منتهی المطلب فی تحقیق المذهب المجلد 5

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

ص :3

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :4

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :5

ص :6

تتمة كتاب الصلاة

المقصد الثاني:في أفعال الصلاة و تروكها

اشارة

و فيه فصول:

الأوّل:في الأفعال الواجبة

اشارة

العلم بالصّلاة الواجبة واجب لتوجّه الأمر بها المتوقّف (1)على معرفتها و هو متوقّف (2)على العلم بأجزائها،إذ معرفة المركّب مسبوقة بمعرفة أجزائه.

و أجزاء الصلاة تنقسم إلى (3)قسمين،واجب و ندب،و كذا كيفيّاتها و تروك الصلاة،و لا بدّ من معرفة الواجب ليؤدّيه على وجهه،فإنّه لو فعل الواجب بنيّة الندب بطلت صلاته،و لو فعل النّدب بنيّة الواجب دخل تحت حُكم:مَن فَعل فعلا ليس من أفعال الصلاة،فتبطل مع الكثرة.

و اعلم أنّ الواجب،منه ركن،و منه غير ركن،و نعني بالرّكن هنا ما لو أخلّ به المصلّي عامدا أو ساهيا (4)،ثمَّ ذكره (5)بطلت صلاته،و أنا أسوق إليك الأفعال الواجبة أوّلا، و كيفيّاتها (6)الواجبة و المندوبة و ما يليق بفعل فَعَل،ثمَّ أتلو عليك الأفعال المندوبة و كيفيّاتها،و أختم ذلك بالتّروك بعون اللّه تعالى في مباحث.

ص:7


1- 1ح و م:للتوقّف.
2- 2) غ و م:يتوقّف.
3- 3) ليست في:غ،ق،م و ن.
4- 4) ح و ق:و ساهيا.
5- 5) ح و ق:ذكر.
6- 6) ح و ق:و كيفيّتها.
البحث الأول:في القيام
مسألة:القيام واجب و ركن مع القدرة عليه

ذهب إليه كلّ علماء الإسلام.

قال اللّه تعالى وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ (1).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لرافع بن خديج:«صلّ قائما فإن لم تستطع فقاعدا» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبى عبد اللّه عليه السّلام في صفة الصّلاة:فقام أبو عبد اللّه عليه السّلام مستقبل القبلة منتصبا (3).و هو في بيان الواجب،فيكون ما أتى به واجبا إلاّ ما أخرجه (4)الدّليل.

و عن حريز،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:قلت له فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (5)قال:«النحر الاعتدال في القيام» (6).

و في الحسن،عن جميل بن درّاج أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المريض الّذي يصلّي قاعدا فقال:«إنّ الرجل ليوعك و يحرج و لكنّه أعلم بنفسه و لكن إذا قوي فليقم» (7).

و في الحسن،عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

ص:8


1- 1البقرة(2):238. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:60،سنن ابن ماجه 1:386 الحديث 1223،سنن أبي داود 1:250 الحديث 952،سنن التّرمذيّ 2:208 الحديث 372،مسند أحمد 4:426. [2]ليست في المصادر عبارة:قال لرافع بن خديج.
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:710 الباب 17 من أبواب القيام الحديث 1. [3]
4- 4) ح:خرجه.
5- 5) الكوثر(108):2. [4]
6- 6) التّهذيب 2:84 الحديث 309،الوسائل 4:694 الباب 2 من أبواب القيام الحديث 3. [5]
7- 7) التّهذيب 2:169 الحديث 673،الوسائل 4:698 الباب 6 من أبواب القيام الحديث 3. [6]

اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ) (1)قال:«الصحيح يصلّي قائما،و قعودا،المريض يصلّي جالسا، وَ عَلى جُنُوبِهِمْ الّذي يكون أضعف من المريض الّذي يصلّي جالسا» (2).

و قد ثبت بالتّواتر مداومة النبي صلّى اللّه عليه و آله عليه و بيّن به الواجب.

مسألة:و لو تعذّر عليه القيام و أمكنه مع الاعتماد وجب،فإن لم يتمكّن صلّى جالسا،و عليه إجماع العلماء.

روى (3)الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«صلّ قائما،فإن لم تستطع فقاعدا،فإن لم تستطع فعلى جنب» (4).

و من طريق الخاصّة روايتا جميل (5)و أبي حمزة (6).

فروع:
الأوّل:لو أمكنه القيام إلاّ أنّه خشي زيادة مرضه،أو بطء برئه،أو شقّ عليه مشقّة شديدة صلّى جالسا

خلافا لأحمد (7).

لنا:أنّه حرج و هو منفيّ،لقوله (8)تعالى ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (9).

الثّاني:لو أمكنه القيام و عجز عن الرّكوع قائما أو السّجود لم يسقط عنه فرض القيام

ص:9


1- 1آل عمران(3):191. [1]
2- 2) التّهذيب 2:169 الحديث 672،الوسائل 4:689 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 1. [2]
3- 3) ن:و روى.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:60،سنن ابن ماجه 1:386 الحديث 1223،سنن التّرمذيّ 2:208 الحديث 372،سنن أبي داود 1:250 الحديث 952،مسند أحمد 4:426. [3]
5- 5) التّهذيب 2:169 الحديث 673،الوسائل 4:698 الباب 6 من أبواب القيام الحديث 3.
6- 6) التّهذيب 2:169 الحديث 672،الوسائل 4:689 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 1.
7- 7) المغني 1:813،الإنصاف 2:305.
8- 8) م،ح و ق:بقوله.
9- 9) الحجّ(22):78. [4]

القيام،بل يصلّي قائما و يومئ للرّكوع،ثمَّ يجلس و يومئ للسّجود.و عليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (1)،و أحمد (2).و قال أبو حنيفة:يسقط عنه القيام (3).

لنا:قوله عليه السّلام لعمران بن حصين:«صلّ قائما،فإن لم تستطع فجالسا» (4).

جعل مرتبة الجلوس مشروطة (5)بعدم الاستطاعة على القيام،فلا يجوز بدونه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن إبراهيم،عمّن حدّثه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يصلّي المريض قائما،فإن لم يقدر على ذلك صلّى جالسا» (6).

و لأنّ القيام ركن قدر عليه فيلزمه الإتيان به كالقراءة،و العجز عن (7)غيره لا يقتضي سقوطه،كالقراءة إذا عجز عنها.

احتجّ أبو حنيفة بأنّها صلاة لا ركوع فيها و لا سجود،فيسقط فيها القيام كالنّافلة على الرّاحلة (8).

و الجواب:أنّ قياسهم فاسد.

أمّا أوّلا:فلأنّ الصّلاة على الرّاحلة لا يسقط فيها الرّكوع.

و أمّا ثانيا:فلأنّ القيام غير واجب فيها فلا يسقط في الرّاحلة لسقوط (9)الركوع

ص:10


1- 1الامّ 1:81،المهذّب للشيرازي 1:101،المجموع 4:313،مغني المحتاج 1:154،السّراج الوهّاج:42، المغني 1:814.
2- 2) المغني 1:814،الكافي لابن قدامة 1:269،المجموع 4:313.
3- 3) المبسوط للسّرخسيّ 1:213،الهداية للمرغينانيّ 1:77،شرح فتح القدير 1:460،المغني 1:814، المجموع 4:313.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:60،سنن ابن ماجه 1:386 الحديث 1223،سنن التّرمذيّ 2:208 الحديث 372.
5- 5) م:مشروط.
6- 6) التّهذيب 3:176 الحديث 393،الوسائل 4:691 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 13. [1]
7- 7) ح و ق:من.
8- 8) المغني 1:814.
9- 9) ح و ق:بسقوط.

و السّجود،بل لعدم وجوبه،و لهذا (1)له أن يصلّي جالسا على الأرض مع التمكّن (2).

الثالث:لو عجز صلّى قاعدا

بلا خلاف،فلو وجد في أثناء الصّلاة خفّا قام و أتمّ صلاته.ذهب إليه علماؤنا،و به قال مالك (3)،و الشّافعيّ (4)،و أبو حنيفة (5)،و أحمد (6).

و قال محمّد بن الحسن:تبطل صلاته (7)،كالعاري إذا وجد السّاتر في أثناء الصّلاة.

لنا:أنّه أتى بالمأمور به،فيكون مجزئا،و قياسه فاسد لمنع حكم الأصل.

الرّابع:لو عجز عن القعود صلّى مضطجعا على جانبه الأيمن بالإيماء مستقبلا للقبلة بوجهه

(8).

ذهب إليه علماؤنا،و به قال مالك (9)،و الشّافعيّ (10)،و أحمد (11).و قال سعيد بن المسيّب:يصلّي مستلقيا و وجهه و رجلاه إلى القبلة (12).و هو قول أبي ثور (13)، و أصحاب الرّأي (14).

لنا:قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعمران:«فإن لم تستطع فعلى جَنب» (15).

ص:11


1- 1ح و ق:لهذا.
2- 2) ح و ق:التمكين.
3- 3) المدوّنة الكبرى 1:76،عمدة القارئ 7:162.
4- 4) الأمّ 1:81،المهذّب للشّيرازيّ 1:101،المجموع 4:318،مغني المحتاج 1:155،عمدة القارئ 7:162.
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 1:77،عمدة القارئ 7:162.
6- 6) المغني 1:818،الكافي لابن قدامة 1:270.
7- 7) عمدة القارئ 7:162.
8- 8) ح و ق:وجهه.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:77،المجموع 4:316،المغني 1:815.
10- 10) الأمّ 1:81،المبسوط للسرخسيّ 1:213،المهذّب للشيرازيّ 1:101،المغني 1:815،المجموع 4:316.
11- 11) المغني 1:815،الكافي لابن قدامة 1:270،الإنصاف 2:306،المجموع 4:316.
12- 12) المغني 1:815.
13- 13) المغني 1:815.
14- 14) المغني 1:815،المجموع 4:317،الهداية للمرغينانيّ 1:77، [1]المبسوط للسرخسىّ 1:213، عمدة القارئ 7:161-162.
15- 15) صحيح البخاريّ 2:60،سنن ابن ماجه 1:386 الحديث 1223،سنن الترمذيّ 2:208 الحديث 372.

و قوله تعالى (وَ عَلى جُنُوبِهِمْ) (1).قال المفسّرون:أراد (2)به الصّلاة في حال المرض (3).و هو قول أبي جعفر عليه السّلام في تفسير هذه الآية (4).

احتجّوا بأنّه إذا صلّى على جنبه كان وجهه في الإيماء إلى غير القبلة،و إذا صلّى على ما ذكرناه كان إيماؤه إليها (5).

و الجواب:أنّه غير مستلق إلى القبلة بل إلى السّماء،و لهذا يوضع الميّت في قبره على ما ذكرناه،و الإيماء إلى القبلة حالة الرّكوع و السّجود غير مطلوب من (6)الصحيح،بل يومئ إلى الأرض فكيف يطلب من (7)المريض.

الخامس:إذا عجز عن الاضطجاع صلّى مستلقيا مومئا برأسه،فإن لم يستطع برأسه

فبعينيه

(8).

و قال أبو حنيفة:يؤخّر الصّلاة (9).

لنا:قوله عليه السّلام:فعلى جنبك تومئ (10).

و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإن لم يقدر أن ينام على جنبه الأيمن فكيف ما قدر،فإنّه له جائز،و يستقبل بوجهه القبلة،ثمَّ يومئ بالصّلاة إيماءا» (11)و الإيماء يقع على الإيماء بالعين و الرّأس،و كذا في رواية محمّد بن

ص:12


1- 1آل عمران(3):191. [1]
2- 2) م:المراد.
3- 3) تفسير القمّيّ 1:129.
4- 4) تفسير العيّاشيّ 1:211 الحديث 172،173 و 174. [2]
5- 5) المغني 1:815.
6- 6) ح و ق:في.
7- 7) م:عن.
8- 8) م،ن،ق و ح:فبعينه.
9- 9) الهداية للمرغينانيّ 1:77.
10- 10) صحيح البخاريّ 2:60،سنن ابن ماجه 1:386 الحديث 1223،سنن الترمذيّ 2:208 الحديث 372.
11- 11) التّهذيب 3:175 الحديث 392،الوسائل 4:691 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 10. [3]

إبراهيم (1).

السّادس:لو عجز عن السّجود رفع ما يسجد عليه،و لم يجز الإيماء حينئذ إلاّ مع عدمه أو عدم التمكّن

خلافا للشافعيّ (2)،و أبي حنيفة (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أمّ سلمة أنّها سجدت على المرفقة (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير قال:سألته عن المريض هل تمسك له المرأة شيئا يسجد عليه؟فقال:«لا،إلاّ أن يكون مضطرّا ليس عنده غيرها، و ليس شيء ممّا حرّم اللّه إلاّ و قد أحلّه لمن اضطرّ إليه» (5).و لأنّ ذلك أشبه بالسّجود من (6)الإيماء.و لأنّ تكليفه بالسّجود يستلزم الحرج،و تكليفه الإيماء يستلزم (7)ترك السّجود مع القدرة.

احتجّ المخالف بما روي،عن ابن مسعود أنّه دخل على مريض يعوده فرآه يسجد على عود،فانتزعه (8)و رمى به و قال:هذا ممّا عرض به لكم الشّيطان (9).

و الجواب:لا حجّة فيما يفعله (10)ابن مسعود،لأنّه توهّم التشبّه بعبادة (11)الأوثان.

و يدلّ عليه ما رواه زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح قال:سألته عن

ص:13


1- 1الكافي 3:411 الحديث 12، [1]التّهذيب 3:176 الحديث 393،الوسائل 4:691 الباب 1 من أبواب القيام ذيل الحديث 13. [2]
2- 2) الأمّ 1:81،المهذّب للشيرازيّ 1:101،المجموع 4:311،مغني المحتاج 1:155.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 1:218،عمدة القارئ 7:161، [3]الهداية للمرغينانيّ 1:77.
4- 4) المغني 1:817،المبسوط للسرخسيّ 1:218.
5- 5) التّهذيب 3:177 الحديث 397،الوسائل 4:690 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 7. [4]
6- 6) م:عن.
7- 7) ن:مستلزم.
8- 8) ح و ق:فأنزعه.
9- 9) مجمع الزّوائد 2:149 بتفاوت يسير،المبسوط للسرخسيّ 1:217-218.
10- 10) م:نقله،ح و ق:يفعل.
11- 11) غ،م و ن:بعبّاد.

المريض هل يسجد على الأرض أو على مروحة أو على سواك يرفعه؟فقال:«هو أفضل من الإيماء و إنّما كره من كره السّجود على المروحة من أجل الأوثان الّتي كانت تعبد من دون اللّه و إنّا لم نعبد غير اللّه قطّ،فاسجد على المروحة أو على سواك أو عود» (1).

السّابع:كلّ معذور بما يمنعه عن القيام و القعود يصلّي مستلقيا لا تفاوت بين الأعذار دفعا للحرج

خلافا لمالك (2).و يؤيّد ما ذكرناه قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«و ليس شيء ممّا حرّم اللّه إلاّ و قد أحلّه لمن اضطرّ إليه» (3).

الثّامن:لو وجد المضطجع أو المستلقي خفّا قام و أتمّ

خلافا لأبي حنيفة (4).

لنا:أنّه أتى بالمأمور به فيكون مجزئا.

احتجّ بأنّ اقتداء الرّاكع السّاجد بالمومئ غير جائز فلا تبنى إحدى الصّلاتين على الأُخرى (5).

و الجواب:لا جامع،و الفرق ثابت،لأنّ الإمام متبوع و لا يتحقّق للرّاكع السّاجد مع المومئ.

التّاسع:قال الشّيخ في النهاية:إذا صلّى قاعدا تربّع حال القراءة و ثنّى رجليه حال الركوع

(6)

(7).

قال في المبسوط:و يتورّك في التشهّد (8).و هو قول ابن عمر،و أنس،

ص:14


1- 1الفقيه 1:236 الحديث 1039،التّهذيب 3:177 الحديث 398،الوسائل 3:606 الباب 15 من أبواب ما يسجد عليه الحديث 1،2. [1]بتفاوت يسير.
2- 2) المغني 1:816،المجموع 4:314.
3- 3) التّهذيب 3:306 الحديث 945،الوسائل 4:690 الباب 1 من أبواب القيام الحديث 6. [2]
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:218،المجموع 4:321،الهداية للمرغينانيّ 1:78.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1،218،الهداية للمرغينانيّ 1:78.
6- 6) ن:و يثنّي،ح و ق:و تثنّي.
7- 7) النّهاية:129-130. [3]
8- 8) المبسوط 1:115.

و ابن سيرين،و مجاهد،و سعيد بن جبير،و مالك،و الثّوريّ،و الشّافعيّ،و إسحاق (1).

و قال أبو حنيفة:يجلس كيف شاء (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس أنّه صلّى متربّعا،فلمّا ركع ثنّى رجليه (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن حمران بن أعين،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«كان أبي عليه السّلام إذا صلّى جالسا تربّع فإذا ركع ثنّى رجليه» (4).و لأنّ القيام يخالف القعود،فينبغي أن يخالف هيئته في بدله هيئة غيره،كمخالفة القيام غيره.

احتجّ بأنّ القيام سقط عنه فسقطت عنه هيئته (5).

و الجواب:السّقوط هناك للمشقّة و الهيئة لا مشقّة فيها،و ليس هذا على الوجوب بالإجماع،لعدم الدّليل على وجوبه.

و روى معاوية بن ميسرة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل،أ يصلّي الرجل و هو جالس متربّعا و مبسوط الرّجلين؟فقال:«لا بأس بذلك» (6).

و روى ابن بابويه في كتابه،عن الصّادق عليه السّلام قال في الصّلاة في المحمل:«صلّ متربّعا و ممدود الرّجلين و كيف ما أمكنك» (7).

العاشر:لو كان قيامه كهيئة الرّكوع فإن كان لحدب أو كبر وجب أن يقوم

(8)

ص:15


1- 1المغني 1:812.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:106،المغني 1:812.
3- 3) المغني 1:812.
4- 4) التّهذيب 2:171 الحديث 679،الوسائل 4:703 الباب 11 من أبواب القيام الحديث 4. [1]
5- 5) المغنيّ 1:812.
6- 6) الفقيه 1:238 الحديث 1050،التّهذيب 2:170 الحديث 678،الوسائل 4:703 الباب 11 من أبواب القيام الحديث 3. [2]
7- 7) الفقيه 1:238 الحديث 1051.
8- 8) ن و ح:لحدث.

بلا خلاف،لأنّه قيام مثله،و إن كان لغير (1)ذلك كقصر السّقف،و من كان في سفينة مظلّلة (2)لا يتمكّن من استيفاء القيام فيها،أو كان خائفا،وجب عليه القيام بما يتمكّن منه كالأحدب،خلافا لبعضهم (3).

الحادي عشر:لو تمكّن المريض من القيام منفردا ،و عجز عنه مأموما لزمه القيام و يصلّي منفردا

(4)

لأنّه لا يترك الفرض للنفل،خلافا لأحمد (5).

و احتجّ بأنّه لو كان إمام الحيّ عاجزا،أبحنا له ترك القيام و إن كان قادرا،للمتابعة، مراعاة للجماعة،فهاهنا أولى.و هو ضعيف لما يأتي في فساد الأصل،و اختاره الشّافعيّ (6)، و احتجّ بأنّ الأجر يتضاعف بالجماعة أكثر من تضاعفه بالقيام،فإنّ صلاة القاعد بنصف صلاة القائم (7).و صلاة الجماعة تفضل المنفرد بخمس و عشرين (8).

و الجواب:إنّما تفضل صلاة الجماعة مع استيفاء أركانها،أمّا مع اختلالها فلا.

الثّاني عشر:لو كان المرض في عينه فقال أهل الطّبّ:إن صلّى بالاستلقاء أمكن

المداواة،جاز ذلك

و به قال الثّوريّ (9)،و أبو حنيفة (10)،خلافا لمالك (11)،

ص:16


1- 1ح و ق:بغير.
2- 2) غ:تظلّله،م و ن:مظلمة.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:2،الهداية للمرغينانيّ 1:78،المجموع 3:242،المغني 1:814.
4- 4) غ:متفرّدا.
5- 5) المغني 1:815،الإنصاف 2:309،الكافي لابن قدامة 1:269،منار السّبيل 1:133.
6- 6) هذا ما نسب إليه في المغني 1:815،و مختاره في غيره خلافه،يلاحظ:الامّ 1:171،الامّ(مختصر المزنيّ)8:22،مغني المحتاج 1:240،حلية العلماء 2:203،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:71.
7- 7) مسند أحمد 2:162،192،193،201،203،سنن النسائيّ 3:223،سنن البيهقيّ 2:491.
8- 8) مسند أحمد 3:55،سنن البيهقيّ 3:60.و بتفاوت يسير ينظر:صحيح البخاريّ 1:166، صحيح مسلم 1:449 الحديث 649.
9- 9) المغني 1:816.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 1:215،المغني 1:816،المجموع 4:314.
11- 11) المدوّنة الكبرى 1:78،المبسوط للسرخسيّ 1:215،المغني 1:816،المجموع 4:314.

و الأوزاعيّ (1).

لنا:أنّه يلحقه بتركه ضرر (2)و حرج،فيكون منفيّا.

احتجّ المخالف بما روي،عن ابن عبّاس أنّه لمّا كفّ بصره أتاه رجل فقال:إن صبرت على سبعة أيّام لا تصلّي إلاّ مستلقيا داويت عينك و رجوت أن تبرأ.فأرسل في ذلك إلى عائشة و أبي هريرة و غيرهما من الصّحابة فقالوا:إن (3)متّ في هذه الأيّام ما الّذي تصنع بالصّلاة؟فترك المعالجة (4).

و الجواب:يحتمل أن لا يكون المخبر (5)قد استند إلى اليقين (6)،أو أنّهم لم يقبلوا خبره.

مسألة:و يستحبّ للمصلّي أن يفرق بين قدميه قائما من ثلاث أصابع إلى شبر

لأنّه أمكن في الصّلاة.و لما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه و قرّب بين قدميه حتّى كان بينهما قدر ثلاث أصابع منفرجات (7)و استقبل بأصابع رجليه جميعا القبلة لم يحرّفهما (8)عن القبلة (9).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا قمت في الصّلاة

ص:17


1- 1المغني 1:816،المجموع 4:314.
2- 2) غ بزيادة:عظيم.
3- 3) ح:إذا.
4- 4) المغني 1:816.
5- 5) ح و ق:الخبر.
6- 6) ح و ق:التعيّن.
7- 7) م،غ و ن:متفرّجات.
8- 8) غ و م:يحرّفها.
9- 9) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:710 الباب 17 من أبواب القيام الحديث 1. [1]

فلا تلصق قدمك (1)بالأخرى،دع (2)بينهما فصلا إصبعا أقلّ ذلك إلى شبر» (3).

و يستحبّ أن يستقبل بأصابع رجليه القبلة ليحصل كمال التّوجّه إليها بقدر الإمكان و لرواية حمّاد.

البحث الثّاني:في النّيّة
اشارة

و هي واجبة في الصلاة بلا خلاف بين علماء الإسلام،و ركن فيها في قول العلماء كافّة.

قال اللّه تعالى (وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (4).و الإخلاص لا يتحقّق إلاّ بالنيّة.

و قال عليه السّلام:«إنّما الأعمال بالنيّات،و إنّما لامرئ ما نوى» (5).

و قال الرّضا عليه السّلام:«لا عمل إلاّ بنيّة» (6). (7)و لأنّ الأفعال تقع (8)على وجوه مختلفة بعضها غير مراد اللّه تعالى،فلا يختصّ المراد إلاّ بالنيّة،و هي عرض محلّها القلب و لا اعتبار بالنّطق (9)فيها،و لا يفتقر إليه،لأنّ الأفعال المختلفة يفتقر في وقوعها على وجوهها (10)

ص:18


1- 1ن:قدميك.
2- 2) ح:ودع.
3- 3) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:710 الباب 17 من أبواب القيام الحديث 2. [1]
4- 4) البيّنة(98):5. [2]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:21،صحيح مسلم 3:1515 الحديث 1907،و من طريق الخاصّة ينظر:التّهذيب 1:83 الحديث 218،الوسائل 4:711 الباب 1 من أبواب النيّة الحديث 2. [3]
6- 6) ح و ق:بالنيّة.
7- 7) التّهذيب 4:186 الحديث 520،الوسائل 4:711 الباب 1 من أبواب النيّة الحديث 4. [4]
8- 8) غ:يتبع.
9- 9) غ:باللفظ.
10- 10) ح و ق:وجوبها.

إلى الإرادة،و هي من أفعال القلوب (1)،و لا أثر للنّطق (2)في اختصاص الأفعال بوجه دون آخر،فيسقط (3)اعتباره عملا بالأصل.

و قال بعض الشّافعيّة:يستحبّ أن يضاف إلى الاعتقاد (4)القلبيّ النّطق اللّسانيّ (5)،و آخرون منهم قالوا بالوجوب (6).و ليس شيئا.

مسألة:و هل هي شرط في الصلاة أو جزء منها؟الأقرب الأوّل

لأنّ الشّرط هو ما يقف عليه تأثير المؤثّر،أو ما يقف عليه صحّة الفعل،و هذا متحقّق فيها،و لأنّ النيّة مقارنة لأوّل جزء من الصّلاة أعني التّكبير،أو سابقة عليه،فلا يكون جزءا.

مسألة:و لا بدّ في الصلاة المكتوبة من نيّة التعيين و الفعل

بلا خلاف،لأنّ مجرّد ذكر الفعل و هو الصّلاة مثلا لا يتخصّص بمعيّنة دون أُخرى إلاّ بالنيّة،فيجب اعتبارها.

و لا بدّ من نيّة القربة بلا خلاف،لأنّ الإخلاص هو التّقرّب.

و يشترط أيضا نيّة الوجوب أو النّدب.ذهب إليه الشّيخ رحمه اللّه (7)و هو جيّد،خلافا لبعض الشّافعيّة (8)،و لبعض الحنابلة (9).

لنا:القصد (10)من النيّة تخصيص بعض الأفعال الّتي يمكن

ص:19


1- 1ح و ق:القلب.
2- 2) ح،ق و ن:للمنطق.
3- 3) غ:فسقط.
4- 4) ح و ق:الاعتبار.
5- 5) مغني المحتاج 1:150،السّراج الوهّاج:41.
6- 6) المجموع 3:277.
7- 7) المبسوط 1:101،الخلاف 1:103 مسألة-57.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:70،مغني المحتاج 1:149،السراج الوهّاج:49.
9- 9) المغني 1:544،الكافي لابن قدامة 1:161،الإنصاف 2:19،منار السّبيل 1:79.
10- 10) ن:المقصد.

وقوعها (1)على (2)الوجوه المختلفة،و نيّة التّعيين (3)غير كافية،إذ الظّهر مثلا يقع على النّافلة كظهر الصّبيّ و المعيد لها جماعة.

احتجّ المخالف بأنّ التّعيين (4)يغني عنها،إذ الظّهر لا يكون إلاّ فرضا (5).

و الجواب:قد بيّنّا وقوع الظّهر على أشياء مختلفة،و كلّ (6)ما أمكن أن يقع على أكثر من وجه واحد افتقر (7)اختصاصه بأحد الوجوه إلى النيّة.

مسألة:و لا بدّ من أن ينوي الأداء أو القضاء

لاشتراك المعيّنة بينهما،فلا بدّ من التّخصيص،خلافا لبعض النّاس (8).

احتجّوا بأنّ نيّة الفرض تنصرف إلى الحاضرة (9).و ليس بشيء؛لأنّ الحضور لا يكفي عن النّيّة كما لم يكف عن نيّة الوجوب.

فروع:
الأوّل:لو نوى الأداء فبان أنّ وقت الصّلاة كان قد خرج،فعلى ما اخترناه يلزمه الإعادة

،لأنّ الواجب عليه القضاء و لم ينوه فلا يقع فعله قضاء.

الثّاني:لو نوى القضاء لظنّه خروج الوقت،ثمَّ بان الكذب

فعلى ما اخترناه يلزمه

ص:20


1- 1ح و ق:وقوعه.
2- 2) ح و ق:بأعلى.
3- 3) ح و ق:التعيّن.
4- 4) ح و ق:التعيّن.
5- 5) المغني 1:544.
6- 6) م:فكلّ.
7- 7) ح و ق:فيعيّن.
8- 8) المهذّب للشّيرازيّ 1:70،المغني 1:544،الكافي لابن قدامة 1:161،المجموع 3:279،منار السّبيل 1: 79.
9- 9) المغني 1:544.

الإعادة أيضا لما قلناه.

الثّالث:تسقط نيّة التّعيين في صورة واحدة

(1)

عند بعض أصحابنا (2)،و هو ما إذا نسي تعيّن (3)الفائتة.

الرّابع:لو كان عليه ظهر و عصر فنوى بالصّلاة أداءهما لم يجزئ عن واحدة منهما

لأنّهما لا يتداخلان و لم ينو واحدة بعينها.

مسألة:و لا يشترط نيّة القصر و التمام

أمّا في مواضع لزوم أحدهما فلا يفتقر إلى نيّته (4)،لأنّ الفرض متعيّن له،و أمّا في مواضع التّخيير كالمسافر في أحد المواطن الأربعة، فلا يتعيّن أحدهما بالنيّة،بل جائز له أن يقتصر على الرّكعتين،و جائز أن يتمّ،فلا يحتاج أحدهما إلى التّعيين (5).

و النّافلة المعيّنة كالاستسقاء تفتقر إلى التّعيين،و الرّاتبة كنوافل الظّهر و غيرها لا تفتقر إلى التّعيين،و لا بدّ من نيّة التّقرّب و النّدب (6)في الجميع.

مسألة:و يشترط في النيّة مقارنتها لتكبير الافتتاح

ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشّافعيّ (7)،و ابن المنذر (8).و قال أبو حنيفة:يجوز أن تتقدّم على التكبير بالزمان اليسير (9).

ص:21


1- 1ح و ق:التعيّن.
2- 2) يظهر ذلك من المعتبر 2:412. [1]
3- 3) م،ن و غ:تعيين.
4- 4) ح،ق،م و غ:نيّة.
5- 5) م:التعيّن.
6- 6) غ و ن:في الندب.
7- 7) الامّ 1:99،المهذّب للشّيرازيّ 1:70،المجموع 3:277،المغني 1:546،بدائع الصّنائع 1:129.
8- 8) المغني 1:546.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 1:10،بدائع الصّنائع 1:129،المغني 1:546. [2]

لنا:قوله تعالى (وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (1).و الحال لبيان (2)هيئة الفاعل وقت الفعل،و قلنا:الإخلاص هو النّية،و لأنّ النيّة شرط فلا يجوز خلوّ العبادة عنها كغيرها من الشّرائط.

احتجّ بأنّها عبادة فجاز أن يتقدّم نيّتها عليها كالصّوم (3).

و الجواب:العمل بالآية أولى.

و يجب استدامة حكمها لتقع الأفعال منويّة،و لا يشترط استدامتها حقيقة،لما في ذلك من المشقّة و الحرج،فإنّ الإنسان قد يعرض ما يشغله عن استحضارها،فلو أوجبنا الاستدامة حقيقة لما انفكّ الإنسان من الصّلاة و ذلك ضرر عظيم،و نعني باستدامة حكمها أن لا ينوي قطع الصّلاة،و لو ذهل عنها أو زالت عن خاطره في أثناء الصّلاة لم يؤثّر ذلك في صحّتها.

فروع:
الأوّل:لو دخل في الصّلاة بنيّة متردّدة بين إتمامها و قطعها لم تصحّ صلاته

(4)

(5)لعدم النيّة،إذا لا جزم مع التّردّد.

الثّاني:لو دخل في الصّلاة بنيّة صحيحة،ثمَّ نوى قطعها و الخروج منها

أو أنّه سيخرج منها أو تردّد (6).

هل يخرج أم لا؟قال الشيخ في الخلاف:لا تبطل صلاته (7).و به قال

ص:22


1- 1البيّنة(98):5. [1]
2- 2) أثبتناها من نسخة ح.
3- 3) المغني 1:547.
4- 4) ح:لا تصحّ.
5- 5) غ:الصّلاة.
6- 6) ح و ق:يتردّد.
7- 7) الخلاف 1:103 مسألة-55.

أبو حنيفة (1).لأنّها عبادة صحّ دخوله فيها فلم تفسد بنيّة الخروج منها كالحجّ.و قال الشّافعيّ تبطل (2).[ثمَّ] (3)قال الشيخ:و يقوى في نفسي أنّها تبطل،لأنّه عمل بغير نيّة، و لأنّه حكم النيّة قبل إتمام صلاته ففسدت كما لو سلّم للخروج،و كذا مع التّردّد؛لأنّ استدامة النيّة شرط و مع التّردّد لا استدامة (4).و الأخير عندي أقرب.

الثّالث:لو عزم على فعل ما ينافي الصّلاة من حدث أو كلام أو ما أشبههما،ثمَّ لم يفعل لم تبطل صلاته

(5)

لأنّه بمجرّد النيّة لا يكون فاعلا و لا يكون رافعا لنيّته (6)الاولى.

الرّابع:قال الشّيخ في المبسوط:لو نوى بالقيام أو بالقراءة أو الرّكوع أو السّجود غير الصّلاة بطلت صلاته

لأنّه لا عمل إلاّ بنيّة يطابقها (7).

الخامس:لو نوى ببعض أفعال الصّلاة الرّياء بطلت صلاته

لأنّه فعل منهيّ عنه و النّهي يقتضي الفساد.

السّادس:يجوز نقل النيّة في مواضع

كمن صلّى و ذكر أنّ عليه فائتة،فإنّه يعدل نيّته إلى الفائتة،و كذا لو نقل الفرض إلى النفل في صورة الجماعة إذا طلب فضيلتها (8)أو سبق إلى غير صورة الجمعة،لورود النّص في مثل هذه و لا يجوز التّعديّ؛لأنّه خارج عن الأصل،فيقتصر فيه على مورد النّقل.

السّابع:لو شكّ هل نوى أو لا في الحال استأنف

لأنّ الأصل العدم،فإن انتقل

ص:23


1- 1المغني 1:545،المجموع 3:286.
2- 2) الاُمّ 1:100،المجموع 3:282،المغني 1:545.
3- 3) أضفناها لاستقامة العبارة.
4- 4) الخلاف 1:103 مسألة-55.
5- 5) م و ن:حرف.
6- 6) غ،ح و ق:لنيّة.
7- 7) المبسوط 1:102. [1]
8- 8) ح و ق:فضلها.

أو ذكر النيّة (1)استمرّ،لعدم المبطل و غلبة الظنّ بأنّ الانتقال بعد الإكمال.و لو عمل عملا مع الشّكّ الموجب للاستئناف لم يصحّ؛لأنّه عري عن النيّة و حكمها،فإنّ استصحاب حكمها مع الشّكّ لا يوجد.

و لو شكّ هل نوى فرضا أو نفلا و هو في الحال استأنف أيضا.

و في رواية عبد اللّه بن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل قام في صلاة فريضة فصلّى ركعة و هو ينوي (2)أنّها نافلة؟فقال:«هي الّتي قمت فيها و لها»و قال:«إذا قمت و أنت تنوي الفريضة فدخلك الشّكّ بعد فأنت في الفريضة على الّذي قمت له،و إن كنت دخلت فيها و أنت تنوي نافلة،ثمَّ إنّك تنويها بعد فريضة فأنت في النّافلة،و إنّما يحسب للعبد من صلاته الّتي ابتدأ في أوّل صلاته» (3).و المراد بهذه الرّواية الاستمرار بعد الانتقال.

و لو شكّ هل أحرم بظهر أو عصر في الحال استأنف أيضا؛لأنّ التّعيين (4)شرط و قد زال بالشّكّ.

الثّامن:لو تأخّرت النيّة عن التكبير لم يصحّ

لأنّه يقتضي وقوع بعض الأفعال غير منويّ.و قال بعض الحنفيّة:إن كان بحال لو سئل عن صلاته أيّ صلاة يصلّي فأجاب بغير تكلّف جاز (5).و ليس شيئا.

و قال آخرون منهم:لو توضّأ بنيّة الصّلاة و لم يشتغل فيما بين ذلك بشيء من أعمال الدّنيا كفته تلك النّيّة و جازت صلاته (6)،و قد بيّنّا فساده.

ص:24


1- 1ن،ح و ق:للنيّة.
2- 2) غ،م و ن:يرى.
3- 3) التّهذيب 2:382 الحديث 1594،الوسائل 4:712 الباب 2 من أبواب النيّة الحديث 3. [1]
4- 4) غ:اليقين.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:10،بدائع الصّنائع 1:129.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:129.
التّاسع:لا بدّ من نيّة الائتمام للمأموم و لا يفتقر الإمام إلى ذلك

و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

البحث الثالث:في تكبيرة الإحرام
اشارة

و إنّما أخّرناه عن النّيّة،لتقدّمها عليه إمّا حكما أو وجودا،و أخّرناهما عن القيام؛ لأنّه شرط في صحّتهما.و قد أجمع المسلمون على أنّ التكبير واجب في الصّلاة،و هو ركن عندهم عدا الزّهريّ،و الأوزاعيّ،فإنّهما قالا:لو (1)أخلّ به المصلّي عامدا بطلت صلاته، و لو أخلّ به ناسيا (2)أجزأته تكبيرة الرّكوع (3).و به قال سعيد بن المسيّب (4)،و الحسن، و قتادة،و الحكم (5).

لنا:قوله عليه السّلام:«تحريمها التّكبير» (6)دلّ على أنّ الدّخول في الصّلاة متوقّف عليه،و هو شامل للعمد و السّهو.

و ما رواه رفاعة (7)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا يقبل اللّه صلاة امرئ

ص:25


1- 1ن:إذ.
2- 2) غ:ساهيا.
3- 3) المغني 1:541،المجموع 3:291.
4- 4) المغني 1:541،المجموع 3:291.
5- 5) المغني 1:541،المجموع 3:291.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275،سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن التّرمذيّ 1:8 الحديث 3، [1]سنن الدّارميّ 1:175،مسند أحمد 1:123.
7- 7) رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان،أبو معاذ الزرقيّ،شهد بدرا و سائر المشاهد،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبي بكر و عبادة بن الصّامت،و عنه ابناه:عبيد و معاذ،و ابن أخيه يحيى بن خلاّد بن رافع و ابنه عليّ بن يحيى.و قال ابن عبد البرّ:شهد رفاعة مع عليّ عليه السّلام الجمل و صفّين.مات سنة 42 ه. أُسد الغابة 2:178، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:501، [3]تهذيب التّهذيب 3:281. [4]

حتّى يضع الطّهور مواضعه ثمَّ يستقبل القبلة و يقول:اللّه أكبر» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرّجل ينسى (2)تكبيرة الافتتاح؟قال:«يعيد» (3).

و في الصحيح،عن محمّد،عن أحدهما عليهما السّلام في الّذي يذكر أنّه لم يكبّر في أوّل صلاته،فقال:«إذا استيقن أنّه لم يكبّر فليعد و لكن كيف يستيقن؟!» (4).و عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل ينسى (5)أن يفتتح الصّلاة حتّى يركع؟ قال:«يعيد الصّلاة» (6).

و عن ذريح المحاربيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ينسى (7)أن يكبّر حتّى قرأ؟قال:«يكبّر» (8).

و إعادة التّكبير يستلزم إعادة النّية؛لما بيّنّا من وجوب المقارنة (9).لا يقال:قد روى الشّيخ في الصحيح،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام

ص:26


1- 1سنن أبي داود 1:227 الحديث 858،المستدرك للحاكم.1:241،بتفاوت،المغني 1:540.
2- 2) ق:نسي.
3- 3) التّهذيب 2:143 الحديث 557،الاستبصار 1:351 الحديث 1326،الوسائل 4:715 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [1]
4- 4) التّهذيب 2:143 الحديث 558،الاستبصار 1:351 الحديث 1327،الوسائل 4:716 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [2]
5- 5) ن:نسي.
6- 6) التّهذيب 2:143 الحديث 560،الاستبصار 1:351 الحديث 1329،الوسائل 4:716 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 5. [3]
7- 7) غ،م،و ن:نسي.
8- 8) التّهذيب 2:143 الحديث 559،الاستبصار 1:351 الحديث 1328،الوسائل 4:716 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 4. [4]
9- 9) يراجع:ص 21.

قال:قلت له:رجل نسي أن يكبّر تكبيرة الافتتاح حتّى كبّر للركوع،فقال:«أجزأه» (1).

و في الصحيح،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل نسي أن يكبّر حتّى دخل في الصّلاة؟فقال:«أ ليس كان من نيّته أن يكبّر؟» قلت:نعم،قال:«فليمض في صلاته» (2).

لأنّا نقول:إنّهما محمولان على من نسي و لم يتيقّن (3)التّرك بل شكّ فيه،عملا بالجمع بين الأحاديث.

و يؤيّده:ما رواه الفضل بن عبد الملك و ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في الرّجل يصلّي و لم يفتتح بالتّكبير هل تجزئه تكبيرة الرّكوع؟قال:«لا،بل يعيد صلاته إذا حفظ أنّه لم يكبّر» (4).و كذا قوله عليه السّلام:«و لكن كيف يستيقن؟!» (5).

و كذا ما ورد في هذا الباب.

مسألة:و تكبيرة الإحرام جزء من الصّلاة لا يكون المصلّي داخلا في الصّلاة

إلاّ بإكمالها

قاله الشّيخ في الخلاف (6)،خلافا لأصحاب أبي حنيفة (7).

لنا:قوله عليه السّلام في الصّلاة:«إنّما هي التّسبيح و التّكبير و قراءة القرآن» (8).

ص:27


1- 1التّهذيب 2:144 الحديث 566،الاستبصار 1:353 الحديث 1334،الوسائل 4:718 الباب 3 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:144 الحديث 565،الاستبصار 1:352 الحديث 1330،الوسائل 4:717 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 9. [2]
3- 3) غ:يتعيّن.
4- 4) الكافي 3:347 الحديث 2، [3]التهذيب 2:143 الحديث 562،الاستبصار 1:352 الحديث 1333،الوسائل 4: 718 الباب 3 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [4]
5- 5) التّهذيب 2:143 الحديث 558،الاستبصار 1:351 الحديث 1327،الوسائل 4:716 الباب 2 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [5]
6- 6) الخلاف 1:107 مسألة-67.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:195،عمدة القارئ 5:268،المغني 1:544،المجموع 3:290.
8- 8) صحيح مسلم 1:381 الحديث 535،سنن النّسائيّ 3:17،مسند أحمد 5:447.

احتجّ المخالف (1)بقوله عليه السّلام:«تحريمها التّكبير» (2).أضاف التكبير إلى الصّلاة، و الشّيء لا يضاف إلى نفسه.و هو خطأ،لأنّ الإضافة تقتضي المغايرة،و لا ريب في مغايرة الشّيء لجزئه،فما ذكروه لا يدلّ على مطلوبهم.

مسألة:و الصيغة الّتي تنعقد بها الصّلاة:اللّه أكبر

و عليه علماؤنا،و هو قول أحمد (3).و للجمهور خلاف في مواضع.

الأوّل:قال أبو حنيفة:تنعقد الصّلاة بكلّ اسم للّه تعالى على وجه التّعظيم،كقوله:

اللّه (4)عظيم،أو جليل،أو سبحان اللّه و نحوه (5).و الباقي ذهبوا إلى تعيين التّكبير كما اخترناه.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«تحريمها التّكبير» (6).

و في حديث رفاعة،عنه صلّى اللّه عليه و آله:«ثمَّ يستقبل القبلة و يقول:اللّه أكبر» (7).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث (8).

احتجّ بأنّه ذكر اللّه تعالى على وجه التّعظيم،فأشبه قوله:اللّه أكبر،و بالقياس على الخطبة حيث لم يتعيّن لفظها (9).

ص:28


1- 1المغني 1:544.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275،سنن التّرمذيّ 1:8 الحديث 3،سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن الدّارميّ 1:175.
3- 3) المغني 1:540،الكافي لابن قدامة 1:163،الإنصاف 2:41،منار السّبيل 1:82.
4- 4) ح و ق بزيادة:أعظم أو.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:35،عمدة القارئ 5:268،الهداية للمرغينانيّ 1:47،بداية المجتهد 1:123، المغني 1:540.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275،سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن التّرمذيّ 1:8 الحديث 3،سنن الدّارميّ 1:175،مسند أحمد 1:123.
7- 7) سنن أبي داود 1:227 الحديث 858،المستدرك للحاكم 1:241 بتفاوت في الألفاظ،المغني 1:540.
8- 8) تقدّم في ص 25.
9- 9) المغني 1:540.

و الجواب عن الأوّل:أنّه قياس في معارضة النّصّ (1)فلا يكون مقبولا،و ينتقض بقوله:اللّهمّ اغفر لي.و الفرق بينه و بين الخطبة ظاهر،إذ لم يرد عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيها لفظ معيّن،و المقصود الاتّعاظ (2).

الثّاني:الّذي نذهب إليه،الإتيان بلفظ اللّه أكبر،لأنّه لا تنعقد الصّلاة بمعناها و لا بغير العربيّة مع القدرة.و به قال الشّافعيّ (3)،و أبو يوسف،و محمد (4).و قال أبو حنيفة:

يجزئه (5).

لنا:ما تقدّم و ما ثبت بالتّواتر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يداوم على هذه الصّيغة،و كان ذلك بيانا للواجب فيكون واجبا،و لقوله عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (6).

احتجّ أبو حنيفة (7)بقوله تعالى (وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى) (8).و هذا قد ذكر.

و الجواب:أنّه إخبار عن ذكر اللّه تعالى و هو غير مبيّن،و فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مبيّن له فيقتصر عليه.

ص:29


1- 1ن:للنّصّ.
2- 2) غ:الإيقاظ.
3- 3) الاُمّ 1:100،المغني 1:542،المبسوط للسّرخسيّ 1:37،المجموع 3:301.
4- 4) المغني 1:542،المبسوط للسّرخسيّ 1:36،المجموع 3:301.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:37،الهداية للمرغينانيّ 1:47، [1]المغني 1:542،مغني المحتاج 1:152.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [2]سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
7- 7) المغني 1:542،المجموع 3:301. [3]
8- 8) الأعلى(87):15. [4]
فرع:

لو لم (1)يحسن العربيّة وجب عليه التّعلّم،فإن خشي الفوات كبّر بلغته.و به قال الشّيخ في المبسوط (2)،و هو اختيار الشّافعيّ (3).

و قال قوم من الجمهور:يكون كالأخرس (4).

لنا:أنّ التّكبير ذكر،فإذا تعذّر اللّفظ أتى بعناه تحصيلا لفائدة المعنى.

الثّالث:لو أتى بلفظ أكبر معرّفا فقال:اللّه الأكبر لم يصحّ.و به قال الشّيخ في المبسوط (5)،و أكثر أهل العلم قالوا به (6).و قال الشّافعيّ:تنعقد بها (7).و اختاره ابن الجنيد منّا (8).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث رفاعة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«و يقول اللّه أكبر» (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد وصف له الصّلاة:«و قال بخشوع:اللّه أكبر» (10).و بيان الواجب واجب، و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يداوم على هذه الصيغة،و لو لم تكن متعيّنة (11)لعدل

ص:30


1- 1م:لو عجز من لم.
2- 2) المبسوط 1:103.
3- 3) الاُمّ 1:100،المجموع 3:293،مغني المحتاج 1:152،المغني 1:543.
4- 4) المغني 1:543،الكافي لابن قدامة 1:163.
5- 5) المبسوط 1:102.
6- 6) المغني 1:540،المجموع 3:292.
7- 7) المغني 1:540،المجموع 3:292،مغني المحتاج 1:151،السراج الوهّاج:41.
8- 8) نقله عنه في المعتبر 2:152. [1]
9- 9) سنن أبي داود 1:227 الحديث 858،المستدرك للحاكم 1:241،المغني 1:540.
10- 10) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
11- 11) م:معيّنة.

عنها في بعض الأوقات.

قال الشّافعيّ:إنّه لم يغيّر البنية (1)و لا المعنى (2)،و هو ضعيف،لأنّه قبل التّعريف كان متضمّنا لإضمار أو تقدير فزال،فإنّ قوله:اللّه أكبر معناه من كلّ شيء.

الرّابع:التّرتيب شرط فيها فلو عكس فقال:الأكبر اللّه أو أكبر اللّه لم تنعقد صلاته.و هو قول أحمد (3)،خلافا لبعض الشّافعيّة (4)،و لأبي حنيفة (5).

لنا:ما تقدّم،و لأنّه لا يسمّى حينئذ تكبيرا.

الخامس:قال في المبسوط:يجب أن يأتي ب«أكبر»،على وزن أفعل،فلو مدّ (6)خرج عن المقصود (7)،لأنّه حينئذ يصير جمع«كبر»و هو الطّبل (8).و هو جيّد مع القصد،أمّا مع عدمه فإنّه بمنزلة مدّ الألف.و لأنّه قد ورد الإشباع في الحركات إلى حيث ينتهي إلى الحروف في لغة العرب و لم يخرج بذلك عن الوضع.و كذا لا ينبغي له أن يمدّ الهمزة الاُولى من لفظ (9)اللّه،لأنّه يصير (10)مستفهما،فإن قصده بطلت (11).

مسألة:الأخرس ينطق بالممكن

فإن تعذّر النّطق أصلا قال الشّيخ:

يكبّر بالإشارة بإصبعه و يومئ (12).و قال بعض الجمهور:يسقط فرضه

ص:31


1- 1م و ح:النيّة.
2- 2) الاُمّ 1:100،المغني 1:540.
3- 3) المغني 1:542.
4- 4) المجموع 3:292،حلية العلماء 2:90.
5- 5) لم نعثر عليه.
6- 6) أي مدّ حركة الباء فيقول:أكبار.
7- 7) ح،م و ق:المقصد.
8- 8) المبسوط 1:102. [1]
9- 9) غ:لفظة.
10- 10) غ و ق:ينفي،م و ن:يبقي.
11- 11) م،غ و ن:بطل.
12- 12) المبسوط 1:103.

عنه (1).

لنا:أنّ الصحيح يجب عليه النّطق بتحريك لسانه،و العجز عن أحدهما لا يسقط الآخر.قالوا:الإشارة و حركة اللّسان يتبع اللّفظ،فإذا سقط فرضه سقطت توابعه.و هو باطل،لأنّ إسقاط أحد الواجبين لا يستلزم إسقاط الآخر،و عندي فيه نظر.

مسألة:و يجب على المصلّي أن يسمع نفسه بالتّكبير إن كان صحيح السّمع و إلاّ أتى بما لو كان صحيحا سمعه

لأنّه ذكر،محلّه اللّسان،و لا يحصل إلاّ بالصّوت،و الصّوت ما يمكن سماعه،و أقرب السّامعين نفسه،فمتى لم يسمعه لم يعلم إتيانه (2)بالقول،و الرّجل و المرأة في ذلك سواء.

مسألة:و يجب أن يكبّر قائما

لأنّه جزء من الصّلاة المشترطة (3)به مع القدرة،فلو اشتغل بالتّكبير و هو آخذ في القيام لم يتمّه أو انحنى إلى الرّكوع مثلا،بأن كان مأموما قبل إكماله بطلت صلاته.و قال الشّافعيّ:إن انحنى قبل إكماله و كانت فرضا بطلت و انعقدت نافلة (4).و هو باطل،لأنّها إذا بطلت لم تنعقد نافلة،لأنّه لم ينو النّافلة.

مسألة:و لو أخلّ بحرف منها لم تنعقد صلاته

لأنّ الإخلال بالجزء يستلزم الإخلال بالجميع.

و كذا لو قال:اللّه أكبر بالتّقطيع،لأنّ التّعظيم إنّما يحصل بالإخبار و مع التّقطيع يكون بمنزلة الأصوات الّتي ينعق (5)بها و لا يكون تركيبها دالاّ على شيء،و فيه إخلال بالجزء الصّوريّ.

مسألة:و روى علماؤنا استحباب التّوجّه بسبع تكبيرات إحداها تكبيرة الإحرام

ص:32


1- 1المغني 1:543،الكافي لابن قدامة 1:164.
2- 2) غ:إثباته.
3- 3) ح و ق:المشترط.
4- 4) المجموع 3:296.
5- 5) هامش ح:ينطق.

و هي واجبة.

روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن أبي عمير،عن زيد الشحّام قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الافتتاح؟فقال:«تكبيرة تجزئك»قلت:فالسّبع (1)؟قال«ذلك الفضل» (2).

و في الصحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«التّكبيرة الواحدة في افتتاح الصّلاة تجزئ،و الثّلاث أفضل،و السّبع أفضل كلّه» (3).

و في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا افتتحت الصّلاة فارفع كفّيك،ثمَّ ابسطهما بسطا،ثمَّ كبّر ثلاث تكبيرات ثمَّ قل:اللّهمّ أنت الملك الحقّ (4)لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي إنّه لا يغفر الذّنوب إلاّ أنت،ثمَّ كبّر (5)تكبيرتين،ثمَّ قل:لبّيك و سعديك،و الخير في يديك،و الشرّ ليس إليك،و المهديّ من هديت،لا ملجأ (6)منك إلاّ إليك سبحانك و حنانيك،تباركت و تعاليت،سبحانك ربّ البيت،ثمَّ تكبّر تكبيرتين،ثمَّ تقول: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ ،عالم الغيب و الشّهادة،حنيفا مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين،ثمَّ تعوّذ من الشّيطان،ثمَّ اقرأ فاتحة الكتاب» (7).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا افتتحت الصّلاة فكبّر إن شئت واحدة،و إن شئت ثلاثا،و إن شئت خمسا،و ان شئت سبعا كلّ ذلك مجزي عنك

ص:33


1- 1ق:بسبع.
2- 2) التّهذيب 2:66 الحديث 241،الوسائل 4:713 الباب 1 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [1]
3- 3) التّهذيب 2:66 الحديث 242،الوسائل 4:714 الباب 1 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 4. [2]
4- 4) ح بزيادة:المبين،ق بزيادة:الّذي.
5- 5) غ:تكبّر.
6- 6) ح:منجى.
7- 7) التّهذيب 2:67 الحديث 244،الوسائل 4:723 الباب 8 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [3]

غير أنّك إذا كنت إماما لم تجهر إلاّ بتكبيرة واحدة» (1).

قال أصحابنا:و المصلّي بالخيار أيّها شاء جعلها تكبيرة الإحرام،فإن نوى بها أوّل التّكبيرات وقعت البواقي في الصّلاة،و له أن ينوي الأخيرة و الوسطى و أيّها شاء (2).

فروع:
الأوّل:لا خلاف بين علمائنا في استحباب التّوجّه بسبع تكبيرات بالأدعية

المأثورة

واحدة منها تكبيرة الإحرام في أوّل كلّ فريضة.و قال بعض الجمهور:ليس قبل تكبيرة الإحرام دعاء مسنون (3). (4)

لنا:ما تقدّم من الأحاديث.

احتجّ المخالف بقوله تعالى «فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (5).و ليس فيه حجّة،لأنّ الرّغبة إليه بالدّعاء أتمّ من التّكبير و القراءة.

الثّاني:قال الشّيخ في النهاية و المبسوط ،و المفيد في المقنعة:يستحبّ التّوجّه بسبع تكبيرات بينهنّ ثلاثة أدعية في سبعة مواضع

(6)

في أوّل كلّ فريضة،و أوّل صلاة اللّيل و الوتر،و أوّل نافلة الزّوال،و أوّل نافلة المغرب،و أوّل ركعتي الإحرام،و في الوتيرة (7).

و قال في الخلاف:يستحبّ في مواضع مخصوصة من النّوافل (8).و قال في التّهذيب:ذكر

ص:34


1- 1التّهذيب 2:66 الحديث 239.و فيه:فكلّ ذلك،مكان:كلّ ذلك.الوسائل 4:721 الباب 7 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 3.و [1]فيه:و كلّ ذلك.(واحدة)ليست في المصادر.
2- 2) منهم:الشّيخ الطّوسيّ في المبسوط 1:104،و [2]المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:79. [3]
3- 3) ح و ق:منقول.
4- 4) المغني 1:550،المجموع 3:321، [4]بداية المجتهد 1:123.
5- 5) الانشراح(94):7،8. [5]
6- 6) النّهاية:73، [6]المبسوط 1:104. [7]
7- 7) المقنعة:17. [8]
8- 8) الخلاف 1:107 مسألة-65.

ذلك عليّ بن الحسين بن بابويه في رسالته و لم أجد به (1)خبرا مسندا (2).

و لو قيل باستحباب ذلك في كلّ صلاة كان حسنا،عملا بالإطلاق،و لما فيه من الذّكر.

الثالث:روى الشّيخ في الموثّق،عن زرارة قال:رأيت أبا جعفر عليه السّلام أو قال:سمعته استفتح الصّلاة بسبع تكبيرات ولاء .

(3)

و في الصّحيح،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أخفّ ما يكون من التّكبير في الصّلاة؟قال:«ثلاث تكبيرات فإذا كنت إماما فإنّه يجزئك أن تكبّر واحدة تجهر فيها و تسرّ ستّا» (4).

الرّابع:التّوجّه بالأدعية مستحبّ

لما تقدّم (5).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«يجزئك في الصّلاة من الكلام في التّوجّه إلى اللّه تبارك و تعالى أن تقول وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ على ملّة إبراهيم حنيفا مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ،لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين، و يجزيك تكبيرة واحدة» (6).و هذا الدّعاء يكون بعد تكبيرة الافتتاح،ثمَّ يتعوّذ باللّه من الشّيطان الرّجيم،ثمَّ يقرأ الحمد.

قال الشّيخ في النّهاية:و إن قال في التّوجّه:وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات و الأرض على ملّة إبراهيم و دين محمّد و منهاج عليّ حنيفا مسلما إلى آخر الكلام كان

ص:35


1- 1ح:له.
2- 2) التّهذيب 2:94.
3- 3) التّهذيب 2:287 الحديث 1152،الوسائل 4:721 الباب 7 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [1]
4- 4) التّهذيب 2:287 الحديث 1151،الوسائل 4:730 الباب 12 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [2]
5- 5) تقدّم في ص 34. [3]
6- 6) التّهذيب 2:67 الحديث 245،الوسائل 4:724 الباب 8 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [4]

أفضل (1).و قاله ابن بابويه في كتابه (2).

مسألة:و يستحبّ رفع اليدين بالتّكبير

بلا خلاف بين أهل العلم في فرائض الصّلوات و نوافلها.

روى الجمهور،عن ابن عمر قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا افتتح الصّلاة رفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه،و إذا أراد أن يركع،و بعد ما يرفع رأسه من الرّكوع (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام حين افتتح الصّلاة يرفع يديه أسفل من وجهه قليلا (4).

و في الصّحيح،عن صفوان بن مهران قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام إذا كبّر في الصّلاة رفع يديه حتّى يكاد يبلغ اذنيه (5).

و في الصّحيح،عن ابن سنان قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح (6).

و اختلف في حدّه،فقال الشّيخ:يحاذي بهما شحمتي اذنيه (7).و هو اختيار أبي حنيفة (8).و قال الشّافعيّ:يرفعهما إلى حدّ المنكبين (9).

ص:36


1- 1النّهاية:70. [1]
2- 2) الفقيه 1:199.
3- 3) صحيح مسلم 1:292 الحديث 390،سنن ابن ماجه 1:279 الحديث 858،سنن التّرمذيّ 2:35 الحديث 255، [2]سنن أبي داود 1:192 الحديث 722.
4- 4) التّهذيب 2:65 الحديث 234،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 2:65 الحديث 235،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [4]
6- 6) التّهذيب 2:66 الحديث 236،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 3. [5]
7- 7) المبسوط 1:103.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 1:11،الهداية للمرغينانيّ 1:46،عمدة القارئ 5:272،بداية المجتهد 1:134.
9- 9) الاُمّ 1:104،المجموع 3:305، [6]مغني المحتاج 1:152،السّراج الوهّاج:42،المغني 1:547،بداية المجتهد 1: 134.

لنا:ما رواه الجمهور،عن وائل بن حجر (1)و مالك بن الحويرث،عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يرفع يديه إذا كبّر حتّى يحاذي بهما اذنيه (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه أبو بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا افتتحت الصّلاة و كبّرت فلا تجاوز أُذنيك» (3).

و في رواية عمّار،رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يرفعهما (4)حيال وجهه (5).

احتجّوا بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله رفع يديه إلى المنكبين (6).

و الجواب:ما ذكرناه أولى،لأنّه أحوط،و لو فعل أيّهما شاء كان جائزا.

فروع:
الأوّل:لو نسيه و ذكر قبل انتهاء التّكبير رفع يديه مستحبّا

و لو انتهى لم يرفع، سواء تركه عمدا أو سهوا لفوات محلّه.

الثّاني:يستحبّ مدّ الأصابع و ضمّها و الاستقبال بباطنهما القبلة عند التّكبير.

(7)

و قال السيّد المرتضى (8)و ابن الجنيد:يجمع بين الأربع و يفرّق الإبهام (9).و قال الشّافعي:

يفرّق أصابعه (10).

ص:37


1- 1سنن ابن ماجه 1:281 الحديث 867،سنن أبي داود 1:192 الحديث 724،726 و 728.
2- 2) صحيح مسلم 1:293 الحديث 391،سنن ابن ماجه 1:279 الحديث 859.
3- 3) التّهذيب 2:65 الحديث 233،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 5. [1]
4- 4) ح:رفعهما.
5- 5) التّهذيب 2:66 الحديث 236،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 3.و في الجميع عن ابن سنان.
6- 6) الاُمّ 1:103،المغني 1:547،المجموع 3:306،مغني المحتاج 1:152.
7- 7) ح:بباطنها.
8- 8) نقله عنه في المعتبر 2:156. [2]
9- 9) نقله عنه في المعتبر 2:156. [3]
10- 10) المجموع 3:307،المغني 1:548،الشرح الكبير بهامش المغني 1:547.

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة أنّ (1)النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا دخل في الصّلاة رفع يديه مدّا (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و لا تشبّك أصابعك،و لتكونا على فخذيك قبالة ركبتيك» (3).

و في الحسن،عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد وصف الصّلاة،فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه (4).

احتجّ الشّافعيّ (5)بما رواه أبو هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان ينشر أصابعه (6).و لا حجّة فيه،لأنّ النّشر يحصل ببسط الكفّ و إن كانت الأصابع مضمومة،كما يقال:نشرت الثّوب و هو لا يقتضي التّفريق.

و في رواية منصور بن حازم قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام افتتح الصّلاة فرفع يديه حيال وجهه و استقبل القبلة ببطن كفّيه (7).

الثالث:لو كانت يده تحت ثيابه استحبّ له أن يرفعهما

عملا بعموم الأمر.و روى وائل بن حجر قال:أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصّلاة (8).

الرّابع:الإمام و المأموم و المنفرد و المتنفّل و المفترض و الرّجل و المرأة في استحباب ذلك على السّواء

عملا بالعموم.

ص:38


1- 1في النّسخ:عن،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) سنن التّرمذيّ 2:5 ذيل الحديث 239 و ص 6 الحديث 240، [1]سنن البيهقيّ 2:27.
3- 3) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث 3. [2]
4- 4) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [3]
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:71،المغني 1:548،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:547.
6- 6) سنن التّرمذيّ 2:5 الحديث 239،سنن البيهقيّ 2:27.
7- 7) التّهذيب 2:66 الحديث 240،الوسائل 4:726 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 6. [4]
8- 8) سنن أبي داود 1:194 الحديث 729.
الخامس:يكره أن يتجاوز بهما رأسه

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا افتتحت و كبّرت فلا تجاوز أُذنيك،و لا ترفع يديك فتجاوز بهما رأسك» (1).

و عن عليّ عليه السّلام أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرّ برجل يصلّي و قد رفع يديه فوق رأسه فقال:«ما لي أرى قوما يرفعون أيديهم فوق رؤوسهم كأنّها آذان خيل شمس» (2).

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يسمع من خلفه التّكبير

و لا نعرف فيه خلافا، ليحصل لهم المتابعة،فإنّهم لا يجوز لهم أن يكبّروا قبل تكبيره.

و في رواية الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإن كنت إماما أجزأك أن تكبّر واحدة تجهر بها و تسرّ ستّا» (3).

فروع:
الأوّل:لا يشترط العلوّ المفرط في ذلك

بل ما يسمعه المجاورون له.

الثّاني:إذا لم يمكنه إسماعهم لكثرتهم،أسمع من يليه

و يسمع المأموم غيره.

الثالث:لا يستحبّ للإمام أن يجهر بغير تكبيرة الإحرام من السّبع

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و تسرّ ستّا».

و في رواية أبي بصير،عنه عليه السّلام:«فإن كنت إماما لم تجهر إلاّ بتكبيرة الإحرام» (4).و لأنّه ربّما التبس على المأمومين،فدخلوا معه في الصّلاة و إن لم يتلبّس هو بها.

ص:39


1- 1التّهذيب 2:65 الحديث 233،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 5. [1]
2- 2) المعتبر 2:157، [2]الوسائل 4:729 الباب 10 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 4. [3]
3- 3) التّهذيب 2:287 الحديث 1151،الوسائل 4:730 الباب 12 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [4]
4- 4) التّهذيب 2:66 الحديث 239،الوسائل 4:721 الباب 7 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 3. [5]في المصادر: بدون كلمة:(الإحرام).
الرّابع:لا يستحبّ للمأموم أن يسمع الإمام ذلك

(1)

لعدم الفائدة و فقد النّص الدالّ عليه.

مسألة:و يستحبّ التعوّذ أمام القراءة بعد التّوجّه

و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال الحسن،و ابن سيرين،و عطاء،و الثّوريّ،و الأوزاعيّ (2)،و الشّافعيّ (3)، و إسحاق (4)،و أحمد (5)،و أصحاب الرّأي (6).و قال مالك:لا يستحبّ في الفريضة و يستحبّ في قيام رمضان (7)،و حكي عن محمّد بن سيرين أنّه كان يتعوّذ بعد القراءة (8).

لنا:قوله تعالى (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (9).

و الأصل الإجراء على العموم إلى أن (10)يظهر المخصّص.

و ما رواه الجمهور،عن أبي سعيد الخدريّ،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا قام إلى الصّلاة استفتح،ثمَّ يقول:«أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم» (11).

ص:40


1- 1ح و ق:لا يجب.
2- 2) المغني 1:554،الشرح الكبير بهامش المغني 1:551،المجموع 3:325.
3- 3) الاُمّ 1:107،المجموع 3:325،مغني المحتاج 1:156،السّراج الوهّاج:43،حلية العلماء 2:99،المغني 1: 554،الشرح الكبير بهامش المغني 1:551،المحلّى 3:247.
4- 4) المغني 1:554،المجموع 3:325.
5- 5) المغني 1:554،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:551،الإنصاف 2:119، [1]زاد المستقنع:12،المجموع 3:325.
6- 6) المبسوط للسّرخسيّ 1:13،بدائع الصّنائع 1:202،الهداية للمرغينانيّ 1:48، [2]المحلّى 3:247،مجمع الأنهر: 95،شرح فتح القدير 1:252-253،المغني 1:554،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:551،المجموع 3:325.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:64،المغني 1:554،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:552،المجموع 3:325،فتح العزيز بهامش المجموع 3:304،المحلّى 3:247،ميزان الكبرى 1:139،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:42، حلية العلماء 2:99.
8- 8) المجموع 3:325، [3]رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:42،ميزان الكبرى 1:139،حلية العلماء 2:99.
9- 9) النّحل(16):98. [4]
10- 10) ح:إلاّ إذا.
11- 11) سنن أبي داود 1:206 الحديث 775،سنن التّرمذيّ 2:9 الحديث 242، [5]سنن الدّارميّ 1:282، [6]مسند أحمد 3: 50. [7]

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«ثمَّ تعوّذ من الشيطان،ثمَّ اقرأ فاتحة الكتاب» (1).و لأنّ وسوسة الشّيطان إنّما تعرض عند اشتغال العبد بالطّاعات،فيستحبّ التعوّذ منه دفعا لمفسدته.

احتجّ مالك (2)بما رواه أنس،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يفتتح الصّلاة بالحمد للّه ربّ العالمين (3).

و الجواب:المراد بالصّلاة هاهنا (4)القراءة،كما روى أبو هريرة،أنّ اللّه تعالى قال:

«قسمت الصّلاة بيني و بين عبدي نصفين» (5).و فسّر ذلك بالفاتحة،و كلام ابن سيرين ضعيف.

فروع:
الأوّل:صورة التعوّذ أن يقول:أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم

و هو قول أبي حنيفة (6)،و الشّافعيّ (7)،لأنّه لفظ القرآن المجيد.و لو قال:أعوذ باللّه السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم،قال الشّيخ:كان جائزا (8)،لقوله تعالى (فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (9).

ص:41


1- 1التّهذيب 2:67 الحديث 244،الوسائل 4:723 الباب 8 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:554،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:552.
3- 3) صحيح مسلم 1:299 الحديث 399،سنن ابن ماجه 1:267 الحديث 813،سنن التّرمذيّ 2:15 الحديث 246.
4- 4) ح و ق:هنا.
5- 5) صحيح مسلم 1:296 الحديث 395،سنن ابن ماجه 2:1243 الحديث 3784،سنن أبي داود 1:216 الحديث 821،سنن التّرمذيّ 5:201 الحديث 2953،سنن النّسائيّ 2:135،موطّإ مالك 1:84 الحديث 39، [2]مسند أحمد 2:241،285،460. [3]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 1:13،الهداية للمرغينانيّ 1:48،المغني 1:554.
7- 7) الاُمّ 1:107،المجموع 3:325، [4]مغني المحتاج 1:156،السّراج الوهّاج:43،المغني 1:554.
8- 8) المبسوط 1:104. [5]
9- 9) فصّلت(41):36. [6]
الثّاني:قال الشّيخ:يستحبّ الإسرار به و لو جهر لم يكن به بأس

(1).

و في رواية حنّان بن سدير قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام فتعوّذ بإجهار،ثمَّ جهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم (2).

الثّالث:يستحبّ التعوّذ في أوّل ركعة من الصّلاة خاصّة

ثمَّ لا يستحبّ في باقي الرّكعات.و هو مذهب علمائنا،و قول عطاء،و الحسن،و النّخعيّ،و الثّوريّ (3).و قال الشّافعيّ (4)،و ابن سيرين:يتعوّذ في كلّ ركعة (5).

لنا:القصد هو التعوّذ من الوسوسة و هو حاصل في أوّل الرّكعة فيكتفى به في الباقي.

و ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا نهض من الرّكعة الثّانية استفتح بقراءة الحمد (6).رواه مسلم.

الرّابع:لو تركها عمدا أو نسيانا حتّى قرأ مضى في قراءته و لا يعيدها و لا في الرّكعة الثّانية،

خلافا لبعض الجمهور (7).

لنا:فعل فات محلّه فيفوت بفواته كالاستفتاح.

الخامس:المأموم إذا أدرك الإمام بعد فوات الاُولى لم يستفتح و لا يتعوّذ

(8)

و لا إذا فرغ الإمام و قام (9)لتمام صلاته.و قال أحمد:يستفتح و يتعوّذ إذا فارق الإمام (10)بناء منه

ص:42


1- 1المبسوط 1:105. [1]
2- 2) التّهذيب 2:289 الحديث 1158،الوسائل 4:758 الباب 21 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 3. [2]
3- 3) المجموع 3:326،المغني 1:606.
4- 4) الاُمّ 1:107،المجموع 3:326،مغني المحتاج 1:156،السّراج الوهّاج:43.
5- 5) المجموع 3:326،المحلّى 3:249،المغني 1:606.
6- 6) صحيح مسلم 1:419 الحديث 599.
7- 7) المجموع 3:324،مغني المحتاج 1:156،الإنصاف 1:74.
8- 8) ح و ق:قراءة.
9- 9) م،ح و ق:و قال.
10- 10) المغني 1:606.

على أنّ ما يدركه المأموم آخر صلاته و يقضي الأوّل بعد فراغ الإمام،و عندنا أنّ ما يدركه المأموم هو أوّل صلاته و سيأتي.

فروع من كتاب المبسوط:
الأوّل:قال الشّيخ رحمه اللّه فيه:إذا كبّر و نوى الافتتاح،ثمَّ كبّر اخرى و نوى بها الافتتاح بطلت صلاته

لأنّ الثّانية غير مطابقة للصّلاة،فإن كبّر ثالثة و نوى بها الافتتاح انعقدت صلاته،و على هذا أبدا،و إن لم ينو بما بعد تكبيرة الإحرام الافتتاح صحّت صلاته بل هو مستحبّ على ما قلناه من الاستفتاح بسبع تكبيرات (1).

الثّاني:قال:و من كان في لسانه آفة من تمتمة أو غُنّة أو لُثغة و غير ذلك جاز له أن يكبّر

(2)(3)(4)

كما يتأتّى له و يقدر عليه،و لا يجب عليه غير ذلك (5).

و الوجه أنّه إن كانت الآفة توجب تغيير باقي الحروف (6)وجب عليه التّعلّم بقدر الإمكان،فإن لم يمكنه كان الواجب عليه ما يقدر عليه،و إن لم تكن مغيّرة لم يكن به بأس.

الثّالث:قال:و من أدرك الإمام و قد ركع وجب عليه أن يكبّر تكبيرة الافتتاح،ثمَّ يكبّر تكبيرة الرّكوع

،فإن خاف الفوت اقتصر على تكبيرة الإحرام و أجزأته عنهما (7).

ص:43


1- 1المبسوط 1:105. [1]
2- 2) تمتم الرّجل تمتمة:إذا تردّد في التّاء فهو تمتام-بالفتح-أو هو الّذي يعجل في الكلام و لا يُفهمُكَ.المصباح المنير: 77. [2]
3- 3) الغُنّة:صوت يخرج من الخيشوم،و النّون أشدّ الحروف(غُنّة)و(الأغَنّ):الّذي يتكلّم من قِبل خياشيمه. المصباح المنير:455. [3]
4- 4) اللُّثغة:و وزان غُرفة:حُبسة في اللّسان حتّى تصير الرّاء لاما أو غينا،أو السّين ثاء و نحو ذلك.المصباح المنير: 549. [4]
5- 5) المبسوط 1:103. [5]
6- 6) ح و ق:لوجب تغييرا في الحروف.م:تغيّر باقي الحروف.
7- 7) المبسوط 1:102. [6]

و ليس قوله رحمه اللّه:ثمَّ يكبّر تكبيرة الرّكوع،عطفا على يكبّر تكبيرة الافتتاح؛لأنّه يقتضي وجوب تكبيرة الرّكوع و هو مناف لمذهبه (1)،و إن كان كلامه مشعرا بذلك.

و كذا لوّح في النّهاية بوجوبها (2).و ليس بشيء.قال:و لو نوى بها تكبيرة الرّكوع لم تصحّ صلاته (3).و هو جيّد؛لأنّه لم يكبّر للإحرام.قال:و أمّا صلاة النّافلة فلا يتعذّر فيها، لأنّ عندنا صلاة النّافلة لا تصلّى جماعة إلاّ أن يفرض في صلاة الاستسقاء،فإن فرض فيها كان حكمها حكم الفريضة،سواء في وجوب الإتيان بها مع الاختيار،و في جواز الاقتصار على تكبيرة الإحرام عند التّعذّر (4).و هذا تصريح بوجوب تكبيرة الرّكوع و ليس مقصودا؛لأنّ النّافلة مستحبّة فكيف يجب فيها تكبيرة الرّكوع.

الرّابع:قال:ينبغي أن يقول في توجّهه:و أنا من المسلمين،و لا يقول:و أنا أوّل المسلمين

و ما رواه عليّ عليه السّلام،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أنا أوّل المسلمين»فإنّما جاز؛لأنّه كان أوّل المسلمين من هذه الأُمّة (5).

الخامس:قال:ينبغي أن يكون تكبيرة المأموم بعد تكبيرة الإمام و فراغه منه

فإن كبّر معه كان جائزا إلاّ أنّ الأفضل ما قدّمناه،فإن كبّر قبله لم يصحّ و وجب عليه أن يقطعها بتسليمة و يستأنف بعده أو معه تكبيرة الإحرام،و كذلك إن كان قد صلّى شيئا من الصّلاة و أراد أن يدخل في صلاة الإمام قطعها و استأنف معه (6).و قال في الخلاف:لا ينبغي أن يكبّر المأموم إلاّ بعد فراغ الإمام من التّكبير (7).و هو قول مالك (8)،و الشّافعيّ (9)،

ص:44


1- 1ح:للمذهب.
2- 2) النّهاية:115.
3- 3) المبسوط 1:102. [1]
4- 4) المبسوط 1:102. [2]
5- 5) المبسوط 1:104. [3]
6- 6) المبسوط 1:103. [4]
7- 7) الخلاف 1:108 مسألة-69.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:64،حلية العلماء 2:82.
9- 9) مغني المحتاج 1:255،السّراج الوهّاج:76،حلية العلماء 2:82.

و أبو يوسف (1).و قال أبو حنيفة (2)،و سفيان،و محمّد:يجوز أن يكبّر معه (3).

قال:دليلنا:أنّه لا خلاف في جواز الصّلاة مع التّكبير بعده و اختلفوا فيه إذا كبّر معه فينبغي الأخذ بالاحتياط.و أيضا:فالإمام إنّما قيل إنّه إمام ليقتدى به،و بالتّكبير معه لا يحصل الاقتداء به،لأنّه يحتاج إلى أن يفعل الفعل على الوجه الّذي فعله (4).

و روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:«إنّما الإمام مؤتمّ به فإذا كبّر فكبّروا» (5).و هذا نصّ.

البحث الرّابع:في القراءة
مسألة:إذا فرغ من التعوّذ قرأ

و لا نعلم خلافا في وجوب القراءة و كونها شرطا في الصّلاة بين العلماء،إلاّ ما حكاه الشّيخ عن الحسن بن صالح بن حيّ من أنّه قال:ليست القراءة شرطا فيها (6).و كذا حكي عن الأصمّ (7).

لنا:قوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) .و قوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (8).

ص:45


1- 1حلية العلماء 2:82.
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 1:38،المغني 1:554، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:544، [2]حلية العلماء 2:82.
3- 3) حلية العلماء 2:82.
4- 4) الخلاف 1:108 مسألة-69.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:187،صحيح مسلم 1:308 الحديث 411،سنن ابن ماجه 1:276 الحديث 846،سنن أبي داود 1:164 الحديث 603،سنن النّسائيّ 2:97.
6- 6) الخلاف 1:111 مسألة-80.
7- 7) المجموع 3:330. [3]
8- 8) المزّمّل(73):20. [4]

و ما رواه الجمهور،عن عبادة بن الصّامت (1)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام:«فمن ترك القراءة متعمّدا أعاد الصّلاة» (3).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال:سألته عن ا الّذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته؟قال:«لا صلاة له إلاّ أن يقرأ بها في جهر أو إخفات» (4).و خلاف المذكورين منقرض (5)لا اعتبار به.

مسألة:و يتعيّن الحمد في كلّ ثنائيّة و في الأُوليين من الثّلاثيّة

و الرّباعيّة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك (6)،و الثّوريّ (7)،

ص:46


1- 1عبادة بن الصّامت بن أصرم بن فهر.أبو الوليد الخزرجيّ،أحد النّقباء ليلة العقبة شهد بدرا فما بعدها،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عنه أبنائه:الوليد و داود و عبيد اللّه و غيرهم،ولي قضاء القدس و مات بالرّملة سنة 34 ه. أُسد الغابة 3:106، [1]تهذيب التّهذيب 5:111، [2]العبر 1:26. [3]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:192،صحيح مسلم 1:295 الحديث 394،سنن التّرمذيّ 2:25 الحديث 247، [4]سنن النّسائيّ 2:137.
3- 3) التّهذيب 2:146 الحديث 569،الاستبصار 1:353 الحديث 1335،الوسائل 4:767 الباب 27 من أبواب القراءة الحديث 2. [5]
4- 4) التّهذيب 2:147 الحديث 576،الاستبصار 1:310 الحديث 1152،الوسائل 4:732 الباب 1 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 1. [6]
5- 5) ح و ق:متعرّض.هامش ح:معترض.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:66،بداية المجتهد 1:126،شرح الزّرقانيّ على موطّإ مالك 1:175،إرشاد السّالك:23، مقدّمات ابن رشد 1:130،المغني 1:555،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:556،حلية العلماء 2:101، المجموع 3:327،فتح العزيز بهامش المجموع 3:308،ميزان الكبرى 1:140،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:43،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 3:13.
7- 7) المغني 1:555،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:556،المجموع 3:327.

و الشّافعيّ (1)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (2).و في الأُخرى:يجزئ مقدار آية واحدة (3).

و هو منقول عن أبي حنيفة (4)،و نقل عنه أنّه يجزئ مقدار ثلاث آيات من أيّ آيات القرآن شاء (5).

لنا:قوله عليه السّلام:«لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب» (6).رواه عبادة،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله داوم عليها،و مواظبته تدلّ على تعيّنها (7).

و لقوله عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (8).

و من طريق الخاصّة:رواية محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السّلام (9).

ص:47


1- 1الاُمّ 1:107،المجموع 3:327،فتح العزيز بهامش المجموع 3:308،مغني المحتاج 1:156،السّراج الوهّاج: 43،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:43،ميزان الكبرى 1:140،حلية العلماء 2:101،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 3:13،المغني 1:555،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:556.
2- 2) المغني 1:555،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:556،زاد المستقنع:13،الإنصاف 2:49،المجموع 3:327، فتح العزيز بهامش المجموع 3:308،حلية العلماء 2:101،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:43، ميزان الكبرى 1:140.
3- 3) المغني 1:555،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:556.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:19،الهداية للمرغينانيّ 1:48،شرح فتح القدير 1:255،المغني 1:555،الشرح الكبير بهامش المغني 1:556،المجموع 3:327،فتح العزيز بهامش المجموع 3:308،حلية العلماء 2:101، شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد السّاري 3:13،بداية المجتهد 1:126،ميزان الكبرى 1:140، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:43.
5- 5) المجموع 3:327.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:192،صحيح مسلم 1:295 الحديث 394،سنن التّرمذيّ 2:25 الحديث 247،سنن الدارميّ 1:283،سنن النّسائيّ 2:137.
7- 7) م،ح و ق:تعيينها.
8- 8) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
9- 9) التّهذيب 2:147 الحديث 576،الاستبصار 1:310 الحديث 1152،الوسائل 4:732 الباب 1 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 1.

احتجّ المخالف (1)بقوله عليه السّلام للأعرابيّ:«ثمَّ اقرأ ما تيسّر معك من القرآن» (2).و بقوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (3).و لأنّ الفاتحة مساوية لآيات القرآن في الأحكام فكذا في الصّلاة.

و الجواب عن الأوّل:أنّ الشّافعيّ رواه بإسناده،عن رفاعة بن رافع أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال للأعرابيّ:«ثمَّ اقرأ بأُمّ القرآن و ما شاء اللّه أن تقرأ» (4).ثمَّ نحمله على الفاتحة و ما تيسَّر معها ممّا زاد عليها.و يحتمل أنّه لم يكن يحسن الفاتحة.

و كذا الجواب عن الآية:فإنّه يحتمل أنّه أراد الفاتحة و ما تيسّر معها،و يحتمل أنّها نزلت قبل الفاتحة؛لأنّها مكّيّة.و قولهم:الفاتحة مساوية لغيرها ممنوع في كلّ شيء،و لهذا أجمعنا على أنّ من تركها مسيء (5)بخلاف غيرها.

مسألة:«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم»آية من أوّل الحمد و من كلّ سورة إلاّ براءة

و هي بعض آية في سورة النّمل تجب قراءتها في الصّلاة مبتدئا بها في أوّل الفاتحة.و هو مذهب فقهاء أهل البيت عليهم السّلام.و قال الشّافعيّ:إنّها آية من أوّل الحمد بلا خلاف (6).و في كونها آية من كلّ سورة قولان:أحدهما:أنّها آية من كلّ أوّل سورة.

و الآخر:أنّها بعض من أوّل كلّ سورة و يتمّ بما بعدها آية (7).و قال أحمد (8)،

ص:48


1- 1المغني 1:555.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:193،سنن ابن ماجه 1:336 الحديث 1060.
3- 3) المزّمّل(73):20. [1]
4- 4) مسند الشافعيّ:34.
5- 5) كذا أكثر النسخ،و في ح:«شيء»و هي بعينها في نسخة:ق،إلاّ أنّها بلا نُقط،و يحتمل قويّا أن تكون«ثنّى» و هو الأولى.
6- 6) الاُمّ 1:107،المجموع 3:333، [2]المحلّي 3:252،المبسوط للسرخسيّ 1:15،بداية المجتهد 1:124،عمدة القارئ 5:291، [3]أحكام القرآن للجصّاص 1:8، [4]تفسير القرطبيّ 1:93، [5]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:2. [6]
7- 7) المجموع 3:333،تفسير القرطبيّ 1:93. [7]
8- 8) المغني 1:557،المجموع 3:334،بداية المجتهد 1:124،الإنصاف 2:28، [8]التّفسير الكبير 1:203،تفسير القرطبيّ 1:96. [9]

و إسحاق (1)،و أبو ثور (2)،و أبو عبيدة (3)،و عطاء،و الزّهريّ (4)،و عبد اللّه بن المبارك:

إنّها آية من كلّ سورة (5).و قال أبو حنيفة (6)،و مالك (7)،و الأوزاعيّ (8)،و داود:ليست آية من فاتحة الكتاب و لا من سائر السّور (9).ثمَّ قال مالك (10)،و الأوزاعيّ (11)،و داود:

يكره أن يقرأها في الصّلاة (12).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة أنّه قرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في صلاته،ثمَّ قرأ:الحمد للّه ربّ العالمين إلى آخر الفاتحة،ثمَّ قال:و الّذي نفسي بيده إنّي لأشبهكم صلاة برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (13).رواه النّسائيّ.

و روى ابن المنذر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قرأ في الصّلاة:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (14).

و عن أُمّ سلمة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قرأ في الصّلاة:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

ص:49


1- 1المجموع 3:334،تفسير القرطبيّ 1:96،المغني 1:557.
2- 2) بداية المجتهد 1:124،تفسير القرطبيّ 1:96.
3- 3) المغني 1:558،المجموع 3:334،بداية المجتهد 1:124،تفسير القرطبيّ 1:96.و [1]فيها:أبو عبيد.
4- 4) المجموع 3:334، [2]حلية العلماء 2:102.
5- 5) المغني 1:557،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:554،حلية العلماء 2:102.
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 1:8، [3]المبسوط للسّرخسيّ 1:15،حلية العلماء 2:103،المجموع 3:334، عمدة القارئ 5:284،المغني 1:558،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:554.
7- 7) تفسير القرطبيّ 1:93، [4]أحكام القرآن لابن العربيّ 1:2، [5]التّفسير الكبير 1:194، [6]حلية العلماء 2:103، المغني 1:558،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:554،المجموع 3:334،حلية العلماء 2:102.
8- 8) المغني 1:558،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:554،المجموع 3:334.
9- 9) حلية العلماء 2:103،المجموع 3:334. [7]
10- 10) المدوّنة الكبرى 1:64،المغني 1:558،حلية العلماء 2:104.
11- 11) المغني 1:558.
12- 12) حلية العلماء 2:103،المجموع 3:334. [8]
13- 13) سنن النسائيّ 2:134.
14- 14) المغني 1:556.

و عدّها آية،الحمد للّه ربّ العالمين،اثنتين إلى آخرها (1).

و عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا قرأتم الحمد فاقرؤا بسم اللّه الرّحمن الرّحيم فإنّها أُمّ الكتاب و السّبع المثاني و بسم اللّه الرّحمن الرّحيم آية منها» (2).

و عن ابن عبّاس أنّه قال:سرق الشّيطان من النّاس مائة و ثلاث عشرة آية حين (3)ترك بعضهم قراءة بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في أوائل السّور (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن صفوان قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام أيّاما،فكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم،فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم و أخفى ما سوى ذلك (5).

و في الصحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إذا قمت للصّلاة أقرأُ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في فاتحة القرآن؟قال:«نعم»قلت:فإذا قرأت فاتحة القرآن أقرأُ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم مع السّورة؟قال:«نعم» (6).

و في الصّحيح،عن يحيى بن عمران الهمدانيّ (7)قال:كتبت إلى أبي جعفر عليه

ص:50


1- 1سنن البيهقيّ 2:44.
2- 2) سنن البيهقيّ 2:45،سنن الدّار قطنيّ 1:312 الحديث 36.
3- 3) غ و ح:حتّى.
4- 4) سنن البيهقيّ 2:50،الدّرّ المنثور 1:7 و [1]فيهما قطعة من الحديث.
5- 5) التّهذيب 2:68 الحديث 246،الاستبصار 1:310 الحديث 1154،الوسائل 4:745 الباب 11 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 2:69،الحديث 251،الاستبصار 1:311 الحديث 1155،الوسائل 4:746 الباب 11 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 5. [3]
7- 7) يحيى بن عمران الهمدانيّ،عدّه الشّيخ بهذا العنوان من أصحاب الرّضا عليه السّلام،و ذكره الصّدوق في مشيخته بعنوان:يحيى بن أبي عمران الهمدانيّ.قال المحقّق الأردبيليّ:الظّاهر أنّه رجل واحد و أنّ لفظة«أبي»سقطت من قلم النسّاخ بقرينة رواية عليّ بن مهزيار عنه عن أبي جعفر و اتّحاد الخبر.رجال الطّوسيّ:394. جامع الرّواة 2:334. [4]

السّلام جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم في صلاته وحده في أُمّ الكتاب فلمّا صار إلى غير أُمّ الكتاب من السّورة تركها؟فقال العبّاسيّ (1):ليس بذلك بأس،فكتب عليه السّلام بخطّه:«يعيدها مرّتين على رغم أنفه»يعني العبّاسيّ (2).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن السّبع المثاني و القرآن العظيم هي (3)الفاتحة؟قال:«نعم»قلت:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من السّبع؟قال:«نعم،هي أفضلهنّ» (4).

و لأنّ اللّه تعالى قال (وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) (5).قال المفسّرون:إنّها الفاتحة تثنّى في كلّ صلاة مرّتين (6)،و إنّما تكون سبعا بالتّسمية.و لأنّها ثابتة في المصاحف بخطّ القرآن و قد كانت الصّحابة تتشدّد (7)في التّعشيرات و النّقط و أسماء السّور،فكيف يجوز لهم إثبات ما ليس من القرآن فيه.و لأنّ القرّاء يقرؤنها في أوائل السّور كغيرها من الآيات.

احتجّ أبو حنيفة (8)بما رواه أبو هريرة قال:سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«قال اللّه تعالى:قسمت الصّلاة بيني و بين عبدي نصفين و لعبدي ما سأل،فإذا قال:

الحمد للّه ربّ العالمين،قال اللّه تعالى:حمدني عبدي،فإذا قال:الرّحمن الرّحيم،قال اللّه

ص:51


1- 1هشام بن إبراهيم العبّاسيّ نسبة إلى العبّاس لكن لا بالنّسب بل بكتابة رسالة في إمامة العبّاس،قال المحقّق المامقانيّ:إنّ الأخبار في ذمّه مستفيضة.تنقيح المقال 3:291. [1]
2- 2) التّهذيب 2:69،الحديث 252،الاستبصار 1:311 الحديث 1156،الوسائل 4:746 [2] الباب 11 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 6،و ص 767 الباب 27 الحديث 3.في الاستبصار:العيّاشيّ بدل العبّاسيّ.
3- 3) ح:أ هي.
4- 4) التّهذيب 2:289،الحديث 1157،الوسائل 4:745 الباب 11 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 2. [3]
5- 5) الحجر(15):87. [4]
6- 6) التبيان 6:353، [5]مجمع البيان 3:344،تفسير الطبريّ 14:54، [6]التفسير الكبير 19:207. [7]
7- 7) غ:تشدّد،ح:تتشيّد.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 1:15-16.

تعالى:أثنى عليّ عبدي،فإذا قال:مالك يوم الدّين،قال اللّه (1):مجّدني عبدي،فإذا قال:

إيّاك نعبد و إيّاك نستعين،قال اللّه (2):هذا بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل،فإذا قال:

اهدنا الصّراط المستقيم صراط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضّالّين، قال:هذا لعبدي و لعبدي ما سأل» (3).فلو كانت البسملة آية لعدّها و بدأ بها و لم يتحقّق التنصيف.و لأنّها لو كانت آية من كلّ سورة لتواترت كغيرها.

و الجواب عن الأوّل:أنّ قسمة الصّلاة ليست قسمة للسّورة (4).و لأنّه أراد ذكر التّساوي في قسمة الصّلاة لا قسمة السّورة،و يؤيّده:اختصاص اللّه تعالى بثلاث آيات أوّلا،ثمَّ مشاركته مع العبد في الرّابعة،و حينئذ لا يبقى التّنصيف في السّورة ثابتا (5).

قوله:لو كانت آية لبدأ بها و عدّها.قلنا:قد روى ذلك عبد اللّه بن زياد بن سمعان (6)عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله قال:«يقول عبدي إذا افتتح الصّلاة:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم فيذكرني عبدي» (7).و ساق الحديث،و هذا نصّ في الباب.

و عن الثّاني:أنّا نقول بموجبة و ندّعي التّواتر في نقلها،و قوّة الشّبهة فيها منعت من تكفير المخالف.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه

ص:52


1- 1ح بزيادة:تعالى.
2- 2) غ بزيادة:تعالى.
3- 3) صحيح مسلم 1:296 الحديث 395،سنن ابن ماجه 2:1243 الحديث 3784،سنن أبي داود 1:217 الحديث 821،سنن النّسائيّ 2:136.
4- 4) ح و ق:السورة.
5- 5) م:لا ينبغي التنصيف في السّورة ثانيا.
6- 6) عبد اللّه بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزوميّ أبو عبد الرّحمن المدنيّ مولى أُمّ سلمة،روى عن الزّهريّ و مجاهد بن جبر و زيد بن أسلم،و روى عنه روح بن القاسم و عبد الرزّاق و عبد اللّه بن وهب. تهذيب التّهذيب 5:219. [1]
7- 7) سنن الدّار قطنيّ 1:312 الحديث 35.

عليه السّلام عن الرّجل يكون إماما فيستفتح الحمد و لا يقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم؟ فقال:«لا يضرّه و لا بأس» (1).

و في الصّحيح،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ و محمّد بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّهما سألاه عمّن يقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم حين يريد أن يقرأ فاتحة الكتاب؟قال:«نعم،إن شاء سرّا و إن شاء جهرا»فقالا:أ فيقرأها مع السّورة الأُخرى؟ فقال:«لا» (2).

لأنّا نقول:إنّا نحمل الرّواية الأُولى على إمام اتّقى،فجائز (3)له أن يتركها أو يخافت بها،لما (4)رواه الشّيخ،عن أبي حسن جرير بن زكريّا بن إدريس القمّيّ (5)قال:سألت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام عن الرّجل يصلّي بقوم يكرهون أن يجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم؟فقال:«لا يجهر» (6).أو يكون محمولا على النّاسي.

و عن الثّانية:أنّها محمولة على النّافلة،و كذلك جميع ما ورد (7)في هذا الباب.

ص:53


1- 1التّهذيب 2:288 الحديث 1156،الاستبصار 1:312 الحديث 1159،الوسائل 4:749 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 2:68 الحديث 249،الاستبصار 1:312 الحديث 1161،الوسائل 4:748 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
3- 3) غ:فجاز.
4- 4) م و ن:بما.
5- 5) كذا في النسخ،و الصّحيح عن أبي جرير زكريّا بن إدريس القمّيّ،و هو زكريّا بن إدريس بن عبد اللّه بن سعد الأشعريّ القمّيّ أبو جُرير-بضمّ الجيم مصغّرا-عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الصّادق عليه السّلام و اخرى من أصحاب الرّضا عليه السّلام و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:كان وجها يروي عن الرّضا عليه السّلام.رجال الطّوسيّ:200،377،رجال النجّاشيّ:173،رجال العلاّمة:76. [3]
6- 6) التّهذيب 2:68 الحديث 248،الاستبصار 1:312 الحديث 1160،الوسائل 4:747 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
7- 7) ح:أورده.
مسألة:فإذا فرغ من الحمد في كلّ ثنائيّة،و في أوّلتي كلّ ثلاثيّة و رباعيّة من الفرائض قرأ سورة أُخرى تامّة وجوبا حال الاختيار.

(1)

ذهب إليه أكثر علمائنا (2).و قال في النّهاية:لا تجب السّورة الأُخرى (3).و به قال الشّافعيّ (4)و غيره من الجمهور (5).

قال الشّيخ في الخلاف و المبسوط:الظّاهر من روايات أصحابنا و مذهبهم أنّ قراءة سورة أُخرى مع الحمد واجب في الفرائض،و لا يجزئ الاقتصار على أقلّ منها (6).و به قال بعض أصحاب الشّافعيّ (7)إلاّ أنّه جوّز بدل ذلك ما يكون قدر آيها من القرآن.

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي قتادة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقرأ في الرّكعتين الأوّلتين من الظّهر بفاتحة الكتاب و سورتين يطوّل في الاُولى و يقصّر في الثّانية و كذا في العصر و الصّبح يطوّل في الاُولى من كلّ منهما و يقصّر في الثّانية (8).

و أمر معاذا فقال:«اقرأ بالشّمس و ضحاها،و سبّح اسم ربّك الأعلى،و اللّيل إذا يغشى» (9).

و قد تواتر النّقل عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه صلّى بالسّورة بعد الحمد و داوم عليها (10)،و ذلك يدلّ على الوجوب.و أيضا قوله عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني

ص:54


1- 1ح و ق:أوّلي.
2- 2) منهم:الشّيخ المفيد في المقنعة:16،و الشّيخ الطّوسيّ في الخلاف 1:114 مسألة-86،و ابن إدريس في السّرائر:45.
3- 3) النّهاية:75. [1]
4- 4) الاُمّ 1:109،المجموع 3:388.
5- 5) المجموع 3:388-389.
6- 6) الخلاف 1:114 مسألة-86،المبسوط 1:107. [2]
7- 7) المجموع 3:388.
8- 8) صحيح البخاريّ 1:193،سنن أبي داود 1:212 الحديث 798،799،سنن النّسائيّ 2:165.
9- 9) سنن النّسائيّ 2:172-173.
10- 10) صحيح البخاريّ 1:193-195،سنن أبي داود 1:211-215،سنن التّرمذيّ 2:108-114، سنن النّسائيّ 2:165-173.

أُصلّي» (1).

و روى الجمهور أيضا،عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب و معها غيرها» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن يحيى بن عمران الهمدانيّ قال كتبت إلى أبي جعفر عليه السّلام:جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم في صلاته وحده في أُمّ الكتاب فلمّا صار إلى غير أُمّ الكتاب من السّورة تركها؟فقال العبّاسيّ:ليس بذلك بأس فكتب عليه السّلام بخطّه:«يعيدها مرّتين على رغم أنفه»يعني العبّاسيّ (3).و ترك الجميع يستلزم ترك البسملة فكان أولى بوجوب الإعادة.

و عن منصور بن حازم قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لا تقرأ في المكتوبة بأقلّ من سورة و لا بأكثر» (4).

و في رواية حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في تعليم صفة الصّلاة،ثمَّ قرأ الحمد و سورة (5).و كان ذلك في معرض البيان.

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:سألته عن الرّجل يقرأ السّورتين في الرّكعة؟فقال:«لا،لكلّ سورة ركعة» (6).و لأنّ الاحتياط

ص:55


1- 1صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدّارميّ 1:286، [1]مسند أحمد 5:53،سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
2- 2) سنن أبي داود 1:216 الحديث 819،مسند أحمد 2:428،سنن البيهقيّ 2:59.بتفاوت في الألفاظ.
3- 3) التّهذيب 2:69 الحديث 252،الاستبصار 1:311 الحديث 1156،الوسائل 4:746 الباب 11 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 6. [2]
4- 4) التّهذيب 2:69 الحديث 253،الاستبصار 1:314 الحديث 1167،الوسائل 4:736 الباب 4 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
5- 5) الفقيه 1:196 الحديث 916،التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [4]
6- 6) التّهذيب 2:70 الحديث 254،الاستبصار 1:314 الحديث 1168،الوسائل 4:736 الباب 14 من أبواب القراءة الحديث 3. [5]

يقتضي ذلك،إذ البراءة (1)تحصل باليقين مع قراءتها لا مع تركها.

احتجّ الشّيخ بما رواه،عن الحلبيّ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إنّ فاتحة الكتاب وحدها تجزئ في الفريضة» (2).

و احتجّ الجمهور (3)بقوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (4).و بما رواه أبو داود قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«اخرُج فَنادِ في المدينة أنّه لا صلاة إلاّ بقرآن و لو بفاتحة الكتاب» (5).و هذا يدلّ على أنّه لا يتعيّن الزّيادة على الحمد.

و الجواب عن الأوّل:أنّه محمول على الضّرورة أو حالة الاستعجال.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن الحسن الصّيقل قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أ يجزئ عنّي أن أقول في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها إذا كنت مستعجلا أو أعجلني شيء؟فقال:«لا بأس» (6).

و في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها،و يجوز للصّحيح في قضاء الصّلاة التّطوّع باللّيل و النّهار» (7).

و في الصّحيح،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«لا بأس بأن يقرأ الرّجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الرّكعتين الأوّلتين إذا ما أعجلت به

ص:56


1- 1ح:و البراءة.ق.
2- 2) التّهذيب 2:71 الحديث 260،الوسائل 4:734 الباب 2 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
3- 3) المغني 1:561،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560.
4- 4) المزّمّل(73):20. [2]
5- 5) سنن أبي داود 1:216 الحديث 819.
6- 6) التّهذيب 2:70 الحديث 255،الاستبصار 1:314 الحديث 1170،الوسائل 4:734 الباب 2 من أبواب القراءة الحديث 4. [3]
7- 7) التّهذيب 2:70 الحديث 256،الاستبصار 1:315 الحديث 1171،الوسائل 4:734 الباب 2 من أبواب القراءة الحديث 5. [4]

حاجة أو تخوّف شيئا» (1).و هذا نصّ في جواز الاقتصار على الحمد مع العذر فيحمل الإطلاق عليه جمعا بين الأدلّة.

فروع:
الأوّل:لا خلاف بين أهل العلم في جواز الاقتصار على الحمد لصاحب الضّرورة

دفعا للحرج.و يؤيّده:رواية عبد اللّه بن سنان،و حسن الصّيقل.

الثّاني:لو لم يحسن إلاّ الحمد و أمكنه التّعلّم و كان الوقت واسعا وجب عليه التّعلّم

لأنّها كالحمد في الوجوب،أمّا لو لم يمكنه التّعلّم أو ضاق الوقت صلّى بالحمد وحدها للضّرورة،و لا خلاف في جواز الاقتصار على الحمد في هذه المواضع و في النّوافل للعارف المختار.

الثّالث:البسملة آية من السّورة كما هي آية من الحمد،فلا يجوز تركها

لأنّه يكون قد قرأ بعض السّورة فلم يأت بالواجب.

و يؤيّده:رواية يحيى بن عمران الهمدانيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام (2).أمّا لو كانت سورة براءة لم تجب البسملة فيها،لأنّها ليست آية منها بدليل حذفها في المصاحف.

الرّابع:لا يجوز الاقتصار على بعض السّورة

ذهب إليه أكثر علمائنا (3)،خلافا للشّيخ في النّهاية (4)،و للجمهور (5).

ص:57


1- 1التّهذيب 2:71 الحديث 261،الاستبصار 1:315 الحديث 1172،الوسائل 4:734 الباب 2 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:69 الحديث 252،الاستبصار 1:311 الحديث 1156،الوسائل 4:746 الباب 11 من أبواب القراءة الحديث 6.
3- 3) منهم:السيّد المرتضى في الانتصار:44،و الشّيخ الطّوسيّ في الخلاف 1:114 مسألة-86،و المحقّق الحلّيّ في الشّرائع 1:82.
4- 4) النّهاية:76.
5- 5) الاُمّ 1:109،المغني 1:568،بدائع الصّنائع 1:112.

لنا:ما تقدّم من الأحاديث (1).و في رواية منصور بن حازم،عن الصّادق عليه السّلام:«لا تقرأ في المكتوبة بأقلّ من سورة و لا بأكثر» (2).

و يجوز مع الضّرورة و في النّافلة و لغير العارف إذا لم يمكنه التّعلّم أو ضاق عليه الوقت الاقتصار على ما يحسنه بلا خلاف.قال الشّيخ في المبسوط:قراءة سورة بعد الحمد واجب غير أنّه إن قرأ بعض سورة لا يحكم ببطلان الصّلاة (3).

و قال ابن الجنيد:و لو قرأ بأُمّ الكتاب و بعض السّورة في الفرائض أجزأه (4).

و احتجّوا بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عمر بن يزيد قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:«أ يقرأ الرّجل السّورة الواحدة في الرّكعتين من الفريضة؟فقال:«لا بأس إذا كانت أكثر من ثلاث آيات» (5).

و في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يقرأ سورة واحدة في الرّكعتين من الفريضة و هو يحسن غيرها فإن فعل فما عليه؟ قال:«إذا أحسن غيرها فلا يفعل،و إن لم يحسن غيرها فلا بأس» (6).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن السّورة أ يصلّي الرّجل بها في الرّكعتين من الفريضة؟فقال:«نعم،إذا كانت ستّ آيات قرأ بالنّصف منها في الرّكعة

ص:58


1- 1تقدّمت في ص 55. [1]
2- 2) التّهذيب 2:69 الحديث 253،الاستبصار 1:314 الحديث 1167،الوسائل 4:736 الباب 4 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
3- 3) المبسوط 1:107. [3]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:174. [4]
5- 5) التّهذيب 2:71 الحديث 262،الاستبصار 1:315 الحديث 1173،الوسائل 4:739 الباب 6 من أبواب القراءة الحديث 3. [5]
6- 6) التّهذيب 2:71 الحديث 263،الاستبصار 1:315 الحديث 1174،الوسائل 4:738 الباب 6 من أبواب القراءة الحديث 1. [6]

الاولى،و النّصف الآخر في الرّكعة الثّانية» (1).

و عن إسماعيل بن الفضل (2)قال:صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السّلام و أبو جعفر عليه السّلام،فقرأ بفاتحة الكتاب و آخر سورة المائدة فلمّا سلّم التفت إلينا فقال:«أما إنّي (3)أردت أن أعلّمكم» (4).

و في الصّحيح عن سعد بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:

سألته عن رجل قرأ في ركعة الحمد و نصف سورة هل يجزئه في الثّانية أن لا يقرأ الحمد و يقرأ ما بقي من السّورة؟فقال:«يقرأ الحمد،ثمَّ يقرأ ما بقي من السّورة» (5).

و تأوّل الشّيخ الحديث الأوّل بأن حمله على أنّه يجوز له إعادة السّورة في الرّكعة الثّانية دون أن يبعّضها (6)،و ذلك إذا لم يحسن غيرها،فأمّا إذا أحسن غيرها فإنّه يكره ذلك (7)،و استدلّ على هذا التّأويل بالرّواية الثّانية.

و تأوّل الرّواية الثّالثة بأنّها محمولة على حالة التقيّة دون الاختيار (8)،و استدلّ عليه

ص:59


1- 1التّهذيب 2:294 الحديث 1182،الاستبصار 1:315 الحديث 1175،الوسائل 4:738 الباب 5 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
2- 2) إسماعيل بن الفضل بن يعقوب بن الفضل الهاشميّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصّادق عليهما السّلام و قال:ثقة من أهل البصرة،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و نقل قول الصّادق عليه السّلام في حقّه:(هو كهل من كهولنا و سيّد من ساداتنا)و كفاه بهذا شرفا.رجال الطّوسيّ:104،147، رجال العلاّمة:7. [2]
3- 3) غ،م،ن و ق:إنّما.
4- 4) التّهذيب 2:294 الحديث 1183،الاستبصار 1:316 الحديث 1176،الوسائل 4:738 الباب 5 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
5- 5) التّهذيب 2:295 الحديث 1191،الاستبصار 1:316 الحديث 1177،الوسائل 4:737 الباب 4 من أبواب القراءة الحديث 6. [4]
6- 6) ح و ق:ينقصها.
7- 7) التّهذيب 2:71،الاستبصار 1:315.
8- 8) التّهذيب 2:294،الاستبصار 1:316.

بالرّواية الرّابعة.

و حمل الرّواية الخامسة على النّافلة و استدلّ عليه بما رواه في الصّحيح عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن تبعيض السّورة؟قال:«أكره و لا بأس به في النافلة» (1).و هذه التّأويلات و إن كانت ممكنة إلاّ أنّ فيها ما لا يخلو عن بعد.

و لو قيل:فيه روايتان،إحداهما جواز الاقتصار على البعض،و الأُخرى المنع،كان وجها،و يحمل المنع على كمال الفضيلة.

الخامس:لا يجزئ عن السّورة تكرار الحمد

لأنّ المفهوم من فحاوي الأحاديث و فتاوى الأصحاب أنّ السّورة غير الحمد.

السّادس:يجب أن يقرأ الحمد أوّلا،ثمَّ يقرأ السّورة،فلو عكس لم يصحّ

و وجب عليه استئناف الصّلاة إن تعمّد،و استئناف القراءة إن كان ساهيا،لأنّ المنقول عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2)و أفعال الأئمّة عليهم السّلام التّرتيب (3)،و هذه الأُمور إنّما تثبت (4)توقيفا.

السّابع:يجوز أن يقرأ السّورة الواحدة في الرّكعتين مكرّرا لها فيهما،و أن يقرأ سورتين متساويتين فيهما

و قال بعض الجمهور:يستحبّ أن تغاير (5)بينهما (6).

قال ابن الجنيد:و الأفضل أن يقرأ أطولهما في الاُولى و أقصرهما في الثّانية (7).و قال الشّيخ في الخلاف:يجوز أن يسوّي بين الرّكعتين في مقدار السّورتين اللّتين تقرأ فيهما بعد

ص:60


1- 1التّهذيب 2:296 الحديث 1192،الاستبصار 1:316 الحديث 1178،الوسائل 4:737 الباب 4 من أبواب القراءة الحديث 4. [1]
2- 2) الوسائل 4:679 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 10.
3- 3) الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1.
4- 4) ن و م:يثبت،ح:ثبت.
5- 5) غ:يغاير.
6- 6) المغني 1:572.
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:174. [2]

الحمد،و ليس لأحدهما ترجيح على الآخر (1).و لا ريب في أنّ التّرجيح حكم شرعيّ،إن ثبت عمل به و إلاّ فلا.

و قد روى الجمهور،عن رجل من جهينة (2)أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقرأ في الصّبح إذا زلزلت في الرّكعتين كلتيهما فلا أدري أنسي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أم قرأ ذلك عمدا.رواه أبو داود،و النّسائيّ (3).و عندنا لا يقع من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سهو.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قلت له:أُصلّي بِقُل هو اللّه أحد؟قال:«نعم،قد صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في كلتي الرّكعتين بِقُل هو اللّه أحد لم يصلّ قبلها و لا بعدها بِقُل هو اللّه أحد أتمّ منها» (4).

الثّامن:يجوز أن يقرأ في الثّانية بالسّورة الّتي تلي السّورة الّتي قرأها في الرّكعة الأُولى

و بغيرها من المتقدّمات عليها و المتأخّرات عنها من غير ترجيح،خلافا لبعض الجمهور فإنّهم يستحبّون أن يقرأ في الثّانية بما بعد الأُولى في النّظم (5).

لنا:ما رواه البخاريّ عن الأحنف (6)أنّه قرأ بالكهف في الأُولى و في الثّانية بيوسف

ص:61


1- 1الخلاف 1:116 مسألة-89.
2- 2) الرّواية رواها معاذ بن عبد اللّه بن خبيب الجهنيّ المدنيّ،روى عن أبيه و أخيه عبد اللّه و عقبة بن عامر الجهنيّ و ابن عبّاس و رجل من جهينة،و عنه عبد اللّه بن سليمان و زيد بن أسلم و سعد بن سعيد الأنصاريّ. تهذيب التّهذيب 10:191. [1]
3- 3) سنن أبي داود 1:215 الحديث 816،و لم نعثر عليه في سنن النّسائيّ.
4- 4) التّهذيب 2:96 الحديث 359،الوسائل 4:740 الباب 7 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
5- 5) المغني 1:572.
6- 6) الأحنف بن قيس السّعديّ التميميّ البصريّ،و اسمه:الضّحّاك،و الأحنف لقبه عرف به،يكنّى أبا بحر،أدرك النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،روى عن عليّ عليه السّلام و عمر و عثمان و أبي ذرّ،و روى عنه الحسن البصريّ و طلق بن حبيب و غيرهما.مات بالكوفة سنة 67 ه. أُسد الغابة 1:55،تهذيب التّهذيب 1:191، [3]الجمع بين رجال الصّحيحين 1:50.

و ذكر أنّه صلّى مع عمر الصّبح بهما (1).و لأنّ الأصل عدم التّرجيح و لم ينقل إلينا عن الأئمّة عليهم السّلام في هذا شيء.

التّاسع:إذا قلنا بجواز الاقتصار على بعض السّورة فلا فرق بين أوّلها و آخرها و أوسطها

،خلافا لأحمد في إحدى الرّوايتين،فإنّه كره أواخر السّور (2). (3)

لنا:أنّ المأخوذ عليه هو قراءة ما زاد على الحمد و قد حصل.

و ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود أنّه كان يقرأ في الآخرة من صلاة الصّبح آخر آل عمران و آخر الفرقان (4).رواه الخلاّل.

و من طريق الخاصّة:رواية أبي بصير (5)،و إسماعيل بن الفضل (6)،و قد تقدّمنا.

العاشر استحباب قراءة سورة بعد الحمد في النّوافل

العاشر:لا نعرف خلافا في استحباب قراءة سورة (7)بعد الحمد في النّوافل.

مسألة:و تبطل الصّلاة لو أخلّ بحرف واحد من الحمد أو من السّورة إن قلنا

بوجوبها أجمع عمدا

بلا خلاف في الحمد؛لأنّ الإتيان بها واجب،لقوله عليه السّلام:

«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» (8).و وجودها أجمع يتوقّف على وجود أجزائها،فمع الإخلال

ص:62


1- 1صحيح البخاريّ 1:196.
2- 2) غ،م و ن:السورة.
3- 3) المغني 1:572.
4- 4) المغني 1:571.
5- 5) التّهذيب 2:294 الحديث 1182،الاستبصار 1:315 الحديث 1175،الوسائل 4:738 الباب 5 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
6- 6) التّهذيب 2:294 الحديث 1183،الاستبصار 1:316 الحديث 1176،الوسائل 4:738 الباب 5 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
7- 7) ح و ق:السّورة.
8- 8) ورد هذا الحديث بلفظ:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».في:صحيح البخاريّ 1:192،صحيح مسلم 1: 295 الحديث 394،سنن ابن ماجه 1:273 الحديث 837،سنن التّرمذيّ 2:25 الحديث 247، [3]سنن النّسائيّ 2:137.و في كنز العمّال 7:443 الحديث 19695،و ج 8:113 الحديث 22147:«لا صلاة إلاّ بقراءة فاتحة الكتاب».

بحرف منها يقع الإخلال بها،و كذا الإعراب لو أخلّ به عامدا بطلت صلاته،سواء أتى بحركات مضادّة لحركات الإعراب أو حذف الإعراب و سكن الحرف،و سواء اختلّ المعنى باللّحن كما لو كسر كاف إيّاك أو ضمّ تاء أنعمت،أو لم يغيّر كما لو ضمّ هاء اللّه،خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى بالإعراب المتلقّى عنه عليه السّلام و قال:

«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (2).و لأنّه تعالى:وصف القرآن بكونه عربيّا فما ليس بعربيّ فليس بقرآن.

فروع:
الأوّل:لو لم يحسن الإعراب وجب عليه التعلّم بقدر الإمكان

و لو عجز أو ضاق الوقت صلّى على ما يحسنه،و لو لم يمكنه التعلّم على الاستقامة هل يجب عليه ترك الإعراب لاحتمال الخطأ و التّسكين أولا؟فيه تردّد ينشأ من كون حذف الحركات يبطل الجزء الصّوريّ من الكلام،و من كون الواجب عليه الإتيان بالصّحيح و ترك الخطأ و قد فات الأوّل فيجب الثّاني،و الأخير أقرب.

الثّاني:الأقرب أنّه يجب على الجاهل العاجز الائتمام بغيره من العارفين

و كذا لو لم يعرف القراءة.

الثّالث:ترتيب آيات القرآن واجب

فلو أخلّ به عامدا بطلت صلاته،و لو أخلّ به ناسيا استأنف القراءة ما دام في حالها،لأنّ مع الإخلال بالتّرتيب لا يتحقّق الإتيان بها.

الرّابع:قال الشّيخ في المبسوط:التّشديد في مواضعه واجب

(3)و هو حقّ؛لأنّه

ص:63


1- 1المغني 1:559.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:162،و ج 8:11،سنن الدّارميّ 1:286، [1]مسند أحمد 5:53،سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
3- 3) المبسوط 1:106.

حرف مغاير للمنطوق به،بدليل أنّ شدّة راء الرّحمن أُقيمت مقام اللاّم،و شدّة ذال الّذين أُقيمت مقام اللاّم،فالإخلال به إخلال بحرف من الحمد و ذلك مبطل.و هو مذهب الشّافعيّ (1)،خلافا لبعض الجمهور حيث جوّز ترك التّشديد،لأنّه غير ثابت في المصحف، و إنّما هو صفة للحرف و يسمّى تاركه قارئا (2).و ليس شيئا (3).و في سورة الحمد أربع عشرة تشديدة بلا خلاف.

و لا ينبغي المبالغة في التّشديد،لأنّه في كلّ موضع أُقيم مقام حرف ساكن،فإذا زاد على ذلك يكون بمنزلة من زاد على الحرف الأصليّ (4).

الخامس:يقرأ بما نقل متواترا في المصحف الّذي يقرأ به النّاس أجمع

و لا يعوّل على ما يوجد في مصحف ابن مسعود،لأنّ القرآن ثبت بالتّواتر و مصحف ابن مسعود لم يثبت متواترا (5)،و لو قرأ به بطلت صلاته،خلافا لبعض الجمهور (6).

لنا:أنّه قرأ (7)بغير القرآن فلا يكون مجزئا.

السّادس:يجوز أن يقرأ بأيّ قراءة شاء من السّبعة

لتواترها أجمع،و لا يجوز أن يقرأ بالشّاذّ و إن اتّصلت رواية (8)،لعدم تواترها و أحبّ القراءات (9)إليّ ما قرأه عاصم من طريق أبي بكر بن عيّاش،و قراءة أبي عمرو بن العلاء،فإنّهما أولى من قراءة حمزة و الكسائيّ؛لما فيهما من الإدغام و الإمالة و زيادة المدّ،و ذلك كلّه تكلّف،و لو قرأ به

ص:64


1- 1الاُمّ 1:107،المجموع 3:392،المغني 1:559.
2- 2) المغني 1:559.
3- 3) ح:بشيء.
4- 4) غ:الأصيل.
5- 5) ح:بتواتر.
6- 6) المغني 1:571، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:571. [2]
7- 7) ح و ق:قراءة.
8- 8) ح:روايته.
9- 9) ح و ق:القرآن،م:القراءة.

صحّت صلاته بلا خلاف.

السّابع:يجب أن يأتي بالحروف من مخارجها

لئلاّ يبدّل حرفا بحرف،فلو أخرج الضّاد في قوله تعالى (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ) (1).من مخرج الظّاء لاختلّ المعنى و بطلت صلاته إن فعله متعمّدا،و إن كان جاهلا وجب عليه التعلّم.

الثّامن:قال الشّيخ في المبسوط:لو قرأ في خلالها من غيرها سهوا،ثمَّ عاد إلى

موضعه أجزأ

و لو تعمّد استأنف؛لأنّه أخلّ بالتّرتيب (2).قال:و لو نوى قطعها و قطع القراءة استأنف صلاته،و إن لم يقطع القراءة استمرّ؛لأنّه مع القطع يظهر (3)أثر النيّة فيفسد صلاته،لأنّه نوى إفسادها و فعل ما نوى،بخلاف ما لو لم يقطع (4).قال:و لو أخلّ بإصلاح لسانه في القراءة مع القدرة أبطل صلاته،و لو كان ناسيا لم تبطل (5).

مسألة:و لا يجزئ بالتّرجمة و لا بمرادفها من العربيّة

و هو مذهب أهل البيت عليهم السّلام،و به قال الشّافعيّ (6)،و أبو يوسف،و محمّد (7).و قال أبو حنيفة:يجوز ذلك (8).

ص:65


1- 1الفاتحة(1):7. [1]
2- 2) المبسوط 1:105.
3- 3) ح:ليظهر،ق:لظهر
4- 4) المبسوط 1:105.
5- 5) المبسوط 1:106. [2]
6- 6) الاُمّ 1:100،المجموع 3:379،حلية العلماء 2:110،فتح العزيز بهامش المجموع 3:336،المغني 1:562، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:567،ميزان الكبرى 1:143،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:44،بدائع الصّنائع 1:112،المبسوط للسّرخسيّ 1:37.
7- 7) المغني 1:562،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:567.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 1:37،بدائع الصّنائع 1:112،الجامع الصّغير للشّيبانيّ:94،الهداية للمرغينانيّ 1:47، [3]مجمع الأنهر 1:92-93،حلية العلماء 2:110،المجموع 3:380،المغني 1:562،الشرح الكبير بهامش المغني 1:567،ميزان الكبرى 1:143،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:44،المحلّى 3:254. [4]

لنا:أنّه بغير العربيّة ليس بقرآن؛لقوله تعالى (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (1).أخبر أنّه أنزل القرآن بالعربيّ،فما ليس بعربيّ لم يكن قرآنا.و كذا قوله تعالى (إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (2).و لأنّ القرآن ما ثبت نقله بالتّواتر،و التّرجمة و المرادف ليس كذلك،و لأنّه معجز بالإجماع إمّا بفصاحته أو نظمه أو بهما أو بالصرفة (3)،فلو كان معناه قرآنا لما تحقّق الإعجاز،و لما حصل التّحدّي به،و لكانت التّفاسير قرآنا،و يلزم أنّ من أتى بمعنى شعر امرؤ القيس (4)نظما أن يكون هو بعينه شعر امرؤ القيس،و ذلك جهالة.

و أيضا:قوله تعالى (وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَ هذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (5).فالنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتاهم بالقرآن بلغة العرب فادّعوا أنّ رجلا من العجم يعلّمه،فأكذبهم اللّه تعالى و قال:هذا الّذي يضيفون إليه التّعليم أعجميّ،و الّذي أتاكم به لسان عربيّ.فلو استويا في كونهما قرآنا لم ينكر عليهم ما ادّعوه،و إذا لم يكن قرآنا لم يكن مجزئا،لقوله عليه السّلام:«لا صلاة إلاّ بقرآن» (6).و قوله عليه السّلام:«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» (7).

ص:66


1- 1الشعراء(26):195. [1]
2- 2) يوسف(12):2. [2]
3- 3) و هي إحدى وجوه إعجاز القرآن المشهورة بالصرفة الّتي أقامها السيّد المرتضى،قال في الذخيرة:«إنّ اللّه تعالى صرف العرب عن معارضته،و سلبهم العلم الذي به يتمكّنون من مماثلة في نظمه و فصاحته و لو لا هذا الصرف لعارضوا».الذخيرة في علم الكلام:378.
4- 4) امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكنديّ من بني آكل المرار أشهر شعراء العرب على الإطلاق،يمانيّ الأصل مولده بنجد،اشتهر بلقبه،و اختلف المؤرّخون في اسمه،فقيل:حُندج،و قيل:مليكة،و قيل:عديّ،و كان أبوه ملك أسد و غطفان.الأعلام للزركلي 2:11. [3]
5- 5) النّحل(16):103. [4]
6- 6) سنن أبي داود 1:216 الحديث 819.
7- 7) ورد الحديث بلفظ:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»في صحيح البخاريّ 1:192،صحيح مسلم 1:295 الحديث 394،سنن ابن ماجه 1:273 الحديث 837،سنن التّرمذيّ 2:25 الحديث 247، [5]سنن النّسائيّ 2:137. و في كنز العمّال 7:443 الحديث 19695 و ج 8:113 الحديث 22147:«لا صلاة إلاّ بقراءة فاتحة الكتاب».

و أيضا:روى عبد اللّه بن أبي أوفى أنّ رجلا سأل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:

إنّي لا أستطيع أن أحفظ شيئا من القرآن فما ذا أصنع؟فقال له:«قل:سبحان اللّه و الحمد للّه» (1).فلو كان معنى القرآن مجزئا لأوجب عليه السّلام القراءة بأيّ لسان كان، أو الإتيان بمعناه و إن أخلّ بلفظه،و لأنّه ثبت بالتّواتر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يصلّي بالعربيّة و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (2).و فعل ذلك بيانا للواجب فكان واجبا.

احتجّ المخالف (3)بقوله تعالى (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ) (4).و إنّما ينذر كلّ قوم بلسانهم.و بقوله تعالى:( إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى) (5).و قوله:

(وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) (6).و تلك (7)لم تكن بالعربيّة،و لأنّه تعالى حكى عن نوح قوله:

(رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً) (8).و لم يقولوا ذلك بالعربيّة إلاّ أنّهم لمّا حكى المعنى عنهم أضاف القول إليهم،و ذلك يقتضي أنّ من عبّر عن القرآن بالفارسيّة يكون عبارته قرآنا.

و الجواب عن الأوّل:أنّه إذا فسّره لهم كان الإنذار بالمفسّر دون التّفسير،و لأنّ الإنذار بالقرآن لا يستلزم نقل اللّفظ بعينه،فإنّه لو أوضح لهم المعنى قيل:إنّه أنذرهم به، بخلاف صورة النّزاع.

و عن الثّاني:أنّا نعلم أنّ القرآن بعينه لم يكن في تلك اللّغة بل معناه و المجاز قد يصار

ص:67


1- 1سنن أبي داود 1:220 الحديث 832،مسند أحمد 4:353،356. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [2]مسند أحمد 5:53،سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:112،المغني 1:562،المجموع 3:380،المحلّى 3:254. [3]
4- 4) الأنعام(6):19. [4]
5- 5) الأعلى(87):18،19. [5]
6- 6) الشّعراء(26):196. [6]
7- 7) غ:و ذلك.
8- 8) نوح(71):26. [7]

إليه لقرينة.و قيل:إنّه أراد صفة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و ذكر شريعته في الصّحف الاُولى (1)و هو (2)الجواب عن الثّالث.

مسألة:و لو لم يحسن القراءة وجب عليه التّعلّم بالعربيّة.و هو قول كلّ من أوجب القراءة بها؛لأنّ القراءة واجبة و هي متوقّفة على التّعلّم فيكون واجبا،و لو أخلّ به مع المكنة بطلت صلاته؛لأنّه غير قارئ مع إمكانه.و لو ضاق الوقت قرأ ما يحسن و تعلّم لما يستأنف بلا خلاف؛لأنّه حال لا يتّسع للزّيادة على ما يعلمه فيقتصر عليه،و وجوب التعلّم في المستقبل لإمكانه.

فروع:
الأوّل:لو لم يحسن القراءة و عجز عن التّعلّم أو ضاق الوقت قرأ من غيرها ما تيسّر

(3)

لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«فإن كان معك قرآن فاقرأ به» (4).و هل يجب أن يأتي بسورة (5)كاملة؟الحقّ عندنا نعم؛لأنّها واجبة مع الحمد فلا يسقط بفواتها لعذر، و هل يجب أن يأتي بسورة أُخرى عوض الحمد؟الأقرب لا،و لو لم يحسن سورة كاملة قرأ ما يحسنه،و هل يجب عليه أن يقرأ بعدد آيها؟الأقرب أنّه لا يجب،خلافا لبعض الشّافعيّة (6)لأنّها بدل عندهم.

الثّاني:لو لم يحسن إلاّ آية واحدة منها قرأها و اجتزأ بها

لأنّ الآية منها أقرب إليها من غيرها،و هل يكرّرها سبعا؟الأقرب عندنا أنّه لا يجب،خلافا لأحمد (7)،و القولان

ص:68


1- 1تفسير القرطبيّ 13:138.
2- 2) غ:و هذا.
3- 3) م:و ضاق.
4- 4) سنن أبي داود 1:228 الحديث 861،سنن التّرمذيّ 2:100 الحديث 302.
5- 5) ح و ق:سورة.
6- 6) المجموع 3:375-376،المغني 1:564،حلية العلماء 2:109.
7- 7) المغني 1:562.

للشّافعيّ (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن رفاعة بن رافع أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا قمت إلى الصّلاة فإن كان معك قرآن فاقرأ به و إلاّ فاحمد اللّه و هلّله و كبّره» (2).فلم يأمره بالتّكرار بل اقتصر على ما معه.

الثّالث:لو لم يحسن إلاّ بعض آية منها هل يجب قراءتها أم لا؟فيه تردّد

ينشأ من أمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله للأعرابيّ أن يحمد اللّه و يكبّره و يهلّله و قوله:الحمد للّه،بعض آية و لم يأمره بها و لا اقتصر عليها،و من قوله عليه السّلام:«فإن كان معك قرآن فاقرأ به».و الأقرب اعتبار الاسم إن كان ذلك البعض يسمّى قرآنا قرأ به و إلاّ فلا.

الرّابع:لو لم يحسن شيئا من القرآن أصلا كبّر اللّه و هلّله و سبّحه

(3)

و لا يقرأ بالمعنى لأنّه غير قرآن فيدخل تحت قوله عليه السّلام:«فإن كان معك قرآن فاقرأ به و إلاّ فاحمد اللّه و هلّله و كبّره» (4).و المعنى ليس بقرآن.

الخامس:قال الشّيخ في الخلاف:إذا لم يحسن شيئا من القرآن ذكر اللّه و كبّره و لا يقرأ معنى القرآن

(5)و لم يحدّ ذلك بحدّ.و قال بعض الجمهور:يجزئ ما علّمه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجلا (6)قال:يا رسول اللّه إنّي لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلّمني ما يجزئني،فقال:«سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» (7)،قال:هذا للّه فمالي؟قال:«تقول:اللّهمّ اغفر لي و ارحمني و ارزقني و اهدني

ص:69


1- 1المجموع 3:375،المغني 1:563،حلية العلماء 2:109.
2- 2) سنن أبي داود 1:228 الحديث 861،سنن التّرمذيّ 2:100 الحديث 302،سنن البيهقيّ 2:380.
3- 3) غ:بزيادة:تعالى.
4- 4) سنن أبي داود 1:228 الحديث 861،سنن التّرمذيّ 2:100 الحديث 302،سنن البيهقيّ 2:380.
5- 5) الخلاف 1:118 مسألة-94.
6- 6) المغني 1:563.
7- 7) غ،ح و ق بزيادة:العليّ العظيم.

و عافني» (1).

و قال بعض الشّافعيّة:لا بدّ مع الكلمات المقدّمة (2)من كلمتين ليقوم العدد سبعا مقام الحمد (3).و ليس بجيّد،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله اقتصر عليه في معرض السّؤال عن الإجزاء،و الجواب يتضمّن إعادة السّؤال،أمّا لو قيل بالاستحباب تحصيلا للمشابهة كان وجها.

السّادس:يجوز لمن لم يحفظ أن يقرأ في المصحف

(4)

و هو قول أكثر أهل العلم (5).

و قال أبو حنيفة:تبطل الصّلاة به إذا لم يكن حافظا (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة أنّه كان يؤمّها عبد لها يقرأ في المصحف.رواه الأثرم و أبو داود (7). (8)و عن الزّهريّ:كان خيارنا يفعلونه (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن الحسن بن زياد الصّيقل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قلت له:ما تقول في الرّجل يصلّي و هو ينظر في المصحف يقرأ فيه يضع السّراج قريبا منه؟قال:«لا بأس» (10).و لأنّ القدر الواجب هو القراءة محفوظة كانت أو لم تكن.

ص:70


1- 1سنن أبي داود 1:220 الحديث 832،مسند أحمد 4:353،356، [1]سنن البيهقيّ 2:381،سنن الدّار قطنيّ 1: 314 الحديث 2.
2- 2) م:المتقدّمة.
3- 3) المجموع 3:377،مغني المحتاج 1:160،المغني 1:564.
4- 4) ح:إن.
5- 5) المغني 1:648-649، [2]حلية العلماء 2:106.
6- 6) المغني 1:649،حلية العلماء 2:106.
7- 7) كذا في النّسخ،و الصّحيح:ابن أبي داود.
8- 8) صحيح البخاريّ 1:177.
9- 9) المغني 1:649.
10- 10) التهذيب 2:294 الحديث 1184،الوسائل 4:780 الباب 41 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]

احتجّ أبو حنيفة:بأنّه عمل كثير فيكون مبطلا (1)،و بما رواه ابن عبّاس قال:نهانا أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام أن نؤمّ النّاس في المصاحف و أن يؤمنّا إلاّ محتلم (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّه من أعمال الصّلاة فلا يكون مبطلا.و لأنّه نظر إلى موضع معيّن فلم تبطل الصّلاة به كما لو كان حافظا.

و عن الثّاني:أنّ النهي لتقديم المفضول فلا يتناول صورة النّزاع.

مسألة:و الأخرس يحرّك لسانه بالقراءة و يعقد بها قلبه

لأنّ القراءة معتبرة و قد تعذّرت فيأتي ببدلها و هو حركة اللّسان،و لا يكون بدلا إلاّ مع النيّة،و اكتفى الشّيخ بالأوّل (3)،و فيه نظر.

مسألة:و لا يقرأ في الثّالثة من كلّ فريضة و الرابعة سورة أُخرى بعد الحمد.

(4)

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أهل العلم إلاّ الشّافعيّ في أحد القولين،فإنّه قال فيه:

يسنّ أن يقرأ سورة مع الفاتحة في الأخيرين (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي قتادة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقرأ في الرّكعتين الأوّلتين (6)من الظّهر بأُمّ الكتاب و سورتين،و في الرّكعتين الأخيرتين (7)بأُمّ الكتاب (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن جميل بن درّاج،عن أبي عبد اللّه عليه

ص:71


1- 1المغني 1:649.
2- 2) المغني 1:649.
3- 3) المبسوط 1:106. [1]
4- 4) أكثر النّسخ:و رابعة.
5- 5) الاُمّ 1:109،حلية العلماء 2:113،المجموع 3:386،المغني 1:650.
6- 6) غ:الأُوليين.
7- 7) ن:الأخيرين.
8- 8) سنن أبي داود 1:212 الحديث 798،سنن الدّارميّ 1:296، [2]سنن البيهقيّ 2:63،66.

السّلام:«و يقرأ الرّجل في الأخيرتين إذا صلّى وحده بفاتحة الكتاب» (1).

و روى في الصّحيح،عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّكعتين الأخيرتين من الظّهر؟قال:«تسبّح و تحمد اللّه و تستغفر لذنبك،و إن شئت فاتحة الكتاب فإنّها تحميد و دعاء» (2).

احتجّ الشّافعيّ (3)بما روي،عن أبي بكر أنّه صلّى المغرب و قرأ في الأخيرة بأُمّ الكتاب و هذه الآية (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا) (4)(5).

و الجواب:فعله ليس بحجّة مع معارضته لفعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و اتّباع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أولى،مع أنّه يجوز أن يكون قد طلب بهذه الدّعاء لا القرآن.

مسألة:و لا يتعيّن الحمد في الثّالثة و الرّابعة من الفرائض بل يتخيّر المصلّي فيها و في التّسبيح أيّهما فعل أجزأه

ذهب إليه علماؤنا،و به قال أبو حنيفة (6)،و الثّوريّ،و النّخعيّ (7).

و قال الشّافعيّ (8)،و أحمد:يجب الحمد في كلّ ركعة (9).و قال مالك:يجب في معظم الصّلاة،

ص:72


1- 1التهذيب 2:295 الحديث 1186،الوسائل 4:782 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:98 الحديث 368،الاستبصار 1:321 الحديث 1199،الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
3- 3) المغني 1:650.
4- 4) آل عمران(3):8. [3]
5- 5) سنن البيهقيّ 2:64،كنز العمّال 8:105 الحديث 22100.
6- 6) المبسوط للسّرخسيّ 1:19،الهداية للمرغينانيّ 1:67،مجمع الأنهر 1:100-101،شرح فتح القدير 1: 394-395،بداية المجتهد 1:126،المجموع 3:361،فتح العزيز بهامش المجموع 3:313،المغني 1:561، التفسير الكبير 1:216،تفسير القرطبيّ 1:124-125،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560.
7- 7) المغني 1:561،الشرح الكبير بهامش المغني 1:560،تفسير القرطبيّ 1:124،125. [4]
8- 8) الاُمّ 1:109،المجموع 3:361،فتح العزيز بهامش المجموع 3:312،مغني المحتاج 1:156،السّراج الوهّاج: 43،التفسير الكبير 1:216، [5]بداية المجتهد 1:126،المغني 1:561،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560، تفسير القرطبيّ 1:119، [6]المبسوط للسّرخسيّ 1:18.
9- 9) المغني 1:561،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560،الإنصاف 2:112،زاد المستقنع:13،المجموع 3: 361،فتح العزيز بهامش المجموع 3:313،تفسير القرطبيّ 1:119. [7]

فإن كانت ثلاثيّة وجبت في الأوّلتين،و إن كانت رباعيّة ففي ثلاث (1).

و قال الحسن:يجب في ركعة واحدة (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام أنّه قرأ في الأوّلتين،و سبّح في الأخيرتين (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمد بن قيس (4)،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا صلّى يقرأ في الأوّلتين من صلاته الظّهر سرّا،و يسبّح في الأخيرتين من صلاته الظّهر على نحو من صلاته العشاء، و كان يقرأ في الأوّلتين من صلاة العصر سرّا،و يسبّح في الأخيرتين على نحو من صلاته العشاء،و كان يقول:أوّل صلاة أحدكم الرّكوع» (5).

و ما تقدّم في (6)حديث عبيد بن زرارة (7)؛و لأنّ القراءة لو تعيّنت في الأخيرتين

ص:73


1- 1إرشاد السّالك:23،بداية المجتهد 1:126،مقدّمات ابن رشد 1:130،الهداية للمرغينانيّ 1:67،المجموع 3: 361،فتح العزيز بهامش المجموع 3:313،التفسير الكبير 1:216،المبسوط للسّرخسيّ 1:18،المغني 1: 561،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560.
2- 2) المغني 1:561،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:560،المجموع 3:361،تفسير القرطبيّ 1:118، [1]بداية المجتهد 1:126،التفسير الكبير 1:216، [2]المبسوط للسّرخسيّ 1:18.
3- 3) تفسير القرطبيّ 1:125،المجموع 3:362.
4- 4) محمّد بن قيس أبو عبد اللّه البجليّ ثقة،عين،كوفيّ روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام له كتاب القضايا المعروف،رواه عنه عاصم بن حميد الحنّاط و يوسف بن عقيل،قاله النجاشيّ،و يظهر منه أنّه غير محمّد بن قيس الأسديّ،حيث قال في ذيل ترجمة محمّد بن قيس:أبو نصر الأسديّ،:و لنا محمّد بن قيس البجليّ و له كتاب يساوي كتاب محمّد بن قيس الأسديّ،و لكن ظاهر العلاّمة في القسم الأوّل من الخلاصة اتّحادهما حيث جمع بين كلامي النجاشيّ فقال:و هذا محمّد بن قيس البجلي يكنّى أبا عبد اللّه. رجال النجّاشي:323،رجال العلامة:150. [3]
5- 5) التّهذيب 2:97 الحديث 362،الوسائل 4:793 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 9. [4]
6- 6) ح و ق:من.
7- 7) تقدّمت في ص 72.

ليس فيها الجهر كالأوّلتين.

احتجّ الشّافعيّ (1)بما رواه أبو قتادة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقرأ في أُوليي الظهر بأُمّ الكتاب و سورتين،و يقرأ في الأُخريين بأُمّ الكتاب (2).

و الجواب:لا منافاة بين فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ما اخترناه،لأنّ التّخيير لا يقتضي سقوط القراءة؛لأنّ للمصلّي أن يقرأ و أن يسبّح أيّهما شاء فعل.

و طعن الحنابلة في حديث عليّ بأنّ رواية الحارث الأعور (3)و قد قال الشّعبي إنّه كان كذّابا (4)،باطل،لأنّ المشهور من حال الحارث الصّلاح و ملازمته لعليّ عليه السّلام، أمّا الشّعبي فالمعلوم منه الانحراف عنه عليه السّلام و ملازمته لبني أُميّة و متابعته لهم حتّى عدّ في شيعتهم (5).

و أيضا:فقد تواتر النّقل عن أهل البيت عليهم السّلام بما ذكرناه (6)فلا عبرة بمخالفته (7)،و لأنّهما محلّ التّخفيف و لهذا (8)سقطا أصلا في بعض الفرائض كالصّبح و في السّفر و سقطت السّورة فيهما فكان التّخيير مناسبا (9).

ص:74


1- 1المجموع 3:362.
2- 2) سنن أبي داود 1:212 الحديث 799،سنن النّسائيّ 2:165،سنن الدّارميّ 1:296. [1]
3- 3) الحارث بن عبد اللّه الأعور الهمدانيّ،عنونه الكشّيّ بعنوان:الحارث الأعور،و قال:كان جليلا فقيها،و هو من الأولياء في أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام و قال المحقّق المامقانيّ:أنّ الأعور صفة له لا لأبيه،روى عن عليّ عليه السّلام و ابن مسعود،و عنه عمرو بن مرّة و أبو إسحاق. رجال الكشّيّ:88،تنقيح المقال 1:242، [2]تهذيب التّهذيب 2:145، [3]ميزان الاعتدال 1:435.
4- 4) المغني 1:561.
5- 5) تنقيح المقال 2:115: [4]الكنى و الألقاب 2:332.
6- 6) الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة.
7- 7) م و ن:بمخالفيه.
8- 8) غ:فلهذا.
9- 9) ح و ق:مناسبها.
فروع:
الأوّل:لا فرق بين القراءة و التّسبيح في الفضل للمنفرد

لثبوت التّخيير بينهما، و الحكم (1)بالفرق ينافي التّخيير بين الرّاجح و المرجوح.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن عليّ بن حنظلة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن الرّكعتين[الأخيرتين] (2)ما أصنع فيهما؟فقال:«إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب، و إن شئت فاذكر اللّه فهو سواء»قال:قلت فأيّ ذلك أفضل؟قال:«هما و اللّه سواء إن شئت سبّحت،و إن شئت قرأت» (3).

الثّاني:الأفضل للإمام القراءة و للمأموم التّسبيح

لأنّه ربّما يأتي مسبوق،فلو لم يقرأ الإمام لخلت (4)صلاة المسبوق من قراءة،لجواز أن يسبّح هو،و الأولى للمأموم التّسبيح وقت قراءة الإمام.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كنت إماما فاقرأ في الرّكعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب،و إن كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل» (5).

و روى،عن محمّد بن حكيم قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام،أيّما أفضل القراءة في الرّكعتين الأخيرتين أو التّسبيح؟فقال:«القراءة أفضل» (6).و حمله الشّيخ

ص:75


1- 1ق:و الحكمة.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التّهذيب 2:98 الحديث 369،الاستبصار 1:321 الحديث 1200،الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
4- 4) ح:فخلت.
5- 5) التّهذيب 2:99 الحديث 371،الاستبصار 1:322 الحديث 1202،الوسائل 4:794 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 11. [2]
6- 6) التّهذيب 2:98 الحديث 370،الاستبصار 1:322 الحديث 1201،الوسائل 4:794 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 10. [3]

على الإمام (1)،جمعا بين هذه الرّواية و رواية ابن حنظلة.

و عن معاوية بن عمّار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القراءة خلف الإمام في الرّكعتين الأخيرتين؟قال:«الإمام يقرأ بفاتحة الكتاب و من خلفه يسبّح،فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما و إن شئت فسبّح» (2).

الثّالث:اختلف أصحابنا في المجزي من التّسبيح

فقال المفيد رحمه اللّه:يجزئ أربع تسبيحات أن يقول:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر (3).و اختاره الشّيخ في الاستبصار (4).و قال في المبسوط و الجمل:هو مخيّر بين القراءة و عشر تسبيحات صورتها:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه.ثلاث مرّات و يقول عقيب الثّالثة:و اللّه أكبر (5).و به قال ابن أبي عقيل،و السيّد المرتضى في المصباح (6)،و ابن إدريس (7).و قال في النهاية:اثنى عشر تسبيحة،يضيف قوله:و اللّه أكبر إلى الثّلاث (8).

و قال أبو الصّلاح:مخيّر (9)بين الحمد و ثلاث تسبيحات:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه (10).و قال حريز بن عبد اللّه السّجستانيّ في كتابه:تسع تسبيحات (11).أسقط التّكبير و كرّر التّسبيح و التّحميد و التّهليل ثلاثا،و به قال أبو جعفر بن بابويه (12).

ص:76


1- 1التّهذيب 2:98،الاستبصار 1:322.
2- 2) التّهذيب 2:294 الحديث 1185،الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
3- 3) المقنعة:18. [2]
4- 4) الاستبصار 1:321.
5- 5) المبسوط 1:106، [3]الجمل و العقود:69.
6- 6) نقله عنهما في المعتبر 2:189. [4]
7- 7) السّرائر:46.
8- 8) النّهاية:76. [5]
9- 9) ح و ق:يتخيّر.
10- 10) الكافي في الفقه:117. [6]
11- 11) السّرائر:479-480.
12- 12) الفقيه 1:256.

و الأقرب الأوّل.

لنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:ما يجزئ من القول في الرّكعتين الأخيرتين؟قال:«أن تقول:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و تكبّر و تركع» (1).و هذا نصّ في الباب.

و في الصّحيح،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قمت في الرّكعتين لا تقرأ فيهما فقل:الحمد للّه و سبحان اللّه و اللّه أكبر» (2).و هذا يدلّ على الاجتزاء بذلك،لكنّا أوجبنا التّهليل لرواية زرارة،فيبقى سقوط ما زاد مستفادا منهما، و قوله عليه السّلام قال:«لا تقرأ»ليس نهيا له عن القراءة بل (3)بمعنى غير،كأنّه قال:غير قارئ،فيكون حالا.و لأنّ الأصل برأيه الذمّة،و قول حريز رواه في كتابه،عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا تقرأ في الرّكعتين الأخيرتين من الأربع الرّكعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير إمام»قال:قلت:فما أقول فيهما؟قال:«إن كنت إماما فقل:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه (4)ثلاث مرّات ثمَّ تكبّر و تركع، و إن كنت خلف إمام فلا تقرأ شيئا في الأُوليين (5)و أنصت لقراءته و لا تقولنّ شيئا في الأخيرتين (6)،فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول للمؤمنين (وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ) يعني في الفريضة خلف الإمام (فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (7)و الأخيرتان تبع

ص:77


1- 1التّهذيب 2:98 الحديث 367،الاستبصار 1:321 الحديث 1198،الوسائل 4:782 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 2:99 الحديث 372،الاستبصار 1:322 الحديث 1203،الوسائل 4:793 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 7. [2]
3- 3) ح و ق بزيادة:نهى.
4- 4) ح و ق بزيادة:و اللّه أكبر.
5- 5) ن و ح:الأوّلتين.
6- 6) م،ن،ق و ح:الآخرتين.
7- 7) الأعراف(7):204. [3]

الأوّلتين» (1).و النّهي هاهنا متوجّه على من يعتقد وجوب القراءة،فقال عليه السّلام:«لا تقرأ»بمعنى (2)معتقدا وجوب القراءة على التّعيين،و هذه الرّواية محمولة على الفضيلة لما قدّمناه من الرّواية (3).

و قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّكعتين الأخيرتين من الظّهر؟قال:«تسبّح و تحمد اللّه و تستغفر لذنبك و إن شئت فاتحة الكتاب فإنّها تحميد و دعاء» (4).فما تضمّنته هذه الرّواية من الاستغفار الأقرب أنّه ليس بواجب؛لرواية زرارة (5).

الرّابع:الأقرب أنّ ترتيب هذه الأذكار واجب

عملا بالاحتياط و برواية زرارة (6)،و في رواية الحلبيّ تقديم الحمد على التّسبيح (7)،و هو محمول على بيان التّسبيح لا على ترتيبه.

مسألة:القراءة ليست بركن و إن كانت واجبة،فتبطل الصّلاة بالإخلال بها عمدا لا سهوا

و هو مذهب أكثر علمائنا (8).و حكى الشّيخ في المبسوط عن بعض أصحابنا أنّ

ص:78


1- 1الفقيه 1:256 الحديث 1158 و 1160،الوسائل 4:791 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 1 و 2. [1]
2- 2) ح:يعني.
3- 3) هي رواية زرارة و الحلبيّ المتقدّمة في ص 65.
4- 4) التّهذيب 2:98 الحديث 368،الاستبصار 1:321 الحديث 1199،الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:98 الحديث 367،الاستبصار 1:321 الحديث 1198،الوسائل 4:782 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 5. [3]
6- 6) التّهذيب 2:98 الحديث 367،الاستبصار 1:321 الحديث 1198،الوسائل 4:782 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 5. [4]
7- 7) التّهذيب 2:99 الحديث 372،الاستبصار 1:322 الحديث 1203،الوسائل 4:793 الباب 51 من أبواب القراءة الحديث 7.
8- 8) منهم:الشّيخ الطّوسيّ في المبسوط 1:105،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):673،و ابن إدريس في السّرائر:50،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:81.

القراءة ركن تبطل الصّلاة بتركها عمدا و سهوا (1)(2).

لنا:قوله عليه السّلام:«رفع عن أُمّتي الخطأ و النّسيان» (3).و ارتفاع عينه محال فلا يكون مرادا فيحمل على ارتفاع حكمه،لأنّه أقرب مجاز (4)إلى الحقيقة،إذ نفي الماهيّة (5)يستلزم نفي جميع صفاتها،و أعمّها ما ذكرناه.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:

«إنّ اللّه عزّ و جلّ فرض الرّكوع و السّجود و القراءة سنّة،فمن ترك القراءة متعمّدا أعاد الصّلاة،و من نسي القراءة فقد تمّت صلاته و لا شيء عليه» (6).

و عن منصور بن حازم في الموثّق قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي صلّيت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلّها،فقال:«أ ليس قد أتممت الرّكوع و السّجود؟» قلت:بلى قال:«فقد تمّت صلاتك إذا كنت ناسيا» (7).

احتجّ المخالف (8)بقوله عليه السّلام:«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» (9).

ص:79


1- 1ح:أو سهوا.
2- 2) المبسوط 1:105.
3- 3) الوسائل 4:1284 [1] الباب 37 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2 و ج 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 2.و من طريق العامّة ينظر:سنن ابن ماجه 1:659 الحديث 2043،2045، كنز العمّال 12:155 الحديث 34458،سنن الدّار قطنيّ 4:170.في الجميع:بتفاوت يسير.
4- 4) غ،ح و ق:مجازا.
5- 5) م و ح:المهيّة.
6- 6) التّهذيب 2:146 الحديث 569،الوسائل 4:767 الباب 27 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
7- 7) التّهذيب 2:146 الحديث 570،الوسائل 4:769 الباب 29 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
8- 8) المغني 1:555،المهذّب للشّيرازيّ 1:72،المجموع 3:327،332.
9- 9) ورد هذا الحديث بلفظ:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»في صحيح البخاريّ 1:192،صحيح مسلم 1: 295 الحديث 394،سنن ابن ماجه 1:273 الحديث 837،سنن التّرمذيّ 2:25 الحديث 247،سنن النّسائيّ 2:137.و في كنز العمّال 7:443 الحديث 19695 و ج 8:113 الحديث 22147:«لا صلاة إلاّ بقراءة فاتحة الكتاب».

و الجواب:أنّه مع الذّكر لما بينّاه.

فرع:

لو أخلّ بالقراءة في الأُوليين (1)ناسيا لم تتعيّن في الآخرتين (2)على إحدى الرّوايتين، بل يبقى على التّخيير و هو الأقوى عملا بعموم الأخبار الدّالة على التّخيير (3).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:الرّجل يسهو عن القراءة في الرّكعتين الأوّلتين فيذكر في الرّكعتين الأخيرتين أنّه لم يقرأ،قال:«أتمّ الرّكوع و السّجود؟»قلت:نعم،قال:«إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها» (4).

و اختار الشّيخ في الخلاف أنّه يقرأ في الآخرتين قال:و روي أنّ التّخيير قائم، و احتجّ بأنّ الصّلاة تخلو من قراءة،و قال عليه السّلام:«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» (5).

و الجواب:ما تقدّم.

مسألة:و في جواز القران بين سورتين مع الحمد في كلّ ركعة من الفرائض قولان:

أحدهما:المنع،اختاره الشّيخ في النّهاية و المبسوط (6)و قوّاه في الخلاف (7)، و اختاره السيّد المرتضى (8)،و أومأ الشّيخ في الاستبصار إلى الكراهية (9)،و قال في

ص:80


1- 1ح:الأوّلتين.
2- 2) غ:الأخيرتين،م و ن:الآخرين.
3- 3) الوسائل 4:781 الباب 42 من أبواب القراءة. [1]
4- 4) التّهذيب 2:146 الحديث 571،الاستبصار 1:354 الحديث 1337،الوسائل 4:770 الباب 30 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
5- 5) الخلاف 1:117 مسألة-93.
6- 6) النهاية:75،المبسوط 1:107.
7- 7) الخلاف 1:115 مسألة-87.
8- 8) الانتصار:44.
9- 9) الاستبصار 1:317.

المبسوط:قراءة سورة بعد الحمد واجب غير أنّه إن قرأ بعض سورة أو قرن بين سورتين بعد الحمد لا يحكم ببطلان الصّلاة (1).

لنا:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي في كلّ ركعة بسورة (2)واحدة بعد الحمد (3)،و متابعته واجبة.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:

سألته عن الرّجل يقرأ السّورتين في الرّكعة؟فقال:«لا،لكلّ سورة ركعة» (4).

و ما رواه،عن عمر بن يزيد قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أقرأ سورتين في ركعة؟قال:«نعم»قلت:أ ليس يقال:أعط كلّ سورة حقّها من الرّكوع و السّجود؟فقال:

«ذلك في الفريضة فأمّا النّافلة فليس به بأس» (5).دلّ بمفهومه على ثبوت البأس في الفريضة،و لأنّ يقين البراءة يثبت بقراءة سورة واحدة للاتّفاق عليه،بخلاف الجمع فيكون المصير إليه أولى.

احتجّ المجوّزون بما رواه الشّيخ في الموثّق عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:

«إنّما يكره أن يجمع بين السّورتين في الفريضة فأمّا النّافلة فليس به بأس» (6).

و ما رواه،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن القران بين السّورتين في المكتوبة و النّافلة؟قال:«لا بأس» (7).و لأنّ الأصل الجواز فيصار إليه.

ص:81


1- 1المبسوط 1:107. [1]
2- 2) ح و ق:سورة.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:193،سنن أبي داود 1:212 الحديث 798-799،سنن النسائيّ 2:165.
4- 4) التّهذيب 2:70 الحديث 254،الاستبصار 1:314 الحديث 1168،الوسائل 4:740 الباب 8 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:70 الحديث 257،الاستبصار 1:316 الحديث 1179،الوسائل 4:741 الباب 8 من أبواب القراءة الحديث 5. [3]
6- 6) التّهذيب 2:70 الحديث 258،الوسائل 4:741 الباب 8 من أبواب القراءة الحديث 2. [4]
7- 7) التّهذيب 2:296 الحديث 1192،الاستبصار 1:317 الحديث 1181،الوسائل 4:742 الباب 8 من أبواب القراءة الحديث 9. [5]

و الجواب عن الأوّل:أنّ حديثنا أصحّ طريقا و كان العمل به أولى،و لأنّ الكراهية يشتمل (1)التّحريم،و يدلّ على إرادته قوله عليه السّلام:«فأمّا النّافلة فليس به بأس».

و عن الثّاني:أنّه معارض بما تلوناه من الأحاديث.

و عن الثّالث:أنّه معارض بالاحتياط،و بالجملة فنحن في هذه المسألة من المتردّدين.

فروع:
الأوّل:لا خلاف بين أهل العلم في جواز القران بين السّورتين و أكثر في النّافلة

فإنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قرأ سورة البقرة و آل عمران و النّساء في ركعة (2).و ما تقدّم من الأحاديث يدلّ عليه.

الثّاني:هل القران مبطل عند القائلين بتحريمه؟

قال الشّيخ في النّهاية:تبطل (3)، و قال في المبسوط:لا تبطل (4)و إن كان غير جائز.و فيه تردّد ينشأ من كونه فعلا كثيرا منهيّا عنه.

الثّالث:قال الشّيخان و ابن بابويه و علم الهدى:الضّحى و ألم نشرح سورة واحدة

(5)(6)

لا تفرد إحداهما عن الأُخرى،و كذا الفيل و لإيلاف (7).

ص:82


1- 1ن:تشمل.
2- 2) صحيح مسلم 1:536 الحديث 772،المغني 1:572.
3- 3) النّهاية:76.
4- 4) المبسوط 1:107.
5- 5) ينظر قول الشّيخ الطّوسيّ في النّهاية:78،و [1]المبسوط 1:107،و [2]لم نعثر على قول للمفيد بهذا الخصوص في المصادر الموجودة لدينا،و في المعتبر 2:187(.و [3]به قال الشّيخان في النّهاية و المبسوط.)و هي كما ترى غير متلائمة.
6- 6) الهداية:31، [4]الفقيه 1:200.
7- 7) الانتصار:44.

و احتجّوا على ذلك بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زيد الشّحّام قال:صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السّلام الفجر فقرأ الضّحى و ألم نشرح في ركعة واحدة (1).

و ذكر أحمد بن محمّد بن أبي نصر في كتابه عن المفضّل قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلاّ الضّحى و أَ لَمْ نَشْرَحْ و سورة الفيل و لِإِيلافِ قُرَيْشٍ » (2).و هاتان الرّوايتان غير دالّتين على مطلوبهم،إذ أقصى ما يدلّ عليه الجواز،أمّا الوجوب فلا.

الرّابع:هل تعاد البسملة بين الضّحى و ألم نشرح و بين الفيل و لإيلاف؟قال

الشّيخ في التّبيان:لا تعاد

(3)و قال في الاستبصار:الضّحى و ألم نشرح عند آل محمّد عليه و عليهم السّلام سورة واحدة و ينبغي أن يقرأهما موضعا واحدا،و لا يفصل بينهما ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم في الفرائض (4).و قال ابن إدريس:تجب قراءة بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في الاُولى و الثّانية (5).و هو الوجه عندي،لأنّها ثابتة في المصحف فتكون آية منها.

احتجّ الشّيخ بأنّهما سورة واحدة فلا يعاد بينهما البسملة (6).

و الجواب:المنع من وحدتهما،و ما ذكرتموه إنّما يدلّ على وجوب قراءتهما أمّا على وحدتهما فلا،بل رواية المفضّل تدلّ على تسميتهما سورتين،لأنّ الاستثناء متّصل.

مسألة:و في جواز قراءة سورة من العزائم الأربع في الفرائض قولان

أكثر علمائنا

ص:83


1- 1التّهذيب 2:72 الحديث 266،الاستبصار 1:317 الحديث 1182،1183،الوسائل 4:743 الباب 10 من أبواب القراءة الحديث 1،2. [1]
2- 2) المعتبر 2:188، [2]الوسائل 4:744 الباب 10 من أبواب القراءة الحديث 5. [3]
3- 3) التبيان 10:371. [4]
4- 4) الاستبصار 1:317.
5- 5) السّرائر:46.
6- 6) الاستبصار 1:317.

على المنع (1).و قال ابن الجنيد منّا:لو قرأ سورة من العزائم في النّافلة سجد،و إن كان في فريضة أومأ،فإذا فرغ قرأها و سجد (2).و هذا يدلّ على التّسويغ.و أطبق الجمهور على الجواز.

لنا:أنّه لو جاز ذلك لزم أحد محذورين (3)إمّا زيادة السّجود في الصّلاة و هو مبطل لها،و إمّا ترك السّجود مع توجّه الأمر به و كلاهما منفيّان.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم،فإنّ السّجود زيادة في المكتوبة» (4).

و ما رواه،عن عثمان بن عيسى،عن سماعة قال:من قرأ:اقرأ باسم ربّك،فإذا ختمها فليسجد،فإذا قام فليقرأ فاتحة الكتاب و ليركع،قال:و إن ابتليت بها مع إمام لا يسجد فيجزئك الإيماء و الرّكوع و لا تقرأ في الفريضة و اقرأ في التّطوّع (5).و الحديثان و إن كانا لا يخلوان من ضعف.

أمّا الأوّل:فلأنّ في طريقها ابن بكير و هو فطحيّ،و القاسم بن عروة (6)و لا

ص:84


1- 1منهم:السيّد المرتضى في الانتصار:43،و الجمل:60،و الشّيخ الطّوسيّ في النّهاية:77،و ابن إدريس في السّرائر:45،و المحقّق الحلّيّ في الشّرائع 1:82.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:175. [1]
3- 3) ح و ق:المحظورين.
4- 4) التّهذيب 2:96 الحديث 361،الوسائل 4:779 الباب 40 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:292 الحديث 1174،الاستبصار 1:320 الحديث 1192،الوسائل 4:777 الباب 37 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
6- 6) القاسم بن عروة أبو محمّد،مولى أبي أيّوب الخوزيّ بغداديّ و بها مات،و روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قاله النّجاشيّ،و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام،و قال في الفهرست:له كتاب.قال المامقانيّ: اختلفت الآراء فيه،فمنهم من ضعّفه كما ظهر من المصنّف حيث إنّه لم يذكره في الخلاصة،و قال هنا و في مواضع من المختلف:لم يحضرني الآن حاله.و منهم من حسّنه،إلى أن قال:و الإنصاف أنّ عدّ حديث الرّجل في الصّحيح و عدّه في الضّعيف في طرفي الإفراط و التّفريط،و القول الفصل،هو عدّ حديثه من الحسن. رجال الطّوسيّ:276،الفهرست:127، [4]رجال النّجاشيّ:314،تنقيح المقال 2:21 باب القاف. [5]

يحضرني حاله.

و أمّا الثاني:فلأنّ في طريقها عثمان بن عيسى و سماعة و هما واقفيّان،و هي موقوفة لم يسندها سماعة إلى إمام،فإنّ فتوى أكثر الأصحاب على المنع،و الاحتياط دالّ عليه.

و يمكن أن يجوّز على قول الشّيخ من جواز الاقتصار على بعض السّورة،فيقرأ حتّى يبلغ السّجدة و يترك (1)،أو نقول:يجوز على قول من يجوّز الزّيادة على السّورة،فيترك إذا بلغ السّجدة و يقرأ من غيرها.و قد رواها الشّيخ،عن عمّار السّاباطيّ في الموثّق،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم،فقال:«إذا بلغ موضع السّجدة فلا يقرأها،و إن أحبّ أن يرجع فيقرأ سورة غيرها و يدع الّتي فيها السّجدة و يرجع إلى غيرها» (2).

مسألة:و يحرم عليه أن يقرأ ما يفوت الوقت بقراءته

كما لو ضاق الوقت فقرأ بالبقرة و أشباهها،بحيث يعلم خروج الوقت قبل الإتمام.ذكره الشّيخ في المبسوط (3)و هو الاختيار؛لأنّه يلزم منه الإخلال بالصّلاة أو بعضها حتّى يخرج الوقت عمدا و ذلك غير جائز.

مسألة:و يجب على المصلّي الجهر في الصّبح،و أُوليي المغرب،و أُوليي العشاء

(4)(5)

و الإخفات في ثالثة المغرب و الظّهرين معا،و الأخيرتين (6)من العشاء.ذهب إليه أكثر علمائنا (7)،و هو قول ابن أبي ليلى من الجمهور (8).

ص:85


1- 1لم نعثر على قوله هذا.
2- 2) التّهذيب 2:293 الحديث 1177،الوسائل 4:779 الباب 40 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
3- 3) المبسوط 1:108.
4- 4) غ:و أوّلتي.
5- 5) غ:و أوّلتي.
6- 6) غ:و الآخرتين.
7- 7) منهم:الشّيخ الطّوسيّ في المبسوط 1:108،و ابن إدريس في السّرائر:45،و المحقّق الحلّيّ في الشّرائع 1:82. [2]
8- 8) حكاه المحقّق في المعتبر 2:176. [3]

و قال علم الهدى في المصباح:هو من وكيد السّنن حتّى روي أنّ من تركها عامدا أعاده (1).و قال ابن الجنيد:هو مستحبّ (2)،و هو مذهب الجمهور كافّة.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يجهر فيما قلناه و يسرّ فيما عداه (3).

و قال صلّى اللّه عليه و آله:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (4).و لأنّه مستحبّ عندهم فنقول:إنّه عليه السّلام لمّا بيّن الصّلاة إن كان قد فعل ما فصّلناه وجب اتّباعه (5)؛لأنّه بيان للواجب،و إن كان قد خالف وجب اتّباعه،و لم يقل به أحد.و لأنّه يلزم منه عدول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من المسنون إلى المكروه و هو قبيح.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي أن يجهر فيه و أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه،فقال:«أيّ ذلك فعل متعمّدا (6)فقد نقض (7)صلاته و عليه الإعادة،و إن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه و قد تمّت صلاته» (8).

و روى ابن بابويه في كتابه،عن محمّد بن حمران (9)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،

ص:86


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:176. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:176. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:193-197،سنن أبي داود 1:213-216،سنن البيهقيّ 2:194-195.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [3]مسند أحمد 5:53.
5- 5) غ:إيقاعه.
6- 6) غ،م،ن و ق:إن فعل ذلك متعمّدا.
7- 7) ق:نقص.
8- 8) التّهذيب 2:162 الحديث 635،الاستبصار 1:313 الحديث 1163،الوسائل 4:766 الباب 26 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
9- 9) في النّسخ:محمّد بن حمران،و في الفقيه:محمّد بن عمران،و كلاهما وقع في طريق الصّدوق رحمة اللّه عليه،فلا بدّ للتعرّض لكلّ منهما:أمّا الأوّل:فهو محمّد بن حمران النهديّ أبو جعفر البزّاز،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام و قال النّجاشيّ:ثقة كوفيّ الأصل نزل جرجرايا.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. و نقل المحقّق المامقانيّ عن الأردبيليّ القول باتّحاده مع محمّد بن حمران بن أعين،و ردّه بأنّ ذاك مولى بني شيبان دون هذا و هذا نهديّ فالحقّ أنّ البناء على اتّحادهما اشتباه و الصّواب التعدّد.و قال السيّد الخوئيّ:إنّ محمّد بن حمران الّذي في طريق الصّدوق هو النّهديّ لعدم وجود رواية واحدة عن ابن أعين في الفقيه. أمّا الثّاني:فهو محمّد بن عمران العجليّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام و قال المحقّق المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. رجال الطّوسيّ:285،322،رجال النّجاشيّ:359،رجال العلاّمة:158، [5]تنقيح المقال 3:110،166، [6]معجم رجال الحديث 16:49. [7]

الجهر في صلاة الجمعة و المغرب و العشاء الآخرة و الغداة،و الإخفات في الظّهر و العصر (1).و روى نحوه عن الفضل عن الرّضا عليه السّلام (2).

احتجّ ابن الجنيد:بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يصلّي الفريضة ممّا يجهر فيه هل له أن لا يجهر؟قال:

«إن شاء جهر و إن شاء لم يفعل» (3).قال الشّيخ في الاستبصار:هذا الخبر موافق للعامّة و لسنا نعمل به،و العمل على الخبر الأوّل (4).و هو جيّد،لجواز أن يكون قد خرج مخرج التقيّة فلا تعويل عليه حينئذ.

فروع:
الأول:أقلّ الجهر الواجب أن يسمع غيره القريب أو يكون بحيث يسمع لو كان

سامعا

بلا خلاف بين العلماء،و الإخفات أن يسمع نفسه أو بحيث يسمع (5)لو كان سامعا

ص:87


1- 1الفقيه 1:202 الحديث 925،الوسائل 4:764 الباب 25 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 1:203 الحديث 927،الوسائل 4:763 الباب 25 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 2:162 الحديث 636،الاستبصار 1:313 الحديث 1164،الوسائل 4:765 الباب 25 من أبواب القراءة الحديث 6. [3]
4- 4) الاستبصار 1:313.
5- 5) غ،م و ن:سمع.

و هو وفاق؛لأنّ الجهر هو الإعلان و الإظهار و هو يتحقّق بسماع الغير القريب فيكتفى (1)به،و الإخفات السّرّ،و إنّما حدّدناه بما قلناه،لأنّ ما دونه لا يسمّى كلاما و لا قرآنا و ما زاد عليه يسمّى جهرا.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة عن الباقر عليه السّلام قال:

«لا يكتب من القراءة و الدّعاء إلاّ ما أسمع نفسه» (2).

و في الصّحيح،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام هل يقرأ الرّجل في صلاته و ثوبه على فيه؟فقال:«لا بأس بذلك إذا أسمع أُذنيه الهمهمة» (3).

و عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن قوله تعالى (وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها) (4)قال:«المخافتة دون سمعك،و الجهر أن ترفع صوتك شديدا» (5).

و قد خرج (6)بهذا الجواب بيان فساد من استدلّ بهذه الآية على التّخيير بين الجهر و الإخفات،لأنّ ظاهرها غير مراد قطعا،إذ نفي الجهر و الإخفات مع القراءة غير ممكن، فلا بدّ من صرفها إلى ما قاله عليه السّلام.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يصلح له أن يقرأ في صلاته و يحرّك لسانه بالقراءة في لهواته من غير أن يسمع نفسه؟قال:«لا بأس أن لا يحرّك لسانه يتوهّم توهّما» (7).لأنّ الشّيخ

ص:88


1- 1ن و م:فيكفي.
2- 2) التّهذيب 2:97 الحديث 363،الاستبصار 1:320 الحديث 1194،الوسائل 4:773 الباب 33 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 2:97 الحديث 364،الاستبصار 1:320 الحديث 1195،الوسائل 4:774 الباب 33 من أبواب القراءة الحديث 4. [2]
4- 4) الإسراء(17):110. [3]
5- 5) التّهذيب 2:290 الحديث 1164،الوسائل 4:773 الباب 33 من أبواب القراءة الحديث 2. [4]
6- 6) ح و ق:صرّح.
7- 7) التّهذيب 2:97 الحديث 365،الاستبصار 1:321 الحديث 1196،الوسائل 4:774 الباب 33 من أبواب القراءة الحديث 5. [5]

حمل هذه الرّواية على من كان مع قوم لا يقتدي بصلاتهم و يخاف من إسماعه نفسه بالقراءة (1)،و استدلّ عليه بما رواه محمّد بن أبي حمزة،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجزئك من القراءة معهم مثل حديث النّفس» (2).

الثّاني:ليس على المرأة جهر في شيء من الصّلوات كافّة

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم؛لأنّ صوتها عورة فلا يجوز لها إبرازه إلى الرّجال،نعم لا تقصر في الإخفات عن إسماع نفسها لو كانت تسمع.

الثّالث:حكم القضاء حكم الأداء في الجهر و الإخفات

بلا خلاف عندنا،سواء كان القضاء مفعولا في نهار أو ليل،و قد أجمع أهل العلم على الإسرار في صلاة النّهار إذا قضيت في نهار أو ليل،و كذا صلاة اللّيل إذا قضيت في اللّيل جهر بها،و إن قضاها بالنّهار جهر بها عندنا.و به قال أبو حنيفة،و أبو ثور،و ابن المنذر (3).و قال الشّافعيّ:يسرّ بها.و هو قول الأوزاعيّ،و أحمد (4).

لنا:قوله عليه السّلام:«من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته» (5).و لا يتحقّق المشابهة إلاّ بما قلناه.

احتجّوا بأنّها صلاة نهار فتدخل تحت قوله عليه السّلام:«إذا رأيتم من يجهر بالقراءة في صلاة النّهار فارجموه بالبعر» (6).رواه

ص:89


1- 1التّهذيب 2:97،الاستبصار 1:321.
2- 2) التّهذيب 2:97 الحديث 366،الاستبصار 1:321 الحديث 1197،الوسائل 4:796 الباب 52 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
3- 3) المغني 1:643،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:570.
4- 4) يراجع:نفس المصادر.
5- 5) عوالي الئالي 2:54 الحديث 143 و ج 3:107 الحديث 150.
6- 6) المغني 1:643،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:570،المهذّب للشيرازيّ 1:74،كنز العمّال 7:444 الحديث 19706-19708.

أبو حفص (1).

و الجواب:المنع من كونها صلاة نهار و إن فعلت فيه،و لهذا ينوي قضاء صلاة العشاء مثلا.

الرّابع:الجهر على الإمام واجب عندنا في المواضع المذكورة

و عند الجمهور مستحبّ.أمّا المأموم فلا خلاف في أنّه لا يسنّ له الجهر،أمّا عندنا فلأنّه يجب عليه الإنصات أو يستحبّ له،و أمّا عندهم فلأنّه يستحبّ له الإنصات.و أمّا المنفرد فإنّه يجب عليه الجهر عندنا في المواضع المذكورة،و عند الشّافعيّ يستحبّ (2)،لأنّه غير مأمور بالإنصات فكان كالإمام.و قال أحمد:لا يستحبّ له الجهر (3)؛لأنّه غير مأمور بإسماع غيره فلا يستحبّ له.و الأوّل أصحّ.

الخامس:لو ترك الجهر أو الإخفات في موضعه ناسيا أو جاهلا بوجوبه فلا إعادة عليه

لرواية زرارة،عن الباقر عليه السّلام،و قد تقدّمت (4).

و لو ذكر في أثناء القراءة التّرك انتقل إلى ما يجب عليه من الجهر أو الإخفات و لا يستأنف القراءة؛لأنّه لو ذكر بعد فوات قراءتها لم يستأنف فكذا حكم أبعاضها.

السّادس:يستحبّ للإمام أن يجهر بقراءته بحيث يسمعه المأمومون ما لم يبلغ صوته حدّ العلوّ المفرط

و هو إجماع العلماء كافّة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كلّما يقول،و لا ينبغي لمن خلف الإمام أن يسمعه شيئا ممّا

ص:90


1- 1عمرو بن عليّ بن بحر بن كنيز الباهليّ أبو حفص الصّيرفيّ الفلاس،روى عن عبد الوهّاب الثقفيّ و يزيد بن زريع و معاذ بن معاذ،و روى عنه أبو زرعة و أبو حاتم،و روى النّسائيّ عن زكريّا السّجزيّ عنه.مات سنة 249 ه. تهذيب التّهذيب 8:80. [1]
2- 2) المغني 1:643،المهذّب للشيرازيّ 1:174.
3- 3) المغني 1:643.
4- 4) تقدّمت في ص 88.

يقول» (1).

السّابع:الجهر إنّما يجب في القراءة خاصّة

و لا يجب في شيء من أذكار الصّلاة؛لأنّ الأصل عدمه.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال:سألته عن التّشهّد و القول في الرّكوع و السّجود و القنوت للرّجل أن يجهر به؟قال:«إن شاء جهر و إن شاء لم يجهر» (2).

نعم يستحبّ للإمام الجهر به؛لرواية أبي بصير (3)؛و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ينبغي للإمام أن يُسمع من خلفه التّشهّد و لا يسمعونه شيئا» (4).

الثّامن:لا خلاف بين علمائنا القائلين بوجوب الجهر أنّه يجب الجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم في المواضع الّتي تجهر فيها بالقراءة

؛لأنّها آية من الحمد و السّورة فيجب الجهر بها.

و الجمهور اختلفوا فقال الشّافعيّ و من تبعه:يجهر بها مطلقا (5).و أبو حنيفة و من تبعه قالوا:يسرّ بها مطلقا (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة أنّه قرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و قال:أنا

ص:91


1- 1التّهذيب 2:102 الحديث 383،الوسائل 4:994 الباب 6 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:102 الحديث 385،الوسائل 4:917 الباب 20 من أبواب القنوت الحديث 1. [2]
3- 3) تقدّمت في نفس الصفحة رقم 1.
4- 4) التّهذيب 2:102 الحديث 384،الوسائل 4:994 الباب 6 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [3]
5- 5) المجموع 3:341،حلية العلماء 2:103،ميزان الكبرى 1:141،أحكام القرآن للجصّاص 1:16،سنن التّرمذيّ 2:16،الهداية للمرغينانيّ 1:48،المغني 1:557.
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 1:16،المبسوط للسرخسيّ 1:15،الهداية للمرغينانيّ 1:48،المجموع 3:342، حلية العلماء 2:104،ميزان الكبرى 1:141،بداية المجتهد 1:124.

أشبهكم بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

و عن أُمّ سلمة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى فقرأ:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (2).و مثله رواه ابن المنذر (3).و الإخبار بالقراءة يستلزم السّماع و هو معنى الجهر.

و روى أبو هريرة أنّه قال:ما أسمعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أسمعناكم و ما أخفى علينا أخفينا عليكم (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن صفوان قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام أيّاما فكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم،فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم و أخفى ما سوى ذلك (5).

و عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ قال:صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السّلام في مسجد بني كأهل فجهر مرّتين ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم،و قنت في الفجر،و سلّم واحدة ممّا يلي القبلة (6).

و في الموثّق،عن مسمع البصريّ قال:صلّيت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم،الحمد للّه ربّ العالمين،ثمَّ قرأ السّورة (7).و لأنّها آية من الحمد

ص:92


1- 1سنن النّسائيّ 2:134،سنن البيهقيّ 2:46.
2- 2) سنن البيهقيّ 2:44.
3- 3) المغني 1:556،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:552.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:195،صحيح مسلم 1:297 الحديث 396،سنن أبي داود 1:211 الحديث 797،سنن النّسائيّ 2:163،سنن البيهقيّ 2:40.
5- 5) التّهذيب 2:68 الحديث 246،الاستبصار 1:310 الحديث 1154،الوسائل 4:745 الباب 11 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
6- 6) التّهذيب 2:288 الحديث 1155،الاستبصار 1:311 الحديث 1157،الوسائل 4:745 الباب 11 من أبواب القراءة الحديث 4. [2]
7- 7) التّهذيب 2:288 الحديث 1154،الاستبصار 1:311 الحديث 1158،الوسائل 4:748 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 4. [3]

و غيرها فكان لها حكم باقي الآيات.

احتجّ المخالف بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قرأ الفاتحة و لم يقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (1).روته عائشة (2).فدلّ على عدم الجهر فيها.

و الجواب:لعلّها لم تسمعه لبعدها عنه،و قد ثبت أنّه عليه السّلام قرأها.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ و محمّد بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّهما سألاه عمّن يقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم حين يريد يقرأ فاتحة الكتاب؟قال:«نعم،إن شاء سرّا،و إن شاء جهرا» (3).

لأنّا نحمل هذه الرّواية على الصّلاة الإخفاتيّة،جمعا بين الأدلّة.

التّاسع:قال أكثر علمائنا يستحبّ الجهر بها في موضع الإخفات

(4)قال علم الهدى:

و من أصحابنا من يرى الجهر بها في كلّ صلاة للإمام،أمّا المنفرد فيجهر بها في صلاة الجهر، و يخفت بها في الإخفات (5).و قال ابن إدريس:إنّما يستحبّ الجهر بها في أوّلتي الظّهر و العصر دون أواخرهما،و ثالثة المغرب و اخرى العشاء (6)(7).

لنا:ما تقدّم من حديث صفوان (8).

و ما رواه الشّيخ،عن أبي حمزة الثماليّ قال:قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:«يا

ص:93


1- 1المغني 1:557،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:553.
2- 2) سنن أبي داود 1:208 الحديث 783،سنن البيهقيّ 2:51،التفسير الكبير 1:201. [1]
3- 3) التّهذيب 2:68 الحديث 249،الاستبصار 1:312 الحديث 1161،الوسائل 4:748 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
4- 4) منهم:الشّيخ الطّوسيّ في الخلاف 1:113 مسألة-83،و القاضي ابن البرّاج في المهذّب 1:92،و أبو الصّلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:117،و [3]المحقق الحلّيّ في الشرائع 1:82. [4]
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:180. [5]
6- 6) كذا في النّسخ،و الأنسب:اُخريي العشاء.
7- 7) السّرائر:45.
8- 8) تقدّم في ص 92.

ثماليّ إنّ الصّلاة إذا أُقيمت جاء الشّيطان إلى قرين الإمام فيقول:هل ذكر ربّه؟فإن قال:

نعم،ذهب،و إن قال:لا،ركب على كتفيه،فكان إمام القوم حتّى ينصرفوا»قال:فقلت:

جعلت فداك أ ليس يقرؤن القرآن؟قال:«بلى ليس حيث تذهب يا ثماليّ إنّما هو الجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم» (1).و ذلك مطلق فيجري على إطلاقه إلى أن يظهر المقيّد، و تخصيص ابن إدريس استحباب الجهر بما يتعيّن فيه القراءة ممّا لا وجه له،و تمسّكه بالاحتياط غير دالّ عليه،و احتجاجه بقول الشّيخ في الجمل:و يستحبّ الجهر بها في الموضعين (2).فاسد،لاحتمال أن يكون مراده أوّل الحمد و أوّل السّورة لا الظّهر و العصر كما فهمه هو.

العاشر:يجوز الإسرار بها حالة التقيّة و إن وجب الجهر بها،للضّرورة

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن أبي جرير زكريّا بن إدريس القمّيّ قال:سألت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام عن الرّجل يصلّي بقوم يكرهون أن يجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم؟فقال:«لا يجهر» (3).

الحادي عشر:المستحبّ في نوافل النّهار المخافتة،و في نوافل اللّيل الجهر بالقراءة

و هو مذهب علمائنا أجمع،لما رواه أبو هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا رأيتم من يجهر بالقراءة في صلاة النّهار فارجموه بالبعر» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن الحسن بن فضّال،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«السنّة في صلاة النّهار بالإخفات،و السنّة في صلاة اللّيل

ص:94


1- 1التّهذيب 2:290 الحديث 1162،الوسائل 4:758 الباب 21 من أبواب القراءة الحديث 4. [1]
2- 2) الجمل و العقود:71-72.
3- 3) التّهذيب 2:68 الحديث 248،الاستبصار 1:312 الحديث 1160،الوسائل 4:747 الباب 12 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
4- 4) كنز العمّال 7:444 الحديث 19706-19708 و فيه:عن بريدة،المغني 1:643.

بالإجهار» (1).و لأنّ فيه تنبيها للنّائم بخلاف النّهار لأنّه ربّما يشوبه (2)رياء.

مسألة:و يستحبّ للمصلّي أن يسكت بعد قراءة الحمد و بعد السّورة

و به قال أحمد،و الأوزاعيّ،و الشّافعيّ،و كرهه مالك،و أصحاب الرّأي (3)،و قال بعضهم:يسكت عقيب الافتتاح و بعد الحمد خاصّة (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن الأثرم،عن عروة بن الزّبير قال:أمّا أنا فأغتنم من الإمام اثنتين (5)إذا قال (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ) (6).فأقرأُ عندها و حين يختم السّورة فأقرأُ قبل أن يركع (7).و هذا يدلّ على اشتهار ذلك فيما بينهم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن غياث بن كلّوب (8)،عن إسحاق بن عمّار، عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام أنّ رجلين من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اختلفا في صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كم كان له من سكتة؟فكتبا إلى ابيّ بن كعب فقال:كان له سكتتان:إذا فرغ من أُمّ القرآن،و إذا فرغ من السّورة (9).و لأنّ المقتضي لسكوته بعد الحمد موجود بعد السّورة.

ص:95


1- 1التّهذيب 2:289 الحديث 1161،الاستبصار 1:313 الحديث 1165،الوسائل 4:759 الباب 22 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
2- 2) ن و م:يشعر به.
3- 3) المغني 1:567.
4- 4) المغني 1:567.
5- 5) ح و ق:آيتين.
6- 6) الفاتحة(1):7. [2]
7- 7) المغني 1:567.
8- 8) غياث بن كلّوب بن فيهس البجليّ،عدّه الشّيخ في رجاله ممّن لم يرو عنهم،و قال:روى عنه الصفّار،و قال في الفهرست:له كتاب عن إسحاق بن عمّار،و قال النجاشيّ:له كتاب أخبرنا ابن شاذان.،و قد أهمله المصنّف في الخلاصة. رجال الطّوسيّ:489،رجال النجّاشيّ:305،الفهرست:123. [3]
9- 9) التّهذيب 2:297 الحديث 1196،الوسائل 4:785 الباب 46 من أبواب القراءة الحديث 2. [4]

و لا يعارض ذلك ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يقرأ في الفريضة بفاتحة الكتاب و سورة أُخرى في النّفس الواحد؟قال:«إن شاء قرأ في نفس و إن شاء غيره» (1).لأنّ النّدب لا ينافي التّخيير.

مسألة:المعوّذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما في الفرائض

بلا خلاف بين أهل العلم كافّة،و خلاف الآحاد انقرض.روى الشّيخ،عن منصور بن حازم قال:أمرني أبو عبد اللّه عليه السّلام أن أقرأ المعوّذتين في المكتوبة (2).

و عن داود بن فرقد،عن مولى بسّام (3)قال:أمّنا أبو عبد اللّه عليه السّلام في صلاة المغرب فقرأ المعوّذتين،ثمَّ قال:«هما من القرآن» (4).و لا نعرف الآن فيه خلافا.

مسألة:و يستحبّ للمصلّي أن يرتّل قراءته بأن يبيّنها من غير مبالغة

و يجب عليه النّطق بالحروف من مخارجها بحيث لا يخفى بعضها في بعض؛لقوله تعالى (وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (5).

و سئلت عائشة عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟فقالت:لا كسردكم هذا لو أراد السّامع أن يعدّ حروفه لعدّها (6).

ص:96


1- 1التّهذيب 2:296 الحديث 1193،الوسائل 4:785 الباب 46 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:96 الحديث 356،الوسائل 4:786 الباب 47 من أبواب القراءة الحديث 3. [2]
3- 3) صابر مولى بسّام بن عبد اللّه الصيرفيّ مولى بني أسد روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام له كتاب أخبرنا عدّة من أصحابنا عن جعفر بن محمّد.قاله النّجاشيّ،و نقل في جامع الرّواة [3]رواية داود بن فرقد و أبي الصّباح مولى بسّام و عبد المؤمن عنه،و يستفاد من رواية جماعة عنه الّتي نقلها النّجاشيّ حُسن حاله. رجال النّجاشيّ:203،جامع الرّواة 1:404. [4]
4- 4) التّهذيب 2:96 الحديث 357 ليس فيه:«ثمَّ قال:هما من القرآن»،الوسائل 4:786 الباب 47 من أبواب القراءة الحديث 2. [5]
5- 5) المزّمّل(73):4. [6]
6- 6) لم نعثر عليه بهذا اللّفظ،و بهذا المضمون ينظر:مسند أحمد 6:138،157،257. [7]

و سئلت أُمّ سلمة (1)عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟فقالت:كان يقطّع قراءته آية آية بسم اللّه الرّحمن الرّحيم،الحمد للّه ربّ العالمين،الرّحمن الرّحيم،مالك يوم الدّين،إيّاك نعبد و إيّاك نستعين (2).رواه أحمد.و هذا يدلّ على أنّ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم آية من الحمد.

و روى البخاريّ بإسناده،عن أنس قال:كانت قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مدّا،ثمَّ قرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم يمدّ بسم اللّه و يمدّ بالرّحمن و يمدّ بالرّحيم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«ينبغي للعبد إذا صلّى أن يرتّل قراءته،و إذا مرّ بآية فيها ذكر الجنّة أو النّار سأل اللّه الجنّة و تعوّذ باللّه من النّار،و إذا مرّ بيا أيّها النّاس و يا أيّها الّذين آمنوا قال:لبّيك ربّنا» (4).

و يكره التمطيط (5)و هو المدّ المفرط،لأنّه يخرج الحركات إلى الحروف.

فرع :

(6)

يجوز له أن يقطع القراءة بسكوت و دعاء و ثناء بحيث لا يخرج به عن اسم القارئ، و لا نعرف فيه خلافا بين علمائنا.

مسألة:و يستحبّ أن يقرأ في الظّهر و العصر و المغرب بقصار المفصّل

كالقدر و الجحد و التّوحيد و ألهاكم و ما شابهها.و في العشاء بمتوسّطاته،كالانفطار و الطّارق و الأعلى و شبهها.و في الصّبح بمطوّلاته كالمدّثّر و المزّمّل و هل أتى و شبهها،ذكره الشّيخ

ص:97


1- 1غ:بزيادة:رضي اللّه عنها.
2- 2) مسند أحمد 6:302. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 6:241.
4- 4) التّهذيب 2:124 الحديث 471،الوسائل 4:753 الباب 18 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
5- 5) ق:المطيط.
6- 6) غ:مسألة.

رحمه اللّه (1)،و أومأ المفيد (2)،و علم الهدى إلى بعضه (3).

روى الجمهور،عن جابر بن سمرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقرأ في الفجر ب«ق و القرآن المجيد» (4).رواه مسلم.

و روي،عن ابن عمر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرأ في المغرب:قل يا أيّها الكافرون و قل هو اللّه أحد.أخرجه ابن ماجه (5).

و روى أبو حفص بإسناده قال:كتب عمر إلى أبي موسى أن اقرأ في الصّبح بطوال المفصّل،و اقرأ في الظهر بأوساط المفصّل،و اقرأ في المغرب بقصار المفصّل (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:القراءة في الصّلاة فيها شيء مؤقّت؟قال:«لا،إلاّ الجمعة يقرأ بالجمعة و المنافقون»قلت:فأيّ السّور تقرأ في الصّلوات؟قال:«أمّا الظّهر و العشاء الآخرة يقرأ فيهما سواء،و العصر و المغرب سواء،و أمّا الغداة فأطول،فأمّا الظّهر و العشاء الآخرة فسبّح اسم ربك الأعلى و الشّمس و ضحاها و نحوها،و أمّا العصر و المغرب فإذا جاء نصر اللّه،و ألهاكم التّكاثر و نحوها،و أمّا الغداة فعمّ يتساءلون،و هل أتاك حديث الغاشية،و لا اقسم بيوم القيامة،و هل أتى على الإنسان حين من الدّهر» (7).

ص:98


1- 1المبسوط 1:108، [1]النّهاية:78. [2]
2- 2) المقنعة:17.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:181. [3]
4- 4) صحيح مسلم 1:337 الحديث 458.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:272 الحديث 833.
6- 6) سنن التّرمذيّ 2:110،111،113.و [4]لكنّ الرّواية ليست عن أبي حفص،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 569.
7- 7) التّهذيب 2:95 الحديث 354،الوسائل 4:787 [5] الباب 48 من أبواب القراءة الحديث 2،و ص 815 الباب 70 الحديث 5.

و عن عيسى بن عبد اللّه القمّيّ (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الغداة بعمّ يتساءلون،و هل أتاك حديث الغاشية و لا اقسم بيوم القيامة و شبهها،و كان يصلّي الظّهر بسبّح اسم و الشّمس و ضحاها و هل أتاك حديث الغاشية و شبهها،و كان يصلّي المغرب بقل هو اللّه أحد و إذا جاء نصر اللّه و الفتح،و إذا زلزلت،و كان يصلّي العشاء الآخرة بنحو ممّا يصلّي في الظّهر،و العصر بنحو من المغرب» (2).

و عن أبي جعفر محمّد بن أبي طلحة (3)خال سهل بن عبد ربّه (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قرأت في صلاة الفجر بقل هو اللّه أحد و قل يا أيها الكافرون و قد فعل ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (5).

و عن ابن راشد قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:جعلت فداك إنّك كتبت إلى

ص:99


1- 1عيسى بن عبد اللّه القمّيّ عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام،و قال:روى عنه أبان،و قال في الفهرست:له مسائل أخبرنا به ابن أبي جيد.و قال النّجاشيّ:عيسى بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعريّ روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.و يظهر من الشّيخ و النّجاشيّ اتّحادهما و لكن ظاهر المصنّف في الخلاصة كونهما رجلين حيث جعلهما تحت عنوانين في القسم الأوّل منها،و كيف كان فالرّجل في أعلى مراتب العدالة و الوثاقة،و كفى بذلك ما نقله الكشّيّ عن الصّادق عليه السّلام في حقّه بأنّ«عيسى بن عبد اللّه رجل منّا حيّا و ميّتا».رجال الطّوسيّ:258،رجال الكشّيّ:332-333،رجال النّجاشيّ:296،الفهرست:116، [1]رجال العلاّمة:122،123. [2]
2- 2) التّهذيب 2:95 الحديث 355،الوسائل 4:787 الباب 48 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
3- 3) أبو جعفر محمّد بن أبي طلحة بيّاع السّابري خال سهل بن عبد ربّه عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام.قال المحقّق المامقانيّ:ظاهره كونه إماميّا و لكن حاله مجهول.رجال الطّوسيّ:322،تنقيح المقال 2:60.(باب محمّد). [4]
4- 4) لم نعثر على شخص بهذا العنوان في كتب التّراجم و نقل المحقّق المامقانيّ عن التّهذيب أنّ محمّد بن أبي طلحة خال سهل بن شهاب بن عبد ربّه،و قد وقع شهاب بن عبد ربّه في طريق الصّدوق. الفقيه(شرح المشيخة)4:96،تنقيح المقال 2:60(باب محمّد). [5]
5- 5) التّهذيب 2:96 الحديث 358،الوسائل 4:762 الباب 24 من أبواب القراءة الحديث 3. [6]

محمّد بن الفرج تُعلمه أنّ أفضل ما يقرأ في الفرائض إنّا أنزلناه و قل هو اللّه أحد،و أنّ صدري ليضيق بقراءتهما في الفجر،فقال عليه السّلام:«لا يضيقنّ صدرك بهما فإنّ الفضل و اللّه فيهما» (1).و هذه الأخبار تدلّ على عدم تعيين شيء واجب في هذا الباب بل أيّ سورة قرأها جاز عدا ما استثناه (2).

فروع:
الأوّل:يستحبّ أن يقرأ في ظهري الجمعة بالجمعة و المنافقون و كذا في الجمعة

و سيأتي البحث فيه (3).

الثّاني:قال الشّيخ:يستحبّ أن يقرأ ليلة الجمعة في المغرب و العشاء الآخرة الجمعة و الأعلى

،و في غداة يوم الجمعة و قل هو اللّه (4)،قال في المبسوط:و روي المنافقون (5).

و روى حريز و ربعيّ رفعاه إلى أبي جعفر عليه السّلام،قال:«يستحبّ أن يقرأ في عتمة (6)الجمعة سورة (7)الجمعة و المنافقون،و في الصّبح مثل ذلك،و في الجمعة مثل ذلك،و في صلاة العصر مثل ذلك» (8).

و في رواية أبي الصّباح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد،و في العشاء الآخرة بالجمعة

ص:100


1- 1التّهذيب 2:290 الحديث 1163،الوسائل 4:760 الباب 23 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
2- 2) كذا في أكثر النسخ،و لعلّ المراد:عدا ما استثنى الشارع،نعم يمكن أن يكون ما في نسخة غ:ما استثنيناه.
3- 3) م بزيادة:إنشاء اللّه.
4- 4) النّهاية:78، [2]المبسوط 1:108. [3]
5- 5) المبسوط 1:108. [4]
6- 6) م:ليلة.
7- 7) غ،م،ح و ق:بسورة.
8- 8) التّهذيب 3:7 الحديث 18،الوسائل 4:789 الباب 49 من أبواب القراءة الحديث 3. [5]

و سبّح اسم ربّك الأعلى،و في غداة الجمعة بالجمعة و قل هو اللّه أحد،و في صلاة الجمعة بسورة الجمعة و المنافقين و في عصر الجمعة بسورة الجمعة و قل هو اللّه أحد» (1).

الثّالث:قال الشّيخ:يستحبّ أن يقرأ غداة الاثنين و الخميس سورة هل أتى

(2).قال ابن بابويه:و يقرأ في صلاة الغداة يوم الاثنين و يوم الخميس في الرّكعة الأُولى الحمد و هل أتى،و في الثانية الحمد و هل أتاك حديث الغاشية،فإن قرأهما في الاثنين و الخميس وقاه اللّه شرّ اليومين (3).قال و حكى من صحب الرّضا عليه السّلام إلى خراسان لمّا أشخص إليها أنّه كان يقرأ ما ذكرناه (4).

الرّابع عدم ترك قراءة قل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون في سبع مواطن

الرّابع:روى الشّيخ،عن عبد اللّه بن المغيرة،عن معاذ بن مسلم (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا تدع أن تقرأ بقل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون في سبع مواطن، في الرّكعتين قبل الفجر،و ركعتي الزّوال و ركعتين (6)بعد المغرب،و ركعتين في (7)أوّل صلاة

ص:101


1- 1التّهذيب 3:5 الحديث 13،الوسائل 4:789 الباب 49 من أبواب القراءة الحديث 4. [1]
2- 2) النّهاية:78، [2]المبسوط 1:108. [3]
3- 3) الفقيه 1:201.
4- 4) الفقيه 1:202 الحديث 923،الوسائل 4:791 الباب 50 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
5- 5) معاذ بن مسلم الهرّاء الأنصاريّ النّحويّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السّلام بعنوان: معاذ بن مسلم الهرّاء،و من أصحاب الصّادق عليه السّلام مضيفا إليه:الأنصاريّ النّحويّ الكوفيّ،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و وثّقه،و نقل الكشّيّ و الشّيخ في قضاء التّهذيب ما يدلّ على وثاقته و جلالة قدره، هذا و قد يظهر من الفقيه اتّحاده مع معاذ بن كثير،ففي نوادر كتاب الصّوم من الفقيه 2:110 أنّ في رواية حذيفة بن منصور عن معاذ بن كثير و يقال له:معاذ بن مسلم الهرّاء.و يظهر من النّجاشيّ اتّحاده مع معاذ بن مسلم بن أبي سارة حيث قال في ترجمة محمّد بن الحسن بن أبي سارة:و على مُعاذ و محمّد فَقِهَ الكسائيّ علم العرب، فإنّه إذا انضمّ إلى ذلك من قراءة الكسائيّ على معاذ بن مسلم الهرّاء علم باتّحادهما.ثمَّ إنّ المذكور في بعض الرّوايات:معاذ الفرّاء كما في الكافي 6:25 الحديث 9،و [5]لكن في الفقيه و الكشّيّ وصفه بالهرّاء،و روى الشّيخ في التّهذيب 6 الحديث 539 أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام يسمّيه:النّحويّ. رجال الطّوسيّ:137،314،رجال النّجاشيّ:324،التّهذيب 6:225،رجال الكشّيّ:252.
6- 6) ح:و الرّكعتين.
7- 7) ح:من.

اللّيل،و ركعتي الإحرام و الفجر إذا أصبحت بها،و ركعتي الطّواف» (1).قال في التّهذيب:

و في رواية اخرى أنّه يقرأ في هذا كلّه بقل هو اللّه أحد،و في الثّانية بقل يا أيّها الكافرون إلاّ في الرّكعتين قبل الفجر فإنّه يبدأ بقل يا أيّها الكافرون،ثمَّ يقرأ في الرّكعة الثّانية بقل هو اللّه أحد (2).

و روي،عن محسن الميثميّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«يقرأ في صلاة الزّوال في الرّكعة الأُولى الحمد و قل هو اللّه أحد،و في الرّكعة الثّانية الحمد و قل يا أيّها الكافرون،و في الرّكعة الثّالثة الحمد و قل هو اللّه أحد و آية الكرسيّ،و في الرّكعة الرّابعة الحمد و قل هو اللّه أحد و آخر البقرة من (آمَنَ الرَّسُولُ) (4)إلى آخرها،و في الرّكعة الخامسة الحمد و قل هو اللّه أحد و الخمس آيات من آل عمران (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ) (5)إلى قوله (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) (6)و في الرّكعة السّادسة الحمد و قل هو اللّه أحد و ثلاث آيات السّخرة (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ) (7)إلى قوله (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (8).و في الرّكعة السّابعة الحمد و قل هو اللّه أحد و الآيات من سورة الأنعام (وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ) (9)إلى قوله:

ص:102


1- 1التّهذيب 2:74 الحديث 273،الوسائل 4:751 الباب 15 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:74 الحديث 274،الوسائل 4:751 الباب 15 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
3- 3) لم نعثر على حاله في التّراجم إلاّ أنّه روى عن يعقوب بن شعيب،و روى عنه أبو داود المسترقّ في الكافي،و [3]روى عنه أبو داود المنشد و هو(المسترقّ)في التّهذيب باب كيفيّة الصّلاة و صفتها.أُصول الكافي 2:76،التّهذيب 2: 73 الحديث 272،جامع الرّواة 2:42. [4]
4- 4) البقرة(2):285. [5]
5- 5) آل عمران(3):190. [6]
6- 6) آل عمران(3):194. [7]
7- 7) الأعراف(7):54. [8]
8- 8) الأعراف(7)56. [9]
9- 9) الأنعام(6):100. [10]

(وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (1).و في الرّكعة الثّامنة الحمد و قل هو اللّه أحد و آخر سورة الحشر من قوله (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ) (2)إلى آخرها،فإذا فرغت فقل:«اللّهمّ مقلّب القلوب و الأبصار ثبّت قلبي على دينك و لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنّك أنت الوهّاب»سبع مرّات،ثمَّ تقول:«أستجير باللّه من النّار»سبع مرّات (3).

و عن محمّد بن أبي طلحة،عن عبد الخالق،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه كان يقرأ في الرّكعتين بعد العتمة بالواقعة و قل هو اللّه أحد (4).

و عن محمّد بن أبي حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرأ في كلّ ركعة من صلاة اللّيل خمس عشرة آية و يكون ركوعه مثل قيامه و سجوده مثل ركوعه و رفع رأسه من الرّكوع و السّجود سواء» (5).

و عن أبي مسعود الطّائيّ (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقرأ في آخر صلاة اللّيل هل أتى على الإنسان،قال عليّ بن النّعمان (7):

ص:103


1- 1الأنعام(6)103. [1]
2- 2) الحشر(59):21-24. [2]
3- 3) التّهذيب 2:73 الحديث 272،الوسائل 4:749 الباب 13 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 2:295 الحديث 1190،الوسائل 4:784 الباب 45 من أبواب القراءة الحديث 2. [4]
5- 5) التّهذيب 2:123 الحديث 468،الوسائل 4:947 الباب 26 من أبواب الركوع الحديث 1. [5]ليس فيهما«من صلاة اللّيل».
6- 6) أبو مسعود الطّائيّ،قال المحقّق الأردبيليّ روى في باب كيفيّة الصّلاة من التّهذيب 2:124 الحديث 469 عن ابن أبي عمير،و روى في أحكام الجماعة منه ج 3:26 الحديث 91 عن جعفر بن بشير عن حمّاد عنه عن الحسن الصّيقل،و عن سعدان في أُصول الكافي 2:667،و [6]عن سعيد بن جناح منه 2:503،و قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف على اسمه و لا حاله. جامع الرّواة 2:417، [7]تنقيح المقال 3:34 فصل الكنى. [8]
7- 7) عليّ بن النعمان الأعلم النّخعيّ أبو الحسن مولاهم كوفيّ،روى عن الرّضا عليه السّلام و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا عليه السّلام و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:كان عليّ ثقة وجها ثبتا صحيحا واضح الطّريقة. رجال النّجاشيّ:274،رجال الطّوسيّ:383،الفهرست:96، [9]رجال العلاّمة:95. [10]

و قال الحرث (1):و سمعته يقول:قل هو اللّه أحد ثلث القرآن،و قل يا أيّها الكافرون تعدل ربعه،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يجمع قل هو اللّه أحد في الوتر لكي يجمع القرآن كلّه» (2).قال الشّيخ و روي أنّ من قرأ في الرّكعتين الأوّلتين من صلاة اللّيل في كلّ ركعة منهما الحمد مرّة و قل هو اللّه أحد ثلاثين مرّة انفتل و ليس بينه و بين اللّه عزّ و جلّ ذنب إلاّ غفر له (3).

مسألة:إذا قرأ سورة من العزائم في النّافلة سجد عند السّجدة،ثمَّ قام فأتمّ ما بقي عليه من القراءة،ثمَّ ركع

(4)لأنّ الأمر بالسّجود واجب فلا يترك لأجل النّفل،و جاز في النّافلة لأنّه عبادة لا ينافيها.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«إذا قرأت السّجدة فاسجد و لا تكبّر حتّى ترفع رأسك» (5).

ص:104


1- 1كذا في النّسخ و الصّحيح:الحارث،قال المحقّق المامقانيّ:أنّ التّتبّع في كلماتهم يقتضي بقيام قرينة عندهم على أنّ ما كتب حرثا يراد به الحارث،نحو كتابة إسماعيل،إسماعيل،و إسحاق،إسحاق،حيث إنّ في جملة من كتب التّراجم عنون بعضهم رجلا بالحرث و عنونه بعينه آخر بالحارث،مضافا إلى أنّ عليّ بن النّعمان،روى في التّهذيب 2:9 الحديث 16 عن الحارث بن المغيرة،فهو الحارث بن المغيرة النّصريّ،أبو عليّ عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه السّلام بقوله:الحرث بن المغيرة النّصريّ يكنّى أبا عليّ،و اخرى من أصحاب الصّادق عليه السّلام بقوله:الحارث بن المغيرة النّصريّ أبو عليّ أسند عنه بيّاع الزطّيّ،و قال في الفهرست:له كتاب، و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و ضبط النّصريّ بالصّادق غير المعجمة.رجال الطّوسيّ:117، 179،الفهرست:65، [1]رجال النّجاشيّ:139،رجال العلاّمة:55، [2]تنقيح المقال 1:241،247 من أبواب الحاء. [3]
2- 2) التّهذيب 2:124 الحديث 469،الوسائل 4:796 الباب 53 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
3- 3) التّهذيب 2:124 الحديث 470،الوسائل 4:796 الباب 54 من أبواب القراءة الحديث 1. [5]
4- 4) م:يركع.
5- 5) التّهذيب 2:292 الحديث 1175،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب القراءة الحديث 3. [6]
فروع:
الأوّل:لو كانت السّجدة في آخر السّورة مثلالعلق و النّجم سجد

(1)

(2)،فإذا قام قرأ الحمد مستحبّا،ثمَّ ركع ليكون ركوعه عقيب قراءة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرّجل يقرأ السّجدة في آخر السّورة؟قال:«يسجد ثمَّ يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثمَّ يركع و يسجد» (3).

و روى الشّيخ،عن وهب بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن أبيه،عن عليّ عليهما السّلام قال:«إذا كان آخر السّورة[السجدة] (4)أجزأك أن تركع بها» (5).قال الشّيخ:

لا ينافي بينهما،لأنّ هذا محمول على من صلّى مع قوم لا يمكنه أن يسجد و يقوم[و] (6)يقرأ الحمد،فإنّه لا بأس أن يركع معهم (7).و بالجملة فإنّ وهب بن وهب ضعيف لا يعوّل على روايته.

الثّاني:لو نسي السّجدة حتّى ركع سجدها إذا ذكر

(8)

لأنّه واجب فسقوطه

ص:105


1- 1في النّسخ:القلم،و الصّواب ما أثبتناه.
2- 2) ن:يسجد.
3- 3) التّهذيب 2:291 الحديث 1167،الاستبصار 1:319 الحديث 1189،الوسائل 4:777 الباب 37 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التّهذيب 2:292 الحديث 1173،الاستبصار 1:319 الحديث 1190،الوسائل 4:777 الباب 37 من أبواب القراءة الحديث 3. [2]
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) التّهذيب 2:292،الاستبصار 1:319.
8- 8) م:يركع.

يحتاج (1)إلى دليل.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن الرّجل يقرأ السّجدة فينساها حتّى يركع و يسجد؟قال:«يسجد إذا ذكر إذا (2)كانت من العزائم» (3).

الثّالث:يستحبّ له إذا رفع رأسه من السّجود أن يكبّر

رواه الشّيخ في الصّحيح، عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قرأت شيئا من العزائم الّتي يسجد فيها فلا تكبّر قبل سجودك،و لكن تكبّر حين ترفع رأسك،و العزائم أربعة:حم السّجدة و[الم] (4)تنزيل و النّجم،و اقرأ باسم ربّك» (5).

الرّابع:لو كان مع إمام لم يسجد و لم يتمكّن من السّجود فليوم إيماءا

لأنّ السّجود واجب بمطلق الأمر و قد تعذّر فعله فيأتي ببدله و هو الإيماء.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«إن صلّيت مع قوم فقرأ الإمام اقرأ باسم ربّك الّذي خلق،أو شيئا من العزائم،و فرغ من قراءته و لم يسجد فأوم إيماءا» (6).

مسألة:يجوز للمصلّي أن يعدل من سورة إلى أُخرى ما لم يتجاوز نصفها،إلاّ سورة الكافرون و الإخلاص

(7)

،فإنّه لا ينتقل عنهما إلاّ في صلاة الظّهر يوم الجمعة،فإنّه لا بأس به

ص:106


1- 1م و ن:محتاج.
2- 2) ح و ق:إذ.
3- 3) التّهذيب 2:292 الحديث 1176،الوسائل 4:778 الباب 39 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) التّهذيب 2:291 الحديث 1170،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 2:291 الحديث 1168،الاستبصار 1:320 الحديث 1192،الوسائل 4:778 الباب 38 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
7- 7) غ،ن و م:الكافرين.

أن (1)ينتقل عنهما إلى سورة الجمعة و المنافقون.ذكره الشّيخ رحمه اللّه (2)لقوله تعالى:

(فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (3).و ذلك مطلق.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يريد أن يقرأ السّورة فيقرأ غيرها فقال (4):«له أن يرجع ما بينه و بين أن يقرأ ثلثيها» (5).

و روى،عن عمرو بن أبي نصر قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجل يقوم في الصّلاة فيريد أن يقرأ سورة فيقرأ قل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون،فقال:«يرجع من كلّ سورة إلاّ من قل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون» (6).

و نحوه روى في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (7).

فروع:
الأوّل:هل يحرم الرّجوع عن قل هو اللّه أحد و قل يا أيّها الكافرون؟

(8)

قال السيّد المرتضى:يحرم (9)،عملا بهذه الرّواية،و في الاستدلال بها على التّحريم نظر.

الثّاني:لو قرأ سورة فغلط جاز له العدول عنها إلى غيرها

لأنّه يجوز مع عدم الغلط فمعه أولى.

ص:107


1- 1غ:لا بأس بأن.
2- 2) النّهاية:77، [1]المبسوط 1:107.
3- 3) المزّمّل(73):20. [2]
4- 4) غ:قال.
5- 5) التّهذيب 2:293 الحديث 1180،الوسائل 4:776 الباب 36 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
6- 6) التّهذيب 2:290 الحديث 1166،الوسائل 4:775 الباب 35 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
7- 7) التّهذيب 2:190 الحديث 753،الوسائل 4:775 الباب 35 من أبواب القراءة الحديث 2. [5]
8- 8) ح و ق:من.
9- 9) الانتصار:44. [6]

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

رجل قرأ سورة في ركعة فغلط[أ] (1)يدع المكان الّذي غلط فيه و يمضي في قراءته [أ] (2)و يدع تلك السّورة و يتحوّل منها إلى غيرها؟فقال:«كلّ ذلك لا بأس به و إن قرأ آية واحدة فشاء أن يركع بها ركع» (3).و حملها الشّيخ على النّافلة (4).

و روى في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من غلط في سورة فليقرأ قل هو اللّه أحد ثمَّ ليركع» (5).

الثّالث:إذا غلط الإمام في القراءة جاز له أن يعدل كغيره

و يجوز للمأموم أن يردّ عليه و ينبّهه (6)موضع الغلط بلا خلاف.

مسألة:إذا مرّ المصلّي بآية رحمة استحبّ له أن يسأل اللّه تعالى إيصالها إليه،و بآية نقمة تعوّذ باللّه منها

رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«ينبغي لمن يقرأ القرآن إذا مرّ بآية من القرآن فيها مسألة أو تخويف أن يسأل عند ذلك خير ما يرجو،و يسأل العافية من النّار و من العذاب» (7).

و في الموثّق،عن عمّار بن موسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الرّجل إذا قرأ و الشّمس و ضحاها فيختمها أن يقول:صدق اللّه و صدق رسوله،و الرّجل إذا قرأ (آللّهُ خَيْرٌ أَمّا يُشْرِكُونَ) (8)أن يقول:اللّه خير اللّه خير اللّه أكبر،و إذا قرأ

ص:108


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التّهذيب 2:293 الحديث 1181،الوسائل 4:776 [1] الباب 36 من أبواب القراءة الحديث 1،و ص 737 الباب 4 الحديث 7.
4- 4) التّهذيب 2:294.
5- 5) التّهذيب 2:295 الحديث 1187،الوسائل 4:783 الباب 43 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
6- 6) ق:و ينبّه.
7- 7) التّهذيب 2:286 الحديث 1147،الوسائل 4:828 الباب 3 من أبواب القراءة القرآن الحديث 2. [3]
8- 8) النّمل(27):59. [4]

(ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (1)أن يقول:كذب العادلون باللّه،و الرّجل إذا قرأ (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (2)أن يقول:اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر».قلت:فإن لم يقل الرّجل شيئا من هذا إذا قرأ؟قال:

«ليس عليه شيء» (3).

مسألة:و إذا أراد الرّجل أن يتقدّم في صلاته سكت عن القراءة،ثمَّ تقدّم

لأنّه في تلك الحال غير واقف.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن السّكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال في الرّجل يصلّي في موضع،ثمَّ يريد أن يتقدّم قال:«يكفّ عن القراءة في مشيه حتّى يتقدّم إلى الموضع الّذي يريد،ثمَّ يقرأ» (4).

مسألة:قال علماؤنا:يحرم قول آمين و تبطل به الصّلاة

و قال الشّيخ:سواء كان ذلك سرّا أو جهرا،في آخر الحمد أو قبلها،للإمام و المأموم و على كلّ حال (5).و ادّعى الشّيخان (6)،و السيّد المرتضى رحمهما اللّه تعالى إجماع الإماميّة عليه (7).

و قال الشّافعيّ:يستحبّ للإمام و المأموم (8).و هو مرويّ،عن ابن عمر، و ابن الزبير،و به قال عطاء،و أحمد،و أصحاب الرّأي (9).و قال مالك:لا يسنّ

ص:109


1- 1الأنعام(6):1. [1]
2- 2) الإسراء(17):111. [2]
3- 3) التّهذيب 2:297 الحديث 1195،الوسائل 4:755 الباب 20 من أبواب القراءة الحديث 3. [3]
4- 4) التّهذيب 2:290 الحديث 1165،الوسائل 4:775 الباب 34 من أبواب القراءة الحديث 1. [4]
5- 5) الخلاف 1:113 مسألة-84.
6- 6) المفيد في المقنعة:16،و الطّوسيّ في الخلاف 1:114-115 مسألة-84.
7- 7) الانتصار:42.
8- 8) الاُمّ 1:109،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:14،حلية العلماء 2:107،المهذّب للشّيرازيّ 1:72،المجموع 3: 373،مغني المحتاج 1:160،السّراج الوهّاج:44،المغني 1:564،الشرح الكبير بهامش المغني 1:564.
9- 9) المغني 1:564،الشرح الكبير بهامش المغني 1:564.

للإمام (1).

لنا:ما رواه الجمهور و الأصحاب،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميّين» (2).و التّأمين من كلامهم.

و عنه عليه السّلام أنّه قال:«إنّما هي التّسبيح و التّكبير و قراءة القرآن» (3).و لفظة (إنّما)للحصر و(آمين)ليس واحدا منها.

و ما رواه أبو حميد السّاعديّ (4)في جماعة من الصّحابة أنّه قال:أنا أعلمكم بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.قالوا:اعرض علينا،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا قام إلى الصّلاة يرفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه،ثمَّ يكبّر حتّى يقرّ كلّ عضو في موضعه معتدلا،ثمَّ يقرأ،ثمَّ يكبّر فيرفع يديه حتّى يحاذي منكبيه،ثمَّ يركع (5).و لو كان التأمين مسنونا لذكره،و الزّيادة على فعله عليه السّلام بدعة.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد و فرغ من قراءتها فقل أنت:الحمد للّه ربّ العالمين،و لا تقل:آمين» (6).

ص:110


1- 1المجموع 3:373، [1]تفسير القرطبيّ 1:129، [2]شرح الزرقانيّ على موطّإ مالك 1:180،أحكام القرآن لابن العربيّ 1:7. [3]
2- 2) صحيح مسلم 1:381 الحديث 537،سنن أبي داود 1:245 الحديث 930،سنن النّسائيّ 3:17،مسند أحمد 5:447،سنن البيهقيّ 2:249،250.بتفاوت يسير.
3- 3) هذا الحديث هو إكمال للّذي قبله.
4- 4) أبو حميد السّاعديّ الأنصاريّ المدنيّ،اختلف في اسمه،فقيل:عبد الرّحمن،و قيل:المنذر،روى عنه من الصّحابة جابر بن عبد اللّه،و من التابعين عروة بن الزّبير و عبّاس بن سهل و محمّد بن عمرو بن عطاء و غيرهم.مات في آخر خلافة معاوية و أوّل خلافة يزيد.أُسد الغابة 5:174، [4]تهذيب التّهذيب 12:79. [5]
5- 5) سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن الدّارميّ 1:313، [6]سنن البيهقيّ 2:72.
6- 6) التّهذيب 2:74 الحديث 275،الاستبصار 1:318 الحديث 1185،الوسائل 4:752 الباب 17 من أبواب القراءة الحديث 1. [7]

و في الموثّق،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب:آمين؟قال:«لا» (1).

و لا يعارض ذلك ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن جميل قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول النّاس في الصّلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب آمين؟فقال:«ما أحسنها، و أخفض الصّوت بها» (2).لأنّ هذا الرّاوي قد روى ضدّ روى ذلك (3)،فنحمل هذه الرّواية على التّقيّة لأنّه في موضعها.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن وهب قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أقول آمين إذا قال الإمام:غير المغضوب عليهم و لا الضّالّين؟قال:«هم اليهود و النّصارى».و لم يجب عليه السّلام عن هذا (4)(5)،فعدوله عن الجواب دليل على كراهية هذه اللّفظة،و لم يتمكّن من التّصريح للتقيّة،فعدل عن الجواب مطلقا.

و لأنّ التأمين يستدعي سبق الدّعاء و هو لا يتحقّق إلاّ مع القصد،فعلى تقدير عدم القصد إليه يكون التأمين لغوا.

و لأنّه لو كان النّطق بها تأمينا لم يجز إلاّ لمن قصد الدّعاء و لكن ذلك ليس شرطا بالإجماع،أمّا عندنا فللمنع مطلقا،و أمّا عندهم فللاستحباب مطلقا.

لا يقال:إنّ الدّعاء في الصّلاة جائز عندكم فجاز التأمين لأنّه دعاء.

ص:111


1- 1التّهذيب 2:74 الحديث 276،الاستبصار 1:318 الحديث 1186،الوسائل 4:752 الباب 17 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:75 الحديث 277،الاستبصار 1:318 الحديث 1187،الوسائل 4:753 الباب 17 من أبواب القراءة الحديث 5. [2]
3- 3) التّهذيب 2:174 الحديث 275،الاستبصار 1:318 الحديث 1185،الوسائل 4:752 الباب 17 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
4- 4) غ،م،ن و ق:ذلك.
5- 5) التّهذيب 2:75 الحديث 278،الاستبصار 1:319 الحديث 1188،الوسائل 4:752 الباب 17 من أبواب القراءة الحديث 2. [4]

لأنا نقول:لا نسلّم أنّه دعاء.

أمّا أوّلا:فلأنّه اسم للدعاء (1)،و الفرق بين الاسم و المسمى ظاهر،و لا يستلزم الإذن في أمر الإذن في ما غايره.

و أمّا ثانيا:فلأنّ بعض الجمهور ذهب إلى أنّ«آمين»اسم من أسماء اللّه تعالى (2)فكيف يتحقّق الدّعاء فيها؟سلّمنا لكنّ الدّعاء يستدعي القصد و هو غير شرط عندكم، فلم يكن المسوّغ لها (3)كونها دعاء.

احتجّ المخالف (4)بما رواه أبو هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا قال الإمام:غير المغضوب عليهم و لا الضّالّين،فقولوا:آمين،فإنّه من وافق قوله قول الملائكة غفر اللّه له» (5).

و عن أبي هريرة:إذا أمّن الإمام فأمّنوا (6).و عن وائل بن حجر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا قال:و لا الضّالّين قال:آمين و رفع صوته بها (7).

و الجواب عن الحديثين الأوّلين:بالمنع من صحّة سندهما،فإنّ أبا هريرة اتّفق له مع عمر بن الخطّاب واقعة شهد فيها عليه بأنّه عدوّ اللّه و عدوّ المسلمين و حكم عليه بالخيانة،و أوجب عليه عشرة ألف دينار ألزمه بها بعد ولايته البحرين (8)،و إذا كانت هذه

ص:112


1- 1ح و ق:الدعاء.
2- 2) تفسير القرطبيّ 1:128،نيل الأوطار 2:245،المصباح المنير 1:25. [1]
3- 3) ق و ح:يمكن المسوّغ بها.
4- 4) المغني 1:564.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:198،صحيح مسلم 1:307 الحديث 410 و فيه بتفاوت يسير في الألفاظ،سنن أبي داود 1:246 الحديث 935،الموطّأ 1:87 الحديث 45. [2]
6- 6) صحيح البخاريّ 1:198،صحيح مسلم 1:307 الحديث 410،سنن التّرمذيّ 2:30 الحديث 250، [3]سنن أبي داود 1:246 الحديث 936،الموطّأ 1:88 الحديث 45. [4]
7- 7) سنن التّرمذيّ 2:27 الحديث 248 و [5]فيه:و مدّ بها صوته،سنن أبي داود 1:246 الحديث 932.
8- 8) سير أعلام النّبلاء 2:578.

حاله فكيف يركن إليه و يوثق بروايته.و نقل عن أبي حنيفة أنّه لم يعمل برواية أبي هريرة (1).

و عن الثّالث:أنّ مالكا أنكر هذه الرّواية (2)،فلو كانت صحيحة (3)عندهم لما خفي عنه.

البحث الخامس:في الرّكوع
اشارة

و هو في اللغة:الانحناء،قاله صاحب الصّحاح (4).

قال الشّاعر:

و لا تُهين[الفقير] (5)علّك أن تركع يوما و الدّهر قد رفعه (6)

و هو في الشّرع:أيضا الانحناء،و هو واجب في كلّ ركعة مرّة إلاّ في الكسوف و أخواته،و وجوبه ثابت بالنّصّ و الإجماع،قال اللّه تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا) (7).و لا خلاف بين علماء الإسلام في وجوبه مرّة واحدة في كلّ ركعة،و فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يدلّ عليه.

مسألة:و هو ركن في الصّلاة

بلا خلاف؛لأنّ الصّلاة مجموع ركعات،و المجموع لا يتحقّق بدون أجزائه.

ص:113


1- 1أُصول السّرخسيّ 1:240-242،سير أعلام النّبلاء 2:578.
2- 2) شرح الزّرقانيّ على موطّإ مالك 1:180.
3- 3) غ،ن،م و ق:حقّة.
4- 4) الصّحاح 3:1222. [1]
5- 5) في النّسخ:الكريم،و الصّواب ما أثبتناه.
6- 6) الصّحاح 6:2218، [2]لسان العرب 8:133. [3]
7- 7) الحجّ(22):77. [4]

و يؤيّده:ما رويناه،عن عليّ عليه السّلام أنّه قال:«أوّل الصّلاة الرّكوع» (1).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أيقن الرّجل أنّه ترك ركعة من الصّلاة و قد سجد سجدتين (2)و ترك الرّكوع استأنف الصّلاة» (3).

و في الصّحيح،عن رفاعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل ينسى أن يركع حتّى يسجد و يقوم؟قال:«يستقبل» (4).قال الشّيخ:هو ركن في الصّبح و المغرب و صلاة السّفر و أُوليي (5)الرّباعيّات (6)،و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و يجب فيه الانحناء

بلا خلاف؛لأنّه حقيقته (7)،و قدره أن يكون بحيث تبلغ يداه إلى ركبتيه.و هو قول أهل العلم كافّة إلاّ أبا حنيفة،فإنّه أوجب مطلق الانحناء (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا ركعت فضع كفّيك على ركبتيك» (9).و هو يستلزم التّحديد المذكور.

و عن أبي حميد في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:رأيته إذا ركع أمكن يديه من ركبتيه (10).

ص:114


1- 1التّهذيب 2:97 الحديث 362،الوسائل 4:932 الباب 9 من أبواب الرّكوع الحديث 6. [1]
2- 2) ن و م:السجدتين.
3- 3) التّهذيب 2:148 الحديث 580 و ص 149 الحديث 587،الاستبصار 1:355 الحديث 1343 و ص 356 الحديث 1349،الوسائل 4:933 الباب 10 من أبواب الرّكوع الحديث 3. [2]
4- 4) التّهذيب 2:148 الحديث 581،الاستبصار 1:355 الحديث 1344،الوسائل 4:933 الباب 10 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
5- 5) غ:و أوّلتي.
6- 6) المبسوط 1:109، [4]الاستبصار 1:356.
7- 7) ح:حقيقة معناه.
8- 8) بدائع الصّنائع 1:105،المجموع 3:410.
9- 9) مجمع الزّوائد 1:271 باب الغسل من الجنابة،و فيه:فأمكن بدل فضع.
10- 10) صحيح البخاريّ 1:200،سنن البيهقيّ 2:84.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«و تمكّن (1)راحتيك من ركبتيك» (2).

و في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«ثمَّ ركع و ملأ كفّيه من ركبتيه» (3).و كان ذلك بيانا للواجب فيكون واجبا.

و في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار و ابن مسلم و الحلبيّ قالوا:و بلّع بأطراف أصابعك عين الرّكبة فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك و أحبّ إليّ أن تمكّن كفّيك من ركبتيك (4).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و تمكّن راحتيك من ركبتيك» (5).و الوضع غير واجب،على ما يأتي،فتعيّن وجوب الانحناء إلى هذا الحدّ.

فروع:
الأوّل:لو لم يتمكّن من هذا الحدّ وجب عليه الإتيان بالممكن

لأنّ الزّيادة عليه يستلزم تكليف ما لا يطاق و وجوب الإتيان بالمعذور،لأنّه بعض الواجب فلا يسقط بسقوط (6)الآخر.

الثّاني:لو لم يتمكّن من الرّكوع أصلا أومأ

لأنّه القدر الممكن فيتعيّن (7).

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن إبراهيم الكرخيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء و لا يمكنه الرّكوع و السّجود،فقال:«ليؤم برأسه

ص:115


1- 1غ و ن:و مكّن.
2- 2) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:949 الباب 28 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) المعتبر 2:193. [3]
5- 5) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:949 الباب 28 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [4]
6- 6) م و ن:لسقوط.
7- 7) ن:فتعيّن.

إيماءا و إن كان له من يرفع الخمرة إليه فليسجد،فإن لم يمكنه ذلك فليوم برأسه نحو القبلة إيماءا» (1).

الثّالث:قال الشّيخ في المبسوط:من كان بصورة الرّاكع لكبر أو زمن يقوم على

حسب حاله

ثمَّ ينحني للرّكوع قليلا ليكون فارقا بين القيام و الرّكوع و إن لم يلزمه (2).

و هو جيّد لأنّه حدّ الرّكوع فلا يجب الزّيادة عليه.

مسألة:و يجب فيه الطّمأنينة بقدر الذّكر الواجب

و الطّمأنينة هي السّكون حتّى يرجع كلّ عضو مستقرّه و إن قلّ.و هو قول علمائنا أجمع.

قال الشّيخ في الخلاف:هو ركن (3).و به قال الشّافعيّ (4)و أحمد (5).و قال أبو حنيفة:

لا يجب الطّمأنينة (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال للأعرابيّ المسيء في صلاته:«ثمَّ اركع حتّى تطمئنّ راكعا» (7).و الأمر للوجوب،و لأنّه بيان الواجب.

و عن أبي قتادة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أسوء النّاس سرقة الّذي يسرق من صلاته»قيل:و كيف يسرق من صلاته؟قال:«لا يتمّ ركوعها و لا سجودها».و قال:

«لا تجزئ صلاة لا يقيم الرّجل ظهره فيها في الرّكوع و السّجود» (8).

ص:116


1- 1التّهذيب 3:307 الحديث 951،الوسائل 4:976 الباب 20 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 1:110. [2]
3- 3) الخلاف 1:120 مسألة-98.
4- 4) المجموع 3:410،مغني المحتاج 1:164،المغني 1:577.
5- 5) المغني 1:577.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:105،الهداية للمرغينانيّ 1:49،شرح فتح القدير 1:261،عمدة القارئ 6:66،المغني 1:577،المجموع 3:410. [3]
7- 7) صحيح مسلم 1:298 الحديث 397،سنن التّرمذيّ 2:100 الحديث 302،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن النّسائيّ 2:124.
8- 8) مسند أحمد 5:310، [4]سنن الدّارميّ 1:305، [5]سنن البيهقيّ 2:386.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«فإذا ركعت فصفّ قدميك و اجعل بينهما شبرا،و أقم صلبك و مدّ عنقك» (1).و إنّما قيّدناه بقدر الذّكر الواجب؛لأنّ الذكر فيه واجب على ما يأتي فلا بدّ من الطّمأنينة بقدر أدائه.

و يدلّ عليه ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«إذا ركع أحدكم و قال:سبحان ربي العظيم و بحمده،فقد تمَّ ركوعه و ذلك أدناه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي بكر الحضرميّ (3)قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أيّ شيء حدّ الرّكوع و السّجود؟قال:«تقول:سبحان ربّي العظيم و بحمده ثلاثا في الرّكوع،و سبحان ربّي الأعلى و بحمده ثلاثا في السّجود،فمن نقص واحدة،نقص ثلث صلاته،و من نقص اثنين نقص ثلثي صلاته،و من لم يسبّح فلا صلاة له» (4).و هذا يدلّ على التّحديد الّذي ذكرناه.

احتجّ أبو حنيفة (5)بقوله تعالى (ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا) (6).و غير المطمئنّ آت بمطلق المأمور فيكون مجزئا.

ص:117


1- 1التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 890،سنن أبي داود 1:234 الحديث 886،سنن البيهقيّ 2:110.
3- 3) عبد اللّه بن محمّد أبو بكر الحضرميّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام قائلا.سمع أبا الصقيل تابعيّ روى عنهما،و الظّاهر رجوع الضّمير إلى الباقر و الصّادق عليهما السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و يظهر ممّا روى الكشّيّ من مناظرة جرت بينه و بين زيد،و ما رواه في الكافي [2]في باب تلقين الميّت كونه إماميّا ممدوحا. الكافي 3:122، [3]رجال الطّوسيّ:224،رجال الكشّيّ:416،رجال العلاّمة:110. [4]
4- 4) التّهذيب 2:80 الحديث 300،الاستبصار 1:324 الحديث 1213،الوسائل 4:924 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 7. [5]
5- 5) بدائع الصّنائع 1:105،المغني 1:577،المجموع 3:410.
6- 6) الحجّ(22):77. [6]

و الجواب:أنّ فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مبيّن له،فلم يكن المطلق مجزئا.و قول الشّيخ:أنّه ركن.إن عنى بالرّكن ما بيّنّاه فهو في موضع المنع على ما يأتي من عدم إفساد الصّلاة بتركه سهوا،و إن أطلق عليه اسم الرّكن بمعنى أنّه واجب،إطلاقا لاسم الكلّ على الجزء فهو مسلّم.

مسألة:و يجب فيه الذّكر

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أحمد (1)و باقي (2)أهل الظّاهر كداود (3)،و إسحاق بن راهويه (4).و قال الشّافعيّ (5)،و مالك (6)،و أبو حنيفة:

لا يجب (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عقبة بن عامر قال:لمّا نزلت (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (8).قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«اجعلوها في ركوعكم» (9).

و عن ابن مسعود أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرّات:سبحان ربّي العظيم و بحمده و ذلك أدناه» (10).أخرجهما أبو داود،و ابن ماجه.

و روى الأثرم عن حذيفة بإسناده أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ركع يقول:«سبحان ربّي العظيم» (11).فقد وجد الأمر القوليّ و الفعليّ بالذّكر فيكون واجبا.

ص:118


1- 1المغني 1:578،الإنصاف 2:60،المجموع 3:414،حلية العلماء 2:118،المحلّى 3:260.
2- 2) كذا في النّسخ،و الظّاهر أنّ كلمة«باقي»زائدة.
3- 3) المجموع 3:414،حلية العلماء 2:118،المحلّى 3:260،نيل الأوطار 2:271.
4- 4) المجموع 3:414،نيل الأوطار 3:271.
5- 5) الاُمّ 1:111،المجموع 3:414،حلية العلماء 2:117.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:72،بداية المجتهد 1:128،المجموع 3:414، [1]المغني 1:578،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:578.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:208،المجموع 3:414، [2]نيل الأوطار 2:271.
8- 8) الواقعة(56):74،96. [3]
9- 9) سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 887،سنن أبي داود 1:230 الحديث 869.
10- 10) سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 890،سنن أبي داود 1:234 الحديث 886.و فيهما بدون كلمة:و بحمده.
11- 11) سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 888،سنن أبي داود 1:230 الحديث 870،سنن التّرمذيّ 2:48،الحديث 262،سنن النّسائيّ 2:190،المغني 1:578.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن هشام بن سالم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التّسبيح في الرّكوع و السّجود؟قال:«تقول في الرّكوع:سبحان ربّي العظيم، و في السّجود:سبحان ربّي الأعلى،الفريضة من ذلك واحدة،و السّنة ثلاث،و الفضل في سبع» (1). (2)

احتجّ المخالف (3)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال للمسيء في صلاته:

«ثمَّ اركع حتّى تطمئنّ راكعا،ثمَّ ارفع حتّى تعتدل قائما» (4).و لم يأمره بالتّكبير و لا بالتّسبيح.

و الجواب:أنّه قد أمره أوّلا،لما (5)ثبت من الأحاديث،و تعليم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما كان لهيئات الأفعال لا للأفعال،لأنّ الأعرابيّ كان يفعل الأفعال لا على الهيئة المطلوبة للشّارع.

فروع:
الأوّل:هل يجب التّسبيح أو يجزئ مطلق الذّكر؟

الأقرب عندي الثّاني و هو اختيار الشّيخ في النّهاية و المبسوط و الجمل (6)،و ابن إدريس (7).و أوجب الشّيخ في

ص:119


1- 1ح و ق:السّبع.
2- 2) التّهذيب 2:76 الحديث 282،الاستبصار 1:322 الحديث 1204،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
3- 3) المجموع 3:414. [2]
4- 4) صحيح مسلم 1:298 الحديث 397،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن التّرمذيّ 2:103 الحديث 303،سنن النّسائيّ 2:124.
5- 5) ح و ق:بما.
6- 6) النّهاية:81،المبسوط 1:111، [3]الجمل و العقود:68.و فيه:«.المفروض من الأفعال في أوّل ركعة ثلاثة عشر شيئا.و الرّكوع و التّسبيح فيه.».
7- 7) السّرائر:46.

الخلاف التّسبيح (1)،و هو قول ابن أبي عقيل (2)،و ابن بابويه (3)،و المفيد (4)،و السيّد المرتضى (5)،و أبي الصّلاح (6).

لنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:يجزئ أن أقول مكان التّسبيح في الرّكوع و السّجود:لا إله إلاّ اللّه و الحمد للّه و اللّه أكبر؟فقال:«نعم،كلّ هذا ذكر اللّه» (7).و مثله روى في الصّحيح،عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (8).و فيه إشارة إلى العلّة،و ذلك يقتضي الإجزاء بمطلق الذّكر.

و في الصّحيح،عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجزئك من القول في الرّكوع و السّجود ثلاث تسبيحات أو قدر هنّ مترسّلا و ليس له و لا كرامة أن يقول:

سبّح سبّح سبّح» (9).و ليس المراد من القدر التسبيح أيضا و إلاّ لزم التخيير بين الشيء و نفسه و هو باطل.و لأنّ الأصل براءة الذمّة فيعمل به إلى أن يظهر المنافي.

احتجّ الموجبون للتّسبيح برواية هشام بن سالم و قد تقدّمت (10).

و بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:ما يجزئ من القول في الرّكوع و السّجود؟فقال:«ثلاث تسبيحات في ترسّل،و واحدة تامّة

ص:120


1- 1الخلاف 1:120 مسألة-99.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:195. [1]
3- 3) الفقيه 1:206.
4- 4) المقنعة:16.
5- 5) جمل العلم و العمل:60،الانتصار:45.
6- 6) الكافي في الفقه:118. [2]
7- 7) التّهذيب 2:302 الحديث 1217،الوسائل 4:929 الباب 7 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
8- 8) التّهذيب 2:302 الحديث 1218،الوسائل 4:929 الباب 7 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [4]
9- 9) التّهذيب 2:77 الحديث 286،الوسائل 4:925 الباب 5 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [5]
10- 10) تقدّمت في ص 119. [6]

تجزئ» (1).

و في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يسجد،كم يجزئه من التّسبيح في ركوعه و سجوده؟فقال:«ثلاث و تجزئه واحدة» (2).و لأنّ الاحتياط يقتضي وجوب التّسبيح على التّعيين (3).

و الجواب عن الأحاديث:أنّها دالّة على وجوب التّسبيح و نحن نقول به لكن على وجه التّخيير بينه و بين الذّكر،و التّخيير لا ينافي الوجوب كخصال الكفّارة،و دليل الاحتياط معارض بالبراءة الأصليّة.

الثّاني:اتّفق الموجبون للتّسبيح من علمائنا على أنّ الواجب من ذلك تسبيحة

واحدة تامّة كبرى صورتها:سبحان ربّي العظيم

أو ثلاث صغريات صورتها:سبحان اللّه، ثلاثا مع الاختيار (4)،و مع الضّرورة تجزئ الواحدة من الصّغرى (5)،لرواية زرارة (6).

و الاجتزاء بالواحدة الكبرى دلّ عليه قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث هشام بن سالم:«تقول في الرّكوع:سبحان ربّي العظيم،الفريضة من ذلك تسبيحة،و السنّة

ص:121


1- 1التّهذيب 2:76 الحديث 283،الاستبصار 1:323 الحديث 1205،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:76 الحديث 285،الاستبصار 1:323 الحديث 1207،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 4. [2]
3- 3) ن و ق:التعيّن.
4- 4) ح و ق:الاحتياط.
5- 5) منهم:الصدوق في الفقيه 1:206،و ابن أبي عقيل نقله عنه في المعتبر 2:195،و [3]السيّد المرتضى في الجمل: 68،و أبو الصلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:118.و [4]قال المفيد في المقنعة:16:«و يقول في ركوعه.سبحان ربّي العظيم و بحمده ثلاث مرّات».
6- 6) التّهذيب 2:76 الحديث 283،الاستبصار 1:323 الحديث 1205،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [5]

ثلاث،و الفضل[في] (1)سبع» (2).

و على قيام الثّلاث الصّغر (3)مقامها ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أخفّ ما يكون من التّسبيح؟قال:«ثلاث تسبيحات مترسّلا تقول:سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه» (4).و الاجتزاء بواحدة صغرى في حال الضّرورة مستفاد من الإجماع.

الثّالث:يستحبّ أن يقول في ركوعه:سبحان ربّي العظيم و بحمده،و في السّجود:

سبحان ربّي الأعلى و بحمده

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و توقّف أحمد في زيادة و بحمده (5)، و أنكرها الشّافعيّ (6)،و أبو حنيفة (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن حذيفة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقول في ركوعه:

سبحان ربّي العظيم و بحمده،و في سجوده:سبحان ربّي الأعلى و بحمده (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الرّكوع:«و قل:سبحان ربّي العظيم و بحمده ثلاث مرّات» (9).و مثله روى أبو بكر الحضرميّ عنه عليه السّلام (10).و لأنّه زيادة حمد.

ص:122


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التّهذيب 2:76 الحديث 282،الاستبصار 1:322 الحديث 1204،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
3- 3) ح:ثلاث صغريات.
4- 4) التّهذيب 2:77 الحديث 288،الاستبصار 1:324 الحديث 1212،الوسائل 4:925 الباب 5 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [2]
5- 5) المغني 1:579،الكافي لابن قدامة 1:173،الإنصاف 2:60، [3]نيل الأوطار 2:273.
6- 6) الاُمّ 1:111،المجموع 3:411 و 412،مغني المحتاج 1:164،السراج الوهّاج:45.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:49،شرح فتح القدير 1:259،عمدة القارئ 6:70،المغني 1:579.
8- 8) سنن الدّار قطنيّ 1:341 الحديث 1،المغني 1:579.
9- 9) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:924 الباب 4 من أبواب الرّكوع ذيل الحديث 7. [4]
10- 10) التّهذيب 2:80 الحديث 300،الاستبصار 1:324 الحديث 1213،الوسائل 4:924 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 5. [5]

احتجّ المخالف،بأنّها زيادة لم تحفظ (1)عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (2).

و الجواب:روايتنا أصحّ لأنّها مشتملة على الإثبات.

الرّابع:يجب أن يأتي بالتّسبيح الواجب حالة الرّكوع

(3)

فلو اشتغل فيه و هو آخذ في الرّكوع،أو اشتغل بالرّفع و هو مسبّح لم يجزئ؛لأنّ الواجب التّسبيح فيه،و لا يتحقّق إلاّ بما قلناه.

الخامس:أكمل التّسبيح سبع،و أقلّ منه خمس،و أقلّ منه ثلاث

و قال الشّافعيّ:

أكمله خمس (4)،و بعض أصحابه ثلاث (5).

لنا:أنّه زيادة في التّسبيح،و يؤيّده:ما تقدّم في حديث هشام بن سالم (6)،و يجوز الزّيادة عليها.

روى الشّيخ،عن حمزة بن حمران و الحسن بن زياد قالا:دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام و عنده قوم يصلّي بهم العصر و قد كنّا صلّينا فعدّدنا له في ركوعه سبحان ربّي العظيم أربعا أو ثلاثا و ثلاثين مرّة،و قال أحدهما في حديثه:و بحمده في الرّكوع و السّجود (7).

و عن أبان بن تغلب قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و هو يصلّي فعدّدت

ص:123


1- 1ح:نحفظه.
2- 2) المغني 1:579.
3- 3) ح و ق:حال.
4- 4) المجموع 3:412، [1]المبسوط للسّرخسيّ 1:22.
5- 5) المجموع 3:412. [2]
6- 6) التّهذيب 2:76 الحديث 282،الاستبصار 1:322 الحديث 1204،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
7- 7) التّهذيب 2:300 الحديث 1210،الاستبصار 1:325 الحديث 1214،الوسائل 4:927 الباب 6 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [4]

له في الرّكوع و السّجود ستّين تسبيحة (1).و لأنّه زيادة في التّسبيح.

السّادس:يستحبّ للإمام التّخفيف في التّسبيح،فيأتي بثلاث تسبيحات

و قال الثّوريّ:ينبغي للإمام أن يقول:سبحان ربي العظيم خمسا ليدرك المأموم ثلاثا (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عقبة بن عامر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ركع قال:«سبحان ربّي العظيم»ثلاث مرّات،و إذا سجد قال:«سبحان ربّي الأعلى»ثلاث مرّات (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سماعة قال:قال:«يجزئك في الرّكوع ثلاث تسبيحات تقول:سبحان اللّه ثلاثا،و من كان يقوى على أن يطوّل الرّكوع و السّجود فليطوّل ما استطاع يكون ذلك في تسبيح اللّه و تحميده و الدّعاء و التضرّع فإنّ أقرب ما يكون العبد إلى ربّه و هو ساجد،فأمّا الإمام فإنّه إذا قام بالنّاس فلا ينبغي (4)أن يطوّل بهم،فإنّ في النّاس الضّعيف،و من له الحاجة،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا صلّى بالنّاس خفّ بهم» (5).

و لأنّه ربّما يشقّ على المأموم التّطويل.و قول الثّوريّ باطل،لأنّ المأموم يركع مع الإمام فيدرك ما يدركه،و لا ينافي هذا ما رويناه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه صلّى بقوم فسبّح أربعا و ثلاثين (6).لأنّه محمول على من كان يقدر على ذلك.

السّابع:يستحبّ أن يدعو في ركوعه

لأنّه موضع إجابة لكثرة الخضوع فيه.

ص:124


1- 1التّهذيب 2:299 الحديث 1205،الوسائل 4:926 الباب 6 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 1:22،بداية المجتهد 1:129،حلية العلماء 2:118.
3- 3) سنن التّرمذيّ 2:47 الحديث 261، [2]سنن أبي داود 1:230 الحديث 870.
4- 4) غ بزيادة:له.
5- 5) التّهذيب 2:77 الحديث 287،الاستبصار 1:324 الحديث 1211،الوسائل 4:926 الباب 5 [3] من أبواب الرّكوع الحديث 3،و ص 927 الباب 6 من أبواب الرّكوع الحديث 4.
6- 6) التّهذيب 2:300 الحديث 1210،الاستبصار 1:325 الحديث 1214،الوسائل 4:927 الباب 6 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [4]

و يؤيّده:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أمّا الرّكوع فعظّموا الرّبّ فيه،و أمّا السّجود فاجتهدوا في الدّعاء فقمن أن يستجاب لكم» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا أردت أن تركع فقل و أنت منتصب:اللّه أكبر،ثمَّ اركع و قل (2)ربّ لك ركعت و لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكّلت و أنت ربّي،خشع لك قلبي و سمعي (3)و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخّي و عصبي و عظامي و ما أقلّته قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر و لا مستجير،سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرّات في ترسّل» (4).

و روى الشّافعيّ ما يقاربه،عن عليّ عليه السّلام (5)،إلاّ أنّه قدّم التّسبيح فيه.

الثّامن:لا يستحبّ القراءة في الرّكوع و السّجود

و هو وفاق،لما رواه عليّ عليه السّلام:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قراءة القرآن في الرّكوع و السّجود.

رواه الجمهور (6).

و لأنّها عبادة فيستفاد كيفيّتها من صاحب الشّرع عليه السّلام،و قد ثبت أنّه لم يقرأ فيهما،فلو كان مستحبّا لنقل فعله.

مسألة:و يجب رفع الرّأس من الرّكوع و الطّمأنينة فيه

ذهب إليه علماؤنا أجمع،

ص:125


1- 1سنن أبي داود 1:232 الحديث 876،سنن الدّارميّ 1:304، [1]النهاية لابن الأثير 4:111.و [2]فيه:«.فإنّه قَمِنٌ.»يقال:قَمَنٌ و قَمِنٌ و قَمِينٌ:أي خليق و جدير.
2- 2) ح بزيادة:اللّهمّ.
3- 3) م،ن و غ:خشع لك سمعي.
4- 4) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
5- 5) مسند الشّافعيّ:38،الاُمّ 1:111،سنن البيهقيّ 2:87.
6- 6) صحيح مسلم 1:348 الحديث 479،سنن التّرمذيّ 2:49 الحديث 264. [4]

و قال الشّيخ في الخلاف:هو ركن (1).و به قال الشّافعيّ (2)،و أحمد (3).و قال أبو حنيفة:

لا يجب (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال للمسيء في صلاته:«ثمَّ ارفع حتّى تعتدل قائما» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«ثمَّ استوى قائما» (6).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا رفعت رأسك من الرّكوع فأقم صلبك فإنّه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه» (7).و لأنّ الرّكوع ركن و هو خفض،فالرّفع منه واجب كالسّجود.

احتجّوا بأنّه تعالى لم يأمر به،و لأنّه لو كان واجبا لتضمّن ذكرا واجبا كالقيام الأوّل (8).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من عدم الأمر مع قوله تعالى وَ قُومُوا لِلّهِ (9).و ما أمر به النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و دوام على فعله و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (10).

ص:126


1- 1الخلاف 1:121 مسألة-102.
2- 2) المجموع 3:419،مغني المحتاج 1:165،السّراج الوهّاج:45،المغني 1:583،نيل الأوطار 2:280.
3- 3) المغني 1:583،الكافي لابن قدامة 1:174،المجموع 3:419،نيل الأوطار 2:280.
4- 4) المغني 1:583،المجموع 3:419،نيل الأوطار 2:281،حلية العلماء 2:119.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:200،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،المغني 1:582،المجموع 3:410، 417 و 419.
6- 6) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
7- 7) التّهذيب 2:78 الحديث 290،الوسائل 4:939 الباب 16 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [2]
8- 8) المغني 1:583.
9- 9) البقرة(2):238. [3]
10- 10) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [4]سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10،مسند أحمد 5:53.

و ما ذكروه منقوض بالرّكوع و السّجود،فإنّهما ركنان و لا يجب فيهما ذكر عندهم، و بالرّفع من السّجود،و بالإجماع لا يجب فيه ذكر.

فروع:
الأوّل:لو عرض له مانع يمنعه عن القيام بعد الرّكوع سقط عنه و يسجد

(1)

(2)لأجل العذر،و لو زال العارض بعد السّجود لم يقم للرّكوع،لأنّه فات محلّه،فلا يجب تداركه عملا بالأصل،و لأنّه يستلزم أحد محذورين:إمّا زيادة السّجود إن أعاده معه،أو تقديم السّجود على الرّكوع،و هما منفيّان.

الثّاني:لو زال المانع قبل السّجود،قال الشّيخ في المبسوط:مضى في صلاته

(3).و هو مشكل،لأنّ الانتصاب و الطمأنينة فيه واجبان لم يفت محلّهما و لم يحصل المنافي فيجب فعلهما.

الثّالث:لو سجد ثمَّ زال المانع فقام للانتصاب،فإن كان عالما بأنّه لا يجوز له ذلك ففي إبطال الصّلاة نظر

أمّا لو كان ساهيا فإنّه لا يبطل صلاته و عليه سجدتا السّهو بل يقعد و يأتي بالسّجدة الثّانية.

الرّابع:لو ركع فاطمأنّ فسقط إلى الأرض قبل القيام،قيل:سجد و لا يحتاج إلى

القيام

لفوات محلّه لعذر (4)فلم يجب الإتيان به (5).و عندي فيه نظر.

الخامس:لو سقط قبل ركوعه فإنّه يرجع و يأتي بالرّكوع

لأنّه ركن لم يفت محلّه فيجب عليه فعله،و لو سقط بعد الرّكوع قبل الطّمأنينة فيه ففي إعادة الرّكوع إشكال أقربه

ص:127


1- 1م و ن:من.
2- 2) غ،ح و ق:و سجد.
3- 3) المبسوط 1:112. [1]
4- 4) غ،م و ن:بعذر.
5- 5) المعتبر 2:205. [2]

عدم الإعادة،لأنّه أتى بالرّكوع المشروع،فلو أعاده زاد ركنا.

السّادس:قال الشّيخ في الخلاف:إذا خرّ ساجدا فشكّ في الرّكوع مضى في صلاته

و استدلّ بإجماع الفرقة،على أنّ من شكّ في شيء و قد انتقل عنه إلى حالة اخرى لا يلتفت (1).و قال الشّافعيّ:ينتصب قائما،ثمَّ يسجد عن قيام (2).و هو ضعيف.

السّابع:لا يرفع يديه وقت قيامه من الرّكوع

ذكره ابن أبي عقيل؛لأنّه غير منقول (3).

مسألة:و يستحبّ له إذا أراد الرّكوع أن يكبّر قبله قائما

يقول:اللّه أكبر،ثمَّ يركع.

و هو قول أكثر أهل العلم (4)،قال الشّيخ في المبسوط:تكبير الرّكوع مع باقي التّكبيرات سنّة مؤكّدة على الظّاهر من المذهب،و لا تبطل الصّلاة بتركها عمدا و لا نسيانا و إن ترك الأفضل (5).و قال سلاّر:و من أصحابنا من ألحق بالواجب تكبير الرّكوع و السّجود (6)، و به قال إسحاق،و داود (7).و قد قام بإزاء هؤلاء طائفة أُخرى لم يجعلوا التّكبير مشروعا، و هو قول عمر بن عبد العزيز،و سالم،و القاسم،و سعيد بن جبير (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يكبّر في كلّ خفض و رفع و قيام و قعود.رواه التّرمذيّ (9).

ص:128


1- 1الخلاف 1:122 مسألة-104.
2- 2) الأُمّ 1:113،المجموع 3:416.
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) المغني 1:573،المبسوط للسرخسيّ 1:19،المجموع 3:396 و 397،مغني المحتاج 1:164،عمدة القارئ 6:58.
5- 5) المبسوط 1:110. [1]
6- 6) المراسم:69.
7- 7) المغني 1:579.
8- 8) المغني 1:573،المجموع 3:397. [2]
9- 9) سنن التّرمذيّ 2:33 الحديث 253. [3]

و ما رواه أبو هريرة قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا قام إلى الصّلاة يكبّر حين يقوم،ثمَّ حين يركع (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الرّكوع قال له:«فقل و أنت منتصب:اللّه أكبر،و اركع» (2).

و في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ صبر هنيئة يعني بعد قراءة قل هو اللّه أحد بقدر ما يتنفّس و هو قائم،ثمَّ رفع يديه حيال وجهه و قال:«اللّه أكبر»و هو قائم،ثمَّ ركع (3).و لأنّه شروع في ركن فشرع فيه التّكبير كحالة ابتداء الصّلاة،و لأنّه انتقال من ركن إلى ركن فشرع فيه ذكر يعلم به المأموم الانتقال ليقتدي به،كحال الرّفع من الرّكوع،فهذا يدلّ على المشروعيّة.

و أمّا ما يدلّ على عدم الوجوب فالأصل مع عدم المعارض.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال للأعرابيّ:«ثمَّ اقرأ ما تيسّر من القرآن،ثمَّ اركع» (4).و لو كان التّكبير واجبا لما أخلّ به.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن أدنى ما يجزئ من التّكبير في الصّلاة؟قال:«تكبيرة واحدة» (5).

احتجّ الموجبون بما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا تتمّ صلاة أحد من النّاس حتّى يكبّر،ثمَّ يركع حتّى يطمئنّ» (6).

ص:129


1- 1صحيح البخاريّ 1:200،صحيح مسلم 1:293 الحديث 392.
2- 2) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) صحيح البخاريّ 1:200،صحيح مسلم 1:298 الحديث 397،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن التّرمذيّ 2:103 الحديث 303،سنن النّسائيّ 2:124،سنن البيهقيّ 2:372.
5- 5) التّهذيب 2:66 الحديث 238،الوسائل 4:714 الباب 1 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 5. [3]
6- 6) سنن أبي داود 1:226 الحديث 857،سنن الدّارميّ 1:305 و فيه بتفاوت.

و من طريق الخاصّة:بحديث زرارة (1)،فإنّه عليه السّلام أمره بالتّكبير،و الأمر للوجوب.و فعله الصّادق عليه السّلام لمّا علّم حمّادا و قال له:«هكذا صلّ» (2).

أحتجّ الآخرون (3)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يعلّمه المسيء في صلاته (4)،و لو كان مشروعا لعلّمه.

و الجواب عن الأوّل:أنّ المراد به الاستحباب،لأنّ نفي التمام يفهم منه ذلك،و تحمل الأحاديث الدّالّة على الأمر به على الاستحباب جمعا بين الأدلّة.

و عن الأخير أنّه عليه السّلام علّمه الواجب،و لأنّه عليه السّلام علّمه الهيئات دون الأفعال،لأنّه كان يعرفها.

فروع:
الأوّل:يستحبّ أن يكبّر قائما،فإذا فرغ من القيام ركع

و به قال أبو حنيفة (5)، و قال الشّيخ في الخلاف:يجوز أن يهوي بالتّكبير (6).فإن أراد به المساواة فهو ممنوع،و به قال الشّافعيّ (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي حميد السّاعديّ في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه

ص:130


1- 1الكافي 3:319 الحديث 1، [1]التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [2]
2- 2) الفقيه 1:196 الحديث 916،التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1.
3- 3) المغني 1:579،المجموع 3:414.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:200،صحيح مسلم 1:298 الحديث 397،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856.
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 1:49.
6- 6) الخلاف 1:120 مسألة-96.
7- 7) الأُمّ 1:110،المجموع 3:396،عمدة القارئ 6:59.

عليه و آله قال:يقرأ ثمَّ يرفع يديه حتّى يحاذي منكبيه،ثمَّ يركع (1).

و من طريق الخاصّة:رواية حمّاد (2)و غيرها (3).

الثّاني:رفع اليدين مستحبّ عند التّكبير كما هو في تكبير الافتتاح

ذهب إليه أكثر علمائنا (4)،و كذا يستحبّ رفع اليدين عند كلّ تكبير.

و قال السيّد المرتضى في الانتصار:يجب رفع اليدين في تكبيرات الصّلاة كلّها (5).

و ذهب أكثر أهل العلم إلى استحباب الرّفع (6).و قال الثّوريّ،و أبو حنيفة،و إبراهيم النّخعيّ:لا يرفع يديه إلاّ عند الافتتاح (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن الزّهريّ،عن سالم،عن أبيه قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا استفتح الصّلاة رفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه،و إذا أراد أن يركع (8).

و عن أبي عبد حميد السّاعديّ،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:ثمَّ يكبّر فيرفع يديه بحذاء منكبيه،ثمَّ يرفع رأسه (9).

و قد رواه جماعة من الصّحابة كعليّ عليه السّلام،و وائل بن حجر،و عمر بن

ص:131


1- 1سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن التّرمذيّ 2:105 الحديث 304، [1]سنن ابن ماجه 1:280 الحديث 862 و 863،سنن البيهقيّ 2:72.
2- 2) الكافي 3:311 الحديث 8، [2]التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1.
3- 3) ينظر:الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة.
4- 4) منهم:الحلبيّ في الكافي في الفقه:122،و ابن البرّاج في المهذّب 1:92،و المحقّق في الشّرائع 1:85.
5- 5) الانتصار:44.
6- 6) المغني 1:574،المجموع 3:399.
7- 7) المبسوط للسّرخسيّ 1:14،المغني 1:574، [3]المجموع 3:400.
8- 8) سنن أبي داود 1:191 الحديث 721،سن التّرمذيّ 2:35 الحديث 255، [4]سنن ابن ماجه 1:279 الحديث 858،سنن النّسائيّ 2:122.
9- 9) سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن التّرمذيّ 2:35 الحديث 256، [5]سنن ابن ماجه 1:280 الحديث 862 و 863،سنن البيهقيّ 2:72.

الخطّاب،و مالك بن الحويرث،و أنس،و أبي هريرة،و جابر بن عمر (1)و غيرهم (2)فصار كالمتواتر.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ رفع يديه حيال وجهه و قال:«اللّه أكبر»و هو قائم،ثمَّ ركع (3).

و ما رواه في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يرفع يديه إذا ركع،و إذا رفع رأسه من الرّكوع،و إذا سجد،و إذا رفع رأسه من السّجود،و إذا أراد أن يسجد الثّانية (4).

و في الصّحيح،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«في الرّجل يرفع يده كلّما أهوى إلى الرّكوع و السّجود،و كلّما رفع رأسه من ركوع أو سجود (5)قال:

هي العبوديّة» (6).

و عن زرارة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«رفعك يديك في الصّلاة زينتها» (7).و لأنّه تكبير شرع للانتقال إلى ركن،فاستحبّ فيه الرّفع كالاستفتاح.

ص:132


1- 1كذا في النّسخ،و في المغني 1:575 جابر بن عمير الليثيّ،و في سنن التّرمذيّ 1:36 [1] عن جابر و عمير الليثيّ و هو الصّحيح،لأنّ ما روي في سنن ابن ماجه 1:280-281 روايتان إحداهما عن جابر بن عبد اللّه و ثانيهما عن عمير بن حبيب و هو: عمير بن حبيب الليثيّ جدّ عبيد بن عمير،و قيل:إنّ اسم جدّه عمير بن قتادة روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و روى عنه ابنه عبيد.تهذيب التّهذيب 8:144. [2]
2- 2) سنن التّرمذي 2:36 الحديث 256، [3]المغني 1:575.
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [4]
4- 4) التّهذيب 2:75 الحديث 279،الوسائل 4:921 الباب 2 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [5]
5- 5) ح و ق:من ركوعه أو سجوده.
6- 6) التّهذيب 2:75 الحديث 280،الوسائل 4:921 الباب 2 من أبواب الرّكوع الحديث 3. [6]
7- 7) التّهذيب 2:76 الحديث 281،الوسائل 4:921 الباب 2 من أبواب الرّكوع الحديث 4. [7]

احتجّ السيّد المرتضى بالإجماع و بالاحتياط (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع منه.نعم،المعلوم الاستحباب،فإن كان مراد السيّد بالواجب هاهنا الاستحباب المؤكّد صحّ التمسّك بالإجماع و إلاّ فلا.

و عن الثّاني:بمعارضة الأصل،و لأنّه لا احتياط في اعتقاد ما ليس بواجب واجبا، و لا في الإتيان بما ليس بواجب على جهة الوجوب،لإمكان المؤاخذة بالجهل.

و احتجّ أبو حنيفة (2)بما رواه ابن مسعود أنّه قال:ألا أُصلّي بكم (3)صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلم يرفع يده إلاّ في الأوّل مرّة (4).

و عن البراء بن عازب أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يرفع يديه إذا افتتح الصّلاة،ثمَّ لا يعود (5).و لأنّه نسخ.

و الجواب عن الحديثين:أنّهما معارضان للأحاديث المتقدّمة مع كثرة رواتها و زيادة عدالتهم على رواه هاتين الرّوايتين،و عمل الصّحابة بما قلناه و عمل أهل البيت عليهم السّلام مع أنّه الحجّة (6)و هم أعرف بمظانّ الأُمور الشّرعيّة.

و أيضا رواياتنا دالّة على الإثبات،و روايتهم دالّة على النّفي،و الإثبات مقدّم، و لأنّه فعل مندوب فجاز الإخلال به في وقت،و الرّاوي روى ما رأى،فلا ينتفي ما لم يره.

و عن النّسخ بالمنع منه،فإنّ الصحابة كافّة رفعوا أيديهم بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أهل البيت عليهم السّلام أفتوا به بعده مع أنّ الأصل عدم النّسخ.

الثالث:يستحبّ رفع اليدين إلى حذاء وجهه

و في رواية إلى اذنيه (7)،و بها قال

ص:133


1- 1الانتصار:45.
2- 2) المبسوط للسّرخسيّ 1:14،المغني 1:574،المجموع 3:400. [1]
3- 3) ح و ق:لكم.
4- 4) سنن أبي داود 1:199 الحديث 748،سنن التّرمذيّ 2:40 الحديث 257، [2]سنن النّسائيّ 2:195.
5- 5) سنن أبي داود 1:200 الحديث 749،سنن التّرمذيّ 2:40 الحديث 257. [3]
6- 6) هامش ح:أنّهم الحجج.
7- 7) التّهذيب 2:65 الحديث 235،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [4]

الشّيخ (1)،و قال الشّافعيّ:إلى منكبيه (2).و هو رواية لنا عن أهل البيت عليهم السّلام (3).

لنا:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ رفع يديه حيال وجهه و قال:«اللّه أكبر»و هو قائم ثمَّ ركع (4).

و في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (5).قال:«هو رفع يديك حيال وجهك» (6).

احتجّ الشّيخ بما رواه في الصّحيح،عن صفوان بن مهران الجمّال قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام إذا كبّر في الصّلاة رفع يديه حتّى يكاد يبلغ اذنيه (7).و هذه كيفيّة مستحبّة يجوز فعل القليل منها و البالغ في الفضل.

الرّابع:المستحبّ أن يبدأ برفع يديه عند ابتدائه بالتّكبير و ينتهى الرّفع عند انتهائه و يرسلهما بعد ذلك

و لا نعرف فيه خلافا،لأنّ المشروع رفع اليدين بالتّكبير و هو لا يتحقّق إلاّ بما قلناه.

مسألة:و يستحبّ للمصلّي وضع الكفّين على عيني الرّكبتين مفرّجات الأصابع عند

الرّكوع

و هو مذهب العلماء كافّة إلاّ ما روي،عن ابن مسعود أنّه كان إذا ركع طبّق يديه

ص:134


1- 1المبسوط 1:103،الخلاف 1:109 مسألة-72.
2- 2) الأمّ(مختصر المزنيّ)8:14،المجموع 3:305،مغني المحتاج 1:152،السراج الوهّاج:42،فتح الباري 2:176.
3- 3) قال في الجواهر 9:233 [1]نقلا عن كشف الغطاء:«و [2]يستحبّ فيها كغيرها من التكبيرات رفع اليدين إلى شحمتي الأُذنين أو المنكبين أو الخدّين أو الأُذنين أو الوجه أو النحر».لكن لا يخفى عليك دخول البعض في البعض و أنّه لا دليل على المنكبين و إن حكي عن الحسن بن عيسى أنّه جعله أحد الفردين و الثاني الخدّين،اللّهمّ إلاّ أن يكون الدليل ما يحكى عن الشيخ من نسبته إلى رواية عن أهل البيت بعد أن حكاه عن الشّافعيّ،للتسامح في المستحبّ.
4- 4) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1 و 2. [3]
5- 5) الكوثر(108):2. [4]
6- 6) التّهذيب 2:66 الحديث 237،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 4. [5]
7- 7) التّهذيب 2:65 الحديث 235،الوسائل 4:725 الباب 9 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [6]

و جعلهما بين ركبتيه (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي حميد السّاعديّ أنّه وصف ركوع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كما قلناه (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن الباقر عليه السّلام لمّا علّمه الرّكوع:«و تمكّن راحتيك من ركبتيك،و تضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى،و تُلقم بأطراف أصابعك عين الرّكبة،و فرّج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك» (3).

و ما رواه في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن الصّادق عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:

ثمَّ ركع و ملأ كفّيه من ركبتيه مفرّجات (4)فردّ ركبتيه إلى خلفه (5).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و تمكّن راحتيك من ركبتيك،و تضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى،و بلّع بأطراف أصابعك عين الرّكبة،و فرّج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك،فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك،و أحبّ إليّ أن تمكّن كفّيك من ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الرّكبة و تفرّج بينها» (6).

احتجّ ابن مسعود بأنّه رواه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و الجواب:ما قلناه أكثر رواه،فالعمل عليه متعيّن،و لو صحّ فهو منسوخ.روى

ص:135


1- 1سنن البيهقيّ 2:84،نيل الأوطار 2:271.
2- 2) سنن أبي داود 1:149 الحديث 730،سنن التّرمذيّ 2:105 الحديث 304،سنن البيهقيّ 2:72.
3- 3) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
4- 4) م و ن:منفرجات.
5- 5) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3،و [3]فيهما:«و بلّغ بأطراف أصابعك.»و الصّحيح ما أثبتناه كما في الكافي 3:319 الحديث 1. [4]

مصعب بن سعد بن أبي وقّاص (1)قال:صلّيت إلى جنب أبي فطبّقت يديّ و جعلتهما بين ركبتيّ فضرب أبي في يدي فلمّا انصرف قال:يا بنيّ إنّا كنّا نفعل ذلك فأمرنا أن نضرب بالأكفّ على الرّكب (2).

فروع:
الأوّل:لو كانت يداه عليلتين بلغ من الرّكوع ما لو كانت يداه صحيحتين لوضعهما على ركبتيه

و سقط عنه استحباب الوضع للعذر.

الثّاني:لو كانت إحدى يديه عليلة وضع الأُخرى مستحبّا

لأنّه فعل تعلّق بهما، فلا يسقط عن إحداهما بحصول العذر في الأُخرى كما في الوضوء.

الثّالث:لو ترك وضع يديه فرفع رأسه و شكّ هل بلغ بالرّكوع قدر الإجزاء؟ففي

إعادة الرّكوع تردّد

ينشأ من كون الشكّ حصل في هيئته (3)بعد فوات محلّه فلا التفات،و من كونه قد شكّ في الرّكوع (4)المعتدّ به و هو قائم فيركع.

مسألة:و يستحبّ له أن يردّ ركبتيه إلى خلفه،و أن يسوّي ظهره و يمدّ عنقه محاذيا لظهره

و هو مذهب العلماء كافّة.

روى الجمهور،عن أبي حميد في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذلك كلّه (5).

و عن عائشة:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ركع لم يرفع رأسه و لم يصوّبه

ص:136


1- 1مصعب بن سعد بن أبي وقّاص الزّهريّ،أبو زرارة المدنيّ.روى عن عليّ عليه السّلام و أبيه و طلحة و ابن عمر و عاصم بن بهدلة.مات سنة 103 ه. تهذيب التّهذيب 10:160، [1]العبر 1:95، [2]شذرات الذّهب 1:125.
2- 2) سنن أبي داود 1:229 الحديث 867،سنن النّسائيّ 2:185.بتفاوت يسير.
3- 3) غ و ن:تعيينه.
4- 4) م بزيادة:قدر الإجزاء.
5- 5) سنن التّرمذيّ 2:46 الحديث 260،سنن الدّارميّ 1:313،نيل الأوطار 2:198،سنن البيهقيّ 2:84-85.

و لكن بين ذلك (1).

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا ركع لو كان على ظهره قدح ماء لم يتحرّك عنه،لاستواء ظهره (2).

و من طريق الخاصّة:رواية زرارة،عن الباقر عليه السّلام:«و أقم صلبك و مدّ عنقك» (3).و رواية حمّاد عن الصّادق عليه السّلام:و ردّ ركبتيه إلى خلفه،ثمَّ سوّى ظهره و مدّ عنقه (4).

و يستحبّ أن يصفّ في ركوعه بين قدميه،لا يقدّم إحداهما على الأُخرى و يجعل بينهما قدر شبر،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن الباقر عليه السّلام لمّا علّمه الرّكوع:«و تصفّ في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر» (5).

مسألة:و يستحبّ له أن يقول بعد انتصابه من الرّكوع:«سمع اللّه لمن حمده»

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (6).و قال إسحاق:هذا القول واجب (7)،و هو أحد قولي أحمد (8).

لنا:على عدم الوجوب،ما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لم يعلّمه المسيء في صلاته (9)،و تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه

ص:137


1- 1صحيح مسلم 1:357 الحديث 498،سنن ابن ماجه 1:282 الحديث 869.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:283 الحديث 872.بتفاوت في الألفاظ.
3- 3) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [1]
4- 4) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
6- 6) الأُمّ(مختصر المزنيّ)8:14،المجموع 3:417،مغني المحتاج 1:165.
7- 7) المغني 1:579،المجموع 3:414.
8- 8) المغني 1:579،الكافي لابن قدامة 1:174،الإنصاف 2:61،منار السبيل 1:88.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:200-201،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856.

السّلام لمّا علّمه الصّلاة لم يذكر له ذلك (1).و على الاستحباب اتّفاق العلماء.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تتمّ صلاة أحدكم».

و ساق الحديث إلى قوله:«ثمَّ يقول:سمع اللّه لمن حمده» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«فلمّا استمكن من القيام قال:سمع اللّه لمن حمده» (3).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن الباقر عليه السّلام لمّا علّمه الرّكوع:«ثمَّ قل:سمع اللّه لمن حمده و أنت منتصب قائم» (4).

احتجّ الموجب (5)بقوله عليه السّلام:«لا تتمّ صلاة أحدكم»إلى قوله:«ثمَّ يقول:سمع اللّه لمن حمده».

و الجواب:أنّ المراد بذلك:لا تتمّ صلاته بأجمعها الشّاملة للواجب و النّدب،و لأنّ الأصل عدم الوجوب و قد ظهر المنافي فيحمل ذلك على الاستحباب.

فروع:
الأوّل:هذا القول مستحبّ للإمام و المأموم و المنفرد

ذهب إليه علماؤنا أجمع، و به قال ابن سيرين،و أبو بردة (6)و أبو يوسف،و محمّد (7)،و الشّافعيّ (8)،

ص:138


1- 1التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3.
2- 2) سنن النّسائيّ 2:225-226،سنن الدّارميّ 1:305،تفسير القرطبيّ 1:348. [1]
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
5- 5) المغني 1:579.
6- 6) أبو بُردة بن أبي موسى الأشعريّ الفقيه اسمه الحارث و قيل:عامر.و قيل:اسمه كنيته.روى عن عليّ عليه السّلام و أبيه و حذيفة و عبد اللّه بن سلام و غيرهم،و روى عنه أولاده سعيد و بلال و الشعبيّ،مات سنة 104 ه. تهذيب التّهذيب 12:18، [4]العبر 1:97. [5]
7- 7) المغني 1:585،المبسوط للسرخسيّ 1:20،المجموع 3:419.
8- 8) الاُمّ 1:112،المجموع 3:419،المبسوط للسّرخسيّ 1:21،المغني 1:586،المحلّى 3:262.

و إسحاق (1).و قال ابن مسعود،و ابن عمر،و مالك،و الشّعبيّ (2)و أبو حنيفة (3)،و أحمد:

لا يشرع للمأموم ذلك (4).

لنا:قوله عليه السّلام:«لا تتمّ صلاة أحدكم»إلى قوله:«ثمَّ يقول:سمع اللّه لمن حمده» (5).و قول الباقر عليه السّلام:«ثمَّ قل سمع اللّه لمن حمده و أنت منتصب» (6).و ذلك عامّ،و لأنّه انتقال من ركن إلى آخر،فشرع الذّكر على العموم كالتّكبير،و لأنّه ذكر مشروع للإمام فشرع للمأموم كغيره من الأذكار.

الثّاني:يستحبّ للإمام أن يجهر به كالتّكبير

لأنّه ذكر شرع (7)للانتقال من ركن إلى آخر و مع الجهر يحصل الإعلام،و لا نعرف فيه خلافا.

الثّالث:يستحبّ الدّعاء بعد التسميع

بأن يقول:الحمد للّه ربّ العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة للّه ربّ العالمين.سواء كان إماما أو مأموما،و هو فتوى علمائنا.و قال الشّافعيّ:يقول بعد التسميع:ربّنا لك الحمد،إماما كان أو مأموما (8).و قال أبو حنيفة (9)،و مالك:يقولها المأموم خاصّة دون الإمام و المنفرد (10).و لأحمد كالقولين، و في وجوبها عنده قولان (11).

ص:139


1- 1المغني 1:585،المجموع 3:419.
2- 2) المغني 1:585-586،المجموع 3:419.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 1:20،المغني 1:586،المجموع 3:419،المحلّى 3:262.
4- 4) المغني 1:585،المجموع 3:419.
5- 5) سنن النّسائيّ 2:225،سنن الدّارميّ 1:305، [1]تفسير القرطبيّ 1:348. [2]
6- 6) الكافي 3:319 الحديث 1، [3]التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [4]
7- 7) غ:مشروع.
8- 8) المجموع 3:419،المبسوط للسّرخسيّ 1:21،المغني 1:585.
9- 9) المبسوط للسّرخسيّ 1:20،الهداية للمرغينانيّ 1:49، [5]شرح فتح القدير 1:260،المجموع 3:419.
10- 10) المغني 1:584،الشرح الكبير بهامش المغني 1:584،المجموع 3:419. [6]
11- 11) المغني 1:583-584،الشرح الكبير بهامش المغني 1:584.

لنا:أنّ قوله:سمع اللّه لمن حمده،إذكار بالحمد و ترغيب فيه،فيستحبّ للإمام و المأموم و المنفرد،و أولى ما أتى به ما ذكرناه نحن،لأنّه لفظ القرآن.

و لما رواه الجمهور،عن حذيفة بن اليمان قال:صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فكان إذا رفع رأسه من الرّكوع قال:«سمع اللّه لمن حمده»ثمَّ قال:«الحمد للّه ذي الملكوت و الجبروت و الكبرياء و العظمة».رواه أحمد في مسنده (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«ثمَّ قل و أنت منتصب قائم:سمع اللّه لمن حمده،الحمد للّه ربّ العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة للّه ربّ العالمين،تجهر بها صوتك» (2).

الرّابع:قال الشّيخ في المبسوط:و إن قال:ربّنا و لك الحمد لم تفسد صلاته

(3).

و اختلفوا في الواو،فأسقطها الشّافعيّ لأنّها للعطف و لا شيء يعطف عليه هنا (4)،و أثبتها باقي الجمهور،لأنّ المعطوف عليه هاهنا مقدّر إذ الواو يدلّ عليه،و تقديره:ربّنا حمدناك و لك الحمد،فيكون ذلك أبلغ في الحمد (5).و الأولى عندنا ترك الجميع،و قول ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام (6).

الخامس:لو عكس فقال:من حمد اللّه سمع له،لم يأت بالمستحبّ

خلافا للشافعيّة (7).

لنا:أنّه خلاف المنقول و عكس المشروع فلا يكون مجزئا كما لو قال في التّكبير:

الأكبر اللّه.

ص:140


1- 1مسند أحمد 5:396. [1]
2- 2) التّهذيب 2:77 الحديث 289،الوسائل 4:920 الباب 1 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [2]
3- 3) المبسوط 1:112. [3]
4- 4) المجموع 3:418،المغني 1:585،الشرح الكبير بهامش المغني 1:585.
5- 5) المغني 1:585،الشرح الكبير بهامش المغني 1:585.
6- 6) الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع.
7- 7) المجموع 3:415،المغني 1:588.

احتجّوا بأنّه أتى باللّفظ و المعنى (1).

و الجواب:المنع،فإنّ قوله:سمع اللّه لمن حمده،صيغة خبر قد يراد للدّعاء و يصلح له،و عكسه شرط و جزاء لا يصلح لذلك.

السّادس:لو عطس عند الرّفع قال:الحمد للّه ربّ العالمين،و نوى بذلك التّحميد

للعطسة و المستحبّ بعد الرّفع جاز

خلافا لأحمد (2).

لنا:أنّ انضمام هذه النيّة لم يغيّر شيئا من مقاصد الكلام،فلم تكن مؤثّرة في المنع، و لأنّها عبادة ذات سببين فلم يضرّ جمعها في نيّة واحدة،كما لو نوى بالطّهارة رفع حدثين.

مسألة:قال الشّيخ في المبسوط:يكره أن يركع و يده تحت ثيابه

(3)

و يستحبّ أن تكون بارزة أو في كمّه،و لو خالف لم تبطل صلاته (4).قال:و من قدر على القيام و عجز عن الرّكوع صلّى قائما،فإن أمكنه أن يعتمد ليركع اعتمد واجبا،و إن لم يمكنه الرّكوع إلاّ على جانب لزمه ذلك،فإن لم يمكنه على ذلك حنى رأسه و ظهره،فإن لم يقدر أومأ برأسه (5).

مسألة:و يستحبّ له في حال ركوعه أن يتجافى فلا يضع شيئا من أعضائه على شيء إلاّ اليدين بلا خلاف

(6)

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«و لم يضع شيئا من بدنه على شيء منه في ركوع و لا سجود و كان مجنحا» (7).

ص:141


1- 1المجموع 3:415،المغني 1:588،الشرح الكبير بهامش المغني 1:588.
2- 2) المغني 1:588،الإنصاف 2:63.
3- 3) في النسخ:يداه،و ما أثبتناه من المصدر،و هو الّذي يقتضيه السياق.
4- 4) المبسوط 1:112. [1]
5- 5) المبسوط 1:109. [2]
6- 6) م:حالة.
7- 7) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [3]
البحث السّادس:في السّجود
اشارة

و هو في اللّغة:الخضوع (1)و الانحناء (2)،و في الشّرع:عبارة عن وضع الجبهة على الأرض،و هو خضوع خاصّ و انحناء خاصّ فيكون مجازا لغويّا و حقيقة شرعيّة، و السّجدة بالفتح،الواحدة،و بالكسر،الاسم،و المسجد،و المسجد واحد المساجد.

مسألة:و هو واجب في الصّلاة بالنصّ و الإجماع

قال اللّه تعالى اِرْكَعُوا وَ اسْجُدُوا (3).و قد ثبت بالتّواتر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عن الأئمّة عليهم السّلام السّجود في الصّلاة.

و يجب في كلّ ركعة سجدتان بلا خلاف بين علماء الإسلام،و هما معا ركن في الصّلاة.

روى الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا تعاد الصّلاة إلاّ في خمسة:الطّهور،و الوقت،و القبلة،و الرّكوع،و السّجود» (4).و كلّ واحدة منهما ليست ركنا على ما يأتي و إن كانت واجبة.

مسألة:و يجب الطّمأنينة فيهما و الخلاف فيه كما في الرّكوع

لنا:قوله عليه السّلام للمسيء في صلاته:«ثمَّ اسجد حتّى تطمئنّ ساجدا» (5).

و من طريق الخاصّة:ما يأتي من وجوب الذّكر فيه،و هو يستلزم الطمأنينة.

و يجب فيه السّجود على الأعضاء السّبعة:الجبهة،و الكفّان،و الرّكبتان،و إبهاما

ص:142


1- 1م:الخشوع.
2- 2) الصحاح 2:483-484( [1]سجد).
3- 3) الحجّ(22):77. [2]
4- 4) التّهذيب 2:152 الحديث 597،الوسائل 4:934 الباب 10 من أبواب الرّكوع الحديث 5. [3]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:201،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن النّسائيّ 2:193.

الرجلين.ذهب إليه الشّيخان (1)،و أتباعهما (2)،و به قال طاوس (3)،و الشّافعيّ في أحد قوليه (4)،و أحمد (5)،و إسحاق (6).و قال علم الهدى:بدل الكفّين مفصل الكفّين عند الزّندين (7).و قال أبو حنيفة (8)،و مالك (9)،و الشّافعيّ في القول الآخر:لا يجب السّجود على غير الجبهة (10).

لنا:قوله تعالى وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ (11).قال جماعة من المفسّرين:المراد بها:

أعضاء السّجود السّبعة (12).

و ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أُمرت بالسّجود على سبعة أعظم:اليدين،و الرّكبتين،و أطراف القدمين،و الجبهة» (13).

و عن ابن عمر رفعه:«إنّ اليدين تسجدان كما يسجد الوجه،فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه،و إذا رفعه فليرفعهما».رواه أبو داود،و أحمد (14).

ص:143


1- 1المقنعة:16،النّهاية:71.
2- 2) منهم:السيّد المرتضى في جمل العلم و العمل:60،و القاضي في المهذّب 1:93،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة:673،و سلاّر في المراسم:71.
3- 3) المغني 1:591،الشرح الكبير بهامش المغني 1:591،المجموع 3:425.
4- 4) الاُمّ 1:113،المجموع 3:427،المبسوط للسّرخسيّ 1:34.
5- 5) المغني 1:591،الكافي لابن قدامة 1:175،الإنصاف 2:66،المجموع 3:425.
6- 6) المغني 1:591،المجموع 3:425.
7- 7) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثّالثة):32.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 1:34،المغني 1:591.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:71،بداية المجتهد 1:138،تفسير القرطبيّ 1:346، [1]المغني 1:591.
10- 10) الاُمّ 1:114،المجموع 3:428،المغني 1:591. [2]
11- 11) الجنّ(72):18. [3]
12- 12) التبيان 10:155، [4]تفسير القرطبيّ 19:20. [5]
13- 13) صحيح البخاريّ 1:206،صحيح مسلم 1:354 الحديث 490.
14- 14) سنن أبي داود 1:235 الحديث 892،مسند أحمد 2:6. [6]

و إذا وجب السّجود على اليدين وجب على بقيّة الأعضاء السّبعة،لعدم القائل بالفرق.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:السّجود على سبعة أعظم:الجبهة، و اليدين،و الرّكبتين،و الإبهامين،و ترغم بأنفك إرغاما،أمّا الفرض فهذه السّبعة،و أمّا الإرغام بالأنف فسنّة من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله» (1).

و في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:

و سجد على ثمانية أعظم:الكفّين،و الرّكبتين،و أنامل إبهامي الرجلين،و الجبهة،و الأنف، و قال:سبع منها فرض يسجد عليها،و هي الّتي ذكرها اللّه عزّ و جلّ في كتابه و قال:

وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ و هي:الجبهة،و الكفّان،و الرّكبتان،و الإبهامان،و وضع الأنف على الأرض سنّة» (2).

احتجّ أبو حنيفة (3)بقوله عليه السّلام:«سجد وجهي» (4)و لو ساواه غيره لما خصّه بالذّكر،و لأنّ وضع الجبهة على الأرض يسمّى سجودا بخلاف غيره،فينصرف الأمر المطلق إليه،لأنّه محصّل المسمّى،و لأنّه لو وجب السّجود على غيره لوجب كشفه كما يكشف الجبهة.

و الجواب عن الأوّل:أنّ تخصيص الشّيء لا يدلّ على نفيه عمّا عداه (5)،و العجب أنّ أبا حنيفة يساعد على أنّ المفهوم لا يعمل به و قد عمل به هاهنا،و هل هذا إلاّ مناقضة!

ص:144


1- 1التّهذيب 2:299 الحديث 1204،الاستبصار 1:327 الحديث 1224،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
3- 3) عمدة القارئ 6:90،المغني 1:591.
4- 4) صحيح مسلم 1:534 الحديث 201،سنن الدار قطنيّ 1:296 الحديث 1،سنن البيهقيّ 2:109.
5- 5) ح:سواه.

على أنّه يجوز أن يكون سبب التّخصيص ما اشتملت عليه الوجه من كثرة الخضوع، و يحتمل أن يكون أراد بالوجه هاهنا الذّات،لقوله تعالى وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ (1).

و بالجملة فالاستدلال بهذا الحديث في مثل هذا الموضع في غاية الضّعف.

قوله:وضع الجبهة يسمّى سجودا.قلنا:مسلّم،و كذا غيره (2)،كما في قوله عليه السّلام:«سجد لحمي و عظمي و ما أقلّته قدماي» (3).

و عن الثّاني:المنع من المساواة،إذ لا جامع،ثمَّ يظهر الفرق بأنّ الجبهة هي الأصل دون غيرها.

فروع:
الأوّل:لو أخلّ بالسّجود على بعض هذه الأعضاء عامدا بطلت صلاته عالما كان

أو جاهلا

لأنّه لم يأت بالمأمور به،فيبقى في عهدة الأمر،و لو كان ناسيا صحّت صلاته إذا ذكر بعد الرّفع،لفوات المحلّ.

الثّاني:لو كان على بعض أعضاء السّجود مانع يمنع من السّجود عليه وجب أن يسجد بباقي الأعضاء

(4)

و يقرّب ذلك العضو من الأرض بقدر الإمكان؛لأنّها واجبات متعدّدة،فلا يسقط البعض لسقوط الآخر لعذر.

الثّالث:لو كان على جبهته دمّل أو شبهه من جرح و غيره ممّا يمنعه عن السّجود عليها

و أمكنه أن يحفر لها حفيرة ينزل (5)فيها ليقع السّليم من الجبهة على الأرض وجب؛ لأنّ المأخوذ عليه السّجود على بعض الجبهة و بالفعل الّذي ذكرناه يحصل المأمور به فيكون

ص:145


1- 1الرحمن(55):27. [1]
2- 2) غ،ح و ق:غيرها.
3- 3) أورده المحقّق في المعتبر 2:207. [2]
4- 4) غ،ح و ق:ببعض،مكان:على بعض.
5- 5) ح و ق:نزل.

واجبا.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن مصادف قال:خرج بي دمّل فكنت أسجد على جانب فرأى أبو عبد اللّه عليه السّلام أثره فقال:«ما هذا؟»فقلت:لا أستطيع أن أسجد من أجل الدمّل فإنّما أسجد منحرفا،فقال لي:«لا تفعل ذلك و لكن احفر حفيرة و اجعل الدّمّل في الحفيرة حتّى تقع جبهتك على الأرض» (1).

الرّابع:لو تعذّر عليه السّجود على الجبهة و لم يمكنه الحفيرة

(2)لاستغراق الجبهة بالمانع مثلا أو بغيره سجد على أحد الجبينين،و لا يسقط السّجود عن بقيّة الأعضاء،خلافا لبعض الجمهور (3).

لنا:أنّ المأمور به السّجود على سبعة أعضاء فلا يسقط بعضها لحصول المسقط في الآخر،و لأنّ الجبهة مع الجبينين كالعضو الواحد فيقوم أحدهما مقامها للعذر،و لأنّ السّجود على أحدهما أشبه بالسّجود على الجبهة من الإيماء،و الإيماء سجود مع تعذّر الجبهة فالجبين أولى.

احتجّ المخالف (4)بأنّ بقيّة الأعضاء تبع،فيسقط اعتبارها لسقوط الأصل.

و الجواب:المنع من التّبعيّة.

الخامس:لو تعذّر السّجود على أحد الجبينين سجد على الذّقن

لقوله تعالى:

يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (5).و الذّقن مجتمع اللّحيين (6)،و إذا صدق عليه اسم السّجود وجب أن يكون مجزيا في الأمر بالسّجود مع العذر (7).

ص:146


1- 1التّهذيب 2:86 الحديث 317،الوسائل 4:965 الباب 12 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
2- 2) ق،غ و م:الحفر.
3- 3) المغني 1:591،الشرح الكبير بهامش المغني 1:592.
4- 4) المغني 1:591،الشرح الكبير بهامش المغني 1:592.
5- 5) الإسراء(17):109. [2]
6- 6) م و ن:اللحيتين.
7- 7) غ:التعذّر.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن يعقوب،عن عليّ بن محمّد بإسناده قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عمّن بجبهته علّة لا يقدر على السّجود عليها؟قال:«يضع ذقنه على الأرض،إنّ اللّه تعالى يقول يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (1).

السّادس:لو تعذّر عليه ذلك كلّه أومأ إيماءا

لأنّه حالة ينتقل إليها مع الضّرورة، و يؤيّده:رواية إبراهيم الكرخيّ (2)و قد تقدّمت في الرّكوع (3).

السّابع:لا يجب السّجود على جميع أجزاء الجبهة

لأنّ المطلق يكفي فيه أقلّ ما يطلق عليه الاسم.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن حدّ السّجود؟فقال:«ما بين قصاص الشّعر إلى موضع الحاجب ما وضعت منه أجزأك» (4).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السّلام قال:قلت:الرّجل يسجد و عليه قلنسوة (5)أو عمامة؟فقال:«إذا مسّ جبهته الأرض فيما بين حاجبه و قصاص شعره فقد أجزأ عنه» (6).

الثّامن:شرط بعض الأصحاب الملاقاة بدرهم

(7)

(8)و ليس شيئا،للرّوايتين؛و لأنّ

ص:147


1- 1الكافي 3:334 الحديث 6، [1]التّهذيب 2:86 الحديث 318،الوسائل 4:965 الباب 12 من أبواب السّجود الحديث 2. [2]
2- 2) التّهذيب 3:307 الحديث 951،الوسائل 4:976 الباب 20 من أبواب السّجود الحديث 1. [3]
3- 3) يراجع:ص 115. [4]
4- 4) التّهذيب 2:85 الحديث 313،الوسائل 4:962 الباب 9 من أبواب السّجود الحديث 2. [5]
5- 5) غ،م،ن و ق:القلنسوة.
6- 6) الفقيه 1:176 الحديث 833،التّهذيب 2:85 الحديث 314،الوسائل 4:962 الباب 9 من أبواب السّجود الحديث 1. [6]
7- 7) هامش ح:ملاقاتها.
8- 8) المقنع:26،الفقيه 1:175.

الواجب تحصيل ما (1)يسمّى سجودا،و كذا البحث في بقيّة الأعضاء و إن كان الأولى استغراق جميعها (2)في الملاقاة.

مسألة:و الذّكر فيه واجب بلا خلاف بين علمائنا

و به قال أحمد (3)و باقي (4)أهل الظّاهر (5).و قال أبو حنيفة (6)،و مالك (7)،و الشّافعيّ:لا يجب (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عقبة بن عامر قال:لمّا نزل سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (9)قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ضعوها (10)في سجودكم» (11).و الأمر للوجوب.

و عن ابن مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إذا سجد أحدكم فليقل:سبحان ربّي الأعلى ثلاثا» (12).

و من طريق الخاصّة:رواية هشام بن سالم (13)و قد تقدّمت

ص:148


1- 1م و ن:بما.
2- 2) ح و ق:جبهته.
3- 3) المغني 1:597،الكافي لابن قُدامة 1:173،الإنصاف 2:70،منار السبيل 1:88.
4- 4) كذا في النّسخ،و الظاهر أنّ كلمة:(باقي)زائدة.
5- 5) المجموع 3:414،نيل الأوطار 2:271.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:50، [1]نيل الأوطار 2:271،المجموع 3:414.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:72،بداية المجتهد 1:128،المغني 1:578،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:578،نيل الأوطار 2:271.
8- 8) المجموع 3:414،نيل الأوطار 2:271.
9- 9) الأعلى(87):1. [2]
10- 10) هامش ح:ثبّتوها،و في المصادر:اجعلوها.
11- 11) سنن أبي داود 1:230 الحديث 869،سنن ابن ماجه 2:287 الحديث 887،سنن البيهقيّ 2:86،نيل الأوطار 2:273 الحديث 2. و من طريق الخاصّة ينظر:التّهذيب 2:313 الحديث 1273.
12- 12) سنن التّرمذيّ 2:47 الحديث 261، [3]سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 890،نيل الأوطار 2:274.
13- 13) التّهذيب 2:76 الحديث 282،الاستبصار 1:323 الحديث 1204،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 1.

في الرّكوع (1).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:

ما يجزئ من القول في الرّكوع و السّجود؟فقال:«ثلاث تسبيحات في ترسّل،و واحدة تامّة تجزئ» (2).و الإجزاء يفهم منه الوجوب.

و في رواية أبي بكر الحضرميّ عن أبي جعفر عليه السّلام:«و من لم يسبّح،فلا صلاة له» (3).

احتجّوا بأنّ اللّه تعالى (4)أمر بمطلق السّجود (5).

و الجواب:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بيّنه بفعله و قوله.

فروع:
الأوّل:الّذي أذهب إليه:الاكتفاء فيه بالذّكر مثل:الحمد للّه و سبحان اللّه و اللّه أكبر،و نظائرها

(6)

للرّوايات الّتي ذكرناها في الرّكوع (7)،و الخلاف هنا كالخلاف ثَمَّ،و كذا البحث في العدد.

الثّاني:الذّكر واجب في السّجدتين معا

بلا خلاف بين القائلين (8)بوجوب الذّكر

ص:149


1- 1يراجع:ص 119. [1]
2- 2) التّهذيب 2:76 الحديث 283،الاستبصار 1:323 الحديث 1205،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 2:80 الحديث 300،الاستبصار 1:324 الحديث 1213،الوسائل 4:924 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 7. [3]
4- 4) ح و ق:عزّ و جلّ.
5- 5) لم نعثر عليه.
6- 6) ن:به.
7- 7) يراجع:ص 121.
8- 8) غ،ن و م:القائل.

في السّجود.

الثّالث:الأولى التّسبيح لرفع الخلاف،و الواحدة التّامّة تجزئ

و الفضل في ثلاث أكثر،و أكثر من ذلك الخمس،و السّبع أكمل لما تقدّم (1).

الرّابع:يستحبّ أمام التّسبيح الدّعاء

و هو وفاق،لما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقول في سجوده:«اللّهمّ لك سجدت و بك آمنت و لك أسلمت أنت ربّي سجد وجهي للّذي خلقه،و شقّ سمعه و بصره، فَتَبارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ » (2).

و عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أقرب ما يكون العبد من ربّه و هو ساجد فأكثروا (3)من الدّعاء» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا سجدت فكبّر و قل:اللّهمّ لك سجدت و بك آمنت و لك أسلمت و عليك توكّلت و أنت ربّي سجد وجهي للّذي خلقه،و شقّ سمعه و بصره،و الحمد للّه ربّ العالمين،تبارك اَللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ،ثمَّ قل:سبحان ربّي الأعلى و بحمده،ثلاث مرّات» (5).

و عن أبي جرير الرّواسيّ (6)قال:سمعت أبا الحسن عليه السّلام و هو يقول:«اللّهمّ إنّي أسألك الرّاحة عند الموت و العفو عند الحساب»يردّدها (7).

ص:150


1- 1يراجع:ص 123.
2- 2) سنن أبي داود 1:201 الحديث 760،سنن ابن ماجه 1:335 الحديث 1054،سنن النّسائيّ 2:221.
3- 3) ح و ق:فيما كثر.
4- 4) سنن أبي داود 1:231 الحديث 875،سنن النّسائيّ 1:226،مسند أحمد 2:421. [1]
5- 5) التّهذيب 2:79 الحديث 295،الوسائل 4:951 الباب 2 من أبواب السّجود الحديث 1. [2]
6- 6) لم نعثر على ترجمته في الكتب أكثر ممّا ذكر المحقّق الأردبيليّ بقوله:أبو جرير الرّواسيّ روى عنه ابن محبوب في التّهذيب 2:300 الحديث 1209،و في الكافي 3:323 الحديث 10. [3]جامع الرّواة 2:371. [4]
7- 7) التّهذيب 2:300 الحديث 1209،و نقل المفيد في الإرشاد 2:223: [5]إنّه كان يقول في سجوده.

و عن عبد الرّحمن بن سيابة (1)قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أدعو و أنا ساجد؟فقال:«نعم فادع للدّنيا و الآخرة فإنّه ربّ الدّنيا و الآخرة» (2).

الخامس:يجب أن يأتي بالذّكر الواجب و هو ساجد

فلو أخذ في السّجود و هو ذاكر أو رفع رأسه و لم يتمّم (3)لم يجزئه ذلك.

السّادس:الذّكر ليس بركن

لو تركه ناسيا لم تبطل صلاته،و سيأتي البحث فيه.

مسألة:و لا يجوز أن يكون موضع سجوده أعلى من موقف المصلّي بما يعتدّ به

قال الشّيخ:فإن زاد بمقدار لبنة لم يكن به بأس و إن زاد لم يجز (4).ذهب إليه علماؤنا،لأنّ العلوّ المعتدّ به يخرج (5)بسببه المصلّي عن الهيئة المنقولة عن الشّارع.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن موضع جبهة السّاجد أ يكون أرفع من مقامه؟فقال:«لا،و لكن ليكن مستويا» (6).

و أمّا التّقدير الّذي ذكره الشّيخ فيدلّ عليه ما رواه،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن السّجود على الأرض المرتفعة؟فقال:«إذا كان موضع

ص:151


1- 1عبد الرّحمن بن سيابة الكوفيّ البجليّ البزّاز عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام،و روى الكشّيّ أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام دفع إليه ألف دينار ليقسّمها في عيالات من أُصيب مع عمّه زيد،قال المحقّق المامقانيّ:هذه الرّواية تدلّ على وثاقة الرّجل و لم يتعرّض المصنّف لحال الرّجل في الخلاصة،و قال في المختلف: 289:لم يحضرني حاله. رجال الكشّيّ:338،رجال الطّوسيّ:230،تنقيح المقال 2:144. [1]
2- 2) التّهذيب 2:299 الحديث 1207،الوسائل 4:973 الباب 17 من أبواب السّجود الحديث 2. [2]
3- 3) م،ح و ق:يتمّ.
4- 4) المبسوط 1:115،النّهاية:83. [3]
5- 5) غ:مخرج.
6- 6) التّهذيب 2:85 الحديث 315،الوسائل 4:963 الباب 10 من أبواب السّجود الحديث 1. [4]

جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس» (1).

فرع:

لو وقعت جبهته على المرتفع جاز له أن يرفع رأسه و يسجد (2)على المساوي؛لأنّه لم يحصل كمال السّجود،فيجوز العود لتحصيل التّكميل.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن الحسين بن حمّاد (3)قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع؟فقال:«ارفع رأسك ثمَّ ضعه» (4).

و لا يعارض ذلك ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها،و لكن جرّها على الأرض» (5).

و عن حسين بن حمّاد قال:قلت له:أضع وجهي للسّجود فيقع وجهي على حجر أو على موضع مرتفع،أُحوّل وجهي إلى مكان مستو؟قال:«نعم،جرّ وجهك على الأرض من غير أن ترفعه» (6).

ص:152


1- 1التّهذيب 2:313 الحديث 1271،الوسائل 4:964 الباب 11 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
2- 2) ح و ق:و سجد.
3- 3) الحسين بن حمّاد بن ميمون العبديّ-مولاهم-كوفيّ،أبو عبد اللّه،ذكر في رجال أبي عبد اللّه عليه السّلام قاله النّجاشيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصّادق عليهما السّلام و ذكره في أصحاب الصّادق عليه السّلام تارة بعنوان الحسين بن حمّاد كوفيّ،و قال في الفهرست:له كتاب.و الظّاهر كونه إماميّا و من الحسان. رجال النّجاشيّ:55،رجال الطّوسيّ:115،169،183،الفهرست:57. [2]
4- 4) التّهذيب 2:302 الحديث 1219،الاستبصار 1:330 الحديث 1237،الوسائل 4:961 الباب 8 من أبواب السّجود الحديث 4. [3]
5- 5) التّهذيب 2:302 الحديث 1221،الاستبصار 1:330 الحديث 1238،الوسائل 4:960 الباب 8 من أبواب السّجود الحديث 1. [4]
6- 6) التّهذيب 2:312 الحديث 1269،الاستبصار 1:330 الحديث 1239،الوسائل 4:961 الباب 8 من أبواب السّجود الحديث 2. [5]

و عن أحمد بن محمّد بن عيسى (1)،عن موسى بن جعفر عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يسجد على الحصى فلا يمكّن جبهته من الأرض؟قال:«يحرّك جبهته حتّى يتمكّن (2)فينحّي الحصى عن (3)جبهته و لا يرفع رأسه» (4).

لأنّا نحمل هذه الأخبار على ما إذا كان المقدار (5)المرتفع لبنة فما دون،فلو رفع رأسه حينئذ،لزمه أن يزيد سجدة متعمّدا و هو غير سائغ.

مسألة:و لو تعذّر عليه الانحناء لعارض رفع ما يسجد عليه

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أحمد (6)،و منعه أبو حنيفة (7).

لنا:أنّ السّجود واجب فيجب بقدر الممكن،و لأنّه أشبه بالسّجود من الإيماء فيكون أولى من الواجب فيكون واجبا،لاستحالة اشتمال ما ليس بواجب على المصالح المطلوبة من الواجب.

و يؤيّده:رواية الكرخيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إن كان له من يرفع

ص:153


1- 1أحمد بن محمّد بن عيسى بن عبد اللّه بن سعد بن مالك بن الأحوص بن السائب بن مالك بن عامر الأشعري من بني ذُخران بن عوف بن الجُماهر بن الأشعر يكنّى أبا جعفر،و أوّل من سكن قم من آبائه سعد بن مالك الأحوص قاله النّجاشي عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الأئمّة الرّضا و الجواد و الهادي عليهم السّلام،و قال في الفهرست: و [1]أبو جعفر شيخ قم و وجهها و فقيهها غير مدافع و كان أيضا الرئيس الّذي يلقى السّلطان بها،و لقي أبا الحسن الرّضا عليه السّلام و صنّف كتبا.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و زاد على ما في الفهرست [2]أنّه لقي الرّضا و أبا جعفر الثّاني و أبا الحسن العسكريّ عليهم السّلام. رجال النّجاشيّ:81،رجال الطّوسيّ:366،397،409،الفهرست:25، [3]رجال العلاّمة:13. [4]
2- 2) غ،م،ن و ق:يمكن.
3- 3) ح و ق:من.
4- 4) التّهذيب 2:312 الحديث 1270،الاستبصار 1:331 الحديث 1240،الوسائل 4:961 الباب 8 من أبواب السّجود الحديث 3. [5]في التهذيب:عن عليّ بن جعفر.
5- 5) غ،م و ن:مقدار.
6- 6) المغني 1:591،الشرح الكبير بهامش المغني 1:592.
7- 7) المبسوط للسّرخسيّ 1:217،الهداية للمرغينانيّ 1:77،شرح فتح القدير 1:458.

الخمرة إليه فليسجد،فإن لم يمكنه ذلك فليوم برأسه نحو القبلة إيماءا» (1).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن المريض؟فقال:«يسجد على الأرض أو على المروحة أو على سواك يرفعه هو الأفضل من الإيماء،إنّما كره من كره السّجود على المروحة من أجل الأوثان الّتي كانت تعبد من دون اللّه، و إنّا لم نعبد غير اللّه قطّ،فاسجد على المروحة،أو على عود،أو على سواك» (2).

و اعلم أنّ حرف(أو)في قوله:«على الأرض أو على المروحة»للتّفصيل.

مسألة:و يجب رفع الرّأس من السّجدة الاُولى و الطّمأنينة فيه جالسا

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (3)،و أحمد (4).و قال مالك (5)،و أبو حنيفة (6):الرّفع واجب مثل حدّ السّيف،أمّا الطّمأنينة فلا.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:كان رسول صلّى اللّه عليه و آله إذا رفع من السّجدة لم يسجد حتّى يستوي قاعدا (7).و قولنا:كان فلان يفعل كذا،إنّما يستعمل في الفعل المداوم عليه،و الدّوام يدلّ على الوجوب و قوله عليه السّلام للمسيء في صلاته:

«ثمَّ ارفع رأسك حتّى تطمئنّ» (8).

ص:154


1- 1الفقيه 1:238 الحديث 1052،التّهذيب 3:307 الحديث 951،الوسائل 4:976 الباب 20 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:311 الحديث 1264،الوسائل 3:606 الباب 15 من أبواب ما يسجد عليه الحديث 1 و 2. [2]
3- 3) الاُمّ 1:116،المجموع 3:440،مغني المحتاج 1:171،السراج الوهّاج:47،المغني 1:598.
4- 4) المغني 1:598،الشرح الكبير بهامش المغني 1:598،الكافي لابن قدامة 1:177،منار السّبيل 1:85.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:72،المغني 1:598،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:598،المجموع 4:440.
6- 6) المغني 1:598،الشرح الكبير بهامش المغني 1:598،المجموع 3:440.
7- 7) صحيح مسلم 1:357 الحديث 498،سنن ابن ماجه 1:288 الحديث 893،سنن البيهقيّ 2:121،المغني 1: 598.
8- 8) سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن النّسائيّ 2:193،سنن البيهقيّ 2:372،المغني 1:582.في بعض المصادر بتفاوت يسير في الألفاظ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ رفع رأسه من السّجود فلمّا استوى جالسا قال:«اللّه أكبر» و قال له:«هكذا صلّ» (1).و الأمر للوجوب إلاّ ما يخرج بالدليل و غير ذلك من الأحاديث،و هي كما دلّت على الرّفع دلّت على الطّمأنينة.و كذا يجب رفع الرّأس من السّجدة الثّانية بلا خلاف.

مسألة:يجب إبراز الجبهة للسّجود على ما يصحّ عليه السّجود

و هو قول علمائنا أجمع،و يسقط مع الضّرورة،و به قال الشّافعيّ (2).و قال أبو حنيفة (3)،و مالك (4)،و أحمد:

لا يجب (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن خبّاب قال:شكونا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حرّ الرّمضاء في جباهنا و أكفّنا فلم يُشكِنا (6).رواه مسلم.و لو جاز السّجود على الحائل لما كان للشّكوى معنى و لأشكاهم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام،عن الرّجل يسجد و عليه العمامة لا تصيب جبهته الأرض؟قال:

«لا يجزئه ذلك حتّى تصل جبهته[إلى] (7)الأرض» (8).و يستحبّ إبراز اليدين دون غيرهما.

مسألة:و يستحبّ التّكبير قائما قبل السّجود،ثمَّ يهوي إليه

و عليه فتوى علمائنا،

ص:155


1- 1التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:73 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
2- 2) الاُمّ 1:114،المجموع 3:422-423،مغني المحتاج 1:168،المغني 1:593.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:50،شرح فتح القدير 1:265،المغنيّ 1:598،المجموع 3:425.
4- 4) المغني 1:593،الشرح الكبير بهامش المغني 1:593،المجموع 3:425.
5- 5) المغني 1:593،المجموع 3:425. [2]
6- 6) صحيح مسلم 1:433 الحديث 619.
7- 7) أثبتناها من المصدر.
8- 8) التّهذيب 2:86 الحديث 319،الوسائل 3:605 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه الحديث 1. [3]

و قال الشّيخ في الخلاف:يجوز أن يهوى به (1).و به قال الشّافعيّ (2).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث السّاعديّ (3)و الأعرابيّ (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ كبّر و هو قائم و رفع يديه حيال وجهه،ثمَّ سجد (5).و ما ذكره الشّيخ جائز لكنّ الأولى ما قلناه.

مسألة:و إذا أهوى للسّجود استقبل الأرض بيديه و لا يتلقّاها بركبتيه أوّلا

و عليه فتوى علمائنا أجمع،و به قال الأوزاعيّ (6)،و مالك (7)،و أحمد في إحدى الرّوايتين.

و قال في الأُخرى:يسبق بركبتيه (8).و به قال النّخعيّ (9)،و أبو حنيفة (10)، و الثّوريّ (11)،و الشّافعيّ (12).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا

ص:156


1- 1الخلاف 1:122 مسألة-107.
2- 2) الأُمّ 1:113،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:14،المجموع 3:421،مغني المحتاج 1:170.
3- 3) سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن ابن ماجه 1:280 الحديث 862،سنن الدّارميّ 1:313،سنن البيهقيّ 2:72.
4- 4) صحيح مسلم 1:298 الحديث 397،سنن أبي داود 1:226 الحديث 856،سنن التّرمذيّ 2:103 الحديث 303.
5- 5) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
6- 6) المجموع 3:421،حلية العلماء 2:120،نيل الأوطار 2:282.
7- 7) المغني 1:590، [2]المجموع 3:421.
8- 8) المغني 1:590،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:590،حلية العلماء 2:120،المجموع 3:421.
9- 9) المغني 1:590،المجموع 3:421،نيل الأوطار 2:282.
10- 10) حلية العلماء 2:120،المغني 1:590،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:590.
11- 11) المغني 1:590،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:590،المجموع 3:421.
12- 12) الاُمّ 1:113،المجموع 3:421،المغني 1:591،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:590.

سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه و لا يبرك بروك البعير».رواه النّسائيّ (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سئل عن الرّجل يضع يديه على الأرض قبل ركبتيه؟قال:«نعم» (2)يعني في الصّلاة.و عن الحسين بن أبي العلاء مثله (3). (4)

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«و ابدأ بيديك فضعهما على الأرض قبل ركبتيك تضعهما معا» (5).

احتجّ المخالف (6)بما رواه وائل بن حجر قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا سجد وضع يديه بعد ركبتيه،و إذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه (7).

و عن أبي هريرة:«إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه و لا يبرك بروك الفحل» (8).

و عن أبي سعيد قال:كنّا نضع اليدين قبل الرّكبتين،فأُمرنا بوضع الرّكبتين قبل اليدين (9).

و الجواب عن الأوّل:أنّه حكاية فعل،و القول أولى من الفعل،و لأنّه كيفيّة مندوبة

ص:157


1- 1سنن النّسائيّ 2:207،المغني 1:590.
2- 2) التّهذيب 2:78 الحديث 293،الاستبصار 1:326 الحديث 1217،الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 2. [1]
3- 3) ح:بمثله.
4- 4) التّهذيب 2:78 الحديث 292،الاستبصار 1:325 الحديث 1216،الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 4. [2]
5- 5) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [3]
6- 6) المغني 1:590،المجموع 3:421. [4]
7- 7) سنن أبي داود 1:222 الحديث 838،سنن التّرمذيّ 2:56 الحديث 268، [5]سنن النّسائيّ 2:207،سنن الدّارميّ 1:303. [6]
8- 8) سنن البيهقيّ 2:100.و فيه:بروك الجمل،بدل بروك الفحل،المغني 1:590،المجموع 3:422.
9- 9) المغني 1:590،نيل الأوطار 2:282.و فيه:عن مصعب بن سعد بن أبي وقّاص.

يجوز فعلها في وقت دون آخر،و سوّغ تركها للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في بعض الأوقات ليكون أبلغ في تعريف جواز الترك.و رواية أبي هريرة معارضة بروايته الّتي نقلناها عنه، و ذلك ممّا يوجب تطرّق التّهمة إليه.و قول أبي سعيد لا حجّة فيه،لجواز أن يكون الآمر غير النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

فروع:
الأوّل:رفع الرّكبتين عند القيام يستحبّ أن يكون سابقا على رفع اليدين

لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد،و إذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه (1).

الثّاني:يستحبّ أن يكون وضع يديه دفعة واحدة ليقع دفعة واحدة

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن الباقر عليه السّلام:«تضعهما معا» (2).

الثّالث:هذه الكيفيّات مستحبّة لا واجبة،عملا بالأصل

و ما (3)رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل إذا ركع ثمَّ رفع رأسه أ يبدأ (4)فيضع يديه على الأرض أم ركبتيه؟قال:«لا يضرّه بأيّ ذلك بدأ فهو مقبول منه» (5).

و روى أبو بصير في الموثّق،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس إذا صلّى

ص:158


1- 1التّهذيب 2:78 الحديث 291،الاستبصار 1:325 الحديث 1215،الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [2]
3- 3) ح و ق:بما.
4- 4) غ،م،ن و ق:ابتدأ.
5- 5) التّهذيب 2:300 الحديث 1211،الاستبصار 1:326 الحديث 1219،الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 3. [3]

الرّجل أن يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه» (1).

الرّابع:لو كان بيديه مانع أو مرض و شبهه استقبل الأرض بركبتيه

للعذر و إن كان الأوّل مندوبا.

مسألة:و الإرغام بالأنف حالة السّجود مستحبّ ليس بواجب

و الإرغام:هو إلصاق الأنف بالرّغام-و هو التّراب-ذهب إلى استحبابه علماؤنا أجمع،و به قال عطاء، و طاوس،و عكرمة،و الحسن،و ابن سيرين (2)،و الشّافعيّ (3)،و أبو ثور (4)،و محمّد، و أبو يوسف (5)،و أحمد في إحدى الرّوايتين،و في الأُخرى:يجب السّجود عليه (6)،و هو قول سعيد بن جبير،و إسحاق (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم» (8)و لم يذكر الأنف،و لو كان واجبا لما أخّر بيانه.

و عن جابر قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سجد بأعلى جبهته على قصاص الشّعر (9).رواه تمام (10).و إذا سجد بأعلى الجبهة لم يسجد على الأنف.

ص:159


1- 1التّهذيب 2:78 الحديث 294،الاستبصار 1:326 الحديث 1218،الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 5. [1]
2- 2) المغني 1:592،المجموع 3:425،تفسير القرطبيّ 1:346. [2]
3- 3) الاُمّ 1:114،المجموع 3:425،المغني 1:592.
4- 4) المغني 1:592،المجموع 3:425.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:34،المغني 1:592،المجموع 3:425.
6- 6) المغني 1:592،المجموع 3:425.
7- 7) المغني 1:592،المجموع 3:425، [3]تفسير القرطبيّ 1:346. [4]
8- 8) صحيح البخاريّ 1:206،صحيح مسلم 1:354 الحديث 490،سنن البيهقيّ 2:101.
9- 9) سنن الدّار قطنيّ 1:349،المغني 1:592.
10- 10) تمام بن محمّد بن عبد اللّه بن جعفر،أبو القاسم البجليّ الرّازيّ ثمَّ الدّمشقيّ الحافظ ابن الحافظ أبي الحسين كان محدّث دمشق في عصره له كتاب(الفوائد)ثلاثون جزءا روى عن خيثمة و أبي عليّ الحصائريّ مات سنة 414 ه. العبر 2:226، [5]شذرات الذّهب 3:200، [6]الأعلام للزركلي 2:87. [7]

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة قال:«سبع منها فرض سجد عليها»و عدّها،ثمَّ قال:

«و وضع الأنف على الأرض سنّة» (1).

و عن محمّد بن مصادف قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إنّما السّجود على الجبهة و ليس على الأنف سجود» (2).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«السّجود على سبعة أعظم:الجبهة،و اليدين،و الرّكبتين،و الإبهامين من الرّجلين (3)،و ترغم بأنفك إرغاما،فأمّا الفرض فهذه السّبعة،و أمّا الإرغام بالأنف فسنّة من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله» (4).و هذه الأحاديث كما دلّت على عدم الوجوب فقد دلّت على الاستحباب،و لأنّ الأصل عدم الوجوب إلى أن يظهر المنافي.

احتجّ الموجبون (5)بما رواه ابن عبّاس،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم:الجبهة».و أشار بيده إلى الأنف (6).

و في لفظ آخر رواه ابن عبّاس أيضا:«أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم:الجبهة، و الأنف،و اليدين،و الرّكبتين،و الإبهامين» (7).

و عن عكرمة قال:قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من

ص:160


1- 1التّهذيب 2:81 الحديث 301 و فيه:«يسجد عليها»،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:298 الحديث 1200،الاستبصار 1:326 الحديث 1220،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 1. [2]
3- 3) ليست في غ،م و ن.
4- 4) التّهذيب 2:299 الحديث 1204،الاستبصار 1:327 الحديث 1224،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 2. [3]
5- 5) المغني 1:592،الشرح الكبير بهامش المغني 1:592،المجموع 3:425.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:206،صحيح مسلم 1:354 الحديث 490،سنن الدّارميّ 1:302. [4]
7- 7) سنن النّسائي 2:209،المغني 1:592،الشرح الكبير بهامش المغني 1:592.

الأرض ما تصيب الجبهة» (1).

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا يمكن أن يكون إشارته إلى الأنف و يريد به الجبهة،و إلاّ لتعيّن بالسّجود عليه،فلعلّ الرّاوي رأى محاذاة يديه لأوّل الجبهة فتوهّم الأنف.على أنّ رواية ابن عبّاس قد اختلفت روايته (2)،و ذلك ممّا تطرّق التّهمة إلى الضّبط فيها.

و قوله عليه السّلام:«أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم».ثمَّ عدّ الأنف،دليل على أنّه غير مراد بأمر الوجوب،و إلاّ لكان المأمور به ثمانية أعضاء.

و عن الرّواية الأخيرة أنّها مرسلة،قاله أحمد بن حنبل (3)،فلا تعويل عليها حينئذ.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الموثّق،عن عمّار،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:

«قال عليّ عليه السّلام:لا تجزئ صلاة لا يصيب الأنف ما يصيب الجبين» (4).

لأنّا نقول:إنّ راويها عمّار و هو ضعيف (5)،و أيضا فهي محمولة على الاستحباب.

فروع:
الأوّل:لو سجد على أنفه دون جبهته لم يجزئه

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (6)،و أحمد (7).و قال أبو حنيفة:يجزئه (8).قال ابن المنذر:و لا أعلم أحدا سبقه إلى

ص:161


1- 1سنن الدّار قطنيّ 1:348،سنن البيهقيّ 2:104،المغني 1:592.
2- 2) ففي بعضها:الجبهة و اليدين و الكفّين و الرّكبتين،و في بعضها:أشار بيده إلى أنفه،و في بعضها:أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم فقط.
3- 3) المغني 1:592.
4- 4) التّهذيب 2:298 الحديث 1202،الاستبصار 1:327 الحديث 1223،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 4. [1]
5- 5) هو:عمّار بن موسى السّاباطيّ،صرّح المصنّف بأنّه كان فطحيّا.رجال العلاّمة:243. [2]
6- 6) الاُمّ 1:114،المجموع 3:424.
7- 7) الكافي لابن قُدامة 1:175،الإنصاف 2:66،منار السبيل 1:84.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 1:34،الهداية للمرغينانيّ 1:50،شرح فتح القدير 1:263،عمدة القارئ 6:90، المغني 1:592.

هذا (1).

لنا:ما تقدّم من الأحاديث الدالّة على السّجود على الجبهة،و الأنف ليس منها.

و عن ابن عمر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إذا سجدت فمكّن جبهتك من الأرض» (2).و الأمر للوجوب.

و من طريق الخاصّة:حديث زرارة (3)،و حمّاد بن عيسى (4)،و محمّد بن مصادف (5)و قد تقدّم ذلك كلّه (6).

احتجّ أبو حنيفة بأنّ الأنف و الجبهة عضو واحد،فإذا سجد على الأنف وجب أن يجزئه،كما إذا سجد على بعض الجبهة (7).

و الجواب:المنع من وحدتهما و النّقض بعظم الرّأس،فإنّه متّصل بعظم الجبهة.

الثّاني:لو سجد على خدّه أو رأسه دون الجبهة لم يجزئه

بلا خلاف.

الثّالث:قال السيّد علم الهدى رحمه اللّه:الإرغام بطرف الأنف الّذي

يلي الحاجبين

(8)و الأقرب عندي الاكتفاء بما أصاب من الأنف،لتحقّق المعنى المشتقّ منه.

الرّابع:يستحبّ تمكين الجبهة بما يزيد على القدر الواجب

(9)

لأنّه أبلغ في التثبّت (10)

ص:162


1- 1المغني 1:592،الشرح الكبير بهامش المغني 1:593،المجموع 3:425. [1]
2- 2) مجمع الزّوائد 3:275.
3- 3) التّهذيب 2:299 الحديث 1204،الاستبصار 1:327 الحديث 1224،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 2. [2]
4- 4) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1.
5- 5) التّهذيب 2:298 الحديث 1200،الاستبصار 1:326 الحديث 1220،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 1. [3]
6- 6) يراجع:ص 160. [4]
7- 7) المغني 1:592،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:592.
8- 8) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثّالثة):32.
9- 9) غ:أن يمكّن.
10- 10) ق:في القلوب،ح:بالقلوب.

للدّعاء،و يستحبّ أن يكون موضع الجبهة مساويا للموقف،لأنّه أنسب بالاعتدال المطلوب في السّجود،و أمكن للساجد.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يرفع موضع جبهته في المسجد؟فقال:«إنّي أُحبّ أن أضع وجهي في موضع قدمي».و كرهه (1).أي و كره الرّفع.

مسألة:و يستحبّ له أن يتجافى في حال سجوده

لا يضع شيئا من جسده على شيء،بل يجافي عضديه عن جنبيه،و بطنه عن فخذيه،و فخذيه عن ساقيه بلا خلاف.

روى الجمهور،عن أبي حُمَيد أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه (2).

و عن البراء أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا سجد جَخَّ،و الجخّ:الخاوي.

رواه أبو داود (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن حفص الأعور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان عليّ عليه السّلام إذا سجد يتخوّى (4)كما يتخوّى البعير الضّامر عند بروكه» (5).

ص:163


1- 1التّهذيب 2:85 الحديث 316،الوسائل 4:964 الباب 10 من أبواب السّجود الحديث 2. [1]
2- 2) سنن النّسائيّ 2:211 و فيه:جافى عضديه عن إبطيه،و بهذا اللفظ ينظر:سنن أبي داود 1:237 الحديث 900 و [2]لكنّ الراوي فيه:أحمر بن جزء.
3- 3) روى الحديث عن أبي داود،و الموجود في سننه 1:236 الحديث 896 هكذا:وصف لنا البراء بن عازب فوضع يديه و اعتمد على ركبتيه و رفع عجيزته،و قال:هكذا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يسجد. و هذا هو معنى الجخّ.و بهذا اللّفظ ينظر:النّهاية لابن الأثير 1:242، [3]لسان العرب 3:12، [4]المغني 1:595،سنن النّسائيّ 2:212 و فيه:.كان إذا صلّى جَخّى.
4- 4) في النّسخ و المصادر من باب التفعّل و المضبوط في اللّغة من التفعيل،قال في المصباح المنير:185: [5]خوّى الرّجل في سجوده رفع بطنه عن الأرض،و قيل:جافى عضديه.
5- 5) التّهذيب 2:79 الحديث 296،الوسائل 4:953 الباب 3 من أبواب السّجود الحديث 1 و [6]فيه:يعني بروكه، مكان:عند بروكه.

و في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:و لم يستعن بشيء من بدنه على شيء منه في ركوع و لا سجود،و كان مجنحا،و لم يضع ذراعيه على الأرض (1).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن الباقر عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«و لا تفترش ذراعيك افتراش السّبع ذراعيه (2)،و لا تضعن ذراعيك على ركبتيك و فخذيك،و لكن تجنح بمرفقيك،و لا تلزق كفّيك بركبتيك» (3).

فروع:
الأوّل:الاعتدال في السّجود مستحبّ

ذهب إليه العلماء (4)كافّة.

روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«اعتدلوا في السّجود و لا يسجد أحدكم و هو باسط ذراعيه على الأرض» (5).

و عن جابر قال:«إذا سجد أحدكم فليعتدل و لا يفترش ذراعيه افتراش الكلب» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا تفترش ذراعيك افتراش السّبع،و ابسط كفّيك و لا تجعلهما بين ركبتيك

ص:164


1- 1الفقيه 1:196 الحديث 916،التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [1]
2- 2) غ،م،ن و ق:ذراعه.
3- 3) الكافي 3:334 الحديث 1، [2]التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [3]
4- 4) ح:علماؤنا.
5- 5) سنن التّرمذيّ 2:66 الحديث 276،سنن ابن ماجه 1:288 الحديث 892،سنن النّسائيّ 2:213،المغني 1:594.بتفاوت يسير.
6- 6) سنن التّرمذيّ 2:66 الحديث 275،سنن ابن ماجه 1:288 الحديث 891،المغني 1:594.

و لكن تحرفهما عن ذلك شيئا» (1).و عن حريز،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«و لا تفترش ذراعيك» (2).و الافتراش المنهيّ عنه في هذه الأحاديث هو عبارة عن بسط الذّراعين على الأرض كما هو في حديث حمّاد.

الثّاني:يستحبّ أن يضع راحتيه على الأرض مبسوطتين،مضمومتي الأصابع بين

منكبيه موجّهات إلى القبلة

و هو قول أهل العلم كافّة،لما رواه أبو حميد في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

و عن وائل بن حجر قال:سجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فجعل كفّيه بحذاء اذنيه (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«و لا تلزق كفّيك بركبتيك،و لا تدنهما من وجهك و بين ذلك حيال منكبيك،و لا تجعلهما بين يدي ركبتيك،و لكن تحرّفهما عن ذلك شيئا،و ابسطهما على الأرض بسطا،و اقبضهما إليك قبضا،و إن كان تحتهما ثوب فلا يضرّك،و إن أفضيت بهما إلى الأرض فهو أفضل،و لا تفرّجنّ بين أصابعك في سجودك و لكن اضممهنّ (5)جميعا» (6).

ص:165


1- 1التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3.و [1]اللفظ فيه:«و لا تفترش ذراعيك افتراش السبع ذراعيه و لا تضعنّ ذراعيك على ركبتيك و فخذيك و لكن تجنح بمرفقيك و لا تلزق كفّيك بركبتيك،و لا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال منكبيك و لا تجعلهما بين يدي ركبتيك،و لكن تحرفهما عن ذلك شيئا.».
2- 2) التّهذيب 2:84 الحديث 309،الوسائل 4:953 الباب 3 من أبواب السّجود الحديث 4. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:210،سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن ابن ماجه 1:280 الحديث 862،سنن الدّارميّ 1:313، [3]سنن البيهقيّ 2:72.
4- 4) سنن النّسائيّ 2:211،سنن البيهقيّ 2:112،بتفاوت،و بهذا اللفظ يُنظر:المغني 1:596.
5- 5) ح:ضمّهنّ.
6- 6) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [4]
الثّالث:هل يجب استيعاب جميع الكفّ بالسّجود؟عندي فيه تردّد

و الحمل على الجبهة يحتاج إلى دليل،لورود النّصّ في خصوصيّة الجبهة،فالتعدّي بالاجتزاء (1)في البعض يحتاج إلى دليل.

الرّابع:لو جعل ظهور كفّيه إلى الأرض و سجد عليهما ففي الإجزاء نظر

(2)

أمّا ظاهر الإبهامين في الرّجلين لو سجد عليهما فالأقرب عندي الجواز.

مسألة:و يستحبّ التّكبير إذا استوى جالسا عقيب السّجدة الاُولى

و التّكبير للسّجدة الثّانية جالسا،ثمَّ يسجد،فإذا استوى في الثّانية قاعدا كبّر.

و قال علم الهدى في المصباح:و قد روي أنّه إذا كبّر للدّخول في فعل من الصّلاة ابتدأ بالتّكبير في حال ابتدائه و للخروج بعد الانفصال عنه (3).و الوجه عندي إكمال التّكبير قبل الدّخول؛لما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ رفع رأسه من السّجود فلمّا استوى جالسا قال:«اللّه أكبر» و دعا.،ثمَّ كبّر و هو جالس و سجد الثّانية و قال كما قال في الأُولى (4).

مسألة:و إذا جلس عقيب السّجدة الأُولى دعا مستحبّا

(5)

ذهب إليه علماؤنا أجمع، و هو قول أهل العلم إلاّ أبا حنيفة فإنّه أنكره (6)،و أحمد فإنّه أوجبه (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول بين

ص:166


1- 1ح و ق:بالإجزاء.
2- 2) م و ن:الاجتزاء.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:214. [1]
4- 4) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
5- 5) ح و ق:مسبّحا.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:51،شرح فتح القدير 1:267،عمدة القارئ 6:97.
7- 7) المغني 1:600،الشرح الكبير بهامش المغني 1:600،الكافي لابن قدامة 1:178،الإنصاف 2:70،منار السبيل 1:89.

السّجدتين:«اللّهمّ اغفر لي و ارحمني و اهدني و عافني و ارزقني».رواه أبو داود (1).

و عن حذيفة أنّه صلّى مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكان يقول بين السّجدتين:

«ربّ اغفر لي،ربّ اغفر لي».رواه النّسائيّ (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه السّجود:«فإذا رفعت رأسك فقل بين السّجدتين:اللّهمّ اغفر لي و ارحمني و أجرني (3)و ادفع عنّي و عافني إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير تبارك اللّه ربّ العالمين» (4).

و في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:

قال:«أستغفر اللّه ربّي و أتوب إليه» (5).و قول أحمد ضعيف جدّا؛لأنّ الأصل براءة الذمّة إلى أن يثبت الدّليل و لم يثبت.

مسألة:و يستحبّ أن يكون الجلوس بين السّجدتين على هيئة التورّك

بأن يجلس على وركه الأيسر و يخرج رجليه جميعا،و يفضي بمقعدته إلى الأرض،و يجعل رجله اليسرى على الأرض و ظاهر قدمه اليمنى على بطن (6)قدمه اليسرى،هكذا فسّره الشّيخ (7).

و قال علم الهدى في المصباح:يجلس مماسّا بوركه الأيسر مع ظاهر فخذه اليسرى للأرض رافعا فخذه اليمنى على عرقوبه الأيسر،و ينصب طرف إبهام رجله اليمنى على الأرض،و يستقبل بركبتيه معا القبلة (8).

ص:167


1- 1سنن أبي داود 1:224 الحديث 850،المغني 1:600.
2- 2) سنن النّسائيّ 2:199،المغني 1:600.
3- 3) ن:و اجبرني.كما في التهذيب.
4- 4) التّهذيب 2:79 الحديث 295،الوسائل 4:951 الباب 2 من أبواب السّجود الحديث 1. [1]
5- 5) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]
6- 6) غ:باطن.
7- 7) الخلاف 1:126 مسألة-120.
8- 8) نقله عنه في المعتبر 2:215. [3]

و قال أحمد:يجلس مفترشا،و هو أن يثني رجله اليسرى فيبسطها و يجلس عليها، و ينصب رجله اليمنى و يخرجها من تحته،و يجعل بطون أصابعه على الأرض معتمدا عليها ليكون أطراف أصابعها إلى القبلة (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يجلس في وسط الصّلاة و في آخرها متورّكا (2).

لا يقال:المراد بذلك حال التشهّد.

لأنّا نقول:اللّفظ مطلق و هو يتناول بمفهومه كلّ الصّلاة و ليس في كلّها تشهّدان.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ قعد على فخذه الأيسر قد وضع قدمه اليمنى على بطن قدمه اليسرى (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا جلست في الصّلاة فلا تجلس على يمينك و اجلس على يسارك» (4).

مسألة:يكره الإقعاء بين السّجدتين

و به قال الشّيخ في الجمل (5)،و معاوية بن عمّار،و محمّد بن مسلم (6)من قدمائنا،و الشّافعيّ (7)،و أبو حنيفة (8)،و أحمد (9)،و نقله

ص:168


1- 1المغني 1:598،الشرح الكبير بهامش المغني 1:599،الكافي لابن قدامة 1:177،الإنصاف 2:75، [1]منار السبيل 1:85.
2- 2) مسند أحمد 1:459، [2]مجمع الزوائد 2:142 بتفاوت،المغني 1:607.
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 2:83 الحديث 307،الوسائل 4:988 الباب 1 من أبواب التشهّد الحديث 3. [4]
5- 5) الجمل و العقود:74.
6- 6) نقله عنهما في المعتبر 2:218. [5]
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:77،مغني المحتاج 1:154،السّراج الوهّاج:42،المغني 1:599.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 1:26،المغني 1:599،المجموع 3:439.
9- 9) المغني 1:599،المجموع 3:439. [6]

الجمهور،عن عليّ (1)عليه السّلام،و هو قول أكثر أهل العلم (2).

و قال الشّيخ في المبسوط بالجواز و إن كان التورّك أفضل (3).و به قال السيّد المرتضى (4)،و ابن بابويه (5)،و هو منقول عن ابن عمر،و ابن عبّاس،و ابن الزّبير (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا تقع بين السّجدتين» (7).

و عن أنس قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا رفعت رأسك من السّجود فلا تقع كما يقعي الكلب» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار و ابن مسلم و الحلبيّ قالوا:قال:«لا تقع في الصّلاة بين السّجدتين كإقعاء الكلب» (9).

و في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا تقع بين السّجدتين إقعاء» (10).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«فإذا قعدت في تشهّدك فألصق ركبتيك بالأرض و فرّج بينهما شيئا،و ليكن ظاهر قدمك اليسرى على

ص:169


1- 1سنن التّرمذيّ 2:72، [1]سنن البيهقيّ 2:120،المغني 1:599،المجموع 3:436. [2]
2- 2) سنن التّرمذيّ 2:74،المغني 1:599.
3- 3) المبسوط 1:113.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:218. [3]
5- 5) الفقيه 1:206.
6- 6) المغني 1:599، [4]المجموع 3:438. [5]
7- 7) سنن التّرمذيّ 2:72 الحديث 282، [6]سنن ابن ماجه 1:289 الحديث 894،المغني 1:600.
8- 8) سنن ابن ماجه 1:289 الحديث 896،المغني 1:600.
9- 9) التّهذيب 2:83 الحديث 306،الاستبصار 1:328 الحديث 1227،الوسائل 4:957 الباب 6 من أبواب السّجود الحديث 2. [7]
10- 10) التّهذيب 2:301 الحديث 1213،الاستبصار 1:327 الحديث 1225،الوسائل 4:957 الباب 6 من أبواب السّجود الحديث 1. [8]

الأرض،و ظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى و أليتاك على الأرض،و طرف (1)إبهامك اليمنى على الأرض،و إيّاك و القعود على قدميك فتتأذّى بذلك،و لا تكن قاعدا على الأرض فتكون إنّما قعد بعضك على بعض فلا تصبر للتشهّد و الدّعاء» (2).و العلّة الّتي ذكرها عليه السّلام في التّشهّد منسحبة في غيره فيتعدّى الحكم إليه.

احتجّ الشّيخ بما رواه في الصّحيح،عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس بالإقعاء في الصّلاة بين السّجدتين» (3).

و الجواب:إنّا نقول بموجبة إلاّ أنّا نثبت كيفيّة زائدة على رفع البأس هي (4)الكراهية، و ذلك لا ينافي هذا الحديث.

فرع:

الإقعاء عبارة عن أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض و يجلس على عقبيه.و قال بعض أهل اللّغة:هو أن يجلس الرّجل على أليتيه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب (5).

و الأوّل أولى،لأنّه تفسير الفقهاء و بحثهم فيه.

مسألة:يكره أن ينفخ موضع سجوده

ذهب إليه علماؤنا؛لأنّه فعل ليس من الصّلاة فيكره ترك العبادة له.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:الرّجل ينفخ في الصّلاة موضع جبهته؟فقال:«لا» (6).و المطلوب من

ص:170


1- 1ح:و أطراف.
2- 2) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [1]
3- 3) التّهذيب 2:301 الحديث 1212،الاستبصار 1:327 الحديث 1226،الوسائل 4:957 الباب 6 من أبواب السّجود الحديث 3. [2]
4- 4) هامش ح:و هي.
5- 5) المصباح المنير:510-511. [3]
6- 6) التّهذيب 2:302 الحديث 1222،الاستبصار 1:329 الحديث 1235،الوسائل 4:958 الباب 7 من أبواب السّجود الحديث 1. [4]

النّهي الكراهية (1)،لما رواه،عن إسحاق بن عمّار،عن رجل من بني عجل قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المكان يكون عليه الغبار فأنفخه إذا أردت السّجود؟ فقال:«لا بأس» (2).

و عن أبي بكر الحضرميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس بالنّفخ في الصّلاة في موضع السّجود ما لم يؤذ أحدا» (3).

مسألة:و يستحبّ له إذا رفع رأسه من السّجدة الثّانية أن يجلس للاستراحة قبل

النّهوض إلى الرّكعة الثّانية،و تسمّى جلسة الاستراحة

ذهب إليه علماؤنا إلاّ السيّد المرتضى رحمه اللّه،فإنّه قال بالوجوب (4)،و هو منقول عن الشّافعيّ (5).

و ممّن قال باستحبابه الشّافعيّ في أحد القولين (6)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (7).

و في الآخر للشّافعيّ (8)،و لأحمد أنّه لا يجلس،و إليه ذهب أكثر الجمهور (9).

لنا على عدم الوجوب:الأصل من غير معارض.

و ما رواه الجمهور،عن وائل بن حجر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا

ص:171


1- 1ن:الكراهة.
2- 2) التّهذيب 2:302 الحديث 1220،الاستبصار 1:329 الحديث 1234،الوسائل 4:959 الباب 7 من أبواب السّجود الحديث 3. [1]
3- 3) التّهذيب 2:329 الحديث 1351،الاستبصار 1:330 الحديث 1236،الوسائل 4:959 الباب 7 من أبواب السّجود الحديث 2. [2]
4- 4) الانتصار:46.
5- 5) لم نعثر على قول له بالوجوب،نعم،له في جلسة الاستراحة قولان:أحدهما يجلس،و الثاني لا يجلس.ينظر: المهذّب للشيرازيّ 1:77،فتح العزيز بهامش المجموع 3:485.
6- 6) المجموع 3:443،الهداية للمرغينانيّ 1:51،المغني 1:603،الشرح الكبير بهامش المغني 1:605.
7- 7) المغني 1:603،المجموع 3:443.
8- 8) المجموع 3:441.
9- 9) المغني 1:602،المجموع 3:443.

رفع رأسه من السّجود استوى قائما بتكبيرة (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة قال:رأيت أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهما السّلام إذا رفعا رءوسهما من السّجدة الثّانية نهضا و لم يجلسا (2).

و على الاستحباب ما رواه الجمهور،عن مالك بن الحويرث أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يجلس إذا رفع رأسه من السّجود قبل أن ينهض (3).و كذا في حديث أبي حُمَيد السّاعديّ (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا رفعت رأسك في السّجدة الثّانية من الرّكعة الأُولى حين تريد أن تقوم فاستو جالسا ثمَّ قم» (5).

و ما رواه،عن عبد الحميد بن عوّاض،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:رأيته إذا رفع رأسه من السّجدة الثّانية من الرّكعة الأُولى جلس حتّى يطمئنّ ثمَّ يقوم (6).

و عن الأصبغ،عن عليّ عليه السّلام قال:كان إذا رفع رأسه من السّجود قعد حتّى يطمئنّ،ثمَّ يقوم،فقيل له:يا أمير المؤمنين قد كان من قبلك أبو بكر و عمر إذا رفعا

ص:172


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:77،المجموع 3:440، [1]التلخيص الحبير 3:486.
2- 2) التّهذيب 2:83 الحديث 305،الاستبصار 1:328 الحديث 1231،الوسائل 4:956 الباب 5 من أبواب السّجود الحديث 2. [2]
3- 3) سنن التّرمذيّ 2:79 الحديث 287،سنن النّسائيّ 2:233-234،سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 9،سنن البيهقيّ 2:123،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 3:197 الحديث 1931 و ص 198 الحديث 1932،كنز العمّال 8:128 الحديث 22234.
4- 4) سنن أبي داود 1:194 الحديث 730،سنن الدّارميّ 1:313، [3]سنن البيهقيّ 2:72 و ص 123.
5- 5) التّهذيب 2:82 الحديث 303،الاستبصار 1:328 الحديث 1229،الوسائل 4:956 الباب 5 من أبواب السّجود الحديث 3. [4]
6- 6) التّهذيب 2:82 الحديث 302،الاستبصار 1:328 الحديث 1128 الوسائل 4:956 الباب 5 من أبواب السّجود الحديث 1. [5]

من السّجود نهضا على صدور إقدامهما كما ينهض الإبل؟فقال:«إنّما يفعل ذلك أهل الجفاء من النّاس إنّ هذا من توقير الصّلاة» (1).

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن رحيم (2)قال:قلت لأبي الحسن الرّضا عليه السّلام:

جعلت فداك أراك إذا صلّيت فرفعت رأسك من السّجود في الرّكعة الاُولى و الثّالثة فتستوي (3)جالسا ثمَّ تقوم،فنصنع كما تصنع؟فقال (4):«لا تنظروا إلى ما أصنع أنا،اصنعوا ما تُؤمرون» (5).و هذا يدلّ على المنع من الجلسة.

لأنّا نقول:لو كانت مكروهة لما فعلها الإمام عليه السّلام،و إنّما أراد عليه السّلام:

لا تفعلوا كلّ ما تشاهدون على طريق الوجوب.

و يؤيّده:قوله عليه السّلام:«و لكن اصنعوا ما تؤمرون».و الأمر إنّما هو للوجوب.

مسألة:و يستحبّ أن يدعو عقيب الجلوس من الثّانية

لأنّها حالة من حالات الصّلاة فلا يخلّيها من ذكر،و لإطلاق الأمر بالدّعاء،و أولى ما يقال:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قمت من السّجود قلت:اللّهمّ ربّي بحولك و قوّتك أقوم و أقعد،و إن شئت قلت:و أركع و أسجد» (6).

ص:173


1- 1التّهذيب 2:314 الحديث 1277،الوسائل 4:956 الباب 5 من أبواب السّجود الحديث 5. [1]
2- 2) قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف فيه إلاّ على رواية عليّ بن الحكم عنه عن أبي الحسن الرضا في باب كيفيّة الصّلاة من التّهذيب 2:82 الحديث 304،الاستبصار 1:328 الحديث 1230.و قال المحقّق الخوئيّ:الظّاهر أنّه متّحد مع رحيم عبدوس الخلنجيّ،روى عن الرّضا عليه السّلام في كامل الزّيارات الباب 99 [2] في ثواب زيارة قبر أبي الحسن موسى بن جعفر و محمّد بن عليّ الجواد عليهما السّلام ببغداد الحديث 9. تنقيح المقال 1:429، [3]معجم رجال الحديث 7:183. [4]
3- 3) أكثر النّسخ:تستوي.
4- 4) أكثر النّسخ:قال.
5- 5) التّهذيب 2:82 الحديث 304،الاستبصار 1:328 الحديث 1230 الوسائل 4:957 الباب 5 من أبواب السّجود الحديث 6. [5]
6- 6) التّهذيب 2:86 الحديث 320،الوسائل 4:966 الباب 13 من أبواب السّجود الحديث 1. [6]

و في رواية محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قام الرّجل من السّجود قال:بحول اللّه أقوم و أقعد» (1).

مسألة:و يستحبّ له إذا أراد النّهوض أن يعتمد على يديه سابقا برفع ركبتيه

و عليه فتوى علمائنا أجمع،و به قال مالك (2)،و الشّافعيّ (3)،و إسحاق (4)،و حكي عن ابن عمر،و عمر بن عبد العزيز (5).

و قال أبو حنيفة:لا يعتمد على يديه بل يرفعهما أوّلا و يعتمد على ركبتيه إلاّ مع المشقّة (6)،و به قال أحمد (7)،و الثّوريّ (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن مالك بن الحويرث لمّا وصف صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:فلمّا رفع رأسه من السّجدة الأخيرة في الرّكعة الأُولى فاستوى قاعدا[ثمَّ] (9)قام و اعتمد على الأرض بيديه.رواه النّسائيّ (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد،و إذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه (11).و لأنّ ذلك أشبه بالتّواضع و أعون للمصلّي.

ص:174


1- 1التّهذيب 2:87 الحديث 321،الوسائل 4:966 الباب 13 من أبواب السّجود الحديث 2. [1]
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:72-73،المغني 1:603،المجموع 3:444،حلية العلماء 2:124.
3- 3) حلية العلماء 2:124،المجموع 3:444،المغني 1:603،الشرح الكبير بهامش المغني 1:603.
4- 4) لم نعثر على قوله.
5- 5) المجموع 3:444.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:211،حلية العلماء 2:124،المجموع 3:444.
7- 7) المغني 1:602-604،الكافي لابن قدامة 1:178.
8- 8) المجموع 3:444. [2]
9- 9) أثبتناها من المصدر.
10- 10) سنن النّسائيّ 2:234،سنن البيهقيّ 2:135.
11- 11) التّهذيب 2:78 الحديث 291،الاستبصار 1:325 الحديث 1215 الوسائل 4:950 الباب 1 من أبواب السّجود الحديث 1. [3]

احتجّ المخالف (1)بما رواه أبو هريرة قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ينهض في الصّلاة معتمدا على صدور قدميه (2).

و ما رواه ابن عمر أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يعتمد الرّجل على يديه إذا نهض في الصّلاة (3).

و ما رواه الأثرم،عن عليّ عليه السّلام أنّه قال:«إنّ من السنّة في الصّلاة المكتوبة إذا نهض الرّجل في الرّكعتين الأُوليين أن لا يعتمد بيديه على الأرض إلاّ أن يكون شيخا كبيرا لا يستطيع» (4).

و الجواب عن الأوّل:ما تقدّم من بيان ضعف أبي هريرة (5).

و أيضا:بأنّ راويه خالد بن إلياس (6)،قال أحمد:ترك النّاس حديثه (7).

و أيضا:فإنّ خبرنا قد اشتمل على الزّيادة فيكون أولى.

و عن الثّاني:أنّه غير مضبوط؛لأنّ أحمد رواه بهذا اللّفظ:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يجلس الرّجل في الصّلاة و هو معتمد على يديه (8).

ص:175


1- 1بدائع الصّنائع 1:211،المغني 1:604،المجموع 3:444.
2- 2) سنن التّرمذيّ 2:80 الحديث 288، [1]سنن البيهقيّ 2:124،المغني 1:604.
3- 3) سنن أبي داود 1:260 الحديث 992،سنن البيهقيّ 2:135،المغني 1:603-604.
4- 4) المغني 1:604،و بمضمونه في سنن البيهقيّ 2:136.
5- 5) يراجع:ص 158.
6- 6) خالد بن إلياس و يقال:(إياس)بن صخر بن أبي الجهم عبيد بن حذيفة أبو الهيثم العدويّ المدنيّ،روى عن ربيعة و سعيد المقبريّ و صالح و يحيى بن سعيد الأنصاريّ.قال أحمد:متروك الحديث.و قال ابن معين:ليس بشيء. و قال أبو حاتم:ضعيف الحديث منكر الحديث. الجرح و التعديل 3:321،ميزان الاعتدال 1:627،تهذيب التّهذيب 3:80. [2]
7- 7) المغني 1:604.
8- 8) مسند أحمد 2:147. [3]

و رواه أبو (1)خزيمة (2)بلفظ آخر و هو:أن يعتمد الرّجل على اليسرى (3).و ذلك يدلّ على عدم الضّبط و تطرّق الخلل إلى (4)هذه الرّواية.

و عن الثّالث:أنّه مدفوع عند أهل البيت عليهم السّلام،و هم كانوا أعرف بأقوال أمير المؤمنين عليه السّلام و أفعاله.

فروع:
الأوّل:أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم أنّ هذه الكيفيّة مستحبّة

يجوز فعل خلافها

الثّاني:يجوز لمن في يديه مانع أن يعتمد على ركبتيه

(5)

و لا يكون قد فعل مكروها للضّرورة بلا خلاف.

الثّالث:يستحبّ له أن يبسط كفّيه على الأرض و لا يضمّهما

(6)لما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا سجد الرّجل ثمَّ أراد أن ينهض فلا يعجن بيديه في الأرض،و لكن يبسط كفّيه من غير أن يضع مقعدته على (7)الأرض» (8).

الرّابع:يستحبّ له أن يقول إذا قام :بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد

(9)

سواء قام

ص:176


1- 1غ،م و ن:ابن.
2- 2) عمرو بن خزيمة،أبو خزيمة المدنيّ.حديثه في أهل المدينة،روى عن عمارة بن خزيمة عن خزيمة بن ثابت،و روى عنه هشام بن عروة.تهذيب التّهذيب 8:28. [1]في بعض النّسخ:ابن خزيمة بلحاظ أنّه عمرو بن خزيمة،و في بعض النّسخ:أبو خزيمة بلحاظ كنيته.
3- 3) نقله في الجامع الصغير للسيوطيّ 2:195.
4- 4) ح:في.
5- 5) ح و ق:يده.
6- 6) ن:يضمّمها.م و ح:يضمّها.
7- 7) أكثر النّسخ:في.
8- 8) التّهذيب 2:303 الحديث 1223،الوسائل 4:975 الباب 19 من أبواب السّجود الحديث 1. [2]
9- 9) ح و ق:إن أقام.

في الثّانية أو الثّالثة أو الرّابعة على ما يأتي.

مسألة:لو أراد السّجود فسقط من غير قصد أجزأته الإرادة السّابقة

(1)

و لو لم تسبقه الإرادة فالأقرب الإجزاء أيضا؛لأنّه لم يخرج بذلك عن هيئة الصّلاة و نيّتها،أمّا لو وقع على جنبه ثمَّ انقلب فماسّت جبهته الأرض ففي الإجزاء تردّد،ينشأُ من خروجه بذلك عن هيئة الصّلاة و لم يرد بانقلابه السّجود،و إنّما أراد الانقلاب فقطع بذلك نيّة السّجود، فصار كما لو نوى بغسل يده (2)التّبرّد لا غير.

و لو نوى ترك السّجود فسقط لا للسّجود لم يجزئه لعدم النيّة،و الأقرب البطلان لوجود ما ينافي الصّلاة.أمّا لو أهوى يريد السّجود أو كان على إرادته،ثمَّ يحدث (3)إرادة اخرى غير السّجود،ثمَّ استوى أجزأه ما لم يتطاول مدّة (4)الانقلاب.

البحث السّابع:في التشهّد
اشارة

التشهّد:تفعّل من الشّهادة و هي الخبر القاطع،و هو واجب في كلّ ثنائيّة مرّة و في كلّ ثلاثيّة و رباعيّة مرّتين،و هو مذهب أهل البيت عليهم السّلام،و به قال أحمد، و اللّيث بن سعد،و إسحاق (5).

و قال الشّافعيّ:الأوّل سنّة و الثّاني فرض (6).و قال أبو حنيفة:كلاهما مسنونان

ص:177


1- 1غ:إذا.
2- 2) غ:يديه.
3- 3) غ،ن،ق و ح:لم يحدث،مكان:ثمَّ يحدث.
4- 4) ق:هذه،ح:هذا.
5- 5) المغني 1:606 و 613،المجموع 3:450 و 462،عمدة القارئ 6:106 و 115.
6- 6) الاُمّ 1:117-118،المهذّب للشيرازيّ 1:78-79،المجموع 3:450 و 462،مغني المحتاج 1:172، بداية المجتهد 1:129،المغني 1:606 و 613،عمدة القارئ 6:106.

لكنّ الجلوس في التشهّد الثّاني بقدره واجب (1).

لنا على وجوب الأوّل:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمره بالتشهّدين (2)،و الأمر للوجوب،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله دوام على فعله و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (3).و متابعته واجبة في أقواله و أفعاله.

و عن ابن مسعود قال:علّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التّشهّد في وسط الصّلاة و آخرها (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سورة بن كليب قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن أدنى ما يجزئ من التشهّد؟قال:«الشّهادتان» (5).و الإجزاء يفهم منه الوجوب.

و قال أحمد بن محمّد بن أبي نصر في جامعه (6):و التّشهّد تشهّدان في الثانية و الرّابعة،فأمّا الّذي في الثّانية فما ذكره معاوية بن عمّار،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (7).

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا

ص:178


1- 1بدائع الصّنائع 1:213-214،بداية المجتهد 1:129،المغني 1:606 و 613،المجموع 3:450 و 462 عمدة القارئ 6:106،المحلّى 3:270.
2- 2) صحيح مسلم 1:302 الحديث 403،سنن أبي داود 1:256 الحديث 974،سنن التّرمذيّ 2:83 الحديث 290،سنن ابن ماجه 1:291 الحديث 900،سنن البيهقيّ 2:140،المغني 1:607.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [1]سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن البيهقيّ 2: 345.
4- 4) مسند أحمد 1:459، [2]مجمع الزوائد 2:142.
5- 5) التّهذيب 2:101 الحديث 375،الاستبصار 1:341 الحديث 1285،الوسائل 4:993 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 6. [3]
6- 6) نقله عنه المحقق في المعتبر 2:221. [4]
7- 7) لم نعثر على رواية عن أبي بصير في طريقها معاوية بن عمّار،و الموجود ما رواه زرعة عن أبي بصير،ينظر:التّهذيب 2:99 الحديث 373،الوسائل 4:989 الباب 3 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [5]

علّمه الصّلاة:فصلّى ركعتين على هذا و يداه مضمومتا الأصابع و هو جالس في التشهّد، فلمّا فرغ من التشهّد سلّم فقال:«يا حمّاد هكذا صلّ» (1).و الأمر للوجوب.

و عن يعقوب بن شعيب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التشهّد (2)في كتاب عليّ شفع» (3).و لأنّه أحد التشهّدين فكان واجبا كالآخر.

احتجّ الشّافعيّ بأنّه يسقط بالسّهو فكان كالمندوبات (4).

و الجواب:المنع من السّقوط،فإنّه يجب قضاؤه عندنا على ما يأتي،و لو سلّم لم يدلّ على عدم الوجوب،كنسيان تسبيح الرّكوع مثلا مع وجوبه عندنا،و لو سلّم لكن متى يكون عدم القضاء دليلا على عدم الوجوب إذا سقط لا إلى بدل أو مع البدل؟الأوّل (5)مسلّم، و نحن لا نقول به،و الثّاني ممنوع و البدل عندنا هو سجدتا السّهو فكان ذلك جبرا كجبرانات الحجّ بخلاف السّنن.

و أمّا وجوب التشهّد الثاني فيدلّ عليه ما تقدّم من مداومته عليه السّلام و أمره به و تعليمه الصّحابة (6)إيّاه (7)،و ما رواه الأصحاب (8)،و بالإجماع المركّب.

مسألة:و صورة التشهّد الواجب:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أشهد أنّ محمّدا

رسول اللّه

و ما زاد عليه فهو مندوب؛لرواية سورة بن كليب عن الباقر عليه السّلام (9).

ص:179


1- 1التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 2. [1]
2- 2) في النّسخ:التشهّدان،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) التّهذيب 2:102 الحديث 380،الوسائل 4:992 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 5. [2]
4- 4) المغني 1:606.
5- 5) هامش ح:و الأوّل.
6- 6) م:للصّحابة.
7- 7) يراجع:ص 177.
8- 8) الوسائل 4:98 [3]9 الباب 3 من أبواب التّشهّد،و ص 991 الباب 4 من أبواب التّشهّد.
9- 9) التّهذيب 2:101 الحديث 375،الاستبصار 1:341 الحديث 1285،الوسائل 4:993 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 6. [4]

و ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:التشهّد في الصّلاة؟قال:«مرّتين»قال قلت:و كيف مرّتين؟قال:«إذا استويت جالسا فقل:

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،ثمَّ تنصرف» قال:قلت:قول (1)العبد:التحيّات للّه و الصّلوات الطيّبات[للّه] (2)،قال:«هذا اللّطف من الدّعاء يلطف العبد (3)ربّه» (4).

و في رواية عبد الملك بن عمرو الأحول،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التشهّد في الرّكعتين الأوّلتين:الحمد للّه أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله» (5).

و في رواية أبي بصير عنه عليه السّلام:«أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله» (6).و الأصل في ذلك كلّه وجوب الشّهادتين.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

ما يجزئ من القول في التشهّد في الرّكعتين الأوّلتين؟قال:«أن تقول:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له»قلت:فما يجزئ من تشهّد الرّكعتين الأخيرتين؟فقال:

«الشّهادتان» (7).و ذلك يدلّ على الاكتفاء بالشّهادة الواحدة في التشهّد الأوّل،و قد روى،

ص:180


1- 1ح:فقول.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) غ،م،ن و ق بزيادة:به.
4- 4) التّهذيب 2:101 الحديث 379،الاستبصار 1:342 الحديث 1289،الوسائل 4:992 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 4. [1]
5- 5) التّهذيب 2:92 الحديث 344،الوسائل 4:989 الباب 3 من أبواب التشهّد الحديث 1. [2]
6- 6) التّهذيب 2:99 الحديث 373،الوسائل 4:989 الباب 3 من أبواب التشهّد الحديث 2. [3]
7- 7) التّهذيب 2:100 الحديث 374،الاستبصار 1:341 الحديث 1284،الوسائل 4:991 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [4]

عن حبيب الخثعميّ (1)،عن أبي جعفر عليه السّلام يقول:«إذا جلس الرّجل للتشهّد فحمد اللّه أجزأه» (2).

و عن بكر بن حبيب (3)قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن التشهّد؟فقال:«لو كان كما يقولون واجبا على النّاس هلكوا،إنّما كان القوم يقولون:أيسر ما يعلمون إذا حمدت اللّه أجزأك» (4). (5)و ذلك يدلّ على أنّ الشّهادتين غير واجبتين بل مطلق الذّكر مجزي.

لأنّا نقول:إنّ الرّواية الأُولى دلّت على هذا المقدار و ليست مانعة من وجوب الزّيادة،فيعمل بما يتضمّنه حديث الزّيادة.

فإن قلت:إنّ الإجزاء لا يستعمل إلاّ مع نفي وجوب الزّائد،قلت:لو كان هذا المعنى مرادا هنا لوجب الاجتزاء بالشّهادة الواحدة في الأخير أيضا،لما رواه الشّيخ في الصّحيح، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال:قلت لأبي الحسن عليه السّلام:جعلت فداك التّشهّد

ص:181


1- 1حبيب بن المعلّل الخثعميّ المدائنيّ قال النجاشيّ:روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن و الرّضا عليهم السلام ثقة ثقة صحيح،له كتاب رواه محمّد بن أبي عمير.و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام،و قال في الفهرست:له أصل.و نقل المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة رواية ابن عقدة في تضعيفه و قال:و هذه الرّواية لا أعتمد عليها و المرجع فيه إلى قول النجّاشيّ.هذا و نقل المحقّق الأردبيليّ رواية سعد بن بكر عنه عن أبي جعفر عليه السّلام. رجال النّجاشيّ:141،رجال الطّوسيّ:172،الفهرست:64، [1]رجال العلاّمة:62، [2]جامع الرّواة 1:178. [3]
2- 2) التّهذيب 2:101 الحديث 376،الاستبصار 1:341 الحديث 1286 و ص 344 الحديث 1294،الوسائل 4: 993 الباب 5 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [4]
3- 3) بكر بن حبيب الأحمسيّ البجليّ الكوفيّ عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه السّلام و قال:روى عن أبي عبد اللّه و كنيته أبو مريم،و اخرى من أصحاب الصّادق عليه السّلام.و قال المحقّق المامقانيّ:إنّ هذا غير بكر بن حبيب الذي ذكره الشّيخ في أصحاب الباقر عليه السّلام بعد الرّجل بفصل عدّة أسماء.فتوهّم الاتّحاد لا وجه له. رجال الطّوسيّ:108 و 156،تنقيح المقال 1:177. [5]
4- 4) ح:أجزأ عنك.
5- 5) التّهذيب 2:101 الحديث 378،الاستبصار 1:342 الحديث 1288،الوسائل 4:993 الباب 5 من أبواب التّشهّد الحديث 3. [6]

الّذي في الثّانية يجزئ أن أقول في الرّابعة؟قال:«نعم» (1).لكنّ التالي باطل لقوله:قلت:

فما يجزئ من تشهّد الرّكعتين الأخيرتين؟فقال:«الشّهادتان» (2).

و الحديث الثّاني إذا صحّ سنده محمول على حمد مضاف إلى الشّهادتين لا أنّه كاف عنهما و كذا الحديث الأخير.

فروع:
الأوّل:التحيّات ليست واجبة في واحد من التّشهّدين

ذهب إليه علماؤنا أجمع، و أوجبها الشّافعيّ (3)،و أحمد (4).

لنا:الأصل عدم الوجوب،و لأنّ الواجب هو التشهّد،و ليس هذا المعنى مأخوذا (5).

في التحيّات.

و يؤيّده:ما تقدّم من الرّوايات من طرقنا الدّالّة على الاكتفاء بالشّهادتين (6).

احتجّوا (7)بما رواه ابن مسعود قال:علّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التشهّد فقال:التحيّات.إلخ (8).

و الجواب:أنّ هذه رواية فيما يعمّ به البلوى،فكيف يخصّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله

ص:182


1- 1التّهذيب 2:101 الحديث 377،الاستبصار 1:342 الحديث 1287،الوسائل 4:992 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:100 الحديث 374،الاستبصار 1:341 الحديث 1284،الوسائل 4:991 الباب 4 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [2]
3- 3) الاُمّ 1:117،المجموع 3:455 و 458،بداية المجتهد 1:130،المغني 1:611.
4- 4) المغني 1:610،الكافي لابن قدامة 1:180،الإنصاف 2:115-116،بداية المجتهد 1:130.
5- 5) غ،ق و ح:موجودا.
6- 6) يراجع:ص 179-180.
7- 7) المغني 1:609،الكافي لابن قدامة 1:180،المجموع 3:455-456. [3]
8- 8) صحيح البخاريّ 8:73،سنن التّرمذيّ 2:81 الحديث 289،سنن ابن ماجه 1:290 الحديث 899،مسند أحمد 1:414 و 450، [4]سنن البيهقيّ 2:138،نيل الأوطار 2:312.

ابن مسعود بتعليم تكليف عامّ!نعم،إذا كان ندبا جاز أن يقتصر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في إبلاغه بطريق الواحد.

الثّاني:تقديم التّسليم على التشهّد مبطل للصّلاة

(1)و عليه فتوى علمائنا.و قال الشّافعيّ (2)و أحمد:المجزي من التّشهّد أن تقول:التحيّات للّه السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله (3).هذا هو القدر الواجب.و اختلفوا في الأفضل،فقال أحمد و إسحاق (4):أفضله ما رواه عبد اللّه بن مسعود قال:علّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التشهّد كما يعلّمني السّورة،التحيّات للّه و الصّلوات الطيّبات،السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله (5).

و قال مالك:أفضله تشهّد عمر بن الخطّاب،التحيّات للّه و الصّلوات الطيّبات، السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله (6).

و قال الشّافعيّ (7):أفضله ما روي،عن ابن عبّاس قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه

ص:183


1- 1م:يبطل الصّلاة.
2- 2) المجموع 3:458، [1]المغني 1:611.
3- 3) المغني 1:610، [2]الكافي لابن قدامة 1:108، [3]مغني المحتاج 1:174.
4- 4) المغني 1:608، [4]الشرح الكبير بهامش المغني 1:609، [5]بداية المجتهد 1:130،سنن التّرمذيّ 2:82.
5- 5) سنن أبي داود 1:254 الحديث 968،سنن التّرمذيّ 2:81 الحديث 289، [6]سنن النّسائيّ 2:240،سنن الدّارميّ 1:309. [7]
6- 6) الموطّأ 1:90 الحديث 53، [8]المغني 1:608، [9]المجموع 3:456. [10]
7- 7) الاُمّ 1:117،المهذّب للشيرازيّ 1:78،المجموع 3:455، [11]بداية المجتهد 1:130،المغني 1:609، [12]الشرح الكبير بهامش المغني 1:609. [13]

عليه و آله يعلّمني التشهّد كما يعلّمنا السّورة من القرآن فيقول:قولوا:التحيّات المباركات، الصّلوات الطيّبات للّه،سلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،سلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه (1).

لنا:أنّ التّسليم خروج من الصّلاة،لقوله عليه السّلام:«و تحليلها التّسليم» (2).

و يلزم منه خروج الشّهادتين عن الصّلاة لوقوعهما (3)بعد التّسليم.

لا يقال:المخرج من الصّلاة:السّلام عليكم.

لأنّا نقول:إطلاق التّسليم يتناول فعل السّلام فتخصيص ما ذكرتم بالمراد به تحكّم، و لأنّ قوله:علينا و على عباد اللّه الصّالحين،يتناول الحاضرين و غيرهم من الصّلحاء، و قوله:السّلام عليكم،يختصّ بالحاضرين،فلو كان المخرج هو السّلام على الحاضرين لكان السّلام على الحاضرين مع غيرهم أولى.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«و تقول:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصّلاة» (4).

و ما رواه في الصّحيح،عن الحلبيّ قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«كلّما ذكرت اللّه عزّ و جلّ به و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فهو من الصّلاة،فإذا قلت:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،فقد انصرفت» (5).

و عن ميسر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«شيئان يفسد النّاس بهما صلاتهم:قول

ص:184


1- 1سنن أبي داود 1:256 الحديث 974،سنن التّرمذيّ 2:83 الحديث 290، [1]سنن النّسائيّ 2:242.
2- 2) سنن الدّار قطنيّ 1:359،المغني 1:623،الشرح الكبير بهامش المغني 1:623. و من طريق الخاصّة يُنظر:الكافي 3:69 الحديث 2، [2]الفقيه 1:23 الحديث 68 و فيه:قال أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام،الوسائل 1:256 الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث 4 و 7 و ج 4:1003 الباب 1 من أبواب التسليم الحديث 1.
3- 3) غ:لوقوعها.
4- 4) التّهذيب 2:93 الحديث 349،الاستبصار 1:347 الحديث 1307،الوسائل 4:1008 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 8.و [3]في الجميع:عن ابن مسكان عن أبي بصير.
5- 5) التّهذيب 2:316 الحديث 1293،الوسائل 4:1012 الباب 4 من أبواب التّسليم الحديث 1. [4]

الرّجل:تبارك اسمك و تعالى جدّك و لا إله غيرك،و إنّما هو شيء قالته الجنّ بجهالة فحكى اللّه عنهم،و قول الرّجل:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين» (1).

و لا ريب في أنّه ليس المطلوب إسقاط هذا بالكلّيّة بل تقدّمه (2)على التشهّد،و ذلك يدلّ على ما أردناه.

احتجّوا (3)بالرّوايات المتقدّمة (4).

و الجواب:أمّا حديث عمر فضعيف،لأنّه لم يروه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أكثر أهل العلم من الصّحابة على خلافه.و حديث ابن عبّاس ضعيف أيضا، لانفراده بروايته و اختلاف لفظه.و حديث ابن مسعود قد بيّنّا ضعفه.

الثّالث:لو قال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّ محمّدا رسول اللّه أجزأه

و كذا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّ محمدا رسوله،أو عبده و رسوله.أو قال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله،من غير واو على تردّد.

و لو قال:أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه،أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،فالأقرب عدم (5)الإجزاء على إشكال،و كذا أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،أو بغير واو.

الرّابع:لو أتى عوض الشّهادة بما يساويها في المعنى أو يقاربها

(6)فيقول:أعلم،

ص:185


1- 1التّهذيب 2:316 الحديث 1290،الوسائل 4:1000 الباب 12 من أبواب التّشهد الحديث 1. [1]
2- 2) ح:مقدّمة.
3- 3) المغني 1:609، [2]المجموع 3:455، [3]الكافي لابن قدامة 1:180.
4- 4) ينظر:ص 183،184. [4]
5- 5) ق و متن ح:عنهم،هامش ح:عندي،و ما أثبتناه من غ،م و ن،و لعلّ الظّاهر هو الصّحيح،و هو الذي ذهب إليه في التذكرة، [5]حيث قال:«يجب الترتيب فيبدأ بالشهادة بالتوحيد،ثمَّ بالنبوّة،ثمَّ بالصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و لو عكس لم يجزئه وقوفا على المأخوذ عن صاحب الشرع.و قال الشّافعيّ:يجزئه لحصول المعنى فيكفي.و هو مدفوع».تذكرة الفقهاء 1:126. [6]
6- 6) ق و ح:يقارنها.

أو أُخبر عن علم،أو أتيقّن و ما شابهه لم يجزئه؛لأنّها أذكار يتعيّن فيها المنقول،و لأنّ الواجب التشهّد و هو مأخوذ من لفظ الشّهادة لا من المعنى،و كذا لو قال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه واحد،و أنّ الرّسول محمّد.

مسألة:و يجب فيه الصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عقيب الشّهادتين

ذهب إليه علماؤنا أجمع في التشهّد الأوّل و الثّاني.و قال الشّيخ في الخلاف:هي ركن فيهما (1)،و به قال أحمد (2).

و قال الشّافعيّ:هي مستحبّة في التشهّد الأوّل و فرض في الأخير (3).و قال أبو حنيفة:هي مستحبّة في الموضعين (4)،و به قال مالك (5).

لنا:قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ (6).و الأمر للوجوب.و لا يجب خارج الصّلاة بالإجماع فيتناول صورة النّزاع قطعا.

لا يقال:إنّ الكرخيّ أوجبها في العمر مرّة (7)،و الطّحاويّ أوجبها كلّما ذكر (8)، فلا يتحقّق الإجماع.

لأنّا نقول:الإجماع سبقهما فلا عبرة بتخريجهما.

و ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

ص:186


1- 1الخلاف 1:129 مسألة-128.
2- 2) المغني 1:615،المجموع 3:467.
3- 3) الاُمّ 1:118،المغني 1:614،الشرح الكبير بهامش المغني 1:614،المجموع 3:463،المبسوط للسّرخسيّ 1:29،الهداية للمرغينانيّ 1:52،مغني المحتاج 1:175.
4- 4) المبسوط للسّرخسيّ 1:29،الهداية للمرغينانيّ 1:52،المغني 1:613،المجموع 3:467.
5- 5) المغني 1:613،المجموع 3:467.
6- 6) الأحزاب(33):56. [1]
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:52.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 1:29،الهداية للمرغينانيّ 1:52.

«لا تقبل صلاة إلاّ بطهور و بالصّلاة عَلَيّ» (1).

و عن فضالة بن عبيد (2)سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجلا يدعو في صلاته لم يمجّد ربّه و لم يصلّ على النّبيّ و آله فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«عجل هذا»ثمَّ دعاه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:«إذا صلّى أحدكم فليبدأ بتحميد (3)ربّه و الثّناء عليه،ثمَّ ليصلّ على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ ليدع بعده بما شاء» (4).و ظاهر الأمر الوجوب.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من تمام الصّوم إعطاء الزّكاة كالصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من تمام الصّلاة،و من صام و لم يؤدّها فلا صوم له إذا تركها متعمّدا،و من صلّى و لم يصلّ على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فترك ذلك متعمّدا فلا صلاة له إنّ اللّه بدأ بها قبل الصّلاة فقال قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى (5)» (6).

و لأنّ الصّلاة عبادة شرط فيها ذكر اللّه تعالى فشرط فيها ذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كالأذان.

احتجّوا (7)بما رواه ابن مسعود أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله علّمه التشهّد،

ص:187


1- 1سنن الدّار قطنيّ 1:355.
2- 2) فضالة بن عبيد بن ناقذ بن قيس بن صهيبة أبو محمّد الأنصاريّ شهد أُحدا و ما بعدها،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عن عمر و أبي الدّرداء،و روى عنه حنش بن عبد اللّه الصنعانيّ و عمرو بن مالك الجنبيّ و محمّد بن كعب القرظيّ.مات سنة 53 ه،و قيل:سنة 69 ه. اسد الغابة 4:182، [1]العبر 1:41، [2]تهذيب التّهذيب 8:267. [3]
3- 3) ق و ح:بتمجيد.
4- 4) سنن التّرمذيّ 5:517 الحديث 3477، [4]سنن النّسائيّ 3:44،سنن البيهقيّ 2:147.
5- 5) الأعلى(87):14-15. [5]
6- 6) التّهذيب 2:159 الحديث 625،الاستبصار 1:343 الحديث 1292،الوسائل 4:999 الباب 10 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [6]
7- 7) المغني 1:615. [7]

ثمَّ قال:«إذا قلت هذا فقد تمّت صلاتك» (1).و لأنّ الوجوب شرعيّ فيقف عليه و لم يثبت.

و الجواب عن الأوّل:أنّ هذه الزّيادة من كلام ابن مسعود،قاله الدّار قطنيّ (2)، و لأنّه يحتمل أن يكون ذلك قبل فرض الصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و أيضا:فيحتمل أنّه أراد فقد قاربت (3)التّمام،كما في قوله عليه السّلام:«من وقف بعرفة فقد تمَّ حجّة» (4)أي قارب (5)التّمام.

و عن الثّاني:بالمنع من عدم ورود الشّرع بعد ما تلوناه من القرآن و الأحاديث.

مسألة:الصّلاة على آله عليه و عليهم السّلام واجبة في التّشهّد الأوّل و الثّاني

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو مذهب بعض الشّافعيّة (6)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (7)،و في الأُخرى أنّها مستحبّة (8)،و به قال الشّافعيّ (9)،و أبو حنيفة (10).

لنا:ما رواه كعب[بن عجرة] (11)قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول

ص:188


1- 1سنن أبي داود 1:255 الحديث 970،سنن الدّار قطنيّ 1:353 الحديث 13 و 14،سنن البيهقيّ 2:138.
2- 2) سنن الدّار قطنيّ 1:354،المغني 1:615.
3- 3) أكثر النسخ:قارنت.
4- 4) سنن البيهقيّ 5:116.
5- 5) م:قارن.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:79،المجموع 3:465.
7- 7) الكافي لابن قدامة 1:182،المغني 1:615.
8- 8) حلية العلماء 2:130.
9- 9) المهذّب للشّيرازيّ 1:79،المجموع 3:466.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 1:29.
11- 11) في النّسخ:كعب الأحبار،و الصّحيح ما أثبتناه؛لأنّه في جميع المصادر كذلك.و لأنّ كعب الأحبار كان في الجاهليّة من كبار علماء اليهود في اليمن،و أسلم في زمن أبي بكر،فكيف يروي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله!و يشهد لذلك أنّ هذه الرّواية نقلها الشّيخ في الخلاف 1:370 عن كعب بن عجرة. و هو كعب بن عجرة بن أُميّة بن عديّ بن عبيد بن الحارث حليف الأنصار يكنّى أبا محمّد،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عن عمر،و روى عنه ابن عمر و جابر بن عبد اللّه و ابن عبّاس.مات بالمدينة سنة 51 ه، و قيل:52 ه. أُسد الغابة 4:243، [1]الإصابة 3:297، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 3:291. [3]

في الصّلاة:«اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد» (1).فيجب متابعته،لقوله عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (2).

و عن جابر،عن أبي جعفر،عن أبي مسعود الأنصاريّ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى صلاة و لم يصلّ فيها عَلَيّ و على أهل بيتي لم تقبل» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن الحلبيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أُسمّي الأئمّة في الصّلاة؟قال:«أجملهم» (4).و الأمر للوجوب،و لا تجب إلاّ في الموضع المتنازع فيه بالإجماع.

و عن عبد الملك بن عمرو الأحول،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التشهّد في الرّكعتين الأوّلتين الحمد للّه أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و تقبّل شفاعته في أُمّته و ارفع درجته» (5).

فروع:
الأوّل:المجزي من الصّلاة على النّبيّ و آله عليهم السّلام أن يقول:اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد

و ما زاد فهو مستحبّ بلا خلاف.

الثّاني:لو لم يحسن التشهّد و الصّلاتين وجب عليه التعلّم

و لو ضاق الوقت أو عجز أتى بالممكن،و لو لم يقدر سقط عنه.

ص:189


1- 1سنن أبي داود 1:257 الحديث 976،سنن ابن ماجه 1:293 الحديث 904.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّارميّ 1:286، [1]سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
3- 3) سنن الدّار قطنيّ 1:355 الحديث 6.
4- 4) التّهذيب 2:131 الحديث 506،الوسائل 4:913 الباب 14 من أبواب القنوت الحديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:92 الحديث 344،الوسائل 4:989 الباب 3 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [3]
الثّالث:التّرتيب واجب يبدأ بالشّهادة بالتّوحيد،ثمَّ بالرّسالة،ثمَّ بالصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،ثمَّ بالصّلاة على آله

و لو عكس لم يجزئه،خلافا للشّافعيّ (1).

لنا:أنّه تعبّد شرعيّ فيقف على المنقول.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ المعنى حاصل،و لأنّه ذكر من غير جنس المعجز فلا يجب فيه التّرتيب كالخطبة (2).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من الاكتفاء بالمعنى كيف كان.

و عن الثّاني:بالمنع من المساواة لأنّه ذكر متعيّن اللّفظ بخلاف الخطبة.

مسألة:و يجب فيه الجلوس بقدر الشّهادتين،و الصّلاة على النّبيّ و آله

عليهم السّلام

ذهب إليه علماؤنا أجمع في التشهّد الأوّل و الثّاني،و هو قول كلّ من أوجب التشهّد؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعله،و الصّحابة،و التّابعون،و ذلك يدلّ على الوجوب؛لقوله عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (3).و لأنّه فعله بيانا للواجب فكان واجبا،و إنّما يقدّر بقدر الشّهادتين و الصّلاتين،لأنّ الواجب فعلها جالسا،إذ لا يجوز الانصراف قبله،و لا القيام عمدا قبل الإكمال.

مسألة:و يستحبّ التورّك في التشهّدين

و عليه فتوى علمائنا،و به قال مالك (4).

و قال أحمد:يجلس مفترشا في الحالين (5).و قال الشّافعيّ:يجلس في الأوّل مفترشا،و في

ص:190


1- 1الأُمّ 1:118،المهذّب للشّيرازيّ 1:79،المغني 1:618،المجموع 3:460.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:79،المغني 1:618،المجموع 3:460.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدّار قطنيّ 1:346 الحديث 10.
4- 4) المغني 1:607،الشرح الكبير بهامش المغني 1:607،المحلّى 3:269،حلية العلماء 1:125،نيل الأوطار 2:306.
5- 5) لم نعثر على هذا القول لأحمد في المصادر الّتي لدينا،بل ذهب إلى ما قال به الشّافعيّ و هو استحباب الجلوس في الأوّل مفترشا و في الثاني متورّكا.ينظر:المغني 1:612،الكافي لابن قدامة 1:181،الإنصاف 2:75، نيل الأوطار 2:306.

الثّاني متورّكا (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يجلس في وسط الصّلاة و آخرها متورّكا (2).

و عن ابن الزّبير قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا قعد في الصّلاة،جعل قدمه اليسرى تحت فخذه و ساقه،و فرش قدمه اليمنى (3).و اللّفظ مطلق فتجري عليه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«فإذا قعدت في تشهّدك فألصق ركبتيك بالأرض،و فرّج بينهما شيئا،و ليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض،و ظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى و أليتاك على الأرض،و طرف إبهامك اليمنى على الأرض،و إيّاك و القعود على قدميك فتتأذّى بذلك،و لا تكون قاعدا على الأرض فيكون إنّما قعد بعضك على بعض فلا تصبر للتشهّد و الدّعاء» (4).

احتجّ الشّافعيّ (5)بما رواه أبو حميد أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله جلس يعنى للتشهّد، فافترش رجله اليسرى و أقبل بصدر اليمنى على قبلته (6).

و الجواب:أنّه لا يدلّ على المداومة،فلعلّه فعله مرّة،بخلاف حديثنا،لأنّ قوله:كان يفعل كذا،إنّما يستعمل في المداومة أو الأكثريّة.

مسألة:و يستحبّ أن يضع يديه على فخذيه مبسوطة الأصابع مضمومة

ذهب إليه علماؤنا.و قال أحمد كما قلنا في اليسرى و كذا في اليمنى،إلاّ أنّه يعقد الخنصر

ص:191


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:79،المغني 1:607،الشرح الكبير بهامش المغني 1:607،المجموع 3:450،مغني المحتاج 1:172،السّراج الوهّاج:48،نيل الأوطار 2:306.
2- 2) مسند أحمد 1:459، [1]المغني 1:607،الشرح الكبير بهامش المغني 1:607.
3- 3) صحيح مسلم 1:408 الحديث 579،سنن أبي داود 1:259 الحديث 988،سنن البيهقيّ 2:130.
4- 4) التّهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [2]
5- 5) المجموع 3:451،سنن التّرمذيّ 2:87.
6- 6) سنن التّرمذيّ 2:86 الحديث 293،سنن البيهقيّ 2:128-129.

و البنصر (1).

و قال الشّافعيّ في الأُمّ:يقبض أصابع يده اليمنى إلاّ المسبّحة (2).و قال في الإملاء:

يقبض أصابعه الثّلاث:الخنصر و البنصر و الوسطى،و يبسط المسبّحة و الإبهام.و قال أيضا:يقبض الخنصر و البنصر،و يجعل الوسطى مع الإبهام حلقة،و يشير بالمسبّحة متشهّدا (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد اللّه بن الزّبير أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا قعد يدعو،وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى و يده اليسرى على فخذه اليسرى و أشار بإصبعه [السبّابة] (4). (5)و العطف يقتضي التّسوية،و لأنّ ما ذكرناه أبلغ في الخضوع فيكون أولى.

مسألة:أكمل التشهّد

ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا جلست في الرّكعة الثّانية فقل:بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي السّاعة،و أشهد أنّ ربّي (6)نعم الرّبّ،و أنّ محمّدا نعم الرّسول،اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و تقبّل شفاعته في أُمّته و ارفع درجته،ثمَّ تحمد اللّه مرّتين أو ثلاثا،ثمَّ تقوم فإذا جلست في الرّابعة قلت:بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي السّاعة أشهد (7)أنّك نعم الرّبّ،و أنّ محمّدا نعم الرّسول،التّحيّات للّه و الصّلوات الطّاهرات الطيّبات الزّاكيات الغاديات الرّائحات

ص:192


1- 1المغني 1:607،الكافي لابن قدامة 1:180.
2- 2) الامّ 1:116.
3- 3) المجموع 3:454،حلية العلماء 2:126.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) صحيح مسلم 1:408 الحديث 579،سنن البيهقيّ 2:131.
6- 6) هامش ح و ن:أنّك،مكان:أنّ ربّي.
7- 7) ق و ح:و أشهد.

السّابغات النّاعمات للّه،ما طاب و زكا و طهر و خلص و صفا فللّه،أشهد (1)أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي السّاعة،أشهد أنّ ربّي (2)نعم الرّبّ،و أنّ محمّدا نعم الرّسول،و أشهد أنّ السّاعة آتية لا ريب فيها،و أنّ اللّه يبعث من في القبور،الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه،الحمد للّه ربّ العالمين،اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و بارك على محمّد و آل محمّد،و سلّم على محمّد و آل محمّد،و ترحّم على محمّد و (3)آل محمّد،كما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد،اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و اغفر لنا و لإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان،و لا تجعل في قلوبنا غلاّ للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوف رحيم،اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و امنن عليّ بالجنّة،و عافني من النّار، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد،و اغفر للمؤمنين و المؤمنات و لمن دخل بيتي مؤمنا و للمؤمنين و المؤمنات (4)و لا تزد الظالمين إلاّ تبارا،ثمَّ قل:السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،السّلام على أنبياء اللّه و رسله،السّلام على جبرئيل و ميكائيل و الملائكة المقرّبين،السّلام على محمّد بن عبد اللّه خاتم النّبيّين لا نبيّ بعده،السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،ثمَّ تسلّم» (5).

مسألة:و يجوز الدّعاء في التشهّد مطلقا،سواء كان للدّين أو للدّنيا

ما (6)لم يكن المطلوب محرّما،و سواء ورد به الشّرع أو لم يرد.

و قال أبو حنيفة:يجوز بما ورد به الشّرع لا غير (7).و قال أحمد:يجوز أيضا بما يقرّب

ص:193


1- 1م و ن:و أشهد.
2- 2) أكثر النّسخ:أنّ اللّه،مكان:أنّ ربّي.
3- 3) أكثر النّسخ بزيادة:على.
4- 4) ليست جملة:و للمؤمنين و المؤمنات في ح.
5- 5) التّهذيب 2:99 الحديث 373،الوسائل 4:989 الباب 3 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [1]
6- 6) ن و م:بما.
7- 7) المبسوط للسّرخسيّ 1:28-29،بدائع الصنائع 1:212-213،الهداية للمرغينانيّ 1:51-52،شرح فتح القدير 1:272-273،عمدة القارئ 6:119-120.

من اللّه دون ما يقصد به الدّنيا (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لابن مسعود:«ثمَّ ليتخيّر من الدّعاء ما أعجبه» (2).

و في حديث مسلم بإسناده،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ثمَّ ليتخيّر من بعد من المسألة ما شاء و ما أحبّ» (3).

و في حديث أبي هريرة:«إذا تشهّد أحدكم فليتعوّذ من أربع،ثمَّ يدعو لنفسه ما بدا له» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن بكر بن حبيب قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أيّ شيء أقول في التشهّد و القنوت؟قال:«قل بأحسن ما علمت فإنّه لو كان موقّتا لهلك النّاس» (5).

و في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجلان افتتحا الصّلاة في ساعة واحدة فتلا هذا القرآن فكانت تلاوته أكثر من دعائه،و دعا هذا و كان دعاؤه أكثر من تلاوته أيّهما أفضل؟قال:«كلّ فيه فضل»قلت:علمت أنّ كلاّ حسن؟فقال:«الدّعاء أفضل،أما سمعت قول اللّه عزّ و جلّ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (6)هي و اللّه العبادة،هي و اللّه أفضل» (7).

مسألة:و يستحبّ للإمام أن يُسمع من خلفه الشّهادتين

و قال أحمد:السنّة

ص:194


1- 1المغني 1:620-621،الكافي لابن قدامة 1:183،الإنصاف 2:81-82. [1]
2- 2) سنن أبي داود 1:254 الحديث 968،سنن النسائيّ 3:50-51.
3- 3) صحيح مسلم 1:301 الحديث 402.
4- 4) سنن النسائيّ 3:58،كنز العمّال 7:476 الحديث 19861.
5- 5) التّهذيب 2:102 الحديث 381،الوسائل 4:993 الباب 5 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [2]
6- 6) غافر(40):60. [3]
7- 7) التّهذيب 2:104 الحديث 394،الوسائل 4:1020 الباب 6 من أبواب التّعقيب الحديث 1. [4]

إخفاؤه (1).

لنا:أنّ في ذلك إعلانا بالاعتراف بالتّوحيد و الرّسالة فكان مسنونا كالقراءة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ينبغي للإمام أن يُسمع من خلفه كلّما يقول،و لا ينبغي لمن خلف الإمام أن يُسمعه شيئا ممّا يقول» (2).

و في الصّحيح،عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ينبغي للإمام أن يُسمع من خلفه التشهّد و لا يُسمعونه شيئا» (3).و ليس ذلك على الوجوب،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن الماضي عليه السّلام عن الرّجل هل يصلح له أن يجهر بالتشهّد و القول في الرّكوع و السّجود و القنوت؟قال:

«إن شاء جهر و إن شاء لم يجهر» (4).

احتجّ أحمد بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يكن يجهر به (5).

و الجواب:لا نسلّم ذلك،فإن استند إلى رواية قلنا:رواية النّفي غير مقبولة؛لأنّه إخبار عن السّماع و ليس عدم السّماع مستلزما عدم المسموع،و لو سلّم فجاز أن يكون ذلك في وقت،لأنّه مندوب لا يجب المداومة عليه.

مسألة:و إذا قام إلى الثّالثة قال:بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد،و لا يحتاج إلى تكبير

و قال المفيد:يقوم بالتّكبير (6).و الأوّل اختيار الشّيخ (7).

لنا:أنّ التّكبير منحصر في خمس و تسعين تكبيرة:خمس للافتتاح،و خمس

ص:195


1- 1المغني 1:617، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:618. [2]
2- 2) التّهذيب 2:102 الحديث 383،الوسائل 4:994 الباب 6 من أبواب التّشهّد الحديث 2. [3]
3- 3) التّهذيب 2:102 الحديث 384،الوسائل 4:994 الباب 6 من أبواب التّشهّد الحديث 1. [4]
4- 4) التّهذيب 2:102 الحديث 385،الوسائل 4:917 الباب 20 من أبواب القنوت الحديث 1. [5]
5- 5) المغني 1:617.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:232. [6]
7- 7) المبسوط 1:111. [7]

للقنوت،و الباقي للرّكوع و السّجود،فلو قام إلى الثّالثة بالتّكبير لزاد أربعا.

أمّا المفيد رحمه اللّه فإنّه أسقط تكبيرات القنوت من البين فصار التّكبير عنده أربعا و تسعين (1)،و الّذي يدلّ على العدد الّذي ذكرناه:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التكبير في صلاة الفرض في الخمس صلوات خمس و تسعون تكبيرة،منها القنوت خمس» (2).

و في الصّحيح،عن الصبّاح المزنيّ (3)قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«خمس و تسعون تكبيرة في اليوم و اللّيلة للصّلوات،منها تكبير القنوت» (4).

و ما رواه في الحسن،عن عبد اللّه بن المغيرة:و فسّر التّكبيرات الظّهر إحدى و عشرون تكبيرة،و في العصر إحدى و عشرون تكبيرة،و في المغرب ستّ عشرة تكبيرة،و في العشاء الآخرة إحدى و عشرون،و في الفجر إحدى عشرة تكبيرة،و خمس

ص:196


1- 1قال الشيخ في الاستبصار 1:337 بعد نقل الروايات الدالّة على استحباب التكبير للقنوت:«و بها كان يفتي شيخنا المفيد رحمه اللّه قديما،ثمَّ عنّ له في آخر عمره ترك العمل بها و العمل على رفع اليدين بغير تكبير».و قال في التهذيب 2:87:«و كان الشيخ رحمه اللّه ذكر في الكتاب أنّه يرفع يديه القنوت بغير التكبير».و لكنّ الموجود في المقنعة:16:«رفع يديه بالتكبير.و قنت».
2- 2) التّهذيب 2:87 الحديث 323،الاستبصار 1:336 الحديث 1264،الوسائل 4:719 الباب 5 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 1. [1]
3- 3) صبّاح بن يحيى أبو محمّد المزنيّ ثقة،روى عن الباقر و الصّادق عليهما السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة بعنوان:صبّاح بن قيس بن يحيى المزنيّ،أبو محمّد كوفيّ زيديّ،و نقل عن ابن الغضائريّ أنّ حديثه في حديث أصحابنا ضعيف،و قال المحقّق المامقانيّ:أنت خبير بأنّ المعنون في رجال النّجاشيّ و ابن الغضائريّ صبّاح بن يحيى بغير توسّط كلمة قيس،ثمَّ قال:و على كلّ حال لا اعتداد بتضعيف العلاّمة؛لأنّه مأخوذ من ابن الغضائريّ سيّما مع تصريح النجاشيّ بالتوثيق. رجال النّجاشيّ:201،رجال العلاّمة:230، [2]تنقيح المقال 2:96. [3]
4- 4) التّهذيب 2:87 الحديث 325،الاستبصار 1:336 الحديث 1266،الوسائل 4:720 الباب 5 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 3. [4]

تكبيرات القنوت في خمس صلوات (1).

و اعتبار إحدى عشرة تكبيرة في الفجر مضافة إلى تكبيرة القنوت يدلّ على ما قلناه،و إلاّ لكان الواجب الاقتصار على إحدى عشرة تكبيرة لا غير.

و يدلّ أيضا على أنّ ذكر القيام بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا جلست في الرّكعتين الأُوليين فتشهّدت،ثمَّ قمت فقل:بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد» (2).

و في الصّحيح،عن رفاعة بن موسى قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام[يقول:

«كان عليّ عليه السّلام] (3)إذا نهض من الرّكعتين الأوّلتين (4)قال:بحولك و قوّتك أقوم و أقعد» (5).

و لأنّ ما ذكرناه يقتضي أن لا تخلو الأفعال في الصّلاة عن ذكر،ثمَّ إنّا نطالب الشّيخ المفيد رحمه اللّه بالدّليل (6)،قال الشّيخ:و كان شيخنا قديما يفتي بمضمون هذه الرّواية،ثمَّ عنّ (7)له في آخر عمره ترك العمل بها و العمل على رفع اليدين بغير تكبير،قال:و لست أعرف به حديثا أصلا (8).

ص:197


1- 1التّهذيب 2:87 الحديث 324،الاستبصار 1:336 الحديث 1265،الوسائل 4:719 الباب 5 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 2. [1]بتفاوت يسير.
2- 2) التّهذيب 2:88 الحديث 326،الاستبصار 1:337 الحديث 1267،الوسائل 4:966 الباب 13 من أبواب السّجود الحديث 4. [2]
3- 3) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
4- 4) ق و ح:الأوليين.
5- 5) التّهذيب 2:88 الحديث 327،الاستبصار 1:338 الحديث 1268،الوسائل 4:966 الباب 13 من أبواب السّجود الحديث 4. [3]
6- 6) أكثر النّسخ:بالدلالة.
7- 7) العنن:الاعتراض،يقال:عنّ لي الشّيء،أي اعترض.النّهاية لابن الأثير 3:313. [4]
8- 8) الاستبصار 1:337.
البحث الثّامن:في التّسليم
مسألة:اختلف أصحابنا في وجوبه في الصّلاة

فقال علم الهدى (1)، و ابن أبي عقيل (2)،و أبو الصّلاح:أنّه واجب تبطل الصّلاة بالإخلال به عمدا لا سهوا (3)،و به قال الشّافعيّ (4)،و مالك (5)،و أحمد (6).و قال الشّيخان:هو مسنون في الصّلاة (7).

و قال أبو حنيفة:ليس التّسليم من الصّلاة و لا يتعيّن الخروج به منها،بل الخروج من الصّلاة بكلّ ما ينافيها،سواء كان من فعل المصلّي كالتّسليم و الحدث،أو ليس من فعله كطلوع الشّمس أو وجود الماء للمتيمّم المتمكّن من الاستعمال (8).و الأقرب عندي الوجوب.

لنا:قوله تعالى وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (9).و الأمر للوجوب،و لا يجب في غير الصّلاة بالإجماع فيجب فيها قطعا.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«مفتاح الصّلاة الطّهور

ص:198


1- 1جمل العلم و العمل:62،الانتصار:47.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:233. [1]
3- 3) الكافي في الفقه:119.
4- 4) الاُمّ 1:122،حلية العلماء 2:132،المجموع 3:481،مغني المحتاج 1:177،المغني 1:623،بدائع الصنائع 1:194.
5- 5) مقدّمات ابن رشد 1:126،المغني 1:623،بدائع الصنائع 1:194.
6- 6) المغني 1:623،الكافي لابن قدامة 1:184،الإنصاف 2:113،117، [2]زاد المستقنع:13.
7- 7) الشيخ المفيد في المقنعة:23،و الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:132 مسألة-134،و النهاية:89 و [3]المبسوط 1:115،و [4]التّهذيب 2:320.
8- 8) بدائع الصنائع 1:194،المغني 1:623،حلية العلماء 2:132،المجموع 3:481.
9- 9) الأحزاب(33):56. [5]

و تحريمها التّكبير و تحليلها التّسليم» (1).أضاف المصدر إلى الصّلاة فيفيد العموم،و يلزم منه انحصار التّحليل في التّسليم،و لأنّ التّسليم وقع خبرا عن التّحليل فيكون مساويا له أو أعمّ،لاستحالة الإخبار بالأخصّ عن الأعمّ،و لأنّ النّحويّين اتّفقوا على أنّ الخبر إذا كان مفردا كان هو المبتدأ على معنى أنّ ما صدق عليه أنّه تحليل الصّلاة صدق عليه التّسليم، و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يداوم على فعله و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ و ابن بابويه و علم الهدى عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«مفتاح الصّلاة الطّهور،و تحريمها التّكبير،و تحليلها التّسليم» (3).و قد مضى وجه الاستدلال به.

لا يقال:إنّه (4)خبر مرسل من طرقكم فلا يعمل به.

لأنّا نقول:لا نسلّم أنّه مرسل،فإنّ الأُمّة تلقّته (5)بالقبول،و نقله الخاصّ و العامّ، و مثل هذا الحديث البالغ في الشّهرة قد تحذف رواته اعتمادا على شهرته،على أنّ الشّيخ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رواه مسندا،عن عليّ بن محمّد بن عبد اللّه (6)،عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ (7)،عن القدّاح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

ص:199


1- 1سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275 و 276،سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن التّرمذيّ 1:8 الحديث 3 و ج 2:3 الحديث 238،سنن الدّارميّ 1:175، [1]مسند أحمد 1:123، [2]سنن الدار قطنيّ 1:360 الحديث 4.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:162،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن البيهقيّ 2:345.
3- 3) ينظر:رواية الشيخ الطوسيّ في الخلاف 1:132 مسألة-134،و رواية ابن بابويه في الفقيه 1:23 الحديث 68،و فيه:افتتاح الصّلاة [3]الوضوء.و رواية السيّد المرتضى في الناصريّات [4](الجوامع الفقهيّة):196.
4- 4) ق و ح:هذا.
5- 5) ق و ح:قطعته.
6- 6) هو مشترك بين أربعة،و الظاهر كما عن المحقّق الخوئيّ أنّه عليّ بن محمّد بن بندار الّذي هو من مشايخ الكلينيّ و قد أكثر الرّواية عنه،و قد مرّت ترجمته في الجزء الرّابع ص 172.معجم رجال الحديث 12:164. [5]
7- 7) جعفر بن محمّد الأشعريّ أبو جعفر،قيل:هو جعفر بن محمّد بن عبيد اللّه أو جعفر بن محمّد بن عيسى الأشعريّ،قال المحقّق الخوئيّ:إنّ كلاّ منهما و إن كان محتملا في نفس الأمر لكنّه لا دليل عليه،حيث إنّ جعفر بن محمّد بن عبيد اللّه لم يثبت أنّه كان أشعريّا،و مجرّد رواية كلّ منهما عن ابن القدّاح لا يثبت الاتّحاد،كما أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى لم يثبت أنّه كان له أخ سمّي بجعفر،هذا و من المطمئنّ به أنّ جعفر بن محمّد الأشعريّ قد روى عن ابن القدّاح كثيرا، و أمّا الرّواية عن ابن القدّاح بواسطة جعفر بن محمّد بن عبيد اللّه لا تزيد على أربع روايات،و بما أنّ راوي كتاب عبد اللّه بن ميمون القدّاح هو جعفر بن محمّد بن عبيد اللّه على ما ذكره النّجاشيّ في رجاله:214،و الشيخ في فهرسته:103،فبعيد جدّا أن تكون رواية راوي كتابه عنه أربعة. تنقيح المقال 1:222 [6] باب:جعفر،معجم رجال الحديث 4:102. [7]

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.»الحديث.إلاّ أنّه قال:«مفتاح الصّلاة الوضوء» (1).

و لو سلّم فهؤلاء الثّلاثة هم العمدة في ضبط الأحاديث،و لو لا علمهم بصحّته لما أرسلوه و حكموا (2)بأنّه من قوله عليه السّلام،على أنّ هذا المنع لا يسمع من أبي حنيفة،فإنّه يعمل بالمرسل.

و ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:و سلّم،ثمَّ قال:«يا حمّاد هكذا صلّ» (3).و الأمر للوجوب.

و لأنّ الخروج من الصّلاة واجب كالدّخول فيها،و الحدث مناف لها فلا يجب فعله فيها.

و لأنّه يلزم أحد محذورين على قول أبي حنيفة،إمّا إبطال قوله،أو وقوع الحدث في الصّلاة،لأنّه قبل الحدث إمّا أن يخرج من الصّلاة أو لا،و يلزم من الأوّل الخروج لا بما ينافيها و هو خلاف مذهبه،و من الثّاني وقوع الحدث في الصّلاة إن أحدث.

و لأنّه لو خرج من الصّلاة بالصّلاة على النّبيّ و آله عليهم السّلام لما بطلت صلاة المتمّم في السّفر و من زاد خامسة عمدا أو سهوا،لأنّه لا يفتقر إلى ما يخرج به من الصّلاة.

ص:200


1- 1الكافي 3:69 الحديث 2، [1]الوسائل 4:715 الباب 1 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 10،و فيهما:افتتاح الصّلاة.
2- 2) م:و حكوا.
3- 3) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [2]

و لأنّه ذكر في أحد طرفي الصلاة فكان واجبا كالتكبير.

احتجّوا (1)بما رواه ابن مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا علّمه التشهّد،ثمَّ قال:«إذا قلت هذا فقد مضت صلاتك» (2).و لأنّه عليه السّلام لم يعلّمه الأعرابيّ (3).

و بما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يصلّي،ثمَّ يجلس فيحدث قبل أن يسلّم؟قال:«تمّت صلاته» (4).و لو كان التّسليم واجبا لوجبت عليه الإعادة.و لأنّ الأصل عدم الوجوب.

و الجواب عن الأوّل:أنّ قوله:«فإذا قلت هذا فقد مضت صلاتك»من كلام ابن مسعود.

و عن الثّاني:أنّ الأعرابيّ كان يعرف التّسليم،فلهذا لم يذكره له،أو كان ذلك قبل إيجاب التّسليم.

و عن الثّالث:بأنّ في طريقها أبان بن عثمان و هو واقفيّ لا تعويل على روايته.

و يعارضها ما تقدّم،و ما رواه أبو بصير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في رجل صلّى الصّبح فلمّا جلس في الرّكعتين قبل أن يتشهّد رعف،قال:«فليخرج فليغسل أنفه ثمَّ ليرجع فليتمّ صلاته،فإنّ آخر الصّلاة التّسليم» (5).

و عن الرّابع:أنّه معارض بالاحتياط.

مسألة:و له عبارتان إحداهما:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،

و الأُخرى:السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته

و العبارة الأُولى لنا خاصّة لا يعرفها

ص:201


1- 1المجموع 3:481.
2- 2) سنن أبي داود 1:254 الحديث 970 و فيه:«إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك».
3- 3) صحيح مسلم 1:298 الحديث 397.
4- 4) التّهذيب 2:320 الحديث 1306،الاستبصار 1:345 الحديث 1301،الوسائل 4:1011 الباب 3 من أبواب التّسليم الحديث 2. [1]
5- 5) التّهذيب 2:320 الحديث 1307،الاستبصار 1:345 الحديث 1302،الوسائل 4:1004 الباب 1 من أبواب التّسليم الحديث 4. [2]

الجمهور في التّسليم.

و من أصحابنا من أوجب العبارة الثّانية،ذهب إليه علم الهدى (1)،و أبو الصّلاح (2).

لنا:قوله عليه السّلام:«و تحليلها التّسليم» (3).و هو يقع على كلّ واحد منهما،و كذا قوله عليه السّلام:«آخر الصّلاة التّسليم» (4).

و ما رواه أبو بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كنت إماما فإنّما التّسليم أن تسلّم على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تقول:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصّلاة،ثمَّ تؤذن القوم و أنت مستقبل القبلة فتقول:السّلام عليكم» (5).

و رواه الشّيخ في الموثّق،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (6)،و عن أبي كهمس (7)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّكعتين الأوّلتين إذا جلست

ص:202


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:234. [1]
2- 2) الكافي في الفقه:119.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275 و 276،سنن أبي داود 1:16 الحديث 61، [2]سنن الترمذيّ 1:8 الحديث 3 و ج 2:3 الحديث 238،سنن الدّارميّ 1:175، [3]سنن الدار قطنيّ 1:360 الحديث 4،مسند أحمد 1:123، و من طريق الخاصّة،ينظر:الفقيه 1:23 الحديث 68، [4]الكافي 3:69 الحديث 2، [5]الوسائل 4:715 الباب 10 من أبواب تكبيرة الإحرام الحديث 10. [6]
4- 4) التّهذيب 2:320 الحديث 1307،الاستبصار 1:345 الحديث 1302،الوسائل 4:1004 الباب 1 من أبواب التّسليم الحديث 4. [7]
5- 5) التّهذيب 2:93 الحديث 349،الاستبصار 1:347 الحديث 1307،الوسائل 4:1008 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 8. [8]
6- 6) الظاهر أنّ رواية أبي بصير و ابن مسكان واحدة حيث إنّ في السّند:عن ابن مسكان عن أبي بصير.
7- 7) أبو كهمس،قال الشّيخ في التّهذيب 8:93 الحديث 318 إنّ اسم أبي كهمس:هيثم بن عبيد،و قال في الفهرست: له كتاب،و عنونه النجاشيّ بقوله:الهيثم بن عبد اللّه أبو كهمس كوفيّ عربيّ له كتاب،قال المحقّق المامقانيّ:يوجد في بعض الأسانيد:أبو كهمش و ظنيّ أنّه محرّف أبي كهمس-بالسين-و لم أقف لأبي كهمش على ذكر في اللغة. الفهرست:191،رجال النّجاشيّ:436،تنقيح المقال 3:32 [9] من فصل الكنى.

فيهما للتشهّد فقلت و أنت جالس:«السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته» انصراف هو؟قال:«لا و لكن إذا قلت السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين فهو الانصراف» (1).

و أمّا العبارة الثّانية فقد وقع الاتّفاق عليها،لما رواه وائل بن حجر قال:صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فكان يسلّم عن يمينه:«السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر قال:رأيت إخوتي موسى،و إسحاق (3)،و محمّدا (4)بني جعفر يسلّمون في الصّلاة عن اليمين و الشّمال:

السّلام عليكم و رحمة اللّه،السّلام عليكم و رحمة اللّه (5).

ص:203


1- 1التّهذيب 2:316 الحديث 1292،الوسائل 4:1012 الباب 4 من أبواب التّسليم الحديث 2،و [1]فيهما:فقلت و أنا جالس مكان:و أنت جالس.
2- 2) سنن أبي داود 1:262 الحديث 997.
3- 3) إسحاق بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام.و قال الشّيخ المفيد في الإرشاد: [2]كان إسحاق بن جعفر من أهل الفضل و الصّلاح و الورع و الاجتهاد،و روى عنه النّاس الحديث و الآثار و كان ابن كاسب إذا حدّث عنه يقول:حدّثني الثّقة الرّضيّ إسحاق بن جعفر.و قال ابن حجر في ترجمته:ذكره ابن حبّان في الثّقات،و عن ابن معين:ما أراه كان إلاّ صدوقا. رجال الطوسيّ:149،الإرشاد للمفيد 2:203، [3]تهذيب التّهذيب 1:229. [4]
4- 4) محمّد بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين يلقّب بديباجة لحسن وجهه. عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السّلام.و قال النّجاشيّ:له نسخة يرويها عن أبيه.و قال المفيد في الإرشاد: [5]كان محمّد بن جعفر سخيّا شجاعا،و كان يصوم يوما و يفطر يوما و يرى رأي الزيديّة في الخروج في الإرشاد: [6]كان محمّد بن جعفر سخيّا شجاعا،و كان يصوم يوما و يفطر يوما و يرى رأي الزيديّة في الخروج بالسّيف.و قد نقل المحقّق المامقانيّ روايات عن الصّدوق تدلّ على أنّه قام بغير إذن الإمام و خالف الإمام الرّضا عليه السّلام و أنّه سعى عند الرّشيد لأخيه موسى بن جعفر عليه السّلام،ثمَّ قال:و من هذا حاله لا يمكن الاعتماد بخبره. رجال النّجاشيّ:367،رجال الطوسيّ:279،تنقيح المقال 2:94. [7]
5- 5) التّهذيب 2:317 الحديث 1297،الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 2. [8]
مسألة:و بأيّهما بدأ كان الآخر مستحبّا و كان الخروج بالأوّل

لقوله عليه السّلام:

«و تحليلها التّسليم» (1).و ذلك يتناول كلّ واحد منهما،فيحصل التحلّل (2)و الخروج من الصّلاة به،و لا نعرف خلافا في أنّه لا يجب عليه الإتيان بهما،إنّما النّزاع في وجوب تعيّن العبارة الأخيرة،و قد سلف جواز الاكتفاء بالعبارة الاُولى.

لا يقال:حجّتكم فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هو إنّما يسلّم بالعبارة الثّانية، و لأنّ الإجماع واقع على أنّ الخروج منحصر في العبارة الثّانية أو فعل المنافي،و العبارة الأُولى ليست أحدهما.

لأنّا نقول:إنّا احتججنا بفعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله على وجوب التّسليم، و جواز العبارة الأُولى مستفاد من الأحاديث المنقولة عن أهل البيت عليهم السّلام (3)، و من قوله:«و تحليلها التّسليم».و هو يصدق على العبارة الاولى،و الإجماع ممنوع،فإنّ النّصوص عن أهل البيت عليهم السّلام تدلّ على فساد هذه الدّعوى.

و قد صرّح الشّيخ في التّهذيب فقال:من قال:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين في التّشهّد فقد انقطعت صلاته،فإن قال بعد ذلك:السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته جاز (4).

فروع:
الأوّل:لا يخرج عن الصّلاة بقوله:السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته

ص:204


1- 1سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن الدّار قطنيّ 1:359 الحديث 1،سنن البيهقيّ 2:85.و من طريق الخاصّة ينظر:الكافي 3:69 الحديث 2، [1]الفقيه 1:23 الحديث 68،الوسائل 1:256 الباب 1 [2] من أبواب الوضوء الحديث 4 و ج 4:1003 الباب 1 من أبواب التسليم الحديث 1.
2- 2) ح و ق:التحليل.
3- 3) ينظر:الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم.
4- 4) ينظر:التّهذيب 2:129.

و لا نعرف فيه خلافا من القائلين بوجوبه،لأنّ المنقول هو الصّورتان المذكورتان (1).

و يؤيّده:رواية أبي كهمس و قد تقدّمت (2).

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الحلبيّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«كلّما ذكرت اللّه عزّ و جلّ به و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فهو من الصّلاة،فإن قلت:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،فقد انصرفت» (3).

الثّاني:إن سلّم بالعبارة الأولى وجب أن يأتي بها على صورتها

و هو:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،فلو عكس فقال:السّلام على عباد اللّه الصّالحين و علينا، أو قال:السّلام علينا و على عباد اللّه المخلصين أو العابدين لم يجز؛لأنّها منقولة عن آل الرّسول عليهم السّلام (4)فلا يجوز التعدّي عنها،و كذا لو أتى بالتّرجمة،ثمَّ إن أتى بغير المجزي متعمّدا بطلت صلاته،لأنّه كلام في الصّلاة غير مشروع،و إن بدأ بالعبارة الثّانية، ثمَّ أتى بالعبارة الأُولى جاز له أن يأتي بأيّ صيغة أراد،و على أيّ كيفيّة أوجدها صحّ،لأنّه يكون قد خرج من الصّلاة.

الثّالث:لو سلّم بقوله:السّلام عليكم و رحمة اللّه جاز

و إن لم يقل:و بركاته، بلا خلاف،و هل يجوز أن يقتصر على قوله:السّلام عليكم؟الأقرب عندي الجواز.و به قال ابن بابويه (5)،و ابن أبي عقيل (6)،و ابن الجنيد (7)،و به قال الشّافعيّ (8)،و أحمد (9).

ص:205


1- 1ذكرتا في ص 201.
2- 2) تقدّمت في ص 202 رقم 7. [1]
3- 3) التّهذيب 2:316 الحديث 1293،الوسائل 4:1012 الباب 4 من أبواب التّسليم الحديث 1. [2]
4- 4) ح:عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله.مكان:عن آل الرّسول عليهم السّلام.
5- 5) المقنع:29.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:236. [3]
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:236. [4]
8- 8) المجموع 3:475-476،المغني 1:626. [5]
9- 9) المغني 1:626،الكافي لابن قدامة 1:185، [6]الإنصاف 2:84. [7]

و قال أبو الصّلاح:الفرض أن يقول:السّلام عليكم و رحمة اللّه (1).

لنا:ما رواه سعيد بإسناده عن عليّ عليه السّلام أنّه كان يسلّم عن يمينه و شماله (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه البزنطيّ في جامعه،عن عبد اللّه بن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن تسليم الإمام و هو مستقبل القبلة؟قال:«يقول:

السّلام عليكم» (3).

و ما رواه أبو بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ثمَّ تؤذن القوم و أنت مستقبل القبلة فتقول:السّلام عليكم،و كذا إذا كنت وحدك» (4).

و لأنّ ذكر الرّحمة تكرير للثّناء فلم يجب،كقوله:و بركاته.

الرّابع:لو قال:سلام عليكم منكّرا منوّنا،فإن أتى به بعد قوله:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،أجزأه

لأنّه يكون آتيا به خارج الصّلاة،و لو أتى به مبتدئا ناويا به الخروج،ففي الإجزاء تردّد ينشأ،من وقوع اسم التّسليم عليه،و كونه من تحيّة القرآن ورد بصورتها فيكون مجزئا،و هو قول الشّافعيّ (5)،و من كونه غير المنقول و فيه إخلال بلام الاستغراق فيغيّر المعنى.

الخامس:لو نكس فقال:عليكم السّلام،لم يجزئه

خلافا للشّافعيّ (6)؛لأنّه خلاف المنقول و خلاف تحيّة القرآن،و الاقتصار على المنقول و منطوق القرآن بناء على اليقين (7)فيقتصر عليه.

ص:206


1- 1الكافي في الفقه:119. [1]
2- 2) سنن البيهقيّ 2:178،المغني 1:627.
3- 3) المعتبر 2:236، [2]الوسائل 4:1009 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 11. [3]
4- 4) التّهذيب 2:93 الحديث 349،الاستبصار 1:347 الحديث 1307،الوسائل 4:1008 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 8. [4]
5- 5) المغني 1:627،الشرح الكبير بهامش المغني 1:627.
6- 6) الاُمّ 1:122،المهذّب للشيرازيّ 1:80،المغني 1:627، [5]الشرح الكبير بهامش المغني 1:627. [6]
7- 7) م،ن و ق:التعيّن.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لأبي تميمة (1):«لا تقل عليكم السّلام،فإن قولك عليك السّلام تحيّة الموتى» (2).رواه أحمد.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عثمان بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يسلّم عليه في الصّلاة؟قال:«يردّ يقول:سلام عليكم،و لا يقول:و عليكم السّلام،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان قائما يصلّي فمرّ به عمّار بن ياسر فسلّم عليه،فردّ عليه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا» (3).

و إذا كان الإتيان بهذه الصّيغة منهيّا عنه في الصّلاة على سبيل الردّ،فكذا في التّسليم؛ لأنّه قبله لم يخرج عن الصّلاة و الردّ كالابتداء.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ المقصود المعنى،و هو يحصل مع العكس (4).

و الجواب:المنع من كون المعنى كلّ المراد.

السّادس:المستحبّ أن لا يطوّل السّلام و لا يمدّه

قال عليه السّلام:«حذف السّلام سُنّة» (5).أي:لا يمدّه و لا يطوّله.

مسألة:و المرّة الواحدة مجزئة للإمام و المأموم و المنفرد

و عن أحمد رواية أنّ الثّانية واجبة أيضا (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة،و سلمة بن الأكوع،و سهل بن سعد (7)رووا أنّ

ص:207


1- 1أبو تميمة الهُجيميّ البصريّ:طريف بن مجالد روى عن أبي موسى الأشعريّ و أبي هريرة و ابن عمر،و روى عنه خالد الحذّاء و سليمان التيميّ و سعيد الجريريّ.مات سنة 97 ه،و قيل:سنة 99 ه. أُسد الغابة 5:152، [1]تهذيب التّهذيب 5:12.و [2]في مسند أحمد 3:482: [3]الهُجينيّ بدل الهُجيميّ.
2- 2) مسند أحمد 3:482. [4]
3- 3) التّهذيب 2:328 الحديث 1348،الوسائل 4:1265 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [5]
4- 4) المغني 1:627،الشرح الكبير بهامش المغني 1:627.
5- 5) سنن أبي داود 1:263 الحديث 1004،سنن التّرمذيّ 2:93 الحديث 297.
6- 6) المغني 1:625،الشرح الكبير بهامش المغني 1:625،حلية العلماء 2:133.
7- 7) سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة.الأنصاريّ الساعديّ أبو العبّاس،و كان اسمه حزنا فسمّاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سهلا،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عن ابيّ بن كعب و عاصم بن عديّ،و روى عنه ابنه عبّاس و الزّهريّ و أبو حازم و غيرهم.مات بالمدينة سنة 91 ه. أُسد الغابة 2:366، [6]تهذيب التّهذيب 4:252، [7]مستدرك الحاكم 3:571،الجرح و التّعديل 4:198.

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يسلّم تسليمة واحدة،و كان المهاجرون يسلّمون تسليمة واحدة (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،و محمّد بن مسلم، و معمّر بن يحيى،و إسماعيل،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«يسلّم تسليمة واحدة إماما كان أو غيره» (2).

و لأنّ التّسليم مخرج من الصّلاة،لقوله عليه السّلام:«تحليلها التّسليم» (3).فلم يجب عليه شيء آخر فيها.

احتجّ أحمد بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،سلّم تسليمتين (4).

و الجواب:لا ريب في ندبيّته،ففعله المرّتين دليل الرّجحان،و اقتصاره على المرّة دليل (5)عدم المنع من النّقيض.

مسألة:و يستحبّ للمنفرد أن يسلّم تسليمة إلى القبلة و يومئ بمؤخّر عينيه إلى يمينه،و الإمام بصفحة وجهه

و المأموم يسلّم تسليمتين بوجهه يمينا و شمالا إن كان على يساره غيره،و إن لم يكن اقتصر بالتّسليم على يمينه.و ممّن قال إنّ الإمام يسلّم تسليمة

ص:208


1- 1سنن ابن ماجه 1:297 الحديث 918،919 و 920،سنن البيهقيّ 2:179-180،المغني 1:625،الشرح الكبير بهامش المغني 1:625.
2- 2) التّهذيب 2:93 الحديث 348،الاستبصار 1:346 الحديث 1306،الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 5. [1]
3- 3) سنن أبي داود 1:16 الحديث 61،سنن الدّار قطني 1:360 الحديث 4،و من طريق الخاصّة ينظر:الفقيه 1:23 الحديث 68،الوسائل 1:256 الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث 4 و ج 4:1003 الباب 1 من أبواب التّسليم الحديث 1.
4- 4) المغني 1:625،الشرح الكبير بهامش المغني 1:625.
5- 5) م بزيادة:على.

واحدة:ابن عمر،و أنس،و سلمة بن الأكوع،و عائشة،و الحسن،و ابن سيرين، و عمر بن عبد العزيز،و مالك،و الأوزاعيّ.و نقل الجمهور،عن عليّ عليه السّلام أنّه يستحبّ للإمام أن يسلّم تسليمتين عن يمينه و شماله.و كذا،عن عمّار،و ابن مسعود.و به قال عطاء،و الشّعبيّ،و الثّوريّ،و إسحاق،و ابن المنذر،و أحمد،و أصحاب الرّأي (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسلّم تسليمة واحدة تلقاء وجهه (2).

و عن سلمة بن الأكوع قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى فسلّم مرّة واحدة (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الحميد بن عوّاض،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن كنت تؤمّ قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك،و إن كنت مع إمام فتسليمتين،و إن كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة» (4).

و في الصّحيح،عن منصور قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«الإمام يسلّم واحدة و من وراه يسلّم اثنتين،و إن لم يكن عن شماله أحد سلّم واحدة» (5).

و عن عنبسة بن مصعب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يقوم في الصّفّ خلف إمام و ليس على يساره أحد كيف يسلّم؟قال:«تسليمة عن يمينه» (6).

ص:209


1- 1المغني 1:624،الشرح الكبير بهامش المغني 1:624،المجموع 3:481-482. [1]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:297 الحديث 919،المغني 1:624،الشرح الكبير بهامش المغني 1:624.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:297 الحديث 920،المغني 1:624،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 1:624.
4- 4) التّهذيب 2:92 الحديث 345،الاستبصار 1:346 الحديث 1303،الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 3. [3]
5- 5) التّهذيب 2:93 الحديث 346،الاستبصار 1:346 الحديث 1304،الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 4. [4]
6- 6) التّهذيب 2:93 الحديث 347،الاستبصار 1:346 الحديث 1305،الوسائل 4:1008 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 6. [5]

أمّا الإشارة بمؤخّر العين فشيء ذكره الشّيخ في النّهاية (1).و قال في المبسوط:الإمام و المنفرد يسلّمان تجاه القبلة (2).

و يؤيّد ما ذكره في النّهاية:ما رواه أحمد بن محمّد بن أبي نصر في جامعه،عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا كنت وحدك فسلّم تسليمة واحدة عن يمينك» (3).

و يؤيّد ما ذكره في المبسوط:رواية عبد الحميد (4)،و الكلّ جائز و إنّما البحث في الأولويّة.

مسألة:التّسليمة الاُولى من الصّلاة

قال علم الهدى في المسائل الطرابلسيّة:لم أجد لأصحابنا فيه نصّا و يقوى عندي أنّها من الصّلاة (5)،و به قال الشّافعيّ (6)،خلافا لأبي حنيفة (7).

لنا:أنّه ذكر شرع في محلّ من الصّلاة يجوز أن يرد عليه ما يفسد (8)الصّلاة،فكان منها كالتّشهّد.

و يؤيّده:ما تقدّم في رواية أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«آخر

ص:210


1- 1النّهاية:72.
2- 2) المبسوط 1:116. [1]
3- 3) المعتبر 2:237، [2]الوسائل 4:1009 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 12. [3]
4- 4) التّهذيب 2:92 الحديث 345،الاستبصار 1:346 الحديث 1303،الوسائل 4:1007 الباب 2 من أبواب التّسليم الحديث 3.
5- 5) لم نجده في المسائل الطرابلسيّة الّتي بأيدينا.نعم،ذكر المسألة في الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):195 مسألة-82.
6- 6) الأُمّ 1:122،المغني 1:623،الشرح الكبير بهامش المغني 1:623،مغني المحتاج 1:177،المجموع 3:481.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:53،بدائع الصّنائع 1:213،المغني 1:623،بداية المجتهد 1:131.
8- 8) م:يفيد،ن:يدلّ عليه ما يعد الصّلاة.مكان:يرد عليه ما يفسد الصّلاة.

الصّلاة التّسليم» (1).

احتجّ أبو حنيفة بقوله عليه السّلام:«إنّ صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام النّاس،إنّما هي التّسبيح و التّكبير و قراءة القرآن» (2).و لأنّ السّلام ينافيها فلم يكن منها كالكلام.

و الجواب:أنّ الخبر محمول على ما لم يشرع بها،و بهذا فارق الكلام.

مسألة:و هل يجب عليه أن ينوي بالتّسليم الخروج من الصّلاة؟

لم أجد لأصحابنا فيه نصّا،و الأقرب أنّه لا يجب؛لأنّه ذكر من الصّلاة فلم يفتقر إلى نيّة (3)بانفراده، كأجزائها.

و يؤيّده:قوله عليه السّلام:«فإن قلت:السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين فقد انصرفت» (4).و لم يشترط (5)نيّة الخروج.

فروع:
الأوّل:لو نوى بالتّسليم الخروج من الصّلاة كان أولى

لأنّه وضع له فشرعت له نيّته.

الثّاني:لو نوى مع ذلك الردّ على الملكين،و على من خلفه إن كان إماما،أو على من معه إن كان مأموما فلا بأس

خلافا لقوم من الجمهور (6).

لنا:أنّ القصد هو الخروج،و التّسليم على الصّالحين لا ينافيه.

ص:211


1- 1تقدّمت في ص 201. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:381 الحديث 537،سنن النّسائيّ 3:14،مسند أحمد 5:447 و 448، [2]سنن البيهقيّ 2: 249.
3- 3) م،ق و ح:نيّته.
4- 4) التّهذيب 2:316 الحديث 1293،الوسائل 4:1012 الباب 4 من أبواب التّسليم الحديث 1. [3]
5- 5) ق و ن:يشرط.
6- 6) المغني 1:630،الشرح الكبير بهامش المغني 1:629،الإنصاف 1:86.

و ما رواه الجمهور،عن جابر بن سمرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إنّما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه،ثمَّ يسلّم على أخيه من على يمينه و شماله».رواه مسلم (1).

الثّالث:قال الشّيخ في المبسوط:ينبغي أن ينوي بالتّسليم الأوّل الخروج من الصّلاة

، و بالثّاني التّسليم على الملائكة أو على من في يساره (2).

روى ابن بابويه في كتابه:أنّ رجلا سأل أمير المؤمنين عليه السّلام ما معنى قول الإمام:السّلام عليكم؟قال:«إنّ الإمام يترجم عن اللّه عزّ و جلّ و يقول في ترجمته لأهل الجماعة:أمان لكم من عذاب يوم القيامة» (3).

الرّابع التّسليم هو الإذن

الرّابع:روى الشّيخ في الموثّق،عن عمّار السّاباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التّسليم ما هو؟فقال:«هو إذن» (4).

الفصل الثّاني:في الأفعال المندوبة

اشارة

و فيه مباحث:

الأوّل:يستحبّ له إذا مشى إلى الصّلاة أن يكون خاضعا خاشعا بخوف و وجل

و عليه السّكينة و الوقار

قال اللّه تعالى اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (5).و قال:

وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى الْخاشِعِينَ (6).

و يستحبّ له أن يقول إذا قام إلى الصّلاة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبان و معاوية بن وهب جميعا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قمت إلى الصّلاة فقل:اللّهمّ

ص:212


1- 1صحيح مسلم 1:322 الحديث 431.
2- 2) المبسوط 1:116. [1]
3- 3) الفقيه 1:210 الحديث 945،الوسائل 4:1013 الباب 4 من أبواب التّسليم الحديث 4. [2]
4- 4) التّهذيب 2:317 الحديث 1296،الوسائل 4:1004 الباب 1 من أبواب التّسليم الحديث 7. [3]
5- 5) المؤمنون(23):2. [4]
6- 6) البقرة(2):45. [5]

إنّي أُقدّم إليك محمّدا بين يدي حاجتي و أتوجّه به إليك،فاجعلني به وجيها عندك في الدّنيا و الآخرة و من المقرّبين،اجعل صلاتي به متقبّلة،و ذنبي به مغفورا،و دعائي به مستجابا، إنّك أنت الغفور الرّحيم» (1).

و يستحبّ له أن يتوجّه بسبع تكبيرات،إحداها:تكبيرة الإحرام بينها ثلاثة أدعية.

و يستحبّ له الاستكانة و الخشوع في صلاته،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الفضيل بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان عليّ بن الحسين عليه السّلام إذا قام في الصّلاة تغيّر لونه،فإذا سجد لم يرفع رأسه حتّى يرفضّ عرقا» (2).و أن يأتي بالصّلاة على الوجه الأكمل غير مستعجل،و ليكن على سكون و وقار.

روى الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جالس في المسجد إذ (3)دخل رجل فقام فصلّى فلم يتمّ ركوعه و لا سجوده،فقال صلّى اللّه عليه و آله:نقر كنقر الغراب،لئن مات هذا و هكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني» (4).

و في الصّحيح،عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قام العبد من الصّلاة فخفّف صلاته قال اللّه تعالى لملائكته:أما ترون إلى عبدي كأنّه يرى أنّ قضاء حوائجه بيد غيري،إما يعلم أنّ قضاء حوائجه بيدي» (5).

و يستحبّ إيقاعها في المسجد جماعة،لما رواه الشّيخ في الموثّق،عن طلحة بن زيد، عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام قال:«لا صلاة لمن لم يشهد الصّلوات المكتوبات

ص:213


1- 1التّهذيب 2:287 الحديث 1149،الوسائل 4:708 الباب 15 من أبواب القيام الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:286 الحديث 1145،الوسائل 4:685 الباب 2 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 2. [2]
3- 3) م،ق و ح:إذا.
4- 4) التّهذيب 2:239 الحديث 948،الوسائل 4:922 الباب 3 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [3]
5- 5) التّهذيب 2:240 الحديث 950،الوسائل 3:24 الباب 9 من أبواب أعداد الفرائض الحديث 1. [4]

من جيران المسجد إذا كان فارغا صحيحا» (1).

و عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«همّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بإحراق قوم في منازلهم،كانوا يصلّون في منازلهم و لا يصلّون الجماعة،فأتاه رجل أعمى فقال:يا رسول اللّه إنّي ضرير البصر،و ربّما أسمع النّداء و لا أجد من يقودني إلى الجماعة و الصّلاة معك،فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«شدّ من منزلك إلى المسجد حبلا و احضر الجماعة» (2).

و لأنّها مواطن العبادة و مواضع الاستجابة فكان إيقاع الصّلاة فيها أولى.

و يستحبّ إيقاعها في أوّل الوقت.قال عليه السّلام:«أوّل الوقت رضوان و آخره عفو اللّه و العفو لا يكون إلاّ من ذنب» (3).

و قال عليه السّلام:«لفضل الوقت الأوّل على الآخر خير للمؤمن من ولده و ماله» (4).رواهما ابن بابويه.

البحث الثّاني:في القنوت
مسألة:اتّفق علماؤنا على استحباب القنوت في كلّ ثانية من كلّ فريضة و نافلة

و قال الشّافعيّ:القنوت في الصّبح مستحبّ في جميع الأوقات (5).و به قال مالك (6)،

ص:214


1- 1التّهذيب 3:261 الحديث 735،الوسائل 3:478 الباب 2 من أبواب أحكام المساجد الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 3:266 الحديث 753،الوسائل 5:377 الباب 2 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 9. [2]
3- 3) الفقيه 1:140 الحديث 651،الوسائل 3:90 الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث 16.و [3]فيهما:رضوان اللّه.
4- 4) الفقيه 1:140 الحديث 652،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث 14. [4]
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:81،المجموع 3:504،المغني 1:823،حلية العلماء 2:134،بداية المجتهد 1:132، الهداية للمرغينانيّ 1:66.
6- 6) المغني 1:823،المجموع 3:504،حلية العلماء 2:134،بداية المجتهد 1:131-132.

و ابن أبي ليلى (1)،و الحسن بن صالح بن حيّ (2).و نقله الشّافعيّ في القديم،عن عليّ عليه السّلام،و أبي بكر،و عمر،و عثمان،و أنس،و الحسن البصريّ (3).

و قال أبو حنيفة:إنّه غير مسنون بل هو مكروه في الصّلوات كلّها إلاّ الوتر (4)،و إليه ذهب الثوريّ (5).و قال أبو يوسف:إذا قنت الإمام فاقنت معه (6).

و قال أحمد:القنوت للأئمّة يدعون للجيوش فإن ذهب إليه ذاهب فلا بأس (7).و قال إسحاق:هو سنّة عند الحوادث لا يدعه الأئمّة (8).

لنا:قوله تعالى (وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ) (9).

لا يقال:القنوت طول القيام؛لقوله عليه السّلام:أفضل الصّلاة طول القنوت أي القيام (10).

لأنّا نقول:المراد طول الدّعاء كما قلناه؛لأنّه صار حقيقة شرعيّة.و لأنّه دعاء فيكون مأمورا به؛لقوله تعالى اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (11).و لأنّ الدّعاء أفضل العبادات فلا يكون منافيا للصّلاة.

ص:215


1- 1المجموع 3:504، [1]المغني 1:823.
2- 2) المجموع 3:504،المغني 1:823.
3- 3) المجموع 3:504، [2]حلية العلماء 2:134.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:66،المحلّى 4:145،بداية المجتهد 1:132،المجموع 3:504،المغني 1:823،المبسوط للسرخسيّ 1:165.
5- 5) المجموع 3:504،المغني 1:823،حلية العلماء 2:134.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:66،حلية العلماء 2:135،بدائع الصّنائع 1:274.
7- 7) المجموع 3:504،حلية العلماء 2:134.
8- 8) المجموع 3:504،حلية العلماء 2:135.
9- 9) البقرة(2):238. [3]
10- 10) ذكري الشيعة:185،الوسائل 4:919 الباب 22 من أبواب القنوت الحديث 3.
11- 11) غافر(40):60. [4]

و ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قنت شهرا يدعو على حيّ من أحياء العرب ثمَّ تركه.رواه مسلم (1)،و ذلك يقتضي فعله في كلّ صلاة.

و ما رووه،عن أبي هريرة قال:لمّا رفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأسه من الرّكعة الثّانية من الصّبح قال:«اللّهمّ أنج الوليد بن الوليد (2)،و سلمة بن هشام (3)، و عيّاش بن أبي ربيعة (4)،و المستضعفين بمكّة،و اشدد وطأتك على مُضَر (5)،و رِعل (6)،

ص:216


1- 1صحيح مسلم 1:466 الحديث 675.
2- 2) الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمرو بن مخزوم من أشراف قريش في الجاهليّة،و هو أخو خالد بن الوليد،أُسر يوم بدر كافرا ففداه أخواه هشام و خالد بمال و انصرفا فأسلم،فلمّا أسلم حبسه أخواه بمكّة ثمَّ أفلت من إسارتهم بدعاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لحق به.مات بالمدينة. أُسد الغابة 5:92، [1]الإصابة 3:639، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 3:628، [4]عمدة القارئ 6:80،الأعلام للزركلي 8:122. [5]
3- 3) سلمة بن هشام بن المغيرة المخزوميّ أبو هاشم صحابيّ من السابقين،و هو أخو أبي جهل،حبسه كفّار قريش عن الهجرة و آذوه،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعو له في صلاته،قتل بمرج الصّفر سنة 14 ه أوّل خلافة عمر،و قيل بل قتل بأجنادين قبل وفاة أبي بكر. أُسد الغابة 2:341، [6]الإصابة 2:68، [7]عمدة القارئ 6:80،الأعلام للزركلي 3:113. [8]
4- 4) عيّاش بن أبي ربيعة عمرو بن المغيرة يكنّى أبا عبد الرّحمن،و قيل:أبو عبد اللّه و هو أخو أبي جهل كان من السابقين الأوّلين،لمّا هاجر إلى المدينة قدم عليه أخواه لأُمّه أبو جهل و الحارث فذكرا له أنّ امّه حلفت أن لا يدخل رأسها دهن و لا تستظلّ حتّى تراه فرجع معهما فأوثقاه و حبساه بمكّة،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعو له في صلاته.قتل يوم اليرموك سنة 15 ه. أسد الغابة 4:161، [9]الإصابة 3:47، [10]عمدة القارئ 6:80،العبر 1:15. [11]
5- 5) مضر بن نزار بن معد بن عدنان:جدّ جاهليّ،من سلسلة النسب النبويّ.من أهل الحجاز،و هو شعب عظيم فيه قبائل كثيرة كقريش و هذيل و أسد و تميم.و كانت الرّئاسة لهم بمكّة و الحرم. عمدة القارئ 6:80،الأعلام للزركلي 7:249. [12]
6- 6) رعل بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهتة:جدّ جاهليّ.بنوه بطن من بهتة من سليم من العدنانيّة.و هم الذين مكث النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقنت في الصّلاة شهرا و يدعو عليهم. عمدة القارئ 7:20،الأعلام للزركلي 3:28. [13]

و ذكوان (1)،و أرسل عليهم سنين كسني يوسف».رواه البخاريّ (2).

و عن أنس قال:ما زال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقنت في الفجر حتّى فارق الدّنيا (3).و ذلك يبطل مذهب أبي حنيفة،و يبطل مذهب الشّافعيّ:ما تقدّم من الايات، و حديث أبي هريرة.

و ما رواه البراء بن عازب قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يصلّي صلاة مكتوبة إلاّ قنت فيها (4).

و ما رووه،عن عليّ عليه السّلام أنّه قنت في صلاة المغرب[فدعا] (5)على أُناس و أشياعهم (6).و إذا ثبت القنوت في المغرب ثبت العموم لعدم القائل بالفرق.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن صفوان الجمّال قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام أيّاما فكان يقنت في كلّ صلاة يجهر فيها أو لا يجهر فيها (7).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«القنوت في كلّ صلاة في الرّكعة الثّانية قبل الرّكوع» (8).

و في الصّحيح،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«القنوت في

ص:217


1- 1ذكوان بن ثعلبة بن بهتة:جدّ جاهليّ.بنوه بطن من سُليم من العدنانيّة.ينسب إليه كثيرون،منهم صفوان بن المعطّل،و عمير ابن الحُباب،و الحجاف. عمدة القارئ 7:21،الأعلام للزركلي 3:7. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:203 و ج 2:32.
3- 3) سنن الدّار قطنيّ 2:39 الحديث 9.
4- 4) سنن الدّار قطنيّ 2:37 الحديث 4،سنن البيهقيّ 2:198.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) سنن البيهقيّ 2:245.
7- 7) التّهذيب 2:89 الحديث 329،الاستبصار 1:338 الحديث 1270،الوسائل 4:896 الباب 1 من أبواب القنوت الحديث 3. [2]
8- 8) التّهذيب 2:89 الحديث 330،الاستبصار 1:338 الحديث 1271،الوسائل 4:900 الباب 3 من أبواب القنوت الحديث 1. [3]

المغرب في الرّكعة الثانية و في صلاة العشاء و الغداة مثل ذلك،و في الوتر في الرّكعة الثّالثة» (1).

و في الموثّق،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«القنوت في كلّ ركعتين من التطوّع أو الفريضة» (2).و لأنّه دعاء مشروع في بعض الصّلوات فيشرع في الباقي.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن عبد الملك بن عمرو قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القنوت قبل الرّكوع أو بعده؟قال:«لا قبله و لا بعده» (3).

و في الصّحيح،عن سعد بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:

سألته عن القنوت هل يقنت في الصّلوات كلّها أم فيما يجهر فيها بالقراءة؟قال:

«ليس القنوت إلاّ في الغداة و الوتر و الجمعة و المغرب» (4).

و عن يونس بن يعقوب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القنوت في أيّ الصّلوات أقنت؟فقال:«لا تقنت إلاّ في الفجر» (5).

لأنّا نقول:إنّ ذلك محمول على نفي الوجوب لا نفي الاستحباب،أو أنّه على سبيل التقيّة،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أحمد بن محمّد،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام

ص:218


1- 1التّهذيب 2:89 الحديث 332،الاستبصار 1:338 الحديث 1273،الوسائل 4:900 الباب 3 من أبواب القنوت الحديث 2. [1]في التّهذيب و الوسائل: [2]عن ابن سنان.
2- 2) التّهذيب 2:90 الحديث 336،الاستبصار 1:339 الحديث 1277،الوسائل 4:896 الباب 1 من أبواب القنوت الحديث 2. [3]
3- 3) التّهذيب 2:91 الحديث 337،الاستبصار 1:339 الحديث 1278،الوسائل 4:902 الباب 4 من أبواب القنوت الحديث 2. [4]
4- 4) التّهذيب 2:91 الحديث 338،الاستبصار 1:340 الحديث 1279،الوسائل 4:899 الباب 2 من أبواب القنوت الحديث 6. [5]
5- 5) التّهذيب 2:91 الحديث 339،الاستبصار 1:340 الحديث 1280،الوسائل 4:899 الباب 2 من أبواب القنوت الحديث 7. [6]

قال:«قال أبو جعفر في القنوت:إن شئت فاقنت و إن شئت فلا تقنت»قال أبو الحسن عليه السّلام:«و إذا كانت التّقيّة فلا تقنت و أنا أتقلّد هذا» (1).

و في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن القنوت فقال:«فيما يجهر فيه بالقراءة»قال:قلت له:إنّي سألت أباك عن ذلك فقال:«في الخمس كلّها»فقال:«رحم اللّه أبي إنّ أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحقّ،ثمَّ أتوني شكّاكا فأفتيتهم بالتّقيّة» (2).

احتجّ أبو حنيفة (3)بما روت أُمّ سلمة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن القنوت في الفجر (4).

و عن ابن مسعود،و أنس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قنت شهرا و ترك (5).

و احتجّ الشّافعيّ بعدم النّقل عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في القنوت في غير الصّبح، و عن الصّحابة (6).

و الجواب عن الأوّل:أنّ رواية محمّد بن يعلى (7)،عن عنبسة

ص:219


1- 1التّهذيب 2:91 الحديث 340،الاستبصار 1:340 الحديث 1281،الوسائل 4:901 الباب 4 من أبواب القنوت الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:91 الحديث 341،الاستبصار 1:340 الحديث 1282،الوسائل 4:897 الباب 10 من أبواب القنوت الحديث 10. [2]
3- 3) المجموع 3:504.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:393 الحديث 1242،سنن البيهقيّ 2:213-214.
5- 5) سنن البيهقيّ 1:213 و فيها حديث ابن مسعود،و ص 201 و فيها حديث أنس.
6- 6) المجموع 3:504-505.
7- 7) محمّد بن يعلي السّلميّ الكوفيّ و لقبه زُنبور،روى عن أبي الأشهب و عنبسة بن عبد الرّحمن و أبي هلال الرّاسبيّ، روى عنه أبو كريب و يحيى بن موسى.قال البخاريّ:هو ذاهب الحديث.و قال أبو حاتم:متروك الحديث.و قال النّسائيّ:ليس بثقة. الضعفاء الصغير للبخاريّ:219،الضعفاء الكبير للعقيليّ 4:149،الجرح و التعديل 8:130،المجروحين لابن حبّان 2:267،ميزان الاعتدال 4:70.

بن عبد الرّحمن (1)،عن عبد اللّه بن نافع (2)،و هؤلاء كلّهم ضعاف عند أهل الحديث.

و عن الثّاني:أنّه متروك بخبر (3)أنس،و يحتمل أن يكون قوله:و ترك،أي الدّعاء على القوم،و كذا هو في حديث أنس.

و عن الثّالث:أنّ النّقل موجود في حديث البراء،و أبي هريرة،و عليّ عليه السّلام، و أهل البيت عليهم السّلام.

مسألة:و يتأكّد استحبابه في الفرائض و آكدها فيما يجهر فيه

لرواية ابن مسكان فإنّه خصّص فيها ما يجهر فيه.

و روى الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:سألته عن القنوت في أيّ صلاة هو؟فقال:

«كلّ شيء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت» (4).

و القنوت قبل الرّكوع و بعد القراءة،و يتأكّد من الجهريّات في الغداة و المغرب؛

ص:220


1- 1عنبسة بن عبد الرّحمن بن عنبسة القرشيّ من ولد سعيد بن العاص،روى عن زيد بن أسلم،و عبد اللّه بن نافع مولى ابن عمر،و علاق بن أبي مسلم.و روى عنه الوليد بن مسلم،و عبد اللّه بن الحارث المخزوميّ،و محمّد بن يعلى زُنبور السّلميّ.قال البخاريّ:تركوه.و قال أبو حاتم:متروك الحديث.و قال ابن حبّان:صاحب أشياء موضوعة لا يحلّ الاحتجاج به. الضّعفاء الصغير للبخاريّ:183،الجرح و التّعديل 6:402،المجروحين لابن حبّان 2:178،ميزان الاعتدال 3: 301،تهذيب التّهذيب 8:160. [1]
2- 2) عبد اللّه بن نافع مولى ابن عمر من أهل المدينة يروي عن أبيه،و روى عنه عنبسة بن عبد الرّحمن،و عبّاد بن صهيب.قال البخاريّ:منكر الحديث.و قال ابن حبّان:كان ممّن يخطئ و لا يعلم.و عن النّسائيّ أنّه متروك الحديث.و قال ابن المدينيّ:روى أحاديث منكرة.و قال أبو حاتم:ضعيف. الضعفاء الصغير للبخاريّ:137،الجرح و التّعديل 5:183،المجروحين لابن حبّان 2:20،ميزان الاعتدال 2: 513،تهذيب التّهذيب 6:53. [2]
3- 3) ق و ح:لخبر.
4- 4) التّهذيب 2:89 الحديث 333،الاستبصار 1:339 الحديث 1274،الوسائل 4:898 الباب 2 من أبواب القنوت الحديث 1. [3]

لرواية سعد بن سعد،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام (1).

مسألة:و يستحبّ في المفردة من الوتر قبل الرّكوع و بعده

لا نعرف فيه خلافا؛لما رواه الجمهور،عن[عليّ عليه السّلام] (2)عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يقول في آخر وتره:«اللّهمّ إنّي أعوذ برضاك من سخطك، و أعوذ بمعافاتك من عقوبتك،و أعوذ بك منك لا احصي ثناء عليك،أنت كما أثنيت على نفسك» (3).

و من طريق الخاصّة:رواية ابن مسكان (4)،و سماعة،إذ الوتر ممّا يجهر فيه، و حديث سعد بن سعد (5).

و عن أبي بكر بن[أبي] (6)سمّاك (7)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي:«قل في قنوت الوتر:اللّهمّ اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنّا في الدّنيا و الآخرة».و قال:

ص:221


1- 1التّهذيب 2:91 الحديث 338،الاستبصار 1:340 الحديث 1279،الوسائل 4:899 الباب 2 من أبواب القنوت الحديث 6. [1]
2- 2) ن و م:أبي إسحاق،غ،ق و ح:اُبي،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:373 الحديث 1179،المغني 1:820، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 1:757-758. [3]
4- 4) ينظر:ص 218 رقم 1.
5- 5) ينظر:ص 220 رقم 4 و ص 221 رقم 1. [4]
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) إبراهيم بن أبي بكر محمّد بن الرّبيع.قال النجاشيّ:إبراهيم بن أبي بكر محمّد بن الرّبيع يكنّى بأبي بكر بن أبي السمّال.و نقل المحقّق المامقانيّ عن ابن داود:سمال،باللاّم و تخفيف الميم،و منهم من شدّدها و يفتح السين. و عن إيضاح الاشتباه:السمّاك بالسّين المهملة المفتوحة و الكاف أخيرا،و ضبطه المصنّف [5]بالسّين المهملة و اللاّم،و على أيّ كان قد وثّقه النجاشيّ مع التّصريح بكونه واقفيّا،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السّلام و نسب إليه و إلى أخيه الوقف،و صرّح المصنّف [6]في القسم الثّاني من الخلاصة بأنّه واقفيّ لا أعتمد على روايته. رجال النّجاشيّ:21،رجال الطّوسيّ:344،رجال العلاّمة:198، [7]تنقيح المقال 1:10 باب إبراهيم. [8]

«يجزئ من القنوت ثلاث تسبيحات» (1).

و عن أحمد بن عبد العزيز (2)،عن بعض أصحابنا قال:كان أبو الحسن الأوّل عليه السّلام إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال:«هذا مقام من حسناته نعمة منك،و شكره ضعيف،و ذنبه عظيم،و ليس لذلك إلاّ رفقك و رحمتك،فإنّك قلت في كتابك المنزل على نبيّك المرسل صلّى اللّه عليه و آله كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ.

وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (3).طال هجوعي و قلّ قيامي و هذا السّحر و أنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يجد لنفسه ضرّا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا».ثمَّ يخرّ ساجدا (4).

و روى ابن بابويه،عن أبي حمزة الثّماليّ قال:كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول في آخر وتره و هو قائم:«ربّ أسأت و ظلمت نفسي و بئس ما صنعت و هذه يداي جزاء بما صنعتا»قال:ثمَّ يبسط يديه جميعا قدّام وجهه و يقول:«و هذه رقبتي خاضعة لك لما أتت»قال:ثمَّ يطأطئ رأسه و يخضع برقبته،ثمَّ يقول:«و ها أنا ذا بين يديك فخذ لنفسك الرّضا من نفسي حتّى ترضى لك العتبى لا أعود لا أعود لا أعود»قال:و كان و اللّه إذا قال لا أعود لم يعد (5).

و روى ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يقول في قنوت الوتر:

«اللّهمّ اهدني فيمن هديت،و عافني فيمن عافيت،و تولّني فيمن تولّيت،و بارك لي فيما أعطيت،و قني شرّ ما قضيت،فإنّك تقضي و لا يقضى عليك،سبحانك ربّ البيت

ص:222


1- 1التّهذيب 2:92 الحديث 342،الوسائل 4:907 الباب 7 من أبواب القنوت الحديث 5. [1]
2- 2) أحمد بن عبد العزيز الكوفيّ أبو شبل بكسر الشّين المعجمة و سكون الباء بعده اللاّم،عدّه الشّيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصّادق عليه السّلام،و قال في الفهرست:أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ [2]له كتاب السقيفة. [3]رجال الطّوسي:143،الفهرست:36. [4]
3- 3) الذّاريات(51):18-19. [5]
4- 4) الكافي 3:325 الحديث 16، [6]التّهذيب 2:132 الحديث 508.
5- 5) الفقيه 1:311 الحديث 1413.

أستغفرك و أتوب إليك،و اومن بك و أتوكّل عليك لا حول و لا قوّة إلاّ بك يا رحيم» (1).

و رواه الجمهور،عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2).

فروع:
الأوّل:القنوت في الوتر مستحبّ في جميع السّنة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال ابن مسعود (3)،و إبراهيم النّخعيّ،و الحسن البصريّ،و أصحاب الرّأي،و أحمد في أقوى الرّوايتين.و قال في الأُخرى:إنّه لا يقنت إلاّ في النّصف الأخير من رمضان (4).و رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،و به قال ابيّ بن كعب،و ابن سيرين،و الزّهريّ (5)، و مالك (6)،و الشّافعيّ (7).

لنا:رواية ابيّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقول كذا (8).و لفظة كان للمداومة.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث.

و ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:

ص:223


1- 1الفقيه 1:308 الحديث 1405،المستدرك 1:318 الباب 6 من أبواب القنوت الحديث 2. [1]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:372 الحديث 1178،سنن التّرمذيّ 2:328 الحديث 464، [2]سنن أبي داود 2:63 الحديث 1425،سنن النّسائيّ 3:248،سنن الدّارميّ 1:373.
3- 3) سنن التّرمذيّ 2:329، [3]المغني 1:820،الشرح الكبير بهامش المغني 1:755،المجموع 4:24. [4]
4- 4) المغني 1:820،الشرح الكبير بهامش المغني 1:755،المجموع 4:24. [5]
5- 5) المغني 1:820، [6]الشرح الكبير بهامش المغني 1:755، [7]سنن التّرمذيّ 2:329. [8]
6- 6) المغني 1:820، [9]الشرح الكبير بهامش المغني 1:755، [10]المجموع 4:24. [11]
7- 7) المغني 1:820،الشرح الكبير بهامش المغني 1:755،المجموع 4:24، [12]سنن التّرمذيّ 2:329. [13]
8- 8) سنن أبي داود 2:64 ذيل الحديث 1427،المغني 1:820.

«القنوت في كلّ الصّلوات» (1).و لأنّه وتر و يشرع فيه القنوت كالنّصف الآخر من رمضان، و لأنّه ذكر شرع في الوتر فيشرع في جميع السّنة كغيره من الأذكار.

الثّاني:يجوز القنوت في الوتر قبل الرّكوع و بعده

لما رواه عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن الرّجل ينسى القنوت في الوتر أو غير الوتر،قال:«ليس عليه شيء»و قال:

«إن ذكره و قد أهوى إلى الرّكوع قبل أن يضع[يديه] (2)على الرّكبتين فليرجع قائما فليقنت، ثمَّ ليركع و إن وضع يديه على ركبتيه فليمض في صلاته و ليس عليه شيء» (3).

فهذه الرّواية تدلّ على أنّ القنوت قبل الرّكوع،و رواية بعض أصحابنا،عن أبي الحسن موسى عليه السّلام (4)،تدلّ على أنّه بعد الرّكوع،و كلاهما حسن.

الثّالث:ليس في قنوت الوتر شيء موظّف

لأنّ الوتر نافلة يقصد به تعظيم الرّبّ تعالى و الاستعطاف،فيجوز بكلّ (5)صنف يتخيّره المصلّي.و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نقل عنه أذكارا مختلفة في القنوت و هو دليل عدم الانحصار.

و من طريق أهل البيت عليهم السّلام ما رواه الشّيخ،عن إسماعيل بن الفضل قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّا أقول في وتري؟قال:«ما قضى اللّه على لسانك و قدّره» (6).

و لأنّهم عليهم السّلام اختلفت الرّوايات في أذكارهم،فدلّ على عدم التّوظيف.

مسألة:و في الجمعة قنوتان أحدهما في الأُولى قبل الرّكوع،و الثّاني في الثّانية بعد الرّكوع

على خلاف فيه بين علمائنا و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و القنوت مستحبّ في جميع الصّلوات

فلو أخلّ به عامدا أو ناسيا لم تبطل

ص:224


1- 1الفقيه 1:312 الحديث 1417،الوسائل 4:895 الباب 1 من أبواب القنوت الحديث 1. [1]
2- 2) في النّسخ:يده،و ما أثبتناه من المصدر.
3- 3) التّهذيب 2:131 الحديث 507،الوسائل 4:914 الباب 15 من أبواب القنوت الحديث 2. [2]
4- 4) مستدرك الوسائل 1:320 الباب 16 من أبواب القنوت الحديث 1،2. [3]
5- 5) ن،ق و ح:لكلّ.
6- 6) التّهذيب 2:314 الحديث 1281،الوسائل 4:908 الباب 9 من أبواب القنوت الحديث 3. [4]

صلاته.ذهب إليه أكثر علمائنا.

و قال ابن بابويه:القنوت سنّة واجبة من تركها عمدا أعاد،لقوله تعالى وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ (1). (2)

و روى ذلك ابن أُذينة،عن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«القنوت في الجمعة و الوتر و العشاء و العتمة و الغداة،فمن ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له» (3).و به قال ابن أبي عقيل (4).و لا أعلم خلافا في أنّه لو تركه نسيانا لم تبطل صلاته.

لنا:الأصل عدم الوجوب فلا يصار إلى خلافه إلاّ بدليل،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقنت تارة و ترك اخرى،و هو دليل على عدم الوجوب.

و ما رواه الشّيخ،عن عبد الملك بن عمر و قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القنوت قبل الرّكوع أو بعده؟قال:«لا قبله و لا بعده» (5).

و في الصّحيح،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:«قال أبو جعفر عليه السّلام في القنوت إن شئت فاقنت و إن شئت لا تقنت» (6).

و احتجاجهم بالآية ضعيف،لأنّه يتضمّن وجوب الدّعاء قائما،و الأمر المطلق لا يقتضي التّكرار،و لأنّه دلّ على وجوب القيام حال القنوت لا على وجوب القنوت.

و رواية وهب محمولة على الاستحباب جمعا بين الأدلّة.

ص:225


1- 1البقرة(2):238. [1]
2- 2) الفقيه 1:207.
3- 3) التّهذيب 2:90 الحديث 335،الاستبصار 1:339 الحديث 1276،الوسائل 4:898 الباب 2 من أبواب القنوت الحديث 2. [2]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:243. [3]
5- 5) التّهذيب 2:91 الحديث 337،الاستبصار 1:339 الحديث 1278،الوسائل 4:902 الباب 4 من أبواب القنوت الحديث 2. [4]
6- 6) التّهذيب 2:91 الحديث 340،الاستبصار 1:340 الحديث 1281،الوسائل 4:901 الباب 4 من أبواب القنوت الحديث 1. [5]
مسألة:و محلّ القنوت قبل الرّكوع

و عليه علماؤنا،و به قال ابيّ،و ابن مسعود، و أبو موسى،و البراء،و ابن عبّاس،و أنس،و عمر بن عبد العزيز،و عبيدة،و عبد الرّحمن بن أبي ليلى (1)،و مالك (2)،و أبو حنيفة (3).و قال الشّافعيّ:إنّه بعد الرّكوع (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابيّ،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قنت قبل الرّكوع (5).

و عن ابن مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قنت قبل الرّكوع (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«القنوت في كلّ صلاة في الرّكعة الثّانية قبل الرّكوع» (7).

و في حديث سماعة:«و القنوت قبل الرّكوع و بعد القراءة» (8).

و في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كلّ قنوت قبل الرّكوع إلاّ الجمعة،فإنّ الرّكعة الأُولى فيها قبل الرّكوع و الأخيرة بعد الرّكوع» (9).

احتجّ الشّافعيّ (10)بما رواه أبو هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قنت بعد

ص:226


1- 1المغني 1:821، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:756. [2]
2- 2) المغني 1:821،الشرح الكبير بهامش المغني 1:756،حلية العلماء 2:135.
3- 3) المغني 1:821،الشرح الكبير بهامش المغني 1:756.
4- 4) المغني 1:821،الشرح الكبير بهامش المغني 1:756،المجموع 3:494، [3]سنن التّرمذيّ 2:329. [4]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:374 الحديث 1182،المغني 1:820،الشرح الكبير بهامش المغني 1:757.
6- 6) الشرح الكبير [5]بهامش المغني 1:757.
7- 7) التّهذيب 2:89 الحديث 330،الاستبصار 1:338 الحديث 1271،الوسائل 4:900 الباب 3 من أبواب القنوت الحديث 1. [6]
8- 8) التّهذيب 2:89 الحديث 333،الاستبصار 1:339 الحديث 1274،الوسائل 4:900 الباب 3 من أبواب القنوت الحديث 3. [7]
9- 9) التّهذيب 2:90 الحديث 334،الاستبصار 1:339 الحديث 1275،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 12. [8]
10- 10) المجموع 3:506.

الرّكوع (1).

و الجواب:أنّه معارض بما قدّمناه من الأحاديث و هي أكثر.

مسألة:لو نسي القنوت حتّى ركع قضاه بعد الرّفع،فإن فاته فلا قضاء عليه

اختاره الشّيخ في المبسوط (2).و قال في النّهاية (3)،و المفيد:لو لم يذكر حتّى ركع في الثّالثة قضاه بعد فراغه من الصّلاة (4).و جعل الشّيخ القضاء بعد الفراغ رواية (5).

احتجّ على ما ذكره في المبسوط بما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم و زرارة بن أعين قالا:سألنا أبا جعفر عليه السّلام عن الرّجل ينسى القنوت حتّى يركع؟قال:«يقنت بعد الرّكوع فإن لم يذكر فلا شيء عليه» (6).

و على ما ذكره في النّهاية بما رواه في الموثّق،عن أبي أيّوب الخزّاز (7)عن أبي بصير قال:سمعته يذكر عند أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في الرّجل إذا سها في القنوت:«قنت بعد

ص:227


1- 1صحيح مسلم 1:467 الحديث 675،سنن الدّارميّ 1:374، [1]سنن البيهقيّ 2:207.
2- 2) المبسوط 1:113. [2]
3- 3) النّهاية:89-90. [3]
4- 4) المقنعة:23.
5- 5) المبسوط 1:113. [4]
6- 6) التّهذيب 2:160 الحديث 628،الاستبصار 1:344 الحديث 1295،الوسائل 4:916 الباب 18 من أبواب القنوت الحديث 1. [5]
7- 7) إبراهيم بن عثمان أبو أيّوب الخزّاز الكوفيّ،و ضبط الخزّاز بالخاء و الزّائين بينهما ألف أي بيّاع الخزّ،و احتمل المصنّف كونه خرّاز بالرّاء أوّلا،و الزّاء أخيرا.قال المحقّق المامقانيّ:هذا من الموارد الّتي صدر منهم الخلط بجعل إبراهيم هذا متّحدا مع إبراهيم بن زياد الخزّاز،و جعل اخرى متّحدا مع إبراهيم بن عيسى.و بعد نقل الأقوال قال:أمّا اتّحاد ابن عثمان و ابن عيسى فاحتماله ليس بمستنكر حيث إنّ الشيخ في رجاله عنونه بإبراهيم بن عيسى من أصحاب الصادق عليه السّلام مضيفا إليه قوله:و يقال ابن عثمان.و قال النّجاشيّ:إبراهيم بن عيسى أبو أيّوب الخزّاز، و قيل:إبراهيم بن عثمان. و قال المصنّف في الخلاصة:إبراهيم بن عيسى،و قيل:إبراهيم بن عثمان وثّقه النّجاشيّ و الشيخ و المصنّف. رجال النجاشيّ:20،رجال الطّوسيّ:154،الفهرست:8، [6]رجال العلاّمة:5، [7]تنقيح المقال 1:26.باب إبراهيم. [8]

ما ينصرف و هو جالس» (1).و الأقرب عندي:الأوّل،لكثرة الرّوايات به مع سلامة سندها.و لأنّ الأصل عدم شغل الذّمّة بواجب أو ندب (2).

فرع:

لا خلاف عندنا في استحباب الإتيان بالقنوت بعد الرّكوع مع نسيانه قبله،و أمّا أنّه هل هو قضاء أو أداء ففيه تردّد،يَنشأ،من كون محلّه قبل الرّكوع و قد فات فيتعيّن (3)القضاء،و من كون الأحاديث لم تدلّ على كونه قضاء،مع أنّه قد روى الشّيخ،عن إسماعيل الجعفيّ،و معمّر بن يحيى،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«القنوت قبل الرّكوع و إن شئت فبعده» (4).و الرّواية غير سليمة عن الطّعن في السّند،و الأقرب الأوّل.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل ينسى القنوت حتّى يركع أ يقنت؟قال:«لا» (5).

لأنّا نقول:إنّه أراد نفي الإيجاب أو حال التقيّة،ذكرهما الشّيخ (6).

مسألة:و يجوز أن يدعو في قنوته للمسلمين عموما،و لإنسان معين

و أن يسأل ما هو مباح من أُمور الدّنيا

خلافا لأبي حنيفة،و أحمد (7).

ص:228


1- 1التّهذيب 2:160 الحديث 361،الاستبصار 1:345 الحديث 1298،الوسائل 4:915 الباب 16 من أبواب القنوت الحديث 2. [1]
2- 2) غ:مندوب.
3- 3) ق و ح:فتعيّن.
4- 4) التّهذيب 2:92 الحديث 343،الاستبصار 1:341 الحديث 1283،الوسائل 4:900 الباب 3 من أبواب القنوت الحديث 4. [2]
5- 5) التّهذيب 2:161 الحديث 633،الاستبصار 1:345 الحديث 1300،الوسائل 4:916 الباب 18 من أبواب القنوت الحديث 4. [3]
6- 6) التّهذيب 2:161،الاستبصار 1:345.
7- 7) لم نعثر على قولها.

لنا:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (1)،و عليّا عليه السّلام كانا يدعوان في القنوت لأقوام بأعيانهم،و على آخرين معيّنين (2).

و ما رواه الجمهور،عن فضالة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا صلّى أحدكم فليبدأ بحمد (3)اللّه و الثّناء عليه،ثمَّ يصلّي عليّ،ثمَّ يدعو بعده بما شاء» (4).

و عن أبي الدّرداء قال:إنّي لأدعو في صلاتي لسبعين أخا من إخواني بأسمائهم و أنسابهم (5).و لم ينكر عليه أحد.

و عن أبي مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ثمَّ ليتخيّر من الدّعاء أعجبه إليه» (6).

و في حديث مسلم:«ثمَّ ليتخيّر بعده من المسألة ما شاء أو ما أحبّ» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«تدعو في الوتر على العدوّ و إن شئت سمّيتهم و تستغفر، و ترفع يديك في الوتر حيال وجهك و إن شئت تحت (8)ثوبك» (9).

ص:229


1- 1صحيح مسلم 1:467 باب استحباب القنوت في جميع الصّلاة،سنن ابن ماجه 1:393 باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر،سنن النّسائي 2:200 باب القنوت في صلاة الصبح،سنن أبي داود 2:67 باب القنوت في الصّلوات، سنن الدّارميّ 1:374 باب القنوت بعد الرّكوع،مسند أحمد 2:239،255،271 و 396،سنن البيهقيّ 2:344 باب ما يجوز من الدّعاء في الصّلاة.
2- 2) سنن البيهقيّ 2:245،كنز العمّال 8:79 الحديث 21976.
3- 3) ق و ح:الحمد.
4- 4) مسند أحمد 6:18، [1]سنن البيهقيّ 2:147.
5- 5) سنن البيهقيّ 2:245.و فيه:«إنّي لأدعو لثلاثين من إخواني و أنا ساجد اسمّيهم بأسمائهم و أسماء آبائهم».
6- 6) صحيح البخاريّ 1:212،سنن أبي داود 1:254 الحديث 968.
7- 7) صحيح مسلم 1:302 الحديث 402.
8- 8) أكثر النّسخ:فتحت.
9- 9) التّهذيب 2:131 الحديث 504،الوسائل 4:912 الباب 12 و 13 الحديث 1. [2]

و روى ابن بابويه،عن معروف بن خرّبوذ (1)،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«ثمَّ ادع اللّه بما أحببت يعني في قنوت الوتر» (2).

و عن الصّادق عليه السّلام قال:«كلّما ناجيت به ربّك في الصّلاة فليس بكلام» (3).

فروع:
الأوّل:لا يجوز الدّعاء بالمحرّم

بالإجماع.

الثّاني:ليس في القنوت شيء متعيّن للقول

بل قد وردت أحاديث عن الرّسول و أهل بيته صلّى اللّه عليهم بأدعية مختلفة متغايرة،و ذلك يدلّ على الاكتفاء بأيّ دعاء كان.نعم،المستحبّ ما هو مأثور.

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن القنوت فيه قول معلوم؟فقال:«أثن على ربّك،و صلّ على نبيّك،و استغفر لذنبك» (4).

و عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«القنوت

ص:230


1- 1معروف بن خرّبوذ بالخاء المعجمة المفتوحة ثمَّ الرّاء المشدّدة ثمَّ الباء الموحّدة المضمومة ثمَّ الواو ثمَّ الذّال.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب السّجاد و الباقر و الصّادق عليهم السّلام بقوله:معروف بن خرّبوذ القرشيّ مولاهم مكّيّ.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة.و قال الكشّيّ:إجماع الصّحابة على تصديق ستّة من أصحاب أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام منهم معروف بن خرّبوذ. رجال الكشّيّ:238،رجال الطّوسيّ:101،135 و 320،رجال العلاّمة:170، [1]تنقيح المقال 1:16 و ج 3: 227. [2]
2- 2) الفقيه 1:311 الحديث 1412.
3- 3) الفقيه 1:312 الحديث 1419،الوسائل 4:917 الباب 19 من أبواب القنوت الحديث 4.
4- 4) الفقيه 1:207 الحديث 933،الوسائل 4:908 الباب 9 من أبواب القنوت الحديث 4. [3]

في الوتر الاستغفار و في الفريضة الدّعاء» (1).

و عن عبد الرّحمن بن أبي نجران،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«يجزئك من القنوت خمس تسبيحات في ترسّل» (2).

و في رواية أبي بكر بن سمّاك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«يجزئ من القنوت ثلاث تسبيحات» (3).

و في الصّحيح،عن سعد بن أبي خلف (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجزئك في القنوت:اللّهمّ اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنّا في الدّنيا و الآخرة إنّك على كلّ شيء قدير» (5).

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام القول في قنوت الفريضة في الأيّام كلّها إلاّ في (6)الجمعة:«اللّهمّ إنّي أسألك لي و لوالديّ و لولدي و أهل بيتي و إخواني فيك اليقين و العفو و المعافاة و الرّحمة و العافية في الدّنيا و الآخرة» (7).

ص:231


1- 1الكافي 3:450 الحديث 32، [1]الفقيه 1:311 الحديث 1414،التّهذيب 2:131 الحديث 503،الوسائل 4: 907 الباب 8 من أبواب القنوت الحديث 1. [2]
2- 2) التهذيب 2:131 الحديث 505،الوسائل 4:905 الباب 6 من أبواب القنوت الحديث 2. [3]
3- 3) التهذيب 2:92 الحديث 342،الوسائل 4:905 الباب 6 من أبواب القنوت الحديث 3. [4]
4- 4) سعد بن أبي خلف يعرف ب«الزام»-بالزّاي المعجمة و الألف و الميم بمعنى المتكبّر-مولى بني زهرة بن الكلاب، كوفيّ ثقة،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،له كتاب قاله النجاشيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السّلام،و قال في الفهرست:صاحب أبي عبد اللّه عليه السّلام له أصل،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الطّوسيّ:203،351،الفهرست:76، [5]رجال النجاشيّ:178،رجال العلاّمة،78. [6]
5- 5) الكافي 3:340 الحديث 12، [7]التهذيب 2:87 الحديث 322،الوسائل 4:906 الباب 7 من أبواب القنوت الحديث 1. [8]
6- 6) م و ن:يوم.
7- 7) الفقيه 1:209 الحديث 944،الوسائل 4:906 الباب 7 من أبواب القنوت الحديث 2. [9]
الثّالث:يجوز الدّعاء بغير العربيّة

خلافا لسعد بن عبد اللّه (1)من قدمائنا (2).و به قال محمّد بن الحسن الصفّار منهم (3)،و ابن بابويه (4).

لنا:أنّه يصدق عليه اسم الدّعاء فيكون داخلا تحت قوله اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (5).

و لقول أبي جعفر الثّاني عليه السّلام قال:«لا بأس أن يتكلّم الرّجل في صلاة الفريضة بكلّ شيء يناجي به ربّه عزّ و جلّ» (6).رواه ابن بابويه.

و لقوله عليه السّلام:«كلّما ناجيت به ربّك فليس بكلام» (7).أي بكلام (8)مبطل.

و لقول الصّادق عليه السّلام:«كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» (9).رواه ابن بابويه.

و النّهي هنا غير موجود،و لا نعرف حجّة لسعد في ذلك.

ص:232


1- 1سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الأشعريّ القمّيّ قال الشيخ في رجاله في باب أصحاب العسكريّ عليه السّلام: سعد بن عبد اللّه القمّيّ عاصره يعني العسكريّ عليه السّلام و لم أعلم أنّه روى عنه،و قال في باب من لم يرو عنهم عليهم السّلام:جليل القدر صاحب تصانيف،و قال في الفهرست:جليل القدر واسع الأخبار كثير التصانيف ثقة، و قال النجاشيّ:شيخ هذه الطائفة و وجهها،و قال المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة:لقي مولانا أبا محمّد العسكريّ عليه السّلام،توفّي سنة 299 و [1]قيل 301 ه. رجال الطّوسيّ:431،475،الفهرست:75، [2]رجال النجاشيّ:177،رجال العلاّمة:78. [3]
2- 2) غ:فقهائنا.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:240. [4]
4- 4) الفقيه 1:208.
5- 5) غافر(40):60. [5]
6- 6) الفقيه 1:208 الحديث 936،الوسائل 4:917 الباب 19 من أبواب القنوت الحديث 2. [6]
7- 7) الفقيه 1:208 الحديث 939 و ص 312 الحديث 1419،الوسائل 4:917 الباب 19 من أبواب القنوت الحديث 4،و [7]فيها:«كلّما ناجيت به ربّك في الصّلاة فليس بكلام».
8- 8) م:كلام.
9- 9) الفقيه 1:208 الحديث 937،الوسائل 4:917 الباب 19 من أبواب القنوت الحديث 3. [8]
مسألة:و يستحبّ فيه الجهر مطلقا

و قال علم الهدى:يجهر في الجهريّة و يخافت في الإخفاتيّة و قد روي الجهر به على كلّ حال (1).و قال الشّافعيّ:يخافت به مطلقا (2).

لنا:أنّه تقديس اللّه تعالى و تعظيم و استغفار و سؤال فواضله فيحسن فيه الإجهار.

و يؤيّده:ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«القنوت كلّه جهار» (3).

احتجّ الشّافعيّ بأنّه مسنون فأشبه التشهّد الأوّل (4).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل و المطالبة بالجامع.

و يستحبّ فيه التطويل.روى ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أطولكم قنوتا في دار الدّنيا أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف» (5).

و يستحبّ فيه رفع اليدين تلقاء وجهه مبسوطتين،لما رواه ابن بابويه،عن أبي حمزة الثّماليّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام في الحديث الّذي وصف فيه قنوته عليه السّلام (6).

و روى محمّد بن سليمان قال:كتبت إلى الفقيه أسأله عن القنوت،فقال:«إذا كانت ضرورة شديدة فلا ترفع اليدين» (7).و هو يدلّ بالمفهوم على الرّفع مع عدم الضّرورة.

ص:233


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:243. [1]
2- 2) المجموع 3:501،فتح العزيز بهامش المجموع 3:441-443.
3- 3) الفقيه 1:209 الحديث 944،الوسائل 4:918 الباب 21 من أبواب القنوت الحديث 1. [2]
4- 4) المجموع 3:501، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 3:441-443.
5- 5) الفقيه 1:308 الحديث 1406،الوسائل 4:919 الباب 22 من أبواب القنوت الحديث 1. [4]
6- 6) الفقيه 1:311 الحديث 1413،المستدرك 1:321 الباب 16 من أبواب القنوت الحديث 6. [5]
7- 7) التهذيب 2:315 الحديث 1286،الوسائل 4:912 الباب 12 من أبواب القنوت الحديث 3.و [6]فيهما:عن عليّ بن محمّد بن سليمان.

و روى عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«تدعو في الوتر على العدوّ،و إن شئت سمّيتهم و تستغفر،و ترفع يديك حيال وجهك،و إن شئت تحت ثوبك» (1).

و يستحبّ أن يتلقّى بباطنهما السّماء و يجوز العكس.

مسألة:و يستحبّ أن يرفع يديه بالتّكبير

ذهب إليه الشّيخ (2).و قال المفيد:

لا يكبّر (3).و قد سلف (4)ما يدلّ عليه (5)،و هل يستحبّ له أن يمسح وجهه بيديه عند الفراغ من الدّعاء؟قيل:نعم (6)،و لم يثبت.

البحث الثّالث:في شغل النّظر و الكفّين
مسألة:و يستحبّ له أن ينظر في حال قيامه إلى موضع سجوده

لئلاّ يشتغل نظره فيشتغل قلبه.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه

ص:234


1- 1الفقيه 1:309 الحديث 1410،التّهذيب 2:131 الحديث 504،الوسائل 4:911 [1] الباب 12 من أبواب القنوت الحديث 1،و ص 912 الباب 13 الحديث 1.
2- 2) المبسوط 1:113، [2]النهاية:89. [3]
3- 3) نسب إليه القول برفع اليدين إلى القنوت بغير تكبير كلّ من تعرّض لهذا الحكم حتّى الشّيخ في التهذيب 2:87 قال:«إنّ الشيخ رحمه اللّه ذكر في الكتاب أنّه يرفع يديه للقنوت بغير تكبير».و الموجود في المقنعة:16 رفع يديه بالتكبير،و من المظنون أن يكون ذلك بالسّماع منه،و يؤيّد ذلك ما في الاستبصار 1:337 فإنّه قال بعد ذكر الأخبار الدّالّة على استحباب التكبير:«و بها كان يفتي شيخنا المفيد ثمَّ عنّ له في آخر عمره ترك العمل بها و العمل على رفع اليدين بغير تكبير».
4- 4) غ:سبق.
5- 5) سلف في ص 196.
6- 6) شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:362.

الصّلاة:«و ليكن نظرك إلى موضع سجودك» (1).

و ما رواه غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السّلام قال:«لا تجاوز بطرفك في الصّلاة موضع سجودك» (2).و لأنّه أبلغ في الاستكانة و الخضوع فكان فعله مشروعا.

مسألة:و لينظر في حال ركوعه إلى ما بين رجليه استحبابا

(3)قاله الشّيخان (4)، و علم الهدى (5).

و قال الشّيخ أيضا:و غمّض عينيك فإن لم تفعل فليكن نظرك إلى ما بين رجليك (6).

و يدلّ على الأوّل:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:«و ليكن نظرك إلى ما بين قدميك» (7).و ما رواه مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يغمّض الرّجل عينيه في الصّلاة (8).

و يدلّ على الثّاني:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:ثمَّ ركع و سوّى ظهره،و مدّ عنقه،و غمّض عينيه (9).و الكلّ عندي جائز.و رواية مسمع لا ينافي هذا؛لأنّ النّهي جاز أن يتناول غير حالة الرّكوع.

مسألة:و ينظر في حال قنوته إلى باطن كفّيه استحبابا

لأنّ النّظر إلى السّماء حينئذ

ص:235


1- 1التهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:326 الحديث 1334،الوسائل 4:709 الباب 16 من أبواب القيام الحديث 2. [2]
3- 3) غ،م،ن و ق:مستحبّا.
4- 4) الشيخ المفيد في المقنعة:16،و الشيخ الطوسيّ في المبسوط 1:101،و [3]النهاية:71،و [4]الجمل و العقود:71.
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:245-246. [5]
6- 6) النهاية:71. [6]
7- 7) التهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [7]
8- 8) التهذيب 2:314 الحديث 1280،الوسائل 4:1252 الباب 6 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [8]
9- 9) التهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [9]

مكروه،لما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«اجمع بصرك و لا ترفعه إلى السّماء» (1).و التّغميض مكروه،لرواية مسمع (2)فتعيّن شغلها بالنّظر إلى باطن الكفّين.

مسألة:و ينظر في سجوده إلى طرف أنفه،و في حال قعوده إلى حجره

لئلاّ يشتغل قلبه عن عبادة اللّه تعالى.

مسألة:و يستحبّ له وضع يديه في حال قيامه على فخذيه محاذيا لعيني ركبتيه قد ضمّ أصابعهما

ذكره علماؤنا،و التّعويل على النّقل المشهور عن أهل البيت عليهم السّلام.

روى الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمّا علّمه الصّلاة:فقام أبو عبد اللّه عليه السّلام مستقبل القبلة منتصبا،فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه (3).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا قمت في الصّلاة فلا تلصق قدمك بالأُخرى،دع بينهما فصلا إصبعا أقلّ (4)ذلك إلى شبر أكثره،و أسدل منكبيك و أرسل يديك و لا تشبّك أصابعك،و ليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك» (5).

و يستحبّ وضعهما في حال ركوعه على عيني ركبتيه،و في سجوده حيال وجهه، و في جلوسه على فخذيه،و مستند ذلك كلّه النّقل عن أهل البيت عليهم السّلام (6).

ص:236


1- 1التهذيب 2:199 الحديث 782،الوسائل 4:709 الباب 16 من أبواب القيام الحديث 3.و [1]فيهما:اخشع بصرك،و بهذا اللفظ ينظر:المعتبر 2:246، [2]الوسائل 4:709 الباب 16 من أبواب القيام الحديث 3. [3]
2- 2) تقدّمت في ص 235. [4]
3- 3) التهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:674 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 1. [5]
4- 4) ح بزيادة:من.
5- 5) التهذيب 2:83 الحديث 308،الوسائل 4:675 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 3. [6]
6- 6) الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة.
البحث الرّابع:في التّعقيب
مسألة:أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على استحباب التّعقيب عقيب الصّلوات

روى الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا تشهّد أحدكم فليتعوّذ من أربع:من عذاب النّار،و عذاب القبر،و فتنة المحيا و الممات،و فتنة المسيح الدّجّال ثمَّ يدعو لنفسه بما بدا له» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن منصور بن يونس (2)،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من صلّى صلاة فريضة و عقّب إلى أُخرى فهو ضيف اللّه، و حقّ على اللّه أن يكرم ضيفه» (3).

و في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«الدّعاء بعد الفريضة أفضل من الصّلاة تنفّلا» (4).

مسألة:و ليس فيه شيء موظّف،بل يجوز الدّعاء بمهما أراد من أُمور الدّين

(5)

ص:237


1- 1سنن النّسائيّ 3:58،كنز العمّال 7:476 الحديث 19861.
2- 2) منصور بن يونس بُزُرج-بضمّ الباء المنقّطة تحتها نقطة و ضمّ الزّاء و إسكان الرّاء و الجيم-القرشيّ أبو يحيى، و قيل:أبو سعيد،عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق عليه السّلام و قال:روى عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام،و اخرى من أصحاب الكاظم عليه السّلام و قال:له كتاب،واقفيّ.و قال في الفهرست:له كتاب من دون تعرّض لوقفه،و قال النجاشيّ:كوفيّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال بعد نقل قول الشيخ بالوقف و قول النجاشيّ بالوثوق:و الوجه عندي التوقّف فيما يرويه. رجال الكشّيّ:468،رجال الطوسيّ:313،360،الفهرست:164، [1]رجال النجاشيّ:413،رجال العلاّمة: 258، [2]تنقيح المقال 3:250. [3]
3- 3) التهذيب 2:103 الحديث 388،الوسائل 4:1014 الباب 1 من أبواب التعقيب الحديث 5. [4]
4- 4) التهذيب 2:103 الحديث 389،الوسائل 4:1020 الباب 1 من أبواب التعقيب الحديث 2. [5]
5- 5) هامش ح:بكلّ ما أراد من أُمور.

و الدّنيا ممّا ليس بمحرّم لكن ما ورد به الأثر (1)أفضل.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و قال أبو حنيفة:يقتصر على ألفاظ القرآن و ما ورد من المأثور (2).

لنا:رواية أبي هريرة:«ثمَّ يدعو لنفسه بما بدا له».

و عن أنس قال:جاءت أُمّ سليم إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقالت:يا رسول اللّه علّمني دعاء أدعو به في صلاتي،فقال:«احمدي اللّه عشرا،و سبّحي اللّه عشرا،ثمَّ سلي ما شئت» (3).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الرّوايات الدّالّة على الإذن في الدّعاء مطلقا (4).

و عن الوليد بن صبيح (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«التّعقيب أبلغ في طلب الرّزق من الضّرب في البلاد» (6).يعني بالتّعقيب الدّعاء بعقب (7)الصّلاة (8).

مسألة:و أفضل ما يقال:ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام،و هو أنّه إذا سلّم كبّر ثلاثا

يرفع يديه إلى شحمتي أُذنيه بها قبل أن يثنّي رجليه ثمَّ يقول:ما رواه الشيخ في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قل بعد التّسليم:اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،له الملك و له الحمد،يحيي و يميت و هو حيّ لا يموت،بيده الخير

ص:238


1- 1ق و ح:الأمر.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:52،شرح فتح القدير 1:277.
3- 3) سنن النّسائيّ 3:51،المغني 1:621.
4- 4) تقدّم في ص 229 و ما بعدها.
5- 5) الوليد بن صبيح الأسديّ مولاهم الكوفيّ أبو العبّاس،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و روى الكشّيّ أنّ الإمام الصادق عليه السّلام ترحّم عليه،وثّقه النجاشيّ،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الكشّيّ:319، [1]رجال الطوسيّ:326،رجال النجاشيّ:431،رجال العلاّمة:177.
6- 6) التهذيب 2:104 الحديث 391،الوسائل 4:1013 الباب 1 من أبواب التّعقيب الحديث 1. [2]
7- 7) غ:بعقيب،م و ق:يعقب.
8- 8) ن و غ:الصلوات.

و هو على كلّ شيء قدير،لا إله إلاّ اللّه وحده،صدق وعده،و نصر عبده،و هزم الأحزاب وحده،اللّهمّ اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك،إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (1).

و عن سلام المكّيّ (2)،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«أتى رجل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقال له:شيبة الهذيل،فقال:يا رسول اللّه إنّي شيخ قد كبر سنّي و ضعفت قوّتي عن عمل كنت قد عوّدته نفسي من صلاة و صيام و حجّ و جهاد،فعلّمني يا رسول اللّه كلاما ينفعني اللّه به و خفّف عليّ يا رسول اللّه،فقال:أعد فأعاد ثلاث مرّات،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ما حولك شجرة و لا مدرة إلاّ و قد بكت من رحمتك،فإذا صلّيت الصّبح فقل عشر مرّات:سبحان اللّه العظيم و بحمده،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم،فإنّ اللّه يعافيك بذلك من العمى،و الجنون،و الجذام،و الفقر،و الهرم فقال:

يا رسول اللّه هذا للدّنيا فما للآخرة؟فقال:تقول في دبر كلّ صلاة:اللّهمّ اهدني من عندك، و أفض عليّ من فضلك،و انشر عليّ من رحمتك،و أنزل عليّ من بركاتك.قال:فقبض عليهنّ بيده ثمَّ مضى» (3).

و في الموثّق،عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لأصحابه ذات يوم:أرأيتم لو جمعتم ما عندكم من الثّياب و الآنية، ثمَّ وضعتم بعضه على بعض أ ترونه يبلغ السّماء؟قالوا:لا،يا رسول اللّه،فقال:يقول أحدكم إذا فرغ من صلاته:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،ثلاثين مرّة، و هنّ يدفعن الهدم و الغرق و الحرق و التردّي في البئر و أكل السّبع و ميتة السّوء و البليّة

ص:239


1- 1التهذيب 2:106 الحديث 402،الوسائل 4:1045 الباب 24 من أبواب التعقيب الحديث 9. [1]
2- 2) سلام بن سعيد المخزوميّ المكّيّ مولى عطاء،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف فيه بمدح و لا قدح. رجال الطوسيّ:210،تنقيح المقال 2:43. [2]
3- 3) التهذيب 2:106 الحديث 404،الوسائل 4:1046 الباب 24 من أبواب التعقيب الحديث 10. [3]

الّتي نزلت على العبد في ذلك اليوم» (1).

و في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«أقلّ ما يجزئك من الدّعاء بعد الفريضة أن تقول:اللّهمّ إنّي أسألك من كلّ خير أحاط به علمك،و أعوذ بك من كلّ شرّ أحاط به علمك،اللّهمّ إنّي أسألك عافيتك في أُموري كلّها،و أعوذ بك من خزي الدّنيا و عذاب الآخرة» (2).

و في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا تنسوا الموجبتين» أو قال:«عليكم بالموجبتين في دبر كلّ صلاة»قلت:و ما الموجبتان؟قال:«تسأل اللّه الجنّة و تعوّذ باللّه من النّار» (3).

و عن محمّد الواسطيّ (4)قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لا تدع في دبر كلّ صلاة:أُعيذ نفسي و ما رزقني ربّي باللّه الواحد الصّمد حتّى تختمها،و أُعيذ نفسي و ما رزقني ربّي بربّ الفلق حتّى تختمها،و أُعيذ نفسي و ما رزقني ربّي بربّ النّاس حتّى تختمها» (5).

و روي،عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام أنّه قال:«من أحبّ أن يخرج من الدّنيا و قد تخلّص من الذّنوب كما يتخلّص الذّهب الّذي لا كدر فيه و لا يطلبه أحد بمظلمة، فليقل في دبر كلّ صلاة (6)نسبة الربّ تبارك و تعالى اثنتي عشرة مرّة،ثمَّ يبسط يديه فيقول:اللّهمّ إنّي أسألك باسمك المكنون المخزون الطّاهر الطّهر المبارك،و أسألك باسمك

ص:240


1- 1التهذيب 2:107 الحديث 406،الوسائل 4:1031 الباب 15 من أبواب التعقيب الحديث 1 و 2. [1]
2- 2) التهذيب 2:107 الحديث 407،الوسائل 4:1043 الباب 24 من أبواب التعقيب الحديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:108 الحديث 408،الوسائل 4:1039 الباب 22 من أبواب التعقيب الحديث 1. [3]
4- 4) محمّد الواسطيّ،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام و قال:روى عنه أبان،و قال المحقّق المامقانيّ:ظاهر كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول. رجال الطّوسيّ:305،تنقيح المقال 3:196. [4]
5- 5) التهذيب 2:108 الحديث 409،الوسائل 4:1043 الباب 24 من أبواب التعقيب الحديث 3. [5]
6- 6) ح:الصلوات الخمس، [6]مكان:كلّ صلاة.كما في الوسائل. [7]

العظيم و سلطانك القديم أن تصلّي على محمّد و آل محمّد،يا واهب العطايا،يا مطلق الأُسارى،يا فكّاك الرّقاب من النّار،أسألك أن تصلّي على محمّد و آل محمّد،و أن تعتق رقبتي من النّار،و تخرجني من الدّنيا آمنا،و تدخلني الجنّة سالما،و أن تجعل دعائي أوّله فلاحا،و أوسطه نجاحا،و آخره صلاحا إنّك أنت علاّم الغيوب».ثمَّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«هذا من المخبيات (1)ممّا علّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أمرني أن أُعلّمه الحسن و الحسين عليهما السّلام» (2).

و عن محمّد بن سليمان الدّيلميّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت له:جعلت فداك إنّ شيعتك تقول:إنّ الإيمان مستقرّ و مستودع فعلّمني شيئا إذا قلته استكملت الإيمان،قال:«قل في دبر كلّ صلاة فريضة:رضيت باللّه ربّا،و بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله نبيّا،و بالإسلام دينا،و بالقرآن كتابا،و بالكعبة قبلة،و بعليّ عليه السّلام وليّا و إماما، و بالحسن و الحسين و الأئمّة صلوات اللّه عليهم،اللّهمّ إنّي رضيت بهم أئمّة فارضني لهم إنّك على كلّ شيء قدير» (3).

مسألة:و أفضل الأذكار كلّها تسبيح الزّهراء عليها السّلام

و قد أجمع أهل العلم كافّة على استحبابه.

روى الجمهور،عن أبي هريرة قال:جاء الفقراء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا:ذهب أهل الدّثور من الأموال بالدّرجات العلى و النعيم المقيم،يصلّون كما نصلّي، و يصومون كما نصوم،و لهم فضول أموال يحجّون بها و يعتمرون و يتصدّقون،فقال:

«ألا أُحدّثكم بحديث إن أخذتم به أدركتم من سبقكم و لم يدرككم أحد بعدكم،و كنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم إلاّ من عمل مثله،تسبّحون و تحمدون و تكبّرون خلف كلّ صلاة

ص:241


1- 1ح:المنجيات.
2- 2) التهذيب 2:108 الحديث 410،الوسائل 4:1055 الباب 29 من أبواب التعقيب الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 2:109 الحديث 412،الوسائل 4:1038 الباب 20 من أبواب التعقيب الحديث 1. [2]

ثلاثا و ثلاثين» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن سنان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من سبّح تسبيح فاطمة عليها السّلام قبل أن يثنّي رجليه من صلاة الفريضة غفر له و يبدأ بالتّكبير» (2).

و عن ابن أبي نجران،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من سبّح اللّه في دبر الفريضة تسبيح فاطمة عليها السّلام المائة،و أتبعها بلا إله إلاّ اللّه غفر له» (3).

و عن أبي هارون المكفوف،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يا أبا هارون إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السّلام كما نأمرهم بالصّلاة،فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فشقي (4)» (5).

و عن صالح بن عقبة (6)،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«ما عُبد اللّه بشيء من التّحميد أفضل من تسبيح فاطمة الزّهراء عليها السّلام،و لو كان شيء أفضل منه لنحله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة الزّهراء عليها السّلام» (7).و إنّما نسب إليها؛لأنّها سبب في تشريعه.

ص:242


1- 1صحيح البخاريّ 1:213،صحيح مسلم 1:416 الحديث 595 بتفاوت يسير في الألفاظ.
2- 2) التهذيب 2:105 الحديث 395،الوسائل 4:1021 الباب 7 من أبواب التعقيب الحديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 2:105 الحديث 396،الوسائل 4:1021 الباب 8 من أبواب التعقيب الحديث 3. [2]
4- 4) ح و ق:فيشقى.
5- 5) التهذيب 2:105 الحديث 397،الوسائل 4:1022 الباب 8 من أبواب التعقيب الحديث 2. [3]
6- 6) صالح بن عقبة عدّه الشيخ تارة بهذا العنوان من أصحاب الباقر عليه السّلام،و اخرى من أصحاب الكاظم عليه السّلام مضيفا إلى ما في العنوان:من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السّلام،و قال المحقّق الأردبيليّ:إنّه غير خارج عن صالح بن عقبة بن خالد الأسديّ و صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان،و قال المحقّق المامقانيّ:حاله مجهول. رجال الطّوسيّ:126،352،جامع الرّواة 1:407، [4]تنقيح المقال 2:93. [5]
7- 7) التهذيب 2:105 الحديث 398،الوسائل 4:1024 الباب 9 من أبواب التعقيب الحديث 1. [6]

روى ابن بابويه،عن أمير المؤمنين عليه السّلام (1)أنّه قال لرجل من بني سعد:

«إلا أُحدّثكم (2)عنّي و عن فاطمة عليها السّلام أنّها كانت عندي فاستقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها،و طحنت بالرّحى حتّى مَجَلَت يداها،و كسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، و أوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها،فأصابها من ذلك ضرر شديد،فقلت لها:لو أتيت أباك فسألته (3)خادما يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل،فأتت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فوجدت عنده حُدّاثا فاستحيت فانصرفت،فعلم عليه السّلام أنّها جاءت لحاجة، فغدا علينا و نحن في لحافنا،فقال:السّلام عليكم،فسكتنا و استحيينا لمكاننا،ثمَّ قال:

السّلام عليكم،فسكتنا،ثمَّ قال:السّلام عليكم،فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف (4)، و قد كان يفعل ذلك يسلّم ثلاثا فإن أذن له و إلاّ انصرف،فقلت:و عليك السّلام يا رسول اللّه ادخل فدخل و جلس عند رؤوسنا فقال:يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمّد؟فخشيت إن لم نجبه أن يقوم،فأخرجت رأسي فقلت:أنا و اللّه أُخبرك يا رسول اللّه،إنّها استقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها،و جرّت الرّحى حتّى مَجَلَت يداها، و كسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها،و أوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها،فقلت لها:لو أتيت أباك فسألته (5)خادما يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل،قال:أ فلا أُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟إذا أخذتما منامكما فكبّرا أربعا و ثلاثين تكبيرة،و سبّحا ثلاثا و ثلاثين،و احمدا ثلاثا و ثلاثين،فأخرجت فاطمة عليها السّلام رأسها،فقالت:رضيت عن اللّه و عن رسوله،رضيت عن اللّه و عن رسوله» (6).

ص:243


1- 1ق و ح:صلوات اللّه عليه.
2- 2) في المصدر:أُحدّثك.
3- 3) ن،غ و م فسألتيه،كما في المصدر.
4- 4) ق و ح:انصرف.
5- 5) غ:فسألتيه،كما في المصدر.
6- 6) الفقيه 1:211 الحديث 947،الوسائل 4:1026 الباب 11 من أبواب التعقيب الحديث 2. [1]
مسألة:و تسبيح فاطمة الزّهراء عليها السّلام:التّكبير أربعا و ثلاثين،و التّحميد ثلاثا و ثلاثين،و التّسبيح ثلاثا و ثلاثين

على هذا التّرتيب في الأشهر.

روى الشّيخ،عن محمّد بن عذافر قال:دخلت مع أبي على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فسأله أبي عن تسبيح فاطمة الزّهراء عليها السّلام؟فقال:«اللّه أكبر»حتّى أحصى أربعا و ثلاثين مرّة،ثمَّ قال:«الحمد للّه»حتّى بلغ سبعا و ستّين،ثمَّ قال:«سبحان اللّه»حتّى بلغ مائة يحصيها بيده جملة واحدة (1).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«يبدأ بالتّكبير أربعا و ثلاثين،ثمَّ التّحميد ثلاثا و ثلاثين،ثمَّ التّسبيح ثلاثا و ثلاثين» (2).

قال ابن بابويه:فإذا فرغ من تسبيح فاطمة عليها السّلام،قال:اللّهمّ أنت السّلام و منك السّلام و لك السّلام و إليك يعود السّلام سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون، و سلام على المرسلين،و الحمد للّه ربّ العالمين،السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته،السّلام على الأئمّة الهادين المهديّين،السّلام على جميع أنبياء اللّه و رسله و ملائكته،السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين،ثمَّ تسلّم على الأئمّة عليهم السّلام واحدا واحدا و تدعو بما بدا لك (3).

مسألة:و يستحبّ السّجود للشّكر عقيب الفرائض و عند تجدّد النّعم و دفع النّقم

و هو قول علمائنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (4)،و أحمد (5)،و إسحاق،و أبو ثور،و ابن

ص:244


1- 1التهذيب 2:105 الحديث 400،الوسائل 4:1024 الباب 10 من أبواب التعقيب الحديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:106 الحديث 401،الوسائل 4:1025 الباب 10 من أبواب التعقيب الحديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 1:212.
4- 4) الاُمّ 1:134،المغني 1:690،المهذّب للشيرازيّ 1:86،المجموع 4:70،فتح الوهّاب:56،مغني المحتاج 1: 218،فتح العزيز بهامش المجموع 4:203،نيل الأوطار 3:129.
5- 5) المغني 1:690،المجموع 4:70،نيل الأوطار 3:129.

المنذر (1).و قال النّخعيّ (2)،و مالك،و أبو حنيفة:يكره (3).

لنا:قوله تعالى وَ مِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَ النَّهارُ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَ لا لِلْقَمَرِ (4).ثمَّ أوجب السّجود عقيب هذه النّعم،فيكون مشروعا عند تجدّد كلّ نعمة.

و ما رواه الجمهور،عن أبي بكرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أتاه أمر يسرّ به خرّ ساجدا (5).رواه ابن المنذر.و عن عليّ عليه السّلام أنّه سجد حين وجد ذا الثُّدَيَّة (6). (7)

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن مرازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سجدة الشّكر واجبة على كلّ مسلم تتمّ بها صلاتك،و ترضي بها ربّك، و تعجب الملائكة منك،و إنّ العبد إذا صلّى ثمَّ سجد سجدة الشّكر فتح الرّبّ تعالى الحجاب بين العبد و بين الملائكة فيقول:يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أدّى فرضي و أتمّ عهدي،ثمَّ

ص:245


1- 1المغني 1:690،المجموع 4:70.
2- 2) المغني 1:690، [1]المجموع 4:70.
3- 3) المغني 1:690، [2]حلية العلماء 2:150،المجموع 4:70، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 4:203، [4]نيل الأوطار 3: 129.
4- 4) فصّلت(41):37. [5]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:446 الحديث 1394،سنن أبي داود 3:89 الحديث 2774، [6]سنن الترمذيّ 4:141 الحديث 1578، [7]سنن الدار قطنيّ 1:410 الحديث 3،سنن البيهقيّ 2:370.
6- 6) حُرقوص بن زهير السعديّ،الملقّب بذي الخويصرة التميميّ،و هو الصحابيّ الذي بال في مسجد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال للنبيّ:أعد،و خاصم الزّبير فأمر النّبيّ باستيفاء حقّه منه،و أمره عمر في عهده بقتال الهرمزان،ففتح حُرقوص سوق الأهواز و نزل بها،ثمَّ شهد صفّين مع عليّ عليه السّلام و بعد الحكمين صار من أشدّ الخوارج على عليّ عليه السّلام،فقتل فيمن قتل بالنهروان. و ذكر بعض من جمع المعجزات أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا يدخل النّار أحد شهد الحديبية إلاّ واحد فكان هو حرقوص بن زهير». الإصابة 1:320،484 و 485، [8]الذريعة 10:193، [9]الأعلام للزركلي 2:173. [10]
7- 7) مسند أحمد 1:107-108، [11]سنن البيهقيّ 2:371،نيل الأوطار 3:129،المغني 1:690.

سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه،ملائكتي ما ذا له (1)؟فتقول الملائكة:يا ربّنا رحمتك،ثمَّ يقول الرّبّ تعالى:ثمَّ ما ذا له؟فتقول الملائكة:يا ربّنا جنّتك،فيقول الرّبّ تعالى:ثمَّ ما ذا؟فتقول الملائكة:ربّنا كفاية مهمّة،فيقول الربّ ثمَّ ما ذا؟فلا يبقى شيء من الخير إلاّ قالته الملائكة،فيقول اللّه تعالى:يا ملائكتي ثمَّ ما ذا؟فتقول الملائكة:يا ربّنا لا علم لنا،فيقول اللّه تعالى:لأشكرنّه كما شكرني و اقبل إليه بفضلي و أُريه رحمتي» (2).

احتجّوا بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان في أيّامه الفتوح،و استسقى فسقي و لم يسجد شكرا (3).

و الجواب:المنع من ترك السّجود لما بيّنّاه في خبر أبي بكرة.

و ما رواه عبد الرّحمن بن عوف قال:سجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأطال، فسألناه قال:«أتاني جبرئيل عليه السّلام فقال:من صلّى عليك مرّة صلّى اللّه عليه عشرا فخررت شكرا للّه» (4).

فروع:
الأوّل:يستحبّ السّجدة عند الفراغ من الفرائض

لرواية مرازم؛لأنّها مظنّة التّعبّد و موضع الخضوع و الشّكر على التّوفيق لأداء العبادة،و عند تجدّد النّعم و دفع النقم،لأنّ شكر المنعم واجب عقلا،و أبلغ أنواعه السّجود على ما روي أنّ منتهى العبادة من ابن آدم للّه تعالى السّجود (5).و أنّ أقرب ما يكون العبد إلى اللّه عزّ و جلّ إذا كان في سجوده،

ص:246


1- 1هامش ح بزيادة:عندي.
2- 2) التهذيب 2:110 الحديث 415،الوسائل 4:1071 الباب 1 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 5. [1]
3- 3) المغني 1:690،المجموع 4:70.
4- 4) مسند أحمد 1:191، [2]سنن البيهقيّ 2:371.بتفاوت يسير.
5- 5) دعوات الراونديّ:33 الحديث 70.

لقوله:

وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ (1). (2)

الثّاني:هذا السّجود عند القائلين به أجمع للاستحباب

و رواية مرازم تدلّ على تأكّد (3)الاستحباب.

الثالث:يستحبّ التعفير في السّجود للشكر

(4)و هو أن يضع خدّه الأيمن على الأرض عقيب السّجود،ثمَّ خدّه الأيسر.ذهب إليه علماؤنا أجمع و لم يعتبره الجمهور.

لنا:أنّه موضع استكانة و تذلّل،و ما ذكرناه أبلغ فيه فيكون مطلوبا.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن إسحاق بن عمّار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«كان موسى بن عمران عليه السّلام إذا صلّى لم ينفتل حتّى يلصق خدّه الأيمن بالأرض و خدّه الأيسر بالأرض» (5).

و قال إسحاق بن عمّار بن موسى السّاباطيّ:رأيت من آبائي من يصنع (6)ذلك.قال محمّد بن سنان:يعني موسى (7)في الحجر في جوف اللّيل (8).

ص:247


1- 1العلق(96):19.
2- 2) الكافي 3:323 الحديث 7 و ص 324 الحديث 11، [1]الوسائل 4:979 الباب 23 من أبواب السجود الحديث 5 و [2]ص 980 الحديث 9.
3- 3) ق و ح:تأكيد.
4- 4) م:الشكر.
5- 5) التهذيب 2:109 الحديث 414،الوسائل 4:1075 الباب 3 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 2. [3]
6- 6) ح:يفعل.
7- 7) في جميع النّسخ بزيادة:بن جعفر عليه السّلام.و لعلّه من اشتباه النّسّاخ.و المراد من موسى هاهنا هو موسى الساباطيّ جدّ إسحاق بن عمّار.
8- 8) التهذيب 2:110 الحديث 414،الوسائل 4:1075 الباب 3 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 3. [4]

و روى الشّيخ،عن عبد اللّه بن جندب (1)في الحسن،عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام أنّه أمره بذلك (2).

و روى ابن بابويه،عن الباقر عليه السّلام قال:«أوحى اللّه تعالى إلى موسى بن عمران عليه السّلام (3):أ تدري لِمَ اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟قال موسى عليه السّلام:

لا يا ربّ،قال:يا موسى إنّي قلّبت عبادي ظهرا لبطن فلم أجد فيهم أحدا أذلّ لي نفسا منك،يا موسى إنّك إذا صلّيت وضعت خدّيك على التّراب» (4).

الرّابع:أولى ما يقال في سجدة الشّكر:

ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام، و قد اختلفت الأدعية المأثورة عنهم عليهم السّلام،و ذلك يدلّ على عدم التعيين.

روى الشّيخ في الحسن،عن عبد اللّه بن جندب قال:سألت أبا الحسن الماضي عليه السّلام عمّا أقول في سجدة الشّكر فقد اختلف أصحابنا فيه؟فقال:«قل و أنت ساجد:اللّهمّ إنّي أُشهدك و اشهد ملائكتك و أنبيائك و رسلك و جميع خلقك أنّك أنت اللّه ربي،و الإسلام ديني،و محمّد نبيّي،و عليّ و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين و محمّد بن عليّ و جعفر بن محمّد و موسى بن جعفر و عليّ بن موسى و محمّد بن عليّ الجواد و عليّ بن محمّد و الحسن بن عليّ و الخلف الحجّة بن الحسن بن عليّ أئمتي،بهم أتولّى و من أعدائهم أتبرّأُ،اللّهمّ إنّي أنشدك دم المظلوم-ثلاثا-اللّهمّ إنّي أنشدك بإيوائك على نفسك

ص:248


1- 1عبد اللّه بن جُندَب البجليّ الكوفيّ عربيّ و كان أعور.عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصّادق و الكاظم و الرّضا عليهم السّلام و قال:ثقة.و أهمله في الفهرست و رجال النجاشيّ؛لأنّهما لم يذكرا إلاّ من له أصل أو كتاب،و هذا ليس له أصل و لا كتاب.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة.و روى الكشّيّ ما يدلّ على جلالة قدره،و أنّه من المخبتين. رجال الكشّيّ:585 و 586،رجال الطّوسيّ 226،355 و 379،رجال العلاّمة:105. [1]
2- 2) التهذيب 2:110 الحديث 416،الوسائل 4:1078 الباب 6 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 1. [2]
3- 3) غ:على نبيّنا و عليه الصّلاة و السّلام.
4- 4) الفقيه 1:219 الحديث 974،الوسائل 4:1075 الباب 3 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 1. [3]

لأعدائك لتهلكنّهم بأيدينا و أيدي المؤمنين،اللّهمّ إنّي أنشدك[بإيوائك لنفسك] (1)لأوليائك لتظفرنّهم بعدوّك و عدوّهم أن تصلّي على محمّد و آل محمّد و على المستحفظين من آل محمّد-ثلاثا-اللّهمّ إنّي أسألك اليسر بعد العسر-ثلاثا-ثمَّ ضع (2)خدّك الأيمن بالأرض (3)و قُل (4):يا كهفي حين تعييني المذاهب و تضيق عليّ الأرض بما رحبت، يا بارئ خلقي رحمة بي و قد كنت (5)عن خلقي غنيّا،صلّ على محمّد و آل محمّد و على المستحفظين من آل محمّد (6)ثمَّ تضع خدّك الأيسر و تقول:يا مذلّ كلّ جبّار،و يا معزّ كلّ ذليل،قد و عزّتك بلغ بي مجهودي،فرّج عنّي (7)-ثلاثا-ثمَّ تقول:يا حنّان يا منّان يا كاشف الكرب العظام-ثلاثا-ثمَّ تعود إلى السّجود فتقول مائة مرّة:شكرا شكرا،ثمَّ تسأل اللّه حاجتك إن شاء اللّه» (8).

و عن محمّد بن سليمان،عن أبيه قال:خرجت مع أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام إلى بعض أمواله،فقام إلى صلاة الظّهر،فلمّا فرغ خرّ للّه ساجدا فسمعته يقول بصوت حزين و تغرغر دموعه:«ربّ عصيتك بلساني و لو شئت و عزّتك لأخرستني،و عصيتك ببصري و لو شئت و عزّتك لأكمهتني،و عصيتك بسمعي و لو شئت و عزّتك لأصممتني، و عصيتك بيدي و لو شئت و عزّتك لكنعتني،و عصيتك برجلي و لو شئت و عزّتك لجذمتني،و عصيتك بفرجي و لو شئت و عزّتك لعقمتني،و عصيتك بجميع جوارحي الّتي أنعمت بها عليّ و ليس هذا جزاؤك منّي».قال:ثمَّ أحصيت له ألف مرّة و هو يقول:

ص:249


1- 1ما بين المعقوفين أثبتناه من الوسائل. [1]
2- 2) ح:تضع.
3- 3) ح:على الأرض،كما في الوسائل. [2]
4- 4) ح:تقول.
5- 5) غ،م،ن و ق:كان.
6- 6) هامش ح بزيادة:ثلاثا،كما في الوسائل. [3]
7- 7) جملة:فرّج عنّي،ليست في أكثر النّسخ.
8- 8) التهذيب 2:110 الحديث 416،الوسائل 4:1078 الباب 6 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 1. [4]

«العفو العفو»قال:ثمَّ ألصق خدّه الأيمن بالأرض فسمعته و هو يقول بصوت حزين:

«بؤت إليك بذنبي،عملت سوءا و ظلمت نفسي فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذّنوب غيرك يا مولاي»-ثلاث مرّات-ثمَّ ألصق خدّه الأيسر بالأرض فسمعته و هو يقول:«ارحم من أساء و اقترف و استكان و اعترف»-ثلاث مرّات-ثمَّ رفع رأسه (1).

الخامس:قال الشّيخ في الخلاف:و ليس في سجدة الشّكر تكبير الافتتاح و لا

تكبير السّجود و لا تسليم

(2)و قال في المبسوط:يستحبّ التكبير لرفع الرّأس من السّجود (3).و لعلّه شبّهه بسجود التّلاوة.و قال الشّافعيّ:أنّها كسجود التّلاوة (4).

لنا:أنّ السّجود اسم لوضع الجبهة فيتحقّق معه الامتثال و ما زاد خارج عن المسمّى يفتقر إثباته إلى دليل.

السّادس:يستحبّ أن يكون لاطئا بالأرض في سجوده حتّى يلصق ذراعيه

و صدره بالأرض

لما رواه الشّيخ في الحسن،عن جعفر بن عليّ (5)قال:رأيت أبا الحسن عليه السّلام و قد سجد بعد الصّلاة فبسط ذراعيه على الأرض و ألصق جؤجؤه بالأرض (6).في بيانه قال صاحب الصّحاح:جؤجؤ السّفينة و الطّائر:صدرهما (7).

ص:250


1- 1التهذيب 2:111 الحديث 418،الوسائل 4:1079 الباب 6 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 5. [1]
2- 2) الخلاف 1:158 مسألة-184.
3- 3) المبسوط 1:114.
4- 4) المجموع 4:68،فتح العزيز بهامش المجموع 4:205-206،مغني المحتاج 1:218-219،المهذّب للشيرازيّ 1:86،السراج الوهّاج:63.
5- 5) جعفر بن عليّ روى عن أبي الحسن،و روى عنه ابن أبي عمير.و نقل الشيخ في الفهرست في ترجمة حنظلة الكاتب رواية يحيى بن إسماعيل عنه. قال المحقّق الخوئيّ:لا يبعد أن يكون هذا هو جعفر بن عبد اللّه الثّاني جدّ جعفر بن عبد اللّه رأس المدري،و نسب إلى جدّه عليّ عليه السّلام و إلاّ فهو مجهول. الفهرست:65، [2]جامع الرواة 1:154، [3]معجم رجال الحديث 4:82. [4]
6- 6) التهذيب 2:85 الحديث 311،الوسائل 4:1076 الباب 4 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 3. [5]
7- 7) الصّحاح 1:39. [6]

و عن عبد الرّحمن بن خاقان (1)قال:رأيت أبا الحسن الثّالث عليه السّلام سجد سجدة الشّكر فافترش ذراعيه و ألصق صدره و بطنه فسألته عن ذلك؟فقال:«كذا يجب» (2).

مسألة:سجدات القرآن خمس عشرة

في الأعراف،و الرّعد،و النّحل،و بني إسرائيل،و مريم،و الحجّ في موضعين،و الفرقان،و النّمل،و الم تنزيل،و ص،و حم السّجدة،و النّجم،و إذا السّماء انشقّت،و اقرأ باسم ربّك.و به قال أحمد في إحدى الرّوايتين (3)،و إسحاق (4).

و قال ابن بابويه:يستحبّ أن يسجد في كلّ سورة فيها سجدة (5).فيدخل فيه آل عمران،لقوله تعالى يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي (6).و غيرها.

و قال الشّافعيّ:إنّ السّجدات أربع عشرة و أنكر سجدة ص (7).و قال أبو حنيفة:

أربع عشرة (8)،كالشّافعيّ،إلاّ أنّه أنكر السّجدة الثّانية من الحجّ.و قال مالك في إحدى

ص:251


1- 1في النّسخ:عن عبد الرّحمن بن خاقان،و في الكافي و [1]التّهذيب:عن يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان،و هو الصّحيح؛لعدم وجود عبد الرحمن هذا في سلسلة إسناد الأحاديث،و هو الذي روى عنه عليّ بن إبراهيم في الكافي 3:324 باب السّجود الحديث 15،و [2]التّهذيب 2:85 الحديث 312.قال المحقّق المامقانيّ:هو غير مذكور في كتب الرجال فحاله مجهول.تنقيح المقال 3:318. [3]
2- 2) الكافي 3:324 الحديث 15، [4]التهذيب 2:85 الحديث 312،الوسائل 4:1076 الباب 4 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 2. [5]
3- 3) المغني 1:683، [6]الكافي لابن قدامة 1:206،المجموع 4:62،الإنصاف 2:196.
4- 4) المغني 1:683، [7]المجموع 4:62.
5- 5) الفقيه 1:201.
6- 6) آل عمران(3):43. [8]
7- 7) المغني 1:683،المهذّب للشيرازيّ 1:85،المجموع 4:60،السراج الوهّاج:61-62،مغني المحتاج 1: 214-215.
8- 8) المبسوط للسرخسيّ 2:6،الهداية للمرغينانيّ 1:78، [9]بدائع الصنائع 1:193،المغني 1:683، [10]المجموع 4: 62.

الرّوايتين (1)،و الشّافعيّ:إنّها أحد عشر (2)،و أنكرا سجدات المفصّل.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عمرو بن العاص أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اقرأه خمس عشرة سجدة:منها ثلاث في المفصّل،و في سورة الحجّ سجدتان (3).

و عن عقبة بن عامر قال:قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:في سورة الحجّ سجدتان؟قال:«نعم و من لم يسجدهما فلا يقرأهما».رواهما أبو داود (4).و لأنّ عليّا عليه السّلام سجد في الحجّ مرّتين،و كذا عمر،و ابنه عبد اللّه،و أبو الدّرداء،و أبو موسى (5).

و قال ابن عبّاس:فضّلت الحجّ بسجدتين (6).و لا يقوله إلاّ عن توقيف،و هذا يبطل قول أبي حنيفة.

احتجّ (7)بأنّه جمع فيها بين الرّكوع و السّجود فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا (8).فلم تكن سجدة كما في قوله تعالى اُقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ (9).

و الجواب:أنّ اقتران الرّكوع لا ينفي استحباب السّجدة كما في اقتران البكاء في قوله تعالى خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا (10).مع أنّه معارض بما تقدّم من الأحاديث،و بفعل

ص:252


1- 1المدوّنة الكبرى 1:109،المغني 1:683،المجموع 4:62.
2- 2) المغني 1:683، [1]المهذّب للشيرازيّ 1:85،المجموع 4:60.
3- 3) سنن أبي داود 2:58 الحديث 1401. [2]
4- 4) سنن أبي داود 2:58 الحديث 1402. [3]
5- 5) المغني 1:684، [4]المجموع 4:62. [5]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:6،بدائع الصنائع 1:193،المغني 1:684،المجموع 4:62.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:6،بدائع الصنائع 1:193،المغني 1:685. [6]
8- 8) الحجّ(22):77. [7]
9- 9) آل عمران(3):43. [8]
10- 10) مريم(19):58. [9]

الصّحابة و التّابعين.قال ابن عمر:لو كنت تاركا إحداهما لتركت الاُولى (1).و قال أبو إسحاق:أدركت النّاس منذ سبعين سنة يسجدون في الحجّ سجدتين (2).و أيضا:فالأُولى إخبار و الثّانية أمر،و اتّباع الأمر أولى.

و لنا على إبطال (3)قول الشّافعيّ من إنكار سجدات المفصّل:ما رواه عمرو بن العاص أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اقرأه خمس عشرة سجدة (4).

و ما رواه أبو رافع (5)قال:صلّيت خلف أبي هريرة العتمة فقرأ:(إذا السماء انشقت)فسجد فقلت:ما هذه السّجدة؟فقال:سجدت بها خلف أبي القاسم صلّى اللّه عليه و آله فلا أزال أسجد فيها حتّى ألقاه (6).

و عن أبي هريرة قال:سجدنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في:(إذ السّماء انشقّت)و اقرأ باسم ربّك.رواه مسلم و أبو داود (7).

و عن عبد اللّه بن مسعود أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سجد في سورة النّجم و ما بقي من القوم أحد إلاّ سجد (8).

و على إبطال قوله في ص:ما رواه أبو داود بإسناده،عن ابن عبّاس أنّ النّبيّ صلّى اللّه

ص:253


1- 1المغني 1:685،الشرح الكبير بهامش المغني 1:823.
2- 2) المغني 1:685،المجموع 4:62.
3- 3) غ:بطلان.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:335 الحديث 1057،سنن أبي داود 2:58 الحديث 1401، [1]المغني 1:683.
5- 5) نفيع بن رافع الصائغ أبو رافع المدنيّ نزيل البصرة أدرك الجاهليّة.روى عن عليّ عليه السّلام، و عمر،و عثمان،و ابن مسعود،و أبي موسى الأشعريّ،و أبي هريرة.و روى عنه الحسن البصريّ،و قتادة، و بكر بن عبد اللّه المزنيّ.تهذيب التهذيب 10:472، [2]رجال صحيح مسلم 2:292.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:52،صحيح مسلم 1:407 الحديث 578،سنن أبي داود 2:59 الحديث 1408. [3]
7- 7) صحيح مسلم 1:406 الحديث 578،سنن أبي داود 2:59 الحديث 1407. [4]
8- 8) صحيح مسلم 1:405 الحديث 576،سنن أبي داود 2:59 الحديث 1406. [5]

عليه و آله سجد فيها (1).

احتجّ الشّافعيّ (2)على الأوّل بما رواه أبو الدّرداء قال:سجدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إحدى عشرة ليس فيها شيء من المفصّل (3).

و عن ابن عبّاس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يسجد في شيء من المفصّل منذ تحوّل إلى المدينة (4).

و الجواب عن الأوّل:أنّ إسناده ضعيف،قاله أبو داود (5).و لأنّه شهادة على النّفي فلا تقبل مع رواية الإثبات.

و عن الثّاني:بذلك أيضا،و لأنّ أبا هريرة أسلم بالمدينة سنة سبع،فيكون أولى من حديث ابن عبّاس،لأنّه كان صبيّا لا يعرف أفعال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله على التّفصيل.

و احتجّ (6)على الثّاني (7)بما رواه أبو سعيد قال:قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو على المنبر ص،فنزل فسجد و سجد النّاس معه،فلمّا كان يوم آخر قرأها فلمّا بلغ السّجدة تَشزَّن (8)النّاس للسّجود،فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما هي توبة نبيّ، و لكنّي رأيتكم تشزّنتم للسّجود».فنزل فسجد و سجدوا (9).

و عن ابن عبّاس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سجد في ص و قال:«سجدها داود

ص:254


1- 1سنن أبي داود 2:59 الحديث 1409. [1]
2- 2) المغني 1:683. [2]
3- 3) سنن أبي داود 2:58 ذيل الحديث 1401، [3]سنن الترمذيّ 2:457 الحديث 568، [4]سنن ابن ماجه 1:335 الحديث 1056.
4- 4) سنن أبي داود 2:58،الحديث 1403. [5]
5- 5) سنن أبي داود 2:58،المغني 1:684.
6- 6) المغني 1:684،المهذّب للشيرازيّ 1:85،المجموع 4:61. [6]
7- 7) ح بزيادة:للسجود.
8- 8) التشزّن:التأهّب و التهيّؤ للشيء و الاستعداد له.النهاية لابن الأثير 2:471. [7]
9- 9) سنن أبي داود 2:59 الحديث 1410، [8]سنن الدّار قطني 1:408 الحديث 7،نيل الأوطار 3:120 الحديث 7.

توبة و نحن نسجدها شكرا» (1).

و الجواب:أنّهما يدلاّن على ما قلناه من السّجود فيها لكنّا نقول باستحبابه.

فروع:
الأوّل:أجمع علماؤنا على وجوب أربع منها،و هي:سجدةالم الّتي تلي لقمان،و حم السّجدة،و النّجم،و اقرأ باسم ربّك،و الباقي مستحبّ

(2)

و قال الشّافعيّ:الكلّ مستحبّ (3).و قال أبو حنيفة:الكلّ واجب (4).

لنا على وجوب الأربع:ما روي،عن عليّ عليه السّلام قال:«عزائم السّجود أربع» (5).و لأنّها تتضمّن الأمر بالسّجود فتكون واجبة،و ما عداها غير صريح في الأمر فتكون مستحبّة.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قرأت شيئا من العزائم الّتي يسجد فيها فلا تكبّر قبل سجودك و لكن تكبّر حين ترفع رأسك،و العزائم أربعة:حم السّجدة،و تنزيل،و النّجم،و اقرأ باسم ربّك» (6).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قرئ شيء من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد،و إن كنت على غير وضوء،و إن كنت جنبا و إن كانت المرأة لا

ص:255


1- 1سنن النّسائيّ 2:159.
2- 2) في النّسخ:و هي سجدة لقمان.و لعلّه من سهو النّسّاخ كما أشرنا إليه في الجزء الثاني ص 215.
3- 3) الأُمّ 1:136،المغني 1:687،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:831، [1]المجموع 4:61.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:78،المغني 1:687،المجموع 4:61،ميزان الكبرى 1:164،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:831. [2]
5- 5) كنز العمّال 8:146 الحديث 22317،مقدّمات ابن رشد 1:139.
6- 6) التهذيب 2:291 الحديث 1170 و فيه:و الم تنزيل،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 1. [3]

تصلّي،و سائر القرآن أنت فيه بالخيار إن شئت سجدت و إن شئت لم تسجد» (1).

الثّاني:قال الشّيخ:يجب على القارئ و المستمع

(2)أمّا السّامع:فعندي فيه تردّد، أحوطه الوجوب؛لرواية عبد اللّه بن سنان.و قيل:لا يجب بل يستحبّ عملا بالأصل (3).

و فيه قوّة و عليه أعمل،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن رجل سمع السّجدة تُقرأ؟فقال:«لا يسجد إلاّ أن يكون منصتا لقراءته مستمعا لها،أو يصلّي بصلاته،فأمّا ان يكون في ناحية يصلّي و أنت في ناحية أُخرى فلا تسجد لما سمعت» (4).

الثّالث:قال الشيخ في الخلاف:موضع السّجود في حم السّجدة

عند قوله:

وَ اسْجُدُوا لِلّهِ (5).و قال في المبسوط:عند قوله إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ (6)(7).و به قال مالك (8).و قال الشّافعيّ (9)و أهل الكوفة:عند قوله وَ هُمْ لا يَسْأَمُونَ (10).

لنا:أنّ الأمر بالسّجود مطلق للفور فلا يجوز التّأخير.

الرّابع:يجوز فعلها في الأوقات كلّها و إن كانت ممّا يكره فيه النّوافل

و هو قول

ص:256


1- 1التهذيب 2:291 الحديث 1171،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 2. [1]
2- 2) الخلاف 1:156 مسألة-179،المبسوط 1:114. [2]
3- 3) و القائل الشيخ في الخلاف 1:156 مسألة-179،و المحقّق الحلّيّ في الشرائع 1:87.
4- 4) التهذيب 2:291 الحديث 1169،الوسائل 4:882 الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث 1. [3]
5- 5) الخلاف 1:155 مسألة-177.
6- 6) فصّلت(41):37. [4]
7- 7) المبسوط 1:114. [5]
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:109-110،أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1664، [6]المغني 1:685،الشرح الكبير بهامش المغني 1:824،المجموع 4:60، [7]تفسير القرطبيّ 15:364. [8]
9- 9) أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1664، [9]المهذّب للشيرازيّ 1:85،المجموع 4:60، [10]عمدة القارئ 7:97،تفسير القرطبيّ 15:364. [11]
10- 10) فصّلت(41):38. [12]

الشّافعيّ (1)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (2)،و مرويّ عن الحسن،و الشّعبيّ،و سالم، و عطاء،و عكرمة (3).و قال أحمد في الرّواية الأُخرى:إنّه لا يسجد،و به قال أبو ثور، و ابن عمر،و سعيد بن المسيّب،و إسحاق (4).

و قال مالك:يكره قراءة السّجدة في وقت النّهي (5).

لنا:إطلاق الأمر بالسّجود المتناول للأوقات كلّها،و لأنّها ذات سبب فجاز فعلها في وقت النّهي عن النّوافل كقضاء (6)النّوافل الرّاتبة.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يسمع السّجدة في السّاعة الّتي لا تستقيم الصّلاة فيها قبل غروب الشّمس و بعد صلاة الفجر،قال:«لا يسجد» (7).

لأنّا نقول:إنّ رواتها فطحيّة (8)،فلا تعارض ما ثبت بغيرها من الأخبار.

احتجّ المخالف (9)بقوله عليه السّلام:«لا صلاة بعد الفجر حتّى تطلع الشّمس و لا بعد العصر حتّى تغرب الشّمس» (10).

و الجواب:أنّ السّجدة ليست بصلاة و لا هي عندنا جزء صلاة،و لو سلّم فالنّهي

ص:257


1- 1المغني 1:687،بداية المجتهد 1:225،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:831، [1]المجموع 4:72.
2- 2) المغني 1:687.
3- 3) المغني 1:687،المجموع 4:72.
4- 4) المغني 1:687.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:110،أحكام القرآن لابن العربيّ 2:831، [2]المغني 1:687،المجموع 4:72.
6- 6) ن:كقضائه.
7- 7) التهذيب 2:293 الحديث 1177،الوسائل 4:779 الباب 40 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 3. [3]
8- 8) و هم:أحمد بن حسن بن عليّ بن فضّال،و عمرو بن سعيد،و مصدّق بن صدقة،و عمّار بن موسى الساباطيّ. صرّح الكشّيّ بأنّهم من الفطحيّة. رجال الكشّيّ:253،345،563 و 612.
9- 9) المغني 1:687،الشرح الكبير [4]بهامش المغني 1:832.
10- 10) كنز العمّال 7:422 الحديث 19610،سنن البيهقيّ 2:462.

يتناول النّفل المبتدأ به لا الواجب أو النّفل ذا السّبب.

الخامس:لا يفتقر إلى تكبيرة إحرام؛لأنّ الأمر ورد بمطلق السّجود

و هو إنّما يتناول وضع الجبهة،فالزّائد منفيّ بالأصل إلى أن يقوم الدّليل،و به قال مالك في غير الصّلاة (1)،أمّا إذا كان فيها فإنّه يكبّر.و قال الشّافعيّ (2)،و أبو حنيفة:يكبّر مطلقا (3)،و به قال الحسن، و ابن سيرين،و النّخعيّ (4).

لنا:ما تقدّم.

و ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قرأت شيئا من العزائم الّتي يسجد فيها فلا تكبّر قبل سجودك و لكن تكبّر حين ترفع رأسك» (5).و مثله رواه،عن سماعة في الموثّق،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (6).

احتجّ المخالف بأنّها صلاة فيشرع فيها تكبيرة الافتتاح (7).

و الجواب:المنازعة في (8)المقدّمة الأُولى.

السّادس:و لا يفتقر إلى تكبيرة السّجود

و قال أكثر الجمهور:يكبّر للسّجود (9).

و قال الشّافعيّ:يكبّر اثنين،للافتتاح واحدة و للسّجود اخرى (10).

لنا:ما تقدّم،فإنّه دالّ على انتفاء مطلق التّكبير.

ص:258


1- 1المغني 1:686،بداية المجتهد 1:225.
2- 2) المغني 1:686،المجموع 4:63،64.
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:80،شرح فتح القدير 1:476،المغني 1:686.
4- 4) المغني 1:686. [1]
5- 5) التهذيب 2:291 الحديث 1170،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 1. [2]
6- 6) التهذيب 2:292 الحديث 1175،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 3. [3]
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:80.
8- 8) غ،م و ن:من.
9- 9) بداية المجتهد 1:225،المغني 1:686،نيل الأوطار 3:126،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:61،62.
10- 10) المجموع 4:64،65،مغني المحتاج 1:216.
السّابع:يستحبّ له إذا رفع رأسه أن يكبّر

و به قال الشّيخ في المبسوط (1)و الخلاف (2)،و المستند في ذلك رواية عبد اللّه بن سنان،و سماعة.

الثّامن:لا يفتقر إلى تشهّد بلا خلاف و لا إلى تسليم

(3)ذهب إليه علماؤنا.و به قال النّخعيّ،و الحسن،و سعيد بن جبير (4)،و أبو حنيفة (5)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (6)، و الشّافعيّ في أحد القولين (7).و في الأُخرى لأحمد:يجب التّسليم (8).

لنا:أنّ الأمر بمطلق السّجود فالزّائد منفيّ بالأصل،و لأنّه لم ينقل عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لا عن أحد من الأئمّة عليهم السّلام،و لأنّه لا تشهّد فيها فلا تسليم كغير الصّلاة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن إمام قرأ السّجدة فأحدث قبل أن يسجد كيف يصنع؟ قال:«يقدّم غيره فيتشهّد و يسجد هو و ينصرف و قد تمّت صلاتهم» (9).أمره بالانصراف عقيب السّجود فانتفت رابطة التّسليم.

احتجّ المخالف (10)بقوله عليه السّلام:«و تحليلها التّسليم» (11).

ص:259


1- 1المبسوط 1:114. [1]
2- 2) الخلاف 1:156 مسألة-181.
3- 3) ق و ح:سلام.
4- 4) المغني 1:687،الشرح الكبير بهامش المغني 1:826.
5- 5) الهداية للمرغينانيّ 1:80،المغني 1:687،الشرح الكبير بهامش المغني 1:826.
6- 6) المغني 1:687،الشرح الكبير بهامش المغني 1:826.
7- 7) المغني 1:687،الشرح الكبير بهامش المغني 1:826،المهذّب للشيرازيّ 1:86،المجموع 4:65-66، مغني المحتاج 1:216-217.
8- 8) المغني 1:687،الشرح الكبير بهامش المغني 1:825.
9- 9) التهذيب 2:293 الحديث 1178،الوسائل 4:880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث 4. [2]
10- 10) المغني 1:687،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:825.
11- 11) سنن ابن ماجه 1:101 الحديث 275،سنن التّرمذيّ 2:3 الحديث 238،سنن الدّارميّ 1:175،مسند الشافعيّ:34،مسند أحمد 1:123 و 129.

و الجواب:أنّ المراد بذلك الصّلاة،و السّجود للتّلاوة (1)ليس منها في شيء،و لو كان سجود التّلاوة داخلا فيها لافتقرت إلى تكبيرة الافتتاح،و أحمد لا يقول به.

التّاسع:لا يفتقر إلى طهارة،بل يجوز أن يسجد و إن كان جنبا أو محدثا أو كانت المرأة حائضا

و عليه فتوى علمائنا،و به قال الشّعبيّ (2).و قال أكثر الجمهور:يشترط الطّهارة من الحدثين (3).

لنا:الأصل عدم تعلّق الذّمّة بالطّهارة فيعمل به،و يؤيّده:رواية أبي بصير، و قد تقدّمت (4).

احتجّوا بأنّها صلاة فيفتقر إلى الطّهارة (5).

و الجواب:المنع من ذلك.

العاشر:لا يفتقر إلى استقبال القبلة،بل يجوز أن يسجد و إن كان مستدبرا

خلافا للجمهور (6).

لنا:ما تقدّم من الأصل،و لأنّه سجود لا يشترط فيه الطّهارة على ما بان، فلا يشترط فيه الاستقبال.و حجّتهم ما مضى.

و الجواب عنه:ما سلف.

الحادي عشر:وجوب السّجود على الفور في العزائم و الاستحباب في غيرها كذلك

فلو فاتت،قال الشّيخ في المبسوط:يقضي العزائم وجوبا،و في النّدب هو بالخيار (7).و قال

ص:260


1- 1ق و ح:في التلاوة.
2- 2) المغني 1:685.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:86،بدائع الصنائع 1:186،المغني 1:685،المجموع 4:63.
4- 4) تقدّمت في ص 256 رقم 1.
5- 5) المغني 1:685.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:86،بدائع الصّنائع 1:186،المغني 1:685،المجموع 4:63.
7- 7) المبسوط 1:114.

في الخلاف:تعلّقت ذمّته بفرض أو سنّة،و لا يبرأ إلاّ بقضائه (1).و لو قيل:إنّها تكون أداء لعدم التّوقيت كان وجها.

الثّاني عشر:يستحبّ له أن يقول في سجوده:إلهي آمنّا بما كفروا،و عرفنا منك ما أنكروا،و أجبناك إلى ما دعوا،إلهي فالعفو العفو

قاله ابن بابويه (2).

و قال أيضا:و قد روي أنّه يقول (3)في سجدة العزائم:«لا إله إلاّ اللّه حقّا حقّا،لا إله إلاّ اللّه إيمانا و تصديقا،لا إله إلاّ اللّه عبوديّة و رقّا،سجدت لك يا ربّ تعبّدا و رقّا، لا مستنكفا و لا مستكبرا،بل أنا عبد ذليل خائف مستجير» (4).

الثّالث عشر:يجب السّجود و يستحبّ كلّما حصل السّبب المقتضي لها

لأنّ مع وجود المقتضي يحصل المقتضى.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يعلّم السّورة من العزائم فتعاد عليه مرارا في المقعد الواحد؟قال:

«عليه أن يسجد كلّما سمعها،و على الّذي يعلّمه أيضا أن يسجد» (5).

الرّابع عشر:لا يشترط لسجود المستمع كون التّالي ممّن يصلح أن يكون إماما له

خلافا للجمهور (6)،فلو استمع الرّجل من المرأة وجب عليه أن يسجد،و كذا القارئ من الأُمّيّ،و البالغ من الصّبيّ.

لنا:أنّ السّبب و هو الاستماع موجود فيثبت (7)الحكم.

ص:261


1- 1الخلاف 1:157 مسألة-181.
2- 2) الفقيه 1:201.
3- 3) غ،م:ن و ق:يقال.
4- 4) الفقيه 1:201،الوسائل 4:884 الباب 46 من أبواب قراءة القرآن الحديث 2. [1]
5- 5) التهذيب 2:293 الحديث 1179،الوسائل 4:884 الباب 45 من أبواب قراءة القرآن الحديث 1. [2]
6- 6) بداية المجتهد 1:225،المغني 1:688. [3]
7- 7) ح:فثبت.

احتجّوا (1)بما روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتى إلى نفر من أصحابه فقرأ رجل منهم سجدة،ثمَّ نظر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّك كنت إمامنا و لو سجدت سجدنا» (2).

و الجواب:ليست الإمامة هاهنا حقيقة.

الخامس عشر:إذا لم يسجد التّالي سجد المستمع وجوبا في العزائم،و ندبا في غيرها

لنا:المقتضي موجود و ترك الغير للواجب لا يبيح تركه على المكلّف،و بمثل ما قلناه قال الشّافعيّ (3).

لا يقال:يعارض هذا ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يصلّي مع قوم لا يقتدي بهم فيصلّي لنفسه و ربّما قرءوا آية من العزائم فلا يسجدون فيها فكيف يصنع؟قال:«لا يسجد» (4).

لأنّا نقول:يحتمل أن يقال:يترك (5)ذلك تقيّة و يومئ؛لما رواه الشّيخ في الموثّق، عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن صلّيت مع قوم فقرأ الإمام اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ،أو شيئا من العزائم و فرغ من قراءته و لم يسجد فأوم إيماءا» (6).

السّادس عشر:لا يقوم الرّكوع مقام السّجود

و به قال أحمد (7)،خلافا لأبي حنيفة (8).

ص:262


1- 1المغني 1:688.
2- 2) المغني 1:688-689. [1]
3- 3) المغني 1:689،المجموع 4:58،مغني المحتاج 1:215-216،المهذّب للشيرازيّ 1:85.
4- 4) التهذيب 2:293 الحديث 1177،الوسائل 4:882 الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث 2. [2]
5- 5) ح:ترك،غ و م:بترك.
6- 6) التهذيب 2:291 الحديث 1168،الاستبصار 1:320 الحديث 1192،الوسائل 4:778 الباب 38 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 1. [3]
7- 7) المغني 1:689،الشرح الكبير بهامش المغني 1:818.
8- 8) المغني 1:689،الشرح الكبير بهامش المغني 1:818.

لنا:أنّ الواجب السّجود،فلا يقوم ما هو دونه مقامه،كسجود الصّلاة.

احتجّ أبو حنيفة (1)بقوله تعالى وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ (2).

و الجواب:المراد السّجود و عبّر عنه بالرّكوع؛لأنّ لفظة خر إنّما تستعمل في السّجود،و المرويّ،عن داود عليه السّلام السّجود لا الرّكوع (3)،و لو سلّم أنّه ركع حقيقة فليس بحجّة،لأنّ داود عليه السّلام فعل ذلك توبة لا لسجود التّلاوة.

السّابع عشر:إذا قرأ السّجدة على الرّاحلة في السّفر و أمكنه السّجود وجب

و إن كان على الرّاحلة،و إن لم يتمكّن أومأ بالسّجود حيث كان وجهه؛لأنّه بدل لكمال الفعل فقام مقامه مع العجز،و لأنّ عليّا عليه السّلام أومأ على الرّاحلة.نقله الجمهور (4).و لو كان ماشيا و أمكن السّجود على الأرض وجب و إلاّ أومأ.

الثّامن عشر:قال بعض الجمهور:يكره اختصار السّجود

و هو أن ينتزع الآيات الّتي فيها السّجود فيقرأها و يسجد فيها (5).و قيل:الاختصار أن يقرأ القرآن و يحذف آيات السّجود (6).و هو أيضا مكروه.

التّاسع عشر:لو نسي سجدة العزائم وجب عليه مع الذّكر

لوجود المقتضي و هو الأمر السّالم عن معارضة الفعل.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن الرّجل يقرأ السّجدة فينساها حتّى يركع و يسجد؟قال:«يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم» (7).

ص:263


1- 1المغني 1:689،الشرح الكبير بهامش المغني 1:818.
2- 2) (ص)38:24.
3- 3) سنن البيهقيّ 2:319،تفسير القرطبيّ 15:185،المغني 1:689،الشرح الكبير بهامش المغني 1:819.
4- 4) سنن البيهقيّ 2:325،المغني 1:689،الشرح الكبير بهامش المغني 1:819.
5- 5) المغني 1:690.
6- 6) الشرح الكبير بهامش المغني 1:827.
7- 7) التهذيب 2:292 الحديث 1176،الوسائل 4:778 الباب 39 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 1. [1]
مسألة:و يستحبّ للإمام أن لا ينصرف من مصلاّه حتّى يتمّ من خلفه الصّلاة

(1)لأنّ فيه تشبّها بالائتمام.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«لا ينبغي للإمام أن ينتقل إذا سلّم حتّى يتمّ من خلفه الصّلاة».قال:و سألته عن الرّجل يؤمّ في الصّلاة هل ينبغي له أن يعقّب بأصحابه بعد التّسليم؟فقال:«يسبّح و يذهب من شاء لحاجته و لا يعقّب رجل لتعقيب الإمام» (2).

فرع

:

ليس عدم الانصراف واجبا بل هو مستحبّ؛إذ الائتمام في أصله مستحبّ و المفارقة جائزة فبعد الفراغ أولى،و لأنّه لا ائتمام هنا،و لا يعارضه ما رواه الشّيخ في الحسن،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«أيّما رجل أمّ قوما فعليه أن يقعد بعد التّسليم و لا يخرج من ذلك الموضع حتّى يتمّ الّذين خلفه الّذين سبقوا صلاتهم،ذلك على كلّ إمام واجب إذا علم أنّ فيهم مسبوقا،و إن علم أنّ ليس فيهم مسبوقا بالصّلاة فليذهب حيث شاء» (3).لأنّه عليه السّلام عبّر بالواجب عن الاستحباب الشّديد.

آخر:

قال بعض الجمهور:و يكره للمأمومين القيام قبل الإمام (4).و استدلّ بقوله عليه السّلام:«إنّي إمامكم فلا تسبقوني بالرّكوع و لا بالسّجود و لا بالقيام و لا بالانصراف».

ص:264


1- 1م و ن:صلاته.
2- 2) التهذيب 2:103 الحديث 386،الوسائل 4:1017 الباب 2 [1] من أبواب التعقيب الحديث 2،و ص 1018 الباب 3 من أبواب التعقيب الحديث 1.
3- 3) التهذيب 2:103 الحديث 387،الوسائل 4:1017 الباب 2 من أبواب التعقيب الحديث 3. [2]
4- 4) المغني 1:601.

رواه مسلم (1).

و ليس في ذلك دلالة؛لجواز (2)أن يكون المراد بالانصراف هنا التّسليم،فيكون النّهي راجعا إلى سبقه في أفعال الصّلاة لا في الانصراف بعدها.

مسألة:و يستحبّ له إذا فرغ من صلاته أن يرفع يديه فوق رأسه تبرّكا

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن صفوان بن مهران الجمّال قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام إذا صلّى و فرغ من صلاته،رفع يديه جميعا فوق رأسه (3).

مسألة:و يجوز الدّعاء على الظّالم عقيب الصّلاة

لأنّه موضع إجابة و ربّما أفاد امتناعا من الظّلم.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا انحرفت عن صلاة مكتوبة فلا تنحرف إلاّ بانصراف لعن بني أُميّة» (4).و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عليّا عليه السّلام دعوا على أقوام بأعيانهم في صلاتهم (5)ففي خارجها أولى.

مسألة:و يستحبّ له إذا أراد أن ينصرف،الانصراف عن يمينه

(6)،خلافا للجمهور (7).

لنا:ما رووه،عن عائشة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يحبّ التّيمن في تنعّله و ترجّله و طهوره و في شأنه كلّه (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن

ص:265


1- 1صحيح مسلم 1:320 الحديث 426.
2- 2) ح:إذ يجوز.
3- 3) التهذيب 2:106 الحديث 403،الوسائل 4:1030 الباب 14 من أبواب التعقيب الحديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 2:109 الحديث 411،الوسائل 4:1038 الباب 19 من أبواب التعقيب الحديث 2. [2]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:203 و ج 2:32،سنن البيهقيّ 2:207-208 و 245.
6- 6) ح:يمناه.
7- 7) المغني 1:635.
8- 8) مسند أحمد 6:94،147 و 202، [3]فيض القدير 5:207.

أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا انصرفت من الصّلاة فانصرفت عن يمينك» (1).

احتجّوا (2)بما رواه هُلب (3)أنّه صلّى مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكان ينصرف عن شقّيه (4).

و الجواب:أنّه مستحبّ،فيجوز تركه في بعض الأوقات لعذر و لغيره (5).

مسألة:و يكره للإمام أن يتنفّل موضع صلاته

نقله الجمهور عن عليّ عليه السّلام.

قال أحمد:لا أعرفه عن غيره عليه السّلام (6).

و رووا عن المغيرة بن شعبة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا يتطوّع الإمام في مكانه الّذي يصلّي فيه بالنّاس» (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن سليمان بن خالد،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«الإمام إذا انصرف فلا يصلّي في مقامه ركعتين حتّى ينحرف عن مقامه ذلك» (8).

مسألة:و يكره النّوم بعد الغداة كراهة شديدة

لقوله تعالى جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً (9).دلّ على كراهية النّوم في النّهار.

ص:266


1- 1الفقيه 1:245 الحديث 1090،الوسائل 4:1066 الباب 38 من أبواب التّعقيب الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:635.
3- 3) هُلب الطائيّ والد قبيصة اختلف في اسمه،فقيل:يزيد بن قناعة و قيل:يزيد بن عديّ بن قنافة،وفد على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو أقرع فمسح رأسه فنبت شعره.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و روى عنه ابنه قبيصة. أُسد الغابة 5:69، [2]تهذيب التّهذيب 11:66. [3]
4- 4) سنن ابن ماجه 1:300 الحديث 929،سنن أبي داود 1:273 الحديث 1041.
5- 5) م:و غيره.
6- 6) المغني 1:635.
7- 7) كنز العمّال 7:602 الحديث 20461،المغني 1:635.
8- 8) التهذيب 2:321 الحديث 1314،الوسائل 3:472 الباب 42 من أبواب مكان المصلّي الحديث 1. [4]
9- 9) غافر(40):61. [5]

و ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن النّوم بعد الغداة؟فقال:«إنّ الرّزق يبسط تلك السّاعة،فأنا أكره أن ينام الرّجل تلك السّاعة» (1).

و عن الصّادق عليه السّلام قال:«نومة الغداة مشومة تطرد الرّزق،و تصفرّ اللّون و تقبّحه و تغيّره،و هو نوم كلّ مشوم،إنّ اللّه تبارك و تعالى يقسّم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس فإيّاكم و تلك النّومة» (2).

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من جلس في مصلاّه من صلاة الفجر إلى طلوع الشّمس ستره اللّه من النّار» (3).

و روى الشّيخ،عن جابر،عن الباقر عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:قال اللّه:يا ابن آدم اذكرني بعد الفجر ساعة،و اذكرني بعد العصر ساعة أكفك ما أهمّك» (4).

فروع

:

الأوّل:يكره النّوم أيضا بعد العصر

لرواية جابر،و بعد المغرب قبل العشاء؛لما رواه ابن بابويه،عن الباقر عليه السّلام قال:«النّوم أوّل النّهار خرق،و القائلة نعمة،و النّوم بعد العصر حمق،و النّوم بين العشائين يحرم الرّزق» (5).

و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إنّ إبليس إنّما يبثّ جنوده جنود اللّيل من حين تغيب الشّمس إلى مغيب الشّفق،و يبثّ جنود النّهار من حين يطلع الفجر إلى

ص:267


1- 1الفقيه 1:317 الحديث 1443،الوسائل 4:1063 الباب 36 من أبواب التعقيب الحديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 1:318 الحديث 1445،الوسائل 4:1063 الباب 36 من أبواب التعقيب الحديث 3. [2]
3- 3) الفقيه 1:319 الحديث 1456،الوسائل 4:1035 الباب 18 من أبواب التعقيب الحديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 2:138 الحديث 536،الوسائل 4:1014 الباب 1 من أبواب التعقيب الحديث 3. [4]
5- 5) الفقيه 1:318 الحديث 1446،الوسائل 4:1068 الباب 40 من أبواب التعقيب الحديث 4. [5]

مطلع الشّمس».و ذكر أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقول:«أكثروا ذكر اللّه عزّ و جلّ في هاتين السّاعتين فإنّهما ساعتا غفلة،و تعوّذوا باللّه عزّ و جلّ من شرّ إبليس و جنوده، و عوّذوا صغاركم في هاتين السّاعتين فإنّهما ساعتا غفلة» (1).

الثّاني:يستحبّ القيلولة

لقوله عليه السّلام:«و القائلة نعمة» (2).و لما رواه ابن بابويه،قال:جاء أعرابيّ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه إنّي كنت ذكورا و إنّي صرت نسيّا،فقال:«أ كنت تقيل؟»قال:نعم،قال:«و تركت ذاك؟»قال:نعم، قال:«عد»فعاد،فرجع إليه ذهنه (3).

قال:و روي:«قيلوا،فإنّ اللّه يطعم الصّائم في منامه و يسقيه» (4).

قال:و روي:«قيلوا،فإنّ الشّيطان لا يقيل» (5).

الثّالث قراءة دعاء الصباح إذا طلع الفجر

الثّالث:روى ابن بابويه،عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«تقول إذا طلع الفجر:الحمد للّه فالق الإصباح سبحان ربّ المساء و الصّباح،اللّهمّ صبّح آل محمّد ببركة و عافية،و سرور و قرّة عين و رزق واسع،و صبّحني و أهل بيتي ببركة و عافية، و سرور و قرّة عين،اللّهمّ إنّك تنزل بالليل و النّهار ما تشاء،فأنزل عليّ و على أهل بيتي من بركة السّماوات و الأرض رزقا حلالا واسعا تغنيني به عن جميع خلقك» (6).و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا استيقظ من منامه قال:«الحمد للّه الّذي أحياني بعد ما أماتني و إليه النّشور».و إذا أوى إلى فراشه قال:«باسمك اللّهمّ أحيا و باسمك أموت» (7).

ص:268


1- 1الفقيه 1:318 الحديث 1444،الوسائل 4:1064 الباب 36 من أبواب التعقيب الحديث 5. [1]
2- 2) الفقيه 1:318 الحديث 1446،الوسائل 4:1068 الباب 40 من أبواب التعقيب الحديث 4. [2]
3- 3) الفقيه 1:318 الحديث 1449،الوسائل 4:1066 الباب 39 من أبواب التعقيب الحديث 1. [3]
4- 4) الفقيه 1:319 الحديث 1451،الوسائل 4:1067 الباب 39 من أبواب التعقيب الحديث 2. [4]
5- 5) الفقيه 1:319 الحديث 1452،الوسائل 4:1067 الباب 39 من أبواب التعقيب الحديث 3. [5]
6- 6) الفقيه 1:317 الحديث 1442.
7- 7) صحيح مسلم 4:2083 الحديث 2711،سنن أبي داود 4:311 الحديث 5049، [6]مسند أحمد 5:385، [7]كنز العمّال 15:511 الحديث 41991.بتفاوت في الجميع.

و عن عبد الكريم بن عتبة،عن الصّادق عليه السّلام أنّه قال:«من قال عشر مرّات قبل طلوع الشّمس و قبل غروبها:لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو حيّ لا يموت بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير،كانت كفّارة لذنوبه في ذلك اليوم» (1).

«و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول بعد صلاة الفجر:اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ و الحزن و العجز و الكسل و البخل و الجبن و ضَلَع الدّين و غلبة الرّجال و بوار الأيّم (2)و الغفلة و الذّلّة و القسوة و العيلة و المسكنة،و أعوذ بك من نفس لا تشبع و من قلب لا يخشع و من دعاء لا يسمع و من صلاة لا تنفع،و أعوذ بك من امرأة تشيبني قبل أوان مشيبي،و أعوذ بك من ولد يكون عليّ ربّا،و أعوذ بك من مال يكون عليّ عذابا،و أعوذ بك من صاحب خديعة إن رأى حسنة دفنها،و إن رأى سيّئة أفشاها،اللّهمّ لا تجعل لفاجر عندي يدا و لا منّة» (3).

و روى الشّيخ،عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أصابك همّ فامسح يدك (4)على موضع سجودك،ثمَّ أمرّ (5)بيدك على وجهك يعني من جانب خدّك الأيسر،و على جبهتك إلى جانب خدّك الأيمن»كذلك وصفه إبراهيم الرّاوي«ثمَّ قل:بسم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشّهادة الرّحمن الرّحيم،اللّهمّ أذهب عنّي الهموم و الأحزان ثلاثا» (6).

و الدّعوات المنقولة عن أهل البيت عليهم السّلام كثيرة لا تحصى قد وضع الشّيخ

ص:269


1- 1الفقيه 1:221 الحديث 979،الوسائل 4:1049 الباب 25 من أبواب التعقيب الحديث 7. [1]
2- 2) الأيّم:العزب رجلا كان أو امرأة.المصباح المنير:33. [2]
3- 3) الفقيه 1:221 الحديث 980.
4- 4) ق و ح:بيدك.
5- 5) ح:اُمرر.
6- 6) التهذيب 2:112 الحديث 420،الوسائل 4:1077 الباب 5 من أبواب سجدتي الشكر الحديث 1. [3]

لمهمّا كتاب المصباح.

الفصل الثّالث:في التّروك

مسألة:يجب عليه أن يترك كلّ ما يبطل الطّهارة
اشارة

فلو فعله عمدا أو سهوا بطلت صلاته،و لا خلاف في أنّه إذا أحدث عمدا أبطل صلاته إلاّ عند أبي حنيفة،فإنّه قال:

لو أحدث عقيب قعوده قدر التشهّد تمّت صلاته (1).لأنّ التشهّد عنده ليس بواجب (2)، و قد سلف بطلانه (3).

أمّا النّاسي إذا سبقه الحدث فإنّ أكثر أصحابنا أوجبوا عليه الاستئناف بعد الطّهارة (4).و قال الشّيخ في الخلاف (5)،و السيّد المرتضى في المصباح:إذا سبقه الحدث ففيه روايتان:إحداهما:يعيد الصّلاة،و الأُخرى:يعيد الوضوء و يبني على صلاته (6).

قال الشّيخ في الخلاف:و الّذي أعمل عليه و افتي به الرّواية الاُولى (7).و قال في المبسوط:و قد روي:إذا سبقه الحدث جاز أن يعيد الوضوء و يبني على صلاته (8)، و الأحوط الأوّل (9).

ص:270


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:59،المجموع 3:462،شرح فتح القدير 1:334.
2- 2) المغني 1:613،المجموع 3:462.
3- 3) يراجع:ص 179.
4- 4) منهم:السّيد المرتضى في الناصريّات(الجوامع الفقهيّة):199،و الشيخ في النهاية:94 و أحد قوليه في الخلاف 1:146 مسألة-157،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):673،و ابن البرّاج في شرح جمل العلم و العمل:97،و الحلبيّ في الكافي في الفقه:120.
5- 5) الخلاف 1:146 مسألة-157.
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:250. [1]
7- 7) الخلاف 1:147 مسألة-157.
8- 8) التهذيب 2:355 الحديث 1468.
9- 9) المبسوط 1:117. [2]

و قال الشّافعيّ في الجديد:تبطل صلاته و يستأنف بعد الوضوء (1).و به قال مالك (2)،و ابن شبرمة (3)،و أحمد (4)،و عطاء (5)،و النّخعيّ (6).و قال في القديم:

يتوضّأ و يبني (7).و هو رواية عن أحمد (8)،و به قال أبو حنيفة (9)،و ابن أبي ليلى (10)، و داود (11).

و قال الثّوريّ:إذا كان حدثه من رعاف أو قيء توضّأ و بنى،و إن كان من بول أو ريح أو ضحك أعاد الوضوء و الصّلاة (12).

و عن أحمد:إن كان حدثه من السّبيلين أعاد الوضوء و الصّلاة،و إن كان من غيرهما بنى (13).

ص:271


1- 1المجموع 4:74،فتح العزيز بهامش المجموع 4:4،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54،ميزان الكبرى 1:158.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:104،المحلّى 4:156،حلية العلماء 2:151،المجموع 4:76،ميزان الكبرى 1:158، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54.
3- 3) المجموع 4:76،المحلّى 4:156.
4- 4) المغني 1:780،الشرح الكبير بهامش المغني 1:533،المجموع 4:76،فتح العزيز بهامش المجموع 4:5، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54.
5- 5) المغني 1:780،الشرح الكبير بهامش المغني 1:533،المجموع 4:76.
6- 6) المغني 1:780،الشرح الكبير بهامش المغني 1:533.
7- 7) نقله عنه في المحلّي 4:156،و المجموع 4:74،و ميزان الكبرى 1:158،و رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54.
8- 8) المغني 1:780،الشرح الكبير بهامش المغني 1:533.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 1:169،بدائع الصنائع 1:220،المحلّى 4:153،ميزان الكبرى 1:158،المجموع 4: 76،حلية العلماء 2:151.
10- 10) المجموع 4:76.
11- 11) حلية العلماء 2:151.
12- 12) المحلّى 4:156،ميزان الكبرى 1:158،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:54،حلية العلماء 2:152.
13- 13) المغني 1:780،الشرح الكبير بهامش المغني 1:533،الإنصاف 1:194.

و عن أبي حنيفة:إن كان منيّا بطلت صلاته،و إن كان دما فإن كان بغير فعله مثل أن شجّه إنسان أو فصده بطلت صلاته،و إن كان بغير فعل إنسان كالرّعاف لم تبطل صلاته (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عليّ بن طلق (2)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا فسا أحدكم و هو في الصّلاة فلينصرف و ليتوضّأ و ليعد الصّلاة» (3).

و عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:فمن وجد في بطنه رِزّا فلينصرف و ليغتسل أو ليتوضّأ و ليستقبل صلاته».رواه الأثرم (4).

و الرِّزّ:الصّوت،قاله صاحب الصّحاح (5).

و عنه عليه السّلام قال:«إنّ الشّيطان يأتي أحدكم و هو في الصّلاة فيقول:أحدثت فلا ينصرفنّ حتّى يسمع صوتا أو يجد ريحا» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي بكر الحضرميّ،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام أنّهما قالا:«لا يقطع الصّلاة إلاّ أربع:الخلاء،و البول،و الرّيح، و الصّوت» (7).

و عن الحسن بن الجهم (8)قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل صلّى الظّهر

ص:272


1- 1المحلّى 4:153، [1]بدائع الصنائع 1:221.
2- 2) عليّ بن طلق بن المنذر بن قيس الحنفيّ اليماميّ،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و روى عنه مسلم بن سلام.تهذيب التهذيب 7:341. [2]
3- 3) سنن أبي داود 1:263 الحديث 1005،سنن الدّار قطنيّ 1:153 الحديث 10،سنن البيهقيّ 2:255.
4- 4) سنن الدار قطنيّ 1:156 الحديث 21،المغني 1:780.
5- 5) الصحاح 3:879.
6- 6) صحيح مسلم 1:276 الحديث 361،سنن أبي داود 1:45 الحديث 176،سنن الترمذيّ 1:109 الحديث 75، سنن النسائيّ 1:98،سنن البيهقيّ 1:117،مجمع الزوائد 1:242-243.
7- 7) التهذيب 2:331 الحديث 1362،الوسائل 4:1240 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [3]
8- 8) الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبو محمّد الشيبانيّ ثقة،روى عن أبي الحسن موسى و الرضا عليهما السّلام،له كتاب قاله النجاشيّ.و عدّه الشيخ في رجاله بهذا العنوان تارة من أصحاب الكاظم عليه السّلام و وثّقه،و اخرى بعنوان الحسن بن الجهم الرّازيّ من أصحاب الرضا عليه السّلام.قال المحقّق المامقانيّ:توصيفه بالرّازيّ من سهو الناسخ،و أصله الزراريّ نسبة إلى زرارة،لأنّه من قبيلته مع أنّ الموجود في النسخة المطبوعة من رجال الشيخ في باب أصحاب الرضا عليه السّلام الحسين بن الجهم الرازيّ،و عنونه المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة: الحسن بن الجهم بن بكير،و استظهر المحقّق الخوئيّ عدم اتّحادهما فتدبّر. رجال النجاشيّ:50،رجال الطّوسيّ:347 و 373،رجال العلاّمة:43، [4]تنقيح المقال 1:271، [5]معجم رجال الحديث 4:302. [6]

أو العصر فأحدث حين جلس في الرّابعة؟فقال:«إن كان قال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه فلا يعيد،و إن كان لم يتشهّد قبل أن يحدث فليعد» (1).

و عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يكون في صلاته فيخرج منه حبّ القرع:«فليس عليه شيء و لم ينقض وضوءه،و إن كان متلطّخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء،و إن كان في صلاته قطع الصّلاة و أعاد الوضوء و الصّلاة» (2).

و لأنّ الطّهارة شرط و قد فسد فيفسد المشروط،و لأنّه فقد شرط الصّلاة في أثنائها على وجه لا يعود إلاّ بعد زمن طويل و عمل كثير ففسدت صلاته كما لو تنجّس بنجاسة يحتاج في إزالتها إلى مثل ذلك،أو انكشفت عورة و لم يجد السّترة إلاّ في مكان بعيد.

احتجّ أصحابنا (3)بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الفضيل بن يسار قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أكون في الصّلاة فأجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا؟فقال:

«انصرف،ثمَّ توضّأ و ابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصّلاة متعمّدا،و إن تكلّمت ناسيا فلا بأس عليك،فهو بمنزلة من تكلّم في الصّلاة ناسيا»قلت:و إن قلّب

ص:273


1- 1التّهذيب 1:205 الحديث 596 و ج 2:354 الحديث 1467،الاستبصار 1:401 الحديث 1531،الوسائل 4:1241 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 6. [1]
2- 2) التّهذيب 1:11 الحديث 20،الاستبصار 1:82 الحديث 258 و ص 401 الحديث 1532،الوسائل 1:184 الباب 5 من أبواب نواقض الوضوء الحديث 5. [2]
3- 3) الخلاف 1:146 مسألة-157.

وجهه عن القبلة؟قال:«نعم و إن قلّب وجهه عن القبلة» (1).

قال السيّد المرتضى:لو لم يكن الأذى و الغمز ناقضين للطّهارة لما أمره بالانصراف و الوضوء (2).

و عن أبي سعيد القمّاط (3)قال:سمعت رجلا يسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وجد غمزا في بطنه أو أذى أو عصرا من البول و هو في الصّلاة المكتوبة في الرّكعة الأُولى أو الثّانية أو الثّالثة أو الرّابعة؟قال:فقال:«إذا أصاب شيئا من ذلك فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضّأ،ثمَّ ينصرف إلى مصلاّه الّذي كان يصلّي فيه،فيبني على صلاته من الموضع الّذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصّلاة بكلام»قال:قلت:و إن التفت يمينا و شمالا أو ولّى عن القبلة؟قال:«نعم كلّ ذلك واسع،إنّما هو بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاث من المكتوبة فإنّما عليه أن يبني على صلاته» (4).

و احتجّ أبو حنيفة (5)بما روته عائشة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف فليتوضّأ و ليبن على ما مضى من صلاته» (6).

و الجواب عن الأحاديث السّابقة:بمنع صحّة السّند،و بمعارضتها بالأخبار الّتي

ص:274


1- 1التهذيب 2:332 الحديث 1370،الاستبصار 1:401 الحديث 1533،الوسائل 4:1242 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 9. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:251. [2]
3- 3) خالد بن سعيد:أبو سعيد القمّاط كوفيّ،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،وثّقه النجاشيّ و المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و عدّه الشيخ في رجاله في باب الكنى من أصحاب الكاظم عليه السّلام. رجال النجاشيّ:149،رجال الطوسيّ:365،رجال العلاّمة:65. [3]
4- 4) التهذيب 2:355 الحديث 1468،الوسائل 4:1243 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 11. [4]
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 1:169،بدائع الصنائع 1:220،الهداية للمرغينانيّ 1:59،شرح فتح القدير 1:33، نيل الأوطار 1:237.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:385 الحديث 1221،سنن البيهقيّ 2:255،نيل الأوطار 1:236،و بهذا اللفظ ينظر: الشرح الكبير بهامش المغني 1:533.

أوردناها،فيبقى الدّليل العقليّ سالما.و أيضا:فالأذى و الغمز ليس بناقض،و ليس في الخبر أنّه أحدث،و قوله عليه السّلام:«ما لم ينقض الصّلاة متعمّدا»إنّما يدلّ على أنّ السّاهي لا يعيد من حيث دليل الخطاب،و ليس حجّة،و إن كان فمع عدم المعارض،و حديث أبي حنيفة ضعّفه الرّواة (1)منهم (2)،و مع تسليمه فالرّعاف و القيء ليسا بحدثين على ما مضى،و يحمل قوله عليه السّلام:«و ليتوضّأ»على غسله ما أصاب الثّوب من الدّم.

فرع:

على القول بالبناء لو انصرف من الصّلاة ليتوضّأ و يبني فأخرج باقي الحدث عامدا استأنف.و به قال الشّيخ (3)،و أبو حنيفة (4).

و قال الشّافعيّ في القديم:يبني (5).

لنا:العمل بالإطلاق الدّالّ على وجوب الاستئناف مع العمد و طريقة الاحتياط.

احتجّ الشّافعيّ بأنّه حدث طرأ على حدث فلا يكون مؤثّرا (6).

و الجواب:المنع من مساواة الحدثين؛إذ الأوّل غير ناقض للصّلاة بخلاف الثّاني.

مسألة:الالتفات يمينا و شمالا ينقص ثواب الصّلاة و لا يبطلها
اشارة

(7)

و عليه جمهور الفقهاء (8)،و الالتفات إلى ما وراءه يبطلها.أمّا الإبطال بالالتفات بالكلّيّة فلأنّ الاستقبال

ص:275


1- 1م،ق و ح:ضعيفة الرواة.
2- 2) قال ابن ماجه في سننه 1:386:في إسناده إسماعيل بن عيّاش و قد روى عن الحجازيّين و روايته عنهم ضعيفة.
3- 3) الخلاف 1:147 مسألة-158.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:170.
5- 5) المجموع 4:74-75.
6- 6) المجموع 4:75،فتح العزيز بهامش المجموع 4:8.
7- 7) غ و م:ينقض،ق و ح:لا ينقض.
8- 8) ينظر:المغني 1:696،بدائع الصنائع 1:215،المجموع 4:95،سنن البيهقيّ 2:281،نيل الأوطار 2:311 و 378.

شرط صحّة الصّلاة،و مع الالتفات بالكلّيّة يفوت الشّرط.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة أنّه سمع أبا جعفر عليه السّلام يقول:

«الالتفات يقطع الصّلاة إذا كان بكلّه» (1).

و في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلّب وجهك عن القبلة فيفسد صلاتك،فإنّ اللّه تعالى قال لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله في الفريضة فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ (2).و اخشع بصرك و لا ترفعه إلى السّماء و لكن حذاء وجهك في موضع سجودك» (3).

و أمّا النّقص (4)من الثّواب في الالتفات إلى أحد الجانبين مع بقاء الجسد مستقبلا،فلما رواه الجمهور،عن أبي ذرّ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يزال اللّه مقبلا على العبد و هو في صلاته ما لم يلتفت،فإذا التفت انصرف عنه» (5).

و ليس ذلك للتّحريم؛لما رووه،عن ابن عبّاس،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يلتفت يمينا و شمالا و لا يلوي عنقه خلف ظهره (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبد الملك (7)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه

ص:276


1- 1التّهذيب 2:199 الحديث 780،الاستبصار 1:405 الحديث 1543،الوسائل 4:1248 الباب 3 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [1]
2- 2) البقرة(2):144. [2]
3- 3) التّهذيب 2:286 الحديث 1146،الوسائل 3:227 الباب 9 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [3]
4- 4) م،ق و ح:النقض.
5- 5) سنن أبي داود 1:239 الحديث 909،سنن النسائيّ 3:8،سنن الدارميّ 1:331، [4]مسند أحمد 5:172، [5]المغني 1:696. [6]
6- 6) سنن النّسائيّ 3:9،مسند أحمد 1:275 و 306. [7]
7- 7) عبد الملك بن حكيم الخثعميّ الكوفيّ،قال النجاشيّ:ثقة عين،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام. و قال الشّيخ في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و وثّقه. رجال النجاشيّ:239،الفهرست:110، [8]رجال العلاّمة:115. [9]

السّلام عن الالتفات في الصّلاة أ يقطع الصّلاة؟فقال:«لا،و ما أُحبّ أن يفعل» (1).و إنّما أشار عليه السّلام بذلك إلى الالتفات يمينا و شمالا.

و عن الحلبيّ في الحسن،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا التفتّ في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد إذا كان الالتفات فاحشا،و إن كنت قد تشهّدت فلا تعد» (2).

فرع:

لو التفت إلى ما وراءه ناسيا لم يعد صلاته؛لقوله عليه السّلام:«رفع عن أُمّتي الخطأ، و النّسيان،و ما استكرهوا عليه» (3).

مسألة:و يجب عليه ترك الكلام في الصّلاة
اشارة

فلو نطق بحرفين فصاعدا عمدا بطلت صلاته لا سهوا،و قد أجمع أهل العلم كافّة على أنّ من تكلّم في الصلاة عالما أنّه فيها و أنّه محرّم عليه لغير مصلحة الصّلاة و لا لأمر يوجب الكلام و لا داعيا،أنّه يبطل صلاته.

و هذه المسألة تشتمل على مطالب:

الأوّل:إبطال الصّلاة بما قد أجمعوا عليه

(4)

لما رواه الجمهور عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيء من كلام النّاس،إنّما هي التّسبيح و التّكبير و قراءة القرآن» (5).

ص:277


1- 1التّهذيب 2:200 الحديث 784،الاستبصار 1:405 الحديث 1546،الوسائل 4:1249 الباب 3 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 2:323 الحديث 1322،الاستبصار 1:405 الحديث 1547،الوسائل 4:1248 الباب 3 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [2]
3- 3) سنن ابن ماجه 1:659 الحديث 2045،سنن البيهقيّ 6:84،كنز العمّال 4:233 الحديث 10307.
4- 4) غ:ممّا.
5- 5) صحيح مسلم 1:381 الحديث 537،سنن النّسائيّ 3:17،سنن الدارميّ 1:353، [3]سنن البيهقيّ 2:360.

و عن زيد بن أرقم (1):كنّا نتكلّم في الصّلاة،يكلّم أحدنا صاحبه و هو إلى جنبه حتّى نزلت وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ (2)فأُمرنا بالسّكوت و نُهينا عن الكلام.رواه مسلم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن الصّادق عليه السّلام قال:«كلّما ناجيت به ربّك في الصّلاة فليس بكلام» (4).و أراد بذلك أنّه ليس بكلام مبطل،و هو يدلّ على البطلان بما لا يناجي به الربّ تعالى.

المطلب الثّاني:لو تكلّم في الصّلاة جاهلا بتحريم الكلام في الصّلاة بطلت صلاته

(5)

خلافا للشّافعيّ (6).

لنا:أنّه تكلّم (7)متعمّدا فبطلت صلاته كالعالم،و الجهل ليس بعذر في التّكاليف (8)بل الأولى فيه زيادة العقوبة بالإعادة.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ الكلام قد كان سائغا لحديث زيد،و النّسخ إنّما يثبت في حقّ من يعلم به (9).

ص:278


1- 1زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك.الأنصاريّ أبو عمرو. غزا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سبع عشرة غزوة و نزل الكوفة،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و عن عليّ عليه السّلام،و روى عنه أنس بن مالك و أبو الطفيل،و شهد صفّين مع عليّ عليه السّلام و كان من خواصّه.مات بالكوفة أيّام المختار سنة 66 ه و قيل:68 ه. الإصابة 1:560، [1]أُسد الغابة 2:219، [2]تهذيب التّهذيب 3:394، [3]رجال صحيح مسلم 1:213.
2- 2) البقرة(2):238. [4]
3- 3) صحيح مسلم 1:383 الحديث 539.
4- 4) الفقيه 1:208 الحديث 939،الوسائل 4:917 الباب 19 من أبواب القنوت الحديث 4.
5- 5) م:في أثناء.
6- 6) الاُمّ 1:124،المبسوط للسرخسيّ 1:170،المغني 1:737،المجموع 4:77،بداية المجتهد 1:119.
7- 7) ح:متكلّم.
8- 8) م:التكليف.
9- 9) المغني 1:737.

و بما رواه معاوية بن الحكم السّلميّ (1)قال:بينا أنا أُصلّي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ عطس رجل من القوم فقلت:يرحمك اللّه،فرماني القوم بأبصارهم،فقلت:

و أثكل امِّياه ما شأنكم تنظرون إليّ،فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم،فلمّا رأيتهم يُصمِّتُوني سكتّ،فلمّا صلّى اللّه عليه و آله فبأبي هو و أُمّي ما رأيت معلّما قبله و لا بعده أحسن تعليما منه،فو اللّه ما كهرني و لا شتمني و لا ضربني،ثمَّ قال:«إنّ هذه الصّلاة لا يَصلُح فيها شيء من كلام النّاس إنّما هي التّسبيح و التّكبير و قراءة القرآن» (2).

فلم يأمره بالإعادة.

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من تسويغ الكلام،و لو سلّم لكنّ النّسخ لا يتوقّف على العلم به و إلاّ دار،بل على ورود الشّرع مع إمكان العلم به.

و عن الثّاني:أنّ التّسميت عندنا جائز فالنّاقض هو الكلام الثّاني.و في قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيء من كلام النّاس» (3)أمر بالإعادة.

المطلب الثّالث:لو تكلّم متعمّدا لمصلحة الصّلاة بطلت صلاته

عندنا

و به قال أبو حنيفة (4)،و الشّافعيّ (5)،و أحمد في إحدى الرّوايات (6).و في الأُخرى:أنّها لا تبطل (7).و به قال مالك (8)،

ص:279


1- 1معاوية بن الحكم السّلميّ سكن المدينة،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و روى عنه ابنه كثير، و عطاء بن يسار،و أبو سلمة بن عبد الرّحمن.أُسد الغابة 4:384، [1]تهذيب التّهذيب 10:205. [2]
2- 2) صحيح مسلم 1:381 الحديث 537،سنن النسائيّ 3:17.بتفاوت.
3- 3) صحيح مسلم 1:383 الحديث 539،سنن النّسائيّ 3:17،سنن الدّارميّ 1:353،سنن البيهقيّ 2:360.
4- 4) بداية المجتهد 1:119،حلية العلماء 2:152،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:55.
5- 5) بداية المجتهد 1:119،المجموع 4:85، [3]رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:55،مغني المحتاج 1:194.
6- 6) المغني 1:740،الشرح الكبير بهامش المغني 1:712.
7- 7) المغني 1:740،بداية المجتهد 1:119،المجموع 4:85،نيل الأوطار 2:365.
8- 8) المغني 1:740،المجموع 4:85،الشرح الكبير بهامش المغني 1:713،ميزان الكبرى 1:158،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:55،حلية العلماء 2:153.

و الأوزاعيّ (1).

و في الثّالثة:إنّ صلاة الإمام المتكلّم لا تفسد و تفسد صلاة المأمومين الّذين تكلّموا (2).

لنا:عموم الأحاديث الدّالّة على النّهي (3).

و ما رووه،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«التّسبيح للرّجال و التّصفيق للنّساء» (4).و لو كان الكلام جائزا لتنبيه الإمام لاستغنى عن التّسبيح.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سألته عن الرّجل يصيبه الرّعاف و هو في الصّلاة؟فقال:«إن قدر على ماء عنده يمينا و شمالا بين يديه و هو مستقبل القبلة فليغسله عنه،ثمَّ ليصلّ ما بقي من صلاته، و إن لم يقدر على ماء حتّى ينصرف بوجهه أو يتكلّم فقد قطع صلاته» (5).و لأنّه كلام ليس من الصّلاة فأشبه غير المتعلّق بمصلحتها.

احتجّوا (6)بما رواه أبو هريرة،قال:صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاة

ص:280


1- 1نيل الأوطار 2:365.
2- 2) المغني 1:740،الشرح الكبير بهامش المغني 1:713.
3- 3) صحيح مسلم 1:381 باب تحريم الكلام في الصّلاة،سنن أبي داود 1:249 باب النهي عن الكلام في الصلاة،سنن النّسائيّ 3:14 باب الكلام في الصّلاة. و من طريق الخاصّة ينظر:الوسائل 4:1275 الباب 25 من أبواب قواطع الصّلاة.
4- 4) صحيح البخاريّ 2:79-80،صحيح مسلم 1:318 الحديث 422،سنن ابن ماجه 1:329 الحديث 1034. سنن أبي داود 1:247 الحديث 939،سنن الترمذيّ 2:205 الحديث 369،سنن النسائيّ 3:11،سنن الدّارميّ 1:317، [1]مسند أحمد 2:261،376،432،440 و 473. [2]
5- 5) التّهذيب 2:200 الحديث 783،الاستبصار 1:404 الحديث 1541،الوسائل 4:1245 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 6. [3]
6- 6) بداية المجتهد 1:119،المهذّب للشيرازيّ 1:87،المغني 1:740.

العصر فسلّم في ركعتين،فقام ذو اليدين (1)فقال:أ قصرت الصّلاة أم نسيت يا رسول اللّه؟ فأقبل على القوم و قال:«أصدق ذو اليدين؟»فقالوا:نعم،فأتمّ ما بقي من صلاته و سجد و هو جالس بعد التّسليم (2).

و الجواب:أنّ هذا الحديث مردود لوجوه:

أحدها:أنّه يتضمّن إثبات السّهو في حقّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو محال عقلا، و قد بيّناه في كتب الكلام (3).

الثّاني:أنّ أبا هريرة أسلم بعد أن مات ذو اليدين بسنين،فإنّ ذا اليدين قتل يوم بدر و ذلك بعد الهجرة بسنتين (4)،و أسلم أبو هريرة بعد الهجرة بسبع سنين (5).

و اعترض على هذا بأنّ الّذي قتل يوم بدر ذو الشّمالين،و اسمه عمير بن عبد

ص:281


1- 1ذو اليدين و اسمه الخرباق من بني سليم،قال ابن الأثير و ابن حجر في ترجمته:ليس هو ذا الشمالين،ذو الشمالين قتل يوم بدر،و لكنّهما قالا في ترجمة عبد عمرو بن نضلة الخزاعيّ:قيل:هو اسم ذي اليدين وقع ذلك في رواية محمّد بن كثير عن الأوزاعيّ.عن أبي هريرة قال:سلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الركعتين،فقام عبد عمرو بن نضلة رجل من خزاعة حليف لبني زهرة قال:أ قصرت الصلاة أم نسيت؟ثمَّ أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على الناس فقال:أصدق ذو الشمالين.و صريح هذا الحديث أنّ ذا اليدين و ذا الشمالين رجل واحد،و هو الذي قتل ببدر،و هذا ينافي الحديث الذي رواه أبو هريرة حيث إنّه أسلم عام خيبر و هي بعد بدر بخمس سنين. الإصابة 1:489 و ج 2:429، [1]أُسد الغابة 2:145 و ج 3:330. [2]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:183 و ج 2:85-86 و ج 8:20،صحيح مسلم 1:403 الحديث 573،سنن ابن ماجه 1:383 الحديث 1214،الموطّأ 1:93-94، [3]سنن النسائيّ 3:20-25،سنن الترمذيّ 2:247 الحديث 399،مسند أحمد 2:423 و ص 459-460. [4]
3- 3) الرسالة السعديّة:72،كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد:274،نهج المسترشدين:59.
4- 4) ق و ح:لسنتين.
5- 5) كان إسلام أبي هريرة في عام خيبر سنة سبع من الهجرة. ينظر الإصابة 2:429، [5]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:491، [6]سير أعلام النبلاء 2:583.

عمرو بن نضلة الخزاعيّ (1)،و ذو اليدين عاش بعد وفاة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و مات في أيّام معاوية،قال:و قبره بذي خشب و اسمه الخرباق،و الدّليل عليه أنّ عمران بن حُصين روى هذا الحديث،فقال فيه:فقام الخرباق (2)فقال:أ قُصرت الصّلاة أم نسيت يا رسول اللّه (3)؟.و أُجيب بأنّ الأوزاعيّ روى فقال:فقام ذو الشّمالين فقال:

أ قصرت الصّلاة أم نسيت يا رسول اللّه؟و ذو الشّمالين قتل يوم بدر لا محالة (4).

و روى الأصحاب أنّ ذا اليدين كان يقال له:ذو الشّمالين.رواه سعيد الأعرج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (5).

الثّالث:أنّه قد روي في هذا الخبر أنّ ذا اليدين قال:أ قصرت الصّلاة أم نسيت يا رسول اللّه؟فقال:«كلّ ذلك لم يكن» (6).

و روي أنّه عليه السّلام قال:«إنّما أسهو لابيّن (7)لكم» (8).

ص:282


1- 1ذو الشمالين:عمير بن عبد عمرو بن نضلة بن غسّان بن مالك بن أفصى الخزاعيّ.و يقال:اسمه عبد عمرو و هو الذي قتل ببدر،و هو الذي وقع في قصّة السهو للصلاة.و قد عرفت في ترجمة عبد عمرو بن نضلة أنّه اسم ذي اليدين. الإصابة 1:486، [1]أُسد الغابة 2:141. [2]
2- 2) قد عرفت أنّ خرباق هو اسم ذي اليدين.
3- 3) صحيح مسلم 1:404 الحديث 574،سنن ابن ماجه 1:384 الحديث 1215.
4- 4) للاطّلاع على اختلاف ألفاظ الحديث و ما فيه من المناقشة ينظر:إرشاد الساري 2:365،شرح النوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:240،المجموع 4:87،الاُمّ 1:123-124.
5- 5) ينظر:الكافي 3:357 الحديث 6، [3]التهذيب 2:345 الحديث 1433،الوسائل 5:311 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 16. [4]
6- 6) صحيح مسلم 1:404 الحديث 573،مسند أحمد 2:459-460، [5]الموطّأ 1:94 الحديث 59، [6]سنن النسائيّ 3:22.
7- 7) م و ن:لأُسنّ.
8- 8) أورده الشيخ في الخلاف 1:144 مسألة-154،و قريب منه في موطّإ مالك 1:100 الحديث 2.

و روي أيضا:أنّه قال:«لم أنس و لم تقصر الصّلاة» (1).

المطلب الرّابع:لو تكلّم عامدا لمصلحة لا يتعلّق بالصّلاة بطلت صلاته

ذهب إليه علماؤنا،كما لو خشي على ضرير أو صبيّ التردّي في الهلكة،أو رأى حيّة و نحوها تقصد غافلا أو نائما و لا يمكنه التّنبيه بالتّسبيح.و به قال الأوزاعيّ (2)،و سعيد بن المسيّب، و النّخعيّ،و حمّاد بن أبي سليمان (3)،و بعض الشّافعيّة (4).و قال أحمد (5)،و بعض الشّافعيّة:

لا تبطل الصّلاة بذلك (6).

لنا:عموم الأحاديث الدّالّة على النّهي (7).

و ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّ اللّه يحدث من أمره ما يشاء،و إنّ اللّه قد أحدث أن لا تكلّموا في الصّلاة» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرّجل يريد الحاجة و هو في الصّلاة؟فقال:«يومئ برأسه و يشير بيده،و المرأة إذا أرادت الحاجة و هي تصلّي تصفق بيدها» (9).

ص:283


1- 1سنن النّسائيّ 3:20-21.
2- 2) كذا نسب إليه و الموجود في المصادر خلاف ذلك،ينظر:حلية العلماء 2:153-154،المجموع 4:85،المغني 1: 740،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:55،ميزان الكبرى 1:158،بداية المجتهد 1:119.
3- 3) المجموع 4:85.
4- 4) المغني 1:739،المهذّب للشيرازيّ 1:87،المجموع 4:82. [1]
5- 5) المغني 1:739،الشرح الكبير بهامش المغني 1:715.
6- 6) المغني 1:739،الشرح الكبير بهامش المغني 1:715،المهذّب للشيرازيّ 1:87،حلية العلماء 2:154.
7- 7) صحيح مسلم 1:381 باب تحريم الكلام في الصّلاة،سنن أبي داود 1:249 باب النهي عن الكلام في الصّلاة، سنن النسائيّ 3:14 باب الكلام في الصّلاة. و من طريق الخاصّة ينظر:الوسائل 4:1275 الباب 25 من أبواب قواطع الصّلاة. [2]
8- 8) صحيح البخاريّ 9:187،سنن أبي داود 1:243 الحديث 924،سنن النسائيّ 3:19،مسند أحمد 1: 377 و 435. [3]
9- 9) التّهذيب 2:324 الحديث 1328،الوسائل 4:1256 الباب 9 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [4]

و عن إسماعيل بن أبي زياد،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام أنّه قال في رجل يصلّي و يرى الصّبيّ يحبو إلى النّار،أو الشّاة تدخل البيت لتفسد الشّيء قال:

«فلينصرف و ليحرز ما يتخوّف و يبني على صلاته ما لم يتكلّم» (1).و لأنّه تكلّم متعمّدا بما لا يتعلّق بالصّلاة و ليس منها،فأشبه ما إذا لم يتعلّق بالمصلحة.

احتجّوا (2)بأنّه كلام واجب (3).

و الجواب:المنع من كون الواجب غير مبطل.

المطلب الخامس:لو تكلّم في الصّلاة مجيبا للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بطلت صلاته و إن كان واجبا

خلافا للشّافعيّ (4).

لنا:العموم الدالّ على إبطال الصّلاة بالكلام العمد،و لأنّه يجري مجرى تنبيه المتردّي و في تلك الصّورة تبطل الصّلاة عند أكثر الشّافعيّة فكذا هنا.أجابوا بالفرق؛لأنّ ذلك ليس بمتحقّق،لجواز أن لا يقع الأعمى بخلاف إجابة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فإنّها متحقّقة (5).

و ليس بجيّد؛لأنّ ذلك لا يمنع الوجوب،بل الإنذار واجب فساوى إجابة النّبي صلّى اللّه عليه و آله.

احتجّ الشّافعيّ (6)بما رواه أبو هريرة قال:خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ابيّ بن كعب و هو يصلّي في المسجد فقال:«السّلام عليك يا ابيّ»فالتفت إليه أُبيّ فلم يجبه، ثمَّ خفّف الصّلاة،فلمّا انصرف أتى (7)النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:السّلام عليك

ص:284


1- 1التّهذيب 2:333 الحديث 1375،الوسائل 4:1272 الباب 21 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [1]
2- 2) ح:احتجّ المخالف.
3- 3) المغني 1:739،المهذّب للشيرازيّ 1:87.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:87،المجموع 4:81.
5- 5) المهذّب للشيرازيّ 1:87،المجموع 4:81.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:87،المجموع 4:81.
7- 7) ح:رأى.

يا رسول اللّه (1)،فقال:«و عليك السّلام،ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك؟»فقال:

يا رسول اللّه كنت أُصلّي،قال:«[أ] (2)فلم تجد فيما أوحي إليّ اِسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ؟ (3)»قال:بلى يا رسول اللّه لا أعود (4).

و الجواب:أنّه ليس محلّ النّزاع؛إذ ردّ السّلام عندنا واجب غير مبطل على ما يأتي.

المطلب السّادس:لو تكلّم مكرها ففي الإبطال به تردّد

ينشأ من كون النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بينه و بين النّاسي في العفو (5)،و الأقرب البطلان،لأنّه تكلّم عامدا بما ليس من الصّلاة،و الإكراه لا يخرج الفعل عن التعمّد و يقتضي (6)إبطال الصّلاة، كما لو اكره على زيادة ثالثة في الفجر،أو على زيادة ركوع في ركعة،و رفع المؤاخذة لا ينافي ذلك،إذ لو تكلّم غير مكره لكان معاقبا بخلاف المكره و إن اشتركا في الإبطال.

المطلب السّابع:لو تكلّم في الصّلاة ناسيا أنّه فيها لم تبطل صلاته

و عليه علماؤنا، و به قال الشّافعيّ (7)،و مالك (8)،و الأوزاعيّ،و إسحاق (9)،و أحمد (10)،و أبو ثور (11).و قال أبو حنيفة:يبطل ذلك الصّلاة (12).

ص:285


1- 1أكثر النّسخ:يا نبيّ اللّه.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) الأنفال(8):24. [1]
4- 4) سنن الترمذيّ 5:155 الحديث 2875،المجموع 4:81.
5- 5) ينظر:الوسائل 4:1284 الباب 37 من أبواب قواطع الصّلاة.و من طريق العامّة:سنن ابن ماجه 1:659.
6- 6) في النسخ:لا يقتضي،حذفنا كلمة«لا»لاقتضاء السياق.
7- 7) الاُمّ 1:125،المبسوط للسرخسيّ 1:170،بدائع الصنائع 1:233،المغني 1:737،الشرح الكبير بهامش المغني 1:712،المجموع 4:85،الهداية للمرغينانيّ 1:61،بداية المجتهد 1:119،حلية العلماء 2:152.
8- 8) المغني 1:737،الشرح الكبير بهامش المغني 1:712،المجموع 4:85،حلية العلماء 2:152.
9- 9) المجموع 4:85.
10- 10) المغني 1:737،الشرح الكبير بهامش المغني 1:712،المجموع 4:85،حلية العلماء 2:152.
11- 11) المجموع 4:85.
12- 12) الهداية للمرغينانيّ 1:61،بداية المجتهد 1:119،المجموع 4:85،حلية العلماء 2:152.

لنا:إلزام الخصم بحديث ذي الشّمالين (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يتكلّم ناسيا في الصّلاة يقول:أقيموا صفوفكم؟ قال:«يتمّ صلاته ثمَّ يسجد سجدتين»فقلت:سجدتي (2)السّهو قبل التّسليم هما أو بعده؟ قال:«بعده» (3).

احتجّ المخالف (4)بعموم النّهي في قوله عليه السّلام:«إنّ صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الادميّين» (5).و لأنّ عمده يبطل الصّلاة فكذلك سهوه كالحدث.

و الجواب عن الحديث:أنّه لا دلالة فيه؛لأنّ الكلام لا يصلح في الصّلاة و ليس في الحديث ذكر الصّلاة الّتي وقع فيها.

و عن القياس بالفرق،فإنّ الحدث يبطل الطّهارة أو يوجبها و ليس ممّا حرّمته (6)الصّلاة.

المطلب الثّامن:لو ظنّ إتمام الصّلاة فتكلّم لم تفسد صلاته

خلافا للشّيخ في بعض

ص:286


1- 1صحيح البخاريّ 1:183 و ج 2:85 و ج 8:20،صحيح مسلم 1:403 الحديث 573،سنن ابن ماجه 1: 383 الحديث 1214،الموطّأ 1:93،سنن الترمذيّ 2:247 الحديث 399، [1]سنن الدارميّ 1:351،مسند أحمد 2:423، [2]سنن النسائيّ 3:20.
2- 2) ن:سجدتا.
3- 3) التّهذيب 2:191 الحديث 755،الاستبصار 1:378 الحديث 1433،الوسائل 5:313 الباب 4 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 1 و [3]الباب 5 من نفس الأبواب الحديث 1.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 1:170-171،الهداية للمرغيناني 1:61،بدائع الصنائع 1:233،المجموع 4:86، شرح فتح القدير 1:344.
5- 5) صحيح مسلم 1:381 الحديث 537،سنن النسائيّ 3:17،مسند أحمد 5:447-448.
6- 6) ق و ح:بما جرت.

أقواله (1)،و لأحمد في إحدى الرّوايتين (2)،و لأصحاب الرّأي (3).

لنا:أنّه داخل في حيّز النّسيان فيدخل تحت قوله عليه السّلام:«رفع عن أُمّتي الخطأ،و النّسيان» (4).و رواية ذي اليدين و إن لم تكن حجّة لنا فهي في معرض الإلزام (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام في الرّجل يسهو في الرّكعتين و يتكلّم،قال:«يتمّ ما بقي من صلاته تكلّم أو لم يتكلّم و لا شيء عليه» (6).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام:في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة فسلّم و هو يرى أنّه قد أتمّ الصّلاة و تكلّم،ثمَّ ذكر أنّه لم يصلّ غير ركعتين قال:«يتمّ ما بقي من صلاته و لا شيء عليه» (7).

قال الشّيخ في المبسوط:و قد روي أنّه يقطع الصّلاة قال:و الأوّل أحوط (8).

احتجّوا بالمنع المطلق (9).

ص:287


1- 1كذا نسب إليه،و نسبه في الحدائق 9:23 أيضا إلى الشيخ حيث قال:«و ذهب الشيخ في النهاية إلى البطلان».و لم نعثر عليه في النهاية.
2- 2) المغني 1:737،الشرح الكبير بهامش المغني 1:710.
3- 3) المغني 1:738،الشرح الكبير بهامش المغني 1:710.
4- 4) ينظر:سنن ابن ماجه 1:659 الحديث 2043 و 2045. و من طريق الخاصّة:الوسائل 4:1284 الباب 37 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [1]
5- 5) م:الالتزام.
6- 6) التّهذيب 2:191 الحديث 756،الاستبصار 1:378 الحديث 1434،الوسائل 5:308 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 5. [2]
7- 7) التّهذيب 2:191 الحديث 757،الاستبصار 1:379 الحديث 1436،الوسائل 5:309 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 9. [3]
8- 8) المبسوط 1:118. [4]
9- 9) المغني 1:738،الشرح الكبير [5]بهامش المغني 1:710،المجموع 4:85.

و الجواب:العمل بالخاصّ أولى،و هو معارض (1)بما نقل عن جماعة من الصّحابة أنّهم تكلّموا بعد التّسليم بظنّ الإتمام ثمَّ أتمّوا مع الذّكر،كالزّبير،و ابنيه عبد اللّه و عروة، و صوّبهم ابن عبّاس (2)و لم ينكر فكان إجماعا.

فرع:

لا فرق بين قليل الكلام و كثيره في الإبطال مع العمد و عدمه مع السهو،خلافا للشافعيّ،فإنّه أبطل بالكلام الكثير و إن صدر عن سهو (3).

لنا:عموم رفع السّهو،و ما رواه الشّيخ،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و الرّجل يذكر بعد ما قام و تكلّم و مضى في حوائجه أنّه إنّما صلّى ركعتين في الظّهر و العصر و العتمة و المغرب،قال:«يبني على صلاته فيتمّها و لو بلغ الصّين و لا يعيد» (4).و لأنّه سهو فكان معفوّا عنه كالقليل.

احتجّ الشّافعيّ بالقياس على الفعل الكثير (5).

و الجواب:منع الحكم في الأصل،و الفرق بأنّ الفعل آكد،كما أنّ عتق المجنون لا ينفذ و أفعاله من الجنايات ينفذ،و لأنّ القليل من الفعل معفوّ عنه مع العمد بخلاف الكلام، فحصل الفرق و هو كاف في إبطال القياس.

المطلب التّاسع:لو سلّم في الرّكعتين الأوّلتين ناسيا قام

فأتمّ صلاته و سجد للسّهو

و عليه علماؤنا،و به قال الشّافعيّ (6)،

ص:288


1- 1ن و م:يعارض.
2- 2) المغني 1:737،الشرح الكبير بهامش المغني 1:710.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 1:170،بدائع الصنائع 1:233،المغني 1:739،المجموع 4:85.
4- 4) التّهذيب 2:192 الحديث 758،الاستبصار 1:379 الحديث 1437،الوسائل 5:312 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 20. [1]
5- 5) فتح العزيز بهامش المجموع 4:112.
6- 6) المجموع 4:126.

و أبو حنيفة (1)،و أحمد (2).و قال سعيد بن المسيّب،و النّخعيّ،و حمّاد بن أبي سليمان:تبطل صلاته (3).

لنا:رواية ذي اليدين (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة فسلّم و هو يرى أنّه قد أتمّ صلاته و تكلّم،ثمَّ ذكر أنّه لم يصلّ غير ركعتين فقال:«يتمّ ما بقي من صلاته و لا شيء عليه» (5).

و كذا لو سلّم في ركعة واحدة.

المطلب العاشر:لو نام فتكلّم بطلت صلاته عندنا بالنّوم لا بالكلام

(6)

و قال أحمد:

لا تبطل؛لأنّ القلم مرفوع عنه (7).

و الجواب:رفع القلم يبطل التكليف فلا يصحّ صلاته فهو حجّة لنا،و الأصل في ذلك أنّ النّوم ناقض للطّهارة و أنّ نواقض الطّهارة مبطلة للصّلاة و قد تقدّم (8).

المطلب الحادي عشر:الكلام جنس يقع على القليل و الكثير

و الكلم جمع كلمة، و أقلّ ما يتركّب (9)منه الكلمة حرفان؛لأنّ سيبويه قسّم الكلمة إلى اسم،و فعل،و حرف و يدخل فيه مثل:أب،و أخ،و كُل،و قُم،و قَد،و عَن،فلو قال:لا،أفسد صلاته؛لأنّها

ص:289


1- 1الهداية للمرغينانيّ 1:76،المحلّى 4:160.
2- 2) المغني 1:700،الكافي لابن قدامة 1:208.
3- 3) المغني 1:737،المجموع 4:85،نيل الأوطار 2:360.
4- 4) مرّت في ص 281 رقم 2. [1]
5- 5) التّهذيب 2:191 الحديث 757،الاستبصار 1:379 الحديث 1436،الوسائل 5:309 الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 9. [2]
6- 6) ح:للنوم.
7- 7) المغني 1:738،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:714.
8- 8) يراجع:ص 270.
9- 9) ق و ح:تركّب.

حرفان:لام،و ألف،و لو نفخ بحرفين أفسد صلاته قاله الشّيخ (1).و به قال الشّافعيّ (2)، و أحمد في إحدى الرّوايتين.و في الأُخرى:لا يفسد صلاته مطلقا.و في أُخرى عنه:يفسد صلاته مطلقا (3).

لنا:أنّه مع انتظامه من حرفين يسمّى كلاما على ما مرّ،و بدونه لا يعدّ كلاما.

و احتجّ المخالف بقول ابن عبّاس:من نفخ في الصّلاة فقد تكلّم (4).

و الجواب:أنّه محمول على الإتيان بالحرفين.

فروع:
الأوّل:لو تكلّم بحرف واحد لم تبطل صلاته إجماعا

لأنّه لا يسمّى كلاما، إلاّ أن يكون مفيدا،كالأفعال الثلاثيّة المعتلّة الطرفين إذا أمر بها مثل:

ق و ع و ش،فإنّ عندي فيها تردّد،و الوجه إبطال الصّلاة بها؛لوجود مسمّى الكلام فيها.

الثّاني:لو نفخ موضع سجوده بحرفين أبطل صلاته

خلافا لأبي حنيفة،فإنّه قال:

النّفخ مطلقا لا يبطل إلاّ أن يكون مسموعا (5)،و لأحمد في السّجود خاصّة (6).

لنا:أنّه كلام فكان مبطلا.

احتجّ أبو حنيفة بأنّه متى لم يسمع لم يعدّ كلاما (7).

ص:290


1- 1الخلاف 1:145 مسألة-155.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:87،المجموع 4:89،مغني المحتاج 1:195،السراج الوهّاج:56.
3- 3) المغني 1:741،الشرح الكبير بهامش المغني 1:717،المجموع 4:89،الإنصاف 2:138.
4- 4) المغني 1:741،الشرح الكبير بهامش المغني 1:717،المجموع 4:89.
5- 5) بدائع الصنائع 1:234،المغني 1:742،الشرح الكبير بهامش المغني 1:717.
6- 6) المغني 1:742،الشرح الكبير بهامش المغني 1:717.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:234،المغني 1:742،الشرح الكبير بهامش المغني 1:717.

و احتجّ أحمد (1)بما رواه عبد اللّه بن عمرو (2)قال:انكسفت الشّمس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وصف صلاته إلى أن قال:ثمَّ نفخ في سجوده فقال:«أف أف» (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّه إن أراد ما لا يسمعه الإنسان من نفسه فليس بنفخ،و إن أراد ما لا يسمعه الغير فهو ممنوع؛إذ ما أبطل الإجهار به أبطل الإسرار به كالكلام.

و عن الثّاني:لعلّ النّفخ لم يكن بحرفين.

الثّالث:لو تنحنح بحرفين و سُمّي كلاما أبطل الصّلاة و إلاّ فلا

و قال بعض الجمهور:

لا تبطل الصّلاة مطلقا (4)؛لأنّ عليّا عليه السّلام قال:«كانت لي ساعة في السّحر أدخل فيها على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فإن كان في صلاة تنحنح و كان ذلك إذني،و إن لم يكن في الصّلاة أذِنَ لي» (5).رواه الخلاّل بإسناده.و الوجه عندي اعتبار اسم الكلام.

الرّابع:قال الشّيخ:لو تأوّه بحرفين أبطل الصّلاة

(6)و به قال الشّافعيّ (7).

و قال أبو حنيفة:إن تأوّه من خشية اللّه تعالى لم تفسد صلاته و لو كان بحرفين، و يبطلها لو كان بغير ذلك (8).و كذا الخلاف في الأنين.

لنا:أنّه مع تسميته كلاما يدخل تحت عموم النّهي.

ص:291


1- 1المغني 1:742.
2- 2) عبد اللّه بن عمرو بن الحضرميّ حجازيّ حليف بني أُميّة،ولد على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،روى عن عمر بن الخطّاب،و روى عنه السائب بن يزيد. أُسد الغابة 3:233، [1]تهذيب التّهذيب 5:341. [2]
3- 3) سنن أبي داود 1:310 الحديث 1194،سنن البيهقيّ 2:252.
4- 4) المغني 1:742، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 1:718. [4]
5- 5) سنن النّسائيّ 3:12،سنن البيهقيّ 2:247،المغني 1:742.
6- 6) المبسوط 1:118، [5]الخلاف 1:145 مسألة-155.
7- 7) المجموع 4:89،مغني المحتاج 1:195.
8- 8) الهداية للمرغينانيّ 1:61،بدائع الصنائع 1:235،المجموع 4:89،شرح فتح القدير 1:345.

و قد روى الشّيخ،عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه (1)السّلام قال:«مَن أنَّ في صلاته فقد تكلّم» (2).و يحمل ذلك على الإتيان بحرفين.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ اللّه تعالى وصف إبراهيم عليه السّلام بالأوّاه (3)فكان ذكرا و الذّكر غير مبطل (4).

و الجواب:المدح لا يقتضي جواز فعله في الصّلاة كالمدح على الأفعال الكثيرة الحسنة المنافية للصّلاة كالكلمة الطيّبة.

المطلب الثّاني عشر:لا بأس بأصناف الكلام الّذي يناجي به الربّ تعالى

لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن مهزيار قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرّجل يتكلّم في صلاة الفريضة بكلّ شيء يناجي ربّه؟قال:«نعم» (5).

و عن الحلبيّ قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أُسمّي الأئمّة عليهم السّلام في الصّلاة،قال:«أجملهم» (6).و من هذا الباب كلّ ذكر يقصد به تنبيه غيره.

مسألة:و يجب عليه ترك الضّحك في الصّلاة لا التّبسّم

فلو قهقه عمدا بطلت صلاته،سواء بان حرفان أو لا.و هو مذهب أهل العلم كافّة،و كذا الاتّفاق وقع على أنّ التّبسّم لا يبطل الصّلاة عمدا و سهوا.

روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من قهقه فليعد صلاته» (7).

و عن جابر بن عبد اللّه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«القهقهة تنقض الصّلاة

ص:292


1- 1ن،م و غ:عليهم.
2- 2) التّهذيب 2:330 الحديث 1356،الوسائل 4:1275 الباب 25 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [1]
3- 3) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوّاهٌ حَلِيمٌ .التّوبة(9):114. إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّاهٌ مُنِيبٌ .هود(11):75. [2]
4- 4) بدائع الصنائع 1:235.
5- 5) التّهذيب 2:326 الحديث 1337،الوسائل 4:1262 الباب 13 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [3]
6- 6) التّهذيب 2:326 الحديث 1338،الوسائل 4:913 الباب 14 من أبواب القنوت الحديث 1. [4]
7- 7) سنن الدار قطنيّ 1:167 الحديث 22.و فيه:«من كان منكم قهقه فليعد الوضوء و الصّلاة».

و لا تنقض الوضوء».رواه الدّار قطني (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«القهقهة لا تنقض الوضوء و تنقض الصّلاة» (2).

و في الموثّق،عن سماعة قال:سألته عن الضّحك هل يقطع الصّلاة؟قال:«أمّا التّبسّم فلا يقطع الصّلاة،و أمّا القهقهة فهي تقطع الصّلاة» (3).

مسألة:و يجب عليه ترك الفعل الكثير الخارج عن أفعال الصّلاة
اشارة

فلو فعله عامدا بطلت صلاته.و هو قول أهل العلم كافّة؛لأنّه يخرج به عن كونه مصلّيا،و القليل لا يبطل الصّلاة بالإجماع.

روى أبو رافع أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتل عقربا و هو يصلّي (4).

و عن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بقتل الأسودين في الصّلاة الحيّة و العقرب (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الحسين بن أبي العلاء قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يرى الحيّة و العقرب و هو يصلّي المكتوبة؟ قال:«يقتلها» (6).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل

ص:293


1- 1سنن الدار قطنيّ 1:173 الحديث 58 و فيه:«الضحك ينقض الوضوء و لا ينقض الصلاة».و [1]بهذا اللفظ ينظر: المغني 1:741.
2- 2) التّهذيب 2:324 الحديث 1324،الوسائل 4:1252 الباب 7 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 2:324 الحديث 1325،الوسائل 4:1253 الباب 7 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [3]
4- 4) سنن ابن ماجة 1:395 الحديث 1247.
5- 5) سنن أبي داود 1:242 الحديث 921، [4]سنن النسائيّ 3:10،سنن الدارميّ 1:354، [5]سنن البيهقيّ 2:266، مسند أحمد 2:284. [6]
6- 6) التّهذيب 2:330 الحديث 1357،الوسائل 4:1269 الباب 19 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [7]

يكون في الصّلاة فيرى الحيّة و العقرب يقتلهما إن آذياه؟قال:«نعم» (1).

و في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:في الرّجل يقتل البقّة و البرغوث و القملة (2)و الذّباب في الصّلاة أ تنقض صلاته و وضوءه؟قال«لا» (3).

و لم يحدّ الشّارع القلّة و الكثرة،فالمرجع في ذلك إلى العادة،و كلّ ما ثبت أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام فعلوه في الصّلاة أو أمروا به فهو من (4)حيّز القليل،كقتل البرغوث و الحيّة و العقرب.

و كما روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يحمل امامة بنت أبي العاص،فكان إذا سجد وضعها و إذا قام رفعها (5).

فروع:
الأوّل:قتل الحيّة و العقرب في الصّلاة غير مكروه

خلافا للنخعيّ (6).

لنا:رواية أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أمر بقتل الأسودين في الصّلاة (7).

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم من الأحاديث (8).

ص:294


1- 1التّهذيب 2:330 الحديث 1358،الوسائل 4:1269 الباب 19 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [1]
2- 2) ن و م:النملة.
3- 3) التّهذيب 2:330 الحديث 1359،الوسائل 4:1270 الباب 20 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) كذا في النسخ و لعلّ الأنسب:في.
5- 5) صحيح البخاريّ 1:137،صحيح مسلم 1:358 الحديث 543،سنن أبي داود 1:241 الحديث 917،الموطّأ 1:170 الحديث 81، [3]سنن النّسائيّ 3:10،سنن الدارميّ 1:316، [4]سنن البيهقيّ 2:262.
6- 6) المغني 1:699،الشرح الكبير بهامش المغني 1:646،المجموع 4:105،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1: 56،حلية العلماء 2:158-159،ميزان الكبرى 1:160.
7- 7) تقدّمت في ص 293. [5]
8- 8) يراجع:ص 293.
الثّاني لا بأس أن تحمل المرأة صبيّها و هي تصلّي فترضعه و هي تتشهّد

الثّاني:روى الشّيخ في الموثّق،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس أن تحمل المرأة صبيّها و هي تصلّي فترضعه و هي تتشهّد» (1).

و عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يكون في الصّلاة فيقرأ (2)فيرى حيّة بحياله يجوز له أن يتناولها فيقتلها؟قال:«إن كان بينه و بينها خطوة واحدة فليخط و ليقتلها و إلاّ فلا» (3).

صلاة الرجل قائما و إلى جانبه رجل كبير يريد أن يقوم و معه عصا له فأراد أن يتناولها فناولها المصلي له

الثّالث:روى الشّيخ،عن زكريّا الأعور (4)قال:رأيت أبا الحسن عليه السّلام يصلّي قائما و إلى جانبه رجل كبير يريد أن يقوم و معه عصا له فأراد أن يتناولها،فانحطّ أبو الحسن عليه السّلام و هو قائم في صلاته فناول الرّجل العصا،ثمَّ عاد إلى صلاته (5).

الرّابع:لا بأس أن يعدّ الرّجل عدد ركعاته بأصابعه أو بشيء يكون معه من الحصى و شبهه

و عليه علماؤنا أجمع،بشرط أن لا يتلفّظ بل يعقده في ضميره و ليس مكروها، و به قال أهل العلم كافّة إلاّ أبا حنيفة فإنّه كرهه (6)،و كذا الشّافعيّ (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه عدّ الفاتحة في الصّلاة

ص:295


1- 1التّهذيب 2:330 الحديث 1355،الوسائل 4:1274 الباب 24 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [1]في الوسائل:و [2]ترضعه،و في التهذيب:أو ترضعه.
2- 2) توجد في هامش ح،و في الوسائل. [3]
3- 3) التّهذيب 2:331 الحديث 1364،الوسائل 4:1269 الباب 19 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [4]
4- 4) زكريّا الأعور روى عن أبي الحسن عليه السّلام و روى عنه عليّ بن الحسن الرباطيّ في التهذيب 2:332 الحديث 1369.و في الفقيه 1:243 الحديث 1079.قال المحقّق الخوئيّ:و الظاهر وقوع التحريف(فيهما)و الصحيح: أبو زكريّا الأعور.عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السّلام و قال:ثقة روى عنه عليّ بن رباط. رجال الطوسيّ:365،معجم رجال الحديث 7:273. [5]
5- 5) التّهذيب 2:332 الحديث 1369،الوسائل 4:704 الباب 12 من أبواب القيام الحديث 1. [6]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:65،المغني 1:698،الشرح الكبير بهامش المغني 1:645،بدائع الصنائع 1:216، المجموع 4:100،الجامع الصغير للشيبانيّ:100،حلية العلماء 2:159.
7- 7) المغني 1:698،الشرح الكبير بهامش المغني 1:645،المهذّب للشيرازيّ 1:89،المجموع 4:100،فتح العزيز بهامش المجموع 4:130،حلية العلماء 2:159.

و قطعها (1)،و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا يفعل مكروها.

و عنه عليه السّلام أنّه كان يسبّح ثلاث تسبيحات و هو إنّما يكون بالعدد (2).

و عن أبي الدّرداء قال:إنّي لأدعو في صلاتي لسبعين رجلا من إخواني (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن عبد اللّه بن المغيرة أنّه قال عليه السّلام:«لا بأس أن يعدّ الرّجل صلاته بخاتمه أو بحصى يأخذ بيده (4)فيعدّ به» (5).

احتجّ القائلون بالكراهية بأنّه عمل ليس من الصّلاة فكان مكروها كمسح الوجه (6).

و الجواب:الفرق موجود؛إذ هو و إن لم يكن من أعمال الصّلاة لكن فيه غرض مطلوب شرعا،و هو حفظ الرّكعات عن السّهو بخلاف مسح الوجه.

الخامس:البكاء جائز في الصّلاة إن كان خوفا من اللّه تعالى و خشية من النّار

لا يقطعها عمدا و لا سهوا،و إن كان لأُمور الدّنيا لم يجز و أبطل الصّلاة،سواء غلب عليه أو لا.

و يدلّ على جواز الأوّل قوله تعالى إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا (7).

و روى الجمهور،عن مُطرّف (8)،عن أبيه قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:296


1- 1سنن الترمذي 5:185 الحديث 2927،كنز العمّال 7:52 الحديث 17911 و 17913.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:287 الحديث 888،سنن أبي داود 1:230 الحديث 870،سنن الدار قطنيّ 1:341 الحديث 1.
3- 3) سنن البيهقيّ 2:245.و فيه:لثلاثين رجلا.
4- 4) ح و ن:يحصي بأحد يديه.
5- 5) الفقيه 1:224 الحديث 987،الوسائل 5:343 الباب 28 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث 3. [1]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:65.
7- 7) مريم(19):58. [2]
8- 8) مُطَرِّف بن عبد اللّه بن الشّخِّير العامريّ أبو عبد اللّه البصريّ،روى عن أبيه و عليّ عليه السّلام و عمّار و أبي ذرّ. و روى عنه أخوه و حميد بن هلال و ثابت البنانيّ.مات سنة 95 ه. تهذيب التّهذيب 10:173، [3]العبر 1:84. [4]

و لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء (1).رواه الخلاّل.قال أبو عبيد (2)(3):الأزيز غليان صدره و حركته بالبكاء.

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن منصور بن يونس بزرج أنّه سأل الصّادق عليه السّلام:عن الرّجل يتباكى في الصّلاة المفروضة حتّى يبكي فقال:«قرّة عين و اللّه»و قال:«إذا كان ذلك فاذكرني عنده» (4).«و كلّ عين باكية يوم القيامة إلاّ ثلاث أعين،عين بكت من خشية اللّه،و عين غضّت عن محارم اللّه،و عين باتت ساهرة في سبيل اللّه» (5).

و أمّا المنع من الثّاني:فلأنّه ليس من أفعال الصّلاة،فكان قاطعا كالكلام.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن النّعمان بن عبد السّلام (6)،عن أبي حنيفة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البكاء في الصّلاة أ يقطع الصّلاة؟قال:«إن بكى لذكر جنّة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال في الصّلاة،و إن كان لذكر ميّت له فصلاته فاسدة» (7).

ص:297


1- 1سنن أبي داود 1:238 الحديث 904،سنن النّسائيّ 3:13،الصحاح 3:864، [1]النهاية لابن الأثير 1:45، [2]مسند أحمد 4:25 و 26. [3]
2- 2) ح:أبو عبيدة.
3- 3) يمكن أن يكون المراد منه:أبو عبيد البغداديّ اللغويّ الفقيه و قد مرّت ترجمته في الجزء الأوّل:44.و يحتمل أن يكون المراد منه:أبو عبيدة معمّر بن المثنّى اللغويّ البصريّ الذي صنّف كتاب غريب الحديث و هو غير موجود لدينا،و مضت ترجمته أيضا في الجزء الأوّل:114.
4- 4) الفقيه 1:208 الحديث 940،الوسائل 4:1250 الباب 5 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [4]
5- 5) الفقيه 1:208 الحديث 942،الوسائل 4:1251 الباب 5 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [5]
6- 6) النعمان بن عبد السّلام،روى عنه سليمان بن داود،و روى عن أبي حنيفة. قال المحقّق المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال فحاله مجهول.و قال ابن حجر في ترجمته:النعمان بن عبد السلام بن حبيب بن حطيط.أبو المنذر الأصبهانيّ أصله من نيسابور ثمَّ صار إلى البصرة فتفقّه. روى عن سلمة بن وردان و أبي خلدة.و روى عنه جمع.مات سنة 83 ه. تنقيح المقال 3:273، [6]جامع الرواة 2:295، [7]تهذيب التهذيب 10:454. [8]
7- 7) التّهذيب 2:317 الحديث 1295،الاستبصار 1:408 الحديث 1558،الوسائل 4:1251 الباب 5 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [9]
مسألة:و يجب عليه ترك التّكفير في الصّلاة
اشارة

و هو وضع اليمين على الشّمال حال القراءة،فلو فعله بطلت صلاته.ذهب إليه أكثر علمائنا (1).و قال أبو الصّلاح:هو مكروه (2)، و هو قول مالك (3)،و ابن الزّبير (4)،و الحسن البصريّ (5).و قال الشّافعيّ (6)،و أحمد (7)، و أصحاب الرّأي:هو مستحبّ (8).

و قد استدلّ الشّيخ (9)،و السيّد المرتضى على ذلك بالإجماع (10).

لنا:أنّه فعل كثير ليس من أفعال الصّلاة فيكون مبطلا.و لأنّ أفعال الصّلاة متلقّاة عن الشّرع،و ليس هناك ما يدلّ على تشريعه.و لأنّ الاحتياط يقتضي ترك ما وقع الخلاف في كونه مبطلا.و لما رواه الشّيخ،عن حريز،عن رجل،عن أبي جعفر عليه السّلام

ص:298


1- 1منهم:عليّ بن بابويه نقله عنه في المعتبر 2:256،و [1]ابنه محمّد بن عليّ في المقنع:23،و المفيد في المقنعة:16،و السيّد المرتضى في الانتصار:41،و الطوسيّ في النهاية:73 و المبسوط 1:117 و الخلاف 1:109 مسألة-74، و ابن البرّاج في المهذّب 1:97،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):673،و ابن إدريس في السرائر:50.
2- 2) الكافي في الفقه:125. [2]
3- 3) الهداية للمرغينانيّ 1:47، [3]المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549،المجموع 3:312،فتح العزيز بهامش المجموع 3:274،ميزان الكبرى 1:138،عمدة القارئ 5:279،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:41،نيل الأوطار 2:201.
4- 4) المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549،المجموع 3:311،عمدة القارئ 5:279،نيل الأوطار 2:201.
5- 5) المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549،المجموع 3:311،عمدة القارئ 5:279،نيل الأوطار 2:201.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:47، [4]المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549،المجموع 3:311، [5]فتح العزيز بهامش المجموع 3:273-274، [6]عمدة القارئ 5:279.
7- 7) المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549،المجموع 3:311، [7]عمدة القارئ 5:279.
8- 8) بدائع الصنائع 1:201،الهداية للمرغينانيّ 1:47، [8]المغني 1:549،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549، المجموع 3:311، [9]عمدة القارئ 5:279.
9- 9) الخلاف 1:109 مسألة-74.
10- 10) الانتصار:41.

قال:«لا تكفّر إنّما يصنع ذلك المجوس» (1).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:قلت:الرجل يضع يده في الصّلاة و حكى اليمنى على اليسرى؟فقال:«ذلك التّكفير لا يفعله» (2).

و النّهي يدلّ على التّحريم؛و لأنّه سنّة المجوس فيجب تركه،لقوله عليه السّلام:

«خالفوهم» (3).و الأمر للوجوب.

اعترض بعض المتأخّرين بمنع الإجماع،لوجود المخالف.و على الأوّل بأنّ وضع اليدين على الرّكبتين ليس بواجب و لم يتناول النّهي وضعهما في موضع معيّن فكان للمكلّف وضعهما كيف شاء.

و على الثّاني:بأنّه كما لم يثبت تشريع الوضع لم يثبت تحريمه،و عدم التّشريع لا يقتضي التّحريم؛لعدم دلالته على التّحريم (4).

و على الثّالث:بأنّ الاحتياط إنّما يتمّ إذا لم يوجد دليل الجواز و قد وجد،و هو الأمر بمطلق الصّلاة.

و أيضا:الاحتياط إنّما يكون إذا لم يعلم ضعف مستند المانع،و هنا ضعف مستند المانع معلوم،و الرّواية تدلّ على الكراهية لما تضمّنته من قوله:إنّه تشبّه (5)بالمجوس.و أمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالمخالفة ليس على الوجوب؛لأنّهم قد يفعلون الواجب من اعتقاد استناد الخير إلى اللّه تعالى.

و الجواب عن منع الإجماع:أنّه غير مسموع؛إذ هو دليل يصحّ أن يكون معلوما

ص:299


1- 1التّهذيب 2:84 الحديث 309،الوسائل 4:1264 الباب 15 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:84 الحديث 310،الوسائل 4:1264 الباب 15 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
3- 3) سنن البيهقيّ 1:150،151.
4- 4) أكثر النسخ:لعدم دلالة التحريم.
5- 5) غ و م:تشبيه.

و أن يكون مظنونا و يقبل في نقله الآحاد.فقول السيّد المرتضى و الشّيخ رحمهما اللّه و إن لم يفد القطع بثبوته،فإنّه يثمر ظنّا فيكون حجّة،و خلاف أبي الصّلاح محدث لا يؤثّر فيما ادّعياه.

و عن الثّاني:بالمنع من عدم النّهي الدّالّ على وضعهما في موضع معيّن.

و عن الثّالث:بثبوت التّحريم بالأدلّة الّتي ذكرناها.

و عن الرّابع:أنّ الأمر بمطلق الصّلاة لا يقتضي جواز التّكفير،إلاّ أن يقال:الأمر توجّه بالصّلاة و هو غير مانع من التّكفير فكان سائغا بالأصل،فحينئذ يرجع حاصل هذا الاستدلال إلى عدم العلم بالدّليل،و ذلك لا يدلّ على عدم المدلول و لا فرق حينئذ بين الأمر بالصّلاة في هذا الباب،و بين الأمر بالزّكاة الدالّ على وجوبها،و لم يتعرّض للمنع من التّكفير في الصّلاة،و ضعف مستند المانع قد ظهر بطلانه،و تعليله كون النّهي للكراهية بالتّشبيه بالمجوس غير صحيح،إذ لا ينافي التّحريم،بل الأقرب ثبوته للتّشبيه،و مخالفتهم واجبة،و لا يؤثّر فيها ما ذكره،إذ تخصيص العامّ لا يخرجه عن الاستدلال به في غير صورة التّخصيص.

و استدلّ الجمهور على الاستحباب (1)بما رواه سهل بن سعد (2)قال:كان النّاس يؤمرون أن يضع الرّجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصّلاة.قال أبو حازم (3):

ص:300


1- 1المغني 1:549،المجموع 3:312. [1]
2- 2) سهل بن سعد بن مالك بن خالد.الأنصاريّ الساعديّ أبو العبّاس من مشاهير الصحابة،يقال:كان اسمه حزن فغيّره النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و عن ابيّ،و عن عاصم. و روى عنه أبو هريرة،و سعيد بن المسيّب،و أبو حازم بن دينار،و الزهريّ و ابنه عبّاس.مات بالمدينة سنة 91 ه.و هو آخر من مات بالمدينة من الصحابة. أُسد الغابة 2:366، [2]الإصابة 2:88، [3]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:95، [4]العبر 1:79. [5]
3- 3) سلمة بن دينار أبو حازم الأعرج الأفزر التمّار المدنيّ القاص مولى الأسود.روى عن سهل بن سعد الساعديّ،و أبي أمامة بن سهل،و سعيد بن المسيّب.و روى عنه الزهريّ،و عبيد اللّه بن عَمرو،و ابن إسحاق و جمع كثير. مات سنة 140 ه. تهذيب التهذيب 4:143، [6]العبر 1:146. [7]

لا أعلمه إلاّ ينمي ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).

و عن ابن مسعود،أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرّ به و هو واضع شماله على يمينه، فوضع يمينه على شماله في الصّلاة (2).

و عن وائل بن حجر قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي فوضع يديه على صدره إحداهما على الأُخرى (3).

و الجواب عن الرّواية الأُولى:أنّها غير دالّة على الأمر،و قول أبي حازم:لا أعلمه إلاّ ينمي ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قول شاكّ غير جازم على نسبته إلى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله.

و رواية ابن مسعود غير عامّة؛لأنّها واقعة مخصوصة،و معارضة بما ذكرنا من الأدلّة.

و رواية وائل بن حجر مخالفة لفعلهم؛إذ هم بين واضعين فوق السرّة و تحتها، و تركهم للعمل بمضمونها يدلّ على الضّعف.

فروع:
الأوّل:لا فرق في التّحريم بين وضعها فوق السّرّة و تحتها

لعموم الأدلّة.

الثّاني:قال الشّيخ في الخلاف:يحرم وضع الشّمال على اليمين

(4)و عندي فيه تردّد؛إذ رواية محمّد بن مسلم تضمّنت العكس (5)،و رواية حريز تدلّ على المنع

ص:301


1- 1صحيح البخاريّ 1:188،سنن البيهقيّ 2:28.و للاستدلال ينظر:المغني 1:549.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:266 الحديث 811،سنن أبي داود 1:200 الحديث 755،سنن البيهقيّ 2:28.
3- 3) صحيح مسلم 1:301 الحديث 401،سنن ابن ماجه 1:266 الحديث 810،سنن الترمذيّ 2:32 الحديث 252،سنن البيهقيّ 2:28،30 بتفاوت في الجميع.و بهذا اللفظ ينظر:المغني 1:550،الشرح الكبير بهامش المغني 1:549.
4- 4) الخلاف 1:109 مسألة-74.
5- 5) التّهذيب 2:84 الحديث 310،الوسائل 4:1264 الباب 15 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [1]

من التّكفير (1)،و في رواية محمّد بن مسلم:أنّ التّكفير هو وضع اليمين على الشّمال.فنحن نطالب الشّيخ بالمستند،و القياس عنده باطل،و قد عوّل على ما ذكرناه (2)من الأدلّة غير الخبرين (3).

الثّالث:التّحريم يتناول حال القراءة و غيرها

لرواية محمّد بن مسلم.

الرّابع:لا فرق بين وضع الكفّ على الكفّ و وضع الكفّ على الذّراع

لتناول اسم اليد له.

الخامس:لا فرق بين أن يضعها معتقدا للاستحباب و غير معتقد له
مسألة:و يحرم قطع الصّلاة إلاّ لضرورة
اشارة

كمن رأى دابّة له انفلتت،أو غريما يخاف فوته،أو مالا يخاف ضياعه،أو غريقا يخاف هلاكه،أو حريقا يلحقه،أو طفلا يخاف سقوطه.

أمّا الأوّل:فلقوله تعالى وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (4).

و أمّا الثّاني:فلأنّ في البقاء على حاله ضررا و هو منفيّ شرعا.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:سألته عن الرّجل يكون قائما في الصّلاة الفريضة فينسى كيسه أو متاعا يتخوّف ضيعته أو هلاكه؟قال:«يقطع صلاته و يحرز متاعه،ثمَّ يستقبل الصّلاة»قلت:فيكون في الصّلاة الفريضة فَتَفلِتُ دابّته فيخاف أن تذهب أو يصيب منها عنتا؟فقال:«لا بأس بأن يقطع صلاته» (5).

و عن حريز،عمّن أخبره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كنت في صلاة

ص:302


1- 1التّهذيب 2:84 الحديث 309،الوسائل 4:1264 الباب 15 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3.
2- 2) يراجع:ص 298. [1]
3- 3) ن:و قد عوّل على ما دلّ بأن الأدلّة غير الخبرين،و في م:و قد عوّل على ما ذكرنا من الأدلّة و غيره.
4- 4) محمّد(47):33. [2]
5- 5) التّهذيب 2:330 الحديث 1360،الوسائل 4:1272 الباب 21 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2.و [3]فيه: «فتغلب»مكان:«فتفلت».

الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق،أو غريما لك عليه مال،أو حيّة تخافها على نفسك فاقطع الصّلاة و اتبع الغلام أو غريما لك و اقتل الحيّة» (1).

فرع:

إنّما يجوز ذلك إذا لم يحصل الغرض بدونه،فلو أمكن بدون قطعها لم يجز،عملا بالعموم السّالم عن معارضة الضّرورة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عمّار السّاباطيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يكون في الصّلاة فيرى حيّة بحياله يجوز أن يتناولها فيقتلها؟فقال:«إن كان بينه و بينها خطوة واحدة فليخط و ليقتلها و إلاّ فلا» (2).يعني إذا لم يخف (3).

إذا ثبت ذلك:فنقول:إذا فعله لم يبطل صلاته إجماعا.روى الجمهور عن أبي برزة أنّه صلّى و لجام دابّته في يده فجعلت الدّابّة تنازعه و جعل يتبعها و جعل رجل من الخوارج يقول:اللّهمّ[أخز]هذا (4)الشّيخ،فلمّا انصرف قال:إنّي سمعت قولكم و إنّي غزوت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ستّ غزوات أو سبع غزوات أو ثمان غزوات، و شهدت من تيسيره أنّي كنت أرجع مع دابّتي أحبّ إليّ من أن ترجع إلى مألفها فيشقّ عليّ (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن إسماعيل بن أبي زياد،عن جعفر، عن أبيه،عن عليّ عليهم السّلام أنّه قال في رجل يصلّي و يرى الصبيّ يحبو إلى النّار،

ص:303


1- 1التّهذيب 2:331 الحديث 1361،الوسائل 4:1271 الباب 21 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:331 الحديث 1364،الوسائل 4:1269 الباب 19 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [2]
3- 3) ح:يخط.
4- 4) في النسخ:افعل بهذا.و ما أثبتناه من المصدر.
5- 5) مسند أحمد 4:420،و [3]بهذا المضمون ينظر:المستدرك للحاكم 1:255.

أو الشّاة تدخل البيت لتفسد الشّيء،قال:«فلينصرف و ليحرز ما يتخوّف و يبني على صلاته ما لم يتكلّم» (1).

مسألة:قال الشّيخ:الأكل و الشّرب يفسدان الصّلاة
اشارة

(2)و هو مذهب الجمهور كافّة.

و احتجّ الشّيخ بالإجماع (3)،و هو عندي مشكل،و الأولى أنّ مطلق (4)الأكل و الشّرب غير مبطل ما لم يتطاول بحيث يدخل تحت الفعل الكثير،فيكون إبطاله مستندا إلى الكثرة لا إلى كونه أكلا و شربا.

احتجّ الجمهور (5)بقول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«كفّوا أيديكم في الصّلاة».و بأنّه اشتغال عن العبادة بما ينافيها،و بأنّ ما أبطل الصّوم أبطل الصّلاة كالمباشرة.

و الجواب عن الأوّل:أنّه حقيقة في الأمر بكفّ اليد و نحن نقول بموجبة،إذ الأكل قد يمكن بغير اليد،فإن قلت:المراد المجاز و هو المنع من الأفعال الخارجة عن الصّلاة.قلت:

لا بدّ من الدّلالة على إرادة المجاز،و لو سلّم (6)فهو مخصوص بالفعل القليل.

و عن الثّاني:بأنّه باطل بالأفعال اليسيرة و نحن نتكلّم على تقدير قلّة الأكل.

و عن الثّالث:بالمنع من الإلحاق بالصّوم في صورة النّزاع؛إذ الصّوم هو الإمساك عن الأكل قليله و كثيره فهو ينافيهما و لا ينافي الصّلاة إذا كان قليلا.

فروع:
الأوّل:لو أكل أو شرب في الفريضة ناسيا لم تبطل صلاته عندنا قولا واحدا

و به

ص:304


1- 1التّهذيب 2:333 الحديث 1375،الوسائل 4:1272 الباب 21 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [1]
2- 2) الخلاف 1:147 مسألة-159،المبسوط 1:118. [2]
3- 3) الخلاف 1:147 مسألة-159.
4- 4) ح:أن يقال.
5- 5) لم نعثر على الاحتجاج.
6- 6) ن:نسلّم.

قال الشّافعيّ (1)،و أحمد (2)،و عطاء (3).و قال الأوزاعيّ:يفسد صلاته (4).

لنا:عموم رفع أحكام النّسيان.

احتجّ بأنّه فعل مبطل من غير جنس الصّلاة فاستوى عمده و سهوه كالفعل الكثير (5).

و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل.

الثّاني:لو ترك في فيه شيئا يذوب كالسكّر فذاب فابتلعه لم يفسد صلاته عندنا

(6)

و عند الجمهور يفسد؛لأنّه يسمّى أكلا،أمّا لو بقي بين أسنانه شيء من بقايا الغداء فابتلعه في الصّلاة لم يفسد صلاته قولا واحدا؛لأنّه (7)لا يمكن التحرّز منه،و كذا لو كان في فيه (8)لقمة و لم يبلعها إلاّ في الصّلاة؛لأنّه فعل قليل.

الثّالث:قال الشّيخ:لا بأس بشرب الماء في النّافلة

(9)و به قال طاوس (10)، و ابن الزّبير (11)،و سعيد بن جبير (12)،و أحمد في إحدى الرّوايتين،و في الأُخرى:

ص:305


1- 1المغني 1:749، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:706، [2]المجموع 4:90.
2- 2) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706.
3- 3) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706،المجموع 4:90.
4- 4) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706،المجموع 4:90.
5- 5) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706.
6- 6) ق و ح:فمه.
7- 7) ح:إذ.
8- 8) ق و ح:فمه.
9- 9) الخلاف 1:147 مسألة-159.
10- 10) المغني 1:749،المجموع 4:90،حلية العلماء 2:158،ميزان الكبرى 1:159،شرح العناية على الهداية 1: 359.
11- 11) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706،المجموع 4:90.
12- 12) المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:706،المجموع 4:90،حلية العلماء 2:158،ميزان الكبرى 1: 159،شرح العناية على الهداية 1:359.

لا يجوز (1).و به قال الشّافعيّ (2).

احتجّ الشّيخ بالإباحة الأصليّة (3)،و بما رواه سعيد الأعرج قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي أبيت و أُريد الصّوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره أن أقطع الدّعاء و أشرب،و أكره أن أصبح و أنا عطشان،و أمامي قلّة بيني و بينها خطوتان أو ثلاث؟فقال:«تسعى إليها و تشرب منها حاجتك،و تعود في الدّعاء» (4).

و الأقرب عندي مراعاة القلّة فيصحّ الصّلاة معها و تبطل بدونها،و رواية سعيد محمولة عليه،على أنّها وردت في واقعة مقيّدة بقيود إرادة الصّوم و خوف العطش و كونه في دعاء الوتر،و مع ذلك فهي واردة في صلاة الوتر خاصّة.

مسألة:و يكره أن يصلّي و هو معقوص الشّعر

و به قال المفيد (5)،و أبو الصّلاح (6)منّا،و أبو حنيفة (7)،و أكثر الجمهور (8).

و قال الشّيخ في النّهاية (9)و المبسوط:يحرم و يعيد لو صلّى كذلك (10).و قد تقدّم البحث في ذلك (11).

مسألة:و يكره الالتفات بوجهه يمينا و شمالا

و قال بعض الحنفيّة بالتّحريم (12)؛لما

ص:306


1- 1المغني 1:749، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:706، [2]ميزان الكبرى 1:159.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:88،المجموع 4:89-90.
3- 3) الخلاف 1:147 مسألة-159.
4- 4) التّهذيب 2:329 الحديث 1354،الوسائل 4:1273 الباب 23 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [3]
5- 5) المقنعة:25.
6- 6) الكافي في الفقه:125. [4]
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:64،شرح فتح القدير 1:358.
8- 8) المغني 1:697،المجموع 4:98.
9- 9) النهاية:95.
10- 10) المبسوط 1:119. [5]
11- 11) يراجع:الجزء الرابع ص 264.
12- 12) البحر الرائق 2:21.

رواه عبد اللّه بن سلام (1)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تلتفتوا في صلاتكم فإنّه لا صلاة لملتفت» (2).

و الجواب:منع الرّواية بضعف عبد اللّه بن سلام عند المحدّثين،و لو سلّم فتحمل على الالتفات بالجميع و قد مضى البحث في ذلك (3).

مسألة:و يكره التّثاؤب في الصّلاة

لأنّه استراحة في الصّلاة و تغيير (4)لهيئتها المشروعة،و كذا يكره التمطّي أيضا لهذه (5)العلّة.

و يؤيّد ذلك:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرّجل يريد الحاجة و هي في الصّلاة؟فقال:«يومئ برأسه و يشير بيده،و المرأة إذا أرادت الحاجة و هي تصلّي تصفق بيدها»قال:و سألته عن الرّجل يتثأّب في الصّلاة و يتمطّى؟قال:«هو من الشّيطان و لن يملكه» (6).و في ذلك كلّه دلالة على رجحان التّرك مع الإمكان.

و يكره العبث في الصّلاة بالإجماع؛لأنّه يذهب بخشوعها،و قد روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأى رجلا يعبث في الصّلاة فقال:«لو خشع قلب هذا لخشعت

ص:307


1- 1عبد اللّه بن سلام بن الحارث الإسرائيليّ أبو يوسف،كان اسمه في الجاهليّة الحصين،فسمّاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين أسلم:عبد اللّه،و كان إسلامه حين قدم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المدينة مهاجرا،روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و روى عنه ابناه:يوسف و محمّد،و أنس بن مالك و زرارة بن أوفى.مات سنة 43 ه. أُسد الغابة 3:176، [1]تهذيب التهذيب 5:249، [2]العبر 1:37. [3]
2- 2) كنز العمّال 7:505 الحديث 19987.
3- 3) يراجع:ص 275.
4- 4) غ:مغيّر.
5- 5) ق و ح:بهذه.
6- 6) التّهذيب 2:324 الحديث 1328،الوسائل 4:1256 الباب 9 [4] من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2 و ص 1259 الباب 11 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4.

جوارحه» (1).

و يكره التنخّم،و البصاق،و فرقعة الأصابع؛لما في ذلك من التّشاغل عن الخشوع (2).

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي القاسم معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:الرّجل يعبث بذكره في الصّلاة المكتوبة،قال:«و ما له فعل؟!»قلت:عبث بذكره حتّى مسّه بيده،قال:«لا بأس» (3).و الاستفسار هنا للإنكار.

و ما رواه أبو بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا قمت إلى الصلاة فاعلم أنّك بين يدي اللّه،فإن كنت لا تراه فاعلم أنّه يراك،فأقبل قبل صلاتك،فلا تمتخط و لا تبصق،و لا تنقض أصابعك،و لا تورّك،فإنّ قوما عذّبوا بنقض الأصابع و التورّك في الصّلاة» (4).

و يكره التأوّه بحرف و قد مضى دليله.

مسألة:و يكره مدافعة الأخبثين
اشارة

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم.روى ثوبان، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا يحلّ لامرئ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتّى يستأذن،و لا يقوم إلى الصّلاة و هو حقن» (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن هشام بن الحكم،عن

ص:308


1- 1مستدرك الوسائل 1:404 الباب 11 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3،و [1]من طريق العامّة:كنز العمّال 3: 144 الحديث 5891،المغني 1:697.
2- 2) غ و ن:الخضوع.
3- 3) التّهذيب 2:333 الحديث 1373،الوسائل 4:1276 الباب 26 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) التّهذيب 2:325 الحديث 1332،الوسائل 4:678 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 9.و [3]فيهما:«و لا تبزق»مكان:«و لا تبصق».
5- 5) سنن الترمذيّ 2:189 الحديث 357، [4]مسند أحمد 5:280.و [5]لفظ الحديث هكذا:«لا يحلّ لامرئ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتّى يستأذن،فإن نظر فقد دخل،و لا يؤمّ قوما فيخصّ نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم، و لا يقوم إلى الصّلاة و [6]هو حقن».سنن أبي داود 1:22 الحديث 90.

أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا صلاة لحاقن و لا لحاقنة و هو بمنزلة من هو في ثوبه» (1).

و المراد بذلك نفي الكمال لا الصّحة.

و ما رواه أبو بكر الحضرميّ،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:لا تصلّ و أنت تجد شيئا من الأخبثين» (2).

و لأنّه شاغل عن الخشوع و حضور القلب.

فرع:

لو صلّى كذلك صحّت صلاته.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (3)، و الشّافعيّ (4)،و أحمد (5).و قال ابن أبي موسى (6):إن كان به من مدافعة الأخبثين ما يزعجه و يشغله عن الصّلاة أعاد (7).و به قال مالك (8).

لنا:أنّه أتى بالمأمور على وجهه فيكون خارجا عن عهدة الأمر.

احتجّ مالك (9)بخبر ثوبان (10)،و بما روته عائشة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:309


1- 1التّهذيب 2:333 الحديث 1372،الوسائل 4:1254 الباب 8 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:326 الحديث 1333،الوسائل 4:1254 الباب 8 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [2]
3- 3) المغني 1:691،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
4- 4) المجموع 4:105-106،شرح النّوويّ لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:214،المغني 1:691،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
5- 5) المغني 1:691،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
6- 6) أبو عليّ محمّد بن أحمد بن أبي موسى الهاشميّ البغداديّ الحنبليّ،قاض من علماء الحنابلة صاحب التصانيف و من إليه انتهت رئاسة المذهب،أخذ عن أبي الحسن التميميّ و غيره.مات سنة 428 ه. العبر 2:260، [3]شذرات الذّهب 3:238، [4]الأعلام للزركلي 5:314. [5]
7- 7) المغني 1:691،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
8- 8) بداية المجتهد 1:181،المغني 1:691،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
9- 9) بداية المجتهد 1:180-181،الشرح الكبير بهامش المغني 1:639.
10- 10) سنن أبي داود 1:22 الحديث 90،سنن الترمذيّ 2:189 الحديث 357، [6]مسند أحمد 5:280،بداية المجتهد 1: 181 بتفاوت في الجميع،و قد أوردنا الحديث في هامش ص 308 رقم 5 بلفظ الترمذيّ.

و آله أنّه قال:«لا صلاة لمن يحضره طعام و لا و هو يدافعه الأخبثان» (1).

و الجواب:أنّ المراد من الخبرين الكراهية؛لأنّه وافقنا على صحّة صلاة من يحضره طعام،و من يشتغل قلبه بشيء من الدّنيا.

و قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن الفضيل بن يسار قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أكون في الصّلاة و أجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا،فقال:«انصرف ثمَّ توضّأ و ابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصّلاة متعمّدا،فإن تكلّمت ناسيا فلا شيء عليك،فهو بمنزلة من تكلّم في الصّلاة ناسيا»قلت:و إن قلّب وجهه عن القبلة؟قال:

«نعم،و إن قلّب وجهه عن القبلة» (2).

و هذه الرّواية ضعيفة عندنا؛لأنّ وجود الغمز في البطن لا يوجب الطّهارة بمجرّده ما لم ينضمّ إليه الحدث و قد سلف (3).

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل يصيبه الغمز في بطنه و هو يستطيع أن يصبر عليه أ يصلّي على تلك الحال أم لا يصلّي؟قال:فقال:«إن احتمل الصّبر و لم يخف إعجالا عن الصّلاة فليصلّ و ليصبر» (4).

مسألة:و يكره رفع البصر في الصّلاة

و هو إجماع،روى أنس،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ما بال أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم»فاشتدّ قوله في ذلك حتّى قال:«لينتهنّ عن ذلك أو لتخطفنّ أبصارهم» (5).رواه البخاريّ.

ص:310


1- 1صحيح مسلم 1:393 الحديث 560،سنن أبي داود 1:22 الحديث 89، [1]سنن البيهقيّ 3:73،كنز العمّال 7:521 الحديث 20061.
2- 2) التّهذيب 2:332 الحديث 1370،الاستبصار 1:401 الحديث 1533،الوسائل 4:1242 الباب 1 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
3- 3) تقدّم في الجزء الأوّل:ص 234.
4- 4) التّهذيب 2:324 الحديث 1326،الوسائل 4:1253 الباب 8 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [3]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:191.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«اجمع بصرك و لا ترفعه إلى السّماء» (1).

و يكره تغميض العين في الصّلاة،روى الجمهور،عن ابن عبّاس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا قام أحدكم في الصّلاة فلا يغمّض عينيه» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يغمّض الرّجل عينيه في الصّلاة (3).

و يكره لبس الخفّ الضّيق؛لما فيه من الشّغل.

و يكره التّورّك في الصّلاة،و هو أن يعتمد بيديه على وركيه و هو التخصّر.

روى الجمهور،عن أبي هريرة أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله نهى عن التخصّر في الصّلاة (4).

و من طريق الخاصّة:رواية أبي بصير (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و لا يتورّك فإنّ قوما قد عذّبوا بنقض الأصابع و التورّك في الصّلاة» (6).

و يكره السّدل في الصّلاة،قاله علم الهدى في المصباح (7)،و ابن إدريس (8).و به قال

ص:311


1- 1التّهذيب 2:199 الحديث 782،الاستبصار 1:405 الحديث 1545،الوسائل 4:709 الباب 16 من أبواب القيام الحديث 1،و [1]في الجميع:و اخشع بصرك،و نقل بهذا اللفظ في الوسائل 4:709 الباب 16 من أبواب القيام الحديث 3 [2]عن المعتبر 2:246. [3]
2- 2) كنز العمّال 7:515 الحديث 20027 و ص 528 الحديث 20097.
3- 3) التّهذيب 2:314 الحديث 1280،الوسائل 4:1252 الباب 6 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [4]
4- 4) صحيح البخاريّ 2:84،سنن البيهقيّ 2:287.
5- 5) غ،ح و ق:ما رواه أبو بصير.
6- 6) التّهذيب 2:325 الحديث 1332،الوسائل 4:678 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 9. [5]
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:267. [6]
8- 8) السرائر:56.

أبو حنيفة (1)،و الشّافعيّ (2)،خلافا لمالك (3)،و هو عبارة عن وضع الثّوب على الرّأس أو الكتف و إرسال طرفيه.

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة قال:نهى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن السّدل (4).

و من طريق الخاصّة:رواية ابن بابويه،و قد تقدّمت في باب اللّباس (5).

مسألة:و يجوز أن يستند إلى الحائط،و أن يضع يده عليه

لا أن يعتمد (6)عليه بحيث يسقط مع سقوطه.

أمّا الأوّل:فلما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل هل يصلح له أن يستند إلى حائط المسجد و هو يصلّي أو يضع يده على الحائط و هو قائم من غير مرض و لا علّة؟ فقال:«لا بأس»و عن الرّجل يكون في صلاة فريضة فيقوم في الرّكعتين الأوّلتين هل يصلح له أن يتناول جانب المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير ضعف و لا علّة؟قال:«لا بأس» (7).

و في الموثّق،عن عبد اللّه بن بكير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يصلّي متوكّئا على عصا أو على حائط؟فقال:«لا بأس بالتّوكّي على عصا و الاتّكاء على الحائط» (8).

ص:312


1- 1بدائع الصنائع 1:218،الهداية للمرغينانيّ 1:64،شرح فتح القدير 1:359.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:65،المجموع 3:177،المغني 1:658.
3- 3) بدائع الصنائع 1:219،المجموع 3:177.
4- 4) سنن أبي داود 1:174 الحديث 343،سنن البيهقيّ 2:242.
5- 5) تقدّمت في الجزء الرابع:ص 250.
6- 6) م:و لا يعتمد،ق:و لا أن يعتمد.
7- 7) التّهذيب 2:326 الحديث 1339،الوسائل 4:701 الباب 10 من أبواب القيام الحديث 1. [1]
8- 8) التّهذيب 2:327 الحديث 1341،الوسائل 4:702 الباب 10 من أبواب القيام الحديث 4. [2]

و عن سعيد بن يسار قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التّكأة في الصّلاة على الحائط يمينا و شمالا؟فقال:«لا بأس» (1).

و أمّا الثّاني:فلما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و لا تستند إلى جدار إلاّ أن تكون مريضا» (2).و لأنّه حينئذ لا يكون قائما بالاستقلال.

مسألة:و يجوز للمصلّي أن يحمد اللّه إذا عطس و يصلّي على نبيّه و آله عليهم
اشارة

السّلام

و أن يفعل ذلك إذا عطس غيره،و هو مذهب أهل البيت عليهم السّلام.و به قال الشّافعيّ،و أبو يوسف،و أحمد (3).و قال أبو حنيفة:تبطل صلاته (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عامر بن ربيعة (5)قال:عطس شابّ من الأنصار خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في الصّلاة فقال:الحمد للّه حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه حتّى يرضى ربّنا و بعد ما يرضى من أمر الدّنيا و الآخرة،فلمّا انصرف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«من القائل الكلمة؟فإنّه لم يقل بأسا ما تناهت دون العرش» (6).رواه

ص:313


1- 1التّهذيب 2:327 الحديث 1340،الوسائل 4:702 الباب 10 من أبواب القيام الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 3:176 الحديث 394،الوسائل 4:702 الباب 10 من أبواب القيام الحديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:745.
4- 4) بدائع الصنائع 1:235،مجمع الأنهر 1:119،المغني 1:745.
5- 5) عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك بن ربيعة.أبو عبيد اللّه العنزيّ العدويّ،شهد بدرا و المشاهد كلّها.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبي بكر و عمر،و عنه ابنه عبد اللّه و عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب. قيل:مات في خلافه عثمان،و قيل:مات سنة 32 ه. أُسد الغابة 3:80، [3]تهذيب التهذيب 5:62. [4]
6- 6) سنن أبي داود 1:205 الحديث 774.و اللفظ فيه هكذا:عطس شابّ من الأنصار خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في الصّلاة فقال:الحمد للّه حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه حتّى يرضى ربّنا و بعد ما يرضى من أمر الدنيا و الآخرة.فلمّا انصرف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«مَن القائل الكلمة»؟قال:فسكت الشابّ،ثمَّ قال:«من القائل الكلمة فإنّه لم يقل بأسا»؟فقال:يا رسول اللّه أنا قلتها،لم أرد بها إلاّ خيرا،قال:«ما تناهت دون عرش الرحمن تبارك و تعالى».

أبو داود.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن مسكان،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا عطس الرّجل[في الصلاة] (1)فليقل:

الحمد للّه» (2).و إذا جاز حمد اللّه في حقّه جاز في حقّ غيره؛لأنّه ثناء على اللّه تعالى.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير قال:قلت له:أسمع العطسة فأحمد اللّه و أُصلّي على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أنا في الصّلاة؟قال:«نعم،و إن كان بينك و بين صاحبك اليمّ» (3).و لأنّه مناجاة للربّ و شكر له على نعمه فيكون سائغا.

فروع:
الأوّل:يجوز له أن يحمد اللّه على كلّ نعمة

لأنّه مناجاة للرّبّ تعالى فيكون سائغا للرّواية.

الثّاني:يجوز له أن يسمّت العاطس بالدّعاء

(4)

فيقول:يرحمك اللّه،أو يغفر اللّه لك،و ما أشبهه إذا كان مؤمنا؛لأنّه دعاء فكان سائغا.

الثّالث:قال بعض الجمهور:يستحبّ إخفاؤه

(5)،و لم يثبت عندي.

مسألة:و يجوز له أن يردّ السّلام إذا سلّم عليه نطقا
اشارة

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو هريرة،و سعيد بن المسيّب،و الحسن،و قتادة (6).و قال مالك (7)،

ص:314


1- 1أثبتناها من المصدر.
2- 2) التّهذيب 2:332 الحديث 1367،الوسائل 4:1268 الباب 18 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [1]
3- 3) التّهذيب 2:332 الحديث 1368،الوسائل 4:1268 الباب 18 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [2]
4- 4) ح:تسميت.
5- 5) المغني 1:746.
6- 6) المغني 1:747،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،المجموع 4:104،حلية العلماء 2:156،بداية المجتهد 1:181:عمدة القارئ 7:269،نيل الأوطار 2:363.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:99،بداية المجتهد 1:181،المغني 1:747،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،المجموع 4:104،عمدة القارئ 7:269.

و الشّافعيّ (1)،و أحمد:يردّ بالإشارة (2).و قال أبو حنيفة:لا يردّ نطقا و لا إشارة (3).

لنا:قوله تعالى وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها (4).و هو عامّ.

و ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود قال:كنّا نسلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في الصّلاة فيردّ علينا (5).و ادّعاؤهم أنّه منسوخ لم يثبت.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن عثمان بن عيسى،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يسلّم عليه في الصّلاة؟قال:«يردّ، يقول (6):سلام عليكم،و لا يقل (7):عليكم (8)السّلام،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان قائما يصلّي،فمرّ به عمّار بن ياسر فسلّم عليه،فردّ عليه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا» (9).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:دخلت على أبي جعفر عليه السّلام و هو في الصّلاة فقلت:السّلام عليك،فقال:«السّلام عليك»فقلت:كيف أصبحت؟فسكت، فلمّا انصرف قلت له:أ يردّ السّلام و هو في الصّلاة؟فقال:«نعم،مثل ما قيل له» (10).

ص:315


1- 1المجموع 4:104،حلية العلماء 2:155،المغني 1:747،عمدة القارئ 7:269،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،بداية المجتهد 1:181،نيل الأوطار 2:363.
2- 2) المغني 1:747،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،المجموع 4:104،عمدة القارئ 7:269.
3- 3) بدائع الصنائع 1:237،الهداية للمرغينانيّ 1:64، [1]شرح فتح القدير 1:358،بداية المجتهد 1:181،المجموع 4:105،حلية العلماء 2:156.
4- 4) النّساء(4):86. [2]
5- 5) صحيح مسلم 1:382 الحديث 538،سنن أبي داود 1:243 الحديث 923.
6- 6) غ و ق:بقول.
7- 7) ن و م:يقول.
8- 8) ن،ح و ق:و عليكم.
9- 9) التّهذيب 2:328 الحديث 1348،الوسائل 4:1265 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [3]
10- 10) التّهذيب 2:329 الحديث 1349،الوسائل 4:1265 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [4]

و ما رواه البزنطيّ في جامعه،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّ عمّارا سلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فردّ عليه (1).و لأنّ أبا هريرة أمر به (2)،و الظّاهر أنّه إنّما قاله توقيفا،و لأنّه دعاء في الحقيقة فكان سائغا.

احتجّ المخالف (3)بما رواه جابر قال:كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فبعثني في حاجة و هو يصلّي على راحلته و وجهه إلى غير القبلة فسلّمت فلم يردّ عليّ،فلمّا انصرف قال:«أما إنّه لم يمنعني أن أردّ عليك إلاّ أنّي كنت أُصلّي» (4).

و عن ابن مسعود قال:يا رسول اللّه كنّا نسلّم عليك في الصّلاة فتردّ علينا؟قال:

«إنّ في الصّلاة لشغلا» (5).و لأنّه كلام آدميّ فتكون الصّلاة محروسة عنه.

و الجواب عن الأوّل:لعلّه عليه السّلام قد كان مشغولا بالعبادة فلم يسمع،و علّل عليه السّلام ترك الرّدّ بالصّلاة؛لأنّها سبب شغل القلب عن السّماع.و يؤيّده:قوله عليه السّلام في حديث ابن مسعود:«إنّ في الصّلاة لشغلا».

و عن رواية ابن مسعود:بذلك أيضا،أو أنّه عليه السّلام قد كان يسلّم أوّلا عليهم بغير لفظ القرآن.

و يؤيّده:قوله عليه السّلام في آخر حديث ابن مسعود:«إنّ اللّه يحدث من أمره ما يشاء،و إنّ اللّه قد أحدث أن لا تكلّموا في الصّلاة» (6).و السّلام الّذي نجوّزه نحن شيء ورد به القرآن فلا يكون كلام النّاس و بهذا خرج (7)الجواب عن قولهم:أنّه كلام آدميّ.

لا يقال:إذا قصد به ردّ السّلام خرج عن القرآن.لأنّا نمنع ذلك،فإنّه قرآن من حيث

ص:316


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:263. [1]
2- 2) المغني 1:747،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719.
3- 3) المغني 1:748،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،المجموع 4:103.
4- 4) صحيح مسلم 1:384 الحديث 540.
5- 5) صحيح مسلم 1:382 الحديث 538،سنن أبي داود 1:243 الحديث 923،مسند أحمد 1:409. [2]
6- 6) سنن أبي داود 1:243 الحديث 924،سنن النسائيّ 3:19،سنن البيهقيّ 2:260.
7- 7) ح و ق:و بهذه أخرج.

النظم،و ردّ السّلام من حيث القصد له،و لهذا لو قرأ آية دعاء جاز له أن ينويه و لا يخرج به عن القرآن.

احتجّ الشّافعيّ (1)بما رواه ابن عمر قال:خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى قباء يصلّي فيه،قال:فجاءته الأنصار فسلّموا عليه و هو يصلّي،قال:فقلت لبلال:كيف رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يردّ عليهم حين كانوا يسلّمون عليه و هو يصلّي؟ قال:يقول هكذا،و بسط يعني كفّه[و بسط جعفر بن عون (2)كفّه] (3)و جعل بطنه أسفل و ظهره إلى فوق (4).و لأنّ ابن عبّاس سلّم عليه موسى بن جميل (5)و هو يصلّي فقبض على ذراعه و كان ردّا من ابن عبّاس عليه (6).

و الجواب:هذا يصلح حجّة على أبي حنيفة المانع من الإشارة لا علينا؛لجواز انضمام النّطق اللّسانيّ إلى الإشارة،و ليس في الحديثين ما يدلّ على عدم النّطق،و عدم سماع الرّاوي لا يدلّ على العدم.

فروع:
الأوّل:يجب أن يردّ مثل قوله:سلام عليكم و لا يقول:و عليكم السّلام

لأنّه

ص:317


1- 1المجموع 4:103.
2- 2) جعفر بن عون بن جعفر بن عمرو بن حريث المخزوميّ أبو عون الكوفيّ،روى عن إسماعيل بن أبي خالد و هشام بن سعد و هشام بن عروة،و روى عنه أحمد بن حنبل و الحسن بن عليّ الحلوانيّ و إسحاق بن راهويه. مات منصرفا من الحجّ سنة 207 ه. تهذيب التهذيب 2:101، [1]العبر 1:276، [2]الجرح و التعديل 2:485،رجال صحيح مسلم 1:124.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) سنن أبي داود 1:243 الحديث 927،سنن البيهقيّ 2:259-260.
5- 5) موسى بن عبد اللّه بن جميل الجمحيّ لم نعثر على ترجمته في التراجم أكثر ممّا وقع في حديث سلامه على ابن عبّاس. سنن البيهقيّ 2:259.
6- 6) المغني 1:748،الشرح الكبير بهامش المغني 1:719،سنن البيهقيّ 2:259.

ليس بلفظ القرآن،و لما تقدّم من الرّوايات (1).

الثّاني:لو سلّم عليه بغير قوله:سلام عليكم،قيل:لا يجوز إجابته إلاّ أن يقصد

الدّعاء و يكون مستحقّا

(2)و عندي فيه تردّد،ينشأ من قول الباقر عليه السّلام:«يقول:

مثل ما قيل له» (3).و ذلك عامّ.

لا يقال:إنّ مقصوده عليه السّلام قوله:سلام عليكم؛لأنّه منطوق القرآن.لأنّا نمنع ذلك؛لأنّ كيفيّة التّسليم (4)عليه في صلاته:السّلام عليك،و به أجاب عليه السّلام و ليس هو منطوق القرآن.

الثّالث إذا سلّم رجل من المسلمين على آخر و هو في الصّلاة ردّ عليه فيما

بينه و بين نفسه و لا يرفع صوته]

الثّالث:روى الشّيخ،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عن المصلّي؟فقال:«إذا سلّم عليك رجل من المسلمين و أنت في الصّلاة فردّ عليه فيما بينك و بين نفسك و لا ترفع صوتك» (5).

و في الصّحيح،عن منصور بن حازم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا سلّم عليك الرّجل و أنت (6)تصلّي قال:تردّ عليه خفيّا كما قال» (7).و هاتان محمولتان على ما إذا حصل للمصلّي تقيّة.

الرّابع:لو حيّاه بغير السّلام فعندي فيه تردّد

أقربه جواز ردّه؛لعموم الآية (8).

الخامس:لا يكره لمن دخل على المصلّي أن يسلّم عليه

خلافا لعطاء،و الشّعبيّ،

ص:318


1- 1تقدّم في ص 315.
2- 2) المعتبر 2:264-265. [1]
3- 3) التّهذيب 2:329 الحديث 1349،الوسائل 4:1265 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [2]
4- 4) م:السلام.
5- 5) التّهذيب 2:331 الحديث 1365،الوسائل 4:1266 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [3]
6- 6) في النسخ:هو يصلّي،و ما أثبتناه من المصدر.
7- 7) التّهذيب 2:332 الحديث 1366،الوسائل 4:1265 الباب 16 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3. [4]
8- 8) النساء(4):86.

و إسحاق (1).

لنا:عموم قوله تعالى فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ (2).أي أهل دينكم،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلّم عليه أصحابه فردّ عليهم (3)نطقا تارة و إشارة عندهم اخرى و لم ينكر عليهم (4).

احتجّوا بأنّه ربّما غلط المصلّي (5).

و الجواب:قد كان ينبغي أن يكره له الدّخول عليه؛لأنّه ربّما اشتغل خاطره فغلط و لمّا لم يلحظ ذلك هنا فكذا ثَمَّ.

مسألة:و يجوز الدّعاء في أحوال الصّلاة قائما و قاعدا و راكعا و ساجدا و متشهّدا و في جميع أحوالها بما هو مباح

سواء كان للدين أو للدّنيا بغير خلاف بين علمائنا؛لعموم قوله تعالى (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (6).و لقوله تعالى قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ (7).و غيره من الآيات الدالّة على تعلّق غرض الشّارع به مطلقا،و قد ثبت عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السّلام أنّهما ادعيا على أقوام و لأقوام قائمين (8)، و قال عليه السّلام:«ادعوا اللّه في سجودكم» (9).

ص:319


1- 1المغني 1:748،الشرح الكبير بهامش المغني 1:720،المجموع 4:105.
2- 2) النور(24):61. [1]
3- 3) غ بزيادة:السلام.
4- 4) صحيح مسلم 1:382 الحديث 538،سنن أبي داود 1:243 الحديث 923،925 و 927،سنن البيهقي 2: 259،المغني 1:749،الشرح الكبير بهامش المغني 1:720.
5- 5) المغني 1:748،الشرح الكبير بهامش المغني 1:720.
6- 6) غافر(40):60. [2]
7- 7) الفرقان(25):77. [3]
8- 8) الوسائل 4:913 الباب 13 من أبواب القنوت الحديث 2.و [4]من طريق العامّة ينظر:سنن البيهقيّ 2:153.
9- 9) ينظر بهذا المضمون:صحيح مسلم 1:350 الحديث 482،سنن البيهقيّ 2:110،و من طريق الخاصّة: الوسائل 4:973 الباب 17 من أبواب السجود. [5]

و في حديث الصّادق عليه السّلام:«كلّما كلّمت اللّه به في صلاة الفريضة فلا بأس به و ليس بكلام» (1).

و روى الشّيخ،عن أبي جرير الرواسيّ قال:سمعت أبا الحسن عليه السّلام و هو يقول:«اللّهمّ إنّي أسألك الرّاحة عند الموت و العفو عند الحساب»يردّدها (2).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:صلّى بنا أبو بصير في طريق مكّة فقال-و هو ساجد و قد كانت ضلّت (3)ناقة لجمّالهم-:اللّهمّ ردّ على فلان ناقته.قال محمّد:فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فأخبرته،فقال:«و فعل؟»فقلت:نعم،قال:فسكت،قلت:

أ فأعيد الصّلاة؟قال:«لا» (4).

و في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو في الصّلاة المكتوبة إمّا راكعا و إمّا ساجدا فيصلّي عليه و هو على تلك الحال؟فقال:«نعم،إنّ الصّلاة على نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله كهيئة التّكبير و التّسبيح،و هي عشر حسنات يبتدرها ثمانية عشر ملكا أيّهم يبلغها إيّاه» (5).

و عن عبد الرّحمن بن سيابة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أدعو و أنا ساجد؟فقال:«نعم،فادع للدّنيا و الآخرة فإنّه ربّ الدّنيا و الآخرة» (6).

مسألة:و إذا عرض للرّجل أو المرأة حاجة فله الإيماء بيده
اشارة

و تصفيق إحدى يديه بالأُخرى،و ضرب الحائط،و التّسبيح،و التّكبير،و أن يتلو شيئا من القرآن مجيبا لغيره

ص:320


1- 1الكافي 3:302 الحديث 5، [1]التّهذيب 2:325 الحديث 1330،الوسائل 4:1262 الباب 13 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 3، [2]في الكافي و [3]الوسائل لا توجد:«و ليس بكلام».
2- 2) التّهذيب 2:300 الحديث 1209.
3- 3) غ،م،ن و ق:ضاعت،كما في التهذيب.
4- 4) التّهذيب 2:300 الحديث 1208،الوسائل 4:973 الباب 17 من أبواب السّجود الحديث 1. [4]في الوسائل [5]بتفاوت يسير.
5- 5) التّهذيب 2:299 الحديث 1206،الوسائل 4:943 الباب 20 من أبواب الرّكوع الحديث 1. [6]
6- 6) التّهذيب 2:299 الحديث 1207،الوسائل 4:973 الباب 17 من أبواب السجود الحديث 2. [7]

أو مبتدئا له بالخطاب،سواء نبّه الإمام في ذلك أو غيره.و به قال الشّافعيّ لكنّه كره للمرأة التّسبيح و قصرها على التّصفيق (1).

و قال أبو حنيفة:إن قصد بالتّسبيح مصلحة الصّلاة كإعلام الإمام شيئا نسيه لم تبطل صلاته و إلاّ بطلت (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا نابكم أمر فليسبّح الرّجال و لتصفّق النّساء».و في لفظ آخر:«من نابه شيء في صلاته فليقل:سبحان اللّه فإنّه لا يسمعه أحد حين يقول:سبحان اللّه إلاّ التفت» (3).رواهما مسلم و البخاريّ.

و في مسند أحمد عن عليّ عليه السّلام:«كنت إذا استأذنت على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إن كان في صلاة سبّح،و إن كان في غير صلاة أذن» (4).

و عن عليّ عليه السّلام أنّه قال له رجل من الخوارج و هو في صلاة الغداة فناداه لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (5).قال:فأنصت له حتّى فهم، فأجابه و هو في الصّلاة فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (6). (7)

ص:321


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:87-88،المجموع 4:82،ميزان الكبرى 1:159،مغني المحتاج 1:197-198، حلية العلماء 2:154-155،السّراج الوهّاج:56،المغني 1:743،المحلّى 4:77،بداية المجتهد 1:198.
2- 2) بدائع الصنائع 1:235،المغني 1:743،المجموع 4:82،حلية العلماء 2:155،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 115،ميزان الكبرى 1:159،المحلّى 4:77.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:175 و ج 2:89 و ج 3:239،صحيح مسلم 1:316 الحديث 421.بتفاوت يسير في الألفاظ.
4- 4) مسند أحمد 1:77. [1]
5- 5) الزمر(39):65. [2]
6- 6) الرّوم(30):60. [3]
7- 7) سنن البيهقيّ 2:245.

احتجّ به أحمد (1)،و رواه أبو بكر النجّاد (2).

و عن عطاء بن السّائب (3)قال:استأذنّا على عبد الرّحمن بن أبي ليلى و هو يصلّي فقال اُدْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ (4).فقلنا:كيف صنعت؟فقال:استأذنّا على عبد اللّه بن مسعود و هو يصلّي فقال اُدْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرّجل يريد الحاجة و هو في الصّلاة؟فقال:

«يومئ برأسه و يشير بيده،و المرأة إذا أرادت الحاجة و هي تصلّي تصفق بيدها» (6).

و عن أبي الوليد (7)قال:كنت جالسا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فسأله ناجية

ص:322


1- 1الشرح الكبير بهامش المغني 1:655. [1]
2- 2) أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل البغداديّ أبو بكر النّجّاد شيخ العلماء ببغداد،حنبليّ له تصانيف منها كتاب في السنن،و كتاب(الخلاف).مات سنة 348 ه. تذكرة الحفّاظ 3:868،العبر 2:78،الأعلام للزركلي 1:131. [2]
3- 3) عطاء بن السائب بن مالك،و يقال:زيد،و يقال:يزيد الثقفيّ،أبو السائب،و يقال:أبو زيد،و يقال:أبو محمّد الكوفيّ.روى عن أبيه و أنس و ربّما أدخل بينهما يزيد بن أبان و عبد اللّه بن أبي أوفى.و روى عنه إسماعيل بن أبي خالد و الأعمش و ابن جريج.مات سنة 136 ه. تهذيب التهذيب 7:203، [3]العبر 1:142، [4]شذرات الذهب 1:194. [5]
4- 4) يوسف(12):99. [6]
5- 5) المغني 1:746-747. [7]
6- 6) التّهذيب 2:324 الحديث 1328،الوسائل 4:1256 الباب 9 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 2. [8]
7- 7) أبو الوليد كنية لإسماعيل بن كثير البكريّ و بشير بن جعفر و الحسن بن زياد الصيقل و ذريح بن محمّد و المثنّى بن راشد و نصر بن عبد الرحمن و نصير بن أبي الأشعث.روى عنه أحمد بن محمّد بن أبي نصر في الكافي 3:301. و [9]في هامشه:الظاهر أنّه ذريح المحاربيّ.و في التهذيب 2:325 الحديث 1329. جامع الرواة 2:421. [10]

أبو حبيب (1)فقال له:جعلني اللّه فداك إنّ لي رحى أطحن فيها فربّما قمت في ساعة من اللّيل فأعرف من الرّحى أنّ الغلام قد نام فأضرب الحائط لأُوقظه؟فقال:«نعم،أنت في طاعة اللّه عزّ و جلّ تطلب رزقه» (2).

و عن محمّد بن بجيل (3)أخي عليّ بن بجيل قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يصلّي فمرّ به رجل و هو بين السّجدتين فرماه أبو عبد اللّه عليه السّلام بحصاة فأقبل إليه الرّجل (4).

و في الصّحيح،عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السّلام قال:سألته عن الرّجل يكون في صلاته فيستأذن إنسان على الباب فيسبّح و يرفع صوته و يسمع جاريته فتأتيه فيريها بيده أنّ على الباب إنسانا،هل يقطع ذلك صلاته و ما عليه؟فقال:«لا بأس لا يقطع ذلك (5)صلاته» (6).

و لأنّ التّصفيق باليد،أو ضرب الحائط و ما أشبههما أفعال قليلة لا تؤثّر في البطلان.

و لأنّ التّنبيه بالتّسبيح،و تلاوة القرآن لا يخرجه عن كونه قرآنا و تسبيحا فيكون سائغا، لقوله عليه السّلام:«إنّ صلاتنا هذه تسبيح و دعاء و قرآن» (7).

احتجّ أبو حنيفة بأنّه خطاب آدميّ فكان داخلا تحت عموم النّهي عن الكلام،كما لو

ص:323


1- 1ناجية بن أبي عمارة الصيداويّ الأسديّ أبو حبيب.كنّاه في الفقيه بأبي حبيب،و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السّلام بعنوان ناجية بن أبي عمارة،و عنونه المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة بعنوان ناجية بن عمارة بإسقاط كلمة«أبي»و لعلّه سهو،قاله العلاّمة المامقانيّ. الفقيه(شرح المشيخة)4:62،رجال الطّوسيّ:138،رجال العلاّمة:175، [1]تنقيح المقال 3:265. [2]
2- 2) التّهذيب 2:325 الحديث 1329،الوسائل 4:1257 الباب 9 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 8. [3]
3- 3) محمّد بن بجيل بن عقيل الكوفيّ أخو عليّ بن بجيل وقع بهذا العنوان في طريق الصدوق في الفقيه.عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام.قال المحقّق المامقانيّ:ظاهر الشيخ كونه إماميّا و لكنّه مجهول الحال. الفقيه(شرح المشيخة)4:62،رجال الطوسيّ:283،تنقيح المقال 2:85 من أبواب الميم. [4]
4- 4) التّهذيب 2:327 الحديث 1342،الوسائل 4:1258 الباب 10 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 1. [5]
5- 5) ح:بذلك.
6- 6) التّهذيب 2:331 الحديث 1363،الوسائل 4:1256 الباب 9 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 6. [6]
7- 7) سنن النسائيّ 3:17،سنن الدارميّ 1:353،354،المغني 1:735،نيل الأوطار 2:363.بتفاوت.

قال يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ (1).فإنّ صلاته تبطل و إن وجدت هذه الصّورة في القرآن (2).

و الجواب:القصد لا يخرجه عن كونه قرآنا و تسبيحا،لأنّه يقصد الأمرين فإنّ من دعا بسورة من القرآن لا يخرج عن كونه قارئا بل يسمّى داعيا قارئا.

و يؤيّده:ما رواه عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن ذكر السّورة من الكتاب يدعو بها في الصّلاة،مثل:قل هو اللّه أحد؟فقال:«إذا كنت تدعو بها فلا بأس» (3).

فروع:
الأوّل:يكره ذلك بغير ضرورة

(4)

لما فيه من اشتغال القلب بغير العبادة.

و يؤيّده:ما رواه أبو العبّاس الفضل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كان الرّجل مصلّيا فلا يشير إلى شيء و لا يومئ إلى شيء إلاّ أن لا يجد بُدّا» (5).

الثّاني:يجوز للمأموم أن يفتح على الإمام إذا ارتجّ عليه

و أن يردّ عليه إذا غلط في الفرض و (6)النّفل.و به قال عليّ عليه السّلام،و عثمان،و ابن عمر،و عطاء،و الحسن، و ابن سيرين.و كرهه ابن مسعود،و شريح،و الشّعبيّ،و الثّوريّ.

و قال أبو حنيفة:تبطل به الصّلاة (7).

ص:324


1- 1مريم(19):12. [1]
2- 2) بدائع الصنائع 1:235،المغني 1:746،ميزان الكبرى 1:159.
3- 3) الكافي 3:302 الحديث 4، [2]التهذيب 2:314 الحديث 1278،الوسائل 4:743 الباب 9 من أبواب القراءة الحديث 1. [3]
4- 4) غ،ق و ح:لغير.
5- 5) المعتبر 2:268. [4]
6- 6) ح:أو.
7- 7) المغني 1:743،الشرح الكبير بهامش المغني 1:651.

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عمر أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه،فلمّا انصرف قال لأُبيّ:«أ صلّيت معنا؟»قال:نعم،قال:«فما منعك؟» (1).

و هذا عندنا و إن كان غير صحيح؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا يجوز عليه التّرك،لكنّا ذكرناه في معرض الإلزام.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:سألته عن الإمام إذا أخطأ في القرآن فلا يدري ما يقول؟قال:«يفتح عليه بعض من خلفه» (2).

و لأنّه تنبيه لإمامه بما هو للإمام مشروع في الصّلاة فأشبه التّسبيح.

احتجّ أبو حنيفة (3)بما رواه الحارث،عن عليّ عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا يفتح على الإمام» (4).

و الجواب:أنّ هذه الرّواية ضعّفها المحدّثون (5).قال أبو داود:راويها أبو إسحاق و لم يرو عن الحارث إلاّ أربعة أحاديث ليس هذا منها (6).و ذلك يدلّ على ضعفها.

الثّالث:قيل:يكره أن يفتح من هو في الصّلاة على من هو في صلاة أُخرى أو على

من ليس في الصّلاة

(7)لقوله عليه السّلام:«إنّ في الصّلاة لشغلا» (8).و لا تبطل صلاته لو فعل؛لأنّه قرآن.

ص:325


1- 1سنن أبي داود 1:239 ضمن الحديث 907،المغني 1:744،الشرح الكبير بهامش المغني 1:651.
2- 2) التّهذيب 3:34 الحديث 123،الوسائل 4:783 الباب 43 من أبواب القراءة الحديث 2. [1]
3- 3) المغني 1:744،الشرح الكبير بهامش المغني 1:651،نيل الأوطار 2:373.
4- 4) سنن أبي داود 1:239 الحديث 908،المغني 1:744،نيل الأوطار 2:373.
5- 5) ينظر:المغني 1:744،الشرح الكبير بهامش المغني 1:652،المجموع 4:241،نيل الأوطار 2:373.
6- 6) سنن أبي داود 1:239.
7- 7) المغني 1:747،الشرح الكبير بهامش المغني 1:653.
8- 8) صحيح مسلم 1:382 الحديث 538،سنن ابن ماجه 1:325 الحديث 1019،سنن أبي داود 1:243 الحديث 923،مسند أحمد 1:409. [2]
مسألة:و لا يقطع الصّلاة رعاف و لا قيء،و لو جاءه الرّعاف أزاله و أتمّ الصّلاة ما لم يفعل ما ينافي الصّلاة

(1)

ذهب إليه علماؤنا؛لأنّه ليس بناقض للطّهارة على ما بيّنّاه (2)، و الإزالة من مصلحة الصّلاة فلا تبطلها؛لأنّ التّقدير عدم فعل الكثير.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرّجل يأخذه الرّعاف و القيء في الصّلاة كيف يصنع؟قال:«ينفتل فيغسل أنفه و يعود في صلاته،و إن تكلّم فليعد صلاته،و ليس عليه وضوء» (3).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام في الرّجل يمسّ أنفه في الصّلاة فيرى دما،كيف يصنع أ ينصرف؟فقال:«إن كان يابسا فليرم به و لا بأس» (4).

و عن أبي حفص،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ عليّا عليه السّلام كان يقول:

«لا يقطع الصّلاة الرّعاف و لا الدّم و لا القيء،فمن وجد أذى فليأخذ بيد رجل من القوم من الصّفّ فليقدّمه يعني إذا كان إماما» (5).

و في الصّحيح،عن معاوية بن وهب البجليّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّعاف أ ينقض الوضوء؟قال:«لو أنّ رجلا رعف في صلاته و كان عنده ماء أو من يشير إليه بماء فتناوله (6)فقال برأسه (7)فغسله فليبن على صلاته

ص:326


1- 1ق و ح:و من.
2- 2) يراجع:الجزء الأوّل:217 و ما بعدها.
3- 3) التّهذيب 2:323 الحديث 1323،الوسائل 4:1244 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 4. [1]
4- 4) التّهذيب 2:324 الحديث 1327،الوسائل 4:1244 الباب 15 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 5. [2]
5- 5) التّهذيب 2:325 الحديث 1331،الوسائل 4:1245 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 8. [3]
6- 6) غ:فيتناوله.
7- 7) فقال بثوبه هكذا.العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال و تطلقه على غير الكلام و اللسان، [4]فتقول:قال بيده أي أخذ،و قال برجله أي مشى.قال الشاعر: و قالت له العينان سمعا و طاعة أي:أومأت النهاية لابن الأثير 4:124. [5]

و لا يقطعها» (1).

و في الصّحيح،عن إسماعيل بن عبد الخالق (2)قال:سألته عن الرّجل يكون في جماعة من القوم يصلّي المكتوبة فيعرض له رعاف كيف يصنع؟قال:«يخرج فإن وجد ماء قبل أن يتكلّم فليغسل الرّعاف ثمَّ ليعد و ليبن (3)على صلاته» (4).

لا يقال:يعارض ذلك ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّعاف و الحجامة و القيء؟قال:«لا ينقض هذا شيئا من الوضوء و لكن ينقض الصّلاة» (5).

و عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا يقطع الصّلاة إلاّ رعاف و أزّ في البطن فادرؤهنّ (6)ما استطعتم» (7).

لأنّا نقول:إنّهما محمولتان على فعل المنافي،أو الاحتياج إلى فعل كثير،أو على

ص:327


1- 1التّهذيب 2:327 الحديث 1344،الوسائل 4:1246 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 11. [1]
2- 2) إسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربّه بن أبي ميمونة بن يسار مولى بني أسَد وجه من وجوه أصحابنا و فقيه من فقهائنا و هو من بيت الشيعة،عمومته شهاب و عبد الرحيم و وَهب و أبوه عبد الخالق كلّهم ثقات رووا عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام.و إسماعيل نفسه روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام،عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السّجاد و الباقر و الصادق عليهم السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:27،رجال الطوسيّ:83،105،147،رجال العلاّمة:9. [2]
3- 3) ح:فليبن،كما في المصادر.
4- 4) التّهذيب 2:328 الحديث 1345،الاستبصار 1:403 الحديث 1537،الوسائل 4:1246 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 12. [3]
5- 5) التّهذيب 2:328 الحديث 1346،الاستبصار 1:403 الحديث 1538،الوسائل 1:186 الباب 6 من أبواب نواقض الوضوء الحديث 7. [4]
6- 6) ح:فبادروا به.
7- 7) التّهذيب 2:328 الحديث 1347،الاستبصار 1:403 الحديث 1539،الوسائل 4:1246 الباب 2 من أبواب قواطع الصّلاة الحديث 14. [5]في التهذيب و الوسائل: [6]فبادروا بهنّ.و في الاستبصار:فبادروا بهما.

الاستحباب.

مسألة:قيل:يكره مسّ الحصى

(1)لما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إذا قام أحدكم إلى الصّلاة فإنّ الرّحمة تواجهه فلا يمسح الحصى» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:«إنّ عليّا عليه السّلام كره تنظيم الحصى في الصّلاة و كان يكره أن يصلّي على قصاص شعره حتّى يرسله إرسالا» (3).

و لأنّه نوع عبث فكان مكروها،أمّا لو قصد به عدّ الآي فالوجه عندي زوال الكراهية.

خاتمة:حكم المرأة حكم الرّجل في أفعال الصّلاة و هيئاتها الواجبة و المندوبة إلاّ ما استثني
اشارة

من وجوب السّتر لبدنها أجمع.و لا جهر عليها و لا أذان و لا إقامة،فإن فعلتهما خافتت فيهما؛لأنّ الخطاب كما يشمل الرّجل فهو شامل للمرأة،فالأصل أنّ كلّ ما ثبت في حقّه ففي حقّها هو ثابت إلاّ ما يستثنى.

و يستحبّ لها أن تفعل (4)كلّ ما يحصل به السّتر البالغ؛لأنّها عورة.

و يستحبّ لها أن تفعل ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة قال:إذا قامت المرأة في الصّلاة جمعت بين قدميها،و لا تفرّج بينهما،و تضمّ يديها إلى صدرها لمكان ثدييها،فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلاّ تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها،فإذا

ص:328


1- 1المغني 1:697،الشرح الكبير بهامش المغني 1:642.و فيهما:مسح الحصى.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:327 الحديث 1027،سنن أبي داود 1:249 الحديث 945،سنن الدارميّ 1:322. [1]
3- 3) التّهذيب 2:298 الحديث 1203،الوسائل 4:954 الباب 4 من أبواب السّجود الحديث 3. [2]
4- 4) م و ن:أن تجمع بفعل،مكان:أن تفعل.

جلست فعلى أليتيها كما يقعد (1)الرّجل و إذا سقطت للسجود بدأت بالقعود بالرّكبتين قبل اليدين،ثمَّ تسجد لاطئة بالأرض،فإذا كانت في جلوسها ضمّت فخذيها و رفعت ركبتيها من الأرض،فإذا نهضت انسلّت انسلالا لا ترفع عجيزتها أوّلا (2).

فروع:
الأوّل:المستحبّ لها في الجلوس أن تجلس كالرّجل إلاّ أنّها تضمّ فخذيها و ترفع

ركبتيها من الأرض

لأنّه أبلغ في السّتر.

و يؤيّده:ما تقدّم في رواية زرارة،و ما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه قال:سألته عن جلوس المرأة في الصّلاة؟قال:«تضمّ فخذيها» (3).

و عن ابن بكير،عن بعض أصحابنا قال:المرأة إذا سجدت تضمّمت،و الرّجل إذا سجد تفتّح (4).و كان ابن عمر يأمر نساءه أن يجلسن مربّعات (5).و به قال أحمد (6).

لنا:ما تقدّم،و ما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام قال:«إذا صلّت المرأة فلتحتفز و لتضمّ فخذيها» (7).و لأنّه مسنون للرّجل فيسنّ (8)لها كغيره من المندوبات.

الثّاني إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها

الثّاني:روى الشّيخ في الموثّق،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

ص:329


1- 1ح:ليس كما يقعد.كما في الكافي و [1]الوسائل. [2]
2- 2) التّهذيب 2:94 الحديث 350،الوسائل 4:676 الباب 1 من أبواب أفعال الصّلاة الحديث 4. [3]
3- 3) التّهذيب 2:95 الحديث 352،الوسائل 4:988 الباب 1 من أبواب التشهّد الحديث 2. [4]
4- 4) التّهذيب 2:95 الحديث 353،الوسائل 4:953 الباب 3 من أبواب السّجود الحديث 3. [5]
5- 5) المغني 1:636،الشرح الكبير بهامش المغني 1:636.
6- 6) المغني 1:635،الشرح الكبير بهامش المغني 1:635.
7- 7) المغني 1:636،الشرح الكبير بهامش المغني 1:636.
8- 8) م و ن:فسنّ.

«إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها» (1).و هو حسن؛لما فيه من الاستتار.

الثّالث:يستحبّ لها أن تكثّف (2)الجلباب.قال الخليل:الجلباب أوسع من الخمار و ألطف من الإزار (3).و إنّما يستحبّ لها أن تجعله كثيفا؛لأنّه يمنع من وصفها.

فصل:

لا يقطع الصّلاة للرّجل و المرأة ما يمرّ بين يديهما إجماعا منّا و قد سلف (4)، و لا عقص الشّعر على خلاف،و قد تقدّم (5).

قال الشّيخ:لو نوى أن يصلّي بالتّطويل لم تبطل صلاته لو خفّفها (6).و هو حسن.

المقصد الثّالث:في باقي الصّلوات المفروضات

اشارة

و فيه فصول:

الأوّل:في الجمعة

اشارة

و فيه مباحث:

الأوّل:في الشّروط
مقدّمة:

روى الشّيخ،عن أبي بصير قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«ما طلعت

ص:330


1- 1التّهذيب 2:94 الحديث 351،الوسائل 4:953 الباب 3 من أبواب السّجود الحديث 2. [1]
2- 2) ق و ح:تكنف.و كذا كلمة:كثيفا،تكون فيهما:كنيفا.
3- 3) العين 6:132. [2]
4- 4) يراجع:الجزء الرّابع ص 337.
5- 5) تقدّم في ص 306.
6- 6) المبسوط 1:118.

الشّمس بيوم أفضل من يوم الجمعة» (1).

و عن ابن أبي نصر،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ الجمعة سيّد الأيّام يضاعف اللّه فيه الحسنات،و يمحو فيه السيّئات،و يرفع فيه الدّرجات،و يستجيب فيه الدّعوات،و يكشف فيه الكربات، و يقضي فيه الحوائج (2)العظام،و هو يوم المزيد للّه فيه عتقاء و طلقاء من النّار،ما دعا اللّه فيه أحد من النّاس و عرف حقّه و حرمته إلاّ كان حقّا على اللّه أن يجعله من عتقائه و طلقائه من النّار،فإن مات في يومه و ليلته مات شهيدا و بعث آمنا،و ما استخفّ أحد بحرمته و ضيّع حقّه إلاّ كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يصليه نار جهنّم إلاّ أن يتوب» (3).

و روى ابن بابويه،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول يعقوب لبنيه سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي (4)قال:«أخّرهم إلى السّحر ليلة الجمعة» (5).

و روى،عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«إنّ العبد المؤمن ليسأل اللّه الحاجة فيؤخّر اللّه عزّ و جلّ قضاء حاجته الّتي سأل إلى يوم الجمعة ليخصّه بفضل يوم الجمعة» (6).

و روى،عن الأصبغ بن نباتة،عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«ليلة الجمعة ليلة غرّاء،و يومها يوم أزهر،من (7)مات ليلة الجمعة كتب له براءة من ضغطة القبر،و من مات يوم الجمعة كتب له براءة من النّار» (8).

ص:331


1- 1التّهذيب 3:2 الحديث 1،الوسائل 5:62 الباب 40 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [1]
2- 2) غ،م،ن و ق:الحاجات.كما في التهذيب.
3- 3) التّهذيب 3:2 الحديث 2،الوسائل 5:63 الباب 40 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [2]
4- 4) يُوسُف(12):98. [3]
5- 5) الفقيه 1:273 الحديث 1240،الوسائل 5:73 الباب 44 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [4]
6- 6) الفقيه 1:272 الحديث 1241،الوسائل 5:74 الباب 44 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [5]
7- 7) ح:و من.كما في الوسائل. [6]
8- 8) الفقيه 1:272 الحديث 1244،الوسائل 5:65 الباب 40 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 13. [7]

و روى،عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يريد أن يعمل شيئا من الخير مثل الصّدقة و الصّوم و نحو هذا،قال:«يستحبّ أن يكون ذلك يوم الجمعة فإنّ العمل يوم الجمعة يضاعف» (1).

و روى أبو بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إنّ اللّه تبارك و تعالى لينادي كلّ ليلة جمعة من فوق عرشه من أوّل اللّيل إلى آخره:ألا عبد مؤمن يدعوني لآخرته و دُنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه (2)؟ألا عبد مؤمن يتوب إليّ من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه؟ألا عبد مؤمن قد قترت عليه رزقه يسألني (3)الزّيادة في رزقه قبل طلوع الفجر فأزيده و أُوسّع عليه؟ألا عبد مؤمن سقيم يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فأُعافيه؟ ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن أُطلقه من حبسه قبل طلوع الفجر فأُطلقه من حبسه و اخلّي سربه؟ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر فأنتصر له و آخذ له بظلامته؟» (4)قال:«فما يزال ينادي بهذا حتّى يطلع الفجر» (5).

و روى،عن إبراهيم بن أبي محمود قال:قلت للرّضا عليه السّلام:يا ابن رسول اللّه ما تقول في الحديث الّذي يرويه النّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:إنّ اللّه تبارك و تعالى ينزل في كلّ ليلة جمعة إلى السّماء الدّنيا؟فقال عليه السّلام:«لعن اللّه المحرّفين الكلم عن مواضعه،و اللّه ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كذلك،إنّما قال:إنّ اللّه تبارك و تعالى يُنزل ملكا إلى السّماء الدّنيا كلّ ليلة في الثّلث الأخير و ليلة الجمعة في أوّل اللّيل،فيأمره فينادي:هل من سائل فأُعطيه؟هل من تائب فأتوب عليه؟هل من مستغفر فأغفر له؟يا طالب الخير أقبل،و يا طالب الشرّ أقصر،فلا يزال ينادي بهذا حتّى

ص:332


1- 1الفقيه 1:272 الحديث 1245،الوسائل 5:66 الباب 40 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 14. [1]
2- 2) ن و م:فأجبته.
3- 3) ح:فيسألني.كما في الوسائل. [2]
4- 4) ن،م و ق:ظلامته.
5- 5) الفقيه 1:271 الحديث 1237،الوسائل 5:73 الباب 44 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [3]

يطلع الفجر،فإذا طلع الفجر عاد إلى محلّه من ملكوت السّماء،حدّثني بذلك أبي عن جدّي عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (1).

مقدّمة أُخرى:

الجمعة واجبة،و هو قول علماء الإسلام.و يدلّ عليه الكتاب و السنّة و الإجماع.

أمّا الكتاب:فقوله تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا (2).و الأمر للوجوب.

و أمّا السنّة:فما رواه الجمهور،عن أبي الجعد الضّمريّ (3)أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«من ترك ثلاث جُمَع تهاونا طبع اللّه على قلبه» (4).

و قال عليه السّلام:«الجمعة حقّ واجب على كلّ مسلم[في جماعة] (5)إلاّ أربعة» (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح و ابن يعقوب بإسنادهما عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إنّ اللّه عزّ و جلّ فرض في كلّ سبعة أيّام خمسا و ثلاثين صلاة،منها صلاة واجبة على كلّ مسلم أن يشهدها (7)إلاّ

ص:333


1- 1الفقيه 1:271 الحديث 1238،الوسائل 5:72 الباب 44 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) الجُمعة(62):9. [2]
3- 3) أبو الجعد بن جنادة بن ضمرة الضمريّ من بني ضمرة.قيل:اسمه الأدرع.و قيل:جنادة.و قيل:عمرو بن بكر.و قال البخاريّ:لا أعرف اسمه و لا أعرف له إلاّ هذا الحديث.روى عنه عبيدة بن سفيان الحضرميّ. أُسد الغابة 5:159، [3]الإصابة 4:32. [4]
4- 4) سنن ابن ماجه 1:357 الحديث 1125،سنن أبي داود 1:277 الحديث 1052،سنن الترمذيّ 2:373 الحديث 500، [5]سنن النسائيّ 3:88،سنن الدارميّ 1:369، [6]مسند أحمد 3:332، [7]نيل الأوطار 3:272 الحديث 3. رواه أحمد عن جابر.
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) سنن أبي داود 1:280 الحديث 1067،سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 2،نيل الأوطار 3:278 الحديث 3.
7- 7) م،ن و ق:شهدها.

خمسة» (1)الحديث.

و رؤيا في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«فرض اللّه على النّاس من الجمعة إلى الجمعة خمسا و ثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها اللّه في جماعة و هي الجمعة،و وضعها عن تسعة» (2)الحديث.

و في الصّحيح،عن أبي بصير و محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«من ترك الجمعة ثلاث جُمَع متوالية طبع اللّه على قلبه» (3).

و أمّا الإجماع:فإنّه لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

مسألة:يشترط في الجمعة الإمام العادل أي المعصوم عندنا أو إذنه

أمّا اشتراط الإمام أو إذنه فهو مذهب علمائنا أجمع،و الحسن،و الأوزاعيّ (4)،و حبيب بن أبي ثابت (5)، و أبي حنيفة (6).

و قال محمّد:إن مرض الإمام أو سافر أو مات فقدّمت الرعيّة من يصلّي بهم صحّت؛ لأنّه موضع ضرورة (7).

ص:334


1- 1التهذيب 3:19 الحديث 69،الكافي 3:418 الحديث 1، [1]الوسائل 5:5 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 14. [2]
2- 2) التهذيب 3:21 الحديث 77،الكافي 3:419 الحديث 6، [3]الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [4]
3- 3) التهذيب 3:238 الحديث 632،الوسائل 5:5 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 15. [5]
4- 4) المغني 2:173-174،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،المجموع 4:583.
5- 5) المغني 2:174،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:25،34،الهداية للمرغينانيّ 1:82-83،المغني 2:174،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،تفسير القرطبيّ 18:113، [6]المجموع 4:583،حلية العلماء 2:296،شرح فتح القدير 2:26.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:34.

و قال الشّافعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد (3)في إحدى الرّوايتين،و أبو ثور:ليس الإمام شرطا و لا إذنه بل متى اجتمع (4)جماعة من غير أمر الإمام فأقاموها بغير إذنه جاز (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«أربع إلى الولاة:الفيء، و الحدود،و الصّدقات،و الجمعة» (6).

و قال في خطبته:«من ترك الجمعة في حياتي أو بعد موتي و له إمام عادل أو جائر استخفافا بها و جحودا فلا جمع اللّه له شمله و لا بارك له في أمره» (7)الحديث.علّق التوعّد على وجود الإمام فينتفي عند انتفائه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة قال:كان أبو جعفر عليه السّلام يقول:«لا تكون الخطبة و الجمعة و صلاة ركعتين على أقلّ من خمسة رهط:الإمام و أربعة» (8).

و ما رواه في الحسن،عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الجمعة؟فقال:«أذان و إقامة،يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب،و لا يصلّي النّاس ما دام الإمام على المنبر،ثمَّ يقعد الإمام على المنبر قدر ما يقرأ:قل هو اللّه أحد،ثمَّ يقوم فيفتتح بخطبة،ثمَّ

ص:335


1- 1المغني 2:173،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:583.
2- 2) المغني 2:173،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،المدوّنة الكبرى 1:153،بلغة السالك 1:178،تفسير القرطبيّ 18:113، [1]حلية العلماء 2:296.
3- 3) المغني 2:173،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،الكافي لابن قدامة 1:293،المجموع 4:583، [2]حلية العلماء 2:296.
4- 4) غ،ق و ح:أجمع.
5- 5) المغني 2:173،المجموع 4:583. [3]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:25.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:343 الحديث 1081.
8- 8) التهذيب 3:240 الحديث 640،الاستبصار 1:419 الحديث 1612،الوسائل 5:7 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [4]

ينزل فيصلّي بالنّاس،ثمَّ يقرأ بهم في الرّكعة الأُولى بالجمعة و في الثّانية بالمنافقين» (1).

و ما رواه،عن سماعة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصّلاة يوم الجمعة؟ فقال:«أمّا مع الإمام فركعتان،و أمّا من صلّى وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظّهر» (2).

و لأنّ انعقاد الجمعة حكم شرعيّ فيقف على الشّرع،و الآية (3)تفتقر إلى البيان بفعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو قوله،و لم يُقم الجمعة إلاّ السلطان في كلّ عصر فكان إجماعا،و لو (4)كانت تنعقد بالرّعيّة لصلّوها في بعض الأحيان.

و لأنّه لو لم يعتبر أمر الإمام لسبقت طائفة إلى إقامتها لغرض ففاتت عن (5)أهل المصر،فجعلت إلى السّلطان الّذي يسوّي بين النّاس لئلاّ يفوت بعضهم.

احتجّ المخالف بأنّ عليّا عليه السّلام صلّى الجمعة و عثمان كان محصورا و الولاية له (6).

و الجواب:أنّ هذا عندنا ساقط بالكلّيّة؛إذ الولاية لعليّ عليه السّلام،و أيضا (7)عند المخالفين فإنّ عليّا عليه السّلام فعل ذلك بأمر عثمان.

مسألة:و العدد شرط في انعقاد الجمعة

و هو مذهب علماء الإسلام فلا تنعقد بالإمام وحده ابتداء،و إنّما الخلاف في كمّيّته،و الّذي (8)أكثر علمائنا عليه خمسة نفر،أحدهم الإمام.ذهب إليه المفيد (9)،و السيّد المرتضى (10)،و ابن

ص:336


1- 1التهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 3:19 الحديث 70،الوسائل 5:13 الباب 5 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [2]
3- 3) ح:و لأنّه.
4- 4) ق و ح:فلو.
5- 5) غ،ق و ح:على.
6- 6) المغني 2:174،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188،المجموع 4:584.
7- 7) غ:و أمّا.
8- 8) ق و ح:فالّذي.
9- 9) المقنعة:27.
10- 10) الانتصار:53،جمل العلم و العمل:71.

أبي عقيل (1)،و سلاّر (2)،و أبو الصّلاح (3)،و ابن إدريس (4).

و قال الشّيخ (5)،و ابن بابويه (6)،و ابن حمزة:إنّ أقلّ العدد الّذي يجب عليهم الجمعة سبعة نفر و يستحبّ للخمسة (7).

و قال الشّافعيّ (8)،و مالك (9)،و أحمد في إحدى الرّوايتين عنه:إنّ الشّرط حضور أربعين (10)،و هو قول عمر بن عبد العزيز (11)،و عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة (12)،

ص:337


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:281. [1]
2- 2) المراسم:77.
3- 3) الكافي في الفقه:151. [2]
4- 4) السرائر:63.
5- 5) المبسوط 1:143،الخلاف 1:235 مسألة-5،النهاية:103. [3]
6- 6) الفقيه 1:267 الحديث 1218.
7- 7) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):675.
8- 8) الاُمّ 1:190،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:26،المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174،بدائع الصنائع 1:268،المجموع 4:502،تفسير القرطبيّ 18:112، [4]مغني المحتاج 1:282،السراج الوهّاج:86، عمدة القارئ 6:249،نيل الأوطار 3:285.
9- 9) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174.
10- 10) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174،الكافي لابن قدامة 1:285،حلية العلماء 2:270،بداية المجتهد 1:158،منار سبيل 1:143.
11- 11) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174،الاُمّ 1:190،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:26،حلية العلماء 2:270.
12- 12) عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود الهذليّ أبو عبد اللّه المدنيّ أحد الفقهاء السبعة و مؤدّب عمر بن عبد العزيز.روى عن أبيه و أرسل عن عمّ أبيه عبد اللّه بن مسعود.و روى عنه أخوه عون و الزّهريّ و سعد بن إبراهيم.مات سنة 98 ه. تهذيب التهذيب 7:23، [5]العبر 1:87. و [6]للاطّلاع على قوله ينظر:الاُمّ 1:190،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:26،المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174.

و إسحاق (1).و الرّواية الأُخرى عن أحمد:خمسون (2).

و قال ربيعة:تنعقد باثني عشر لا بأقلّ (3).و قال الثّوريّ (4)،و أبو حنيفة (5)،و محمّد:

تنعقد بأربعة،الإمام أحدهم (6).و قال اللّيث بن سعد (7)،و الأوزاعيّ (8)،و أبو ثور (9)، و أبو يوسف:تنعقد بثلاثة،الإمام أحدهم (10).و قال الحسن بن صالح بن حيّ:تنعقد باثنين (11).

لنا:أنّ الجمعة تجب على أهل المصر،و أقلّ عدد يتمّ نظامهم به هو الخمسة:الحاكم و نائبه،و المدّعي و المدّعى عليه،و المستوفي للحدود،فيجب عليهم الحضور،و لا يشترط الزّائد عملا بقوله تعالى فَاسْعَوْا .فذلك مطلق غير مقيّد بعدد،إلاّ ما أخرجناه بالدّليل.

ص:338


1- 1تفسير القرطبيّ 18:112. [1]
2- 2) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174،الكافي لابن قدامة 1:285، [2]الإنصاف 2:378. [3]
3- 3) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175،المجموع 4:504،حلية العلماء 2:270،تفسير القرطبيّ 18:111. [4]
4- 4) المجموع 4:504،حلية العلماء 2:271،تفسير القرطبيّ 18:111. [5]
5- 5) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175،المجموع 4:504،حلية العلماء 2:271،تفسير القرطبيّ 18:111. [6]
6- 6) المجموع 4:504. [7]
7- 7) تفسير القرطبيّ 18:111، [8]نيل الأوطار 3:285.
8- 8) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175،المجموع 4:504،حلية العلماء 2:270،نيل الأوطار 3: 285.
9- 9) المغني 2:172،نيل الأوطار 3:285،عمدة القارئ 6:248.
10- 10) بدائع الصنائع 1:268،المجموع 4:504،حلية العلماء 2:270،تفسير القرطبيّ 18:111، [9]نيل الأوطار 3: 285.
11- 11) المجموع 4:504،حلية العلماء 2:270،تفسير القرطبيّ 18:111، [10]عمدة القارئ 6:249،نيل الأوطار 3: 285.

و أيضا:بطلان قول كلّ واحد يستلزم صحّة قولنا،و سيأتي تفصيل أدلّتهم (1)و الاعتراض عليها.

و أيضا:ما رواه الشّيخ و ابن يعقوب في الحسن،عن زرارة قال:كان أبو جعفر عليه السّلام يقول:«لا تكون الخطبة و الجمعة و صلاة ركعتين على أقلّ من خمسة رهط:الإمام و أربعة» (2).

و ما رواه الشّيخ،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا تكون جمعة ما لم يكن القوم خمسة» (3).

و ما رواه في الصّحيح،عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجمّع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زادوا (4)،فإن كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم» (5).

و ما رواه،عن أبي العبّاس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«أدنى ما يجزئ في الجمعة سبعة أو خمسة أدناه» (6).

و ما رواه،عن الفضل بن عبد الملك قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إذا كان قوم في قرية صلّوا الجمعة أربع ركعات،فإن كان لهم من يخطب لهم جمّعوا إذا كانوا خمسة

ص:339


1- 1ق و ح:لأدلّتهم.
2- 2) التهذيب 3:240 الحديث 640،الاستبصار 1:419 الحديث 1612،الكافي 3:419 الحديث 4، [1]الوسائل 5: 7 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 3:239 الحديث 637،الاستبصار 1:419 الحديث 1611،الوسائل 5:9 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [3]
4- 4) م،ن،ق و ح:فما زاد.كما في الاستبصار.
5- 5) التّهذيب 3:239 الحديث 636،الاستبصار 1:419 الحديث 1610،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [4]
6- 6) التّهذيب 3:21 الحديث 76،الاستبصار 1:419 الحديث 1609،الوسائل 5:7 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [5]

نفر،و إنّما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين» (1).

احتجّ الشّيخ (2)بما رواه في الصّحيح،عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلّوا» (3).

و ما رواه،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين،و لا تجب على أقلّ منهم:الإمام،و قاضيه،و المدّعي حقّا، و المدّعى عليه،و الشّاهدان،و الّذي يضرب الحدود بين يدي الإمام» (4).

احتجّ الشّافعيّ (5)بما رواه الجمهور،عن كعب بن مالك (6)قال:أوّل من جمّع بنا أسعد بن زرارة و نحن أربعون (7).

و ما رواه،عن جابر بن عبد اللّه قال:مضت السنّة أنّ في كلّ أربعين فما فوقها جمعة (8).

ص:340


1- 1التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [1]
2- 2) الاستبصار 1:419.
3- 3) التّهذيب 3:245 الحديث 664،الاستبصار 1:418 الحديث 1607،الوسائل 5:9 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 10. [2]
4- 4) التّهذيب 3:20 الحديث 75،الاستبصار 1:418 الحديث 1608،الوسائل 5:9 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 9. [3]
5- 5) المغني 2:173،تفسير القرطبيّ 18:112، [4]نيل الأوطار 3:283.
6- 6) كعب بن مالك بن أبي كعب،و هو أحد السبعين الذين شهدوا العقبة،و أحد الثلاثة الذين تاب اللّه عليهم و أنزل فيهم وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ .التوبة(9):118. روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عن أُسيد بن حُضَير. و روى عنه أولاده:عبد اللّه و عبيد اللّه و محمّد،و ابن عبّاس و جابر و أبو أُمامة الباهليّ.مات سنة 50 ه. أُسد الغابة 4:247، [5]تهذيب التهذيب 8:440، [6]العبر 1:39. [7]
7- 7) سنن أبي داود 1:280 الحديث 1069،سنن ابن ماجه 1:343 الحديث 1082،سنن البيهقيّ 3:177،نيل الأوطار 3:282 الحديث 1.
8- 8) سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 1 باب ذكر العدد في الجمعة،تفسير القرطبيّ 18:112-113، [8]سنن البيهقيّ 3: 177.

و احتجّ أحمد (1)بما رواه الجمهور،عن أبي أمامه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«تجب الجمعة على خمسين رجلا،و لا تجب على مَن دون ذلك» (2).

و بما رواه أبو هريرة قال:لمّا بلغ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خمسين جمّع بهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).

و احتجّ ربيعة (4)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كتب إلى مُصعب بن عمير بالمدينة فأمره أن يصلّي الجمعة عند الزّوال ركعتين،و أن يخطب فيها،فجمّع مصعب بن عمير في بيت سعد بن خيثمة (5)باثني عشر رجلا (6).

و عن جابر قال:كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم الجمعة فقدمت العير فخرج النّاس إليها فلم يبق إلاّ اثني عشر رجلا أنا فيهم،فأنزل اللّه تعالى وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً (7)(8).و ما يشترط للابتداء يشترط للاستدامة.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ الأربعة عدد يزيد على أقلّ الجمع المطلق،فانعقدت به الجمعة كالأربعين (9).

احتجّ أبو يوسف بأنّ الثّلاثة يصدق عليه اسم الجمع،فتنعقد به الجمعة كالأربعين،

ص:341


1- 1المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:174-175.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:4 الحديث 2 و 3،نيل الأوطار 3:286،المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 174.
3- 3) تفسير القرطبيّ 18:113، [1]المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175.
4- 4) المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175.
5- 5) سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب.الأنصاريّ الأوسيّ،يكنّى أبا خيثمة.كان أحد النقباء بالعقبة. قيل:قتل يوم بدر،و قيل:بقي إلى غزوة تبوك. أُسد الغابة 2:275، [2]الإصابة 2:25. [3]
6- 6) سنن البيهقيّ 3:179،المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175.
7- 7) الجمعة(62):11. [4]
8- 8) صحيح مسلم 2:590 الحديث 863،سنن الدار قطنيّ 2:4 الحديث 5 و 6.
9- 9) بدائع الصنائع 1:268،الهداية للمرغينانيّ 1:83،المغني 2:172،الشرح الكبير بهامش المغني 2:175.

و لأنّه تعالى أمر الجمع فيدخل فيه الثّلاثة (1).

و احتجّ ابن حيّ بأنّ معنى الاجتماع موجود في الاثنين (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الأمر بالجمعة للسّبعة لا يستلزم نفيها عن الأقلّ إلاّ من حيث دليل الخطاب أو مفهوم الشّرط،و كلاهما لا يعارضان النّصّ.

و عن الثّاني:بعد تسليم صحّة السّند أنّه معارض بما ذكرناه من الأحاديث (3)فيبقى الأمر بالجمعة سليما عن الاشتراط.

و أيضا:فيحتمل أنّ الباقر عليه السّلام إنّما حكم بنفي الوجوب على الأقلّ بناء على الغالب؛إذ من المستبعد انفكاك المصر من العدد الّذي ذكره من الحاكم و غيره،و إذا كان الحكم إنّما هو على الغالب فلا دلالة فيه،و هذا التّأويل و إن كان بعيدا إلاّ أنّه أولى من الإسقاط.و يؤيّده:تعديده عليه السّلام بمن (4)ذكره.

و عن الثّالث:أنّه لا حجّة فيه؛إذ يجوز أن يكون قد وقع اتّفاقا لا أنّه شرط.

و عن الرّابع:أنّ ابن الجوزيّ (5)قد ضعّف هذا الحديث (6)فلا احتجاج فيه.

و أيضا:فإنّه دالّ على أنّ كلّ أربعين تجب عليهم الجمعة،لا على عدمها عن الأقلّ إلاّ من حيث دليل الخطاب و هو ضعيف.

ص:342


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:24،بدائع الصنائع 1:268.
2- 2) حلية العلماء 2:270،نيل الأوطار 3:285.
3- 3) يراجع:ص 338-340.
4- 4) أكثر النسخ:لمن.
5- 5) عبد الرحمن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الجوزيّ القرشيّ البغداديّ،أبو الفرج صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة في أنواع العلوم من التفسير و الحديث و الفقه و الزهد و الوعظ و الأخبار و التاريخ له ثلاثمائة مصنّف،منها:كتاب الضعفاء و المتروكين.مات سنة 597 ه. العبر 3:118، [1]شذرات الذهب 4:329، [2]الأعلام للزركلي 3:316. [3]
6- 6) الضعفاء و المتروكين 2:110،المغني 2:173.و ضعّفه من ناحية عبد العزيز بن عبد الرحمن.

و أيضا:فإنّ قوله:من السنّة (1).يحتمل أن لا يكون المراد سنّة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله؛لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها و أجر العامل بها إلى يوم القيامة» (2).و لو سلّم فالاستدلال بها ضعيف جدّا.

و عن الخامس:أنّه ضعيف عندهم،و مع ذلك فإنّ أحمد الّذي رواه قد عمل بخلافه، و ذلك ممّا تطرّق إليه التّهمة.

و عن السّادس:بمثله،و أيضا فإنّه يمكن أن يكون قد وقع اتّفاقا،لا أنّ اجتماع الخمسين شرط.

و عن السّابع:أنّه يمكن وقوعه اتّفاقا لا أنّه شرط،و كذا الثّامن.

و عن التّاسع:أنّه قياس في الأُمور المقدّرة و هو غير مسموع؛إذ باب التّقديرات مأخوذة من النصّ،و هو الجواب عن الباقي.

مسألة:و الخطبة شرط في الجمعة.و هو قول عامّة أهل العلم لا نعرف فيه مخالفا إلاّ الحسن البصريّ فإنّه قال:تجزئ الجمعة خطب الإمام أو لم يخطب (3).

لنا:قوله تعالى فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ (4).و المراد الخطبة،و وجوب السّعي إليها يستلزم وجوبها.و لأنّه عليه السّلام لم يصلّ إلاّ بخطبة (5)،و المداومة تقتضي الإيجاب.

و أيضا:قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (6).و هذا أمر (7)يفيد الوجوب.

و ما رواه الجمهور،عن عمر قال:قصرت الصّلاة لأجل الخطبة (8).و بمثله رووا عن

ص:343


1- 1كذا في النسخ و الصحيح:مضت السنّة.
2- 2) صحيح مسلم 2:705 الحديث 1017 و ج 4:2059(باب من سنّ سنّة حسنة.).
3- 3) المغني 2:150،المجموع 4:514.
4- 4) الجُمُعة(62):9. [1]
5- 5) ح:بالخطبة.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [2]
7- 7) م،ق و ح:هذا الأمر.
8- 8) المغني 2:150،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181.

عائشة و سعيد بن جبير (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم لمّا سأله عن الجمعة فقال:«فيصعد المنبر فيخطب» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن أُناس في قرية هل يصلّون الجمعة جماعة؟قال:«نعم،يصلّون أربعا إذا لم يكن من يخطب» (3).و يقدّم وجوب الخطبة بصدق هذا الشّرط على تقدير عدمها فيجب الظّهر.

و ما رواه الفضل بن عبد الملك:«و إنّما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين» (4).

و ما رواه في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إنّما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهي صلاة حتّى ينزل الإمام» (5).

احتجّ الحسن البصريّ:بأنّها صلاة عيد فلا تجب فيها الخطبة كالأضحى (6).

و الجواب:منع عدم وجوبهما (7)في الأضحى على ما يأتي،و لو سلّم فالفرق ثابت؛ إذ (8)هذه الخطبة قد غيّرت الفرض و قامت مقام بعضه،بخلاف الأضحى.

مسألة:الاجتماع شرط في الجمعة،فلا تصحّ فرادى

و لا نعرف فيه خلافا؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة بعده إنّما صلّوها جماعة،و المداومة إنّما يكون في الواجب.و لأنّه

ص:344


1- 1المغني 2:150،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181.
2- 2) التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:39 الباب 25 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [1]
3- 3) التّهذيب 3:238 الحديث 633،الاستبصار 1:419 الحديث 1613،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
4- 4) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [4]
6- 6) المغني 2:150،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181.
7- 7) م:وجوبها.
8- 8) غ،م و ن:إنّ.

عليه السّلام قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (1).

مسألة:و الوقت شرط للجمعة و هو الزّوال إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله

و هو مذهب علمائنا أجمع إلاّ ما نقله الشّيخ في الخلاف عن السيّد المرتضى قال:و في أصحابنا من قال:إنّه يجوز أن تصلّى الفرض عند قيام الشّمس يوم الجمعة خاصّة،و هو اختيار المرتضى (2).و الّذي اخترناه قول أكثر أهل العلم (3).

و ذهب أحمد إلى أنّ وقتها حين يرتفع النّهار،و عنه:أنّها تصلّى في السّاعة السّادسة (4).و روي عن ابن مسعود،و جابر،و سعيد،و معاوية (5):أنهم صلّوها قبل الزّوال (6).و قال بعض الحنابلة:إنّه يجوز فعلها في وقت صلاة العيد (7).و قال عطاء:كلّ عيد حين يمتدّ الضّحى،الجمعة،و الأضحى،و الفطر (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن سلمة بن الأكوع قال:كنّا نُجمِّع (9)مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا زالت الشّمس ثمَّ نرجع نتتبّع الفيء (10).متّفق عليه.

ص:345


1- 1صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [1]
2- 2) نقله عنه في الخلاف 1:246 مسألة-36.
3- 3) ينظر:المغني 2:210،المجموع 4:511. [2]
4- 4) المغني 2:209،الكافي لابن قدامة 1:283،المجموع 4:511،الإنصاف 2:375، [3]عمدة القارئ 6:201.
5- 5) معاوية بن أبي سفيان صخر ابن حرب بن أُميّة.ولاّه عثمان على الديار الشاميّة،فلمّا قتل عثمان عزله عليّ عليه السّلام،و علم معاوية بالأمر قبل وصول البريد،فنادى بثار عثمان و اتّهم عليّا عليه السّلام بدمه و حارب خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بصفّين. الأعلام للزركلي 7:261، [4]العبر 1:47. [5]
6- 6) المغني 2:209،المجموع 4:511،التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:19،نيل الأوطار 3:319.
7- 7) المغني 2:209،المجموع 4:511،عمدة القارئ 6:201.
8- 8) المغني 2:210،عمدة القارئ 6:201.
9- 9) جمّع القوم تجميعا،أي شهدوا الجُمعة و قضوا الصلاة فيها. الصحاح 3:1200. [6]
10- 10) صحيح مسلم 2:589 الحديث 860،نيل الأوطار 3:318 الحديث 4.

و روى البخاريّ عن أنس قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الجمعة حين تميل الشّمس (1).و قول الصّحابيّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّه كان يفعل كذا إنّما يكون مع المداومة،و لو لا الوجوب لما داوم.و لقوله:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الجمعة حين (3)تزول الشّمس قدر شراك،و يخطب في الظلّ الأوّل فيقول جبرئيل عليه السّلام:يا محمّد قد زالت الشّمس فانزل فصلّ» (4).

و في الصّحيح،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال:«وقت صلاة الجمعة عند الزّوال» (5).

و في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا صلاة نصف النّهار إلاّ الجمعة» (6).

و في الصّحيح،عن زرارة قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«فإنّ صلاة الجمعة من الأمر المضيّق إنّما لها وقت واحد حين تزول» (7).

و لأنّهما صلاتا وقت واحد فاتّحد الوقت لهما كالتّمام و القصر،و لأنّ الجمعة بدل فأشبهت المبدل،و لأنّ آخر وقتهما واحد فاتّحد الأوّل كصلاة الحضر و السّفر.

ص:346


1- 1صحيح البخاريّ 2:8.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:162،و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [1]
3- 3) م،ن،ق و ح:حتّى.
4- 4) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [2]
5- 5) التّهذيب 3:13 الحديث 43،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [3]
6- 6) التّهذيب 3:13 الحديث 44،الاستبصار 1:412 الحديث 1576،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [4]
7- 7) التّهذيب 3:13 الحديث 46،الوسائل 5:17 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [5]

احتجّ المخالف (1)بما رواه جابر بن عبد اللّه قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي يعني الجمعة ثمَّ نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشّمس (2).

و عن سهل بن سعد قال:ما كنّا نقيل و لا نَتَغَدّى إلاّ بعد الجمعة في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).قال ابن قتيبة (4):و لا يسمّى غداء و لا قائلة بعد الزّوال (5).

و بما رواه وكيع (6)[عن] (7)السلميّ (8)قال:شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت صلاته و خطبته قبل نصف النّهار (9).

و الجواب عن الأوّل:أنّه معارض بما ذكرناه من الأحاديث (10)و يجوز أن يكون

ص:347


1- 1المغني 2:210،الشرح الكبير بهامش المغني 2:165.
2- 2) صحيح مسلم 2:588 الحديث 858،سنن النّسائيّ 3:100،التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:18.
3- 3) صحيح مسلم 2:588 الحديث 859،سنن أبي داود 1:285 الحديث 1086،سنن الترمذيّ 2:403 الحديث 525، [1]سنن الدار قطنيّ 2:19 الحديث 3،نيل الأوطار 3:318 الحديث 5.في بعض المصادر بتفاوت يسير.
4- 4) أحمد بن عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوريّ،أبو جعفر:قاض من أهل بغداد،له اشتغال بالأدب و الكتابة.كان يحفظ كتب أبيه و هي أحد و عشرون كتابا في غريب القرآن و الحديث و الأدب و الأخبار.مات سنة 322 ه. العبر 2:16، [2]الأعلام للزركلي 1:156. [3]
5- 5) التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:18،المغني 2:210،الشرح الكبير بهامش المغني 2:165،نيل الأوطار 3: 320.
6- 6) وكيع بن الجرّاح بن مليح الرّواسيّ،أبو سفيان الكوفيّ الحافظ.روى عن أبيه و إسماعيل بن أبي خالد و أيمن بن نابل و جمع كثير.و روى عنه أبناؤه سفيان و مليح و عبيد.و شيخه سفيان الثوريّ و خلق كثير.مات سنة 197 ه. تهذيب التهذيب 11:123، [4]العبر 1:253، [5]ميزان الاعتدال 4:335.
7- 7) في النسخ:وكيع الأسلميّ.و الصحيح ما أثبتناه.
8- 8) عبد اللّه بن سيدان المطروديّ السلميّ.قال البخاريّ:لا يتابع على حديثه.و قال اللالكائيّ:مجهول لا حجّة فيه. ميزان الاعتدال 2:437،الضعفاء الكبير للعقيليّ 2:265،الضعفاء و المتروكين لابن الجوزيّ 2:126.
9- 9) سنن الدار قطنيّ 2:17،نيل الأوطار 3:319 الحديث 7،المغني 2:210-211،الشرح الكبير بهامش المغني 2:165.
10- 10) ينظر:ص 345 رقم 10 و ما بعده.

الرّاوي قد سها في ذلك.

و عن الثّاني:أنّه لا دلالة فيه؛إذ مفهوم القيلولة هو النّوم في الظّهيرة و القائلة الظّهيرة كذا (1)ذكره صاحب الصّحاح (2).قال:و الظّهيرة:الهاجرة (3).و الهاجرة:نصف النّهار (4).فكيف يصحّ ما ذكره ابن قتيبة،على أنّه يحتمل إرادة المجاز للقرب،عملا بحديثنا الدالّ على أنّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما كان يصلّي بعد الزّوال.

و عن الثّالث:بما ذكرناه في الأوّل،و بأنّ عمل أبي بكر ليس بحجّة إجماعا.و أيضا:

لو جازت الصّلاة قبل الزّوال لفاتت أكثر المصلّين،فإنّ الوقت الحاضر لهم و الجامع لتبدّدهم (5)إنّما هو الزّوال لمعرفتهم به.

مسألة:و انفراد الجمعة شرط فيها بمعنى أنّه لا يصحّ (6)أن تصلّى جمعتان في موضعين إذا لم يكن بينهما ثلاثة أميال فصاعدا.ذهب إليه أكثر علمائنا،و هذا التّقدير لما بين الجمعتين و إن كانتا في بلد واحد.

و قال الشّافعيّ (7)،و مالك (8)،و أبو حنيفة:لا تصلّى جمعتان في بلد واحد (9).و قال أحمد:إن تعذّر الاجتماع في مسجد واحد لتباعد أقطار البلد أو للمشقّة الحاصلة من الاجتماع جازت إقامة الجمعتين في موضعين فإن حصل الاكتفاء بهما حرمت الثّالثة و إلاّ

ص:348


1- 1ح:كما.
2- 2) الصحاح 5:1808. [1]
3- 3) الصحاح 2:731. [2]
4- 4) الصحاح 2:851. [3]
5- 5) م:لتبعّدهم،ق و ح:لتبدّرهم.
6- 6) ح:يصلح.
7- 7) الاُمّ 1:192،المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:585 و 591،المغني 2:182.
8- 8) المغني 2:182،المجموع 4:591،حلية العلماء 2:297،ميزان الكبرى 1:193.
9- 9) المغني 2:182،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190،ميزان الكبرى 1:193،المجموع 4:591، عمدة القارئ 6:187.

ساغت (1)،و هو قول عطاء إلاّ أنّه قال:إذا كان البلد واسعا لا يسعهم المسجد الأعظم فلكلّ قوم مسجد و يجمّعون فيه (2).فمنع من الزّائد على الواحدة مع الاختيار دون الزّائد على الاثنين.

و قال أبو يوسف:إن كان البلد ذا جانب واحد لم ينعقد فيه إلاّ جمعة واحدة،و إن كان ذا جانبين فإن كان بينهما جسر فهما كالجانب الواحد و إلاّ فكلّ جانب بلد بانفراده (3).

و قال محمّد بن الحسن:القياس أنّه لا يقام في البلد إلاّ جمعة واحدة،فإن أُقيمت في موضعين جاز استحسانا (4).و هو مرويّ عن أبي حنيفة (5)،و لم يعتبر (6)أحد من الجمهور بُعد ثلاثة أميال.

و قال داود:يجوز أن يصلّوا الجمعة في مساجدهم كما يصلّون سائر الصّلوات (7).

لنا:ما نقله الجمهور و الأصحاب من أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يكن يجمّع إلاّ في موضع واحد،و كذلك الصّحابة بعده (8)،و قد قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (9).

و لم ينقل أحد أنّهم جمّعوا في موضعين بل (10)كان الصّلاة في موضعين أولى،لما فيه من عمارة المساجد بالعبادة،و لمّا لم ينقل فعله،دلّ على تحريمه.

ص:349


1- 1المغني 2:182،185،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190،الكافي لابن قدامة 1:294،حلية العلماء 2: 298،المجموع 4:591.
2- 2) المغني 2:182،185،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190،المجموع 4:591.
3- 3) بدائع الصنائع 1:260،المبسوط للسرخسيّ 2:120،المجموع 4:591،حلية العلماء 2:297.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:120،بدائع الصّنائع 1:260،المجموع 4:591،حلية العلماء 2:298،المحلّى 5:53.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:120،بدائع الصنائع 1:261،المجموع 4:591.
6- 6) ن:يعيّن.
7- 7) المجموع 4:591، [1]حلية العلماء 2:298.
8- 8) المغني 2:182،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [2]
10- 10) في هامش ح:(مع أنّه)مكان:بل.

و ما رواه الجمهور،عن ابن عمر قال:لا تقام الجمعة إلاّ في المسجد الأكبر الّذي يصلّي فيه الإمام (1).و لم ينكر عليه أحد فكان إجماعا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ و ابن يعقوب في الحسن عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال يعني لا تكون جمعة إلاّ فيما بينه و بين ثلاثة أميال،و ليس تكون جمعة إلاّ بخطبة،و إذا كان بين الجماعتين في الجمعة ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمّع هؤلاء و يجمّع هؤلاء» (2).و ما رواه الشّيخ عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمّع هؤلاء و يجمّع هؤلاء و لا يكون بين الجماعتين أقلّ من ثلاثة أميال» (3).

و لأنّ الجمعة سمّيت بهذا الاسم لاجتماع النّاس،فينبغي أن لا يفترقوا.

و اعلم:أنّ هذين الحديثين دلاّ على ما ذهبنا إليه من الجواز مع بُعد ثلاثة أميال، و لأنّ المشقّة تحصل بحضور من يكون على هذا الحدّ أو يزيد عليه فكان منفيّا،و الجمعة متعيّنة عليه فوجب فعلها في موطنه،و لأنّه يتعذّر حصول جامع ليسع من يكون على هذا البُعد خصوصا مع وجوب حضور أهل القرى الّذي على رأس فرسخين فما دون،فكان تسويغ الجمعة الثّانية لهؤلاء دفعا لهذه المفاسد فكان مشروعا.

احتجّ أحمد بأنّها صلاة شرع لها الاجتماع و الخطبة فجازت فيما يحتاج إليه من المواضع كصلاة العيد،و لأنّ في الاجتماع من عظم المصر مشقّة (4).

و احتجّ أبو يوسف بأنّ الجانبين بمنزلة المصرين فصحّت الجمعة فيهما (5).

ص:350


1- 1المغني 2:183،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190،التلخيص الحبير بهامش المجموع 4:498. [1]
2- 2) الكافي 3:419 الحديث 7، [2]التّهذيب 3:23 الحديث 79،الوسائل 5:16 الباب 7 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
3- 3) التّهذيب 3:23 الحديث 80،الوسائل 5:17 الباب 7 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [4]
4- 4) المغني 2:183،الشرح الكبير بهامش المغني 2:190،الكافي لابن قدامة 1:295،المجموع 4:591.
5- 5) بدائع الصنائع 1:260،المبسوط للسرخسيّ 2:120.

و احتجّ محمّد (1)بما روي عن عليّ عليه السّلام أنّه كان يخرج فيصلّي العيد في الجبّان و يستخلف أبا مسعود البدريّ يصلّي بضَعَفَةِ النّاس (2).و حكم الجَبَّان عنده حكم البلد و الجمعة كالعيد عنده.

و احتجّ داود بما روي عن عمر أنّه كتب إلى أبي هريرة بالبحرين أن جمّعوا حيث ما كنتم (3).

و الجواب عن الأوّل:أنّ المقيس عليه عندنا كالجمعة في ذلك،و سيأتي،و عن الثّاني:أنّ المشقّة ممنوعة؛إذ ليست العادة جارية بمشقّة الاجتماع في جامع البلد،و إن كان فيه مشقّة يسيرة فلا اعتبار بها،و أيضا:فالمشقّة إنّما تحصل مع البُعد الّذي قدّرناه،فحينئذ نقول:يجوز الجمعة الثّانية،أمّا مع الأقلّ فلا مشقّة.

و عن الثّاني:بالمنع من تعدّدهما،و لهذا لا يترخّص (4)المسافر إذا عبر إلى الجانب الآخر من موطنه و سافر منه إلاّ بعد غيبوبة بنائه عنه.

و عن الثّالث:بجواز (5)أن يكون بينهما ثلاثة أميال فصاعدا،هذا عندنا،و عند المخالف المنع من المساواة للعيد و الجمعة (6).

و عن الرّابع:أنّه حجّة لنا؛إذ أمر فيه بالجمع الّذي لا يفهم إلاّ من الاجتماع.

ص:351


1- 1بدائع الصنائع 1:261.
2- 2) سنن النسائيّ 3:181،المغني 2:183،الشرح الكبير بهامش المغني 2:240.
3- 3) التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:9 و 8،عمدة القارئ 6:188،المغني 2:176، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:173، [2]فتح الباري 2:303.
4- 4) ق و ح:يرخّص.
5- 5) غ،م،ق و متن ح:يجوز.
6- 6) بداية المجتهد 1:218.
البحث الثّاني:في أُمور ظنّ أنّها شروط و ليست كذلك
مسألة:المصر ليس شرطا في الجمعة بل الوجوب متعلّق بأهل السّواد و القرى إذا حصلت فيهم الشّرائط كما تجب على أهل المصر

و هو قول علمائنا،و الشّافعيّ (1)،و هو منقول عن ابن عمر،و ابن عبّاس،و عمر بن عبد العزيز،و الأوزاعيّ،و اللّيث، و مكحول،و عكرمة (2)،و مالك (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5).

و قال أبو حنيفة:لا تجب على أهل السّواد (6).و نقله الجمهور عن عليّ عليه السّلام (7)،و عن الحسن،و ابن سيرين،و إبراهيم،و محمّد بن الحسن (8).

لنا:قوله تعالى فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ (9).و ذلك عامّ.

و ما رواه الجمهور عن كعب بن مالك (10)قال:أوّل من جمّع بنا[أسعد بن زرارة] (11)في حرّة بني بياضة في نقيع يقال له:نقيع الخضمات (12).قال ابن جريج:قلت لعطاء:أ كان

ص:352


1- 1الاُمّ 1:190،المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،المجموع 4:505، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4:608. [2]
2- 2) المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،المجموع 4:505. [3]
3- 3) المجموع 4:505، [4]المدوّنة الكبرى 1:152،تفسير القرطبيّ 18،112. [5]
4- 4) المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،تفسير القرطبيّ 18:112، [6]المجموع 4:505. [7]
5- 5) تفسير القرطبيّ 18:112، [8]المجموع 4:505. [9]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:82،المبسوط للسرخسيّ 2:23،المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173، المجموع 4:505،تفسير القرطبيّ 18:112، [10]حلية العلماء 2:269.
7- 7) المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،تفسير القرطبيّ 18:112، [11]المجموع 4:505.
8- 8) المغني 2:175، [12]الشرح الكبير بهامش المغني 2:173، [13]المجموع 4:505. [14]
9- 9) الجُمُعة(62):9. [15]
10- 10) في النسخ:أسعد بن زرارة و ما أثبتناه من المصدر.
11- 11) أثبتناه من المصدر.
12- 12) سنن ابن ماجه 1:343 الحديث 1082،سنن أبي داود 1:280 الحديث 1069.

ذلك بأمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟قال:نعم.قال الخطّابيّ:حرّة بني بياضة قرية على ميل من المدينة (1).

و عن ابن عبّاس قال:إنّ أوّل جمعة جمّعت بعد جمعة المدينة،لَجُمعَة جمّعت بِجُوَاثَى (2)من البحرين من قرى عبد القيس (3).

و ما رواه أبو هريرة أنّه كتب يسأل عمر عن الجمعة بالبحرين و كان عامله عليها، فكتب إليه:جمّعوا حيث كنتم (4).

و ما رواه عبد اللّه بن عمرو أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الجُمُعَةُ على من سمع النّداء» (5).و ذلك عامّ في أهل القرى و غيرهم.

و ما رواه مالك قال:كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّون الجمعة في هذه القرى الّتي بين مكّة و المدينة (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين» (7).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن أُناس في قرية هل يصلّون الجمعة جماعة؟قال:«نعم،يصلّون أربعا إذا لم يكن من

ص:353


1- 1المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172-173.
2- 2) جُوَاثَى:اسم حِصنِ بالبحرين.الصّحاح 1:278. [1]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:5 و 6،سنن أبي داود 1:280 الحديث 1068،نيل الأوطار 3:286 الحديث 2،معجم البلدان 2:155. [2]
4- 4) التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:9،المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،نيل الأوطار 3: 287.
5- 5) سنن أبي داود 1:278 الحديث 1056،سنن الدار قطنيّ 2:6 الحديث 3،كنز العمّال 7:723 الحديث 21100.
6- 6) عمدة القارئ 6:188.
7- 7) التّهذيب 3:23 الحديث 80 و ص 240 الحديث 643،الوسائل 5:11 الباب 4 [3] من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2 و ص 17 الباب 7 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2.

يخطب» (1).و هذا يدلّ على أنّه مع وجود الخطيب يصلّونها ركعتين.

و ما رواه،عن الفضل بن عبد الملك قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إذا كان قوم في قرية صلّوا الجمعة أربع ركعات،فإن كان لهم من يخطب بهم جمّعوا إذا كانوا خمسة نفر» (2).

و ما رواه في الصّحيح،عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يجمّع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زادوا» (3).

و ذلك عامّ إلاّ ما أخرجه الدّليل،و لأنّه بناء استوطنه العدد المشترط فوجبت عليهم كما لو كانوا في المصر.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن طلحة بن زيد (4)،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السّلام قال:«لا جمعة إلاّ في مصر تقام فيه الحدود» (5).

لأنّا نقول:إنّ طلحة بن زيد عاميّ فلا تعويل على روايته،و يمكن أن يحمل على التقيّة،و رواية حفص بن غياث،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:«ليس على أهل

ص:354


1- 1التّهذيب 3:238 الحديث 633،الاستبصار 1:419 الحديث 1613،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [2]
3- 3) التّهذيب 3:239 الحديث 636،الاستبصار 1:419 الحديث 1610،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [3]
4- 4) طلحة بن زيد أبو الخزرج النهديّ الشّاميّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السّلام قائلا بأنّ طلحة بن زيد بتريّ،و اخرى من أصحاب الصادق عليه السّلام من غير تعرّض لمذهبه،صرّح النجاشيّ و الشيخ في الفهرست و المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة أنّه عاميّ المذهب. رجال النجاشيّ:207،رجال الطوسيّ:126 و 221،الفهرست:86، [4]رجال العلاّمة:231. [5]
5- 5) التّهذيب 3:239 الحديث 639،الاستبصار 1:420 الحديث 1617،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [6]

القرى جمعة و لا خروج في العيدين» (1).لا تعويل عليها،لضعف حفص (2)،و يحتمل أنّه نفى وجوب الحضور إذا كانوا على أكثر من فرسخين.

احتجّ المخالف (3)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا جمعة و لا تشريق إلاّ في مصر جامع» (4).

و الجواب:هذا الحديث ضعيف،قال أحمد:رواه الأعمش عن سعيد المقبريّ و لم يلقه (5).

مسألة:و لا يشترط القربة أيضا

و خالف فيه أكثر الجمهور فاشترطوا القرية المبنيّة ممّا جرت العادة ببنائها بها،كالحجر،أو الطّين،أو اللّبن،أو القصب،أو الشّجر و نحوه، و لم يوجبوا الجمعة على أهل الخيام و بيوت الشّعر و أمثالهم و إن كانوا مستوطنين (6)(7)إلاّ الشّافعيّ في أحد قوليه (8). (9)و تردّد الشّيخ في المبسوط و قوّى الوجوب (10).

لنا:قوله تعالى فَاسْعَوْا (11).و ذلك عامّ.

و ما رواه الجمهور،عن جابر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من كان يؤمن

ص:355


1- 1التّهذيب 3:248 الحديث 679،الاستبصار 1:420 الحديث 1618،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [1]
2- 2) قال المصنّف في الخلاصة ص 218:ولي القضاء لهارون و كان عاميّا.مرّت ترجمته في الجزء الأوّل:168.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:121،الهداية للمرغينانيّ 1:82،المغني 2:175،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 173،المجموع 4:505،نيل الأوطار 3:287.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:121،الهداية للمرغينانيّ 1:82،المغني 2:175.
5- 5) المغني 2:176.
6- 6) م و ن:متوطّنين.
7- 7) المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:170،المجموع 4:501،ميزان الكبرى 1:188.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:110،المجموع 4:501،السراج الوهّاج:85،مغني المحتاج 1:281.
9- 9) ق:قولين،ح:القولين.
10- 10) المبسوط 1:144.
11- 11) الجُمُعة(62):9. [2]

باللّه و اليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلاّ مريض أو مسافر أو امرأة أو صبيّ أو مملوك» (1).و في حديث عمر:جمّعوا حيث كنتم (2).

و ما رووه عن عبد اللّه بن عمر أنّه كان يرى أهل المياه يجمّعون فلا يعيب عليهم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن منصور في قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«يجمّع القوم إذا كانوا خمسة فما زادوا،فإن كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم، و الجمعة واجبة على كلّ أحد،لا يعذر النّاس فيها إلاّ خمسة:المرأة،و المملوك،و المسافر، و المريض،و الصّبيّ» (4).و لأنّهم قاطنون (5)في منازلهم فأشبهوا السّاكنين في المدن و القرى.

احتجّ المخالف بأنّ قبائل العرب لم يقيموا جمعة و لا أمرهم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و لو فعلوها أو أمرهم لنقل؛لكثرته و عموم البلوى به (6).

و الجواب:أمّا الأمر:فقد فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قد بيّنّاه في الآية و الحديث.

و أمّا فعلهم:فلعلّهم إذا قاربوا المدينة صلّوا فيها،و مع بُعدهم يخفى حالهم،فلهذا لم ينقل أنّهم جمّعوا.

فروع:
الأوّل:لو كانوا قريبين بحيث يسمعون النّداء وجب عليهم الحضور

(7)

عند من

ص:356


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 2،سنن البيهقيّ 3:184.
2- 2) التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:9،المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173،التلخيص الحبير بهامش المجموع 4:494،نيل الأوطار 3:287.
3- 3) المحلّى 5:52،التلخيص الحبير بهامش المجموع 4:494،فتح الباري 2:303.
4- 4) التّهذيب 3:239 الحديث 636،الاستبصار 1:419 الحديث 1610،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [1]
5- 5) م:واطنون.
6- 6) المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:170،مغني المحتاج 1:281.
7- 7) م،ق و ح:قريتين.

يوجب الجمعة على أهل السّواد؛لأنّهم أشبهوا أهل القرية إلى جانب المصر.

الثّاني:إذا كانت القرية متّصلة البناء و فيهم العدد المعتبر وجبت عليهم الجمعة أو الحضور إلى البلد

و إن كانت متفرّقة تفرّقا يسيرا غير خارج عن العادة،كان حكمهم حكم القرية الواحدة،خلافا للشّافعيّ فإنّه اشتراط اتّصال البناء (1).و إن كان التّفرّق ممّا لم تجر العادة بمثله،بحيث لا يسمّى المجموع قرية واحدة،فإن كان في كلّ واحد منهم العدد المشترط،وجب عليهم الجمعة أو الحضور إن كانوا على بُعد فرسخين فما دون،و إن لم يكن في شيء منهم العدد المعتبر،فإن كانوا على فرسخين فما دون وجب عليهم الحضور أو على من هو بذلك القدر (2)،و إن بَعُدُوا عن ذلك لم يجب على أحد منهم الجمعة و لا الحضور،و إن كان بعضهم بذلك العدد وجب عليه الجمعة و على كلّ من كان بُعده عنه فرسخين الحضور إليه أو إلى البلد.

الثّالث:لو انهدمت القرية و هم على العدد المشترط وجبت عليهم الجمعة

لما بيّنّا أنّ البنيان ليس شرطا.

مسألة:و الاستيطان ليس شرطا

فلو كان مقيما في بلد على سبيل التّجارة أو طلب العلم أو غير ذلك و في نيّته الإبراح مع قضاء و طره (3)وجبت عليه الجمعة و انعقدت به عندنا.و قال أكثر الجمهور:لا تنعقد به (4)،و سيأتي البحث فيه.و كذا لو كانوا أهل قرية يظعنون عنها صيفا و يسكنونها شتاء أو بالعكس وجبت عليهم،خلافا لأكثر الجمهور (5).

لنا:ما تقدّم من الأدلّة الدّالّة على وجوب الجمعة إلاّ من خرج بالدّليل.

ص:357


1- 1المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:171،المجموع 4:501،مغني المحتاج 1:280،السراج الوهّاج:85.
2- 2) هامش ح:العدد.
3- 3) الوطر:الحاجة.المصباح المنير:663.
4- 4) المغني 2:194.
5- 5) المغني 2:173،الشرح الكبير بهامش المغني 2:170،المجموع 4:501.
مسألة:و ليس إقامة الجمعة في البنيان شرطا،فيجوز إقامتها في الصّحراء

و به قال أبو حنيفة (1)،و أحمد (2).و قال الشّافعيّ:لا يجوز في غير البنيان (3).

لنا:ما رواه الجمهور أنّ مصعب بن عمير جمّع في نقيع الخضمات،و النّقيع بطن من الأرض يستنقع فيه الماء مدّة،فإذا نضب الماء نبت الكلأ (4).و في حديث عمر:جمّعوا حيث كنتم (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن محمّد بن مسلم لمّا سئل عن الجمعة،فوصفها (6)و لم يذكر الإقامة في البنيان،فلا يكون شرطا.و لأنّه تخصيص للعموم الدّالّ على الجواز في كلّ موطن من غير دليل.و لأنّه موضع لصلاة العيد فجازت الجمعة فيه كالجامع.و لأنّ الجمعة صلاة عيد فأشبهت الأضحى.و لأنّ الأصل عدم الاشتراط و لا نصّ في اشتراطه و لا معنى نصّ فكان ساقطا.

احتجّ الشّافعيّ بأنّ القريب (7)موضع يجوز لأهل المصر قصر الصّلاة فيه فلم يجز لهم إقامة الجمعة فيه كالبعيد (8).

و الجواب:المنع من الفرق بين القريب و البعيد أوّلا،و من جواز التّقصير في القريب و سيأتي.

ص:358


1- 1بدائع الصنائع 1:260،المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172،المجموع 4:505. [1]
2- 2) المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172،الكافي لابن قدامة 1:285،المجموع 4:505، [2]الإنصاف 2:378. [3]
3- 3) المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172،المجموع 4:505،مغني المحتاج 1:280،السراج الوهّاج: 85.
4- 4) المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172.
5- 5) التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:9،المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:173.
6- 6) التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [4]
7- 7) غ:بأنّه،مكان:بأنّ القريب.
8- 8) المغني 2:176،الشرح الكبير بهامش المغني 2:172.
مسألة:و ليس استدامة العدد المعتبر بعد الانعقاد شرطا في صحّة الجمعة

فلو صلّى العدد ثمَّ انفضّوا في الأثناء صحّت صلاة الباقي و لو كان الإمام وحده.قال الشّيخ:و لا نصّ لأصحابنا فيه،و الّذي يقتضيه مذهبهم أنّه لا تبطل الجمعة بعد الشّروع (1).و هو قول أبي يوسف،و محمّد (2)،و للشّافعيّ خمسة أقوال:

أحدها:الإتمام ظهرا و هو أصحّها عندهم (3).و به قال زفر (4).

الثّاني:كما قلناه (5).

الثّالث:إن بقي معه واحد أتّمها جمعة حكاه الشّيخ عنه في الخلاف (6)،و أبو ثور أيضا (7).

الرّابع:إن بقي معه اثنان أتمّها جمعة.و هو قول الثّوريّ (8).

الخامس:إن انفضّوا بعد أن صلّى ركعة أتمّها جمعة و إلاّ أتمّها ظهرا.و هو قول المزنيّ (9)، و مالك (10).

و قال أبو حنيفة:إن انفضّوا بعد ما صلّى ركعة بسجدة واحدة أتمّها

ص:359


1- 1الخلاف 1:236 مسألة-6.
2- 2) الهداية للمرغينانيّ 1:83،حلية العلماء 2:272،إرشاد الساري 2:192.
3- 3) الاُمّ 1:191،الاُمّ(مختصر المزنيّ)8:26،المجموع 4:506،فتح العزيز بهامش المجموع 4:534،مغني المحتاج 1:283.
4- 4) المبسوط للسرخسيّ 2:34،الهداية للمرغينانيّ 1:83،بدائع الصنائع 1:266،إرشاد الساري 2:192.
5- 5) المجموع 4:506،مغني المحتاج 1:284،فتح العزيز بهامش المجموع 4:534.
6- 6) الخلاف 1:236 مسألة-6.
7- 7) المغني 2:180،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176.
8- 8) المغني 2:179-180،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176.
9- 9) المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176،المجموع 4:506،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 534،مغني المحتاج 1:284.
10- 10) المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176،حلية العلماء 2:272.

جمعة (1).

و قال أحمد:تبطل و يستأنفونها (2)ظهرا إلاّ أن يكون هناك وقت يمكن استدراك الجمعة (3).

و قال إسحاق:إن بقي معه اثنا عشر أتمّها جمعة (4).

لنا:أنّه دخل في الصّلاة دخولا شرعيّا فلا تبطل إلاّ بدليل شرعيّ،و لا دليل على شيء من أقاويلهم فسقطت.و لأنّ الجماعة شرط الشّروع لا شرط البقاء؛لأنّ حاجة الإمام إلى الجماعة كحاجة الجماعة إليه و الإمام شرط الشّروع في حقّهم،فإنّ المسبوق يتمّها جمعة فكذا هنا،و لا استبعاد في أن يكون العدد شرطا في الابتداء لا الاستدامة،كعدم الماء في حقّ المتيمّم عندهم.

احتجّ الشّافعيّ على القول الأوّل:بأنّ الجماعة شرط و قد فاتت فتبطل الجمعة و ينتقل الفرض إلى الأصل (5).

و على الثّالث:بأنّه إن بقي معه واحد صدق اسم الجمع فيه إذ الاثنان جماعة (6).

و على الرّابع:أنّ الثّلاثة أقلّ (7)الجمع فمع بقائهم يصدق اسم الجمع عليهم (8).

ص:360


1- 1المبسوط للسرخسيّ 2:34،بدائع الصنائع 1:266،المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176، حلية العلماء 2:272.
2- 2) م و ن:و يستأنف بها،ح و ق:و يستأنفوا بها.
3- 3) المغني 2:179،181،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176،الكافي لابن قدامة 1:285.
4- 4) المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176.
5- 5) المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176،المجموع 4:506،مغني المحتاج 1:283،السراج الوهّاج:86.
6- 6) المغني 2:180،المجموع 4:506،مغني المحتاج 1:284.
7- 7) ق و ح:أوّل.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:110،المجموع 4:506، [1]مغني المحتاج 1:284.

و على الخامس (1):بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من أدرك ركعة من الجمعة أضاف إليها أُخرى» (2).و لأنّهم أدركوا ركعة فصحّت لهم الجمعة كالمسبوق إذا أدرك ركعة،و لأنّ العدد شرط يختصّ الجمعة فلم يفت بفواته في ركعة،كما لو دخل وقت العصر و قد صلّوا ركعة.

و احتجّ أبو حنيفة بأنّ الجماعة شرط العقد و الشّروع،و الجماعة إنّما توجد بالمشاركة غير أنّ المقتدي بالشّروع قصد المشاركة مع الإمام فتثبت (3)الشّركة في حقّه من غير مؤكّد، و الإمام لم يشارك الجماعة قصدا فلا بدّ من مؤكّد و هو الرّكعة التّامّة (4)حتّى تثبت الشّركة حكما له،فإذا لم يقيّد بالسّجود لم تتحقّق الشّركة،كمصلّي الظّهر إذا قام إلى الخامسة قصدا للتنفّل خرج من الظّهر للحال.و لو قام غير قاصد للتنفّل لم يخرج عن الفرض ما لم يقيّد (5)الخامسة بالسّجدة،و إنّما اكتفينا بالسّجدة الواحدة؛لأنّ بإدراكها يدرك معظم الرّكعة،فأشبه ما لو أدركها (6)بسجدتيها (7).

احتجّ أحمد بأنّه قد فات بعض الشّرائط فكان كفوات الطّهارة (8).

و احتجّ إسحاق بأنّ أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انفضّوا عنه فلم يبق معه إلاّ

ص:361


1- 1المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:10 سنن البيهقيّ 3:203،كنز العمّال 7:727 الحديث 21728 و 21729،المستدرك للحاكم 1:291.
3- 3) ن:فثبتت.
4- 4) ق و ح:الثانية.
5- 5) ن و م:يقصد.
6- 6) غ،ن و ق:أدركوها.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:34،بدائع الصنائع 1:266،الهداية للمرغينانيّ 1:83،شرح فتح القدير 2: 31-32.
8- 8) المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176،الكافي لابن قدامة 1:285.

اثنا عشر فأتمّها جمعة (1).

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من كون الجماعة شرطا في الاستدامة.

و عن الثّاني:أنّك إن اشترطت مطلق الجماعة قياسا على الابتداء لم يتمّ،بل لا بدّ من اعتبار عدد الابتداء،و إن لم تشترط الجماعة فليس لاعتبار الواحد و الاثنين معنى،و هو الجواب عن الثّالث.

و عن الرّابع:أنّه دالّ (2)على إدراك الجمعة لمن أدرك ركعة،لا على بطلان الجمعة مع التّفرّق،فأين أحد البابين من الآخر! فإن قلت:إنّه إذا انفضّ الجماعة قبل الرّكعة لم يدرك الإمام ركعة.

قلت:هذا بناء على اشتراط الجماعة لإدراك الإمام و المتخلّف للرّكعة و هو أوّل المسألة،فلو استدلّ بهذا الخبر عليه دار.

و عن الخامس:أنّا نسلّم أنّه إذا أدرك ركعة تمّت،و لكن إذا تفرّقوا (3)قبل الرّكعة هل يصحّ جمعة الباقي أم لا؟و القياس الّذي ذكرته لا يدلّ عليه و هو الجواب عن السّادس.

و عن السّابع:أنّه كلام خطابيّ لا طائل تحته،و الأصل الّذي ذكره ممنوع و سيأتي البحث فيه.

و قوله:أدرك معظم الرّكعة فأدركها منقوض بمن لم يَفُته من الرّكعة إلاّ السّجدتان فإنّه أدرك معظمها.

و عن الثّامن:بالمنع من كونه شرطا في الاستدامة.

و عن التّاسع:بأنّه عليه السّلام إنّما أتمّ جمعة؛لأنّه هو الواجب عندنا،و ليس الاثنا عشر (4)شرطا بل وقع اتّفاقا.

ص:362


1- 1المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:176.
2- 2) م:دلّ.
3- 3) ن:انصرفوا.
4- 4) م و غ:الاثنى عشر.
مسألة:و ليس بقاء الوقت مع التلبّس شرطا

فلو دخل في الجمعة في وقتها ثمَّ دخل عليه وقت العصر و لم يتمّها صحّت صلاته و أتمّها جمعة،و هل إدراك الرّكعة شرط؟ الأقرب عندي أنّه كذلك،و الشّيخ أطلق في كتابي الخلاف (1)و المبسوط (2).

و قال بعض الجمهور:إذا دخل وقت العصر قبل فعل الرّكعة فلا جمعة،و إن صلّى ركعة فدخل العصر صحّت جمعته (3).

و قال آخرون منهم:لو دخل وقت العصر بعد إحرامه بها أتمّها جمعة،قاله أبو الخطّاب (4).و قال أبو يوسف،و محمّد:لو دخل وقت العصر بعد تشهّده و قبل سلامه سلّم و أجزأته (5)،و هو قول أحمد (6)،و ذلك يعطي أنّه متى دخل قبل ذلك انقلبت ظهرا و بطلت جمعته.

و قال أبو حنيفة:إذا خرج وقت الجمعة قبل فراغه منها بطلت و لا يبني عليها ظهرا (7).و قال الشّافعيّ:لا يتمّها جمعة و يبني عليها ظهرا (8).

لنا:أنّه دخل فيها جمعة على الوجه المشروع فيستصحب و لا يبطل و لا ينقلب ظهرا إلاّ بدليل شرعيّ،و أيضا:قوله عليه السّلام:«من أدرك ركعة من الجمعة أضاف إليها

ص:363


1- 1الخلاف 1:246 مسألة-37.
2- 2) المبسوط 1:145. [1]
3- 3) المغني 2:163،الشرح الكبير بهامش المغني 2:167،المجموع 4:509.
4- 4) المغني 2:163،الشرح الكبير بهامش المغني 2:167.
5- 5) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:168.
6- 6) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:168،المجموع 4:513.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:83،المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:168،المجموع 4:513،فتح العزيز بهامش المجموع 4:489.
8- 8) الاُمّ 1:194،المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:168،المجموع 4:513،فتح العزيز بهامش المجموع 4:488-489.

ركعة أُخرى» (1).و هذا الحديث يصدق في حقّ المسبوق و من خرج عليه الوقت.

و احتجّ المخالف بأنّ ما كان شرطا في بعضها كان شرطا في جميعها كالطّهارة (2).

و الجواب:أنّه قياس في مقابلة النّصّ فلا يكون مقبولا،و لانتفاضه بالجماعة فإنّه شرط يكتفي بإدراكه في ركعة.

فرع:

لو خرج الوقت و لم يتلبّس فلا خلاف في بطلان جمعته.

مسألة:و ليس الإسلام شرطا لوجوب الجمعة

(3)

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول كلّ من لم يجعل الإسلام شرطا في التّكليف،و قد تقدّم البحث في أنّ الإسلام ليس شرطا في التكليف (4)،و ذلك يعمّ صورة النّزاع،نعم،هو شرط الجواز بلا خلاف.

البحث الثالث:فيمن تجب عليه
اشارة

أصل:اللّفظ المختصّ بالذّكور كالرّجال لا يتناول النّساء إجماعا و كذا العكس،أمّا ما لا يختصّ بأحد القبيلين،فإمّا أن لا يبيّن فيه تذكير و لا تأنيث كلفظة«مَن»و شبهها فهو يتناول القبيلين؛لوقوع الإجماع على أنّ مَن أوصى بهذه الصّيغة أو ربط بها توكيلا،أو إذنا في أمر،أو نذرا فإنّه لا يختصّ بأحدهما.و إمّا أن يبيّن فيه علامة التّذكير و التّأنيث و هاهنا اتّفق النّاس على أنّ الموجود فيه علامة التّأنيث لا يتناول المذكّرين و أمّا الموجود فيه علامة التّذكير فقال الأكثر:أنّه لا يتناول المؤنّث،خلافا لشذوذ.

ص:364


1- 1سنن ابن ماجه 1:356 الحديث 1121،سنن الدار قطنيّ 2:10 الحديث 1،المستدرك للحاكم 1:291.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:33،المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:168.
3- 3) م:في وجوب.
4- 4) ينظر:الجزء الرّابع ص 12.

لنا:أنّ الجمع تضعيف الواحد،و قام لا يتناول الإناث،فكذا قاموا.

احتجّ المخالف بأنّ أهل اللّغة قالوا إذا اجتمع المذكّر و المؤنّث غلبت صيغة المذكّر (1).

و الجواب:أنّه غير محلّ النّزاع.

مسألة:إنّما تجب الجمعة على الذّكور فلا يتعلّق الوجوب بالمرأة

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم؛لأنّ الأصل عدم الوجوب و صيغة الخطاب تتناول الذّكور خاصّة.

و روى الجمهور،عن جابر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلاّ مريض،أو مسافر،أو امرأة،أو صبيّ، أو مملوك» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«فرض اللّه على النّاس من الجمعة إلى الجمعة خمسا و ثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها اللّه عزّ و جلّ في جماعة و هي الجمعة،و وضعها عن تسعة:عن الصّغير و الكبير و المجنون و المسافر و العبد و المرأة و المريض و الأعمى و من كان على رأس فرسخين» (3).و لأنّ المرأة ليست من أهل الحضور في مجامع الرّجال.

فروع:
الأوّل:لو تكلّفت الحضور صحّت الجمعة منها و وجبت عليها

لأنّ النّساء كنّ (4)يصلّين مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الجماعة.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ،عن حفص بن غياث قال:و سأل بعض مواليهم ابن أبي ليلى عن الجمعة هل تجب على المرأة و العبد و المسافر؟فقال ابن أبي ليلى:لا تجب الجمعة على واحد منهم و لا الخائف،فقال الرّجل:فما تقول إن حضر واحد منهم الجمعة مع

ص:365


1- 1المعتمد في أُصول الفقه لأبي الحسين البصريّ 1:233.
2- 2) سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 1،سنن البيهقيّ 3:184،كنز العمّال 7:726 الحديث 21120.
3- 3) التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
4- 4) جميع النسخ:كانوا.

الإمام فصلاّها معه هل تجزئه تلك الصّلاة عن ظهر يومه؟فقال:نعم،فقال الرّجل:و كيف يجزئ ما لم يفرضه اللّه عليه عمّا فرضه اللّه عليه و قد قلت:أنّ الجمعة لا تجب عليه و من لم تجب عليه الجمعة فالفرض عليه أن يصلّي أربعا و يلزمك فيه معنى أنّ اللّه فرض عليه أربعا فكيف أجزأ عنه ركعتان مع ما يلزمك أنّ من دخل فيما لم يفرضه (1)عليه لم يجزئ عنه ما (2)فرض عليه؟فما كان عند ابن أبي ليلى جواب فيها و طلب إليه أن يفسّرها له فأبى،ثمَّ سألته أنا عن ذلك ففسّرها لي،فقال:الجواب:أنّ اللّه فرض على جميع المؤمنين و المؤمنات و رخّص للمرأة و المسافر و العبد أن لا يأتوها،فلمّا حضروها سقطت الرّخصة و لزمهم الفرض الأوّل،فمن أجل ذلك أجزأ عنهم،فقلت:عمّن هذا؟فقال:عن مولانا أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

الثّاني:لا تنعقد الجمعة بالنّساء

فلو حضر أربعة و امرأة سقطت الجمعة؛لما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«لا تكون الخطبة و الجمعة و صلاة ركعتين على أقلّ من خمسة رهط» (4).قال صاحب الصّحاح:الرّهط:ما دون العشرة من الرّجال لا تكون فيهم امرأة (5).

و في الصّحيح،عن منصور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«يجمّع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة (6)فما زادوا،فإن كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم» (7).

ص:366


1- 1م،ق و ح:يفترضه.
2- 2) كذا في النسخ،و في المصدر:ممّا.
3- 3) التّهذيب 3:21 الحديث 78،الوسائل 5:34 الباب 18 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
4- 4) التّهذيب 3:240 الحديث 640،الاستبصار 1:419 الحديث 1612،الوسائل 5:7 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
5- 5) الصحاح 3:1128. [3]
6- 6) غ،م،ن و ق بزيادة:لا أقلّ.
7- 7) التّهذيب 3:239 الحديث 636،الاستبصار 1:419 الحديث 1610،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [4]

قال صاحب الصّحاح:القوم:الرّجال دون النّساء (1).و يؤيّده:ذكر الباقي بالعدد الدّالّ (2)على التّذكير.

و في رواية الفضل بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«فإن كان لهم من يخطب بهم جمّعوا إذا كانوا خمسة نفر» (3).قال صاحب الصّحاح:النّفر بالتّحريك عدّة رجال من ثلاثة إلى عشرة (4).

الثّالث:لو اجتمع النّساء بانفرادهنّ لم تنعقد بهنّ جمعة

لما ذكرناه من اشتراط الرّجال في الجمعة.

لا يقال:روى الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:سألته عن أُناس في قرية هل يصلّون الجمعة جماعة؟قال:«نعم،يصلّون أربعا إذا لم يكن من يخطب» (5).و الاُناس يطلق على المذكّر و المؤنّث.

لأنّا نقول:لا دلالة له فيه؛إذ قوله:«يصلّون»إنّما يتناول المذكّر بالحقيقة و قد مضى.

الرّابع:يكره لهنّ حضور الجمعة،سواء كنّ عجائز أو لا

لما رواه الشّيخ،عن أبي همام،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:«إذا صلّت المرأة في المسجد مع الإمام يوم الجمعة الجمعة ركعتين فقد نقصت صلاتها،و إن صلّت في المسجد أربعا نقصت صلاتها لتصلّ في بيتها أربعا أفضل» (6).

مسألة:و العقل شرط فلا تجب على المجنون

و هو مذهب علماء الإسلام؛لأنّ العقل

ص:367


1- 1الصحاح 5:2016. [1]
2- 2) غ،م،ن و ق:العدد الدالّة.
3- 3) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [2]
4- 4) الصحاح 2:833. [3]
5- 5) التّهذيب 3:238 الحديث 633،الاستبصار 1:419 الحديث 1613،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [4]
6- 6) التّهذيب 3:241 الحديث 644،الوسائل 5:37 الباب 22 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [5]

شرط في التكليف،لاستحالة توجّهه إلى غير العاقل.

مسألة:و البلوغ شرط.و هو مذهب علمائنا أجمع،و ذهب إليه أكثر أهل العلم (1).

و قال بعض الحنابلة:إنّ الصّبيّ المميّز تجب عليه الجمعة (2).

لنا:أنّه غير مكلّف بالتّكاليف الشرعيّة أجمع فكيف يكون مكلّفا بنوع منها.

فرع:

و لا تنعقد به و إن كان مميّزا يصحّ منه التّطوّع.و هو قول الشّافعيّ في الأُمّ (3)،و قال في الإملاء:تنعقد به (4).

لنا:أنّه غير مكلّف فلا تنعقد معه الجمعة؛إذ وجوده كالعدم.و لأنّ انعقادها به يفتقر إلى دليل شرعيّ و لم يثبت.نعم،تصحّ منه؛لأنّ المميّز تصحّ منه الأفعال المندوبة.

مسألة:و الحرّيّة شرط

و هو مذهب علمائنا أجمع،و هو قول عطاء، و عمر بن عبد العزيز،و الشّعبيّ،و مالك،و الثّوريّ (5)،و الشّافعيّ (6)،و إسحاق، و أبي ثور (7).

و قال الحسن البصريّ،و قتادة:تجب على العبد الّذي يؤدّي الضّريبة (8).و عن

ص:368


1- 1المغني 2:172.
2- 2) المغني 2:172،الإنصاف 2:365.
3- 3) الاُمّ 1:192.
4- 4) المجموع 4:249.
5- 5) المجموع 4:485.
6- 6) الاُمّ 1:189،المجموع 4:485.
7- 7) المجموع 4:485.
8- 8) المغني 2:194،الشرح الكبير بهامش المغني 2:153،المجموع 4:485،حلية العلماء 2:262.

أحمد روايتان (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن جابر و قد تقدّم (2).

و عن تميم الدّاريّ قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«الجمعة واجبة إلاّ على خمسة:امرأة،أو صبيّ،أو مريض،أو مسافر،أو عبد» (3).رواه رجاء بن المرجئ (4)في سننه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن و الصّحيح معا،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و وضعها عن تسعة:عن الصّغير،و الكبير،و المجنون،و المسافر، و العبد،و المرأة،و المريض،و الأعمى و من كان على رأس فرسخين» (5).

و ما رواه في الصّحيح،عن أبي بصير و محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«منها صلاة واجبة على كلّ مسلم أن يشهدها إلاّ خمسة:المريض،و المملوك، و المسافر،و المرأة،و الصّبيّ» (6).

و لأنّ منافعه مملوكة لسيّده و هو محبوس عليه فكان كالمحبوس بالدّين،و لأنّها يجب السّعي إليها من بعيد فلم تجب[عليه] (7)كالحجّ،و لأنّه لو وجبت عليه لوجب عليه المضيّ

ص:369


1- 1المغني 2:194،الشرح الكبير بهامش المغني 2:152،الكافي لابن قدامة 1:280،الإنصاف 2:369،المجموع 4:485،فتح العزيز بهامش المجموع 4:603،حلية العلماء 2:262،ميزان الكبرى 1:185،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:79.
2- 2) كنز العمّال 7:726 الحديث 21120.تقدّم في ص 365. [1]
3- 3) المغني 2:194.
4- 4) كذا في النسخ و في المصادر:رجاء بن مُرَجّى،و هو أبو محمّد السمرقنديّ الحافظ ببغداد.روى عن النضر بن شُمَيل و محمّد بن مجيب بن همام الدلاّل.و روى عنه أبو داود و ابن ماجه و أبو حاتم.مات سنة 249 ه. تهذيب التهذيب 3:269، [2]العبر 1:357، [3]شذرات الذهب 2:120. [4]
5- 5) التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [5]
6- 6) التّهذيب 3:19 الحديث 69،الوسائل 5:5 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 14. [6]
7- 7) أثبتناها لاستقامة المعنى.

إليها و إن لم يأذن السيّد كالفرائض و هو باطل إجماعا.

احتجّ المخالف بعموم الأمر (1).

و احتجّ قتادة بأنّ حقّه عليه قد تحوّل إلى المال فأشبه من عليه الدّين (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الآية مخصوصة بذوي الأعذار و هو منهم،و لأنّها مخصّصة بما (3)قدّمناه من الأحاديث.

و عن الثّاني:أنّ استيلاء السيّد عليه و تملّك منافعه لم يزل بالضّريبة.

فروع:
الأوّل:المكاتب و المدبّر و أُمّ الولد و المخارج كالقنّ لا تجب عليهم

(4)

و هو قول أكثر أهل العلم (5).و أوجب الحسن البصريّ،و قتادة الجمعة على المكاتب كما أوجباها على المخارج (6)،و هو ضعيف؛لأنّ الرقّ ثابت في الجميع فيدخل تحت اسم المملوك و العبد.

قالا:منفعته له بإذن السيّد.قلنا:إباحة السيّد له التصرّفات لا يزيل ملكه عنه،كما لو أذن له السيّد أو أمره بصلاة الجمعة فإنّها لا تجب عليه عندهما.

الثّاني:لو انعتق بعضه فهايأه مولاه لم تجب الجمعة أيضا و إن اتّفقت في يوم نفسه

و هو قول من ذكرنا؛لوجود المانع و هو الرقّيّة.و قال الشّيخ في المبسوط:تجب عليه في يوم نفسه؛لأنّه ملكها فيه (7).

الثّالث:لو صلّى الظّهر فأعتق بعده لم تجب عليه الجمعة

لأنّه أدّى فرضه فلا يجب

ص:370


1- 1المغني 2:194.
2- 2) المغني 2:194.
3- 3) أكثر النسخ:لما.
4- 4) خارج عبده:اتّفق معه على ضريبة يردّها على سيّده كلّ شهر و يخلّي بينه و بين عمله.القاموس الفقهيّ:114. [1]
5- 5) المغني 2:194،الشرح الكبير بهامش المغني 2:154.
6- 6) المغني 2:194،الشرح الكبير بهامش المغني 2:153،حلية العلماء 2:262.
7- 7) المبسوط 1:145.

عليه بدله.

الرّابع:يستحبّ له الجمعة مع إذن المولى

لينال فضل الجمعة و ثوابها

الخامس:قال بعض علمائنا:إنّه تنعقد به الجمعة

ذكره في الخلاف (1)،و به قال أبو حنيفة (2)،خلافاً للشّيخ في المبسوط (3)،و للشّافعيّ (4)،و أحمد (5).

لنا:ما دلّ على اعتبار العدد عامّ غير مخصوص بعبد و غيره،و عدم الوجوب عليه لا يقتضي عدم الانعقاد به،كالمريض.

احتجّ المخالف بأنّهم ليسوا من أهل فرض الجمعة فلم تنعقد بهم،كالنّساء (6).

و الجواب:ينتقض ما ذكرتم بالمريض فيبقى دليلنا سالماً،و لا خلاف أنّه لو صلّى الجمعة أجزأته.

مسألة:و الحضر شرط في وجوب الجمعة

فلا تجب على المسافر ما لم يستوطن بلد الغُربة شهرا أو ينوي المقام عشرة أيّام.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول عطاء، و عمر بن عبد العزيز،و الحسن،و الشّعبيّ،و مالك،و الثّوريّ (7)،و الشّافعيّ،و إسحاق، و أبي ثور (8).و قال الزّهريّ و النّخعيّ:إنّ الجمعة تجب على المسافر (9).

ص:371


1- 1الخلاف 1:241 مسألة-21.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:34،المغني 2:196،المجموع 4:505.
3- 3) المبسوط 1:145.
4- 4) الاُمّ 1:189،المحلّى 5:49،المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:505،السراج الوهّاج:84، مغني المحتاج 1:276-277.
5- 5) المغني 2:196،الشرح الكبير بهامش المغني 2:155،الكافي لابن قدامة 1:281،الإنصاف 2:370.
6- 6) المغني 2:196.
7- 7) المغني 2:193،الشرح الكبير بهامش المغني 2:151.
8- 8) المغني 2:193،الشرح الكبير بهامش المغني 2:151،المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:485.
9- 9) المغني 2:193،الشرح الكبير بهامش المغني 2:151،المجموع 4:485، [1]نيل الأوطار 3:279.

لنا:ما تقدّم من الأحاديث في فصل العبد (1).و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الصّحابة بأسرهم و من بعدهم لم ينقل عنهم الجمعة في أسفارهم و هذا إجماع،و لأنّ السّفر مظنّة الترخّص فلا يكون مظنّة للمنافي.

احتجّ المخالف بعموم الأمر (2)،و بقوله عليه السّلام:«الجمعة على من سمع النّداء» (3).

و الجواب:أنّ الآية و الخبر مخصوصان بما ذكرناه من الدليل (4).

فروع:
الأوّل:هل تنعقد به؟قال بعض علمائنا:نعم

ذكره في الخلاف (5)،و هو قول أبي حنيفة (6)،خلافا للشّيخ في المبسوط (7)،و للشّافعيّ (8)،و قد تقدّم البحث في العبد و هو آت فيه.

الثّاني:لو نوى المقام عشرا وجبت عليه الجمعة

لأنّه بحكم المقيم،و كذا لو أقام شهرا من غير نيّة.و قال الشّافعيّ:لو أقام أربعة أيّام وجبت عليه الجمعة،لأنّه صار مقيما (9)و المشترطون (10)للاستيطان لم يوجبوها عليه و لو طال مقامه.

الثّالث:لو وجبت عليه انعقدت به

و هو ظاهر على مذهبنا،و للشّافعيّة قولان:

ص:372


1- 1ينظر:ص 369.
2- 2) أي:«فاسعوا إلى ذكر اللّه».المغني 2:193،المجموع 4:483،نيل الأوطار 3:275.
3- 3) سنن أبي داود 1:278 الحديث 1056،سنن الدار قطنيّ 2:6 الحديث 2.
4- 4) أكثر النسخ:الدلائل.
5- 5) الخلاف 1:241 مسألة-21.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:34،المغني 2:196،المجموع 4:505،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:81.
7- 7) المبسوط 1:145.
8- 8) المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:505.
9- 9) الاُمّ 1:189،المهذّب للشيرازيّ 1:103،المجموع 4:485،السراج الوهّاج:79.
10- 10) أكثر النسخ:المشرطين،و في ح:المشترطين.و الصواب ما أثبتناه.

قال أبو إسحاق:لا تنعقد به،لأنّ الشّافعيّ اشترط فيمن تنعقد به الجمعة الاستيطان.

و قال أبو[عليّ بن أبي] (1)هريرة:تنعقد به،لوجوبها عليه فأشبه المستوطن (2). (3)

الرّابع:الأفضل له حضور الجمعة

و لا خلاف في الإجزاء.

الخامس:لم أقف على قول لعلمائنا في اشتراط الطّاعة في السّفر

لسقوط (4)الجمعة، و الأقرب اشتراطه.

السّادس:لو صلّى الظّهر فخرج عن حكم المسافر لم يجب عليه حضور الجمعة

لسقوط الفرض عنه.

مسألة:لا تجب الجمعة على الأعمى

ذهب إليه علماؤنا،و هو قول أبي حنيفة (5)، سواء وجد قائدا أو لم يجد،و هو إحدى الرّوايتين عن أبي يوسف (6).و قال محمّد:إذا وجد قائدا وجبت عليه،و هو الرّواية الأُخرى عن أبي يوسف (7).و قال أحمد:يجب عليه الجمعة (8).

لنا:أنّه أبلغ عذرا من المرأة فكان التّرخيص (9)في حقّه ثابتا.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:

ص:373


1- 1في النسخ:و قال أبو هريرة.و الصحيح ما أثبتناه.الحسن بن محمّد بن النضر أبو عليّ بن أبي هريرة،روى عن إسماعيل بن يزيد القطّان،و أحمد بن الفرات،و روى عنه ابن مندة.مات سنة 321 ه. العبر 2:11، [1]شذرات الذهب 2:289. [2]
2- 2) ن:المتوطّن،غ:المستوطنين.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:110،المجموع 4:503،حلية العلماء 2:271.
4- 4) غ:بسقوط.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:22،بدائع الصنائع 1:259،الهداية للمرغينانيّ 1:83،مجمع الأنهر 1:169، المغني 2:195،المجموع 4:486،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:79.
6- 6) لم نعثر عليها بعد التّتبّع في المصادر الموجودة.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:23،بدائع الصنائع 1:259،مجمع الأنهر 1:169،المجموع 4:486.
8- 8) المغني 2:195،الشرح الكبير بهامش المغني 2:150.
9- 9) م و ن:الترخّص.

و وضعها عن الأعمى (1).

احتجّوا بالعموم (2).

و الجواب:أنّه مخصوص بما ذكرناه،أو بالقياس على المعذور.

احتجّ محمّد بأنّه قادر على الإتيان مع القائد فوجب عليه (3).

و الجواب:أنّه عاجز بنفسه فلا يكون قادرا بغيره،لأنّ ذلك الغير ربّما امتنع عن الإعانة في الطّريق.

فروع:
الأوّل:لو حضر وجبت عليه

(4)

لعدم العذر.

الثّاني:الجمعة تنعقد به

لما بيّنّاه.

الثّالث:لو صلّى الظّهر ثمَّ حضر سقط عنه الجمعة

و هو قول الشّافعيّ (5)،و أحمد (6)، خلافا لأبي حنيفة (7).

لنا:أنّ فرضه الظّهر و قد أدّاه فلا يجب عليه بدله.

احتجّ بأنّ عموم فرض الجمعة ثابت إلاّ أنّه لم يؤمر بالأداء لعجزه عن الحضور،و معه هو قادر فيأتي بفرضه (8).

ص:374


1- 1التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:195،الشرح الكبير بهامش المغني 2:150.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:23.
4- 4) ن:لوجبت.
5- 5) حلية العلماء 2:267،المهذّب للشيرازيّ 1:110،المجموع 4:495.
6- 6) المغني 2:198،الشرح الكبير بهامش المغني 2:159،الإنصاف 2:373، [2]الكافي لابن قدامة 1:282.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:32،تحفة الفقهاء 1:160،بدائع الصنائع 1:257،الهداية للمرغينانيّ 1:84، المغني 2:198،المجموع 4:497.
8- 8) تحفة الفقهاء 1:160،الهداية للمرغينانيّ 1:84،بدائع الصنائع 1:257.

و الجواب:المنع من عموم الخطاب له بعد العفو عنه،و هكذا البحث في كلّ من سقط عنه فرض الجمعة إذا صلّى الظّهر ثمَّ حضرها.

مسألة:و لا تجب على المريض

و هو مذهب علمائنا أجمع.و به قال علماء الأمصار، و ذلك لحديث جابر (1)و تميم (2)من طريق العامّة،و حديث زرارة (3)و أبي بصير و محمّد بن مسلم من طريق الخاصّة (4)،و لأنّه معذور للمشقّة الحاصلة بتكلّف الحضور،فسقطت عنه.

فروع:
الأوّل:هذا الحكم ثابت في حقّ المريض مطلقا لسائر أنواع المرض

لعدم التّخصيص و تناول اسم المريض للجميع.

الثّاني:سواء زاد المرض بالحضور أو لم يزد تسقط عنه

لحصول المانع فيهما.و قال الشّافعيّ:إنّما تسقط عنه مع زيادة المرض أو حصول مشقّة غير محتملة (5).

الثّالث:لو حضر وجبت عليه و انعقدت به

و هو قول أكثر أهل العلم (6).

الرّابع:لو صلّى الظّهر في بيته،ثمَّ حضر لم تجب عليه الجمعة و لم يبطل ظهره

الّتي صلاّها

لما بيّنّا،سواء زال عنه المانع أو لا،و كذا كلّ من لا تجب عليه الجمعة.

مسألة:و لا تجب على الأعرج

و هو مذهب علمائنا أجمع،لأنّه معذور بعرجه

ص:375


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 1،سنن البيهقيّ 3:184.
2- 2) كنز العمّال 7:722 الحديث 21095.
3- 3) الفقيه 1:266 الحديث 1217،الكافي 3:419 الحديث 6،التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1.
4- 4) الكافي 3:418 الحديث 1، [1]التّهذيب 3:19 الحديث 69،الوسائل 5:5 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 14. [2]
5- 5) الاُمّ 1:189،المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:486،مغني المحتاج 1:277.
6- 6) المغني 2:196،فتح العزيز بهامش المجموع 4:604.

لحصول المشقّة في حقّه،و لأنّه مريض فسقطت عنه،و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به بلا خلاف.

مسألة:و لا تجب على من بعد عن الجمعة بأزيد من فرسخين

(1)

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و تجب على من بينه و بين الجامع فرسخان فما دون،و هذا التّحديد إنّما هو للخارج عن البلد أمّا المستوطن (2)فيه فإنّه يجب عليه الحضور أو الجمعة إذا بعد ثلاثة أميال.

و قال سعيد بن المسيّب (3)،و اللّيث (4)،و مالك (5)،و أحمد:يجب الحضور على غير أهل المصر إذا كان بينهم و بين الجامع فرسخ واحد فما دون و لا يجب لو زاد (6).

و قال الشّافعيّ (7)،و إسحاق:إنّما تجب على من سمع النّداء (8)،و هو مرويّ عن عبد اللّه بن عمر (9).

و قال أبو حنيفة:لا جمعة على من كان خارج المصر و إن سمع النّداء (10).

ص:376


1- 1ن:أزيد.
2- 2) ن:المتوطّن،غ:المستوطنين.
3- 3) المغني 2:214،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146.
4- 4) المغني 2:214،الشرح الكبير بهامش المغني 2:216،المجموع 4:488،تفسير القرطبيّ 18: 104، [1]عمدة القارئ 6:198.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:153،بداية المجتهد 1:165،مقدّمات ابن رشد 1:163،تفسير القرطبي 18: 104،المغني 2:214،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146،المجموع 4:488،حلية العلماء 2:263، عمدة القارئ 6:198.
6- 6) المغني 2:214،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146،الكافي لابن قدامة 1:280-281،الإنصاف 2:365.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:487،488،حلية العلماء 2:263،السراج الوهّاج:84، مغني المحتاج 1:277،المغني 2:214،عمدة القارئ 6:198.
8- 8) المغني 2:214،المجموع 4:488، [2]تفسير القرطبيّ 18:104، [3]عمدة القارئ 6:198.
9- 9) عمدة القارئ 6:198.
10- 10) المبسوط للسرخسيّ 2:23،الهداية للمرغينانيّ 1:82،شرح فتح القدير 2:22،عمدة القارئ 6:198، المجموع 4:488،حلية العلماء 2:264،تفسير القرطبيّ 18:104. [4]

و روي عن أبي هريرة،و ابن عمر،و أنس،و الحسن،و نافع،و عكرمة،و الحكم، و عطاء،و الأوزاعيّ:تجب على من آواه اللّيل إلى أهله (1).

لنا:عموم السّعي،خرج من بعد عن الفرسخين للمشقّة و لحديث زرارة (2)،فيبقى الباقي على أصل الاندراج.

و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجمعة،فقال:«تجب على من كان منها على رأس فرسخين فإن زاد على ذلك فليس عليه شيء» (3).

و ما رواه عن زرارة و محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين» (4).و ذلك يدلّ من حيث المفهوم على سقوطها عمّن زاد بعده على ذلك.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:

«الجمعة واجبة على من إن صلّى الغداة في أهله إدراك الجمعة،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما يصلّي العصر في وقت الظّهر في سائر الأيّام كي إذا قضوا الصّلاة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجعوا إلى رحالهم قبل اللّيل و ذلك سنّة إلى يوم القيامة» (5).

و روى في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و وضعها عن

ص:377


1- 1المغني 2:214-215،المجموع 4:488،حلية العلماء 2:263،عمدة القارئ 6:198،نيل الأوطار 3:278.
2- 2) الفقيه 1:266 الحديث 1217،الكافي 3:419 الحديث 6، [1]التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 3:240 الحديث 641،الاستبصار 1:421 الحديث 1619،الوسائل 5:12 الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [3]
4- 4) التّهذيب 3:240 الحديث 643،الاستبصار 1:421 الحديث 1620،الوسائل 5:12 الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [4]
5- 5) التّهذيب 3:238 الحديث 631،الاستبصار 1:421 الحديث 1621،الوسائل 5:11 الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [5]

تسعة:.،و من كان على رأس فرسخين» (1).

لأنّا نقول:أمّا الأوّل:فإنّ الوجوب المراد به هنا شدّة الاستحباب،للأحاديث السّابقة.

و أمّا الثّاني:فإنّه يحمل على من زاد عن الفرسخين بشيء قليل،إذ الحصول (2)على نفس الفرسخين ممتنع.

احتجّ مالك بعموم الأمر بالسّعي و هو يتناول غير أهل المصر (3).

و احتجّ الشّافعيّ (4)بما رواه عبد اللّه بن عمرو أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«الجمعة على من سمع النّداء» (5).

و احتجّ أبو حنيفة بأنّ عثمان صلّى العيد في يوم الجمعة،ثمَّ قال لأهل العوالي:من أراد منكم أن ينصرف فلينصرف،و من أراد أن يقيم حتّى يصلّي الجمعة فليقم،و لأنّهم خارج المصر فأشبهوا أهل الحلل (6). (7)

و احتجّ الباقون (8)بما رواه أبو هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الجمعة على من آواه اللّيل إلى أهله» (9).

و الجواب عن الأوّل:أنّه غير دالّ على التّحديد بالفرسخ و نحن نقول بموجبة.

ص:378


1- 1التّهذيب 3:21 الحديث 77،الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) ن و م:الحضور.
3- 3) المغني 2:215،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:109،المجموع 4:486،المغني 2:214.
5- 5) سنن أبي داود 1:278 الحديث 1056،سنن الدار قطني 2:6 الحديث 3،كنز العمّال 7:723 الحديث 21100.
6- 6) الحلّة بالكسر:القوم النازلون،و تطلق(الحلّة)على البيوت مجازا تسمية للمحلّ باسم الحالّ و هي مائة بيت فما فوقها،و الجمع:(حلال)بالكسر،و(حلل).المصباح المنير:148. [2]
7- 7) المغني 2:215،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146.
8- 8) المغني 2:215،المجموع 4:488،عمدة القارئ 6:198.
9- 9) سنن الترمذيّ 2:376 الحديث 502، [3]كنز العمّال 7:722 الحديث 21094.

و عن الثّاني:أنّ الوجوب على السّامع لا ينفي الوجوب عن غيره،و لأنّه لو لم يحصل النّداء لوجب السّعي،و لأنّ المقصود من السّماع ليس هو الحقيقة،فإنّ فاقد السّمع يجب عليه السّعي،و كذا الغافل و النّائم،و أيضا فالسّمع متفاوت فلا يجوز للشّارع ردّ النّاس إليه بغير ضابط،بل المراد منه القريب (1)فيجد بما ذكرناه للرّوايات عن أهل البيت عليهم السّلام،على أنّه قد طعن فيه أكثر الجمهور و قالوا:إنّه من كلام ابن عمر (2).

و عن الثّالث:بأنّا نقول بموجبة؛إذ مع اجتماع العيد و الجمعة يتخيّر المصلّي و سيأتي.

و عن الرّابع:بالمنع من عدم الوجوب في المقيس عليه،و لو سلّم فالفرق ثابت؛ إذ أولئك غير مستوطنين بخلاف أهل القرى.

و عن الخامس:أنّ راويه عبد اللّه بن سعيد المقبريّ (3)و هو ضعيف.

فروع:
الأوّل:لا خلاف عندنا في أنّه لو حضر وجبت عليه

و انعقدت به.

الثّاني:يستحبّ له الحضور

لرواية زرارة (4)،و لأنّه سعي إلى طاعة اللّه فكان مطلوبا.

الثّالث:إذا زاد البُعد عن فرسخين لم يجب عليهم الحضور إجماعا

فإن كانوا على الشّرائط وجبت عليهم الجمعة أو الحضور،و لو فقدوا الشّرائط تخيّروا بين الظّهر و الحضور، و لو نقص البُعد عن ذلك وجب عليهم الحضور أو الجمعة ما لم يكن بينهم و بين الجمعة

ص:379


1- 1م:القرب.
2- 2) المغني 2:214،الشرح الكبير بهامش المغني 2:146 و فيهما:ابن عمرو.
3- 3) عبد اللّه بن سعيد بن أبي سعيد المقبريّ كنيته أبو عبّاد،روى عن أبيه و جدّه،و روى عنه حفص بن غياث و محمّد بن جعفر و معارك بن عبّاد،ضعّفه البخاريّ و ابن معين و ابن حبّان و الدار قطنيّ. الضعفاء الصغير للبخاريّ:132،ميزان الاعتدال 2:429،المجروحين لابن حبّان 2:9،تهذيب التهذيب 5: 237. [1]
4- 4) ينظر:الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1 و ص 11 الباب 4 من نفس الأبواب الحديث 1.

ثلاثة أميال،و لو حضر بعضهم فإن تخلف من يصحّ منه الجمعة صحّت منه و إلاّ وجب عليه السّعي.

مسألة:و يسقط الوجوب مع المطر في الطّريق المانع من الحضور أو الوَحَل الّذي يشقّ معه المشي

و هو قول أكثر أهل العلم (1).و مالك لم يجعل المطر عذرا (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس أنّه أمر مؤذّنه في يوم جمعة في يوم مطير:إذا قلت:أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه،فلا تقل:حيّ على الصّلاة،قل:صلّوا في بيوتكم،قال:

فكأنّ النّاس استنكروا ذلك،فقال:أ تعجبون من ذا؟فعل ذا من هو خير منّي (3).رواه مسلم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لا بأس بأن (4)تدع الجمعة في المطر» (5).

و ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (6).

احتجّ مالك بالعموم.

و الجواب:أنّه يخرج من ذكرنا للعذر.

مسألة:و يسقط مع كلّ عذر يتعذّر معه الفعل

لأنّ فيه مشقّة فكان الوجوب ساقطا،فلو مرض له قريب و خاف موته جاز له الاعتناء به و ترك الجمعة،و لو لم يكن قريبا و كان معتنيا (7)به جاز له ترك الجمعة إذا لم يقم غيره مقامه.

ص:380


1- 1المغني 2:195،المهذّب للشيرازيّ 1:109،عمدة القارئ 6:196.
2- 2) المغني 2:195،الشرح الكبير بهامش المغني 2:150،عمدة القارئ 6:196.
3- 3) صحيح مسلم 1:485 الحديث 699.
4- 4) م،غ،ح و ق:أن.
5- 5) التّهذيب 3:241 الحديث 645،الوسائل 5:37 الباب 23 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
6- 6) الفقيه 1:267 الحديث 1221،الوسائل 5:37 الباب 23 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [2]
7- 7) ح:معينا.

و لو كان عليه دين يخاف معه من الحضور و هو غير متمكّن سقطت عنه،و لو تمكّن لم يكن عذرا.

و لو كان عليه حدّ قذف أو شرب (1)أو غيرهما لم يجز له الاستتار عن الإمام لأجله و ترك الجمعة.

مسألة:و لا تجب على الشّيخ الكبير

و هو مذهب علمائنا؛للمشقّة فأشبه المريض، و تدلّ عليه الرّوايات السّابقة (2).

البحث الرّابع:في صفات الإمام
مسألة:يعتبر في الإمام التّكليف

و هو يشتمل على وصفين:البلوغ،و العقل، و ذلك ممّا لا خلاف فيه؛إذ من ليس بعاقل لا يصحّ منه إيقاع الفعل على وجه الطّاعة،و في المراهق نظر،أقربه عدم الجواز أيضا.و كلام الشّيخ في الخلاف يشعر بجواز إمامته (3)،و هو قول الشّافعيّ في الإملاء (4)،و قال في الأُمّ:لا يجوز (5).

لنا:أنّه غير مكلّف فلا يناط به صلاة غيره.

احتجّ الشّيخ بأنّ صلاته شرعيّة (6)؛لقوله عليه السّلام:«مروهم بالصّلاة و هم أبناء سبع» (7).

و الجواب:إن أردت بالشرعيّة ما أمر الشّارع بها للفاعل فهو باطل؛إذ الأمر منوط

ص:381


1- 1ن:سرق.
2- 2) الوسائل 5:2 الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها.
3- 3) الخلاف 1:212 مسألة-17.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:97،حلية العلماء 2:197،المجموع 4:249. [1]
5- 5) الاُمّ 1:166.
6- 6) الخلاف 1:212 مسألة-17.
7- 7) سنن أبي داود 1:133 الحديث 494-495،مسند أحمد 2:180،187.بتفاوت يسير.

بالبلوغ،و إن أردت به ما يثاب عليه فهو ممنوع؛لعدم استحقاق الثّواب.نعم،يستحقّون العوض أمّا الثّواب فلا،و إن أردت بالشرعيّة ما أمر الشّارع بها لغير (1)الفاعل فهو مسلّم و ذلك لا يفيد المطلوب.

مسألة:و يعتبر فيه الإيمان

و هو مذهب علمائنا أجمع،و اعتبر الجمهور الإسلام.

لنا:أنّه فاسق فلا يصلح للإمامة،لما تقدّم في باب الجماعة.و يعتبر فيه العدالة لذلك (2)أيضا،خلافا للجمهور؛لما رواه الجمهور،عن جابر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا تؤمّنّ امرأة رجلا،و لا فاجر مؤمنا،إلاّ أن يقهره بسلطان،أو يخاف سوطه أو سيفه» (3).

و يعتبر فيه طهارة المولد و جميع الشّروط (4)المعتبرة في إمام الجماعة و قد سلفت.

و يعتبر فيه الذّكورة (5)،فلا يصلح إمامة النّساء،أمّا للرّجال فلما مضى،و أمّا لأمثالهنّ فلسقوط الجمعة في حقّهنّ.

فرع:

لا يجوز أن يكون الخنثى إماما؛لاحتمال أن يكون امرأة،و متى عرض تجويز البطلان كان الحكم له عملا بالاحتياط.

مسألة:و في إمامة العبد قولان:أظهرهما الجواز إذا تمَّ العدد بغيره

و هو قول أبي حنيفة،و الشّافعيّ (6)،خلافا لمالك (7).

ص:382


1- 1ح و ق:بغير.
2- 2) غ:كذلك.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:343 الحديث 1081،نيل الأوطار 3:199 الحديث 1.بتفاوت يسير.
4- 4) ح و ق:الشرائط.
5- 5) غ،م و ن:الذّكوريّة.
6- 6) حلية العلماء 22:2996.
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:84-85،بلغة السالك 1:158،حلية العلماء 2:297.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«يؤمّكم أقرؤكم» (1).

و هذا غير مخصوص بالحرّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد،عن أحدهما عليهما السّلام أنّه سئل عن العبد يؤمّ القوم إذا رضوا به و كان أكثرهم قرآنا؟قال:«لا بأس» (2).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (3).و لأنّهم رجال يصحّ منهم الجمعة فجاز أن يكونوا أئمّة كالأحرار.

احتجّ المخالف (4)بما رواه السّكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السّلام أنّه قال:«لا يؤمّ العبد إلاّ أهله» (5).و لأنّهم لا تجب عليهم الجمعة فلم يجز أن يؤمّوا كالنّساء.

و الجواب عن الأوّل:بضعف الرّواية.

و عن الثّاني:بالفرق مع أنّه قياس في معارضة النصّ فلا يكون مقبولا.

مسألة:و يجوز أن يكون المسافر إماما إذا تمَّ العدد بغيره

قاله الشّيخ في المبسوط (6).و به قال أبو حنيفة (7)،و الشّافعيّ (8)،

ص:383


1- 1صحيح البخاريّ 1:177-178،صحيح مسلم 1:465 الحديث 673،سنن أبي داود 1:159 الحديث 585، سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن النسائيّ 2:76.
2- 2) التّهذيب 3:29 الحديث 99،الاستبصار 1:423 الحديث 1628،الوسائل 5:400 الباب 16 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [1]
3- 3) التّهذيب 3:29 الحديث 100،الاستبصار 1:423 الحديث 1629،الوسائل 5:400 الباب 16 من أبواب صلاة الجمعة ذيل الحديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 3:29.
5- 5) التّهذيب 3:29 الحديث 102،الاستبصار 1:423 الحديث 1631،الوسائل 5:401 الباب 16 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [3]
6- 6) المبسوط 1:149. [4]
7- 7) حلية العلماء 2:296.
8- 8) المجموع 4:248،حلية العلماء 2:296،مغني المحتاج 1:284،السّراج الوهّاج:86،شرح العناية 2:33.

و مالك (1)،خلافا لأحمد (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب اللّه تعالى» (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي عبيدة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يتقدّم القوم أقرؤهم للقرآن» (4).و لأنّه مكلّف يتعيّن عليه الجمعة مع الحضور فأشبه الحاضر.

احتجّ المخالف بأنّ الجمعة لا تجب عليه فلا يكون إماما كالنّساء (5).

و الجواب:بما تقدّم و النّقض بالمريض.

مسألة:و لو كان الإمام مريضا أو محبوسا بالعذر كالمطر و شبهه فتكلّف الحضور صحّ أن يكون إماما إذا جمع الشّرائط

(6)

لا نعرف فيه مخالفا من أهل العلم.

مسألة:و يجوز إمامة الأعمى

و هو قول أكثر أهل العلم (7)؛لأنّ فقد حاسّة لا يخلّ بشيء من أفعال الصّلاة فكان حكمه حكم فاقد السّمع و الشّمّ.

مسألة:و لا يؤمّ الأجذم و الأبرص

لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«خمسة لا يؤمّون النّاس على كلّ حال:المجذوم،و الأبرص، و المجنون،و ولد الزّنا،و الأعرابيّ» (8).

ص:384


1- 1المدوّنة الكبرى 1:158-159.
2- 2) المغني 2:196،الكافي لابن قدامة 1:281،الإنصاف 2:368. [1]
3- 3) صحيح مسلم 1:465 الحديث 673،سنن أبي داود 1:159 الحديث 582،سنن ابن ماجه 1:313 الحديث 980،سنن الترمذيّ 1:458 الحديث 235.
4- 4) التّهذيب 3:31 الحديث 113،الوسائل 5:419 الباب 28 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [2]
5- 5) المغني 2:196.
6- 6) ن:اجتمع.
7- 7) المغني 2:30،المجموع 4:287، [3]نيل الأوطار 3:197.
8- 8) التّهذيب 3:26 الحديث 92،الاستبصار 1:422 الحديث 1626،الوسائل 5:399 الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 5. [4]

و روى،عن إبراهيم بن عبد الحميد،عن أبي الحسن عليه السّلام قال:«لا يصلّي بالنّاس من في وجهه آثار» (1).

و قد روى الشّيخ،عن عبد اللّه بن يزيد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المجذوم و الأبرص يؤمّان المسلمين؟قال:«نعم»قلت:هل يبتلي اللّه بهما المؤمن؟قال:

«نعم،و هل كتب البلاء إلاّ على المؤمن» (2).

قال الشّيخ:هذا محمول على الضّرورة في الجماعة (3).

مسألة:و إذا حضر إمام الأصل فهو أولى

و تعيّن الاجتماع معه لا خلاف فيه بين علمائنا؛لأنّ الولاية له.

و روى الشّيخ،عن حمّاد بن عيسى،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليه السّلام قال:

«إذا قدم الخليفة مصرا من الأمصار جمّع بالنّاس ليس ذلك لأحد غيره» (4).

مسألة:الّذي يظهر من عبارة الأصحاب أنّ المتولّي للخطبة هو الإمام

فلا يجوز أن يخطب واحد و يصلّي آخر،و لم أقف فيه على نصّ صريح لهم،لكنّ الأقرب ذلك إلاّ أن يكون هناك عذر؛لأنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام بعده هكذا فعلوا.

و قال عليه السّلام:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (5).و لأنّ الخطبتين كالرّكعتين فيتولاّهما الواحد،و أمّا مع العذر فظاهر؛لأنّ الاستخلاف في بعض الصّلاة له جائز فمع الخطبة أولى.

ص:385


1- 1التّهذيب 3:281 الحديث 833،الوسائل 5:399 الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 3:27 الحديث 93،الاستبصار 1:422 الحديث 1627،الوسائل 5:399 الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 3:27،الاستبصار 1:423.
4- 4) التّهذيب 3:23 الحديث 81،الوسائل 5:36 الباب 20 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [4]
فرعان:
الأوّل:لو خطب أمير فعزل و ولي غيره،صلّى بهم

و هل تجب إعادة الخطبة؟فيه نظر.

الثّاني:هل يشترط أن يكون الثّاني قد حضر الخطبة؟الأقرب عدمه

لأنّ المسبوق يجوز استخلافه في الصّلاة فمع الخطبة أولى،و به قال الأوزاعيّ (1)،و الشّافعيّ (2)؛لأنّه ممّن تنعقد به الجمعة فجاز أن يؤمّ كما لو حضر الخطبة.و قال الثّوريّ:يشترط؛لأنّه إمام في الجمعة فاشترط حضوره[الخطبة] (3)،و به قال أبو ثور،و أصحاب الرّأي (4)،و ليس بشيء.

البحث الخامس:في الكيفيّة
مسألة:فإذا زالت الشّمس صعد الإمام المنبر لا يؤخّره،سواء كان صيفا أو شتاء

لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلاّها وقت الزّوال فيهما،و لأنّ النّاس يجتمعون فلو انتظروا الإبراد شقّ عليهم،و هل الصّعود على المنبر واجب؟الأقرب أنّه لا يجب؛لأنّ الواجب إسماع العدد الخطبة لكن يستحبّ،و لا نعرف فيه مخالفا؛لما رواه الجمهور،عن سهل بن سعد قال:أرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى امرأة سماّها سهل أن مُرِي غلامك النجّار يعمل لي أعوادا أجلس عليهنّ إذا كلّمت النّاس (5).

ص:386


1- 1المغني 2:155،الشرح الكبير بهامش المغني 2:184.
2- 2) المغني 2:155،الشرح الكبير بهامش المغني 2:184.
3- 3) في النسخ:الجمعة،و الصحيح ما أثبتناه.
4- 4) المغني 2:154،الشرح الكبير بهامش المغني 2:184.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:11،سنن أبي داود 1:283 الحديث 1080،سنن النسائيّ 2:57-58،مسند أحمد 5: 339. [1]

و رووا،عن أُمّ هشام بنت حارثة بن النّعمان (1)قالت:ما أخذت(ق)إلاّ عن لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرأها كلّ جمعة على المنبر إذا خطب النّاس (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الجمعة حين تزول الشّمس قدر شراك،و يخطب في الظلّ الأوّل،فيقول جبرئيل عليه السّلام:يا محمّد قد زالت الشمس فانزل فصلّ» (3).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الجمعة؟فقال:«أذان و إقامة يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب» (4).

فرع:

قال الشّيخ:يستحبّ أن يقعد الخطيب دون الدّرجة العالية من المنبر (5).

أصل:إذا ورد لفظ من الشّرع يمكن حمله على معنى لغويّ و حكم شرعيّ مجدّد، فحمله على الثّاني أولى و ليس بمجمل،لأنّ المعهود من الشّرع إنّما هو تعريف الأحكام لا تعريف اللّغة،فكان اللفظ الصّادر عنه ظاهرا في الحكم الشّرعيّ المجدّد،و قولهم:إنّا عهدنا من باب الشّرع استعمال الألفاظ في معانيها اللغويّة فيتساوى الاحتمالان (6)،ضعيف؛

ص:387


1- 1أُمّ هشام بنت حارثة بن النعمان الأنصاريّة،بايعت بيعة الرضوان.روت عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و زوى عنها يحيى بن عبد اللّه. أُسد الغابة 5:623-625، [1]الإصابة 4:504. [2]
2- 2) صحيح مسلم 2:595 الحديث 873،سنن أبي داود 1:288 الحديث 1100،1102،نيل الأوطار 3:328 الحديث 6.
3- 3) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [4]
5- 5) المبسوط 1:148. [5]
6- 6) ينظر:بحث المجمل و المبيّن من كتاب نهاية الوصول إلى علم الأُصول للمؤلّف-مخطوط-،و الإحكام في أُصول الأحكام للآمديّ 3:20،21.

لأولويّة الشّرعيّ،لما ذكرناه.

مسألة:و في جواز تقديم الخطبة على الزّوال قولان:أقربهما عدم الجواز

(1).

لنا:أنّ السّعي إنّما يجب بعد الأذان و هو إنّما يكون بعد دخول الوقت.و ما رواه الجمهور،عن سلمة بن الأكوع قال:كنّا نجمّع مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا زالت الشّمس ثمَّ نرجع نتتبّع الفيء (2).و الجمعة إنّما هي الخطبتان و الركعتان.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الجمعة؟ فقال:«أذان و إقامة يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب.» (3)الحديث.

و ما رواه،عن عبد اللّه بن ميمون،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:

«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتّى يفرغ المؤذّنون» (4).

و لأنّ الفائدة من الخطبة إنّما هو الاستماع للاتّعاظ (5)المستلزم (6)للحضور،و ذلك إنّما يكون بعد الزّوال،لاشتغال النّاس قبله،فكان يلزم أن يفوت الخطبة أكثر المصلّين،و ذلك غير مطلوب في نظر الشّرع،و لأنّهما بدل من الصّلاة فلحقهما (7)حكمها.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إنّما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهي صلاة حتّى ينزل الإمام» (8).

ص:388


1- 1و هو مذهب ابن أبي عقيل كما نقله عنه في المعتبر 2:287،و [1]ابن الجنيد كما نقله عنه في المختلف:104،و الحلبيّ في الكافي في الفقه:151،و ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):560،و ابن إدريس في السرائر:64.
2- 2) صحيح مسلم 2:589 الحديث 860،التعليق المغني على الدار قطنيّ 2:19.
3- 3) التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [2]
4- 4) التّهذيب 3:244 الحديث 663،الوسائل 5:43 الباب 28 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [3]
5- 5) ق و ح:للألفاظ.
6- 6) غ و ن:المستلزمة.
7- 7) ق و ح:فحكمهما.
8- 8) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [4]

و لأنّ الخطبتين يصدق عليهما أنّهما صلاة لغة؛لاشتمالهما على الدّعاء،فنقول:ذلك غير مطلوب من قول أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّها صلاة؛لأنّ الشّرع بتعريف الأحكام أكثر اعتناء من تعريف اللّغات،فلم يبق إلاّ أنّهما تساويان الصّلاة في الأحكام،و الصّلاة إنّما يصحّ بعد الزّوال؛لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا صلاة نصف النّهار إلاّ الجمعة» (1).

احتجّ الشّيخ (2)برواية عبد اللّه بن سنان الصّحيحة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الجمعة حين تزول الشّمس قدر شراك، و يخطب في الظّلّ الأوّل،فيقول جبرئيل عليه السّلام:يا محمّد قد زالت الشّمس فانزل فصلّ» (3).

و الجواب:أنّ الظلّ الأوّل يمكن أن يكون المراد به ما يحصل بعد زوال الشّمس.

مسألة:و إذا استقبل النّاس سلّم عليهم مستحبّا

و هو اختيار السيّد المرتضى (4)،و ابن إدريس (5)،و به قال الأوزاعيّ (6)و الشّافعيّ (7).و قال الشّيخ في الخلاف:

لا يستحبّ (8).و به قال مالك (9)،و أبو حنيفة (10).

ص:389


1- 1التّهذيب 3:13 الحديث 44،الاستبصار 1:412 الحديث 1576،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [1]
2- 2) الخلاف 1:246 مسألة-36.
3- 3) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [2]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:288. [3]
5- 5) السرائر:64.
6- 6) المغني 2:144،المجموع 4:527.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:112،المجموع 4:527،حلية العلماء 1:278،المغني 2:144.
8- 8) الخلاف 1:248 مسألة-40.
9- 9) المدوّنة الكبرى 1:150،المغني 2:144،المجموع 4:527.
10- 10) المغني 2:144،المجموع 4:527.

لنا:ما رواه الجمهور،عن جابر قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا صعد المنبر سلّم (1).

و عن ابن عمر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا دخل المسجد يوم الجمعة سلّم على من عند المنبر جالسا،فإذا صعد المنبر توجّه النّاس سلّم عليهم (2).

و عن الشّعبيّ قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل النّاس فقال:«السّلام عليكم و رحمة اللّه»و يحمد اللّه و يثني عليه و يقرأ سورة ثمَّ يجلس ثمَّ يقوم فيخطب (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عمرو بن جميع (4)رفعه،عن عليّ عليه السّلام قال:«من السنّة إذا صعد الإمام المنبر أن يسلّم إذا استقبل النّاس» (5).و لأنّه تحيّة فكان حسنا.

احتجّ الشّيخ بأنّ الأصل براءة الذمّة و شغلها بواجب أو مندوب يحتاج إلى دليل (6).

و الجواب:الدّليل ما قدّمناه،و لو (7)كان بالمدينة ابتدأ بالسّلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

ص:390


1- 1سنن ابن ماجه 1:352 الحديث 1109،سنن البيهقيّ 3:204،نيل الأوطار 3:321 الحديث 1.
2- 2) سنن البيهقيّ 3:205،نيل الأوطار 3:321.بتفاوت يسير في الألفاظ،و بهذا اللفظ ينظر:المغني 2:145.
3- 3) نيل الأوطار 3:321 الحديث 1،المغني 2:145.
4- 4) عمرو بن جُمَيع أبو عثمان الأزديّ البصريّ،قال النجاشيّ:ضعيف.و عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه السّلام و قال:بتريّ،و اخرى من أصحاب الصادق عليه السّلام و قال:قاضي الريّ،ضعيف الحديث.و قال في الفهرست:له كتاب.و قال المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة:قاضي الريّ،ضعيف،بتريّ. رجال النجاشيّ:288،رجال الطّوسيّ:131 و 249،الفهرست:111، [1]رجال العلاّمة:241. [2]
5- 5) التّهذيب 3:244 الحديث 662،الوسائل 5:43 الباب 28 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
6- 6) الخلاف 1:248 مسألة-40.
7- 7) م و ن:فلو.
فرع:

و إذا (1)سلّم ردّ عليه النّاس؛لأنّ ردّ السّلام آكد من ابتدائه،و لقوله تعالى:

وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها (2).

مسألة:ثمَّ يجلس إذا صعد المنبر حتّى يفرغ المؤذّنون للاستراحة

و لما رواه الجمهور،عن ابن عمر قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يخطب خطبتين كان يجلس إذا صعد المنبر حتّى يفرغ المؤذّنون،ثمَّ يقوم فيخطب،ثمَّ يجلس فلا يتكلّم ثمَّ يقوم (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن ميمون،عن جعفر عليه السّلام،و قد تقدّم (4).

مسألة:و لا نعرف خلافا بين أهل العلم في مشروعيّة الأذان عقيب صعود الإمام

لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا صعد المنبر جلس إلى أن يفرغ المؤذّنون (5)،و هذا هو الأذان الأوّل؛إذ ينبغي فعله مع أذان المؤذّنين في المنابر و هو الأذان الّذي يحرم به البيع و يتعلّق به وجوب السّعي،و إذا فرغ المؤذّنون من الأذان خطبهم قائما،و لو كان له عذر جاز له القعود،أمّا مع عدمه فلا،و به قال الشّافعيّ (6).و قال أبو حنيفة:لو خطب جالسا من غير علّة جاز (7).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث ابن عمر أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخطب

ص:391


1- 1م و ن:فإذا.
2- 2) النّساء(4):86. [1]
3- 3) سنن أبي داود 1:286 الحديث 1092،سنن البيهقيّ 3:205.
4- 4) تقدّمت الرواية في ص 388 رقم 4.
5- 5) سنن أبي داود 1:286 الحديث 1092،المغني 2:145.
6- 6) المهذّب للشيرازيّ 1:111،المجموع 4:514،مغني المحتاج 1:287،السراج الوهّاج:87.
7- 7) المبسوط للسرخسيّ 2:26،بدائع الصنائع 1:263،الهداية للمرغينانيّ 1:83،عمدة القارئ 6:219، شرح فتح القدير 2:29،المغني 2:150.

قائما خطبتين (1).

و كذا في حديث جابر بن سمرة قال:إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخطب قائما،ثمَّ يجلس،ثمَّ يقوم فيخطب قائما،فمن نبّأك أنّه كان يخطب جالسا فقد كذب،فقد و اللّه صلّيت معه أكثر من ألفي صلاة.رواه مسلم،و أبو داود،و النّسائيّ (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن وهب قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إنّ أوّل من خطب و هو جالس معاوية و استأذن النّاس في ذلك من وجع كان بركبتيه،و كان يخطب خطبة و هو جالس،و خطبة و هو قائم ثمَّ يجلس بينهما،ثمَّ قال:الخطبة و هو قائم خطبتان يجلس بينهما جلسة لا يتكلّم فيها قدر ما يكون فصل ما بين الخطبتين (3).

و لأنّهما بدل من الرّكعتين فاشترط (4)فيهما القيام كمبدلهما،و لأنّ حكمهما حكم الصّلاة؛لرواية عبد اللّه بن سنان،و قد مضى تقريرها (5).

احتجّ أبو حنيفة بأنّه ذكر ليس من شرطه الاستقبال فلا يجب له القيام،كالأذان (6).

و الجواب:الفرق؛لأنّهما بدل بخلاف الأذان.

فرع:

لو كان له عذر من علّة أو زمانة جاز له القعود،فلو قدر في أثنائه على القيام وجب، و لو قعد لغير عذر قال الشّيخ:بطلت صلاته و صلاة من خلفه إن علموا،و يصحّ صلاة من

ص:392


1- 1صحيح البخاريّ 2:12،سنن ابن ماجه 1:351 الحديث 1103،سنن أبي داود 1:286 الحديث 1092، [1]سنن الترمذيّ 2:380 الحديث 506. [2]
2- 2) صحيح مسلم 2:589 الحديث 862،سنن أبي داود 1:286 الحديث 1093،سنن النسائيّ 3:110.
3- 3) التّهذيب 3:20 الحديث 74،الوسائل 5:31 الباب 16 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
4- 4) ن:فأشرط.
5- 5) مضت الرواية و تقريرها في ص 389.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:26،بدائع الصنائع 1:263،الهداية للمرغينانيّ 1:83،المغني 2:150.

لم يعلم (1).

آخر:

لا ينبغي أن يفصل بين الأذان و الخطبة بجلوس و غيره بل ينبغي التّعقيب؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل (2).

مسألة:و يستحبّ له أن يستقبل النّاس في حال خطبته و لا يلتفت يمينا و لا شمالا

و به قال الشّافعيّ (3)،و أحمد (4).و قال أبو حنيفة:يلتفت يمينا و شمالا (5).

لنا:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يفعل كذلك،روى البراء بن عازب قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقبل علينا بوجهه،و نقبل عليه بوجوهنا (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن يعقوب في كتابه،عن السّكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:كلّ واعظ قبلة،يعني إذا خطب الإمام النّاس يوم الجمعة ينبغي للنّاس أن يستقبلوه بوجوههم» (7).

و ما رواه ابن بابويه في كتابه أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله قال:«كلّ واعظ قبلة و كلّ موعوظ قبلة للواعظ» (8).يعني في الجمعة و العيدين و صلاة الاستسقاء.

و لأنّه أبلغ في سماع النّاس و أعدل بينهم،فإنّه لو التفت إلى أحد الجانبين لأعرض

ص:393


1- 1المبسوط 1:147. [1]
2- 2) المغني 2:151.
3- 3) الاُمّ 1:200،المجموع 4:528،مغني المحتاج 1:289.
4- 4) المغني 2:155،الشرح الكبير بهامش المغني 2:186.
5- 5) المجموع 4:528،عمدة القارئ 6:221.
6- 6) سنن البيهقيّ 3:198.بتفاوت.
7- 7) الكافي 3:424 الحديث 9، [2]الوسائل 5:39 الباب 25 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [3]كلمة:«بوجوههم» غير موجودة فيهما.
8- 8) الفقيه 1:275 الحديث 1261،الوسائل 5:86 الباب 53 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [4]

عن الآخر.

احتجّ أبو حنيفة بالقياس على الأذان (1).

و الجواب:منع الحكم في الأصل.

فروع:
الأوّل:لو خطب مستقبل القبلة و استدبر النّاس صحّت الخطبة

لحصول المقصود و هو السّماع.

الثّاني:يستحبّ أن يستقبل النّاس الخطيب ليكون أبلغ في السّماع

و هو قول عامّة أهل العلم إلاّ الحسن البصريّ،فإنّه استقبل القبلة و لم ينحرف إلى الإمام (2).

و عن سعيد بن المسيّب أنّه كان لا يستقبل هشام بن إسماعيل (3)إذا خطب فوكّل به هشام شرطيّا يعطفه إليه (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عديّ بن ثابت،عن أبيه،عن جدّه قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم (5).

الثّالث:إنّما يستحبّ هذا للقريب بحيث يحصل له السّماع أو شدّته

أمّا البعيد الّذي لا يبلغه الصّوت فالأقرب عندي أنّه ينبغي له استقبال القبلة.

ص:394


1- 1المجموع 4:528.
2- 2) المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:186.
3- 3) هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد ابن المغيرة المخزوميّ والى المدينة،ولاّه عبد الملك عليها،و لمّا صارت الخلافة إلى هشام بن عبد الملك أبقاه. الأعلام للزركلي 8:84. [1]
4- 4) المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:186.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:360 الحديث 1136،المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:186.
مسألة:و لا يكفي الخطبة الواحدة بل لا بدّ من الخطبتين

فلو أخلّ بواحدة منهما فلا جمعة له.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (1).و قال مالك،و الأوزاعيّ، و إسحاق،و أبو ثور،و ابن المنذر (2)،و أصحاب الرّأي (3)،و أحمد:إنّه يجزئه خطبة واحدة (4).

لنا:ما رواه الجمهور في حديث ابن عمر (5)و جابر بن سمرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخطب خطبتين (6)و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (7).

و من طريق الخاصّة:رواية (8)معاوية بن وهب الصّحيحة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الخطبة و هو قائم خطبتان يجلس بينهما» (9)الحديث.

و في رواية الفضل بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و إنّما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين» (10).

و في رواية محمّد بن مسلم:«فيصعد المنبر فيخطب،ثمَّ يقعد ثمَّ يقوم فيفتتح بخطبته

ص:395


1- 1الاُمّ 1:199،بداية المجتهد 1:161،المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181،المجموع 4:513، نيل الأوطار 3:327.
2- 2) المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181،نيل الأوطار 3:327.
3- 3) المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181،المجموع 4:514، [1]نيل الأوطار 3:327.
4- 4) المغني 2:151،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181،نيل الأوطار 3:327.
5- 5) صحيح مسلم 2:589 الحديث 861،سنن ابن ماجه 1:351 الحديث 1103،سنن أبي داود 1:286 الحديث 1092،سنن الترمذيّ 2:380 الحديث 506. [2]
6- 6) صحيح مسلم 2:589 الحديث 862،سنن ابن ماجه 1:351 الحديث 1105-1106،سنن أبي داود 1:286 الحديث 1093، [3]سنن الترمذيّ 2:380 الحديث 506، [4]نيل الأوطار 3:327 الحديث 4.
7- 7) صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن الدارميّ 1:286. [5]
8- 8) ق و ح:ما رواه.
9- 9) التّهذيب 3:20 الحديث 74،الوسائل 5:31 الباب 16 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]
10- 10) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:10 الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [7]

ثمَّ ينزل» (1).

و بمثله (2)في رواية سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).و لأنّهما عوض الرّكعتين كلّ خطبة مقام ركعة،و الإخلال بأحدهما كالإخلال بإحدى الرّكعتين.

احتجّ المخالف (4)بقوله تعالى فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ (5).و ليس فيه دلالة على وجوب ما زاد (6)على الخطبة.

و الجواب:أنّه مجمل و بيّنه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فكان (7)ما فعله واجبا.

مسألة:و يشترط في كلّ خطبة حمد اللّه و الثّناء عليه

و الصّلاة على النّبيّ و آله صلّى اللّه عليهم،و قراءة شيء من القرآن،و الوعظ،فهذه الأربعة لا بدّ منها،فلو أخلّ بأحدها لم يجزئه.و به قال الشّافعيّ (8).و قال أبو حنيفة:يجزئ من الخطبة كلمة واحدة:

الحمد للّه،أو اللّه أكبر،أو سبحان اللّه،أو لا إله إلاّ اللّه و ما شابه ذلك (9).

و قال أبو يوسف و محمّد:لا يجزئه حتّى يأتي بكلام يسمّى خطبة في العادة (10).

ص:396


1- 1الكافي 3:424 الحديث 7، [1]التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [2]
2- 2) ح:و مثله.
3- 3) الكافي 3:421 الحديث 4، [3]التّهذيب 3:19 الحديث 70،الوسائل 5:13 و 16 الباب 5 و 6 من أبواب صلاة الجمعة [4]الحديث 3 و 8.
4- 4) المغني 2:150 و 152،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181.
5- 5) الجُمُعة(62):9. [5]
6- 6) ح:دلّ.
7- 7) ق و ح:و كان.
8- 8) الاُمّ 1:200،المجموع 4:519،520،المهذّب للشيرازيّ 1:111،112.
9- 9) الهداية للمرغينانيّ 1:83،بدائع الصنائع 1:262،المغني 2:152،المجموع 4:522، [6]تفسير القرطبيّ 18: 115، [7]رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:83،شرح فتح القدير 2:30،حلية العلماء 2:278.
10- 10) الهداية للمرغينانيّ 1:83،بدائع الصنائع 1:262،المجموع 4:522،تفسير القرطبيّ 18:115،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:83،شرح فتح القدير 2:30،حلية العلماء 2:278.

و عن مالك روايتان:إحداهما:أنّ من هلّل أو سبّح أعاد ما لم يصلّ.

و الثّانية:أنّه لا يجزئ إلاّ ما يسمّيه العرب،خطبة (1).

أمّا حمد اللّه فلقوله عليه السّلام:«كلّ أمر ذي بال لم يبدأ فيه بحمد اللّه فهو أبتر» (2).

و أمّا الصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛فلما روي في تفسير قوله أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ . وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (3)قال:لا اذكر إلاّ ذكرت معي (4).و لأنّه وجب ذكر اللّه و الثّناء عليه فوجبت الصّلاة على النّبيّ و آله صلّى اللّه عليهم كالأذان و التّشهّد.

و أمّا الصّلاة على آله،فلما رواه ابن يعقوب،عن[عبيد] (5)اللّه بن عبد اللّه الدهقان (6)،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:«كلّما ذكر اسم ربّه صلّ على محمّد و آله» (7).

و أمّا القراءة،فلما رواه الشّعبيّ قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل النّاس فقال:«السّلام عليكم»و يحمد اللّه و يثني عليه و يقرأ سورة ثمَّ يجلس ثمَّ يقوم فيخطب ثمَّ ينزل (8).

و في رواية جابر كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خطبتان يجلس بينهما و يقرأ

ص:397


1- 1الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:178،المغني 2:152،حلية العلماء 2:278،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:83-84.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:610 الحديث 1894،سنن أبي داود 4:261 الحديث 4840،بتفاوت.و بهذا اللفظ ينظر: المغني 2:152،كنز العمّال 1:558 الحديث 2509-2510.
3- 3) الانشراح(94):1،4. [1]
4- 4) التبيان 10:373، [2]تفسير الطبريّ 30:235، [3]تفسير القرطبيّ 20:106، [4]تفسير القمّيّ 2:428. [5]
5- 5) في النسخ:عبد،و الصحيح ما أثبتناه.
6- 6) عبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان الواسطيّ ضعّفه النجاشيّ و المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة.و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،من غير تعرّض إلى ضعفه. رجال النجاشيّ:231،الفهرست:107، [6]رجال العلاّمة:245. [7]
7- 7) الكافي 2:494 الحديث 18، [8]الوسائل 4:1217 الباب 41 من أبواب الذكر الحديث 1. [9]
8- 8) المغني 2:152.

القرآن و يذكّر النّاس (1).

و في رواية صفوان بن يعلى (2)،عن أبيه[قال] (3):سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرأ على المنبر وَ نادَوْا يا مالِكُ (4). (5)

و في رواية أُمّ هشام:تلقّنت (6)سورة(ق)من في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا خطب يوم الجمعة على المنبر (7).

و أمّا الوعظ،فلما روي أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في خطبته:«ألا إنّ الدّنيا عرض حاضر يأكل منه البرّ و الفاجر،ألا و إنّ الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر» (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ينبغي للإمام الّذي يخطب بالنّاس يوم الجمعة[أن] (9)يلبس عمامة في الشّتاء و الصّيف،و يتردّى ببرد يمنيّة أو عدنيّ،و يخطب و هو قائم يحمد اللّه و يثني عليه،ثمَّ يوصي بتقوى اللّه،ثمَّ يقرأ سورة من القرآن قصيرة،ثمَّ يجلس،ثمَّ يقوم فيحمد اللّه و يثني

ص:398


1- 1صحيح مسلم 2:589 الحديث 862،سنن أبي داود 1:286 الحديث 1094،سنن ابن ماجه 1:351 الحديث 1106،سنن النسائيّ 3:110،بتفاوت في الأخيرين.
2- 2) صفان بن يعلى بن أُميّة التميميّ.روى عن أبيه،و روى عنه ابن أخيه محمّد بن حيّ بن يعلى،و عطاء بن أبي رباح،و الزهريّ. تهذيب التهذيب 4:432، [1]الجمع بين رجال الصحيحين 1:223.
3- 3) أثبتناها من المصدر.
4- 4) الزخرف(43):77. [2]
5- 5) صحيح مسلم 2:595 الحديث 871،سنن الترمذيّ 2:382 الحديث 508. [3]
6- 6) أكثر النسخ:تلقّيت.
7- 7) صحيح مسلم 2:595 الحديث 873،سنن النسائيّ 3:107،المغني 2:153،مسند أحمد 6:435، 436 و 463، [4]مستدرك الحاكم 1:284،الدرّ المنثور 6:101. [5]
8- 8) كنز العمّال 15:934 الحديث 43602.
9- 9) أثبتناها من المصدر.

عليه،و يصلّي على محمّد و آله (1)،و على أئمّة المسلمين،و يستغفر للمؤمنين و المؤمنات، فإذا فرغ من هذا قام المؤذّن[فأقام] (2)فصلّى بالنّاس ركعتين يقرأ في الأُولى بسورة الجمعة، و في الثّانية بسورة المنافقين» (3).

احتجّ أبو حنيفة بأنّ الأمر مطلق بالسّعي إلى الذّكر المطلق (4)،و لما روي أنّ رجلا جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال:علّمني عملا أدخل به الجنّة،فقال:«لئن أقصرت في الخطبة لقد أعرضت في المسألة» (5).

فالجواب عن الأوّل:ما تقدّم.

و أمّا الثّاني:فلا شكّ أنّه مجاز،فإنّ السّؤال لا يسمّى خطبة.

فروع:
الأوّل:اختلفت عبارة الأصحاب في كيفيّة الخطبتين

فالّذي ذكرناه عبارة الشّيخ في الخلاف (6)و المبسوط،إلاّ أنّه قال فيه:و قراءة سورة خفيفة من القرآن (7).

و قال في النّهاية:و يخطب الخطبتين،و يفصل بينهما بجلسة،و يقرأ سورة خفيفة، و يحمد اللّه في خطبته،و يصلّي على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و يدعو لأئمّة المسلمين، و يدعو أيضا للمؤمنين و المؤمنات،و يعظ،و يزجر،و ينذر،و يخوّف (8).

ص:399


1- 1ق و ح:و آل محمّد.
2- 2) أثبتناها من المصدر.
3- 3) التّهذيب 3:243 الحديث 655،الوسائل 5:37 الباب 24 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1 و [1]ص 38 الباب 25 من نفس الأبواب الحديث 2.
4- 4) بدائع الصنائع 1:262،المغني 2:152.
5- 5) مسند أحمد 4:299، [2]مجمع الزوائد 4:240،كنز العمّال 6:437،المغني 2:152.
6- 6) الخلاف 1:244 مسألة-30.
7- 7) المبسوط 1:147. [3]
8- 8) النهاية:105. [4]

و قال السيّد المرتضى في المصباح:يحمد اللّه في الاُولى و يمجّده و يثني عليه، و يشهد لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله بالرّسالة،و يوشّحها بالقرآن،و يعظ.

و في الثّانية:الحمد و الاستغفار،و الصّلاة على النّبيّ و على آله،عليه و عليهم السّلام،و يدعو لأئمّة المسلمين و لنفسه و للمؤمنين (1).

و قال أبو الصّلاح:و خطبة في أوّل الوقت مقصورة على حمد اللّه و الثّناء عليه بما هو أهله،و الصّلاة على محمّد و آله المصطفين (2)،و وعظ،و زجر (3).

و قال ابن البرّاج بمثل قول الشّيخ في النّهاية (4).

و قال ابن حمزة بمثل قوله في المبسوط (5).

و قال الشّيخ في الجمل بمثل قوله في المبسوط (6).و بمثله قال ابن إدريس (7).

الثّاني:هل يجب قراءة سورة تامّة أم يجزئ بعضها؟

ظاهر كلامه في الخلاف الاجتزاء (8)بآية يتمّ فائدتها،و كذا كلام السيّد المرتضى في المصباح.و في رواية سماعة دلالة على وجوب السورة.

و لو قرأ إحدى العزائم نزل فسجد و سجد النّاس معه،و به قال أبو حنيفة (9).و قال الشّافعيّ:لا يجب السّجود،فيجوز له أن يترك،و أن ينزل و يسجد،و أن يسجد على المنبر

ص:400


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:284. [1]
2- 2) هكذا في المصدر،و في النسخ بإضافة:من آله.
3- 3) الكافي في الفقه:151. [2]
4- 4) المهذّب 1:103.
5- 5) الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):675.
6- 6) الجمل و العقود:82.
7- 7) السرائر:63.
8- 8) م و ن:الإجزاء.
9- 9) المغني 2:156،الشرح الكبير بهامش المغني 2:187.

إن يمكن (1).و قال مالك:لا ينزل (2).

لنا:أنّه واجب فلا يجوز تركه،و ما رواه الجمهور أنّ عثمان نزل و سجد،و كذا عمّار، و أبو موسى،و النّعمان بن بشير،و عقبة بن عامر (3)،و عمل هؤلاء الصّحابة إنّما يكون تلقّيا (4).

احتجّوا بأنّه غير واجب (5).

و الجواب:المنع و سيأتي.

الثّالث:هل الجلوس بين الخطبتين واجب أم لا؟فيه إشكال

و الظّاهر من عبارات الأصحاب (6)،و الأخبار الوجوب.و به قال الشّافعيّ (7)؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يجلسها (8)،و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» (9).و قال أبو حنيفة (10)،و أحمد (11)، و مالك:إنّ الجلوس ليس بواجب (12).

و احتجّوا بما رواه أبو إسحاق قال:رأيت عليّا عليه السّلام يخطب على المنبر فلم

ص:401


1- 1المغني 2:156،المجموع 4:520،مغني المحتاج 1:286.
2- 2) المغني 2:156،الشرح الكبير بهامش المغني 2:187.
3- 3) المغني 2:156،الشرح الكبير بهامش المغني 2:187.
4- 4) م و ح:تلقينا.
5- 5) المغني 2:156،الشرح الكبير بهامش المغني 2:188.
6- 6) ينظر:المبسوط 1:147،الغنية(الجوامع الفقهيّة):560،الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):675،المهذّب 1: 103،السرائر:64،الشرائع 1:95،الجامع للشرائع:94.
7- 7) الاُمّ 1:200،المغني 2:153،بداية المجتهد 1:161،المجموع 4:515،عمدة القارئ 6:228، مغني المحتاج 1:287،فتح الباري 2:324،السراج الوهّاج:87،نيل الأوطار 3:327.
8- 8) صحيح البخاريّ 2:12،سنن البيهقيّ 3:197،المغني 2:153.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:162 و ج 8:11،سنن الدار قطنيّ 1:346 الحديث 10،سنن البيهقيّ 2:345.
10- 10) المجموع 4:515،عمدة القارئ 6:228،شرح فتح القدير 2:29.
11- 11) المغني 2:153،المجموع 4:515،الإنصاف 2:397،منار السبيل 1:146.
12- 12) بداية المجتهد 1:161،المغني 2:154،المجموع 4:515،عمدة القارئ 6:228.

يجلس حتّى فرغ (1).و لأنّها جلسة ليس فيها ذكر مشروع فلم تكن واجبة.

و الجواب عن الأوّل:بالمنع من النّقل،و لو سلّم فلعلّه اشتبه على الرّاوي؛إذ في أقلّ ما يكون من الجلوس بلاغ،فلعلّه اشتغل عنه في تلك اللّحظة.

و عن الثّاني:بالنّقض بالجلوس بين الرّكعتين.

الرّابع في الخطبة جلوسا لعذر

الرّابع:لو خطب جالسا لعذر فصل بينهما بسكوت.

الخامس:يجب تقديم الخطبتين على الصّلاة

و لا نعرف فيه مخالفا،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل (2).

و روى الشّيخ،عن أبي مريم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عن خطبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقبل الصّلاة أو بعدها؟فقال:«قبل الصّلاة ثمَّ يصلّي» (3).

السّادس:لا يجب أن يخطب على صفة خطبة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله

إذ قد خطب في مرّات متعدّدة بخطب مختلفة و كذا الأئمّة عليهم السّلام،بل الواجب اشتمال الخطبة على ما ذكرناه (4)و لا نعرف فيه خلافا.

مسألة:و يشترط في الخطبتين:الطّهارة

ذهب إليه الشّيخ في الخلاف (5)و المبسوط (6)،و خالف فيه ابن إدريس،و جعل الطّهارة مستحبّة (7)،و للشّافعيّ قولان (8)،

ص:402


1- 1المغني 2:153،الجوهر النقيّ بهامش سنن البيهقيّ 3:198.
2- 2) ينظر:الوسائل 5:30 الباب 15 من أبواب صلاة الجمعة. و [1]من العامّة:المغني 2:157،المهذّب للشيرازيّ 1:111،المجموع 4:513.
3- 3) التّهذيب 3:20 الحديث 72،الوسائل 5:30 الباب 15 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
4- 4) يراجع:ص 396.
5- 5) الخلاف 1:245 مسألة-32.
6- 6) المبسوط 1:147.
7- 7) السرائر:63.
8- 8) قال في القديم:تصحّ من غير طهارة.و قال في الجديد:لا تصحّ من غير طهارة،ينظر:المهذّب للشيرازيّ 1: 111،المجموع 4:515-516،ميزان الكبرى 1:191،المغني 2:154.

و لأحمد روايتان (1).

لنا:أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله خطب متطهّرا،لأنّه كان يصلّي عقيب الخطبة و قال:«صلّوا كما رأيتموني أُصلّي».و لأنّه فعله بيانا فكان واجبا،و لرواية عبد اللّه بن سنان أنّهما صلاة (2)؛و لأنّهما بدل فكان حكمهما حكم مبدلهما؛و لأنّهما ذكر هو شرط في الصّلاة فاشترطت فيه الطّهارة كالتّكبير.

احتجّ المخالف بأنّ الأصل عدم الوجوب الى أن يظهر دليل (3)؛و لأنّه ذكر يتقدّم الصّلاة فلم يكن الطّهارة فيه شرطا كالأذان.

و الجواب عن الأوّل:ما ذكرنا من الأدلّة،و لأنّ أصله معارض بأنّ الأصل شغل الذمّة بعد الخطاب فلا يحصل البراءة باليقين إلاّ مع الطّهارة فاشترطت.

و عن الثّاني:بالفرق؛إذ الخطبتان بدل و شرط.

فروع:
الأوّل:لو أحدث في أثنائها فالّذي يقتضيه النّظر الاستخلاف

إذ الطّهارة شرط و قد فاتت فكان كما لو أحدث في أثناء الصّلاة.و لو أحدث بعد الفراغ منهما (4)قبل الصّلاة،قال الشّيخ في المبسوط:يستخلف؛إذ الأمر بالاستخلاف مطلق (5).و هو في معنى ما ذكرناه.

الثاني:لو ظنّ الطّهارة فخطب

ثمَّ تيقّن الحدث تطهّر و استأنف.

الثّالث:يشترط فيها طهارة الثّوب و البدن من الخبث

لما ذكرناه.و اعلم أنّ المسائل

ص:403


1- 1المغني 2:154،الكافي لابن قدامة 1:289،المجموع 4:515،الإنصاف 2:391،منار السبيل 1:145، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:84.
2- 2) التّهذيب 3:12 الحديث 42،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4.
3- 3) المغني 2:154،المجموع 4:515.
4- 4) م و ن:منها.
5- 5) المبسوط 1:145.

المذكورة في الطّهارة و الحدث في الشّكّ و اليقين آتية هاهنا.

مسألة:و يشترط في الخطبتين أن يحضرهما العدد المعتبر في الجمعة

ذهب إليه علماؤنا،فلو حضر معه ثلاثة نفر لم يصحّ،و به قال الشّافعيّ (1)،و أحمد (2).و قال أبو حنيفة:لا يشترط (3)العدد في الخطبتين (4).

لنا:الاحتياط يقتضي ذلك،و رواية الفضل (5)،و لأنّه ذكر من شرائط الجمعة فاعتبر فيه العدد كتكبيرة الإحرام (6).

احتجّ بالقياس على الأذان (7).

و الجواب:أنّه ليس بشرط بخلافهما،و يجب الاستماع؛لأنّ المقصود من الخطبة الاستماع للاتّعاظ و ذلك ظاهر.و لأنّه قد نهي النّاس عن الكلام حال الخطبة و لا سبب لذلك إلاّ المنع من الاستماع.و لرواية الفضل بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أهل القرى قال:«إن كان لهم من يخطب بهم جمّعوا» (8).و لا يفهم من الخطبة بهم إلاّ إذا سمعوا.

ص:404


1- 1المغني 2:179،الشرح الكبير بهامش المغني 2:183،المهذّب للشيرازيّ 1:111،المجموع 4:514، مغني المحتاج 1:287،السراج الوهّاج:87،حلية العلماء 2:280.
2- 2) المغني 2:178،الشرح الكبير بهامش المغني 2:183،الكافي لابن قدامة 1:289،الإنصاف 2:390، المجموع 4:514.
3- 3) م:يشرط.
4- 4) المغني 2:178،الشرح الكبير بهامش المغني 2:183،المجموع 4:514،حلية العلماء 2:280.
5- 5) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6.
6- 6) ق و ح:الافتتاح.
7- 7) المغني 2:178،الشرح الكبير بهامش المغني 2:183،المجموع 4:514.
8- 8) التّهذيب 3:238 الحديث 634،الاستبصار 1:420 الحديث 1614،الوسائل 5:8 الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 6. [1]
فرع:

هل الاستماع شرط أم لا؟الأقرب عندي أنّه واجب غير شرط،لعدم الدّلالة على الاشتراط،فلو حضر فاقد السّمع و كان العدد يتمّ به وجبت الجمعة،و لو كانوا كلّهم كذلك وجبت أيضا،عملا بالعموم،و إنّما يشترط العدد في واجبات الخطبة لا في مسنوناتها.

مسألة:و إذا فرغ من الخطبة نزل

و يبتدئ المؤذّن الّذي بين يديه بالإقامة، و ينادي باقي المؤذّنين:الصّلاة الصّلاة،و صلّى بالنّاس ركعتين،و قد أجمع علماء الإسلام على أنّ الجمعة ركعتان،روى الجمهور عن عمر أنّه قال:صلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سماعة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصّلاة يوم الجمعة؟فقال:«أمّا مع الإمام فركعتان،و أمّا من صلّى وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظّهر» (2).

مسألة:و يقرأ في الأُولى منهما الحمد و سورة الجمعة،و في الثّانية الحمد و المنافقين

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (3)،و أبو ثور (4)،و أحمد (5).

و قال أبو حنيفة:يقرأ من أيّ موضع شاء و لا يختصّ القراءة بسورة (6).

و قال مالك:يقرأ في الأُولى سورة الجمعة و في الثّانية الغاشية (7).

و قال أبو بكر عبد العزيز:يقرأ في الثّانية سبّح (8).

ص:405


1- 1سنن ابن ماجه 1:338 الحديث 1064،سنن النسائيّ 3:111،مسند أحمد 1:37، [1]المغني 2:157.
2- 2) التّهذيب 3:19 الحديث 70،الوسائل 5:13 الباب 5 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [2]
3- 3) المغني 2:157،المجموع 4:531،عمدة القارئ 6:185،مغني المحتاج 1:290.
4- 4) المغني 2:157،الشرح الكبير بهامش المغني 2:189،عمدة القارئ 6:185.
5- 5) المغني 2:157،الشرح الكبير بهامش المغني 2:189.
6- 6) تحفة الفقهاء 1:162،بدائع الصنائع 1:269،المجموع 4:531،حلية العلماء 2:281.
7- 7) المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:189،المجموع 4:531، [3]عمدة القارئ 6:185.
8- 8) المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:189.

لنا:ما رواه الجمهور عن عبيد اللّه بن أبي رافع (1)قال:صلّى بنا أبو هريرة الجمعة فقرأ بسورة الجمعة في الرّكعة الاُولى،و في الرّكعة الآخرة:إذا جاءك المنافقون،فلمّا قضى أبو هريرة الصّلاة أدركته فقلت:يا أبا هريرة إنّك قرأت السّورتين كان عليّ عليه السّلام قرأ بهما بالكوفة قال:إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقرأ بهما في الجمعة.رواه مسلم (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي الصّباح الكنانيّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا كان صلاة الجمعة فاقرأ سورة الجمعة و المنافقين» (3).

و عن أبي بصير عنه عليه السّلام:«و في الجمعة سورة الجمعة و المنافقون» (4).

و في رواية محمّد بن مسلم:ثمَّ يقرأ بهم في الرّكعة الأُولى بالجمعة،و في الثّانية بالمنافقون (5).

و في رواية سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«يقرأ في الأولى بسورة الجمعة و في الثّانية بسورة المنافقون» (6).

و لأنّ سورة الجمعة يليق بها؛لما فيها من الحثّ عليها فكان استحباب القراءة فيها

ص:406


1- 1في النسخ:عبد اللّه،و الصحيح:عبيد اللّه بن أبي رافع،و اسمه أسلم،مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مدنيّ.سمع عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و كان كاتبه،و روى عن أبي هريرة،و روى عنه الحسن بن محمّد بن الحنفيّة و محمّد بن عليّ بن الحسين و بسر بن سعيد و الأعرج عبد الرحمن. الجمع بين رجال الصحيحين 1:300،تهذيب التهذيب 7:10، [1]رجال صحيح مسلم 2:11.
2- 2) صحيح مسلم 2:597 الحديث 877.
3- 3) التّهذيب 3:5 الحديث 13،الوسائل 4:789 الباب 49 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 4. [2]
4- 4) التّهذيب 3:6 الحديث 14،الاستبصار 1:413 الحديث 1582،الوسائل 4:788 الباب 49 من أبواب القراءة في الصّلاة الحديث 2. [3]
5- 5) الكافي 3:424 الحديث 7، [4]التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [5]
6- 6) الكافي 3:421 الحديث 1، [6]التّهذيب 3:243 الحديث 655،الوسائل 5:38 الباب 25 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [7]

مناسبا،و سورة المنافقون فيها إرغام لهم و قد كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي بها لذلك (1)المعنى،و لا يخلو زمان منهم (2)،فاستحبّ قراءتها.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ النّقل قد اختلف،فتارة نقل أنّه عليه السّلام صلّى بالجمعة و المنافقين،و تارة نقل أنّه صلّى بسبّح و الغاشية و غير ذلك،و ذلك يدلّ على عدم اليقين (3).

و احتجّ مالك بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي بالجمعة و الغاشية (4).

و احتجّ أبو بكر عبد العزيز بما نقله مالك قال:أمّا الّذي جاء به الحديث:هل أتاك حديث الغاشية،مع سورة الجمعة،و الّذي أدركت عليه النّاس سبّح اسم ربّك الأعلى (5).

و الجواب عنهما:أنّ ما ذكرناه أولى؛لاشتماله على فعل أكثر الصّحابة مع فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و لأنّ فيه زيادة ثواب لزيادة القراءة،و ما ذكروه يحتمل أن يكون في وقت الاستعجال و ذلك لا ينافي ما ذكرناه من الأولويّة.

فروع:
الأوّل:المستحبّ قراءة الجمعة في الاُولى و المنافقين في الثّانية

و لا نعرف فيه مخالفا بين القائلين بتعيينهما (6)؛لما تقدّم من الأحاديث (7).

الثّاني:هل يجب قراءة السّورتين أم لا؟

الّذي أذهب إليه الاستحباب.و هو اختيار

ص:407


1- 1ق و ح:بذلك.
2- 2) المغني 2:157،المجموع 4:530،عمدة القارئ 6:185،نيل الأوطار 3:339.
3- 3) تحفة الفقهاء 1:162،بدائع الصنائع 1:269،عمدة القارئ 6:185.
4- 4) المغني 2:158،المجموع 4:531،عمدة القارئ 6:185.
5- 5) المغني 2:158. [1]
6- 6) غ و م:بتعيّنهما.
7- 7) يراجع:ص 406.

الشّيخ في الخلاف (1)،و الظّاهر من كلامه في المبسوط ذلك أيضا (2)،و به قال السيّد المرتضى (3)،و ابن إدريس (4).و نقل عن بعض أصحابنا وجوب السّورتين (5).

لنا:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام عن الرّجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمّدا؟قال:«لا بأس بذلك» (6).

و ما رواه محمّد بن سهل بن الأشعريّ (7)،عن أبيه قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمّدا؟قال:«لا بأس» (8).

و لأنّ الأصل براءة الذمّة و قد ثبت الاستحباب فالزّائد يحتاج (9)إلى دليل.

احتجّ الموجبون بما رواه الشّيخ في الحسن،عن عمر بن يزيد قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من صلّى الجمعة بغير الجمعة و المنافقين أعاد الصّلاة في سفر

ص:408


1- 1الخلاف 1:245 مسألة-33.
2- 2) المبسوط 1:151.
3- 3) جمل العلم و العمل:72.
4- 4) السرائر:65.
5- 5) الكافي في الفقه:151. [1]
6- 6) التّهذيب 3:7 الحديث 19،الاستبصار 1:414 الحديث 1586،الوسائل 4:817 الباب 71 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
7- 7) محمّد بن سهل بن اليسع.الأشعريّ القمّيّ،قال النجاشيّ،روى عن الرضا و الجواد عليهما السّلام.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السّلام،و قال في الفهرست:له مسائل عن الرضا عليه السّلام،و روى العلاّمة المامقانيّ عن الخرائج ما يدلّ على حسن حاله.و لمّا مات غسّله أحمد بن محمّد بن عيسى،و كفّنه بملاءتين كان بعث بهما إليه أبو جعفر الجواد عليه السّلام. رجال النجاشيّ 367،رجال الطوسيّ:388،الفهرست:147، [3]تنقيح المقال 3:130. [4]
8- 8) التّهذيب 3:7 الحديث 20،الاستبصار 1:414 الحديث 1587،الوسائل 4:817 الباب 71 من أبواب القراءة الحديث 4. [5]
9- 9) ق و ح:محتاج.

أو حضر» (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن صبّاح بن صبيح (2)قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

رجل أراد أن يصلّي الجمعة فقرأ بقل هو اللّه أحد،قال:«يتمّها ركعتين ثمَّ يستأنف» (3).

و ما رواه في الحسن،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إنّ اللّه أكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بشارة لهم.و المنافقين توبيخا للمنافقين،و لا ينبغي تركهما،فمن تركهما متعمّدا فلا صلاة له» (4).

و الجواب:أنّ ذلك دليل على شدّة التّأكيد (5)لا على الوجوب،كما أنّه قد روي أنّ من دخل في الصّلاة بغير أذان استأنف (6)،و كذا من دخل الإمام و قد صلّى بعض الصّلاة أتمّها نافلة،ثمَّ دخل في الجماعة (7).

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الجمعة في السّفر ما أقرأ فيهما؟قال:«اقرأهما بقل هو اللّه أحد» (8).فدلّ ذلك

ص:409


1- 1التّهذيب 3:7 الحديث 21،الاستبصار 1:414 الحديث 1588،الوسائل 4:818 الباب 72 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]
2- 2) صبّاح بن صبيح الحذّاء الفزاريّ مولاهم،إمام مسجد دار اللؤلؤ بالكوفة،ثقة،عين،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قاله النجاشيّ.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النجاشيّ:201،رجال الطّوسيّ:219،رجال العلاّمة:88. [2]
3- 3) التّهذيب 3:8 الحديث 22،الاستبصار 1:415 الحديث 1989،الوسائل 4:818 الباب 72 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
4- 4) التّهذيب 3:6 الحديث 16،الاستبصار 1:414 الحديث 1583،الوسائل 4:815 الباب 70 من أبواب القراءة الحديث 3. [4]
5- 5) غ:الاستحباب.
6- 6) ينظر:الوسائل 4:657 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة الحديث 3.
7- 7) ينظر:الوسائل 5:458 الباب 56 من أبواب صلاة الجماعة. [5]
8- 8) التّهذيب 3:8 الحديث 23،الاستبصار 1:415 الحديث 1590،الوسائل 4:817 الباب 71 من أبواب القراءة الحديث 2. [6]

على أنّ قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«أعاد في سفر أو حضر»إنّما أراد به المبالغة.

و أيضا:روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:«لا بأس بأن تقرأ فيها بغير الجمعة و المنافقين إذا كنت مستعجلا» (1).

الثّالث:لو قرأ غيرهما ناسيا قطع القراءة و ابتدأ بالجمعة و المنافقين

لأنّه مستحبّ فات فعله في محلّه (2)فاستحبّ استدراكه،و لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السّلام في الرّجل يريد أن يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فيقرأ قل هو اللّه أحد،قال:«يرجع إلى سورة الجمعة» (3).

و في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا افتتحت صلاتك بقُل هو اللّه أحد و أنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها و لا ترجع إلاّ أن تكون في يوم الجمعة فإنّك ترجع إلى الجمعة و المنافقين منها» (4).

و في الموثّق،عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أراد أن يقرأ في سورة فأخذ في أُخرى؟قال:«فليرجع إلى السورة الأولى إلاّ أن يقرأ بقل هو اللّه أحد»قلت:رجل صلّى الجمعة فأراد أن يقرأ سورة الجمعة فقرأ قل هو اللّه أحد؟قال:

«يعود إلى سورة الجمعة» (5).

الرّابع:لو ذكر بعد تجاوز النّصف نقل نيّته إلى النّفل مستحبّا و أعاد الجمعة

ص:410


1- 1التّهذيب 3:242 الحديث 653،الاستبصار 1:415 الحديث 1591،الوسائل 4:817 الباب 71 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
2- 2) في م،ن،ق و متن ح:فإن فعله في محلّه.مكان:فات فعله في محلّه.و في هامش ح:فإن لم يفعله في محلّه.و ما أثبتناه من نسخة غ.
3- 3) التّهذيب 3:241 الحديث 649،الوسائل 4:814 الباب 69 من أبواب القراءة الحديث 1. [2]
4- 4) التّهذيب 3:242 الحديث 650،الوسائل 4:814 الباب 69 من أبواب القراءة الحديث 2. [3]
5- 5) التّهذيب 3:242 الحديث 651،الوسائل 4:814 الباب 69 من أبواب القراءة الحديث 3. [4]

بالسّورتين،ذكره الشّيخ (1)،و خالف فيه ابن إدريس (2)،و الأقرب عندي قول الشّيخ؛ لرواية صبّاح و قد مضت (3).

احتجّ ابن إدريس بأنّ النّقل يحتاج إلى دليل و لم يوجد (4).

و جوابه:أنّ الرّواية دلّت عليه،و لا خلاف أنّه ليس على سبيل الوجوب.

الخامس:أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على أنّه يجهر بالقراءة في صلاة الجمعة

و لم أقف على قول للأصحاب في الوجوب و عدمه و الأصل عدمه.

و يدلّ على الجهر ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن جميل،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إنّما يجهر إذا كانت خطبة» (5).و بمثله روى في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم (6).

و ما رواه،عن عبد الرّحمن العرزميّ (7)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أدركت الإمام يوم الجمعة و قد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أُخرى و أجهر فيها» (8).

و ما رواه في الصّحيح،عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و يجهر بالقراءة» (9).

السّادس:يستحبّ لمن يصلّي وحده الظّهر قراءة السّورتين

بلا خلاف بين علمائنا

ص:411


1- 1المبسوط 1:151. [1]
2- 2) لم نعثر على قوله هذا و الموجود في السرائر خلافه،ينظر:السرائر:65.
3- 3) يراجع:ص 409.
4- 4) السرائر:65.
5- 5) التّهذيب 3:15 الحديث 53،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 8. [2]
6- 6) التّهذيب 3:15 الحديث 54،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 9. [3]
7- 7) عبد الرّحمن بن محمّد بن عبيد اللّه الرزميّ الفزاريّ أبو محمّد،كذلك أثبته النجاشيّ و المصنّف و وثّقه، و عنونه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام بالعرزميّ نسبة إلى جبّانة عرزم بالكوفة. رجال النجاشيّ:237،رجال الطوسيّ 232،الفهرست:108، [4]رجال العلاّمة:114، [5]تنقيح المقال 2:148. [6]
8- 8) التّهذيب 3:244 الحديث 659،الوسائل 4:819 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 5. [7]
9- 9) التّهذيب 3:245 الحديث 664،الوسائل 4:819 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 4. [8]

لأنّها مستحبّتان في بدلها فاستحبّتا فيها.

و يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن القراءة في الجمعة إذا صلّيت وحدي أربعا أجهر بالقراءة؟فقال:«نعم»و قال:

«اقرأ بسورة (1)الجمعة و المنافقين يوم الجمعة» (2).

فرعان:
الأوّل:لو تلبّس بقراءة غيرهما فإن لم يتجاوز النّصف رجع إلى الجمعة و المنافقين

و إلاّ أتمّها نافلة و استأنف الفريضة بالسّورتين على جهة الاستحباب و البحث فيه كما في الجمعة.

الثّاني:هل يستحبّ الجهر بالقراءة في ظهر الجمعة؟

قال الشّيخ:نعم (3)،و منع ابن إدريس من ذلك (4)،و هو مذهب الجمهور (5).

و قال السيّد المرتضى في المصباح:و أمّا المنفرد بصلاة الظّهر يوم الجمعة فقد روي أنّ عليه أن يجهر بالقراءة استحبابا،و روي أنّ الجهر إنّما يستحبّ لمن صلاّها مقصورة بخطبة أو صلاّها ظهرا أربعا في جماعة و لا جهر على المنفرد (6).و الأقرب عندي ما ذكره الشّيخ.

لنا:رواية الحلبيّ و قد تقدّمت.

و ما رواه الشّيخ،عن عمران الحلبيّ قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول

ص:412


1- 1ح:سورة.
2- 2) التّهذيب 3:14 الحديث 49،الاستبصار 1:416 الحديث 1593،الوسائل 4:819 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 3. [1]
3- 3) المبسوط 1:151، [2]الخلاف 1:252 مسألة-53.
4- 4) السرائر:65.
5- 5) يعني استحباب الجهر بالقراءة في ظهر الجمعة كما قال به الشيخ هو مذهب الجمهور،يلاحظ:المغني 2: 157،المجموع 4:530.
6- 6) نقله عنه في السرائر:65.

و سئل عن الرّجل يصلّي الجمعة أربع ركعات أ يجهر فيها بالقراءة؟فقال:«نعم،و القنوت في الثّانية» (1).

و ما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لنا:«صلّوا في السّفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة،و أجهروا بالقراءة»فقلت:إنّه ينكر علينا الجهر بها في السّفر،فقال:«أجهروا بها» (2).

و ما رواه،عن محمّد بن مروان قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صلاة الظّهر يوم الجمعة كيف نصلّيها في السّفر؟فقال:«تصلّيها في السّفر ركعتين و القراءة فيها جهرا» (3).

و لأنّها مبدل لما يستحبّ فيه الجهر و لا يزيد البدل عن المبدل منه؛و لأنّ الأصل جواز الجهر.و لأنّ فيه تحريصا على العبادة فكان الجهر و الإعلان فيه مستحبّا.

احتجّ المخالف (4)بما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن جميل قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن[الجماعة يوم] (5)الجمعة[في السّفر] (6)؟فقال:«تصنعون كما تصنعون في غير يوم الجمعة في الظّهر و لا يجهر الإمام فيها بالقراءة،إنّما يجهر إذا كانت خطبة» (7).

ص:413


1- 1التّهذيب 3:14 الحديث 50،الاستبصار 1:416 الحديث 1594،الوسائل 4:819 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 1. [1]بتفاوت في الأخير.
2- 2) التّهذيب 3:15 الحديث 51،الاستبصار 1:416 الحديث 1595،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 6. [2]
3- 3) التّهذيب 3:15 الحديث 52،الاستبصار 1:416 الحديث 1596،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 7. [3]
4- 4) المعتبر 2:304. [4]
5- 5) أثبتناها من المصدر.
6- 6) أثبتناها من المصدر.
7- 7) التّهذيب 3:15 الحديث 53،الاستبصار 1:416 الحديث 1597،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 8. [5]

و في الصّحيح عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن صلاة الجمعة في السّفر؟قال:

«تصنعون كما تصنعون في الظّهر و لا يجهر الإمام فيها بالقراءة،و إنّما يجهر إذا كانت خطبة» (1).

و أجاب الشّيخ عنهما بتنزيلهما على حال التقيّة (2).و هو جيّد؛لرواية محمّد بن مسلم و ذكر الإنكار فيها.

و لما رواه في الموثّق،عن عبد اللّه بن بكير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم في قرية ليس لهم من يجمّع بهم،أيصلّون الظّهر يوم الجمعة جماعة؟قال:«نعم،إذا لم يخافوا» (3).فهاهنا صرّح بالتّقيّة.

البحث السّادس:في بقيّة الكلام في الأحكام و الآداب
مسألة:قد ذكرنا أنّ السّعي واجب يوم الجمعة

و له وقت وجوب-و هو الزّوال إن كان قريبا،أو قبله بحيث يدرك الجمعة إن كان بعيدا لا خلاف في هذا،لأنّ أداء الجمعة واجب و لا يتمّ إلاّ بالسّعي على الوجه الّذي ذكرناه فيكون واجبا-و وقت استحباب و هو أوّل النّهار.ذهب إليه علماؤنا،و هو قول الأوزاعيّ (4)،و الشّافعيّ (5)،و ابن المنذر (6)،

ص:414


1- 1التّهذيب 3:15 الحديث 54،الاستبصار 1:416 الحديث 1598،الوسائل 4:820 الباب 73 من أبواب القراءة الحديث 9. [1]
2- 2) التّهذيب 3:15،الاستبصار 1:417.
3- 3) التّهذيب 3:15 الحديث 55،الاستبصار 1:417 الحديث 1599،الوسائل 5:26 الباب 12 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث 1. [2]
4- 4) المغني 2:147.
5- 5) المغني 2:147،المجموع 4:540، [3]السراج الوهّاج:89،بداية المجتهد 1:165.
6- 6) المغني 2:147.

و أحمد (1)،و أصحاب الرّأي (2).و قال مالك:لا يستحبّ التكبير قبل الزّوال (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة،ثمَّ راح في السّاعة الأُولى فكأنّما قرّب بَدَنَة،و من راح في السّاعة الثّانية فكأنّما قرّب بقرة،و من راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرّب كبشا أقرن، و من راح في السّاعة الرّابعة فكأنّما قرّب دَجَاجَة،و من راح في السّاعة الخامسة فكأنّما قرّب بَيضَة،فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذّكر» (4).

و قال علقمة:خرجت مع عبد اللّه بن مسعود إلى الجمعة فوجد ثلاثة قد سبقوه، فقال:رابع أربعة و ما رابع أربعة ببعيد إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«إنّ النّاس يجلسون من اللّه تعالى يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعة» (5).

و روى التّرمذيّ بإسناده أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من غسّل يوم الجمعة و اغتسل،و بكّر و ابتكر كان له بكلّ خطوة يخطوها أجر سنة،صيامها و قيامها» (6).

و معنى قوله:«بكّر»أي خرج في بكرة النّهار أي أوّله و ابتكر أي بالغ،فجاء في أوّل البكرة، و قوله:«غسّل و اغتسل»أي غسّل امرأته ثمَّ اغتسل ليكون غاضّا لطرفه مع خروجه.

و قيل:غسّل رأسه و اغتسل في بدنه،قاله ابن المبارك (7).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان قال:قال

ص:415


1- 1المغني 2:147،الكافي لابن قدامة 1:297.
2- 2) المغني 2:147.
3- 3) المغني 2:147،بداية المجتهد 1:165،أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1807، [1]تفسير القرطبيّ 18:105. [2]
4- 4) صحيح البخاريّ 2:3،صحيح مسلم 2:582 الحديث 850،سنن أبي داود 1:96 الحديث 351،سنن الترمذيّ 2:372 الحديث 499، [3]سنن النسائيّ 3:99،الموطّأ 1:101 الحديث 1، [4]سنن البيهقيّ 3:226، كنز العمّال 7:750 الحديث 21228.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:348 الحديث 1094،المغني 2:147.
6- 6) سنن الترمذيّ 2:367 الحديث 496. [5]
7- 7) المغني 2:148.

أبو عبد اللّه عليه السّلام:«فضّل اللّه الجمعة على غيرها من الأيّام،و إنّ الجنان لتزخرف و تزيّن يوم الجمعة لمن أتاها،فإنّكم تتسابقون إلى الجنّة على قدر سبقكم إلى الجمعة،و إنّ أبواب السّماء لتفتح لصعود أعمال العباد» (1).

و عن جابر بن يزيد،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قلت له:قول اللّه عزّ و جلّ:

فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ (2)قال:قال:«اعملوا و عجّلوا فإنّه يوم مضيّق على المسلمين فيه،و ثواب أعمال المسلمين على قدر ما ضيّق عليهم،و الحسنة و السيّئة تضاعف فيه»قال:و قال أبو جعفر عليه السّلام:«و اللّه لقد بلغني أنّ أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كانوا يجهّزون للجمعة يوم الخميس؛لأنّه يوم مضيّق على المسلمين» (3).

و عن جابر قال:كان أبو جعفر عليه السّلام يبكّر إلى المسجد يوم الجمعة حين تكون الشّمس قِيد رمح (4)،فإذا كان شهر رمضان يكون قبل ذلك،و كان يقول:«إنّ لِجُمع شهر رمضان على جُمع سائر الشّهور فضلا كفضل شهر رمضان على سائر الشّهور» (5).

و لأنّه موطن (6)عبادة فاستحبّ المضيّ إليه و المباكرة له.و لأنّ المضيّ إلى الجمعة طاعة فيستحبّ المسارعة إليها؛لقوله تعالى وَ سارِعُوا (7).

احتجّ مالك (8)بقول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من راح إلى الجمعة». (9)و الرّواح

ص:416


1- 1التّهذيب 3:3 الحديث 6،الوسائل 5:70 الباب 42 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) الجمعة(62):9. [2]
3- 3) التّهذيب 3:236 الحديث 620،الوسائل 5:46 الباب 31 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
4- 4) م،غ،ق و متن ح:قدر رمح،كما في الكافي 3:429 الحديث 8. [4]
5- 5) التّهذيب 3:244 الحديث 660،الوسائل 5:42 الباب 27 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [5]
6- 6) ح و ق:موطئ.
7- 7) آل عمران(3):133.
8- 8) أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1807، [6]بداية المجتهد 1:165،المغني 2:147،تفسير القرطبيّ 18:105. [7]
9- 9) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 2:264،كنز العمّال 7:758 الحديث 21272.

بعد الزّوال.

و الجواب:أنّه لا ينافي ما ذكرناه،على أنّه يستعمل مجازا في غير ما ذكر؛لقوله عليه السّلام:«ثمَّ راح في السّاعة الاُولى» (1).و لأنّه عليه السّلام ذمّ المتأخّر فقال للّذي يتخطّى النّاس:«رأيتك آنيت و آذيت» (2).أي أخّرت المجيء.

مسألة:و يستحبّ أن يغتسل و قد مضى،و أن يمسّ شيئا من الطّيب جسده

و يسرّح لحيته،و يستاك،و يلبس أنظف ثيابه،و يعمّم و يرتدي؛لما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ هذا يوم عيد جعله اللّه للمسلمين،فمن جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل،و إن كان طيب فليمسّ منه و عليكم بالسّواك» (3).

و عن عبد اللّه بن سلام أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في يوم الجمعة يقول:

«ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم جمعته سوى ثوبي مهنته» (4).و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعتمّ (5)و يرتدي (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن هشام بن الحكم قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ليتزيّن أحدكم يوم الجمعة يغتسل،و يتطيّب،و يسرّح لحيته، و يلبس أنظف ثيابه،و ليتهيّأ للجمعة،و ليكن عليه في ذلك اليوم السكينة و الوقار،

ص:417


1- 1صحيح البخاريّ 2:3،صحيح مسلم 2:582 الحديث 850،سنن الترمذيّ 2:372 الحديث 499، [1]سنن أبي داود 1:96 الحديث 351،الموطّأ 1:101 الحديث 1، [2]سنن النسائيّ 3:99،سنن البيهقيّ 3:226، كنز العمّال 7:750 الحديث 21228.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:354 الحديث 1115.و بسند آخر ينظر:مسند أحمد 4:188،سنن البيهقيّ 3:231.
3- 3) الموطّأ 1:65، [3]سنن ابن ماجه 1:349 الحديث 1098،كنز العمّال 7:757 الحديث 21265.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:348 الحديث 1095،سنن أبي داود 1:282 الحديث 1078،كنز العمّال 7:737 الحديث 21172.و فيه:عن يوسف بن عبد اللّه بن سلام.
5- 5) ن،م،ق و ح:يعمّم.
6- 6) يلاحظ:المغني 2:202.

و ليحسن عبادة ربّه،و ليفعل الخير ما استطاع،فإنّ اللّه يطّلع إلى الأرض ليضاعف الحسنات» (1).

و يستحبّ أخذ الشّارب و قصّ الأظفار فيه،روى الشّيخ،عن محمّد بن العلاء (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:«من أخذ من شاربه و قلّم أظفاره يوم الجمعة ثمَّ قال:بسم اللّه على سنّة محمّد و آل محمّد،كتب اللّه له بكلّ شعرة و بكلّ قلامة عتق رقبة و لم يمرض مرضا يصيبه إلاّ مرض الموت» (3).

و روي في الصّحيح،عن حفص بن البختريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«أخذ الشّارب و الأظفار من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام» (4).

و يستحبّ للخطيب أن يلبس عمامة و يتردّى ببرد يمنيّة أو عدنيّ؛لرواية سماعة (5)، و أن يكون عليه السّكينة و الوقار؛لرواية هشام (6).

و يستحبّ للمصلّي أن يمشي إلى الجمعة ماشيا إلاّ أن يقصد من بعد خارج عن البلد فإنّه يجوز له الرّكوب إذا كانت هناك مشقّة و إلاّ فالمشي أولى.

مسألة:و إذا أتى المسجد جلس حيث ينتهي به المكان،و يكره له أن يتخطّى رقاب النّاس

سواء ظهر الإمام أو لم يظهر،و سواء كان له مجلس يعتاد (7)الجلوس فيه أو لم يكن.

ص:418


1- 1التّهذيب 3:10 الحديث 32،الوسائل 5:78 الباب 47 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [1]
2- 2) محمّد بن العلاء روى الكلينيّ في الكافي 3:417،و [2]الشيخ في التهذيب 3:10 الحديث 33 عن عمر الجرجانيّ عنه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و لم يبيّن حاله إلاّ بما عن الشيخ في ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسى القسريّ بأنّه روى عن أبي جعفر محمّد بن العلاء بشيراز،و كان أديبا فاضلا. تنقيح المقال 3:151 و ج 1:92(باب:أحمد). [3]
3- 3) التّهذيب 3:10 الحديث 33،الوسائل 5:52 الباب 35 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [4]
4- 4) التّهذيب 3:236 الحديث 622،الوسائل 5:49 الباب 33 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 10. [5]
5- 5) التّهذيب 3:243 الحديث 655،الوسائل 5:37 الباب 24 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]
6- 6) التّهذيب 3:10 الحديث 32،الوسائل 5:78 الباب 47 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [7]
7- 7) ق و ح:معتاد.

و به قال عطاء (1)،و سعيد بن المسيّب (2)،و الشّافعيّ (3)،و أحمد (4).و قال مالك:و إن لم يكن الإمام قد ظهر لم يكره،و إن ظهر كره إن لم يكن له مجلس معتاد و إلاّ لم يكره (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لقد آذيت» (6).

و عنه عليه السّلام أنّه قال:«من تخطّى رقاب النّاس يوم الجمعة اتّخذ جسرا إلى جهنّم» (7).

و عن عبد اللّه بن بُسر (8)قال:جاء رجل يتخطّى رقاب النّاس يوم الجمعة و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يخطب،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«اجلس فقد آذيت» (9).

و لأنّه فعل يتأذى به فينبغي اجتنابه.

فروع:
الأوّل:لو رأى فرجة لا يصل إليها إلاّ بالتخطّي كان مكروها

لعموم الخبر،إلاّ أن لا يجد إلى مصلاّه سبيلا فيجوز له التخطّي إليه إذا لم يكن له موضع يتمكّن من الصّلاة فيه.

ص:419


1- 1المجموع 4:546،عمدة القارئ 6:208.
2- 2) المجموع 4:546،عمدة القارئ 6:208،نيل الأوطار 3:311.
3- 3) الاُمّ 1:198،المغني 2:204،المجموع 4:546،مغني المحتاج 1:293،عمدة القارئ 6:208.
4- 4) المغني 2:203،المجموع 4:546،الكافي لابن قدامة 1:299،الإنصاف 6:410.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:159،المجموع 4:546-547،عمدة القارئ 6:208.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:354 الحديث 1115.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:354 الحديث 1116،سنن الترمذيّ 2:388 الحديث 513. [1]
8- 8) عبد اللّه بن بسر بن أبي بسر المازنيّ القيسيّ أبو بسر،و يقال:أبو صفوان.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أبيه.و روى عنه أبو الزاهريّة و خالد بن معدان و سليم بن عامر و جمع كثير.مات بحمص سنة 88 ه. أُسد الغابة 3:125، [2]تهذيب التهذيب 5:158، [3]العبر 1:76. [4]
9- 9) سنن أبي داود 1:292 الحديث 1118.

و به قال الشّافعيّ (1).و قال الأوزاعيّ:يتخطّاهم إلى السّعة مطلقا (2).و قال قتادة:

يتخطّاهم إلى مصلاّه (3).و قال الحسن البصريّ:يتخطّى رقاب الّذين يجلسون على أبواب المسجد فإنّه لا حرمة لهم (4).أمّا لو تركوا الصّفوف الأُولى خالية جاز له أن يتخطّاهم؛لأنّهم رغبوا عن الفضيلة فلا حرمة لهم يمنع التّخطّي (5).

الثّاني:لا يكره للإمام التخطّي

لأنّه موضع حاجة،فكان حكمه حكم من لا يجد مكانا إلاّ مع التخطّي.

الثّالث:لو جلس فبدت له حاجة فله الخروج و التخطّي له

بلا خلاف؛لأنّه موضع ضرورة،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى بالمدينة العصر فسلّم ثمَّ قام مسرعا فتخطّى رقاب النّاس إلى حجر بعض نسائه (6).فلو عاد كان أحقّ بمكانه على قول (7).

الرّابع:ليس له أن يقيم غيره و يجلس في موضعه

سواء كان معتادا بالجلوس فيه أو لم يكن؛لأنّ العادة لا يوجب التّمليك و لا الأولويّة و قد حصل السبق المفيد لها فلا يعدل عنه،و لقوله تعالى سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ (8).

و لما روي عنه عليه السّلام أنّه قال:«من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحقّ به» (9).و هذا بلا خلاف.

ص:420


1- 1الاُمّ 1:198،المغني 2:204،الشرح الكبير بهامش المغني 2:210،المجموع 4:546،مغني المحتاج 1:292.
2- 2) المغني 2:203،الشرح الكبير بهامش المغني 2:210،المجموع 4:546-547،عمدة القارئ 6:208.
3- 3) المغني 2:203،الشرح الكبير بهامش المغني 2:210،المجموع 4:546-547،عمدة القارئ 6:208.
4- 4) المغني 2:203،الشرح الكبير بهامش المغني 2:210.
5- 5) ق و ح:المتخطّي.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:215،سنن النسائيّ 3:84،المغني 2:204.
7- 7) المغني 2:204،الشرح الكبير بهامش المغني 2:213.
8- 8) الحجّ(22):25. [1]
9- 9) سنن أبي داود 3:177 الحديث 3071،سنن البيهقيّ 6:142،كنز العمّال 3:893 الحديث 9062 و ص 912 الحديث 9147،عوالي اللئالي 3:480. [2]في بعض المصادر:«فهو له»مكان:«فهو أحقّ به».
الخامس:لو قدّم صاحبا له يجلس في موضع فإذا جاء قام و أجلسه لم يكن به بأس

لأنّه يقوم باختياره فكان كما لو احتطب (1)له،أمّا لو لم يكن نائبا فقام ليجلس آخر لم يكن أيضا به بأس،لأنّه قام باختياره فأشبه النّائب،سواء انتقل القائم إلى مكان مثله أو دونه.

و قيل بالكراهية في الثّاني (2)؛لأنّه يؤثر على نفسه في الدّين،و الأوّل أولى لشرعيّة تقديم أهل الفضل،و لقوله عليه السّلام:«لِيَلني منكم أهل الفضل و النّهي» (3).

السّادس:لو آثر غيره بمكانه ففي اختصاص المخصوص به تردّد

(4)

أقربه الاختصاص؛لأنّ الحقّ للآثر و قد خصّ به غيره،فكان قائما مقام نفسه،كما لو حجّر موضعا ثمَّ آثر به غيره.و قيل:لا يختصّ؛لأنّه بالقيام عنه خرج استحقاقه فبقي على الأصل،كمن وسع لرجل في طريق فمرّ غيره (5).و لعلّ بينهما فرقا،من حيث أنّ الطريق جعل للمرور فيه، فمن انتقل من مكان فيها لم يبق له فيه حق،بخلاف المسجد الموضوع للإقامة.

السّابع:لو وجد عبده في مكان لم يكن له أن يقيمه

لعموم النّهي.و لأنّ هذا غير مال،بل هو حقّ دينيّ،فيستوي فيه السيّد و عبده كسائر الحقوق الدينيّة.

الثّامن:لو فرش له مفرش في مكان لم يكن مخصّصا و جاز لغيره رفعه و الجلوس

فيه

ذكره الشّيخ (6)؛إذ لا حرمة له.و لأنّ السّبق بالأبدان لا بما يجلس عليه.

التّاسع:يستحبّ الدّنوّ من الإمام

و هو اتّفاق؛لما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من غسّل و اغتسل،و بكّر و ابتكر،و مشى و لم يركب،و دنا من الإمام

ص:421


1- 1م و ن:أخطب.
2- 2) المغني 2:205،المجموع 4:547.
3- 3) صحيح مسلم 1:323 الحديث 432،سنن البيهقيّ 3:97،كنز العمّال 7:626 الحديث 20592.و فيها: «ليلني منكم أُولُو الأحلام و النّهى».
4- 4) ن و م:الخصوص.
5- 5) المغني 2:205،الشرح الكبير بهامش المغني 2:212.
6- 6) المبسوط 1:146. [1]

فاستمع و لم يَلغُ،كان له بكلّ خطوةٍ عمل سنة أجر صيامها و قيامها» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن وهب قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يوما و قد دخل المسجد الحرام لصلاة العصر،فلمّا كان دون الصّفوف ركعوا فركع وحده (2)ثمَّ سجد السّجدتين ثمَّ قام يمضي حتّى لحق بالصّفوف (3).

و إذا كان الحال كذلك في شيء لم يوجب فيه الاجتماع،ففيما أوجب أولى،و لأنّه أمكن من السّماع.

العاشر:لو غلبه النّعاس تشاغل بما يزيله و لو لم يزل إلاّ بالقيام جاز له ذلك

روى ابن عمر قال:سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول:«إذا نعس أحدكم يوم الجمعة في مجلسه فليتحوّل إلى غيره» (4).و لأنّ تحرّكه يزيل نعاسه فكان سائغا للسّماع.

مسألة:و يستحبّ أن يصعد الخطيب متوكّئا على قوس أو عكّاز أو سيف و ما

أشبهه

ذهب إليه عامّة أهل العلم.روى الحكم بن حزن (5)قال:وفدت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فأقمنا أيّاما شهدنا فيها الجمعة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقام متوكّئا على عصا أو قوس فحمد اللّه و أثنى عليه كلمات طيّبات خفيفات مباركات (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه

ص:422


1- 1سنن ابن ماجه 1:346 الحديث 1087،سنن النسائيّ 3:97،كنز العمّال 7:763 الحديث 21297،بتفاوت في الأخيرين،مسند أحمد 4:10. [1]
2- 2) ليست في أكثر النسخ،كما في التهذيب.
3- 3) ح:الصفوف،كما في الوسائل. [2]
4- 4) التّهذيب 3:281 الحديث 829،الوسائل 5:443 الباب 46 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 2.
5- 5) الحكم بن حزن الكُلفيّ من بني تميم وفد على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.روى عنه شعيب بن زريق الطائفيّ له عند أبي داود حديث واحد في خطبة الجمعة. أسد الغابة 2:31، [3]تهذيب التهذيب 2:425. [4]
6- 6) سنن أبي داود 1:287 الحديث 1096،نيل الأوطار 3:330 الحديث 3.

عليه السّلام:«و ليلبس البرد و العمامة و يتوكّأ على قوس أو عصا» (1).

و لأنّ ذلك أعون له،و لو لم يفعل استحبّ له أن يصعد ساكن (2)الأطراف مرسلا يديه ساكنتين مع جنبيه و لا يضع اليمين على الشّمال كالصّلاة.

فرع:

و لو لم يوجد المنبر اتّخذ شيئا يشبهه ليصعد عليه،و لو كان في الصّحراء نظر إلى موضع مرتفع أو جمع شيئا من الآلات أو الأحجار (3)ثمَّ يصعد عليها؛لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذا فعل في خطبته.

مسألة:و يستحبّ أن يرفع صوته في الخطبة

ليحصل السّماع التامّ لأكثر النّاس.

روى جابر قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا خطب احمرّت عيناه و علا صوته و اشتدّ غضبه حتّى كأنّه منذر جيش يقول صبحكم مسّاكم (4).

و يستحبّ تقصير الخطبة؛لما رواه عمّار قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أطيلوا الصّلاة و أقصروا الخطبة» (5).

و روى جابر بن سمرة قال:كنت أُصلّي مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكانت صلاته قصدا و خطبته قصدا (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إنّما كان يصلّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العصر في وقت الظّهر في سائر

ص:423


1- 1التّهذيب 3:245 الحديث 664،الوسائل 5:38 الباب 24 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [1]
2- 2) ح و ق:سكن.
3- 3) م:الأجمار.
4- 4) صحيح مسلم 2:592 الحديث 867،سنن البيهقيّ 3:206.و فيهما:و مسّاكم.
5- 5) صحيح مسلم 2:594 الحديث 869،المغني 2:155.
6- 6) صحيح مسلم 2:591 الحديث 866،سنن ابن ماجه 1:351 الحديث 106،سنن أبي داود 1:288 الحديث 1101، [2]سنن الترمذيّ 2:381 الحديث 507. [3]

الأيّام كي إذا قضوا الصّلاة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجعوا إلى رحالهم قبل اللّيل» (1).و فيه دلالة من حيث المفهوم على المطلوب،و لأنّ فيه تخفيفا و تسهيلا.

و يستحبّ أن يكون فصيحا في خطبته بليغا،و يكون كلامه فوق الرديّ المسترذل و دون الوحشيّ المستثقل،و لا يستعجل فيه و لا يمطّطه بل يكون بيّنا،و يكون صادق اللّهجة،و إذا أُرتِج عليه جاز لغيره أن يذكّره.

مسألة:و ينبغي أن يبدأ في الخطبة بالحمد قبل الصّلاة على محمّد و آله،و الموعظة

فلو عكس ففي الإجزاء (2)نظر أقربه الثبوت؛لأنّه أتى بالمطلوب،و لو قرأ آيات تشتمل على ما هو مطلوب (3)ففي الإجزاء نظر،و يمكن أن يقال به لحصول الأمر المطلوب.

و تجب الموالاة فيها (4)،فلو فصل في أثناء الخطبة بكلام طويل أو سكوت طويل حتّى خرج عن اسم الخطيب استأنف و ذلك منوط بالعادة،و لا يشترط الموالاة بين الخطبة و الصّلاة ما لم يطل الفصل.

مسألة:و إذا صعد الخطيب المنبر ثمَّ أذّن المؤذّن حرم البيع

(5)

و هو مذهب علماء الأمصار،قال اللّه تعالى وَ ذَرُوا الْبَيْعَ (6).و الأمر للوجوب.

و لا يحرم بزوال الشّمس.ذهب إليه علماؤنا أجمع بل يكون مكروها، و به قال عطاء،و عمر بن عبد العزيز،و الزّهريّ (7)،و الشّافعيّ (8)،و أكثر أهل

ص:424


1- 1التّهذيب 3:238 الحديث 631،الاستبصار 1:421 الحديث 1621،الوسائل 5:11 الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [1]
2- 2) أكثر النسخ:الاجتزاء.
3- 3) ح و ق:المطلوب.
4- 4) أكثر النسخ:فيهما.
5- 5) ق و ح:إن.
6- 6) الجمعة(62):9. [2]
7- 7) عمدة القارئ 6:204.
8- 8) الاُمّ 1:195،تفسير القرطبيّ 18:108، [3]المجموع 4:500،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:80.

العلم (1).و قال مالك (2)،و أحمد:إذا زالت الشّمس يوم الجمعة حرم البيع (3).

لنا:أنّه معلّق (4)على النّداء لا على الوقت،فلا يحرم قبله عملا بالأصل السّالم عن المعارض،و لأنّ المقصود منه إدراك الجمعة و هو يحصل بما ذكرناه.

و أمّا الكراهية وقت الزّوال فقد ذكرها الشّيخ في الخلاف قال:لأنّا قد بيّنّا أنّ الزّوال وقت الصّلاة،و أنّه ينبغي أن يخطب في الفيء و إذا زالت نزل فصلّى،فإذا أخّر فقد ترك الأفضل.

فروع:
الأوّل:إنّما يحرم البيع على من تجب عليه الجمعة

فيجوز للعبيد و النّساء و المرضى و المسافرين و غيرهم ممّن لا تجب عليهم عقد البيع.ذهب إليه أكثر أهل العلم (5).و قال مالك:يحرم عليهم كما يحرم على المخاطبين (6)،و به رواية عن أحمد (7).

لنا:أنّه تعالى إنّما حرّم البيع على من كلّفه السّعي فلا يتناول غيرهم عملا بالأصل السّالم،و لأنّ الغرض منه عدم الاشتغال عن الجمعة و هو إنّما يصحّ في المكلّف بها،و لأنّه غير محرّم في حقّ المسافر في غير المصر و لا في حقّ المقيم بقرية لا جمعة على أهلها إجماعا.

و كذا صورة النّزاع لاشتراكهما في عدم التّكليف بها.

ص:425


1- 1ينظر:تفسير القرطبيّ 18:108، [1]المجموع 4:500، [2]عمدة القارئ 6:204.
2- 2) تفسير القرطبيّ 18:108، [3]عمدة القارئ 6:204،حلية العلماء 2:269،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:187.
3- 3) المغني 2:145،المجموع 4:501،عمدة القارئ 6:204،حلية العلماء 2:269،ميزان الكبرى 1: 187،رحمة الأُمة بهامش ميزان الكبرى 1:80.
4- 4) ق و ح:يعلّق.
5- 5) ينظر:الاُمّ 1:195،المغني 2:146،المجموع 4:500.
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:154.
7- 7) المغني 2:146.
الثّاني:لو كان أحد المتعاقدين ممّن تجب عليه دون الآخر فهو محرّم في حقّ المخاطب

إجماعا،أمّا الآخر فإنّه يكون قد فعل مكروها،ذكره الشّيخ في المبسوط؛لإعانته على المحرّم (1)،و به قال بعض الجمهور (2).و قال الشّافعيّ:إنّه أثم أيضا (3)؛لدليل الشيخ، و هو جيّد؛لقوله تعالى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (4).

الثّالث:لو تعاقد المخاطبان ففي صحّة البيع للأصحاب قولان:أقربهما الصحّة

(5)

و إن كان محرّما،نقله الشّيخ في المبسوط (6)،و به قال الشّافعيّ (7)و أبو حنيفة (8).و قال مالك (9)،و أحمد (10)،و داود بعدم الانعقاد (11)،و هو القول الآخر للأصحاب،اختاره الشّيخ (12).

لنا:أنّ النّهي لا يقتضي فساد المنهيّ عنه في المعاملات،و تحقيقه أنّ النّهي لأجل الصّلاة،و ذلك لا يختصّ بالبيع فلا يوجب فساده،كمن ترك صلاة واجبة و اشتغل بالبيع.

احتجّ الشّيخ بأنّ النّهي يدلّ على الفساد و هو ممنوع.

ص:426


1- 1المبسوط 1:150. [1]
2- 2) المجموع 4:500.
3- 3) المجموع 4:500، [2]مغني المحتاج 1:295.
4- 4) المائدة(5):2. [3]
5- 5) غ،م و ن:المتخاطبان.
6- 6) المبسوط 1:150،و به قال المحقّق في المعتبر 2:297،و [4]الشرائع 1:98،و يحيى بن سعيد الحلّيّ في الجامع للشرائع:96.
7- 7) الاُمّ 1:195،أحكام القرآن للجصّاص 5:341،أحكام القرآن لابن العربيّ 4:1806،المجموع 4:501، حلية العلماء 2:269،عمدة القارئ 6:204،مغني المحتاج 1:295.
8- 8) أحكام القرآن للجصّاص 5:341،المجموع 4:501،عمدة القارئ 6:204،حلية العلماء 2:269.
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 5:341،تفسير القرطبيّ 18:108، [5]عمدة القارئ 6:204.
10- 10) المجموع 4:501،عمدة القارئ 6:204،حلية العلماء 2:269.
11- 11) المجموع 4:501،حلية العلماء 2:269.
12- 12) الخلاف 1:251 مسألة-50،المبسوط 1:150.
الرّابع:هل يحرم غير البيع من العقود؟

فيه نظر،ينشأ من أنّه عقد يوجب الاشتغال عن الجمعة فكان النّهي عن البيع نهيا-من حيث المفهوم-عنه،و من اختصاص النّهي بالبيع فإلحاق غيره به قياس مع قيام الفرق؛لعدم مساواة غيره له في الاشتغال لقلّة وجوده بخلافه.

مسألة:و إذا خطب حرم الكلام على المستمعين في قول بعض علمائنا

(1).

و قال آخرون منهم:إنّه مكروه (2)،و القولان للشّيخ في الخلاف (3)،و بالأوّل قال الشّافعيّ في القديم و الإملاء (4)،و أبو حنيفة،و مالك،و الأوزاعيّ،و أحمد (5)، و ابن المنذر (6).و بالثّاني قال الشّافعيّ في الجديد (7)،و عروة بن الزّبير (8)،و الشّعبيّ، و النّخعيّ،و سعيد بن جبير (9)،و الثّوريّ (10).

وجه الأوّل:ما رواه أبو هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا قلت

ص:427


1- 1منهم:السيّد المرتضى في المصباح،نقله عنه في المعتبر 2:295،و [1]الحلبيّ في الكافي في الفقه:152،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):675،و ابن إدريس في السرائر:64.
2- 2) منهم:المحقّق في المعتبر 2:295،و [2]هو ظاهر ابن زهرة في الغنية(الجوامع الفقهيّة):560.
3- 3) قال في الخلاف 1:243 مسألة-29:«إذا أخذ الإمام في الخطبة حرم الكلام على المستمعين حتّى يفرغ من الخطبتين».و في ص 248 مسألة-42 قال:«يكره الكلام للخطيب و السّامع و ليس بمحظور و لا يفسد الصلاة».و لعلّ منشأ القولين الفرق بين السامع و المستمع.
4- 4) بداية المجتهد 1:161،المغني 2:166،الشرح الكبير بهامش المغني 2:216،المجموع 4:523،عمدة القارئ 6:229،مغني المحتاج 1:287.
5- 5) المبسوط للسرخسيّ 2:28،الهداية للمرغينانيّ 1:84-85،بداية المجتهد 1:161،المغني 2:165، المجموع 4:525،فتح العزيز بهامش المجموع 4:587،عمدة القارئ 6:229.
6- 6) لم نعثر على قوله.
7- 7) المغني 2:166،المجموع 4:525،عمدة القارئ 6:229،مغني المحتاج 1:287.
8- 8) المجموع 4:525، [3]عمدة القارئ 6:229.
9- 9) بداية المجتهد 1:162،المغني 2:165،الشرح الكبير بهامش المغني 2:215،المجموع 4:525. [4]
10- 10) المجموع 4:525، [5]عمدة القارئ 6:229.

لصاحبك:أنصت و الإمام يخطب فقد لغوت» (1).و اللّغو الإثم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا خطب الإمام يوم الجمعة فلا ينبغي لأحد أن يتكلّم حتّى يفرغ الإمام من خطبته،فإذا فرغ من خطبته تكلّم ما بينه و بين أن تقام الصّلاة فإن سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه» (2).

و عندي (3)الكراهية،عملا بالأصل،و رواية محمّد بن مسلم لا تدلّ على التّحريم، بل أكثر ما يستعمل:لا ينبغي،في المستحبّ،و رواية أبي هريرة معارضة بما رواه أنس، قال:بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخطب يوم الجمعة إذ قام إليه رجل فقال:يا رسول اللّه هلك الكراع[و] (4)هلك الشّاة فادع اللّه أن يسقينا-و ذكر الحديث[إلى أن] (5)قال-:ثمَّ دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قائم يخطب فاستقبله قائما فقال:يا رسول اللّه هلكت الأموال و انقطعت السّبل فادع اللّه يرفعها عنّا (6).

و روي أنّ رجلا قام إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو يخطب فقال:يا رسول اللّه متى السّاعة؟فأعرض عنه،و أومأ النّاس إليه بالسّكوت،فلم يقبل و أعاد،فلمّا كان في الثّالثة قال له النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و يحك ما ذا أعددت لها؟»قال:حبّ (7)اللّه

ص:428


1- 1صحيح البخاريّ 2:16،صحيح مسلم 2:583 الحديث 851،سنن ابن ماجه 1:352 الحديث 1110، سنن أبي داود 1:290 الحديث 1112،سنن الترمذيّ 2:387 الحديث 512،سنن النسائيّ 3:104،الموطّأ 1: 103، [1]سنن الدارميّ 1:364، [2]سنن البيهقيّ 3:218.
2- 2) التّهذيب 3:20 الحديث 73،الوسائل 5:29 الباب 14 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [3]
3- 3) غ:و الأقرب عندي.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) أضفناها لاستقامة المعنى.
6- 6) سنن البيهقيّ 3:356 بتفاوت،المغني 2:166.
7- 7) في النسخ:أُحبّ اللّه،و ما أثبتناه من المصدر.

تعالى و رسوله،فقال:«إنّك مع من أحببت» (1).و هذا كما يدلّ على جواز الكلام من المستمع يدلّ على جوازه من الخطيب،على أنّ خبر أبي هريرة دلّ على جعله لاغيا لكلامه في الموضع الّذي يليق به السّكوت،و ليس كلّ لغو إثما،قال اللّه تعالى لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ (2).

فروع:
الأوّل:النّهي عن الكلام إنّما يتعلّق بالمكلّف حال الخطبتين،أمّا قبلهما و بعدهما فلا

(3)

سواء قلنا:إنّ (4)النّهي للتّحريم أو للتّنزيه.ذهب إليه علماؤنا،و به قال عطاء، و طاوس،و الزّهريّ،و المزنيّ،و النّخعيّ (5)،و مالك،و إسحاق (6)،و أبو يوسف (7)، و الشّافعيّ و أصحابه (8).و قال أبو حنيفة (9)،و محمّد:الكلام مباح ما لم يظهر الإمام، فإذا ظهر حرم حتّى يفرغ من الخطبتين و الصّلاة (10).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان ينزل يوم الجمعة

ص:429


1- 1سنن الترمذيّ 4:595 الحديث 2385، [1]مسند أحمد 3:167، [2]سنن البيهقيّ 3:221،كنز العمّال 9:20 الحديث 24727،مجمع الزوائد 10:280-281.في الجميع بتفاوت.
2- 2) البقرة(2):225. [3]
3- 3) ن:أو.
4- 4) م و ن:كان.
5- 5) المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2:220.
6- 6) المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2:220.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:85.
8- 8) الاُمّ 2:203،المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2:220،فتح العزيز بهامش المجموع 4:589.
9- 9) المبسوط للسرخسيّ 2:28،الهداية للمرغينانيّ 1:85،المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 220،المجموع 4:555.
10- 10) كذا نسب إليه،و الموجود في المبسوط للسرخسيّ 2:29 و عمدة القارئ 6:230 و شرح فتح القدير 2: 37 خلاف ذلك.

من المنبر فيقوم معه الرّجل فيكلّمه في الحاجة ثمَّ ينتهي إلى مصلاّه فيصلّي (1).

و من طريق الخاصّة:رواية محمّد بن مسلم و قد تقدّمت (2).

و إذا ثبت الجواز بعد الخطبتين فقبلهما أولى،و أيضا:حديث أبي هريرة دلّ (3)على تعليق النّهي بحال الخطبة.

احتجّ المخالف بأنّه بعد الخطبة يكره له الصّلاة فالكلام أولى (4).

و الجواب:أنّه غير دالّ على مطلوبه.

الثّاني:لا يكره له تسميت العاطس و لا ردّ السّلام

لقوله تعالى وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها (5).و لأنّه يجوز ذلك في الصّلاة ففي حال استماع الخطبة أولى.

و قال بعض الجمهور:لا يردّ السّلام و لا يسمّت العاطس؛لأنّ فرض الإنصات سابق (6).

و قال آخرون منهم:لا يردّ السّلام و يسمّت العاطس؛لأنّ المسلّم سلّم في غير موضعه بخلاف العاطس (7).

الثّالث:يكره الكلام للخطيب و ليس بمحرّم

ذكره الشّيخ في الخلاف (8)،و به قال الشّافعيّ في أحد قوليه،و قال في القديم:يحرم (9).و هو قول مالك،و الأوزاعيّ،

ص:430


1- 1سنن ابن ماجه 1:354 الحديث 1117،سنن أبي داود 1:292،الحديث 1120،سنن النسائيّ 3:110.
2- 2) يراجع:ص 428 رقم 2.
3- 3) ن:دليل.
4- 4) الهداية للمرغينانيّ 1:85.
5- 5) النّساء(4):86. [1]
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:28،المغني 2:168،الشرح الكبير بهامش المغني 2:219،المجموع 4:524، عمدة القارئ 6:230،نيل الأوطار 3:337.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:115،المجموع 4:553.
8- 8) الخلاف 1:248 مسألة-42.
9- 9) المجموع 4:523،فتح العزيز بهامش المجموع 4:587-589،مغني المحتاج 1:287،عمدة القارئ 6:229.

و أبي حنيفة (1)،و أحمد (2).و حكى الشّافعيّ في القديم عن أبي حنيفة أنّه قال:إذا تكلّم حال الخطبة و صلّى أعادها (3)،و هكذا حكى عنه السّاجي (4).و قال محمّد:لا يعيد (5).

لنا:ما تقدّم من الأحاديث و الأصل دالّ على جوازه.

و احتجّوا بحديث أبي هريرة (6).

و الجواب:ما تقدّم.

الرّابع:الإنصات مستحبّ للقريب و البعيد

عملا بالعموم،و للبعيد أن يذكر اللّه تعالى و يقرأ القرآن فيما بينه و بين نفسه،و يصلّي على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذلك؛لأنّه غير مستمع لبعده فلم يتعلّق به النّهي،و هل الإنصات أفضل أم الذّكر؟فيه نظر.

الخامس:لا ينهى المتكلّم بالكلام

لارتكابه ما نهي عنه،و لحديث أبي هريرة،بل ينبغي له الإشارة.و به قال زيد بن صوحان (7)،و عبد الرحمن بن أبي ليلى،و الثّوريّ، و الأوزاعيّ،و أحمد،و ابن المنذر.و كره طاوس الإشارة (8)،و ليس بجيّد؛لأنّه قد أومأ النّاس إلى السّائل متى السّاعة؟بالسّكوت بحضرة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله،و لأنّ الإشارة لا تكره في الصّلاة ففي الخطبة أولى.

ص:431


1- 1بدائع الصنائع 1:264،المغني 2:165،بداية المجتهد 1:161،عمدة القارئ 6:229.
2- 2) المغني 2:165،الشرح الكبير بهامش المغني 2:215،بداية المجتهد 1:161،عمدة القارئ 6:229.
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) المؤتمن بن أحمد بن عليّ،أبو نصر،الرَبَعيّ الدير عاقوليّ المعروف بالساجي:عالم بالحديث،ثقة.كتب جامع الترمذيّ ستّ مرّات.مات ببغداد سنة 507 ه. تذكرة الحفّاظ 4:1246،العبر 2:391، [1]الأعلام للزركلي 7:318. [2]
5- 5) لم نعثر عليه.
6- 6) المغني 2:166، [3]المجموع 4:525. [4]
7- 7) زيد بن صُوحان بن حجر العبديّ،من بني عبد القيس،من ربيعة:تابعيّ،من أصحاب عليّ عليه السّلام، و شهد وقائع الفتح فقطعت شماله يوم نهاوند.و لمّا كان يوم الجمل قاتل مع عليّ عليه السّلام،حتّى قتل. العبر 1:27، [5]الأعلام للزركلي 3:59. [6]
8- 8) المغني 2:168،الشرح الكبير بهامش المغني 2:219.
السّادس:و لا يكره من الكلام ما تضمّن مصلحة تفوت بفقده

كتحذير الضّرير من التردّي،و الواطئ حيوانا مؤذيا كالعقرب؛لأنّه يجوز في الصّلاة إفسادها به ففي الخطبة أولى.

السّابع:هل يكره الكلام في الجلسة بين الخطبتين؟الأقرب نعم

لأنّه سكوت يسير في أثناء الخطبتين فأشبه سكوت التنفّس.و به قال مالك،و الشّافعيّ،و الأوزاعيّ، و إسحاق (1)،إلاّ أنّهم قالوا بالتّحريم بناء على أصلهم في تحريم الكلام.

و قال الحسن البصريّ:لا يمنع من الكلام فيها؛لأنّ الإمام غير خاطب و لا متكلّم (2)فأشبه ما قبلها و ما بعدها (3).و هو ضعيف؛لأنّه و إن لم يكن خاطبا إلاّ أنّه في حكمه.

الثّامن:لو بلغ الخطيب إلى الدّعاء لم تزل كراهية الكلام

لأنّه لم يفرغ من الخطبة، إذ قد بيّنّا أنّها مشتملة عليه (4).و قال بعض الجمهور:يزول النّهي (5).

التّاسع:يكره له العبث و الإمام يخطب

لما فيه من الاشتغال بغير الطّاعة في وقتها، و لمنعه الفهم فلا يحصل الخشوع،و لما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و من مسّ الحصى فقد لغا» (6).

العاشر:لا يكره له الشّرب و الإمام يخطب

لأنّه في محلّ الحاجة،و لأنّه لا يمنع السّماع.و به قال مجاهد،و طاوس (7)،و الشّافعيّ (8)،و كرهه مالك،

ص:432


1- 1المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221.
2- 2) م،ق و ح:يتكلّم.
3- 3) المغني 2:169،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221.
4- 4) يراجع:ص 399.
5- 5) المغني 2:170،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221.
6- 6) صحيح مسلم 2:588 الحديث 857،سنن الترمذيّ 2:371 الحديث 498. [1]
7- 7) المغني 2:170،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221،المجموع 4:529.
8- 8) الأُمّ 1:204،المغني 2:170،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221،المجموع 4:529.

و أحمد (1)؛لأنّه فعل يشتغل به،و ليس بجيّد.و نقل ابن الصّبّاغ عن الأوزاعيّ أنّه يبطل الجمعة (2)،و ذلك خلاف الإجماع.

الحادي عشر:و لا يكره الصّدقة على السّؤال

خلافا لأحمد،فإنّه قال:حصبه أعجب إليّ؛لأنّ ابن عمر رأى سائلا يسأل و الإمام يخطب يوم الجمعة فحصبه (3).

لنا:العموم الدّالّ على فعل الصّدقة،و لأنّ كراهية السّؤال لا يوجب كراهية الإعطاء،على أنّا نمنع كراهية السّؤال؛لأنّه كلام في محلّ الحاجة و فعل ابن عمر ليس حجّة.

الثّاني عشر:و لا يكره فعل الحبوة

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم،و نقل عن عبادة (4)كراهية ذلك (5).

لنا:أنّه غير مانع من الاستماع و فيه غرض مطلوب فكان سائغا بالأصل السّالم، و بما رواه الجمهور عن يعلي بن شدّاد (6)،قال:شهدت مع معاوية بيت المقدس فجمّع بنا فنظرت فإذا جُلُّ مَن في المسجد أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرأيتهم مُحتبين و الإمام يخطب (7).

احتجّ عبادة بما رواه سهل بن معاذ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الحبوة

ص:433


1- 1المغني 2:170،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221،المجموع 4:529.
2- 2) المجموع 4:529.
3- 3) المغني 2:170،الشرح الكبير بهامش المغني 2:221.
4- 4) عبادة بن نُسَيّ الكنديّ،أبو عمرو الشاميّ الاُردُنيّ،قاضي طبريّة.روى عن أوس بن أوس الثقفيّ، و شدّاد بن أوس،و الأسود بن ثعلبة.و روى عنه برد بن سنان،و المغيرة بن زياد الموصليّ،و عبد الرحمن بن زياد بن أنعم.مات سنة 118 ه. تهذيب التهذيب 5:113، [1]العبر 1:114. [2]
5- 5) سنن أبي داود 1:290 الحديث 1111،المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:222.
6- 6) يعلى بن شدّاد بن أوس بن ثابت الأنصاريّ الخزرجيّ.روى عن أبيه،و عبادة بن الصامت،و معاوية.و روى عنه ابنه عبد الرحمن،و سليمان بن عبد اللّه بن الزبرقان. تهذيب التهذيب 11:402، [3]ميزان الاعتدال 4:457.
7- 7) سنن أبي داود 1:290 الحديث 1111،المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:222.

يوم الجمعة (1).

و الجواب:أنّه ضعيف السّند،ذكره ابن المنذر (2).

الثّالث عشر:لو دخل و الإمام يخطب كره له الصّلاة تحيّة و غيرها بل يجلس

و به قال شريح،و ابن سيرين،و النّخعيّ،و قتادة،و الثّوريّ (3)،و مالك (4)،و اللّيث (5)، و أبو حنيفة (6).و قال الحسن البصريّ،و ابن عُيَينَة (7)،و مكحول،و الشّافعيّ،و إسحاق، و أبو ثور:يصلّي التحيّة (8).و قال الأوزاعيّ:إن كان قد صلّى تحيّة المسجد في داره لم يصلّ و إلاّ صلاّها (9).

لنا:قوله تعالى وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا (10).قال المفسّرون:

أراد بالقرآن هنا الخطبة (11).

ص:434


1- 1سنن أبي داود 1:290 الحديث 1110،سنن الترمذيّ 2:390 الحديث 514. [1]
2- 2) المغني 2:171،الشرح الكبير بهامش المغني 2:222.
3- 3) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214،المجموع 4:552، [2]نيل الأوطار 3:315.
4- 4) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214،المجموع 4:552، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 4: 593، [4]نيل الأوطار 3:315.
5- 5) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214،المجموع 4:552، [5]نيل الأوطار 3:315.
6- 6) المبسوط للسرخسيّ 2:29،المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214،المجموع 4:552، [6]فتح العزيز بهامش المجموع 4:593، [7]نيل الأوطار 3:315،شرح فتح القدير 2:37.
7- 7) سفيان بن عُيينَة بن أبي عمران ميمون الهلاليّ أبو محمّد الكوفيّ.روى عن عبد الملك بن عمير، و أبي إسحاق السبيعيّ،و زياد بن علاقة،و جمع كثير.و روى عنه الأعمش،و ابن جريج،و شعبة،و الثوريّ. مات سنة 198 ه. تهذيب التهذيب 4:117، [8]العبر 1:254. [9]
8- 8) المغني 2:164،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214،المجموع 4:552، [10]نيل الأوطار 3:315.
9- 9) نيل الأوطار 3:318.
10- 10) الأعراف(7):204. [11]
11- 11) أحكام القرآن للجصّاص 4:215، [12]أحكام القرآن لابن العربيّ 2:828، [13]تفسير القرطبيّ 7:353، [14]الدّرّ المنثور 3: 157. [15]

و ما رواه الجمهور في قوله عليه السّلام للّذي يتخطّى رقاب النّاس:«اجلس فقد آذيت و آنيت» (1).

و ما رواه ابن عمر أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا خطب الإمام فلا صلاة و لا كلام» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم قال:سألته عن الجمعة؟ إلى قوله:«فيصعد المنبر فيخطب و لا يصلّي النّاس ما دام الإمام على المنبر» (3).و لأنّ ذلك مانع من السّماع المطلوب فكره.

احتجّ المخالف (4)بما رواه جابر قال:جاء رجل و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يخطب النّاس فقال:«صلّيت يا فلان؟»قال:لا،قال:«قم فاركع» (5).

و الجواب:أنّه معارض بما ذكرناه من الحديث.و بما رواه ثعلبة بن أبي مالك (6)أنّهم كانوا في زمن عمر يوم الجمعة يصلّون حتّى يخرج عمر فإذا خرج و جلس على المنبر و أخذ المؤذّنون جلسوا يتحدّثون حتّى إذا سكت المؤذّن و قام عمر سكتوا فلم يتكلّم أحد (7).

و ذلك يدلّ على اشتهار هذا الأمر بينهم.

ص:435


1- 1سنن ابن ماجه 1:354 الحديث 1115،سنن أبي داود 1:292 الحديث 1118،سنن النسائيّ 3:103. بتفاوت في الأخيرين.
2- 2) مجمع الزوائد 2:184،سبل السلام 2:51.
3- 3) التّهذيب 3:241 الحديث 648،الوسائل 5:15 الباب 6 من أبواب كيفيّة صلاة الجمعة الحديث 7. [1]
4- 4) المغني 2:165،الشرح الكبير بهامش المغني 2:214.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:15،صحيح مسلم 2:596 الحديث 875،سنن أبي داود 1:291 الحديث 1115، سنن الترمذيّ 2:384 الحديث 510، [2]سنن النسائيّ 3:103.
6- 6) ثعلبة بن أبي مالك القرظيّ يكنّى أبا يحيى.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و عمر،و عثمان، و جابر،و حارثة بن النعمان.و روى عنه ابناه أبو مالك و منظور،و الزهريّ،و المسور بن رفاعة.أُسد الغابة 1: 245، [3]تهذيب التهذيب 2:25. [4]
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:148،المغني 2:165،الكافي لابن قدامة 1:300-301،الشرح الكبير بهامش المغني 2: 215،عمدة القارئ 6:234.في بعضها بتفاوت يسير.
مسألة:و يدرك الجمعة بإدراك الإمام راكعا في الثّانية

و به قال في الصّحابة:

ابن مسعود،و ابن عمر،و أنس بن مالك (1).و في التّابعين:سعيد بن المسيّب،و الزّهريّ (2).

و في الفقهاء:مالك (3)،و الشّافعيّ (4)،و الأوزاعيّ،و الثّوريّ (5)،و أحمد (6)،و أبو ثور، و أصحاب الرّأي (7).و قال عطاء،و طاوس،و مجاهد،و مكحول:من لم يدرك الخطبة صلّى أربعا (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من أدرك من الجمعة ركعة فقد أدرك الصّلاة» (9).

و عن أبي هريرة عنه صلّى اللّه عليه و آله:«من أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة» (10).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة؟فقال:«يصلّي ركعتين،فإن فاتته الصّلاة فلم يدركها فليصلّ أربعا»و قال:«إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت

ص:436


1- 1المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:558.
2- 2) المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:558. [1]
3- 3) المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:558، [2]الموطّأ 1:105. [3]
4- 4) الاُمّ 1:198،المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:556، [4]مغني المحتاج 1:296.
5- 5) المغني 2:158،المجموع 4:558.
6- 6) المغني 2:158،المجموع 4:558،منار السبيل 1:148.
7- 7) المغني 2:158،المجموع 4:558.
8- 8) المغني 2:158،المجموع 4:558. [5]
9- 9) سنن ابن ماجه 1:356 الحديث 1121،سنن النسائيّ 3:112،سنن البيهقيّ 3:203،كنز العمّال 7: 724 الحديث 21109.بتفاوت في الجميع.
10- 10) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:423 الحديث 607،سنن ابن ماجه 1:356 الحديث 1122،سنن أبي داود 1:292 الحديث 1121،سنن الترمذيّ 2:402،الحديث 524، [6]الموطّأ 1:105. [7]

الصلاة،فإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظّهر أربع» (1).

و عن أبي بصير و أبي العبّاس الفضل بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة و إن فاتته فليصلّ أربعا» (2).

و عن عبد الرّحمن العرزميّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا أدركت الإمام يوم الجمعة و قد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أُخرى و أجهر فيها،فإن أدركته و هو يتشهّد فصلّ أربعا» (3).و لأنّ في إدراك الجمعة بما ذكرناه نوع تخفيف.

احتجّ المخالف بأنّ الخطبة شرط،فلا تكون جمعة في حقّ من لم يوجد في حقّه شرطها (4).

و الجواب:وجود الخطبة شرط في صحّة الجمعة لا إدراكها،فإنّه نفس المتنازع.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا تكون الجمعة إلاّ لمن أدرك الخطبتين» (5).

لأنّا نقول:إنّه أراد بذلك نفي الكمال جمعا بين الأدلّة.

فروع:
الأوّل:لو أدرك معه أقلّ من ذلك بأن وجده قد رفع رأسه من الرّكعة الثّانية،فاتته الصلاة و وجبت الظهر

ص:437


1- 1التّهذيب 3:160 الحديث 343،الاستبصار 1:421 الحديث 255،الوسائل 5:41 الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 3:243 الحديث 657،الاستبصار 1:422 الحديث 1623،الوسائل 5:41 الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 4. [2]
3- 3) التّهذيب 3:160 الحديث 344،الاستبصار 1:422 الحديث 1625،الوسائل 5:41 الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [3]
4- 4) المغني 2:158،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177.
5- 5) التّهذيب 3:160 الحديث 345،الاستبصار 1:422 الحديث 1624،الوسائل 5:42 الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 7. [4]

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (1).و قال النّخعيّ،و داود،و الحكم،و حمّاد،و أبو حنيفة،و أبو يوسف:يكون مدركا للجمعة بأيّ قدر أدركه من الصّلاة مع الإمام و لو كان يسيرا (2)،حتّى أنّ أبا حنيفة قال:لو أدركه في سجود السّهو بعد التّسليم كان مدركا لها (3).

لنا:قوله عليه السّلام:«من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصّلاة» (4).و ذلك يدلّ من حيث المفهوم على أنّ من أدرك الأقلّ فليس بمدرك؛لأنّه في مقام التّرغيب في الجماعة،فلو كانت تدرك بالأقلّ لكان ذكره أولى،و هذا المفهوم من قبيل أظهر المفهومات، و لأنّه قول جماعة كثيرة من الصّحابة و لم ينكر عليهم،فكان إجماعا،و لرواية الحلبيّ، و الفضل بن عبد الملك،و عبد الرّحمن و قد تقدّمت.

و ما رواه الجمهور أيضا،عن أبي سلمة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«من أدرك يوم الجمعة ركعة فليضف إليها أُخرى و من أدرك دونها صلاّها أربعا» (5).

احتجّ المخالف بالقياس على المسافر يدرك المقيم،و بأنّه أدرك جزءا من الصّلاة فكان مدركا لها كالظّهر (6).

و الجواب:بالمنع من ثبوت الحكم في الأصلين،و لو سلّم فالفرق ثابت،أمّا في المسافر،فلأنّ إدراكه إدراك إلزام و هذا إدراك إسقاط للعدد فافترقا،و لذلك يتمّ المسافر خلف المقيم و لا يقصّر المقيم خلف المسافر.و أمّا الثّاني،فلأنّ الظّهر ليس من شرطها

ص:438


1- 1ينظر:المغني 2:159،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:558.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:35،المغني 2:159،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177،المجموع 4:558،فتح العزيز بهامش المجموع 4:552،حلية العلماء 2:275.
3- 3) المجموع 4:558، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4:552. [2]
4- 4) سنن ابن ماجه 1:356 باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة،سنن النسائيّ 3:112،سنن البيهقيّ 3: 203،كنز العمّال 7:724 الحديث 21109.
5- 5) كنز العمّال 7:727 الحديث 21129،المغني 2:159،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177.
6- 6) المغني 2:159،الشرح الكبير بهامش المغني 2:177.

الجماعة بخلاف المتنازع.

الثّاني:لو أدرك معه ركعة ثمَّ نهض بعد فراغ الإمام ليأتي بالثّانية،فذكر

أنّه لم يسجد مع إمامه إلاّ سجدة واحدة قعد فسجد،ثمَّ قام

سواء اشتغل بالقراءة أو لم يشتغل على ما يأتي.و لو أتمّ الثّانية فذكر ترك سجدة و شكّ من أيّ الرّكعتين هي،أعاد سجدة و سجد سجدتي السّهو و يكون مدركا للجمعة،خلافا للشّافعيّ (1)،بناء على أنّ ترك سجدة لا يؤثّر في البطلان و لا فساد الرّكعة.

الثّالث:لو شكّ بعد تكبيره و ركوعه هل كان الإمام راكعا أو رافعا بطلت جمعته

إجماعا؛لأنّ الأصل أنّه ما أتى بها معه.

الرّابع:لو أدرك مع الإمام ما لا يتمّ له به جمعة فاتته الجمعة

إجماعا،و هل يتمّها ظهرا أم يستأنف؟الّذي نذهب إليه أنّه يستأنف الظّهر (2)نيّة و تكبيرا،و لا يدخل ممّا تقدّم منهما إلاّ إذا أدركه و هو في التشهّد فإنّه يكتفي بالأُولى؛و ضابطه أنّه إذا فاته الرّكوع الثّاني لم يلحق الجمعة، فإذا دخل معه يكون مدركا لفضيلة الجماعة،فإن سجد معه السّجدتين فإذا سلّم الإمام سلّم و أتى بنيّة أُخرى و تكبيرة إحرام أُخرى،لأنّه لو دخل بالأوّل يكون قد زاد ركنا،أمّا إذا أدركه بعد السّجدتين حتّى يدخل لم يكن قد زاد الرّكن.و الجمهور لم يفرّقوا بل اختلفوا،فقال أحمد:إذا دخل بنيّة الجمعة لم يبن عليها الظّهر؛لأنّ الظهر لا تتأدّى بنيّة الجمعة ابتداء فكذا دواما كالظّهر مع العصر (3).

ص:439


1- 1الاُمّ 1:206،المجموع 4:556.
2- 2) ن،غ و ق:للظهر.
3- 3) المغني 2:162،الشرح الكبير بهامش المغني 2:178.

و قال قتادة،و أيّوب (1)،و يونس (2)، (3)و الشّافعيّ:ينوي الجمعة لئلاّ يخالف نيّة الإمام نيّة المأموم،ثمَّ يبني عليها ظهرا (4).و على ما قلناه نحن هل ينوي الجمعة أم الظّهر؟ الأصحّ الثّاني؛لأنّ الأُولى فاتت و هو يعلم عدم لحوقه فكانت نيّته عبثا.

الخامس:لو صلّى الإمام قبل الزّوال لم يصحّ الجمعة عندنا

و عند القائلين (5)بالجواز لو أدرك المأموم معه دون الرّكعة لم يكن له الدّخول معه؛لأنّها في حقّه ظهر فلا يجوز قبل الزّوال،فإذا دخل كانت نفلا و لم يجزئه عن الظّهر.

مسألة:و لو أحرم مع الإمام و ركع معه ثمَّ زوحم في السّجود

فلم يتمكّن من متابعته،لم يسجد على ظهر غيره

إجماعا منّا.و به قال عطاء،و الزهريّ،و مالك (6).و قال الثوريّ (7)،و أبو حنيفة (8)،

ص:440


1- 1أيّوب بن أبي تميمة كيسان السختيانيّ أبو بكر البصريّ فقيه أهل البصرة و أحد الأعلام.قال شعبة: كان سيّد الفقهاء. تابعيّ،رأى أنس بن مالك،و روى عن عمرو بن سلمة الجرميّ،و حميد بن هلال،و أبي قلابة و جمع كثير، و روى عنه الأعمش من أقرانه،و قتادة و هو من شيوخه،و الحمّادان،و السفيانان و خلق كثير.قيل:ولد سنة 66 ه.و قيل:سنة 68 ه.و قال البخاريّ:مات سنة 131 ه. تهذيب التهذيب 1:397، [1]العبر 1:132، [2]شذرات الذهب 1:181، [3]الأعلام للزركلي 2:38. [4]
2- 2) يونس بن عبيد بن دينار العبديّ مولاهم أبو عبيد البصريّ.رأى أنسا،و روى عن إبراهيم التيميّ، و ثابت البنانيّ،و الحسن البصريّ،و محمّد بن سيرين.و روى عنه ابنه عبد اللّه،و شعبة،و الثوريّ و خلق كثير.مات سنة 139 ه.و قيل:140 ه. تهذيب التهذيب 11:442، [5]العبر 1:145، [6]الأعلام للزركلي 8:262. [7]
3- 3) المغني 2:163،الشرح الكبير بهامش المغني 2:178.
4- 4) المغني 2:163،الشرح الكبير بهامش المغني 2:178،مغني المحتاج 1:296.
5- 5) م و ن:القائل.
6- 6) حلية العلماء 2:289،المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179،المجموع 4:575.
7- 7) المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179،المجموع 4:575.
8- 8) حلية العلماء 2:288،المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179،المجموع 4:575، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85،فتح العزيز بهامش المجموع 4:563.

و الشّافعيّ (1)،و أحمد (2)،و أبو ثور،و ابن المنذر:يلزمه السّجود على ظهر غيره أو قدمه و يجزئه (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«و مكّن جبهتك من الأرض» (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في حديث طويل و سجد على ثمانية أعظم:الكفّين،و الرّكبتين،و أنامل إبهامي الرّجلين،و الجبهة،و الأنف.و قال:«سبع منها فرض يسجد (5)عليها و هي الّتي ذكرها اللّه عزّ و جلّ في كتابه،و قال وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً (6).

و هي الجبهة،و الكفّان،و الرّكبتان،و الإبهامان،و وضع الأنف على الأرض سنّة» (7).

و عن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام:«و يجزئك واحدة إذا أمكنت جبهتك من الأرض» (8).و لأنّ المأمور به هو السّجود و ليس هو إلاّ وضع الجبهة على الأرض.قال صاحب الصّحاح:و منه سجود الصّلاة و هو وضع الجبهة على

ص:441


1- 1الأُمّ 1:206،المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179،المهذّب للشيرازيّ 1:115، المجموع 4:575،مغني المحتاج 1:298-299.
2- 2) حلية العلماء 2:288،المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:178،الكافي لابن قدامة 1:286، رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85،فتح العزيز بهامش المجموع 4:563،المجموع 4:575.
3- 3) المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179،المجموع 4:575.
4- 4) الفردوس 1:281 الحديث 1103،المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179.و بهذا المضمون ينظر:مسند أحمد 1:287.
5- 5) غ،م،ن و ق:سجد.
6- 6) الجنّ(72):18. [1]
7- 7) التّهذيب 2:81 الحديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث 2.و [2]فيه: «سبعة منها».
8- 8) التّهذيب 2:76 الحديث 284،الاستبصار 1:323 الحديث 1206،الوسائل 4:923 الباب 4 من أبواب الرّكوع الحديث 3. [3]

الأرض (1).

احتجّ المخالف (2)بما روي،عن عمر أنّه قال:إذا اشتدّ الزحام فليسجد على ظهر أخيه (3).و لأنّه أشبه العاجز بالمرض فكان مجزئا.

و الجواب عن الأوّل:أنّه لا احتجاج بقول عمر في معارضة قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته،فإنّه لو لم يرد (4)عنه و عن أهل بيته (5)عليهم السّلام ما يخالفه لم يكن حجّة فكيف مع الورود.

و عن الثّاني:بالفرق،إذ العجز هناك لا يتوقّع زواله بسرعة،فجاز له رفع ما يسجد عليه،بخلاف ما نحن فيه،إذ يمكنه الصّبر إلى أن يتمكّن من السّجود.

فروع:
الأوّل:لو أحرم معه بالتّكبير و لم يتمكّن من متابعته في الرّكوع و لا السّجود في الرّكعتين معا فلا جمعة له

لأنّه لم يدرك ركعة منها.و به قال قتادة،و أيّوب السّختيانيّ (6)،و يونس بن عبيد،و الشّافعيّ،و أبو ثور (7)،و أحمد في إحدى الرّوايتين عنه (8).و قال الحسن،و الأوزاعيّ،و أصحاب الرّأي:إنّه يكون مدركا للجمعة يصلّي ركعتين،لأنّه أحرم بالصّلاة مع الإمام في أوّل ركعة فأشبه ما لو ركع و سجد معه (9).و ليس

ص:442


1- 1الصحاح 2:483. [1]
2- 2) المغني 2:160،المجموع 4:575.
3- 3) سنن البيهقيّ 3:183،المغني 2:160.
4- 4) ح و ق:يرو.
5- 5) ح:البيت.
6- 6) في النسخ:السجستانيّ و الصواب ما أثبتناه.
7- 7) المغني 2:160،المجموع 4:575.
8- 8) المغني 2:159،المجموع 4:575.
9- 9) المغني 2:159،المجموع 4:575.

شيئا.

الثّاني:لو زوحم بعد ركوعه في الاولى في السّجود انتظر زوال الزّحام و سجد،ثمَّ لحق بإمامه

و لا نعرف فيه مخالفا،و لو لم يتخلّص المأموم إلاّ بعد ركوع الإمام،فإن أمكنه السّجود و اللّحاق به في ركوعه وجب و لا يجب عليه القراءة،و إن خاف فوت الرّكوع صبر حتّى يسجد الإمام و يتابعه و لا يركع معه.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أبو حنيفة (1)، و الشّافعيّ في أحد القولين (2).و قال مالك،و أحمد:إن خاف أنّه إن تشاغل بالسّجود ركع الإمام،لزمه متابعته في الرّكوع و تصير الثّانية أولاه (3)،و هو القول الآخر للشّافعيّ (4).

لنا:أنّه قد ركع مع الإمام فيجب عليه السّجود بعده،و قول مالك يستلزم زيادة ركن في الصّلاة.

و ما رواه الشيخ،عن حفص بن غياث قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في رجل أدرك الجمعة و قد ازدحم النّاس و كبّر مع الإمام و ركع و لم يقدر على السّجود، و قام الإمام و النّاس في الرّكعة الثّانية،و قام هذا معهم فركع الإمام و لم يقدر هو (5)على الرّكوع في الرّكعة الثّانية من الزّحام و قدر على السّجود كيف يصنع؟فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«أمّا الرّكعة الأولى فهي إلى عند الرّكوع تامّة،فلمّا لم يسجد لها حتّى دخل في الرّكعة الثّانية لم يكن له ذلك،فلمّا سجد في الثّانية فإن كان نوى أنّ هذه السّجدة هي (6)للرّكعة الأولى فقد تمّت له الأولى،فإذا سلّم الإمام قام فصلّى ركعة ثمَّ (7)يسجد فيها ثمَّ يتشهّد

ص:443


1- 1المغني 2:161،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179.
2- 2) المغني 2:161،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179.
3- 3) المغني 2:160،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179.
4- 4) المغني 2:161،الشرح الكبير بهامش المغني 2:179.
5- 5) ح:هذا،كما في الوسائل. [1]
6- 6) ح:هاتين السجدتين.مكان:هذه السجدة هي.
7- 7) ليست في غ،م،ن و ق.

و يسلّم،و إن كان لم ينو أن تكون تلك السّجدة (1)للرّكعة الأُولى لم تجزئ عنه الاُولى و لا الثّانية،و عليه أن يسجد سجدتين و ينوي أنّهما للرّكعة الاُولى،و عليه بعد ذلك ركعة تامّة يسجد فيها» (2).

احتجّوا (3)بقول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به فإذا ركع فاركعوا» (4).

و الجواب:أنّ الائتمام مفهومه الإتيان بمثل فعل الغير،و الإمام ركع الثّانية بعد تمام الاُولى،و لا يمكن تحقّق ذلك للمأموم إجماعا.

و أيضا فإنّه في تتمّة الحديث قال:«و إذا سجد فاسجدوا».فإن قلت:قد سقط الأمر بالسّجود للعذر و بقي الأمر بالمتابعة في الرّكوع متوجّها لإمكانه.قلت:لا نسلّم الإمكان؛إذ المطلوب فعل الرّكوع بعد السّجود.

و أيضا (5)ينتقض بما إذا كان الإمام قائما،فإنّه يجوز له السّجود إجماعا و الائتمام حينئذ.

الثّالث فإذا سجد الإمام سجد هو أيضا

الثّالث:قال الشّيخ في الخلاف (6)و المبسوط (7)بمضمون رواية حفص،و بمثله قال السيّد المرتضى في المصباح (8).و قال الشّيخ في النّهاية:فإذا سجد الإمام سجد هو أيضا،

ص:444


1- 1ح:السجدتين.مكان:أن تكون تلك السجدة.
2- 2) التّهذيب 3:21 الحديث 78،الوسائل 5:33 الباب 17 من أبواب حكم المأموم الحديث 2. [1]
3- 3) المغني 2:161،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 2:179.
4- 4) صحيح البخاريّ 1:187،صحيح مسلم 1:309 الحديث 414،سنن ابن ماجه 1:276 الحديث 846، سنن أبي داود 1:164 الحديث 603،سنن الترمذيّ 2:194 الحديث 361،سنن النسائيّ 2:97،سنن الدارميّ 1:300. [3]
5- 5) م بزيادة:فإنّه.
6- 6) الخلاف 1:237 مسألة-9.
7- 7) المبسوط 1:145.
8- 8) نقله عنه في السرائر:65.

و جعل سجدتيه للرّكعة الاُولى،و يضيف إليهما ركعة بعد التّسليم،و إن لم ينو بهاتين السّجدتين أنّهما للرّكعة الأُولى،كان عليه إعادة الصّلاة (1).و جعله في المبسوط رواية (2).

و به قال ابن البرّاج (3)،و ابن إدريس (4).

و الّذي أذهب إليه هو اختياره في النّهاية؛لأنّه زاد ركنا في الصّلاة،فكان مبطلا.و ما ذكره في الخلاف فهو تعويل على رواية حفص و هو ضعيف.و هل يشترط نيّة أنّهما للأُولى، ظاهر كلامه يعطي ذلك.

و قال ابن إدريس:لا يفتقر في ذلك إلى نيّة،قال:لأنّ نيّة الصّلاة كافية في نيّة أبعاضها،و لا يفتقر كلّ فعل إلى نيّة (5).

و ما ذكره ليس بجيّد؛لأنّه تابع لغيره،فلا بدّ من نيّة تخرجه عن المتابعة في كونهما للثّانية.و ما ذكره من عدم افتقار الأبعاض إلى نيّة إنّما هو إذا لم يقم الموجب،أمّا مع قيامه فلا.

الرّابع:يستحبّ للإمام أن يطيل القراءة إذا عرف أنّه قد زحم بعض المأمومين

ليلحقوا به

كما يستحبّ له ذلك إذا عرف دخول المأموم إلى المسجد،فإذا سجد المأموم قام، فإن (6)وجد الإمام لم يركع صبر حتّى يفرغ من القراءة،ثمَّ ركع (7)معه متابعا،و إن كان قد ركع،فإن لحقه في الرّكوع اشتغل بالرّكوع معه قولا واحدا لنا،و لا يشتغل بقراءة ما فاته؛ لأنّ المأموم لا قراءة عليه عندنا.و هو أصحّ وجهي الشّافعيّة.و في الوجه الآخر:لهم قضاء

ص:445


1- 1النهاية:107. [1]
2- 2) المبسوط 1:145. [2]
3- 3) المهذّب 1:104.
4- 4) السرائر:65.
5- 5) السرائر:65.
6- 6) غ:فإذا.
7- 7) م و ن:يركع.

القراءة الفائتة؛لأنّهم أدركوا محلّها مع الإمام فيلزمهم فعلها بخلاف المسبوق (1).و ليس بجيّد؛لأنّهم لم يدركوها،إذ الواجب عليهم قضاء السّجود و لم يتابعوه في محلّها فهم كالمسبوقين (2).

الخامس:إذا أدرك مع الإمام الرّكوع في الاُولى،و زوحم في السّجود

حتّى ركع (3)الإمام في الثّانية و سجد معه و نوى بهما للأُولى صحّت له ركعة واحدة و صحّت جمعته بها.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (4).

و قال بعض الحنابلة:إن لم يقم إلى الرّكعة الثّانية و لكن سجد السّجدتين من غير قيام تمّت له ركعة،أمّا إذا قام إلى الرّكعة الثّانية ليركع مع الإمام فيها ففاته،ثمَّ سجد السّجدتين للأُولى فلا جمعة له (5).

و قال بعض أصحاب الشّافعيّ:لا جمعة له مطلقا؛لأنّ إدراك الجمعة إنّما يكون بركعة كاملة و هذه ملفّقة (6).

لنا:قوله عليه السّلام:«من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة» (7).و ما ذكروه من التلفيق فليس بصحيح،لأنّ المسبوق إنّما يصلّي بالأُولى (8)مع الإمام و الإمام يصلّي الثّانية،كذلك السّجود قد اتّبعه فيه،و اختلافهما في الاحتساب لا يضرّ.

السّادس:لو زوحم في ركوع الاُولى و سجودها معا حتّى قام الإمام إلى الثّانية

ص:446


1- 1المجموع 4:570،فتح العزيز بهامش المجموع 4:564.
2- 2) ح و ق:كالمسبوق.
3- 3) ح:يركع.
4- 4) المغني 2:161،الشرح الكبير بهامش المغني 2:180.
5- 5) المغني 2:161،الشرح الكبير بهامش المغني 2:180.
6- 6) المجموع 4:566،571.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:356 باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة،سنن النسائيّ 3:112،سنن البيهقيّ 3: 203،كنز العمّال 7:724 الحديث 21109.بتفاوت في الجميع.
8- 8) ن و غ:الأوّلة.ح و ق:بالأوّلة.

فهل له أن يركع و يسجد،ثمَّ يقوم إلى الثّانية أم لا؟فيه نظر،ينشأ من أنّه لم يدرك الرّكعة مع الإمام،و أنّه يجوز للمزحوم قضاء ما عليه و اللّحاق.

و قد روى الشّيخ،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يكون في المسجد إمّا في يوم الجمعة،و إمّا في غير ذلك من الأيّام،فيزحمه النّاس إمّا إلى حائط،و إمّا إلى أسطوانة،فلا يقدر على أن يركع و لا يسجد حتّى يرفع الناس رؤوسهم،فهل يجوز له أن يركع و يسجد وحده،ثمَّ يستوي (1)مع النّاس في الصفّ؟فقال:

«نعم،لا بأس بذلك» (2).

و في الطّريق محمّد بن سليمان،فإن كان هو ابن أعين (3)أو الأصفهانيّ (4)فهو ثقة،و إن كان ابن عبد اللّه الدّيلميّ (5)فهو ضعيف جدّا.و قد روى ابن بابويه هذا الحديث في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (6).و على هذا يمكن

ص:447


1- 1غ،م،ن و ق:استوى.
2- 2) التّهذيب 3:248 الحديث 680،الوسائل 5:33 الباب 17 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث 3. [1]
3- 3) محمّد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بُكَير بن أعيَن أبو طاهر الزراريّ،وثّقه النجاشيّ بقوله:حسن الطريقة،ثقة،عين.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و وثّقه.مات سنة 301 ه. رجال النجاشيّ:347،رجال العلاّمة:156. [2]
4- 4) محمّد بن سليمان الأصفهانيّ،كذا عنونه النجاشيّ و قال:ثقة روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و وثّقه.و عنونه الشيخ في رجاله بقوله:محمّد بن سليمان بن عبد اللّه الأصفهانيّ الكوفيّ،و عدّه من أصحاب الصادق عليه السّلام.و قال المحقّق المامقانيّ:اتّحادهما ممّا لا ينبغي التوقّف فيه. رجال النجاشيّ:367،رجال الطّوسيّ:288،رجال العلاّمة:159، [3]تنقيح المقال 3:121،123. [4]
5- 5) محمّد بن سليمان بن عبد اللّه الديلميّ ضعيف جدّا لا يعوّل عليه في شيء،قاله النجاشيّ.و ذكره الشيخ في رجاله في باب أصحاب الصادق عليه السّلام و أهمل عن توثيقه و تضعيفه،و قال في باب أصحاب الرضا عليه السّلام: محمّد بن سليمان الديلميّ بصريّ ضعيف من أصحاب أبي الحسن موسى عليه السّلام.و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة بعنوان سليمان بن عبد اللّه الديلميّ و قال:ضعيف جدّا. رجال النجاشيّ:365،رجال الطوسيّ:290 و 386،رجال العلاّمة:255. [5]
6- 6) الفقيه 1:270 الحديث 1234.و فيه:عن أبي الحسن عليه السّلام.

القول بالقضاء و المتابعة و إن لم يكن فيه دلالة خاصّة على ذلك،و على هذه الرّواية لو قضى السّجود و لحق بالإمام فوجده رافعا من الرّكوع جاز له أن يركع و يلحق به.

السّابع:إذا اشتغل بقضاء السّجود،فلمّا فرغ وجد الإمام قد رفع رأسه من الركوع الثاني فقد أدرك الجمعة

لأنّه لحق بالإمام في أكثر الرّكعة الاُولى من القراءة و الرّكوع و التّكبير،و باقي الرّكعة فعلها في حكم إمامته،و هل يتابع الإمام في السّجدتين الأخيرتين و قعود التشهّد قبل أن يشتغل بالثّانية؟فالّذي يقتضيه المذهب أنّه يصبر لا يسجد و لا يشتغل بالثّانية حتّى يفرغ الإمام،ثمَّ يقوم فيأتي بالرّكعة الثّانية؛لأنّه لو تابعه لزاد في الصّلاة ركنا.

الثّامن:لو لم يتمكّن من السّجود و اللّحاق به،و صبر ليسجد معه في الثّانية للإمام

فلم يتمكّن أيضا حتّى قعد الإمام للتشهّد فهل يسجد أم لا؟و معه هل يلحق الجمعة أم لا؟الأقرب أنّه لا جمعة له و يستقبل الظّهر؛لأنّه لم يدرك ركعة مع الإمام،و فارق هذا الفرض الأوّل؛إذ هو في الأوّل مأمور بالقضاء و اللّحاق به،فأمكن أن يقال:أنّه يدرك (1)الجمعة بخلاف هذا،أمّا لو لم يتمكّن من السّجود إلاّ بعد تسليم الإمام فالوجه هاهنا فوات الجمعة قولا واحدا؛لأنّ ما يفعله بعد السّلام لم يكن في حكم صلاة الإمام.

التّاسع:لو صلّى الرّكعة الأُولى معه بسجدتيها،ثمَّ زوحم في سجود الثّانية،فزال

الزّحام

سجد و تبعه (2)في التشهّد،و صحّت له الجمعة إجماعا إلاّ في وجه ضعيف للشّافعيّة (3)؛لأنّه أدرك جميع الصّلاة بعضها فعلا و بعضها حكما،و لو لم يزل حتّى سلّم فقد أدرك الجمعة أيضا.

العاشر:لو دخل المسجد و الإمام راكع في الثّانية،فدخل معه،ثمَّ زوحم في السّجود

ص:448


1- 1غ:أدرك.
2- 2) غ:تابعه.
3- 3) المجموع 4:572-573.

ثمَّ زال الزّحام فسجد و تبع (1)الإمام في التّشهّد،فالأقرب أنّه لا جمعة له؛إذ لم يدرك الرّكعة، أمّا لو لم يدرك السّجود إلاّ بعد التّسليم،فالوجه الفوات لا غير.

الحادي عشر:لو لم يركع مع الإمام في الأُولى للزّحام

لا يسجد معه،بل يصبر إلى أن يركع الإمام في الثّانية فيركع (2)معه،و يكون أُولاه،ثمَّ يتمّم (3)،و يكون مدركا للجمعة- خلافا لبعض الشّافعيّة (4)-لأنّه لو أدرك الرّكوع في الثّانية كان مدركا للجمعة،فما زاد من الرّكعة الاُولى لا يكون مانعا من الإدراك.

قالوا:ملفّقة.

أجبنا:بالمنع فيهما.

الثّاني عشر:ليس الوقوف في الصّفّ شرطا في الجمعة و لا الجماعة

لا في الابتداء، و لا في الاستدامة.فلو صلّى مع الإمام ركعة،ثمَّ زوحم في الثّانية و أخرج من الصّفّ أتمّها مع الإمام و إن كان فذّا (5).

و عن أحمد روايتان:إحداهما:مثل ما قلناه؛لأنّه قد يعفى في البناء عن تكميل الشّروط،كما لو خرج الوقت و قد صلّوا (6)ركعة.

و الأُخرى:أنّه لا يصحّ إلاّ إذا نوى الانفراد؛لأنّه فذّ في ركعة كاملة فأشبه ما لو فعل ذلك عمدا (7).

مسألة:و لو أحدث الإمام جاز له الاستخلاف

سواء فرغ من الخطبة و لم يشرع

ص:449


1- 1ح و ق:فيسجد و يتّبع.
2- 2) ق،م و ن:فركع.
3- 3) ح:يتمّ.
4- 4) ينظر:المجموع 4:572.
5- 5) الفذّ:الواحد.المصباح المنير:465.
6- 6) م،ح و ق:صلّى.
7- 7) المغني 2:163،الشرح الكبير بهامش المغني 2:181،الكافي لابن قدامة 1:288،الإنصاف 2:384.

في الصّلاة،أو شرع فيها.و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال مالك (1)،و أبو حنيفة (2)، و الثّوريّ (3)،و أحمد (4)،و إسحاق،و أبو ثور (5)،و الشّافعيّ في الجديد (6).و قال في القديم:

لا يجوز له الاستخلاف (7).

لنا:ما رواه الجمهور أنّه لمّا صلّى بالنّاس أبو بكر في حال مرض النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتهادى بين العبّاس و عليّ فدخل المسجد و أبو بكر يصلّي بالنّاس فتقدّم فصلّى بهم و تأخّر أبو بكر (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:رجل دخل مع قوم في صلاتهم و هو لا ينويها صلاة،و أحدث إمامهم فأخذ بيد ذلك الرّجل فقدّمه فصلّى بهم،أ تجزئهم صلاتهم بصلاته و هو لا ينويها صلاة؟فقال:

«لا ينبغي للرّجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم و هو لا ينويها صلاة بل ينبغي له أن ينويها و إن كان قد صلّى فإنّ له صلاة أُخرى،و إلاّ فلا يدخل معهم و قد تجزئ عن القوم

ص:450


1- 1المدوّنة الكبرى 1:154-155.بلغة السالك 1:166-167،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1: 166،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85،حلية العلماء 2:294.
2- 2) المبسوط للسرخسيّ 2:122،الهداية للمرغينانيّ 1:59،تحفة الفقهاء 1:222-223،بدائع الصنائع 1:224،فتح العزيز بهامش المجموع 4:555،حلية العلماء 2:294،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85.
3- 3) المغني 1:779،المجموع 4:245.
4- 4) المغني 1:779،الكافي لابن قدامة 1:221،الإنصاف 2:32، [1]المجموع 4:245،فتح العزيز بهامش المجموع 4:555،حلية العلماء 2:294،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85.
5- 5) لم نعثر على قوليهما بعد التتبّع.
6- 6) الاُمّ 1:207،المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:578،حلية العلماء 2:294،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85،مغني المحتاج 1:297،السراج الوهّاج:90.
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:578،حلية العلماء 2:294،رحمة الأُمّة بهامش ميزان الكبرى 1:85،مغني المحتاج 1:297،السراج الوهّاج:90.
8- 8) صحيح البخاريّ 1:175-176،صحيح مسلم 1:311 الحديث 418.

صلاتهم و إن لم ينوها» (1).

احتجّ المخالف (2)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى بأصحابه،فلمّا أحرم بالصّلاة ذكر أنّه جنب،فقال لأصحابه:«كما أنتم»و مضى و رجع و رأسه يقطر ماء (3)،و لم يستخلف النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فدلّ على عدم الجواز.

و الجواب:أنّ هذا عندنا باطل و الخبر كذب؛إذ الأنبياء معصومون عن وقوع الذّنب عمدا و سهوا.و أيضا:فإنّه لا يدلّ على المنع من الاستخلاف.

فإنّا نقول:إنّه إذا أمكنه العود بسرعة جاز له أن لا يستخلف.

فروع:
الأوّل:لا فرق عندنا بين الحدث بعد الخطبتين قبل الشّروع في الصّلاة و بعده في جواز الاستخلاف

عملا بالعموم في جواز الاستخلاف.

و قال الشّافعيّ:إذا أحدث بعد الخطبتين قبل الصّلاة يخطب بهم غيره و يصلّي،و إن لم يسع (4)الوقت صلّى الظّهر أربعا (5).و ليس بشيء؛لأنّ الخطبتين قائمتان مقام الرّكعتين، فكما جاز الاستخلاف في الصّلاة جاز فيما يعدّ (6)البدل.

الثّاني:لا فرق في جواز الاستخلاف بين أن يستخلف من سمع الخطبة و من لم

يسمعها

إلاّ أنّ الأفضل استخلاف من سمع؛لأنّ المسبوق عندنا يجوز استخلافه،فمع الخطبة

ص:451


1- 1التّهذيب 3:41 الحديث 143،الوسائل 5:437 الباب 39 من أبواب صلاة الجماعة الحديث 1. [1]
2- 2) فتح العزيز بهامش المجموع 4:555.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:77،سنن ابن ماجه 1:385 الحديث 1220،سنن أبي داود 1:60 و 61 الحديث 233 و 235،سنن البيهقيّ 2:398،399.في بعضها بتفاوت يسير.
4- 4) غ،م و ن:يتسع.
5- 5) فتح العزيز بهامش المجموع 4:561-562.
6- 6) في النسخ:بَعد و لعلّه تصحيف.

أولى،و كذا يجوز استخلاف من لم يحرم مع الإمام لذلك (1).

و قال الشّافعيّ:لا يستخلف المسبوق،سواء حضر الخطبة أو لا؛لأنّه يكون مبتدئا للجمعة،و لا يجوز له أن يبدأ بجمعة بعد جمعة (2).و ليس بشيء؛لأنّه بالنّسبة إليه ابتداء، و بالنّسبة إلى المأمومين ليس بابتداء،و ينتقض بالمأموم إذا سبق،فإنّه يكون مبتدئا و غير مبتدء.

الثّالث:لو أحدث في الثّانية جاز أن يستخلف من دخل معه قبل ركوعها

أو في ركوعها

و به قال الشّافعيّ أيضا (3)،و فرّق بين أن يكون الحدث في الأُولى أو الثّانية.

فإذا ثبت جواز الاستخلاف أتمّها المأمومون جمعة قولا واحدا عندنا و عنده،و هل يتمّ المستخلف جمعة أم ظهرا؟الوجه عندنا أنّه يتمّها جمعة،خلافا للشّافعيّ في أحد قوليه (4).

و لو أحدث في الرّكعة الاُولى و استخلف من قد أحرم معه،ثمَّ أحدث المستخلف بعد أن صلّى الرّكعة الاُولى،و استخلف من أدرك معه الرّكعة الثّانية،تمَّ (5)المأمومون جمعة،و كذا الإمام الثّاني عندنا،خلافا للشّافعيّ (6).قال أبو إسحاق من أصحابه:و فرق بين هذه المسألة و بين المأموم إذا أدرك ركعة أنّه يتمّها جمعة؛لأنّ المأموم يتبع إمامه فيجوز له أن يتمّ على وجه التّبع لإمامه،بخلاف الإمام،فإنّه لا يجوز أن يكون تبعا للمأمومين فيبني على صلاتهم،و لا يجوز أن يبني على صلاة الإمام الأوّل؛لأنّ الجمعة لم تتمّ له (7).

الرّابع:لو مات الإمام أو أُغمي عليه جاز للمأمومين الاستخلاف

و كذا لو لم

ص:452


1- 1م و ن:كذلك.
2- 2) فتح العزيز بهامش المجموع 4:557-558.
3- 3) المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:581.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:581.
5- 5) ن:أتمّ.
6- 6) لم نعثر عليه.
7- 7) لم نعثر عليه.

يستخلف جاز لهم،أمّا لو لم يستخلفوا و نوى الكلّ الانفراد،هل يتمّون (1)الجمعة أو ظهرا أو تبطل؟لم أجد لأصحابنا فيه نصّا،و الوجه وجوب الاستخلاف،فمع عدمه تبطل الجمعة.

الخامس:هل يجوز له أن يستنيب من فاتته الجمعة و يكون الواجب عليه الظّهر؟

الأقرب الجواز.

السّادس:لو صلّى ما زاد على العدد المعتبر،ثمَّ بان للإمام أنّه كان محدثا

،صحّت جمعة المأمومين،و يجب على الإمام الظّهر،خلافا لبعض الجمهور (2).أمّا لو كان العدد غير زائد على المعتبر فالوجه عندنا أنّه كذلك،خلافا للشّافعيّ (3).

مسألة:و إذا زالت الشّمس وجبت الجمعة لا الظّهر

فلو صلّى من وجب عليه السّعي الظّهر لغير عذر لم تصحّ صلاته و يجب عليه السّعي،فإن أدرك الجمعة صلاّها و إلاّ أعاد ظهره.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال أحمد (4)، و مالك (5)،و الثّوريّ (6)،و زفر (7)،و الشّافعيّ في الجديد.و قال في القديم:

الواجب هو الظّهر و لكن كلّف إسقاطها بالجمعة (8)(9).و به قال أبو حنيفة (10)،

ص:453


1- 1غ،م،و ن:يتمّمون.
2- 2) حلية العلماء 2:201،المجموع 4:258.
3- 3) المهذّب للشيرازي 1:97،حلية العلماء 2:201،المجموع 4:257.
4- 4) المغني 2:196،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156،الكافي لابن قدامة 1:482،المجموع 4:497، حلية العلماء 2:267.
5- 5) الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:181،حلية العلماء 2:267،المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156،المجموع 4:497.
6- 6) المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156،المجموع 4:497.
7- 7) بدائع الصنائع 1:257،حلية العلماء 2:267،المجموع 4:497.
8- 8) ن:بإسقاطها.الجمعة.
9- 9) المهذّب للشيرازي 1:110،حلية العلماء 2:267،المجموع 4:496،المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156.
10- 10) المبسوط للسرخسي 2:32،تحفة الفقهاء 1:159،بدائع الصنائع 1:256،الهداية للمرغينانيّ 1:84، المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156،المجموع 4:497،حلية العلماء 2:267.

و أبو يوسف (1)،و اختلفا فيمن صلّى الظّهر في داره-بعد اتّفاقهما مع الشّافعيّ على الصّحّة-أنّه إذا سعى إلى الجمعة هل يبطل ظهره أم لا؟فقال أبو حنيفة:يبطل بالسّعي (2).

و قال أبو يوسف:لا يبطل به،لكنّه إذا وافى الجامع،فأحرم خلف الإمام،بطلت الآن ظهره و كانت الجمعة فرضه (3).و قال أبو حنيفة:و يلزمه السّعي،فإن سعى بطلت و إلاّ صحّت (4).

لنا:أنّ السّعي إلى الجمعة واجب بالآية (5)،فتكون الجمعة واجبة،و لأنّها واجبة بالإجماع و يأثم بتركها إجماعا و ترك السّعي إليها،فلا يخاطب إلاّ بها؛لاستحالة توجّه الخطاب بصلاتين في وقت واحد،و لأنّه يأثم بفعل الظّهر إذا ترك الجمعة،و لا يأثم بفعل الجمعة إذا ترك الظّهر إجماعا،و الواجب إنّما هو ما يتعلّق الإثم بتركه.

احتجّوا بأنّ الظّهر فرض الوقت كسائر الأيّام،و الجمعة بدل،و لهذا لو تعذّرت صلّى الظّهر،فمع الإتيان بالأصل ينبغي الإجزاء كسائر الأيّام (6).

و الجواب:المنع من أنّها هي الأصل و إلاّ لعوقب بتركها،و لما صحّ فعل البدل مع إمكان فعلها كالأبدال،و لما بطلت بالسّعي كالصّلوات الصّحيحة،و لأنّ الصّحيح مبرئ للذّمّة فلا يجوز اشتغالها بواجب آخر،و لأنّها مع الفراغ منها لم يبطل شيء من مبطلاتها، فكيف يبطل بما ليس من مبطلاتها مع عدم ورود الشّرع به.أمّا إذا فاتته الجمعة فإنّه يجب

ص:454


1- 1تحفة الفقهاء 1:159،بدائع الصنائع 1:256،المجموع 4:497.
2- 2) تحفة الفقهاء 1:161،الهداية للمرغينانيّ 1:84،حلية العلماء 2:267،المجموع 4:497،المغني 2:197، الشرح الكبير بهامش المغني 2:157.
3- 3) المبسوط للسرخسيّ 2:33،تحفة الفقهاء 1:161،الهداية للمرغينانيّ 1:84،حلية العلماء 2:267، المجموع 4:497.
4- 4) المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:157،حلية العلماء 2:267.
5- 5) الجمعة(62):9.
6- 6) المغني 2:197،الشرح الكبير بهامش المغني 2:156-157،حلية العلماء 2:267،المهذّب للشيرازيّ 1:110.

الظّهر؛لتوقّف الجمعة على شروط فاتته في قضائها،فتعيّن المصير إلى الظّهر،و هذا حال البدل.و قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث جابر:«من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة» (1).دالّ على ما ذكرناه.

فروع:
الأوّل:كما أنّ الجمعة ليست بدلا في حقّ من وجبت عليه فكذا الظّهر ليست بدلا

في حقّ من لم تجب عليه

فيجوز فعلها له و إن تمكّن من الحضور،إلاّ أنّه مع الحضور تجب الجمعة عليه و قد تقدّم.

الثّاني:لو صلّى الظهر من وجبت عليه الجمعة و شكّ هل صلّى قبل صلاة الإمام

أو بعدها وجبت عليه الإعادة

لأنّ الأصل بقاء الصّلاة في الذّمّة إلى أن يثبت (2)يقين البراءة.و لأنّه صلّى مع الشكّ في الشّرط فلا يصحّ،كالشكّ في الطّهارة.

الثّالث:هل يشترط في صحّة ظهره فعلها بعد فراغ الإمام من الجمعة،أو فعلها في وقت يعلم أنّه لو سعى فاتته الجمعة؟

(3)

عندي فيه توقّف،فعلى الأوّل،لو صلّى في بيته قبل صلاة الإمام أو معها و بين داره و الجامع ما يعلم معه الفوات لو سعى بطلت،لا الثّاني، و الأوّل أقرب؛لأنّه صلّى في غير وقت الفريضة،إذ ذلك الوقت في حقّه وقت الجمعة، و بتفريطه لا يخرج عن أن يكون وقتا لها.

الرّابع:من لا يجب عليه الجمعة كالمسافر و المرأة و العبد و غيرهم من المعذورين يجوز له فعل الظّهر قبل صلاة الإمام

و هو (4)قول علمائنا أجمع،و أكثر الجمهور (5)،خلافا

ص:455


1- 1سنن الدار قطنيّ 2:3 الحديث 1.
2- 2) م و ن:ثبت.
3- 3) م،ن و ح:لو.
4- 4) ح:و عليه.
5- 5) المغني 2:198،الشرح الكبير بهامش المغني 2:159،المجموع 4:493.

لشذوذ (1).

لنا:أنّه غير مخاطب بها و مكلّف بالظّهر فيصحّ فعلها.

احتجّوا بأنّه لا يتيقّن بقاء العذر فلا تصحّ صلاته كغير المعذور (2).

و الجواب:أمّا عذر المرأة فبقاؤه متيقّن،و الأصل بقاء عذر غيرها،و الظّاهر استمراره.

الخامس:لا يكره لهؤلاء أن يصلّوا الظّهر جماعة

و هو قول علمائنا،و فعل ذلك ابن مسعود،و هو قول الأعمش (3)،و الشّافعيّ (4)،و إسحاق (5)،و أحمد (6).و كرهه الحسن،و أبو قلابة (7)،و أبو حنيفة (8).

لنا:عموم الأحاديث الدّالّة على فضيلة الجماعة (9)،و لأنّ ابن مسعود فعله و هو من الصّحابة و لم ينكر عليه.

احتجّ أبو حنيفة بأنّه لم يخل زمن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من معذورين و لم ينقل عنهم جماعة (10).

ص:456


1- 1المغني 2:198،الشرح الكبير بهامش المغني 2:159،الكافي لابن قدامة 1:282.
2- 2) المغني 2:198،الشرح الكبير بهامش المغني 2:159.
3- 3) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:110،حلية العلماء 2:266،المجموع 4:493-494،مغني المحتاج 1:279،المغني 2: 199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160.
5- 5) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160.
6- 6) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160،الكافي لابن قدامة 1:282،الإنصاف 2:373.
7- 7) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160.
8- 8) بدائع الصنائع 1:270،حلية العلماء 2:266،المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160، المجموع 4:494.
9- 9) الوسائل 5:أبواب صلاة الجماعة الباب 1،2،3،و من طريق العامّة،ينظر:صحيح مسلم 1:449 باب فضل صلاة الجماعة.
10- 10) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:160.

و الجواب:المنع بابن مسعود فإنّه صلّى بعلقمة و الأسود (1).و هكذا حكم من فاتته الجمعة.و لا يكره لهم فعل الجماعة في مسجد الجمعة بعد الفراغ منها (2)؛لعموم الأدلّة،خلافا لأحمد (3).

مسألة:إذا زالت الشّمس حرم السّفر على من يجب عليه الجمعة

و هو قول علمائنا أجمع،و به قال الشّافعيّ (4)،و أحمد (5)،و إسحاق،و ابن المنذر (6).

و قال أبو حنيفة (7)،و الأوزاعيّ:يجوز (8).

لنا:قوله تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ (9).و النّداء وقت الزّوال،فإيجاب السّعي يقتضي تحريم ما يحصل به تركه.

احتجّوا بأنّ عمر قال:لا تحبس الجمعة عن سفر (10).

و الجواب:أنّ قول عمر ليس بحجّة؛لجواز أن يكون عن اجتهاده (11)،و نحمله على السّفر قبل الوقت،جمعا بين الأدلّة.

ص:457


1- 1المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161.
2- 2) ح و فيها.
3- 3) المغني 2:199،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161.
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:110،حلية العلماء 2:268،المجموع 4:499،فتح العزيز بهامش المجموع 4:609، مغني المحتاج 1:278،المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161.
5- 5) المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161،الإنصاف 2:373، [1]الكافي لابن قدامة 1:296، زاد المستقنع:19،المجموع 4:499.
6- 6) المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161.
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 5:342، [2]المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161،المجموع 4:499، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 4:609. [4]
8- 8) المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161.
9- 9) الجمعة(62):9. [5]
10- 10) المغني 2:217،الشرح الكبير بهامش المغني 2:161،أحكام القرآن للجصّاص 5:342، [6]سنن البيهقيّ 3:187.
11- 11) ح،ق،م و ن،اجتهاد.
فروع:
الأوّل:لو كانت هناك ضرورة إلى السّفر جاز و إن كان بعد الزّوال

لأنّ الضّرورة مبيحة.

الثّاني:يكره السّفر بعد طلوع الفجر قبل الزّوال يوم الجمعة و ليس بمحرّم

ذهب إليه علماؤنا،و هو قول أكثر أهل العلم (1)،و أحد قولي الشّافعيّ (2)،و إحدى الرّوايات عن أحمد (3).

و قال الشّافعيّ في الجديد:لا يجوز (4)،و به قال ابن عمر،و عائشة (5)،و الحسن، و ابن سيرين (6)،و أحمد في رواية عنه،و في الرّواية الثّالثة أنّه يباح للجهاد خاصّة (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله وجّه

ص:458


1- 1المغني 2:218،المجموع 4:499.
2- 2) المهذّب للشيرازيّ 1:110،حلية العلماء 2:268،المجموع 4:499،مغني المحتاج 1:278،السراج الوهّاج:84.
3- 3) المغني 2:218،الشرح الكبير بهامش المغني 2:162،الكافي لابن قدامة 1:296،الإنصاف 2:374. [1]
4- 4) المهذّب للشيرازيّ 1:110،حلية العلماء 2:268،المجموع 4:499،مغني المحتاج 1:278،السراج الوهّاج:84.
5- 5) حلية العلماء 2:268،المجموع 4:499.
6- 6) كذا نسب إليهما،و الموجود في المصادر خلاف ذلك،أي:يجوز السّفر بين الفجر و الزوال،ينظر:أحكام القرآن للجصّاص 5:343، [2]المغني 2:218،المجموع 4:499.
7- 7) المغني 2:218،الشرح الكبير بهامش المغني 2:162،الكافي لابن قدامة 1:296،الإنصاف 2:374، [3]حلية العلماء 2:268.

زيد بن حارثة (1)،و جعفر بن أبي طالب (2)،و عبد اللّه بن رواحة (3)في جيش مؤتة فتخلّف عبد اللّه فرآه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:«ما خلّفك؟»فقال:الجمعة،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لروحة في سبيل اللّه أو غدوة خير من الدّنيا و ما فيها».قال:فراح منطلقا (4).

و لأنّ الوجوب ليس بثابت،و إمكانه ليس بمانع كما في قبل طلوع الفجر،و لحديث عمر (5).

ص:459


1- 1زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبيّ،أبو أسامة،و هو الذي تبنّاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد أن تبرّأ منه أبوه عند اختياره المقام عند النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال أبوه عند ذلك:يا معاشر قريش و العرب،إنّي قد تبرّءت من زيد فليس هو ابني.فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد ذلك:«يا معاشر قريش:زيد ابني و أنا أبوه».فدعي زيد بن محمّد.آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بينه و بين حمزة بن عبد المطّلب،و لمّا سيّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الجيش إلى الشام جعل أميرا عليهم زيدا بن حارثة،و قال:«.فإن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد اللّه بن رواحة».فقتل في مؤتة من أرض الشام في جمادى الآخرة سنة 8 ه. أُسد الغابة 2:224، [1]تهذيب التهذيب 3:401، [2]تنقيح المقال 1:462. [3]
2- 2) جعفر بن أبي طالب الطيّار ابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أخو عليّ عليه السّلام لأبويه،كان أشبه الناس برسول اللّه خلقا و خُلقا،أسلم بعد إسلام أخيه،و له هجرتان،هجرة إلى الحبشة و هجرة إلى المدينة،لمّا قدم من الحبشة بعد فتح خيبر اعتنقه رسول اللّه و قبّل بين عينيه،و قال:«ما أدري بأيّهما أنا أشدّ فرحا بقدوم جعفر أم بفتح خيبر».و لمّا قطعت يداه بمؤتة،قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أبدله اللّه جناحين يطير بهما في الجنّة».عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. أُسد الغابة 1:286، [4]الإصابة 1:237، [5]رجال الطوسيّ:12،رجال العلاّمة:30. [6]
3- 3) عبد اللّه بن رواحة بن ثعلبة الأنصاريّ الخزرجيّ يكنّى أبا محمّد و قيل:أبو رواحة،و كان ممّن شهد العقبة و كان نقيب بني الحارث و شهد المشاهد كلّها إلاّ الفتح و ما بعده لأنّه كان قد قتل قبله،و هو أحد الأُمراء في غزوة مؤتة و استشهد فيها بعد جعفر بن أبي طالب في سنة 8 ه. أُسد الغابة 3:156، [7]الإصابة 2:306، [8]الاستيعاب [9]بهامش الإصابة 2:293. [10]
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 5:342، [11]المغني 2:218،و نقله بتفاوت في الألفاظ في:سنن الترمذيّ 2: 405 الحديث 527، [12]سنن البيهقيّ 3:187.
5- 5) أحكام القرآن للجصّاص 5:342،سنن البيهقيّ 3:187.

احتجّ الشّافعيّ بأنّه وقت للرواح إلى الجمعة و قد يجب السّعي فيه لمن بَعُدَ طريقه (1).

و احتجّ أحمد بأنّه وقت للجمعة فيحرم السّفر فيه كما في بعد الزّوال (2).

و الجواب عن الأوّل:أنّ الرّواح (3)في ذلك الوقت مستحبّ و القياس على من بَعُدَ طريقه ليس بشيء؛لأنّ الكلام ليس فيه بل في المسافر قبل وجوب السّعي عليه.

و عن الثّاني:بالمنع،و قد تقدّم (4).

الثّالث:لا خلاف بين المسلمين في جواز السّفر قبل الفجر

و ليس بمكروه

مسألة:لو لم يكن الإمام ظاهرا هل يجوز فعل الجمعة؟

قال الشّيخ في النّهاية:يجوز إذا أمنوا الضّرر و تمكّنوا من الخطبة (5).

و ذكر في الخلاف:أنّه لا يجوز (6)،و هو اختيار السيّد المرتضى (7)،و ابن إدريس (8)، و سلاّر (9)و هو الأقوى عندي.

لنا:ما تقدّم من اشتراط الإمام أو نائبه (10)فمع الغيبة يجب الظّهر؛لفوات الشّرط.

مسألة:الأذان الثّاني يوم الجمعة بدعة

قاله الشّيخ

ص:460


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:110،فتح العزيز بهامش المجموع 4:610.
2- 2) الإنصاف 2:375.
3- 3) ح و ق:الروح.
4- 4) يراجع:ص 348.
5- 5) النهاية:107. [1]
6- 6) الخلاف 1:248 مسألة-43.
7- 7) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثالثة):41.
8- 8) السرائر:63.
9- 9) المراسم:77.
10- 10) يراجع:ص 334. [2]

في الخلاف (1).

و قال في المبسوط:إنّه مكروه (2)و ما ذكره في الخلاف أقوى.

لنا:أنّه لم يكن مشروعا في عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيكون بدعة،روى الجمهور عن السائب بن يزيد (3)،قال:كان النّداء إذا صعد الإمام على المنبر على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أبي بكر و عمر،فلمّا كان عثمان[و] (4)كثر النّاس فزاد النّداء الثّالث على الزوراء (5)،رواه البخاريّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن حفص بن غياث،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام قال:«الأذان الثّالث يوم الجمعة بدعة» (6).أقول:إنّما سمّي ثالثا باعتبار الإقامة لا أنّ في الوضع كذلك،بل هو ثان،قال الشّيخ في المبسوط:و روي أنّ أوّل من فعل ذلك عثمان.و قال عطاء:إنّ أوّل من فعل ذلك معاوية.

و قال الشّافعيّ:ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أبو بكر و عمر أحبّ إليّ و هو السنّة.قال الشيخ:و هو مثل ما قلناه (7).

ص:461


1- 1كذا نسب إليه و لكن لم نجده في الخلاف بعد التتبّع،و حكى صاحب المفتاح نسبة القول عن المنتهى، [1]ثمَّ قال: و لم أجد ذلك فيه بعد التتبّع،و شهد لذلك قوله في كشف اللثام:و حكي ذلك عن الخلاف،و لو أنّه وجده فيه لحكاه من دون أن ينقل حكايته. مفتاح الكرامة 3:151، [2]كشف اللثام 1:256.
2- 2) المبسوط 1:151.
3- 3) السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود الكنديّ،روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن حويطب بن عبد العزّى و عمر و عثمان و أبيه يزيد،و روى عنه ابنه عبد اللّه و الجعدة بن عبد الرحمن و إبراهيم بن عبد اللّه بن قارظ.مات بالمدينة سنة 91 ه،و قيل:سنة 88 ه. أُسد الغابة 2:257، [3]تهذيب التهذيب 3:450، [4]العبر 1:78، [5]الجمع بين رجال الصحيحين 1:202.
4- 4) أثبتناها من المصدر.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:10.
6- 6) التّهذيب 3:19 الحديث 67،الوسائل 5:81 الباب 49 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]
7- 7) المبسوط 1:149. [7]
فرعان:
الأوّل:إذا صلّى الجمعة أقام للعصر و صلاّها بغير أذان

ذهب إليه علماؤنا أجمع.

الثّاني:لو صلّى الظّهر لفوات أحد شرائط الجمعة بأذان و إقامة إمّا منفردا أو مجتمعا هل يسقط الأذان الثّاني عنه أم لا؟

قال الشّيخ:يسقط (1).

و قال المفيد في المقنعة (2)و الأركان:يؤذّن و يقيم للعصر (3)،و به قال ابن البرّاج في الكامل (4)،و ابن إدريس (5)،و الوجه عندي الأوّل؛لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الفضيل و زرارة و غيرهما،عن أبي جعفر عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظّهر و العصر بأذان و إقامتين،و جمع بين المغرب و العشاء بأذان و إقامتين (6).

احتجّ ابن إدريس بالإجماع على استحباب الأذان لكلّ صلاة (7).

و الجواب:ادّعاء الإجماع في موضع الخلاف باطل.

مسألة:و إذا كان الإمام ممّن لا يقتدى به فليقدّم صلاته على صلاته

و لو لم يتمكّن صلّى معه،فإذا سلّم الإمام قام فأضاف إليها (8)ركعتين تتمّة الظّهر.

لنا:أنّ الإمام (9)من شرطه العدالة فلا يجوز فعل الجمعة مع عدمه،و لما رواه الشّيخ عن أبي بكر الحضرميّ قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:كيف تصنع يوم الجمعة؟قال:

ص:462


1- 1النهاية:107.
2- 2) المقنعة:26.
3- 3) الأركان غير موجود لدينا،نقله عنه في السرائر:67.
4- 4) نقله عنه في السرائر:67.
5- 5) السرائر:67.
6- 6) التّهذيب 3:18 الحديث 66،الوسائل 4:665 الباب 36 من أبواب الأذان و الإقامة الحديث 2. [1]
7- 7) السرائر:67.
8- 8) غ:إليهما.
9- 9) ح:الإمامة.

«كيف تصنع أنت؟»قلت:أُصلّي في منزلي ثمَّ أخرج فأُصلّي معهم،قال:«كذلك أصنع أنا» (1).

و عن أحمد روايتان:إحداهما:أنّه يصلّي خلفه (2)و يجزئ بها عن الظّهر، و الأُخرى:يصلّي و يعيد (3).

مسألة:و في الجمعة قنوتان.

أحدهما:في الأُولى قبل الرّكوع.و الثّاني:في الثّانية بعد الرّكوع.ذهب إليه الشّيخ في أكثر كتبه (4)،و ابن البرّاج (5)،و ابن أبي عقيل (6)،و سلاّر (7).

و قال السيّد المرتضى:و على الإمام أن يقنت في الجمعة،و اختلفت الرّواية في قنوت الإمام فيها،فروي أنّه يقنت في الأُولى قبل الرّكوع و كذلك الّذين خلفه،و روي أنّ على الإمام إن صلاّها جمعة مقصورة قنوتين في الأُولى قبل الرّكوع،و في الثّانية بعد الرّكوع (8).

و قال المفيد:و القنوت في الاُولى من الرّكعتين في فريضة (9).

و قال ابن بابويه:و على الإمام فيها قنوتان،قنوت في الرّكعة الأُولى قبل الرّكوع، و في الرّكعة الثّانية بعد الرّكوع،و من صلاّها وحده فعليه قنوت واحد في الرّكعة الأُولى قبل الرّكوع،تفرّد بهذه الرّواية حريز عن زرارة.و الّذي أستعمله و أُفتي به و مضى عليه

ص:463


1- 1التّهذيب 3:246 الحديث 671،الوسائل 5:44 الباب 29 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [1]
2- 2) ح و ق:يصلّي جماعة.م و ن:صلّى خلفه.
3- 3) المغني 2:27،30.
4- 4) الخلاف 1:251 مسألة-51،النهاية:106، [2]المبسوط 1:151. [3]
5- 5) المهذّب 1:103.
6- 6) كذا نسب إليه،و نقل عنه في المختلف:106 قوله:(و كلّ القنوت قبل الركوع بعد الفراغ من القراءة).
7- 7) المراسم:77.
8- 8) جمل العلم و العمل:72.
9- 9) المقنعة:27.

مشايخي رحمة اللّه عليهم هو أنّ القنوت في جميع الصّلوات في الجمعة و غيرها في الرّكعة الثّانية بعد القراءة و قبل الرّكوع (1).

و قال ابن إدريس:الّذي يقوى عندي أنّ الصّلاة لا يكون فيها إلاّ قنوت واحد،أيّة صلاة كانت،فلا نرجع عن إجماعنا بأخبار الآحاد (2).

وجه الأوّل:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن أبي بصير قال:سأل عبد الحميد أبا عبد اللّه عليه السّلام-و أنا عنده-عن القنوت في يوم الجمعة؟و ساق الحديث فقال:

«هي في الأُولى و الأخيرة»قال:قلت:جعلت فداك قبل الرّكوع أو بعده؟قال:

«كلّ القنوت قبل الرّكوع إلاّ الجمعة فإنّ الرّكعة الأُولى القنوت فيها قبل الرّكوع،و الأخيرة بعد الرّكوع» (3).

و ما رواه في الموثّق،عن سماعة قال:سألته عن القنوت في الجمعة؟فقال:«أمّا الإمام فعليه القنوت في الرّكعة الأولى بعد ما يفرغ من القراءة قبل أن يركع،و في الثّانية بعد ما يرفع رأسه من الرّكوع قبل السّجود» (4).

و وجه الثّاني:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و يقنت في الرّكعة الأولى منها قبل الرّكوع» (5).

و ما رواه في الحسن،عن سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«القنوت يوم الجمعة في الرّكعة الأولى» (6).

ص:464


1- 1الفقيه 1:266.
2- 2) السرائر:65.
3- 3) التّهذيب 3:17 الحديث 62،الاستبصار 1:418 الحديث 1606،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 12. [1]
4- 4) التّهذيب 3:245 الحديث 665،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 8. [2]
5- 5) التّهذيب 3:245 الحديث 664،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 11.و [3]فيهما:منهما، مكان:منها،و في أكثر النسخ:فيها،مكان:منها.
6- 6) التّهذيب 3:16 الحديث 56،الاستبصار 1:417 الحديث 1600،الوسائل 4:903 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 6. [4]

و عن عمر بن حنظلة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:القنوت يوم الجمعة، فقال:«أنت رسولي إليهم في هذا إذا صلّيتم في جماعة ففي الرّكعة الأولى،و إذا صلّيتم وحدانا ففي الرّكعة الثّانية» (1).

و في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في قنوت الجمعة:«إذا كان إماما قنت في الرّكعة الأولى،فإن كان يصلّي أربعا ففي الرّكعة الثّانية قبل الرّكوع» (2).

و هذه الأخبار و إن اختلفت فالوجه الأوّل،و لا يضرّ اختلافهما؛إذ هو في فعل مستحبّ و ذلك يحتمل اختلافه لاختلاف الأوقات و الأحوال،فتارة يبالغ الأئمّة عليهم السّلام في الأمر بالكمال،و تارة يقتصر على ما يحصل معه بعض المندوب و لا استبعاد في ذلك.

و ممّا يؤيّده:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن داود بن الحصين (3)قال سمعت معمر بن أبي رئاب (4)يسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا حاضر عن القنوت في الجمعة؟

ص:465


1- 1التّهذيب 3:16 الحديث 57،الاستبصار 1:417 الحديث 1601،الوسائل 4:903 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 3:16 الحديث 59،الاستبصار 1:417 الحديث 1603،الوسائل 4:902 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 1. [2]
3- 3) داود بن الحُصين الكوفيّ قد اختلفت الآراء فيه،فوثّقه النجاشيّ بقوله:داود بن حُصَين الأسديّ كوفيّ، ثقة،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام.و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السّلام و قال:واقفيّ.و ذكره المصنّف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:الأقوى عندي التوقّف في رواية. و رجّح المحقّق المامقانيّ و وثاقته لتقدّم شهادة النجاشيّ على جرح الشيخ. رجال النجاشيّ:159،رجال الطوسيّ:190 و 349،رجال العلاّمة:221، [3]تنقيح المقال 1:408. [4]
4- 4) معمر أو معمّر بن أبي رئاب روى الشيخ في باب عمل ليلة الجمعة و يومها من التهذيب عن داود بن الحصين و في الاستبصار في باب القنوت في صلاة الجمعة،قال المحقّق المامقانيّ:ليس له ذكر في كتب الرجال فحاله مجهول. جامع الرواة 2:252، [5]تنقيح المقال 3:233. [6]

فقال:«ليس فيها قنوت» (1).

و عن عبد الملك بن عمرو قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:قنوت الجمعة في الرّكعة الأولى قبل الرّكوع و في الثّانية بعد الرّكوع؟فقال لي:«لا قبل و لا بعد» (2).فهاهنا قد اقتصر على فعل الصّلاة من غير قنوت إشعارا باستحبابه و أنّه (3)ليس فيها قنوت واجب.

فروع:
الأوّل:من يصلّي الظّهر إمّا جماعة أو فرادى فليس عليه إلاّ قنوت واحد

عملا بالأصل.

الثّاني:القنوت كلّه مستحبّ

و إن كان بعض الأصحاب قد يأتي في عبارته الوجوب (4).

الثّالث ما يقوله في قنوت الجمعة

الثّالث:روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبيد اللّه الحلبيّ قال في قنوت الجمعة:اللّهمّ صلّ على محمّد و على أئمّة المؤمنين،اللّهمّ اجعلني ممّن خلقته لدينك و ممّن خلقته لجنّتك، قلت:أُسمّي الأئمّة؟قال:سمّهم جملة (5).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«القنوت يوم الجمعة في الرّكعة

ص:466


1- 1التّهذيب 3:17 الحديث 61،الاستبصار 1:418 الحديث 1605،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 10. [1]
2- 2) التّهذيب 3:17 الحديث 60،الاستبصار 1:417 الحديث 1604،الوسائل 4:904 الباب 5 من أبواب القنوت الحديث 9. [2]
3- 3) غ:فإنّه.
4- 4) هو الصدوق في الفقيه 1:207 فإنّه قال فيه:و القنوت سنّة واجبة من تركها متعمّدا في كلّ صلاة فلا صلاة له.و قال في الهداية:29: [3]من ترك القنوت متعمّدا فلا صلاة له.و أوجبه أيضا ابن أبي عقيل نقله عنه في المعتبر 2:243،و [4]الحلبيّ نقله عنه في التنقيح الرائع 1:214.
5- 5) التّهذيب 3:18 الحديث 63،الوسائل 4:914 الباب 14 من أبواب القنوت الحديث 2. [5]

الأولى بعد القراءة،و يقول في القنوت:لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم،لا إله إلاّ اللّه العليّ العظيم،لا إله إلاّ اللّه ربّ السّموات السّبع و ربّ الأرضين السّبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ و ربّ العرش العظيم و الحمد للّه ربّ العالمين،اللّهمّ صلّ على محمّد كما هديتنا به،اللّهمّ صلّ على محمّد كما كرّمتنا به،اللّهمّ اجعلنا ممّن اخترت لدينك و خلقته لجنّتك،اللّهمّ لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهّاب» (1).

مسألة:و يستحبّ التنفّل يوم الجمعة بعشرين ركعة،فيكون الزّائد على المعتاد أربع ركعات

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و اختلفوا في كيفيّة إيقاعها،فالّذي اختاره الشّيخ أنّ الأولى تقديمها على الزّوال (2)،و هو قول المفيد (3)،و أبي الصّلاح (4)،و ابن البرّاج (5)، و ابن إدريس (6).

قال الشّيخ:يصلّي ستّ ركعات عند انبساط الشّمس،و ستّ ركعات عند ارتفاعها، و ستّ ركعات إذا قرب من الزّوال،و ركعتين عند الزّوال (7).

و قال السيّد المرتضى:يصلّي ستّ ركعات عند الانبساط،و ستّ ركعات عند الارتفاع،و ركعتين عند الزّوال،و ستّا بعد الظّهر قبل العصر (8).و بنحوه قال ابن أبي عقيل (9).

ص:467


1- 1التّهذيب 3:18 الحديث 64،الوسائل 4:906 الباب 7 من أبواب القنوت الحديث 4. [1]
2- 2) المبسوط 1:150،النهاية:104.
3- 3) المقنعة:26.
4- 4) الكافي في الفقه:152.
5- 5) نقله عنه في المختلف:110.
6- 6) السرائر:66.
7- 7) المبسوط 1:150. [2]
8- 8) نقله عنه في السرائر:66.
9- 9) نقله عنه في المختلف:111.

و قال عليّ بن بابويه (1)،و ابنه أبو جعفر:الأولى تأخير النوافل إلى بعد الزوال (2).

و الأقرب عندي الأوّل؛لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عليّ بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن النافلة الّتي تصلّى يوم الجمعة،قبل الجمعة أفضل أو بعدها؟ قال:«قبل الصّلاة» (3).

و ما رواه،عن عمر بن حنظلة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«صلاة التطوّع يوم الجمعة إن شئت من أوّل النّهار و ما تريد أن تصلّيه بعد الجمعة فإن شئت عجّلته فصلّيته من أوّل النهار أيّ النهار شئت قبل أن تزول الشّمس» (4).

و ما رواه في الصّحيح،عن سعد بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال:سألته عن الصّلاة يوم الجمعة كم ركعة هي قبل الزّوال؟قال:«ستّ ركعات بكرة،و ستّ ركعات بعد ذلك اثنتي عشرة ركعة،و ستّ ركعات بعد ذلك ثماني عشرة ركعة،و ركعتان بعد الزّوال فهذه عشرون ركعة،و ركعتان بعد العصر فهذه ثنتان و عشرون ركعة» (5).و قد تضمّنت هذه الرّواية زيادة ركعتين.

و لأنّ وقت النّوافل يوم الجمعة قبل الزّوال إجماعا؛إذ يجوز فعلها فيه،و في غيره لا يجوز،و تقديم الطّاعة أولى من تأخيرها.

احتجّ السيّد المرتضى بما رواه أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال:قال أبو الحسن عليه السّلام:«الصّلاة يوم الجمعة ستّ ركعات صدر النّهار،و ستّ ركعات عند ارتفاعه،

ص:468


1- 1نقله عنه في الفقيه 1:268،و المقنع:45،و السرائر:66.
2- 2) الفقيه 1:268،المقنع:45.
3- 3) التّهذيب 3:12 الحديث 38،الوسائل 5:23 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [1]
4- 4) التّهذيب 3:245 الحديث 666،الاستبصار 1:413 الحديث 1579،الوسائل 5:24 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 8. [2]
5- 5) التّهذيب 3:246 الحديث 669،الاستبصار 1:411 الحديث 1571،الوسائل 5:23 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [3]

و ركعتان إذا زالت الشّمس،ثمَّ صلّ الفريضة،ثمَّ صلّ بعدها ستّ ركعات» (1).

و بمثله روي،عن مراد بن خارجة (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3)، و يعقوب بن يقطين في الصّحيح،عن العبد الصّالح عليه السّلام (4).

و احتجّ ابن بابويه بما رواه سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:

فأيّهما أفضل أقدّم الرّكعات يوم الجمعة أم أُصلّيها بعد الفريضة؟قال:«تصلّيها بعد الفريضة» (5).

و ما رواه عقبة بن مصعب (6)قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت:أيّما أفضل أُقدّم الرّكعات يوم الجمعة أو أُصلّيها بعد الفريضة؟قال:«لا بل تصلّيها

ص:469


1- 1الاستبصار 1:409 الحديث 1565.و مع تفاوت ينظر:الكافي 3:427 الحديث 1، [1]التّهذيب 3:10 الحديث 34،الوسائل 5:25 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 13. [2]
2- 2) مراد بن خارجة الأنصاريّ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام،و يمكن استفادة توثيقه من عبارة النجاشيّ في ترجمة أخيه هارون بن خارجة حيث قال:هارون بن خارجة كوفيّ ثقة و أخوه مراد. رجال النجاشيّ:437،رجال الطوسيّ:319.
3- 3) الكافي 3:428 الحديث 2، [3]التّهذيب 3:11 الحديث 35،الاستبصار 1:410 الحديث 1566، الوسائل 5:25 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 12. [4]
4- 4) التّهذيب 3:11 الحديث 36،الاستبصار 1:410 الحديث 1567،الوسائل 5:24 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 10. [5]
5- 5) السرائر:473،الوسائل 5:25 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 14. [6]بتفاوت في بعض الألفاظ،و اللفظ فيهما:«عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:أيّما أفضل أُقدّم الركعتين يوم الجمعة أو أُصلّيهما بعد الفريضة؟قال تصلّيهما بعد الفريضة».و لعلّ الصواب ما أثبتناه؛لأنّ المقام يناسبه.
6- 6) عقبة بن مصعب،روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،و روى عنه إسحاق بن عمّار في التهذيب 3:246 باب العمل في ليلة الجمعة و يومها من أبواب الزيادات،الحديث 670.و في الاستبصار 1:411 باب تقديم النوافل يوم الجمعة قبل الزوال الحديث 1572.كذا في النسخ و المصادر،و لكن لا يبعد وقوع التحريف فيها، و الصحيح:عنبسة بن مصعب بقرينة رواية إسحاق بن عمّار عنه مكرّرا و عدم رواية عقبة غير هذا الخبر،كما قال المحقّق الأردبيليّ و المحقّق الخوئيّ.جامع الرواة 1:540، [7]معجم رجال الحديث 11:170. [8]

بعد الفريضة» (1).

و الجواب:أنّ هذه الروايات على تقدير سلامتها عن الطّعن،معارضة بما ذكرناه من الرّوايات،و يبقى الأصل و هو أولويّة فعل الطّاعة على وجه التّقديم،و لو فعل الإنسان بمهما شاء من ذلك لم يكن به بأس.

فرع:

يستحبّ تقديم ركعتي الزّوال عليه؛

لما رواه الشّيخ في الصّحيح عن موسى بن جعفر عليه السّلام قال:سألته عن ركعتي الزّوال يوم الجمعة قبل الأذان أو بعده؟قال:

«قبل الأذان» (2).و لا ريب أنّ الأذان لا يجوز تقديمه على الزّوال إلاّ على قول شاذّ (3).

و قال بعض أصحابنا:إنّ الرّكعتين تصلّى بعد الزّوال (4)،و هو اختيار الجمهور (5)، و ليس بشيء.

مسألة:و يستحبّ الإكثار من الصّلاة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الجمعة

لما رواه الجمهور،عن أبي الدّرداء قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أكثروا الصّلاة عليّ يوم الجمعة،فإنّه يوم مشهود يشهده الملائكة» (6).

ص:470


1- 1التّهذيب 3:246 الحديث 670،الاستبصار 1:411 الحديث 1572،الوسائل 5:27 الباب 13 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 3:247 الحديث 677،الوسائل 5:22 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
3- 3) و القائل السيّد المرتضى نقله عنه في الخلاف 1:246 مسألة-36،و قال ابن إدريس في السرائر:64:«و لم أجد للسيّد المرتضى تصنيفا و لا مسطورا بما حكاه شيخنا عنه.و لعلّ شيخنا أبا جعفر سمعه من المرتضى في الدرس و عرفه منه مشافهة دون المسطور».
4- 4) و القائل الحلبيّ،ينظر:الكافي في الفقه:152.
5- 5) المغني 2:219،الشرح الكبير بهامش المغني 2:195.
6- 6) سنن ابن ماجه 1:524 الحديث 1637.

و عن أوس بن أوس (1)قال:«قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أفضل أيّامكم يوم الجمعة،فيه خلق آدم و فيه قبض،و فيه النّفخة،و فيه الصّعقة،فأكثروا عليّ من الصّلاة فيه؛فإنّ صلاتكم معروضة عليّ»قالوا:يا رسول اللّه كيف يعرض سلامنا عليك و قد أرِمتَ أي بليت؟قال:«إنّ اللّه عزّ و جلّ حرّم على الأرض أجساد الأنبياء» (2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عمر بن يزيد قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:«يا عمر إنّه إذا كان ليلة الجمعة نزل من السّماء ملائكة بعدد الذرّ، في أيديهم أقلام الذّهب و قراطيس الفضّة،لا يكتبون إلى ليلة السّبت إلاّ الصّلاة على محمّد و آل محمّد فأكثر منها» (3)و قال:«يا عمر إنّ من السنّة أن تصلّي على محمّد و على أهل بيته في كلّ جمعة ألف مرّة و في سائر الأيّام مائة مرّة» (4).

و يستحبّ قراءة سورة الكهف،لما رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من قرأ الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيّام من كلّ فتنة،فإن خرج الدجّال (5)عصم

ص:471


1- 1أوس بن أوس الصحابيّ الثقفيّ،سكن دمشق و مات بها.روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و روى عنه أبو الأشعث الصنعانيّ،و عبادة بن نُسَيّ.و نقل عن ابن معين اتّحاده مع أوس بن أبي أوس الذي مرّت ترجمته في ج 2:64.و قيل:أنّ ابن معين أخطأ في ذلك،لأنّ أوس بن أبي أوس هو أوس بن حذيفة و اللّه العالم. أُسد الغابة 1:139، [1]تهذيب التهذيب 1:381. [2]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:524 الحديث 1636،سنن أبي داود 1:275،الحديث 1047،سنن النسائيّ 3:91، سنن الدارميّ 1:369. [3]
3- 3) ن و م:فيها.
4- 4) التّهذيب 3:4 الحديث 9،الوسائل 5:72 الباب 43 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [4]
5- 5) قد تكرّر ذكر الدَجّال في الحديث،و هو الكذّاب الذي يظهر في آخر الزمان يدّعي الأُلوهيّة.سمّي بذلك لكذبه؛ لأنّه يدجّل الحقّ بالباطل،و قيل:لأنّه يغطّي الأرض بكثرة جموعه،و قيل:لأنّه يغطّي على الناس بكفره،و قيل: لأنّه يدّعي الربوبيّة،و كلّ هذه المعاني متقاربة.و يظهر من الحديث الذي رواه الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّ اسمه صائد بن الصيد،و في أحاديث العامّة ذكر له علامات،مثل أنّه أعور مكتوب بين عينيه أنّه كافر. لسان العرب 11:236، [5]سفينة البحار 1:439 مادة:دَجَلَ،كمال الدين و تمام النعمة:526،صحيح البخاريّ 9:74،سنن الترمذيّ 4:514، [6]عمدة القارئ 24:216.

منه» (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه محمّد بن يعقوب في كتابه،عن محمّد بن أبي حمزة قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من قرأ الكهف في ليلة الجمعة كانت كفّارة لما بين الجمعة إلى الجمعة» (2).

قال:و روى غيره أيضا فيمن قرأها يوم الجمعة بعد الظّهر و العصر مثل ذلك (3).

و يستحبّ أن يقرأ عقيب غداة الجمعة سورة الرّحمن،روى ابن يعقوب في الصّحيح، عن حمّاد بن عثمان قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«يستحبّ أن تقرأ في دبر الغداة يوم الجمعة الرّحمن،ثمَّ تقول كلّما قلت فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ قلت:

لا بشيء من آلائك ربّ (4)أُكذّب» (5).

فصل:

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«من قال في آخر سجدة من النّافلة بعد المغرب ليلة الجمعة-و إن قاله كلّ ليلة فهو أفضل-:اللّهمّ إنّي أسألك بوجهك الكريم و اسمك العظيم أن تصلّي على محمّد و آل محمّد،و أن تغفر لي ذنبي العظيم سبع مرّات،انصرف و قد غفر له» (6).

فصل:

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من قال

ص:472


1- 1كنز العمّال 1:576 الحديث 2604،المغني 2:207،الشرح الكبير بهامش المغني 2:207.
2- 2) الكافي 3:429 الحديث 7، [1]الوسائل 5:87 الباب 54 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [2]
3- 3) الكافي 3:429 الحديث 7، [3]الوسائل 5:87 الباب 54 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [4]
4- 4) م،ن،غ و ق:يا ربّ.
5- 5) الكافي 3:429 الحديث 6، [5]الوسائل 5:87 الباب 54 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]
6- 6) الفقيه 1:273 الحديث 1249،الوسائل 5:76 الباب 46 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [7]

بعد الجمعة حين ينصرف جالسا من قبل أن يركع:الحمد مرّة،و قل هو اللّه أحد سبعا، و قل أعوذ بربّ الفلق سبعا،و قل أعوذ بربّ النّاس سبعا و آية الكرسيّ (1)، و آية السّخرة (2)،و آخر قوله لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ (3)إلخ،كانت كفّارة ما بين الجمعة إلى الجمعة» (4).

و روى الشّيخ عن ناجية قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«إذا صلّيت العصر يوم الجمعة فقل:اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد الأوصياء المرضيّين بأفضل صلواتك، و بارك عليهم بأفضل بركاتك و عليهم السّلام و على أرواحهم و أجسادهم و رحمة اللّه و بركاته»قال:«من قالها في دبر العصر كتب اللّه له مائة ألف حسنة،و محا عنه مائة ألف سيّئة،و قضى له مائة ألف حاجة،و رفع له بها مائة ألف درجة» (5).

فصل:

و روى ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أطرفوا (6)أهليكم (7)كلّ يوم جمعة بشيء من الفاكهة و اللّحم (8)حتّى يفرحوا بالجمعة» (9).

ص:473


1- 1البقرة(2):255،256 و [1] 257.
2- 2) الأعراف(7):54. [2]
3- 3) التوبة(9):128. [3]
4- 4) التّهذيب 3:18 الحديث 65،الوسائل 5:79 الباب 48 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [4]
5- 5) التّهذيب 3:19 الحديث 68،الوسائل 5:79 الباب 48 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [5]
6- 6) م،ق و ح:اطرقوا.
7- 7) م و عليكم،ح:أهاليكم.
8- 8) غ،م،ن و ق:أو اللحم.
9- 9) الفقيه 1:273 الحديث 1246،الوسائل 5:82 الباب 50 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]

فصل:

و يستحبّ الإكثار من الدّعاء يوم الجمعة فربّما وافق ساعة الإجابة،فقد روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه ذكر يوم الجمعة فقال:«فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم و هو يصلّي يسأل اللّه إلاّ أعطاه إيّاه» (1).

و في لفظ آخر:«و هو قائم يصلّي» (2).

و اختلف في تلك السّاعة،قال الشّيخ:ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى أن يستوي النّاس في الصّفوف (3)؛لما رواه في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:السّاعة الّتي في يوم الجمعة الّتي لا يدعو فيها مؤمن إلاّ استجيب له،قال:

«نعم،إذا خرج الإمام»قلت:إنّ الإمام يعجّل و يؤخّر،قال:«إذا زاغت الشّمس» (4).

و قال عبد اللّه بن سلام و طاوس:هي آخر ساعة في يوم الجمعة (5)،و هو مرويّ أيضا عندنا،رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«السّاعة الّتي يستجاب فيها الدّعاء يوم الجمعة ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى أن يستوي النّاس في الصّفوف،و ساعة أُخرى من آخر النّهار إلى غروب الشّمس» (6).

و بالّذي اختاره الشّيخ رواية عن الجمهور،روى مسلم بإسناده إلى أبي موسى قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقضى

ص:474


1- 1صحيح البخاريّ 2:16،صحيح مسلم 2:583 الحديث 852،كنز العمّال 7:767 الحديث 21315- 21316،المستدرك للحاكم 1:278.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:16،صحيح مسلم 2:584 الحديث 852،سنن ابن ماجه 1:360 الحديث 1137، كنز العمّال 7:767 الحديث 21318 و 21320.
3- 3) الخلاف 1:244 مسألة-31.
4- 4) التّهذيب 3:4 الحديث 8،الوسائل 5:46 الباب 30 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [1]
5- 5) المغني 2:208،الشرح الكبير بهامش المغني 2:208.
6- 6) التّهذيب 3:235 الحديث 619،الوسائل 5:45 الباب 30 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [2]

الصّلاة» (1).و قيل:هي ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس و من العصر إلى غروبها (2).و قيل:هي السّاعة الثّالثة من النّهار (3).و قيل:أخفى اللّه على خلقه هذه السّاعة ليتضرّعوا له بالدّعاء في اليوم كلّه كما أخفى ليلة القدر (4).

فصل:

اشارة

و يكره فيه إنشاد الشّعر.روى ابن بابويه،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من أنشد بيت شعر يوم الجمعة فهو حظّه من ذلك اليوم» (5).

و روي أيضا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا رأيتم الشّيخ يحدّث يوم الجمعة بأحاديث الجاهليّة فارموا رأسه و لو بالحصى» (6).

و يكره السّعي في الحوائج و السفر يوم الجمعة بكرة لأجل الصّلاة،فأمّا بعد الصّلاة فجائز يتبرّك به،رواه ابن بابويه،عن الهادي عليه السّلام (7).

مسألة:و يستحبّ أن يقرأ في صلاة المغرب و العشاء ليلة الجمعة بالجمعة و الأعلى

و في الغداة بها و بالتّوحيد،و في الظّهر و العصر بها و بالمنافقون،ذكره الشّيخ في المبسوط (8)و النّهاية (9).

ص:475


1- 1صحيح مسلم 2:584 الحديث 583،المغني 2:208.
2- 2) المغني 2:209، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 2:209. [2]
3- 3) المغني 2:209،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 2:209.
4- 4) المغني 2:209،الشرح الكبير بهامش المغني 2:209.
5- 5) الفقيه 1:273 الحديث 1247،الوسائل 5:84 الباب 51 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 5. [4]
6- 6) الفقيه 1:273 الحديث 1248،الوسائل 5:82 الباب 50 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 2. [5]
7- 7) الفقيه 1:273 الحديث 1251،الوسائل 5:85 الباب 52 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 1. [6]
8- 8) المبسوط 1:108. [7]
9- 9) النهاية:78. [8]

و قال في المصباح:يقرأ في الثّانية من المغرب قل هو اللّه أحد (1).

و قال السيّد المرتضى:يقرأ في الثّانية من الغداة المنافقين (2)،و اختاره عليّ بن بابويه (3).

و قال الشّافعيّ:يقرأ في الأولى من الغداة سجدة لقمان (4)،و في الثّانية هل أتى (5).

لنا:ما تقدّم من تحريم قراءة العزائم في الواجبات (6).

و ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«اقرأ في ليلة الجمعة الجمعة و سبّح اسم ربّك الأعلى،و في الفجر سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد،و في الجمعة سورة الجمعة و المنافقين» (7).

و عن أبي الصّبّاح الكنانيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد،و إذا كان في العشاء الآخرة فاقرأ سورة الجمعة و سبّح اسم ربّك الأعلى،فإذا كان صلاة الغداة يوم الجمعة فاقرأ سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد،و إذا كان صلاة الجمعة فاقرأ سورة (8)الجمعة و المنافقين،و إذا كان صلاة العصر يوم الجمعة فاقرأ سورة (9)الجمعة و قل هو اللّه أحد» (10).

ص:476


1- 1مصباح المتهجّد:230. [1]
2- 2) الانتصار:54.
3- 3) نقله محمّد بن عليّ بن بابويه عن رسالة أبيه في المقنع:45.
4- 4) ق و ح:سورة لقمان.و لعلّ المراد سورة السجدة الّتي تلي سورة لقمان،و هي الّتي قال الشافعيّ بقراءتها في الأولى من الغداة.
5- 5) المجموع 3:385،مغني المحتاج 1:163.و فيهما:«استحبّ أن يقرأ فيها(أي الصبح)الم تنزيل السجدة و هل أتى على الإنسان».
6- 6) يراجع:ص 83،84.
7- 7) التّهذيب 3:6 الحديث 14،الوسائل 4:788 الباب 49 من أبواب القراءة الحديث 2. [2]
8- 8) م،غ،ن و ق:بسورة.
9- 9) غ،ن و ق:بسورة.
10- 10) التّهذيب 3:5 الحديث 13،الوسائل 4:789 الباب 49 من أبواب القراءة الحديث 4. [3]
مسألة:قد ذكرنا أنّ الخطبتين شرط،فلو ضاق الوقت عنهما وجب الظّهر و سقطت الجمعة
اشارة

(1)ذهب إليه علماؤنا،و هو قول كلّ من جعل الخطبتين شرطا.

لنا:فعل فات شرطه فيبطل (2)،قال الشّيخ في المبسوط:و قد روي أنّه من فاته (3)الخطبتان صلّى ركعتين.فعلى هذه الرّواية يمكن أن يقال:يصلّي الجمعة ركعتين و يترك الخطبتين،و الأوّل أحوط.قال:و الوجه في هذه الرّواية أن يكون مختصّة بالمأموم الّذي يفوته الخطبتان،فأمّا إن تنعقد الجمعة من غير خطبتين فلا تصحّ على حال (4).

أقول:و هذا التّأويل حسن يحتمله الرّواية،و أظنّ أنّها رواية الحلبيّ في الحسن قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة؟فقال:«يصلّي ركعتين فإن فاتته الصّلاة فلم يدركها فليصلّ أربعا».و يدلّ على قرب تأويل الشّيخ قوله في الرّواية:و قال:«إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الرّكعة الأخيرة فقد أدركت الصّلاة فإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظّهر أربع» (5).

فروع:
الأوّل:لو أدرك الخطبتين خفيفتين و ركعتين وجبت الجمعة

لأنّ فوات المستحبّ لا يؤثّر في رفع الواجب.

الثّاني:لو أدرك الخطبتين و ركعة هل يصلّي جمعة أم الظّهر؟

ظاهر كلامه في المبسوط (6)أنّه يصلّي الظّهر،و لو قيل:يصلّي جمعة كان حسنا.

ص:477


1- 1يراجع:ص 395.
2- 2) م و ن:فبطل.
3- 3) ح:فاتته.
4- 4) المبسوط 1:147. [1]
5- 5) الكافي 3:427 الحديث 1، [2]التّهذيب 3:243 الحديث 656،الاستبصار 1:421 الحديث 1622،الوسائل 5: 41 الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث 3. [3]
6- 6) المبسوط 1:147. [4]
الثّالث:لو خطب و صلّى و شكّ هل كان الوقت باقيا أو خارجا،صحّت صلاته

لأنّ الأصل البقاء.و هو قول كلّ من اشترط بقاء الوقت أيضا.

مسألة:و لو أدرك مع الإمام ركعة،فلمّا سلّم الإمام قام ليأتي بأُخرى

فذكر أنّه ترك سجدة و لم يدر أ هي من الرّكعة الّتي أدركها مع الإمام أو من الأُخرى،أضاف إليها سجدة، لأنّ ركعة الإمام لا سهو (1)عليه فيها فيبقى الشكّ متوجّها إلى الثّانية و هو في موضعه فيأتي بما شكّ فيه،فإذا سجد،ثمَّ ذكر أنّ التّرك كان من ركعة الإمام،سجد بعد الفراغ سجدة (2)قضاء،و سجد سجدتي السّهو و يكون مدركا للجمعة،خلافا لبعض الجمهور (3)و قد سلف (4).و لو ذكر أنّها من الّتي انفرد بها،فقد تمّمها بسجدته الأُولى.

مسألة:قد ذكرنا أنّ انفراد الجمعة شرط ،فلو صُلّي في بلد واحد جمعتان و بينهما أقلّ من فرسخين بطلتا إن اقترنتا
اشارة

(5)

،و إن سبقت إحداهما صحّت السّابقة و بطلت الأُخرى، سواء كانت السّابقة هي جماعة الإمام الرّاتب أو جماعة غيره.و هو أحد قولي الشّافعيّ (6).

و قال في القول الآخر:إنّه تصحّ جماعة الإمام الرّاتب سواء تقدّمت أو تأخّرت أو قارنت (7).

لنا:أنّ السّابقة انعقدت صحيحة فلا تفسد بعقد الثّانية.

احتجّ الشّافعيّ بأنّه كان يلزم أنّه متى شاء العدد المعتبر في الجمعة إفساد جمعة أهل

ص:478


1- 1ق و ح:يسهو.
2- 2) ح:بسجدة.
3- 3) الاُمّ 1:206،المغني 2:162.
4- 4) يراجع:ص 439. [1]
5- 5) يراجع:ص 348. [2]
6- 6) الأُمّ 1:192،الامّ(مختصر المزنيّ)8:28،المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:586،فتح العزيز بهامش المجموع 4:504،السراج الوهّاج:85،مغني المحتاج 1:281.
7- 7) الاُمّ 1:193،المهذّب للشيرازيّ 1:118،المجموع 4:588،فتح العزيز بهامش المجموع 4:504،السراج الوهّاج:85-86،مغني المحتاج 1:281.

البلد أمكنهم،بأن يجتمعوا و يعقدوا الجمعة (1).و هذا لا يتأتّى على قولنا أنّ الجمعة مشروطة بالإمام أو بمن (2)يأذن له،على أحد القولين،و بالعدل على القول الآخر،و هذا الفرض لا يقع من أحدهم و إنّما يرد على من يجوّز إمامة الفاسق.

فروع:
الأوّل:لا اعتبار بكون إحداهما في المسجد الجامع،و الأُخرى في غيره

و لا بكون إحداهما في قصبة البلد و الأُخرى في أقصاه،خلافا لمالك (3).

الثّاني:لو لم يعلم هل سبقت إحداهما الأُخرى بطلتا

و كذا لو علم سبق إحداهما و جهل عينها،أو علم عينها و أشكل بعد ذلك،خلافا للمزنيّ في الفرضين الأخيرين،قال:

لأنّ كلّ واحدة منهما عقدت على الصّحّة فلا يفسدها الشكّ (4).و هذا ليس بجيّد؛لأنّ كلّ واحدة إنّما تصحّ إذا علم أنّها السّابقة.

الثّالث:إذا وقعتا في حالة واحدة بطلتا

فإن أمكنت الجمعة وجبت و إلاّ وجبت الظّهر،أمّا لو سبق إحداهما قطعا و جهل عينها،أو علم ثمَّ أشكل و بقي من الوقت ما يمكن فعل الجمعة هل تجب أم لا؟قال الشّيخ:تجب الجمعة (5).و هو أحد قولي الشّافعيّ (6)؛لأنّا حكمنا بفسادهما معا،و وجوب الإعادة عليها (7)،فكان المصر ما صلّيت فيه جمعة

ص:479


1- 1المهذّب للشيرازيّ 1:118،المجموع 4:588،فتح العزيز بهامش المجموع 4:504،مغني المحتاج 1:281.
2- 2) ن،ق و ح:لمن،م:ممّن.
3- 3) المغني 2:188،بلغة السالك 1:179.
4- 4) المجموع 4:589.
5- 5) المبسوط 1:149. [1]
6- 6) الاُمّ 1:192،المهذّب للشيرازيّ 1:118،المجموع 4:589، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 4:507، [3]السراج الوهّاج:86،مغني المحتاج 1:282.
7- 7) ن و م:عليها.

صحيحة.و الوجه عندي أنّهم يصلّون ظهرا،و هو القول الآخر للشّافعيّ (1)؛لأنّ إحداهما قد سبقت و صحّت،و إنّما أوجبنا الإعادة فيهما حيث جهلنا التّعيين،فلا تنعقد (2)جمعة اخرى و جهل التعيين (3)لا يقتضي الفساد في نفس الأمر و إلاّ لكانت المرأة المزوّجة برجلين من وليّين أحدهما سابق العقد و جهل خالية عن الزوجين و هو باطل،بل يثبت حكم النكاح في حقّها فلا تنكح آخر دونهما،و بهذا ظهر الفرق بين علم السبق و جهل التعيين و بين علم المقارنة.

الرّابع:لو جهلنا كيفيّة وقوعهما فالوجه إقامتها جمعة

لعدم اليقين بنفي المانع من الصّحّة.و قيل:إنّما تجب ظهرا؛لأنّ سبق إحداهما و لو بالتكبير أظهر من المقارنة و أغلب (4)،و لا تحمل الأفعال على النادر؛لأنّه بمنزلة المعدوم (5).و ليس بشيء.

الخامس:قال الشيخ:يعتبر السبق بتكبيرة الإحرام

(6)و هو حسن،و به قال الشافعيّ في أحد قوليه،و في القول الآخر:يعتبر ذلك بالفراغ من إحداهما قبل الأُخرى (7).

لنا:أنّه متى أحرم بإحداهما حرم الإحرام بالأُخرى،و إذا انعقدت فما يطرء عليها يكون باطلا فلا يبطلها.قالوا:قبل تمامها لا نعلم صحّتها و تمامها،قلنا:صحّتها معلومة بالسبق.

السّادس:لو أحرم فأخبر في الأثناء بإقامة الجمعة في موضع آخر بطلت جمعته

إذا لم

ص:480


1- 1الاُمّ 1:193،المهذّب للشيرازيّ 1:118،المجموع 4:589،فتح العزيز بهامش المجموع 4:507،السراج الوهّاج:86،مغني المحتاج 1:282،فتح الوهّاب 1:75.
2- 2) م،ن و غ:يعقد.
3- 3) ن و ق:التعيّن.
4- 4) ح:في الأغلب.
5- 5) المغني 2:191.
6- 6) المبسوط 1:149. [1]
7- 7) المهذّب للشيرازيّ 1:117،المجموع 4:586،مغني المحتاج 1:282،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 502-503.

يكن بينهما فرسخ و لزمهم استئناف الظهر؛لأنّ ما فعله قد ظهر بطلانه.و قال بعض الجمهور:له إتمامها ظهرا (1)،و ليس بجيّد.

مسألة حكم الجمعة إذا فاتت

مسألة:لا نعرف خلافا بين أهل العلم أنّ الجمعة إذا فاتت تقضى ظهرا أربع ركعات.

ص:481


1- 1المغني 2:192.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.