام في أصحاب الرَّسّعنه عليه السلام :رَأَيتُ الخِضرَ عليه السلام فِي المَنامِ قَبلَ بَدرٍ بِلَيلَةٍ ، فَقُلتُ لَهُ : عَلِّمني شَيئا اُنصَرَ بِهِ عَلَى الأَعداءِ ، فَقالَ : قُل : « يا هُوَ يا مَن لا هُوَ إلّا هُوَ» . فَلَمّا أصبَحتُ قَصَصتُها عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقالَ لي : «يا عَلِيُّ ، عُلِّمتَ الاِسمَ الأَعظَمَ» . فَكانَ عَلى لِساني يَومَ بَدرٍ (2) .صلت : عن ابن مهزيار في المهديّ عليه السلام :الإمام الجواد عن آبائه عليهم السلام: أقبَلَ أميرُ المُؤمِنينَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ ذاتَ يَومٍ ومَعَهُ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ وسَلمانُ الفارِسِيُّ ، وأميرُ المُؤمِنينَ مُتَّكِئٌ عَلى يَدِ سَلمانَ رضى الله عنه ، فَدَخَلَ المَسجِدَ الحَرامَ فَجَلَسَ ، إذ أقبَلَ رَجُلٌ حَسَنُ الهَيئَةِ وَاللِّباسِ ، فَسَلَّمَ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ وجَلَسَ بَينَ يَدَيهِ وقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، أسأَلُكَ عَن ثَلاثِ مَسائِلَ . . . ثُمَّ قامَ فَمَضى ، فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ لِلحَسَنِ عليهماالسلام : يا أبا مُحَمَّدٍ ، اتَّبِعهُ فَانظُر أينَ يَقصُدُ .

قالَ : فَخَرَجتُ في أثَرِهِ ، فَما كانَ إلّا أن وَضَعَ رِجلَهُ خارِجَ المَسجِدِ حَتّى ما دَرَيتُ أينَ أخَذَ مِنَ الأَرضِ !فَرَجَعتُ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَأَعلَمتُهُ ، فَقالَ : يا أبا مُحَمَّدٍ ، تَعرِفُهُ ؟ قُلتُ : لا ، وَاللّهُ ورَسولُهُ وأميرُ المُؤمِنينَ أعلَمُ ، فَقالَ : هُوَ الخِضرُ عليه السلام (3) .* ومنه في صفته صلى الله عليه و آله :الإمام الرضا عليه السلام :لَمّا قُبِضَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله جاءَ الخِضرُ عليه السلام فَوَقَفَ عَلى بابِ البَيتِ وفيه .


1- .تاريخ دمشق : ج16 ص426 و ص425 ، البداية والنهاية : ج1 ص332 كلّها عن يزيد بن الأصمّ ، الهواتف لابن أبي الدنيا : ص55 ح62 عن محمّد بن يحيى نحوه ؛ الأمالي للمفيد : ص92 ح8 عن محمّد ابن الحنفيّة نحوه .
2- .التوحيد : ص89 ح2 عن أبي البختري عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، عدّة الداعي : ص262 عن الصدوق عن أبيه عن جدّه .
3- .الغيبة للنعماني : ص58 ح2 ، الاحتجاج : ج2 ص9 ح148 كلاهما عن داود بن القاسم الجعفري ، بحار الأنوار : ج36 ص414 ح1 .

ص: 477

* ومنه في صفته صلى الله عليه و آله :عَلِيٌّ وفاطِمَةُ وَالحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهم السلام ، ورَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله قَد سُجِّيَ (1) بِثَوبِهِ ، فَقالَ : السَّلامُ عَلَيكُم يا أهلَ بَيتِ مُحَمَّدٍ : « كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ » ، إنَّ فِي اللّهِ خَلَفاً مِن كُلِّ هالِكٍ ، وعَزاءً مِن كُلِّ مُصيبَةٍ ، ودَرَكاً مِن كُلِّ فائِتٍ ، فَتَوَكَّلوا عَلَيهِ ، وثِقوا بِهِ ، وأستَغفِرُ اللّهَ لي ولَكُم .

فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : هذَا أخِيَ الخِضرُ عليه السلام ، جاءَ يُعَزّيكُم بِنَبِيِّكُم صلى الله عليه و آله (2) .* وفي الزيارة الجامعة :التوحيد عن الأصبغ بن نباتة :لَمّا جَلَسَ عَلِيٌّ عليه السلام فِي الخِلافَةِ وبايَعَهُ النّاسُ خَرَجَ إلَى المَسجِدِ . . . فَصَعِدَ المِنبَرَ . . . ثُمَّ قالَ : يا مَعشَرَ النّاسِ ! سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني .

فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ مِن أقصَى المَسجِدِ مُتَوَكِّئاً عَلى عَصاهُ ، فَلَم يَزَل يَتَخَطَّى النّاسَ حَتّى دَنا مِنهُ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، دُلَّني عَلى عَمَلٍ أنَا إذا عَمِلتُهُ نَجّانِيَ اللّهُ مِنَ النّارِ .

قالَ لَهُ : اِسمَع يا هذَا ثُمَّ افهَم ثُمَّ استَيقِن ! قامَتِ الدُّنيا بِثَلاثَةٍ : بِعالِمٍ ناطِقٍ مُستَعمِلٍ لِعلِمِهِ ، وبِغَنِيٍّ لا يَبخَلُ بِمالِهِ عَلى أهلِ دينِ اللّهِ ، وبِفَقيرٍ صابِرٍ . فَإِذا كَتَمَ العالِمُ عِلمَهُ ، وبَخِلَ الغَنِيُّ ، ولَم يَصبِرِ الفَقيرُ ، فَعِندَهَا الوَيلُ وَالثُّبورُ ، وعِندَها يَعرِفُ العارِفونَ بِاللّهِ أنَّ الدّارَ قَد رَجَعَت إلى بَدئِها ؛ أيِ الكُفرِ بَعدَ الإيمانِ .

أيُّهَا السّائِلُ ! فَلا تَغتَرَّنَّ بِكَثرَةِ المَساجِدِ ، وجَماعَةِ أقوامٍ أجسادُهُم مُجتَمِعَةٌ وقُلوبُهُم شَتّى .

أيُّهَا السّائِلُ ! إنَّمَا النّاسُ ثَلاثَةٌ : زاهِدٌ وراغِبٌ وصابِرٌ . فَأَمَّا الزّاهِدُ فَلا يَفرَحُ بِشَيءٍ مِنَ الدُّنيا أتاهُ ، ولا يَحزَنُ عَلى شَيءٍ مِنها فاتَهُ ؛ وأَمَّا الصّابِرُ فَيَتَمَنّاها بِقَلبِهِ ، .


1- .أي غُطِّي (النهاية : ج2 ص344) .
2- .كمال الدين : ص391 ح5 عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، بحار الأنوار : ج22 ص515 ح18 وراجع الكافي : ج3 ص222 ح8 والطبقات الكبرى : ج2 ص260 وكنز العمّال : ج7 ص250 ح18785 .

ص: 478

4 / 7 التّكلّم مع الأرض
4 / 8 تسبيح الحصى في يده

* وفي الزيارة الجامعة :فَإِن أدرَكَ مِنها شَيئاً صَرَفَ عَنها نَفسَهُ لِما يَعلَمُ مِن سوءِ عاقِبَتِها ؛ وأَمَّا الرّاغِبُ فَلا يُبالي مِن حِلٍّ أصابَها أم مِن حَرامٍ .

قالَ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، فَما عَلامَةُ المُؤمِنِ في ذلِكَ الزَّمانِ ؟

قالَ : يَنظُرُ إلَى ما أوجَبَ اللّهُ عَلَيهِ مِن حَقٍّ فَيَتَوَلّاهُ ، ويَنظُرُ إلى ما خالَفَهُ فَيَتَبَرَّأُ مِنهُ وإن كانَ حَميماً قَريباً . قالَ : صَدَقتَ وَاللّهِ يا أميرَ المُؤمِنينَ !

ثُمَّ غابَ الرَّجُلُ فَلَم نَرَهُ ، فَطَلَبَهُ النّاسُ فَلَم يَجِدوهُ ، فَتَبَسَّمَ عَلِيٌّ عليه السلام عَلَى المِنبَرِ ثُمَّ قالَ : ما لَكُم ! هذَا أخِيَ الخِضرُ عليه السلام (1) .4 / 7التَّكَلَّمُ مَعَ الأَرضِصلج : في الخبر :علل الشرائع عن تميم بن جذيم :كُنّا مَعَ عَلِيّ عليه السلام حَيثُ تَوَجَّهنا إلَى البَصرةِ ، قالَ : فَبَينَما نَحنُ نُزولٌ إذا اضطَرَبَتِ الأَرضُ ، فَضَرَبَها عَلِيٌّ عليه السلام بِيَدِهِ ، ثُمَّ قالَ لَها : ما لَكِ ؟ ثُمَّ أقبَلَ عَلَينا بِوَجهِهِ ، ثُمَّ قالَ لَنا : أما إنَّها لَو كانَتِ الزِّلزِلَةُ الَّتي ذَكَرَهَا اللّهُ عَزَّ وجَلَّ في كِتابِهِ لَأَجابَتني ، ولكِنَّها لَيسَت بِتِلكَ (2) .4 / 8تَسبيحُ الحَصى في يَدِهِصلد : عن أميرالمؤمنين عليه السلام :الخرائج والجرائح عن أنس :إنَّهُ [النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله ] أخَذَ كَفّا مِنَ الحَصى فَسَبَّحنَ في يَدِهِ ، ثُمَّ صَبَّهُنَّ في يَدِ عَلِيٍّ عليه السلام فَسَبَّحَن في يَدِهِ ، حَتّى سَمِعنَا التَّسبيحَ في أيدِيهِما ! ثُمَّ صَبَّهُنَّ في أيدينا فَما سَبَّحَت (3) .

.


1- .التوحيد : ص306 ح1 .
2- .علل الشرائع : ص555 ح5 ، تأويل الآيات الظاهرة : ج2 ص836 ح3 ، بحار الأنوار : ج41 ص253 ح13 .
3- .الخرائج والجرائح : ج1 ص47 ح61 ، بحار الأنوار : ج41 ص252 ح10 .

ص: 479

4 / 9 إحياء الشّجرة اليابسة
4 / 10 إصابة المستهزئ به بالجنون

4 / 9إحياءُ الشَّجَرَةِ اليابِسَةِ* وعن عثمان الإصبهاني :إرشاد القلوب عن الحارث الأعور الهمداني :خَرَجنا مَعَ أميرِ المُؤمِنينَ حَتّى انتَهَينا إلَى العاقولِ (1) بِالكوفَةِ عَلى شاطِئِ الفُراتِ ، فَإِذا نَحنُ بِأصلِ شَجَرَةٍ ، وقَد وقَعَ أوراقُها وبَقِيَ عودُها يابِسا ، فَضَرَبَها بِيَدِهِ المُبارَكَةِ وقالَ لَها : اِرجِعي بِإِذنِ اللّهِ خَضراءَ ذاتَ ثَمَرٍ ! فَإِذا هِيَ تَخضَرُّ بِأَغصانِها مُثمِرَةً مورِقَةً وحَملُها الكُمَّثَرى الَّذي لا يُرى مِثلُهُ في فَواكِهِ الدُّنيا ! وطَعِمنا مِنهُ وتَزَوَّدنا وحَمَلنا .

فَلَمّا كانَ بَعدَ أيّامٍ عُدنا إلَيها فَإِذا بِها خَضراءُ فيهَا الكُمَّثرى ! (2)4 / 10إصابَةُ المُستَهزِئِ بِهِ بِالجُنونِصلع : عن زينب عليهاالسلام :الإرشاد عن حكيم بن جبير :شَهِدنا عَلِيّا أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام عَلَى المِنبَرِ يَقولُ : أنَا عَبدُ اللّهِ وأخو رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؛ ورِثتُ نَبِيَّ الرَّحمَةِ ، ونَكَحتُ سَيِّدَةَ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِ ، وأنَا سَيِّدُ الوَصِيّينَ ، وآخِرُ أوصِياءِ النَّبِيّينَ ، لا يَدَّعي ذلِكَ غَيري إلّا أصابَهُ اللّهُ بِسوءٍ .

فَقالَ رَجُلٌ مِن عَبسٍ كانَ جالِسا بَينَ القَومِ : مَن لا يُحسِنُ أن يَقولَ هذَا ؛ أنَا عَبدُ اللّهِ وأخو رَسولِ اللّهِ ! !

فَلَم يَبرَح مِن مَكانِهِ حَتّى تَخَبَّطَهُ الشَّيطانُ ، فَجُرَّ بِرِجلِهِ إلى بابِ المَسجِدِ ! فَسَأَلنا

.


1- .العاقُول : مَعطِف الوادي والنهر . وقيل : عاقول النهرِ والوادي والرمْلِ : ما اعوجَّ منه ، وكلّ مَعطِف وادٍ عاقولٌ (تاج العروس : ج15 ص509) .
2- .إرشاد القلوب : ص278 ، إثبات الوصيّة : ص163 ، بصائر الدرجات : ص254 ح3 وفيهما «الحرث» بدل «الحارث» ، الخرائج والجرائح : ج1 ص218 ح62 كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج41 ص248 ح1 .

ص: 480

4 / 11 قصّة الخفّ والأسود

صلع : عن زينب عليهاالسلام :قَومَه عَنهُ فَقُلنا : هَل تَعرِفونَ بِهِ عارِضا قَبلَ هذَا ؟ قالوا : اللّهُمَّ لا (1) .* وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :شرح نهج البلاغة عن حكيم بن جبير :خَطَبَ عَلِيٌّ عليه السلام فَقالَ في أثناءِ خُطبَتِهِ : أنَا عَبدُ اللّهِ وأخو رَسولِهِ ، لا يَقولُها أحَدٌ قَبلي ولا بَعدي إلّا كَذَبَ ؛ وَرِثتُ نَبِيَّ الرَّحمَةِ ، ونَكحتُ سَيِّدَةَ نِساءِ هذِهِ الاُمّةِ ، وأنَا خاتَمُ الوَصِيّينَ .

فَقالَ رَجُلُ مِن عَبسٍ : ومَن لا يُحسِنُ أن يَقولَ مِثلَ هذَا ! ! فَلَم يَرجِع إلى أهلِهِ حَتّى جُنَّ وصُرِعَ ، فَسَأَلوهُم : هَل رَأَيتُم بِهِ عَرَضا قَبلَ هذَا ؟ قالوا : ما رَأَينا بِهِ قَبلَ هذَا عَرَضا (2) .4 / 11قِصَّةُ الخُفِّ وَالأَسوَدِصلف : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :الأغاني عن المدائني :كانَ السَّيِّدُ [ الحِميَرِيُّ ] يَأتِي الأَعمَشَ فَيَكتُبُ عَنهُ فَضائِلَ عَلِيٍّ رضى الله عنه ، ويَخرُجُ مِن عِندِهِ ويَقولُ في تِلكَ المَعاني شِعرا . فَخَرَجَ ذاتَ يَومٍ مِن عِندِ بَعضِ اُمَراءِ الكوفَةِ وقَد حَمَلَهُ عَلى فَرَسٍ وخَلَعَ عَلَيهِ ، فَوَقَفَ بِالكُناسَةِ ثُمَّ قالَ :

يا مَعشَرَ الكوفِيّينَ ! مَن جاءَني مِنكُم بِفَضيلَةٍ لِعَلِيّ بنِ أبي طالِبٍ لَم أقُل فيها شِعرا أعطَيتُهُ فَرَسي هذَا وما عَلَيَّ .

فَجَعَلوا يُحَدِّثونَهُ ويُنشِدُهُم ، حَتّى أتاهُ رَجُلٌ مِنهُم وقالَ : إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ رضى الله عنه عَزَمَ عَلَى الرُّكوبِ ، فَلَبِسَ ثِيابَهُ ، وأَرادَ لُبسَ الخُفِّ فَلَبِسَ أحَدَ خُفَّيهِ ، ثُمَّ أهوى إلَى الآخَرِ لِيَأخُذَهُ ، فَانقَضَّ عُقابٌ مِنَ السَّماءِ فَحَلَّقَ بِهِ ، ثُم

.


1- .الإرشاد : ج1 ص353 ، الخرائج والجرائح : ج1 ص209 ح51 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص342 عن حكيم بن جبير وعن عقبة الهجري عن عمّته وعن أبي يحيى ، كشف الغمّة : ج1 ص284 كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج41 ص205 ح22 .
2- .شرح نهج البلاغة : ج2 ص287 ؛ بحار الأنوار : ج41 ص224 ح36 .

ص: 481

4 / 12 الإخبار بالاسم الحقيقيّ

صلف : عن النبيّ صلى الله عليه و آله :ألقاهُ ، فَسَقَطَ مِنهُ أسوَدُ (1) وَانسابَ فَدَخَلَ جُحرا ، فَلَبِسَ عَلِيٌّ رضى الله عنه الخُفَّ .

قالَ : ولَم يَكُن قالَ في ذلِكَ شَيئا ، فَفَكَّرَ هُنَيهَةً ، ثُمَّ قالَ :

ألا يا قَومُ لَلعَجَبُ العُجابُ

لِخُفِّ أبِي الحُسَينِ ولِلحُبابِ (2) أتى خُفّا لَهُ وَانسابَ فيهِ

لِيَنهَشَ رِجلَهُ مِنهُ بِنابٍ فَخَرَّ مِنَ السَّماءِ لَهُ عُقابٌ

مِنَ العُقبانِ أو شِبهُ العُقابِ فَطارَ بِهِ فَحَلَّق ثُمَّ أهوى

بِهِ لِلأَرضِ مِن دونِ السَّحابِ إلى جُحرٍ لَهُ فَانسابَ فيهِ

بَعيدِ القَعر لَم يُرتَج (3) بِبابِ كَريهُ الوَجهِ أسودُ ذو بَصيصٍ

حَديدُ النّابِ أزرَقُ ذو لُعابِ ودوفِعَ عَن أبي حَسَنٍ عَلِيٍّ

نَقيعُ سِمامِهِ بَعدَ انسِيابِ (4)4 / 12الإِخبارُ بِالاِسمِ الحَقيقِيِّ* وعن الحسين بن عليّ عليهماالسلام :شرح نهج البلاغة عن أحمد بن الحسن الميثمي :كانَ ميثَمٌ التَّمّارُ مَولى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام عَبدا لِامرَأةٍ مِن بَني أسَدٍ ، فَاشتَراهُ عَلِيٌّ عليه السلام مِنها وأَعتَقَهُ وقالَ لَهُ : مَا اسمُكَ ؟ قالَ : سالِمٌ . فَقالَ : إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أخبَرَني أنَّ اسمَكَ الَّذي سَمّاكَ بِهِ أبوكَ فِي العَجَمِ ميثَمٌ . فَقالَ : صَدَقَ اللّهُ ورَسولُهُ وصَدَقتَ يا أمير المُؤمِنينَ ! فَهُوَ وَاللّهِ اسمي . قالَ : فَارجِع إلَى اسمِكَ ودَع سالِما ، ونَحنُ نُكَنّيكَ بِهِ . فَكَنّاهُ أبا سالِمٍ (5)

.

.


1- .الأسوَدُ : أخبث الحيّات وأعظمُها وأنكاها ، وهي من الصفة الغالبة حتّى استُعمِلَ استعمالَ الأسماء وجُمعَ جمعَها ( لسان العرب : ج3 ص226) .
2- .الحُباب : الحَيَّة (النهاية : ج1 ص326) .
3- .رَتَجَ الباب : أغلقَهُ ، كأرتَجَهُ : أوثقَ إغلاقه . وبابٌ مُرتَج (تاج العروس : ج3 ص379) .
4- .الأغاني : ج7 ص276 وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص307 .
5- .شرح نهج البلاغة : ج2 ص291؛ الإرشاد: ج1 ص323، إعلام الورى: ج1 ص341 ، بحار الأنوار : ج41 ص343 ح59 .

ص: 482

4 / 13 الدّرهم البهرج والتّمر المرّ

4 / 13الدِّرهَمُ البَهرَجُ وَالتَّمرُ المُرُّ* ومنه عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام :المناقب لابن شهر آشوب :أنفَذَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ميثَمَ التَّمّارَ في أمرٍ ، فَوَقَفَ عَلى بابِ دُكّانِهِ ، فَأَتى رَجُلٌ يَشتَرِي التَّمرَ ، فَأَمَرَهُ بِوَضعِ الدِّرهَمِ ورَفعِ التَّمرِ . فَلَمَّا انصَرَفَ ميثَمُ وَجَدَ الدِّرهَمَ بَهرَجا (1) ، فَقالَ في ذلِكَ ، فَقالَ عليه السلام : فَإذا يَكونُ التَّمرُ مُرّا . فَإِذا هُوَ بِالمُشتَري رَجَعَ وقالَ : هذَا التَّمرُ مُرٌّ ! (2)راجع: ج 5 ص 273 (الجمع بين الأضداد) و ص 489 (الخصائص الحربيّة) و ج 7 ص 33 (لقاؤه في أحبّ المواطن) .

.


1- .دِرهَمٌ بَهرَجٌ : أي رديء الفضّة (مجمع البحرين : ج1 ص197) .
2- .المناقب لابن شهر آشوب : ج2 ص329 ، بحار الأنوار : ج41 ص268 ح22 .

ص: 483

الفهرس التفصيلي .

ص: 484

. .

ص: 485

. .

ص: 486

. .

ص: 487

. .

ص: 488

. .

ص: 489

. .

ص: 490

. .

ص: 491

. .

ص: 492

. .

ص: 493

. .

ص: 494

. .

ص: 495

. .

ص: 496

. .

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.