منتهی المطلب فی تحقیق المذهب المجلد 11

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

تنبيه

كنّا قد أشرنا في الأجزاء الأوّل و السابع و التاسع من هذا الكتاب إلى النسخ المعتمدة في التحقيق.و قد تمكّنّا من الحصول على نسختين أخريين أخذتا موقعهما في تحقيق هذا الجزء،و هما:

1-النسخة المحفوظة في مكتبة الوزيريّ بيزد،و المرقّمة ب 12682.فرغ محمّد عليّ بن شيخ عبّاس البلاغيّ من كتابتها سنة 1207 ه.تحتوي على كتاب الحجّ و العمرة.وقفها ملاّ محمّد إسماعيل اليزديّ العقدائيّ على طلبة العلوم الدينيّة سنة 1231 ه،ثمّ وضعت في مكتبة الوزيريّ سنة 1344 ه.و قد رمزنا لها بالحرف«د».

2-النسخة المحفوظة في المكتبة المركزيّة للآستانة الرضويّة المقدّسة،و المرقّمة ب 17841.كتبها عبد الكريم بن إبراهيم بن عليّ بن عبد العال الشهير بالميسيّ العامليّ سنة 975 ه.و قوبلت بنسخة مقابلة بنسخة المؤلّف الأصليّة.تشتمل على مباحث من الصوم و الاعتكاف و الحجّ و العمرة و الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،بيد أنّ فيها غير قليل من الاضطراب و التداخل في تسلسل المباحث،إلى جانب ما فيها من سقط كثير،لكنّها على أيّ حال لا تخلو من فائدة.و هي من موقوفات آل عصفور.

و قد رمزنا لها بالحرف«آل».

ص:5

ص:6

الحمد للّه الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرة و باطنة،و شرّفنا بأن هدانا إلى اتّباع أشرف أنبيائه و أوصيائه محمّد و آله الأئمّة المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

و من فضل اللّه تعالى علينا أن وفّقنا لإخراج جزء آخر من كتاب«منتهى المطلب في تحقيق المذهب»و هو الجزء الحادي عشر من هذه المجموعة الفقهيّة القيّمة،و نسأله سبحانه أن يواتر إحسانه علينا و يعيننا على إتمام ما بقي منها.

و حريّ بنا أن نشكر الزملاء الذين ساهموا في تحقيق هذا الجزء من أعضاء قسم الفقه،و هم السادة العلماء و الإخوة الفضلاء:

الشيخ عليّ الاعتماديّ.

الشيخ نوروز عليّ الحاج آباديّ.

الشيخ عبّاس المعلّميّ.

الشيخ محمّد عليّ الملكيّ.

الشيخ عليّ النمازيّ.

السيّد أبو الحسن الهاشميّ.

الأخ السيّد طالب الموسويّ.

الأخ عادل البدريّ.

الأخ شكر اللّه الأختري.

الأخ عليّ أصغر المولويّ.

كما يجدر بنا أيضا أن نشكر لسماحة حجّة الإسلام و المسلمين عليّ أكبر إلهيّ الخراسانيّ إشرافه على التحقيق،سائلين اللّه له و لكلّ المشاركين بهذا العمل دوام التوفيق و حسن العاقبة؛ إنّه غفور شكور.

قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلاميّة

ص:7

ص:8

تتمة كتاب الخمس في الحج و العمرة

المقصد الثالث

اشارة

في أفعال الحجّ

و فيه فصول:

ص:9

ص:10

الفصلالأوّل

اشارة

في الإحرام بالحجّ

قد ذكرنا فيما تقدّم (1)من كتابنا هذا أفعال العمرة المتمتّع بها إلى الحجّ و أحكامها،و شرحنا ذلك مستوفى.و نحن الآن نذكر أفعال حجّ التمتّع (2)بعد إحلاله من العمرة،و نبدأ بحديث ذكره الجمهور،صحيح عندهم،رواه مسلم، و أبو داود،و ابن ماجة،عن جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ نذكر بعد ذلك ما ورد من الأحاديث عندنا، و نستوفي مسائل هذا المقصد بعون اللّه تعالى فنقول:

روى الجمهور عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام،عن أبيه محمّد الباقر عليه السلام،عن جابر،و ذكر الحديث إلى أن قال:«فحلّ الناس كلّهم و قصّروا إلاّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و من كان معه هدي،فلمّا كان يوم التروية توجّهوا إلى منى،فأهلّوا بالحجّ،و ركب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء و الفجر،ثمّ مكث قليلا حتّى طلعت الشمس و أمر بقبّة من شعر تضرب له بنمرة،فسار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و لا تشكّ قريش إلاّ أنّه واقف

ص:11


1- 1يراجع:الجزء العاشر ص 118.
2- 2) ق و ع:حجّ المتمتّع،خا:الحجّ المتمتّع.

عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهليّة،فاجتاز (1)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى أتى عرفة،فوجد القبّة قد ضربت له بنمرة،فنزل بها حتّى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء (2)فرحلت له فأتى بطن الوادي،فخطب الناس و قال:إنّ دماءكم و أموالكم حرام عليكم،كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا،ألا إنّ كلّ شيء من أمر الجاهليّة تحت قدميّ موضوع،و دماء الجاهليّة موضوعة،و إنّ أوّل دم أضعه من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث (3)كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل (4)،و ربا الجاهليّة موضوع،و أوّل ربا أضع ربانا ربا عبّاس بن عبد المطّلب؛فإنّه موضوع كلّه،فاتّقوا اللّه في النساء فإنّكم أخذتموهنّ بأمانة اللّه،و استحللتم فروجهنّ بكلمة اللّه،و لكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه،فإن فعلن ذلك فاضربوهنّ ضربا غير مبرّح،و لهنّ عليكم رزقهنّ و كسوتهنّ بالمعروف،و قد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به (5):كتاب اللّه،و أنتم تسألون عنّي،فما أنتم قائلون؟قالوا:نشهد أنّك قد بلّغت و أدّيت و نصحت،فقال بإصبعه السبّابة يرفعها إلى السماء و ينكبها إلى الناس (6):اللهمّ اشهد

ص:12


1- 1د،و المصادر:فأجاز.
2- 2) القصواء:الناقة التي قطع طرف أذنها...و لم تكن ناقة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قصواء و إنّما كان هذا لقبا لها.النهاية لابن الأثير 4:75. [1]
3- 3) ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف القرشيّ الهاشميّ يكنّى أبا أروى،و هو ابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو الذي قال فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«و إنّ أوّل دم أضعه دم ربيعة بن الحارث»و ذلك أنّه قتل لربيعة في الجاهليّة ابن اسمه آدم،و قيل:تمام،مات سنة 23 ه بالمدينة في خلافة عمر. أسد الغابة 2:166،الإصابة 1:506، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 1:505. [4]
4- 4) قال في لسان العرب 11:694:...و هذيل:قبيلة.
5- 5) كثير من النسخ:إن اعتصم به،ع:ما إن تمسّكتم به.
6- 6) ينكبها:أي يميلها إليهم.النهاية لابن الأثير 5:112. [5]

ثلاث مرّات،ثمّ أذّن ثمّ أقام فصلّى الظهر،ثمّ أقام فصلّى العصر،و لم يصلّ بينهما شيئا،ثمّ ركب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى أتى الموقف،فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات،و جعل حبل المشاة بين يديه،فاستقبل القبلة،فلم يزل واقفا حتّى غربت الشمس و ذهبت الصفرة قليلا حتّى غاب القرص،و أردف أسامة خلفه، و دفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد شنق القصواء بالزمام حتّى أنّ رأسها ليصيب مورك (1)رحله،و يقول بيده اليمنى:أيّها النّاس السكينة السكينة،كلّما أتى حبلا من الحبال (2)أرخى لها قليلا حتّى تصعد،حتّى أتى المزدلفة فصلّى بها المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين،و لم يسبّح بينهما شيئا،ثمّ اضطجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى طلع الفجر،فصلّى الفجر حين تبيّن (3)له الصبح بأذان و إقامة،ثمّ ركب القصواء حتّى أتى المشعر الحرام،فاستقبل القبلة فدعا اللّه و كبّره و هلّله و وحّده،و لم يزل واقفا حتّى أسفر جدّا،فدفع قبل أن تطلع الشمس،و أردف الفضل بن عبّاس،و كان رجلا حسن الشعر أبيض و سيما،فلمّا دفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّت به ظعن (4)يجرين،فطفق الفضل ينظر إليهنّ فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يده على وجه الفضل،فحوّل الفضل وجهه إلى الشقّ الآخر ينظر،فحوّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يده من الشقّ الآخر على وجه الفضل،فصرف وجهه من الشقّ الآخر ينظر حتّى أتى بطن محسّر فحرّك قليلا،

ص:13


1- 1المورك و الموركة:المرفقة التي تكون عند قادمة الرحل،يضع الراكب رجله عليها ليستريح من وضع رجله في الركاب.النهاية لابن الأثير 5:176، [1]لسان العرب 10:511. [2]
2- 2) الحبل من الرمل:ما طال و امتدّ و اجتمع و ارتفع.المصباح المنير:119، [3]لسان العرب 11:137، [4]النهاية لابن الأثير 1:333. [5]
3- 3) أكثر النسخ:حتى تبيّن.
4- 4) الظّعن:النّساء،واحدتها:ظعينة،و أصل الظّعينة:الرّاحلة التي يرحل و يظعن عليها:أي يسار.و قيل للمرأة ظعينة،لأنّها تظعن مع الزوج حيثما ظعن،أو لأنّها تحمل على الراحلة إذا ظعنت،و قيل الظعينة: المرأة في الهودج.ثمّ قيل للهودج بلا امرأة،و للمرأة بلا هودج:ظعينة.النهاية لابن الأثير 3:157. [6]

ثمّ سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى[حتّى أتى الجمرة] (1)التي عند الشجرة فرماها سبع حصيات،يكبّر مع كلّ حصاة منها مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي،ثمّ انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا و ستّين بدنة[بيده] (2)،ثمّ أعطى عليّا عليه السلام فنحر ما غبر و أشركه في هديه،ثمّ أمر من كلّ بدنة ببضعة فوضعت (3)في قدر فطبخت،فأكلا من لحمها و شربا من مرقها،ثمّ ركب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأفاض إلى البيت فصلّى بمكّة الظهر،فأتى بني عبد المطّلب و هم يسقون على زمزم فقال:انزعوا بني عبد المطّلب،فلو لا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم،فناولوه دلوا شرب منه» (4)قال عطاء:كان منزل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمنى بالخيف (5).

مسألة:و إذا فرغ من أفعال العمرة و قصّر،فقد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه

على ما بيّنّاه

(6).

إذا عرفت هذا:فنقول:إنّه يجب عليه بعد ذلك الإتيان بالحجّ.

و صفته:أن يحرم بالحجّ من مكّة،ثمّ يمضي إلى عرفات فيقف بها إلى غروب الشمس من يوم عرفة،ثمّ يفيض إلى المشعر فيقف به بعد طلوع الفجر،ثمّ يفيض إلى منى فيحلق بها يوم النحر و يذبح هدية و يرمي جمرة العقبة،ثمّ إن شاء أتى مكّة ليومه أو لغده،فطاف (7)طواف الزيارة و صلّى ركعتيه و سعى للحجّ،و طاف طواف

ص:14


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) في المصادر:فجعلت.
4- 4) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1022-1027 الحديث 3074.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:429.
6- 6) يراجع:الجزء العاشر ص 119.
7- 7) ع:و طاف.

النساء و صلّى ركعتيه،ثمّ عاد إلى منى لرمي ما تخلّف من الجمار،و إن شاء أقام بمنى يرمي جماره الثلاث يوم الحادي عشر،و مثله يوم الثاني عشر،ثمّ ينفر بعد الزوال،و إن شاء أقام إلى النفر الثاني،و عاد إلى مكّة للطوافين و السعي،فهذه صفة الحجّ للمتمتّع،و نحن نذكر حكما حكما في فصل فصل إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و يستحبّ أن يكون إحرامه بالحجّ يوم التروية

،و هو الثامن من ذي الحجّة،و سمّي بذلك؛لأنّه لم يكن بعرفات ماء،و كانوا يستقون (1)من مكّة من الماء ريّهم (2)،و كان يقول بعضهم لبعض:تروّيتم تروّيتم،فسمّي يوم التروية لذلك.

ذكره ابن بابويه (3)و الجمهور،و نقل الجمهور أيضا وجها آخر:و هو أنّ إبراهيم عليه السلام رأى في تلك الليلة التي رأى فيها ذبح الولد رؤياه،فأصبح يروّي في نفسه أ هو حلم أم من اللّه تعالى؟فسمّي يوم التروية،فلمّا كانت ليلة عرفة رأى ذلك أيضا،فعرف أنّه من اللّه تعالى،فسمّي يوم عرفة (4).

إذا ثبت هذا:فإنّه يستحبّ للمتمتّع إذا أحلّ من عمرته أن يحرم بالحجّ يوم التروية،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الجمهور عن جابر:فلمّا كان يوم التروية توجّهوا إلى منى،فأهلّوا بالحجّ (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن

ص:15


1- 1كثير من النسخ:يسقون.
2- 2) ع:لريّهم.
3- 3) الفقيه 2:127 الحديث 546،علل الشرائع:435 الحديث 1. [1]
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:429،المجموع 8:81، [2]عمدة القارئ 9:296،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:357.
5- 5) صحيح مسلم 2:889 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905، [3]سنن ابن ماجة 2: 1024 الحديث 3074.

أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه فاغتسل،ثمّ البس ثوبيك و ادخل المسجد حافيا،و عليك السكينة و الوقار،ثمّ صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحجر،ثمّ اقعد حتّى تزول الشمس فصلّ المكتوبة،ثمّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة،فأحرم بالحجّ،ثمّ امض و عليك السكينة و الوقار،فإذا انتهيت إلى الرقطاء (1)دون الردم (2)فلبّ،فإذا انتهيت إلى الردم و أشرفت على الأبطح (3)فارفع صوتك بالتلبية حتّى تأتي منى» (4).

و عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:متى ألبّي بالحجّ؟قال:«إذا خرجت إلى منى»ثمّ قال:«إذا جعلت شعب الدبّ (5)عن يمينك،و العقبة عن (6)يسارك،فلبّ بالحجّ» (7).

أمّا المكّيّ،فذهب مالك إلى أنّه يستحبّ أن يهلّ بالحجّ من المسجد لهلال

ص:16


1- 1الرقطاء:موضع دون الردم و يسمّى مدعا،و مدعى الأقوام مجتمع قبائلهم.مجمع البحرين 4:249. [1]
2- 2) الردم:بمكّة،و هو حاجز يمنع السيل عن البيت المحرّم و يعبّر عنه الآن بالمدعى.المصباح المنير:225، مجمع البحرين 6:71. [2]
3- 3) الأبطح:مسيل وادي مكّة و هو مسيل واسع فيه دقاق الحصى أوّله عند منقطع الشعب بين وادي منى و آخره متّصل بالمقبرة التي تسمّى بالمعلى عند أهل مكّة.النهاية لابن الأثير 1:134، [3]مجمع البحرين 2: 343. [4]
4- 4) التهذيب 5:167 الحديث 557،الاستبصار 2:251 الحديث 883،الوسائل 9:71 [5] الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 1 و ج 10:2 الباب 1 من أبواب إحرام الحجّ الحديث 1.
5- 5) شعب الدبّ:في طريق الخارج إلى منى و لعلّه عين شعب أبي دبّ الذي يقال:إنّ به قبر آمنة بنت وهب أمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. معجم البلدان 3:347، [6]مراصد الاطّلاع 2:800.
6- 6) في التهذيب و الوسائل: [7]على.
7- 7) التهذيب 5:167 الحديث 558،الاستبصار 2:252 الحديث 884 و فيه:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام،الوسائل 9:63 الباب 46 من أبواب الإحرام الحديث 5. [8]

ذي الحجّة (1).

و روي عن ابن عمر،و ابن عبّاس،و طاوس،و سعيد بن جبير استحباب إحرامه يوم التروية أيضا (2).و هو قول أحمد (3)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالإهلال يوم التروية (4).

و لأنّه ميقات للإحرام،فاستوى فيه أهل مكّة و غيرهم،كميقات المكان.

و لا خلاف أنّه لو أحرم المتمتّع بحجّة (5)أو المكّيّ قبل ذلك في أيّام الحجّ،فإنّه يجزئه.

مسألة:و يحرم من مكّة،و الأفضل أن يكون من تحت الميزاب

،و يجوز أن يحرم من أيّ موضع شاء من مكّة،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«حتّى أهل مكّة يهلّون منها» (6)

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن صفوان،عن أبي أحمد عمرو بن حريث الصيرفيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:من أين أهلّ بالحجّ؟فقال:

«إن شئت من رحلك،و إن شئت من الكعبة،و إن شئت من الطريق» (7).

ص:17


1- 1الموطّأ 1:339-340، [1]المدوّنة الكبرى 1:369،بداية المجتهد 1:325،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:258.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 3:430،المجموع 7:181.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:430،الكافي لابن قدامة 1:595،الإنصاف 4:25، [2]زاد المستقنع:33.
4- 4) صحيح مسلم 2:889 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1024 الحديث 3074.
5- 5) ع:بالحجّ.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:165،صحيح مسلم 2:838 الحديث 1181،سنن أبي داود 2:143 الحديث 1738، [3]سنن النسائيّ 5:125-126،سنن الدارميّ 2:30،سنن الدار قطنيّ 2:237-238 الحديث 8، سنن البيهقيّ 5:29.
7- 7) التهذيب 5:166 الحديث 555،الوسائل 8:246 الباب 21 من أبواب المواقيت الحديث 2. [4]

و عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام،من أيّ المسجد أحرم يوم التروية؟فقال:«من أيّ المسجد شئت» (1).

و دلّ على استحباب ما قلناه قول أبي عبد اللّه عليه السلام:«ثمّ صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحجر،ثمّ اقعد حتّى تزول الشمس فصلّ المكتوبة، ثمّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فأحرم بالحجّ» (2)الحديث.

مسألة:و يستحبّ له أن يفعل هنا كما فعل في إحرام العمرة من الطلي

و الاغتسال و التنظيف

بإزالة الشعر و الدعاء و الاشتراط؛لما تقدّم من الأحاديث (3).

و أمّا رواية أيّوب بن الحرّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:إنّا قد أطلينا و نتفنا و قلّمنا أظفارنا بالمدينة فما نصنع عند الحجّ؟فقال:«لا تطل و لا تنتف و لا تحرّك شيئا» (4).فإنّها محمولة على من كانت حجّته مفردة دون المتمتّع؛لأنّ المفرد لا يجوز له شيء من ذلك حتّى يفرغ من مناسكه يوم النحر،و ليس في الخبر:إنّا قد فعلنا ذلك و نحن متمتّعون غير مفردين،قاله الشيخ رحمه اللّه (5).

مسألة:و يستحبّ أن يكون إحرامه عند الزوال يوم التروية

بعد أن يصلّي الفرضين (6)؛لما تقدّم في حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام (7).

و يجوز أن يحرم بقيّة نهاره أو أيّ وقت شاء بعد أن يعلم أنّه يلحق عرفات،ثمّ

ص:18


1- 1التهذيب 5:166 الحديث 556،الوسائل 8:246 الباب 21 من أبواب المواقيت الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:167 الحديث 557،الوسائل 9:71 الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) يراجع:الجزء العاشر ص 198.
4- 4) التهذيب 5:168 الحديث 560،الاستبصار 2:251 الحديث 882،الوسائل 9:10 الباب 7 من أبواب الإحرام الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:168.
6- 6) ع:الفريضتين.
7- 7) يراجع:ص 15.

يفعل ما فعل عند الإحرام الأوّل من الغسل و التنظيف و أخذ الشارب و قلم الأظفار و غير ذلك،ثمّ يلبس ثوبي إحرامه و يدخل المسجد حافيا عليه (1)السكينة و الوقار،و يصلّي ركعتين عند المقام أو في الحجر،و إن صلّى ستّ ركعات، كان أفضل.

و إن صلّى فريضة الظهر و أحرم عقيبها،كان أفضل،فإذا صلّى ركعتي الإحرام، أحرم بالحجّ مفردا،و يدعو بما دعا به عند الإحرام الأوّل،غير أنّه يذكر الحجّ مفردا؛لأنّ عمرته قد مضت.

و يلبّي إن كان ماشيا من موضعه الذي صلّى فيه،و إن كان راكبا،فإذا نهض به بعيره،فإذا انتهى إلى الرّدم و أشرف على الأبطح،رفع صوته بالتلبية؛لقول الصادق عليه السلام في حديث معاوية بن عمّار الصحيح:«فإذا انتهيت إلى الرقطاء دون الرّدم فلبّ،فإذا انتهيت إلى الرّدم و أشرفت على الأبطح،فارفع صوتك بالتلبية حتّى تأتي منى» (2).

و في حديث أبي بصير:«ثمّ تلبّي من المسجد الحرام» (3).

و في رواية زرارة عن الباقر عليه السلام:«إذا جعلت شعب الدبّ عن يمينك و العقبة عن يسارك فلبّ بالحجّ» (4).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هذه الروايات غير متنافية؛لأنّ رواية أبي بصير

ص:19


1- 1ع و ح:على.
2- 2) التهذيب 5:167 الحديث 557،الاستبصار 2:251 الحديث 883،الوسائل 9:71 الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:168 الحديث 559،الاستبصار 2:252 الحديث 885،الوسائل 9:71 الباب 52 من أبواب الإحرام الحديث 2. [2]
4- 4) الكافي 4:455 الحديث 6، [3]التهذيب 5:167 الحديث 558،الاستبصار 2:252 الحديث 884 و فيه: عن أبي عبد اللّه عليه السلام،الوسائل 9:63 الباب 46 من أبواب الإحرام الحديث 5. [4]

للماشي و الأخرى (1)للراكب (2)؛لما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«إذا كان يوم التروية فاصنع كما صنعت بالشجرة،ثمّ صلّ ركعتين خلف المقام، ثمّ أهلّ بالحجّ،فإن كنت ماشيا فلبّ عند المقام،و إن كنت راكبا فإذا نهض بك بعيرك،و صلّ الظهر إن قدرت بمنى،و اعلم أنّه واسع لك أن تحرم في دبر فريضة أو دبر نافلة أو ليل أو نهار» (3).

مسألة:و لا يسنّ له الطواف بعد إحرامه

.و به قال ابن عبّاس،و هو مذهب عطاء، و مالك،و إسحاق،و أحمد (4).

و لو فعل ذلك لغير عذر،لم يجزئه عن طواف الحجّ،و كذا السعي.أمّا لو حصل عذر،مثل مرض أو خوف حيض،فإنّه يجوز الطواف قبل المضيّ إلى عرفات.

و قال الشافعيّ:يجوز مطلقا (5).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه أن يهلّوا بالحجّ إذا خرجوا إلى منى (6).

و قالت عائشة:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فطاف الذين أهلّوا بالعمرة (7)بالبيت،و بين الصفا و المروة،ثمّ حلّوا ثمّ طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا

ص:20


1- 1أكثر النسخ:و الأخير.
2- 2) التهذيب 5:168،الاستبصار 2:252.
3- 3) التهذيب 5:169 الحديث 561،الاستبصار 2:252 الحديث 886،الوسائل 9:63 الباب 46 من أبواب الإحرام الحديث 2. [1]
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:431.
5- 5) الأمّ 2:170،المجموع 8:61 و 84.
6- 6) صحيح مسلم 2:882 الحديث 1214 و ص 889 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905، [2]سنن ابن ماجة 2:1024 الحديث 3074،سنن البيهقيّ 4:356.
7- 7) كثير من النسخ:بعمرة.

من منى لحجّهم (1).و لو شرع لهم الطواف قبل الخروج،لم يتّفقوا على تركه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،قال:سألته عن الرجل يأتي المسجد[الحرام و قد أزمع بالحجّ] (2)يطوف بالبيت؟قال:«نعم،ما لم يحرم» (3).

و عن عبد الحميد بن سعيد (4)،عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام،قال:سألته عن رجل أحرم يوم التروية من عند المقام بالحجّ،ثمّ طاف بالبيت بعد إحرامه [و هو لا يرى أنّ ذلك لا ينبغي،أ ينقض طوافه بالبيت إحرامه؟] (5)فقال:«لا،و لكن يمضي على إحرامه» (6).و قد تقدّم البحث في ذلك.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجب أن يحرم بالحجّ ؛لأنّ ذمّته قد برئت من العمرة

و بقيت مشغولة بالحجّ،فيحرم به

(7)

.

و لو سها فأحرم بالعمرة و هو يريد الحجّ،لم يكن عليه شيء،رواه الشيخ-في

ص:21


1- 1صحيح البخاريّ 2:172،صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:153 الحديث 1781، [1]سنن النسائيّ 5:165،سنن البيهقيّ 5:105.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التهذيب 5:169 الحديث 563،الوسائل 9:496 الباب 83 من أبواب الطواف الحديث 4. [2]
4- 4) عبد الحميد بن سعيد،عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الكاظم عليه السلام بقوله:عبد الحميد بن سعيد روى عنه صفوان بن يحيى،و أخرى من أصحاب الرضا عليه السلام في موضعين،قال الأردبيليّ: و الظاهر اتّحاده مع عبد الحميد بن سعد بقرينة الراوي و المرويّ عنه،و قال المامقانيّ:إنّ ظاهر الشيخ التعدّد...إلى أن قال:و ظاهر كلام الشيخ كونه إماميّا و رواية صفوان عنه تكشف عن وثاقته.و قال السيّد الخوئيّ:فإن كان رواية صفوان عن شخص دليلا على وثاقته فكلاهما ثقة و إلاّ-كما هو الصحيح-لم يعمل معهما معاملة الثقة اتّحد أم تعدّدا.رجال الطوسيّ:355،379،383،جامع الرواة 1:440، [3]تنقيح المقال 2:136، [4]معجم رجال الحديث 9:287. [5]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 5:169 الحديث 564،الوسائل 9:497 الباب 83 من أبواب الطواف الحديث 6. [6]
7- 7) يراجع:ص 14. [7]

الصحيح-عن عليّ بن جعفر،قال:سألت أخي موسى بن جعفر عليه السلام عن رجل دخل قبل التروية بيوم،فأراد الإحرام بالحجّ،فأخطأ،فقال:العمرة،قال:

«ليس عليه شيء،فليعمد (1)الإحرام بالحجّ» (2).

مسألة:و لو نسي الإحرام يوم التروية بالحجّ حتّى حصل بعرفات،فليحرم من

هناك

،فإن لم يذكر حتّى يرجع إلى بلده،فقد تمّ حجّه و لا شيء عليه،قاله الشيخ (3)؛ لأنّه ناس فيكون معذورا؛لقوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان» (4).

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن رجل نسي الإحرام بالحجّ،فذكره و هو بعرفات ما حاله؟قال:«يقول:اللهمّ على كتابك و سنّة نبيّك فقد تمّ إحرامه،فإن جهل أن يحرم يوم التروية بالحجّ حتّى رجع إلى بلده إن كان قضى مناسكه كلّها،فقد تمّ حجّه» (5).

ص:22


1- 1خاوق:فليعد،كما في التهذيب و نسخة من الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 5:169 الحديث 562،الوسائل 9:72 الباب 53 من أبواب الإحرام الحديث 1. [2]
3- 3) النهاية:248، [3]المبسوط 1:365. [4]
4- 4) سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84 و ج 7:357،كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،مجمع الزوائد 6:250،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24،و من طريق الخاصّة،ينظر:عوالي اللآلئ 1:232 الحديث 131، [5]الوسائل 4:1284 [6] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2 و ج 5: 345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2.
5- 5) التهذيب 5:175 الحديث 586،الوسائل 8:239 الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث 8. [7]

الفصل الثاني

اشارة

في الوقوف بعرفات و مباحثه ثلاثة

(1)

البحثالأوّل
اشارة

يستحبّ لمن أراد الخروج إلى منى أن لا يخرج من مكّة حتّى يصلّي الظهرين

يوم التروية بها

،ثمّ يخرج إلى منى،إلاّ الإمام خاصّة،فإنّه يستحبّ له أن يصلّي الظهر و العصر بمنى يوم التروية،و يقيم بها إلى طلوع الشمس.

و أطبق الجمهور كافّة على استحباب الخروج للإمام و غيره من مكّة قبل الظهر، و أن يصلّوا بمنى الظهرين يوم التروية.

لنا:أنّه يستحبّ الإحرام عقيب الظهر يوم التروية على ما بيّنّا (2)بمكّة،و لا يتمّ ذلك إلاّ باستحباب صلاة الظهرين بمكّة.

و ما رواه الجمهور عن ابن الزبير أنّه صلّى بمكّة.

و عن عائشة أنّها تخلّفت ليلة التروية حتّى ذهب ثلثا الليل (3).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من حديث معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام-الصحيح-أنّه يصلّي الظهر بمكّة (4).

ص:23


1- 1ج:و فيه مباحث.
2- 2) يراجع:ص 18.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:432،المجموع 8:92،عمدة القارئ 9:297.
4- 4) يراجع:ص 16.

و ما رواه-في الصحيح-عن عليّ بن يقطين،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذي يريد أن يتقدّم فيه الذي ليس له وقت أقلّ (1)منه،قال:«إذا زالت الشمس»و عن الذي يريد أن يتخلّف بمكّة عشيّة التروية إلى أيّة ساعة يسعه أن يتخلّف؟قال:«ذلك واسع (2)له حتّى يصبح بمنى» (3).

و في حديث رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته هل يخرج النّاس إلى منى غدوة؟قال:«نعم» (4).و هو محمول عندي على جواز ذلك؛إذ لا ينافي استحباب التأخير إلى الزوال جواز التقديم (5)غدوة.

أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فحمله على صاحب الأعذار،فإنّه يجوز له أن يتقدّم الناس (6).

إذا ثبت هذا:فإنّه يستحبّ للإمام أن يتقدّم على هذا الوقت،و أن يصلّي الظهر يوم التروية بمنى؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا ينبغي للإمام أن يصلّي الظهر يوم التروية إلاّ بمنى و يبيت بها إلى طلوع الشمس» (7).

و في الصحيح عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا ينبغي

ص:24


1- 1في المصادر:أوّل،مكان:أقلّ.
2- 2) في التهذيب و الوسائل: [1]موسّع،و في الاستبصار:أوسع.
3- 3) التهذيب 5:175 الحديث 587،الاستبصار 2:252 الحديث 887،الوسائل 10:3 الباب 2 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [2]
4- 4) الكافي 4:460 الحديث 3، [3]التهذيب 5:176 الحديث 588،الاستبصار 2:253 الحديث 888، الوسائل 10:4 الباب 3 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [4]
5- 5) أكثر النسخ:التقدّم.
6- 6) التهذيب 5:176،الاستبصار 2:253.
7- 7) التهذيب 5:176 الحديث 591،الاستبصار 2:253 الحديث 891،الوسائل 10:5 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [5]

للإمام أن يصلّي الظهر إلاّ بمنى يوم التروية،و يبيت بها و يصبح بها حتّى تطلع الشمس و يخرج» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«على الإمام أن يصلّي الظهر يوم التروية بمسجد الخيف،و يصلّي الظهر يوم النفر في المسجد الحرام» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام هل صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الظهر بمنى يوم التروية؟قال:«نعم،و الغداة بمنى يوم عرفة» (3).

إذا عرفت هذا:فهذا التوظيف للإمام و غيره على سبيل الندب،و قد يأتي في كلام الشيخ-رحمه اللّه-أنّه لا يجوز الخروج إلى منى قبل الزوال يوم التروية مع الاختيار،و لأنّ الإمام لا يجوز أن يصلّي الظهر و العصر يوم التروية إلاّ بمنى، و مراده شدّة الاستحباب.

مسألة:و يجوز للشيخ الكبير و المريض و المرأة و من يخاف الزحام،المبادرة

إلى الخروج قبل الظهر

بيوم أو يومين أو ثلاثة؛للضرورة.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يكون شيخا كبيرا أو مريضا يخاف ضغاط الناس و زحامهم،يحرم بالحجّ و يخرج إلى منى قبل يوم التروية؟قال:«نعم»قلت:

ص:25


1- 1التهذيب 5:177 الحديث 592،الاستبصار 2:254 الحديث 892،الوسائل 10:5 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:177 الحديث 593،الاستبصار 2:254 الحديث 893،الوسائل 10:5 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 5:177 الحديث 594،الوسائل 10:6 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [3]

فيخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا أو يتروّح بذلك؟قال:«لا»قلت:يتعجّل بيوم؟قال:«نعم»،قلت:يتعجّل بيومين؟قال:«نعم»،قلت:ثلاثة؟قال:«نعم»، قلت:أكثر من ذلك؟قال:«لا» (1).

و عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن بعض أصحابه،قال:قلت لأبي الحسن عليه السلام:يتعجّل الرجل قبل التروية بيوم أو يومين من أجل الزحام و ضغاط الناس؟قال:«لا بأس» (2).

مسألة:و يستحبّ له عند التوجّه إلى منى الدعاء

بما رواه الشيخ-في الحسن- عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا توجّهت إلى منى فقل:

اللهمّ إيّاك أرجو و إيّاك أدعو،فبلّغني أملي و أصلح لي عملي» (3).

و يستحبّ له إذا نزل منى أن يدعو بما رواه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا انتهيت إلى منى فقل:اللهمّ هذه منى، و هي ممّا مننت به علينا من المناسك،فأسألك أن تمنّ عليّ بما مننت به على أنبيائك،فإنّما أنا عبدك و في قبضتك،ثمّ تصلّي بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر،و الإمام يصلّي بها الظهر لا يسعه إلاّ ذلك،و موسّع لك (4)أن تصلّي بغيرها إن لم تقدر،ثمّ تدركهم بعرفات»قال:«و حدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر» (5).

ص:26


1- 1التهذيب 5:176 الحديث 589،الاستبصار 2:253 الحديث 889،الوسائل 10:4 الباب 3 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:176 الحديث 590،الاستبصار 2:253 الحديث 890،الوسائل 10:5 الباب 3 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 5:177 الحديث 595،الوسائل 10:7 الباب 6 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [3]
4- 4) ج:عليك.
5- 5) التهذيب 5:177 الحديث 596،الوسائل 10:6 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 5 و [4]ص 7 الباب 6 الحديث 2.
فروع:
الأوّل:لو صادف يوم التروية يوم جمعة

،فمن أقام بمكّة حتّى تزول الشمس ممّن تجب عليه الجمعة،لم يجز له الخروج حتّى يصلّي الجمعة؛لأنّها فرض، و الخروج في هذا الوقت ندب،أمّا قبل الزوال فإنّه يجوز له الخروج،و هو أحد قولي الشافعيّ،و في الآخر:لا يجوز (1).

لنا:أنّ الجمعة الآن غير واجبة،و قد مضى البحث في ذلك (2).

الثاني:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يستحبّ للإمام أن يخطب أربعة أيّام من ذي

الحجّة

:يوم السابع منه،و يوم عرفة،و يوم النحر بمنى،و يوم النفر الأوّل يعلم الناس ما يجب عليهم فعله من مناسكهم (3).روى جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى الظهر بمكّة يوم السابع و خطب (4).

الثالث:الخطبة بعرفة يوم عرفة قبل الأذان

،و به قال الشافعيّ (5).

و قال أبو حنيفة:بعده (6).

لنا:حديث جابر،فإنّه قال:فخطب الناس ثمّ أذّن بلال و أقام (7).و هذا نصّ في الباب.

الرابع:المبيت ليلة عرفة بمنى للاستراحة

،و ليس بنسك و لا يجب بتركه شيء.

ص:27


1- 1المجموع 8:84،فتح العزيز بهامش المجموع 7:353،مغني المحتاج 1:495-496.
2- 2) يراجع:الجزء الخامس ص 458.
3- 3) المبسوط 1:365. [1]
4- 4) روي قريب منه عن ابن عمر،و بمضمونه عن جابر في سنن البيهقيّ 5:111.
5- 5) الأمّ 2:212،حلية العلماء 3:337،المهذّب للشيرازيّ 1:225،المجموع 8:91،فتح العزيز بهامش المجموع 7:353-354،مغني المحتاج 1:496.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:53،تحفة الفقهاء 1:404،بدائع الصنائع 2:151،الهداية للمرغينانيّ 1: 143،شرح فتح القدير 2:369-370،مجمع الأنهر 1:274،275،عمدة القارئ 9:303.
7- 7) سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905، [2]سنن الدارميّ 2:48،سنن البيهقيّ 5:114.
مسألة:و يستحبّ المبيت بمنى ليلة عرفة إلى طلوع الفجر من يوم عرفة

، و يكره الخروج قبل الفجر إلاّ لضرورة (1)،كالمريض و الخائف؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله:«ثمّ تصلّي بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر» (2).

إذا عرفت هذا:فالأفضل له أن يصبر حتّى تطلع الشمس،فلو خرج قبل طلوعها بعد طلوع الفجر،جاز ذلك،لكن ينبغي له أن لا يجوز وادي محسّر إلاّ بعد طلوع الشمس.رواه الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس» (3).

أمّا الإمام فلا يخرج من منى إلاّ بعد طلوع الشمس.رواه الشيخ عن أبي إسحاق،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ من السنّة أن لا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتّى تطلع الشمس» (4).

مسألة:و يجوز للمعذور-كالمريض و الخائف من الزحام و الماشي-الخروج

قبل أن يطلع الفجر

و يصلّي الفجر في الطريق؛للضرورة.رواه الشيخ عن عبد الحميد الطائيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا مشاة فكيف نصنع؟قال:«أمّا أصحاب الرحال فكانوا يصلّون الغداة بمنى،و أمّا أنتم فامضوا حيث تصلّون في الطريق» (5).

ص:28


1- 1ع:للضرورة.
2- 2) التهذيب 5:177 الحديث 596،الوسائل 10:6 الباب 4 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 5:178 الحديث 597،الوسائل 10:8 الباب 7 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [2]
4- 4) التهذيب 5:178 الحديث 598،الوسائل 10:8 الباب 7 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2.و [3]فيه:عن إسحاق بن عمّار.
5- 5) التهذيب 5:179 الحديث 599،الوسائل 10:8 الباب 7 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [4]
مسألة:و يستحبّ له أن يدعو عند الخروج إلى عرفات

بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا غدوت إلى عرفة فقل و أنت متوجّه إليها:اللهمّ إليك صمدت،و إيّاك اعتمدت و وجهك أردت، أسألك أن تبارك لي في رحلي (1)،و أن تقضي لي حاجتي،و أن تجعلني ممّن تباهي به اليوم من هو أفضل منّي،ثمّ تلبّي و أنت غاد إلى عرفات،فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباءك بنمرة-و هي بطن عرنة دون الموقف و دون عرفة-فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين،فإنّما تعجّل العصر و تجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء،فإنّه يوم دعاء و مسألة»قال:«و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة و نمرة إلى ذي المجاز،و خلف الجبل موقف» (2).

ص:29


1- 1في المصادر:رحلتي.
2- 2) التهذيب 5:179 الحديث 600،الوسائل 10:9 الباب 8 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1 و [1]الباب 9 الحديث 1 و ص 10 الباب 10 الحديث 1.
البحث الثاني
اشارة

في الكيفيّة

مسألة:يستحبّ الاغتسال للوقوف بعرفة

؛لأنّها عبادة فشرّع لها الاغتسال، كالإحرام.

و يدلّ عليه:ما تقدّم في حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

و كان ابن مسعود يفعله (2).

و رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام (3)،و به قال الشافعيّ (4)،و إسحاق، و أبو ثور،و أحمد،و ابن المنذر (5)؛لأنّها مجمع للناس فاستحبّ الاغتسال لها، كالعيد و الجمعة.

مسألة:و يجب فيه النيّة

،خلافا للجمهور.

ص:30


1- 1يراجع:ص 29.
2- 2) المغني 3:436،الشرح الكبير بهامش المغني 3:435.
3- 3) المغني 3:436،الشرح الكبير بهامش المغني 3:435.
4- 4) الأمّ 2:146،المهذّب للشيرازيّ 1:225،المجموع 8:110،فتح العزيز بهامش المجموع 7:243، مغني المحتاج 1:496،المغني 3:436،الشرح الكبير بهامش المغني 3:435.
5- 5) المغني 3:436،الشرح الكبير بهامش المغني 3:435.

لنا:قوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ (1).و الوقوف عبادة.

و لأنّه عمل،فيفتقر إلى النيّة؛لقوله عليه السلام:«الأعمال بالنيّات،و إنّما لكلّ امرئ ما نوى» (2).

«و لا عمل إلاّ بنيّة» (3)إلى غير ذلك من الأدلّة الدالّة على وجوب النيّة في العبادات.

و لأنّ الواجب إيقاعها على جهة الطاعة،و هو إنّما يتحقّق بالنيّة.و يجب فيها نيّة الوجوب و التقرّب إلى اللّه تعالى.

مسألة:و يجب الكون بعرفة إلى غروب الشمس من يوم عرفة

،و هو وفاق.

روى الجمهور في حديث جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفة حتّى غابت الشمس (4).

و في حديث عليّ عليه السلام و أسامة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دفع حين غربت الشمس (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن

ص:31


1- 1البيّنة(98):5. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:2 و 21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، [2]سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647،سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 1:58،مسند أحمد 1:25،سنن الدارقطنيّ 1:50 الحديث 1،سنن البيهقيّ 7:341 و ج 4:112،و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 1:83 الحديث 218 و ج 4:186 الحديث 519،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 7 و 10 و [3]ج 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 12.
3- 3) الكافي 2:84 الحديث 1، [4]التهذيب 4:186 الحديث 520،الوسائل 1:33 الباب 5 [5] من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 1 و ج 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 13.
4- 4) صحيح مسلم 2:886-892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182-186 الحديث 1905، [6]سنن الدارميّ 2:44-49.
5- 5) سنن أبي داود 2:190 الحديث 1922،سنن الترمذيّ 3:232 الحديث 885، [7]مسند أحمد 5:202، [8]كنز العمّال 5:198 الحديث 12597.

أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب الشمس، فخالفهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأفاض بعد غروب الشمس» (1).

و عن يونس بن يعقوب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:متى تفيض من عرفات؟فقال:«إذا ذهبت الحمرة من هاهنا»و أشار بيده إلى المشرق و إلى مطلع الشمس (2).

مسألة:و كيف ما حصل بعرفة،أجزأه قائما و جالسا و راكبا و مجتازا

،لكنّ الوقوف قائما أفضل منه راكبا،اختاره الشيخ-رحمه اللّه- (3)،و الشافعيّ في أحد القولين،و قال في الآخر:الركوب أفضل (4)،و به قال أحمد (5).

لنا:أنّ القيام أشقّ،فيكون أفضل؛لقوله عليه السلام:«أفضل الأعمال أحمزها» (6).و لأنّه أخفّ على الراحلة.

احتجّ الشافعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف راكبا،و لأنّه أمكن له و أعون على الدعاء (7).

و الجواب:يحتمل أنّه عليه السلام فعل ذلك ليبيّن به جواز الوقوف راكبا،فإنّه

ص:32


1- 1التهذيب 5:186 الحديث 619،الوسائل 10:29 الباب 22 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:186 الحديث 618،الوسائل 10:29 الباب 22 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [2]
3- 3) المبسوط 1:367،الخلاف 1:453 مسألة-155.
4- 4) الأمّ 2:212،حلية العلماء 3:339،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:94،111،فتح العزيز بهامش المجموع 7:358،الميزان الكبرى 2:50،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:159.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:436،الكافي لابن قدامة 1:597،الإنصاف 4:28،زاد المستقنع:33.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:25،بدائع الصنائع 1:294،النهاية لابن الأثير 1:440، [3]مجمع البحرين 4: 16. [4]
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:94،111،فتح العزيز بهامش المجموع 7:358،الميزان الكبرى 2:51.

عليه السلام لو وقف قائما،توهّم الوجوب خصوصا مع أنّهم كانوا إلى أفعاله أطوع من أقواله،و هذا كما يقول:إنّه عليه السلام طاف راكبا،و مع ذلك فلا خلاف في أنّ المشي في الطواف أفضل.

مسألة:و لو مرّ بها مجتازا و هو لا يعلم أنّها عرفة،فالوجه أنّه لا يجزئه

.و به قال أبو ثور (1).

و قال الفقهاء الأربعة:إنّه يجزئه (2).

لنا:أنّه لا يكون واقفا إلاّ بإرادة و هي غير متحقّقة هنا.و لأنّا شرطنا النيّة و هي متوقّفة على الشعور.

احتجّوا (3):بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من أدرك صلاتنا هذه-يعني صلاة الصبح يوم النحر-و أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا،فقد تمّ حجّه و قضى تفثه» (4)و لم يفصّل بين الشاعر و غيره.

و جوابه:كما لا يدلّ على اشتراط الشعور،لا يدلّ على عدمه أيضا،فلا دلالة فيه و لا معارضة؛لما بيّنّاه من الأدلّة.

و لأنّ قوله:«أتى عرفات»إنّما يتحقّق بالقصد و الإرادة المتوقّفة على العلم.

ص:33


1- 1المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441.
2- 2) المغني 3:443،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8: 103،فتح العزيز بهامش المجموع 7:361،المبسوط للسرخسيّ 4:55،تحفة الفقهاء 1:406،بدائع الصنائع 2:127،بلغة السالك 1:277.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:226،المغني 3:443،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441.
4- 4) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [1]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [2]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن النسائيّ 5:263-264،سنن الدارميّ 2:59، [3]مسند أحمد 4:15، [4]سنن الدارقطنيّ 2:239 الحديث 17،سنن البيهقيّ 5:116،كنز العمّال 5:64 الحديث 12067،مجمع الزوائد 3: 254.
فروع:
الأوّل:لو كان نائما،صحّ وقوفه؛لسبق النيّة منه

،و عندي فيه إشكال على تقدير استمرار النوم من قبل الدخول إلى بعد الفوات.

أمّا الجمهور فجزموا بالصحّة على هذا التقدير،و اختاره الشيخ على تردّد،قال:

لأنّ الواجب الكون (1).

و منع ابن إدريس ذلك،و قال:إنّه لا يجزئه؛لعدم النيّة (2).و هو الأقوى عندي.

الثاني:المغمى عليه و المجنون إذا لم يفق حتّى خرج منها،لم يجزئه الوقوف

.

و به قال الحسن البصريّ (3)،و الشافعيّ (4)،و أبو ثور،و إسحاق،و ابن المنذر (5).

و قال عطاء في المغمى عليه:يجزئه (6)،و به قال مالك (7)،و أصحاب الرأي (8).

و توقّف أحمد (9).

لنا:أنّه ركن من أركان الحجّ،فلا يصحّ من المغمى عليه،كغيره من الأركان.

احتجّوا:بأنّه لا يعتبر فيه نيّة و لا طهارة،و يصحّ من النائم،فصحّ من المغمى

ص:34


1- 1المبسوط 1:384. [1]
2- 2) السرائر:146.
3- 3) المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442.
4- 4) حلية العلماء 3:338-339،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:104 و 118،فتح العزيز بهامش المجموع 7:362،مغني المحتاج 1:498،السراج الوهّاج:162،المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442.
5- 5) المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442،المجموع 8:118.
6- 6) المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:413،بلغة السالك 1:277،المغني 3:444،المجموع 8:118،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 4:56،تحفة الفقهاء 1:406،بدائع الصنائع 2:127،الهداية للمرغينانيّ 1: 151،شرح فتح القدير 2:401 و 402،مجمع الأنهر 1:284،المغني 3:444.
9- 9) المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442،الكافي لابن قدامة 1:598،الإنصاف 4:29. [2]

عليه،كالمبيت بمزدلفة (1).

و الجواب:المنع من عدم اعتبار النيّة،و قد بيّنّا وجوب اعتبارها فيما سلف (2).

و أمّا الطهارة،فينتقض اعتبارها بالسعي،و أمّا النائم فيمنع صحّة وقوفه،و قد بيّنّا ذلك فيما تقدّم (3).

و لو سلّمنا صحّة وقوفه على ما اختاره الشيخ-رحمه اللّه-إلاّ أنّ الفرق بينه و بين المغمى عليه و المجنون ظاهر؛إذ النائم بحكم المستيقظ،و لهذا صحّ صومه و إن استوعب النوم النهار،بخلاف الإغماء،فافترقا.

الثالث:السكران لا يصحّ وقوفه إن زال عقله

؛لأنّه زائل العقل بغير نوم،فأشبه المجنون و المغمى عليه،و لو لم يزل عقله صحّ وقوفه.و كذا البحث في كلّ من غلب على عقله بمرض أو غيره.

الرابع:لا يشترط فيه الطهارة و لا الستر و لا استقبال القبلة

،و لا نعلم فيه خلافا بين العلماء؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعائشة:«افعلي ما يفعل الحاجّ غير الطواف بالبيت» (4)و كانت حائضا.

نعم،تستحبّ الطهارة بلا خلاف.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن الرجل هل يصلح له أن يقف بعرفات على غير وضوء؟

ص:35


1- 1المغني 3:444،الشرح الكبير بهامش المغني 3:442،بدائع الصنائع 2:127،مجمع الأنهر 1:284.
2- 2) يراجع:ص 30.
3- 3) يراجع:ص 34. [1]
4- 4) صحيح البخاريّ 2:195،صحيح مسلم 2:873 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:153 الحديث 1782،سنن ابن ماجة 2:988 الحديث 2963،الموطّأ 1:411 الحديث 224، [2]سنن الدارميّ 2:44، [3]مسند أحمد 6:273،سنن البيهقيّ 5:95.في بعض المصادر بتفاوت.

فقال:«لا يصلح إلاّ و هو على وضوء» (1).

و هو يدلّ على الاستحباب لا الوجوب؛لما رواه معاوية بن عمّار-في الصحيح-عن الصادق عليه السلام،قال:«لا بأس أن يقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلاّ الطواف؛فإنّ فيه صلاة،و الوضوء أفضل» (2).

مسألة:و يستحبّ أن يضرب خباءه بنمرة،و هي بطن عرنة

-بفتح النون و الراء، و كسر الميم في نمرة،و ضمّ العين،و فتح الراء و النون في عرنة-لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضرب له قبّة من شعر بنمرة.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فاضرب خباءك بنمرة و هي بطن عرنة دون الموقف و دون عرفة» (3).

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يخطب بعرفة قبل الأذان

على ما تقدّم (4)،فإذا أذّن المؤذّن و أقام،صلّى بالناس الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين جمع بينهما على هذه الصفة على ما بيّنّاه في كتاب الصلاة (5).

و باستحباب الأذان في الأولى قال الشافعيّ (6)،و أبو ثور (7)،و أصحاب

ص:36


1- 1التهذيب 5:479 الحديث 1700،الوسائل 10:28 الباب 20 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:154 الحديث 509،الاستبصار 2:241 الحديث 841،الوسائل 1:262 الباب 5 من أبواب الوضوء الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:179 الحديث 600،الوسائل 10:9 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [3]
4- 4) يراجع:ص 27. [4]
5- 5) يراجع:الجزء الرابع ص 419.
6- 6) الأمّ 2:212،حلية العلماء 3:337،المهذّب للشيرازيّ 1:225،المجموع 8:92،فتح العزيز بهامش المجموع 7:354،مغني المحتاج 1:496،السراج الوهّاج:162.
7- 7) المغني و الشرح الكبير 3:433،المجموع 8:92،بداية المجتهد 1:347.

الرأي (1)،و مالك (2)،و أحمد في إحدى الروايتين.و في الأخرى:خيّر بين الأذان لها و عدمه (3).

لنا:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خطب إلى أن أذّن المؤذّن،فنزل و صلّى بالناس في حديث جابر (4).

و لأنّها جماعة فاستحبّ فيها الأذان،أمّا الأذان للعصر فغير مستحبّ هنا.

و قال مالك:هو مستحبّ (5).

لنا:أنّه يستحبّ الجمع و المبادرة إلى الدعاء.

و ما رواه الجمهور في حديث جابر:ثمّ أذّن بلال،ثمّ أقام فصلّى الظهر،ثمّ أقام فصلّى العصر (6).

و عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظهر و العصر بعرفة بأذان واحد و إقامتين (7)،و هو نصّ في الباب.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صلّ الظهر و العصر بأذان

ص:37


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:14-15،تحفة الفقهاء 1:404،بدائع الصنائع 2:152،الهداية للمرغينانيّ 1: 143، [1]شرح فتح القدير 2:370،مجمع الأنهر 1:275.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:411 و 412،بداية المجتهد 1:347،بلغة السالك 1:278.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:433،الكافي لابن قدامة 1:129،الإنصاف 1:422.
4- 4) صحيح مسلم 2:890 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1025 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48،سنن البيهقيّ 5:114.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:412،بداية المجتهد 1:347،بلغة السالك 1:278.
6- 6) صحيح مسلم 2:890 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905، [2]سنن ابن ماجة 2: 1025 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48، [3]سنن البيهقيّ 5:114.
7- 7) حديث ابن عمر أورده ابن قدامة بلفظ:جمع بين المغرب و العشاء بجمع كلّ واحدة منهما بإقامة.و أبي داود بلفظ:جمع بين المغرب و العشاء بالمزدلفة جميعا.راجع:المغني 1:465،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1926. [4]

واحد و إقامتين،و إنّما تعجّل العصر و تجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء،فإنّه يوم دعاء و مسألة» (1).

و عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين» (2).

احتجّ مالك:بالقياس على سائر الصلوات (3).

و الجواب:الفرق بمعارضته فضيلة الدعاء هنا.

فروع:
الأوّل:إذا صلّى مع الإمام،جمع معه،كما يجمع الإمام إجماعا

.

أمّا المنفرد،فإنّه ينبغي له أن يجمع أيضا بين الصلاتين.ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (4)،و عطاء (5)،و مالك (6)،و أحمد (7)،و إسحاق،و أبو ثور (8)،

ص:38


1- 1التهذيب 5:179 الحديث 600،الوسائل 10:9 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:182 الحديث 610،الوسائل 10:10 الباب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [2]
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:412،بداية المجتهد 1:347.
4- 4) حلية العلماء 3:337،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:92،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 360،مغني المحتاج 1:496،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:159.
5- 5) المغني 3:433،الشرح الكبير بهامش المغني 3:434-435.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:173،إرشاد السالك:57،بداية المجتهد 1:347،مقدّمات ابن رشد 1:137،بلغة السالك 1:278.
7- 7) المغني 3:433،الشرح الكبير بهامش المغني 3:434،الكافي لابن قدامة 1:596،الإنصاف 4:28، [3]زاد المستقنع:33.
8- 8) المغني 3:433.

و أبو يوسف،و محمّد (1).

و قال النخعيّ،و الثوريّ (2)،و أبو حنيفة:لا يجوز له أن يجمع إلاّ مع الإمام (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّه كان إذا فاته الجمع بين الظهر و العصر مع الإمام بعرفة،جمع بينهما منفردا (4).

و من طريق الخاصّة:قول أبي عبد اللّه عليه السلام:«و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين» (5).

و هو كما يتناول المنفرد،يتناول المأموم،فلا أولويّة خصوصا مع تعليله عليه السلام بأنّ المراد بالجمع التفريغ للدعاء،و هو عامّ في الجميع.

و لأنّا بيّنّا في كتاب الصلاة جواز الجمع مطلقا للمنفرد و المأموم،حضرا و سفرا (6).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ لكلّ صلاة وقتا محدودا،و إنّما ترك ذلك في الجمع مع الإمام،فإذا لم يكن الإمام،رجعنا إلى الأصل (7).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الوقت مشترك على ما بيّنّاه (8).سلّمنا،لكنّ العلّة

ص:39


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:15،بدائع الصنائع 2:153،الهداية للمرغينانيّ 1:144، [1]شرح فتح القدير 2: 371،مجمع الأنهر 1:276،عمدة القارئ 9:304. [2]
2- 2) المغني 3:433،عمدة القارئ 9:304.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:14-15،تحفة الفقهاء 1:404،بدائع الصنائع 2:152،الهداية للمرغينانيّ 1: 143،شرح فتح القدير 2:371،مجمع الأنهر 1:276،عمدة القارئ 9:304.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:199،سنن البيهقيّ 5:114،مصنّف ابن أبي شيبة 4:346. [3]
5- 5) التهذيب 5:179 الحديث 600 و ص 182 الحديث 610،الوسائل 10:9 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1 و [4]ص 10 الحديث 4.
6- 6) يراجع:الجزء السادس ص 397-404.
7- 7) بدائع الصنائع 2:152،شرح فتح القدير 2:371.
8- 8) يراجع:الجزء الرابع ص 54،70 و 78.

المفروضة مع الإمام ثابتة في المنفرد و متساوية في الحكم،على أنّ قوله:إنّما جاز الجمع في الجماعة،باطل؛لأنّه مسلّم أنّ الإمام يجمع و إن كان منفردا.

الثاني:يجوز الجمع لكلّ من بعرفة من مكّيّ و غيره

،و قد أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على أنّ الإمام يجمع بين الظهر و العصر بعرفة،و كذلك من صلّى مع الإمام.

و قال أحمد:لا يجوز الجمع إلاّ لمن بينه و بين وطنه ستّة عشر فرسخا؛إلحاقا له بالقصر.

و هو باطل؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع،فجمع معه من حضر من المكّيّين و غيرهم،و لم يأمرهم بترك الجمع،كما أمرهم بترك القصر حين قال لهم (1):«أتمّوا فإنّا سفر» (2)و لو حرم الجمع لبيّنه لهم؛لأنّه عليه السلام لا يقرّ أحدا على الخطأ،و كان عثمان يتمّ الصلاة؛لأنّه اتّخذ أهلا و جمع بين الصلاتين تماما.

و جمع عمر بن عبد العزيز و هو والي مكّة بين الصلاتين.و كان ابن الزبير بمكّة مقيما و جمع بين الصلاتين.

و لم يبلغنا عن أحد من القدماء إنكار الجمع بعرفة للمقيم و المسافر و بالمزدلفة أيضا،بل اتّفق عليه كلّ من لا يرى الجمع أيضا (3).

الثالث:إذا كان الإمام مقيما،أتمّ،و قصّر من خلفه من المسافرين،و أتمّ

المقيمون

.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

ص:40


1- 1لا توجد كلمة:«لهم»في كثير من النسخ.
2- 2) سنن البيهقيّ 3:135-136.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:434-435.

و قال الشافعيّ:يتمّ المسافرون أيضا (1).

لنا:أنّ القصر عزيمة،فلا يجوز لهم خلافه.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«يا أهل مكّة لا تقصّروا في أقلّ من أربعة برد» (2).رواه الجمهور،و التخصيص يدلّ على القصر في حقّ غيرهم.

الرابع:لو كان الإمام مسافرا قصّر،و قصّر من خلفه من المسافرين،و أتمّ

المقيمون خلفه

.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و كذا أهل مكّة يتمّون؛لنقصان المسافة عن ما يجب فيه القصر.و به قال عطاء، و مجاهد،و الزهريّ،و الثوريّ (3)،و الشافعيّ (4)،و أحمد (5)،و أصحاب الرأي (6)، و ابن المنذر (7).

و قال مالك (8)،و الأوزاعيّ:لهم القصر (9).

ص:41


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:103،المجموع 4:356،فتح العزيز بهامش المجموع 4:461 و ج 7:354- 355،مغني المحتاج 1:269 و 496،السراج الوهّاج:81،الميزان الكبرى 1:181،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:74.
2- 2) سنن الدارقطنيّ 1:387 الحديث 1،سنن البيهقيّ 3:137،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:79 الحديث 11162،مجمع الزوائد 2:157،عمدة القارئ 7:119.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:435،عمدة القارئ 7:119.
4- 4) الأمّ 1:181،المجموع 8:91،فتح العزيز بهامش المجموع 7:354،355،مغني المحتاج 1:496، السراج الوهّاج:162.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:435،الكافي لابن قدامة 1:261،الإنصاف 2:320.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:243،تحفة الفقهاء 1:405،بدائع الصنائع 1:101،الهداية للمرغينانيّ 1: 81، [1]شرح فتح القدير 2:13-14،مجمع الأنهر 1:163،عمدة القارئ 7:119.
7- 7) المغني و الشرح الكبير 3:435.
8- 8) الموطّأ 1:148، [2]سنن الترمذيّ 3:229، [3]بداية المجتهد 1:347-348،بلغة السالك 1:278، المجموع 8:91،فتح العزيز بهامش المجموع 7:354-355،المغني و الشرح الكبير 3:435، عمدة القارئ 7:118.
9- 9) المغني و الشرح الكبير 3:435،سنن الترمذيّ 3:229،عمدة القارئ 7:118.

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أهل مكّة عن القصر (1).و لأنّهم في غير سفر بعيد،فلم يجز لهم القصر،كغير عرفة و مزدلفة.

احتجّوا:بأنّ لهم الجمع،فكان لهم القصر،كغيرهم (2).

و الجواب:الفرق،و هو السفر في حقّ الغير ثابت،دونهم.

الخامس:يستحبّ تعجيل الصلاة حين تزول الشمس،و أن يقصّر الخطبة

،ثمّ يروح إلى الموقف؛لأنّ تطويل ذلك يمنع من الرواح إلى الموقف في أوّل وقته، و السنّة؛التعجيل.

روى ابن عمر قال:غدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من منى حين صلّى الصبح صبيحة يوم عرفة حتّى أتى عرفة فنزل بنمرة حتّى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مهجّرا،فجمع بين الظهر و العصر،ثمّ خطب الناس، ثمّ راح فوقف على الموقف من عرفة (3).و لا خلاف في هذا بين علماء الإسلام.

مسألة:فإذا فرغ من الصلاتين،جاء إلى الموقف فوقف

،و يستحبّ له الاغتسال للموقف على ما قلناه (4).و رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«الغسل يوم عرفة إذا زالت الشمس،و يجمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين» (5).

و يقطع التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفة؛لما تقدّم.

ص:42


1- 1سنن الدارقطنيّ 1:387 الحديث 1،سنن البيهقيّ 3:137،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:79 الحديث 11162،مجمع الزوائد 2:157،عمدة القارئ 7:119.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 3:435.
3- 3) سنن أبي داود 2:188 الحديث 1913، [1]المغني و الشرح الكبير 3:434.
4- 4) يراجع:ص 30.
5- 5) التهذيب 5:181 الحديث 607،الوسائل 10:10 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [2]

و رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن تلبية المتمتّع متى يقطعها؟قال:«إذا رأيت بيوت مكّة، و تقطع تلبية الحجّ عند زوال الشمس يوم عرفة» (2).

و يقطع تلبية العمرة المبتولة حين تقع أخفاف الإبل في الحرم.

و عن ابن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا زاغت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية و اغتسل و عليك بالتكبير و التحميد و التهليل و التمجيد و التسبيح و الثناء على اللّه،و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين» (3).و قد بيّنّا ذلك فيما تقدّم (4).

مسألة:فإذا جاء إلى الموقف بسكينة و وقار حمد اللّه و أثنى عليه و كبّر اللّه

و هلّله و دعا و اجتهد،فإنّه يوم شريف معظّم كثير البركة،يستجاب فيه الدعاء خصوصا في المشاعر العظام التي أمر الشارع بالدعاء و الابتهال إلى اللّه تعالى فيها.

روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«و إنّما تعجّل الصلاة و تجمع بينهما لتفرّغ نفسك للدعاء،فإنّه يوم دعاء و مسألة،ثمّ تأتي الموقف و عليك السكينة و الوقار،فاحمد اللّه و هلّله و مجّده و أثن عليه و كبّره مائة مرّة،و احمد اللّه مائة مرّة،و سبّحه مائة مرّة،و اقرأ قل هو اللّه أحد مائة مرّة،و تخيّر لنفسك من الدعاء ما أحببت،و اجتهد،فإنّه يوم دعاء (5)،و تعوّذ

ص:43


1- 1في التهذيب:عبد اللّه بن مسكان.
2- 2) التهذيب 5:182 الحديث 609،الوسائل 9:58 الباب 43 من أبواب الإحرام الحديث 6. [1]
3- 3) التهذيب 5:182 الحديث 610،الوسائل 10:10 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [2]
4- 4) يراجع:الجزء العاشر ص 238.
5- 5) في المصادر بزيادة:و مسألة.

باللّه من الشيطان (1)فإنّ الشيطان لن يذهلك في موطن قطّ أحبّ إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن،و إيّاك أن تشتغل بالنظر إلى الناس،و أقبل قبل نفسك،و ليكن فيما تقول:اللّهمّ ربّ المشاعر كلّها فكّ رقبتي من النار،و أوسع عليّ من رزقك الحلال، و ادرأ عنّي شرّ فسقة الجنّ و الإنس،و تقول:اللهمّ لا تمكر بي و لا تخدعني و لا تستدرجني،و تقول:اللهمّ إنّي أسألك بحولك وجودك و كرمك و منّك و فضلك يا أسمع السامعين،و يا أبصر الناظرين،و يا أسرع الحاسبين،و يا أرحم الراحمين أن تصلّي على محمّد و آل محمّد،و أن تفعل بي كذا و كذا،و ليكن فيما تقول و أنت رافع رأسك إلى السماء:اللهمّ حاجتي إليك التي إن أعطيتنيها لم يضرّني ما منعتني، و إن (2)منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني،أسألك خلاص رقبتي من النار،و ليكن فيما تقول:اللهمّ إنّي عبدك و ملك يدك،ناصيتي بيدك،و أجلي بعلمك،أسألك أن توفّقني لما يرضيك عنّي،و أن تسلّم منّي مناسكي التي أريتها خليلك إبراهيم عليه السلام (3)،و دللت عليها نبيّك محمّدا صلّى اللّه عليه و آله (4)،و ليكن فيما تقول:

اللهمّ اجعلني ممّن رضيت عنه (5)،و أطلت عمره،و أحييته بعد الموت حياة طيّبة، و يستحبّ أن تطلب عشيّة عرفة بالعتق و الصدقة» (6).

و عن عبد اللّه بن سنان،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام:ألا أعلّمك دعاء يوم عرفة

ص:44


1- 1في التهذيب بزيادة:الرجيم.
2- 2) في المصادر:و التي إن.
3- 3) ج:صلوات اللّه عليه،كما في التهذيب،و في بعض النسخ:صلواتك عليه.
4- 4) كثير من النسخ:صلواتك عليه،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
5- 5) في المصادر:عمله.
6- 6) التهذيب 5:182 الحديث 611،الوسائل 10:15 الباب 14 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]

و هو دعاء من كان قبلي من الأنبياء عليهم السلام،قال:تقول:لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،له الملك و له الحمد،يحيي و يميت و هو حيّ لا يموت،بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير،اللهمّ لك الحمد كالذي تقول،و خير ممّا نقول (1)،و فوق ما يقول القائلون،اللهمّ لك صلاتي و نسكي و محياي و مماتي،و لك براءتي،و بك حولي،و منك قوّتي،اللهمّ إنّي أعوذ بك من الفقر،و من وساوس الصدور،و من سيّئات (2)الأمر،و من عذاب القبر،اللهمّ إنّي أسألك خير الرياح،و أعوذ بك من شرّ ما تجيء به الرياح،و أسألك خير الليل و خير النهار،اللهمّ اجعل[في قلبي نورا] (3)و في سمعي و بصري نورا،و لحمي و دمي و عظامي و عروقي و مقعدي و مقامي و مدخلي و مخرجي نورا،و أعظم لي نورا يا ربّ يوم ألقاك إنّك على كلّ شيء قدير» (4).

مسألة:و يستحبّ له أن يكثر من الدعاء لإخوانه المؤمنين

،و يؤثرهم على نفسه،روى الشيخ-رحمه اللّه-عن إبراهيم بن هاشم،قال:رأيت عبد اللّه بن جندب بالموقف فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه،ما زال مادّا يديه إلى السماء و دموعه تسيل على خدّيه حتّى تبلغ الأرض،فلمّا صرف الناس قلت:يا أبا محمّد ما رأيت موقفا قطّ أحسن من موقفك،قال:و اللّه ما دعوت فيه إلاّ لإخواني،و ذلك أنّ أبا الحسن موسى عليه السلام أخبرني:أنّه«من دعا لأخيه بظهر الغيب،نودي من العرش:و لك مائة ألف ضعف مثله»فكرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة

ص:45


1- 1في التهذيب:«و خيرا ممّا نقول».
2- 2) في التهذيب و الوسائل:« [1]شتات»مكان:«سيّئات».
3- 3) في النسخ:«اللهمّ اجعل لي نورا»و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:183 الحديث 612،الوسائل 10:16 الباب 14 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2 و [2]ص 17 الحديث 3.

لواحد (1)لا أدري يستجاب أم لا (2).

و عن ابن أبي عمير،قال:كان عيسى بن أعين (3)إذا حجّ فصار إلى الموقف، أقبل على الدعاء لإخوانه حتّى يفيض الناس،قال:فقيل له:تنفق مالك و تتعب بدنك حتّى إذا صرت إلى الموضع الذي تبثّ فيه الحوائج إلى اللّه تعالى أقبلت على الدعاء لإخوانك و تركت (4)نفسك،فقال:إنّي على ثقة من دعوة الملك لي و في شكّ من الدعاء لنفسي (5).

و عن إبراهيم بن أبي البلاد:أنّ عبد اللّه بن جندب قال:كنت في الموقفين (6)فلمّا أفضت،لقيت (7)إبراهيم بن شعيب (8)فسلّمت عليه،و كان مصابا بإحدى عينيه،فإذا عينه الصحيحة حمراء كأنّها علقة دم،فقلت له:قد أصبت بإحدى عينيك

ص:46


1- 1في المصادر:لواحدة.
2- 2) التهذيب 5:184 الحديث 615،الوسائل 10:20 الباب 17 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [1]
3- 3) عيسى بن أعين الجريريّ الأسديّ مولى كوفيّ ثقة،روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قاله النجاشيّ، و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة. رجال النجاشيّ:296،رجال الطوسيّ:258،الفهرست:117، [2]رجال العلاّمة:123. [3]
4- 4) كثير من النسخ:و تترك.
5- 5) التهذيب 5:185 الحديث 616،الوسائل 10:20 الباب 17 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [4]
6- 6) ع:في الموقف،كما في المصادر.
7- 7) في التهذيب:أتيت،مكان:لقيت.
8- 8) إبراهيم بن شعيب بن ميثم الأسديّ الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا و لكن حاله مجهول،و قال السيّد الخوئيّ:روى عنه عبد اللّه بن القاسم الحضرميّ في كامل الزيارات. رجال الطوسيّ:145،تنقيح المقال 1:20، [5]معجم رجال الحديث 1:99. [6]

و أنا و اللّه مشفق على الأخرى،فلو قصرت من البكاء قليلا،قال:و اللّه (1)يا أبا محمّد، ما دعوت اليوم لنفسي دعوة،فقلت:فلمن دعوت؟قال:لإخواني،إنّي سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«من دعا لأخيه بظهر الغيب وكّل اللّه عزّ و جلّ به ملكا يقول:و لك مثلاه»فأردت أن أكون أدعو لإخواني و يكون الملك يدعو لي؛لأنّي في شكّ من دعائي لنفسي،و لست في شكّ من دعاء الملك لي (2).

مسألة:و يستحبّ فيه الدعاء بالذي دعا به زين العابدين عليّ بن الحسين

عليهما السلام

(3)في الموقف و هو طويل،ذكره الشيخ-رحمه اللّه-في المصباح (4).

و هذه الأدعية مستحبّة و ليست واجبة إنّما (5)الواجب الوقوف،و لا نعلم في ذلك خلافا.

روى الشيخ عن[جعفر بن عامر بن عبد اللّه بن جذاعة] (6)الأزديّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل وقف بالموقف فأصابته دهشة الناس فبقي ينظر إلى الناس فلا يدعو حتّى أفاض الناس،فقال:«يجزئه وقوفه»ثمّ قال:«أ ليس قد صلّى بعرفات الظهر و العصر و قنت و دعا؟»قلت:بلى،قال:«فعرفات كلّها موقف،و ما

ص:47


1- 1في المصادر:لا و اللّه.
2- 2) التهذيب 5:185 الحديث 617،الوسائل 10:20 الباب 17 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [1]
3- 3) ج:صلوات اللّه عليهما.
4- 4) ينظر:مصباح المتهجّد:630-640.
5- 5) ع:و إنّما.
6- 6) في النسخ:عليّ بن عبد اللّه بن حداجة،و ما أثبتناه-و لعلّ هو الصحيح-من المصادر؛لأنّا لم نعثر على وجود شخص بعنوان:عليّ بن عبد اللّه بن حداجة في كتب الرجال،قال السيّد الخوئيّ:جعفر بن عامر بن عبد اللّه بن جذاعة الأزديّ روى عن أبيه و روى عنه جعفر بن عيسى و يونس بن عبد الرحمن. معجم رجال الحديث 4:75.

قرب من الجبل فهو أفضل» (1).

و عن أبي يحيى زكريّا الموصليّ (2)،قال:سألت العبد الصالح عليه السلام عن رجل وقف بالموقف فأتاه نعي أبيه أو نعي بعض ولده قبل أن يذكر اللّه بشيء أو يدعو،فاشتغل بالجزع و البكاء عن الدعاء،ثمّ أفاض الناس،فقال:«لا أرى عليه شيئا و قد أساء فليستغفر اللّه،أما لو صبر و احتسب لأفاض من الموقف بحسنات أهل الموقف جميعا من غير أن ينقص من حسناتهم شيء» (3).

ص:48


1- 1التهذيب 5:184 الحديث 613،الوسائل 10:19 الباب 16 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [1]
2- 2) زكريّا،أبو يحيى كوكب الدم الموصليّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام مرّتين: مرّة بالعنوان المذكور،و أخرى بعنوان زكريّا أبي يحيى الموصليّ،و من أصحاب الكاظم عليه السلام بعنوان زكريّا كوكب الدم،و من أصحاب الرضا عليه السلام بعنوان أبي يحيى الموصليّ،و قال الكشّيّ:أبو يحيى الموصليّ كوكب الدم كان شيخا من الأخيار،و ذكره المصنّف في الخلاصة في القسمين منه،قال في القسم الأوّل بعد نقل توثيق الكشّيّ و تضعيف ابن الغضائريّ له:يحتمل أنّهما متغايران:لأنّ الكشّيّ لم يذكره باسمه...فالأقرب التوقّف فيه،و قال في القسم الثاني:ضعّفه ابن الغضائريّ،و روى الكشّيّ ما يقتضي مدح أبي يحيى كوكب الدم فإن يكن هذا،نعيّن التوقّف فيه؛لمعارضة قول ابن الغضائريّ لمدحه و إن يكن غيره، كان قوله مقبولا.و قال المامقانيّ و السيّد الخوئيّ:ما ذكره المصنّف من احتمال تعدّد ما ذكره الكشّيّ مع ما ذكره ابن الغضائريّ في غير محلّه،و أمّا ما ذكره من تضعيف ابن الغضائريّ و توثيق الكشّيّ فقال المامقانيّ: لا وجه له؛لابتلاء ابن الغضائريّ بكثرة جرح البرآء و تضعيف الثقات فالحقّ أنّ شهادة الكشّيّ بلا معارض، فحديث الرجل في الصحاح،و إن أبيت فلا أقلّ من كون حديثه في الحسان.و قال السيّد الخوئيّ:إنّ المعارضة إنّما تتمّ إذا كان سند الكتاب إلى ابن الغضائريّ ثابتا و لكنّه لم يثبت فلا مانع من الأخذ بما ذكره الكشّيّ. رجال الكشّيّ:606،رجال الطوسيّ:200،201،350،396،رجال العلاّمة:76،224، [2]تنقيح المقال 1:448،449، [3]معجم رجال الحديث 7:271،272،273. [4]
3- 3) التهذيب 5:184 الحديث 614،الوسائل 10:19 الباب 16 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [5]
البحث الثالث
اشارة

في الأحكام

مسألة:الوقوف بعرفة ركن من أركان الحجّ،يبطل بالإخلال به عمدا الحجّ

.

و هو قول علماء الإسلام.

روى الجمهور عن عبد الرحمن بن يعمر الديليّ (1)،قال:أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعرفة،فجاءه نفر من أهل نجد،فقالوا:يا رسول اللّه كيف الحجّ؟ قال:«الحجّ عرفة،فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة الجمع فقد تمّ حجّه» (2).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفة و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (3).

ص:49


1- 1في النسخ:عبد الرحمن بن نعم الديلميّ،و في المغني:عبد الرحمن بن نعم الديليّ،و في الإصابة: عبد الرحمن بن يعمر الدؤليّ،و ما أثبتناه من أسد الغابة و [1]تهذيب التهذيب و المصادر الحديثيّة،ذكره ابن الأثير و ابن حجر في الإصابة و قالا:سكن الكوفة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه بكير بن عطاء الليثيّ،يقال:مات بخراسان. أسد الغابة 3:328، [2]الإصابة 2:425، [3]تهذيب التهذيب 6:301. [4]
2- 2) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1949، [5]سنن ابن ماجة 2:1003 الحديث 3015،سنن الترمذيّ 3: 237 الحديث 889، [6]سنن النسائيّ 5:256،سنن الدارميّ 2:59، [7]سنن الدارقطنيّ 2:240 الحديث 19، سنن البيهقيّ 5:116،المغني 3:437.
3- 3) مسند أحمد 3:318 و 367،سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73. [8]

و روي:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر رجلا ينادي:الحجّ عرفة (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله[في الموقف] (2):«ارتفعوا عن بطن عرنة»و قال:«أصحاب الأراك لا حجّ لهم» (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا وقفت بعرفات فادن من الهضاب (4)-و الهضاب:هي الجبال-فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:إنّ أصحاب الأراك لا حجّ لهم،يعني الذين يقفون عند الأراك» (5).و إذا حكم عليه السلام بنفي الحجّ مع وقوفهم بحدّ (6)من عرفة.فنفيه مع عدم الوقوف أولى.

و لا يعارض ذلك:ما رواه ابن فضّال عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الوقوف بالمشعر فريضة،و الوقوف بعرفة سنّة» (7).

لأنّ المراد هنا بالسنّة:ما ثبت بالنقل عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سنّه هو عليه السلام،و بالفرض:ما ثبت بالقرآن،و لا ريب أنّ الوقوف بعرفة لم يثبت بالقرآن،بل بالسنّة.

ص:50


1- 1سنن أبي داود 2:196 الحديث 1949 بتفاوت،سنن الترمذيّ 3:237 الحديث 889، [1]سنن النسائيّ 5: 256.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التهذيب 5:287 الحديث 976،الوسائل 10:25 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 10. [2]
4- 4) في التهذيب:الهضبات.
5- 5) التهذيب 5:287 الحديث 975،الاستبصار 2:302 الحديث 1078،الوسائل 10:25 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 11. [3]
6- 6) ق و خا:الحدّ.
7- 7) التهذيب 5:287 الحديث 977،الاستبصار 2:302 الحديث 1080،الوسائل 10:26 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 14. [4]

أمّا الوقوف بالمشعر فيثبت بالكتاب العزيز،قال اللّه تعالى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ (1).

مسألة:و لو ترك الوقوف بعرفة ناسيا أو لعذر،تداركه

،فإن لم يتمكّن و لحق الوقوف بالمشعر الحرام في وقته،فقد أدرك الحجّ،و إلاّ فقد فاته الحجّ.

رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات،فقال:«إن كان في مهل حتّى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثمّ يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتمّ حجّه حتّى يأتي عرفات،و إن قدم و قد فاته (2)عرفات،فليقف بالمشعر الحرام، فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده و قد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس،فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحجّ فليجعلها عمرة مفردة،و عليه الحجّ من قابل» (3).

و عن إدريس بن عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أدرك الناس بجمع و خشي إن مضى إلى عرفات أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها، قال:«فإن ظنّ أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات،و إن خشي أن لا يدرك جمعا،فليقف ثمّ ليفض مع الناس و قد تمّ حجّه» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان

ص:51


1- 1البقرة(2):198. [1]
2- 2) في المصادر:«فاتته».
3- 3) التهذيب 5:289 الحديث 981،الاستبصار 2:301 الحديث 1076،الوسائل 10:23 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:289 الحديث 982،الاستبصار 2:301 الحديث 1077،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [3]

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في سفر،و إذا (1)شيخ كبير،فقال:يا رسول اللّه ما تقول في رجل أدرك الإمام بجمع؟فقال:«إن ظنّ أنّه يأتي عرفات فيقف قليلا،ثمّ يدرك جمعا قبل طلوع الشمس،فليأتها،و إن ظنّ أنّه لا يأتيها حتّى يفيض الناس من جمع فلا يأتها (2)و قد تمّ حجّه» (3).

و عن محمّد بن سنان،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الذي إذا أدركه الناس (4)فقد أدرك الحجّ،فقال:«إذا أتى جمعا و الناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس،فقد أدرك الحجّ و لا عمرة له،و إن أدرك جمعا بعد طلوع الشمس،فهي عمرة مفردة و لا حجّ له،فإن شاء أن يقيم بمكّة،أقام،و إن شاء أن يرجع إلى أهله، [رجع] (5)و عليه الحجّ من قابل» (6).

مسألة:و أوّل وقت الوقوف بعرفة زوال الشمس من يوم عرفة

.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (7)،و مالك (8).

و قال أحمد:أوّله طلوع الفجر من يوم عرفة (9).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعد الزوال،و قال:«خذوا عنّي

ص:52


1- 1في المصادر:فإذا.
2- 2) في النسخ:«فلا يأتيها»و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) التهذيب 5:290 الحديث 983،الاستبصار 2:303 الحديث 1081،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [1]
4- 4) في المصادر:الإنسان.
5- 5) أثبتناه من المصادر.
6- 6) التهذيب 5:290 الحديث 984 و ص 294 الحديث 997،الاستبصار 2:303 الحديث 1082 و ص 306 الحديث 1094،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3 و 4. [2]
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:68،حلية العلماء 3:337،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:94، فتح العزيز بهامش المجموع 7:349،مغني المحتاج 1:496،السراج الوهّاج:162.
8- 8) بداية المجتهد 1:347،إرشاد السالك:57،بلغة السالك 1:277.
9- 9) المغني 3:443،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441،الإنصاف 4:29.

مناسككم» (1).و وقف الصحابة كذلك و أهل الأمصار (2)من لدن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى زماننا هذا وقفوا بعد الزوال،و لو كان قبل ذلك جائزا لما اتّفقوا على تركه.

و قال ابن عبد البرّ:أجمع العلماء على أنّ أوّل الوقوف (3)بعرفة زوال الشمس من يوم عرفة (4).

و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«ثمّ تأتي الموقف»يعني بعد الصلاتين (5).و الأمر للوجوب.

احتجّ أحمد:بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى معنا هذه الصلاة-يعني صلاة الصبح يوم النحر-و أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا،فقد تمّ حجّه و قضى تفثه» (6)و لم يفصّل قبل الزوال و بعده (7).

و لأنّه أحد زماني الوقوف،فتعلّق الإدراك بجميعه،كالليل (8).

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على ما بعد الزوال.

و عن الثاني:أنّ تشبيهه بالليل لا يثبت هذا الحكم؛لأنّ الزمانين قد يختلفان.

مسألة:و آخر وقت الوقوف بعرفة الاختياريّ غروب الشمس

،و لا نعلم خلافا

ص:53


1- 1مسند أحمد 3:318 و 367، [1]سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73. [2]
2- 2) ج و ق:الأعصار.
3- 3) خا و ق:الوقت،مكان:الوقوف.
4- 4) المغني 3:443،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441.
5- 5) التهذيب 5:182 الحديث 611،الوسائل 10:15 الباب 14 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [3]
6- 6) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [4]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [5]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن الدارميّ 2:59، [6]مسند أحمد 4:15، [7]سنن الدارقطنيّ 2:239 الحديث 17،سنن البيهقيّ 5:116،كنز العمّال 5:64 الحديث 12067،مجمع الزوائد 3:254.
7- 7) ق و خا:أو بعده.
8- 8) المغني 3:443،الشرح الكبير بهامش المغني 3:441.

في ذلك.

روى الجمهور عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام و أسامة بن زيد أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دفع حين غربت الشمس (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فأفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد غروب الشمس» (2).

و عن يونس بن يعقوب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:متى نفيض (3)من عرفات؟قال:«إذا ذهبت الحمرة من هاهنا»و أشار بيده إلى المشرق و إلى مطلع الشمس (4).

مسألة:و لو لم يتمكّن من الوقوف بعرفة نهارا و أمكنه أن يقف بها ليلا و لو كان

قليلا إلى أن يطلع الفجر أو قبله،وجب عليه

،و أجزأه إذا أدرك المشعر قبل طلوع الشمس يوم النحر و لا نعلم في ذلك خلافا.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تمّ حجّه و قضى تفثه» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي

ص:54


1- 1سنن أبي داود 2:190 الحديث 1922، [1]سنن الترمذيّ 3:232 الحديث 885. [2]
2- 2) التهذيب 5:186 الحديث 619،الوسائل 10:29 الباب 22 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [3]
3- 3) كثير من النسخ:يفيض،و في المصادر:تفيض.
4- 4) التهذيب 5:186 الحديث 618،الوسائل 10:29 الباب 22 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [4]
5- 5) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [5]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [6]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن الدارميّ 2:59، [7]مسند أحمد 4:15، [8]سنن الدارقطنيّ 2:239 الحديث 17،سنن البيهقيّ 5:116،كنز العمّال 5:64 الحديث 12067،مجمع الزوائد 3:254.

عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات، فقال:«إن كان في مهل حتّى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثمّ يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا،فلا يتمّ حجّه حتّى يأتي عرفات،و إن قدم و قد فاته (1)عرفات،فليقف بالمشعر الحرام،فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده،و قد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس،فإن لم يدرك المشعر الحرام،فقد فاته الحجّ فليجعلها عمرة،و عليه الحجّ من قابل» (2).

و عن إدريس بن عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أدرك الناس بجمع و خشي إن مضى إلى عرفات أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها، فقال:«إن ظنّ أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس،فليأت عرفات،و إن خشي أن لا يدرك جمعا،فليقف[بجمع] (3)ثمّ ليفض مع الناس و قد تمّ حجّه» (4).

مسألة:و لو لم يدرك الوقوف بعرفة في ليلة النحر و خشي إن مضى إلى عرفات

فاته المشعر،وجب عليه المضيّ إلى المشعر

،فإن أدركه في وقته فقد أدرك الحجّ.

و أطبق الجمهور كافّة على خلاف ذلك،و قالوا:إنّ الحجّ يبطل بفوات الوقوف بعرفة.

لنا:الإجماع المركّب،فإنّ كلّ من يقول بوجوب الوقوف بالمشعر،يذهب إلى الاجتزاء به عند فوات عرفة للضرورة،لكنّ الوجوب ثابت-على ما يأتي-فيثبت الحكم.

ص:55


1- 1في المصادر:فاتته.
2- 2) التهذيب 5:289 الحديث 981،الاستبصار 2:301 الحديث 1076،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [1]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) التهذيب 5:289 الحديث 982،الاستبصار 2:301 الحديث 1077،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [2]

و يدلّ عليه أيضا:ما تقدّم في الحديثين المتقدّمين عن الصادق عليه السلام (1)، و كذا في حديث محمّد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام (2).

احتجّوا (3):بقوله عليه السلام:«الحجّ عرفة» (4).

و جوابه:أنّه لا دلالة على مطلوبهم فيه؛لأنّه لا بدّ فيه من إضمار،فيخرج عن دلالته الظاهرة.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجب أن يقف إلى غروب الشمس من يوم عرفة بها

(5)، فلو أفاض قبله عامدا،فقد فعل حراما،و جبره بدم-على ما يأتي-و صحّ حجّه.

و به قال عامّة أهل العلم.

و قال مالك:لا حجّ له (6)،و لا نعرف أحدا من فقهاء أهل الأمصار قال بقول مالك.

لنا:ما رواه الجمهور عن عروة بن مضرّس بن أوس بن حارثة بن لام الطائيّ (7)قال:أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمزدلفة حين خرج إلى الصلاة،

ص:56


1- 1تقدّما في ص 51.
2- 2) التهذيب 5:290 الحديث 984،الاستبصار 2:303 الحديث 1082،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4،و [1]قد تقدّم الحديث في ص 52.
3- 3) المغني 3:437،بداية المجتهد 1:346.
4- 4) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1949،سنن ابن ماجة 2:1003 الحديث 3015،سنن الترمذيّ 3: 237 الحديث 889، [2]سنن الدارميّ 2:59،سنن الدارقطنيّ 2:240 الحديث 19،سنن البيهقيّ 5:116.
5- 5) يراجع:ص 53.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:413،إرشاد السالك:57،بداية المجتهد 1:348،المغني 3:441.
7- 7) عروة بن مضرّس بن أوس بن حارثة بن لام الطائيّ،شهد مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حجّة الوداع و [3]روى عنه حديث:«من صلّى صلاتنا هذه ثمّ أفاض...فقد تمّ حجّه».قيل:روى عنه الشعبيّ و قيل:لم يرو عنه، و روى عنه ابن عمّه حميد بن منهب بن حارثة بن حزم و روى عنه أيضا عروة بن الزبير. أسد الغابة 3:406، [4]تهذيب التهذيب 7:188. [5]

فقلت:يا رسول اللّه إنّي جئت من جبلي (1)طيّئ،أكللت راحلتي،و أتعبت نفسي، و اللّه ما تركت من جبل إلاّ وقفت عليه،فهل لي (2)حجّ؟فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من شهد صلاتنا هذه و وقف معنا حتّى ندفع،و قد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا،فقد تمّ حجّه و قضى تفثه» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن سنان،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الذي إن أدركه الناس فقد أدرك الحجّ.فقال:«إذا أتى جمعا و الناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس،فقد أدرك الحجّ و لا عمرة له،و إن أدرك جمعا بعد طلوع الشمس،فهي عمرة مفردة و لا حجّ،فإن شاء أن يقيم بمكّة،أقام،و إن شاء أن يرجع إلى أهله،رجع،و عليه الحجّ من قابل» (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من أدرك جمعا فقد أدرك الحجّ» (5).

و لأنّه وقف في زمن الوقوف،فاجتزأ،كالليل.

احتجّ مالك (6):بما رواه ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحجّ،و من فاته عرفات بليل فقد فاته الحجّ،فليحلّ بعمرة

ص:57


1- 1ع:جبل.
2- 2) في المصادر بزيادة:من.
3- 3) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [1]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [2]سنن النسائيّ 5:263، سنن الدارميّ 2:59، [3]مسند أحمد 4:15، [4]سنن الدارقطنيّ 2:239 الحديث 17 و 18،سنن البيهقيّ 5: 116،مجمع الزوائد 3:254.
4- 4) التهذيب 5:290 الحديث 984،الاستبصار 2:303 الحديث 1082،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [5]
5- 5) التهذيب 5:294 الحديث 98،الاستبصار 2:307 الحديث 1095،الوسائل 10:63 الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [6]
6- 6) المغني 3:441،الشرح الكبير بهامش المغني 3:443.

و عليه الحجّ من قابل» (1).

و الجواب:أنّه إنّما خصّ الليل؛لأنّ الفوات يتعلّق به إذا كان يوجد بعد النهار فهو آخر وقت الوقوف،و ذلك كقوله عليه السلام:«من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها» (2).

مسألة:إذا دفع من عرفات قبل غروب الشمس،وجب عليه بدنة إن كان

عامدا

.و به قال ابن جريج،و الحسن البصريّ (3).

و قال باقي الجمهور:عليه دم لا غير،و اختلفوا:فذهب أبو حنيفة (4)،و أحمد إلى وجوبه (5)،و به قال الشافعيّ في القديم و الأمّ،و قال في الإملاء:هو مستحبّ (6).

لنا:أنّه قد ترك نسكا.

و روى ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من ترك نسكا فعليه دم» (7).و الأحوط البدنة؛لأنّه معها يتيقّن براءة الذمّة،و لا يحصل اليقين بدونه، فتعيّن البدنة،كقولنا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن ضريس،عن أبي جعفر عليه السلام،

ص:58


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:241 الحديث 21،سنن البيهقيّ 5:174 بتفاوت فيه.
2- 2) صحيح مسلم 1:424 الحديث 608،سنن أبي داود 1:112 الحديث 412،سنن الترمذيّ 1:353 الحديث 186،سنن النسائيّ 1:273،سنن الدارميّ 1:278، [1]مسند أحمد 2:462، [2]سنن البيهقيّ 1: 368،المصنّف لعبد الرزّاق 1:584 الحديث 2224.
3- 3) المغني 3:442،الشرح الكبير بهامش المغني 3:444،عمدة القارئ 10:5.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:405-406،بدائع الصنائع 2:127،الهداية للمرغينانيّ 1:167،شرح فتح القدير 2: 467،مجمع الأنهر 1:294،عمدة القارئ 10:5.
5- 5) المغني 3:442،الشرح الكبير بهامش المغني 3:444،الكافي لابن قدامة 1:599،الإنصاف 4:30، زاد المستقنع:33.
6- 6) الأمّ 2:212،حلية العلماء 3:339،المجموع 8:102، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:364،مغني المحتاج 1:498،السراج الوهّاج:162.
7- 7) سنن الدارقطنيّ 2:244 الحديث 37 و 39،سنن البيهقيّ 5:152 بتفاوت.

قال:سألته عمّن أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس،قال:«عليه بدنة ينخرها يوم النحر،فإن لم يقدر،صام ثمانية عشر يوما بمكّة أو في الطريق أو في أهله» (1).

فروع:
الأوّل:لو أفاض قبل الغروب ساهيا،لم يكن عليه شيء

؛لأنّ الكفّارة تترتّب على الذنب و لم يثبت هنا،و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن مسمع بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس،قال:«إذا كان جاهلا،فلا شيء عليه،و إن كان متعمّدا،فعليه بدنة» (2).

الثاني:لو لم يتمكّن من بدنة،صام ثمانية عشر يوما

على ما تضمّنته رواية ضريس عن الباقر عليه السلام (3).

الثالث:لو عاد نهارا فوقف حتّى غربت الشمس،فلا دم عليه

.و به قال مالك (4)، و الشافعيّ (5)تفريعا على الوجوب عنده،و أحمد (6).

و قال الكوفيّون،و أبو ثور:عليه دم (7).

ص:59


1- 1التهذيب 5:186 الحديث 620،الوسائل 10:30 الباب 23 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:187 الحديث 621،الوسائل 10:30 الباب 23 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:186 الحديث 620،الوسائل 10:30 الباب 23 من أبواب إحرام الحجّ و الموقوف بعرفة الحديث 3.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:413،بداية المجتهد 1:348-349،بلغة السالك 1:277.
5- 5) الأمّ 2:212،حلية العلماء 3:339،المهذّب للشيرازيّ 1:226،المجموع 8:102،فتح العزيز بهامش المجموع 7:364،مغني المحتاج 1:498،السراج الوهّاج:162.
6- 6) المغني 3:442،الشرح الكبير بهامش المغني 3:444،الكافي لابن قدامة 1:599،الإنصاف 4:30- 31.
7- 7) المغني 3:442،الشرح الكبير بهامش المغني 3:444.

لنا:أنّه أتى بالواجب و هو الجمع بين الوقوف في الليل و النهار،فلم يجب عليه دم،كمن تجاوز الميقات غير محرم ثمّ رجع فأحرم منه.

و لأنّ الواجب عليه الوقوف حالة الغروب و قد فعله.

و لأنّه لو لم يقف أوّلا ثمّ أتى قبل غروب الشمس و وقف حتّى تغرب،لم يجب عليه شيء،فكذا هنا.

الرابع:لو كان عوده بعد الغروب،لم يسقط عنه الدم

.و به قال أحمد (1).

و قال الشافعيّ:يسقط الدم (2).

لنا:أنّ الواجب عليه الوقوف حالة الغروب و قد فاته بغروبه،فأشبه من تجاوز الميقات غير محرم فأحرم دونه.

الخامس:لو لم يأت عرفات نهارا،أو جاء بعد غروب الشمس و وقف بها،صحّ

حجّه

و لا شيء عليه،و هو قول علماء الإسلام كافّة؛لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحجّ» (3).

و لأنّه لم يدرك جزءا من النهار،فأشبه من منزله دون الميقات إذا أحرم منه.

السادس:لو لم يقف بها نهارا و وقف ليلا،أجزأه

على ما بيّنّاه،و جاز له أن يدفع من عرفات أيّ وقت شاء بلا خلاف،و لا دم عليه إجماعا.

لا يقال:إنّه وقف أحد الزمانين،فوجب الدم كما قلتم (4)إذا وقف نهارا و أفاض قبل الليل.

ص:60


1- 1المغني 3:442،الشرح الكبير بهامش المغني 3:444.
2- 2) المجموع 8:102،فتح العزيز بهامش المجموع 7:364،مغني المحتاج 1:498،السراج الوهّاج: 162.
3- 3) سنن الدارقطنيّ 2:241 الحديث 21،سنن البيهقيّ 5:174.
4- 4) كثير من النسخ:قلت.

لأنّا نقول:الفرق بينهما أنّ من أدرك النهار،أمكنه (1)الوقوف إلى الليل و الجمع بين الليل و النهار،فتعيّن ذلك عليه،فإذا تركه،لزمه الدم،أمّا من أتاها ليلا فلا يمكنه الوقوف نهارا،فلم يتعيّن عليه،فلا يجب الدم بتركه.

السابع:لو غمّ الهلال ليلة الثلاثين من ذي القعدة،فوقف الناس يوم التاسع من

ذي الحجّة

،ثمّ قامت البيّنة أنّه يوم العاشر قال الشافعيّ:أجزأهم؛لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«حجّكم يوم تحجّون» (2).

و لأنّ ذلك لا يؤمن مثله في القضاء مع اشتماله على المشقّة العظيمة الحاصلة من السفر الطويل و إنفاق المال الكثير (3).

قال:و لو وقفوا يوم التروية،لم يجزئهم؛لأنّه لا يقع فيه الخطأ؛لأنّ نسيان العدد لا يتصوّر من العدد الكثير،و العدد القليل لا يعذرون في ذلك؛لأنّهم مفرطون، و يأمنون ذلك في القضاء (4).

و لو شهد شاهدان عشيّة عرفة برؤية الهلال و لم يبق من النهار و الليل ما يمكن الإتيان (5)إلى عرفة،قال:وقفوا من الغداة (6).

و لو أخطأ الناس أجمع في العدد فوقفوا في غير ليلة (7)عرفة قال بعض الجمهور:يجزئهم؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«يوم عرفة الذي يعرّف الناس

ص:61


1- 1خا:و أمكنه.
2- 2) فتح العزيز بهامش المجموع 7:365.
3- 3) المجموع 8:292،فتح العزيز بهامش المجموع 7:364-366،مغني المحتاج 1:498-499، السراج الوهّاج:163.
4- 4) ينظر:المجموع 8:293،فتح العزيز بهامش المجموع 7:366.
5- 5) كثير من النسخ:الانتقال،مكان:الإتيان.
6- 6) المجموع 8:293، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:366. [2]
7- 7) كذا في النسخ و الأنسب:يوم.

فيه» (1).

و إن اختلفوا فأصاب بعضهم و أخطأ بعض وقت الوقوف،لم يجزئهم؛لأنّهم غير معذورين في هذا (2).

و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«فطركم يوم تفطرون و أضحاكم يوم تضحّون» (3).و في الكلّ إشكال.

الثامن:لو شهد واحد أو اثنان برؤية هلال ذي الحجّة و ردّ الحاكم شهادتهما

، وقفوا يوم التاسع على وفق رؤيتهم و إن وقف الناس يوم العاشر عندهما.و به قال الشافعيّ (4).

و قال محمّد بن الحسن في حكاية عنه:لا يجزئه حتّى يقف مع الناس يوم العاشر (5).

لنا:أنّه يتيقّن (6)أنّ هذا يوم عرفة،فلزمه الوقوف،كما لو قبلت شهادته.

و لأنّه لو رأى الهلال و ردّ الحاكم شهادته،لزم الصيام و إن وقع الخلاف في وجوب الكفّارة،فكذا هنا.

احتجّ محمّد:بأنّ الوقوف لا يكون في يومين،و قد ثبت في حقّ الجماعة يوم العاشر (7).

ص:62


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:223 الحديث 33،سنن البيهقيّ 5:176،كنز العمّال 5:65 الحديث 12071.
2- 2) المجموع 8:292،فتح العزيز بهامش المجموع 7:364-365.
3- 3) سنن أبي داود 2:297 الحديث 2324، [1]سنن الترمذيّ 3:80 الحديث 697 [2] بتفاوت فيه،سنن الدارقطنيّ 2:224 و 225 الحديث 35 و 36،سنن البيهقيّ 5:175 و 176،كنز العمّال 8:488 الحديث 23761 و 23762.
4- 4) حلية العلماء 3:339،المجموع 8:292،فتح العزيز بهامش المجموع 7:366.
5- 5) بدائع الصنائع 2:126،حلية العلماء 3:339،المجموع 8:292.
6- 6) كثير من النسخ:تيقّن.
7- 7) بدائع الصنائع 2:126.

و الجواب:المنع من كونه لا يقع في يومين مطلقا،بل ذلك ثابت في حقّ شخص شخص،أمّا بالنسبة إلى شخصين فلا استبعاد فيه؛لاختلاف سبب الوجود في حقّهما،كصوم رمضان.

مسألة:و عرفة كلّها موقف،يصحّ الوقوف في أيّ حدّ شاء منها

.و هو قول علماء الإسلام.

روى الجمهور عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفة،و قد أردف أسامة بن زيد،فقال:«هذا الموقف و كلّ عرفة موقف» (1).

أو قال عليه السلام:«عرفة كلّها موقف و ارتفعوا عن وادي عرنة،و المزدلفة كلّها موقف و ارتفعوا عن بطن محسّر» (2).

و عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام (3)،عن أبيه الباقر عليه السلام،عن جابر لمّا وصف حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«كلّ عرفة موقف،و كلّ منى منحر،و كلّ المزدلفة موقف،و كلّ فجاج مكّة طريق و منحر» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفات فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته فيقفون إلى جانبها،فنحّاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،

ص:63


1- 1سنن أبي داود 2:193 الحديث 1935 [1] بتفاوت فيه،سنن الترمذيّ 3:232 الحديث 885، [2]سنن ابن ماجة 2:1001 الحديث 3010،كنز العمّال 5:62 الحديث 12054،12055 و ص 284 الحديث 12903.
2- 2) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1937، [3]سنن ابن ماجة 2:1002 الحديث 3012،سنن الدارميّ 2: 57، [4]الموطّأ 1:388 الحديث 166، [5]مسند أحمد 4:82، [6]سنن البيهقيّ 5:115،كنز العمّال 5:61 الحديث 12050،12051،12052،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:141 الحديث 11408،مجمع الزوائد 3:251.
3- 3) خا:عليهما السلام.
4- 4) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1937، [7]سنن البيهقيّ 5:239،كنز العمّال 5:61 الحديث 12049.

ففعلوا مثل ذلك،فقال:«أيّها الناس إنّه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف و لكن هذا كلّه موقف»و أشار بيده إلى الموقف،فقال:«هذا كلّه موقف» (1)،فتفرّق الناس.

و فعل ذلك بالمزدلفة،و قال عليه السلام:«عرفة كلّها موقف،و لو لم يكن إلاّ ما تحت خفّ ناقتي لم يسع الناس ذلك»رواه ابن بابويه رحمه اللّه (2).

مسألة:و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة و نمرة إلى ذي المجاز

،فلا يجوز الوقوف في هذه الحدود و لا تحت الأراك؛فإنّ هذه المواضع ليست من عرفات، فلو وقف بها،بطل حجّه.و به قال الجمهور كافّة،إلاّ ما حكي عن مالك أنّه لو وقف ببطن عرنة،أجزأه و لزمه الدم. (3).

قال ابن عبد البرّ:أجمع الفقهاء على أنّه لو وقف ببطن عرنة،لم يجزئه (4).

لنا:أنّ هذه حدود و ليست من عرفة.و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«كلّ عرفة موقف،و ارتفعوا عن بطن عرنة» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة و نمرة إلى ذي المجاز و خلف الجبل (6)موقف» (7).

ص:64


1- 1التهذيب 5:180 الحديث 604،الوسائل 10:13 الباب 11 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [1]
2- 2) الفقيه 2:281 ضمن الحديث 1377.
3- 3) حلية العلماء 3:337،المغني و الشرح الكبير 3:436،المجموع 8:109 و 120،عمدة القارئ 10:5.
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:436.
5- 5) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1937، [2]سنن ابن ماجة 2:1002 الحديث 3012،الموطّأ 1:388 الحديث 166، [3]سنن الدارميّ 2:57،مسند أحمد 4:82، [4]سنن البيهقيّ 5:115،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:141 الحديث 11408،مجمع الزوائد 3:251.
6- 6) كثير من النسخ:«من خلف»مكان:«و خلف».
7- 7) التهذيب 5:179 الحديث 600،الوسائل 10:10 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [5]

و عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«حدّ عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف» (1).

و في الموثّق عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ارتفعوا عن وادي عرنة بعرفات» (2).

و عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و اتّق الأراك و نمرة و بطن عرنة و ثويّة و ذا المجاز؛فإنّه ليس من عرفة فلا تقف فيه» (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ أصحاب الأراك الذين ينزلون تحت الأراك لا حجّ لهم» (4)يعني من وقف تحت الأراك.

مسألة:و ينبغي أن يقف على السهل،و يستحبّ أن يقف على ميسرة الجبل

و لا يرتفع إلى الجبل إلاّ عند الضرورة إلى ذلك؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفة في ميسرة الجبل.أمّا مع الضرورة فإنّه يجوز الارتفاع إلى الجبل.

رواه الشيخ-في الصحيح-عن إسحاق بن عمّار،قال:«سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحبّ إليك أم على الأرض؟فقال:

«على الأرض» (5).

ص:65


1- 1التهذيب 5:179 الحديث 601،الوسائل 10:11 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 5:180 الحديث 602،الوسائل 10:11 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 5:180 الحديث 604،الوسائل 10:11 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 6. [3]
4- 4) التهذيب 5:181 الحديث 606،الوسائل 10:11 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [4]
5- 5) التهذيب 5:180 الحديث 603،الوسائل 10:11 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 5. [5]

و عن سماعة بن مهران،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إذا كثر الناس بمنى و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟فقال:«يرتفعون إلى وادي محسّر»قلت:فإذا كثروا بجمع و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟قال:«يرتفعون إلى المأزمين»قلت:فإذا كانوا بالموقف و كثروا (1)فكيف يصنعون؟فقال:«يرتفعون إلى الجبل» (2).

مسألة:يجوز النزول تحت الأراك إلى أن تزول الشمس

،ثمّ يمضي إلى الموقف فيقف هناك؛لما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا ينبغي الوقوف تحت الأراك،فأمّا النزول تحته حتّى تزول الشمس و تنهض إلى الموقف فلا بأس» (3).

و المستحبّ أن يضرب خباءه أو قبّته بنمرة دون عرنة و دون الموقف،كما فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4)،فإذا جاء وقت الوقوف،مضى و وقف في الموقف.

مسألة:و يستحبّ له إن وجد خللا أن يسدّه بنفسه و رحله

،قال اللّه تعالى:

كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (5)فوصفهم بالاجتماع.

و روى الشيخ عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و إذا رأيت خللا فتقدّم فسدّه (6)بنفسك و راحلتك،فإنّ اللّه تعالى يحبّ أن تسدّ تلك

ص:66


1- 1في المصادر بزيادة:و ضاق عليهم.
2- 2) التهذيب 5:180 الحديث 604،الوسائل 10:13 الباب 11 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 5:181 الحديث 605،الوسائل 10:12 الباب 10 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 7. [2]
4- 4) صحيح مسلم 2:886 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:182 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1022-1027 الحديث 3074.
5- 5) الصفّ(61):4. [3]
6- 6) بعض النسخ:«و سدّه».

الخلال» (1).

و يستحبّ له أن يقرب من الجبل؛لما رواه الشيخ عن عليّ بن عبد اللّه الأزديّ (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و ما قرب من الجبل فهو أفضل» (3).

فصل

روى الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن الحكم و حفص أنّهما سألا أبا عبد اللّه

عليه السلام أيّما أفضل الحرم أو عرفة؟

فقال:«الحرم»فقيل:كيف لم تكن عرفات في الحرم؟قال:«هكذا جعلها اللّه» (4).

فصل

و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه

عليه السلام،قال:«اليوم المشهود يوم عرفة»

(5).

فصل

و روى الشيخ عن عبد الرحمن بن سيابة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

غسل يوم عرفة في الأمصار

،فقال:«اغتسل أينما كنت» (6).

ص:67


1- 1التهذيب 5:180 الحديث 604،الوسائل 10:15 الباب 13 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة ذيل الحديث 2. [1]
2- 2) مرّ ذكره في صفحة 47 أيضا،و قلنا:لم نعثر على وجود شخص بعنوان:عليّ بن عبد اللّه،راجع و تأمّل.
3- 3) التهذيب 5:184 الحديث 613 فيه:عامر بن عبد اللّه بن جذاعة الأزديّ،الوسائل 10:19 الباب 16 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:478 الحديث 1694،الوسائل 9:381 الباب 44 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 5:479 الحديث 1695،الوسائل 10:26 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 15. [4]
6- 6) التهذيب 5:479 الحديث 1696،الوسائل 10:10 الباب 9 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [5]فيه:عن عبد اللّه بن سيارة(سنان).
فصل

و روي عن إبراهيم بن أبي البلاد،قال:حدّثني أبو بلال المكّيّ ،قال:رأيت

أبا عبد اللّه عليه السلام بعرفة أتى بخمسين نواة

(1)

،و كان يصلّي بقل هو اللّه أحد،و صلّى مائة ركعة بقل هو اللّه أحد و ختمها بآية الكرسيّ،فقلت له:جعلت فداك ما رأيت أحدا منكم صلّى هذه الصلاة هنا،فقال:«ما شهد هذا الموضع نبيّ و لا وصيّ نبيّ إلاّ صلّى هذه الصلاة» (2).

فصل

و روي عن طلحة بن زيد،عن أبيه،عن عليّ عليه السلام أنّه قال:«لا عرفة إلاّ

بمكّة

،و لا بأس أن يجتمعوا في الأمصار يوم عرفة يدعون اللّه» (3).

فصل

و روى الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه

عليه السلام،قال:«لا بأس أن يصلّي الرجل إذا أمسى بعرفة»

(4).

ص:68


1- 1أبو بلال المكّيّ:قال المامقانيّ:لم نقف فيه إلاّ على رواية الكلينيّ في باب حجّ آدم عليه السلام(الكافي 4:194 الحديث 5)و [1]حجّ الأنبياء(الكافي 4:214 الحديث 9)و [2]ليس له ذكر في كتب الرجال فهو مهمل، و قال السيّد الخوئيّ:روى عن أبي عبد اللّه و روى عنه إبراهيم بن أبي البلاد. تنقيح المقال 3:7 باب الكنى، [3]معجم رجال الحديث 22:78. [4]
2- 2) التهذيب 5:479 الحديث 1697،الوسائل 10:18 الباب 15 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 1. [5]
3- 3) التهذيب 5:479 الحديث 1699،الوسائل 10:32 الباب 25 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [6]
4- 4) التهذيب 5:480 الحديث 1701،الاستبصار 2:255 الحديث 898،الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [7]

الفصل الثالث

اشارة

في الوقوف بالمشعر الحرام و فيه مباحث

البحثالأوّل
اشارة

إذا غربت الشمس في عرفات،فليفض منها قبل الصلاة إلى المشعر الحرام

.

و يستحبّ له إذا أراد الإفاضة أن يدعو بما رواه الشيخ عن أبي بصير-في الموثّق-عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا غربت الشمس فقل:اللهمّ لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف،و ارزقنيه (1)أبدا ما أبقيتني،و اقلبني اليوم مفلحا منجحا مستجابا لي مرحوما مغفورا،بأفضل ما ينقلب به اليوم أحد من و فدك عليك، و أعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من الخير و البركة و الرحمة و الرضوان و المغفرة،و بارك لي فيما أرجع إليه من أهل و مال،أو قليل أو كثير،و بارك لهم فيّ» (2).

مسألة:و يستحبّ له أن يقتصد في السير،و أن يسير سيرا جميلا

،و عليه السكينة و الوقار،و يستغفر اللّه تعالى و يكثر من الاستغفار.

روى الجمهور في حديث جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام،عن جابر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:حتّى دفع و قد شنق

ص:69


1- 1في المصادر بزيادة:من قابل.
2- 2) التهذيب 5:187 الحديث 622،الوسائل 10:31 الباب 24 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 2. [1]

القصواء (1)بالزمام حتّى أنّ رأسها ليصيب مورك (2)رحله و يقول بيده اليمنى:«أيّها الناس السكينة السكينة» (3).

و عن ابن عبّاس أنّه دفع مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم عرفة،فسمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وراءه زجرا شديدا و ضربا للإبل،فأشار بسوطه إليهم و قال:

«أيّها الناس عليكم بالسكينة،فإنّ البرّ ليس بإيضاع الإبل» (4).

و سئل أسامة:كيف كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسير في حجّة الوداع؟ قال:كان يسير العنق،فإذا وجد فجوة نصّ (5)،أي رفع في السير،و النصّ مأخوذ من الرفع؛لأنّه رفع في بيانه (6)إلى أقصى غايته.

و عن عليّ عليه السلام:«إنّ (7)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دفع و عليه السكينة و الوقار» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:

ص:70


1- 1شنقت البعير:إذا كففته بزمامه و أنت راكبه،و القصواء:لقب ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. النهاية لابن الأثير 2:506 و ج 4:75. [1]
2- 2) المورك:المرفقة التي تكون عند قادمة الرحل،يضع الراكب رجله عليها ليستريح من وضع رجله في الركاب.أراد أنّه قد بالغ في جذب رأسها إليه ليكفّها عن السير.النهاية لابن الأثير 5:176. [2]
3- 3) صحيح مسلم 2:890 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905، [3]سنن ابن ماجة 2: 1025 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:44-49، [4]سنن البيهقيّ 5:118.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:201.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:200،صحيح مسلم 2:936 الحديث 1286،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1923، [5]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3017،سنن النسائيّ 5:258،سنن الدارميّ 2:57، [6]سنن البيهقيّ 5:119،كنز العمّال 5:197 الحديث 12595،عمدة القارئ 10:6،المصباح المنير:608 و فيه:إذا وجد فرجة نصّ،النهاية لابن الأثير 5:64. [7]
6- 6) كثير من النسخ:في ثيابه،مكان:في بيانه.
7- 7) ع:على أنّ،مكان:و عن عليّ عليه السلام إنّ.
8- 8) لم نعثر عليه.

قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا غربت الشمس فأفض مع الناس و عليك السكينة و الوقار،و أفض من حيث أفاض الناس،و استغفر اللّه إنّ اللّه غفور رحيم،فإذا انتهيت إلى الكثيب (1)الأحمر عن يمين الطريق فقل:اللهمّ ارحم موقفي و زد في عملي و سلّم ديني و تقبّل مناسكي،و إيّاك و الوصف (2)الذي يصنعه كثير من الناس، فإنّه بلغنا أنّ الحجّ ليس بوصف الخيل،و لا إيضاع (3)الإبل،و لكن اتّقوا اللّه و سيروا سيرا جميلا،و لا توطئوا ضعيفا و لا توطئوا مسلما،و اقتصدوا في السير؛فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقف (4)ناقته،حتّى كان يصيب رأسها مقدّم الرحل،و يقول:

أيّها الناس عليكم بالدعة (5)فسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تتّبع»قال معاوية بن عمّار:و سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«اللهمّ أعتقني من النار»يكرّرها حتّى إذا أفاض الناس،قلت:ألا تفيض قد أفاض الناس؟قال:«إنّي أخاف الزحام و أخاف أن أشرك في عنت (6)إنسان» (7).

مسألة:و لا ينبغي أن يلبّي في سيره

.لأنّا قد بيّنّا أنّ الحاجّ يقطع التلبية يوم عرفة (8).و استحبّ أحمد التلبية (9).و ليس بشيء.

ص:71


1- 1الكثيب:التلّ من الرمل.أقرب الموارد 2:1067.
2- 2) وصفت الناقة:أجادت السير و جدّت فيه،و في التهذيب:«و الوضيف».وضف البعير:أسرع.أقرب الموارد 2:1457 و 1462.و في الكافي 4:467:«و [1]الوجيف»في الموضعين و هو كما في النهاية: [2]ضرب من السير سريع.النهاية لابن الأثير 5:157. [3]
3- 3) وضع البعير و أوضعه راكبه:إذا حمله على سرعة السير.النهاية لابن الأثير 5:196. [4]
4- 4) ع:«يوقف».
5- 5) في النسخ:«بالدعاء»و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) في النسخ:«عيب»و ما أثبتناه من المصادر.العنت:المشقّة و الفساد،و الهلاك،و الإثم و الغلط،و الخطأ و الزنا،كلّ ذلك قد جاء.النهاية لابن الأثير 3:306. [5]
7- 7) التهذيب 5:187 الحديث 623،الوسائل 10:34 الباب 2 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [6]
8- 8) يراجع:الجزء العاشر ص 239.
9- 9) المغني 3:446،الشرح الكبير بهامش المغني 3:445،الكافي لابن قدامة 1:599، [7]الإنصاف 4:35.

و يستحبّ أن يمضي على طريق المأزمين؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلك هذا (1)الطريق،و إن سلك غيرها،جاز.

و يستحبّ له الإكثار من ذكر اللّه تعالى،قال اللّه تعالى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَ اذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ (2).

و لأنّه زمن الاستشعار بطاعة اللّه تعالى و التلبّس بعبادته و السعي إلى شعائره.

مسألة:و ينبغي له أن يصلّي المغرب و العشاء بالمزدلفة و إن ذهب ربع الليل

أو ثلثه

.أجمع عليه أهل العلم كافّة،رواه الجمهور عن الصادق عليه السلام،عن جابر (3).

و عن ابن عمر (4)،و أسامة (5)،و أبي أيّوب (6)و غيرهم في أحاديث صحيحة، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه جمع بينهما بمزدلفة (7).

ص:72


1- 1ح و ع:هذه.
2- 2) البقرة(2):198. [1]
3- 3) صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الترمذيّ 3:235 ذيل الحديث 888، [2]سنن الدارميّ 2:48، [3]سنن البيهقيّ 5: 121.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:201،صحيح مسلم 2:937 الحديث 1287،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1926،سنن الترمذيّ 3:235 الحديث 887 و 888، [4]سنن النسائيّ 5:260،الموطّأ 1:400 الحديث 196، [5]سنن البيهقيّ 5:121.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:47 و ج 2:201،صحيح مسلم 2:934 الحديث 1280،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1925، [6]سنن الترمذيّ 2:235 ذيل الحديث 888، [7]سنن ابن ماجة 2:1005 الحديث 3019، الموطّأ 1:400 الحديث 197، [8]سنن البيهقيّ 5:119-120.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:201-202،صحيح مسلم 2:937 الحديث 1287،سنن الترمذيّ 3:235 ذيل الحديث 888،سنن ابن ماجة 2:1005 الحديث 3020،الموطّأ 1:401 الحديث 198،سنن البيهقيّ 5: 120.
7- 7) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1934.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا تصلّ المغرب حتّى تأتي جمعا،و إن ذهب ثلث الليل» (1).

و في الحسن عن الحلبيّ و معاوية،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تصلّ المغرب حتّى تأتي جمعا،فصلّ بها المغرب و العشاء الآخرة بأذان واحد و إقامتين، فانزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر» (2).

و عن زرعة،عن سماعة،قال:سألته عن الجمع بين المغرب و العشاء الآخرة بجمع،فقال:«لا تصلّهما حتّى تنتهي إلى جمع و إن مضى من الليل ما مضى؛فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمعهما بأذان واحد و إقامتين،كما جمع بين الظهر و العصر بعرفات» (3).و لا نعرف في مشروعيّة تأخير المغرب و العشاء عن وقتهما الأوّل إلى المزدلفة خلافا.

فروع:
الأوّل:يستحبّ أن يؤذّن للأولى،و يقيم و يصلّيها،ثمّ يقيم للعشاء من غير أذان

و يصلّيها

،قاله علماؤنا،و هو أحد أقوال الشافعيّ (4)،و اختاره أبو ثور،و ابن المنذر (5)،و أحمد في إحدى الروايات.

ص:73


1- 1التهذيب 5:188 الحديث 625،الاستبصار 2:254 الحديث 895،الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:188 الحديث 626،الوسائل 10:40 الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 5:188 الحديث 624،الاستبصار 2:254 الحديث 894،الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [3]
4- 4) الأمّ 2:212،حلية العلماء 2:37 و ج 3:339،المهذّب للشيرازيّ 1:55،المجموع 3:86،فتح العزيز بهامش المجموع 3:155-156، [4]مغني المحتاج 1:135.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:447،عمدة القارئ 10:12.

و قال في الأخرى:يقيم لكلّ صلاة إقامة (1).و به قال الشافعيّ (2)أيضا، و إسحاق،و سالم،و القاسم بن محمّد،و هو قول ابن عمر (3).

و قال الثوريّ:يقيم للأولى من غير أذان،و يصلّي الأخرى بغير أذان و لا إقامة، و هو مرويّ عن ابن عمر أيضا (4)،و أحمد (5).

و قال مالك:يجمع بينهما بأذانين و إقامتين (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن جعفر بن محمّد عليهما السلام،عن جابر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين (7).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث الحلبيّ و سماعة (8)،و ما رواه الشيخ- في الصحيح-عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«صلاة المغرب و العشاء بجمع بأذان واحد و إقامتين،و لا تصلّ بينهما شيئا»و قال:«هكذا صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (9).

احتجّ أحمد (10):بما رواه أسامة بن زيد قال:دفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من عرفة حتّى إذا كان بالشعب نزل فبال ثمّ توضّأ،فقلت له:الصلاة يا رسول اللّه،

ص:74


1- 1المغني و الشرح الكبير 3:446 و 447،الكافي لابن قدامة 1:129،الإنصاف 1:422،زاد المستقنع:10.
2- 2) الأمّ 1:86،حلية العلماء 2:36 و ج 3:339،المهذّب للشيرازيّ 1:55،المجموع 3:86.
3- 3) المغني 3:447،الشرح الكبير بهامش المغني 3:446،عمدة القارئ 10:12. [1]
4- 4) المغني 3:447،الشرح الكبير بهامش المغني 3:446،عمدة القارئ 10:12.
5- 5) المغني 3:447،الشرح الكبير بهامش المغني 3:446،الإنصاف 1:422، [2]عمدة القارئ 10:12.
6- 6) بداية المجتهد 1:347،المجموع 8:149، [3]عمدة القارئ 10:12.
7- 7) صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [4]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48، [5]سنن البيهقيّ 5:121.
8- 8) يراجع:ص 73. [6]
9- 9) التهذيب 5:190 الحديث 630،الاستبصار 2:255 الحديث 899،الوسائل 10:40 الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [7]
10- 10) المغني و الشرح الكبير 3:447.

فقال:«الصلاة أمامك»فركب فلمّا جاء مزدلفة نزل فتوضّأ فأسبغ الوضوء ثمّ أقيمت الصلاة فصلّى المغرب،ثمّ أناخ كلّ إنسان بعيره في مبركه ثمّ أقيمت الصلاة فصلّى و لم يصلّ بينهما (1).

و احتجّ الثوريّ (2):بما رواه ابن عمر،قال:جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين المغرب و العشاء بجمع صلّى المغرب ثلاثا،و العشاء ركعتين بإقامة واحدة (3).

احتجّ مالك:بأنّ عمر و ابن مسعود أذّنا أذانين و إقامتين (4).

و الجواب عن هذه الأحاديث:أنّ روايتنا تضمّنت الزيادة،فكانت أولى،و أيضا فهو معتبر بسائر الفوائت و المجموعات؛فإنّه ينبغي الجمع بينهما بأذان و إقامتين، و أمّا قول مالك فهو ضعيف؛لأنّه مخالف للإجماع.

قال ابن عبد البرّ:لا أعلم فيما قاله مالك حديثا مرفوعا بوجه من الوجوه (5).

و أمّا عمر فإنّما أمر بالتأذين للثانية؛لأنّ الناس كانوا قد تفرّقوا لعشائهم،فأذّن لجمعهم (6).

الثاني:لا ينبغي أن يصلّي بينهما شيئا من النوافل

،و هو وفاق؛لما تقدّم في حديث جابر و أسامة (7).

ص:75


1- 1صحيح البخاريّ 1:47 و ج 2:201،صحيح مسلم 2:934 الحديث 1280،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1925، [1]سنن ابن ماجة 2:1005 الحديث 3019،الموطّأ 1:400 الحديث 197، [2]سنن البيهقيّ 5:119.
2- 2) المغني 3:447،الشرح الكبير بهامش المغني 3:446،عمدة القارئ 10:12.
3- 3) صحيح مسلم 2:938 الحديث 1288،سنن أبي داود 2:192 الحديث 1931، [3]مسند أحمد 2:34، [4]سنن البيهقيّ 5:121.
4- 4) بداية المجتهد 1:347،المجموع 8:149.
5- 5) المغني 3:448،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،عمدة القارئ 10:12.
6- 6) المغني 3:448،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447.
7- 7) يراجع:ص 74. [5]

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث منصور بن حازم (1)،و ما رواه عنبسة بن مصعب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إذا صلّيت المغرب بجمع أصلّي الركعات بعد المغرب؟قال:«لا،صلّ المغرب و العشاء ثمّ تصلّي الركعات بعد» (2).

الثالث:لو صلّى بينهما شيئا من النوافل،لم يكن مأثوما

؛لأنّ الجمع مستحبّ، فلا يترتّب على تركه إثم.

و ما رواه الجمهور عن ابن مسعود أنّه كان يتطوّع بينهما،و رواه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبان بن تغلب،قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام المغرب بالمزدلفة،فقام فصلّى المغرب ثمّ صلّى العشاء الآخرة و لم يركع فيما بينهما،ثمّ صلّيت خلفه بعد ذلك بسنة،فلما صلّى المغرب قام فتنفّل بأربع ركعات (4).

الرابع:لو ترك الجمع فصلّى المغرب في وقتها،و العشاء في وقتها،

صحّت صلاته و لا إثم عليه

.ذهب إليه علماؤنا،و به قال عطاء،و عروة،و القاسم بن محمّد،و سعيد بن جبير (5)،و مالك (6)،و الشافعيّ (7)،و إسحاق،و أبو ثور (8)،

ص:76


1- 1يراجع:ص 74. [1]
2- 2) التهذيب 5:190 الحديث 631،الاستبصار 2:255 الحديث 900،الوسائل 10:41 الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [2]
3- 3) المغني 3:448،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:447.
4- 4) التهذيب 5:190 الحديث 632،الاستبصار 2:256 الحديث 901،الوسائل 10:41 الباب 6 [4] من، أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5.
5- 5) المغني 3:449،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،المجموع 8:148،عمدة القارئ 10:12.
6- 6) بلغة السالك 1:279،المغني 3:449،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،حلية العلماء 30:339.
7- 7) حلية العلماء 3:339،المهذّب للشيرازيّ 1:2270،المجموع 8:134.
8- 8) المغني 3:449،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،عمدة القارئ 10:12.

و أحمد (1)،و أبو يوسف،و ابن المنذر (2).

و قال أبو حنيفة (3)،و الثوريّ،و محمّد:لا يجزئه (4).

لنا:أنّ كلّ صلاتين جاز الجمع بينهما،جاز التفريق بينهما،كالظهر و العصر بعرفة،و ما تقدّم من الأخبار (5).

احتجّوا (6):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الصلاتين،فكان نسكا، و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (7).

و لأنّه قال لأسامة:«الصلاة أمامك» (8).

و الجواب:أنّه محمول على الاستحباب؛لئلاّ ينقطع سيره.

الخامس:لو فاته مع الإمام الجمع،جمع منفردا

،و هو قول العلماء كافّة؛لأنّ الثانية منهما تصلّى في وقتها،بخلاف العصر مع الظهر عند المخالف.

السادس:لو عاقه في الطريق عائق و خاف أن يذهب أكثر الليل،صلّى في الطريق

ص:77


1- 1المغني 3:449،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،الكافي لابن قدامة 1:600.
2- 2) المغني 3:449،الشرح الكبير بهامش المغني 3:447،حلية العلماء 3:340،عمدة القارئ 10:12.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:62،بدائع الصنائع 2:155،الهداية للمرغينانيّ 1:146، [1]شرح فتح القدير 2: 377-378،مجمع الأنهر 1:278،عمدة القارئ 10:11. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:62،بدائع الصنائع 2:155،الهداية للمرغينانيّ 1:146،شرح فتح القدير 2: 377-378.
5- 5) يراجع:الجزء الرابع ص 57 و 78.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:62،بدائع الصنائع 2:155،الهداية للمرغينانيّ 1:146،شرح فتح القدير 2: 378.
7- 7) سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366،سنن البيهقيّ 5:125.و من طريق الخاصّة،ينظر: عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [3]
8- 8) صحيح البخاريّ 1:47 و ج 2:201،صحيح مسلم 2:934 الحديث 1280،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1925،سنن ابن ماجة 2:1005 الحديث 3019،الموطّأ 1:400 الحديث 197،سنن البيهقيّ 5:119.

الطريق؛لئلاّ يفوت الوقت.رواه الشيخ عن محمّد بن سماعة بن مهران (1)،قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الرجل يصلّي المغرب و العتمة في الموقف؟قال:«قد فعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،صلاّهما في الشعب» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«عثر محمل أبي (3)بين عرفة و المزدلفة،فنزل فصلّى المغرب،و صلّى العشاء بالمزدلفة» (4).

و في الصحيح عن هشام بن الحكم (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس أن يصلّي الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة» (6).

السابع:ينبغي أن يصلّي نوافل المغرب بعد العشاء

،و لا يفصل بين الصلاتين،

ص:78


1- 1محمّد بن سماعة بن مهران،كذا عنونه الأردبيليّ و نقل عنه روايات،و تعجّب المامقانيّ منه و قال:إنّ محمّد بن سماعة بن مهران لا وجود له أصلا فضلا عن كون الروايات له و أنّ الأخبار المزبورة لمحمّد بن سماعة الصيرفيّ.و قال السيّد الخوئيّ:إنّ محمّد بن سماعة الذي وقع في أسناد الروايات من غير تقييد لا شكّ في انصرافه إلى محمّد بن سماعة بن موسى فإنّه المشهور المعروف،و ما جاء فيه عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن محمّد بن سماعة بن مهران(التهذيب 5:189 الحديث 627)الظاهر وقوع التحريف فيه؛ و الصحيح:عن محمّد بن سماعة عن سماعة بن مهران. جامع الرواة 2:123،تنقيح المقال 3:124، [1]معجم رجال الحديث 16:152 و 154. [2]
2- 2) التهذيب 5:189 الحديث 627،الاستبصار 2:255 الحديث 896،الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [3]
3- 3) في النسخ:«عبر محمّد أبي»مكان:«عثر محمل أبي».
4- 4) التهذيب 5:189 الحديث 628،الاستبصار 2:255 الحديث 897،الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [4]
5- 5) في الاستبصار:أبي الحكم.
6- 6) التهذيب 5:189 الحديث 629 و ص 480 الحديث 1701،الاستبصار 2:255 الحديث 898، الوسائل 10:39 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [5]

و لو فعل،جاز،لكنّ (1)الأوّل أولى؛لرواية أبان و غيره (2).

و ينبغي أن يصلّي قبل حطّ الرحال؛لرواية أسامة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أقام للمغرب،ثمّ أناخ الناس في منازلهم و لم يحلّوا حتّى أقام العشاء الآخرة،فصلّى ثمّ حلّوا (3).

مسألة:و يبيت تلك الليلة بالمزدلفة،و يكثر فيها من ذكر اللّه تعالى

و الدعاء و التضرّع و الابتهال إليه تعالى.

روى الشيخ-في الحسن-عن معاوية و الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«و لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة و تقول:اللهمّ هذه جمع،اللّهمّ إنّي أسألك أن تجمع لي فيها جوامع الخير،اللهمّ لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي،ثمّ أطلب إليك أن تعرّفني ما عرّفت أولياءك في منزلي هذا،و أن تقيني جوامع الشرّ،و إن استطعت أن تحيي تلك الليلة فافعل،فإنّه بلغنا أنّ أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين،لهم دويّ كدويّ النحل،يقول اللّه (4)تعالى عزّ و جلّ ثناؤه:أنا ربّكم و أنتم عبادي أدّيتم حقّي،و حقّ عليّ أن أستجيب لكم، فيحطّ تلك الليلة عمّن أراد أن يحطّ عنه ذنوبه،و يغفر لمن أراد أن يغفر له» (5).

مسألة:المبيت بالمزدلفة ليس بركن و إن كان الوقوف بها ركنا

.

ص:79


1- 1ح و ع:و لكنّ.
2- 2) التهذيب 5:190 الحديث 632،الاستبصار 2:256 الحديث 901،الوسائل 10:41 الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:47 و ج 2:201،صحيح مسلم 2:934 الحديث 1280،سنن أبي داود 2:191 الحديث 1925، [1]سنن ابن ماجة 2:1005 الحديث 3019،الموطّأ 1:400 الحديث 197،سنن البيهقيّ 5:119.
4- 4) في النسخ:«لقول اللّه».
5- 5) التهذيب 5:188 الحديث 626،الوسائل 10:44 الباب 10 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [2]

و حكي عن الشعبيّ،و النخعيّ أنّهما قالا:المبيت بالمزدلفة ركن (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن عروة بن مضرّس،قال:أتيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بجمع،فقال:«من صلّى معنا هذه الصلاة،و أتى عرفات قبل ذلك ليلا كان أو نهارا، فقد تمّ حجّه» (2).

و لأنّه مبيت في مكان،فلم يكن ركنا،كالمبيت بمنى.

احتجّ المخالف:بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حجّ له» (3).

و الجواب:المراد به:من لم يبت بها و لم يقف وقف الوقوف؛جمعا بين الأدلّة.

ص:80


1- 1المغني 3:450،المجموع 8:150،حلية العلماء 3:340،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 159،تفسير القرطبيّ 2:425، [1]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:138، [2]عمدة القارئ 10:17.
2- 2) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [3]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن الترمذيّ 3: 238 الحديث 891، [4]سنن النسائيّ 5:263،سنن الدارميّ 2:59، [5]مسند أحمد 4:15 و 261 و 262، [6]المستدرك للحاكم 1:463،سنن الدار قطنيّ 2:239 و 240 الحديث 17 و 18،سنن البيهقيّ 5:116.
3- 3) المجموع 8:150،فتح العزيز بهامش المجموع 7:367.
البحث الثاني
اشارة

في الكيفيّة

مسألة:النيّة واجبة في الوقوف بالمشعر

؛لأنّه عبادة،فلا تصحّ بدونها،قال اللّه تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ (1).

و لأنّه عمل فلا بدّ فيه من النيّة؛لقوله عليه السلام:«إنّما الأعمال بالنيّات،و إنّما لكلّ امرئ ما نوى» (2).و يجب فيها التقرّب إلى اللّه تعالى،و نيّة الوجوب.

مسألة:و يجب الوقوف بعد طلوع الفجر الثاني الذي تجب معه الصلاة

.

و قال الشافعيّ:يجوز أن يدفع بعد نصف الليل و لو بجزء قليل (3).فأوجب الوقوف في النصف الثاني من الليل.

ص:81


1- 1البيّنة(98):5. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:2 و 21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، [2]سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647،سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 1:58 و ج 6:158،مسند أحمد 1:25،سنن الدارقطنيّ 1:50 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:112 و ج 7:341،و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 1:83 الحديث 318 و ج 4:186 الحديث 519،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 7 و 10،و [3]يراجع أيضا:الجزء العاشر ص 215-216 في نيّة الإحرام.
3- 3) الأمّ 2:212،المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:151،فتح العزيز بهامش المجموع 7:367، مغني المحتاج 1:499،السراج الوهّاج:163.

لنا:ما رواه الجمهور في حديث جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى الصبح حين تبيّن له الصبح (1).

و في حديث ابن مسعود أنّه صلّى الفجر حين طلع الفجر،قائل يقول:قد طلع، و قائل يقول:لم يطلع،ثمّ قال في آخر الحديث:رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يفعله (2).

قال جابر:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يزل واقفا حتّى أسفر جدّا (3).

و قال صلّى اللّه عليه و آله:«خذوا عنّي مناسككم» (4).

و قال عليه السلام في جمع:«من وقف معنا حتّى ندفع و قد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا،فقد تمّ حجّه و قضى تفثه» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أصبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر فقف إن شئت قريبا من الجبل،و إن شئت حيث تثبت (6)» (7).

و لأنّ الكفّارة تجب لو أفاض قبل الفجر على ما يأتي،و هي مترتّبة على الذنب.

ص:82


1- 1صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1022-1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:44-48،سنن البيهقيّ 5:124.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:203،سنن البيهقيّ 5:121.
3- 3) صحيح مسلم 2:890 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:185 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1022-1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:44-49، [2]سنن البيهقيّ 5:124.
4- 4) سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366،سنن البيهقيّ 5:125،و من طريق الخاصّة،ينظر: عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [3]
5- 5) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [4]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن الترمذيّ 3: 238 الحديث 891، [5]سنن النسائيّ 5:263،سنن الدارميّ 2:59، [6]مسند أحمد 4:15،261 و 262، [7]سنن الدارقطنيّ 2:239 و 240 الحديث 17 و 18،سنن البيهقيّ 5:116.
6- 6) ر،د و ع:«تبيت»كما في التهذيب.
7- 7) التهذيب 5:191 الحديث 635،الوسائل 10:45 الباب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [8]

احتجّوا (1):بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أمر أمّ سلمة،فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة (2).

و روت عائشة أنّ سودة استأذنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تفيض من المزدلفة في النصف الأخير من الليل،و كانت امرأة ثبطة (3)،فأذن لها،و ليتني كنت استأذنته (4).

و عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقدّم ضعفة أهله في النصف الأخير من المزدلفة (5).

و عن ابن عبّاس،قال:قدمنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أغيلمة (6)بني عبد المطّلب و كان يلطح (7)أفخاذنا و يقول:«أ بينيّ (8)لا ترموا جمرة العقبة حتّى تطلع الشمس» (9).

ص:83


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:151،فتح العزيز بهامش المجموع 7:368،مغني المحتاج 1:499.
2- 2) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1942،سنن البيهقيّ 5:133.
3- 3) ثبطة:أي ثقيلة بطيئة.النهاية لابن الأثير 1:207. [1]
4- 4) صحيح البخاريّ 2:203،صحيح مسلم 2:939 الحديث 1290،سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3027،سنن النسائيّ 5:262،سنن الدارميّ 2:58، [2]سنن البيهقيّ 5:124.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:202،صحيح مسلم 2:941 الحديث 1293،سنن أبي داود 2:194 الحديث 1939، [3]سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3026،سنن البيهقيّ 5:123.
6- 6) أغيلمة:تصغير أغلمة جمع غلام في القياس،و يريد بالأغيلمة الصبيان،النهاية لابن الأثير 3:382. [4]
7- 7) اللطح:الضرب بالكفّ و ليس بالشديد.الصحاح 4:250.
8- 8) قال ابن الأثير في النهاية 1:17« [5]ابن»و قد اختلف في صيغتها و معناها،فقيل:إنّه تصغير ابني،كأعمى و أعيمى،و هو اسم مفرد يدلّ على الجمع.و قيل:إنّ ابنا يجمع على أبنا مقصورا و ممدودا،و قيل: هو تصغير ابن،و فيه نظر،و قال أبو عبيدة:هو تصغير بنيّ جمع ابن مضافا إلى النفس.
9- 9) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1940، [6]سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3025،سنن النسائيّ 5: 270،271.

و الجواب عن ذلك كلّه:أنّ المعذورين،كالنساء و الصبيان و الخائف،يجوز لهم الإفاضة قبل طلوع الفجر عندنا على ما يأتي.

مسألة:و يستحبّ أن يقف بعد أن يصلّي الفجر

،و لو وقف قبل الصلاة إذا كان قد طلع الفجر،أجزأه؛لأنّه وقت مضيّق،فاستحبّ البدأة بالصلاة.

و يستحبّ أن يدعو بعد أن يحمد اللّه تعالى و يثني عليه،و يذكر من آلائه و بلائه و حسن ما صنع به-ما قدر عليه،ثمّ يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و يقول:«اللهمّ ربّ المشعر الحرام،فكّ رقبتي من النار،و أوسع عليّ من رزقك الحلال،و ادرأ عنّي شرّ فسقة الجنّ و الإنس،اللهمّ أنت خير مطلوب إليه،و خير مدعوّ،و خير مسئول،و لكلّ وافد جائزة،فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيل (1)عثرتي،و تقبل معذرتي،و تجاوز (2)عن خطيئتي،ثمّ اجعل التقوى من الدّنيا زادي يا أرحم الراحمين»ثمّ أفض حين (3)يشرق لك ثبير (4)و ترى الإبل مواضع أخفافها،رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (5).

مسألة:و يستحبّ أن يكون متطهّرا

؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أصبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر،فقف إن شئت قريبا من الجبل،و إن شئت حيث تبيت»الحديث (6).

و لو وقف و هو على غير طهر،أو كان جنبا،أجزأه،؛لما تقدّم في باب الوقوف

ص:84


1- 1في المصادر:تقيلني.
2- 2) في المصادر:و أن تجاوز.
3- 3) في المصادر:حيث.
4- 4) ثبير:جبل بين مكّة و منى و يرى من منى و هو على يمين الداخل منها إلى مكّة.المصباح المنير:80. [1]
5- 5) التهذيب 5:191 الحديث 635،الوسائل 10:45 الباب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [2]
6- 6) التهذيب 5:191 الحديث 635،الوسائل 10:45 الباب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [3]

بعرفات (1)،و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:و يستحبّ له أن يصلّي الفجر في أوّل وقته

و إن اشتركت (2)الصلوات كلّها في ذلك إلاّ أنّه هاهنا آكد استحبابا.

روى ابن مسعود أنّه قال:ما صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاة قبل وقتها إلاّ الصبح بجمع (3).أراد بذلك أنّه صلّى الصبح بالمزدلفة قبل وقتها المعتاد، و إنّما صلّى في أوّل الفجر قبل أن يظهر للناس كافّة،بل لبعضهم،و كان في سائر الأيّام يصلّيها إذا طلع الفجر؛لاجتماع الناس في المزدلفة و استعدادهم للصلاة، و طلبا للوقوف و الدعاء،بخلاف الحضر.

مسألة:و يستحبّ للصرورة أن يطأ المشعر الحرام

.قال الشيخ-رحمه اللّه-:

و المشعر الحرام جبل هناك يسمّى قزح (4).

و يستحبّ الصعود عليه و ذكر اللّه تعالى عنده.

قال اللّه تعالى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ (5).

و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أردف الفضل بن العبّاس و وقف على قزح،و قال:«هذا قزح،و هو الموقف،و جمع كلّها موقف» (6).

و روى الجمهور في حديث جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام عن أبيه،عن جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ركب القصواء حتّى أتى المشعر الحرام،فرقي

ص:85


1- 1يراجع:ص 35.
2- 2) ج و خا:أشركت.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:203،صحيح مسلم 2:938 الحديث 1289،سنن أبي داود 2:193 الحديث 1934، [1]سنن النسائيّ 5:262،سنن البيهقيّ 5:124.
4- 4) المبسوط 1:368،و [2]فيه:فراخ،مكان:قزح،و هو تصحيف.
5- 5) البقرة(2):198. [3]
6- 6) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1935، [4]سنن الترمذيّ 3:232 الحديث 885، [5]سنن البيهقيّ 5:122. بتفاوت في الجميع.

عليه و استقبل القبلة،فحمد اللّه تعالى و هلّله و كبّره و وحّده،فلم يزل واقفا حتى أسفر جدّا (1).

قال ابن بابويه:يستحبّ للصرورة أن يطأ المشعر برجله،أو يطأ ببعيره (2).

و روى الشيخ عن أبان بن عثمان،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«يستحبّ للصرورة أن يطأ المشعر الحرام،و أن يدخل البيت» (3).

ص:86


1- 1صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48-49، [2]سنن البيهقيّ 5:124.
2- 2) الفقيه 2:326.
3- 3) التهذيب 5:191 الحديث 636،الوسائل 9:371 [3] الباب 35 من أبواب مقدّمات الطواف الحديث 2، و ج 10:42 الباب 7 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2.
البحث الثالث
اشارة

في الأحكام

مسألة:الوقوف بالمشعر الحرام ركن من أركان الحجّ يبطل الحجّ بالإخلال به

عمدا

.ذهب إليه علماؤنا،و هو أعظم من الوقوف بعرفة عندنا،و به قال علقمة، و الشعبيّ،و النخعيّ (1).

و قال باقي الفقهاء:إنّه نسك و ليس بركن (2).

لنا:قوله تعالى: فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ (3).

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حجّ له» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن ابن فضّال،عن بعض أصحابنا،عن

ص:87


1- 1المغني 3:450،المجموع 8:150،تفسير القرطبيّ 2:425، [1]عمدة القارئ 10:17،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:138. [2]
2- 2) المغني 3:451،الشرح الكبير بهامش المغني 3:449،الكافي لابن قدامة 1:601،حلية العلماء 3: 340،المجموع 8:150، [3]مغني المحتاج 1:499،بداية المجتهد 1:350،بلغة السالك 1:278-279، المبسوط للسرخسيّ 4:63،تحفة الفقهاء 3:381،بدائع الصنائع 2:135.
3- 3) البقرة(2):198. [4]
4- 4) المجموع 8:150،فتح العزيز بهامش المجموع 7:367.

أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الوقوف بالمشعر فريضة» (1).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،[عن أبي عبد اللّه عليه السلام] (2)قال:«من أفاض من عرفات إلى منى فليرجع و ليأت جمعا و ليبت (3)بها و إن كان قد وجد الناس قد أفاضوا من جمع» (4).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و إن قدم و قد فاته عرفات،فليقف بالمشعر الحرام،فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده،و قد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس،فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحجّ،فليجعلها عمرة مفردة،و عليه الحجّ من قابل» (5).

و عن محمّد بن سنان،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الذي إذا أدركه الناس (6)فقد أدرك الحجّ،فقال:«إذا أتى جمعا و الناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس،فقد أدرك الحجّ و لا عمرة له،و إن أدرك جمعا بعد طلوع الشمس،فهي عمرة مفردة و لا حجّ له» (7).

و لأنّه أحد الموقفين،فكان ركنا،كالآخر.

ص:88


1- 1التهذيب 5:287 الحديث 977،الاستبصار 2:302 الحديث 1080،الوسائل 10:26 الباب 19 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 14. [1]
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) في المصادر:و ليقف.
4- 4) التهذيب 5:288 الحديث 978،الوسائل 10:37 الباب 4 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 5:289 الحديث 981،الاستبصار 2:301 الحديث 1076،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [3]
6- 6) في التهذيب و الاستبصار:الإنسان.
7- 7) التهذيب 5:290 الحديث 984 و ص 294 الحديث 997،الاستبصار 2:303 الحديث 1082 و ص 306 الحديث 1094،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [4]

احتجّ الجمهور (1):بما رواه عروة بن مضرّس قال:أتيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بجمع،فقال:«من صلّى معنا هذه الصلاة و أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا، فقد تمّ حجّه» (2).

و لأنّه مبيت في مكان،فلم يكن ركنا،كالمبيت بمنى.

و الجواب عن الأوّل:أنّه حجّة لنا؛لقوله عليه السلام:«من صلّى معنا هذه الصلاة»أراد بذلك:من وقف بالمشعر؛لأنّها كانت صلاة الفجر في جمع،و إذا علّق تمام الحجّ على الوقوف بالمشعر،انتفى عند عدمه،و هو مطلوبنا.

و عن الثاني:أنّه معارض بقياسنا فيبقى دليلنا سالما.

على أنّا لا نوجب المبيت و[لا] (3)نجعله ركنا على ما تقدّم،بل الركن عندنا هو الوقوف حال الاختيار بعد طلوع الفجر (4).

مسألة:قد بيّنّا أنّ الوقوف بالمشعر يجب بعد طلوع الفجر

،فلا يجوز الإفاضة منه قبل طلوعه اختيارا،بل يجب الكون به بعد طلوع الفجر (5).و به قال أبو حنيفة (6).

ص:89


1- 1المغني 3:450،المجموع 8:150،المبسوط للسرخسيّ 4:63،بدائع الصنائع 2:135،بداية المجتهد 1:350.
2- 2) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [1]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [2]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن النسائيّ 5:263،سنن الدارميّ 2:59، [3]مسند أحمد 4:15،261 و 262، [4]المستدرك للحاكم 1:463،سنن الدار قطنيّ 2:239 و 240 الحديث 17 و 18،سنن البيهقيّ 5:116، مجمع الزوائد 3:254.
3- 3) أثبتناها لاقتضاء السياق.
4- 4) يراجع:ص 79.
5- 5) يراجع:ص 81.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:63-64،تحفة الفقهاء 1:407،بدائع الصنائع 2:136،الهداية للمرغينانيّ 1: 146،شرح فتح القدير 2:379-380،مجمع الأنهر 1:278،عمدة القارئ 10:17.

و قال باقي الفقهاء:يجوز الدفع بعد نصف الليل (1).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وقف بعد طلوع الفجر (2).

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في قوله:«من صلّى معنا هذه الصلاة،و أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا،فقد تمّ حجّه» (3).علّق التمام على الصلاة،و هي إنّما تتحقّق بعد الفجر.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دفع منها قبل طلوع الشمس،و كانت الجاهليّة تفيض بعد طلوع الشمس (4)،فدلّ على أنّ ذلك هو الواجب،احتجّ به أبو حنيفة (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل وقف مع الناس بجمع ثمّ أفاض قبل أن يفيض الناس،قال:«إن كان جاهلا، فلا شيء عليه،و إن كان أفاض قبل طلوع الفجر،فعليه دم شاة» (6).

ص:90


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:135 و 151،المغني 3:451،الشرح الكبير بهامش المغني 3:449،بداية المجتهد 1:350.
2- 2) لم نعثر على رواية بهذا اللفظ،نعم،مفهوم رواية جابر يدلّ على ذلك.ينظر:صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2:1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48-49، [2]سنن البيهقيّ 5:124.
3- 3) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1950، [3]سنن الترمذيّ 3:238 الحديث 891، [4]سنن ابن ماجة 2:1004 الحديث 3016،سنن النسائيّ 5:263،سنن الدارميّ 2:59، [5]مسند أحمد 4:15،261 و 262، [6]المستدرك للحاكم 1:463،سنن الدارقطنيّ 2:239 و 240 الحديث 17 و 18،سنن البيهقيّ 5:116، مجمع الزوائد 3:254.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:204،سنن أبي داود 2:194 الحديث 1938، [7]سنن الترمذيّ 3:241-242 الحديث 895 و 896،سنن ابن ماجة 2:1006 الحديث 3022،سنن النسائيّ 5:265،سنن البيهقيّ 5: 124-125،مجمع الزوائد 3:255.
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 1:147.
6- 6) التهذيب 5:193 الحديث 642،الاستبصار 2:256 الحديث 902،الوسائل 10:49 الباب 16 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [8]

و لأنّه أحد الموقفين،فيجب فيه الجمع بين الليل و النهار،كعرفات.

احتجّوا (1):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أمّ سلمة،فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة (2).

و الجواب:أنّا نقول بموجبه؛لأنّ المعذورين و من هو بحكمهم من النساء يجوز لهم الإفاضة قبل طلوع الفجر على ما سيأتي.

مسألة:و لو أفاض قبل طلوع الفجر عامدا بعد أن وقف به ليلا،جبره بشاة

،و إن كان ناسيا فلا شيء عليه.ذهب إليه الشيخ-رحمه اللّه (3)-و به قال أبو حنيفة (4).

و قال ابن إدريس:لو أفاض عامدا قبل طلوع الفجر،بطل حجّه (5).

و قال باقي الفقهاء:إذا أفاض عامدا قبل طلوع الفجر،لا شيء عليه إذا وقف بعد نصف الليل (6).

لنا:ما بيّنّاه من أنّ الوقوف بعد طلوع الفجر،فيجب بتركه الدم؛لقوله عليه السلام«من ترك نسكا،فعليه دم»رواه الجمهور (7).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في رواية مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

ص:91


1- 1المغني 3:451، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:450، [2]المهذّب للشيرازيّ 1:227-228،المجموع 8:153. [3]
2- 2) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1942،سنن البيهقيّ 5:133.
3- 3) المبسوط 1:368، [4]النهاية:252،الجمل و العقود:144،الاقتصاد:454.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 4:63،تحفة الفقهاء 1:407،بدائع الصنائع 2:136،الهداية للمرغينانيّ 1: 146،عمدة القارئ 10:17.
5- 5) السرائر:138-139.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:417،المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:135،فتح العزيز بهامش المجموع 7:367 و 368،المغني 3:451،الشرح الكبير بهامش المغني 3:449.
7- 7) بهذا اللفظ،ينظر:فتح العزيز بهامش المجموع 7:364،و في الموطّأ 1:419 و سنن البيهقيّ 5:152 عن ابن عبّاس،قال:من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما.

و قول ابن إدريس لا نعرف له موافقا،فكان خارقا للإجماع،و احتجاجه بأنّ الوقوف بالمشعر ركن،و أنّ فرضه من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فيبطل بالإخلال به،ممنوع،فإنّا لا نسلّم أنّ الوقوف بعد طلوع الفجر ركن،نعم مطلق الوقوف ليلة النحر أو يومه ركن،أمّا بعد طلوع الفجر فلا نسلّم له ذلك.و كون الوقوف يجب أن يكون بعد طلوع الفجر،لا يعطي كون الوقوف في هذا الوقت ركنا.

مسألة:و يجوز للخائف و للنساء و لغيرهم من أصحاب الأعذار و من له

ضرورة،الإفاضة قبل طلوع الفجر من مزدلفة

،و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم؛ لما رواه الجمهور أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر أمّ سلمة،فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة (1).و أذن لسودة فيه أيضا (2).

و عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقدّم ضعفة أهله في النصف الأخير من المزدلفة (3).

و قال:قدمنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أغيلمة بني عبد المطّلب (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«رخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للنساء و الصبيان أن يفيضوا بليل،و يرموا الجمار بليل،و أن يصلّوا الغداة في منازلهم،فإن خفن الحيض مضين إلى مكّة،و وكّلن من يضحّي عنهنّ» (5).

ص:92


1- 1سنن أبي داود 2:194 الحديث 1942 [1] بتفاوت،سنن البيهقيّ 5:133.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:203،صحيح مسلم 2:939 الحديث 1290،سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3027،سنن النسائيّ 5:266،سنن الدارميّ 2:58،سنن البيهقيّ 5:124.
3- 3) صحيح البخاريّ 2:202،صحيح مسلم 2:941 الحديث 1293،سنن أبي داود 2:194 الحديث 1939 و 1941، [2]سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3026،سنن البيهقيّ 5:123.
4- 4) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1940، [3]سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3025،سنن البيهقيّ 5: 132،سنن النسائيّ 5:270،271.
5- 5) التهذيب 5:194 الحديث 646،الاستبصار 2:257 الحديث 906،الوسائل 10:50 الباب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [4]

و عن سعيد الأعرج،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:جعلت فداك معنا نساء فأفيض بهنّ بليل؟قال:«نعم تريد أن تصنع كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟»قلت (1):نعم،فقال:«أفض بهنّ بليل،و لا تفض بهنّ حتّى تقف بهنّ بجمع، ثمّ أفض بهنّ حتّى تأتي الجمرة العظمى فيرمين الجمرة،فإن لم يكن عليهنّ ذبح، فليأخذن من شعورهنّ و يقصّرن من أظفارهنّ،ثمّ يمضين إلى مكّة في وجوههنّ و يطفن بالبيت و يسعين بين الصفا و المروة،ثمّ يرجعن إلى البيت فيطفن أسبوعا،ثمّ يرجعن إلى منى و قد فرغن من حجّهنّ».و قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أرسل أسامة معهنّ» (2).

و عن عليّ بن أبي حمزة،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«أيّ امرأة و رجل (3)خائف أفاض من المشعر الحرام ليلا،فلا بأس،فليرم الجمرة» (4)الحديث.

و عن جميل بن درّاج،عن بعض أصحابنا،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا بأس أن يفيض الرجل إذا كان خائفا» (5).

و على هذه الروايات المقيّدة حمل الشيخ-رحمه اللّه-ما رواه في الصحيح،عن هشام بن سالم و غيره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في التقدّم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس:«لا بأس به»و المتقدّم من مزدلفة إلى منى يرمون

ص:93


1- 1في النسخ:قال،و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:195 الحديث 647،الوسائل 10:50 الباب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [1]
3- 3) في التهذيب و الوسائل: [2]أو رجل.
4- 4) التهذيب 5:194 الحديث 644،الاستبصار 2:256 الحديث 904،الوسائل 10:50 الباب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [3]
5- 5) التهذيب 5:194 الحديث 645،الاستبصار 2:257 الحديث 905،الوسائل 10:50 الباب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [4]

الجمار و يصلّون الفجر في منازلهم بمنى:«لا بأس» (1).قال-رحمه اللّه-:

هو محمول على الخائف و صاحب الأعذار من النساء و غيرهنّ،فأمّا مع الاختيار فلا يجوز ذلك (2).

مسألة:و يستحبّ لغير الإمام أن يكون طلوعه من المزدلفة قبل طلوع الشمس

بقليل

،و للإمام بعد طلوعها،قاله الشيخ رحمه اللّه (3).

و في موضع آخر من كتبه:استحباب الإفاضة مطلقا للإمام و غيره قبل طلوع الشمس بقليل (4).و لا نعلم خلافا فيه.

روى الجمهور أنّ المشركين كانوا لا يفيضون حتّى تطلع الشمس و يقولون:

أشرق ثبير كيما نغير،و أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خالفهم،فأفاض قبل أن تطلع الشمس.رواه البخاريّ (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ثمّ أفض حين يشرق لك ثبير و ترى الإبل مواضع أخفافها» و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«كان أهل الجاهليّة يقولون:أشرق ثبير-يعنون الشمس-كيما نغير،و إنّما أفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خلاف أهل الجاهليّة كانوا يفيضون بإيجاف الخيل و اتّضاع (6)الإبل،فأفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خلاف ذلك بالسكينة و الوقار و الدعة»الحديث (7).

ص:94


1- 1التهذيب 5:193 الحديث 643،الاستبصار 2:256 الحديث 903،الوسائل 10:52 الباب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 5:194،الاستبصار 2:256.
3- 3) المبسوط 1:368، [2]النهاية 249، [3]الجمل و العقود:144،الاقتصاد:454.
4- 4) التهذيب 5:192.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:204.
6- 6) بعض النسخ:«اتّصاع»،و في المصدر:«إيضاع».
7- 7) التهذيب 5:192 الحديث 637،الوسائل 10:48 الباب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [4]

و هذا يدلّ على الإفاضة بعد طلوع الشمس،أمّا ما يدلّ على استحباب تقديم الإفاضة قبل طلوعها.فما رواه الشيخ عن معاوية بن حكيم،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام أيّ ساعة أحبّ إليك أن نفيض (1)من جمع؟فقال:«قبل أن تطلع الشمس بقليل،هي أحبّ الساعات إليّ»قلت:فإن مكثنا (2)حتّى تطلع الشمس؟ قال:«ليس به بأس» (3).

و في الصحيح عن إسحاق بن عمّار،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام،أيّ ساعة أحبّ إليك أن نفيض (4)من جمع؟فقال:«قبل أن تطلع الشمس بقليل،هي أحبّ الساعات إليّ»قلت:فإن مكثنا حتّى تطلع الشمس؟فقال:«ليس به بأس» (5).

و قد روى الشيخ عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ينبغي للإمام أن يقف بجمع حتّى تطلع الشمس،و سائر الناس إن شاءوا عجّلوا و إن شاءوا أخّروا» (6).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه في هذا الحديث رفع الحرج عمّن فعل ذلك، و الخبران الأوّلان محمولان على الاستحباب (7).

إذا عرفت هذا:فإنّه تستحبّ الإفاضة بعد الإسفار،قبل طلوع الشمس بقليل

ص:95


1- 1د،ق و ع:تفيض.
2- 2) في التهذيب في الحديثين:مكثت.
3- 3) التهذيب 5:192 الحديث 638،الاستبصار 2:257 الحديث 907،الوسائل 10:48 الباب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [1]
4- 4) بعض النسخ:تفيض،و في التهذيب و الوسائل: [2]أفيض.
5- 5) التهذيب 5:192 الحديث 639،الاستبصار 2:257 الحديث 908،الوسائل 10:48 الباب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [3]
6- 6) التهذيب 5:193 الحديث 641،الاستبصار 2:258 الحديث 909،الوسائل 10:48 الباب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [4]
7- 7) الاستبصار 2:258.

على ما تضمّنه الحديثان الأوّلان،و به قال الشافعيّ (1)،و أحمد (2)،و أصحاب الرأي (3)،و كان مالك يرى الدفع قبل الإسفار (4).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يزل واقفا حتّى أسفر جدّا،فدفع قبل أن تطلع الشمس (5).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في الحديثين السابقين.

إذا ثبت هذا:فلو دفع قبل الإسفار بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس،لم يكن مأثوما،و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:و لمزدلفة ثلاثة أسماء:هذا،و جمع،و المشعر الحرام

(6)

.

و حدّها:ما بين مأزمي (7)عرفة إلى الحياض إلى وادي محسّر يجوز الوقوف في أيّ موضع شاء منه،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«كلّ المزدلفة موقف» (8).

ص:96


1- 1الأمّ 2:212،المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:151،فتح العزيز بهامش المجموع 7:370، مغني المحتاج 1:501،السراج الوهّاج:163،المغني و الشرح الكبير 3:452.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 3:452،الكافي لابن قدامة 1:600،زاد المستقنع:33.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:63،تحفة الفقهاء 1:407،بدائع الصنائع 2:156،الهداية للمرغينانيّ 1: 147،شرح فتح القدير 2:381،مجمع الأنهر 1:279،عمدة القارئ 10:23،المغني و الشرح الكبير 3:452.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:417،بداية المجتهد 1:349 و 350،بلغة السالك 1:279،إرشاد السالك:57.
5- 5) صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:48-49، [2]سنن البيهقيّ 5:124.
6- 6) ع:و للمزدلفة.
7- 7) المأزم:الطريق الضيّق بين الجبلين.المصباح المنير:13. [3]
8- 8) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1937، [4]سنن ابن ماجة 2:1002 الحديث 3012،سنن النسائيّ 5: 265،سنن الدارميّ 2:57،مسند أحمد 4:82،سنن البيهقيّ 5:122،كنز العمّال 5:187 الحديث 12557،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:138 الحديث 1583.

و عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهما السلام،عن جابر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«وقفت هاهنا بجمع،و جمع كلّها موقف» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال للحكم بن عتيبة (2):«ما حدّ المزدلفة؟»فسكت،قال أبو جعفر عليه السلام:«حدّها؛ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسّر». (3)

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:«حدّ المشعر الحرام من المأزمين إلى الحياض و إلى وادي محسّر،و إنّما سمّيت المزدلفة؛لأنّهم ازدلفوا إليها من عرفات» (4).

و روى ابن بابويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه وقف بجمع،فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته،فأهوى بيده و هو واقف فقال:«إنّي وقفت و كلّ هذا موقف» (5).

و قال الصادق عليه السلام:«كان أبي عليه السلام يقف بالمشعر الحرام حيث يبيت» (6).

فرع:

لو ضاق عليه الموقف،جاز له أن يرتفع إلى الجبل

.

ص:97


1- 1صحيح مسلم 2:893 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:193 الحديث 1936، [1]مسند أحمد 3:320، [2]سنن البيهقيّ 5:115.
2- 2) في النسخ:عيينة،و ما أثبتناه من المصادر،و لعلّه الصحيح،و ترجم له في ج 1:258.
3- 3) التهذيب 5:190 الحديث 634،الوسائل 10:42 الباب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 5:190 الحديث 633،الوسائل 10:42 الباب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [4]
5- 5) الفقيه 2:281 الحديث 1379،الوسائل 10:43 الباب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 7. [5]
6- 6) الفقيه 2:281 الحديث 1380،الوسائل 10:43 الباب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 8. [6]

روى الشيخ عن سماعة بن مهران،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إذا كثر الناس بمنى و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟فقال:«يرتفعون إلى وادي محسّر» قلت:فإذا كثروا بجمع و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟فقال:«يرتفعون إلى المأزمين»قلت:فإذا كانوا بالموقف و كثروا و ضاق عليهم كيف يصنعون؟فقال:

«يرتفعون إلى الجبل،[وقف في ميسرة الجبل] (1)فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفات،فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جانبها فنحّاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ففعلوا مثل ذلك،فقال:أيّها الناس إنّه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف و لكن هذا كلّه موقف،و أشار بيده إلى الموقف،و قال:هذا كلّه موقف،فتفرّق الناس و فعل مثل ذلك بالمزدلفة» (2).

مسألة:قد بيّنّا أنّ وقت الوقوف بالمشعر الحرام بعد طلوع الفجر إلى طلوع

الشمس

(3)،هذا في حال الاختيار،أمّا لو لم يتمكّن من الوقوف بالمشعر إلاّ بعد طلوع الشمس للضرورة،جاز،و يمتدّ الوقت إلى زوال الشمس من يوم النحر.

و قال المرتضى-رحمه اللّه-:وقت الوقوف الاضطراريّ بالمشعر يوم النحر، فمن فاته الوقوف بعرفات و أدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر،فقد أدرك الحجّ (4).

و الحاصل:أنّ الشيخ-رحمه اللّه-أوجب الوقوف بالمشعر إلى زوال الشمس لمن أدرك الوقوف بعرفات و يصحّ له الحجّ حينئذ،و لو لم يدرك الوقوف بعرفات نهارا و وقف بها ليلا ثمّ أدرك المشعر في وقته الاختياريّ،و هو بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،أيّ وقت كان منه أجزأ،فقد أدرك الحجّ أيضا.و لو فاته الوقوف

ص:98


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:180 الحديث 604،الوسائل 10:13 الباب 11 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف الحديث 4. [1]
3- 3) يراجع:ص 81.
4- 4) الانتصار:90.

الاختياريّ بعرفات و أدركها ليلا،و لم يتمكّن من الوقوف بالمشعر إلاّ بعد طلوع الشمس،فقد فاته الحجّ.و لو ورد الحاجّ ليلا و علم أنّه إذا مضى إلى عرفات وقف بها و إن كان قليلا ثمّ عاد إلى المشعر قبل طلوع الشمس،وجب عليه المضيّ إلى عرفات و الوقوف بها ثمّ يجيء إلى المشعر.أمّا لو غلب على ظنّه أنّه إن مضى إلى عرفات،لم يلحق المشعر قبل طلوع الشمس،اقتصر على الوقوف بالمشعر،و قد تمّ حجّه،و ليس عليه شيء.و لو وقف بعرفات اختيارا ثمّ مضى إلى المشعر فعاقه في الطريق عائق فلم يلحق إلاّ قرب الزوال،فقد تمّ حجّه،و يقف قليلا بالمشعر،و لو لم يكن وقف بعرفات و أدرك المشعر بعد طلوع الشمس،فقد فاته الحجّ (1).هذا اختيار شيخنا أبي جعفر الطوسيّ رحمه اللّه.

و أمّا السيّد المرتضى-رحمه اللّه-فقال:إذا لم يدرك الوقوف بعرفات و أدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر،فقد أدرك الحجّ (2).

أمّا الجمهور،فقالوا:إذا فاته الوقوف بعرفات،فقد فاته الحجّ مطلقا،سواء وقف بالمشعر أو لا (3).

لنا:الإجماع المركّب،و هو أنّ كلّ من قال بوجوب الوقوف بالمشعر الحرام، قال بالاكتفاء به مع فوات عرفات للضرورة،لكنّ الأوّل قد بيّنّا صحّته،فيكون الثاني كذلك.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي بعد ما يفيض[الناس] (4)من عرفات،فقال:«إن كان في مهل حتّى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثمّ يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا،

ص:99


1- 1المبسوط 1:383، [1]النهاية:273. [2]
2- 2) الانتصار:90.
3- 3) المغني 3:566،المجموع 8:102-103،بداية المجتهد 1:346.
4- 4) أثبتناها من المصادر.

فلا يتمّ حجّه حتّى يأتي عرفات،و إن قدم و قد فاته عرفات،فليقف بالمشعر الحرام، فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده،و قد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس،فإن لم يدرك المشعر الحرام،فقد فاته الحجّ فيجعلها (1)عمرة مفردة،و عليه الحجّ من قابل» (2).

و عن إدريس بن عبد اللّه،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أدرك الناس بجمع،و خشي إن مضى إلى عرفات أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها،فقال:«إن ظنّ أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس،فليأت عرفات، و إن خشي أن لا يدرك جمعا،فليقف[بجمع] (3)ثمّ ليفض مع الناس و قد تمّ حجّه». (4)

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في سفر و إذا (5)شيخ كبير،فقال:يا رسول اللّه ما تقول في رجل أدرك الإمام بجمع؟فقال له:«إن ظنّ أنّه يأتي عرفات فيقف قليلا ثمّ يدرك جمعا قبل طلوع الشمس،فليأتها،و إن ظنّ أنّه لا يأتيها حتّى يفيض الناس من جمع،فلا يأتيها و قد تمّ حجّه». (6)

فهذه الأحاديث تدلّ على إدراك الحجّ لمن أدرك المشعر الحرام قبل طلوع

ص:100


1- 1ع:«فليجعلها».
2- 2) التهذيب 5:289 الحديث 981،الاستبصار 2:301 الحديث 1076،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [1]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) التهذيب 5:289 الحديث 982،الاستبصار 2:301 الحديث 1077،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [2]
5- 5) في المصادر:فإذا.
6- 6) التهذيب 5:290 الحديث 983،الاستبصار 2:303 الحديث 1081،الوسائل 10:56 الباب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [3]

الشمس،سواء وقف بعرفات أو لم يقف للضرورة،و على وجوب الوقوف بعرفات ليلا مع الضرورة،و اللّحاق بالناس في المشعر الحرام.

و دلّ على الاجتزاء (1)بالوقوف بالمشعر أيضا:ما رواه الشيخ-في الصحيح- عن حريز،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مفرد للحجّ فاته الموقفان جميعا،فقال:«له إلى طلوع الشمس يوم النحر،فإن طلعت الشمس من يوم النحر، فليس له حجّ و يجعلها عمرة و عليه الحجّ من قابل» (2).

و عن إسحاق بن عبد اللّه،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل دخل [مكّة] (3)مفردا للحجّ،فخشي أن يفوته الموقفان،فقال:«له يومه إلى طلوع الشمس من يوم النحر،فإذا طلعت الشمس،فليس له حجّ»فقلت له:كيف (4)يصنع بإحرامه؟قال:«يأتي مكّة فيطوف بالبيت،و يسعى بين الصفا و المروة».فقلت له:

إذا صنع ذلك فما يصنع بعد؟قال:«إن شاء أقام بمكّة،و إن شاء رجع إلى الناس بمنى،و ليس منهم في شيء،فإن شاء رجع إلى أهله و عليه الحجّ من قابل» (5).

و عن محمّد بن فضيل،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحدّ الذي إذا أدركه الرجل أدرك الحجّ،فقال:«إذا أتى جمعا،و الناس في المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ و لا عمرة له،فإن لم يأت جمعا حتّى تطلع الشمس فهي

ص:101


1- 1ق و خا:الإجزاء،مكان:الاجتزاء.
2- 2) التهذيب 5:291 الحديث 986،الاستبصار 2:304 الحديث 1084،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [1]
3- 3) أثبتناها من المصادر.
4- 4) كثير من النسخ:فكيف.
5- 5) التهذيب 5:290 الحديث 985،الاستبصار 2:303 الحديث 1083،الوسائل 10:58 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [2]

عمرة مفردة و لا حجّ له،فإن شاء أقام (1)،و إن شاء،رجع (2)و عليه الحجّ من قابل» (3).

أمّا لو وقف بعرفات اختيارا،و لم يتمكّن من الوقوف بالمشعر إلاّ بعد طلوع الشمس،فقد أدرك الحجّ أيضا؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن المغيرة،قال:جاءنا رجل بمنى فقال:إنّي لم أدرك الناس بالموقفين جميعا،فقال له عبد اللّه بن المغيرة:فلا حجّ لك.و سأل إسحاق بن عمّار،فلم يجبه،فدخل (4)إسحاق على أبي الحسن عليه السلام فسأله عن ذلك،فقال:«إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر،فقد أدرك الحجّ» (5).

و في الحسن عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من أدرك المشعر الحرام يوم النحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحجّ» (6).

و حمل الشيخ-رحمه اللّه-هذين الخبرين على من وقف بعرفات،فإنّه يدرك الحجّ بإدراك المشعر بعد طلوع الشمس أو أنّه يدرك فضل الحجّ و ثوابه،لا الأفعال الواجبة عليه (7).

و استدلّ على التأويل الأوّل بما رواه-في الصحيح-عن عليّ بن رئاب،عن

ص:102


1- 1في الاستبصار و الوسائل بزيادة:بمكّة.
2- 2) خا و ق بزيادة:إلى أهله.
3- 3) التهذيب 5:291 الحديث 987،الاستبصار 2:304 الحديث 1085،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [1]
4- 4) في النسخ:و دخل.
5- 5) التهذيب 5:291 الحديث 989،الاستبصار 2:304 الحديث 1086،الوسائل 10:58 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 6. [2]
6- 6) التهذيب 5:291 الحديث 988،الاستبصار 2:304 الحديث 1087،الوسائل 10:59 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 9. [3]
7- 7) التهذيب 5:292،الاستبصار 2:304.

الحسن العطّار (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أدرك الحاجّ عرفات قبل طلوع الفجر،فأقبل من عرفات و لم يدرك الناس بجمع،و وجدهم قد أفاضوا، فليقف قليلا بالمشعر الحرام و ليلحق الناس بمنى و لا شيء عليه» (2).

فروع:
الأوّل:ظهر من جميع ما تقدّم:أنّ الوقت الاختياريّ بعرفات من زوال الشمس

إلى غروبها من يوم عرفة

،و الاضطراريّ إلى طلوع الفجر من يوم النحر.و الوقت الاختياريّ للوقوف بالمشعر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،و الاضطراريّ من غروب الشمس ليلة النحر إلى الزوال من يومه على قول الشيخ،و إلى غروبها منه على قول السيّد رحمه اللّه (3).

الثاني:إذا أدرك أحد الموقفين اختيارا،و الآخر اضطرارا،صحّ حجّه إجماعا

.

و لو أدرك الاضطراريّين،فيه تردّد،أقربه إدراك الحجّ؛لرواية الحسن العطّار- الصحيحة-عن الصادق عليه السلام (4).أمّا لو أدرك أحد الاضطراريّين خاصّة،فإن كان المشعر،صحّ حجّه على قول السيّد-رحمه اللّه-و بطل على قول الشيخ رحمه اللّه.

ص:103


1- 1الحسن بن زياد العطّار مولى بني ضبّة،كوفيّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام-و قيل:الحسن بن زياد الطائيّ-له كتاب،قاله النجاشيّ،و قال الشيخ في الفهرست:له أصل.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة.رجال النجاشيّ:47،الفهرست:49، [1]رجال العلاّمة:41. [2]
2- 2) التهذيب 5:292 الحديث 990،الاستبصار 2:305 الحديث 1088،الوسائل 10:62 الباب 24 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [3]
3- 3) يراجع:ص 98. [4]
4- 4) التهذيب 5:292 الحديث 990،الاستبصار 2:305 الحديث 1088،الوسائل 10:62 الباب 24 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [5]

و يؤيّد قول السيّد:روايتا عبد اللّه بن المغيرة-الصحيحة (1)-و جميل-الحسنة -عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2)،لكنّ الشيخ-رحمه اللّه-تأوّلهما بالتأويلين البعيدين (3).

و إن كان هو عرفات،فالوجه:بطلان الحجّ؛لعموم قوله عليه السلام:«من أدرك المشعر الحرام من يوم النحر قبل زوال الشمس،فقد أدرك الحجّ» (4).و لرواية الحسن العطّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

و لو أدرك أحد الموقفين اختيارا وفاته الآخر مطلقا،فإن كان الفائت هو عرفات،فقد صحّ حجّه؛لإدراك المشعر،و إن كان هو المشعر،ففيه تردّد،أقربه الفوات.

الثالث:قال الشيخ-رحمه اللّه-:من فاته الوقوف بالمشعر،فلا حجّ له على كلّ

حال

(5).و استدلّ عليه:بما رواه عن عبيد اللّه،و عمران ابني عليّ الحلبيّين،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحجّ» (6).

قال:و هذا خبر (7)عامّ فيمن فاته ذلك عامدا أو جاهلا،و على كلّ حال (8)،

ص:104


1- 1التهذيب 5:291 الحديث 989،الاستبصار 2:304 الحديث 1086،الوسائل 10:58 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 6.
2- 2) التهذيب 5:291 الحديث 988،الاستبصار 2:304 الحديث 1087،الوسائل 10:59 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 9.
3- 3) التهذيب 5:292،الاستبصار 2:304.
4- 4) التهذيب 5:291 الحديث 988،الاستبصار 2:304 الحديث 1087،الوسائل 10:59 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 9. [1]
5- 5) التهذيب 5:292.
6- 6) التهذيب 5:292 الحديث 991،الاستبصار 2:305 الحديث 1089،الوسائل 10:57 الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [2]
7- 7) خا:و هذا الخبر،كما في التهذيب.
8- 8) التهذيب 5:292.

قال-رحمه اللّه-:و لا ينافيه ما رواه محمّد بن يحيى الخثعميّ عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام فيمن جهل،و لم يقف بالمزدلفة و لم يبت بها حتّى أتى منى،قال:«يرجع».قلت:إنّ ذلك فاته؟قال:«لا بأس به» (1).

و ما رواه محمّد بن يحيى أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في رجل لم يقف بالمزدلفة،و لم يبت بها حتّى أتى منى،فقال:«أ لم ير الناس لم تبكر (2)منى حين دخلها؟»قلت:فإنّه جهل ذلك،قال:«يرجع»قلت:إنّ ذلك قد فاته،قال:«لا بأس» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هذان-و إن كان أصلهما واحدا و هو محمّد بن يحيى الخثعميّ و هو عامّيّ،و مع ذلك تارة يرويه عن أبي عبد اللّه عليه السلام بلا واسطة،و تارة يرويه بواسطة و يرسله-يمكن حملهما على من وقف بالمزدلفة شيئا يسيرا؛فإنّه يجزئه ذلك،و يكون قوله:«لم يقف بالمزدلفة»الوقوف التامّ الذي متى وقفه الإنسان،كان أكمل و أفضل،و متى لم يقف على ذلك الوجه،كان أنقص ثوابا و إن كان لا يفسد الحجّ؛لأنّ الوقوف القليل يجزئ عند الضرورة (4).

يدلّ عليه:ما رواه أبو بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:جعلت فداك إنّ صاحبيّ هذين جهلا أن يقفا بالمزدلفة،فقال:«يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة»قلت:فإنّه لم يخبرهما (5)أحد حتّى كان اليوم و قد نفّر الناس،قال:فنكس

ص:105


1- 1التهذيب 5:292 الحديث 992،الاستبصار 2:305 الحديث 1090،الوسائل 10:64 الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [1]
2- 2) في النسخ:«لم ينكر»و في الاستبصار:«لم يكونوا بمنى»و ما أثبتناه من التهذيب.
3- 3) التهذيب 5:293 الحديث 993،الاستبصار 2:305 الحديث 1091،الوسائل 10:64 الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 5:293،الاستبصار 2:305.
5- 5) كثير من النسخ:يجزهما.

رأسه ساعة ثمّ قال:«أ ليسا قد صلّيا الغداة بالمزدلفة؟»قلت:بلى،قال:«أ ليس قد قنتا في صلاتهما؟»قلت:بلى،قال:«تمّ حجّهما»ثمّ قال:«المشعر من المزدلفة و المزدلفة من المشعر،و إنّما يكفيهما اليسير من الدعاء» (1).

و عن محمّد بن حكيم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أصلحك اللّه الرجل الأعجميّ و المرأة الضعيفة يكون (2)مع الجمّال الأعرابيّ،فإذا أفاض بهم من عرفات مرّ بهم كما هم إلى منى لم ينزل بهم جمعا،فقال:«أ ليس قد صلّوا بها فقد أجزأهم»قلت:فإن لم يصلّوا؟قال:«قد ذكروا اللّه فيها،فإن كان (3)قد ذكروا اللّه فقد أجزأهم» (4).

الرابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-:من ترك الوقوف بالمشعر متعمّدا،فعليه

بدنة

(5)؛لما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من أفاض من عرفات مع الناس و لم يبت (6)معهم بجمع و مضى إلى منى متعمّدا أو مستخفّا،فعليه بدنة» (7).

و الوجه أنّه إذا ترك الوقوف بالمشعر عمدا،بطل حجّه؛لما تقدّم من أنّه ركن يبطل الحجّ بالإخلال به عمدا (8).

الخامس:لو ترك الوقوف بالموقفين معا،بطل حجّه

،سواء كان عن عمد

ص:106


1- 1التهذيب 5:293 الحديث 994،الاستبصار 2:306 الحديث 1092،الوسائل 10:64 الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 7. [1]
2- 2) كذا في النسخ،و في الكافي 4:472 و [2]الاستبصار:يكونان،و في الوسائل: [3]تكونان.
3- 3) في المصادر:كانوا.
4- 4) التهذيب 5:293 الحديث 995،الاستبصار 2:306 الحديث 1093،الوسائل 10:63 الباب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [4]
5- 5) التهذيب 5:294.
6- 6) في المصادر:«و لم يلبث».
7- 7) التهذيب 5:294 الحديث 996،الوسائل 10:65 الباب من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [5]
8- 8) يراجع:ص 87. [6]

أو نسيان.و لو نسي الوقوف بعرفة،رجع فوقف بها و لو إلى طلوع الفجر إذا عرف أنّه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس،و لو غلب على ظنّه الفوات،اقتصر على المشعر قبل طلوع الشمس و قد تمّ حجّه،و كذا لو نسي الوقوف بعرفات و لم يدرك إلاّ بعد الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس.

و لو نسي الوقوف بالمشعر،فإن كان قد وقف بعرفة،صحّ حجّه،و إلاّ بطل.

مسألة:و يستحبّ أخذ حصى الجمار من المزدلفة،و هو سبعون حصاة

،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (1)،و هو قول ابن عمر،و سعيد بن جبير (2).

و عن أحمد جواز ذلك و ليس بمستحبّ (3).

لنا:أنّ الرمي تحيّة لموضعه،فينبغي له أن يلتقطه من المشعر؛لئلاّ يشتغل عند قدومه بغيره،كما أنّ الطواف تحيّة المسجد،فلا يبدأ بشيء قبله.

و ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّه كان يأخذ الحصى من جمع (4).و فعله سعيد بن جبير،و قال:كانوا يتزوّدون الحصى من جمع (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:

«خذ حصى الجمار من جمع،و إن أخذته من رحلك بمنى أجزأك» (6).

و عن ربعيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«خذ حصى الجمار من جمع، و إن أخذته من رحلك بمنى أجزأك». (7).

ص:107


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:137،فتح العزيز بهامش المجموع 7:369،مغني المحتاج 1:500،السراج الوهّاج:163.
2- 2) المغني و الشرح الكبير 3:454.
3- 3) المغني و الشرح الكبير 3:454،الإنصاف 4:32،زاد المستقنع:33.
4- 4) سنن البيهقيّ 5:128.
5- 5) المغني و الشرح الكبير 3:454.
6- 6) التهذيب 5:195 الحديث 650،الوسائل 10:52 الباب 18 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [1]
7- 7) التهذيب 5:196 الحديث 651،الوسائل 10:52 الباب 18 من أبواب الوقوف بالمشعر ذيل الحديث 1. [2]
مسألة:و يجوز أخذ حصى الجمار من الطريق في الحرم و من بقيّة مواضع

الحرم

،عدا المسجد الحرام و مسجد الخيف،و من حصى الجمار إجماعا؛لما رواه الجمهور عن ابن عبّاس (1)،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله غداة العقبة و هو على ناقته:«القط لي حصّى»فلقطت له سبع حصيات هي حصى الخذف، فجعل يقبضهنّ (2)في كفّه و يقول:«أمثال هؤلاء فارموا»ثمّ قال:«أيّها الناس إيّاكم و الغلوّ في الدين،فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ في الدين» (3).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم،و ما رواه الشيخ عن حنّان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم إلاّ من المسجد الحرام و مسجد الخيف» (4).

و عن حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته من أين ينبغي أخذ حصى الجمار؟قال:«تأخذه من سائر الحرم» (5).

إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز أخذ الحصاة من سائر الحرم إلاّ المسجد الحرام و مسجد الخيف،و من حصى الجمار على ما بيّنّاه،و لا يجزئه إن أخذه من غير الحرم؛لما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك،و إن أخذته من غير الحرم لم يجزئك» قال:و قال:«لا ترم الجمار إلاّ بالحصى» (6).

ص:108


1- 1أكثر النسخ:أنّ ابن عبّاس.
2- 2) كذا في أكثر النسخ،كما في المغني و الشرح،و في ق:فقبضهنّ،و في ع:يضعهنّ،و في سنن ابن ماجة: ينفضهنّ،و في سنن البيهقيّ:فوضعتهنّ.
3- 3) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029،سنن النسائيّ 5:268،مسند أحمد 1:215 و 347، [1]سنن البيهقيّ 5:127،المغني و الشرح الكبير 3:454.
4- 4) التهذيب 5:196 الحديث 652،الوسائل 10:53 الباب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [2]
5- 5) التهذيب 5:196 الحديث 653،الوسائل 10:53 الباب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [3]
6- 6) التهذيب 5:196 الحديث 654،الوسائل 10:53 الباب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [4]

قال ابن بابويه:و في خبر:«و لا تأخذ من حصى الجمار الذي (1)قد رمي» (2).

و رواه الشيخ عن عبد الأعلى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و لا تأخذ من حصى الجمار» (3).

إذا عرفت هذا:فقد ذهب بعض أصحابنا إلى أنّه لا يؤخذ الحصى من جميع المساجد (4)،و الحديثان دلاّ على استثناء المسجد الحرام و مسجد الخيف.

مسألة:و يستحبّ له الدفع من المزدلفة إلى منى إذا أسفر الصبح قبل طلوع

الشمس

(5)

على ما بيّنّاه (6)؛لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«كان أهل الشرك و الأوثان لا يدفعون من المزدلفة حتّى تطلع الشمس و يعتمّ بها رءوس الجبال كأنّها عمائم الرجال في وجوههم،و إنّما ندفع قبل طلوعها،و هدينا مخالف هدي أهل الشرك و الأوثان» (7).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:إنّ أهل الجاهليّة كانوا يدفعون من عرفة قبل أن تغيب الشمس،و من المزدلفة (8)بعد أن تطلع الشمس،و يقولون:أشرق ثبير كيما نغير (9)،فأخّر اللّه تعالى هذه و قدّم هذه (10).

ص:109


1- 1كذا في النسخ،و في المصدر:«التي».
2- 2) الفقيه 2:285 الحديث 1398.
3- 3) التهذيب 5:266 الحديث 906،الوسائل 10:72 الباب 5 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [1]
4- 4) ينظر:الشرائع 1:257،الجامع للشرائع:209.
5- 5) ج و د:من مزدلفة.
6- 6) يراجع:ص 89.
7- 7) سنن البيهقيّ 5:125،تفسير الدرّ المنثور 1:222، [2]مجمع الزوائد 3:255.
8- 8) ج:و من مزدلفة.
9- 9) أغار القوم إغارة:أسرعوا في السير.المصباح المنير:456. [3]
10- 10) لم نعثر على حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في المصادر الموجودة لدينا.نعم،نقل بهذا المضمون عن عمر،ينظر:صحيح البخاريّ 2:204،سنن الترمذيّ 3:242 الحديث 896، [4]سنن ابن ماجة 2:1006 الحديث 3022،سنن النسائيّ 5:265،سنن الدارميّ 2:59، [5]مسند أحمد 1:39،42،54، [6]سنن البيهقيّ 5:124-125،تفسير القرطبيّ 2:429. [7]
مسألة:و يستحبّ له أن يفيض بالسكينة و الوقار ذاكرا للّه تعالى مستغفرا داعيا

؛ لما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:ثمّ أردف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الفضل بن عبّاس و قال:«أيّها الناس إنّ البرّ ليس بإيجاف الخيل و الإبل،فعليكم بالسكينة» (1)فما رأيتها رافعة يديها حتّى أتى منى (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فأفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خلاف ذلك بالسكينة و الوقار و الدعة،فأفض بذكر اللّه تعالى و الاستغفار و حرّك به لسانك» (3).

مسألة:فإذا بلغ وادي محسّر-و هو واد عظيم بين جمع و منى،و هو إلى منى

أقرب-أسرع في مشيه إن كان ماشيا

،و إن كان راكبا حرّك دابّته،و لا نعلم فيه خلافا.روى الجمهور عن جعفر بن محمّد الصادق،عن أبيه عليهما السلام،عن جابر في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لمّا أتى وادي محسّر حرّك قليلا، و سلك الطريق الوسطى (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ و ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«فإذا مررت بوادي محسّر-و هو واد عظيم بين جمع و منى،و هو إلى منى أقرب-فاسع فيه حتّى تجاوزه،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حرّك ناقته» (5).

ص:110


1- 1أكثر النسخ:فعليكم السكينة.
2- 2) سنن أبي داود 2:190 الحديث 1920، [1]سنن البيهقيّ 5:126،المغني و الشرح الكبير 3:453.
3- 3) التهذيب 5:192 الحديث 637،الوسائل 10:48 الباب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 5. [2]
4- 4) صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [3]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49، [4]سنن البيهقيّ 5:8.
5- 5) الفقيه 2:282 الحديث 1384،التهذيب 5:192 الحديث 637،الوسائل 10:46 الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [5]

و لا نعلم في استحباب الإسراع فيه خلافا.

فروع:
الأوّل:لو ترك الهرولة فيه،استحبّ له أن يرجع و يهرول فيه

؛لأنّها كيفيّة مستحبّة،و لا يمكن فعلها إلاّ بإعادة الفعل،فاستحبّ إعادته.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه،قال:ترك رجل السعي في وادي محسّر،فأمره أبو عبد اللّه عليه السلام بعد الانصراف إلى مكّة فرجع فسعى (1).

الثاني:يستحبّ الدعاء حالة السعي في وادي محسّر

بما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:اللهمّ سلّم عهدي،و اقبل توبتي،و أجب دعوتي،و اخلفني بخير فيمن تركت بعدي» (2).

الثالث:روى ابن بابويه عن محمّد بن إسماعيل،عن أبي الحسن عليه السلام،

قال:«الحركة في وادي محسّر مائة خطوة»

(3).

و في حديث آخر:«مائة ذراع» (4).

أمّا الجمهور:فاستحبّوا الإسراع قدر رمية حجر (5).

الرابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا أفاض من المشعر قبل طلوع الشمس

؛فلا

ص:111


1- 1الفقيه 2:282 الحديث 1387،الوسائل 10:47 الباب 14 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 2:282 الحديث 1384،الوسائل 10:46 الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 2:282 الحديث 1385،الوسائل 10:46 الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [3]
4- 4) الفقيه 2:282 الحديث 1386،الوسائل 10:47 الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 4. [4]
5- 5) الموطّأ 1:392،المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:143،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 371،المغني و الشرح الكبير 3:453.

يجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس. (1)

الخامس:لو ترك السعي في وادي محسّر،أو أفاض بعد طلوع الشمس

، أو جاوز وادي محسّر قبل طلوعها،لم يكن عليه شيء؛لأنّها أفعال مستحبّة فلا يستتبع تركها عقوبة.

السادس:روى ابن بابويه عن أبان،عن عبد الرحمن بن أعين ،عن أبي

جعفر عليه السلام أنّه يكره أن يقيم عند المشعر بعد الإفاضة

(2)

(3).

ص:112


1- 1المبسوط 1:368، [1]النهاية:249، [2]التهذيب 5:192.
2- 2) عبد الرحمن بن أعين بن سنسن الشيبانيّ،روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام،قاله النجاشيّ، و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق عليهما السلام،و قال في الفهرست:له كتاب، و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و قال المامقانيّ:الرجل في أعلى مراتب الحسن. رجال النجاشيّ:237،رجال الطوسيّ:128،231،الفهرست:109، [3]رجال العلاّمة:114، [4]تنقيح المقال 2:140. [5]
3- 3) الفقيه 2:282 الحديث 1383،الوسائل 10:46 الباب 12 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [6]

الفصل الرابع

اشارة

في نزول منى و رمي جمرة العقبة و فيه مباحث

البحثالأوّل
اشارة

إذا أفاض من المزدلفة فليأت إلى منى على سكينة و وقار

على ما بيّنّاه (1)داعيا بما رسم،و يقضي مناسكه بمنى يوم النحر،و هي ثلاثة:رمي جمرة العقبة،ثمّ الذبح،ثمّ الحلق.و ترتيب هذه المناسك واجب.

و نحن نذكر في هذا الفصل رمي جمرة العقبة،و نذكر شروط الرمي فيها و في غيرها من باقي الجمار الثلاث بعون اللّه تعالى.

مسألة:إذا أتى منى،استحبّ له أن يبدأ فيرمي جمرة العقبة حال وصوله

،و هي آخر الجمرات ممّا يلي منى،و أوّلها ممّا يلي مكّة،و هي عند العقبة،و لذلك سمّيت جمرة العقبة؛لأنّ أوّل ما بدأ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمنى الرمي.

إذا ثبت هذا:فإنّ رمي هذه الجمرة بمنى يوم النحر واجب،و لا نعلم فيه خلافا؛ لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رماها (2)،و قال عليه السلام:«خذوا عنّي مناسككم» (3).

ص:113


1- 1يراجع:ص 110.
2- 2) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49، [1]سنن البيهقيّ 5:8.
3- 3) سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366، [2]سنن البيهقيّ 5:125.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«خذ حصى الجمار ثمّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة،فارمها من قبل وجهها،و لا ترمها من أعلاها» (1).

مسألة:و لا يجوز الرمي بغير الحجارة

،قاله علماؤنا،و به قال الشافعيّ (2)، و مالك (3)،و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة:يجوز بكلّ ما كان من جنس الأرض،مثل الكحل و الزرنيخ و المدر،فأمّا ما لم يكن من جنس الأرض فلا يجوز (5).

و قال داود:يجوز الرمي بكلّ شيء حتّى حكي عنه أنّه قال:لو رمى بعصفور ميّت أجزأه (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«عليكم بحصى الخذف» (7).و قال عليه السلام لمّا لقط له الفضل بن عبّاس حصى الخذف،قال:

ص:114


1- 1التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
2- 2) الأمّ 2:213،حلية العلماء 3:340،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:170،فتح العزيز بهامش المجموع 7:397،الميزان الكبرى 2:51،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:159،مغني المحتاج 1:507،السراج الوهّاج:165.
3- 3) بلغة السالك 1:282،حلية العلماء 3:340،المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
4- 4) المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459،الكافي لابن قدامة 1:603،الإنصاف 4:35، زاد المستقنع:33.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:66،تحفة الفقهاء 1:408،بدائع الصنائع 2:157،الهداية للمرغينانيّ 1: 147،شرح فتح القدير 2:385،مجمع الأنهر 1:280،عمدة القارئ 10:89،المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
6- 6) حلية العلماء 3:340،الميزان الكبرى 2:51،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:159،عمدة القارئ 10:89.
7- 7) صحيح مسلم 2:931 الحديث 1282،سنن النسائيّ 5:269،سنن البيهقيّ 5:127،مجمع الزوائد 3: 257.

«بمثلها فارموا» (1).

و قال عليه السلام:«يا أيّها الناس لا يقتل بعضكم بعضا،فإذا رميتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:

«خذ حصى الجمار من جمع،و إن أخذته من رحلك بمنى أجزأك» (3).

و مثله روي عن ربعيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4)،و الأمر يدلّ على الوجوب.

و لأنّه رمي بغير الحجارة،فلم يجزئه،كما لو رمى بالدراهم،و الدراهم مخلوقة في الأرض فهي من جنس الحجارة.

احتجّ أبو حنيفة و داود (5):بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«إذا رميتم و حلقتم فقد حلّ لكم كلّ شيء» (6)و لم يفصّل.

ص:115


1- 1سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029،سنن النسائيّ 5:268،مسند أحمد 1:215 و 347، [1]المعجم الكبير للطبرانيّ 25:160-161 الحديث 388 و 389.
2- 2) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3028،سنن أبي داود 2:200 الحديث 1966، [2]مسند أحمد 3:503 و ج 5:379 و [3]ج 6:376 و 379،سنن البيهقيّ 5:128،المعجم الكبير للطبرانيّ 25:160 الحديث 388.
3- 3) التهذيب 5:195 الحديث 650،الوسائل 10:52 [4] الباب 18 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1 و ص 71 الباب 4 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2.
4- 4) التهذيب 5:196 الحديث 651،الوسائل 10:52 الباب 18 من أبواب الوقوف بالمشعر ذيل الحديث 2. [5]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:66،بدائع الصنائع 2:158،الهداية للمرغينانيّ 1:147، [6]المغني 3:455، الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
6- 6) مسند أحمد 6:143،سنن الدارقطنيّ 2:276 الحديث 186 و 187،سنن البيهقيّ 5:136،كنز العمّال 5:78 الحديث 12128.

و ما روي عن سكينة بنت الحسين (1)عليه السلام أنّها رمت الجمرة و رجل يناولها الحصى،تكبّر مع كلّ حصاة،فسقطت حصاة فرمت بخاتمها (2).

و لأنّه رمي بما هو من جنس الأرض،فأجزأه،كالحجارة.

و الجواب:أنّه لا دلالة في الحديث؛لأنّ الرمي هنا مجمل،و إنّما بيّنه صلّى اللّه عليه و آله بفعله الرمي،فينصرف ما ذكره عليه السلام إلى المعهود من فعله،كغيره من العبادات التي بيّنها بفعله.

و ما روي عن سكينة عليها السلام،إن سلم السند عن الطعن،محتمل للتأويل؛ إذ يمكن أن يكون فصّه حجرا يجوز الرمي به،كالعقيق و الفيروزج على رأي من يجوّز الرمي بكلّ حجر على ما يأتي من الخلاف.

و قياس أبي حنيفة منتقض بالدراهم.

مسألة:و اختلف قول الشيخ-رحمه اللّه-فقال في أكثر كتبه:لا يجوز الرمي

إلاّ بالحصى

(3).و هو اختيار ابن إدريس (4)،و أكثر علمائنا (5).

و قال في الخلاف:لا يجوز الرمي إلاّ بالحجر و ما كان جنسه من البرام و الجواهر و أنواع الحجارة،و لا يجوز بغيره،كالمدر و الآجر و الكحل و الزرنيخ

ص:116


1- 1سكينة بنت الشهيد الحسين بن عليّ عليه السلام و اسمها أميمة،و قيل:أمينة،و سكينة لقب و أمّها الرباب بنت امرئ القيس بن عديّ،تزوّجها مصعب بن الزبير ثمّ عبد اللّه بن عثمان بن عبد اللّه بن حكيم بن حزام ثمّ زيد بن عمرو بن عثمان.و جمالها و حسن خلقها مشهور،توفّيت بالمدينة سنة 117 ه. شذرات الذهب 1:154، [1]العبر 1:113. [2]
2- 2) المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
3- 3) المبسوط 1:369، [3]النهاية 253، [4]الجمل و العقود:145،الاقتصاد:454.
4- 4) السرائر:139.
5- 5) منهم:ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):692،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):581، و ابن البرّاج في المهذّب 1:254،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:257،و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:210.

و الملح و غير ذلك من الذهب و الفضّة (1).و به قال الشافعيّ (2).

و أنكر ابن إدريس ذلك؛لوقوع الاتّفاق على الإجزاء بالحصى،و براءة الذمّة معه،و حصول الخلاف في غيره (3).

و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:«بأمثال هؤلاء فارموا» (4)و مثل الحصى حصى.

و قال عليه السلام لمّا هبط مكان محسّر:«أيّها الناس عليكم بحصى الخذف» (5).

و قول ابن إدريس جيّد؛لتواتر الأحاديث بالأمر بالرمي بالحصى.

و روى الشيخ-في الحسن-عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«لا ترم الجمار إلاّ بالحصى» (6).

مسألة:و يجب أن يكون الحصى أبكارا

،فلو رمى بحصاة رمى بها هو أو غيره، لم يجزئه،قاله علماؤنا،و به قال أحمد (7).

ص:117


1- 1الخلاف 1:455 مسألة-163.
2- 2) الأمّ 2:213،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:68،حلية العلماء 3:340،المهذّب للشيرازيّ 1:228، المجموع 8:186،فتح العزيز بهامش المجموع 7:397،المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
3- 3) السرائر:139.
4- 4) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029،سنن النسائيّ 5:268 و 269،مسند أحمد 1:215 و 347، سنن البيهقيّ 5:127 بتفاوت يسير.
5- 5) صحيح مسلم 2:931 الحديث 1282،سنن النسائيّ 5:269،سنن البيهقيّ 5:127،مجمع الزوائد 3: 257.
6- 6) التهذيب 5:196 الحديث 654،الوسائل 10:71 الباب 4 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
7- 7) المغني 3:455،الشرح الكبير بهامش المغني 3:459،الإنصاف 4:35.

و قال الشافعيّ:إنّه مكروه و يجزئه (1).

و قال المزنيّ:إن رمى بما به هو،لم يجزئه،و إن رمى بما رمى به غيره، أجزأه (2).

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا أخذ الحجارة قال:«بأمثال هؤلاء فارموا» (3)و المماثلة إنّما تتحقّق بما ذكرناه.

و لأنّه صلّى اللّه عليه و آله أخذ الحصى من غير المرمى و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الأعلى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يأخذ من حصى الجمار» (5).

و لأنّ ابن عبّاس قال:ما يقبل من ذلك يرفع (6).فحينئذ يكون الباقي غير مقبول،فلا يجوز الرمي به.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه رمى بما يقع عليه اسم الحجارة،فأجزأه،كما لو لم يرم به قبل ذلك (7).

و الجواب:ليس المطلق كافيا و إلاّ لما احتاج الناس إلى نقل الحصى إلى

ص:118


1- 1الأمّ 2:213،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:68،حلية العلماء 3:341،المهذّب للشيرازيّ 1:228، المجموع 8:172 و 185،مغني المحتاج 1:500.
2- 2) حلية العلماء 3:341،المجموع 8:172.
3- 3) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029،سنن النسائيّ 5:268 و 269،مسند أحمد 1:215 و 347، سنن البيهقيّ 5:127 بتفاوت يسير.
4- 4) سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366 بتفاوت يسير فيهما،سنن البيهقيّ 5:125،و من طريق الخاصّة،ينظر:عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [1]
5- 5) التهذيب 5:266 الحديث 906،الوسائل 10:72 الباب 5 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [2]
6- 6) سنن البيهقيّ 5:128،المغني 3:456،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:228.

الجمار،و قد وقع الإجماع على خلافه.

و لأنّ سكينة عليها السلام لمّا سقطت الحصاة السابعة (1)رمت بخاتمها،و لو كان ما رمي به مجزئا،لأخذت منه واحدة عوض الخاتم (2).

فروع:
الأوّل:لا فرق في عدم الإجزاء بين جميع العدد و بعضه

،فلو رمى بستّ أبكار و واحدة رمي بها قبل ذلك،لم يجزئه.

الثاني:لو رمى بحصاة نجسة،كره له ذلك،و هل يكون مجزئا أم لا؟فيه تردّد

، أقربه الإجزاء؛عملا بالعموم.

الثالث:لو رمى بخاتم فصّه ممّا يجوز الرمي به،هل يجزئه أم لا؟

قال بعض الجمهور:لا يجزئه؛لأنّه تبع،و الرمي بالمتبوع لا بالتابع (3).و طعن في حديث سكينة عليها السلام بضعف السند (4).

مسألة:و يجب أن يكون الحصى من الحرم،فلا يجزئه لو أخذه من غيره

؛لقول أبي عبد اللّه عليه السلام:«إن أخذته من الحرم أجزأك،و إن أخذته من غير الحرم، لم يجزئك» (5)و هذا نصّ في الباب.

و يكره أن تكون صمّا (6)،و يستحبّ أن تكون برشا (7)؛لما رواه الشيخ-في

ص:119


1- 1كثير من النسخ:السابقة.
2- 2) أورده ابنا قدامة في المغني 3:455،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
3- 3) المغني 3:456،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
4- 4) أورده ابنا قدامة في المغني 3:455،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:459.
5- 5) التهذيب 5:196 الحديث 654،الوسائل 10:53 الباب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [1]
6- 6) حجر أصمّ:صلب مصمت.المصباح المنير:348.
7- 7) البرشة:لون مختلط حمرة و بياضا أو غيرهما من الألوان.النهاية لابن الأثير 1:118. [2]

الصحيح-عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حصى الجمار،قال:

«كره الصمّ منها»و قال:«خذ البرش» (1).

و يستحبّ أن تكون كحليّة منقّطة.

و يكره السود و الحمر و البيض،رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«حصى الجمار تكون مثل الأنملة،و لا تأخذها سودا و لا بيضا و لا حمرا (2)،خذها كحليّة منقّطة تخذفهنّ خذفا و تضعها[على الإبهام] (3)و تدفعها بظفر السبّابة»قال:«و ارمها من بطن الوادي،و اجعلهنّ على يمينك كلّهنّ،و لا ترم على (4)الجمرة و تقف عند الجمرتين الأوّلتين،و لا تقف عند جمرة العقبة» (5).

مسألة:و يستحبّ التقاط الحصى و يكره تكسيرها

،و لا نعلم فيه خلافا عندنا -و به قال الشافعيّ (6)،و أحمد (7)-لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر الفضل فلقط له حصى الخذف،و قال:«بمثلها فارموا» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«التقط الحصى،و لا تكسر منه شيئا» (9).

ص:120


1- 1التهذيب 5:197 الحديث 655،الوسائل 10:54 الباب 20 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 1. [1]
2- 2) د و خا:«و لا حمراء»كما في المصادر.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) في التهذيب:«أعلى».
5- 5) التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:73 الباب 7 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [2]
6- 6) المجموع 8:139.
7- 7) المغني و الشرح الكبير 3:454.
8- 8) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029،سنن النسائيّ 5:268،269،مسند أحمد 1:215 و 347، سنن البيهقيّ 5:127.
9- 9) التهذيب 5:197 الحديث 657،الوسائل 10:54 الباب 20 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث 3. [3]

و لأنّه لا يؤمن من أذاه لو كسره بأن يطير منه شيء إلى وجهه فيؤذيه.

مسألة:و يستحبّ أن تكون صغارا قدر كلّ واحدة مثل الأنملة

.

و قال الشافعيّ:أصغر من الأنملة طولا و عرضا.و منهم من قال:كقدر النواة.

و منهم من قال:مثل الباقلاء (1).

و هذه المقادير متقاربة،و الأصل في ذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر بحصى الخذف (2)،و الخذف إنّما يكون بأحجار صغار.

و في حديث أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام،قال:

«حصى الخذف تكون مثل الأنملة» (3).

إذا ثبت هذا:فلو رمى بأكبر من هذا المقدار،فالوجه:الإجزاء؛لأنّه رمى بالحصى،فيخرج عن العهدة.

و في إحدى الروايتين عن أحمد أنّه لا يجزئه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بهذا القدر و نهى عن تجاوزه،و الأمر للوجوب،و النهي يدلّ على الفساد (4).

و هما ممنوعان هنا.

إذا عرفت هذا:فإنّه يستحبّ أن تكون رخوة،و يكره أن تكون صمّا.

ص:121


1- 1الأمّ 2:214،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:171، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:398، [2]مغني المحتاج 1:508.
2- 2) صحيح مسلم 2:931 الحديث 1282،سنن النسائيّ 5:267،مسند أحمد 1:210،213 و 219، سنن البيهقيّ 5:127.
3- 3) التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:73 الباب 7 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [3]
4- 4) المغني و الشرح الكبير 3:454،الكافي لابن قدامة 1:603،الإنصاف 4:32،33.
البحث الثاني
اشارة

في كيفيّة الرمي

مسألة:و يجب فيه النيّة؛لأنّه عبادة و كلّ عبادة بنيّة

؛لقوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (1).

و لأنّه عمل،و قال عليه السلام:«لا عمل إلاّ بنيّة» (2).

و«إنّما الأعمال بالنيّات،و إنّما لكلّ امرئ ما نوى» (3).

و يجب أن يقصد فيها الوجوب و القربة إلى اللّه تعالى؛ليتحقّق مسمّى الإخلاص.

مسألة:و يجب فيه العدد،و هو سبع حصيات في يوم النحر لرمي جمرة العقبة

، فلا يجزئه لو أخلّ و لو بواحدة،بل يجب عليه الإكمال،و لا نعلم فيه خلافا.و الأصل

ص:122


1- 1البيّنة(98):5. [1]
2- 2) التهذيب 4:186 الحديث 520،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 9. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:2،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907 بتفاوت فيه،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، [3]سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647 بتفاوت فيه،سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 1:58 و ج 6:158،مسند أحمد 1:25،سنن الدارقطنيّ 1:50 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:112 و ج 7:341. و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 4:186 الحديث 519،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 7 و 10. [4]

فيه فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و فعل الأئمّة عليهم السلام بعده.

و في حديث جابر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رماها بسبع حصيات يكبّر مع كلّ (1)حصاة (2).و هو قول علماء الإسلام.

مسألة:و يجب إيصال كلّ حصاة إلى الجمرة بما يسمّى رميا بفعله

،فلو وضعها بكفّه في المرمى،لم يجزئه،و هو قول العلماء،و الأصل فيه قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«بمثل هذه فارموا» (3)و هذا لا يسمّى رميا،فلا يكون مجزئا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«خذ حصى الجمار ثمّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها» (4)،و الأمر للوجوب.

و لو طرحها،قال بعض الجمهور:لا يجزئه،لأنّه لا يسمّى رميا (5).

و قال أصحاب الرأي:يجزئه؛لأنّه يسمّى رميا (6).

و الحاصل:أنّ الاختلاف وقع باعتبار الخلاف في صدق الاسم،فإن سمّي رميا،أجزأ بلا خلاف،و إلاّ لم يجزئ إجماعا.

مسألة:و لا يجزئه الرمي إلاّ أن يقع الحصى في المرمى

،فلو وقع دونه لم يجزئه، و لا نعلم فيه خلافا.

ص:123


1- 1ح،ع و ر:في كلّ،مكان:مع كلّ.
2- 2) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:267-268،سنن الدارميّ 2:49. [2]
3- 3) سنن ابن ماجة 2:1008 الحديث 3029 و فيه:أمثال هؤلاء فارموا،سنن النسائيّ 5:268 و فيه:بأمثال هؤلاء،سنن البيهقيّ 5:127،128 و فيه:فارموا بمثل حصى الخذف.
4- 4) التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [3]
5- 5) المغني 3:460،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:457.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:67،بدائع الصنائع 2:137،الهداية للمرغينانيّ 1:147،شرح فتح القدير 2: 384،المغني 3:460،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 3:458.

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فإن رميت بحصاة فوقعت في محمل،فأعد مكانها» (1).

و يجب أن يكون إصابة الجمرة بفعله؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل، و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (2).

و لأنّه عليه السلام أمر برمي الجمرة بفعلنا،فقال:«بمثلها فارموا» (3)و لا نعلم فيه خلافا.

فروع:
الأوّل:إذا رمى بحصاة فوقعت على الأرض ثمّ مرّت على سننها أو أصابت

شيئا صلبا

كالمحمل و شبهه ثمّ وقعت في المرمى بعد ذلك،أجزأه؛لأنّ وقوعها في المرمى بفعله و رميه من غير مشاركة فاعل آخر.

لا يقال:قد قيل في المسابقة:إنّ السهم إذا أصاب الأرض ثمّ ازدلف (4)و أصاب الغرض لم يعتدّ به إصابة فكيف اعتبرتم ذلك هنا؟!

لأنّا نمنع ذلك في المسابقة أوّلا،و ثانيا يفرق بينهما؛لأنّ القصد هنا الإصابة بالرمي و قد حصلت،و في المسابقة القصد إبانة الحذق (5)،فإذا ازدلف السهم فقد عدل عن السنن،فلم تدلّ الإصابة على حذقه،فلهذا لم يعتبره هناك.

الثاني:لو وقعت على ثوب إنسان فنفضها

،أو على عنق بعير فنفضها فوقعت

ص:124


1- 1الفقيه 2:285 الحديث 1399،الوسائل 10:72 الباب 6 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
2- 2) صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297 بتفاوت،سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366، سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [2]
3- 3) يراجع:ص 123،الرقم 3.
4- 4) ازدلف السهم إلى كذا:اقترب.المصباح المنير:254. [3]
5- 5) حذق الرجل في صنعته:مهر فيها و عرف غوامضها و دقائقها.المصباح المنير:126. [4]

في المرمى،لم يجزئه.و به قال الشافعيّ (1).

و قال أحمد:يجزئه؛لأنّ ابتداء الرمي من فعله،فأشبه ما لو أصابت موضعا صلبا ثمّ وقعت في المرمى (2).

و ليس بصحيح؛لأنّ المأخوذ عليه هو الإصابة بفعله و لم تحصل،و إنّما حصلت برمي الثاني،فأشبه ما لو وقعت في غير المرمى فأخذها إنسان آخر فرماها إلى المرمى،و يخالف ما قاس عليه؛لأنّ الفعل كلّه له،فأجزأه.

الثالث:لو وقعت على ثوب إنسان فتحرّك فوقعت في المرمى

،أو على عنق بعير فتحرّك فوقعت في المرمى،ففيه وجهان:

أحدهما:الإجزاء؛لأنّ الأصل رميه؛و لم يعلم حصولها برمي غيره.

و الثاني:عدمه؛لأنّه يحتمل أن يكون ذلك بتحرّك البعير،و يحتمل أن يكون برميه،و مع الاحتمال لا يسقط الفرض.

الرابع:لو رماها نحو المرمى و لم يعلم هل حصلت في المرمى أم لا؟فالوجه:

أنّه لا يجزئه

؛لأنّ الرمي واجب عليه،و الأصل بقاؤه حتّى يتحقّق حصوله منه.و به قال الشافعيّ في الجديد،و قال في القديم:يجزئه؛لأنّ الظاهر حصولها في الموضع (3).و ليس بمعتمد.

الخامس:لو رمى حصاة فوقعت على حصاة فطفرت الحصاة الثانية فوقعت في

المرمى،لم يجزئه

؛لأنّ التي رماها لم تحصل في المرمى،و التي حصلت لم يرمها ابتداءً.

ص:125


1- 1الأمّ 2:213،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:68،حلية العلماء 3:143،المهذّب للشيرازيّ 1:228، المجموع 8:174 و 175.
2- 2) المغني 3:460،الشرح الكبير بهامش المغني 3:458،الكافي لابن قدامة 1:603،الإنصاف 4:34.
3- 3) حلية العلماء 3:341،المجموع 8:175،فتح العزيز بهامش المجموع 7:398.
السادس:لو رمى إلى غير المرمى فوقع في المرمى،لم يجزئه

(1)

؛لأنّه لم يقصده و شرطنا في الرمي القصد.

لا يقال:قد قلتم:إنّه لو رمى سهما إلى صيد فأصاب غيره،حلّ.

لأنّا نفرّق بأنّ الذكاة لا يعتبر فيها القصد و النيّة،و هاهنا يعتبر القصد،و لهذا صحّ ذكاة المجنون دون رميه.

السابع:لو وقعت على مكان هو أعلى من الجمرة فتد حرجت فوقعت في

المرمى،فالأقرب الإجزاء

؛لأنّها حصلت في المرمى بفعله،و لم يحصل من غيره فعل.

و قال بعض الشافعيّة:لا يجزئه؛لأنّ رجوعها لم يكن بفعله،و إنّما تدحرجت لعلوّ الموضع،بخلاف ما لو رماها فأصابت الأرض ثمّ مرّت على سننها على (2)المرمى؛لأنّ مرورها بفعل الرامي،و لهذا مرّت في الجهة التي رماها إليها (3).

الثامن:لو رمى بحصاة فالتقمها طائر قبل وصولها،لم يجزئه

،سواء رماها الطائر في المرمى،أولا؛لأنّ حصولها في المرمى لم يكن بفعله.

التاسع:لو أعاد الرمي بحصاة قلنا:إنّه لم يجزئه الرمي بها،أجزأه

؛لأنّ الرمي الأوّل بها لم يعتدّ به،فهي بمنزلة الأبكار.

العاشر:لو أصابت الحصاة إنسانا،أو جملا،ثمّ وقعت على الجمار،أجزأه

.

روى ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«و إن أصابت إنسانا أو جملا ثمّ وقعت على الجمار،أجزأك» (4).

مسألة:و يرمي كلّ حصاة بانفرادها

،فلو رمى الحصيات دفعة واحدة،لم

ص:126


1- 1ع:فوقعت.
2- 2) ق،ج و د:إلى.
3- 3) حلية العلماء 3:342،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:174.
4- 4) الفقيه 2:285 الحديث 1399،الوسائل 10:72 الباب 6 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]

يجزئه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمى متفرّقا (1)، (2)و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (3).و هذا قول مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد (6)،و أصحاب الرأي (7).

و قال عطاء:يجزئه (8)،و هو مخالف لفعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و فعل الأئمّة عليهم السلام.

مسألة:و يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي من قبل وجهها استحبابا بلا

خلاف

.

روى الجمهور عن سليمان بن الأحوص (9)عن أمّه أنّها قالت:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرمي الجمرة من بطن الوادي و هو راكب يكبّر مع كلّ حصاة (10).

ص:127


1- 1خا و ق:منفردا،ح،د و ع:متفرّقات.
2- 2) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1008 الحديث 3031 و ص 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49،سنن البيهقيّ 5:129.
3- 3) صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297 بتفاوت فيه،سنن النسائيّ 5:270،مسند أحمد 3:318 و 366، [1]سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [2]
4- 4) إرشاد السالك:57،بداية المجتهد 1:353،مقدّمات ابن رشد:299،بلغة السالك 1:279 و 281.
5- 5) الأمّ 2:213،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:185،فتح العزيز بهامش المجموع 7:399، مغني المحتاج 1:507،السراج الوهّاج:165.
6- 6) المغني 3:460-461،الشرح الكبير بهامش المغني 3:457،الكافي لابن قدامة 1:603،الإنصاف 4:33،زاد المستقنع:33.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:66-67،بدائع الصنائع 2:158،الهداية للمرغينانيّ 1:147، [3]شرح فتح القدير 2:384،مجمع الأنهر 1:279،عمدة القارئ 10:89.
8- 8) المغني 3:461،الشرح الكبير بهامش المغني 3:457،المجموع 8:185،عمدة القارئ 10:89.
9- 9) سليمان بن عمرو بن الأحوص الجشميّ و يقال الأزديّ الكوفيّ،روى عن أبيه و أمّه،و روى عنه شبيب بن غرقدة البارقيّ و يزيد بن أبي زياد. تهذيب التهذيب 4:212، [4]الجرح و التعديل 4:132.
10- 10) سنن أبي داود 2:200 الحديث 1966، [5]سنن البيهقيّ 5:130.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«و ارمها من بطن الوادي،و اجعلهنّ على يمينك كلّهنّ» (1).

مسألة:و ينبغي أن يرميها مستقبلا لها مستدبرا للكعبة

،بخلاف غيرها من الجمار،و هو قول أكثر أهل العلم (2)؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه رمى جمرة العقبة مستدبرا للقبلة (3).

و يستحبّ أن يرميها من قبل وجهها و لا يرميها من أعلاها؛لما رواه الشيخ- في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«خذ حصى الجمار ثمّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة،فارمها من قبل وجهها،و لا ترمها من أعلاها» (4).

إذا ثبت هذا:فقد روى الجمهور عن عمر أنّه جاء و الزحام عند الجمرة،فصعد فرماها من فوقها (5).

و ما ذكرناه أولى؛لما رووه عن عبد الرحمن بن يزيد (6)أنّه مشى مع عبد اللّه بن مسعود،و هو يرمي الجمرة،فلمّا كان في بطن الوادي اعترضها فرماها،فقيل له:إنّ ناسا يرمونها من فوقها،فقال:من هاهنا-و الذي لا إله غيره-رأيت الذي أنزلت

ص:128


1- 1التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:73 الباب 7 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
2- 2) منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:369،و [2]المحقّق في الشرائع 1:259،و يحيى بن سعيد الحلّيّ في الجامع للشرائع:210.
3- 3) أورده الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:369. [3]
4- 4) التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [4]
5- 5) المغني 3:457،الشرح الكبير بهامش المغني 3:456.
6- 6) في النسخ:عبد اللّه بن سويد،مكان:عبد الرحمن بن يزيد،و ما أثبتناه من المصادر.و هو:عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعيّ أبو بكر الكوفيّ،روى عن أخيه الأسود و عمّه علقمة و عن حذيفة و عثمان و ابن مسعود...و روى عنه ابنه محمّد و إبراهيم بن يزيد النخعيّ،مات سنة 83 ه. تهذيب التهذيب 6:299، [5]رجال صحيح مسلم 1:425،الجمع بين رجال الصحيحين 1:289.

عليه سورة البقرة رماها (1).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم،و ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن عليه السلام قال:«و لا ترم على الجمرة (2)» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:جميع أفعال الحجّ يستحبّ أن تكون مستقبل القبلة من الوقوف بالموقفين و رمي الجمار إلاّ جمرة العقبة يوم النحر،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رماها مستقبلها مستدبر الكعبة (4).

مسألة:و يستحبّ له أن يرميها خذفا

،بأن يضع كلّ حصاة على بطن إبهامه و يدفعها بظفر السبّابة-قال صاحب الصحاح:الخذف رمي الحجر بأطراف الأصابع (5)-لما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«تخذفهنّ خذفا و تضعها و تدفعها بظفر السبّابة» (6).

و لو رماها على غير هذه الهيئة،كان جائزا،و يكون قد ترك الأفضل.

مسألة:و ينبغي أن يكون بينه و بين الجمرة قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر

ذراعا

؛لما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و ليكن فيما بينك و بين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة

ص:129


1- 1صحيح البخاريّ 2:217-218،صحيح مسلم 2:942 الحديث 1296،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1974، [1]سنن الترمذيّ 3:245 الحديث 901، [2]سنن النسائيّ 5:273،سنن البيهقيّ 5:129، عمدة القارئ 10:89-90 الحديث 329-330.
2- 2) في التهذيب:أعلى الجمرة.
3- 3) التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:76 الباب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [3]
4- 4) المبسوط 1:369. [4]
5- 5) الصحاح 4:1347.
6- 6) التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:73 الباب 7 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [5]

عشر (1)ذراعا» (2).

و يستحبّ أن يكبّر مع كلّ حصاة،و أن يدعو بما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و تقول-و الحصى في يدك (3)-:اللهمّ هؤلاء حصياتي فأحصهنّ لي و ارفعهنّ في عملي،ثمّ ترمي و تقول مع كلّ حصاة:اللّه أكبر اللهمّ ادحر عنّي الشيطان الرجيم،اللهمّ تصديقا بكتابك و على سنّة نبيك،اللهمّ اجعله حجّا مبرورا،و عملا مقبولا،و سعيا مشكورا،و ذنبا مغفورا»ثمّ قال:«فإذا أتيت رحلك و رجعت من الرمي فقل:اللهمّ بك وثقت و عليك توكّلت،فنعم الربّ (4)و نعم النصير» (5).

ص:130


1- 1في النسخ:«و خمسة عشر»و ما أثبتناه من المصادر.
2- 2) التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
3- 3) خا:«يديك»كما في المصدر.
4- 4) كثير من النسخ بزيادة:أنت.
5- 5) التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [2]
البحث الثالث
اشارة

في الأحكام

مسألة:قد بيّنّا أنّ الإتيان إلى منى لقضاء المناسك واجب

(1)،و ينبغي أن يأخذ على الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلكها في حديث جابر عنه عليه السلام (2).

و حدّ منى:من العقبة إلى وادي محسّر،قاله علماؤنا.و هو قول عطاء (3)، و الشافعيّ (4).

و رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار و أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«حدّ منى:من العقبة إلى وادي محسّر» (5).

مسألة:يجوز الرمي للمحدث و الجنب و الحائض،و الطهارة أفضل

،و لا نعلم

ص:131


1- 1يراجع:ص 113. [1]
2- 2) صحيح مسلم 2:891 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49، [2]سنن البيهقيّ 5:129.
3- 3) المغني 3:456،الشرح الكبير بهامش المغني 3:455.
4- 4) الأمّ 2:215،المجموع 8:130،مغني المحتاج 1:501.
5- 5) الفقيه 2:280 الحديث 1375،الوسائل 10:7 الباب 6 من أبواب إحرام الحجّ و الوقوف بعرفة الحديث 3. [3]

فيه خلافا؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عائشة بالإتيان بأفعال الحجّ سوى الطواف،و كانت حائضا (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حميد بن مسعود (2)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رمي الجمار على غير طهور،قال:«الجمار عندنا مثل الصفا و المروة حيطان إن طفت بينهما على غير طهور لم يضرّك،و الطهر أحبّ إليّ فلا تدعه و أنت تقدر عليه» (3).

و دلّ على أفضليّة الطهارة مع هذا الحديث:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجمار،فقال:«لا ترم الجمار إلاّ و أنت على طهر» (4).

و قد روى الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

سألته عن الغسل إذا رمى الجمار،فقال:«ربّما فعلت فأمّا السنّة فلا،و لكن من الحرّ و العرق» (5).

ص:132


1- 1صحيح البخاريّ 1:84،صحيح مسلم 2:873 الحديث 1211،سنن ابن ماجة 2:988 الحديث 2963،سنن الترمذيّ 3:281 الحديث 945،الموطّأ 1:411 الحديث 224،سنن الدارميّ 2:44، مسند أحمد 6:39، [1]سنن البيهقيّ 5:86.
2- 2) حميد بن مسعود:قال حميد بن زياد:سمعت من أبي محمّد القاسم بن إسماعيل القرشيّ-ينزل وراء أشجع بالكوفة-كتاب حميد بن مسعود،و قال:سمعت منه أيضا كتاب الراهب و الراهبة قاله النجاشيّ، و قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على قول النجاشيّ،و ظاهره أنّه إماميّ،و في كفاية كونه ذا كتاب في إلحاقه بالحسان تأمّل.رجال النجاشيّ:133،تنقيح المقال 1:380. [2]
3- 3) التهذيب 5:198 الحديث 660،الاستبصار 2:258 الحديث 912،الوسائل 10:70 الباب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 5. [3]
4- 4) التهذيب 5:197 الحديث 659،الاستبصار 2:258 الحديث 911،الوسائل 10:69 الباب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [4]
5- 5) التهذيب 5:197 الحديث 658،الاستبصار 2:258 الحديث 910،الوسائل 10:69 الباب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [5]

و في الحسن عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«و يستحبّ أن يرمي الجمار على طهر» (1).

مسألة:و يجوز الرمي راجلا و راكبا

،قال الشيخ-رحمه اللّه-:و راجلا أفضل (2).و قال الشافعيّ:راكبا أفضل (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان لا يأتيها-يعني جمرة العقبة-إلاّ ماشيا ذاهبا و راجعا،رواه أحمد في المسند (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،عن آبائه عليهم السلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرمي الجمار ماشيا» (5).

و عن عنبسة بن مصعب،قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام بمنى يمشي و يركب،فحدّثت نفسي أن أسأله حين أدخل عليه،فابتدأني هو بالحديث،فقال:

«إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان يخرج من منزله ماشيا إذا رمى الجمار و منزلي اليوم أنفس (6)من منزله فأركب[حتّى آتي] (7)إلى منزله،فإذا انتهيت إلى منزله مشيت حتّى أرمي الجمار» (8).

ص:133


1- 1التهذيب 5:198 الحديث 661،الوسائل 10:70 الباب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [1]
2- 2) المبسوط 1:369،النهاية:268،الجمل و العقود:150.
3- 3) الأمّ 2:213،حلية العلماء 3:341،المهذّب للشيرازيّ 1:228،المجموع 8:168.
4- 4) مسند أحمد 2:138. [2]
5- 5) التهذيب 5:267 الحديث 912،الاستبصار 2:298 الحديث 1066،الوسائل 10:74 الباب 9 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [3]
6- 6) ح:أبعد،مكان:أنفس،كما في الاستبصار.و أنفس أي:أفسح و أبعد قليلا.النهاية لابن الأثير 5:94. [4]
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) التهذيب 5:267 الحديث 913،الاستبصار 2:298 الحديث 1067،الوسائل 10:74 الباب 9 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [5]

و يدلّ على جواز الرمي راكبا:إجماع العلماء عليه.

روى الجمهور عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهما السلام،عن جابر،قال:

رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يرمي على راحلته يوم النحر،و يقول:«لتأخذوا عنّي مناسككم؛فإنّي لا أدري لعليّ لا أحجّ بعد حجّتي هذه» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد بن عيسى،أنّه رأى أبا جعفر الثاني عليه السلام رمى الجمار راكبا (2).

و عن محمّد بن الحسين،عن بعض أصحابنا،عن أحدهم عليهم السلام في رمي الجمار:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمى الجمار راكبا على راحلته» (3).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي نجران أنّه رأى أبا الحسن الثاني عليه السلام يرمي الجمار و هو راكب حتّى رماها كلّها (4).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل رمى الجمار و هو راكب،فقال:«لا بأس به» (5).

مسألة:و يستحبّ أن يكبّر مع كلّ حصاة،و هو إجماع

،قيل:و يستحبّ أن يرفع

ص:134


1- 1صحيح مسلم 2:943 الحديث 1297،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1970، [1]سنن النسائيّ 5:270، مسند أحمد 3:318، [2]سنن البيهقيّ 5:130.إلاّ أنّ جعفر بن محمّد عليه السلام غير موجود في السند.
2- 2) التهذيب 5:267 الحديث 908،الاستبصار 2:298 الحديث 1062،الوسائل 10:73 الباب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [3]
3- 3) التهذيب 5:267 الحديث 909،الاستبصار 2:298 الحديث 1063،الوسائل 10:74 الباب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [4]
4- 4) التهذيب 5:267 الحديث 910،الاستبصار 2:298 الحديث 1064،الوسائل 10:74 الباب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [5]
5- 5) التهذيب 5:267 الحديث 911،الاستبصار 2:298 الحديث 1065،الوسائل 10:74 الباب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 4. [6]

يده في الرمي حتّى يرى بياض إبطه،قاله بعض الجمهور (1)،و استدلّ بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعله (2)، (3)و أنكره مالك (4).

و يستحبّ أن لا يقف عند جمرة العقبة،و لا نعلم فيه خلافا.

روى ابن عبّاس و ابن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف و لم يقف (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«و لا تقف عند جمرة العقبة» (6).

مسألة:و يجوز الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها

.

قال ابن عبد البرّ:أجمع علماء المسلمين على أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رماها ضحى ذلك اليوم (7).

و قال جابر:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرمي الجمرة ضحى يوم النحر وحده (8).

و قال ابن عبّاس:قدمنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أغيلمة بني عبد المطّلب

ص:135


1- 1المغني 3:461،المجموع 8:154 و 170.
2- 2) المجموع 8:170. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:219.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:423.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:218،سنن ابن ماجة 2:1009 الحديث 3032 و 3033.
6- 6) التهذيب 5:197 الحديث 656،الوسائل 10:76 الباب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [2]
7- 7) المغني 3:458،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
8- 8) صحيح مسلم 2:945 الحديث 1299،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1971، [3]سنن الترمذيّ 3:241 الحديث 894، [4]سنن النسائيّ 5:270،سنن الدارقطنيّ 2:275 الحديث 181،سنن البيهقيّ 5:131، عمدة القارئ 10:85.

على حمرات لنا من جمع،فجعل يلطح أفخاذنا[و يقول:] (1)«أ بينيّ لا ترموا الجمرة حتّى تطلع الشمس» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن صفوان بن مهران، قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها» (3).

و عن محمّد،عن سيف (4)عن منصور بن حازم،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«رمي الجمار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها» (5).

و في الصحيح عن زرارة و ابن أذينة،عن أبي جعفر عليه السلام،أنّه قال للحكم بن عتيبة:«ما حدّ رمي الجمار؟»فقال الحكم:عند زوال الشمس،فقال أبو جعفر عليه السلام:«يا حكم أ رأيت لو أنّهما كانا اثنين فقال أحدهما لصاحبه:احفظ علينا متاعنا حتّى أرجع،أ كان يفوته الرمي؟!هو و اللّه ما بين طلوع الشمس إلى غروبها» (6).

مسألة:و قد رخّص للمعذور-كالخائف و العاجز و المرأة و الرعاة و العبيد-في الرمي ليلا للعذر

ص:136


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1940، [1]سنن ابن ماجة 2:1007 الحديث 3025،سنن النسائيّ 5: 270-271،سنن البيهقيّ 5:131-132.
3- 3) التهذيب 5:262 الحديث 890،الاستبصار 2:296 الحديث 1054،الوسائل 10:79 الباب 13 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [2]
4- 4) في النسخ:محمّد بن سيف،قال الأردبيليّ:الظاهر أنّ محمّد بن سيف اشتباه؛لعدم وجوده في كتب الرجال،و الصواب:موسى بن القاسم عن محمّد عن سيف بقرينة رواية محمّد عن سيف بن عميرة و هو عن منصور بن حازم.جامع الرواة 2:265. [3]
5- 5) التهذيب 5:262 الحديث 891،الاستبصار 2:296 الحديث 1055،الوسائل 10:79 الباب 13 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 4. [4]
6- 6) التهذيب 5:262 الحديث 892،الاستبصار 2:296 الحديث 1056،الوسائل 10:79 الباب 13 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 5. [5]

الرمي ليلا؛للعذر.

و ممّن جوّز الرمي ليلا مطلقا من نصفه الأخير للمعذور و غيره:الشافعيّ (1)، و عطاء،و ابن أبي ليلى،و عكرمة بن خالد (2). (3)

و عن أحمد رواية أنّه لا يجوز الرمي إلاّ بعد طلوع الفجر (4)،و هو قول مالك (5)،و أصحاب الرأي (6)،و إسحاق،و ابن المنذر (7).

و قال مجاهد،و الثوريّ،و النخعيّ:لا يرميها إلاّ بعد طلوع الشمس (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي داود،و عائشة،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أمّ سلمة ليلة النحر،فرمت جمرة العقبة قبل الفجر،ثمّ مضت فأفاضت (9).

و روي أنّه أمرها أن تعجّل الإفاضة و توافي مكّة مع صلاة الصبح (10).و رمت أسماء ثمّ رجعت فصلّت الصبح،و ذكرت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أذن

ص:137


1- 1الأمّ 2:213،حلية العلماء 3:342،المهذّب للشيرازيّ 1:227،المجموع 8:180، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 7:381، [2]مغني المحتاج 1:504،السراج الوهّاج:164،الميزان الكبرى 2:51،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:159،عمدة القارئ 10:86.
2- 2) عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم القرشيّ،روى عن أبي هريرة و ابن عبّاس و ابن عمر،و روى عنه أيّوب و ابن جريج،تهذيب التهذيب 7:258. [3]
3- 3) المغني 3:459،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460،المجموع 8:180،حلية العلماء 3:342.
4- 4) المغني 3:459،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460،الإنصاف 4:37.
5- 5) الموطّأ 1:391،المدوّنة الكبرى 1:418-419،إرشاد السالك:57،بداية المجتهد 1:350،بلغة السالك 1:279.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:68،تحفة الفقهاء 1:408،بدائع الصنائع 2:137،الهداية للمرغينانيّ 1: 150،حلية العلماء 3:342.
7- 7) المغني 3:459،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
8- 8) حلية العلماء 3:342،المغني 3:459،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
9- 9) سنن أبي داود 2:194 الحديث 1942، [4]سنن الدارقطنيّ 2:276 الحديث 188،سنن البيهقيّ 5:133.
10- 10) سنن البيهقيّ 5:133.

للظعن (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس أن يرمي الخائف باللّيل و يضحّي و يفيض باللّيل» (2).

و عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«رخّص للعبد و الخائف و الراعي في الرمي ليلا» (3).

و عن عليّ بن عطيّة (4)،قال:أفضنا من المزدلفة بليل أنا و هشام بن عبد الملك الكوفيّ و كان هشام خائفا،فانتهينا إلى جمرة العقبة[عند] (5)طلوع الفجر،فقال لي هشام:أيّ شيء أحدثنا في حجّنا فنحن كذلك إذ لقينا أبو الحسن موسى عليه السلام قد رمى الجمار،و انصرف،فطابت نفس هشام (6).

احتجّوا (7):بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمى ضحى يوم النحر (8).

و جوابه:لا يجب الاقتصار عليه إجماعا.

مسألة:و يجوز تأخيرها إلى قبل الغروب بمقدار أداء المناسك

.

ص:138


1- 1صحيح البخاريّ 2:203،صحيح مسلم 2:940 الحديث 1291،المغني 3:459.
2- 2) التهذيب 5:263 الحديث 895،الوسائل 10:80 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:263 الحديث 896،الوسائل 10:80 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2. [2]
4- 4) عليّ بن عطيّة،عدّه الشيخ في رجاله من غير توصيف من أصحاب الكاظم عليه السلام و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة،قال المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا،و يلوح من كلام العلاّمة اتّحاده مع عليّ بن عطيّة الحنّاط فينطبق عليه توثيق الحنّاط أيضا. رجال الشيخ:353،الفهرست:97، [3]رجال العلاّمة:103، [4]تنقيح المقال 2:299. [5]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) التهذيب 5:263 الحديث 897،الوسائل 10:80 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [6]
7- 7) المغني 3:458،الشرح الكبير بهامش المغني 3:460.
8- 8) صحيح مسلم 2:945 الحديث 1299،سنن أبي داود 2:201 الحديث 1971،سنن الترمذيّ 3:241 الحديث 894،سنن النسائيّ 5:270،سنن البيهقيّ 5:131.

قال ابن عبد البرّ:أجمع أهل العلم على أنّ من رماها يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها و إن لم يكن ذلك مستحبّا (1).

و روى ابن عبّاس،قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يسأل يوم النحر بمنى، قال رجل:رميت بعد ما أمسيت،فقال:«لا حرج» (2).

إذا ثبت هذا:فلو غابت الشمس،فليرم من غده.و به قال أبو حنيفة (3)، و أحمد (4).

و قال الشافعيّ (5)،و محمّد،و ابن المنذر،و يعقوب:يرمي ليلا (6).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر،قال:من فاته الرمي حتّى تغيب الشمس فلا يرم حتّى تزول الشمس من الغد (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أفاض من جمع حتّى انتهى إلى منى،فعرض له[عارض] (8)فلم يرم حتّى غابت الشمس،قال:«يرمي إذا أصبح مرّتين:مرّة لما فاته،و الأخرى ليومه الذي يصبح فيه،و ليفرّق بينهما،تكون إحداهما بكرة

ص:139


1- 1المغني 3:459،الشرح الكبير بهامش المغني 3:461.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:212،سنن أبي داود 2:203 الحديث 1983،سنن النسائيّ 5:272،عمدة القارئ 10:60.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:68،تحفة الفقهاء 1:409،بدائع الصنائع 2:137،الهداية للمرغينانيّ 1: 150، [1]عمدة القارئ 10:86.
4- 4) المغني 3:459-460،الشرح الكبير بهامش المغني 3:461،الكافي لابن قدامة 1:604،الإنصاف 4:38، [2]زاد المستقنع:34.
5- 5) الأمّ 2:214،مغني المحتاج 1:504.
6- 6) المغني 3:460،الشرح الكبير بهامش المغني 3:461.
7- 7) سنن البيهقيّ 5:150 بتفاوت،المغني 3:460،الشرح الكبير بهامش المغني 3:461.
8- 8) أثبتناها من المصدر.

و هو لأمس،و الأخرى عند زوال الشمس» (1).

و عن بريد العجليّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي رمي الجمرة الوسطى في اليوم الثاني،قال:«فليرمها في اليوم الثالث لما فاته،و لما يجب عليه في يومه» (2).

احتجّوا:يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ارم و لا حرج» (3).

و جوابه:أنّه إنّما كان في النهار؛لأنّه سأله في يوم النحر،و لا يكون اليوم إلاّ قبل مغيب الشمس.

و قال مالك:يرمي ليلا،ثمّ اضطرب قوله،فتارة أوجب الدم حينئذ،و تارة أسقطه (4).

مسألة:يستحبّ الرمي عند زوال الشمس

؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ارم في كلّ يوم عند زوال الشمس» (5).

و يستحبّ له أن لا يقف عندها بلا خلاف.

رواه الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ثمّ تمضي إلى الثالثة و عليك السكينة و الوقار،و لا تقف

ص:140


1- 1التهذيب 5:262 الحديث 893،الوسائل 10:81 الباب 15 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:263 الحديث 894،الوسائل 10:82 الباب 15 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:31 و 43 و ج 2:215،صحيح مسلم 2:948 الحديث 1306،سنن أبي داود 2: 211 الحديث 2014،سنن الترمذيّ 3:233 الحديث 885 و ص 258 الحديث 916،سنن الدارميّ 2: 64،سنن الدارقطنيّ 2:254 الحديث 78.
4- 4) الموطّأ 1:409،المدوّنة الكبرى 1:419،بداية المجتهد 1:351،بلغة السالك 1:280،المغني 3: 460،الشرح الكبير بهامش المغني 3:461.
5- 5) التهذيب 5:261 الحديث 888،الاستبصار 2:296 الحديث 1057،الوسائل 10:78 [3] الباب 12 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1 و ص 75 الباب 10 الحديث 2.

عندها» (1).

و في الصحيح عن يعقوب بن شعيب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجمار،فقال:«قم عند الجمرتين و لا تقم عند جمرة العقبة»،فقلت:هذا من السنّة؟ قال:«نعم»،قلت:ما ذا أقول إذا رميت؟قال:«كبّر مع كلّ حصاة» (2).

فرع :

(3)

قال الشيخ-رحمه اللّه-:وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع

الشمس من يوم النحر بلا خلاف

،و وقت الإجزاء من عند طلوع الفجر مع الاختيار، فإن رمى قبل ذلك،لم يجزئه،و للعليل و صاحب الضرورة و للنساء يجوز الرمي بالليل.و بمثل ما قلناه قال مالك و أبو حنيفة،و أحمد و إسحاق.

و قال الشافعيّ:أوّل وقت الإجزاء إذا انتصفت ليلة النحر.و به قال عطاء، و عكرمة.

و قال النخعيّ،و الثوريّ،وقته بعد طلوع الشمس يوم النحر و قبل ذلك لا يجزئ،و لا يعتدّ به.

و استدلّ بإجماع الفرقة و أخبارهم،و بما روت عائشة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أرسل بأمّ سلمة ليلة النحر،فرمت الجمرة قبل الفجر ثمّ مضت فأفاضت (4).

مسألة:عدد حصى الجمار سبعون حصاة

:سبع منها لجمرة العقبة ترمى بها يوم

ص:141


1- 1التهذيب 5:261 الحديث 888،الاستبصار 2:296 الحديث 1057،الوسائل 10:78 [1] الباب 12 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1 و ص 75 الباب 10 الحديث 2.
2- 2) التهذيب 5:261 الحديث 889،الوسائل 10:75 الباب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1. [2]
3- 3) ح و ع:مسألة.
4- 4) الخلاف 1:456 مسألة-167.

النحر خاصّة،و يرمى كلّ يوم من أيّام التشريق الجمار الثلاث كلّ جمرة بسبع حصيات،يبدأ بالأولى،ثمّ الوسطى،ثمّ جمرة العقبة،و لا خلاف في ذلك كلّه.

و يستحبّ غسل الحصى،و به قال ابن عمر،و طاوس،و قال عطاء،و مالك:

لا يستحبّ (1)،و عن أحمد روايتان (2).

لنا:ما روي عن ابن عمر أنّه غسله (3)،و الظاهر أنّه توقيف.

و لأنّه يحتمل أن تلاقيه نجاسة،فمع الغسل يزول هذا الاحتمال و إن لم يكن معتبرا شرعا.

و لو كان الحجر نجسا،استحبّ له غسله،فإن لم يغسله و رمى به،أجزأه؛لأنّه امتثل المأمور و هو الرمي بالحصى.

مسألة:قد بيّنّا أنّه يجب أن يرمي كلّ حصاة بانفرادها

(4)

،فلو رمى أكثر من واحدة فرمية واحدة و لو اختلفا في الوقوع بأن تلاحقا فيه،أمّا لو اتّبع الحجر الحجر فرميتان و إن تساويا في الوقوع.و بقيّة الكلام في الرمي و أحكامه يأتي إن شاء اللّه تعالى.

ص:142


1- 1المغني 3:456،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:455.
2- 2) المغني 3:456،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 3:455،الإنصاف 4:37. [3]
3- 3) المغني 3:456،الشرح الكبير بهامش المغني 3:455.
4- 4) يراجع:ص 126. [4]

الفصل الخامس

اشارة

في الذبح و فيه مباحث

البحثالأوّل:في الهدي
مسألة:فإذا فرغ من رمي جمرة العقبة،ذبح هديه أو نحره إن كان من الإبل

.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه رمى من بطن الوادي،ثمّ انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا و ستّين بدنة بيده،ثمّ أعطى عليّا عليه السلام فنحر ما غبر و أشركه في هديه (1).

و قال أنس:نحر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سبع بدن قياما (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«فلمّا أضاء له النهار أفاض حتّى انتهى إلى منى،فرمى جمرة العقبة،و كان الهدي الذي جاء به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أربعا و ستّين أو ستّا و ستّين،و جاء عليّ عليه السلام بأربع (3)و ثلاثين أو ستّ و ثلاثين،فنحر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ستّا و ستّين،

ص:143


1- 1صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:49، [2]سنن البيهقيّ 5:8.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:210،سنن الترمذيّ 3:248 الرقم 904، [3]سنن البيهقيّ 5:237 و ج 9:279.
3- 3) في النسخ:«بأربعة»و ما أثبتناه من التهذيب.

و نحر عليّ عليه السلام أربعا و ثلاثين بدنة» (1).

مسألة:و يجب الهدي على المتمتّع،و هو قول علماء الإسلام

.

قال اللّه تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (2).

و روى الجمهور عن ابن عمر،قال:تمتّع الناس مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالعمرة إلى الحجّ،فلمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال للناس:«من لم يكن أهدى فليطف بالبيت و بالصفا و المروة و ليقصّر ثمّ ليهلّ بالحجّ و يهدي،فمن لم يجد الهدي فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجع إلى أهله» (3).

و قال جابر:كنّا نتمتّع مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالعمرة إلى الحجّ فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة بن أعين،عن أبي جعفر عليه السلام في المتمتّع،قال:«و عليه الهدي»فقلت:و ما الهدي؟فقال:

«أفضله بدنة،و أوسطه بقرة،و أخسّه (5)شاة (6).

و أجمع المسلمون كافّة على وجوب الهدي على التمتّع بالعمرة إلى الحجّ.

إذا عرفت هذا:فلو تمتّع المكّيّ وجب عليه الهدي؛للعموم.

مسألة:و إنّما يجب الهدي على غير أهل مكّة و حاضريها

؛لأنّ فرضهم التمتّع، أمّا أهل مكّة و حاضروها فلا يجب عليهم الهدي،و هو قول علماء الإسلام كافّة؛

ص:144


1- 1التهذيب 5:454-457 الحديث 1588،الوسائل 8:150-153 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4. [1]
2- 2) البقرة(2):196. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:205،صحيح مسلم 2:901 الحديث 1227،سنن النسائيّ 5:151،سنن البيهقيّ 5:170.
4- 4) سنن أبي داود 3:98 الرقم 2807، [3]مسند أحمد 3:304، [4]سنن البيهقيّ 5:234.
5- 5) ق:«و أعزّه»،و في التهذيب:«و أخفضه»مكان:«و أخسّه».
6- 6) التهذيب 5:36 الحديث 107،الوسائل 10:101 الباب 10 من أبواب الذبح الحديث 5. [5]

لأنّ اللّه تعالى قال: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (1).

و ذلك لأنّ فرضهم القران أو الإفراد،و كلّ واحد منهما لا يجب عليه الهدي، و لا نعرف فيه خلافا.

و قد روى الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن المفرد،قال:«و ليس عليه هدي و لا أضحيّة» (2).

مسألة:لا يجب على غير المتمتّع هدي،و يكفي القارن ما ساقه

،و يستحبّ الأضحيّة،و به قال علماؤنا.

و قال الشافعيّ (3)،و مالك (4)،و أبو حنيفة:إذا قرن بين الحجّ و العمرة،لزمه دم (5).

و قال الشعبيّ:يلزمه بدنة (6).

و قال داود:لا يلزمه شيء (7).

لنا:أنّ إيجاب الدم منفيّ بالأصل السالم عن المعارض،و لأنّا قد بيّنّا أنّ القران

ص:145


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) التهذيب 5:41 الحديث 122،الوسائل 10:86 الباب 1 من أبواب الذبح الحديث 4. [2]
3- 3) الأمّ 2:133،حلية العلماء 3:260،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:190،مغني المحتاج 1: 515-517،السراج الوهّاج:167،الميزان الكبرى 2:37،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1: 146.
4- 4) الموطّأ 1:336، [3]المدوّنة الكبرى 1:378،إرشاد السالك:55،بداية المجتهد 1:335،مقدّمات ابن رشد:302،بلغة السالك 1:272.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 4:25،26،تحفة الفقهاء 1:408،بدائع الصنائع 2:174،الهداية للمرغينانيّ 1: 155،شرح فتح القدير 2:417،مجمع الأنهر 1:288.
6- 6) حلية العلماء 3:260،المجموع 7:191،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:146.
7- 7) حلية العلماء 3:260،المغني 3:499،الشرح الكبير بهامش المغني 3:252،المجموع 7:191، [4]الميزان الكبرى 2:37،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:146،عمدة القارئ 9:205.

ليس هو الجمع بين الحجّ و العمرة،بل هو ضمّ الهدي إلى الإحرام (1)،و كلّ من قال بذلك،لزمه القول بسقوط الدم (2)؛لأنّ الدم إنّما يوجبونه لفوات الإحرام من ميقاته، و على ما قلناه نحن،لا يقع إلاّ من الميقات،فلا يلزم الدم.

و يدلّ على انتفائه في حقّ المفرد:ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من تمتّع في أشهر الحجّ،ثمّ أقام بمكّة حتّى يحضر الحاجّ،فعليه شاة،و من تمتّع في غير أشهر الحجّ،ثمّ جاور حتّى يحضر الحجّ، فليس عليه دم،إنّما هي حجّة مفردة» (3).

مسألة:فرض المكّيّ القران أو الإفراد على ما بيّنّاه

(4)،فلو تمتّع قال الشيخ -رحمه اللّه-:سقط عنه الفرض و لا يلزمه دم (5).

و قال الشافعيّ:يصحّ تمتّعه و قرانه،و ليس عليه دم (6).

و قال أبو حنيفة:يكره له التمتّع و القران،فإن خالف و تمتّع،فعليه دم المخالفة دون التمتّع و القران (7).

ثمّ استدلّ الشيخ-رحمه اللّه-بقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا

ص:146


1- 1يراجع:الجزء العاشر ص 118-120.
2- 2) خا و ق:الهدي،مكان:الدم.
3- 3) التهذيب 5:36 الحديث 108 و ص 288 الحديث 980،الاستبصار 2:259 الحديث 913،الوسائل 10:87 الباب 1 من أبواب الذبح الحديث 11. [1]
4- 4) يراجع:ص 145-146 و قد تقدّم أيضا في الجزء العاشر ص 125.
5- 5) الخلاف 1:423 مسألة-42،المبسوط 1:306-307. [2]
6- 6) حلية العلماء 3:267،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:169،مغني المحتاج 1:514-516، السراج الوهّاج:167.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:411،412،بدائع الصنائع 2:169،الهداية للمرغينانيّ 1:159،مجمع الأنهار 1: 290،عمدة القارئ 9:205.

اِسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ إلى قوله: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (1)قال:معناه أنّ الهدي لا يلزم،إلاّ من لم يكن من حاضري المسجد،و يجب أن يكون قوله: ذلِكَ راجعا إلى الهدي،لا إلى التمتّع؛لأنّ من قال:من دخل داري فله درهم،ذلك لمن لم يكن[غاصبا] (2)فهم منه الرجوع إلى الجزاء لا إلى الشرط.ثمّ قال-رحمه اللّه-:و لو قلنا:إنّه راجع إليهما،و قلنا:إنّه لا يصحّ منهم التمتّع أصلا، كان قويّا (3).و الذي قوّاه الشيخ-رحمه اللّه-في موضع القوّة.

مسألة:دم التمتّع نسك

،ذهب إليه علماؤنا،و به قال أبو حنيفة (4)،و أصحابه (5).

و قال الشافعيّ:هو جبران؛لإخلاله بالإحرام من الميقات؛لأنّه مرّ بالميقات و هو مريد للحجّ و العمرة و حجّ من سنته (6).

لنا:قوله تعالى: وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها (7)أخبر اللّه تعالى أنّه جعلها من الشعائر،و أمر بالأكل منها،فلو كان جبرانا،لما أمرنا بالأكل منها.

و قول الشافعيّ:إنّه أخلّ بالإحرام من الميقات ضعيف؛لأنّ ميقات حجّ التمتّع عندنا مكّة لا غير،و قد أحرم منه.

ص:147


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) أكثر النسخ:عاميّا و في ع:غائبا،و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) الخلاف 1:423 مسألة-42،المبسوط 1:307. [2]
4- 4) تحفة الفقهاء 1:413،بدائع الصنائع 2:174،الهداية للمرغينانيّ 1:157،159،شرح فتح القدير 2: 421.
5- 5) بدائع الصنائع 2:174،تحفة الفقهاء 1:412،المبسوط للسرخسيّ 4:26.
6- 6) المجموع 7:176،مغني المحتاج 1:515،التفسير الكبير 5:154. [3]
7- 7) الحجّ(22):36. [4]
فرع:

المتمتّع إذا أحرم بالحجّ من مكّة،لزمه الدم إجماعا

،أمّا عندنا:فلأنّه نسك و أمّا [عند] (1)المخالف:فلأنّه أخلّ بالإحرام من المواقيت.

فلو أتى الميقات و أحرم منه،لم يسقط عنه الدم عندنا.و قال جميع الفقهاء بسقوطه.

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (2)و هو عامّ.

آخر:لو أحرم المفرد بالحجّ و دخل مكّة،جاز أن يفسخه و يجعله عمرة و يتمتّع بها،قاله علماؤنا،و خالف أكثر الجمهور فيه،و ادّعوا أنّه منسوخ (3).

و ليس بجيّد؛إذ قد ثبت مشروعيّته؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه بذلك (4)و لم يثبت النسخ،و نقله بخبر واحد لا يفيد.

إذا ثبت هذا:فإنّ الدم يجب عليه؛لصدق التمتّع عليه.

مسألة:إذا أحرم بالعمرة،و أتى بأفعالها في غير أشهر الحجّ،ثمّ أحرم بالحجّ

في أشهر الحجّ،لم يكن متمتّعا

،و لا يجب عليه الدم؛لأنّه لم يأت بالعمرة في زمان الحجّ،فكان كالمفرد؛فإنّ المفرد لمّا أتى بالعمرة بعد أشهر الحجّ،لم يجب عليه الدم بالإجماع،و لو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحجّ و أتى بأفعالها في أشهر الحجّ من الطواف و السعي و التقصير و حجّ من سنته،لم يكن متمتّعا،قاله الشيخ

ص:148


1- 1أضفناها لاستقامة العبارة.
2- 2) البقرة(2):196. [1]
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 1:362-365،حلية العلماء 3:268،المجموع 7:166،المغني 3:254، الشرح الكبير بهامش المغني 3:253.
4- 4) صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2: 1023-1024 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:46،سنن البيهقيّ 5:7.

-رحمه اللّه (1)-و لا يلزمه دم.

و للشافعيّ قولان:قال في القديم و الإملاء:يجب عليه الدم و يكون متمتّعا؛ لأنّه أتى بأفعال العمرة في أشهر الحجّ،و استدامة الإحرام بمنزلة ابتدائه،فهو كما لو ابتدأ بالإحرام في أشهر الحجّ (2).

و قال في الأمّ:لا يجب الدم (3)،و به قال أحمد؛لأنّه أتى بنسك لا يتمّ العمرة إلاّ به في غير أشهر الحجّ،فلا يكون متمتّعا،كما لو طاف (4).

و قال مالك:إذا لم يتحلّل من إحرام العمرة حتّى دخلت أشهر الحجّ،صار متمتّعا (5).

و قال أبو حنيفة:إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحجّ،صار متمتّعا؛لأنّ العمرة صحّت في أشهر الحجّ؛لأنّه لو وطئ أفسدها،فأشبه ما إذا أحرم بها في أشهر الحجّ (6).

لنا:أنّه أتى بركن من أركان العمرة في غير أشهر الحجّ،فلا يجزئ عن إحرام المتعة؛لأنّ من شرطها إيقاعها في أشهر الحجّ،و هو مستلزم لإيقاع أركانها فيها، و التسوية بين الابتداء و الاستدامة خطأ؛لأنّه لو أحرم بالحجّ قبل أشهره و استدامه، لم يكن مجزئا.

مسألة:إذا أحرم المتمتّع من مكّة بالحجّ و مضى إلى الميقات

ثمّ منه إلى

ص:149


1- 1الخلاف 1:422 مسألة-38،المبسوط 1:307، [1]النهاية:280. [2]
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:174،حلية العلماء 3:260-261.
3- 3) الأمّ 2:143-144.
4- 4) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:246 و 247،الكافي لابن قدامة 1:536.
5- 5) الموطّأ 1:344،بداية المجتهد 1:334،مقدّمات ابن رشد:291،إرشاد السالك:55،بلغة السالك 1: 272.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:31 بدائع الصنائع 2:168،الهداية للمرغينانيّ 1:158،شرح فتح القدير 2: 432،مجمع الأنهر 1:289-290،المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:247.

عرفات،لم يسقط عنه الدم.

و قال الشافعيّ:إن مضى من مكّة إلى عرفات،لزمه الدم قولا واحدا،و إن مضى إلى الميقات ثمّ منه إلى عرفات فقولان:

أحدهما:لا دم عليه؛لأنّه لو أحرم من الميقات،لم يجب الدم،فإذا عاد إليه محرما قبل التلبّس بأفعال الحجّ،صار كأنّه أحرم منه.

و الثاني:لا يسقط (1).و هو مذهبنا-و به قال مالك (2)-لأنّ له ميقاتين يجب مع الإحرام من أحدهما الدم،فإذا أحرم منه،وجب الدم،و لم يسقط بعد ذلك،كما لو عاد بعد التلبّس بشيء من المناسك.

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (3)و قد بيّنّا (4)أنّ الدم نسك لا جبران.

و قال أبو حنيفة:لا يسقط الدم حتّى يعود إلى بلده؛لأنّه لم يلمّ (5)بأهله،فلم يسقط دم التمتّع،كما لو رجع إلى ما دون الميقات (6).

و ليس بجيّد؛لأنّ بلده موضع لا يجب عليه الإحرام منه بابتداء الشرع،فلا يتعلّق سقوط دم التمتّع بالعود إليه،كسائر البلاد،و دون الميقات ليس بميقات بلده.

مسألة:قد بيّنّا أنّ ميقات حجّ التمتّع مكّة

(7)

،فإذا فرغ المتمتّع من أفعال العمرة أنشأ الإحرام بالحجّ من مكّة،فإن خالف و أحرم من غيرها،وجب عليه أن يرجع

ص:150


1- 1حلية العلماء 3:261،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:174،مغني المحتاج 1:516.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:376،حلية العلماء 3:261،المغني و الشرح الكبير 3:225.
3- 3) البقرة(2):196. [1]
4- 4) يراجع:ص 147. [2]
5- 5) ألمّ الرجل بالقوم:أتاهم فنزل بهم.المصباح المنير:559.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 4:31،تحفة الفقهاء 1:395،بدائع الصنائع 2:170-171،الهداية للمرغينانيّ 1:158،شرح فتح القدير 2:430-432،مجمع الأنهر 1:290.
7- 7) يراجع:الجزء العاشر ص 119 و 169.

إلى مكّة و يحرم منها،سواء أحرم من الحلّ أو من الحرم إذا أمكنه،فإن لم يمكنه، مضى على إحرامه،و تمّم أفعال الحجّ و لا يلزمه دم لهذه المخالفة.

و قال الشافعيّ:إن أحرم من خارج مكّة و عاد إليها،فلا شيء عليه،و إن لم يعد إليها و مضى على وجهه إلى عرفات،فإن كان أنشأ الإحرام من الحلّ،فعليه دم قولا واحدا،و إن كان أنشأه من الحرم ففي وجوب الدم قولان:

أحدهما:لا يجب؛لأنّ الحكم إذا تعلّق بالحرم و لم يختصّ ببقعة منه،كان جميعه فيه سواء،كذبح الهدي.

و الثاني:يجب؛لأنّ ميقاته البلد الذي هو مقيم فيه،فإذا ترك ميقاته،وجب عليه الدم،كأهل القرى إذا خرج واحد منهم من قريته و أحرم دونها،وجب الدم و إن كان ذلك كلّه من حاضري المسجد الحرام (1).

لنا:أنّ الدم يجب للتمتّع،فإيجاب غيره منفيّ بالأصل.

مسألة:قد بيّنّا أنّ التمتّع إنّما يقع بالنيّة

(2)

؛لقوله عليه السلام:«إنّما الأعمال بالنيّات» (3).فإذا لم ينو التمتّع،لم يكن متمتّعا و لم يجب الدم،و هو أحد قولي الشافعيّ.

و قال في الآخر:يكون متمتّعا و يجب الدم؛لأنّه إذا أحرم بالعمرة من الميقات

ص:151


1- 1الأمّ 2:143،حلية العلماء 3:261-262،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:179-180، [1]مغني المحتاج 1:516.
2- 2) يراجع:الجزء العاشر ص 215.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:2 و 21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201، [2]سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647،سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،سنن النسائيّ 1:58 و ج 6:158،مسند أحمد 1:25،سنن الدارقطنيّ 1:50 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:112 و ج 7:341.و من طريق الخاصّة،ينظر:التهذيب 1:83 الحديث 218 و ج 4:186 الحديث 519،الوسائل 1:34 الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 7 و 10. [3]

و حجّ من سنته،فقد صار جامعا بينهما فيجب الدم (1).

و الحقّ خلافه؛لأنّه لا يجب الدم إلاّ أن ينوي ذلك ليكون حكم الحجّ؛لأنّها له و يصدق عليه أنّه متمتّع مع النيّة،أمّا بدونها فلا.

مسألة:المفرد و القارن إذا أكملا حجّهما،وجب عليهما الإتيان بعمرة

-بعد الحجّ-مفردة يحرمان بها من أدنى الحلّ على ما يأتي.

إذا عرفت هذا:فلو أحرما من الحرم،لم يصحّ،و لو طافا و سعيا،لم يكونا معتمرين،قاله الشيخ-رحمه اللّه-و لا يلزمهما دم (2).

و للشافعيّ قولان:

أحدهما:مثل ما قلناه،لكن خلاف الشافعيّ في المفرد خاصّة.

و الثاني:تكون عمرة صحيحة،و يجب الدم (3).

لنا:أنّه يجب عليه أن يقدّم الخروج إلى الحلّ قبل الطواف و السعي،فلا يعتدّ بهما بدونه،و يلزمه أن يخرج إلى الحلّ ثمّ يعود و يطوف و يسعى؛ليكون جامعا في نسكه بين الحلّ و الحرم،و هذا بخلاف المتمتّع حيث كان له أن يحرم من مكّة؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا فسخ (4)على أصحابه الحجّ إلى العمرة أمرهم أن يحرموا بالحجّ من جوف مكّة (5).

و لأنّ الحاجّ لا بدّ له من الخروج إلى الحلّ للوقوف فيكون جامعا في إحرامه

ص:152


1- 1حلية العلماء 3:262،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:178،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 161.
2- 2) الخلاف 1:421 مسألة-32.
3- 3) المجموع 7:209،فتح العزيز بهامش المجموع 7:97-99،مغني المحتاج 1:475،السراج الوهّاج: 155.
4- 4) كثير من النسخ:فتح.
5- 5) صحيح مسلم 2:890 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:160 الحديث 1805،سنن ابن ماجة 2: 1025 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:44،سنن البيهقيّ 5:17.

بين الحلّ و الحرم،بخلاف المتمتّع.

احتجّ:بأنّه ترك قطع مسافة لزمه قطعها بإحرام،و ذلك لا يمنع من الاحتساب بأفعال العبادة (1).

و الجواب:أنّه لم يأت بالعبادة على وجهها،فلا تقع مجزئة.

مسألة:و لو أفرد الحجّ عن نفسه فلمّا فرغ من الحجّ خرج إلى أدنى الحرم

فاعتمر لنفسه و لم يعد إلى الميقات،لا دم عليه

.و هكذا من تمتّع ثمّ اعتمر بعد ذلك من أدنى الحرم.و كذا لو أفرد عن غيره أو تمتّع أو قرن ثمّ اعتمر من أدنى الحلّ،كلّ هذا لا دم عليه؛لتركه الإحرام من الميقات بلا خلاف.

و أمّا إن أفرد عن غيره ثمّ اعتمر لنفسه من خارج الحرم دون الحلّ،قال الشافعيّ في القديم:عليه دم،و قال أصحابه:على هذا لو اعتمر عن غيره ثمّ حجّ عن نفسه فأحرم بالحجّ من جوف مكّة،فعليه دم؛لتركه الإحرام من الميقات (2).

و عندنا أنّه لا دم عليه؛عملا بالأصل السالم عن المعارض.

مسألة:و لو اعتمر في أشهر الحجّ و لم يحجّ في ذلك العام بل حجّ من العام

المقبل مفردا له عن العمرة،لم يجب الدم

؛لأنّه لا يكون متمتّعا،و هو قول عامّة أهل العلم،إلاّ قولا شاذّا عن الحسن البصريّ فيمن اعتمر في أشهر الحجّ،فهو متمتّع،حجّ أو لم يحجّ (3).

و أهل العلم كافّة على خلافه؛لقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ (4).

و هذا يقتضي الموالات بينهما.

و لأنّ الإجماع واقع على أنّ من اعتمر في غير أشهر الحجّ ثمّ حجّ من عامه

ص:153


1- 1المجموع 7:209،فتح العزيز بهامش المجموع 7:98،مغني المحتاج 1:475.
2- 2) المجموع 7:180.
3- 3) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:247.
4- 4) البقرة(2):196. [1]

ذلك،فليس بمتمتّع،فهذا أولى؛لأنّ التباعد بينهما أكثر.

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا ينبغي للمتمتّع بعد فراغه من العمرة أن يخرج من مكّة

حتّى يأتي بالحجّ

(1)؛لأنّه صار مرتبطا به؛لدخولها فيه؛لقوله عليه السلام:«دخلت العمرة في الحجّ هكذا»و شبّك بين أصابعه (2).

و قال تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (3).

إذا ثبت هذا:فلو خرج من مكّة بعد إحلاله ثمّ عاد في الشهر الذي خرج منه، صحّ له أن يتمتّع،و لا يجب عليه تجديد عمرة،و إن دخل في غير الشهر،اعتمر أخرى،و تمتّع بالأخيرة،و وجب عليه الدم بالأخيرة و لا يسقط عنه الدم.

و قال عطاء،و المغيرة (4)،و أحمد،و إسحاق:إذا خرج إلى سفر بعيد،يقصّر في مثله الصلاة،سقط عنه الدم (5).

و قال الشافعيّ:إن رجع إلى الميقات،فلا دم عليه (6).

ص:154


1- 1يراجع:الجزء العاشر ص 447.
2- 2) صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1024 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:46-47، [2]مسند أحمد 1:236 و 253،سنن البيهقيّ 5:7، كنز العمّال 5:43 الحديث 11974 و 11975 و ص 44 الحديث 11983،مجمع الزوائد 3:235 و ص 278،المعجم الكبير للطبرانيّ 2:137 الحديث 1581 و 1582 و ج 7:119 الحديث 6561،6562 و ص 127 الحديث 6582 و ص 128 الحديث 6586 و ص 130 الحديث 6594 و ص 131 الحديث 6597 و ج 11:51 الحديث 11045 و 11046 و ص 69 الحديث 11117 و ج 12:176 الحديث 12960 و 12961 و ص 308 الحديث 13487.
3- 3) البقرة(2):196. [3]
4- 4) مغيرة بن مقسم،الفقيه الحافظ أبو هشام مولاهم الكوفيّ الأعمى،ولد أعمى و كان عجبا في الذكاء،حدّث عن أبي وائل و الشعبيّ و إبراهيم النخعيّ و مجاهد و حدّث عنه شعبة و الثوريّ و جرير و غيرهم. تذكرة الحفّاظ 1:143.
5- 5) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:248،الكافي لابن قدامة 1:536،الإنصاف 3:440.
6- 6) حلية العلماء 3:261،المهذّب للشيرازيّ 1:201،المجموع 7:177،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 147،مغني المحتاج 1:516،السراج الوهّاج:167.

و قال أصحاب الرأي:إن رجع إلى مصره،بطلت متعته،و إلاّ فلا (1).

و قال مالك:إن رجع إلى مصره أو إلى غيره أبعد من مصره،بطلت متعته،و إلاّ فلا (2).

و قال الحسن:هو متمتّع و إن رجع إلى بلده،و اختاره ابن المنذر (3).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (4).

و ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على صحّة العمرة إن رجع في الشهر الذي خرج منه،و وجوب إعادتها إن رجع في غيره (5)،و على كلا التقديرين لا بدّ من الدم.

احتجّ أحمد:بما روي عن عمر و ابنه أنّهما قالا:إذا اعتمر في أشهر الحجّ ثمّ أقام،فهو متمتّع،فإن خرج و رجع،فليس بمتمتّع (6).

و جوابه:أنّه محمول على من رجع في غير الشهر الذي خرج فيه؛جمعا بين الأدلّة.

مسألة:و إنّما يجب الدم على من أحلّ من إحرام العمرة

،فلو لم يحلّ منها و أدخل إحرام الحجّ عليها،بطلت المتعة،و سقط الدم على قول الشيخ- رحمه اللّه (7)-،و به قال أحمد (8).

روت عائشة قالت:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عام حجّة الوداع،

ص:155


1- 1المبسوط للسرخسيّ 4:31،تحفة الفقهاء 1:411،بدائع الصنائع 2:172،الهداية للمرغينانيّ 1: 158،شرح فتح القدير 2:431،مجمع الأنهر 1:290.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:383،إرشاد السالك:55،بلغة السالك 1:272.
3- 3) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:248.
4- 4) البقرة(2):196. [1]
5- 5) يراجع:الجزء العاشر ص 447.
6- 6) المغني 3:503،الشرح الكبير بهامش المغني 3:248،الكافي لابن قدامة 1:536.
7- 7) الخلاف 1:421 مسألة-32.
8- 8) المغني 3:503،الشرح الكبير بهامش المغني 3:248،الكافي لابن قدامة 1:536،الإنصاف 3:442. [2]

فأهللنا بعمرة،فقدمت مكّة و أنا حائض لم أطف بالبيت،و لا بين الصفا و المروة، فشكوت ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«انقضي رأسك و امتشطي و أهلّي بالحجّ و دعي العمرة»قالت:ففعلت،فلمّا قضينا الحجّ،أرسلنا مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم،فاعتمرت معه،فقال:«هذه مكان عمرتك» (1).

قال عروة:فقضى اللّه حجّها و عمرتها و لم يكن في شيء من ذلك هدي و لا صوم و لا صدقة (2).

و لأنّه على تقدير بطلان التمتّع،يسقط عنه فرض الهدي؛لاختصاصه بالمتمتّع على ما بيّنّاه أوّلا.

مسألة:و إنّما يجب على من نأى عن مكّة على ما تقدّم

(3)،فلو كان من أهل مكّة و حاضريها،فلا دم عليه،إلاّ أن يكون قد تمتّع على تقدير تجويزه له على إشكال.

و لو دخل الآفاقيّ متمتّعا إلى مكّة ناويا للإقامة بها بعد تمتّعه،فعليه دم المتعة.

أجمع عليه كلّ من يحفظ عنه العلم؛لعموم الآية (4)،و بالعزم على الإقامة لا يثبت له حكمها.

و لو كان الرجل مولده و منشؤه مكّة،فخرج منتقلا مقيما بغيرها ثمّ عاد إليها متمتّعا ناويا للإقامة أو غير ناو لها،فعليه دم المتعة-و به قال مالك (5)و الشافعيّ (6)،

ص:156


1- 1صحيح البخاريّ 5:221،صحيح مسلم 2:870 الحديث 1211،سنن أبي داود 2:153 الحديث 1781، [1]سنن النسائيّ 5:165،سنن البيهقيّ 4:346.بتفاوت في الجميع.
2- 2) المغني 3:503،الشرح الكبير بهامش المغني 3:248.
3- 3) يراجع:ص 144. [2]
4- 4) البقرة(2):196.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:383،بلغة السالك 1:272.
6- 6) المجموع 7:175،فتح العزيز بهامش المجموع 7:130-131.

و أحمد،و إسحاق (1)-لأنّ حضور المسجد الحرام إنّما يحصل بنيّة الإقامة و فعلها، و هذا إنّما نوى الإقامة إذا فرغ من أفعال الحجّ؛لأنّه إذا فرغ من عمرته فهو ناو للخروج إلى الحجّ،فكأنّه إنّما نوى أن يقيم بعد أن يجب الدم.

مسألة:الآفاقيّ إذا ترك الإحرام من الميقات،وجب عليه أن يرجع و يحرم منه

مع المكنة

،فإن لم يتمكّن،أحرم من دونه بعمرته،فإذا أحلّ،أحرم بالحجّ من عامه و هو متمتّع،و عليه دم المتعة،و لا دم عليه لإحرامه من دون الميقات؛لأنّه تركه للضرورة،فلا دم عليه؛لعدم الذنب الموجب للعقوبة بالكفّارة.

قال ابن المنذر،و ابن عبد البرّ:أجمع العلماء على أنّ من أحرم في أشهر الحجّ بعمرة و أحلّ منها و لم يكن من حاضري المسجد الحرام ثمّ أقام بمكّة حلالا ثمّ حجّ من عامه،أنّه متمتّع،عليه دم المتعة (2).

و قال بعض الجمهور:إذا تجاوز الميقات حتّى صار بينه و بين مكّة أقلّ من مسافة القصر فأحرم منه،فلا دم عليه للمتعة؛لأنّه من حاضري المسجد الحرام (3).

و ليس بجيّد،فإنّ حضور المسجد الحرام إنّما يحصل بالإقامة به و نيّة الإقامة، و هذا لم تحصل منه الإقامة و لا نيّتها.

و لأنّه تعالى قال: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (4)و هو يقتضي أن يكون المانع من الدم السكنى به،و هذا ليس بساكن.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الهدي إنّما يجب على المتمتّع

(5)،و إنّما يكون متمتّعا إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحجّ،فإن أحرم بها في غير أشهر الحجّ فليس بمتمتّع

ص:157


1- 1المغني 3:504-505،الشرح الكبير بهامش المغني 3:250،الإنصاف 3:441. [1]
2- 2) المغني 3:505،الشرح الكبير بهامش المغني 3:250.
3- 3) المغني 3:505،الشرح الكبير بهامش المغني 3:250-251.
4- 4) البقرة(2):196. [2]
5- 5) يراجع:ص 144. [3]

و لا هدي عليه،و قد تقدّم ذلك (1)،و هو قول عامّة أهل العلم،و لا نعلم فيه خلافا إلاّ قولين شاذّين:

أحدهما:عن طاوس قال:إذا اعتمرت في غير أشهر الحجّ ثمّ أقمت حتّى الحجّ فأنت متمتّع.

و الثاني:عن الحسن،قال:من اعتمر بعد النحر فهي متعة.و كلاهما شاذّ.

قال ابن المنذر:لا نعلم أحدا قال بواحد من هذين القولين (2).

أمّا لو أحرم في غير أشهر الحجّ،ثمّ حلّ منها في أشهره،فكذلك لا يصحّ له التمتّع بتلك العمرة،و قد بيّنّاه فيما تقدّم (3)،و به قال أحمد،و جابر و إسحاق (4)، و الشافعيّ في أحد القولين.

و قال في الآخر:عمرته في الشهر الذي يطوف فيه.و به قال الحسن،و الحكم و ابن شبرمة،و الثوريّ.

و قال طاوس:عمرته في الشهر الذي يدخل فيه الحرم.

و قال عطاء:عمرته في الشهر الذي يحلّ فيه (5).و به قال مالك (6).

و قال أبو حنيفة:إن طاف للعمرة أربعة أشواط في غير أشهر الحجّ فليس بمتمتّع،و إن طاف الأربعة في أشهر الحجّ فهو متمتّع (7).

لنا:أنّه أتى بنسك لا تتمّ العمرة إلاّ به في غير أشهر الحجّ،فلا يكون متمتّعا،

ص:158


1- 1يراجع:ص 148 و قد مرّ أيضا في الجزء العاشر ص 155.
2- 2) المغني 3:501،الشرح الكبير بهامش المغني 3:247.
3- 3) يراجع:ص 148-149.
4- 4) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:247،الكافي لابن قدامة 1:536،الإنصاف 3:441. [1]
5- 5) المغني 3:502،الشرح الكبير بهامش المغني 3:247،و يظهر ذلك من المجموع 7:182.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:388،بداية المجتهد 1:334،إرشاد السالك:55،بلغة السالك 1:272.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:31،بدائع الصنائع 2:168،الهداية للمرغينانيّ 1:158،شرح فتح القدير 2: 422،مجمع الأنهر 1:290-291.

كما لو طاف في غير أشهر الحجّ،أو طاف دون الأربعة فيها.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

«من تمتّع في أشهر الحجّ ثمّ أقام بمكّة حتّى يحضر الحجّ،فعليه شاة،و من تمتّع في غير أشهر الحجّ ثمّ جاور (1)حتّى يحضر الحجّ،فليس عليه دم،إنّما هي حجّة مفردة،و إنّما الأضحى على أهل الأمصار» (2).

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في رجل اعتمر في رجب،فقال:«إن أقام بمكّة حتّى يخرج منها حاجّا،فقد وجب الهدي،و إن خرج من مكّة حتّى يحرم من غيرها، فليس عليه هدي» (3).

قال الشيخ:و الوجه فيه أمران:

أحدهما:حمله على الاستحباب.

الثاني:حمله على من اعتمر في رجب و أقام بمكّة إلى أشهر الحجّ ثمّ تمتّع منها بالعمرة إلى الحجّ،فيلزمه الهدي (4)،لما رواه إسحاق بن عبد اللّه،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن المعتمر المقيم بمكّة يجرّد الحجّ أو يتمتّع مرّة أخرى؟ فقال:«يتمتّع أحبّ إليّ،و ليكن إحرامه من مسيرة ليلة أو ليلتين» (5).

مسألة:و لو كان المتمتّع مملوكا،لم يجب عليه الهدي

،و لا يجب على مولاه أن

ص:159


1- 1أكثر النسخ:«جاوز».
2- 2) التهذيب 5:36 الحديث 108،الاستبصار 2:259 الحديث 913،الوسائل 10:87 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 11. [1]
3- 3) التهذيب 5:199 الحديث 663،الاستبصار 2:259 الحديث 914،الوسائل 10:85 الباب 1 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 5:200،الاستبصار 2:259.
5- 5) التهذيب 5:200 الحديث 664،الاستبصار 2:259 الحديث 915،الوسائل 8:181 الباب 4 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 20. [3]

يهدي عنه معيّنا،و لا نعلم فيه خلافا؛لقوله تعالى: ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ (1).و العاجز يسقط عنه الهدي إجماعا،إلاّ في قول الشافعيّ؛لأنّ إذنه تضمّنه،فلزمه أن يؤدّيه عنه؛لأنّه يعلم أنّه لا يقدر عليه (2).

و ليس بجيّد؛لأنّ فرض العبد الصوم،فانصرف إذنه إليه.

و قد روى الشيخ-في الموثّق-عن الحسن العطّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ،أ عليه أن يذبح عنه؟ قال:«لا،إنّ (3)اللّه تعالى يقول: عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ (4). (5)

و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سئل عن المتمتّع كم يجزئه؟قال:«شاة»،و سألته عن المتمتّع المملوك،فقال:«عليه مثل ما على الحرّ إمّا أضحيّة و إمّا صوم» (6).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:الوجه فيه أمور:

أحدها:أن يكون إخبارا عن مساواته الحرّ في كمّيّة ما يجب عليه،و إن كان الذي يجب على المملوك على جهة التخيير؛لأنّ مولاه مخيّر،إن شاء أهدى عنه، و إن شاء أمره بالصيام،و يكون مع أمره بالصوم يلزمه مثل ما يلزم الحرّ من الصوم، بخلاف الظهار الذي يجب عليه فيه نصف ما يجب على الحرّ،و كذلك إن أراد الذبح، لزمه أن يهدي عنه مثل ما يهدي الحرّ،فمن هذه الحيثيّة صار مساويا للحرّ و إن لم

ص:160


1- 1النحل(16):75. [1]
2- 2) الأمّ 2:119،حلية العلماء 3:235،المهذّب للشيرازيّ 1:196،المجموع 7:54. [2]
3- 3) في الاستبصار و الوسائل:« [3]لأنّ».
4- 4) النحل(16):75. [4]
5- 5) التهذيب 5:200 الحديث 665 و ص 482 الحديث 1713،الاستبصار 2:262 الحديث 923، الوسائل 10:89 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 3. [5]
6- 6) التهذيب 5:201 الحديث 668،الاستبصار 2:262 الحديث 926،الوسائل 10:85 الباب 1 من أبواب الذبح الحديث 1 و [6]ص 90 الباب 2 الحديث 5.

يساوه في وجوب الهدي عليه عينا.

و ثانيها:أن يحمل على مملوك أعتق قبل فوات أحد الموقفين،فإنّه يلزمه الهدي.

و ثالثها:أنّ المولى إذا لم يأمر عبده بالصوم إلى النفر الأخير،فإنّه يلزمه أن يذبح عنه و لا يجزئه الصوم.كذا قال في الاستبصار (1)،و قال في النهاية:إنّ الهدي أفضل حينئذ (2)،و سيأتي.

مسألة:و يتخيّر المولى بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصيام

،قاله علماؤنا، و هو إحدى الروايتين عن أحمد.

و في الرواية الأخرى:أنّه لا يجزئه ذلك و يلزمه الصوم على التعيين.و به قال الثوريّ (3)،و الشافعيّ (4)،و أصحاب الرأي،ذكره ابن المنذر عنهم في الصيد (5).

لنا:عموم قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (6)و بتقدير تمليك المولى له الهدي،يصدق عليه أنّه موسر.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن سعد بن أبي خلف،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام،قلت:أمرت مملوكي أن يتمتّع،فقال:«إن شئت فاذبح عنه،و إن شئت فمره فليصم» (7).

ص:161


1- 1الاستبصار 2:262-263.
2- 2) النهاية:256. [1]
3- 3) المغني 3:570،الشرح الكبير بهامش المغني 3:528-529.
4- 4) الأمّ 2:112،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:70،حلية العلماء 3:235-236،المهذّب للشيرازيّ 1:196، المجموع 7:54.
5- 5) المغني 3:570،الشرح الكبير بهامش المغني 3:529.
6- 6) البقرة(2):196. [2]
7- 7) التهذيب 5:482 الحديث 1714،الاستبصار 2:262 الحديث 924،الوسائل 10:89 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 2. [3]

-و في الصحيح-عن جميل بن درّاج،قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتّع،قال:فمره فليصم،و إن شئت فاذبح عنه» (1).

احتجّوا:بأنّه غير مالك،و لا سبيل له إلى التملّك؛لأنّه لا يملك بالتمليك فصار كالعاجز الذي يتعذّر عليه الهدي فيتعيّن عليه الصوم (2).

فروع:
الأوّل:الواجب من الصوم على المملوك ثلاثة أيّام في الحجّ،و سبعة إذا رجع

إلى أهله كالحرّ.و به قال أحمد في إحدى الروايتين،و الشافعيّ (3).

و قال أحمد في الرواية الأخرى:يصوم عن كلّ مدّ من قيمة الشاة يوما (4).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (5)و هو عامّ في الحرّ و العبد،و لأنّه صوم وجب (6)لحلّه من إحرامه قبل إتمامه،فكان عشرة أيّام،كصوم الحرّ.

الثاني:المعسر في الصوم كالعبد يجب عليه صوم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة

إذا رجع

.

ص:162


1- 1التهذيب 5:200 الحديث 667،الاستبصار 2:262 الحديث 925،الوسائل 10:88 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) الأمّ 2:112،المجموع 7:54،المغني 3:570-571،الشرح الكبير بهامش المغني 3:529.
3- 3) الأمّ 2:112،المجموع 7:54، [2]المهذّب للشيرازيّ 1:196،المغني 3:571، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:529. [4]
4- 4) المغني 3:571، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 3:529، [6]الكافي لابن قدامة 1:538، [7]الإنصاف 3:511- 513، [8]زاد المستقنع:32.
5- 5) البقرة(2):196. [9]
6- 6) ع و ح:واجب.

و قال بعض الجمهور:يجب لكلّ مدّ من قيمة الشاة يوم (1).و قد مضى البحث فيه.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الجمهور عن عمر أنّه قال لهبّار بن الأسود (2):فإن وجدت سعة فاهد،و إن (3)لم تجد سعة فصم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجعت إن شاء اللّه تعالى (4).

الثالث:لو لم يذبح عنه مولاه،تعيّن عليه الصوم

،و لا يجوز للمولى منعه منه، و يجب الصوم و لو منعه المولى؛لأنّه أمره بالعبادة،فوجب عليه إتمامها؛لقوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (5).

و لأنّه صوم واجب،فلا يجوز له منعه منه،كرمضان.

الرابع:قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية:إذا لم يصم العبد إلى أن تمضي أيّام

التشريق،فالأفضل لمولاه أن يهدي عنه

و لا يأمره بالصيام،و إن أمره لم يكن به بأس،و إنّما يكون مخيّرا قبل انقضاء هذه الأيّام (6)،لما رواه الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمّد،عن عليّ،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:سألته عن غلام أخرجته معي فأمرته فتمتّع،ثمّ أهلّ بالحجّ يوم التروية و لم أذبح عنه،أ فله أن

ص:163


1- 1المغني 3:571،الشرح الكبير بهامش المغني 3:529.
2- 2) هبّار بن الأسود بن المطّلب بن أسد بن عبد العزّى،هو الذي أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم فتح مكّة بقتله لمّا ضرب هودج زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين أرسلها زوجها إلى المدينة و كانت حاملا فأسقطت فقال صلّى اللّه عليه و آله:إن لقيتم هبّارا هذا فأحرقوه بالنار،ثمّ قال:اقتلوه.ثمّ أسلم و فيه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الإسلام يجبّ ما قبله. أسد الغابة 5:53، [1]الإصابة 3:597، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 3:609، [4]الأعلام للزركليّ 8:70. [5]
3- 3) ق،خا،ل،د و ر:فإن.
4- 4) الموطّأ 1:383 الحديث 154، [6]سنن البيهقيّ 5:174.
5- 5) البقرة(2):196. [7]
6- 6) النهاية:256. [8]

يصوم بعد النفر؟فقال:«ذهبت الأيّام التي قال اللّه ألا كنت أمرته أن يفرد الحجّ؟» قلت:طلبت الخير،فقال:«كما طلبت الخير فاذهب و اذبح (1)عنه شاة سمينة» و كان ذلك يوم النفر الأخير (2).

الخامس:إذا أعتق المملوك قبل الوقوف بالموقفين،أجزأ عن حجّة الإسلام

و وجب عليه الهدي إن تمكّن

،و إلاّ الصوم،و لا يجب على المولى،و لا نعلم فيه خلافا.

السادس:روى الشيخ عن يونس بن يعقوب،قال:قلت لأبي عبد اللّه

عليه السلام:إنّ معنا مماليك لنا قد تمتّعوا،علينا أن نذبح عنه؟

تقال:فقال:«المملوك لا حجّ (3)له و لا عمرة» (4).

قال الشيخ:هو محمول على أنّه حجّ بغير إذن مولاه (5).و هو جيّد،و يحتمل أيضا أنّه لا حجّ له يجزئه عن حجّة الإسلام لو أعتق،و الاحتمال الأوّل أقرب.

مسألة:و إنّما يجب الهدي على المتمكّن منه أو من ثمنه إذا وجده بالشراء

؛ لأنّ تكليف المعسر ضرر،فيكون منفيّا،و لا نعلم فيه خلافا،و لا يجب بيع ثياب التجمّل في الهدي،بل ينتقل إلى الصوم؛لما رواه الشيخ عن عليّ بن أسباط،عن بعض أصحابنا،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:قلت له:رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ و في عيبته ثياب،له (6)أن يبيع من ثيابه شيئا و يشتري بدنة (7)؟قال:«لا،

ص:164


1- 1ع و ح:فاذبح،كما في التهذيب و الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 5:201 الحديث 669،الاستبصار 2:263 الحديث 927،الوسائل 10:89 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 4. [2]
3- 3) ق و خا:لا حجّة.
4- 4) التهذيب 5:482 الحديث 1715،الوسائل 8:32 [3] الباب 15 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3 و ج 10:90 الباب 2 من أبواب الذبح الحديث 6.
5- 5) التهذيب 5:482.
6- 6) ع:أله.
7- 7) في التهذيب:هديا،مكان:بدنة.

هذا يتزيّن (1)به المؤمن،يصوم و لا يأخذ من ثيابه شيئا» (2).

و لأنّه ضرر و حرج و يعتبر القدرة في موضعه،فمتى عدمه في موضعه،جاز له الانتقال إلى الصيام و إن كان قادرا عليه في بلده،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ وجوبه موقّت،و ما كان وجوبه موقّتا اعتبرت القدرة عليه في موضعه،كالماء في الطهارة إذا عدمه في مكانه انتقل إلى التراب.

مسألة:و لو تمتّع الصبيّ،وجب على وليّه أن يذبح عنه

؛عملا بالعموم،فإن لم يجد،فليصم عنه عشرة أيّام؛للآية (3).و لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي نعيم (4)،قال:تمتّعنا فأحرمنا و معنا صبيان،فأحرموا و لبّوا كما لبّينا،و لم نقدر على الغنم،قال:«فليصم عن كلّ صبيّ وليّه» (5).

ص:165


1- 1في التهذيب:«ممّا يتزيّن».
2- 2) التهذيب 5:238 الحديث 802،الوسائل 10:171 الباب 57 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
3- 3) البقرة(2):196.
4- 4) أبو نعيم،قال الأردبيليّ:كنية لأحمد بن عبد اللّه الأصفهانيّ الذي ذكره العلاّمة في القسم الثاني من الخلاصة و قال:إنّه عامّيّ.و كنية لربعيّ بن عبد اللّه بن الجارود الذي ترجم له في الجزء الرابع ص 62. و كنية لمحمّد بن أحمد بن محمّد بن سعيد.قال الأردبيليّ:و في الأوّل أشهر. رجال العلاّمة:205، [2]جامع الرواة 2:420. [3]
5- 5) التهذيب 5:237 الحديث 801،الوسائل 10:91 الباب 3 من أبواب الذبح الحديث 4.و [4]فيه:و لم يقدروا،مكان:و لم نقدر.
البحث الثاني
اشارة

في كيفيّة الذبح

مسألة:يجب فيه النيّة؛لأنّه عبادة

،فيشترط (1)فيه النيّة؛لقوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (2).

و لأنّ جهات إراقة الدم متعدّدة،فلا يتخلّص المذبوح هديا إلاّ بالقصد.

و يجب اشتمالها على جنس الفعل و جهته من كونه هديا أو كفّارة أو غير ذلك، و صفته من وجوب أو ندب و التقرّب إلى اللّه تعالى.

و يجوز أن يتولاّها عنه الذابح؛لأنّه فعل تدخله النيابة،فتدخل في شرطه كغيره من الأفعال.

مسألة:و يختصّ الإبل بالنحر،فلا يجوز ذبحها،و البقر و الغنم بالذبح

،فلا يجوز نحرهما،و سيأتي البحث في ذلك.

و يدلّ عليه:ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام،قال:«كلّ منحور مذبوح حرام،و كلّ مذبوح منحور حرام» (3).

ص:166


1- 1بعض النسخ:يشترط.
2- 2) البيّنة(98):5. [1]
3- 3) الفقيه 2:299 الحديث 1485،الوسائل 10:139 الباب 38 من أبواب الذبح الحديث 3. [2]

و يستحبّ أن يتولّى الحاجّ بنفسه الذبيحة؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نحر هديه بنفسه (1).

و روى غرفة بن الحارث الكنديّ (2)،قال:شهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع و أتي بالبدن فقال:«ادع لي أبا حسن»فدعي له عليّ عليه السلام،فقال:«خذ بأسفل الحربة» (3)و أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأعلاها،ثمّ طعنا بها البدن.رواه أبو داود (4).و إنّما فعلا ذلك؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أشرك عليّا عليه السلام في هديه.

و قال جابر:نحر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثا و ستّين بدنة بيده،ثمّ أعطى عليّا عليه السلام فنحر ما غبر (5).

و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نحر خمس بدنات ثمّ قال:«من شاء اقتطع»رواه الجمهور (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«و كان

ص:167


1- 1صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [1]سنن ابن ماجة 2: 1026،1027 الحديث 3074 و 3076.
2- 2) غرفة-بفتح الغين و الراء-بن الحارث الكنديّ يكنّى أبا الحارث،شهد حجّة الوداع، [2]روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قصّة نحر البدن،و روى عنه عبد اللّه بن الحارث الأزديّ و عبد الرحمن بن شماسة المهريّ و كعب بن علقمة التنوخيّ شهد فتح مصر،و كان كاتب عمر بن الخطّاب. أسد الغابة 4:169،الإصابة 3:185، [3]تهذيب التهذيب 8:244. [4]
3- 3) الحربة:هي كالرمح.المصباح المنير:127.
4- 4) سنن أبي داود 2:149 الحديث 1766. [5]
5- 5) صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905، [6]سنن ابن ماجة 2: 1026 الحديث 3074،سنن البيهقيّ 5:133.
6- 6) مسند أحمد 4:350، [7]المستدرك للحاكم 4:221،سنن البيهقيّ 5:237.

الهدي الذي جاء به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أربعا و ستّين أو ستّا و ستّين،و جاء عليّ عليه السلام بأربع (1)و ثلاثين أو ستّ و ثلاثين،فنحر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله منها ستّا و ستّين،و نحر عليّ عليه السلام أربعا و ثلاثين بدنة» (2).

و روى ابن بابويه،قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ساق معه مائة بدنة، فجعل لعليّ عليه السلام منها أربعا و ثلاثين،و لنفسه ستّا و ستّين،و نحرها كلّها بيده، ثمّ أخذ من كلّ بدنة جذوة و طبخها (3)في قدر،و أكلا منها و تحسّيا من المرق، و افتخر عليّ عليه السلام على الصحابة و يقول:«من فيكم مثلي و أنا شريك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في هديه؟من فيكم مثلي و أنا الذي ذبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هديي بيده؟» (4).

فرع:

لو لم يحسن الذباحة،ولاّها غيره

،و استحبّ له أن يجعل يده مع يد الذابح، و ينوي الذابح عن صاحبها؛لأنّه فعل تدخله النيابة فتدخل في شرطه.و يستحبّ له أن يذكره بلسانه وقت الذبيحة و أنّه يذبح عن فلان بن فلان.

إذا ثبت هذا:فلو أخطأ فذكر غير صاحبها،أجزأت عن صاحبها بالنيّة؛لأنّ الأصل النيّة،و الذكر لا اعتبار به.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن

ص:168


1- 1أكثر النسخ:بأربعة،كما في الوسائل. [1]
2- 2) التهذيب 5:457 الحديث 1588،الوسائل 8:153 الباب 3 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 4. [2]
3- 3) في الفقيه:ثمّ طبخها.
4- 4) الفقيه 2:153 الحديث 665،أورد قطعة منه في الوسائل 10:101 الباب 10 من أبواب الذبح الحديث 6 و [3]ص 137 الباب 36 الحديث 6،و ص 146 الباب 40 الحديث 21.

جعفر عليهما السلام،قال:سألته عن الضحيّة (1)يخطئ الذي يذبحها فيسمّى غير صاحبها أ تجزئ عن صاحب الضحيّة (2)؟فقال:«نعم،إنّما له ما نوى» (3).

مسألة:و يستحبّ نحر الإبل قائمة من قبل اليمنى قد ربطت يدها

(4)

(5)ما بين الخفّ إلى الركبة،ثمّ يطعن في لبّتها،و هي الوهدة التي بين أصل العنق و الصدر.و به قال مالك (6)،و الشافعيّ (7)،و إسحاق (8)،و أحمد (9)،و ابن المنذر (10).

و استحبّ عطاء نحرها باركة (11)،و جوّز الثوريّ (12)،و أصحاب الرأي كلّ ذلك (13).

ص:169


1- 1أكثر النسخ:الأضحيّة.
2- 2) ق و خا:الأضحيّة.
3- 3) التهذيب 5:222 الحديث 748،الوسائل 10:128 الباب 29 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
4- 4) د و ع:اليمين.
5- 5) ع:يداها.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:485،بلغة السالك 1:314،تفسير القرطبيّ 12:63، [2]شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:324،أحكام القرآن لابن العربيّ 3:1289، [3]المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 551.
7- 7) الأمّ 2:217،المهذّب للشيرازيّ 1:252،المجموع 9:85،مغني المحتاج 4:271،السراج الوهّاج: 558،المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551،عمدة القارئ 10:50.
8- 8) المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551.
9- 9) المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551،الكافي لابن قدامة 1:650،الإنصاف 4:82، [4]زاد المستقنع:35،عمدة القارئ 10:50.
10- 10) المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551.
11- 11) المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551،تفسير القرطبيّ 12:62، [5]عمدة القارئ 10:50.
12- 12) المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551،تفسير القرطبيّ 12:62، [6]عمدة القارئ 10:50.
13- 13) الهداية للمرغينانيّ 1:187،شرح فتح القدير 3:82،عمدة القارئ 10:50،المغني 3:462،الشرح الكبير بهامش المغني 3:551،تفسير القرطبيّ 12:62. [7]

لنا على استحباب نحرها قائمة:قوله تعالى: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها (1)روي في تفسير قوله تعالى: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ (2)أي قياما،قاله المفسّرون (3).

و ما رواه الجمهور عن زياد بن جبير (4)قال:رأيت ابن عمر أتى على رجل أناخ بدنة لينحرها (5)،فقال:ابعثها قياما مقيّدة سنّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله (6).

و عن عبد الرحمن بن سابط (7)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ (9)قال:«ذلك حين تصفّ للنحر تربط يديها ما بين الخفّ إلى الركبة،و وجوب جنوبها

ص:170


1- 1الحجّ(22):36. [1]
2- 2) الحجّ(22):36. [2]
3- 3) تفسير الطبريّ 17:164، [3]تفسير القرطبيّ 12:61، [4]أحكام القرآن لابن العربيّ 3:1289، [5]تفسير فتح القدير 3:455. [6]
4- 4) زياد بن جبير بن حيّة بن مسعود بن معتّب الثقفيّ البصريّ،روى عن أبيه و ابن عمر و سعد و المغيرة بن شعبة،و روى عنه ابن أخيه سعيد بن عبيد اللّه بن جبير و يونس بن عبيد اللّه و عبد اللّه بن عون. تهذيب التهذيب 3:357،الجمع بين رجال الصحيحين 1:146،رجال صحيح مسلم 1:219.
5- 5) ق و خا:لنحرها.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:210،صحيح مسلم 2:956 الحديث 1320،سنن أبي داود 2:149 الحديث 1768، [7]مسند أحمد 2:3، [8]سنن البيهقيّ 5:237.
7- 7) عبد الرحمن بن سابط الجمحيّ المكّيّ تابعيّ أرسل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عن عمر و سعد بن أبي وقّاص و العبّاس بن عبد المطّلب و عائشة و جمع كثير،و روى عنه ابن جريج و ليث بن أبي سليم و يزيد بن خليفة،مات سنة 118 ه. تهذيب التهذيب 6:180، [9]العبر 1:114. [10]
8- 8) سنن أبي داود 2:149 الحديث 1767، [11]سنن البيهقيّ 5:237،جامع الأصول 4:150 الحديث 1675.
9- 9) الحجّ(22):36. [12]

إذا وقعت على الأرض» (1).

و عن أبي الصباح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام كيف تنحر البدنة/ قال:«تنحر و هي قائمة من قبل اليمين» (2).

و عن أبي خديجة،قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام و هو ينحر بدنة معقولة يدها اليسرى،ثمّ يقوم من جانب يدها اليمنى و يقول:«بسم اللّه و اللّه أكبر،اللهمّ هذا منك و لك،اللهمّ تقبّله منّي»ثمّ يطعن في لبّتها،ثمّ يخرج السكّين بيده،فإذا وجبت جنوبها قطع موضع الذبح بيده (3).

فرع:

هذا القيام مستحبّ و لا نعلم في عدم وجوبه خلافا

،و لو خاف عليها أن تنفر، أناخها و نحرها باركة.

مسألة:و يجب توجيه الذبيحة إلى القبلة

،خلافا للجمهور،و سيأتي ذلك إن شاء اللّه في موضعه.

و يستحبّ أن يدعو بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن صفوان و ابن أبي عمير، قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة و انحره (4)أو اذبحه و قل: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا من المسلمين[اللهمّ] (5)منك و لك بسم اللّه و اللّه أكبر،اللّهمّ تقبّل

ص:171


1- 1التهذيب 5:220 الحديث 743،الوسائل 10:134 الباب 35 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 5:221 الحديث 744،الوسائل 10:135 الباب 35 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:221 الحديث 745،الوسائل 10:135 الباب 35 من أبواب الذبح الحديث 3. [3]
4- 4) أكثر النسخ:فانحره.
5- 5) أثبتناها من المصادر.

منّي،ثمّ أمرّ السكّين و لا تنخعها حتّى تموت» (1).

و رواه الجمهور أيضا عن ابن عمر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2).

و تجب فيه التسمية؛لقوله تعالى: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ (3).

و لقوله تعالى: وَ لا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ (4).و لو نسي التسمية،حلّ أكله،و سيأتي.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن ابن سنان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«إذا ذبح المسلم و لم يسمّ و نسي فكل من ذبيحته و سمّ اللّه على ما تأكل» (5).

مسألة:نحر هدي التمتّع يجب بمنى

.ذهب إليه علماؤنا.

و قال أكثر الجمهور:إنّه مستحبّ و إنّ الواجب نحره بالحرم (6).

و قال بعض الشافعيّة:لو ذبحه في الحلّ و فرّقه في الحرم أجزأه (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«منى كلّها منحر» (8).و التخصيص بالذكر يدلّ على التخصيص في الحكم.

ص:172


1- 1التهذيب 5:221 الحديث 746،الوسائل 10:137 الباب 3 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) سنن أبي داود 3:95 الحديث 2795،سنن ابن ماجة 2:1043 الحديث 3121،سنن الدارميّ 2:75، سنن البيهقيّ 9:287.
3- 3) الحجّ(22):36. [2]
4- 4) الأنعام(6):121. [3]
5- 5) التهذيب 5:222 الحديث 747،الوسائل 10:138 الباب 38 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]
6- 6) الأمّ 2:216،المجموع 8:190،الهداية للمرغينانيّ 1:186،شرح فتح القدير 3:81،بداية المجتهد 1:377.
7- 7) فتح العزيز بهامش المجموع 8:86. [5]
8- 8) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1935،1936 و 1937،سنن ابن ماجة 2:1013 الحديث 3048، سنن الدارميّ 2:57، [6]مسند أحمد 3:326،سنن البيهقيّ 5:239.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إبراهيم الكرخيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قدم بهديه مكّة في العشر،فقال:«إن كان هديا واجبا فلا ينحره إلاّ بمنى،و إن كان ليس بواجب فلينحره بمكّة إن شاء،و إن كان قد أشعره أو قلّده فلا ينحره إلاّ يوم الأضحى» (1).

و لأنّه عليه السلام نحر بمنى إجماعا،و قال:«خذوا عنّي مناسككم» (2).

احتجّوا:بقوله عليه السلام:«كلّ منى منحر،و كلّ فجاج مكّة منحر و طريق» (3).رواه أبو داود (4).

و جوابه:نحن نقول بموجبه؛لأنّ بعض الدماء ينحر بمكّة،و بعضها ينحر بمنى.

و احتجّ الآخرون:بأنّ الغرض منفعة مساكين الحرم باللّحم الطريّ،و هذا موجود هاهنا (5).

و جوابه:ما تقدّم،و بأنّ إراقة الدم مقصود؛بدليل أنّه لو اشترى لحما طريّا و فرّقه،لم يجزئه،و إذا كان مقصودا،تعيّن الحرم،كتفرقة اللّحم.

و لا يعارض ما ذكرناه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ أهل مكّة أنكروا عليك أنّك ذبحت هديك،في منزلك بمكّة،فقال:«إنّ مكّة كلّها منحر» (6)لاحتمال أن يكون هديه قد كان تطوّعا،

ص:173


1- 1التهذيب 5:201 الحديث 670،الاستبصار 2:263 الحديث 928،الوسائل 10:92 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) مسند أحمد 3:318،سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73 و ج 4:34 الحديث 118. [2]
3- 3) فتح العزيز بهامش المجموع 8:86،شرح فتح القدير 3:81.
4- 4) سنن أبي داود 2:193 الحديث 1937،و [3]فيه:«طريق و منحر»مكان:«منحر و طريق».
5- 5) فتح العزيز بهامش المجموع 8:86.
6- 6) التهذيب 5:202 الحديث 671،الاستبصار 2:263 الحديث 929،الوسائل 10:92 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 2. [4]

و التطوّع يجوز ذبحه بمكّة؛لدلالة الخبر الأوّل عليه،و هو أولى؛لأنّه مفصّل،و هذا الخبر مجمل،فيحمل عليه؛جمعا بين الأدلّة.

مسألة:من ساق هديا في الحجّ،نحره أو ذبحه بمنى

،و إن كان قد ساقه في العمرة،نحره أو ذبحه بمكّة قبالة الكعبة بالموضع المعروف بالحزورة (1).

روى الشيخ عن شعيب العقرقوفيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها؟قال:«بمكّة»قلت:فأيّ شيء أعطي منها؟قال:«كل ثلثا و أهد ثلثا و تصدّق بثلث» (2).

مسألة:كلّ ما يلزم المحرم من فداء عن صيد أو غيره،يذبحه أو ينحره بمكّة

إن كان معتمرا،و بمنى إن كان حاجّا

.

و قال أحمد:يجوز في موضع السبب (3).

و قال الشافعيّ:لا يجوز إلاّ في الحرم (4).

لنا:قوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (5)و قال تعالى: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (6)في جزاء الصيد.

احتجّ أحمد (7):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر كعب بن عجرة بالفدية بالحديبيّة،و لم يأمر ببعثه إلى الحرم (8).

ص:174


1- 1هو موضع بمكّة عند باب الحنّاطين.النهاية لابن الأثير 1:380. [1]
2- 2) التهذيب 5:202 الحديث 672،الوسائل 10:92 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 3. [2]
3- 3) المغني 3:588،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 3:357،الكافي لابن قدامة 1:579، [4]الإنصاف 3:532.
4- 4) الأمّ 2:184،حلية العلماء 3:323،المهذّب للشيرازيّ 1:220،المجموع 7:499،فتح العزيز بهامش المجموع 8:87،مغني المحتاج 1:530،السراج الوهّاج:171.
5- 5) الحجّ(22):33. [5]
6- 6) المائدة(5):95. [6]
7- 7) المغني 3:587، [7]الكافي لابن قدامة 1:579.
8- 8) صحيح البخاريّ 3:13،صحيح مسلم 2:861 الحديث 1201،سنن أبي داود 2:172 الحديث 1856،سنن ابن ماجة 2:1028 الحديث 3079.

و روى الأثرم و أبو إسحاق الجوزجانيّ في كتابيهما عن أبي أسماء (1)مولى عبد اللّه بن جعفر،قال:كنت مع عليّ و الحسين بن عليّ عليهما السلام بالسقيا (2)، فأومأ بيده إلى رأسه،فحلقه عليّ عليه السلام،و نحر عنه جزورا بالسقيا (3).

و الجواب:أنّ أمره عليه السلام بالفدية بالحديبيّة لا يستلزم الذبح بها.

و عن الثاني:بالمنع من الرواية.

فرع:

ما وجب نحره بالحرم،وجب تفرقة لحمه به

.و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد (5).

و قال مالك (6)،و أبو حنيفة:إذا ذبحها في الحرم،جاز تفرقة لحمها في الحلّ (7).

لنا:أنّه أحد مقصودي النسك،فلم يجز في الحلّ،كالذبح،و لأنّ المقصود من ذبحه بالحرم،التوسعة على مساكينه،و هذا لا يحصل بإعطاء غيرهم،و لأنّه نسك يختصّ بالحرم،فكان جميعه مختصّا به،كالطواف و سائر المناسك.

مسألة:قد بيّنّا أنّ وقت استقرار وجوب الهدي إحرام المتمتّع بالحجّ

(8)-و به

ص:175


1- 1أبو أسماء مولى عبد اللّه بن جعفر،روى عنه،لم نعثر على ترجمته في كتب الرجال.
2- 2) منزل بين مكّة و المدينة،و قيل:هي على يومين من المدينة.النهاية لابن الأثير 2:381.
3- 3) أورده ابنا قدامة في المغني 3:587،الشرح الكبير بهامش المغني 3:357.
4- 4) حلية العلماء 3:323،المهذّب للشيرازيّ 1:220،المجموع 7:499،فتح العزيز بهامش المجموع 8: 88،مغني المحتاج 1:530،السراج الوهّاج:171،المغني 3:588،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 356.
5- 5) المغني 3:588،الشرح الكبير بهامش المغني 3:356،الكافي لابن قدامة 1:579،الإنصاف 3:532. [1]
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:431،بداية المجتهد 1:368،تفسير القرطبيّ 6:316، [2]المغني 3:588،الشرح الكبير بهامش المغني 3:356.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 4:136،بدائع الصنائع 2:179،الهداية للمرغينانيّ 1:186،شرح فتح القدير 3:81،مجمع الأنهر 1:310،المغني 3:588،الشرح الكبير بهامش المغني 3:356.
8- 8) يراجع:ص 144 و 157.

قال أبو حنيفة (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد في إحدى الروايتين (3)-لقوله تعالى:

فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (4)و هذا قد فعل ذلك.

و لأنّ المجعول غاية يكفي وجود أوّله؛لقوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (5).

و قال مالك:يجب إذا وقف بعرفة،و هو قول أحمد في الرواية الأخرى (6)؛لأنّ التمتّع بالعمرة إلى الحجّ إنّما يحصل بعد وجود الحجّ منه،و لا يحصل ذلك إلاّ بالوقوف؛لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«الحجّ عرفة» (7)لأنّه قبل ذلك معرّض للفوات،فلا يحصل التمتّع (8).

و قال عطاء:يجب إذا رمى جمرة العقبة؛لأنّه وقت ذبحه فكان وقت

ص:176


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:157،بدائع الصنائع 2:173،المغني 3:506،الشرح الكبير بهامش المغني 3: 251،حلية العلماء 3:262،المجموع 7:184،فتح العزيز بهامش المجموع 7:168،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:129. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:262،المجموع 7:184،فتح العزيز بهامش المجموع 7:168،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:129. [2]
3- 3) المغني 3:506،الشرح الكبير بهامش المغني 3:251،الكافي لابن قدامة 1:537،الإنصاف 3:444. [3]
4- 4) البقرة(2):196. [4]
5- 5) البقرة(2):187. [5]
6- 6) المغني 3:506،الشرح الكبير بهامش المغني 3:251،الكافي لابن قدامة 1:537،الإنصاف 3:444.
7- 7) سنن أبي داود 2:196 الحديث 1949،سنن ابن ماجة 3:1003 الحديث 3015،سنن الترمذيّ 3: 237 الحديث 889، [6]سنن النسائيّ 5:256،مسند أحمد 4:309 و 310،المستدرك للحاكم 1:464 و ج 2:278،سنن الدار قطنيّ 2:240 الحديث 19،سنن البيهقيّ 5:173.
8- 8) نسب المصنّف إلى مالك وجوب الهدي إذا وقف بعرفة،و كذا في المغني 3:506،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:251،و لكنّ الشيخ في الخلاف 1:424 مسألة-44 نسب إليه وجوب الهدي بعد رمي الجمار، و هكذا نسب إليه في المجموع 7:184،و [7]فتح العزيز بهامش المجموع 7:167،و [8]حلية العلماء 3: 263،و أحكام القرآن لابن العربيّ 1:129. [9]

وجوبه (1).

و الجواب:بالمنع من كون التمتّع إنّما يحصل بالوقوف،بل بالإحرام يتلبّس بالحجّ.على أنّ قوله عليه السلام:«دخلت العمرة في الحجّ هكذا»و شبّك بين أصابعه (2).

يعطي التلبّس به من أوّل أفعال العمرة.

و التعريض للفوات لا يقتضي عدم الإيجاب.و كون وقت الذبح هو بعد رمي جمرة العقبة لا يستلزم كون وقت وجوبه ذلك.

مسألة:و وقت ذبحه يوم النحر

.و به قال أبو حنيفة (3)،و مالك (4)،و أحمد.

و عن أحمد رواية أنّه يجوز له نحره في شوّال بمكّة،و إن قدم في العشر،لم ينحره إلاّ بمنى يوم النحر (5)،و به قال عطاء (6).

و قال الشافعيّ:يجوز نحره بعد الإحرام بالحجّ قولا واحدا،و فيما قبل ذلك بعد حلّه من العمرة احتمالان (7).

ص:177


1- 1نسب المصنّف إليه وجوب الهدي بعد رمي الجمار،و لكنّ الشيخ في الخلاف 1:424 مسألة-44 و المصنّف نفسه في التذكرة 8:255 [1] نسب إليه وجوب الهدي إذا وقف بعرفة،ينظر:المجموع 7:184، [2]حلية العلماء 3:263.
2- 2) صحيح مسلم 2:888 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:184 الحديث 1905، [3]سنن ابن ماجة 2: 1024 الحديث 3074،سنن الدارميّ 2:46،47. [4]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 4:146،بدائع الصنائع 2:174،الهداية للمرغينانيّ 1:186،شرح فتح القدير 3:81،مجمع الأنهر 1:288.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:487،بداية المجتهد 1:378،بلغة السالك 1:279،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:347،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:129. [5]
5- 5) المغني 3:506،507،الشرح الكبير بهامش المغني 3:252،الإنصاف 3:445. [6]
6- 6) المغني 3:507،الشرح الكبير بهامش المغني 3:252.
7- 7) حلية العلماء 3:263،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:184،مغني المحتاج 1:516.

لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نحر يوم النحر،و كذا أصحابه (1)،و قال عليه السلام:«خذوا عنّي مناسككم» (2).

و لأنّ ما قبل يوم النحر لا يجوز فيه الأضحيّة،فلا يجوز فيه ذبح هدي التمتّع، كقبل التحلّل من العمرة.

أمّا من ساق هديا في العشر،فإن كان قد أشعره و قلّده (3)،فلا ينحره إلاّ بمنى يوم النحر،و إن لم يكن أشعره و لم يقلّده،فإنّه ينحره بمكّة إذا قدم في العشر؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا دخل بهديه في العشر،فإن كان أشعره (4)و قلّده فلا ينحره إلاّ يوم النحر بمنى،و إن لم يقلّده و لم يشعره (5)فينحره بمكّة إذا قدم في العشر» (6).

و كذا لو كان تطوّعا،فإنّه ينحره بمكّة؛لما بيّنّاه أوّلا (7)في حديث إبراهيم الكرخيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام من أنّه إن كان واجبا نحره بمنى،و إن كان تطوّعا نحره بمكّة،و إن كان أشعره و قلّده فلا ينحره إلاّ يوم الأضحى (8).

ص:178


1- 1صحيح البخاريّ 2:209،صحيح مسلم 2:892 الحديث 1218،سنن أبي داود 2:186 الحديث 1905،سنن ابن ماجة 2:1026 الحديث 3074،سنن النسائيّ 5:152،سنن الدارميّ 2:49،سنن البيهقيّ 5:134.
2- 2) مسند أحمد 3:318،سنن البيهقيّ 5:125،عوالي اللآلئ 1:215 الحديث 73،و ج 4:34 الحديث 118. [1]
3- 3) ع:أو قلّده.
4- 4) في التهذيب:قد أشعره.
5- 5) في التهذيب:و إن كان لم يشعره و لم يقلّده.
6- 6) التهذيب 5:237 الحديث 799،الوسائل 10:93 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 5. [2]
7- 7) يراجع:ص 173. [3]
8- 8) التهذيب 5:201 الحديث 670،الاستبصار 2:263 الحديث 928،الوسائل 10:92 الباب 4 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]

و لأنّا قد بيّنّا أنّ الذبح إنّما يجب بمنى و هو إنّما يكون يوم النحر (1).

مسألة:أيّام النحر بمنى أربعة أيّام:أوّلها يوم النحر و ثلاثة بعده

،و في غيرها من الأمصار ثلاثة أيّام:يوم النحر و يومان بعده.و به قال عليّ عليه السلام، و الحسن،و عطاء،و الأوزاعيّ (2)،و الشافعيّ (3)،و ابن المنذر (4).

و قال ابن سيرين:يوم واحد (5).

و قال سعيد بن جبير،و جابر بن زيد:في الأمصار يوم واحد،و بمنى ثلاثة (6).

و قال أحمد:يوم النحر و يومان بعده (7).و به قال مالك (8)،و الثوريّ،و روي عن ابن عبّاس،و ابن عمر (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أيّام التشريق كلّها منحر» (10).

ص:179


1- 1يراجع:ص 174،177.
2- 2) المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:556،المجموع 8:390،بداية المجتهد 1:436، عمدة القارئ 21:148.
3- 3) الأمّ 2:226،حلية العلماء 3:370،المهذّب للشيرازيّ 1:237،المجموع 8:390،مغني المحتاج 4: 287،السراج الوهّاج:562.
4- 4) المغني 3:464.
5- 5) حلية العلماء 3:370،المغني 3:464،المجموع 8:390، [1]عمدة القارئ 21:147.
6- 6) حلية العلماء 3:370،المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:556،المجموع 8:390، عمدة القارئ 21:148.
7- 7) المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:556،الكافي لابن قدامة 1:640،الإنصاف 4:86، زاد المستقنع:35،المجموع 8:390،عمدة القارئ 21:148.
8- 8) المدوّنة الكبرى 2:73،بداية المجتهد 1:436،بلغة السالك 1:307،تفسير القرطبيّ 12:43، [2]المغني 3:464، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:556، [4]عمدة القارئ 21:147.
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 5:67، [5]المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:556،المجموع 8: 390،تفسير القرطبيّ 12:43، [6]عمدة القارئ 21:147.
10- 10) سنن البيهقيّ 5:239،كنز العمّال 5:106 الحديث 12258 و فيها:«ذبح»بدل:«منحر».

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن الأضحى كم هو بمنى؟فقال:«أربعة أيّام» و سألته عن الأضحى في غير منى؟ فقال:«ثلاثة أيّام»فقلت:فما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين،أله أن يضحّي في اليوم الثالث؟قال:«نعم» (1).

و عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الأضحى بمنى،فقال:«أربعة أيّام»و عن الأضحى في سائر البلدان،فقال:«ثلاثة أيّام» (2).

و عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السلام (3)،قال:

«الأضحى ثلاثة أيّام،و أفضلها أوّلها» (4).

احتجّ المخالف:بأنّ يوم الرابع لا يصلح للرمي فلا يصلح للذبح (5).

و جوابه:المنع من الملازمة.و لا يعارض ذلك:ما رواه الشيخ عن كليب الأسديّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن النحر فقال:«أمّا بمنى فثلاثة أيّام، و أمّا في البلدان فيوم واحد» (6).

و ما رواه-في الحسن-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

ص:180


1- 1التهذيب 5:202 الحديث 673،الاستبصار 2:264 الحديث 930،الوسائل 10:94 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:291 الحديث 1439،التهذيب 5:203 الحديث 674،الاستبصار 2:264 الحديث 931، الوسائل 10:95 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
3- 3) خا و ج:عليهم السلام.
4- 4) الفقيه 2:292 الحديث 1442،التهذيب 5:203 الحديث 675،الاستبصار 2:264 الحديث 932، الوسائل 10:95 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
5- 5) المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:557.
6- 6) التهذيب 5:203 الحديث 676،الاستبصار 2:264 الحديث 933،الوسائل 10:96 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 6. [4]

«الأضحى يومان بعد يوم النحر،و يوم واحد بالأمصار» (1). (2)

قال الشيخ:لأنّ هذين الخبرين محمولان على أنّ أيّام النحر التي (3)لا يجوز فيها الصوم بمنى ثلاثة أيّام،و في سائر البلدان يوم واحد؛لأنّ ما بعد يوم النحر في سائر الأمصار يجوز صومه،و لا يجوز ذلك بمنى إلاّ بعد ثلاثة أيّام (4)؛لما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«النحر بمنى ثلاثة أيّام،فمن أراد الصوم لم يصم حتّى تمضي الثلاثة الأيّام،و النحر بالأمصار يوم (5)، فمن أراد أن يصوم،صام من الغد» (6).

إذا عرفت هذا:فإنّه يجب تقديم الذبح على الحلق بمنى،و لو أخّره،أثم و أجزأ،و كذا لو ذبحه في بقيّة ذي الحجّة،جاز.

فرع:

الليالي المتخلّلة لأيّام النحر قال أكثر فقهاء الجمهور:إنّه يجزئ فيها ذبح

الهدي

؛لأنّ هاتين الليلتين داخلتان في مدّة الذبح،فجاز الذبح فيها (7)كالأيّام (8).

ص:181


1- 1كثير من النسخ:«في الأمصار».
2- 2) التهذيب 5:203 الحديث 677،الاستبصار 2:264 الحديث 934،الوسائل 10:96 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 7. [1]
3- 3) في النسخ:الذي،و ما أثبتناه من المصدر.
4- 4) التهذيب 5:203،الاستبصار 2:264.
5- 5) ع:يوم واحد.
6- 6) التهذيب 5:203 الحديث 678،الاستبصار 2:265 الحديث 935،الوسائل 10:95 الباب 6 من أبواب الذبح الحديث 5. [2]
7- 7) خا و ق:فيهما.
8- 8) المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:557 و 558،حلية العلماء 3:368،المجموع 8: 391،الميزان الكبرى 2:53،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:161.

احتجّوا:بقوله تعالى: وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ (1)و الليالي لا تدخل في اسم الأيّام (2).

و جوابه:المنع من ذلك.

ص:182


1- 1الحجّ(22):28. [1]
2- 2) المغني 3:464،الشرح الكبير بهامش المغني 3:557،تفسير القرطبيّ 12:44، [2]المدوّنة الكبرى 1: 487.
البحث الثالث
اشارة

في صفات الهدي

مسألة:يجب أن يكون الهدي من بهيمة الأنعام:الإبل و البقر و الغنم

(1).

و لا نعلم فيه خلافا.

قال اللّه تعالى: وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (2).

و أفضله من البدن،ثمّ البقر،ثمّ الغنم؛لما رواه أبو هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثمّ راح فكأنّما قرّب بدنة، و من راح في الساعة الثانية فكأنّما قرّب بقرة،و من راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرّب كبشا أقرن،و من راح في الساعة الرابعة فكأنّما قرّب دجاجة،و من راح في الساعة الخامسة فكأنّما قرّب بيضة» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن زرارة بن أعين،عن

ص:183


1- 1كثير من النسخ:أو البقر أو الغنم.
2- 2) الحجّ(22):28. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:3،صحيح مسلم 2:582 الحديث 850،سنن النسائيّ 3:99،سنن أبي داود 1: 96 الحديث 351،سنن الترمذيّ 2:372 الحديث 499، [2]مسند أحمد 2:460، [3]الموطّأ 1:101 الحديث 1، [4]سنن البيهقيّ 3:226.

أبي جعفر عليه السلام في المتمتّع،قال:«عليه الهدي»فقلت:و ما الهدي؟فقال:

«أفضله بدنة،و أوسطه بقرة،و أخسّه شاة» (1).

و لأنّ ما كان أكثر لحما كان أنفع للفقراء،و لذلك أجزأت البدنة مكان سبعة من الغنم.

مسألة:و لا يجزئ في الهدي إلاّ الجذع من الضأن و الثنيّ من غيره

.و الجذع من الضأن هو الذي له ستّة أشهر،و ثنيّ المعز و البقر ما له سنة و دخل في الثانية،و ثنيّ الإبل ما له خمس سنين و دخل في السادسة.و به قال مالك (2)،و الليث (3)، و الشافعيّ (4)،و أحمد (5)،و إسحاق،و أبو ثور (6)،و أصحاب الرأي (7).

و قال ابن عمر،و الزهريّ:لا يجزئ إلاّ الثنيّ من كلّ شيء (8).

و قال عطاء،و الأوزاعيّ:يجزئ الجذع من الكلّ إلاّ المعز (9).

ص:184


1- 1التهذيب 5:36 الحديث 107،الوسائل 8:183 الباب 5 من أبواب أقسام الحجّ الحديث 3،و [1]فيهما: «و أخفضه»مكان:«و أخسّه»و ج 10:101 الباب 10 من أبواب الذبح الحديث 5،و فيه:«و آخره» مكان:«و أخسّه».
2- 2) بلغة السالك 1:307،بداية المجتهد 1:376،المدوّنة الكبرى 2:69،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 3:73،إرشاد السالك:67،المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542.
3- 3) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542.
4- 4) الأمّ 2:223،حلية العلماء 2:372،المهذّب للشيرازيّ 1:238،المجموع 8:393 و 398، [2]مغني المحتاج 4:284،السراج الوهّاج:562،المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542.
5- 5) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542،الكافي لابن قدامة 1:638،الإنصاف 4:74، 75، [3]زاد المستقنع:35.
6- 6) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 4:75، [4]شرح فتح القدير 8:435،المبسوط للسرخسيّ 12:10،بدائع الصنائع 5: 70،تحفة الفقهاء 3:84،مجمع الأنهر 2:519.
8- 8) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542،حلية العلماء 3:372،المجموع 8:394،بداية المجتهد 1:376.
9- 9) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:542،حلية العلماء 3:372،المجموع 8:394.

لنا:ما رواه الجمهور عن أمّ بلال بنت هلال (1)،عن أبيها أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«يجوز الجذع من الضأن أضحيّة» (2).

و عن عاصم بن كليب (3)،عن أبيه،قال:كنّا مع رجل من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقال له:مجاشع من بني سليم (4)،فعزّت الغنم،فأمر مناديا فنادى أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقول:«إنّ الجذع يوفي ممّا يوفي منه الثنيّة» (5).

و عن جابر،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا تذبحوا إلاّ مسنّة إلاّ أن يعسر عليكم،فتذبحوا جذعا من الضأن» (6).

ص:185


1- 1أمّ بلال بنت هلال بن أبي هلال الأسلميّة المدنيّة،روت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى محمّد بن أبي يحيى الأسلميّ عن أمّه عنها. أسد الغابة 5:569، [1]الإصابة 4:435، [2]تهذيب التهذيب 12:460. [3]
2- 2) سنن ابن ماجة 2:1049 الحديث 3139،مسند أحمد 6:368، [4]سنن البيهقيّ 9:271،كنز العمّال 5: 104 الحديث 12247.
3- 3) عاصم بن كليب بن شهاب بن المجنون الجرميّ الكوفيّ،روى عن أبيه،و أبي بردة بن أبي موسى، و عبد الرحمن بن الأسود و غيرهم،و روى عنه ابن عون،و شعبة،و القاسم بن مالك المزنيّ و غيرهم.مات سنة 137 ه. تهذيب التهذيب 5:55، [5]ميزان الاعتدال 2:356.
4- 4) مجاشع بن مسعود بن ثعلبة بن وهب بن...سليم بن منصور السلميّ،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و روى عنه أبو عثمان النهديّ،و عبد الملك بن عمير،و كليب بن شهاب،قتل يوم الجمل سنة 36 ه. أسد الغابة 4:300، [6]الإصابة 3:362، [7]تهذيب التهذيب 10:38، [8]العبر 1:27. [9]
5- 5) سنن ابن ماجة 2:1049 الحديث 3140،سنن أبي داود 3:96 الحديث 2799، [10]المستدرك للحاكم 4: 226،سنن النسائيّ 7:219،سنن البيهقيّ 9:270.
6- 6) صحيح مسلم 3:1555 الحديث 1963،سنن أبي داود 3:95 الحديث 2797، [11]سنن ابن ماجة 2: 1049 الحديث 3141،سنن النسائيّ 7:218،سنن البيهقيّ 9:269.

و عن أبي بردة بن نيار (1)،قال:يا رسول اللّه إنّ عندي عناقا جذعا هي خير من شاتي لحم،فقال:«تجزئك و لا تجزئ عن أحد بعدك» (2)و في لفظ:إنّ عندي جذعة من المعز (3).

قال أبو عبيد الهرويّ:قال إبراهيم الحربيّ:إنّما يجزئ الجزع من الضأن في الأضاحيّ؛لأنّه ينزو فيلقح،فإذا كان من المعز،لم يلقح حتّى يصير ثنيّا (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن عليّ عليه السلام أنّه كان يقول:«الثنيّة من الإبل،و الثنيّة من البقر،و من المعز،و الجذعة من الضأن» (5).

و في الصحيح عن ابن سنان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«يجزئ من الضأن الجذع،و لا يجزئ من المعز إلاّ الثنيّ» (6).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أدنى

ص:186


1- 1في النسخ:يسار،و ما أثبتناه هو الصحيح،كما في المصادر،و هو أبو بردة بن نيار الأنصاريّ خال البراء بن عازب،و اختلف في اسمه قيل:هانئ،و قيل:مالك بن هبيرة،و قيل:الحارث بن عمرو،شهد بدرا و ما بعدها،و شهد مع عليّ عليه السلام حروبه كلّها.روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه البراء بن عازب،و جابر،و ابن أخيه سعيد بن عمير بن عقبة بن نيار،و عبد الرحمن بن جابر بن عبد اللّه،توفّي في أوّل خلافة معاوية.أسد الغابة 5:146، [1]الإصابة 4:18، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 4:17، [4]تهذيب التهذيب 12:19. [5]
2- 2) صحيح البخاريّ 7:131،صحيح مسلم 3:1552 الحديث 1961،سنن أبي داود 3:96 الحديث 2800، [6]سنن النسائيّ 7:222 و 223،سنن الدارميّ 2:80، [7]سنن البيهقيّ 9:269.
3- 3) صحيح البخاريّ 7:131،صحيح مسلم 3:1552 الحديث 1961،سنن أبي داود 3:96 الحديث 2801، [8]سنن البيهقيّ 9:269.
4- 4) المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:543.
5- 5) التهذيب 5:206 الحديث 688،الوسائل 10:97 الباب 8 [9] من أبواب الذبح الحديث 2 و ص:102 الباب 11 من أبواب الذبح الحديث 1.في الجميع:«و الثنيّة من المعز»مكان:«و من المعز».
6- 6) التهذيب 5:206 الحديث 689،الوسائل 10:103 الباب 11 من أبواب الذبح الحديث 2. [10]

ما يجزئ من أسنان الغنم في الهدي؟فقال:«الجذع من الضأن»قلت:فالمعز؟ قال:«لا يجوز الجذع من المعز»قلت:و لم؟قال:«لأنّ الجذع من الضأن يلقح، و الجذع من المعز لا يلقح» (1).

مسألة:و يجب أن يكون تامّا

،فلا يجزئ العوراء،و لا العرجاء البيّن عرجها، و لا المريضة البيّن مرضها،و لا الكسيرة (2)التي لا تنقي،و قد وقع الاتّفاق بين العلماء على اعتبار هذه الصفات الأربع في المنع.

روى البراء بن عازب قال:قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«أربع لا تجوز في الأضاحيّ (3):العوراء البيّن عورها،و المريضة البيّن مرضها،و العرجاء البيّن ضلعها (4)،و الكسيرة (5)التي لا تنقي»قال:قلت:إنّي أكره أن يكون في السنّ نقص،قال:«ما كرهت فدعه،و لا تحرّمه على أحد» (6).

قوله:البيّن عورها:أي التي انخسفت عينها و ذهبت،فإنّ ذلك ينقصها؛لأنّ شحمة العين عضو يستطاب أكله.

و العرجاء البيّن عرجها:التي عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم و مشاركتهنّ في العلف و الرعي فتهزل.

و التي لا تنقي:هي التي لا مخّ لها لهزالها؛لأنّ النقي-بالنون المكسورة و القاف المسكّنة-:المخّ.

ص:187


1- 1التهذيب 5:206 الحديث 690،الوسائل 10:103 الباب 11 من أبواب الذبح الحديث 4. [1]
2- 2) د،ر و ع:الكبيرة.
3- 3) في النسخ:«في الأضحى»و ما أثبتناه من المصادر.
4- 4) الضّلع:الاعوجاج خلقة.أقرب الموارد 1:688.
5- 5) د،ر و ع:الكبيرة،كما في سنن الدارميّ.
6- 6) سنن ابن ماجة 2:1050 الحديث 3144،سنن الترمذيّ 4:85 الحديث 1497، [2]سنن أبي داود 3:97 الحديث 2802، [3]سنن النسائيّ 7:214،سنن الدارميّ 2:77. [4]

و المريضة قيل:هي الجرباء؛لأنّ الجرب يفسد اللحم (1).و الأقرب اعتبار كلّ مرض يؤثّر في هزالها و في فساد لحمها.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر عليه السلام،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا يضحّى بالعرجاء البيّن عرجها،و لا بالعوراء البيّن عورها،و لا بالعجفاء و لا بالخرماء (2)، و لا بالجذّاء و هي المقطوعة الأذن،و لا بالعضباء و هي المكسورة القرن» (3).

فرع:

العوراء لو لم تنخسف عينها و كان على عينها بياض ظاهر،فالوجه المنع من

الإجزاء

؛لعموم الخبر و الانخساف ليس معتبرا.

آخر:

كما وقع الاتّفاق على الصفات الأربع المتقدّمة،فكذا وقع (4)على ما فيه نقص

أكثر من هذه العيوب بطريق التنبيه

،كالعمياء لا يجزئ؛لأنّ العمى أكثر من العور.

و لا يعتبر مع العمى انخساف العين إجماعا؛لأنّه يخلّ بالمشي مع الغنم (5)و المشاركة في العلف أكثر من إخلال العرج.

ص:188


1- 1الشرح الكبير بهامش المغني 3:547.
2- 2) الأخرم:المثقوب الأذن،و الذي قطعت و ترة أنفه أو طرفه شيئا لا يبلغ الجدع.النهاية لابن الأثير 2:27. و [1]في بعض نسخ الوسائل:« [2]بالخرقاء»بدل«بالخرماء».و الخرقاء:التي في أذنها ثقب مستدير.النهاية لابن الأثير 2:26. [3]
3- 3) التهذيب 5:213 الحديث 716،الوسائل 10:119 الباب 21 من أبواب الذبح الحديث 3. [4]
4- 4) خا و ق بزيادة:الاتّفاق.
5- 5) كثير من النسخ:مع النعم.
مسألة:العضباء-و هي ما ذهب نصف أذنها،أو قرنها-لا تجزئ

.و به قال أبو يوسف،و محمّد (1)،و أحمد في إحدى الروايتين (2).

و كذا لا يجزئ عندنا ما قطع ثلث أذنها-و به قال أبو حنيفة (3)،و أحمد في الرواية الأخرى (4)-لما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يضحّى بأعضب الأذن و القرن» (5).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم في حديث أبي عبد اللّه عليه السلام عن عليّ عليه السلام:«و لا بالجذّاء،و هي المقطوعة الأذن» (6).

و لأنّ ما قطع بعض أذنها يصدق عليها أنّها مقطوعة الأذن،فتدخل تحت النهي.

مسألة:قد بيّنّا أنّه لا تجزئ العضباء،و هي المكسورة القرن

،قال علماؤنا:إن كان القرن الداخل صحيحا،لا بأس بالتضحية به و إن كان ما ظهر منه مقطوعا.و به قال عليّ عليه السلام،و عمّار،و سعيد بن المسيّب،و الحسن (7).

ص:189


1- 1الهداية للمرغينانيّ 4:74،شرح فتح القدير 8:434،بدائع الصنائع 5:75،تحفة الفقهاء 3:85، المبسوط للسرخسيّ 12:16،المغني 3:596،الشرح الكبير بهامش المغني 3:546.
2- 2) المغني 3:596،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548،الإنصاف 4:79،الكافي لابن قدامة 1:641، زاد المستقنع:35.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 4:74،بدائع الصنائع 5:75،المبسوط للسرخسيّ 12:16،تحفة الفقهاء 3:85، شرح فتح القدير 8:434،المغني 3:596،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548.
4- 4) المغني 3:596،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548،الإنصاف 4:79.
5- 5) سنن ابن ماجة 2:1051 الحديث 3145،سنن الترمذيّ 4:90 الحديث 1504، [1]المستدرك للحاكم 4: 224،سنن أبي داود 3:98 الحديث 2805، [2]مسند أحمد 1:127، [3]سنن البيهقيّ 9:275،مسند أبي يعلى 1:234 و 235 الحديث 270،271،سنن النسائيّ 7:217.
6- 6) يراجع ص 188 و [4]الحديث عن أبي جعفر عليه السلام،عن أبيه،عن آبائه.
7- 7) المغني 3:597،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548.

و قال باقي الجمهور:لا تجزئ (1).

و قال مالك:إن كان يدمي،لم يجز،و إلاّ جاز (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام،و عمّار،و لم يظهر لهما مخالف من الصحابة،فكان إجماعا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في المقطوعة القرن أو المكسور القرن:«إذا كان القرن الداخل صحيحا،فلا بأس و إن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا» (3).

و لأنّ ذلك لا يؤثّر في اللحم،فأجزأت،كالجمّاء.

احتجّوا (4):بما رواه عن عليّ عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يضحّى بأعضب الأذن و القرن» (5).

و الجواب:يحمل على ما كان الكسر من داخله.

مسألة:و لا بأس بمشقوقة الأذن أو مثقوبتها إذا لم يكن قد قطع من الأذن شيء

.

روى الجمهور عن عليّ عليه السلام،قال:«أمرنا أن نستشرف العين و الأذن (6)

ص:190


1- 1الهداية للمرغينانيّ 4:74،المغني 3:597،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548،المهذّب للشيرازيّ 1:239.
2- 2) بلغة السالك 1:309،المدوّنة الكبرى 2:69،المغني 3:597،الشرح الكبير بهامش المغني 3:548، حلية العلماء 3:374.
3- 3) التهذيب 5:213 الحديث 717،الوسائل 10:121 الباب 22 من أبواب الذبح الحديث 3. [1]
4- 4) المغني 3:597،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 3:548.
5- 5) سنن ابن ماجة 2:1051 الحديث 3145،سنن أبي داود 3:98 الحديث 2805، [3]سنن النسائيّ 7: 217،سنن الترمذيّ 4:90 الحديث 1504، [4]مسند أحمد 1:127، [5]المستدرك للحاكم 4:224،سنن البيهقيّ 9:275،مسند أبي يعلى 1:234 الحديث 271.
6- 6) أي:نتأمّل سلامتهما من آفة تكون بهما.النهاية لابن الأثير 2:462. [6]

لا نضحّي بمقابلة و لا مدابرة و لا خرقاء و لا شرقاء» (1).

قال زهير:قلت لأبي إسحاق:ما المقابلة؟قال:يقطع طرف الأذن،قلت:فما المدابرة؟قال:يقطع من مؤخّر الأذن،قلت:فما الخرقاء؟قال تشقّ الأذن،قلت:

فما الشرقاء؟قال:تشقّ أذنها السمة (2). (3)

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إسرائيل (4)،عن أبي إسحاق،عن شريح بن هانئ (5)،عن عليّ عليه السلام،قال:«أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الأضاحيّ أن نستشرف العين و الأذن،و نهانا عن الخرقاء و الشرقاء و المقابلة و المدابرة» (6).

يقال استشرفت الشيء:إذا رفعت بصرك تنظر إليه،و بسطت كفّك (7)فوق حاجبك كأنّك تستظلّ من الشمس (8).

ص:191


1- 1سنن ابن ماجة 2:1050 الحديث 3142،3143،سنن الترمذيّ 4:86 الحديث 1498، [1]سنن أبي داود 3:97 الحديث 2804، [2]سنن النسائيّ 7:216 و 217،سنن الدارميّ 2:77، [3]سنن البيهقيّ 9:275،مسند أبي يعلى 1:456 الحديث 355.
2- 2) أكثر المصادر:للسمة.
3- 3) سنن أبي داود 3:98، [4]سنن البيهقيّ 9:275،المغني 3:597،الشرح الكبير بهامش المغني 3:549.
4- 4) إسرائيل بن أبي إسحاق الكوفيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام،قال المامقانيّ: الرجل مجهول إلاّ أنّ ظاهر الشيخ كونه إماميّا. رجال الطوسيّ:152،تنقيح المقال 1:123. [5]
5- 5) شريح بن هانئ بن يزيد الحارثيّ الهمدانيّ،عدّه ابن الأثير من الصحابة و قال:كان من أعيان أصحاب عليّ عليه السلام و شهد معه حروبه.و قال المامقانيّ:كان من خلّص أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام شهد معه صفّين و كان أميرا على مقدار من مقدّمة الجيش،و هذا يدلّ على غاية اعتماده عليه السلام على ثباته و قوّة إيمانه،فلا ريب في تشيّع الرجل و جلالته و عدالته،قتل بسجستان سنة 78 ه. أسد الغابة 2:395، [6]تنقيح المقال 2:83. [7]
6- 6) التهذيب 5:212 الحديث 715،الوسائل 10:119 الباب 21 من أبواب الذبح الحديث 2. [8]
7- 7) خا،ق و ح:يدك.
8- 8) الصحاح 4:1380. [9]

و عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر بإسناد له عن أحدهما عليهما السلام،قال:

سئل عن الأضاحيّ إذا كانت الأذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة،فقال:«ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس» (1).

و قد ظهر ممّا تقدّم (2)أنّه لا يجوز العرجاء البيّن عرجها،و لا العوراء البيّن عورها،و لا العجفاء،و هي المهزولة،و لا الخرقاء (3)،و لا الجذّاء،و هي المقطوعة الأذن،و لا العضباء،و هي المكسورة القرن،فإن كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس به و إن كان ما ظهر منه مقطوعا.

قال ابن بابويه:سمعت شيخنا محمّد بن الحسن-رضي اللّه عنه-يقول:سمعت محمّد بن الحسن الصفّار-رحمه اللّه-يقول:إذا ذهب من القرن الداخل ثلثاه و بقي ثلثه،فلا بأس بأن يضحّى به (4).

و يجوز بما كانت أذنه مشقوقة،أو مثقوبة.

مسألة:و لا يجزئ الخصيّ

،قال علماؤنا،خلافا لبعض الجمهور (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي بردة أنّه قال:يا رسول اللّه عندي جذعة من المعز، فقال:«يجزئك و لا يجزئ أحدا بعدك» (6).

قال أبو عبيد:قال إبراهيم الحربيّ:إنّما يجزئ الجذع من الضأن في الأضاحيّ

ص:192


1- 1التهذيب 5:213 الحديث 718،الوسائل 10:121 الباب 23 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) يراجع:ص 187-189. [2]
3- 3) خا،ق و ع:الجرباء.
4- 4) الفقيه 2:296.
5- 5) المغني 3:597، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:550، [4]المجموع 8:401،المبسوط للسرخسيّ 12: 11.
6- 6) صحيح البخاريّ 7:131،صحيح مسلم 3:1552 الحديث 1961،سنن أبي داود 3:96 الحديث 2800 و 2801،سنن البيهقيّ 9:269.

دون الجذع من المعز؛لأنّ جذع الضأن يلقح،بخلاف جذع المعز (1).و هذا المقتضي موجود في صورة النزاع.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن الأضحيّة بالخصيّ،قال:«لا» (2).

و لأنّه ناقص فلا يكون مجزئا.

فروع:
الأوّل:لو ضحّى بالخصيّ،قال الشيخ:وجب عليه الإعادة إذا قدر عليه

(3)؛ لأنّه غير المأمور به،فلا يقع به الخروج عن العهدة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:

سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يشتري الهدي،فلمّا ذبحه إذا هو خصيّ مجبوب و لم يكن يعلم أنّ الخصيّ لا يجوز في الهدي هل يجزئه أم يعيده؟قال:

«لا يجزئه،إلاّ أن يكون لا قوّة به عليه» (4).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الكبش فيجده خصيّا مجبوبا،قال:«إن كان صاحبه موسرا، فليشتر مكانه» (5).

الثاني:يجزئ الموجوء و إن كان مكروها

-و هو مرضوض الخصيتين-لما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضحّى بكبشين أملحين موجوءين.رواه

ص:193


1- 1المغني 3:595،الشرح الكبير بهامش المغني 3:543.
2- 2) التهذيب 5:210 الحديث 707،الوسائل 10:105 الباب 12 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
3- 3) النهاية:258، [2]المبسوط 1:373، [3]التهذيب 5:211.
4- 4) التهذيب 5:211 الحديث 708،الوسائل 10:105 الباب 12 من أبواب الذبح الحديث 3. [4]
5- 5) التهذيب 5:211 الحديث 709،الوسائل 10:105 الباب 12 من أبواب الذبح الحديث 4. [5]

الجمهور (1).

أمّا الذي سلّت بيضتاه:فالأقوى أنّه في حكم الخصيّ.

الثالث:الجمّاء-و هي التي لم يخلق لها قرن-تجزئ

.

و قال بعض الجمهور:لا تجزئ؛لأنّ عدم القرن أكثر من ذهاب نصفه (2).

و نحن نمنع الحكم في الأصل؛إذ قد بيّنّا أنّ أعضب القرن يجزئ إذا كان الداخل سليما (3).

و الأقرب إجزاء البتراء،و هي المقطوعة الذنب،و كذا الصمعاء،و هي التي لم يخلق لها أذن،أو كان لها أذن صغيرة؛لأنّ فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصا في قيمة الشاة و لا في لحمها.

مسألة:و لا تجزئ المهزولة

؛لما رواه الشيخ عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«و إن اشتراه و هو يعلم أنّه مهزول لم يجزئ عنه» (4).

و عن السكونيّ،عن جعفر،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:صدقة رغيف خير من نسك مهزول» (5).

و عن السكونيّ،عن جعفر،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا تضحّى بالعرجاء»إلى قوله:«و لا بالعجفاء» (6).

ص:194


1- 1سنن ابن ماجة 2:1043 الحديث 3122،سنن أبي داود 3:95 الحديث 2795، [1]مسند أحمد 6:136، سنن البيهقيّ 9:273.
2- 2) المغني 3:597،الشرح الكبير بهامش المغني 3:550.
3- 3) يراجع:ص 189. [2]
4- 4) التهذيب 5:211 الحديث 712،الوسائل 10:110 الباب 16 من أبواب الذبح الحديث 2. [3]
5- 5) الكافي 4:491 الحديث 10، [4]التهذيب 5:211 الحديث 711،الوسائل 10:111 الباب 16 من أبواب الذبح الحديث 4. [5]
6- 6) الكافي 4:491 الحديث 12، [6]التهذيب 5:213 الحديث 716،الوسائل 10:120 الباب 21 من أبواب الذبح الحديث 5. [7]

و لأنّه قد منع من المعيب لأجل الهزال،كالعرجاء،فالمهزولة أولى بالمنع.

فروع:
الأوّل:حدّ الهزال أن لا يكون على كليتها شيء من الشحم

(1)

؛لما رواه الشيخ عن حريز،عن الفضيل (2)،قال:حججت بأهلي سنة،فعزّت الأضاحيّ،فانطلقت فاشتريت شاتين بالغلاء،فلمّا ألقيت إهابهما (3)ندمت ندامة شديدة؛لما رأيت بهما من الهزال،فأتيته فأخبرته ذلك،فقال:«إن كان على كليتها (4)شيء من الشحم، أجزأت» (5).

الثاني:يستحبّ أن تكون سمينة تنظر في سواد و تمشي في سواد و تبرك في

مثله

؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«تكون ضحاياكم سمانا،فإنّ أبا جعفر عليه السلام كان يستحبّ أن تكون أضحيّته سمينة» (6).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يضحّي بكبش أقرن فحل ينظر في سواد و يمشي في سواد» (7).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«إنّ

ص:195


1- 1ر و ج:كليتيها،كما في المصادر.
2- 2) أكثر النسخ:الفضل،كما في الوسائل. [1]
3- 3) الإهاب:الجلد.النهاية لابن الأثير 1:83.
4- 4) ر،و ج:كليتيها،كما في المصادر.
5- 5) التهذيب 5:212 الحديث 714،الوسائل 10:110 الباب 16 من أبواب الذبح الحديث 3.و [2]فيهما: إهابيهما،مكان:إهابهما.
6- 6) التهذيب 5:212 الحديث 710،الوسائل 10:108 الباب 13 من أبواب الذبح الحديث 3. [3]
7- 7) التهذيب 5:205 الحديث 685،الوسائل 10:107 الباب 13 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يضحّي بكبش أقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد و ينظر في سواد» (1).

قيل:معناه أنّه (2)يكون هذه المواضع منه سودا (3).و قيل:يكون سمينا له ظلّ يمشي فيه و يأكل فيه و ينظر فيه (4).

الثالث:لو اشترى هديا على أنّه سمين فوجده مهزولا،أجزأ عنه

،و كذا العكس،أمّا لو اشتراه على أنّه مهزول فوجده كذلك،لم يجزئه.

روى الشيخ عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«و إن اشترى الرجل هديا و هو يرى أنّه سمين،أجزأ عنه و إن لم يجده سمينا،و من اشترى هديا و هو يرى أنّه مهزول فوجده سمينا،أجزأ عنه،و إن اشتراه و هو يعلم مهزول،لم يجزئ عنه» (5).

الرابع:لو اشترى هديه ثمّ أراد أن يشتري أسمن منه،فليشتره و ليبع الأوّل إن

أراد

؛لأنّه لم يتعيّن للذبح.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى شاة،ثمّ أراد أن يشتري أسمن منها،قال:«يشتريها، فإذا اشترى،باع الأولى»و لا أدري شاة قال أو بقرة (6).

الخامس:لو اشترى هديا ثمّ وجد به عيبا،لم يجزئ عنه

،قاله الشيخ-رحمه اللّه

ص:196


1- 1التهذيب 5:205 الحديث 686،الوسائل 10:107 الباب 13 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
2- 2) ع:أن.
3- 3) السرائر:140.
4- 4) الشرائع 1:261. [2]
5- 5) التهذيب 5:211 الحديث 712،الوسائل 10:110 الباب 16 من أبواب الذبح الحديث 2. [3]
6- 6) التهذيب 5:212 الحديث 713،الوسائل 10:118 الباب 20 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]

-في التهذيب (1)؛لما رواه-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام أنّه سأله عن الرجل يشتري الأضحيّة عوراء فلا يعلم إلاّ بعد شرائها،هل يجزئ عنه؟قال:«نعم،إلاّ أن يكون هديا واجبا،فإنّه لا يجوز ناقصا» (2).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لو اشترى هديه و لم يعلم أنّ به عيبا و نقد ثمنه ثمّ وجد العيب،فإنّه يجزئ عنه (3)؛لما رواه-في الصحيح-عن عمران الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من اشترى هديا و لم يعلم أنّ به عيبا حتّى نقد ثمنه، ثمّ علم بعد،فقد تمّ» (4).

قال:و لا ينافي ذلك ما رواه-في الحسن (5)-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى هديا و كان به عيب عور (6)أو غيره،فقال:«إن كان قد فقد ثمنه،ردّه و اشترى غيره» (7).

قال-رحمه اللّه-:لأنّ هذا الخبر محمول على أنّه اشترى و لم يعلم بالعيب،ثمّ علم قبل أن ينقد الثمن عنه،ثمّ نقد بعد ذلك،فإنّ عليه ردّ الهدي و استعادة الثمن

ص:197


1- 1التهذيب 5:213.
2- 2) التهذيب 5:213 الحديث 719،الوسائل 10:119 الباب 21 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 5:214.
4- 4) التهذيب 5:214 الحديث 720،الاستبصار 2:269 الحديث 953،الوسائل 10:122 الباب 24 من أبواب الذبح الحديث 3. [2]
5- 5) خا و ق:في الصحيح.في ملاذ الأخيار 8:35 [3] قال:حسن،و قال في جامع الرواة 2:519:طريق الشيخ إلى معاوية صحيح في المشيخة و الفهرست.
6- 6) خا و ق:عوراء.
7- 7) التهذيب 5:214 الحديث 721،و فيه:إن كان قد نقد ثمنه،فقد أجزأ عنه،و إن لم يكن نقد ثمنه،ردّه و اشترى غيره،الاستبصار 2:269 الحديث 954،الوسائل 10:122 الباب 24 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]

و شراء بدله (1).

السادس:لو اشتراه على أنّه تامّ،فبان ناقصا،لم يجزئ عنه

؛لما تقدّم في حديث عليّ بن جعفر،عن أخيه عليه السلام.

مسألة:و الإناث من الإبل و البقر أفضل من الذكران،و من الضأن و المعز

الذكران أفضل

.و لا نعلم خلافا في جواز عكس في البابين،إلاّ ما روي عن ابن عمر أنّه قال:ما رأيت أحدا فاعلا ذلك،و أن أنحر أنثى أحبّ إليّ (2).و هذا يدلّ على موافقتنا أيضا؛لأنّه لم يصرّح بالمنع من الذكران.

لنا على جواز الذكران:قوله تعالى: وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ (3)و لم يذكر ذكرا و لا أنثى.

و روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أهدى جملا لأبي جهل (4)في أنفه برة (5)من فضّة (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل و البقر،و قد تجزئ الذكورة من البدن،و الضحايا من الغنم الفحولة» (7).

ص:198


1- 1التهذيب 5:214 ذيل الحديث 721.
2- 2) المغني 3:593،الشرح الكبير بهامش المغني 3:541.
3- 3) الحجّ(22):36. [1]
4- 4) أبو جهل:عمرو بن هشام بن المغيرة المخزوميّ القرشيّ أشدّ الناس عداوة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قتل يوم بدر كافرا،و أخباره مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و كثرة أذاه إيّاه مشهور. الأعلام للزركليّ 5:87، [2]العبر 1:5،الكنى و الألقاب 1:38. [3]
5- 5) البرة:حلقة تجعل في لحم الأنف.النهاية لابن الأثير 1:122. [4]
6- 6) سنن ابن ماجة 2:1027 الحديث 3076،سنن أبي داود 2:145 الحديث 1749، [5]سنن البيهقيّ 5: 230،و أورده ابن قدامة في المغني 3:593.
7- 7) التهذيب 5:204 الحديث 680،الوسائل 10:99 الباب 9 من أبواب الذبح الحديث 1. [6]

و في الحسن عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الإبل و البقر أيّهما أفضل أن يضحّى بها؟ (1)قال:«ذوات الأرحام»فسألته عن أسنانها،فقال:

«أمّا البقر (2)فلا يضرّك بأيّ أسنانها ضحّيت،و أمّا الإبل فلا يصلح إلاّ الثنيّ فما فوق» (3).

فروع:
الأوّل:يكره التضحية بالجاموس و بالثور

؛لما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:

سألته عن الأضاحيّ،فقال:أفضل الأضاحيّ في الحجّ الإبل و البقر (4)ذو و الأرحام، و لا يضحّى بثور و لا جمل» (5).

الثاني:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجزئ الذكورة من الإبل في البلاد

(6)؛لما رواه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«يجوز ذكورة الإبل و البقر في البلدان إذا لم يجدوا الإناث،و الإناث أفضل» (7).

الثالث:الفحل من غير الإبل و البقر أفضل

؛لما تقدّم (8)،و لما رواه عن الحسن بن عمّارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«ضحّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:199


1- 1ع:بهما،كما في المصادر.
2- 2) ع،ق و خا:البقرة.
3- 3) التهذيب 5:204 الحديث 681،الوسائل 10:100 الباب 9 [1] من أبواب الذبح الحديث 5،و ص:103 الباب 11 من أبواب الذبح الحديث 5.
4- 4) في المصادر بزيادة:و قال.
5- 5) التهذيب 5:204 الحديث 682،الوسائل 10:100 الباب 9 من أبواب الذبح الحديث 4. [2]
6- 6) النهاية:257، [3]المبسوط 1:388، [4]التهذيب 5:205.
7- 7) التهذيب 5:205 الحديث 683،الوسائل 10:99 الباب 9 من أبواب الذبح الحديث 2. [5]
8- 8) يراجع:ص 198. [6]

بكبش أجذع أملح فحل سمين» (1).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يضحّي بكبش أقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد و ينظر في سواد،فإذا لم تجدوا من ذلك شيئا،فاللّه أولى بالعذر»و قال:

«الإناث و الذكور من الإبل و البقر يجزئ»و سألته أ يضحّى بالخصيّ؟قال:«لا» (2).

الرابع:الموجوء خير من النعجة،و النعجة خير من المعز

.رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،أنّه سئل عن الأضحيّة، فقال:«أقرن فحل سمين عظيم العين و الأذن،و الجذع من الضأن يجزئ،و الثنيّ من المعز و الفحل من الضأن خير من الموجوء،و الموجوء خير من النعجة،و النعجة خير من المعز» (3).

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«النعجة من الضأن إذا كانت سمينة أفضل من الخصيّ من الضأن»و قال:«الكبش السمين خير من الخصيّ و من الأنثى»و قال:سألته عن الخصيّ و الأنثى،فقال:

«الأنثى أحبّ إليّ من الخصيّ» (4).

مسألة:و يستحبّ أن يكون ممّا عرّف به،و هو الذي أحضر عشيّة عرفة بعرفة

، و هو وفاق.

روى الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يضحّى إلاّ بما

ص:200


1- 1التهذيب 5:205 الحديث 684،الوسائل 10:108 الباب 13 من أبواب الذبح الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 5:205 الحديث 686،الوسائل 10:100 الباب 9 [2] من أبواب الذبح الحديث 3،و ص 105 الباب 12 من أبواب الذبح الحديث 2.
3- 3) التهذيب 5:205 الحديث 686،الوسائل 10:107 [3] الباب 13 من أبواب الذبح الحديث 2 و ص 109 الباب 14 من أبواب الذبح الحديث 1.
4- 4) التهذيب 5:206 الحديث 687،الوسائل 10:105 الباب 14 من أبواب الذبح الحديث 5. [4]

قد عرّف به» (1).

و في الصحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:سئل عن الخصيّ يضحّى (2)به؟قال:«إن كنتم تريدون اللحم فدونكم»و قال:«لا يضحّى إلاّ بما قد عرّف به» (3).

إذا عرفت هذا:فإنّ ذلك على جهة الاستحباب.و قول الشيخ-رحمه اللّه-:

و لا يجوز أن يضحّى إلاّ بما قد عرّف به (4).الظاهر أنّه أراد به شدّة تأكيد الاستحباب.

و منع ابن عمر،و سعيد بن جبير من التضحية بما لم يعرّف به (5).

لنا:الأصل عدم الوجوب،و ما رواه الشيخ عن سعيد بن يسار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمّن اشترى شاة لم يعرّف بها،قال:«لا بأس،عرّف بها أو لم يعرّف» (6).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا محمول على أنّه إذا لم يعرّف بها المشتري،و ذكر البائع أنّه قد عرّف بها،فإنّه يصدّقه في ذلك و يجزئ (7)عنه؛لما رواه سعيد بن يسار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا نشتري الغنم بمنى و لسنا ندري هل

ص:201


1- 1التهذيب 5:206 الحديث 691،الاستبصار 2:265 الحديث 936،الوسائل 10:112 الباب 7 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
2- 2) في التهذيب،و الاستبصار:أ يضحّى.
3- 3) التهذيب 5:207 الحديث 692،الاستبصار 2:265 الحديث 937،الوسائل 10:112 الباب 17 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:206.
5- 5) بداية المجتهد 1:377،الشرح الكبير بهامش المغني 3:579.
6- 6) التهذيب 5:207 الحديث 693،الاستبصار 2:265 الحديث 938،الوسائل 10:112 الباب 17 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
7- 7) التهذيب 5:207،الاستبصار 2:265.

عرّف بها أم لا؟فقال:«إنّهم لا يكذبون،لا عليك ضحّ بها» (1).

و هذا التأويل بعيد،و الأقرب الحمل على الاستحباب،و لأنّه لو كان واجبا لما قال عليه السلام:«لا عليك».

فرع:

قال مالك في هدي المجامع:إن لم يكن ساقه،فليشتره من مكّة ثمّ ليخرجه

إلى الحلّ و ليسقه إلى مكّة

فاشترط فيه الجمع بين الحلّ و الحرم (2).و لم يوافقه أحد.

لنا:الأصل براءة الذمّة،و لأنّ القصد اللحم و نفع المساكين،و هو لا يقف على ما ذكره،و لا دليل على قوله،فيسقط بالكلّيّة.

ص:202


1- 1التهذيب 5:207 الحديث 694،الاستبصار 2:265 الحديث 939،الوسائل 10:112 الباب 17 من أبواب الذبح الحديث 3. [1]
2- 2) بداية المجتهد 1:377،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:333،الشرح الكبير بهامش المغني 3:579.
البحث الرابع
اشارة

في البدل

إذا لم يجد الهدي و لا ثمنه،وجب عليه أن يصوم بدله عشرة أيّام:ثلاثة أيّام في الحجّ متتابعات،و سبعة إذا رجع إلى أهله،و لا خلاف في ذلك بين العلماء كافّة؛ لقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ (1).

و تعتبر القدرة عليه في مكانه،فمتى عدمه في موضعه،انتقل (2)إلى الصوم و إن كان قادرا عليه في بلده؛لأنّ وجوبه مؤقّت،و ما كان وجوبه مؤقّتا،اعتبرت القدرة عليه في موضعه،كالماء في الطهارة إذا عدمه في موضعه،انتقل إلى التراب،و لا نعلم فيه خلافا.

مسألة:و لو لم يجد الهدي و وجد ثمنه،قال الشيخان-رحمهما اللّه-يترك

الثمن عند من يثق به من أهل مكّة

؛ليشتري له به هديا و يذبحه عنه في بقيّة ذي الحجّة،فإن خرج ذو الحجّة و لم يجد،اشترى له في ذي الحجّة في العام المقبل (3).

ص:203


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) ج بزيادة:فرضه.
3- 3) الشيخ المفيد في المقنعة:61،و الشيخ الطوسيّ في النهاية:254،و [2]المبسوط 1:370. [3]

و به قال عليّ بن بابويه (1).

و منع ابن إدريس ذلك و أوجب الانتقال إلى الصوم (2).

لنا:أنّ وجدان الثمن بمنزلة وجدان العين،كواجد ثمن الماء عنده،مع أنّ النصّ ورد:فإن لم تَجِدُوا ماءً (3).

و كذا وجدان ثمن الرقبة في العتق مع ورود النصّ بوجدان العين (4)،و ما ذلك إلاّ أنّ التمكّن يحصل باعتبار الثمن هناك و يصدق عليه أنّه واجد للثمن،فكذا هنا.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في متمتّع يجد الثمن و لا يجد الغنم،قال:«يخلّف الثمن عند بعض أهل مكّة و يأمر من يشتري له و يذبح عنه و هو يجزئ عنه،فإن مضى ذو الحجّة أخّر ذلك إلى قابل من ذي الحجّة» (5).

و عن النضر بن قرواش (6)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ،فوجب عليه النسك،فطلبه فلم يجده (7)و هو موسر حسن الحال و هو يضعف عن القيام بما ينبغي له أن يفعل (8)،قال:«يدفع ثمن النسك إلى من

ص:204


1- 1الفقيه 2:304.
2- 2) السرائر:139.
3- 3) النساء(4):43،و [1]المائدة(5):6: [2]فَلَمْ تَجِدُوا ماءً .
4- 4) النساء(4):92.
5- 5) التهذيب 5:37 الحديث 109،الاستبصار 2:260 الحديث 916،الوسائل 10:153 الباب 44 من أبواب الذبح الحديث 1. [3]
6- 6) النضر بن قرواش الخزاعيّ الكوفيّ الجمّال،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام،قال المامقانيّ:و ظاهر الشيخ أنّه إماميّ إلاّ أنّ حاله مجهول.رجال الطوسيّ:139،324، تنقيح المقال 3:271. [4]
7- 7) في التهذيب و الاستبصار:فلم يصبه.
8- 8) في المصادر:عن الصيام،فما ينبغي له أن يصنع؟.

يذبحه بمكّة إن كان يريد المضيّ إلى أهله،و ليذبح عنه في ذي الحجّة»فقلت:فإنّه دفعه إلى من يذبحه عنه فلم يصب في ذي الحجّة نسكا و أصابه بعد ذلك،قال:«لا يذبح عنه إلاّ في ذي الحجّة و لو أخّره إلى قابل» (1).

احتجّ ابن إدريس:بأنّ اللّه تعالى نقلنا إلى الصوم مع عدم الوجدان،فالنقل إلى الثمن يحتاج إلى دليل شرعيّ (2).

و جوابه:لا نسلّم أنّ عدم الوجدان يصدق لمن وجد الثمن،و قد بيّنّا في الكفّارة و التيمّم.و مع ذلك فالدليل الشرعيّ ما بيّنّاه من الحديثين،فإن زعم أنّه لا يعمل بأخبار الآحاد،فهو غالط؛إذ أكثر المسائل الشرعيّة (3)مستفادة منها.

قال الشيخ-رحمه اللّه (4)-:فأمّا ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام، قال:سألته عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي حتّى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة، أ يذبح أو يصوم؟قال:«بل يصوم،فإنّ أيّام الذبح قد مضت» (5)فلا ينافي ما قلناه؛ لأنّ معنى هذا الحديث:من لم يجد الهدي و لا ثمنه و صام ثلاثة أيّام ثمّ وجد الهدي فعليه أن يصوم ما بقي عليه تمام عشرة أيّام،و لا يجب عليه الهدي؛لما رواه حمّاد بن عثمان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام عن متمتّع صام ثلاثة أيّام في الحجّ، ثمّ أصاب هديا يوم خرج من منى،قال:«أجزأه صيامه» (6).

ص:205


1- 1التهذيب 5:37 الحديث 110،الاستبصار 2:260 الحديث 917،الوسائل 10:153 الباب 44 من أبواب الذبح الحديث 2. [1]
2- 2) السرائر:139.
3- 3) في النسخ:مسائل الشرعيّة،و الأنسب ما أثبتناه،و في نسخة د:مسائل الشريعة.
4- 4) التهذيب 5:37،الاستبصار 2:260.
5- 5) التهذيب 5:37 الحديث 111،الاستبصار 2:260 الحديث 918،الوسائل 10:153 الباب 44 من أبواب الذبح الحديث 3. [2]
6- 6) التهذيب 5:38 الحديث 112،الاستبصار 2:260 الحديث 919،الوسائل 10:154 الباب 45 من أبواب الذبح الحديث 1. [3]
مسألة:و يستحبّ أن يكون الثلاثة في الحجّ هي يوم قبل التروية

،و يوم التروية و يوم عرفة،فيكون آخرها يوم عرفة.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال عطاء، و طاوس،و الشعبيّ،و مجاهد،و الحسن،و النخعيّ،و سعيد بن جبير،و علقمة، و عمرو بن دينار،و أصحاب الرأي (1).

و قال الشافعيّ:آخرها يوم التروية (2)،و هو محكيّ عن ابن عمر و عائشة (3)، و مرويّ عن أحمد (4).

لنا:أنّ هذه الأيّام أشرف من غيرها،و يوم عرفة أفضل من غيره من أيّام ذي الحجّة،فكان صومه أولى.

و ما رواه الشيخ عن رفاعة بن موسى،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتمتّع لا يجد الهدي،قال:«فليصم قبل يوم التروية و يوم التروية و يوم عرفة» قلت:فإنّه قدم يوم التروية،قال:«يصوم ثلاثة أيّام بعد التشريق»قلت:لم يقم عليه جمّاله،قال:«يصوم يوم الحصبة و بعده بيومين»قال:قلت:و ما الحصبة؟قال:

«يوم نفره»قلت:يصوم و هو مسافر؟!قال:«نعم،أ فليس هو يوم عرفة مسافرا؟!إنّا أهل بيت نقول ذلك؛لقول اللّه عزّ و جلّ: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ (5)نقول:في ذي الحجّة» (6).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن

ص:206


1- 1المغني 3:507،الشرح الكبير بهامش المغني 3:341.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:186،فتح العزيز بهامش المجموع 7:172،مغني المحتاج 1:517،المغني 3:508.
3- 3) المغني 3:507،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342.
4- 4) المغني 3:508،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342،الإنصاف 3:512.
5- 5) البقرة(2):196. [1]
6- 6) التهذيب 5:38 الحديث 114،الاستبصار 2:280 الحديث 995،الوسائل 10:155 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]

متمتّع لم يجد هديا،قال:«يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ:يوما قبل التروية،و يوم التروية،و يوم عرفة»قال:قلت:فإن فاته ذلك؟قال:«فليتسحّر ليلة الحصبة (1)، و يصوم ذلك اليوم و يومين بعده»قلت:فإن لم يقم عليه جمّاله أ يصومها في الطريق؟قال:«إن شاء صامها في الطريق،و إن شاء إذا رجع إلى أهله» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«صوم ثلاثة أيّام إن صامها فآخرها يوم عرفة» (3)و غير ذلك من الأحاديث الدالّة عليه.

احتجّ المخالف:بأنّ صوم يوم عرفة بعرفة غير مستحبّ (4).

و جوابه:أنّ ذلك لموضع الحاجة.

مسألة:و يجب صومها متتابعا

،أمّا السبعة فلا يجب التتابع فيها،و لم يوجب الجمهور التتابع في الثلاثة أيضا،و أجمع علماؤنا على إيجاب التتابع فيها،إلاّ إذا فاته قبل يوم التروية،فإنّه يصوم يوم التروية و يوم عرفة،و يفطر العيد،ثمّ يصوم يوما آخر بعد انقضاء أيّام التشريق.

و لو صام غير هذه الأيّام،وجب فيها التتابع ثلاثة،و لا يجوز تخلّل الإفطار بين اليومين و الثالث،إلاّ في الصورة التي ذكرناها.

لنا:أنّ الأمر بالصوم متوجّه عليه،فينبغي المسارعة إليه بقدر الإمكان،

ص:207


1- 1كثير من النسخ:«فليصم ليلة الحصبة»و في نسخة د:«فليصم يوم الحصبة»-و هو يوم الرابع عشر-و أمّا المصادر:ففي الكافي و [1]الوسائل:« [2]يتسحّر ليلة الحصبة»و في التهذيب الحجريّ:«فليقم ليلة الحصبة» و لعلّ كلمة:«فليصم»تكون من اشتباه النسّاخ مكان:فليقم.
2- 2) الكافي 4:507 الحديث 3، [3]التهذيب 5:39 الحديث 115،الوسائل 10:155 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 4. [4]
3- 3) التهذيب 5:234 الحديث 791،الاستبصار 2:283 الحديث 1003،الوسائل 10:157 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 10، [5]في الجميع:الصوم الثلاثة الأيّام.
4- 4) المغني 3:508،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:186،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 172.

و هو إنّما يتحقّق بالتتابع.

و ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام فيمن صام يوم التروية و يوم عرفة،قال:«يجزئه أن يصوم يوما آخر» (1).

و عن يحيى الأزرق قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قدم يوم التروية متمتّعا و ليس له هدي،فصام يوم التروية و يوم عرفة،قال:«يصوم يوما آخر بعد أيّام التشريق» (2).

و عن عليّ بن الفضل الواسطيّ،قال:سمعته يقول:«إذا صام المتمتّع يومين لا يتابع الصوم اليوم الثالث فقد فاته صيام ثلاثة أيّام في الحجّ،فليصم بمكّة ثلاثة أيّام متتابعات،فإن لم يقدر و لم يقم عليه الجمّال،فليصمها في الطريق،أو إذا قدم على أهله صام عشرة أيّام متتابعات» (3).

و عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يصوم الثلاثة الأيّام متفرّقة» (4).

أمّا السبعة،فيجوز تفريقها،و لا نعلم فيه خلافا.

روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،قال:قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام:

إنّي قدمت الكوفة و لم أصم السبعة الأيّام حتّى فزعت في حاجة إلى بغداد،قال:

ص:208


1- 1التهذيب 5:231 الحديث 780،الاستبصار 2:279 الحديث 991،الوسائل 10:167 الباب 52 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 2:304 الحديث 1509،التهذيب 5:231 الحديث 781،الاستبصار 2:279 الحديث 992، الوسائل 10:167 الباب 52 من أبواب الذبح الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 5:231 الحديث 782،الاستبصار 2:279 الحديث 993،الوسائل 10:167 الباب 52 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 5:232 الحديث 784،الاستبصار 2:280 الحديث 994،الوسائل 10:168 الباب 53 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]

«صمها ببغداد»قلت:أفرّقها؟قال:«نعم» (1).

مسألة:و أوجب علماؤنا التفريق بين الثلاثة و السبعة

؛لأنّهم أوجبوا صوم الثلاثة في الحجّ و السبعة في بلده.و به قال الشافعيّ في حرملة،و نقله المزنيّ عنه، و قال في الإملاء:يصوم إذا فرغ من أفعال الحجّ (2).و به قال أبو حنيفة (3)، و أحمد (4).

و حكي عن الشافعيّ أنّه يصوم إذا خرج من مكّة سائرا في الطريق (5).و به قال مالك (6).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (7).

و لا يقال لمن فرغ من أفعال الحجّ:رجع عنها،إنّما يقال لمن عاد إلى وطنه.

و ما رواه الجمهور عن ابن عمر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث طويل:«فمن لم يجد هديا،فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجع إلى أهله» (8).

ص:209


1- 1التهذيب 5:233 الحديث 787،الاستبصار 2:281 الحديث 998،الوسائل 10:170 الباب 55 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
2- 2) مختصر المزنيّ(الأمّ)8:64،حلية العلماء 3:265،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:185، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 7:174، [3]مغني المحتاج 1:517.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:155،بدائع الصنائع 2:412،شرح فتح القدير 2:417، مجمع الأنهر 1:288.
4- 4) المغني 3:508-509، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 3:342، [5]الكافي لابن قدامة 1:538،الإنصاف 3:514. [6]
5- 5) حلية العلماء 3:265،المجموع 7:185، [7]فتح العزيز بهامش المجموع 7:177. [8]
6- 6) بداية المجتهد 1:369،تفسير القرطبيّ 2:401، [9]شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:267،حلية العلماء 3:265،المغني 3:509، [10]الشرح الكبير بهامش المغني 3:342. [11]
7- 7) البقرة(2):196. [12]
8- 8) صحيح مسلم 2:901 الحديث 1227،سنن أبي داود 2:160 الحديث 1805، [13]سنن النسائيّ 5:151، سنن البيهقيّ 5:17.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:«و لا يجمع الثلاثة و السبعة جميعا» (1).

و ما رواه-في الصحيح-عن ابن مسكان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تمتّع فلم (2)يجد هديا،قال:«يصوم ثلاثة أيّام»قلت له:أ فيها (3)أيّام التشريق؟قال:«لا،و لكن يقيم بمكّة حتّى يصومها،و سبعة إذا رجع إلى أهله» (4).

و في الصحيح عن صفوان بن يحيى،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«و سبعة إذا رجع إلى أهله» (5).

احتجّ المخالف:بأنّ كلّ من لزمه صوم و جاز له أن يؤدّيه إذا رجع إلى وطنه، جاز قبل ذلك،كقضاء رمضان (6).

و الجواب:لا قياس مع ما تلوناه من القرآن و الحديث.

فرع:

لو صام قبل رجوعه إلى وطنه لم يجزئه إلاّ أن يصبر إلى أن يصل الناس إلى

أهله

،أو يمضي عليه شهر،قاله علماؤنا،و لم نقف على قول للجمهور في اعتبار

ص:210


1- 1التهذيب 4:315 الحديث 957،الاستبصار 2:281 الحديث 999،الوسائل 10:158 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 17. [1]
2- 2) في التهذيب و الوسائل:و [2]لم.
3- 3) أكثر النسخ:إنّها،مكان:أ فيها.
4- 4) التهذيب 5:229 الحديث 775،الاستبصار 2:277 الحديث 984،الوسائل 10:164 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 5:229 الحديث 776،الاستبصار 2:277 الحديث 985،الوسائل 10:164 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 3، [4]في الجميع:و سبعة أيّام.
6- 6) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.

ذلك،بل جوّز مالك (1)،و أبو حنيفة (2)،و أحمد صومها بعد مضيّ أيّام التشريق (3).

و عن عطاء،و مجاهد:يصومها في الطريق،و هو قول إسحاق (4).

و قال ابن المنذر:يصومها إذا رجع إلى أهله (5)،و هو مرويّ عن ابن عمر (6).

و للشافعيّ ثلاثة أقوال تقدّمت (7).

لنا:أنّه صام قبل حضور وقته،فلم يجزئه،كما لو صام رمضان في شعبان.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من كان متمتّعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجع إلى أهله،فإن فاته ذلك...و كان له مقام بمكّة و أراد أن يصوم السبعة،ترك الصيام بقدر مسيره إلى أهله،أو شهرا ثمّ صام» (8).

و لأنّه مسافر و بعد مضيّ أحد الوقتين يخرج عن حكم المسافر.

ص:211


1- 1بلغة السالك 1:302،المدوّنة الكبرى 1:389،تفسير القرطبيّ 2:401،المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:155،بدائع الصنائع 2:174،تحفة الفقهاء 1:412،مجمع الأنهر 1:288.
3- 3) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342،الكافي لابن قدامة 1:538،الإنصاف 3:513.
4- 4) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،تفسير القرطبيّ 2:401، [1]تفسير الطبريّ 2: 253، [2]الدرّ المنثور للسيوطيّ 1:216، [3]فتح القدير للشوكانيّ 1:197. [4]
5- 5) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،الدرّ المنثور للسيوطيّ 1:216. [5]
6- 6) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،تفسير القرطبيّ 2:401، [6]سنن البيهقيّ 5:24، الدرّ المنثور للسيوطيّ 1:216. [7]
7- 7) يراجع:ص 209. [8]
8- 8) التهذيب 5:234 الحديث 790،الاستبصار 2:282 الحديث 1002،الوسائل 10:160 [9] الباب 47 من أبواب الذبح الحديث 4،و ص 163 الباب 50 من أبواب الذبح الحديث 2،فيهما:«ثمّ صام بعده».
آخر:

إنّما يلزمه التفريق بين الثلاثة و السبعة إذا كان بمكّة

؛لأنّه يجب عليه صوم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجع إلى أهله،فلا يمكن الجمع بينهما،و لو أقام بمكّة فكذلك يجب عليه التفريق؛لأنّه يلزمه أن يصبر شهرا أو قدر وصول الناس إلى وطنه،أمّا لو لم يصم الثلاثة الأيّام إلاّ بعد وصول الناس إلى وطنه،أو مضيّ شهر، فإنّه لا يجب عليه التفريق بين الثلاثة و السبعة،و كذا لو وصل إلى أهله و لم يكن قد صام بمكّة ثلاثة أيّام،فإنّه يجوز له الجمع بين الثلاثة و السبعة،و لا يجب عليه التفريق.

و قال الشافعيّ:يجب عليه التفريق في أحد القولين،و في الآخر كقولنا،و له في كيفيّة التفريق أربعة أقوال:

أحدها:يفصل بقدر المسافة و أربعة أيّام.و ثانيها:بأربعة أيّام.و ثالثها:قدر المسافة.و رابعها:يفصل بيوم (1).

لنا:أنّه صوم واجب في زمن يصحّ الصوم فيه،فلم يجب تفريقه،كسائر الصوم.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن سليمان بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تمتّع و لم يجد هديا،قال:«يصوم ثلاثة أيّام بمكّة و سبعة إذا رجع إلى أهله،فإن لم يقم عليه أصحابه و لم يستطع المقام بمكّة،فليصم عشرة أيّام إذا رجع إلى أهله» (2).

و نحوه روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن العبد الصالح

ص:212


1- 1حلية العلماء 3:266،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:188،189،فتح العزيز بهامش المجموع 7:183-185،مغني المحتاج 1:517.
2- 2) التهذيب 5:233 الحديث 789،الاستبصار 2:282 الحديث 1001،الوسائل 10:156 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 7. [1]

عليه السلام (1).و لم يذكر التفريق مع أنّ الأصل عدمه.

و حديث عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام من أنّه لا يجمع بين الثلاثة و السبعة (2). (3)محمول على من صام بمكّة.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه وجب من حيث الفعل،فلا يسقط بفوات وقته،كأفعال الصلاة،من الركوع و السجود (4).

و جوابه:سلّمنا وجوب التفريق في الأداء،لكن إنّما ثبت (5)من حيث الوقت، فإذا فات الوقت سقط،كالتفريق بين الصلاتين.

مسألة:و يجوز صوم الثلاثة قبل الإحرام بالحجّ

و قد وردت رخصة في جواز صومها في أوّل العشر إذا تلبّس بالمتعة (6).

و قال أبو حنيفة:يجوز صيامها إذا أحرم بالعمرة (7).و هو رواية عن أحمد،

ص:213


1- 1التهذيب 5:233 الحديث 788،الاستبصار 2:282 الحديث 1000،الوسائل 10:160 الباب 47 من أبواب الذبح الحديث 2، [1]قال في ملاذ الأخيار 8:71: [2]نقل عن الفاضل التستريّ أنّه قال:لعلّ المراد بالعبد الصالح موسى بن جعفر عليه السلام.
2- 2) في النسخ:العشرة،و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) التهذيب 4:315 الحديث 957،الاستبصار 2:281 الحديث 999،الوسائل 10:157 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 11 و 17. [3]
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:185،188،فتح العزيز بهامش المجموع 7:183.
5- 5) ع و ق:يثبت.
6- 6) الكافي 4:507 الحديث 2،التهذيب 5:235 الحديث 793،الاستبصار 2:283 الحديث 1005، الوسائل 10:155 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 2،و ص 199 الباب 54 من أبواب الذبح الحديث 1.في الأخيرين باختلاف في السند.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:157،تحفة الفقهاء 1:412،بدائع الصنائع 2:173،شرح فتح القدير 2:424، مجمع الأنهر 1:289.

و عنه رواية أخرى:إذا أحلّ من العمرة (1).

و قال مالك (2)،و الشافعيّ:لا يجوز إلاّ بعد الإحرام بالحجّ (3).و هو مرويّ عن ابن عمر،و به قال إسحاق،و ابن المنذر (4).

و قال الثوريّ،و الأوزاعيّ:يصومهنّ من أوّل العشر إلى يوم عرفة (5).

لنا:أنّ إحرام العمرة أحد إحرامي التمتّع،فجاز الصوم بعده و بعد الإحلال منه، كإحرام الحجّ.و لأنّا قد بيّنّا أنّه يستحبّ أن يصام قبل يوم التروية و يوم التروية و يوم عرفة (6).و بيّنّا أيضا أنّه يستحبّ الإحرام بالحجّ يوم التروية (7).فليلخّص (8)من ذلك جواز صومها قبل الإحرام بالحجّ.

و يدلّ عليه أيضا:ما رواه الشيخ عن يحيى الأزرق،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن رجل قدم يوم التروية متمتّعا و ليس له هدي،فصام يوم التروية و يوم عرفة،قال:«يصوم يوما آخر بعد أيّام التشريق» (9).و إذا وقع الإجزاء بهذين اليومين دلّ على المراد.

ص:214


1- 1المغني 3:508،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342،الكافي لابن قدامة 1:538،الإنصاف 3:512، 513.
2- 2) بداية المجتهد 1:369،تفسير القرطبيّ 2:399، [1]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:129، [2]المغني 3:508، الشرح الكبير بهامش المغني 3:342.
3- 3) حلية العلماء 3:263،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:186،193،فتح العزيز بهامش المجموع 7:172،مغني المحتاج 1:516.
4- 4) المجموع 7:193، [3]تفسير القرطبيّ 2:399، [4]المغني 3:508،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342.
5- 5) تفسير القرطبيّ 2:399، [5]المغني 3:508،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342.
6- 6) يراجع:ص 206. [6]
7- 7) يراجع:ص 15. [7]
8- 8) ح:فيلخّص.
9- 9) التهذيب 5:231 الحديث 781،الاستبصار 2:279 الحديث 992،الوسائل 10:167 الباب 52 من أبواب الذبح الحديث 2. [8]

و يدلّ على الرخصة:ما رواه الشيخ عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه، قال:«من لم يجد الهدي و أحبّ أن يصوم الثلاثة الأيّام في أوّل العشر،فلا بأس بذلك» (1)قال الشيخ-رحمه اللّه-:و العمل على ما ذكرناه أوّلا (2).

احتجّ الشافعيّ:بقوله تعالى: ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ (3)و لأنّه صيام واجب،فلم يجز تقديمه على وقت وجوبه،كغيره من الصيام الواجب،و لأنّ ما قبله وقت لا يجوز فيه المبدل،فلم يجز البدل،كقبل الإحرام بالعمرة (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا بدّ من تقدير؛إذ الحجّ أفعال لا تصام فيها،إنّما يصام في وقتها أو في أشهرها،كقوله تعالى: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ (5)و أمّا تقديمه على وقت الوجوب فيجوز إذا وجد السبب،كتقديم التكفير على الحنث عنده،و كتقديم الزكاة عندنا،و أمّا كونه بدلا فلا نسلّم مساواته للمبدل في كلّ حكم، فإنّ المتيمّم يجب عليه التأخير،فجاز التقديم.

إذا عرفت هذا:فإنّه لا يجوز صومها قبل إحرام العمرة،و لا نعرف فيه خلافا،إلاّ ما روي عن أحمد أنّه يجوز تقديم صومها على إحرام بالعمرة (6).و هو خطأ؛لأنّه تقديم للواجب على وقته و سببه،و مع ذلك فهو خلاف قول العلماء.

مسألة:قد بيّنّا أنّ الثلاثة هي قبل يوم التروية و يومها و يوم عرفة

(7)،فإن فاته

ص:215


1- 1التهذيب 5:235 الحديث 793،الاستبصار 2:283 الحديث 1005،الوسائل 10:156 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 8. [1]
2- 2) التهذيب 5:235.
3- 3) البقرة(2):196. [2]
4- 4) فتح العزيز بهامش المجموع 7:172، [3]مغني المحتاج 1:516،المغني 3:508.
5- 5) البقرة(2):197. [4]
6- 6) المغني 3:508،الشرح الكبير بهامش المغني 3:342،الإنصاف 3:513.
7- 7) يراجع:ص 206. [5]

هذه الثلاثة صامها بعد أيّام منى،و لا يسقط الصوم لفواته (1)في العشر.و به قال عليّ عليه السلام،و ابن عمر،و عائشة،و عروة بن الزبير،و الحسن،و عطاء،و الزهريّ (2)، و مالك (3)،و الشافعيّ (4)،و أحمد (5)،و أصحاب الرأي (6).

و روي عن ابن عبّاس،و سعيد بن جبير،و طاوس،و مجاهد:إذا فاته الصوم في العشر لم يصمه بعده و استقرّ الهدي في ذمّته (7).

لنا:أنّه صوم واجب،فلا يسقط بفوات وقته،كرمضان.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار قال:حدّثني عبد صالح عليه السلام،قال:سألته عن المتمتّع ليس له أضحيّة و فاته الصوم حتّى يحرم (8)و ليس له مقام،قال:«يصوم ثلاثة أيّام في الطريق إن شاء،و إن شاء صام عشرة في أهله» (9).

ص:216


1- 1ع،ح و د:بفواته.
2- 2) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،عمدة القارئ 10:32،أحكام القرآن للجصّاص 1:368، [1]تفسير القرطبيّ 2:400. [2]
3- 3) بلغة السالك 1:302،بداية المجتهد 1:369،المدوّنة الكبرى 1:389،تفسير القرطبيّ 2:399، [3]المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.
4- 4) حلية العلماء 3:266،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:193، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 7: 183، [5]مغني المحتاج 1:517،المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.
5- 5) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،الكافي لابن قدامة 1:539،الإنصاف 3:514. [6]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:155، [7]شرح فتح القدير 2:418،المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 1:368، [8]عمدة القارئ 10:32،تفسير القرطبيّ 2:401، [9]المغني 3:509، الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.
8- 8) متن التهذيب و الاستبصار و الوسائل:« [10]حتّى يخرج»و في هامش التهذيب:في أكثر النسخ«حتّى يحرم»مكان«حتّى يخرج»و يشبه أن يكون تصحيفا،فإن صحّ،فالمراد به الإحرام بالحجّ.
9- 9) التهذيب 5:233 الحديث 788،الاستبصار 2:282 الحديث 1000،الوسائل 10:160 الباب 47 من أبواب الذبح الحديث 2. [11]

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«الصوم الثلاثة الأيّام إن صامها فآخرها يوم عرفة،و إن لم يقدر على ذلك فليؤخّرها حتّى يصومها في أهله و لا يصومها في السفر» (1).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:قوله عليه السلام:«لا يصومها في السفر»لا ينافي جواز صومها في الطريق؛لأنّه عليه السلام أراد:لا يصومها في السفر معتقدا أنّه لا يسعه غير ذلك،بل يعتقد أنّه مخيّر في صومها في السفر و صومها إذا رجع إلى أهله (2).

احتجّوا:بقوله تعالى: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ (3).

و لأنّه بدل مؤقّت،فيسقط بخروج وقته،كالجمعة (4).

و الجواب:أنّ الآية تدلّ على وجوبه في الحجّ،أي في أشهر الحجّ،لا على سقوطه،و ذو الحجّة كلّه من أشهر الحجّ.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:كنت قائما أصلّي و أبو الحسن عليه السلام قاعد قدّامي و أنا لا أعلم،فجاءه عبّاد البصريّ، قال (5):فسلّم عليه ثمّ جلس،فقال (6):يا أبا الحسن ما تقول في رجل تمتّع و لم يكن له هدي؟قال:«يصوم الأيّام التي قال اللّه تعالى».قال:فجعلت سمعي (7)إليهما،قال له عبّاد:و أيّ أيّام هي؟قال:«قبل يوم التروية و يوم التروية و يوم

ص:217


1- 1التهذيب 5:234 الحديث 791،الاستبصار 2:283 الحديث 1003،الوسائل 10:157 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 5:234 ذيل الحديث 791،الاستبصار 2:283.
3- 3) البقرة(2):196. [2]
4- 4) المغني 3:509،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343.
5- 5) لا توجد كلمة«قال»في ع،كما في الاستبصار و الوسائل. [3]
6- 6) في المصادر بزيادة:له.
7- 7) في التهذيب:أصغي.

عرفة»قال:فإن فاته ذلك؟قال:«يصوم صبيحة الحصبة و يومين بعد ذلك»قال:

أ فلا تقول كما قال عبد اللّه بن الحسن؟قال:«و أيش (1)قال؟»قال:يصوم أيّام التشريق،قال:«إنّ جعفرا عليه السلام كان يقول:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر بديلا ينادي أنّ هذه أيّام أكل و شرب فلا يصومنّ أحد»قال:يا أبا الحسن إنّ اللّه تعالى قال: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (2)قال:«كان جعفر عليه السلام يقول:ذو الحجّة كلّه من أشهر الحجّ» (3).

و قياسهم على الجمعة خطأ؛لأنّ الجمعة ليست بدلا،و إنّما هي الأصل،و إنّما سقطت؛لأنّ الوقت جعل شرطا لها،كالجماعة.

مسألة:و لا يجوز أن يصوم أيّام التشريق بمنى في بدل الهدي و لا في غيره

،قاله أكثر علمائنا المحصّلون (4).و به قال عليّ عليه السلام،و الحسن،و عطاء،و ابن المنذر (5)،و أحمد في إحدى الروايتين (6)،و الشافعيّ في الجديد.و قال في القديم:يجوز صيامها (7)،و هو الرواية الأخرى عن أحمد (8).و به قال ابن عمر،

ص:218


1- 1في التهذيب«فأيش»و في الاستبصار و الوسائل:« [1]فأيّ شيء».
2- 2) البقرة(2):196. [2]
3- 3) التهذيب 5:230 الحديث 779،الاستبصار 2:278 الحديث 988،الوسائل 10:165 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 4. [3]
4- 4) منهم المفيد في المقنعة:58،و الشيخ في النهاية:166،و الخلاف 1:396 مسألة-70،و ابن إدريس في السرائر:94.
5- 5) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،المجموع 6:445،عمدة القارئ 11:113.
6- 6) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،الكافي لابن قدامة 1:539،الإنصاف 3:513، المجموع 6:445.
7- 7) حلية العلماء 3:214،المهذّب للشيرازيّ 1:189،المجموع 6:445،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 411،مغني المحتاج 1:433،المغني 3:510.
8- 8) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،الكافي لابن قدامة 1:539،الإنصاف 3:514. [4]

و عائشة (1)،و مالك (2)،و إسحاق (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن صيام ستّة أيّام يوم الفطر،و الأضحى،و أيّام التشريق،و اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان (4).

و عن عمرو بن سليم (5)،عن أمّه قالت:بينا نحن بمنى إذا عليّ بن أبي طالب عليه السلام على جمل أحمر ينادي أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله،قال:«إنّها أيّام أكل و شرب فلا يصومنّ فيها أحد» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصيام أيّام التشريق،فقال:«أمّا بالأمصار فلا بأس به،و أمّا بمنى فلا» (7).

و ما رواه ابن بابويه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث بديل بن ورقاء الخزاعيّ

ص:219


1- 1المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،عمدة القارئ 11:113،تفسير القرطبيّ 2: 400، [1]المجموع 6:445. [2]
2- 2) بلغة السالك 1:254،المدوّنة الكبرى 1:389،بداية المجتهد 1:309،إرشاد السالك:52،عمدة القارئ 11:113،المجموع 6:445، [3]المغني 3:510.
3- 3) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،عمدة القارئ 11:113،المجموع 6:445. [4]
4- 4) سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 6،سنن البيهقيّ 4:208،كنز العمّال 8:517 الحديث 23920.
5- 5) عمرو بن سليم بن خلدة بن مخلّد بن زريق الأنصاريّ،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و أبي هريرة، و أبي سعيد،و ابن عمر،و ابن الزبير و غيرهم،و روى عنه ابنه سعيد،و أبو بكر بن المنكدر و سعيد المقبريّ، و الزهريّ،مات سنة 104 ه. أسد الغابة 4:111، [5]الإصابة 3:176، [6]تهذيب التهذيب 8:44. [7]
6- 6) سنن البيهقيّ 4:298،كنز العمّال 8:520 الحديث 23942.
7- 7) التهذيب 4:297 الحديث 897،الاستبصار 2:132 الحديث 429،الوسائل 7:385 الباب 2 من أبواب الصوم المحرّم الحديث 1. [8]

على جمل أورق (1)،فأمره أن يتخلّل الفساطيط و ينادي في الناس أيّام منى:أن لا تصوموا؛فإنّها أيّام أكل و شرب و بعال (2).

و في الصحيح روى الشيخ عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن رجل تمتّع فلم يجد هديا،قال:«فليصم ثلاثة أيّام ليس فيها أيّام التشريق،و لكن يقيم بمكّة حتّى يصومها،و سبعة إذا رجع إلى أهله»و ذكر حديث بديل بن ورقاء (3).

و في الصحيح عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل تمتّع فلم يجد هديا،قال:«يصوم ثلاثة أيّام»قلت له:أ فيها أيّام التشريق؟ قال:«لا،و لكن يقيم بمكّة حتّى يصومها،و سبعة إذا رجع إلى أهله».الحديث (4).

و في الصحيح عن صفوان بن يحيى،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:قلت له:

ذكر ابن السرّاج أنّه كتب إليك يسألك عن متمتّع لم يكن له هدي،فأجبته في كتابك:«يصوم أيّام منى (5)،فإن فاته ذلك،صام صبيحة الحصبة و يومين بعد ذلك» قال:«أمّا أيّام منى فإنّها أيّام أكل و شرب لا صيام فيها،و سبعة إذا رجع إلى أهله» (6).

و لأنّه يوم سنّ فيه الرمي،فأشبه يوم النحر و لأنّه لا يجوز فيها صوم النفل،فلا يجوز صوم بدل الهدي،كيوم النحر.

ص:220


1- 1الأورق:الأسمر.النهاية لابن الأثير 5:175. [1]
2- 2) المقنع:90، [2]الوسائل 7:386 الباب 2 من أبواب صوم المحرّم الحديث 8، [3]بتفاوت فيهما.
3- 3) التهذيب 5:228 الحديث 774،الاستبصار 2:276 الحديث 983،الوسائل 10:164 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 1. [4]
4- 4) التهذيب 5:229 الحديث 775،الاستبصار 2:277 الحديث 984،الوسائل 10:164 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 2. [5]
5- 5) في التهذيب و الوسائل:« [6]يصوم ثلاثة أيّام بمنى».
6- 6) التهذيب 5:229 الحديث 776،الاستبصار 2:277 الحديث 985،الوسائل 10:164 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 3. [7]

احتجّ المخالف:بما رواه ابن عمر:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رخّص للمتمتّع إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيّام التشريق (1).

و عن ابن عمر و عائشة:أنّه لم يرخّص في أيّام التشريق أن يصمن إلاّ لمن لم يجد الهدي (2).و الظاهر انصراف الترخيص إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و لأنّه تعالى أمر بصيام الثلاثة في الحجّ،و لم يبق من أيّام الحجّ إلاّ هذه الأيّام،فتعيّن الصوم فيها (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّ راوي الحديث يحيى بن سلام (4)،عن شعبة،عن عبد اللّه بن عيسى (5)،عن الزهريّ،عن سالم.و يحيى بن سلام ضعيف لا يعوّل على روايته عند أهل الحديث.

و أيضا:فإنّ هذا الحديث قد روي بلفظ آخر،رواه عبد الغفّار بن القاسم (6)عن

ص:221


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:186 الحديث 29،سنن البيهقيّ 5:25.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:56،سنن الدارقطنيّ 2:186 الحديث 30،سنن البيهقيّ 5:25،جامع الأصول 7: 231 الحديث 4503.
3- 3) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،المجموع 6:442،فتح العزيز بهامش المجموع 6:410.
4- 4) يحيى بن سلام البصريّ،قال الدارقطنيّ:يحيى بن سلام ليس بالقويّ،و ضعّفه ابن الجوزيّ و الذهبيّ. سنن الدارقطنيّ 2:186،الضعفاء و المتروكين 3:196،ميزان الاعتدال 4:380.
5- 5) عبد اللّه بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاريّ أبو محمّد الكوفيّ،روى عن جدّه عبد الرحمن، و أبيه عيسى،و أميّة بن هند المزنيّ،و سعيد بن جبير،و عبد اللّه بن أبي الجعد الغطفانيّ،و الزهريّ،و غيرهم، و روى عنه عمّه محمّد بن عبد الرحمن،و ابن ابنه عيسى بن المختار بن عبد اللّه بن عيسى،و إسماعيل بن أبي خالد،و شعبة،و غيرهم،مات سنة 35 ه.تهذيب التهذيب 5:352. [1]
6- 6) عبد الغفّار بن القاسم بن قيس بن فهد،أبو مريم الأنصاريّ الكوفيّ،قال الدارقطنيّ:ضعيف،و ضعّفه ابن حبّان،و الذهبيّ،و الرازيّ،و ابن الجوزيّ. سنن الدارقطنيّ 2:186،المجروحين 2:143،ميزان الاعتدال 2:640،الجرح و التعديل 6:53، الضعفاء و المتروكين 2:112.

الزهريّ،عن عروة،عن عائشة و ابن عمر قالا:لم يرخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأحد صيام أيّام التشريق،إلاّ لمتمتّع أو محصر (1).و عبد الغفّار بن القاسم أخطأ في إسناده،و هو ضعيف أيضا،و حينئذ لا اعتداد بهذه الرواية البتّة.

و الرواية الثانية جاز أن يكون ابن عمر و عائشة قالاه عن اجتهاد،و حينئذ،لا تبقى حجّة،و الآية لا تدلّ على مطلوبهم؛لأنّ أيّام الحجّ تستمرّ إلى آخر ذي الحجّة على ما بيّنّاه (2).

لا يقال:قد روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن أبيه أنّ عليّا عليه السلام كان يقول:«من فاته صيام الثلاثة الأيّام التي في الحجّ فليصمها أيّام التشريق،فإنّ ذلك جائز له» (3).

و روى عبد اللّه بن ميمون القدّاح عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام أنّ عليّا عليه السلام كان يقول:«من فاته صيام الثلاثة (4)في الحجّ و هي قبل التروية بيوم و يوم التروية،و يوم عرفة،فليصم أيّام التشريق فقد أذن له» (5).

لأنّا نقول:إنّ هذين الخبرين لا يسلم (6)سندهما من قول،و مع ذلك فقد وردا في معارضة الأخبار الكثيرة الواردة في نقيض هذا المعنى،و عمل علماؤنا عليها، فكان المصير إليها أولى.

و مع ذلك فإنّ المشهور من مذهب عليّ عليه السلام المنع من ذلك قد نقلناه

ص:222


1- 1سنن الدارقطنيّ 2:186 الحديث 31.
2- 2) يراجع:الجزء العاشر ص 151.
3- 3) التهذيب 5:229 الحديث 777،الاستبصار 2:277 الحديث 986،الوسائل 10:165 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 5. [1]
4- 4) في المصادر بزيادة:الأيّام.
5- 5) التهذيب 5:229 الحديث 778،الاستبصار 2:277 الحديث 987،الوسائل 10:165 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 6. [2]
6- 6) ع و خا:لا نسلّم.

نحن،و نقله الجمهور عنه عليه السلام،و ذكروا أنّ مذهب عليّ عليه السلام المنع من صوم أيّام التشريق (1)،و لا استبعاد في أن يكون الراويان وهما و نقلا مذهب عبد اللّه بن الحسن (2)و توهّما أنّه الصادق عليه السلام.

و بالجملة:فالاحتمالات الكثيرة متطرّقة إلى هذين الخبرين،فلا حجّة فيهما.

فرع:

وقت وجوب الصوم وقت وجوب الهدي

؛لأنّه بدل،فكان وقت وجوبه وقت وجوب مبدله،كسائر الأبدال.و لقوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ (3)و الفاء يقتضي التعقيب.

لا يقال:كيف جاز الانتقال إلى البدل قبل زمان المبدل و لم يتحقّق العجز عن المبدل؛لأنّه إنّما يتحقّق العجز المقتضي لجواز الانتقال إلى البدل زمن الوجوب، و كيف جوّزتم الصوم قبل وجوبه؟!

لأنّا نقول:إنّما جوّزنا الانتقال إلى البدل قضيّة لظاهر الحال و جريان العادة؛ فإنّ الظاهر من المعسر استمرار عجزه و إعساره،و أمّا تجويز الصوم قبل وقت وجوبه فقد بيّنّا الدليل عليه.

مسألة:و لو لم يصمها بعد أيّام التشريق،جاز صيامها طول ذي الحجّة أداء

لا قضاء

،و به قال الشافعيّ (4)،و مالك (5).

ص:223


1- 1ينظر:المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،عمدة القارئ 11:113.
2- 2) يراجع لمذهب عبد اللّه بن الحسن:ص 202-203.
3- 3) البقرة(2):196. [1]
4- 4) حلية العلماء 3:264،المجموع 7:193،فتح العزيز بهامش المجموع 7:173،مغني المحتاج 1:517.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:389،تفسير القرطبيّ 2:400. [2]قال الشافعيّ و مالك بوجوب الصوم بلا تعرّض للأداء و القضاء.

و قال أبو حنيفة:إذا فاته الصوم بخروج (1)يوم عرفة،سقط الصوم و استقرّ الهدي في ذمّته (2).

لنا:أنّه صوم واجب،فلم يسقط بفوات وقته،كصوم شهر رمضان.و لما تقدّم في حديث عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي الحسن عليه السلام،عن جعفر عليه السلام أنّه كان يقول:«ذو الحجّة كلّه من أشهر الحجّ» (3).

و ما رواه ابن بابويه-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«من لم يجد ثمن الهدي فأحبّ أن يصوم الثلاثة الأيّام في العشر الأواخر فلا بأس بذلك» (4).

احتجّ أبو حنيفة:بقوله تعالى: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ (5)و لأنّه بدل مؤقّت فوجب أن يسقط بفوات وقته،كالجمعة (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الآية تدلّ على الوجوب في أشهر الحجّ،لا على السقوط بعد انقضاء عرفة.

و عن الثاني:أنّ الجمعة ليست بدلا.و قد مضى البحث في ذلك (7).

مسألة:و لا يجوز صيام هذه الأيّام إلاّ في ذي الحجّة بعد التلبّس بالمتعة

(8)

،

ص:224


1- 1خا و ق:بخروجه،د:لخروج.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:155،بدائع الصنائع 2:173،شرح فتح القدير 2:419،مجمع الأنهر 1:288.
3- 3) التهذيب 5:230 الحديث 779،الاستبصار 2:278 الحديث 988،الوسائل 10:165 الباب 51 من أبواب الذبح الحديث 4. [1]
4- 4) الفقيه 2:303 الحديث 1508،الوسائل 10:156 الباب 46 من أبواب الذبح الحديث 8،و [2]ص 158 الحديث 13.
5- 5) البقرة(2):196. [3]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:155،بدائع الصنائع 2:173.
7- 7) يراجع:ص 218. [4]
8- 8) ق،خا و ع بزيادة:الثلاثة.

و لو خرج ذو الحجّة و أهلّ المحرّم،سقط فرض الصوم و استقرّ الهدي في ذمّته و وجب عليه دم شاة.

و قال أبو حنيفة:يستقرّ الهدي في ذمّته (1).

و قال أحمد:يجوز الصوم و لا يسقط بفوات وقته،لكن يجب عليه دم شاة (2).

و قال الشافعيّ:لا يسقط الصوم و لا يجب الشاة (3).

لنا:أنّه صوم فات وقته،فيسقط (4)إلى مبدله،كالجمعة.

و ما رواه الشيخ-في الحسن-عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«من لم يصم في ذي الحجّة حتّى يهلّ هلال المحرّم فعليه دم شاة،و ليس له صوم، و يذبح بمنى» (5).

و روى ابن بابويه عن عمران الحلبيّ أنّه قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يصوم الثلاثة الأيّام التي على المتمتّع إذا لم يجد الهدي حتّى يقدم إلى أهله،قال:«يبعث بدم» (6).

و على وجوب الشاة أنّه ترك نسكا هو الصوم،فيجب الدم؛لقوله عليه السلام:

«من ترك نسكا فعليه دم» (7).

ص:225


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:155،بدائع الصنائع 2:173،شرح فتح القدير 2:419،مجمع الأنهر 1:288.
2- 2) المغني 3:510،الشرح الكبير بهامش المغني 3:343،الكافي لابن قدامة 1:539،الإنصاف 3:514.
3- 3) حلية العلماء 3:264،المجموع 7:193،فتح العزيز بهامش المجموع 7:173،مغني المحتاج 1: 517.
4- 4) ق،ع و خا:فسقط.
5- 5) التهذيب 5:39 الحديث 116،الاستبصار 2:278 الحديث 989،الوسائل 10:159 الباب 47 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
6- 6) الفقيه 2:304 الحديث 1511،الوسائل 10:160 الباب 47 من أبواب الذبح الحديث 3. [2]
7- 7) الموطّأ 1:397 الحديث 188،سنن الدارقطنيّ 2:244 الحديث 39،سنن البيهقيّ 5:152،و أورده ابنا قدامة في المغني و الشرح الكبير 3:225.

و لما تقدّم في حديث منصور،و لأنّه صوم مؤقّت وجب على وجه البدل، فوجب بتأخيره كفّارة،كقضاء رمضان.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه صوم يجب بفواته القضاء،فلم يجب به كفّارة كصوم رمضان (1)،و لأنّه صوم بدل عن الهدي،فإذا أوجب (2)قضاءه و الهدي،فقد أوجب البدل و المبدل أو ما هو مثل المبدل مع البدل،و هذا لا يوجد مثله في الأصول.

و الجواب:لا نسلّم وجوب القضاء؛لأنّا قد بيّنّا أنّه ينتقل فرضه إلى المبدل و هو الهدي،و هو الجواب عن الثاني.على أنّ الواجب بتأخير الصوم ليس هو الهدي و لا مثله،بل هو كفّارة عمّا تركه من الصيام و الكفّارة عن الهدي،و لأنّ الهدي أحد الأنعام،و الواجب شاة بعينها و لأنّ الموجب ليس هو الموجب للهدي؛لأنّ الموجب للكفّارة هو ترك الصوم،و الموجب للهدي هو التمتّع،فتغايرا.

مسألة:و لو مات من وجب عليه الصيام و لم يصم،نظر،فإن لم يكن قد تمكّن

من صيام شيء من العشرة،سقط الصوم

(3)

و لا يجب على وليّه القضاء عنه و لا الصدقة عنه.ذهب إليه علماؤنا،و به قال أكثر الجمهور (4)،و الشافعيّ في أحد القولين،و قال في الآخر:يطعم عنه (5).

لنا:أنّ الهدي لا يجب عليه؛لأنّه غير واجد،و لا الصوم؛لأنّه لم يقدر عليه فصار القضاء رمضان.نعم يستحبّ للوليّ أن يقضي عنه؛لأنّها عبادة مات من وجبت عليه قبل فعلها،فشرع القضاء على الوليّ،كما لو تمكّن.

ص:226


1- 1فتح العزيز بهامش المجموع 7:174.
2- 2) خا،ع و ح:وجب.
3- 3) ع:صوم.
4- 4) المغني 3:512،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345.
5- 5) حلية العلماء 3:266،المجموع 7:192،فتح العزيز بهامش المجموع 7:193،مغني المحتاج 1: 518.

و إن تمكّن من فعل الجميع و لم يفعل،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يقضي الوليّ عنه ثلاثة أيّام وجوبا،و لا يجب قضاء السبعة (1).

و أوجب ابن إدريس قضاء الجميع على الوليّ (2)،و به قال الشافعيّ في حكاية أبي إسحاق عنه.و في القول الآخر:يتصدّق عنه،كقضاء رمضان (3).و هو قول الجمهور.و الحقّ عندي اختيار ابن إدريس.

لنا:أنّه صوم واجب لم يفعله من وجب عليه مع تمكّنه من ذلك،فوجب على وليّه القضاء عنه،كرمضان.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،قال:«من مات و لم يكن له هدي لمتعته،فليصم عنه وليّه» (4).

و لأنّ الشيخ-رحمه اللّه-وافقنا على وجوب قضاء ما يفوت الميّت من صيام و صلاة على الوليّ.

قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذه الرواية يعني بها الثلاثة الأيّام،فأمّا السبعة فليس على أحد القضاء عنه إذا مات بعد الرجوع إلى أهله (5)،لما رواه الحلبيّ-في الحسن-عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل (6)عن رجل تمتّع بالعمرة و لم يكن له هدي،فصام ثلاثة أيّام في ذي الحجّة ثمّ مات بعد ما رجع إلى أهله قبل أن يصوم السبعة الأيّام،على وليّه أن يقضي عنه؟قال:«ما أرى عليه قضاء» (7).

ص:227


1- 1النهاية:255، [1]المبسوط 1:370. [2]
2- 2) السرائر:139.
3- 3) المجموع 7:192،فتح العزيز بهامش المجموع 7:194.
4- 4) التهذيب 5:40 الحديث 117،الاستبصار 2:261 الحديث 921،الوسائل 10:161 الباب 48 من أبواب الذبح الحديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 5:40 ذيل الحديث 117،الاستبصار 2:261 ذيل الحديث 922.
6- 6) في التهذيب و الوسائل: [4]أنّه سأله،مكان:أنّه سئل.
7- 7) الكافي 4:509 الحديث 13، [5]التهذيب 5:40 الحديث 118،الاستبصار 2:261 الحديث 922، الوسائل 10:161 الباب 48 من أبواب الذبح الحديث 2. [6]

و التفسير الذي ذكره الشيخ للرواية الأولى لا دليل عليه.

و الرواية الثانية لا حجّة فيها؛لاحتمال أن يكون موته قبل أن يتمكّن من الصيام،و مع هذا الاحتمال لا يبقى (1)فيه دلالة على مطلوبه،و لأنّه صوم وجب بأصل الشرع،فأشبه صوم رمضان.

أمّا لو لم يتمكّن من صيام السبعة أو تمكّن من بعضها،فإنّه يجب على الوليّ أن يقضي ما تمكّن الميّت من فعله و أخلّ به،و يستحبّ له قضاء الباقي.

مسألة:و لو تمكّن من صيام السبعة،وجب عليه صيامها و لا يجزئه الصدقة

عنها

؛لأنّ الصدقة بدل،فلا تجزئ مع التمكّن من فعل المبدل عنه،كالتيمّم.

و روى الشيخ عن موسى بن القاسم،عن بعض أصحابنا،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:كتب إليه أحمد بن القاسم (2)في رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ،فلم يكن عنده ما يهدي،فصام ثلاثة أيّام،فلمّا قدم أهله لم يقدر على صوم السبعة الأيّام و أراد أن يتصدّق من الطعام،فعلى من يتصدّق؟فكتب:«لا بدّ من الصيام» (3).

قال الشيخ-رحمه اللّه-:قوله عليه السلام:«لم يقدر على الصوم»يعني لا يقدر عليه إلاّ بمشقّة؛لأنّه لو لم يكن قادرا عليه على كلّ حال،لما قال عليه السلام:

«لا بدّ من الصيام» (4).

مسألة:و لو تلبّس بالصوم ثمّ أيسر أو وجد الهدي

(5)

،قال الشيخ-رحمه اللّه-:

ص:228


1- 1ع،ح:لا ينبغي.
2- 2) أحمد بن القاسم،قال النجاشيّ:رجل من أصحابنا رأينا بخطّ حسين بن عبيد اللّه كتابا له(إيمان أبي طالب).و قال المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على قول النجاشيّ،فهو إماميّ مجهول الحال. رجال النجاشيّ:95،تنقيح المقال 1:76. [1]
3- 3) التهذيب 5:40 الحديث 119،الوسائل 10:162 الباب 49 من أبواب الذبح الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 5:40 ذيل الحديث 119.
5- 5) خا،ق و ع:و وجد.

لا يجب الهدي،بل يستحبّ (1).و الظاهر من كلامه أنّه اشترط صيام ثلاثة أيّام،و به قال حمّاد،و الثوريّ (2).

و أطلق ابن إدريس ذلك (3)،و به قال الحسن،و قتادة (4)،و مالك (5)، و الشافعيّ (6)،و أحمد في إحدى الروايتين (7).

و قال أبو حنيفة:يجب عليه الانتقال إلى الهدي،و كذلك إذا وجد الهدي بعد أن صام الثلاثة قبل يوم النحر،و إن وجده بعد أن مضت أيّام النحر،أجزأه الصوم و إن لم يتحلّل؛لأنّه قد مضى زمان التحلّل (8).

لنا:قوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (9).

مقتضاه وجوب الصوم على غير الواجد،فالانتقال عنه إلى الهدي يحتاج إلى دليل.

لا يقال:هذا يقتضي عدم الإجزاء (10)بالهدي و إن لم يدخل في الصوم أو دخل فيه.

ص:229


1- 1المبسوط 1:371. [1]
2- 2) المغني 3:511،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345،تفسير القرطبيّ 2:401. [2]
3- 3) السرائر:140.
4- 4) المغني 3:511،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345،تفسير القرطبيّ 2:401.
5- 5) بلغة السالك 1:303،المدوّنة الكبرى 1:390،تفسير القرطبيّ 2:401، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 7:191،المغني 3:511،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345.
6- 6) حلية العلماء 3:265،المهذّب للشيرازيّ 1:202،المجموع 7:190،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 191،المغني 3:511،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345.
7- 7) المغني 3:511،الشرح الكبير بهامش المغني 3:345،الكافي لابن قدامة 1:540،الإنصاف 3:516، فتح العزيز بهامش المجموع 7:191.
8- 8) بدائع الصنائع 2:174،حلية العلماء 3:265،بداية المجتهد 1:369،فتح العزيز بهامش المجموع 7: 191، [4]تفسير القرطبيّ 2:401. [5]
9- 9) البقرة(2):196. [6]
10- 10) ع و ق:الاجتزاء.

لأنّا نقول:لو خلّينا و الظاهر لحكمنا بذلك،لكنّ الوفاق وقع على خلافه فيبقى ما عداه على الأصل.

و أيضا:فإنّه صوم دخل فيه لعدم الهدي،فإذا وجد الهدي،لم يلزمه (1)الخروج إليه،كصوم السبعة.

لا يقال:صوم السبعة ليس ببدل عن الهدي.

لأنّا نقول:إنّه مخالف لكتاب اللّه تعالى؛لاشتماله على إيجابها لعدم الهدي،كما أوجب الثلاثة،و لأنّها تسقط بوجود الهدي.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حمّاد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن متمتّع صام ثلاثة أيّام في الحجّ،ثمّ أصاب هديا يوم خرج من منى، قال:«أجزأه صيامه» (2).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه وجد المبدل قبل فراغه من البدل،فأشبه المتيمّم إذا وجد الماء في أثناء تيمّمه،و إذا وجد الهدي قبل يوم النحر فقد وجد المبدل قبل حصول المقصود بالبدل،و هو التحلّل (3).

و الجواب:الفرق،فإنّ المقصود من التيمّم الصلاة و ليس بمقصود في نفسه، و الصوم عبادة مقصودة تجب ابتداءً بالشرع لا لغيرها.

لا يقال:قد روى الشيخ-رحمه اللّه-عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي حتّى إذا كان يوم النفر

ص:230


1- 1ع،خا و ق:لم يلزم.
2- 2) التهذيب 5:38 الحديث 112،الاستبصار 2:260 الحديث 919،الوسائل 10:154 الباب 45 من أبواب الذبح الحديث 1. [1]
3- 3) بدائع الصنائع 2:174،فتح العزيز بهامش المجموع 7:191،بداية المجتهد 1:369.

وجد ثمن شاة،أ يذبح أو يصوم؟قال:«بل يصوم،فإنّ أيّام الذبح قد مضت» (1).

لأنّا نقول:المراد به:من صام ثلاثة أيّام ثمّ وجد ثمن الهدي،فعليه أن يصوم ما بقي عليه تمام العشرة،و ليس يجب عليه الهدي،كذا ذكره الشيخ-رحمه اللّه- و استدلّ عليه برواية حمّاد (2).

إذا عرفت هذا:فإنّما قلنا:إنّه يستحبّ له الرجوع إلى الهدي؛لأنّه وجد المبدل قبل انتهاء البدل،فكان فعله أولى.

و يدلّ عليه:ما رواه الشيخ عن عقبة بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تمتّع و ليس معه ما يشتري[به] (3)هديا،فلمّا أن صام ثلاثة أيّام في الحجّ،أيسر،أ يشتري هديا فينحره؟أو يدع ذلك و يصوم سبعة أيّام إذا رجع إلى أهله؟قال:«يشتري هديا فينحره و يكون صيامه الذي صامه نافلة له» (4).

مسألة:و لو أحرم بالحجّ و لم يصم ثمّ وجد الهدي،تعيّن عليه الذبح و لا يجزئه

الصوم

.و هو قول أحمد في إحدى الروايتين،و الشافعيّ في أحد أقواله.و قال أيضا:

فرضه الصيام و إن أهدى كان أفضل.و قال قولا ثالثا:إنّ عليه الهدي لا غير و لا يجزئه الصيام،و هو الرواية الأخرى عن أحمد (5).

و الشافعيّ بنى أقواله على أقواله في الكفّارات هل الاعتبار فيها بحال الوجوب أو الأداء؟فإن قلنا بحال الوجوب،أجزأه الصيام،و إن قلنا بحال الأداء أو بأغلظ

ص:231


1- 1التهذيب 5:37 الحديث 111،الاستبصار 2:260 الحديث 918،الوسائل 10:153 الباب 44 من أبواب الذبح الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 5:37 ذيل الحديث 111،الاستبصار 2:260 ذيل الحديث 918.