منتهی المطلب فی تحقیق المذهب المجلد 9

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

المدخل

هذا هو الجزء التاسع من كتاب«منتهى المطلب في تحقيق المذهب»الذي منّ اللّه سبحانه علينا فيما مضى بتحقيق و إخراج ثمانية أجزاء منه.و نسأله تعالى التوفيق لمواصلة العمل حتّى اكتمال أجزائه جميعا.

و قد اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على نسخ مخطوطة عديدة،و لم ندّخر وسعا-في أثناء التحقيق-عن البحث عن نسخ أخرى إغناء للعمل و إكمالا لما في بعض النسخ السابقة من نقص.و من هنا أضفنا إلى النسخ المعتمدة في تحقيق هذا الجزء التاسع نسخة أخرى تحتفظ بها المكتبة المركزيّة للآستانة الرضويّة المقدّسة،رقمها 19473 مكتوبة بخطّ النسخ.و تشتمل على البحث الثامن في بقيّة أقسام الصوم إلى آخر الكتاب،وقفها السيّد أبو الحسن ملكيّ بن سلطان العلماء الزنجانيّ سنة 1415 ه على المكتبة،و رمزنا لها بالحرف«ر».

و لا يفوتنا أن نقدّر لأعضاء قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلامية جهودهم المشكورة في تصحيح هذا الجزء،و هم حجج الإسلام و الإخوة الأفاضل:

1-الشيخ علي الاعتماديّ.

2-الشيخ نوروز علي الحاجي آباديّ.

3-الشيخ عبّاس المعلّميّ.

4-الشيخ محمّد علي الملكيّ.

5-الشيخ علي النمازيّ.

6-الأخ شكر اللّه الأختريّ.

7-الأخ علي أصغر المولويّ.

8-الأخ عادل البدريّ.

9-الأخ السيّد طالب الموسويّ.

10-السيّد أبو الحسن الهاشميّ.

11-السيّد بلاسم الموسويّ.

و نشكر أيضا لحجّة الإسلام و المسلمين الشيخ عليّ أكبر إلهى الخراسانيّ إشرافه على تحقيق الكتاب راجين له و لكلّ الإخوة المشاركين في هذا العمل القبول و حسن المآب.

قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلاميّة

ص:5

ص:6

الكتاب الرابع

اشارة

في الصوم

و فيه مقدّمة و مباحث

ص:7

ص:8

أما المقدّمة

اشارة

الصوم في اللغة:هو الإمساك،قال اللّه تعالى حكاية عن مريم عليها السّلام:

إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً (1)أي صمتا عن الكلام،و يقال:صام النهار إذا أمسكت الشمس عن السير،و قال الشاعر:

خيل صيام و خيل غير صائمة تحت العجاج و أخرى تعلك اللجما

(2)أي ممسكة عن الصهيل (3).

فاستعمال الصوم في هذه المعاني-مع أنّ الأصل عدم الاشتراك و المجاز، و وجود ما يصلح معنى له في كلّ واحد و اشتراكه أعني الإمساك مطلقا-دالّ على كونه حقيقة فيه.

و في الشرع عبارة عن إمساك مخصوص يأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و هو ينقسم إلى واجب و ندب و مكروه و محظور.

فالواجب ستّة:صوم شهر رمضان،و الكفّارات،و دم المتعة،و النذر و ما في معناه من اليمين و العهد،و الاعتكاف على بعض الوجوه،و قضاء الواجب.

و الندب:جميع أيّام السنة إلاّ العيدين و أيّام التشريق لمن كان بمنى.

و المؤكّد منه أربعة عشر:صوم ثلاثة أيّام في كلّ شهر،و أيّام البيض و الغدير،

ص:9


1- 1مريم(19):26. [1]
2- 2) الصحاح 5:1970، [2]لسان العرب 12:351، [3]تفسير الطبريّ 2:128، [4]التفسير الكبير 5:69، [5]تفسير القرطبيّ 2:272، [6]تفسير التبيان 2:114. [7]
3- 3) الصّهيل و الصهال:صوت الفرس.الصحاح 5:1747. [8]

و مولد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و مبعثه،و دحو الأرض،و عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء،و عاشوراء على جهة الحزن،و المباهلة،و كلّ خميس،و كلّ جمعة، و أوّل ذي الحجّة و رجب و شعبان.

و المكروه أربعة:صوم عرفة لمن يضعفه (1)عن الدعاء،أو شكّ (2)في الهلال، و النافلة سفرا عدا ثلاثة أيّام للحاجة بالمدينة،و الضيف نافلة من غير إذن مضيفه،و كذا الولد من غير إذن الوالد،و الصوم ندبا لمن دعي إلى طعام.

و المحظور تسعة:صوم العيدين،و أيّام التشريق لمن كان بمنى،و يوم الشكّ بنيّة الفرض،و صوم نذر المعصية،و صوم الصمت،و صوم الوصال،و صوم المرأة و العبد ندبا من غير إذن الزوج و المالك،و صوم الواجب سفرا عدا ما استثني، و سيأتي بيان ذلك إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:قيل أوّل ما فرض صوم عاشوراء.

و قيل:لم يكن فرضا بل تطوّعا (3).

و قيل:لمّا قدم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله المدينة أمر بصيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر، و هو قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ (4)الآية،ثمّ نسخ بقوله:

شَهْرُ رَمَضانَ (5) (6).و قيل:المراد بالأيّام المعدودات شهر رمضان،فالآية ليست منسوخة.

ص:10


1- 1كثير من النسخ:يضعف.
2- 2) ف و غ:يشكّ.
3- 3) صحيح مسلم 2:792 الحديث 1125،المغني 3:113،الشرح الكبير بهامش المغني 3:100، المجموع 6:383،عمدة القارئ 10:254،حلية العلماء 3:211.
4- 4) البقرة(2):183. [1]
5- 5) البقرة(2):185. [2]
6- 6) صحيح البخاريّ 3:31،سنن أبي داود 1:140،مسند أحمد 5:246، [3]تفسير الطبريّ 2:130-131، [4]أحكام القرآن للجصّاص 1:215، [5]التفسير الكبير 5:71، [6]تفسير القرطبيّ 2:275، [7]تفسير التبيان 2:116، [8]المجموع 6:249، [9]سنن البيهقيّ 4:200.

و قيل:أوّل ما فرض صوم شهر رمضان للمطيق لم يكن واجبا عينا،بل كان مخيّرا بين الفدية و الصوم،و كان الصوم أفضل،و ذلك قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ (1)ثمّ نسخ بقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (2)(3)

مسألة:قيل:كان الصوم في ابتداء الإسلام أن يمسك من حين يصلّى عشاء

الآخرة أو ينام إلى أن تغيب الشمس،

فإذا غربت حلّ الطعام و الشراب إلى أن يصلّى العشاء أو ينام (4)،و إنّ صرمة بن قيس الأنصاريّ (5)أتى امرأته و كان صائما فقال:

عندك شيء؟فقالت:لعلّي أذهب فأطلب لك،فذهبت و غلبته عينه فجاءت فقالت:

خيبة لك،فلم ينتصف النهار حتّى غشي عليه و كان يعمل يومه في أرضه،فذكر ذلك للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله فنزل: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ (6)الآية (7)و روى ابن عبّاس أنّ عمر بن الخطّاب اختان نفسه فجامع امرأته و قد صلّى

ص:11


1- 1البقرة(2):184. [1]
2- 2) البقرة(2):185. [2]
3- 3) تفسير التبيان 2:118-123. [3]
4- 4) تفسير الطبريّ 2:164-165،أحكام القرآن للجصّاص 1:281،التفسير الكبير 5:104، [4]المجموع 6:251.
5- 5) أكثر المصادر:قيس بن صرمة،و في سنن أبي داود: [5]صرمة بن قيس،و اختلف فيه أيضا في كتب التراجم،قال ابن الأثير:قيس بن صرمة،و قيل:صرمة بن قيس،و قيل:قيس بن مالك بن أوس صرمة المازنيّ.و قال ابن حجر:قيس بن صرمة،و قيل:صرمة بن قيس بن مالك أبو صرمة،و قيل:قيس بن أنس أبو صرمة.و قال ابن عبد البرّ:صرمة بن أبي أنس،و اسم أبي أنس:قيس بن صرمة بن مالك،و هو الذي نزلت في سببه: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ . أسد الغابة 4:217، [6]الإصابة 2:302 و ج 3:251، [7]الاستيعاب [8]بهامش الإصابة 2:202. [9]
6- 6) البقرة(2):187. [10]
7- 7) صحيح البخاري 3:36،سنن أبي داود 2:295 الحديث 2314، [11]سنن الترمذيّ 5:210 الحديث 2968،سنن النسائيّ 4:147،مسند أحمد 4:295، [12]سنن البيهقيّ 4:201.

العشاء فنزل قوله تعالى: تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ (1)(2).

مسألة:قيل السبب في تسمية رمضان أنّه كان يوافق زمان الحرّ مشتقّ من

الرمضاء و هي الحجارة الحارّة؛

لأنّ الجاهليّة كانت تكبس في كلّ ثلاث سنين شهرا فيجعلون المحرّم صفرا حتّى لا تختلف شهورها في الحرّ و البرد،و ذلك هو النسيء الذي حرّمه اللّه تعالى (3)عليهم،فكان رمضان يشتدّ فيه الحرّ و ربيع في زمان الربيع و جمادى في جمود الماء فلمّا حرّم اللّه النسيء اختلفت الشهور في ذلك (4).

و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه إنّما سمّي رمضان؛لأنّه يحرق الذنوب (5).

مسألة:و صوم شهر رمضان واجب بالنصّ و الإجماع،

قال اللّه تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (6).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«بني الإسلام على خمس:شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّ محمّدا رسول اللّه،و إقام الصلاة،و إيتاء الزكاة، و صوم شهر رمضان،و حجّ البيت» (7).

و جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لصوته دويّ لا يفقه ما يقول،فدنا

ص:12


1- 1البقرة(2):187. [1]
2- 2) تفسير ابن عبّاس:20، [2]تفسير الدّرّ المنثور 1:197،و [3]ينظر:سنن أبي داود 2:295 الحديث 2313، سنن البيهقيّ 4:201،و فيهما:فاختان رجل،مكان:عمر بن الخطّاب.
3- 3) التوبة(9):37. [4]
4- 4) التفسير الكبير 5:83، [5]تفسير القرطبي 2:290-291، [6]لسان العرب 7:161-162. [7]
5- 5) المغني 3:5،كنز العمّال 8:466 الحديث 23688،التفسير الكبير 5:83. [8]في الأخيرين:يرمض الذنوب،مكان:يحرق الذنوب.
6- 6) البقرة(2):185. [9]
7- 7) صحيح البخاريّ 1:9،صحيح مسلم 1:45 الحديث 16،سنن الترمذيّ 5:5 الحديث 2609، [10]سنن النسائيّ 8:107،مسند أحمد 2:26،120 و 143. [11]

منه فإذا هو يسأله عن الإسلام،فذكر له إلى أن ذكر صوم رمضان،فقال:هل عليّ غيره؟فقال:«لا،إلاّ أن تطوّع» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«بني الإسلام على خمسة أشياء:على الصلاة،و الزكاة،و الصوم، و الحجّ،و الولاية،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الصوم جنّة من النار» (2).

و عن أبي أيّوب،[عن أبي الورد] (3)،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في آخر جمعة من شعبان فحمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال:أيّها الناس إنّه (4)قد أظلّكم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر،شهر رمضان فرض اللّه صيامه»الحديث (5).و الأخبار كثيرة في ذلك متواترة (6)،و لا خلاف بين المسلمين في وجوب صوم شهر رمضان.

مسألة:و الصوم المشروع هو الإمساك من أوّل النهار إلى آخره،

و هو من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس الذي تجب معه الصلاتان.

و قال الأعمش:إنّما يجب الإمساك من طلوع الفجر الذي يملأ البيوت و الطرق (7).

لنا:قوله تعالى حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ

ص:13


1- 1صحيح البخاريّ 1:18،صحيح مسلم 1:40 الحديث 11،سنن أبي داود 1:106 الحديث 391، سنن النسائيّ 1:226-227،الموطّأ 1:175 الحديث 94. [1]
2- 2) التهذيب 4:151 الحديث 418،الوسائل 7:289 الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث 1. [2]
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) كثير من النسخ:إنّكم.
5- 5) التهذيب 3:57 الحديث 198 و ج 4:152 الحديث 423،الوسائل 7:171 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [3]
6- 6) الوسائل 7:2 الباب 1 من أبواب وجوب الصوم و نيّته. [4]
7- 7) تفسير الطبريّ 2:173، [5]التفسير الكبير 5:110،تفسير القرطبيّ 2:319، [6]المغني 3:5،الشرح الكبير بهامش المغني 3:4،المجموع 3:45،عمدة القارئ 10:297.

أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (1).و لا خلاف بين المسلمين في ذلك،و الأعمش منفرد لا يعتدّ بخلافه؛للإجماع.

ص:14


1- 1البقرة(2):187. [1]

البحث الأوّل

اشارة

في النيّة

و هي شرط في صحّة الصوم واجبا كان أو ندبا،رمضان كان أو غيره،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أكثر الفقهاء (1).

و حكي عن زفر بن الهذيل،و مجاهد،و عطاء أنّ صوم رمضان (2)إذا تعيّن بأن كان مقيما صحيحا لا يفتقر إلى النيّة (3).

لنا:قوله تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (4)و الصوم عبادة،و معنى النيّة الإخلاص.

و قوله تعالى: وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (5).

و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّما (6)

ص:15


1- 1حلية العلماء 3:185،أحكام القرآن للجصّاص 1:243، [1]المغني 3:18،الشرح الكبير بهامش المغني 3:26،المهذّب للشيرازي 1:180،المجموع 6:300،بداية المجتهد 1:292،مقدّمات ابن رشد 1:181،الميزان الكبرى 2:19،بدائع الصنائع 2:83.
2- 2) ش:شهر رمضان.
3- 3) حلية العلماء 3:185،الميزان الكبرى 2:19،المبسوط للسرخسيّ 3:59،بدائع الصنائع 2:83، بداية المجتهد 1:292.
4- 4) البيّنة(98):5. [2]
5- 5) الليل(92):19-20. [3]
6- 6) كلمة:«إنّما»لا توجد في أكثر النسخ.

الأعمال بالنيّات» (1).و عنه عليه السّلام:«من لم يبيّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما الأعمال بالنيّات و لكلّ امرئ ما نوى» (3).

و عنه عليه السّلام:«الأعمال بالنيّات» (4).

و عن الرضا عليه السّلام أنّه قال:«لا قول إلاّ بعمل و لا عمل إلاّ بنيّة و لا نيّة إلاّ بإصابة السنّة» (5).

و لأنّه يحتمل وجهي الطاعة و غيرها و لا مميّز إلاّ النيّة.و لأنّ قضاءه (6)يفتقر إلى النيّة فكذا الأداء،كالصلاة.

احتجّ المخالف:بأنّ الصوم في رمضان فرض مستحقّ بعينه فلا يفتقر إلى النيّة، كرة الوديعة و الغصب (7).

و الجواب:الفرق بأنّه حقّ الآدمي.

مسألة:قال الشيخ-رحمه اللّه-:يكفي في شهر رمضان نيّة القربة

و هو أن ينوي الصوم متقرّبا إلى اللّه تعالى لا غير،و لا يفتقر إلى نيّة التعيين،أعني أن ينوي

ص:16


1- 1صحيح البخاريّ 1:2،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،سنن أبي داود 2:262 الحديث 2201،سنن الترمذيّ 4:179 الحديث 1647، [1]سنن ابن ماجة 2:1413 الحديث 4227،مسند أحمد 1:25،سنن البيهقيّ 7:341،كنز العمّال 3:792-793 الحديث 8779-8780.
2- 2) سنن النسائيّ 4:196،سنن الدارميّ 2:7، [2]سنن البيهقيّ 4:213،سنن الدارقطنيّ 2:171-172 الحديث 1،كنز العمّال 8:493 الحديث 23789.
3- 3) التهذيب 4:186 الحديث 519،الوسائل 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 12. [3]
4- 4) التهذيب 4:186 الحديث 518،الوسائل 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 11. [4]
5- 5) التهذيب 4:186 الحديث 520،الوسائل 7:7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 13. [5]
6- 6) ص:القضاء.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:59،الهداية للمرغينانيّ 1:129،المجموع 6:301.

وجه ذلك الصوم كرمضان أو غيره (1)و قال مالك:لا بدّ من نيّة التعيين في رمضان و غيره (2).و به قال الشافعيّ (3)، و أحمد في أحد القولين،و في القول الثاني كقولنا (4)،و هو مذهب أبي حنيفة بشرط أن يكون مقيما (5).

لنا:أنّ القصد من نيّة التعيين تمييز أحد الفعلين أو أحد وجهي الفعل الواحد عن الآخر،و هو غير حاصل في صورة النزاع؛لأنّ رمضان لا يقع فيه غيره،بل هو على وجه واحد فاستغنى عن نيّة التعيين،كردّ الوديعة.و لأنّه فرض مستحقّ في زمان بعينه (6)،فلا يجب تعيين النيّة له،كطواف الزيارة عندهم.

احتجّوا:بأنّه صوم واجب فلا بدّ فيه من التعيين كالقضاء (7).و لأنّه واجب مؤقّت فافتقر إلى التعيين،كالصلاة.

و الجواب:الفرق بين صورة النزاع و المقيس عليه؛لأنّ تلك الأوقات لا تتعيّن؛ لوقوع القضاء و الصلاة فيها فاحتاجت إلى التعيين.

مسألة:و ما عدا رمضان إن تعيّن زمانه بالنذر و شبهه كالنذور المعيّنة

اشارة

بوقت هل تكفي نيّة القربة فيها أم لا؟

قال الشيخ:لا تكفي (8)،و به قال

ص:17


1- 1المبسوط 1:276، [1]الخلاف 1:375 مسألة-4،الجمل و العقود:109.
2- 2) بداية المجتهد 1:292،المغني 3:26،الميزان الكبرى 2:22،المجموع 6:302.
3- 3) الأمّ 2:96،حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:302،السراج الوهّاج: 138،الميزان الكبرى 2:22،المغني 3:27.
4- 4) المغني 3:26-27،الكافي لابن قدامة 1:472،الإنصاف 3:293،المجموع 6:302.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:60-61،تحفة الفقهاء 1:347-348،بدائع الصنائع 2:83-84، مجمع الأنهر 1:233.
6- 6) خاوح:معيّن.
7- 7) المغني 3:28،المهذّب للشيرازيّ 1:181،بداية المجتهد 1:293.
8- 8) المبسوط 1:277-278،الخلاف 1:375 مسألة-4،الجمل و العقود:109.

الشافعي (1)،و مالك (2)،و أحمد (3).

و قال أبو حنيفة:لا يحتاج إلى نيّة التعيين (4).و هو مذهب السيّد المرتضى رحمه اللّه (5).

احتجّ الشيخ:بأنّه صوم واجب لا يتعيّن وقته بأصل الشرع فيفتقر إلى التعيين كالنذر المطلق.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه زمان تعيّن للصوم بسبب النذر فكان كرمضان،و لأنّ الأصل براءة الذمّة (6)،و هو قويّ.

أمّا ما لا يتعيّن صومه،كالنذور المطلقة،و الكفّارات،و القضاء،و صوم النفل فلا بدّ فيه من نيّة التعيين.و هو قول علمائنا و كافّة الجمهور،إلاّ النافلة؛لأنّه زمان لا يتعيّن الصوم فيه و لا يتخصّص وجهه،فاحتاج إلى النيّة المفيدة للاختصاص، و هو عامّ في الفرض و النفل.

ص:18


1- 1قال الشافعيّ:إنّ صوم رمضان و غيره من الصوم الواجب لا يصحّ إلاّ بتعيين النيّة و لم يفصّل بين صوم الواجب المعيّن و غير المعيّن،ينظر:الأمّ 2:95-96،حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:302،فتح العزيز بهامش المجموع 6:292،مغني المحتاج 1:424، السراج الوهّاج:138.
2- 2) المغني 3:26،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:29،المجموع 6:302،فتح العزيز بهامش المجموع 6:292.
3- 3) المغني 3:26،الشرح الكبير بهامش المغني 3:29،الكافي لابن قدامة 1:472،الإنصاف 3:293، المجموع 6:302،فتح العزيز بهامش المجموع 6:292.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:347،بدائع الصنائع 2:84،الهداية للمرغينانيّ 1:118،مجمع الأنهر 1:232-233.
5- 5) جمل العلم و العمل:89.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:348،بدائع الصنائع 2:84،شرح فتح القدير 1:239،المجموع 6:302،فتح العزيز بهامش المجموع 6:292.
فروع:
الأوّل:قال الشيخ:تكفي نيّة التعيين عن نيّة القربة

و لا ينعكس (1)في كلّ صورة يشترط فيها نيّة التعيين (2).و هو مشكل؛لأنّه فسّر نيّة التعيين بأن ينوي أن يصوم شهر رمضان أو غيره،و حينئذ لا بدّ من نيّة القربة؛لأنّها شرط في كلّ عبادة،و نيّة التعيين مغايرة لها و غير مستلزمة لها؛لجواز قصد أحدهما حالة الذهول عن الآخر،فإذن لا بدّ من نيّة التقرّب (3)أيضا.أمّا إن نوى مع التعيين التقرّب فإنّه يجزئه قولا واحدا،و كان مقصود الشيخ-رحمه اللّه-هذا.

الثاني:هل أخذ تعيين الفرض شرط في نيّة التعيين أم لا؟

فيه للشافعيّ (4)قولان:أحدهما:أنّه شرط؛لأنّ صوم رمضان قد يقع نفلا عن المراهق.و الثاني:

الإجزاء (5)بنيّة أنّه من رمضان؛لأنّه لا يقع إلاّ فرضا ممّن عليه فرضه (6).و هذا قويّ.

الثالث:ليس للمسافر أن يصوم رمضان بنيّة أنّه منه إذا كان سفر التقصير؛

لأنّ الصوم عندنا في السفر محرّم على ما يأتي،و إن نواه عن غير رمضان فرضا كان أو نفلا لم يصحّ.و به قال الشافعيّ (7)،و أكثر الفقهاء (8)،و قال أبو حنيفة:يقع عمّا نواه

ص:19


1- 1ش،ك،ق،ح و خا:و لا تنفكّ.
2- 2) المبسوط 1:278، [1]الخلاف 1:375 مسألة-4.
3- 3) ص:القربة.
4- 4) كثير من النسخ:للشافعيّة.
5- 5) ش،م و ص:الاجتزاء.
6- 6) حلية العلماء 3:187،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:294،فتح العزيز بهامش المجموع 6:293-294،مغني المحتاج 1:425،السراج الوهّاج:138.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:189،المجموع 6:263 و 445،فتح العزيز بهامش المجموع 6:441.
8- 8) المغني 3:36،الشرح الكبير بهامش المغني 3:21،الكافي لابن قدامة 1:466،الإنصاف 3:288، [2]المجموع 6:263.

إذا كان واجبا.و قال محمّد و أبو يوسف:يقع عن رمضان (1).و تردّد الشيخ في المبسوط بين قولنا و بين جواز إيقاع الصومين فيه (2).

لنا:أنّ الصوم منهيّ عنه بقوله عليه السّلام:«ليس من البرّ الصيام في السفر» (3)و لما يأتي.

و المنهيّ عنه لا يقع مأمورا به،فلا يقع عبادة؛و لأنّه زمان أبيح الفطر فيه للعذر،فلا يجوز صيامه عن غير رمضان،كالمريض و الشيخ الهمّ.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه زمان تخيّر فيه بين الصوم و الإفطار،فجاز أن يصوم ما شاء،كالمقيم في غير رمضان (4).

و احتجّ أبو يوسف و محمّد:بأنّ الصوم واجب رخّص فيه للعذر و المشقّة،فإذا صام لم يرخّص (5)(6).

و الجواب:لا نسلّم التخيير على ما يأتي،و الفرق بين المقيم و المسافر أنّ المقيم يجوز له الإفطار بالأصالة لا لأجل العذر.و لأنّه يجوز له التطوّع،بخلاف صورة النزاع.

و عن الثاني:أنّه لا يلزم من فعله المنهيّ عنه اعتباره شرعا،كإتمام الصلاة.

الرابع:لو نوى الحاضر في شهر رمضان صيام غيره مع الجهل،

وقع عن رمضان

ص:20


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:61،بدائع الصنائع 2:84،الهداية للمرغيناني 1:119،شرح فتح القدير 2:240،مجمع الأنهر 1:233.
2- 2) المبسوط 1:277.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:44،صحيح مسلم 2:786 الحديث 1115،سنن أبي داود 2:317 الحديث 1407، [1]سنن الترمذيّ 3:90 ذيل الحديث 710، [2]سنن ابن ماجة 1:532 الحديث 1664،1665،سنن النسائيّ 4:174-176،مسند أحمد 3:319 و 352،و ج 5:434. [3]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:61،بدائع الصنائع 2:84،الهداية للمرغينانيّ 1:119،شرح فتح القدير 2:240-241،مجمع الأنهر 1:233.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:61،بدائع الصنائع 2:84،الهداية للمرغينانيّ 1:119،شرح فتح القدير 2:240-241،مجمع الأنهر 1:233.
6- 6) ص،ش،ن و ك:يترخّص.

لا غير؛لما بيّنّا من أنّ رمضان يكفي فيه نيّة القربة (1)و قد حصلت فلا تضرّ الضميمة.أمّا لو كان عالما فالأقوى أنّه كذلك؛لهذا الدليل بعينه.و قيل:لا يجزئ؛ لانّه لم ينو المطلق فينصرف إلى رمضان و صرف الصوم إلى غير رمضان لا يجوز، فلا يقع أحدهما،أمّا رمضان فلأنّه لم ينوه،و أما غيره فلعدم صحّة إيقاعه (2)، و نحن هاهنا في الموضعين من المتردّدين.

مسألة:و يجوز في الصوم المتعيّن-كرمضان و النذر المعيّن-أن ينوي من

اشارة

الليل،

و يتضيّق حتّى (3)يطلع الفجر،فلا يجوز تأخيرها عن طلوعه مع العلم،و لو أخّرها و طلع الفجر فسد صوم ذلك اليوم إذا كان عامدا و وجب عليه قضاؤه،و لو تركها ناسيا أو لعذر جاز تجديدها إلى الزوال.

و قال الشافعيّ:لا يجزئ الصيام إلاّ بنيّة من الليل في الواجب كلّه،المعيّن و غيره (4)-و به قال مالك (5)،و أحمد (6)-و في جواز مقارنة النيّة لطلوع الفجر عنده وجهان (7).

ص:21


1- 1يراجع:ص 16.
2- 2) السرائر:84.
3- 3) ح،ق و خا:حين.
4- 4) الأمّ 2:103،حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:289 و 301،فتح العزيز بهامش المجموع 6:302،مغني المحتاج 1:423،السراج الوهّاج:137،الميزان الكبرى 2:22،عمدة القارئ 10:303.
5- 5) إرشاد السالك:48،بداية المجتهد 1:293،مقدّمات ابن رشد 1:182،بلغة السالك 1:244،الميزان الكبرى 2:22،المجموع 6:301،فتح العزيز بهامش المجموع 6:302.
6- 6) المغني 3:17-18،الشرح الكبير بهامش المغني 3:26،الكافي لابن قدامة 1:472،الإنصاف 3:294،زاد المستقنع:28.
7- 7) حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:290،فتح العزيز بهامش المجموع 6:304.

و قال أبو حنيفة:يصحّ صوم رمضان بنيّة قبل الزوال،و كذا كلّ صوم معيّن (1).

لنا:على الحكم الأوّل،و هو جواز إيقاعها ليلا:الإجماع و النصّ،قال عليه السّلام:«لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل» (2).

و على الحكم الثاني،و هو عدم جواز تأخيرها عن طلوع الفجر مع العلم:

الحديث (3)أيضا،و بأنّ النيّة شرط في الصوم على ما تقدّم،فمن تركها متعمّدا فقد أخلّ بشرط الصحّة فيكون الصوم فاسدا؛لعدم الشرط،فلا يتجدّد له انعقاد.

و على الحكم الثالث،و هو الجواز مع العذر و النسيان:بما روي أنّ ليلة الشكّ أصبح الناس،فجاء أعرابيّ إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فشهد برؤية الهلال،فأمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (4)مناديا ينادي:من لم يأكل فليصم،و من أكل فليمسك (5).و إذا جاء مع العذر-و هو الجهل بالهلال-جاز مع النسيان.

احتجّ الشافعيّ (6):بقوله عليه السّلام:«لا صيام لمن لم يبيّت الصيام قبل الفجر» (7).

ص:22


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:62،تحفة الفقهاء 1:349،بدائع الصنائع 2:85،الهداية للمرغينانيّ 1:118، [1]شرح فتح القدير 2:233،مجمع الأنهر 1:232.
2- 2) وردت هذه الرواية بألفاظ مختلفة،منها:«من لم يبيّت الصيام قبل[طلوع]الفجر فلا صيام له»ينظر: سنن النسائيّ 4:196،سنن الدارميّ 2:7،سنن البيهقيّ 4:213،سنن الدارقطنيّ 2:171-172 الحديث 1،كنز العمّال 8:493 الحديث 23789.
3- 3) أكثر النسخ:بالحديث.
4- 4) ص،ف و ق:عليه السّلام.
5- 5) ينظر:الهداية للمرغينانيّ 1:118،المبسوط للسرخسيّ 3:62.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:301،فتح العزيز بهامش المجموع 6:303-304، مغني المحتاج 1:423.
7- 7) سنن النسائيّ 4:196،سنن الدارميّ 2:7، [2]سنن الدارقطنيّ 2:171-172 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:213،كنز العمّال 8:493 الحديث 23789.و لفظ الحديث:«من لم يبيّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له».

احتجّ أبو حنيفة (1)بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث إلى أهل العوالي يوم (2)عاشوراء أنّ من أكل منكم فليمسك بقيّة نهاره،و من لم يأكل فليصم (3).و كان صوما واجبا متعيّنا،فأجازه بنيّة من النهار.و لأنّه غير ثابت في الذمّة فهو كالتطوّع.

و الجواب عن الأوّل:أنّه وارد في الذاكر؛إذ يستحيل تكليف الساهي و المعذور.

و عن الثاني:أنّ صوم عاشوراء لم يكن واجبا؛لانّه قد روي عنه عليه السّلام هكذا:«هذا يوم عاشوراء لم يكتب اللّه عليكم صيامه و أنا صائم،فمن شاء فليصم و من شاء فليفطر» (4).

سلّمنا الوجوب لكنّه تجدّد في أثناء النهار،فكان كمن نذر إتمام صيام يوم صامه ندبا،فإنّ نيّة الفرض تتجدّد عند تجدّده،بخلاف صورة النزاع.

و عن الثالث:أنّ الفرق بين التطوّع و الفرض ثابت،فإنّ التطوّع سومح في تبييت نيّته من الليل تكثيرا له؛إذ قد يبدو له الصوم في النهار،و لو اشترطت النيّة لمنع من ذلك،فسامح الشرع فيه كما سامح في ترك القيام في النافلة،و ترك الاستقبال في السفر تكثيرا له،بخلاف الفرض.

ص:23


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:62،الهداية للمرغينانيّ 1:118، [1]شرح فتح القدير 2:237،المغني 3:18، الشرح الكبير [2]بهامش المغني 3:26،المجموع 6:301.
2- 2) ح و خا:إلى أهل القرى في يوم،و في المصادر:إلى قرى الأنصار.
3- 3) صحيح مسلم 2:798 الحديث 1136،مسند أحمد 6:359، [3]جامع الأصول 7:203 الحديث 4441، سنن البيهقيّ 4:288،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:31 الحديث 6288،و ج 11:240 الحديث 11804، و ج 24:275 الحديث 700.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:57،صحيح مسلم 2:795 الحديث 1129،سنن النسائيّ 4:204،الموطّأ 1:299 الحديث 34، [4]سنن البيهقيّ 4:290،مسند أحمد 4:95، [5]جامع الأصول 7:205 الحديث 4448.

و أيضا ينتقض بصوم كفّارة الظهار،فإنّه عند أبي حنيفة لا يثبت في الذمّة و لا يصحّ بنيّة من النهار (1).

فروع:
الأوّل:لو نوى أيّ وقت كان من الليل أجزأه.

و قال بعض الشافعيّة:إنّما تصحّ النيّة في النصف الثاني دون الأوّل؛لاختصاصه بأذان الصبح و الدفع من مزدلفة (2).

و لنا:عموم (3)قوله عليه السّلام:«لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل» (4)من غير تفصيل.

و لأنّ تخصيصه بالنصف الثاني مناف للغرض و مفض إلى تفويت الصوم؛إذ التقديم رخصة فالتضييق (5)ينافيها،و أكثر الناس قد لا ينتبه في النصف الثاني و لا يذكر الصوم،و نمنع (6)المقيس عليه،و قد مضى البحث في الأذان (7)،و سيأتي

ص:24


1- 1قال أبو حنيفة:صوم الواجب ضربان:ضرب يتعلّق بزمان بعينه كرمضان...و ضرب ثبت في الذمّة و كان دينا غير معيّن يومه كصوم الكفّارات فلا يصحّ إلاّ بنيّة من الليل.ينظر:تحفة الفقهاء 1:349،الهداية للمرغينانيّ 1:119،شرح فتح القدير 2:240،مجمع الأنهر 1:234.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:290-291،فتح العزيز بهامش المجموع 6:305،مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137،المغني 3:21.
3- 3) كثير من النسخ:مفهوم،مكان:عموم.
4- 4) ورد الحديث بألفاظ مختلفة،منها:«من لم يبيّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له»ينظر:سنن النسائيّ 4:196،سنن الدارميّ 2:7،سنن الدارقطنيّ 2:171-172 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:213، كنز العمّال 8:493 الحديث 23789.
5- 5) كثير من النسخ:فالتضيّق.
6- 6) بعض النسخ:و يمنع.
7- 7) يراجع:الجزء الرابع:425.

في الدفع من مزدلفة،على أنّهما يجوزان بعد الفجر فلا يفضي (1)منعهما في النصف الأوّل إلى فواتهما،بخلاف النيّة.و لأنّ اختصاصها بالنصف الأخير بمعنى التجويز و التخيير فيه و اشتراط النيّة بمعنى التحتّم و فوات الصوم بفواتها فيه،و مع اختلاف الحكمين لا يصحّ القياس.

الثانى:يجوز مقارنة النيّة لطلوع الفجر؛

لأنّ محلّ الصوم هو النهار و النيّة له فجازت مقارنتها له؛لأنّ التقديم للمشقّة فلا يمنع جواز المقارنة.

و قال بعض الشافعيّة:يجب تقديمها على الفجر؛لقوله عليه السّلام:«من لم يجمع قبل الفجر فلا صيام له» (2).

و لأنّه يجب إمساكه بآخر جزء من الليل ليكمل به صوم النهار،فوجب تقديم النيّة على ذلك (3).

و الجواب:لمّا تعذّر إيقاع العزم مع الطلوع،لعدم ضبطه،لم يكلّف الرسول عليه السّلام (4)به،و بعده لا يجوز،فوجبت القبليّة لذلك،لا أنّها في الأصل واجبة قبل الفجر و نمنع (5)من الإمساك بالليل و إن كان الصوم لا يتمّ إلاّ به،فلا نسلّم أنّه تجب نيّته.

الثالث:لا يشترط في النيّة من الليل الاستمرار على حكم الصوم،

فيجوز

ص:25


1- 1خا:فلا يقتضي.
2- 2) سنن أبي داود 2:329 الحديث 2454، [1]سنن الترمذيّ 3:108 الحديث 730، [2]سنن النسائيّ 4:196، سنن الدارميّ 2:6، [3]مسند أحمد 6:287، [4]سنن الدارقطنيّ 2:172 الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:202، كنز العمّال 8:493 الحديث 23790،فيض القدير 6:222 الحديث 9020،جامع الأصول 7:186 الحديث 4396.
3- 3) حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:290،فتح العزيز بهامش المجموع 6:305،309 و 310،مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137،الميزان الكبرى 2:22.
4- 4) ح و خا:صلّى اللّه عليه و آله.
5- 5) بعض النسخ:و يمنع.

أن ينوي ليلا و يفعل بعدها ما ينافي الصوم إلى قبل الفجر،و أن ينام بعد النيّة -خلافا لأبي إسحاق من الشافعيّة (1)-لقوله تعالى: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (2).

مسألة:و ما ليس بمعيّن،كالقضاء و النذور المطلقة،فوقت النيّة فيه من الليل

مستمرّ إلى الزوال،

(3)

فيجوز إيقاعها في أيّ جزء كان من هذا الزمان إذا لم يفعل المنافي نهارا.

و قال أبو حنيفة:لا يجزئ إلاّ من الليل (4)،و به قال الفقهاء.و قول السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:إنّ وقت نيّة الصوم الواجب من أوّل الفجر إلى الزوال (5)، إنّما أراد به وقت التضيّق (6).

لنا:أنّه صوم لم يتعيّن زمانه،فجاز تجديد النيّة فيه إلى الزوال كالنافلة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:

سألته عن الرجل يبدو له بعد ما يصبح و يرتفع النهار أن يصوم ذلك اليوم و يقضيه من (7)رمضان و إن لم يكن نوى ذلك من الليل؟قال:«نعم،يصومه و يعتدّ به إذا لم يحدث (8)شيئا» (9).

ص:26


1- 1حلية العلماء 3:186،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:288، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 6:306-307. [2]
2- 2) البقرة(2):187. [3]
3- 3) كثير من النسخ:مستمرّا.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:85،تحفة الفقهاء 1:349،بدائع الصنائع 2:85،الهداية للمرغينانيّ 1:119، شرح فتح القدير 2:240-241،مجمع الأنهر 1:234،عمدة القارئ 10:305.
5- 5) جمل العلم و العمل:89،الانتصار:60.
6- 6) كثير من النسخ:التضييق.
7- 7) ح بزيادة:شهر،كما في الوسائل.
8- 8) ح:إذا لم يكن أحدث،كما في الوسائل. [4]
9- 9) التهذيب 4:186،الحديث 522،الوسائل 7:4 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 2. [5]

و عن صالح بن عبد اللّه (1)،عن أبي إبراهيم عليه السّلام،قال:قلت له:رجل جعل للّه عليه صيام شهر،فيصبح و هو ينوي الصوم،ثمّ يبدو له فيفطر و يصبح و هو لا ينوي الصوم فيبدو له فيصوم،فقال:«هذا كلّه جائز» (2).

و عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام عن الرجل يصبح لم (3)يطعم و لم يشرب و لم ينو صوما،و كان عليه يوم من شهر رمضان،أله أن يصوم ذلك اليوم و قد ذهب عامّة النهار؟فقال:«نعم،له أن يصوم يعتدّ به من شهر رمضان» (4)و إنّما اعتبرنا الزوال؛لأنّ الواجب الإتيان بصوم الفريضة من أوّل النهار إلى آخره،فإذا نوى قبل الزوال؛احتسب له صيام ذلك اليوم كلّه؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:الرجل يصبح لا ينوي (5)الصوم،فإذا تعالى النهار حدث له رأي في الصوم،فقال:«إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه،و إن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى» (6).

و عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل[يكون] (7)عليه

ص:27


1- 1صالح بن عبد اللّه الخثعميّ،عدّه الشيخ في رجاله تارة بإضافة وصفه بالكوفيّ من أصحاب الصادق عليه السّلام،و بغير إضافة من أصحاب الرضا عليه السّلام،قال المامقانيّ:لم أقف فيه على مدح.رجال الطوسيّ:218،378،تنقيح المقال 2:93. [1]
2- 2) التهذيب 4:187 الحديث 523،الوسائل 7:5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 4. [2]
3- 3) ح:و لم،كما في المصادر.
4- 4) التهذيب 4:187 الحديث 526 و ص 188 الحديث 530،الوسائل 7:5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 6. [3]
5- 5) ح:و لا ينوي،كما في المصادر.
6- 6) التهذيب 4:188 الحديث 528،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 8. [4]
7- 7) أثبتناها من المصادر.

أيّام من شهر رمضان يريد أن يقضيها متى ينوي (1)الصيام؟قال:«هو بالخيار إلى أن تزول الشمس،فإذا زالت الشمس فإن كان نوى الصوم فليصم،و إن كان نوى الإفطار فليفطر»سئل:فإن كان نوى الإفطار يستقيم له أن ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس؟قال:«لا» (2).

أمّا حديث أحمد بن محمّد بن أبي نصر عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:الرجل يكون عليه القضاء من شهر رمضان،و يصبح فلا يأكل إلى العصر،أ يجوز أن يجعله قضاء من شهر رمضان؟قال:«نعم» (3)فإنّه مع إرساله لا تعرّض فيه بالنيّة.

احتجّ الفقهاء:بقوله عليه السّلام:«من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له» (4).

و لأنّه زمان لا يوصف نهاره بتحريم الأكل من أوّله،فإذا لم ينو من الليل لم يوصف أوّله بالتحريم،بخلاف الصوم المعيّن (5).

و الجواب:أنّ الحديث مخصوص بصوم النافلة فيندرج فيه ما شابهه في عدم التعيين (6)،و كذا عن الثاني.

مسألة:و في وقتها لصوم النافلة قولان:

ص:28


1- 1هامش ح و المصادر:متى يريد أن ينوي.
2- 2) التهذيب 4:280 الحديث 847،الاستبصار 2:121 الحديث 394،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 10. [1]
3- 3) التهذيب 4:188 الحديث 529،الاستبصار 2:118 الحديث 385،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 9. [2]
4- 4) سنن النسائيّ 4:197،سنن البيهقيّ 4:202،كنز العمّال 8:493 الحديث 23791،و بتفاوت ينظر: سنن أبي داود 2:329 الحديث 2454،سنن الترمذيّ 3:108 الحديث 730، [3]سنن الدارميّ 2:6، [4]سنن الدارقطنيّ 2:171 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:213،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:181.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:62،المغني 3:19،المجموع 6:301،بلغة السالك 1:245.
6- 6) م و ك:التعيّن.

أحدهما:أنّه يجب من الليل،بمعنى أنّه لا يصحّ الصوم إلاّ بنيّة (1)من الليل، ذهب إليه مالك (2)،و داود (3)،و المزنيّ (4)،و روي عن عبد اللّه بن عمر (5).

و قال علماؤنا أجمع:يجوز تجديدها نهارا،و به قال ابن مسعود،و حذيفة، و سعيد بن المسيّب،و سعيد بن جبير،و النخعيّ (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد (8)،و أصحاب الرأي (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة قالت:دخل عليّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم فقال:«هل عندكم شيء؟»قلنا:لا،قال:«فإنّي إذا صائم» (10).

ص:29


1- 1ح:بنيّته.
2- 2) بداية المجتهد 1:293،بلغة السالك 1:245،إرشاد السالك:48،حلية العلماء 3:191،المغني 3:29،الشرح الكبير بهامش المغني 3:33،عمدة القارئ 10:303.
3- 3) حلية العلماء 3:191،المغني 3:29، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:33. [2]
4- 4) حلية العلماء 3:191،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:292،فتح العزيز بهامش المجموع 6:310.
5- 5) المغني 3:30،الشرح الكبير بهامش المغني 3:35.
6- 6) المغني 3:29،الشرح الكبير بهامش المغني 3:33.
7- 7) الأمّ 2:95،حلية العلماء 3:190-191،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:292 و 302، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 6:310، [4]مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137،الميزان الكبرى 2:22،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:132.
8- 8) المغني 3:29-30،الشرح الكبير بهامش المغني 3:33 و 35،الكافي لابن قدامة 1:473،الإنصاف 3:297، [5]زاد المستقنع:28.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 3:85،تحفة الفقهاء 1:349،بدائع الصنائع 2:85،الهداية للمرغينانيّ 1:119، شرح فتح القدير 2:241،مجمع الأنهر 1:233،عمدة القاري 10:303. [6]
10- 10) صحيح مسلم 2:809 الحديث 1154 سنن أبي داود 2:329 الحديث 2455، [7]سنن الترمذيّ 3:111 الحديث 733، [8]سنن ابن ماجة 1:543 الحديث 1701،سنن النسائيّ 4:193،مسند أحمد 6:207، [9]سنن الدارقطنيّ 2:175 الحديث 18،سنن البيهقيّ 4:203،كنز العمّال 7:81 الحديث 18059، المصنّف لعبد الرزّاق 4:277 الحديث 7792. [10]

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن قيس،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:قال عليّ عليه السّلام:«إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما، ثمّ بدا له (1)الصيام قبل أن يطعم طعاما أو يشرب شرابا أو يفطر (2)فهو بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر» (3).

و عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم المتطوّع تعرض له الحاجة،قال:«هو بالخيار ما بينه و بين العصر،و إن مكث حتّى العصر ثمّ بدا له أن يصوم و لم يكن نوى ذلك،فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء» (4)(5).

و في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام يدخل إلى أهله فيقول:عندكم شيء و إلاّ صمت،فإن كان عندهم شيء أتوه به و إلاّ صام» (6).

و لأنّ نفل الصلاة مخفّف (7)عن فرضها بترك القيام،و فعلها على الراحلة إلى غير القبلة،فكذا الصوم.

احتجّ مالك:بظاهر قوله عليه السّلام:«لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل» (8).و لأنّ الصلاة يتساوى وقت نيّة فرضها و نفلها،فكذا الصوم (9).

ص:30


1- 1في المصادر:ذكر،مكان:بدا له.
2- 2) في المصادر:و لم يفطر،مكان:أو يفطر.
3- 3) التهذيب 4:187 الحديث 525،الوسائل 7:5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 5. [1]
4- 4) كثير من النسخ:«إن شاء اللّه».
5- 5) التهذيب 4:186 الحديث 521،الوسائل 7:7 الباب 3 من أبواب وجوب الصوم الحديث 1. [2]
6- 6) التهذيب 4:188 الحديث 531،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 7. [3]
7- 7) م:يخفّف.
8- 8) سنن النسائيّ 4:197،سنن البيهقيّ 4:202،كنز العمّال 8:493 الحديث 23791 و اللفظ فيها: «من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له».
9- 9) بداية المجتهد 1:293،بلغة السالك 1:245،المغني 3:29. [4]

و الجواب عن الحديث:أنّه مخصوص بالناسي و المعذور (1).و لأنّ حديثنا خاصّ و حديثهم عامّ مع ضعفه،فإنّ في طريقه يحيى بن أيّوب (2)،و ضعّفه أحمد.

و عن القياس بالفرق؛لأنّ النيّة مع أوّل الصلاة في النفل لا يؤدّي اشتراطها إلى تقليلها؛لأنّها لا تقع إلاّ بقصد و نيّة إلى فعلها.

أمّا اشتراط الصوم من الليل فإنّه يؤدّي إلى تقليل النفل،فإنّه ربّما عنّ (3)له الصوم بالنهار فعفي عن ذلك،كما تجوز الصلاة نفلا على الراحلة لهذه العلّة.

مسألة:و في امتداد وقتها للنافلة قولان:

اشارة

أحدهما:أنّه إلى الزوال،فيفوت بعده.ذهب إليه بعض علمائنا (4)،و هو الظاهر من كلام الشيخ في المبسوط (5)،و به قال أبو حنيفة (6)،و الشافعيّ في أحد قوليه (7)،و أحمد في إحدى الروايتين (8).

ص:31


1- 1بعض النسخ:و المنذور.
2- 2) يحيى بن أيّوب الغافقيّ أبو العبّاس المصريّ روى عن حميد الطويل و يحيى بن سعيد الأنصاريّ و عبد اللّه بن أبي بكر بن حزم و جمع كثير،و روى عنه شيخه ابن جريج و الليث.قال ابن حجر:كان أحمد يقول:يحيى بن أيّوب يخطئ خطأ كثيرا،و نقل الذهبيّ عن الدارقطنيّ أنّ في بعض حديثه اضطرابا،و ذكره العقيليّ في الضعفاء،مات سنة 168 ه. تهذيب التهذيب 11:186، [1]ميزان الاعتدال 4:362،الضعفاء الكبير للعقيليّ 4:391.
3- 3) بعض النسخ:عيّن.
4- 4) المختلف:212 نقله عن ابن أبي عقيل.
5- 5) المبسوط 1:277،الخلاف 1:377 مسألة-6.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:62،تحفة الفقهاء 1:349،بدائع الصنائع 2:85،الهداية للمرغينانيّ 1:119، شرح فتح القدير 2:241،مجمع الأنهر 1:233،عمدة القارئ 10:303.
7- 7) الأمّ 2:95،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:56،حلية العلماء 3:190،المهذّب للشيرازيّ 1:181، المجموع 6:292 و 302،فتح العزيز بهامش المجموع 6:310-311،مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137،الميزان الكبرى 2:22،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:132.
8- 8) المغني 3:29،30،الشرح الكبير بهامش المغني 3:33 و 35،الكافي لابن قدامة 1:473،الإنصاف 3:297، [2]زاد المستقنع:28.

و ثانيهما:أنّه يمتدّ وقتها بامتداد النهار،فتجوز النيّة بعد الزوال إلى أن يبقى من النهار ما يصحّ صومه،فلو انتهى النهار بانتهاء النيّة لم يقع الصوم،و هو اختيار السيّد المرتضى (1)،و ابن إدريس (2)،و أكثر علمائنا (3)،و هو قول للشافعيّ أيضا غير مشهور (4).قال الشيخ في الخلاف:لا أعرف به نصّا (5).

لنا:على امتداد النيّة بامتداد النهار ما رواه الجمهور و الأصحاب عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السّلام أنّهما يدخلان المنزل،فإن وجدا طعاما أكلا و إلاّ صاما،و قد تقدّم الحديثان من غير تعيين (6).

و ما رواه الشيخ في حديث هشام بن سالم الصحيح (7)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:«و إن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى» (8)و كذا حديث أبي بصير عنه عليه السّلام (9)،و حديث محمّد بن قيس عن الباقر عليه السّلام،عن عليّ صلوات اللّه عليه و آله (10)،فإنّه دالّ بإطلاقه على صورة النزاع.

ص:32


1- 1الانتصار:60،61،جمل العلم و العمل:89.
2- 2) السرائر:84.
3- 3) منهم:الشيخ الصدوق في الفقيه 2:97،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:278،و [1]ابن زهرة الحلبيّ في الغنية(الجوامع الفقهيّة):570-571،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):683،و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:154.
4- 4) حلية العلماء 3:191،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:292،فتح العزيز بهامش المجموع 6:310-311،مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137.
5- 5) الخلاف 1:377 مسألة-6.
6- 6) يراجع:ص 29،30. [2]
7- 7) خا و هامش ح:في الصحيح.
8- 8) التهذيب 4:188 الحديث 528 و 532،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 8. [3]
9- 9) التهذيب 4:186 الحديث 521،الوسائل 7:7 الباب 3 من أبواب وجوب الصوم الحديث 1. [4]
10- 10) التهذيب 4:187 الحديث 525،الوسائل 7:5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 5. [5]

و لأنّه نوى في جزء من النهار فكان مجزئا،كما لو نوى قبل الزوال.و لأنّ جميع الليل محلّ لنيّة الفرض،فإذا تعلّقت نيّة النفل بالنهار،كانت في جميعه.

احتجّ المخالف:بأنّ النيّة ينبغي أن تكون من أوّل النهار أو قبله،فإذا نوى قبل الزوال جاز ذلك تخفيفا،و جعلت نيّته مع معظم النهار بمنزلة نيّته مع جميعه،كما لو أدرك الإمام بعد الرفع لم يدرك الركعة؛لفوات معظمها،و لو أدركه قبله،أدركها؛ لإدراكه معظمها (1).

و الجواب:لا يعارض ما ذكرتموه ما تلوناه من الأحاديث العامّة و القياسات الكثيرة.

فرع :هل يحكم له بالصوم الشرعيّ المثاب عليه من وقت النيّة،أو من ابتداء

النهار؟

(2)

قال الشيخ في الخلاف بالثاني (3)،و به قال أكثر الشافعيّة،و قال آخرون منهم:إنّه يكون صائما من حين النيّة (4)،و به قال أحمد (5).

لنا:أنّ الصوم في اليوم الواحد لا يتبعّض فيه.و لأنّه لو جاز ذلك لجاز إذا أكل في أوّل النهار أن يصوم بقيّته.

و يؤيّده:رواية (6)هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (7).

احتجّ المخالف:بأنّ ما قبل النيّة لم يقصد بالإمساك فيه الصوم،

ص:33


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:62،63،المغني 3:31،المهذّب للشيرازيّ 1:181.
2- 2) ش و ك:مسألة.
3- 3) الخلاف 1:377 مسألة-7.
4- 4) حلية العلماء 3:191،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:292-293،فتح العزيز بهامش المجموع 6:315،316،مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:138.
5- 5) المغني 3:31،الشرح الكبير بهامش المغني 3:36،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:298.
6- 6) غ و ف:ما رواه.
7- 7) التهذيب 4:188 الحديث 528 و 532،الوسائل 7:6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 8.

فلا يكون طاعة (1).

و الجواب:لا امتناع في ذلك،كما لو نسي النيّة بعد فعلها،فإنّه يحكم بكونه صائما تلك الحال حكما و إن انتفى القصد في تلك الحال،و كما لو أدرك الإمام راكعا فإنّه يحسب له تلك الركعة و إن فات بعضها.

لا يقال:إنّما لم يجز لمن أكل الصوم بقيّة النهار؛لأنّه لم يترك حكم العادة،لا لما ذكرتموه.

و لأنّ رواية هشام تدلّ على أنّه يحسب له من وقت النيّة إذا أوقعها بعد الزوال.

و لرواية عبد اللّه بن سنان الصحيحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«فإن بدا له أن يصوم بعد ما ارتفع النهار فليصم،فإنّه يحسب له من الساعة التي نوى فيها» (2).

لأنّا نقول:لو كانت العلّة ترك العادة لكان-من شرب جرعة أو أكل شيئا يسيرا لا يحصل به غداء (3)-صائما،و ليس كذلك.و لا ريب في دلالة رواية هشام على أنّ الناوي بعد الزوال يحتسب (4)له من حين النيّة،و الناوي قبله يحتسب (5)له من أوّل النهار،فالأولى العمل بمضمونها،و تحمل رواية ابن سنان عليها؛لإمكانه.

إذا ثبت هذا،فالشرط عدم إيقاع ما يفسد الصوم لو كان صائما قبل النيّة،فلو فعل ما ينتقض به الصوم ثمّ نوى،لم يعتدّ به بلا خلاف.

مسألة:قال الشيخ في الخلاف:أجاز أصحابنا في رمضان خاصّة أن تتقدّم نيّته

ص:34


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:293،فتح العزيز بهامش المجموع 6:316،المغني 3:31، الشرح الكبير بهامش المغني 3:36.
2- 2) التهذيب 4:187 الحديث 524،الوسائل 7:5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم الحديث 3. [1]
3- 3) بعض النسخ:الغداء.و الغداء-بالمدّ-:طعام الغداة.المصباح المنير:443.
4- 4) بعض النسخ:يحسب.
5- 5) بعض النسخ:يحسب.

عليه بيوم أو أيّام (1).و قال في المبسوط:لو نوى قبل الهلال صوم الشهر،أجزأته النيّة السابقة إن عرض له ليلة الصيام سهو أو نوم أو إغماء،فإن كان ذاكرا فلا بدّ له من تجديدها (2)،و بنحوه قال في النهاية (3)و الجمل (4).و يمكن أن يحتجّ له بأنّ المقارنة غير شرط،و لهذا جاز تقديمها من أوّل الليل و إن يعقبها (5)الأكل و الشرب و الجماع،و إذا جاز ذلك،جاز أن يتقدّم بيوم أو يومين أو ثلاث؛لتقارب الزمان هنا،كما هو ثم.و لكنّ هذا ضعيف جدّا؛لأنّ تقديم النيّة من أوّل الليل مستفاد من مفهوم قوله عليه السّلام:«من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له» (6).و لأنّ مقارنة النيّة لأوّل طلوع الفجر عسر جدّا،فانتفى،و صار المعتبر فعلها في الزمان الممتدّ من أوّل الليل إلى آخره،بخلاف تقدّمها (7)باليوم و الأيّام.و لأنّه لا فاصل بين الليلة و اليوم بغيرهما،بخلاف الأيّام السابقة.و لأنّه قياس من غير جامع، فلا يكون مسموعا.

مسألة:و جوّز أصحابنا في رمضان أن ينوي من أوّل الشهر صومه أجمع

اشارة

و لا يحتاج كلّ ليلة إلى نيّة،و في غيره لا بدّ من نيّة (8)لكلّ يوم.و به قال مالك (9)،

ص:35


1- 1الخلاف 1:376 مسألة-5.
2- 2) المبسوط 1:276. [1]
3- 3) النهاية:151-152.
4- 4) الجمل و العقود:109.
5- 5) غ،ف،ق و خا:تعقّبها.
6- 6) سنن النسائيّ 4:197،سنن البيهقيّ 4:202،كنز العمّال 8:493 الحديث 23791.و بتفاوت ينظر: سنن أبي داود 2:329 الحديث 2454، [2]سنن الترمذيّ 3:108 الحديث 730، [3]سنن الدارميّ 2:6، [4]سنن الدارقطنيّ 2:171 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:213،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:181.
7- 7) بعض النسخ:تقديمها.
8- 8) ح:نيّته.
9- 9) مقدّمات ابن رشد 1:183،إرشاد السالك:48،بلغة السالك 1:145،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:145.

و أحمد في إحدى الروايتين (1)،و إسحاق (2)،و حكي عن زفر (3).

و قال أبو حنيفة (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد في رواية:أنّه لا بدّ من تجديد النيّة لكلّ يوم (6).

لنا:أنّه نوى في زمان يصلح جنسه لنيّة الصوم لا يتخلّل (7)بينه و بين فعله زمان يصلح جنسه لصوم سواه،فجاز ذلك،كما لو نوى اليوم الأوّل من ليلته.و لأنّه عبادة واحدة حرمته واحدة و يخرج منه بمعنى واحد هو الفطر،فصار كصلاة واحدة.و لأنّ حرمته حرمة واحدة فيؤثّر فيه النيّة الواحدة كما أثّرت في اليوم الواحد،إذا وقعت في ابتدائه.

احتجّ المخالف:بأنّه صوم واجب،فوجب أن ينويه من ليلته،كاليوم الأوّل و لأنّ هذه الأيّام عبادات يتخلّلها ما ينافيها،و لا يفسد بعضها بفساد بعض،فأشبهت القضاء (8).

و الجواب:مساواة الليلة الأولى لباقي الليالي،كما بيّنّا،فكما جاز إيقاع النيّة

ص:36


1- 1المغني 3:23،الشرح الكبير بهامش المغني 3:28،الكافي لابن قدامة 1:472،الإنصاف 3:295.
2- 2) المغني 3:23،الشرح الكبير بهامش المغني 3:28،المجموع 6:302.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:60.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:60،بدائع الصنائع 2:85،الهداية للمرغينانيّ 1:118 و 128،شرح فتح القدير 2:234،مجمع الأنهر 1:233.
5- 5) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:65،حلية العلماء 3:185،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:302، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 6:289 و 291، [2]مغني المحتاج 1:424،السراج الوهّاج:137،الميزان الكبرى 2:22،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:132.
6- 6) المغني 3:23،الشرح الكبير بهامش المغني 3:28،الكافي لابن قدامة 1:472،الإنصاف 3:295،زاد المستقنع:28.
7- 7) كثير من النسخ:لا يتحلّل.
8- 8) المغني 3:24،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المبسوط للسرخسيّ 3:60،بدائع الصنائع 2:85، المجموع 6:302.

في كلّ ليلة جاز في الأولى،و كونها عبادات متعدّدة صحيح من وجه،و هي متّحدة من وجه آخر على ما قدّمناه.

و اعلم أنّ عندي في هذه المسألة إشكالا؛إذ الحقّ أنّها عبادات منفصلة،و لهذا لا يبطل البعض بفساد الآخر،بخلاف الصلاة الواحدة و اليوم الواحد،و ما ذكره أصحابنا قياس محض لا نعمل به؛لعدم النصّ على الفرع و على علّته،لكنّ الشيخ رحمه اللّه (1)،و السيّد المرتضى رضي اللّه عنه ادّعيا هاهنا الإجماع (2)و لم يثبت عندنا ذلك،فالأولى تجديد النيّة لكلّ يوم من ليلته.

فروع:
الأوّل:إن قلنا بالاكتفاء بالنيّة الواحدة

فإنّ الأولى (3)تجديدها بلا خلاف.

الثاني:لو نذر شهرا معيّنا،أو أيّاما معيّنة متتابعة،لم يكتف فيها بالنيّة الواحدة،

أمّا عندنا؛فلعدم النصّ،و أمّا عندهم؛فللفرق بين صوم لا يقع فيه غيره،و بين صوم يجوز أن يقع فيه سواه.

الثالث:لو فاتته النيّة من أوّل الشهر لعذر و غيره،هل يكتفي بالواحدة في ثاني

ليلة أو ثالث ليلة للباقي من الشهر؟

فيه تردّد.

أمّا إن قلنا بعدم الاكتفاء في الأوّل قلنا به هاهنا،و إن قلنا بالاكتفاء هناك فالأولى الاكتفاء هنا؛لأنّ النيّة الواحدة قد كانت مجزئة عن الجميع فعن البعض أولى،لكنّ هذه كلّها قياسات لا يعتمد عليها.

مسألة:يستحبّ صيام يوم الثلاثين من شعبان

اشارة

إذا لم ير الهلال بنيّة أنّه من

ص:37


1- 1الخلاف 1:375 مسألة-3.
2- 2) الانتصار:61.
3- 3) ش:فالأولى.

شعبان،و لا يكره صومه،سواء كان هناك مانع من الرؤية كالغيم و شبهه،أو لم يكن هناك مانع.

و قال المفيد رحمه اللّه:إنّما يستحبّ مع الشكّ في الهلال لا مع الصحو و ارتفاع الموانع،و يكره مع الصحو و ارتفاع الموانع،إلاّ لمن كان صائما قبله (1)،و به قال الشافعيّ (2)،و الأوزاعيّ (3).

و قال أحمد:إن كانت السماء مصحية،كره صومه،و إن كانت مغيّمة،وجب صومه،و يحكم بأنّه من رمضان (4).و روي ذلك عن ابن عمر (5)،و قال الحسن، و ابن سيرين:إن صام الإمام صاموا،و إن أفطر أفطروا (6).و هو مرويّ عن أحمد (7).

و قال أبو حنيفة (8)،و مالك مثل قولنا (9).

لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السّلام أنّه قال:«لأنّ أصوم يوما من شعبان أحبّ إليّ من أن أفطر يوما من رمضان» (10).

ص:38


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:650. [1]
2- 2) المجموع 6:403 و 420.
3- 3) حلية العلماء 3:178،المجموع 6:420-421،عمدة القاري 10:279.
4- 4) المغني 3:14،الشرح الكبير بهامش المغني 3:5،الكافي لابن قدامة 1:468،الإنصاف 3:269-270،زاد المستقنع:28.
5- 5) المغني 3:13،الشرح الكبير بهامش المغني 3:5،المجموع 6:403،مقدّمات ابن رشد 1:186.
6- 6) حلية العلماء 3:179،المغني 3:13،الشرح الكبير بهامش المغني 3:6،المجموع 6:403 و 408.
7- 7) المغني 3:13،الشرح الكبير بهامش المغني 3:6،الكافي لابن قدامة 1:468،الإنصاف 3:270. [2]
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:63،تحفة الفقهاء 1:343،بدائع الصنائع 2:78،الهداية للمرغينانيّ 1:119، 120،شرح فتح القدير 2:243،مجمع الأنهر 1:343،عمدة القارئ 10:279.
9- 9) الموطّأ 1:309،بلغة السالك 1:242،عمدة القارئ 10:279.
10- 10) سنن الدارقطنيّ 2:170 الحديث 15،سنن البيهقيّ 4:211،212،المغني 3:16،الشرح الكبير بهامش المغني 3:6،المجموع 6:403 و 412،فتح العزيز بهامش المجموع 6:252،و من طريق الخاصّة،ينظر:الفقيه 2:79 الحديث 348،المقنع:59، [3]الوسائل 7:14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 9. [4]

و رووه عن عائشة (1)،و أبي هريرة (2).و رووا عن عائشة أنّها كانت تصومه (3)و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن حكيم قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن اليوم الذي يشكّ فيه،فإنّ الناس يزعمون أنّ من صامه بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان،فقال:«كذبوا،إن كان من شهر رمضان فهو يوم وفّقوا (4)له،و إن كان من غيره فهو بمنزلة ما مضى من الأيّام» (5).

و عن بشير النبّال،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن صوم يوم الشكّ،فقال:«صمه،فإن يك من شعبان كان تطوّعا،و إن يك من شهر رمضان فيوم وفّقت (6)له» (7).

و عن الكاهليّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن اليوم الذي يشكّ فيه من شعبان،قال:لأن أصوم يوما من شعبان أحبّ إليّ من أن أفطر يوما من رمضان» (8).

ص:39


1- 1مسند أحمد 6:126، [1]سنن البيهقيّ 4:211،مجمع الزوائد 3:148.
2- 2) سنن البيهقيّ 4:211.
3- 3) المجموع 6:403.
4- 4) ح:وفّق،كما في الاستبصار.
5- 5) التهذيب 4:181 الحديث 502،الاستبصار 2:77 الحديث 234،الوسائل 7:13،الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 7. [2]
6- 6) ص،ش و خا:وقعت.
7- 7) التهذيب 4:181 الحديث 504،الاستبصار 2:78 الحديث 236،الوسائل 7:12 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 3. [3]
8- 8) التهذيب 4:181 الحديث 505،الاستبصار 2:78 الحديث 237،الوسائل 7:12،الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 1. [4]

و لأنّه يوم محكوم به من شعبان،فلا يكره صومه،كما لو كانت عادته صيامه.

و لأنّ الاحتياط يقتضي الصوم،فلا وجه للكراهية،و لأنّه يوم محكوم به من شعبان،فكان كغيره من أيّامه.

احتجّ الشافعيّ (1):بما رواه أبو هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن صيام ستّة أيّام:اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان،و يوم الفطر،و يوم الأضحى، و أيّام التشريق (2).

و عن عمّار بن ياسر قال:من صام يوم الشكّ فقد عصى أبا القاسم صلّى اللّه عليه و آله (3).

و عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا تقدّموا هلال رمضان بيوم و لا بيومين إلاّ أن يوافق صوما كان يصومه أحدكم» (4).

و روى أصحابنا شبه ذلك،روي الشيخ عن هارون بن خارجة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«عدّ شعبان تسعة و عشرين يوما،فإن كانت متغيّمة (5)

ص:40


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:188،المجموع 6:406-407،مغني المحتاج 1:433.
2- 2) سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 6،سنن البيهقيّ 4:208،مجمع الزوائد 3:203.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:34،سنن أبي داود 2:300 الحديث 2334، [1]سنن الترمذيّ 3:70 الحديث 686، [2]سنن ابن ماجة 1:527 الحديث 1645،سنن النسائيّ 4:153،سنن الدارميّ 2:2، [3]الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:239 الحديث 3577 و ص 242 الحديث 3587 و ص 243 الحديث 3588،سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 5،سنن البيهقيّ 4:208،عمدة القارئ 10:279.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:35،صحيح مسلم 2:762 الحديث 1082،سنن أبي داود 2:300 الحديث 2335، [4]سنن الترمذيّ 3:68 الحديث 684،و ص 69 الحديث 685 و [5]ص 71 الحديث 687، سنن ابن ماجة 1:528 الحديث 1650،سنن النسائيّ 4:154،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:239 الحديث 3578 و ص 241 الحديث 3584،سنن الدارميّ 2:4،سنن الدارقطنيّ 2:159 الحديث 15،سنن البيهقيّ 4:207،عمدة القارئ 10:272.
5- 5) بعض النسخ:مغيّمة.

فأصبح صائما،و إن كانت مصحية و تبصّرته و لم تر شيئا فأصبح مفطرا» (1).

و عن عبد الكريم بن عمرو قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:[إنّي] (2)جعلت على نفسي أن أصوم حتّى يقوم القائم،فقال:«لا تصم في السفر،و لا العيدين، و لا أيّام التشريق،و لا اليوم الذي يشكّ فيه» (3)و عن قتيبة الأعشى قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن صوم ستّة أيّام:العيدين،و أيّام التشريق،و اليوم الذي يشكّ فيه من شهر رمضان» (4).

احتجّ أحمد (5):بما رواه ابن عمر قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما الشهر تسع و عشرون يوما فلا تصوموا حتّى تروا الهلال،و لا تفطروا حتّى تروه، فإن غمّ عليكم فاقدروا له» (6)و معنى الإقدار التضييق (7)،كما في قوله تعالى: وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ (8).

ص:41


1- 1التهذيب 4:159 الحديث 447 و ص 180 الحديث 501،الاستبصار 2:77 الحديث 233،الوسائل 7:216 الباب 16 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [1]
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التهذيب 4:183 الحديث 510،الاستبصار 2:79 الحديث 242،الوسائل 7:16 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 4:183 الحديث 509،الاستبصار 2:79 الحديث 241،الوسائل 7:16 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 2. [3]
5- 5) المغنى 3:15،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:6.
6- 6) صحيح البخاريّ 3:34،صحيح مسلم 2:759 الحديث 1080،سنن أبي داود 2:297 الحديث 2320، [5]الموطّأ 1:286 الحديث 2، [6]سنن الدارميّ 2:4، [7]مسند أحمد 2:5، [8]الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:242 الحديث 3585،سنن الدارقطنيّ 2:161 الحديث 22،سنن البيهقيّ 4:204.
7- 7) كثير من النسخ:التضيّق.
8- 8) الطلاق(65):7. [9]

و التضييق (1)له أن يجعل شعبان تسعة و عشرين يوما.و فعل ابن عمر ذلك، فكان يصوم مع الغيم و المانع،و يفطر لا معهما،و هو الراوي،فكان فعله تفسيرا.

و لأنّه شكّ في أحد طرفي الشهر لم يظهر فيه أنّه من غير رمضان،فوجب الصوم كالطرف الآخر.و لأنّ الاحتياط يقتضي الصوم.

و احتجّ ابن سيرين (2):بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«الصوم يوم تصومون، و الفطر يوم تفطرون،و الأضحى يوم تضحّون» (3)قيل معناه:أنّ الصوم و الفطر مع الجماعة و معظم الناس (4).

و الجواب:أنّ الأحاديث الدالّة على النهي منصرفة إلى الصوم بنيّة أنّه من رمضان؛لأنّه (5)ظاهرا من غير رمضان فاعتقاد أنّه منه قبيح،فإرادة فعله على هذا الوجه قبيحة و يقع الفعل باعتبار قبح الإرادة قبيحا،فكان منهيّا عنه،و النهي في العبادات يدلّ على الفساد.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن شهاب الزهريّ قال:سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول:«يوم الشكّ أمرنا بصيامه و نهينا عنه،أمرنا أن يصومه (6)الإنسان على أنّه من شعبان،و نهينا عن أن يصومه (7)على أنّه من شهر رمضان و هو لم ير الهلال» (8).

ص:42


1- 1كثير من النسخ:التضيّق.
2- 2) المغني 3:13،الشرح الكبير بهامش المغني 3:6.
3- 3) سنن أبي داود 2:297 الحديث 2324( [1]فيه:بتفاوت)،سنن الترمذيّ 3:80 الحديث 697، [2]سنن الدار قطنيّ 2:164 الحديث 35،كنز العمّال 8:488 الحديث 23760.
4- 4) سنن الترمذيّ 3:80، [3]المغني 3:14،الشرح الكبير بهامش المغني 3:6.
5- 5) هامش ح بزيادة:كان.
6- 6) كثير من النسخ:أن يصوم.
7- 7) ش:نصومه،ن:نصوم.
8- 8) التهذيب 4:164 الحديث 463 و ص 183 الحديث 511،الاستبصار 2:80 الحديث 243،الوسائل 7:16 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 4. [4]

و حديث أحمد على الوجوب معارض بما رواه البخاريّ بإسناده عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«صوموا لرؤيته،و أفطروا لرؤيته،فإن غمّ عليكم فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين» (1).

على أنّ مسلما رواه-في الصحيح-عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذكر رمضان فقال:«صوموا لرؤيته،و أفطروا لرؤيته فإن غمّ عليكم فاقدروا له ثلاثين» (2).

و في حديث آخر عن ربعيّ بن حراش (3)أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«صوموا لرؤيته،و أفطروا لرؤيته،فإن غمّ عليكم فعدّوا شعبان ثلاثين (4)،ثمّ صوموا،و إن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ثمّ أفطروا» (5).

و لأنّ الأصل بقاء شعبان فلا ينتقل عنه بالشكّ،و لهذا لا يحلّ الدين المعلّق بشهر رمضان،و لا الطلاق المعلّق به عنده.و أمّا الكراهية مع الصحو فمنفيّة بما ذكرناه من الأدلّة.

و قد روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصل شعبان برمضان (6)،

ص:43


1- 1صحيح البخاريّ 3:34.
2- 2) صحيح مسلم 2:759 الحديث 1080.
3- 3) ربعيّ بن حراش بن جحش بن عمرو بن عبد اللّه بن بجاد العبسيّ أبو مريم الكوفيّ روى عن عمر و عليّ عليه السّلام و ابن مسعود و أبي موسى و عمران بن حصين و حذيفة بن اليمان،و روى عنه عبد الملك بن عمير و أبو مالك الأشجعيّ و الشعبيّ،مات سنة:101 و قيل 100 و قيل:104 ه. تهذيب التهذيب 3:236، [1]العبر 1:91. [2]
4- 4) غ بزيادة:يوما،كما في بعض المصادر.
5- 5) سنن الدارقطنيّ 2:160 الحديث 20،و بتفاوت ينظر:سنن أبي داود 2:298 الحديث 2326، [3]سنن النسائيّ 4:135،سنن الدارقطنيّ 2:160 الحديث 23،24،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5:190 الحديث 3449،سنن البيهقيّ 4:208،المصنّف لعبد الرزّاق 4:164 الحديث 7337، [4]كنز العمّال 8:488 الحديث 23758.
6- 6) سنن أبي داود 2:300 الحديث 2336،سنن ابن ماجة 1:528 الحديث 1648،1649، سنن النسائيّ 4:150 و 199،سنن الدارميّ 2:17،سنن البيهقيّ 4:210،مجمع الزوائد 3:192، المعجم الكبير للطبرانيّ 22:224 الحديث 594.

و هو عامّ،و يحمل (1)نهي تقديم الصوم على العاجز ليقوى بالإفطار على الصوم الواجب،كما حمل رواية أبي هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام حتّى يكون رمضان» (2).

و احتجاج ابن سيرين ورد على الظاهر إذ الغالب عدم خفاء الهلال عن جماعة كثيرة،و خفاؤه عن واحد و اثنين،لا العكس.

فروع:
الأوّل:لو نوى أنّه من رمضان كان حراما،و لم يجزئه لو خرج من رمضان؛

لما بيّنّاه من أنّ النهي يدلّ على الفساد،و لحديث عليّ بن الحسين عليهما السّلام (3).

و لما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في يوم الشكّ:«من صامه قضاه و إن كان كذلك» (4)يريد:من صامه على أنّه من رمضان (5)،و يدلّ عليه قوله عليه السّلام:«و إن كان كذلك»لأنّ التشبيه إنّما هو للنيّة.

و لو نوى أنّه من شعبان ندبا،ثمّ بان أنّه من رمضان،أجزأ عنه؛لأنّه صوم شرعيّ غير منهيّ عنه،فكان مجزئا عن الواجب،لأنّ رمضان لا يقع فيه غيره،

ص:44


1- 1ن و م:و نحمل.
2- 2) سنن أبي داود 2:300 الحديث 2337، [1]سنن ابن ماجة 1:528 الحديث 1651،سنن الترمذيّ 3:115 الحديث 738، [2]سنن الدارميّ 2:17، [3]مسند أحمد 2:442، [4]سنن البيهقيّ 4:209،كنز العمّال 8:506 الحديث 23857،المصنّف لعبد الرزّاق 4:161 الحديث 7325 [5] في بعض المصادر بتفاوت.
3- 3) التهذيب 4:294 الحديث 895،الوسائل 7:14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 8. [6]
4- 4) التهذيب 4:162 الحديث 457،الوسائل 7:17 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 5. [7]
5- 5) ح:من صامه على أنّه من شهر رمضان بغير رؤية،قضاه،كما في المصادر.

و نيّة الوجوب ساقطة؛للعذر،كناسي النيّة إلى قبل الزوال،و لما ذكرناه من الأحاديث (1).

الثاني:لو نوى أنّه واجب أو ندب و لم يعيّن لم يصحّ صومه،

و لا يجزئه لو خرج من رمضان إلاّ أن يجدّد النيّة قبل الزوال.

الثالث:لو نوى أنّه من رمضان فقد بيّنّا أنّه لا يجزئه-

و تردّد (2)الشيخ في الخلاف (3)-فلو ثبت الهلال قبل الزوال،جدّد النيّة و أجزأه؛لأنّ محلّ النيّة باق.

الرابع:لو صامه بنيّة أنّه من شعبان ندبا،ثمّ بان أنّه من رمضان

و النهار باق، جدّد نيّة الوجوب،و لو لم يعلم حتّى فات النهار أجزأ عنه على ما بيّنّا (4).

الخامس:لو نوى أنّه إن كان من رمضان فهو واجب،

و إن كان من شعبان فهو ندب،للشيخ قولان:

أحدهما:الإجزاء لو بان من رمضان،ذكره في الخلاف؛لأنّ نيّة القربة كافية و قد نوى القربة (5).

و الثاني:لا يجزئه (6)-و به قال الشافعيّ (7)-لأنّ نيّته متردّدة،و الجزم شرطها، و التعيين ليس بشرط إذا علم أنّه من شهر رمضان،أمّا فيما لا يعلم فلا نسلّم ذلك.

السادس:لو نوى الإفطار لاعتقاد أنّه من شعبان،فبان من رمضان قبل الزوال

و لم يتناول شيئا،نوى حينئذ الصوم الواجب،و أجزأه؛لما بيّنّا أنّ محلّ النيّة إلى

ص:45


1- 1يراجع:ص 42،43.
2- 2) بعض النسخ:و قد تردّد.
3- 3) الخلاف 1:378 مسألة-9.
4- 4) غ:بيّنّاه.
5- 5) الخلاف 1:382 مسألة-21،22.
6- 6) النهاية:151. [1]
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:56،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:295،296،فتح العزيز بهامش المجموع 6:323-325،مغني المحتاج 1:425،السراج الوهّاج:138.

الزوال،و العذر موجود و هو الجهل،فكان كتارك النيّة نسيانا.

و لو ظهر له ذلك بعد الزوال أمسك بقيّة نهاره و وجب عليه القضاء،و به قال أبو حنيفة (1).

و الشافعيّ أوجب القضاء في الموضعين (2)،و قد سلف ضعفه (3).

و روي عن عطاء أنّه قال:يأكل بقيّة يومه (4).و لا نعلم أحدا قاله سواه،إلاّ في رواية عن أحمد،ذكرها أبو الخطّاب (5).

و احتجّوا:بالقياس على المسافر (6)،و هو خطأ؛لأنّ للمسافر الفطر بعد قدومه ظاهرا و باطنا،بخلاف صورة النزاع.و لما رواه الجمهور (7)عن ابن عبّاس أنّ الأعرابيّ لمّا شهد بالهلال،أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الناس بالصوم و صام (8).

السابع:لو نوى الصوم في رمضان،ثمّ نوى الخروج منه بعد انعقاده،لم يبطل

صومه،

قال الشيخ-رحمه اللّه (9)-و الشافعيّ في أحد قوليه.و في الآخر:يبطل؛ لأنّ النيّة شرط في صحّته و لم يحصل (10).

ص:46


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:63،بدائع الصنائع 2:78،79.
2- 2) الأمّ 2:102،حلية العلماء 3:179،المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:271،مغني المحتاج 1:438،السراج الوهّاج:143.
3- 3) يراجع:ص 42.
4- 4) المغني 3:74،الشرح الكبير بهامش المغني 3:15.
5- 5) المغني 3:74،الشرح الكبير بهامش المغني 3:15،زاد المستقنع:28،الإنصاف 3:281.
6- 6) المغني 3:74،الشرح الكبير بهامش المغني 3:15.
7- 7) ح:لما رواه الجمهور.
8- 8) سنن أبي داود 2:302 الحديث 2340،سنن ابن ماجة 1:529 الحديث 1652،سنن الترمذيّ 3:74 الحديث 691،سنن النسائيّ 4:131-132،سنن الدارميّ 2:5،سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 7-12،سنن البيهقيّ 4:212 في بعض المصادر بتفاوت.
9- 9) المبسوط 1:278، [1]الخلاف 1:401 مسألة-89.
10- 10) حلية العلماء 3:187،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:297.

لنا:أنّه صام بشرطه،و هو النيّة،فكان مجزئا و لا يبطل بعد انعقاده،و نمنع (1)كون استدامة النيّة شرطا.

الثامن:لو شكّ هل يخرج أم لا،لم يخرج عندنا؛

لما تقدّم في المتيقّن،فمع الشكّ أولى،و للشافعيّ وجهان (2).

التاسع:لو نوى أنّه يصوم غدا من رمضان لسنة تسعين مثلا،و كانت سنة

إحدى و تسعين و غلط في ذلك،صحّت نيّته،

خلافا لبعض الشافعيّة (3)؛لأنّه صام بشرطه فلا يؤثّر فيه غلطه،كما لو حسب أنّه الاثنين فنواه و كان الثلاثاء.

العاشر:لو كان عليه قضاء اليوم الأوّل من رمضان،فنوى قضاء اليوم الثاني،

أو كان عليه يوم من سنة أربع فنواه من سنة خمس،الحقّ عندي أنّه لا يجزئ؛لأنّه صوم لا يتعيّن بزمان،فلا بدّ فيه من النيّة،و الذي عليه لم ينوه،فلم يكن مجزئا، كما لو كان عليه رقبة من ظهار فنواها عن الفطر.

الحادي عشر:لو أخبره عدل واحد برؤية الهلال،فإن قلنا بالاكتفاء فيه بالشاهد

الواحد فلا بحث،

و إن أوجبنا الشاهدين فهل يجوز له أن ينوي عن رمضان واجبا؟ فيه تردّد ينشأ،من كون المخبر إفادة الظنّ بخبره،فجاز له النيّة،و يجزئه لو بان أنّه من رمضان؛لأنّه نوى بضرب من الظنّ،فكان كالشاهدين.و من كونه يوما محكوما به (4)من شعبان لم يخرج عن كونه يوم شكّ بشهادة الواحد،فكان الواجب نيّة النفل.و الأخير عندي أقرب.

ص:47


1- 1بعض النسخ:و يمنع.
2- 2) حلية العلماء 3:187،المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:297،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:133.
3- 3) حلية العلماء 3:189،المجموع 6:295،فتح العزيز بهامش المجموع 6:295،مغني المحتاج 1:425،السراج الوهّاج:138.
4- 4) ش:بأنّه،مكان:به.
الثاني عشر:لو كان عارفا بحساب المنازل و التسيير ،

(1)

أو أخبره العارف بذلك بالهلال من غير مشاهدة،فهل يجزئه الصوم لو نوى أنّه من رمضان؟فيه التردّد،من حيث إنّ المخبر إفادة الظنّ،كما لو أخبر عن مشاهدة،و من حيث إنّه لم يخرج كونه يوم شكّ،و التردّد هنا أضعف؛لأنّ الحساب ليس بطريق إلى إثبات الأهلّة و لا يتعلّق وجوبه به،و إنّما يثبت بالرّؤية أو استكمال ثلاثين،و لا ريب في عدم الوجوب هاهنا،بخلاف المخبر الواحد عن الرؤية؛لوقوع الخلاف هناك و إن كان الحقّ عدمه أيضا على ما يأتي.

الثالث عشر:لو نوى أنّه صائم غدا إن شاء اللّه،فإن قصد الشكّ و التردّد،

لم يصحّ صومه؛لأنّه لم يفعل نيّة جازمة فلا تكون مجزئة،كما لو تردّد بين الصوم و عدمه.و إن قصد التبرّك،أو أنّ ذلك موقوف على مشيئة اللّه تعالى و توفيقه و تمكينه،لم يكن شرطا و صحّ صومه.

الرابع عشر:لو نوى قضاء رمضان أو تطوّعا،لم يجزئه،لأنّه صوم لا يتعيّن

بوقته فافتقر إلى التعيين.

و لأنّه جعله مشتركا بين الفرض و النفل،فلا يتعيّن لأحدهما؛لعدم الأولويّة،و لا لغيرهما؛لعدم القصد.

و قال أبو يوسف:إنّه يقع عن القضاء؛لأنّ التطوّع لا يفتقر إلى التعيين،فكأنّه نوى القضاء،و صوما مطلقا.و قال محمّد:يقع تطوّعا (2).و به قال الشافعيّ (3)؛لأنّ زمان القضاء يصلح للتطوّع،فإذا سقطت نيّة الفرض بالتشريك بقي نيّة الصوم،فوقع تطوّعا.

ص:48


1- 1بعض النسخ:و التيسير.
2- 2) كذا نسب إليهما،و الموجود في المصادر هكذا:يقع صومه عن رمضان و لا يكون عن غيره بنيّة. المبسوط للسرخسيّ 3:142،تحفة الفقهاء 1:348،بدائع الصنائع 2:84،الهداية للمرغينانيّ 1:118،119،شرح فتح القدير 2:239-240،مجمع الأنهر 1:233.
3- 3) الأمّ 2:102،المجموع 6:299.

و الجواب عن الأوّل:أنّ التطوّع و إن لم يفتقر إلى التعيين،إلاّ أنّه يصحّ أن ينويه و يعيّنه،و هو مناف للفرض فلا يصحّ مجامعته،بخلاف ما لو نوى الفرض و الصوم المطلق؛لأنّه جزء من الفرض غير مناف له فافترقا.

و عن الثاني:أنّ زمان القضاء كما هو صالح للتطوّع فكذا للقضاء،فلا تخصيص، و نيّتهما واقعة،و ليس سقوط نيّة الفرض للتشريك أولى من سقوط نيّة النفل،فإمّا أن يسقطا و هو المطلوب،أو ثبتا و هو محال.

الخامس عشر:لو نوى ليلة الثلاثين من رمضان أنّه إن كان غدا من رمضان فإنّه

صائم منه،

و إن كان من شوّال فهو مفطر،قال بعض الشافعيّة:صحّت نيّته و صومه؛ لأنّه بنى نيّته على أصل و هو بقاء الشهر (1)،و عندي فيه تردّد.

و لو نوى أنّه صائم فيه عن رمضان أو نافلة لم يجز بلا خلاف؛لأنّه جعله مشتركا و لم يخلصه للفرض.

السادس عشر:لو ترك النيّة عامدا إلى الزوال ثمّ جدّدها لم يجزئه على ما

تقدّم ،

(2)

و يجب عليه الإمساك و القضاء،و هل يثاب على الإمساك؟قيل:لا؛لعدم الاعتداد به و عدم الإجزاء،فكان كما لو أكل متعمّدا ثمّ أمسك (3)،و الصحيح عندي أنّه يثاب عليه ثواب الإمساك؛لأنّه واجب يستحقّ (4)بتركه العقاب فيستحقّ بفعله الثواب،لا ثواب الصوم.

السابع عشر:قد بيّنّا أنّ محلّ النيّة من أوّل الليل إلى الزوال مع النسيان في

الصوم الواجب رمضان كان أو غيره،

(5)

فإن خرج الزوال و لم ينو،خرج محلّ النيّة في

ص:49


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:294،فتح العزيز بهامش المجموع 6:326-327،مغني المحتاج 1:426،السراج الوهّاج:138.
2- 2) يراجع:ص 21. [1]
3- 3) المجموع 6:272،292-293،فتح العزيز بهامش المجموع 6:316.
4- 4) بعض النسخ:مستحقّ.
5- 5) يراجع:ص 21. [2]

الفرض دون النفل.هذا لمن أصبح بنيّة الإفطار،أمّا لو أصبح بنيّة الصوم ندبا في يوم الشكّ،فإنّه يجدّد نيّة الوجوب مع قيام البيّنة متى كان من النهار.

الثامن عشر:لو أصبح بنيّة الإفطار مع علمه بأنّه من الشهر و وجوبه عليه،

ثمّ جدّد النيّة لم يجزئه،سواء كان قبل الزوال أو بعده،لأنّه قد مضى من الوقت زمان لم يصمه،و لم يكن بحكم الصائم فيه من غير عذر،و يجب عليه الإمساك،سواء أفطر أولا،و وجب عليه القضاء.

التاسع عشر:قال الشيخ في المبسوط:النيّة و إن كانت إرادة لا تتعلّق بالعدم،

فإنّما تتعلّق بالصوم بإحداث توطين النفس و قهرها على الامتناع بتجديد (1)الخوف من عقاب اللّه و غير ذلك،أو يفعل كراهية لحدوث هذه الأشياء،فتكون متعلّقة على هذا الوجه و لا تنافي الأصول (2).

و تحرير ما استشكله الشيخ أنّ الإرادة صفة مميّزة لبعض المقدورات من بعض يقتضي تخصيص إيقاع الفاعل لبعضها دون الباقي فهي النيّة إنّما (3)تتعلّق بالممكنات المقدورة لنا.

إذا تقرّر هذا فنقول:النفي غير مقدور لنا على رأي قوم؛لأنّ القدرة تتعلّق بالإيجاد؛إذ لا تخصيص للعدم،فلا يكون بعضه مقدورا دون بعض.و لأنّه مستمرّ، و الصوم عبارة عن الإمساك،و هو في الحقيقة راجع إلى النفي فكيف تصحّ إرادته! فأجاب الشيخ بأنّ متعلّق الإرادة توطين النفس على الامتناع و قهرها عليه بتخويفها من العقاب و هو معنى وجوديّ.

أو نقول:الإرادة هاهنا راجعة إلى الكراهة (4)أعني أنّه يحدث كراهية تتعلّق

ص:50


1- 1بعض النسخ:بتحذير.
2- 2) المبسوط 1:278. [1]
3- 3) ش:و إنّما.
4- 4) ن،م و ح:الكراهية.

بإحداث المفطرات.هذا ما قرّره الشيخ،و الحقّ في ذلك قد ذكرناه في كتبنا الكلاميّة (1).

العشرون:نيّة صوم الصبيّ منعقدة و صومه شرعيّ

و لو (2)بلغ قبل الزوال بغير المبطل وجب عليه تجديد نيّة الفرض و إلاّ فلا.

الحادي و العشرون:لو نوى صوم يوم الشكّ عن فرض عليه،أجزأه،

سواء وافق ذلك صوم يوم عادته صومه،أولا،و سواء صام قبله أولا،و لا يكره له ذلك.

و قال بعض الشافعيّة:يكره له (3)،و هو خطأ؛لأنّه إذا جاز له أن يصومه تطوّعا لسبب من موافقة (4)يوم عادته صومه أو تقدّم صومه عليه،ففي الفرض أولى، كالوقت الذي نهي عن الصلاة فيه.على أنّا نمنع كراهية صومه منفردا،و قد سلف.

إذا ثبت هذا،فلو صامه تطوّعا من غير سبب فعندنا أنّه مستحبّ و لا بحث (5)حينئذ،و عند المفيد-رحمه اللّه-أنّه مكروه (6)،على ما تقدّم،و كذا عند الشافعيّ، فهل يصحّ أم لا؟قال بعض الشافعيّة:لا يصحّ؛لأنّ الغرض به القربة و هي لا تحصل بذلك (7)،و فيه نظر.

ص:51


1- 1ينظر:كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد:194.
2- 2) بعض النسخ:فلو.
3- 3) حلية العلماء 3:213،المهذّب للشيرازيّ 1:188،المجموع 6:399-400،فتح العزيز بهامش المجموع 6:414.
4- 4) بعض النسخ:موافقه.
5- 5) كثير من النسخ:و لا يجب.
6- 6) يستفاد من المقنعة:48 و 59 الاستحباب،و نقل عنه في المعتبر 2:650:«و [1]يكره مع الصحو»،و قال صاحب الحدائق 13:43:«و ما نقل هنا عن الشيخ المفيد قدّس سرّه لعلّه من غير المقنعة؛لأنّ كلامه في المقنعة صريح في الاستحباب مطلقا.
7- 7) المهذّب للشيرازى 1:188،المجموع 6:400،فتح العزيز بهامش المجموع 6:414-415،مغني المحتاج 1:433.

البحث الثاني

اشارة

فيما يمسك عنه الصائم

يجب الإمساك عن الأكل و الشرب،و الجماع و الإنزال،و الكذب على اللّه و على رسوله و الأئمّة عليهم السّلام،و الارتماس في الماء،و إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق،و البقاء (1)على الجنابة حتّى يطلع الفجر من غير ضرورة،و معاودة النوم بعد انتباهة حتّى يطلع الفجر،و القيء عامدا،و الحقنة،و جميع المحرّمات، فهاهنا (2)مسائل:

المسألة الأولى:وجوب الإمساك عن الأكل و الشرب نهارا مستفاد من النصّ

و الإجماع.

قال اللّه تعالى: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (3).

و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«و الذي نفسي بيده لخلوف (4)فم الصائم أطيب عند اللّه من ريح المسك،بترك طعامه و شرابه و شهوته

ص:52


1- 1كثير من النسخ:و المقام.
2- 2) ش،م و ن:فهنا.
3- 3) البقرة(2):187. [1]
4- 4) كثير من النسخ:لخلوق.

من أجلي» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان بلال يؤذّن للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين يطلع الفجر،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام و الشراب،فقد أصبحتم» (2).

و في الصحيح عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت:متى يحرم الطعام (3)على الصائم و تحلّ الصلاة صلاة الفجر؟فقال:«إذا اعترض الفجر و كان كالقبطيّة (4)البيضاء فثمّ يحرم الطعام و تحلّ الصلاة صلاة الفجر»قلت:فلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟فقال:«هيهات،أين تذهب؟تلك صلاة الصبيان» (5).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:

«لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال:الطعام و الشراب،و النساء، و الارتماس في الماء» (6).

ص:53


1- 1صحيح البخاريّ 3:31،صحيح مسلم 2:807 الحديث 1151،سنن الترمذيّ 3:136 الحديث 764، سنن النسائي 4:162-163،الموطّأ 1:310 الحديث 58، [1]سنن الدارميّ 2:24-25، [2]مسند أحمد 2:495، [3]سنن الدارقطنيّ 2:203 الحديث 5،سنن البيهقيّ 4:304،كنز العمّال 8:456 الحديث 23636،المصنّف لعبد الرزّاق 4:306 الحديث 7892، [4]المعجم الكبير للطبرانيّ 3:45 الحديث 1235، مجمع الزوائد 3:165.
2- 2) التهذيب 4:184 الحديث 513،الوسائل 7:78 الباب 42 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [5]
3- 3) ح بزيادة:و الشراب،كما في الوسائل. [6]
4- 4) أكثر النسخ:كالقطنة،و في بعضها:كالهبطيّة.القبطيّة:الثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء.النهاية لابن الأثير 4:6. [7]
5- 5) التهذيب 4:185 الحديث 514،الوسائل 3:152 الباب 27 من أبواب المواقيت الحديث 1. [8]
6- 6) التهذيب 4:202 الحديث 584،الاستبصار 2:80 الحديث 244،الوسائل 7:18 الباب 1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [9]

و قد أجمع المسلمون:على الفطر بالأكل و الشرب و إن اختلفوا في تفاصيل تأتي إن شاء اللّه.

المسألة الثانية:يقع الإفطار بالأكل و الشرب للمعتاد بلا خلاف على ما تقدّم،

أمّا ما ليس بمعتاد فذهب علماؤنا إلى أنّه يفطر،و أنّ حكمه حكم المعتاد،سواء تغذّى به أو لم يتغذّ به،و هو قول عامّة أهل العلم،إلاّ ما نستثنيه.

و قال الحسن بن صالح بن حيّ:لا يفطر بما ليس بطعام و لا شراب (1).

و حكي عن أبي طلحة الأنصاريّ أنّه كان يأكل البرد في الصوم،و يقول:ليس بطعام و لا شراب (2).

و قال أبو حنيفة:لو ابتلع حصاة أو فستقة بقشرها،لم تجب الكفّارة فيعتبر في إيجاب الكفّارة ما يتغذّى به أو يتداوى به (3).

لنا:دلالة الكتاب و السنّة على تحريم الأكل و الشرب على العموم،فيدخل فيه محلّ النزاع،و فعل أبي طلحة لم يثبت،و لو ثبت لم يكن حجّة.و لأنّ الإمساك يجب عمّا يصل إلى الجوف،و تناول ما ليس بمعتاد-كالحصاة و المياه المستخرجة من الأشجار-ينافي الإمساك،فكان مفسدا للصوم.

المسألة الثالثة:بقايا الغذاء المستخلفة بين أسنانه إذا ابتلعها نهارا فسد صومه،

سواء أخرجها من فمه أو لم يخرجها.

و قال أحمد:إن كان يسيرا لا يمكنه التحرّز منه فابتلعه لم يفطر،و إن كان كثيرا أفطر (4).

ص:54


1- 1حلية العلماء 3:194،المغني و الشرح 3:37،38،المجموع 6:317.
2- 2) المغني و الشرح 3:37،38،المجموع 6:317.و قريب منه في مسند أحمد 3:279.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:74،100 و 138،تحفة الفقهاء 1:353 و 355،بدائع الصنائع 2:99،الهداية للمرغينانيّ 1:124،شرح فتح القدير 2:260،مجمع الأنهر 1:241-242.
4- 4) المغني 3:46، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:49-50، [2]الإنصاف 3:307.

و قال الشافعيّ:إن كان ممّا يجري به الريق،و لا يتميّز عنه،فبلعه مع ريقه، لم يفطره،و إن كان بين أسنانه شيء من لحم أو خبز حصل في فيه،متميّزا عن الريق،فابتلعه مع ذكره للصوم،فسد صومه (1).

و قال أبو حنيفة:لا يفطر به (2).

لنا:أنّه بلع طعاما مختارا ذاكرا،فوجب أن يفطر،كما لو ابتدأ أكلا.و لأنّه جنس المفطر فتساوى الكلّ،و الجزء فيه،كالماء.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لا يمكنه التحرّز منه،فأشبه ما يجري به الريق (3).

و الجواب:بأنّ ما يجري به الريق لا يمكنه لفظه،و البصاق لا يخرج به جميع الريق،و في توالي البصاق مشقّة،فيكون منفيّا.

و قد تحصّل من هذا:إن كان موضع يمكنه التحرّز منه و لفظه،يجب،و كلّ موضع لا يمكنه ذلك،فإنّه لا يفطره.

المسألة الرابعة:الريق إذا جرى على حلقه على ما جرت به العادة،لا يفطر؛

اشارة

لأنّه لا يمكن الاحتراز عنه و لا بدّ منه،و لو انقطع جفّ حلقه.

و لو جمعه في فيه ثمّ ابتلعه،لم يفطر،و للشافعيّ قولان:أحدهما الإفطار (4).

ص:55


1- 1الأمّ 2:96،حلية العلماء 3:194،الميزان الكبرى 2:23،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:133،المجموع 6:317،فتح العزيز بهامش المجموع 6:394-395،مغني المحتاج 1: 429-430،السراج الوهّاج:140.
2- 2) كذا نسب إليه،و الموجود في كتبه التفصيل بين القليل و الكثير،ينظر:المبسوط للسرخسيّ 3:93-94، تحفة الفقهاء 2:353،بدائع الصنائع 2:90،الهداية للمرغينانيّ 1:123،شرح فتح القدير 2:258، مجمع الأنهر 1:246،الدرّ المنتقى في شرح الملتقى بهامش مجمع الأنهر 1:246.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:94،تحفة الفقهاء 3:353،بدائع الصنائع 2:90،الهداية للمرغينانيّ 1:123، شرح فتح القدير 2:258.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:315-318،فتح العزيز بهامش المجموع 6:391،مغني المحتاج 1:429،السراج الوهّاج:140.

لنا:أنّه وصل إلى جوفه من معدته،فلا يكون مفطرا،كالقليل.و لأنّ قليله لا يفطر،فكذا كثيره.

فروع:
الأوّل:لو أخرجه من فيه إلى طرف ثوبه أو بين أصابعه،

(1)

ثمّ ابتلعه،أفطر.

الثاني:لو ترك في فمه حصاة أو درهما،فأخرجه و عليه بلّة من الريق،

(2)

ثمّ أعاده في فيه،فالوجه الإفطار،قلّ أو كثر؛لابتلاعه البلل الذي على ذلك الجسم.

و قال بعض الجمهور:لا يفطر إن كان قليلا (3).

الثالث:لو ابتلع ريق غيره،أفطر.

لا يقال:قد روت عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقبّلها و هو صائم و يمصّ لسانها (4).

لأنّا نقول:قد طعن أبو داود في هذه الرواية و قال:إنّ سندها ليس بصحيح (5).

و لو سلّمنا،فلا نسلّم أنّ المصّ كان في الصوم،فيجوز أنّه كان يقبّلها في الصوم، و يمصّ لسانها في غيره.سلّمنا،لكنّ المصّ لا يستلزم الابتلاع،فيجوز أن يمصّ ريقها و يبصقه.سلّمنا،لكن يجوز أن لا يكون على لسانها شيء من الريق.

لا يقال:قد روى الشيخ عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ص:56


1- 1بعض النسخ:لو خرج.
2- 2) م و ح:فيه.
3- 3) المغني 3:41،الشرح الكبير بهامش المغني 3:74،الكافي لابن قدامة 1:475-476،الإنصاف 3:325.
4- 4) سنن أبي داود 2:311 الحديث 2386، [1]سنن البيهقيّ 4:234.
5- 5) المغني 3:41،الشرح الكبير بهامش المغني 3:42،74-75،المجموع 6:318،عمدة القارئ 11:9.

الصائم يقبّل؟قال:«نعم،و يعطيها لسانه تمصّه» (1).

و عن أبي ولاّد الحنّاط قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي أقبّل بنتا لي صغيرة و أنا صائم،فيدخل في جوفي من ريقها شيء،قال:فقال لي:«لا بأس، ليس عليك شيء» (2).

و في الحسن عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن الرجل الصائم،أله أن يمصّ لسان المرأة أو تفعل المرأة ذلك؟قال:«لا بأس» (3).

لأنّا نقول:قد بيّنّا أنّ المصّ لا يستلزم الابتلاع.و حديث أبي ولاّد لم يذكر فيه أنّ الريق وصل إلى جوفه بالمصّ؛لاستحالة ذلك في البنت شرعا،فجاز أن يبلع (4)شيئا من ريقها بسبب القبلة من غير شعور أو تعمّد.

الرابع:لو أبرز لسانه و عليه ريق ثمّ ابتلعه،لم يفطر؛

(5)

لأنّه لم ينفصل عن محلّه المعتاد،فكان كما لو وجد الريق على لسانه باطنا.

الخامس:لو جمع في فمه قلسا و ابتلعه،فإن كان خاليا من الطعام،

لم يفطر؛

(6)(7)

لما رواه محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القلس، يفطر الصائم؟قال:«لا» (8).

و لو مازجه غذاء و تعمّد اجتلابه (9)،أفطر و إن لم يبتلعه (10)،و لو لم يتعمّد،

ص:57


1- 1التهذيب 4:319 الحديث 974،الوسائل 7:72 الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:319 الحديث 976،الوسائل 7:71 الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 4:320 الحديث 978،الوسائل 7:72 الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [3]
4- 4) ك،م و ق:يبلغ،ش:يبتلع.
5- 5) بعض النسخ:و عليه الماء،مكان:و عليه ريق.
6- 6) ص،ق،خاوح:فيه.
7- 7) قلس من باب ضرب:خرج من بطنه طعام أو شراب إلى الفم.المصباح المنير 2:513. [4]
8- 8) التهذيب 4:265 الحديث 795،الوسائل 7:63 الباب 30 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [5]
9- 9) ق و ح:ابتلاعه.
10- 10) ف،غ و ح:يبلعه.

لم يفطر باجتلابه،و أفطر بابتلاعه عمدا.

السادس:لو ابتلع النخامة المجتلبة من صدره أو رأسه،لم يفطر.

و قال الشافعيّ:يفطر (1)،و عن أحمد روايتان (2).

لنا:أنّه معتاد في الفم غير واصل من خارج فأشبه الريق.و لأنّ البلوى تعمّ به؛ لعدم انفكاك الصائم عنه،فالاحتراز عنه مشقّة عظيمة،فوجب العفو عنه،كالريق.

و يؤيّده:ما رواه غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس أن يزدرد الصائم نخامته» (3).

احتجّوا:بأنّه يمكن الاحتراز منها فأشبهت القيء (4).

و الجواب:المنع من تمكّن الاحتراز دائما.

السابع:حكم الازدراد حكم الأكل فيما تقدّم،فلو ابتلع المعتاد أو غيره أبطل

صومه على ما سلف في الأكل .

(5)

هذا على المذهب المشهور.و اختار السيّد المرتضى أنّ ابتلاع الحصاة و ما أشبهها ليس بمفسد (6).

المسألة الخامسة:الجماع في القبل مفسد للصوم مع العمد،بلا خلاف بين

اشارة

العلماء.

قال اللّه تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ إلى قوله تعالى: حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ (7).

ص:58


1- 1حلية العلماء 3:194،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:319،فتح العزيز بهامش المجموع 6:388-392،مغني المحتاج 1:427،السراج الوهّاج:139.
2- 2) المغني 3:41،الكافي لابن قدامة 1:475،الإنصاف 3:325.
3- 3) الكافي 4:115 الحديث 1، [1]التهذيب 4:323 الحديث 995،الوسائل 7:77،الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
4- 4) المغني 3:41،الكافي لابن قدامة 1:475.
5- 5) يراجع:ص 54.
6- 6) جمل العلم و العمل:90.
7- 7) البقرة(2):187. [3]

و ما تقدّم في حديث محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام (1)،سواء أنزل أو لم ينزل بلا خلاف.

أمّا الوطء في الدبر،فإن كان مع إنزال،فلا خلاف بين العلماء كافّة في إفساده الصوم،و إن كان بدون إنزال فالذي عليه المعوّل (2)،إفساد الصوم به؛لأنّه وطء في محلّ الشهوة فأشبه الوطء في الفرج.

و قد روى الشيخ عن أحمد بن محمّد،عن بعض الكوفيّين يرفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام (3)في الرجل يأتي المرأة في دبرها و هي صائمة قال:

«لا ينقض صومها و ليس عليها (4)غسل» (5).و هو مقطوع السند فلا اعتداد به.

و روى الشيخ عن عليّ بن الحكم،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«إذا أتى الرجل المرأة في الدبر و هي صائمة لم ينقض صومها،و ليس عليها غسل» (6).

قال الشيخ:هذا خبر غير معمول عليه،و هو مقطوع الإسناد لا يعوّل عليه (7).

فروع:
الأوّل:لو جامعها في غير الفرجين،فإن أنزل،أفسد صومه للإنزال،

و إن لم ينزل لم يفسد صومه.

ص:59


1- 1تقدّم في ص:53.
2- 2) ن،خا و ق:القول.
3- 3) أكثر النسخ و كذا المصادر بزيادة:قال.
4- 4) أكثر النسخ:«عليه».
5- 5) التهذيب 4:319 الحديث 975،الوسائل 1:481 الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث 3. [1]
6- 6) التهذيب 4:319 الحديث 977 و ج 7 ص 460 الحديث 1843،الوسائل 1:482-483 الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث 3. [2]
7- 7) التهذيب 4:320.
الثاني:لو وطئ ميّتة في فرجها

قبل أو دبر (1)،كان حكمه حكم واطئ الحيّة.

الثالث:لو وطئ بهيمة،فإن أنزل أفسد صومه،

و إن لم ينزل تبع وجوب الغسل،فإن أوجبناه أفسد صومه؛لأنّه مجنب حينئذ،و إلاّ فلا.

و قال الشيخ:لا يجب الغسل و يفطر (2).و الأولى الحكم بإيجاب الغسل و الإفطار؛لأنّه وطئ حيوانا في فرجه،فوجب تعلّق الحكمين به،كالمرأة.

الرابع:لو وطئ الغلام في دبره،فإن أنزل أفسد صومه،و إن لم ينزل فكذلك؛

لأنّه يجب عليه الغسل على ما بيّنّاه (3)،فيكون مفسدا لصومه.

الخامس:البحث في الموطوء كالبحث في الواطئ،فيجب على الموطوء في

دبره الغسل و يكون مفطرا،

و كذا المرأة الموطوءة في الدبر أو القبل.

أمّا لو أنزل بمجامعتها في غير الفرجين،فإنّ الحكمين يختصّان به،و لا نعلم خلافا في أنّ المرأة الموطوءة في قبلها طوعا يفسد صومها.

السادس:لو تساحقت امرأتان فأنزلتا أفسدتا صومهما،

و إن لم تنزلا لم يفسد صومهما،و لو أنزلت واحدة اختصّ الفساد بها.

السابع:لو تساحق المجبوب فأنزل،أفسد ،

(4)(5)

و إن لم ينزل فهو على صومه.

المسألة السادسة:الإنزال نهارا مفسد للصوم مع العمد،

اشارة

سواء أنزل باستمناء أو ملامسة أو قبلة بلا خلاف.

و روى الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:60


1- 1ح:قبلا أو دبرا.
2- 2) الخلاف 1:24 مسألة-59 و ص 388 مسألة-42.
3- 3) ف،ك،ق،م و خا:بيّنّا.
4- 4) ص،ك و م:لو ساحق.
5- 5) غ بزيادة:صومه.

عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتّى يمني،قال:«عليه من الكفّارة مثل ما على الّذي يجامع» (1).

و عن سماعة قال:سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل،قال:«عليه إطعام ستّين مسكينا،مدّ لكلّ مسكين» (2).

و عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وضع يده على شيء من جسد امرأة (3)فأدفق،فقال (4):«كفّارته أن يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا،أو يعتق رقبة» (5).

و عن حفص بن سوقة (6)،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته و هو في[قضاء] (7)رمضان،فيسبقه الماء فينزل،فقال:

«عليه من الكفّارة مثل ما على الذي يجامع في (8)رمضان» (9).و إيجاب الكفّارة يستلزم إفساد الصوم.

ص:61


1- 1التهذيب 4:206 الحديث 597،الوسائل 7:25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:320 الحديث 980،الوسائل 7:25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) بعض النسخ:امرأته،كما في المصادر.
4- 4) كثير من النسخ:قال.
5- 5) التهذيب 4:320 الحديث 981،الوسائل 7:26 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [3]
6- 6) حفص بن سوقة العمريّ مولى عمرو بن حريث المخزوميّ روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،أخواه زياد و محمّد ابنا سوقة ثقات،قاله النجاشيّ،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام و ذكره في الفهرست و قال:له أصل،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و اختار ما قاله النجاشيّ في حقّه. رجال الطوسيّ:184،الفهرست:62، [4]رجال النجاشيّ:135،رجال العلاّمة:58، [5]تنقيح المقال 1:253. [6]
7- 7) أثبتناها من المصادر.
8- 8) بعض النسخ بزيادة:شهر،كما في بعض المصادر.
9- 9) التهذيب 4:321 الحديث 983،الوسائل 7:25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [7]
فروع:
الأوّل:قال الشيخ:إنزال الماء الدافق على كلّ حال

عامدا بمباشرة و غير ذلك من إيقاع ما يوجب الإنزال،يفسد الصوم (1).

الثاني:قال:لو نظر إلى ما لا يحلّ له النظر إليه عامدا بشهوة فأمنى،فعليه

القضاء،

فإن كان نظره إلى ما يحلّ له النظر إليه فأمنى،لم يكن عليه شيء.فإن أصغى أو تسمّع (2)إلى حديث فأمنى،لم يكن عليه شيء (3).

و قال الشافعيّ (4)،و أبو حنيفة (5)،و الثوريّ:لا يفسد الصوم بالإنزال عقيب النظر مطلقا؛لأنّه إنزال عن غير مباشرة،فأشبه الإنزال بالفكر (6). (7)و قال أحمد (8)،و مالك (9)،و الحسن البصريّ (10)،و عطاء:يفسد الصوم به مطلقا؛لأنّه إنزال بفعل يتلذّذ به،و يمكن التحرّز منه،فأشبه الإنزال باللمس (11).

ص:62


1- 1المبسوط 1:270. [1]
2- 2) ق و خا:سمع.
3- 3) المبسوط 1:272-273. [2]
4- 4) الأمّ 2:100،حلية العلماء 3:196،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:322،الميزان الكبرى 2:25،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:135،مغني المحتاج 1:430،السراج الوهّاج: 140،141.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:70،تحفة الفقهاء 1:353،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:122، شرح فتح القدير 2:256،مجمع الأنهر 1:244.
6- 6) كثير من النسخ:بالذكر.
7- 7) المغني 3:49،المجموع 6:322.
8- 8) المغني 3:49،الكافي لابن قدامة 1:477،الإنصاف 3:302،زاد المستقنع:28.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:199،إرشاد السالك:50،بلغة السالك 1:244،المغني 3:49،المجموع 6:322، الميزان الكبرى 2:25.
10- 10) المغني 3:49،المجموع 6:322.
11- 11) المغني 3:49.
الثالث:لو أنزل عقيب ملاعبة،أفسد صومه؛

لأنّها مظنّة الإنزال،فلحقت بالجماع.و يؤيّده:حديث حفص بن سوقة (1).

الرابع:لو كان ذا شهوة مفرطة،بحيث يغلب على ظنّه أنّه إذا قبّل أنزل،

لم يجز له التقبيل؛لأنّها مفسدة لصومه،فحرمت كالأكل.

و إن كان ذا شهوة لا يبلغ (2)معها غلبة الظنّ بالإنزال،كانت مكروهة على ما يأتي.

الخامس:لو قبّل أو لامس أو استمنى بيده و لم ينزل،

لم يفسد صومه إجماعا.

السادس:لو أنزل من غير شهوة-كالمريض-أفسد صومه

إذا كان عامدا.

السابع:لو فكّر فأمنى،ففي الإفساد تردّد

ينشأ من قوله عليه السّلام:«عفي لأمّتي الخطأ و النسيان،و ما حدّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلّم» (3).و من كونه متمكّنا من فعله و تركه،و لهذا نهي عن التفكّر في ذاته تعالى،و أمر بالتفكّر في مخلوقاته،و مدح اللّه المتفكّرين في خلق السموات و الأرض،و لو كان غير مقدور، لم يتعلّق به هذه الأحكام،كالاحتلام.

الثامن:لو خطر بقلبه صورة الفعل فأنزل،لم يفسد صومه؛

لأنّ الخاطر لا يمكن دفعه.

التاسع:إن قلنا:الإنزال بالنظر مفسد،فسواء في ذلك التكرار و عدمه-

و به قال

ص:63


1- 1التهذيب 4:321 الحديث 983،الوسائل 7:25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2.
2- 2) ك:لا يغلب.
3- 3) صحيح البخاريّ 7:59،صحيح مسلم 1:116 الحديث 127،سنن أبي داود 2:264 الحديث 2209، سنن الترمذيّ 3:489 الحديث 1183، [1]سنن ابن ماجة 1:658 الحديث 2040 و ص 659 الحديث 2044،مسند أحمد 2:474،481 و 491، [2]سنن البيهقيّ 7:350 و ج 10:61،كنز العمّال 12:155 الحديث 34457،مجمع الزوائد 6:250.

مالك-لأنّه أنزل بالنظر أشبه ما لو كرّره (1).و قال أحمد:لا يفسد،إلاّ بالتكرار؛ لأنّ النظرة الأولى لا يمكن التحرّز منها،فلا يفسد الصوم ما أفضت إليه (2).

و الجواب:المنع من عدم القدرة على التحرّز،و إن فرض سلّمنا.

العاشر:لو أمذى بالتقبيل،لم يفطر عندنا.

و به قال أبو حنيفة (3)،و الشافعيّ (4)، و هو مرويّ عن الحسن،و الشعبيّ،و الأوزاعيّ (5).و قال مالك (6)و أحمد:

يفطر (7).

لنا:أنّه خارج لا يوجب الغسل،فأشبه البول.و لأنّ الأصل براءة الذمّة، و القياس على الإنزال باطل؛لأنّ الأصل أكبر ذنبا،فالعقوبة به أشدّ.

احتجّوا:بأنّه خارج تخلّله الشهوة خرج بالمباشرة،فأشبه المنيّ (8).

و الجواب:قد بيّنّا الفرق.

لا يقال:قد روى الشيخ عن رفاعة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل لامس جارية في شهر رمضان فأمذى،قال:«إن كان حراما فليستغفر اللّه

ص:64


1- 1المدوّنة الكبرى 1:199،إرشاد السالك:50،بلغة السالك 1:244،المغني 3:49،المجموع 6:322، الميزان الكبرى 1:25.
2- 2) المغني 3:49،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43،الكافي لابن قدامة 1:477،الإنصاف 3:302،زاد المستقنع:28.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:58،تحفة الفقهاء 1:364،الهداية للمرغينانيّ 1:123،شرح فتح القدير 2:257،مجمع الأنهر 1:245.
4- 4) حلية العلماء 3:196،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:323، [1]الميزان الكبرى 2:25،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:135،مغني المحتاج 1:430،السراج الوهّاج:141.
5- 5) المغني 3:47،المجموع 6:323،عمدة القارئ 11:9.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:197،بداية المجتهد 1:290،بلغة السالك 1:244،المغني 3:47،المجموع 6:323،عمدة القارئ 11:9.
7- 7) المغني 3:47،الإنصاف 3:301. [2]
8- 8) المغني 3:47.

استغفار من لا يعود أبدا و يصوم يوما مكان يوم،و إن كان من حلال (1)يستغفر اللّه و لا يعود و يصوم يوما مكان يوم» (2).قال الشيخ:إنّه محمول على الاستحباب. (3)

و هو حسن؛لما يأتي.

المسألة السابعة:الكذب على اللّه تعالى،و على رسوله و الأئمّة عليهم السّلام؛

اشارة

قال الشيخان:يفسد الصوم ،

(4)

و به قال الأوزاعيّ (5).

و قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-لا يفسده (6)،و هو قول الجمهور.

احتجّ الشيخان:بما رواه الشيخ عن أبي بصير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«الكذبة تنقض الوضوء و تفطر الصائم»قال:قلت:هلكنا،قال:

«ليس حيث تذهب،إنّما ذلك الكذب على اللّه،و على رسوله صلّى اللّه عليه و آله، و على الأئمّة عليهم السّلام» (7).

و عن سماعة قال:سألته عن رجل كذب في رمضان،قال:«قد أفطر و عليه قضاؤه و هو صائم يقضي صومه و وضوءه إذا تعمّد» (8).

قال الشيخ-رحمه اللّه:نقض الوضوء عبارة عن نقض ثوابه و كماله و وجهه الذي يستحقّ به الثواب؛لأنّه لو لم يفعله،كان ثوابه أعظم،و قربته أزيد و أكثر،

ص:65


1- 1بعض النسخ:و إن كان حلالا.
2- 2) التهذيب 4:272 الحديث 825 و ص 320 الحديث 979،الاستبصار 2:83 الحديث 255،الوسائل 7:92 الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 4:320،الاستبصار 2:83.
4- 4) الشيخ المفيد في المقنعة:54،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:270،و [2]الخلاف 1:401 مسألة-85، و النهاية:153،و [3]الاقتصاد:431،و [4]الجمل و العقود:111.
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:656،و [5]يستفاد ذلك من الانتصار:63. [6]
6- 6) جمل العلم و العمل:90،رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثالثة):54.
7- 7) التهذيب 4:203 الحديث 585،الوسائل 7:20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [7]
8- 8) التهذيب 4:203 الحديث 586،الوسائل 7:20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [8]

و لا يريد عليه السّلام نقض الوضوء الذي يجب معه الإعادة،على ما تقدّم في نواقض الطهارة.و كذا في الحديث الثاني يحمل الأمر بقضاء الوضوء على الاستحباب (1).و احتجّوا أيضا:بالإجماع (2).

و احتجّ الآخرون:بالأصل الدالّ على البراءة،و عدم الدليل الناهض (3)بإزالته، على أنّ الحديث الأوّل قد اشتمل على ما اتّفق العلماء على تركه و هو النقض للوضوء،و الحديث الثاني ضعيف؛لأنّ في طريقه عثمان بن عيسى و سماعة،و هما واقفيّان،على أنّ سماعة لم يسنده إلى إمام،و الإجماع ممنوع مع وجود الخلاف.

و الإيراد على الحديث الأوّل ضعيف؛لأنّه لا يلزم من ترك ظاهر الحديث في أحد الحكمين اللذين اشتمل الحديث عليهما،تركه في الحكم الثاني،و الأقرب الإفساد،عملا بالرواية الأولى و بالاحتياط المعارض لأصل (4)البراءة.

فروع:
الأوّل:المشاتمة و التلفّظ بالقبيح،لا يوجب الإفطار عندنا.

(5)

و به قال باقي الفقهاء،إلاّ الأوزاعيّ (6).

لنا:أنّ الأصل براءة الذمّة.و لأنّه نوع كلام لا يخرج به عن الإسلام،فلا يفطر به،كسائر أنواع الكلام.

احتجّ الأوزاعيّ (7):بما رواه أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

ص:66


1- 1التهذيب 4:203.
2- 2) الخلاف 1:401.
3- 3) كثير من النسخ:الناقض.
4- 4) خاوق:لا لأصل.
5- 5) بعض النسخ:و النائحة،مكان:و التلفّظ.
6- 6) الميزان الكبرى 2:23،المجموع 6:356.
7- 7) المجموع 6:356.

«من لم يدع قول الزور و العمل به فليس للّه حاجة أن يدع طعامه و شرابه» (1).

و عنه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا كان أحدكم صائما،فلا يرفث و لا يجهل،فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل:إنّي صائم إنّي صائم» (2).

و الجواب:ليس في الحديثين دلالة على الإفساد بالمشاتمة.

الثاني:الكذب على غير اللّه تعالى،و غير رسوله و الأئمّة عليهم السّلام لا يفطر

الصائم إجماعا؛

و لما تقدّم في حديث أبي بصير (3).

الثالث:لا فرق في الإفطار بالكذب على اللّه تعالى،أو على رسوله،أو على

الأئمّة عليهم السّلام من أيّ أنواع الكذب،

في أمر الدنيا كان،أو في الآخرة،عملا بالعموم (4).

المسألة الثامنة:الارتماس في الماء،قال الشيخان:إنّه يفسد الصوم .

اشارة

(5)

و قال السيّد المرتضى:لا يفسد،و هو مكروه (6).و به قال مالك (7)،و أحمد (8)، و الحسن،و الشعبيّ (9).

ص:67


1- 1صحيح البخاريّ 3:33،سنن أبي داود 2:307 الحديث 2362، [1]سنن الترمذيّ 3:87 الحديث 707، [2]سنن ابن ماجة 1:539 الحديث 1689،مسند أحمد 2:452، [3]سنن البيهقيّ 4:270،كنز العمّال 3: 621 الحديث 8214.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:31،صحيح مسلم 2:806 الحديث 1151،سنن أبي داود 2:307 الحديث 2363، [4]سنن ابن ماجة 1:539 الحديث 1691،سنن النسائيّ 4:163-164،الموطّأ 1:310 الحديث 57، [5]مسند أحمد 2:465، [6]سنن البيهقيّ 4:269،المصنّف لعبد الرزّاق 4:191 الحديث 8443.
3- 3) التهذيب 4:203 الحديث 585،الوسائل 7:2 الباب 20 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [7]
4- 4) الوسائل 7:20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
5- 5) الشيخ المفيد في المقنعة:54،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:270،و الخلاف 1:401 مسألة-85، و النهاية:154،و الجمل و العقود:111.
6- 6) جمل العلم و العمل:90.
7- 7) حكاه عنه المحقّق في المعتبر 2:656. [8]
8- 8) المغني 3:44،الشرح الكبير بهامش المغني 3:52،الكافي لابن قدامة 1:486،الإنصاف 3:309.
9- 9) المغني 3:44،الشرح الكبير بهامش المغني 3:52.

و الباقون من الجمهور على أنّه غير مكروه (1).و للشيخ قول ثان بأنّه حرام لا يوجب قضاء و لا كفّارة،و هو جيّد (2).

لنا على التحريم:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال سمعت:

أبا جعفر عليه السّلام يقول:«لا يضرّ الصائم ما صنع،إذا اجتنب أربع (3)خصال:

الأكل،و الشرب،و النساء،و الارتماس في الماء» (4).و هو يدلّ بمفهوم الشرط على وجود الضرر مع عدم اجتنابها.

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الصائم يستنقع في الماء،و لا يرمس رأسه» (5).

و في الصحيح عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا يرمس الصائم و لا المحرم رأسه في الماء» (6).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:الصائم يستنقع في الماء،و يصبّ على رأسه،و يتبرّد بالثوب،و ينضح المروحة،و ينضح البوريا تحته (7)،و لا يغمس رأسه في الماء» (8).

ص:68


1- 1تحفة الفقهاء 1:368،المهذّب للشيرازيّ 1:186،المجموع 6:348،فتح العزيز بهامش المجموع 6:380،المغني 3:44،عمدة القارئ 11:11.
2- 2) المبسوط 1:270،الاستبصار 2:85.
3- 3) في موضعين من التهذيب و الاستبصار و الوسائل:ثلاث.
4- 4) التهذيب 4:189 الحديث 535 و ص 202 الحديث 584 و ص 318 الحديث 971،الاستبصار 2:80 الحديث 244،الوسائل 7:18 الباب 1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
5- 5) التهذيب 4:203 الحديث 587،الاستبصار 2:84 الحديث 285،الوسائل 7:24 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 7. [2]
6- 6) التهذيب 4:203 الحديث 588،الاستبصار 2:84 الحديث 259،الوسائل 7:24 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 8. [3]
7- 7) كلمة:«تحته»توجد في هامش ح و الاستبصار و الوسائل. [4]
8- 8) التهذيب 4:204 الحديث 591،الاستبصار 2:84 الحديث 260،الوسائل 7:22 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [5]

و لأنّه مظنّة لوصول الماء إلى الحلق غالبا،فنهي عنه،كالجماع المفضي إلى الإنزال؛لاشتراكهما في كون كلّ واحد منهما مقدّمة للمفسد.

و لنا على عدم إيجاب القضاء و الكفّارة:ما رواه الشيخ في الموثّق عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل صائم ارتمس في الماء متعمّدا عليه (1)قضاء ذلك اليوم؟قال:«ليس عليه قضاء و لا يعودنّ (2).

و لأنّ الأصل عدم وجوب أحدهما،فلا يصار إلى خلافه إلاّ بدليل،و لم يوجد.

قال الشيخ:و لست أعرف حديثا في إيجاب القضاء و الكفّارة أو إيجاب أحدهما على من ارتمس في الماء (3).

احتجّ السيّد المرتضى:بما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كره للصائم أن يرتمس في الماء» (4).

و لأنّ الأصل عدم التحريم،فلا يرجع عنه إلاّ بدليل.

و احتجّ الجمهور (5):بما روت عائشة،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يصبح جنبا من جماع،لا من احتلام،ثمّ يغتسل و يصوم (6).

ص:69


1- 1غ و ف:فعليه،و في التهذيب و الاستبصار:أ عليه.
2- 2) التهذيب 4:209 الحديث 607،الاستبصار 2:84 الحديث 263،الوسائل 7:27 الباب 6 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
3- 3) الاستبصار 2:85.
4- 4) التهذيب 4:209 الحديث 606،الاستبصار 2:84 الحديث 262،الوسائل 7:24 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 9. [2]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:348،المغني 3:44.
6- 6) صحيح البخاريّ 3:39،صحيح مسلم 2:780 الحديث 1109،سنن أبي داود 2:312 الحديث 2388، [3]الموطّأ 1:289 الحديث 10، [4]مسند أحمد 6:38، [5]سنن الترمذيّ 3:149 الحديث 779، [6]سنن البيهقيّ 4:213،سنن الدارميّ 2:13.

و روى أبو بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالعرج (1)،يصبّ على رأسه الماء و هو صائم،من العطش،أو من الحرّ (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الرواية ضعيفة السند،و أيضا الكراهية قد تصدق على التحريم،فتحمل عليه؛جمعا بين الأدلّة.

و الأصل قد بيّنّا بالأدلّة زواله.و حديث عائشة محمول على أنّه قارب من الصباح؛لأنّ الصوم عندنا مشروط بالطهارة من الجنابة في أوّله على ما يأتي.

و لأنّه عليه السّلام كان يصلّي في أوّل الوقت.

و حديث عبد الرحمن نقول بموجبه؛لأنّ صبّ الماء على الرأس عندنا ليس بمكروه،بخلاف الارتماس؛إذ دخول الماء إلى الباطن (3)في الارتماس أكثر منه في صبّ الماء.

فروع:
الأوّل:لا بأس بصبّ الماء على الرأس للتبرّد و الاغتسال،

و ليس بمكروه،بل قد يكون مستحبّا.

الثاني:لو ارتمس فدخل الماء إلى حلقه،أفسد صومه،

سواء دخل الماء اختيارا أو اضطرارا،إذا كان الارتماس مختارا.

الثالث:لو صبّ الماء على رأسه فدخل الماء حلقه،

فإن تعمّد إدخال الماء،

ص:70


1- 1العرج-بفتح العين و سكون الراء-:قرية جامعة من عمل الفرع،على أيّام من المدينة.النهاية لابن الأثير 3:204. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:307 الحديث 2365، [2]الموطّأ 1:294 الحديث 22، [3]مسند أحمد 3:475 و ج 5:380. [4]
3- 3) ح،ق و خا:في الباطن،مكان:إلى الباطن.

أفسد صومه.و إن لم يتعمّد و كان الصبّ يؤدّي إليه قطعا،أفسد أيضا مع الاختيار لا مع الاضطرار،و إن لم يؤدّ إليه،لم يفسد صومه.

الرابع:لا فرق في التحريم بين الارتماس في الماء الجاري،و الراكد الطاهر

و النجس،

(1)

عملا بعموم النهي.

المسألة التاسعة:إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق اختيارا مفسد للصوم،

مثل غبار النفض و الدقيق و خالف فيه الجمهور (2).

لنا:أنّه أوصل إلى جوفه ما ينافي الصوم،فكان مفسدا له.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سليمان الجعفريّ (3)،قال:سمعته يقول:«إذا شمّ رائحة غليظة،أو كنس بيتا،فدخل في أنفه و حلقه غبار،فإنّ ذلك له فطر (4)،مثل الأكل و الشرب و النكاح» (5).

و في رواية عمرو بن سعيد عن الرضا عليه السّلام قال:سألته عن الصائم يتدخّن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه،قال:«لا بأس»،و سألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه،قال:«لا بأس» (6).و هي محمولة على عدم تمكّن

ص:71


1- 1ح،ق و خا:و الطاهر.
2- 2) تحفة الفقهاء 1:353،المبسوط للسرخسيّ 3:98،المجموع 6:328،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 386،المغني 3:40،الكافي لابن قدامة 1:475.
3- 3) كذا في النسخ،و في التهذيب و الاستبصار:سليمان بن حفص المروزيّ،و في الوسائل:سليمان بن جعفر(حفص)المروزيّ.
4- 4) ش و ن:مفطر،كما في الوسائل. [1]
5- 5) التهذيب 4:214 الحديث 621،الاستبصار 2:94 الحديث 305،الوسائل 7:48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
6- 6) التهذيب 4:324 الحديث 1003،الوسائل 7:48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

الاحتراز منه.و على قول السيّد المرتضى (1)ينبغي عدم الإفساد بذلك.

أمّا لو كان مضطرّا أو دخل الغبار بغير شعور منه أو بغير اختيار،فإنّه لا يفطره إجماعا.

المسألة العاشرة:من أجنب ليلا،و تعمّد البقاء على الجنابة من غير ضرورة

اشارة

و لا عذر،

حتّى يطلع الفجر،أفسد صومه.و به قال أبو هريرة،و سالم بن عبد اللّه، و الحسن البصريّ،و طاوس،و عروة.و به قال الحسن بن صالح بن حيّ،و النخعيّ في الفرض خاصّة (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من أصبح جنبا فلا صوم له» (3).

و عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من أصبح جنبا في شهر رمضان فلا يصومنّ يومه» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل،ثمّ ترك الغسل متعمّدا حتّى أصبح قال:«يعتق رقبة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا»قال:و قال:«إنّه لخليق أن لا أراه يدركه أبدا» (5).

ص:72


1- 1جمل العلم و العمل:90،الانتصار:63.
2- 2) المغني 3:78،الشرح الكبير بهامش المغني 3:54،المجموع 6:307،308،عمدة القارئ 11:6، حلية العلماء 3:192،193،الميزان الكبرى 2:22.
3- 3) سنن ابن ماجة 1:543 الحديث 1702،مسند أحمد 2:248 و 286، [1]سنن البيهقيّ 4:214،المصنّف لعبد الرزّاق 4:180 الحديث 7399. [2]
4- 4) المعجم الكبير للطبرانيّ 18:293 الحديث 751،صحيح مسلم 2:779 الحديث 1109،سنن ابن ماجة 1:543 الحديث 1702،مسند أحمد 2:248 و 286،سنن البيهقيّ 4:214،215.بتفاوت في الجميع.
5- 5) التهذيب 4:212 الحديث 616،الاستبصار 2:87 الحديث 272،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

و عن سليمان بن جعفر المروزيّ (1)،عن الفقيه عليه السّلام قال:«إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل،و لا يغتسل حتّى يصبح،فعليه صوم شهرين متتابعين، مع صوم ذلك اليوم،و لا يدرك فضل يومه» (2).

و لأنّ حدث الجنابة مناف للصوم،فلا يجامعه.و لأنّه منهيّ عن تعمّد الإنزال نهارا للهتك،و هو موجود في صورة النزاع.

احتجّ المخالف (3):بما رواه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال:

ذهبت أنا و أبي،حتّى دخلنا على عائشة فقالت:أشهد على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أنّه كان ليصبح جنبا من جماع غير احتلام،ثمّ يصومه.ثمّ دخلنا على أمّ سلمة فقالت مثل ذلك،ثمّ أتينا أبا هريرة فأخبرناه بذلك فقال:هما أعلم بذلك،إنّما حدّثنيه الفضل بن عبّاس (4).

و لأنّ بقاء الاغتسال عليه لا يمنع من صحّة صومه،كما لو احتلم في نهار رمضان،ثمّ ادّعوا في حديث أبي هريرة احتمال النسخ (5).

و الجواب عن الأوّل:قد بيّنّا أنّ المراد من قوله:ليصبح،أي:يقارب

ص:73


1- 1في التهذيب:سليمان بن حفص المروزيّ،و في الاستبصار:سليمان بن جعفر المروزيّ،و في هامش الاستبصار عن بعض نسخه:سليمان بن حفص المروزيّ،قال السيّد الخوئيّ:و هو الصحيح الموافق للتهذيب 4:باب الكفّارة في اعتماد إفطار يوم من شهر رمضان الحديث 617.
2- 2) التهذيب 4:212 الحديث 616،الاستبصار 2:87 الحديث 273،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
3- 3) المغني 3:79،الشرح الكبير بهامش المغني 3:54،المجموع 6:308.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:38،صحيح مسلم 2:779 الحديث 1109،الموطّأ 1:290 الحديث 11، [2]مسند أحمد 6:313، [3]سنن البيهقيّ 4:214،بتفاوت في الجميع.
5- 5) المغني 3:79،الشرح الكبير بهامش المغني 3:55،المجموع 6:308،سنن البيهقيّ 4:215.

الصباح (1)؛لما عرف من حاله عليه السّلام في مواظبته لأداء الفرائض في أوّل أوقاتها.و لأنّه لا يطلق هذا اللفظ غالبا إلاّ في المستدام،و لا شكّ في كراهيته، و من المستبعد مداومة الرسول صلّى اللّه عليه و آله على المكروه،إن لم نقل بالتحريم،فهذا مدفوع حينئذ و أيضا:نحمله على ما ذكرناه تجوّزا،جمعا بين الأدلّة.و الفرق بين المقيس و الأصل في قياسهم ظاهر؛لأنّ العلّة و هي الهتك غير موجودة في الأصل.

لا يقال:قد روى الشيخ عن إسماعيل بن عيسى (2)،قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان،فنام عمدا حتّى أصبح (3)،أيّ شيء عليه؟قال:«لا يضرّه هذا،و لا يفطر و لا يبالي؛فإنّ أبي عليه السّلام قال:قالت عائشة:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أصبح جنبا من جماع غير احتلام» (4).

و عن حبيب الخثعميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي صلاة الليل في شهر رمضان،ثمّ يجنب،ثمّ يؤخّر الغسل

ص:74


1- 1يراجع:ص 70.
2- 2) إسماعيل بن عيسى،قال المامقانيّ لم يعنونه أحد إلاّ الوحيد في التعليقة،فإنّه قال:إسماعيل بن عيسى عدّه خالي ممدوحا؛لأنّ للصدوق طريقا إليه.و قال السيّد الخوئيّ:اشتبه الأمر على الوحيد،فإنّ المذكور في الوجيزة جماعة من المسمّين بإسماعيل،و ليس إسماعيل بن عيسى منهم و قد ذكر-قدّس سرّه-أنّ غيرهم مجاهيل،إذن يكون إسماعيل بن عيسى مجهولا،نعم،في خاتمة الوجيزة أنّ طريق الصدوق إلى إسماعيل بن عيسى حسن،لكنّه لا دلالة فيه على أنّ إسماعيل بنفسه ممدوح،كما هو ظاهر. تنقيح المقال 1:141، [1]مشيخة الفقيه 4:42،معجم رجال الحديث 3:158. [2]
3- 3) غ:يصبح.
4- 4) التهذيب 4:213 الحديث 619،الاستبصار 2:88 الحديث 275،الوسائل 7:39 الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [3]

متعمّدا حتّى يطلع الفجر» (1).

لأنّا نقول:قد تأوّل الشيخ الحديث الأوّل بأمرين.

أحدهما:أنّه للتقيّة،و لهذا أسنده الإمام عليه السّلام إلى عائشة و لم يسنده إلى آبائه عليهم السّلام.

و ثانيهما:أنّ تعمّد النوم لا يوجب قضاء و لا كفّارة،و ليس بمحرّم،و لم يذكر في الحديث أنّه تعمّد ترك الاغتسال.

و تأوّل الثاني بالأوّل،و باحتمال تأخير الغسل لعذر من برد أو عوز ماء أو انتظاره أو غير ذلك،و هو سائغ للضرورة (2)،و كلاهما جيّد.

فروع:
الأوّل:لم أجد لأصحابنا نصّا صريحا في حكم الحيض في ذلك،

بمعنى (3)أنّها إذا انقطع دمها قبل الفجر هل يجب عليها الاغتسال،و يبطل الصوم لو أخلّت به حتّى طلع (4)الفجر؟و الأقرب ذلك؛لأنّ حدث الحيض يمنع الصوم،فكان أقوى من الجنابة.و ابن أبي عقيل قال:إنّ الحائض و النفساء إذا طهرتا من دمهما ليلا فتركتا الغسل حتّى يطلع الفجر عامدتين،وجب عليهما القضاء خاصّة (5).

الثاني:إذا جامع قبل طلوع الفجر،ثمّ طلع عليه الفجر،

فإن لم يعلم ضيق

ص:75


1- 1التهذيب 4:213 الحديث 620،الاستبصار 2:88 الحديث 276،277،الوسائل 7:44 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 4:213،الاستبصار 2:88،89.
3- 3) ص،ح و ق:يعني،مكان:بمعنى.
4- 4) ن و ش:يطلع.
5- 5) نقله عنه في المختلف:220.

الوقت،نزع و أتمّ صومه من غير تلوّم (1)و لا تحرّك حركة الجماع و وجب عليه الغسل و القضاء إن كان قد ترك المراعاة على ما يأتي،فإن نزعه بنيّة المجامعة (2)، فقد أفطر و وجب عليه ما على المجامع.

و إن كان قد راعى الفجر و لم يغلب على ظنّه قربه،فجامع ثمّ نزع مع أوّل طلوعه،لم يفسد صومه.و به قال الشافعيّ (3)،و أبو حنيفة (4).

و قال مالك (5)،و أحمد،و المزنيّ،و زفر:يبطل صومه،و أوجب أحمد الكفّارة (6).

لنا:أنّ النزع ترك للجماع،فلا يتعلّق به ما يتعلّق بالجماع،و هذا كما لو حلف لا يدخل دارا،فخرج منها،أو حلف لا يلبس الثوب،فاشتغل بنزعه.

احتجّوا:بأنّ النزع يلتذّ به،كما يلتذّ بالإيلاج،فأفسد الصوم كالإيلاج (7).

و الجواب:الالتذاذ لا اعتداد به،كما لو جامع في غير الفرجين و لم ينزل،فإنّ اللذّة تحصل و لا يفسد الصوم.

الثالث:لو طلع الفجر و في فيه طعام،لفظه،فإن ابتلعه أفسد صومه.

لأنّه؛

ص:76


1- 1التلوّم:الانتظار و التمكّث.الصحاح 5:2034.
2- 2) ك،م و ن:المجامع.
3- 3) الأمّ 2:97،حلية العلماء 3:202،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:311،مغني المحتاج 1:432،السراج الوهّاج:141.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:140،بدائع الصنائع 2:91،مجمع الأنهر 1:244،المجموع 6:311،المغني 3:65.
5- 5) بلغة السالك 1:252،حلية العلماء 3:193،المغني 3:65،المجموع 6:311،فتح العزيز بهامش المجموع 6:403،404.
6- 6) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67،المجموع 6:311،حلية العلماء 3:193،فتح العزيز بهامش المجموع 6:403.
7- 7) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67،المبسوط للسرخسيّ 3:140،بدائع الصنائع 2:91.

أوصل طعاما إلى جوفه باختياره مع ذكر الصوم،ففسد صومه.

المسألة الحادية عشر:إذا أجنب ليلا ثمّ نام ناويا للغسل حتّى أصبح،صحّ

اشارة

صومه،

و لو نام غير ناو للغسل،فسد صومه و عليه قضاؤه.ذهب إليه علماؤنا، خلافا للجمهور.

لنا:أنّا قد بيّنّا (1)أنّ الطهارة في ابتدائه شرط لصحّته،و بنومه قد فرّط في تحصيل الشرط،فيفسد صومه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران قال:سألته عن رجل أصابته جنابة[في] (2)جوف الليل في رمضان،فنام و قد علم بها،و لم يستيقظ حتّى يدركه الفجر،فقال:«عليه أن يتمّ صومه و يقضي يوما آخر» (3).

و في الصحيح عن أحمد بن محمّد،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان،أو أصابته جنابة،ثمّ ينام حتّى يصبح متعمّدا،قال:«يتمّ ذلك اليوم و عليه قضاؤه» (4).

و في الصحيح عن ابن أبي يعفور قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يجنب في رمضان،ثمّ يستيقظ،ثمّ ينام حتّى يصبح،قال:«يتمّ يومه و يقضي يوما آخر،فإن لم يستيقظ حتّى يصبح،أتمّ يومه و جاز له» (5).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال سألته عن

ص:77


1- 1يراجع:ص 52.
2- 2) في النسخ:من و ما أثبتناه من المصادر.
3- 3) التهذيب 4:211 الحديث 611،الاستبصار 2:86 الحديث 267،الوسائل 7:46 الباب 19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
4- 4) التهذيب 4:211 الحديث 614،الاستبصار 2:86 الحديث 268،الوسائل 7:42 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [2]
5- 5) التهذيب 4:211 الحديث 612،الاستبصار 2:86 الحديث 269،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

الرجل تصيبه الجنابة في رمضان،ثمّ ينام قبل أن يغتسل،قال:«يتمّ صومه و يقضي ذلك اليوم،إلاّ أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر،فإن انتظر ماء يسخن له،أو يستقى، فطلع الفجر،فلا يقضي يومه» (1).و حجّة الجمهور ظاهرة،و قد سلف جوابها (2).

فروع:
الأوّل:لو أجنب فنام على عزم الترك للغسل،

فحكمه مع طلوع الفجر حكم تارك الغسل عمدا.

الثاني:لو أجنب ثمّ نام ناويا للغسل حتّى يطلع الفجر و لم يستيقظ،

فمفهوم ما تقدّم من الأحاديث يدلّ على الإفساد و وجوب القضاء لكن قد روى الشيخ-رحمه اللّه في الصحيح-عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يجنب في أوّل الليل،ثمّ ينام حتّى يصبح في شهر رمضان،قال:«ليس عليه شيء» قلت:فإنّه استيقظ،ثمّ نام حتّى أصبح؟قال:«فليقض ذلك اليوم عقوبة» (3).و هو الصحيح عندي،و عمل الأصحاب عليه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أجنب في شهر رمضان في أوّل الليل،و أخّر الغسل حتّى طلع الفجر،قال:«يتمّ صومه و لا قضاء عليه» (4).

ص:78


1- 1التهذيب 4:211 الحديث 613،الاستبصار 2:86 الحديث 270،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) يراجع:ص 69.
3- 3) التهذيب 4:212 الحديث 615،الاستبصار 2:87 الحديث 271،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 4:210 الحديث 608،الاستبصار 2:85 الحديث 264،الوسائل 7:39 الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [3]
الثالث:هل يختصّ هذا الحكم برمضان؟

(1)

فيه تردّد ينشأ من تنصيص الأحاديث على رمضان من غير تعميم،و لا قياس يدلّ عليه،و من تعميم الأصحاب و إدراجه في المفطرات مطلقا.

الرابع:لو احتلم نهارا في رمضان نائما أو من غير قصد،لم يفطر يومه

و لم يفسد صومه،

و يجوز له تأخيره،و لا نعلم فيه خلافا.

المسألة الثانية عشر:القيء عمدا يفسد الصوم.

اشارة

و عليه أكثر علمائنا (2)،و به قال عامّة أهل العلم.

و قال السيّد المرتضى:لا يفسد (3).و اختاره ابن إدريس (4)،و به قال عبد اللّه بن عبّاس،و عبد اللّه بن مسعود (5).

لنا:اتّفاق (6)العلماء على ذلك،و مخالفة من شذّ لا يعتدّ به.

و ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من ذرعه القيء و هو صائم فليس عليه قضاء،و من استقاء فليقض» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سماعة قال:سألته عن القيء في

ص:79


1- 1كثير من النسخ:يخصّ.
2- 2) ينظر:الخلاف 1:382 مسألة-19،الغنية(الجوامع الفقهيّة):571،الكافي في الفقه:183،المهذّب 1:192،المعتبر 2:660. [1]
3- 3) جمل العلم و العمل:90.
4- 4) السرائر:88.
5- 5) حلية العلماء 3:195،أحكام القرآن للجصّاص 1:238، [2]المغني 3:54،المجموع 6:320،عمدة القارئ 11:36.
6- 6) ص:أنّ اتّفاق.
7- 7) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2380، [3]سنن الترمذيّ 3:98 الحديث 720، [4]سنن ابن ماجة 1:536 الحديث 1676،سنن الدارميّ 2:14،مسند أحمد 2:498، [5]سنن البيهقيّ 4:219،عمدة القارئ 11:35،36.

رمضان،فقال:«إن كان شيء يبدره (1)،فلا بأس،و إن كان شيء يكره نفسه عليه، أفطر و عليه القضاء» (2).

و عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا تقيّأ الصائم فقد أفطر،و إن ذرعه من غير أن يتقيّأ فليتمّ صومه» (3).

و لأنّه تعمّد سلوك الطعام في حلقه،فأفسد صومه،كالأكل.و لأنّه لا ينفكّ غالبا عن ابتلاع شيء منه،فكان مفسدا.

احتجّ ابن إدريس:بأنّ الأصل براءة الذمّة،و لا دليل على شغلها (4).

و احتجّ ابن مسعود و ابن عبّاس (5):بما رواه زيد بن أسلم عن رجل من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يفطر من قاء أو احتجم أو احتلم» (6).

و لأنّ الفطر بما يصل لا بما يخرج.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الدليل قد بيّنّاه،و الأصل خرج عن دلالته به.

و عن الثاني:أنّا نقول بموجبه و نحمله على من قاء من غير قصد،كمن ذرعه القيء؛لأنّه عليه السّلام فصّل ذلك و بيّنه،فكان مخصّصا بحديثهم،فيقدّم في العمل.

و عن الثالث:بالنقض بخروج المنيّ و الحيض.

ص:80


1- 1أكثر النسخ:يبدوه.
2- 2) التهذيب 4:322 الحديث 991،الوسائل 7:61 الباب 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 4:264 الحديث 791،الوسائل 7:60 الباب 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
4- 4) السرائر:88.
5- 5) حلية العلماء 3:195،أحكام القرآن للجصّاص 1:238، [3]المغني 3:54،المجموع 6:320،عمدة القارئ 11:36.
6- 6) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2376، [4]سنن البيهقيّ 4:220،جامع الأصول 7:191 الحديث 4405، أحكام القرآن للجصّاص 1:239. [5]
فرع:

لو ذرعه القيء،لم يفطر.و عليه علماؤنا أجمع،و هو قول العلماء كافّة.

و حكي عن الحسن البصريّ في إحدى الروايتين عنه أنّه قال:يفطر (1)و هو خطأ؛للخبر الذي رويناه.و لأنّه حصل بغير اختيار،فهو بمنزلة غبار الطريق إذا وصل إلى حلقه.

أمّا القلس-بفتح القاف و اللام-فلا يفسد الصوم،و هو ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه و ليس بقيء،فإن عاد فهو القيء.كذا قاله في الصحاح (2).

و قال اليزيديّ (3):القلس:خروج الطعام أو الشراب إلى الفم من البطن أعاده صاحبه أو ألقاه (4).

أمّا لو ابتلع شيئا منه بعد خروجه من حلقه إلى فمه أو خارج،فإن تعمّد،أفطر، سواء كان عامدا أو غير عامد،و إن لم يتعمّد،لم يفطر إذا كان القيء عن غير عمد.

المسألة الثالثة عشر:الاحتقان بالمائعات مفسد للصوم.

اشارة

ذهب إليه المفيد- رحمه اللّه (5)-و به قال الشيخ في المبسوط و الجمل (6)،و أبو الصلاح (7).و به قال

ص:81


1- 1المجموع 6:320،الميزان الكبرى 2:23،عمدة القارئ 11:36.
2- 2) الصحاح 3:965. [1]
3- 3) يحيى بن المبارك بن المغيرة العدويّ الإمام أبو محمّد اليزيديّ النحويّ المقرئ اللغويّ،حدّث عن أبي عمرو و الخليل و عنهما أخذ العربيّة،و روى عنه ابنه محمّد و أبو عبيد و خلق،و هو الذي خلّف أبا عمرو بن العلاء في القراءة،له كتاب النوادر في اللغة.مات بخراسان سنة 202 ه. بغية الوعاة:414،415،العبر 1:264، [2]شذرات الذهب 2:4. [3]
4- 4) نقله عنه في السرائر:88.
5- 5) المقنعة:54.
6- 6) المبسوط 1:272،الجمل و العقود:112.
7- 7) الكافي في الفقه:179 و 183.

الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2)،و أحمد (3).

و قال الشيخ في النهاية:لا يفسد الصوم و إن فعل محرّما (4).و هو اختيار السيّد المرتضى (5)،و ابن إدريس (6)،و به قال الحسن بن صالح بن حيّ و داود (7)، و ابن أبي عقيل منّا (8).

و قال مالك:يفطر بالكثير منها لا بالقليل (9).و الأقوى عندي مذهب السيّد المرتضى.

لنا:أنّ الأصل الصحّة،فلا يعدل عنه إلاّ بدليل.و لأنّه عبادة شرعيّة انعقد شرعا،فلا يفسد إلاّ بموجب شرعيّ.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عليّ بن الحسن،عن أبيه قال:كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام:ما تقول في التلطّف يستدخله الإنسان و هو صائم؟فكتب:

«لا بأس بالجامد» (10).

ص:82


1- 1الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:313 و 320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:358 و 363،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،المغني و الشرح 3:39.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125، [1]شرح فتح القدير 2:265،266،مجمع الأنهر 1:241.
3- 3) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299. [2]
4- 4) النهاية:156.
5- 5) جمل العلم و العمل:90.
6- 6) السرائر:88.
7- 7) حلية العلماء 3:194،المجموع 6:320.
8- 8) نقله عنه في المختلف:221.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:197،بلغة السالك 1:252.
10- 10) التهذيب 4:204 الحديث 590،الاستبصار 2:83 الحديث 257،الوسائل 7:26 الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

و روى-في الحسن-عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى (1)عليه السّلام، قال:سألته عن الرجل و المرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء و هما صائمان؟ قال:«لا بأس» (2)و هو عامّ في الجامد و غيره.

و لأنّ الحقنة لا تصل إلى المعدة،و لا إلى موضع الاغتذاء فلا تؤثّر فسادا، كالاكتحال.

و لأنّها لا تجري في مجرى (3)الاغتذاء،فلا تفسد الصوم،كالاكتحال.

احتجّوا (4):بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام،أنّه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلّة في شهر رمضان،فقال:«الصائم لا يجوز له أن يحتقن» (5).

و لأنّه أوصل إلى جوفه ما يصلح بدنه،و هو ذاكر للصوم،فكان كالأكل.

و الجواب عن الأوّل:أنّا نقول بموجبه؛إذ الاحتقان عندنا حرام بالمائع،أمّا أنّه مفسد،فلا،و لا دلالة للحديث عليه.و أمّا القياس فباطل بما قدّمناه (6)،و للفرق؛ لوجود الهتك في الأصل دون الفرع.

فروع:
الأوّل:الاحتقان بالجامد لا بأس به و إن كان مكروها،

ذهب إليه الشيخ (7).

ص:83


1- 1غ بزيادة:بن جعفر.
2- 2) التهذيب 4:325 الحديث 1005،الوسائل 7:26 الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
3- 3) بعض النسخ:لا يجري مجرى.
4- 4) ينظر:المعتبر 2:659. [2]
5- 5) التهذيب 4:204 الحديث 589،الاستبصار 2:83 الحديث 256،الوسائل 7:27 الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [3]
6- 6) يراجع:ص 82.
7- 7) المبسوط 1:272، [4]النهاية:156. [5]

و أفسد به الصوم الجمهور على ما تقدّم؛فإنّهم لم يفرّقوا بين المائع و الجامد (1)، و كذا أبو الصلاح (2)،و ابن البرّاج (3).

الثاني:قال الشيخ لو داوى جرحه فوصل الدواء إلى جوفه،أفسد صومه .

(4)

و به قال الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة (6)،و أحمد (7).

و قال مالك:لا يفطر (8).و به قال أبو يوسف،و محمّد (9)،و هو الحقّ عندي.

لنا:أنّ الحقنة لا تفسد الصوم،فكذا هنا.و لأنّه ليس بمنفذ في الخلقة (10)، و إنّما حدث بجنابة،فالواصل منه لا يفطره.

احتجّوا:بأنّه أوصل إلى جوفه المفطر مع ذكره،فكان مفسدا (11)،كالحقنة.

و الجواب:المنع من الأصل و قد تقدّم.

ص:84


1- 1الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،الميزان الكبرى 2:24،المجموع 6:313،المبسوط للسرخسيّ 3:67، الهداية للمرغينانيّ 1:125،المغني 3:39،الإنصاف 3:299.
2- 2) الكافي في الفقه:179 و 183.
3- 3) المهذّب 1:192.
4- 4) نقله في المعتبر 2:659 [1] عن المبسوط،و الذي في المبسوط 1:273: [2]متى صبّ الدواء في إحليله فوصل إلى جوفه،أفطر.
5- 5) الأمّ 2:101،حلية العلماء 3:195،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:313 و 320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:362،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:68،تحفة الفقهاء 1:356،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125، [3]شرح فتح القدير 2:266،267،مجمع الأنهر 1:241.
7- 7) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:198،بداية المجتهد 1:290،حلية العلماء 3:195،المغني 3:39،المجموع 6:320،بلغة السالك 1:252.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 3:68،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125،شرح فتح القدير 2:266،تحفة الفقهاء 1:356،مجمع الأنهر 1:241.
10- 10) ح،ق و ش:الحلق.
11- 11) المغني و الشرح 3:39،المجموع 6:312،المبسوط للسرخسيّ 3:68،بدائع الصنائع 2:93.
الثالث:لو جرح نفسه برمح فوصل إلى جوفه،أو أمر غيره بذلك،

قال الشيخ:

يفسد صومه (1).و به قال الشافعيّ (2).

و الأقوى أنّه لا يفسد الصوم-و به قال أبو يوسف،و محمّد (3)-لما سلف.

الرابع:لو قطّر في أذنه دهنا أو غيره،لم يفطر.

و قال أبو الصلاح:يفطر (4)،و به قال الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة (6)،و مالك (7)، و أحمد (8)إذا وصل إلى الدماغ.

لنا:الأصل الحلّ و عدم الإفساد به،فالخروج عنه يحتاج (9)إلى دليل شرعيّ.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن حمّاد بن عثمان قال:سأل ابن أبي يعفور أبا عبد اللّه عليه السّلام-و أنا أسمع-عن الصائم يصبّ الدواء في أذنه؟قال:«نعم» (10).

ص:85


1- 1المبسوط 1:273. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:195،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:312 و 320، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 6:380. [3]
3- 3) حلية العلماء 3:195،المجموع 6:320.
4- 4) الكافي في الفقه:179 و 183.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:312،314 و 320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:367-369،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،الميزان الكبرى 2:24،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:133.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:68،تحفة الفقهاء 1:355،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125، شرح فتح القدير 2:266،مجمع الأنهر 1:241.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:198،بلغة السالك 1:245،246.
8- 8) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299. [4]
9- 9) بعض النسخ:محتاج.
10- 10) التهذيب 4:311 الحديث 941،الاستبصار 2:95 الحديث 307،الوسائل 7:51 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [5]

و عن ليث المراديّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم،يحتجم و يصبّ في أذنه الدهن؟قال:«لا بأس،إلاّ بالسعوط فإنّه يكره» (1).

احتجّوا:بأنّ الدماغ جوف،فالواصل إليه يغذّيه (2)،فيفطر به،كجوف البدن (3).

و الجواب:المنع من ذلك،كالاكتحال.

الخامس:لو قطّر في إحليله دواء أو غيره،لم يفطر،

سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل.و به قال أبو حنيفة (4)،و أحمد (5).

و قال الشافعيّ:يفطر (6)،و به قال أبو يوسف،و اضطرب قول محمّد فيه (7).

لنا:أنّ المثانة ليست محلاّ للاغتذاء،فلا يفطر بما يصل إليها،كالمستنشق غير البالغ.و لأنّه ليس بين باطن الذكر و الجوف منفذ،و إنّما يخرج البول رشحا،فالذي يجعل فيه لا يصل إلى الجوف،فلا يفطره،كما لو ترك في فمه شيئا و لم يبلعه (8).

احتجّوا:بأنّ لها منفذا إلى الجوف.و لأنّها كالدماغ في أنّها من باطن البدن (9).

ص:86


1- 1التهذيب 4:204 الحديث 592،الوسائل 7:50 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) بعض النسخ:تغذية.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:67،الهداية للمرغينانيّ 1:125،المجموع 6:313،فتح العزيز بهامش المجموع 6:369،المغني و الشرح 3:39،تحفة الفقهاء 1:355.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125، شرح فتح القدير 2:267،المغني 3:46.
5- 5) المغني 3:46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:49،الكافي لابن قدامة 1:475،الإنصاف 3:307.
6- 6) حلية العلماء 3:194،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:314 و 320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:370،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،الميزان الكبرى 2:24.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:67،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125،شرح فتح القدير 2:267،المجموع 6:320،تحفة الفقهاء 1:355.
8- 8) ش:و لم يبتلعه.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المغني 3:46،بدائع الصنائع 2:93،شرح فتح القدير 2:267،المجموع 6:312.

و الجواب:قد بيّنّا أنّه ليس بين المثانة و الجوف منفذ.

و أمّا وجوب الاحتراز عن جميع المحرّمات فظاهر،و يتأكّد ذلك في الصوم.

روى جرّاح المدائنيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إنّ الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده»ثمّ قال:«قالت مريم: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً (1)[أي] (2)صمتا،فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم و غضّوا أبصاركم و لا تنازعوا و لا تحاسدوا»قال (3):«و سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله امرأة تسابّ جارية لها و هي صائمة،فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بطعام،فقال لها:كلي،فقالت:

إنّي صائمة،فقال:كيف تكونين صائمة و قد سبّيت جاريتك؛إنّ الصوم ليس من الطعام و الشراب» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا صمت فليصم سمعك و بصرك،و شعرك و جلدك»و عدّد أشياء غير هذا،قال:«و لا يكون يوم صومك كيوم فطرك» (5).

مسألة:و منع المفيد-رحمه اللّه-من السعوط،

و هو الذي يصل إلى الدماغ من أنفه (6)،و أبو الصلاح أيضا،و أفسدا به الصوم مطلقا (7).و به قال

ص:87


1- 1مريم(19):26. [1]
2- 2) في النسخ:و صمتا،و في بعض المصادر:أي صوما و صمتا،و ما أثبتناه من التهذيب و المصباح.
3- 3) بعض النسخ:و قال.
4- 4) الكافي 4:87 الحديث 3، [2]الفقيه 2:68 الحديث 284 و فيهما:تسبّ،مكان:تسابّ،مصباح المتهجّد: 569، [3]التهذيب 4:194 الحديث 553،الوسائل 7:116 الباب 11 من أبواب آداب الصائم الحديث 3. [4]
5- 5) الكافي 4:87 الحديث 1، [5]الفقيه 2:67 الحديث 278،التهذيب 4:194 الحديث 554،الوسائل 7:116 الباب 11 من أبواب آداب الصائم الحديث 1. [6]
6- 6) المقنعة:54.
7- 7) الكافي في الفقه:179 و 183.

الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2)،و أحمد (3).

و قال الشيخ في المبسوط:إنّه مكروه لا يفسد الصوم،سواء بلغ إلى الدماغ أو لم يبلغ،إلاّ ما نزل إلى الحلق،فإنّه يفطر و يوجب القضاء (4).و به قال مالك (5)، و الأوزاعيّ،و داود (6)،و هو الصحيح عندي.

لنا:أنّ الصوم عبادة شرعيّة،و قد انعقد شرعا،فلا يفسد إلاّ بدليل شرعيّ، و لأنّه لم يصل إلى الحلق فأشبه إذا لم يصل إلى الدماغ.

احتجّوا:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للقيط بن صبرة (7):«و بالغ في الاستنشاق،إلاّ أن تكون صائما» (8).

و لأنّ الدماغ جوف،فالواصل إليه يغذّيه،فأفطر به،كجوف البدن (9).

ص:88


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:312،313 و 320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:364، مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،الميزان الكبرى 2:24،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:133.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،بدائع الصنائع 2:93،الهداية للمرغينانيّ 1:125، شرح فتح القدير 2:265،مجمع الأنهر 1:241.
3- 3) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299،زاد المستقنع:28.
4- 4) المبسوط 1:272. [1]
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:197-198،بلغة السالك 1:245،246،حلية العلماء 3:195،المغني و الشرح 3:39،فتح العزيز بهامش المجموع 6:364.
6- 6) المجموع 6:320.
7- 7) لقيط بن عامر بن عبد اللّه بن المنتفق...أبو رزين العقيليّ،و يقال:لقيط بن صبرة روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه ابنه عاصم بن لقيط و ابن أخيه وكيع بن عدس و عبد اللّه بن حاجب بن عامر و عمرو بن أوس الثقفيّ. أسد الغابة 4:266، [2]تهذيب التهذيب 8:456. [3]
8- 8) سنن أبي داود 2:308 الحديث 2366، [4]سنن الترمذيّ 3:155 الحديث 788، [5]سنن ابن ماجة 1:142 الحديث 407،سنن النسائيّ 1:66،مسند أحمد 4:33،سنن البيهقيّ 4:261.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:312،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299،بدائع الصنائع 2:93.

و الجواب عن الأوّل:أنّ المنع إنّما كان للخوف من النزول إلى الحلق؛إذ يعرض ذلك في الاستنشاق البالغ غالبا.

و عن الثاني:أنّ التغذية لا تحصل من ذلك.و اشتراك الدماغ و المعدة في اسم الجوف لا يقتضي اشتراكهما في الحكم؛لأنّ الحكم ثبت (1)في المعدة؛لأنّها محلّ الاغتذاء.أمّا ما يصل إلى الدماغ فلا يسمّى أكلا.

و أمّا الكراهية؛فلما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السّلام قال:«لا بأس بالكحل للصائم و كره السعوط للصائم» (2).

قال الشيخ:و أمّا السعوط فليس في شيء من الأخبار أنّه يوجب الكفّارة، و إنّما وردت مورد الكراهية (3).

مسألة:و في مضغ العلك لعلمائنا قولان:أحدهما:التحريم.

اشارة

اختاره الشيخ في بعض كتبه (4).

و القول الآخر:أنّه مكروه.و به قال أكثر علمائنا (5)،و ذهب إليه الشعبيّ،و النخعيّ،و قتادة (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد (8)،و إسحاق (9)،و أصحاب

ص:89


1- 1بعض النسخ:يثبت.
2- 2) التهذيب 4:214 الحديث 622،الوسائل 7:28 الباب 7 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 4:214.
4- 4) النهاية:157. [2]
5- 5) منهم:الشيخ في المبسوط 1:273 و ابن البرّاج في المهذّب 1:193،و ابن إدريس في السرائر:88، و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:658.
6- 6) المغني 3:44،الشرح الكبير بهامش المغني 3:77،عمدة القارئ 11:22.
7- 7) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،المهذّب للشيرازيّ 1:186،المجموع 6:353،فتح العزيز بهامش المجموع 6:392،المغني 3:44،السراج الوهّاج:142.
8- 8) المغني 3:44،الشرح الكبير بهامش المغني 3:76،الكافي لابن قدامة 1:486،الإنصاف 3:327، [3]زاد المستقنع:29.
9- 9) لم نعثر عليه.

الرأي (1).

لنا:الأصل عدم التحريم،فلا يصار إلى خلافه إلاّ بدليل شرعيّ،و لم يثبت.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الصائم يمضغ العلك؟فقال:«نعم،إن شاء» (2).

فإن احتجّ الشيخ بأنّه لا بدّ من تحلّل أجزاء منه تشيع (3)في الفم،و يتعدّى مع الريق إلى المعدة،منعنا ذلك.نعم،لو تحقّق ذلك أفسد صومه،أمّا مع عدم التحقّق فلا.

قال الشيخ في التهذيب عقيب خبر أبي بصير:هذا الخبر غير معمول عليه (4).

فإن أراد الشيخ أنّه مكروه،و قول الإمام عليه السّلام:«لا بأس»ينافيه،فهو ممكن،إلاّ أنّ لفظة:«لا بأس»،قد تستعمل كثيرا في المكروه،و إن عنى أنّه محرّم،فهو ممنوع.و قد تردّد في المبسوط و جعل الأحوط فيه التحريم (5).

فروع:
الأوّل:لا فرق بين العلك ذي الطعم و عدمه؛

عملا بالإطلاق.

الثاني:لا فرق بين العلك القويّ الذي لا يتحلّل أجزاؤه،

و الضعيف الذي يتحلّل أجزاؤه إذا تحفّظ من ابتلاعها؛عملا بالإطلاق.

ص:90


1- 1المغني 3:44،المبسوط للسرخسيّ 3:100،تحفة الفقهاء 1:367،بدائع الصنائع 2:106،الهداية للمرغينانيّ 1:125،126،شرح فتح القدير 2:268،مجمع الأنهر 1:247.
2- 2) التهذيب 4:324 الحديث 1002،الوسائل 7:74 الباب 36 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
3- 3) ح:تقع.
4- 4) التهذيب 4:324.
5- 5) المبسوط 1:273.
الثالث:لو وجد طعمه في حلقه ففي الإفساد تردّد

ينشأ من استحالة انتقال الأعراض فلا بدّ من تحلّل أجزاء يستصحبها الطعم،و من عدم نزول شيء من العلك،و مجرّد (1)الطعم لا يفطر،فقد قيل:من لطخ باطن قدمه بالحنظل وجد طعمه،و لا يفطره إجماعا.

مسألة:لا يفسد الصوم بما يدخله في فمه إذا لم يتعدّ الحلق،كمصّ الخاتم،

و مضغ الطعام للصبيّ،و زقّ (2)الطائر؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لمن قبّل امرأته:«أ رأيت لو تمضمضت بماء ثمّ مججته» (3)(4)شبّه القبلة بالمضمضة،و هو يدلّ على عدم الإفطار بما يحصل في الفم.

و روى الشيخ في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،قال:سأل ابن أبي يعفور أبا عبد اللّه عليه السّلام-و أنا أسمع-عن الصائم يصبّ الدواء في أذنه؟قال:«نعم، و يذوق المرق و يزقّ الفرخ» (5).

و في الموثّق عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا بأس أن يذوق الرجل الصائم القدر» (6).

و في الصحيح عن الحلبيّ أنّه سئل عن المرأة الصائمة تطبخ القدر فتذوق المرق تنظر إليه؟فقال:«لا بأس»و سئل عن المرأة يكون لها الصبيّ و هي صائمة فتمضغ

ص:91


1- 1كثير من النسخ:و بمجرّد.
2- 2) زقّ الطائر فرخه:أي:أطعمه بفيه.الصحاح 4:1491. [1]
3- 3) مجّ الرجل الشراب من فيه،إذا رمى به.الصحاح 1:340. [2]
4- 4) سنن أبي داود 2:311 الحديث 2385،سنن الدارميّ 2:13،مسند أحمد 1:21 و 52،المستدرك للحاكم 1:431،سنن البيهقيّ 4:261.ليس في المصادر:ثمّ مججته.
5- 5) التهذيب 4:311 الحديث 941،الاستبصار 2:95 الحديث 307،الوسائل 7:75 الباب 37 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [3]
6- 6) التهذيب 4:311 الحديث 940،الاستبصار 2:95 الحديث 306،الوسائل 7:75 الباب 37 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [4]

له الخبز فتطعمه (1)؟فقال:«لا بأس به و الطير إن كان لها» (2).

و لا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم يذوق الشيء و لا يبلعه؟فقال:«لا» (3).قال الشيخ:لأنّه محمول على من لا حاجة به إلى ذلك؛لانّ الرخصة قد (4)وردت في ذلك عند الضرورة الداعية إليه،من فساد طعام،أو هلاك صبيّ،أو طائر،فأمّا مع فقد ذلك أجمع،فلا يجوز على حال (5).

مسألة:لو أدخل فمه شيئا و ابتلعه سهوا،فإن كان لغرض صحيح،فلا قضاء

عليه،

(6)

و إلاّ وجب القضاء.

و لو تمضمض فابتلع الماء سهوا،فإن كان للتبرّد،فعليه القضاء،و إن كان للصلاة،فلا شيء عليه.و كذا لو ابتلع ما لا يقصده،كالذباب و قطر المطر،و لو فعله عمدا أفطر،و سيأتي البحث في ذلك كلّه.

روى الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام:

«إنّ عليّا عليه السّلام سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم،قال:ليس عليه قضاء إنّه ليس بطعام» (7).

مسألة:و لا بأس للصائم بالسواك.

اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع-إلاّ ابن أبي عقيل،

ص:92


1- 1كثير من النسخ:تطعمه،مكان:فتطعمه.
2- 2) التهذيب 4:312 الحديث 942،الاستبصار 2:95 الحديث 308،الوسائل 7:74 [1] الباب 37 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1،و ص 76 الباب 38 الحديث 1.
3- 3) التهذيب 4:312 الحديث 943،الاستبصار 2:95 الحديث 309،الوسائل 7:74 الباب 37 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [2]
4- 4) لا توجد كلمة(قد)في أكثر النسخ.
5- 5) التهذيب 4:312،الاستبصار 2:95.
6- 6) كذا في النسخ،و لعلّ الأنسب:لو أدخل في فمه.
7- 7) التهذيب 4:323 الحديث 994،الوسائل 7:77 الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

فإنّه كرهه بالرطب (1)-سواء كان رطبا أو يابسا،أوّل النهار أو آخره.و به قال مالك (2)،و أبو حنيفة (3).

و قال أحمد:يكره بالرطب و يكره أيضا باليابس بعد الزوال (4).و به قال ابن عمر،و عطاء،و مجاهد،و الأوزاعيّ (5)،و الشافعيّ (6)،و إسحاق (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي إسحاق الخوارزميّ (8)قال:سألت عاصم الأحول (9)أ يستاك الصائم؟قال:نعم،قلت:برطب السواك و يابسه؟قال:نعم، قلت:أوّل النهار و آخره؟قال:نعم،قال:عمّن؟قال:عن أنس،عن النبيّ صلّى اللّه

ص:93


1- 1نقله عنه في المختلف:223.
2- 2) الموطّأ 1:311 الحديث 60،بلغة السالك 1:246.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:99،تحفة الفقهاء 1:367،بدائع الصنائع 2:106،الهداية للمرغينانيّ 1:126،شرح فتح القدير 2:270،مجمع الأنهر 1:247،عمدة القارئ 11:14.
4- 4) المغني 1:110 و ج 3:45،الشرح الكبير بهامش المغني 3:76،الإنصاف 1:117،118،الكافي لابن قدامة 1:485.
5- 5) المجموع 1:279.
6- 6) الأمّ 2:101،المجموع 1:275 و 279،المبسوط للسرخسيّ 3:99،شرح فتح القدير 2:270،عمدة القارئ 11:14.
7- 7) المغني 3:45،46،عمدة القارئ 11:14.
8- 8) قال البيهقيّ:أبو إسحاق إبراهيم بن بيطار،و يقال إبراهيم عبد الرحمن قاضي خوارزم حدّث ببلخ عن عاصم الأحول،و قال ابن حجر:إبراهيم بيطار الخوارزميّ القاضي،و قال في إبراهيم بن عبد الرحمن الخوارزميّ:هو إبراهيم بن بيطار،و قال الذهبيّ في إبراهيم بن بيطار الخوارزميّ القاضي،و في إبراهيم بن عبد الرحمن الخوارزميّ:هذا هو ابن بيطار روى عن عاصم الأحول و روى عنه الفضل بن موسى السينانيّ و محمّد بن سلام البيكنديّ. سنن البيهقيّ 4:272،لسان الميزان 1:41 و 76،ميزان الاعتدال 1:25 و 45.
9- 9) عاصم بن سليمان الأحول أبو عبد الرحمن البصريّ أحد حفّاظ البصرة روى عن أنس و عبد اللّه بن سرجس و عمرو بن سلمة الجرميّ و غيرهم،و روى عنه قتادة و سليمان التيميّ و داود بن أبي هند و غيرهم.كان قاضيا بالمدائن لأبي جعفر.مات سنة 142 ه و قيل:141 ه و قيل:143 ه. تهذيب التهذيب 5:42، [1]ميزان الاعتدال 2:350،العبر 1:149. [2]

عليه و آله (1).

و عن عامر بن ربيعة،[عن أبيه] (2)قال:رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما لا أحصي يتسوّك و هو صائم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أ يستاك الصائم بالماء و بالعود الرطب يجد طعمه؟فقال:

«لا بأس به» (4).

و لأنّه طهر فأشبه المضمضة.

احتجّ الشافعيّ (5):بما روى خبّاب بن الأرتّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا صمتم فاستاكوا بالغداة،و لا تستاكوا بالعشيّ،فإنّه ليس من صائم تيبس شفتاه إلاّ كانتا نورا بين عينيه يوم القيامة» (6).

و عن عليّ عليه السّلام أنّه قال:«إذا صمتم فاستاكوا بالغداة،و لا تستاكوا بالعشيّ (7)».

و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لخلوف فم الصائم أطيب عند اللّه من ريح

ص:94


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:202 الحديث 1،سنن البيهقيّ 4:272.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:40،سنن أبي داود 2:307 الحديث 2364، [1]سنن الترمذيّ 3:104 الحديث 725، [2]مسند أحمد 3:445، [3]سنن الدارقطنيّ 2:202 الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:272.
4- 4) التهذيب 4:262 الحديث 782،الاستبصار 2:91 الحديث 291،الوسائل 7:58 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [4]
5- 5) المجموع 1:279، [5]شرح فتح القدير 2:270،271.
6- 6) سنن الدارقطنيّ 2:204 الحديث 8،سنن البيهقيّ 4:274،الجامع الصغير للسيوطيّ 1:30،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:78 الحديث 3696.
7- 7) سنن الدارقطنيّ 2:204 الحديث 7،سنن البيهقيّ 4:274،المعجم الكبير للطبرانيّ 4:78 الحديث 3696.

المسك الأذفر» (1).فهو أثر مرغوب فيه،فأشبه إزالة دم الشهادة بالغسل.

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على التسوّك لاستجلاب الريق،و يؤيّده تمام الحديث.

و عن الثاني:أنّه يزيد الخلوف و لا يزيله.

لا يقال:قد روى الشيخ في الموثّق عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يستاك الصائم أيّ النهار شاء و لا يستاك بعود رطب» (2).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا يستاك الصائم بعود رطب» (3).

قال الشيخ:هذان الخبران محمولان على الكراهية،لا التحريم (4)؛لما رواه في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه كره للصائم أن يستاك بسواك رطب و قال:«لا يضرّ أن يبلّ سواكه بالماء ثمّ ينفضه حتّى لا يبقى فيه شيء» (5).

ص:95


1- 1صحيح البخاريّ 3:31 و 34،صحيح مسلم 2:807 الحديث 1151،سنن الترمذيّ 3:136 الحديث 764، [1]سنن ابن ماجة 1:525 الحديث 1638،سنن النسائيّ 4:159 و 162،سنن الدارميّ 2:24، [2]الموطّأ 1:310 الحديث 58، [3]مسند أحمد 1:446،و ج 2:232،234،257،266 و 273،سنن البيهقيّ 4:273-274.كلمة«الأذفر»لا توجد في المصادر المذكورة،نعم،نقلها في المغني 3:45 عن أحمد.
2- 2) التهذيب 4:262 الحديث 785،الاستبصار 2:91 الحديث 292،الوسائل 7:59 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 8. [4]
3- 3) التهذيب 4:262 الحديث 786،الاستبصار 2:92 الحديث 293،الوسائل 7:58 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 7. [5]
4- 4) الاستبصار 2:92.
5- 5) التهذيب 4:263 الحديث 787،الاستبصار 2:92 الحديث 294،الوسائل 7:59 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [6]

و في الحسن عن موسى بن أبي الحسن الرازيّ (1)،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام،قال:سأله بعض جلسائه عن السواك في شهر رمضان،فقال:«جائز» فقال بعضهم:إنّ السواك تدخل رطوبته في الجوف،فقال:ما تقول في السواك الرطب تدخل رطوبته في الحلق؟فقال:«الماء للمضمضة أرطب من السواك» (2).

فإن قال قائل:لا بدّ من الماء للمضمضة من أجل السنّة،فلا بدّ من السواك من أجل السنّة التي جاء بها جبرئيل عليه السّلام إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3).

و هذا يدلّ على أنّ الشيخ يرى كراهية التسوّك (4)بالرطب،كما ذهب إليه أحمد،و هو مذهب قتادة،و الشعبيّ،و الحكم (5)؛لأنّ الرطب ينتثر (6)في الفم و يستجلب الريق،فكره،كالعلك،و هو ممنوع؛لأنّ اليابس ينتثر (7)و الرطب للينه لا ينتثر (8)و لا يستجلب الريق؛لأنّه لا يجاوز به الأسنان.

و مع ذلك فهو معارض بما (9)رواه نافع عن ابن عمر أنّه قال:لا بأس بالسواك الأخضر للصائم (10).

ص:96


1- 1موسى بن أبي الحسن الرازيّ،روى عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام و روى عنه إبراهيم بن هاشم.قال المامقانيّ:لم يتبيّن حاله. جامع الرواة 2:271، [1]تنقيح المقال 3:252، [2]معجم رجال الحديث 19:19. [3]
2- 2) التهذيب 4:263 الحديث 788،الاستبصار 2:92،الحديث 295،الوسائل 7:58 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [4]
3- 3) التهذيب 4:263.
4- 4) ف،غ،ص و خا:السواك.
5- 5) المغني 3:45،46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:76.
6- 6) بعض النسخ:ينتشر.
7- 7) م و ش:ينتشر.
8- 8) بعض النسخ:لا ينتشر.
9- 9) كثير من النسخ:لما.
10- 10) المصنّف لعبد الرزّاق 4:203 الرقم 7497 نقله عن عكرمة عن ابن عبّاس.

و يحمل ما رواه الشيخ من الحديثين على التسوّك،لا للطاعة،بل لاستجلاب الريق.

فرع:

لو كان السواك يابسا،جاز أن يبلّه بالماء و يتسوّك به و يتحفّظ من ابتلاع رطوبته.ذهب إليه علماؤنا،و يؤيّده:ما تقدّم من العمومات.

و كذا يجوز أن يتسوّك بالماء؛لما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم أ يستاك بالماء؟قال:«لا بأس» (1)

مسألة:و إنّما يبطل الصوم بما عدّدناه إذا وقع عمدا،

اشارة

فأمّا لو (2)وقع نسيانا،فلا عندنا،و فيه بحث يأتي،و خلاف بين العلماء نذكره.

و كذلك ما يحصل عن غير قصد،كالغبار الذي يدخل حلقه (3)من الطريق، و الذبابة،أو يرشّ عليه الماء فيدخل مسامعه و حلقه،أو يلقى في ماء فيصل إلى جوفه،أو يسبق إلى حلقه من ماء المضمضة،أو يصبّ (4)في أنفه أو حلقه شيء كرها،فهذا كلّه لا يفسد الصيام بلا خلاف نعلمه بين العلماء كافّة.

أمّا لو أكره على الإفطار،بأن و جر (5)في حلقه الماء كرها،لم يفطر.

و لو توعّده و خوّفه حتّى أكل،فكذلك عندنا.و قال الشيخ:إنّه يفطر (6)،

ص:97


1- 1التهذيب 4:323 الحديث 992،الاستبصار 2:91 الحديث 291،الوسائل 7:58 الباب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) ش و ن:إذا.
3- 3) غ و ف:في حلقه.
4- 4) بعض النسخ:يصيب.
5- 5) بعض النسخ:وجد.
6- 6) المبسوط 1:273.

و للشافعيّ قولان (1).

و قال أبو حنيفة (2)،و مالك:يفطر مع الإكراه في الصورة الأولى،و الثانية أيضا (3).

لنا:قوله عليه السّلام:«رفع عن أمّتي:الخطأ،و النسيان،و ما استكرهوا عليه» (4).

و لأنّه غير متمكّن من الفعل في الصورتين،فلا يصحّ تكليفه عقلا.

و لأنّ هنا معنى حرمة الصوم،فإذا حصل بغير اختياره لم يفطره،كما لو طارت ذبابة إلى حلقه،أو ذرعه القيء.

احتجّوا:بأنّ الطعام وصل (5)إلى جوفه مع ذكره للصوم،فأفطر،كما لو كان مريضا فأكل.و كذا الحائض تفطر و إن خرج الدم كرها (6).

و الجواب:أنّه يبطل بغبار الطريق،و عند أبي حنيفة:لو بلع ما بين أسنانه، لم يفطر (7)،فينتقض قياسه به.

ص:98


1- 1حلية العلماء 3:197،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:325،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 398،مغني المحتاج 1:430،الميزان الكبرى 2:26،27،السراج الوهّاج:140،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:136.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:98،تحفة الفقهاء 1:354،بدائع الصنائع 2:91،الهداية للمرغينانيّ 1:122، شرح فتح القدير 2:255،مجمع الأنهر 1:241.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:209،إرشاد السالك:49،بلغة السالك 1:247،المجموع 6:326. [1]
4- 4) الجامع الصغير للسيوطيّ 2:24،كنز العمّال 4:233 الحديث 10307،و بتفاوت يسير ينظر:سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2043 و 2045،سنن البيهقيّ 6:84،و ج 7:356،357،و من طريق الخاصّة ينظر:عوالي اللئالى 1:232 الحديث 131، [2]الوسائل 4:1284 [3] الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2 و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2.
5- 5) بعض النسخ:دخل.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:183،المبسوط للسرخسيّ 3:198،بدائع الصنائع 2:91.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:353،بدائع الصنائع 2:90.

و أمّا الحيض،فليس خروج الدم مطلقا هو المفطر؛لأنّ المستحاضة يخرج دمها،و لا تفطر (1)،فإذا لم يعقل معناه لم يصحّ القياس عليه.

و المريض مخصوص،فلا يحمل عليه غيره.

فروع:
الأوّل:لا فرق بين أنواع المفطرات في ذلك،

و سيأتي.

الثاني:لو فعل المفطر جاهلا بالتحريم فالوجه الإفساد؛

لأنّ له طريقا إلى العلم،فالتفريط ثابت من جهته،فلا يسقط الحكم عنه.

و يمكن أن يقال بعدم الفساد؛لأنّ الجاهل بالتحريم،كالناسي.و لما رواه زرارة و أبو بصير قالا:سألنا أبا جعفر عليه السّلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان، و أتى أهله و هو محرم،و هو لا يرى إلاّ أنّ ذلك حلال له،قال:«ليس عليه شيء» (2).

و الوجه:الأوّل،و يحمل الحديث على عدم وجوب الكفّارة و إن وجب القضاء.

الثالث:لو أكل أو جامع ناسيا،فظنّ فساد صومه،فتعمّد الأكل و الشرب،

قال الشيخ:يفطر،و عليه القضاء و الكفّارة.قال:و ذهب بعض أصحابنا إلى أنّه يقضي و لا يكفّر (3).

و الوجه عندي ما اختاره الشيخ؛لأنّ الجاهل غير معذور مع إمكان التعلّم.

مسألة:قد بيّنّا أنّه لو نوى الإفطار بعد انعقاد الصوم،لم يفطر؛لأنّه انعقد

اشارة

شرعا،

(4)

فلا يخرج عنه إلاّ بدليل شرعيّ.

ص:99


1- 1بعض النسخ:و لا يفطرن.
2- 2) التهذيب 4:208 الحديث 603،الوسائل 7:35 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 12. [1]
3- 3) المبسوط 1:273. [2]
4- 4) يراجع:ص 46.

هذا إذا عاد و نوى الصوم،أمّا لو لم ينو بعد ذلك الصوم،فالوجه وجوب القضاء.و به قال أصحاب الرأي (1)،و الشافعيّ في أحد الوجهين.

و في الثاني:أنّه يفطر مطلقا (2).و به قال أحمد (3)،و أبو ثور (4).

أمّا وجوب القضاء؛فلأنّه لم يصم،فلا يعتدّ بإمساكه.

و أمّا عدم وجوب الكفّارة،فبالأصل السالم عن معارضة الهتك.

فروع:
الأوّل:لو نوى القطع في النافلة و استمرّ،لم يصحّ صومه،

و إن عاد فنوى الصوم،صحّ،كما لو أصبح غير ناو للصوم.و به قال من منع في الفرض (5)؛لأنّ شرط النيّة المشترطة في الصوم استدامتها حكما في جميع زمان الصوم المفروض، لا النافلة.

الثاني:لو نوى أنّه سيفطر بعد ساعة أخرى،لم يفطر؛

لأنّه لو نوى الإفطار في الحال،لم يفطر،فالأولى في المستقبل عدمه.

الثالث:لو نوى أنّني إن وجدت طعاما أفطرت،و إن لم أجد أتممت صومي،

لم يفطر؛لأنّه بنيّة الفطر جزما لا يفطر،فالأولى أنّه لا يفطر مع تردّده،و قد نازع في هذين الفرعين بعض المشترطين؛لاستمرار حكم النيّة (6).

ص:100


1- 1المغني 3:56،الشرح الكبير بهامش المغني 3:31.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:297،المغني 3:56، [1]حلية العلماء 3:187،الشرح الكبير بهامش المغني 3:31، [2]بدائع الصنائع 2:92.
3- 3) المغني 3:56،الشرح الكبير بهامش المغني 3:31،الإنصاف 3:297.
4- 4) المغني 3:56،الشرح الكبير بهامش المغني 3:31.
5- 5) المغني 3:56،57،الشرح الكبير بهامش المغني 3:31.
6- 6) المغني 3:57،الشرح الكبير بهامش المغني 3:32،الإنصاف 3:297.
الرابع:قال الشيخ:لو نوى الإفطار في يوم يعلمه من رمضان،

ثمّ جدّد نيّة الصوم قبل الزوال،لم ينعقد (1).و فيه تردّد.

ص:101


1- 1المبسوط 1:277. [1]

البحث الثالث

اشارة

فيما يوجب القضاء و الكفّارة،أو القضاء خاصّة

مسألة:إذا وطئ في فرج المرأة مقيما صحيحا بالغا،وجب عليه القضاء

اشارة

و الكفّارة.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال جميع الفقهاء.

و قال النخعيّ،و الشعبيّ،و سعيد بن جبير،و قتادة:لا كفّارة عليه (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال:هلكت،فقال:«و ما أهلكك؟»قال:وقعت على امرأتي في رمضان،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«هل تجد رقبة تعتقها؟».قال:لا،قال:«فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟»قال:لا،قال:«فهل تستطيع إطعام ستّين مسكينا؟» قال:لا أجد؛فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«اجلس»فجلس،فبينا هو جالس كذلك أتي بعرق فيه تمر-قيل:العرق:-المكتل (2)-فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«اذهب فتصدّق به»فقال:يا رسول اللّه،و الذي بعثك بالحقّ،ما بين لابتيها (3)

ص:102


1- 1المغني 3:58،الشرح الكبير بهامش المغني 3:57،المجموع 6:344.
2- 2) في النسخ:قيل:العرق:مكتل.و مقتضى العبارة ما أثبتناه.قال في المصباح المنير:525: [1]المكتل- بكسر الميم-الزنبيل،و هو ما يعمل من الخوص يحمل فيه التمر و غيره،و قال في ص 405:العرق: بفتحتين-ضفيرة تنسج من خوص و هو المكتل و الزبيل،و يقال:إنّه يسع خمسة عشر صاعا.
3- 3) اللاّبة:الحرّة،و هي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها...و المدينة ما بين حرّتين عظيمتين،النهاية لابن الأثير 4:274. [2]

أهل بيت أحوج منّا،فضحك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حتّى بدت أنيابه،ثمّ قال:

«اذهب فأطعمه عيالك» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّدا،يوما واحدا من غير عذر،قال:«يعتق نسمة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا، فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق» (2).و قد بيّنّا أنّ الجماع مفطر (3).

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،فقال:«إنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:هلكت يا رسول اللّه،فقال:ما لك؟قال:النار يا رسول اللّه قال:و مالك؟قال:وقعت على أهلي،قال:تصدّق و استغفر ربّك،فقال الرجل:فوالذي عظّم حقّك ما تركت في البيت شيئا قليلا و لا كثيرا،قال فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر،فيه عشرون صاعا،يكون عشرة أصوع بصاعنا، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:خذ هذا التمر فتصدّق به،فقال:يا رسول اللّه على من أتصدّق و قد أخبرتك أنّه ليس في بيتي قليل و لا كثير؟قال:فخذه فأطعمه (4)عيالك،و استغفر اللّه عزّ و جلّ»قال:فلمّا رجعنا قال أصحابنا:إنه بدأ

ص:103


1- 1صحيح البخاريّ 3:41،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390، [1]سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،سنن الترمذيّ 3:102 الحديث 724، [2]سنن الدارميّ 2: 11، [3]مسند أحمد 2:241،281 و 516، [4]سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49،سنن البيهقيّ 4:221 و 224،المصنّف لعبد الرزّاق 4:194 الحديث 7457، [5]مجمع الزوائد 3:168.
2- 2) التهذيب 4:321 الحديث 984،الاستبصار 2:95 الحديث 310،الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [6]
3- 3) يراجع:ص 58.
4- 4) بعض النسخ:و أطعمه.

بالعتق قال (1):«أعتق أو صم أو تصدّق» (2).

و لأنّه إجماع،و خلاف أولئك غير معتدّ به.

احتجّوا:بأنّها عبادة لا تتعلّق الكفّارة بقضائها فلا تتعلّق بأدائها،كالصلاة (3)و الجواب:المنع من المساواة؛لوقوع الفرق من حيث إنّ الأداء متعلّق بزمان مخصوص يتعيّن به،بخلاف القضاء الذي محلّه العمر،و الصلاة لا تدخل في جبرانها المال،بخلاف الصيام.

لا يقال:قد روى الشيخ عن عمّار بن موسى الساباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل و هو صائم فيجامع أهله،فقال:«يغتسل و لا شيء عليه» (4).

لأنّا نقول:يحتمل أن يكون الجماع وقع ليلا،و يحتمل أن يكون سهوا.قال الشيخ:و يحتمل أن يكون جاهلا بالتحريم (5)؛لما رواه عن زرارة و أبي بصير قالا جميعا:سألنا أبا جعفر عليه السّلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان،و أتى أهله و هو محرم،و هو لا يرى،إلاّ أنّ ذلك حلال له،قال:«ليس عليه شيء» (6).

و الوجه عندي التأويلان الأوّلان.

و بالجملة فالروايتان ضعيفتا السند،مخالفتان للأصول التي مهّدناها،

ص:104


1- 1ح:فقال.
2- 2) التهذيب 4:206 الحديث 595،الاستبصار 2:80 الحديث 245،الوسائل 7:29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
3- 3) المغني 3:58،الشرح الكبير بهامش المغني 3:57،المجموع 6:344.
4- 4) التهذيب 4:208 الحديث 602،الاستبصار 2:81 الحديث 248،الوسائل 7:34 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [2]
5- 5) التهذيب 4:208،الاستبصار 2:81،82.
6- 6) التهذيب 4:208 الحديث 603،الاستبصار 2:82 الحديث 249،الوسائل 7:35 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 12. [3]

و للروايات الشهيرة،فلا تعارض بهما (1).

فروع:
الأوّل:يحتمل قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أطعمه عيالك»أنّه عليه السّلام

لم يملّكه التمر،

بل تطوّع عليه السّلام عنه بالتكفير،فلمّا أخبره بحاجته صرفه إليه و يحتمل أنّه ملّكه التمر ليتصدّق به عن نفسه،فلمّا أخبره بفقره،قدّم حاجته على الكفّارة،فيحتمل أن يكون أمره بذلك و الكفّارة باقية في ذمّته،و يحتمل أن يكون سقطت عنه لعجزه،و يحتمل أن يكون صرف الكفّارة إليه و إلى عياله لمّا كان هو المتطوّع بها،أو تكون مصروفة إلى عياله.

الثاني:يجب مع الكفّارة القضاء.و هو وفاق العلماء كافّة،

(2)

إلاّ الأوزاعيّ، فإنّه حكي عنه أنّه إن كفّر بالعتق أو الإطعام،قضى،و إن كفّر بالصيام،لم يقض؛ لأنّه صام شهرين (3).

و هو خطأ؛لأنّ الصوم نوع من أنواع الكفّارة،فوجب معه القضاء،كالعتق، و الصوم في الكفّارة عوض عن العتق؛لقيامه مقامه،فلا يقع عن رمضان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سليمان بن جعفر المروزيّ،عن الفقيه عليه السّلام قال:«إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل[و لا يغتسل حتّى يصبح] (4)،فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم،و لا يدرك فضل يومه» (5).

ص:105


1- 1غ:فلا تعارض بينهما.
2- 2) ص:اتّفاق.
3- 3) المغني 3:58،المجموع 6:345.
4- 4) أثبتناها من المصادر.
5- 5) التهذيب 4:212 الحديث 617،الاستبصار 2:87 الحديث 273،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]

و للشافعيّ قول:إنّه إذا وجبت الكفّارة سقط القضاء؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،لم يأمر الأعرابيّ بالقضاء (1).

و هو باطل؛لما تقدّم.و لما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للأعرابيّ:«و صم يوما مكانه» (2).

الثالث:هذا الحكم يتعلّق بوطء الميّتة و الحيّة و النائمة و المكرهة و المجنونة

و الصغيرة و المزنيّ بها؛

عملا بالإطلاق.

الرابع:روى الشيخ عن سماعة قال:سألته عن رجل أتى أهله في رمضان

متعمّدا،

فقال:«عليه عتق رقبة و إطعام (3)ستّين مسكينا،و صيام شهرين متتابعين، و قضاء ذلك اليوم،و أين (4)له مثل ذلك اليوم» (5).

قال الشيخ:يحتمل أن يكون المراد بالواو التخيير،لا الجمع،كما في قوله تعالى: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ (6)و يحتمل أن يكون مخصوصا بمن أتى أهله في حال يحرم الوطء فيها،مثل أن يطأ في الحيض،أو في حال الظهار قبل الكفّارة؛لأنّه قد وطئ محرّما في شهر رمضان (7).

ص:106


1- 1حلية العلماء 3:200،المجموع 6:331،فتح العزيز بهامش المجموع 6:452،453،مغني المحتاج 1:444،السراج الوهّاج:146،سنن الترمذيّ 3:103.
2- 2) سنن أبي داود 2:314 الحديث 2393 و ص 330 الحديث 2457،سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،الموطّأ 1:297 الحديث 29،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 51،سنن البيهقيّ 4: 226-227،المصنّف لعبد الرزّاق 4:196 الحديث 7461،مجمع الزوائد 3:168.
3- 3) م و ك:أو إطعام.
4- 4) في التهذيب و الاستبصار:«و أنّى».
5- 5) التهذيب 4:208 الحديث 604،الاستبصار 2:97 الحديث 315،الوسائل 7:36 الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
6- 6) النساء(4):3. [2]
7- 7) التهذيب 4:208،الاستبصار 2:97.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد السلام بن صالح الهرويّ،قال:قلت للرضا عليه السّلام:يا ابن رسول اللّه،قد روي عن آبائك عليهم السّلام فيمن جامع في شهر رمضان،أو أفطر فيه:ثلاث كفّارات،و روي عنهم أيضا:كفّارة واحدة،فبأيّ الحديثين نأخذ؟قال:«بهما جميعا،متى جامع الرجل حراما،أو أفطر على حرام في شهر رمضان،فعليه ثلاث كفارات:عتق رقبة،و صيام شهرين متتابعين و إطعام ستّين مسكينا،و قضاء ذلك اليوم،و إن كان نكح حلالا،أو أفطر عليه،فعليه كفّارة واحدة» (1).

و بمضمون هذه الرواية أفتى أبو جعفر بن بابويه رحمه اللّه (2).

مسألة:و يفسد صوم المرأة بلا خلاف نعلمه؛

اشارة

لأنّه نوع من المفطرات،فاستوى فيه الرجل و المرأة،كالأكل.و هل تلزمها الكفّارة؟ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك (3)،و أبو حنيفة (4)،و أبو ثور،و ابن المنذر (5)،و الشافعيّ في أحد القولين،و في الآخر:لا كفّارة عليها (6).و عن أحمد روايتان (7).

لنا:أنّها شاركت الرجل في السبب و حكم الإفطار فشاركته في الحكم الآخر

ص:107


1- 1التهذيب 4:209 الحديث 605،الاستبصار 2:97 الحديث 316،الوسائل 7:35 الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]في الأخيرين:«أو أفطر على حلال»مكان:«أو أفطر عليه».
2- 2) الفقيه 2:73،المقنع:60-61،الهداية:47.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:196،بداية المجتهد 1:304،بلغة السالك 1:249.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:72،تحفة الفقهاء 1:361،بدائع الصنائع 2:98،الهداية للمرغينانيّ 1:124، شرح فتح القدير 2:262،مجمع الأنهر 1:240.
5- 5) المغني 3:61،الشرح الكبير بهامش المغني 3:59،المجموع 6:345،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 443،عمدة القارئ 11:27.
6- 6) حلية العلماء 3:200،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:331،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 443،مغني المحتاج 1:444،السراج الوهّاج:145،146.
7- 7) المغني 3:61-62،الشرح الكبير بهامش المغني 3:59،الكافي لابن قدامة 1:481،الإنصاف 3:314. [2]

و هو الكفّارة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن المشرقيّ (1)،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:

كتب:«من أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،فعليه عتق رقبة مؤمنة،و يصوم يوما بدل يوم» (2).و هو عامّ في الرجل و المرأة.

و عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن بعض مواليه قال:«من أجنب في شهر رمضان فنام حتّى يصبح،فعليه عتق رقبة،أو إطعام ستّين مسكينا،و قضاء ذلك اليوم،و يتمّ صيامه،و لن يدركه أبدا» (3)و إذا كان حكم المقام على الجنابة عمدا يوجب الكفّارة عليها بالعموم، فالجماع نهارا أولى.

احتجّ المخالف:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر الواطئ في رمضان أن يعتق

ص:108


1- 1هشام بن إبراهيم البغداديّ المشرقيّ.قال المامقانيّ:إنّ الأكثر ضبطوه بالقاف،و السيّد المحقّق الداماد جزم بكونه بالفاء،و قال أيضا:هشام بن إبراهيم ثلاثة:أحدهم:البغداديّ المشرقيّ الثقة الذي أدرك الكاظم عليه السّلام و صاحبه،و لم ينقل مصاحبته للرضا عليه السّلام و لا خروجه من بغداد و لا حضوره المدينة و لا خراسان و هو الثقة المنزّه عن كل شين،الثاني:الراشديّ الهمدانيّ الذي أطلق عليه العبّاسيّ، و هو الفاسق الخبيث الذي ولاّه المأمون حجابة الرضا عليه السّلام.الثالث:العبّاسيّ،و هو الذي حكم الرضا عليه السّلام بزندقته.و قال الكشّيّ،قال حمدويه:هشام المشرقيّ هو ابن إبراهيم البغداديّ، فسألت عنه و قلت:ثقة هو؟فقال:ثقة ثقة.و السيّد الخوئيّ-بعد ما نقل توثيق الكشّيّ في حقّه-قال: التغاير بين هذا و هشام بن إبراهيم العبّاسيّ ظاهر و إن كانا يشتركان في أنّ كلاّ منهما من أصحاب الرضا عليه السّلام و هذا ثقة ثقة،و ذاك زنديق كذّاب،إلاّ أنّه مع ذلك قد اشتبه الأمر على بعضهم،فزعموا الاتّحاد،و الأصل في ذلك ما ذكره النجاشيّ من أنّ العبّاسيّ هو المشرقيّ،و هو سهو منه جزما،كما أنّ تسميته بهاشم دون هشام هو سهو آخر.رجال الكشّيّ:500،رجال النجاشيّ 435،تنقيح المقال 3: 293، [1]معجم رجال الحديث 19:326. [2]
2- 2) التهذيب 4:207 الحديث 600،الاستبصار 2:96 الحديث 311،الوسائل 7:31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [3]
3- 3) التهذيب 4:212 الحديث 618،و ص 320 الحديث 982،الاستبصار 2:87 الحديث 274،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [4]

رقبة،و لم يأمر في المرأة بشيء،مع علمه بوجوده منها (1).و لأنّه حقّ ماليّ يتعلّق بالوطء،فكان على الرجل،كالمهر (2).

و الجواب:أنّه عليه السّلام بيّنه في تلك الحال؛لأنّه سأله،و التخصيص عقيب السؤال لا يدلّ على نفي الحكم عن غيره.بل لو قيل:يجب بمقتضى ما ذكرتم،كان أولى؛لقوله عليه السّلام:«حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» (3).

و عن الثاني:بالفرق بينه و بين المهر،و هو ظاهر.

فروع:
الأوّل:لو أكره امرأته على الجماع و هما صائمان،وجب عليه كفّارتان،

ذكره الشيخ-رحمه اللّه (4)-و أكثر علمائنا (5).

و قال الجمهور:تسقط الكفّارة عنها و عنه؛لأنّ صومها صحيح،فلا كفّارة عنه (6)(7).

و لنا:أنّه هتك تفرّد بفعله،و لا يحصل إلاّ من اثنين،فكان عليه عقوبتهما معا و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أتى امرأته و هو صائم و هي صائمة،فقال:«إن كان استكرهها،فعليه

ص:109


1- 1غ،ف،ك و م:منهما.
2- 2) المغني 3:62،الشرح الكبير بهامش المغني 3:59،الكافي لابن قدامة 1:481،المجموع 6:330، 331،فتح العزيز بهامش المجموع 6:443،444،مغني المحتاج 1:444.
3- 3) عوالي اللئالئ 1:456 الحديث 197. [1]
4- 4) المبسوط 1:275، [2]النهاية:154، [3]الخلاف 1:384 مسألة-27.
5- 5) منهم:ابن أبي عقيل نقله عنه في المختلف:223،و ابن إدريس في السرائر:88،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:194.
6- 6) هامش ح:عليه.
7- 7) المغني 3:62-63،الهداية للمرغينانيّ 1:124.

كفّارتان،و إن كانت طاوعته،فعليه كفّارة،و عليها كفّارة،و إن كان أكرهها،فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحدّ،و إن كانت طاوعته،ضرب خمسة و عشرين سوطا،و ضربت خمسة و عشرين سوطا» (1).و في سند الرواية ضعف.و بالجملة فنحن في هذا من المتردّدين.

الثاني:أنّا سنبيّن أنّ الكفّارة مخيّرة،لكن بعض أصحابنا ذهب إلى ترتيبها .

(2)

و التفريع عليه:إن أكرهها فهل الكفّارتان عنه؟أو كفّارة عنه و كفّارة عنها يتحمّلها بسبب الإكراه؟فيه تردّد،أقربه أنّهما معا عنه.

فإن قلنا:إنّهما عنهما (3)،فإن اتّفق حالهما و كانا من أهل العتق،أعتق رقبتين، و إن كانا من أهل الصيام،صام أربعة أشهر،و إن كانا من أهل الإطعام،أطعم مائة و عشرين مسكينا.

و إن اختلف حالهما،فإن كان هو أعلى،أعتق عن نفسه،و هل يجوز له أن يصوم عنها؟فيه تردّد،أقربه أنّه لا يجوز؛لأنّ الكفّارة و إن كانت عنها،إلاّ أنّه بالإكراه تحمّلها،فكان الاعتبار بقدرته.

و إن كان هو من أهل الصيام،و الزوجة من أهل الإطعام،صام عن نفسه و عنها.و كذا إن كانت هي أعلى حالا منه،وجب عليه ما يقدر عليه هو،و لا اعتبار بحالها.

و إنّما ذكرنا هذه الفروع؛لمنازعة الشافعيّة (4)في بعضها (5).

ص:110


1- 1التهذيب 4:215 الحديث 625،الوسائل 7:37 الباب 12 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
2- 2) نقله عن ابن أبي عقيل في المختلف:225،و قال السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل ص 91:قيل: إنّها مرتّبة،و قيل:إنّه مخيّر فيها.
3- 3) أكثر النسخ:إنّها عنها.
4- 4) ص،ن،ح و ق:الشافعيّ.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:184،المجموع 6:332،فتح العزيز بهامش المجموع 6:446.
الثالث:لو كان مجنونا فوطئها و هي صائمة،فإن طاوعته،لزمها الكفّارة،

و إن أكرهها،سقطت الكفّارة عنهما.أمّا عنه؛فلعدم التكليف بالجنون،و أمّا عنها؛ فلعدمه بالإكراه.

الرابع:لو زنى بامرأة في نهار رمضان،فإن طاوعته،فعليهما كفّارتان،

و إن أكرهها،فعليه كفّارة،و هل يجب عليه أخرى؟قال الشيخ:لا يجب؛لأنّ حمله على الزوجة قياس لا نقول به (1).و هو جيّد؛عملا بأصل براءة الذمّة.

الخامس:إذا استدخلت ذكره و هو نائم،أفطرت،دونه،

و يجب عليها كفّارة عن نفسها،و لا كفّارة عليه و لا عليها عنه.

السادس:لو أكرهته على الجماع،وجبت عليها كفّارة عن نفسها،

و هل يجب عليه كفّارة عن نفسه؟فيه تردّد ينشأ من إمكان تحقّق الإكراه في الجماع،و عدمه، نظرا إلى استناد الميل القلبيّ إلى الاختيار خاصّة.

مسألة:لو وطئ امرأته في دبرها فأنزل،وجب عليه القضاء و الكفّارة إجماعا،

اشارة

و إن لم ينزل،فيه قولان:

أحدهما:أنّه كذلك.و به قال الشافعيّ (2)،و أحمد (3)،و أبو حنيفة في رواية.

و في أخرى-و هي الشهيرة-لا كفّارة بالوطء في الدبر (4)،و وافقنا على وجوب القضاء.

لنا:أنّه أفسد صوم رمضان بجماع في الفرج،فأوجب الكفّارة،كالوطء.و لأنّه وطء في محلّ مشتهى طبعا،فكان كالقبل.و لأنّه وجب أحد المعلولين،فيثبت

ص:111


1- 1المبسوط 1:275. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:203،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:341،مغني المحتاج 1:444.
3- 3) المغني 3:61،الشرح الكبير بهامش المغني 3:59،الكافي لابن قدامة 1:480،الإنصاف 3: 311-312،زاد المستقنع:29.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:79،تحفة الفقهاء 1:362،بدائع الصنائع 2:98،الهداية للمرغينانيّ 1:124، شرح فتح القدير 2:261،مجمع الأنهر 1:240.

الآخر.و لأنّه وطء مقصود (1)في فرج،فيجب به الغسل و الكفّارة.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر من قال:واقعت أهلي،بالقضاء و الكفّارة (2)،و لم يستفصله مع الاحتمال،فيكون عامّا في مطلق الوطء.

و احتجّ أبو حنيفة:بأنّه وطء لا يتعلّق به حدّ،فلا يتعلّق به كفّارة (3).

و الجواب:المنع من عدم الحدّ،سلّمنا لكن لا ملازمة،كما في الأكل.

لا يقال:قد روى الشيخ عن أحمد بن محمّد،عن بعض الكوفيّين يرفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:في الرجل يأتي المرأة في دبرها و هي صائمة،قال:

«لا ينقض صومها،و ليس عليه غسل» (4).

و عن عليّ بن الحكم،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أتى الرجل المرأة في الدبر و هي صائمة،لم ينقض صومها،و ليس عليها غسل» (5).

لأنّا نقول:إنّهما خبران مرسلان لا اعتداد بهما.

فروع:
الأوّل:لو وطئ غلاما فأنزل،لزمته الكفّارة،

و إن لم ينزل،قال الشيخ (6)، و السيّد المرتضى:تجب الكفّارة أيضا (7)،و به قال الشافعيّ (8).

ص:112


1- 1ص،ق،خا و ح:معقود.
2- 2) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص 103.
3- 3) بدائع الصنائع 2:98.
4- 4) التهذيب 4:319 الحديث 975،الوسائل 1:481 الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث 3. [1]
5- 5) التهذيب 4:319 الحديث 977،الوسائل 1:482 الباب 12 من أبواب الجنابة ذيل الحديث 3. [2]
6- 6) المبسوط 1:270، [3]الخلاف 1:387 مسألة-41.
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:669. [4]
8- 8) الأمّ 2:101،حلية العلماء 3:203،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:341،فتح العزيز بهامش المجموع 6:447،مغني المحتاج 1:444.

و قال أبو حنيفة:يلزمه القضاء لا غير (1).

لنا:أنّه وطئ عمدا وطئا يصير به جنبا،فتجب به الكفّارة.و لأنّه جماع في فرج محرّم شرعا مشتهى طبعا،فأوجب الكفّارة.و لأنّ إحدى العقوبتين ثابتة، فيثبت الأخرى.

و ادّعى الشيخ أبو جعفر-رحمه اللّه تعالى-الإجماع على ذلك (2).

و ادّعى السيّد المرتضى إجماع الإماميّة على وجوب الغسل على الفاعل و المفعول،فيجب القول بفساد الصوم،و يلزم من إفطاره متعمّدا الكفّارة (3).

الثاني:لو وطئ في فرج البهيمة،فأنزل،وجب القضاء و الكفّارة،

و إن لم ينزل، قال الشيخ لا نصّ فيه،و يجب القول بالقضاء؛لأنّه مجمع عليه دون الكفّارة (4).

و منع ابن إدريس من إيجاب القضاء أيضا (5)،و هو قويّ.

الثالث:لا فرق بين وطء الزوجة و الأجنبيّة الصغيرة و الكبيرة؛

لأنّه إذا وجب بوطء الزوجة،فبوطء الأجنبيّة أولى.

الرابع:إذا أوجبنا الكفّارة على الواطئ دبرا،وجب على المفعول؛

لأنّه هتك مشترك بين فعليهما،فاشتركا في العقوبة.

الخامس:لو أنزل عند الملاعبة أو الملامسة أو التقبيل،أو استمنى بيده،لزمه

القضاء و الكفّارة،

و كذا لو وطئ فيما دون الفرجين فأنزل.و به قال مالك (6)،

ص:113


1- 1حلية العلماء 3:203،المجموع 6:342،المغني 3:61،الشرح الكبير بهامش المغني 3:59.
2- 2) الخلاف 1:387 مسألة-41.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:669. [1]
4- 4) الخلاف 1:388 مسألة-42.
5- 5) السرائر:86.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:195،بلغة السالك 1:244.شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:164.

و أبو ثور (1).

و قال أحمد:يجب في الوطء فيما دون الفرج،و عنه في القبلة و اللمس روايتان (2).

و قال الشافعيّ (3)،و أبو حنيفة:عليه القضاء دون الكفّارة (4).

لنا:أنّه أجنب مختارا متعمّدا،فكان كالمجامع.

و لأنّه أنزل عمدا و أفطر به،فلزمته الكفّارة؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أمر المفطر بالكفّارة (5).

و لأنّه وجبت إحدى العقوبتين،فتجب الأخرى.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتّى يمني،قال:

«عليه من الكفّارة مثل ما على الذي يجامع» (6).

و عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وضع يده على شيء من جسد امرأته،فأدفق،قال:«كفّارته أن يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا،أو يعتق رقبة» (7).

ص:114


1- 1المجموع 6:330 و 342،بداية المجتهد 1:300.
2- 2) المغني 3:59،الشرح الكبير بهامش المغني 3:63،الكافي لابن قدامة 1:480،الإنصاف 3: 316-317. [1]
3- 3) حلية العلماء 3:204،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:330 و 342،مغني المحتاج 1:443.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:65،تحفة الفقهاء 1:361،بدائع الصنائع 2:100،الهداية للمرغينانيّ 1: 125،شرح فتح القدير 2:265،مجمع الأنهر 1:246.
5- 5) صحيح مسلم 2:782 الحديث 1111،الموطّأ 1:296،الحديث 28.
6- 6) التهذيب 4:273 الحديث 826 و فيه:سألت أبا الحسن،الاستبصار 2:81 الحديث 247،الوسائل 7: 25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
7- 7) التهذيب 4:320 الحديث 981،الوسائل 7:26 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [3]

و عن حفص بن سوقة،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته و هو في[قضاء شهر] (1)رمضان،فيسبقه الماء،فينزل، فقال:«عليه من الكفّارة مثل ما على الذي يجامع[في رمضان] (2)» (3).

السادس:لو نظر أو تسمّع لكلام أو حادث فأمنى،لم يفسد صومه.

و به قال الشافعيّ (4)،و أبو حنيفة (5).

و قال الشيخ-رحمه اللّه-إن نظر إلى محلّلة،لم يلزمه شيء بالإمناء،و إن نظر إلى محرّمة،لزمه القضاء (6).

و قال مالك:إن أنزل من النظرة الأولى،أفطر و لا كفّارة عليه،و إن استدام النظر حتّى أنزل،وجبت عليه الكفّارة (7).

احتجّ الشافعيّ:بأنّه إنزال (8)من غير مباشرة،فلم يفطر به،كالاحتلام.و لأنّه إنزال من غير مباشرة،فأشبه إذا فكّر فأنزل (9).

ص:115


1- 1أثبتناهما من المصادر.
2- 2) أثبتناهما من المصادر.
3- 3) التهذيب 4:321 الحديث 983،الوسائل 7:25 الباب 4 [1] من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. و ص 93 الباب 56 الحديث 1.
4- 4) الأمّ 2:100،حلية العلماء 3:196،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:322 و 342،مغني المحتاج 1:430،السراج الوهّاج:140-141،الميزان الكبرى 2:25،رحمة الأمة بهامش الميزان الكبرى 1:135.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:70،تحفة الفقهاء 1:353،بدائع الصنائع 2:91،الهداية للمرغينانيّ 1:122، شرح فتح القدير 2:256،مجمع الأنهر 1:244.
6- 6) المبسوط 1:272.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:199،بلغة السالك 1:244،إرشاد السالك:50،المغني 3:49،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43.
8- 8) ق،ك،ص و خا:أنزل.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:342،الميزان الكبرى 2:25،مغني المحتاج 1:430.

احتجّ مالك:بأنّه أنزل متلذّذا،كاللامس (1).

و الأقرب عندي أنّه إن أنزل من النظرة الأولى،لم يفطر و لم يفسد صومه، سواء كان نظرا (2)إلى محرّم أو محلّل؛لأنّ النظرة الأولى لا يمكن الاحتراز منها، فلا يحصل ما أفضت (3)إليه النظرة،كالذباب و غبار الطريق إذا دخل إلى حلقه.

و لأنّ الأصل الصحّة،فلا يعدل عنه إلاّ بدليل.

و إن أنزل من نظر متكرّر يعلم معه الإنزال،كان حكمه حكم المقبّل و اللامس.

السابع:قال أبو الصلاح:لو أصغى فأمنى،قضاه .

(4)

الثامن:لو قبّل،أو لمس فأمذى،لم يفطر.

و به قال الشافعيّ (5).

و قال أحمد:يفطر (6).

لنا:أنّه خارج لا يوجب الغسل،فإذا انضمّ إلى المباشرة،لم يفسد الصوم، كالبول.

احتجّ:بأنّه خارج تخلّلته (7)الشهوة،فإذا انضمّ إلى المباشرة،أفطر به، كالمنيّ (8).

و الجواب:الفرق بأنّ المنيّ يلتذّ بخروجه و يوجب الغسل،بخلافه.و في رواية

ص:116


1- 1المغني 3:49،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43.
2- 2) بعض النسخ:نظر.
3- 3) كثير من النسخ:اقتضت.
4- 4) الكافي في الفقه:183.
5- 5) حلية العلماء 3:196،المجموع 6:322،مغني المحتاج 1:430،431،السراج الوهّاج:141، الميزان الكبرى 2:25،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:135.
6- 6) المغني 3:47،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43،الكافي لابن قدامة 1:476،الإنصاف 3:301.
7- 7) كثير من النسخ:تخلّله.
8- 8) المغني 3:47،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43.

رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه يقضي (1)،و حمله الشيخ على الاستحباب (2)،و هو حسن.

التاسع:لو تساحقت امرأتان،فإن لم تنزلا،لم يتعلّق بهما حكم سوى الإثم،

و إن أنزلتا،فسد صومهما.

و هل يجب عليهما القضاء و الكفّارة؟الوجه لزومهما؛لأنّ الجماع من المرأة موجب للكفّارة عليها على ما مضى (3).و عن أحمد روايتان (4).

و لو ساحق المجبوب فأنزل،فحكمه حكم المجامع فيما دون الفرج إذا أنزل.

و قد سلف أنّه يوجب القضاء و الكفّارة عندنا (5).

العاشر:لو طلع الفجر و هو مجامع فاستدام الجماع،فعليه القضاء و الكفّارة.

و به قال مالك (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد (8).

و قال أبو حنيفة:يجب القضاء دون الكفّارة (9).

لنا:أنّه ترك صوم (10)رمضان بجماع أثم به بحرمة (11)الصوم،فوجبت به

ص:117


1- 1الفقيه 2:71 الحديث 299،التهذيب 4:272 الحديث 825،الاستبصار 2:83 الحديث 255، الوسائل 7:92 الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) الاستبصار 2:83.
3- 3) يراجع:ص 107. [2]
4- 4) المغني 3:62-63،الشرح الكبير بهامش المغني 3:62،الإنصاف 3:317.
5- 5) يراجع:ص 113. [3]
6- 6) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66،حلية العلماء 3:202،بلغة السالك 1:252.
7- 7) حلية العلماء 3:202،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:338،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 403،404،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66.
8- 8) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66،الإنصاف 3:321.
9- 9) حلية العلماء 3:202،بدائع الصنائع 2:91،المبسوط للسرخسيّ 3:66،141،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66.
10- 10) غ:صوم شهر.
11- 11) غ،ف،ش و م:لحرمة.

الكفّارة،كما لو وطئ بعد طلوع الفجر.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ وطأه لم يصادف صوما صحيحا،فلم يوجب الكفّارة،كما لو ترك النيّة و جامع (1).

و الجواب:من حيث الفرق،و من حيث المنع.

أمّا الأوّل:فلأنّ تارك النيّة ترك (2)الصوم لترك النيّة،لا للجماع.

و أمّا الثاني:فلأنّا نمنع من عدم وجوب الكفّارة.

الحادي عشر:لو نزع في الحال مع أوّل طلوع الفجر من غير تلوّم،لم يتعلّق به حكم،إلاّ ما يأتي من أنّه إن فرّط في تحصيل الوقت،لزمه القضاء،و إلاّ فلا-و به قال أبو حنيفة (3)،و الشافعي (4)-لأنّه ترك للجماع،فلا يتعلّق به حكم الجماع،كما لو حلف لا يدخل بيتا و هو فيه،فخرج منه.

و قال بعض الجمهور:يجب الكفّارة؛لأنّ النزع جماع يلتذّ به،فيتعلّق به ما يتعلّق بالاستدامة،كالإيلاج (5).

و قال مالك:يبطل صومه و لا كفّارة عليه،لأنّه لا يقدر على أكثر ممّا فعله في ترك الجماع،فكان كالمكره (6).

ص:118


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:66،141،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66،بدائع الصنائع 2:91.
2- 2) غ،ف و ش:يترك.
3- 3) بدائع الصنائع 2:91،المبسوط للسرخسيّ 3:66،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67.
4- 4) الأمّ 2:97،المهذّب للشيرازيّ 1:182،حلية العلماء 3:193،المجموع 6:309،فتح العزيز بهامش المجموع 6:403،مغني المحتاج 1:432،السراج الوهّاج:141،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67.
5- 5) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67.
6- 6) حلية العلماء 3:193،المجموع 6:311،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:135.

و الجواب عن الأوّل:أنّ البحث فيما لو نزع غير متلذّذ.

و عن الثاني:بالتسليم و لا يقتضي ذلك وجوب (1)القضاء.

مسألة:و لو أكل أو شرب عامدا في نهار رمضان مع وجوب الصوم اختيارا،

اشارة

وجب عليه القضاء و الكفّارة.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عطاء،و الحسن البصريّ،و الزهريّ،و الثوريّ،و الأوزاعيّ،و إسحاق (2)،و أبو حنيفة (3)، و مالك (4).

و قال الشافعي:لا تجب الكفّارة،بل القضاء خاصّة (5).و به قال سعيد بن جبير، و النخعيّ،و محمّد بن سيرين،و حمّاد بن أبي سليمان،و أحمد،و داود (6).

لنا:أنّه أفطر بأعلى ما في الباب من جنسه،فوجبت فيه الكفّارة،كالجماع.

و لأنّ الكفّارة في باب المواقعة تعلّقت بجناية إفساد الصوم،و هذه جناية إفساد الصوم،فالشرع الوارد لم يكن واردا هنا.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّدا يوما واحدا من غير عذر،قال:

«يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستّين مسكينا،فإن لم يقدر،تصدّق

ص:119


1- 1كثير من النسخ:من وجوب.
2- 2) حلية العلماء 3:199،المغني 3:52،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،بداية المجتهد 1:302، تفسير القرطبيّ 2:321. [1]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:73،تحفة الفقهاء 1:361،بدائع الصنائع 2:97،الهداية للمرغينانيّ 1:124. [2]
4- 4) بداية المجتهد 1:302،حلية العلماء 3:199،تفسير القرطبيّ 2:321. [3]
5- 5) حلية العلماء 3:198،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:328،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 446،المغني 3:51،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،مغني المحتاج 1:442،السراج الوهّاج: 145.
6- 6) حلية العلماء 3:198،المغني 3:51،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،المجموع 6:329،330، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 6:446، [5]المحلّى 6:185.

بما يطيق» (1).

و عن عبد الرحمن قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،قال:«عليه خمسة عشر صاعا،لكلّ مسكين مدّ،مثل الذي صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (2).

احتجّ الشافعيّ:بأنّ السنّة وردت في الجماع،و غير الجماع لا يقاس عليه، كالإفطار باستدعاء القيء،و بلع الجوزة و الحصاة.

و لأنّ الدليل ينفي (3)وجوب الكفّارة؛لأنّ التوبة كافية لرفع الذنب،إلاّ أنّا تركنا العمل في باب المواقعة،فيبقى المتنازع فيه على قضيّة الدليل (4)و الجواب عن الأوّل:أنّا قد بيّنّا من أحاديث أهل البيت عليهم السّلام وجوب الكفّارة،و القياس مع قيام شرائطه يعمل به عنده،و قد تمّ هنا؛إذ الكفّارة في باب المواقعة تعلّقت بجناية إفساد الصوم،فيثبت في موارده،بخلاف استدعاء القيء، و بلع الحصاة و الجوزة؛لأنّ الجناية في المتنازع فيه أبلغ.على أنّا نمنع عدم الكفّارة في بلع الحصاة و الجوزة،و يخرج استدعاء القيء بالنصّ فيبقى الباقي على عمومه،و بهذا يظهر الجواب عن الثاني.

فروع:
الأوّل:لا فرق بين الرجل و المرأة و العبد و الخنثى في ذلك،

إلاّ ما نستثنيه (5).

ص:120


1- 1التهذيب 4:205 الحديث 594 و ص 321 الحديث 984،الاستبصار 2:95 الحديث 310، الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:321 الحديث 985،الاستبصار 2:96 الحديث 312،الوسائل 7:31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 10. [2]
3- 3) بعض النسخ:يبقى.
4- 4) مغني المحتاج 1:443،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:328.
5- 5) كثير من النسخ:يستثنيه.
الثاني:لا فرق بين أكل المحلّل و المحرّم في الكفّارة،

و سيأتي.

الثالث:لا فرق بين المعتاد و غيره في المأكول و المشروب،فلو ازدرد حصاة

و شبهها،

أو شرب ما لم تجر به العادة،تعلّق به وجوب القضاء و الكفّارة،خلافا للسيّد المرتضى-رحمه اللّه- (1)و لأبي حنيفة (2)،و الشافعيّ (3).

لنا:أنّه مناف للصوم،فيكون مفسدا.و تجب به الكفّارة؛لما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ رجلا أفطر في رمضان،فأمره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يعتق رقبة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا (4).

و عن سعيد بن المسيّب أنّ رجلا قال:يا رسول اللّه أفطرت في شهر رمضان فقال:«أعتق رقبة» (5)و لم يستفصله،و كذا من طريق الخاصّة (6).

مسألة:و يجب بإيصال الغبار و الدقيق إلى الحلق القضاء و الكفّارة.

ذهب إليه الشيخ-رحمه اللّه (7)-و أتباعه (8)،و خالف فيه الشافعيّ (9)،

ص:121


1- 1جمل العلم و العمل:90.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:138،تحفة الفقهاء 1:355،بدائع الصنائع 2:99،الهداية للمرغينانيّ 1: 124،شرح فتح القدير 2:260،مجمع الأنهر 1:242.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:317،فتح العزيز بهامش المجموع 6:447، مغني المحتاج 1:430.
4- 4) صحيح مسلم 2:781،782 الحديث 1111،سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،الموطّأ 1:296 الحديث 28، [1]سنن أبي داود 2:313 الحديث 2392. [2]
5- 5) سنن ابن ماجة 1:534 ذيل الحديث 1671،الموطّأ 1:297 الحديث 29،المصنّف لعبد الرزّاق 4:195 الحديث 7458 و 7459.
6- 6) الكافي 4:102 الحديث 2، [3]الفقيه 2:72 الحديث 309،التهذيب 4:206 الحديث 595،الاستبصار 2:80 الحديث 245،الوسائل 7:29،30 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2 و 5. [4]
7- 7) المبسوط 1:271، [5]الخلاف 1:381 مسألة-17،الجمل و العقود:111.
8- 8) المهذّب 1:192،الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):683.
9- 9) المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:328، [6]فتح العزيز بهامش المجموع 6:386، [7]مغني المحتاج 1:429،السراج الوهّاج:140.

و أبو حنيفة (1)،و مالك (2)،و أحمد (3).

لنا:أنّه مفسد للصوم؛لمنافاته له،فكان موجبا للكفّارة،كالأكل.و لأنّا بيّنّا أنّ ازدراد ما لا يعتاد،يوجب القضاء و الكفّارة،فكذا (4)الغبار.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سليمان بن جعفر المروزيّ قال:سمعته يقول:«إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان،أو استنشق متعمّدا،أو شمّ رائحة غليظة،أو كنس بيتا فدخل في أنفه و حلقه غبار،فعليه صوم شهرين متتابعين،فإنّ ذلك له فطر،مثل الأكل و الشرب و النكاح» (5).

و الاستدلال بهذه الرواية ضعيف؛لوجهين:

أحدهما:عدم الاتّصال (6)إلى إمام؛إذ قول الراوي:سمعته،كما يحتمل أن يكون إماما،يحتمل أن يكون غيره.

الثاني:اشتمال هذه الرواية على أحكام لا تثبت على ما يأتي.

لا يقال:قد روى الشيخ عن عمرو بن سعيد عن الرضا عليه السّلام،قال:سألته عن الصائم يدخل الغبار حلقه،قال:«لا بأس» (7)و عن مسعدة بن صدقة،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السّلام أنّ عليّا

ص:122


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:353،الهداية للمرغينانيّ 1:123،مجمع الأنهر 1:245.
2- 2) إرشاد السالك:49،بلغة السالك:251.
3- 3) المغني 3:50،الشرح الكبير بهامش المغني 3:48،الكافي لابن قدامة 1:475،الإنصاف 3:306. [1]
4- 4) كثير من النسخ:و كذا.
5- 5) التهذيب 4:214 الحديث 621،الاستبصار 2:94 الحديث 305،الوسائل 7:48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]في التهذيب و الاستبصار:سليمان بن حفص المروزيّ و في الوسائل: [3]سليمان بن جعفر(حفص)المروزيّ.
6- 6) كثير من النسخ:الإيصال.
7- 7) التهذيب 4:324 الحديث 1003،الوسائل 7:48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [4]

عليه السّلام سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم،قال:«ليس عليه قضاء،إنّه ليس بطعام» (1).

لأنّا نقول:إنّهما ضعيفتا السند.و أيضا فإنّا نقول بموجبهما؛إذ المفطر عندنا إدخال الغبار و الذباب عمدا إلى الفم،لا دخولهما مطلقا؛إذ قد يدخلان من غير اختيار،فلا يفطران.

لا يقال:إنّ تعليل أمير المؤمنين عليه السّلام ب«أنّه ليس بطعام»ينفي ما ذكرتم من الاحتمال؛لأنّه لا فرق بين الطعام و غيره في عدم الإفطار بالدخول ناسيا أو من غير قصد.

لأنّا نقول:لا امتناع في إرادة:أنّه ليس بطعام مقصود أكله و إن كان بعيدا، فالأولى الاعتماد على الأوّل.

و بالجملة فإنّ السيّد المرتضى-رحمه اللّه-لم يوجب الكفّارة (2)،و هو قويّ.

و قال أبو الصلاح-رحمه اللّه-إذا وقف في الغبار،لزمه القضاء (3).

مسألة:و أوجب الشيخان القضاء و الكفّارة بتعمّد الكذب على اللّه و على رسوله

و على الأئمّة عليهم السّلام .

(4)

و خالف فيه السيّد المرتضى (5)،و ابن أبي عقيل- رحمهما اللّه (6)-و هو قول الجمهور كافّة،و هو الأقرب عندي.

لنا:الأصل براءة الذمّة و عدم وجوب الكفّارة؛لأنّ الذنب يسقط بالتوبة،

ص:123


1- 1التهذيب 4:323 الحديث 994،الوسائل 7:77 الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) جمل العلم و العمل:90.
3- 3) الكافي في الفقه:179. [2]
4- 4) الشيخ المفيد في المقنعة:54،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:270،و [3]النهاية:153،و [4]الخلاف 1: 401 مسألة-85،و الجمل و العقود:111.
5- 5) جمل العلم و العمل:90.
6- 6) نقله عنه في المختلف:218.

فلا يستعقب شيئا آخر إلاّ بدليل.

احتجّ الشيخان:بما رواه أبو بصير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«الكذبة تنقض الوضوء و تفطر الصائم»قال:قلت:هلكنا،قال:«ليس حيث تذهب،إنّها ذلك الكذب على اللّه و على رسوله صلّى اللّه عليه و آله،و على الأئمّة عليهم السّلام» (1).

و الإفطار يستلزم الكفّارة؛لما تقدّم في حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّدا يوما واحدا من غير عذر،قال:

«يعتق نسمة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا،فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق» (2).

و بما رواه سماعة،قال:سألته عن رجل كذب في رمضان،قال:«قد أفطر و عليه قضاؤه،و هو صائم يقضي صومه و وضوءه إذا تعمّد» (3).

و لأنّ الاحتياط يقتضي ذلك.

و الجواب عن الحديثين:باشتمالها على ما منعتم من العمل به،فتكون ضعيفة، و الثانية ضعيفة السند،و هي غير مسندة إلى إمام.

و لا نسلّم أنّ الإفطار يستلزم وجوب الكفّارة؛لأنّه قد يحصل الإفطار و إن لم تجب الكفّارة،على ما يأتي.

و الاحتياط معارض ببراءة الذمّة (4).

ص:124


1- 1التهذيب 4:203 الحديث 585 و فيه:«و تفطر الصيام»مكان:«و تفطر الصائم»،الوسائل 7:20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:205 الحديث 594 و ص 321 الحديث 984،الاستبصار 2:95 الحديث 310، الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1 و [2]تقدّم الحديث في ص 119.
3- 3) التهذيب 4:203 الحديث 586،الوسائل 7:20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [3]
4- 4) كثير من النسخ:براءة الذمّة،ح:لبراءة الذمّة.

مسألة:و لو أجنب ليلا و تعمّد البقاء على الجنابة حتّى طلع الفجر،

وجب عليه القضاء و الكفّارة.ذهب إليه الشيخان (1).

و قال ابن أبي عقيل:عليه القضاء خاصّة (2).و به قال أبو هريرة،و الحسن البصريّ،و سالم بن عبد اللّه،و النخعيّ،و عروة،و طاوس (3)،و هو الظاهر من كلام السيّد المرتضى (4).و قال الجمهور:لا قضاء عليه و لا كفّارة،و صومه صحيح.

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من أصبح جنبا في شهر رمضان فلا يصومنّ يومه» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثمّ ترك الغسل متعمّدا حتّى أصبح قال:

«يعتق رقبة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا»قال:و قال:«إنّه خليق (6)أن لا أراه يدركه أبدا» (7).

و عن سليمان بن جعفر المروزيّ،عن الفقيه عليه السّلام قال:«إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل[و لا يغتسل حتّى يصبح] (8)فعليه صوم شهرين

ص:125


1- 1الشيخ المفيد في المقنعة:55،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:271،و النهاية:154،و الخلاف 1: 380 مسألة-13.
2- 2) نقله عنه في المختلف:220.
3- 3) المغني 3:78،الشرح الكبير بهامش المغني 3:54،المجموع 6:307،حلية العلماء 3:192.
4- 4) جمل العلم و العمل:90-91،الانتصار:63.
5- 5) مسند أحمد 2:248 و 286،سنن ابن ماجة 1:543 الحديث 1702،المصنّف لعبد الرزّاق 4:180 الحديث 7398.باختلاف في الجميع.
6- 6) ص:لخليق،كما في الاستبصار و في ح:حقيق،كما في الوسائل. [1]
7- 7) التهذيب 4:212 الحديث 616،الاستبصار 2:87 الحديث 272،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [2]
8- 8) أثبتناها من المصادر.

متتابعين مع صوم ذلك اليوم،و لا يدرك فضل يومه» (1)و عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن بعض مواليه قال:سألته عن احتلام الصائم، قال:فقال:«إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فليس له أن ينام حتّى يغتسل، و إن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام ساعة حتّى يغتسل،فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتّى يصبح،فعليه رقبة،أو إطعام ستّين مسكينا،و قضاء (2)ذلك اليوم،و يتمّ صيامه و لن يدركه أبدا» (3).

و لأنّه تعمّد البقاء على الجنابة نهارا،فكان كمن تعمّد فعلها نهارا.

احتجّ ابن أبي عقيل:بما رواه إسماعيل بن عيسى،قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان فنام عمدا حتّى أصبح،أيّ شيء عليه؟قال:«لا يضرّه هذا و لا يفطر و لا يبالي،فإنّ أبي عليه السّلام قال:

قالت عائشة:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أصبح جنبا من جماع غير احتلام» (4).

و احتجّ المخالف (5):بقوله تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ إلى قوله: حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ (6)و جواز المباشرة إلى هذه الغاية يستلزم جواز ترك

ص:126


1- 1التهذيب 4:212 الحديث 617،الاستبصار 2:87 الحديث 273،الوسائل 7:43،الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3، [1]في التهذيب و الاستبصار:سليمان بن حفص المروزيّ،و في الوسائل: [2]سليمان بن جعفر(حفص)المروزيّ.
2- 2) ش و ك:و قضى،كما في الاستبصار.
3- 3) التهذيب 4:212 الحديث 618،الاستبصار 2:87 الحديث 274،الوسائل 7:43،الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 4:210 الحديث 610،الاستبصار 2:85 الحديث 266،الوسائل 7:39،الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [4]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:181،المجموع 6:308، [5]المبسوط للسرخسيّ 3:56،بدائع الصنائع 2:92.
6- 6) البقرة(2):187. [6]

الاغتسال في أوّل الفجر.

و بما رووه (1)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثمّ يصومه (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ النوم عمدا لا يستلزم تعمّد ترك الاغتسال،فجاز أن يتعمّد النوم على عزم الاغتسال ليلا.

و عن الحديث الآخر:ما قدّمناه (3)من أنّ المراد أنّه كان عليه السّلام يقارب بالاغتسال طلوع الفجر،لا أنّه يفعله بعده،و إلاّ لزم أن يكون مداوما لترك الفريضة في أوّل وقتها مع المكنة؛لأنّ قولهم:كان يفعل كذا يعطي المداومة.

و عن الآية:لا نسلّم (4)أنّ التقييد بالغاية لاحق بالمعطوف عليه.و لأنّ منع المباشرة بعد الطلوع لئلاّ يهتك الصوم بالجنابة،و هو موجود في صورة النزاع.

مسألة:و لو أجنب ثمّ نام غير ناو للغسل حتّى طلع الفجر،وجب عليه القضاء

و الكفّارة؛

لأنّ مع العزم على ترك الاغتسال يسقط اعتبار النوم،و يصير كالمتعمّد للبقاء على الجنابة.

أمّا لو نام على عزم الاغتسال ثمّ انتبه،ثمّ نام ثانيا ثمّ انتبه،ثمّ نام ثالثا على عزم الاغتسال أيضا حتّى طلع الفجر،قال الشيخان:يجب القضاء و الكفّارة (5).

و احتجّا:بما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أجنب في شهر

ص:127


1- 1بعض النسخ:رواه.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:40،صحيح مسلم 2:780-781 الحديث 1109،1110،سنن أبي داود 2:312 الحديث 2388، [1]سنن ابن ماجة 1:544 الحديث 1704،سنن النسائيّ 1:108،سنن الدارميّ 2:13، سنن البيهقيّ 4:214.
3- 3) يراجع:ص 70 و 74. [2]
4- 4) ق،ح و خا:لا يستلزم،مكان:لا نسلّم.
5- 5) الشيخ المفيد في المقنعة:55،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:271،و [3]النهاية:154،و [4]الخلاف 1: 401 مسألة-87،88.

رمضان بالليل ثمّ ترك الغسل متعمّدا حتّى أصبح،قال:«يعتق رقبة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا»قال:و قال:«إنّه خليق أن لا أراه يدركه أبدا» (1)و بما رواه سليمان بن جعفر المروزيّ عن الفقيه عليه السّلام و قد تقدّمت (2)و بما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه (3).

و شيء (4)من هذه الروايات غير دالّ (5)على مطلوبهما.

أمّا الأوّل:فلأنّه عليه السّلام علّق وجوب الكفّارة على ترك الغسل متعمّدا حتّى يصبح من غير ذكر تكرّر النوم،و رواية سليمان دالّة على وجوب الكفّارة مطلقا، و كذا رواية إبراهيم بن عبد الحميد مع إرسالها و عدم ذكر المسئول،و كما يحتمل تكرّر النوم،يحتمل ترك الغسل متعمّدا،بل هو الأولى؛لما تقدّم من الروايات، فيحمل المطلق عليه.

و لا رواية تدلّ على مرادهم حتّى يحملوا هذه الرواية عليها.على أنّ الأصل براءة الذمّة،فلا يخرج منه إلاّ بدليل.

و لأنّ النوم سائغ،و لا قصد له في ترك الغسل،فلا عقوبة؛إذ الكفّارة مترتّبة (6)

ص:128


1- 1التهذيب 4:212 الحديث 616،الاستبصار 2:87 الحديث 272،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:212 الحديث 617،الاستبصار 2:87 الحديث 273،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]في التهذيب و الاستبصار:سليمان بن حفص المروزيّ،و في الوسائل: [3]سليمان بن جعفر(حفص)المروزيّ،و قد تقدّمت الرواية في ص 105.
3- 3) التهذيب 4:212 الحديث 618،الاستبصار 2:87 الحديث 274،الوسائل 7:43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [4]
4- 4) ق،ح،و خا:و هي،مكان:و شيء.
5- 5) ص:دالّة.
6- 6) ح،ق و خا:مرتّبة.

على التفريط أو الإثم،و ليس أحدهما ثابتا،فإذا الأولى عندنا سقوط الكفّارة،إلاّ مع العمد.

مسألة:و في الارتماس في الماء أقوال:

أحدها:أنّه يوجب القضاء و الكفّارة.اختاره الشيخ في بعض كتبه (1)،و المفيد رحمه اللّه (2).

و ثانيها:أنّه مكروه.و هو اختيار السيّد المرتضى (3)،و به قال مالك (4)، و أحمد (5).

و ثالثها:أنّه محرّم و لا يفسد الصوم و لا يوجب قضاء و لا كفّارة.اختاره الشيخ في الاستبصار (6)،و به أعمل.

و رابعها:أنّه سائغ مطلقا.و هو قول ابن أبي عقيل من علمائنا (7)،و به قال الجمهور،إلاّ من استثنيناه (8).

لنا:على التحريم ما تقدّم من الأخبار الدالّة على النهي (9).و على عدم إيجاب القضاء و الكفّارة:الأصل و ما تقدّم من الأحاديث (10).و هذه المسألة قد مضى

ص:129


1- 1النهاية:154،المبسوط 1:270، [1]الخلاف 1:401 مسألة-85،الجمل و العقود:111.
2- 2) المقنعة:54.
3- 3) جمل العلم و العمل:90.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:656. [2]
5- 5) الكافي لابن قدامة 1:486،الإنصاف 3:309،المغني 3:44،الشرح الكبير بهامش المغني 3:52.
6- 6) الاستبصار 2:85.
7- 7) نقله عنه في المختلف:218.
8- 8) كثير من النسخ:من استثناه.
9- 9) يراجع:ص 68. [3]
10- 10) يراجع:ص 69. [4]

البحث فيها (1).

مسألة:و كلّ موضع يجب فيه القضاء منفردا أو منضمّا إلى وجوب الكفّارة فإنّه

يجب يوم مكان يوم.

ذهب إليه علماؤنا أجمع و هو قول عامّة الفقهاء.

و حكي عن ربيعة أنّه قال:يجب مكان كلّ يوم اثنا عشر يوما.و قال سعيد بن المسيّب:إنّه يصوم عن كلّ يوم شهرا.و قال إبراهيم النخعيّ و وكيع:يصوم عن كلّ يوم ثلاثة آلاف يوم (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال للمجامع:«و صم يوما مكانه» (3)و في رواية أبي داود:«و صم يوما و استغفر اللّه» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن المشرقيّ،عن أبي الحسن عليه السّلام و قد سئل عمّن أفطر أيّاما من شهر رمضان عمدا،فقال:«من أفطر يوما من شهر رمضان[متعمّدا] (5)فعليه عتق رقبة مؤمنة،و يصوم يوما بدل يوم» (6).

و في حديث سماعة عن المجامع:«و قضاء ذلك اليوم،و أين له مثل ذلك اليوم» (7).

و لأنّ القضاء يكون على حسب الأداء،كسائر العبادات.و لأنّ قضاء العبادة يستوي فيه الترك بالعذر و غير العذر،كالصلاة و الحجّ.

ص:130


1- 1يراجع:ص 67-71.
2- 2) حلية العلماء 3:199،المغني 3:52،المجموع 6:329، [1]المبسوط للسرخسيّ 3:72.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:41-42،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49،الموطّأ 1:297 الحديث 29،سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،سنن البيهقيّ 4:226.
4- 4) سنن أبي داود 2:314 الحديث 2393. [2]
5- 5) أثبتناها من التهذيب و الوسائل. [3]
6- 6) التهذيب 4:207 الحديث 600،الاستبصار 2:96 الحديث 311،الوسائل 7:31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [4]
7- 7) التهذيب 4:208 الحديث 604،الوسائل 7:32 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 13. [5]

احتجّ ربيعة:بأنّ رمضان يجزئ عن السنة،و هي اثنا عشر شهرا،فكلّ يوم منه في مقابلة اثني عشر يوما من غيره (1).و هذا ليس بصحيح؛لأنّا لا نسلّم وجوب صوم السنة و الإجزاء (2)عنه برمضان.

مسألة:و الكفّارة عتق رقبة،أو صيام شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين

اشارة

مسكينا.

هذا اختيار أكثر علمائنا (3)،و به قال مالك (4).

و قال أبو حنيفة (5)،و الثوريّ (6)،و الشافعيّ (7)،و الأوزاعيّ:إنّها على الترتيب (8).و به قال ابن أبي عقيل من علمائنا (9)،و للسيّد المرتضى-رحمه اللّه- قولان (10)،و عن أحمد روايتان (11).

و قال الحسن البصريّ:هو مخيّر بين تحرير رقبة و نحر بدنة (12).

ص:131


1- 1المغني 3:52،المجموع 6:329.
2- 2) ف،ش،ك،م و يحتمل غ:الاجتزاء.
3- 3) منهم:الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:271،و [1]النهاية:154،و [2]الجمل و العقود:111،و سلاّر في المراسم:187،و المحقّق في المعتبر 2:672. [3]
4- 4) الموطّأ 1:296،إرشاد السالك:51،بداية المجتهد 1:305،المجموع 6:345،المغني 3:66، الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،المدوّنة الكبرى 1:219،بلغة السالك:251.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:71،مجمع الأنهر 1:239،بدائع الصنائع 5:96،الهداية للمرغينانيّ 1:125، [4]المجموع 6:345، [5]شرح فتح القدير 2:264.
6- 6) المغني 3:66،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،المجموع 6:345.
7- 7) الأمّ 2:98،حلية العلماء 3:201،المهذّب للشيرازيّ 1:184،المجموع 6:333،مغني المحتاج 1: 444،السراج الوهّاج:146،المغني 3:66،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69.
8- 8) المغني 3:66،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،المجموع 6:345.
9- 9) نقله عنه في المختلف:225.
10- 10) جمل العلم و العمل:91.
11- 11) المغني 3:66،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،الكافي لابن قدامة 1:482،الإنصاف 3:322، [6]المجموع 6:345.
12- 12) المجموع 6:345،حلية العلماء 3:201.

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ رجلا أفطر في رمضان،فأمره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يكفّر بعتق رقبة،أو صيام شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين مسكينا (1).و«أو»للتخيير.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أفطر في شهر رمضان يوما واحدا من غير عذر، قال:«يعتق نسمة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا،فإن لم يقدر، تصدّق بما يطيق» (2).

و لأنّها تجب بالمخالفة،فكانت على التخيير،ككفّارة اليمين،و جزاء الصيد.

احتجّ ابن أبي عقيل (3):بما رواه الشيخ عن المشرقيّ،عن أبي الحسن عليه السّلام قال،كتب:«من أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،فعليه عتق رقبة مؤمنة،و يصوم يوما بدل يوم» (4).

و احتجّ الجمهور (5):بما رواه أبو هريرة أنّ رسول اللّه (6)صلّى اللّه عليه و آله قال للواقع على أهله:«هل تجد رقبة تعتقها؟»قال:لا،قال:«فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟»قال:لا،قال:فهل تجد (7)إطعام ستّين.

ص:132


1- 1صحيح مسلم 2:782 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2392، [1]الموطّأ 1:296 الحديث 28، [2]سنن الدار قطنيّ 2:191 الحديث 53،سنن البيهقيّ 4:225.
2- 2) التهذيب 4:321 الحديث 984،الاستبصار 2:95 الحديث 310،الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [3]
3- 3) نقله عنه في المختلف:225.
4- 4) التهذيب 4:207 الحديث 600،الاستبصار 2:96 الحديث 311،الوسائل 7:31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [4]
5- 5) المغني 3:66،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 3:69،المهذّب للشيرازيّ 1:184،المجموع 6:333.
6- 6) ح:أنّ النبيّ،مكان:أنّ رسول اللّه.
7- 7) خا:فهل تستطيع،كما في بعض المصادر.

مسكينا» (1).فدلّ على أنّها للترتيب.

و لأنّها كفّارة فيها صوم متتابع فكانت على الترتيب،ككفّارة القتل و الظهار.

و احتجّ الحسن (2):بما رواه ابن المسيّب،فقال:جاء أعرابيّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يضرب نحره و ينتف شعره،و يقول:هلك الأبعد،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«و ما ذاك؟»فقال:أصبت أهلي في رمضان و أنا صائم،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«هل تستطيع أن تعتق رقبة؟»فقال:لا،فقال:«فهل تستطيع أن تهدي بدنة؟»فقال:لا (3).

و عن جابر بن عبد اللّه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من أفطر يوما في شهر رمضان في الحضر فليهد بدنة،فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعا» (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّ إيجاب الرقبة لا ينافي التخيير بينها و بين غيرها، و ذلك كما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،فقال:«إنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:هلكت،فقال:ما لك؟قال وقعت على أهلي،قال:تصدّق و استغفر ربّك» (5)و مع ذلك لا تتعيّن الصدقة أوّلا إجماعا (6).

ص:133


1- 1صحيح البخاريّ 3:41،صحيح مسلم 2:781-782 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390، [1]سنن الترمذيّ 3:102 الحديث 724، [2]سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49،سنن البيهقيّ 4:222.
2- 2) المجموع 6:345.
3- 3) الموطّأ 1:297 الحديث 29، [3]سنن البيهقيّ 4:227.
4- 4) سنن الدارقطنيّ 2:191 الحديث 54،الجامع الصغير للسيوطيّ 2:166،كنز العمّال 8:494 الحديث 23795 و ص 500 الحديث 23824.
5- 5) التهذيب 4:206 الحديث 595،الاستبصار 2:80 الحديث 245،الوسائل 7:29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [4]
6- 6) ق،خا و متن ح:و لا إجماعها،مكان:أوّلا إجماعا،هامش ح:و لا إجماع هنا.

و عن الثاني:أنّ أمره عليه السّلام بشيء بعد آخر،لا يدلّ على الترتيب؛إذ ليس بصريح (1)فيه.سلّمنا لكنّه معارض بخبرنا الدالّ بتصريحه على التخيير.

و لأنّ فيه تيسيرا و تخفيفا،فيكون العمل به راجعا.سلّمنا لكن نحمله على الاستحباب جمعا بين الأدلّة؛إذ تنزيله على وجوب الترتيب يبطل حديثنا بالكلّيّة، و ليس كذلك إذا حملناه على الاستحباب.

و عن الثالث:بالفرق بين الصورتين؛لقوّة الذنب في القتل و الظهار،بخلاف صورة النزاع؛إذ قد يحمله على ذلك نوع من الضرورة القليلة،بخلاف القتل و الظهار.

و عن الرابع:أنّه معارض بحديث الجماعة،فيكون أولى من رواية ابن المسيّب.و لأنّه لا نقول بموجبه؛لأنّه نقله عن العتق إلى الهدي على الترتيب و الحسن يقول على التخيير،فما يذهب إليه،لا يدلّ الحديث عليه.

و عن الخامس:أنّ رواية الحارث بن عبيدة عن مقاتل بن سليمان،عن عطاء، عن جابر.و الحارث و مقاتل ضعيفان.

فروع:
الأوّل:الترتيب و إن لم يكن واجبا على ما اخترناه،إلاّ أنّه مستحبّ؛

للخلاص من الخلاف.

الثاني:صوم الشهرين متتابع.

و عليه علماؤنا أجمع،و به قال عامّة الفقهاء،إلاّ ابن أبي ليلى،فإنّه لم يوجب التتابع (2).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لمن واقع

ص:134


1- 1كثير من النسخ:ليس تصريح.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:72،المجموع 6:345،عمدة القارئ 11:28.

أهله:«فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» (1).

و ما رواه أبو هريرة أيضا عنه عليه السّلام أنّه أمر الذي أفطر يوما من رمضان بكفّارة الظهار (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سماعة قال:سألته عن رجل أتى أهله في رمضان،فقال:«عليه...صيام شهرين متتابعين» (3).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«أو يصوم شهرين متتابعين (4)».

و لأنّها كفّارة فيها صوم شهرين،فكان متتابعا،كالظهار و القتل.

احتجّ ابن أبي ليلى (5):بما رواه أبو هريرة أنّ رجلا أفطر في رمضان،فأمره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يكفّر بعتق رقبة،أو صيام شهرين،أو إطعام ستّين مسكينا،و لم يذكر التتابع (6)،فكان الأصل عدمه.

و الجواب:ما نقلناه أولى؛لأنّه لفظ الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و ما نقلتموه لفظ الراوي.و لأنّ الأخذ بالزيادة أولى؛لجواز سهو الراوي عنها.

الثالث:لا فرق بين الحنطة و الشعير و التمر،

و هو خمسة عشر صاعا لستّين

ص:135


1- 1صحيح البخاريّ 3:41،42،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390، [1]سنن الترمذيّ 3:102 الحديث 724، [2]سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49.
2- 2) سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 52،سنن البيهقيّ 4:225.
3- 3) التهذيب 4:208 الحديث 604،الاستبصار 2:97 الحديث 315،الوسائل 7:36 الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 4:205 الحديث 594،الاستبصار 2:95 الحديث 310،الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [4]
5- 5) المجموع 6:345.
6- 6) سنن الدارقطنيّ 2:191 الحديث 53،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن البيهقيّ 4:225.

مسكينا،لكلّ مسكين مدّ و قد سلف تقدير المدّ (1).و به قال الشافعيّ (2)،و عطاء، و الأوزاعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:من البرّ لكلّ مسكين نصف صاع،و من غيره صاع (4).

و قال أحمد:مدّ من برّ،و نصف صاع من غيره (5)و قال الشيخ:لكلّ مسكين مدّان من طعام (6).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث المجامع أنّه أتي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، بمكتل فيه خمسة عشر صاعا من تمر،فقال:«خذ هذا فأطعم عيالك» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،قال:«عليه خمسة عشر صاعا،لكلّ مسكين مدّ بمدّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله» (8).

و لأنّها أنواع تؤدّى في واجب فتكون متساوية المقدار.

احتجّ أبو حنيفة (9):بما رووه (10)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث سلمة

ص:136


1- 1يراجع:الجزء الثامن:191،192.
2- 2) الأمّ 5:284،حلية العلماء 7:196،المجموع 6:345،و ج 17:378،مغني المحتاج 3:367، السراج الوهّاج:441.
3- 3) المغني 3:69،الشرح الكبير بهامش المغني 3:71.
4- 4) بدائع الصنائع 5:102،المبسوط للسرخسيّ 3:113،و ج 7:16،الهداية للمرغينانيّ 1:127،و ج 2:21،شرح فتح القدير 2:276-277،المغني 3:69،الشرح الكبير بهامش المغني 3:71،المجموع 6:345،مجمع الأنهر 1:453،تحفة الفقهاء 2:215.
5- 5) المغني 3:69،الشرح الكبير بهامش المغني 3:71،الإنصاف 3:507.
6- 6) المبسوط 1:271.
7- 7) سنن أبي داود 2:314 الحديث 2393، [1]سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49،50،سنن البيهقيّ 4:222.
8- 8) التهذيب 4:207 الحديث 599،الوسائل 7:31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 10. [2]
9- 9) المغني 3:69،الشرح الكبير بهامش المغني 3:71،المبسوط للسرخسيّ 7:16،الهداية للمرغينانيّ 2:21.
10- 10) أكثر النسخ:بما رواه.

بن صخر:«و أطعم وسقا من تمر» (1).

و احتجّ أحمد (2):بما رواه أبو زيد المدنيّ (3)قال:جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للمظاهر:«أطعم هذا،فإنّ مدّي شعير مكان مدّ برّ» (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّه مختلف فيه.

و عن الثاني:بأنّه غير صورة النزاع.

الرابع:إذا قلنا:إنّها على الترتيب،

فإذا عدم الرقبة فصام ثمّ وجد الرقبة في أثنائه،جاز له المضيّ فيه،و الانتقال إلى الرقبة أفضل.

و قال أبو حنيفة (5)،و المزنيّ:لا يجزئه الصوم،و يكفّر بالعتق (6).و للشافعيّ وجهان (7).

لنا:أنّه بفقد الرقبة تعيّن عليه الصيام،فلا يزول هذا الحكم بوجدان الرقبة كما لو وجدها بعد الفراغ من الصيام.

ص:137


1- 1سنن أبي داود 2:265 الحديث 2213،مسند أحمد 4:37،سنن الدارميّ 2:163، [1]سنن البيهقيّ 7:390.
2- 2) المغني 3:70،الشرح الكبير بهامش المغني 3:72.
3- 3) في المغني و الشرح أيضا أبو زيد المدنيّ،و لكن في السنن الكبرى للبيهقيّ أبو يزيد المدنيّ.قال ابن حجر:أبو يزيد المدنيّ في أهل البصرة.روى عن أبي هريرة و ابن عبّاس و ابن عمر و أسماء بنت عميس و أمّ أيمن و عكرمة.و روى عنه أيّوب و أبو الهيثم و أبو عامر.و قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنّه ثقة.تهذيب التهذيب 12:280. [2]
4- 4) المغني 3:70، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 3:72، [4]سنن البيهقيّ 7:392.في سنن البيهقيّ عن أبو يزيد المدنيّ كما تقدّم ترجمته.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 6:234 و ج 7:12،تحفة الفقهاء 2:345،بدائع الصنائع 5:98،المغني 3:68، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 3:71. [6]
6- 6) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:206،حلية العلماء 7:195،المجموع 17:374.
7- 7) الأمّ 5:283،المجموع 17:374،حلية العلماء 7:195.

و لأنّه بدل عن واجب،فجاز المضيّ فيه بعد الشروع و ترك الانتقال،كالمتيمّم إذا داخل في الصلاة ثمّ وجد الماء،و قد سلف البحث فيه (1).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه قدر على الأصل قبل أداء فرضه بالبدل،فبطل حكم البدل،كالمتيمّم يرى الماء (2).

و الجواب:أنّ المتيمّم بعد الدخول في الصلاة يمضي،أمّا قبلها[فلا] (3)، و الفرق:أنّه لم يتلبّس بما فعل التيمّم له،فلم يظهر له حكم.

و أيضا بالفرق (4)،بأنّ التيمّم لا يرفع الحدث،و إنّما يستره،فإذا وجد الماء، ظهر حكمه،بخلاف الصوم،فإنّه يرفع حكم الجماع بالكلّيّة.

و لأنّ الصوم تطول مدّته،فيشقّ إلزامه الجمع بينه و بين العتق،بخلاف الوضوء و التيمّم.

الخامس:روى الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه

عليه السّلام في حديث المجامع

لمّا جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا،فقال له رسول اللّه:«خذ هذا التمر فتصدّق به»فقال:يا رسول اللّه على من أتصدّق به و قد أخبرتك أنّه ليس في بيتي قليل و لا كثير،فقال:«فخذه فأطعمه عيالك و استغفر اللّه عزّ و جلّ» (5).

ص:138


1- 1يراجع:الجزء الثالث:137.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 6:234 و ج 7:12،تحفة الفقهاء 2:345،بدائع الصنائع 5:98،المغني 3:68، الشرح الكبير بهامش المغني 3:71.
3- 3) أضفناها لاستقامة العبارة.
4- 4) ف و غ:فالفرق.
5- 5) التهذيب 4:206 الحديث 595،الاستبصار 2:80 الحديث 245،الوسائل 7:29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]

و روى عن محمّد بن النعمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان،فقال:«كفّارته جريبان من طعام،و هو عشرون صاعا» (1).و لا ينافي ما قدّمناه من التقدير.

أمّا الأوّل فلأنّه فقير،فإذا كفّر بعشرة أصوع،خرج عن العهدة؛لأنّه فقير غير متمكّن من الصيام،و إلاّ لأمره عليه السّلام به.

و أمّا الثاني:فالاحتمال صغر الصاع؛جمعا بين الأدلّة.

السادس:روى الشيخ عن عمّار الساباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام

عن الصائم يصيبه عطش حتّى يخاف على نفسه،

قال:«يشرب بقدر ما يمسك رمقه و لا يشرب حتّى يروى» (2).و الرواية مناسبة للمذهب،لأنّه في محلّ الضرورة.

إذا ثبت هذا،فهل يجب عليه القضاء أم لا؟الوجه عدم الوجوب؛لأنّه إذا شرب بقدر ما يمسك رمقه مخافة التلف،كان بمنزلة المكره.و لأنّ التكليف يسقط حينئذ و لا يجوز له التعدّي،فلو شرب زيادة على ذلك،وجب عليه القضاء و الكفّارة.

مسألة:و لو عجز عن الأصناف الثلاثة،صام ثمانية عشر يوما،فإن لم يقدر،

اشارة

تصدّق بما وجد،

أو صام ما استطاع،فإن لم يتمكّن،استغفر اللّه تعالى و لا شيء عليه.ذهب إليه علماؤنا.

و اختلف الجمهور فقال الزهريّ،و الثوريّ،و أبو ثور:إذا لم يتمكّن من الأصناف الثلاثة،كانت الكفّارة ثابتة في ذمّته (3)،و هو قياس قول أبي حنيفة (4).

ص:139


1- 1التهذيب 4:322 الحديث 987،الوسائل 7:30 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 4:240 الحديث 702 و ص 326 الحديث 1011،الوسائل 7:152 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) المغني 3:72-73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:72.
4- 4) المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:72.

و قال الأوزاعيّ:سقطت عنه الكفّارة (1).و للشافعيّ قولان (2)،و عن أحمد روايتان (3).

لنا على سقوطها عن ذمّته:ما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للمجامع:«اذهب فكله أنت و عيالك» (4)و لم يأمره بالكفّارة في ثاني الحال، و لو كان باقيا في ذمّته،لأمره بالإخراج مع التمكّن.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في حديث المجامع أيضا من قول الرسول صلّى اللّه عليه و آله:«فخذه فأطعمه عيالك و استغفر اللّه عزّ و جلّ» (5).

و ما رواه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّدا يوما واحدا من غير عذر قال:«يعتق نسمة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا،فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق» (6).

و في الحسن عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل وقع على أهله في شهر رمضان،فلم يجد ما يتصدّق به على ستّين مسكينا،قال:

«يتصدّق بما يطيق» (7).و لو ثبتت الكفّارة في ذمّته لبيّنوه عليهم السّلام،و لما وقع

ص:140


1- 1المغني 3:72،الشرح الكبير بهامش المغني 3:72.
2- 2) الأمّ 2:99-100،حلية العلماء 3:204،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:343،فتح العزيز بهامش المجموع 6:454،مغني المحتاج 1:444-445،السراج الوهّاج:146.
3- 3) المغني و الشرح 3:72،الكافي لابن قدامة 1:482،الإنصاف 3:323.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:41،42،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390،سنن ابن ماجة 1:534،الحديث 1671،سنن الترمذيّ 3:102 الحديث 724،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49.
5- 5) التهذيب 4:206 الحديث 595،الاستبصار 2:80 الحديث 245،الوسائل 7:29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
6- 6) التهذيب 4:205 الحديث 594،الاستبصار 2:95 الحديث 310،الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
7- 7) التهذيب 4:206 الحديث 596،الاستبصار 2:81 الحديث 246 و ص 96 الحديث 313،الوسائل 7: 29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [3]

الإجزاء (1)بالصدقة بالممكن.

و لأنّ الكفّارة حقّ من حقوق اللّه تعالى،لا على وجه البدل،فلم تجب مع العجز،كصدقة الفطر.

احتجّوا (2):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر الأعرابيّ بأن يأخذ التمر و يكفّر عن نفسه،بعد أن أعلمه بعجزه عن الأنواع الثلاثة،و إنّما أمره بصرفه إلى أهله لمّا أخبره بحاجتهم إليه (3)،فدلّ على أنّ الكفّارة واجبة مع العجز.

و لأنّه حقّ للّه تعالى في المال،فلا تسقط بالعجز،كسائر الكفّارات.

و الجواب عن الأوّل:أنّه عليه السّلام لم يدفعه إليه لأنّ الكفّارة واجبة عليه،بل كان تبرّعا منه عليه السّلام بذلك،و عندنا أنّه يجوز التبرّع بالكفّارة.

و عن الثاني:أنّه قياس في معارضة النصّ،فلا يسمع.

فروع:
الأوّل:حدّ العجز عن التكفير:أن لا يجد ما يصرفه في الكفّارة فاضلا عن قوته

و قوت عياله ذلك اليوم.

الثاني:لا يسقط القضاء بسقوط الكفّارة مع العجز،بل يجب،

و لو عجز عنه، سقط؛لعدم القدرة التي هي شرط التكليف.

الثالث:اختلفت عبارة الشيخين هنا،

فقال المفيد-رحمه اللّه-:لو عجز عن الأصناف الثلاثة،صام ثمانية عشر يوما متتابعات،لكلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام،

ص:141


1- 1غ،ش و م:الاجتزاء.
2- 2) المغني 3:72،الشرح الكبير بهامش المغني 3:72.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:41،42،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390،سنن الترمذيّ 3:102 الحديث 724،سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 1671،سنن الدارقطنيّ 2:190 الحديث 49.

فإن لم يقدر على ذلك،فليتصدّق بما أطاق،أو فليصم ما استطاع (1).فجعل صوم الثمانية عشر واجبا بعد العجز عن الأصناف على التعيين،و خيّر بين الصدقة مطلقا بالممكن،و بين الصوم المستطاع بعد العجز عن الثمانية عشر يوما.

و قال الشيخ أبو جعفر-رحمه اللّه-:فإن لم يتمكّن من الأصناف الثلاثة، فليتصدّق بما تمكّن منه،فإن لم يتمكّن من الصدقة،صام ثمانية عشر يوما، فإن لم يقدر،صام ما تمكّن منه،فإن لم يتمكّن،قضى ذلك اليوم و استغفر اللّه تعالى (2).فجعل الصدقة بما يتمكّن واجبا بعد العجز عن الثلاثة الأصناف،و جعل صوم ثمانية عشر مرتبة ثانية بعده،و جعل الصوم بما تمكّن مرتبة ثالثة،و حديث عبد اللّه بن سنان يدلّ على الصدقة بما تمكّن عند العجز (3).

و قد روى الشيخ عن أبي بصير و سماعة بن مهران،قال:سألنا أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين،فلم يقدر على الصيام، و لم يقدر على العتق،و لم يقدر على الصدقة،قال:«فليصم ثمانية عشر يوما من كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام» (4).

الرابع:أطلق الشيخ-رحمه اللّه-الثمانية عشر يوما .و قيّدها المفيد-رحمه

اللّه-بالتتابع ،

(5)(6)

و هو اختيار السيّد المرتضى (7).و الوجه ما قاله الشيخ؛عملا

ص:142


1- 1المقنعة:55.
2- 2) النهاية:154. [1]
3- 3) التهذيب 4:205 الحديث 594،الاستبصار 2:95 الحديث 310،الوسائل 7:28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 4:207 الحديث 601،الاستبصار 2:97 الحديث 314،الوسائل 7:279 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [3]
5- 5) النهاية:154.
6- 6) المقنعة:55.
7- 7) جمل العلم و العمل:91.

بأصالة براءة الذمّة،و عدم التقييد في الخبر.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سليمان بن جعفر الجعفريّ،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«إنّما الصيام الذي لا يفرّق كفّارة الظهار و كفّارة الدم و كفّارة اليمين» (1).

الخامس:لو تمكّن من صيام شهر،هل يجب عليه أم لا؟

فيه تردّد ينشأ من وجوب الشهرين اللذين يجب تحتهما الشهر الواحد،و من النصّ على وجوب الثمانية عشر لا غير عند العجز عن الأصناف الثلاثة،أمّا لو تمكّن من الصدقة على ثلاثين،وجب،لقوله عليه السّلام:«فإن لم يتمكّن تصدّق بما استطاع» (2).

السادس:لو تمكّن من صيام شهر و الصدقة على ثلاثين هل يجبان معا عليه أو

أحدهما؟

فيه التردّد المذكور.

مسألة:و الكفّارة تجب في إفطار رمضان بلا خلاف،إلاّ من شذوذ لا اعتداد

اشارة

بهم،

و قد سلف البحث فيه معهم (3).

و تجب أيضا في قضائه بعد الزوال،و في النذر المعيّن قبل الزوال و بعده،و في الاعتكاف.ذهب إليه علماؤنا.

و أطبق الجمهور كافّة على سقوط الكفّارة فيما عدا رمضان،إلاّ قتادة،فإنّه أوجب الكفّارة في قضاء رمضان (4).

ص:143


1- 1التهذيب 4:274 الحديث 830،الاستبصار 2:117 الحديث 382،الوسائل 7:280 الباب 10 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 3. [1]
2- 2) لم نعثر عليه في المصادر الموجودة من العامّة.و نحوه من طريق الخاصّة عن الإمام الصادق عليه السّلام، ينظر:الكافي 4:101،102 الحديث 1 و 3،الفقيه 2:72 الحديث 1،التهذيب 4:205،206 الحديث 594،596،الاستبصار 2:95،96 الحديث 310 و 313،الوسائل 7:28،29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1 و 3.
3- 3) يراجع:ص 119.
4- 4) المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:68.

و اتّفق علماؤنا و الجمهور على عدم إيجاب الكفّارة فيما عدا ما ذكرناه.أمّا قضاء رمضان؛فلأنّه عبادة تجب الكفّارة في أدائها،فتجب في قضائها،كالحجّ.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح عن بريد بن معاوية العجليّ،عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان،قال:

«إن كان أتى أهله قبل الزوال،فلا شيء عليه إلاّ يوما مكان يوم،و إن كان أتى أهله بعد الزوال فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين» (1).

و في الصحيح عن هشام بن سالم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل وقع على أهله و هو يقضي شهر رمضان،فقال:«إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر،فلا شيء عليه،يصوم يوما بدله،و إن فعل بعد العصر،صام ذلك اليوم و أطعم عشرة مساكين،فإن لم يمكنه،صام ثلاثة أيّام» (2).

قال الشيخ:و لا تنافي بين الخبرين؛لأنّ وقت الصلاتين واحد و هو الزوال،إلاّ أنّ الظهر قبل العصر على ما تقدّم،فعبّر عمّا قبل الزوال بما قبل العصر؛لقرب ما بين الوقتين،و عمّا بعده لما بعد العصر؛لذلك (3).

و أمّا النذر المعيّن:فلتعيّن زمانه،كما تعيّن رمضان،فصار الإفطار فيه هتكا؛ لحرمة صوم متعيّن،فأوجب الإثم،و الكفّارة تتبع الإثم في فطر الصوم المتعيّن زمانه،كرمضان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن القاسم الصيقل (4)أنّه كتب إليه:يا سيّدي رجل نذر

ص:144


1- 1التهذيب 4:278 الحديث 844،الاستبصار 2:120 الحديث 391،الوسائل 7:253 الباب 29 من أبواب احكام شهر رمضان الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 4:279 الحديث 845،الاستبصار 2:120 الحديث 392،الوسائل 7:254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [2]
3- 3) الاستبصار 2:121.
4- 4) القاسم الصيقل روى عنه محمّد بن عيسى و محمّد بن عبد اللّه الواسطيّ و عليّ بن الريّان،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الهادي عليه السّلام.قال المامقانيّ:و ظاهره كونه إماميّا و لكن حاله مجهول، رجال الطوسيّ:421،جامع الرواة 2:17، [3]تنقيح المقال 2:20 من أبواب القاف. [4]

أن يصوم يوما للّه،فوقع في ذلك اليوم على أهله،ما عليه من الكفّارة؟فأجابه:

«يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة» (1).

و عن عليّ بن مهزيار أنّه كتب إليه يسأله:يا سيّدي رجل نذر أن يصوم يوما بعينه،فوقع في ذلك اليوم على أهله،ما عليه من الكفّارة؟فكتب عليه السّلام:

«يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة» (2).

و أمّا الاعتكاف،فلأنّه إذا كان واجبا،كرمضان في التعيين (3)،فهتكه يستلزم ما وجب في رمضان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن معتكف واقع أهله،فقال:«هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان» (4).

و عن زرارة،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المعتكف يجامع أهله؟ فقال:«إذا فعل فعليه ما على المظاهر» (5).

و عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن معتكف

ص:145


1- 1التهذيب 4:286 الحديث 865،الاستبصار 2:125 الحديث 406،الوسائل 7:277 الباب 7 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 4:286 الحديث 866،الاستبصار 2:125 الحديث 407،الوسائل 7:277 الباب 7 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 1. [2]
3- 3) كثير من النسخ:المتعيّن،و في بعضها:التعيّن.
4- 4) التهذيب 4:291 الحديث 886،الاستبصار 2:130 الحديث 423،الوسائل 7:406 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 2. [3]
5- 5) التهذيب 4:291 الحديث 887،الاستبصار 2:130 الحديث 424،الوسائل 7:406 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 1. [4]

واقع أهله،قال:«عليه ما على من أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا،عتق رقبة، أو صوم شهرين متتابعين،أو إطعام ستّين مسكينا» (1).

و قد روى الشيخ،في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد، و ضربت له قبّة من شعر،و شمّر المئزر،و طوى فراشه»فقال بعضهم:و اعتزل النساء؟فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«أمّا اعتزال النساء فلا» (2)قال الشيخ:لا ينافي ذلك الأخبار المتقدّمة؛لأنّ قوله عليه السّلام:«أمّا اعتزال النساء فلا»المعنى فيه مخالطتهنّ و مجالستهنّ،دون أن يكون المراد:وطئهنّ في حال الاعتكاف؛لأنّ الذي يحرم في حال الاعتكاف الجماع،دون ما سواه (3)، و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه.

فروع:
الأوّل:فرّق علماؤنا بين الإفطار في قضاء رمضان أوّل النهار،

و بعد الزوال، فأوجبوا الكفّارة في الثاني دون الأوّل.

و الجمهور لم يفرّقوا بينهما،بل قالوا بسقوط الكفّارة في البابين،إلاّ قتادة،فإنّه أوجبها فيهما معا (4).و ابن أبي عقيل من علمائنا اختار مذهب الجمهور في سقوط

ص:146


1- 1التهذيب 4:292 الحديث 888،الاستبصار 2:130 الحديث 425،الوسائل 7:407 الباب 6 من أبواب الاعتكاف الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 4:287 الحديث 869،الاستبصار 2:130 الحديث 426،الوسائل 7:405 الباب 5 من أبواب الاعتكاف الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 4:292،الاستبصار 2:131.
4- 4) حلية العلماء 3:204،المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:68،بداية المجتهد 1:307.

الكفّارة (1).

لنا:ما تقدّم (2)؛و لأنّه قبل الزوال مخيّر بين الإتمام و الإفطار (3)،فلا يتعيّن صومه،و بعد الزوال يتعيّن صومه،فيجري مجرى رمضان.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«صوم النافلة،لك أن تفطر ما بينك و بين الليل متى ما شئت،و صوم قضاء الفريضة، لك أن تفطر إلى زوال الشمس،فإذا زالت الشمس فليس لك أن تفطر» (4).

و عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها على الإفطار،فقال:«لا ينبغي له أن يكرهها بعد الزوال» (5)

الثاني:الكفّارة في قضاء رمضان ما قدّمناه من إطعام عشرة مساكين،

(6)

فإن لم يتمكّن،صام ثلاثة أيّام (7)،و قد روي أنّه لا كفّارة عليه.و روي أنّ عليه كفّارة رمضان.

روى الشيخ بإسناده عن عمّار الساباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان يريد أن يقضيها متى يريد أن ينوي الصيام؟

ص:147


1- 1نقله عنه في المختلف:247.
2- 2) يراجع:ص 143. [1]
3- 3) كثير من النسخ:و الإبطال.
4- 4) التهذيب 4:278 الحديث 841،الاستبصار 2:120 الحديث 389،الوسائل 7:10 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم الحديث 9. [2]
5- 5) التهذيب 4:278 الحديث 842،الاستبصار 2:120 الحديث 390،الوسائل 7:8 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم الحديث 2. [3]
6- 6) كثير من النسخ:من إطعامه.
7- 7) يراجع:ص 143،144. [4]

قال:«هو بالخيار إلى زوال الشمس،فإذا زالت[الشمس] (1)فإن كان نوى الصوم فليصم،و إن كان نوى الإفطار فليفطر»سئل:فإن كان نوى الإفطار يستقيم أن ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس؟قال:[«لا»سئل:فإن نوى الصوم ثمّ أفطر بعد ما زالت الشمس؟قال:] (2)«قد أساء و ليس عليه شيء إلاّ قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه» (3).

و روى زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن رجل قضى من رمضان فأتى النساء،قال:«عليه من الكفّارة ما على الذي أصاب في رمضان؛لأنّ ذلك اليوم عند اللّه من أيّام رمضان» (4).

قال الشيخ:وجه الجمع بينهما أنّه يحتمل أن تكون الرواية الأولى واردة فيمن لا يتمكّن من الإطعام،و لا صيام ثلاثة أيّام.و الرواية الثانية واردة فيمن أفطر بعد الزوال استخفافا بالفرض و تهاونا به،فأمّا من أفطر على غير ذلك فلا (5).

الثالث:المشهور في كفّارة من أفطر في يوم تعيّن صومه بالنذر أنّها مثل

رمضان ،

(6)

و روي كفّارة يمين (7)،و سيأتي تحقيقه إن شاء اللّه تعالى.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن مهزيار قال:كتب بندار مولى

ص:148


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) أثبتناها من المصادر.
3- 3) التهذيب 4:280 الحديث 847،الاستبصار 2:121 الحديث 394،الوسائل 7:254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4. [1]
4- 4) التهذيب 4:279 الحديث 846،الاستبصار 2:121 الحديث 393،الوسائل 7:254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 3. [2]
5- 5) التهذيب 4:279-280،الاستبصار 2:121-122.
6- 6) ينظر:جمل العمل و العمل:95،الكافي في الفقه:185، [3]المهذّب 1:198،شرائع الإسلام 1:191. [4]
7- 7) الفقيه 3:230 الحديث 1087،الوسائل 16:222 الباب 2 من أبواب النذر و العهد الحديث 5. [5]

إدريس (1):يا سيّدي نذرت أن أصوم كلّ يوم سبت،فإن أنا لم أصمه،ما يلزمني من الكفّارة؟فكتب و قرأته:«لا تتركه إلاّ من علّة،و ليس عليك صومه في سفر و لا مرض،إلاّ أن تكون نويت ذلك،و إن (2)كنت أفطرت فيه من غير علّة فتصدّق بعد كلّ يوم لسبعة (3)مساكين،نسأل اللّه التوفيق لما يحبّ و يرضى» (4).

قال الشيخ:لا ينافي ذلك ما تقدّم؛لأنّ الكفّارة تجب على قدر طاقة الإنسان، فمن تمكّن من عتق رقبة لزمه ذلك،فإن عجز عنه أطعم سبعة مساكين (5).

و ابن أبي عقيل من علمائنا لم يوجب كفّارة في ذلك (6)،كالجمهور.

الرابع:لو قضى ما تعيّن صومه بالنذر،لم يجب عليه بالإفطار شيء سوى

القضاء،

سواء كان قبل الزوال أو بعده،عملا بأصل براءة الذمّة السليم عن المعارض،و القياس على قضاء رمضان ضعيف؛لتعيّن الصوم هناك بعد الزوال، بخلاف صورة النزاع.

مسألة:و إنّما يفسد الصيام إذا وقع ذلك منه عمدا مختارا مع وجوب الصوم

اشارة

عليه،

فهذه قيود ثلاثة لا بدّ منها.

الأوّل:العمد،و لا خلاف بين علمائنا في أنّ الناسي لا يفسد صومه،و لا يجب عليه قضاء و لا كفّارة بفعل المفطر ناسيا.و به قال أبو هريرة،و ابن عمر،و عطاء،

ص:149


1- 1بندار مولى إدريس لم نعثر على ترجمته إلاّ ما نقل السيّد الخوئيّ في معجمه عن البرقيّ أنّه ذكره في أصحاب الجواد عليه السّلام.معجم رجال الحديث 3:365.
2- 2) كثير من النسخ:فإن.
3- 3) هامش ح:على سبعة،كما في الاستبصار و الوسائل. [1]
4- 4) التهذيب 4:286 الحديث 867،الاستبصار 2:125 الحديث 408،الوسائل 7:277 الباب 7 من أبواب بقيّة الصوم الواجب الحديث 4. [2]
5- 5) التهذيب 4:286،الاستبصار 2:126.
6- 6) نقله عنه في المختلف:228.

و طاوس،و الأوزاعيّ،و الثوريّ (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد (3)،و إسحاق (4)، و أصحاب الرأي (5).

و قال ربيعة (6)،و مالك:يفطر الناسي بذلك (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيا فليتمّ صومه،فإنّما أطعمه اللّه و سقاه» (8).

و عنه عليه السّلام:«من أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر،فإنّما هو رزق رزقه اللّه» (9).

ص:150


1- 1حلية العلماء 3:197،المغني 3:53،الشرح الكبير بهامش المغني 3:46،المجموع 6:324،عمدة القارئ 11:17.
2- 2) الأمّ 2:97،حلية العلماء 3:196،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:324،مغني المحتاج 1: 443،السراج الوهّاج:145،المغني 3:53، [1]بداية المجتهد 1:303،عمدة القارئ 11:17.
3- 3) المغني 3:53، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:46، [3]الكافي لابن قدامة 1:477:الإنصاف 3:304، [4]زاد المستقنع:28.
4- 4) المغني 3:53، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 3:46، [6]المجموع 6:324،عمدة القارئ 11:17.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:65،بدائع الصنائع 2:90،الهداية للمرغينانيّ 1:122، [7]شرح فتح القدير 2: 254،مجمع الأنهر 1:244،عمدة القارئ 11:17.
6- 6) المغني 3:53، [8]الشرح الكبير بهامش المغني 3:46، [9]المجموع 6:324، [10]شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:188،عمدة القارئ 11:17.
7- 7) الموطّأ 1:304، [11]المدوّنة الكبرى 1:208،بداية المجتهد 1:303،بلغة السالك 1:246،إرشاد السالك:49،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:188،المغني 3:53، [12]المجموع 6:324،عمدة القارئ 11:17.
8- 8) صحيح البخاريّ 3:40،صحيح مسلم 2:809 الحديث 1155،سنن ابن ماجة 1:535 الحديث 1673،سنن الدارميّ 2:13، [13]مسند أحمد 2:489،491،513، [14]الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5: 212 الحديث 3510،3511،سنن الدارقطنيّ 2:178 الحديث 29،سنن البيهقيّ 4:229.
9- 9) سنن الترمذيّ 3:100 الحديث 721، [15]سنن الدارقطنيّ 2:180 الحديث 35،كنز العمّال 8:498 الحديث 23815.

و عن عليّ عليه السّلام قال:«لا شيء على من أكل ناسيا» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن قيس،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:من صام فنسي فأكل و شرب فلا يفطر من أجل أنّه نسي،فإنّما هو رزق رزقه اللّه فليتمّ صيامه» (2).

و عن داود بن سرحان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل ينسى فيأكل في شهر رمضان قال:«يتمّ صومه،فإنّما هو شيء أطعمه اللّه عزّ و جلّ» (3).

و عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صام في رمضان فأكل و شرب ناسيا فقال:«يتمّ صومه و ليس عليه قضاؤه (4)» (5).

و لأنّ التكليف بالإمساك يستدعي الشعور،و هو مفقود (6)عن الناسي،فكان غير مكلّف به،و إلاّ لزم تكليف ما لا يطاق.

و لأنّها عبادة ذات تحليل و تحريم،فكان في محظوراتها ما يختلف عمده و سهوه،كالصلاة و الحجّ.

و لأنّه عليه السّلام قطع نسبة الأكل و الشرب إليه،فلا يكون منافيا لصومه.

احتجّ مالك:بأنّ الأكل ضدّ الصوم؛لأنّه كفّ،فلا يجامعه،ككلام الناسي

ص:151


1- 1المغني 3:53،الشرح الكبير بهامش المغني 3:46،المبسوط للسرخسيّ 3:65،عمدة القارئ 11:17.
2- 2) التهذيب 4:268 الحديث 809 و ص 277 الحديث 839،الوسائل 7:34 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 9. [1]
3- 3) التهذيب 4:268 الحديث 810،الوسائل 7:33 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [2]
4- 4) ق و خا:قضاء منه.
5- 5) التهذيب 4:268 الحديث 808،الوسائل 7:34 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 8. و [3]فيهما:«و ليس عليه قضاء»مكان:«و ليس عليه قضاؤه».
6- 6) بعض النسخ:معفوّ.

في الصلاة (1).

و الجواب:الضدّ هو الأكل عمدا،لا مطلق الأكل،فإنّه نفس المتنازع، و المقيس عليه ممنوع،على ما تقدّم (2).

فروع:
الأوّل:لا فرق بين أنواع المفطرات في ذلك،

و لا نعلم فيه خلافا.

الثاني:لو فعل شيئا من ذلك و هو نائم،لم يفسد صومه؛

لعدم القصد و العلم بالصوم فهو أعذر من الناسي.

الثالث:لو فعله جاهلا بالتحريم،

تعلّق به الحكم.

الرابع:لو فعله مكرها أو متوعّدا بالمؤاخذة،كان بحكم الناسي.

و فرّق الشيخ بينهما (3)،و قد سلف (4).

مسألة:و لو أجنب ليلا فانتبه ثمّ نام حتّى أصبح،وجب عليه القضاء خاصّة،

فيحصل من هذا و ممّا تقدّم أنّ المجنب إذا نام،فإن كان على عزم ترك الاغتسال حتّى أصبح،وجب عليه القضاء و الكفّارة،و إن نام على عزم الاغتسال ثمّ استيقظ ثانيا ثمّ نام ثالثا حتّى طلع الفجر فكذلك،و إن نام من أوّل مرّة عازما على الاغتسال و طلع الفجر،فلا شيء عليه،و إن نام ثانيا و استمرّ به النوم (5)على عزم الاغتسال حتّى طلع الفجر،وجب عليه القضاء خاصّة،و الأحكام

ص:152


1- 1المغني 3:53،شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك 2:188.
2- 2) يراجع:الجزء الخامس:285.
3- 3) المبسوط 1:273.
4- 4) يراجع:ص 97.
5- 5) بعض النسخ:منه النوم.

المتقدّمة سلفت (1).

أمّا هذا الحكم،فيدلّ عليه ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران،سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل فنام،و قد علم بها،و لم يستيقظ حتّى يدركه الفجر،فقال:«عليه أن يتمّ صومه و يقضي يوما آخر»فقلت:إذا كان ذلك من الرجل و هو يقضي رمضان؟قال:«فيأكل يومه ذلك و ليقض،فإنّه لا يشبه رمضان شيء من الشهور» (2).

و في الصحيح عن ابن أبي يعفور،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يجنب في شهر رمضان ثمّ يستيقظ ثمّ ينام حتّى يصبح،قال:«يتمّ صومه (3)و يقضي يوما آخر،و إن لم يستيقظ حتّى يصبح أتمّ يومه و جاز له» (4).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثمّ ينام قبل أن يغتسل،قال:«يتمّ صومه و يقضي ذلك اليوم إلاّ أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر،فإن انتظر ماء يسخن أو يستقى، فطلع الفجر،فلا يقضي يومه (5)» (6).

و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يجنب في أوّل الليل ثمّ ينام حتّى يصبح في شهر رمضان،قال:«ليس عليه شيء»

ص:153


1- 1يراجع:ص 127. [1]
2- 2) التهذيب 4:211 الحديث 611،الاستبصار 2:86 الحديث 267،الوسائل 7:46 الباب 19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
3- 3) كثير من النسخ:يومه.
4- 4) التهذيب 4:211 الحديث 612،الاستبصار 2:86 الحديث 269،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]
5- 5) بعض النسخ:«صومه»كما في الوسائل. [4]
6- 6) التهذيب 4:211 الحديث 613،الاستبصار 2:86 الحديث 270،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [5]

قلت:فإن هو استيقظ ثمّ نام حتّى أصبح؟قال:«فليقض ذلك اليوم عقوبة» (1).

و لأنّه فرّط في الاغتسال،فوجب عليه القضاء.و لا تجب الكفّارة؛لأنّ المنع من النومة الأولى تضييق على المكلّف.

مسألة:و يجب القضاء في الصوم إذا كان واجبا متعيّنا بسبعة أشياء،

(2)

و إنّما اشترطنا الوجوب و التعيين؛لأنّ ما فسد صومه لا يسمّى الإتيان ببدله قضاء إلاّ مع القيدين؛لأنّ القضاء اسم لفعل مثل المقضيّ بعد خروج وقته،و إلاّ فكلّ صوم صادفه أحد السبعة يفسد،فإن كان واجبا أتى ببدله و لا يسمّى قضاء،و إن كان متعيّنا سمّي البدل قضاء،فمن ظنّ بقاء الليل فجامع،أو أكل،أو شرب،أو فعل المفطر مطلقا ثمّ تبيّن أنّه كان طالعا،فإن كان قد رصد الفجر فلم ينتبه (3)،أتمّ صومه و لا شيء عليه،و ان لم يرصد الفجر مع القدرة على المراعاة ثمّ تبيّن أنّه كان طالعا وجب عليه القضاء،لا غير،مع إتمام ذلك اليوم،و لا كفّارة عليه،و هذا التفصيل ذهب إليه علماؤنا خاصّة.

و قال الشافعيّ:لا كفّارة عليه مطلقا،سواء رصد أو لم يرصد،مع ظنّ الليل، و عليه القضاء (4).و هو قول عامّة الفقهاء،إلاّ ما حكي عن إسحاق بن راهويه، و داود أنّهما قالا:لا يجب عليه القضاء.و هو مذهب الحسن،و مجاهد،و عطاء، و عروة (5).

و قال أحمد:إذا جامع بظنّ أنّ الفجر لم يطلع،و تبيّن أنّه كان طالعا،وجب

ص:154


1- 1التهذيب 4:212 الحديث 615،الاستبصار 2:87 الحديث 271،الوسائل 7:41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
2- 2) بعض النسخ:إن كان.
3- 3) ف،ك و يحتمل ش:يتبينه.
4- 4) حلية العلماء 3:193،202،المجموع 6:309،المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67.
5- 5) حلية العلماء 3:193،المجموع 6:309،المغني 3:76،الشرح الكبير بهامش المغني 3:53.

عليه القضاء و الكفّارة مطلقا،و لم يعتبر (1)المراعاة (2).

لنا:أنّه مفرّط بترك المراعاة،فوجب عليه القضاء؛لإفساده الصوم بالتناول، و لا كفّارة؛لعدم الإثم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران،قال:سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان،فقال:«إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثمّ عاد فرأى الفجر،فليتمّ صومه و لا إعادة عليه،و إن كان قام فأكل و شرب ثمّ نظر إلى الفجر فرأى أنّه قد طلع،فليتمّ صومه و يقضي يوما آخر؛لأنّه بدأ بالأكل قبل النظر،فعليه الإعادة» (3).

و في الصحيح عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن رجل تسحّر ثمّ خرج من بيته و قد طلع الفجر و تبيّن (4)،فقال:«يتمّ صومه ذلك ثمّ ليقضه،و إن تسحّر في غير شهر رمضان بعد الفجر،أفطر»ثمّ قال:«إنّ أبي كان ليلة يصلّي و أنا آكل،فانصرف فقال:أمّا جعفر فقد أكل و شرب بعد الفجر،فأمرني، فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان» (5).

و أمّا مع المراعاة فلا قضاء عليه؛لأنّ الأصل بقاء الليل،و قد اعتضد بالمراعاة، فجاز له التناول مطلقا،فلا إفساد حينئذ و جرى مجرى الساهي.

احتجّ من لم يوجب القضاء مطلقا (6):بما رواه زيد بن وهب،قال:كنت جالسا

ص:155


1- 1بعض النسخ:و لم يتعيّن.
2- 2) المغني 3:65،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67،الكافي لابن قدامة 1:478، [1]الإنصاف 3:313.
3- 3) التهذيب 4:269 الحديث 811،الاستبصار 2:116 الحديث 378،الوسائل 7:82 الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
4- 4) بعض النسخ:و قد تبيّن.
5- 5) التهذيب 4:269 الحديث 812،الاستبصار 2:116 الحديث 379،الوسائل 7:81 [3] الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1،و ص 83 الباب 45،الحديث 1.
6- 6) المغني 3:76،الشرح الكبير بهامش المغني 3:53،المجموع 6:310.

في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في رمضان في زمن عمر بن الخطّاب، فأتينا بعساس (1)فيها شراب من بيت حفصة،فشربنا و نحن نرى أنّه من الليل،ثمّ انكشف السحاب،فإذا الشمس طالعة،قال:فجعل الناس يقولون:نقضي يوما مكانه،فقال عمر:و اللّه لا نقضيه،ما تجانفنا (2)لإثم (3).

و لأنّه لم يقصد الأكل في الصوم،فلم يلزمه القضاء،كالناسي.

و احتجّ الموجبون مطلقا:بأنّه أكل مختارا،ذاكرا للصوم فأفطر،كما لو أكل يوم الشكّ.و لأنّه جهل وقت الصيام،فلم يعذر به،كالجهل بأوّل رمضان.و لأنّه يمكن التحرّز منه،فأشبه أكل العمد (4).

و استدلّ أحمد (5)على وجوب الكفّارة بالجماع بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر المجامع بالتكفير من غير تفريق و لا تفصيل (6).و لأنّه أفسد صوم رمضان بجماع تامّ،فوجبت عليه الكفّارة،كما لو علم.

و الجواب عن الأوّل:يحتمل أنّ عمر راعى (7)الفجر.

و عن الثاني:أنّه بترك المراعاة مفرّط،بخلاف (8)الناسي.

ص:156


1- 1العسّ:القدح الكبير،و جمعه عساس،النهاية لابن الأثير 3:236. [1]
2- 2) الجنف:الميل،لسان العرب 9:32. [2]
3- 3) سنن البيهقيّ 4:217 بتفاوت.
4- 4) المغني 3:77،الشرح الكبير بهامش المغني 3:54،الكافي لابن قدامة 1:478.
5- 5) المغني 3:66،الشرح الكبير بهامش المغني 3:67.
6- 6) صحيح البخاريّ 3:41،42،صحيح مسلم 2:781 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2390،سنن ابن ماجة 1:534 الحديث 671،الموطّأ 1:296،297 الحديث 28،29،سنن الدار قطنيّ 2:190 الحديث 49،سنن البيهقيّ 4:226.
7- 7) ق:رأى.
8- 8) كثير من النسخ:يخالف.

و عن الثالث:بالمنع من أكله (1)مختارا ذاكرا للصوم؛لأنّ التقدير أنّه قد راعى و لم يظفر (2)بالفجر،فلم يكن آكلا مع الصوم في ظنّه مع قيام الموجب،و هو المأخوذ عليه.

و عن الرابع:أنّ الجهل مع قيام الموجب مقتض للعذر.

و عن الخامس:بعدم تسليم إمكان التحرّز؛إذ المأخوذ عليه الإمساك نهارا مع علمه بذلك.

و عن السادس:أنّه عليه السّلام إنّما أمره بذلك للهتك،و لهذا شكا الأعرابيّ من كثرة الذنب و شدّة المؤاخذة،و ذلك إنّما يكون مع قصد الإفطار،فلا يتناول صورة النزاع.و لأنّها حكاية حال فلا تكون عامّة.

مسألة:و لو أخبره غيره بأنّ الفجر لم يطلع،فأخلد إليه مع القدرة على

المراعاة و تركها،ثمّ فعل المفطر،وجب عليه القضاء،

(3)

لا غير؛لأنّه بترك المراعاة مفرّط،فأفسد صومه،و وجب القضاء،و بالبناء على أصل البقاء و صدق المخبر سقط الإثم،فلا كفّارة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:آمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم لا،فتقول (4):لم يطلع،فآكل،ثمّ أنظر فأجده قد طلع حين نظرت،قال:«تتمّ يومك (5)و تقضيه،أما إنّك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضاؤه» (6).

ص:157


1- 1هامش ح:بالمنع من أنّه أكل.
2- 2) بعض النسخ:يظنّ.
3- 3) خلد إلى كذا و أخلد:ركن،المصباح المنير:177. [1]
4- 4) ح بزيادة:الجارية.
5- 5) ش،ك و م:صومه،مكان:يومك،و في كثير من النسخ:يومه،و ما أثبتناه من المصادر.
6- 6) التهذيب 4:269 الحديث 813،الوسائل 7:84 الباب 46 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]

مسألة:لو أخبره غيره بطلوع الفجر،فظنّ كذب المخبر و كانالفجر

اشارة

طالعا،

(1)

فتناول المفطر،وجب القضاء خاصّة؛للتفريط بترك المراعاة مع القدرة؛لأنّ البحث فيه،و سقوط الكفّارة؛لعدم الإثم،بناء على أصل بقاء الليل.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل خرج في شهر رمضان و أصحابه يتسحّرون في بيت،فنظر إلى الفجر فناداهم (2)،فكفّ بعضهم،و ظنّ بعضهم أنّه يسخر فأكل،قال:«يتمّ صومه و يقضي» (3).

فروع:
الأوّل:لا فرق بين أن يكون المخبر عدلا أو فاسقا؛

عملا بالإطلاق و ترك استفصال الحال عند السؤال.

الثاني:لو أخبره عدلان بطلوع الفجر فلم يكفّ،

فالأشبه وجوب القضاء و الكفّارة؛لأنّ قولهما محكوم به شرعا،فيترتّب عليه توابعه.

الثالث:لو أخبره بدخول الليل،فأخلد إليه و أفطر،

ثمّ بان كذبه مع قدرته على المراعاة،وجب عليه القضاء خاصّة؛لما تقدّم.

مسألة:و لو ظنّ دخول الليل لظلمة عرضت إمّا لغيم أو غيره،فأفطر،ثمّ تبيّن

فساد ظنّه،أتمّ،

و وجب عليه القضاء.ذهب إليه المفيد-رحمه اللّه (4)-و أبو الصلاح الحلبيّ (5)،و هو قول الجمهور،و اختاره السيّد المرتضى-رحمه اللّه (6)-و الشيخ-

ص:158


1- 1أثبتناها من المصادر.
2- 2) ح بزيادة:أنّه قد طلع الفجر،كما في الوسائل. [1]
3- 3) التهذيب 4:270 الحديث 814،الوسائل 7:84 الباب 47 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
4- 4) المقنعة:57.
5- 5) الكافي في الفقه:183. [3]
6- 6) جمل العلم و العمل:91.

رحمه اللّه-في المبسوط (1).

و قال في النهاية:إن غلب على ظنّه دخول الليل فأفطر،فليمسك،و لا قضاء عليه (2)،و كذا في التهذيب (3)،و اختاره ابن إدريس (4)،و الأقوى خيرة المفيد.

لنا:أنّه تناول ما ينافي الصوم عمدا،فلزمه القضاء،و لا كفّارة عليه؛لحصول الشبهة و عدم العلم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن أبي بصير و سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوم صاموا شهر رمضان،فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس،فرأوا أنّه الليل،فقال:«على الذي أفطر صيام ذلك اليوم،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (5)فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه؛ لأنّه أكل متعمّدا» (6).

و احتجّ الجمهور (7)على ذلك أيضا:بما رواه حنظلة (8)،قال:كنّا في شهر رمضان و في السماء سحاب،فظننّا أنّ الشمس غابت،فأفطر بعضنا،فأمر عمر من

ص:159


1- 1المبسوط 1:272.
2- 2) النهاية:155. [1]
3- 3) التهذيب 4:270.
4- 4) السرائر:85.
5- 5) البقرة(2):187. [2]
6- 6) التهذيب 4:270 الحديث 815،الاستبصار 2:115 الحديث 377،الوسائل 7:87 الباب 50 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [3]
7- 7) المجموع 6:310،328.
8- 8) حنظلة بن أبي حنظلة الأنصاريّ إمام مسجد قباء روى عنه جبلة بن سحيم قال:صلّيت خلف حنظلة الأنصاريّ إمام مسجد قباء من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. أسد الغابة 2:56، [4]الإصابة 1:359. [5]

كان أفطر أن يصوم مكانه (1).

احتجّ الشيخ:بما رواه أبو الصبّاح الكنانيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صام ثمّ ظنّ أنّ الشمس قد غابت و في السماء علّة (2)فأفطر،ثمّ إنّ السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب،فقال:«قد تمّ صومه و لا يقضيه» (3).

و بما رواه زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثل ذلك (4).

و بما رواه-في الصحيح-عن زرارة،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«وقت المغرب إذا غاب القرص،فإن رأيته بعد ذلك و قد صلّيت أعدت الصلاة و مضى صومك،و تكفّ عن الطعام إن كنت قد (5)أصبت منه شيئا» (6).

و لأن التكليف هنا منوط بالظنّ؛لعدم العلم،و قد حصل.

و الجواب:أنّ الحديث الأوّل،في طريقه محمّد بن الفضيل و هو ضعيف.و في طريق الحديث الثاني،أبو جميلة و هو ضعيف أيضا.

و الحديث الثالث،لا دلالة فيه على صورة النزاع و هو سقوط القضاء، و التكليف منوط باستمرار الظنّ و لم يحصل هنا،كمن ظنّ الطهارة و صلّى ثمّ تبيّن فساد ظنّه.و حديثنا و إن كان يرويه محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّ عن يونس

ص:160


1- 1سنن البيهقيّ 4:217،بتفاوت.و أورده الشيرازيّ في المهذّب 1:183،و النوويّ في المجموع 6:310.
2- 2) بعض النسخ:غيمة،و في التهذيب و الوسائل: [1]غيم.
3- 3) التهذيب 4:270 الحديث 816،الاستبصار 2:115 الحديث 374،الوسائل 7:88 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 4:271 الحديث 817،الاستبصار 2:115 الحديث 375،الوسائل 7:88 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [3]
5- 5) لا توجد كلمة«قد»في كثير من النسخ،كما في الاستبصار.
6- 6) التهذيب 4:271 الحديث 818،الاستبصار 2:115 الحديث 376،الوسائل 7:87 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [4]

بن عبد الرحمن،و قد توقّف ابن بابويه فيما يرويه محمّد بن عيسى عن يونس (1)، إلاّ أنّه اعتضد بأنّه تناول ما ينافي الصوم مختارا عامدا ذاكرا للصوم،فلزمه القضاء،و سقطت الكفّارة؛لعدم العلم و حصول (2)الشبهة،فلا إثم.و لأنّه جهل وقت الصيام فلم يعذر،كالجهل بأوّل رمضان.و لأنّه أفطر مع ذكر الصوم فأفطر كما لو أكل يوم الشكّ.

مسألة:و لو أكل شاكّا في طلوع الفجر و لم يتبيّن طلوعه و لا عدمه و استمرّ به

اشارة

الشكّ،

فليس عليه قضاء و له الأكل حتّى يتيقّن (3)الطلوع.و به قال ابن عبّاس، و عطاء،و الأوزاعيّ (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد (6)،و أصحاب الرأي (7).

و قال مالك:يجب القضاء (8).

لنا:قوله تعالى: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (9)جعل غاية إباحة الأكل التبيّن و قد يكون قبله شاكّا،فلو لزمه القضاء حينئذ،لحرم عليه الأكل.

ص:161


1- 1نقله النجاشيّ في رجاله قال:و ذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد أنّه قال:ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس و حديثه لا يعتمد عليه.رجال النجاشيّ:333.
2- 2) ص:و لحصول.
3- 3) ك:تبيّن،ص:تيقّن،م و ش:يتبيّن.
4- 4) المغني 3:77،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 3:52،المجموع 6:306. [2]
5- 5) حلية العلماء 3:193،المجموع 6:306، [3]مغني المحتاج 1:432،السراج الوهّاج:141،المغني 3: 77،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 3:52.
6- 6) المغني 3:77،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 3:52،الكافي لابن قدامة 1:471، [6]الإنصاف 3:310.
7- 7) تحفة الفقهاء 1:365-366،بدائع الصنائع 2:105،الهداية للمرغينانيّ 1:130، [7]مجمع الأنهر 1: 242،243،المجموع 6:306، [8]المغني 3:77،الشرح الكبير [9]بهامش المغني 3:52.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:192،مقدّمات ابن رشد 1:185،حلية العلماء 3:193،المغني 3:77، [10]الشرح الكبير [11]بهامش المغني 3:52، [12]المجموع 6:306. [13]
9- 9) البقرة(2):187. [14]

و ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«فكلوا و اشربوا حتّى يؤذّن ابن أمّ مكتوم» (1)و كان رجلا أعمى لا يؤذّن حتّى يقال له:أصبحت.

و لأنّ الأصل بقاء الليل فيستصحب حكمه إلى أن يعلم زواله،و مع الشكّ لا علم.

و لأنّ الأصل براءة الذمّة فلا يصار إلى خلافه،إلاّ بدليل.

احتجّ مالك:بأنّ الأصل بقاء الصوم في ذمّته،فلا يسقط بالشكّ.و لأنّه أكل شاكّا في النهار و الليل،فلزمه القضاء،كما لو أكل مع الشكّ في غروب الشمس (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ السقوط إنّما هو بعد الثبوت،و الصوم مختصّ بالنهار.

و عن الثاني:بأنّ الأصل بقاء الليل في الصورة الأولى،و بقاء النهار في الصورة الأخيرة،فافترقا.

فروع:
الأوّل:لو أكل شاكّا في غروب الشمس و استمرّ الشكّ،وجب عليه القضاء؛

لأنّ الأصل بقاء النهار و هل تجب الكفّارة؟فيه تردّد ينشأ من كون الأصل بقاء النهار،فلا يجوز له الإفطار فوجبت عليه الكفّارة كالعالم ببقائه،و من عدم الهتك و الإثم فلا كفّارة،و الأخير أقرب.

الثاني:لو ظنّ أنّ الشمس قد غربت،فأكل ثمّ استمرّ الظنّ،فلا قضاء عليه؛

لأنّ الأصل براءة الذمّة،و المعارض و هو فساد الظنّ منتف.

الثالث:لو ظنّ أنّ الفجر لم يطلع،فأكل ثمّ استمرّ الظنّ،فلا قضاء عليه أيضا؛

ص:162


1- 1صحيح البخاريّ 1:160،و ج 3:225-226،الموطّأ 1:74 الحديث 15، [1]مسند أحمد 2:123. [2]
2- 2) المغني 3:77،الشرح الكبير بهامش المغني 3:52.

لما (1)مرّ.

الرابع:لو ظنّ الغروب أو الطلوع،فأكل ثمّ شكّ بعد الأكل و لم يتبيّن،فلا قضاء

عليه؛

لأنّه لم يوجد يقين (2)أزال ذلك الظنّ الذي بنى عليه،فأشبه ما (3)لو صلّى بالاجتهاد،ثمّ شكّ في الإصابة بعد صلاته.

مسألة:القيء عامدا موجب للقضاء خاصّة.

ذهب إليه أكثر علمائنا (4)،و أكثر فقهاء الجمهور (5).

و قال السيّد المرتضى:أخطأ و لا قضاء عليه (6).

و قال أبو ثور:يجب عليه القضاء و الكفّارة (7).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من ذرعه القيء و هو صائم فليس عليه قضاء،و إن استقاء فليقض» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه سماعة (9)و الحلبيّ،و قد تقدّمنا (10).

ص:163


1- 1بعض النسخ:كما.
2- 2) ص،م و ك:تعيّن.
3- 3) بعض النسخ:بما.
4- 4) منهم:الشيخ الطوسيّ في النهاية:155،و [1]المبسوط 1:272،و الخلاف 1:382 مسألة-19، و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:183،و ابن البرّاج في المهذّب 1:192،و ابن إدريس في السرائر:85،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:678. [2]
5- 5) ينظر:المغني 3:54،المجموع 6:319،المبسوط للسرخسيّ 3:56،نيل الأوطار 4:280.
6- 6) جمل العلم و العمل:90.
7- 7) المجموع 6:320،عمدة القارئ 11:36.
8- 8) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2380، [3]سنن الترمذيّ 3:98 الحديث 720، [4]سنن ابن ماجة 1:536 الحديث 1676،الموطّأ 1:304 الحديث 47، [5]سنن الدارميّ 2:14،مسند أحمد 2:498، [6]سنن البيهقيّ 4:219.
9- 9) التهذيب 4:322 الحديث 991،الوسائل 7:61 الباب 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5.
10- 10) التهذيب 4:264 الحديث 791،الوسائل 7:60 الباب 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. و قد تقدّمت الروايتان في ص 79،80.

احتجّ السيّد المرتضى:بأنّ الأصل الصحّة و براءة الذمّة.و لأنّ المقتضي و هو الإمساك موجود،و المعارض و هو القيء لا يصلح أن يكون معارضا؛لأنّ الصوم إمساك عمّا يصل إلى الجوف،لا ما ينفصل عنها،فليس بمناف.

احتجّ أبو ثور:بأنّه سلوك في مجرى الطعام،فكان موجبا للقضاء و الكفّارة، كالأكل (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الأصل قد يصار إلى خلافه،و هو إذا ما وجد دليل مناف له،و قد بيّنّا بالأدلّة تعلّق القضاء (2).

و عن الثاني:بالفرق،و هو ظاهر.

أمّا لو ذرعه القيء،فلا كفّارة عليه بالإجماع،و لا قضاء عليه أيضا.و هو قول علمائنا أجمع،و قول كلّ من يحفظ عنه العلم.

و في رواية عن الحسن البصريّ:أنّه يجب عليه القضاء خاصّة (3)،و هو خطأ؛ لقوله عليه السّلام:«من ذرعه القيء و هو صائم،فليس عليه قضاء» (4).و لأنّه حصل بغير اختياره،فلا يكون مفسدا.

مسألة:و لو تمضمض،لم يفطر بلا خلاف بين العلماء كافّة،

اشارة

سواء كان في الطهارة أو غيرها؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعمر لمّا سأله عن القبلة:

«أ رأيت لو تمضمضت من إناء و أنت صائم»فقال:لا بأس،فقال:«فمه» (5)(6).

ص:164


1- 1عمدة القارئ 11:36.
2- 2) يراجع:ص 79.
3- 3) حلية العلماء 3:196،المجموع 6:320.
4- 4) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2380، [1]سنن الترمذيّ 3:98 الحديث 720، [2]سنن ابن ماجة 1:536 الحديث 1676،الموطّأ 1:304 الحديث 47، [3]سنن الدارميّ 2:14،مسند أحمد 2:498، [4]سنن البيهقيّ 4:219.
5- 5) أي فما ذا؟للاستفهام فأبدل الألف هاء،للوقف و السّكت.النهاية لابن الأثير 4:377،و [5]لعلّ المراد فيما نحن فيه:فما الفرق بينهما؟
6- 6) سنن أبي داود 2:311 الحديث 2385، [6]سنن الدارميّ 2:13،مسند أحمد 1:21،سنن البيهقيّ 4:261.

و لأنّ الفم في حكم الظاهر،فلا يبطل الصوم بالواصل إليه،كالأنف و العين.

أمّا لو تمضمض،فدخل الماء في حلقه،فإن تعمّد ابتلاع الماء،وجب عليه القضاء و الكفّارة.و هو قول كلّ من أوجبهما بالأكل و الشرب.و إن لم يقصده،بل ابتلعه بغير (1)اختياره،فإن كان قد تمضمض للصلاة،فلا قضاء عليه و لا كفّارة، و إن كان للتبرّد أو للعبث،وجب عليه القضاء خاصّة.و هو قول علمائنا.

و قال الشافعيّ:إن لم يكن بالغ،و إنّما رفق فسبق الماء فقولان:

أحدهما:يفطر (2).و به قال أبو حنيفة (3)،و مالك (4)،و المزنيّ (5).

و الثاني:لا يفطر (6)،و به قال الأوزاعيّ (7)،و أحمد (8)،و إسحاق،و أبو ثور.

و اختاره الربيع (9)،و الحسن البصريّ (10).

ص:165


1- 1غ و ف:من غير.
2- 2) الأمّ 2:101،المغني 3:42،حلية العلماء 3:197،المهذّب للشيرازيّ 1:183،المجموع 6:326، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 6:393. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:66،المجموع 6:327،المغني 3:42،بدائع الصنائع 2:91،تحفة الفقهاء 1:354.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:200،المجموع 6:327،المغني 3:42،نيل الأوطار 4:288،حلية العلماء 3:197.
5- 5) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،المجموع 6:327،نيل الأوطار 4:288،حلية العلماء 3:197.
6- 6) الأمّ 2:101،الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،حلية العلماء 3:197،المهذّب للشيرازيّ 1:183، المجموع 6:327،المغني 3:42.
7- 7) المغني 3:42،المجموع 6:327.
8- 8) المغني 3:42،الشرح الكبير بهامش المغني 3:50،الكافي لابن قدامة 1:478،الإنصاف 3:309. [3]
9- 9) الربيع بن سليمان بن داود الجيزيّ أبو محمّد الأزديّ أحد أصحاب الشافعيّ و الرواة عنه،و روى عن ابن وهب و أبي الأسود،و روى عنه أبو داود و النسائيّ.مات سنة 256 ه. طبقات الشافعيّة [4]لابن شهبة 1:64،تهذيب التهذيب 3:245. [5]
10- 10) المجموع 6:327.

و إن بالغ،بأن زاد على ثلاث مرّات فوصل الماء إلى جوفه،أفطر قولا واحدا و به قال أحمد (1).

و روي عن عبد اللّه بن عبّاس أنّه إن توضّأ لمكتوبة (2)،لم يفطر،و إن كان للنافلة،أفطر (3).و هو رواية الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4).و به قال النخعيّ (5).

لنا:أنّه إذا توضّأ للصلاة،فعل فعلا مشروعا،فلا يترتّب عليه عقوبة؛لعدم التفريط شرعا.و لأنّه وصل إلى حلقه من غير إسراف و لا قصد،فأشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقه.

أمّا إذا كان متبرّدا أو عابثا؛فلأنّه فرّط بتعريض الصوم للإفساد،فلزمته العقوبة للتفريط.و لأنّه وصل بفعل منهيّ عنه،فأشبه المتعمّد،و لا كفّارة عليه؛لأنّه غير قاصد للإفساد و الهتك.

و يؤيّد ما ذكرناه:ما رواه الشيخ عن سماعة قال:سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش،فدخل حلقه،قال:«عليه قضاؤه،و إن كان في وضوء فلا بأس» (6).

و عن الريّان بن الصلت،عن يونس،قال:الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء،و إن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه،فلا شيء عليه و قد تمّ

ص:166


1- 1المغني 3:43، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:51، [2]الكافي لابن قدامة 1:478،الإنصاف 3:309. [3]
2- 2) ح:للمكتوبة.
3- 3) المجموع 6:327.
4- 4) التهذيب 4:324 الحديث 999،الوسائل 7:49 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [4]
5- 5) المجموع 6:327،حلية العلماء 3:197.
6- 6) التهذيب 4:322 الحديث 991،الوسائل 7:50 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [5]

صومه،و إن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه،فعليه الإعادة، و الأفضل للصائم أن لا يتمضمض (1).

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه أوصل الماء إلى جوفه ذاكرا لصومه،فأفطر،كما لو تعمّد شربه (2).

و الجواب:الفرق؛لأنّه فعل مشروعا فيما ادّعينا سقوط القضاء فيه من غير إسراف،بخلاف المتعمّد.

و احتجّ أيضا:بأنّ الآكل على أنّ الليل قد دخل،مفطر و هو بالناسي أشبه؛لأنّ كلاّ منهما لا يعلم أنّه صائم،فالسابق إلى جوفه الماء أولى بالإفطار؛لأنّه يعلم أنّه صائم (3).

و الجواب:ليس العلم وحده كافيا؛لأنّ المكره على الأكل عالم أنّه صائم،و مع ذلك لا يفطر،و كذا (4)صورة النزاع.

فروع:
الأوّل:حكم الاستنشاق حكم المضمضة في ذلك على تردّد؛لعدم النصّ فيه،

و نحن لا نقول بالقياس.

الثاني:روى عمّار الساباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل

يتمضمض فيدخل في حلقه الماء و هو صائم،

قال:«ليس عليه شيء إذا لم يتعمّد» قلت:فإن تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء؟قال:«ليس عليه شيء»قلت:

ص:167


1- 1التهذيب 4:205 الحديث 593،الوسائل 7:49 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [1]
2- 2) المغني 3:42،بدائع الصنائع 2:91،المبسوط للسرخسيّ 3:66.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:130.
4- 4) ك:فكذا.

تمضمض الثالثة؟قال:«ليس عليه شيء و لا قضاء» (1).و نحن نقول بموجب هذه الرواية و نحملها على المتمضمض للصلاة.

الثالث:روى زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في صائم يتمضمض ،

(2)

قال:«لا يبلع ريقه حتّى يبزق ثلاث مرّات» (3).

قال الشيخ:و قد روي:«مرّة واحدة» (4).

الرابع:إطلاق الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين صلاة الفرض و النفل،و عليه

دلّت رواية سماعة .

(5)

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصائم يتوضّأ للصلاة،فيدخل الماء حلقه،قال:«إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه قضاء،و إن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء» (6).

الخامس:المشهور بين علمائنا أنّه لا كفّارة عليه،إلاّ إذا تعمّد الابتلاع،

و يلوح من كلام الشيخ في التهذيب وجوب الكفّارة.

و استدلّ بما رواه سليمان بن جعفر المروزيّ،قال:سمعته يقول:«إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان،أو استنشق متعمّدا،أو شمّ رائحة غليظة،أو كنس بيتا فدخل في أنفه و حلقه غبار،فعليه صوم شهرين متتابعين،فإنّ ذلك له فطر مثل الأكل و الشرب و النكاح» (7).

ص:168


1- 1التهذيب 4:323 الحديث 996،الوسائل 7:50 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [1]
2- 2) ص:تمضمض،كما في التهذيب.
3- 3) الكافي 4:107 الحديث 2، [2]التهذيب 4:324 الحديث 997،الوسائل 7:64 الباب 31 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 4:325 الحديث 998.
5- 5) التهذيب 4:322 الحديث 991،الوسائل 7:50 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [4]
6- 6) التهذيب 4:324 الحديث 999،الوسائل 7:49 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [5]
7- 7) التهذيب 4:214 الحديث 621،الاستبصار 2:94 الحديث 305،الوسائل 7:48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [6]في التهذيب و الاستبصار:سليمان بن حفص المروزيّ،و في الوسائل: [7]سليمان بن جعفر(حفص)المروزيّ.

قال في الاستبصار:هذا الخبر محمول على من تمضمض تبرّدا فدخل حلقه شيء و لم يبزقه و بلعه متعمّدا،كان عليه ما على من أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا (1).

مسألة:اختلف علماؤنا في الحقنة،

فقال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:إنّها محرّمة،و لا يجب به قضاء و لا كفّارة (2).و به قال الحسن بن صالح بن حيّ، و داود (3).

و قال الشيخ في النهاية:يجب القضاء بالمائع لا بالجامد (4).

و قال أبو الصلاح:يجب القضاء مطلقا (5).و به قال الشافعيّ (6)،و أبو حنيفة (7)، و أحمد (8).

و قال مالك:يفطر بالكثير،و يجب به القضاء (9).

لنا على التحريم:ما تقدّم،و على عدم إيجاب القضاء و الكفّارة الأصل السالم عن المعارض.

ص:169


1- 1الاستبصار 2:95.
2- 2) جمل العلم و العمل:90.
3- 3) حلية العلماء 3:194،المجموع 6:320.
4- 4) النهاية:156. [1]
5- 5) الكافي في الفقه:183.
6- 6) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:58،حلية العلماء 3:194،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:312، فتح العزيز بهامش المجموع 6:363،السراج الوهّاج:139،المغني 3:35.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 3:67،بدائع الصنائع 2:93،مجمع الأنهر 1:241.
8- 8) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:197،بلغة السالك 1:252،إرشاد السالك:49،50.

و ما رواه عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام:سئل (1)عن الرجل و المرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء و هما صائمان؟فقال:«لا بأس» (2).

و لأنّ الحقنة لا تحصل إلى المعدة،و لا إلى موضع الاغتذاء،فلا يؤثّر فسادا في الصوم،كالاكتحال،و قد سلف البحث في ذلك كلّه (3).

مسألة:و لو ارتدّ عن الإسلام،أفطر بلا خلاف بين أهل العلم،و عليه قضاؤه،

لأنّ الصوم عبادة من شرطها النيّة فأبطلتها الردّة،كالصلاة و الحجّ.و لأنّها عبادة محضة فنافاها الكفر،كالصلاة.

هذا إذا ارتدّ في أثناء اليوم،أمّا لو ارتدّ بعد انقضائه،صحّ صوم ذلك اليوم، و لا قضاء عليه فيه،خلافا لبعض الجمهور (4).

لنا:أنّه فعل ما وجب عليه فخرج عن العهدة،و الإحباط باطل،و قد بيّنّاه في كتبنا الكلاميّة (5).

مسألة:و لو سافر سفرا مخصوصا،أو حاضت المرأة أو نفست،أفطروا،

و عليهم القضاء لا غير،

و سيأتي البحث في ذلك كلّه إن شاء اللّه.

مسألة:و لو كرّر السبب المقتضي لوجوب الكفّارة في الرمضان،كالجماع مثلا،

تكرّرت الكفّارة.

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم،إلاّ رواية عن أبي حنيفة (6)،

ص:170


1- 1في المصادر:قال:سألته،مكان:سئل.
2- 2) الكافي 4:110 الحديث 5، [1]التهذيب 4:325 الحديث 1005،الوسائل 7:26 الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) يراجع:ص 83. [3]
4- 4) حلية العلماء 3:172،المغني 3:55،المجموع 6:253،السراج الوهّاج:143،فتح العزيز بهامش المجموع 6:432،مغني المحتاج 1:437.
5- 5) كشف المراد:327،أنوار الملكوت:172.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 3:74،تحفة الفقهاء 1:362،المجموع 6:337،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 450،بدائع الصنائع 2:101.

سواء كفّر عن الأوّل أو لم يكفّر.

أمّا لو جامع في يومين من رمضان واحد،وجبت عليه كفّارتان،سواء كفّر عن الأوّل أو لم يكفّر.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (1)،و مالك (2)، و اللّيث،و ابن المنذر،و روي أيضا عن عطاء و مكحول (3).

و قال أبو حنيفة:إن لم يكفّر عن الأوّل فكفّارة واحدة،و إن كفّر فروايتان:إحداهما:أنّها كفّارة واحدة أيضا (4).و به قال أحمد (5)،و الزهريّ، و الأوزاعيّ (6).

لنا:أنّ صوم كلّ يوم عبادة منفردة عن الآخر لا يتّحد صحّته مع صحّة ما قبله و لا ما بعده،و لا بطلانه مع بطلانه،فلا يتّحد أثر السببين فيهما.

و لأنّ أحد الأثرين لا يتّحد مع الآخر،و هو القضاء،و كذا (7)الأثر (8)الآخر.

و لأنّ المقتضي مستقلّ بالتأثير في الأوّل،و هو موجود في الثاني،فيؤثّر أثره نوعا لا شخصا،و إلاّ تواردت العلل على معلول واحد.

و لأنّ الكفّارة عقوبة على إفساد صوم صحيح فتتكرّر بتكرّره.

و لأنّ كلّ يوم عبادة منفردة،فإذا وجبت الكفّارة بإفساده،لم تتداخل مع

ص:171


1- 1الأمّ 2:99،حلية العلماء 3:201،المجموع 6:336،فتح العزيز بهامش المجموع 6:450،المغني 3: 73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:64،مغني المحتاج 1:444،السراج الوهّاج:146.
2- 2) بداية المجتهد 1:306،المدوّنة الكبرى 1:218،حلية العلماء 3:201.
3- 3) المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:64.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:362،بدائع الصنائع 2:101،المبسوط للسرخسيّ 3:74.
5- 5) المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:64،الكافي لابن قدامة 1:482،الإنصاف 3:319،زاد المستقنع:29.
6- 6) المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:64.
7- 7) ك:فكذا.
8- 8) ش،ق و خا:الأمر.

غيرها،كرمضانين و كالحجّين.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّها تجب على وجه العقوبة،و لهذا تسقط بالشبهة،و هو إذا ظنّ أنّ الفجر لم يطلع،و ما هذا سبيله يتداخل العقوبة فيه،كالحدود (1).

و الجواب:الفرق،فإنّ الحدود عقوبة على البدن،و هذه كفّارة فاعتبارها بالكفّارات أولى.

و لأنّ الحدود تتداخل في سببين.و لأنّ الحدّ مبنيّ على التخفيف،فلم يتكرّر بتكرّر سببه قبل استيفائه،و ليس كذا التكفير في مقابلة الإفساد.

مسألة:و لو كرّره في يوم واحد،قال الشيخ:ليس لأصحابنا فيه نصّ،

اشارة

و الذي يقتضيه مذهبنا أنّه لا تتكرّر الكفّارة (2).

و قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:تتكرّر الكفّارة (3).

و قال ابن الجنيد:إن كفّر عن الأوّل كفّر ثانيا،و إلاّ كفّر كفّارة واحدة عنهما (4).

و بقول الشيخ-رحمه اللّه-قال أبو حنيفة (5)،و مالك (6)،و الشافعيّ (7).

و بقول ابن الجنيد قال أحمد (8)،و الأقوى ما اختاره الشيخ.

لنا:أنّ الوطء الثاني لم يقع في صوم صحيح،فلا يوجب الكفّارة.و لأنّه

ص:172


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:74-75،تحفة الفقهاء 1:362،بدائع الصنائع 2:101.
2- 2) المبسوط 1:274، [1]الخلاف 1:387 مسألة-38.
3- 3) نقله عنه الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:387 مسألة-38،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:680. [2]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:680. [3]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:74،بدائع الصنائع 2:101،حلية العلماء 3:201،المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:65،تحفة الفقهاء 1:362.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:218،بداية المجتهد 1:306،المجموع 6:337،المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:65.
7- 7) حلية العلماء 3:201،المهذّب للشيرازيّ 1:184،المجموع 6:336،المغني 3:72،الشرح الكبير بهامش المغني 3:65،فتح العزيز بهامش المجموع 6:450،مغني المحتاج 1:444.
8- 8) المغني 3:73،الشرح الكبير بهامش المغني 3:65،الإنصاف 3:319، [4]الكافي لابن قدامة 1:482.

لم يحصل به هتك فلا يساوي ما يوجبه.و لأنّ أحد الأمرين (1)و هو القضاء لا يثبت،فلا يثبت الآخر.

احتجّ السيّد المرتضى:بأنّ الجماع سبب تامّ في وجوب الكفّارة فتتكرّر بتكرّره؛عملا بالمقتضي،و كما لو تكرّره (2)في يومين.

و بما روي عن الرضا عليه السّلام أنّ الكفّارة تتكرّر بتكرّر الوطء (3).و لأنّه وطء محرّم كحرمة رمضان،فأوجب الكفّارة،كالأوّل (4).

و الجواب عن الأوّل:بأنّ الجماع مطلقا ليس بمقتض للكفّارة،بل مع وصف الهتك،و إلاّ لوجب على المسافر،و بهذا ظهر الفرق بينه و بين وطء يومين.

و رواية الرضا عليه السّلام،لا يحضرني الآن حال رواتها،و الفرق بين حرمة الأكل أوّلا و ثانيا ظاهر و إن اشتركا في التحريم،إلاّ أنّ للأوّل مزيّة الهتك،بخلاف الثاني.

و قول الشيخ-رحمه اللّه-:ليس لأصحابنا فيه نصّ،يحتمل أنّه قاله قبل وقوفه على هذه الرواية المنقولة عن الرضا عليه السّلام،و قال عن قول ابن الجنيد:

إنّه قال قياسا،و ذلك لا يجوز عندنا (5).

فروع:
الأوّل:لا يتكرّر القضاء بتكرّر السبب في يوم واحد إجماعا

.

الثاني:لو أكل مرارا أو شرب كذلك فكفّارة واحدة؛

لأنّ الإمساك و إن وجب،

ص:173


1- 1كثير من النسخ:أحد الأثرين.
2- 2) غ،م،ف و ك:لو كرّره.
3- 3) عيون أخبار الرضا(عليه السّلام)1:254 الحديث 3،الخصال:450 الحديث 54،الوسائل 7:36 الباب 11 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
4- 4) لم نعثر على هذا الاحتجاج.
5- 5) المبسوط 1:274. [2]

إلاّ أنّه ليس بصوم صحيح،و الكفّارة تختصّ (1)بما يحصل به الفطر و يفسد به الصوم الصحيح.

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالكفّارة حين أخبره بالفطر (2)،فاختصّ الحكم به،كما لو نطق به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛لأنّ الجواب يتضمّن إعادة السؤال.

الثالث:لو اختلف السبب،كمن جامع و أكل في يوم واحد،هل تتكرّر الكفّارة

أم لا؟

فيه تردّد ينشأ من تعليق الكفّارة بالجماع و الأكل مثلا مطلقا و قد وجدا، فتكرّرت الكفّارة،و الفرق بينه و بين إيجاد السبب أنّ التعليق على الماهيّة المتناولة للواحد و الكثير،و من كون السبب الهتك و إفساد الصوم الصحيح،و هو منتف في الثاني.

مسألة:من أفطر مستحلاّ و قد ولد على الفطرة فهو مرتدّ.

و إن لم يعرف قواعد الإسلام،عرّف،ثمّ يعامل بعد ذلك بما يعامل به المولود على الفطرة.

و إن اعتقد التحريم،عزّر،فإن عاد عزّر،فإن عاد قتل في الثالثة.و قيل:بل في الرابعة (3).

و الأوّل:رواية سماعة،قال:سألته عن رجل أخذ في شهر رمضان (4)ثلاث مرّات،و قد يرفع إلى الإمام ثلاث مرّات،قال:«فليقتل في الثالثة» (5).

ص:174


1- 1كثير من النسخ:مختصّ.
2- 2) صحيح مسلم 2:782 الحديث 1111،سنن أبي داود 2:313 الحديث 2392،سنن الدارقطنيّ 2: 192 الحديث 53،سنن البيهقيّ 4:225.
3- 3) قال الشيخ في النهاية:فإن تعمّد الإفطار ثلاث مرّات،قتله الإمام في الثالثة أو الرابعة.النهاية 155. [1]
4- 4) هامش ح بزيادة:و قد أفطر،كما في المصادر.
5- 5) الكافي 4:103 الحديث 6، [2]الفقيه 2:73 الحديث 315،التهذيب 4:207 الحديث 598،الوسائل 7: 179 الباب 2 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 2. [3]

و في الصحيح عن بريد العجليّ قال:سئل أبو جعفر عليه السّلام عن رجل شهد عليه شهود أنّه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيّام،قال:«يسأل هل عليك في إفطارك إثم؟فإن قال:لا،فإنّ على الإمام أن يقتله،و إن قال:نعم،فإنّ على الإمام أن ينهكه ضربا» (1).

و الثاني:أحوط؛لأنّ التهجّم على الدم خطر،و سيأتي تحقيق ذلك كلّه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و يعزّر من أكره امرأته على الجماع بخمسين سوطا،

اشارة

ذهب إليه علماؤنا،و عليه كفّارتان،و لا كفّارة عليها و لا قضاء.

و لو طاوعته،عزّر كلّ واحد منهما بخمسة و عشرين سوطا،و كان على كلّ واحد منهما كفّارة واحدة؛لأنّه مع الإكراه سبب تامّ في صدور الذنبين،فتحمّل ما تجب عليها لو طاوعته.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن المفضّل بن عمر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أتى امرأته و هو صائم و هي صائمة،فقال:«إن كان استكرهها،فعليه كفّارتان،و إن كانت طاوعته،فعليه كفّارة و عليها كفّارة،و إن كان أكرهها،فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحدّ،و إن كانت طاوعته،ضرب خمسة و عشرين سوطا،و ضربت خمسة و عشرين سوطا» (2).

و هذه الرواية و إن كانت ضعيفة السند،إلاّ أنّ أصحابنا ادّعوا الإجماع على مضمونها مع ظهور العمل بها و نسبة الفتوى إلى الأئمّة عليهم السّلام،و إذا عرف ذلك لم يعتدّ بالناقلين؛إذ يعلم أقوال أرباب المذاهب بنقل أتباعهم و إن أسندت (3)في

ص:175


1- 1الكافي 4:103 الحديث 5، [1]الفقيه 2:73 الحديث 314،التهذيب 4:215 الحديث 624،الوسائل 7: 178 الباب 2 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 1. [2]
2- 2) التهذيب 4:215 الحديث 625،الوسائل 7:37 الباب 12 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [3]
3- 3) أكثر النسخ:استندت.

الأصل إلى الضعفاء.

فروع:
الأوّل:قال الشيخ:لو وطأها نائمة أو مكرهة،لم تفطر،

و عليه كفّارتان (1).

و نحن نمنع ذلك في النائمة،لعدم الدليل عليه،مع أنّ الأصل براءة الذمّة، و القياس على المكرهة باطل (2).لا نقول به.

و لأنّ الفرق موجود؛إذ في الإكراه من التهجّم على إيقاع الذنب ما ليس بموجود في النائمة.و لأنّه ثبت على خلاف الأصل؛إذ صومها صحيح و الكفّارة تتبع البطلان،لكنّا صرنا إليه في المكرهة للإجماع،و هو مفقود في النائمة،فيبقى على الأصل.

الثاني:قال-رحمه اللّه-:لو أكرهها لا جبرا،بل ضربها حتّى مكّنته من

نفسها،أفطرت،

و لزمها القضاء؛لأنّها دفعت عن نفسها الضرر (3)بالتمكين، كالمريض و لا كفّارة عليها؛لقولهم عليهم السّلام:لا كفّارة على المكرهة (4).

و نحن نقول:إن كانت مكرهة فلا قضاء عليها أيضا؛لقوله عليه السّلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه» (5).

و إن لم تكن مكرهة؛فلا وجه لسقوط الكفّارة.و الحقّ أنّها مكرهة،و لا فرق

ص:176


1- 1الخلاف 1:384 مسألة-27.
2- 2) بعض النسخ بزيادة:لأنّا.
3- 3) ش،خا و ق:الضرب.
4- 4) الكافي 4:103 الحديث 9، [1]الفقيه 2:73 الحديث 313،التهذيب 4:215 الحديث 625.
5- 5) سنن ابن ماجة 1:659 الحديث 2043،سنن الدارقطنيّ 4:170 الحديث 33،سنن البيهقيّ 7:356، كنز العمّال 12:156 الحديث 34460،في الجميع بتفاوت يسير في الألفاظ.و من طريق الخاصّة ينظر: الفقيه 1:36 الحديث 132،الوسائل 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2. [2]

بين الإجبار و بين الضرب حتّى تمكّن من نفسها،و القياس على المريض باطل لا نقول به.و لأنّ المريض سقط (1)عنه فرض الصيام إلى القضاء؛لدليل،و ليس كذلك صورة النزاع.

الثالث:لو زنى بها فعليه كفّارة.

و على رواية أخرى:«ثلاث كفّارات» (2).

و هل يتحمّل عنها الكفّارة لو أكرهها؟قال بعض علمائنا:نعم؛لأنّ الزنا أغلظ حكما من الوطء المحلّل،فالذنب فيه أفحش،فإذا تحمّل في أضعف الذنبين فتحمّله في أعلاهما أولى (3).

و نحن نقول:إنّه ليس بمنصوص عليه و لا في معناه؛إذ لا نسلّم أنّ الكفّارة لتكفير الذنب.سلّمنا لكنّها لا يلزم من كونها مسقطة لأقلّ الذنبين،إسقاطها لأعلاهما،فإذا الأولى (4)الاقتصار على موضع التنصيص و عدم التحمّل هنا.

ص:177


1- 1بعض النسخ:يسقط.
2- 2) الفقيه 3:238 الحديث 1128،التهذيب 4:209 الحديث 605،الاستبصار 2:97 الحديث 316، الوسائل 7:35 الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [1]
3- 3) المبسوط 1:275.
4- 4) بعض النسخ:فإنّ الأولى،و في بعضها:فلأنّ الأولى.

البحث الرابع

اشارة

فيما يستحبّ للصائم اجتنابه

مسألة:تكره مباشرة النساء تقبيلا و لمسا و ملاعبة؛

اشارة

لما لا يؤمن معه من شدّة الميل المنتهي إلى الإنزال فيعرّض نفسه لإفساد الصوم،و قد أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على كراهة التقبيل لذي الشهوة؛لما ذكرناه.

و لما رواه الجمهور عن عمر بن الخطّاب قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المنام،فأعرض عنّي،فقلت له:ما لي؟فقال:«إنّك تقبّل و أنت صائم» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم و زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه سئل،هل يباشر الصائم أو يقبّل في شهر رمضان؟فقال:«إنّي أخاف عليه فليتنزّه عن ذلك،إلاّ أن يثق أن لا يسبقه منيّه» (2).

و عن الأصبغ بن نباتة،قال:جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام،فقال:يا أمير المؤمنين أقبّل و أنا صائم؟فقال له:«عفّ صومك،فإنّ بدء القتال اللطام» (3).

ص:178


1- 1سنن البيهقيّ 4:232،مجمع الزوائد 3:165،و أوردها ابنا قدامة في المغني 3:48،و الشرح الكبير بهامش المغني 3:78.
2- 2) التهذيب 4:271 الحديث 821،الاستبصار 2:82 الحديث 251،الوسائل 7:70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 13. [1]
3- 3) التهذيب 4:272 الحديث 822،الاستبصار 2:82 الحديث 252،الوسائل 7:70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 15. [2]

و لأنّ العبادة إذا منعت الوطء منعت القبلة،كالإحرام.

إذا ثبت هذا،فنقول:القبلة لا تنقض الصوم بمجرّدها بالإجماع.

و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«لا تنقض القبلة الصوم» (1).

و عن سماعة بن مهران،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القبلة في شهر رمضان للصائم أ تفطره؟فقال:«لا» (2).

و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقبّل و هو صائم (3).

إذا ثبت هذا،فإنّ القبلة مكروهة في حقّ ذي الشهوة إذا لم يغلب على ظنّه الإنزال إجماعا،و لو غلب على ظنّه الإنزال فهل هى محرّمة أم لا؟الأكثر على أنّها مكروهة (4).

و قال بعض الشافعيّة:إنّها محرّمة حينئذ؛لأنّ إنزال الماء مفسد للصوم، فلا يجوز أن يعرّض الصوم للإفساد في الغالب من حاله (5).

لنا:أنّ عمر بن الخطّاب قال:هششت فقبّلت و أنا صائم،فقلت:يا رسول اللّه، صنعت اليوم أمرا عظيما قبّلت و أنا صائم،قال:«أ رأيت لو تمضمضت من إناء

ص:179


1- 1التهذيب 4:271 الحديث 819،الاستبصار 2:82 الحديث 250،الوسائل 7:68 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:271 الحديث 820،الوسائل 7:70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 14. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 3:39،صحيح مسلم 2:777-779 الحديث 1106،سنن أبي داود 2:311 الحديث 2382-2385،سنن ابن ماجة 1:538 الحديث 1684،الموطّأ 1:292 الحديث 14،سنن الدارميّ 2: 12،سنن الدارقطنيّ 2:181 الحديث 3،سنن البيهقيّ 4:233.
4- 4) منهم:الشيخ الطوسيّ في النهاية:156،و الخلاف 1:390 مسألة-48،و ابن إدريس في السرائر:88، و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:663.
5- 5) حلية العلماء 3:196،المهذّب للشيرازيّ 1:186،المجموع 6:355،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 397،مغني المحتاج 1:431،السراج الوهّاج:141.

و أنت صائم»قلت:لا بأس،قال:«فمه» (1).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على الكراهية (2).

و لأنّ إفضاءه إلى الإفساد مشكوك فيه،فلا يثبت التحريم بالشكّ.

أمّا الشيخ الكبير المالك إربه و من لا تحرّك القبلة شهوته هل هي مكروهة (3)أم لا؟الأقرب عندي أنّها ليست مكروهة في حقّه.و به قال أبو حنيفة (4)، و الشافعيّ (5).

و الظاهر من كلام الشيخ في التهذيب الكراهة مطلقا (6)،و به قال مالك (7)،و عن أحمد روايتان (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقبّل و هو صائم،و كان أملككم لإربه (9).

و قبّل رجل امرأته،فأرسلت فسألت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فأخبرها النبيّ

ص:180


1- 1سنن أبي داود 2:311 الحديث 2385، [1]سنن الدارميّ 2:13، [2]المغني 3:47،الشرح الكبير بهامش المغني 3:79.
2- 2) يراجع:ص 178.
3- 3) هامش ح بزيادة:عليه.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:58،بدائع الصنائع 2:106،الهداية للمرغينانيّ 1:123،شرح فتح القدير 2: 257،عمدة القارئ 11:9،المغني 3:48،الشرح الكبير بهامش المغني 3:79.
5- 5) الأمّ 2:98،المهذّب للشيرازيّ 1:186،المجموع 6:355،المغني 3:48،الشرح الكبير بهامش المغني 3:79،حلية العلماء 3:196،السراج الوهّاج:141.
6- 6) التهذيب 4:271.
7- 7) الموطّأ 1:293،المدوّنة الكبرى 1:196،شرح الرزقانيّ على موطّأ مالك 2:166،عمدة القارئ 11: 9،بلغة السالك 1:244.
8- 8) المغني 3:48،الشرح الكبير بهامش المغني 3:79،الكافي لابن قدامة 1:486،الإنصاف 3:328.
9- 9) صحيح مسلم 2:776-778 الحديث 1106،سنن أبي داود 2:311 الحديث 2382-2384، [3]سنن الترمذيّ 3:106 الحديث 727، [4]الموطّأ 1:293،الحديث 18، [5]سنن البيهقيّ 4:233.

صلّى اللّه عليه و آله أنّه يقبّل و هو صائم،فقال الرجل:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليس مثلنا،قد غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر،فغضب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال:«إنّي أخشاكم للّه و أعلمكم بما أتّقي» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الصائم يقبّل؟قال:«نعم،و يعطيها لسانه تمصّه» (2).

و لرواية زرارة عن الباقر عليه السّلام أنّه سئل هل يباشر الصائم أو يقبّل في شهر رمضان؟فقال:«إنّي أخاف عليه،فليتنزّه عن ذلك،إلاّ أن يثق أن لا يسبقه (3)منيّه» (4).

و لأنّ المقتضي و هو أصالة عدم الكراهة موجود،و المعارض و هو خوف الإنزال مفقود،فيثبت الحكم و هو الجواز المطلق.و لأنّها مباشرة بغير شهوة، فأشبهت لمسّ اليد لحاجة.

احتجّ أحمد:بحديث عمر من إعراض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عنه بمجرّد القبلة مطلقا (5).و بأنّ العبادة إذا منعت الوطء منعت القبلة،كالإحرام (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّه استناد إلى منام،فلا تعويل عليه.سلّمنا لكنّه نهاه؛ لوجود الشهوة في حقّ عمر.و القياس على الإحرام ضعيف،فإنّ الإحرام يحرّم دواعي الجماع من الطيب و عقد النكاح،بخلاف الصوم.

ص:181


1- 1الموطّأ 1:291 الحديث 13، [1]صحيح مسلم 2:779 الحديث 1108،سنن البيهقيّ 4:234، المغني 3:48،الشرح الكبير بهامش المغني 3:78.
2- 2) التهذيب 4:319 الحديث 974،الوسائل 7:72 الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [2]
3- 3) بعض النسخ:«أن لا يستبقه».
4- 4) التهذيب 4:271 الحديث 821،الاستبصار 2:82 الحديث 251،الوسائل 7:70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 13. [3]
5- 5) سنن البيهقيّ 4:232،مجمع الزوائد 3:165.
6- 6) المغني 3:48،الشرح الكبير بهامش المغني 3:79.
فروع:
الأوّل:إذا قبّل،لم يفطر إجماعا،

على ما تقدّم (1)،فإن أنزل،أفطر و وجب عليه القضاء و الكفّارة عندنا،و عند أحمد (2)،و مالك (3).

و قال الشافعيّ:لا تجب الكفّارة.و قد سلف البحث فيه (4).

الثاني:روى الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن جعفر،

عن أخيه موسى عليه السّلام،قال:سألته عن الرجل الصائم أ له أن يمصّ لسان المرأة أو تفعل المرأة ذلك؟قال:«لا بأس» (5).و هذه الرواية مناسبة للمذهب،و ينبغي أن يخلو لسان أحدهما من الرطوبة،فإن كانت فيه فليتحفّظ من ابتلاعها.

الثالث:روى الشيخ عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن

الرجل يضع يده على جسد امرأته و هو صائم،

فقال:«لا بأس،و إن أمذى فلا يفطر»قال:و قال:«و لا تباشروهنّ-يعني الغشيان (6)-في شهر رمضان بالنهار» (7).و هذه الرواية تدلّ على أنّ المذي لا ينقض الصيام،و قد بيّنّاه فيما، سلف (8)،خلافا لأحمد (9).

ص:182


1- 1يراجع:ص 178،179.
2- 2) المغني 3:51،الشرح الكبير بهامش المغني 3:63،الكافي لابن قدامة 1:476،الإنصاف 3:301. [1]
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:195،إرشاد السالك:50،بلغة السالك 1:244،نيل الأوطار 4:290،شرح الرزقانيّ على موطّأ مالك 2:164.
4- 4) يراجع:ص 113،114.
5- 5) التهذيب 4:320 الحديث 978،الوسائل 7:72 الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
6- 6) جميع النسخ إلاّ هامش ح:يعني النساء،مكان:يعني الغشيان.
7- 7) التهذيب 4:272 الحديث 823،الاستبصار 2:82 الحديث 253،الوسائل 7:71 [3] الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 16،و ص 92 الباب 55 الحديث 1.
8- 8) يراجع:ص 116.
9- 9) المغني 3:47،الشرح الكبير بهامش المغني 3:43.

و روى الشيخ أيضا عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل كلّم امرأته في شهر رمضان و هو صائم،فقال:«ليس عليه شيء،و إن أمذى فليس عليه شيء،و المباشرة ليس بها بأس،و لا قضاء يومه،و لا ينبغي له أن يتعرّض لرمضان» (1).

و لا يعارض ذلك ما رواه رفاعة بن موسى،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل لامس جارية في شهر رمضان فأمذى،قال:«إن كان حراما فليستغفر اللّه استغفار من لا يعود أبدا،و يصوم يوما مكان يوم،و إن كان من حلال فليستغفر اللّه و لا يعود،و يصوم يوما مكان يوم» (2).

قال الشيخ:هذا حديث شاذّ نادر مخالف لفتيا مشايخنا كلّهم،و لعلّ الراوي و هم في قوله في آخر الخبر:«و يصوم يوما مكان يوم»لأنّ متضمّن الخبر يدلّ عليه؛لأنّه شرع في الفرق بين المذي من مباشرة حرام و بينه من حلال،و على الفتيا التي رواها لا فرق بينهما،فعلم أنّه و هم من الراوي (3).

الرابع:لو كلّم امرأته فأمنى،لم يكن عليه شيء؛عملا بالأصل،

و بما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل كلّم امرأته في شهر رمضان و هو صائم فأمنى،فقال:«لا بأس» (4).

مسألة:و يكره الاكتحال بما فيه مسك أو طعم يصل إلى الحلق،

و ليس بمفطر

ص:183


1- 1التهذيب 4:272 الحديث 824،الاستبصار 2:83 الحديث 254،الوسائل 7:92 الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:272 الحديث 825،الاستبصار 2:83 الحديث 255،الوسائل 7:92 الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 4:273،الاستبصار 2:83.
4- 4) التهذيب 4:273 الحديث 827،الوسائل 7:92 الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [3]

و لا محظور،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2).

و قال أحمد:يفطر إن وجد طعمه في حلقه،و إلاّ فلا (3)،و بنحوه قال أصحاب مالك (4).

و عن ابن أبي ليلى و ابن شبرمة:أنّ الكحل يفطر الصائم (5).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي رافع مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:

نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خيبر و نزلت معه،فدعا بكحل إثمد (6)،و اكتحل به في رمضان و هو صائم (7).

و عن أنس:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كره السعوط للصائم،و لم يكره الكحل (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام في الصائم يكتحل،قال:«لا بأس به،ليس بطعام و لا شراب» (9).

ص:184


1- 1الأمّ 2:101،حلية العلماء 3:206،المجموع 6:348،فتح العزيز بهامش المجموع 6:365،السراج الوهّاج:140،مغني المحتاج 1:428.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:366،الهداية للمرغينانيّ 1:123 و 126،المغني و الشرح 3:40،بدائع الصنائع 2:93.
3- 3) المغني و الشرح 3:40،الكافي لابن قدامة 1:486،الإنصاف 3:299،حلية العلماء 3:206.
4- 4) المغني و الشرح 3:40،المجموع 6:348،فتح العزيز بهامش المجموع 6:367،المدوّنة الكبرى 1: 197،إرشاد السالك:49،بلغة السالك 1:245.
5- 5) حلية العلماء 3:206،المغني و الشرح 3:40،المجموع 6:348.
6- 6) الإثمد:حجر يتّخذ منه الكحل،لسان العرب 3:105. [1]
7- 7) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2378، [2]سنن ابن ماجة 1:536 الحديث 1678،سنن البيهقيّ 4:262، مجمع الزوائد 3:167،المعجم الكبير للطبرانيّ 1:317 الحديث 939.
8- 8) سنن أبي داود 2:310 الحديث 2378، [3]سنن الترمذيّ 3:105 الحديث 726. [4]
9- 9) التهذيب 4:258 الحديث 765،الاستبصار 2:89 الحديث 278،الوسائل 7:51 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [5]

و عن ابن أبي يعفور،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكحل للصائم، فقال:«لا بأس به،إنّه ليس بطعام يؤكل» (1).

و عن عبد الحميد بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس بالكحل للصائم» (2).

و لأنّ العين ليست منفذا،فلم يفطر بالداخل فيها،كما لو دهن رأسه.

احتجّ أحمد:بأنّه أوصل إلى حلقه ما هو ممنوع من تناوله بفيه،فأفطر به، كما لو أوصله من أنفه (3).

و الجواب:أنّه قياس في معارضة النصّ،فلا يكون مسموعا.و لأنّ الإيصال إلى الحلق لا يستلزم الإفطار ما لم يبتلعه.و لأنّ الوصول من المسامّ لا يفطر، و لهذا (4)لو دلك رجله بالحنظل،وجد طعمه و لا يفطره.

و أمّا الاكتحال بما فيه مسك أو ما يصل إلى الحلق كالصّبر (5)،فإنّه مكروه؛لما رواه الشيخ عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن عليّ،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الصائم إذا اشتكى عينه يكتحل بالذرور و ما أشبهه،أم لا يسوغ له ذلك؟فقال:«لا يكتحل» (6).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرجل.

ص:185


1- 1التهذيب 4:258 الحديث 766،الاستبصار 2:89 الحديث 279،الوسائل 7:52 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 4:259 الحديث 767،الاستبصار 2:89 الحديث 280،الوسائل 7:53 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 7. [2]
3- 3) المغني و الشرح 3:40.
4- 4) بعض النسخ:و كذا.
5- 5) الصّبر:الدواء المرّ.المصباح المنير:331. [3]
6- 6) التهذيب 4:259 الحديث 768،الاستبصار 2:89 الحديث 281،الوسائل 7:53 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 8. [4]

يكتحل و هو صائم،فقال:«لا،إنّي أتخوّف أن يدخل رأسه» (1).و المراد بهذين الحديثين ما يوجد فيه المسك أو ما شابهه ممّا له رائحة جاذبة فدخل الحلق؛لما رواه الشيخ عن سماعة،قال:سألته عن الكحل للصائم،فقال:«إذا كان كحلا ليس فيه مسك و ليس له طعم في الحلق فليس به بأس» (2).

و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام أنّه سئل عن المرأة تكتحل و هي صائمة،فقال:«إذا لم يكن كحلا تجد له طعما في حلقها فلا بأس» (3).و النهي في هذه الأخبار للكراهية لا التحريم؛عملا بالأصل،و بما قدّمناه،و بما رواه الشيخ عن الحسين بن أبي غندر (4)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أكتحل بكحل فيه مسك و أنا صائم؟فقال:«لا بأس به» (5).

مسألة:و يكره إخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة،

و لا يفطر بالحجامة، و ليست محظورة.ذهب إليه علماؤنا أجمع.

أمّا إخراج الدم المضعف،فإنّه لا يؤمن معه الضرر أو الإفطار،فيكون مكروها،

ص:186


1- 1التهذيب 4:259 الحديث 769،الاستبصار 2:89 الحديث 282،الوسائل 7:53 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 9. [1]
2- 2) التهذيب 4:259 الحديث 770،الاستبصار 2:90 الحديث 283،الوسائل 7:52 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 4:259 الحديث 771،الاستبصار 2:90 الحديث 284،الوسائل 7:52 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [3]
4- 4) الحسين بن أبي غندر-بالغين المعجمة المضمومة و النون الساكنة و الدال و الراء المهملة المفتوحة أو المضمومة-قال النجاشيّ:كوفيّ يروي عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.و قال الشيخ في الفهرست: له أصل.قال المامقانيّ:و يستفاد من العبارتين-لخلوّهما عن غمز في مذهبه-كونه إماميّا،و لم أقف على مدح فيه يلحقه بالحسان،إلاّ أن يحتجّ له برواية صفوان عنه،فإنّها تشير إلى وثاقته. رجال النجاشيّ:55،الفهرست:59، [4]تنقيح المقال 1:318. [5]
5- 5) التهذيب 4:260 الحديث 772،الاستبصار 2:90 الحديث 285،الوسائل 7:53 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [6]

و إن لم يضعف،لم يكن به بأس؛لانتفاء سبب الكراهية،و أمّا عدم الإفطار بالحجامة فهو قول علمائنا.و به قال في الصحابة الحسين بن عليّ عليهما السلام، و عبد اللّه بن عبّاس،و ابن مسعود،و أنس،و أبو سعيد الخدريّ،و زيد بن أرقم، و أمّ سلمة،و في التابعين:سعيد بن المسيّب،و جعفر بن محمّد الباقر عليهما السلام، و سعيد بن جبير،و طاوس،و القاسم بن محمّد،و سالم،و عروة،و الشعبيّ، و النخعيّ،و أبو العالية (1)،و به قال الشافعيّ (2)،و أبو حنيفة (3)،و مالك (4)، و الثوريّ،و أبو ثور،و داود (5).

و قال أحمد (6)،و إسحاق:يفطر الحاجم و المحجوم (7)-و عن أحمد في الكفّارة روايتان (8)-و اختاره ابن المنذر،و محمّد بن إسحاق بن خزيمة (9).و كان

ص:187


1- 1المغني 3:37، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 3:44، [2]المجموع 6:349، [3]صحيح البخاريّ 3:42،سنن البيهقيّ 4:264،عمدة القارئ 11:37.
2- 2) الأمّ 2:109،حلية العلماء 3:207،المهذّب للشيرازيّ 1:186،المجموع 6:349، [4]فتح العزيز بهامش المجموع 6:372، [5]الميزان الكبرى 2:24،السراج الوهّاج:141،المغني 3:37،الشرح الكبير بهامش المغني 3:44،مغني المحتاج 1:436.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:57،تحفة الفقهاء 1:368،بدائع الصنائع 2:107،الهداية للمرغينانيّ 1: 122، [6]مجمع الأنهر 1:245.
4- 4) الموطّأ 1:298، [7]المدوّنة الكبرى 1:198،إرشاد السالك:50،المغني 3:37،الشرح الكبير بهامش المغني 3:44،المجموع 6:349، [8]عمدة القارئ 11:39،بداية المجتهد 1:291.
5- 5) المجموع 6:349، [9]حلية العلماء 3:207،المحلّى 6:203، [10]بداية المجتهد 1:291.
6- 6) المغني 3:37، [11]الشرح الكبير بهامش المغني 3:44، [12]الكافي لابن قدامة 1:476، [13]الإنصاف 3:302. [14]
7- 7) المغني 3:37،الشرح الكبير بهامش المغني 3:44.
8- 8) المغني 3:51،52،الشرح الكبير بهامش المغني 3:69،الإنصاف 3:303. [15]
9- 9) محمّد بن إسحاق بن خزيمة أبو بكر السلميّ النيسابوريّ،أخذ عن المزنيّ و الربيع،رحل إلى العراق و الشام و الجزيرة و مصر،تزيد مصنّفاته على 140 كتابا،مولده و وفاته بنيسابور،ولد في سنة 223 ه و توفّي في سنة 311 ه.تذكرة الحفّاظ 2:720،طبقات الشافعيّة لابن شهبة 1:99،شذرات الذهب 2: 262، [16]الأعلام للزركليّ 6:29. [17]

مسروق،و الحسن،و ابن سيرين لا يرون للصائم أن يحتجم (1).

لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله احتجم و هو صائم محرم (2).روى البخاريّ هذا الحديث مفصّلا،و روى أيضا أنّه احتجم و هو محرم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن الحسين بن أبي العلاء قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحجامة للصائم،قال:«نعم،إذا لم يجد ضعفا» (4).

و عن سعيد الأعرج قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم يحتجم، فقال:«لا بأس،إلاّ أن يتخوّف على نفسه الضعف» (5).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن ميمون،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه قال:

«ثلاثة لا يفطرن الصائم:القيء،و الاحتلام،و الحجامة،و قد احتجم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو صائم،و كان لا يرى بأسا بالكحل للصائم» (6).

و لأنّه دم خارج من ظاهر البدن،فأشبه الفصد.

احتجّ أحمد:بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أفطر الحاجم

ص:188


1- 1المغني 3:37،الشرح الكبير بهامش المغني 3:44،المجموع 6:349.
2- 2) صحيح البخاريّ 3:43.
3- 3) صحيح البخاريّ 3:42.
4- 4) التهذيب 4:260 الحديث 773،الاستبصار 2:90 الحديث 286،الوسائل 7:54 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]في الجميع:«إذا لم يخف ضعفا».
5- 5) التهذيب 4:260 الحديث 774،الاستبصار 2:90 الحديث 287،الوسائل 7:56 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 10. [2]
6- 6) التهذيب 4:260 الحديث 775،الاستبصار 2:90 الحديث 288،الوسائل 7:56 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 11. [3]

و المحجوم» (1)رواه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أحد عشر نفسا (2).

و الجواب:يحتمل أنّه عليه السّلام أراد أنّهما قربا من الإفطار للضعف.و أيضا فهو منسوخ بخبرنا المنقول عنه عليه السّلام.و أيضا فيحتمل أنّه عليه السّلام أراد تفريقهما؛لأنّهما كانا يغتابان،على جهة المجاز،و لا استبعاد في ذلك.

أمّا إذا خاف الضعف فإنّها مكروهة له حينئذ؛لما لا يؤمن معه من الإفطار،أو الأذى.

و يؤيّده:روايتا الحسين بن أبي العلاء و سعيد الأعرج،و قد تقدّمتا.

و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس بأن يحتجم الصائم إلاّ في رمضان فإنّي أكره أن يغرّر بنفسه،إلاّ أن يخاف على نفسه،و إنّا إذا أردنا الحجامة في رمضان احتجمنا ليلا» (3).

و في الصحيح عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الصائم أ يحتجم؟فقال:«إنّي أتخوّف عليه،أ ما يتخوّف على نفسه؟»قلت:ما ذا يتخوّف عليه؟قال:«الغشيان أو تثور به مرّة»قلت:أ رأيت إن قوي على ذلك و لم يخش شيئا؟قال:«نعم إن شاء» (4).

مسألة:و لا بأس بدخول الحمّام للصائم،

فإن خاف الضعف أو العطش،كره له

ص:189


1- 1صحيح البخاريّ 3:42،سنن أبي داود 2:308 الحديث 2367-2371، [1]سنن الترمذيّ 3:144 الحديث 774، [2]سنن ابن ماجة 1:537 الحديث 1679،سنن الدارميّ 2:14، [3]سنن الدارقطنيّ 2: 182-183 الحديث 12 و ما بعده،سنن البيهقيّ 4:264.
2- 2) المغني 3:38،الشرح الكبير بهامش المغني 3:45،الكافي لابن قدامة 1:476.
3- 3) التهذيب 4:260 الحديث 776،الاستبصار 2:91 الحديث 289،الوسائل 7:56 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 12. [4]
4- 4) التهذيب 4:261 الحديث 777،الاستبصار 2:91 الحديث 290،الوسائل 7:54 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [5]

ذلك؛لما لا يؤمن معه من الضرر أو الإفطار.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يدخل الحمّام و هو صائم،فقال:«ليس به بأس» (1).

و يدلّ على الاشتراط ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه سئل عن الرجل يدخل الحمّام و هو صائم،فقال:

«لا بأس ما لم يخش ضعفا» (2).

مسألة:و شمّ الرياحين مكروه،

و يتأكّد في النرجس-و هو قول علمائنا أجمع-لأنّ للأنف اتّصالا بجوف الدماغ و يكره الإيصال إليه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن الحسن الصيقل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم يلبس الثوب المبلول؟فقال:«لا،و لا يشمّ الريحان» (3).

و عن الحسن بن راشد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الصائم يشمّ الريحان؟قال:«لا؛لأنّه لذّة و يكره[له] (4)أن يتلذّذ» (5).

و النهي في هذه المواضع للتنزيه و الكراهية،لا التحريم؛لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الصائم يشمّ الريحان و الطيب؟قال:«لا بأس» (6).

و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام

ص:190


1- 1التهذيب 4:261 الحديث 778،الوسائل 7:57 الباب 27 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:261 الحديث 779،الوسائل 7:57 الباب 27 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 4:267 الحديث 806،الاستبصار 2:93 الحديث 300،الوسائل 7:66 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 13. [3]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التهذيب 4:267 الحديث 807،الاستبصار 2:93 الحديث 301،الوسائل 7:65 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 7. [4]
6- 6) التهذيب 4:266 الحديث 800،الاستبصار 2:92 الحديث 296،الوسائل 7:64 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [5]

عن الصائم ترى للرجل أن يشمّ الريحان أم لا ترى له ذلك؟فقال:«لا بأس به» (1).

و عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الصائم يدهّن بالطيب و يشمّ الريحان» (2).

و عن الحسن بن راشد قال:كان أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا صام تطيّب بالطيب و يقول:«الطيب تحفة الصائم» (3).

و عن سعد بن سعد،قال:كتب رجل إلى أبي الحسن عليه السّلام:هل يشمّ الصائم الريحان يتلذّذ به؟فقال عليه السّلام:«لا بأس به» (4).

و أمّا تأكيد الكراهية في النرجس،فيدلّ عليه ما رواه الشيخ عن محمّد بن العيص (5)(6)قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام ينهى عن النرجس،فقلت:

ص:191


1- 1التهذيب 4:266 الحديث 802،الاستبصار 2:93 الحديث 297،الوسائل 7:65 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 8. [1]في الجميع له،مكان:للرجل.
2- 2) التهذيب 4:265 الحديث 798،الوسائل 7:66 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 9. [2]
3- 3) التهذيب 4:265 الحديث 799،الوسائل 7:64 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 4:266 الحديث 803،الاستبصار 2:93 الحديث 298،الوسائل 7:66 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 10. [4]
5- 5) خاوق:الفيض،كما في التهذيب.
6- 6) بعض النسخ:محمّد بن العيص،كما في الاستبصار و نسخة من الوسائل.و في بعضها:محمّد بن الفيض، كما في الكافي و الفقيه و التهذيب و نسخة من الوسائل.و نقل السيّد الخوئيّ عن النسخة المطبوعة من رجال الشيخ:محمّد بن العيص،ثمّ قال:كذا في النسخة المطبوعة،و بقيّة النسخ:محمّد بن الفيض،و هو الصحيح كما يأتي،و قال-عند ترجمة محمّد بن الفيض-كذا في الطبعة القديمة و النسخة المخطوطة من التهذيب و نسخة من الوسائل،و الظاهر صحّته الموافق للكافي و الفقيه. و محمّد بن الفيض رجلان:أحدهما:محمّد بن الفيض بن المختار الكوفيّ الجعفيّ الذي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام. ثانيهما:محمّد بن الفيض التيميّ تيم الرباب،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام، و هذا هو المراد؛لرواية داود بن إسحاق الحذّاء عنه. الكافي 4:112 الحديث 2، [5]الفقيه 2:71 الحديث 301، [6]رجال الطوسيّ 298 و ص 322،معجم رجال الحديث 17:138،167 و 169. [7]

جعلت فداك لم ذاك؟قال:«لأنّه ريحان الأعاجم» (1).

و يلحق بذلك المسك أيضا؛لشدّة رائحته.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن غياث،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«إنّ عليّا عليه السّلام كره المسك أن يتطيّب به الصائم» (2).

مسألة:و يكره الاحتقان بالجامد و ليس محظورا و لا مفطرا .

(3)

أمّا المائع فقد اختلف علماؤنا فيه،فقال بعضهم:إنّه مفطر يوجب القضاء خاصّة (4).و قال آخرون:إنّه محرّم و ليس بمفطر (5)،و هو المختار،و قد سلف البحث في ذلك (6).

و قال الشافعيّ (7)،و أبو حنيفة (8)،و أحمد:الحقنة مطلقا مفطرة (9)،و لم يفرّقوا بين الجامد و المائع؛لأنّه جوف،فإذا وصل إليه باختياره و هو ذاكر للصوم مع إمكان الاحتراز عنه وجب أن يفطره،و نحن نمنع من الإفطار بما يصل إلى كلّ

ص:192


1- 1التهذيب 4:266 الحديث 804،الاستبصار 2:94 الحديث 302،الوسائل 7:65 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 4:266 الحديث 801،الوسائل 7:65 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. [2]
3- 3) ش:و ليس محظورا و يفطر،ح:و ليس بمحظور و لا يفطر.
4- 4) منهم:الشيخ في المبسوط 1:272 و الاقتصاد:432 و الجمل و العقود:112،و ابن البرّاج في المهذّب 1:192،و أبو الصلاح في الكافي في الفقه:183.
5- 5) منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:90،و الشيخ في النهاية:156،و ابن إدريس في السرائر: 85،و المحقّق في المعتبر 2:659 و 679.
6- 6) يراجع:ص 81،82.
7- 7) حلية العلماء 3:194،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:320،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 363،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،الهداية للمرغينانيّ 1:125، [3]بدائع الصنائع 2:93، مجمع الأنهر 1:241.
9- 9) المغني 3:39،الشرح الكبير بهامش المغني 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474،الإنصاف 3:299،زاد المستقنع:28.

جوف و لا دليل عليه،و القياس عندنا باطل مع قيام الفرق؛إذ ما يصل إلى الجوف ممّا يحصل به الاغتذاء،ليس كما يصل إلى جوف الدماغ.

و يدلّ على كراهية الجامد ما رواه الشيخ عن عليّ بن الحسن،عن أبيه،قال:

«كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام:ما تقول في التلطّف (1)يستدخله الإنسان و هو صائم؟فكتب:لا بأس بالجامد» (2).

و لأنّه ليس بمحلّ الاغتذاء و لا موصل إليه،فلا يكون محظورا،كالاكتحال.

مسألة:و لو قطّر في إحليله شيئا أو أدخل فيه ميلا،لم يفطر بذلك،

سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل.و به قال الحسن بن صالح بن حيّ،و داود (3)،و أبو حنيفة (4)، و أحمد (5).

و قال الشافعيّ:يفطر (6).

لنا:أنّ الصوم حكم شرعيّ قد انعقد فلا يبطل إلاّ بدليل شرعيّ و لم يثبت.

و لأنّ الأصل الصحّة،فالبطلان طارئ مفتقر إلى سبب شرعيّ.و لأنّ الواصل إلى جوف الذكر كالواصل إلى جوف الأنف و الفم،فلا يكون مفطرا.

احتجّ الشافعيّ:بأنّه أوصل الدهن إلى جوف في جسده،فأفطر،كما لو داوى

ص:193


1- 1بعض النسخ:في اللطف.قال في مجمع البحرين 5:121: [1]التلطّف:إدخال الشيء في الفرج.
2- 2) التهذيب 4:204 الحديث 590،الاستبصار 2:83 الحديث 257،الوسائل 7:26 الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [2]
3- 3) المجموع 6:320.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،الهداية للمرغينانيّ 1:125،شرح فتح القدير 2: 267،المغني 3:46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:49،بدائع الصنائع 2:93،مجمع الأنهر 1:245.
5- 5) المغني 3:46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:49،الكافي لابن قدامة 1:475،الإنصاف 3:307. [3]
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:320،فتح العزيز بهامش المجموع 6:370،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،المغني 3:46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:49،حلية العلماء 3:194.

الجائفة.و لأنّ المنيّ يخرج من الذكر فيفطره،و ما أفطر بالخارج منه جاز أن يفطر بالداخل فيه،كالفم (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من الأصل،و بالفرق بين الجوف المشتمل على مواضع الاغتذاء و بين غيره.

و عن الثاني:بأنّ الجواز لا يستلزم الوقوع،و القياس على الفم باطل؛لأنّ الحكم ممنوع في الأصل؛إذ الدخول إلى الفم بمجرّده لا يوجب الإفطار،و قد سلف (2)في هذا كلام (3).

مسألة:و لو قطّر في أذنه دهنا أو غيره،لم يفطر .

(4)

و قال أبو الصلاح:يفطر (5).و به قال الشافعيّ (6)،و مالك (7)،و أبو حنيفة (8)، و أحمد إذا وصل إلى دماغه (9).

لنا:أنّ الصوم انعقد شرعا،فلا يبطل جزافا،و لا دليل على بطلانه مع أصالة الصحّة.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن حمّاد،قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:194


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:182،فتح العزيز بهامش المجموع 6:370،المغني 3:46،الشرح الكبير بهامش المغني 3:49.
2- 2) يراجع:ص 165.
3- 3) ح و خا:الكلام.
4- 4) كثير من النسخ:لم يفطره.
5- 5) الكافي في الفقه:183.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:182،المجموع 6:314،مغني المحتاج 1:428،السراج الوهّاج:139،حلية العلماء 3:194،فتح العزيز بهامش المجموع 6:367.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:198،إرشاد السالك:49،المغني 3:39،الشرح الكبير بهامش المغني 3:39.
8- 8) بدائع الصنائع 2:93،المبسوط للسرخسيّ 3:67،تحفة الفقهاء 1:355،الهداية للمرغينانيّ 1:125، شرح فتح القدير 2:266،مجمع الأنهر 1:241.
9- 9) المغني و الشرح 3:39،الكافي لابن قدامة 1:474، [1]زاد المستقنع:28.

عليه السّلام عن الصائم يصبّ في أذنه الدهن؟قال:«لا بأس به» (1).

و في الصحيح عن حمّاد بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الصائم يشتكي أذنه يصبّ فيها الدواء؟قال:«لا بأس به» (2).

احتجّوا:بأنّه أوصل إلى جوفه مع ذكره للصوم مختارا،فأفطر،كالأكل (3).

و الجواب:قد تقدّم مرارا من أنّه ليس كلّ واصل إلى كلّ جوف مفطرا (4).

مسألة:و يكره بلّ الثوب على الجسد؛

لأنّه يقتضي اكتناز (5)مسامّ البدن فيمنع خروج الأبخرة،و يوجب احتقان الحرارة باطن البدن،فيحتاج معه إلى التبريد.

و يؤيّده:رواية الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول؟فقال:«لا» (6).

و روى الشيخ عن الحسن بن راشد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

الحائض تقضي الصلاة؟قال:«لا»قلت:تقضي الصوم؟قال:«نعم»قلت:من أين جاء هذا؟قال:«إنّ أوّل من قاس إبليس»قلت:فالصائم يستنقع في الماء؟قال:

«نعم»قلت:فيبلّ ثوبا على جسده؟قال:«لا»قلت:من أين جاء هذا؟قال:«من ذاك (7)...» (8).و هذا النهي نهي تنزيه،لا تحريم؛عملا بالأصل المقتضي للإباحة.

ص:195


1- 1التهذيب 4:258 الحديث 763،الوسائل 7:50 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 4:258 الحديث 764،الوسائل 7:50 الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1. [2]
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:67،المهذّب للشيرازيّ 1:182،المغني و الشرح 3:39.
4- 4) يراجع ص:86.
5- 5) اكتنز الشيء اكتنازا:اجتمع و امتلأ.المصباح المنير:542.
6- 6) التهذيب 4:267 الحديث 806،الاستبصار 2:93 الحديث 300،الوسائل 7:66 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 13. [3]
7- 7) ح و ق:ذلك،كما في المصادر.
8- 8) التهذيب 4:267 الحديث 807،الاستبصار 2:93 الحديث 301،الوسائل 7:23 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 5. [4]

و بما رواه الشيخ-في الموثّق-عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الصائم يستنقع في الماء و يصبّ على رأسه،و يتبرّد بالثوب، و ينضح المروحة،و ينضح البوريا تحته،و لا يغمس رأسه في الماء» (1).

مسألة:و لا بأس للرجل أن يستنقع بالماء؛

عملا بالأصل و بما تقدّم من الحديثين.

أمّا المرأة فيكره لها الجلوس في الماء.

و قال أبو الصلاح منّا:يلزمها القضاء (2)،و ليس بمعتمد.

لنا:أنّ الصوم انعقد شرعا فلا يبطل إلاّ بدليل،و لم يثبت.

احتجّ أبو الصلاح:بأنّها تحمل الماء في قبلها (3).و بما رواه الشيخ عن حنّان بن سدير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الصائم يستنقع في الماء؟قال:«لا بأس و لكن لا يغمس رأسه،و المرأة لا تستنقع في الماء؛لأنّها تحمله بقبلها» (4).

و الجواب:لا نسلّم أنّها تحمل الماء،سلّمنا،لكنّنا نمنع الإفطار بذلك، و حنّان بن سدير واقفيّ،و نحملها على الكراهية-كما اختاره الشيخان (5)-جمعا بين الأدلّة.

ص:196


1- 1التهذيب 4:204 الحديث 591،الاستبصار 2:84 الحديث 260،الوسائل 7:22 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2. [1]في الجميع عن أبي جعفر عليه السّلام،و رواه محمّد بن مسلم بتفاوت عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،ينظر:التهذيب 4:262 الحديث 785،الاستبصار 2:91 الحديث 292.
2- 2) الكافي في الفقه:183.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:667. [2]
4- 4) التهذيب 4:263 الحديث 789،الوسائل 7:23 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 6. و [3]فيهما:«لا ينغمس»مكان:«لا يغمس».
5- 5) الشيخ المفيد في المقنعة:56،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:274،و النهاية:156.

مسألة:قد بيّنّا أيّ الأصناف تجب بفعلها الكفّارة ،

(1)(2)

فلو فعل صنفا تجب به الكفّارة،ثمّ سقط فرض الصوم في ذلك اليوم بسفر أو حيض أو جنون أو إغماء، قال الشيخ لا تسقط الكفّارة (3).و به قال مالك (4)،و ابن أبي ليلى (5)،و أحمد (6)، و إسحاق (7)،و أبو ثور،و داود (8).

و قال أبو حنيفة (9)،و الثوريّ:إنّها تسقط (10)،و للشافعيّ قولان (11).

و قال زفر:تسقط بالحيض و الجنون دون المرض و السفر (12).و قال بعض أصحاب مالك:تسقط بالسفر دون المرض و الجنون (13).

لنا:أنّه وجد المقتضي و هو الهتك و الإفساد بالسبب الموجب للكفّارة،فيثبت الأثر،و المعارض-و هو العذر المسقط لفرض الصوم-لا يصلح للمانعيّة؛إذ لم يزل

ص:197


1- 1أكثر النسخ:أنّ،مكان:أيّ.
2- 2) يراجع:ص 102.
3- 3) الخلاف 1:400 مسألة-79،المبسوط 1:274.
4- 4) المدوّنة الكبرى 1:221،بداية المجتهد 1:307،بلغة السالك 1:253،المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:75،المجموع 6:340. [1]
6- 6) المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66،الكافي لابن قدامة 1:481،الإنصاف 3:320، [2]زاد المستقنع:29.
7- 7) المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66،المجموع 6:340.
8- 8) حلية العلماء 3:203،المجموع 6:340.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 3:75،بدائع الصنائع 2:100-101،الهداية للمرغينانيّ 1:128، [3]شرح فتح القدير 2:284-285،مجمع الأنهر 1:252،المغني 3:64،الشرح الكبير بهامش المغني 3:66.
10- 10) حلية العلماء 3:203،المجموع 6:340.
11- 11) حلية العلماء 3:203،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:340،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 451،مغني المحتاج 1:444،السراج الوهّاج:136.
12- 12) حلية العلماء 3:203،المبسوط للسرخسيّ 3:75،المجموع 6:340.
13- 13) بداية المجتهد 1:307،حلية العلماء 3:203.

الهتك و الإفساد المتقدّم.و لأنّه معنى طرأ بعد وجوب الكفّارة فلا يسقطها،كالسفر عند زفر.

احتجّ المخالف:أنّ هذا اليوم خرج بالمرض و الحيض من استحقاق الصوم فلا يجب بالوطء فيه كفّارة،كالمسافر،و كما لو قامت البيّنة بأنّه من شوّال (1).

و الجواب:لا نسلّم عدم استحقاقه قبل العذر؛و لهذا يجب الإمساك فيه قبل العذر إجماعا،و الفرق موجود بين صورة النزاع و بين المسافر و أوّل شوّال مع قيام البيّنة؛لأنّ الصوم في السفر غير مستحقّ،و كونه من شوّال غير طارئ (2).

أمّا زفر فإنّه قال:الحيض يخرج الإمساك الأوّل من أن يكون صوما،و المرض لا يبطله (3).و هو فاسد؛لأنّ المرض و ان لم يفسده فإنّه يجوّز إفساده،و ما يجوّز إفساده لا تجب الكفّارة به،كالفاسد.

و قول أبي حنيفة لا يخلو من قوّة؛لأنّه في علم اللّه تعالى غير مكلّف بصوم ذلك اليوم.و الأقرب الأوّل.

ص:198


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:76،بدائع الصنائع 2:101.
2- 2) بعض النسخ:غير ظاهر.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 3:76.

البحث الخامس

اشارة

فيمن يصحّ منه الصوم

مسألة:يشترط في وجوب الصوم:البلوغ،

و هو قول العلماء كافّة.و عن أحمد رواية أنّه يجب عليه الصوم إذا أطاقه (1).

لنا:الإجماع-و مخالفة الشاذّ لا اعتداد به-و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«رفع القلم عن ثلاث:عن الصبيّ حتّى يبلغ،و عن المجنون حتّى يفيق،و عن النائم حتّى يستيقظ» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن معاوية بن وهب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام في كم يؤخذ الصبيّ بالصّيام؟فقال:«ما بينه و بين خمس عشرة سنة، و أربع عشرة سنة،و إن هو صام قبل ذلك فدعه» (3).

ص:199


1- 1المغني 3:94،الشرح الكبير بهامش المغني 3:14،الكافي لابن قدامة 1:462،الإنصاف 3:281، [1]زاد المستقنع:28.
2- 2) صحيح البخاريّ 8:204،205،سنن أبي داود 4:141 الحديث 4403، [2]سنن ابن ماجة 1:658 الحديث 2041،سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423، [3]سنن النسائيّ 6:156،سنن الدارميّ 2:171، [4]مسند أحمد 6:100،101، [5]سنن الدارقطنيّ 3:138 الحديث 173،سنن البيهقيّ 4:269،كنز العمّال 4:233 الحديث 10308-10310،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:74 الحديث 11141،مجمع الزوائد 6:251.
3- 3) التهذيب 4:326 الحديث 1012،الوسائل 7:167 الباب 29 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [6]

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«على الصبيّ إذا احتلم الصيام،و على الجارية إذا حاضت الصيام و الخمار،إلاّ أن تكون مملوكة،فإنّه ليس عليها خمار،إلاّ أن تحبّ أن تختمر،و عليها الصيام» (1).

و لأنّ العقل شرط في التكليف و هو عسر (2)المعرفة،فلا بدّ من أن يناط بوصف ظاهر يكون معرّفا (3)لحصوله و هو بلوغ السنّ التي قرّرها الشارع.و لأنّها عبادة بدنيّة فلا تجب على الصبيّ،كالحجّ.

احتجّ أحمد (4):بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيّام،وجب عليه صيام شهر رمضان» (5).

و لأنّها عبادة بدنيّة فأشبه الصلاة،و قد أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بأن يضرب على الصلاة من بلغ عشرا (6).

و الجواب:حديثه مرسل،و مع ذلك فهو محمول على الاستحباب،و سمّاه واجبا تأكيدا لاستحبابه،كقوله عليه السّلام:«غسل الجمعة واجب على كلّ محتلم» (7).

ص:200


1- 1التهذيب 4:281 الحديث 851 و ص 326 الحديث 1015،الاستبصار 2:123 الحديث 398، الوسائل 7:169 الباب 29 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 7. [1]
2- 2) ص:عشر،ش:بحسن،ك و م:يحسن.
3- 3) ص،ش و ح:معروفا.
4- 4) المغني 3:94،الشرح الكبير بهامش المغني 3:14،الكافي لابن قدامة 1:462. [2]
5- 5) كنز العمّال 8:521 الحديث 23951،عمدة القارئ 11:69. [3]بتفاوت يسير.
6- 6) سنن أبي داود 1:133 الحديث 494-495،سنن الترمذيّ 2:259 الحديث 407،مسند أحمد 3: 404 و ج 2:180 و 187،سنن الدارقطنيّ 1:230 الحديث 1 و 3،سنن البيهقيّ 2:14،كنز العمّال 16: 441 الحديث 45333،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:115 الحديث 6548،مجمع الزوائد 1:294.
7- 7) صحيح مسلم 2:581 الحديث 846،سنن أبي داود 1:94 الحديث 341، [4]سنن الدارميّ 1:361، [5]مسند أحمد 3:60، [6]سنن البيهقيّ 1:294 و 297 و ج 3:242،كنز العمّال 7:760 الحديث 21282، فيض القدير 4:411 الحديث 5800.

و نمنع الأصل المقيس عليه.و ضرب الغلام على ترك الصلاة للتمرين و خفّة المئونة،بخلاف الصيام.

لا يقال:قد روى الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه عليهما السلام،قال:«الصبيّ إذا أطاق الصوم ثلاثة أيّام متتابعة،فقد وجب عليه صيام شهر رمضان» (1).

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه سئل عن الصبيّ متى يصوم؟قال:«إذا أطاقه» (2).

لأنّا نقول:إنّه محمول على الاستحباب على ما تقدّم (3).

مسألة:و يؤخذ الصبيّ بالصوم إذا أطاقه.

(4)

قال الشيخ:و حدّه إذا بلغ تسع سنين،و يختلف حاله بحسب المكنة و الطاقة (5).هذا على جهة الاستحباب دون الفرض و الإيجاب على ما تقدّم (6).و يلزم به وجوبا إذا بلغ خمس عشرة سنة، و سيأتي بيان ذلك إن شاء اللّه تعالى.

و لا خلاف بين أهل العلم في شرعيّة ذلك؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر وليّ الصبيّ بذلك (7).

ص:201


1- 1التهذيب 4:326 الحديث 1013،الاستبصار 2:123 الحديث 399،الوسائل 7:168 الباب 29 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 4:326 الحديث 1014،الوسائل 7:169 الباب 29 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 9. [2]
3- 3) يراجع:ص 200.
4- 4) ص:و يؤمر.
5- 5) المبسوط 1:266، [3]النهاية:149.
6- 6) يراجع:ص 200.
7- 7) سنن أبي داود 1:133 الحديث 494،495،سنن الترمذيّ 2:259 الحديث 407،مسند أحمد 2: 180 و 187،سنن الدارقطنيّ 1:230 الحديث 1 و 3،سنن البيهقيّ 2:14،كنز العمّال 16:439 الحديث 45324،45327،45329،45330،45333،المعجم الكبير للطبرانيّ 7:115 الحديث 6546-6548،مجمع الزوائد 1:294.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«إنّا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم،فإذا غلبهم العطش أفطروا» (1).

و لأنّ فيه تمرينا على الطاعة (2)و منعا عن الفساد،فكان شرعه (3)ثابتا في نظر الشرع.

إذا ثبت ذلك،فإنّ صومه صحيح شرعيّ و نيّته صحيحة،و ينوي الندب؛لأنّه الوجه الذي يقع عليه فعله،فلا ينوي غيره.

و قال أبو حنيفة:إنّه ليس بشرعيّ،و إنّما هو إمساك عن المفطرات للتأديب (4).

و فيه قوّة.

و كذا المرأة تؤمر بالصيام قبل سنّ البلوغ و هو تسع سنين،أو الإنزال،أو الحيض على ما يأتي؛لأنّ المقتضي في الصبيّ موجود فيها (5)فيثبت الأثر (6).

مسألة:و العقل شرط في صحّة الصوم،كما هو شرط في وجوبه؛

لأنّ التكليف يستدعي العقل؛لأنّ تكليف غير العاقل قبيح؛و لقوله عليه السّلام:«و عن المجنون

ص:202


1- 1التهذيب 4:282 الحديث 853،الاستبصار 2:123 الحديث 400،الوسائل 7:167 الباب 29 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [1]
2- 2) بعض النسخ:الطاقة.
3- 3) ح:تشريعه.
4- 4) تحفة الفقهاء 1:351،بدائع الصنائع 2:87،مجمع الأنهر 1:231،شرح فتح القدير 2:282،283، عمدة القارئ 11:69،حلية العلماء 3:173.
5- 5) أكثر النسخ:فيه.
6- 6) ق،خا و ح:الأمر.

حتّى يفيق» (1).

و لا يؤمر بالصوم كما يؤمر الصبيّ به،بلا خلاف؛لأنّه غير مميّز،بخلاف الصبيّ؛فإنّه مميّز،فكان للتكليف في حقّه فائدة،بخلاف المجنون.

هذا إذا كان جنونه مطبقا،أمّا لو أفاق وقتا دون وقت،فإن كان إفاقته يوما كاملا،وجب عليه الصيام فيه؛لوجود المقتضي بشرطه و هو التعقّل ذلك اليوم، و عدم المانع و هو عدم التعقّل.

و لأنّ صوم كلّ يوم عبادة بانفراده،فلا يؤثّر فيه ما يزيل الحكم عن غيره.و كذا المغمى عليه يسقط الصوم عنه،و سيأتي البحث فيه.

مسألة:و الإسلام شرط في صحّة الصوم،لا في وجوبه.

أمّا اشتراطه في الصحّة؛فلأنّ الكافر لا يعرف اللّه تعالى،فلا يصحّ أن يتقرّب إليه،و النيّة شرط في الصوم،و فوات الشرط يستلزم عدم المشروط تحقيقا للشرط.

و أمّا عدم اشتراطه في الوجوب فلما تقدّم من أنّ الكفّار مخاطبون بفروع العبادات،و قد سلف الخلاف فيه (2)،و هذا مذهب علمائنا أجمع.

مسألة:و الطهارة من الحيض و النفاس شرط في صحّة الصوم في حقّ المرأة.

اشارة

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم.

روى الجمهور عن عائشة قالت:كنّا نحيض على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و

ص:203


1- 1صحيح البخاريّ 8:204،205،سنن أبي داود 4:141 الحديث 4403،سنن الترمذيّ 4:32 الحديث 1423،سنن ابن ماجة 1:658 الحديث 2041،سنن النسائيّ 6:156،سنن الدارميّ 2:171،مسند أحمد 6:100،101 و 144،سنن الدارقطنيّ 3:38 الحديث 173،سنن البيهقيّ 4:269،كنز العمّال 4:233 الحديث 10308-10310،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:74 الحديث 1141،مجمع الزوائد 6:251.
2- 2) يراجع:الجزء الثاني ص 188.

آله،فنؤمر بقضاء الصوم و لا نؤمر بقضاء الصلاة (1).

و عن أبي سعيد قال:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أ ليس إحداكنّ إذا حاضت لم تصلّ و لم تصم فذلك من نقصان دينها» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة أصبحت صائمة في رمضان،فلمّا ارتفع النهار حاضت،قال:

«تفطر»قال:و سألته عن امرأة رأت الطهر أوّل النهار،قال:«تصلّي و تتمّ يومها و تقضي» (3).

و في الصحيح عن عيص بن القاسم البجليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عن امرأة طمثت في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس،قال:«تفطر حين تطمث» (4).

و في الصحيح عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أيّ ساعة رأت المرأة الدم فهى تفطر الصائمة إذا طمثت» (5).

و في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن امرأة أصبحت صائمة،فلمّا ارتفع النهار أو كان العشاء حاضت أ تفطر؟قال:«نعم، و إن كان وقت المغرب فلتفطر»قال:و سألته عن امرأة رأت الطهر في أوّل النهار في

ص:204


1- 1صحيح مسلم 1:265 الحديث 335،سنن أبي داود 1:68،69 الحديث 262،263،سنن الترمذيّ 3:154 الحديث 787، [1]سنن النسائيّ 1:191،192،سنن الدارميّ 1:233، [2]سنن البيهقيّ 4: 236،المصنّف لعبد الرزّاق 1:233 الرقم 1277. [3]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:45،سنن البيهقيّ 4:235.
3- 3) التهذيب 4:253 الحديث 750،الوسائل 7:163 الباب 25 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5. [4]
4- 4) التهذيب 1:393 الحديث 1215،الاستبصار 1:145 الحديث 498،الوسائل 7:163 الباب 25 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2. [5]
5- 5) التهذيب 1:394 الحديث 1218،الاستبصار 1:146 الحديث 499،الوسائل 7:163 الباب 25 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [6]

شهر رمضان فتغتسل و لم تطعم كيف تصنع في ذلك اليوم؟قال:«تفطر ذلك اليوم، فإنّما فطرها من الدم» (1)و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

فروع:
الأوّل:حكم النفساء حكم الحيض.و عليه الإجماع؛

و لأنّ دم النفاس هو دم الحيض،و حكمه حكمه بلا خلاف.

الثاني:لو وجد الحيض في جزء من النهار،فسد صيام ذلك اليوم،

سواء وجد في أوّله أو آخره،بلا خلاف بين العلماء كافّة،و يدلّ عليه ما تقدّم من الأحاديث.

لا يقال:قد روى الشيخ عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إن عرض للمرأة الطمث في شهر رمضان قبل الزوال،فهي في سعة أن تأكل و تشرب، و إن عرض لها بعد الزوال فلتغتسل و لتعتدّ بصوم ذلك اليوم ما لم تأكل و تشرب» (2).

لأنّا نمنع صحّة سنده؛إذ في طريقه عليّ بن فضّال،و هو فطحيّ.

قال الشيخ:هذا الحديث و هو من الراوي؛لأنّه إذا كان رؤية الدم هو المفطر، فلا يجوز لها أن تعتدّ بذلك اليوم،و إنّما يستحبّ لها أن تمسك بقيّة النهار تأديبا إذا رأت الدم بعد الزوال (3)؛لما رواه محمّد بن مسلم قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المرأة ترى الدم غدوة،أو ارتفاع النهار،أو عند الزوال،قال:«تفطر،و إذا كان بعد العصر،أو بعد الزوال فلتمض على صومها و لتقض ذلك اليوم» (4).

ص:205


1- 1التهذيب 4:311 الحديث 939،الوسائل 7:162 الباب 25 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 1:393 الحديث 1216،الاستبصار 1:146 الحديث 500،الوسائل 7:166 الباب 28 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 1:393،الاستبصار 1:146.
4- 4) التهذيب 1:393 الحديث 1217،الاستبصار 1:146 الحديث 501،الوسائل 7:165 الباب 28 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [3]
الثالث:لو أمسكت الحائض و نوت الصوم مع علمها بتحريم ذلك أثمت

و لم ينعقد صومها،

و يجب عليها القضاء،و هو وفاق.

مسألة:و في المغمى عليه قولان:

أحدهما:إنّه يفسد صومه بزوال عقله،ذهب إليه أكثر علمائنا (1).و به قال الشافعيّ (2).

و الثاني:إن سبقت منه النيّة صحّ صومه و كان باقيا عليه،اختاره المفيد-رحمه اللّه (3)-و هو قول للشافعيّ (4)،و له قول ثالث:إنّه إن أفاق في بعضه أوّله أو وسطه أو آخره صحّ صومه،و إلاّ فلا (5).

و قال مالك:إن أفاق قبل الفجر و استدام حتّى يطلع الفجر صحّ صومه،و إلاّ فلا (6).

و قال أحمد:إذا أفاق في جزء من النهار صحّ صومه (7).

و قال أبو حنيفة (8)،و المزنيّ:يصحّ صومه و ان لم يفق في شيء منه (9).

ص:206


1- 1منهم:ابن البرّاج في المهذّب 1:196،و سلاّر في المراسم:98،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2:683. [1]
2- 2) حلية العلماء 3:205،206،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:346،فتح العزيز بهامش المجموع 6:406،407،مغني المحتاج 1:433،434،السراج الوهّاج:141.
3- 3) المقنعة:56.
4- 4) حلية العلماء 3:205-206،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:346،فتح العزيز بهامش المجموع 6:406،407،مغني المحتاج 1:433،434،السراج الوهّاج:141.
5- 5) حلية العلماء 3:205-206،المهذّب للشيرازيّ 1:185،المجموع 6:346، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 6:406،407، [3]مغني المحتاج 1:433،434،السراج الوهّاج:141.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:207،208،بداية المجتهد 1:298،بلغة السالك 1:247،إرشاد السالك:51.
7- 7) المغني 3:33،الشرح الكبير بهامش المغني 3:25،الكافي لابن قدامة 1:465،الإنصاف 3:293، [4]زاد المستقنع:28.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 3:70،تحفة الفقهاء 1:350،بدائع الصنائع 2:88،الهداية للمرغينانيّ 1:128، شرح فتح القدير 2:285،مجمع الأنهر 1:252،253.
9- 9) المجموع 6:346،فتح العزيز بهامش المجموع 6:407.

لنا:أنّه بزوال عقله سقط التكليف عنه وجوبا و ندبا،فلا يصحّ منه الصوم مع سقوطه.

و لأنّ كلّ ما أفسد الصوم إذا وجد في جميعه،أفسده إذا وجد في بعضه كالجنون و الحيض.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ في-الحسن-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كلّما غلب اللّه عليه،فليس على صاحبه شيء» (1).

و لأنّ سقوط القضاء يستلزم سقوط الأداء في الصوم،و الأوّل ثابت على ما يأتي،فيتحقّق الثاني.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّ النيّة قد صحّت،و زوال الشعور بعد ذلك لا يمنع من صحّة الصوم كالنوم (2).

و الجواب:الفرق،فإنّ النوم جبلّة و عادة،و لا يزيل العقل،و لهذا متى نبّه تنبّه، و الإغماء عارض يزيل العقل،فأشبه الجنون،فكان حكمه حكمه.

أمّا السكران فلا يسقط عنه الفرض؛لأنّه الجاني على نفسه،فلا يسقط بفعله فرض الصوم،و كذا النائم.

مسألة:المستحاضة بحكم الطاهر يجب عليها الصوم،و يصحّ منها إذا فعلت

اشارة

ما تفعله المستحاضة من الأغسال؛

لما رواه الشيخ عن سماعة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المستحاضة،قال:فقال:«تصوم شهر رمضان إلاّ الأيّام التي كانت تحيض فيهنّ ثمّ تقضيها بعده» (3).و قد بيّنّا ذلك في باب الحيض (4).

ص:207


1- 1التهذيب 4:245 الحديث 726،الوسائل 7:161 الباب 24 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 3. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:70،شرح فتح القدير 2:285.
3- 3) التهذيب 1:401 الحديث 1255 و ج 4:282 الحديث 854 و ص 310 الحديث 936،الوسائل 7: 164 الباب 27 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [2]
4- 4) يراجع:الجزء الثاني ص 343.

و لو أخلّت بالأغسال لم تعتدّ (1)بذلك الصوم و تقضيه؛لفوات شرطه.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عليّ بن مهزيار،قال:كتبت إليه:

امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أوّل يوم من شهر رمضان،ثمّ استحاضت فصلّت و صامت شهر رمضان كلّه من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكلّ صلاتين،هل يجوز صومها و صلاتها أم لا؟فكتبت:«تقضي صومها و لا تقضي صلاتها؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يأمر فاطمة و المؤمنات من نسائه بذلك» (2).

قال الشيخ:إنّما لم يأمرها بقضاء الصلاة إذا لم تعلم أنّ عليها لكلّ صلاتين غسلا،أو لا تعلم ما يلزم المستحاضة،فأمّا مع العلم بذلك و الترك له على العمد يلزمها القضاء (3).

فروع:

إنّما يعتبر الغسل في صوم المستحاضة في حقّ من يجب عليها،أمّا من لا يجب،كالتي لا يظهر الدم على الكرسف،فإنّه لا يعتبر في صومها غسل و لا وضوء.

و أمّا كثيرة الدم التي يجب عليها غسل واحد،فإنّها إذا أخلّت به،بطل صومها.

و التي يجب عليها الأغسال الثلاثة لو أخلّت بأحد غسلي النهار فكذلك.

و لو أخلّت بالغسل الذي للعشاءين،فالأقرب صحّة صومها؛لأنّ ذلك الغسل إنّما يقع بعد انقضاء صوم ذلك اليوم.

ص:208


1- 1بعض النسخ:لم تنعقد،مكان:لم تعتدّ.
2- 2) التهذيب 4:310 الحديث 937،الوسائل 2:590 [1] الباب 41 من أبواب الحيض الحديث 7،و ج 7:45 الباب 18 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1.
3- 3) التهذيب 4:311.

مسألة:و لا يصحّ الصوم الواجب من المسافر،إلاّ ما نستثنيه.

و به قال أهل الظاهر (1)،و أبو هريرة (2).

و قال أكثر الفقهاء:إنّه يصحّ (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ليس من البرّ الصيام في السفر» (4).

و عنه عليه السّلام:«أنّه قال:«الصائم في السفر كالمفطر في الحضر» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار قال:

سمعته يقول:«إذا صام الرجل رمضان في السفر،لم يجزئه،و عليه الإعادة» (6).

و عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصوم في السفر في شهر رمضان و لا غيره» (7).و سيأتي البحث مع الفقهاء إن شاء اللّه تعالى.

ص:209


1- 1المحلّى 6:243،المغني 3:90،الشرح الكبير بهامش المغني 3:20،المجموع 6:264،بداية المجتهد 1:295،تفسير القرطبيّ 2:280، [1]عمدة القارئ 11:43.
2- 2) المغني 3:90،الشرح الكبير بهامش المغني 3:19،المجموع 6:264،عمدة القارئ 11:43.
3- 3) المغني 3:90،الشرح الكبير بهامش المغني 3:19،تحفة الفقهاء 1:359،بداية المجتهد 1:295، المجموع 6:261،تفسير القرطبيّ 2:280، [2]عمدة القارئ 11:43.
4- 4) صحيح البخاريّ 3:44،صحيح مسلم 2:786 الحديث 1115،سنن أبي داود 2:317 الحديث 2407، [3]سنن ابن ماجة 1:532 الحديث 1664-1665،سنن الترمذيّ 3:90، [4]سنن النسائيّ 4:174، سنن الدارميّ 2:9، [5]مسند أحمد 3:319، [6]سنن البيهقيّ 4:242،كنز العمّال 8:503 الحديث 23843 و 23845،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:150 الحديث 11447 و ج 12:290 الحديث 13403 و ص 341 الحديث 13618،مجمع الزوائد 3:161.
5- 5) سنن ابن ماجة 1:532 الحديث 1666(بتفاوت)،سنن النسائيّ 4:183،سنن البيهقيّ 4:244.
6- 6) التهذيب 4:221 الحديث 645،الوسائل 7:127 الباب 2 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [7]
7- 7) التهذيب 4:235 الحديث 691،الاستبصار 2:102 الحديث 333،الوسائل 7:143 الباب 11 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [8]

و السفر الموجب للإفطار هو الموجب للتقصير في الصلاة بشرائطه،و قد بيّنّاها في كتاب الصلاة (1).

أمّا الندب ففي صحّته في السفر قولان:و الأقرب الكراهية.قال الشيخ في المبسوط:يكره صوم التطوّع في السفر،و روى جواز ذلك (2).

لنا:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أحمد بن محمّد،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الصيام بمكّة و المدينة و نحن في سفر،قال:«فريضة؟»فقلت:لا، و لكنّه تطوّع كما يتطوّع بالصلاة،فقال:«تقول اليوم و غدا؟»قلت:نعم،فقال:

«لا تصم» (3).

قال الشيخ:و لو خلّينا و ظاهر هذه الأخبار لقلنا:إنّ صوم التطوّع في السفر محظور،كما أنّ صوم الفريضة محظور،غير أنّه ورد فيه من الرخص ما نقلنا عن الحظر إلى الكراهة (4).

روى ذلك إسماعيل بن سهل (5)عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

خرج أبو عبد اللّه عليه السّلام من المدينة في أيّام بقين من (6)شعبان فكان يصوم،ثمّ

ص:210


1- 1يراجع:الجزء السادس:329.
2- 2) المبسوط 1:285. [1]
3- 3) التهذيب 4:235 الحديث 690،الاستبصار 2:102 الحديث 332،الوسائل 7:144 الباب 12 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 2، [2]في الوسائل:« [3]أ فريضة...».
4- 4) التهذيب 4:236.
5- 5) إسماعيل بن سهل الدهقان-بكسر الدال المهملة و ضمّها-قال النجاشيّ:ضعّفه أصحابنا.و قد ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة.قال السيّد الخوئيّ:هو متّحد مع إسماعيل بن سهل الكاتب و مع إسماعيل بن سهل بلا إضافة.و لكن قال في التنقيح- [4]بعد نقل قول الشيخ في حقّه-:و ظاهره أنّه معتمد عليه و أنّه غير الدهقان. رجال النجاشيّ:28،رجال العلاّمة:200، [5]تنقيح المقال 1:134، [6]معجم رجال الحديث 3:136. [7]
6- 6) ح بزيادة:شهر،كما في الوسائل. [8]

دخل عليه شهر رمضان و هو في السفر فأفطر،فقيل له:أ تصوم شعبان و تفطر شهر رمضان؟!فقال:«نعم،شعبان إليّ إن شئت صمته،و إن شئت لا،و شهر رمضان عزم من اللّه عزّ و جلّ عليّ الإفطار» (1).

و عن الحسن بن بسّام الجمّال (2)،عن رجل قال:كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فيما بين مكّة و المدينة في شعبان و هو صائم،ثمّ رأينا هلال شهر رمضان فأفطر،فقلت له:جعلت فداك،أمس كان من شعبان و كنت صائما،و اليوم من شهر رمضان و أنت مفطر،فقال:«إنّ ذلك تطوّع و لنا أن نفعل ما شئنا،و هذا فرض و ليس (3)لنا أن نفعل إلاّ ما أمرنا» (4).

قال الشيخ:هذان خبران مرسلان،فالعمل بما تقدّم أولى (5).

و قول الشيخ جيّد،و لعلّ احتجاج القائلين بالجواز هذان الحديثان و قد ضعّفهما الشيخ على ما يرى (6)،و التمسّك بالأصل و هو الإباحة ضعيف؛لأنّا قد بيّنّا وجود النهي عنهم (7)عليهم السلام عن ذلك،فلا أقلّ من الكراهة.

مسألة:و يصحّ الصوم الواجب سفرا في مواضع:

ص:211


1- 1التهذيب 4:236 الحديث 692،الاستبصار 2:102 الحديث 334،الوسائل 7:144 الباب 12 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 4. [1]
2- 2) الحسن بن بسّام الجمّال:لم نعثر على ترجمته أكثر ممّا قال السيّد الخوئيّ في حقّه،قال:روى عن إسحاق بن عمّار الصيرفيّ،و روى عنه عليّ بن بلال في الكافي 5:318 الحديث 56،و [2]روى عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في التهذيب 4:236 الحديث 693.معجم رجال الحديث 4:298. [3]
3- 3) بعض النسخ:فليس،كما في التهذيب و الوسائل. [4]
4- 4) التهذيب 4:236 الحديث 693،الاستبصار 2:103 الحديث 335،الوسائل 7:145 الباب 12 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 5. [5]
5- 5) الاستبصار 2:103.
6- 6) الاستبصار 2:103.
7- 7) بعض النسخ:منهم.

أحدها:من نذر صوم يوم معيّن،و شرط في نذره صومه سفرا و حضرا،فإنّه يجب عليه صومه و إن كان مسافرا،اختاره الشيخان (1)و أتباعهما (2)؛لعموم قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ (3).و قوله تعالى: وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا (4).

و لأنّ الأصل صحّة النذر،و إذا صحّ لزم.

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن أبي الحسن عليه السّلام، قال:سألته عن الرجل يجعل للّه عليه صوم يوم مسمّى،قال:«يصومه أبدا في السفر و الحضر» (5).

قال الشيخ:الوجه فيه[أنّه] (6)إذا شرط على نفسه أن يصوم في السفر و الحضر (7)؛لما رواه عليّ بن مهزيار قال:كتب بندار مولى إدريس:يا سيّدي نذرت أن أصوم كلّ يوم سبت،فإن أنا لم أصمه،ما يلزمني من الكفّارة؟فكتب و قرأته:«لا تتركه إلاّ من علّة،و ليس عليك صومه في سفر و لا مرض،إلاّ أن تكون نويت ذلك،و إن كنت أفطرت منه من غير علّة فتصدّق بقدر كلّ يوم على سبعة مساكين،نسأل اللّه التوفيق لما يحبّ و يرضى» (8)و لا نعلم مخالفا لهما من

ص:212


1- 1الشيخ المفيد في المقنعة:55،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:284،و [1]النهاية:163،و [2]الجمل و العقود:319-320،و الاقتصاد:441،و الرسائل العشر:220-221. [3]
2- 2) منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:92،و ابن البرّاج في المهذّب 1:194،و سلاّر في المراسم:97،و ابن إدريس في السرائر:90.
3- 3) الإنسان(76):7. [4]
4- 4) البقرة(2):177. [5]
5- 5) التهذيب 4:235 الحديث 688،الاستبصار 2:101 الحديث 330،الوسائل 7:141 الباب 10 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 7. [6]
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) التهذيب 4:235،الاستبصار 2:101.
8- 8) التهذيب 4:235 الحديث 689،الاستبصار 2:102 الحديث 331،الوسائل 7:139 الباب 10 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1. [7]

علمائنا،فوجب المصير إليه.

و ثانيها:صوم ثلاثة أيّام لبدل دم المتعة؛لقوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ (1)و سيأتي تحقيق ذلك إن شاء اللّه تعالى.

و ثالثها:صوم ثمانية عشر يوما لمن أفاض من عرفات عامدا عالما و عجز عن الفداء و هو البدنة و سيأتي.

و رابعها:إذا كان سفره أكثر من حضره،أو عزم على المقام عشرة أيّام،أو كان سفره معصية.و قد تقدّم بيان ذلك كلّه في كتاب الصلاة (2).

و لا يجوز الصوم واجبا لغير هؤلاء سفرا.و فيه قول للمفيد بجواز صوم ما عدا رمضان من الواجبات (3)،و هو نادر و قد بيّنّا ضعفه (4).

و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن كرام،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي جعلت على نفسي أن أصوم حتّى يقوم القائم،فقال:«صم و لا تصم في السفر، و لا العيدين،و لا أيّام التشريق،و لا اليوم الذي تشكّ (5)فيه من شهر رمضان» (6).

و ما رواه عن عمّار الساباطيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقول:للّه عليّ أن أصوم شهرا أو أكثر من ذلك أو أقلّ،فعرض له أمر لا بدّ له أن يسافر،أ يصوم و هو مسافر؟قال:«إذا سافر فليفطر؛لأنّه لا يحلّ له الصوم في

ص:213


1- 1البقرة(2):196. [1]
2- 2) يراجع:الجزء السادس:346 و 356.
3- 3) ينظر:المقنعة:55. [2]
4- 4) يراجع:ص 209. [3]
5- 5) بعض النسخ:يشكّ،كما في المصادر.
6- 6) التهذيب 4:233 الحديث 683،الاستبصار 2:100 الحديث 325،الوسائل 7:141 [4] الباب 10 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 9،و ص 382 الباب 1 من أبواب الصوم المحرّم الحديث 1.في التهذيب و الاستبصار بزيادة:عجّل اللّه فرجه.

السفر،فريضة كان أو غيره،و الصوم في السفر معصية» (1)و هذا نصّ في الباب.

مسألة:و يستحبّ في السفر صوم ثلاثة أيّام للحاجة بالمدينة ندبا،

و هو مستثنى من الكراهية؛لضرورة السفر و المحافظة على الصوم في ذلك الموضع.

و يدلّ عليه ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام صمت أوّل يوم الأربعاء، و تصلّي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة،و هي الأسطوانة التي كان ربط [نفسه] (2)إليها حتّى نزل عذره من السماء،و تقعد عندها يوم الأربعاء،ثمّ تأتي ليلة الخميس التي تليها ممّا يلي مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ليلتك و يومك،و تصوم يوم الخميس،ثمّ تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و مصلاّه ليلة الجمعة،فتصلّي عندها ليلتك و يومك،و تصوم يوم الجمعة،و إن استطعت أن لا تتكلّم بشيء في هذه الأيّام[فافعل] (3)إلاّ ما لا بدّ لك منه،و لا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة،و لا تنام في ليل و لانهار فافعل،فإنّ ذلك ممّا يعدّ فيه الفضل، ثمّ احمد اللّه في يوم الجمعة و اثن عليه،و صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سل حاجتك،و ليكن فيما تقول:اللهمّ ما كانت لى إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها و التماسها أو لم أشرع،سألتكها أو لم أسألكها،فإنّي أتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة صلّى اللّه عليه و آله في قضاء حوائجي صغيرها و كبيرها،فإنّك حريّ أن تقضى حاجتك إن شاء اللّه تعالى» (4).

ص:214


1- 1التهذيب 4:328 الحديث 1022،الوسائل 7:141 الباب 10 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 8. [1]
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) التهذيب 6:16 الحديث 35،الوسائل 7:143 [2] الباب 12 من أبواب من يصحّ منه الصوم الحديث 1 و ج 10:274 الباب 11 من أبواب المزار الحديث 1.

مسألة:المريض لا يصحّ منه الصوم إذا كان مضرّا به؛

لأنّ الضرر منفيّ بقوله عليه السّلام:«لا ضرر و لا إضرار (1)في الإسلام» (2)فالمؤدّي إليه وجب أن لا يكون مشروعا.و لو تكلّف المريض الصوم حينئذ لم يصحّ؛لأنّه منهيّ عنه و النهي في العبادات يدلّ على فساد المنهيّ عنه.و لو لم يتضرّر بالصوم و قدر عليه،وجب عليه؛عملا بالعموم،و المرض ليس بمانع؛لأنّ التقدير ذلك،و المرجع في ذلك إلى الإنسان نفسه،و سيأتي تمام البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

ص:215


1- 1بعض النسخ:و لا ضرار.
2- 2) من طريق الخاصّة ينظر:الكافي 5:292 الحديث 2،الفقيه 3:147 الحديث 648 و ج 4:243 الحديث 777،التهذيب 7:146 الحديث 651،الوسائل 17:341 الباب 12 من أبواب إحياء الموات الحديث 3 و ص 376 الباب 1 من أبواب موانع الإرث الحديث 10. و من طريق العامّة ينظر:سنن الدارقطنيّ 3:77 الحديث 288 و ج 4:227،228 الحديث 83،84، مسند أحمد 1:313،مجمع الزوائد 4:110،فيض القدير 6:431 الحديث 9899.

البحث السادس

اشارة

في الزّمان الذي يصحّ صومه

مسألة:و إنّما يصحّ صوم النهار دون الليل.

و يدلّ عليه النصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَ ابْتَغُوا ما كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (1).و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

و لو نذر صومه لم ينعقد؛لأنّه ليس محلاّ له،فلم يكن الإمساك فيه عبادة مطلوبة للشرع فلا يصحّ نذره،و كذا لو نذر صوم النهار و الليل معا؛لأنّه لا يصحّ صومه بانفراده،فلا يصحّ منضما إلى غيره،و لا خلاف في هذا كلّه.

مسألة:و لا يصحّ يوم العيدين،و هو قول أهل العلم كافّة.

روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى عن صوم هذين اليومين، أمّا يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم،و أمّا يوم الفطر ففطركم عن صيامكم (2).

و عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن صيام ستّة أيّام:يوم

ص:216


1- 1البقرة(2):187. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 3:55،صحيح مسلم 2:799 الحديث 1137،سنن أبي داود 2:319 الحديث 2416، [2]سنن الترمذيّ 3:141 الحديث 771، [3]سنن ابن ماجة 1:549 الحديث 1722،الموطّأ 1:300 الحديث 36، [4]مسند أحمد 1:24 و 34، [5]سنن البيهقيّ 4:297.

الفطر،و يوم النحر،و أيّام التشريق،و اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الزهريّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام،قال في حديث طويل ذكر فيه وجوه الصيام:«و أمّا الصوم الحرام، فصوم يوم الفطر،و يوم الأضحى» (2)الحديث.

و لا خلاف في تحريم صوم العيدين بين المسلمين كافّة.

مسألة:و لو نذر صوم يوم العيدين لم ينعقد نذره.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (3).

و قال أبو حنيفة:صومه محرّم و لو نذره انعقد و لزمه أن يصوم غيره،و إن صام فيه عن نذر مطلق لم يجزئه (4).

لنا:أنّه محرّم شرعا،فلا يصحّ نذره،و لأنّه معصية،لأنّه منهيّ عنه؛لقوله عليه السّلام:«ألا لا تصوموا هذه الأيّام» (5)فلا يتقرّب بالنذر فيه إلى اللّه تعالى؛ لتضادّ الوجهين و استحالة اجتماعهما.

و لقوله عليه السّلام:«لا نذر في معصية» (6).

ص:217


1- 1سنن البيهقيّ 4:208(بتفاوت)،سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 6.
2- 2) التهذيب 4:294 الحديث 895،الاستبصار 2:131 الحديث 427،الوسائل 7:382 الباب 8 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 1. [1]
3- 3) الأمّ 2:104،المجموع 6:440،مغني المحتاج 1:433.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 3:95،تحفة الفقهاء 1:345،بدائع الصنائع 2:79-80،الهداية للمرغينانيّ 1: 131،شرح فتح القدير 2:298،مجمع الأنهر 1:254،عمدة القارئ 11:109.
5- 5) سنن الدارقطنيّ 2:187 الحديث 33.
6- 6) سنن أبي داود 3:232-233 الحديث 3290 و 3292،سنن الترمذيّ 4:103-104 الحديث 1524، 1525،سنن النسائيّ 7:26-30،مسند أحمد 4:443،سنن البيهقيّ 10:57،69 و 70،كنز العمّال 16:713 الحديث 46479،46482،46485 و 46487،المعجم الكبير للطبرانيّ 18:174 الحديث 397 و ص 201 الأحاديث 487-490،مجمع الزوائد 4:187.

و لأنّه نذر صوما محرّما فكان النذر باطلا،كما لو نذرت أن تصوم أيّام حيضها أو ليلا.

و لأنّ ما لا يصحّ صومه عن النذر المطلق و الكفّارة لا يصحّ عن النذر المعيّن فيه،كأيّام الحيض و النفاس.

احتجّ:بأنّه نذر صوم يوم مع أهليّته للصوم فيه،فانعقد نذره كسائر الأيّام.و لأنّ الصوم المطلق عبادة فصحّ نذره،و التعيين باطل فيبقى المطلق منصرفا إلى غير المنهيّ عنه.و لأنّه نذر بصوم مشروع فيصحّ النذر به؛لقوله عليه السّلام:«من نذر و سمّى فعليه الوفاء بما سمّى» (1)و النهي غير متوجّه إلى الصوم؛لعدم قبوله قضيّة النهى؛لمشروعيّته،كالصلاة في الدار المغصوبة (2).

و الجواب:أنّ ما ذكره ليس بصحيح؛لأنّه نذر صوما محرّما فكان النذر باطلا، كما لو نذرت أن تصوم أيّام حيضها أو ليلا،و اليوم المذكور لا يقبل وقوع الصوم فيه،فلم يكن الناذر أهلا للصوم فيه،و المطلق لا تحقّق له إلاّ مع قيد التشخّص، فالناذر إن أطلقه تخيّر في جهات التشخيص،و إن عيّنه انصرف إلى المعيّن،فإن كان قابلا للصوم انعقد نذره،و إلاّ فقد صرف المطلق إلى ما لا يصحّ إيجاده فيه،فكان كما لو صرفه إلى الليل،و لا نسلّم أنّه نذر بصوم مشروع؛لأنّ التقدير تعيين (3)النذر بما لا يقبله.

و نقول أيضا:أنّ ما لا يصحّ صومه عن النذر المطلق و الكفّارة،لا يصحّ عن النذر المعيّن فيه،كزمان الحيض و النفاس،و يخالف سائر الأيّام؛لأنّ الصوم فيها غير محرّم،بخلاف مسألتنا.

ص:218


1- 1لم نعثر عليه.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:96،الهداية للمرغينانيّ 1:131،شرح فتح القدير 2:298.
3- 3) كثير من النسخ:تعيّن.

مسألة:و لا يصحّ صوم أيّام التشريق-

و هي:الحادي عشر من ذي الحجّة، و الثاني عشر و الثالث عشر-لمن كان بمنى خاصّة.و به قال أبو حنيفة (1).

و قال مالك:يجوز (2)،و للشافعيّ كالقولين (3)(4).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى عن صيام ستّة أيّام:

يوم الفطر،و يوم النحر،و أيّام التشريق،و اليوم الذي يشكّ فيه أنّه من رمضان (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الزهريّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام:«و أمّا صوم الحرام:فصوم يوم الفطر،و يوم الأضحى،و ثلاثة أيّام التشريق» (6).

و عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصيام (7)أيّام التشريق،فقال:«أمّا بالأمصار فلا بأس به،و أمّا بمنى فلا» (8).و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى في باب الحجّ.

و البحث فيما لو نذر صيامها و هو بمنى،كالبحث في نذر صوم العيدين.

مسألة:و لو نذر صوم يوم معيّن كالسبت مثلا دائما

أو واحدا أو زمان قدوم

ص:219


1- 1المبسوط للسرخسيّ 3:81،تحفة الفقهاء 1:343-345،بدائع الصنائع 2:78،الهداية للمرغينانيّ 1:131،شرح فتح القدير 2:303،مجمع الأنهر 1:254.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:215،بداية المجتهد 1:309.
3- 3) ش و ح:قولان،مكان:كالقولين.
4- 4) حلية العلماء 3:214،المهذّب للشيرازيّ 1:189،المجموع 6:443،فتح العزيز بهامش المجموع 6: 410-411،مغني المحتاج 1:433،السراج الوهّاج:141-142.
5- 5) سنن البيهقيّ 4:208(بتفاوت)،سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 6.
6- 6) التهذيب 4:294 الحديث 895،الاستبصار 2:131 الحديث 427،الوسائل 7:382 الباب 8 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 1. [1]
7- 7) أكثر النسخ:عن الصائم.
8- 8) التهذيب 4:297 الحديث 897،الاستبصار 2:132 الحديث 429،الوسائل 7:385 الباب 2 من أبواب الصوم المحرّم و المكروه الحديث 1. [2]

زيد،فاتّفق أحد هذه الأيّام لم يجز صومها أيضا؛للنهي،فلا ينعقد صومه بالجهل.

و لأنّه لا يصحّ صومه مع النذر و العلم،فلا يصحّ مع الجهل؛لرجوع الفساد إلى إيقاع الصوم في الأيّام،لا إلى العلم و الجهل.

و هل يقضي صومه أم لا؟فيه قولان (1)،و سيأتي البحث عن ذلك إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و لا يصحّ صوم يوم الشكّ على أنّه من رمضان.و قد مضي البحث

فيه ،

(2)

و سيأتي تمامه إن شاء اللّه تعالى.

ص:220


1- 1القول الأوّل:عليه القضاء،يراجع:النهاية:163،و القول الثاني:لا قضاء عليه،يراجع:الكافي في الفقه:185. [1]
2- 2) يراجع:ص 44. [2]

البحث السابع

اشارة

في صوم رمضان

و النظر في أمور ثلاثة:

الأوّل:في علامته

مسألة:يعلم الشهر برؤية الهلال،فمن رآه وجب عليه صومه،

و لا نعلم خلافا في أنّ رؤية الهلال للزائد على الواحد سبب في وجوب الصوم،و علامة في شهر رمضان.قال اللّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَ الْحَجِّ (1).

و هذا يدلّ على أنّه تعالى اعتبر الأهلّة في تعرّف أوقات الحجّ و غيره ممّا يعتبر فيه الوقت.

و أيضا:فقد أجمع المسلمون منذ زمن الرسول صلّى اللّه عليه و آله (2)،إلى زماننا هذا على اعتبار الهلال و الترائي له،و التصدّي لإبصاره،و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتصدّى لرؤيته و يتولاّها،و يلتمس الهلال (3).

و قد شرع عليه السّلام قبول الشهادة عليه (4)،و الحكم في من شهد بذلك في

ص:221


1- 1البقرة(2):189. [1]
2- 2) ف،ك و ق:عليه السّلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
3- 3) سنن أبي داود 2:298 الحديث 2325،سنن الدارقطنيّ 2:156 الحديث 4،المجموع 6:269.
4- 4) سنن الترمذيّ 3:74 الحديث 691،سنن الدارقطنيّ 2:156 الحديث 1 و 3 و ص 158،159 الحديث 7-14،سنن الدارميّ 2:4-5،سنن البيهقيّ 4:249.

مصر من الأمصار،و من جاء بالخبر به عن (1)خارج المصر،و حكم المخبر به في الصحّة و سلامة الجوّ من الغيم و شبهه،و خبر من شهد برؤيته مع العوارض.

و ذلك يدلّ على أنّ رؤية الهلال أصل من أصول الدين معلوم ضرورة في شرع الرسول صلّى اللّه عليه و آله (2)،و الأخبار تواترت بذلك،و لا نعلم فيه خلافا.

و قد روى الشيخ عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الأهلّة، فقال:«هي أهلّة الشهور،فإذا رأيت الهلال فصم،و إذا رأيته فأفطر» (3).

و في الصحيح عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«صم لرؤية الهلال،و أفطر لرؤيته» (4).

و عن الفضيل بن عثمان (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«ليس على

ص:222


1- 1ك و ش:من.
2- 2) ف،ك و ق:عليه السّلام،مكان:صلّى اللّه عليه و آله.
3- 3) التهذيب 4:156 الحديث 434،الاستبصار 2:63 الحديث 204،الوسائل 7:183 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 7. [1]
4- 4) التهذيب 4:157 الحديث 436،الاستبصار 2:63 الحديث 205،الوسائل 7:183 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 8. [2]
5- 5) م،ص و ح:الفضل.الفضيل بن عثمان:عنونه النجاشيّ بعنوان:الفضل بن عثمان المراديّ الصائغ الأنباريّ،و قال:ثقة ثقة،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.و قال الشيخ في الفهرست:فضيل الأعور له كتاب،ثمّ قال:فضيل بن عثمان الصيرفيّ له كتاب و أظنّ أنّهما واحد.و عنونه في رجاله في أصحاب الباقر عليه السّلام بعنوان فضيل بن عثمان الأعور المراديّ كوفيّ،و في أصحاب الصادق عليه السّلام تارة: الفضل و يقال:الفضيل بن عثمان المراديّ كوفيّ أبو محمّد الصائغ،و أخرى:الفضيل بن عثمان المراديّ و يقال:الفضل الأعور الصائغ الأنباريّ.و قال المامقانيّ في ذيل ترجمة الفضيل بن عثمان الصيرفيّ:قد تبيّن لك من جميع ما ذكر أنّ الفضل بن عثمان المراديّ الصائغ الأنباريّ أبا محمّد الأعور،و الفضيل بن عثمان الأعور المراديّ،و الفضيل الأعور،و الفضيل بن عثمان الصيرفيّ شخص واحد له عناوين مختلفة فيكون بعناوينه كلّها ثقة. رجال النجاشيّ:308،الفهرست:126، [3]رجال الطوسيّ:132،270 و 272،تنقيح المقال 2: باب الفاء:14. [4]

أهل القبلة إلاّ الرؤية و ليس على المسلمين إلاّ الرؤية» (1).و الأخبار في ذلك كثيرة.

مسألة:و لو انفرد واحد بالرؤية وجب عليه الصيام،عدلا كان أو غير عدل،
اشارة

شهد عند الحاكم أو لم يشهد،قبلت شهادته أو ردّت.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك (2)،و الليث (3)،و الشافعيّ (4)،و أصحاب الرأي (5)،و ابن المنذر (6).

و قال عطاء،و الحسن،و ابن سيرين،و إسحاق:لا يصوم إلاّ في جماعة الناس (7).و عن أحمد روايتان (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته» (9)و تكليف الرسول صلّى اللّه عليه و آله كما يتناول الواحد يتناول

ص:223


1- 1التهذيب 4:158 الحديث 442،الاستبصار 2:64 الحديث 209،الوسائل 7:184 الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 12. [1]
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:193،بداية المجتهد 1:285،إرشاد السالك:48،بلغة السالك 1:241،المغني 3: 96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11.
3- 3) المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11،المجموع 6:280.
4- 4) الأمّ 2:94،95،حلية العلماء 3:183،المهذّب للشيرازيّ 1:180،المجموع 6:280،فتح العزيز بهامش المجموع 6:250،مغني المحتاج 1:421،الميزان الكبرى 2:21،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:131،المغني 3:96، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 3:11. [3]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 3:64،تحفة الفقهاء 1:345-346،بدائع الصنائع 2:80،الهداية للمرغينانيّ 1: 120،شرح فتح القدير 2:248،مجمع الأنهر 1:238.
6- 6) المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11.
7- 7) حلية العلماء 3:183،المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11،الميزان الكبرى 2:21، رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:131،المجموع 6:280.
8- 8) المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11،الكافي لابن قدامة 1:468،الإنصاف 3:277.
9- 9) صحيح البخاريّ 3:34،35،صحيح مسلم 2:759 الحديث 1080،سنن الترمذيّ 3:72 الحديث 688، [4]سنن النسائيّ 4:133،135 و 136،سنن الدارميّ 2:3، [5]مسند أحمد 1:226،258 و ج 2: 422،438،454،456 و 469 و [6]ج 4:321،سنن الدارقطنيّ 2:157 الحديث 7 و ص 159 الحديث 15 و ص 160 الحديث 20 و ص 162 الحديث 28 و ص 163 الحديث 33،سنن البيهقيّ 4:206،كنز العمّال 8:489-492 الحديث 23769،23770،23772،23774،و 23780،المعجم الكبير للطبرانيّ 11:228 الحديث 11755-11757،مجمع الزوائد 3:145.

الجمع (1)و بالعكس،إلاّ أن يثبت المخصّص.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم،و ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن سنان،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الأهلّة،فقال:«هي أهلّة الشهور،فإذا رأيت الهلال فصم،و إذا رأيته فأفطر» (2).

و لأنّه يتيقّن أنّه من رمضان،فلزمه صومه،كما لو حكم به الحاكم.

و لأنّ الرؤية أبلغ في باب العلم من الشاهدين و أكثر؛لاحتمال الخطأ و تطرّق الكذب إلى الشهود و الاشتباه عليهم،فإذا تعلّق حكم الوجوب بأضعف الطريقين، فالأقوى أولى.

احتجّوا:بأنّه يوم محكوم به من شعبان،فلم يلزمه صومه عن رمضان،كما قبل ذلك (3).

و الجواب:أنّ هذا محكوم به من شعبان ظاهرا في حقّ غيره،فأمّا في الباطن فهو يعلم أنّه عن رمضان،فلزمه صيامه.

فرع:

لو أفطر في هذا اليوم بالجماع أو غيره وجبت عليه الكفّارة.ذهب إليه علماؤنا، و به قال الشافعيّ (4).

ص:224


1- 1غ و خا:الجميع.
2- 2) التهذيب 4:163 الحديث 459،الوسائل 7:193 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 19. [1]
3- 3) المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:11.
4- 4) المجموع 6:280 و 337.

و قال أبو حنيفة:لا تجب الكفّارة (1).

لنا:أنّه يوم لزمه صومه من رمضان،فوجبت عليه الكفّارة بالجماع فيه،كغيره من الأيّام،و كما لو قبلت شهادته.

احتجّ أبو حنيفة:بأنّها عقوبة،فلا تجب بفعل مختلف فيه كالحدّ.و لأنّه لا يجب على الجميع،فأشبه زمان القضاء (2).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من كون الكفّارة عقوبة.سلّمنا،لكن ينتقض بوجوب الكفّارة في السفر القصير مع وقوع الخلاف فيه،و لأنّها تجب في المال، فهي آكد من الحدّ.

و عن الثاني:بأنّ الوجوب على الجميع لا اعتبار به،و قد وجب عليه،و كذا إذا ثبت بالبيّنة،فإنّه لا يجب على الحائض و لا المسافر و لا المريض،و مع ذلك تجب الكفّارة لو أفطر.

مسألة:و لو لم يره؛لعدم تطلّبه،أو لعدم الحاسّة،أو لغير ذلك من الأسباب

اعتبر بالشهادة.

و قد أجمع المسلمون كافّة على اعتبار الشهادة في رؤية الهلال،و أنّها علامة لشهر رمضان،و إنّما الخلاف وقع في عدد الشهود،فالذي اختاره سلاّر من علمائنا قبول شهادة الواحد في أوّله،و أنّ الصوم يجب بها (3).و هو أحد قولي الشافعيّ (4)،

ص:225


1- 1تحفة الفقهاء 1:346،بدائع الصنائع 2:80،الهداية للمرغينانيّ 1:120،شرح فتح القدير 2:249، مجمع الأنهر 1:238.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 3:64،شرح فتح القدير 2:249.
3- 3) المراسم:96.
4- 4) الأمّ 2:94،حلية العلماء 3:181،المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:282،فتح العزيز بهامش المجموع 6:250،الميزان الكبرى 2:21،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:131،مغني المحتاج 1:420،السراج الوهّاج:136.

و إحدى الروايتين عن أحمد (1)،و هو اختيار ابن المبارك (2).

و ذهب المفيد (3)،و السيّد المرتضى-رحمه اللّه-إلى أنّه لا يقبل إلاّ شاهدان عدلان صحوا و غيما (4).و به قال ابن إدريس (5)،و أكثر علمائنا (6)،و هو القول الآخر للشافعيّ (7)،و به قال مالك (8)،و الليث بن سعد،و الأوزاعيّ و إسحاق (9).

و قال الشيخ:إن كان في السماء علّة و شهد عدلان من البلد أو خارجه برؤيته، وجب الصوم،و إن لم يكن هناك علّة لم يقبل إلاّ شهادة القسامة خمسين رجلا من البلد أو خارجه،هذا اختياره في المبسوط (10).

و قال في النهاية:فإن كان في السماء علّة و لم يره جميع أهل البلد و رآه خمسون نفسا،وجب الصوم،و لا يجب الصوم إذا رآه واحد أو اثنان،بل يلزم فرضه لمن رآه حسب،و ليس على غيره شيء.و متى كان في السماء علّة

ص:226


1- 1المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:8،الكافي لابن قدامة 1:467،الإنصاف 3: 273،274.
2- 2) المغني 3:96،الشرح الكبير بهامش المغني 3:8،المجموع 6:282.
3- 3) المقنعة:48.
4- 4) جمل العلم و العمل:89.
5- 5) السرائر:86.
6- 6) منهم:الشيخ الصدوق في المقنع:58،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:267،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:181،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:199-200.
7- 7) الأمّ 2:94،حلية العلماء 3:181،المهذّب للشيرازيّ 1:179،المجموع 6:275 و 277،فتح العزيز بهامش المجموع 6:250،الميزان الكبرى 2:21،رحمة الأمّة بهامش الميزان الكبرى 1:131،السراج الوهّاج:136.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:194،بداية المجتهد 1:286،مقدّمات ابن رشد 1:187،بلغة السالك 1:240، إرشاد السالك:48،المغني 3:97.
9- 9) حلية العلماء 3:181،المغني 3:97،الشرح الكبير بهامش المغني 3:8،المجموع 6:282.
10- 10) المبسوط 1:267. [1]

و لم ير في البلد الهلال و رآه خارج البلد شاهدان عدلان،وجب أيضا الصوم.

و إن لم يكن في السماء علّة،و طلب فلم ير،لم يجب الصوم إلاّ أن يشهد خمسون نفسا من خارج البلد أنّهم رأوه (1).

و قال أبو حنيفة:لا يقبل في الصحو إلاّ الاستفاضة،و في الغيم في هلال شهر رمضان يقبل واحد،و في غيره لا يقبل إلاّ اثنان (2).و الأقرب (3)خيرة المفيد.

لنا:ما رواه الجمهور عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب (4)قال:صحبنا أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تعلّمنا منهم،و إنّهم حدّثونا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته،فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين