علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير المجلد 2

هوية الکتاب

اسم الكتاب: علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير

كاتب: محمد صفاء شيخ ابراهيم حقى

موضوع: علوم قرآنى

تاريخ وفاة المؤلف: معاصر

لسان: العربية

عدد المجلدات: 2

الناشر: موسسة الرسالة

مكان النشر: بيروت

سنة الطباعة: 1425 / 2004

نشرت: اوّل

ص: 1

اشارة

علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير

ص: 2

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1425ه- - 2004م

وطى المصيطبة - شارع حبيب أبي شهلا - بناية المسكن، بيروت-لبنان تلفاكس: 319039 - 815112 فاكس: 603243ص.ب : 117460

Al-Resalah

PUBLISHERS

BEIRUT/LEBANON-Telefax:815112-319039 Fax:603243-P.O.Box:||7460

Email:Resalah@Cyberia.net.lb

ص: 3

اهداء

ص: 4

[تتمة الباب الثانى]

12- البحر المحيط في التفسير

اشارة

لأبي عبد اللّه محمد بن يوسف بن علي بن حيان الغرناطي الشهير بأبي حيان الأندلسي المتوفى سنة 745 ه

أولا: التعريف بالمؤلف:

اشارة

مؤلف البحر المحيط هو الإمام أبو عبد اللّه أثير الدين محمد بن يوسف بن علي بن حيان الغرناطي الجياني النفزي (1) الشهير بأبي حيان المولود سنة (654) (2).

تلقى أبو حيان البدايات في الكتاتيب و حلقات التعليم في دياره ثم التقى الشيوخ و ارتحل بعد أن عرف قدر العلم و فضل أهله، فانتقل من بلد إلى آخر، و من عالم إلى آخر، يختار الأجلاء، و ينتقي الفضلاء، و كان ذلك في وقت مبكر كما يصرح بذلك المصنف نفسه، حين يقول: (و ما زلت من لدن ميزت أتلمذ للعلماء، و أنحاز للفهماء، و أرغب في مجالسهم، و أنافس في نفائسهم، و أسلك طريقهم، و أتبع فريقهم، فلا أنتقل إلا من إمام إلى إمام،

ص: 5


1- الجياني، نسبة إلى جيان- بالفتح ثم التشديد، مدينة بالأندلس. معجم البلدان لياقوت: 2/ 195- و النفزي، نسبة إلى نفزة- بكسر النون و سكون الفاء- قبيلة من البربر. انظر: طبقات المفسرين للداودي: 2/ 287- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 145.
2- انظر: نفح الطيب للمقري: 3/ 288- و الدرر الكامنة لابن حجر: 4/ 302- و طبقات المفسرين للداودي: 2/ 287- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 145.

و لا أتوقّل إلا ذروة علّام). (1)

و هكذا جمع من العلم ما حواه صدور شيوخه و أودعها صدره، و إن لقي في ذلك التعب و النصب (فكم صدر أودعت علمه صدري، و حبر أفنيت في فوائده حبري، و إمام أكثرت به الإلمام، و علّام أطلت معه الاستعلام ... إلى أن يقول: فجعلت العلم بالنهار سحيري، و بالليل سميري، ... أتوسد أبواب العلماء، و أتقصّد أماثل الفهماء، و أسهر في حنادس الظلام، و أصبر على شظف الأيام و أؤثر العلم على الأهل و المال و الولد، و أرتحل من بلد إلى بلد، حتى ألقيت بمصر عصا التسيار، و قلت: ما عبادان من دار. (2)

يقول الصفدي (3): لم أر في أشياخي أكثر اشتغالا منه، لأني لم أره إلا

ص: 6


1- انظر: البحر المحيط لأبي حيان: 1/ 11، و يقال: توقّلا: صعد، قال ابن فارس: الواو و القاف و اللام كلمة تدل على علو في جبل، و توقل في الجبل: علا، و كل صاعد في شي ء متوقّل. انظر: أساس البلاغة للزمخشري (و قل): 686- و معجم مقاييس اللغة (و قل): 6/ 130- و القاموس المحيط (و قل): 1380 و علّام: مبالغة في الوصف بالعلم.
2- المصدر السابق: 1/ 11.
3- هو خليل بن أيبك بن عبد اللّه الصفدي، أديب مؤرخ مهتم بالتراجم، رسام خطاط، كتب كثيرا، له الوافي بالوفيات و غيره. توفي (764 ه). انظر: الدرر الكامنة لابن حجر: 2/ 87- و الأعلام للزركلي: 2/ 315.

يسمع أو يشتغل أو يكتب، و لم أره على غير ذلك. (1)

ارتحل من دياره (غرناطة) حين وقعت بينه و بين شيخه أبي جعفر بن الزبير واقعة، فنال أبو حيان منه، و تصدى للتأليف في الرد عليه و تكذيب روايته، فرفع أمره إلى السلطان، و أمر بإحضاره و التنكيل به، فاختفى و ركب البحر و لحق بالمشرق. (2)

أجمع المترجمون له على إمامته في فنون عديدة، فهو أستاذ المفسرين و شيخ النحاة بالديار المصرية، و الإمام المطلق في النحو و الصرف، خدم هذا الفن أكثر عمره، حتى صار لا يدركه أحد، و له اليد الطولى في التفسير و الحديث الذي واكب على طلبه حتى أتقنه، و غدا شيخ المحدثين بالمدرسة المنصورية، و شرع في القراءات و الأدب و التاريخ و التراجم، و اشتهر اسمه و طار صيته، و كان- رحمه اللّه- شافعيا في الفروع، سالم العقيدة من البدع الفلسفية و الاعتزال و التجسيم، يميل إلى مذهب أهل الظاهر، كبير الخشوع عند قراءة القرآن. (3)

نعته الصفدي بقوله: الإمام العالم العلامة الفريد الكامل، حجة

ص: 7


1- انظر: الوافي بالوفيات للصفدي: 5/ 267.
2- انظر: طبقات المفسرين للداودي: 2/ 288- و شذرات الذهب لابن عماد: 6/ 146.
3- انظر: نفح الطيب للمقري: 3/ 295- و الدرر الكامنة لابن حجر: 4/ 302- و طبقات المفسرين للداودي: 2/ 287- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 145.

العرب، مالك أزمّة الأدب. (1)

و قال لسان الدين الخطيب: كان نسيج وحده في ثقوب الذهن و صحة الإدراك بعلم العربية، و الاضطلاع بعلم العربية و التفسير و طريق الرواية، إمام النحاة في زمانه غير مدافع. (2)

شيوخه و تلاميذه:

سبقت الإشارة أن أبا حيان تنقل من شيخ إلى شيخ، و ارتحل من قطر لآخر، فلقي العلماء، و انتقى الفهماء و قال عن شيوخه: و عدة من أخذت عنهم أربعمائة و خمسون شخصا، و أما من أجازني فكثير جدا. (3)

و ذكر الرعيني (4) أن أبا حيان قال: سمعت بغرناطة و مالقة و بلش و المرية و بجاية و تونس و الإسكندرية و مصر و القاهرة و دمياط و المحلة و ...

و فصل من لقي في كل بلد، ثم قال: و هذه نبذة من شيوخي، و جملة من

ص: 8


1- انظر: الوافي بالوفيات للصفدي: 5/ 267- و نفح الطيب للمقري: 3/ 289.
2- انظر: الإحاطة في أخبار غرناطة للخطيب: 3/ 43.
3- انظر: نفح الطيب للمقري: 3/ 305- و الدرر الكامنة لابن حجر: 4/ 302- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 145.
4- هو أحمد بن يوسف بن مالك الرعيني الغرناطي، نحوي حسن الخلق حلو المحاضرة، له اقتطاف الأزهار و التقاط الجواهر، توفي (730 ه). انظر: غاية النهاية لابن الجزري: 1/ 151- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 260.

سمعت منهم نحو خمسمائة، و المجيزون أكثر من ألف. (1)

و قد فصل الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات (2) الحديث عن شيوخ أبي حيان، كما ذكر أبو حيان نفسه ثلة منهم في الخطبة التي قدمها بين يدي تفسيره البحر المحيط (3)، و نقل المقري نصا طويلا عن الصفدي في ذلك. (4)

و من شيوخه:

أبو علي الحسين بن عبد العزيز بن أبي الأحوص ت (679 ه) (5) و أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي ت (705 ه) (6)، و غيرهم

ص: 9


1- انظره: نفح الطيب للمقري: 3/ 315.
2- انظره: 5/ 266.
3- انظر: البحر المحيط لأبي حيان: 1/ 15 و ما بعده.
4- انظر: نفح الطيب للمقري: 3/ 289.
5- هو الحسين بن عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن أبي الأحوص القرشي، و المعروف بابن الناظر، قاض حافظ نحوي من فقهاء المحدثين القراء النحاة الأدباء، له شرح المستصفى، توفي (679 ه). انظر: غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1/ 242- و طبقات المفسرين للداودي: 1/ 153.
6- هو عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف الدمياطي، مقرئ محدث نسابة إخباري، اشتهر بحفظه و إتقانه، له مصنفات نفيسة منها السيرة النبوية، توفي (705 ه). انظر: غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1/ 472- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 12.

كثير. (1)

و أقرأ أبو حيان الناس، و ألحق الصغار بالكبار، و صارت تلامذته أئمة و شيوخا في حياته، و اشتهر اسمه، و طار صيته، و أخذ عنه أكابر عصره، و تقدموا في حياته، و قد كان يرحمه اللّه يختار الأذكياء من طلابه و يوليهم عناية خاصة، و يعظمهم و ينوه بقدرهم.

و من جملة تلامذته: الشيخ تقي الدين علي بن عبد الكافي بن تمام السبكي ت (756) (2)، و أحمد بن يوسف بن عبد الدائم الحلبي المعروف بالسمين ت (756 ه) و خلائق لا يحصون كثرة (3).

مؤلفاته:

مؤلفات أبي حيان كثيرة، انتشرت في حياته و بعد مماته، يقول الحافظ ابن حجر: له التصانيف التي سارت في آفاق الأرض و اشتهرت في حياته. (4)

ص: 10


1- انظر: نفح الطيب للمقري: 3/ 289- 307- و الدرر الكامنة لابن حجر: 3/ 302- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 145.
2- هو تقي الدين علي بن عبد الكافي بن علي السبكي الشافعي، مفسر أصولي حافظ لغوي نحوي مقرئ نظار، أخذ عنه كثيرون، له نحو مائة و خمسين كتابا مطولا، توفي (756 ه). انظر: غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1/ 551- و شذرات لابن العماد: 6/ 180.
3- انظر: طبقات المفسرين للداودي: 2/ 288- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 146.
4- انظر: الدرر الكامنة لابن حجر: 4/ 308.

و لأبي حيان أكثر من خمسين تصنيفا في فنون العلم المختلفة، و قد سرد المقري أسماءها في كتابه نفح الطيب (1)، أذكر منها:

1) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب.

2) ارتشاف الضّرب من لسان العرب.

3) عقد اللآلي، منظومة في القراءات السبع.

4) الأثير في قراءة ابن كثير، قيل: إنه مفقود.

5) التذييل و التكميل في شرح كتاب سيبويه.

وفاته:

مات أثير الدين شيخ الورى فاستعر البارق و استعبرا توفي أبو حيان- رحمه اللّه تعالى- بعد أن عمر طويلا، فتجاوز التسعين، و ذلك سنة (745 ه)، و قد رثاه الشعراء بمراثي مبكية، كما مدحه الشعراء في حياته و بعد مماته. (2)

ص: 11


1- انظر: نفح الطيب للمقري: 3/ 305- و انظر البحر المحيط، تحقيق الدكتور عبد السميع حسنين: 1/ 136- 154.
2- انظر: نفح الطيب للمقري: 3/ 291- و 3/ 297- الدرر الكامنة لابن حجر: 4/ 310- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 147 و ينظر للمزيد في ترجمته: الإحاطة في أخبار غرناطة للخطيب: 3/ 43- و البحر المحيط لأبي حيان (مقدمة المحقق)، تحقيق الدكتور عبد السميع محمد أحمد حسنين: 1/ 136- 154- و البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للشوكاني: 2/ 288- و بغية الوعاة للسيوطي: 1/ 280- و شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي: 6/ 145- و طبقات المفسرين للداودي 2/ 287- مرآة الجنان و عبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان لليافعي: 8/ 90- و النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة لابن تغري بردي: 1/ 534- و نفح الطبيب في غصن الأندلس الرطيب للمقري: 3/ 288- 339- و الوافي بالوفيات للصفدي: 5/ 266.

ثانيا: التعريف بالتفسير و المقدمة:

كان تصنيف هذا التفسير أمنية طالما اختلج في ذكر المصنف، و اعتلج في فكره، و طمح إليه، فكم رجا اللّه أن يوفقه في ذلك، و يبلغه الأمد الذي يتفصد فيه الأديم و يتنغص من رؤيته النديم (1)، قاصدا به وجه اللّه، محتسبا الأجر عليه (فما لمخلوق بتأليفه قصدت، و لا غير وجه اللّه به أردت). (2)

و حين بلغ السابعة و الخمسين من العمر، و انتصب مدرسا للتفسير في قبة السلطان الملك المنصور، شرع في التأليف و تحقيق المراد، فهو إذا من أواخر ما صنف أبو حيان من التآليف، بل لعله آخر تصانيفه.

و قد اشتهر البحر في حياة المصنف و لقي العناية و الاهتمام بعد وفاته من أهل العلم و طلاب المعرفة على شتى العصور، مذ ألّفه أبو حيان إلى يومنا هذا، و لا زال مرجعا هاما للمشتغلين بالتفسير و اللغة و القراءات، و لا غرو في ذلك ما دمنا علمنا أن تصنيفه كان بعد أن نضج الفكر، و اكتمل

ص: 12


1- كناية عن كبر السن.
2- البحر المحيط: 1/ 11.

العقل و استوى على سوقه.

و لأهميته اختصره تلميذه تاج الدين أحمد بن عبد القادر بن مكتوم (1) و سماه (الدر اللقيط من البحر المحيط).

سلك أبو حيان في تفسيره مسلك أسلافه الأندلسيين في اعتماد التفسير بالمأثور مع اعتماد الرأي شريطة ألا يخضع للهوى و الميل، و شريطة أن لا يخلو من اعتماد أقوال العلماء ضمن قوانين العلم كالنحو و اللغة و الأصول و غيرها، مع المعرفة التامة باللغة.

و أودع في تصنيفه هذا خلاصة فكره، و حصيلة علمه (عكفت على تصنيف هذا الكتاب، و انتخاب الصفو و اللباب، أجيل الفكر فيما وضع الناس في تصانيفهم، و أنعم النظر فيما اقترحوه من تآليفهم، فألخص مطولها، و أحل مشكلها، و أقيد مطلقها، و أفتح مغلقها، و أجمع مبددها، و أخلص منقدها، و أضيف إلى ذلك ما استخرجته القوة المفكرة من لطائف علم البيان، المطلع على إعجاز القرآن). (2)

و يلاحظ القارئ في تفسير أبي حيان تأثره الواضح بثلة من المفسرين،

ص: 13


1- هو أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم القيسي، فقيه نحوي لغوي مفسر، تصانيفه كثيرة، توفي (749 ه). انظر: الدرر الكامنة لابن حجر: 1/ 186- و طبقات المفسرين للداودي: 1/ 52.
2- انظر: البحر المحيط: 1/ 10.

و أكثرهم تأثيرا فيه الزمخشري و ابن عطية، و قد أشار إليهما، و ذكر تصنيفهما في الخطبة التي قدمها بين يدي تفسيره، و أثنى عليهما ثناء عاطرا، و وصفهما بأنهما فارسا علم التفسير، و ممارسا تحريره و التحبير، و أنزل تفسيرهما منزلة الإنسان من العين، و الذهب الإبريز من العين، و ليلة القدر من الليالي. (1)

و ألمح بأنه استدرك عليهما، و وضع تفسيرهما محك النظر و أنه أورى فيهما نار الفكر، حتى خلّص دسيسهما، و برّز نفيسهما. (2) كما تأثر بابن جرير الطبري و الرازي.

و بالرغم من تصدي المصنف للزمخشري في اعتزالياته، و الحمل عليه في انحرافاته، حيث كان له رصدا في تأويلاته، و نصرته لمذهبه، و تقحم مرتكبه، و تجشم حمل كتاب اللّه عز و جل عليه، بالرغم من ذلك فقد أنصفه أبو حيان، و لم يغمضه حقه، و لعمري إن الإنصاف حق، و العدل فضيلة حتى مع الخصوم، فرحم اللّه أبا حيان، و أجزل له المثوبة.

هذا و ربما يعد البحر المحيط المرجع الأول من بين التفاسير للوقوف على وجوه الإعراب و اللغة و إظهار بلاغة القرآن و إعجازه، فقد اهتم المصنف اهتماما بالغا بالمسائل اللغوية و الخلافيات، كما يعد مرجعا هاما للمشتغلين بالقراءات و توجيهها، المتواترة منها و الشاذة.

ص: 14


1- انظر: البحر المحيط: 1/ 20.
2- انظر: البحر المحيط: 1/ 21.

و لأبي حيان موقف حميد من الإسرائيليات، فقد دعا إلى تركها، و حذر القارئ في مواطن كثيرة من الاغترار بها، و صرح بذلك في مقدمته، و أن اكثرها خرافات و أباطيل لا تتفق مع العقل السليم، و النظر السديد.

أما المقدمة فقد جاءت مع الخطبة التي قدمها المصنف بين يدي تفسيره في ثمان عشرة صفحة من القطع المتوسط، صاغها المصنف صياغة أديب بليغ مجبول على إنشاء النثر، متمكن في اللغة، عارف بأساليب العرب في الكتابة، ذكر فيها منهجه في التأليف، و مصادره و بعض شيوخه في جملة من الفنون، كما تعرض للحديث عن عدة موضوعات من علوم القرآن، أخذ بيان ما يحتاج إليه المفسر من العلوم، و الوجوه التي ينبغي النظر منها في كتاب اللّه، الأهمية الأولى، قدم المصنف نفسه من خلالها إلى قرائه، فأثبت أن إقدامه على تصنيف البحر إنما هو إقدام متبحر متسلح، قد ألّم بما يحتاجه المفسر، و ذلك بذكر شيوخه في كل فن- وجه- و المصنفات التي قرأها في الفن نفسه حتى تمكن منها.

و تلك كانت غاية أبي حيان من ذكره لتلك الوجوه، و إلا فالبحث في هذه المسألة على الخصوص يحتاج إلى مزيد من العناية و الاهتمام، و ضرب الأمثلة، و بيان مسيس الحاجة للمفسر إلى التعمق في كل وجه من تلك الوجوه، و هو ما لم يفعله المصنف، و لعل ذلك كان وراء التباين بين شهرة التفسير و شهرة المقدمة التي لا تكاد تذكر عند المهتمين بعلوم القرآن.

و قد طبعت المقدمة فيما أعلم ثلاث طبعات:

ص: 15

1) الأولى كانت في مصر سنة 1328 ه بمطبعة السعادة على نفقة سلطان المغرب الأقصى عبد الحفيظ ابن السلطان الحسن، و هي كثيرة الأخطاء و التحريف و صورت هذه الطبعة عدة مرات.

2) طبعة دار الفكر- بيروت- عام 1412 ه بعناية عرفان العشا حسونة و صدقي محمد جميل، و هي الأخرى كثيرة الأخطاء.

3) طبعة جيدة و محققة تحقيقا علميا دقيقا للأجزاء الأولى لأستاذنا الدكتور عبد السميع محمد أحمد حسنين، عام 1413 ه.

ثالثا: عرض موضوعات المقدمة:

أثنى المصنف على اللّه بما هو أهله، و حمده على توالي نعمائه، ثم صلى على النبي الأكرم الذي صدع بالحق فأرشد إلى الخير، و على آله و صحابته.

و صرح أن أهم المعارف هو علم كتاب اللّه، و أن غيره من العلوم كالأدوات، ثم ذكر الدافع إلى التصنيف، بعدها أخذ يفاخر بالأندلسيين لبراعتهم في علم كتاب اللّه، و لانفرادهم بالإقراء منذ أعصار دون غيرهم من ذوي الآداب، و ذكر أن أفضل كتاب يعين على فهم كتاب اللّه هو الكتاب لسيبويه.

عقب ذلك تحدث المصنف عن حياته العلمية و كيف كان يختار الشيوخ، و ينتقي الفضلاء من أهل العلم، و ما لقيه في ذلك من تعب

ص: 16

و نصب و صبر على شظف العيش، و إيثار للعلم على المال و الأهل و الولد.

ثم شرع في عرض المنهج الذي سلكه، و الطريقة التي سار عليها، و الجوانب التي اهتم بها في تفسيره لأهميتها، و تلك التي أعرض عنها لنكارتها و بعدها، و أشار إلى ما حوته تفاسير كثير من السابقين عليه من حشو و تطويل كذكر علل النحويين و دلائل مسائل أصول الفقه و أصول الدين، و اهتمام بأمور لا ينبغي الاهتمام بها كالأحاديث الواردة في الفضائل و الحكايات التي لا تناسب التفسير و تواريخ بني إسرائيل و غيرها مما لا يصح، فعابهم على ذلك، و أكد أن الإحاطة بمعرفة مدلول الكلمة و أحكامها قبل التركيب، و كيفية تركيبها هو المعين على فهم الآيات، أراد بذلك الرد على من ينكر تفسير القرآن بالرأي موقفا فهمه على المنقول و المروي عن السلف، فخطأ المدعي و انتصر لرأيه في جواز ذلك بالأدلة.

انتقل بعدها ليستعرض مع القارئ العلوم التي يحتاجها علم التفسير، و لينبه على أحسن التأليف فيه، فقال: النظر في تفسير كتاب اللّه تعالى يكون من وجوه (1) و ذكر سبعة وجوه:

الأول: علم اللغة اسما و فعلا و حرفا.

الثاني: معرفة الأحكام التي للكلم العربية، من جهة إفرادها و من جهة

ص: 17


1- انظر البحر المحيط: 1/ 14.

تركيبها.

الثالث: كون اللفظ- أو التركيب- أحسن و أفصح، و يؤخذ ذلك من علم البيان و البديع.

الرابع: تعيين مبهم و تبيين مجمل، و سبب نزول، و نسخ.

الخامس: معرفة الإجمال و التبيين، و العموم و الخصوص، و الإطلاق و التقييد، و دلالة الأمر و النهي، و ما أشبه ذلك.

السادس: الكلام فيما يجوز على اللّه تعالى، و ما يجب له، و ما يستحيل عليه.

السابع: اختلاف الألفاظ بزيادة أو نقص أو تغيير حركة أو إتيان بلفظ بدل لفظ، و ذلك بتواتر و آحاد.

و ذكر تحت كل وجه أهم التصانيف فيه، كما صرح باسم من تتلمذ عليه من الشيوخ في كل وجه من تلك الوجوه.

و قال: فهذه سبعة وجوه لا ينبغي أن يقدم على تفسير كتاب اللّه تعالى إلا من أحاط بجملة غالبها، من كل وجه منها. (1)

و عاد ليؤكد من جديد أن المعرفة بتلك الوجوه لا تكفي لمن أراد

ص: 18


1- انظر البحر المحيط: 1/ 17.

التعمق في فهم غوامض الكتاب، إذ يستدعي التبحر في علم اللسان.

انتقل بعدها للحديث عن إعجاز القرآن و قرر أن إعجاز القرآن هو كونه في غاية الفصاحة و نهاية البلاغة، ورد زعم من ادعى وقوع الإعجاز بالصرفة، ففند مقولتهم، و أكد أنهم لم يرزقوا من الذّوق ما به يفرقون بين كلام الخلق و كلام الحق، و بين أن عددا من العرب أسلموا حين سمعوا القرآن و أقروا بإعجازه، و أنه من عند اللّه كأبي ذر الذي سمع من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أوائل (فصلت) فأسلم للوقت، و أذعن للدين الجديد، و أن بعضهم عاندوا و لجوا في عنادهم بغيا أن ينزل اللّه من فضله على من يشاء من عباده، كعتبة بن ربيعة، و الوليد بن المغيرة، و أن ثلة لم تدرك إعجازه، أو أدرك و عاند كمسيلمة الكذاب و غيره.

عقب ذلك نقل مقطعا أدبيا من الكشاف للزمخشري يبهر بحسنه الأدباء- كما قال- و يقهر بفصاحته البلغاء، و جعل ذلك شاهدا للزمخشري بأهلية النظر في تفسير القرآن.

ثم استعرض مفسرين أحدهما مشرقي و هو الزمخشري نفسه، و الآخر أندلسي هو ابن عطية، فأشاد بهما و أطرى عليهما و على تفسيرهما الثناء، و قال: هما من كتب التفسير بمنزلة الإنسان من العين، و ليلة القدر من الليالي، ذكر أنه عرضهما على محك النظر، و أورى فيهما نار الفكر حتى استخلص دسيسهما و برز نفيسهما، و بذلك بين المصنف أنه اعتمد عليهما مصدرين أساسيين له في تفسيره، و هو ما صرح به عقب ذلك.

ص: 19

ثم ذكر أنه اعتمد مصدرا ثالثا، فأكثر النقل عنه هو التفسير الذي جمعه شيخه ابن النقيب (1) غير أنه لم يثني عليه بل وصمه بأنه كثير التكرير، قليل التحرير، مفرط الإسهاب.

بعد هذا انتقل المصنف ليسند قراءته للقرآن، و الطرق التي قرأ بها، و أعلى سند وقع له.

ثم ذكر جملة من المروي في فضائل القرآن و ذكر أن أبا عبيد القاسم بن سلام هو من جملة من صنف فيه، أتبعها بروايات تبين فضيلة علم التفسير، و ذكر التفسير بالرأي و حمل المروي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في كونه لم يفسر إلا آيا بعدد، على مغيبات القرآن، و تفسير مجمله و ما لا سبيل إليه بتوقيف من اللّه تعالى، كما حمل تخطئة من قال بالرأي و لو أصاب، على تسور القرآن دون النظر في أقوال العلماء و قوانين العلوم.

و انتقل عقب ذلك إلى بيان مراتب المفسرين فذكر من مفسري الصحابة علي ابن أبي طالب، و ابن عباس، و ابن مسعود، و أبي بن كعب، و زيد بن ثابت، و عبد اللّه ابن عمرو بن العاص- رضي اللّه عنهم أجمعين-

و ذكر من التابعين الحسن البصري، و مجاهد، و سعيد بن جبير،

ص: 20


1- هو محمد بن سليمان بن الحسن البلخي المقدسي، فقيه مفسر حنفي، له التحرير و التحبير لأقوال أئمة التفسير، توفي (698 ه) انظر: الوافي بالوفيات للصفدي: 2/ 215- و شذرات الذهب لابن العماد: 5/ 442.

و علقمة، و الضحاك، و ابن مزاحم، و السدي، و أبي صالح- رحمهم اللّه- ثم ذكر مسيرة التفسير من بعدهم.

و جاء الختام ببيان معنى التفسير في اللغة و الاصطلاح، شارحا التعريف الاصطلاحي الذي أطلقه.

و هذا التعريف الاصطلاحي الذي أطلقه أبو حيان اعتمده ثلة من أهل العلم، و لم زالوا يتناقلوه في كتبهم كالآلوسي و غيره.

رابعا: منهج أبي حيان في مقدمته:

بين المصنف منهجه في التفسير، و الترتيب الذي سار عليه في الخطبة التي سبقت الموضوعات التي تعرض لها في مقدمته، و فصل القول في منهجه تفصيلا دقيقا، غير أن منهجه في معالجة الموضوعات التي تعرض لها في المقدمة مختلف، ففي العلوم التي يحتاجها المفسر، أو الوجوه التي ينبغي للناظر في كتاب اللّه الإلمام بها، كان منهج المصنف أنه يذكر الفن بعبارة واضحة، ثم يبين بعض المصادر الهامة فيه و أفضل من صنف فيه، يعقب ذلك بذكر شيوخه الذين تلقى عنهم ذلك الفن ليبين أن إقدامه هو إقدام ملمّ مسلح بما تحتاجه صناعة التفسير (1).

و من منهج المصنف الاعتماد على المعقول في بعض المسائل، و ضرب

ص: 21


1- انظر البحر المحيط: 1/ 15 و ينظر الوجوه الستة الأخرى.

الأمثلة لتقريب المسألة و ذلك لإقناع القارئ بما يريد التأكيد عليه. (1)

و من منهج المصنف أيضا بيان مصادره- المكتوبة و المسموعة- التي استقى منها مادة كتابه، كما يذكر من تلقى عنهم العلم و أسانيده في القرآن و القراءات. (2)

و حين يسوق المصنف الأحاديث و الآثار الدالة على فضائل القرآن و تفسيره، فإنه يسردها دون أسانيدها، كما أنه لا يذكر من أخرجها من الأئمة، و قد يعقب على إحداها لبيان معنى مفردة، أو بيان تأويل عبارة. (3)

بقي أن أشير إلى أن المصنف اعتمد في المقطع الأخير من مقدمته الذي كان عن بيان معنى التفسير كلام ابن دريد و ثعلب فيما يخص اللغة، و حين عرّف التفسير في الاصطلاح شرح مفردات التعريف.

خامسا: بيان مدى التزام المصنف في تفسيره بما ذكره في مقدمته:

لقد نهج أبو حيان في البحر نهجا قويما، و رسم لطريقه رسما دقيقا، و التزم ما ألزم به نفسه في الغالب، فقد بيّن أنه يبتدأ بالكلام على مفردات الآية لفظة لفظة، و يبين ما يحتاج إليه من اللغة و الأحكام النحوية، و التزم

ص: 22


1- انظر: البحر المحيط: 1/ 13- 18.
2- انظر البحر المحيط: 1/ 21- 22- 23.
3- انظر البحر المحيط: 1/ 24- 25.

ذلك (1)، و يتكلم في التفسير فيذكر سبب النزول للآيات التي لها سبب نزول مع بيان مناسبتها و ارتباطها بما قبلها، و التزم ذلك أيضا (2)، مثبتا القراءات شاذها و مستعملها، مع توجيهها و الترجيح بينها عدا المتواتر فإنه لا يرجح بينها لاعتبارها على درجة واحدة ما دامت صادرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و يتحدث عن الواضح و الخفي من الكلمات، و هذا الشرط أيضا التزمه المصنف، فقلما تجد موضعا من كتاب اللّه في أكثر من قراءة إلا و ذكر ذلك المصنف، و أورد القراءة (3)، حتى الألفاظ المشهورة يذكرها، غير أنه لا يكرر الكلام في لفظة أو آية سبق الحديث فيها، فيكتفي بالإحالة إلى الموضع الذي تم البيان فيه (4)، كما ينقل أقوال الفقهاء الأربعة في الأحكام الفقهية دون التعمق في ذلك، معتمدا الإحالة إلى كتب الفقه في الغالب، و قد التزم ذلك في التفسير (5)، مختتما بالكلام في جملة من الآيات التي فسرت إفرادا و تركيبا بما ذكر أهل العلم فيها من علم البيان و البديع، يتبع آخر الآيات بكلام منثور يشرح مضمون تلك الآيات في عبارة حسنة (6)، و تجنب أقاويل

ص: 23


1- انظر أمثلة ذلك: 1/ 258- 293- 540- 634- 2/ 274- 315- 622.
2- انظر أمثلة ذلك: 1/ 77- 166- 193- 245- 437- 561- 2/ 364- 421- 711.
3- انظر أمثلة ذلك: 1/ 95- 313- 445- 586- 2/ 445- 458.
4- انظر أمثلة ذلك: 1/ 292- 627- 675- 712- 2/ 184.
5- انظر أمثلة ذلك: 1/ 261- 264- 585- 2/ 392- 518-.
6- انظر أمثلة ذلك: 1/ 221- 399- 432- 475- 2/ 271- 360- 510.

الصوفية التي يحملونها كلام اللّه، و ربما أورد شيئا من ذلك إن وجد لذلك مناسبة، كما عدل عن ترك كلام الباطنية الملحدين، و كذلك أعرض عن ذكر كثير من الإسرائيليات و الحكايات التي لا تتناسب و تواريخ بني إسرائيل (1).

و هكذا يظهر للقارئ أن المفسر قد التزم في تفسيره بما ذكره في مقدمته، و لم يخل بذلك في الجملة.

سادسا: مصادره في المقدمة:

ذكر المصنف في مقدمته أسماء و عناوين مصادر كثيرة، غير أن النقول التي أوردها في المقدمة هي من عشرة مصادر فقط، فهو لم يكثر من النقل، و الذين نقل عنهم هم:

أبو جعفر بن الزبير، و هو شيخه، و ما أورده هو شي ء سمعه منه. (2)

و أبو بكر الباقلاني من كتابه الانتصار في إعجاز القرآن، هكذا سماه المصنف، و اسمه الصحيح: الانتصار في صحة نقل القرآن. (3)

ص: 24


1- انظر أمثلة ذلك: 1/ 260- 366- 528.
2- انظر البحر المحيط: 1/ 17.
3- انظر البحر المحيط: 1/ 19.

و الزمخشري من الكشاف. (1)

و ابن عطية من تفسيره. (2)

و محمد بن وهب القشيري. (3)

و ابن النقيب من كتابه التحرير و التحبير لأقوال أئمة التفسير. (4)

و أبو عبد اللّه القاسم بن سلام، و المصنف لم يصرح بالنقل عنه و إن كان قد أورده في معرض النقل عنه (5)

و الإمام البخاري. (6)

و ابن دريد. (7)

و ثعلب. (8)

ص: 25


1- انظر البحر المحيط: 1/ 19.
2- انظر البحر المحيط: 1/ 20.
3- انظر البحر المحيط: 1/ 19.
4- انظر البحر المحيط: 1/ 22.
5- انظر البحر المحيط: 1/ 23.
6- انظر البحر المحيط: 1/ 24.
7- انظر البحر المحيط: 1/ 26.
8- انظر البحر المحيط: 1/ 26.

سابعا: أهم المزايا و أظهر المآخذ:

لا يستطيع المرء الحكم على مقدمة أبي حيان ذلك لأن المصنف لم يرد منها ما أراده غيره من جعلها مقدمة تشتمل على ما يلزم المفسر من العلوم و الأدوات التي تعينه على تفسير كتاب اللّه، أو تلك التي يلزم القارئ الإلمام بها و معرفتها قبل قراءة التفسير ليكون على دراية و معرفة.

و ما جاء في هذه المقدمة من الوجوه التي ذكرها المصنف و التي ذكر لزوم معرفتها للناظر في كتاب اللّه، و ذكرها المصنف كما سبق أن قلت ليبين أنه آخذ بها قبل الإقدام على طرق باب التفسير.

و على العموم فإن من أهم مزايا هذه المقدمة أنها المقدمة الأولى من بين المقدمات التي درستها تقدم تعريفا اصطلاحيا لعلم التفسير، و هو ما لم يفعله السابقون كما صرح بذلك المصنف نفسه. هذ ما قلته في مقدمة أبي حيان و أستغفر اللّه من التقصير و الزلل.

ص: 26

13- تفسير القرآن العظيم

اشارة

للحافظ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير المتوفى سنة 774 ه.

أولا: التعريف بالمؤلف:

اشارة

مصنف هذا السفر العظيم هو: الإمام القدوة أبو الفداء عماد الدين إسماعيل ابن عمر بن كثير بن ضو بن كثير بن ضو بن درع الشافعي الدمشقي (1).

ولد بقرية شرقي بصرى الشام، على رأس المائة الثامنة للهجرة (700 ه (2) في أسرة عرفت بالعلم و مدارسة الكتاب، و تربى في حجر أمه الحافظة، و أخيه المعلم كمال الدين عبد الوهاب فكان به و بأخوته رفيقا، و لهم شقيقا، بعد أن تيتّموا عام (703 ه) بفقد و الدهم الذي عرف بالعلم

ص: 27


1- (درع) بالدال المعجمة، و في بعض المصادر: (ذرع)، و في بعضها (زرع). انظر: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: 4/ 237 رقم (638)- و طبقات المفسرين للداودي: 1/ 111- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 231- و الإمام ابن كثير المفسر للزهراني: 1/ 31 (رسالة علمية).
2- المصادر التي ترجمت للمصنف اختلفت في تحديد ميلاد ابن كثير، فعند الداودي أنه ولد عام (701 ه) و ذكر ابن حجر و السيوطي و ابن العماد أن مولده كان على رأس المائة الثامنة (700 ه)، و قيل سنة (699 ه) و هذا مستنبط من كون المصنف انتقل إلى دمشق مع أخيه و له سبع سنين سنة 706 ه.

و اشتهر بالخطابة و قول الشعر، و كان تلميذا تلقى العلم عن النووي و الفزاري و غيرهما. (1)

و لشغف العائلة بالعلم، شدت الأسرة الرحيل إلى حاضرة العلم، و مأوى العلماء، إلى دمشق- و كان قد سبقهم قبل وفاة والدهم أخ لهم يقال له إسماعيل، و توفي بها و هو يطلب العلم فسمي المصنف باسمه لحب الوالد لولده- و استقرت الأسرة هناك بعد وفاة والدهم بأربع سنين عام (706 ه)، و كان أبو الفداء حتى ذلك العهد يتلقى أبجديات العلم على يد أخيه و أستاذه عبد الوهاب، حتى إذا اشتد عوده دفعه الأخ إلى حلقات العلم فانتظم فيها، و عرفته أزقة دمشق طالب علم مجد و مثابر، كما عرفته المساجد و دور المعرفة عابدا و مجتهدا.

حفظ القرآن الكريم و هو لم يتجاوز الحادية عشرة من العمر، (2) و أقبل على حفظ المتون و معرفة الأسانيد و العلل و الرجال و التاريخ حتى برع في ذلك و هو لا يزال في ريعان الشباب، فحفظ التنبيه و له ثمان عشرة سنة (3) و حفظ مختصر الحاجب (4) و سمع بدار الحديث الأشرفية نحوا من خمسمائة

ص: 28


1- انظر: البداية و النهاية للمصنف: 14/ 32.
2- انظر: البداية و النهاية لابن كثير: 14/ 150.
3- انظر: البداية و النهاية لابن كثير: 14/ 107.
4- انظر: شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 231.

جزء بالإجازات و السماع في الحديث على الشيخ ابن الشحنة (1)، و صنف في صغره كتاب (الأحكام على أبواب التنبيه) (2) و لنبوغه- يرحمه اللّه- تصدر أقرانه، وفاق خلانه، حتى أعجب الشيوخ به و ترجموا له و أثنوا عليه في حياته، و تلك مكرمة لا تحصل إلا لقلة من الناس.

شيوخه و تلامذته:

لقد اختير للحافظ ابن كثير- يرحمه اللّه- حاضرة من حواضر العلم، و مرتعا من مراتع المعرفة و أرضا بورك فيها، يشد العلماء الرحال إليها، و المقام بها، و يأنس الطلبة بسكناها، و يحلو لهم العيش بين أحضانها، فلا غرو أن تحفل تلك الدوحة (دمشق) بجمع غفير من أهل العلم كالذهبي و المزي و ابن عساكر و غيرهم من الذين علت همتهم، و عرفوا فضل المدينة و سكناها.

لقد تلقى الحافظ أبو الفداء العلم على يد صفوة من علماء دمشق في وقت نشطت فيه الحركة العلمية نشاطا ملموسا في شتى الفنون و المعارف، و من هؤلاء:

عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري الشهير بابن الفركاح (3)، و أحمد بن

ص: 29


1- انظر: البداية و النهاية: 14/ 150.
2- انظر: طبقات المفسرين للداودي: 1/ 112.
3- هو عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري، عالم بالعربية و الفقه و الأصول، انتهت إليه معرفة المذهب الشافعي، له التعليقة على التنبيه، توفي (729 ه). انظر: البداية و النهاية: 14/ 146- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 88.

أبي طالب الحجار، المعروف بابن الشحنة (1)، و غيرهم كابن عساكر و ابن قاضي شهبة، و المزي. (2)

أما تلاميذه فقد ذكر في البداية و النهاية (3) أنه كان للحافظ ابن كثير في اليوم الواحد ستة مواعيد تقرأ عليه، أولها بمسجد هشام بكرة قبل طلوع الشمس، ثم تحت النسر (4)، ثم بالمدرسة النورية، و بعد الظهر بجامع تنكز، ثم بالمدرسة العزية، ثم بالكوشك ... إلى أذان العصر، ثم بعد العصر بدار ملك الأمراء أمير علي، بمحلة القضاعين إلى قريب الغروب، و يقرأ صحيح مسلم بمحراب الحنابلة.

و هذا النص خير دليل على كثرة التلاميذ الذين وردوا هذا النبع الصافي حتى ارتووا و شنفوا الآذان بالسماع، و من أولئك المشاهير الذينق.

ص: 30


1- هو أحمد بن أبي طالب بن نعمة بن حسن الحجار بن الشحنة، محدث انفرد بالرواية عن الحسن الزبيدي، قيل: كان بين سماعه للصحيح و موته مائة سنة، توفي (730 ه). انظر: البداية و النهاية: 14/ 150- و الدرر الكامنة لابن حجر: 1/ 142.
2- انظر البداية و النهاية لابن كثير: 14/ 131- 185- 191- 225- و طبقات المفسرين للداودي: 1/ 112- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 231.
3- البداية و النهاية: 14/ 312.
4- اسم قبة في الجامع الأموي في دمشق.

تلقوا عن ابن كثير:

الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجي الحسباني ت (816 ه) (1)، و بدر الدين محمد بن بهادر الزركشي ت (794 ه) (2)، و محمد بن محمد بن محمد الجزري صاحب النشر ت (833 ه) (3) و غيرهم.

مؤلفاته:

يقول ابن حبيب عن الحافظ ابن كثير: سمع و جمع و صنف .. و طارت أوراق فتاويه إلى البلاد (4). و يقول الحافظ ابن حجر: سارت تصانيفه في حياته، و انتفع بها الناس بعد وفاته. (5)

لقد صنف ابن كثير العديد من المصنفات اشتهرت فانتشرت حتى اعتمد عليها في بابها كالتفسير و التاريخ و الحديث و السيرة و غير ذلك.

ص: 31


1- هو أحمد بن علاء الدين حجي بن موسى الحسباني، محدث حافظ مؤرخ، و يضرب به المثل في جودة ذهنه و حسن أبحاثه، له الدارس في أخبار المدارس و غيره، توفي (816 ه). انظر: الضوء اللامع للشوكاني: 1/ 270- و شذرات الذهب لابن العماد: 7/ 116.
2- انظر: الدرر الكامنة لابن حجر: 3/ 397- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 335.
3- انظر: الضوء اللامع للشوكاني: 9/ 255- و شذرات الذهب لابن العماد: 7/ 206.
4- انظر: شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 231.
5- انظر: الدرر الكامنة لابن حجر: 1/ 374.
و من مصنفاته:

1) البداية و النهاية، موسوعة تاريخية ضخمة تابع المصنف فيها الأخبار، و طبعت مرارا و تكرارا.

2) التفسير، و هو موضوع الباب.

3) تهذيب الكمال لابن الصلاح، طبع باسم (الباعث الحثيث) علق عليه الأستاذ أحمد محمد شاكر.

4) السيرة النبوية: ذكر أنها صغيرة، غير أن الأستاذ مصطفى عبد الواحد انتزع السيرة من البداية و النهاية و أخرجها محققة، و أخبر أن المصنف قد ضمها إليه- أي إلى التاريخ- (1).

5) أحاديث التوحيد و الرد على أهل الشرك. (2)

6) الاجتهاد في طلب الجهاد. و غير ذلك (3)

ص: 32


1- انظر: مقدمة السيرة النبوية لمصطفى عبد الواحد: 1/ 12.
2- انظر: الإمام ابن كثير المفسر للزهراني: 72، رسالة علمية جامعة أم القرى، مكة المكرمة.
3- لمعرفة المزيد من مصنفات الحافظ يراجع: البداية و النهاية: 10/ 251- و الدرر الكامنة لابن حجر: 1/ 373- و طبقات المفسرين للداودي: 1/ 112- و كشف الظنون لحاجي خليفة: 2/ 1105- و الإمام ابن كثير المفسر للزهراني: 58- 85- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 231- و مقدمة السيرة النبوية للدكتور مصطفى عبد الواحد: 1/ 12.
عقيدة الحافظ ابن كثير و مكانته العلمية:

الحافظ ابن كثير علم من أعلام السلف المشهود لهم بحفظ المتون و كثرة الاستحضار، و سلامة العقيدة، و نصرة مذهب السلف في الأصول و الفروع، و ارتضاء ذلك قولا و عملا، و الأدلة على ذلك كثيرة امتلأت بها مصنفات الحافظ- يرحمه اللّه- و لا يعجز الباحث من الوقوف على المزيد منها بيسر و سهولة.

و قد كانت لعلاقة الحافظ بشيخ الإسلام ابن تيمية و تلمذته على يده الأثر البالغ في توجهه السلفي، و تصديه لأهل الزيغ و الضلال من الملل و النحل في تلك الفترة التي ظهرت فيها البدع و المنكرات، و كثرت حتى افتتن الناس في دينهم، فقيّض اللّه لنصرة الحق علماء عاملين، بالحق ناطقين، نافحوا عن دين اللّه، و بينوا انحراف الضالين و تأويل المبطلين، و كان منهم الحافظ ابن كثير، فقد نافح عن شيخه ابن تيمية- الذي كان رمزا للتصدي للباطل- و ارتضى كثيرا من آرائه حتى امتحن بسبب ذلك و أوذي. (1)

و لقد حظي الحافظ بمكانة مرموقة عند أهل عصره، فشهدوا له بعلو

ص: 33


1- انظر: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: 4/ 238- و طبقات المفسرين للداودي: 1/ 113- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 232.

الكعب، و لقيت أقواله القبول عند أهل العلم، و أجمعوا على حبه، و الثناء عليه و على علمه و سلامة عقيدته، و لهذا تسلم مشيخة دور العلم المشهورة في دياره كدار الحديث الأشرفية و غيرها (1) و التدريس في مدارس عديدة كالتنكزية الكبرى (2) و النورية الكبرى (3) و المدرسة النجيبية (4) و الجامع الأموي (5)، كما اسندت إليه الخطابة في جوامع عديدة (6).

كل هذا الأمر دفع شيخه الذهبي ليترجم له و يثني عليه ثناء حسنا، و هل هناك شرف يعدل هذا الشرف، شيخ يترجم للتلميذ و يقول عنه: إمام محدث بارع، فقيه متفنن، و مفسر نقاد، له تصانيف مفيدة (7).

لقد كثرت النصوص التي بينت مكانة الحافظ ابن كثير و تواترت، و من تلك النصوص: ما نعته به تلميذه الوفي الحافظ ابن حجي بقوله: كان أحفظ من أدركناه لمتون الحديث و أعرفهم بتخريجها و رجالها، و صحيحها و سقيمها، و كان أقرانه و شيوخه يعترفون له بذلك، و كان يستحضر شيئا

ص: 34


1- انظر: طبقات المفسرين للداودي: 1/ 112.
2- انظر: البداية و النهاية: 14/ 133.
3- انظر: البداية و النهاية: 14/ 312.
4- انظر: البداية و النهاية: 14/ 173.
5- انظر: البداية و النهاية: 14/ 321.
6- انظر: البداية و النهاية: 14/ 263.
7- انظر: الدرر الكامنة لابن حجر: 1/ 374- و إنباه الغمر له: 1/ 46.

كثيرا من الفقه و التاريخ، قليل النسيان، و كان فقيها صحيح الذهن يحفظ التنبيه إلى آخر وقت، و شارك في العربية مشاركة جيدة. (1)

كما وصفه ابن حبيب بقوله: اشتهر بالضبط و التحرير، و انتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ و الحديث و التفسير. (2)

و نعته الداودي: بقدوة العلماء و الحفاظ، و عمدة أهل المعاني و الألفاظ. (3)

ناهيك عن ثناء الأعلام المتأخرين الذين وقفوا على خلاصة علم المتقدمين فأقروا للحافظ بالفضل و الرسوخ في المعقول و المنقول، و كتب التراجم تزخر بكم هائل من النصوص التي تبين علو كعب المصنف، و سمو فكره، و سلامة عقيدته.

وفاته:

في يوم الخميس، السادس و العشرين من شعبان سنة أربع و سبعين و سبعمائة (774 ه) سلم الحافظ ابن كثير الروح إلى بارئها، و فاضت بعد حياة مليئة بالجد و الاجتهاد و الجهاد، و نشر النور و العلم و تبديد الظلمات،

ص: 35


1- انظر: طبقات الشافعية لابن شهبة: 4/ 238- و طبقات المفسرين للداودي: 1/ 112.
2- انظر: إنباه الغمر بأبناء العمر لابن حجر: 3/ 46- و شذرات الذهب لابن العماد: 6/ 231.
3- انظر: طبقات المفسرين للداودي: 1/ 112.

فقد فيها البصر غير أنه بقي بصيرا يذكر اللّه إلى آخر نفس، و دفن إلى جانب شيخه و قدوته شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمهما اللّه رحمة واسعة، و جزاهما عنا و عن المسلمين خير الجزاء (1).

ثانيا: التعريف بالتفسير و المقدمة:

يعد تفسير الحافظ ابن كثير (تفسير القرآن العظيم) من أكثر التفاسير انتشارا و اعتبارا في عصرنا الراهن، عند الخاصة و العامة، فقد حبا اللّه المصنف قوة في الفهم، و سدادا في الرأي، و اعتبارا في الحجة، إضافة إلى سلامة المنهج و وضوح الطريقة و جزالة العبارة، كل ذلك كانت أسبابا جعلت لهذا التفسير الاعتبار و القبول و الاستمرارية.

فحين تعددت ألوان التفسير، و سلك المتقدمون فيه مذاهب متنوعة، و وجدت التفاسير الطوال التي امتلأت بالخلافيات في شتى الألوان،

ص: 36


1- انظر: الدرر الكامنة لابن حجر: 1/ 374- و طبقات المفسرين للداودي: 1/ 113. و ينظر للمزيد في ترجمته: إنباه الغمر بأبناء الغمر لابن حجر: 1/ 45- و البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للشوكاني: 1/ 153- و الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي: 36- و الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر: 1/ 373- و ذيل تذكرة الحفاظ، للسيوطي: 4/ 361- و السيرة النبوية لابن كثير: 1/ 4- 11- و شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي: 6/ 231- و طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: 4/ 273- و طبقات المفسرين للداودي: 1/ 111- 113- و النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة لابن تغري بردي: 11/ 123.

و عجزت الهمم عن متابعة ذلك، اتجه جماعة من أهل العلم استشعروا و عورة الطريق، إلى سلوك طريق مختصر لتأويل كتاب اللّه، و بيان معاني ألفاظه، متوسطين في ذلك، جامعين بين المأثور و الرأي، فكان الحافظ واحدا من هؤلاء الذين ارتضوا هذا النهج، بل يعد فارس هذه الحلبة، و رائد هذه الكتيبة. (1)

لقد قدم الحافظ ابن كثير تفسيرا جمع فيه المأثور من بيان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و صحابته و التابعين، و بين ما توصل إليه من إعمال الرأي، المعتمد على اللغة و فهم السلف، في مباحث هامة تحدث عنها العلماء، فقهية كانت أو نحوية أو لغوية، أو غيرها من المسائل التي لها صلة بتوضيح الآيات و المعاني، بعبارة سلسة، و ألفاظ مختارة، و لعله هو الأمر الذي دفع السيوطي ليقول: له تفسير لم يؤلف على نمطه مثله. (2)

و هو الأمر الذي جعل الشوكاني يقول: جمع فيه فأوعى، و نقل المذاهب و الأخبار و الآثار و تكلم بأحسن كلام و أنفسه، و هو من أحسن التفاسير إن لم يكن أحسنها. (3)

و لأهميته عند أهل العلم اتجهت الأنظار قديما و حديثا لاختصاره

ص: 37


1- انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير، مقدمة التحقيق: 1/ 6.
2- انظر: ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي: 4/ 361.
3- انظر: البدر الطالع للشوكاني: 1/ 153.

و تجريده من بعض ما ينبغي، ففي النصف الثاني من القرن الثامن اختصره سعيد بن محمد بن مسعود الكازروني، و سماه (البدر المنير) (1)، و في عصرنا الحالي وجدت ثلاثة مختصرات للكتاب، اختصره الأستاذ أحمد شاكر و سماه (عمدة التفسير من الحافظ ابن كثير) غير أنه لم يتمه (2)، و اختصره الشيخ محمد علي الصابوني، و لقي شهرة واسعة، غير أن موقف المختصر من بعض المسائل العقدية جعل طلبة العلم يصدون عنه، و يفضلون اختصار الشيخ نسيب الرفاعي المسماة (تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير).

و لأهميته أيضا لقي هذا التفسير عناية خاصة من الأكادميين في الجامعات فسجلت فيه و حوله عدة رسائل علمية.

بقي أن أشير إلى أن الحافظ ابن كثير قد تأثر بشيخ هذا الفن ابن جرير الطبري تأثرا ملحوظا و إن اختار منهجا مغايرا، ورد على بعض آرائه و ناقشها مناقشة جادة، كما تأثر بالحافظ جل المفسرين الذين جاءوا من بعده كأبي السعود و الآلوسي و القاسمي و الشنقيطي و سيد قطب و غيرهم.ء.

ص: 38


1- هو سعيد بن محمد بن مسعود الكازروني، محدث، شرح صحيح البخاري و غيره، توفي (785 ه) انظر: الأعلام للزركلي: 3/ 101- و معجم المؤلفين لرضا كحالة: 4/ 231- و بروكلمان: 2/ 60.
2- طبع في مصر و صدر عن دار المعارف في خمسة أجزاء.

و يمتاز هذا التفسير بأن الحافظ يفسر القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة و التابعين، فإن لم يجد التجأ إلى إعمال الرأي المؤيد باللغة، و هو يمحص الروايات و الأخبار في كل ذلك، و ينتقد البعيد المتكلف، كما يحكم على الأحاديث و الآثار و يبين درجتها في الغالب.

ينتصر المصنف لمذهب السلف، و يعرض عن الإسرائيليات و إن ذكر بعضا من القسم المسكوت عنه فإنه إنما يذكرها للاستشهاد لا للاعتقاد، و يصرح بأن غالب ما في هذا النوع لا فائدة فيه يعود إلى أمر ديني. (1)

كما أنه لا يتوانى عن ذكر أسباب النزول، فيسرد الروايات، و يختار الراجح منها، و يذكر المسائل الفقهية بإيجاز دون إسراف أو تطويل.

و قد نبه الحافظ في خطبة كتابه إلى أهمية تفهم كتاب اللّه مصداقا لقوله تعالى (أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء: 82] و عليه فإن العلماء مطالبون بالكشف عن معاني كلام اللّه، و تفسيره و تعليمه و تعلمه، و تبصير الناس بها، و هو أمر يستدعي معرفة أحسن الطرق الموصلة إلى السداد في القول، لأجل هذا خص المصنف مقدمته لبيان تلك الطرق.

و قد جاءت المقدمة مع خطبة الكتاب في سبع صفحات من القطع

ص: 39


1- انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 1/ 14.

الكبير، و هي ليست طويلة إذا ما قورنت بمقدمات أسلافه الطبري و ابن عطية و غيرهما، على خلاف ما ذكر الذهبي من أنه قدم لتفسيره مقدمة طويلة هامة. (1)

كما أنها ليست شاملة كمقدماتهم، و لعل المصنف لم يرد ما أراده السابقون من تقديم أبحاث بين يدي تفاسيرهم تتضمن ما يجب على طالب التفسير معرفته قبل البدء في التفسير، فقد اكتفى الحافظ ببيان أحسن طرق التفسير، و ما يتعلق بذلك من المسائل.

كما رأى الحافظ أن يلحق بالتفسير كتابا ألفه في فضائل القرآن، مقتديا بالبخاري- رحمه اللّه- الذي أخر كتاب الفضائل عن كتاب التفسير في «صحيحه»، ثم عدل عن رأيه و وجد أن تقديم الفضائل على التفسير هو الأولى، و هو ما عمد إليه في آخر نسخة مخطوط من كتابه، و هي في مكتبة الحرم المكي برقم [ (90) تفسير] كتبت في عصر المؤلف و قبل وفاته كما هو ثابت في التاريخ الذي في أواخر الأجزاء (2).

يقول المصنف في «ص 11» من المخطوط المذكور على ما ذكره الأستاذ الزهراني:

و ذكر البخاري- رحمه اللّه- كتاب فضائل القرآن بعد كتاب التفسير

ص: 40


1- انظر: التفسير و المفسرون للذهبي: 1/ 244.
2- انظر: الإمام ابن كثير المفسر للزهراني: 187.

لأن التفسير أهم، و لهذا بدأ به، و نحن قدمنا الفضائل قبل التفسير، و ذكرنا فضائل كل سورة قبل تفسيرها ليكون باعثا على حفظ القرآن و فهمه، و العمل بما فيه، و اللّه المستعان. (1)

و أعود إلى المقدمة فأقول: إن الذهبي ذكر أن الحافظ ابن كثير اعتمد في مقدمته كتاب شيخه ابن تيمية، فقال: و أغلب هذه المقدمة مأخوذ بنصه من كلام شيخه ابن تيمية الذي ذكره في مقدمته في أصول التفسير. (2). و ما قاله حقيقة فما جاء في هذه المقدمة هو بتمامه من كلام شيخه، و لا غرو في ذلك فإن الحافظ- كما سبق أن ذكرت- قد تأثر بابن تيمية في كثير من آرائه حتى أوذي بسبب ذلك، كما أن ما كتبه ابن تيمية في مقدمته يعتبر من أهم ما كتب في هذا الباب على الإطلاق (3).

و قد طبعت المقدمة مع أصل الكتاب طبعات عديدة أذكر منها:

1) طبع بهامش تفسير (فتح البيان في مقاصد القرآن) لأبي الطيب صديق حسن القنوجي- المطبعة الأميرية ببولاق 1301 ه في ستة مجلدات.

2) طبعة دار إحياء التراث العربي، عيسى البابي الحلبي، قوبلت على

ص: 41


1- انظر: الإمام ابن كثير المفسر للزهراني: 190- 191.
2- انظر: التفسير و المفسرون للذهبي: 187.
3- انظر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية، مقدمة المحقق الأستاذ عدنان زرزور: 16.

عدة نسخ خطية بدار الكتب المصرية، و صححها نخبة من العلماء، في أربعة أجزاء، و قد صورت هذه الطبعة مرارا.

3) طبع بعناية الأستاذ محمد رشيد رضا، و بأسفله تفسير البغوي، عام 1343 ه و صدر بمطبعة المنار على نفقة الملك عبد العزيز آل سعود- رحمه اللّه- في تسعة مجلدات.

4) طبعة مطابع الفجالة الجديدة- مصر 1384 ه بعناية و نشر الشيخ عبد الشكور فدا، صاحب مكتبة النهضة الحديثة بمكة، في أربعة مجلدات.

5) طبعة دار الفكر- بيروت 1385 ه في سبعة مجلدات، و أعيد طباعتها عام 1389 ه الطبعة الثانية، و ألحق بها فضائل القرآن. علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير ج 2 42 ثانيا: التعريف بالتفسير و المقدمة: ..... ص : 36

طبعة دار المعرفة- بيروت 1388- و 1406 ه في أربعة مجلدات و هي الأكثر انتشارا بين الناس.

7) طبعة دار الشعب- القاهرة 1391 ه- في أربعة مجلدات بتحقيق:

عبد العزيز غنيم، و محمد أحمد عاشور، و محمد إبراهيم البنا، و هي من أجود الطبعات.

8) طبعة دار الأرقم للنشر و التوزيع في أربعة مجلدات- الكويت 1405 ه، خرج أحاديثه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي.

9) طبعة مكتبة العبيكان بالرياض، قدم له أستاذي القدير الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشائع.

ص: 42

ثالثا: عرض موضوعات المقدمة:

ذكرت فيما سبق أن الحافظ حصر مقدمته على بيان أحسن طرق التفسير، و أنه أخذها برمتها من كتاب شيخه ابن تيمية (مقدمة في أصول التفسير)، و إن كان قد أسقط منها بعض الجمل.

أسبق المصنف المقدمة بخطبة بين يدي تفسيره، حمد فيها اللّه منزل الكتاب على خاتم النبيين، المرسل إلى جميع الثقلين بشيرا و نذيرا، فندبهم إلى تدبر معاني كلامه و تفهمه (أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء: 82] و مقتضى هذا الندب أن ينصرف العلماء إلى الكشف عن تلك المعاني، و تعلمه و تعليمه، و إلا كانوا كمن ذمهم اللّه من أهل الكتاب في قوله (وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ) [آل عمران: 187].

و لفهم كتاب اللّه على الوجه الصحيح كان على المفسر أن يعلم أحسن الطرق المؤدية لذلك، و هو الموضوع الذي ضمّنه المفسر مقدمته.

يرى الحافظ ابن كثير تبعا لشيخه ابن تيمية- رحمه اللّه- أن أصح الطرق هو تفسير القرآن بالقرآن، يليه تفسير القرآن بالسنة لكونها شارحة و موضحة له، فإن لم يجد المفسر مراده في الكتاب و لا في السنة رجع إلى

ص: 43

أقوال الصحابة- رضي اللّه عنهم- و اعتمد فهمهم له، نظرا لما شاهدوه من القرائن و الأحوال، و لما لهم من الفهم التام و العلم الصحيح، و خاصة كبراؤهم كابن عباس و ابن مسعود و غيرهم. و أورد لذلك الأدلة و الأمثلة.

بعدها عرج المصنف على ما نقل عن بعضهم في كونهم حكوا بعض أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بقوله: «بلغوا عني و لو آية، و حدثوا عن بني إسرائيل و لا حرج ...» الحديث. (1) فبين أن الرواية الإسرائيلية ثلاثة أقسام، بينها و بين الموقف منها قبولا و رفضا.

انتقل الحافظ بعد ذلك ليبين حكم تفسير التابعي، فذكر أولا أن كثيرا من الأئمة يرجعون إلى أقوال التابعين كمجاهد الذي عرض المصحف على ابن عباس ثلاثا يسأله عن كل آية، و كسعيد بن جبير و عكرمة و غيرهم، مؤكدا أن اختلافهم في كثير من الأحايين هو اختلاف تنوع لا اختلاف تباين، و قرر عقب ذلك أن قول التابعي لا يكون حجة على من خالفهم إلا إذا أجمعوا على الشي ء فحينئذ لا يرتاب في يكونه حجة.

ثم تعرض للتفسير بالرأي، و أوضح أن التفسير بمجرد الرأي، و التكلم في كتاب اللّه بما لا علم له به حرام غير جائز، و هو الذي ورد فيه التحذير و الوعيد في أحاديث كثيرة، و تحرج السلف من القول في كتاب اللّه

ص: 44


1- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب: الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل. البخاري مع الفتح: 6/ 496.

لذلك، أما التكلم من الذي يعلم اللغة و الشرع فواجب لقوله تعالى:

(لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ) [آل عمران: 187] و لقوله صلى اللّه عليه و سلم: «من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار» (1)، و لهذا رأينا لأولئك الذين تحرجوا من القول في بعض المواطن أقوالا عديدة.

و قبل أن يختم ضعّف المروي عن السيدة عائشة- رضي اللّه عنها- في كون النبي صلى اللّه عليه و سلم لم يفسر إلا آيا بعدد. و قال: حديث منكر غريب. و ختم ببيان أوجه التفسير الأربعة المنسوبة للحبر ابن عباس رضي الله عنه.

رابعا: منهج ابن كثير في مقدمته:

من مناهج ثلة من القدماء في التأليف أنهم إذا وقفوا على تحرير لأحد السابقين من أهل العلم في مسألة من المسائل العلمية، و ارتضوا ذلك و تبنوه، نقلوه بنصه في تآليفهم و كتبهم، سواء أشاروا إلى ذلك كما فعل القرطبي الذي رأى أن من بركة العلم عزو القول إلى قائله، أم لم يشيروا كما فعل المصنف الحافظ ابن كثير في مقدمته التي بين أيدينا، و لا نشك أن منهج الأول أسلم، و إن كان المنهج الآخر لم يلق النكير من أهل العلم، و بخاصة إذا كان المنقول عن شخص له اتصال مباشر بالناقل، كما هو الحال بالنسبة للحافظ و شيخه ابن تيمية، حينئذ يكون الأمر غير خاف على الذين وضع الحافظ ابن كثير كتابه لهم.

ص: 45


1- سبق تخريجه.

مهما يكن الأمر فإن الحافظ ابن كثير اتبع المنهج النقلي في مقدمته، فنقل جلّ ما جاء في مقدمة شيخه في هذا الموضوع، و إن أعمل قلمه في حذف اليسير من الآثار، كما أضاف إضافات خفيفة رأى أن من الأهمية ذكرها.

و من الذي أسقطه أثران أوردهما ابن تيمية في معرض حديثه عن تفسير التابعي، الأول منهما ورد عن قتادة، و جاء معترضا أخبار مجاهد، فربما أسقطه الحافظ لأجل ذلك.

و الآخر كان من أخبار مجاهد نفسه.

أما الإضافات، فقد أضاف بعض الروايات الدائرة حول التفسير بالرأي، و استدرك على شيخه ابن تيمية ما رواه ابن جرير بسنده عن السيدة عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: ما كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا تعد علمهن إياه جبريل عليه السلام. (1) و تكلم عن سند الرواية، كما نقل كلام ابن جرير عنها.

خامسا: بيان مدى التزام المصنف في تفسيره بما جاء في مقدمته:

لم يتحدث ابن كثير في مقدمته عن المنهج الذي سيسلكه في تفسيره، و لا ألزم نفسه بشي ء حتى يستطيع المرء الحكم عليه، و بيان مدى التزامه.

ص: 46


1- انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 1/ 10318 و سيأتي تخريج الأثر.

سادسا: مصادره في مقدمته:

المصدران المعتمدان للحافظ ابن كثير في مقدمته هما كتاب شيخه ابن تيمية (مقدمة في أصول التفسير) الذي لم يصرح بالرجوع إليه و التعويل عليه، و المصدر الثاني تفسير ابن جرير الطبري الذي نقل عنه يسيرا.

و قد أملى ابن تيمية مقدمته من فؤاده، دون الرجوع إلى مرجع محدد- كما ذكر ذلك (1)- غير أنه أورد أقوالا لأهل العلم في المسائل التي عالجها، و كان جلّ اعتماده على ابن جرير (2) و أبي عبيد القاسم بن سلام (3) و غيرهما.

سابعا: أهم المزايا، و أظهر المآخذ:

لعل من أهم مزايا مقدمة الحافظ ابن كثير أنها عالجت الموضوع المطروق معالجة جادة، و جاءت وافية كافية في بابها.

أما أظهر المآخذ عليها، فتكمن في أنها لم تعالج إلا موضوعا واحدا من موضوعات علوم القرآن الكثيرة التي يحتاج المفسر الوقوف عليها و الإلمام بها، كما أن الحافظ ابن كثير لم يأت بشي ء جديد يضيفه إلى كلام شيخه ابن

ص: 47


1- انظر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 35.
2- انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 1/ 13- 15- 16- 17.
3- انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 1/ 16- 17.

تيمية في الموضوع نفسه، عدا تلك الإضافة اليسيرة التي ذكرتها من قبل.

هذا ما علمته، و اللّه أعلم.

ص: 48

الباب الثالث الموضوعات التي تناولتها مقدمات التفاسير

اشارة

الموضوع الأول: نزول القرآن

الموضوع الثاني: جمع القرآن و ترتيبه

الموضوع الثالث: رسم المصحف و نقطه و شكله و وضع الأخماس و الأعشار

الموضوع الرابع: سور القرآن و آياته و كلماته و حروفه

الموضوع الخامس: أسماء القرآن و أسماء سوره

الموضوع السادس: فضائل القرآن و خواصه و آداب تلاوته

الموضوع السابع: المكي و المدني

الموضوع الثامن: التفسير و التأويل

الموضوع التاسع: بيان شرف التفسير و الحاجة إليه

الموضوع العاشر: أوجه التفسير و طرقه و أنواعه

الموضوع الحادي عشر: العلوم التي يحتاجها المفسر

الموضوع الثاني عشر: مراتب المفسرين

الموضوع الثالث عشر: الاختلاف بين المفسرين و قواعد الترجيح

الموضوع الرابع عشر: الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن

الموضوع الخامس عشر: الظهر و البطن و الحد و المطلع

الموضوع السادس عشر: ما وقع في القرآن بغير لغة العرب

الموضوع السابع عشر: الوقف و الابتداء

الموضوع الثامن عشر: إعجاز القرآن

ص: 49

ص: 50

الموضوع الأول نزول القرآن

اشارة

تناول هذا الموضوع في مقدمة تفسيره عبد الرزاق الصنعاني (1)، و ابن الجوزي (2)، و الخازن (3)، و ابن جزي (4).

و فيه مسائل:

المسألة الأولى: في اليوم الذي أنزل فيه القرآن :

المسألة الأولى: في اليوم الذي أنزل فيه القرآن (5):

ص: 51


1- انظر: تفسيره: 1/ 60.
2- انظر: تفسيره: 1/ 5- 6.
3- انظر: تفسيره: 1/ 10.
4- انظر: تفسيره: 1/ 6.
5- ذكر ابن القيم و غيره أن القرآن نزل يوم الاثنين، من غير خلاف بين العلماء في ذلك، و زاد البلقيني فقال: نهارا، فقد سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب: استحباب صيام ثلاثة أيام: 2/ 819، عن صوم يوم الاثنين، فقال: ذاك يوم ولدت فيه، و يوم بعثت «أو أنزل عليّ» فيه. أما الشهر الذي أنزل فيه فقد اختلف العلماء في تحديده، فقيل: رمضان، و قيل: رجب، و قيل: ربيع الأول. و الراجح أنه رمضان، قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [البقرة: 185] و قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر: 1] و قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) [الدخان: 3]، قال العلماء: كان ابتداء نزول القرآن في ليلة القدر من شهر رمضان. انظر في ذلك: طبقات ابن سعد: 1/ 194- و زاد المعاد لابن القيم: 1/ 77- و السيرة الحلبية لبرهان الدين الحلبي: 1/ 237- و السيرة الشامية للصالحي: 2/ 303- و فتح الباري لابن حجر: 12/ 356- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة المكي: 1/ 250 تحقيق محمد صفاء حقي.

روى عبد الرزاق بسنده قال: حدثنا معمر عن أبان بن أبي عياش عن أبي العالية قال: نزلت الصحف في أول يوم من شهر رمضان، و نزلت التوراة لست، و نزل الزبور لاثني عشر منه، و نزل الإنجيل لثمان عشرة، و نزل الفرقان لأربع و عشرين من شهر رمضان. (1)

المسألة الثانية: في كيفية إنزاله:

أنزل اللّه القرآن المجيد من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ليلة القدر

ص: 52


1- تفسيره: 1/ 6 و أبان بن أبي عياش هو (أبان بن فيروز) متروك الحديث، قاله أحمد و النسائي و غيرهما، انظر: الضعفاء الكبير للعقيلي: 1/ 38- و تهذيب الكمال للمزي: 2/ 19- و ميزان الاعتدال للذهبي: 1/ 10- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 1/ 97 و الأثر أخرجه ابن جرير بإسناده عن واثلة بن الأسقع، و ليس فيه ذكر «الزبور»، و فيه: «الإنجيل لثلاث عشرة خلت» قال أحمد شاكر: هو إسناد صحيح. تفسير الطبري بتحقيق شاكر: 3/ 446- و أخرجه أحمد في المسند: 4/ 107- و أبو عبيد في فضائل القرآن: 344- و محمد بن نصر في قيام الليل كما في المختصر للمقريزي: 321- و البيهقي في الشعب: (ح 277- 2/ 510)- و انظر الإتقان للسيوطي: 133 ط البغا. قال الحافظ ابن كثير في السيرة (1/ 393): و هو الراجح، و إليه ذهب جماعة من الصحابة و التابعين فقالوا: إن ليلة القدر ليلة أربع و عشرين.

جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك مفرقا على لسان جبريل عليه السلام إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم مدة رسالته عند الحاجة و حدوث ما يحدث على ما يشاء اللّه تعالى (1).

فقد أخرج عبد الرزاق بسنده عن سعيد بن جبير قال: نزل جبريل بالقرآن جملة واحدة ليلة القدر [....] (2) النجوم من السماء في بيت العزة، فجعل جبريل ينزل به على النبي صلّى اللّه عليه و سلم رتبا (3).

و روى عكرمة عن ابن عباس- رضي اللّه عنه- قال: أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر إلى بيت العزة، ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة. (4)

ص: 53


1- انظر: تفسير الخازن 1/ 10.
2- بياض في الأصل، و المطبوع ..
3- أخرجه في تفسيره: 1/ 60، و هذه الرواية و إن كانت موقوفة إلا أن لها حكم الرفع.
4- ذكره ابن الجوزي في تفسيره: 1/ 5- و أخرجه الحاكم في المستدرك: 2/ 222 و قال: حديث صحيح و لم يخرجاه، و أقره الذهبي.- و البيهقي في الأسماء و الصفات: 235،- و في الشعب: (ح 277- 2/ 510)- و ابن جرير في تفسيره 30/ 258،- و انظر المسألة في الزيادة و الإحسان لابن عقيلة المكي: 1/ 214 تحقيق محمد صفاء حقي. و قد اختلف العلماء في كيفية إنزال القرآن من اللوح المحفوظ على أربعة أقوال: الأول: أنه نزل إلى السماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك منجما، و هذا القول هو أصح الأقوال و أشهرها، و به قال جماعة من العلماء منهم الزركشي و ابن حجر و السيوطي. الثاني: أنه نزل إلى السماء الدنيا في عشرين ليلة القدر، أو ثلاث و عشرين أو خمس و عشرين، في كل ليلة ما يقدر اللّه تعالى إنزاله في كل السنة، ثم ينزل بعد ذلك منجما في جميع السنة. و هذا منسوب إلى مقاتل بن حيان و الحليمي و الماوردي. قال الطبري: و هو خلاف ما نقل عن الإجماع. الثالث: أن ابتداء إنزاله في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك منجما في أوقات مختلفة. و بهذا قال الشعبي و غيره، و قال القسطلاني: و هذا هو المعتمد. الرابع: أنه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة، و أن الحفظة نجمته على جبريل في عشرين ليلة، و جبريل نجمه على النبي i في مدة البعثة. قال القسطلاني: و هذا غريب. انظر: تفسير الطبري: 30/ 258- و النكت و العيون للماوردي: 4/ 489- و المرشد الوجيز لأبي شامة: 14- و البرهان للزركشي: 1/ 228- و لطائف الإشارات للقسطلاني: 1/ 22- و فتح الباري لابن حجر: 9/ 4- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة المكي: 1/ 214 تحقيق محمد صفاء حقي. و جاء في التنزيل (وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا) [الفرقان: 32] فقد ثبت أن لنزول القرآن منجما حكما، منها إثبات قلب النبي i و تقويته، ففي تجدد الوحي في كل حادثة تقوية للقلب، و عناية بالمرسل إليه، و تيسير للحفظ و هذا كله من الثبات. و من الحكم أيضا التدرج في تربية الأمة، تقول السيدة عائشة- رضي اللّه عنها-: «و لو نزل أول شي ء لا تشربوا الخمر. لقالوا: لا ندع الخمر أبدا. و لو نزل: لا تزنوا. لقالوا: لا ندع الزنى أبدا». أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الفضائل، باب: تأليف القرآن: 6/ 100. و من الحكم مسايرة الحوادث فمن القرآن ما هو جواب لسؤال، أو إنكار على قول قيل، أو فعل أو إقرار أو غير ذلك. و منها التيسير على الأمة في الحفظ و الفهم و العمل بمقتضى ذلك. انظر: المرشد الوجيز لأبي شامة: 27- و البرهان للزركشي: 1/ 231- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 1/ 220 تحقيقي. و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 53.

ص: 54

المسألة الثالثة: في مدة نزوله، و سنّه صلّى اللّه عليه و سلم في ذلك الوقت:

اختلف في مدة نزول الوحي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنه نزل في ثماني عشرة سنة، و هو اختيار الحسن على ما ذكره ابن الجوزي، فقد نقل عنه أنه قال: ذكر لنا أنه كان بين أوله و آخره ثماني عشرة سنة، أنزل عليه بمكة ثماني سنين. (1)

القول الثاني: أنه نزل في عشرين سنة، ورد عن ابن عباس و عكرمة و الشعبي، و هو اختيار ابن جزي (2)، فقد أخرج الحاكم عن عكرمة عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر إلى بيت العزة، ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة (3).

و قال الشعبي: فرق اللّه تنزيل القرآن فكان بين أوله و آخره عشرون

ص: 55


1- تفسير ابن الجوزي: 1/ 5.
2- تفسير ابن جزي: 1/ 6 و 4/ 210.
3- انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 5- و قد سبق تخريج الأثر.

و قال الشعبي: فرق اللّه تنزيل القرآن فكان بين أوله و آخره عشرون سنة (1).

القول الثالث: أنه نزل في ثلاث و عشرين سنة، ذكره ابن جزي (2).

و قد عزا ابن جزي الكلبي الخلاف إلى الاختلاف في سنّه صلّى اللّه عليه و سلم يوم توفي، هل كان ابن ستين أو ثلاث و ستين سنة. (3)

ص: 56


1- انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 5.
2- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 6.
3- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 6. قلت: الخلاف هو نتيجة الاختلاف في مدة إقامته صلّى اللّه عليه و سلم بمكة بعد أن أنزل عليه الوحي، فمن العلماء من عدّ من ابتداء النبوة، و منهم من عدّ من ابتداء الرسالة، و منهم من اعتبر في العدّ الرؤيا الصالحة، و الاختلاف دائر بين ثمان سنين و خمسة عشر سنة. فعن الحسن: أنه أنزل عليه بمكة ثماني سنين. و عن ابن عباس و عائشة رضي اللّه عنهم، أنه صلّى اللّه عليه و سلم لبث بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن. و المشهور عند الجمهور، أن القرآن المكي استمر طيلة ثلاث عشرة سنة. و على مذهب من يرى أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عاش خمسا و ستين سنة، يكون مدة نزول الوحي عليه بمكة هو خمسة عشر عاما، إذ لا خلاف أن مقامه صلّى اللّه عليه و سلم بالمدينة هو عشر سنين، فيكون هذا قولا رابعا. و الصحيح الراجح، و اللّه أعلم، أنه أوحي إليه i ثلاثا و عشرين سنة، عشر منها بالمدينة، و أنه i توفي و له ثلاث و ستون سنة. يقول أبو شهبة: و لو راعينا التدقيق و التحقيق تكون مدة نزول القرآن اثنتين و عشرين سنة، و خمسة أشهر و نصف شهر تقريبا. المدخل لدراسة القرآن الكريم: 55. انظر: سنن الترمذي: 5/ 251- و صحيح مسلم: 4/ 1825- و السيرة النبوية لابن كثير: 4/ 513- و فتح الباري لابن حجر: 1/ 27.

و كان سنّه صلّى اللّه عليه و سلم حين نزل عليه الوحي أربعون سنة. (1)

المسألة الرابعة: أول ما نزل من القرآن:

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ربما تنزل عليه سورة كاملة، و ربما نزل عليه آيات مفترقات فيضم عليه السلام بعضها إلى بعض حتى تكتمل السورة (2).

و قد اختلف في أول القرآن نزولا على أربعة أقوال، فالمشهور أنه صدر سورة العلق: اقرأ. و قيل: المدّثر. و قيل: الفاتحة. و قيل:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*.

فأما الأول: فهو قول عائشة- رضي اللّه عنها- و به قال قتادة و أبو صالح، و هو اختيار ابن الجوزي و الخازن و ابن جزي، و أغلب أهل العلم، و هو الصحيح الثابت (3)، فقد روى البخاري بسنده عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنها قالت: أول ما بدئ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من الوحي الرؤيا

ص: 57


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 6، و هو الراجح المعتمد، و المشهور الذي أطبق عليه العلماء. انظر: شرح مسلم للنووي: 15/ 99.
2- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 6.
3- انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 5- و الخازن: 1/ 10- و ابن جزي: 1/ 6- و الإتقان للسيوطي: 1/ 68- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 1/ 227.

الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يختلي بغار حراء فيتحنّث فيه- و هو التعبد- الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله، و يتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة- رضي اللّه عنها- فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق و هو في غار حراء، فجاءه الملك، فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطّني (1) حتى بلغ مني الجهد (2)، ثم أرسلني، فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطّني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ.

فأخذني فغطّني الثالثة ثم أرسلني فقال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) [العلق الآيات: 1- 5]. فرجع بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يرجف فؤاده. (3) فقال: زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه ما يجد من الروع. (4)

ص: 58


1- الغطّ: العصر الشديد و الكبس، قال ابن الأثير: و إنما غطّه ليختبره هل يقول من تلقاء نفسه شيئا. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (غطط): 3/ 373.
2- الجهد: قال الحافظ ابن حجر: الأكثر بالفتح، و لبعضهم بالضم، و هو المشقة، و يجوز نصب الدال و رفعها، فعلى النصب: بلغ جبريل مني الجهد. و على الرفع: بلغ الجهد مني مبلغه و غايته. فتح الباري: 1/ 100.
3- صحيح البخاري: كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي: 1/ 3 و كتاب التفسير سورة اقرأ: 6/ 87 و كتاب التعبير: باب: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه و سلم: 8/ 67.
4- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 6.

القول الثاني: أن أول ما نزل سورة الْمُدَّثِّرُ، و هو مروي عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنه- (1)، فقد روى مسلم عنه أن أول ما نزل يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. (2)

و من حديثه في الصحيحين قال: سمعت النبي صلّى اللّه عليه و سلم و هو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء و الأرض فجئثت منه رعبا، فرجعت فقلت: زملوني، زمّلوني، فدثروني، فأنزل اللّه تعالى يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (3).

قال ابن الجوزي: و معنى: (جثثت): فرقت، يقال: رجل مجئوث و مجثوث، و قد صحّفه بعض الرواة فقال: جبنت، من الجبن (4).

و قد جمع العلماء بين القولين، فنقل ابن الجوزي أنه لما نزل على

ص: 59


1- انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 5- و تفسير ابن جزي: 1/ 6.
2- أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: 1/ 144، و انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 5.
3- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب: التفسير سورة المدثر، باب: قوله قُمْ فَأَنْذِرْ: 6/ 75- و مسلم في صحيحه: كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: 1/ 143، و انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 5.
4- انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 5، قال في النهاية: (جثثت): فزعت. و (جئثت) أي ذعرت و خفت. النهاية (جثث): 1/ 239 و (جأث) 1/ 232.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم صدر سورة العلق، رجع فتدثّر فنزل يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1).

القول الثالث: أن أول القرآن نزولا فاتحة الكتاب، ذكر ذلك ابن جزي (2).

القول الرابع: أنه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*، و هو مروي عن الحسن و عكرمة كما ذكر ابن الجوزي (3).

ص: 60


1- انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 5؛ و يجمع بينهما- أيضا- كما نقل الزركشي أن جابرا سمع النبي صلّى اللّه عليه و سلم يذكر قصة بدء الوحي فسمع آخرها و لم يسمع أولها فتوهم أنها أول ما أنزل و ليس الأمر كذلك. البرهان: 1/ 206، و قيل: إن جابرا سئل عن نزول سورة كاملة فبين أن سورة المدثر نزلت بكمالها قبل تمام سورة العلق و قيل غير ذلك. انظر: الإتقان للسيوطي: 1/ 76.
2- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 6 و هذا القول أورده الزمخشري في تفسيره: 4/ 223، و نسبه لأكثر المفسرين، و قال: و ذهب ابن عباس و مجاهد إلى أن أول سورة نزلت اقرأ، و أكثر المفسرين إلى أن أول سورة نزلت فاتحة الكتاب. و قد رد عليه أهل العلم فقال ابن حجر: و الذي ذهب إليه أكثر الأئمة هو الأول، و أما الذي نسبه إلى الأكثر فلم يقل به إلا عدد أقل من القليل بالنسبة إلى من قال بالأول. انظر فتح الباري (سورة اقرأ): 8/ 714- و نقل عن أبي بكر الباقلاني في الانتصار قوله: إن القول بأن الفاتحة أول ما نزل خبر منقطع. انظر الإتقان: 1/ 207.
3- انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 43 و قد نسب السيوطي هذا القول لابن النقيب في مقدمته، و قال: هو قول زائد، ثم قال: و عندي أن هذا لا يعد قولا برأسه فإنه من ضرورة نزول السورة نزول البسملة معها، فهي أول آية نزلت على الإطلاق. و الإتقان: 1/ 80.

و أول سورة نزلت بالمدينة البقرة ثم الأنفال، كذا قال الخازن (1).

المسألة الخامسة: آخر ما نزل من القرآن:

اشارة

و اختلفوا في آخر ما نزل من القرآن على الإطلاق على ستة أقوال، فالمشهور أنها آيات الربا التي في آخر البقرة. و قيل: آية الربا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا [البقرة: 278] و قيل: آخر آية نزلت وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة: 281]. و قيل: آية الدين التي في البقرة. و قيل: آية الكلالة التي في النساء يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ [النساء: 176]. و قيل: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التوبة: 138] إلى آخر السورة. و قيل: سورة النصر.

القول الأول: أنها آية الربا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا [البقرة: 278]، فقد روى البخاري في أفراده من حديث ابن عباس قال: آخر آية أنزلت على النبي صلّى اللّه عليه و سلم آية الربا. (2)

ص: 61


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 11، و قد نقل الحافظ ابن حجر الاتفاق على ذلك. (فتح الباري: 8/ 160، قال السيوطي: في دعوى الاتفاق نظر لقول علي بن الحسن أن العنكبوت أول سورة نزلت بالمدينة. الإتقان: 1/ 81.
2- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب: التفسير، سورة البقرة، باب: وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ: 5/ 164- و انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 6.

القول الثاني: أنها قوله تعالى وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة: 281] و هو مذهب سعيد بن جبير و أبي صالح، فقد روى الضحاك عن ابن عباس قال: آخر آية أنزلت وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ (1).

القول الثالث: أنها آية الدين، و هي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى [البقرة: 282] (2).

القول الرابع: أنها آية الكلالة و هي قوله تعالى: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ [النساء: 176] فقد روى أبو إسحاق عن البراء بن عازب أنه قال: آخر آية أنزلت يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ

ص: 62


1- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 3/ 115 و إسناده صحيح، و انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 6- و ابن جزي: 1/ 6- و انظر: المدخل لدراسة القرآن الكريم لأبي شهبة: 118.
2- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 6 و دليله ما أخرجه أبو عبيد في فضائله عن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا و آية الدين. و أخرجه ابن جريج عن سعيد بن المسيب أنه بلغه أن أحدث القرآن عهدا بالعرش آية الدين. قال السيوطي: مرسل صحيح الإسناد. ثم قال: و لا منافاة عندي بين هذه الروايات في آية الربا، و وَ اتَّقُوا يَوْماً و آية الدين، لأن الظاهر أنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف، و لأنها في قصة واحدة، فأخبر كلّ عن بعض ما نزل بأنه آخر ما نزل، و ذلك صحيح. الإتقان: 1/ 78. و قال أبو شهبة: هذه آخر ما نزل في باب المعاملات، فهي آخرية مقيدة. المدخل لدراسة القرآن الكريم: 120.

[النساء: 176] و آخر سورة أنزلت براءة (1).

القول الخامس: أنها قوله تعالى لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التوبة: 138] إلى آخر السورة، روي عن أبي بن كعب: أن آخر آية نزلت لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التوبة: 138] إلى آخر السورة. (2)

القول السادس: أن آخر سورة أنزلت سورة إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ فقد أخرج مسلم عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- آخر سورة نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ (3).

ص: 63


1- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب: التفسير، سورة النساء، باب: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ 5/ 185- و انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 6- قال السيوطي: أي في شأن الفرائض. الإتقان: 1/ 87.
2- أخرجه الإمام أحمد في المسند: 5/ 117 و في سنده علي بن زيد بن جدعان، قال الهيثمي في المجمع: 7/ 36: و هو ثقة سيئ الحفظ، و بقية رجاله ثقات. و أخرجه ابن مردويه، و ابن جرير في تفسيره: 11/ 78- و البيهقي في الدلائل: 7/ 139- و الحاكم في المستدرك: 2/ 338 و انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 6.
3- صحيح مسلم: كتاب: التفسير: (ح 3024- 4/ 2319) و انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 6- و تفسير ابن جزي: 1/ 6. و أما القول بأن آخر القرآن نزولا هو قوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة: 3] فلم يذكره أحد من العلماء المعتبرين، فلا يعتد به. و انظر: المدخل لدراسة القرآن الكريم لأبي شهبة: 125. و الراجح و اللّه أعلم، هو قوله تعالى وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ، و المرجحات لهذا عديدة كما ذكر ذلك الزرقاني و أبو شهبة و غيرهما، و منها: أ- أنه لم يحظ قول من الأقوال بجملة من الآثار و أقوال أئمة التفسير مثل ما حظي به هذا القول. ب- ما تشير إليه الآية في ثناياها من التذكير باليوم الآخر، و الرجوع إلى اللّه. ج- ما ظفر به من الوقت بين تحديد نزولها، و بين وفاة النبي صلّى اللّه عليه و سلم، و هو ما لم يظفر به قول آخر، فقد نصت رواية ابن أبي حاتم أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم عاش بعد نزولها تسع ليال ثم مات ليلتين خلتا من ربيع الأول. انظر: مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 91- و المدخل لدراسة القرآن الكريم لأبي شهبة: 119.
أواخر مخصوصة:

آخر ما نزل بمكة عن ابن عباس أنها «سورة العنكبوت»، و قال الضحاك و عطاء: آخر سورة هي «المؤمنون». و عن مجاهد: أنها وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ.

و آخر سورة نزلت بالمدينة «المائدة» و قيل: «التوبة» (1).

ص: 64


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 11- و البرهان للزركشي: 1/ 194- و الإتقان للسيوطي: 1/ 32 و 1/ 80.

الموضوع الثاني جمع القرآن و ترتيبه

اشارة

عرض لهذا الموضوع في مقدمة تفسيره عبد الرزاق الصنعاني (1)، و ابن جرير الطبري (2) و ابن عطية (3)، و القرطبي (4)، و الخازن (5)، و ابن جزي (6).

و هذا الموضوع يحتوي على قسمين رئيسين:

الأول: جمع القرآن.

و الثاني: ترتيب القرآن.

القسم الأول: جمع القرآن،

اشارة

و قد تفاوت المفسرون الذين سبق ذكرهم في عرضه و أوجز ذلك في ثلاث عشرة مسألة:

المسألة الأولى: الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلّى اللّه عليه و سلم:

ص: 65


1- انظر تفسيره: 1/ 57.
2- انظر تفسيره: 1/ 59.
3- انظر تفسيره: 1/ 47- 50- 54.
4- انظر تفسيره: 1/ 49- 56- 59- 80.
5- انظر تفسيره: 1/ 7- 10.
6- انظر تفسيره: 1/ 6- 7.

أخرج الشيخان عن قتادة عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- قال: جمع القرآن على عهد النبي صلّى اللّه عليه و سلم أربعة، كلّهم من الأنصار: معاذ بن جبل، و أبيّ بن كعب (1)، و زيد بن ثابت، و أبو زيد. قال قتادة: قلت لأنس:

من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. (2)

و في البخاري عنه أنه قال: مات النبي صلّى اللّه عليه و سلم و لم يجمع القرآن غير أربعة:

أبو الدرداء (3)، و معاذ بن جبل، و زيد بن ثابت، و أبو زيد. قال: نحن ورثناه (4)- أي أبا زيد- و في رواية قال: مات أبو زيد و لم يترك عقبا، و كان

ص: 66


1- هو أبي بن كعب بن قيس بن عبيد، من بني النجار، من كتاب الوحي، و أحد من جمع المصحف بأمر عثمان، توفي (21 ه). انظر الاستيعاب لابن عبد البر: 1/ 47- و معرفة القراء الكبار للذهبي: 1/ 28.
2- أخرجه البخاري: كتاب مناقب الأنصار، باب: مناقب زيد بن ثابت: البخاري مع الفتح: 7/ 127- و مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بن كعب و جماعة من الأنصار: 4/ 1914. و انظر تفسير القرطبي: 1/ 56- و الخازن: 1/ 9.
3- هو عويمر بن مالك، و قيل عامر، اشتهر بكنيته، أسلم يوم بدر، و شهد أحدا، قال عنه صلّى اللّه عليه و سلم: نعم الفارس عويمر، توفي (32 ه). انظر: الإصابة لابن حجر: 3/ 45- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 8/ 175.
4- صحيح البخاري: كتاب: فضائل القرآن، باب: القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم: البخاري مع الفتح: 9/ 47.

بدريا. (1) أ ه، و اسم أبي زيد: سعد بن عبيد (2).

فظاهر هذه الآثار أن الذين جمعوا القرآن- بمعنى حفظوه- على عهد النبي صلّى اللّه عليه و سلم هم خمسة نفر، و الأمر بخلاف ذلك كما يقول أبو بكر بن الطيب الباقلاني، فقد ثبت بالطرق المتواترة أن عثمان بن عفان، و علي بن أبي طالب، و تميما الداري، و عبادة بن الصامت (3)، و عبد اللّه بن عمرو بن العاص- رضي اللّه عنهم أجمعين- و غيرهم قد جمعوا القرآن و حفظوه و لهذا يحتمل أن أنسا أراد أن يجمع القرآن و يأخذه تلقينا من فيّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم غير تلك الجماعة، لكون بعضهم أخذ بعض القرآن عن رسول اللّه صلى الله عليه و سلم و بعضه عن غيره صلى اللّه عليه و سلم. (4)ة.

ص: 67


1- صحيح البخاري: كتاب: المغازي، باب: مات أبو زيد: البخاري مع الفتح: 7/ 313- و انظر: تفسير القرطبي: 1/ 56.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 57، و بذلك جزم الطبراني، كما في الفتح لابن حجر: 7/ 128، و قد اختلف في اسمه، و الراجح أنه قيس بن السكن بن زعوراء. انظر: الإصابة لابن حجر: 3/ 250- و 4/ 78- و فتح الباري له: 7/ 128 و 314.
3- هو عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم الأنصاري، شهد العقبة الأولى و الثانية و بدرا و المشاهد كلها، كان يعلم الناس القرآن، توفي (34 ه). انظر: الإصابة لابن حجر: 2/ 268- و أسد الغابة لابن الأثير: 3/ 160.
4- انظر: نكت الانتصار لنقل القرآن للباقلاني: 67- 70- و فيه غير هذا الاحتمال- و الطبقات الكبرى لابن سعد: 2/ 235- و تفسير القرطبي: 1/ 57- قال ابن حجر في الفتح: 9/ 47: و ذكر العلماء لذلك عدة أوجه. ثم ذكر منها ثمانية.

كما أفاد القرطبي- يرحمه اللّه- أن الروايات تضافرت بأن الخلفاء الأربعة جمعوا القرآن على عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم لأجل سبقهم إلى الإسلام، و إعظام الرسول صلى اللّه عليه و سلم لهم. (1)

و قد أخرج مسلم و الترمذي من حديث عبد اللّه بن عمرو أنه قال:

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، و أبيّ بن كعب، و معاذ بن جبل، و سالم مولى أبي حذيفة. و قال: حديث حسن صحيح. (2) و في رواية مسلم: خذوا القرآن من أربعة: من ابن أمّ عبد- فبدأ به- ... الحديث (3).

فابن مسعود و سالم هما أيضا ممن جمعا القرآن في حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (4).

ص: 68


1- تفسير القرطبي: 1/ 57.
2- سنن الترمذي: كتاب: المناقب، باب: مناقب عبد اللّه بن مسعود: 5/ 674.
3- صحيح مسلم: كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عبد اللّه بن مسعود و أمه: 4/ 1913- و انظر تفسير القرطبي: 1/ 58.
4- قلت: و الذي يظهر أن المقصود من الروايات ليس الحصر، فقد ثبت أن عددا كبيرا من الصحابة حفظوا القرآن زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم، ففي وقعة بئر معونة التي كانت في السنة الرابعة للهجرة قتل من القراء على ما أخرجه البخاري في صحيحه سبعون قارئا. صحيح البخاري كتاب: المغازي، باب: غزوة الرجيع و رعل و ذكوان و بئر معونة: البخاري مع الفتح: 7/ 385.و يقول أبو شامة: و قد أشبع القاضي أبو بكر محمد بن الطيب في الانتصار الكلام على حملة القرآن في حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أقام أدلة كثيرة على أنهم كانوا أضعاف هذه العدة المذكورة، و أن العادة تحيل خلاف ذلك، و يشهد لذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة ... إلى أن قال: و قد قال عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما-: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اقرأه في شهر ...؛ الحديث. و عبد اللّه غير مذكور في هذه العدة، فدل على أنها ليست للحصر، و ما كان من ألفاظ للحصر فله تأويل، و من تأويلاته: أنه لم يجمعه على جميع وجوهه، و الأحرف و القراءات التي نزل بها، و أخبر الرسول صلى اللّه عليه و سلم أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط، و منها أنه لم يجمع ما نسخ منه و أزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه و بقي فرض حفظه و تلاوته إلا تلك الجماعة، ..... إلى أن قال: قال المازري: و كيف يعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة، و كيف تتصور الإحاطة بهذا و أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم متفرقون في البلاد؟!. ثم قال: و إن لم يكمل القرآن سوى أربعة، فقد حفظ جميع أجزائه مئون لا يحصون، و ما من شرط كونه متواترا أن يحفظ الكلّ الكلّ، بل الشي ء الكثير إذا روى كلّ جزء منه خلق كثير علم ضرورة، و حصل متواترا. المرشد الوجيز لأبي شامة: 38- 40.
المسألة الثانية: حول جمع ابن مسعود للقرآن:

لقد اختلف في جمع ابن مسعود- رضي اللّه عنه- للقرآن كاملا في حياة النبي صلى اللّه عليه و سلم،، فذهب جماعة و منهم أبو بكر ابن الطيب الباقلاني، و ابن الأنباري، أن عثمان أتم الحفظ بعد وفاته صلى اللّه عليه و سلم، فقد روى ابن الأنباري في كتابه «الرد على من خالف مصحف عثمان» عن أبي إسحاق قال: قال عبد اللّه بن مسعود: قرأت من فيّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اثنتين و سبعين سورة- أو ثلاثا و سبعين سورة- و قرأت عليه من البقرة إلى قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ

ص: 69

يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222]، قال أبو إسحاق:

و تعلّم عبد اللّه بقية القرآن من مجمّع (1) بن جارية الأنصاري. (2)

و ذكر عن أبي إسحاق أنه قال: سألت الأسود (3): ما كان عبد اللّه يصنع بسورة الأعراف؟ فقال: ما كان يعلمها حتى قدم الكوفة؛ قال: و قد قال بعض أهل العلم: مات عبد اللّه بن مسعود قبل أن يتعلم المعوّذتين، فلهذه العلة لم توجدا في مصحفه. (4)

ص: 70


1- هو مجمع بن جارية بن عامر بن مجمع الأنصاري، أحد من جمع القرآن عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، توفي في خلافة عثمان. انظر: الإصابة لابن حجر: 3/ 366- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 10/ 47.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 58 و أخرجه البخاري بلفظ: و اللّه لقد أخذت من في رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بضعا و سبعين سورة ... البخاري مع الفتح: 9/ 46.
3- هو الأسود بن هلال المحاربي الكوفي، له إدراك، روى عن ابن مسعود و غيره، وثقه النسائي و غيره، قيل توفي (84 ه). انظر تهذيب الكمال للمزي: 3/ 231- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 1/ 342.
4- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 58. قلت: و قوله: «مات و لم يتعلم المعوذتين» مخالف للحقيقة، فالمشهور أن ابن مسعود لم يكتبهما في مصحفه، لا أنه لم يتعلمهما، إذ كيف يقال ذلك، و ابن مسعود يقول فيما أخرجه مسلم و غيره: و الذي لا إله غيره ما في كتاب اللّه سورة إلا و أنا أعلم حيث نزلت، و ما من آية إلا و أعلم فيما نزلت، و لو أعلم أحدا هو أعلم بكتاب اللّه مني تبلغه الإبل لركبت إليه. صحيح مسلم: 4/ 1913.

و عن محمد بن كعب القرظي قال: كان ممن ختم القرآن و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حيّ عثمان بن عفان، و علي بن أبي طالب، و عبد اللّه بن مسعود. قال ابن الأنباري: حديث ليس بصحيح عند أهل العلم، و إنما هو مقصور على محمد بن كعب فهو مقطوع لا يؤخذ به، و لا يعوّل عليه. (1)

فالشائع المعروف عند أهل الرواية و النقل أن عبد اللّه بن مسعود تعلم بقية القرآن بعد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و قد قال بعض الأئمة: مات عبد اللّه بن مسعود قبل أن يختم القرآن. قال يزيد بن هارون (2): المعوذتان بمنزلة البقرة و آل عمران من زعم أنهما ليستا من القرآن، فهو كافر باللّه العظيم. فقيل له: فقول عبد اللّه بن مسعود؟! فقال: لا خلاف بين المسلمين في أن عبد اللّه بن مسعود مات و هو لا يحفظ القرآن كله.

قال القرطبي: في هذا نظر. (3)

ص: 71


1- و عقب القرطبي على هذا و قال: و قوله صلى اللّه عليه و سلم: خذوا القرآن من أربعة، من ابن أم عبد .... الحديث يدل على صحته. تفسير القرطبي: 1/ 58 أي صحة ما يتعلق بابن مسعود.
2- هو يزيد بن هارون بن زاذان السلمي، كان رأسا في العلم و العمل، ثقة حجة، كبير الشأن، قيل: كان أحفظ من وكيع، توفي (206 ه) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 9/ 358- و تاريخ بغداد للخطيب: 14/ 337.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 35.

و ذهب فريق آخر و منهم القرطبي إلى كونه رضي اللّه عنه، جمع القرآن و أتم حفظه في حياة النبي صلى اللّه عليه و سلم، فعن كميل (1) قال: قال عمر بن الخطاب:

كنت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و معه أبو بكر و من شاء اللّه، فمررنا بعبد اللّه بن مسعود و هو يصلي، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من هذا الذي يقرأ القرآن؟

فقيل له: هذا عبد اللّه بن أمّ عبد؛ فقال: إن عبد اللّه يقرأ غضا كما أنزل. (2)

و روى وكيع و جماعة معه عن الأعمش عن أبي ظبيان قال: قال لي عبد اللّه بن عباس: أي القراءتين تقرأ؟ قلت: القراءة الأولى، قراءة ابن أمّ عبد؛ فقال: بل هي القراءة الآخرة، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عرضه جبريل عليه مرتين، فحضر ذلك عبد اللّه فعلم ما نسخ من ذلك و ما بدّل (3).م.

ص: 72


1- هو كميل بن زياد بن نهيك الصّبهاني، كان شريفا مطاعا في قومه، تابعي ثقة، قتله الحجاج سنة (82 ه). انظر: طبقات ابن سعد: 6/ 179- و تهذيب الكمال للمزي: 24/ 218.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 57- و سيرد تخريج الحديث إن شاء اللّه. قال بعض العلماء: معنى قوله: «غضا كما أنزل» أي: أنه كان يقرأ الحرف الأول الذي أنزل عليه القرآن دون الحروف السبعة التي رخّص لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في قراءته عليها بعد معارضة جبريل عليه السلام القرآن إياه في كل رمضان، تفسير القرطبي: 1/ 57.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 57- و أخرجه الإمام أحمد في المسند: (ح 3422- 5/ 141) قال أحمد شاكر: إسناده صحيح. و قد روى ابن سعد بإسناده عن القاسم بن عبد مرة حتى إذا كان العام الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم نزل جبريل فأقرأه القرآن مرتين؛ قال عبد اللّه: فقرأت القرآن من فيّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذلك العام .... الحديث الطبقات الكبرى لابن سعد: 2/ 195. و هذا صريح و حاسم في حفظ ابن مسعود للقرآن كله، و اللّه أعلم.

و يدل عليه ما سبق قبل قليل عن عبد اللّه بن عمرو، قال القرطبي بعد أن سرد جملة من الأقوال في تأييد مذهبه: هذه الأخبار تدل على أن عبد اللّه جمع القرآن في حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلاف ما تقدم. (1)

قال الخطابي: و مما يبين ذلك أن أصحاب القراءات من أهل الحجاز و الشام و العراق كل منهم عزا قراءته التي اختارها إلى رجل من الصحابة قرأها على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لم يستثن من جملة القرآن شيئا، فأسند عاصم (2) قراءته إلى علي و ابن مسعود، و أسند ابن كثير قراءته إلى أبيّ، و كذلك أبو عمرو بن العلاء (3) أسند قراءته إلى أبيّ، و أما عبد اللّه بن عامر (4) فإنه أسند

ص: 73


1- تفسير القرطبي: 1/ 57- 58.
2- هو عاصم بن بهدلة بن أبي النّجود الأسدي، أحد القراء السبعة، و شيخ القراء بالكوفة، توفي (127 ه). انظر: غاية النهاية لابن الجزري: 1/ 346- و معرفة القراء الكبار للذهبي: 1/ 88.
3- هو أبو عمرو زبان بن العلاء المازني البصري، ثقة و أحد القراء السبعة، توفي (154 ه). انظر غاية النهاية لابن الجزري: 1/ 288- و معرفة القراء الكبار للذهبي: 1/ 100.
4- هو عبد اللّه بن عامر بن يزيد اليحصبي، إمام مقرئ من أهل الشام، و أحد القراء السبعة، قيل: عرض على عثمان نفسه، توفي (118 ه). انظر: غاية النهاية لابن الجزري: 1/ 423- و معرفة القراء الكبار للذهبي: 1/ 82.

قراءته إلى عثمان، و هؤلاء كلهم يقولون: قرأنا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أسانيد هذه القراءات متصلة، و رجالها ثقات. (1)

المسألة الثالثة: المراحل التي مرّ بها جمع القرآن الكريم:
اشارة

إن جمع القرآن الكريم بمعنى كتابته مر في الصدر الأول بثلاث مراحل:

المرحلة الأولى:

جمع النبي صلى اللّه عليه و سلم بإشارة من جبريل عليه السلام:

نزل القرآن الكريم على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مفرقا في نحو ثلاث و عشرين سنة، فكان كلما نزل عليه شي ء منه قرأه صلى اللّه عليه و سلم على أصحابه- رضي اللّه عنهم- ليحفظوه في صدورهم، و أمر كتّاب الوحي بكتابته و تسجيله بين يديه، محددا لهم موضع الآية أو الآيات و مكانها في السورة، فحفظ في الصدور و السطور معا، و كان المكتوب مفرقا في الصحف و الجريد و الظّرر و اللخاف و الخزف و الكرانيف و العسب (2) و غير ذلك، و لم يجمع في

ص: 74


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 58.
2- الجريد: السّعف، واحدها: جريدة. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير «جرد»: 1/ 256. قال الأصمعي: اللّخاف: حجارة بيض رقاق، واحدتها لخفة. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير «لخف»: 4/ 244- و انظر: تفسير القرطبي: 1/ 49- و قال الخازن في تفسيره: 1/ 8: قال بعض الرواة: اللخاف يعني الخزف. و الظّرر: حجر له حدّ كحد السكين، و الجمع ظرار؛ مثل رطب و رطاب، و ربع و رباع، و ظرّان أيضا مثل صرد و صردان. انظر: تفسير القرطبي: 1/ 49- و النهاية في غريب الحديث لابن الأثير «ظرر»: 3/ 156. الكرانيف: أصل السّعفة الغليظة، واحدها: كرنف. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير «كرنف»: 4/ 168. العسب: أي جريدة النخل، و هي السعفة مما لا ينبت عليه الخوص. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: «عسب»: 3/ 234- و فتح الباري لابن حجر: 9/ 14.

مصحف واحد روى ابن جرير بسنده عن سفيان بن عيينة عن الزهري قال: قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لم يكن القرآن جمع و إنما كان في الكرانيف و العسب. (1)

يقول الخازن: و إنما ترك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جمعه في مصحف واحد لأن النسخ كان يرد على بعضه، و يرفع الشي ء بعد الشي ء من التلاوة، كما كان ينسخ بعض أحكامه فلم يجمع في مصحف واحد، ثم إنه لو رفع بعض تلاوته أدى ذلك إلى اختلاف و اختلاط أمر الدين، فحفظ اللّه كتابه في القلوب إلى انقضاء زمن النسخ ثم وفق لجمعه الخلفاء الراشدين- رضيظ.

ص: 75


1- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 63 قال أحمد شاكر: ذكر ابن حجر في الفتح: 9/ 9 رواية سفيان عن الزهري عن عبيد عن زيد بن ثابت، و أتمها في ص 11 باختلاف في اللفظ.

اللّه عنهم (1)-.

المرحلة الثانية:

جمع أبي بكر بإشارة من عمر- رضي اللّه عنهما- (2):

أخرج ابن جرير بسنده عن خارجة بن زيد (3) بن ثابت عن أبيه زيد، قال: لمّا قتل أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم باليمامة (4) دخل عمر بن الخطاب

ص: 76


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 10 و قيل: إنه لم يجمع في مصحف واحد زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم لأن القرآن لم ينزل مرة واحدة بل نزل منجما في مدى عشرين سنة أو أكثر، و قيل: لأنه لم توجد دواعي لكتابته و جمعه في مصحف أو مصاحف مثل تلك الدواعي التي وجدت فيما بعد، و لهذا يقول الزرقاني في المناهل: 1/ 240: إن القرآن لو جمع في مصحف أو مصاحف لكان عرضة لتغيير الصحف و المصاحف كلما وقع نسخ، أو حدث سبب مع أن الظروف لا تساعد و أدوات الكتابة ليست متوفرة، و التعويل كان على الحفظ قبل كل شي ء.
2- وضع أبو بكر رضي اللّه عنه طريقة دقيقة محكمة، و نظاما عظيما انتهجه للجمع، فقد اعتمد على أمرين: الأول: ما كتب بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. و الثاني: ما كان محفوظا في صدور الرجال، و لهذا وردت في بعض الروايات أن زيدا ما كان يقبل المكتوب إلا و معه شاهدان عدلان يشهدان أنه كتب بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الأدلة على ذلك متواترة. انظر: مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 245.
3- هو خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، ثقة توفي (99 ه). انظر: التاريخ الكبير للبخاري: 3/ 204- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 3/ 74.
4- و كان ذلك في السنة الثانية عشرة من الهجرة، بقيادة خالد بن الوليد، لقتال مسيلمة الكذاب. قال القرطبي: و قد قيل قتل من القراء في ذلك اليوم سبعمائة. تفسير القرطبي: 1/ 50.

على أبي بكر- رحمه اللّه- فقال: إن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم باليمامة تهافتوا تهافت الفراش في النار، و إني لأخشى أن لا يشهدوا موطنا إلا فعلوا ذلك حتى يقتلوا- و هم حملة القرآن- فيضيع القرآن و ينسى، فلو جمعته و كتبته! فنفر منها أبو بكر و قال: أفعل ما لم يفعله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم! فتراجعا في ذلك.

ثم أرسل أبو بكر إلى زيد بن ثابت، قال زيد: فدخلت عليه و عمر محزئلّ (1) فقال أبو بكر: إن هذا قد دعاني إلى أمر فأبيت عليه، و أنت كاتب الوحي، فإن تكن معه اتبعكما، و إن توافقني لا أفعل. قال: فاقتص أبو بكر قول عمر، و عمر ساكت، فنفرت من ذلك و قلت: نفعل ما لم يفعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم! إلى أن قال عمر كلمته: «و ما عليكما لو فعلتما ذلك؟» قال:

فذهبنا ننظر، فقلنا: لا شي ء و اللّه! و ما علينا في ذلك شي ء!

قال زيد: فأمرني أبو بكر، فكتبته في قطع الأدم و كسر الأكتاف و العسب. (2)

و روى عبد الرزاق بسنده أن زيد بن ثابت- رضي اللّه عنه-ه.

ص: 77


1- احزألّ الرجل: اجتمع و تحفّز و رفع صدره كالمتهيئ لأمر، فهو محزئل: منضم بعضه إلى بعض، جالس جلسة المستوفز. لسان العرب «حزل»: 1/ 625.
2- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 59. و لم أجده بلفظه عند غيره.

قال: أرسل إليّ أبو بكر الصديق مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر- رضي اللّه عنه-: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقراء القرآن، و إني أخشى إن استحرّ القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، و إني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟! قال عمر: هذا و اللّه خير.

فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح اللّه صدري لذلك، و رأيت في ذلك الذي رأى عمر.

قال زيد: قال أبو بكر: «إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، و قد كنت تكتب الوحي لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فتتبع القرآن فاجمعه». فو اللّه لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟! قال: هو و اللّه خير.

فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح اللّه صدري للذي شرح له صدر أبي بكر و عمر- رضي اللّه عنهما- فتتبعت القرآن أجمعه من العسب و اللّخاف و صدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه اللّه، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة

ص: 78

بنت عمر. (1)

و في رواية البخاري: وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري (2).

و قال الليث (3): حدثني عبد الرحمن بن غالب عن ابن شهاب و قال:

ص: 79


1- أخرجه عبد الرزاق في تفسيره: 1/ 57- و ابن أبي داود في المصاحف: 14- و أورده القرطبي في تفسيره: 1/ 50- و الخازن في تفسيره: 1/ 7 و عزاه للبخاري، و هو في البخاري، كتاب: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن. البخاري مع الفتح: 9/ 11. قال الخازن: 1/ 8: قوله: «بعث إليّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة» أي: لأوان قتلهم، و أراد به الواقعة التي كانت باليمامة في زمن أبي بكر الصديق- رضي اللّه عنه- و هي وقعة الردة مع أصحاب الردة فقتل فيها خلق كثير من قراء القرآن. قال: و اليمامة مدينة باليمن على يومين من الطائف و على أربعة أيام من مكة، و لها عمائر، و هي مقدار أرض نجد. ا ه. قلت: و هذا و هم من المصنف، فاليمامة من أرض نجد، و هي اليوم تعتبر من غرب مدينة الرياض و تتبع إمارتها. و انظر: معجم البلدان لياقوت: 5/ 441. و قوله «استحر القتل» أي: كثر، و ينسب المكروه إلى الحر، و المحبوب إلى البرد. و «شرح الصدر»: سعته و قبوله للخير. تفسير الخازن: 1/ 9.
2- أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن. البخاري مع الفتح: 9/ 11.
3- هو الليث بن أبي سليم بن زنيم القرشي، صدوق عابد صالح في نفسه، اختلط أخيرا و لم يتميز حديثه فترك، توفي (138 ه). انظر المجروحين: 2/ 231- و التقريب لابن حجر: 2/ 138.

مع أبي خزيمة الأنصاري. (1)

قال أبو ثابت: حدثنا إبراهيم (2) و قال: مع خزيمة أو أبي خزيمة فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [التوبة: 129] (3).

و قال الترمذي في حديثه: فوجدت آخر سورة براءة مع خزيمة بن ثابت لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ [التوبة: 128] و قال: حديث حسن صحيح. (4)

ص: 80


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 50.
2- هو إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع بن يزيد الأنصاري، ضعيف، قال ابن معين: ليس بشي ء. استشهد به البخاري و قال: كثير الوهم. انظر تهذيب الكمال للمزي: 2/ 45- و فتح الباري لابن حجر: 9/ 12.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 50.
4- ذكره القرطبي في تفسيره: 1/ 51 و هو عند الترمذي، كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة التوبة: 5/ 283. و عن تردد أبي بكر و زيد عن المبادرة إلى رأي عمر يقول ابن بطال: إنما نفر أبو بكر أولا ثم زيد ثانيا لأنهما لم يجدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فعله فكرها أن يحلّا أنفسهما محل من يزيد احتياطه للدين على احتياط الرسول صلى اللّه عليه و سلم، فلما نبههما عمر على فائدة ذلك، و أنه خشية أن يتغير الحال في المستقبل إذا لم يجمع القرآن فيصير إلى حالة الخفاء بعد الشهرة رجعا إليه. ا ه و مثل ذلك قال الباقلاني في نكت الانتصار: 318. و قال ابن حجر: و ليس ذلك من الزيادة على احتياط الرسول صلى اللّه عليه و سلم بل هو مستمد من القواعد التي مهدها الرسول صلى اللّه عليه و سلم. فتح الباري: 9/ 13.

و في رواية البخاري قال ابن شهاب: و أخبرني خارجة بن زيد أنه سمع زيد بن ثابت يقول: فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسخت المصحف قد كنت أسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [الأحزاب: 23] فألحقناها في سورتها. (1)

و أبو خزيمة الذي وجد عنده آخر التوبة هو غير خزيمة بن ثابت (2) الذي وجد عنده آية الأحزاب، قال الخازن: هو أبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم بن ثعلبة بن عمر بن مالك بن النجار الأنصاري، شهد بدرا و ما بعدها، و توفي في خلافة عثمان و هو الذي وجدت عنده آخر سورة التوبة، قال: كذا ذكره ابن عبد البر. (3) و هو الذي عرفه أنس بقوله: نحن ورثناه. (4)

و في رواية الطبري أن آية التوبة سقطت في جمع عثمان. قال: ابن عطية:

ص: 81


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 8- و فتح الباري: 9/ 11.
2- هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الأوسي. انظر ترجمته في الإصابة لابن حجر: 1/ 425.
3- انظر: تفسير الخازن: 1/ 9- و الاستيعاب لابن عبد البر: 4/ 50 بهامش الإصابة.
4- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 56.

و الأول أصح. (1) يعني أنه في جمع أبي بكر. قال: و هو الذي حكاه البخاري إلا أنه قال فيه: مع أبي خزيمة الأنصاري.

و بقيت الصحف التي جمعها زيد بأمر أبي بكر عند أبي بكر ثم عند عمر بن الخطاب من بعده، ثم عند حفصة بنته في خلافة عثمان، و انتشرت في خلال ذلك صحف في الآفاق كتبت عن الصحابة، كمصحف ابن مسعود و ما كتب عن الصحابة بالشام، و مصحف أبيّ، و غير ذلك و كان في ذلك اختلاف حسب السبعة الأحرف التي أنزل القرآن عليها. (2)

المرحلة الثالثة:

جمع عثمان بإشارة من حذيفة- رضي اللّه عنهما (3):

بقيت الصحف التي جمعت من قبل زيد في مأمن عن المخاطر عند حفصة أم المؤمنين- رضي اللّه عنها- إلى خلافة عثمان- رضي اللّه عنه- كما بقيت المصاحف الخاصة بالصحابة في جوزتهم حسب ترتيبهم و حسب حرفهم، و انتشرت في البلدان و الآفاق معهم، كمصحف ابن

ص: 82


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 60- و تفسير ابن عطية: 1/ 51- و تفسير القرطبي: 1/ 51.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 51.
3- يرى بعض أهل العلم أن جمع عثمان انصبّ على ترتيب السور. انظر المستدرك للحاكم: 2/ 229 و هو أمر مخالف للسبب الذي دفع عثمان للجمع، فقد ذكرت الروايات و اتفقت على أن السبب كان الخلاف في القراءة الذي حدث في عدة وقائع، و قد تعاظم الأمر حتى خيفت الفتنة، فالقصد و الغاية هي جمع الناس على قراءة واحدة، و إن كان روعي فيه الترتيب. و انظر: فتح الباري لابن حجر: 9/ 21.

مسعود و ما كتب عن الصحابة في الشام، و كمصحف أبيّ و غيرها.

و إذا كان أبو بكر قد أمر بجمع المصحف خشية ذهاب شي ء منه بموت القرّاء الذين تهافتوا على القتال، فإن ما حدث في عهد عثمان لا يقلّ شأوا بأية حال عن ذلك، إنه الاختلاف في القراءة، الذي ظهر بوضوح بين المسلمين، في مواطن كثيرة، إلى أن كفر بعضهم بقراءة بعض، و كان الخلاف حسب السبعة الأحرف الذي أنزل عليها القرآن. (1)

و قد جاءت روايات عدة تدل على الرغبة في جمع الناس على مصحف واحد، و برسم واحد، و إنهاء الخلاف قبل استفحال أمره، يقول ابن عطية: فتجرد عثمان- رضي اللّه عنه- للأمر و استناب الكفاة العلماء الفصحاء في أن يكتبوا القرآن و يجعلوا ما اختلفت القراءة فيه على أشهر الروايات عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و أفصح اللغات (2)، و من ذلك:

ما رواه ابن جرير بسنده عن أبي قلابة، قال: لما كان في خلافة عثمان، جعل المعلّم يعلّم قراءة الرجل، و المعلّم يعلّم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين- قال أيوب: فلا أعلمه إلا قال-: حتى كفر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك عثمان بن

ص: 83


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 51- و بمثل ذلك قال ابن التين و غيره. انظر الإتقان: 1/ 188.
2- انظر: تفسير ابن عطية 1/ 47.

عفان، فقام خطيبا فقال: أنتم عندي تختلفون فيه و تلحنون، فمن نأى عني من أهل الأمصار أشد اختلافا و أشد لحنا. اجتمعوا يا أصحاب محمد، فاكتبوا للناس إماما.

قال أبو قلابة: فحدثني أنس بن مالك قال: كنت فيمن يملي عليهم، قال: فربما اختلفوا في الآية فيذكرون الرجل قد تلقاها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و لعله أن يكون غائبا أو في بعض البوادي فيكتبون ما قبلها و ما بعدها، و يدعون موضعها، حتى يجي ء أو يرسل إليه. فلما فرغ من المصحف، كتب عثمان إلى أهل الأمصار: إني قد صنعت كذا و كذا، و محوت ما عندي، فامحوا ما عندكم. (1)

و روى سويد بن غفلة (2) عن علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- أن عثمان قال: ما ترون في المصاحف؟ فإن الناس قد اختلفوا في القراءة حتى إن الرجل ليقول: قراءتي خير من قراءتك، و قراءتي أفضل من قراءتك، و هذا شبيه بالكفر. قلنا: ما الرأي عندك يا أمير المؤمنين؟

قال: الرأي عندي أن يجتمع الناس على قراءة، فإنكم إذا اختلفتم اليوم كان

ص: 84


1- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 61، و ابن أبي داود في المصاحف: 28- و ابن أشتة. انظر الإتقان للسيوطي: 1/ 187.
2- هو سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر الجعفي، أدرك الجاهلية، و قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، ثقة معمر، توفي (80 ه)، انظر: تهذيب الكمال للمزي: 12/ 265- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 4/ 278.

من بعدكم أشد اختلافا؛ قلنا: الرأي رأيك يا أمير المؤمنين؛ فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها إليه، فأمر زيد بن ثابت، و عبد اللّه بن الزبير، و سعيد بن العاص، و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف.

و قال عثمان للرهط القرشيين: إذا اختلفتم أنتم و زيد في شي ء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل القرآن بلسانهم. ففعلوا حتى نسخوا الصحف في المصاحف، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، و أرسل إلى كلّ أفق بمصحف مما نسخوا، و أمر بما سوى ذلك من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. (1)

قال القرطبي: و كان هذا من عثمان رضي اللّه عنه بعد أن جمع المهاجرين و الأنصار و جلة أهل الإسلام، و شاورهم في ذلك، فاتفقوا على جمعه بما صحّ و ثبت في القراءات المشهورة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و إطراح ما سواها، و استصوبوا رأيه، و كان رأيا سديدا موفقا، رحمة اللّه عليه و عليهم أجمعين. (2)

و أخرج البخاري عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- أن حذيفة ابن اليمان قدم على عثمان، و كان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية

ص: 85


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 52.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 52.

و أذربيجان (1) مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود و النصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها إليه، فأمر زيد بن ثابت و عبد اللّه بن الزبير، و سعيد بن العاص، و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها .... الأثر. (2)

قال ابن شهاب: و أخبرني خارجة بن زيد أنه سمع زيد بن ثابت يقول: فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسخت المصحف قد كنت أسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فألحقناها فيه.

ص: 86


1- إرمينية: بكسر الهمزة و تخفيف الياء، سميت بأرمين بن لطان بن لومن بن يافث بن نوح، و هو أول من نزلها سميت باسمه، و هي اليوم بيد طائفة الأرمن. انظر: تفسير الخازن: 1/ 9- و معجم البلدان لياقوت: 1/ 159. و أذربيجان: بفتح الهمزة و سكون الذال، و موضع في بلاد العجم من مدائنها تبريز، و هي اليوم دولة مستقلة، انفصلت عن ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي. انظر: تفسير الخازن: 1/ 9- و معجم البلدان لياقوت: 1/ 128.
2- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن: 9/ 11، و أخرجه ابن جرير بنحوه في تفسيره: 1/ 62- و ابن أبي داود في المصاحف: 25- و أورده ابن عطية في تفسيره: 1/ 47- و الخازن في تفسيره: 1/ 8. قلت: فكان هذا تأييدا لتوجس عثمان من وقوع الاختلاف بين البعيدين عنه.

سورتها في المصحف. (1)

و في رواية أخرى قال ابن شهاب: اختلفوا يومئذ في التابوت، فقال زيد: (التابوة) و قال عبد اللّه بن الزبير و سعيد بن العاص: (التابوت). فرفع اختلافهم إلى عثمان فقال: اكتبوه (التابوت) فإنه بلسان قريش. (2)

و في رواية أخرى عند ابن جرير أن حذيفة بن اليمان قدم من غزوة كان غزاها بمرج إرمينية فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان بن عفان فقال: يا أمير المؤمنين أدرك الناس! فقال عثمان: و ما ذاك؟ قال: غزوت مرج إرمينية فحضرها أهل العراق و أهل الشام، فإذا أهل الشام يقرءون بقراءة أبيّ بن كعب، فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، فتكفرهم أهل العراق، و إذا أهل العراق يقرءون بقراءة ابن مسعود، فيأتون بما لم يسمع به أهل الشام فتكفرهم أهل الشام. قال زيد: فأمرني عثمان بن عفان أن أكتب له مصحفا، و قال: إني مدخل معك رجلا لبيبا فصيحا، فما اجتمعتما عليه فاكتباه، و ما اختلفتما فيه فارفعاه إليّ. فجعل معه أبان بن سعيد بن العاص.

قال: فلما بلغنا إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ [البقرة: 248] قال زيد:

فقلت: (التابوة)، و قال أبان بن سعيد: (التابوت)، فرفعنا ذلك إلى عثمان فكتب: (التابوت).

ص: 87


1- صحيح البخاري مع الفتح: كتاب: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن: 9/ 11.
2- هذه من رواية الترمذي: كتاب: تفسير القرآن، باب: و من سورة التوبة: 5/ 284.

قال: فلما فرغت عرضته عرضة، فلم أجد فيه هذه الآية: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23] قال: فاستعرضت المهاجرين أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم، حتى وجدتها عند خزيمة بن ثابت، فكتبتها.

ثم عرضته عرضة أخرى، فلم أجد فيه هاتين الآيتين: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [التوبة 128- 129] فاستعرضت المهاجرين فلم أجدها عند أحد منهم، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها فلم أجدها عند أحد منهم، حتى وجدتها مع رجل آخر يدعى أيضا خزيمة، فأثبتها في آخر براءة، و لو تمت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة (1).

ثم عرضته عرضة أخرى، فلم أجد فيه شيئا، ثم أرسل عثمان إلى حفصة يسألها أن تعطيه الصحيفة، و حلف لها ليردنّها إليها فأعطته إياها،).

ص: 88


1- قوله: «و لو تمت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة» توحي بأن الصحابة تصرفوا حسب اجتهادهم، و أن تحديد و تعيين السور باجتهاد منهم، و أنه غير توقيفي، و هو خلاف الصحيح الثابت عند أهل العلم. و انظر: مصاعد النظر للبقاعي: 1/ 433 حاشية (4).

فعرض المصحف عليها، فلم يختلفا في شي ء، فردها إليها و طابت نفسه، و أمر الناس أن يكتبوا مصاحف، فلما ماتت حفصة، أرسل إلى عبد اللّه بن عمرو في الصحيفة بعزمة، فأعطاهم إياها، فغلست غسلا.

و ذكر من طريق آخر بنحوه سواء. (1)م.

ص: 89


1- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 60. و قد علق الأستاذ أحمد شاكر على هذين الأثرين فقال: قال ابن حجر في فتح الباري: 9/ 9- 19، و ذكر رواية الطبري مفرقة في شرح الباب في أول «باب جمع القرآن» في شرح حديث جمع القرآن الذي رواه البخاري من طريق ابن شهاب عن عبيد بن السبّاق عن زيد بن ثابت: «هذا هو الصحيح عن الزهري، أن قصة زيد بن ثابت مع أبي بكر و عمر، عن عبيد بن السبّاق عن زيد بن ثابت، و قصة حذيفة مع عثمان عن أنس بن مالك، و قصة فقد زيد بن ثابت الآية من سورة الأحزاب في رواية عبيد بن السبّاق عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه، و قد رواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن الزهري، فأدرج قصة آية سورة الأحزاب في رواية عبيد بن السبّاق»، ثم قال عن هذا الخبر الذي رواه الطبري: «و أغرب عمارة بن غزية فرواه عن الزهري فقال: عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه، و ساق القصص الثلاثة بطولها: قصة زيد مع أبي بكر و عمر، ثم قصة حذيفة مع عثمان أيضا، ثم قصة فقد زيد بن ثابت الآية من سورة الأحزاب. أخرجه الطبري، و بين الخطيب في (المدرج)، أن ذلك و هم منه، و أنه أدرج بعض الأسانيد على بعض». و قال العيني في شرحه عمدة القارئ: 16/ 198: وقع في رواية عبد الرحمن بن مهدي عن إبراهيم بن سعد مع «خزيمة بن ثابت»، أخرجه أحمد و الترمذي. و رواية من قال: مع أبي خزيمة. أصح. قال: و الذي وجد معه آخر سورة التوبة أبو خزيمة، بالكنية، و الذي وجد معه الآية من الأحزاب خزيمة، و اسم أبي خزيمة لا يعرف، و هو مشهور بكنيته، و هو ابن يزيد ابن أصرم.
المسألة الرابعة: أن عثمان بن عفان

- رضي اللّه عنه- جعل الصحف التي عند حفصة إماما في هذا الجمع الأخير، و أنه قرن بزيد بن ثابت فيما رواه البخاري و الترمذي و غيرهما ثلاثة من قريش: سعيد بن العاص، و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، و عبد اللّه بن الزبير.

و في رواية الطبري أنه قرن بزيد أبان بن سعيد بن العاص وحده.

و قد رجح العلماء القول الأول، و ضعّفوا الآخر. (1)

و قال القرطبي: و ما ذكره البخاري و الترمذي أصح. (2)

المسألة الخامسة: وجه جمع عثمان الناس على مصحف،

و قد سبقه إلى ذلك أبو بكر و فرغ منه.

يقول القرطبي: إن عثمان- رضي اللّه عنه- لم يقصد بما صنع جمع الناس على تأليف المصحف، أ لا ترى كيف أرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك.

ص: 90


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 52.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 52.

و إنما فعل ذلك عثمان لأن الناس اختلفوا في القراءة بسبب تفرق الصحابة في البلدان، و اشتد الأمر في ذلك و عظم اختلافهم و تشبثهم، و وقع بين أهل الشام و العراق ما ذكره حذيفة- رضي اللّه عنه-. (1)

المسألة السادسة: عدد المصاحف التي أمر عثمان بنسخها:

ذكر ابن عطية أن عثمان بن عفان نسخ من المصحف نسخا و وجه بها إلى الآفاق، و أمر بما سواها من المصاحف أن تحرق أو تخرق- تروى بالحاء غير المنقوطة، و تروى بالخاء على معنى ثم تدفن- و رواية الحاء غير المنقوطة أحسن. (2)

قال القرطبي: و قال غيره- أي غير ابن عطية-: قيل: سبعة (3).

و قيل: أربعة. و هو الأكثر (4)، فوجّه للعراق و الشام و مصر بأمهات (5)،

ص: 91


1- تفسير القرطبي: 1/ 51 و قال الحافظ ابن حجر في الفتح: 9/ 21: و جمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القرآن حين قرءوا بلغاتهم على اتساع اللغات.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 52- و تفسير القرطبي: 1/ 54- و انظر المصاحف لابن أبي داود: 43-.
3- و هو قول أبي حاتم السجستاني. المصاحف لابن أبي داود: 34، و انظر الزيادة و الإحسان في علوم القرآن: 2/ 519 بتحقيقي. و أشار مكي في الإبانة إلى قول السجستاني، و قال: و رواته أكثر. الإبانة: 49.
4- و هو قول أبي عمرو. انظر: المقنع: 9، قال: و هو الذي عليه الأئمة. و قال ابن حجر و العيني و السيوطي: المشهور أنها خمسة. انظر: فتح الباري: 9/ 20- و عمدة القاري: 16/ 199- و الإتقان: 1/ 189.
5- و بقي الرابع في المدينة، و من قال: إنها سبعة، قال: و أرسل إلى مكة، و إلى الشام، و إلى اليمن و إلى البحرين، و إلى البصرة، و إلى الكوفة، و حبس بالمدينة واحدا. و انظر فتح الباري لابن حجر: 9/ 20- و عمدة القاري للعيني: 16/ 199.

فاتخذها قراء الأمصار معتمدا اختياراتهم، لم يخالف أحد منهم مصحفه على النحو الذي بلغه. (1)

المسألة السابعة: الآيات المفقودة في الجمعين:

ورد في رواية الطبري أن زيد بن ثابت فقد آية الأحزاب مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23] و وجدها مع خزيمة بن ثابت، و أنه فقد في نفس الجمع آية التوبة لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [التوبة 128- 129] و أنه وجدها مع رجل آخر يدعى خزيمة أيضا.

و في رواية البخاري: عن زيد بن ثابت قال: لما نسخت الصحف فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقرؤها، لم أجدها إلا مع خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول اللّه شهادته بشهادة رجلين مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ (2).

ص: 92


1- تفسير القرطبي: 1/ 54.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 51 و الرواية في البخاري، كتاب: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن: 9/ 11.

و عند الترمذي: فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقرؤها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت، أو أبي خزيمة فألحقتها في سورتها. (1)

و يظهر من الأدلة أن الآية الأولى- آية التوبة- فقدت في الجمع الأول، و هو جمع أبي بكر، قال ابن عطية: و هو أصح. (2)

و في جمع عثمان فقدت الآية التي في الأحزاب.

و أبو خزيمة الذي وجدت معه آية التوبة، هو غير خزيمة بن ثابت الذي وجدت معه آية الأحزاب، فهذا هو المعروف بذي الشهادتين (3)، شهد

ص: 93


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 51.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 51- و تفسير القرطبي: 1/ 51- و عمدة القاري للعيني: 16/ 200.
3- سمي بذي الشهادتين لكونه شهد بتصديق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ذلك حين ابتاع صلى اللّه عليه و سلم فرسا من أعرابي، و قبل أن يقبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الأعرابي ثمن الفرس ساومه آخرون، فأنكر الأعرابي أن الرسول صلى الله عليه و سلم قد ابتاعه منه، و طلب الشهود، فشهد خزيمة بتصديق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. و خزيمة لم يشهد البيع، فجعل صلى اللّه عليه و سلم شهادته بشهادة رجلين. أخرجه أبو داود في سننه: كتاب: الأقضية، باب: إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز أن يحكم به: 3/ 308- قال ابن القيم: كان فرضا على كل من سمع هذه القصة أن يشهد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد بايع الأعرابي، و ذلك من لوازم الإيمان، و الشهادة بتصديقه صلى اللّه عليه و سلم و هذا مستقر عند كل مسلم، و لكن خزيمة تفطن لدخول هذه القضية المعينة تحت عموم الشهادة لصدقه في كل ما يخبر به، فلا فرق بين ما يخبر به عن اللّه، و بين ما يخبر به عن غيره في صدقه في هذا و هذا، و لا يتم الإيمان إلا بتصديقه في هذا و هذا، فلما تفطن خزيمة دون من حضر لذلك، استحق أن تجعل شهادته بشهادتين. أعلام الموقعين لابن القيم: 2/ 138.

بدرا و ما بعدها، و قتل يوم صفين مع علي- رضي اللّه عنه-. (1)

المسألة الثامنة: حول إثبات النص القرآني:

إن قول زيد- رضي اللّه عنه-: «فقدت آية من سورة الأحزاب ...

إلى قوله: فوجدتها مع خزيمة»، و قوله: «فلم أجد فيه هاتين الآيتين: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ يوحي بإثبات النص القرآني بقول الواحد، و هو ما ينعق به بعض المبتدعة و الملحدين، و يطعنون به في القرآن العظيم، و قد تصدى لهم أهل العلم، و بينوا زيف مقولتهم، و من أوجه الرد عليهم:

أن خزيمة- رضي اللّه عنه- لما جاء بهما تذكرهما كثير من الصحابة، و قد كان زيد يعرفهما، و لذلك قال: فقدت آيتين من آخر سورة التوبة و لو لم يعرفهما لم يدر هل فقد شيئا أو لا، فالآية إنما ثبتت بالإجماع لا بخزيمة وحده.

و من ذلك: أنها ثبتت بشهادة خزيمة وحده لقيام الدليل على صحتها

ص: 94


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 9.

في صفة النبي صلى اللّه عليه و سلم، فهي قرينة تغني عن طلب شاهد آخر بخلاف آية الأحزاب فإن تلك ثبتت بشهادة زيد و أبي خزيمة لسماعهما إياها من النبي صلى اللّه عليه و سلم. (1)

و من ذلك: أن زيدا صرح بأنه كان يسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقرأ بها- آية الأحزاب- فهو قد سمعها و علم موضعها من السورة بتعليم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و هو إنما تتبع الرجال للاستظهار لا لاستحداث علم. و اللّه أعلم. (2)

المسألة التاسعة: في التأييد الذي لقيه عثمان- رضي اللّه عنه- لحرقه المصاحف:

حين نسخ عثمان المصاحف، و أرسل بها إلى النواحي، أمر ما سواها أن تحرق أو تخرق سعيا منه إلى جمع الناس على مصحف واحد، و قد وافقه الصحابة على فعله فكان إجماعا.

ذكر أبو بكر الأنباري في كتاب (الرد) عن سويد بن غفلة (3)، قال:

سمعت علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه يقول: يا معشر الناس اتقوا

ص: 95


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 57.
2- انظر: تفسير الخازن: 1/ 9.
3- قال ابن حجر في التقريب 1/ 341: غفلة، بفتح المعجمة و الفاء، مخضرم من كبار التابعين توفي سنة (80 ه).

اللّه! و إياكم و الغلو في عثمان، و قولكم: حرّاق المصاحف، فو اللّه ما حرقها إلا على ملأ من أصحاب محمد صلى اللّه عليه و سلم. (1)

و عن عمير بن سعيد (2) قال: قال علي بن أبي طالب: لو كنت الوالي وقت عثمان لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان. (3)

و عن قتادة قال: قال ابن مسعود: من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب رسول اللّه، فإنهم كانوا أبرّ هذه الأمة قلوبا، و أعمقها علما، و أقلها تكلفا، و أقومها هديا، و أحسنها حالا، اختارهم اللّه لصحبة نبيه صلى اللّه عليه و سلم، و إقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، اتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم. (4)ة.

ص: 96


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 54- و الرواية في المقنع: 18- و انظر: نكت الانتصار لنقل القرآن للباقلاني: 359- و مصاعد النظر للبقاعي: 1/ 437.
2- هو عمير بن سعيد النخعي الصهباني، ثقة، روى عن علي و أبي موسى و ابن مسعود و غيرهم، توفي سنة (107 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 443- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 8/ 146.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 54- و المصاحف لابن أبي داود: 30- و نكت الانتصار لنقل القرآن للباقلاني: 359- و فضائل القرآن لأبي عبيد: 194 ط غاوجي و المرشد الوجيز لأبي شامة: 53.
4- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 59. و المصاحف لابن أبي داود: 1/ 59- و هكذا صار فعل-- عثمان- رضي اللّه عنه- سنة متبعة في التخلص من المصاحف التالفة.
المسألة العاشرة: في حرق المصاحف ردّ على القائلين بقدم الحروف و الأصوات:

قول علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- في الحديث: «و أمر- أي عثمان- بما سوى ذلك من القرآن أن يحرق» و قول عثمان: «إني قد صنعت كذا و كذا و محوت ما عندي فامحوا ما عندكم» فيه ردّ على الحلولية و الحشوية القائلين بقدم الحروف و الأصوات، و أن القراءة و التلاوة قديمة، و أن الإيمان و الروح قديم (1) كما أن في فعل عثمان- رضي اللّه عنه- و إقرار الصحابة له بيان لكيفية التخلص من تالف أوراق المصاحف و كتب العلم.

المسألة الحادية عشرة: في اختيار زيد بن ثابت- رضي اللّه عنه- دون غيره من القراء للجمع:

نصت الروايات السابقة أن أبا بكر و عمر و عثمان- رضي اللّه عنهم- كلّفوا زيد بن ثابت لجمع القرآن، مع وجود غيره من الحفاظ الجامعين و السابقين إلى الإسلام، كابن مسعود و أبيّ بن كعب، و من هم في

ص: 97


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 55 و قد بسط الحديث و ردّ على القائلين بقدم الحروف و الأصوات. قال ابن حجر في الفتح: 9/ 21: استدل بتحريق عثمان الصحف على القائلين بقدم الحروف و الأصوات؛ لأنه لا يلزم من كون كلام اللّه قديما أن تكون الأسطر المكتوبة في الورق قديمة، و لو كانت هي عين كلام اللّه لم يستجز الصحابة إحراقها، و اللّه أعلم.

منزلة أعظم من منزلة زيد بن ثابت، الأمر الذي جعل بعض من وجد في نفسه أنه أحق من زيد للقيام بهذا العمل الجليل، و نيل هذا الشرف العظيم، أن يكره لزيد ذلك، و أن لا ينقاد لأمر الخليفة عثمان، باعتماد المصحف الإمام، و حرق ما سواه.

فقد ورد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: «أقرأ أمتي أبيّ بن كعب.» (1) «و قال: من سرّه أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد» (2).

و لمكانة ابن مسعود- رضي اللّه عنه- عند أهل العراق خاصة، و لما

ص: 98


1- أخرجه البخاري في صحيحه بلفظ: «أقرأنا أبي»، كتاب: التفسير، باب: قوله: ما ننسخ من آية، البخاري مع الفتح: 8/ 167- و الترمذي في السنن، كتاب: المناقب، باب: مناقب معاذ و زيد ...: 5/ 665 بلفظ: و أقرؤهم لكتاب اللّه أبي، و قال: حديث حسن صحيح. و ابن ماجة في سننه، المقدمة: 1/ 55.
2- أخرجه الإمام أحمد في المسند من رواية عمر: 1/ 7- 26- 38- 445- و ابن ماجة في سننه: 1/ 49- و قال الهيثمي في المجمع: 9/ 287: رواه أحمد و الطبراني و فيه عاصم بن أبي النجود و هو على ضعفه حسن الحديث، و بقية رجال أحمد رجال الصحيح، و رجال الطبراني رجال الصحيح غير فرات بن محبوب و هو ثقة ... و قال الحافظ العراقي: أخرجه أحمد و النسائي في الكبرى من حديث عمر، و الترمذي و ابن ماجة من حديث ابن مسعود، و قال الترمذي: حسن صحيح. تخريج الأحياء: 1/ 280 و قد روى هذا الحديث من عدة طرق، و من عدد من الصحابة، انظر في ذلك مجمع الزوائد: 10/ 287- 288.

رأى من أولويته للقيام بهذا الأمر، أشار على أهل العراق برفض هذا العمل، و الاحتفاظ بالمصاحف التي في أيديهم.

قال ابن شهاب في الحديث الذي أخرجه الترمذي: أخبرني عبيد اللّه بن عبد اللّه أن عبد اللّه ابن مسعود كره لزيد بن ثابت نسخ المصاحف، و قال: يا معشر المسلمين أعزل عن نسخ المصاحف و يتولاه رجل، و اللّه لقد أسلمت و إنه لفي صلب رجل كافر- يريد زيد بن ثابت- و لذلك قال: يا أهل العراق، اكتموا المصاحف التي عندكم، و غلّوها فإن اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ [آل عمران: 161] فالقوا اللّه بالمصاحف. (1)

و يعلل أبو بكر الأنباري هذا العمل من ابن مسعود رضي اللّه عنه، و ما بدا منه من نكير بأن ذلك كان نتيجة الغضب، و هو أمر لا يؤخذ به، بدليل أنه رضي اللّه عنه حين زال الغضب عرف حسن اختيار عثمان و من و معه من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و بقي على موافقتهم، و ترك الخلاف معهم. (2)

ص: 99


1- أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح، كتاب: التفسير، باب: و من سورة التوبة: 5/ 285 و قال: هذا حديث حسن صحيح- أخرجه ابن أبي داود في المصاحف: 17- و أبو عبيد في الفضائل: 155 ط غاوجي- و أورده الذهبي في السير: 1/ 487- و انظر: تفسير القرطبي: 1/ 54- و فتح الباري لابن حجر: 9/ 17.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 53- و نكت الانتصار لنقل القرآن للباقلاني: 364.

و قد جاء اختيار زيد بن ثابت نتيجة حفظه للقرآن بمحضر من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و لكونه من ألزم الناس كتابة للوحي عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثم لما كان يتمتع به من الشباب و النشاط، و هي الخصال التي ذكرتها الرواية الواردة في جمع أبي بكر السابقة، فكونه شابا يكون أنشط لما يطلب منه، و كونه عاقلا يكون أوعى له، و كونه لا يتّهم تركن النفس إليه، و كونه كان يكتب الوحي يكون أكثر ممارسة، و هي الصفات التي أهّلته لجمعه زمن عثمان (1)، و لهذا يقول ابن الأنباري: لم يكن الاختيار لزيد من أبي بكر و عمر و عثمان على عبد اللّه بن مسعود في جمع القرآن، و عبد اللّه أفضل من زيد، و أقدم في الإسلام، و أكثر سوابق، و أعظم فضائل إلا لأن زيد أحفظ للقرآن من عبد اللّه، إذ وعاه كله و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حيّ، و الذي حفظ منه عبد اللّه نيف و سبعون سورة، ثم تعلم الباقي بعد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فالذي ختم القرآن و حفظه و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حي أولى بجمع المصحف. (2)

ثم إن الموضوع يتعلق بالكتابة و زيد هو كاتب النبي صلى اللّه عليه و سلم و إذا أطلق الكاتب انصرف إليه.م.

ص: 100


1- انظر: رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية لغانم قدوري: 104.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 53 و المقنع للداني: 121- و قد سبق الخلاف في حفظ ابن مسعود القرآن كاملا زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم.

و الحق أن ما أوكل إلى زيد بن ثابت شرف عظيم، غير أنه ليس مقياسا للخيرية، كما أنه ليس طعنا في الذين لم يوكل إليهم العمل، و لا أدل على ذلك من تقديم زيد على أبي بكر و عمر رضي اللّه عنهما، لكونه أحفظ منهما و ليس هو خير منهما و لا مساويا لهما في الفضائل و المناقب، و لهذا فتقديم زيد على ابن مسعود لم يكن طعنا فيه و لا انتقاصا منه. (1)

المسألة الثانية عشرة: حول ما ورد من كون علي- رضي اللّه عنه- هو أول من جمع القرآن:

ذهب ابن جزي من بين المفسرين إلى كون علي- رضي اللّه عنه- هو أول من جمع القرآن بعد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. (2)

ص: 101


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 53- و نكت الانتصار لنقل القرآن للباقلاني: 367- و قد قيل: قدّم زيد لكونه شهد العرضة الأخيرة. و قيل: إنما أوكل العمل إلى زيد و هو بالمدينة، و عبد اللّه يومها بالكوفة، فلم يؤخر عثمان رضي اللّه عنه ذلك إلى أن يرسل إلى ابن مسعود و يحضره. و قيل غير ذلك. انظر: فتح الباري لابن حجر: 9/ 19- و المستدرك للحاكم: 2/ 229- و جوامع السيرة لابن حزم: 26.
2- و معتمده في ذلك ما رواه ابن أبي داود في المصاحف بسنده عن أشعث عن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي صلى اللّه عليه و سلم أقسم علي أن لا يرتدي برداء إلى لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف، ففعل. فأرسل إليه أبو بكر بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ قال: لا إلا أني أقسمت ألا أرتدي برداء إلا لجمعة. فبايعه ثم رجع. المصاحف لابن أبي داود: 10 قال: لم يذكر (المصحف) إلا أشعث و هو لين الحديث، و إنما رووا: حتى أجمع القرآن؛ بمعنى أتمّ حفظه، فإنه يقال للذي يحفظ القرآن أنه جمع القرآن. ا ه. قال ابن عقيلة المكي: و الحمل على جمعه في الصدر ينافيه ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصاحف عن ابن سيرين و فيه: أنه كتب في مصحفه الناسخ و المنسوخ ...» الزيادة و الإحسان: 2/ 586. ثم أخرج عن عبد بن خير عن علي بسند حسن أنه قال: أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر- رحمة اللّه على أبي بكر- هو أول من جمع كتاب اللّه. المصاحف: 5. و لضعف الرواية الأولى لم يذكرها المفسرون في مقدماتهم، كما ضعّفها ابن حجر لانقطاعها، و رجح رواية عبد بن خير هذه لأنها أصح. فتح الباري: 9/ 12 و أخرجها ابن الضريس في فضائله: 36 و أوردها ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق في ترجمة الإمام علي: 28 و في الزيادة و الإحسان لابن عقيلة المكي: 2/ 586: عن جمع علي أنه جمع خاص له و لأهل العلم مثله، و هو أنه جمع القرآن و ضم إليه تفسير آياته، و الناسخ و المنسوخ منها فصار نفعه خاصا بأهل العلم، بخلاف جمع سيدنا أبي بكر بأنه أول ما جمعه جمعا عاما يتداوله كل أحد. و يقول الزرقاني عن رواية جمع علي السابقة: «فقصاراها أن تثبت أن عليا أو بعض الصحابة كان قد كتب القرآن في مصحف، لكنها لا تعطي هذا المصحف تلك الصفة الإجماعية، و لا تخلع عليه تلك المزايا التي للمصحف المجموع في عهد أبي بكر، بل هي مصاحف فردية. مناهل العرفان: 1/ 254.

و يقول: كان القرآن على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم متفرقا في الصحف و في صدور الرجال، فلما توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قعد علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- في بيته فجمعه على ترتيب نزوله، و لو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير و لكنه لا يوجد. (1)

ص: 102


1- تفسير ابن جزي: 1/ 6.
المسألة الثالثة عشرة: حكم مخالفة مصحف عثمان بالزيادة و النقصان:

أجمعت الأمة الإسلامية أن القرآن اسم لكلام اللّه الذي جاء به محمد بن عبد اللّه صلى اللّه عليه و سلم معجزة خالدة له، و أنه محفوظ في الصدور، مقروء باللسان، مكتوب في المصاحف، معلومة سوره و آياته، مبرّأة من الزيادة و النقصان حروفه و كلماته، و من ادّعى زيادة عليه أو نقصانا منه فقد أبطل الإجماع، و ردّ ما جاء به الرسول صلى اللّه عليه و سلم من القرآن المنزّل، و ردّ قوله تعالى قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء: 88]، و أبطل آية رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الدالّة على صدقه، لأنّه إذ ذاك يصير القرآن مقدورا عليه، فلا يكون حجة و لا آية. (1)

و قد زعم بعض من زاغ عن الملة، و خرج عن إجماع المسلمين متبعا هواه حتى ضلّ به عن سواء السبيل، فادّعى أن مصحف عثمان لم يشتمل على جميع القرآن، كما ادّعى أن فيه زيادة في مواضع، و إسقاطا في مواطن، و أنه اشتمل على تصحيف حروف مفسدة مغيّرة، و أن عثمان أخطأ و لم يصب في إسناد الجمع إلى زيد بن ثابت، و غير ذلك مما أجاز به لنفسه مخالفة مصحف عثمان، و القراءة بما يراه، مدعيا أن من الصحابة من قرأ بما يخالف

ص: 103


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 80.

به مصحف عثمان ... إلى غير ذلك مما أوحاه إليه شياطين الإنس و الجن.

و قد انبرى له و لأمثاله ثلة من أهل العلم، فتصدوا لافتراءاتهم، و بينوا زيف مقولاتهم الفاسدة، حتى انجلى الحق و بان، كابن الأنباري و الباقلاني و غيرهما من أئمة الإسلام، حيث أوضحوا حكم الشرع فيهم، و أنزلوهم منزلة من يدعي أن الصلوات المفروضة هي خمسون صلاة، و أن تزويج تسع من النساء حلال، و غير ذلك مما لم يثبت في الدين، و يحكم على معتقده بالكفر المبين، و قد نقل القرطبي بعض مقولات هذا الزائغ، فكان مما قال:

- أن المصحف الذي جمعه عثمان- رضي اللّه عنه- لا يشتمل على جميع القرآن، إذ كان قد أسقط منه خمسمائة حرف، و ذكر أن من القرآن (و العصر و نوائب الدهر) فادّعى أن جماعة المسلمين أسقطوا «و نوائب الدهر» (1). و ذكر أن منه (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها و ازينت و ظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس، و ما كان اللّه ليهلكها إلا بذنوب أهلها) فادّعى أنه سقط على أهل الإسلام من القرآن (و ما كان اللّه ليهلكها إلا بذنوب أهلها) و ذكر غير ذلك.

قال أبو بكر الأنباري: و ذكر هذا الإنسان أن أبيّ بن كعب هو الذي قرأ (كأن لم تغن بالأمس و ما كان اللّه ليهلكها إلا بذنوب أهلها) و ذلك

ص: 104


1- هي قراءة شاذة. انظر: مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه: 179.

باطل، و لأن عبد اللّه بن كثير قرأ على مجاهد، و مجاهد قرأ على ابن عباس، و ابن عباس قرأ القرآن على أبيّ بن كعب حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ، و في رواية: و قرأ أبيّ القرآن على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.

و هذا الإسناد متّصل بالرسول عليه السلام، نقله أهل العدالة و الصّيانة، و إذا صحّ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أمر لم يؤخذ بحديث يخالفه.

و قال يحيى بن المبارك اليزيدي: قرأت القرآن على أبي عمرو بن العلاء، و قرأ أبو عمرو على مجاهد، و قرأ مجاهد على ابن عباس، و قرأ ابن عباس على أبيّ بن كعب، و قرأ أبيّ على النبي صلى اللّه عليه و سلم، و ليس فيها (و ما كان اللّه ليهلكها إلا بذنوب أهلها) قال: فمن جحد أن هذه الزيادة أنزلها اللّه تعالى على نبيه عليه السلام فليس بكافر و لا آثم (1).

- كما ادّعى أن عثمان و الصحابة- رضي اللّه عنهم- زادوا في القرآن ما ليس فيه، فقرأ في صلاة الفرض و الناس يسمعون: (اللّه الواحد الصمد) فأسقط قُلْ هُوَ و غيّر لفظ أَحَدٌ، مدّعيا أن ما قرأ به هو الصواب (2).

ص: 105


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 83.
2- قال أهل التفسير: نزلت الآية جوابا لأهل الشرك، لما قالوا لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: صف لنا ربّك. أ من ذهب أم من نحاس أم من صفر؟ فقال عز و جل ردا عليهم: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ففي هُوَ دلالة على موضع الردّ و مكان الجواب، فإذا أسقط بطل معنى الآية. تفسير القرطبي: 1/ 58- و في القراءة انظر: مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه: 182.

- و ذكر دليلا لافترائه بأن مصحف عثمان اشتمل على حروف مفسدة مغيّرة قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة: 118]، و ادّعى أن الحكمة و العزة لا يشاكلان المغفرة، و أن الصواب: «و إن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم» (1). و أدخل في آية من القرآن ما لا يضاهي فصاحة رسول اللّه و لا يدخل في لسان قومه و ادعى أنه من القرآن، و غير ذلك مما لا يعرف في نحو المعربين، و لا يحمل على مذاهب النحويين (2).

- و ذكر هذا القائل أن له أن يخالف مصحف عثمان كما خالفه أبو عمرو بن العلاء، فقرأ «إنّ هذين» «فأصدق و أكون» «و بشر عبادي الذين» بفتح الياء و غير ذلك.

و كما خالف ابن كثير و نافع و حمزة و الكسائي مصحف عثمان فقرءوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ [يونس: 103] بإثبات نونين، يفتح الثانية بعضهم و يسكنها بعضهم. و كما قرأ حمزة (ألا إنّ ثمودا كفروا ربّهم) بغير تنوين و إثبات الألف يوجب التنوين، و هو مما شنّع به على القرّاء، إلى غير ذلك من الادعاءات و الافتراءات التي افترى بها على كتاب اللّه الذي

ص: 106


1- يقول العلامة صديق خان: قال ذلك على وجه التسليم لأمر اللّه و الانقياد له، و لهذا عدل عن الغفور الرحيم إلى العزيز الحكيم، و قيل: قاله على وجه الاستعطاف كما يستعطف السيد بعبده. فتح البيان: 3/ 123.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 82.

لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: 42].

قال أبو عبيد: ما يروى من الحروف التي تخالف المصحف الذي عليه الإجماع من الحروف التي يعرف أسانيدها الخاصة دون العامة فيما نقلوا فيه عن أبي و عن ابن عباس و ما حكوه عن عمر بن الخطاب، لم ينقلها أهل العلم على أن الصلاة بها تحل، و لا أنها معارض بها مصحف عثمان؛ لأنها حروف لو جحدها جاحد أنها من القرآن لم يكن كافرا؛ و القرآن الذي جمعه عثمان بموافقة الصحابة له لو أنكر بعضه منكر كان كافرا، حكمه حكم المرتد يستتاب؛ فإن تاب و إلا ضربت عنقه. علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير ج 2 107 المسألة الثالثة عشرة: حكم مخالفة مصحف عثمان بالزيادة و النقصان: ..... ص : 103

قال أبو بكر الباقلاني: و في قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: 9] دلالة على كفر هذا الإنسان؛ لأن اللّه عزّ و جلّ قد حفظ القرآن من التغيير و التبديل، و الزيادة و النقصان (1).

قال: و فيه إبطال الإجماع الذي به يحرس الإسلام، و بثباته تقام الصلوات، و تؤدى الزكوات و تتحرى المتعبّدات.

و في قوله تعالى: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ [هود: 1] دلالة على بدعة هذا الإنسان، و خروجه إلى الكفر؛ لأن معنى أُحْكِمَتْ آياتُهُ منع الخلق من القدرة على أن يزيدوا فيها، أو ينقصوا منها، أو يعارضوها بمثلها.

ص: 107


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 84.

و هذا الإنسان قد زاد فيها، و أسقط منها، و الإسقاط نفي له و كفر به، و من كفر بحرف من القرآن فقد كفر به كله و أبطل معنى الآية (1).

و قد ضرب الأئمة أمثلة تؤكد فساد مقولة هذا المدعي و نحلته، و تبين زيف دعاويهم، كأن يقال لهم: أخبرونا عن القرآن الذي نقرؤه و لا نعرف نحن و لا من كان قبلنا من أسلافنا سواه؛ هل هو مشتمل على جميع القرآن من أوله إلى آخره، صحيح الألفاظ و المعاني، عار عن الفساد و الخلل؟ أم هو واقع على بعض القرآن، و البعض الآخر غائب عنا كما غاب عن أسلافنا و المتقدمين من أهل ملتنا؟

فإن أجابوا بأن القرآن الذي معناه مشتمل على جميع القرآن لم يسقط منه شي ء، صحيح الألفاظ و المعاني، سليمها من كل زلل و خلل؛ فقد قضوا على أنفسهم بالكفر حين زادوا فيه «فليس له اليوم هاهنا حميم، و ليس له شراب إلا من غسلين، من عين تجري من تحت الجحيم» فأي زيادة في القرآن أوضح من هذه، و كيف تخلط في القرآن و قد حرسه اللّه منها و منع كل مفتر و مبطل من أن يلحق بها مثلها، و إذا تؤمّلت و بحث عن معناها وجدت فاسدة غير صحيحة، لا تشاكل كلام الباري تعالى و لا تخلط به، و لا توافق معناه، و ذلك أن بعدها لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ [الحاقة: 37] فكيف يؤكل الشراب، و الذي أتى به قبلها: «فليس له اليوم هاهنا حميم،ق.

ص: 108


1- المصدر السابق.

و ليس له شراب إلا من غسلين من عين تجري من تحت الجحيم لا يأكله إلا الخاطئون». فهذا متناقض يفسد بعضه بعضا، لأن الشراب لا يؤكل، و لا تقول العرب: أكلت الماء. لكنهم يقولون: شربته، و ذقته، و طعمته؛ و معناه فيما أنزل اللّه تبارك و تعالى على الصحة في القرآن الذي من خالف حرفا منه كفر. وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لا يأكل الغسلين إلا الخاطئون، أو لا يأكل الطعام إلا الخاطئون. الغسلين: ما يخرج من أجوافهم من الشحم و ما يتعلق به من الصّديد و غيره؛ فهذا طعام يؤكل عند البلية و النقمة، و الشراب محال أن يؤكل.

فإن ادّعى هذا الإنسان أن هذا الباطل الذي زاده من قوله «من عين تجري من تحت الجحيم» ليس بعدها لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ، و نفى هذه الآية من القرآن لتصحّ له زيادته، فقد كفر لما جحد آية من القرآن.

و أما ما ورد عن بعض الصحابة و التابعين- رضي اللّه عنهم- أنهم قرءوا بكذا و كذا فهو على جهة البيان و التفسير، لا أن ذلك قرآن يتلى، و كذلك ما نسخ لفظه و حكمه أو لفظه دون حكمه ليس بقرآن. (1)

القسم الثاني: ترتيب القرآن

اشارة

و فيه ثلاث مسائل و فائدة:

المسألة الأولى: حول ترتيب الآيات:

ص: 109


1- المصدر السابق: 1/ 85.

يقول الخازن: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يلقن أصحابه و يعلمهم ما ينزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف من جبريل عليه السلام إياه على ذلك، و إعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقيب آية كذا في سورة كذا (1).

روى أبو بكر بن العياش (2) بسنده عن ابن عباس قال: آخر ما نزل من القرآن وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ [البقرة: 280] فقال جبريل للنبي عليه السلام: يا محمد ضعها في رأس ثمانين و مائتين من البقرة. (3)

و نقل ابن عطية عن مكي قوله: إن ترتيب الآيات في السور و وضع البسملة في الأوائل هو من النبي صلى اللّه عليه و سلم، و لما لم يأمر بذلك في أول سورة براءة تركت بلا بسملة. قال القرطبي: هذا أصح ما قيل في ذلك. (4)

ص: 110


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 10.
2- هو أبو بكر بن عيّاش بن سالم الأسدي، قيل اسمه شعبة، شيخ الإسلام، فقيه، محدث، مقرئ، وثقه ابن معين و غيره، و توفي سنة (193 ه). انظر سير أعلام النبلاء للذهبي: 8/ 507- و شذرات الذهب لابن العماد: 1/ 334.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 60.
4- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 53- و تفسير القرطبي: 1/ 59. و قد أجمع أهل العلم أن ترتيب الآيات في السور توقيفي، و نقل الإجماع على ذلك الزركشي في البرهان، و أبو جعفر بن الزبير في مناسباته، و عبارته: ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه عليه السلام و أمره، من غير خلاف في هذا بين المسلمين. و قال القاضي أبو بكر الباقلاني: ترتيب الآيات أمر واجب و حكم لازم، فقد كان جبريل يقول: ضعوا آية كذا في موضع كذا. انظر: البرهان في تناسب سور القرآن لابن الزبير: 73 و البرهان للزركشي: 1/ 256، و الإتقان للسيوطي: 1/ 193- و انظر فتح الباري لابن حجر: 9/ 40- و النصوص الدالة على ذلك كثيرة مبسوطة في مظانها، ينظر في المستدرك للحاكم: 2/ 229 و المصاحف لابن أبي داود: 7- و شرح السنة للبغوي: 4/ 91- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 564- 571.

كما حذر أهل العلم الأعراض عن ترتيب المصحف العثماني، و محاولة اتخاذ ترتيب آخر لآياته أو سوره، و في ذلك يقول القرطبي نقلا عن ابن الأنباري: من عمل على ترك الأثر، و الإعراض عن الإجماع، و نظم السور على منازلها بمكة و المدينة، لم يدر أين تقع الفاتحة لاختلاف الناس في موضع نزولها، و يضطر إلى تأخير الآية التي في رأس خمس و ثلاثين و مائتين من البقرة إلى رأس الأربعين، و من أفسد نظم القرآن فقد كفر به، و ردّ على محمد صلى اللّه عليه و سلم ما حكاه عن ربه تعالى. (1)

المسألة الثانية: حول ترتيب النزول:

قال الخازن: كان القرآن ينزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مدة رسالته نجوما عند الحاجة و حدوث ما يحدث، فكان صلى اللّه عليه و سلم يلقنه أصحابه، مبينا لهم موضعه و مكانه من التنزيل، فكانوا يحفظون موضعه كما يحفظون نصه، و كان أول

ص: 111


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 62.

ما نزل بمكة: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ثم ن وَ الْقَلَمِ ثم يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ثم الْمُدَّثِّرُ ثم تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ثم إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ثم سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ثم وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى ثم وَ الْفَجْرِ ثم وَ الضُّحى ثم أَ لَمْ نَشْرَحْ ثم وَ الْعَصْرِ ثم وَ الْعادِياتِ ثم إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ثم أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ثم أَ رَأَيْتَ الَّذِي ثم قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ثم الْفِيلِ ثم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثم و النجم ثم عبس ثم سورة القدر ثم البروج ثم و التّين ثم لإيلاف قريش ثم القارعة ثم القيامة ثم الهمزة ثم المرسلات ثم قاف ثم سورة البلد ثم الطارق ثم اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ثم صاد ثم الأعراف ثم الجنّ ثم يس ثم الفرقان ثم فاطر ثم مريم ثم طه ثم الواقعة ثم الشعراء ثم النمل ثم القصص ثم بني إسرائيل ثم يونس ثم هود ثم يوسف ثم الحجر ثم الأنعام ثم و الصّافّات ثم لقمان ثم سبأ ثم الزمر ثم المؤمن ثم السجدة ثم حم عسق ثم الزخرف ثم الدخان ثم الجاثية ثم نوح ثم إبراهيم ثم الأنبياء ثم المؤمنون ثم تنزيل السّجدة ثم الطّور ثم الملك ثم الحاقة ثم سَأَلَ سائِلٌ ثم عَمَّ يَتَساءَلُونَ ثم النازعات ثم إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ ثم إِذَا السَّماءُ

ص: 112

انْشَقَّتْ ثم الروم ثم العنكبوت (1) و هي ثلاث و ثمانون سورة على ما استقرّت عليه روايات الثقات (2).

و أما ترتيب المدني من السور و هي واحد و ثلاثون سورة، فهي على ترتيب الآتي:

سورة البقرة ثم الأنفال ثم آل عمران ثم الأحزاب ثم الممتحنة ثم النّساء ثم إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ ثم الحديد ثم سورة محمد ثم الرعد ثم الرّحمن ثم هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ ثم الطّلاق ثم لّم يكن ثم الحشر ثم الفلق ثم النّاس ثم إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ ثم النّور ثم الحجّ ثم المنافقون ثم المجادلة ثم الحجرات ثم التحريم ثم الصف ثم الجمعة ثم التغابن ثم الفتح ثم التّوبة ثم المائدة. قال الخازن: و منهم من يقدم المائدة على التوبة، كما اختلف في سور هل هي مكية أو مدينة. (3)، و لا يعني هذا أن السورة بتمامها نزلت قبل التي تليها، بل المراد أن فاتحتها نزلت قبل فاتحة التي تليها.

هذا و ترتيب المصحف الذي بين أيدينا ليس حسب النزول، إذ لو كان

ص: 113


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 10.
2- انظر: تفسير الخازن: 1/ 11- و البرهان للزركشي: 1/ 193.
3- انظر: تفسير تفسير الخازن: 1/ 11.

كذلك لوجب أن ينتقض ترتيب الآيات داخل السورة، فقد صح و ثبت أن الآيات كانت تنزل بالمدينة فتوضع في السورة المكية، كما كان صلى اللّه عليه و سلم يأمر بذلك، و يبين موضعها بإشارة من جبريل، تقول السيدة عائشة- رضي اللّه عنها-: و ما نزلت سورة البقرة و النساء إلا و أنا عنده- تعني بالمدينة- و قد قدمتا في المصحف على ما نزل قبلهما بمكة (1).

المسألة الثالثة: حول ترتيب السور في المصحف العثماني:
اشارة

اختلف السلف في ترتيب السور، فمنهم من كتب في مصحفه السور على تاريخ نزولها، و قدم المكي على المدني، و منهم من جعل في أول مصحفه الحمد، و منهم من جعل في أوله اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ و منهم من فعل غير ذلك، مما أحدث إشكالا لدى الناظر في حكم ترتيب السور في المصحف العثماني، و حصيلة أقوال أهل العلم في ذلك ثلاثة أقوال: ذهب القاضي أبو بكر الباقلاني- كما ذكر ابن عطية- و ابن جزي أنه توفيقي وقع باجتهاد من الصحابة، و ذهب آخرون إلى أنه توقيفي من الشارع و منهم القرطبي و الخازن، و توسط غيرهم فقالوا أكثره توقيفي و أقله توفيقي باجتهاد الصحابة و منهم ابن عطية. و تفصيل ذلك:

الرأي الأول: أنه توقيفي باجتهاد من الصحابة: و قد انتصر لهذا الرأي من المفسرين ابن جزي فقال: ترتيب السور على ما هو الآن من فعل

ص: 114


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 61.

عثمان و زيد بن ثابت و الذين كتبوا معه المصحف، و قد قيل: إنه من فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؛ و ذلك ضعيف ترده الآثار الواردة في ذلك (1).

و هو رأي القاضي أبي بكر الباقلاني الذي قال: و ترتيب السور اليوم هو من تلقاء زيد و من كان معه، مع مشاركة من عثمان- رضي اللّه عنه- كما ذهب إليه مكي- رحمه اللّه- في تفسير سورة براءة. (2) و قد ذكر ابن عطية أن جمع زيد بأمر أبي بكر لم تكن السور فيه مرتبة (3)، و على ذلك جاء ترتيب مصحف عثمان- الذي اتخذ المصحف الذي في حوزة حفصة أم المؤمنين إماما- باجتهاد من زيد و عثمان و من معهم.

الرأي الثاني: أن ترتيب أكثر السور توقيفي من الشارع: و انتصر لهذا الرأي ابن عطية فقال: و ظاهر الآثار أن السبع الطوال و الحواميم و المفصّل كان مرتبا في زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم، و كان في السور ما لم يرتب، فذاك هو الذي رتّب وقت الكتب (4).م.

ص: 115


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 7.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 53- و تفسير القرطبي: 1/ 59.
3- انظر تفسيره: 1/ 51.
4- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 53. و ممن انتصر لهذا الرأي أيضا أبو جعفر بن الزبير الغرناطي، فقال مضيفا لقول ابن عطية: الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية، و يبقى منها- أي من السور- قليل يمكن أن يجري فيه الخلاف. انظر البرهان: 1/ 275. و فيه إشارة إلى الأنفال و براءة و هو ما ذهب إليه البيهقي. و قال السيوطي: و هو ما ينشرح له الصدر: أن ترتيب جميع السور توقيفي إلا براءة و الأنفال. دلائل النبوة: 7/ 152- و الإتقان: 1/ 198 و عن الحافظ ابن حجر: ترتيب بعض السور على بعض أو معظمها لا يمتنع أن يكون توقيفا، و إن كان بعضه جاء من اجتهاد الصحابة. فتح الباري: 9/ 2. و قد استدل من ارتضى هذا الرأي بما أخرجه الحاكم- و غيره- بسنده إلى أبي يزيد الفارسي قال: قال لنا ابن عباس: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال و هي من المثاني و إلى براءة و هي من المئين، فقرنتم بينهما و لم تكتبوا بينهما سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* و وضعتموها في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يأتي عليه الزمان تنزل عليه السور ذوات عدد، فكان إذا أنزل عليه شي ء دعا بعض من كان يكتبه فيقول: ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا و كذا، فكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، و براءة من آخر القرآن، و كانت قصتها شبيهة بقصتها، و قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لم يبين لنا أنها منها فظننا أنها منها، فمن ثم قرنت بينهما و لم أكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*. المستدرك: 2/ 221، و أخرجه البيهقي في الدلائل: 7/ 152. كما استشهدوا بأدلة أخرى ليس هذا مكان بسطها. قلت: قال تعالى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل: 44] و قول عقمان في الأثر «و لم يبين لنا» صريح في تعارضه مع نص الآية و لهذا طعن في الأثر من جهة سنده و متنه، و قد استفاض الدكتور عبد السميع حسنين في التعليق عليه في تحقيقه لكتاب مصاعد النظر للبقاعي: 1/ 443- 448، و خلاصة ما ذكره: أن في إسناده نظرا كبيرا، بل إن الأستاذ المحقق أحمد شاكر ذكر أنه ضعيف جدا بل لا أصل له، و ساق الأدلة الدامغة على ذلك، هذا من جهة السند، أما من جهة المتن فقد ذكر عن أستاذه أحمد محمد يوسف القاسم في كتابه «الإعجاز البياني في ترتيب القرآن الكريم و سوره» قوله: و هذا- أي ضم براءة إلى الأنفال بغير بيان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- غير مسلّم إذ كيف نثبت في المصحف أمرا على مجرد الظن و من عثمان وحده. ثم إن قوله «إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان مما يأتي عليه الزمان ... الخ» يدل في الجملة على التوقيف في القرآن. و قوله «فقبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لم يبين لنا أنها منها» بعيد إذ الأنفال نزلت في السنة الثانية عقب غزوة بدر، و سورة التوبة نزلت في أواخر التاسعة بعد غزوة تبوك، و بعد خروج أبي بكر على رأس المسلمين إلى الحج، فكيف يعقل أن يظل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم زهاء خمسة عشر شهرا و لا يبين للناس أنها منها أو غيرها؟ إنه بذلك يكون قد تأخر عن البيان في وقت الحاجة إليه، بل و ما تقبل البيان، و حاشاه صلى اللّه عليه و سلم أن يفعل ذلك، ثم إن إطلاق الاسم على كل منهما و اختلافه فيهما يعين أن هذه غير تلك، فقد سمى النبي صلى اللّه عليه و سلم كلا منهما. إلى أن قال: ثم إن عثمان- رضي اللّه عنه- يقول: «فظننت أنه منها» و ظنه هذا ليس حجة في أمر القرآن، فإنه و إن لم يقف على ما يفيد القطع في براءة و الأنفال و فعل ما فعل بناء على ظنه إلا أن غيره وقف، و قبل ما فعله و لم يتوقف. ا ه. قلت: النصوص التي جاءت تشهد أن أغلب السور كانت مرتبة بتوقيف النبي صلى اللّه عليه و سلم، و ليس معنى هذا أن السور الأخرى لم تكن مرتبة، أو ليس لها أدلة عند الصحابة الذين رتبوا مصاحفهم، حتى جاءت تلك المصاحف شبيهة في الترتيب إلى حد بعيد. بل قد يكون غاب عن بعضهم ما لم يغب عن الآخرين. و اللّه أعلم.

ص: 116

الرأي الثالث: أن ترتيب السور توقيفي من الشارع: و هو رأي القرطبي و الخازن، صرّحا بذلك في مقدمتيهما.

قال القرطبي: و قال قوم من أهل العلم إن تأليف سور القرآن على ما

ص: 117

هو عليه في مصاحفنا كان عن توقيف من النبي صلى اللّه عليه و سلم (1).

و قال الخازن: أمر- أبو بكر- بجمع المصحف في موضع واحد باتفاق من جميع الصحابة، فكتبوه كما سمعوه من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من غير أن قدموا و أخروا شيئا، أو وضعوا له ترتيبا لم يأخذوه من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ... إلى أن قال: فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه، فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على النحو الذي هو في مصاحفنا الآن. (2)

و قد استدل القائلون بهذا الرأي بعدة أدلة منها:

ما رواه يونس عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: إنما ألّف القرآن على ما كانوا يسمعون من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (3).

و بما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يعرض القرآن على جبريل عليه السلام في كل عام مرة في رمضان، و أنه عرضه العام الذي توفي فيه مرتين (4).

ص: 118


1- تفسير القرطبي: 1/ 60.
2- تفسير الخازن: 1/ 10.
3- انظر: تفسير القرطبي: 10/ 60.
4- انظر: فتح الباري لابن حجر: 9/ 43.

و لا شك أن عرض جبريل للقرآن كان مرتبا سوره و آياته، و لهذا كلّف أبو بكر زيدا بالجمع و هو من شهد العرضة الأخيرة، و قرأ على النبي صلى اللّه عليه و سلم في العام الذي توفي فيه مرتين، فلا شك أنه رتبه على نحو ما سمعه من النبي صلى اللّه عليه و سلم (1).

و بما ذكره ابن وهب في «جامعه» قال: سمعت سليمان بن بلال يقول:

سمعت ربيعة يسأل: لم قدّمت البقرة و آل عمران، و قد نزل قبلهما بضع و ثمانون سورة، و إنما نزلتا بالمدينة؟!

فقال ربيعة: قد قدّمتا و ألّف القرآن على علم ممن ألّفه، و قد اجتمعوا على العلم بذلك، فهذا مما ننتهي إليه و لا نسأل عنه (2).

و قد ذكر ابن الأنباري في كتابه الرد على من خالف مصحف عثمان:

أن اللّه تعالى أنزل القرآن جملة إلى السماء الدنيا، ثم فرّق على النبي صلى اللّه عليه و سلم في عشرين سنة، و كانت السورة تنزل في أمر يحدث، و الآية جوابا لمستخبر يسأل، و يوقف جبريل، رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على موضع السورة و الآية، فاتساق السور كاتساق الآيات و الحروف، فعله عن محمد خاتم النبيين عليه السلام عن رب العالمين.

و قال: فمن أخر سورة مقدمة أو قدم أخرى مؤخرة فهو كمن أفسد

ص: 119


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 10.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 59.

نظم الآيات، و غيّر الحروف و الكلمات، و لا حجة على أهل الحق في تقديم البقرة على الأنعام، و الأنعام نزلت قبل البقرة لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أخذ هذا الترتيب و هو كان يقول: ضعوا هذه السورة موضع كذا و كذا من القرآن (1).

و أما ما روي من اختلاف في ترتيب مصاحف ثلة من الصحابة، فإنما كان قبل العرض الأخير، و أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رتّب لهم تأليف السور بعد أن لم يكن فعل ذلك (2).

ص: 120


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 59.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 60. قلت: و الذي يظهر لي بعد استعراض الأدلة أن الراجح هو القول بأن ترتيب السور تمّ بتوقيف من الرسول صلى اللّه عليه و سلم. و أن ما فعله زيد حين الجمع كان لعلمه بترتيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يوم عرض القرآن عليه، فهو مرتب من قبل اللّه تعالى، و من قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم على الوجه الذي نقل. و إضافة إلى ما ذكر من الأدلة يقول صاحب المباني، ردا على القائلين بأن الترتيب كان باجتهاد الصحابة: فأي عقل يوجب تأخير سورة اقرأ إلى أخريات الكتاب و هو من أوله نزولا، و تقديم قوله وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ إلى أول الكتاب و هو من آخره نزولا؟! و كيف كان يوجب تأخير السور المكية و هي من أوائلها نزولا، و تقديم السور المدنية و هي من أواخرها نزولا؟! فعلمت بهذا أن هذا الأمر لا يهتدي إليه بعقل دون أن يكون له توقيف من سمع. مقدمتان في علوم القرآن: 61. و قال الكرماني: ترتيب السور هكذا هو من عند اللّه تعالى في اللوح المحفوظ. انظر: البرهان في متشابه تنزيل القرآن: 23. و قال ابن الحصار: ترتيب السور و وضع الآيات موضعها إنما هو بالوحي. انظر: تناسق الدرر للسيوطي: 57. و قال الزركشي: لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفي من حكيم، إحداها بحسب الحروف كما في الحواميم، و ثانيها لموافقة أول السورة لآخر ما قبلها كآخر الحمد في المعنى و أول البقرة، و ثالثها للوزن في اللفظ كآخر تبت و أول الإخلاص. البرهان: 1/ 260. و يضيف السيوطي: و ما يدل على أنه توقيفي كون (الحواميم) رتبت ولاء، و كذا (الطواسين)، و لم يرتب (المسبحات) ولاء بل فصل بين سورها، و فصل بين طسم الشعراء، و طسم القصص، ب طس مع أنها أقصر منها، و لو كان الترتيب اجتهاديا لذكرت المسبحات ولاء، و أخرت طس عن القصص. الإتقان: 1/ 198. و ثمرة الخلاف أن الذين يرون أن الترتيب توقيفي من عند الرسول صلى اللّه عليه و سلم يتلمسون الحكم و الفوائد و المناسبات بين السور، و يولون اهتماما خاصا لمعرفة تلك المناسبات، و الربط بين السور. و يحسن ختم هذه المسألة بما قاله الأستاذ محمد عبد اللّه دراز في هذا الشأن: إن كانت- أي السور و الآيات- بعد تنزيلها قد جمعت عن تفريق، فلقد كانت في تنزيلها مفرقة عن جمع، كمثل بنيان كان قائما على قواعده، فلما أريد نقله بصورته إلى غير مكانه، قدّرت أبعاده، و رقّمت لبناته، ثم فرق أنقاضا، فلم تلبث كل لبنة منه عرفت مكانها المرقوم، و إذا البنيان قد عاد مرصوصا يشد بعضه بعضا كهيئته أول مرة. انظر: النبأ العظيم: 149.
(فائدة):

من قال بأن ترتيب القرآن توقيفي لا يلزم تلاوته في الصلاة و الدرس

ص: 121

على الترتيب ذاته، بل يوجب تأليف سورة في الرسم و الخط خاصة، و لا يعلم أن أحدا منهم قال بوجوب ذلك في الصلاة و في قراءة القرآن و درسه، و لا أنه لا يجوز لأحد أن يتلقن الكهف قبل البقرة و لا الحج قبل الكهف، و قد سئلت عائشة- رضي اللّه عنها- عن ذلك فقالت: لا يضرك أيّة قرأت قبل؛ و قد كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يقرأ في الصلاة السورة في ركعة، ثم يقرأ في ركعة أخرى بغير السورة التي قبلها، و أما ما روي عن ابن مسعود و ابن عمر أنهما كرها أن يقرءا القرآن منكوسا، و قالا: ذلك منكوس القلب (1)؛ فإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة، و يبتدئ من آخرها إلى أولها لأن ذلك حرام محظور؛ و من الناس من يتعاطى هذا في القرآن و الشعر ليذلل لسانه بذلك و يقدر على الحفظ، و هذا حظّره تعالى و منعه في القرآن لأنه إفساد لسوره و مخالفة لما قصد بها. (2)

ص: 122


1- انظر: الإتقان للسيوطي: 1/ 308- و الأثر أخرجه عبد الرزاق في المصنف: (ح 7947- 4323)- و البيهقي في الشعب: (ح 334- 2/ 600)- و ابن أبي شيبة في المصنف: 10/ 564- و أبو عبيد في فضائله: (ح 131- 57) و ابن أبي داود في المصاحف: 151- و ذكره النووي في التبيان: 69 و قال: إسناده صحيح.- قال الهيثمي في المجمع: 7/ 168 رواه الطبراني و رجاله ثقات.
2- قاله أبو الحسن بن بطال، انظر: تفسير القرطبي: 1/ 61- و في هذا المعنى ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد: 4/ 103.- و النهاية في غريب الحديث (نكس): 5/ 115.

الموضوع الثالث رسم المصحف و نقطه و شكله و وضع الأخماس و الأعشار

اشارة

تناول هذا الموضوع في مقدمة تفسيره ابن جرير الطبري (1) و ابن عطية (2) و القرطبي (3) و الخازن (4) و ابن جزي (5)، مع تفاوت بينهم، و فيه عدة مسائل:

المسألة الأولى: حول رسم المصحف:

لم يتعرض المفسرون الذين سلف ذكرهم لرسم المصحف في مقدماتهم تصريحا غير أن ظاهر بعض الآثار التي أوردوها حول جمع المصحف زمن أبي بكر و عثمان- رضي اللّه عنهما- تبين أن الرسم تم على يد الرهط التي تولت الجمع إلا مواضع محدودة اختلفوا فيها فكان لرأي عثمان- رضي اللّه عنه- على لغة قريش، و من تلك الآثار ما جاء عند الطبري و غيره أن زيدا جمع المصحف في قطع الأدم و كسر الأكتاف

ص: 123


1- انظر: تفسيره: 1/ 59.
2- انظر: تفسيره: 1/ 48- 54.
3- انظر: تفسيره: 1/ 53- 63.
4- انظر: تفسيره: 1/ 8.
5- انظر: تفسيره: 1/ 7.

و العسب (1). و قد بقيت تلك الصحف عند أبي بكر ثم عند عمر ثم عند حفصة بنته في خلافة عثمان، و جعلت من ثمّ إماما في جمع عثمان (2).

و عند الطبري و غيره أيضا عن ابن شهاب من حديث جمع عثمان للمصاحف: .... ففزع- أي عثمان- لذلك- أي للاختلاف في القرآن- فزعا شديدا، فأرسل إلى حفصة فاستخرج الصحف التي كان أبو بكر أمر زيدا بجمعها، فنسخ منها مصاحف، فبعث بها إلى الآفاق. (3)

و في رواية الطبري و البخاري و التي ذكرها ابن عطية و القرطبي أن عثمان- رضي اللّه عنه- قال للرهط الذي أوكل إليه مهمة كتابة المصحف: إذا اختلفتم في شي ء فاجعلوه بلغة قريش. قال ابن شهاب:

فاختلفوا يومئذ في (التابوت) فقال زيد: (التابوة). و قال ابن الزبير و سعيد بن العاص: (التابوت). فرفع اختلافهم إلى عثمان فقال: اكتبوه بالتاء (التابوت)، فإنه نزل بلسان قريش. (4)

ص: 124


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 59، و قد سبق.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 51- 52.
3- انظر: تفسير الطبري: 1/ 62- و هو في فتح الباري لابن حجر: 9/ 14.
4- انظر: تفسير الطبري: 1/ 61- و ابن عطية: 1/ 48- 52- و القرطبي: 1/ 53- و الخازن: 1/ 8 و قد سبق. و قد لقي رسم المصحف من أهل العلم عناية واضحة، و أفردت لذلك مؤلفات خاصة، درست غرائب الرسم، و استخلصت منها الحكم و الفوائد، كما بينت حكم اتباع الرسم و أقوال الأئمة في ذلك. و تباينت الآراء حول وجوب اتباع الرسم العثماني الذي لقي القبول التام من الصدر الأول- رضوان اللّه عليهم- و هي في جملتها أربعة أقوال: أ- أنه لا يجوز كتابة المصحف على الرسوم الأولى لاصطلاح الأئمة، لئلا يوقع في تغيير من الجهال، و هو قول تفرد به العز بن عبد السلام، و حجته التيسير على العامة. ب- أن الرسم العثماني تم باجتهاد من الرهط الذين تم اختيارهم من قبل الخليفة عثمان- رضي اللّه عنه- بقيادة زيد بن ثابت، و لهذا لا مانع من كتابته برسم آخر، و بهذا قال الباقلاني و ابن خلدون، و حجتهم أن اللّه لم يفرض على الأمة رسوما معينة لكتابه العظيم، كما أنه ليس هناك ثمة دليل يوجب اتباع رسم المصحف الإمام. ج- أن الرسم اصطلاحي من الصحابة، غير أنه لقي القبول بإجماع الصدر الأول، و لم يخالفه أحد و لهذا يجب اتباعه باتفاق الأئمة، و هذا مذهب جمهور أهل العلم كالإمام مالك و الإمام أحمد و الداني و غيرهم. د- أن الرسم توقيفي من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يجوز مخالفته، لكونه كتب بين يدي رسول اللّه، و أنه صلى اللّه عليه و سلم كان يملي على الكاتب ما نزل من آيات الذكر الحكيم، كما كان يعلمه بعض الأمور الكتابية. و ممن قال بهذا الشيخ عبد العزيز الدباغ. و الذي يترجح عندي بعد النظر في الأدلة هو القول الثالث، و هو مذهب الجمهور و ذلك لأمور: أولا: أن الرسم العثماني أصبح سنة متبعة إلى يومنا هذا، و في إخضاعه للتطور الإملائي عبر القرون مراعاة للجاهلين أمر يعرضه للتغيير و التبديل المستمر، و كما قال الزركشي: شي ء أحكمه السلف لا يترك مراعاة لجهل الجاهلين. ثانيا: أن للرسم العثماني دورا كبيرا في تصحيح القراءات، فالمعروف عند أهل العلم أن من شروط قبول القراءة موافقتها لرسم المصحف، و يترتب على تغيير رسمه، ذهاب كثير من القراءات. ثالثا: أن لنا الاقتداء بما فعله صحابي واحد، فكيف و قد أجمع على الرسم العثماني نحو من اثني عشر ألفا من الصحابة، و لهذا الأمر حرّم الإمام أحمد و غيره مخالفة الرسم العثماني، و لأجله لم يجوّز الإمام مالك كتابته بغير هذا الرسم، و قال: إلى على الكتبة الأولى. فهو- أي الرسم العثماني- أثر من أيدي الصحابة الذي هم أول من تلقى القرآن و سمعه من النبي صلى اللّه عليه و سلم، و أول من خطّه في المصاحف. رابعا: أن الأمة أجمعت أنه لا يجوز زيادة حرف في القرآن و لا إنقاص حرف منه، و بينت أن ما بين الدفتين هو كلام اللّه، و في كتابته برسم آخر زيادة حروف إليه، و إنقاص حروف منه. خامسا: أن من يتبنى كتابة المصحف برسم آخر يخالف الرسم العثماني، عاجز عن كتابة فواتح السور: مثل كهيعص و طسم و حم عسق و غير ذلك. هذا و قد كثرت الصيحات المنادية بمخالفة الرسم العثماني في عصرنا الحالي، مدعية التسهيل على الجيل، و هي دعوة إلى العبث بالنص القرآني الذي بقي مصانا طيلة القرون الماضية من أيدي العابثين، يتولى كبرها دعاة المعاصرة، يقول الأستاذ عدنان زرزور في معرض رده على المنهزمين: لا تخلوا لغة حية اليوم من حروف تكتب و لا تلفظ، أو من حروف تكتب على وجه و تلفظ- في بعض الكلمات- على وجه آخر .... الخ، و هي أمور يصيبها التلميذ عن طريق التعلم .... و القرآن عماد العربية و كتابها .... و الأمر في لغته التعليم، و في القرآن الكريم نفسه المشافهة و التلقي. أما الدعوة إلى تغيير هذا الرسم تحت شعار المعاصرة و التسهيل فأعجب ما فيها- و عجائبها كثيرة ....- أن تكون في عصر الوسائل التعليمية المتنوعة الكثيرة و المتقدمة!! و قد حفظ القرآن الكريم، و تعمم رسمه، و بقي اللسان العربي و قواعد الإملاء ... و قواعد النحو طيلة هذه القرون الخمسة عشر!! و بدون تلك الوسائل التعليمية الحديثة ... فهل يستقيم عند دعاة المعاصرة هذه- لا مطلق المعاصرة- أن يقال فيهم و في أبناء جيلهم ما لا نرتضيه لهم من الكسل و الغباوة و غير ذلك. و قد أصدرت مراكز الإفتاء في عدد من الديار الإسلامية فتاوى تؤكد الوقوف عند المأثور من رسم المصحف و هجائه، و تحذر من مغبة تغييره و تبديله. انظر: المقنع في معرفة رسوم مصاحف أهل الأمصار للداني: 9- و البرهان للزركشي: 1/ 376- 379- و الإتقان للسيوطي: 4/ 145 ط أبو الفضل إبراهيم- و المدخل لدراسة القرآن الكريم لأبي شهبة: 346- و المدخل إلى علوم القرآن و التفسير لفاروق حمادة: 93- علوم القرآن لعدنان زرزور: 99- 101- دراسات قرآنية لعدنان زرزور: 109- و رسم المصحف لغانم قدوري: 201- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة المكي، تحقيق فهد العندس: 2/ 229- 234 هامش: (4). أما الحسن فقد روى الداني أنه كان يكره نقط المصاحف. المحكم في نقط المصاحف: 11. و أما ابن يعمر فقد ألف إثر ذلك كتابا في القراءات جمع فيه ما روي من اختلاف الناس فيما وافق خط المصحف، و مشى الناس على ذلك زمنا. تفسير ابن عطية: 1/ 54.

ص: 125

ص: 126

المسألة الثانية: حول نقط المصحف و شكله:

أورد القرطبي عن يحيى بن كثير أنه قال: كان القرآن مجردا في المصاحف، فأول ما أحدثوا فيه النقط على الباء و التاء و الثاء و قالوا: لا بأس به هو نور له، ثم أحدثوا نقطا عند منتهى الآي، ثم أحدثوا الفواتح و الخواتيم. (1)

قال ابن عطية: روي أن عبد الملك بن مروان أمر بشكل المصحف و نقطه، و عمله، فتجرد لذلك الحجاج بواسط، و جدّ فيه و زاد تحزيبه، و أمر و هو والي العراق الحسن- أي البصري- و يحيى بن يعمر بذلك. (2)

ص: 127


1- تفسير القرطبي: 1/ 63- و انظر المحكم في نقط المصاحف للداني: 17.
2- تفسير ابن عطية: 1/ 54- و انظر تفسير القرطبي: 1/ 63- و الإتقان للسيوطي: 2/ 1182.-

قال ابن جزي: فأول من فعل ذلك الحجاج بن يوسف بأمر عبد الملك بن مروان. (1)

و أسند الزبيدي (2) في الطبقات إلى المبرد (3): أن أول من نقط المصحف هو أبو الأسود الدؤلي (4) (5). ثم ذكر أن ابن سيرين كان له مصحف نقطه له يحيى بن يعمر (6).

ص: 128


1- تفسير ابن جزي: 1/ 7.
2- هو محمد بن الحسن بن عبيد اللّه الزّبيديّ الشامي الأندلسي، إمام النحو، و صاحب التصانيف، له الطبقات في النحو، توفي (379 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 16/ 417- و ذرات الذهب لابن العماد: 3/ 94.
3- هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي المبرد، إمام النحو، و صاحب الأخبار، قيل أن المازني أعجبه جوابه، فقال له: قم فأنت المبرّد. أي المثبت للحق. ثم غلب عليه بفتح الرّاء. له الكامل، توفي (286 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 13/ 576- و البداية و النهاية لابن كثير: 11/ 79.
4- اسمه على الأرجح ظالم بن عمرو، علامة فاضل، ولد أيام النبوة، و حدّث عن الصحابة، ثقة، قيل هو أول من تكلم في النحو، مات في طاعون الجارف سنة (69 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 81- و وفيات الأعيان لابن خلكان: 2/ 535.
5- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 55- و تفسير القرطبي: 1/ 63- و تفسير ابن جزي: 1/ 7- و انظر: المحكم في نقط المصاحف للداني: 3- و كتاب النقط له: 124.
6- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 55- و تفسير القرطبي: 1/ 63- و تفسير ابن جزي: 1/ 7- و انظر: المحكم في نقط المصاحف للداني: 5- و كتاب" النقط له: 125.

و عن أبي الفرج (1) صاحب «الأغاني»: أن زياد بن أبي سفيان (2) أمر أبا الأسود بنقط المصحف. (3)

و في كتاب «الأمصار» للجاحظ أن نصر بن عاصم (4) هو أول من نقط المصاحف و كان يقال له: نصر الحروف. (5)ن.

ص: 129


1- هو علي بن الحسين بن محمد الأصفهاني الكاتب، علامة، أديب، أخباري، بصير بأنساب العرب، له الأغاني و غيره، توفي (356 ه). انظر سير أعلام النبلاء للذهبي: 16/ 201- و شذرات الذهب لابن العماد: 3/ 19.
2- هو زياد بن أبيه، و هو زياد بن عبيد الثقفي، و هو ابن سمية، و هو زياد بن أبي سفيان الذي استلحقه معاوية بأنه أخوه، ولد عام الهجرة، و أسلم زمن الصديق، اشتهر بالحزم و الدهاء و الفطنة و رجاحة العقل، و ضرب به المثل في النبل و السؤدد، و قيل كان أفتك من الحجاج لمن يخالفه هواه، توفي (53 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 494- و شذرات الذهب لابن العماد: 1/ 59.
3- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 55- و تفسير ابن جزي: 1/ 7- و انظر: الأغاني لأبي الفرج: 12/ 346- و المحكم في نقط المصاحف للداني: 3.
4- هو نصر بن عاصم بن عمرو بن خالد الليثي البصري، ثقة، قيل: كان على رأي الخوارج. ذكر خليفة في طبقاته أنه مات بعد الثمانين. انظر: طبقات خليفة: 204 و 206- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 10/ 427.
5- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 55- و انظر: المحكم في نقط المصاحف للداني: 6- و كتاب النقط له: 125- و الإتقان للسيوطي: 2/ 1182 قال الأستاذ صبحي الصالح: لا يستبعد أن يكون عمله- أي نصر بن عاصم- امتدادا لعمل أستاذيه أبي الأسود و ابنيعمر، فإنه أخذ عنهما. مباحث في علوم القرآن: 93. قلت: المشهور الذي ذهب إليه أكثر العلماء كما قال الداني، أن المبتدئ هو أبو الأسود الدؤلي. و يحتمل أن يكون يحيى و نصر- و هما تلميذا أبي الأسود- أوّل من نقّطاها للناس بالبصرة، و أخذا ذلك من أبي الأسود، إذ كان السابق. يقول أبو شهبة: و يمكن التوفيق بأن أبا الأسود أول من نقط المصاحف بصفة شخصية، و تبعه في ذلك ابن سيرين، و أما عبد الملك فأول من أمر بنقط المصحف بصفة عامة رسمية شاعت و ذاعت بين الناس قاطبة. انظر: المحكم في نقط المصاحف للداني: 6- و النقط له: 125- و المدخل لدراسة القرآن الكريم لأبي شهبة: 389. و قد كان ثلة من السلف قد كره نقط المصحف و شكله كابن مسعود و قتادة و الشعبي و النخعي و غيرهم، مبالغة في الحفاظ على القرآن، غير أن العهد تغير حين دخل اللحن و التغيير و التصحيف لسان العرب، مع كثرة المعتنقين للدين، يقول الداني في هذا المعنى: اعلم أيدك اللّه بتوفيقه أن الذي دعا السلف- رضي اللّه عنهم- إلى نقط المصاحف بعد أن كانت خالية من ذلك و عارية منه وقت رسمها و حين توجيهها إلى الأمصار .... ما شاهدوه من أهل عصرهم مع قربهم من زمن الفصاحة و مشاهدة أهلها، من فساد ألسنتهم، و اختلاف ألفاظهم، و تغيّر طباعهم، و دخول اللحن على كثير من خواص الناس و عوامهم، و ما خافوه من مرور الأيام ... المحكم: 18. لقد أصبح النقط و الشكل أمرا ضروريا و مستحبا، و في ذلك يقول النووي: قال العلماء: و يستحب نقط المصحف و شكله فإنه صيانة من اللحن فيه و تصحيفه، و أما كراهة الشعبي و النخعي للنقط فإنما كرها ذلك في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه، و قد أمن ذلك اليوم فلا منع، و لا يمنع من ذلك لكونه محدثا، فإنه من المحدثات الحسنة، فلا يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم و بناء المدارس و الرباطات و غير ذلك و اللّه أعلم. انظر: المحكم في نقط المصاحف للداني: 10- و التبيان للنووي: 122 ط دار النفائس تحقيق السيروان.

ص: 130

المسألة الثالثة: حول الأخماس و الأعشار و فواتح السور و الخواتيم :

اشارة

المسألة الثالثة: حول الأخماس و الأعشار و فواتح السور و الخواتيم (1)

اختلف أهل العلم من الصدر الأول في حكم تخميس المصاحف و تعشيرها، و إحداث الفواتح و الخواتيم للسور، فكرهها قوم كابن مسعود و مجاهد و النخعي (2) و أبي رزين (3)، و أباحها الإمام مالك في غير الأمهات و بغير الألوان، و أجازها سائر المسلمين إجازة مطلقة.

و كان أول من أمر بوضع الأعشار في المصاحف على ما قال ابن عطية و تبعه القرطبي و ابن جزي هو المأمون العباسي، و قيل تم ذلك على يد الحجاج (4).

ص: 131


1- التخميس: كتابة لفظ (خمس) عند رأس كل خمس آيات، و التعشير: كتابة لفظ (عشر) عند رأس كل عشر آيات، و منهم من يكتفي بكتابة حرفي (خ) و (ع) انظر: المدخل لدراسة القرآن الكريم لأبي شهبة: 390.
2- هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، إمام حافظ، و فقيه الكوفة و مفتيها، قال الشعبي: ما ترك بعده أعلم منه. توفي (96 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 520- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 1/ 176.
3- هو لقيط بن عامر بن صبرة العقيلي، روى عن النبي i ، و عنه ابنه عاصم و غيره، أخرج له البخاري و جماعة. انظر: الإصابة لابن حجر: 3/ 330- و أسد الغابة لابن عبد البر: 4/ 266.
4- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 56- و القرطبي: 1/ 63- و ابن جزي: 1/ 7.

و قد ذكر أبو عمرو الداني في كتاب البيان له عن ابن مسعود- رضي اللّه عنه- أنه كره التعشير في المصحف، و أنه كان يحكّه. (1)

و عن مجاهد أنه كره التعشير و الطيب في المصحف. (2)

و قال أشهب (3): سمعت مالكا سئل عن العشور التي تكون في المصحف بالحمرة و غيرها من الألوان، فكره ذلك و قال: تعشير المصحف بالحبر لا بأس به. (4)

و عن قتادة، قال: بدوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا. و كان كالإنكار. (5)

وضع الفواتح و الخواتيم للسور:

ص: 132


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 63. و المحكم في نقط المصاحف للداني: 14.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 63. و المحكم في نقط المصاحف للداني: 15.
3- هو أشهب بن عبد العزيز بن داود العامري، قيل اسمه مسكين، و أشهب لقب له، إمام علامة، مفتي مصر، قال عنه الإمام الشافعي: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب. توفي (204 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 9/ 500- و ترتيب المدارك للقاضي عياض: 2/ 447.
4- انظر: المصادر السابقة.
5- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 56 و في المحكم للداني: 15 (و كان كالابتكار)، حيث قال بعد أن ذكر الرواية: و هذا يدل على الترخيص في ذلك و السعة فيه. ا ه. و بينهما فرق واضح. و انظر تفسير القرطبي: 1/ 63.

روى أبو عمرو عن أبي حمزة قال: رأى إبراهيم النّخعي في مصحفي فاتحة سورة كذا و كذا، فقال: امحه، فإن ابن مسعود قال: لا تخلطوا في كتاب اللّه ما ليس منه (1).

و عن أبي بكر السراج قال: قلت لأبي رزين: أ أكتب في مصحفي سورة كذا و كذا؟ فقال: إني أخاف أن ينشأ قوم لا يعرفونه يظنونه من القرآن (2).

و قال أشهب: سئل الإمام مالك عن المصاحف يكتب فيها خواتم السور في كل سورة ما فيها من آية فقال: إني أكره ذلك في أمهات المصاحف أن يكتب فيها شي ء، أو يشكل، فأما ما يتعلم به الغلمان في المصاحف فلا أرى بذلك بأسا. قال أشهب: ثم أخرج إلينا مصحفا لجدّه، كتبه إذ كتب عثمان المصاحف فرأينا خواتمه من حبر على عمل السلسلة في طول السطر، و رأيته معجوم الآي بالحبر. (3)

و قال يحيى بن كثير: كان القرآن مجردا في المصاحف، فأول ما أحدثوا فيه النقط على الباء و التاء و الثاء و قالوا: لا بأس به هو نور له، ثم أحدثوا

ص: 133


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 63، و المحكم في نقط المصاحف للداني: 16.
2- انظر: المصادر السابقة.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 63- و المحكم في نقط المصاحف للداني: 17.

نقطا عند منتهى الآي، ثم أحدثوا الفواتح و الخواتيم. (1)

قال القرطبي: قال الداني- رضي اللّه عنه-: و هذه الأخبار كلها تؤذن بأن التعشير و التخميس و فواتح السور و رءوس الآي من عمل الصحابة- رضي اللّه عنهم- قادهم إلى عمله الاجتهاد؛ و أرى أن من كره ذلك منهم و من غيرهم إنما كره أن يعمل بالألوان كالحمرة و الصفرة و غيرهما؛ على أن المسلمين في سائر الآفاق قد أطبقوا على جواز ذلك و استعماله في الأمهات و غيرها، و الحرج و الخطأ مرتفعان عنهم فيما أطبقوا عليه إن شاء اللّه. (2).م.

ص: 134


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 63، و المحكم في نقط المصاحف للداني: 17، و فيه: على التاء و الياء. قال أبو عمرو عقب ذلك: و هذا يدل على التوسعة في ذلك.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 64- و كتاب النقط للداني: 125. قلت: و من كره ذلك خشي أن يحدث إدخال عناصر جديدة إلى كتاب اللّه ظنا عند العامة أن ما أدخل هو من كتاب اللّه، و هو ليس منه، فلهذا تحرج من تحرّج في ذلك، أما بعد أن أحدثت الفواتح و الخواتيم، و تلقى ذلك أهل العلم بالقبول، و لم تلق منهم النكير، فالأمر جائز و لا مانع من ذلك، و هو المعمول به إلى يومنا هذا. و اللّه أعلم.

الموضوع الرابع سور القرآن و آياته و كلماته و حروفه

اشارة

تناول هذا الموضوع من المفسرين في مقدمة تفسيره ابن جرير الطبري (1) و الماوردي (2)، و ابن عطية (3)، و القرطبي (4)، و ابن جزي (5)، مع تفاوت بينهم، و فيه عدة مسائل:

المسألة الأولى: معنى السورة:

قال أبو جعفر الطبري: تسمى كل سورة من سور القرآن «سورة» و تجمع «سورا»- يفتح الواو- على تقدير «خطبة و خطب» و «غرفة و غرف» (6).

ص: 135


1- انظر: تفسيره: 1/ 14- 16.
2- انظر: تفسيره: 1/ 27- 28.
3- انظر: تفسيره: 1/ 70.
4- انظر: تفسيره: 1/ 64- 65.
5- انظر: تفسيره: 1/ 8.
6- انظر: تفسير الطبري: 1/ 104، قال الطبري: و من ذلك سور المدينة، غير أن السّورة من سور المدينة لم يسمع في جمعها «سور». و انظر الصحاح للجوهري: 2/ 690- و اللسان لابن منظور «سور»: 4/ 386. قال ابن عطية: جمع سورة البناء: «سور» بسكونها. ثم ذكر عن أبي عبيدة قوله: إنما اختلفا في هذا فكأن سور القرآن هي قطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن، و يقال: أيضا للرتبة الرفيعة من المجد و الملك: سورة. انظر: تفسير الطبري: 1/ 104- و تفسير ابن عطية: 1/ 70.

قال الشاعر:

سود المحاجر لا يقرأن بالسّور (1) قال القرطبي: و يجوز أن يجمع على سورات و سورات. (2)

و فيها لغتان:

إحداهما: بالهمز (سؤرة) و هي لغة تميم (3).

و الأخرى: بغير همز (سورة) قال ابن عطية: و هي لغة قريش كلها و من جاورها من قبائل العرب كهذيل و سعد بن بكر و كنانة (4).

فأما التي بغير همز: فهي المنزلة من منازل الارتفاع، و منه سور المدينة للحائط الذي يحويها، و ذلك لارتفاعه على ما يحويه، يقول نابغة بني ذبيان (5):

ص: 136


1- عجز بيت قاله الشاعر الراعي، و صدر البيت: عن الحرائر لا ربات أخمرة. انظر تفسير القرطبي: 1/ 66 و هو في البحر لأبي حيان: 2/ 252 و 7/ 255.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 66.
3- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 70- و الدر المصون للسمين: 1/ 201.
4- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 70- و تفسير ابن جزي: 1/ 8.
5- هو زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني، شاعر جاهلي مشهور، قصده الشعراء يعرضون عليه أشعارهم، عمر طويلا، توفي (18 ق ه). انظر الشعر و الشعراء لابن قتيبة: 70- 81، و خزانة الأدب للبغدادي: 2/ 135.

أ لم تر أنّ اللّه أعطاك سورةترى كلّ ملك دونها يتذبذب (1) يعني بذلك أن اللّه أعطاه منزلة من منازل الشرف التي قصّرت عنها منازل الملوك، و لهذا سميت السورة لارتفاعها و علو قدرها. (2)

و قال ابن عطية: و منهم من يراها مشبّهة بسورة البناء: أي القطعة منه؛ لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة، و كل قطعة منها سورة. (3)

و قيل: سميت بذلك لأن قارئها يشرف على ما لم يكن عنده كسور البناء. و قيل: لتمامها و كمالها من قول العرب للناقة التامة: سورة. (4)

و أما السؤرة بالهمز، فهي القطعة التي فصلت من القرآن عما سواها و أبقيت منه؛ لأن سؤر كل شي ء بقيّته، و عليه سمّي ما فضل في الإناء بعد الشرب منه سؤرا (5)، و قيل: جاء في أسأر الناس. أي بقاياهم. (6)

ص: 137


1- هو في ديوانه: 73، تحقيق أبو الفضل إبراهيم- و انظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 4- و نكت الانتصار للباقلاني: 57.
2- انظر: تفسير الطبري: 1/ 105- و تفسير الماوردي: 1/ 27- و تفسير القرطبي: 1/ 65- و انظر: مفردات الراغب (سور): 1/ 247.
3- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 70- و الدر المصون للسمين: 1/ 201.
4- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 66.
5- انظر: تفسير الطبري: 1/ 104- و تفسير الماوردي: 1/ 27- و انظر: مفردات الراغب (سور): 1/ 248- و الدر المصون للسمين: 1/ 201.
6- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 66.

و في الحديث قول الرسول صلى اللّه عليه و سلم: «إذا شربتم فأسئروا» (1)، و من ذلك قول أعشى بني ثعلبة (2) يصف امرأة فارقته، فأبقت في قلبه من وجدها بقية:

فبانت و قد أسأرت في الفؤاد صدعا، على نأيها مستطيرا (3) و قال الأعشى في مثل ذلك:

بانت و قد أسأرت في النّفس حاجتهابعد ائتلاف؛ و خير الودّ ما نفعا (4) قال القرطبي: الأصل (سؤرة) بالهمز ثم خففت فأبدلت التاء واوا لانضمام ما قبلها. (5)

قال الماوردي: و الأول من القولين أصح (6). أي كونها بغير همز،

ص: 138


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 27- و الحديث ذكره العجلوني في كشف الخفاء: 1/ 58، و ابن الأثير في النهاية: 2/ 327.
2- هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل، أبو بصير، يقال له صناجة العرب، شاعر جاهلي فحل، و هو أحد أصحاب المعلقات العشر، أدرك الإسلام و لم يسلم، توفي (7) ه. انظر: الأغاني لأبي الفرج: 9/ 127- و طبقات الشعراء لابن سلام: 15/ 19.
3- هو في ديوانه 67- و انظر: تفسير الطبري: 1/ 104- و تفسير الماوردي: 1/ 28.
4- هو في ديوانه: 73- و انظر: تفسير الطبري: 1/ 106.
5- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 66- و انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 70.
6- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 28. و السورة من القرآن في اصطلاح الشرع، كما قال الجعبري: قرآن يشتمل على أي ذي فاتحة و خاتمة، و أقلها ثلاث آيات. و قال غيره: السورة الطائفة المترجمة توقيفا أي المسماة باسم خاص من النبي صلى اللّه عليه و سلم. انظر: كنز المعاني شرح حرز الأماني للجعبري، مخطوط: (و 94)- و الإتقان للسيوطي: 1/ 150 ط أبو الفضل- و التبصرة لمكي: 109 و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة، بتحقيقي: 2/ 427.

و أنها بمعنى الارتفاع و علو القدر.

المسألة الثانية: معنى الآية:

اختلف النحويون في أصل لفظة (آية) على أقوال:

فقال سيبويه، (آية) على وزن (فعلة)، بفتح العين، أصلها (أيية) مثل (أكمة) و (شجرة)، تحركت الياء الأولى، و ما قبلها مفتوح فجاءت (آية) بهمزة بعدها مدّة.

و قال الكسائي، هي على وزن (آيية) على وزن (فاعلة) مثل (آمنة) فقلبت الياء ألفا لتحركها و انفتاح ما قبلها، ثم حذفت لالتباسها بالجمع. (1)

قال مكي: سكّنت الأولى، و أدغمت فجاءت (آيّة) على وزن دابة، ثم سهلت الياء المثقلة. (2)

و قال الفراء، أصلها (أيّيه) بتشديد الياء الأولى على وزن (فعلة)

ص: 139


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 71- و تفسير القرطبي: 1/ 66- و القاموس المحيط للفيروزآبادي: 1628- و التيسير في قواعد علم التفسير للكافيجي: 167.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 71- و تفسير القرطبي: 1/ 66.

بسكون العين، فأبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف. (1)

و هذا القول حكاه أبو علي الفارسي في ترجمة وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍ [آل عمران: 146]. (2)

قال ابن عطية: و قال بعض الكوفيين: أصلها (أيية) على وزن (فعلة)، بكسر العين، أبدلت الياء الأولى ألفا، لثقل الكسر عليها، و انفتاح ما قبلها.

و تجمع الآية على: (آي)، و (آيات) و (آياء)، و أنشد أبو زيد:

لم يبق هذا الدهر من آيائه غير أثافيه و أرمدائه (3) و الآية في كلام العرب لها عدة معاني:

فالآية: (العلامة)، قال الطبري: لأنها علامة يعرف بها تمام ما قبلها و ابتداؤها، قال تعالى: رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آيَةً مِنْكَ [المائدة: 114] يعني علامة منك لإجابتك

ص: 140


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 71- و تفسير القرطبي: 1/ 66- و انظر: الكتاب لسيبويه: 4/ 399.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 71.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 66- و انظر نكت الانتصار للباقلاني: 58، و ينظر في (آية): الكتاب لسيبويه: 4/ 398- و تاج العروس للزبيدي: 10/ 26- 27، و لسان العرب لابن منظور: 14/ 61- 63، و بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي: 1/ 86.

دعاءنا، و إعطائك إيانا سؤلنا (1).

و قال تعالى: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ [البقرة: 248]، أي: علامة ملكه.

و قال سحيم عبد بني الحسحاس (2):

ألكني إليها عمرك اللّه يا فتى بآية ما جاءت إلينا تهاديا يعنى: علامة ذلك (3).

و قال النابغة:

توهّمت آيات لها فعرفتهالستة أعوام و ذا العام سابع (4) و تقول العرب: بيني و بين فلان آية. أي: علامة. (5)

ص: 141


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 106- و تفسير الماوردي: 1/ 28.
2- هو سحيم، كان عبدا اشتراه بنو الحسحاس، و نشأ فيهم، له شعر رقيق، تغزل في نساء بني الحسحاس فقتلوه عام (40 ه). انظر: الشعر و الشعراء لابن قتيبة: 241- و خزانة الأدب للبغدادي: 2/ 102.
3- انظر: تفسير الطبري: 1/ 106- و تفسير الماوردي: 1/ 28- و انظر ديوان الشاعر: 19- و خزانة الأدب للبغدادي: 2/ 104- قال الزمخشري: ألكني إلى فلان، و احمل إليه ألوكي، و مألكتي، و هي الرسالة. أي: أبلغ رسالتي إليها. أساس البلاغة للزمخشري (ألك): 20.
4- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 66.
5- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 66.

قال ابن عطية:- و في قول بعضهم- لما كانت الجملة التامة من القرآن علامة على صدق الآتي بها، و على عجز المتحدي بها سميت آية. (1)

و الآية (القصة و الرسالة):

قال كعب بن زهير بن أبي سلمى (2):

ألا أبلغنا هذا المعرّض آيةأ يقظان قال القول إذ قال أم حلم يعني بقوله: (آية) رسالة مني و خبرا عني.

قال الطبري: فيكون معنى الآيات: القصص، قصة تتلو قصة، بفصول و وصول. (3)

و الآية (الجماعة):

فقد قالت العرب: جئنا بآيتنا. أي: بجماعتنا.

ص: 142


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 71- و انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 8- قال ابن عقيلة: الآية أصلها العلامة، إما العلامة على الفصل، أو الصدق، أو عجز المتحدى به. الزيادة و الإحسان بتحقيقي: 2/ 610. قلت: و هذا هو الراجح و الأظهر و اللّه أعلم.
2- هو كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني، شاعر عريق، و صاحب اللامية المشهورة التي مدح بها النبي صلى اللّه عليه و سلم: بانت سعاد .... أسلم بعد أن أهدر النبي صلى اللّه عليه و سلم دمه، توفي (26 ه). انظر: الشعر و الشعراء لابن قتيبة: 67- و الأغاني لأبي الفرج: 17/ 87.
3- انظر: تفسير الطبري: 1/ 106- و الماوردي: 1/ 28- و انظر ديوان الشاعر: 64.

و قالت: خرج القوم بآياتهم. أي: بجماعتهم.

قال برج بن مسهر الطائي (1):

خرجنا من النّقبين لا حيّ مثلنابآيتنا نزجي اللّقاح المطافلا قال القرطبي: و سميت أية لأنها جماعة حروف من القرآن و طائفة منه. (2)

و الآية (الأمر العجيب):

سميت بها لأنها عجيب يعجز البشر عن التكلم بمثلها. (3)

ص: 143


1- هو برج بن مسهر بن جلاس بن الأرت الطائي، شاعر من معمّري الجاهلية، له شعر اختار أبو تمام في الحماسة منه، توفي نحو (30 ق ه). انظر الأعلام للزركلي: 2/ 47. و من مراجعه بلوغ الأرب للآلوسي: 3/ 299.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 66- و انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 71- و البيت في خزانة الأدب للبغدادي: 6/ 515- و معناه أنهم خرجوا بجماعتهم و بما يستدل به عليهم من متاعهم.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 66- و انظر في معنى الآية: غرائب القرآن للنيسابوري: 1/ 28- و مقدمات شمس الدين الأصفهاني- المقدمة الثالثة: و (10)، مخطوط باستانبول- تركيا- مكتبة كوبرلي- و خزانة الأدب للبغدادي: 6/ 512. و الآية (المعجزة)، قال تعالى: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ [البقرة: 211] أي: معجزة واضحة. و الآية: (البرهان و الدليل) قال تعالى: وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [الروم: 22]. قال الزرقاني: و كلها إطلاقات لغوية، و قد يستلزم بعضها بعضا. مناهل العرفان: 1/ 331. و الآية في اصطلاح الشرع: طائفة ذات مطلع و مقطع مندرجة في سورة من القرآن. مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 332.

المسألة الثالثة: عدّ آي القرآن :

المسألة الثالثة: عدّ آي القرآن (1)

أجمع العادّون لآي القرآن على أنه ستة آلاف آية، ثم اختلفوا في الزيادة على ذلك:

فعدّ المدني الأول، في قول محمد بن عيسى: ستة آلاف آية. (2)

و في عدّ المدني الأخير، في قول إسماعيل بن جعفر (3): ستة آلاف آية

ص: 144


1- علم معرفة الآيات علم توقيفي لا مجال للقياس فيه، و لذلك عد العلماء الم* آية حيث وقعت، و المص، و لم يعدوا المر و الر*، و عدوا حم* آية في سورها، و طه و يس و لم يعدوا طس.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 64- و فنون الأفنان لابن الجوزي: 237- و هو عند هشام بن عمار ستة آلاف و مائة و سبع عشرة آية، و به قال نافع. انظر: فنون الأفنان لابن الجوزي: 242- و بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي: 1/ 560- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 611.
3- هو إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير المدني، ثقة قرأ على شيبة بن نصاح و غيره، توفي سنة (180 ه). انظر: غاية النهاية لابن الجزري: 1/ 163- و سير أعلام النبلاء للذهبي: 8/ 228.

و مائتا آية و أربع عشرة آية. (1)

و في عدّ المكي، في قول الفضل: ستة آلاف آية و مائتا آية و تسع عشرة آية. (2)

و في عدّ الكوفي، في قول محمد بن عيسى: ستة آلاف آية و مائتا آية و ثلاثون و ست آيات. (3)، و هو العدد الذي رواه سليم بن عيسى الكوفي (4)، و الكسائي عن حمزة، و أسنده الكسائي إلى علي بن أبي

ص: 145


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 65- و الإتقان للسيوطي: 1/ 189 ط أبو الفضل- و فنون الأفنان لابن الجوزي: 243- و جمال القراء للسخاوي: 1/ 231 و بشير اليسر: 20 و هذا العد منسوب إلى أبي جعفر بن يزيد بن القعقاع، و صهره شيبة بن نصاح. انظر: فنون الأفنان لابن الجوزي: 237.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 65- و الإتقان للسيوطي: 1/ 189 ط أبو الفضل- و هذا العد منسوب إلى مجاهد بن جب ر، و عبد اللّه بن كثير. انظر: فنون الأفنان لابن الجوزي: 237.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 65- و الإتقان للسيوطي: 1/ 189 ط أبو الفضل- و فنون الأفنان لابن الجوزي: 243- و جمال القراء للسخاوي: 1/ 231- و بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي: 1/ 559.
4- هو سليم بن عيسى بن سليم الكوفي المقرئ، شيخ القراء، عرض القرآن على حمزة، و اشتهر بضبطه للقرآن، توفي (188 ه) انظر: غاية النهاية لابن الجزري: 1/ 318- و سير أعلام النبلاء للذهبي: 9/ 375.

طالب- رضي اللّه عنه- (1).

و في عدّ البصري، في قول محمد بن عيسى: ستة آلاف و مائتان و أربع آيات. (2)

و في عدّ أهل الشام، في قول يحيى بن الحارث الذّماري (3): ستة آلاف و مائتان و ست و عشرون. (4) و في رواية: ستة آلاف و مائتان و خمس و عشرون. نقص آية، قال: ابن ذكوان (5): فظننت أن يحيى لم يعد بِسْمِ اللَّهِ*

ص: 146


1- انظر: المصادر السابقة- و هو منسوب إلى أبي عبيد الرحمن السّلمي عن علي ابن أبي طالب، و قد نسبه قوم إلى ابن مسعود، و الأول أصح. انظر: فنون الأفنان لابن الجوزي: 239.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 65- و فنون الأفنان لابن الجوزي: 243- و بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي: 1/ 560- و هذا العد منسوب إلى عاصم بن ميمون الجحدري، انظر: فنون الأفنان لابن الجوزي: 237.
3- هو يحيى بن الحارث بن عمرو بن يحيى الغساني الذماري، إمام الجامع الأموي و شيخ القراءة بدمشق، معدود في التابعين، توفي (145 ه). انظر: غاية النهاية لابن الجزري: 2/ 367- و معرفة القراء الكبار للذهبي: 1/ 105.
4- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 65- و بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي: 1/ 560- و في كتاب الحجة في المحجة لقوام السنة: و (246): و سبعة و ثلاثون آية. و انظر: الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 611؛ و هذا العد منسوب إلى عبد اللّه بن عامر اليحصبي. انظر: فنون الأفنان لابن الجوزي: 241.
5- هو عبد اللّه بن أحمد بن بشر بن ذكوان القرشي، إمام في القراءة، ثقة، وحيد دهره في علمه، توفي (242 ه) انظر: غاية النهاية لابن الجزري: 1/ 404- و معرفة القراء الكبار للذهبي: 1/ 198.

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*. (1)

قال أبو عمرو بعد أن ذكر ما سبق: فهذه الأعداد التي يتداولها الناس تأليفا، و يعدّون بها في سائر الآفاق قديما و حديثا. (2)

المسألة الرابعة: كلمات القرآن:

عرف القرطبي الكلمة بقوله: هي الصورة القائمة بجميع ما يختلط بها من الشبهات. أي الحروف. (3)

ثم قال: و أطول الكلم في كتاب اللّه ما بلغ عشرة أحرف، نحو قوله تعالى: لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ [النور: 55] و نحو أَ نُلْزِمُكُمُوها [هود: 28]، و أقصرهن ما كان على حرفين نحو (ما) و (لا)، و قد تكون الكلمة وحدها آية تامة نحو قوله تعالى: وَ الْفَجْرِ و الضُّحى و الم* و طه

ص: 147


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 65- و الإتقان للسيوطي: 1/ 189 ط أبو الفضل- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 612- و في جمال القراء للسخاوي: 1/ 231: و سبعا و عشرين آية.
2- قال أبو عمرو في كتاب البيان، و ذكره القرطبي في تفسيره: 1/ 65، و السيوطي في الإتقان: 1/ 189 ط أبو الفضل.
3- تفسير القرطبي: 1/ 67.

و غيرها، و ذلك في فواتح السور وحدها دون حشوها.

قال أبو عمرو: و لا أعلم كلمة هي وحدها آية- أي في حشو السور- إلا قوله تعالى في الرحمن: مُدْهامَّتانِ [الرحمن: 64] لا غير.

و الكلمة تطلق على الآية التامة، و على الكلام القائم بنفسه، قال تعالى: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا [الأعراف: 137] قيل: المراد بالكلمة هاهنا قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ [القصص: 8].

و في الحديث: «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان اللّه و بحمده، سبحان اللّه العظيم». (1)

و قد تسمي العرب القصيدة بأسرها و القصة كلها كلمة.

فتسمي جملة الكلام كلمة إذا كانت الكلمة منها، على عادتهم في تسميتهم الشي ء باسم ما هو منه، و ما قاربه و جاوره، و كان بسبب منه مجازا و اتساعا. ا ه. (2)

ص: 148


1- الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: إذا قال: و اللّه لا أتكلم: 7/ 229، و في غيره.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 67.

و أما عدد كلمات القرآن فقد ذكر القرطبي أن الفضل بن شاذان (1) أفاد أن: جميع كلمات القرآن- في قول عطاء بن يسار- سبعة و سبعون ألفا و أربعمائة و سبع (2) و ثلاثون كلمة. (3)

ص: 149


1- هو الفضل بن شاذان بن عيسى الرازي، شيخ القراء بالري، قيل: لم يكن في دهره مثله في علمه و فهمه و عدالته، و حسن اطلاعه، توفي (290 ه) انظر: غاية النهاية لابن الجزري: 2/ 10- و معرفة القراء الكبار للذهبي: 1/ 243.
2- في القرطبي: (تسع) و هو خطأ، و الصحيح ما أثبته و هو موافق لما في البرهان للزركشي: 1/ 249، و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 637 و غيرهما.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 65، و هو مروي عن مجاهد و ابن جبير. الإتقان للسيوطي: 1/ 197. قلت: و ذكر ابن الجوزي أن المنهال بن عمرو روى عن عطاء بن يسار أنه تسع و سبعون ألف كلمة و مائتان و سبعة و سبعون كلمة. فنون الأفنان: 245، و هو أمر بعيد، إذ يكون الفرق بين العادين أكثر من ألفي كلمة، و هو فرق لا يمكن أن يتفق و قول أهل العلم أن سبب الاختلاف في عد الكلمات لأن الكلمة لها حقيقة و مجاز و لفظ و رسم، و اعتبار كل واحد منها جائز، و كل من الصحابة اعتبر أحد الجوائز. و انظر: جمال القراء للسخاوي: 1/ 231- و الإتقان للسيوطي: 1/ 197- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 638- و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 337. ثم إن معرفة عدد كلم القرآن مع الاختلاف فيه لا فائدة مرجوة منه، إذ الفائدة متحققة لو كان هناك اتفاق، و كذا في حروفه، و لهذا الأمر لم يهتم الحافظ السيوطي بعدّ الكلم و الحروف في كتابه، و قال: و فيه أقوال أخر و الاشتغال باستيعاب ذلك مما لا طائل تحته، و قد استوعبه ابن الجوزي في فنون الأفنان، و عدّ الأنصاف و الأثلاث إلى الأعشار، و أوسع القول فيه، فراجعه منه، فإن كتابنا موضوع للمهمات لا لمثل هذه البطالات!! الإتقان: 1/ 197. و قال السخاوي: ما أعلم- لعدد الكلمات و الحروف- من فائدة، لأن ذلك إن أفاد فإنما يفيد في كتاب تمكن فيه الزيادة و النقصان منه، و القرآن لا يمكن ذلك فيه. ثم إن ما يمكن أن يزاد فيه و ينقص منه، لا يفيد فيه حصر كلماته و حروفه، فقد تبدل كلمة موضع أخرى، و حرف مكان حرف، و القرآن بحمد اللّه محفوظ من جميع ذلك. جمال القراء للسخاوي: 1/ 231.

المسألة الخامسة: حروف القرآن:

الحرف هو الشّبهة القائمة وحدها من الكلمة، و قد يسمى الحرف كلمة و الكلمة حرفا، اتساعا و مجازا.

قال الداني: فإن قيل: فكيف يسمى ما جاء من حروف الهجاء في الفواتح على حرف واحد، نحو ص* و ق و ن حرفا أو كلمة؟

قلت: كلمة لا حرفا، و ذلك من جهة أن الحرف لا يسكت عليه، و لا ينفرد وحده في الصورة، و لا ينفصل مما يختلط به؛ و هذه الحروف مسكوت عليها منفردة منفصلة كانفراد الكلم و انفصالها، فلذلك سمّيت كلمات لا حروفا.

و قال: و قد يكون الحرف في غير هذا المذهب و الوجه، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ [الحج: 11] أي على

ص: 150

وجه و مذهب. (1)

و أما عدد حروف القرآن فقد روى سلام أبو محمد الحماني أن الحجاج بن يوسف جمع القراء و الحفاظ و الكتّاب، فقال: أخبروني عن القرآن كله، كم حرفا هو؟ قال: و كنت فيهم، فحسبنا فأجمعنا على أن القرآن ثلاث مائة ألف حرف و أربعون ألف حرف و سبعمائة حرف و أربعون حرفا. (2)

و عن الفضيل بن شاذان: أن حروف القرآن ثلاث مائة ألف و ثلاثة و عشرون ألفا و خمسة عشر حرفا.

و عن عبد اللّه بن كثير عن مجاهد قال: أحصينا من القرآن، و هو ثلاثمائة ألف حرف و أحد و عشرون ألف حرف و مائة و ثمانون حرفا.

قال القرطبي: و هذا مخالف لما تقدم عن الحماني. (3)

المسألة السادسة: أجزاء القرآن:

روى سلام الحماني أن الحجاج بن يوسف قال للقراء و الحفاظ و الكتّاب: أخبروني إلى أي حرف ينتهي نصف القرآن؟ فإذا هو في الكهف

ص: 151


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 67.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 64.
3- المصدر السابق: 1/ 65 و الإتقان للسيوطي: 1/ 220 ط البغا.

وَ لْيَتَلَطَّفْ [الآية: 19] في الفاء. قال: فأخبروني بأثلاثه؛ فإذا الثلث الأول رأس مائة من براءة، و الثلث الثاني رأس مائة أو إحدى و مائة من (طسم الشعراء) و الثلث الثالث ما بقي من القرآن. قال: فأخبروني بأسباعه على الحروف؛ فإذا أوّل سبع في النساء فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ [الآية: 55] في الدال، و السبع الثاني في الأعراف حَبِطَتْ [الآية: 147] في التاء، و السبع الثالث في الرعد أُكُلُها دائِمٌ [الآية:

35] في الألف من آخر «أكلها» السبع الرابع في الحج وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً [الآية: 34] في الألف، و السبع الخامس في الأحزاب وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ [الآية: 36] في الهاء، و السبع السادس في الفتح الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ [الآية: 6] في الواو، و السبع السابع ما بقي من القرآن (1).

قال سلام: عملناه في أربعة أشهر، و كان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربعا، فأول ربعه خاتمة الأنعام، و الربع الثاني في الكهف وَ لْيَتَلَطَّفْ،

ص: 152


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 64- و جمال القراء للسخاوي: 1/ 126- و المصاحف لابن أبي داود: 118. قلت: هذا التقسيم هو باعتبار الحروف، كما صرح بذلك الحجاج في الرواية، (فأخبرني بأسباعه على الحروف) و هناك حساب آخر باعتبار عدد كلماته، و آخر باعتبار آياته، ثم باعتبار سوره، و كل ذلك يدل على مبلغ العناية بكتاب اللّه. و قد ذكر ذلك السيوطي في الإتقان: 1/ 220- و انظر: فنون الأفنان لابن الجوزي في ذلك مفصلا: 253.

و الربع الثالث خاتمة الزمر، و الربع الرابع ما بقي من القرآن.

قال القرطبي: و في هذه الجملة خلاف. (1)

ص: 153


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 64.

الموضوع الخامس أسماء القرآن و أسماء سوره

اشارة

تناول هذا الموضوع في مقدمة تفسيره ابن جرير الطبري (1)، و الماوردي (2)، و ابن عطية (3)، و ابن جزي (4)، و فيه عدة مسائل:

المسألة الأولى: أسماء القرآن الكريم:

سمّى اللّه تعالى تنزيله العظيم في كتابه الكريم بأربعة أسماء (5):

ص: 154


1- انظر: تفسيره: 1/ 94- 104.
2- انظر: تفسيره: 1/ 23- 24.
3- انظر: تفسيره: 1/ 68- 69.
4- انظر: تفسيره: 1/ 7.
5- و هناك من زاد في الأسماء فذكر كثيرا من الأوصاف، و عدّها أسماء حتى بلغت نحوا من ستين اسما، ذكر منها أبو المعالي المعروف بشيذلة في كتابه البرهان خمسا و خمسين اسما، و زاد القرطبي في التذكار في أفضل الأذكار أسماء غيرها. و من الأوصاف تسميته (كلاما) مشتق من الكلم بمعنى التأثير، و منها (الهدى) لكونه دليلا على الحق، و منها (الحكمة) و (الحبل) و (الرحمة) و غير ذلك. انظر: التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي: 23- و البرهان في علوم القرآن للزركشي: 1/ 273- و الإتقان للسيوطي: 1/ 143- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 416 تحقيقي.

الأول: (القرآن) قال تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ [يوسف: 3].

الثاني: (الفرقان) قال تعالى: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان: 1].

الثالث: (الكتاب) قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً [الكهف: 1].

الرابع: (الذكر) قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: 9]. (1)

قال ابن جرير: و لكل اسم من أسمائه الأربعة من كلام العرب معنى و وجه غير معنى الآخر و وجهه. (2)

فأما تسميته (قرآنا) ففيه تأويلان:

أحدهما: و هو قول ابن عباس، أنه مصدر من قولك (قرات) أي:

بيّنت. ثم أطلق على المقروء (3).

ص: 155


1- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 95- و الماوردي: 1/ 23- و ابن عطية: 1/ 68- و ابن جزي: 1/ 7.
2- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 94.
3- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 94- و تفسير الماوردي: 1/ 23- و ابن عطية: 1/ 68- و ابن جزي: 1/ 6.

قال ابن عطية: قرأ الرجل إذا تلا، يقرأ قرآنا و قراءة، و حكى أبو زيد الأنصاري: و قرءا. (1).

روى ابن جرير الطبري بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى: فَإِذا قَرَأْناهُ يقول: بيّناه، فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ [القيامة: 18] يقول: اعمل به. (2)

قال ابن جرير: و معنى قول ابن عباس هذا: فإذا بيّناه بالقراءة فاعمل بما بيناه لك بالقراءة. (3)

فالقرآن على هذا مصدر من (قرأ) إذا (تلا)، و من هذا قول حسان ابن ثابت يرثي عثمان بن عفان- رضي اللّه عنه-:

ضحّوا بأشمط عنوان السّجود به يقطّع اللّيل تسبيحا و قرآنا أي: قراءة. (4)

و الآخر: و هو قول قتادة، أنه بمعنى التأليف، مصدر من قولك: قرأت الشي ء: إذا جمعته و ضممت بعضه إلى بعض. مأخوذ من قولهم: ما قرأت هذه الناقة سلى قط. أي: لم ينضم رحمها على ولد.

ص: 156


1- انظر: تفسير ابن عطية: 68.
2- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 95.
3- انظر: المصدر السابق.
4- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 97- و ابن عطية: 1/ 69- و هو في ديوان الشاعر: 410.

قال عمرو بن كلثوم (1):

ذراعي عيطل أدماء بكرهجان اللّون لم تقرأ جنينا (2) قال الماوردي: و لهذا سمي قرء العدة قرءا، لاجتماع دم الحيض في الرحم. (3)

قال ابن عطية: قرأ الرجل إذا جمع و ألّف قولا. (4)

و به فسّر قتادة قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ يقول: حفظه و تأليفه. فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ اتبع حلاله، و اجتنب حرامه (5).

فتأويل القرآن على رأي قتادة هو التأليف.

قال الطبري: و لكلا القولين- أي قول ابن عباس و قتادة- وجه صحيح في كلام العرب، غير أنّ أولى قوليهما بتأويل قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا

ص: 157


1- هو عمرو بن كلثوم بن مالك من بني تغلب بن وائل، شاعر فارس جاهلي قديم، أحد فتاك العرب، و هو قاتل عمرو بن هند الملك. انظر: الشعر و الشعراء لابن قتيبة: 137- و خزانة الأدب للبغدادي: 3/ 183.
2- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 96- و الماوردي: 1/ 24- و ابن عطية: 69.
3- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 24.
4- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 69.
5- أخرجه ابن جرير في تفسيره 1/ 96.

جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ. فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ قول ابن عباس. (1) و رجحه ابن عطية و قال: إنه أقوى. (2)

و يؤخذ على قول قتادة أن اللّه جلّ ثناؤه أمر نبيه صلى اللّه عليه و سلم في غير آية من تنزيله باتباع ما أوحي إليه، و لم يرخص في ترك اتباع شي ء من أوامره إلى وقت تأليف القرآن، فكذلك قوله فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ لو وجب أن يكون معنى قوله فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ فإذا ألّفناه فاتبع ما ألّفنا لك فيه، لكان الأمر الوارد في قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ و الفرض الواجب في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ-- قُمْ فَأَنْذِرْ غير ملزم إلى حين تأليف القرآن، و القائل به خارج عن الملة. (3).

و عليه فحكم كل آية من آي القرآن لازم للرسول صلى اللّه عليه و سلم اتباعه و العمل به، حين نزوله.

و أما تأويل اسمه (الفرقان): فالفرقان مصدر، قال ابن جرير: و أصله عندنا: الفرق بين الشيئين، و الفصل بينهما، و قد يكون ذلك بقضاء و استنقاذ، و إظهار حجّة و نصر،

ص: 158


1- تفسير ابن جرير: 1/ 96.
2- تفسير ابن عطية: 1/ 69.
3- نظر: تفسير الطبري: 1/ 97.

و غير ذلك من المعاني المفرّقة بين المحق و المبطل. (1)

و قد قيل في تسمية التنزيل فُرْقاناً أقوال متعددة متقاربة:

فعن عكرمة فيما رواه ابن جرير أنه كان يقول: هو النجاة. و كذلك كان السدي و غيره يتأوله.

و عن ابن عباس و رواية عن مجاهد: الفرقان: المخرج.

و في رواية عن مجاهد أيضا أنه كان يقول في قوله عزّ و جلّ: يَوْمَ الْفُرْقانِ [الأنفال: 41] يوم فرّق اللّه فيه بين الحق و الباطل. (2)

قال ابن عطية: سمّي- أي كتاب اللّه- فرقانا؛ لأن اللّه فرق فيه بين الحق و الباطل- و هو قول الجماعة (3)- و المؤمن و الكافر فرقا و فرقانا. (4)

و كل تلك الأقوال صحيحة لاتفاق معاني ألفاظها في ذلك، و بذلك يتبين أن كتاب اللّه سمّي فرقانا لفصله بحججه و أدلّته، و حدود فرائضه

ص: 159


1- نظر: تفسير ابن جرير: 1/ 99.
2- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 98- و معاني القرآن للزجاج: 4/ 57- و جمال القراء للسخاوي: 1/ 27- و البرهان للزركشي: 1/ 280.
3- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 24- و انظر جمال القراء للسخاوي: 1/ 28.
4- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 69- و تفسير ابن جزي: 1/ 7- و هو قول أبي عبيدة. انظر مجاز القرآن: 1/ 18- و جمال القراء للسخاوي: 1/ 28.

و سائر معاني حكمه بين المحق و المبطل، و فرقانه بينهما بنصرة المحق و تخذيله المبطل حكما و قضاء. (1)

و أما تأويل اسمه (الكتاب) فالكتاب مصدر من كتب إذا جمع، و منه قيل: كتيبة لاجتماعها، قال سالم بن دارة (2) يهجو ثابت بن رافع الفزاري:

لا تأمننّ فزاريّا خلوت به على قلوصك و اكتبها بأسيار (3) و الكتاب: هو خطّ الكاتب حروف المعجم مجموعة و متفرقة، و سمي كتابا و إنما هو مكتوب كما قال الشاعر:

تؤمّل رجعة منّي و فيهاكتاب مثل ما لصق الغراء

ص: 160


1- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 99.
2- هو سالم بن دارة بن مسافع بن عقبة الجشمي الغطفاني، المعروف بابن دارة، و دارة أمه، شاعر مخضرم أدرك الجاهلية و الإسلام، قتله زميل بن عبد مناف لما هجا ثابت بن رافع الفزاري. انظر: الشعر و الشعراء لابن قتيبة: 253- و خزانة الأدب للبغدادي: 2/ 144.
3- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 24- و تفسير ابن عطية: 1/ 69- و انظر: الشعر و الشعراء: 253- قلت: و منه قيل: تكتّب بنو فلان، أي اجتمعوا. و سمي التنزيل كتابا لما اجتمع فيه من المعاني كالأمر و النهي و المحكم و المتشابه، و الناسخ و المنسوخ، و الحلال و الحرام، و نبأ ما كان و ما يكون .... و لأنه جمع فيه كل شي ء. و قال أو عبيد: سمي كتابا لأنه جمع السور و ضمها. انظر: جمال القراء للسخاوي: 1/ 28.

يعني به مكتوبا. (1)

و أما تأويل اسمه (الذكر): ففيه ثلاثة تأويلات:

الأول: أنه ذكر من اللّه جلّ ذكره، ذكّر به عباده، فعرّفهم فيه حدوده و فرائضه.

قال ابن عطية: ذكر به الناس آخرتهم و إلههم و ما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم. (2)

الثاني: أنه ذكر و شرف و فخر لمن آمن به و صدّق بما فيه، قال تعالى:

وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ [الأحزاب: 44] يعني شرف له و لقومه (3). قال ابن عطية: و لسائر العلماء به. (4)

ص: 161


1- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 99- و تفسير الماوردي: 1/ 24- و قد قال أحمد شاكر في تحقيقه لتفسير ابن جرير: لم أجد هذا البيت في شي ء من المراجع التي بين يدي. و انظر في معنى كتاب: معجم مقاييس اللغة لابن فارس (كتب): 5/ 158- و معاني القرآن للزجاج: 1/ 170.
2- تفسير ابن عطية: 1/ 69- و انظر: جمال القراء للسخاوي: 1/ 31.
3- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 99- و الماوردي: 1/ 24- و ابن عطية: 1/ 69- و جمال القراء للسخاوي: 1/ 31.
4- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 69.

الثالث: سمي بذلك لأن فيه ذكر الأمم الماضية و الأنبياء. (1)

و هناك صفات أخرى وصف اللّه بها تنزيله، هي صفات لا أسماء، كوصفه تعالى تنزيله بالعظيم و الذكر و المتين و العزيز و غير ذلك. (2)

المسألة الثانية: أسماء سور القرآن:

قال ابن جرير الطبري: لسور القرآن أسماء سمّاها بها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. (3)

ثم روى بسنده عن واثلة بن الأسقع، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: أعطاني ربي مكان التوراة السبع الطّول، و مكان الإنجيل المثاني، و مكان الزبور المئين، و فضّلني ربي بالمفصّل. (4)

و بسند آخر عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: أعطيت مكان التوراة السبع الطّول، و أعطيت مكان الزّبور المئين، و أعطيت مكان الإنجيل المثاني،

ص: 162


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 69- و تفسير ابن جزي: 1/ 7.
2- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 7.
3- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 100.
4- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 100- و أورده الماوردي في تفسيره: 1/ 25، و في سنده ليث ابن أبي سليم، قال في التقريب: 2/ 138: صدوق اختلط أخيرا، و لم يتميز حديثه فترك. و انظر: تهذيب الكمال للمزي 24/ 279- و طبقات ابن سعد: 6/ 349- و سير أعلام النبلاء للذهبي: 6/ 179.

و فضّلت بالمفصّل. (1)تفسير ابن جرير: 1/ 102- 103- و تفسير الماوردي: 1/ 26.

و أخرجه أبو عبيد في فضائله: 158- و الحاكم في المستدرك: 2/ 355 و قال: حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه.- و البيهقي في الشعب: (ح 423- 2/ 756) و (ح 424- 2/ 756) و انظر: فتح الباري لابن حجر: 8/ 382- و الزيادة و الإحسان في علوم القرآن لابن عقيلة: 2/ 591 بتحقيقي.

و قد اختلف العلماء في السابعة من الطّول، فعن جماعة هي براءة، و في رواية عند الحاكم أنها الكهف. و نسي الراوي السابعة في الرواية التي أخرجها الحاكم و النسائي و غيرهما عن ابن عباس. و في رواية صحيحة عن ابن أبي حاتم و غيره عن سعيد بن جبير أنها يونس، قال ابن عقيلة: فكأن القائلين بأنها يونس مشوا على ترتيب مصحف أبي و ابن مسعود، فإنها في مصحفيهما هي السابعة من الطّول على اختلاف بينهما في الترتيب .... انظر: جمال القراء للسخاوي: 1/ 34- و البرهان للزركشي: 1/ 244- و الإتقان للسيوطي: 1/ 199 ط البغا.(2)

قال الطبري: (السبع الطّول): البقرة و آل عمران و النّساء و المائدة و الأنعام و الأعراف و يونس في قول سعيد بن جبير.

و بنحوه عن ابن عباس. (2)ا.

ص: 163


1- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 100- و الحديث الذي سبق إسناد آخر لهذا الحديث، و هو إسناد مشكل كما قال أحمد شاكر. و أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: (ح 186 و 187- 22/ 75)- و البيهقي في الشعب: (ح 421- 2/ 751) و (ح 488- 2/ 866) و ذكره ابن كثير في تفسيره 1/ 34 و عزاه لأبي عبيد و قال: غريب و سعيد بن بشير فيه لين. و تعقبه العلامة شاكر فقال: هو تعليل غير محرر، فإن سعيد بن بشير لم ينفرد به بل تأيدت روايته برواية الطيالسي عن أبي العوام عمران بن داور، و هو إسناد صحيح. تفسير ابن جرير: 1/ 100 حاشية
2- و أورده السيوطي في الجامع الصغير، و رمز لحسنه و عزاه للطبراني و البيهقي. قال المناوي: و كذا أحمد. فيض القدير: 1/ 516- و مسند أحمد: 4/ 107 و فضائل القرآن لأبي عبيد: 157.

قال الماوردي: و هو الصحيح. (1)

و إنما سميت هذه السور السبع الطّول لطولها على سائر سور القرآن. (2)

أما (المئون): فهي ما كان من سور القرآن عدد آية مائة آية أو تزيد عليها شيئا أو تنقص عنها شيئا. (3)

أما (المثاني): ففيها ثلاثة تأويلات:

أحدها: ما ثنى المئين فتلاها، و كان المئون لها أوائل، و كان المثاني لها ثواني. قال بعض الشعراء:ا.

ص: 164


1- تفسير الماوردي: 1/ 26.
2- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 103- و تفسير الماوردي: 1/ 26.
3- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 103- و تفسير الماوردي: 1/ 26- و انظر البرهان للزركشي: 1/ 245- و الإتقان للسيوطي: 1/ 199 ط البغا.

حلفت بالسبع اللّواتي طوّلت و بمئين بعدها قد أمئيت

و بمثان ثنّت فكرّرت و بالطّواسين التي قد ثلّثت

و بالحواميم اللّواتي سبّعت و بالمفصّل اللّواتي فصّلت (1) و الثاني: لتثنية اللّه جلّ ذكره فيها الأمثال و الخبر أو العبر (2). و قيل:

الفرائض و الحدود. و هذا قول ابن عباس، و سعيد بن جبير، و قال جماعة يكثر تعدادهم: القرآن كله مثان. (3)

و الثالث: أنها فاتحة الكتاب، لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة (4). و هو قول الحسن البصري، قال الراجز: علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير ج 2 165 المسألة الثانية: أسماء سور القرآن: ..... ص : 162

نشدتكم بمنزل القرآن أمّ الكتاب السبع من مثاني

ثنّين من آي من القرآن و السّبع سبع الطّول الدّواني (5) ص.

ص: 165


1- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 104- و تفسير الماوردي: 1/ 26.
2- في الإتقان: لتثنيته فيها الأمثال بالخبر و العبر. حكاه النكزاوي: 1/ 199 ط البغا.
3- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 103- و تفسير الماوردي: 1/ 26.
4- و قيل بل المثاني مشتق من الثناء، لما في الفاتحة من الثناء على اللّه سبحانه. و قيل لأنها- أي الفاتحة- تثنى بسورة أخرى. و قيل: لأنها نزلت مرتين. انظر: البرهان للزركشي: 1/ 207- و الإتقان للسيوطي: 1/ 152 ط أبو الفضل- و تفسير القرطبي: 1/ 112- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 432 تحقيقي.
5- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 26- و زاد الفراء قولا رابعا فقال: المثاني هي السورة التي آيها أقل من مائة؛ لأنها تثنّى- أي تكرر- أكثر مما يثنى الطّول و المئون. انظر: الإتقان للسيوطي: 1/ 199 ط البغا. و في جمال القراء للسخاوي: 1/ 35 هي السّور التي ثنيت فيها القصص.

و أما (المفصل) فإنها سميت مفصّلا لكثرة الفصول التي بين سورها ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (1).

قال الماوردي: و سمي المفصل محكما لما قيل: إنه لم ينسخ شي ء منه (2).

و اختلفوا في أول المفصل على ثلاثة أقوال:

أحدها: و هو قول الأكثرين أنه سورة «محمد صلى اللّه عليه و سلم» إلى سورة الناس.

و الثاني: أنه من سورة «ق» إلى الناس. حكاه عيسى بن عمر عن كثير من الصحابة.

و الثالث: أنه من سورة «الضحى» إلى الناس، و هو قول ابن عباس، و كان يفصل في سورة الضحى بين كل سورتين بالتكبير على رأي قراء مكة. (3)

ص: 166


1- انظر تفسير ابن جرير: 1/ 104- و تفسير الماوردي: 1/ 26- و انظر: جمال القراء للسخاوي: 1/ 35.
2- روى البخاري في صحيحه و غيره عن سعيد بن جبير قال: إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم. البخاري، كتاب: فضائل القرآن، باب: تعليم الصبيان القرآن: 6/ 110- و المسند للإمام أحمد: 253.
3- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 26- 27- و انظر: جمال القراء للسخاوي: 1/ 35 و الإتقان للسيوطي: 1/ 200 ط البغا. قلت: و اختلف أهل العلم في أول المفصل على اثني عشر قولا كما أفاد السيوطي في إتقانه، و صحح النووي أن أول المفصل سورة «الحجرات». و هو- أي المفصل- ثلاثة أقسام: طوال، و أوساط، و قصار، و في تعيينها خلاف. انظر في ذلك: الإتقان للسيوطي: 1/ 200 ط البغا- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 599 بتحقيقي.- و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 345.

الموضوع السادس فضائل القرآن و خواصه و آداب تلاوته

اشارة

تناول هذا الموضوع في مقدمته الواحدي (1)، و البغوي (2)، و ابن عطية (3)، و القرطبي (4)، و الخازن (5)، و ابن جزي (6)، و أبو حيان (7)، و ابن كثير (8)، و أولاه

ص: 167


1- انظر: تفسيره: 1/ 49.
2- انظر: تفسيره: 1/ 38- 41.
3- انظر: تفسيره: 1/ 14- 26.
4- انظر: تفسيره: 1/ 2- 4- 10- 17- 20- 22- 26- 27- 39- 54- 61- 78.
5- انظر: تفسير: 1/ 4- 6.
6- انظر: تفسيره: 1/ 3- 24.
7- انظر: تفسيره: 1/ 23.
8- انظر: تفسيره: 1/ 12.

القرطبي من بين المذكورين عناية خاصة، فشغلت حيزا كبيرا من مقدمته، و فيه عدة مسائل:

المسألة الأولى: في التنبيه على أحاديث ضعيفة وضعت في الفضائل :

المسألة الأولى: في التنبيه على أحاديث ضعيفة وضعت في الفضائل (1)

نبه القرطبي- يرحمه اللّه- في مقدمته إلى أمر هام، حين ذكر أن جماعة من الوضاعين، وضعوا أحاديث مكذوبة، و أخبار مختلفة، في الفضائل عامة و في فضائل القرآن خاصة، و نسبوا ذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و كبار الصحابة و سلف الأمة، و بيّن اختلاف مقاصد و أغراض تلك الجماعات (2).

و قد انتشرت تلك الموضوعات بين عامة المسلمين، و تناقلها القصاص، و وجدت في ثنايا كتب بعض المنتسبين للعلم دون التنبيه عليها.

و كان لهذا الإفك أغراض عديدة فمنها:

1- إيقاع الشك ببعض أمور الدين في قلوب الناس، كما فعل قوم من الزنادقة أمثال المغيرة بن سعيد الكوفي، و محمد بن سعيد الشامي

ص: 168


1- قدمت هذا الفصل بهذه المسألة، و قد أخرها القرطبي فذكرها في خاتمة مقدمته، و ذلك لتنبيه القارئ، إلى خطورة هذا الأمر، و من ثم ليولي انتباها خاصا لدرجة الأحاديث و الآثار التي قد تمر به في هذا الباب. فإن المحفوظ عند الخاصة و العامة من الأحاديث الموضوعة و الضعيفة في الفضائل تفوق الصحيحة و اللّه أعلم.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 78- و انظر: المجروحين لابن حبان: 1/ 62- 85.

المصلوب و غيرهما، فقد افترى هذا الأخير على أنس بن مالك أنه قال في قوله صلى اللّه عليه و سلم: «أنا خاتم الأنبياء، لا نبي بعدي.» فزاد الراوي: «إلا ما شاء اللّه» لما كان يدعو إليه من الإلحاد و الزندقة. (1)

2- ما وضع تبعا للهوى، كما فعلت الخوارج، قال أحد شيوخهم بعد أن منّ اللّه عليه بالتوبة: إن هذه الأحاديث دين فانظروا ممن تأخذون دينكم، فإنا كنا إذا هوينا أمرا صيّرناه حديثا. (2)

3- ما وضع حسبة من بعض جهلة المسلمين، يريدون به حسب زعمهم ترغيب الناس في الفضائل (3)، كما فعل نوح بن أبي مريم المروزي المعروف بأبي عصمة (4)، و كما فعل محمد بن عكاشة الكرماني و غيرهما،

ص: 169


1- المرجع السابق: 1/ 78- أورده ابن الجوزي في الموضوعات: 1/ 279- 377- و السيوطي في اللئالئ المصنوعة: 1/ 137- و الشوكاني في الفوائد المجموعة: 320 و قال: رواه الجوزقاني.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 78- و كتاب المجروحين لابن حبان: 1/ 82.
3- قال النووي: أعظمهم ضررا قوم ينسبون إلى الزهد، وضعوه حسبة في زعمهم. تدريب الراوي للسيوطي: 1/ 282 ط دار الكتب الحديثة.
4- هو قاضي مرو، كان يعرف بالجامع لجمعه العلوم، كذبوه في الحديث قال ابن المبارك: كان يضع الحديث. انظر ترجمته: المجروحين لمحمد بن حبان البستي: 3/ 48- و الضعفاء الكبير للذهبي: 4/ 304- و الكامل في الضعفاء لابن عدي: 7/ 2505.

و قد قيل لأبي عصمة: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضل سور القرآن سورة سورة؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن و اشتغلوا بفقه أبي حنيفة و مغازي ابن إسحاق؛ فوضعت هذا الحديث حسبة. (1)

4- ما وضع من بعض السؤّال و المكدّين، يقصدون به جمع المال، فيقفون في المساجد و يضعون لكل مجلس ما يوافق هواهم، ليعطوهم، و قد يضعون لموضوعاتهم أسانيد صحيحة حفظوها، و من ذلك القصة المشهورة في أجر من قال: لا إله إلا اللّه، و التي ذكرها جعفر بن محمد الطيالسي (2)، عن القاص الذي نسب إلى ابن حنبل و ابن معين ما لم يقولاه، و أوردها القرطبي بطولها في مقدمته. (3)

و غير ذلك من الأغراض و الأهداف، التي تناولها الوعيد الوارد في قوله صلى اللّه عليه و سلم: اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ

ص: 170


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 78- تدريب الراوي للسيوطي: 1/ 282 ط دار الكتب الحديثة.
2- هو جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي، حافظ مجود، ثبت ثقة، اشتهر بالإتقان و الحفظ و الصدق، توفي (282 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 13/ 346- و تاريخ بغداد للخطيب: 7/ 188.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 79- و انظر: كتاب المجروحين لابن حبان: 1/ 85.

مقعده من النار. (1)

قال القرطبي: و لو اقتصر الناس على ما ثبت في الصحاح و المسانيد و غيرها من المصنفات التي تداولها العلماء، و رواها الأئمة الفقهاء، لكان لهم في ذلك غنية، و خرجوا عن تحذيره صلى اللّه عليه و سلم. (2)

المسألة الثانية: في ذكر شي ء من فضائل القرآن:

اشارة

ذكر المفسرون في مقدماتهم كثيرا من الأحاديث و الآثار و أخبار السلف و عاداتهم مع القرآن، و تفاوتت درجات المرويات بين الصحيح الثابت و بين الضعيف المردود، و غالب تلك المرويات هي مما حفلت به كتب التفسير و الفضائل، و أرى أن الاقتصار على ذكر نماذج منها في هذا الموضع هو الأسلم.

و في هذه المسألة عدة مطالب:

المطلب الأول: فضل الاعتصام بكتاب اللّه:

ص: 171


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 80- و الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند: (ح 2675- 4/ 235) و قال شاكر: إسناده ضعيف، لضعف عبد الأعلى الثعلبي. و هو في المجمع: 1/ 146 و نسبه للطبراني و أعله بعبد الأعلى. و أصله في البخاري، كتاب العلم، باب: إثم من كذب على النبي صلى اللّه عليه و سلم: 1/ 35.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 80.

روى الواحدي بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إني قد خلّفت فيكم شيئين لن تضلوا أبدا ما أخذتم بهما، و عملتم بما فيهما، كتاب اللّه عزّ و جلّ، و سنتي، و لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض. (1)

و أخرج البغوي بسنده عن عمر بن الخطاب أنه قال: أما إن نبيكم صلى اللّه عليه و سلم قال: إن اللّه تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما و يضع به آخرين. (2) قال البغوي: صحيح أخرجه مسلم عن زهير بن حرب (3).

ص: 172


1- تفسير الواحدي: 1/ 50- و أخرجه الحاكم في المستدرك: 1/ 93 و سكت عنه- و أبو بكر الشافعي في الغيلانيات كما ذكر السيوطي و ابن عقيلة، و أشار السيوطي إلى حسنه، و صححه الألباني صحيح الجامع الصغير: (ح 3227- 3/ 111). و قال المناوي:، و رواه عنه أيضا الدارقطني باللفظ المذكور و فيه- كما قال- الفريابي صالح بن موسى ضعفوه، و عنه داود بن عمر الضبي قال أبو حاتم: منكر الحديث. انظر: فيض القدير: 3/ 443، و انظر الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 642- و رواه أحمد في المسند: 3/ 17- 26 عن أبي سعيد- و ذكره الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي و السامع: 1/ 111.
2- تفسير البغوي: 1/ 40- و أورده الخازن في تفسيره: 1/ 4- و هو في مسلم، كتاب: صلاة المسافرين، باب: فضل من يقوم بالقرآن و يعلمه: 1/ 559.
3- هو زهير بن حرب بن شداد الحرشي، أبو خيثمة، محدث حافظ حجة، صاحب تصانيف مشهورة، توفي (234 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 11/ 489- و تاريخ بغداد للخطيب: 8/ 482.

و عن زيد بن أرقم (1) قال: قام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى (خما) بين مكة و المدينة، فحمد اللّه و أثنى عليه و وعظ و ذكر ثم قال:

أما بعد: ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، و إني تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب اللّه، فيه الهدى و النور، فخذوا بكتاب اللّه و استمسكوا به. فحثّ على كتاب اللّه و رغب فيه، ثم قال: و أهل بيتي، أذكركم اللّه في أهل بيتي. و زاد في رواية: كتاب اللّه فيه الهدى و النور من استمسك به و أخذ به كان على الهدى، و من أخطأه ضلّ. (2)

و أخرج البغوي بسنده عن الحارث الأعور (3) قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث، فدخلت على علي- رضي اللّه عنه- فقلت: يا أمير المؤمنين أ لا ترى أن الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال: أو قد فعلوها؟ قلت: نعم. قال: أما إني قد سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إلا

ص: 173


1- هو زيد بن أرقم بن زيد الأنصاري الخزرجي، روى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، و عن علي بن أبي طالب و عنه أنس بن مالك و غيره، غزا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سبع عشرة غزوة، توفي (66 ه) انظر: الإصابة لابن حجر: 1/ 560- و تهذيب الكمال للمزي: 10/ 9.
2- تفسير الخازن: 1/ 4- و الحديث في صحيح مسلم، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل علي بن أبي طالب: 4/ 1870- و ذكر ابن عطية نحوه: 1/ 14- و أبو حيان في تفسيره: 1/ 24 و غيرهم.
3- هو الحارث بن عبد اللّه بن كعب الهمداني الكوفي الأعور، فقيه، كثير العلم، لين الحديث، تكلم فيه، و كان غاليا في التشيع. توفي (65 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 152- و شذرات الذهب لابن العماد: 1/ 73.

إنها ستكون فتنة. قلت: ما المخرج منها يا رسول اللّه؟ قال: كتاب اللّه، فيه نبأ ما قبلكم، و خبر ما بعدكم، و حكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه اللّه، و من ابتغى الهدى في غيره أضله اللّه، و هو الذكر الحكيم، و هو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، و لا تلبس به الألسنة، و لا تشبع منه العلماء، و لا يخلق عن كثرة الرد، و لا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ [الجن: 1- 2] من قال به صدق، و من عمل به أجر، و من حكم به عدل، و من دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم. خذها إليك يا أعور.

قال أبو عيسى: هذا لا نعرفه إلا من هذا الوجه، و إسناده مجهول، و الحارث فيه مقال (1).م.

ص: 174


1- تفسير البغوي: 1/ 39. و أورده ابن عطية بنحوه في تفسيره: 1/ 13- و القرطبي في تفسيره: 1/ 5 و قال: الحارث رماه الشعبي بالكذب و ليس بشي ء، و لم يبن من الحارث كذب، و إنما نقم عليه إفراطه في حب عليّ و تفضيله له على غيره. و من هاهنا- و اللّه أعلم- كذّبه الشعبي؛ لأن الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر، و إلى أنه أول من أسلم. قال ابن عبد البر: و أظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني: حدثني الحارث و كان أحد الكذابين. اه- و الخازن في تفسيره: 1/ 12، و أخرجه الترمذي في سننه: (ح 3070- 4/ 245) و قال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات و إسناده مجهول، و في الحارث مقال. و هو في سنن الدارمي: (ح 3334- 2/ 312)- و أخرجه الفريابي في فضائله: (ح 80- 184)- و ابن أبي شيبة في مصنفه بنحوه عن علي: 10/ 482- و انظر جامع الأصول: 2/ 461. و قد عقب الحافظ ابن كثير في فضائل القرآن: ص، 5 على قول الترمذي السابق فقال: لم يتفرد بروايته حمزة بن حبيب الزيات، بل قد رواه محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي عن الحارث الأعور فبرئ حمزة من عهدته، على أنه و إن كان ضعيف الحديث فإنه إمام في القراءة، و الحديث مشهور من رواية الحارث الأعور، و قد تكلموا فيه بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه و اعتقاده، أما أنه تعمد الكذب في الحديث فلا، قال: و قصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي- رضي اللّه عنه- و قد و هم بعضهم في رفعه و هو كلام حسن صحيح على أنه قد روي له شاهد عن عبد اللّه ابن مسعود- رضي اللّه عنه- عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
المطلب الثاني: في ذكر شي ء مما جاء في فضل تعلم القرآن و تعليمه:

أخرج البغوي بسنده و غيره عن أنس عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يقول: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجّة طعمها طيب و ريحها طيب، و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، طعمها طيب و لا ريح لها، و مثل الفاجر الذي يقرأ القرآن، كمثل الريحانة ريحها طيب و لا طعم لها، و مثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر و لا ريح لها. (1)

ص: 175


1- تفسير البغوي: 1/ 42 و قال: صحيح أخرجه البخاري عن قتيبة عن أبي عوانة عن قتادة- و انظر: تفسير القرطبي: 1/ 6، 7- الخازن: 1/ 5- و ابن جزي: 1/ 24- و هو في صحيح البخاري: كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل القرآن على سائر الكلام: 6/ 107، و باب: من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به: 6/ 115، و في الطعام: 6/ 207، و التوحيد: 8/ 128- و في صحيح مسلم، كتاب: صلاة المسافرين، باب: فضيلة حافظ القرآن: (ح 797- 1/ 549)- و الإمام أحمد في المسند، انظر الفتح الرباني للساعاتي: 18/ 12- و الترمذي في سننه: (ح 3025- 4/ 227)- و النسائي في فضائل القرآن: (ح 106- 111)- و البيهقي في الشعب: (ح 39- 1/ 103).

و أخرج البغوي بسنده عن ابن مسعود قال: إن هذا القرآن مأدبة اللّه فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل اللّه و النور المبين و الشفاء النافع و عصمة لمن تمسك به و نجاة لمن تبعه، لا يزيغ فيستعتب، و لا يعوج فيقوم، و لا تنقضي عجائبه، و لا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه فإن اللّه عزّ و جلّ يأجركم على تلاوته، بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول الم* حرف، و لكن الألف حرف، و اللام حرف، و الميم حرف.

و هو في الخازن بلفظ: من قرأ حرفا من كتاب اللّه فله حسنة، و الحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم* حرف، و لكن ألف حرف .... الحديث (1).

و أخرج البغوي بسنده أيضا عن عثمان عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: خيركم).

ص: 176


1- تفسير البغوي: 1/ 40- و هو في القرطبي بألفاظ متقاربة: 1/ 5 و عزاه لابن الأنباري في الرد على من خالف مصحف عثمان.- و هو في الخازن: 1/ 5- و في تفسير أبي حيان: 1/ 24- و لفظ البغوي أخرجه الدارمي في سننه: 2/ 431، و لفظ الخازن أخرجه الترمذي في سننه: (ح 2910- 5/ 175) و قال: حديث حسن صحيح غريب- و أخرجه الحاكم في المستدرك: 1/ 556 و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه- و ابن الضريس في فضائل القرآن: (ح 59- 46)- و أبو عبيد في فضائل القرآن: (ح 23- 12)- و ابن المبارك في الزهد: (ح 808- 279).

من تعلم القرآن و علّمه. و في رواية زيادة: فإن اللّه يرفع بهذا القرآن أقواما و يضع آخرين (1).

و أخرج بسنده أيضا عن عائشة- رضي اللّه عنها- عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: مثل الماهر بالقرآن مثل السفرة الكرام البررة، و مثل الذي يقرؤه و هو عليه شاق له أجران. (2)

قال القرطبي: التتعتع: التردد في الكلام عيا و صعوبة؛ قال: و إنما كان له أجران من حيث التلاوة و من حيث المشقة، و درجات الماهر فوق ذلك كله؛ لأنه قد كان القرآن متعتعا عليه، ثم ترقى عن ذلك إلى أن شبه بالملائكة. (3)

ص: 177


1- تفسير البغوي: 1/ 39- و انظر: تفسير القرطبي: 1/ 6- و الخازن: 1/ 5- و ابن جزي: 1/ 24- و أبا حيان: 1/ 24 بلفظ (أفضلكم)- و بوب عليه البخاري في صحيحه، و بهما وردت الرواية عنده، كتاب: فضائل القرآن، باب: خيركم من تعلم القرآن و علّمه: 6/ 108.
2- تفسير البغوي: 1/ 41 و قال: صحيح. و أورده ابن عطية بنحوه: 1/ 18- و القرطبي: 1/ 7- و ابن جزي: 1/ 24- و هو في البخاري: كتاب: التفسير، سورة «عبس»: 6/ 81، و بوب عليه البخاري في صحيحه كتاب التوحيد، باب: (52): 8/ 142، و صحيح مسلم، كتاب: صلاة المسافرين، باب: فضل الماهر بالقرآن: (ح 798- 1/ 549)، و أخرجه غيرهما. و انظر: الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 669.
3- تفسير القرطبي: 1/ 7.

و عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- قال: قال رجل: يا رسول اللّه صلى اللّه عليك و سلم، أي الأعمال أحب إلى اللّه؟ قال: الحال المرتحل.

قال: و ما الحال المرتحل؟ قال: الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حلّ ارتحل. (1)

المطلب الثالث: ذكر شي ء مما جاء في فضل حامل القرآن:

أخرج البغوي بسنده عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إنّ الرجل الذي ليس في جوفه شي ء من القرآن كالبيت الخرب. (2)

ص: 178


1- تفسير الخازن: 1/ 5- و أخرجه الترمذي في سننه، كتاب: القراءات، باب: (13): (ح 2948- 5/ 197) و قال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه و إسناده ليس بالقوي. و ذكره من طريق آخر عن زرارة بن أوفى و قال: هذا عندي أصح.- و أخرجه الحاكم في المستدرك: 1/ 568 و قال: تفرد به صالح المري، و هو من زهاد أهل البصرة إن الشيخين لم يخرجاه. قال الذهبي في التلخيص: صالح المري متروك.- و أخرجه البيهقي في الشعب: (66- 1/ 159)- و ابن جزي في النشر: 2/ 446 و انظر: تفسير (رواه الترمذي مرسلا، و قال: إنه أصح. ا ه. و قطع بصحته أبو محمد المكي، و سكت عليه البيهقي في الشعب فلم يذكر فيه ضعفا كعادته، و ضعفه أبو شامة من قبل صالح المري.).
2- تفسير البغوي: 1/ 41- و انظر: تفسير الخازن: 1/ 5- و أخرجه الترمذي في سننه، كتاب: أبواب فضائل القرآن، باب: (18): (ح 2913- 5/ 177) و قال: حديث حسن صحيح.- و أخرجه الحاكم في المستدرك: 1/ 557 و قال: صحيح الإسناد. و تعقبه الذهبي في التلخيص و قال: قابوس فيه لين. قال أحمد شاكر في مسند الإمام أحمد: 3/ 290: إسناده صحيح، و قابوس بن أبي ظبيان سبق أن ضعفناه في الحديث رقم (888) و لكن رأينا أن بعض الأئمة و ثقة كابن معين و يعقوب بن سفيان، و أن الترمذي و الحاكم يصححان حديثه، فاستدركنا و رجعنا إلى توثيقه. و أورده السيوطي في الجامع الصغير، و عزاه للترمذي و الحاكم و أحمد و رمز لصحته، و قال المناوي: قال الترمذي: حسن صحيح، و قال الحاكم: صحيح. وفاتهما أن فيه قابوس بن أبي ظبيان ضعيف كما بينه ابن القطان، و الراوي عن قابوس جرير، و فيه مقال، فالصحة له محال، و من ثم استدركه الذهبي على الحاكم، و قال: قابوس لين، و قال النسائي: غير قوي. فيض القدير: 2/ 382- و الحديث ذكره المنذري في الترغيب و الترهيب: 2/ 359- و النووي في التبيان: 20- و هو في كنز العمال للهندي: 1/ 553.

و أورد القرطبي عن ابن الأنباري بسنده عن علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من قرأ القرآن و تلاه و حفظه أدخله اللّه الجنة و شفّعه في عشرة من أهل بيته كلّ قد وجبت له النار. (1)

ص: 179


1- تفسير القرطبي: 1/ 9- و انظر: تفسير الخازن: 1/ 6 بنحوه، و عزاه للترمذي. و هو في الترمذي، كتاب: أبواب فضائل القرآن، باب: ما جاء في فضل قارئ القرآن: (ح 3069- 4/ 345) و قال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، و ليس له إسناد صحيح، و حفص بن سليمان أبو عمر البزار- من رجال السند- كوفي يضعف في الحديث. قال ابن حجر في التقريب: 1/ 186: هو حفص بن أبي داود القارئ، صاحب عاصم، و يقال له حفيص متروك الحديث مع إمامته في القراءة ... و أورده القرطبي في التذكار: 55 و قال: و إن كان في إسناده مقال فإن العلماء مجمعون على القول به، و هو في المشكاة للتبريزي: 1/ 660- و الترغيب و الترهيب للمنذري: 3/ 355- و كنز العمال للهندي: 1/ 52.

و أخرج البغوي بسنده عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: يقال لصاحب القرآن: اقرأ و ارتق، و رتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها. (1)

و أورد ابن عطية عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: أشراف أمتي حملة القرآن. (2)

و أخرج البغوي بسنده عن مشرح بن هاعان، قال: سمعت عقبة بن عامر يقول: سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول: لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار.).

ص: 180


1- تفسير البغوي: 1/ 42- و عزاه للترمذي- و انظر: تفسير القرطبي: 1/ 8 و عزاه لأبي داود.- و الخازن: 1/ 18- و أخرجه الترمذي في سننه، كتاب: فضائل القرآن، باب:(18): (ح 2914- 5/ 177) و قال: حديث حسن صحيح.- و أبو داود في سننه: (ح 1464- 2/ 73)، و الحاكم في المستدرك: 1/ 553 و صححه. و الآجري في أخلاق أهل القرآن: (ح 9- 48) و في مواضع أخرى.
2- تفسير ابن عطية: 1/ 17- و أخرجه البيهقي في الشعب: (ح 684- 3/ 1142)- و الطبراني في الكبير: (ح 13662- 12/ 125) بشطره الأول: قال الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/ 161: و فيه سعد بن سعيد الجرجاني، و هو ضعيف.- و أخرجه ابن عدي في الكامل في الضعفاء: 3/ 1194- و السهمي في تاريخ جرجان: 218- قال الذهبي في الميزان: 2/ 121: و أما حديث حملة القرآن فرواه- سعد بن سعيد- عن نهشل و هو هالك.- و ذكره المنذري في الترغيب: (ح 27- 1/ 431).

قال البغوي: قيل معناه: من حمل القرآن و قرأه لم تمسه النار يوم القيامة. (1)ي.

ص: 181


1- و قال أبو عبيد: أراد بالقرآن قلب المؤمن الذي قد وعى القرآن. تفسير البغوي: 1/ 39. أخرجه أحمد في المسند: 4/ 151- 155- و أبو عبيد في فصائله: (ح 14- 8) و الطبراني في الكبير: (ح 850- 17/ 308)- و الدارمي في سننه: (ح 3313- 2/ 309)- و أبو يعلى في المسند: 3/ 284- و البغوي في شرح السنة: (ح 1180- 4/ 436)- و ابن عدي في الكامل: 6/ 2460- و أورده الهيثمي في المجمع: 7/ 158، و قال: فيه ابن لهيعة، و فيه خلاف. و ذكره الحافظ السيوطي في الجامع الصغير، و عزاه للطبراني عن عقبة بن عامر، و عن عصمة بن مالك و رمز لضعفه. قال المناوي: قال الهيثمي: فيه عبد الوهاب بن الضحاك و هو متروك. قال: و قضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أشهر و لا أعلى من الطبراني، و كأنه ذهول، فقد خرجه الإمام أحمد عن عقبة، و رواه عن عقبة أيضا الدارمي،- قال الحافظ العراقي: و فيه ابن لهيعة- و ابن عدي و البيهقي في الشعب عن عصمة المذكور و ابن عدي عن سهل بن سعد- قال العراقي: و سنده ضعيف- و قال ابن القطان: فيه من كان يلقن- و قال الصدر المناوي: فيه عند أحمد ابن لهيعة عن مشرح و لا يحتج بحديثهما عن عقبة. ا ه. قال المناوي: لكنه يتقوى بتعدد طرقه، فقد رواه أيضا ابن حبان عن سهل بن سعد، و رواه البغوي في شرح السنة و غيره. فيض القدير: 5/ 324- و انظر: مجمع الزوائد: 7/ 158- و التذكار للقرطبي: 63- و الحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: (ح 5158- 5/ 66)- و انظر: الزيادة و الإحسان لابن عقيلة المكي: 2/ 655 تحقيقي.
المطلب الرابع: ذكر شي ء مما جاء في فضل بعض سور القرآن:

أخرج البغوي بسنده عن أبي سلام عن أبي أمامة أنه حدّثه قال: سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول: اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرءوا الزهراوين البقرة و آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صوافّ تحاجّان عن أصحابهما. اقرءوا البقرة فإن أخذها بركة و تركها حسرة، و لا يستطيعها البطلة. (1)

و عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة. (2)

ص: 182


1- تفسير البغوي: 1/ 42 و قال: صحيح. و أورده ابن جزي بنحوه: 1/ 25- و الحديث أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب: صلاة المسافرين و قصرها، باب: فضل قراءة القرآن و سورة البقرة: 1/ 553- و الترمذي في سننه، كتاب: أبواب فضائل القرآن، باب: ما جاء في آل عمران: (ح 2883- 5/ 160) و قال: حديث حسن غريب- و البيهقي في الشعب: (ح 381- 2/ 684).
2- ذكره ابن جزي في تفسيره: 1/ 25- و أخرجه أبو عبيد في فضائله: (ح 409- 159)- و أحمد في المسند: 2/ 284 و 337- و في الباب عن أنس و ابن مسعود و عبد اللّه بن مغفل، بلفظ: الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة. و هو في الزيادة و لإحسان لابن عقيلة: 3/ 727 حاشية: (3 و 4 و 5) تحقيقي.

و عن أبي بن كعب قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يا أبا المنذر أ تدري أيّ آية من كتاب اللّه معك أعظم؟ قال: قلت: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة: 255] قال: فضرب في صدري و قال: و اللّه! ليهنك العلم يا أبا المنذر. (1)

و عن أبي الدرداء أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم الدجال. (2)

و عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تعدل ثلث القرآن. (3)).

ص: 183


1- ذكره ابن جزي في تفسيره: 1/ 25- و الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: صلاة المسافرين و قصرها، باب: فضل سورة الكهف و آية الكرسي: 1/ 556.
2- ذكره ابن جزي في تفسيره: 1/ 25- و الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: صلاة المسافرين و قصرها، باب: فضل سورة الكهف و آية الكرسي: 1/ 555- و ابن السني في عمل اليوم و الليلة: (ح 681- 251) و البغوي في شرح السنة: (ح 1204 4/ 269)- و البيهقي في الشعب: (ح 449- 2/ 796) و أورده القرطبي في التذكار: 247.
3- ذكره ابن جزي في تفسيره: 1/ 25- أورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 414 و عزاه لأبي عبيد و أحمد و مسلم و ابن الضريس و النسائي، كلهم عن أبي الدرداء. و هو عند مسلم، كتاب: صلاة المسافرين، باب: فضل قراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ: 1/ 557- و هو في الموطأ لمالك: 1/ 208- و سنن الدارمي: (ح 3435- 2/ 330)- و مصابيح السنة للبغوي: (ح 1555- 2/ 124).

و عن عقبة بن عامر (1) قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أ لم تر آيات أنزلت اللّيلة لم ير مثلهنّ قطّ؟ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (2).

المسألة الثالثة: ما يلزم قارئ القرآن الأخذ به و عدم الإغفال عنه:

فأول ما يلزم قارئ القرآن إخلاص النية للّه. و الابتعاد عن الرياء و المباهاة: قال تعالى: وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً [النساء: 36] و قال تعالى: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف: 110].

و في الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتي به فعرّفه نعمه .... إلى أن قال: و رجل تعلّم العلم و علّمه، و قرأ القرآن فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟

قال: تعلّمت العلم و علّمته و قرأت فيك القرآن. قال: كذبت، و لكنك

ص: 184


1- هو عقبة بن عامر بن عيسى بن عدي الجهني، يكنى أبا حماد، قارئ عالم بالفقه و الفرائض، اشتهر بحسن صوته في قراءة القرآن، تولى إمرة مصر من قبل معاوية، توفي سنة (58 ه). انظر تهذيب التهذيب لابن حجر: 7/ 242- و أسد الغابة لابن عبد البر: 3/ 421.
2- ذكره ابن جزي في تفسيره: 1/ 25- و هو في صحيح مسلم: كتاب: صلاة المسافرين و قصرها، باب: فضل قراءة المعوذتين: 1/ 558.

تعلّمت العلم ليقال عالم، و قرأت القرآن ليقال قارئ، فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار .... الحديث.

و أورده الترمذي و زاد فقال: ثم ضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على ركبتي فقال: يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أوّل خلق اللّه تسعّر بهم النّار يوم القيامة. (1)

قال ابن عبد البر: و هذا الحديث فيمن لم يرد بعلمه و عمله وجه اللّه تعالى. (2)

و أخرج أبو داود و الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من تعلم علما مما يبتغى به وجه اللّه لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة (3).

و قال سفيان بن عيينة: بلغنا عن ابن عباس أنه قال: لو أنّ حملة).

ص: 185


1- تفسير القرطبي: 1/ 17- و هو في صحيح مسلم، كتاب: الإمارة، باب: من قاتل للرياء و السمعة: 3/ 1513- و الترمذي، كتاب: الزهد، باب: ما جاء في الرياء و السمعة: 4/ 591 و قال: حسن غريب.
2- تفسير القرطبي: 1/ 18.
3- تفسير القرطبي: 1/ 19- أخرجه أبو داود في سننه، كتاب: العلم، باب: في طلب العلم لغير اللّه: (ح 3664- 3/ 323)- و ابن ماجة في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم و العمل به: (ح 252- 1/ 92).

القرآن أخذوه بحقه و ما ينبغي لأحبهم اللّه، و لكن طلبوا به الدنيا فأبغضهم اللّه، و هانوا على الناس. (1)

أخرج البغوي بسنده عن خيثمة (2) عن رجل أن عمران بن حصين مر على رجل يقرأ على قوم فلما قرأ سأل، فقال عمران: إنا للّه و إنا إليه راجعون، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: من قرأ القرآن فليسأل اللّه عزّ و جلّ به، فإنه سيجي ء أقوام يقرءون القرآن يسألون الناس به. (3)ي.

ص: 186


1- تفسير القرطبي: 1/ 20. تفسير القرطبي: 1/ 20.
2- هو خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الكوفي لأبيه و لجده صحبة، ثقة صالح، توفي (80 ه). انظر: طبقات خليفة: 156- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 3/ 178.
3- تفسير البغوي: 1/ 44- و أخرجه أحمد في المسند: 1/ 432- 436- و الآجري في أخلاق حملة القرآن: (ح 21- 106)- و ابن أبي شيبة في المصنف: 10/ 480- و البيهقي في الشعب: (ح 621- 622- 623-: 2/ 1061) من عدة طرق- و الترمذي في سننه، كتاب: فضائل القرآن، باب (20): 5/ 179 و قال: حديث حسن ليس إسناده بذاك. و أورده النووي في التبيان: 44. و قد اختلف العلماء في أخذ الأجرة على تعليم القرآن و التكسب به، فمنهم من منعه مطلقا كالزهري و أبي حنيفة، و منهم من أباحه إن لم يشترط كالحسن البصري و الشعبي و ابن سيرين، و منهم من أجازه كعطاء و مالك و الشافعي. و احتاط بعضهم فرأى أن يشترط للحفظ و تعليم الكتابة. و يراجع في هذه المسألة معالم السنن للخطابي:-- 5/ 70 و التبيان للنووي: 44- و البرهان للزركشي: 1/ 475- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 3/ 909 هامش (1) تحقيقي.

فيجب على قارئ القرآن الذي يطلب علمه أن يبادر بإخلاص النية، و أن يتقي اللّه في عمله، لينتفع به و ينفع. و لا يضير كونه بدأ يريد به المباهاة و الشرف في الدنيا، فإنه بطلب العلم و فهمه يتبين له خطأه، و يظهر له الحق، قال الحسن البصري: كنا نطلب العلم للدنيا فجرّنا إلى الآخرة (1). و قال سفيان الثوري مثل ذلك. و عن حبيب بن أبي ثابت (2): طلبنا هذا الأمر و ليس لنا فيه نية ثم جاءت النية. (3)

و مما يلزم قارئ القرآن معرفته أيضا، أن يستشعر من فضل القرآن الكريم أنه كلام اللّه رب العالمين، و أنه غير مخلوق، كلام من ليس كمثله شي ء، و صفة من ليس له شبيه و لا ندّ، و أن يعلم أن القراءة أصوات القراء و نغماتهم.

و من ذلك أيضا أن يتعاهد القرآن بالقراءة خشية الإفلات، في ليله و نهاره، فقد ورد الوعيد الشديد في حق من أهمله حتى نسيه، و من ذلك ما أخرجه الشيخان عن أبي موسى الأشعري- رضي اللّه عنه- أنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: تعاهدوا هذا القرآن، فو الّذي نفس محمد بيده لهو أشدّ

ص: 187


1- تفسير القرطبي: 1/ 22.
2- هو حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار القرشي الأسدي، إمام حافظ فقيه، حدّث عن ابن عمرو ابن عباس و غيرهما، أخرج له البخاري و غيره، توفي (119 ه). انظر طبقات خليفة: 159- و سير أعلام النبلاء للذهبي: 5/ 288.
3- تفسير القرطبي: 1/ 22.

تفلّتا من الإبل في عقلها. (1)

و عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقّلة، إن عاهد عليها أمسكها، و إن أطلقها ذهبت. (2)

ص: 188


1- تفسير الخازن: 1/ 6- و هو في البخاري، كتاب: فضائل القرآن، باب: استذكار القرآن و تعاهده: 6/ 111- و في مسلم: كتاب صلاة المسافرين و قصرها، باب: فضائل القرآن و ما يتعلق به: 1/ 545. قلت: هذا الحديث يشير فيه الرسول صلى الله عليه و سلم إلى أن من تمام و كمال تعظيم القرآن الحرص على عدم نسيانه، و التشبيه بليغ، فكما يخشى على الإبل أن تفلت إن لم تجد الرعاية و العناية، كذلك يخشى على القرآن. و قد اختلف أهل العلم في حكم نسيان القرآن، فمنهم من جعل ذلك من الكبائر، أخرج أبو عبيد من طريق الضحاك بن مزاحم موقوفا قال: ما من أحد يتعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه، لأن اللّه يقول: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى: 30] و نسيان القرآن من أعظم المصائب. و نقل الحافظ ابن حجر عن ابن هبيرة قوله: رفض القرآن بعد حفظه جناية عظيمة. و عن القرطبي قوله: من حفظ القرآن أو بعضه فقد علت رتبته بالنسبة إلى من لم يحفظه، فإذا أخلّ بهذه الرتبة الدينية حتى تزحزح عنها ناسب أن يعاقب على ذلك، فإن ترك معاهدة القرآن يفضي إلى الرجوع إلى الجهل و الرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد. فتح الباري: 9/ 86 و 12/ 444.
2- تفسير الخازن: 1/ 7- و أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: فضائل القرآن، باب: استذكار القرآن و تعاهده: 6/ 109- و مسلم في صحيحه، كتاب: صلاة المسافرين و قصرها، باب: فضائل القرآن و ما يتعلق به: 1/ 543.

و عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت و كيت، بل هو نسّى، و استذكروا القرآن فإنّه أشدّ تفصّيا من صدور الرجال من النّعم. و في رواية: لا يقول أحدكم نسيت آية كذا و كذا بل هو نسّى. (1)

و عن سعد بن عبادة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ما من امرئ يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله تعالى يوم القيامة أجذم. (2)

و عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: عرضت عليّ أجور أمّتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، و عرضت عليّ ذنوب أمّتي فلم أر فيها ذنبا أعظم من سورة من القرآن، أو آية أوتيها رجل ثمّ نسيها. (3)ه.

ص: 189


1- تفسير الخازن: 1/ 7- و أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: فضائل القرآن، باب: استذكار القرآن و تعاهده: 6/ 109- و مسلم في صحيحه، كتاب: صلاة المسافرين و قصرها، باب: فضائل القرآن و ما يتعلق به: 1/ 543- و كذا الرواية الأخرى. و أورد ابن جزي شطره الأخير في تفسيره: 1/ 24.
2- تفسير الخازن: 1/ 7- أخرجه أبو داود في سننه، كتاب: الصلاة، باب: التشديد في حفظ القرآن: 2/ 75- و أحمد في المسند: 5/ 284. و الدارمي في السنن، كتاب: فضائل القرآن، باب: من تعلم القرآن ثم نسيه: (ح 3343- 2/ 314) ط باكستان 1404 ه.
3- تفسير الخازن: 1/ 7- و أخرجه أبو داود في سننه: 1/ 126- و الترمذي في سننه، كتاب: فضائل القرآن، باب: (19): 5/ 179 و قال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

و ينبغي له أن يحمد اللّه دائما على ما وفقه إليه، فيذكره و يشكره، و يتوكل عليه و يستعين به، و يرغب إليه و يعتصم به، يخشى ذنبه، و يرجو عفو ربه، يراقب اللّه فيما أمره و نهاه، و يحتاط لدينه.

كما ينبغي له أن يمتاز عن غيره بأخلاقه و أفعاله، فيكون له سمته الخاص، يقول ابن مسعود: ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، و بنهاره إذا الناس مستيقظون، و ببكائه إذا الناس يضحكون، و بصمته إذا الناس يخوضون، و بخضوعه إذا الناس يختالون (1)، و بحزنه إذا الناس يفرحون. و عليه بالحلم و الوقار، و تجنب الكبر و الإعجاب، و ترك الجدل و المراء، و التصاون عن طرق الشبهات، و أن يكون قليل الضحك و الكلام في مجالس القرآن، كما عليه أن يكون سمحا حليما يعفو و يصفح، يؤمن شرّه، و يرجى خيره، و يسلم من ضرّه.

كما ينبغي له أن يفهم مراد اللّه من كلامه، فينتفع بما يقرأ، و يعمل بما يتلو، يتدبر حقائق عبارته، و يتبين غرائبه، كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ [ص: 29] أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [محمد: 24]، فما أقبح لحامل القرآن أن يتلو فرائضه و أحكامه عن ظهره.

ص: 190


1- أخرجه الآجري في أخلاق أهل القرآن: 102- و أحمد في الزهد: 162- و أبو نعيم في الحلية: 1/ 129 و سند الرواية ضعيف لانقطاعه.

قلب و هو لا يفهم ما يتلوه! و ما أقبح أن يسأل عن فقه ما يتلوه و لا يدريه! و لهذا فعليه أن يلم بشي ء من علوم القرآن كالمكي و المدني و الناسخ و المنسوخ، و غريب القرآن و الأعاريب، و أن يكون مطلعا على الحديث النبوي، و غير ذلك من العلوم التي تزيل الشك، و تساعد في فهم النص.

كما ينبغي له أن يعرف لشيوخه قدرهم، و يحفظ لهم مكانتهم، فيكون في غاية الأدب معهم، يقول فضيل بن عياض (1): كنا نأتي المشيخة فلا نرى أنفسنا أهلا للجلوس معهم- أي مع الشيوخ- فنجلس دونهم و نسترق السمع (2).

المسألة الرابعة: آداب القرآن و آداب تاليه:

هذا باب عظيم أفرده ثلة من أهل العلم بتآليف مستقلة، و خصص له آخرون حيزا من تآليفهم، فأوردوا مجموعة من تلك الآثار، كما فعل القرطبي في مقدمته. و آداب القرآن و آداب تاليه أربعة أقسام:

قسم يتعلق بالاستعداد للتلاوة.

ص: 191


1- هو الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر، شيخ الإسلام، ثقة عالم، سمع الكثير و ارتحل في طلب الحديث، أطال الذهبي في ترجمته و ذكر أخباره، توفي (187 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 8/ 421- و المعارف لابن قتيبة: 511.
2- ما سبق ذكره مما يلزم قارئ القرآن، مأخوذ من تفسير القرطبي بتصرف: 1/ 18- 22.

و قسم يتعلق بالتلاوة نفسها.

و ثالث هي آداب عامة أثناء التلاوة.

و رابع يتعلق بالآداب مع المصحف.

أما القسم الأول، فمن ذلك أن لا يمسه إلا طاهرا، و أن يستاك فيطيب فاه، قال يزيد بن مالك: إن أفواهكم طرق للقرآن فطهروها و نظّفوها ما استطعتم. و أن يستعد للقراءة فيلبس من أحسن ثيابه، و أن يختار لقراءته مكانا طيبا فيتجنب القراءة في الأسواق و مواطن اللغط و اللّهو و مجمع السفهاء، قال تعالى في وصف عباد الرحمن وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً [الفرقان: 72] و أن يستقبل القبلة لقراءته، فقد كان أبو العالية (1) إذا قرأ اعتمّ و ارتدى و استقبل القبلة (2)، و من ذلك أيضا أن يستعيذ باللّه عند ابتدائه من الشيطان الرجيم فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ [النحل: 99]، و منه أيضا أن يختار لقراءته خلوة قدر طاقته حتى).

ص: 192


1- هو رفيع بن مهران، يكنى أبا العالية الرياحي، أدرك الجاهلية و أسلم بعد وفاة النبي صلى اللّه عليه و سلم بسنتين، وثقه ابن معين و أبو زرعة و أبو حاتم، توفي (90 ه). انظر: ميزان الاعتدال للذهبي: 2/ 54- و التاريخ الكبير للبخاري: 3/ 326.
2- أخرج الطبراني عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: إن لكل شي ء سيدا و إن سيد المجالس قبالة القبلة. المعجم الأوسط: (ح 2357- 3/ 182).

لا يقطع عليه أحد بكلام فيخلطه بجوابه.

و أما القسم الثاني فهو ما يتعلق بالتلاوة نفسها، و من أهم ذلك أن يجعل لنفسه وردا يوميا، فلا يخلو يوما من أيامه دون النظر في المصحف، و قد كان أبو موسى يقول: إني لأستحي ألا أنظر كل يوم في عهد ربي (1).

و من ذلك أن يقرأ البسملة إذا ابتدأ قراءته من أول السورة، أو من حيث بلغ، فإذا قرأ لم يقطعها بكلام الآدميين من غير ضرورة، و أن يستعمل في قراءته ذهنه و فهمه كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ [ص: 29] حتى ينتفع بما يتلو، و من الآداب أن يقف على آية الوعد فيطلب اللّه من فضله و يسأله، و على آية الوعيد فيستجير باللّه منه، و على الأمثال فيمتثلها، و أن يؤدي حق التلاوة، فيخرج الحروف واضحة من مخارجها، و أن يختار القراءة الصحيحة و لا يجادل في غيرها فقد تكون هي الأخرى صحيحة، و أن لا يلتقط الآي من كل سورة فيقرأها و يتنقّل بينها بل عليه أن يتم السورة كلها، كما يحسن للقارئ أن لا يحرم عينه من الأجر في النظر، فقد ورد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قوله: أعطوا أعينكم حظها من العبادة. قالوا: يا رسول اللّه، و ما حظها من العبادة؟ قال: النظر في المصحف و التفكر فيه و الاعتبار عند عجائبه (2).ي.

ص: 193


1- أخرجه البيهقي في الشعب: (ح 257- 2/ 482) عن ابن مسعود.
2- أخرجه البيهقي في الشعب عن أبي سعيد: (ح 254- 2/ 478) و قال: إسناده ضعيف و اللّه أعلم- و أورده القرطبي في التذكار: 14- و السيوطي في الجامع الصغير و رمز لضعفه كما في الفيض القدير: 1/ 561- و حكم الألباني بوضعه، انظر ضعيف الجامع الصغير: (ح 1041- 1/ 299)- و قد اختلف العلماء في أيهما أفضل، القراءة في المصحف، أم القراءة عن ظهر قلب؟ فذهب النووي إلى أفضلية القراءة في المصحف لأن النظر في المصحف عبادة مطلوبة، فتجتمع القراءة و النظر، و هو رأي الغزالي و جماعات من السلف، فقد ثبت أن الصحابة كانوا يداومون على النظر في المصاحف. و ذهب العز بن عبد السلام إلى أفضلية القراءة عن ظهر قلب، قال: إن المقصود من القراءة التدبر، و العادة تشهد أن النظر في المصحف يخل بهذا المقصود فكان مرجوحا. و جمع الحليمي بين القولين فرأى أن يقرأ مرة من حفظه و أخرى من المصحف. و الذي يترجح لي هو القول الثالث فيختار مرة القراءة من المصحف ليشترك النظر في العبادة و ليكون أبعد عن الرياء و أمكن للخشوع، و مرة من حفظه للتدبر و المحافظة على المحفوظ خشية الإفلات، و اللّه أعلم. انظر: المنهاج في شعب الإيمان للحليمي: 2/ 233- و البرهان للزركشي: 1/ 461- و فتح الباري لابن حجر: 9/ 78- و فيض القدير للمناوي: 1/ 561 و 6/ 150- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 696 تحقيقي.

و من آداب التلاوة أن يتجنب القراءة منكوسا (1). كما عليه أن يتجنب

ص: 194


1- أخرج عبد الرزاق و البيهقي و ابن أبي شيبة و الطبراني و أبو عبيد و ابن أبي داود، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنه سئل عن رجل يقرأ القرآن منكوسا؟ قال: ذاك منكوس القلب. المصنف لعبد الرزاق: (ح 7947- 4/ 323)- و شعب الإيمان للبيهقي: (ح 334- 2/ 600)- و المصنف لابن أبي شيبة: 10/ 564- و فضائل القرآن لأبي عبيد: (ح 131- 57)- و المصاحف لابن أبي داود: 151- و قال الهيثمي في المجمع: 7/ 168: رواه الطبراني و رجاله ثقات. و ذكره النووي في التبيان: 69 و قال: إسناده صحيح- و قال السيوطي في الإتقان: 1/ 308: إسناده جيد. و قد اختلف في صفة القراءة المنكوسة، فقيل هو أن يبدأ من آخر السورة حتى يقرأها إلى أولها. و رده أبو عبيد و قال: و هذا شي ء ما أحسب أن أحدا يطيقه، و لا كان هذا في زمن عبد اللّه، و لكن وجهه عندي أن يبدأ من آخر القرآن ثم يرتفع إلى البقرة، كنحو ما يتعلم الصبيان في الكتاب، لأن السنة بخلاف هذا، و إنما جاءت الرخصة في تعليم الصبي و العجمي من المفصل لصعوبة السور الطوال عليهما. قال: و إذا كرهنا هذا النكس فنحن للنكس من آخر السورة إلى أولها أشد كراهية إن كان ذلك يكون. غريب الحديث 4/ 103- و انظر النهاية في غريب الحديث (نكس) لابن الأثير: 5/ 115.

و القراءة بألحان الغناء كلحون أهل الفسوق، و ترجيع النصارى، و نوح الرهبانية (1)، و أن لا يجهر على الآخرين في قراءته فيفسد

ص: 195


1- عن حذيفة رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: اقرءوا القرآن بلحون العرب و أصواتها و إياكم و لحون أهل الكتابين، و أهل الفسق، فإنه سيجي ء بعدي قوم يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء و النوح، لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم و قلوب من يعجبه شأنهم. أخرجه البيهقي في الشعب: (ح 641- 3/ 1078)- و المروزي في قيام الليل كما في المختصر: 119- و أبو عبيد في فضائل القرآن: (ح 232- 99) و ابن الجوزي في العلل: 1/ 118 و قال: هذا حديث لا يصح، و أبو محمد- من رجال السند- مجهول، و بقية- من رجال السند- يروي عن الضعفاء و يدلسهم.، و انظر التقريب لابن حجر: 1/ 105- و قال الذهبي في الميزان: 1/ 553: الخبر منكر. و قد اختلف العلماء في التطريب في القراءة و الترجيع فيها، فمنع من ذلك و أنكره مالك بن أنس، و سعيد بن المسيب، و سعيد بن جبير و النخعي و غيرهم، و كرهه أحمد بن حنبل، و أجاز ذلك طائفة منهم أبو حنيفة و أصحابه، و الشافعي و أصحابه و اختاره الطبري و ابن العربي، و ذهب القرطبي إلى ترجيح القول الأول، و قال: هو أصح. و فصّل ابن القيم في ذلك، فقال: التطريب و التغني على وجهين: أحدهما: ما اقتضته الطبيعة، و سمحت به من غير تكلف و لا تمرين و لا تعليم، فذلك جائز. و الثاني: ما كان من ذلك صناعة من الصنائع، و ليس في الطبع السماحة به، بل لا يحصل إلا بتكلف و تصنع و تمرين، فهي التي كرهها السلف و عابوها و ذموها، و منعوا القراءة بها. زاد المعاد: 1/ 492- و انظر في ذلك الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 3/ 870 تحقيقي. و التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي: 144- 159.

عليه (1) و أن يفتتحه كلما ختمه، فقد ورد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه كان إذا ختم يقرأ من أول السورة قدر خمس آيات، و قال في ذلك: عليك بالحالّ المرتحل، قيل: و ما الحالّ المرتحل؟ قال: صاحب القرآن يضرب من أوله حتى يبلع آخره، ثم يضرب في أوله كلما حلّ ارتحل (2).ي.

ص: 196


1- أخرج أبو داود بسند صحيح عن أبي سعيد رضي اللّه عنه قال: اعتكف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر و قال: ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذي بعضكم بعضا، و لا يرفع بعضكم على بعض في القراءة. سنن أبي داود، كتاب: الصلاة، باب: رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل: (ح 1332- 2/ 38)- و وردت آثار أخرى تبين أن الجهر أفضل، و اختلف العلماء في حكم الجهر بالقراءة، و الإسرار بها، فالإسرار أبعد عن الرياء و التصنع فهو أفضل، و اختلف العلماء في حكم الجهر بالقراءة في حق من يخاف ذلك على نفسه، فإن لم يخف، و لم يكن في الجهر ما يشوش الوقت على مصلّ آخر، فالجهر أفضل لأن العمل فيه أكثر، و لأنه يوقظ القلب، و يطرد النوم، و يزيد في النشاط، و في الحديث القدسي: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، و من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملأه. و رجح النووي في نوافل الليل القراءة بين الجهر و الإسرار. انظر المسألة بالتفصيل في: إحياء علوم الدين للغزالي: 1/ 279- و التبيان للنووي: 90- و المجموع شرح المهذب له: 2/ 166- و الإتقان للسيوطي: 1/ 304- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 3/ 876 تحقيقي.
2- أخرجه الترمذي في سننه، كتاب: القراءات، باب: (13): 5/ 197 و قال: حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه، و إسناده ليس بالقوي.، و ذكر من طريق آخر عن زرارة بن أوفى و قال: هذا عندي أقوى.- و أخرجه الحاكم في المستدرك: 1/ 568 و قال: تفرد به صالح المري، و هو من زهاد أهل البصرة إلا أن الشيخين لم يخرجاه. قال الذهبي في التلخيص: صالح المري: متروك. و له شاهد عند الحاكم أيضا من حديث أبي هريرة مرفوعا: 1/ 569، و أخرجه البيهقي في الشعب: (ح 66- 159)- و ابن الجزري في النشر: 2/ 446 و قال: رواه الترمذي مرسلا و قال: إنه أصح. قال: و قطع بصحته أبو محمد المكي، و سكت عليه البيهقي في الشعب فلم يذكر فيه ضعفا كعادته، و ضعفه أبو شامة من قبل صالح المري. و هو في الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 3/ 907 تحقيقي.

و أما القسم الثالث و هو آداب أثناء التلاوة نفسها، فمن ذلك أن يتمضمض إذا تنخع، فقد ورد عن ابن عباس أنه كان كلما تنخع مضمض.

و من ذلك أن يمسك عن القراءة إذا تثاءب، لكون التثاؤب من الشيطان، و القارئ إنما يناجي الرحمن، قال مجاهد: إذا تثاءبت و أنت تقرأ القرآن فأمسك عن القراءة تعظيما حتى يذهب تثاؤبك، و من الآداب إذا انتهى من التلاوة أن يصدّق ربه، و يشهد بالبلاغ للرسول صلى اللّه عليه و سلم، كأن يقول: صدقت ربنا و بلّغت رسلك، و من الآداب أن يجمع أهله إذا أراد أن يختم و كان ذلك ديدن السلف كأنس بن مالك و غيره (1).ي.

ص: 197


1- أخرج الطبراني عن أنس رضي اللّه عنه: أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله و دعا. المعجم الكبير: (ح 674 1/ 242) قال الهيثمي في المجمع: 7/ 172: رجاله ثقات.- و أورده القرطبي في التذكار: 96، و النووي في التبيان: 108 بسندين صحيحين.- و انظر الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 3/ 901 تحقيقي.

و من القسم الرابع و هي آداب مع المصحف، فمن ذلك أن يجلّل كتابته فيكتبها بخط واضح، و إذا وضع المصحف أن لا يتركه منشورا، و أن لا يضع فوقه شيئا من الكتب، علما كان أو غير ذلك، و أن لا يتوسد و لا يعتمد عليه، و لا يرمى به لصاحبه إذا أراد أن يناوله، و أن يضعه في حجره أو على شي ء بين يديه، و لا يضعه على الأرض، و من ذلك أن لا يمحوه ببصاق و نحوه، و لكن يغسله بالماء، و يتوقى النجاسات في الموضع، لكون الغسالة لها حرمة، و من الآداب مع كلام اللّه أن لا يكتب على الأرض خشية الاستهانة به. (1)

المسألة الخامسة: كيفية التلاوة لكتاب اللّه:

اشارة

و فيها ثلاثة مطالب:

المطلب الأول:

أن يتلوه مجودا مرتلا وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 4] يقتدي في قراءته قراءة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و قد كان سلف الأمة يسألون عن قراءته صلى اللّه عليه و سلم، روى البخاري عن قتادة قال: سألت أنسا عن قراءة رسول

ص: 198


1- ينظر في آداب التلاوة تفسير القرطبي: 1/ 27- 30- و نوادر الأصول للحكيم الترمذي: 335- و التبيان للنووي: 44- و المنهاج للحليمي: 2/ 228- و البرهان للزركشي: 1/ 459- و الإتقان للسيوطي: 1/ 324- 351- و مفتاح السعادة لطاش كبري: 2/ 403- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة المكي: 3/ 833- 909 بتحقيقي، و فيه ذكر أدلة كثيرة من الآداب التي ذكرت.

اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: كان يمدّ مدّا، إذا قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* يمد بِسْمِ اللَّهِ*، و يمد ب الرَّحْمنِ*، و يمد ب الرَّحِيمِ*. (1)

المطلب الثاني:

أن يخفض صوته و يخشى اللّه في قراءته، و أن يتجنب التطريب و النبر و القراءة بالألحان (2)، أورد القرطبي عن زياد النميري أنه جاء مع القراء إلى أنس بن مالك فقيل له: اقرأ. فرفع صوته و طرّب. و كان رفيع الصوت. فكشف أنس عن وجهه، و كان على وجهه خرقة سوداء فقال: يا هذا ما هكذا كانوا يفعلون! و كان إذا رأى شيئا ينكره كشف الخرقة عن وجهه. (3) و قد روي عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: أحسن الناس صوتا من إذا قرأ رأيته يخشى اللّه تعالى (4). و قد كره رفع الصوت عند قراءة

ص: 199


1- أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، باب: مد القراءة: 6/ 112.
2- انظر: الخلاف في مسألة القراءة بالألحان في الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 3/ 867 بتحقيقي.
3- تفسير القرطبي: 1/ 10.
4- أورده ابن عطية في تفسيره: 1/ 23- ذكر السيوطي في الجامع الصغير رواية قريبة منها، و قال المناوي: أخرجه ابن ماجة عن جابر، و قال الحافظ العراقي: و سنده ضعيف. و قد رواه البزار بسند- كما قال الحافظ الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، فحذفه- أي السيوطي- و اقتصاره على المعلول من التقصير. فيض القدير: 1/ 190 و الحديث صححه الألباني انظر: ضعيف الجامع الصغير: (ح 1374- 2/ 26) و صحيح الجامع الصغير: (ح 192- 1/ 115).

القرآن سعيد بن المسيب و سعيد بن جبير و القاسم و ابن سيرين و النّخعي و غيرهم. كما كره مالك بن أنس و أحمد بن حنبل رفع الصوت بالقرآن و التطريب فيه. و أجازت طائفة من الأئمة التطريب كأبي حنيفة و أصحابه و الشافعي و ابن المبارك و غيرهم، و اختاره الطبري و ابن العربي، لكونه أوقع في النفوس، و أسمع في القلوب، قال صلى اللّه عليه و سلم: زينوا القرآن بأصواتكم. (1)

و قال: ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن. (2)

و رجح القرطبي القول بكراهة التطريب، و قال: إن الحديث من باب المقلوب، أي: زينوا أصواتكم بالقرآن. و ليس منا من لم يحسّن صوته بالقرآن. و نسب إلى الخطابي قوله: و كذا فسره غير واحد من أئمة الحديث.

ثم أورد التأويلات الواردة في معنى التغني بالقرآن، و بيّن أقوال الأئمة في بيان ذلك. (3)

ص: 200


1- أخرجه ابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان: 2/ 64- و البخاري تعليقا في صحيحه: 8/ 214- و في خلق أفعال العباد: 83- و أحمد في المسند: 4/ 283- و النسائي في فضائل القرآن: 94- و الدارمي في السنن: 2/ 340- و الحاكم في المستدرك: 1/ 571- و البيهقي في الشعب: (ح 178- 1/ 362) و انظر فتح الباري لابن حجر: 13/ 518.
2- أخرجه الدارمي في سننه عن سعد بن أبي وقاص: 2/ 338- و ابن أبي شيبة في المصنف: 2/ 522- و الطيالسي في المسند: 28- و البيهقي في الشعب مطولا: (ح 115- 1/ 249).
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 10- 13.
المطلب الثالث:

أن يتجنب التقعير في قراءته كفعل المتنطعين في إبراز الكلام من أفواههم تكلفا.

المسألة السادسة: ذكر شي ء من خواص القرآن :

المسألة السادسة: ذكر شي ء من خواص القرآن (1)

ذكر القرطبي أن من كتب القرآن و شربه و سمّى اللّه على كل نفس، و عظّم النية، فإن اللّه يؤتيه على قدر نيته (2). و عن أبي جعفر محمد بن علي:

من وجد في نفسه قساوة فليكتب يس في جام بزعفران ثم يشربه. (3)

ص: 201


1- أفرد السيوطي لذكر خواص القرآن و الاستشفاء بالآيات نوعا خاصا في الإتقان: 2/ 1153، و اقتصر فيه على ذكر ما ثبت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، أو عن أحد من صحابته أو ما ورد عن السلف في هذا الباب، و قال في أوله: أفرده بالتصنيف جماعة منهم التميمي و حجة الإسلام الغزالي، و من المتأخرين اليافعي، و غالب ما يذكر في ذلك كان مستنده تجارب الصالحين.، كما أفرد له ابن عقيلة المكي- غفر اللّه له- في الزيادة و الإحسان: 3/ 947 نوعا خاصا و هو النوع الخامس و الأربعون، سرد فيه غالب ما ذكره اليافعي و التميمي، مما يحظر ذكره حتى لو ثبت في تجارب الصالحين، فإحداث الشقاق، و زرع الفتن بين الناس، و ما هو من هذا القبيل، و استخدام آيات اللّه و كلامه في ذلك غير جائز شرعا، فكيف يجعل القرآن لمثل هذه الأمور، و يسخر كلام الحكيم لمثل هذه البطالات، و لو لا ما أجده من الحظر في ذكر شي ء من تلك الأشياء لاستعرضت هنا أمورا ذكروها تقشعر منها الأبدان، تعالى اللّه عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
2- تفسير القرطبي: 1/ 31.
3- أخرجه الحاكم في المستدرك: 2/ 428 و قال: هي حكاية ينتفع بها. و سكت عنه الذهبي. و هو جزء من حديث طويل أخرجه البيهقي في الشعب و قال: كذا روي في هذه الحكاية، و كان إبراهيم يكره ذلك و لو صح الحديث لم يكن للكراهية معنى إلا أن في صحته نظر، و اللّه أعلم. شعب الإيمان (ح 476- 2/ 838) و هو في نوادر الأصول للحكيم الترمذي: 335.

و روى ليث عن مجاهد قال: لا بأس أن تكتب القرآن ثم تسقيه المريض.

قال القرطبي: كان من قبلنا من السلف منهم من يستشفى بغسالته (1)- أي غسالة القرآن-.

ص: 202


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 31- و انظر التبيان للنووي: 113. و قد اختلف العلماء في كتابة القرآن ثم غسله و يسقى المريض و المبتلى منه، فذهب الحسن البصري و مجاهد و أبو قلابة و الأوزاعي إلى جوازه و قالوا: لا بأس به. و كرهه النخعي، و قال القاضي حسين و البغوي و غيرهما من الشافعية إلى جواز كتابة القرآن على الحلوى و غيرها من الأطعمة ثم إطعامها للمريض و نحوه. انظر التبيان للنووي: 113.

الموضوع السابع المكي و المدني

اشارة

تناول هذا الموضوع في مقدمة تفسيره القرطبي (1) و ابن جزي (2)، و فيه عدة مسائل:

المسألة الأولى: في تعريف المكي و المدني:

عرّف ابن جزي السور المكية بقوله: هي التي نزلت بمكة، يعدّ منها كل ما نزل قبل الهجرة و إن نزل بغير مكة.

و عرّف السور المدينة بقوله: هي السور التي نزلت بالمدينة، و يعدّ منها كل ما نزل بعد الهجرة و إن نزل بغير المدينة. (3)

ص: 203


1- انظر: تفسيره: 1/ 21 و 1/ 61.
2- انظر: تفسيره: 1/ 8.
3- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 8. قلت: اعتبر ابن جزي في تعريفه التعريف المكاني و الزماني، و هو مشكل، إذ الصحيح المشهور اعتبار التعريف الزمني، فيقال: المكي ما نزل قبل الهجرة و إن نزل بغير مكة، و المدني ما نزل بعد الهجرة، و إن نزل بغير المدينة. و انظر في ذلك: البرهان في علوم القرآن للزركشي: 1/ 187- و لطائف الإشارات للقسطلاني: 1/ 26- و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 188.

المسألة الثانية: في سمات يعرف بها المكي و المدني:

اشارة

ذكر ابن جزي عدة سمات موضوعية تعرف بها السور المكية و المدينة:

أولا: سمات السور المكية:

1- إثبات العقائد.

2- الرد على المشركين.

3- الاهتمام بذكر قصص الأنبياء السابقين.

ثانيا: سمات السور المدينة:

1- بيان الأحكام التشريعية.

2- الرد على اليهود و النصارى.

3- كشف المنافقين و ذكرهم.

4- بيان الفتاوى الشرعية في كثير من المسائل.

5- ذكر غزوات النبي صلى اللّه عليه و سلم.

قال: و حيث ما ورد يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* فهو مدني، و أما يا أَيُّهَا النَّاسُ* فقد وقع في المكي و المدني. (1)

ص: 204


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 8- و انظر: تفسير القرطبي: 1/ 225. ذكر أهل العلم للمكي و المدني سمات موضوعية و أسلوبية أخرى، فإضافة إلى ما ذكره المصنف ذكروا من السمات الموضوعية للقرآن المكي: إرساء دعائم الإيمان باللّه و وحدانيته بالدلائل العقلية، من خلال لفت الأنظار إلى المخلوقات المحيطة. بناء الشخصية الإسلامية المتميزة، و الحض على التحلي بالخصال الحميدة. خلوه من أحكام المعاملات. و ذكروا من أساليب القرآن المكي: قصر الآيات و السور. قوة العبارة و رشاقة الألفاظ. و ضرب الأمثال و وفرة التشخيص. صيغ الإنشاء من أمر و نهي و استفهام و تمن. و غير ذلك. كما ذكروا من سمات القرآن المدني: دعوته أهل الكتاب إلى الإسلام، و الرد التفصيلي على انحرافاتهم و تحريف ما في كتبهم. أما من ناحية الأسلوب فقد امتاز القرآن المدني بطول أكثر السور و الآيات، و الأسلوب الهادئ و العبارات اللينة تمشيا مع طبيعة المرحلة. إضافة إلى طول الفاصلة. انظر: فنون الأفنان لابن الجوزي: 338 حاشية رقم (2)- و دراسات في التفسير الموضوعي للدكتور زاهر الألمعي: 53- و القرآن الكريم و الدراسات الأدبية الدكتور العتر: 68.

المسألة الثالثة: في أقسام سور القرآن باعتبار المكي و المدني:

تنقسم سور القرآن الكريم باعتبار المكي و المدني ثلاثة أقسام:

1- قسم مدني، و هي سبع و عشرون سورة على ما ذكره القرطبي نقلا عن ابن الأنباري (1)، اتفق منها على اثنتان و عشرون سورة كما صرح

ص: 205


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 61- و هو ما رواه ابن سعد عن ابن عباس عن أبي بن كعب- رضي اللّه عنهم- و هي عند عبد الواحد بن شيطا: تسع و عشرون سورة. و بمثله قال الزركشي في البرهان. و قال ابن عقيلة: هو ما استقرت عليه الروايات. انظر: طبقات ابن سعد: 2/ 371- و فنون الأفنان لابن الجوزي: 377- و البرهان في علوم القرآن للزركشي: 1/ 194- و الإتقان للسيوطي: 1/ 28 ط أبو الفضل- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 264 تحقيقي.

به ابن جزي (1).

2- قسم مختلف فيه، هل هي مكية أم مدينة، فأفاد ابن جزي أنها ثلاث عشرة سورة. (2) و لم يذكر القرطبي الاختلاف في شي ء.

3- و قسم مكي، و هي سائر السور المتبقية و هي عند القرطبي سبع و ثمانون سورة (3)، و عند ابن جزي تسع و سبعون سورة (4).

أما المدني المتفق عليه فهي: البقرة و آل عمران و النّساء و المائدة و الأنفال و براءة و النّور و الأحزاب و القتالي.

ص: 206


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 8- و صرح ابن الحصار أن المتفق عليه عشرون سورة. انظر: الإتقان للسيوطي: 1/ 28 ط أبو الفضل.
2- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 8- و هي عند ابن الحصار اثنتا عشرة سورة. و أفاد السيوطي أن المختلف فيه إحدى و ثلاثون سورة. الإتقان للسيوطي: 1/ 28 ط أبو الفضل.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 61.
4- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 8. و هي عند ابن شيطا خمس و ثمانون سورة، و عند أبي الحسن بن الحصار اثنان و ثمانون، قال ابن عقيلة: و هو ما استقرت عليه الروايات. انظر: فنون الأفنان لابن الجوزي: 337- و البرهان للزركشي: 1/ 194 و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 264 تحقيقي.

و الفتح و الحجرات و الحديد و المجادلة و الحشر و الممتحنة و الصف و الجمعة و المنافقون و التغابن و الطّلاق و التحريم و النّصر.

و أما المختلف فيه فهي: أم القرآن و الرعد و النحل و الحجّ و الرّحمن و الإنسان و المطففون و القدر و البينة و الزلزلة و أ رأيت و الإخلاص و الفلق و النّاس.

و أما المكي المتفق عليه فهي سائر السور المتبقية. (1)ي.

ص: 207


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 61- و تفسير ابن جزي: 1/ 8. قال ابن عقيلة: و إذا تأملت حقيقة هذا الخلاف وجدته في أكثر السور لفظيا، لأن من يقول: السورة مكية- مثلا- فإما أن يكون لكونه علم أن بعض آيات منها نزلت بمكة فيحكم على السورة أنها مكية، و كذا من يقول: إنها مدنية، أو يكون يرى أن المكي ما نزل بمكة قبل الهجرة أو بعدها، و المخالف لا يرى المكي إلا ما نزل قبل الهجرة، فيرجع الخلاف في الغالب إلى اللفظي. الزيادة و الإحسان: 1/ 277 تحقيقي. قلت: بل الخلاف راجع إلى اختلاف في المصطلح، بالاعتبار الزماني و المكاني. و يرجع الباقلاني في الانتصار الخلاف إلى كون رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لم يبين لصحابته المكي من المدني في قول أو نص، و إن كان الصحابة رضوان اللّه عليهم حريصين على معرفة كل ما يتعلق بالتنزيل، و الإحاطة به، لما للقرآن من مكانة في نفوسهم. قال الباقلاني: و إنما عدل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن ذلك لأنه مما لم يؤمر به، و لم يجعل اللّه تعالى علم ذلك من فرائض الأمة، و إن وجب في بعضه على أهل العلم من معرفة الناسخ و المنسوخ، ليعرف الحكم الذي ضمنها ... إلى أن قال: و إن كان ذلك كذلك ساغ أن يختلفوا في بعض القرآن هل هو مكي أو مدني، و أن يعملوا في القول بذلك ضربا من الرأي و الاجتهاد، و إن كان الاختلاف زائلا عنهم في جله و كبره. انظر: الانتصار لصحة نقل القرآن للباقلاني: (و 142) مخطوط. و انظر الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 1/ 277 حاشية (4) تحقيقي.

قال ابن جزي: و قد وقعت آيات مدينة في سور مكية، كما وقعت آيات مكية في سور مدنية، و ذلك قليل، مختلف في أكثره. (1)

المسألة الرابعة: في بيان أهمية معرفة المكي و المدني:

أشار القرطبي إلى أهمية معرفة المكي و المدني بالنسبة للمفسر الذي يقدم على فهم كتاب اللّه و تفسيره، فقال:

و ينبغي أن يعرف المكي من المدني ليفرّق بذلك بين ما خاطب اللّه به عباده في أول الإسلام، و ما ندبهم إليه في آخر الإسلام، و ما افترض اللّه في أول الإسلام، و ما زاد عليه من الفرائض في آخره.

ثم ذكر أن المدني يمكن أن يكون ناسخا للمكي، و لا يمكن أن يكون المكي ناسخا للمدني، لأن المنسوخ هو المتقدم في النزول. (2)

ص: 208


1- تفسير ابن جزي: 1/ 8.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 21- و انظر البرهان للزركشي: 1/ 187- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 1/ 262 تحقيقي.

و علة تقديم بعض السور المدنية على المكية هو أن اللّه تعالى خاطب العرب بلغتهم و على ما تعرف من أفانين خطابها و محاوراتها، و لمّا كان من فن كلامها تقديم المؤخر و تأخير المقدّم، خوطبوا بهذا المعنى في كتاب اللّه تعالى، فأقيمت عليهم الحجة بذلك. (1) و اللّه أعلم.ل.

ص: 209


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 62- و يبقى ما ذكره المصنف احتمال وارد، و لم أقف على قول لأحد من العلماء في ذلك. فاللّه أعلم بما قال.

الموضوع الثامن التفسير و التأويل

بحث هذا الموضوع في مقدمة تفسيره البغوي (1)، و ابن الجوزي (2)، و الخازن (3)، و ابن جزي (4)، و أبو حيان (5).

و التفسير قيل مأخوذ من (التفسرة)، و هي الدليل الذي ينظر فيه الطبيب فيكشف عن علة المريض، قال البغوي: فكذلك المفسر يكشف عن شأن الآية و قصتها. (6)

قال أبو حيان: و التفسير في اللغة: الاستبانة و الكشف، قال ابن دريد: (7) و منه يقال للماء الذي ينظر فيه الطبيب (تفسرة) (8)، و كأنه تسمية

ص: 210


1- انظر: تفسيره: 1/ 46.
2- انظر: تفسيره: 1/ 4.
3- انظر: تفسيره: 1/ 14.
4- انظر: تفسيره: 1/ 11.
5- انظر: تفسيره: 1/ 26.
6- انظر: تفسير البغوي: 1/ 46- و الخازن: 1/ 14.
7- انظر: جمهرة اللغة: 2/ 334 ط المثنى بغداد- و في اللسان: الفسر: البيان. فسر الشي ء يفسّره- بالكسر و الضم- فسرا، و فسّره: أبانه، و التفسير مثله. قال: و الفسر كشف المغطّى، و التفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل. اللسان (فسر): 5/ 555.
8- المراد بالماء هنا: بول الإنسان، قال الخليل: التفسيرة اسم للبول الذي ينظر فيه الأطباء، يستدل به على مرض البدن. العين: 7/ 248.

بالمصدر؛ لأن مصدر (فعّل) جاء أيضا على (تفعلة) نحو: (جرّب تجربة) و (كرّم تكرمة)، و إن كان القياس في الصحيح من (فعّل) التفعيل، كقوله تعالى: وَ أَحْسَنَ تَفْسِيراً [الفرقان: 33].

قال: و ينطلق أيضا التفسير على التعرية للانطلاق، قال ثعلب: تقول:

(فسّرت الفرس: عرّيته لينطلق في حصره (1). و هو راجع لمعنى الكشف، فكأنه كشف ظهره لهذا الذي يريده منه من الجري. (2)

و أما في الاصطلاح، فقد صرح أبو حيان المتوفى (745 ه) بأنه لم يقف لأحد من علماء التفسير على رسم- أي تعريف- له. (3)

و بالرجوع إلى المقدمات وجدت البغوي يعرف التفسير بقوله: هو الكلام في أسباب نزول الآية و شأنها و قصتها، و يكون بالسماع عن طريق النقل. (4) و وجدت ابن جزي يعرفه فيقول: شرح القرآن و بيان معناه، و الإفصاح بما يقتضيه بنصه أو إشارته أو فحواه. فيرجح أن التفسير هو الشرح (5)، أي: شرح المفردات و الألفاظ الغريبة. (6)

ص: 211


1- الحصر: شد الفرس بالحصار، و هو ما يوضع على ظهره. انظر: جمهرة اللغة: 2/ 134.
2- انظر: تفسير البحر المحيط لأبي حيان: 1/ 26.
3- انظر: تفسير البحر المحيط لأبي حيان: 1/ 26.
4- انظر: تفسير البغوي: 1/ 46- و الخازن: 1/ 14.
5- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 11.
6- انظر: تفسير الخازن: 1/ 14.

و التعريف الذي وضعه أبو حيان أشمل و أكمل حين قال- رحمه اللّه-: التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، و مدلولاتها، و أحكامها الإفرادية و التركيبية، و معانيها التي تحمل عليها حالة التركيب، و تتمات لذلك.

ثم شرح مفردات التعريف فقال:

فقولنا: (علم) هو جنس يشمل سائر العلوم.

و قولنا: (يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن) هذا هو علم القراءات.

و قولنا: (و مدلولاتها) أي: مدلولات تلك الألفاظ، و هذا هو علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم.

و قولنا: (و أحكامها الإفرادية و التركيبية) هذا يشمل علم التصريف، و علم الإعراب، و علم البيان، و علم البديع.

(و معانيها التي تحمل عليها حالة التركيب) شمل بقوله التي تحمل عليها ما لا دلالة عليه بالحقيقة، و ما دلالته عليه بالمجاز، فإن التركيب يقتضي بظاهره شيئا، و يصد عن الحمل الظاهر صاد، فيحتاج لأجل ذلك أن يحمل على غير الظاهر، و هو المجاز.

و قولنا: (و تتمات لذلك) هو معرفة الناسخ و المنسوخ و سبب النزول،

ص: 212

و قصة توضيح بعض ما أنبهم في القرآن و نحو ذلك. (1)

و أما التأويل، فمشتق من (الأول) و هو الرجوع إلى الأصل، يقال:

أوّلته فآل: أي صرفته فانصرف. (2) فهو رد الشي ء إلى الغاية.

و في الاصطلاح: التأويل: نقل الكلام عن وضعه فيما يحتاج في إثباتهه.

ص: 213


1- تفسير البحر المحيط لأبي حيان: 1/ 26- و الإتقان للسيوطي: 2/ 1191 ط البغا. قلت: ذكر أهل العلم للتفسير عدة تعريفات، فعرفه الزركشي في البرهان: 1/ 13 بقوله: التفسير علم يعرف به فهم كتاب اللّه المنزل على نبيه محمد صلى اللّه عليه و سلم و بيان معانيه، و استخراج أحكامه و حكمه، و استمداد ذلك من علم اللغة و النحو و التصريف، و علم البيان و أصول الفقه و القراءات، و يحتاج لمعرفة أسباب النزول و الناسخ و المنسوخ.- و عرفه الكافيجي في التيسير في قواعد علم التفسير: 124 تعريفا مختصرا، فقال: هو كشف معاني القرآن، و بيان المراد. و هو تعريف جيد غير أن ما ذكره لاحقا أدق و أجدى، قال: هو علم يبحث فيه عن أحوال كلام اللّه المجيد من حيث أنه يدل على المراد بقدر الطاقة البشرية التيسر: 150. قال الزرقاني: و من السهل رجوعه إلى التعريف الأول- و هو تعريف أبي حيان السابق- لأن ما ذكر هناك بالتفصيل يعتبر بيانا لمراد اللّه من كلامه بقدر الطاقة البشرية. مناهل العرفان: 2/ 3. و عرفه شيخنا مناع القطان- حفظه اللّه- بقوله: التفسير بيان كلام اللّه، المتعبد بتلاوته، المنزل على محمد صلى اللّه عليه و سلم. انظر: مذكرة في علوم القرآن مقررة على السنة المنهجية في الكلية له: ص 34.
2- تفسير البغوي: 1/ 46- و ابن الجوزي: 1/ 4- و الخازن: 1/ 14- قال في اللسان 11/ 32: الأول: الرجوع، آل الشي ء يؤول أولا و مآلا: رجع، و أوّل الكلام تأوله: دبّره و قدّره، و أوّله و تأوّله: فسّره.

إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ. (1)

و قيل: التأويل بيان المعاني و الوجوه المستنبطة الموافقة للفظ الآية. (2)

الفرق بين التفسير و التأويل: اختلف العلماء هل التفسير و التأويل بمعنى واحد، أم يختلفان؟.

فذهب قوم يميلون إلى العربية إلى أنهما بمعنى واحد، قال ابن الجوزي:

ص: 214


1- انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 4- و انظر: الخازن: 1/ 6- و هو في اللسان: 11/ 32.
2- انظر: تفسير الخازن: 1/ 14. و قد أفاد شيخ الإسلام ابن تيمية أن للتأويل ثلاثة معان: أحدها: التأويل في اصطلاح كثير من المتأخرين- من أهل الكلام- هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح، بدليل يقترن بذلك، فلا يكون معنى اللفظ الموافق لدلالة ظاهره تأويلا على اصطلاح هؤلاء. الثاني: أن التأويل هو تفسير الكلام، سواء وافق الظاهر أو لم يوافقه، و هذا هو التأويل في اصطلاح المفسرين و غيرهم. الثالث: أن التأويل هو الحقيقة التي يؤول الكلام إليها و إن وافقت ظاهره، فتأويل ما أخبر اللّه به في الجنة من الأكل و الشرب و اللباس و النكاح ... هو الحقائق الموجودة أنفسها لا ما يتصور من معانيها في الأذهان، و يعبر عنه باللسان. انظر: مجموع الفتاوى: 5/ 35.

و هو قول جمهور المفسرين المتقدمين. (1)

و ذهب قوم إلى اختلافهما:

فعن الخازن: أن التفسير يتوقف على النقل المسموع، و هو ظاهر قول البغوي، و التأويل: يتوقف على الفهم الصحيح. (2)

و عن ابن جزي أن للعلماء في الفرق بين التفسير و التأويل ثلاثة أقوال:

الأول: أنهما بمعنى واحد.

الثاني: أن التفسير للفظ، و التأويل للمعاني (3).

الثالث: و هو الصواب: أن التفسير هو الشرح، و التأويل هو حمل الكلام على معنى غير المعنى الذي يقتضيه الظاهر بموجب اقتضى أن يحمل على ذلك و يخرج على ظاهره (4).م.

ص: 215


1- انظر: تفسير ابن الجوزي: 1/ 4.
2- انظر: تفسير الخازن: 1/ 14- و تفسير البغوي: 1/ 46.
3- و هو رأي الراغب، انظر: مفرداته: 380.
4- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 11. و الذي يترجح عندي أن التفسير و التأويل بمعنى واحد في اصطلاح المفسرين، قال تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ [الأعراف: 53] أي ينتظرون إلا بيانه الذي هو المراد منه.- و قد دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لابن عباس فقال: اللّهم فقّهه في الدين و علّمه التأويل. و كان مجاهد يقول: العلماء يعلمون تأويله، أي: تفسيره. قال ابن عاشور: اللغة و الآثار تشهد له. و هو القول الذي ذكر عن أهل العربية، و الذي قال به جمهور المفسرين المتقدمين، فالقائلون به هم من فرسان اللغة و أساطينها، كثعلب و ابن الأعرابي و أبو عبيدة و ابن جرير و الزمخشري، و هو ظاهر كلام الراغب، فهم الأعلم بلغة العرب. ثم إن العناوين التي أطلقها المتقدمون على تفاسيرهم توحي بأنهم لم يميزوا بين ذلك، فقد عنون ابن جرير تفسيره ب (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) و الزمخشري أطلق على تفسيره (الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون الأقاويل و وجوه التأويل)، و كذا البيضاوي و غيرهم. و لا شك أنهم لم يقصدوا من ذلك التأويل فقط، بل إن كتبهم هي تفاسير للتنزيل الحكيم. و قد جمع الشيخ حامد العمادي مفتي دمشق رسالة لطيفة في الفرق بين التفسير و التأويل سماها (رسالة التفصيل في الفرق بين التفسير و التأويل) سنة ست و ثلاثين و مائة و ألف، ذكر فيها أربعة عشر قولا في الفرق. و قد علمت أن فضيلة الدكتور فهد الرومي يقوم بتحقيقها، و فقه اللّه في ذلك. و في معنى التفسير و التأويل يراجع: التيسير في قواعد علم التفسير للكافيجي: 123- و الإتقان في علوم القرآن للسيوطي: 2/ 1189- و التحرير و التنوير لابن عاشور: 1/ 10- 17- و مناهل العرفان للزرقاني: 2/ 4- و أصول التفسير و قواعده للعك: 52- و مدخل إلى علوم القرآن و التفسير لفارق حمادة: 212- و علوم القرآن لعدنان زرزور: 403 و غيرهم.

ص: 216

الموضوع التاسع بيان شرف التفسير و الحاجة إليه

بحث هذا الموضوع في مقدمة تفسيره ابن جرير الطبري (1)، و أبو الليث السمرقندي (2)، و الواحدي (3)، و ابن عطية (4)، و ابن الجوزي (5)، و القرطبي (6)، و ابن جزي (7)، و أبو حيان (8)، و ابن كثير (9).

لقد أجمع المفسرون على أهمية علم التفسير و عظيم شرفه و الحاجة إليه، و أنه من أشرف أنواع العلوم و أجلها، و أنه إنما حاز هذا الشرف لأمور منها:

1) أن شرف العلم متعلق بشرف المعلوم، و المعلوم هنا كتاب اللّه الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: 42]، فلما كان كلام اللّه أشرف المعلومات، كان العلم بتفسيره و أسباب تنزيله و معانيه أشرف العلوم.

ص: 217


1- انظر: تفسيره: 1/ 6 و 1/ 80.
2- انظر: تفسيره: 1/ 201.
3- انظر: تفسيره: 1/ 45.
4- انظر: تفسيره: 1/ 27 و 1/ 8.
5- انظر: تفسيره: 1/ 4.
6- انظر: تفسيره: 1/ 26.
7- انظر: تفسيره: 1/ 4.
8- انظر: تفسيره: 1/ 9 و 1/ 25.
9- انظر: تفسيره: 1/ 12.

2) أنه من أعظم العلوم تقريبا إلى اللّه، و تخليصا للنيات، و نهيا عن الباطل، و حضا على الصالحات، إذ ليس من علوم الدنيا فيختل (1) حامله من منازلها صيدا، و يمشي في التلطف لها رويدا. (2)

يقول ابن جرير: اعملوا عباد اللّه، رحمكم اللّه، أن أحق ما صرفت إلى علمه العناية، و بلغت في معرفته الغاية، ما كان في العلم به رضى، و للعالم به إلى سبيل الرشاد هدى، و أن أجمع ذلك لباغيه كتاب اللّه الذي لا ريب فيه، و تنزيله الذي لا مرية فيه، الفائز بجزيل الذخر، و سنّى الأجر تاليه. (3)

3) أنه العلم الذي جعل للشرع قواما، فهو المقصود بذاته، و سائر العلوم و المعارف إنما استعملت له خداما، فهي له كالأدوات، منه تؤخذ مبادئها، و به تعتبر نواشئها، فما وافقه منها نصع، و ما خالفه رفض و دفع، فهو عنصرها النمير، و قمرها المنير، به تعرف أحكام الأنام، و بيان الحلال و الحرام، و المواعظ النافعة، و الحجج البالغة.

أخرج الطبري و أبو الليث السمرقندي بسندهما في تفسيرهما عن علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- أنه قال في خطبته: يا أيها الناس، قد

ص: 218


1- الختل: هو الخدع. معجم مقاييس اللغة (ختل): 2/ 245.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 8.
3- انظر: تفسير الطبري: 1/ 7.

بيّن اللّه لكم في محكم كتابه ما أحل لكم، و ما حرم عليكم، فأحلوا حلاله، و حرموا حرامه، و آمنوا بمتشابهه، و اعملوا بمحكمه، و اعتبروا بأمثاله (1).

قال السمرقندي: فلما أمر النبي صلى اللّه عليه و سلم بأن يحل حلاله و يحرم حرامه، ثم لا يمكن أن يحل حلاله، و يحرم حرامه إلا بعد ما يعلم تفسيره، و لأن اللّه تعالى أنزل القرآن للناس، و جعله حجة على جميع الخلق بقوله: وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ [الأنعام: 19] فلما كان القرآن حجة على العرب و العجم، ثم لا يكون حجة عليهم إلا بعد ما يعلم تفسيره فدل ذلك على أن طلب تفسيره و تأويله واجب. (2)

و هو واجب على العلماء خاصة، الذين اجتباهم اللّه و اصطفاهم، و الذين هم ورثة الأنبياء (3) و خلفاؤهم، و سادة المسلمين و عرفاؤهم، و الدعاة إلى المحجة المثلى وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [البقرة:

269] قال أبو العالية: الحكمة: فهم القرآن.

ص: 219


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 68- تفسير السمرقندي: 1/ 206- قال ابن حجر في الفتح: 9/ 26: قال ابن عبد البر: هذا حديث لا يثبت لأنه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن مسعود، و لم يلق ابن مسعود.
2- انظر: تفسير السمرقندي: 1/ 207.
3- الحديث أخرجه الواحدي بسنده عن البراء بن عازب. تفسير الواحدي: 1/ 45- و أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: العلم، باب: العلم قبل العمل: 1/ 23.

و قال قتادة: الحكمة، القرآن و الفقه فيه.

و قال غيره: الحكمة تفسير القرآن. (1)

قال إياس بن معاوية: مثل الذين يقرءون القرآن و هم لا يعلمون من تفسيره، كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا و ليس عندهم مصباح، فتداخلهم روعة لا يدرون ما في الكتاب، و مثل الذي يعرف تفسيره كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرءوا ما في الكتاب. (2)

و وصف علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- جابر بن عبد اللّه بالعلم، فقال رجل: جعلت فداءك، تصف جابرا بالعلم و أنت أنت؟ فقال:

إنه كان يعرف تفسير قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ [القصص: 85] (3).

و لهذه المزية و لغيرها حرص أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على التفقه في الدين، و تعلم التفسير، روى الطبري بسنده عن ابن مسعود أنه قال:

كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن

ص: 220


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 27 و القول الأخير هو لابن عباس. انظر: الإتقان للسيوطي: 2/ 1194.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 27- و ابن الجوزي: 1/ 4- و القرطبي: 1/ 26.
3- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 27- و القرطبي: 1/ 26- و أبي حيان: 1/ 25.

و العمل بهن. (1)

و رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي كان يفسرها رحل إلى الشام، فتجهز و رحل إليه حتى علم تفسيرها. (2)

ص: 221


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 80 قال أحمد شاكر: إسناده صحيح، و هو موقوف على ابن مسعود، و لكنه مرفوع المعنى.- و انظر: تفسير السمرقندي عن عبد الرحمن السلمي بنحوه: 1/ 205- و ابن الجوزي: 1/ 4.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 27- و القرطبي: 1/ 26- و أبا حيان: 1/ 25. و قد نزل القرآن الكريم بلغة العرب و على أساليبهم، و أمروا بتدبر المنزل عليهم، للعمل بما فيه، فكانوا يفهمونه و قد يعجزون عن فهم نصوص منه فيسألون رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن ذلك فيبين لهم بمقتضى أمر اللّه تعالى، و كان من أهم و آكد الحاجات للمسلمين فهم كلام اللّه تعالى، للتذكير و الاعتبار، و لمعرفة هداية الله في العقائد و العبادات و المعاملات و الأخلاق، فكان العلم بتفسير كتاب اللّه واجبا، كوجوب سائر العلوم الإسلامية، و كان فرض كفاية. و من هذا الباب انطلق المسلمون لتحصيل المراتب العليا في فهم نصوص الشرع و مخاطباته. و قد لقي هذا العلم العناية لشرف المعلوم أولا- كما سبق بيانه- و لأن غايته الاعتصام بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، و الوصول إلى السعادة الحقيقية التي لا تفنى، و هما أشرف الغايات و أجداها. يقول الأصفهاني: صناعة التفسير حازت الشرف من ثلاث جهات: - من جهة الموضوع: لأن موضوعه كلام اللّه و هو ينبوع كل حكمة. - و من جهة الغرض: فغرضه الاعتصام بالعروة الوثقى. - و من جهة شدة الحاجة: فكل كمال ديني أو دنيوي، عاجل أو آجل، مفتقر إلى العلوم الشرعية و المعارف الدينية، و هي متوقفة على العلم بكتاب اللّه. انظر: التيسير في قواعد علم التفسير للكافيجي: 151 و 158- و الإتقان للسيوطي: 2/ 1195- و مناهل العرفان للزرقاني: 2/ 9. و قد لقي هذا العلم العناية لشرف المعلوم أولا- كما سبق بيانه- و لأن غايته الاعتصام بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، و الوصول إلى السعادة الحقيقية التي لا تفنى، و هما أشرف الغايات و أجداها. يقول الأصفهاني: صناعة التفسير حازت الشرف من ثلاث جهات:-- من جهة الموضوع: لأن موضوعه كلام اللّه و هو ينبوع كل حكمة. - و من جهة الغرض: فغرضه الاعتصام بالعروة الوثقى. - و من جهة شدة الحاجة: فكل كمال ديني أو دنيوي، عاجل أو آجل، مفتقر إلى العلوم الشرعية و المعارف الدينية، و هي متوقفة على العلم بكتاب اللّه. انظر: التيسير في قواعد علم التفسير للكافيجي: 151 و 158- و الإتقان للسيوطي: 2/ 1195- و مناهل العرفان للزرقاني: 2/ 9.

الموضوع العاشر أوجه التفسير و طرقه و أنواعه

اشارة

يعد هذا الموضوع من أكثر الموضوعات التي اهتم بها المفسرون، و تناولوها في مقدماتهم، فقد بحثه جميع (1) من شملتهم هذه الدراسة عدا ابن

ص: 222


1- انظر: تفسير عبد الرزاق: 1/ 59- و الطبري: 1/ 73 و 77 و 80 و 82 و 84 و 92- و السمرقندي: 1/ 208- و الماوردي: 1/ 33 و 36- و الواحدي: 1/ 47- و البغوي: 1/ 45- و ابن عطية: 1/ 28- و القرطبي: 1/ 31 و 33 و 37- و الخازن: 1/ 6- و ابن جزي: 1/ 10 و 13 و 16 و 21- و أبا حيان: 1/ 10 و 13 و 17 و 19 و 25- و ابن كثير: 1/ 12 و 18.

الجوزي، و قد تفاوتت اهتماماتهم بذكر تفاصيله، فكانوا بين مقتصد مقتصر على الرواية، و مسهب تناول أكثر من جزئية، و في هذا الموضوع عدة مسائل:

المسألة الأولى: أوجه التفسير:

اشارة

ندب اللّه سبحانه عباده إلى تدبّر كلامه، و استخراج المعاني من فحوى ألفاظه و شواهد خطابه، و بيّن أن من كلامه ما لا يعلم تأويله إلا هو، حيث استأثر بعلم ذلك كالخبر عن آجال حادثة، و أوقات آتية يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الأعراف: 187].

و أن منه ما لا يعلم تأويله إلا ببيان رسوله صلى اللّه عليه و سلم وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل: 44]، وَ ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل: 64]، و من هذا الوجه تأويل وجوه أمره، و صنوف نهيه، و مبالغ فرائضه، و غير ذلك من أحكام آية التي لا يوصل إليها إلا ببيانه صلى اللّه عليه و سلم له، إما بنص منه صلى اللّه عليه و سلم عليه، أو بدلالة قد نصبها أمّته على تأويله.

و أن منه ما يعلم تأويله العلماء العالمون باللسان الذي نزل به القرآن

ص: 223

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ [آل عمران: 7]. (1)

و قد ورد الأثر في ذلك، فقد روى عبد الرزاق و ابن جرير بسندهما عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- أنه قال: تفسير القرآن على أربعة وجوه: تفسير يعلمه العلماء، و تفسير يعرفه العرب، و تفسير لا يعذر أحد بجهالته، مقول من الحلال و الحرام، و تفسير لا يعلم تأويله إلا اللّه، من ادّعى علمه فهو كاذب. (2)

و رواه الطبري بلفظ آخر عن ابن عباس فقال: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، و تفسير لا يعذر أحد بجهالته، و تفسير يعلمه العلماء، و تفسير لا يعلمه إلا اللّه. (3)

ص: 224


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 73.
2- أخرجه عبد الرزاق في تفسيره: 1/ 59- و ابن جرير في تفسيره: 1/ 75 و قال: في إسناده نظر. و أورده ابن كثير في تفسيره: 1/ 18 و قال: و النظر الذي أشار إليه في إسناده هو من جهة محمد بن السائب؛ فإنه متروك الحديث؛ لكن قد يكون إنما و هم في رفعه، و لعله من كلام ابن عباس.
3- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 75- و أورده الماوردي: 1/ 36- و ابن كثير: 1/ 18.

فالوجه الذي تعرفه العرب بكلامها: هي حقائق اللغة و موضوع كلامهم.

و الذي لا يعذر أحد بجهالته: هو ما يلزم كافّة المسلمين في القرآن من الشرائع، و جملة دلائل التوحيد.

و أما الذي يعلمه العلماء: فهو وجوه تأويل المتشابه و فروع الأحكام.

و أما الذي لا يعلمه إلا اللّه: فهو ما يجري مجرى الغيوب و قيام الساعة. (1)

و لم يعتبر الطبري الوجه الثاني- ما لا يعذر أحد بجهالته- وجها، بل قال: إنه معنى غير الإبانة عن وجوه مطالب تأويله، فهو خبر عن أن من تأويله ما لا يجوز لأحد الجهل به. (2)

و قد صحح الماوردي تقسيم ابن عباس- رضي اللّه عنهما العاشرة غير أنه رأى أن ما لا يعذر أحد بجهالته، داخل في جملة ما يعلمه العلماء، و إنما يختلف القسمان في فرض العلم به، فما لا يعذر أحد بجهله يكون فرض العين به على الأعيان، و ما يختص بالعلماء يكون فرض العلم به

ص: 225


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 36.
2- انظر: تفسير الطبري: 1/ 75.

على الكفاية. (1) و عليه صار التقسيم إلى ثلاثة أوجه:

الوجه الأول:

ما اختص اللّه تعالى بعلمه: و هذا لا يؤخذ إلا عن توقيف من أحد ثلاثة أوجه:

- إما من نصّ في سياق التنزيل.

- و إما عن بيان من جهة الرسول صلى اللّه عليه و سلم.

- و إما عن إجماع الأمة على ما اتفقوا عليه من تأويل.

قال الماوردي: فإن لم يرد فيه توقيف علمنا أن اللّه تعالى أراد لمصلحة استأثر بها، ألا يطلع عباده على غيبه.

الوجه الثاني:

ما يرجع فيه إلى لسان العرب: و ذلك شيئان:

الأول: اللغة، يكون العمل به في حق المفسر دون القارئ، فإن كان الأمر لا يوجب العمل، جاز الاستشهاد بخبر الواحد و قليل الشعر، و إن كان الأمر يوجب العمل لم يجز ذلك حتى يكون نقله مستفيضا، و شواهد الشعر فيه متناصرة. علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير ج 2 226 الوجه الثاني: ..... ص : 226

ثاني: الإعراب، فإن كان اختلافه موجبا لاختلاف حكمه، و تغيير تأويله لزم العمل به في حق المفسر و حق القارئ، ليتوصل المفسر إلى معرفة

ص: 226


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 36.

حكمه، و يسلم القارئ من لحنه.

و إن كان اختلاف إعرابه لا يوجب اختلاف حكمه، و لا يقتضي تغيير تأويله، كان العلم بإعرابه لازما في حق القارئ ليسلم من اللّحن في تلاوته، و لم يلزم في حق المفسر لوصوله- مع الجهل بإعرابه- إلى معرفة حكمه.

الوجه الثالث:

ما يرجع فيه إلى اجتهاد العلماء: و هو تأويل المتشابه و استنباط الأحكام، و بيان المجمل، و تخصيص العموم و غير ذلك. (1)

المسألة الثانية: طرق التفسير:

اشارة

للتفسير طريقان الأول: التفسير بالأثر (الرواية).

و الثاني: التفسير بالرأي (الدراية).

أولا: التفسير بالأثر (الرواية):

المقصود من التفسير بالأثر، تفسير القرآن بالقرآن، و بما نقل عن الرسول صلى اللّه عليه و سلم، أي بالسّنة، و بأقوال الصحابة و ما ثبت عنهم، و بأقوال التابعين.

و أصح هذه الطرق تفسير القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد

ص: 227


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 36- 38- و بنحوه قال الطبري من قبله، انظر في تفسيره: 1/ 92- و انظر البرهان للزركشي: 2/ 164.

فسّر في موضع آخر، و ما اختصر في مكان فإنه بسط في آخر.

فإن لم يجد فالسّنة، فهي شارحة للقرآن و موضحة له، و قد جعل اللّه تعالى إلى رسوله صلى اللّه عليه و سلم بيان ما كان منه مجملا كالصلوات الخمس في مواقيتها و سجودها و ركوعها و سائر أحكامها، و تفسير ما كان منه مشكلا، و تحقيق ما كان منه محتملا، كما جعل له زيادة على حكم الكتاب، كتحريم المرأة على خالتها و عمتها، و كتحريم الحمر الأهلية و كل ذي ناب من السباع و غير ذلك، ليكون له مع تبليغ الرسالة ظهور الاختصاص بهن و منزلة التفويض إليه، قال تعالى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل: 44] (1) و قال: وَ ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل: 64] و قال: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً [النساء: 105] قال الإمام الشافعي- رحمه اللّه-: كل ما حكم به رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فهو مما فهمه من القرآن. (2) و قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [النور: 63].

روى أبو داود عن المقدام بن معدي كرب (3) عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه

ص: 228


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 2- و تفسير ابن كثير: 1/ 12.
2- انظر: تفسير ابن كثير: 1/ 12.
3- هو المقدام بن معدي كرب بن عمرو بن يزيد، صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم روى عدة أحاديث، توفي بحمص سنة (87 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 427- و البداية و النهاية لابن كثير: 9/ 73.

قال: ألا إني أتيت القرآن و مثله معه. (1) قال ابن كثير: يعني السنة، فالسنة تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن، إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن. (2)

قال الخطابي: قوله (و مثله معه) يحتمل وجهين:

أحدهما: أن معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أعطي من الظاهر المتلو.

و الثاني: أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى، و أعطي من البيان مثله، أي أذن له أن يبين ما في الكتاب فيعم و يخص و يزيد عليه و يشرع ما في الكتاب فيكون في وجوب العمل به، و لزوم قبوله كالظاهر المتلو من القرآن. (3)

فإن لم يجد في السنة رجع إلى أقوال الصحابة، و فهمهم لكتاب اللّه، فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوه من القرائن و الأحوال التي اختصوا بها، و لما لهم من الفهم التام و العلن الصحيح، و العمل الصالح.

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: بم تحكم؟ قال: بكتاب

ص: 229


1- أخرجه أبو داود في سننه، كتاب: السنة، باب: في لزوم السنة: 4/ 200- و أحمد في المسند: 4/ 131- و أخرجه ابن عبد البر في التمهيد: 1/ 150.
2- انظر: تفسير ابن كثير: 1/ 13.
3- انظر: معالم السنن للخطابي بهامش سنن أبي داود: 5/ 10 ط دار الحديث، تحقيق الدعاس و السيد- و تفسير القرطبي: 1/ 38.

اللّه. قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول اللّه. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد برأيي. قال الراوي: فضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في صدره و قال: الحمد للّه الذي وفق رسول رسول اللّه لما يرضي رسول اللّه. (1)

و قد يذكر الصحابة بعض الحكايات التي ينقلونها عن أهل الكتاب، و قد أباح رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذلك حيث قال: بلغوا عني و لو آية، و حدّثوا عن بني إسرائيل و لا حرج، و من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. (2)

ص: 230


1- انظر: تفسير ابن كثير: 1/ 13- و مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 94 و قال: و هذا الحديث في المسانيد و السنن بإسناد جيد. و أخرجه: الترمذي في سننه، كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في القاضي كيف يقضي: 3/ 616 و قال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، و ليس إسناده عندي بمتصل.- و أبو داود في سننه، كتاب: الأقضية، باب: اجتهاد الرأي في القضاء: 3/ 303- و أحمد في المسند: 5/ 230- قال ابن حزم في كتابه الإحكام في أصول الأحكام: 773 ط 2 مطبعة الإمام بالقاهرة: و أما خبر معاذ فإنه لا يحل الاحتجاج به لسقوطه، و ذلك أنه لم يرو قط إلا من طريق الحارث بن عمرو، و هو مجهول لا يدري أحد من هو. قال الأستاذ عدنان زرزور في تحقيقه لمقدمة أصول التفسير لابن تيمية: 95: القضية التي ساق لها ابن تيمية هذا الحديث و هي طلب تفسير القرآن من السنة إن لم يوجد في القرآن نفسه، ليست موضع خلاف بإطلاق؛ صح هذا الأثر أم لم يصح، و إن كان حكم ابن تيمية على إسناده بأنه جيد يحتاج تجاوزه إلى مزيد بحث.
2- أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل: 4/ 145- و أحمد في المسند: 3/ 159 و 202- و الترمذي في سننه، كتاب: العلم، باب: ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل: 5/ 40 و قال: حسن صحيح- و أورده ابن تيمية في مقدمته: 98- و ابن كثير في تفسيره: 1/ 14 و غيرهم. انظر موسوعة أطراف الحديث النبوي: 4/ 286.

و هي إنما تذكر للاستشهاد لا للاعتضاد، و هي ثلاثة أقسام:

أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.

و الثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه فذاك مردود.

و الثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل و لا من هذا القبيل، فلا نؤمن به و لا نكذبه، و تجوز حكايته، و غالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني.

فإن لم يجد بغيته في أقوال الصحابة، رجع- على رأي غالب أهل العلم- إلى أقوال أئمة التابعين مثل مجاهد و سعيد بن جبير و عكرمة و الحسن البصري و غيرهم، فإنهم كانوا بارعين في التفسير، تتلمذوا على أئمة العلم من الصحابة، يقول مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحة الكتاب إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه و أسأله عنها (1).

و تفسير التابعين يعتمد و يكون حجة إذا أجمعوا على الشي ء، فإن اختلفوا فلا يكون بعضهم حجة على بعض، و لا على من بعدهم، و يرجع

ص: 231


1- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 90- و أورده ابن تيمية، انظر: مقدمة في أصول التفسير: 102- و ابن كثير في تفسيره: 1/ 15.

إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك. (1)

ثانيا: التفسير بالرأي (الدراية):

قال تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: 29]، و قال تعالى: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [محمد: 24]، و قال جل ذكره: وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ-- قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الزمر: 27- 28].

في هذه الآيات و غيرها من آيات الذكر الحكيم حث اللّه تعالى العلماء على تدبر آياته و استنباط معاني كلامه، و بيّن أنهم مكلفون بتأويل ما لم يحجب عنهم تأويله، و هو الأمر الذي فهمه أكثر أهل العلم من ظاهر الآيات، و سياق الأحاديث و الآثار، و شاهدوه من فعل السلف.

غير أن هناك نصوصا أخرى تفيد أن ثلة من السلف أمسك عن القول في القرآن، و تحرّج من الخوض فيه، حيطة و تورعا كان ذلك أم إحجاما و تمنعا للخشية، مستدلّين بظاهر بعض الأحاديث التي تحذر الإقدام على القول في القرآن بالرأي.

و بهذا يتبين أن السلف أمام التفسير بالرأي فريقان:

ص: 232


1- انظر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 103- 105- و تفسير ابن كثير: 1/ 14- 15.

فريق يرى التفسير بالرأي و يجوزه، و آخرين يرى الوقوف عند المنقول و المأثور، و لكل فريق و جهته و أدلته:

أولا: المانعون من التفسير بالرأي و أدلتهم:

يقول الواحدي- رحمه اللّه تعالى-: من شرف هذا العلم- أي علم التفسير- و عزته في نفسه أنه لا يجوز القول فيه العقل و التدبر، و الرأي و التفكر، دون السماع و الأخذ عمن شاهدوا التنزيل بالرواية و النقل، و النبي صلى اللّه عليه و سلم فمن بعده من الصحابة و التابعين قد شددوا في هذا حتى جعلوا المصيب فيه برأيه مخطئا. (1)

و أفاد ابن تيمية و ابن كثير لزوم الوقوف عند المأثور، و صرحا بتحريم التفسير بمجرد الرأي. (2)

و فصّل البغوي، فأجاز التأويل الذي هو صرف الآية إلى معنى محتمل موافق لما قبلها و ما بعدها غير مخالف للكتاب و السنة من طريق الاستنباط، و منع التفسير إلا بالسماع بعد ثبوته من طرق النقل، و قصد بالتفسير الكلام

ص: 233


1- انظر: تفسير الواحدي: 1/ 47 و يشير بذلك إلى الحديث الذي رواه بسنده عن جندب و سيأتي بعد قليل.
2- مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 105- و تفسير ابن كثير: 1/ 15.

في أسباب نزول الآية و شأنها و قصتها. (1)

و من أدلة المانعين:

- قوله تعالى فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ [النساء: 59]. (2)

و ما رواه عبد الرزاق، و ابن جرير و البغوي بسندهم عن ابن عباس- رضي اللّه عنه- عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار. (3)

ص: 234


1- انظر: تفسير البغوي: 1/ 45.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 33.
3- أخرجه عبد الرزاق في تفسيره: 1/ 59- و ابن جرير: 1/ 77- و السمرقندي: 1/ 208- و الواحدي: 1/ 47- و البغوي: 1/ 45- و أورده القرطبي في تفسيره: 1/ 32- و الخازن: 1/ 6- و ابن كثير: 1/ 15- و أخرجه البيهقي في الشعب: (ح 303- 2/ 552). و في سند الرواية عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، تكلموا فيه، فقال أحمد و أبو زرعة: ضعيف الحديث. و قال ابن عدي: يحدث بأشياء لا يتابع عليها، و قد حدّث عنه الثقات، و حسن له الترمذي. و صحح له الحاكم و هو من تساهله. تهذيب التهذيب: 6/ 94- قال ابن كثير: أخرجه الترمذي و النسائي من طرق عن سفيان الثوري، و رواه أبو داود عن مسدد عن أبي عوانة، عن عبد الأعلى به، و قال الترمذي: حديث حسن. و هو في الترمذي، كتاب: تفسير القرآن، باب: ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه: 5/ 199- و في الفتح الكبير للسيوطي: 3/ 219- و الجامع الصغير للسيوطي: 2/ 177، و ضعفه الألباني كما في ضعيف الجامع الصغير: 5/ 228.

و ما رواه ابن جرير و البغوي بسندهما أيضا عن ابن عباس و أورده ابن كثير، بلفظ: من قال في القرآن برأيه- أو بما لا يعلم- فليتبوأ مقعده من النار. (1)

و ما رواه ابن جرير و الواحدي و البغوي بسندهما عن جندب قال:

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ. (2) و في رواية زاد رزين: و من قال برأيه فأخطأ فقد كفر. (3) يقول ابن جرير: يعني أنه أخطأ في فعله حين قال برأيه، لأن قوله ليس بقول عالم إن الذي قال فيه

ص: 235


1- التخريج السابق
2- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 79- و الواحدي: 1/ 47- و البغوي: 1/ 45 و قال: غريب- و أورده الماوردي: 1/ 33- و الخازن: 1/ 6 و أبو حيان: 1/ 25- و قال ابن كثير 1/ 16: و قد رواه أبو داود و الترمذي و النسائي من حديث سهيل بن أبي حزم القطعي، و قال الترمذي: غريب و قد تكلم بعض أهل الحديث في سهيل. و انظر تهذيب الكمال للمزي: 12/ 217- و هو في الترمذي، كتاب: التفسير، باب: ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه: 5/ 200- و في سنن أبي داود، كتاب: العلم، باب: الكلام في كتاب اللّه: 3/ 320- و في شرح السنة للبغوي: 1/ 259- و في فضائل القرآن للنسائي: 114- و أورده السيوطي في الجامع الصغير للسيوطي: 2/ 117 و حسنه، قال المناوي في الفيض: 6/ 190: رمز المؤلف لحسنه و لعله لاعتضاده، و إلا ففيه سهيل بن عبد اللّه تكلم فيه أحمد و البخاري و النسائي و غيرهم.-
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 32- و البرهان للزركشي: 2/ 164.

قول حق و صواب، فهو بالتالي قائل على اللّه ما لا يعلم، آثم بفعله ما قد نهي عنه، و حظر عليه. (1)

و قال ابن تيمية: لأنه قد تكلف ما لا علم له به، و سلك غير ما أمر به؛ فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار و إن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرما ممن أخطأ. (2)

و روى ابن جرير و أبو عبيد و السمرقندي و البغوي بسندهم عن أبي بكر الصديق- رضي اللّه عنه- أنه سئل عن قوله تعالى: وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا [عبس: 31] فقال: لا أدري ما الأب! فقيل له: قل من ذات نفسك يا خليفة رسول اللّه. فقال: أيّ أرض تقلّني، و أيّ سماء تظلّني إذا قلت في القرآن بما لا أعلم. و في رواية: إذا قلت: في القرآن برأي أو بما لا أعلم. (3)ة.

ص: 236


1- تفسير الطبري: 1/ 79.
2- مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 108- و تفسير ابن كثير: 1/ 16.
3- أخرجه ابن جرير في تفسير: 1/ 78- و السمرقندي: 1/ 208- و البغوي: 1/ 45- و أورده الخازن: 1/ 6- و ابن تيمية في مقدمته: 108- و تفسير ابن كثير: 1/ 16 و 3/ 473 و عزياه لأبي عبيد و قالا: منقطع- و هو في فضائل القرآن لأبي عبيد: 227 ط غاوجي- و أخرجه البيهقي في الشعب (ح 306- 2/ 556)- و ابن أبي شيبة في المصنف: 10/ 512- و ابن عبد البر في جامع بيان العلم و فضله: 2/ 52- أورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 317 و عزاه لأبي عبيد في فضائله و عبد بن حميد. و للحديث طرق كثيرة.

و أخرج أبو عبيد عن أنس أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا [عبس: 31] فقال: هذه الفاكهة فقد عرفناها، فما الأب؟

ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر. (1)

و روى ابن جرير عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنه- قال: لقد أدركت فقهاء المدينة، و إنهم ليغلظون القول في التفسير، منهم سالم بن عبد اللّه، و القاسم بن محمد، و سعيد بن المسيب، و نافع. (2)

و عن يحيى بن سعيد قال: سمعت رجلا يسأل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن فقال: لا أقول في القرآن شيئا (3).

و عن يزيد بن أبي يزيد قال: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال و الحرام، و كان أعلم الناس فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأني.

ص: 237


1- أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن: 227 ط غاوجي- و الحاكم في المستدرك: 2/ 514 و قال: صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه- و البيهقي في الشعب: (ح 308- 2/ 559) و انظر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 109- و تفسير ابن كثير: 1/ 16.
2- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 85- و مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 112- و تفسير ابن كثير: 1/ 17- و هو في فضائل أبي عبيد: 228 ط غاوجي.
3- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 85- و مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 112- و تفسير ابن كثير: 1/ 17- و هو في فضائل أبي عبيد: 228 ط غاوجي.

لم يسمع. (1)

و عن عمرو بن مرة (2) سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن، فقال: لا تسألني عن القرآن و سل من يزعم أنه لا يخفى عليه شي ء منه- يعني عكرمة-. (3)

و أخرج البغوي عن أبي الدرداء- رضي اللّه عنه-: لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها كثيرة، قال حماد: قلت لأيوب: ما معنى قول أبي الدرداء- رضي اللّه عنه- فجعل يتفكر فقلت: هو أن ترى له وجوها فتهاب الإقدام عليها. فقال: هو ذاك، هو ذاك. (4)

و عن هشام بن عروة قال: ما سمعت أبي تأوّل آية من كتاب اللّه قط. (5)

ص: 238


1- تفسير ابن جرير 1/ 86- و مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 112- و تفسير ابن كثير: 1/ 17.
2- هو عمرو بن مرة بن عبد اللّه بن طارق المرادي، إمام حافظ، زكّاه الإمام أحمد بن حنبل، و وثقه الأئمة، توفي (116 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 5/ 196- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 8/ 102.
3- تفسير ابن جرير 1/ 86- و مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 112- و تفسير ابن كثير: 1/ 17.
4- تفسير البغوي: 1/ 45.
5- انظر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 113- و تفسير ابن كثير: 1/ 17- و فضائل القرآن لأبي عبيد: 228- 229 ط غاوجي. و حلية الأولياء لأبي نعيم: 4/ 222.

و أخرج أبو عبيد عن مغيرة عن إبراهيم قال: كان أصحابنا يتقون التفسير و يهابونه (1).

و أخرج عن مسروق قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن اللّه (1).

و غير ذلك من الأدلة التي ليس هذا موضع بسطها.

ثانيا: المجيزون للتفسير بالرأي و أدلتهم:

و يرى المجيزون للتفسير بالرأي- و هم أكثر أهل العلم- أن اللّه سبحانه قد حثّ عباده على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ و البينات، قال تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: 29] و قال: وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الزمر: 27- 28] و ما أشبه ذلك من الآيات التي أمر اللّه عباده فيها بالاتعاظ بمواعظه، و الاعتبار بأمثاله و التفكر في نظمه و معانيه، مما يدل على أن عليهم معرفة تأويل ما لم يحجب عنهم تأويله، لكونه لا يجوز أن يقال لهم اعتبر بها و هم لا يعلمون معانيها.

و ألزم المجيزون من يقدم على تفسير كلام اللّه أن يأخذ بالأسباب، و يتعلم وجوه اللغة التي بها نزل القرآن، و أن يقف على أحوال التنزيل،

ص: 239


1- انظر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 113- و تفسير ابن كثير: 1/ 17- و فضائل القرآن لأبي عبيد: 228- 229 ط غاوجي. و حلية الأولياء لأبي نعيم: 4/ 222.

و ينظر في أقوال العلماء المتقدمين، و غير ذلك من العلوم التي تعين على فهم النص القرآني فهما صحيحا.

و استدل المجيزون بأدلة عديدة منها: 1- ظاهر الآيات التي حث اللّه تعالى فيها عباده من أهل العلم على الاعتبار بالآيات، مثل قوله تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: 29]، و قوله تعالى: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [محمد: 24]، و قوله جل ذكره: وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الزمر: 27- 28].

2- بعض الآثار التي وردت عن السلف تبين و توضح أنهم قالوا في القرآن بالرأي:

يقول ابن عطية: كان جلّة من السلف كسعيد بن المسيب، و عامر الشعبي، و غيرهما، يعظمون تفسير القرآن و يتوقفون عنه تورعا و احتياطا لأنفسهم مع إدراكهم و تقدمهم، و كان جلّة من السلف كثير عددهم يفسرونه- القرآن- و هم أبقوا (1) على المسلمين في ذلك. (2) و من هذه الآثار:

ص: 240


1- تقول: أبقى عليه: أي أشفق عليه و رحمه.
2- تفسير ابن عطية: 1/ 28.

ما رواه ابن جرير عن مسروق (1) قال: كان عبد اللّه يقرأ علينا السورة ثم يحدثنا فيها و يفسرها عامّة النهار. (2)

و ما رواه عن شقيق بن سلمة (3) قال: استعمل علي ابن عباس على الحج، قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك و الروم لأسلموا ثم قرأ عليهم سورة النور فجعل يفسرها. (4)

و عنه قال: قرأ ابن عباس سورة البقرة فجعل يفسرها فقال رجل: لو سمعت هذا الديلم لأسلمت. (5)

و عن سعيد بن جبير قال: من قرأ القرآن ثم لم يفسره كان كالأعمى أوة.

ص: 241


1- هو مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية الهمداني، تابعي قدم المدينة بعد وفاة النبي صلى اللّه عليه و سلم، كان قاضيا فقيها ثقة، توفي بالكوفة (62 ه) انظر: تاريخ بغداد للخطيب: 3/ 492- و سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 63.
2- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 81.
3- هو شقيق بن سلمة الأسدي، شيخ الكوفة، أدرك النبي صلى اللّه عليه و سلم و لم يره، و حدّث عن الصحابة، ثقة كثير الحديث، توفي (82 ه). انظر: تهذيب الكمال للمزي: 12/ 548- و سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 161.
4- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 81- و قد ذكرهما الحافظ ابن حجر في الإصابة: 4/ 93.
5- المراجع السابقة.

كالأعرابي. (1)

كما تكلم عدد من التابعين في التفسير كالحسن البصري و الضحاك بن مزاحم و السدي و غيرهم، ثم تتابع الناس و ألفوا في التفسير التآليف، خاصة حين فسد اللسان، و كثرت العجمة بدخول الناس في الدين، و احتاج الناس إلى فهم النص القرآني، و إلى البيان و التوضيح، و شرح الألفاظ و المفردات.

3- أن الرسول صلى اللّه عليه و سلم و صحابته لم يفسروا القرآن كله، بل الثابت أن الرسول صلى اللّه عليه و سلم لم يفسر من القرآن إلا اليسير، أخرج ابن جرير و غيره عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: ما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد علمهن إياه جبريل. (2) و قد سئل علي بن أبي طالب- كرم اللّه وجهه-: هل خصكم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بشي ء؟ فقال: ما عندنا غير هذه الصحيفة، أو فهم يؤتاه الرجل في كتابه. (3) فكيف يفهم ما لم يرد فيه نص.

ص: 242


1- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 80.
2- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 84 و قال في: 89: الخبر معلول في إسناده، و فيه جعفر بن محمد الزبيري، و هو غير معروف عند أهل الأثر. و قال ابن كثير 1/ 18: حديث منكر. و أخرجه أبو يعلى في مسنده: 8/ 23- و أورده الهيثمي في المجمع: 6/ 303.
3- أورده أبو حيان في تفسيره: 1/ 13- و الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: العلم، باب: كتابة العلم: 1/ 36.

4- الاختلاف و التباين في التفسير المنقول عن كثير من الصحابة و التابعين للآية الواحدة، فالناظر فيها يرى أقوالا كثيرة متباينة الأوصاف، بل قد تكون متعارضة، و ذلك دليل على أنهم كانوا يقولون في القرآن بالرأي، و كتب التفسير تزخر بكمّ من تلك الأقوال، و إن كان بعض الأئمة كشيخ الإسلام ابن تيمية يرى أن التباين هو تباين في الألفاظ و ليس اختلافا في المعاني. (1) و يرى غيره من أهل العلم أن التفسير متفق عليه و مختلف فيه، و هو- أي المختلف- ثلاثة أنواع:

الأول: اختلاف في العبارة مع اتفاق في المعاني، و هذا الذي عناه ابن تيمية.

الثاني: اختلاف في التمثيل لكثرة الأمثلة الداخلة تحت معنى واحد.

الثالث: اختلاف في المعنى. و هو الذي عنيناه هنا. (2)

يقول القرطبي: إن الصحابة قد قرءوا القرآن و اختلفوا في تفسيره على وجوه، و ليس كل ما قالوه سمعوه من النبي صلى اللّه عليه و سلم، فإن النبي دعا لابن عباس و قال: اللّهم فقهه في الدين و علمه التأويل. (3) فإن كان التأويل مسموعا

ص: 243


1- انظر مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 104- و تفسير ابن كثير: 1/ 15.
2- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 11.
3- انظر مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 96- و تفسير ابن كثير: 1/ 13- و أورده الهيثمي في المجمع: 9/ 276 و قال: هو في الصحيح غير قوله: و علمه التأويل. و رواه أحمد و الطبراني بأسانيد. و هو عند البزار و الطبراني: اللّهم علمه تأويل القرآن. و لأحمد طريقان رجالهما رجال الصحيح. و هو عند البخاري، كتاب: الوضوء، باب: وضع الماء عند الخلاء: 1/ 45- و في صحيح مسلم بلفظ: اللّهم فقهه. كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عبد اللّه بن عباس: 4/ 1927- و في مسند الإمام أحمد: 1/ 266 و 314.

كالتنزيل فما فائدة تخصيصه بذلك. (1)

5- أن منع التفسير بالرأي يفضي- كما يقول أبو حيان- إلى أنّ ما استخرجه الناس بعد التابعين من علوم التفسير و معانيه و دقائقه، و إظهار ما احتوى عليه من علم الفصاحة و البيان و الإعجاز لا يكون تفسيرا حتى ينقل بالسند إلى مجاهد و نحوه، قال: و هذا كلام ساقط. (2)

و قد وجه المجيزون الصحيح من أدلة المانعين، كما ردوا بعضها، فقالوا:

إن الآيات و الأخبار التي أوردوها و التي يفيد ظاهرها المنع إنما هي من الوجه الذي لا يعلم إلا بنص بيان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، أو نصبه الدلالة عليه (3).

و عن الآثار التي تفيد تحرج بعض السلف من تفسير القرآن، يبين ابن

ص: 244


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 33.
2- انظر: تفسير أبي حيان: 1/ 14.
3- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 74.

الأنباري أنهم إنما كانوا يتورعون عن تفسير المشكل من القرآن، فبعضهم يقدر أن الذي يفسره لا يوافق مراد اللّه عزّ و جلّ فيحجم عن القول، و بعضهم يشفق من أن يجعل في التفسير إماما يبنى على مذهبه، و يقتضى طريقه، فلعلّ متأخرا أن يفسر حرفا برأيه و يخطئ فيه و يقول: إمامي في التفسير بالرأي فلان، الإمام من السلف. (1)

و يحمل ابن تيمية هذا التحرج عن الكلام فيما لا علم لهم به، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة و شرعا فلا حرج عليه؛ و لهذا روي عن هؤلاء و غيرهم أقوال في التفسير، و لا منافاة لأنهم تكلموا فيما علموه، و سكتوا عما جهلوه. قال: و هذا هو الواجب على كل أحد؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالى: لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران: 187]. (2)

و قالوا: في حديث جندب قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من قال: في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ»: في سنده سهيل بن أبي حزم القطعي، تكلم بعض أهل العلم فيه، و قال الترمذي: حديث غريب. (3)، و على فرض صحته يقول ابن الأنباري: إن أهل العلم حملوه على أن الرأي معنيّ به الهوى، أي من قال في القرآن قولا يوافق هواه، لم يأخذه عن أئمة السلف

ص: 245


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 34.
2- انظر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 114- و تفسير ابن كثير: 1/ 18.
3- انظر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 106- و تفسير ابن كثير: 1/ 16.

فأصاب فقد أخطأ، لحكمه على القرآن بما لا يعرف أصله، و لا يقف على مذاهب أهل الأثر و النقل فيه. (1)، كمن يحتج ببعض الآيات على تصحيح بدعته، و هو يعلم أن ليس المراد بالآية ذلك، أو كمن يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلا من القرآن و يستدل عليه بما يعلم أنه ما أريد به، مثل الذي يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي بقوله: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى [طه: 42].

قال الماوردي: تمسك فيه- في الحديث- بعض المتورعة و استعمل الحديث على ظاهره، و امتنع أن يستنبط معاني القرآن باجتهاده عند وضوح شواهده، إلا أن يرد بها نقل صحيح، و يدل عليها نص صريح، فقال: هذا عدول عما تعبد اللّه تعالى به خلقه في خطابهم بلسان عربي مبين، حيث جعل لهم سبيلا إلى استنباط أحكامه، قال تعالى: لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [النساء: 83] قال: لو كان ما قالوه صحيحا لكان كلام اللّه تعالى غير مفهوم، و مراده بخطابه غير معلوم.، و تأوّل الأثر على فرض صحته على أن من حمل القرآن على رأيه و لم يعمل على شواهد ألفاظه فأصاب الحق فقد أخطأ الدليل. (2)

و معنى الحديث عند ابن عطية أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب اللّه فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قاله العلماء، و اقتضته قوانين العلوم

ص: 246


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 32.
2- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 33.

كالنحو و الأصول، و ليس يدخل فيه أن يفسر اللغويون لغته، و النحاة نحوه، و الفقهاء معانيه، و يقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم و نظر. (1)

و عن قوله صلى اللّه عليه و سلم: «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار»:

قال ابن الأنباري: فسر هذا الحديث تفسيرين:

أحدهما: من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذهب الأوائل من الصحابة و التابعين فهو معرض لسخط اللّه.

و الجواب الآخر- و هو أثبت القولين و أصحهما معنى-: من قال في القرآن قولا يعلم أن الحق غيره فليتبوأ مقعده من النار. (2)

قال ابن جزي: تأويله فيمن تكلم في القرآن بغير علم و لا أدوات، لا فيمن تكلم فيما تقتضيه أدوات العلوم و نظر في أقوال العلماء المتقدمين فإن هذا لم يقل في القرآن برأيه. (3)

و هكذا يظهر لنا أن اللّه تعالى قد جعل إلى العلماء بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم استنباط ما نبه على معانيه، و أشار إلى أصوله، ليتوصلوا بالاجتهاد فيه إلى علم المراد، فيمتازوا بذلك عن غيرهم، و يختصوا بثواب اجتهادهم، قال

ص: 247


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 28.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 32.
3- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 16.

تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ [المجادلة:

11] فصار الكتاب أصلا، و السنة له بيانا، و استنباط العلماء له إيضاحا و تبيانا. (1)

المسألة الثالثة: أنواع التفسير:

لم يتطرق المفسرون لأنواع التفسير في مقدماتهم عدا ابن عطية و ابن جزي و أبي حيان، فقد ذكروا شيئا عن تفاسير الباطنية بإيجاز، فنبه ابن عطية إلى انحراف هذا الاتجاه، و أفاد أنه جعل تفسيره سالما من إلحاد أهل القول بالرموز، و أهل القول بالباطن، و نبه القارئ إلى ما يكون قد وقع فيه، من نقله لأقوال بعض العلماء الذين حازوا حسن الظن عنده، و يكونوا قد اعتمدوا آراء من هذا النوع. (2)

و ذكر ابن جزي أن المتصوفة تكلمت في تفسير القرآن، فكان منهم من أحسن و أجاد، و وصل بنور بصيرته- كما قال- إلى دقائق المعاني، و وقف على حقيقة المراد (3) و منهم من توغل في الباطنية و حمل القرآن على ما لا

ص: 248


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 2.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 10.
3- قلت: حقيقة مراد اللّه لا يجزم به، و أهل العلم و المفسرون منهم يسعون للوقوف على مراد اللّه و لا يجزمون بأن ما توصلوا إليه هو عين مراد اللّه، فلا يسلم لابن جزي مقولته، و اللّه أعلم. و قد اختلف العلماء في قبول تفسير الصوفية، و هو التفسير الإشاري، فمنهم من قبله، و منهم من رده، و آخرون توسطوا، فقبلوه بشروط، و من هؤلاء ابن جزي كما يظهر من قوله. و قد وضع العلماء شروطا عديدة لقبول هذا اللون من التفسير تتلخص في شرطين: الأول: أن يصح على مقتضى الظاهر في لسان العرب، و يكون على أساليب كلامهم. الثاني: أن يكون له شاهد، نصا أو ظاهرا في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض. انظر: الموافقات للشاطبي: 3/ 394- و التبيان في أقسام القرآن لابن القيم: 50- و مناهل العرفان للأستاذ الزرقاني: 2/ 81- و ابن جزي و منهجه في التفسير لعلي الزبيري: 2/ 602.

تقتضيه اللغة العربية، كما فعل عبد الرحمن السلمي الذي جمع تفسيرا سماه (الحقائق)، و قال فيه بعض العلماء: بل هي بواطل. قال ابن جزي: فإذا انتصفنا قلنا: فيه حقائق و بواطل. (1) كما أشار أبو حيان إلى هذا اللون المنحرف، و صرح بأنه لا يلتفت إلى مثل هذه الطائفة، لكونهم يخرجون الألفاظ عن مدلولاتها في اللغة إلى هذيان افتروه على اللّه تعالى. (2)ي.

ص: 249


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 13.
2- انظر: تفسير أبي حيان: 1/ 13. و قد بحث هذا الموضوع السيوطي في الإتقان: 4/ 180- و ابن عقيلة في الزيادة و الإحسان: 3/ 954 تحقيق الشيخ/ مصلح السامدي.

الموضوع الحادي عشر العلوم التي يحتاجها المفسر

اشارة

بحث هذا الموضوع في مقدمة تفسيره ابن جزي (1)، و أبو حيان (2)، و تعرض لجانب منه ابن عطية. (3)

و العلوم التي يحتاجها المفسر حتى يقدم على تفسير كتاب اللّه عديدة، أوصلها ابن جزي إلى اثني عشر فنا من العلوم، و اكتفى أبو حيان بسبعة فنون على الاختصار و هي:

الفن الأول: التفسير:

و هو المقصود بنفسه من بين الفنون، و سائر الفنون أدوات تعين عليه أو تتعلق به أو تتفرع منه، و يقصد بالتفسير: شرح القرآن و بيان معناه و الإفصاح بما يقتضيه بنصه أو إشارته أو فحواه.

و التفسير متفق عليه و مختلف فيه، أما المختلف فيه فهو ثلاثة أنواع:

الأول: اختلاف في العبارة، و اتفاق في المعنى، و هو ليس بخلاف.

الثاني: اختلاف في التمثيل، مع الاتفاق في المعنى، و هو الآخر ليس

ص: 250


1- انظر: تفسيره: 1/ 10- 14.
2- انظر: تفسيره: 1/ 14- 17.
3- انظر تفسيره: 1/ 63.

بخلاف.

الثالث: اختلاف المعنى، يحتاج إلى ترجيح بينها. (1)

الفن الثاني: القراءات:

اشارة

و يتعلق ذلك باختلاف الألفاظ بزيادة أو نقص أو تغيير حركة أو إتيان بلفظ بدل لفظ، و ذلك بتواتر و آحاد.

و أهمية القراءات بمنزلة الرواية في الحديث، فلا بد من ضبطها إذ بها يعرف كيفية النطق بالقرآن (2)، و هي نوعان:

النوع الأول: القراءات المشهورة:

و هي القراءات السبع، و هي حرف نافع المدني و ابن كثير المكي، و أبي عمرو بن العلاء البصري، و ابن عامر الشامي، و عاصم، و حمزة، و الكسائي الكوفيّين، و ما جرى مجراهم في الصحة و الشهرة، كقراءة يعقوب الحضرمي (3)، و يزيد بن القعقاع (4)، و من

ص: 251


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 11. و قد عد ابن جزي التفسير قسيما للعلوم التي يحتاجها المفسر و هو في الحقيقة نتيجة الإلمام بتلك العلوم و حصيلة ذلك، و لهذا لم يعتبره أبو حيان و لا غيره فنا مستقلا من تلك الفنون، بل عدّوه نتيجة تلك العلوم و حصيلتها.
2- و بها يترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض. انظر: الإتقان للسيوطي: 4/ 187.
3- هو يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي، أحد القراء العشرة، و إمام أهل البصرة في القراءة، يقول أبو حاتم: كان أعلم من أدركنا و رأينا بالحروف و الاختلاف في القرآن، توفي (205 ه). انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي: 1/ 157- و غاية النهاية لابن الجزري: 2/ 386.
4- هو يزيد بن القعقاع، أبو جعفر المدني المخزومي، تابعي جليل، و أحد القراء العشرة، تصدّر لإقراء القرآن دهرا، وثقه ابن معين و غيره، توفي (127 ه). انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي: 1/ 72- و غاية النهاية لابن الجزري: 2/ 382. و يعقوب الحضرمي و يزيد بن القعقاع هما من الثلاثة المكملين للعشرة، و الثالث هو خلف البزار.

أحسن المصنفات فيه «الإقناع» لأبي جعفر بن الباذش (1)، و في القراءات العشر كتاب «المصباح» (2) لأبي كرم الشهرزوري. (3) (4)

و النوع الثاني: القراءات الشاذة:
اشارة

و هي ما سوى ذلك، و سميت شاذة لعدم استقامتها في اللفظ، و قد تكون فصيحة اللفظ، أو قوية المعنى.

شروط القراءة الصحيحة:

و للقراءة الصحيحة ثلاثة شروط:

الأول: أن تكون موافقة لمصحف عثمان رضي اللّه عنه. (5)

ص: 252


1- هو أحمد بن علي بن أحمد بن خلف، أبو جعفر الباذش، محدث محقق ثقة، ألف كتاب الإقناع في القراءات، قيل: من أحسن الكتب في السبعة، توفي (540 ه). انظر: غاية النهاية لابن الجزري: 1/ 83.
2- كتاب الإقناع مطبوع، أما كتاب المصباح فقد حقق الأخ إبراهيم الدوسري الأصول منه، و تقدم به إلى كلية أصول الدين بالرياض لنيل درجة الدكتوراة في القرآن و علومه.
3- هو المبارك بن الحسن بن أحمد، أبو الكرم الشهرزوري البغدادي، إمام في القراءة، ثقة خيّر، توفي (550 ه). انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي: 1/ 506- غاية النهاية لابن الجزري: 2/ 38.
4- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 11 و 1/ 19- و تفسير أبي حيان: 1/ 16.
5- المقصود المصحف الإمام، و قد ذكر ابن الجزري في طيبة النشر شروط القراءة الصحيحة، فذكر منها أن تكون القراءة موافقة لرسم أحد المصاحف العثمانية و لو احتمالا. و هذا أدق لأن المصاحف العثمانية مختلفة فيما بينها، كما وقع الاختلاف في عددها. انظر: طيبة النشر لابن الجزري: ص 169 ضمن مجموع إتحاف البررة بالمتون العشرة.

الثاني: أن تكون موافقة لكلام العرب و لو على بعض الوجوه أو في بعض اللغات.

الثالث: النقل المتواتر أو المستفيض. (1)

اختلاف القراء:

و الاختلاف بين القراء يكون في أحد أمرين:

الأول: في الأصول: و هو ما كان الاختلاف فيه لا يغير المعنى (2)، و لها ثمانية قواعد:

الأولى: الهمزة، و هي في حروف المد الثلاثة، و يزاد فيها على المد

ص: 253


1- و هو المعبر عنه عند ابن الجزري بصحة السند، و إلى ذلك يشير في طيبة النشر له بقوله: فكلّ ما وافق وجه نحوو كان للرّسم احتمالا يحوي و صحّ إسنادا هو القرآن فهذه الثلاثة الأركان و حيثما يختلّ ركن أثبت شذوذه لو أنّه في السّبعة انظر: طيبة النشر لابن الجزري: ص 169 ضمن مجموع إتحاف البررة بالمتون العشرة.
2- المراد بالأصول عند علماء القراءات، القواعد الكلية المطردة غالبا، يقول الإمام الشاطبي (قاسم بن فرو): فهذي أصول القوم حال اطّرادهاأجابت بعون اللّه فانتظمت حلا انظر: حرز الأماني للشاطبي: ص 38 ضمن مجموع إتحاف البررة بالمتون العشرة.

الطبيعي بسبب الهمزة و التقاء الساكنين.

الثانية: و أصلها التحقيق، ثم قد يخفف على سبعة أوجه: إبدال واو أو ياء أو ألف (1) و تسهيل بين الهمزة و الواو، و بين الهمزة و الياء، و بين الهمزة و الألف، و إسقاط. (2)

الثالثة: الإدغام، و الإظهار، و الإظهار هو الأصل.

و الإدغام: يكون إما مثلين أو (3) متقاربين، في كلمة أو كلمتين (4). و هو نوعان:

النوع الأول: إدغام كبير و يسمى الإدغام المتحرك، انفرد به أبو عمرو (5).

ص: 254


1- مثال الواو قوله تعالى يُؤْمِنُونَ [البقرة: 3]، و مثال الياء بِئْرٍ [الحج: 45]، و مثال الألف يَأْلَمُونَ [النساء: 104].
2- أي إسقاط إحدى الهمزتين من كلمتين مثل جاءَ أَمْرُنا [هود: 40] و مِنَ السَّماءِ أَوِ [الأنفال: 32].
3- الأولى أن يقال: و إما متقاربين، قال تعالى إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً [الإنسان: 3].
4- في كلمة مثل يُدْرِكْكُمُ [النساء: 68]، و في كلمتين مثل اضْرِبْ بِعَصاكَ [الحجر: 60].
5- قيل سمي كبيرا لكثرة وقوعه و قيل غير ذلك، و هو أن يكون الحرف الأول منه متحركا مثل قوله تعالى فِيهِ هُدىً [البقرة: 2] و طُبِعَ عَلى [التوبة: 87] النشر لابن الجزري: 1/ 274- و الإتقان للسيوطي: 1/ 263.

النوع الثاني: إدغام صغير و يسمى إدغام الساكن، و هو لجميع القراء (1).

الرابعة: الإمالة، و هي أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة، و بالألف نحو الياء و الأصل الفتح، و يوجبها الكسرة و الياء.

الخامسة: الترقيق و التفخيم، و الحروف ثلاثة أقسام:

القسم الأول: تفخم على كل حال، و هي حروف الاستعلاء السبعة (2).

القسم الثاني: تفخم تارة و ترقق تارة، و هي (الراء) أصلها التفخيم و ترقق للكسر و الياء، (3) و (اللام) و أصلها الترقيق و تفخم لحروفة.

ص: 255


1- و هو أن يكون الحرف الأول ساكنا. و انظر: الإتقان للسيوطي: 1/ 267.
2- و هي مجموعة في قولهم: خص ضغط قظ.
3- ترقق إذا كان قبلها ياء ساكنة و وقف عليها مثل قدير عند كل القراء، او كان قبلها ياء و هي مفتوحة فإنها ترقق عند ورش نحو قَدِيراً* و بَصِيراً* يقول ابن الجزري: و رقّق الرّاء إذا ما كسرت كذاك بعد الكسر حيث سكّنت إن لم تكن من قبل حرف استعلاأو كانت الكسرة ليست أصلا و الخلف في فرق لكسر يوجدو أخف تكريرا إذا تشدّد انظر: القصيدة الجزرية: ص 373 ضمن مجموع إتحاف البررة بالمتون العشرة.

الإطباق (1)، و (الألف) و هي تابعة للترقيق و التفخيم لما قبلها.

القسم الثالث: ترقق على كل حال و هي سائر الحروف.

السادسة: الوقف، و هو على ثلاثة أنواع:

الأول: سكون جائز في الحركات الثلاثة.

الثاني: روم في المضموم و المكسور (2).

الثالث: إشمام في المضموم خاصة (3).

السابعة: مراعاة الخط في الوقف.

الثامنة: إثبات الياءات و حذفها.ُ.

ص: 256


1- حروف الإطباق أربعة، يقول ابن الجزري: و صاد ضاد و طاء و ظاء مطبقة .... انظر: القصيدة الجزرية: ص 374.
2- الروم: هي حركة مختلسة مختفاة لضرب من التخفيف، و هي أكثر من الإشمام لأنها تسمع. انظر: الصحاح للجوهري (روم): 5/ 1938، و مثال الروم مع المضموم نَسْتَعِينُ، و مثاله مع المكسور الرَّحِيمِ.
3- الإشمام: ضمك شفتيك بعد سكون الحرف أصلا، و لا يدرك معرفة ذلك الأعمى لأنه لرؤية العين لا غير. انظر: التيسير للداني: 59، و مثاله: نَسْتَعِينُ.

الثاني في فرش الحروف: و هو ما لا يرجع إلى أصل مطرد، و لا قانون كلي، و هو على وجهين:

اختلاف في القراءة باختلاف المعنى، و اختلاف في القراءة باتفاق المعنى. (1)

الفن الثالث: أصول الفقه

و ما يتعلق به من معرفة الإجمال و التبيين، و العموم و الخصوص، و الإطلاق و التقييد، و دلالة الأمر و النهي، و فحوى الخطاب و لحن الخطاب، و وجوه التعرض، و أسباب الخلاف، و ما أشبه ذلك مما هو من أصول الفقه و من أدوات التفسير التي تعين على فهم المعاني، و ترجيح الأقوال، إذ بأصول الفقه يعرف المفسر وجه الاستدلال و الاستنباط، فهو إذا نعم العون له.

الفن الرابع: النسخ:

و هو في اللغة: الإزالة و النقل (2).

و في الاصطلاح: رفع الحكم الشرعي بعد ما نزل (3).

ص: 257


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 11 و 1/ 19.
2- انظر: أساس البلاغة للزمخشري: 629- و لسان العرب لابن منظور: 3/ 61.
3- اختلف أهل العلم في تعريف النسخ اصطلاحا و الذي اختاره الأكثر و اشتهر، هو التعريف الذي أطلقه ابن الحاجب بقوله: النسخ رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر. انظر مختصر المنتهى مع شرحه للعضد: 2/ 185. و عرفه فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين بقوله: هو رفع حكم دليل شرعي، أو لفظه بدليل من الكتاب و السنة. انظر: الأصول في علم الأصول لابن عثيمين: 35- و انظر ما كتبه الدكتور سليمان اللاحم في مقدمته التي قدم بها تحقيق كتاب الناسخ و المنسوخ للنحاس: 1/ 111.

و به يعرف المفسر المحكم من غيره، و هو يتعلق بالأحكام لأنها محل النسخ إذ الأخبار لا تنسخ، ثم إن النسخ واقع في مواضع عديدة من القرآن على ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: نسخ اللفظ و المعنى، كقوله: «لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم» (1).

الوجه الثاني: نسخ اللفظ دون المعنى، كقوله (الشيخ و الشيخة إذا زنيا).

ص: 258


1- رواه أحمد في المسند: 1/ 47 بسند صحيح عن عمر- و انظر فواتح الرحموت: 2/ 73. و هذا المثال فيه نظر، فلا زال من المقرر في الشريعة أن لا ينتسب الابن إلى غير أبيه، و لهذا ضرب ابن حزم في كتابه معرفة الناسخ و المنسوخ: 155 هذا المثال على النوع الثاني الذي هو نسخ الخط دون الحكم. و المثال الذي يمكن ضربه لهذا النوع ما ذكرته عائشة رضي اللّه عنها: كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات، فنسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هن مما يقرأ في القرآن. يعني و بعض الناس لا زال يقرؤها، و لم يعلم بنسخها. صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الرضاع، باب: التحريم بخمس رضعات: 10/ 29- و قد قال مكي: و لا أعلم له- أي لهذا المثال- نظيرا. الإتقان: 2/ 706 ط البغا- و انظر: ابن جزي و منهجه في التفسير لمحمد علي الزبيري: 2/ 775 حاشية (5).

فارجموهما البتة نكالا من اللّه و اللّه عزيز حكيم) (1).

الوجه الثالث: نسخ المعنى دون اللفظ. قال ابن جزي: و هو كثير منه في القرآن على ما عد بعض العلماء مائتا موضع و ثنتا عشرة مواضع منسوخة، إلا أنهم عدوا التخصيص و التقييد نسخا، و الاستثناء نسخا.

قال: و بين هذه الأشياء و بين النسخ فروق معروفة (2).

و قد صنف الناس في الناسخ و المنسوخ تآليف يعد من أحسنها تأليف

ص: 259


1- روى الزهري عن عبد اللّه عن ابن عباس قال: خطبنا عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- قال: كنا نقرأ: الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ... الحديث، و روي ذلك عن غيره من الصحابة، و هي بألفاظ متفاوتة، أخرجها أحمد في المسند: 5/ 183- و مالك في الموطأ: كتاب الحدود، باب: ما جاء في الرجم: 629، ط فؤاد عبد الباقي- و أوردها ابن حجر في الفتح: 9/ 65- و الهيثمي في المجمع: 6/ 265 عن العجماء، و قال: رواه الطبراني و رجاله رجال الصحيح. و هي في الناسخ و المنسوخ للنحاس: 1/ 435 تحقيق اللاحم.- و انظر الإتقان للسيوطي: 2/ 718 ط البغا.
2- و قد اختلف القائلون بالنسخ في عدد المواضع التي وقع فيها النسخ بين مكثر و مقل، و يعد ابن جزي رغم هذا القيد الذي وضعه من المكثرين، فقد ذكر أن ما نسخ بآية السيف فقط بلغت مائة آية و أربع عشرة آية، و هو لا شك رقم عظيم إذا ما قورن بالسيوطي القائل بأنها على الأكثر إحدى و عشرون آية و قال: لا يصح دعوى النسخ في غيرها. و قد كتب الأستاذ مصطفى زيد كتابه القيم: النسخ في القرآن الكريم، فحرر القول في كل آية قيل إنها منسوخة. انظر: الإتقان: 2/ 712.

القاضي أبي بكر ابن العربي. (1)

الفن الخامس: الحديث،

و ما هو منه من تعيين المبهم، و تبيين المجمل، و سبب النزول، و النسخ و غير ذلك، و يؤخذ ذلك من النقل الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.

و يحتاج المفسر إلى رواية الحديث و حفظه لوجهين:

الأول: إن كثيرا من الآيات نزلت في قوم مخصوصين و بأسباب مخصوصة، كالتي نزلت في شأن حادثة أو نتيجة سؤال، و لهذا لا بد للمفسر من معرفة فيمن نزلت الآيات، و فيما نزلت، و متى نزلت.

الثاني: أنه ثبت عن النبي صلى اللّه عليه و سلم تفسير بعض القرآن، فلا يجوز تجاوز ذلك إلى قول غيره، لهذا لزم المفسر معرفة ذلك.

الفن السادس: القصص القرآني،

و أخبار الأنبياء و السابقين التي ذكرها القرآن، كقصة موسى و فرعون، و قصة أصحاب الكهف، و ذي القرنين و غيرهم.

فقد قرر العلماء أنه لا بد للمفسر من معرفة ما يتوقف عليه التفسير مما ثبت في الصحيح من تفاصيل تلك القصص، فهي إنما ضربت لما فيها من

ص: 260


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 18- و كتاب ابن العربي في النسخ مطبوع بتحقيق الدكتور عبد الكبير المعري.

الدروس و العبر و الحكم، أما تلك التي يكون فيها إنقاص بمكانة الأنبياء عليهم السلام، مما هو من رواية بني إسرائيل فينبغي الإعراض عنها صفحا.

و يلاحظ أن كثيرا من القصص و الأخبار قد تكررت، و ذلك لحكم منها:

الأول: أن في التكرار إضافات زائدة في مواطن لم توجد في غيرها (1).

الثاني: أن تلك الأخبار جاءت في مواطن على طريقة الإطناب، و في مواطن على طريقة الإيجاز؛ و ذلك لإظهار فصاحة القرآن (2).

الثالث: أنه أريد من ذكر الأخبار مقاصد معينة، و تعددت القصص بتعدد تلك المقاصد، و من المقاصد إثبات نبوة الأنبياء المتقدمين بذكر ما جرى على أيديهم من المعجزات، و ذكر إهلاك من كذبهم، و منها إثبات النبوة لمحمد صلى اللّه عليه و سلم لإخباره بتلك الأخبار من غير تعلم من أحد ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَ لا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا [هود: 49]، و منها تسلية النبي صلى اللّه عليه و سلم عن تكذيب قومه له بالتأسي بمن تقدم من الأنبياء وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ

ص: 261


1- مثل قوله تعالى: فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى [طه: 20]، و قال فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ [الشعراء: 32] فالآيتان في عصا موسى، و ذكر في الأولى أنها حية، و في الثانية أنها ثعبان، يقول الزركشي: فائدته أن ليس كل حية ثعبان، و هذه عادة العرب. البرهان: 3/ 26.
2- انظر: البرهان للزركشي: 3/ 26.

قَبْلِكَ [الأنعام: 34] و منها تسليته صلى اللّه عليه و سلم و وعده بالنصر كما نصر الأنبياء من قبله، و غير ذلك من أخبار الأنبياء التي حوت كثيرا من العجائب و المواعظ، و لكون هذه الأخبار تفيد فوائد عديدة ذكرت في مواطن كثيرة. (1)

الفن السابع: أصول الدين،

و الكلام على ما يجوز على اللّه، و ما يجب له، و ما يستحيل عليه، و النظر في النبوات و غيرها من أصول الدين، و يتعلق هذا الفن بالقرآن من جانبين:

الأول: ما ورد في القرآن من إثبات العقائد، و إقامة البراهين عليها، و الرد على أصناف الكفار.

و الثاني: أن طوائف المسلمين تحتج بالقرآن لمذهبها، و ترد على مخالفيها، فمعرفة المفسر بهم توصله إلى التحقق و التثبت في القول.

و قد صنف العلماء من سائر الطوائف في هذا الفن كتبا عديدة، زلت فيها أقدام كثيرة.

الفن الثامن: علم اللغة،

و هو من ألزم الفنون لطالب التفسير؛ يقول مجاهد: لا يحل لأحد يؤمن باللّه و اليوم الآخر أن يتكلم في كتاب اللّه إذا لم

ص: 262


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 10- و ينظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي: 3/ 26- 30- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 1/ 215 (النوع الخامس و العشرون بعد المائة) تحقيق مصلح السامدي.

يكن عالما بلغات العرب. و قال الإمام مالك: لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب اللّه إلا جعلته نكالا. (1)، فبها يعرف شرح الألفاظ و مدلولاتها، و في كتاب اللّه مفردات عظيمة منها الغريب و غيره ما يلزم المفسر حفظه و معرفته، من أفضل المصنفات التي اهتمت بهذا الفن كتاب ابن سيده (2)، و كتاب «تهذيب اللغة» للأزهري (3) و «الصحاح» للجوهري (4)، و غيرها (5).

الفن التاسع: أحكام القرآن،

و ما ورد فيها من الأوامر و النواهي،

ص: 263


1- أخرجه أبو نعيم في الحلية بنحوه: 6/ 322- و البيهقي في الشعب (ح 313- 2/ 565)- و انظر الإتقان للسيوطي: 4/ 182.
2- هو علي بن إسماعيل المرسي الضرير، المعروف بابن سيده، إمام في اللغة حافظ لها، و أحد من يضرب بذكائه المثل، له (المحكم و المحيط الأعظم) في اللغة، توفي (458 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 18/ 144- و مرآة الجنان لليافعي: 3/ 83.
3- هو العلامة أبو منصور، محمد بن أحمد بن الأزهر الأزهري الهروي، كان رأسا في اللغة و الفقه، له تهذيب اللغة، و آخر في التفسير، توفي (370 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 16/ 315- و وفيات الأعيان لابن خلكان: 4/ 334.
4- هو إسماعيل بن حماد التركي، إمام اللغة، و أحد من يضرب به المثل في ضبط اللغة، له كتاب الصحاح في اللغة، توفي (393 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 17/ 80- و مرآة الجنان لليافعي: 2/ 446.
5- و من المؤلفات فيه (الموعب في اللغة لأبي غالب تمام بن غالب القرطبي ت (436 ه)، و (الجامع في اللغة) لمحمد بن جعفر القيرواني المعروف بالقزاز، ت (412 ه) و غير ذلك.

و المسائل الفقهية، قال بعض العلماء: آيات الأحكام في القرآن خمسمائة آية، و قد تزيد، و أشهر من صنف فيها تصنيفا القاضي أبو بكر بن العربي، و أبو محمد بن الفرس (1).

الفن العاشر: علم النحو،

و معرفة الأحكام التي للكلم العربية، من جهة إفرادها و من جهة تركيبها: نزل القرآن بلسان العرب فكان تعلّم لسانها- الذي هو النحو- من آكد الضروريات للمفسر، لأن المعنى يتغير و يختلف باختلاف الإعراب، روي عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:

أعربوا القرآن و التمسوا غرائبه. (2)

ص: 264


1- هو أبو محمد بن الفرس، و اسمه عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم الأنصاري، شيخ المالكية بغرناطة في زمانه، قيل أن كتابه من أفضل ما وضع في أحكام القرآن، توفي (597 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 21/ 364- و النجوم الزاهرة لابن تغري بردي: 6/ 180.
2- أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن: (ح 743- 318)- و ابن أبي شيبة في المصنف: 10/ 456- و البيهقي في الشعب: 2/ 573، و في رواية عنده: «و التمسوا إعرابه»، و هي التي أوردها الماوردي في تفسيره: 1/ 192 تحقيق الدكتور محمد الشائع.- و الخطيب البغدادي في تاريخه: 8/ 77- و ابن الأنباري في إيضاح الوقف و الابتداء: 1/ 15- و أورده السيوطي في الجامع الصغير، و رمز لضعفه، و قال المناوي: 1/ 558 قال الحاكم: 2/ 439: صحيح عند جماعة. فرده الذهبي فقال: مجمع على ضعفه، و تبعه العراقي فقال: سنده ضعيف. و قال الهيثمي: فيه متروك. و قال المناوي: فيه ضعيفان. و معنى إعرابه كما قال المناوي في الفيض القدير: 1/ 558: أي تعرفوا ما فيه من بدائع العربية و دقائقها و أسرارها، و ليس المراد الإعراب المصطلح عليه عند النحاة، لأن القراءة مع اللحن ليست قراءة و لا ثواب له فيها. قال: و التمسوا غرائبه: أي ألفاظه التي يحتاج البحث عنها في اللغة. ا ه. و يقول أستاذي الدكتور محمد الشائع: المراد بالإعراب هنا تبيين المعاني و إظهارها، و ليس الإعراب بمفهوم النحاة كما استشهد به الماوردي، لأن الإعراب بهذا المفهوم لم يعرف إلا بعد زمن النبوة، فهو اصطلاح حادث. انظر: النكت و العيون للماوردي: 1/ 192 حاشية (5) بتحقيق فضيلته.

روى ابن الأنباري عن أبي مليكة قال: قدم إعرابي في زمان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: فأقرأه رجل (براءة) فقال: أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ [التوبة: 3] بالجر [رسوله]، فقال الأعرابي: أو قد برئ اللّه من رسوله؟

فإن يكن اللّه برئ من رسوله فأنا أبرأ منه.

فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه فقال: يا أعرابي، أتبرأ من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟ فقال: يا أمير المؤمنين إني قدمت المدينة و لا علم لي بالقرآن، فسألت من يقرئني، فأقرأني هذا سورة (براءة) فقال: أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ، فقلت: أو قد برئ اللّه من رسوله، إن يكن اللّه برئ من رسوله فأنا أبرأ منه؛ فقال عمر: ليس هكذا يا أعرابي؛ قال: فكيف يا أمير المؤمنين؟

قال أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ فقال الأعرابي: و أنا و اللّه أبرأ مما برئ اللّه و رسوله. (1)ر.

ص: 265


1- أورده القرطبي في تفسيره: 1/ 24- و ذكره أبو حيان: 5/ 367- و أورده السيوطي في الدر المنثور و عزاه لابن الأنباري و ابن عساكر: 4/ 127 ط دار الفكر.

و النحو قسمان:

أحدهما عوامل الإعراب: و هي أحكام الكلام المركب.

و الآخر التصريف: و هي أحكام الكلمات قبل التركيب.

و من أحسن التصانيف في هذا العلم «الكتاب» لسيبويه، «و تسهيل الفوائد» لأبي محمد بن مالك الطائي، و أحسن التصانيف في التصريف كتاب «الممتع» لابن عصفور (1).

الفن الحادي عشر: الفصاحة و البلاغة و أدوات البيان ،

الفن الحادي عشر: الفصاحة و البلاغة و أدوات البيان (2)،

و كون

ص: 266


1- هو علي بن مؤمن بن محمد النحوي، المعروف بابن عصفور، حامل لواء العربية في زمانه بالأندلس، أقبل عليه الطلبة لتلقي النحو، و تصدر للتدريس في عدة بلاد، توفي (665 ه) انظر: فوات الوفيات للكتبي: 2/ 93- و شذرات الذهب لابن العماد: 5/ 330.
2- هذا الفن هو من أهم الفنون التي يحتاجها المفسر، و هو أعظم أركانه كما يقول الزركشي، فإنه لا بد من مراعاة ما يقتضيه الإعجاز من الحقيقة و المجاز، و تأليف النظم، و غير ذلك .. و يقول في ذلك: و اعلم أن معرفة هذه الصناعة بأوضاعها هي عمدة التفسير المطلع على عجائب كلام اللّه، و هي قاعدة الفصاحة و واسطة عقد البلاغة. البرهان في علوم القرآن: 1/ 311. و يقول ابن خلدون: و أحوج ما يكون إلى هذا الفن المفسرون. المقدمة: 552، و أكد أهل البلاغة أن إعجاز القرآن لا يدرك إلا به، فقال السكاكي في مفتاح العلوم: 653: اعلم أن شأن الإعجاز عجيب، يدرك و لا يمكن وصفه. كاستقامة الوزن تدرك و لا يمكن وصفها، و كالملاحة و لا طريق إلى تحصيله لغير ذوي الفطر السليمة، إلا التمرن في علمي المعاني و البيان. ا ه. و ما يذكره المصنفون من ضرورة إلمام المفسر بأدوات البيان كلها- و التي ستمر بنا بعد قليل- أمر فيه تكلف واضح، و مبالغة ظاهرة، فليست كل تلك الأدوات و الفنون من لوازم عمل المفسر، و لا أنه يتعين عليه معرفتها و الإلمام بها. و اللّه أعلم.

اللفظ أو التركيب أحسن و فصح:

أما الفصاحة فلها خمسة شروط: الأول: كون الألفاظ عربية أصيلة.

الثاني: كونها مستعملة متداولة غير مستثقلة.

الثالث: وفاء العبارة للمعنى، و أن لا تكون قاصرة عن البيان.

الرابع: سهولة العبارة، و خلوها من التعقيد (1).

الخامس: سلامة العبارة من حشو الكلام و فضول القول.

و أما البلاغة: فقد عرفها ابن جزي بقوله: هي سياق الكلام على ما يقتضيه الحال و المقال من الإيجاز و الإطناب، و من التهويل، و التعظيم، و التحقير، و من التصريح و الكناية و الإشارة و شبه ذلك، بحيث يهز النفوس و يؤثر في القلوب، و يقود السامع إلى المراد أو يكاد (2).

ص: 267


1- التعقيد أن يشبك المتكلم طريقك إلى المعنى، و يوعر مذاهبك نحوه حتى يقسم فكرك و يشعب قلبك. قاله البرقوقي. انظر شرح البرقوقي على التلخيص للقزويني: 32.
2- و بمثل تعريف ابن جزي عرفه القزويني غير أنه أضاف قيد الفصاحة فقال: البلاغة في الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته. التلخيص في علوم البلاغة للقزويني: 33.

و أما أدوات البيان، فهي صناعة البديع، و هو تزيين الكلام كما يزين القلم الثوب. قال ابن جزي: وجدنا منها في القرآن اثنين و عشرين نوعا و هي (1):

الأول: المجاز، و هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة بينهما (2)، و هو اثنا عشر نوعا: التشبيه (3)، و الاستعارة (4)، و الزيادة، و النقصان، و تشبيه المجاور باسم مجاوره، و الملابس باسم ملابسه، و الكل،

ص: 268


1- الأنواع التي ذكرها ابن جزي تشمل الفنون الثلاثة، فمنها ما يتعلق بعلم المعاني كالتتميم و التكرار و الاستطراد، و منها ما يتعلق بعلم البيان كالمجاز بأنواعه، و منها ما يتعلق بعلم البديع كالتجنيس و المطابقة.
2- عرف الجرجاني المجاز بقوله: كل كلمة أريد بها غير ما وقعت له في وضع واضعها لملاحظة بين الثاني و الأول. و يقول القزويني: هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب على وجه يصح مع قرينة عدم إرادته. أسرار البلاغة للجرجاني: 285 ط المنار- و التلخيص لعلوم البلاغة للقزويني: 294.
3- التشبيه: الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى، و المراد هنا ما لم تكن على وجه الاستعارة بالكناية و التجريد. انظر: التلخيص في علوم البلاغة للقزويني: 238- و الإتقان للسيوطي: 2/ 773 و فيه تعريفات أخرى.
4- عرفها ابن أبي الأصبع بقوله: الاستعارة تسمية المرجوح الخفي باسم الراجح الجلي. بديع القرآن: 18.

و إطلاق اسم الكل على البعض، و إطلاق اسم البعض على الكل، و التسمية باعتبار ما يستقبل، و التسمية باعتبار ما مضى.

حكم المجاز، اختلف العلماء في وقوع المجاز في القرآن، فمنعه فريق، و أباحه أهل اللغة و الأصول، و قالوا: إن القرآن نزل بلغة العرب و على أساليبهم، و من عادة فصحاء العرب، و بلغائهم استعمال المجاز في بيانهم (1).

قال ابن جزي: و لا وجه لمن منعه، لأن الواقع منه في القرآن أكثر من..

ص: 269


1- ذهب كثير من العلماء إلى وقوع المجاز في اللغة و القرآن، و أنكره آخرون، و أشهر من قال بعدم وقوع المجاز في القرآن شيخ الإسلام ابن تيمية، و تلميذه ابن القيم، و من المعاصرين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، و ألف رسالة أسماها (منع جواز المجاز في المنزل للتعبد و الإعجاز)، و حجتهم أن المجاز أخو الكذب، و القرآن منزه عنه، و أن تقسيم الكلام إلى حقيقة و مجاز تقسيم حادث لم يتكلم به الصحابة و لا التابعون، و لا أئمة اللغة المشهورون كمالك و الشافعي و الثوري و أبي حنيفة و سيبويه و الخليل. كما أشار الشنقيطي في رسالته السابقة إلى أن القائلين بالمجاز يجمعون على أن كل مجاز يجوز نفيه، قال: و لا شك أنه لا يجوز نفي شي ء من القرآن. كما بين أن المعطلة إنما تصل إلى أغراضها عن طريق المجاز، فتقول: لا يد و لا استواء و لا نزول ... و هي عندهم مجازات. و ردّ بعض الشواهد التي قيل إنها مجاز إلى أنها أسلوب من أساليب العرب. قال ابن قدامة: و من منع كابر، و من سلّم و قال: لا أسميه مجازا فهو نزاع في عبارة لا فائدة في المشاحة فيه. انظر: روضة الناظر: 63- و الإتقان للسيوطي: 2/ 753- و منع جواز المجاز في المنزل للتعبد و الإعجاز للشنقيطي: 7 في آخر أضواء البيان- و أسباب اختلاف المفسرين للدكتور محمد الشائع: 59 نقلا عن اختلاف المفسرين للدكتور سعود الفنيسان ..

أن يحصى.

الثاني: الكناية، و هي العبارة عن الشي ء بما يلازمه من غير تصريح (1).

الثالث: الالتفات (2)، و هو على ستة أنواع: خروج من التكلم إلى].

ص: 270


1- و عرفها القزويني: بأنها لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه. التلخيص في علوم البلاغة: 337 و عرفها ابن أبي الأصبع بقوله: الكناية عبارة عن تعبير المتكلم عن المعنى القبيح باللفظ الحسن. بديع القرآن: 53 و الكناية نوع من أنواع المجاز عند بعض العلماء، كالتشبيه و الاستعارة و غيرها من أنواع المجاز. انظر شرح البرقوقي على التلخيص: 338، و انظر الإتقان للسيوطي: 2/ 770 و 789
2- و هو نقل الكلام من أسلوب لآخر. و من فوائده كما يقول السيوطي في الإتقان: 2/ 902- 905: تطرية الكلام، و صيانة السمع من الضّجر و الملال لما جبلت عليه النفوس من حب التنقلات، و السآمة من الاستمرار على منوال واحد. و أمثلته من التكلم إلى الخطاب قوله تعالى: وَ ما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يس:22]، و مثال الخروج من التكلم إلى الغيبة قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ [الفتح: 1- 2]، و الأصل (لنغفر لك). و مثال من الخطاب إلى التكلم، قال السيوطي: لم يقع ذلك في القرآن ثم قال: و قد مثل له بعضهم بقوله فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ [طه: 72] قال: و هذا لا يصح لأن شرط الالتفات أن يكون المراد به واحدا. و مثاله من الخطاب إلى الغيبة قوله تعالى: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ [يونس: 22]، و الأصل «بكم». و مثاله في الغيبة إلى التكلم قوله وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ [فاطر: 9]. و مثاله من الغيبة إلى الخطاب قوله تعالى: وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا [مريم: 88- 89].

الخطاب، و خروج من التكلم إلى الغيبة، و خروج من الخطاب إلى التكلم، و خروج من الخطاب إلى الغيبة، و خروج من الغيبة إلى التكلم، و خروج من الغيبة إلى الخطاب.

الرابع: التجديد، و هو ذكر شي ء بعد اندراجه في لفظ عام متقدم.

و يقصد منه تعظيم المجدد ذكره أو تحقيره، أو رفع الاحتمال.

الخامس: الاعتراض، و هو إدراج كلام بين شيئين متلازمين، و إدخاله في أثناء كلام متصل، كالخبر و المخبر عنه، و الصفة و الموصوف، و المعطوف و المعطوف عليه. و يقصد منه تأكيد الكلام الذي أدرج فيه.

السادس: التجنيس، و هو اتفاق اللفظ مع اختلاف المعنى. و الاختلاف قد يكون في الحروف و الصيغة، أو في الحروف خاصة، أو في أكثر الحروف لا في جميعها، أو في الخط لا في اللفظ، و هو جناس التصحيف.

السابع: الطباق، و هو ذكر الأشياء المتضادة، كالسواد و البياض، و الحياة و الموت، و الليل و النهار، (1) و غير ذلك.

الثامن: المقابلة، و هو أن يجمع بين شيئين فصاعدا، ثم يقابلهما بأشياء أخر.

ص: 271


1- و تسمى المطابقة، و عرفه القزويني بقوله: الجمع بين متضادين أي معنيين متقابلين في الجملة، كقوله تعالى وَ تَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ [الكهف: 18]. التلخيص: 348- و انظر الإتقان للسيوطي: 2/ 933.

التاسع: المشاكلة، و هي أن تذكر الشي ء بلفظ آخر لوقوعه في صحبته (1).

العاشر: الترديد، و هو رد الكلام على آخره، و يسمى في الشعر رد العجز على الصدر. (2)

الحادي عشر: لزوم ما لا يلزم، و هو أن تلتزم قبل حروف الرويّ حرفا آخر، و كذلك عند رءوس الآيات.

الثاني عشر: القلب، و هو أن يكون الكلام يصلح ابتداء قراءته من أوله و آخره، نحو «دعد»، أو تعكس كلماته فتقدم المؤخر، و تؤخر المقدم (3).

الثالث عشر: التقسيم، و هو أن تقسم المذكور إلى أنواعه و أجزائه (4).

ص: 272


1- و بمثله عرفه القزويني في التلخيص: 356 و مثال المشاكلة قول الشاعر: قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه قلت اطبخوا لي جبّة و قميصا
2- ذكر القزويني أن رد العجز على الصدر يكون في الشعر و النثر. و عرف الترديد بقوله: أن تجعل أحد اللفظين المكررين أو المتجانسين أو الملحقين بهما في أول الفقرة و الآخر في آخرها. انظر: التلخيص للقزويني: 393.
3- و قد عرفه البرقوقي في شرحه على التلخيص: 404، فقال: هو أن يكون الكلام بحيث إذا قلبت حروفه لم تتغير قراءته، كقول القائل: مودته تدوم لكل هول و هل كل مودته تدوم
4- و مثاله قوله تعالى سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَنْ جَهَرَ بِهِ وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَ سارِبٌ بِالنَّهارِ [الرعد: 10]، و قد عرفه القزويني بقوله: التقسيم ذكر متعدد ثم إضافة ما لكل إليه على التعيين. التلخيص: 364 و قال ابن أبي الأصبع: إنه عبارة عن استيفاء المتكلم جميع أقسام المعنى الذي هو آخذ فيه بحيث لا يغادر منه شيئا. بديع القرآن: 65.

الرابع عشر: التتميم، و هو أن تزيد في الكلام ما يوضحه و يؤكده و إن كان مستقلا دون هذه الزيادة.

الخامس عشر: التكرار، و هو أن تضع الظاهر موضع المضمر، فتكرر الكلمة على وجه التعظيم أو التهويل، أو مدح المذكور أو ذمه أو للبيان.

السادس عشر: التهكم، و هو إخراج الكلام عن مقتضاه استهزاء بالمخاطب أو بالخبر، و كذلك بالبشارة في موضع النذارة.

السابع عشر: اللف و النشر، و هو أن تلف في الذكر شيئين فأكثر، ثم تذكر متعلقات بها، و فيه طريقتان:

الأول: أن تبدأ في ذكر المتعلقات بالأول.

الثاني: أن تبدأ بالآخر، و تؤخر المتعلقات (1).ر.

ص: 273


1- قال القزويني: اللف و النشر: هو ذكر متعدد على التفصيل أو الإجمال، ثم ما لكل واحد من غير تعيين ثقة بأن السامع يرده إليه. التلخيص: 361- و انظر الإتقان للسيوطي: 2/ 929 و مثاله قوله تعالى: وَ مِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ [القصص: 73] أي لتسكنوا في الليل و تبتغوا من فضله أي في النهار.

الثامن عشر: الجمع، و هو أن تجمع بين شيئين فأكثر في خبر واحد، و في وصف واحد.

التاسع عشر: الترصيع، و هو أن تكون الألفاظ في آخر الكلام مستوفية الوزن، أو متقاربة مع الألفاظ التي في أوله.

العشرون: التسجيع، هو أن تكون كلمات الآي على رويّ واحد.

الحادي و العشرون: الاستطراد، و هو أن يتطرق من كلام إلى كلام آخر بوجه يصل ما بينهما، و يكون الكلام الثاني هو المقصود، كخروج الشاعر من السب إلى المدح، بمعنى يتعلق بالطرفين، مع أنه قصد المدح.

الثاني و العشرون: المبالغة، و قد تكون بصيغة الكلمة نحو صيغة (فعّال) (و مفعال)، و قد تكون بالمبالغة في الأخبار أو الوصف، فإن اشتدت المبالغة فهو غلوّ و إغراب، و ذلك مستكره عند أهل الشأن. (1)

و أجمع الكتب في هذا الفن هو كتاب «منهاج البلغاء و سراج الأدباء»

ص: 274


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 21- و عرّف السيوطي المبالغة أن يذكر المتكلم وصفا فيزيد فيه حتى يكون أبلغ في المعنى الذي قصده و هي ضربان، مبالغة بالوصف يخرج إلى حد الاستحالة يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ [النور: 35]، و مبالغة بالصيغة بشتى صيغ المبالغة «فعلان» و «فعيل» و «فعّال» و «فعول» و «فعل». الإتقان للسيوطي: 2/ 931.

لأبي حسن حازم بن محمد الأندلسي الأنصاري (1).

الفن الثاني عشر: التصوف (2): يقول ابن جزي: له تعلق بالقرآن لما ورد فيه من المعارف الإلهية و رياضة النفوس و تنوير القلوب، و تطهيرها باكتساب الأخلاق الحميدة، و اجتناب الأخلاق الذميمة. (3)

ص: 275


1- هو حازم بن محمد بن حسن بن حازم القرطاجني، أديب عالم في البلاغة و اللغة و العروض، قيل: لم يجمع أحد من علم اللسان ما جمع، توفي (684 ه) انظر: بغية الوعاة للسيوطي: 1/ 491 تحقيق أبو الفضل- شذرات الذهب لابن العماد: 5/ 387.
2- لم أجد من سماه هذه التسمية عدا ابن جزي، و الأفضل تسميته بعلم الموهبة كما فعل الزركشي و السيوطي، فإن التصوف أصبح علما على طائفة عليها الكثير من المآخذ، يقول الزركشي: اعلم أنه لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي و لا يظهر له أسراره، و في قلبه بدعة أو كبر أو هوى أو حبّ الدنيا، أو هو مصرّ على ذنب، أو غير متحقق بالإيمان أو ضعيف التحقيق ... البرهان: و الإتقان: 2/ 1212.
3- هذا الباب مأخوذ برمته من مقدمة ابن جزي: 1/ 10- 14، مع إضافات قليلة من مقدمة البحر لأبي حيان: 1/ 14- 17- و قد بحثه السيوطي في الإتقان: 2/ 1209. و قد تحدث الزمخشري في مقدمته عن جملة من نعوت متعاطي التفسير، و هو الموضوع الوحيد الذي تعرض له، و لم أفصل الحديث عنه كباقي المفسرين لكون غالب ما ذكره من الصفات و النعوت عام يشمل كل علم و ليست نعوتا يختص بها المفسر، لقد بين الزمخشري أنه لا يجوز لكل واحد تعاطي علم التفسير (إلا رجل برع في علمين مختصين بالقرآن و هما علم المعاني و علم البيان، و تمهل في ارتيادهما آونة، و تعب في التنقيب عنهما أزمنة، و بعثه على تتبع مظانهما همة في معرفة لطائف حجة اللّه، و حرص على استيضاح معجزة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعد أن يكون آخذا من سائر العلوم بحظ، جامعا بين أمرين تحقيق و حفظ، كثير المطالعات طويل المراجعات، قد رجع زمانا و رجع إليه، و ردّ و ردّ عليه، فارسا في علم الإعراب، مقدّما في حملة الكتاب [قيل لعله كتاب سيبويه]، و كان مع ذلك مسترسل الطبيعة منقادها، مشتعل القريحة و قادها، درا [مشرقا] كاللمحة و إن لطف شأنها، منتبها على الرمزة [الإشارة] و إن خفي مكانها، لا كزا جاسيا [صلبا]، و لا غليظا جافيا، متصرفا ذا دربة بأساليب النظم و النثر، مرتاضا [لينا] غير ريض [صعب] بتلقيح بنات الفكر، قد علم كيف يرتب الكلام و يؤلف، و كيف ينظم الكلام و يرصف، طالما دفع إلى مضايقة، و وقع في مداحضة و مزالقة. الكشاف للزمخشري: 1/ 17- 18.

الفن الثالث عشر: معرفة الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب اللّه:

و هذا الفن ذكره ابن عطية، و هو حقيق بذكره، فقصد الإيجاز قد يسوق المفسر إلى أن يقول: خاطب اللّه بهذه الآية المؤمنين. و شرف اللّه بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون، و حكى اللّه عن أم موسى أنها قالت قُصِّيهِ [القصص: 11] و نحو ذلك من إسناد أفعال إلى اللّه تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع.

و في هذه المسألة خلاف، حيث ذهب الأصوليون إلى عدم جواز استعمال ذلك، و لا ما جرى مجراها.

و استعملها المفسرون و المحدثون و الفقهاء، كما استعملها أبو المعالي الجويني في كتابه الإرشاد. (1)

ص: 276


1- قال محمد بن عباد في رسائله الكبرى: و قد رأيت في مواضع من كتبكم شيئا أريد أن أنبهكم عليه و هو أنكم تقولون فيها: حكى اللّه عن فلان، و حكى عن فلان كذا، و قد يقع مثل هذا في كلام الأئمة، و هذا عندي ليس بصواب من القول: لأن كلام اللّه تعالى صفة من صفاته، و صفات اللّه قديمة، فإذا سمعنا اللّه يقول كلاما عن موسى عليه السلام مثلا، و عن فرعون أو أمة من الأمم فلا يقال: حكى اللّه عنهم؛ لأن الحكاية تؤذن بتأخرها عن المحكي، و إنما يقال في مثل هذا: أخبر اللّه تعالى، أو أنبأ، أو كلام معناه هذا مما لا يفهم من مقتضاه تقدم و لا تأخر. انظر تفسير ابن عطية، 1/ 63 حاشية (1)

و قد ذهب ابن عطية إلى جواز استعمالها، لكونها مستعملة في لسان العرب، غير أنه تحفّظ من ذلك في تفسيره قدر جهده.

و العرب تستعمل ذلك و تحمله على المجاز، و من ذلك قول أم سلمة- رضي اللّه عنها-: (فعزم اللّه لي) (1) في حديث موت أبي سلمة، و إبدال اللّه لها منه برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.

ص: 277


1- إشارة إلى الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا للّه و إنا إليه راجعون، اللّهم أجرني في مصيبتي، و اخلف لي خيرا منها. صحيح مسلم، كتاب: الجنائز، باب: ما يقال عند المصيبة: 2/ 633.

الموضوع الثاني عشر مراتب المفسرين

بحث هذا الموضوع في مقدمة تفسيره ابن جرير الطبري (1)، و البغوي (2)، و ابن عطية (3)، و القرطبي (4)، و الخازن (5)، و ابن جزي (6)، و أبو حيان (7)، و ابن كثير (8).

لقد نزل القرآن الكريم بلسان العرب، و على أساليب لغتهم، و فنون كلامهم، ففهموه في الجملة، و ما استعصى على بعضهم فهمه منه أو استشكل، اهتدوا إليه بمعرفتهم بأحوال التنزيل و أسبابه و ظروفه، فإن تعذر فهمه رجعوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الذي أوتي القرآن و بيانه يستوضحون المشكل، فيبين لهم صلى اللّه عليه و سلم ما استشكل عليهم فهمه.

ص: 278


1- انظر: تفسيره: 1/ 80.
2- انظر: تفسيره: 1/ 34.
3- انظر: تفسيره: 1/ 29.
4- انظر: تفسيره: 1/ 35.
5- انظر: تفسيره: 1/ 6.
6- انظر: تفسيره: 1/ 16.
7- انظر: تفسيره: 1/ 25.
8- انظر: تفسيره: 1/ 13.

و قد تباين الصحابة- رضوان اللّه عليهم- في قدراتهم العلمية، و ميولهم المعرفية، كما تفاوتوا في اهتماماتهم، فكان منهم الملازم لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في حلّه و ترحاله، كأبي هريرة و ابن عباس، و غيرهما- رضي اللّه عنهم- ممن أعطى جلّ اهتمامه لتلقف ما ينطق به متلقي الوحي صلى اللّه عليه و سلم، و كان منهم من هو دون ذلك. و لهذا تباينوا- رضي اللّه عنهم- في معرفتهم، فاشتهر منهم ثلة بالعلم و سلامة الفهم مع كثرة الرواية، حفظوا للأمة دينها و حديث رسولها، و كانوا كالإخاذ، يروي الواحد و يروي الاثنين، و لو ورد عليه الناس أجمعون لأصدرهم، كما قال مسروق (1).

و الناظر في الآثار المروية عنهم يدرك عظيم حرصهم على التلقي و التعلم، و ترجمة ذلك إلى العمل، روى الطبري بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: كان الرجل منا إذا تعلّم عشر آيات لم يجاوزهنّ حتى يعرف معانيهنّ، و العمل بهنّ. (2)

و روى أبو عبد الرحمن السلمي، قال: حدثنا الذين كانوا يقرءوننا أنهم

ص: 279


1- أورده القرطبي في تفسيره: 1/ 35 و قال: ذكره ابن الأنباري في الرد على من خالف مصحف عثمان. و الإخاذ عند العرب: الموضع الذي يحبس الماء كالغدير. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: 1/ 28.
2- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 80، و قال أحمد شاكر: صحيح موقوف على ابن مسعود- و أورده ابن كثير في تفسيره: 1/ 13.

كانوا يستقرءون من النبي صلى اللّه عليه و سلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلّفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن و العمل جميعا. (1)

و كان الرجل منهم إذا سعى في طلب العلم و تعلم، جدّ فيهم و سما، و نال المراتب العليا، و قد روي أن عليّ بن أبي طالب ذكر جابر بن عبد اللّه و وصفه بالعلم، فقال رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلم و أنت أنت؟

فقال: إنه كان يعلم تفسير قوله تعالى إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ [القصص: 85]. (2)

و من الصحابة الذين اشتهروا في التفسير خاصة ثلة حرصت على فهم كتاب اللّه، و تكلمت فيه بما سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أو اهتدت إليه من إعمال الفكر على ضوء اللغة و أحوال التنزيل، كالخلفاء الأربعة (3) و عبد اللّه بن عباس، و عبد اللّه بن مسعود، و أبي بن كعب، و زيد بن ثابت، و عبد اللّه بن عمرو بن العاص، و غيرهم.

ص: 280


1- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 80، و قال أحمد شاكر: إسناده صحيح متصل.- و أورده ابن كثير في تفسيره: 1/ 13- و هو في سير أعلام النبلاء للذهبي: 1/ 490.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 26- و تفسير أبي حيان: 1/ 57 تحقيق د/ عبد السميع حسنين.
3- ذكر أهل العلم أن سبب قلة الرواية عن الخلفاء في التفسير يعود إلى تقدم وفاتهم، و عظيم انشغالهم بأمور المسلمين، و متطلبات الولايات، و أمور الجهاد و الفتوحات و غيرها. و انظر الإتقان: 1/ 1227.

و أكثر من نقل كلامه في التفسير من الخلفاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهو صدر المفسرين كما يقول ابن عطية، و المؤيد فيهم، عن عامر بن واثلة (1) قال: شهدت علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- يخطب فسمعته يقول في خطبته: سلوني فو اللّه لا تسألوني عن شي ء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به، سلوني عن كتاب اللّه، فو اللّه ما من آية إلا و أنا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار، أم في سهل نزلت أم في جبل. (2)

و لهذا ما كان عبد اللّه بن عباس يفتأ يرجع إلى علي يتلقى عنه التفسير و يقول: ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب (3).

و يلي عليا في الرتبة عبد اللّه بن عباس، حبر الأمة و ترجمان القرآن الذي كان لدعاء الرسول صلى اللّه عليه و سلم له بالفقه في الدين أبلغ الأثر، فقد قال فيه صلى اللّه عليه و سلم يوما: اللّهم علّمه الكتاب. (4) و قال فيه: اللّهم فقهه في الدين. (5)م.

ص: 281


1- هو عامر بن واثلة بن عبد اللّه الليثي الكناني، يكنى أبا الطفيل، كان عالما فارسا صادقا شاعرا، و هو آخر من رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وفاة، عمر طويلا، توفي (107 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 467- و 4/ 467- و تاريخ بغداد للخطيب: 1/ 198
2- أخرجه عبد الرزاق في تفسيره: 2/ 241- و أبو نعيم في الحلية: 1/ 67- و ذكره القرطبي: 1/ 35- و هو في الإتقان للسيوطي: 2/ 1227.
3- أورده ابن عطية في تفسيره: 1/ 30- و ابن جزي في تفسيره: 1/ 16.
4- أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: العلم، باب: قول النبي صلى اللّه عليه و سلم: اللّهم علمه الكتاب: 1/ 27.
5- أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الوضوء، باب: وضع الماء عند الخلاء: 1/ 45- و أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضل عبد اللّه بن عباس: 4/ 1927 بلفظ: اللّهم فقّهه. و أخرجه الإمام أحمد بلفظ: اللّهم فقّهه في الدين و علّمه التأويل. المسند: 1/ 266- 314- 328 و ما ورد من دعاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لابن عباس بالحكمة و نشر العلم و البركة كثير جدا، ينظر في ذلك حلية الأولياء لأبي نعيم: 1/ 315 و ما بعده- و سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 334- 339- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 3/ 1287 تحقيق خالد اللاحم.

و حسبك من هذه دعوة.

لقد تجرد ابن عباس لتفسير كتاب اللّه، و أخذ للأمر عدّته، و كمله و تتبعه، و تبعه العلماء عليه، كمجاهد و سعيد بن جبير و غيرهما، فكان المحفوظ عنه رضي الله عنه أكثر من غيره، و الناظر في الآثار المروية فيه يعلم عظيم قدره عند أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم خاصة، و عند التابعين عامة، حتى أولئك الذين تلقى ابن عباس العلم عنهم شهدوا له بعلوّ الكعب، و الرسوخ في العلم، و أثنوا على علمه و فضله، و حضوا الصحابة و التابعين على الأخذ عنه، (1) كعلي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي كان يقول: ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق. (2)

و قد كان ابن عباس حريصا على الاستفادة من أصحاب محمد صلى اللّه عليه و سلم، لإدراك ما فاته من العلم أيام صغره، فما منعه تحرجه أو خشيته يوما من

ص: 282


1- انظر: تفسير البغوي: 1/ 34- و ابن عطية: 1/ 30- و ابن كثير:/ 13.
2- أورده ابن عطية في تفسيره: 1/ 29- و القرطبي: 1/ 35- و ابن جزي: 1/ 16.

لقاء من عنده شي ء من العلم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، سمع أن عمر بن الخطاب يعلم شيئا لا يعلمه هو، و هو الحريص على المعرفة، غير أن الخشية و الرهبة من خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كانت تمنعه من السؤال، إلى أن انتهز الفرصة يوما و سأل حتى عرف الجواب، يقول رضي الله عنه في ذلك: مكثت سنتين أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين تظاهرا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما يمنعني إلا مهابته، فسألته فقال: هي حفصة و عائشة. (1)

و لإدراك الخلفاء مكانة ابن عباس العلمية فقد كانوا يسندون إليه المهام العلمية، و كان حريصا على أدائها بأفضل صورة، روى الطبري بسنده عن شقيق بن سلمة قال: استعمل عليّ ابن عباس على الحج، قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك و الروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة (النور) فجعل يفسرها. (2)ر.

ص: 283


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 26- و الأثر أخرجه الإمام أحمد في المسند: 1/ 340 ط شاكر، و قال أحمد شاكر: إسناده صحيح.- و هو في البخاري و مسلم، بلفظ (سنة) مطولا في عدة مواضع. صحيح البخاري، كتاب: التفسير (سورة التحريم)، باب: تبتغي مرضاة أزواجك: 6/ 96- و باب: و إذ أسر: 6/ 70- 6/ 71- و في اللباس، باب: ما كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يتجوزه من اللباس: 7/ 46- و مسلم في صحيحه، كتاب: الطلاق، باب: في الإيلاء و اعتزال النساء: 2/ 01110- و أورده ابن كثير في تفسيره: 8/ 191.
2- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 81- و انظر الدر المنثور للسيوطي:/ 124 ط دار الفكر.

و عنه قال: قرأ ابن عباس سورة البقرة فجعل يفسرها، فقال رجل: لو سمعت هذا الديلم لأسلمت. (1)

و لهذا كان ابن مسعود و مسروق يقولان: نعم ترجمان القرآن ابن عباس. (2)

قال ابن تيمية: هذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود أنه قال هذه العبارة، و قد مات ابن مسعود رضي الله عنه سنة اثنتين و ثلاثين على الصحيح، و عمر بعده ابن عباس ستا و ثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود؟! (3)

و يتلو رتبة ابن عباس عبد اللّه بن مسعود، الذي قال عنه تلميذه مسروق: وجدت أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كالإخاذ و إن عبد اللّه بن مسعود من تلك الإخاذ (4).ل.

ص: 284


1- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 81 و 1/ 82 بنحوه، و الخبران ذكرهما ابن حجر في الإصابة: 4/ 93- و أوردهما ابن كثير في تفسيره: 1/ 13.
2- أخرجه الطبري بسنده عن ابن مسعود: 1/ 90- و أورده ابن عطية في تفسيره: 1/ 30، و هو في حلية الأولياء لأبي نعيم: 1/ 316- صفوة الصفوة لابن الجوزي: 1/ 749- و انظر كذلك مجمع الزوائد للهيثمي: 9/ 276- 285.
3- مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 97- و قد أورده ابن كثير في تفسيره: 1/ 13.
4- أورده القرطبي في تفسيره: 1/ 35- و ابن الجوزي في صفة الصفوة: 1/ 403 و قد سبق قبل قليل.

و روى الطبري بسنده عن مسروق عن عبد اللّه أنه قال: و الذي لا إله غيره ما نزلت آية في كتاب اللّه إلا و أنا أعلم فيم نزلت؟ و أين نزلت؟ و لو أعلم مكان أحد أعلم مني بكتاب اللّه تناله المطايا لأتيته. علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير ج 2 285 الموضوع الثاني عشر مراتب المفسرين ..... ص : 278

في رواية عن المنهال بن عمرو (1) بنحوه. (2)

و عن مسروق قال: كان عبد اللّه- يعني ابن مسعود- يقرأ علينا السورة ثم يحدثنا فيها، و يفسرها لنا عامة النهار. (3)

و تتلمذ على الصحابة رضوان اللّه عليهم نخبة من التابعين، حرصوا على ملازمة صحابة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الذين شاهدوا التنزيل، و وقفوا على أحواله التي أحاطت به، فسمعوا منهم ما سمعوه من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و ما توصلوا إليه باجتهادهم لما لهم من الفهم التام و العلم الصحيح و العمل الصالح، فبرز من التابعين جماعة كانوا صلة بين من قبلهم و من بعدهم، بلغوا ما سمعوه من الأمانة، و ما فاتهم مما لم يسمعوه، أعملوا الفكر

ص: 285


1- هو المنهال بن عمرو الأسدي، روى عن أنس بن مالك و غيره، وثقه ابن معين و غيره، و قال ابن حزم: ليس بالقوي، توفي سنة بضع عشرة و مائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 5/ 184- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 10/ 319.
2- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 80- و أورده القرطبي في تفسيره بنحوه: 1/ 35- و ابن تيمية في مقدمته: 96- و الذهبي في السير: 1/ 427- و ابن كثير: 1/ 13- و هو في الفتح: 9/ 40.
3- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 81.

و اجتهدوا فيه. كالحسن البصري، و مجاهد، و سعيد بن جبير، و علقمة (1)، و عكرمة، و عطاء، و قتادة، و أبو العالية، و زيد بن أسلم، و محمد بن كعب القرظي، و الضحاك، و مقاتل، و غيرهم.

و كان أحسنهم كلاما في التفسير كما يقول ابن عطية الحسن البصري، ثم مجاهد رفيق ابن عباس و تلميذه و ملازمه، و الذي قرأ عليه القرآن و التفسير قراءة تفهم و وقوف عند كل آية (2). روى الطبري بسنده عن ابن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن و معه ألواحه فيقول له ابن عباس: اكتب. قال: حتى سأله عن التفسير كله. (3)

و عن مجاهد قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه و أسأله عنها. (4)م.

ص: 286


1- هو علقمة بن قيس بن عبد اللّه بن مالك النخعي، فقيه الكوفة و مقرئها، ولد في حياة النبي صلى اللّه عليه و سلم و هاجر في طلب العلم، و روى عن جمع من الصحابة، توفي (62 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 53- و البداية و النهاية لابن كثير: 8/ 217.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 30.
3- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 90- و انظر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: 103- و أورده ابن كثير في مقدمته: 1/ 15.
4- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 90- و أبو نعيم في الحلية: 3/ 279- و هو في سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 450- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 10/ 43- و أورده ابن عقيلة في الزيادة و الإحسان: 3/ 1329 تحقيق خالد اللاحم.

و تحقق لمجاهد بصحبته لابن عباس و ملازمته له مكانة سامية عند أهل العلم من أهل زمانه و من بعده، و لهذا يقول سفيان الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك. (1)

و قد تضمنت كتب الرواية بعض الأخبار في قلة من التابعين كأبي صالح باذان، و السدي، تظهر الطعن في تفسيرهم، و من ذلك ما رواه الطبري عن زكريا قال: كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان فيأخذ بأذنه فيعركها و يقول: تفسر كتاب القرآن و أنت لا تقرأ القرآن. (2)

و عن صالح بن مسلم قال: مر الشعبي (3) على السدي و هو يفسر

ص: 287


1- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 91- و ذكره ابن تيمية في مقدمته: 37 و 103 و قال: و لهذا يعتمد على تفسيره الشافعي و البخاري، و غيرهما من أهل العلم، و كذلك الإمام أحمد و غيره ممن صنف في التفسير، يكرر الطرق عن مجاهد أكثر من غيره.
2- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 91 قال أحمد شاكر: باذان تابعي ثقة، و من تكلم فيه فإنما تكلم لكثرة كلامه في التفسير. و أحال إلى تعليقه على المسند 3/ 323 ح 2030. و فيه حديث طويل عن باذان و قد نقل كلام الأئمة فيه. و انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 308- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 1/ 417.
3- هو عامر بن شراحيل بن عبد، الشعبي الحميري، روى عن جمع من الصحابة، و أدرك خمسمائة صحابي، توفي قبل الحسن بيسير، و توفي الحسن سنة (110 ه). انظر: تاريخ بغداد للخطيب: 12/ 227- و وفيات الأعيان لابن خلكان: 3/ 12.

فقال: لأن يضرب على استك بالطبل خير لك من مجلسك هذا. (1)

يقول ابن عطية: و أما السدي فكان عامر الشعبي يطعن عليه و على أبي صالح باذان لأنه كان يراهما مقصرين في النظر (2).

و تبرير ابن عطية لم يلق القبول عند المهتمين بسيرة الرجال و دراسة أحوالهم، و لهذا أنكر عليه القرطبي مقولته و قال معترضا عليه: قال يحيى بن معين: الكلبي ليس بشي ء. و عن يحيى بن سعيد القطان (3) قال: قال الكلبي:

قال أبو صالح: كل ما حدثتك كذب. و قال حبيب بن أبي ثابت: كنا نسميه الدروغزن. و هو الكذاب بلغة الفرس. (4)

مهما يكن فقد استطاع السلف رضوان اللّه عليهم أن يجردوا الصحيح من الدخيل، و يميزوا الصحيح منه و السقيم.

و قد حمل تفسير كتاب اللّه تعالى عدول كل خلف، شهد لهم رسول

ص: 288


1- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 92.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 30.
3- هو يحيى بن سعيد بن فروخ التميمي القطان، يكنى أبا سعيد، ولد (120 ه) سيد الحفاظ، و من سادات أهل زمانه ورعا و فهما و دينا، قال ابن المديني: ما رأيت أعلم بالرجال منه. توفي (198 ه). انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي: 1/ 298- و تاريخ بغداد للخطيب: 14/ 153.
4- انظر تفسير القرطبي: 1/ 36.

اللّه صلى اللّه عليه و سلم بأنهم أئمة أعلام، حفظوا الشريعة من التحريف و الانتحال «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين». (1) فألف في التفسير عبد الرزاق و المفضل، و سلمة بن عاصم ت 300 ه، و علي بن طلحة (2)، و البخاري و غيرهم.

و تتابع الناس، و انتشر الإسلام، و ضعفت اللغة بدخول الأعاجم، و ازدادت الحاجة لأهل العلم و بيانهم، فدخل عصر التصنيف، و قيض اللّه تعالى لكتابه رجالا بالحق ناطقين، صنفوا في سائر علومه المصنفات، و جمعوا فنونه المتفرقات، كلّ على قدر فهمه، و مبلغ علمه، (3) يقول أبو حيان: لما فسد اللسان، و كثرت العجم، و دخل الإسلام أنواع الأمم، المختلفو الألسنة، و الناقصو الإدراك، احتاج المتأخرون إلى إظهار ما انطوى عليه كتاب اللّه تعالى من غرائب التركيب، و أنواع المعاني، و إبراز النكت البيانية، حتى يدرك ذلك من لم تكن في طبعه، و يكتسبها من لم تكن نشأته عليها، و لا عنصره يحركه إليها، بخلاف الصحابة و التابعين من العرب، فإن ذلك كان مركوزا في طباعهم، يدركون تلك المعاني كلها، من غير موقف و لا

ص: 289


1- تفسير القرطبي: 1/ 36- و أخرجه ابن عبد البر في التمهيد من عدة طرق: 1/ 59.
2- هو علي بن طلحة بن كردان الواسطي، تلميذ أبي علي الفارسي، عمل إعرابا للقرآن في بضعة عشر مجلدا، ثم غسله قبل موته، توفي (424 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 17/ 427- و بغية الوعاة للسيوطي: 2/ 170.
3- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 31- و تفسير القرطبي: 1/ 35- و تفسير الخازن: 1/ 3.

معلم، لأن ذلك هو لسانهم و خطتهم و بيانهم، على أنهم كانوا يتفاوتون في الفصاحة و البيان. (1)

و كان أبرز من صنف في التفسير الإمام ابن جرير الطبري، الذي جمع أقوال المفسرين، و أحسن النظر فيها، و قرب البعيد، و شفا الإسناد.

كما صنف أبو بكر النقاش كتابه غير أنه استدرك عليه أمور، ثم مكي بن أبي طالب، ثم الماوردي، و أبو العباس المهدوي و كان متفنن التأليف، حسن الترتيب، جامع فنون علوم القرآن (2).

يقول ابن جزي: ثم جاء القاضيان أبو بكر بن العربي، و أبو محمد عبد الحق بن عطية فأبدع كل واحد و أجمل، و احتفل و أكمل.

فأما ابن العربي فصنف «أنوار الفجر» في غاية الاحتفال و الجمع لعلوم القرآن، فلما تلف تلاه بكتاب (قانون التأويل) إلا أنه اخترمته المنية قبل تخليصه و تلخيصه.

و أما ابن عطية فإنه أجلّ من صنف في علم التفسير، و أفضل من تعرض للتنقيح فيه و التحرير، و كتابه من أحسن التآليف و أعدلها، فإنه اطلع على تآليف من كان قبله فهذبها و لخصها، و هو مع ذلك حسن العبارة،

ص: 290


1- انظر: تفسير أبي حيان: 1/ 25.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 30- 32- و تفسير القرطبي: 1/ 35- و تفسير ابن جزي: 1/ 16.

مسدد النظر، محافظ على السنة. اه (1).

و من المفسرين الذين اشتهروا أيما اشتهار، و طار اسمهم و ذاع صيتهم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري، فهو مسدد النظر، بارع في الإعراب، متفنن في علم البيان، إلا أنه ملأ كتابه من مذهب المعتزلة و شرهم، و حمل آيات القرآن على طريقهم، فتكدر صفوه و تمرر حلوه، يؤخذ منه ما صفا، و يدع ما كدر. (2)، يقول أبو حيان عنه و عن ابن عطية بأنهما: قد اشتهرا و لا كاشتهار الشمس، و خلدا في الأحياء و إن همدا في الرمس، و كلاهما فيه ما يدل على تقدمهما في علوم، من منثور و منظوم، و منقول و مفهوم، و تقلّب في فنون الآداب، و تمكّن من علمي المعاني و الإعراب إلى أن قال: و كتابهما في التفسير قد أنجدا و أغارا، و أشرقا في سماء هذا العلم بدرين و أنارا، و تنزلا من الكتب التفسيرية منزلة الإنسان من العين، و الذهب الإبريز من العين، و يتيمة الدر من اللآلي، و ليلة القدر من الليالي، فعكف الناس شرقا و غربا عليهما ... (3)

ص: 291


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 16- 17.
2- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 17.
3- انظر: تفسير أبي حيان: 1/ 20.

الموضوع الثالث عشر الاختلاف بين المفسرين و قواعد الترجيح

اشارة

هذا الموضوع يتكون من مسألتين:

المسألة الأولى: الاختلاف بين المفسرين،

و قد بحثها ابن جزي من بين المفسرين في مقدمة تفسيره. (1)

المسألة الثانية: قواعد الترجيح عند المفسرين:

و قد بحثها ابن جزي (2)، و ابن جرير الطبري (3)، و الماوردي (4)، و ابن كثير. (5)

المسألة الأولى: أسباب الاختلاف بين المفسرين (6):

ص: 292


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 15.
2- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 15.
3- انظر مقدمة ابن جرير: 1/ 78.
4- انظر تفسير الماوردي: 1/ 38.
5- انظر: تفسير ابن كثير: 1/ 12.
6- إن الناظر في التفاسير التي بين أيدينا يلاحظ للوهلة الأولى الاختلاف و التباين بين أقوال المفسرين في بيان و تفسير اللفظة القرآنية الواحدة، و هو أمر قد يكون اعتياديا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لم يفسر القرآن كله، و أن سعة معاني اللسان العربي الذي نزل به القرآن، تعطي للناظر فيه معاني عديدة للكلمة الواحدة، كما أن القدرات العقلية لأهل العلم متفاوتة، و كذا قدراتهم العلمية، كل هذه كانت من الدواعي التي أدت إلى اختلاف المفسرين. و هو اختلاف قديم و أكثره اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، كما يقول أهل العلم. و قد كثر ذلك عند المشتغلين بالتفسير من المتأخرين حتى عدل بعضهم عن المنقول الثابت في التفسير عن سلف الأمة، بل قد تجد من يفسر شيئا من كلام اللّه و قد سبق فيه قول الصادق المصدوق، فلم يطلع عليه، أو ربما لم تصح عنده، أو غير ذلك،- و سيأتي في قواعد الترجيح بيان ذلك- ينظر في هذا الإتقان للسيوطي: 2/ 1200- هذا و قد بحث العلماء هذه المسألة و كتب فيها أناس منهم كتابات خاصة، و أشار إليها الآخرون ضمن بعض مصنفاتهم، و التأليف الخاص لبيان أسباب الاختلاف كان لدى المتأخرين أكثر من المتقدمين، و من أولئك فضيلة الشيخ الدكتور سعود الفنيسان، الذي خصص رسالته العلمية للدكتوراه في هذا الموضوع و كان عنوانها (اختلاف المفسرين، أسبابه و آثاره)، كما كتب فضيلة الدكتور فهد الرومي كتابا أسماه (بحوث في أصول التفسير و مناهجه) بحث فيه هذا الموضوع و كذلك ما كتبه أستاذي المشرف فضيلة الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشائع بعنوان (أسباب اختلاف المفسرين) و هذا الأخير رجعت إليه و اعتمدته في هذه المسألة، و ضربت الأمثلة على المسائل منه.

ذكر ابن جزي أنها اثنا عشر سببا للاختلاف بين المفسرين (1):ه.

ص: 293


1- أوصلها فضيلة الدكتور الشائع في رسالته (أسباب الاختلاف) إلى عشرين سببا بزيادة ثمانية على ابن جزي، فقد اعتبر يحفظه اللّه الدوافع أسبابا، فجعل التعصب المذهبي سببا، و جعل الاختلاف العقدي سببا، كما أضاف الاختلاف في الاستثناء بأنواعه، و الاختلاف في معاني الحروف، و إغفال دلالة سياق الآية، و الاختلاف في مفهوم عصمة الأنبياء، و الاختلاف في مرجع الضمير، و احتمال وجود الحذف. انظر: أسباب اختلاف المفسرين: 35 و يعنى بأسباب الاختلاف تلك الأسباب المقبولة التي يعذر القائل في التفسير بموجبها، و يكون مأجورا عليها إذ يكون مجتهدا، ساعيا لإصابة القول، و الوقوف على مراد اللّه، و لا ضير على المفسرين من الاختلاف فيها أو عدم إصابة الحق، فهي يؤيدها إما نص من كتاب أو سنة، أو أثر عن سلف، أو قول إمام، أو أن اللغة تجوزها و لو من بعض الوجوه.

الأول: اختلاف القرآن (1).

الثاني: اختلاف وجوه الإعراب، و إن اتفقت القراءات (2).

ص: 294


1- و المقصود اختلاف القراءات، فالقراءتان كالآيتين يعمل بهما جميعا إذا كانتا معتبرتين، كما يقول ابن الجزري، و يقول ابن تيمية: إن القراءتين كالآيتين، فزيادة القراءات كزيادة الآيات. [مجموع الفتاوى: 13/ 400- و النشر لابن الجزري: 1/ 51]، و يقصد بالقراءات هنا التي يتغير بموجبها المعنى، فتكون سببا للاختلاف، و كثيرا ما يستعين المفسرون بالقراءة الشاذة- التفسيرية- لبيان المعاني، كقراءة السيدة عائشة في قوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى [البقرة: 238]، قرأت (و الصلاة الوسطى صلاة العصر) [مختصر شواذ القراءات لابن خالويه: 15]، يقول فضيلة الدكتور محمد الشائع: إن اختلاف القراءات من أوسع أسباب اختلاف المفسرين، و أكثرها أمثلة. ا ه. و من الأمثلة التي ضربها لهذا السبب، قوله تعالى: وَ ما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ [التكوير: 24] فقد ورد في بِضَنِينٍ قراءتان سبعيتان، فقرئ (بظنين) بالظاء، بمعنى: بمتهم، أي ما هو بمتهم على الوحي أنه من اللّه. و قرئ بِضَنِينٍ بالضاد، بمعنى: ببخيل. يقول: لا يبخل محمد صلى اللّه عليه و سلم عليه بما آتاه اللّه من العلم و القرآن، و لكن يرشد بعلم، يؤدي عن اللّه عز و جل. فاختلفت الدلالة باختلاف القراءتين، و إن صح في النهاية نفي الوصفين من بخل و اتهام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم [أسباب اختلاف المفسرين: 39- و انظر القراءة في حجة القراءات لابن زنجلة: 752].
2- يقرر الماوردي أن اختلاف وجوه الإعراب قد يختلف بموجبه المعاني، و يقول في ذلك: إن كان اختلافه- أي الإعراب- موجبا لاختلاف حكمه، و تغيير تأويله لزم العلم به في حق المفسر و القارئ ليتوصل المفسر إلى معرفة حكمه. [النكت و العيون: 1/ 38] و الأمثلة على الاختلاف لهذا السبب كثيرة منها قوله تعالى وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا [الأعراف: 7]، فقد اختلف أهل العلم في الواو من قوله تعالى وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ فقيل: هي واو العطف فالراسخون يعلمون التأويل، و قيل: هي واو الاستئناف، فيكون من المتشابه، و معرفة تأويله إلى اللّه. انظر: تفسير الطبري: 6/ 203- و المكتفى في الوقف و الابتداء لأبي عمرو الداني: 196- و أسباب اختلاف المفسرين للدكتور محمد الشائع: 72.

الثالث: اختلاف اللغويين في معنى الكلمة (1).

الرابع: اشتراك اللفظ في معنيين فأكثر (2).

الخامس: احتمال العموم و الخصوص (3).

ص: 295


1- و مثال هذا السبب قوله تعالى وَ قالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً [الفرقان: 30]، فقد قيل في معنى مَهْجُوراً أنهم هجروه بإعراضهم عنه فصار مهجورا. و قيل: قالوا فيه هجرا، أي: قبيحا. و قيل: إنهم جعلوه هجرا من الكلام، و هو ما لا نفع فيه من العبث و الهذيان. فقد اختلف في المعنى، و الأول هو الأصح لكونه يعم المعاني الأخرى، و الأقوال الأخرى و إن كانت صحيحة في دلالتها اللغوية إلا أنها بعيدة و اللّه أعلم. انظر: أسباب اختلاف المفسرين للشايع: 66.
2- و الاشتراك أن يتحد اللفظ و يختلف المعنى، و هو واقع في الاسم و الحرف و الفعل، و قد ضرب الدكتور محمد الشائع أمثلة على كل حالة من الحالات الثلاثة، و أكتفي هنا بالمثال التالي، في قوله تعالى فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ [المدثر: 51] فالقسورة في اللغة يراد به الرامي. و قيل: الأسد. و قيل: النبل. انظر: أسباب اختلاف المفسرين: 22 و 78.
3- يقول فضيلة الدكتور محمد الشائع: و هذا النوع من الأسباب غالبا لا يكون الخلاف فيه في فهم معنى الآية، و إنما في الاستدلال بها، و تنزيلها على الأحداث و الأشخاص. ا ه ثم ضرب لذلك أمثلة، منها قوله تعالى فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ [آل عمران: 39] اختلف في المراد بالملائكة، فقيل: جبريل وحده، فيكون عاما مرادا به الخصوص. و يشهد لهذا قراءة علي و ابن عباس و ابن مسعود: «فناداه» بالإفراد، و هي قراءة حمزة و الكسائي. [حجة القراءات لابن زنجلة: 162] و قيل: إن المنادي جماعة من الملائكة، فيبقى على عمومه. انظر: أسباب اختلاف المفسرين: 50- 51.

السادس: احتمال الإطلاق و التقييد (1).

السابع: احتمال الحقيقة و المجاز (2).

ص: 296


1- يقول الزركشي: إن وجد دليل على تقييد المطلق صيّر إليه، و إلا فلا، و المطلق على إطلاقه و المقيد على تقييده. [البرهان: 2/ 15] و أثر الإطلاق و التقييد يكون على الأحكام الفقهية غالبا كما يقرر الدكتور الشائع ذلك بقوله: الاختلاف في مثل هذا السبب غالبا يعود أثره على الأحكام الفقهية في الإطلاق و التقييد لا على معنى النص. ا ه، و مثاله قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ [المائدة: 6]، فقد قيدت الآية غسل الأيدي في الوضوء إلى المرافق، و أطلق المسح في التيمم فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ قيل: يحمل المطلق على المقيد هنا لاتحاد السبب، و إن اختلف الحكم. و ذهب آخرون إلى أنه لا يحمل المطلق على المقيد لاختلاف الحكم و إن اتحد السبب فذاك غسل و هذا مسح. انظر: أسباب اختلاف المفسرين للدكتور الشائع: 56.
2- و يعنى بالمجاز: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، لوجود قرينة تدل عليه. و الحقيقة هو اللفظ المستعمل فيما وضع له. تفسير ابن جزي: 1/ و انظر: إرشاد الفحول للشوكاني: 21. و مثال الاختلاف هنا قوله تعالى وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ [الرحمن: 7] فقيل: عن الميزان: الآلة المعروفة. و قيل: إن المراد به العدل. و قيل: الميزان هو الحكم. و قيل: هو القرآن. فتفسير الميزان بالآلة المعروفة هو تفسير على الحقيقة، و غيرها من التفاسير هي تفاسير حملت المعنى على المجاز. انظر: تفسير الطبري: 27/ 118، و تفسير ابن كثير: 5/ 271- و أسباب اختلاف المفسرين للدكتور الشائع: 62.

الثامن: احتمال الإضمار أو الاستقلال (1).

التاسع: احتمال الكلمة الزائدة (2).

ص: 297


1- الإضمار: أن يخفي المتكلم في نفسه معنى و يريد من المخاطب أن يفهمه. و الاستقلال: إفادة المعنى المراد الملفوظ به منفردا دون حاجة إلى تقدير. انظر: قواعد الترجيح للحربي: 1/ 424، و أمثلة هذا السبب الآيات التي تضمنت أسماء اللّه و صفاته، فمذهب أهل السنة و الجماعة إثبات صفات اللّه تعالى على ما يليق به سبحانه، من غير تأويل و لا تشبيه و لا تعطيل، غير أن ثلة من المفسرين يؤولونها فيضمرون و يقدرون للكلام مضافا محذوفا، كما فعل القرطبي في قوله تعالى وَ جاءَ رَبُّكَ [الفجر: 22] قال: أي: أمره و قضاؤه، و هو من باب حذف المضاف. [تفسير القرطبي: 20/ 55]. و الصحيح كما ذكرت إثبات صفة المجي ء للّه، و لهذا قال ابن جرير في بيان تفسير الآية: و إذا جاء ربك يا محمد و أملاكه صفوفا صفا بعد صف. [تفسير الطبري: 30/ 185.]
2- و صورته أن ثلة من المفسرين يقولون عن بعض الحروف في القرآن أنها صلة- زائدة- في حين أن آخرين لا يرون ذلك، و عليه يكون الاختلاف، و مثاله قوله تعالى فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ [الواقعة: 75- 76] قيل: (لا) هنا زائدة، و قيل: بل هي غير زائدة و المراد هنا نفي القسم، و المعنى: لست أقسم على ما ذكر لظهوره و وضوحه. انظر: أسباب اختلاف المفسرين للدكتور الشائع: 90.

العاشر: احتمال حمل الكلام على الترتيب و على التقديم و التأخير (1).

الحادي عشر: احتمال أن يكون الحكم منسوخا أو محكما (2).

الثاني عشر: اختلاف الرواية في التفسير عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و عن السلف

ص: 298


1- الأصل في الكلام أن يبقى على ترتيبه ما لم يكن هناك داع لذلك. يقول النحاس: التقديم و التأخير إنما يكون إذا لم يجز غيرهما. ا ه. و يقول الرازي: إن الكلام إذا استقام من غير تغيير النظم لم يجز المصير إلى التقديم و التأخير. ا ه. انظر: القطع و الاستئناف للنحاس: 175- و تفسير الرازي: 12/ 114. و عليه فلا يلجأ إلى هذا الأسلوب إلا لضرورة، و الضرورة قد يختلف في لزومها بعض المفسرين فيحملون الكلام على التقديم أو التأخير و يحدث الخلاف في بيان المعنى. و مثال ذلك قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ .. [البقرة: 18]. قدره بعضهم: كتب عليكم الوصية إذا حضر أحدكم الموت. و الصحيح أن المراد قبل حضور الموت فلا حاجة للتقدير. انظر: أسباب اختلاف المفسرين للدكتور الشائع: 85.
2- يقول فضيلة الدكتور محمد الشائع: الخلاف في هذا السبب أثره ظاهر في الأحكام. ا ه. أي: الأحكام القرآنية، ففي الوقت الذي يحكم فيه البعض بإحكام الآية تجد من يقول بأنها منسوخة، و لهذا يحدث خلاف كبير، و مثال هذا النوع قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ [البقرة: 219] قيل: إنها محكمة غير منسوخة، و هي باقية في صدقة التطوع، أو أن المراد بالعفو الزكاة بعينها. و قيل: بل هي منسوخة بآية الزكاة. و الأولى القول بإحكامها إذ لا تعارض. انظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي: 200- و أسباب اختلاف المفسرين للدكتور الشائع: 48.

رضي اللّه عنهم (1).

المسألة الثانية: قواعد الترجيح عند المفسرين (2):

ذكر ابن جزي اثنا عشر وجها- قاعدة- للترجيح بين أقوال المفسرين و هي:

الأولى: تفسير القرآن ببعض، فإذا دل موضع من القرآن على المراده.

ص: 299


1- لا يعدل عن الثابت من تفسير رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و تفسير أصحابه إلا صاحب بدعة أو هوى، أو عالم لم يبلغه الحديث، أو لم يثبت عنده، أو أنه فهم نصه فهما خاصا. و لهذه الأسباب قد يختلف المفسرون في تفسير شي ء من كتاب اللّه، و المعول عليه هنا هو الثابت الذي صح نسبته. و قد ضرب فضيلة الدكتور محمد الشائع مثال هذا السبب قوله تعالى الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام: 82]، فالثابت عن السلف تفسير الظلم بالشرك، و قد ورد فيه نص عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عند البخاري و غيره. و ذهب الزمخشري رغم هذا إلى تفسير الظلم بالمعصية التي تفسق، و أبى التعويل على التفسير الثابت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بحجة أن لفظ «اللبس» يأبى ذلك. انظر: أسباب اختلاف المفسرين للدكتور محمد الشائع: 45. انظر في هذه المسألة- أسباب الاختلاف بين المفسرين- مقدمة ابن جزي: 1/ 15.
2- تعرّف قواعد الترجيح بأنها: ضوابط و أمور أغلبية يتوصل بها إلى معرفة الراجح من الأقوال المختلفة في تفسير كتاب اللّه. انظر: قواعد الترجيح عند المفسرين: 1/ 32 تأليف: حسين علي الحربي، رسالة ماجستير، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، 1415 ه.

بموضع آخر حملناه عليه و رجحنا القول بذلك على غيره من الأقوال (1).

الثانية: حديث النبي صلى اللّه عليه و سلم: فإذا ورد عنه- عليه السلام- تفسير شي ء من القرآن عوّلنا عليه، لا سيما إن ورد في الحديث الصحيح (2).

ص: 300


1- و هذا لا خلاف فيه عند المفسرين و غيرهم، غير أن الأمر لا يدركه كل أحد، و هو موكل إلى المجتهدين فهم الذين يعرفون و يعلمون المواضع التي تدل على غيرها من الآيات. و قد اعتمد هذا جميع المفسرين، يقول ابن تيمية: أصح طرق تفسير القرآن هي تفسير القرآن بالقرآن. مقدمة في أصول التفسير: 93. و مثال ذلك ما ذكره الطبري في تفسير واصِبٌ من قوله تعالى: وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ [الصافات: 9] حيث ذكر من الأقوال: الموجع و غيرها، ثم صرح بأن أولى الأقوال أن معناه: خالص. و ذلك أن اللّه تعالى قال وَ لَهُ الدِّينُ واصِباً [النحل: 6] قال: فمعلوم أنه لم يصفه بالإيلام و الإيجاع و إنما وصفه بالثبات و الخلوص. انظر: تفسير الطبري: 23/ 40- و انظر قواعد الترجيح للحربي: 1/ 315.
2- و اعتبر هذه القاعدة أغلب المفسرين، كما اعتبروا الحديث الحسن، أما الضعيف فيعتبر مرجحا إذا تعاضد مع وجوه أخرى للترجيح. يقول ابن تيمية: و مما ينبغي أن يعلم أن القرآن و الحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي صلى اللّه عليه و سلم لم يحتج في ذلك إلى أقوال أهل اللغة، فإنه قد عرف تفسيره و ما أريد بذلك من جهة النبي صلى اللّه عليه و سلم لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة و لا غيرهم. ا ه. و يقول ابن جرير في معرض حديثه عن وجوه تفسير القرآن: و هذا- أي الوجه الذي جعل بيانه لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- لا يجوز القول فيه إلا ببيان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و تأويله بنص منه عليه أو بدلالة قد نصبها دالة أمته على تأويله. انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 74- و مجموع الفتاوى لابن تيمية: 13/ 27- و أضواء البيان للشنقيطي: 2/ 89- و قواعد الترجيح للحربي: 1/ 196- و قد اعتمد ذلك المفسرون في تفاسيرهم كالطبري: 17/ 111- و ابن عطية: 5/ 214 ط المغرب- و القرطبي: 20/ 160- و أبو حيان: 1/ 31- ط دار الفكر 1412- و الشوكاني: 2/ 320 و غيرهم. و من مثال القاعدة، قول القرطبي في تفسيره لسورة العاديات و بيان معنى لَكَنُودٌ [العاديات: 6]، فقد قال بعد أن أورد الخلاف في معنى «الكنود»: قلت هذه الأقوال كلها ترجع إلى معنى الكفران و الجحود، و قد فسر النبي صلى اللّه عليه و سلم معنى الكنود بخصال مذمومة، و أحوال غير محمودة، فإن صح فهو أعلى ما يقال، و لا يبقى لأحد معه مقال. تفسير القرطبي: 20/ 162.

الثالثة: أن يكون القول قول الجمهور و أكثر المفسرين، فإن كثرة القائلين بالقول يقتضي ترجيحه (1).

ص: 301


1- و قد اعتبر هذه القاعدة أئمة التفسير كابن عطية و الرازي و القرطبي و غيرهم، يقول الشنقيطي: و قد تقرر في الأصول أن كثرة الرواة من المرجحات، و كذلك كثرة الأدلة، كما عقده في مراقي السعود في مبحث الترجيح باعتبار حال الراوي: و كثرة الدليل و الروايةمرجح لدى ذوي الدراية انظر: أضواء البيان: 1/ 298- و نشر البنود في مراقي السعود لعبد اللّه الشنقيطي: 2/ 284. و قد ذكر الحربي مثال هذه القاعدة قوله تعالى وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ [البقرة: 65] حيث ذهب عامة المفسرين إلى أن المسخ في الآية كان مسخا حقيقيا، معنويا و صوريا. و ذهب مجاهد إلى أن المسخ كان معنويا لا صوريا. و هو قول خالف فيه مجاهد عامة المفسرين. يقول القرطبي عن قول مجاهد: لم يقله غيره من المفسرين فيما أعلم. يريد أنه مرجوح لا يعتد به لكونه خالف جمهور المفسرين. انظر: تفسير القرطبي: 1/ 443- و قواعد الترجيح للحربي: 1/ 299.

الرابعة: أن يكون القول قول من يقتدى به من الصحابة كالخلفاء الأربعة، و عبد اللّه بن عباس لقوله صلى اللّه عليه و سلم:

«اللّهم فقهه في الدين و علمه التأويل» (1).

الخامسة: أن يدل على صحة القول كلام العرب من اللغة و الإعراب

ص: 302


1- و اعتمد هذه القاعدة جمهور المفسرين و أهل العلم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: و بالجملة من عدل عن مذاهب الصحابة و التابعين و تفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا و إن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه ... إلى أن قال: فمن خالف قولهم و فسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل و المدلول جميعا. ا ه. و قال ابن القيم: لا ريب أن تفسيرهم أصوب من أقوال من بعدهم، و ذهب بعض أهل العلم إلى أن تفسيرهم في حكم المرفوع. ا ه. و الأمثلة على هذه القاعدة كثيرة و من ذلك ما قاله ابن جرير في تفسير قوله تعالى وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ [الأحقاف: 10] فقد ذكر تأويل الآية و بعض الأقوال ثم قال: غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بأن ذلك عنى به عبد اللّه بن سلام و عليه أكثر أهل التأويل، و هم كانوا أعلم بمعاني القرآن، و السبب الذي فيه نزل، و ما أريد به ... انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية: 13/ 362- و إعلام الموقعين لابن القيم: 4/ 153 و تفسير الطبري: 26/ 12- و قواعد الترجيح للحربي: 1/ 275.

أو التصريف (1) أو الاشتقاق. (2)

ص: 303


1- يعرّف التصريف بمعنين، المعنى العملي و المعنى العلمي، و هو في الاصطلاح العملي- كما ذكره الحربي في قواعد الترجيح-: تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعان مقصودة لا تحصل إلا بها، كاسمي الفاعل و المفعول، و اسم التفضيل و التثنية و الجمع إلى غير ذلك. و بالمعنى العلمي: علم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلمة التي ليست بإعراب و لا بناء. انظر: قواعد الترجيح للحربي: 2/ 514- و شذا العرف: 19، و الاشتقاق: رد لفظ إلى آخر لموافقته له في الحروف الأصلية و مناسبته في المعنى. انظر شرح الكوكب للفتوحي: 1/ 206- و التعريفات للجرجاني: 49- و قواعد الترجيح للحربي: 2/ 514
2- و قد اعتمد القاعدة المفسرون و غيرهم، و رجحوا بموجبها بعض الأقوال كما ردوا بها أقوالا أخرى لمخالفتها تصريف الكلمة، و قد سبق أن بينت عند الحديث عن العلوم التي يحتاجها المفسر أهمية فن الصرف بالنسبة للمفسر لكتاب اللّه، و من الأمثلة على اعتماد المفسرين للقاعدة، قولهم في قوله تعالى إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً [الإسراء: 25] فقد اختلف المفسرون في المراد ب «الأواب»: فقال بعضهم: المسبحون. و قيل: المطيعون المحسنون. و قيل: الذين يصلون بين المغرب و العشاء. و قيل: الأواب: الراجع من ذنبه و التائب منه. قال الطبري: و أولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: الأواب: هو التائب من الذنب، الراجع من معصية اللّه إلى طاعته و مما يكرهه إلى ما يرضاه؛ لأن الأواب إنما هو (فعّال) من قول القائل: آب فلان من كذا إما من سفره إلى منزله، أو من حال إلى حال، كما قال عبيد بن الأبرص: و كل ذي غيبة يئوب و غائب الموت لا يئوب فهو يئوب أوبا، و هو رجل آئب من سفره، و أواب من ذنوبه. انظر: تفسير الطبري: 15/ 71- و قواعد الترجيح للحربي: 2/ 520.

السادسة: أن يشهد بصحة القول سياق الكلام و يدل عليه ما قبله و ما بعده (1).

السابعة: أن يكون ذلك المعنى المتبادر إلى الذهن فإن ذلك دليل على

ص: 304


1- و قد اعتبر هذه القاعدة أئمة العلم عموما منهم الإمام أحمد بن حنبل و الطبري و القرطبي و الرازي و ابن تيمية و ابن كثير و غيرهم، يقول ابن تيمية في معرض حديثه عن نفاة الصفات و مثبتيها: إن الدلالة في كل موضع بحسب سياقه، و ما يحفّ به من القرائن اللفظية و الحالية. انظر: مجموع الفتاوى: 6/ 14. و يقول الشنقيطي: و من أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك أن يقول بعض العلماء في الآية قولا، و يكون في نفس الآية قرينة تدل على بطلان ذلك القول. انظر: أضواء البيان: 1/ 75. و من الأمثلة على هذه القاعدة قوله تعالى وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً [المائدة: 27]، قال بعض المفسرين: هما من بني إسرائيل، و لم يكونا ابني آدم لصلبه و إنما كان القربان في بني إسرائيل، و كان آدم أول من مات. و قال الجمهور: إن الابنين كانا لآدم من صلبه، و هو ظاهر التلاوة، و يؤيد قول الجمهور قرينة في السياق هو قوله تعالى: فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ [المائدة: 31] يدل على أن الحادثة حدثت قبل أن يتعلم الناس دفن الموتى و ذلك في عهد آدم. انظر: تفسير الطبري: 6/ 189- و أضواء البيان: 1/ 76- 2/ 58- و قواعد الترجيح عند المفسرين للحربي: 1/ 311.

ظهوره و رجحانه (1).

الثامنة: تقديم الحقيقة على المجاز، فإن الحقيقة أولى أن يحمل عليها اللفظ عند الأصولين، و قد يترجح المجاز إذا كثر استعماله حتى يكون الأغلب استعمالا من الحقيقة، و يسمى مجازا، و الحقيقة مرجوحة (2).

ص: 305


1- قال الحربي: و قد اعتمد هذه القاعدة عامة علماء الأمة و منهم الإمام الشافعي و ابن جرير الطبري و ابن عطية و الفخر الرازي، و ابن تيمية، و الزركشي، و ابن الوزير، و الشنقيطي، و غير هؤلاء. و خالف القاعدة المرجئة و الصاوي في حاشيته على الجلالين. يقول الفخر الرازي: إن صرف اللفظ عن ظاهره بغير دليل باطل بإجماع المسلمين. مفاتيح الغيب: 30/ 94، و يقول الزركشي: كل لفظ احتمل معنيين فهو قسمان: أحدهما: أن يكون أحدهما أظهر من الآخر فيجب الحمل على الظاهر إلا أن يقوم دليل على أن المراد هو الخفي دون الجلي فيحمل عليه. البرهان في علوم القرآن: 2/ 167. و بمثل ذلك قال الشنقيطي. انظر أضواء البيان: 7/ 438، و أمثلة ذلك غالب الآيات التي ظاهرها واضح معلوم. انظر: قواعد الترجيح للحربي: 1/ 143.
2- اعتبر هذه القاعدة أغلب العلماء القائلين بوقوع المجاز في القرآن، كالطبري و ابن عبد البر، و الرازي، و السيوطي و غيرهم. يقول أبو حيان: و الحمل على الحقيقة أولى من ادعاء المجاز. البحر المحيط: 2/ 237. و معلوم أن ابن تيمية لا يقول بالمجاز، فجميع النصوص عنده تحمل على الحقيقة، و كذا تلميذه ابن القيم. و مثال ذلك في قوله تعالى وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ [التين: 1] يقول ابن العربي: قيل: هو حقيقة، و قيل: بل عبر به عن دمشق، أو جبالها، أو مسجدها. و لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل. انظر: أحكام القرآن لابن العربي: 4/ 414 ط محمد عطا 1408 ه- و قواعد الترجيح للحربي: 1/ 390.

و قد اختلف العلماء أيهما يقدّم، فمذهب أبي حنيفة تقديم الحقيقة لأنها الأصل و مذهب أبي يوسف تقديم المجاز الراجح لرجحانه، و قد يكون المجاز أفصح و أبرع فيكون أرجح (1).

التاسعة: تقديم العمومي على الخصوصي؛ فإن العمومي أولى لأنه الأصل إلا أن يدل دليل على التخصيص (2).

العاشرة: تقديم الإطلاق على التقييد، إلا أن يدل دليل على التقييد (3).

ص: 306


1- انظر: شرح الكوكب للفتوحي: 3/ 435- و التعارض و الترجيح للبرزنجي: 2/ 118.
2- هذه القاعدة أجمع السلف عليها، و سار عليها عامة المفسرين، و هي من القواعد المشتهرة، و من الذين قالوا بها الإمام الشافعي، و الطبري، و مكي بن أبي طالب، و ابن العربي، و الآلوسي، و غيرهم. قال مكي: اعلم أن القرآن إذا أتت اللفظة منه تعم ما تحتها حملت على ذلك من عمومها- عند مالك و أصحابه- حتى يأتي ما يخصصها فتحمل عليه. الإيضاح لناسخ القرآن و منسوخه: 101؛ و مثال هذه القاعدة ما ذكره ابن العربي في قوله تعالى وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [البقرة: 114] فقد ذكر عدة أقوال في تعيين المسجد، إلى أن ذكر الرابع من الأقوال، فقال: إنه كل مسجد، و هو الصحيح؛ لأن اللفظ عام ورد بصيغة الجمع، فتخصيصه ببعض المساجد، أو بعض الأزمنة محال. أحكام القرآن: 1/ 50- و انظر: قواعد الترجيح للحربي: 2/ 538.
3- يعرّف المطلق بأنه المتناول لواحد لا بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه. و يعرف المقيد: بأنه المتناول لمعين، أو لغير معين، موصوف بأمر زائد على الحقيقة الشاملة لجنسه. روضة الناظر مع شرحها لبدران: 2/ 191؛ و هذه القاعدة شبيهة بقاعدة العموم و الخصوص، و قد اعتمدها عامة أهل العلم، و منهم الرازي، و ابن جزي، و الزركشي، و غيرهم. قال الزركشي: إن وجد دليل على تقييد المطلق صير إليه، و إلا فلا، و المطلق على إطلاقه و المقيد على تقييده؛ لأن اللّه خاطبنا بلغة العرب، و الضابط أن اللّه تعالى إذا حكم في شي ء بصفة أو شرط ثم ورد حكم آخر مطلقا نظر، فإن لم يكن له أصل يرد إليه إلا ذلك الحكم المقيد وجب تقييده به، و إن كان له أصل غيره لم يكن رده إلى أحدهما بأولى من الآخر. البرهان: 2/ 15. و مثاله قوله تعالى وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 185] اختلف أهل العلم في لزوم التتابع في هذه الأيام. فقيل: يلزم، و قيل: لا يلزم. و الراجح أن اللّه تعالى أطلق في وجوب صيام عدة ما أفطر و لم يقيدها بتتابع. ينظر: تفسير ابن كثير: 1/ 312- و أحكام القرآن للكياهراسي: 1/ 66- و قواعد الترجيح عند المفسرين للحربي: 2/ 564.

الحادية عشرة: تقديم الاستقلال على الإضمار إلا أن يدل دليل على الإضمار (1).

ص: 307


1- يعرف الشيخ مناع القطان الاستقلال بقوله: إفادة المعنى المراد بالكلام الملفوظ به منفردا دون حاجة إلى تقدير. انظر قواعد الترجيح للحربي: 2/ 424 نقلا عن فضيلة الشيخ القطان رحمه اللّه. و الإضمار: هو أن يخفي المتكلم في نفسه معنى و يريد من المخاطب أن يفهمه. قواعد الترجيح للحربي: 424 نقلا عن الصواعق المرسلة: 2/ 714. و عرفه الكفوي بقوله: الإضمار ما ترك ذكره من اللفظ و هو مراد بالنية. انظر: الكليات: 870. و قد اعتمد القاعدة المفسرون و الأصوليون، كالطبري، و الرازي، و ابن تيمية، و ابن القيم، و الزركشي، يقول الشنقيطي: اللفظ إذا دار بين الاستقلال و الافتقار إلى تقدير، فالاستقلال مقدم؛ لأنه هو الأصل، إلا بدليل منفصل على لزوم تقدير المحذوف. أضواء البيان: 4/ 137؛ و من أمثلة هذه القاعدة ما ذكره ابن تيمية في معرض رده على من ادعى إضمار استفهام في قوله تعالى وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء: 79] قال ابن تيمية: و قد ظن بعض المتأخرين أن معناه: أ فمن نفسك؟ و أنه استفهام ... إلى أن قال: إضمار الاستفهام- إذا دل عليه الكلام- لا يقتضي جواز إضماره في الخبر المخصوص من غير دلالة فإن هذا يناقض المقصود، و يستلزم أن كل من أراد أن ينفي ما أخبر اللّه به يقدر أن ينفيه- بأن يقدر في خبره استفهاما، و يجعله استفهام إنكار. مجموع الفتاوى: 14/ 421- 422، و انظر: قواعد الترجيح للحربي: 2/ 423.

الثانية عشرة: حمل الكلام على ترتيبه إلا أن يدل دليل على التقديم و التأخير (1).

ص: 308


1- نص المفسرون على هذه القاعدة و اعتمدوها، منهم الطبري، و ابن عطية، و الزمخشري، و ابن تيمية، و ابن جزي و الآلوسي و غيرهم. يقول أبو حيان: و التقديم و التأخير من ضرورات الشعر فينزه القرآن عن ذلك. البحر المحيط: 2/ 670. و مثال القاعدة: قوله تعالى وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ [البقرة: 96] قال الآلوسي في معرض رده على من قال بالتقديم و التأخير، قال: و لا أظن يقدم على مثل ذلك في كتاب اللّه من له أدنى ذوق؛ لأنه و إن كان المعنى صحيحا في نفسه، إلا أن التركيب ينبو عنه، و الفصاحة تأباه و لا ضرورة تدعو إليه، لا سيما على قول من يخص التقديم و التأخير بالضرورة. روح المعاني: 1/ 330- و انظر: قواعد الترجيح للحربي: 2/ 461. و القواعد الاثنا عشر أوردها ابن جزي و هي في تفسيره: 1/ 15- 17.

الثالثة عشرة: تقديم الحقيقة الشرعية على الحقيقة اللغوية (1).

الرابعة عشرة: تقديم الحقيقة العرفية على الحقيقة اللغوية (2).

ص: 309


1- هذه القاعدة اعتمدها جمهور المفسرين و الفقهاء و غيرهم، و من المفسرين الذين اعتمدوها الفخر الرازي، و ابن الوزير و الآلوسي و الشنقيطي و غيرهم. يقول الشنقيطي: و المقرر في الأصول عند المالكية و الحنابلة و جماعة من الشافعية أن النص إذا دار بين الحقيقة الشرعية و الحقيقة اللغوية حمل على الشرعية. أضواء البيان: 3/ 100. و قد ضرب الشيخ الحربي مثال هذه القاعدة قوله تعالى وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ [فصلت: 6- 7] فقد اختلف المفسرون في المراد من لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ، فقيل: لا يعطون للّه الطاعة التي تطهرهم و تزكي أبدانهم و لا يوحدونه. و قيل: الذين لا يقرون بزكاة أموالهم التي فرضها اللّه فيها و لا يعطونها أهلها. يقول الحربي: و هذا- الأخير- هو الذي ترجحه القاعدة و ذلك أن من حمل معنى الزكاة على تزكية و تطهير أنفسهم بفعل الطاعة حملها على أصل المعنى اللغوي لها و هو النماء و الزيادة و الطهارة و الصلاح. قواعد الترجيح: 1/ 411.
2- هذه القاعدة قررها علماء الأصول، و قد اعتبرها من المفسرين الماوردي و الزركشي و الشنقيطي و غيرهم، يقول الزركشي: إذا دار اللفظ بين اللغوية و العرفية فالعرفية أولى لطريانها على اللغة. البرهان: 2/ 167، و ضرب الشيخ الحربي مثال هذه القاعدة قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ [التوبة: 60] فقد اختلف المفسرون في المراد من فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فقيل: المراد بهم الغزاة، و قيل: الحجيج، و قيل: طلبة العلم. و الراجح أن المراد بهم الغزاة؛ يقول ابن حجر في الفتح: قال ابن الجوزي: إذا أطلق ذكر سبيل اللّه فالمراد الجهاد ... و قال ابن دقيق العيد: فِي سَبِيلِ اللَّهِ العرف الأكثر فيه استعماله في الجهاد. فتح الباري: 6/ 56- و أحكام القرآن لابن دقيق العيد: 2/ 247- و قواعد الترجيح للحربي: 1/ 420.

الخامسة عشرة: تقديم الحقيقة الشرعية على الحقيقة العرفية.

هذه القواعد الثلاثة ذكرها الماوردي في مقدمته، فقال في معرض حديثه عن الوجه الذي يرجع فيه إلى اجتهاد العلماء من تأويل القرآن أن اللفظ إذا احتمل معنيان أو أكثر و كانت المعاني جلية ظاهرة، و اللفظ مستعمل فيها حقيقة فهذا على ضربين:

أحدهما: أن يختلف أصل الحقيقة فيها، فهذا ينقسم على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يكون أحد المعنيين مستعملا في اللغة، و الآخر مستعملا في الشرع فيكون حمله على المعنى الشرعي أولى من حمله على المعنى اللغوي؛ لأن الشرع ناقل.

و القسم الثاني: أن يكون أحد المعنيين مستعملا في اللغة، و الآخر مستعملا في العرف فيكون حمله على المعنى العرفي أولى من حمله على معنى اللغة؛ لأنه أقرب معهود.

و القسم الثالث: أن يكون أحد المعنيين مستعملا في الشرع و الآخر

ص: 310

مستعملا في العرف، فيكون حمله على معنى الشرع أولى من حمله على معنى العرف لأن الشرع ألزم (1).

ص: 311


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 39.

الموضوع الرابع عشر الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن

اشارة

اهتم المفسرون بموضوع الأحرف السبعة اهتماما بالغا، و عالجوها معالجة جادة في مقدماتهم، و كان أكثر من توسع في ذلك شيخ المفسرين ابن جرير الطبري (1)، كما تناوله الماوردي من غير توسع مكتفيا بذكر بعض الأقوال (2)، أما ابن عطية فقد فصّل القول، و تعرض للآراء في الموضوع، و ناقش ابن جرير في بعض أقواله (3)، و كذا القرطبي (4)، و الخازن (5).

و في هذا الموضوع عدة مسائل:

المسألة الأولى: ذكر بعض الآثار الواردة في نزول القرآن على سبع أحرف .

المسألة الأولى: ذكر بعض الآثار الواردة في نزول القرآن على سبع أحرف (6)

ص: 312


1- انظر: تفسيره: 1/ 21- 68.
2- انظر: تفسيره: 1/ 28.
3- انظر: تفسيره: 1/ 33.
4- انظر: تفسيره: 1/ 41- 52.
5- انظر: تفسيره: 1/ 11.
6- الأحاديث و الآثار الواردة في الأحرف السبعة خرجها الأئمة في كتبهم و مصنفاتهم، و لا تكاد تجد كتابا معتبرا في جمع الآثار إلا ذكر طرقا و روايات لحديث الأحرف السبعة، و قد أفرده بعض المتقدمين و المتأخرين بتآليف مستقلة، فكتب أبو عمرو الداني كتابه الأحرف السبعة، و كتب أبو شامة كتابه المرشد الوجيز، و من المتأخرين كتب الشيخ مناع القطان كتابه نزول القرآن على سبعة أحرف، و كتب الدكتور عبد العزيز القارئ حديث الأحرف السبعة، كلها مطبوعة متداولة. و قد روى حديث الأحرف السبعة جمع غفير من الصحابة و من التابعين، بطرق و أسانيد كثيرة حتى اعتبره أبو عبيد من الأحاديث المتواترة، و قد ذكر السيوطي أن القاضي أبا يعلى أخرج في مسنده عن عثمان بن عفان أنه قال يوما و هو على المنبر: أذكّر اللّه رجلا سمع النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف. لما قام، فقاموا حتى لم يحصوا، فشهدوا بذلك، فقال: و أنا أشهد معهم. و الحديث أورده الهيثمي في المجمع: 7/ 152 و قال: رواه أبو يعلى في الكبير و فيه راو لم يسم. ا ه. و ذكره البقاعي في مصاعد النظر: 1/ 404 و عزاه إلى الحارث بن أسامة، و أبي يعلى في مسنديهما بسند منقطع. و السيوطي في الإتقان: 1/ 145 و عزاه لأبي يعلى. و قد بحثت عنه في مسنده و لم أهتد إليه. و انظر: حديث الأحرف السبعة للدكتور عبد العزيز القارئ: 52.

جاء النقل الصحيح بروايات كثيرة، من طرق مختلفة عن نزول القرآن على سبعة أحرف، روى ذلك عدد من الصحابة، و من ذلك:

أخرج البخاري و مسلم و الطبري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:

سمعت هشام بن حكيم بن حزام (1) يقرأ سورة (الفرقان) في حياة رسول

ص: 313


1- هو هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد الأسدي، أسلم يوم الفتح، و مات قبل أبيه حكيم، كان من الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر. انظر: الاستيعاب لابن عبد البر: 3/ 593- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 11/ 37.

الله صلى الله عليه و سلم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتربصت حتى سلم فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرؤها؟ قال: أقرأنيها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. فقلت: كذبت، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت. فانطلقت به أقوده إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقلت: يا رسول اللّه إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرأنيها!؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أرسله، اقرأ يا هشام. فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأها فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: هكذا أنزلت. ثم قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: اقرأ يا عمر. فقرأت القراءة التي أقرأني. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: هكذا أنزلت. ثم قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه. (1)

و أخرج مسلم و الطبري عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقلت:72

ص: 314


1- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 24- و أورده الخازن: 1/ 11- و هو في الموطأ لمالك، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القرآن:- و أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: فضائل القرآن، باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف: 6/ 100- و مسلم في صحيحه، كتاب: صلاة المسافرين و قصرها، باب: بيان أن القرآن على سبعة أحرف: 1/ 560- و أحمد في المسند: 1/ 24- 40- 43- و أبو عمرو الداني في الأحرف السبعة: 11- و البيهقي في الشعب: (ح 295- 2/ 538)- و انظر التمهيد لابن عبد البر: 8/ 272

إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، و دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه.

فأمرهما رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقرءا فحسّن النبي صلى اللّه عليه و سلم شأنهما، فسقط في نفسي من التكذيب و لا إذ كنت في الجاهلية (1)، فلما رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا، و كأنما أنظر إلى اللّه عز و جل فرقا، فقال لي: يا أبي! أرسل إليّ أن اقرأ القرآن على حرف واحد. فرددت إليه أن هوّن على أمتي. فرد إلي الثانية أن اقرأه على حرفين. فرددت إليه: أن هوّن على أمتي. فرد إلي الثالثة: أن اقرأه على سبعة أحرف، و لك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها. فقلت: اللّهم اغفر لأمتي، اللّهم اغفر لأمتي، و أخّرت الثالثة ليوم يرغب إليّ الناس كلهم حتى إبراهيم. (2)

و في رواية عند الطبري: ثم قال الرسول صلى اللّه عليه و سلم: اللّهم أخسئ الشيطان عنه يا أبيّ، أتاني آت من ربي فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد. فقلت: رب خفّف عني. ثم أتاني الثانية فقال: إن اللّه يأمرك

ص: 315


1- قال الخازن: معناها وسوس لي الشيطان تكذيبا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية؛ لأنه كان في الجاهلية غافلا و مشككا فوسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب. و قيل: اعترته حيرة و دهشة و نزغ الشيطان في نفسه تكذيبا لم يعتقده. تفسير الخازن: 1/ 13.
2- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 36 و من طرق أخرى بنحو هذا الحديث. و في بعض الطرق أن أبي قرأ «النحل». الطبري: 1/ 37- و أورده الخازن: 1/ 13- و هو عند مسلم في صحيحه، كتاب: صلاة المسافرين و قصرها، باب: بيان أن القرآن على سبعة أحرف: 1/ 561- و أحمد في المسند: 5/ 114.

أن تقرأ القرآن على حرف واحد. فقلت: رب خفف عن أمتي. ثم أتاني الثالثة فقال مثل ذلك، و قلت مثله. ثم أتاني الرابعة فقال: إن اللّه يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف، و لك بكل ردة مسألة. فقلت: يا رب ...

الحديث. (1)

و أخرج الطبري و البخاري و مسلم عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: أقرأني جبريل عليه السلام على حرف فراجعته فزادني، فلم أزل أستزيده و يزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف. (2)

قال ابن شهاب: بلغني أن تلك السبعة الأحرف، إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا، لا يختلف في حلال و لا حرام. (3)

و أخرج الطبري عن أبي بن كعب قال: أتى جبريل النبي صلى اللّه عليه و سلم و هو).

ص: 316


1- تفسير الطبري: 1/ 41- و قال أحمد شاكر: هذا الإسناد نقله ابن كثير في الفضائل و قال: صحيح. فضائل القرآن لابن كثير: 53- و أشار إليه الحافظ ابن حجر في الفتح: 9/ 21.
2- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 29- و أورده الخازن في تفسيره: 1/ 13- و هو عند عبد الرزاق في المصنف: 11/ 219- و عند البخاري في صحيحه، كتاب: فضائل القرآن، باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف: 6/ 100- و عند مسلم في صحيحه، كتاب: صلاة المسافرين و قصرها، باب: بيان أن القرآن على سبعة أحرف: 1/ 561- و أحمد في المسند: 1/ 264- 299- و أبي عمرو الداني في الأحرف السبعة: 12.
3- هذه الزيادة من الطبري: 1/ 29- و مسلم: 1/ 561- و البيهقي في الشعب: (ح 299- 2/ 545).

عند أضاة بني غفار فقال: إن اللّه تبارك و تعالى يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منها حرفا فهو كما قرأ. (1)

و في رواية: فأتاه جبريل فقال: إن اللّه يأمرك أن تقرأ أمّتك القرآن على حرف. فقال صلى اللّه عليه و سلم: أسأل اللّه معافاته و مغفرته، و إن أمتي لا تطيق ذلك. قال: ثم أتاه الثانية فقال: إن اللّه يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين. قال: أسأل اللّه معافاته و مغفرته، و إنّ أمتي لا تطيق ذلك. ثم جاءه الثالثة فقال: إن اللّه يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف. قال:

أسأل اللّه معافاته و مغفرته، و إن أمتي لا تطيق ذلك. ثم جاءه الرابعة: فقال:

إن اللّه يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيّما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا. (2)

و روى الترمذي عنه قال: لقي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جبريل فقال: يا جبريل إني بعثت إلى أمة أمّيين منهم العجوز و الشيخ الكبير، و الغلام و الجارية، و الرجل الذي لا يقرأ كتابا قطّ، قال: يا محمد إن القرآن أنزل على

ص: 317


1- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 39- و قال أحمد شاكر: إسناده صحيح- و أخرجه أبو عمرو الداني في الأحرف السبعة: 14- و ابن أبي شيبة في المصنف: 10/ 565- و ابن عبد البر في التمهيد: 8/ 288
2- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 40- و أورده القرطبي في تفسيره: 1/ 41- و هو في صحيح مسلم، كتاب: صلاة المسافرين و قصرها، باب: بيان أن القرآن على سبعة أحرف: 1/ 562- و أحمد في المسند: 5/ 127- و ابن أبي شيبة في المصنف: 10/ 516.

سبع أحرف. قال الترمذي: هذا حديث صحيح. (1)

و أخرج الطبري عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قال جبريل: اقرءوا القرآن على حرف. فقال ميكائيل:

استزده. فقال: على حرفين. حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب، كقولك: هلمّ و تعال. (2)

و أخرج الطبري عن بسر بن سعيد (3): أن أبا جهيم الأنصاري (4)

ص: 318


1- ذكره القرطبي في تفسيره: 1/ 42- و هو عند الترمذي في سننه، كتاب: القراءات، باب: ما جاء أنزل القرآن على سبعة أحرف: 5/ 194- و أخرجه أحمد في المسند: 5/ 400- و أبو عمرو الداني في الأحرف السبعة: 18- و أخرجه بنحوه الطبري في تفسيره: 1/ 35 و قال شاكر: صحيح الإسناد. و أورده الهيثمي في المجمع: 7/ 150 و نسبه للبزار و قال: و فيه عاصم بن بهدلة، و هو ثقة، و فيه كلام لا يضر، و بقية رجاله رجال الصحيح.
2- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 43- و أحمد في المسند: 5/ 51 و 5/ 41 مختصرا- و ذكره الهيثمي في المجمع: 7/ 151 و قال: رواه أحمد و الطبراني بنحوه إلا أنه قال: و اذهب و أدبر، و فيه علي بن زيد بن جدعان و هو سيّئ الحفظ، و قد توبع و بقية رجال أحمد رجال الصحيح. قلت: و أخرجه أبو عمرو الداني في الأحرف السبعة: 21- و ابن أبي شيبة في المصنف: 10/ 517- و انظر التمهيد لابن عبد البر: 8/ 290.
3- هو بسر بن سعيد، مولى بني الحضرمي، إمام قدوة، حدّث عن جماعة من الصحابة، وثقه ابن معين و غيره، توفي (100 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 594- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 1/ 437.
4- هو سليمان بن الجهم بن أبي الجهم الأنصاري الحارثي، مولى البراء بن عازب، وثقه ابن حبان، و روى له أبو داود و النسائي و ابن ماجة. انظر: تهذيب الكمال للمزي: 11/ 381- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 4/ 177.

أخبره: أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فقال هذا: تلقّيتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. و قال الآخر: تلقيتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فسألا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عنها فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن المراء فيه كفر. (1)

و أخرج الطبري في تفسيره عن أبي سلمة قال: لا أعلمه إلا عن أبي هريرة، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: أنزل القرآن على سبعة أحرف، فالمراء في القرآن كفر- ثلاث مرات- فما عرفتم منه فاعملوا به، و ما جهلتم منه فردوه إلى عالمه. (2)

ص: 319


1- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 43- و أحمد في المسند: 4/ 169- و أبو عبيد في فضائل القرآن: (ح 718- ص 305)- و الطحاوي في مشكل الآثار: 4/ 183- و أبو عمرو الداني في الأحرف السبعة: 17 بنحوه- و البيهقي في الشعب: (ح 293- 2/ 534)- و ابن عبد البر في التمهيد: 8/ 282- و ابن أبي شيبة في المصنف: 10/ 528- و أورده ابن كثير في فضائل القرآن: 59 و قال: و هذا إسناد صحيح و لم يخرجوه- يعني أصحاب الكتب الستة- و الهيثمي في المجمع: 7/ 151 و قال: رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح.
2- أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 21- و أورده الماوردي: 1/ 28- و أخرجه أحمد في المسند: 15/ 146، قال أحمد شاكر: إسناده صحيح. قال الهيثمي في المجمع: 7/ 151: رواه أحمد بإسنادين و رجال أحدهما رجال الصحيح و رواه البزار بنحوه.- و أورده ابن كثير في فضائل القرآن: 58 و قال: و رواه النسائي عن قتيبة عن أبي ضمرة أنس بن عياض به. و هو عند البزار مختصرا. كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/ 90.

المسألة الثانية: المراد بالأحرف السبعة:

اشارة

اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على خمسة و ثلاثين قولا، ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستي (1)، و من تلك الأقوال:

القول الأول: أن المراد سبع لغات متفقة المعاني مختلفة الألفاظ

كقولك:

هلمّ، و تعال، و أقبل، و إليّ، و نحوي، و قصدي، و قربي. (2)

و هو الذي عليه أكثر أهل العلم كسفيان بن عيينة، و عبد اللّه بن وهب (3)، و الطحاوي (4) (5) و هو اختيار ابن جرير الطبري في مقدمته،

ص: 320


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 42- و الإتقان للسيوطي: 1/ 156. و قد ذكر هذا عن ابن حبان ابن النقيب في مقدمة تفسيره بواسطة الشرف المرسي، قال ابن حبان: فهذه خمسة و ثلاثون قولا لأهل العلم و اللغة في معنى إنزال القرآن على سبعة أحرف، و هي أقاويل يشبه بعضها بعضا، و كلها محتملة و يحتمل غيرها. قال المرسي: أكثرها متداخلة و لا أدري مستندها و لا عن من نقلت .... إلى أن قال: و أكثرها يعارض حديث عمر مع هشام. الإتقان للسيوطي: 1/ 141- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 539.
2- انظر: تفسير الطبري: 1/ 47- 57- و الماوردي: 1/ 29- و ابن عطية: 1/ 34- و القرطبي: 42، و فنون الأفنان لابن الجوزي: 206- و البرهان للزركشي: 1/ 220.
3- هو عبد اللّه بن وهب بن مسلم الفهري، إمام حافظ لقي صغار التابعين، و كان من أوعية العلم و كنوز العمل، وثقه ابن عدي و ابن معين، توفي (197 ه) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 9/ 223- و تهذيب الكمال للمزي: 16/ 277.
4- هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، إمام حافظ كبير، محدث الديار المصرية، و صاحب التصانيف العديدة، انتهت إليه رئاسة المذهب الحنفي توفي (321 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 15/ 27- و شذرات الذهب: 2/ 288.
5- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 42- و مشكل الآثار للطحاوي: 4/ 190- و هو منسوب لجمهور أهل الفقه و الحديث، و اختاره ابن عبد البر، و من المعاصرين فضيلة الشيخ مناع القطان انظر: التمهيد لابن عبد البر: 8/ 281- 284- و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 174- و نزول القرآن على سبعة أحرف للشيخ مناع القطان: 72.

و استدل أصحاب هذا الرأي بأدلة كثيرة منها الأحاديث السابقة في قصة عمر و هشام و قصة أبي؛ و منها أيضا:

1- حديث أبي بكرة (1) الذي أخرجه الطبري عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قال جبريل: اقرءوا القرآن على حرف. فقال ميكائيل: استزده. فقال: على حرفين. حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب، كقولك: هلمّ و تعال. (2)

قال الطبري: أوضح نص هذا الخبر أن اختلاف الأحرف السبعة إنمال.

ص: 321


1- هو نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو، المعروف بأبي بكرة الثقفي، سمي بأبي بكرة عند ما حاصر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الطائف و قال: أيما عبد نزل إلي فهو حر. فتدلى ببكرة فاشتهر بذلك. مات بالبصرة (53 ه). انظر: المعارف لابن قتيبة: 125- و الإصابة لابن حجر: 5/ 371.
2- سبق تخريج الحديث قبل قليل.

هو اختلاف ألفاظ، كقولك «هلم و تعال» باتفاق المعاني لا باختلاف معان موجبة اختلاف أحكام. (1)

قال الطحاوي: و أبين ما ذكر في ذلك- أي في هذا الرأي- حديث أبي بكرة. (2)

2- ما أخرجه الطبري عن شقيق بن سلمة قال: قال عبد اللّه- يعني ابن مسعود-: إني قد سمعت إلى القراء فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علّمتم، و إياكم و التنطع، فإنما هو كقول أحدكم: هلمّ و تعال. (3)

3- ما أخرجه الطبري عن الأعمش قال: قرأ أنس هذه الآية إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا [المزمل: 6] فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هي وَ أَقْوَمُ. فقال: أقوم، أصوب، أهيأ، واحد. (4)س.

ص: 322


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 50.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 42- و التمهيد لابن عبد البر: 8/ 290.
3- تفسير الطبري: 1/ 50، قال أحمد شاكر: و هذا الأثر عن ابن مسعود لم نجده في غير هذا الكتاب. و هو في التمهيد لابن عبد البر: 8/ 291- و في الاستذكار له: 8/ 42- و المصنف لابن أبي شيبة: 10/ 488.
4- أخرجه الطبري: 1/ 52 ط شاكر، و 29/ 131 ط الحلبي من عدة طرق- و أورده ابن كثير في تفسيره: 8/ 278- و نقله السيوطي في الدر المنثور: 6/ 278، و نسبه لأبي يعلى، و محمد بن نصر، و ابن الأنباري في المصاحف. - و ذكره الهيثمي في المجمع: 7/ 156 و زاد نسبته للبزار، و قال: رجال أبي يعلى رجال الصحيح، و رجال البزار ثقات. و هو عند البزار كما في كشف الأستار: 3/ 92 قال البزار: لا نعلم رواه عن الأعمش إلا الحماني، و إنما ذكرت هذا لأبين أن الأعمش سمع من أنس.

4- ما روي عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا [الحديد: 13]: للذين آمنوا أمهلونا، للذين آمنوا أخّرونا، للذين آمنوا ارقبونا. (1)

و ما روي عنه أنه كان يقرأ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ [البقرة: 20] مروا فيه، سعوا فيه. (2) و غير ذلك من الأدلة التي تبين أن الغاية التي لها أنزل القرآن على سبعة أحرف هي التيسير على الناس لعجزهم عن أخذ القرآن على غير لغاتهم، و لهذا يرى أصحاب هذا الرأي أن الأحرف أزيلت حين رفعت المشقة عن الناس بالتعلم، يقول ابن عبد البر: إن تلك السبعة الأحرف إنما كان في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلكي.

ص: 323


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 42- و هو في المرشد الوجيز: 104- و التمهيد لابن عبد البر: 8/ 291- و الاستذكار له: 8/ 42- و التذكار للقرطبي: 32- و فضائل القرآن لابن كثير: 68- و الإتقان للسيوطي: 1/ 149- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة المكي: 2/ 551 تحقيق محمد صفاء حفي.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 42- و هو في المرشد الوجيز: 104- و التمهيد لابن عبد البر: 8/ 291- و الاستذكار له: 8/ 42- و التذكار للقرطبي: 32- و فضائل القرآن لابن كثير: 68- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة المكي: 2/ 551 تحقيق محمد صفاء حفي.

الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، و عاد ما يقرأ به القرآن على حرف واحد. (1)

و يتساءل الطبري ليزيل الإشكال الذي قد يرد على اختياره: ما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة و قد أقرأهن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أصحابه، و أمر بالقراءة بهن، و أنزلهن اللّه من عنده على نبيه صلى اللّه عليه و سلم، أ نسخت فرفعت؟! فما الدلالة على نسخها و رفعها؟ أم نسيتهن الأمة فذلك تضييع ما قد أمروا بحفظه؟ أم ما القصة في ذلك؟

و يجيب عن تساؤله قائلا: إنها لم تنسخ فترفع، و لا ضيعتها الأمة و هي مأمورة بحفظها، و لكن الأمة أمرت بحفظ القرآن، و خيرت في قراءته و حفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت.

و يضرب لذلك مثالا فيقول: كما أمرت إذا هي حنثت في يمين و هي موسرة أن تكفّر بأي الكفارات الثلاث شاءت إما بعتق، أو إطعام، أو كسوة، فلو أجمع جميعها على التكفير بواحدة من الكفارات الثلاث دون حظرها التكفير بأي الثلاث شاء المكفّر كانت مصيبة حكم اللّه.

قال: فكذلك الأمة أمرت بحفظ القرآن و قراءته، و خيّرت في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءت، فرأت- لعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد- قراءته بحرف واحد، و رفض القراءة بالأحرف الستة

ص: 324


1- القرطبي: 1/ 43- و التمهيد لابن عبد البر: 8/ 294.

الباقية، و لم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه بما أذن له في قراءته به (1).

و بين أن العلة التي أوجبت الثبات على حرف واحد هي ما حدث لأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الاختلاف في القراءة في اليمامة و أرمينية و غيرها من المواقع، و حينئذ رأى عثمان جمع الأمة على مصحف واحد رحمة بها و رأفة بحالها، و خوفا من الاختلاف، فحرق ما سواه من المصاحف و استوسقت الأمة على ذلك بالطاعة، و رأت فيما فعل الهداية و الرشد، و تركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها، طاعة منها له حتى درست من الأمة معرفتها، و تعفت آثارها، و تتابع المسلمون على رفض القراءة بها من غير جحود منها صحتهام.

ص: 325


1- يعلق الأستاذ عبد العزيز القاري في بحثه القيم حديث الأحرف السبعة: 76 على مقولة الطبري هذه بقوله: إن التخيير كان في القراءة بواحد من تلك الأحرف حسبما يتيسر للقارئ، و يسهل عليه و لم يكن التخيير في نقل الأحرف، بل كانت الأمة ملزمة بنقلها جميعا لأن كل حرف منها بمنزلة الآية. و يضرب لذلك مثلا فيقول: هناك فرق واضح بين أن يكون المكلف مخيرا بين الأخذ برخصة الفطر في السفر، و العزيمة على الصيام، و بين أن يلغي هذه الرخصة فيحرم على نفسه و على الأمة الفطر، و يحمل الناس على الصيام. ا ه و ما قاله الأستاذ القاري هو الحق، فلسيدنا عثمان- رضي الله عنه- و للصحابة رضوان اللّه عليهم أن يقرءوا بأي الحروف شاءوا، و يتركوا منها ما شاءوا غير أنه ليس لهم أن يلزموا الأمة بحرف لم يلزمهم به رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و لا أن يرفعوا رخصة قدمها الشارع لم يرفعها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من بينهم.

و صحة شي ء منها.

أما كيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أمرهم بقراءتها؟

فالجواب عند الطبري: أن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب و فرض، و إنما كان أمر إباحة و رخصة، لأن القراءة لو كانت فرضا عليهم لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة عند من تقوم بنقله الحجة، و يقطع خبره العذر، و يزيل الشك من قرأة الأمة .... إلى أن قال: إن في تركهم نقل ذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا مخيّرين في القراءة. (1)

ص: 326


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 58- 64. قلت: لقد رد المهتمون بحديث الأحرف السبعة، على ما ذهب إليه ابن جرير و من تبعه و رأى مثل رأيه من أهل العلم، و ذكروا في إبطال مذهبهم أوجها عديدة نذكر منها: أ- أن ما ذكر في الآثار التي استشهد بها أصحاب هذا الرأي ليس من قبيل حصر الأحرف السبعة فيها، و في نوعها، بل هو- كما قال ابن عبد البر- من قبيل ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها. ب- أن الاختلاف بين العرب إنما يقع- غالبا- في اللّهجات من إدغام و إظهار، و فتح و إمالة، و همز و تخفيف، و نحو ذلك إذ المشقة عليها في هذا الباب أعظم من المشقة في استعمال هلمّ مكان أقبل و تعال. ج- أن أصحاب هذا المذهب- كما يقول الزرقاني- أوقعوا أنفسهم في مأزق ضيق، و قالوا أمورا خطيرة. فحين صرحوا بأن المتبقي من الحروف هو حرف واحد، و أن الحروف الستة الأخر ذهبت و اندرست لم يثبتوا لضياعها نسخا و لا رفعا. و حين ادعوا إجماع الأمة على أن تثبت على حرف واحد، و أن ترفض القراءة بجميع ما عداه من الأحرف الستة، لم يقدموا دليلا على هذا الإجماع. و لو كان هناك لما اختلف العلماء في معنى الأحرف على أكثر من أربعين قولا، و أكثرهم- رغم هذا الاختلاف- يؤكد أن الأحرف السبعة باقية. و حين قالوا: إن استنساخ المصاحف زمن عثمان كان إجماعا من الأمة على ترك الحروف الستة، و الاقتصار على حرف واحد و هو ما نسخ عثمان المصاحف عليه، حين قالوا ذلك أوقعوا أنفسهم في ورطة ثالثة على حد تعبير الأستاذ الزرقاني، لكون ما احتجوا به أمر باطل، فالناس تنازعوا زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم في قراءات القرآن على حروف مختلفة، و قررها الرسول صلى اللّه عليه و سلم فكان حلا لمشكلتهم، و أفهمهم أن هذا الاختلاف رحمة من اللّه، و هو صريح قول النبي صلى اللّه عليه و سلم: إن أمتي لا تطيق. فكيف يسوغ للصحابة و هم خير القرون أن يغلقوا باب الرحمة و التخفيف الذي فتحه اللّه للأمة؟! ثم كيف ينسخ عثمان رضي الله عنه و الصحابة بعض القرآن، إذ أن كل حرف من الأحرف السبعة المنزلة هو قرآن، و ليس لأحد إلغاء شي ء من القرآن بغير نص صريح من الشارع عز و جل. إن موافقة أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على ضياع ستة أحرف نزل عليها القرآن أمر لا يقبل في المنطق السليم، و كيف يقبل و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد أقرها بقوله و عمله، و قال: لا يجوز لأحد أيا كان أن يمنع أحدا من القراءة بحرف من السبعة. أما ما فعله سيدنا عثمان- رضي الله عنه- فهو أنه نسخ مصحفا أو مصاحف من الصحف التي كانت في عهدة أبي بكر- رضي الله عنه- و كان مشتملا على الأحرف السبعة، و لم يثبت أن الذين نسخوا المصاحف لعثمان تركوا شيئا من صحف أبي بكر، و لو كانوا فعلوا ذلك لنقل إلينا بالتواتر، إذ دواعي التواتر موجودة. و في هذا يقول ابن الجزري: ذهب جماعات من الفقهاء و القراء و المتكلمين إلى أن المصاحف العثمانية مشتملة على الأحرف السبعة، و بنوا على ذلك أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شي ء من الحروف السبعة التي نزل القرآن بها، و قد أجمع الصحابة على نقل المصاحف العثمانية من الصحف التي كتبها أبو بكر و عمر، و أجمعوا على ترك ما سوى ذلك. قال هؤلاء: و لا يجوز أن ينهى عن القراءة ببعض الأحرف السبعة، و لا أن يجمعوا على ترك شي ء من القرآن. و من الرد على هذا الاتجاه أن يقال: كيف يغفل الحكيم الأمين عثمان عن العلاج و هو يعلم علاج مثل هذا النوع من الاختلاف من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقد سبق أن وضع صلى اللّه عليه و سلم الدواء الناجع حين جمع الصحابة على سبعة أحرف لا منعهم عنها. أضف إلى هذا أن الصحابة حفظوا للتاريخ آيات نسخ رسمها و تلاوتها، و نسخت أحكامها جميعا، و حفظوا قراءات شاذة، و كذا أحاديث منسوخة، و نقلت كلها لنا، فكيف لم تسمح نفس عثمان الكريمة- رضي الله عنه- بإبقاء الستة الأحرف الباقية للتاريخ لا للقراءة؟ إن الأمر بعيد حقا. د- إن القائل بهذا القول قد ألغى بقوله هذا الرخصة و الحكمة من إنزال القرآن على سبعة أحرف، و هي أن من الأمة من لا يطيق، و هي لا تزال قائمة بل الحاجة هي أشد وضوحا بعد دخول الناس من مختلف الألسنة و الأجناس في الإسلام، و كما يقول الأستاذ عبد العزيز القاري: أ فيشق الأمر على القرشي و الهذلي و هما أبناء لغة واحدة، و لا يشق على الأعاجم؟! و أيضا فإن العجوز، و الصبي، و الجارية، و الشيخ الفاني، و الرجل الذي لم يقرأ كتابا قط، لا زالوا في الأمة، و هم في حاجة كما كانوا في حاجة. انظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري: 1/ 31- و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 157- 159- و حديث الأحرف السبعة للدكتور عبد العزيز القاري: 75- 76.

ص: 327

ص: 328

القول الثاني: أن الأحرف السبعة هي سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن.

القول الثاني: أن الأحرف السبعة هي سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن. (1)

قاله أبو عبيد القاسم بن سلام، و اختاره ابن عطية، و قال:

مال إليه كثير من أهل العلم. (2)

فالقرآن في جملته لا تخرج كلماته عن سبع لغات لسبع قبائل، و ليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه، و لكن هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن. قال الخطابي: على أن في القرآن ما قد قرئ بسبعة أوجه، و هو قوله وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ [المائدة: 60] و قوله أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ [يوسف: 12] (3).

ص: 329


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 30- و ابن عطية: 1/ 41- و القرطبي: 1/ 43- و الخازن: 1/ 12- و انظر المرشد الوجيز لأبي شامة: 91.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 41- و فضائل القرآن لأبي عبيد: 301- 328- و ذكره ابن عبد البر في التمهيد: 8/ 276- و هو مذهب الأزهري في التهذيب: (حرف): 5/ 14- و صححه البيهقي في الشعب: 2/ 545- و انظر: الأحرف السبعة و منزلة القراءات منها للعتر: 170.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 43- و لم أعثر على قول الخطابي في معالم السنن له. و هو في المرشد الوجيز لأبي شامة: 97- و البرهان للزركشي: 1/ 212- و فتح الباري لابن حجر- 9/ 23 و الإتقان للسيوطي: 1/ 138 ط أبو الفضل. و قوله تعالى عَبَدَ الطَّاغُوتَ فقد قرأ حمزة «عبد الطاغوت»، و قرأ الحسن «عبد الطاغوت»، و ابن مسعود «عبد الطاغوت»، و الشنبوذي «عبد الطاغوت» جمع عبيد، و قرأ أبيّ «و عبدوا الطاغوت»، و قرأ عبد اللّه في رواية «و عبدت الطاغوت» مبنيا للمفعول. و الباقون عَبَدَ الطَّاغُوتَ. انظر: الحجة لابن زنجلة: 231- و تفسير البحر المحيط لأبي حيان: 4/ 307- و إتحاف فضلاء البشر للبنا: 1/ 539. و قوله تعالى أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ قرأ نافع و أبو جعفر بالياء من تحت فيهما إسنادا ليوسف، و كسر عين يرتع من غير جزم «يرتع و يلعب»، و قرأ عاصم و حمزة و الكسائي و يعقوب و خلف بالياء فيهما لكن مع سكون العين «يرتع و يلعب»، و قرأ ابن عامر بالنون فيهما و سكون العين «نرتع و نلعب» مضارع رتع، و قرأ البزي بالنون فيهما و كسر العين من غير ياء «نرتع و نلعب»، و قرأ قنبل كذلك إلا أنه أثبت الياء من طريق ابن شنبوذ وصلا و وقفا، و عن ابن محيصن «يرتع» بضم الياء و كسر التاء و سكون العين، انظر: حجة القراءات لابن زنجلة: 356- و إتحاف فضلاء البشر: 2/ 142.

يقول ابن عطية: معنى قول الرسول صلى اللّه عليه و سلم «أنزل القرآن على سبعة أحرف» أي فيه عبارات سبع قبائل، بلغة جملتها نزل، فيعبر عن المعنى فيه بعبارة قريش، و مرة بعبارة هذيل، و مرة بغير ذلك، بحسب الأفصح و الأوجز في اللفظة. (1)

و اختلف أهل العلم في تعيين السبعة التي قد تكون مراده صلى اللّه عليه و سلم، فمال الأكثر إلى أن أصل ذلك و قاعدته هي قريش، فإن عثمان قال للرهط الذي كتب الصحف: ما اختلفتم أنتم و زيد فاكتبوه بلغة قريش، فإنه نزل بلغتهم.

قال الباقلاني: يريد معظمه و أكثره، و لم تقم دلالة قاطعة على أن القرآن بأسره منزل بلغة قريش فقط، إذ فيه كلمات و حروف و هي خلاف لغة قريش، و قد قال قال تعالى إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا [الزخرف: 3] و لم

ص: 330


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 44.

يقل قرشيا .... و اسم العرب يتناول جميع هذه القبائل تناولا واحدا. (1)

و قال ابن عبد البر: قول من قال: إن القرآن نزل بلغة قريش معناه عندي في الأغلب و اللّه أعلم؛ لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراءات من تحقيق الهمزات و نحوها و قريش لا تهمز. (2)

و يلي قريش بنو سعد بن بكر، و يعلل ابن عطية ذلك بقوله: لأن النبي صلى اللّه عليه و سلم قرشي، و استرضع في بني سعد، و نشأ فيهم، ثم ترعرع و عقّت تمائمه و هو يخالط في اللسان كنانة، و هذيلا و ثقيفا و خزاعة و أسدا و ضبة، و ألفافها لقربهم من مكة و تكرارهم عليها.

قال: ثم بعد هذا تميما و قيسا و من انضاف إليه من وسط جزيرة العرب.

يقول ثابت بن قاسم: لو قلنا من هذه الأحرف لقريش، و منها لكنانة، و منها لأسد، و منها لهذيل، و منها لتميم، و منها لضبة و ألفافها، و منها لقيس، لكان قد أتى على قبائل مضر في مراتب سبعة تستوفي للغات التي نزل بها القرآن. (3) لأن هذه الجملة هي التي انتهت إليها الفصاحة، و سلمت لغاتها من الدخل.

ص: 331


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 44- و نكت الانتصار للباقلاني: 385.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 44- و التمهيد لابن عبد البر: 8/ 280.
3- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 42.

و قد ذكر أبو عبيد و أبو العباس المبرد أن عرب اليمن من القبائل التي نزل القرآن بلسانها. و استبعد ابن عطية ذلك و قال: عندي إنما هو فيما استعملته عرب الحجاز من لغة اليمن. (1)

و رغم أن ابن جرير لا يرى فائدة في تعيين الألسن الستة التي نزل عليها القرآن تبعا لرأيه في الأحرف السبعة، غير أنه ذكر عن ابن عباس قوله في تعيينها أن خمسة منها لعجز هوازن، و هم سعد ابن بكر، و جشم بن بكر، و نصر بن معاوية، و ثقيف، و اثنين منها لقريش و خزاعة. و قال: هي ليست من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله. (2)

و من أدلة هذا الفريق: 1- ما حدث لابن عباس في فهم قوله تعالى فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ* [فاطر: 1]، حيث أن «فطر» معناها عند غير قريش: ابتدأ خلق الشي ء و عمله. و هي بغير لغة قريش، و لم تتجه لابن عباس حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها. قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موقع قوله تعالى فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (3).د.

ص: 332


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 43- و فضائل القرآن لأبي عبيد: 204 ط غاوجي.
2- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 66.
3- أخرجه أبو عبيد في فضائله: 206 ط غاوجي- و أورده ابن كثير في فضائل القرآن: 62 و قال: إسناده جيد.

2- ما روي عن ابن عباس أنه قال: ما كنت أدري معنى قوله رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِ [الأعراف: 89] حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك. أي: أحاكمك (1).

3- ما ورد أن عمر بن الخطاب كان لا يفهم معنى قوله تعالى أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ [النحل: 47] فوقف به فتى فقال: إن أبي يتخوفني حقي. فقال عمر: اللّه أكبر، أو يأخذهم على تخوف، أي على تنقّص لهم.

و غير ذلك من الأدلة التي تثبت أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات لسبع قبائل. (2)

و اعترض أبو بكر الباقلاني على هذا الرأي و قال: هذا باطل بدليل أن لغة عمر بن الخطاب، و أبي بن كعب، و هشام بن حكيم، و ابن مسعود، واحدة، و قراءتهم كانت مختلفة، و خرجوا فيها إلى المناكرة، فلو كان تفسير الحديث باللغات صحيحا ما اختلف المذكورون، و لأنهم اختلفوا دل ذلك على أن المقصود أمر آخر. (3)

ص: 333


1- أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: 8/ 529 و 10/ 474- و أورده السيوطي في الدر المنثور: 3/ 103 و عزاه لابن أبي شيبة، و عبد بن حميد، و ابن جرير، و ابن أبي حاتم، و ابن الأنباري في الوقف و الابتداء، و البيهقي في الأسماء و الصفات.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 44- و تفسير القرطبي: 1/ 44.
3- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 39- و نكت الانتصار للباقلاني: 119.

قال ابن عطية: و إطلاقه البطلان على القول الذي حكاه فيه نظر ...

لأن ما استعملته قريش و منهم عمر و هشام، و ما استعملته الأنصار و منهم أبيّ، و ما استعملته هذيل و منهم ابن مسعود قد يختلف، فليست لغتهم واحدة في كل شي ء، و على فرض أن جميعهم من قبيلة واحدة فإن اختلافهم حجة على من قال: إن القرآن أنزل على سبع لغات؛ لأن مناكرتهم لم تكن لأن المنكر سمع ما ليس في لغته فأنكره، و إنما كانت لأنه سمع خلاف ما أقرأه النبي صلى اللّه عليه و سلم. (1)

ص: 334


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 40. و قد رد أهل العلم على من ذهب في تفسير الأحرف السبعة بسبع لغات من لغات العرب، و من ردودهم: أ- أن القائل بهذا الرأي يعارض الهدف الذي نزل القرآن على سبعة أحرف لأجله، و هو التسهيل على الأمة، لكونه يستلزم أن كل شخص لا يمكنه أن يقرأ إلا البعض الذي نزل بلغته دون الذي نزل بلغة غيره. ب- أن هذا القول مخالف للاختلاف الذي صورته الروايات بين الصحابة في القراءة فالمقروء فيها كان واحدا كسورة الفرقان و غيرها، و الرسول صلى اللّه عليه و سلم صوب قراءة كل من المختلفين، و كلاهما قرشي، و محال أن يقرئ الرسول صلى اللّه عليه و سلم كل واحد من عمر و هشام بغير ما يعرفه من لغته. ج- أن الصحابة قد اختلفوا في تعيين اللغات و حصرها، و لو كان المراد ما قالوه لما خفي على الصحابة تعيينها، و هم قد أقرئوا تلك الأحرف و قرءوها. د- أن غالبية العرب لا تمزج لغات بعضها ببعض، يقول ابن عبد البر: و أنكروا- أي أكثر أهل العلم- على من قال إنها لغات؛ لأن العرب لا تركب لغة بعضها على بعضا. ه- أن الآثار الواردة في تعيين اللغات عن ابن عباس و غيره لا تقوم بها حجة لضعف إسنادها. و- أن ما جاء في الصحيحين عن عثمان يرد هذا القول، فقد ثبت أن عثمان- رضي الله عنه- قال لكتّاب المصحف: إذا اختلفتم أنتم و زيد بن ثابت في شي ء من القرآن فاكتبوه بلغة قريش، فإنه نزل بلسانهم. كما روي عن عمر بن الخطاب أنه قال لابن مسعود: إن القرآن أنزل بلغة قريش فأقرئ الناس بلغة قريش و لا تقرئهم بلغة هذيل [إيضاح الوقف و الابتداء لابن الأنباري: 1/ 13- و التمهيد لابن عبد البر: 8/ 278]. قال الطحاوي: إن اللسان الذي بعث به- محمد صلى اللّه عليه و سلم- هو لسان قومه و هم قريش لا ما سواه من الألسنة العربية و غيرها، و كان قومه المرادون بذلك و هم قريش لا من سواهم. و يقول عبد العزيز القاري: فهذان الأثران صحيحان في أن القرآن ليست فيه إلا لغة واحدة، لغة قريش و لسانها. انظر: مشكل الآثار للطحاوي: 4/ 185- المرشد الوجيز لأبي شامة: 102- و التمهيد لابن عبد البر: 2/ 281- و البرهان للزركشي: 1/ 220- و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 181- و حديث الأحرف السبعة للقاري: 72- 74.
القول الثالث: أن الأحرف السبعة هي سبع لغات لمضر خاصة:

ذكره القرطبي (1)، و قال: قاله قوم و احتجوا بقول عثمان: نزل القرآن بلغة مضر.

ص: 335


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 45- و الخازن: 1/ 12- و انظر التمهيد لابن عبد البر: 8/ 277.

و برغبة ابن مسعود في اختيار كتّاب المصاحف من مضر (1). و قالوا: جائز أن يكون منها لقريش و منها لكنانة و منها لأسد و منها لهذيل، و منها لتميم، و منها لضبة، و منها لقيس. و قالوا: هذه قبائل مضر تستوعب سبع لغات على هذه المراتب.

و أنكر آخرون أن تكون اللغات كلها في مضر، و قالوا: إن في قبائل مضر شواذ ينزّه القرآن عنها و لا يجوز أن يقرأ بها، مثل كشكشة قيس و تمتمة تميم، فأما كشكشة قيس فإنهم يجعلون كاف المؤنث شينا، فيقولون في جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا [مريم: 24] (جعل ربّش تحتش سريا)، و أما تمتمة تميم (2) فيقولون في الناس: النات.

و هذه لغات يرغب عن القرآن بها، و لا يحفظ عن السلف فيها شي ء. (3)

ورد القائلون فقالوا: إن إبدال الهمزة عينا، و إبدال حروف الحلق بعضها من بعض فمشهور عن الفصحاء، و قد قرأ به الجلة، و منه قراءة ابن

ص: 336


1- انظر: نكت الانتصار للباقلاني: 387- و الاستذكار لابن عبد البر: 8/ 37.
2- في التمهيد لابن عبد البر: عنعنة تميم، و مثاله فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ، قال: و بعضهم يبدل السين تاء فيقول في الناس: النات. التمهيد: 8/ 277.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 45. و يرد على هذا القول ما ورد على القول السابق، بل إن هذا أدني إلى البطلان لأنه أخص من الذي قبله كما يقول الزرقاني. انظر: مناهل العرفان: 1/ 182.

مسعود «ليسجننه عتى حين»، و يقول ذو الرمة (1):

فعيناك عيناها و جيدك جيدهاو لونك إلا عنّها غير عاطل يريد إلا أنها غير (2).

القول الرابع: أن المراد بالأحرف السبعة وجوه التغاير السبعة التي وقع فيه الاختلاف.

و هذا مذهب القاضي أبي بكر ابن الطيب الباقلاني صاحب الانتصار، و حكاه ثابت بن قاسم صاحب الدلائل عن بعض العلماء (3).

ص: 337


1- هو غيلان بن عقبة بن بهيس من بني صعب بن مالك، شاعر مجيد، حدث عن ابن عباس، و ذو الرمة لقب، و الرمة- بضم الراء و تشديد الميم- القطعة من الحبل الخلق، مات بأصبهان كهلا سنة (117 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 5/ 267- و خزانة الأدب للبغدادي: 1/ 106.
2- انظر تفسير القرطبي: 1/ 45- و التمهيد لابن عبد البر: 8/ 278. و قد أخرج ابن عبد البر بسنده عن كعب الأنصاري قال: إنه كان عند عمر بن الخطاب فقرأ رجل «من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه عتى حين» فقال عمر: من أقرأكها؟ قال: أقرأنيها ابن مسعود. فقال عمر حتى حين. و كتب إلى ابن مسعود: أما بعد: فإن اللّه أنزل القرآن بلسان قريش فإذا أتاك كتابي هذا فأقرأ الناس بلغة قريش، و لا تقرئهم بلغة هذيل، و السلام. قال ابن عبد البر: و يحتمل أن يكون هذا من عمر على سبيل الاختيار لا أن ما قرأ به ابن مسعود لا يجوز. التمهيد: 8/ 278.
3- و ما ذكره الباقلاني هو ما قاله ابن قتيبة و إلى نحوه ذهب ابن الجزري و الرازي و غيرهم، و قال ابن عبد البر- و إن لم ينتصر له-: هذا وجه حسن من وجوه معنى الحديث. ا ه، و اختاره من المتأخرين الأستاذ الزرقاني و قال: لا فرق بين آرائهم إلا اختلاف في طرق التتبع و الاستقصاء و التعبير و الأداء. انظر: نكت الانتصار للباقلاني: 114 و 120- و فنون الأفنان لابن الجوزي: 209- و التمهيد لابن عبد البر: 8/ 295- و البرهان للزركشي: 1/ 214- و النشر لابن الجزري: 1/ 27- و الإتقان للسيوطي: 1/ 146- و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 158.

قال القاضي أبو بكر: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة:

1- منها ما تتغير حركته، و لا يزول معناه و لا صورته، مثل: هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ [هود: 78] و (أطهر) (1).

2- و منها ما لا تتغير صورته و يتغير معناه بالإعراب، مثل رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا [سبأ: 19] و (باعد) (2).

3- و منها ما تبقى صورته و يتغير معناه باختلاف الحروف، مثل نُنْشِزُها [البقرة: 259] و «ننشرها» (3).10

ص: 338


1- قرأ بالنصب سعيد بن جبير و الحسن و محمد بن مروان و عيسى الثقفي و ابن أبي إسحاق. انظر: المحتسب لابن جني: 1/ 325- و مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه: 60.
2- قال الفراء: قوله رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا قراءة العوام، و تقرأ على الخبر «ربنا بعّد» و «باعد»، و على الدعاء «ربنا بعّد» و تقرأ «بعد» معاني القراء للفراء: 2/ 359- و المحتسب لابن جني: 2/ 189- و التبيان في إعراب القرآن للعكبري: 2/ 1067.
3- قرأ بالزاي المنقوطة ابن عامر و الكوفيون، و قرأ الباقون بالراء المهملة. انظر: الكشف لمكي: 1/ 310- و النشر لابن الجزري: 2/ 230- و التبيان للعكبري: 1/ 210

4- و منها ما تتغير صورته و يبقى معناه، مثل كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ [القارعة: 5] و (كالصوف المنفوش) (1).

5- و منها ما تتغير صورته و معناه، مثل وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ [الواقعة: 29] و (طلح منضود) (2).

6- و منها بالتقديم و التأخير، مثل وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ [ق: 19] و (سكرة الحق بالموت) (3).

7- و منها بالزيادة و النقصان، مثل تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً [ص:

23] (تسع و تسعون نعجة أنثى). (4) (5)

ص: 339


1- انظر: مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه: 178، و قد أخرج أبو عبيد في فضائل القرآن عن أبي عثمان الأموي قال: سمعت سعيد بن جبير يقرأ كذلك. فضائل القرآن: (ح 682- 282)، و أخرجه الطبري في تفسيره: 30/ 281.
2- القراءة بالعين هي قراءة علي بن أبي طالب، انظر: مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه: 151.
3- قرأ أبو بكر و ابن مسعود- رضي اللّه عنهما- «سكرة الحق بالموت» و تعليل ذلك أن السكرة هي الحق فأضيفت إلى نفسها لاختلاف اللفظين. قال القرطبي: و قد روي عن أبي بكر روايتان إحداهما موافقة للمصحف فعليها العمل، و الأخرى مرفوضة تجري مجرى النسيان منه إن كان قالها، أو الغلط من بعض من نقل الحديث. تفسير القرطبي: 17/ 12، و انظر زاد المسير لابن الجوزي: 8/ 12.
4- و هذه القراءة منسوبة إلى ابن مسعود. انظر: مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه: 130- و قد ذكر ابن عبد البر أن الحجاج كان يعاقب على قراءة ابن مسعود هذه و يقول: كان ابن مسعود يرى أن النعجة تكون ذكرا. التمهيد: 8/ 298.
5- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 36- و تفسير القرطبي: 1/ 45. و قد رد العلماء على القائلين بهذا الرأي من عدة أوجه: أ- أنه يلزم حصر هذه الأنواع و تعيينها، و القائلون به مختلفون في ذلك. ب- أن الحكمة من إنزال القرآن على سبعة هي رفع المشقة عن طوائف من الأمة يشق عليها التعليم، و يعسر عليها التحول عما ألفته ألسنتها، و العرب على وجه الخصوص لم يكونوا يحسنون الكتابة و لا القراءة، و هذه الأنواع التي ذكروها معظمها متعلق بطريقة الخط و اختلاف صورة الكلمة في الكتابة كما أن جميعها لا يتسنى إدراكها و استنباطها إلا بعد بحث و تعمق و استقراء من البارعين في القراءة و الكتابة، و هو أمر بعيد عن الذين نزلت الأحرف السبعة لرفع المشقة عنهم من الأميين و غيرهم. ج- أن القائلين بهذا الرأي لم يذكروا ضمن الأنواع السبعة اختلاف اللّهجات- عدا الرازي- من التفخيم و الترقيق و الفتح و الإمالة و الإظهار و الإدغام و غيرها، و معظم أوجه الاختلاف هي من هذا النوع. د- أصحاب هذا المذهب يرون أن المصاحف العثمانية اشتملت على جميع الأحرف السبعة، غير أن مما جاء في الأوجه السبعة عندهم ما لا يشتمل عليه المصحف العثماني مثل التقديم و التأخير، و الزيادة و النقصان. ه- قال عبد الرحمن الرازي: لو كان ما ذكره ابن قتيبة ترتيبا لكان بعض ذلك منفيا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و هو ما ذكره مما يتعلق بالكتابة. ا ه؛ لكونه صلى اللّه عليه و سلم كان أميا لا يقرأ و لا يكتب. انظر: معنى قول النبي صلى اللّه عليه و سلم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف للرازي»: 34، نقلا عن الأحرف السبعة للعتر: 158- و نزول القرآن على سبعة أحرف لمناع القطان: 81- 88- حديث الأحرف السبعة للقاري: 78.

ص: 340

القول الخامس: أن المراد بالأحرف السبعة معاني كتاب اللّه تعالى

و هي:

أمر، و نهي، و وعد، و وعيد، و قصص، و مجادلة، و أمثال. (1)

و استدل القائلون بهذا الرأي بما روي عن ابن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف، نهي و أمر، و حلال و حرام، و محكم و متشابه، و أمثال، فأحلّوا حلاله، و حرّموا حرامه، و ائتمروا بأوامره، و انتهوا بنواهيه، و اعتبروا بمحكمه، و آمنوا بمتشابهه. (2)

ص: 341


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 29- و ابن عطية: 1/ 35- و القرطبي: 1/ 46- و الخازن: 1/ 12.
2- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 68- و أورده ابن عطية في تفسيره: 1/ 37- و انظر: مقدمتان في علوم القرآن، مقدمة كتاب المباني: 208- و أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار: 4/ 184- و ابن حبان في صحيحه، انظر موارد الظمآن: 441- و الحاكم في المستدرك و قال: حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه. و أقره الذهبي في التلخيص.- و أبو عمرو الداني في الأحرف السبعة: 57- و أبو عبيد في فضائل القرآن: (ح 79- 31) - قال ابن عبد البر: هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، و أبو سلمة لم يلق ابن مسعود، و أبو سلمة ليس ممن يحتج به، و هذا الحديث مجمع على ضعفه من جهة إسناده، و قد رده قوم من أهل النظر منهم أحمد بن أبي عمران فيما سمعه الطحاوي منه. انظر: التمهيد: 8/ 275- و المرشد الوجيز لأبي شامة: 137- و البرهان للزركشي: 1/ 216. و قال الحافظ ابن حجر: و قد صحح الحديث المذكور ابن حبان و الحاكم و في تصحيحه نظر؛ لانقطاعه بين أبي سلمة و ابن مسعود. قال: و أخرجه البيهقي من وجه آخر عن الزهري عن أبي سلمة مرسلا، و قال: و هذا مرسل جيد. الفتح: 9/ 29.

و قد اعترض أهل العلم على هذا الرأي، فقال الباقلاني: هذا تفسير منه صلى اللّه عليه و سلم للأحرف السبعة، و لكن ليست هذه التي أجاز لهم القراءة بها على اختلافها، و إنما الحرف في هذه بمعنى الجهة و الطريقة، و منه قوله تعالى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ [الحج: 11] أي على وجه و طريقة هي ريب و شك، فكذلك معنى هذا الحديث على سبع طرائق من تحليل و تحريم و غير ذلك. (1)

كما رد ابن جرير الطبري هذا الرأي من وجوه:

فبين أولا أن الروايات الثابتة عن عمر و ابن مسعود و أبي بن كعب تثبت أنهم تماروا في القرآن، فخالف بعضهم بعضا في نفس التلاوة دون المعاني، و لهذا حين تحاكموا إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم و استقرأ كل رجل منهم، ثم صوّب جميعهم في قراءتهم على اختلافها، و معلوم أن تماريهم كان في التلاوة، إذ لو كان ذلك الاختلاف فيما دلت عليه تلاوتهم من التحليل و التحريم و الوعد و الوعيد، و ما أشبه ذلك، لكان مستحيلا أن يصوب جميعهم؛ لكون ذلك يؤدي إلى اختلاف المعاني و قد قال تعالى: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء: 82].

ص: 342


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 37- و انظر: نكت الانتصار للباقلاني: 114.

ثم إن أمر الرسول صلى اللّه عليه و سلم لجميعهم بالثبوت على قراءته، و الرضى بقراءته و تصويبها، يدل على فساد هذا الرأي، إذ لو كان الاختلاف في المعاني واردا، لكان ذلك إثباتا لما قد نفى اللّه عن كتابه من الاختلاف، و نفيا لما قد أوجب له من الائتلاف.

و يدل على فساد هذا الرأي أيضا قول ابن مسعود رضي الله عنه فيما أخرجه ابن جرير بسنده عن أبي إسحاق و عبد الرحمن بن عابس، عن رجل من أصحاب ابن مسعود يقول: من قرأ منكم على حرف فلا يتحولن منه إلى غيره. (1)

فابن مسعود لم يعن بقوله أن من قرأ ما في القرآن من الأمر و النهي فلا يتحولن منه إلى قراءة ما فيه من الوعد و الوعيد، و من قرأ ما فيه من الوعد و الوعيد فلا يتحولن منه إلى ما فيه من القصص و المثل، و إنما عنى بالحرف القراءة، فالعرب تقول لقراءة رجل: حرف فلان.

و يدل على فساده ما أخرجه ابن جرير بسنده عن مجاهد أنه كان يقرأ القرآن على خمسة أحرف (2).

و عن سالم: أن سعيد بن جبير كان يقرأ القرآن على حرفين (3).

ص: 343


1- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 51.
2- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 48.
3- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 48.

و عن مغيرة قال: كان يزيد بن الوليد يقرأ القرآن على ثلاثة حروف.

يقول ابن جرير: أ فترى الزاعم أن تأويل قول النبي صلى اللّه عليه و سلم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف». إنما هو أنه أنزل على الأوجه السبعة التي ذكرنا من الأمر و النهي ....، كان يرى أن مجاهدا و سعيد بن جبير لم يقرءا من القرآن إلا ما كان من وجهيه أو وجوهه الخمسة دون سائر معانيه؟ لئن كان ظنّ ذلك بهما، لقد ظن بهما غير الذي يعرفان به من منازلهما من القرآن، و معرفتهما بآي الفرقان. (1)

و ضعف ابن عطية هذا الرأي، و قال: إن هذه لا تسمى أحرفا، ثم إن الإجماع وقع على أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال، و لا تحليل حرام و لا في تغيير شي ء من المعاني المذكورة. (2)

و قال الخازن: هذا خطأ محض لأنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم أشار إلى جواز القراءة بكل واحد من الحروف، و إبدال حرف بحرف و قد تقرر إجماع المسلمين أنه يحرم إبدال آية أمثال بآية أحكام. (3)

ص: 344


1- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 48- 53.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 35- و تفسير القرطبي: 1/ 46.
3- انظر: تفسير الخازن: 1/ 12. قلت: و إضافة إلى الردود السابقة يقال: أ- إن القائل بهذا ظن أن الأنواع المذكورة في الحديث تفسير للأحرف، و الأمر خلاف ذلك، فالنبي صلى اللّه عليه و سلم بعد أن أخبر بخبر الأبواب و الأحرف، استطرد زيادة في الفائدة فذكر أمرا ثالثا لا علاقة له بهما، و هو ما تدور حوله معاني القرآن من مقاصد، و لهذا نصب على الحالية، و التقدير: نزل القرآن حال كونه زاجرا. ب- أن ما ثبت في روايات نزول الأحرف تثبت أن الاختلاف كان في الألفاظ، و أن الأحرف وجوه يقرأ بها، و لهذا قال صلى اللّه عليه و سلم: «فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ». و إلا فكيف يفسر القائل بهذا الرأي قوله صلى اللّه عليه و سلم: «أقرأني جبريل على حرف واحد»؟ ج- أن ما قاله راوي حديث الأحرف السبعة عن عمر و ابن عباس و هو الزهري يدل على فساد هذا الرأي فقد قال: بلغني أن تلك الأحرف السبعة إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال و حرام. د- أن التوسعة التي هي مراد الشارع لا يتحقق وفق هذا القول. ه- أن الآثار التي وردت فيها لم تثبت عند أهل العلم. و- أن هذا القول يردّ بمثل ما أورده الطحاوي عن أحمد بن أبي عمران حيث قال: من قال في تأويل السبعة أحرف هذا القول فتأويله فاسد، فمحال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه، لأنه لا يحتمل أن يقرأ القرآن على أنه حرام كله، و لا على أنه حلال كله ... ز- هذا القول يؤدي إلى القول بأن الصحابة كانوا يأخذون بعض الكتاب و يدعون بعضه، ففي حديث ابن مسعود: من قرأ منكم على حرف فلا يتحولن .. كما سبق. و ليس معقولا أن يأمر النبي صلى اللّه عليه و سلم أصحابه بتعلم القرآن على أنه أمر فقط، و يأمر آخرين على أنه حلال و حرام فقط. انظر: مشكل الآثار للطحاوي: 4/ 184- و مقدمة كتاب المباني: 210- و التمهيد لابن عبد البر: 8/ 236- و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 183- و حديث الأحرف السبعة للقاري: 70- و الأحرف السبعة للعتر: 141.

ص: 345

القول السادس: أن المراد خواتيم الآي، فيجعل مكان غفور رحيم:

سميع عليم. (1)

لما رواه أبي بن كعب عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: يا أبيّ، إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين، ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: غفور رحيم، سميع عليم، أو عليم حكيم، ما لم تختم عذابا برحمة، أو رحمة بعذاب». (2)

قال ابن عطية: و قد أسند ثابت بن قاسم نحو هذا عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، و ذكر من كلام ابن مسعود نحوه. (3)

و علق القاضي الباقلاني على الحديث فقال: و هذه أيضا سبعة غير السبعة التي هي وجوه و طرائق، و غير السبعة التي هي قراءات، و وسّع فيها، و إنما هي سبعة أوجه من أسماء اللّه تعالى، إذا ثبتت هذه الرواية حمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخ، فلا يجوز للناس أن يبدلوا أسماء اللّه في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالفه. (4)

و قال الخازن: هذا رأي فاسد و خطأ للإجماع على أنه لا يجوز تغيير

ص: 346


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 13.
2- أخرجه أبو داود في سننه، كتاب: الصلاة، باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف: 2/ 76.
3- تفسير ابن عطية: 1/ 38.
4- تفسير ابن عطية: 1/ 38- و نكت الانتصار للباقلاني: 116.

نظم القرآن. (1)

القول السابع: أن المراد بالأحرف السبعة التوسعة و التسهيل، و لم يقصد به الحصر.

القول السابع: أن المراد بالأحرف السبعة التوسعة و التسهيل، و لم يقصد به الحصر. (2)

ص: 347


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 13. و يرد على هذا بما ردّ به القول السابق، و يقال: نقل النووي الإجماع على منع تغيير كلمة من القرآن، و وجه ابن عبد البر الحديث بأن المراد منه ضرب المثل للحروف التي نزل عليها القرآن، أنها معان متفق مفهومها مختلف مسموعها، لا تكون في شي ء منها معنى و ضده ... و يضيف الزرقاني إلى الرد وجهة أخرى فيقول: روي أن البراء بن عازب عرض على الرسول صلى اللّه عليه و سلم دعاء علّمه النبي صلى اللّه عليه و سلم و منه هذه الكلمات «.. و نبيك الذي أرسلت» فقال البراء: و رسولك الذي أرسلت. فلم يوافقه النبي صلى اللّه عليه و سلم على ذلك و قال له: لا، و نبيك الذي أرسلت. فالرسول صلى اللّه عليه و سلم رد هذا في كلامه و لم يقبله، فكيف يقبله في كتاب اللّه و يجيزه، و اللّه يقول مخبرا عن نبيه ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي [يونس: علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير ج 2 347 القول السابع: أن المراد بالأحرف السبعة التوسعة و التسهيل، و لم يقصد به الحصر. ..... ص : 347 15]! انظر: المنهاج للنووي: 6/ 102- و التمهيد لابن عبد البر: 8/ 283- و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 189- و الأحرف السبعة للعتر: 136.
2- انظر: تفسير الخازن: 1/ 12- و انظر: المرشد الوجيز لأبي شامة: 97- و مصاعد النظر للبقاعي: 1/ 388- و البرهان للزركشي: 1/ 212 و فتح الباري لابن حجر: 9/ 23. و ينسب هذا الرأي للقاضي عياض، و قال به من المتأخرين جمال الدين القاسمي، و الأديب مصطفى صادق الرافعي، انظر: الإتقان للسيوطي: 1/ 145- و محاسن التأويل للقاسمي: 1/ 287- و إعجاز القرآن للرافعي: 130.

رد الخازن هذا القول و قال: قال الأكثرون: هو حصر العدد في سبعة أحرف. (1)

ص: 348


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 12. و القائلون بهذا الرأي يرون أن لفظ السبعة في الحديث ليس مرادا بها حقيقة العدد، و إنما هي كناية عن الكثرة في الآحاد، و يرمز للكمال في نظر العرب. و جاءت الشبهة للقائلين به- كما يقول د/ عبد العزيز القاري- مما فهموه من ظاهر الآثار الواردة التي تبين أن لهم أن يبدلوا ألفاظ القرآن الكريم، مثل قوله صلى اللّه عليه و سلم: ... عليما حكيما، غفورا رحيما، ما لم تختموا ذكر رحمة بعذاب، أو عذاب برحمة. و مثل الموقوف على ابن مسعود: فإنما هو كقول أحدكم: هلمّ و تعال و أقبل .. و قد ردّ هذا الفهم من عدة جهات، و من ذلك: أ- أن قوله صلى اللّه عليه و سلم في الحديث: «فلم أزل أستزيده و يزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف». هذه الاستزادة المتتابعة العدد، و التدرج فيه إلى السبعة تقطع أن المراد حقيقة العدد سبعة. ب- أن غاية ما تفيد الآثار التي استشهدوا بها، التمثيل لنوع التغاير و الاختلاف. ج- أنه يعارض النصوص الثابتة و منها قول علي- رضي الله عنه- بأمر النبي صلى اللّه عليه و سلم: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يأمركم أن تقرءوا كما علّمتم. فالقراءة لا تجوز إلا بما ثبت نقله و سماعه من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و لهذا لم ينقل في اختلاف الصحابة و إنكار بعضهم على بعض أن أحدا منهم قرأ من عند نفسه شيئا، بل كان كل واحد يصرح بالسماع من الرسول على النحو الذي قرأ به. د- أن القول بعدم إرادة العدد يؤدي إلى القول بجواز القراءة على المعنى لمن شاء، و هو أمر باطل. و على ذلك يتبين أن القراءة مقيدة بالسماع من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و أن دعوى أن حقيقة العدد غير مرادة دعوى باطلة. انظر: مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 149- و نزول القرآن على سبعة أحرف لمناع القطان: 88- و حديث الأحرف السبعة للقاري: 67- و الأحرف السبعة للعتر: 129.
القول الثامن: أن المراد بالأحرف السبعة سبع قراءات.

و هو اختيار الخازن (1).

قال: و هو الصحيح الموافق للحديث، لأن هذه السبعة ظهرت و استفاضت عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و ضبطها عنه الصحابة، و أثبتها عثمان و الجماعة في المصاحف، و أخبروا بصحتها، و حذفوا منها ما لم يثبت متواترا، و أن هذه الأحرف تختلف معانيها تارة، و ألفاظها أخرى، و ليست متضادة و لا متباينة. (2)

و نقل ابن عطية فيما حكاه عن القاضي أبي بكر الباقلاني أنه قال:

و زعم قوم أن كل كلمة تختلف القراءة فيها فإنها على سبعة أوجه، و إلا بطل معنى الحديث، قالوا: و تعرف بعض الوجوه بمجي ء الخبر به، و لا يعرف بعضها إذا لم يأت به خبر.

قال الباقلاني: و قال قوم: ظاهر الحديث يوجب أن يوجد في القرآن

ص: 349


1- انظر: تفسير الخازن: 1/ 12- و به قال الخليل بن أحمد. انظر: التمهيد لابن عبد البر: 8/ 274- و البرهان للزركشي: 1/ 214- و الإتقان للسيوطي: 1/ 146- و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 173.
2- انظر: تفسير الخازن: 1/ 12.

كلمة أو كلمتان تقرءان على سبعة أوجه، فإذا حصل ذلك تم معنى الحديث. (1)

و قد رد ابن جرير هذا الرأي و لم يرتضه و قال: إن اختلاف القراءة في رفع حرف و جره و نصبه، و تسكين حرف و تحريكه، و نقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي صلى اللّه عليه و سلم: «أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف». بمعزل؛ لأنه لا حرف من حروف القرآن مما اختلف القراء فيه بهذا المعنى يوجب المراء به كفر المماري به في قول أحد من علماء الأمة، و قد أوجب صلى اللّه عليه و سلم بالمراء فيه الكفر، من الوجه الذي تنازع فيه المتنازعون إليه، و تظاهرت عنه بذلك الرواية. (2)

و ذكر القرطبي أن بعضهم قال: إن المراد بالأحرف السبعة: القراءات السبع التي قرأ بها القراء السبعة؛ لأنها كلها صحت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.

ثم قال: و هذا ليس بشي ء لظهور بطلانه.

قال: قال كثير من علمائنا كالداودي (3) و ابن أبي صفرة و غيرهما:

ص: 350


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 38- و نكت الانتصار للباقلاني: 118.
2- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 65.
3- هو عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوديّ البوشنجي، إمام حافظ مسند شاعر، محاسنه جمة، قال ابن المجار: كان من الأئمة الكبار في المذهب، توفي (467 ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 18/ 222- و البداية و النهاية لابن كثير: 12/ 112.

هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها؛ و إنما هي راجعة إلى حرف واحد من تلك السبعة، و هو الذي جمع عليه عثمان المصحف.

و القراءات المشهورة هي اختيارات أولئك الأئمة القراء، و ذلك أن كل واحد منهم اختار فيما روى و علم وجهه من القراءات ما هو الأحسن عنده و الأولى، فالتزمه طريقة و رواه و أقرأ به و اشتهر عنه، و عرف به و نسب إليه، فقيل: حرف نافع، و حرف ابن كثير، و لم يمنع واحد منهم اختيار الآخر و لا أنكره بل سوّغه و جوزه (1).

ص: 351


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 46. قلت: و يظهر لي أن الأمر قد اختلط على بعض أهل العلم فظنوا أن القائل بأن الأحرف السبعة هي سبع قراءات يعني بقوله هذا قراءات القراء السبعة المشهورين الذين جمعهم الإمام ابن مجاهد في كتابه السبعة، و لهذا شددوا النكير على القائل به، فقال أبو شامة: و ظن جماعة ممن لا خبرة له بأصول هذا العلم أن قراءة هؤلاء الأئمة السبعة هي التي عبر عنها النبي صلى اللّه عليه و سلم بقوله: «نزل القرآن على سبعة أحرف». و زاد ابن الجزري فقال: بلغنا عن بعض من لا علم له أن الأحرف السبعة التي أشار إليها النبي صلى اللّه عليه و سلم هي قراءة هؤلاء السبعة. و قال المهدوي: لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له، و أشكل على العامة بإيهامه كل من قلّ نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر. و هكذا يتبين لنا أن هذا الظن خطر للعامة و ليس لأهل العلم المحققين، فما كان ينبغي أن يولى هذا الاهتمام لأمر عارض و يترك أصل الموضوع دون اهتمام، كما أن المرء ليستغرب من مثل الزرقاني- رحمه اللّه- و هو من هو في علمه و نظره الثاقب في علوم القرآن أن يأخذ الرد على مثل هذا القول منه هذا الاهتمام العظيم. إنني لم أقف خلال البحث على قول لأحد من أهل العلم فسر الأحرف السبعة بقراءات القراء السبعة المشهورين، إذ معلوم لدى الجميع تأخر القراء السبعة، و تقدم نزول حديث الأحرف السبعة، و قد نقل الزركشي و السيوطي هذا القول غير أنهما ذكرا بأن من جملة ما قيل أنها سبع قراءات. و نسبه الزركشي للخليل بن أحمد، كما ذكر ذلك غيره، و هو حق، فمن أين جاءت القراءات السبع؟ و لبعد هذا الرأي و جنوحه شدد أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم القول على من نسب إلى ابن مجاهد أنه فسر الأحرف السبعة بقراءة الأئمة السبعة. و قال: إن من نسب ذلك إليه قال على الرجل إفكا و احتقب عارا. و إن كنت أرى أن ابن مجاهد حين اختار من القراء سبعة أن اختياره كان تيمنا و تفاؤلا في إصابة الأحرف السبعة التي نزل القرآن عليها، تماما مثل أولئك الذين اجتهدوا في تحديد أسماء اللّه الحسنى فذكروا تسعة و تسعين اسما راجين أن تكون هي الأسماء التي جاءت في الحديث: «إن للّه تسعة و تسعين اسما من أحصاها دخل الجنة». إذا فرق بين القولين. و لعل هذا الاختلاط كان السبب الذي جعل الأستاذ عبد العزيز القاري يعرض عن تسمية اختياره في الأحرف بسبع قراءات، و أن يطلق عليها عبارة أبعد عن الشبهة و الاشتباه، فصاغ لذلك عبارة محكمة، دفع بها ما قد يعترض على القائل بأنها سبع قراءات، فقال يحفظه اللّه: الأحرف السبعة هي: «وجوه متعددة متغايرة منزلة من وجوه القراءة، يمكنك أن تقرأ بأي منها فتكون قد قرأت قرآنا منزلا، و العدد هنا مراد، بمعنى أنّ أقصى حد يمكن أن تبلغه الوجوه القرآنية المنزلة هو سبعة أوجه، و ذلك في الكلمة القرآنية الواحدة، ضمن نوع واحد من أنواع الاختلاف و التغاير، و لا يلزم أن تبلغ هذا الحد في كل موضع من القرآن». و هكذا كان لعرضه هذا الرأي بهذه الصورة القبول في أوساط أهل العلم كما علمت، و إن كان الدكتور القاري مسبوقا في اختياره- فهو كما ذكر لم يأت بالجديد- غير أنه صاغ الاختيار صياغة جديدة، فجمع أطراف المسألة المبعثرة، و ممن سبقه إلى هذا الخليل بن أحمد و اختاره الخازن كما سبق، و عبر الحافظ ابن حجر بعبارة قريبة من عبارته حين قال: باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، أي على سبعة أوجه يجوز أن يقرأ بكل منها، و ليس المراد كل كلمة و لا جملة منه تقرأ على سبعة أوجه، بل المراد غاية ما انتهى إليه عدد القراءات في الكلمة الواحدة إلى سبعة. و هو الذي يفهم من عبارات بعض العلماء الذين اعتبروا القراءات السبع المشهورة جزءا من الأحرف السبعة، و أكتفي بذكر قول أبي العباس المهدوي في هذا: فقد نقل عنه أنه قال: أجمع الحذاق من أهل النظر في معنى ذلك أن ما نحن عليه في وقتنا هذا من هذه القراءات هو بعض الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن. و سواء كان جزءا منها أو أنها كلها، فتفسير الحرف بالقراءة وارد في كلامهم، و تفسيره بالوجه وارد، فلم لا تكون القراءات التي يقرأ بها هي الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن؟ إننا إذا فسرنا الأحرف بذلك نكون قد تجنبنا التكلف في القول الذي ظهر على الأقوال الأخرى، و نكون قد اجتنبنا الوقوع في المحظور الذي ورد على الأقوال الأخرى من القائلين بزوال الأحرف على يد الصحابة، و ما يترتب على هذا من المحظور. فما رآه المهدوي و الحافظ ابن حجر و الخازن و الدكتور القاري هو الذي أميل إليه في هذه المسألة الهامة، و هو الذي يميل إليه أستاذي الدكتور/ محمد بن عبد الرحمن الشائع، و يراه أستاذي الدكتور/ علي بن سليمان العبيد، و لإثبات ذلك أقتبس من تعليل الأستاذ القاري بعضا من أقواله و ما ذكره من احترازات للتعريف، إذ بها يتضح الأمر و ينجلي. و قبل ذلك يحسن إيراد جملة من المؤيدات لهذا الرأي إضافة إلى ما سبق من الردود على الأقوال الأخرى: أ- أن الحرف فسر في اللغة بالقراءة و بالوجه، فقيل: حرف فلان، أي قراءة فلان، قالابن سيده: الحرف القراءة التي تقرأ على أوجه. ب- أن اختلاف الصحابة كان في اللفظ دون المعنى. ج- أن التخفيف و التسهيل الذي هو مراد الشرع من الإنزال يتحقق في هذا الوجه دون غيره. د- أن القول بأنها سبع قراءات تظهر معجزة قوله تعالى إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ فالقراءات من دون بقية الأقوال محفوظة على مرور السنين، تكفّل اللّه بحفظها. ه- أن أسانيد القراءات القرآنية الصحيحة ثابتة إلى الصحابة ثم إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فكل قراءة سمعها صحابي أو أكثر من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و كذا الأحرف السبعة كما هي في الأحاديث الثابتة، و لهذا كان تفسيرها بالقراءات من ألزم الأمور و أوضحها. و- أن جمع عثمان كما يقول القرطبي كان للقراءات المشهورة يقول في ذلك: ... و كان هذا من عثمان- أي حرق المصاحف- بعد أن جمع المهاجرين و الأنصار و جلة أهل الإسلام، و شاورهم في ذلك؛ فاتفقوا على جمعه بما صح و ثبت في القراءات المشهورة عن النبي صلى الله عليه و سلم و إطراح ما سواها. ز- صحيح أن الموجود بين أيدينا عشرات القراءات الصحيحة، غير أن أقصى ما تبلغه القراءة في الكلمة القرآنية الواحدة هي سبع قراءات و لا تتجاوز ذلك. أما تفسير الرأي المختار: قوله: (هي وجوه متعددة متغايرة منزلة من وجوه القراءة): هذا ترجيح لأحد المعاني التي تحتملها لفظة الحرف، و هي موصوفة بأربع صفات: فهي (متعددة) قد تصل إلى سبعة، و هي (متغايرة) سواء في اللفظ أو في اللفظ و المعنى، و هي (منزلة) تلقاها الرسول صلى اللّه عليه و سلم من جبريل عن اللّه، و أقرأها أصحابه كما هي، و في هذا القيد ردّ على من زعم أن الرخصة تتضمن إباحة التصرف في ألفاظ القرآن. و هي (من وجوه القراءة) لكون اجتماع كافة ألفاظ الأحاديث على هذه اللفظة: أقرأني جبريل .. إن اللّه يأمرك أن تقرئ أمتك ... فبأي حرف قرءوا ... سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف لم يقرئنيها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم .. فقرأ قراءة أنكرتها عليه ... إلخ من الألفاظ الصريحة في تعلق الاختلاف بالقراءة. و قوله: (يمكنك أن تقرأ بأي منها فتكون قد قرأت قرآنا منزلا) فكل وجه منها قرآن كما في الحديث: فأيما حرف قرءوا فقد أصابوا. فهي كلها في منزلة واحدة؛ و لهذا حرص عثمان على كتابتها جميعها برسم واحد في المصاحف. و قوله: (و العدد هنا مراد) و هو سبعة كما في ألفاظ الحديث. و قوله: (بمعنى أن أقصى حد يمكن أن تبلغه الوجوه القرآنية المنزلة هو سبعة أوجه ..) و هو ما قاله جمهور العلماء عدا ابن جرير و القاضي عياض. و غالب القرآن قرأ على وجه واحد، و فيه ما قرئ إلى سبعة أوجه. انظر: المرشد الوجيز لأبي شامة: 140- 142- 146- و تفسير القرطبي: 1/ 52- و النشر في القراءات العشر لابن الجزري: 1/ 33- و مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 191- 192- و حديث الأحرف السبعة للدكتور/ عبد العزيز القاري: 88- 110.

ص: 352

ص: 353

ص: 354

ص: 355

الموضوع الخامس عشر الظهر و البطن و الحد و المطلع

يعد هذا الموضوع تتمة للموضوع السابق (الأحرف السبعة)، و لذا تعرض له المفسرون في مقدماتهم عند حديثهم عن الأحرف السبعة، و قد ذكره ابن جرير الطبري (1)، ثم الماوردي (2)، فالبغوي (3)، فالخازن تبعا لأصله (4).

و قد أخرج ابن جرير بسنده من طريقين عن ابن مسعود أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل حرف منها ظهر و بطن، و لكل حرف حدّ، و لكل حد مطلع (5). (6)

ص: 356


1- انظر: تفسيره: 1/ 22.
2- انظر: تفسيره: 1/ 40.
3- انظر: تفسيره: 1/ 46.
4- انظر: تفسيره: 1/ 13- و قد بحث السيوطي هذا الموضوع في الإتقان: 4/ 195 و ابن عقيلة في الزيادة و الإحسان: 2/ 559 تحقيقي.
5- مطّلع، و يجوز ( (مطلع))، بوزن مصعد و معناه. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير «طلع»: 3/ 132.
6- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 22، قال أحمد شاكر: هما حديث واحد بإسنادين ضعيفين، أما أحدهما فلانقطاعه بجهالة راوية «عمن ذكره عن أبي الأحوص»، و أما الآخر فمن أجل إبراهيم الهجري. قال: و بهذا اللفظ ذكره الحافظ السيوطي في الجامع الصغير: 2727 و نسبه للطبراني في المعجم الكبير، و رمز له بعلامة الحسن. قال شاكر: أما أوله «أنزل القرآن على سبعة أحرف» فإنه صحيح ثابت. قلت: إبراهيم الهجري ضعيف، ضعفه ابن معين و النسائي، و قال أبو حاتم: ليس بالقوي. انظر: الجرح و التعديل لابن أبي حاتم: 2/ 131- و تهذيب الكمال للمزي: 2/ 203- و الضعفاء و المتروكين للنسائي: 40- و تهذيب التهذيب لابن حجر: 1/ 164. و رواه ابن حبان في صحيحه رقم (74) من طريق آخر بلفظ: «أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر و بطن».- و انظر موارد الظمآن: 441 قال شعيب الأرناءوط: إسناده قوي. انظر: شرح السنة للبغوي: 1/ 263 حاشية (1). و رواه أبو عبيد في فضائل القرآن: (ح 83- 37)- و في غريب الحديث: 2/ 120- و الطحاوي في مشكل الآثار: 4/ 182- و أورده البقاعي في مصاعد النظر: 1/ 372- و الهيثمي في المجمع: 7/ 152 و عزاه للبزار و أبي يعلى في الكبير و الطبراني في الأوسط و رجال أحدهما ثقات.

و أخرجه البغوي بسنده عن ابن مسعود، و أورده الخازن بسند البغوي. (1)

و روي عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: ما نزل من القرآن من آية إلا لها ظهرض.

ص: 357


1- تفسير البغوي: 1/ 46- و الخازن: 1/ 13، و في سند البغوي أبو الهذيل بن غالب بن الهذيل الأودي، قال عنه ابن حجر في التقريب: 2/ 104: رمي بالرفض.

و بطن، و لكلّ حرف حدّ، و لكل حد مطلع. (1)

و قد اختلف العلماء في تفسير مفردات الأثر.

فقوله: «إن لكل حرف منه حدا»:

قال الطبري: لكل وجه من أوجهه السبعة حدّ حدّه اللّه جل ثناؤه، لا يجوز لأحد أن يتجاوزه (2).

و ذكر الماوردي تأويلان آخران للحد:

فقيل: معناه أن لكل لفظ منتهى فيما أراده اللّه تعالى من عباده.

و قيل: إن لكل حكم مقدارا من الثواب و العقاب. (3)

قال البغوي: أراد أن له حدّا في التلاوة و التفسير لا يجاوزه، ففي التلاوة لا يجاوز المصحف- الذي هو الإمام- و في التفسير لا يجاوز المسموع. (4)

ص: 358


1- أورده الماوردي في تفسيره: 1/ 40- و أخرجه البغوي عن الحسن يرفعه إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم. شرح السنة: 1/ 262- و هو في مشكاة المصابيح للخطيب: 1/ 80 من حديث ابن مسعود مرفوعا. و أورده الهيثمي في المجمع: 7/ 153، و عزاه للطبراني.
2- انظر: تفسير الطبري: 1/ 82.
3- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 41.
4- انظر: تفسير البغوي: 1/ 47- و الخازن: 1/ 13- و ما بين المعقوفتين من شرح السنة للبغوي: 1/ 264.

و قوله: «و إن لكل حرف منها ظهرا و بطنا»

قال الطبري: ظهره: الظاهر من التلاوة، و بطنه: ما بطن من تأويله (1).

و ذكر الماوردي أن العلماء اختلفوا في معنى الظهر و البطن على أربعة تأويلات:

فقيل: معناه أنك إذا فتشت عن باطنها و قسته على ظاهرها وقفت على معناها. و هذا قول الحسن (2).

و قيل: يعني القصص، ظاهرها الإخبار بهلاك الأولين، و باطنها عظة للآخرين. و هذا قول أبي عبيد (3).

و قيل: يعني ما من آية إلا و قد عمل بها قوم، و لها قوم سيعملون بها.

و هذا قول ابن مسعود (4).

و قيل: ظاهرها لفظها، و باطنها تأويلها. و هذا قول الجاحظ (5). و هو

ص: 359


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 72.
2- انظر: شرح السنة للبغوي: 1/ 263.
3- انظر: تفسير البغوي: 1/ 46- و الخازن: 1/ 13- و شرح السنة للبغوي: 1/ 263.
4- أخرجه أبو عبيد عنه في فضائل القرآن: (ح 84- 38)- و أورده البغوي في شرح السنة: 1/ 263 و قال: هذا حديث مرسل. و انظر: مصاعد النظر للبقاعي: 1/ 374.
5- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 41- و البغوي: 1/ 46- و الخازن: 1/ 13.

قريب مما قاله الطبري. قال تعالى: وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 4] فهذا هو الظاهر، و كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ [ص: 29] هذا هو الباطن.

قال البغوي: و التلاوة تكون بالتعلم و الحفظ بالدرس، و التفهم يكون بصدق النية و تعظيم الحرمة، و طيب المطعم (1).

و قوله: «و إن لكل حد من ذلك مطلعا»

قال الطبري: يعني إن لكل حد من حدود اللّه التي حدها فيه- من حلال و حرام و سائر شرائعه- مقدارا من ثواب اللّه و عقابه، يعاينه في الآخرة، و يطلع عليه و يلاقيه في القيامة، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: و لو أن لي ما في الأرض من صفراء و بيضاء لافتديت به من هول المطلع. يعني بذلت ما يطلع عليه و يهجم عليه من أمر اللّه بعد وفاته. (2)

و أضاف الماوردي فقال: و قيل: معناه أن لكل غامض من الأحكام مطلعا يوصل منه إلى معرفته، و يوقف منه على المراد منه (3).

ص: 360


1- انظر: تفسير البغوي: 1/ 46- و الخازن: 1/ 133- و شرح السنة للبغوي: 1/ 264.
2- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 72- و أورده الماوردي: 1/ 42- و انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (طلع): 3/ 132- و نهاية البيان لابن المعافى، مخطوط:(و 3 ب)- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 2/ 562 تحقيقي.
3- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 42.

و قال البغوي: أي مصعد يصعد إليه من معرفة علمه. قال: و يقال:

المطلع: الفهم. فقد يفتح اللّه على المتدبر و المتفكر في التأويل و المعاني ما لا يفتح على غيره، و فوق كل ذي علم عليم. (1)ي.

ص: 361


1- انظر: تفسير البغوي: 1/ 46- و الخازن: 1/ 14- و شرح السنة للبغوي: 1/ 265. و الذي يترجح لدي، و اللّه أعلم، إن ثبتت الروايات أن نقول: إن (الظاهر) هو ما يتبادر من ظاهر الآية، و هو ما تعرفه العرب من كلامها، و (الباطن) ما يخفى و لا يدركه إلا من أيّد بفهم من اللّه سبحانه، و هو التفسير الذي يعلمه العلماء بالاستنباط و الفقه. و (الحد) المعنى الذي ينبغي أن يوقف عنده، و (المطلع) هو المعنى الذي يرشد إلى الوقوف عند هذه النهاية. و يضرب ابن عقيلة المكي لذلك مثالا قوله تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ*، فيقول: ظاهر الآية: الثناء عليه سبحانه و تعالى. و باطنها: توحيد اللّه سبحانه، و تفريده بالعبادة، فإنه إذا كان الثناء جميعه مخصوصا به فلا أحد يستحق الثناء سواه، فكيف يعبد أو يقصد من ليس له حمد في شي ء. و الحد: الذي ينبغي أن يقصد و يوقف عنده، الرجوع إلى اللّه سبحانه و تعالى في كل شي ء، و التوكل عليه، و الاكتفاء بما سواه. و المطلع: هو الذي أرشد إلى فهم الحد، و هو حصر الحمد فيه سبحانه، فإن لفظ الحمد أفهم انحصار الحمد فيه، فأطلعنا من حصر الحمد فيه- جل شأنه- إلى أن ما سواه في حكم العدم، فلم ننزل بسواه حاجاتنا، و لم نتوكل على ما عداه في مهماتنا. انظر: الزيادة و الإحسان لابن عقيلة المكي: 2/ 563 تحقيق محمد صفاء حقي.

الموضوع السادس عشر ما وقع في القرآن بغير لغة العرب

اشارة

بحث هذا الموضوع في مقدمته ابن جرير الطبري (1) و ابن عطية (2) و القرطبي (3).

و قد وردت آثار عديدة من الصحابة تفيد وجود كلمات بغير لغة العرب في القرآن، و من تلك الآثار:

1) ما أخرجه الطبري بسنده عن أبي موسى قال: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ [الحديد: 28] قال: الكفلان ضعفان من الأجر بلغة الحبشة. (4)

2) و أخرج عن ابن عباس رضي الله عنه: إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ [المزمل: 4] قال:

ص: 362


1- انظر: تفسيره: 1/ 8- 20.
2- انظر: تفسيره: 1/ 57.
3- انظر: تفسيره: 1/ 68؛ و قد بحث هذا الموضوع ابن الجوزي في فنون الأفنان: 341- و السيوطي في الإتقان: 14/ 427- و نقله بتمامه ابن عقيلة في الزيادة و الإحسان:3/ 1230 تحقيق/ خالد اللاحم.
4- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 13- و أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: 10/ 471- و أورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 67 ط دار الفكر.

هي بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل قالوا: نشأ. (1)

3) و أخرج عن أبي ميسرة يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ [سبأ: 10] قال:

سبحي بلسان الحبشة (2).

4) و أخرج عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ [المدثر: 51] قال: هو بالعربية: الأسد، و بالفارسية: شار، و بالنبطية: أريا، و بالحبشية: قسورة. (3)

5) و أخرج عن أبي ميسرة قال: في القرآن من كل لسان. (4) و غير ذلك من الآثار التي توحي بوجود ألفاظ و كلمات في كتاب اللّه و للغات العجم بها تعلق.

و قد اختلف العلماء في وقوع المعرّب في القرآن على ثلاثة أقوال:

القول الأول: عدم وقوع المعرّب في القرآن:

ص: 363


1- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 13- و أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: 10/ 471- و البيهقي في السنن الكبرى: 3/ 20- و الحاكم في المستدرك عن ابن مسعود: 2/ 505 و صححه، و وافقه الذهبي.
2- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 14- و أورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 149 ط دار الفكر.
3- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 14- و انظر تفسير ابن كثير: 4/ 476.
4- أخرجه ابن جرير في تفسيره: 1/ 14- و أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: 10/ 469

ذهب ابن جرير الطبري، و أبو عبيدة معمر بن المثنى، و أبو بكر بن الطيب الباقلاني و غيرهما (1) إلى أن القرآن كله عربي ليس فيه لفظة إلا و هي عربية صريحة، و ما وجد فيه من الألفاظ التي تنسب إلى سائر اللغات إنما اتفق فيها ألفاظ جميع أجناس الأمم المختلفة الألسن بمعنى واحد، فتواردت اللغات عليها و تكلمت بها العرب و الفرس و الحبشة و غيرهم، و ليس أحد أولى بأن يكون أصل ذلك كان من عنده من الجنس الآخر (2).

و قد استشهد أصحاب هذا الرأي بأدلة منها:

1- قوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [يوسف: 2].

ص: 364


1- و قال أبو عبيدة: إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول، و من زعم أن كذا بالنبطية فقد أكبر القول. و إلى هذا الرأي ذهب الإمام الشافعي و شدد النكير على القائل بوقوع المعرب في القرآن و قال عن إخفاء معنى بعض الكلمات عن بعض مشاهير الصحابة؛ أن لسان العرب أوسع الألسنة مذهبا، و أكثرها ألفاظا، و لا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي. و ذهب إليه ابن فارس و قال: لو كان فيه من لغة غير العرب شي ء لتوهم متوهم أن العرب إنما عجزت عن الإتيان بمثله، لأنه أتى بلغات لا يعرفونها. انظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 8- و الرسالة للشافعي: 40- 42- و المعرّب للجواليقي: 92- و المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب للسيوطي: 22- و الصاحبي لابن فارس: 30.
2- انظر: تفسير الطبري: 1/ 11- 15- و تفسير القرطبي: 1/ 68- و مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 8- و نكت الانتصار للباقلاني: 345.

2- قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء: 192- 195].

3- أن الحجة لا تقوم على من نزل عليهم القرآن إلا إذا كان ذلك بلغتهم، قال تعالى: لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَ شِفاءٌ [فصلت: 44].

حيث وصف اللّه تعالى كتابه بأنه عربي، و نفى سبحانه أن يكون جعل شيئا منه أعجميا، و العربية صفة شاملة لا يجوز لأحد أن يخصص شمولها على بعض القرآن دون بعض.

4- قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم: 4] و قال تعالى: وَ ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل: 64].

فالحكمة و المنطق السليم يستدعيان أن يكون القرآن كله بلسان العرب، و يثبت ابن جرير ذلك على النحو الآتي:

إن أبين البيان بيان اللّه، و أفضل الكلام كلامه، و هو جلت قدرته منزّه عن النقص و العيب، و من كماله سبحانه أنه ما أرسل رسولا إلا بلسان قومه، و ما أنزل كتابا إلا بلسان النبي المرسل، و القوم المرسل إليهم، و حينئذ

ص: 365

يكون في الخطاب فائدة، و إلا كان ما أنزل عبثا، و اللّه جل ثناؤه يتعالى أن يخاطب أحدا أو يرسل رسالة لا توجب فائدة لمن خوطب به أو أرسل إليه، فذلك في العباد صفة نقص و عيب، و اللّه تعالى متعال عن ذلك.

فإذا عرف هذا تبين أن النبي محمد صلى اللّه عليه و سلم العربي المرسل إلى قومه، حمل إليهم الكتاب المنزل بلغتهم و على أساليب كلامهم إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [يوسف: 2]، و كان ما جاء فيه من المعاني واضحة و لمعاني كلامهم موافقة، و ظاهره لظاهر كلامها ملائمة. و عليه فليس فيه شي ء خارج كلامهم، و لا من لغة غيرهم، لكون ذلك يناقض كمال الحكمة. (1)

و يوجه ابن جرير الآثار السابقة التي أكدت وجود كلمات لها نفس المدلول و المعنى في كلام العرب و كلام غيرهم، بأن القائل بها لم يقل أنها ليست عربية، بل غاية ما قاله أن حرف كذا بلسان الحبشة معناه كذا، و حرف كذا بلسان العجم معناه كذا. قال: و لم نستنكر أن يكون من الكلام ما يتفق عليه ألفاظ جميع أجناس الأمم المختلفة الألسن بمعنى واحد، فكيف بجنسين منها، فمثلا كلمة الدرهم، و الدينار، و الدواة، و القرطاس، و القلم، و غيرها كثير مما اتفقت فيه الفارسية و العربية باللفظ و المعنى.

و اعترض: بأن ما ذكر أصله فارسي لا عربي، أو عربي لا فارسي، أوف.

ص: 366


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 8- 12 بتصرف.

أن بعضه عربي و بعضه فارسي، أو أن مخرج أصل ذلك الفرس، ثم تكلمت العرب به، أو مخرج أصله العرب ثم تكلمت الفرس به.

و أجيب بأن أيا من الجنسين ليس بأولى به من الآخر، و لا هو أحق به منه، و ادعاء الأولوية لا يكون إلا بخبر صحيح يوجب العلم، و يزيل الشك، و هو أمر متعذر، و لهذا كان السبيل الأقوم إضافة ذلك إلى سائر الأجناس المشتركة فيه، فتكون عربية أعجمية حبشية ... إلخ. (1)

قال ابن عطية: و ما ذهب إليه الطبري من أن اللغتين اتفقتا في لفظة لفظة فذاك بعيد، بل إحداهما أصل، و الأخرى فرع في الأكثر، لأنا لا ندفع أيضا جواز الاتفاق قليلا شاذا. (2)

كما اعترض عليه بقول أبي ميسرة: إن في القرآن من كل لسان.

و أجيب: أن معناه أن فيه من كل لسان اتفق فيه لفظ العرب و لفظ غيرها من الأمم التي تنطق به. (3)

و اعترض أيضا بأن تلك الكلمات ليست على أوزان كلام العرب.

و أجاب القرطبي: أن أحدا لم يدّع حصر أوزان كلام العرب، بل إن

ص: 367


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 15.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 58.
3- انظر: تفسير الطبري: 1/ 17.

القاضي- أبو بكر الباقلاني- بحث أصول أوزان كلام العرب، ورد تلك الأسماء إليها على الطريقة النحوية (1).

القول الثاني: وقوع المعرّب في القرآن:

ففي القرآن كلمات قليلة غير عربية لا تخرج القرآن عن كونه عربيا مبينا، و لا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن كونه متكلما بلسان قومه، ف (المشكاة):

الكوة. و (الغساق): البارد المنتن بلسان الترك. و (القسطاس): الميزان بلغة الروم. و (السجيل): الحجارة و الطين بلسان الفرس .. و غير ذلك. (2)

القول الثالث: وجود كلمات أصولها غير عربية لكن العرب استعملتها و عرّبتها:

و هذا رأي وسط ذهب إليه ابن عطية (3)، و بين أن القرآن نزل

ص: 368


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 69.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 68. قلت: و قال بهذا الفقهاء كما حكا ذلك أبو عبيد، و استشهد أصحاب هذا الرأي إضافة إلى ما سبق أن النحاة اتفقوا على منع صرف نحو (إبراهيم) للعلمية و العجمة. و أجيب: بأن الأعلام ليست محل خلاف. و ردّ: أنه إذا اتفق على وقوع الأعلام فلا مانع من وقوع الأجناس. و هو ما ذهب إليه ابن النقيب، و اختاره السيوطي، و قال: إن الرسول صلى اللّه عليه و سلم مبعوث إلى كل الأمم و لا بد أن يكون في المنزل من كل لسان، و إن كان أصله بلغة قومه. انظر: الإتقان للسيوطي: 1/ 428- و المهذب فيما وقع في القرآن من المعرّب للسيوطي: 28.
3- و إلى هذا ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام، و مال إليه الجواليقي و ابن الجوزي و غيرهم. يقول أبو عبيد: و الصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعا، و ذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء، لكنها وقعت للعرب فعرّبتها بألسنتها و حولتها عن ألفاظ العجم فصارت عربية ثم نزل القرآن و قد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال: إنها عربية فهو صادق و من قال: أعجمية فصادق. انظر: المعرّب للجواليقي: 92- و فنون الأفنان لابن الجوزي: 344. قلت: و هذا القول هو الذي أميل إليه، فوجود كلمات أصولها البعيدة غير عربية، و استعملتها العرب في كلامها على مر العصور، حتى انتشرت و اشتهرت، لا تخرج القرآن من كونه عربيا مبينا، فجميع كلمات القرآن عربية لوصف اللّه تعالى للقرآن بأنه عربي مبين، فلا لبس في كلمة من كلماته، و ما حدث من الخلاف هو في الأصول البعيدة لبعض الكلمات لا في وصفها و وضعها الآن، و اللّه أعلم.

بلسان عربي مبين، فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها إلا من لسان غيرها.

لقد كان للعرب العاربة مخالطة لسائر الألسنة و الأمم بالتجارة و الرحلات و الأسفار و غيرها من دواعي الاتصال، و كان من نتائج هذا الاختلاط انتقال بعض ألفاظ تلك الشعوب إلى العرب، كما انتقلت من ألفاظ العرب إليها، فغيرت العرب تلك الألفاظ بالنقص من حروفها، و تخفيف ثقل العجمة فيها، و استعملتها في أشعارها و محاوراتها حتى جرت مجرى العربي الصريح، فهي في الأصل غير عربية لكن استعملتها العرب و عربتها، فهي عربية بهذا الوجه. (1)

و ردّ هذا بأنه لا يوجد دليل على أن العرب هي التي أخذت تلك

ص: 369


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 57- 58.

الكلمات من غيرها و عربتها. ثم لم لا تكون العرب هي التي تكلمت بها أولا ثم وقعت إلى سائر أجناس الأمم فنطقت بها، و أجرتها على أساليب لغتها؟! (1)

و أجيب بأن أوزان تلك الكلمات توحي أنها غير عربية. و قد سبق القول في هذا.

ص: 370


1- انظر: تفسير الطبري: 1/ 19.

الموضوع السابع عشر الوقف و الابتداء

الموضوع السابع عشر الوقف و الابتداء (1)

بحث هذا الموضوع في مقدمته من بين المفسرين جميعهم ابن جزي الكلبي (2)، ذكر فيه أن الوقف على أربعة أنواع (3):

1- وقف تام (4).

ص: 371


1- عرف أبو حيان الوقف بأنه: قطع النطق آخر اللفظ. و قال الجعبري: قطع صوت القارئ على آخر الكلمة الوضعية زمانا. و قال ابن الجزري: قطع صوت القارئ على آخر الكلمة زمانا يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة بما يلي الحرف الموقوف عليه، أو بما قبله، لا بنية الإعراض. و هذا هو أفضل تعريف للوقف وقفت عليه. انظر: كنز المعاني للجعبري: 366 مخطوط- و النشر لابن الجزري: 1/ 240- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 4/ 1043 تحقيق الشيخ فهد العندس.
2- انظر تفسيره: 1/ 20- 21.
3- هذا التقسيم للوقف هو الراجح الذي عليه الحذاق من أهل العلم بالقراءات كأبي عمرو الداني و أبي الأصبغ الأندلسي، و غيرهما، و هو عند ابن الأنباري ثلاثة أوجه إذ ليس عنده بالكاف، و قد يبلغ عند بعضهم إلى ثمانية أضرب كما قال السيوطي. انظر: المكتفى في الوقف و الابتداء للداني: 138- و نظام الأداء في الوقف و الابتداء لابن أبي الأصبغ الأندلسي: 28- و الإتقان للسيوطي: 1/ 259.
4- يعرف الداني الوقف التام و يسمى" المختار" بقوله: هو الذي يحسن القطع عليه، و الابتداء بما بعده لأنّه لا يتعلق بشي ء مما بعده، و ذلك عند تمام القصص و انقضائهن، موجودا في الفواصل و رءوس الآي. ا ه. أي و يكثر وجوده عند الفواصل و رءوس الآي. و قد يكون قبل انقضاء الفاصلة، أو بعد انقضائها بكلمة أو كلمتين أو أكثر، و قد يكون في درجة الكاف، و أمثلته كثيرة منها: وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة: 5] و الابتداء بقوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا [البقرة: 6]. انظر: المكتفى في الوقف و الابتداء للداني: 140- و نظام الأداء في الوقف و الابتداء لابن أبي الأصبغ: 30.

2- وقف حسن (1).

3- وقف كاف (2).

ص: 372


1- يعرف الداني الوقف الحسن بقوله: هو الذي يحسن الوقف عليه، و لا يحسن الابتداء بما بعده لتعلقه به من جهة اللفظ و المعنى جميعا. و يسمى الوقف الحسن صالحا لأنه لا يمكن للقارئ أن يقف في كل موضع على تام و لا كاف؛ لأن نفسه ينقطع دون ذلك. و من أمثلة الوقف الحسن: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و الابتداء ب رَبِّ الْعالَمِينَ لا يحسن لأن ذلك مجرور و الابتداء بالمجرور قبيح لأنه تابع لما قبله. انظر: المكتفى في الوقف و الابتداء للداني: 145- و نظام الأداء في الوقف و الابتداء لابن أبي الأصبغ: 45- و جمال القراء للسخاوي: 2/ 564.
2- الوقف الكاف و يسمى مفهوما و هو: الذي يحسن الوقف عليه أيضا، و الابتداء بما بعده، غير أن الذي بعده متعلق به جهة المعنى دون اللفظ. و من أمثلته حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ [النساء: 33] و الابتداء بما بعد ذلك في الآية كلها. انظر: المكتفى في الوقف و الابتداء للداني: 143- و نظام الأداء في الوقف و الابتداء لابن أبي الأصبغ: 38.

4- وقف قبيح (1).

قال: و ذلك بالنظر إلى الإعراب و المعنى.

فإن كان الكلام مفتقرا إلى ما بعده في إعرابه أو معناه، و ما بعده مفتقرا إليه كذلك، لم يجز الفصل بين كل معمول و عامله، و بين كل ذي خبر و خبره، و بين كل ذي جواب و جوابه، و بين كل ذي موصول وصلته.

و إن كان الكلام الأول مستقلا يفهم دون الثاني، إلا أن الثاني غير مستقل إلا بما قبله فالوقف على الأول كاف، و ذلك في التوابع و الفضلات:

كالحال، و التمييز، و الاستثناء، و شبه ذلك إلا أن وصل المستثنى المتصل آكد

ص: 373


1- و يسمى متروك، و قد عرفه الداني بقوله: هو الذي لا يعرف المراد منه. و قال السخاوي: هو الذي لا يجوز تعمد الوقف عليه، إما لنقص المعنى، و إما لتغييره. و مثال نقص المعنى (بسم) فهذا لا يفيد معنى، و مثال التغيير فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ [الماعون: 5]، و هذا يجب الاحتراز منه. قال الداني: و يسمى وقف الضرورة لتمكن انقطاع النّفس عنده. انظر: المكتفى في الوقف و الابتداء للداني: 148- و نظام الأداء في الوقف و الابتداء لابن أبي الأصبغ: 50- و جمال القراء للسخاوي: 2/ 564.

من المنقطع، و وصل التوابع و الحال إذا كانت أسماء مع ذات، آكد من وصلها إذا كانت جملة.

و إن كان الكلام مستقلا و الثاني كذلك، فإن كانا في قصة واحدة فالوقف على الأول حسن.

و إن كانا في قصتين مختلفتين فالوقف تام.

و قد يختلف الوقف باختلاف الإعراب أو المعنى، و كذلك اختلف الناس في كثير من الوقف. و من أقوالهم فيه: راجح، و مرجوح، و باطل، و قد يقف لبيان المراد و لم يتم الكلام (1).

و بعد هذا ذكر تنبيها أشار فيه إلى أن مراعاة الإعراب و المعنى في المواقف هو الذي استقر عليه العمل و أخذ به شيوخ المقرئين، و كان الأوائل يراعون رءوس الآيات فيقفون عندها لأنها في القرآن كالفقر في النثر، و القوافي في الشعر.

قال: و يؤكد هذا ما أخرجه الترمذي عن أم سلمة رضي اللّه عنها أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يقطع قراءته يقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ثم يقف، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، ثم يقف. (2)ي.

ص: 374


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 21.
2- الحديث أخرجه الترمذي في سننه، كتاب: القراءات، باب: فاتحة الكتاب: 5/ 185، و قال: هذا حديث غريب، و ليس إسناده بمتصل، و حديث الليث أصح.- و أخرجه أبو داود في سننه (ح 4001- 4/ 37)- و الحاكم في المستدرك: 1/ 232 و قال: صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه. و أقره الذهبي.

ص: 375

الموضوع الثامن عشر إعجاز القرآن

اشارة

بحث هذا الموضوع أغلب المفسرين في مقدماتهم، فذكر شيئا من إعجاز القرآن البلاغي ابن جرير الطبري (1)، و أورد الماوردي (2) ثمانية من وجوه الإعجاز في القرآن، ثم ابن عطية (3)، فالقرطبي (4) الذي فصل القول، ثم ابن جزي (5)، فأبو حيان (6).

أنزل اللّه تعالى الحكيم، كتابه العظيم، بلسان عربي مبين، على قوم كانوا رؤساء صناعة الخطب و البلاغة، و قيل: الشعر و الفصاحة، و دعاهم إلى الإيمان به، و بين لهم من أرسل إليهم و هو محمد صلى اللّه عليه و سلم أن حجته على حقيقة نبوته، و دليله على صدق دعوته، ما أتاهم به من البيان و الحكمة و الفرقان، بلسانهم و وفق منطقهم و بيانهم، و تحداهم أن يأتوا بمثل سورة من سوره، فكانوا من هذا التحدي عجزة و من القدرة عليه نقصه، فأقروا

ص: 376


1- انظر: تفسيره: 1/ 5- 8.
2- انظر: تفسيره: 1/ 30- 33.
3- انظر: تفسيره: 1/ 59- 62.
4- انظر: تفسيره: 1/ 69- 78.
5- انظر: تفسيره: 1/ 23- 24.
6- انظر: تفسيره: 1/ 17.

بالعجز، و أذعنوا له بالتصديق، و إن تجاهل نفر من المستكبرين، و ظنوا أن بمقدورهم الإتيان بمثله، و حاولوا فجاءوا بما دل على ضعف عقولهم، و سفاهة أحلامهم، و فرّ بعضهم إلى القتال، و رضي بسفك الدماء عجزا عن المعارضة، و بقي الكتاب معجزا، و ظل التحدي قائما، و بقي الفصحاء و البلغاء عاجزون (1).

و في هذا الموضوع ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: تعريف المعجزة:

عرف القرطبي المعجزة بأنها واحدة معجزات الأنبياء الدالة على صدقهم صلوات اللّه عليهم، و سميت معجزة لأن البشر يعجزون عن الإتيان بمثلها. (2)

ص: 377


1- انظر: تفسير ابن جرير: 1/ 10- و ابن عطية: 1/ 61.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 69. و تعرف المعجزة بأنها: أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم عن المعارضة، تظهر على يد مدعي النبوة، و هي إما حسية أو عقلية. الإتقان: 2/ 1001- و قولنا: «تظهر على يد مدعي النبوة» مأخوذ من كلام القرطبي في الشرط الثالث. و هو في تعريف المتكلمين: ظهور أمر خلاف العادة في دار التكليف لإظهار صدق ذي نبوة من الأنبياء. انظر: أصول الدين للبغدادي: 170. و يعرف إعجاز القرآن بأنه: إثبات القرآن عجز الخلق عن الإتيان بما تحداهم به. مناهل العرفان للزرقاني: 2/ 331.

المسألة الثانية: شروط المعجزة:

ذكر القرطبي أن للمعجزة خمسة شروط، و متى اختل شرط منها لم تكن معجزة، و هذه الشروط هي:

الشرط الأول: أن يكون مما لا يقدر عليها إلا اللّه سبحانه، كفلق البحر، و انشقاق القمر، و ما شاكلها مما لا يقدر عليها البشر.

الشرط الثاني: أن تكون خارقة للعادة، أما الأمور التي لا يقدر عليها إلا اللّه غير أنها لم تفعل لأجل مدعي الرسالة، بل كانت قبل دعواه و بقيت بعدها- كطلوع الشمس من مشرقها، و مجي ء النهار بعد الليل، و الليل بعد النهار و كل ما هو من هذا القبيل- فهي لا تعد معجزة لمن يدعي أنها آية صدقه، بل لا بد أن تكون خارقة للعادة و لسنن الكون، كأن ينقلب العصا ثعبانا، و يشق الحجر و يخرج من وسطه ناقة، أو ينبع الماء من بين الأصابع، و غير ذلك من الخوارق التي تشهد على نبوة من ظهر على يده.

الشرط الثالث: أن يستشهد بها مدعي الرسالة على اللّه عز و جل.

فيقول مثلا: آيتي أن يقلب اللّه سبحانه الماء زيتا. فإذا فعل اللّه سبحانه ذلك حصل المتحدى به.

ص: 378

الشرط الرابع: أن تقع على وفق دعوى المتحدي بها المستشهد بكونها معجزة له. لا أن تقع عكس ما ادعاه، و يروى أن مسيلمة الكذاب لعنه اللّه تفل في بئر ليكثر ماؤها، فغارت البئر و ذهب ما كان فيها من الماء، فما فعل اللّه سبحانه من هذا كان من الآيات المكذبة لمن ظهرت على يديه، لأنها وقعت على خلاف ما أراده المتنبئ الكذاب.

الشرط الخامس: أن لا يأتي أحد بمثل ما أتى به المتحدي على وجه المعارضة، فإن أقام اللّه تعالى من يعارضه حتى يأتي بمثل ما أتى به و يعمل مثل ما عمل بطل كونه نبيا، و خرج عن كونه معجزا و لم يدلّ على صدقه، و لهذا قال تعالى فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ [الطور: 34] و قال: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ [هود:

13] (1).

(تنبيه) قد يقال: ثبت بالأدلة الصحيحة أنه يظهر على يد المسيخ الدجال أمور جسام، و آيات عظام، و خوارق للعادة، و ما ذكر من الشروط تنطبق عليه؟

و يرد القرطبي فيقول: إن ذاك يدعي الرسالة، و هذا الدجال يدعي

ص: 379


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 69- 71- و انظر: مباحث في إعجاز القرآن، للدكتور مصطفى مسلم: 15.

الربوبية، و بينهما من الفرق ما بين البصراء و العميان (1).

ثم إن المسيخ الدجال فيه التصوير و التغيير من حال إلى حال، و هي صفات لا تليق إلا بالمحدثات، تعالى الرب عن أن يشبه شيئا أو يشبهه شي ء ليس كمثله شي ء و هو السميع البصير. (2)

المسألة الثالثة: معجزات الرسول صلى اللّه عليه و سلم:

معجزات الرسول صلى اللّه عليه و سلم على ضربين:

الأول: ما اشتهر و انقرض بموت النبي صلى اللّه عليه و سلم.

الثاني: ما بقي بعد وفاته صلى اللّه عليه و سلم، و هو القرآن الكريم الذي تواترت الأخبار بصحته و حصوله، و استفاضت بثبوته و وجوده، و وقع لسامعها العلم بذلك ضرورة، و من شرطه- التواتر- أن يكون الناقلون له خلق كثير و جمّ غفير، و أن يكونوا عالمين بما نقلوه علما ضروريا، و أن يستوي في النقل أولهم و آخرهم و أوسطهم في كثرة العدد، حتى يستحيل عليهم التواطؤ على الكذب، و هذه هي صفة القرآن الكريم، و نقل وجود النبي

ص: 380


1- قال العلماء: لا يقر مدعي النبوة الكاذب على خارقة؛ لأن الأمر يلتبس على البشر، أما مدعي الربوبية أو الألوهية فيمكن أن يقر على خارقة؛ لأن العقول تدرك كذبه، و لا يلتبس أمره على العقلاء من البشر. تعليق لفضيلة الدكتور مصطفى مسلم.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 72.

صلى اللّه عليه و سلم. فالقرآن معجزة نبينا صلى اللّه عليه و سلم الباقية بعده إلى يوم القيامة، و معجزة كل نبي انقرضت بانقراضه، أو دخلها التبديل و التغيير كالتوراة و الإنجيل. (1)

المسألة الرابعة: وجوه إعجاز القرآن الكريم :

المسألة الرابعة: وجوه إعجاز القرآن الكريم (2):

تناول أوجه الإعجاز في القرآن الكريم الماوردي، و ابن عطية، و القرطبي، و ابن جزي، و أبو حيان. و قد اختلف الناس في إعجاز القرآن بما هو؟ فذكر الماوردي ثمانية أوجه (3) الثامن منها الصرفة التي اعتبرها القرطبي خارجة عن أوجه الإعجاز المعتبرة، و اكتفى ابن عطية و أبو حيان بوجهين من الأوجه الثمانية، و اشترك القرطبي و ابن جزي في ذكر عشرة أوجه (4).

ص: 381


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 73.
2- من المؤلفات التي ذكرت أوجه الإعجاز في القرآن كتاب البرهان للزركشي: 2/ 90- 124- و الإتقان للسيوطي: 1/ 1001- 1024- و الزيادة و الإحسان لابن عقيلة: 1/ 227- 280 تحقيق مصلح السامدي.
3- و ذكر في كتابه أعلام النبوة عشرين وجها.
4- ما ذكره القرطبي من أوجه الإعجاز يتداخل كثير منها بعضها في بعض، فقد جعل ما يتعلق بالنظم جزءا منه خاصا بفصاحة القول، و جزءا يتعلق بالنظم، و جزءا يتعلق بالجزالة، و جزءا يتعلق بالأسلوب، و كل ذلك يتعلق بالمنهج البياني. ثم إن بعض هذه الوجوه التي ذكرها القرطبي و غيره لم يقع بها التحدي، و إن كانت من عند اللّه مثل إخباره عن أمور مغيبة في المستقبل ثم وقوعها، و مثل إخباره عن الأمم السابقة. انظر: المعجزة الكبرى القرآن لأبي زهرة: 91 و يضاف إلى هذا أن بعض الوجوه التي ذكرها لا تصلح أن تكون وجوها للإعجاز لأنها لا تخرج عن حدود الطاقة، و لأن كلام كثير من الناس يشتمل عليها، مثل وجه اشتماله على الحكم البالغة، و عدم الاختلاف و التناقض بين معانيه. انظر: مناهل العرفان للزرقاني: 2/ 413.

و كان مجموع ما ذكروه من الأوجه هي:

الوجه الأول: هو الإعجاز و البلاغة، حتى اشتملت الألفاظ اليسيرة على المعاني الكثيرة، قال تعالى وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ [البقرة: 179] قال الماوردي: جمع في كلمتين عدد حروفهما عشرة أحرف معاني كلام كثير. (1)

يقول القرطبي: بلاغة القرآن في أعلى طبقات الإحسان، و أرفع درجات الإيجاز و البيان، بل تجاوزت حد الإحسان و الإجادة إلى حيز الإرباء و الزيادة. (2)

الوجه الثاني: البيان و الفصاحة التي أعجزت الفصحاء و قصّر فيها البلغاء، (3)، حكا أبو عبيد أن أعرابيا سمع رجلا يقرأ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [الحجر: 94] فسجد و قال: سجدت لفصاحة هذا الكلام. (4)

ص: 382


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 30- و هذا اختيار الخطابي، و كثير من العلماء. البرهان للزركشي: 2/ 101.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 77.
3- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 30- و ابن جزي: 1/ 23.
4- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 30.

و حكى الأصمعي أنه رأى جارية بالبادية و هي تقول:

أستغفر اللّه لذنبي كلّه قتلت إنسانا لغير حلّه

مثل غزال ناعم في دلّه فانتصف الليل و لم أصلّه فقال لها: قاتلك اللّه ما أفصحك؟

فقالت: أتعد هذه فصاحة بعد قول اللّه عز و جل وَ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [القصص: 7] فجمع في آية واحدة بين أمرين، و نهيين، و خبرين، و إنشاءين. (1)

و قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ [آل عمران: 185] أنبأ سبحانه في هذه الآية عن الموت، و حسرة القلوب، و الدار الآخرة، و ثوابها و عقابها، و فوز الفائزين، و تردي المجرمين، و التحذير من الاغترار بالدنيا، و وصفها بالقلة بالإضافة إلى دار البقاء (2).

الوجه الثالث: النظم البديع المخالف لكل نظم معهود في لسان العرب و غيرها. (3)، و سماه الماوردي: الوصف الذي تنقضي به العادة حتى صار

ص: 383


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 30- و القرطبي: 1/ 76، و القصة ذكرها القرطبي في تفسيره: 13/ 252- و ابن الجوزي: 6/ 203.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 76.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 73- ابن جزي: 1/ 23. و هذا اختيار القاضي أبي بكر الباقلاني: البرهان للزركشي: 2/ 98.

خارجا عن جنس كلام العرب من النظم و النثر و الخطب و الشعر ... فلا يدخل في شي ء منها و لا يختلط بها مع كون ألفاظه و حروفه في كلامهم، و مستعملة في نظمهم و نثرهم. (1)

قال تعالى: وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ [يس: 69] و في الحديث الذي أخرجه مسلم أن أنيسا أخا أبي ذر قال لأبي ذر: لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن اللّه أرسله؛ قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون:

شاعر، كاهن، ساحر. و كان أنيس أحد الشعراء، قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم، و لقد وضعت قوله على أقراء الشعر (2) فما يلتئم على لسان أحد بعدي؛ أنه شعر، و اللّه إنه لصادق، و إنهم لكاذبون (3).

و كذلك إقرار عتبة بن ربيعة أنه ليس بسحر و لا شعر لما سمع سورة (فصلت) من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. (4)

و قال الوليد بن المغيرة: و اللّه ما هو بالشعر، و لا هو بالكهانة، و لا

ص: 384


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 31.
2- أقراء الشعر: أي طرقه و أنواعه.
3- انظر: تفسير القرطبي: 73- و الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي ذر: 4/ 1920.
4- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 73 و 15/ 337. و خبره في عيون الأثر لابن قتيبة: 1/ 106- و دلائل النبوة للبيهقي: 2/ 202.

بالجنون، و اللّه لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس، و لا من كلام الجن، إن له لحلاوة، و إن عليه لطلاوة، و إن أعلاه لمثمر، و إن أسفله لمغدق، و أنه يعلو و ما يعلى. (1)

فإذا اعترف عتبة على موضعه من اللسان و موضعه من الفصاحة و البلاغة بأنه ما سمع مثل القرآن قط كان هذا القول مقرّا بإعجاز القرآن له و لضربائه من المتحققين بالفصاحة و القدرة على التكلم بجميع أجناس القول و أنواعه. (2)

الوجه الرابع: الأسلوب المخالف لجميع أساليب العرب (3).

الوجه الخامس: الجزالة التي لا تصح من مخلوق بحال، قال تعالى ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق: 1- 2] و قال وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ [الزمر: 67]. (4)

يقول ابن الحصار: و هذه الثلاثة من النظم و الأسلوب و الجزالة لازمة كل سورة، بل هي لازمة كل آية، و بمجموع هذه الثلاثة يتميز مسموع كل

ص: 385


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 61- و أبي حيان: 1/ 18- و الخبر أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب التفسير، سورة المدثر: 2/ 506- و البيهقي في الدلائل: 2/ 189.
2- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 73.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 73- و ابن جزي: 1/ 23.
4- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 73.

آية و كل سورة عن سائر كلام البشر، و بها وقع التحدي و التعجيز.

الوجه السادس: أن قارئه لا يكلّ و سامعه لا يمل، و إكثار تلاوته تزيده حلاوة في النفوس، و ميلا في القلوب. (1)

الوجه السابع: الإخبار عن الأمور التي تقدمت في أول الدنيا إلى وقت نزوله من أمّي ما كان يتلو من قبله من كتاب، و لا يخطّه بيمينه، كإخباره عن قصة أهل الكهف، و شأن موسى مع الخضر عليهما السلام، و حال ذي القرنين و غير ذلك من أخبار الغيب. (2)

الوجه الثامن: الإخبار عن المغيبات في المستقبل، و ما سيكون، (3) كقوله الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ [الروم: 1- 2] و قوله تعالى وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ [الأنفال: 7]، و غيرها من الأخبار التي لا يمكن أن تكون إلا من عند اللّه، أو من عند من أوقفه عليها اللّه.

و هذان الوجهان عند ابن عطية هما معجزان لمن تقررت الشريعة

ص: 386


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 31- و ابن جزي: 1/ 24- و انظر نسيم الرياض في شرح شفا القاضي عياض: 2/ 513- و مناهل العرفان للزرقاني: 2/ 405.
2- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 32- و ابن عطية: 1/ 59- و القرطبي: 1/ 74- و ابن جزي: 1/ 23.
3- المصادر السابقة. و انظر: مناهل العرفان للزرقاني: 2/ 367.

و نبوة محمد صلى اللّه عليه و سلم في نفسه (1).

الوجه التاسع: كونه جامعا لعلوم لم تكن فيهم آلاتها، و لا تتعاطى العرب الكلام فيها، و لا يحيط بها من علماء الأمم واحد، و لا يشمل عليها كتاب، ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ [الأنعام: 38]. (2)

الوجه العاشر: الوفاء بالوعد المدرك بالحس في العيان، في كل ما وعد اللّه سبحانه؛ و ينقسم إلى أخباره المطلقة كوعده بنصر رسوله صلى اللّه عليه و سلم، و أخبار مقيده كقوله وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 3]. (3)

الوجه الحادي عشر: ما تضمنه القرآن من العلم الذي هو قوام جميع الأنام، في الحلال و الحرام، و في سائر الأحكام، و ما أرشد إليه من مكارم الأخلاق. (4)

الوجه الثاني عشر: الحكم البالغة التي لم تجر العادة بأن تصدر مع

ص: 387


1- و ردّ هذا القول بأنه يستلزم أن الآيات التي لا خبر فيها بذلك لا إعجاز فيها، و هو باطل، فقد جعل اللّه كل سورة معجزة بنفسها. البرهان للزركشي: 2/ 96.
2- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 32- و انظر: نسيم الرياض في شرح شفا القاضي عياض:2/ 473- و مناهل العرفان للزرقاني: 2/ 342.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 74.
4- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 75- و ابن جزي: 1/ 24.

كثرتها من آدمي. (1)

الوجه الثالث عشر: التناسب في جميع ما تضمنه ظاهرا و باطنا من غير اختلاف، قال تعالى وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء: 82].

الوجه الرابع عشر: ما فيه من التعريف بالباري جل جلاله، و ذكر صفاته و أسمائه و ما يجوز عليه و ما يستحيل، و دعوة الخلق إلى عبادته و توحيده، و غير ذلك مما يوحي بأنه من لدن عليم خبير. (2) و يرى ابن عطية أن هذا الوجه يكون معجزا لمن قد آمن باللّه و تقررت الشريعة و نبوة محمد صلى اللّه عليه و سلم في نفسه.

الوجه الخامس عشر: كونه محفوظا من الزيادة و النقصان، محروسا عن التغيير و التبديل على طول الزمان. (3)

الوجه السادس عشر: تيسيره للحفظ. (4)

الوجه السابع عشر: عجز المخلوقين في زمان نزوله و بعد ذلك عن

ص: 388


1- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 75.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 59- و ابن جزي: 1/ 24.
3- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 24.
4- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 24.

الإتيان بمثله. (1)

و يرى ابن عطية أن الإعجاز و التحدي إنما وقع من جهة نظمه، و صحة معانيه، و توالي فصاحة ألفاظه، و وجه إعجازه: أن اللّه تعالى قد أحاط بكل شي ء علما، و أحاط بالكلام كله علما، فإذا ترتبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى، و تبين المعنى بعد المعنى. (2)

و يؤكد ابن عطية هذا المعنى بأن كفار العرب لم يمكنهم قط أن ينكروا أن رصف القرآن و نظمه و فصاحته متلقى من قبل محمد صلى اللّه عليه و سلم، فإذا تحدّيت إلى ذلك و عجزت فيه علم كل فصيح ضرورة أن هذا نبي يأتي بما ليس في مقدور البشر. (3)

فهذه وجوه عديدة من وجوه الإعجاز، يصح أن يكون كل واحد منها إعجازا، فإذا جمعها القرآن صار إعجازه من جميع الأوجه أبلغ في الإعجاز، و أبدع في الفصاحة و الإيجاز (4).ك.

ص: 389


1- انظر: تفسير ابن جزي: 1/ 24.
2- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 59- 60.
3- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 59.
4- اعتبر الزركشي هذا الكلام قولا منفردا، و قال: و ذهب أهل التحقيق على أن الإعجاز وقع بجميع ما سبق من الأقوال، لا بكل واحد على انفراده، فإنه جمع ذلك كله، و لا معنى لنسبته إلى واحدة منها بمفردة مع اشتماله على الجميع، و غير ذلك مما لم يسبق: 2/ 106. قلت: و القول بأن الإعجاز وقع بجميع ذلك أدعى إلى الكمال في كلام اللّه، فأي جانب أردت في كتابه العظيم كان فيه الكمال و الإعجاز كان فوق كلام البشر. غير أنه ينبغي التفريق بين أمرين: أ- ما وقع به التحدي، و أثبت العجز للإنس و الجن، و هذا موجود في جميع سور القرآن، و هو وجه الإعجاز البياني بكل فروعه: الفصاحة، و البلاغة، و الأسلوب، و النظم. ب- و ما دلّ على مصدر القرآن الكريم، و أنه ليس من عند البشر (ربانية المصدر) و لم يقع بها التحدي، و لا يشترط أن تكون موجودة في جميع سور القرآن، مثل الإعجاز التشريعي، و الإعجاز الطبي، و الإعجاز العلمي و غير ذلك.

المسألة الخامسة: القول بالصرفة و المنع:

و هذا القول قاله النظام و بعض القدرية، و مفاده أن اللّه تعالى منع العرب و غيرهم من معارضة القرآن، و صرفهم عند التحدي بمثله، فلم تحركهم أنفة التحدي، و صبروا على نقص العجز، فلم يعارضوه، و هم فصحاء العرب مع توفر دواعيهم على إبطاله، و بذل نفوسهم في قتاله.

و اختلف من قال بالصرفة على وجهين:

أحدهما: أنهم صرفوا عن القدرة عليه (1)، و لو تعرضوا لعجزوا عنه.

و الثاني: أنهم صرفوا عن التعرض له (2)، مع كونه في قدرتهم لو

ص: 390


1- أي سلبت علومهم أو قدرتهم على المعارضة، فلو توجهوا للمعارضة لعجزوا.
2- أي سلبت منهم دواعي المعارضة فلم يتوجهوا لها، و لو توجهوا لاستطاعوا المعارضة.

تعرضوا له لجاز أن يقدروا عليه. (1)

و قد رد أهل العلم هذا القول، و بينوا فساده، و أن القائلين به هم من نقصان الفطرة الإنسانية في رتبة بعض النساء- كما يقول أبو حيان- حين رأت زوجها يطأ جارية فعاتبته، فأخبر أنه ما وطئها، فقالت له: إن كنت صادقا فاقرأ شيئا من القرآن، فأنشدها بيت شعر قاله، ذكر اللّه فيه و رسوله و كتابه، فصدقته، فلم ترزق من الذوق ما تفرق به بين كلام الخلق و كلام الحق. (2)

و من ذلك أن إجماع الأمة قبل حدوث المخالف أن القرآن هو المعجز، فإذا قلنا أن المنع و الصرفة هو المعجز لخرج القرآن عن أن يكون معجزا، و ذلك خلاف الإجماع، و من ذلك؛ علم أن نفس القرآن هو المعجز؛ لأن فصاحته و بلاغته أمر خارق للعادة. (3)

ص: 391


1- انظر: تفسير الماوردي: 1/ 33- و القرطبي: 1/ 75.
2- انظر: تفسير أبي حيان: 1/ 17، و قد وقعت هذه القصة للصحابي الجليل عبد اللّه بن رواحة الأنصاري، و من الذي قال: شهدت بأن وعد اللّه حق و أن النار مثوى الكافرينا و أن العرش فوق الماء طاف و فوق العرش رب العالمينا و تحمله ملائكة كرام ملائكة الإله مقرّبينا انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 1/ 238- و الاستيعاب لابن عبد البر: 2/ 287.
3- انظر: تفسير القرطبي: 1/ 75.

يقول ابن عطية: الصحيح أن القرآن لم يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين، و يظهر لك قصور البشر في الفصيح منهم يضع خطبة أو قصيدة يستفرغ فيها جهده، ثم لا يزال ينقحها حولا كاملا ثم تعطى لآخر بعده فيأخذها بقريحة جامّة [نشطة]، فيبدل فيها و ينقح، ثم لا تزال بعد ذلك فيها مواضع للنظر و البدل، و كتاب اللّه تعالى لو نزعت منه لفظة، ثم أدير لسان العرب أن يوجد أحسن منها لم يوجد. (1)

ص: 392


1- انظر: تفسير ابن عطية: 1/ 60. و من الذين قالوا بالصرفة الشريف المرتضى من الشيعة، و نسب ذلك أيضا إلى أبي إسحاق الأسفراييني، و إلى ابن حزم الظاهري. و من جملة ردود العلماء على القائلين بالصرفة: 1- أن دواعي المعارضة كانت قائمة، فالقرآن تحداهم غير مرة أن يأتوا بمثل أقصر سورة منه، بل تجاوز التحدي إلى إثارة حميتهم إلى المعارضة حين ذكر أنهم عجزة عن الإتيان بمثله، و لو اتخذ بعضهم بعضا ظهيرا. قال تعالى قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء: 88] فكيف لم يثر حميتهم هذا التقريع الشديد، و هم مضرب المثل في الحمية و الأنفة، و الشوق إلى التنافس في ميادين الكلام. 2- أن القرآن أثار حفائظهم و سفّه عقولهم و عقول آبائهم، و نعى عليهم الجمود و الجهالة و الشرك فكيف يسكتون بعد هذا التقريع و التشنيع؟! 3- أن القول بالصرفة لو كان صحيحا لرجع العرب إلى كلامهم القديم الذي قالوه، و لقارنوه بالجديد و عقدوا بينه مقارنة، و لقارنوا بينه و بين القرآن، ثم لوجدوا أنهم بعد نزول القرآن أقل فصاحة و بلاغة من قبله، و هذا لم يكن. 4- أن شهادة أساطين البلاغة و الفصاحة فيهم قالوا الحق و اعترفوا بإعجاز القرآن في حالات تخليهم عن عنادهم و ضلالهم. 5- أن قوله تعالى قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً دليل على عجزهم مع بقاء قدرتهم، لأنهم لو سلبوا القدرة لم يبق فائدة في اجتماعهم. 6- أن القول بالصرفة يفضي إلى زوال الإعجاز بزوال زمان التحدي، و هذا خلاف إجماع الأمة، حيث أجمعت على بقاء معجزة الرسول العظمى و هي القرآن. انظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي: 2/ 94- و المعجزة الكبرى القرآن: لأبي زهرة: 75- 86- و مناهل العرفان للزرقاني: 2/ 414- 419- و مباحث في إعجاز القرآن للدكتور مصطفى مسلم: 52- 62.

ص: 393

الخاتمة

الحمد للّه أولا و آخرا، و الشكر له ظاهرا و باطنا، دائما و أبدا، و الصلاة و السلام على من أرسله الله بالخير بشيرا، و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا، و بعد:

فما سبق جولة في بطون العديد من المصنفات، استغرقت مني ما يقرب من نيف و ثلاث سنين، بذلت خلالها من الجهد ما اللّه به عليم، و لا شك أن هذه الجولة الطويلة في بطون المصنفات و المراجع، و العيش مع العلماء بمعايشة سيرتهم و تتبع أخبارهم، ثم تكرار النظر و إدامته في مقدمات تفاسير من شملتهم الفترة المقررة لهذا البحث من المفسرين، كل تلك الأمور جعلتني أخرج بنتائج عديدة و للّه الحمد، و ربما أعجز عن سردها هنا، و هي في أماكنها من البحث لا يعجز القارئ من الوقوف عليها، إذ العبارة المستخدمة تبين ذلك بيسر و وضوح، و أذكر من تلك النتائج ما يلي:

- إن نشأة العلوم الإسلامية كانت مواكبة للدعوة، على خلاف ما يذكره جل المصنفين من تأخره إلى القرنين الثاني و الثالث، فرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم منذ أن صدع بوحي اللّه تبارك و تعالى، و تحدث عن نزول الآيات، نشأ علم نزول الوحي، و علم أسباب النزول، نشأ علم صفة حال النبي صلى اللّه عليه و سلم حين نزول الوحي عليه، و غير ذلك من العلوم التي نشأت فيما بعد مواكبة

ص: 394

للدعوة.

- تمت الكتابة في جملة من علوم القرآن في عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم، و سجل الصحابة كثيرا من الذي تلقفوه من في رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فيما يتعلق بالآية و نزولها و ترتيب الآيات و غير ذلك، و نقصد بالكتابة التسجيل من إملاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أو إملاء أحد الصحابة.

أما تدوين تلك العلوم، أعني نقل تلك المعلومات المكتوبة من قبل الصحابة، و ترتيبها، فقد تأخر إلى القرن الثاني الهجري، و كذا التصنيف، و هو التدوين بعد إدخال عناصر جديدة.

- إن النصوص المنقولة إلينا تؤكد أن أول من استعمل مصطلح علوم القرآن هو الإمام الشافعي رحمه اللّه تعالى.

- إن الاهتمام بالتصنيف الموضوعي في علوم القرآن، و التأليف فيه، كان متقدما على التصنيف الموسوعي، و الذي نقصد به جمع الحديث عن أكثر من علم في تصنيف واحد، و كان أول من صنف فيه هو الحارث المحاسبي.

- إن التصنيف الموسوعي في علوم القرآن وصل إلى الذروة في العقد الثاني من القرن الثامن الهجري، و ذلك حين صنف السيوطي كتابيه التحبير و الإتقان.

- إن ثلة من أهل العلم المتخصصين في عصرنا الحالي استطاعوا أن

ص: 395

يقدموا بحوثا جادة في جملة من الموضوعات الهامة في علوم القرآن، و أن لأقسام الدراسات العليا في الجامعات المتخصصة دور كبير في تطوير هذا العلم و نمائه.

- إن مقدمات التفاسير احتوت مادة علمية قيمة، لم يعتمد منها المصنفون في علوم القرآن إلا القليل، كما أن تلك المقدمات قد احتوت آراء المفسرين في كثير من المسائل و الموضوعات و هي آراء من الأهمية بمكان، و رغم ذلك لم توضع للبحث و النقاش كما ينبغي.

- إن توزيع مادة المقدمات و نثرها حسب الموضوعات في هذا البحث وضح لنا نشأتها، و أظهر لنا تطور علوم القرآن و مباحثه عند المفسرين، و ذلك لأن المفسر قد ضمن مقدمته رأيه في بعض المسائل، فجاء اللاحق ليتابع السابق فيما قاله و أثبته، و ليستدرك عليه ما لم يقله مما هو مطلوب قوله، و هو أمر يسد حاجة القارئ و يغنيه من الرجوع إلى المقدمات نفسها.

- إن المفسرين تأثر بعضهم ببعضهم في ذكر الموضوعات التي تذكر في المقدمة، كما تأثروا في ذكر أدلة تلك الموضوعات المطروقة، و لهذا لم يتطور هذا الفن كثيرا بالمقارنة بالعلوم الأخرى.

- إن أكثر الموضوعات التي أولاها المفسرون اهتمامهم هي تلك الموضوعات المتعلقة بأصول التفسير، و أنواعه، و مراتب المفسرين، و جمع القرآن و تدوينه، مع الاهتمام الخاص بموضوع الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها، و كذا فضائل القرآن.

ص: 396

- إن تفسير الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها، بسبع قراءات قرآنية هو الأقرب و الأصح في اعتقادي، إذ هو الموافق للأحاديث و الآثار الواردة، كما أنه هو التفسير الذي يسلم من الاعتراضات التي ترد على غيره من التفسيرات.

و غير ذلك من النتائج التي لا يعدم الناظر في هذا البحث من الوقوف عليها.

و أخيرا يعلم اللّه أنني بذلت ما في وسعي من الوقت و الجهد لتقديم ما أرجو أن يكون حلقة في سلسلة هذا العلم النافع، و اجتهدت قدر معرفتي لتحقيق نتائج مرضية، و يبقى جهد البشر معرّضا للنقص و القصور، فأرجو اللّه أن يوفقني لتعديل ما قد جانبه الصواب، و أن يرشدني لتقديم الأفضل و الأحسن في المستقبل بعونه و منّه و فضله، و آخر دعوانا أن الحمد للّه رب العالمين، و صلى اللّه على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.

ص: 397

ص: 398

[فهارس الكتاب]

فهرس الآيات القرآنية

ص: 399

ص: 400

أُحْكِمَتْ آياتُهُ 2/ 107

إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ 2/ 113، 2/ 63

إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ 2/ 113

إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ 2/ 113

إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ 2/ 112

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ 2/ 112

اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى 2/ 246

أَ رَأَيْتَ* 2/ 207

أَ رَأَيْتَ الَّذِي 2/ 112

أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ 2/ 329

أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها 2/ 190، 2/ 232، 2/ 240

أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً 2/ 342، 2/ 39، 2/ 43

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ 2/ 112

اقرأ 1/ 105، 1/ 65، 2/ 57

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ 2/ 114

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 1/ 103، 1/ 105، 2/ 112، 2/ 158

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ 1/ 102

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ 2/ 58

أُكُلُها دائِمٌ 2/ 152

الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ 1/ 65

ص: 401

الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ 2/ 107

أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ 1/ 385

اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ 2/ 183

الم* 2/ 147، 2/ 176

الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ 2/ 386

أَ لَمْ نَشْرَحْ 2/ 112

أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ 2/ 112

أم القرآن 2/ 207

أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ 2/ 379

إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ 2/ 141

إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ 2/ 87

إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ 1/ 389

إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ 1/ 432، 2/ 220، 2/ 280

أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ 2/ 265

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ 2/ 70

إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 2/ 106

إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ 2/ 157

إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ. فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ 1/ 33، 1/ 39، 2/ 158

إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ 2/ 362

إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا 2/ 322

إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى. صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى 1/ 65

إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ 2/ 112

ص: 402

إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً 2/ 228

إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 2/ 364، 2/ 366

إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا 2/ 330

إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ 2/ 174

إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا 1/ 378

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ 1/ 440، 1/ 441، 1/ 450، 2/ 107، 2/ 155

أَ نُلْزِمُكُمُوها 2/ 147

إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ 1/ 31

أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ 2/ 333

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. 1/ 40

بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ 2/ 365

بني إسرائيل 2/ 112

تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً 2/ 155

تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ 2/ 112

تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ 1/ 117

تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً 2/ 339

جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا 2/ 336

حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ 2/ 105

حم عسق 2/ 112

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً 2/ 155

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ 2/ 374

ص: 403

الْحَيُّ الْقَيُّومُ 1/ 405

الدخان 2/ 112

رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِ 2/ 333

رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آيَةً مِنْكَ 2/ 140

رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا 2/ 338

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* 2/ 374

الرَّحْمنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ 1/ 65

الرَّحِيمِ* 2/ 199

سَأَلَ سائِلٌ 2/ 112

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى 2/ 112

السجدة 2/ 112

ص 2/ 150

صاد 2/ 112

طسم الشعراء 2/ 152

الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ 2/ 152

عبس 2/ 112

عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ 2/ 365

عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَ لا يَنْسى 1/ 99

عَمَّ يَتَساءَلُونَ 2/ 112

فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ 2/ 156

فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ 2/ 192

فَإِذا قَرَأْناهُ 2/ 156

ص: 404

فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ 2/ 157، 2/ 158

فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ 2/ 382

فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ* 2/ 332

فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ 1/ 435، 2/ 234

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ 2/ 80

فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ 1/ 31 علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير ج 2 405 فهرس الآيات القرآنية ..... ص : 399

فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ 2/ 363

فُرْقاناً 2/ 159

فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ 2/ 379

فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ 2/ 228

فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً 1/ 423، 2/ 184

فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ 2/ 152

ق 2/ 150

ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ 2/ 385

قاف 2/ 112

قُرْآناً عَرَبِيًّا* 1/ 280

قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ 2/ 232

قُصِّيهِ 1/ 391، 2/ 276

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ 2/ 184

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ 2/ 184

ص: 405

قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً 2/ 103، 1/ 443

قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ 1/ 30

قُلْ هُوَ 2/ 105

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 2/ 112، 2/ 183

قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ 2/ 112

قُمْ فَأَنْذِرْ 2/ 158

كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ 2/ 339

كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ 1/ 117

كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ 2/ 190، 2/ 193، 2/ 360

كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ 2/ 239

كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ 2/ 232، 2/ 240

كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ 2/ 106

كِراماً كاتِبِينَ 1/ 65

كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ 2/ 383

كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ 2/ 323

لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ 1/ 31

لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ 2/ 107، 2/ 217

لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ 2/ 108، 2/ 109

لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ 1/ 78

لِإِيلافِ قُرَيْشٍ 2/ 112

لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ 2/ 245، 2/ 45

ص: 406

لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ 1/ 323، 2/ 246

لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَ شِفاءٌ 2/ 365

لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ 2/ 61، 2/ 63، 2/ 94

لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ 2/ 78، 2/ 80

لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ 2/ 88، 2/ 92

لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا 2/ 323

لَمْ يَكُنْ 2/ 113

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ 1/ 419

لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ 1/ 344

لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ 2/ 147

ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ 2/ 387

ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَ لا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا 2/ 261

مُدْهامَّتانِ 2/ 148

مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ* 1/ 40

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ 2/ 81، 2/ 86، 2/ 92، 2/ 93

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا 2/ 88، 2/ 92

ن 2/ 150

ن وَ الْقَلَمِ 2/ 112

ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ 1/ 65

ص: 407

نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ 2/ 155

نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ 2/ 365

نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ 1/ 41

نُنْشِزُها 2/ 338

هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ 2/ 113

هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ 2/ 338

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ 2/ 224

وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ 2/ 61، 2/ 62

وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ 2/ 110

وَ أَحْسَنَ تَفْسِيراً 2/ 211

وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ 2/ 43

وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ 2/ 386

وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً 2/ 192

وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً 1/ 423، 2/ 184

وَ أَقْوَمُ* 2/ 322

وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ 2/ 385

وَ التِّينِ 2/ 112

وَ الصَّافَّاتِ 2/ 112

ص: 408

وَ الضُّحى 2/ 112

وَ الْعادِياتِ 2/ 112

وَ الْعَصْرِ 2/ 112

وَ الْفَجْرِ 2/ 112، 2/ 147

وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ 1/ 412

وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى 2/ 112

وَ النَّجْمِ 2/ 112

وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ 2/ 228

وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ 2/ 223

وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ 2/ 365

وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ 2/ 161

وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ 1/ 3061، 2/ 219

وَ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ 2/ 383

وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا 2/ 148

وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ 2/ 339

وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا 2/ 198، 2/ 360

وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ 2/ 339

وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ 2/ 329

وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا 2/ 236، 2/ 237

وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً 1/ 33

وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍ 2/ 140

ص: 409

وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ 2/ 109

وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ 2/ 232

وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ 2/ 239، 2/ 240

وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ 2/ 262

وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً 2/ 152

وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ 2/ 382

وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً 2/ 388

وَ لْيَتَلَطَّفْ 2/ 152

وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ 2/ 365

وَ ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 2/ 223، 2/ 228، 2/ 365

وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ 2/ 384

وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ 2/ 152

وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى 1/ 79

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ 2/ 150، 2/ 342

وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً 2/ 219

وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ 2/ 387

وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ 2/ 99

وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ 2/ 148

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ 2/ 64

وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ 1/ 412

ص: 410

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* 2/ 204

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا 2/ 61

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى 2/ 62

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَ لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَ لا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَ لْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ 1/ 112

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ 1/ 103، 2/ 158، 2/ 59، 2/ 60

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ 1/ 103

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ 2/ 112

يا أَيُّهَا النَّاسُ* 2/ 204

يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ 2/ 363

يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ 2/ 362

يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ 1/ 122

يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ 2/ 248

يس 2/ 112، 2/ 201

يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ 2/ 223

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ 2/ 61، 2/ 62

يَوْمَ الْفُرْقانِ 2/ 159

ص: 411

ص: 412

فهرس الأحاديث و الآثار

ص: 413

ص: 414

آخر آية أنزلت على النبي صلى اللّه عليه و سلم آية الربا. 2/ 61

آخر ما نزل من القرآن: و اتّقوا يوما ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ 2/ 110

أبو الدرداء، و معاذ بن جبل، و زيد بن ثابت، و أبو زيد. قال 2/ 67

اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ 1/ 441

أجتهد برأيي. قال الراوي فضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في صدره و قال الحمد للّه 2/ 230

أحاكمك. 2/ 333

أحد عمومتي. 2/ 66

أحدثك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و تحدثني عن صحيفتك 1/ 65

أحدثك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و تحدثني عن صحيفتك. و هي المجلة 1/ 65

أحسن الناس صوتا من إذا قرأ رأيته يخشى اللّه تعالى 2/ 200

اختلفوا يومئذ في التابوت، فقال زيد (التابوة) و قال عبد اللّه بن 2/ 87

ادعوا زيدا .. فجاء و معه الدواة و اللوح أو الكتف، فقال اكتب 1/ 78

ادعوا زيدا 1/ 78

إذا اختلفتم أنتم و زيد في شي ء من القرآن فاكتبوه بلسان 2/ 85

إذا اختلفتم في شي ء فاجعلوه بلغة قريش. قال ابن شهاب 2/ 124

إذا شربتم فأسئروا.، و من ذلك قول أعشى بني ثعلبة يصف 2/ 138

إذا شربتم فأسئروا 2/ 138

إذا قلت في القرآن برأي أو بما لا أعلم 2/ 236

أرسل إليّ أبو بكر الصديق مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن 2/ 78

أرسله، اقرأ يا هشام. فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأها فقال 2/ 314

أسأل اللّه معافاته و مغفرته، و إنّ أمتي لا تطيق ذلك. ثم جاءه 2/ 317

أسأل اللّه معافاته و مغفرته، و إن أمتي لا تطيق ذلك. قال ثم 2/ 317

ص: 415

استزده. فقال على حرفين. حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، 2/ 318

استعمل عليّ ابن عباس على الحج، قال فخطب الناس خطبة 2/ 283

استعن بيمينك.، و أومأ بيده للخط.، أي بالكتابة 1/ 80

استعن بيمينك 1/ 80

أشراف أمتي حملة القرآن. 2/ 180

اعرضها عليّ 1/ 64

أعطاني ربي مكان التوراة السبع الطوال، و مكان الإنجيل 1/ 320

أعطوا أعينكم حظها من العبادة. قالوا يا رسول اللّه، و ما 2/ 193

أفعل ما لم يفعله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم! فتراجعا في ذلك 2/ 77

أقرأ أمتي أبيّ بن كعب 2/ 98

أقرأ أمتي أبيّ بن كعب ..: و قال من سرّه أن يقرأ القرآن غضا 2/ 98

اقرأ. فقلت ما أنا بقارئ. فأخذني فغطّني الثالثة، ثم أرسلني 2/ 58

اقرأ. فقلت ما أنا بقارئ. فأخذني، فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: اقرأ 1/ 103

اقرأ. فقلت ما أنا بقارئ. فأخذني فغطّني الثانية حتى بلغ مني 2/ 58

اقرأ. فقلت ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم 1/ 103

اقرأ. فقلت ما أنا بقارئ. قال فأخذني فغطّني حتى بلغ مني 2/ 58

اقرأ. قال: ما أنا بقارئ. قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني 1/ 103

اقرأ و ارتق، و رتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند 2/ 180

اقرأ يا عمر. فقرأت القراءة التي أقرأني. فقال رسول اللّه 2/ 314

أقرأني جبريل عليه السلام على حرف فراجعته فزادني، فلم أزل أستزيده 2/ 316

أقرأنيها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. فقلت كذبت، فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد 2/ 314

اقرءوا القرآن بلحون العرب و أصواتها، و إياكم و لحون أهل 1/ 422

اقرءوا القرآن على حرف. فقال ميكائيل استزده. فقال على 2/ 318

ص: 416

اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرءوا 2/ 182

أقوم، أصوب، أهيأ، واحد 2/ 323

اكتب فو الذي نفسي بيده لا يخرج مني إلا حق .. بل إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يملي 1/ 82

اكتب فو الذي نفسي بيده لا يخرج مني إلا حق 1/ 81

اكتب. قال حتى سأله عن التفسير كله. 2/ 286

اكتب لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ 1/ 78

اكتبوا لأبي فلان 1/ 80

اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس 1/ 94

اكتبوه بالتاء (التابوت)، فإنه نزل بلسان قريش 2/ 124

اكتبوه (التابوت) فإنه بلسان قريش. 2/ 87

أكلها 2/ 152

ألا إنها ستكون فتنة. قلت ما المخرج منها يا رسول اللّه؟ قال 2/ 174

ألا إني أتيت القرآن و مثله معه. قال ابن كثير يعني السنة، فالسنة تنزل 2/ 229

ألا إني أوتيت الكتاب و مثله معه 1/ 79، 1/ 80

ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، 2/ 173

أ لا تعلّمين هذه رقية النّملة كما علّمتيها الكتابة. و كان من 1/ 73

أ لا تعلّمين هذه رقية النّملة كما علّمتيها الكتابة 1/ 72

إلا ما شاء اللّه. لما كان يدعو إليه من الإلحاد و الزندقة 2/ 169

إلا ما شاء اللّه 2/ 169

الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حلّ ارتحل 2/ 178

اللّه أكبر، أو يأخذهم على تخوف، أي على تنقّص 2/ 333

اللّهم أخسئ الشيطان عنه يا أبيّ، أتاني آت من ربي فقال: إن 2/ 316

اللّهم اغفر لأمتي، اللّهم اغفر لأمتي، و أخّرت الثالثة ليوم 2/ 315

ص: 417

اللّهم علّمه الكتاب. و قال فيه: اللّهم فقهه في الدين. و حسبك 2/ 282

اللّهم فقهه في الدين. و حسبك من هذه دعوة 2/ 282

اللّهم فقّهه في الدين و علمه التأويل 1/ 501، 2/ 302

أ لم تر آيات أنزلت اللّيلة لم ير مثلهنّ قطّ؟ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ 2/ 184

أما إن نبيكم صلى اللّه عليه و سلم قال إن اللّه تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما و يضع به 2/ 172

أما إني قد سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول ألا إنها ستكون فتنة 2/ 174

أما بعد ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي 2/ 173

أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف 1/ 283، 2/ 350

إن أبي يتخوفني حقي. فقال عمر اللّه أكبر، أو يأخذهم على 2/ 333

أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت 2/ 85

إن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم باليمامة تهافتوا تهافت الفراش في 2/ 77

أن اقرأه على سبعة أحرف، و لك بكل ردة رددتها مسألة 2/ 315

إن اللّه تبارك و تعالى يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، 2/ 317

إن اللّه تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما و يضع به آخرين. قال 2/ 172

إن اللّه يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف. قال 2/ 317

إن اللّه يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف. فقال صلى اللّه عليه و سلم أسأل 2/ 317

إن اللّه يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين. قال أسأل 2/ 317

إن اللّه يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيّما 2/ 317

إن اللّه يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد. فقلت رب 2/ 316

إن اللّه يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد. فقلت: رب خفف عن 2/ 316

إن اللّه يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف، و لك بكل ردة مسألة 2/ 316

أن أول ما نزل سورة الْمُدَّثِّرُ 2/ 59

إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتي به 2/ 185

ص: 418

أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، و كان يغازي أهل الشام 2/ 86

أن حذيفة بن اليمان قدم من غزوة كان غزاها بمرج إرمينية فلم 2/ 87

إن الحياء وقار. و إن من الحياء سكينة. فقال عمران أحدثك عن 1/ 65

إن الحياء وقار. و إن من الحياء سكينة. فقال عمران أحدثك عن رسول اللّه 1/ 65

إنّ الرجل الذي ليس في جوفه شي ء من القرآن كالبيت الخرب 2/ 178

أن زيد بن ثابت فقد آية الأحزاب: من المؤمنين رجال 2/ 92

إن عبد اللّه يقرأ غضا كما أنزل 2/ 72

أن عليا رضي اللّه عنه كتب في مصحفه الناسخ و المنسوخ و أن ابن سيرين 1/ 134

إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقراء 2/ 78

إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقراء القرآن، و إني أخشى إن 2/ 78

إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن 2/ 319

إن لكل حرف منه حدا 2/ 358

إن من الحياء سكينة. فقال عمران أحدثك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم 1/ 65

إن هذا قد دعاني إلى أمر فأبيت عليه، و أنت كاتب الوحي 2/ 77

إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه 1/ 380، 1/ 438، 2/ 314

إن هذا القرآن مأدبة اللّه فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن 2/ 176

إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف، نهي و أمر، 2/ 341

إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، و دخل آخر فقرأ قراءة سوى 2/ 315

إن هذا الكلام حسن، و الذي معي أفضل من هذا، قرآن أنزله 1/ 64

إنّ هذين 2/ 106

أن هوّن على أمتي. فرد إلي الثالثة أن اقرأه على سبعة أحرف، 2/ 315

أنا خاتم الأنبياء، لا نبي بعدي 2/ 169

ص: 419

أنا خاتم الأنبياء، لا نبي بعدي .. فزاد الراوي إلا ما شاء اللّه. لما 2/ 169

أنتم عندي تختلفون فيه و تلحنون، فمن نأى عني من أهل الأمصار أشد 2/ 84

أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر إلى 2/ 53، 2/ 55

أنزل القرآن على سبعة أحرف .. إنما هو أنه أنزل على الأوجه 2/ 344

أنزل القرآن على سبعة أحرف، فالمراء في القرآن كفر- ثلاث 2/ 319

أنزل القرآن على سبعة أحرف 2/ 330، 2/ 344

أنزل القرآن. من سبعة أبواب الجنة 1/ 283

إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، و قد كنت تكتب الوحي 2/ 78

إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقّلة، إن عاهد 2/ 188

إنه كان يعلم تفسير قوله تعالى: إنّ الّذي فرض عليك القرآن 1/ 426، 2/ 280

إني جاورت بحراء، فلما قضيت جواري هبطت الوادي 1/ 104

إني قد خلّفت فيكم شيئين لن تضلوا أبدا ما أخذتم بهما، 2/ 172

إني قد سمعت إلى القراء فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما 2/ 322

إني قد صنعت كذا و كذا و محوت ما عندي فامحوا ما 2/ 97

إني قد صنعت كذا و كذا، و محوت ما عندي، فامحوا ما عندكم 2/ 84، 2/ 97

إني لا آمن يهودا على كتابي .. فلم يمر بي نصف شهر حتى 1/ 70

إني لا آمن يهودا على كتابي 1/ 70

إني لأستحي ألا أنظر كل يوم في عهد ربي. و من ذلك أن يقرأ 2/ 193

إني مدخل معك رجلا لبيبا فصيحا، فما اجتمعتما عليه 2/ 87

أو قد برئ اللّه من رسوله؟ فإن يكن اللّه برئ من رسوله فأنا 2/ 265

أو قد فعلوها؟ قلت نعم. قال أما إني قد سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم 2/ 174

أول ما بدئ به رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الوحي الرؤيا الصالحة في 1/ 103، 2/ 58

أيّ أرض تقلّني، و أيّ سماء تظلّني إذا قلت في القرآن بما لا 2/ 236

ص: 420

أي سماء تظلني، و أي أرض تقلني، و أين أذهب، و كيف 1/ 430

أي القراءتين تقرأ؟ قلت القراءة الأولى، قراءة ابن أمّ عبد؛ فقال 2/ 72

بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت و كيت، بل هو نسّى، 2/ 189

بسنة رسول اللّه. قال فإن لم تجد؟ قال أجتهد برأيي. قال الراوي فضرب 2/ 230

بكتاب اللّه. قال فإن لم تجد؟ قال بسنة رسول اللّه. قال فإن لم تجد؟ قال 2/ 230

بل هي القراءة الآخرة، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يعرض القرآن 2/ 72

بلّغوا عني و لو آية، و حدثوا عن بني إسرائيل و لا 1/ 495

بلغوا عني و لو آية، و حدثوا عن بني إسرائيل و لا حرج 2/ 44

بلغوا عني و لو آية،: و حدّثوا عن بني إسرائيل و لا حرج،: و من كذب 2/ 231

بم تحكم؟ قال بكتاب اللّه. قال فإن لم تجد؟ قال بسنة رسول 2/ 230

(التابوت). 2/ 87

(التابوت). فرفع اختلافهم إلى عثمان فقال اكتبوه بالتاء 2/ 124

(التابوت). فرفع اختلافهم إلى عثمان فقال اكتبوه (التابوت) 2/ 87

(التابوت)، فرفعنا ذلك إلى عثمان فكتب (التابوت) 2/ 87

(التابوة)، و قال أبان بن سعيد (التابوت)، فرفعنا ذلك إلى 2/ 87

(التابوة). و قال ابن الزبير و سعيد بن العاص (التابوت). فرفع 2/ 124

(التابوة) و قال عبد اللّه بن الزبير و سعيد بن العاص 2/ 87

تعال أفاتحك. أي أحاكمك 2/ 333

تعاهدوا هذا القرآن، فو الّذي نفس محمد بيده لهو أشدّ تفلّتا من 2/ 188

تعلّمت العلم و علّمته و قرأت فيك القرآن. قال كذبت، و لكنك تعلّمت 2/ 185

تعمل بما أمرك اللّه به، و تطلب به غيره، و اتقوا الرياء فإنه 1/ 423

تلقيتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فسألا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عنها فقال رسول 2/ 319

تلقّيتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. و قال الآخر تلقيتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، 2/ 319

ص: 421

ثم أتاه الثانية فقال إن اللّه يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على 2/ 317

ثم ضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على ركبتي فقال: يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أوّل 2/ 185

جعلت فداءك، تصف جابرا بالعلم و أنت أنت؟! فيقول كرم 1/ 426

جعلت فداك تصف جابرا بالعلم و أنت أنت؟ فقال إنه كان 2/ 280

جمع القرآن على عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم أربعة، كلّهم من الأنصار معاذ 2/ 66

الحال المرتحل. قال: و ما الحال المرتحل؟ قال: الذي يضرب من أول القرآن 2/ 178

حتى سأله عن التفسير كله 2/ 286

حتى كفر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فقام خطيبا 2/ 84

حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري، لم 1/ 436

حدثنا الذين كانوا يقرءوننا القرآن- كعثمان بن عفان 1/ 104

حرّاق المصاحف، فو اللّه ما حرقها إلا على ملأ من أصحاب 2/ 97

الحمد للّه الذي وفق رسول رسول اللّه لما يرضي رسول اللّه 2/ 230

الحمد للّه رب العالمين، ثم يقف، الرحمن الرحيم، ثم 1/ 478

الحياء لا يأتي إلا بخير .. فقال بشير مكتوب في الحكمة إن الحياء 1/ 65

الحياء لا يأتي إلا بخير 1/ 65

خذوا القرآن من أربعة من ابن أمّ عبد- فبدأ به- 2/ 68

خذوا القرآن من أربعة من ابن أمّ عبد- فبدأ به- الحديث 2/ 68

خذوا القرآن من أربعة من ابن مسعود، و أبيّ بن كعب، و معاذ 2/ 68

خيركم من تعلم القرآن و علّمه. و في رواية زيادة فإن اللّه يرفع 2/ 177

دثروني دثروني، و صبوا عليّ ماء باردا، فأنزل عليّ: يا أيّها 1/ 104

دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بأديم و علي بن أبي طالب عنده، فلم يزل 1/ 82

ذلك صريح الإيمان 1/ 434

الرأي رأيك يا أمير المؤمنين؛: فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا 2/ 85

ص: 422

الرأي عندي أن يجتمع الناس على قراءة، فإنكم إذا اختلفتم 2/ 85

رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن و معه ألواحه 2/ 286

رب خفف عن أمتي. ثم أتاني الثالثة فقال مثل ذلك، و قلت مثله. ثم 2/ 316

رب خفّف عني. ثم أتاني الثانية فقال إن اللّه يأمرك أن تقرأ القرآن على 2/ 316

زملوني، زمّلوني، فدثروني، فأنزل اللّه تعالى يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ 2/ 59

زملوني زملوني. فزملوه حتى ذهب عنه 1/ 103

زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه ما يجد من الروع. 2/ 58

سبحان اللّه و بحمده، سبحان اللّه العظيم 2/ 148

سبعة أبواب الجنة 1/ 283

سلوني عن كتاب اللّه، فو اللّه ما من آية إلا و أنا أعلم أ بليل 2/ 281

صاحب القرآن يضرب من أوله حتى يبلع آخره، ثم يضرب في 2/ 196

صدقت ربنا و بلّغت رسلك، و من الآداب أن يجمع أهله إذا 2/ 197

ضعوا هذه السورة موضع كذا و كذا من القرآن 2/ 120

طلبنا هذا الأمر و ليس لنا فيه نية ثم جاءت النية 2/ 187

عرضت عليّ أجور أمّتي حتى القذاة يخرجها الرجل من 2/ 189

عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته 2/ 286

العقل و فكاك الأسير، و لا يقتل مسلم بكافر 1/ 82

على حرفين. حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال كلها شاف 2/ 318

عليك بالحالّ المرتحل، قيل و ما الحالّ المرتحل؟ قال صاحب 2/ 196

غزوت مرج إرمينية فحضرها أهل العراق و أهل الشام، فإذا 2/ 87

غفور رحيم، سميع عليم، أو عليم حكيم، ما لم تختم عذابا 2/ 346

فأتاه جبريل فقال إن اللّه يأمرك أن تقرأ أمّتك القرآن على 2/ 317

فاختلفوا يومئذ في (التابوت) فقال زيد (التابوة). و قال ابن 2/ 124

ص: 423

فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال اقرأ. 2/ 58

فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال اقرأ. فقلت ما أنا 1/ 101

فأصدق و أكون 2/ 106

فاقتص أبو بكر قول عمر، و عمر ساكت، فنفرت من ذلك 2/ 77

فأقرأه رجل (براءة) فقال: أنّ اللّه بري ء من المشركين 2/ 265

فاقرءوا ما تيسر منه 1/ 375، 1/ 432

فالقوا اللّه بالمصاحف 2/ 99

فأمرني أبو بكر، فكتبته في قطع الأدم و كسر الأكتاف و العسب 2/ 77

فأمرني عثمان بن عفان أن أكتب له مصحفا، و قال إني 2/ 87

فإن اللّه يرفع بهذا القرآن أقواما و يضع آخرين 2/ 177

فإن لم تجد؟ قال أجتهد برأيي. قال الراوي فضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم 2/ 230

فإن لم تجد؟ قال بسنة رسول اللّه. قال فإن لم تجد؟ قال أجتهد برأيي 2/ 230

فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي، فإذا 2/ 59

فتعلمنا القرآن و العلم و العمل جميعا 1/ 104

فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك و الروم لأسلموا، ثم قرأ 2/ 283

فذهبنا ننظر، فقلنا: لا شي ء و اللّه! و ما علينا في ذلك 2/ 77

فربما اختلفوا في الآية فيذكرون الرجل قد تلقاها من رسول اللّه 2/ 84

فرجع بها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد- 1/ 102

فرق اللّه تنزيل القرآن فكان بين أوله و آخره عشرون سنة 2/ 56

فسر آيا بعدد علّمه إياهنّ جبريل 1/ 292

فضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في صدره و قال الحمد للّه الذي وفق رسول رسول 2/ 230

فضرب في صدري و قال و اللّه! ليهنك العلم يا أبا المنذر 2/ 183

فطلبت ذلك الكتاب، و كتبت فيه إلى المدينة فلم أقدر 1/ 121

ص: 424

فقال إن اللّه يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، 2/ 317

فقال جبريل للنبي عليه السلام يا محمد ضعها في رأس 2/ 110

فقدت آية من سورة الأحزاب ... إلى قوله فوجدتها مع 2/ 94

فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسخت المصحف قد كنت 2/ 81، 2/ 87

فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقرؤها 2/ 93

فقلت (التابوة)، و قال أبان بن سعيد (التابوت)، فرفعنا ذلك 2/ 87

فلا أعلمه إلا قال- حتى كفر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك 2/ 84

فلم أجد فيه هاتين الآيتين: لقد جاءكم رسول من 2/ 97

فلما بلغنا إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ 2/ 87

فليس له اليوم هاهنا حميم، و ليس له شراب إلا من غسلين من 2/ 109

فليس له اليوم هاهنا حميم، و ليس له شراب إلا من غسلين، من 2/ 108

فما عملت فيها؟ قال تعلّمت العلم و علّمته و قرأت فيك القرآن. قال 2/ 185

فو اللّه لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما 2/ 78

فوجدت آخر سورة براءة مع خزيمة بن ثابت: لقد جاءكم 2/ 80

فوجدتها مع خزيمة 2/ 94

في القرآن برأي أو بما لا أعلم 2/ 236

قال جبريل: اقرءوا القرآن على حرف. فقال ميكائيل استزده 2/ 318

قال رجل: يا رسول اللّه صلى اللّه عليك و سلم،: أي الأعمال أحب 2/ 178

قال زيد فقلت (التابوة)، و قال أبان بن سعيد 2/ 87

قام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى (خما) بين مكة 2/ 173

قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لم يكن القرآن جمع و إنما كان في الكرانيف 2/ 75

قدم إعرابي في زمان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال فأقرأه رجل (براءة) فقال 2/ 265

القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه 1/ 375

ص: 425

القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على أحسن وجوهه 1/ 324

القراءة الأولى، قراءة ابن أمّ عبد؛ فقال بل هي القراءة الآخرة، 2/ 72

قراءتي خير من قراءتك، و قراءتي أفضل من قراءتك، و هذا 2/ 85

قرأت من في رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اثنتين و سبعين سورة- أو ثلاثا 2/ 70

قلت اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ* 2/ 183

قلت لأنس من أبو زيد؟ قال أحد عمومتي 2/ 66

قلت لأيوب ما معنى قول أبي الدرداء- رضي اللّه عنه- 2/ 238

قيّدوا العلم بالكتاب .. اكتبوا لأبي فلان ..، و روي أن رجلا 1/ 80

قيّدوا العلم بالكتاب 1/ 80

كان الرجل منا إذا تعلّم عشر آيات لم يجاوزهنّ حتى يعرف معانيهنّ، 2/ 279

كان يعرض القرآن على جبريل عليه السلام في كل عام مرة في 2/ 118

كان يمد مدا 1/ 419

كان يمدّ مدّا، إذا قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* يمد: بسم 2/ 199

كان يملي الكتب إلى الملوك و في المصالحة و قد أملى على علي 1/ 81

كتاب اللّه، فيه نبأ ما قبلكم، و خبر ما بعدكم، و حكم ما بينكم، 2/ 174

كتاب اللّه فيه الهدى و النور من استمسك به و أخذ به كان على 2/ 173

كذبت، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت. 2/ 314

كذبت، و لكنك تعلّمت العلم ليقال عالم، و قرأت القرآن ليقال قارئ، 2/ 185

كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى 2/ 148

كلها شاف كاف، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة 2/ 318

كنا نطلب العلم للدنيا فجّرنا إلى الآخرة. و قال سفيان الثوري 2/ 187

كنا نطلب العلم للدنيا، فجّرنا إلى الآخرة 1/ 425

كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه، 2/ 315

ص: 426

كنت فيمن يملي عليهم، قال فربما اختلفوا في الآية فيذكرون الرجل 2/ 84

كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟! قال هو و الله 2/ 78

كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟! قال عمر: هذا و اللّه 2/ 78

لا أعلمه إلا عن أبي هريرة، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: أنزل القرآن 2/ 319

لا أقول في القرآن شيئا 2/ 237

لا إله إلا اللّه، و التي ذكرها جعفر بن محمد الطيالسي، عن 2/ 170

لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ 2/ 182

لا تخادع اللّه، فإنه من يخادع اللّه يخدعه اللّه، و نفسه يخدع لو 1/ 423

لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم 2/ 258

لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها كثيرة، قال حماد 2/ 238

لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا و كذا. فلما بلغ ذلك المكان قرأه 1/ 93

لا تكتبوا عني، و من كتب عني غير القرآن فليمحه، و حدثوا عني 1/ 87

لا شي ء و اللّه! و ما علينا في ذلك شي ء! 2/ 77

لا يقول أحدكم نسيت آية كذا و كذا بل هو نسّى 2/ 189

لقد أدركت فقهاء المدينة، و إنهم ليغلظون القول في التفسير، 2/ 237

لمّا قتل أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم باليمامة دخل عمر بن الخطاب 2/ 77

لما كان في خلافة عثمان، جعل المعلّم يعلّم قراءة الرجل، 2/ 84

لما نسخت الصحف فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع 2/ 92

لو أنّ حملة القرآن أخذوه بحقه و ما ينبغي لأحبهم اللّه، و لكن 2/ 186

لو سمعت هذا الديلم لأسلمت 2/ 241، 2/ 284

لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار. قال البغوي قيل معناه 2/ 181

لو كنت الوالي وقت عثمان لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان 2/ 97

ليسجننه عتى حين 2/ 337

ص: 427

ما أنا بقارئ. فأخذني فغطّني الثالثة ثم أرسلني فقال: اقرأ 2/ 58

ما أنا بقارئ. فأخذني، فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: اقرأ باسم ربّك 1/ 103

ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم 1/ 103، 2/ 58

ما أنا بقارئ. قال فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد، ثم 2/ 58

ما أنا بقارئ. قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال 1/ 103

ما أنا بقارئ. كان للرسول صلى اللّه عليه و سلم تفسير لكلام جبريل مختلف عن 1/ 105

ما ترون في المصاحف؟ فإن الناس قد اختلفوا في القراءة حتى 2/ 85

ما الرأي عندك يا أمير المؤمنين؟ قال: الرأي عندي أن يجتمع الناس على 2/ 85

ما عندنا غير هذه الصحيفة، أو فهم يؤتاه الرجل في كتابه 2/ 242

ما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد علمهن 2/ 242

ما كان عبد اللّه يصنع بسورة الأعراف؟ فقال ما كان يعلمها 2/ 70

ما كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا تعد علمهن إياه 2/ 46

ما كان يعلمها حتى قدم الكوفة؛ قال و قد قال بعض أهل العلم 2/ 70

ما كنت أدري معنى قوله: ربّنا افتح بيننا و بين قومنا 2/ 333

ما المخرج منها يا رسول اللّه؟ قال كتاب اللّه، فيه نبأ ما قبلكم، 2/ 174

ما من امرئ يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي اللّه تعالى يوم 2/ 189

ما من قلب مؤمن إلا و هو بين إصبعين من أصابع رب 1/ 349

ما نزل من القرآن من آية إلا لها ظهر و بطن، و لكل حرف حدّ، 1/ 330، 2/ 358

مات أبو زيد و لم يترك عقبا، و كان بدريا 2/ 67

مات عبد اللّه بن مسعود قبل أن يتعلم المعوّذتين 2/ 70

مات النبي صلى اللّه عليه و سلم و لم يجمع القرآن غير أربعة أبو الدرداء، و معاذ بن 2/ 67

مثل الذين يقرءون القرآن و هم لا يعلمون من تفسيره، كمثل قوم جاءهم 2/ 220

مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجّة طعمها طيب 2/ 175

ص: 428

مثل الماهر بالقرآن مثل السفرة الكرام البررة،: و مثل الذي يقرؤه 2/ 177

مجلة لقمان- يعني حكمة لقمان- فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اعرضها 1/ 64

مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث، فدخلت على علي 2/ 174

معاذ بن جبل، و أبيّ بن كعب، و زيد بن ثابت، و أبو زيد. قال 2/ 66

مكتوب في الحكمة إن الحياء وقار. و إن من الحياء سكينة. فقال 1/ 65

مكتوب في الحكمة إن الحياء وقار. و إن من الحياء سكينة. فقال عمران أحدثك عن رسول اللّه 1/ 65

مكثت سنتين أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين 2/ 283

من ابن أمّ عبد- فبدأ به- ... الحديث 2/ 68

من ابن مسعود، و أبيّ بن كعب، و معاذ بن جبل، و سالم مولى 2/ 68

من أبو زيد؟ قال أحد عمومتي 2/ 66

من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرؤها؟ قال أقرأنيها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم 2/ 314

من تعلم علما مما يبتغى به وجه اللّه لا يتعلمه إلا ليصيب به 2/ 185

من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ 1/ 385

من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم الدجال 2/ 183

من حمل القرآن و قرأه لم تمسه النار يوم القيامة 2/ 181

من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من 2/ 45

من سئل عن علم فكتمه ألجمه اللّه بلجام من نار يوم 1/ 70

من سرّه أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم 2/ 98

من سرّه أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد 2/ 98

من سلك طريقا يطلب به علما سهل اللّه له طريقا إلى 1/ 69

من عين تجري من تحت الجحيم 2/ 109

من قال به صدق، و من عمل به أجر، و من حكم به عدل، 2/ 174

ص: 429

من قال في القرآن برأيه- أو بما لا يعلم- فليتبوأ مقعده من 2/ 235

من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ 1/ 287، 1/ 321، 2/ 245، 2/ 236، 2/ 246

من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار 2/ 234، 2/ 247

من قرأ حرفا من كتاب اللّه فله حسنة، و الحسنة بعشر أمثالها، لا أقول 2/ 176

من قرأ القرآن فليسأل اللّه عزّ و جلّ به، فإنه سيجي ء أقوام يقرءون 2/ 186

من قرأ القرآن و تلاه و حفظه أدخله اللّه الجنة و شفّعه في عشرة 2/ 179

من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب رسول اللّه، فإنهم 2/ 97

من هذا الذي يقرأ القرآن؟ فقيل له هذا عبد اللّه بن أم عبد؛ 2/ 72

نحن ورثناه- أي أبا زيد- و في رواية قال مات أبو زيد و لم 2/ 67

نزل جبريل بالقرآن جملة واحدة ليلة القدر [...] النجوم من 2/ 53

نزلت الصحف في أول يوم من شهر رمضان، و نزلت التوراة 2/ 52

نزول القرآن على سبعة أحرف 1/ 432

نضّر اللّه امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلّغه، فربّ حامل 1/ 69

النظر في المصحف و التفكر فيه و الاعتبار عند عجائبه 2/ 193

نعم ترجمان القرآن ابن عباس 2/ 284

نعم. قال أما إني قد سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول ألا إنها ستكون 2/ 174

نفعل ما لم يفعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم! إلى أن قال عمر كلمته: و ما 2/ 77

ننشرها 2/ 338

هذا عبد اللّه بن أمّ عبد؛ فقال إن عبد اللّه يقرأ غضا كما أنزل 2/ 72

هذا و اللّه خير 2/ 78

هكذا أنزلت. ثم قال النبي صلى اللّه عليه و سلم اقرأ يا عمر. فقرأت القراءة التي 2/ 314

هكذا أنزلت. ثم قال النبي صلى اللّه عليه و سلم إن هذا القرآن أنزل على سبعة 2/ 314

ص: 430

هل خصكم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بشي ء؟ فقال ما عندنا غير هذه 2/ 242

هلمّ و تعال 2/ 318، 2/ 322

هو أن ترى له وجوها فتهاب الإقدام عليها. فقال هو ذاك، هو 2/ 238

هو ذاك، هو ذاك 2/ 238

هو و اللّه خير 2/ 78

و اللّه! ليهنك العلم يا أبا المنذر 2/ 183 علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير ج 2 431 فهرس الأحاديث و الآثار ..... ص : 413

أمر- أي عثمان- بما سوى ذلك من القرآن أن 2/ 97

و أمر- أي عثمان- بما سوى ذلك من القرآن أن يحرق 2/ 97

و إن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم 2/ 106

و إن لكل حد من ذلك مطلعا 2/ 360

و إن لكل حرف منها ظهرا و بطنا 2/ 359

و أهل بيتي، أذكركم اللّه في أهل بيتي. و زاد في رواية كتاب اللّه 2/ 173

و بشر عبادي الذين 2/ 106

و تعلّم عبد اللّه بقية القرآن من مجمّع بن جارية الأنصاري 2/ 70

وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري 2/ 79

و رجل تعلّم العلم و علّمه، و قرأ القرآن فأتي به فعرّفه نعمه 2/ 185

و قال من سرّه أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن 2/ 98

و قد قال بعض أهل العلم مات عبد اللّه بن مسعود قبل أن 2/ 70

و قد وجدتموه؟ 1/ 434

و لو أن لي ما في الأرض من صفراء و بيضاء لافتديت به من 2/ 360

و ما الذي معك؟ 1/ 64

و ما الذي معك؟. قال مجلة لقمان- يعني حكمة لقمان- فقال 1/ 64

و ما الحال المرتحل؟ قال: الذي يضرب من أول القرآن إلى 2/ 178

ص: 431

و ما الحالّ المرتحل؟ قال صاحب القرآن يضرب من أوله حتى 2/ 196

و ما ذاك؟ قال غزوت مرج إرمينية فحضرها أهل العراق و أهل 2/ 87

و ما عليكما لو فعلتما ذلك؟ 2/ 77

و ما عليكما لو فعلتما ذلك؟. قال فذهبنا ننظر، فقلنا: لا 2/ 77

و من قال برأيه فأخطأ فقد كفر 2/ 236

و نوائب الدهر 2/ 104

و وجدها مع خزيمة بن ثابت، و أنه فقد في نفس الجمع آية 2/ 92

يا أبا حمزة، إنما هي وَ أَقْوَمُ*. فقال أقوم، أصوب، أهيأ، 2/ 323

يا أبا المنذر أ تدري أيّ آية من كتاب اللّه معك أعظم؟ قال قلت 2/ 183

يا أبي! أرسل إليّ أن اقرأ القرآن على حرف واحد. فرددت إليه 2/ 315

يا أبيّ، إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين، ثم زادني 2/ 346

يا أمير المؤمنين أدرك الناس! فقال عثمان و ما ذاك؟ قال 2/ 87

يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب 2/ 86

يا أمير المؤمنين أ لا ترى أن الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ 2/ 174

يا أهل العراق، اكتموا المصاحف التي عندكم، و غلّوها فإن اللّه 2/ 99

يا أيها الناس، قد بيّن اللّه لكم في محكم كتابه ما أحل لكم، و ما 2/ 219

يا جبريل إني بعثت إلى أمة أمّيين منهم العجوز و الشيخ الكبير، 2/ 318

يا رب ... الحديث 2/ 316

يا رسول اللّه إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف 2/ 314

يا رسول اللّه صلى اللّه عليك و سلم،: أي الأعمال أحب إلى اللّه؟ قال: 2/ 178

يا رسول اللّه، و كيف يخادع اللّه؟ قال تعمل بما أمرك اللّه به، 1/ 423

يا رسول اللّه، و ما حظها من العبادة؟ قال: النظر في المصحف 2/ 193

يا كافر، يا خاسر، يا غادر، يا فاجر، ضلّ عملك، و بطل 1/ 423

ص: 432

يا كافر، يا خاسر، يا غادر، يا فاجر، ضلّ عملك، و بطل أجرك، فلا خلاق 2/ 429

يا محمد إن القرآن أنزل على سبع أحرف 2/ 318

يا محمد ضعها في رأس ثمانين و مائتين من البقرة 2/ 110

يا معشر المسلمين أعزل عن نسخ المصاحف و يتولاه رجل، 2/ 99

يا معشر الناس اتقوا اللّه! و إياكم و الغلو في عثمان، و قولكم 2/ 97

يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف 2/ 289

يقال لصاحب القرآن اقرأ و ارتق، و رتل كما كنت ترتل في 2/ 180

ص: 433

ص: 434

فهرس الأعلام المترجم لهم

ص: 435

ص: 436

أبان بن تغلب الكوفي 1/ 141

إبراهيم بن إسحاق الحربي 1/ 183

إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع بن يزيد الأنصاري 2/ 80

إبراهيم بن السري بن سهل 1/ 37

إبراهيم بن محمد بن إبراهيم السفاقسي 1/ 211

إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي المعروف بابن أبي شريف المقدسي 1/ 228

إبراهيم بن محمد بن عرفة العتكي، المشهور بنفطويه 1/ 195

إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي 2/ 131

إبراهيم الكجي الكشي 1/ 195

أبو بكر بن عيّاش بن سالم الأسدي 2/ 110

أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي 2/ 321

أبو حذيفة 1/ 62

أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري، المعروف بابن الأثير 1/ 274

أبو شاة اليماني 1/ 80

أبو عمرو زبان بن العلاء المازني البصري 2/ 73

أبو محمد بن الفرس، و اسمه عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم الأنصاري 2/ 264

أبو منصور، محمد بن أحمد بن الأزهر الأزهري الهروي 2/ 263

أبي بن كعب بن قيس بن عبيد 2/ 66

أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي الغرناطي 1/ 461

أحمد بن أبي طالب بن نعمة بن حسن الحجار بن الشحنة 2/ 30

أحمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عمر بن بريدة، الشهاب الأبشيطي 1/ 228

أحمد بن جبير بن محمد الكوفي الأنطاكي 1/ 191

أحمد بن الحسن بن خيرون، المعروف بابن الباقلاني 1/ 309

ص: 437

أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني 1/ 192

أحمد بن حنبل الشيباني 1/ 81

أحمد بن سليمان الحنفي الشهير بابن كمال باشا 1/ 209

أحمد بن شعيب بن علي بن سنان النسائي 1/ 190

أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني 1/ 52

أحمد بن عبد الرحيم بن وجيه الدين العمري الدهلوي 1/ 53

أحمد بن عبد الغفار بن أشتة الأصبهاني 1/ 133

أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم القيسي 2/ 13

أحمد بن علاء الدين حجي بن موسى الحسباني 2/ 31

أحمد بن علي بن أحمد بن خلف، أبو جعفر الباذش 2/ 252

أحمد بن علي بن ثابت البغدادي، المعروف بالخطيب 1/ 312

أحمد بن علي بن عمرو السليماني البخاري 1/ 264

أحمد بن علي بن محمد بن العسقلاني 1/ 88

أحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي، نسبة إلى المهدية بالمغرب 1/ 204

أحمد بن عمر بن إبراهيم الأنصاري القرطبي 1/ 410

أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خلكان البرمكي 1/ 333

أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الملقب بالثعلبي، و قيل الثعالبي 1/ 203

أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري 1/ 333

أحمد بن محمد بن أبي طاهر محمد الأسفراييني 1/ 273

أحمد بن محمد بن إسماعيل أبو جعفر 1/ 175

أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم، المعروف بابن عربشاه 1/ 302

أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن يوسف النيسابوري 1/ 333

أحمد بن محمد بن عبد اللّه المعافري الأندلسي 1/ 209

أحمد بن نصر بن منصور الشذائي 1/ 192

ص: 438

أحمد بن يحيى بن أحمد بن عميرة الضبي 1/ 371

أحمد بن يحيى بن زيد البغدادي، المشتهر بثعلب 1/ 140

أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن شيخ الأندلس بقي بن مخلد 1/ 220

أحمد بن يوسف بن عبد الدائم الحلبي 1/ 35

أحمد بن يوسف بن مالك الرعيني الغرناطي 2/ 8

الأرقم بن أبي الأرقم عبد مناف 1/ 70

إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المروزي، الملقب بابن راهويه 1/ 254

إسماعيل بن أحمد بن عبد اللّه أبو عبد الرحمن الحيري النيسابوري 1/ 229

إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير المدني 2/ 144

إسماعيل بن حمّاد التركي الجوهري 1/ 455

إسماعيل بن حماد التركي 2/ 263

إسماعيل بن عبد الرحمن السدي 1/ 171

إسماعيل بن عبد اللّه بن قسطنطين المخزومي 1/ 38

إسماعيل حقي بن مصطفى الإسلامبولي الحنفي 1/ 304

الأسود بن هلال المحاربي الكوفي 2/ 70

أسيد بن الحضير بن سماك بن عتيك بن نافع 1/ 58

أشهب بن عبد العزيز بن داود العامري 2/ 132

أكيدر دومة بن عبد الملك بن عبد الجن 1/ 95

أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أبان بن ذكوان 1/ 62

أنس بن مالك بن النضر بن النجار 1/ 79

أوس بن خولي بن عبد اللّه بن الحارث الخزرجي الأنصاري 1/ 58

أيوب السختياني أبو بكر بن أبي تميمة كيسان العنزي 1/ 86

باذام، و قيل: باذان، أبو صالح مولى أم هانئ بنت أبي طالب 1/ 289

البراء بن عازب بن الحارث الأوسي الأنصاري 1/ 78

ص: 439

برج بن مسهر بن جلاس بن الأرت الطائي 2/ 143

بسر بن سعيد، مولى بني الحضرمي 2/ 318

بشير بن سعد بن ثعلبة بن الجلاس 1/ 71

بشير بن كعب بن أبيّ البصري 1/ 64

بقي بن مخلد بن يزيد القرطبي 1/ 100

تميم الداري بن أوس بن خارجة اللخمي الفلسطيني 1/ 96

جابر بن عبد اللّه بن عمرو بن ثعلبة الخزرجي 1/ 103

جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي 2/ 170

جعفر بن محمد بن الحس الفريابي 1/ 189

جندب بن عبد اللّه بن سفيان البجلي العلقي 1/ 323

جهيم بن الصلت بن مخرمة بن عبد المطلب بن عبد مناف 1/ 67

الحارث بن أسد المحاسبي 1/ 161

الحارث بن عبد اللّه بن كعب الهمداني الكوفي الأعور 2/ 173

حازم بن محمد بن حسن بن حازم القرطاجني 2/ 275

حاطب بن عمرو بن عبد شمس القرشي العامري 1/ 62

حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار القرشي الأسدي 2/ 187

حجاج بن محمد المصّيصي الأعور 1/ 182

حسان بن حرام بن عمرو 1/ 33

الحسن بن إبراهيم بن يزداد المقرئ الأهوازي 1/ 216

الحسن بن أبي الحسن يسار البصري 1/ 125

الحسن بن أحمد بن عبد اللّه بن البناء البغدادي 1/ 229

الحسن بن علي بن فضال الكوفي 1/ 182

الحسن بن قاسم بن عبد اللّه بن علي المرادي 1/ 211

الحسن بن محمد بن حبيب أبو القاسم النيسابوري 1/ 48

ص: 440

حسين بن عبد الرحمن بن محمد الحسيني العلوي 1/ 342

الحسين بن عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن أبي الأحوص القرشي، و المعروف بابن الناظر 2/ 9

حسين بن عثمان أبو علي المجاهدي الضرير 1/ 192

الحسين بن محمد بن إبراهيم الدامغاني أبو عبد اللّه 1/ 229

الحسين بن محمد بن أحمد الغساني الجياني 1/ 366

الحسين بن منصور الحلاج 1/ 184

حسين بن واقد، أبو عبد اللّه المروزي 1/ 135

حسين بن واقد المروزي 1/ 181

الحصين بن نمير بن نائل الأنصاري 1/ 68

حفصة بنت عمر بن الخطاب 1/ 62

حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي 1/ 456

حمد بن حبيب بن عمارة الكوفي 1/ 138

حنظلة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية 1/ 63

خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري 2/ 76

خالد بن معدان بن أبي كرب، الكلاعي 1/ 109

خديجة بنت خويلد القرشية 1/ 103

خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الأوسي 2/ 81

خلف بن هشام بن ثعلب البغدادي المقرئ 1/ 188

الخليل بن أحمد بن محمد السجزي 1/ 299

الخليل بن أحمد الفراهيدي 1/ 76

خليل بن أيبك بن عبد اللّه الصفدي 2/ 6

خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الكوفي 2/ 186

رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الأنصاري 1/ 57

ص: 441

رفيع بن مهران، يكنى أبا العالية الرياحي 2/ 192

زبان بن العلاء بن عمار البصري، أبو عمرو البصري 1/ 138

الزبير بن أحمد بن سليمان بن حواري رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الزبير بن العوام 1/ 184

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد 1/ 67

زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري الشافعي 1/ 213

زهير بن حرب بن شداد الحرشي، أبو خيثمة 2/ 172

زياد بن أبيه، و هو زياد بن عبيد الثقفي، و هو ابن سمية، و هو زياد بن أبي سفيان الذي استلحقه معاوية بأنه أخوه 2/ 129

زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني 2/ 136

زيد بن أرقم بن زيد الأنصاري الخزرجي 2/ 173

زيد بن أسلم العدوي 1/ 172

زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجي 1/ 67

سالم ابن دارة بن مسافع بن عقبة الجشمي الغطفاني 2/ 160

سالم بن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب 1/ 252

ست الوزراء بنت عمر بن أسعد التنوخية الحنبلية 1/ 490

سحيم 2/ 141

سريج بن يونس بن إبراهيم البغدادي 1/ 183

سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير الأنصاري الخزرجي 1/ 71

سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة 1/ 58

سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن الخزرج، أبو سعيد الخدري 1/ 87

سعيد بن جبير بن هشام الأسدي 1/ 98

سعيد بن محمد بن صبيح بن الحداد المغربي 1/ 187

سعيد بن محمد بن مسعود الكازروني 2/ 38

سعيد بن المسيب بن حزن القرشي 1/ 75

ص: 442

سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي 1/ 123

سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي 1/ 421

سفيان بن وكيع بن الجراح الكوفي الحافظ 1/ 267

سلمى أم رافع امرأة أبي رافع مولى الرسول صلى اللّه عليه و سلم 1/ 84

سلمان الفارسي 1/ 96

سلمة بن عاصم أبو محمد البغدادي النحوي 1/ 175

سليط بن عمرو بن عبد شمس العامري 1/ 91

سليم بن عيسى بن سليم الكوفي المقرئ 2/ 145

سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني 1/ 267

سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو 1/ 454

سليمان بن الجهم بن أبي الجهم الأنصاري الحارثي 2/ 318

سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب الباجي التجيبي 1/ 224

سليمان بن عبد القوي ابن عبد الكريم الطوفي الصرصري 1/ 201

سهل بن محمد بن القاسم، أبو حاتم السجستاني 1/ 136

سويد بن الصامت بن خالد بن عقبة الأوسي 1/ 58

سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر الجعفي 2/ 84

شجاع بن وهب بن ربيعة بن أسد الأسدي 1/ 92

شرحبيل ابن حسنة نسبة 1/ 68

شرف الدين هبة اللّه بن عبد الرحيم بن إبراهيم الجهيني الحموي، المعروف بابن البارزي 1/ 208

الشفاء بنت عبد اللّه بن عبد شمس بن خلف، القرشية العدوية 1/ 62

شقيق بن سلمة الأسدي 2/ 241

صخر بن حرب بن أمية القرشي 1/ 59

الضحاك بن مزاحم الهلالي البلخي المفسر 1/ 143

ص: 443

ظالم بن عمرو 2/ 128

عائشة بنت أبي بكر الصديق بن قحافة 1/ 102

عائشة بنت سعد بن أبي وقاص الزهرية 1/ 63

عاصم بن بهدلة بن أبي النّجود الأسدي 2/ 73

عامر بن شراحيل بن عبد، الشعبي الحميري 2/ 287

عامر بن عبد اللّه الجراح، بن هلال القرشي 1/ 61

عامر بن واثلة بن عبد اللّه الليثي الكناني 2/ 281

عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم الأنصاري 2/ 67

عبد اللّه بن أبي داود بن سليمان الأشعث، أبو بكر السجستاني 1/ 455

عبد اللّه بن أحمد بن بشر بن ذكوان القرشي 2/ 146

عبد اللّه بن أحمد بن جعفر خذيان الفرغاني 1/ 268

عبد اللّه بن جحش بن رياب الأسدي 1/ 93

عبد اللّه بن حبيب بن ربيعة الكوفي 1/ 104

عبد اللّه بن الحسين بن عبد الله العكبري 1/ 211

عبد اللّه بن زيد بن عمرو الجرمي 1/ 86

عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، أبو بكر السجستاني 1/ 140

عبد اللّه بن عامر بن يزيد اليحصبي 1/ 125

عبد اللّه بن عبد الرحمن بن الفضل الدارمي 1/ 454

عبد اللّه بن كثير الداري المكي 1/ 37

عبد اللّه بن محمد بن الحسين بن داود بن ناقيا 1/ 207

عبد اللّه بن مسعود بن غافل بن حبيب 1/ 101

عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدّينوري النحوي 1/ 179

عبد اللّه بن وهب بن مسلم الفهري 2/ 320

عبد اللّه بن يوسف بن أحمد بن عبد اللّه بن هشام، جمال الدين النحوي 1/ 212

ص: 444

عبد الباسط بن رستم علي بن علي أصغر القنوجي 1/ 234

عبد الباقي بن يوسف بن علي المراغي الشافعي 1/ 346

عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار، الهمذاني 1/ 207

عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري 1/ 334

عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري 2/ 29

عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي 1/ 38

عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس التميمي 1/ 129

عبد الرحمن بن أحمد الواحدي 1/ 332

عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العمري 1/ 181

عبد الرحمن بن صخر الدوسي 1/ 82

عبد الرحمن بن عبد اللّه بن أحمد بن أصبغ أبو القاسم السهيلي 1/ 217

عبد الرحمن بن عمر بن رسلان البلقيني 1/ 119

عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي 1/ 456

عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللّه بن يوسف الأنصاري، المعروف بابن حبيش 1/ 367

عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس بن أصبغ 1/ 194

عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوديّ البوشنجي 2/ 350

عبد العزيز بن عبد السلام السلمي، عز الدين الملقب بسلطان العلماء 1/ 142

عبد العزيز بن عبد الواحد بن محمد بن موسى المغربي المكناسي 1/ 223

عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد اللّه المنذري 1/ 410

عبد القادر بن محمد بن محمد بن نصر اللّه القرشي 1/ 300

عبد القاهر بن طاهر بن محمد التميمي، أبو منصور البغدادي 1/ 224

عبد القاهر بن عبد اللّه بن محمد بن عموية، أبو النجيب السهروردي 1/ 337

عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي الطبري 1/ 217

عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف الدمياطي 2/ 9

ص: 445

عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد الهمذاني 1/ 309

عبد الملك بن حبيب بن سليمان العباسي القرطبي 1/ 139

عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي 1/ 114

عبد الملك بن قريب بن عبد الملك الأصمعي 1/ 328

عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري 1/ 196

عبد الواحد بن الحسين بن محمد القاضي الصميري 1/ 312

عبد الوهاب بن عطاء العجلي الخفاف 1/ 182

عبد اللّه بن أبي بن مالك بن سلول الخزرجي 1/ 58

عبد اللّه بن الأرقم بن عبد يغوث بن وهب القرشي 1/ 67

عبد اللّه بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي 1/ 71

عبيدة بن عمرو- و قيل ابن قيس- السلماني 1/ 85

عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان الكردي الشهرزوري، المعروف بابن الصلاح 1/ 310

عثمان بن عمر بن أبي بكر الكردي الدويني 1/ 30

عدي بن زيد بن الحمار العبادي التميمي النصراني 1/ 59

عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد 1/ 75

عزيز بن عبد الملك بن منصور الجيلي، المعروف بشيذلة 1/ 219

عطاء بن أبي مسلم الخراساني 1/ 135

عطاء بن رباح بن أسلم القرشي 1/ 141

عطية اللّه بن عطية البرهان الشافعي 1/ 233

عقبة بن عامر بن عيسى بن عدي الجهني 2/ 184

عكرمة البربري أبو عبد اللّه، مولى ابن عباس 1/ 171

العلاء بن عبد اللّه بن عماد بن أكبر بن ربيعة الحضرمي 1/ 72

العلاء بن عقبة 1/ 67

علقمة بن قيس بن عبد اللّه بن مالك النخعي 2/ 286

ص: 446

علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي 1/ 51

علي بن إبراهيم الحرالي 1/ 201

علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري 1/ 185

علي بن إسماعيل الأشعري 1/ 36

علي بن إسماعيل المرسي الضرير، المعروف بابن سيده 2/ 263

علي بن الحسين بن محمد الأصفهاني الكاتب 2/ 129

علي بن حمزة بن عبد اللّه الكوفي، المشتهر بالكسائي 1/ 142

علي بن خلف بن بطال البكري القرطبي 1/ 420

علي بن سعيد بن عبد الرحمن بن محرز العبدري 1/ 312

علي بن طلحة بن كردان الواسطي 2/ 289

علي بن عبد اللّه بن جعفر بن نجيح السعدي، المعروف بابن المديني 1/ 194

علي بن عبد اللّه بن الحسن الجذامي، الشهير بالنباهي 1/ 462

علي بن عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب القرشي 1/ 83

علي بن عبد الكافي بن علي السبكي الشافعي 2/ 10

علي بن عبد اللّه بن نصر بن السري الزاغوني البغدادي 1/ 229

علي بن عثمان بن إبراهيم بن مصطفى المارديني 1/ 214

علي بن مؤمن بن محمد النحوي، المعروف بابن عصفور 2/ 266

علي بن محمد بن سالم التغلبي الآمدي 1/ 29

علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد. علم الدين أبو الحسن السخاوي 1/ 226

علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي 1/ 201

علي بن محمد بن محمد بن إبراهيم الأنصاري الخزرجي، أبو الحسن المعروف بابن الحصّار 1/ 226

عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي 1/ 64

عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان الخزرجي، الأنصاري 1/ 93

ص: 447

عمرو بن زرارة الأنصاري 1/ 60

عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد اللّه السهمي 1/ 81

عمرو بن العاص بن وائل السهمي 1/ 92

عمرو بن كلثوم بن مالك من بني تغلب بن وائل 2/ 157

عمرو بن مرة بن عبد اللّه بن طارق المرادي 2/ 238

عمير بن سعيد النخعي الصهباني 2/ 96

عويمر بن مالك 2/ 66

عياض بن موسى بن عياض بن عمرو اليحصبي 1/ 303

عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمي الشريشي الإسكندراني المقرئ 1/ 217

عيسى بن عمر الثقفي 1/ 138

غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي 1/ 366

غيلان بن سلمة بن معتب بن مالك بن كعب الثقفي 1/ 59

غيلان بن عقبة بن بهيس من بني صعب بن مالك 2/ 337

فاطمة بنت الخطاب بن نفيل القرشية 1/ 73

الفتح بن محمد بن عبيد اللّه بن خاقان 1/ 365

فضل اللّه بن محمد بن أحمد النوقاني الشافعي 1/ 346

الفضل بن شاذان بن عيسى الرازي 2/ 149

الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي 1/ 122

الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر 2/ 191

القاسم بن سلام الخراساني الأنصاري 1/ 133

قاسم بن قطلوبغا بن عبد اللّه المصري الحنفي 1/ 302

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق 1/ 75

القاضي حسين بن محمد بن أحمد المروذي، و قيل: المروروذي 1/ 345

قتادة بن دعامة السدوسي البصري 1/ 125

ص: 448

كريب بن أبي مسلم الهاشمي 1/ 83

كريمة بنت المقداد بن الأسود الكندية 1/ 73

كسرى أنو شروان 1/ 91

كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني 2/ 142

كميل بن زياد بن نهيك الصّبهاني 2/ 72

لسان الدين محمد بن عبد اللّه السلماني المعروف بابن الخطيب 1/ 461

لقيط بن عامر بن صبرة العقيلي 2/ 131

الليث بن أبي سليم بن زنيم القرشي 2/ 79

مؤرج بن عمرو أبو فيد السدوسي 1/ 141

مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي 1/ 141

المبارك بن الحسن بن أحمد، أبو الكرم الشهرزوري البغدادي 2/ 252

مجاهد بن جبر 1/ 98

مجمع بن جارية بن عامر بن مجمع الأنصاري 2/ 70

محمد بن إبراهيم بن سعد بن سعد اللّه بن جماعة الشافعي الحموي 1/ 218

محمد بن إبراهيم بن المنذر، أبو بكر النيسابوري 1/ 173

محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي المعروف بابن قيم الجوزية 1/ 202

محمد بن أبي القاسم بن بابجوك البقالي الآدمي 1/ 208

محمد بن أحمد بن إبراهيم بن كيسان النحوي 1/ 174

محمد بن أحمد بن داود بن موسى اللخمي المعروف بابن الكماد 1/ 461

محمد بن أحمد بن سعيد بن مسعود المكي 1/ 53

محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الإسعردي المعروف بابن اللبان 1/ 221

محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز التركماني، أبو عبد اللّه الذهبي 1/ 264

محمد بن أحمد بن عمر الرملي الضرير، أبو بكر الداجوني الكبير 1/ 192

محمد بن إدريس بن شافع القرشي الشافعي 1/ 37

ص: 449

محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري الشافعي 1/ 273

محمد بن إسحاق بن محمد بن أبي يعقوب النديم 1/ 123

محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي المدني 1/ 114

محمد بن أسعد بن محمد بن الحسين العطاري المعروف بحفدة 1/ 346

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري 1/ 102

محمد بن أيوب بن يحيى بن ضريس البجلي 1/ 188

محمد بن بركات بن هلال بن عبد الواحد السعيدي 1/ 224

محمد بن جرير بن رستم الطبري الرافضي 1/ 265

محمد بن جعفر بن عبد الكريم الخزاعي الجرجاني 1/ 215

محمد بن حبان بن أحمد البستي 1/ 455

محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو البغدادي 1/ 59

محمد بن الحسن بن عبيد اللّه الزّبيديّ الشامي الأندلسي 2/ 128

محمد بن الحسن بن فورك الأصفهاني 1/ 219

محمد بن الحسين بن محمد بن زياد الموصلي النقاش 1/ 180

محمد بن الحسين بن محمد بن مهران المروزي الحدادي 1/ 299

محمد بن الحسين بن محمد بن موسى الأزدي السلمي 1/ 213

محمد بن الحسين بن موسى الموسوي 1/ 142

محمد بن حميد بن حيان الرازي 1/ 266

محمد بن خلف بن المرزبان المحوّلي 1/ 127

محمد بن خير بن عمر بن خليفة الإشبيلي 1/ 367

محمد بن السائب بن بشر الكلبي 1/ 135

محمد بن سلام بن عبد اللّه بن سالم الجمحي 1/ 179

محمد بن سلامة بن إبراهيم بن خليل الضرير الإسكندري المصري 1/ 233

محمد بن سليمان بن الحسن البلخي المقدسي 2/ 20

ص: 450

محمد بن سليمان بن سعد الرومي الحنفي المعروف بالكافيجي 1/ 160

محمد بن سيرين بن أبي عمرة الأنصاري 1/ 120

محمد بن العباس بن محمد البغدادي 1/ 179

محمد بن عبد اللّه البردعي، معتزلي فقيه 1/ 186

محمد بن عبد اللّه بن محمد المعافري الإشبيلي 1/ 200

محمد بن عبد اللّه بن محمد المعافري 1/ 47

محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي 1/ 136

محمد بن عبد المحسن بن أبي الحسن البغدادي، الحنبلي 1/ 495

محمد بن عبد اللّه بن بهادر الزركشي 1/ 52

محمد بن عبد اللّه الخطيب الإسكافي، أبو عبد اللّه 1/ 219

محمد بن عثمان بن مسبح الملقب بالجعد الشيباني 1/ 185

محمد بن علي الأدفوي 1/ 51

محمد بن علي بن أحمد الداودي 1/ 149

محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي 1/ 186

محمد بن علي بن الحسين بن بشر، الحكيم الترمذي 1/ 195

محمد بن علي بن خضر الغساني، المشتهر بابن عسكر 1/ 217

محمد بن علي بن شهراسوب السروري 1/ 220

محمد بن علي بن علي بن علي، أبو طالب، مهذب الدين، المعروف بابن الخيمي 1/ 213

محمد بن عمر بن الحسين الرازي الشافعي 1/ 120

محمد بن القاسم بن محمد بن بشار الأنباري 1/ 185

محمد بن كعب بن سليم القرظي 1/ 171

محمد بن مبارك شاه بن محمد الهروي الرومي الحنفي، حكيم شاه القزويني 1/ 223

محمد بن محمد بن علي البلبيسي المعروف بابن العماد 1/ 230

محمد بن محمد بن محمد بن علي الجزري 1/ 136

ص: 451

محمد بن محمد بن محمد الغزالي 1/ 29

محمد بن محمود بن الحسن ابن النجار 1/ 397

محمد بن المستنير بن أحمد اللغوي 1/ 34

محمد بن مسلم بن عبد اللّه بن شهاب الزهري 1/ 134

محمد بن المطهر بن يحيى بن المرتضى 1/ 227

محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي المبرد 2/ 128

محمد بن يزيد بن عبد الأكبر المبرد البصري 1/ 140

محمد بن يزيد بن ماجة القزويني 1/ 172

محمد بن يوسف بن علي بن سعيد الكرماني البغدادي 1/ 212

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي، الملقب بيان الحق 1/ 225

محمود بن حمزة بن نصر الكرماني، المعروف بتاج القراء 1/ 304

محمود بن حمزة بن نصر الكرماني 1/ 207

محيي الدين يحيى بن شرف بن مري النووي 1/ 272

مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف 1/ 71

مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي المقدسي الحنبلي 1/ 232

مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية الهمداني 2/ 241

مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري 1/ 87

مصطفى بن عبد اللّه كاتب جلبي، يعرف بحاجي خليفة 1/ 150

مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار 1/ 73

معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ الأنصاري 1/ 73

معمر بن راشد الأزدي البصري، أبو عروة 1/ 114

معمر بن المثنى التيمي 1/ 35

معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي 1/ 68

المغيرة بن شعلة بن أبي عامر بن مسعود 1/ 68

ص: 452

مقاتل بن سليمان بن كثير البلخي 1/ 144

المقوقس ملك مصر 1/ 91

مكي بن أبي طالب حموش بن محمد القيسي القيرواني 1/ 204

منتجب بن أبي العز بن رشيد الهمداني 1/ 211

المنهال بن عمرو الأسدي 2/ 285

موسى بن عقبة بن أبي عياش القرشي 1/ 83

موفق الدين عبد اللّه بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي 1/ 397

ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل 2/ 138

نافع أبو عبد اللّه القرشي، مولى ابن عمر و راويته 1/ 84

نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني 1/ 138

النجاشي ملك 1/ 91

نصر بن عاصم بن عمرو بن خالد الليثي البصري 2/ 129

نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو، المعروف بأبي بكرة الثقفي 2/ 321

هارون بن المهدي محمد بن المنصور 1/ 116

هبة اللّه بن سلامة بن نصر الضرير المقرئ 1/ 223

هبة اللّه بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة اللّه الجهني الحموي، 1/ 227

هرقل عظيم الروم 1/ 91

هشام بن حسان الأزدي 1/ 254

هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد الأسدي 2/ 313

هشام بن عروة بن الزبير بن العوام 1/ 107

هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة السلمي الظفري 1/ 189

هشام بن يوسف الصنعاني، من أقران عبد الرزاق 1/ 253

هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي 1/ 138

هند بنت أبي أمية بن المغيرة القرشية المخزومية 1/ 81

ص: 453

هوذة 1/ 92

واثلة بن الأسقع بن كعب الليثي 1/ 320

واصل بن عطاء أبو حذيفة المخزومي 1/ 143

وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي الكوفي 1/ 421

وهب بن عبد اللّه السوائي 1/ 82

وهب بن منبه بن كامل اليماني الصنعاني 1/ 65

ياقوت بن عبد اللّه الرومي الحموي 1/ 148

يحيى بن الحارث بن عمرو بن يحيى الغساني الذماري 2/ 146

يحيى بن سعدون بن تمام الأزدي القرطبي 1/ 36

يحيى بن سعيد بن فروخ التميمي القطان 2/ 288

يحيى بن عبد اللّه بن عبد الملك الواسطي 1/ 227

يحيى بن علي بن محمد الشيباني التبريزي 1/ 210

يحيى بن معين بن عون الغطفاني 1/ 254

يحيى بن يعمر البصري العدواني 1/ 124

يزيد بن صخر بن حرب بن أمية 1/ 61

يزيد بن القعقاع، أبو جعفر المدني المخزومي 2/ 251

يزيد بن هارون بن زاذان السلمي 2/ 71

يعقوب بن أحمد بن محمد الصيرفي النيسابوري 1/ 345

يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي 2/ 251

يعقوب بن إسحاق بن السكيت النحوي المؤدب 1/ 179

يوسف بن عبد اللّه بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي 1/ 79

يوسف بن علي بن جبارة بن المغربي المتكلم النحوي 1/ 216

يونس بن حبيب الضبي 1/ 75

يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة بن حفص الصدفي 1/ 266

ص: 454

فهرس المصادر و المراجع

ص: 455

ص: 456

فهرس المصادر و المراجع 1- (أبجد العلوم): لصديق حسن القنوجي، أعده للنشر و وضع فهارسه: عبد الجبار زكار، منشورات وزارة الثقافة و الإرشاد القومي، دمشق 1978 م.

2- (إتحاف البررة بالمتون العشرة)، تحقيق و تصحيح: أبو الحسن الأعظمي، المكتبة الإمدادية، مكة، 1404 ه.

3- (إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين): لمحمد بن محمد الحسيني الزبيدي ت (1205 ه)، دار الكتب العلمية، بيروت، 1409 ه.

4- (إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر): لأحمد بن محمد البنا، تحقيق الدكتور شعبان محمد إسماعيل، عالم الكتب، بيروت، ط 1، 1407 ه.

5- (الإتقان في علوم القرآن): للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ت (911 ه)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مكتبة المشهد الحسيني، القاهرة، مصر.

أخرى: تقديم و تعليق الدكتور مصطفى أديب البغا، دار ابن كثير، دمشق، بيروت ط 1، 1407 ه.

9- (أثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي): للدكتور

ص: 457

مساعد مسلم آل جعفر، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1405 ه.

7- (الإحاطة في أخبار غرناطة): لسان الدين الخطيب، تحقيق محمد عبد اللّه عنان، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط 1، 1393 ه.

أخرى: نشر دار المعارف، مصر، القاهرة.

8- (الأحرف السبعة للقرآن)

: لأبي عمرو الداني ت (444 ه)، تحقيق الدكتور عبد المهيمن طحان، مكتبة المنارة، مكة، ط 1، 1408 ه.

9- (الأحرف السبعة و منزلة القراءات منها): للدكتور حسن ضياء الدين عتر، دار البشائر الإسلامية، ط 12، 1409 ه.

10- (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان): لعلي بن بلبان الفارسي ت (739 ه)، قدم له و ضبط نصه كمال يوسف الحوت، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1407 ه.

أخرى: (صحيح ابن حبان) تحقيق أحمد محمد شاكر، دار المعارف، مصر.

11- (الإحكام في أصول الأحكام): لعلي بن محمد الآمدي، تحقيق سيد الجميلي، دار الكتاب العربي، بيروت.

12- (أحكام القرآن): لأبي بكر محمد بن عبد اللّه بن العربي

ص: 458

ت (543 ه)، تحقيق: علي محمد البجاوي، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، مصر.

أخرى تحقيق: محمد عطا 14080 ه.

13- (أحكام القرآن): لإلكيا الهراسي الطبري، ت (504 ه)، دار الكتب العلمية، بيروت ط 1، 1403 ه.

14- (إحياء علوم الدين): لأبي حامد محمد بن أحمد الغزالي ت (505 ه)، دار المعرفة، بيروت، 1403 ه.

15- (اختلاف المفسرين، أسبابه و آثاره): للدكتور سعود بن عبد اللّه الفنيسان، رسالة دكتوراه، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية أصول الدين الرياض.

16- (أخلاق أهل القرآن): لأبي بكر محمد بن الحسين الآجري، حققه و خرج أحاديثه محمد بن عمر بن عبد اللطيف، إشراف المكتب السلفي لتحقيق التراث، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1406 ه.

17- (أدب الإملاء و الاستملاء): لعبد الكريم بن محمد السمعاني، ت (562 ه) دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1401 ه. علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير ج 2 459 فهرس المصادر و المراجع ..... ص : 455

- (أدب الدنيا و الدين): لأبي الحسن الماوردي، شرح و تعليق محمد كريم راجح، دار اقرأ، ط 4، 1405 ه.

ص: 459

19- (الأذكار النووية) لمحيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، حققه و خرج أحاديثه و علق عليه: عبد القادر أرناؤوط، نشر رئاسة إدارات البحوث العلمية و الإفتاء و الدعوة و الإرشاد، الرياض.

20- (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول): لمحمد بن علي الشوكاني ت (1255 ه) دار الفكر، بيروت.

21- (أزهار الرياض في أخبار عياض): للمقري تحقيق مصطفى السقا و آخرين، القاهرة، 1393 ه.

22- (أساس البلاغة): لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، دار صادر، بيروت، 1399 ه.

أخرى: دار المعرفة، بيروت.

23- (أسباب اختلاف المفسرين) للدكتور محمد بن عبد الرحمن الشائع، مكتبة العبيكان، الرياض، ط 1، 1416 ه.

24- (أسباب النزول): لعلي بن أحمد الواحدي، ت (468 ه)، تحقيق السيد صقر، القاهرة، 1389 ه.

25- (الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار): لأبي عمر يوسف بن عبد اللّه بن محمد بن عبد البر النمري ت (463 ه)، تحقيق: علي النجدي ناصف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1393 ه.

ص: 460

أخرى: وثق أصوله و خرّج نصوصه، و رقمها و قنن مسائله و صنع فهارسه الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي. دار قتيبة، دمشق، و دار الوعي، حلب، ط 1، 1414 ه.

26- (الاستيعاب في معرفة الأصحاب) لأبي عمر يوسف بن عبد اللّه بن محمد بن عبد البر النمري، ت (463 ه)، بهامش الإصابة لابن حجر، مطبعة السعادة، مصر، ط 1، 1328 ه.

27- (أسد الغابة في معرفة الصحابة) لعلي بن أبي الكرم محمد ابن محمد المعروف بابن الأثير ت (606 ه) دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان.

28- (أسرار البلاغة في علم البيان): لعبد القاهر الجرجاني ت (471 ه)، تحقيق و تعليق: محمد رشيد رضا، دار المطبوعات العربية.

29- (الأسماء و الصفات): لأحمد بن حسين بن علي البيهقي ت (458 ه).

30- (الإصابة في تمييز الصحابة): للحافظ أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني ت (852 ه)، مطبعة السعادة، القاهرة، مصر، ط 1، 1328 ه.

31- (أصول التفسير و قواعده): لخالد العك، دار النفائس، بيروت، ط 2، 1406 ه.

ص: 461

32- (أصول الدين): لعبد القاهر بن طاهر الجرجاني، نشر و طبع مدرسة الإلهيات، دار الفنون، استنبول، تركيا، ط 1، 11346 ه.

33- (الأصول في علم الأصول»: لمحمد بن صالح بن عثيمين، دار ابن القيم، ط 1، 1409 ه.

34- (الأعلام) [قاموس تراجم لأشهر الرجال و النساء من العرب و المستعربين و المستشرقين]: لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط 5، 1980 م.

35- (أعلام الموقعين عن رب العالمين): لابن القيم، تحقيق عبد الرءوف سعد، مطبعة شقرون، القاهرة، نشر مكتبة الكليات الأزهرية 1388 ه.

36- (الأغاني): لأبي الفرج الأصفهاني ت (356 ه)، شرحه و كتب هوامشه الأستاذ: عبد، و الأستاذ علي مهنا، و الأستاذ: سمير جابر، دار الفكر، بيروت ط 1، 1407 ه.

أخرى: دار الكتب المصرية، القاهرة، 1923 م.

37- (الإمام ابن كثير المفسر): لمطر بن أحمد الزهراني، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، 1403 ه.

38- (إنباه الرواة على أنباء النحاة): للقفطي ت (646 ه) تحقيق أبو الفضل إبراهيم، دار الكتب المصرية، ط 1، 1950 م.

ص: 462

39- (إنباء الغمر بأبناء العمر): لابن حجر العسقلاني، ت (852 ه)، راجعه الدكتور محمد عبد المعيد خان، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، 1406 ه.

40- (الانتصار لصحة نقل القرآن): لأبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني، مخطوط، مكتبة قرة مصطفى بايزيد، استنبول.

41- (الأنساب): لعبد الكريم بن محمد السمعاني ت (562 ه)، مصورة عن طبعة ليدن 1312 م، مكتبة المثنى، بغداد 1970 م.

أخرى: تقديم و تعليق/ عبد اللّه عمر البارودي، دار الجنان، بيروت، لبنان، ط 1، 1408 ه.

42- (أوصاف الناس في التواريخ و الصلات): لسان الدين ابن الخطيب، تحقيق: محمد كمال شبانة، لجنة نشر التراث الإسلامي.

43- (الإيضاح في علوم البلاغة): للخطيب القزويني، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1405 ه.

44- (الإيضاح لناسخ القرآن و منسوخه): لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي، تحقيق الدكتور أحمد حسن فرحات، دار المنارة، جدة، ط 1، 1406 ه.

45- (إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون): لإسماعيل باشا البغدادي، دار الفكر، بيروت 1402 ه.

ص: 463

46- (إيضاح الوقف و الابتداء في كتاب اللّه عز و جل): تأليف أبي بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري النحوي ت (328 ه)، تحقيق: محي الدين عبد الرحمن رمضان، مجمع اللغة العربية بدمشق، 1390 ه.

47- (بدائع الزهور في وقائع الدهور): لمحمد بن أحمد بن إياس ت (930 ه)، نشر مصر و استنبول، 1932 م.

48- (البداية و النهاية): للحافظ عماد الدين إسماعيل بن كثير ت (774 ه)، مكتبة المعارف، بيروت، ط 5، 1984 م.

49- (البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع): لمحمد بن علي الشوكاني ت (1250 ه) مطبعة السعادة، القاهرة، ط 1، 1348 ه.

50- (بديع القرآن): لابن أبي الأصبع المصري ت (654 ه)، تحقيق حفني محمد شرف، دار النهضة، ط 2، مصر، القاهرة.

51- (البرهان في تناسب سور القرآن): لأحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي ت (708 ه)، تقديم و تحقيق الدكتور سعيد الفلاح، الجامعة الزيتونية للشريعة و أصول الدين بتونس، 1408 ه، نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض.

52- (البرهان في علوم القرآن): لبدر الدين محمد بن بهادر الزركشي ت (794 ه) تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر، ط 3، 1400 ه.

ص: 464

53- (بشير اليسر شرح ناظمة الزهر للإمام الشاطبي): لعبد الفتاح القاضي، المكتبة المحمودية التجارية، 1971 م.

54- (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز): لمحمد بن يعقوب بن الفيروزآبادي ت (817 ه) تحقيق: عبد العليم الطحاوي، المكتبة العلمية، بيروت، لبنان.

55- (البغوي الفراء و تفسيره للقرآن الكريم): للدكتور محمد إبراهيم شريف، ط 1، 1406 ه.

56- (البغوي و منهجه في التفسير): لعفاف عبد الغفور حميد، دار الفرقان للنشر و التوزيع و عمان، الأردن، 1402 ه.

57- (بغية الملتمس في تاريخ رجال الأندلس): لابن عميرة الضبي، القاهرة، 1967 م.

أخرى: مدريد: 1882 م.

58- (بغية الوعاة في طبقات اللغويين و النحاة): لجلال الدين السيوطي ت (911 ه)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة عيسى البابي الحلبي، مصر، ط 1، 1964 ه.

أخرى: المكتبة العصرية، بيروت، لبنان.

59- (البيان في مباحث من علوم القرآن) لعبد الوهاب الغزلان، دار

ص: 465

التأليف، القاهرة.

60- (تاج العروس من جواهر القاموس) لمحمد مرتضى الزبيدي، مكتبة الحياة، مصورة عن ط 1، 1306 ه.

أخرى: تصدرها وزارة الإرشاد و الأنباء بدولة الكويت، تحقيق و مراجعة مجموعة من العلماء، 1386 ه.

61- (تاج التراجم): لقاسم بن قطلوبغا ت (879 ه)، تحقيق محمد خير يوسف، دار القلم، دمشق، ط 1، 1413 ه.

62- (تاريخ الأدب العربي) لكارل بروكلمان، ترجمة: عبد الحليم نجار، دار المعارف

63- (تاريخ بغداد) لأبي بكر بن الخطيب البغدادي، ت (463 ه) دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان.

64- (تاريخ التراث العربي): لفؤاد سيزكين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض.

65- (تاريخ التفسير): لقاسم القيسي، مطبعة المجمع العلمي العراقي، 1385 ه.

66- (تاريخ جرجان): لحمزة بن يوسف السهمي ت (427 ه)، مراقبة: محمد عبد المنعم خان، دار عالم الكتب، بيروت، 1401 ه.

ص: 466

67- (تاريخ الخط العربي و آدابه): لمحمد طاهر بن عبد القادر الكردي، ط 2، 1402 ه.

68- (تاريخ ابن خلدون) [كتاب: العبر و ديوان المبتدأ و الخبر ...]:

لعبد الرحمن ابن خلدون ت (808 ه)، مؤسسة جمال، بيروت، لبنان، 1399 ه.

69- (تاريخ علوم القرآن حتى نهاية القرن الخامس الهجري):

لأحسن محمد أشرف الدين، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 1405 ه.

70- (تاريخ قضاة الأندلس): لعلي بن عبد اللّه النباهي، تحقيق:

بروفنسال، دار الكتاب المصري، 1948 م.

71- (التاريخ الكبير) لأبي عبد اللّه إسماعيل بن إبراهيم البخاري ت (256 ه) مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت.

72- (تاريخ مدينة دمشق) لابن عساكر. مخطوط، اهتم بنشره و وضع الفهارس، دار الفكر، دمشق.

73- (التبصرة في القراءات السبع): لمكي بن أبي طالب القيسي ت (437 ه) اعتنى بتصحيحه و التعليق عليه: محمد غوث الندوي، الدار السلفية، الهند.

74- (التبيان في آداب حملة القرآن) لمحي الدين أبي زكريا النووي

ص: 467

ت (676 ه) اعتنى به و فهرسه: محي الدين الشامي، مؤسسة التقويم الإسلامي، بيروت، لبنان، ط 1، 1407 ه.

5 خرى: تحقيق السيروان، دار النفائس، بيروت.

75- (التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن على طريقة الإتقان):

للشيخ طاهر الجزائري الدمشقي، ت (1338 ه)، اعتنى به عبد الفتاح أبو غده، مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب ط 3، 1412 ه.

76- (التحبير في علم التفسير): لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ت (911 ه) حققه و قدم له: الدكتور فتحي عبد القادر فريد، دار العلوم، الرياض، 1402 ه.

77- (تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي): لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ت (911 ه)، حققه: عبد الوهاب عبد اللطيف، المكتبة العلمية، المدينة المنورة، ط 1، 1379 ه. و ط 2، 1385 ه دار الكتب الحديثة.

78- (التذكار في أفضل الأذكار): لأبي عبد اللّه محمد بن أحمد القرطبي ت (671 ه)، حققه و خرج أحاديثه: عبد القادر الأرناءوط، مكتبة دار البيان، ط 2، دمشق، 1399 ه.

79- (تذكرة الحفاظ) لأبي عبد اللّه شمس الدين محمد الذهبي ت (748 ه) دار إحياء التراث العربي.

ص: 468

80- (التراتيب الإدارية، نظام الحكومة النبوية): لعبد الحي الكتاني، نشر: حسن جعنا، بيروت.

81- (ترتيب المدارك و تقريب المسالك لمعرفة مذهب الإمام مالك):

للقاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي ت (544 ه)، تحقيق الدكتور أحمد بكير محمود، دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان، 1387 ه.

82- (الترغيب و الترهيب من الحديث الشريف): لأبي محمد زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري ت (656 ه) حققه و فصله و علق حواشيه: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، القاهرة، ط 1، 1379 ه.

83- (التعارض و الترجيح بين الأدلة الشرعية) للشيخ عبد اللطيف البرزنجي ت (1415 ه) مطبعة العاني، العراق، ط 1، 1408 ه.

84- (التعريفات): لعلي بن محمد السيد الحسيني الجرجاني، تحقيق و تعليق الدكتور عبد الرحمن عميرة، عالم الكتب، بيروت، ط 1، 1407 ه.

85- (تفاسير آيات الأحكام) للدكتور علي بن سليمان العبيد، رسالة دكتوراه، كلية أصول الدين بالرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

86- (تفسير الآلوسي) «روح المعاني في تفسير القرآن العظيم و السبع المثاني»: لأبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الآلوسي

ص: 469

ت (1270 ه)، إدارة الطباعة المنيرية، مصر.

87- (تفسير البغوي) «معالم التنزيل»: لأبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي ت (516 ه)، حققه و خرج أحاديثه محمد عبد اللّه النمر، و عثمان ضميرية، و سليمان الحرش، دار طيبة للنشر، الرياض، 1409 ه.

88- (تفسير الثعالبي) الموسوم: الجواهر الحسان في تفسير القرآن، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، لبنان.

89- (تفسير ابن جزي الكلبي) «تسهيل السبيل لعلوم التنزيل»:

لمحمد بن أحمد بن جزي الكلبي، تحقيق: محمد عبد المنعم اليونسي، و إبراهيم عطوة عوض، دار الكتب الحديثة، القاهرة.

90- (تفسير ابن الجوزي) «زاد المسير في علم التفسير»:

لعبد الرحمن بن الجوزي ت (596 ه)، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1384 ه.

91- (تفسير أبي حيان) (البحر المحيط) لأبي عبد اللّه محمد بن يوسف بن حيان الأندلسي (654 ه)، بعناية الشيخ عرفان العشا حسونة، دار الفكر، بيروت، لبنان، 1412 ه.

أخرى: تحقيق و تقديم و تعليق الدكتور عبد السميع محمد حسنين، ط 1 1413 ه.

92- (تفسير الخازن) «لباب التأويل في معاني التنزيل»: لعلي بن

ص: 470

محمد البغدادي المشهور بالخازن، ت (725 ه)، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط 3، 1375 ه.

93- (تفسير الرازي) «مفاتيح الغيب»: لأبي عبد اللّه محمد بن عمر المعروف بالفخر الرازي ت (606 ه)، المطبعة البهية المصرية.

94- (تفسير الزمخشري) «الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون الأقاويل في وجوه التأويل»: لمحمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، ت (538 ه) دار المعرفة، بيروت.

95- (تفسير السمرقندي): لأبي الليث السمرقندي، تحقيق علي محمد عوض، و عادل أحمد عبد الموجود، و زكريا عبد المجيد النوتي، دار الكتب العربية، بيروت، 1413 ه.

أخرى: تحقيق صالح يحيى صواب، رسالة دكتوراه، كلية أصول الدين بالرياض، 1416 ه.

96- (تفسير الطبري) «جامع البيان عن تأويل آي القرآن»: لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ت (310 ه) مطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط 3، 1388 ه.

أخرى: تحقيق محمود و أحمد محمد شاكر، دار المعارف، مصر، ط 1، 1374 ه.

97- (تفسير ابن عاشور) «التحرير و التنوير»: لمحمد الطاهر بن

ص: 471

عاشور، الدار التونسية للنشر، تونس 1984 م.

98- (تفسير عبد الرزاق) «تفسير القرآن العزيز»: لعبد الرزاق بن همام الصنعاني ت (211 ه)، تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي، دار المعرفة، بيروت، ط 1، 1411 ه.

أخرى: تحقيق الدكتور مصطفى مسلم محمد، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1411 ه.

99- (تفسير ابن عطية) «المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز»:

لأبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية ت (546 ه)، تحقيق و تعليق:

الرحالي الفاروق، و عبد اللّه الأنصاري، و السيد عبد العال إبراهيم، و محمد الشافعي العناني، الدوحة، ط 1، 1389 ه.

أخرى: تحقيق: المجلس العلمي بفاس، الناشر: وزارة الأوقاف و الشئون الإسلامية بالمملكة المغربية، ط 2، 1403 ه.

100- (تفسير القرطبي) «الجامع لأحكام القرآن»: لأبي عبد اللّه محمد بن أحمد القرطبي ت (671 ه) دار الكاتب العربي، القاهرة، مصورة عن طبعة دار الكتب، 1387 ه.

101- (تفسير ابن كثير) «تفسير القرآن العظيم»: لأبي الفداء إسماعيل بن كثير ت (774 ه)، تحقيق: د/ محمد إبراهيم البنا، و محمد أحمد عاشور، و عبد العزيز غنيم، دار الشعب، القاهرة، مصر.

ص: 472

102- (تفسير الماوردي) «النكت و العيون»: لأبي الحسن علي بن حبيب الماوردي ت (450 ه)، راجعه و علق عليه: السيد بن عبد المقصود، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت.

أخرى: تحقيق الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشائع، رسالة دكتوراه، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية أصول الدين.

أخرى: تحقيق خضر محمد خضر، راجعه عبد الستار أبو غده، نشر وزارة الأوقاف و الشئون الإسلامية، الكويت، ط 1، 1402 ه.

103- (تفسير الواحدي) «الوسيط في تفسير القرآن المجيد»: لعلي بن أحمد الواحدي، ت (468 ه)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، و علي محمد معوض، و أحمد محمد صيره، و أحمد عبد الغني الجمل. و عبد الرحمن عويس. دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1415 ه.

104- (التفسير و رجاله): لمحمد الفاضل بن عاشور، دار الكتب الشرقية، تونس، ط 2، 1972 م.

105- (التفسير و المفسرون): لمحمد حسين الذهبي، دار الكتب الحديثة، القاهرة، ط 2، 1396 ه.

106- (تقريب التهذيب): لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ت (773 ه)، حققه و علق حواشيه: عبد الوهاب بن عبد اللطيف، دار المعرفة، بيروت، ط 2، 1395 ه.

ص: 473

107- (تقييد العلم): للخطيب البغدادي، ت (463 ه)، تحقيق يوسف العش، دار إحياء السنة النبوية، ط 2، 1974 ه.

108- (التكملة و الصلة): لمحمد بن عبد اللّه القضاعي، المعروف بابن الأبار، تحقيق: السيد عزت العطار الحسيني، مكتبة الخانجي، مطبعة السعادة، 1375 ه.

109- (التكملة لوفيات النقلة): إملاء الحافظ زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري ت (656 ه)، علق عليه: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1981 م.

110- (التلخيص في علوم البلاغة): لمحمد بن عبد الرحمن القزويني الخطيب، ضبط و شرح عبد الرحمن البرقوقي، دار الكتاب العربي، بيروت.

111- (تلخيص المستدرك) للحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت (748 ه) بهامش المستدرك للحاكم، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب.

112- (التمهيد لما في الموطأ من المعاني و الأسانيد) لأبي عمر يوسف بن عبد البر النمري، تحقيق مجموعة من الباحثين، وزارة الأوقاف و الشئون الإسلامية بالمغرب، ط 2، 1405 ه.

أخرى: تحقيق مجموعة من الباحثين، توزيع مكتبة السوادي.

113- (تناسق الدرر في تناسب السور): لجلال الدين عبد الرحمن

ص: 474

بن أبي بكر السيوطي ت (911 ه)، تحقيق عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1، 1406 ه.

114- (التنبيه على فضل علوم القرآن): لأبي القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري، ت (406 ه) تحقيق محمد عبد الكريم كاظم، وزارة الثقافة و الإعلام في بغداد، ضمن مجلة المورد، المجلد السابع عشر، العدد الرابع، 1409 ه.

115- (تهذيب تاريخ دمشق) لعبد القادر بدران

116- (تهذيب السيرة النبوية لابن هشام): لعبد السلام هارون، دار البحوث العلمية، الكويت، ط 5، 1397 ه.

117- (تهذيب التهذيب): لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت (852 ه)، مطبعة دائرة المعارف النظامية، حيدرآباد، الدكن، ط 1، 1325 ه.

118- (تهذيب الكمال في أسماء الرجال): لجمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي ت (742 ه)، قدم له و علق عليه: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط 2، 1403 ه.

119- (تهذيب اللغة): لأبي منصور محمد الأزهري ت (370 ه) تحقيق عبد السلام هارون، و آخرين، وزارة الثقافة المصرية 1384 ه.

أخرى: تحقيق عبد السلام هارون، و محمد علي النجار، الدار المصرية

ص: 475

للتأليف و الترجمة.

120- (التيسير في القراءات السبع): لأبي عمرو الداني ت (444 ه)، تصحيح أوتو برتزل، مطبعة الدولة استانبول، 1930 م.

121- (التيسير في قواعد علم التفسير): لمحمد بن سليمان الكافيجي ت (879 ه)، تحقيق: ناصر بن محمد المطرودي، دار الرفاعي للنشر و التوزيع، الرياض، ط 1، 1410 ه.

122- (الثقات): لمحمد بن حبان البستي ت (354 ه)، دائرة المعارف العثمانية، حيدرآباد، الدكن، الهند، ط 1.

123- (الجامع لأخلاق الراوي و آداب السامع): للخطيب البغدادي، ت (463 ه) تحقيق الدكتور محمود الطحان، مكتبة المعارف، الرياض، 1403 ه.

124- (جامع بيان العلم و فضله، و ما ينبغي في روايته و حمله): لأبي عمر يوسف بن عبد البر النمري الأندلسي ت (463 ه) دار الطباعة المنيرية، مصر.

125- (الجامع لشعب الإيمان): لأحمد بن حسين البيهقي ت (458 ه)، تحقيق سعود بن سالم الدعجان [الشعبة التاسعة عشرة]، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

أخرى: كاملة تحقيق عبد العلي عبد الحميد حامد، الدار السلفية،

ص: 476

بومباي، الهند، ط 1، 1408 ه.

126- (جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس): للحميدي، الدار المصرية للتأليف و النشر و الترجمة، مصر، 1966 م.

127- (ابن جزي و منهجه في التفسير): لعلي بن محمد الزبيري، دار القلم، ط 1، 1407 ه.

128- (جمال القراء و كمال الإقراء): لعلم الدين علي بن محمد السخاوي ت (643 ه)، تحقيق الدكتور علي حسين البواب، مكتبة التراث، مكة، ط 1، 1408 ه.

129- (جمهرة اللغة): لمحمد بن عيسى بن دريد ت (321 ه)، مكتبة المثنى، بغداد، العراق.

130- (جوامع السيرة): لابن حزم الأندلسي.

131- (الجواهر المضية في طبقات الحنفية): لعبد القادر بن محمد بن أبي الوفاء القرشي ت (775 ه) مطبعة دائرة المعارف النظامية، حيدرآباد، الدكن، 1332 ه.

132- (الحاكم الجشمي و منهجه في تفسير القرآن): للدكتور عدنان زرزور، مؤسسة الرسالة للطباعة، بيروت، 1391 ه.

133- (الحجة في علل القراءات السبع) لأبي علي الحسن بن علي

ص: 477

الفارسي، تحقيق: علي النجدي ناصف و آخرون، الهيئة المصرية للكتاب، ط 2، 1403 ه.

134- (الحجة في القراءات السبع): لابن خالويه، تحقيق عبد العال سالم مدكور، دار الشروق، بيروت، ط 2، 1397 ه.

135- (حجة القراءات): لعبد الرحمن بن محمد بن زنجلة، تحقيق سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة، ط 4، بيروت، 1404 ه.

136- (الحجة في بيان المحجة لقوام السنة) إسماعيل بن محمد الطلحي، ت (535 ه) مخطوط، مكتبة أحمد الثالث، رقم (1395) استنبول، تركيا.

137- (حجة القراءات): لأبي زرعة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة، تحقيق سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1399 ه.

138- (حجية السنة): لمحمد بن محمد أبو شهبة، منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي، واشنطن، أمريكا.

139- (حديث الأحرف السبعة): للدكتور عبد العزيز القارئ، دار النشر الدولي، الرياض، ط 1، 1412 ه.

140- (حرز الأماني و وجه التهاني في القراءات السبع): لقاسم بن فيرة بن خلف الشاطبي، ت (590 ه)، دار الكتاب النفيس، بيروت، ط 1، 1407 ه.

ص: 478

141- (حسن المحاضرة في أخبار مصر و القاهرة): لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ت (911 ه). تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء التراث العربي، القاهرة، ط 1، 1387 ه.

142- (حلية الأولياء و طبقات الأصفياء): لأبي نعيم أحمد بن عبد اللّه الأصفهاني، ت (430 ه) دار الكتب العلمية، بيروت.

143- (خريدة القصر و جريدة العصر): للعماد الأصفهاني، مخطوط، رقم (4255) أدب، مصورة عن نسخة بدار الكتب المصرية.

144- (خزانة الأدب و لب لباب لسان العرب): لعبد القادر ابن عمر البغدادي ت (1093 ه) تحقيق عبد السلام هارون. مكتبة الخانجي، مصر.

145- (خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر): لمحمد أمين المحبي ت (1111 ه)، دار صادر، بيروت، لبنان.

146- (خلق أفعال العباد و الرد على الجهمية و أصحاب التعطيل):

للإمام البخاري، طالعه: أبو محمد الهاشمي، مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة، 1389 ه.

147- (الدارس في تاريخ المدارس): لعبد القادر النعيمي، مطبعة التركي، دمشق، 1948 م، نشر: جعفر الحسيني.

148- (دائرة المعارف المسماة: مقتبس الأثر و مجدد ما دثر): لمحمد

ص: 479

حسين شيخ سليمان الأعلمي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، طهران، قم، ط 1، 1393 ه.

149- (دائرة المعارف الإسلامية): نقلها إلى العربية محمد ثابت القندي، و أحمد الشنتناوي، و إبراهيم بن زكي خورشيد، و عبد الحميد يونس، مصر 1957 م.

150- (دراسة تقويمية لكتاب مناهل العرفان للزرقاني): لخالد ابن عثمان السبت، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، بالمدينة المنورة، 1411 ه.

151- (دراسات في تاريخ الخط العربي): للمنجد.

152- (دراسات في التفسير الموضوعي): للشيخ زاهر بن عواض الألمعي، الرياض، ط 1، 1405 ه.

153- (دراسات في الحديث النبوي و تاريخ تدوينه): لمحمد مصطفى الأعظمي. توزيع دار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية.

154- (دراسات في علوم القرآن): للدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي، مكتبة توبة، ط 1، 1413 ه.

155- (دراسات في علوم القرآن): لمحمد بكر إسماعيل، دار المنار، ط 1، 1411 ه.

ص: 480

156- (درة الحجال في أسماء الرجال): لابن القاضي المكناسي، تحقيق محمد الأحمدي أبو النور، دار التراث، مصر، 1390 ه.

157- (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة): لأبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني ت (852 ه)، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدرآباد الدكن، ط 1، 1348 ه.

أخرى: تحقيق محمد سيد جاد الحق، دار الكتب الحديثة، مصر 1385 ه.

158- (الدر المصون في علوم الكتاب المكنون): لأحمد بن يوسف السمين الحلبي، تحقيق: الدكتور أحمد بن محمد الخراط، دار القلم، بيروت، ط 1، 1406 ه.

159- (الدر المنثور في التفسير بالمأثور): لجلال الدين عبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي ت (911 ه)، المطبعة الميمنية، مصر، 1314 ه.

أخرى طبعة دار الفكر.

160- (الدر النظيم في فضائل القرآن و الآيات و الذكر الحكيم):

لعبد اللّه بن سعد اليافعي، مكتبة محمد أفندي حسن.

161- (دلائل النبوة) لأحمد بن الحسن البيهقي ت (458 ه) وثق نصوصه و خرج حديثه و علق عليه، الدكتور عبد المعطي القلعجي، دار الكتب العلمية، ط 1، 1405 ه.

ص: 481

162- (الدليل إلى كتابة البحوث الجامعية و رسائل الماجستير و الدكتوراة): تأليف: ل. ج. بيكفورد، ول. و. سمث، ترجمه إلى العربية الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، دار الشروق، جدة ط 1، 1401 ه.

163- (دليل الباحث في تنظيم كتابة البحوث الاجتماعية): للدكتور يحيى الحسن، الجامعة الأردنية، 1976 م.

164- (الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب): لإبراهيم بن علي بن محمد فرحون المالكي، تحقيق الدكتور محمد الأحمدي أبو النور، مكتبة دار التراث، القاهرة.

أخرى: طبعة عباس بن عبد السلام شقرون، مصر، ط 1، 1351 ه.

165- (ديوان النابغة الذبياني): لزياد بن معاوية ت (18 ه) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، 1397 ه.

166- (ذكر أخبار أصبهان): لأبي نعيم أحمد بن عبد اللّه الأصفهاني، طبعة ليدن، 1931 م.

167- (ذيل تذكرة الحفاظ للذهبي): لأبي المحاسن الحسيني، دار الكتب العلمية.

168- (الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب): لزين الدين عبد الرحمن بن شهاب الحنبلي، ت (795 ه). دار المعرفة، بيروت.

ص: 482

169- (الذيل و التكملة لكتابي الموصول و الصلة): للمراكشي، تحقيق الدكتور إحسان عباس، بيروت، 1964 م.

170- (الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة):

للكتاني، دار البشائر.

أخرى: تحقيق محمد المنتصر الكتاني، دمشق 1383 ه.

171- (رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية) لغانم قدوري الحمد، نشر اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجري، الجمهورية العراقية، ط 1، 1402 ه.

172- (روضة الطالبين و عمدة المفتين): ليحيى بن شرف النووي ت (676 ه)، المكتب الإسلامي.

173- (روضة الناظر و جنة المناظر): لابن قدامة المقدسي، مكتبة المعارف، الرياض، ط 2، 1404 ه.

174- (زاد المعاد في هدي خير العباد): لابن القيم الجوزية ت (751 ه)، تحقيق: شعيب و عبد القادر الأرناءوط، مؤسسة الرسالة، و مكتبة المنار الإسلامية، بيروت، ط 1، 1399 ه.

175- (الزيادة و الإحسان في علوم القرآن): لابن عقيلة المكي، ت (1150 ه) تحقيق مجموعة من الباحثين في كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، رسائل ماجستير.

ص: 483

176- (سلسلة الأحاديث الضعيفة و الموضوعة): لمحمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 4، 1398 ه.

177- (سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر): لمحمد خليل بن علي المرادي ت (1206 ه) دار ابن حزم، و دار البشائر، بيروت، ط 3، 1408 ه.

178- (السنة): لعبد اللّه بن أحمد بن حنبل، ت (290 ه)، تحقيق أبو هاجر محمد السعيد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1405 ه.

179- (السنة قبل التدوين): لمحمد عجاج الخطيب، القاهرة، مكتبة وهبة، ط 1، 1383 ه.

180- (السنن): لابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني ت (275 ه) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت، لبنان.

181- (السنن): لأبي داود، سليمان بن الأشعث الأزدي، ت (275 ه)، مراجعة و تعليق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار إحياء السنن النبوية، بيروت.

182- (السنن): للترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، ت (279 ه) تحقيق و تصحيح عبد الوهاب عبد اللطيف، دار الفكر، بيروت، ط 3، 1398 ه.

أخرى: تحقيق أحمد محمد شاكر، محمد فؤاد عبد الباقي، إبراهيم عطوة

ص: 484

عوض، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ط 2، 1402 ه.

183- (السنن): للدارقطني، لعلي بن عمر الدارقطني ت (385 ه)، تحقيق عبد اللّه هاشم يماني المدني، دار المحاسن، القاهرة.

184- (السنن): للدارمي، عبد اللّه بن عبد الرحمن الدارمي، ت (255 ه) تخريج و تحقيق و تعليق السيد عبد اللّه هاشم يماني المدني، نشر حديث أكاديمي، نشاطآباد، فيصل آباد، باكستان، 1404 ه.

185- (السنن الكبرى): لأحمد بن الحسين البيهقي ت (458 ه)، تصوير دار المعرفة، بيروت، لبنان، ط 1.

186- (السنن): لأحمد بن شعيب النسائي، ت (303 ه)، دار الفكر، بيروت، 1308 ه.

187- (سير أعلام النبلاء): لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت (748 ه)، أشرف على التحقيق، و خرج أحاديثه: شعيب الأرناءوط. مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1402 ه.

188- (السيرة الحلبية من إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون):

لبرهان الدين الحلبي، المكتبة الإسلامية، بيروت

189- (السيرة الشامية) «سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد»:

لمحمد بن يوسف الصالحي ت (942 ه) تحقيق مصطفى عبد الواحد، لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة، 1394 ه.

ص: 485

190- (السيرة النبوية): لأبي الفداء إسماعيل بن كثير ت (774 ه) تحقيق: مصطفى عبد الواحد، نشر عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1384 ه.

191- (السيرة النبوية): لابن هشام، تحقيق مصطفى السقا و آخرين، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط 2، 1375 ه.

192- (السيوطي و جهوده في علوم القرآن): لعبد الحليم.

193- (شجرة النور الزكية في طبقات المالكية): لمحمد مخلوف التونسي، المكتبة السلفية بمصر، ط 1، 1349 ه

194- (شذرات الذهب في أخبار من ذهب): لعبد الحي بن العماد الحنبلي ت (1089 ه) دار إحياء التراث العربي، بيروت.

195- (شرح اعتقاد أهل السنة و الجماعة) للالكائي، تحقيق: أحمد سعد حمدان، دار طيبة، الرياض، ط 1.

196- (شرح السنة) للبغوي، الحسين بن مسعود البغوي، ت (516 ه) تحقيق شعيب الأرناءوط، و زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، لبنان، ط 2، 1403 ه.

197- (شرح الشفاء): لعلي القاري، بهامش نسخة الرياض من شرح شفاء القاضي عياض، لشهاب الدين الخفاجي، المطبعة الأزهرية، ط 1، 1327 ه.

ص: 486

198- (شرح الطحاوية): لصدر الدين أبي العز الحنفي، تحقيق:

أحمد شاكر، مطبوعات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، 1396 ه.

199- (شرح الكواكب المنير): لمحمد بن أحمد الفتوحي، المعروف بابن النجار، تحقيق محمد الزحيلي، و نزيه حماد، جامعة أم القرى، ط 1، 1408 ه.

200- (شرح مختصر الروضة): لسليمان بن عبد القوي الطوفي، تحقيق الدكتور عبد اللّه بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1409 ه.

201- (شرح النووي على صحيح مسلم): لمحي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، ت (676 ه)، دار الفكر و بيروت، لبنان، ط 3، 1398 ه.

202- (شرح معاني الآثار): لأبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، ت (321 ه) تحقيق و تقديم: محمد سيد جاد الحق، مطبعة الأنوار المحمدية.

أخرى: تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية ط 1.

203- (الشعر الجاهلي): لناصر الدين الأسد

204- (الشعر و الشعراء) المسمى «طبقات الشعراء»: لعبد اللّه بن مسلم بن قتيبة، حققه و ضبط نصه و راجعه الدكتور مفيد قميحة، و الأستاذ

ص: 487

نعيم زرزور، دار الكتب العلمية ط 2، 1405 ه.

205- (الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية): لطاش كبري زاده، ت (968 ه)، دار الكتاب العربي، بيروت، 1395 ه.

206- (الصاحبي): لأحمد بن فارس بن زكريا، ت (395 ه) تحقيق السيد أحمد صقر، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة.

207- (صبح الأعشى في صناعة الإنشا): لأحمد بن علي القلقشندي، ت (821 ه) شرحه و علق عليه محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1407 ه.

أخرى: الهيئة المصرية للكتاب و مركز تحقيق التراث.

208- (الصحاح): لإسماعيل بن حماد الجوهري، ت (393 ه) تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، القاهرة ط 2، 1402 ه.

209- (صحيح البخاري): لأبي عبد اللّه محمد بن إسماعيل البخاري، المكتبة الإسلامية، تركيا.

210- (صحيح الجامع الصغير) «الفتح الكبير»: تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1399 ه.

211- صحيح ابن حبان الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان.

212- (صحيح ابن خزيمة) لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة،

ص: 488

ت (3110 ه) تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت.

213- (صحيح مسلم): لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، تصحيح و تعليق محمد فؤاد عبد الباقي، نشر: الرئاسة العامة لإدارات البحوث و الإفتاء و الدعوة و الإرشاد، في المملكة العربية السعودية.

214- (صفوة الصفوة): لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، ت (597 ه) مطبعة دار المعارف العثمانية، حيدرآباد، الدكن، الهند، ط 1، 1355 ه.

215- (الصلة) لابن بشكوال، تحقيق عزت العطار، مطبعة السعادة، مصر، 1955 م.

216- (الصواعق المرسلة على الجهمية و المعطلة): لابن قيم الجوزية، ت (751 ه)، تحقيق الدكتور علي الدخيل اللّه، دار العاصمة، الرياض.

217- (صيد الخاطر): لابن الجوزي، دار الفكر، بيروت، 1399 ه.

218- (الضعفاء الصغير): لمحمد بن إسماعيل البخاري، ت (256 ه)، تحقيق بدران الفنادي، عالم الكتب، بيروت، ط 1، 1404 ه.

219- (الضعفاء الكبير): لأبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي، ت (322 ه) تحقيق: عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية،

ص: 489

بيروت، ط 2، 1399 ه.

220- (الضعفاء و المتروكين) لعلي بن عمر الدارقطني، ت (385 ه)، دراسة و تحقيق، موفق بن عبد اللّه بن عبد القادر، مكتبة المعارف، الرياض، ط 1، 1404 ه.

221- (الضعفاء و المتروكين): لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، ت (303 ه)، تحقيق مركز الخدمات و الأبحاث الثقافية، بوران الضناوي، و كمال يوسف الحوت، مؤسسة الكتب الثقافية، ط 1، 1405 ه.

222- (ضعيف الجامع الصغير) تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1399 ه.

223- (الضوء اللامع لأهل القرن التاسع): لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي، ت (302 ه)، مكتبة القدس، القاهرة، 1353 ه.

224- (الطبقات): لخليفة بن خياط، ت (240 ه)، تحقيق الدكتور أكرم ضياء العمري، دار طيبة، الرياض، ط 2، 1402 ه.

225- (طبقات الحفاظ): لعبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، ت (911 ه)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1403 ه.

226- (طبقات الحنابلة): لأبي الحسين محمد بن أبي يعلى، تصحيح: محمد حامد الفقي، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، 1370 ه.

ص: 490

227- (الطبقات السنية في تراجم الحنفية): لتقي الدين بن عبد القادر التميمي، ت (1005 ه)، تحقيق الدكتور عبد الفتاح الحلو، دار الرفاعي للنشر، الرياض ط 1، 1403 ه.

228- (طبقات الشافعية): للأسنوي، جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن، ت (772 ه)، تحقيق عبد اللّه الجبوري، مطبعة الإرشاد، بغداد، ط 1، 1390 ه.

229- (طبقات الشافعية) للسبكي، تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن علي ت (771 ه) تحقيق عبد الفتاح الحلو، و محمود محمد الطناحي، مطبعة عيسى البابي الحلبي، ط 1، 1385.

230- (طبقات الشافعية): لابن قاضي شهبة، أحمد بن محمد ت (851 ه) تصحيح و تعليق: الدكتور عبد العليم خان، عالم الكتب، بيروت، لبنان، ط 1، 1407 ه.

231- (الطبقات الكبرى): لمحمد بن سعد ت (230 ه)، دار بيروت للطباعة و النشر، بيروت 1400 ه.

أخرى: عنى بتصحيحه و طبعه أدوار سنو- مصورة عن طبعة بريل- مطبعة ليدن- عام 1321 ه.

232- (الطبقات الكبرى) لعبد الوهاب الشعراني، دار الفكر العربي، القاهرة.

ص: 491

233- (طبقات المفسرين) لمحمد بن علي الداودي ت (945 ه)، تحقيق علي محمد عمر و مطبعة الاستقلال الكبرى، الناشر: مكتبة وهبة، ط 1، 1392 ه.

أخرى: راجعها لجنة من العلماء بإشراف الناشر، دار الكتب العلمية، بيروت، توزيع دار الباز، مكة المكرمة.

234- (طبقات المفسرين): لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ت (911 ه)، تحقيق يحيى بن محمد عمر، مطبعة الحضارة العربية، القاهرة ط 1، 1396 ه.

235- (طبقات النحويين و اللغويين): لمحمد بن الحسن بن عبد اللّه الزبيدي ت (379 ه) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1373 ه.

236- (طيبة النشر): لابن الجزري.

237- (العبر في خبر من غبر): لشمس الدين الذهبي ت (478 ه) تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد، إدارة المطبوعات و النشر، الكويت.

238- (العز بن عبد السلام، حياته و آثاره، و منهجه في التفسير):

للدكتور عبد اللّه الوهيبي.

239- (العقد الفريد): لأحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي، تحقيق الدكتور مفيد محمد قميحة، مكتبة المعارف، الرياض، ط 1، 1404 ه.

ص: 492

240- (العقل و فهم القرآن): للحارث بن أسد المحاسبي، تحقيق حسين القوتلي، دار الفكر، دمشق، ط 2، 1398 ه.

241- (العقيدة السلفية في كلام رب البرية و كشف أباطيل المبتدعة الردية): لعبد اللّه بن يوسف الجديع، ط 1، 1408 ه.

242- (العلل المتناهية في الأحاديث الواهية): لابن الجوزي، تحقيق إرشاد الحق الأثري، باكستان، ط 2، 1401 ه.

243- (العلم) لأبي خيثمة.

244- (علوم الحديث): لابن الصلاح، تحقيق الدكتور نور الدين عتر، حلب، 1386 ه.

245- (علوم القرآن): للدكتور رشدي عليان، و قحطان الدوري، و كاظم الراوي، وزارة التعليم العالي و البحث العلمي، العراق، 1980 م.

246- (عمدة القارئ شرح صحيح البخاري): لأبي محمد محمود ابن أحمد العيني، ت (855 ه)، دار إحياء التراث العربي،، بيروت، لبنان.

247- (عمل اليوم و الليلة): لأبي بكر بن السني، ت (364 ه) تحقيق و تعليق: عبد القادر أحمد عطا، مكتبة الكليات الأزهرية، ط 1، 1389 ه.

248- (العواصم من القواصم): لأبي بكر بن العربي، تحقيق محب

ص: 493

الدين الخطيب، توزيع دار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية، 1404 ه.

249- (عيون الأخبار): لعبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوري ت (276 ه) دار الكتب المصرية، القاهرة، 1348 ه.

250- (غاية النهاية في طبقات القراء): لابن الجزري، محمد بن محمد ت (833 ه) عني بنشره: ج. برجستراثر، دار الكتب العلمية، بيروت ط 2، 1400 ه.

251- (غريب الحديث): لأبي عبيد القاسم بن سلام ت (224 ه)، تحقيق عبد المعيد خان، دائرة المعارف العثمانية، الهند، ط 1، 1384 ه.

252- (الفائق في غريب الحديث) لجار اللّه الزمخشري، ت (583 ه) تحقيق علي محمد البجاوي، و محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ط 2.

253- (فتح الباري بشرح صحيح البخاري): لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ت (852 ه) بعناية الشيخ عبد العزيز بن باز، و محمد فؤاد عبد الباقي، و محب الدين الخطيب، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

254- (الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني):

لأحمد بن عبد الرحمن البنا، دار الشهاب، القاهرة.

255- (فتوح البلدان): لأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، تحقيق

ص: 494

عبد اللّه أنيس الطباع، و عمر أنيس الطباع، مؤسسة المعارف، بيروت، 1407 ه.

256- (فصول في أصول التفسير): لمساعد بن سليمان الطيار، دار النشر الدولي، الرياض، ط 1، 1413 ه.

257- (فضائل القرآن) لأبي الفداء إسماعيل بن كثير ت (774 ه) دار المعرفة، بيروت، ط 1، 1406 ه.

258- (فضائل القرآن و ما أنزل من القرآن بمكة و ما أنزل بالمدينة) لأبي عبد اللّه محمد بن أيوب بن الضريس ت (294 ه) تحقيق: غزوة بدير، دار الفكر، بيروت، ط 1، 1408 ه.

259- (فضائل القرآن و معالمه و آدابه): لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي، ت (224 ه) تحقيق: محمد نجاتي جوهري، رسالة ماجستير، جامعة الملك عبد العزيز، كلية الشريعة و الدراسات الإسلامية، 1393 ه.

أخرى تحقيق وهبي غاوجي، دار الكتب العلمية، بيروت ط 1، 1411 ه.

260- (فضائل القرآن و ما جاء فيه من الفضل و في كم يقرأ و السنة في ذلك): لأبي بكر جعفر بن محمد الفريابي ت (310 ه) تحقيق: عثمان فضل اللّه جبريل، مكتبة الرشد، ط 1، 1409 ه.

261- (فنون الأفنان في عيون علوم القرآن) لأبي الفرج بن الجوزي ت (597 ه) تحقيق الدكتور حسن ضياء الدين عتر، دار البشائر

ص: 495

الإسلامية، ط 1، 1408 ه.

262- (فهرس ابن خير الإشبيلي)، طبعة سرقسطة.

263- (فهرس ابن عطية): لابن عطية الأندلسي ت (541 ه)، تحقيق محمد أبو الأجفان، و محمد الزاهي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1983 م.

264- (الفهرست): لابن النديم. طبعات مختلفة. منها طبعة دار المعرفة، بيروت، 1398 ه.

265- (فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت): لعبد العلي أحمد بن نظام الدين الأنصاري، على هامش المستصفى للغزالي، مكتبة المثنى، بغداد.

266- (فوات الوفيات) لمحمد شاكر الكتبي ت (764 ه)، تحقيق الدكتور إحسان عباس، دار صادر، بيروت.

267- (الفوائد البهية في تراجم الحنفية): لأبي الحسنات محمد عبد الحي الكنوي الهندي ت (1304 ه) تصحيح: محمد بدر الدين النعساني، مطبعة السعادة، مصر، ط 1، 1324 ه.

268- (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة): لمحمد بن علي الشوكاني ت (1250 ه) تحقيق عبد الرحمن يحيى المعلمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1392 ه.

ص: 496

269- (فيض القدير شرح الجامع الصغير): لعبد الرءوف المناوي ت (1031 ه)، دار المعرفة، بيروت، 1391 ه.

270- (في علوم القرآن، دراسات و محاضرات): للدكتور عبد السلام كفافي، و الأستاذ عبد اللّه الشريف، دار النهضة العربية، بيروت، 1981 م.

271- (القاموس الإسلامي): لأحمد عطية اللّه، مكتبة النهضة المصرية، ط 1، 1399 ه.

272- (القاموس المحيط) لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي ت (817 ه)، دار الجيل بيروت.

أخرى: مؤسسة الرسالة، ط 2، 1407 ه.

273- (القرآن الكريم و الدراسات الأدبية): لنور الدين عتر

274- (القطع و الائتناف): لأبي جعفر النحاس، تحقيق الدكتور أحمد خطاب العمرو، وزارة الأوقاف العراقية، بغداد، 1398 ه.

275- (قلائد العقيان في محاسن الأعيان): لأبي النصر الفتح بن خاقان، مطبعة التقدم العلمية، مصر، ط 1، 1320 ه.

276- (قواعد التحديث): لمحمد جمال الدين القاسمي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1399 ه.

ص: 497

277- (قواعد الترجيح عند المفسرين): لحسين بن علي الحربي، رسالة ماجستير، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1415 ه.

278- (قوت القلوب): لأبي طالب محمد بن أبي الحسن المكي. دار صادر، بيروت.

279- (الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة) لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت (748 ه) مراجعة و ضبط لجنة من العلماء، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1 1403 ه.

280- (الكامل في الضعفاء) لعبد اللّه بن عدي الجوجاني، ت (365 ه) دار الفكر، بيروت، ط 1، 1404 ه.

281- (الكتاب) لسيبويه، عمرو بن عثمان بن قنبر ت (180 ه)، تحقيق و شرح عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط 3، 1408 ه.

282- (الكتاب المصنف في الأحاديث و الآثار): لأبي بكر بن أبي شيبة، تحقيق عبد الخالق الأفغاني، الدار السلفية، حامد بلدنك، مومن بوده، بومبي، الهند، ط 2، 1399 ه.

283- (كتاب الوحي): للدكتور أحمد بن عبد الرحمن عيسى، دار اللواء، الرياض، ط 1، 1400 ه.

284- (الكتيبة الكامنة فيمن لقيته بالأندلس من شعراء المائة

ص: 498

الثامنة): لابن الخطيب، تحقيق الدكتور إحسان عباس، بيروت، 1963 م.

285- (كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة): لعلي بن أبي بكر الهيثمي ت (807 ه) تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1404 ه.

286- (كشف الخفاء و مزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس): لإسماعيل بن محمد العجلوني ت (1162 ه)، صححه و علق عليه أحمد القلاش، الناشر مكتبة التراث الإسلامي، حلب.

287- (كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون): لمصطفى بن عبد اللّه الشهير بحاجي خليفة، دار الفكر، بيروت، 1402 ه.

288- (الكشف عن وجوه القراءات السبع و عللها و حججها):

لمكي بن أبي طالب القيسي ت (437 ه) تحقيق الدكتور محي الدين رمضان، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1404 ه.

289- (الكفاية في علم الرواية): لأبي بكر بن الخطيب البغدادي، ت (463 ه) راجعه: عبد الحليم محمد، و عبد الرحمن حسن، دار الكتب الحديثة، القاهرة، ط 2.

290- (الكليات): لأبي البقاء الحسيني الكفوي، المطبعة العامرة، 1287 ه.

291- (كنز العمال في سنن الأقوال و الأفعال): تقي الدين بن

ص: 499

حسام الدين الهندي ت (975 ه) ضبطه و فسر غريبه: بكر حياني، صححه و وضع فهارسه: صفوت السقا، بيروت، 1979 م.

292- (كنز المعاني شرح حرز الأماني): للجعبري، مخطوط.

293- (كيف تكتب بحثا أو رسالة [دراسة منهجية]) للدكتور أحمد شلبي، مكتبة النهضة العربية، القاهرة، ط 7، 1973 م.

294- (اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ت (911 ه) دار المعرفة، بيروت، ط 2، 1395 ه.

295- (لباب النقول في أسباب النزول): لجلال الدين السيوطي ت (911 ه)، دار إحياء العلوم، ط 1، 1978 م.

296- (اللباب في تهذيب الأسماء): لعلي بن محمد بن الأثير الجزري ت (630 ه) مكتبة القدس، القاهرة، 1357 ه.

297- (لسان العرب): لأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور، ت (711 ه) دار صادر، بيروت، 1388 ه.

أخرى: قدم له الشيخ عبد اللّه العلائلي، و رغده يوسف خياط، دار لسان العرب بيروت.

298- (لسان الميزان): لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ت

ص: 500

(852 ه)، دار الفكر، بيروت.

299- (لطائف الإشارات): لعبد الكريم بن هوازن القسطلاني، ت (465 ه) تحقيق: إبراهيم البسيوني، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للتأليف و النشر، 1370 م.

300- (لفتة الكبد): لابن الجوزي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1405 ه.

301- (مباحث في إعجاز القرآن) للدكتور مصطفى مسلم محمد، دار المنارة، جدة، ط 1، 1408 ه.

302- (مباحث في علوم القرآن): للشيخ مناع خليل القطان، مكتبة المعارف، الرياض ط 3.

303- (مباحث في علوم القرآن) للدكتور صبحي الصالح، دار العلم للملايين، بيروت، ط 2.

304- (المباني في نظم المعاني): لمؤلف مجهول، ضمن مقدمتان في علوم القرآن، تحقيق: آرثر جفري، مكتبة الخانجي، القاهرة. 1392 ه.

305- (مجاز القرآن): لأبي عبيدة معمر بن المثنى ت (210 ه)، تحقيق و تعليق محمد فؤاد سيزكين، مؤسسة الرسالة، بيروت لبنان، ط 2، 1401 ه.

ص: 501

306- (المجروحين من المحدثين و الضعفاء و المتروكين): للحافظ محمد بن حبان (354 ه)، تحقيق محمود إبراهيم زائد، دار المعرفة.

307- (مجلة لواء الإسلام) العدد الأول، مقال للأستاذ عبد الوهاب حمودة.

308- (مجلة المنار) المجلد العاشر، الجزء العاشر، شوال (1325 ه) مصر، مقال للأستاذ رفيق العظم، بعنوان: التدوين في الإسلام.

309- (مجلة المنهل): المجلد السابع، ربيع الثاني، 1366 ه، مقال للأستاذ محمد بهجت البيطار، بعنوان: أمهات كتب التفسير القديمة و الحديثة، ما لها و ما عليها.

310- (مجلة المورد العراقية) العدد (7)، المجلد (17) عام 1405 ه.

311- (مجمع الزوائد و منبع الفوائد): نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي ت (807 ه)، دار الكتاب، بيروت، لبنان.

312- (مجمل اللغة): لأبي الحسن أحمد بن فارس ت (395 ه)، تحقيق: زهير عبد المحسن سلطان، مؤسسة الرسالة ط 2، 1406 ه.

313- (المجموع شرح المهذب): لأبي زكريا محي الدين يحيى بن شرف النووي، ت (676 ه) إدارة الطباعة المنيرية، مصر.

314- (مجموع الفتاوى): لشيخ الإسلام ابن تيمية ت (728 ه)،

ص: 502

جمع و ترتيب: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الحنبلي، توزيع رئاسة البحوث العلمية و الإفتاء و الدعوة و الإرشاد، الرياض، ط 1، 1398 ه.

315- (المحبر): لمحمد بن حبيب بن أمية البغدادي ت (245 ه) اعتنت بتصحيحه الدكتورة: إيلزة لميتد شتيتر، مطبعة جمعية دائرة المعارف العثمانية، حيدرآباد، الدكن، 1316 ه.

316- (المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات و الإيضاح عنها):

لعثمان بن جني، تحقيق علي النجدي ناصف و آخرون، دار سزكين، ط 2، 1406 ه.

317- (المحكم في نقط المصاحف): لأبي عمرو الداني، تحقيق عزة حسن، دار الفكر، دمشق، ط 2، 1407 ه.

318- (المحلى): لابن حزم علي بن أحمد بن سعيد ت (456 ه) تحقيق لجنة إحياء التراث العربي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، لبنان.

319- (مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع) لأبي عبد اللّه الحسين بن خالويه، ت (370 ه) عني بنشره ج. برجستراسر، مكتبة المتنبي، القاهرة.

320- (مختصر قيام الليل) لمحمد بن نصر المروزي ت (294 ه):

اختصره أحمد بن علي المقريزي ت (845 ه)، فيصل آباد، باكستان، 1402 ه.

ص: 503

321- (المختصر من كتاب نشر النور و الزهر في تراجم أفاضل مكة من القرن العاشر إلى نهاية القرن الرابع عشر): لعبد اللّه مرداد أبو الخير، اختصره محمد سعيد العمودي، و أحمد علي، مطبوعات نادي الطائف الأدبي، 1398 ه.

322- (مدخل إلى الدراسات الإسلامية): الدكتور محمد بلتاجي، مكتبة الشباب، القاهرة 1982 م.

323- (المدخل لدراسة القرآن الكريم): لمحمد محمد أبو شهبة، دار اللواء، الرياض، ط 3، 1407 ه.

324- (مدخل إلى علوم القرآن و التفسير): الدكتور فاروق حمادة، مكتبة المعارف، الرباط، المغرب، ط 1، 1399 ه.

325- (المدخل إلى علوم القرآن و العلوم الإسلامية): للدكتور محمد أمين فرشوخ، دار الفكر العربي، بيروت، ط 1، 1990 م.

326- (مدرسة التفسير في الأندلس): لمصطفى إبراهيم المشيني، مؤسسة الرسالة بيروت، ط 1، 1406 ه.

327- (المدونة الكبرى): للإمام مالك بن أنس، ت (179 ه)، دار صادر، بيروت، ط 1.

328- (مذكرة الدراسات العليا): للشيخ: مناع خليل القطان.

ص: 504

329- (مرآة الجنان و عبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان): لعبد اللّه بن أسعد اليافعي ت (768 ه)، مصورة عن طبعة حيدرآباد، 1337 ه.

330- (مراتب النحويين): لأبي الطيب اللغوي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار نهضة مصر للطبع، القاهرة، ط 2، 1394 ه. و نسخة مصورة مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.

331- (المرشد الوافي في علوم القرآن): للدكتور محمود بسيوني فودة، مطبعة الأمانة، القاهرة، 1402 ه.

332- (المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز): لشهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة ت (665 ه)، تحقيق طيار آلتي قولاج، دار صادر، بيروت، 1395 ه.

333- (مروج الذهب و معادن الجوهر): لأبي المحاسن علي بن الحسين المسعودي، ت (346 ه)، تحقيق محي الدين عبد الحميد، 1966 م.

334- (المستدرك على الصحيحين): لأبي عبد اللّه الحاكم النيسابوري، ت (405 ه)، دار الفكر، بيروت، 1398 ه.

335- (المسند): للإمام أحمد بن حنبل الشيباني، ت (241 ه)، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 4، 1403 ه.

أخرى: تحقيق أحمد محمد شاكر، دار المعارف، مصر، ط

ص: 505

336- (المسند): لأبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ت (307 ه) تحقيق و تخريج حسن سليم أسد، دار المأمون، دمشق، ط 1، 1404 ه.

337- (مسند الإمام أبي بكر الصديق): لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، ت (911 ه).

338- (مسند أبي داود الطيالسي): للإمام سليمان بن داود بن الجارود الفارسي ت (204 ه)، مجلس دائرة المعارف النظامية، الهند، حيدرآباد، الدكن، ط 1، 1321 ه.

339- (مشكاة المصابيح): لأبي عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الخطيب التبريزي ت (بعد 737 ه)، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1399 ه.

340- (مشكل الآثار): لأبي جعفر الطحاوي، ت (321 ه)، دار صادر، بيروت، ط 1، 1333 ه.

341- (مصابيح السنة): للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي ت (516 ه)، تحقيق يوسف عبد الرحمن المرعشلي، و محمد سليم سمارة، و جمال حمدي الذهبي، دار المعرفة، بيروت، ط 1، 1407 ه.

342- (المصاحف): لأبي بكر عبد اللّه بن أبي داود السجستاني، مؤسسة قرطبة للنشر.

ص: 506

أخرى: دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1405 ه.

343- (مصادر الشعر الجاهلي و قيمتها التاريخية): لناصر الدين الأسد، القاهرة، 1956 م.

344- (مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور): لإبراهيم بن عمر البقاعي، ت (885 ه) تحقيق: عبد السميع حسنين، مكتبة المعارف، الرياض، ط 1، 1408 ه.

345- (المصباح المنير) للفيومي- مكتبة لبنان، 1987.

346- (المصنف): لابن أبي شيبة، تحقيق: عبد الخالق الأفغاني، الدار السلفية، حامد بلنك بومبي، الهند، ط 2، 1399 ه.

347- (المصنف): لعبد الرزاق بن همام الصنعاني ت (211 ه) تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1403 ه.

348- (المطول في شرح التلخيص): للتفتازاني، مكتبة الداوري، قم، إيران، ط 1، 1309 ه.

أخرى: مع حاشية السيد شريف، تصحيح عثمان أفندي زاده، و أحمد رفعت، مطبعة أحمد كامل، 1330 ه.

349- (المعارف): لابن قتيبة الدينوري ت (276 ه) تصحيح و تعليق: محمد إسماعيل الصاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان،

ص: 507

ط 2، 1390 ه.

350- (معالم السنن): لأبي سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي ت (388 ه) تصحيح محمد راغب الطباخ، المطبعة العلمية، حلب، ط 1، 1351 ه.

أخرى: تحقيق: الدعاس و السيد، دار الحديث.

351- (معاني القرآن): لأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء ت (207 ه)، عالم الكتب، بيروت، ط 3، 1403 ه.

352- (معاني القرآن و إعرابه): لأبي إسحاق إبراهيم بن الزجاج، شرح و تحقيق الدكتور عبد الجليل عبده شلبي، عالم الكتب، بيروت، ط 1، 1408 ه.

353- (المعجزة الكبرى القرآن الكريم): للدكتور محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي، القاهرة.

354- (معجم الأدباء): لياقوت الحموي، دار الفكر ط 3، 1410 ه.

355- (المعجم الأوسط): سليمان بن أحمد الطبراني، ت (360 ه) تحقيق الدكتور محمود الطحان مكتبة المعارف، الرياض ط 1، 1407 ه.

356- (معجم البلدان): لأبي عبد اللّه ياقوت الحموي ت

ص: 508

(626 ه) دار صادر، بيروت، 1404 ه.

357- (معجم الدراسات القرآنية) الدكتورة ابتسام مرهون الصفار، جامعة بغداد، 1984 م.

358- (المعجم في أصحاب أبي علي الصفدي): لابن الأثير، مدريد، 1885 م.

359- (معجم قبائل العرب القديمة و الحديثة): لعمر رضا كحالة، مؤسسة الرسالة، بيروت ط 5، 1405 ه.

360- (المعجم الكبير): لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ت (360 ه) تحقيق حمدي السلفي، مطبعة الزهراء الحديثة، العراق ط 2.

361- (معجم مصنفات القرآن الكريم): لعلي شواخ إسحاق، دار الرفاعي، الرياض ط 1، 1403 ه.

362- (معجم مقاييس اللغة): لأحمد بن فارس بن زكريا ت (395 ه)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الكتب العلمية، إسماعيليان نجفي، إيران، القم.

363- (معجم المؤلفين الدمشقيين): عمر رضا كحالة، دار الكتب الجديدة.

364- (المعرب): للجواليقي.

ص: 509

365- (معرفة القراء الكبار على الطبقات و الأعصار): لأبي عبد اللّه محمد بن أحمد الذهبي ت (748 ه) حققه و علق عليه بشار عواد معروف، و شعيب الأرناءوط، و صالح مهدي عباس، مؤسسة الرسالة، بيروت ط 1، 1404 ه.

366- (المغازي): لمحمد بن عمر الواقدي ت (207 ه) تحقيق مارسون جونس، عالم الكتب بيروت، ط 3، 1404 ه.

367- (المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار): لعبد الرحيم بن الحسين العراقي ت (806 ه) بهامش إحياء علوم الدين للغزالي، دار المعرفة، بيروت، 1403 ه.

368- (المغني في الضعفاء): لمحمد بن أحمد الذهبي ت (748 ه) تحقيق و تعليق نور الدين عتر.

369- (مفتاح السعادة و مصباح السيادة): لأحمد بن مصطفى طاش كبري زاده، مراجعة و تحقيق: كامل كامل البكري، و عبد الوهاب أبو النور، دار الكتب الحديثة، مصر القاهرة.

370- (مفتاح العلوم): ليوسف بن أبي بكر السكاكي، ت (626 ه)، المكتبة العلمية الجديدة، بيروت.

371- (المفردات في غريب القرآن): لأبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، ت (502 ه)، تحقيق محمد سيد كيلاني،

ص: 510

دار المعرفة، بيروت.

372- (المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم): لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي، ت (656 ه) نسخة مصورة بقسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، رقم 3029 ميكروفيلم.

373- (المقاصد الحسنة): لمحمد بن عبد الرحمن السخاوي، ت (902 ه)، تحقيق محمد عثمان الخشت، دار الكتاب العربي، بيروت، ط 1، 1405 ه.

374- (مقدمة في أصول التفسير): لتقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ت (728 ه)، تحقيق الدكتور عدنان زرزور، دار القرآن الكريم، الكويت، ط 2، 1392 ه.

375- (مقدمات تفسير الأصفهاني) (أنوار الحقائق الربانية في تفسير اللطائف القرآنية): لمحمود بن عبد الرحمن الأصفهاني ت (749 ه) مخطوط، تركيا، استنبول، مكتبة كوبرلي.

376- (مقدمتان في علوم القرآن) تصحيح آرثر جفري، عبد اللّه إسماعيل القارئ، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1392 ه.

377- (المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد): للإبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن مفلح، ت (884 ه)، تحقيق و تعليق: الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1410 ه.

ص: 511

378- (المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار): لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني، تحقيق محمد أحمد دهمان، دار الفكر، بيروت، 1403 ه.

379- (المكتفى في الوقف و الابتداء): لأبي عمر عثمان بن سعيد الداني، ت (444 ه)، تحقيق يوسف المرعشلي، مؤسسة الرسالة، ط 2، 1407 ه.

380- (منادمة الأطلال و مسامرة الخيال): لعبد القادر بدران ت (1346 ه)، دمشق 1960 م.

381- (مناقب الإمام الشافعي): لفخر الدين الرازي ت (606 ه) تحقيق أحمد حجازي السقا، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة.

382- (مناهل العرفان في علوم القرآن): محمد عبد العزيز الزرقاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

383- (مناهج البحوث و كتابتها: للدكتور يوسف مصطفى القاضي، دار المريخ، الرياض، 1399 ه.

384- (المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك): أبي الفرج ابن الجوزي ت (597 ه) دار المعارف العثمانية، حيدرآباد، الدكن، الهند.

385- (من الجامع لأحكام القرآن للقرطبي): اختيار و تعليق و تقديم الدكتور محمد أديب الصالح، المكتب الإسلامي، 1395 ه.

ص: 512

386- (منع جواز المجاز في المنزل للتعبد و الإعجاز): لمحمد الأمين بن محمد الشنقيطي، ملحق بالجزء العاشر من تفسير أضواء البيان، للمصنف.

387- (المنهاج في شعب الإيمان): لأبي عبد اللّه الحسن بن الحسن الحليمي ت (403 ه)، مخطوط مصورة عن نسخة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

أخرى: تحقيق حلمي أحمد فودة، دار الفكر، بيروت ط 1، 1399 ه.

388- (منهج ابن عطية في تفسير القرآن الكريم): للدكتور عبد الوهاب فائد، الرئاسة العامة لشئون المطابع الأميرية، 1393 ه.

389- (موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان): للإمام أبي بكر الهيثمي، ت (807 ه)، تحقيق محمد عبد الرزاق حمزة، دار الكتب العلمية.

390- (موسوعة اصطلاحات العلوم الإسلامية) المعروف بكشاف اصطلاحات الفنون، للشيخ المولوي محمد علي التهانوي، بيروت، شركة خياط للكتب و النشر.

391- (موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف): لمحمد السعيد بن بسيوني زغلول، دار الفكر، بيروت، ط 1، 1410 ه.

392- (الموضوعات): لأبي الفرج ابن الجوزي ت (597 ه)، دار الفكر، بيروت، ط 2، 1403 ه.

ص: 513

393- (الموطأ): للإمام مالك بن أنس، رواية يحيى الليثي، شرح و تعليق: أحمد راتب عرموش، دار النفائس، بيروت، ط 1، 1390 ه.

394- (المهذب فيما وقع بغير لغة العرب من المعرب): لجلال الدين السيوطي ت (911 ه) تحقيق التهامي الراجحي، صندوق إحياء التراث الإسلامي، الدار البيضاء.

395- (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت (748 ه) تحقيق علي محمد البجاوي، نشر دار المعرفة، بيروت، لبنان.

396- (الناسخ و المنسوخ): لأبي جعفر النحاس، ت (338 ه) تحقيق الدكتور سليمان بن إبراهيم اللاحم، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1412 ه.

أخرى: تحقيق محمد عبد السلام محمد، مكتبة الفلاح، الكويت، ط 1، 1408 ه.

397- (النبأ العظيم): لمحمد بن عبد اللّه دراز، الكويت، دار القلم، ط 3، 1406 ه.

398- (نثير الجمان في شعر من نظمني و إياه الزمان): للدكتور محمد رضوان الداية، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1396 ه.

399- (النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة): لأبي المحاسن بن

ص: 514

تغري بردي ت (874 ه) دار الكتب المصرية، القاهرة، 1348 ه.

400- (نزهة الخواطر و بهجة المسامع و النواظر): لعبد الحي الحسيني، حيدرآباد.

401- (نزول القرآن على سبعة أحرف) للشيخ مناع خليل قطان، مكتبة وهبة، القاهرة ط 1، 1411 ه.

402- (النسخ في القرآن الكريم): للدكتور مصطفى زيد، دار الوفاء، مصر 1408.

403- (نسيم الرياض شرح شفا القاضي عياض): لشهاب الدين الخفاجي المصري، المطبعة الأزهرية، ط 1، 1326 ه.

404- (نشر البنود في مراقي السعود): لعبد اللّه بن إبراهيم الشنقيطي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1408 ه.

405- (النشر في القراءات العشر): لمحمد بن محمد الدمشقي الشهير بابن الجزري ت (833 ه) تصحيح و مراجعة: علي محمد الصباغ، دار الفكر، بيروت.

406- (نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية) للزيلعي.

407- (نفح الطيب عن غصن أندلس الرطيب): لمحمد بن عبد الكريم المقري ت (1041 ه) تحقيق يوسف محمد البقاعي، دار الفكر،

ص: 515

بيروت، ط 1، 1406 ه.

أخرى: تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد.

408- (نكت الانتصار لنقل القرآن): لأبي بكر الباقلاني ت (403 ه) تحقيق الدكتور: محمد زغلول سلام، منشأ المعارف، الإسكندرية.

409- (نهاية الأرب في فنون الأدب): لأحمد بن عبد الوهاب النويري ت (733 ه)، القاهرة، المؤسسة المصرية العامة للتأليف و الترجمة و الطباعة و النشر.

410- (نهاية البيان): لابن المعافى، مخطوط، مكتبة السليمانية، استنبول.

411- (النهاية في غريب الحديث) لابن الأثير ت (606 ه)، تحقيق محمود محمد الطناحي، المكتبة الإسلامية.

412- (نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول): لمحمد بن علي بن الحسن، الحكيم الترمذي ت (320 ه)، بيروت، دار صادر.

413- (نوادر المخطوطات): لرمضان ششن.

414- (نواسخ القرآن): لأبي الفرج بن الجوزي ت (597 ه)، تحقيق و دراسة: محمد أشرف علي، نشر المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية، ط 1، 1404 ه.

ص: 516

415- (نيل الابتهاج بتطريز الديباج): لأحمد بابا التنبكتي، على هامش الديباج المذهب، مطبعة شقرون، مصر، ط 1، 1351 ه.

416- (هدي الساري مقدمة فتح الباري): لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت (852 ه)، تحقيق عبد العزيز بن باز، و محب الدين الخطيب، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض.

417- (هدية العارفين أسماء المؤلفين و آثار المصنفين): لإسماعيل باشا البغدادي ت (1339 ه) دار الفكر، 1402 ه.

418- (الواحدي و منهجه في التفسير): لجودة محمد المهدي، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1978 م.

419- (الوثائق السياسية): لمحمد حميد اللّه.

420- (الوسيط بين المقبوض و البسيط): لأبي الحسن علي بن الواحدي، تحقيق و تعليق مجموعة من الباحثين، تقديم الدكتور عبد الحي الفرماوي، دار الكتب العلمية، بيروت ط 1، 1415 ه.

421- (الوافي بالوفيات): صلاح الدين الصفدي ت (764 ه) اعتناء جماعة من العلماء و المستشرقين، الناشر: فرانز شتاينز بفيسبان، 1381 ه.

422- (وفيات الأعيان و أنباء أنباء الزمان): لأبي العباس أحمد بن محمد بن خلكان ت (681 ه) تحقيق إحسان عباس، دار صادر.

ص: 517

أخرى: دار الثقافة، بيروت، 1968 م.

423- (اليونسكو في تعليم العلوم): نشر المنظمة العالمية يونسكو.

ص: 518

المحتويات

ص: 519

ص: 520

12- البحر المحيط في التفسير 5

أولا: التعريف بالمؤلف: 5

شيوخه و تلاميذه: 8

و من شيوخه: 9

مؤلفاته 10

ثانيا: التعريف بالتفسير و المقدمة: 12

ثالثا: عرض موضوعات المقدمة: 16

رابعا: منهج أبي حيان في مقدمته: 21

خامسا: بيان مدى التزام المصنف في تفسيره بما ذكره في مقدمته: 22 علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير ج 2 521 المحتويات ..... ص : 519

دسا: مصادره في المقدمة: 24

سابعا: أهم المزايا و أظهر المآخذ: 26

13- تفسير القرآن العظيم 27

أولا: التعريف بالمؤلف: 27

شيوخه و تلامذته: 29

مؤلفاته: 31

عقيدة ابن كثير و مكانته العلمية: 33

وفاته: 35

ثانيا: التعريف بالتفسير و المقدمة: 36

ثالثا: عرض موضوعات المقدمة: 43

رابعا: منهج ابن كثير في مقدمته: 45

خامسا: بيان مدى التزام المصنف في تفسيره بما جاء في مقدمته: 46

ص: 521

سادسا: مصادره في مقدمته: 47

سابعا: أهم المزايا، و أظهر المآخذ: 47

الباب الثالث الموضوعات التي تناولتها مقدمات التفاسير 49

الموضوع الأول نزول القرآن 51

المسألة الأولى: في اليوم الذي أنزل فيه القرآن 51

المسألة الثانية: في كيفية إنزاله: 52

المسألة الثالثة: في مدة نزوله، و سنّه في ذلك الوقت: 55

المسألة الرابعة: أو ما نزل من القرآن: 57

المسألة الخامسة: آخر ما نزل من القرآن: 61

أواخر مخصوصة: 64

الموضوع الثاني جمع القرآن و ترتيبه 65

المسألة الأولى: الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم: 66

المسألة الثانية: حول جمع ابن مسعود للقرآن: 69

المسألة الثالثة: المراحل التي مرّ بها جمع القرآن الكريم: 74

المرحلة الأولى: 74

المرحلة الثانية: 76

المرحلة الثالثة: 82

المسألة الرابعة: أن عثمان بن عفان 90

المسألة الخامسة: وجه جمع عثمان الناس على مصحف 90

المسألة السادسة: عدد المصاحف التي أمر عثمان بنسخها: 91

المسألة السابعة: الآيات المفقودة في الجمعين: 92

ص: 522

المسألة الثامنة: حول إثبات النص القرآني: 94

المسألة التاسعة: في التأييد الذي لقيه عثمان- رضي اللّه عنه- لحرقه المصاحف: 95

المسألة العاشرة: في حرق المصاحف 97

المسألة الحادية عشرة: في اختيار زيد بن ثابت- رضي اللّه عنه- دون غيره من القراء للجمع: 97

المسألة الثانية عشرة: حول ما ورد من كون علي- رضي اللّه عنه- هو أول من جمع القرآن: 101

المسألة الثالثة عشرة: حكم مخالفة مصحف عثمان بالزيادة و النقصان: 103

المسألة الأولى: حول ترتيب الآيات: 110

المسألة الثانية: حول ترتيب النزول: 111

المسألة الثالثة: حول ترتيب السور في المصحف العثماني: 114

الموضوع الثالث رسم المصحف و نقطه و شكله و وضع الأخماس و الأعشار 123

المسألة الأولى: حول رسم المصحف 123

المسألة الثانية: حول نقط المصحف و شكله 127

المسألة الثالثة: حول الأخماس و الأعشار و فواتح السور و الخواتيم: 131

وضع الفواتح و الخواتيم للسور 132

الموضوع الرابع سور القرآن و آياته و كلماته و حروفه 134

المسألة الأولى معنى السورة 135

ص: 523

المسألة الثانية معنى الآية 139

المسألة الثالثة: عدّ آي القرآن: 144

المسألة الرابعة كلمات القرآن 147

المسألة الخامسة حروف القرآن 150

المسألة السادسة أجزاء القرآن 151

الموضوع الخامس أسماء القرآن و أسماء سوره 154

المسألة الأولى أسماء القرآن الكريم 154

المسألة الثانية أسماء سور القرآن 162

الموضوع السادس فضائل القرآن و خواصه و آداب تلاوته 167

المسألة الأولى: في التنبيه على أحاديث ضعيفة وضعت في الفضائل: 168

المسألة الثانية في ذكر شي ء من فضائل القرآن 171

المطلب الأول فضل الاعتصام بكتاب اللّه 171

المطلب الثاني في ذكر شي ء مما جاء في فضل تعلم القرآن و تعليمه 175

المطلب الثالث ذكر شي ء مما جاء في فضل حامل القرآن 178

المطلب الرابع ذكر شي ء مما جاء في فضل بعض سور القرآن 182

المسألة الثالثة ما يلزم قارئ القرآن الأخذ به و عدم الإغفال عنه 184

المسألة الرابعة آداب القرآن و آداب تاليه 191

ص: 524

المسألة الخامسة كيفية التلاوة لكتاب اللّه 198

المطلب الأول 198

المطلب الثاني 199

المطلب الثالث 201

المسألة السادسة ذكر شي ء من خواص القرآن 201

الموضوع السابع المكي و المدني 203

المسألة الأولى: في تعريف المكي و المدني: 203

المسألة الثانية: في سمات يعرف بها المكي و المدني: 204

أولا: سمات السور المكية 204

ثانيا: سمات السور المدينة 204

المسألة الثالثة في أقسام سور القرآن باعتبار المكي و المدني 205

المسألة الرابعة في بيان أهمية معرفة المكي و المدني 208

الموضوع الثامن التفسير و التأويل 210

الفرق بين التفسير و التأويل 214

الموضوع التاسع بيان شرف التفسير و الحاجة إليه 217

الموضوع العاشر أوجه التفسير و طرقه و أنواعه 222

المسألة الأولى: أوجه التفسير: 223

الوجه الأول: ما اختص اللّه تعالى بعلمه: 226

الوجه الثاني: ما يرجع فيه إلى لسان العرب: 226

الوجه الثالث: ما يرجع فيه إلى اجتهاد العلماء: 227

المسألة الثانية: طرق التفسير: 227

ص: 525

أولا: التفسير بالأثر (الرواية): 227

ثانيا: التفسير بالرأي (الدراية): 232

المسألة الثالثة: أنواع التفسير: 248

الموضوع الحادي عشر العلوم التي يحتاجها المفسر 250

الفن الأول: التفسير: 250

الفن الثاني القراءات 251

النوع الأول القراءات المشهورة 251

و النوع الثاني: القراءات الشاذة: 252

شروط القراءة الصحيحة 252

اختلاف القراء 253

الفن الثاني في فرش الحروف: 257

الفن الثالث أصول الفقه 257

الفن الرابع: النسخ: 257

الفن الخامس: الحديث 260

الفن السادس: القصص القرآني 260

الفن السابع: أصول الدين 262

الفن الثامن: علم اللغة 262

الفن التاسع: أحكام القرآن 263

الفن العاشر: علم النحو 264

الفن الحادي عشر: الفصاحة و البلاغة و أدوات البيان 266

ص: 526

الفن الثالث عشر: معرفة الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب اللّه: 276

الموضوع الثاني عشر مراتب المفسرين 278

الموضوع الثالث عشر الاختلاف بين المفسرين و قواعد الترجيح 292

المسألة الأولى: الاختلاف بين المفسرين 292

المسألة الثانية قواعد الترجيح عند المفسرين 299

الموضوع الرابع عشر الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن 312

المسألة الأولى: 312

المسألة الثانية: المراد بالأحرف السبعة: 320

القول الأول: أن المراد سبع لغات متفقة المعاني مختلفة الألفاظ 320

القول الثاني: أن الأحرف السبعة هي سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن 329

القول الثالث: أن الأحرف السبعة هي سبع لغات لمضر خاصة: 335

القول الرابع: أن المراد بالأحرف السبعة وجوه التغاير السبعة التي وقع فيه الاختلاف 337

القول الخامس: أن المراد بالأحرف السبعة معاني كتاب اللّه 341

القول السادس: أن المراد خواتيم الآي، فيجعل مكان غفور رحيم: 346

ص: 527

القول السابع: أن المراد بالأحرف السبعة التوسعة و التسهيل، و لم يقصد به الحصر 347

القول الثامن: أن المراد بالأحرف السبعة سبع قراءات 349

الموضوع الخامس عشر الظهر و البطن و الحد و المطلع 356

الموضوع السادس عشر ما وقع في القرآن بغير لغة العرب 362

القول الأول: عدم وقوع المعرّب في القرآن: 364

القول الثاني: وقوع المعرّب في القرآن: 368

القول الثالث: وجود كلمات أصولها غير عربية لكن العرب استعملتها و عرّبتها: 368

الموضوع السابع عشر الوقف و الابتداء 371

الموضوع الثامن عشر إعجاز القرآن 376

المسألة الأولى: تعريف المعجزة: 377

المسألة الثانية: شروط المعجزة: 378

المسألة الثالثة: معجزات الرسول صلى اللّه عليه و سلم: 380

المسألة الرابعة: وجوه إعجاز القرآن الكريم 381

المسألة الخامسة: القول بالصرفة و المنع: 390

الخاتمة 393

فهرس الآيات القرآنية 401

فهرس الأحاديث و الآثار 415

فهرس الأعلام المترجم لهم 437

ص: 528

فهرس المصادر و المراجع 457

فهرس المحتويات 521

ص: 529

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.