العمل الابقى في شرح العروة الوثقى المجلد2

اشارة

نام كتاب: العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى موضوع: فقه استدلالى نويسنده: شبر، سيد على حسينى تاريخ وفات مؤلف: 1393 ه ق زبان: عربى قطع: وزيرى تعداد جلد: 2 ناشر: مطبعة النجف تاريخ نشر: 1383 ه ق نوبت چاپ: اول مكان چاپ: نجف اشرف- عراق

[مقدمة المؤلف]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

______________________________

الحمد للّٰه رب العالمين، و الصلاة و السلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين و بعد فيقول الفقير الجاني، و الأسير الفاني، الحقير الأحقر، على بن محمد الحسيني شبر، لما تم المجلد الأول من كتاب العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، و كان انتهاؤه بانتهاء أحكام أواني الذهب و الفضة، شرعت في المجلد الثاني الذي مبدؤه أحكام التخلي.

[تتمة كتاب الطهارة]

[فصل في التخلي]

[فصل في أحكام التخلي]

اشارة

فصل في أحكام التخلي

[ (مسألة 1) يجب في حال التخلي بل في سائر الأحوال ستر العورة]

(مسألة 1) يجب في حال التخلي بل في سائر الأحوال ستر العورة (1) عن الناظر المحترم سواء كان من المحارم أم لا رجلا كان أم امرأة حتى عن المجنون

قوله قده فصل: في أحكام التخلي. مسألة 1 (يجب في حال التخلي بل في سائر الأحوال ستر العورة. إلخ)

المدرك في وجوب ستر العورة حال التخلي بل في سائر الأحوال عن كل إنسان مميز ما عدا الزوج و الزوجة و المملوكة التي يباح وطؤها له بعد الإجماع كما ادعاه صاحب الجواهر، بل ضرورة الدين عليه هو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 3

و الطفل المميز كما أنه يحرم على الناظر أيضا النظر إلى عورة الغير و لو كان مجنونا أو طفلا مميزا، و العورة في الرجل القبل و البيضتان و الدبر، و في المرأة القبل و الدبر و اللازم ستر لون البشرة دون الحجم و إن كان الأحوط ستره أيضا و أما الشبح و هو ما يتراءى عند كون الساتر رقيقا فستره لازم و في الحقيقة يرجع الى ستر اللون.

[ (مسألة 2) لا فرق في الحرمة بين عورة المسلم و الكافر]

(مسألة 2) لا فرق في الحرمة بين عورة المسلم و الكافر على الأقوى. (1).

______________________________

قوله تعالى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ و قُلْ لِلْمُؤْمِنٰاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصٰارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ. الآية. و في التهذيب:

عن الصادق عليه السلام: لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه، و في النبوي: إذا اغتسل أحدكم في فضاء من الأرض فليحاذر على عورته، و قال (ع): لا يدخل أحدكم الحمام إلا بمئزر، و نهى ان ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم، و قال من تأمل عورة أخيه المسلم لعنه سبعون ألف ملك، و نهى المرأة ان تنظر إلى عورة المرأة، و قال:

من نظر الى عورة أخيه المسلم أو عورة غير اهله متعمدا أدخله اللّٰه مع المنافقين، الحديث، و الأخبار في ذلك كثيرة.

و العورة: هي القبل و الدبر و هو نفس المخرج كما في الذكرى و الروض و الروضة و المسالك، و ليس منه الأليتان على المشهور، بل عن السرائر و الخلاف و الغنية الإجماع عليه للأصل أي أصالة عدم وجوب ستر غير ما ذكر. و الخبر المروي في الكافي و التهذيب عن ابي الحسن الماضي (ع) قال: العورة عورتان القبل و الدبر، و الدبر مستور بالأليتين، فإذا سترت القضيب و البيضتين فقد سترت العورة. قال الكليني (ره): و في رواية أخرى فأما الدبر فقد سترته الأليتان، و اما القبل فاستره بيدك.

قوله قده مسألة 2 (لا فرق في الحرمة بين عورة المسلم و الكافر على الأقوى. اه)

لا يخفى انهم اختلفوا في انه هل يختص التحريم بعورة المسلم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 4

[ (مسألة 3) المراد من الناظر المحترم]

(مسألة 3) المراد من الناظر المحترم من عدا الطفل الغير المميز (1) و الزوج و الزوجة و المملوكة بالنسبة إلى المالك و المحللة بالنسبة إلى المحلل له فيجوز نظر كل من الزوجين إلى عورة الآخر و هكذا في المملوكة و مالكها و المحللة و المحلل له و لا يجوز نظر المالكة الى مملوكها أو مملوكتها و بالعكس.

[ (مسألة 4) لا يجوز للمالك النظر إلى عورة مملوكته]

(مسألة 4) لا يجوز للمالك النظر إلى عورة مملوكته إذا كانت مزوجة أو محللة (2) أو في العدة و كذا إذا كانت مشتركة بين مالكين لا يجوز لواحد منهما النظر الى عورتها و بالعكس.

______________________________

للأصل و اختصاص النهي به كما اختاره المحدث الحر العاملي، أم يعم الكافر كما صرح به في الذكرى لإطلاق الآية و جهان: أقواهما الأول و أحوطهما الثاني و في الفقيه عن الصادق (ع) إنما أكره النظر إلى عورة المسلم، فاما النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار. و في الكافي عن الصادق (ع) النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار.

قوله قده مسألة 3: (المراد من الناظر المحترم من عدا الطفل الغير المميز. إلخ)

مدرك عدم وجوب الستر عن غير المميز هو انه لا يفهم من الأمر بالتستر إلا وجوب التستر عمن له إدراك و شعور، و لذا لا يفهم من ذلك وجوب التستر عن البهائم، و ليعلم انه لا يحل النظر للمميز إلا لمن حل له الاستمتاع، و لذا لا يجوز نظر المالكة إلى عورة مملوكها أو مملوكتها لعدم جواز الاستمتاع بين المالكة و مملوكها و كذا نظرهما إليها للعلة المذكورة.

قوله قده مسألة 4: (لا يجوز للمالك النظر إلى عورة مملوكته إذا كانت مزوجة أو محللة. إلخ)

مدركه ما

تقدم من العلة المحرمة و هي عدم جواز الاستمتاع بها للمالك ما دامت مزوجة أو محللة أو في عدة الغير، و كذا إذا كانت

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 5

[ (مسألة 5) لا يجب ستر الفخذين]

(مسألة 5) لا يجب ستر الفخذين و لا الأليتين (1) و لا الشعر النابت أطراف العورة، نعم يستحب ستر ما بين السرة إلى الركبة بل الى نصف الساق.

______________________________

مشتركة بين مالكين لاستلزامه الوطء بالملك و سبب آخر من الشريك و هو التزويج أو التحليل، و البضع لا يتبعض، بل يلزم أن يكون سببه واحد لقوله تعالى:

(إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ)*.

قوله قده مسألة 5: (لا يجب ستر الفخذين و لا الأليتين. إلخ)

اما عدم وجوب ستر الفخذين و لا الأليتين فلما تقدم من الأصل و الخبرين المروي أحدهما في الكافي و التهذيب عن ابي الحسن الماضي (ع) قال: العورة عورتان القبل و الدبر، و الدبر مستور بالأليتين فإذا سترت القضيب و البيضتين فقد سترت العورة، و ثانيهما في رواية الكليني فأما الدبر فقد سترته الأليتان، و اما القبل فاستره بيدك، و اما استحباب الستر لما بين السرة و الركبة فمستنده رواية الكافي عن بشير النبال قال سألت أبا جعفر (ع) عن الحمام فقال: تريد الحمام؟ قلت:

نعم، فأمر بإسخان الماء ثم دخل فاتزر بإزار فغطى ركبتيه و سرته ثم أمر صاحب الحمام فطلى جسده ما كان خارجا من الإزار ثم قال اخرج عني ثم طلي هو ما تحته بيده ثم قال: هكذا فافعل، و في قرب الاسناد عن الباقر (ع) قال:

إذا زوج الرجل أمته فلا ينظر الى عورتها، و العورة ما بين السرة إلى الركبة، و الذي يقتضيه الجمع بين هاتين و بين الروايتين المتقدمتين

الصريحتين في أن العورة هي القبل و الدبر هو حمل هاتين على الاستحباب، هذا مع ما رواه الشيخ عن الصادق (ع) قال: إن الفخذ ليست من العورة. و في الفقيه مرسلا عن الصادق (ع) قال: الفخذ ليست من العورة، و حكي عن القاضي ان العورة من السرة إلى الركبة، و عن الحلبي الى نصف الساق، قال في المعتصم: و لم أجد لهما مستندا. أقول و لعل مستندهما رواية الكافي عن بشير النبال، و رواية

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 6

[ (مسألة 6) لا فرق بين إفراد الساتر]

(مسألة 6) لا فرق بين إفراد الساتر (1) فيجوز بكل ما يستر و لو بيده أو يد زوجته أو مملوكته.

[ (مسألة 7) لا يجب الستر في الظلمة المانعة]

(مسألة 7) لا يجب الستر في الظلمة (2) المانعة عن الرؤية أو مع عدم حضور شخص أو كون الحاضر أعمى أو العلم بعدم نظره.

[ (مسألة 8) لا يجوز النظر إلى عورة الغير من وراء الشيشة]

(مسألة 8) لا يجوز النظر إلى عورة الغير (3) من وراء الشيشة بل و لا في المرآة أو الماء الصافي.

[ (مسألة 9) لا يجوز الوقوف في مكان يعلم بوقوع نظره على عورة الغير]

(مسألة 9) لا يجوز الوقوف في مكان (4) يعلم بوقوع نظره على عورة الغير

______________________________

قرب الاسناد المتقدمتي الذكر المحمولتين على الاستحباب.

قوله قده مسألة 6: (لا فرق بين إفراد الساتر. إلخ)

مدركه إطلاق دليله.

قوله قده مسألة 7: (لا يجب الستر في الظلمة. إلخ)

أشار بهذا الى الخلاف في انه هل يجب الستر حتى في الخلوة؟ كما تشعر به عبارة الشرائع و النافع و المنتهى و التحرير و الإرشاد و اللمعة و الألفية حيث قالوا: يجب على المتخلي ستر عورته و تقتضيه إطلاقات بعض الاخبار، و في المحكي عن دعائم الإسلام نهوا- اي أهل البيت (ع)- للمؤمن أن يكشف عورته و ان كان بحيث لا يراه أحد. انتهى أم لا يجب؟ كما في المتن و هو ظاهر عبائر الأكثر و صريح البعض للأصل و عدم المقتضى و هو الأقوى.

قوله قده مسألة 8: (لا يجوز النظر إلى عورة الغير. إلخ)

اما من وراء الشيشة فهو نظر الى العورة حقيقة. نعم ربما يتطرق الإشكال في نظرها بالمرآة أو في الماء الصافي، و على كل فيصدق عرفا انه نظر الى العورة.

قوله قده مسألة 9: (لا يجوز الوقوف في مكان. إلخ)

اما وقوفه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 7

بل يجب عليه التعدي عنه أو غض النظر، و اما مع الشك أو الظن في وقوع نظره فلا بأس و لكن الأحوط أيضا عدم الوقوف أو غض النظر.

[ (مسألة 10) لو شك في وجود الناظر أو كونه محترما]

(مسألة 10) لو شك في وجود الناظر (1) أو كونه محترما فالأحوط الستر

[ (مسألة 11) لو رأى عورة مكشوفة و شك في أنها عورة حيوان أو إنسان]

(مسألة 11) لو رأى عورة مكشوفة (2) و شك في أنها عورة حيوان أو إنسان فالظاهر عدم وجوب الغض عليه، و إن علم أنها من إنسان و شك في انها من

______________________________

ليقع نظره على عورة الغير فيحرم لأنه من التسبب الى فعل الحرام و هو حرام، و اما في غير هذه الصورة فإن علم ان بوقوفه يقع نظره بغير اختياره أيضا يحرم إذ الوقوف المذكور يكون علة للحرام فيحرم لذلك، و اما مع بقاء اختياره فالحرمة محل اشكال حتى لو علم بوقوفه وقوع نظره إذا لم يكن من قصد ذلك.

قوله قده مسألة 10: (لو شك في وجود الناظر. إلخ)

لا نابي من الاحتياط المذكور فإنه سبيل النجاة، و اما ما تقتضيه القواعد الشرعية هو انه ان كان مسبوقا بوجود ناظر محترم فمع الشك في بقائه يستصحب بقاؤه فيجب التستر، و ان كان مسبوقا بعدمه فيستصحب عدمه فلا يجب التستر، و اما مع عدم الحالة السابقة فالشك في أصل التكليف و هو مجرى البراءة شرعية و عقلية و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 11: (لو رأى عورة مكشوفة. إلخ)

اما عدم وجوب الغض في الفرض الأول و هو ما لو شك في أنها عورة إنسان أو حيوان فلأنه من الشبهة الموضوعية التي هي مجرى البراءة و عدم وجوب البحث و التفتيش فيها.

و اما الفرض الثاني و هو ما لو علم أنها عورة إنسان و شك في انها من صبي غير مميز أو من بالغ أو صبي مميز الذي هو مورد احتياط المصنف (قده) فمقتضى استصحاب عدم البلوغ و التمييز الذين هما من الاستصحاب الموضوعي جواز النظر، و

مع الغض عنهما فأصل البراءة كاف في الجواز، و اما الفرض الثالث: و هو ما لو علم أنها عورة بالغ أو مميز و شك في انها من زوجته أو مملوكته أو أجنبية فيكفي في حرمة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 8

صبي عير مميز أو من بالغ أو مميز فالأحوط ترك النظر، و إن شك في أنها من زوجته أو مملوكته أو أجنبية فلا يجوز النظر و يجب الغض عنها لأن جواز النظر معلق على عنوان خاص و هو الزوجية أو المملوكية فلا بد من إثباته، و لو رأى عضوا من بدن الإنسان لا يدرى أنه عورته أو غيرها من أعضائه جاز النظر و إن كان الأحوط الترك.

[ (مسألة 12) لا يجوز للرجل و الأنثى النظر الى دبر الخنثى]

(مسألة 12) لا يجوز للرجل و الأنثى النظر الى دبر الخنثى (1) و أما قبلها فيمكن ان يقال بتجويزه لكل منهما للشك في كونه عورة لكن الأحوط الترك بل الأقوى وجوبه لأنه عورة على كل حال.

______________________________

النظر استصحاب عدم العلقة بينه و بين المنظورة ان كان الشك من جهة الزوجية، و استصحاب عدم الملكية ان كان الشك من جهتها فضلا عما ذكره من الوجه للحرمة الذي مرجعه التمسك بعمومات وجوب الغض و لم يخرج منها إلا ما أحرز الجواز فيه كما تقدم نظيره فيما لو كان هناك عام و خرج منه بعض الإفراد ترخيصا فالظاهر ان بناء العرف على الأخذ بالعام ما لم يحرز العنوان المرخص فيه و الخطابات الشرعية منزلة على وفق متفاهم العرف، و اما الفرض الرابع: و هو ما لو رأى عضوا من إنسان و لا يدري انه عورته أو غيرها من أعضائه فحاله حال الفرض الأول حكما و دليلا. هذا و للنظر فيما

ذكرناه في بعض الفروض مجال و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 12: (لا يجوز للرجل و الأنثى النظر الى دبر الخنثى. إلخ)

أما الدبر من الخنثى فما لا إشكال في حرمة النظر إليه، لأنه عورة على كل حال كما ذكره (قده) و اما القبل منها فعبارة الماتن مشوشة فيه مغلقة لا يعلم المراد منها، و على كل حال فالنظر الى كلتا الآلتين من قبلها لا يجوز مطلقا سواء كان الناظر محرما أم أجنبيا لأنها مخالفة تفصيلية إذ أحدهما عورة، و اما النظر إلى إحدى الآلتين، فان كان الناظر محرما فلا يجوز أيضا لأنه من الشبهة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 9

[ (مسألة 13) لو اضطر الى النظر إلى عورة الغير]

(مسألة 13) لو اضطر الى النظر إلى عورة الغير (1) كما في مقام المعالجة فالأحوط أن يكون في المرآة المقابلة لها إن اندفع الاضطرار بذلك و إلا فلا بأس.

[ (مسألة 14) يحرم في حال التخلي استقبال القبلة و استدبارها]

(مسألة 14) يحرم في حال التخلي استقبال القبلة و استدبارها (2) بمقاديم بدنه و إن أمال عورته الى غيرهما و الأحوط ترك الاستقبال و الاستدبار

______________________________

المحصورة المقتضية لوجوب الموافقة القطعية كما هو التحقيق كحرمة مخالفتها القطعية، و اما إن كان الناظر أجنبيا فلا يجوز له النظر الى ما كان من سنخ عورته إذ هي مخالفة تفصيلية (و بيانه) ان الرجل لو نظر الى آلة الرجولية منها التي هي سنخ عورته فان كان المنظور رجلا فهي عورته، و ان كان أنثى فهو نظر الى بعض من بدن الأجنبية و هو محرم، و كذلك الكلام في الأنثى لو نظرت الى ما هو سنخ عورتها، و بسبب هذا العلم التفصيلي بالحرمة في أحد الأطراف ينحل العلم الإجمالي المزبور، فيجوز لكل منهما النظر إلى الآلة الأخرى منها التي ليست من سنخ عورته كما لو نظر الرجل الى آلتها الأنوثية، أو نظرت المرأة إلى آلتها الرجولية إذ لم يحرز كونها عورة لما عرفت من انحلال العلم الإجمالي بالعلم بحرمة أحد الأطراف فيكون في الطرف الآخر الشبهة بدوية و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 13: (لو اضطر الى النظر إلى عورة الغير. إلخ)

لا فرق بين النظر في المرآة و بدونه بعد ما تقدم منا عن قريب بان النظر في المرآة نظر الى العورة عرفا.

قوله قده مسألة 14: (يحرم في حال التخلي استقبال القبلة و استدبارها.

إلخ)

لا يخفى تضمن هذه المسألة مسائل متعددة فاللازم التنبيه على مداركها اجمع الأولى- حرمة الاستقبال و الاستدبار فيهما و هو

المشهور، بل عن الخلاف و الغنية الإجماع عليه لظاهر الأخبار: منها رواية الحسين بن زيد عن الصادق (ع) عن آبائه (ع) عن النبي (ص) انه قال في حديث المناهي: إذ أدخلتم الغائط

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 10

بعورته فقط و إن لم يكن مقاديم بدنه إليهما و لا فرق في الحرمة بين الابنية و الصحارى و القول بعدم الحرمة في الأول ضعيف، و القبلة المنسوخة كبيت المقدس لا يلحقها الحكم و الأقوى عدم حرمتهما في حال الاستبراء و الاستنجاء و إن كان الترك أحوط، و لو اضطر الى أحد الأمرين تخير و إن كان الأحوط

______________________________

فتجنبوا القبلة، و عن الفقيه انه قال نهى رسول اللّٰه (ص) عن استقبال القبلة ببول أو غائط. و خبر عيسى بن عبد اللّٰه الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال قال النبي (ص): إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و لكن شرقوا أو غربوا. و في مرفوعة عبد الحميد سئل الحسن بن علي (ع) ما حد الغائط؟ قال لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و لا تستقبل الريح و لا تستدبرها.

و عن الكافي و التهذيب و الفقيه مثلها مرسلة الى ابي الحسن، و عن المقنع انه رواها مرسلة عن الرضا (ع) و عن على بن إبراهيم رفعه قال خرج أبو حنيفة من عند ابى عبد اللّٰه (ع) و أبو الحسن موسى (ع) قائم و هو غلام فقال له أبو حنيفة يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال (ع): اجتنب أفنية المساجد و شطوط الأنهار و مساقط الثمار و منازل النزال و لا تستقبل القبلة بغائط و لا بول و ارفع ثوبك وضع حيث

شئت، خلافا لما حكي عن المفيد و الإسكافي من القول بالاستحباب، و اختاره صاحب المدارك و المعالم و المحقق الخوانساري و المولى المقدس الأردبيلي و الفيض في المعتصم للأصل، و ضعف سند ما تقدم من الأخبار و اقتران النهي بجملة من المكروهات، و شيوع استعمال الأوامر و النواهي في المستحب و المكروه، و للصحيح المروي في الفقيه عن ابن بزيع قال دخلت على الرضا (ع) و في منزله كنيف مستقبل القبلة، و لقوله (ع) من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها إجلالا للقبلة و تعظيما لها لم يقم من مقعده ذلك حتى يغفر له

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 11

الاستدبار، و لو دار الأمر بين أحدهما و ترك الستر مع وجود الناظر وجب الستر، و لو اشتبهت القبلة لا يبعد العمل بالظن و لو ترددت بين جهتين متقابلتين اختار الأخيرين و لو ترددت بين المتصلتين فكالترديد بين الأربع التكليف.

ساقط فيتخير بين الجهات.

______________________________

و يندفع الأصل بما تقدم من الاخبار الظاهرة في الحرمة، و ضعف السند منجبر بالعمل، و اشتمال بعضها على بعض المكروهات كاستقبال الريح و استدبارها لا يوجب رفع اليد عن ظهور النهي عن استقبال القبلة و استدبارها في الحرمة، إذ ما يصلح ان يكون قرينة لذلك ليس إلا وحدة السياق و في كفايتها بنفسها للصارفية تأمل خصوصا في مثل المقام المعتضد ظهوره بالشهرة و نقل الإجماع، و الصحيح لا دلالة فيه على جواز الانحراف لجواز كون الكنيف للغير أو كون الدار سابقا للغير.

الثانية- من المسائل: ان يكون ذلك بمقاديم البدن فلا يكفي ان يحرف العورة وحدها عن القبلة لظاهر الاخبار و لان ذلك هو المعهود خلافا للفاضل المقداد في التنقيح و

الشهيد في الألفية فاعتبرا كفاية انحراف نفس الفرج.

الثالثة- من المسائل: أنه يستوي في ذلك الصحارى و البنيان على المشهور كما في الجواهر دعواه نقلا و تحصيلا لإطلاقات الأدلة و خصوص النبوي إذا دخلت المخرج، و النبوي الآخر إذا دخلت الغائط، خلافا لسلار فإنه خص الحرمة بالصحاري و الكراهة بالأبنية.

الرابعة- من المسائل: عدم لحوق الحكم للقبلة المنسوخة كبيت المقدس و ذلك ان استصحاب أحكام الشرائع السابقة على القول به فيما لم يعلم نسخه لا فيما علم كما فيما نحن فيه.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 12

[ (مسألة 15) الأحوط ترك إقعاد الطفل للتخلي على وجه يكون مستقبلا أو مستدبرا]

(مسألة 15) الأحوط ترك إقعاد الطفل (1) للتخلي على وجه يكون مستقبلا أو مستدبرا و لا يجب منع الصبي و المجنون إذا استقبلا أو استدبرا

______________________________

الخامسة- من المسائل: ما ذكره من عدم لحوق الحكم لحالتي الاستبراء و الاستنجاء.

فنقول اما عدم لحوقه لحالة الاستنجاء فللأصل، و اما حالة الاستبراء فالأقوى لحوقها لها لأنها حالة طلب إخراج البول الباقي في المخرج.

و اما ما ذكره من الاحتياط في الترك في الحالتين المزبورتين فلعل وجهه رواية عمار الساباطي عن ابي عبد اللّٰه (ع) قال: قلت له الرجل يريد ان يستنجي كيف يقعد؟ قال: كما يقعد للغائط: و في دلالتها على المدعى تأمل.

السادسة- من المسائل: لو اضطر الى أحد الأمرين فالقاعدة كما ذكره من التخيير، و اما الاحتياط في اختيار الاستدبار فلأشرفية جهة القبلة و اهميتها فهي أولى بالرعاية في عدم التوهين مهما أمكن.

السابعة- من المسائل: لو دار امره بين أحدهما و ترك التستر مع وجود الناظر وجب رعاية التستر لأهميته في نظر الشارع أيضا.

الثامنة- من المسائل: لو اشتبهت القبلة و ترددت بين الجهات الأربع فالظاهر هو التخيير بينها لعدم المرجح و لا دليل

على وجوب التجنب عن الجهة التي يظن كونها قبلة بظن غير معتبر، نعم لو ترددت بين جهتين متقابلتين يجب اختيار الأخريين، و لو ترددت بين جهتين متصلتين فهو كالمتردد بين الأربع، إذ باجتناب استقبالهما و التوجه الى مقابلهما يلزم استدبارهما فهو واقع في المحذور على كل حال، فلهذا كان كالمتردد بين الأربع فيتخير و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 15: (الأحوط ترك إقعاد الطفل. إلخ)

لا دليل على ما ذكره من الاحتياط في ترك إقعاد الطفل للتخلي مستقبلا أو مستدبرا، كما انه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 13

عند التخلي و يجب ردع البالغ العافل العالم بالحكم و الموضوع من باب النهى عن المنكر كما أنه يجب إرشاده إن كان من جهة جهله بالحكم، و لا يجب ردعه إن كان من جهة الجهل بالموضوع، و لو سئل عن القبلة فالظاهر عدم وجوب البيان (1) نعم لا يجوز إيقاعه في خلاف الواقع.

[ (مسألة 16) يتحقق ترك الاستقبال و الاستدبار بمجرد الميل الى أحد الطرفين]

(مسألة 16) يتحقق ترك الاستقبال (2) و الاستدبار بمجرد الميل الى أحد الطرفين و لا يجب التشريق أو التغريب و إن كان أحوط.

[ (مسألة 17) الأحوط فيمن يتواتر بوله أو غائطه]

(مسألة 17) الأحوط فيمن يتواتر بوله أو غائطه (3) مراعاة ترك

______________________________

لا يجب منع الصبي أو المجنون إذا استقبلا و استدبرا لعدم تكليفهما فلا يتعنون أمرهما أو نهيهما بأحد العناوين الملزمة، نعم وجوب ردع البالغ العاقل العالم لا اشكال فيه لأنه من النهي عن المنكر الواجب كفاية على كل مكلف، كما انه يجب إرشاد الجاهل بالحكم من باب وجوب تبليغ الأحكام، كما انه لا يجب ردعه ان كان جاهلا بالموضوع لعدم تعنون الوجوب بأحد العناوين الملزمة كالنهي عن المنكر أو إرشاد الجاهل أو ما شاكلهما.

(قوله و لو سئل عن القبلة فالظاهر عدم وجوب البيان)

إذ لا دليل على وجوب بيان موضوعات الأحكام العرفية، نعم لا يجوز إيقاعه في خلاف الواقع لحرمة التسبب في إيقاع الغير في المحرم الواقعي مع انه كذب يحرم ارتكابه.

قوله قده مسألة 16: (يتحقق ترك الاستقبال. إلخ)

المراد بالاستقبال و الاستدبار ما هو المتعارف فيكفي فيهما الانحراف الصادق معه عدم الاستقبال و الاستدبار العرفيين فلا يجب التشريق و التغريب، نعم هو أحوط لدلالة بعض الأخبار المتقدمة عليه.

قوله قده مسألة 17: (الأحوط فيمن يتواتر بوله أو غائطه. الخ

اما مراعاة ترك الاستقبال و الاستدبار بقدر الإمكان فلأن الضرورات تقدر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 14

الاستقبال و الاستدبار بقدر الإمكان و إن كان الأقوى عدم الوجوب.

[ (مسألة 18) عند اشتباه القبلة بين الأربع لا يجوز أن يدور ببوله الى جميع الأطراف]

(مسألة 18) عند اشتباه القبلة (1) بين الأربع لا يجوز أن يدور ببوله الى جميع الأطراف نعم إذا اختار في مرة أحدها لا يجب عليه الاستمرار عليه بعدها بل له أن يختار في كل مرة جهة أخرى إلى تمام الأربع و إن كان الأحوط ترك ما يوجب القطع بأحد الأمرين و لو تدريجا خصوصا إذا كان قاصدا ذلك من الأول

بل لا يترك في هذه الصورة.

[ (مسألة 19) إذا علم ببقاء شي ء من البول في المجرى]

(مسألة 19) إذا علم ببقاء شي ء من البول في المجرى (2) يخرج بالاستبراء فالاحتياط بترك الاستقبال أو الاستدبار في حاله أشد.

______________________________

بقدرها، و لقوله (ص): إذا أمرتكم بشي ء فأتوا منه ما استطعتم، و قوله عليه السلام الميسور لا يسقط بالمعسور، و ما لا يدرك كله لا يترك كله.

و اما اقوائية عدم الوجوب فبدعوى انصراف الأدلة السابقة لغير المفروض.

قوله قده مسألة 18: (عند اشتباه القبلة. إلخ)

مدركه هو ان العلم الإجمالي كما يقتضي وجوب الموافقة القطعية كذلك مقتضاه حرمة المخالفة القطعية و الاشتباه في القبلة أسقط وجوب الموافقة القطعية، و اما مقتضاه الآخر و هو حرمة المخالفة القطعية فهو على ما هو عليه إذ لا موجب لسقوطه، و الدائر ببوله مخالف له بلا موجب و لا سبب مجوز، هذا مع ان الضرورات تقدر بقدرها و لا ضرورة ملجئة للمخالفة القطعية، و من هذا الباب انه لو اختار جهة في أول مرة فالأقوى وجوب الاستمرار عليها فرارا عن المخالفة القطعية إلى المخالفة الاحتمالية التي هي أرجح ارتكابا لدى العقل و العقلاء و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 19: (إذا علم ببقاء شي ء من البول في المجرى. إلخ)

تقدم منا إلحاق حالة الاستبراء بحالة البول فهما متحدان حكما و دليلا.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 15

[ (مسألة 20) يحرم التخلي في ملك الغير]

(مسألة 20) يحرم التخلي في ملك الغير (1) من غير اذنه حتى الوقف الخاص بل في الطريق غير النافذ بدون إذن أربابه و كذا يحرم على قبور المؤمنين إذا كان هتكا لهم.

[ (مسألة 21) المراد بمقاديم البدن]

(مسألة 21) المراد بمقاديم البدن (2) الصدر و البطن و الركبتان.

[ (مسألة 22) لا يجوز التخلي في مثل المدارس التي لا يعلم كيفية وقفها]

(مسألة 22) لا يجوز التخلي في مثل المدارس (3) التي لا يعلم كيفية وقفها من اختصاصها بالطلاب أو بخصوص الساكنين منهم فيها أو من هذه الجهة أعم من الطلاب و غيرهم و يكفي إذن المتولي إذا لم يعلم كونه على خلاف الواقع و الظاهر كفاية جريان العادة أيضا بذلك و كذا الحال في غير التخلي من التصرفات الأخر.

[فصل في الاستنجاء]

اشارة

فصل في الاستنجاء يجب غسل مخرج البول (4) بالماء مرتين و الأفضل ثلاث بما يسمى غسلا

______________________________

قوله قده مسألة 20: (يحرم التخلي في ملك الغير. إلخ)

مدركه حرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه، و منه التخلي و كذا في الوقف الخاص و الطريق الغير النافذ إذ هما ملك لأربابهما، و اما قبور المؤمنين إذا كان هتكا لهم و ازراء بحقهم إذ حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا.

قوله قده مسألة 21: (المراد بمقاديم البدن. إلخ)

أي ما جعل ميزانا و ضابطا للاستقبال و الاستدبار الذي يدور معهما الحكم.

قوله قده مسألة 22: (لا يجوز التخلي في مثل المدارس. إلخ)

مدرك عدم الجواز هو ان الأوقاف على ما وقفت عليه فلا بد من إحراز السبب المجوز للتصرف، و منه إذن المتولي لأنه ذو يد أو امارة أخرى قطعية.

قوله قده (فصل: في الاستنجاء يجب غسل مخرج البول. إلخ)

ذكر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 16

و لا يجزى غير الماء، و لا فرق بين الذكر و الأنثى و الخنثى كما لا فرق بين المخرج الطبيعي و غيره معتادا أو غير معتاد، و في مخرج الغائط مخير بين الماء و المسح بالأحجار أو الخرق إن لم يتعد عن المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء و إلا تعين الماء و إذا تعدى على وجه الانفصال كما

إذا وقعت نقطة من الغائط على فخذه من غير اتصال بالمخرج يتخير في المخرج بين الأمرين و يتعين الماء فيما وقع على الفخذ و الغسل أفضل من المسح بالأحجار و الجمع بينهما أكمل، و لا يعتبر في الغسل تعدد بل الحد النقاء و إن حصل بغسلة و في المسح لا بد من ثلاث و إن حصل النقاء

______________________________

(قده) في هذا الفصل عدة أمور يلزمنا بيان مداركها.

الأول- الاستنجاء من البول و يجب ان يغسل ظاهر مخرج البول بالماء خاصة و لا يجزي غيره إجماعا منا كما في المدارك و عن الانتصار و الغنية و المعتبر و المنتهى و التذكرة و التنقيح و للصحاح، منها الباقري (ع) المروي في التهذيب يجزي من الغائط المسح بالأحجار و لا يجزي من البول إلا الماء، و منها الصادقي عليه السالم المروي في التهذيب أيضا إذا انقطعت درة البول فصب الماء، و فيه أيضا عن الرجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر و قد عرق ذكره و فخذاه قال: يغسل ذكره و فخذيه، الى غير ذلك من الاخبار الكثيرة، و يجب ذلك بما يسمى غسلا وفاقا للمحكي عن الحلبي و جماعة كما عن الحلي و الفاضل في المختلف و ابن البراج و اختاره صاحب المدارك و الذخيرة و المحقق الخوانساري و المجلسي (ره) للأصل و الإطلاقات الآمرة بالغسل، و حصول الامتثال، و للمرسل في الكافي يجزي ان يغسل بمثله من الماء إذا كان على رأس الحشفة، و في التهذيب عن الصادق (ع) قال: يجزي من البول ان تغسله بمثله، و قيل أقل ما يجزي مثلا ما على الحشفة من البلل كما عن الشيخين في المبسوط و المقنعة و الصدوقين

و الفاضلين في المعتبر و الشرائع و القواعد و التذكرة و هو المشهور كما

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 17

بالأقل و إن لم يحصل بالثلاث فالى النقاء، فالواجب في المسح أكثر الأمرين من النقاء و العدد و يجزى ذو الجهات الثلاث من الحجر و بثلاثة أجزاء من

______________________________

في الذخيرة للخبر المروي عن الصادق (ع) كم يجزي من الماء في الاستنجاء من البول؟ فقال مثلا ما على الحشفة من البلل، و قيل هو ضعيف لا يقاوم الإطلاقات المتقدمة و إطلاق الأخبار الواردة بالأمر بالغسل و الصب، و فيه ان جميع المطلقات مقيد به و ضعفه منجبر بالعمل، و بان الظاهر ان الغسل لا يصدق إلا بما يقهر النجاسة و يغلب عليها و لا يحصل ذلك بأقل من المثلين، و بالأخبار الآمرة بالمرتين في غسل البول من الثوب و الجسد، و اما رواية المثل المتقدمة الذكر فلا تعارضها كما ذكره في الجواهر بقوله: و الرواية مع كونها مرسلة لا جابر لها و موهونة باعراض المشهور، مضافا الى استبعاد تحقق الغسل بالمثل لاشتراط الغلبة و الاستيلاء و هو منتف فيه إلا على تكلف تسمعه إن شاء اللّٰه تعالى، غير صريحة الدلالة بل و لا ظاهرة لاحتمال أن يراد بمثله مثله من الماء كما أشارت إليه بعض الأخبار انه ماء فلا يزال إلا بالماء، بل يحتمل ان تكون الرواية بمثليه و حذفت الياء من النساخ، و احتمال العكس في الرواية الأولى في غاية البعد لما عرفت من انجبارها بفتوى الأصحاب الذين صدرت منهم الروايات، و ربما احتمل فيها احتمالات أخر لا بأس بها في مقام الجمع بعد ما سمعت من رجحان الأولى من وجوه متعددة إلى آخر ما

ذكره (قده)، و هل المراد بالمثلين مجرد الغلبة في المطهر فتكفي الغسلة الواحدة؟ أو بيان التعدد و وجوب الغسل مرتين؟ قولان اختار المصنف (قده) ثانيهما، و الأظهر الأول لعدم دلالة الرواية على أكثر من ذلك و لإطلاق الأخبار بالغسل و الصب، و على تقدير التعدد فهل يجب الانفصال الحقيقي ليحصل التعدد عرفا كما في الذكرى؟ أم يكفي التقديري؟ قولان و الأحوط التعدد و الانفصال الحقيقي، بل تثليث الغسلات كما ذكره المصنف

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 18

الخرقة الواحدة و إن كان الأحوط ثلاثة منفصلات، و يكفى كل قالع و لو من الأصابع، و يعتبر فيه الطهارة و لا يشترط البكارة فلا يجزى النجس و يجزى

______________________________

قدس سره لصحيحة زرارة قال: كان يستنجي من البول ثلاث مرات و من الغائط بالمدر و الخزف. قال في مصباح الفقيه: و عن صاحب المنتقى ان ضمير كان عائد الى ابي جعفر (ع).

ثم ان الظاهر عدم اختصاص الحكم بالذكر، بل يعم الأنثى و الخنثى، بل كل من بال و لو من غير المخرج المعتاد كما ذكره المصنف (قده) لعموم قاعدة الاشتراك و عدم استفادة مدخلية خصوص الحشفة في موضوع الحكم من قوله (ع) مثلا ما على الحشفة بعد إطلاق كلام السائل عما يجزي من الماء في الاستنجاء من البول، بل الظاهر ان تخصيصها بالذكر بملاحظة حال السائل، و إلا فالمقصود بيان كفاية مثلي ما على المخرج هذا مع خلو المرسلة عن ذكر الحشفة و قد عرفت دلالتها على المطلوب، بل لا ينبغي الارتياب في عدم إرادة الخصوصية في موثقة يونس لأن السائل سأله عن الوضوء الذي افترضه اللّٰه على عامة العباد لمن جاء من الغائط أو بال فلا يناسبه

بيان حكم الرجال فقط، فالأقوى كفاية الغسلة في الاستنجاء من البول مطلقا، و سبيل الاحتياط غير خفي.

الثاني- من الأمور: الاستنجاء من الغائط و يتخير في مخرج الغائط بين الماء و الأحجار أو غيرها من الأجسام المزيلة للعين إجماعا كما في المدارك و الذخيرة و الخلاف و الغنية و المعتبر و المنتهى، إذا لم يتجاوز الغائط محل العادة إجماعا للنصوص الآتية، و مع التجاوز يتعين الماء إجماعا كما في المدارك و المعتبر لعدم صدق الاستنجاء عليه لأنه عبارة عن غسل موضع النجو أو مسحه كما يظهر من اللغة و الاخبار، و النبوي يكفي أحدكم ثلاثة أحجار إذا لم يتجاوز محل العادة، و لاستصحاب بقاء النجاسة حتى يعلم المزيل و لا يعلم بدونه. و لا يجب في الغسل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 19

المتنجس بعد غسله، و لو مسح بالنجس أو المتنجس لم يطهر بعد ذلك إلا بالماء إلا إذا لم يكن لاقى البشرة بل لاقى عين النجاسة، و يجب في الغسل بالماء ازالة

______________________________

التعدد و إنما الواجب هو إزالة العين و هو المراد في عبارة المصنف بالنقاء و لو بغسلة واحدة للإطلاقات، و الموثق يغسل ذكره و يذهب الغائط. خلافا لجماعة فاعتبروا إزالة العين و الأثر، و لا اثر له في الأدلة.

و اما في المسح فقيل لا يعتبر عدد معين فيها كالثلاث إذا حصل النقاء بدونها بل حدها النقاء وفاقا للشيخين و الفاضل في المختلف و صاحبي المدارك و الذخيرة للحسن المروي في الكافي و التهذيب عن ابن المغيرة عن ابي الحسن (ع) قال قلت له للاستنجاء حد؟ قال: لا حتى ينقى ما ثمة، قلت فإنه ينقى ما ثمة و تبقى الريح قال: الريح لا

ينظر إليها، و الاستنجاء يطلق على غسل موضع النجو و مسحه كما هو ظاهر الاخبار و نص أهل اللغة، ففي القاموس النجو: ما يخرج من البطن من ريح أو غائط و استنجى اي غسل بالماء منه أو تمسح بالحجر، و في الصحاح استنجى اي غسل موضع النجو أو مسحه، و قيل بل تجب الثلاثة و ان نقي بدونها و هو مختار المصنف (قده) و هو المشهور كما في المدارك و الذخيرة لظاهر الروايات المتقدمة في النص على الثليث و إطلاق الأحجار في بعضها يحمل عليها مع ان أقل الجمع ثلاثة، و لأصالة بقاء المحل على النجاسة حتى يعلم المزيل و لا يعلم بدونه و إطلاق النقاء يحمل على ذلك، و يعضد ذلك النبوي: نهى ان يستنجى بأقل من ثلاثة أحجار بذلك جرت السنة، و في آخر إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب، معه ثلاثة أحجار، و في ثالث لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار، و في رابع لا يكفي أحدكم دون ثلاثة أحجار و هو الأقوى، و لا يعتبر ان يكون المزيل حجرا بل يجوز بكل جسم طاهر مزيل للعين عدى ما استثنى وفاقا للمشهور، بل عن الخلاف الوفاق عليه. و عن المنتهى انه قول أكثر أهل العلم لأن المطلوب شرعا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 20

العين و الأثر بمعنى الاجزاء الصغار التي لا ترى لا بمعنى اللون و الرائحة، و في المسح يكفي إزالة العين و لا يضر بقاء الأثر بالمعنى الأول أيضا.

______________________________

و هو النقاء يحصل بغيره كما يحصل به، و لنفي الحد في الحسن المتقدم و قوله حتى ينقى ما ثمة. و قوله في الموثق و يذهب الغائط، و في دعائم

الإسلام نهوا (ع) عن الاستنجاء بالعظم و البعر و كل طعام، و لا بأس بالاستنجاء بالحجارة و الخرق و القطن و أشباه ذلك، و قيل كما عن سلار لا بد ان تكون تلك الأجسام من الأرض لظاهر الروايات السابقة و الأقوى ما عرفت. نعم الروايات الواردة أعم من الأرض ففي الصحيح الباقري (ع) قال: كان الحسين (ع) يتمسح من الغائط بالكرسف و في آخر كان يستنجي من الغائط بالمدر و الخرق و الخزف، كما ان الأقوى الاكتفاء بذي الجهات الثلاث إذ النصوص الواردة بثلاثة أحجار مبنية على الغالب و الإطلاقات تدل على عدم اعتبار ذلك، و لقوله (ص) إذا جلس أحدكم لحاجة فليتمسح بثلاث مسحات، و لان المراد من الأحجار المسحات و ان كانت بحجر واحد كما لو قيل اضربه عشرة أسواط فإن المراد عشر ضربات و ان كانت بسوط واحد، و لأنه لو انفصل ثلاثة أجزاء كفى قطعا فكذا مع الاتصال، و اي عاقل يفرق بين الحجر متصلا بغيره و منفصلا، و مع هذا فللكلام في الجميع مجال، و الرواية عامية و الإطلاقات مقيدة، و الباقي اجتهاد في مقابلة النص فالاحتياط لا يترك.

و يعتبر في الأجسام المزيلة للعين الطهارة فلا تجزى النجسة إجماعا كما في المنتهى و التحرير لأصالة بقاء النجاسة و للمرسل الصادقي (ع) جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار و يتبع بالماء، و لو استعمل النجس فهل تبقى الرخصة و التخيير؟ أو يتحتم الماء؟ أو يفرق بين ما نجاسته كنجاسة المحل و غيرها؟ أوجه أوسطها أوسطها، و الغسل بالماء أفضل من المسح بالأحجار لأنه أبلغ في التنظيف

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 21

[ (مسألة 1) لا يجوز الاستنجاء بالمحترمات]

(مسألة 1) لا يجوز الاستنجاء بالمحترمات

(1) و لا بالعظم و الروث و لو استنجى بها عصى لكن يطهر المحل على الأقوى.

______________________________

لإزالة العين و الأثر و لنقل الإجماع على أفضليته كما عن الغنية و المنتهى و المدارك و للصحيح الصادقي (ع) المروي في التهذيب قال قال رسول اللّٰه (ص): يا معشر الأنصار ان اللّٰه قد أحسن الثناء عليكم فما ذا تصنعون؟ قالوا نستنجي بالماء، و نحوه غيره و الجمع بينهما أكمل كما في الخبر الصادقي (ع) المروي في التهذيب قال: جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار و يتبع بالماء و ينبغي تقديمها على الماء كما في النص تنزيها لليد عن التلوث و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 1: (لا يجوز الاستنجاء بالمحترمات. إلخ)

المراد بالمحترمات ما علم من الدين أو المذهب وجوب احترامه كالخبز و أمثاله كما في المدارك و المعتصم و في الصادقي (ع) المروي في الكافي ان أهل الترتار كانوا ينجون صبيانهم بالخبز فغضب اللّٰه عليهم، و بمضمونه غيره، و الحق بذلك التربة الحسينية، و القرآن الشريف و كتب الحديث بل الفقه، و كذا لا يجوز الاستنجاء بالعظم و الروث اتفاقا كما عن المعتبر و المنتهى و الروض، و للخبر المروي في التهذيب عن ليث المرادي سئل الصادق (ع) عن استنجاء الرجل بالعظم و البعر أو العود قال: اما العظم و الروث فطعام الجن و ذلك مما اشترطوا على رسول اللّٰه (ص) فقال: لا يصلح بشي ء من ذلك، و ضعف السند مجبور بالعمل خلافا للفاضل و غيره، فالكراهة للأصل و ضعف السند و إشعار الرواية بذلك، نعم في الصادقي المروي في الفقيه نهى النبي (ص) أن يستنجي الرجل بالروث و الرمة و هي العظم البالي. و في دعائم الإسلام نهوا

(ع) عن الاستنجاء بالعظم و البعر، و في النبوي: لا تستنجوا بالروث و لا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن، و في آخر: نهى ان يستنجى بروث أو عظم. و في ثالث من استنجى

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 22

[ (مسألة 2) في الاستنجاء بالمسحات إذا بقيت الرطوبة في المحل]

(مسألة 2) في الاستنجاء بالمسحات إذا بقيت الرطوبة (1) في المحل يشكل الحكم بالطهارة فليس حالها حال الأجزاء الصغار.

[ (مسألة 3) في الاستنجاء بالمسحات يعتبر أن لا يكون (2) في ما يمسح به رطوبة مسرية]

(مسألة 3) في الاستنجاء بالمسحات يعتبر أن لا يكون (2) في ما يمسح به رطوبة مسرية فلا يجزى مثل الطين و الوصلة الرطبة، نعم لا تضر النداوة التي لا تسرى.

______________________________

برجيع أو عظم فهو بري ء من محمد (ص) و لو فعل و استنجى بها عصى و طهر على المشهور كما في البحار لعموم ما دل على الاكتفاء بالنقاء و الإذهاب، و النهي في غير العبادة لا يستلزم الفساد، و لذا يحكم بالتطهير بالماء المغصوب، و ربما فصل بين ما إذا كان المستعمل له حرمة و كان عالما فلا يجزي للحكم بكفر فاعله فلا يتصور التطهير و إلا فيجزي، و قيل بعدم الاجزاء مطلقا كما عن السرائر و الغنية و المعتبر و الشرائع و المرتضى و الشيخ لأصالة بقاء النجاسة، و للإجماع المحكي في الغنية.

قوله قده مسألة 2: (في الاستنجاء بالمسحات إذا بقيت الرطوبة. إلخ)

مدرك الإشكال في الحكم بالطهارة مع بقاء الرطوبة في المحل بعد الاستنجاء بالمسحات هو كشفها عن بقاء عين النجاسة و عدم نقاء المحل و قد قال (ع) في حد الاستنجاء حتى ينقى ما ثمة.

قوله قده مسألة 3: (في الاستنجاء بالمسحات يعتبر ان لا يكون. إلخ)

لا يخفى ان جملة من فقهائنا لم يعتبروا الجفاف في الأجسام الممسوحة بها كما عن ظاهر المبسوط و الخلاف و النهاية و السرائر و القواعد و البيان و الدروس و الذكرى لعموم الأخبار و إطلاقها خلافا للأكثر فاعتبروا ذلك للأصل، و لأن الرطب لا ينشف المحل، و لتنجس الحجر بالرطوبة و قد اشترط طهارته، و لأن الرطب لا يزيل النجاسة

بل يزيد التلويث و الانتشار، و في الجميع نظر و الأقرب ما ذهب اليه المصنف من ان الرطوبة المسرية يعتبر عدمها بخلاف النداوة فإنها لا تضر و اللّٰه العالم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 23

[ (مسألة 4) إذا خرج مع الغائط نجاسة أخرى]

(مسألة 4) إذا خرج مع الغائط نجاسة أخرى كالدم (1) أو وصل الى المحل نجاسة من خارج يتعين الماء، و لو شك في ذلك يبنى على العدم فيتخير.

[ (مسألة 5) إذا خرج من بيت الخلاء ثم شك في أنه استنجى أم لا]

(مسألة 5) إذا خرج من بيت الخلاء ثم شك (2) في أنه استنجى أم لا بنى على عدمه على الأحوط و إن كان من عادته، بل و كذا لو دخل في الصلاة ثم شك، نعم لو شك في ذلك بعد تمام الصلاة صحت و لكن عليه الاستنجاء

______________________________

قوله قده مسألة 4: (إذا خرج مع الغائط نجاسة أخرى كالدم. إلخ)

تعين الماء فيما لو خرج مع الغائط دم و عدم كفاية الأحجار و ما شاكلها للأصل و أخذا بالقدر المتيقن، و اما في صورة الشك فان علم بخروج الغائط و شك في مصاحبته للدم أو وصول نجاسة إليه من الخارج فكما ذكره من البناء على العدم فيتخير، و اما لو شك في ان الخارج غائط أو دم فيشكل البناء على العدم، إذ لا أصل محرز لأحد الفردين فيرجع الى قاعدة الشغل من عدم كفاية غير الماء.

قوله قده مسألة 5: (إذا خرج من بيت الخلاء ثم شك. إلخ)

مدرك البناء على عدم الاستنجاء هو الأصل، و اما تعقيب ذلك بقوله على الأحوط فهو إشارة الى ما يمكن ان يقال: من ان المورد من مجاري قاعدة التجاوز و ذلك بدعويين.

(الأولى) انه يكفي في التجاوز المعتبر في إجراء القاعدة المزبورة، التجاوز عن محل الشي ء المقرر له بحسب عادة المكلف نفسه و اعتياده الإتيان به فيه، كمن اعتاد الصلاة في أول الوقت أو مع الجماعة فشك في فعلها بعد ذلك، و كمن اعتاد فعل شي ء بعد الفراغ من الصلاة فرأى نفسه فيه فشك في فعل

الصلاة قبله، و كمن اعتاد الوضوء بعد الحدث بلا فصل معتد به، و كمن اعتاد الوضوء قبل دخول الوقت للتهيؤ ثم يشك بعد ذلك في الوضوء، و كمن اعتاد الاستنجاء بعد حدث البول أو الغائط بلا فصل قبل الخروج من بيت الخلاء كما فيما نحن فيه فشك فيه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 24

للصلوات الآتية لكن لا يبعد جريان قاعدة التجاوز في صورة الاعتياد.

______________________________

بعد ذلك الى غير ذلك من موارد الاعتياد.

(الثانية) دعوى كفاية مطلق الغير و عدم اعتبار كونه مرتبا على المشكوك فيه واقعا، و في كلتا الدعويين نظر.

(أما الأولى) فالمراد من محل الشي ء المشكوك وجوده الذي يعتبر التجاوز عنه هو الموضع الذي لو اتى به فيه لم يلزم منه الإخلال بالترتيب المقرر، و بعبارة أخرى محل الشي ء هو مرتبته المقررة له بحكم العقل أو بوضع الشارع، و لا يكفي التجاوز عن محل الشي ء المقرر له بحسب عادة المكلف نفسه و اعتياده الإتيان به فيه كما فيما نحن فيه من الاستنجاء بعد الحدث، و يدل عليه. أولا: عدم صدق الخروج و التجاوز عن المشكوك فيه في كل مورد يكون الإتيان به فعلا في محله بحسب دليله على تقدير عدم الإتيان به بعد واقعا و ان جاز أن يأتي به قبل ذلك جزما. و ثانيا: لا أقل من الانصراف الى غيره و لا أقل من كون المتيقن من الخروج و التجاوز عنه غيره. و ثالثا: لا أقل من الإجمال و معه فمقتضى الشغل ذلك.

(و اما الثانية) فالظاهر اعتبار كونه مرتبا على المشكوك فيه واقعا و عدم كفاية مطلق الغير، و يعلم وجهه مما تقدم من عدم صدق الخروج عن محل الشي ء المشكوك فيه ما

لم يدخل في فعل مرتب عليه واقعا و إلا فمحل المشكوك باق.

و من ان الظاهر من أخبار الباب ذلك: (منها) صحيح زرارة قلت لأبي عبد اللّٰه (ع) رجل شك في الأذان و قد دخل في الإقامة قال: يمضي، قلت رجل شك في الأذان و الإقامة و قد كبر قال: يمضي، قلت رجل شك في التكبير و قد قرأ قال: يمضي، قلت رجل شك في القراءة و قد ركع قال: يمضي، قلت رجل (العمل الابقى- 3)

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 25

..........

______________________________

شك في الركوع و قد سجد قال: يمضي على صلاته، ثم قال: يا زرارة إذا خرجت من شي ء و دخلت في غيره فشككت فشكك ليس بشي ء. و منها- صحيحة إسماعيل بن جابر عن ابي عبد اللّٰه (ع) في حديث قال: ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض، و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض، كل شي ء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه، فان الظاهر منها ان المراد بالغير ما كان من هذا النسخ، فقد اتضح مما ذكرناه ان المورد من مجاري استصحاب عدم الاستنجاء لا قاعدة التجاوز.

هذا كله فيما لم يدخل في مشروط بالطهارة، و اما لو دخل في مشروط بها كالصلاة فلا ريب في إلغاء الشك إذا كان بعد الفراغ من المشروط، لأنه يوجب الشك فيه و مقتضى عموم أدلتها جريانها فيه.

و اما لو شك في وجود الشرط أو في صحته بعد الدخول في المشروط قبل الفراغ منه، فان كان محل إحراز الشرط شرعا قبل الدخول في المشروط كالوضوء و الغسل و التيمم، و الظهر بالنسبة إلى العصر و المغرب بالنسبة إلى العشاء من

جهة الترتيب و نحو ذلك، و منه الطهارة من الخبث بعد الدخول في المشروط، فالأظهر إلغاء الشك فيه و البناء على وجوده لقاعدة التجاوز في نفس الشرط، و ان كان محل إحرازه و إيجاده حال الصلاة كالستر و الساتر و الاستقبال و النية و الوقت و الاستقرار و نحو ذلك فلا بد من الاعتناء بالشك و لزوم الإتيان بالشرط لأن نسبته الى جميع اجزاء المشروط نسبة واحدة، و تجاوز محله باعتبار كونه شرطا للأجزاء الماضية لا يجدي بالنسبة إلى الأجزاء المستقبلة مع عدمه، نعم يبقى الاشكال فيما ذكره المصنف (قده) من انه لو شك في الاستنجاء بعد الصلاة فإنه حكم بصحة ما صلاه و أوجب الاستنجاء للصلوات الآتية فإن صحة ما صلاه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 26

..........

______________________________

لا اشكال فيه و لا شبهة تعتريه، إذ يدل عليه. (أولا) قاعدة الفراغ في الصلاة لكون الشك فيها بعده. (و ثانيا) أصالة الصحة. (و ثالثا) قاعدة التجاوز بالنسبة إلى الطهارة من جهة شرطيتها لهذه الصلاة فإنه شاك فيها بعد تجاوز محلها من هذه الجهة. (و رابعا استصحاب عدم فعلية الأمر بها الثابت قبل عروض هذا الشك، و إنما الإشكال في الحكم بوجوب الاستنجاء للصلوات الآتية، و كذا الاشكال فيما حكم به جملة من فقهائنا في مثل الفرض و هو الشك في الطهارة من الحدث، فإنهم حكموا بصحة الصلاة الواقعة قبل الشك المزبور و وجوب تجديدها للصلوات الآتية، معللين ذلك بأنه تجاوز محله بالنسبة الى ما صلاه بخلاف ما لم يصله من الصلوات الآتية فإنه لم يتجاوز محله.

و هذا لا يتم بعد ان كان مفاد هذه القاعدة وجود ما يشك في وجوده تنزيلا و تعبدا. و قد

فرض انه خرج عن محله و تجاوزه فتم التنزيل و التعبد المذكوران، و اما ملاحظة النسبة المذكورة لشي ء دون شي ء فليس في اخبار الباب دلالة عليها و لا اثر منها فإثباتها يحتاج الى دليل، فإطلاق التنزيل المذكور بعد ان دخل في مشروط به و تجاوز محله حجة بالنسبة اليه و الى مشروط آخر بعد لم يدخل فيه، فعليه لا يحتاج الى تجديد الطهارة سواء كانت من الحدث أو الخبث، هذا و الاحتياط لا ينبغي تركه و اللّٰه العالم.

و ليعلم ان هذا الاشكال إنما يتم بناءا على ان مفاد القاعدة وجود ما يشك في وجوده تنزيلا تعبدا، و اما بناءا على عدم إفادتها ذلك بل غاية ما تفيده أنه وظيفة للشاك بعد تجاوز محله فالأمر كما ذكروه أعلى اللّٰه مقامهم من الاقتصار على صحة ما صلاه قبل عروض الشك لأنه القدر المتيقن دون غيره الذي لم يجزه، فعليه يحتاج الى تجديد الطهارة حدثية و خبثية، أو لما يحتمل أن يقال في توجيهات

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 27

[ (مسألة 6) لا يجب الدلك باليد في مخرج البول]

(مسألة 6) لا يجب الدلك باليد في مخرج البول (1) عند الاستنجاء و إن شك في خروج مثل المذي بنى على عدمه، لكن الأحوط الدلك في هذه الصورة.

[ (مسألة 7) إذا مسح مخرج الغائط بالأرض ثلاث مرات كفى]

(مسألة 7) إذا مسح مخرج الغائط (2) بالأرض ثلاث مرات كفى مع فرض زوال العين بها.

______________________________

كلماتهم (قده ان محل هذه الأمور شرعا هو مقارنتها لاجزاء الصلاة، فلو فرض حصول الطهارة من الحدث و الخبث و الستر و التوجه إلى القبلة مقارنا لأول جزء من الصلاة كفى في صحتها فهذه شرائط تقارنية ليس لها محل شرعا قبل الصلاة، نعم حيث انها إنما تحصل بأفعال زمانية لو لم تكن حاصلة للزم إيجادها قبل الصلاة لا ان محلها قبلها فلو شك في شي ء من ذلك في أثناء الصلاة تبطل و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 6: (لا يجب الدلك باليد في مخرج البول. إلخ)

مدرك عدم وجوب الدلك في مخرج البول هو إطلاق الأخبار بالغسل من مطلق البول المماس للجسد، منها المروي في الكافي و التهذيب عن الحسين بن ابى العلا عن الصادق (ع) قال سألته عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين فإنما هو ماء، و رواية ابن أبي إسحاق النحوي عن ابي عبد اللّٰه (ع) قال سألته عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين، و المروي في مستطرفات السرائر من جامع البزنطي قال: سألته عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين فإنما هو ماء، و إطلاق الصادقي (ع) الذي هو بخصوص ما نحن فيه المروي في التهذيب: إذا انقطعت درة البول فصب الماء. و اما لو شك في خروج مثل المذي مع البول ليحتاج الى الدلك فيبني على عدمه للاستصحاب.

قوله قده مسألة 7: (إذا

مسح موضع الغائط. إلخ)

وجه الاكتفاء هو انه مسح بالحجر إذ لا يعتبر في الحجر ان يكون منفصلا عن الأرض، نعم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 28

[ (مسألة 8) يجوز الاستنجاء بما يشك في كونه عظما أو روثا]

(مسألة 8) يجوز الاستنجاء بما يشك في كونه عظما (1) أو روثا أو من المحترمات و يطهر المحل، و أما إذا شك في كون مائع ماء مطلقا أو مضافا لم يكف في الطهارة، بل لا بد من العلم بكونه ماء.

[فصل في الاستبراء]

اشارة

فصل في الاستبراء (2) و الاولى في كيفياته ان يصبر حتى تنقطع دريرة البول ثم يبدأ بمخرج الغائط فيطهره، ثم يضع إصبعه الوسطى من اليد اليسرى على مخرج الغائط و يمسح إلى أصل الذكر ثلاث مرات، ثم يضع سبابته تحت الذكر و إبهامه فوقه و يمسح بقوة الى رأسه ثلاث مرات، ثم يعصر رأسه ثلاث مرات، و يكفي سائر

______________________________

يعتبر ان يكون المسح في ثلاثة مواضع منها ليقوم مقام ثلاثة أحجار.

قوله قده مسألة 8: (يجوز الاستنجاء بما يشك كونه عظما. إلخ)

مدرك الجواز هو انه من الشبهة الموضوعية الجاري فيها قاعدة الحل مع عدم أصل حاكم عليها مقتض للحرمة، و لا يخفى ان هذا إنما يتم بناءا على ما اخترناه من ان النهي عن الاستنجاء بالعظم مولوي و هو في غير العبادة لا يستلزم الفساد، لا كما ذهب اليه بعضهم من أنه إرشادي الى عدم المطهرية، إذ هو على هذا المذهب يكون الشك فيه كالشك في مائع انه ماء مطلق أو مضاف فإنه لا يكفي ذلك في الطهارة به بل لا بد من إحراز كونه ماءا مطلقا كما ذكره (قده) لاشتراط إطلاق الماء في الطهارة به، و الشك في الشرط شك في المشروط.

قوله قده: (فصل في الاستبراء. إلخ)

لا يخفى ان المشهور استحباب الاستبراء من البول، و فائدته عدم انتقاض وضوئه لو خرج بلل مشتبه للصحيح

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 29

الكيفيات مع مراعاة ثلاث مرات،

و فائدته الحكم بطهارة الرطوبة المشتبهة و عدم ناقضيتها، و يلحق به في الفائدة المذكورة طول المدة على وجه يقطع بعدم بقاء شي ء في المجرى بأن احتمل أن الخارج نزل من الأعلى، و لا يكفى الظن بعدم البقاء، و مع الاستبراء لا يضر احتماله، و ليس على المرأة استبراء، نعم الأولى أن تصبر قليلا و تتنحنح و تعصر فرجها عرضا، و على أى حال الرطوبة الخارجة منها محكومة بالطهارة و عدم الناقضية ما لم تعلم كونها بولا.

______________________________

الصادقي (ع) المروي في التهذيب في الرجل يبول ثم يستنجي ثم يجد بعد ذلك بللا قال: إذا بال فخرط ما بين المقعدة و الأنثيين ثلاث مرات و غمز ما بينهما ثم استنجى فان سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي. و في آخر: في الرجل يبول قال ينتره ثلاثا، ثم إن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي، و في الباقري: رجل بال و لم يكن معه ماء قال: يعصر أصل ذكره الى طرفه ثلاث عصرات و ينتر طرفه، فان خرج بعد ذلك شي ء فليس من البول و لكنه من الحبائل. و أوجبه الشيخ في الاستبصار و النهاية كما عن الصدوق في المقنعة و ابن حمزة و الديلمي و الغنية لظاهر الأمر في بعضها و هو محمول على الاستحباب جمعا لقوله (ع) في الصحيح إذا انقطعت درة البول فصب الماء و نحوه.

و قد ذكر بعضهم ان المشهور في كيفيته ما ذكره المصنف ان يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثا، و منه الى رأس الحشفة ثلاثا، و ينتره ثلاثا.

و قيل بالاكتفاء بالثلاث الأول و الأخيرة. و قيل بالاكتفاء بنتر الذكر من أصله إلى طرفه و هو الأظهر من الأخبار، و ان

كان الأول أبلغ في الاستظهار، و في استحباب الاستبراء للمرأة قولان أظهرهما العدم، فما تجده من البلل المشتبه لا يترتب عليه وضوء لان اليقين لا يرتفع بالشك.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 30

[ (مسألة 1) من قطع ذكره]

(مسألة 1) من قطع ذكره (1) يصنع ما ذكر فيما بقي.

[ (مسألة 2) مع ترك الاستبراء يحكم على الرطوبة المشتبهة بالنجاسة و الناقضية]

(مسألة 2) مع ترك الاستبراء (2) يحكم على الرطوبة المشتبهة بالنجاسة و الناقضية و إن كان تركه من الاضطرار و عدم التمكن منه.

[ (مسألة 3) لا يلزم المباشرة في الاستبراء]

(مسألة 3) لا يلزم المباشرة في الاستبراء (3) فيكفي في ترتب الفائدة أن باشره غيره كزوجته أو مملوكته.

[ (مسألة 4) إذا خرجت رطوبة من شخص و شك شخص آخر]

(مسألة 4) إذا خرجت رطوبة من شخص و شك شخص آخر (4) في كونها بولا أم غيره، فالظاهر لحوق الحكم أيضا من الطهارة ان كان بعد استبرائه و النجاسة إن كان قبله، و إن كان نفسه غافلا بان كان نائما مثلا فلا يلزم أن يكون من خرجت منه هو الشاك، و كذا إذا خرجت من الطفل و شك وليه في كونها بولا فمع عدم استبرائه يحكم عليها بالنجاسة.

[ (مسألة 5) إذا شك في الاستبراء يبنى على عدمه]

(مسألة 5) إذا شك في الاستبراء يبنى على عدمه (5) و لو مضت مدة بل

______________________________

قوله قده مسألة 1: (من قطع ذكره. إلخ)

الأمر كما ذكره (قده) لأدلة الميسور.

قوله قده مسألة 2: (من ترك الاستبراء. إلخ)

كما يدل عليه مفاهيم الأخبار المتقدمة في الاستبراء.

قوله قده مسألة 3: (لا يلزم المباشرة في الاستبراء. إلخ)

مدرك عدم لزوم المباشرة إطلاق الاخبار المتقدمة.

قوله قده مسألة 4: (إذا خرجت رطوبة من شخص و شك شخص آخر. إلخ)

مدرك عدم الاختصاص هو أدلة الاشتراك في الأحكام تكليفية و وضعية بين سائر المكلفين بل الاختصاص يحتاج الى دليل، فلا يفرق في حكم البلل الخارج بين من خرج منه و غيره.

قوله قده مسألة 5: (إذا شك في الاستبراء يبنى على عدمه. إلخ)

مدرك البناء على عدم الاستبراء عند الشك فيه الأصل، و لا يخفى عدم جريان

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 31

و لو كان من عادته، نعم لو علم أنه استبرأ و شك بعد ذلك في أنه كان على الوجه الصحيح أم لا بنى على الصحة.

[ (مسألة 6) إذا شك من لم يستبرئ في خروج الرطوبة و عدمه]

(مسألة 6) إذا شك من لم يستبرئ (1) في خروج الرطوبة و عدمه بنى على عدمه و لو كان ظانا بالخروج كما إذا رأى في ثوبه رطوبة و شك في أنها خرجت منه أو وقعت عليه من الخارج.

[ (مسألة 7) إذا علم ان الخارج منه مذي لكن شك في أنه هل خرج معه بول أم لا]

(مسألة 7) إذا علم ان الخارج منه مذي (2) لكن شك في أنه هل خرج معه بول أم لا لا يحكم عليه بالنجاسة إلا أن يصدق عليه الرطوبة المشتبهة بأن يكون الشك في أن هذا الموجود هل هو بتمامه مذي أو مركب منه و من البول.

______________________________

قاعدة التجاوز فيه بعد ما تقدم منا في المسألة 5 من الفصل السابق من اشتراط جريان القاعدة المزبورة بالدخول بفعل مرتب على المشكوك فيه واقعا و ليست الأفعال الواقعة بعد الاستبراء كالصلاة مثلا مشروطة صحتها به، نعم لا مانع من جريان قاعدة الفراغ فيه لو علم انه استبرأ و شك بعد ذلك في انه كان على الوجه المعتبر أم لا، فإنه يبني على الصحة لجريانها في صحة الموجود لا في أصل الوجود.

قوله قده مسألة 6: (إذا شك من لم يستبرء. إلخ)

مدركه الأصل و ان كان ظانا بالخروج إذ لا دليل على اعتبار مثل هذا الظن.

قوله قده مسألة 7: (إذا علم ان الخارج منه مذي. إلخ)

لا اشكال فيما ذكره (قده) من الحكم بالطهارة في الفرض الأول، و هو ما إذا علم ان الخارج منه مذي و يشك في خروج بول معه لاستصحاب الطهارة المتيقنة و الشك في خروج البول معه فلا يصدق على الخارج في هذا الفرض انه من البلل المشتبه،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 32

[ (مسألة 8) إذا بال و لم يستبرئ ثم خرجت منه رطوبة مشتبهة]

(مسألة 8) إذا بال و لم يستبرئ ثم خرجت منه (1) رطوبة مشتبهة بين البول و المنى يحكم عليها بأنها بول فلا يجب عليه الغسل، بخلاف ما إذا خرجت منه بعد الاستبراء فإنه يجب عليه الاحتياط بالجمع بين الوضوء و الغسل عملا بالعلم الإجمالي هذا إذا كان ذلك بعد أن توضأ، و

اما إذا خرجت منه قبل أن يتوضأ

______________________________

و اما الفرض الثاني: و هو ما لو شك في ان هذا الموجود هل هو بتمامه مذي أو مركب منه و من البول فيصدق عليه أنه من البلل المشتبه، و كل بلل مشتبه خرج بعد البول قبل الاستبراء محكوم بأنه بول تعبدا بالأخبار المتقدمة الذكر.

قوله قده مسألة 8: (إذا بال و لم يستبرئ ثم خرجت منه. إلخ)

لا يخفى انه (قده) ذكر في هذه المسألة صورا ثلاثا للبلل الخارج و ذكر لكل منها حكما خاصا، و يجمع الكل ان البلل الخارج مشتبه بين البول و المني لا غير.

(أحدها) ما لو كان خروجه قبل الاستبراء و قبل الوضوء فإنه حكم على ذلك الخارج بأنه بول فلا يجب عليه إلا الوضوء و لا يجب عليه الغسل، و الظاهر ان مدركه في ذلك الحكم المذكور مفاد الأخبار المتقدمة الذكر في ان البلل المشتبه الخارج بعد البول قبل الاستبراء محكوم ببوليته، و الاخبار المتقدمة الدالة على ان الغسل لا ينقض بخروج البلل إذا كان بال قبل الغسل فالعلم الإجمالي منحل بجعل وظيفة للشارع في مورد الشك و هي النباء على البولية.

(ثانيها) ما لو خرجت منه الرطوبة المزبورة بعد الاستبراء و الوضوء فإنه يجب عليه الاحتياط بالجمع بين الوضوء و الغسل قضاء الحق العلم الإجمالي إذ لا إشكال في انتقاض وضوئه بالحدث المردد بين الأصغر و الأكبر، و لا معين لأحدهما و لا توظيف للشارع في خصوص المورد فيرجع فيه الى القواعد العامة و هو ما ذكرناه.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 33

فلا يبعد جواز الاكتفاء بالوضوء لان الحدث الأصغر معلوم، و وجود موجب الغسل غير معلوم فمقتضى الاستصحاب وجوب الوضوء و عدم

وجوب الغسل.

______________________________

(ثالثها) الصورة بحالها و لكن كان خروج الرطوبة قبل الوضوء فلم يستبعد (قده) في هذه الصورة الاكتفاء بالوضوء لما ذكره من ان الحدث الأصغر معلوم و حدوث موجب الغسل غير معلوم، فمقتضى الاستصحاب وجوب الوضوء و عدم وجوب الغسل، و الظاهر ان الحكم كما ذكره للانحلال الحكمي التعبدي، و يدل عليه.

(أولا) ان العلم الإجمالي بالتكليف إنما يكون منجزا عقلا إذا كانت مخالفته سببا لاستحقاق العقاب أينما تحققت و في ضمن أي طرف من أطرافه وجدت و حدثت، بأن لا يكون بعض أطرافه المعين سببا في ذلك واقعا أو ظاهرا، و ما نحن فيه ليس كذلك لأن مخالفة الأحكام الظاهرية التي هي مؤديات الطرق التي نعلم بصدورها و حجيتها قبل العلم الإجمالي سبب لاستحقاق العقاب على الواقع لو صادفته عقلا جزما، و المفروض انه يحتمل مصادفتها للواقع المعلوم بالإجمال وجدانا، و مع هذا الاحتمال فلا يعلم بتحقق سبب منجزية العلم الإجمالي من حين حدوثه فعلا كما هو أظهر من ان يخفى.

(و الحاصل) ان انكشاف سبق بعض الأطراف بحكم ظاهري مستلزم لانكشاف كون العلم بمنجزية ذلك العلم الإجمالي جهلا مركبا من جهة فقده لبعض شرائطه و هو عدم شغل بعض الأطراف بسنخ ذلك الحكم المعلوم بالإجمال.

(و ثانيا) انه يعتبر في كون العلم الإجمالي بالتكليف منجزا له عقلا على وجه يجب فيه الموافقة القطعية العلمية عدم الاذن و الترخيص من الشارع كما في الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية مطلقا، أو في خصوص ما إذا كانت بنحو جعل البدل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 34

[فصل في مستحبات التخلي و مكروهاته]

اشارة

فصل في مستحبات التخلي و مكروهاته

[في مستحبات التخلي]

اما الأول (1): أن يطلب خلوة أو يبعد حتى لا يرى شخصه، و ان يطلب مكانا مرتفعا للبول أو موضعا رخوا، و ان يقدم رجله اليسرى عند الدخول

______________________________

حدوثا و بقاءا، و ما نحن فيه ليس كذلك لمكان الاذن و الترخيص فيها بجريان الأصل في غير مورد الاستصحاب بلا معارض له فعلا و إن كان سابقا و اللّٰه العالم.

قوله قده (فصل: في مستحبات التخلي و مكروهاته: اما الأول. إلخ)

لا يخفى ان من سنن التخلي ارتياد الموضع المناسب للتخلي كالمكان المرتفع و ذي التراب الكثير و الساتر لجميع البدن عن الناظرين لبعده أو لكونه ساترا للصادقي (ع) المروي في الكافي: من فقه الرجل ان يرتاد موضعا لبوله، و في آخر المروي في التهذيب: كان رسول اللّٰه (ص) أشد توقيا عن البول، كان إذا أراد البول يعمد الى مكان مرتفع من الأرض أو الى مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير كراهية ان ينضح عليه البول، و فيه قال: لقمان لابنه إذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب من الأرض، و ان يكون مغطى الرأس إجماعا كما عن المعتبر و التذكرة لئلا تصل الرائحة الخبيثة إلى دماغه، كما قاله الشيخ و غيره كالمفيد و الشهيد الثاني للخبر الصادقي (ع) المروي في التهذيب انه كان (ع) إذا دخل الكنيف يقنع رأسه، و يقول سرا في نفسه: بسم اللّٰه و باللّٰه، مقدما الرجل اليسرى عند الدخول و اليمنى عند الخروج عكس المكان الشريف على ما في الفقيه و المقنعة و النهاية و الشرائع و التحرير و القواعد و الإرشاد و الذكرى و الدروس و غيرها و في المدارك انه مشهور و لم نقف فيه على

نص، و هل يختص الحكم بالبنيان؟ أم يعم الصحراء فيقدم اليسرى إذا بلغ موضع جلوسه؟ قولان، داعيا عند الدخول و الكشف و الجلوس و الفعل و النظر و الاستنجاء و الفراغ و الخروج بالمأثور ففي الصحيح

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 35

في بيت الخلاء و رجله اليمنى عند الخروج، و ان يستر رأسه، و ان يتقنع و يجزى عن ستر الرأس و أن يسمى عند كشف العورة، و ان يتكئ في حال الجلوس على رجله اليسرى و يفرج رجله اليمنى و أن يستبرئ بالكيفية التي مرت و أن يتنجنح قبل الاستبراء و أن يقرأ الأدعية المأثورة بأن يقول عند الدخول: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم أو يقول الحمد للّٰه الحافظ المؤدى، و الاولى الجمع بينهما و عند خروج الغائط الحمد للّٰه الذي أطعمنيه

______________________________

الصادقي (ع) إذا دخلت المخرج فقل: بسم اللّٰه اللهم إني أعوذ بك من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم، و إذا خرجت فقل: بسم اللّٰه الحمد للّٰه الذي عافاني من الخبيث المخبث و أماط عني الأذى، و في النبوي: إذا تكشف أحدكم ليبول أو غير ذلك فليقل: بسم اللّٰه فان الشيطان يغض بصره، و في مصباح الشيخ يقول عند الفعل: الحمد للّٰه الذي أطعمني طيبا في عافية و أخرجه مني خبيثا في عافية، و في الصادقي (ع) يقول عند النظر اليه: اللهم ارزقني الحلال و جنبني الحرام، و في المرتضوي (ع) انه قال حين الاستنجاء: اللهم حصن فرجي و أعفه و استر عورتي و حرمني على النار و وفقني لما يقربني منك يا ذا الجلال و الإكرام، متكئا في جلوسه على الرجل اليسرى، للنبوي المرسل

في الذكرى مبتدءا في الاستنجاء بالمقعدة ثم بالإحليل كما في المقنعة و الدروس للموثق المروي في الكافي و التهذيب عن عمار عن الصادق (ع) سأله عن الرجل إذا أراد ان يستنجي بالماء يبدأ بالمقعدة أو بالإحليل؟ فقال: بالمقعدة ثم بالإحليل، مؤثرا للماء على الأحجار مع عدم التعدي لأنه أبلغ في التنظيف لازالة العين و الأثر، و لنقل الإجماع على أفضليته كما عن الغنية و المنتهى و المدارك. و للصحيح الصادقي (ع) المروي في التهذيب قال قال رسول اللّٰه (ص) يا معشر الأنصار ان اللّٰه قد أحسن الثناء عليكم فما ذا تصنعون؟ قالوا: نستنجي بالماء، و نحوه غيره و الجمع فيه بينهما كما في

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 36

طيبا في عافية و أخرجه خبيثا في عافية، و عند النظر إلى الغائط اللهم ارزقني الحلال و جنبني عن الحرام، و عند رؤية الماء: الحمد للّٰه الذي جعل الماء طهورا و لم يجعله نجسا، و عند الاستنجاء: اللهم حصن فرجي و اعفه و استر عورتي و حرمني على النار و وفقني لما يقربني منك يا ذا الجلال و الإكرام، و عند الفراغ من الاستنجاء: الحمد للّٰه الذي عافاني من البلاء و أماط عني الأذى، و عند القيام عن محل الاستنجاء يمسح يده اليمنى على بطنه و يقول: الحمد للّٰه الذي أماط عني

______________________________

الخبر الصادقي (ع) المروي في التهذيب قال: جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار و يتبع بالماء، و ينبغي تقديمها على الماء كما في النص تنزيها لليد عن التلويث و إطلاقها يدل على عدم اختصاص رجحان الجمع بغير المتعدي، مؤثرا للأحجار للنص المرتضوي المروي في التهذيب قال قال رسول اللّٰه (ص): إذا استنجى أحدكم

فليوتر بها وترا، إذا لم يكن الماء و ان يستبرئ من البول كما تقدم.

و اما المكروهات: فيكره الجلوس للمتخلي في موارد المياه كشطوط الأنهار و رءوس الآبار، و الطرق النافذة لأن المرفوعة ملك لأربابها كما تقدم فلا يجوز إلا بإذنهم و للنص. و مساقط الثمار و مواطن النزال- اي المواضع المعدة لنزولهم- و مواضع اللعن و هي كما في الصحيح الصادقي (ع) المروي في الكافي و التهذيب قال رجل للسجاد (ع) أين يتوضأ الغرباء؟ فقال يتقي شطوط الأنهار، و الطرق النافذة، و تحت الأشجار المثمرة، و مواضع اللعن، فقيل و أين مواضع اللعن؟

قال: أبواب الدور، و في الكاظمي (ع): اجتنب أفنية المساجد و شطوط الأنهار و مساقط الثمار و منازل النزال، و لا تستقبل القبلة بغائط و لا بول، و ارفع ثوبك وضع حيث شئت، و على القبر و بين القبور، للصحيح الباقرى (ع) المروي في الكافي: من تخلى على قبر أو بال قائماً أو بال في ماء قائم أو مشى في حذاء واحد أو شرب قائماً، أو خلافي بيت وحده، أو بات على غمر فأصابه شي ء من

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 37

الأذى و هنأني طعامي و شرابي و عافاني من البلوى، و عند الخروج أو بعده: الحمد للّٰه الذي عرفني لذته و أبقى في جسدي قوته و أخرج عنى أذاه يا لها نعمة يا لها نعمة يا لها نعمة لا يقدر القادرون قدرها، و يستحب أن يقدم الاستنجاء من الغائط على الاستنجاء من البول و أن يجعل المسحات ان استنجى بها و ترا فلو لم ينق بالثلاثة و أتى برابع يستحب أن يأتي بخامس ليكون و ترا و ان حصل النقاء

بالرابع، و ان

______________________________

الشيطان لم يدعه إلا ان يشاء اللّٰه، و أسرع ما يكون الشيطان إلى الإنسان و هو على بعض هذه الحالات، و استقبال الريح و استدبارها للمرتضوي (ع) المروي عن الخصال: إذا بال أحدكم فلا يطمحن ببوله و لا يستقبل ببوله الريح، و استقبال النيرين الشمس و القمر بالفرج للحسن الصادقي المروي في التهذيب قال قال رسول اللّٰه (ص): لا يبولن أحدكم و فرجه باد للقمر يستقبل به، و في الخبر نهى رسول اللّٰه (ص) ان يستقبل الرجل الشمس و القمر بفرجه و هو يبول، و في آخر: نهى رسول اللّٰه (ص) ان يبول الرجل و فرجه باد للشمس أو القمر، و في رابع: لا تستقبل الهلال و لا تستدبره يعني في التخلي، و في المروي في البحار: فإذا أراد البول و الغائط فلا يجوز له ان يستقبل القبلة، ثم قال: و لا يستقبل الشمس و القمر لأنهما آيتان من آيات اللّٰه. الحديث، و ظاهر الأدلة التحريم كما عن المقنعة و النهاية و المشهور الكراهة، و منهم من خص الحكم بالبول و منهم من عمم و هو الأقوى لما تقدم، و البول في الأرض الصلبة لما تقدم من استحباب ان يرتاد ذا التراب الكثير، و قائماً للمرسل المروي في المقنعة البول قائماً من غير علة من الجفاء، و في الصادقي (ع) أ يبول الرجل و هو قائم؟ قال: نعم و لكن يتخوف عليه ان يلبس به الشيطان اي يخبله الحديث. و مطمحا اي يرميه في الهواء من مكان مرتفع للصادقي (ع) قال رسول اللّٰه (ص): يكره للرجل، أو ينهى الرجل ان يطمح ببوله من السطح في الهواء، و في النبوي المروي في المقنعة نهى

(ص)

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 38

يكون الاستنجاء و الاستبراء باليد اليسرى، و يستحب أن يعتبر و يتفكر في أن ما سعى و اجتهد في تحصيله و تحسينه كيف صار أذية عليه و يلاحظ قدرة اللّٰه تعالى في رفع هذه الأذية عنه و اراحته منها،

[في مكروهات التخلي]
اشارة

و أما المكروهات فهي استقبال الشمس و القمر بالبول و الغائط و ترتفع بستر فرجه و لو بيده أو دخوله في بناء أو وراء حائط و استقبال الريح بالبول بل بالغائط أيضا، و الجلوس في الشوارع أو المشارع أو منزل القافلة أو دروب المساجد أو الدور أو تحت الأشجار المثمرة

______________________________

أن يطمح الرجل ببوله في الهواء من السطح أو من الشي ء المرتفع، و في الماء راكدا و جاريا على الأشهر، للصحيح المروي في الكافي: لا تشرب و أنت قائم و لا تبل في ماء نقيع، و في آخر نحوه، و في المرفوع الصادقي (ع) يبول الرجل في الماء؟ قال: نعم و لكن يتخوف عليه من الشيطان، و المرسل المروي في المقنعة البول في الماء الراكد يورث النسيان، و يتأكد في الراكد لما تقدم و للصادقي (ع) المروي في المقنعة نهى رسول اللّٰه (ص) ان يبول أحد في الماء الراكد، فإنه منه يكون ذهاب العقل و عن ظاهر المفيد في المقنعة التحريم، و عن ظاهر الصدوقين عدم الكراهة في الجاري للصحيح: لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري و كره ان يبول في الراكد، و للخبر لا بأس به إذا كان جاريا، و هما محمولان على خفة الكراهة، و ظاهر النصوص و الفتاوى عدم الفرق في الراكد بين الليل و النهار، و عن نهاية الأحكام و الروض و الذكرى

ان الليل أشد، لما قيل إن الماء فيه للجن فلا يبال فيه حذرا من إصابة آفة منهم، و ظاهر النص الاختصاص بالبول كما هو ظاهر النافع و الشرائع و القواعد و الإرشاد و الدروس و اللمعة و المنتهى و عممه الأكثر بالنسبة إلى الغائط و علل تارة بالأولوية و تارة بما يشعر به المرتضوي المروي في التهذيب نهى: ان يبول الرجل في الماء الجاري إلا من ضرورة، و قال:

إن للماء أهلا، و لا يخفى ضعفه (نعم) في النبوي (ص) المروي في دعائم الإسلام

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 39

و لو في غير أو ان الثمر، و البول قائماً و في الحمام و على الأرض الصلبة و في ثقوب الحشرات و في الماء خصوصا الراكد و خصوصا في الليل و التطميح بالبول أى البول في الهواء و الأكل و الشرب حال التخلي بل في بيت الخلاء مطلقا و الاستنجاء باليمين و باليسار إذا كان عليه خاتم فيه اسم اللّٰه و طول المكث في بيت الخلاء و التخلي على قبر المؤمنين إذا لم يكن هتكا و إلا كان حراما و استصحاب الدرهم البيض بل مطلقا إذا كان عليه اسم اللّٰه أو محترم آخر إلا أن يكون مستورا و الكلام في غير الضرورة إلا بذكر اللّٰه أو آية الكرسي أو حكاية الأذان أو تسميت العاطس.

______________________________

عنهم (ع): ان رسول اللّٰه (ص) قال: البول في الماء القائم من الجفاء، و نهى عنه و عن الغائط فيه، و طول الجلوس على الخلاء للباقري (ع) المروي في التهذيب ان لقمان. قال لابنه: طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور و نحوه خبران آخران، و الأكل عليه و الشرب و علل بتضمنه

الاستقذار الدال على مهانة النفس، و في الفقيه عن الباقر (ع) انه دخل الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها و غسلها و دفعها الى مملوك معه فقال تكون معك لآكلها إذا خرجت، فلما خرج قال للمملوك أين اللقمة؟ قال: أكلتها يا بن رسول اللّٰه فقال: انها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة، الحديث. و فيه إشعار بأن تأخيره لا كلها مع ما فيه من الثواب و تعليقه على الخروج بمرجوحيته في تلك الحال.

و السواك حال التخلي للكاظمي (ع) المروي في المقنعة: السواك في الخلاء يورث البخر، و التكلم حالته للرضوي نهى رسول اللّٰه (ص) ان يجيب الرجل آخر و هو على الغائط أو يكلمه حتى يفرغ، و في الصادقي المروي في العلل: لا تتكلم على الخلاء فإنه من تكلم على الخلاء لم تقض له حاجة و عن الصدوق في الفقيه و الشيخ في النهاية التحريم إلا للضرورة إذ هي تبيح المحظورات فضلا عن المكروهات، أو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 40

[ (مسألة 1) يكره حبس البول أو الغائط]

(مسألة 1) يكره حبس البول أو الغائط (1) و قد يكون حراما إذا كان مضرا، و قد يكون واجبا كما إذا كان متوضئا و لم يسع الوقت للوضوء بعدهما و الصلاة، و قد يكون مستحبا كما إذا توقف مستحب أهم عليه.

______________________________

الذكر للصحيح الباقري (ع) المروي في الكافي ان موسى سأل ربه فقال:

إلهي تأتي على مجالس أعزك و أجلك أن أذكرك فيها فقال: يا موسى إن ذكري حسن على كل حال و في الصادقي المروي في الكافي: لا بأس بذكر اللّٰه و أنت تبول فان ذكر اللّٰه حسن على كل حال فلا تسأم من ذكر اللّٰه، و الاستنجاء باليمين

للصادقي المروي في الكافي: نهى رسول اللّٰه (ص) ان يستنجي الرجل بيمينه و في الآخر: الاستنجاء باليمين من الجفاء، و زيد في آخر مروي في المقنعة:

لا بأس به إذا كانت اليسار معتلة. و مس الذكر بها بعد البول للباقري المروي في المقنعة: إذا بال الرجل فلا يمس ذكره بيمينه، و النبوي إذا بال أحدكم فلا يأخذ ذكره بيمينه و لا يستنجي بيمينه، و الاستنجاء باليسار و فيها خاتم عليه اسم اللّٰه و دخول الخلاء و هو عليه للموثق الصادقي المروي في التهذيب: لا يمس الجنب درهما و لا دينارا عليه اسم اللّٰه تعالى، و لا يستنجي و عليه خاتم فيه اسم اللّٰه تعالى و لا يجامع و هو عليه، و لا يدخل المخرج و هو عليه.

قوله قده مسألة 1: (يكره حبس البول أو الغائط. إلخ)

أما كراهة حبسهما مع استطاعة الصبر عليه فيدل عليه الأخبار المتواترة. منها ما عن هشام بن الحكم عن الصادق (ع) قال: لا صلاة لحاقن و لا لحاقنة، و هو بمنزلة من هو في ثوبه. و منها ما عن ابي بكر الحضرمي عن أبيه عن الصادق (ع) قال: ان رسول اللّٰه (ص) قال: لا تصل و أنت تجد شيئا من الأخبثين. و منها ما عن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 41

..........

______________________________

انس بن محمد عن أبيه عن الصادق عليه السّلام عن آبائه (ع) في وصية النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم لعلى عليه السّلام: يا على ثمانية لا تقبل لهم الصلاة: العبد الآبق حتى يرجع الى مولاه، و الناشز و زوجها عليها ساخط، و مانع الزكاة- الى أن قال- و السكران و الزّبين و هو الذي يدافع البول و

الغائط، و منها ما عن إسحاق بن عمار قال سمعت الصادق عليه السّلام يقول: لا صلاة لحاقن و لا لحاقب و لا لحازق، فالحاقن: الذي به البول، و الحاقب: الذي به الغائط، و الحازق: الذي قد ضغطة الخف.

و منها: مرفوعا عن الصادق عليه السّلام قال قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم: ثمانية لا يقبل اللّٰه لهم صلاة، العبد الآبق حتى يرجع الى سيده، و الناشز عن زوجها و هو عليها ساخط، و مانع الزكاة، و تارك الوضوء، و الجارية المدركة تصلي بغير خمار، و امام قوم يصلى بهم و هم له كارهون، و الزّبين فقيل يا رسول اللّٰه و ما الزبين؟ قال: الرجل يدافع البول و الغائط، و السكران فهؤلاء الثمانية لا يقبل اللّٰه لهم صلاة.

و منها: ما عن المجازات النبوية عنه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم قال: لا يصلى الرجل و هو زناء أى حاقن.

و منها: ما عن على بن أبى طالب عليه السّلام عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم قال: لا يصلى أحدكم و به أحد العصرين، يعنى البول و الغائط، و ظاهر هذه الأخبار- و إن كان الحرمة إلا ان طريق الجمع بينها و بين رواية عبد الرحمن بن الحجاج المروية في الكافي عن ابى الحسن عليه السّلام: عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه و هو يستطيع أن يصبر عليه يصلى على تلك الحال؟ أو لا يصلى؟ فقال: إن احتمل الصبر و لم يخف إعجالا عن الصلاة فليصل و ليصبر، الصريحة في الجواز- يقضى

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 42

[ (مسألة 2) يستحب البول حين إرادة الصلاة]

(مسألة 2) يستحب البول حين إرادة الصلاة، و عند النوم (1)،

و قبل الجماع و بعد خروج المنى، و قبل الركوب على الدابة إذا كان النزول و الركوب صعبا عليه، و قبل ركوب السفينة إذا كان الخروج صعبا.

[ (مسألة 3) إذا وجد لقمة خبز في بيت الخلاء]

(مسألة 3) إذا وجد لقمة خبز (2) في بيت الخلاء يستحب أخذها و إخراجها و غسلها ثم أكلها.

______________________________

بحمل هذه النواهي في هذه الأخبار على الكراهة، هذا كله إذا لم يكن الحبس مضرا به، و إلا كان حراما لأدلة حرمة إدخال الضرر على النفس، و قد يكون الحبس واجبا فيما إذا استلزم عدمه تفويت الواجب كلية أو جامعا لشرائطه مع القدرة عليها، و قد يكون الحبس مستحبا كما لو توقف مستحب عليه أهم من نقضه كقراءة قرآن أو دعاء أو زيارة أحد المشاهد المشرفة و ما شاكل ذلك و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 2: (يستحب البول حين إرادة الصلاة و عند النوم. إلخ)

لم استحضر على العجلة مدرك ما ذكره (قده) من استحباب البول في الموارد المذكورة.

قوله قده مسألة 3: (إذا وجد لقمة خبز. إلخ)

تقدم نقل مدركها عن الفقيه عن الباقر عليه السّلام انه دخل الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها و غسلها و دفعها الى مملوك معه فقال: تكون معك لآكلها إذا خرجت، فلما خرج قال للمملوك أين اللقمة؟ قال: أكلتها بابن رسول اللّٰه فقال: إنها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة الحديث.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 43

[فصل في الوضوء]

[فصل في موجبات الوضوء و نواقضه]

اشارة

فصل في موجبات الوضوء و نواقضه

[و هي أمور]
اشارة

و هي أمور

[ «الأول و الثاني» البول و الغائط]

«الأول و الثاني» البول و الغائط من الموضع الأصلي و لو غير معتاد، أو من غيره مع انسداده، أو بدونه بشرط الاعتياد، أو الخروج على حسب المتعارف، ففي غير الأصلي مع عدم الاعتياد و عدم كون الخروج على حسب المتعارف اشكال، و الأحوط النقض مطلقا خصوصا إذا كان دون المعدة و لا فرق فيهما بين القليل و الكثير حتى مثل القطرة و مثل تلوث رأس شيشة الاحتقان بالعذرة، نعم الرطوبات الأخر غير البول و الغائط الخارجة من المخرجين ليست ناقضة، و كذا الدود أو نوى التمر و نحو هما إذا لم يكن متلطخا بالعذرة

[ «الثالث، الريح الخارج من مخرج الغائط]

«الثالث، (1) الريح الخارج من مخرج الغائط إذا كان من المعدة

______________________________

قوله قده (فصل: في موجبات الوضوء و نواقضه، و هي أمور الأول و الثاني.

و الثالث. إلخ)

المدرك لناقضية البول و الغائط و الريح الخارجة من الموضع المعتاد للطهارة و إيجابها للوضوء (الإجماع) المحكى في المعتبر و المنتهى و التذكرة و المدارك (و الصحاح) المستفيضة ففي الصحيح المروي في التهذيب عن زرارة عن أحدهما (ع) لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك الشامل للثلاثة (و فيه) عنهما (ع) ما ينقض الوضوء؟ فقالا (ع): ما يخرج من طرفيك الأسفلين من الذكر و الدبر من الغائط و البول، أو منى أو ريح، و النوم حتى يذهب العقل (و فيه) أيضا عن الصادق (ع) ليس ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك الأسفلين اللذين أنعم اللّٰه عليك بهما (و فيه) عنه عليه السّلام أيضا: لا يوجب الوضوء إلا غائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها (و لا خلاف) في إيجاب الثلاثة الوضوء مع الخروج من الموضع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى،

ج 2، ص: 44

صاحب صوتا أو لا، دون ما خرج من القبل أو لم يكن من المعدة كنفخ الشيطان أو إذا دخل من الخارج ثم خرج

[ «الرابع» النوم مطلقا]

«الرابع» النوم مطلقا و إن كان في

______________________________

الطبيعي و لو أول مرة و ان لم يحصل الاعتياد، و كذا لو اتفق المخرج من غير الموضع المعتاد خلقة أو انسد الطبيعي و انفتح غيره، و لو لم ينسد الطبيعي و خرج من غيره فأقوال: أشهرها النقض مع الاعتياد و العدم مع العدم و عن الخلاف و المبسوط النقض بما يخرج من تحت المعدة دون ما فوقها، و عن الحلي النقض به مطلقا من فوق المعدة أو تحتها مع الاعتياد و عدمه، و القول بعدم النقض مطلقا لا يخلو من قوة للأصل، و عدم عموم أو إطلاق في الأدلة يشمل ما نحن فيه، و هل يعتبر الاعتياد أيضا في نفس الخروج أم لا؟ و جهان (و تظهر) الثمرة فيما لو خرجت المعدة ملوثة بالغائط ثم عادت الى محلها و لم ينفصل منها الغائط، و الأقرب الثاني لإطلاق قوله (ع) ما خرج من طرفيك الأسفلين، و نحوه من هذه الجهة.

و لا ينقض ما خرج من الأسفلين غير ما ذكرنا من البول و الغائط و الريح مثل الرطوبات الأخر أو الدود أو نوى التمر أو القيح أو الدم للأصل مع استصحاب الطهارة، كما انه يعتبر في الريح الخارج ان يكون من مخرج الغائط لا من مخرج البول لما سمعت من اعتبار تسميته بالضرطة و الفسوة، كما انه معتبر مع ذلك أن يكون خارجا من المعدة لا مما دونها، كما إذا دخل من الخارج لما دون المعدة ثم خرج، أو من نفخ الشيطان الموقع للإنسان في

الوسواس كل ذلك للأصل و الاستصحاب المزبورين.

(الرابع) من النواقض النوم كما يدل عليه الاخبار المستفيضة، و المراد به: المستولي على القلب الموجب لتعطيل الحواس عن الإحساس، و هذا هو النوم الحقيقي، و إطلاقه على مباديه مسامحة لصحة السلب عرفا، و يشهد

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 45

حال المشي إذا غلب على القلب و السمع و البصر، فلا تنقض الخفقة إذا لم تصل الى الحد المذكور

[ «الخامس» كلما أزال العقل]

«الخامس» كلما أزال العقل مثل الإغماء و الكسر و الجنون

______________________________

بذلك أخبار الباب فان مقتضى أكثرها كون النوم مطلقا من النواقض، بل في بعضها التنصيص على الإطلاق و إناطة الحكم على حقيقة النوم (ففي) رواية زيد الشحام قال: سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن الخفقة و الخفقتين؟ فقال:

ما أدرى ما الخفقة و الخفقتان؟ إن اللّٰه تعالى يقول (بَلِ الْإِنْسٰانُ عَلىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) إن عليا عليه السّلام كان يقول: من وجد طعم النوم فإنما أوجب عليه الوضوء.

(الخامس) ما الحق بالنوم ما في حكمه مما يزيل العقل من الإغماء و السكر و الجنون و حكى عليه الإجماع كما في التهذيب و الخلاف و المنتهى و المدارك، و عن الخصال: إن من دين الإمامية ان مذهب العقل ناقض (قال) بعض المحققين (قده) و كيف كان فالظاهر عدم الخلاف في المسألة حيث لم ينقل التصريح بالمخالفة عن أحد، و ان تردد فيه بعض المتأخرين كصاحب الحدائق نظرا الى قصور الأدلة التي تشبثوا بها لإثبات الحكم على ذلك، و لكن المتأمل في كلماتهم لا يكاد يرتاب في ان تشبثهم بالأدلة الخاصة في مقام الاستدلال إنما هو لتطبيق الدليل على المدعى لا لاستفادتهم حكم المسألة من هذه الأدلة، بحيث لو لم يكن لهم هذه الأدلة

لأفتوا بخلافه، فالإنصاف أنه قل ما يوجد في الأحكام الشرعية مورد يمكن استكشاف قول الامام عليه السّلام أو وجود دليل معتبر من اتفاق الأصحاب مثل المقام، كما انه قل ما يمكن الاطلاع على الإجماع لكثرة ناقلية و اعتضاد نقلهم بعدم نقل الخلاف كما فيما نحن فيه، فاتفاق كلمة الأصحاب هو العمدة في المقام الى آخر ما ذكره (قده).

و استدل له بعضهم: بأنه إذا وجب الوضوء بالنوم الذي يجوز معه الحدث

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 46

دون مثل البهت

[ «السادس» الاستحاضة القليلة]

«السادس» الاستحاضة القليلة بل الكثيرة و المتوسطة و إن

______________________________

وجب بالإغماء و السكر و الجنون بطريق أولى، و فيه (أولا) منع حجية مثل هذه الأولوية إذ ليست من مدلول اللفظ عرفا و لا قطعية (و ثانيا) أنه مبني على ان ناقضية النوم من حيث احتمال طرو الحدث فيه لا من حيث ذاته و الحق خلافه (و ثالثا) عدم انسحابه فيما إذا قطع بعدم خروج الحدث في حال زوال العقل، و في صحيحة معمر بن خلاد انه سأل أبا الحسن عليه السّلام عن رجل به علة لا يقدر على الاضطجاع و الوضوء يشتد عليه و هو قاعد مستند بالوسائد فربما أغفى و هو قاعد على تلك الحال قال: يتوضأ، قلت له ان الوضوء يشتد عليه قال: إذا خفي عنه الصوت فقد وجب الوضوء، و في دعائم الإسلام عن الصادق (ع): ان الوضوء لا يجب إلا من حدث، و إن المرء إذا توضأ صلى بوضوئه ذلك ما شاء من الصلاة ما لم يحدث أو ينم أو يجامع أو يغم عليه أو يكون منه ما يجب منه اعادة الوضوء.

(السادس) من موجبات: الوضوء الاستحاضة القليلة أي الغير المثقبة للكرسف فيجب

فيها الوضوء لكل صلاة على الأشهر الأظهر، و عن الخلاف الإجماع عليه للصحاح: (ففي الصحيح) المروي في الكافي و التهذيب عن معاوية بن عمار عن الصادق (ع) المستحاضة تنتظر أيامها الى أن قال: و إن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت و دخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء و هذه يأتيها بعلها إلا في أيام حيضها (و في الصحيح) عن زرارة عن الباقر (ع) عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع؟ قال: تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة فلتغتسل و تستوثق من نفسها و تصلى كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم فاذا نفذ اغتسلت وصلت (و في آخر) فان كان الدم فيما بينها و بين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ و لتصل عند

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 47

أوجبتا الغسل أيضا، و أما الجنابة فهي تنقض الوضوء لكن توجب الغسل فقط.

______________________________

وقت كل صلاة (خلافا) للعماني فيها حيث لم يوجب بها وضوءا و لا غسلا، للأصل و بعض ما دل على الحصر كالرضوى: إنما ينقض الوضوء ثلاث البول و الغائط و الريح، و الصادقي: لا يوجب الوضوء إلا من الغائط أو بول أو ضرطة أو فسوة و نحوهما، و للصحيح عن ابن سنان عن الصادق (ع) المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر و تصلى الظهر و العصر، ثم تغتسل عند المغرب و تصلى المغرب و العشاء، ثم تغتسل عند الصبح و تصلى الفجر، و ترك الوضوء في مقام البيان يدل على عدم وجوبه و هو شاذ على خلافه الإجماع لوجوب الخروج عن الأصل بما مر، و كون الحصر إضافيا بالإضافة لغير المستحاضة قطعا، و الصحيحة إنما دلت على سقوط الوضوء مع

الأغسال و هو خارج عن محل النزاع، كخلاف ظاهر الصدوقين في الرسالة و المقنع في النوم مطلقا مجتمعا و مضطجعا، أو من المجتمع كما يظهر من الفقيه (للمرسل) المروي في المقنعة عن الكاظم (ع) عن الرجل يرقد هل عليه وضوء؟ فقال: لا وضوء عليه ما دام قاعدا إن لم ينفرج (و المروي) في التهذيب عن الصادق (ع): إذا نام الرجل و هو جالس مجتمع فليس عليه وضوء و إذا نام مضطجعا فعليه الوضوء (و الموثق) المروي في المقنعة: عن الرجل يخفق رأسه و هو في الصلاة قائماً أو راكعا فقال: ليس عليه وضوء (و الخبر) من نام و هو جالس لا يتعمد النوم فلا وضوء عليه، و هي محمولة على التقية لموافقتها العامة، و الأصح ما دلت عليه الأخبار السابقة من كون النوم ناقضا بنفسه، و عن الناصريات و الانتصار و الخلاف و التهذيب الإجماع عليه، و زاد الأكثرون و منهم الصدوقان و الشيخان و ابنا زهرة و إدريس و الفاضلان

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 48

..........

______________________________

و الشهيدان و غيرهم و منهم المصنف ما يوجب الغسل من الأحداث ما عدى الجنابة فلا وضوء معه إجماعا فتوى و نصا (لعموم) قوله تعالى (إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ) الشامل للمغتسل و غيره (و للمرسل الصحيح عندهم) بناءا على كون مراسيل ابن أبى عمير من قسم الصحيح المروي في الكافي عن ابن أبى عمير عن رجل عن الصادق عليه السلام قال: كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة.

و قد نوقش فيها (أما الآية) فبعد تسليم عمومها مخصوصة بما يأتي من الأخبار.

و اما الرواية فبقصور سندها لعدم ثبوت كون مراسيله في قوة المسانيد كما

حكى التصريح بذلك عن المحقق و الشهيد الثاني، مع انه غير صريح في المطلوب كما اعترف به المحقق و العلامة في بحث وضوء الميت قائلين: لا يلزم من كون الوضوء في الغسل إن يكون واجبا، بل من الجائز أن يكون غسل الجنابة لا يجوز فعل الوضوء فيه و غيره يجوز، و لا يلزم من الجواز الوجوب.

و تدفعه الصحاح و غيرها من الأخبار المستفيضة (منها) الصحيح المروي في التهذيب عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال: الغسل يجزى عن الوضوء و أى وضوء اطهر من الغسل؟! (و منها) الموثق المروي في التهذيب عن عمار عن الصادق (ع) عن الرجل إذا اغتسل عن جنابته، أو يوم الجمعة، أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟ فقال: لا، ليس عليه قبل و لا بعد قد أجزأه الغسل، و المرأة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل و لا بعد قد أجزأها الغسل، و في آخر: أى

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 49

..........

______________________________

وضوء أطهر من الغسل؟ و في آخر: أى وضوء أنقى من الغسل و أبلغ؟! و عن أبى الحسن الثالث عليه السّلام: لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة و لا غيره، و في المرسل: ان الوضوء قبل الغسل و بعده بدعة، و في آخر: الوضوء بعد الغسل بدعة، و عن الباقر (ع): الوضوء بعد الغسل بدعة، و هو مذهب السيد و الإسكافي و جملة ممن تأخر، و قواه المقدس الأردبيلي و صاحب المدارك، و مع ذلك فالعمل على المشهور لكونه أحوط، مع ان المرسل المتقدم أوفق بالشهرة مع اعتباره في نفسه لدعوى جماعة الإجماع على

العمل بمراسيله، و ادعاء الكشي إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه، و يعضده ما في الفقه الرضوي ليس في غسل الجنابة وضوء، و الوضوء في كل غسل ما خلا الجنابة، لأن غسل الجنابة فريضة، و لا تجزى سائر الأغسال عن الوضوء، لأن الغسل سنة و الوضوء فريضة، و لا تجزى سنة عن فرض، و غسل الجنابة و الوضوء فريضتان فاذا اجتمعا فأكبرهما يجزى عن أصغرهما، و إذا اغتسلت لغير جنابة فابدأ بالوضوء ثم اغتسل، و لا يجزيك الغسل عن الوضوء، فان اغتسلت و نسيت الوضوء فتوضأ و أعد الصلاة، و في غوالي اللئالي عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم كل الأغسال لا بد فيها من الوضوء إلا الجنابة، مع الاعتضاد بعموم الآية و الإجماعات و عموم ما دل على وجوب الوضوء بحدوث أحد أسبابه و بأصالة بقاء الحدث.

ثم بناءا على المشهور الأحوط تقديم الوضوء على الغسل، و هل التقديم مستحب؟ كما عن النهاية و الوسيلة و السرائر و الجامع و المعتبر و موضع من المبسوط و الشرائع و القواعد، و عن الحلي الإجماع عليه، أم واجب؟ كما عن ظاهر الصدوق و المفيد و الحلبيين و جهان، و الأخبار المتقدمة في المقام

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 50

[ (مسألة 1) إذا شك في طرو أحد النواقض بنى على العدم]

(مسألة 1) إذا شك في طرو أحد النواقض (1) بنى على العدم، و كذا إذا شك في أن الخارج بول أو مذي مثلا، إلا أن يكون قبل الاستبراء فيحكم بأنه بول فان كان متوضئا انتقض وضوؤه كما مر.

[ (مسألة 2) إذا خرج ماء الاحتقان و لم يكن معه شي ء من الغائط]

(مسألة 2) إذا خرج ماء الاحتقان (2) و لم يكن معه شي ء من الغائط لم ينتقض الوضوء، و كذا لو شك في خروج شي ء من الغائط معه.

______________________________

بين مطلق و مقيد بكونه قبله، و كيف كان: فالمحكي عدم الخلاف على انه لا تعلق للوضوء بصحة الغسل، فلو أثم بالتأخير عمدا على القول بالوجوب صح غسله و لزمه الإتيان به لمشروط به من العبادة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 1: (إذا شك في طرو أحد النواقض. إلخ)

مدرك البناء على العدم هو استصحاب الطهارة و عدم الرافع كما تضمنه صحيح زرارة قال عليه السّلام فيه: فاذا نامت العين و الاذن و القلب وجب الوضوء، قلت فان حرك في جنبه شي ء و لم يعلم به، قال (ع) لا حتى يستيقن انه قد نام، حتى يجي ء من ذلك أمر بيّن و إلا فإنه على يقين من وضوئه و لا ينقض اليقين ابدأ بالشك، الحديث، و في رواية بكير: و إياك أن تحدث وضوءا ابدا حتى تستيقن انك قد أحدثت، و في رواية زيد الشحام: في الخفقة و الخفقتين و نحوها غيرها مما هو كثير.

و لو شك في أن الخارج بول أو مذي فإن كان قبل الاستبراء من البول بنى على أنه بول و انتقض وضوؤه، و إن كان بعد الاستبراء بنى على عدم كونه بولا لما تقدم مفصلا في الاستبراء.

قوله قده مسألة 2: (إذا خرج ماء الاحتقان. إلخ)

أما إذا علم عدم خروج

شي ء من الغائط معه فعدم ناقضيته لما تقدم من ان الدليل لم يدل على أزيد من ناقضية البول و الغائط و الريح مما يخرج من أحد السبيلين الأسفلين، مع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 51

[ (مسألة 3) القيح الخارج من مخرج البول أو الغائط]

(مسألة 3) القيح الخارج من مخرج البول (1) أو الغائط ليس بناقض و كذا الدم الخارج منهما، إلا إذا علم أن بوله أو غائط صار دما و كذا المذي و الوذي و الودي، و الأول: هو ما يخرج بعد الملاعبة، و الثاني: ما يخرج بعد خروج المنى، و الثالث: ما يخرج بعد خروج البول.

______________________________

استصحاب الطهارة الثابتة قبل خروجه، و أما إذا شك في خروج شي ء معه فيستصحب عدمه مع استصحاب الطهارة.

قوله قده مسألة 3: (القيح الخارج من مخرج البول. إلخ)

مدرك عدم نقض المذكورات هو الأصل، و ما قيل من نقضها أو نقض بعضها فهو لأخبار ضعيفة سندا أو محمولة على التقية عند الأكثر لموافقتها العامة (كصحيح) ابن بزيع المروي في التهذيب سئل الرضا (ع) عن المذي قال:

فأمرني بالوضوء منه، ثم أعدت عليه في سنة أخرى فأمرني بالوضوء منه، و قال إن عليا أمر المقداد أن يسأل النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم و استحى أن يسأله فقال: فيه الوضوء (و في آخر) عن المذي أ ينقض الوضوء؟ قال: إن كان بشهوة نقض (و في الخبر) ان خرج منك على شهوة فتوضأ، و إن خرج منك على غير ذلك فليس عليك فيه وضوء (و في الصادقي) إذا قبل الرجل المرأة من شهوة أو مس فرجها أعاد الوضوء (و في آخر) عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره قال: نقض وضوءه، و إن مس باطن إحليله فعليه ان

يعيد الوضوء، و إن كان في الصلاة قطع الصلاة و يتوضأ و يعيد الصلاة، و ان فتح إحليله أعاد الوضوء و أعاد الصلاة.

و بإزائها ما هو أوضح سندا و أكثر عددا (ففي الحسن) المروي في الكافي عن معاوية بن عمار سئل أحدهما (ع) عن المذي فقال: لا ينقض الوضوء و لا يغسل منه ثوب و لا جسد، انما هو بمنزلة المخاط و البصاق

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 52

[ (مسألة 4) ذكر جماعة من العلماء استحباب الوضوء عقيب المذي و الوذي]

(مسألة 4) ذكر جماعة من العلماء استحباب الوضوء (1) عقيب المذي و الوذي و الكذب و الظلم و الإكثار من الشعر الباطل و القي ء و الرعاف و التقبيل بشهوة و مس الكلب و مس الفرج و لو فرج نفسه و مس باطن الدبر و الإحليل

______________________________

(و في آخر) المروي في الكافي، ان سال من ذكرك شي ء من مذي أو وذي و أنت في الصلاة فلا تغسله و لا تقطع له الصلاة و لا تنقض له الوضوء و ان بلغ عقبيك فإنما ذلك بمنزلة النخامة، و كل شي ء خرج منك بعد الوضوء فإنه من الحبائل أو من البواسير و ليس بشي ء فلا تغسله من ثوبك إلا أن تقذره (و في آخر) ليس في المذي من الشهوة و لا من الإنعاظ و لا من القبلة و لا من مس الفرج و لا من المضاجعة وضوء، و لا يغسل منه الثوب و لا الجسد، الى غير ذلك من الأخبار.

قوله قده مسألة 4: (ذكر جماعة من العلماء استحباب الوضوء. إلخ)

مدرك ما ذكروه من الاستحباب في الموارد المذكورة ورود الأمر بذلك فيها كما رواه في التهذيب عن الصادق (ع) عن رجل أصابه دم سائل قال:

يتوضأ و يعيد و ان لم

يكن سائلا توضأ و بنى (و في آخر) الرعاف و القي ء و التخليل يسيل الدم إذا استكرهت شيئا ينقض الوضوء، فان لم تستكرهه لم ينقض الوضوء (و الخبر) المروي في التهذيب عن نشيد الشعر هل ينقض الوضوء؟ أو ظلم الرجل صاحبه أو الكذب؟ فقال: نعم إلا أن يكون شعرا يصدق فيه أو يكون يسيرا من الشعر الأبيات الثلاثة و الأربعة، فاما أن يكثر من الشعر الباطل فهو ينقض الوضوء.

و في التقبيل بشهوة أو مس الفرج: ما تقدم عن قريب.

و فيما خرج من الذكر بعد الاستبراء، الخبر المروي في التهذيب هل يجب الوضوء بما خرج من الذكر بعد الاستبراء؟ فكتب: نعم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 53

و نسيان الاستنجاء قبل الوضوء و الضحك في الصلاة و التخليل إذا أدمى، لكن الاستحباب في هذه الموارد غير معلوم، و الأولى أن يتوضأ برجاء المطلوبية و لو تبين بعد هذا الوضوء كونه محدثا بأحد النواقض المعلومة كفى و لا يجب

______________________________

و في الوضوء قبل الاستنجاء بالماء: الموثق المروي في التهذيب عن الصادق (ع) ان أهرقت الماء و نسيت ان تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء و غسل ذكرك (و الصحيح) عن الباقر (ع) في الرجل يتوضأ فينسى غسل ذكره قال: يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء، و الأصح عند المصنف (قده) عدم الاستحباب و حمل هذه الأخبار على التقية لموافقتها لمذهب العامة مع أن ما بإزائها ما هو أصح و أوضح (ففي الخبر) المروي في التهذيب سئل الصادق (ع) ينقض الرعاف و القي ء و نتف الإبط الوضوء؟

فقال: و ما تصنع بهذا، هذا هو قول المغيرة بن سعيد، لعن اللّٰه المغيرة يجزيك من الرعاف و القي ء أن تغسله و

لا تعيد الوضوء، و عنه (ع) سئل عن الرعاف و الحجامة و كل دم سائل فقال: ليس في هذا وضوء، إنما الوضوء من طرفيك الذين أنعم اللّٰه بهما عليك.

(و منها) الصحيح المروي في الكافي و التهذيب عن الكاظم (ع) في الرجل يبول فينسى غسل ذكره ثم يتوضأ وضوء الصلاة، قال: يغسل ذكره و لا يعيد الوضوء (و في الموثق) الصادقي (ع) في الرجل يبول و ينسى غسل ذكره حتى يتوضأ و يصلى، قال: يغسل ذكره و يعيد الصلاة و لا يعيد الوضوء (و في الصحيح) عن الصادق (ع) أبول و أتوضأ و أنسى استنجائي ثم أذكر بعد ما صليت قال: اغسل ذكرك و أعد صلواتك و لا تعد وضوءك و لا يخفى انه لما كان لسان الأخبار الأوّلة لسان بطلان الوضوء بأحد الأسباب المذكورة و وجوب إعادته، كانت نسبتها الى الأخبار الثانية النافية

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 54

عليه ثانيا، كما أنه لو توضأ احتياطا لاحتمال حدوث الحدث ثم تبين كونه محدثا كفى و لا يجب ثانيا.

______________________________

للإعادة و عدم بطلان الوضوء التعارض، فلذا حملها المصنف (قده) على التقية و اعتمد بالأخذ على الثانية لما دللنا عليه من أنها أصح سندا و أوضح دلالة، لا بلسان افعل مثل توضأ لكذا، ليكون طريق الجمع بينها و بين الأخبار النافية حملها على الاستحباب كما في كل مورد ورد افعل و لا تفعل، فما ذهب إليه الأكثرون من حملها على الاستحباب جمعا لا يقتضيه ما كان بمثل هذا اللسان، و هم أعرف بما ذهبوا اليه، فعلى ما ذكرنا لو أراد الوضوء لأحد هذه الأسباب المذكورة فالأولى أن يتوضأ برجاء المطلوبية كما ذكره (قده) لعدم إحراز المطلوبية بناءا

على جواز ورودها للتقية.

و أما ما فرّعه عليه من كفاية هذا الوضوء الرجائي لو تبين بعد هذا الوضوء كونه محدثا بأحد النواقض المعلومة فوجهه ما ذكروه من أن الذي يظهر من الأخبار ان الوضوء ماهية واحدة، فلو أتى به و صادف الحدث رفعه، و لو أتى به بأي داع من الدواعي ما لم يكن بقصد التقييد المنحل إلى الإيجاب و السلب، بل يكون ما نحن فيه من قبيل الاشتباه في التطبيق، كما انه لو توضأ احتياطا لاحتمال حدوث الحدث ثم تبين كونه محدثا كفى و لا يجب ثانيا لما ذكرناه من الوجه.

و مما يؤيد ما ذكرناه ما رواه الصدوق في الفقيه مع اعتقاده صحة مضمون ما أورده من إجزاء غسل الجمعة عن غسل الجنابة مع نسيانه، و ما اجمع عليه الأصحاب من إجزاء صوم يوم الشك بنية الندب عن الواجب، و ما ورد من استحباب الغسل أول ليلة من شهر رمضان تلافيا لما عساه فإنه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 55

[فصل في غايات الوضوءات الواجبة و غير الواجبة]

اشارة

فصل في غايات الوضوءات الواجبة و غير الواجبة (1) إن الوضوء إما شرط في صحة فعل كالصلاة و الطواف، و إما شرط في كماله كقراءة القرآن، و إما شرط في جوازه كمس كتابة القرآن أو رافع

______________________________

من الأغسال الواجبة و نحو ذلك، و على كل فمع الاكتفاء بالقربة فالأمر واضح و اللّٰه العالم.

قوله قده (فصل: في غايات الوضوءات الواجبة و غير الواجبة. إلخ)

تمام البحث يتم برسم مسائل:

(الأولى) وجوب الوضوء للصلاة الواجبة و شرطيته للصلاة مطلقا واجبة أو مندوبة (الإجماع) من المسلمين بل هو من ضروريات الدين مضافا الى القرآن الكريم و الأخبار عن الهداة المعصومين قال سبحانه و تعالى (إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ

فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) و قال عليه السّلام: إذا دخل الوقت فقد وجب الطهور و الصلاة، و قوله عليه السّلام: لا صلاة إلا بطهور، الى غير ذلك من الأخبار التي لا تحصى.

و ما سبق الى بعض الأوهام من وجوب الوضوء لصلاة النافلة لترتب الإثم على فعلها بدونه ففاسد، لأن الإثم إنما يترتب على فعل النافلة من غير وضوء لكونه تشريعا محرما، لا على ترك الوضوء لجواز تركه مع ترك المشروط به، فكيف يتصور وجوب شرط من غير وجوب مشروط، نعم ربما يعبر عنه بالوجوب الشرطي لعلاقة التجوز، فإطلاق الواجب عليه ليس إلا مجازا كما لا يخفى لمشاركته الواجب في الشرطية و هو عدم صحة الصلاة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 56

لكراهته كالأكل، أو شرط في تحقق أمر كالوضوء للكون على الطهارة، أو ليس له غاية كالوضوء الواجب بالنذر و الوضوء المستحب نفسا إن قلنا به كما لا يبعد، اما الغايات للوضوء الواجب: فيجب للصلاة الواجبة أداء و قضاءا

______________________________

بدونه فهو في حد ذاته مندوب قطعا و إن كانت الصلاة لا تصح إلا به.

و اما اعتباره في اجزائها المنسية فالظاهر انه يكفى فيه نفس دليل اعتباره في الكل، إذ ليس هو إلا ذلك الجزء بشروطه المعتبرة، قام الدليل على كفاية تداركه خارج الصلاة لمن نسيه فيها.

و اما اعتباره في سجدتي السهو فقد قال في الجواهر في مبحث سجدتي السهو بعد كلام طويل: بل في الذكرى و الدروس و البيان و اللمعة و الألفية و حاشيتها للكركي و الروضة و عن غيرها انه يجب فيهما ما يجب في سجود الصلاة عدى الذكر فتندرج حينئذ الطهارة و غيرها

كما نص عليه بعضهم، و ليس في شي ء من الأدلة تعرض لشي ء من ذلك، و دعوى اعتبار جميع هذه الأمور في مسمى السجود واضحة الفساد خصوصا بالنسبة إلى البعض، نعم قد يقال:

ان الذمة لما اشتغلت به بيقين توقف العلم ببرائتها على الفرد المتيقن، بل قد يدعى، انه المنساق من أمر المصلي بالسجود لتدارك سهوه، إذ الظاهر إرادة السجود الصلاتي لكن الإنصاف أن للتوقف أو المنع فيما زاد على ما يتحقق به مسمى السجود عرفا أو شرعا لعدم ظهور أو انصراف معتد به في شي ء من الأدلة فيبقى الإطلاق سليما مجالا الى آخر ما ذكره (قده).

(المسألة الثانية) في وجوب الوضوء للطواف في حج أو عمرة و لو مندوبين لوجوب إتمامهما (بالإجماع) كما في المدارك و المنتهى و التذكرة و الغنية و القواعد و الخلاف و المسالك و البيان و غيرها. (و الاخبار) و منها الصحيح

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 57

عن النفس أو عن الغير و لأجزائها المنسية، بل و سجدتي السهو على الأحوط و يجب أيضا للطواف الواجب و هو ما كان جزءا للحج أو العمرة و إن كانا مندوبين، فالطواف المستحب ما لم يكن جزءا من أحدهما لا يجب الوضوء له نعم هو شرط في صحة صلاته، و يجب أيضا بالنذر و العهد و اليمين، و يجب أيضا لمس كتابة القرآن إن وجب بالنذر أو لوقوعه في موضع يجب إخراجه منه أو لتطهيره إذا صار متنجسا و توقف الإخراج أو التطهير على مس كتابته و لم يكن التأخير بمقدار الوضوء موجبا لهتك حرمته، و إلا وجبت المبادرة من

______________________________

المروي عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) عن رجل طاف طواف الفريضة و هو

على غير طهر قال: يتوضأ و يعيد طوافه، و ان كان تطوعا توضأ و صلى ركعتين (و منها) صحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام عن رجل طاف و هو على غير وضوء فقال: يقطع طوافه و لا يعتد به (و منها) صحيحة ابن عمار عن الصادق عليه السّلام قال: لا بأس أن يقضى المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف في البيت فان فيه صلاة و الوضوء أفضل (و منها) صحيحة رفاعة قال للصادق عليه السّلام أشهد شيئا من المناسك و أنا على غير وضوء؟ فقال:

نعم إلا الطواف فان فيه صلاة.

هذا كله فيما إذا كان الطواف جزءا من حج أو عمرة و ان كانا مندوبين، و هل هو شرط في صحة الطواف المستحب؟ كما في النافلة أو شرط لوقوعه على الوجه الأكمل فيصح بدونه؟ قولان، نعم هو شرط في صحة صلاته بلا إشكال.

(المسألة الثالثة) في وجوب الوضوء بالنذر و العهد و اليمين لأدلة وجوب الوفاء بها.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 58

دون الوضوء و يلحق به أسماء اللّٰه و صفاته الخاصة، دون أسماء الأنبياء و الأئمة عليهم السلام و إن كان أحوط، و وجوب الوضوء في المذكورات- ما عدا النذر و أخويه- إنما هو على تقدير كونه محدثا و إلا فلا يجب، و أما في النذر و أخويه فتابع للنذر، فان نذر كونه على الطهارة لا يجب إلا إذا كان محدثا، و إن نذر الوضوء التجديدي وجب و إن كان على وضوء.

______________________________

(المسألة الرابعة) في وجوب الوضوء لمس كتابة القرآن الواجب بنذر و شبهه، و عليه الأكثر و هو المشهور كما في المدارك و الذخيرة، و عن ظاهر التبيان و مجمع

البيان و الخلاف و الغنية الإجماع عليه (خلافا) للشيخ في المبسوط و لابن إدريس في السرائر كما عن ابن البراج فقالوا: بالكراهة (و المعتمد) الوجوب لما سمعت و لقوله تعالى (لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) و يدل عليه (الموثق) المروي في الكافي و التهذيب عن الصادق عليه السّلام عمن قرأ المصحف و هو على غير وضوء قال: لا بأس و لا يمس الكتاب (و في) الخبر الصادقي عليه السّلام قال لابنه إسماعيل يا بني اقرأ المصحف فقال: إنى لست على وضوء فقال: لا تمس الكتاب و مس الورق، و عن أبى الحسن عليه السّلام قال: المصحف لا تمسه على غير طهر و لا جنبا، و لا تمس خطه و لا تعلقه ان اللّٰه تعالى يقول (لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ).

و يختص التحريم بمس الكتابة، اما الهامش و الورق الخالي منها فلا على المشهور، و أما حمله و تعليقه فيجوز على كراهية كما في المنتهى للخبر الأخير، و ظاهر النص و الفتوى اختصاص المس بما إذا كان بجزء من البدن فلا يتعدى الى المس بطرف الثوب، و هل يختص بما تحله الحياة منه؟ أم يعم غيره؟

كالشعر و الظفر قولان منشؤهما صدق المس عرفا و عدمه، و كذلك يجب الوضوء في كل مورد يستلزم المس كما ذكره (قده).

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 59

[ (مسألة 1) إذا نذر أن يتوضأ لكل صلاة وضوءا رافعا للحدث]

(مسألة 1) إذا نذر أن يتوضأ لكل صلاة وضوءا رافعا (1) للحدث و كان متوضئا يجب عليه نقضه ثم الوضوء لكن في صحة مثل هذا النذر على إطلاقه تأمل.

[ (مسألة 2) وجوب الوضوء لسبب النذر أقسام]

(مسألة 2) وجوب الوضوء لسبب النذر أقسام (2) «أحدها» أن ينذر أن يأتي بعمل يشترط في صحته الوضوء كالصلاة «الثاني» أن ينذر أن يتوضأ

______________________________

و لا يخفى ان وجوب الوضوء في الموارد المذكورة إذا كان محدثا سوى النذر فإنه تابع لقصده، فان نذر أن يكون على طهارة فلا يجب إلا إذا كان محدثا، و إن نذر الوضوء التجديدي وجب و إن كان على طهارة.

قوله قده مسألة 1: (إذا نذر أن يتوضأ لكل صلاة وضوء رافعا.

إلخ)

إنما وجب نقض وضوئه مقدمة لإمكان تحصيل الواجب المنذور و هو الوضوء الرافع و لا يتم بدونه (و اما) تأمله في صحة مثل هذا النذر على إطلاقه و الظاهر أن مراده بالإطلاق تناوله لمثل هذه الصورة التي مآلها و حقيقتها إعدام شي ء لإحداث مثله.

قوله قده مسألة 2: (وجوب الوضوء بسبب النذر أقسام. إلخ)

لا إشكال في صحة ما ذكره من الأقسام الخمسة و مشروعية النذر فيها حتى في القسم الخامس و هو نذر الوضوء من غير نظر الى الكون على الطهارة، لدلالة بعض الأخبار على محبوبيته و مشروعيته لنفسه من غير ملاحظة شي ء آخر، و يدل عليه ما روى عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم يا أنس أكثر من الطهور يزيدك اللّٰه في عمرك، و ان استطعت أن تكون بالليل و النهار على طهارة فافعل فإنك تكون إذا مت على طهارة شهيدا (و عن إرشاد الديلمي) عنه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم أيضا يقول اللّٰه تعالى لمن أحدث و

لم يتوضأ فقد جفاني، و من توضأ و لم يصل ركعتين فقد جفاني، و من أحدث و توضأ و صلى ركعتين و لم يدعني فقد جفاني، و من

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 60

إذا أتى بالعمل الفلاني غير المشروط بالوضوء مثل أن ينذر أن لا يقرأ القرآن إلا مع الوضوء، فحينئذ لا يجب عليه القراءة، لكن لو أراد أن يقرأ يجب عليه أن يتوضأ «الثالث» أن ينذر أن يأتي بالعمل الكذائي مع الوضوء كأن ينذر أن يقرأ القرآن مع الوضوء فحينئذ يجب الوضوء و القراءة «الرابع» أن ينذر الكون على الطهارة «الخامس» أن ينذر أن يتوضأ من غير نظر الى الكون على الطهارة و جميع هذه الأقسام صحيح، لكن ربما يستشكل في الخامس من حيث أن صحته موقوفة على ثبوت الاستحباب النفسي للوضوء و هو محل اشكال لكن الأقوى ذلك.

[ (مسألة 3) لا فرق في حرمة مس كتابة القرآن على المحدث]

(مسألة 3) لا فرق في حرمة مس كتابة القرآن (1) على المحدث بين أن يكون باليد أو بسائر أجزاء البدن و لو بالباطن كمسها باللسان أو الأسنان و الأحوط ترك المس بالشعر أيضا و إن كان لا يبعد عدم حرمته.

______________________________

دعاني و لم أجبه فقد جفوته و لست برب جاف (و ما روى) عن نوادر الراوندي عن أمير المؤمنين عليه السّلام كان أصحاب رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم إذا بالوا توضأوا أو تيمموا مخافة أن تدركهم الساعة، و قصور أسانيدها منجبر بالشهرة و يؤيد ذلك عموم قوله تعالى (إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) و قوله عليه السّلام ان المؤمن معقب ما دام متطهرا.

و حكى عن بعضهم ان المستفاد من الأخبار استحباب الوضوء و لو مع عدم قصد الاستدامة،

و مقتضى ذلك استحبابه و لو للتلبس بالطهارة آنا ما، و الإنصاف انه لا إشكال في استفادة ذلك منها و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 3: (لا فرق في حرمة مس كتابة القرآن. إلخ)

تقدم تحرير المسألة عن قريب فلا نعيده.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 61

[ (مسألة 4) لا فرق بين المس ابتداء أو استدامة]

(مسألة 4) لا فرق بين المس ابتداء أو استدامة (1) فلو كانت يده على الخط فأحدث يجب عليه رفعها فورا، و كذا لو مسه غفلة ثم التفت انه محدث.

[ (مسألة 5) المس الماحي للخط أيضا حرام]

(مسألة 5) المس الماحي للخط أيضا حرام (2) فلا يجوز له أن يمحوه باللسان أو باليد الرطبة.

[ (مسألة 6) لا فرق بين أنواع الخطوط حتى المهجور منها]

(مسألة 6) لا فرق بين أنواع الخطوط (3) حتى المهجور منها كالكوفي و كذا لا فرق بين أنحاء الكتابة من الكتب بالقلم أو الطبع أو القص بالكاغذ أو الحفر أو العكس.

[ (مسألة 7 لا فرق في القرآن بين الآية و الكلمة]

(مسألة 7 لا فرق في القرآن بين الآية و الكلمة، بل و الحرف (4) و إن كان يكتسب و لا يقرأ كالألف في (قالوا و آمنوا) بل الحرف الذي يقرأ و لا يكتب إذا كتب كما في الواو الثاني من (داود) إذا كتب بواوين و كالألف في (رحمن و لقمن) إذا كتب كرحمان و لقمان.

______________________________

قوله قده مسألة 4: (لا فرق بين المس ابتداء و استدامة. إلخ)

و وجهه ان المفهوم من اخبار المسألة عدم جواز تلاقى سائر أجزاء بدن المحدث مع خط المصحف، و بعبارة أوضح أن الممنوع منه المعنى المصدري لا إحداثه فقط، مع ان المس اسم لمطلق الملاقاة.

قوله قده مسألة 5: (المس الماحي للخط أيضا حرام. إلخ)

و ذلك لصدق المس معه عرفا.

قوله قده مسألة 6: (لا فرق بين أنواع الخطوط. إلخ)

و ذلك لإطلاق دليله خطا و كتابة.

قوله قده مسألة 7: (لا فرق في القرآن بين الآية و الكلمة بل و الحرف. إلخ)

لصدق مس القرآن بمس أبعاضه.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 62

[ (مسألة 8) لا فرق بين ما كان في القرآن أو في كتاب]

(مسألة 8) لا فرق بين ما كان في القرآن أو في كتاب (1) بل لو وجدت كلمة من القرآن في كاغذ بل أو نصف الكلمة كما إذا قص من ورق القرآن أو الكتاب يحرم مسها أيضا.

______________________________

قوله قده مسألة 8: (لا فرق بين ما كان في القرآن أو في كتاب. إلخ)

مدرك عدم الفرق بين ما كان في المصحف أو في غيره صدق اسم القرآن على الجميع، و كونه في المصحف مما لا وجه له، لأن الممسوس في المصحف ليس إلا بعضه، و مع هذا فهو حرام كما لا يخفى، فمثله ما لو وجد آية أو بعضها و لو كلمة منه في

غيره لصدق اسم القرآن عليها حقيقة.

و اما المقتبس فهو قسمان (أحدهما) ما لم يغيره الاقتباس عن معناه الأصلي من نحو قول الشاعر:

إن كنت أزمعت على هجرنا ما غير ما جرم (فصبر جميل

و ان تبدلت بنا غيرنا (فحسبنا اللّٰه و نعم الوكيل)

فإنه في هذين البيتين باق على أصله كما لا يخفى (الثاني) ان يخرجه عن معناه الى مناسب له كقول ابن الرومي:

لأن أخطأت في مدحك ما أخطأت في منعى

لقد أنزلت حاجاتي (بواد غير ذي زرع)

فان معناه في القرآن واد لا ماء فيه و في الشعر جناب لا خير فيه، و بالجملة ان كان المقتبس من القرآن تاما خاليا من التغيير و التبديل و صدق عليه اسم القرآن عند التبادر جرى عليه حكم المس، لعموم الأدلة من الإجماع و الكتاب و السنة المانعة من المس للقرآن من دون فرق في ذلك بين أن يكون اقتباسا أو لا، لمكان التعظيم و الاحترام، نعم إذا كان ناقصا أو متغيرا بنوع ما، لا يجرى عليه الحكم لعدم صدق الاسم و إن كان الأحوط في المتغير

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 63

[ (مسألة 9) في الكلمات المشتركة بين القرآن و غيره]

(مسألة 9) في الكلمات المشتركة بين القرآن (1) و غيره المناط قصد الكاتب

______________________________

الغير المخل مراعاة التعظيم و التفخيم كقول الشاعر:

قد كان ما خفت أن يكونا انا الى اللّٰه راجعونا

و اللّٰه أعلم بحقائق أحكامه.

قوله قده مسألة 9: (في الكلمات المشتركة بين القرآن. إلخ)

الظاهر أن ما كان على أسلوب القرآن مستعملا في كلام الآدميين نحو قوله تعالى:

(وَ قٰالَ نُوحٌ) (و قٰالَ مُوسىٰ)* (و ادْخُلُوهٰا بِسَلٰامٍ آمِنِينَ) و أمثالها لا بد فيه من الرجوع الى قصد الكاتب و إن كان على أسلوب القرآن لأنه أعرف

بقصده، نعم إذا لم يتمكن من الرجوع الى الكاتب لا بأس بالرجوع الى القرائن الخارجية، و اما المعلوم بالضرورة أنه قرآن فلا يحتاج في تعيينه الى قصد الكاتب قطعا لمعلوميته يقينا.

(و ما قيل) من أن مجرد المعلومية لا تقضى بكونه قرآنا ما لم يعلم قصد الكاتب لجواز أن يتكلم الإنسان بألفاظ القرآن و يدرجه في كلامه، كما هو الشأن فيمن يتكلم بكلام غيره قاصدا مطلق التكلم إلا انه اختار ذلك لفصاحته و بلاغته و تأديته تمام المعنى المقصود، فلذا ترى المصنفين قد يأتي بعضهم بكلام غيره لا على وجه الحكاية، بل على أنه كسائر كلامه الذي هو من إنشائه، فلو أتى في خطبة كتابه بالحمد للّٰه رب العالمين و ساق بقية السورة بقصد الحمد بها و الثناء على اللّٰه تعالى و طلب الاستعانة و الهداية منه كان داخلا في جملة الخطبة، و لم يكن المقصود به إيراد سورة الفاتحة و ان اختار الإتيان بألفاظها للمزية الظاهرة فلا يتعين بذلك كون المكتوب قرآنا بنفس الكتابة. انتهى.

(ممنوع) لما قلناه من أن إناطة الحكم على صدق الاسم، و لا شك ان

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 64

..........

______________________________

الفاتحة و آية الكرسي و المباهلة و أمثالها من الآيات التي يقطع بالضرورة بكونها قرآنا لا يغيّرها قصد الكاتب قطعا، كيف لا و القصود انما تؤثر في الأحكام لا في الموضوعات، أ ترى لو بنى إنسان حماما مثلا بجميع آلاته و صفاته بقصد الرباط أو الدكان أو الدار أ كان يسمى رباطا أو دكانا أو دارا تبعا لقصد الباني؟ كلا بل الوجدان يقضى بكونه حماما يقينا و لا يؤثر القصد فيه شيئا قطعا فمن ثم (قال الفخر) في الإيضاح عند

شرح قول العلامة: و لو قال:

( (ادخلوها بسلام آمنين) في الصلاة بقصد القرآنية جاز، و ان قصد التفهيم و ان لم يقصد سواه بطل على إشكال، منشأ الإشكال من أنه لا يخرج عن القرآن بالقصد، و من انه لم يقصد القرآن فلا يكون قرآنا، ثم حكى اختلاف المتكلمين في أن القرآن هل يخرج عن كونه قرآنا بالقصد أم لا؟ ثم قال: و هذا مبني على ان الممسوس هل هو عين ما أوجده اللّٰه أو حكاية عنه فأبو على و أبو الهذيل على الأول و إلا لبطلت المعجزة لقدرتنا على مثله، و أبو هاشم على الثاني لاستحالة بقاء الكلام انتهى فهو و ان كان غير سديد لأن بطلان المعجزة ليس منوطا بالعينية أو الحكاية، بل إنما هو باعتبار وجود فرد مماثل له و هو مستحيل، تعجز البلغاء عن مماثلته، و تقصر عن مباراته، و ان لم يكن عين ما أوجده اللّٰه، لما قيل من أنه خلقه بلا آلة و هذا المقروّ الآن من الأفعال البشرية اللسانية إلا انه كلام اللّٰه قطعا، و لذا يصدق عليه اسم القرآن يقينا و إن جرت به الألسن و كتب في الأوراق و الألواح على أن الممسوس هو المكتوب، و لا شك انه عين ما أوجده اللّٰه تعالى و ان كانت

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 65

[ (مسألة 10) لا فرق فيما كتب عليه القرآن بين الكاغذ و اللوح]

(مسألة 10) لا فرق فيما كتب عليه القرآن بين الكاغذ (1) و اللوح و الأرض و الجدار و الثوب بل و بدن الإنسان، فإذا كتب على يده لا يجوز مسه عند الوضوء، بل يجب محوه أولا ثم الوضوء.

[ (مسألة 11) إذا كتب على الكاغذ بلا مداد فالظاهر عدم المنع]

(مسألة 11) إذا كتب على الكاغذ بلا مداد (2) فالظاهر عدم المنع من مسه لأنه ليس خطا، نعم لو كتب بما يظهر أثره بعد ذلك، فالظاهر حرمته كماء البصل فإنه لا أثر له إلا إذا أحمى على النار.

[ (مسألة 12) لا يحرم المس من وراء الشيشة]

(مسألة 12) لا يحرم المس من وراء الشيشة (3) و إن كان الخط مرثيا، و كذا إذا

______________________________

موضوعة للتلفظ بها كما لا يخفى» فالرجوع في المعلوم كونه قرآنا الى قصد الكاتب لا أرى له وجها فتأمل و اللّٰه العالم بحقائق أحكامه.

قوله قده مسألة 10: (لا فرق فيما كتب عليه القرآن بين الكاغذ.

إلخ)

مدرك عدم الفرق صدق القرآنية في جميع ما ذكر من المكتوب عليه، نعم يشكل ما ذكره من وجوب المحو فيما إذا كتب على يده لعدم جواز مسه، بل هو مخير بين ذلك و بين الوضوء ارتماسا و عدم المحو.

قوله قده مسألة 11: (إذا كتب على الكاغذ بلا مداد. إلخ)

الظاهر ان حكم الصورة الثانية و هي ما لو كتب بماء البصل حكم الصورة الاولى من عدم المنع من مسه، لعدم صدق الكتابة عرفا ليحرم مسها، نعم لا بأس بالاحتياط بالترك فيها.

قوله قده مسألة 12: (لا يحرم المس من وراء الشيشة. إلخ)

نعم لا إشكال في عدم حرمة المس في الصورة المذكورة لعدم كونه مسا للكتابة إلا في الصورة الأخيرة و هي ما لو نفذ المداد في الكاغذ حتى ظهر الخط من الطرف الآخر فإنه مس للكتابة حقيقة، و لا فرق بين الطرد و العكس لإطلاق حرمة المس.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 66

وضع عليه كاغذ رقيق يرى الخط تحته، و كذا المنطبع في المرآة، نعم لو نفذ المداد في الكاغذ حتى ظهر الخط من الطرف الآخر لا

يجوز مسه خصوصا إذا كتب بالعكس فظهر من الطرف الآخر طردا.

[ (مسألة 13) في مس المسافة الخالية التي يحيط بها الحرف]

(مسألة 13) في مس المسافة الخالية (1) التي يحيط بها الحرف كالحاء أو العين مثلا إشكال أحوطه الترك.

[ (مسألة 14) في جواز كتابة المحدث آية من القرآن بإصبعه على الأرض]

(مسألة 14) في جواز كتابة المحدث آية من القرآن بإصبعه (2) على الأرض أو غيرها اشكال و لا يبعد عدم الحرمة، فإن الخط يوجد بعد المس و اما الكتابة على بدن المحدث و إن كان الكاتب على وضوء فالظاهر حرمته خصوصا إذا كان بما يبقى أثره.

[ (مسألة 15) لا يجب منع الأطفال و المجانين من المس]

(مسألة 15) لا يجب منع الأطفال و المجانين من المس (3) إلا إذا كان مما

______________________________

قوله قده مسألة 13: (في مس المسافة الخالية. إلخ)

الظاهر عدم الإشكال في جواز مسها.

قوله قده مسألة 14: (في جواز كتابة المحدث آية من القرآن بإصبعه.

إلخ)

الظاهر عدم الإشكال في جواز كتابة المحدث الآية من القرآن على الأرض أو غيرها، لما ذكره من أن الخط يوجد بعد المس، و اما الكتابة على بدن المحدث فالظاهر حرمتها و ان كان الكاتب متطهرا، لأنه من التسبب إلى مماسة المحدث للكتابة، و التسبب الى الحرام حرام.

قوله قده مسألة 15: (لا يجب منع الأطفال و المجانين من المس.

إلخ)

قال المحقق في المعتبر، و العلامة في المنتهى و التحرير و التذكرة، و الشهيد في الذكرى بوجوب منع الصبي عن مس المصحف، و جزم الشهيد في الروض و السيد في الشرح كما عن نهاية الأحكام و شرح الدروس بالعدم، و يظهر من الشيخ في المبسوط التوقف مع حكمه بكراهة المس، بل ظاهر الأكثر ذلك

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 67

يعد هتكا، نعم الأحوط عدم التسبب لمسهم، و لو توضأ الصبي المميز فلا إشكال في مسه بناءا على الأقوى من صحة وضوئه و سائر عباداته.

[ (مسألة 16) لا يحرم على المحدث من غير الخط]

(مسألة 16) لا يحرم على المحدث من غير الخط من ورق (1) القرآن حتى

______________________________

(و المعتمد) عدم الوجوب للأصل و عدم منع السلف الصبيان من المس، مع شدة مسيس الحاجة إليه في التعلم و التعليم و الحفظ، و يلزم منه العسر و الحرج و الضيق الممنوع على غير المكلف، خصوصا على القول بعدم ارتفاع حدثه لعدم شرعية عباداته حتى يبلغ، فتكون الكلفة في حقه أشد من المكلف القادر على الرفع، مع أنه قد صرح المحقق

و العلامة بجواز لبس الحرير للصبيان لحديث رفع القلم و ارتفاع التكليف، و منعوا دلالة الحديث المشهور المتضمن لتحريم الحرير على الذكور على الوجوب لاختصاصه بالمكلف، و أصالة عدم تكليف الولي و هو بعينه قائم في محل النزاع، بل ربما كانت الثانية أولى بالمنع لما روى عن جابر قال كنا ننزعه- أى الحرير- عن الصبيان و نتركه على الجواري (هذا) كله إذا لم يستلزم تمكينهم منه الهتك، و الا حرم لما علم ضرورة ان الولي يجب عليه منع الصبي عن اللعب بالمصحف و من ملاقاته إياه بالنجاسة و الاستخفاف و الإهانة له و الامتهان فيه، بل و لغيره فضلا عنه، و ليس هذا الا لأن المناط في الحكم ليس الا التعظيم للقرآن و التفخيم، و له في الشرع نظائر كثيرة، نحو منعه من قتل النفس المحترمة و السرقة المحرمة و الزنا و اللواط و الملاهي المحرمة و ما أشبهها، و من هذا القبيل وجوب تنبيه الغافل و منعه عن إرادة شي ء يلحقه به ضرر على نفسه أو ماله أو عرضه و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 16: (لا يحرم على المحدث مس غير الخط من ورق. إلخ)

لا يخفى أن ما يقتضيه الأصل جواز مس الورق و الهامش

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 68

ما بين السطور و الجلد و الغلاف، نعم يكره ذلك كما أنه يكره تعليقه و حمله.

[ (مسألة 17) ترجمة القرآن ليست منه بأي لغة كانت]

(مسألة 17) ترجمة القرآن ليست منه (1) بأي لغة كانت فلا بأس بمسها

______________________________

و الجلد من المصحف و حمله و تعليقه و علامات السور و فواصل السطور و الآيات (و يعضده) مرسلة حريز عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام قال: كان إسماعيل ابن ابى عبد اللّٰه عليه

السّلام عنده فقال: يا بني اقرأ المصحف فقال: انى لست على وضوء فقال لا تمس الكتاب و مس الورق و اقرأه (و موثقة) الحسين بن المختار قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عمن قرأ في المصحف و هو على غير وضوء قال: لا بأس و لا يمس الكتاب (و في الفقه الرضوي) و لا تمس القرآن إذا كنت جنبا أو على غير وضوء و مس الورق (و في المعتبر) ان جواز ذلك مذهب فقهائنا (و في المنتهى) انه قول علمائنا، خلافا لما يحكى عن المرتضى فاختار المنع تمسكا برواية إبراهيم بن عبد الحميد عن ابى الحسن عليه السّلام قال:

المصحف لا تمسه على غير طهر و لا جنبا و لا تمس خيطه و لا تعلقه ان اللّٰه يقول (لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ).

و ربما يتسدل له برواية محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال: الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقرءان من القرآن ما شاءا إلا السجدة (و هو) لا يقاوم الأصل المعتضد بالإجماعين المنقولين و الروايتين المزبورتين، فيتعين حمل هاتين الروايتين على التقية أو الكراهة و خوف استلزامه إصابة اليد، لأن من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه و هو الأولى على أنه هو الذي يقتضيه الجمع العرفي و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 17: (ترجمة القرآن ليست منه. إلخ)

مدرك عدم حرمة مس ترجمة القرآن هو أن الترجمة ليست بقرآن فلا تلحقها أحكامه، مع جريان أصل البراءة من الحرمة فيها (ثم) ان جماعة ألحقوا لفظ الجلالة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 69

على المحدث، نعم لا فرق في اسم اللّٰه تعالى بين اللغات.

______________________________

بالقرآن بل ألحقوا به جميع أسماء اللّٰه المختصة

به (و علله) في الجواهر بظهور النهى عن المس للقرآن في التعظيم، بل كاد يكون صريح الآية، و لا ريب ان لفظ الجلالة و نحوه أحق بالتعظيم من سائر ألفاظ القرآن كما هو واضح لا يحتاج الى البيان لأنه خير الأسماء و لهذا اختص به (و اعترضه) بعض المحققين: بمنع الأولوية نظرا الى جواز تلفظ الجنب و الحائض بها مع حرمة تلفظهما بالعزائم، فلعل لألفاظ الكتاب مدخلا، ثم قال: و لكن الإنصاف ان المستفاد من الآية ان المناط كرامة القرآن و شرافته فالفحوى حينئذ تامة (و فيه أولا) انه إن أنكر دلالة الآية على حرمة مس كتابة القرآن فلا يبقى وجه للتمسك بفحواها (و ثانيا) انه بعد تسليم دلالتها على ذلك لا ينهض المناط الذي ذكره لدفع المناقشة، لأن عدم جواز المس بغير طهارة من قبيل التعظيمات التوقيفية التي ليس للعقل مسرح في الحكم بها، و قد جعل الشارع لكل من الأمور العظيمة الشريفة نوعا من التعظيم لم يجعله لغيره، فهل ترى ان مس يد النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم بغير وضوء محرم أو مكروه؟

و على هذا القياس غيره، فمجرد كون المناط هو التعظيم لا يجدي، و قد ذكر هو (ره) جواز تلفظ الجنب و الحائض بلفظ الجلالة مع عدم جواز تلفظهما بالعزائم، و مثله الفرق بين سور العزائم و غيرها من القرآن في جواز قراءة الجنب و الحائض (ثم) ان بعض من الحق أسماء اللّٰه الخاصة به بالكتاب العزيز ذكر في إلحاق أسماء الأنبياء و الأئمة (ع) وجهين.

و على كل فإلحاق اسمه تبارك و تعالى و أسماء أنبيائه و الأئمة (ع) إذا لم تكن في القرآن بالقرآن للمحدث بالأصغر استنادا الى

التعظيم المطلوب ففيه من الضعف ما لا يخفى، لمخالفة الحكم للأصل خرج منه القرآن للدليل القاطع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 70

[ (مسألة 18) لا يجوز وضع الشي ء النجس على القرآن]

(مسألة 18) لا يجوز وضع الشي ء النجس على القرآن (1) و إن كان يابسا لأنه هتك، و أما المتنجس فالظاهر عدم البأس به مع عدم الرطوبة فيجوز للمتوضئ أن يمس القرآن باليد المتنجسة و إن كان الاولى تركه.

________________________________________

شبر، سيد على حسينى، العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، 2 جلد، مطبعة النجف، نجف اشرف - عراق، اول، 1383 ه ق

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى؛ ج 2، ص: 70

[ (مسألة 19) إذا كتبت آية من القرآن على لقمة خبز لا يجوز للمحدث أكله]

(مسألة 19) إذا كتبت آية من القرآن على لقمة خبز (2) لا يجوز للمحدث أكله، و أما للمتطهر فلا بأس خصوصا إذا كان بنية الشفاء أو التبرك.

______________________________

فيبقى ما عداه مندرجا تحت الإباحة كما هو المشهور بين الأصحاب من اختصاص حرمة المس بالقرآن و عدم تحريم مس اسم اللّٰه على المحدث بالأصغر، و ان اعتبر بعضهم الحرمة بلفظ الجلالة، و هو و ان ناسب التعظيم إلا ان الدليل لا ينهض حجة عليه فتأمل، و ان كان القول به لا يخلو من وجه لقوله تعالى (وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعٰائِرَ اللّٰهِ فَإِنَّهٰا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 18: (لا يجوز وضع الشي ء النجس على القرآن. إلخ)

لا يفرق في الحكم بين النجس و المتنجس، بل الحكم يدور مدار الهتك و عدمه فان استلزم الهتك حرم فيهما معا، و إلا فلا.

قوله قده مسألة 19: (إذا كتبت آية من القرآن على لقمة خبز. إلخ)

و ذلك لما تقدم من عدم الفرق في حرمة المس

بين ما كان بظاهر البدن أو بباطنه لإطلاق دليله.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 71

[فصل في الوضوءات المستحبة]

اشارة

فصل في الوضوءات المستحبة

[الأقوى كما أشير إليه سابقا كون الوضوء مستحبا في نفسه]

(مسألة 1) الأقوى كما أشير إليه سابقا كون الوضوء مستحبا في نفسه (1) و ان لم يقصد غاية من الغايات حتى الكون على الطهارة و إن كان الأحوط قصد إحداها.

[ (مسألة 2) الوضوء المستحب أقسام]

(مسألة 2) الوضوء المستحب أقسام (2) «أحدها» ما يستحب في حال الحدث الأصغر فيفيد الطهارة منه «الثاني» ما يستحب في حال الطهارة منه كالوضوء التجديدي «الثالث» ما هو مستحب في حال الحدث الأكبر و هو لا يفيد طهارة و انما هو لرفع الكراهة أو لحدوث كمال في الفعل الذي يأتي به كوضوء الجنب للنوم و وضوء الحائض للذكر في مصلاها، أما القسم الأول فلأمور: «الأول» الصلوات المندوبة و هو شرط في صحتها أيضا «الثاني»

______________________________

قوله قده: فصل في الوضوءات المستحبة مسألة 1: (الأقوى كما أشير إليه سابقا كون الوضوء مستحبا في نفسه. إلخ)

تقدمت المسألة بأدلتها مفصلة فراجع.

قوله قده مسألة 2: (الوضوء المستحب أقسام. إلخ)

لا يخفى ان ما عدا ما تقدم من الوضوءات الواجبة مندوب و هو أمور:

(الأول) للصلاة المندوبة و لا شك في استحباب الوضوء لها للإجماع المنقول على لسان جماعة، بل لا يبعد أن يكون محصلا، و الأخبار المتواترة منها قوله عليه السّلام: لا صلاة إلا بطهور.

(الثاني) للطواف المستحب لما رواه زرارة عن أبى جعفر عليه السّلام قال:

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 72

الطواف المندوب و هو ما لا يكون جزءا من حج أو عمرة و لو مندوبين و ليس شرطا في صحته، نعم هو شرط في صحة صلاته «الثالث» التهيؤ للصلاة في أول وقتها أو أول زمان إمكانها إذا لم يمكن إتيانها في أول الوقت، و يعتبر أن يكون قريبا من الوقت أو زمان الإمكان بحيث يصدق عليه التهيؤ «الرابع» دخول المساجد

______________________________

سألته

عن الرجل يطوف بغير وضوء أ يعتد بذلك الطواف؟ قال: لا و نحوه غيره.

(الثالث) لدخول المساجد لما رواه في الفقيه مرسلا ان في التوراة مكتوبا: ان بيوتي في الأرض المساجد فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زرانى في بيتي، و لمرسلة العلا بن الفضيل عن أبى جعفر عليه السّلام قال إذا دخلت المسجد و أنت تريد أن تجلس فيه فلا تدخل إلا و أنت طاهر و نحوه غيره، مع ما ورد من استحباب ركعتين تحية المسجد و لا تصح إلا بوضوء كما عرفت، و اما استحبابه لزيارة المشاهد المشرفة و العتبات المقدسة فيستفاد من مراجعة كتب الزيارات و أمثالها مما يتعلق بمثل هذه المواضيع، بل يستفاد ذلك من الأمر بالغسل إذا أراد الإنسان زيارتها و لبس الثياب النظيفة مع الوقار و السكينة فلا أقل من الوضوء، و كذا يستفاد من ذلك استحبابه لزيارتهم (ع) من بعيد المكان و الإيماء بالسلام إليهم (ع) و اللّٰه اعلم.

(الرابع) للسعي في حاجة لصحيح عبد اللّٰه بن سنان عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال سمعته يقول: من طلب حاجة و هو على غير وضوء فلم تقض حاجته فلا يلومن الا نفسه، و في المرسل إني لأعجب ممن يأخذ في حاجة و هو على غير

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 73

«الخامس» دخول المشاهد المشرفة «السادس» مناسك الحج مما عدا الصلاة و الطواف «السابع» صلاة الأموات «الثامن» زيارة أهل القبور «التاسع» قراءة القرآن أو كتبه أو لمس حواشيه أو حمله.

______________________________

وضوء كيف تقضى حاجته؟! و نحوه مثله مضافا الى الشهرة المحكية في كلام بعضهم.

(الخامس) للنوم للصادقى (ع) من تطهر ثم آوى الى فراشه بات و فراشه كمسجده، و زاد في

الفقيه في آخر: فان ذكر أنه ليس على وضوء فتيمم من دثاره كائنا ما كان لم يزل في صلاة ما ذكر اللّٰه.

(السادس) لنوم الجنب لصحيح الحلبي قال عن الصادق عليه السّلام عن الرجل أ ينبغي له أن ينام و هو جنب؟ فقال: يكره ذلك حتى يتوضأ، و في الموثق عن الجنب يجنب ثم يريد النوم قال: ان أحب أن يتوضأ فليفعل، و الغسل أحب الى و أفضل من ذلك، فان هو نام و لم يتوضأ و لم يغتسل فليس عليه شي ء ان شاء اللّٰه.

(السابع) للجنب إذا أراد الأكل أو الشرب لما رواه عبد الرحمن بن ابى عبد اللّٰه أ يأكل الجنب قبل أن يتوضأ؟ قال انا لنكسل، و لكن ليغسل يده و الوضوء أفضل، و الصحيح الباقرى المروي في الفقيه: إذا كان الرجل جنبا لم يأكل و لم يشرب حتى يتوضأ.

(الثامن و التاسع) للجنب إذا أراد ان يغسل ميتا و لما يغتسل، و غاسل الميت إذا أراد أن يأتي أهله قبل الغسل لخبر شهاب بن عبد ربه عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام قال سألته عن الجنب يغسل الميت؟ و من غسل ميتا إله أن يأتي أهله ثم يغتسل؟ فقال: هما سواء لا بأس بذلك إذا كان جنبا غسل يديه و توضأ و غسل الميت، و ان غسل ميتا و توضأ ثم أتى أهله يجزيه غسل واحد لهما.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 74

«العاشر» الدعاء و طلب الحاجة من اللّٰه تعالى «الحادي عشر» زيارة الأئمّة عليهم السلام و لو من بعيد «الثاني عشر» سجدة الشكر أو التلاوة «الثالث عشر» الأذان و الإقامة و الأظهر شرطبته في الإقامة «الرابع عشر» دخول الزوج على الزوجة

ليلة الزفاف بالنسبة الى كل منهما

______________________________

(العاشر) لجماع المحتلم لقوله صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم يكره أن يغشى الرجل المرأة و قد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رآه فان فعل ذلك و خرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه، و هو كما ترى صريح في إرادة الغسل إلا أن الشهيد في الروضة و اللمعة ذكره دليلا على استحباب الوضوء و اللّٰه أعلم.

(الحادي عشر) للجنب إذا أراد المعاودة للجماع لقول الصادق عليه السّلام في مرسل ابن أبي نجران إذا أتى الرجل جاريته ثم أراد أن يأتي الأخرى توضأ، و للخبر المروي في كشف الغمة عن أبي الحسن الثاني ان أبا عبد اللّٰه عليهما السلام كان إذا أراد أن يجامع يعاود توضأ للصلاة.

(الثاني عشر) لجماع الحامل لقوله صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم يا على إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا و أنت على وضوء فان قضى بينكما بولد يكون أعمى القلب بخيل اليد.

(الثالث عشر) قبل غسل الجنابة لما رواه أبو بكر الحضرمي عن ابى جعفر عليه السّلام قال سألته كيف أصنع إذا أجنبت؟ قال: اغسل كفيك و فرجك و توضأ وضوء الصلاة ثم اغتسل.

(الرابع عشر) لزفاف المرأة على زوجها لقول ابى جعفر (ع) إذا دخلت عليك فمرهم قبل أن تصل إليك أن تكون متوضئة ثم لا تصل إليها حتى تتوضأ، و فيه دلالة على استحباب الوضوء للزوج أيضا، بل يستحب لهما أن يصلى كل واحد منهما ركعتين و لا بد فيهما من الوضوء كما قدمنا.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 75

«الخامس عشر» ورود المسافر على أهله فيستحب قبله «السادس عشر» النوم «السابع عشر» مقاربة الحامل «الثامن عشر» جلوس القاضي في مجلس

القضاء «التاسع عشر» الكون على الطهارة

______________________________

(الخامس عشر) لتغسيل الميت لصحيح حريز قال أخبرني أبو عبد اللّٰه عليه السلام قال: الميت يبدأ بفرجه ثم يتوضأ وضوء الصلاة و نحوه مثله.

(السادس عشر) لإدخال الميت القبر لما رواه عبد اللّٰه الحلبي و محمد بن مسلم عن الصادق (ع) توضأ إذا أدخلت الميت القبر و نحوه غيره.

(السابع عشر) للحائض عند كل صلاة و فيه أخبار كثيرة منها ما رواه زرارة عن ابى جعفر (ع) قال: إذا كانت المرأة طامثا فلا يحل لها الصلاة و عليها أن تتوضأ وضوء الصلاة عند كل وقت صلاة ثم تقعد في موضع طاهر تذكر اللّٰه سبحانه، و ظاهره كما سمعت يقضى بالوجوب كما هو قضية الأمر و نحوه مثله، الا أن في بعضها ينبغي للحائض أن تتوضأ و هو ظاهر في الاستحباب و ان استعمل في الوجوب و لذا يعزى الى الصدوق القول بالوجوب، الا أن الاستحباب هو المشهور بل لا يبعد أن يكون إجماعا، بل السيرة على خلافه فانا لم نر أحدا يأمر به على سبيل الوجوب و اللّٰه العالم.

(الثامن عشر) لقراءة القرآن لقول الصادق (ع) لما رواه محمد بن الفضيل في قرب الإسناد قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام اقرأ المصحف ثم يأخذني البول فأقوم فأبول و استنجى و اغسل يدي و أعود إلى المصحف و اقرأ فيه؟ قال:

لا حتى تتوضأ للصلاة، و نحوه مثله مع ما فيه من التعظيم و التفخيم و الفرار من المس المحظور كما تقدم.

(التاسع عشر) لمس القرآن و حمله و تعليقه لما تقدم من وجوب الوضوء للمس و الاستحباب للحمل و التعليق لرواية إبراهيم بن عبد الحميد المتقدمة.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 76

«العشرون» مس

كتابة القرآن في صورة عدم وجوبه و هو شرط في جوازه كما

______________________________

(العشرون) للكون على الطهارة لما اشتهر عنه صلّى اللّٰه عليه و آله من أحدث و لم يتوضأ فقد جفاني، و نحوه مثله بل في كشف اللثام: و كأنه خلاف فيه كما عن جماعة الإجماع عليه.

(الحادي و العشرون) لصلاة الجنازة لما رواه عبد الحميد عن ابى الحسن عليه السّلام عن الرجل يصلى على الجنازة على غير وضوء، فقال: يكون على طهر أحب الى، و هو المشهور بين الأصحاب، بل عليه الإجماع كما عن التذكرة و المنتهى.

(الثاني و العشرون) لأفعال الحج لما رواه معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام لا بأس ان تقضى المناسك كلها على غير وضوء، إلا الطواف فإنه فيه صلاة، و الوضوء أفضل، و نحوه مثله خصوصا في السعي و الرمي و الوقوف.

(الثالث و العشرون) لمريد السفر لما رووا من أنه يصلى ركعتين ثم يعتم و يتحنك و يخرج.

(الرابع و العشرون) للقادم من السفر لما روى: من قدم من سفره فدخل على أهله من غير وضوء فرأى ما يكره فلا يلومن إلا نفسه.

(الخامس و العشرون) لجلوس القاضي للقضاء كما ذكره بعض الأصحاب و لم أعثر له على مستند.

(السادس و العشرون) لخروج المذي لما تقدم و لا أقل حمل أخباره على الاستحباب.

(السابع و العشرون) للرعاف و القي ء و لتخليل الأسنان المخرج للدم لقول الصادق عليه السّلام الرعاف و القي ء و التخليل يسيل الدم إذا استكرهت شيئا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 77

مر و قد عرفت أن الأقوى استحبابه نفسيا أيضا، و اما القسم الثاني فهو الوضوء

______________________________

ينقض الوضوء، و ان لم تستكرهه لم ينقض الوضوء.

(الثامن و العشرون) للضحك لما رواه سماعة عن

الصادق عليه السّلام قال سألته عما ينقض الوضوء؟ فقال: الحدث تسمع صوته أو تجد ريحه، و القرقرة في البطن إلا شيئا تصبر عليه، و الضحك في الصلاة، و القي ء.

(التاسع و العشرون) الكذب و الظلم و الإكثار من إنشاد الشعر الباطل لقول الصادق عليه السّلام في خبر سماعة المروي في التهذيب قال سألته عن نشيد الشعر هل ينقض الوضوء؟ أو ظلم الرجل صاحبه أو الكذب؟ فقال:

نعم إلا أن يكون شعرا يصدق فيه أو يكون يسيرا من الإشعار، الأبيات الثلاثة أو الأربعة، فاما أن يكثر من الشعر الباطل فهو ينقض الوضوء.

(الثلاثون) خروج الودي لقول الصادق عليه السّلام في حسنة ابن سنان:

و الودي فيه الوضوء.

(الحادي و الثلاثون) مس باطن الدبر و باطن الإحليل لحمل قول الصادق (ع) حين سأله عمار عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره قال:

نقض وضوءه، و إن مس باطن إحليله فعليه أن يعيد الوضوء، و إن كان في الصلاة قطع الصلاة و توضأ و أعاد الصلاة، و إن فتح إحليله أعاد الوضوء و الصلاة على الاستحباب.

(الثاني و الثلاثون) التقبيل بشهوة و مس باطن الفرج لقول الصادق عليه السلام إذا قبّل الرجل المرأة بشهوة أو مس فرجها أعاد الوضوء.

(الثالث و الثلاثون) قبل الأغسال المسنونة لقول الصادق (ع) كل غسل قبله وضوء.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 78

للتجديد و الظاهر جوازه ثالثا و رابعا فصاعدا أيضا، و اما الغسل فلا يستحب فيه التجديد بل و لا الوضوء بعد غسل الجنابة و ان طالت المدة.

______________________________

(الرابع و الثلاثون) لناسي الاستنجاء قبل الوضوء للموثق الصادقي المروي في التهذيب: إن أهرقت الماء و نسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء و غسل ذكرك، و الصحيح الباقرى

المروي في التهذيب أيضا في الرجل يتوضأ فينسى غسل ذكره قال: يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء و أوجبه الصدوق إذا كان من البول خاصة أخذا بظاهر الخبرين، و تدفعه الصحاح منها (الصحيح) الكاظمي المروي في الكافي و التهذيب في الرجل يبول فينسى غسل ذكره ثم يتوضأ وضوء الصلاة قال: يغسل ذكره و لا يعيد الوضوء (و في الموثق) الصادقي في الرجل يبول و ينسى غسل ذكره حتى يتوضأ و يصلى قال: يغسل ذكره و يعيد الصلاة و لا يعيد الوضوء.

(و في الصحيح) الصادقي أبول و أتوضأ و أنسى استنجائي ثم أذكر بعد ما صليت قال: اغسل ذكرك و أعد صلاتك و لا تعد وضوءك.

(الخامس و الثلاثون) لمصافحة المجوسي لقول الصادق (ع) ان مصافحتهم تنقض الوضوء.

(السادس و الثلاثون) للتأهب لصلاة الفرض قبل وقتها كما في جملة من كتب الأصحاب، و روى الشهيد في الذكرى: ما وقر الصلاة من أخر الطهارة حتى يدخل الوقت.

(السابع و الثلاثون) لكتابة القرآن لما رواه على بن جعفر عن أخيه عليه السلام أ يحل للرجل أن يكتب القرآن في ألواح و الصحيفة على غير وضوء؟ قال: لا، و لا أقل من الحمل على الاستحباب.

(الثامن و الثلاثون) للغضب لما روى عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم إذا غضب أحدكم فليتوضأ.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 79

و أما القسم الثالث فلأمور (الأول) لذكر الحائض في مصلاها مقدار

______________________________

(التاسع و الثلاثون) لزيارة قبور المؤمنين كما في كتب جملة من الأصحاب منهم الشهيد في النفلية و العلامة في المنتهى و غيره بل عن بعضهم أنه المشهور.

(الأربعون) بعد الاستنجاء بالماء للمتوضئ قبله، و ان كان قد استجمر لما رواه جماعة عن الصادق (ع)

في الرجل ينسى ان يغسل دبره بالماء حتى صلى إلا انه قد تمسح بثلاثة أحجار قال: ان كان في وقت تلك الصلاة فليعد الوضوء و ليعد الصلاة، و ان كان قد مضى وقت تلك الصلاة التي صلاها فقد جازت صلاته و ليتوضأ لما يستقبل من الصلاة.

(الحادي و الأربعون) للتجديد و فيه روايات منها قولهم (ع) الوضوء على الوضوء نور على نور، و من جدد وضوءه من غير حدث جدد اللّٰه توبته من غير استغفار، و هو إجماعي كما في المدارك و الذخيرة و البحار و عن المنتهى و غيره مع استفاضة النصوص بذلك (ففي) الكاظمي ان من توضأ للمغرب مجددا كان ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في يومه إلا الكبائر (و في) الصادقي:

الطهر على الطهر عشر حسنات (و في) الرضوي: تجديد الوضوء لصلاة العشاء يمحو لا و اللّٰه و بلى و اللّٰه (و عن) النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم: انه كان يجدد الوضوء لكل فريضة و كل صلاة، و الأظهر اختصاص ذلك بالوضوء دون الغسل.

ثم التجديد مع الفصل بصلاة و لو نافلة لا إشكال فيه، و بدون الفصل هل يشرع مطلقا؟ كما عن التذكرة أو لا مطلقا؟ أو إذا حصل الفصل الكثير الذي يحتمل طرو الحدث بعده فالأول؟ و عدمه فالثاني؟

وجوه أقواها الأول لإطلاق الأدلة المتقدمة (قال) الفيض المحسن في المعتصم على ما حكى عنه: و هل يستحب تجديده لصلاة واحدة أكثر من مرة؟

و جهان و ظاهر الصدوق العدم، و رجحه في الذكرى مستدلا بالأصل من عدم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 80

الصلاة «الثاني» لنوم الجنب و أكله و شربه و جماعه و تغسيله الميت.

______________________________

المشروعية و أدائه إلى الكثرة

المفرطة، و توقف في المختلف لعدم النص إثباتا و نفيا و هو في محله، و يجزى الوضوء التجديدي عن السابق لو ظهر فساده بترك غسل عضو منه و نحوه مطلقا و إن اعتبرت نية الرفع و الاستباحة وفاقا للمبسوط و صاحب المدارك لأن الظاهر انها إنما تكون معتبرة إذا كان المكلف ذاكرا للحدث لا مع اعتقاده حصول الإباحة بدونه، و لأن الظاهر من فحاوي الأخبار ان شرعية المجدد إنما هو لاستدراك ما وقع في الأول من الخلل، و يشهد له ما رواه الصدوق في الفقيه مع اعتقاده صحة مضمون ما أورده من إجزاء غسل الجمعة عن غسل الجنابة مع نسيانه، و ما أجمع عليه الأصحاب من إجزاء صوم يوم الشك بنية الندب عن الواجب، و ما ورد من استحباب الغسل أول ليلة من شهر رمضان تلافيا لما عساه فاته من الأغسال الواجبة و نحو ذلك، و مع الاكتفاء بالقربة فالأمر واضح، هذا جملة ما وقفت عليه من الأمور التي يستحب لها الوضوء و هي و إن قصر سند بعضها بضعف أو دلالة على المطلوب فالشهرة في جلها جابرة، بل في بعضها عدم الخلاف و لعله الحجة، فإنه في الصلاة المندوبة و الطواف مما لا ريب فيه، فضلا عن صحة الاخبار الواردة فيه، و كذلك المس المستحب لما مر من تحريم مس المحدث، نعم ربما يتوقف فيما فيه المذي و الوذي و الودي و القي ء و الرعاف و الشعر و الكذب و الظلم و الغضب و مس الدبر و باطن الفرج و الذكر و التقبيل لما قيل من حملها على التقية، و لا يبعد أن يكون أولى من الاستحباب لأن أحبارها أوفق بمذهب العامة إلا أنه

بعد ما اشتهر عن العلماء بل لا يبعد أن يكون مذهب الكثير من الفقهاء الفضلاء من المسامحة في أدلة السنن فلا يضرنا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 81

(الثالث) لجماع من مس الميت و لم يغتسل بعد (الرابع) لتكفين الميت

______________________________

التعويل على الخبر الضعيف أو الشهرة الضعيفة، فكيف لو انجبر الخبر بالشهرة كما هو المحكى في بعضها فيتعين المصير الى القول باستحبابها.

و ما قيل من ان الاستحباب حكم شرعي فيتوقف على الدليل الشرعي كما هو الشأن في سائر الأحكام، مدفوع غير مسلم، لما دل من العقل و النقل على حسن الاحتياط، لأن الاحتياط كما يحصل فيما يحتمل في تركه العقاب فقد يحصل فيما يحتمل في تركه حرمان الثواب، لأن الثاني لا ينفك عن الأول غالبا، خصوصا على ما ذهب إليه أصحابنا من القول بالإحباط و التكفير فان الحسنات يذهبن السيئات، نعم إنما يجرى ذلك فيما لو احتمل في النص الحرمة أو الكراهة احتمالا راجحا لا يقهره احتمال الاستحباب، كما لو ورد خبر ضعيف لا ينهض بالحجية على الحرمة و الكراهة و لا يضعف عن مقاومة ما دل على الاستحباب، فان الترك فيه أولى خوفا من الوقوع فيما نهى عنه شرعا، و إذا لم يرد فيه ذلك فلا شك في بقائه على أصل الإباحة، للأصل السالم عن المعارض المؤيد بقوله: كل شي ء لك حلال حتى تعلم الحرام بعينه فتدعه و نحوه، فاذا ورد الخبر على الاستحباب فيتعين المصير إليه لأصل الإباحة و عدم دليل الكراهية و الحرمة، و لما ورد بعدة طرق و عبارات مختلفة: أن من بلغه ثواب على عمل فعمله التماس ذلك الثواب أوتيه و إن لم يكن الحديث كما بلغه (منها) ما رواه

الكليني في الحسن بل الصحيح على الأصح على ما قيل عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام: من سمع شيئا من الثواب على شي ء فصنعه كان له أجره و إن لم يكن على ما بلغه (و ما رواه) أيضا عن محمد بن حمران قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:

من بلغه ثواب من اللّٰه تعالى على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 82

أو دفنه بالنسبة الى من غسله و لم يغتسل غسل المس.

______________________________

أوتيه و ان لم يكن الحديث كما بلغه. (و ما رواه) الصدوق في كتاب ثواب الأعمال عن هاشم بن صفوان عن أبى عبد اللّٰه (ع) قال: من بلغه شي ء من الثواب على شي ء من الخير فعمله كان له أجر ذلك و ان كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم لم يقله (و ما عن) المحاسن عن هشام بن سالم عن أبى عبد اللّٰه (ع) قال: من بلغه عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم شي ء من الثواب فعمله كان له أجر ذلك و ان كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم لم يقله (و ما عن) المحاسن أيضا عن محمد بن مروان عن أبى عبد اللّٰه (ع) قال من بلغه عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم شي ء من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم كان له ذلك الثواب و ان كان النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم لم يقله (و ما عن) الشهيد الثاني في شرح الدارية من بلغه عن اللّٰه تعالى

فضيلة فأخذها و عمل بما فيها إيمانا باللّٰه و رجاء ثوابه أعطاه اللّٰه تعالى ذلك و إن لم يكن كذلك (و منها) ما عن عدة الداعي قال روى الصدوق (ره) عن محمد بن يعقوب بطرقه إلى الأئمة (ع) أن من بلغه شي ء من الخير فعمل به كان له من الثواب ما بلغه و ان لم يكن الأمر كما فعل (و عن) الكتاب المذكور أيضا قال: و روى أيضا بإسناده عن صفوان عن أبي عبد اللّٰه (ع) أن من بلغه شي ء من الخير فعمل به كان له أجر ذلك و إن كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم لم يقله (و منها) ما عن السيد السعيد ابن طاوس في كتاب الإقبال عن الصادق (ع) قال: من بلغه شي ء من الخير فعمل به كان له ذلك و إن لم يكن الأمر كما بلغه.

و هو كما ترى في أن الظاهر من الروايات تعليق الحكم بمطلق البلوغ كما يعرب عنه سائر الروايات المشتملة على لفظ (بلغه) و البلوغ تارة يكون بالسماع، و اخرى بالمذاكرة، و تارة بالرواية، و اخرى بالفتوى من الفقيه، و ان كان الشائع في الزمن السابق السماع من الراوي أو المفتي إلا أن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 83

[ (مسألة 3) لا يختص القسم الأول من المستحب بالغاية التي توضأ لأجلها]

(مسألة 3) لا يختص القسم الأول من المستحب (1) بالغاية التي توضأ لأجلها بل يباح به جميع الغايات المشروطة به بخلاف الثاني و الثالث فإنهما إن

______________________________

المتبادر منه الآن نفس البلوغ على أى نحو اتفق، و لا يشترط في الراوي أن يكون مصرحا بالثواب، بل يكفي بأن يقول إن العمل الفلاني مستحب أو مكروه أو حرام أو حلال أو نحوه، فإنه يكفي في

وجوب العمل و تركه و ندبه و كراهته حصول ذلك اللفظ كما لا يخفى، فاذا ثبت ما قلناه من إعطاء اللّٰه الثواب تفضلا على عمل يتضمن ثوابا بمقتضى هذه الروايات المؤيدة بالاحتياط الراجح فعله عقلا و نقلا ثبت أن الرواية بالعمل المستحب يغني المصير إليها و لو كان في طريقها ضعف و اللّٰه العالم.

ثم إذا عرفت هذا فاعلم أن الوضوء المستحب المجامع للحدث الأكبر كوضوء الحائض و الجنب و نحوهما لا يجوز الدخول به في العبادات المشروطة بالطهارة إجماعا محصلا، فضلا عن أن يكون منقولا لوجود المانع و عدم المقتضى، و اما الوضوء الذي لم يجامع الحدث الأكبر فلا يخلو إما أن يقصد به رفع الحدث و استباحة الصلاة كما لو كان الوضوء لصلاة نافلة مثلا أو واجبة فإنه يصح به الدخول في العبادة المشروطة بالطهارة صلاة كانت أو غيرها و هو مذهب أهل العلم كما في المنتهى، و أما لو لم يقصد به ذلك بل كان قصده لمحض التجديد، فالظاهر كفاية الدخول به في العبادات المشروطة بالطهارة أيضا كما تقدم منا عن قريب التنبيه على ذلك ما لم يكن قصد التجديد بنحو التقييد المنحل إلى النفي و الإثبات و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 3: (لا يختص القسم الأول من المستحب. إلخ)

ذكرناه مشروحا في المسألة السابقة فلا نعيده.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 84

وقعا على نحو ما قصدا لم يؤثرا إلا فيما قصدا لأجله، نعم لو انكشف الخطأ بأن كان محدثا بالأصغر فلم يكن وضوؤه تجديديا و لا مجامعا للأكبر رجعا إلى الأول و قوى القول بالصحة و اباحة جميع الغايات به إذا كان قاصدا لامتثال الأمر الواقعي المتوجه إليه في ذلك الحال

بالوضوء و ان اعتقد انه الأمر بالتجديدى منه مثلا فيكون من باب الخطأ في التطبيق و تكون تلك الغاية مقصودة له على نحو الداعي لا التقييد بحيث لو كان الأمر الواقعي على خلاف ما اعتقده لم يتوضأ، أما لو كان على نحو التقييد كذلك ففي صحته حينئذ إشكال.

[ (مسألة 4) لا يجب في الوضوء قصد موجبه]

(مسألة 4) لا يجب في الوضوء قصد موجبه (1) بان يقصد الوضوء لأجل خروج البول أو لأجل النوم بل لو قصد أحد الموجبات و تبين أن الواقع غيره صح إلا أن يكون على وجه التقييد.

[ (مسألة 5) يكفي الوضوء الواحد للاحداث المتعددة]

(مسألة 5) يكفي الوضوء الواحد للاحداث المتعددة (2) إذا قصد رفع طبيعة الحدث، بل لو قصد رفع أحدها صح و ارتفع الجميع، إلا إذا قصد رفع البعض دون البعض فإنه يبطل لأنه يرجع الى قصد عدم الرفع.

______________________________

قوله قده مسألة 4: (لا يجب في الوضوء قصد موجبه. إلخ)

بل يكفى فيه قصد القربة و إتيانه للّه، بل لو قصد موجبا و كان الواقع غيره كفى عنه ما لم يكن على وجه التقييد.

قوله قده مسألة 5: (يكفي الوضوء الواحد للأحداث المتعددة. إلخ)

ما ذكره (قده) من كفاية الوضوء الواحد للأحداث المتعددة سواء كانت متحدة بالنوع أو مختلفة دفعة أو مترتبة إجماعي كما في مصباح الفقيه، بل ضرورة عند العلماء كما عن طهارة شيخ مشايخنا المرتضى، و بلا خلاف أجده كما في الجواهر، و انه مذهب العلماء كما في المدارك، كما لا فرق بعد قصد

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 85

[ (مسألة 6) إذا كان للوضوء الواجب غايات متعددة فقصد الجميع]

(مسألة 6) إذا كان للوضوء الواجب غايات متعددة (1) فقصد الجميع حصل امتثال الجميع و أثيب عليها كلها، و ان قصد البعض حصل الامتثال بالنسبة إليه

______________________________

الوضوء بنية التقرب بين عدم قصد رفع الحدث و بين قصد رفع الحدث من حيث هو من غير تعرض لتعيينه، و بين ما قصد فيه رفع حدث بعينه مع عدم قصد غيره أو قصد عدم رفع غيره أو قصد رفع حدث معين و كان الواقع خلافه فان الوضوء في جميع ذلك صحيح، (و وجهه) ان الحدث الأصغر على ما يستفاد من الشرع بملاحظة اتحاد لوازمه و أحكامه ماهية واحدة مسببة عن أسباب متعددة غير قابلة للتكرار كالقتل و الكسر و نحوهما مما لا يتكرر بتكرر أسبابه لعدم قابلية المحل للتأثر، فلا مجال

لتوهم بقاء أثر شي ء من الأسباب المختلفة بعد تحقق ما هو سبب تام لرفع طبيعة الحدث و هو الوضوء الصحيح فلا وجه لما ذكره (قده) من البطلان فيما لو قصد رفع البعض دون البعض، كما لو قصد رفع حدث البول فقط إذا كان مجتمعا مع غيره إذ ليس الحدث الحاصل من البول مغايرا للحدث الحاصل من غيره، لا ماهية و لا وجودا، فلا يعقل التفكيك، بل لا بد إما من الالتزام برفع الحدث مطلقا أو القول ببطلان الوضوء رأسا، و الثاني ضعيف إذ لا برهان عليه عدا ما يتوهم من أنه نوى امرا غير مشروع (و فيه) انه نوى امتثال الأمر المتعلق به فيقع صحيحا و قصده حصول بعض لوازم المأمور به أو عدم حصول ما عدا المنوي لا يؤثر في انقلاب الماهية المأمور بها عن كونها كذلك إلا أن يرجع ما نواه الى عدم قصد الامتثال أو التشريع المحرم و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 6: (إذا كان للوضوء الواجب غايات متعددة. إلخ)

لا يخفى انه (قده) ضمن هذه المسألة تنبيهات ثلاثة (الأول) ما لو كان للوضوء الواجب غايات متعددة و فيه مطلبان:

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 86

و يثاب عليه لكن يصح بالنسبة إلى الجميع و يكون أداء بالنسبة الى ما لم يقصد و كذا إذا كان للوضوء المستحب غايات عديدة، و إذا اجتمعت الغايات الواجبة و المستحبة أيضا يجوز قصد الكل و يثاب عليها و قصد البعض دون البعض و لو كان ما قصده هو الغاية المندوبة و يصح معه إتيان جميع الغايات و لا يضر

______________________________

(أحدهما) ما لو قصد بوضوئه الواجب جميع غاياته و لا إشكال في هذه الصورة في امتثال الجميع

و الثواب عليها إذ لا يحتاج امتثالها الى أكثر من قصدها و معلوم ان الثواب عليها بعد قصدها من لوازمها.

(ثانيهما) ما لو قصد البعض فقط و عليه فقد حصل امتثال ما قصد و أثيب عليه لا غير لقصده إياه و يصح بالنسبة الى جميع الغايات لما عرفت من حصول الطهارة به المعتبرة في سائر الغايات فلا موجب للتكرار، و لكن لا يثاب عليه لعدم صدق الامتثال بدون القصد عرفا و قد عرفت ان الثواب من لوازم القصد.

(التنبيه الثاني) ما لو كان للوضوء المستحب غايات عديدة و يجرى فيه ما ذكرنا في الواجب من قصد الجميع و البعض و ترتب الثواب على ما قصد كلا أو بعضها دون غيره حرفا بحرف.

(التنبيه الثالث) ما إذا اجتمعت الغايات الواجبة و المستحبة ففي إمكان تعدد الأمر بالنسبة إلى الوضوء اشكال، فقد يقال بعدمه مع اختلاف الوجه كما حكى عن ظاهر الروض و الروضة و غيرهما، بل ربما نسب إلى المتأخرين لأنه في وقت العبادة الواجبة المشروطة به لا يكون إلا واجبا، و بدونه ينتفي وجوبه و يتعين كونه مندوبا (و فيه نظر) إذ لا شاهد على انحصاره في الواجب في وقته لإطلاق ما دل على ندبه للنافلة مثلا و لأن توجه الخطاب بها

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 87

في ذلك كون الوضوء عملا واحدا لا يتصف بالوجوب و الاستحباب معا و مع وجود الغاية الواجبة لا يكون الا واجبا لأنه على فرض صحته لا ينافي جواز قصد الأمر الندبي و ان كان متصفا بالوجوب، فالوجوب الوصفي لا ينافي الندب الغائي لكن التحقيق صحة اتصافه فعلا بالوجوب و الاستحباب من جهتين.

______________________________

و بالفريضة معا عند الزوال مثلا يقتضي الخطاب

بمقدمتهما كذلك حذرا من الترجيح بلا مرجح، و تأكد الطلب سيما مع عدم ارادة فعل الفريضة سيما مع أمر الشارع بتأخيره ليس من المرجحات، و سقوط أحدهما بفعل الآخر ليس من المستبعدات.

(و دعوى) البطلان مع نية الندب فلا تسقط كما عن كثير منهم، لا شاهد عليها، إن لم يكن على خلافها، و لاستصحاب الندب الثابت قبل الوقت و لا منافات بينه و بين الوجوب كي ينتفي بتحققه كما هو واضح.

(و دعوى) ان قوله عليه السّلام إذا دخل الوقت وجب الطهور و الصلاة يقتضي نفى الندب في الوقت فيتعين الوجوب و لو مع العلم بعدم ترتب الواجب عليه و لو اضطرارا (يدفعها) ظهور منع ذلك بعد معلومية كون وجوب الطهور غير يا فيجري عليه حكمه، و قد يقال بعدم تعدده فيه مطلقا لان المكلف به فيه متحد و هو رفع الحدث و كونه مقدمة لواجب أو لمستحب، أو واجبا لنفسه و لو بالعارض، أو مستحبا لنفسه، أو جامعا للاعتبارات كلها أو لبعضها لا يقتضي تعددا في المكلف به، و لهذا لو فعله على أحد الوجوه الخاصة سقطت الخطابات كلها إن لم يحصل امتثالها لاستحالة تحصيل الحاصل و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 88

[فصل في بعض مستحبات الوضوء]

اشارة

فصل في بعض مستحبات الوضوء (1)

[ «الأول» أن يكون بمد]

«الأول» أن يكون بمد و هو ربع الصاع

______________________________

قوله قده (فصل: في بعض مستحبات الوضوء. إلخ)

(الأول) أن يكون بمد و هو مجمع عليه كما عن المنتهى و التذكرة و المعتبر للباقرى (ع) المروي في التهذيب كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم يغتسل بصاع من ماء و يتوضأ بمد من ماء، و الصادقي عليه السّلام كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم يتوضأ بمد من ماء و يغتسل بصاع و الكاظمي (ع): الغسل بصاع من ماء و الوضوء بمد من ماء.

(و المد) رطل و نصف بأرطال المدينة كما في الصحيح عن زرارة عن الباقر عليه السّلام المروي في التهذيب كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم يتوضأ بمد و يغتسل بصاع، و المد رطل و نصف و الصاع ستة أرطال المدينة فيكون تسعة أرطال العراق، و للمتأخرين كلام في ان التفسير من الرواية أو من كلام الشيخ أو الراوي، و يعين حمله على المدني عدم القائل بإرادة غيره و حمل اللفظ على عرف المعصوم (ع) و هو مدني فيكون المد بناءا على ما تقدم رطلين و ربعا بأرطال العراق إجماعا كما عن الغنية و الخلاف و غيرهما للصحيح المتقدم و لرواية سليمان بن حفص المروزي عن أبى الحسن عليه السّلام ان الصاع أربعة أمداد، و المد رطلان و ربع بوزن بغداد (و قول) أحمد بن محمد بن ابى نصر البزنطي: يكون المد رطلا و ربعا بالعراق (شاذ) لم نقف على مستنده، نعم قال العلامة في التحرير: انه تعويل على رواية ضعيفة و لعلها المروية في التهذيب في باب حكم الجنابة عن

سماعة قال سألته عن الذي يجزى من الماء للغسل فقال: اغتسل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 89

و هو ستمائة و أربعة عشر مثقالا و ربع مثقال فالمد مائة و خمسون مثقالا و ثلاثة مثاقيل و نصف مثقال و حمصة و نصف.

______________________________

رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم بصاع و توضأ بمد و كان الصاع على عهده خمسة أمداد، و كان المد قدر رطل و ثلاث أواق، و هي مع تسليم دلالتها لا تقاوم ما تقدم.

(و الرطل العراقي) مائة و ثلاثون درهما، أحد و تسعون مثقالا شرعيا على الأصح الأشهر كما في المدارك و غيرها، و يؤيده الخبران المرويان في التهذيب عن العسكري عليه السّلام و فيه: و الرطل مائة و خمسة و تسعون درهما (قيل) و المراد بالرطل فيه المدني لأن العراقي ثلثا المدني، و عن الهمداني قال كتبت الى ابي الحسن عليه السّلام: جعلت فداك إن أصحابنا اختلفوا في الصاع بعضهم يقول: الفطرة بصاع المدني، و بعضهم يقول: بصاع العراقي فكتب الىّ عليه السّلام الصاع ستة أرطال بالمدني و تسعة بالعراقي، قال و أخبرني أن يكون بالوزن ألفا و مائة و سبعين وزنة (و قيل) و المراد بالوزنة الدرهم لأنه مروي في العيون و ذكر فيه الدرهم عوض الوزنة (و قيل) الرطل مائة و ثمانية و عشرون درهما و أربعة أسباع درهم تسعون مثقالا شرعيا كما عن المنتهى و موضع من التحرير لما قيل من تصريح بعض أهل اللغة بذلك، كالفيومى في المصباح المنير قال: الرطل هو بالبغدادي اثنى عشر أوقية أستار و ثلثا أستار، و الإستار: أربعة مثاقيل و نصف مثقال، و المثقال: درهم و ثلاثة أسباع درهم، و

الدرهم: ستة دوانيق، و الدانق ثماني حبات و خمس حبة، و على هذا فالرطل تسعون مثقالا و هي مائة درهم و ثمانية عشرون درهما و أربعة أسباع درهم. انتهى. إلا أنه قاصر عن مقاومة ما تقدم.

(و الدرهم) ستة دوانيق باتفاق الخاصة و العامة كما في المدارك و الرياض لرواية المروزي المتقدمة و نص أهل اللغة كما تقدم.

(و الدانق) ثمان حبات من أوسط حب الشعير بلا خلاف منا كما في

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 90

[ «الثاني» الاستياك بأي شي ء كان]

«الثاني» الاستياك (1) بأي شي ء كان و لو بالإصبع و الأفضل عود الأراك (2)

______________________________

المدارك و غيرها، و الخبر الوارد بخلافه المروي في التهذيب عن المروزي عن الكاظم عليه السّلام قال: الغسل بصاع و الوضوء بمد و صاع النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم خمسة أمداد، و المد وزن مائتين و ثمانين درهما، و الدرهم وزن ستة دوانيق، و الدانق وزن ست حبات، و الحبة وزن حبتي الشعير من أوسط الحب لا من صغاره و لا من كباره، ضعيف لجهالة الراوي، شاذ لمخالفة ما عليه الأصحاب و على ما ذكرنا يكون المد كما ذكره المصنف (قده) مائة و خمسون مثقالا و ثلاثة مثاقيل و نصف مثقال و حمصة و نصف بالمثاقيل الصيرفية التي كل مثقال منها مثقال و ثلث مثقال شرعيا.

قوله قده الثاني: (الاستياك. إلخ)

أى قبله للصادقى (ع) المروي في الكافي: الاستياك قبل أن يتوضأ، قلت أ رأيت إن نسي حتى يتوضأ؟

قال يستاك ثم يتمضمض ثلاث مرات، و في آخر عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم عليك بالسواك عند كل وضوء، و في ثالث عليك بالسواك عند وضوء كل صلاة، و استحبابه يعم الصائم

و غيره للصادقى المروي في التهذيب عن السواك للصائم قال: نعم يستاك أى النهار شاء، و في آخر كره للصائم أن يستاك بسواك رطب و قال: لا يضر أن يبل سواكه بالماء ثم ينفضه حتى لا يبقى فيه شي ء.

و يجوز الاعتياض عنه بالمسبّحة و الإبهام للنبوي السواك بالإبهام و المسبّحة عند الوضوء سواك الى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي فوق حد التواتر.

قوله قده: (و الأفضل عود الأراك)

لما رواه في البحار كان صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم يستاك بالأراك أمره بذلك جبرئيل، و في الرضوي: إن أجود ما استكت به ليف الأراك، فإنه يجلو الأسنان و يطيب النكهة و يشد اللثة و يسمنها و هو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 91

[ «الثالث» وضع الإناء الذي يغترف منه]

«الثالث» وضع الإناء الذي يغترف منه على اليمين (1)

[ «الرابع» غسل اليدين قبل الاغتراف مرة]

«الرابع» غسل اليدين (2) قبل الاغتراف مرة في حدث النوم و البول و مرتين في الغائط.

______________________________

نافع من الحفر إذا كان باعتدال، و الإكثار منه يرق الأسنان و يزعزعها و يضعف أصولها.

قوله قده الثالث: (وضع الإناء الذي يغترف منه على اليمين. إلخ)

ذلك هو المشهور بينهم بل عن المحقق في المعتبر و الشهيد في الذكرى و غير واحد من الأساطين نسبته إلى الأصحاب، و استدل له بما روى عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم انه كان يحب التيامن في طهوره و شغله و شأنه كله، و ربما علل أيضا بأنه أسهل و أيسر و أمكن للاستعمال أى للاغتراف باليمين و لا يخفى ان ذلك إنما يتم في الإناء الذي يغترف منه لا فيما كان ضيق الفم مثل الإبريق و نحوه فإنه لا يبعد استحباب وضعه على اليسار لكونه أمكن في الصب منه في الكف الأيمن، و لا يخفى أن ما ذكر لا يكفي في إثبات الاستحباب الشرعي، نعم بمعونة أخبار التسامح في أدلة السنن يمكن الاعتماد عليه، و يمكن أن يستدل له بما ورد في بعض الأخبار من أن اللّٰه يحب ما هو الأيسر و الأسهل و اللّٰه العالم.

قوله قده الرابع: (غسل اليدين. إلخ)

لا يخفى انه كما يستحب غسل الكفين معا قبل إدخالهما الإناء الذي يغرف منه للوضوء من حدث النوم و البول مرة و من الغائط مرتين كذلك يستحب غسلهما من حدث الجنابة ثلاثا للصحيح المروي في الكافي و التهذيب: عن الوضوء كم يفرغ الرجل على يده اليمنى قبل أن يدخلها الإناء؟ قال: واحدة من حدث البول و اثنتان من حدث الغائط و ثلاثا

من الجنابة، و في الحسن الباقرى: يغسل الرجل يده من النوم مرة و من الغائط و البول مرتين و من الجنابة ثلاثا (قال) في الوسائل: اعتبار المرتين في البول محمول على الأفضلية أو على صورة اجتماع الغائط و البول كما هو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 92

[ «الخامس» المضمضة و الاستنشاق]

«الخامس» المضمضة و الاستنشاق (1) كل منهما ثلاث مرات بثلاث أكف و يكفى الكف الواحدة أيضا لكل من الثلاث.

______________________________

الظاهر من العطف فيدل على التداخل. انتهى، و هل يستحب ذلك مطلقا؟

كما يقتضيه إطلاق جملة من الأخبار و الفتاوى، أم يختص بالإناء الواسع الرأس الذي فيه ماء قليل دون الضيق الرأس و الكثير و الجاري؟ كما اختاره جملة و يشعر به الصحيح الأول، قولان: و مورد النصوص و ان كان الرجل و لكن لا خلاف بينهم في إجرائها في غيره من المرأة و الخنثى.

قوله قده الخامس: (المضمضة و الاستنشاق. إلخ)

على المشهور و عن الغنية و المنتهى و نهاية الأحكام الإجماع عليه (للصادقى) المروي في التهذيب: المضمضة و الاستنشاق مما سنّ رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم (و الخبر) هما من السنة فان نسيتهما لم تكن عليك اعادة (و الموثق) هما من الوضوء فان نسيتهما فلا تعد، خلافا للعماني فليسا بفرض و لا سنة مستدلا بالصحيح المروي في التهذيب عن الباقر عليه السّلام المضمضة و الاستنشاق ليسا من الوضوء، و في آخر ليس المضمضة و الاستنشاق فريضة و لا سنة إنما عليك أن تغسل ما ظهر و نحوهما غيرهما، و حملت على نفى الوجوب الفرضي الثابت بالكتاب و السني الثابت بالسنة، أو انهما ليسا من اجزاء الوضوء الواجبة و المستحبة، بل هما من المستحبات الخارجة و

صرح جملة من الأصحاب باستحباب التثليث في كل منهما للرضوى المروي في مجالس ابن الشيخ تمضمض ثلاثا و استنشق ثلاثا، و صرح بعضهم باستحباب ثلاث غرفات للمضمضة و مثلها للاستنشاق، و قيل بالاقتصار على كف لكل منهما، و صرح بعضهم باستحباب تقديم المضمضة، و قيل بلزومه.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 93

[ «السادس» التسمية عند وضع اليد في الماء أو صبه على اليد]

«السادس» التسمية (1) عند وضع اليد في الماء أو صبه على اليد و أقلها بسم اللّٰه و الأفضل بسم اللّٰه الرحمن الرحيم و أفضل منهما بسم اللّٰه و باللّٰه اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين «السابع» الاغتراف باليمنى (2) و لو لليمنى بان يصبه في اليسرى ثم يغسل اليمنى.

______________________________

قوله قده السادس: (التسمية. إلخ)

إجماعا كما في المعتصم للفيض المحسن و كذا عن الغنية و المعتبر و المنتهى و الذكرى، و في الصحيح المروي في التهذيب عن زرارة عن الباقر عليه السّلام إذا وضعت يدك في الماء فقل: بسم اللّٰه و باللّٰه اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين، فاذا فرغت فقل:

الحمد للّٰه رب العالمين، و في الصحيح المروي في التهذيب عن الصادق عليه السّلام: من ذكر اسم اللّٰه على وضوئه فكأنما اغتسل، و في ثالث: إذا سميت في الوضوء طهر جسدك كله، و إذا لم تسم لم يطهر من جسدك إلا ما مر عليه الماء.

قوله قده السابع: (الاغتراف باليمنى. إلخ)

و يشهد له مع اشتهاره بل و نسبته في المعتبر و الذكرى الى الأصحاب و الوضوءات البيانية على ما قيل ما عن عمر بن أذينة عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام في حديث معراج النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم ان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله

و سلّم قال لما اسرى بي إلى السماء أوحى اللّٰه الىّ يا محمد ادن من صاد فاغسل مساجدك و طهرها و صل لربك فدنا رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم من صاد و هو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن فتلقى رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم الماء بيده اليمنى، فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمنى. إلخ، و ما عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم انه كان يحب التيامن في طهوره و تنعله و في شأنه كله، و عنه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم إن اللّٰه تعالى يحب التيامن في كل شي ء و انه أيسر في الاستعمال، و قد روى كما قيل ان اللّٰه تعالى يحب ما هو الأيسر و الأسهل.

(و اما) ما في جملة من النصوص على ما قيل من الاغتراف باليسرى

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 94

[ «الثامن» قراءة الأدعية المأثورة]

«الثامن» قراءة الأدعية المأثورة (1) عند كل من المضمضة و الاستنشاق و غسل الوجه و اليدين و مسح الرأس و الرجلين.

______________________________

لغسل اليمنى (فمحمول) على بيان الجواز لرجحان ما تقدم بالشهرة و غيرها و اللّٰه العالم.

قوله قده الثامن: (قراءة الأدعية المأثورة. إلخ)

يستحب قراءة الأدعية المأثورة عند كل فعل لما رواه المشايخ الثلاثة عن عبد الرحمن بن كثير عن الصادق عليه السّلام قال: بينا أمير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم جالس مع محمد بن الحنفية إذ قال يا محمد ايتنى بإناء من ماء أتوضأ للصلاة، فأتاه محمد بالماء فأكفاه بيده اليمنى على يده اليسرى، ثم قال: بسم اللّٰه و الحمد للّٰه الذي جعل الماء طهورا و لم يجعله نجسا، قال ثم استنجى فقال: اللهم حصن

فرجي و أعفه و استر عورتي و حرمني على النار، قال ثم تمضمض فقال اللهم لقني حجتي يوم ألقاك و أطلق لساني بذكراك، ثم استنشق فقال: اللهم لا تحرم علي ريح الجنة و اجعلني ممن يشم ريحها و روحها و طيبها، قال ثم غسل وجهه فقال: اللهم بيض وجهي يوم تسود الوجوه و لا تسود وجهي يوم تبيض الوجوه، ثم غسل يده اليمنى فقال: اللهم أعطني كتابي بيميني و الخلد في الجنان بيساري و حاسبني حسابا يسيرا، ثم غسل يده اليسرى فقال:

اللهم لا تعطني كتابي بشمالي و لا تجعلها مغلولة إلى عنقي و أعوذ بك من مقطعات النيران، ثم مسح رأسه فقال: اللهم غشني برحمتك و بركاتك، ثم مسح رجليه فقال: اللهم ثبتني على الصراط يوم تزل فيه الأقدام و اجعل سعيي فيما يرضيك عنى، ثم قال يا محمد من توضأ مثل وضوئي و قال: مثل قولي خلق اللّٰه له من كل قطرة ملكا يقدسه و يسبحه و يكبره، فيكتب اللّٰه له ثواب ذلك الى يوم القيامة.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 95

[ (التاسع) غسل كل من الوجه و اليدين مرتين]

(التاسع) غسل كل من الوجه و اليدين مرتين. (1)

______________________________

قوله قده التاسع: (غسل كل من الوجه و اليدين مرتين اه)

لا يخفى ان الفرض في الغسلات غسلة واحدة لكل عضو و لو بغرفات متعددة بلا خلاف فيه و لا اشكال يعتريه للكتاب و السنة المتواترة الآتي ذكرها.

و اما الغسلة الثانية بعد تمام الغسلة الأولى في كل من الأعضاء الثلاثة فقد وقع فيها الكلام بين العلماء الأعلام فاثبت استحبابها و مشروعيتها قوم و نفاه آخرون.

(و احتج المثبتون) بعد الشهرة المدعاة بل و نقل الإجماع عن غير واحد من قدماء أصحابنا بالأخبار المستفيضة (منها)

صحيحة زرارة عن الصادق عليه السّلام الوضوء مثنى مثنى من زاد لم يؤجر، بناءا على ارادة مطلق الطلب و المشروعية بالنسبة إلى الاثنين و عدم الطلب و عدم المشروعية بالنسبة الى ما زاد، و حينئذ يقال: انه قام الإجماع على عدم الوجوب فيتعين استحبابها (و في الصحيح) عن صفوان و معاوية بن وهب مثله (و منها) موثقة يونس لمن جاء من الغائط أو بال يغسل ذكره و يذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين مرتين (و منها) مرسلة مؤمن الطاق فرض اللّٰه الوضوء واحدة واحدة و وضع رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم للناس اثنتين اثنتين (و منها) مرسلة عمرو بن ابى المقدام إني لأعجب ممن يرغب أن يتوضأ اثنتين اثنتين (و منها) خبر الفضل ابن شاذان عن الرضا عليه السّلام انه قال: في كتاب إلى المأمون ان الوضوء مرة فريضة و اثنتان إسباغ (و منها) ما في كتاب القائم عجل اللّٰه فرجه إلى العريضي- من أولاد الصادق عليه السّلام- الوضوء كما أمر به غسل الوجه و اليدين و مسح الرأس و الرجلين واحد و اثنان إسباغ الوضوء، و ان زاد أثم (و منها) ما عن الوسائل عن إرشاد المفيد ان على بن يقطين كتب الى ابى الحسن موسى عليه السّلام

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 96

..........

______________________________

يسأله عن الوضوء فكتب إليه أبو الحسن عليه السّلام فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء و الذي آمرك به في ذلك أن تمضمض ثلاثا و تستنشق ثلاثا، و تغسل وجهك ثلاثا، و تخلل شعر لحيتك و تغسل يديك الى المرفقين ثلاثا، و تمسح رأسك كله و تغسل رجليك الى الكعبين ثلاثا و لا تخالف ذلك

الى غيره، فلما وصل الكتاب الى على بن يقطين تعجب بما رسم له أبو الحسن عليه السّلام فيه مما جميع العصابة على خلافه، ثم قال: مولاي أعلم بما قال و أنا امتثل امره فكان يعمل في وضوئه على هذا الحد و يخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالا لأمر أبي الحسن عليه السّلام و سعى بعلي بن يقطين الى الرشيد قيل: انه رافضي فامتحنه الرشيد من حيث لا يشعر فلما نظر الى وضوئه، ناداه كذب يا على بن يقطين من زعم انك من الرافضة و صلحت حاله عنده و ورد عليه كتاب ابي الحسن عليه السّلام: ابتدأ من الآن يا على بن يقطين توضأ كما أمرك اللّٰه تعالى اغسل وجهك مرة فريضة و أخرى إسباغا و اغسل يديك من المرفقين كذلك، و امسح بمقدم رأسك و ظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف منه عليك و السلام (و منها) ما عن محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب الرجال بسنده فيه عن داود الرقى قال دخلت على أبى عبد اللّٰه عليه السّلام فقلت له جعلت فداك كم عدة الطهارة؟ فقال: ما أوجبه اللّٰه فواحدة و أضاف رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم واحدة لضعف الناس، و من توضأ ثلاثا ثلاثا فلا صلاة له، و أنا معه في ذا حتى جاء داود بن زربي فسأله عن عدة الطهارة فقال له: ثلاثا ثلاثا من نقص عنه فلا صلاة له، قال فارتعدت فرائصي فكاد أن يدخلني الشيطان فأبصر أبو عبد اللّٰه الىّ و قد تغير لوني فقال:

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 97

..........

______________________________

يا داود: هذا هو الكفر أو

ضرب الأعناق، قال: فخرجنا من عنده، و كان ابن زربي إلى جوار بستان أبى جعفر المنصور و كان قد القى الى ابى جعفر أمر داود بن زربي و انه رافضي يختلف الى جعفر بن محمد، فقال أبو جعفر المنصور انى مطلع على طهارته فان هو توضأ وضوء جعفر بن محمد فانى لا عرف طهارته حققت عليه القول و قتلته، فاطلع و داود يتهيأ للصلاة من حيث لا يراه فأسبغ داود بن زربي الوضوء ثلاثا ثلاثا كما أمره أبو عبد اللّٰه عليه السّلام فما تم وضوؤه حتى بعث إليه أبو جعفر المنصور فدعاه قال فقال داود فلما ان دخلت عليه رحب بي و قال: يا داود قيل فيك شي ء باطل و ما أنت كذلك قد اطلعت على طهارتك و ليس طهارتك طهارة الرافضة فاجعلني في حل و أمر له بمائة ألف درهم، قال فقال داود الرقى التقيت أنا و داود بن زربي عند ابى عبد اللّٰه عليه السّلام فقال له داود جعلت فداك حقنت دماءنا في دار الدنيا و نرجو أن ندخل بيمنك و بركتك الجنة فقال أبو عبد اللّٰه عليه السّلام فعل اللّٰه ذلك بك و بإخوانك من جميع المؤمنين، فقال أبو عبد اللّٰه عليه السّلام لداود بن زربي حدث داود الرقى بما مر عليك حتى تسكن روعته، قال فحدثته بالأمر كله قال فقال أبو عبد اللّٰه عليه السّلام لهذا أفتيته لأنه كان أشرف على القتل من يد هذا العدو، ثم قال يا داود بن زربي توضأ مثنى مثنى و لا تزدن عليه و إنك إن زدت عليه لا صلاة لك.

(و احتج النافون) بعد الطعن في الأخبار المذكورة في بعضها سندا كمرسلتي مؤمن الطاق و

عمرو بن أبى المقدام المتقدمتي الذكر فإنهما بسند منقطع، و في كلها دلالة مثل حملها على التقية كما عن المنتقى، أو على ان المراد من قوله الوضوء مثنى مثنى استحباب تجديد الوضوء كما عن الصدوق لا تكرير الغسلات،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 98

..........

______________________________

أو أنه أراد بقوله مثنى مثنى غرفتين لغسلة واحدة كما عن المحدث الكاشاني فيكون الفضل في إتيان كل غسلة بغرفتين حملا لأحاديث الوحدة على الغسلة و أحاديث التثنية على الغرفة، أو أنه أراد من مثنى مثنى غسلتان و مسحتان لا كما يزعمه المخالفون من أنه ثلاث غسلات و مسحة كما عن المحقق البهائي، أو أن المراد استحباب إسباغ الغسلة الأولى بالثانية إذا كانت ناقصة بكونها على وجه لا يتحقق بها إلا أقل مسمى الغسل المجزى فيستحب حينئذ إسباغها بغسلة ثانية لإكمالها كما في الحدائق الى غير ذلك من المحامل، كحمل رواية مؤمن الطاق على الإنكار على معنى انه حد اللّٰه حدا فتجاوزه رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم و تعداه؟ و قال اللّٰه عز و جل (وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّٰهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) و قد روى: ان الوضوء حد من حدود اللّٰه ليعلم اللّٰه من يطيعه و من يعصيه، و ان المؤمن لا ينجسه شي ء و إنما يكفيه مثل الدهن، و قال الصادق عليه السّلام: من تعدى في وضوئه كان كناقضه بالأخبار المستفيضة الحاكية لوضوء رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم الظاهرة في كون وضوئه مرة مرة، بل بكف كف لكل من الأعضاء المغسولة، و فيما أرسله في الفقيه عن الصادق عليه السّلام: و اللّٰه ما كان وضوء رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه

و آله و سلّم إلا مرة مرة، و توضأ النبي مرة مرة فقال: هذا وضوء لا يقبل اللّٰه الصلاة إلا به، و في خبر عبد الكريم عن الصادق (ع) ما كان وضوء على إلا مرة مرة و هذا أدل دليل على ان الوضوء مرة لأنه كان (ع) إذا ورد عليه أمران كلاهما طاعة للّٰه أخذ بأحوطهما و أشدهما على بدنه، و روى في الإكمال قال: وجدت مثبتا في بعض الكتب المصنفة في التواريخ و لم أسمعه عن محمد بن الحسين بن عباد عن عقيد خادم الحسن العسكري (ع) في حديث

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 99

[ «العاشر» أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الأولى]

«العاشر» أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه (1) في الغسلة الأولى و في الثانية بباطنهما و المرأة بالعكس

[ «الحادي عشر» أن يصب الماء على أعلى كل عضو]

«الحادي عشر» أن يصب الماء على أعلى كل عضو (2) و أما الغسل من الأعلى فواجب.

[ «الثاني عشر» أن يغسل ما يجب غسله من مواضع الوضوء]

«الثاني عشر» أن يغسل ما يجب غسله من مواضع الوضوء بصب الماء عليه لا بغمسه فيه. (3)

______________________________

قال عقيد فدعا عليه السّلام بماء قد أغلى بالمصطكى فجئنا به اليه فقال ابدأ بالصلاة هيئونى فجئنا به و بسطنا في حجره المنديل و أخذ من صيقل الماء فغسل به وجهه و ذراعيه مرة مرة و مسح على رأسه و قدميه مسحا الى آخر الحديث.

فاذا عرفت ما تلوناه عليك فيشكل المصير الى الاستحباب بعد ما ذكر من الوهن في أخبار الاثنتين و تطرق الاحتمال فيها فالأولى و الأحوط الاقتصار على الواحدة و اللّٰه العالم.

قوله قده العاشر: (ان يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه. إلخ)

إجماعا كما عن الغنية و التذكرة للرضوى المروي في الكافي و التهذيب فرض اللّٰه على النساء في الوضوء ان يبدأن بباطن أذرعهن و في الرجال بظاهر الذراع، و نحوه آخر و المراد من الفرض التقدير و التشريع لا الإيجاب بقرينة غيره من الأدلة، و لا تدل الرواية على أزيد من استحباب البدأة في غسل الذراع للنساء بباطنه و للرجال بظاهره و لا تعرض فيها للغسلة الأولى و لا الثانية.

قوله قده الحادي عشر: (ان يصب الماء على أعلى كل عضو. إلخ)

لا دليل على أكثر من وجوب الغسل من الأعلى.

قوله قده الثاني عشر: (ان يغسل ما يجب غسله من مواضع الوضوء بصب الماء عليه لا بغمسه فيه. اه)

يمكن استفادته من صحيح الرقاشي الآتي في الأمر الثالث عشر، و أما توهم استفادته من الوضوءات البيانية، ففيه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 100

[ «الثالث عشر» أن يكون ذلك مع إمرار اليد على تلك المواضع]

«الثالث عشر» أن يكون ذلك مع إمرار اليد (1) على تلك المواضع و ان تحقق الغسل بدونه

[ «الرابع عشر» أن يكون حاضر القلب]

«الرابع عشر» أن يكون حاضر القلب في جميع أفعاله (2)

[ «الخامس عشر» أن يقرأ القدر]

«الخامس عشر» أن يقرأ القدر حال الوضوء (3)

[ «السادس عشر» أن يقرأ آية الكرسي]

«السادس عشر» أن يقرأ آية الكرسي بعده. (4)

______________________________

انها ليست بصدد البيان من هذه الجهة و اللّٰه العالم.

قوله قده الثالث عشر: (أن يكون ذلك مع إمرار اليد. إلخ)

كما في الذكرى معللا له بالتأسي بصاحب الشرع و أهل بيته، و للصحيح المروي في الوسائل عن قرب الإسناد عن الرقاشي قال قلت لأبي الحسن موسى (ع) كيف أتوضأ للصلاة؟ فقال: لا تعمق في الوضوء و لا تلطم وجهك بالماء لطما و لكن اغسله من أعلى وجهك إلى أسفله بالماء مسحا، و كذلك فامسح الماء على ذراعيك الحديث، و عن الإسكافي انه أوجبه في غسل الوجه.

قوله قده الرابع عشر: (أن يكون حاضر القلب في جميع أفعاله. اه)

فان ذلك روح العبادة و حقيقتها و به تنال الدرجات العالية و المقامات السامية فإن من أحضر قلبه عند خدمة ربه كان اللّٰه حاضرا عنده.

قوله قده الخامس عشر: (ان يقرأ القدر حال الوضوء. اه)

في البحار عن الفقه الرضوي قال: أيما مؤمن قرأ في وضوئه إنا أنزلناه في ليلة القدر خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه، و عنه أيضا من كتاب السيد ابن الباقي و كتاب البلد الأمين ان من قرأ بعد إسباغ الوضوء إنا أنزلناه و قال: اللهم إني أسألك تمام الوضوء و تمام الصلاة و تمام رضوانك و تمام مغفرتك لم تمر بذنب أذنبته إلا محقته.

قوله قده السادس عشر: (أن يقرأ آية الكرسي بعده. اه)

في البحار أيضا عن كتاب الاختيار قال قال الباقر (ع) من قرأ على أثر وضوئه آية

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 101

[ «السابع عشر» أن يفتح عينه حال غسل الوجه]

«السابع عشر» أن يفتح عينه حال غسل الوجه. (1)

[فصل في مكروهاته]

اشارة

فصل في مكروهاته

[ «الأول» الاستعانة بالغير في المقدمات القريبة]

«الأول» الاستعانة بالغير (2) في المقدمات القريبة كان يصب الماء في يده و أما في نفس الغسل فلا يجوز.

______________________________

الكرسي مرة أعطاه اللّٰه ثواب أربعين عاما و رفع له أربعين درجة و زوجه اللّٰه تعالى أربعين حوراء.

قوله قده السابع عشر: (ان يفتح عينيه حال غسل الوجه. اه)

استظهارا لغسل نواحيها و للنبوي المروي في الفقيه: افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى نار جهنم، و لا ينافيه حكاية الإجماع على نفى استحباب إيصال الماء إلى داخل العينين لعدم التلازم بينهما، و روى ان ابن عباس (رض) كان يفعله فعمي لذلك.

قوله قده (فصل: في مكروهاته (الأول) الاستعانة بالغير. إلخ)

للحسن المروي في الكافي عن الوشاء قال دخلت على الرضا (ع) و بين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة فدنوت منه لأصب الماء عليه فأبى ذلك و قال مه يا حسن فقلت له لم تنهاني أن أصب على يديك تكره ان أوجر؟ قال:

تؤجر أنت و أوزر أنا؟ فقلت و كيف ذلك؟ فقال: اما سمعت اللّٰه عز و جل يقول. (فَمَنْ كٰانَ يَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صٰالِحاً وَ لٰا يُشْرِكْ بِعِبٰادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) و ها انا ذا أتوضأ للصلاة و هي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد و عن إرشاد المفيد قال دخل الرضا (ع) يوما و المأمون يتوضأ للصلاة و الغلام يصب على يده الماء فقال: لا تشرك يا أمير المؤمنين بعبادة ربك أحدا، و في رواية الصدوق في الفقيه و العلل كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا توضأ لم يدع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 102

[ «الثاني» التمندل]

«الثاني» التمندل (1) بل مطلق مسح البلل.

______________________________

أحدا يصب عليه الماء فقيل له يا أمير المؤمنين لم لا تدعهم يصبون

عليك الماء؟ فقال: لا أحب أن أشرك في صلاتي أحدا، و قال اللّٰه تبارك و تعالى:

(فَمَنْ كٰانَ يَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صٰالِحاً وَ لٰا يُشْرِكْ بِعِبٰادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) و في رواية السكوني عن أبى عبد اللّٰه عن آبائه عن على (ع) قال قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم خصلتان لا أحب أن يشاركني فيهما أحد وضوئي فإنه من صلاتي، و صدقتي فإنها من يدي إلى يد السائل فإنها تقع في يد الرحمن.

هذا كله في الاستعانة بالغير في المقدمات القريبة، و اما في نفس الفعل فلا يجوز في الوضوء بل في سائر الطهارات، و تجب فيها المباشرة بالنفس للإجماع المحكى و قوله تعالى (وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسٰانِ إِلّٰا مٰا سَعىٰ) و أصالة بقاء اشتغال الذمة بالتكليف و أصالة بقاء الحدث المتقدم، و للأخبار المتقدمة في الوضوء البياني و قوله: هذا وضوء لا يقبل اللّٰه الصلاة إلا به.

قوله قده الثاني: (التمندل. إلخ)

الحكم بكراهته هو المشهور كما اعترف به كثير منهم، بل قيل بكراهة مطلق مسحه، بل مطلق تجفيفه و لو بالشمس أو النار، و المستند فيه ما روى بعدة طرق في الكافي و ثواب الأعمال و المحاسن عن أبى عبد اللّٰه (ع): من توضأ و تمندل كتبت له حسنة و من توضأ و لم يتمندل حتى يجف وضوؤه كتب له ثلاثون حسنة، و يعارضها الأخبار المستفيضة الدالة على انه كان لعلي خرقة يعلقها في مسجد بيته لوجهه إذا توضأ تمندل بها كما عن المحاسن مسندا اليه (ع) و اليه (ع) كان لعلى (ع) خرقة في المسجد ليست إلا للوجه يتمندل بها، و اليه (ع) قال: كانت له (ع) خرقة يمسح بها وجهه

إذا توضأ للصلاة ثم يعلقها على وتد و لا يمسها غيره (و منها) رواية الحضرمي عنه (ع) لا بأس بمسح الرجل وجهه بالثوب

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 103

[ «الثالث» الوضوء في مكان الاستنجاء]

«الثالث» الوضوء في مكان الاستنجاء. (1)

[ «الرابع» الوضوء من الآنية المفضضة أو المذهبة]

«الرابع» الوضوء من الآنية المفضضة (2) أو المذهبة أو المنقوشة بالصور.

______________________________

إذا توضأ إذا كان الثوب نظيفا، و نظيرها صحيحة ابن مسلم عن ابى عبد اللّٰه (ع) عن التمسح بالمنديل قبل أن يجف قال: لا بأس به، و في موثقة إسماعيل بن الفضل قال رأيت أبا عبد اللّٰه (ع) توضأ للصلاة ثم مسح وجهه بأسفل قميصه ثم قال يا إسماعيل افعل هكذا فإني أفعل هكذا، و في صحيحة منصور بن حازم قالت رأيت أبا عبد اللّٰه (ع) و قد توضأ و هو محرم ثم أخذ منديلا فمسح به وجهه.

و هذه الأخبار و إن كانت أصح سندا و أكثر عددا إلا أن مخالفتها للمشهور و موافقتها للجمهور الذين جعل اللّٰه الرشد في خلافهم أوهنها، فيحتمل جرى هذه الأخبار مجرى التقية و ان كان هذا الاحتمال بعيدا بالنسبة إلى بعضها، كالأخبار المروية عن على (ع) خصوصا و ظاهرها مداومته عليه السلام على ذلك فعليه يشكل الحكم بالكراهة و اللّٰه العالم.

قوله قده الثالث: (الوضوء في مكان الاستنجاء. اه)

للمحكي عن المستدرك عن جامع الأخبار عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم انه عد مما يورث الفقر غسل الأعضاء في موضع الاستنجاء، و ممن تعرض للكراهة المامقاني في مناهج المتقين، و لكن ينافيه ظاهر رواية عبد الرحمن بن كثير التي تقدم ذكرها عن المشايخ الثلاثة الحاكية لوضوء أمير المؤمنين (ع).

قوله قده الرابع: (الوضوء من الآنية المفضضة. إلخ)

لما تقدم من النصوص الناهية عن استعمالها المحمولة على الكراهة جمعا (و منها) المروي في الوسائل عن إسحاق بن عمار عن أبى عبد اللّٰه (ع) عن الطشت يكون فيه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 104

[ «الخامس» الوضوء بالمياه المكروهة]

«الخامس» الوضوء بالمياه المكروهة (1) كالشمس

و ماء الغسالة (2) من الحدث

______________________________

التماثيل أو الكوز أو التور يكون فيه التماثيل أو فضة لا يتوضأ منه و لا فيه، الحديث.

قوله قده الخامس: (الوضوء بالمياه المكروهة. إلخ)

أما الماء المشمس فالمشهور كراهة استعماله بلا خلاف لنهي النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم الحميراء عنه، و قوله: انه يورث البرص، و الصادقي المروي في الكافي و التهذيب قال قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم: الماء الذي تسخنه الشمس لا تتوضأوا به و لا تغتسلوا به و لا تعجنوا به فإنه يورث البرص، و مقتضى إطلاقها كما صرح به جملة عموم الكراهة لما إذا قصد التسخين أو اتفق خلافا لجمع فخصوها بالأول، و مقتضاها ككلام الأكثر عدم الفرق بين الآنية المنطبقة و غيرها و البلاد الحارة و غيرها خلافا لشاذ فخصها بالأولين.

(و الآجن) اى المتغير بنفسه من دون نجاسة و يكثره استعماله أيضا للصحيح المروي في الكافي و التهذيب الصادقي: الماء الآجن يتوضأ منه إلا أن تجد ماءا غيره فتنزه عنه، و ظاهر الصدوق في الفقيه وجوب التنزه لظاهر الأمر و حكى الإجماع على خلافه.

قوله قده: (و ما الغسالة. إلخ)

تفصيا من الخلاف فتوى و رواية و يجزى استعماله فيه على الأصح وفاقا للمشهور، و عن الناصريات الإجماع عليه لصدق امتثال الأمر بالغسل بالماء باستعماله و عمومات الكتاب و السنة على المنع من التيمم مع وجود الماء و إذا لم يجز التيمم وجب استعماله للإجماع على عدم سقوط الطهارة حينئذ و عموم ما دل على ان الماء طاهر مطهر و جملة من الأخبار، و في الصحيح عن الغدير يجتمع فيه ماء المساء و يستسقى فيه من

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2،

ص: 105

الأكبر و الماء الآجن و ماء البئر قبل نزح المقدرات (1) و الماء القليل الذي ماتت فيه (2) الحية أو العقرب أو الوزغ

______________________________

بئر فيستنجي فيه الإنسان من بول و يغتسل فيه الجنب ما حد الذي لا يجوز؟

فكتب: لا يتوضأ من مثل هذا إلا من ضرورة (و قيل) بعدم الاجزاء فيه أى المستعمل في رفع الحدث الأكبر كما عن الشيخين و الصدوقين و ابني حمزة و البراج، و مستنده بعد أصالة بقاء الحدث: الصادقي المروي في التهذيب: الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز أن يتوضأ منه، و هو ضعيف (نعم) في الصحيح المروي في التهذيب عن الحمام: أدخله بإزار و لا تغتسل من ماء آخر إلا أن يكون فيه جنب أو يكثر أهله فلا تدري فيهم جنب أم لا، و في الدلالة تأمل (و المراد) بالماء المستعمل الماء القليل المنفصل عن أعضاء الطهارة فالكثير ليس من محل البحث، و الخلاف في التطهير به من الحدث لا الخبث كما نص عليه جمع.

قوله قده: (و ماء البئر قبل نزح المقدرات. إلخ)

بناءا على عدم تنجسه بالملاقاة و استحباب نزح المقدر وفاقا لجمهور المتأخرين.

قوله قده: (و الماء القليل الذي ماتت فيه. إلخ)

للصادقى المروي التهذيب عن حية دخلت حبا فيه ماء و خرجت منه قال: إذا وجد ماءا غيره فليهرقه، و في آخر عن الفارة و العقرب و أشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء و يتوضأ منه؟ قال: ليسكب منه ثلاث مرات و قليله و كثيره بمنزلة واحدة، ثم يشرب منه و يتوضأ منه غير الوزغ فإنه لا ينتفع بما يقع فيه، و آخر في العقرب قال:

ارقه، و في آخر: و ان كان عقربا فأرق الماء و توضأ من ماء غيره.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 106

و سؤر الحائض (1) و الفأر و الفرس و البغل (2) و الحمار و الحيوان الجلال و آكل الميتة بل كل حيوان لا يؤكل لحمه.

[فصل في أفعال الوضوء]

اشارة

فصل في أفعال الوضوء (3)

[ (الأول) غسل الوجه وحده من قصاص الشعر الى الذقن طولا]
اشارة

(الأول) غسل الوجه وحده من قصاص الشعر الى الذقن طولا

______________________________

قوله قده: (و سؤر الحائض. إلخ)

مطلقا سواء كانت مأمونة أو غير مأمونة كما هو ظاهر إطلاقه (قده) و كما هو ظاهر المقنع لا يجوز مطلقا، و ان كانت مأمونة لإطلاق بعض الأخبار، كالصادقى المروي في الكافي:

اشرب من سؤر الحائض و لا تتوضأ منه، و نحوه آخر، و في ثالث:

لا تتوضأ من سؤر الحائض، و قيده جمهور الأصحاب بالغير المأمونة حملا لمطلق الأخبار على مقيدها كما في الموثق في الرجل يتوضأ بفضل الحائض قال:

إذا كانت مأمونة فلا بأس، و في الخبر المرأة الطامث أشرب من فضل شرابها و لا أحب أن أتوضأ منه.

قوله قده: (و سؤر البغل. إلخ)

تقدم في مبحث الأسئار ما يدل على كراهة استعمال اسئارها مطلقا شربا و وضوءا و غيرهما و اللّٰه العالم.

قوله قده (فصل: في أفعال الوضوء. إلخ)

لا يخفى ان حد الوجه الذي يجب غسله في الوضوء طولا و عرضا هو ما اشتمل عليه الإبهام و الوسطى يعنى ان الخط المتوهم من قصاص الشعر- مثلث القاف و الضم أعلى- و هو حيث ينتهى منبت الشعر من مقدم الرأس و مؤخره، و المراد هنا المقدم الى أن ينتهي إلى طرف الذقن- بالتحريك- و هو مجمع اللحيين الذين ينبت عليهما الأسنان السفلى، و هو الذي يشتمل عليه الإصبعان غالبا إذا أثبت وسطه و أدير على أنفه حتى يحصل شبه دائرة فذلك القدر هو الذي يجب غسله كما فهمه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 107

و ما اشتمل عليه الإبهام و الوسطى عرضا، و الأنزع و الأغم و من خرج وجهه أو يده عن المتعارف يرجع كل منهم الى المتعارف،

فيلاحظ أن اليد المتعارفة

______________________________

شيخنا المحقق البهائي (ره) من الصحيح المروي في الكافي و التهذيب و الفقيه عن زرارة انه قال: للباقر (ع) أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي أن يوضّأ الذي قال اللّٰه تعالى؟ فقال عليه السّلام: الوجه الذي قال اللّٰه و أمر اللّٰه عز و جل بغسله الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه و لا ينقص منه، إن زاد عليه لم يؤجر و ان نقص منه أثم، ما دارت عليه الوسطى و الإبهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن، و ما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه، و ما سوى ذلك فليس من الوجه، فقال له: الصدغ من الوجه؟ قال:

لا، و نعم ما فهم بان يكون قوله عليه السّلام من قصاص شعر الرأس، اما متعلق بقوله دارت أو صفة مصدر محذوف، و المعنى ان الدوران يبتدء من القصاص منتهيا الى الذقن، و اما حال من الموصول الواقع خبرا عن الوجه و هو لفظة (ما) إن جوزنا الحال عن الخبر، و المعنى ان الوجه هو القدر الذي دارت عليه الإصبعان حال كونه من القصاص الى الذقن، فاذا وضع طرف الوسطى مثلا على قصاص الناصية و طرف الإبهام على آخر الذقن ثم أثبت وسط انفراجهما و دار طرف الوسطى مثلا على الجانب الأيسر إلى أسفل و دار طرف الإبهام على الجانب الأيمن إلى فوق و تمت الدائرة، فيتضح خروج النزعتين و الصدغين عن الوجه و العذاران و موضع التحذيف، و اما العارضان فيقع بعضهما داخلها و بعضهما خارجا عنها فيغسل ما دخل و يترك ما خرج، و الأصحاب حددوا الوجه طولا بما كان من قصاص الشعر الى طرف الذقن، و عرضا بما اشتمل عليه

الإبهام و الوسطى و المعنى بان يكون قوله ما دارت عليه الإبهام و الوسطى بيان لعرض الوجه، و قوله من قصاص

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 108

في الوجه المتعارف الى أى موضع تصل و أن الوجه المتعارف أين قصاصه

______________________________

شعر الرأس إلى الذقن بيان لطوله، و المعنى المتقدم الذي فهمه المحقق البهائي (ره) و إن كان دقيقا و لكن حمل الرواية عليه بعيد يشبه اللغز و المعمى كما اعترف به الفاضلان المجلسيان و المحققان الخوانساريان، و الكلام في ذلك طويل، و لعل الأقرب المصير الى ما حدده به الأصحاب و اللّٰه العالم، فعلى ما ذكروه (قده) كل ما يحيط به الإصبعان يجب غسله و ما لا يحيط به الإصبعان لا يجب غسله سواء سمى بالعذار أم لا، نعم يجب غسل مقدار يسير من الأطراف الخارجة من الحدود بحكم العقل مقدمة لحصول الواجب و كذا للعلم بحصوله.

و لا يخفى ان ما ذكره الأصحاب من ان حد الوجه الذي يجب غسله في الوضوء طولا من قصاص الشعر الى الذقن و عرضا ما اشتمل عليه الإبهام و الوسطى من مستوى الخلقة في الوجه و اليدين فيرجع غيره اليه ليس غرضهم من رجوع غيره اليه هو أنه لو خرج وجهه عن المتعارف كبرا و كان إصبعاه على حسب المتعارف أن يغسل من وجهه ما أحاط به اصبعاه و ان خرج بعض وجهه، و كذا في صورة ما لو خرج عن المتعارف صغرا و كان اصبعاه على حسب المتعارف يجب عليه أن يغسل ما أحاط به اصبعاه و إن بلغا أذنيه أو تجاوزا عنهما، إذ لا يتوهم ذلك فيهم و لا ادعاه مدع منهم ضرورة وجوب غسل كل وجه

بل غرضهم (قده) من رجوع من خرج عن المتعارف اليه هو أن يفرض له إصبعان يناسبان وجهه صغرا أو كبرا كمناسبة إصبعي المتعارف لوجهه فيغسل من وجهه ذلك المقدار الذي يغسله منه المتعارف (و بعبارة) أوضح أن المتعارف كما يغسل من وجهه ما تحويه الإصبعان من الأعضاء كالجبهة و الجبينين و الحاجبين و العينين و الفم و الأنف و الخدين

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 109

فيغسل ذلك المقدار، و يجب اجراء الماء (1) فلا يكفى المسح به، و حده أن يجرى من

______________________________

فيكون تمام هذا من الوجه دون ما زاد عليه و خرج عنه كالعذارين فكذلك يكون الوجه غير المتعارف هو تلك الأعضاء لا غير سواء حوتها اصبعاه أو زادت عليها أو نقصت، و كذلك من جهة الطول كالأنزع و الأغم في رجوعهما الى المتعارف.

قوله قده: (و يجب اجراء الماء. إلخ)

أصل وجوب غسل الوجه في الوضوء من المنصوص في الكتاب العزيز و السنة المتواترة، الذي بلغ من الانتشار حد الضرورة، و الظاهر أخذ الجريان في مفهومه عرفا، كما عن الجواهر و حكايته عن الانتصار، و السرائر، و المنتهى، و القواعد، و الذكرى، و الدروس، و جامع المقاصد، و التنقيح، و كاشف اللثام، و الناصريات، و المبسوط، و المهذب، و البيان، و روض الجنان، بل نسب ذلك الى المشهور، بل إلى الأصحاب، بل قيل انهم قد قطعوا به، بل في السرائر انه الموافق للسان الذي أنزل به القرآن، و في الروض، و عن غير انه في اللغة: إجراء الماء على الشي ء على وجه التنظيف و التحسين و نحوهما، و في كشف اللثام انه يشهد به العرف و اللغة و الوضوء البياني من الصب و الإسدال

و الغرفة لكل عضو، (و صحيحة) زرارة كل ما أحاط به الشعر فليس على العبادان يغسلوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجرى عليه الماء (و حسنة) زرارة: الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله و كثيره فقد أجزأه، و لا قائل بالفرق بين الغسل و الوضوء (و قوله عليه السّلام) في رواية محمد بن مروان يأتي على الرجل ستون أو سبعون ما قبل اللّٰه صلاته، قلت و كيف ذلك؟

قال: لأنه يغسل ما أمر اللّٰه بمسحه (و قوله عليه السّلام) في صحيحة زرارة لو أنك

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 110

جزء الى جزء آخر و لو بإعانة اليد و يجزى استيلاء الماء عليه و إن لم يحر إذا

______________________________

توضأت فجعلت مسح الرجلين غسلا ثم أضمرت أن ذلك هو الفرض لم يكن ذلك بوضوء.

و التقريب في هذين الخبرين الأخيرين أنه لو لا اعتبار الجريان في مسمى الغسل لما حصل الفرق بينه و بين المسح المقابل له في ظاهر الآية، فلا محيص عن حمل إطلاق الكتاب و السنة المتواترة على ذلك، مؤيدا ذلك بقاعدة الاشتغال و الاستصحاب و نحوهما، نعم يجزى في امتثال الأمر بالغسل كما ذكره بعض الأعيان ما يسمى به في العرف غاسلا، بأن يستولي الماء على العضو بحيث ينقل من جزء منه الى آخر و لو كان ذلك بإعانة اليد، بحيث لا تنفصل غسالته عن المحل فيجري على الأرض و يتلف كما هو الشأن في الدهن، فوجه الشبه قلة الماء و عدم ضياعه و تلفه، لا كونه كالدهن في كفاية المسح و عدم وجوب الغسل كما قد يتوهم، فلا ينبغي التأمل في عدم كفاية مسح الوجه باليد الندبة في حصول مسماه عرفا،

حيث أن مجرد النداوة لا يطلق عليه الماء عرفا، بل هي كالبخار مفهوم مغاير، فالغسل بالماء إنما يتحقق إذا كان ما في اليد الغاسلة مصداقا للماء في العرف، و هذا لا ينفك عن الإحاطة و الجريان المعتبر في ماهية الغسل، و على هذا التوجيه ينزل أخبار الباب كصحيحة زرارة و محمد بن مسلم: إن الوضوء حد من حدود اللّٰه ليعلم اللّٰه من يطيعه و من يعصيه، و إن المؤمن لا ينجسه شي ء و إنما يكفيه مثل الدهن. و موثقة إسحاق بن عمار عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام إن عليا عليه السّلام كان يقول: الغسل من الجنابة و الوضوء يجزى من الماء ما أجزي من الدهن الذي يبل الجسد. و في بعض النسخ: ما أجرى بالراء المهملة.

و في رواية محمد بن مسلم: يأخذ أحدكم الراحة من الدهن و الماء أوسع من

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 111

صدق الغسل، و يجب الابتداء بالأعلى (1)

______________________________

ذلك. و موثقة زرارة في غسل الجنابة: أفض على رأسك ثلاث أكف و على يمينك و يسارك إنما يكفيك مثل الدهن. فلا ينافيها اعتبار وفور البلة الواصلة إلى المغسول بحيث تقبل الانتقال من عضو الى عضو آخر تحقيقا لماهية الغسل المأمور بها، و لا يصح تنزيل هذه الأخبار على إرادة كفاية التمسح باليد الندية برطوبة مسرية بأن يكون هذا هو الوجه في التشبيه لا قلة الماء و إمساس البدن له من دون انفصال عنه، لمعارضتها على هذا التقدير ظاهر الكتاب و السنة و الإجماع بل صريحها، لأن الأدلة بأسرها ناطقة بأن وظيفة الوجه و اليدين هو الغسل دون المسح و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و يجب الابتداء بالأعلى. إلخ)

وجوب البدأة بأعلى الوجه

هو المشهور كما اعترف به كثير منهم، بل عن التبيان و غيره الإجماع عليه، و نقل عن بعض حواشي الألفية دعوى الاتفاق عليه، و يدل عليه رواية قرب الاسناد عن أبي جريرة الرقاشي قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السّلام كيف أتوضأ للصلاة؟ فقال عليه السّلام: لا تعمق في الوضوء و لا تلطم وجهك بالماء لطما، و لكن اغسله من أعلى وجهك إلى أسفله بالماء مسحا، و كذلك فامسح على ذراعيك و رأسك و قدميك. و قد ناقش في دلالتها شيخنا المرتضى (قده) بأن الأمر فيه محمول على الاستحباب قطعا لتقييده بكونه على جهة المسح في مقابل اللطم، و فيه: أن رفع اليد عن ظاهر الطلب بالنسبة الى بعض القيود الواقعة في حيزه بدليل خارجي لا يوجب رفع اليد عن ظاهره بالنسبة الى ما عداه، فلا قصور في الرواية عن إفادة المطلوب خصوصا مع اعتضادها بالشهرة المزبورة.

و استدل له أيضا بالصحيح الزراري الباقرى عليه السّلام المروي في الكافي

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 112

..........

______________________________

و التهذيب قال زرارة: حكى أبو جعفر عليه السّلام وضوء رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم فدعا بقدح من ماء فادخل يده اليمنى فأخذ كفا من ماء فاسد لها على وجهه من أعلى الوجه ثم مسح بيده الجانبين جميعا، ثم أعاد اليسرى في الإناء فأسدلها على اليمنى ثم مسح جوانبها، ثم أعاد اليمنى في الإناء ثم صبها على اليسرى فصنع بها ما صنع، ثم مسح ببلة ما بقي في يديه رأسه و رجليه و لم يعدهما في الإناء، و في آخر: ثم غرف فملأها ماءا فوضعها على جبينه ثم قال: بسم اللّٰه، و سدلها على أطراف لحيته

ثم أمر يده على وجهه. و نحوهما غيرهما، و لم يثبت ذلك عند آخرين كالسيد في الناصرية و الانتصار، و الحلي في السرائر، و المولى المقدس الأردبيلي، و صاحبي المدارك و المشارق، و الفيض المحسن في المفاتيح، و اليه يميل الفاضل الخراساني في الذخيرة، و العلامة المجلسي في البحار، مستدلين على ذلك بإطلاق الأمر بالغسل في الآية فلا يقيد، (نعم) يستحب الابتداء بقصاص الشعر في غسل الوجه للتأسي بهم (ع) حيث فعلوه في مقام البيان، و لا يلزم من فعلهم ذلك الوجوب، إذ من الجائز كونه أحد جزئيات مطلق الغسل المأمور به لا لوجوبه بخصوصه، فان امتثال الأمر الكلي إنما يتحقق بفعل جزئي من جزئياته (و قولهم قده): إن فعله إذا كان بيانا للمجمل يجب إتباعه فيه (مسلم) إلا أنه لا إجمال في غسل اليدين و الوجه حتى يحتاج الى البيان (و قد يقال): إن إطلاق الآية مقيد بالأخبار الواردة في مقام البيان و بعد وروده يجب الوقوف عليه، و الإجمال قد ينشأ من نفس المعنى لأن بعض الماهيات الكلية تحتها أفراد تصلح عرفا لتعلق غرض الشارع ببعضها دون بعض كحج البيت و غسل الوجه، و الوضوء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 113

و الغسل من الأعلى (1) إلى الأسفل عرفا و لا يجوز النكس، و لا يجب غسل ما تحت الشعر (2) بل يجب غسل ظاهره سواء شعر اللحية و الشارب و الحاجب

______________________________

في غير ما ذكر مشكوك في صحته و الأصل بقاء الحدث، و لما روى: أنه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم لما توضأ الوضوء البياني قال: هذا وضوء لا يقبل اللّٰه الصلاة إلا به.

(قال) في المدارك: و أقصى ما يستفاد

من الأخبار و كلام الأصحاب وجوب البدأة بالأعلى بمعنى صب الماء على أعلى الوجه ثم إتباعه بغسل الباقي، و أما ما تخيله بعض القاصرين من عدم جواز غسل شي ء من الأسفل قبل غسل الأعلى و إن لم يكن في سمته فهو من الخرافات الباردة و الأوهام الكاسدة. انتهى

قوله قده: (و الغسل من الأعلى. إلخ)

كما هو ظاهر الأخبار البيانية و ظاهر رواية أبي جريرة الرقاشي فإنها كما دلت على وجوب البدأة بالأعلى دلت على وجوب غسل الأعلى فالأعلى، و عن المقاصد العلية و غيرها: أنه يعتبر الأعلى فالأعلى عرفا بحيث لا يحصل معه عسر، و اليه يرجع ما عن الفاضل من غسل اللمعة المغفلة فما دونها الى آخر العضو، و كأن المراد منه لزوم غسل الأعلى فالأعلى في المسامت لها خاصة كما قيل لا مطلقا و إن لم يكن في سمته بحيث لا يجوز غسل شي ء من الأسفل قبل غسل الأعلى أصلا كما عن بعضهم. (و عن جماعة): لا يجوز النكس في الأثناء بعد البدأة بالأعلى مطلقا. (و في الوسيلة): يجب البدأة من قصاص شعر الرأس و لا يجوز استقبال الشعر في غسل الوجه و اليدين و مسح الرأس، و وجه الجميع كأنه الاقتصار على المتيقن نصا و فتوى كل على حسب فهمه منها و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و لا يجب غسل ما تحت الشعر. إلخ)

أي إدخال الماء في خلال الشعر من اللحية و غيره، و هو في الكثيفة إجماعي كما عن الخلاف

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 114

بشرط صدق إحاطة الشعر على المحل و إلا لزم غسل البشرة الظاهرة في خلاله

______________________________

و الناصريات لان الوجه اسم لما يواجه به شعرا كان أو بشرة (و

للصحاح) منها المروي في الكافي و التهذيب عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) عن الرجل يتوضأ أ يبطن لحيته؟ قال: لا، و الصحيح الزراري الباقرى عليه السّلام المروي في الفقيه، قلت له: أ رأيت ما كان تحت الشعر؟ قال: كل ما أحاط به الشعر فليس للعباد أن يغسلوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجرى عليه الماء، و يعضده ما دل على الاجتزاء بالغرفة الواحدة في غسل الوجه فإنها لا تكاد تبلغ أصول الشعر خصوصا مع الكثافة، و قيل كما عن المرتضى و الإسكافي و الفاضل في جملة من كتبه: يجب تخليل شعر اللحية إذا خف بحيث ترى البشرة خلاله في بعض الأحيان، نظرا إلى أن المواجهة لما لم تكن بالشعر الخفيف لم ينتقل اليه الحكم. و هو اجتهاد في مقابلة النص، و المستفاد من بعض الروايات ان تخليل شعر الوجه من بدع العامة، كالمروي في إرشاد المفيد عن الكاظم عليه السّلام: أن على بن يقطين كتب إليه يسأله عن الوضوء فأجابه: فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء، و الذي آمرك في ذلك أن تمضمض ثلاثا و تستنشق ثلاثا، و تغسل وجهك ثلاثا، و تخلل شعر لحيتك، و تغسل يديك الى المرفقين ثلاثا، و تمسح رأسك كله، و تمسح ظاهر أذنيك و باطنهما، و تغسل رجليك الى الكعبين ثلاثا، و لا تخالف ذلك الى غيره، فلما وصل الكتاب الى على بن يقطين تعجب مما رسم له أبو الحسن عليه السّلام مما أجمع العصابة على خلافه، ثم قال: مولاي أعلم بما قال و أنا ممتثل أمره. فكان يعمل في وضوئه على هذا الحد و يخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالا لأمره عليه السّلام و

سعى بعلي بن يقطين الى الرشيد و قيل إنه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 115

[ (مسألة 1) يجب إدخال شي ء من أطراف الحد من باب المقدمة]

(مسألة 1) يجب إدخال شي ء من أطراف (1) الحد من باب المقدمة و كذا جزء من باطن الأنف و نحوه، و ما لا يظهر من الشفتين بعد الانطباق من الباطن فلا يجب غسله.

[ (مسألة 2) الشعر الخارج عن الحد كمسترسل اللحية في الطول]

(مسألة 2) الشعر الخارج عن الحد (2) كمسترسل اللحية في الطول و ما هو خارج عن ما بين الإبهام و الوسطى في العرض لا يجب غسله.

______________________________

رافضي، فامتحنه الرشيد من حيث لا يشعر، فلما نظر الى وضوئه ناداه كذب يا عليّ من زعم أنك من الرافضة، و صلحت حاله عنده، و ورد عليه كتاب أبي الحسن عليه السّلام: ابتدء من الآن يا على و توضأ كما أمرك اللّٰه تعالى اغسل وجهك مرة فريضة و مرة إسباغا، و اغسل يديك من المرفقين كذلك و امسح بمقدم رأسك و ظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف منه عليك و السلام. و هو صريح في كون ذلك من بدعهم.

قوله قده مسألة 1: (يجب إدخال شي ء من أطراف. إلخ)

تقدم منا أنه يجب غسل مقدار يسير من الأطراف الخارجة من الحدود بحكم العقل مقدمة لحصول الواجب و كذا للعلم بحصوله.

قوله قده مسألة 2: (الشعر الخارج عن الحد. إلخ)

لا خلاف في عدم وجوب غسل ما خرج عن حد الوجه من الشعر، بل هو مجمع عليه بيننا كما اعترف به كثير منهم و هو الحجة، مضافا الى ظهور خروجه عن التحديد السابق (و دعوى) أنها من الوجه أو أنها كالشارب واضحة الفساد، كما أنه لا نعرف خلافا في وجوب غسل ما دخل في التحديد من اللحية، بل الظاهر أنه إجماعي كما في المشارق و غيرها، و يدل عليه الصحيح الزراري الباقرى عليه السّلام المتقدم الذكر، و

قد يستدل عليه بصدق الوجه عليه و فيه نظر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 116

[ (مسألة 3) ان كانت للمرأة لحية]

(مسألة 3) ان كانت للمرأة لحية فهي كالرجل. (1)

[ (مسألة 4) لا يجب غسل باطن العين و الأنف و الفم]

(مسألة 4) لا يجب غسل باطن العين (2) و الأنف و الفم إلا شي ء منها من باب المقدمة.

[ (مسألة 5) فيما أحاط به الشعر لا يجزى غسل المحاط عن المحيط]

(مسألة 5) فيما أحاط به الشعر لا يجزى (3) غسل المحاط عن المحيط.

[ (المسألة 6) الشعور الرقاق المعدودة من البشرة يجب غسلها معها]

(المسألة 6) الشعور الرقاق (4) المعدودة من البشرة يجب غسلها معها.

______________________________

قوله قده مسألة 3 (إذا كان للمرأة لحية فهي كالرجل. اه)

فيجب غسل ما دخل منها في الحد و عدم وجوب غسل ما خرج عنه، أما الأول:

فلإطلاق الصحيح الزراري الباقرى عليه السّلام المتقدم الذكر المروي في الفقيه:

قلت له: أ رأيت ما كان تحت الشعر؟ قال: كل ما أحاط به الشعر فليس للعباد أن يغسلوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجرى عليه الماء. و هو مطلق بالنسبة الى الرجل و المرأة ما لم يدعى الانصراف الى الرجل، و أما الثاني فلخروجه عن الحد و قد تقدم دليله عن قريب في المسألة الثانية.

قوله قده مسألة 4: (لا يجب غسل باطن العين. إلخ)

أما عدم وجوب غسل بواطن ما ذكر فللإجماع بل و سائر الأدلة من الكتاب و السنة في وجوب غسل ظاهر الوجه دون ما بطن منه، و أما غسل شي ء منها من باب المقدمة فقد تقدم وجهه في المسألة الأولى من هذا الفصل.

قوله قده مسألة 5: (فيما أحاط به الشعر لا يجزى. إلخ)

لما تقدم من الصحيح الزراري الباقرى عليه السّلام المروي في الفقيه من أن الواجب إجراء الماء على الشعر، مع أن الظاهر من دخوله في الحد هو المحيط دون المحاط بل المحاط من الباطن الذي لا يجب غسله بل لا يكفى غسله عن غسل ما ظهر.

قوله قده مسألة 6: (الشعور الرقاق. إلخ)

وجهه وجوب غسل ما بين الحدين.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 117

[ (مسألة 7) إذا شك في أن الشعر محيط أم لا]

(مسألة 7) إذا شك في أن الشعر محيط أم لا (1) يجب الاحتياط بغسله مع البشرة.

[ (مسألة 8) إذا بقي مما في الحد ما لم يغسل]

(مسألة 8) إذا بقي مما في الحد ما لم يغسل (2) و لو مقدار رأس ابرة لا يصح الوضوء فيجب أن يلاحظ (3) آماقه و أطراف عينه أن لا يكون عليها شي ء من القيح أو الكحل المانع، و كذا يلاحظ حاجبه أن لا يكون عليه شي ء من الوسخ، و أن لا يكون على حاجب المرأة وسمة أو خطاط له جرم مانع.

______________________________

قوله قده مسألة 7: (إذا شك في أن الشعر محيط أم لا. إلخ)

وجه ما ذهب اليه (قده) من وجوب الاحتياط بغسلهما معا هو العلم الإجمالي بوجوب غسله أو غسل البشرة، مبنيا ذلك على ما تقدم منه (قده) من وجوب غسل الشعر عن غسل البشرة إذا كان محيطا على المحل، و بعبارة أخرى إذا كان كثيفا، و إلا لزم غسل البشرة دونه أي إذا كان خفيفا، و لما كان هذا الموضوع الخارجي مشكوكا حاله بالفرض و أنه من الكثيف أو الخفيف و لا أصل محرز لأحدهما في البين وجب غسلهما معا قضاءا لحق العلم الإجمالي، (و اما) بناءا على ما اخترناه من عدم الفرق في الكثيف و الخفيف في وجوب غسله و أن الفرق بينهما اجتهاد في مقابلة النص لإطلاق النص فالعلم الإجمالي منحل الى ما يجب غسله و هو الشعر مطلقا، و شك بدوي في وجوب غسل ما سواه و هو البشرة فالمرجع فيه البراءة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 8: (إذا بقي مما في الحد ما لم يغسل. إلخ)

لفوات الكل بفوات جزئه.

قوله قده: (فيجب أن يلاحظ. إلخ)

مقدمة علية لإحراز الإتيان بالمكلف به و هو غسل الوجه بتمامه.

العمل الأبقى

في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 118

[ (مسألة 9) إذا تيقن وجود ما يشك في مانعيته]

(مسألة 9) إذا تيقن وجود ما يشك في مانعيته (1) يجب تحصيل اليقين بزواله أو وصول الماء إلى البشرة و لو شك في أصل وجوده يجب الفحص أو المبالغة حتى يحصل الاطمئنان بعدمه أو زواله أو وصول الماء إلى البشرة على فرض وجوده.

[ (مسألة 10) الثقبة في الأنف موضع الحلقة أو الخزامة لا يجب غسل باطنها]

(مسألة 10) الثقبة في الأنف (2) موضع الحلقة أو الخزامة لا يجب غسل باطنها

______________________________

قوله قده مسألة 9: (إذا تيقن وجود ما يشك في مانعيته. إلخ)

إنما وجب تحصيل اليقين بزوال الحاجب لقاعدة الشغل و استصحاب الحدث المقتضيين للعلم بالطهارة، و أصالة عدم الحاجب أو عدم الحجب لا تنفع في إثبات غسل البشرة و وصول الماء إليها إلا بناءا على الأصل المثبت (و يدل) عليه صدر صحيحة على بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: سألته عن المرأة عليها السوار و الدملج في بعض ذراعها لا تدري يجري الماء تحته أم لا، كيف تصنع إذا توضأت أو اغتسلت؟ قال عليه السّلام: تحركه حتى يدخل الماء تحته أو تنزعه. و لا يعارضه ما في ذيله: و عن الخاتم الضيق لا يدرى هل يجرى الماء تحته إذا توضأ أم لا، كيف يصنع؟ قال عليه السّلام: إن علم أن الماء لا يدخله فليخرجه إذا توضأ. لمخالفته لسائر عمومات الغسل من الكتاب و السنة، و للقواعد و الأصول المقتضية للعلم بانغسال الأعضاء الثلاثة، و وجوب الاستيعاب المقتضى لرفع جميع الموانع المحتملة مع أن دلالته بالمفهوم التي لا تقاوم المنطوق كما قيل، و مع غض النظر عن هذا كله يكون الخبر من المجمل، لتعارض الذيل مع الصدر الذي يرد علمه الى اللّٰه و رسوله، فيرجع في المسألة إلى القواعد المتقدمة و هي قاعدة الشغل و استصحاب الحدث.

و اللّٰه العالم.

قوله

قده مسألة 10: (الثقبة في الأنف. إلخ)

لكونها من الباطن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 119

باطنها بل يكفى ظاهرها سواء كانت الحلقة فيها أم لا

[ (مسألة 11) ان كانت له يد زائدة دون المرفق وجب غسلها أيضا]

(مسألة 11) ان كانت له يد زائدة دون المرفق (2) وجب غسلها أيضا كاللحم الزائد و ان كانت فوقه فان علم زيادتها (3) لا يجب غسلها و يكفى غسل

______________________________

و المعسور الذين لا ينبغي المناقشة فيهما بعد كون المقام موردا لهما، سيما بعد الفتوى بمضمونهما النصوص المتقدمة المتلوة عليك قريبا المحمول إطلاقها على ما نحن فيه من كون القطع مما دون المرفق.

قوله قده: (و إن قطعت من المرفق بمعنى. إلخ)

غسل الباقي من العضد الذي هو جزء من المرفق بناءا على ما تقدم منا من أن المرفق مجمع عظمي الذراع و العضد لا نفس المفصل و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 11: (إن كانت له يد زائدة دون المرفق. إلخ)

المدرك في الحكم المزبور من وجوب غسل ما دون المرفق و ان كان يدا زائدة الإجماعات المنقولة كما حكى التصريح به عن المعتبر و الإرشاد، و التحرير، و المنتهى و المختلف، و القواعد، و الدروس، و غير ذلك، بل الظاهر أنه لا خلاف فيه كما عن الجواهر و غيره، و لولاه لأشكل إدخالها تبعا للأصلية إذ لا تعد عرفا هذه من توابع تلك كما يعد الثؤلول و اللحم الزائد و الإصبع الزائدة و ما شابه ذلك، و مع ذلك فادخالها مما يتوقف عليه يقين البراءة و الطهارة، و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و إن كانت فوقه فان علم زيادتها)

أى لو كانت اليد الزائدة فوق المرفق فان علمت الزائدة و تميزت لا يجب غسلها لخروجها عن الحد الذي يجب غسله.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى،

ج 2، ص: 126

الأصلية، و ان لم يعلم الزائدة (1) من الأصلية وجب غسلهما، و يجب مسح الرأس و الرجل بهما من باب الاحتياط، (2) و ان كانتا أصليتين يجب غسلهما (3) أيضا و يكفى المسح بإحديهما.

[ (مسألة 12) الوسخ تحت الأظفار إذا لم يكن زائدا على المتعارف لا يجب إزالته]

(مسألة 12) الوسخ تحت الأظفار إذا لم يكن زائدا (4) على المتعارف لا يجب إزالته إلا إذا كان ما تحته معدودا من الظاهر فإن الأحوط إزالته، و ان كان زائدا على المتعارف وجبت إزالته، كما أنه لو قص أظفاره فصار ما تحتها ظاهرا وجب غسله بعد ازالة الوسخ عنه.

______________________________

قوله قده: (و ان لم يعلم الزائدة. إلخ)

بأن لم تتميز وجب غسلهما معا من باب المقدمة العلمية لغسل اليد الأصلية.

قوله قده: (من باب الاحتياط. اه)

أيضا المسح بهما من باب الاحتياط اللازم مقدمة علمية للمسح باليد الأصلية، هذا كله فيما إذا علم بزيادتها على اليد الأصلية و إن لم تتميز في بعض فروضها.

قوله قده: (و إن كانتا أصليتين يجب غسلهما. إلخ)

بأن كانت الزيادة في أصل الخلقة المتعارفة وجب غسلهما أصالة لا من باب المقدمة لوجوب غسل اليد، و ترجيح إحديهما بلا مرجح و كفى المسح بإحداهما لإطلاق المسح باليد و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 12: (الوسخ تحت الأظفار إذا لم يكن زائدا. إلخ)

ما حكم به من عدم وجوب الإزالة محل اشكال، و عن المنتهى بعد احتمال الوجوب و عدمه: الأقرب الأول، و عن الأسترآبادي بعد نقل عبارة المنتهى بتمامها قال: و ما قربه غير بعيد. انتهى. فالاحتياط لا ينبغي تركه، و إن كانت السيرة المستمرة على خلافه و سهولة الشريعة و سماحتها تأباه و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 127

[ (مسألة 13) ما هو المتعارف بين العوام من غسل اليدين الى الزندين]

(مسألة 13) ما هو المتعارف بين العوام من غسل اليدين الى الزندين و الاكتفاء عن غسل الكفين بالغسل المستحب قبل الوجه باطل.

[ (مسألة 14) إذا انقطع لحم من اليدين وجب غسل ما ظهر]

(مسألة 14) إذا انقطع لحم من اليدين وجب غسل ما ظهر (1) بعد القطع و يجب غسل ذلك اللحم أيضا ما دام لم ينفصل و إن كان اتصاله بجلدة رقيقة و لا يجب قطعه أيضا ليغسل ما تحت تلك الجلدة و ان كان أحوط لو عد ذلك اللحم شيئا خارجيا و لم يحسب جزء من اليد.

[ (مسألة 15) الشقوق التي تحدث على ظهر الكف]

(مسألة 15) الشقوق التي تحدث على ظهر الكف (2) من جهة البرد ان كانت وسيعة يرى جوفها وجب إيصال الماء فيها و الا فلا و مع الشك لا يجب عملا بالاستصحاب و ان كان الأحوط الإيصال.

[ (مسألة 16) ما يعلو البشرة مثل الجدري عند الاحتراق]

(مسألة 16) ما يعلو البشرة مثل الجدري (3) عند الاحتراق ما دام باقيا

______________________________

قوله قده مسألة 14: (إذا انقطع لحم من اليدين وجب غسل ما ظهر. إلخ)

لإطلاق ما دل على وجوب غسل الظاهر، و اما وجوب غسل ذلك اللحم فلعده عرفا جزءا من اليد، و لما تقدم عن قريب من الإجماعات المنقولة على وجوب غسل ما دون المرفق و إن كان لحما زائدا.

و أما عدم وجوب قطعه فلعدم الدليل عليه، و أما أحوطية قطعه فلعل وجهه دعوى أنه حينئذ يكون من قبيل الحاجب عن غسل ما تحته مع انه من هذا القبيل بعيد جدا، بل هو من قبيل جعل الباطن ظاهرا و هو غير لازم قطعا فالأقوى عدم وجوب قطعه.

قوله قده مسألة 15: (الشقوق التي تحدث على ظهر الكف. إلخ)

اما وجوب غسلها إذا كانت وسيعة فلأنها حينئذ من الظاهر الذي تقدم وجوب غسله، و أما الشك فلا يجب الاستصحاب أى استصحاب عدم الوجوب.

قوله قده مسألة 16: (ما يعلو البشرة مثل الجدري. إلخ)

الميزان

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 128

يكفى غسل ظاهره و ان انخرق، و لا يجب إيصال الماء تحت الجلدة، بل لو قطع بعض الجلدة و بقي البعض الآخر يكفى غسل ظاهر ذلك البعض و لا يجب قطعه بتمامه، و لو ظهر ما تحت الجلدة بتمامه لكن الجلدة متصلة قد تلصق و قد لا تلصق يجب غسل ما تحتها و ان كانت لاصقة يجب رفعها أو قطعها.

[ (مسألة 17) ما ينجمد على الجرح عند البرء و يصير كالجلد]

(مسألة 17) ما ينجمد على الجرح عند البرء (1) و يصير كالجلد لا يجب رفعه و ان حصل البرء و يجزى غسل ظاهره و ان كان رفعه سهلا، و اما الدواء الذي انجمد عليه و صار كالجلد

فما دام لم يكن رفعه يكون بمنزلة الجبيرة يكفي غسل ظاهره و ان أمكن رفعه بسهولة وجب.

[ (مسألة 18) الوسخ على البشرة ان لم يكن جرما مرئيا]

(مسألة 18) الوسخ على البشرة ان لم يكن جرما مرئيا (2) لا يجب إزالته

______________________________

غسل ظاهر البشرة و إن كان ذلك هو الجدري، نعم لو لم تكن قشور الجدري متصلة بالبدن بل كانت من قبيل الحاجب الملتصق بالبدن كما يكون ذلك عند البرء وجب إزالته و غسل ما تحته من البشرة.

قوله قده مسألة 17: (ما ينجمد على الجرح عند البرء. إلخ)

إنما لم يجب رفع ما انجمد على الجرح و أجزأ غسله عن غسل ما تحته لأنه صار جزءا من المغسول أو الممسوح عرفا، بخلاف الدواء المنجمد فإنه يعد عرفا جزءا خارجيا فهو بمنزلة الحاجب بل هو هو و اللّه العالم.

قوله قده مسألة 18: (الوسخ على البشرة ان لم يكن جرما مرثيا. إلخ)

الميزان صدق غسل البشرة عرفا، فاذا صدق ذلك كفى، و اما لو شك في حاجبية الموجود وجب إزالته ليعلم غسل البشرة، لاستصحاب الحدث و قاعدة الشغل اليقين المقتضى للفراغ اليقين الذي لا يحصل إلا بذلك، و لا ينفع أصالة عدم كون الشي ء حاجبا، إذ هذا الأصل لا يترتب عليه الا وصول الماء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 129

و ان كان عند المسح بالكيس في الحمام أو غيره يجتمع و يكون كثيرا ما دام

______________________________

إلى البشرة، و هذا ليس من الأحكام الشرعية و انما هو من اللوازم العادية للمستصحب، فلا يصير الأصل المذكور معتبرا الا عند من يقول بالأصول المثبتة، و قد تمسكوا للحكم المذكور من لزوم إيصال الماء الى ما تحت الحاجب المشكوك في حجبه بصدر صحيحة على بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: سألته عن

المرأة عليها السوار و الدملج في بعض ذراعها لا تدري يجري الماء تحته أم لا كيف تصنع إذا توضأت أو اغتسلت؟ قال: تحركه أو تنزعه حتّى يدخل الماء تحته. و عن الخاتم الضيق لا يدرى يجري الماء تحته إذا توضأ أم لا كيف يصنع؟ قال: ان علم أن الماء لا يدخل تحته فليخرجه إذا توضأ.

و لا يخفى عليك معارضة مفهوم الذيل لمنطوق الصدر، إذ مفهوم الجملة الشرطية أعني قوله عليه السّلام: ان علم أن الماء لا يدخل تحته. إلخ. هو أنه ان لم يعلم عدم دخول الماء لم يلزمه إخراجه، و هذا يشمل صورة الشك في دخول الماء و عدمه فيصير معارضا لصدر الصحيحة الناطق بأنه في صورة عدم العلم بدخول الماء يجب على المرأة تحريك السوار و الدملج حتى يدخل الماء الى ما تحتهما من البشرة، و قد أجاب عنه في الجواهر بوجهين.

(أحدهما) أن المنطوق أقوى دلالة فيقدم على المفهوم عند التعارض.

(و ثانيهما) أن الأول من قبيل المقيد و الثاني من قبيل المطلق لشمول عدم العلم لصورتي عدم العلم بالوصول و العلم به أى بعدم الوصول و الأول خاص بالأول. إلخ. و فيما ذكره (قده) من الوجهين نظر كما أورده بعض المحققين (ره) و وجهه: بأن مورد السؤال في المطلق عدم العلم بالوصول، فالمطلق بالنسبة إليها نص غير قابل للتقييد بما عداه، إذ يلزم إخراج مورد

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 130

يصدق عليه غسل البشرة، و كذا مثل البياض الذي يتبين على اليد من الجص أو

______________________________

السؤال عن الجواب، فيصير المنطوق و المفهوم كلاهما أجنبيا عن مورد السؤال كما لا يخفى، و من هنا يعلم عدم جواز الترجيح بكون الصدر منطوقا لأن المفهوم

إذا جي ء به لبيان الحكم في مورد السؤال، فالجملة الشرطية نص في المفهوم لا ظاهر، لعدم احتمال خلوها عنه فيكون في حكم المنطوق، و بالجملة فتعارض المنطوق و المفهوم المذكورين هنا من قبيل تعارض المتكافئين لا رجحان للمنطوق على المفهوم لا بالتقييد و لا بكونه منطوقا، و السر في ذلك كون الكلام نصا في مورد السؤال فلا يجرى عليه بالنسبة إليه في باب الترجيح حكم المنطوق و لا حكم المفهوم، فعلى ما حررنا من تعارض الصدر و الذيل صار الخبر من المجملات الذي لا يمكن الاستدلال به على الحكم المزبور، فلم يبق لدينا مما يستدل به للحكم المزبور من وجوب النزع أو تحريكه سوى استصحاب الحدث و قاعدة الاشتغال اليقيني المقتضى للفراغ اليقيني، هذا كله فيما لو شك في حاجبية الموجود.

(و اما) لو شك في وجود الحاجب فالظاهر أن الحكم فيه كالحكم في سابقه من وجوب تحصيل اليقين بإيصال الماء إلى البشرة، و البحث عن المانع في الموضع الذي لا يتيقن بانتفائه عنه، و الوجه فيه أنه لا بد من العلم بامتثال الأمر و الإتيان بالمأمور به إلا أن يحصل ما يقوم مقام العلم في إسقاط التكليف و الأول منتف بحكم الفرض، و ليس من الثاني إلا استصحاب عدم عروض المانع الذي هو عبارة عن أصالة عدم احتجاب البدن بحاجب و هو غير مفيد لأنه لا يترتب عليه إلا وصول الماء الى البدن و هو ليس من الأحكام الشرعية لعدم احتجاب البدن و إنما هو من اللوازم العادية، فلا يجدي الأصل المذكور

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 131

النورة إذا كان يصل الماء الى ما تحته و يصدق معه غسل البشرة، نعم لو شك

في كونه حاجبا أم لا وجب إزالته.

______________________________

إلا على القول باعتبار الأصول المثبتة (هذا) و لكن ربما يوجه صحة التمسك بالأصل المذكور حتى على القول بعدم اعتبار الأصول المثبتة بوجوه.

(أحدها) ما ذكره صاحب الجواهر (قده) من التمسك باستمرار السيرة التي يقطع معها برأى المعصوم (ع) على أنه لا يجب على المتوضئ و المغتسل اختيار انتفاء الحواجب عنهما مع قيام الاحتمالات غالبا، ثم أيده بعدم نص أحد من الفقهاء على إيجاب شي ء من ذلك في الوضوء أو في الغسل مع أنه كان أولى الأشياء بالنص لمكان قذر البراغيث و القمل و نحوهما من العوارض الغالبة على البدن، فحينئذ يتمسك في نفيه بالأصل، و إن كان الاعتماد عليه من دون نظر الى ما قدمناه لا يخلو عن تأمل لمعارضته بأصالة عدم الفراغ من التكليف و أصالة عدم وصول الماء إلى البشرة. و أنت خبير بما فيه لأن المراد بالسيرة إن كان هي سيرة من لا يبالي و لا يفهم فقيامها ثابت و لكن لا عبرة بها، و إن كان هي سيرة المتدينين فقيامها على ما ادعاه ممنوع، بل ليس من دأبهم في صورة الشك في وجود المانع إلا الفحص عنه و رفعه، و ما يرى من عدم صدور الفحص منهم غالبا فإنما هو من جهة اطمينانهم بانتفاء المانع، و لهذا ترى أن من يريد الغسل مثلا يبحث عن انتفاء المانع في مظان وجوده كرجليه مثلا أو تحت أظفاره و أمثال ذلك مما يحتمل فيه وجود المانع دون غيره.

(الثاني) ما حكى عن بعضهم من الإجماع على عدم الاعتناء بالشك في وجود الحاجب مثل الشك في أن بيده خاتما أم لا، و أنت خبير بعدم ثبوت ذلك ان لم ندع

ثبوت خلافه من جهة عدم تعرض أكثر الأصحاب لهذا الفرع.

(الثالث) أن يدعى أن أصالة العدم من الأمارات المعتبرة من باب

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 132

[ (مسألة 19) الوسواسى الذي لا يحصل له القطع بالغسل]

(مسألة 19) الوسواسى الذي لا يحصل له القطع (1) بالغسل يرجع الى المتعارف.

______________________________

الظن النوعي، فحالها حال سائر الأمارات الكاشفة عن الواقع، يثبت بها جميع ما يقارن مجراها حال سائر الأمارات من اللوازم و المقارنات، لا من باب التعبد بها ظاهرا حتى يقتصر فيها على ترتيب اللوازم الشرعية. و أنت خبير بفساد ذلك كما قرر في الأصول.

(الرابع): ما ذكره بعض المحققين (ره) من أن وصول الماء إلى البشرة و إن كان من اللوازم الغير الشرعية إلا أن ما يترتب عليه من الحكم الشرعي يعد في العرف من اللوازم و الأحكام الشرعية لنفس خلو البدن عن المانع، بحيث يلغى في العرف وساطة اللازم الغير الشرعي بين المستصحب و بين ذلك الحكم الشرعي، و نظير ذلك استصحاب رطوبة الملاقي للنجس، فإن الرطوبة لا يترتب عليها النجاسة بل هي من أحكام تأثر الملاقي بالنجاسة و هو لازم غير شرعي للرطوبة إلا أنه يلغى في نظر العرف، حتى أن الفقهاء يجعلون التنجس من أحكام ملاقاة الشي ء للنجس مع رطوبة أحدهما لكن هذا لا يتم في جميع موارد هذا الشك (و أورد) عليه بعض من تأخر بأن الفرق بين الواسطة الخفية و بين غيرها يبنى على الاعتماد في الأحكام الشرعية على المسامحات العرفية، إذ من المعلوم أن خفاء الواسطة و وضوحها مما يناط بنظر أهل العرف، و الاعتماد في الأحكام الشرعية على المسامحات العرفية واضح البطلان و اللّه العالم بحقيقة أحكامه.

قوله قده مسألة 19: (الوسواسى الذي لا يحصل له القطع. إلخ)

أما عدم الاعتناء

بشكه فهو الذي صرح به جملة من الأعلام، و في الجواهر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 133

..........

______________________________

بعد أن حكى ذلك عن جملة من أصحابنا قال: بل لا أجد فيه خلافا كما في الصلاة. انتهى. و يدل عليه ما يستفاد من الاخبار الواردة في الصلاة الدالة على أن كثرة الشك من الشيطان مثل صحيحة زرارة و أبى بصير الواردة فيمن كثر شكه في الصلاة بعد أن أمر بالمضي في الشك قال: لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه، فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في الوهم و لا يكثرن نقض الصلاة، فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد اليه الشك، ثم قال: إنما يريد الخبيث أن يطاع فاذا عصى لم يعد إلى أحدكم. و قوله عليه السّلام: إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك فإنه يوشك أن يدعك فإنما ذلك من الشيطان، و في صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: قلت له: رجل مبتلى بالوضوء و الصلاة و قلت: هو رجل عاقل فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و أى عقل له و هو يطيع الشيطان؟ فقلت له: و كيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله هذا الذي يأتيه من أي شي ء هو؟ فإنه يقول لك من عمل الشيطان (و ربما) يظهر من بعض الأخبار أنه يعمل ببعض الأمارات كرواية الواسطي قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك أغسل وجهي ثم اغسل يدي فيشككنى الشيطان أنى لم أغسل ذراعي و يدعى، قال:

إذا وجدت برد الماء على ذراعيك فلا تعد. (قال) بعض المحققين بعد نقل ما نقلناه: أقول: و لعل الامام عليه السّلام أراد بذلك حسم مادة مرضه حيث

أنه عليه السّلام علم أن شكه غالبا يحصل بعد صدور الفعل منه، كما هو الغالب في كثير الشك و الوسواس، فاذا رجع الى الأمارات و وجد امارة الغسل مرات يزول مرضه. و كيف كان فالمراد بكثير الشك بمقتضى معناه اللغوي و العرفي كثير الاحتمال في مقام لا يحتمل غيره راجحا كان أم مرجوحا أم مساويا،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 134

[ (مسألة 20) إذا نفذت شوكة في اليد أو غيرها من مواضع الوضوء أو الغسل]

(مسألة 20) إذا نفذت شوكة في اليد (1) أو غيرها من مواضع الوضوء أو الغسل لا يجب إخراجها إلا إذا كان محلها على فرض الإخراج محسوبا من الظاهر.

[ (مسألة 21) يصح الوضوء بالارتماس مع مراعاة الأعلى فالأعلى]

(مسألة 21) يصح الوضوء بالارتماس (2) مع مراعاة الأعلى فالأعلى لكن في اليد اليسرى لا بد أن يقصد الغسل حال الإخراج من الماء حتى لا يلزم المسح بالماء الجديد، بل و كذا في اليد اليمنى إلا أن يبقى شيئا من اليد اليسرى ليغسله باليد اليمنى حتى يكون ما يبقى عليها من الرطوبة من ماء الوضوء.

______________________________

(و أما) رجوعه في العمل الى المتعارف فإنه لا يخلو الأمر بعد نهيه عن العمل على الوسواس، إما العمل على المتعارف أو ترك العمل كلية و الثاني باطل بالضرورة فتعين الأول و اللّه العالم.

قوله قده مسألة 20: (إذا نفذت شوكة في اليد. إلخ)

حاصله أن الشوكة و أمثالها في مواضع الوضوء إن كانت حاجبة عن الغسل لما يجب غسله من الظاهر و لم يكن في إخراجها عسر و مشقة وجب إخراجها و إلا فلا.

قوله قده مسألة 21: (يصح الوضوء بالارتماس. إلخ)

الظاهر أنه لا إشكال في صحة الوضوء الارتماسي مع المحافظة على ما ذكره (قده) من مراعاة الأعلى فالأعلى و مراعاة قصد الغسل في اليسرى حالة الإخراج بل في اليمنى إن لم يعملها في غسل اليسرى لئلا يقع المسح بماء جديد غير بلة الوضوء، و ذلك لحصول ماهية الغسل و حقيقته للبشرة الذي يقتضيه إطلاق أدلة الغسل آية و رواية لتحققه بمجرد استيلاء الماء على البشرة، و على فرض احتمال أخذ الجريان في مفهومه فيكفي فيه تحريك العضو داخلا في الماء أو خارجا منه و اللّه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 135

[ (مسألة 22) يجوز الوضوء بماء المطر]

(مسألة 22) يجوز الوضوء بماء المطر (1) كما إذا قام تحت السماء حين نزوله فقصد بجريانه على وجهه غسل الوجه مع مراعاة الأعلى فالأعلى و كذلك بالنسبة إلى

يديه، و كذلك إذا قام تحت الميزاب أو نحوه، و لو لم ينو من الأول لكن بعد جريانه على جميع مواضع الوضوء مسح بيده على وجهه بقصد غسله و كذا على يديه إذا حصل الجريان كفى أيضا، و كذا لو ارتمس في الماء ثم خرج و فعل ما ذكر.

[ (مسألة 23) إذا شك في شي ء أنه من الظاهر حتى يجب غسله أو الباطن فلا فالأحوط غسله]

(مسألة 23) إذا شك في شي ء أنه من الظاهر (2) حتى يجب غسله أو الباطن فلا فالأحوط غسله، الا إذا كان سابقا من الباطن و شك في انه صار ظاهرا

______________________________

قوله قده مسألة 22: (يجوز الوضوء بماء المطر. إلخ)

و ذلك لحصول ماهية الغسل للبشرة الذي يقتضيه إطلاق أدلة الغسل آية و رواية، مع ما يدل عليه بخصوصه من رواية على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام المروية في الوسائل قال: سألته عن الرجل لا يكون على وضوء فيصيبه المطر حتى يبتل رأسه و لحيته و جسده و يداه و رجلاه هل يجزيه ذلك من الوضوء؟

قال: ان غسله فان ذلك يجزيه.

قوله قده مسألة 23: (إذا شك في شي ء أنه من الظاهر. إلخ)

و ذلك كأوائل الأنف و مطبق الشفة و ما شاكلهما لا يجب غسله على الأظهر لأصالة البراءة، و قيل: يجب لقاعدة الشغل، و فيه أنه لم يثبت اشتغال الذمة بأزيد مما علم أنه من الظاهر، و قد تقرر في محله أن المرجع عند دوران التكليف بين الأقل و الأكثر البراءة من الأكثر لا الاحتياط، نعم لو قلنا: أن المكلف به هو التطهير و ازالة الحدث و هو مفهوم مبين و الأمر بالوضوء لكونه مما يتحقق به هذا المفهوم المبين لا يتجه القول بوجوب الاحتياط لكن فيه كلام مذكور في محله، و مع ذلك فالاحتياط

لا ينبغي تركه خصوصا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 136

أم لا، كما أنه يتعين غسله لو كان سابقا من الظاهر ثم شك في أنه صار باطنا أم لا «الثالث» مسح الرأس (1) بما بقي من البلة في اليد و يجب أن يكون على الربع المقدم من الرأس فلا يجزى غيره و الأولى و الأحوط الناصية و هي ما بين

______________________________

لو توقف القطع بغسل الظاهر على غسله فإنه يجب حينئذ جزما من باب المقدمة العلمية، كما أنه يجب على القول بوجوب غسل المواضع المشكوكة غسل مقدار من البواطن التي يتوقف العلم بحصول الغسل الواجب على غسلها.

قوله قده (الثالث: مسح الرأس. إلخ)

ذكر (قده) في هذه المسألة مسائل متعددة.

(الأولى) مسح الرأس و هو الفعل الثالث من أفعال الوضوء، و الذي يدل على أصل وجوب المسح في الجملة: الكتاب و السنة و إجماع المسلمين.

(الثانية) أن يكون المسح بما بقي من بلة الوضوء في اليد للإجماع المنقول كما في المدارك و الذكرى و عن صريح الخلاف و الغنية و ظاهر الروض و التنقيح و ان خالف الإسكافي في ذلك إذ لا يقدح خروج مثله، و للصحيح الصادقي عليه السّلام المروي في الكافي: ثم امسح رأسك بفضل ما بقي في يدك من الماء و رجليك الى كعبك. و للصادقى أيضا المروي في الفقيه: إذا نسيت مسح رأسك فامسح عليه و على رجليك من بلة وضوئك فان لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شي ء فخذ ما بقي منه في لحيتك و امسح به رأسك و رجليك، و ان لم يكن لك لحية فخذ من حاجبيك و أشفار عينك و امسح به رأسك و رجليك، و ان لم يبق من

بلة وضوئك شي ء أعدت الوضوء. و في خبر ابن يقطين المتقدم: و امسح بمقدم رأسك و ظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك. و في الفقه الرضوي: روى أن جبرئيل هبط على رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 137

البياضين من الجانبين فوق الجبهة

______________________________

بغسلتين و مسحتين غسل الوجه و الذراعين بكف كف و مسح الرأس و الرجلين بفضل النداوة التي بقيت. (هذا) مع كثير من الأخبار البيانية الحاكية أنه عليه السّلام مسح رأسه بما بقي في يده من نداوة وضوئه و أنه لم يعدهما في الإناء، و في بعضها: لم يجدد ماءا.

(الثالثة): يجب أن يكون المسح على الربع المقدم من الرأس إجماعا كما حكى عن الانتصار، و الناصرية و الخلاف، و الغنية، و المعتبر، و الذكرى، و الروض، و المدارك، و المعتصم، و ظاهر المنتهى، و التنقيح، و كنز العرفان، و الذخيرة و غيرها للمستفيضة منها: الصحيح الصادقي المروي في التهذيب، مسح الرأس على مقدمه. و في آخر: امسح الرأس على مقدمه.

و في ثالث: و تمسح ببلة يمناك ناصيتك. و منها في قوله عليه السّلام لعلى بن يقطين بعد زوال التقية و الأمر بالوضوء الصحيح: و أمسح مقدم رأسك.

و منها ما رواه حماد بن عيسى عن بعض أصحابه عن أحدهما عليه السّلام في الرجل يتوضأ و عليه العمامة: يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدم رأسه. و بما ذكرنا يقيد إطلاق الآية الشريفة فلا يجزى المسح على غير المقدم، و أنه لو مسح على مؤخر الرأس أو أحد جانبيه الأيمن أو الأيسر لم يمتثل الأمر بمسح الرأس (فما) في صحيحة الحسين بن أبي العلا عن

الصادق عليه السّلام: امسح الرأس على مقدمه و مؤخره. و خبر سهل: سأله عليه السّلام عن الوضوء يمسح الرأس مقدمه و مؤخره؟ فقال: كأني أنظر الى عكنة في رقبة أبي يمسح عليها. و قوله في مرفوع أحمد بن محمد بن عيسى الى أبى بصير: مسح الرأس واحدة من مقدم الرأس و مؤخره. فمطروحة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 138

..........

______________________________

أو محمولة على التقية أو غير الوضوء أو المسح بعد الوضوء الذي قاله في مرسل سهل: إذا فرغ أحدكم من وضوئه فليأخذ كفا من ماء فليمسح به قفاه يكون ذلك فكاك رقبة من النار.

ثم إن هذا مما لا إشكال فيه، و إنما الإشكال في أن المراد بمقدم الرأس مطلق مقدمه الذي هو عبارة عن ربعه من قمته الى قصاص الشعر فيجزي المسح على أى جزء كان منه؟ أو على جزء خاص منه؟ فظاهر بعض النصوص كصحيحة زرارة: ثم تمسح ببلة يمناك ناصيتك. كظواهر جملة من عبارات الأصحاب وجوب مسح الناصية، قال في كتاب من لا يحضره الفقيه:

فيمسح من مقدم رأسه مقدار ثلاث أصابع مضمومة من ناصيته الى قصاص شعر رأسه مرة واحدة. انتهى. و قال في السرائر: و أقل ما يجزى من مسح الناصية ما وقع عليه اسم المسح. انتهى هذا مع ما وقع لجملة من الأساطين من الاستدلال على اختصاص المسح بمقدم الرأس بأن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم مسح بناصيته و فعله في مقام البيان فيجب اتباعه، و لهذا و أمثاله قال (قده):

و الأولى و الأحوط الناصية.

(و معنى) الناصية و إن كان مجملا إذ فسرت بتفاسير مختلفة (منها) مطلق مقدم الرأس (و منها) أنها جزء من مقدم الرأس كما يعطيه

كلام العلامة (ره) في التذكرة فإنه قال فيها ما لفظه: الناصية ما بين النزعتين و هو أقل من نصف الربع. (و منها) قصاص الشعر و غير ذلك من الأقوال التي يطلع عليها من راجع كلمات اللغويين و الفقهاء، و مع هذا الاختلاف لا مجال لرفع اليد عن ظواهر ما دل على كفاية المسح بمقدم الرأس و تقييدها بما لا يصلح للتقييد لإجماله، و إن كان الظاهر أن من مسح مقدارا من مقدم رأسه فوق القصاص

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 139

و يكفى المسمى و لو بقدر عرض إصبع واحدة (1) أو أقل، و الأفضل بل الأحوط أن يكون بمقدار عرض (2) ثلاث أصابع، بل الاولى أن يكون بالثلاثة و من طرف

______________________________

حتى ينهى المسح الى قصاص الشعر فقد أخذ بالاحتياط و اللّٰه العالم.

(الرابعة) قوله قده: (و يكفى المسمى و لو بقدر عرض إصبع واحدة. إلخ)

عند الأكثر بل حكى عليه الإجماع لأصالة عدم وجوب الزائد و لا طلاق الأمر في الآية الشريفة بالمسح فلا يتقيد لعدم التحديد، و الباء فيها للتبعيض كما بين في محله، و للصحاح منها الزراري الباقرى عليه السّلام: إذا مسحت بشي ء من رأسك أو بشي ء من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك: و في آخر: في الرجل يتوضأ و عليه العمامة؟ قال: يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدم رأسه. و هو الذي يقتضيه إطلاق الصحيح الزراري الباقرى عليه السّلام المروي في الكافي و التهذيب و الفقيه: إلا تخبرني من أين علمت و قلت إن المسح ببعض الرأس و الرجل؟ فضحك و قال: يا زرارة قاله رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم و

نزل به الكتاب من اللّٰه عز و جل قال (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ) فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل، ثم قال (وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ) فوصل اليدين الى المرفقين بالوجه فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا الى المرفقين، ثم فصل بين الكلام فقال (وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا حين قال برؤوسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال (وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضهما، ثم فسر ذلك رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم للناس فضيعوه. الحديث.

قوله قده: (و الأفضل بل الأحوط أن يكون بمقدار عرض. إلخ)

و ذلك لإطلاق الاجزاء عليها في الصحيح الزراري الباقرى عليه السّلام المروي في

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 140

الطول أيضا يكفي المسمى و ان كان الأفضل أن يكون بطول إصبع، و على هذا فلو أراد ادراك الأفضل ينبغي أن يضع ثلاث أصابع على الناصية و يمسح بمقدار إصبع من الأعلى إلى الأسفل، و إن كان لا يجب كونه كذلك فيجزي النكس، (1) و إن كان الأحوط خلافه (2)، و لا يجب كونه على البشرة (3) فيجوز أن يمسح

______________________________

الكافي قال: المرأة يجزيها من مسح الرأس أن تمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع و لا تلقى عنها خمارها. بناءا على عدم الفصل بين الرجل و المرأة، و روى الشيخ عن الباقر عليه السّلام قال: يجزى من المسح على الرأس ثلاث أصابع و كذلك الرجل. بناءا على أن الاجزاء إنما يستعمل في أقل الواجب و هو ظاهر الصدوق في الفقيه و الشيخ في النهاية، و يمكن حمل الإجزاء من القدر المندوب و ربما خص مقدار

الثلاث بالطول أو يحمل على الاستحباب، و الأول لا دليل عليه و الثاني بعيد عن لفظ الاجزاء، فتقييد المطلق بالمقيد أولى و ان كان لسان أخبار كفاية المسمى لسان صراحة في الاكتفاء لا من باب المطلق و المقيد و لكن الاحتياط سبيل النجاة.

(الخامسة) قوله قده: (فيجزي النكس)

وفاقا لابن زهرة و الحلي و الفاضلين و الشهيدين و المحقق الثاني و هو المشهور كما في البحار، و لإطلاق الآية الشريفة، و للصحيح المروي في التهذيب عن الصادق عليه السّلام: لا بأس بمسح الوضوء مقبلا و مدبرا.

قوله قده: (و ان كان الأحوط خلافه)

خروجا عن خلاف المانع من جوازه الموجب للإقبال فيه و هو المحكى عن المرتضى و الشيخ في النهاية و الخلاف و ظاهر الصدوق للشك فيه و أصالة بقاء الحدث.

قوله قده: (و لا يجب كونه على البشرة)

جواز المسح على الشعر النابت

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 141

على الشعر النابت في المقدم بشرط أن لا يتجاوز بمده عن حد الرأس فلا يجوز المسح على المقدار المتجاوز و إن كان مجتمعا في الناصية، و كذا لا يجوز على النابت في غير المقدم و إن كان واقعا على المقدم، و لا يجوز المسح على الحائل من العمامة أو القناع أو غيرهما، و إن كان شيئا رقيقا (1) لم يمنع عن وصول الرطوبة الى

______________________________

على البشرة الغير الخارج بمده عن حد ما يجب المسح عليه من البشرة مما لا شبهة فيه و عليه الإجماع منقولا و محصلا، بل هو من ضروريات الدين مع ظهور الأخبار الآمرة بالمسح على الناصية فيه و هو المتبادر من الآية الشريفة و الأخبار الآمرة بالمسح على مقدم الرأس لما يعم الشعر و البشرة، و لا

ينافيه قول الصادق عليه السّلام فيمن يخضب رأسه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء: لا يجوز حتى يصل بشرته الماء. فان المراد به ما يعم الشعر فان المراد بالبشرة في قبال المسح على الحناء.

قوله قده: (و لا يجوز المسح على الحائل) إلى قوله: (و ان كان رقيقا. إلخ

________________________________________

شبر، سيد على حسينى، العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، 2 جلد، مطبعة النجف، نجف اشرف - عراق، اول، 1383 ه ق

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى؛ ج 2، ص: 141

إجماعا كما عن الانتصار، و الغنية، و الخلاف، و المعتبر، و نهج الحق، و المنتهى، و الذكرى، و الروض، و المدارك و غيرها و عدم صدق الامتثال لغة و عرفا بدون المسح على الرأس لعدم صدق الرأس على شي ء من الحائل أصلا، و للصحيح المروي في التهذيب: عن المسح على الخفين و العمامة؟ قال: لا يمسح عليهما. و في الصادقي عليه السّلام: الذي يخضب رأسه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء، قال: لا يجوز حتى يصيب بشرة رأسه الماء. و في الخبر عن المرأة: هل يصلح لها أن تمسح على الخمار؟ قال:

لا يصلح حتى تمسح على رأسها. (و ما ورد) بخلاف ذلك من جواز المسح على الحائل كما في صحيحي عمر بن يزيد و ابن مسلم، فيكفي في عدم جواز

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 142

البشرة، نعم في حال الاضطرار لا مانع (1) من المسح على المانع كالبرد، و إذا كان شيئا لا يمكن رفعه، و يجب أن يكون المسح بباطن الكف (2)

______________________________

العمل بهما إعراض الأصحاب عنهما مع موافقتهما للعامة فلا بد من حملهما على التقية. و اللّٰه العالم.

قوله قده: (نعم في حال الاضطرار لا مانع)

كما

يدل عليه أدلة رفع العسر و الحرج كما يأتي تفصيله في أحكام الجبائر إن شاء اللّٰه تعالى.

(السادسة) قوله: (و يجب أن يكون المسح بباطن الكف)

الذي يدل عليه سيرة المتشرعين و أهل الدين المقطوع اتصالها بالأئمة المعصومين عليهم السلام و أخذها منهم، مع ما تقتضيه قاعدة الشغل اليقيني المستدعية للفراغ اليقيني، و لذا قال في مصباح الفقيه: و يجب أن يكون المسح بباطن الكف مما دون الزند مع القدرة على الأقوى، فلا يجزى المسح بظاهرها فضلا عن الذراعين و غيرهما، ثم حكى عبارة الحدائق في هذا المقام فقال: و في الحدائق قد ذكر جملة من أصحابنا أنه لا يجوز المسح بغير اليد اتفاقا، و إن الظاهر تعينه بالباطن لأنه المتيقن إلا أن يتعذر فيجوز بالظاهر. انتهى ما حكاه عن الحدائق، ثم قال: و مرادهم من اليد بحسب الظاهر كما يشهد به عبارة الحدائق خصوص الكف لا الأعم منها و من الساعد و العضد، لأنها هي التي تبادر من إطلاق اليد خصوصا إذا أسند إليها ما يناسبها كالأكل و الأخذ و المسح و غيرها من الأفعال التي جرت العادة بحصولها من الكف، و لذا استدل بعض لتعيين المسح بالكف دون الذراع بالأخبار المشتملة على ذكر اليد، و لم يخطر بباله أصلا على ما يشهد به كلامه أن اليد لغة أعم من الذراع. و كيف كان فلا شبهة في عدم جواز المسح بما عدى اليد مطلقا إجماعا بل ضرورة فلا يمكن الأخذ بإطلاق آية المسح الى آخر ما ذكره (قده).

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 143

و الأحوط ان يكون باليمنى (1) و الاولى ان يكون بالأصابع (2).

[ (مسألة 24) في مسح الرأس لا فرق بين أن يكون طولا أو عرضا أو منحرفا]

(مسألة 24) في مسح الرأس لا فرق بين أن

يكون طولا أو عرضا أو منحرفا (3)

[ «الثاني» غسل اليدين]

اشارة

«الثاني» غسل اليدين (1) من

______________________________

الذي تقدم عدم وجوب غسله.

قوله قده: (الثاني غسل اليدين. إلخ)

ذكر (قده) في هذا الموضع عدة مسائل:

(الأولى) غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع، أما وجوب غسلهما بهذا المقدار فمن الضروريات الثابت بالكتاب و السنة و الإجماع.

(الثانية) تقديم اليمنى على اليسرى و هذا أيضا بلا خلاف فيه، و عن الغنية و السرائر و الخلاف و المعتبر و المنتهى و نهج الحق و الروض و الذكرى الإجماع عليه، و لأصالة بقاء الحدث، و للوضوءات البيانية، و قوله صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم هذا وضوء لا يقبل اللّٰه الصلاة إلا به، و للصحاح ففي الصادقي عليه السّلام: الرجل يتوضأ فيبدأ بالشمال قبل اليمين؟ قال: يغسل اليمين و يعيد اليسار، و الموثق:

فإن بدأت بذراعك الأيسر قبل الأيمن فأعد غسل الأيمن ثم اغسل الأيسر، و نحوه آخر، و في المرتضوي فيمن بدأ بالمروة قبل الصفا يعيد، ألا ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء يعيد الوضوء.

(الثالثة) وجوب الابتداء بالمرفق فهو أقوى من وجوب الابتداء من الأعلى في الوجه، لقوة دلالة النصوص البيانية على ذلك حتى تضمنت أنه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم غسل ذراعه من المرفق الى الكف لا يردها الى المرفق. و أنه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم غسل يده من المرفق إلى الأصابع لا يرد الماء الى المرفق، و لخبر الهيثم عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام عن قوله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ).

فقلت: هكذا؟ و مسحت من ظهر كفى الى المرفق، فقال: ليس هكذا تنزيلها، إنما هي: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ من الْمَرٰافِقِ ثم أمر عليه

السّلام يده من مرفقه إلى أصابعه، و في البحار: روى عن الصادق عليه السّلام أن الآية نزلت

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 120

المرفقين إلى أطراف الأصابع مقدما لليمنى على اليسرى، و يجب الابتداء بالمرفق

______________________________

هكذا: و أيديكم من المرافق. و فيه عن علل محمد بن على بن إبراهيم: معنى الى المرافق من المرافق، و الغرض من الوضوء مرة واحدة و المرتان احتياط لما سبق. و يدل عليه أيضا: أمر الإمام عليه السّلام فيما كتبه الى على بن يقطين بعد ارتفاع التهمة عنه بغسل يديه من المرفقين عكس ما أمره به أولا لأجل التقية، و عن كشف الغمة، و لما في الغنية، و عن ظاهر التبيان، و صريح غيره من الإجماع عليه و لغير ذلك، و لعله لذا نقل عن ابن سعيد بل و السيد موافقة المشهور هنا، و لكن عن السيد أيضا و الحلي و غيرهما عدم الوجوب لنحو ما سبق في الوجه، و قد عرفت الوجه فيه مع أن الحلي صرح بأنه مكروه شديد الكراهة حتى جاء بلفظ الحظر، ثم إنه في جواز النكس في الأثناء نحو ما سبق في الوجه.

(الرابعة) وجوب غسل المرفق بتمامه، و الدليل عليه الإجماع على وجوب غسله كما عن التبيان، و مجمع البيان، و المنتهى، و الخلاف، و الناصرية، و الغنية، و المعتبر، و الذكرى، و التنقيح، و كنز العرفان، و جامع المقاصد، و المقاصد العلية، و الروض، و المسالك، و المدارك، و المشارق، و غيرها، قال الشيخ (ره) في الخلاف بعد الحكم بوجوب غسل المرفقين: دليلنا قوله تعالى (وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ) و (الى) قد تكون بمعنى (مع) و قد تكون بمعنى الغاية و قد ثبت عن

الأئمة (ع) أن المراد بها في الآية (مع) فعلمنا بذلك وجوب غسلهما. انتهى.

قال بعض الأعلام- بعد نقل هذا عنه-: و من المعلوم أن هذا الكلام منه (ره) رواية تفسير للآية متعلقة بالحكم الشرعي على وجه الجزم فهو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 121

و الغسل منه الى الأسفل عرفا فلا يجزى النكس، و المرفق مركب من شي ء من الذراع و شي ء من العضد و يجب غسله بتمامه و شي ء آخر من العضد من باب

______________________________

إخبار عن أمر حسي من ثقة عدل فيكون معتبرا. و قال السيد المرتضى (ره)- بعد قول الناصر يدخل المرفقان في الوضوء- و هذا صحيح و عندنا أن المرافق يجب غسلها مع اليدين و هو قول جميع الفقهاء إلا زفر بن الهذيل وحده، و حكى عن أبى بكر بن داود الأصفهاني مثل قول زفر في هذه المسألة، دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الفرقة المحقة. انتهى.

و قال الشيخ (ره) في الخلاف بعد الاستدلال بالآية ما نصه: و أيضا الاحتياط يقتضي ذلك لأن من غسل المرفقين مع اليدين لا خلاف في أن وضوءه صحيح، و إذا لم يغسلهما ليس على صحته دليل ثم قال: و روى جابر:

ان النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم توضأ فغسل يديه و ذلك من مرفقيه ثم قال: و عليه إجماع الفرقة. انتهى. (و عن المعتبر): الواجب غسل اليدين مع المرفقين.

و استدل على دخول المرفق بان عليه الإجماع ممن عدا زفر و من لا عبرة بخلافه. انتهى. (و قال في المنتهى) أكثر أهل العلم على وجوب إدخال المرفقين في الغسل خلافا لبعض أصحاب مالك و ابن داود و زفر. انتهى.

(و قال الشهيد (ره) في الذكرى): و

يجب غسل المرفقين إجماعا إلا من شذ من العامة. (و عن جوامع الجامع): إن وجوب غسل المرافق مذهب أهل البيت. (و في كشف اللثام) عند قول العلامة (ره) في القواعد الثالث غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع: فإن نكس أو لم يدخل المرفق بطل الوضوء إجماعا في الثاني ممن عدا زفر و ابن داود و بعض المالكية. انتهى (و قد استدل) على ذلك أيضا برواية الهيثم: سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن قوله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ) فقتل هكذا؟

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 122

المقدمة، و كل ما هو في الحد يجب غسله و ان كان لحما زائدا أو إصبعا زائدة

______________________________

و مسحت من ظهر كفى الى المرفق، فقال: ليس هكذا تنزيلها إنما هي فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ من الْمَرٰافِقِ، ثم أمر يده من مرفقه إلى أصابعه، و بالصحيح الحاكي لوضوء رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم: فوضع الماء على مرفقه فأمر كفه على ساعده. و بالصحيح أو الحسن عن زرارة و بكير: أنهما سألا أبا جعفر عليه السّلام عن وضوء رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم فحكاه لهما و ذكر أنه غمس كفه اليسرى فغرف بها غرفة فأفرغ على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق الى الكف لا يردها الى المرفق، و غمس كفه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق و صنع بها مثل ما صنع باليمنى. و بمكاتبة ابن يقطين المروية عن إرشاد المفيد من قوله (ع): و اغسل يدك من المرفقين.

(و الإنصاف) أنه لا دلالة في هذه الأخبار واضحة على المطلوب من هذه الجهة فلم يبق لدينا

إلا الاتفاق المذكور و عدم الخلاف بين المسلمين، و الإجماعات المحكية عن المسلمين، و في ذلك كفاية في الدلالة على المطلوب، (نعم) بعد هذا الاتفاق على وجوب غسل المرفقين وقع الاختلاف في أن وجوبه أصالة أو من باب المقدمة لغسل تمام اليد؟ و تظهر الثمرة في وجوب غسل جزء من العضد لو قطعت اليد من المرفق، كما أنه وقع الاختلاف و الكلام في تفسير المرفق، و الظاهر من الأدلة أن وجوب غسل المرفق أصالة لا من باب المقدمة، كما أن الظاهر أن المرفق هو مجمع عظمي الذراع و العضد لا نفس المفصل (للصحيح) الصادقي (ع) المروي في التهذيب: عن الأقطع اليد و الرجل كيف يتوضأ؟ قال: يغسل المكان الذي قطع منه (و للحسن) الصادقي (ع) المروي في الكافي: عن الأقطع؟ قال: يغسل ما قطع منه.

فإنهما بإطلاقهما شاملان لما لو قطع من المفصل، (و للصحيح) الكاظمي

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 123

و يجب غسل الشعر مع البشرة، و من قطعت يده من فوق المرفق لا يجب عليه

______________________________

(عليه السلام) عن رجل قطعت يده من المرفق؟ قال: يغسل ما بقي من عضده.

(الخامسة): كل ما هو في الحد يجب غسله. و قد استدل على ذلك بوجوه: منها دخوله في محل الغسل بعد تعليق الوجوب على المبدأ و النهاية بدعوى أن المنساق منه دخول جميع ما بينهما مع توقف يقين البراءة و الطهارة على غسلهما سيما مع اشتهاره بينهم، حتى ادعى بعضهم أنه لا يعرف فيه خلافا، بل عن جماعة استظهار الإجماع عليه، بل عن شارح الدروس:

دعوى الإجماع عليه، و في المدارك: نفى الريب عنه، و إن كان يشكل الدخول في مثل الذراع و اليد و لكن لا

بأس بالمصير الى ما ذكروه لتوقف يقين البراءة عليه، (نعم) الظاهر كما أفاده (قده) من وجوب غسل بشرة اليد المستورة خلال الشعر بدلالة مفهوم قوله (ع): إذا مس جلدك الماء فحسبك، و لأنها اليد حقيقة مع إطلاق الأمر بغسل اليدين دون الشعر، و مثل هذا و إن كان جاريا في شعر الوجه إلا أنه خرج بما مر من الدليل الغير الجاري ههنا عدا ما يتوهم من عموم قوله (ع). كلما أحاط به الشعر فليس على العباد أن يطلبوه. و قوله (ع): إنما عليك غسل ما ظهر. لإمكان المناقشة (في الأول) بمنع دلالته على العموم بالنسبة إلى شعر اليد، بل لا يستفاد منه إلا حكم ما أحاط بالوجه من الشعر، إذ ليس الموصول في الرواية للعموم بل هو للعهد، و القدر المعلوم إرادته منه ليس إلا ما أحاط بالوجه لا غير (و أما الثاني): فلا مكان المناقشة فيه بدلالته على وجوب غسل الظاهر في مقابل الباطن لا الظاهر في مقابل المستور خصوصا ما كان مستورا بالشعر و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 124

غسل العضد و ان كان أولى، و كذا ان قطع تمام المرفق، و ان قطعت مما دون

______________________________

و أما وجوب غسل الشعر معها فهو مبني على ما تقدم من وجوب غسل ما في الحد و عدمه.

(السادسة): من قطعت يده من فوق المرفق لا يجب عليه غسل العضد بلا خلاف ظاهرا كما اعترف به كثير منهم، بل الإجماع كما في المنتهى و الروض و غيرهما على سقوط الغسل عن المحل الذي لا يجب غسله، و يكفى دليلا عليه إنعدام الحكم بانعدام موضوعه، و بما ذكرنا من الإجماع- إن تم- يقيد إطلاق النصوص

كصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع): عن أقطع اليد و الرجل؟ فقال: يغسلهما. (و صحيح) رفاعة عن أبى عبد اللّٰه (ع) عن الأقطع؟ قال: يغسل ما قطع منه. (و صحيحه) الآخر عنه (ع) عن أقطع اليد و الرجل كيف يتوضأ؟ قال: يغسل ذلك المكان الذي قطع منه.

(و صحيح) على بن جعفر عن أخيه (ع) عن رجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضأ؟ قال: يغسل ما بقي من عضده. فتحمل على ما لو كان القطع مما دون المرفق، و بعضها على بقاء شي ء من المرفق مما يجب غسله.

(و أما) حملها على إرادة غسل محل القطع خاصة تعبدا فبعيد، سيما بعد فهم الأصحاب كما اعترف به غير واحد (و الظاهر) ان احتمال حمل الأخبار على ما ذكر من الغسل لمحل القطع تعبدا هو منشأ ما أفاده (قده) من أولوية غسل العضد.

(السابعة): ان قطعت مما دون المرفق يجب عليه غسل ما بقي.

لا خلاف في وجوب غسل الباقي مما يجب غسله، بل الإجماع بقسميه عليه، بل في المنتهى نسبته الى أهل العلم، و يشهد له مع الاستصحاب و قاعدة الميسور

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 125

المرفق يجب عليه غسل ما بقي، و ان قطعت من المرفق بمعنى (1) إخراج عظم الذراع من العضد يجب غسل ما كان من العضد جزءا من المرفق.

[ «الرابع» مسح الرجلين]
اشارة

«الرابع» مسح الرجلين (4)

______________________________

قوله قده: (و الأحوط أن يكون باليمنى)

لصحيحة زرارة: و تمسح ببلة يمناك ناصيتك. و المشهور عدم وجوبه بل يظهر من الحدائق عدم الخلاف فيه و ان كان ظاهرهم الاتفاق على استحبابه، أخذا بالمطلقات الكثيرة الواردة في مقام البيان لحكم يعم به البلوى فلا تصلح الصحيحة لتقييدها فالأولى حملها على الاستحباب، و

عن بعض متأخري المتأخرين وفاقا لظاهر الإسكافي وجوبه مستدلين بالصحيحة المزبورة.

قوله قده: (و الاولى أن يكون بالأصابع)

لا أرى وجها يدل عليه في قبال إطلاقات المسح باليد، نعم قد يشعر به ما تقدم في الصحيح الزراري الباقرى عليه السّلام المروي في الكافي قال: المرأة يجزيها من مسح الرأس أن تمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع و لا تلقى عنها خمارها. و ما رواه الشيخ عن الباقر عليه السّلام قال: يجزى من المسح على الرأس ثلاث أصابع و كذلك الرجل و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 24: (في مسح الرأس لا فرق بين أن يكون طولا أو عرضا أو منحرفا. اه)

كل ذلك لإطلاق الأمر بالمسح كتابا و سنة مع صدق الامتثال على أى نحو من الأنحاء الثلاثة المذكورة وقع.

قوله قده: (الرابع مسح الرجلين. إلخ)

هذه العبارة تضمنت بيان أمور:

(الأول) مسح الرجلين دون غسلهما و يدل عليه (أولا) الإجماع محصلا و منقولا بل الضرورة من مذهبنا كما في الرياض و غيره (و ثانيا) الكتاب

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 144

..........

______________________________

العزيز و هو قوله تعالى (وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) اما على قراءة الجر كما هو المحكى عن جملة من القراء فواضح، إذ يكون معطوفا على لفظ رءوسكم، و اما على قراءة النصب فالواجب عطفه على محل الرؤوس دون الوجوه و الأيدي للقرب، و إن عطفه على الوجوه و الأيدي مخل بنظم الكلام لأنه يصير من قبيل ضربت زيدا و عمرا و أكرمت خالدا و بكرا بجعل بكر عطفا على زيد و ارادة أنه مضروب لا مكرم، و هذا مستهجن جدا تنفر منه الطباع و لا تقبله الأسماع فكيف يجنح اليه أو يحمل القرآن عليه (فان قلت): من

المحتمل جر أرجلكم من باب الجوار كقولهم: جحر ضب خرب مع كونه معطوفا على الوجوه فتسقط قراءة الجر عن درجة الظهور في المسح فتكون الأرجل من قبيل المغسول (قلت) ان الأعراب بالمجاورة شاذ نادر لا يقاس عليه، و ما ورد في مواضع لا يتعدى الى غيرها فلا يجوز أن يحمل كتاب اللّٰه العزيز عليه، و إن كل موضع أعرب بالمجاورة يشترط فيه تجاور اللفظين و تقاربهما بلا فاصلة بينهما، و هنا قد تضمنت الآية حرف العطف و هو حائل بين اللفظين فهو مانع من الاعراب بالمجاورة لانتفاء شرطه، و أيضا إن الأعراب بالجوار إنما يجوز و يستحسن حيث لا تتطرق الشبهة إلى المعنى، ألا ترى أنه لا شبهة في كون خرب من صفات الجحر و لا يحتمل كونه من صفات الضب، و ليس الآية الشريفة هكذا لأن الأرجل يصح أن يكون فرضها المسح كما يصح أن يكون فرضها الغسل، فالشك واقع فلا يجوز إعرابها بالمجاورة مع وقوع اللبس و الشبهة، و قد ذكر ذلك كله السيد المرتضى (قده) في شرح المسائل الناصرية و أشار الى جملة منها في الانتصار

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 145

من رءوس الأصابع إلى الكعبين

______________________________

في جواب السؤال المذكور، و ذكر فيه ما يزيد على ما ذكرنا فمن أراده فليراجعه.

(و ثالثا) السنة، منها صحيحة زرارة قال: قال لي: لو أنك توضأت فجعلت مسح الرجلين غسلا ثم أضمرت أن ذلك من المفروض لم يكن ذلك بوضوء، ثم قال: ابدأ بالمسح على الرجلين فان بدا لك غسل فغسلته فامسح بعده ليكون آخر ذلك المفروض. و الظاهر أنه أشار بقوله: فان بدا لك غسل إلى أنه لو فاجأك من تتقي منه فغسلت رجليك

تقية فامسح بعد ذلك ليكون آخر وضوئك ما هو المفروض فيه من المسح. و منها رواية محمد ابن مروان قال قال لي أبو عبد اللّٰه عليه السّلام: يأتي على الرجل ستون أو سبعون سنة ما قبل اللّٰه منه صلاة. قلت: و كيف ذلك؟ قال: لأنه يغسل ما أمر اللّٰه بمسحه. و بمعناهما أخبار كثيرة لا حاجة الى ذكرها، حتى بالغ السيد المرتضى (قده) في الانتصار في كثرتها و قال: ما ترويه الشيعة و تنفرد به أكثر من عدد الرمل و الحصى، ثم ذكر أخبارا من طرق العامة مصرحة بوجوب المسح (منها) عن ابن عباس أنه توضأ وضوء رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم فمسح على رجليه. و قد روى عنه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم أنه قال في كتاب اللّٰه جل ثناؤه أتى بالمسح و يأبى الناس إلا الغسل و روى عنه أيضا أنه قال: غسلتان و مسحتان و روى عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال: ما نزل القرآن إلا بالمسح، الى قوله رحمه اللّٰه: و الأخبار الواردة من طرقهم في هذا المعنى كثيرة الى آخر ما ذكره (قدس سره).

(الثاني) مما تضمنته العبارة من الأمور قوله قده: (أن يكون المسح من رءوس الأصابع إلى الكعبين) و الظاهر من العبارة هو أن يكون المسح على

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 146

و هما قبتا القدمين (1) على المشهور

______________________________

ظاهرهما دون باطنهما و دون صفحتي القدمين و لا مجموع ذلك كما في الجواهر، و حكى النص على ذلك عن المقنعة و الإشارة و المراسم و السرائر و غيرها، كما أنه حكى الإجماع عليه عن كاشف اللثام و شرح الدروس و الرياض

و الغنية، و يدل عليه ما رواه الشيخ (ره) في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟

فوضع كفه على الأصابع فمسحها الى الكعبين الى ظهر القدم. و أما قول الصادق عليه السّلام في رواية سماعة: إذا توضأت فامسح قدميك ظاهرهما و باطنهما ثم قال هكذا: فوضع يده على الكعب و ضرب الأخرى على باطن قدميه ثم مسحهما إلى الأصابع. و مرفوعة أحمد بن محمد بن عيسى الى أبى بصير عنه عليه السلام: مسح الرأس واحدة من مقدم الرأس و مؤخره و مسح القدمين ظاهرهما و باطنهما، فهما مطروحان لعدم مقاومتهما النص الصحيح المعتضد بالإجماع مع احتمالهما للتقية كما في كشف اللثام: أنهما مع التسليم يحتملان التقية، و كذا في الجواهر و غيرهما.

قوله قده: (و هما قبتا القدمين. إلخ)

وفاقا للمفيد رحمه اللّٰه في المقنعة حيث قال: هما قبتا القدمين أمام الساقين ما بين المفصل و المشط. و هو مذهب سائر المتأخرين و هو القول القوى للإجماع المحكي عليه كما عن الانتصار و التبيان و الخلاف و مجمع البيان و المعتبر و الذكرى و ابن زهرة و الشيخ و غيرهم و حكى ذلك عن أكثر كتب اللغة، و يدل عليه الصحيح الزراري الباقرى (ع) المروي في الفقيه: كان إذا قطع اليد قطعها دون المفصل، فاذا قطع الرجل قطعها من الكعب فان موضع القطع من الرجل معقد الشراك. إجماعا فتوى

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 147

و المفصل بين الساق و القدم على قول بعضهم (1) و هو الأحوط، و يكفى المسمى عرضا (2) و لو بعرض إصبع أو أقل

______________________________

و نضا، و

في آخر: إنما تقطع من الكعب و يترك له من قدمه ما يقوم عليه و يصلى و يعبد اللّٰه.

قوله قده. (و المفصل بين الساق و القدم على قول بعضهم. إلخ)

كما عليه الإسكافي و الشهيد في الألفية و ابن فهد في المحرر و المقداد في كنز العرفان و فهمه العلامة و الشيخ البهائي و صاحب الوسائل من الصحاح ففي صحيح زرارة و بكير: قلنا أين الكعبان؟ قال. ههنا يعنى المفصل دون عظم الساق، فقلنا: هذا ما هو؟ فقال: هذا من عظم الساق و الكعب أسفل من ذلك.

و صحيحة البزنطي عن الرضا (ع) قال: سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفه على الأصابع فمسحها الى الكعبين الى ظاهر القدم. و المراد بالظهر خلاف البطن أى ما ارتفع منه، قالوا: و هو المفهوم من كتب اللغة ففي القاموس: الكعب كل مفصل للعظام و العظم الناشز فوق القدم و الناشزان من جانبيها. و حكى عن ابن الأثير و الراغب و الخليل و ابن فارس و صاحب المغرب و الجوهري و الأصمعي و الأزهري أن الكعب عظما الساق عند التقائه مع القدم. و كيف كان فالقول الأول هو الأقرب لموافقته لأكثر كتب اللغة و للإجماع المحكي عليه كما تقدم، و لعدم صراحة الأخبار المذكورة هنا في المدعى، مع أن بإزائها الصحيح الزراري الباقرى (ع) المروي في الفقيه المتقدم الذكر و الخبر الآخر، هذا و لا اشكال أن الثاني هو الأحوط و إن كان الأول هو الأقوى و اللّٰه العالم.

(الثالث) مما تضمنته العبارة قوله قده: (و يكفى المسمى عرضا. إلخ)

كفاية المسمى عرضا و لو يجزء من إصبع ممرا له على الممسوح مذهب الأكثر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2،

ص: 148

و الأفضل أن يكون بمقدار عرض ثلاث أصابع، (1) و أفضل من ذلك مسح تمام ظهر القدم (2) و يجزى الابتداء بالأصابع و بالكعبين (3)،

______________________________

و ممن صرح به العلامة (قده) في القواعد و نسبه في المنتهى الى علمائنا، و قال في التذكرة لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح، بل يكفى المسح من رءوس الأصابع إلى الكعبين و لو بإصبع واحدة عند فقهاء أهل البيت، و نقل في الذخيرة عن المعتبر دعوى الإجماع على عدم وجوب الاستيعاب في العرض. انتهى. و لا لأصالة عدم وجوب الزائد، و لإطلاق الأمر في الآية الشريفة بالمسح فلا يتقيد لعدم التحديد و الباء فيها للتبعيض كما تقدم، و للصحيح الزراري الباقرى (ع): إذا مسحت بشي ء من رأسك أو بشي ء من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك.

قوله قده: (و الأفضل أن يكون بمقدار عرض ثلاث أصابع)

لما رواه الشيخ (ره) عن الباقر عليه السلام قال: يجزى من المسح على الرأس ثلاث أصابع و كذلك الرجل.

قوله قده: (و أفضل من ذلك مسح تمام ظهر القدم)

و ذلك للصحيح المروي في الكافي و التهذيب عن البزنطي عن الرضا (ع) قال: سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفه على الأصابع فمسحها الى الكعبين الى ظاهر القدم، فقلت جعلت فداك لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا فقال: لا إلا بكفه كلها، قال المحسن في المفاتيح: و لو لا نقل الإجماع على اجزاء المسمى في المسح لجزمنا بالوجوب لأن المجمل يحمل على المبين و المطلق على المقيد.

(الرابع) مما تضمنته العبارة قوله: (و يجزى الابتداء بالأصابع و بالكعبين. إلخ)

حاصله جواز النكس بان يمسح من الكعب الى رءوس

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى،

ج 2، ص: 149

و الأحوط الأول (1)، كما أن الأحوط تقديم الرجل اليمنى (2) على اليسرى،

______________________________

الأصابع و هو خيرة جماعة كثيرة، بل هو المشهور لإطلاق الآية الشريفة و الصحيح المروي في التهذيب عن حماد بن عثمان عن الصادق عليه السّلام قال:

لا بأس بمسح الوضوء مقبلا و مدبرا، و صحيحته الأخرى عنه عليه السّلام: لا بأس بمسح القدمين مقبلا و مدبرا، و المروي في الكافي عن يونس قال: أخبرني من رأى أبا الحسن (ع) بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم الى الكعب و من الكعب إلى أعلى القدم، و يقول: الأمر في مسح الرجلين موسع من شاء مسح مقبلا، و من شاء مسح مدبرا فإنه من الأمر الموسع.

قوله قده: (و الأحوط الأول)

خروجا عن خلاف المرتضى و الصدوق و الحلي فلم يجوزوا النكس.

قوله قده: (كما ان الأحوط تقديم الرجل اليمنى)

خروجا عن شبهة الخلاف كما في الصحيح المروي في الكافي عن محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال: ذكر المسح فقال: امسح على مقدم رأسك و امسح على القدمين و ابدأ بالشق الأيمن، و قيل لا يجب ذلك كما عن السرائر و الفقيه و التنقيح، بل نسب الى المشهور، بل عن ابن إدريس إنكار المخالف فيه للأصل و عموم الآية و الاخبار الواردة بالمسح من غير تخصيص، و خلو الأخبار الدالة على الترتيب و الحاكية للوضوء البياني عن وجوبه من عموم البلوى به و عدم نهوض الصحيح على الوجوب، و أوجبه الصدوقان كما عن القديمين و الشهيدين و الديلمي و المحقق الثاني و غيرهم، و ادعى الشيخ في الخلاف عليه الإجماع لأصالة بقاء الحدث و الصحيح المتقدم لكون الأمر حقيقة في الوجوب، و النبوي المروي في أمالي الشيخ

كان صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم إذا توضأ بدأ بميامنه، و المرتضوي (ع) المروي

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 150

و إن كان الأقوى (1) جواز مسحهما معا، نعم لا يقدم اليسرى على اليمنى و الأحوط أن يكون مسح اليمنى باليمنى (2) و اليسرى و باليسرى

______________________________

عن كتاب النجاشي إذا توضأ أحدكم للصلاة فليبدأ منه باليمين قبل الشمال من جسده، و في المسألة قول ثالث بالتخيير بين المقارنة و تقديم اليمنى دون العكس للمروي في الاحتجاج عن الحميري انه كتب الى صاحب الزمان (عج) يسأله عن المسح على الرجلين بأيهما يبدأ باليمين، أو يمسح عليهما معا؟ فأجاب (ع) يمسح عليهما معا فان بدأ بإحداهما قبل الأخرى فلا يبدأ إلا باليمين، هذا و الأقوى الترتيب و تقديم اليمنى إن لم يتم إجماع على خلافه أخذا بالصحيح المروي عن ابن مسلم فضلا عن كونه أحوط، نعم يعارضه التوقيع المتقدم الدال على جواز المعية و لكن الصحيح أقوى منه سندا، مع ما أورد عليه من مخالفته للإجماع المركب بدعوى ان الأمة على قولين قول يوجب الترتيب بين الرجلين و قول بعدمه، فما تضمنه التوقيع من التخيير بين المعية أو تقديم اليمنى على اليسرى إحداث قول ثالث.

قوله قده: (و ان كان الأقوى)

و ذلك عملا بما تضمنه التوقيع المتقدم

قوله قده: (و الأحوط أن يكون مسح اليمنى باليمنى)

كما هو صريح صحيح زرارة و تمسح ببلة يمناك ناصيتك و ما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمنى و تمسح ببلة يسارك ظهر قدمك اليسرى، و ان قال في الجواهر لم أعثر على من نص على الوجوب، و يقرب منه ما ذكره المحقق الأردبيلي (ره) في شرح الإرشاد الى أن ذكر

الصحيح المتقدم و قال: و ليس الخبر بصحيح بل هو حسن فلا يبعد الاستحباب، و ظاهر الآية الشريفة و الأخبار الأخر مؤيد لعدم الوجوب. انتهى.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 151

و إن كان لا يبعد جواز (1) مسح كليهما بكل منهما، و إن كان شعر (2) على ظاهر القدمين فالأحوط الجمع بينه و بين البشرة في المسح،

______________________________

قوله قده: (و ان كان لا يبعد جواز. إلخ)

كما صرح به الفاضل المقداد في التنقيح الرائع في شرح المختصر النافع فإنه قال فيه: يجب أن يكون المسح باليد في الموضعين أعني الرأس و الرجلين و لو بيد واحدة. انتهى. و حكى عن المناهل انه حكى الاتفاق على ذلك عن بعض، و كأن الوجه في ذلك إطلاق الأدلة و عدم مقيد لها و قد تقدم عن قريب صراحة صحيح زرارة في اعتبار مسح الرجل اليمنى ببلة اليد اليمنى و الرجل اليسرى ببلة اليد اليسرى.

قوله قده: (و ان كان شعر. إلخ)

أما مسح البشرة فقد ادعى عليه إجماع علماء الخاصة كما حكى ذلك عن المدارك و كشف اللثام فلا يجوز المسح على شعرهما في ظاهر كلمة الأصحاب كما في الحدائق، و التمسك بعموم قوله عليه السّلام كلما أحاط به الشعر فليس على العباد ان يطلبوه، مما لا وجه له ههنا لأنه مختص بالوجه، و لكن قال بعض المحققين: ان وجود الشعرات الضعيفة المتفرقة لا يمنع من صدق المسح على الرجل و إيجاب إزالتها دائما حرج، و التخليل في المسح غير ممكن و هو وجيه، بل يمكن منع ما ذكره صاحب الحدائق (ره) من الاستظهار بما حكى عن مشارق الشموس حيث قال:

هذا الحكم لم أقف على تصريح به في كلام القوم

غير أنهم أقحموا لفظ البشرة في هذا الموضع، و يمكن أن يكون مرادهم الاحتراز عن الخف و نحوه لا الشعر. انتهى. و ما ذكره لا يخلو عن ظهور بل قوة، كما أنه أطنب في مصباح الفقيه في تقوية هذا الاحتمال و ان مرادهم ذلك بلا اشكال، و ان الشعر المخصوص بموضع المسح ليس من الحائل عرفا هذا حال المسح على البشرة، و اما وجه الاحتياط في مسح الشعر النابت عليها معها فهو الوجه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 152

و يجب إزالة الموانع و الحواجب، (1)

______________________________

فيما ذهب اليه بعضهم في وجوب غسل الشعر النابت على الوجه و اليدين في وجوب غسله معهما تبعا لعده جزءا منهما، و لا يخفى انه مع الشك في وجوب غسله المرجع البراءة كما هو التحقيق في الشك في الجزئية أو الشرطية، لا الاحتياط كما هو مذهب آخرين.

قوله قده: (و يجب إزالة الموانع و الحواجب. إلخ)

و ذلك مقدمة للمسح على البشرة، فإن عدم الحائل في المسح شرط في الصحة قطعا، للإجماع كما عن الانتصار و الغنية و الخلاف و المعتبر و نهج الحق و المنتهى و الذكرى و الروض و المدارك، و عدم صدق الامتثال لغة و عرفا بدونه لعدم صدق الرجل على شي ء من الحائل أصلا، و للصحاح المستفيضة و هي في المسح على الخفين تكاد تبلغ حد التواتر، ففي الصحيح المروي عن التهذيب عن المسح على الخفين و على العامة قال: لا يمسح عليهما، و في الصادقي عليه السّلام في الذي يخضب رأسه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء قال: لا يجوز حتى يصيب بشرة رأسه الماء، و في الخبر عن المرأة هل يصلح لها ان تمسح على

الخمار؟ قال: لا يصلح حتى تمسح على رأسها، و في آخر سبق الكتاب الخفين لا تمسح على خف، و في الصادقي عليه السّلام ما تقول في المسح على الخفين؟ فتبسم ثم قال: إذا كان يوم القيامة ورد اللّٰه كل شي ء إلى شيئه ورد الجلد الى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم؟ بل المستفاد من الصحيح المروي في الفقيه و الكافي و التهذيب عن زرارة قال قلت له هل في مسح الخفين تقية؟ فقال: ثلاثة لا أتقى فيهن شرب المسكر و مسح الخفين و متعة الحج، و نحوه الصادقي عليه السّلام إنا لا نتقي أحدا في التمتع بالعمرة و اجتناب المسكر و المسح على الخفين، و في

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 153

و اليقين بوصول الرطوبة (1) إلى البشرة و لا يكفى الظن، و من قطع (2) بعض قدمه مسح على الباقي، و يسقط مع قطع تمامه (3).

[ (مسألة 25) لا إشكال في أنه يعتبر أن يكون المسح بنداوة الوضوء]

(مسألة 25) لا إشكال في أنه يعتبر أن يكون المسح بنداوة الوضوء (4)

______________________________

آخر: ليس في شرب الخمر و المسح على الخفين تقية، و في رابع: التقية في كل شي ء إلا في شرب النبيذ و المسح على الخفين، إلا انه مأول اما بنفي التقية بالنسبة إليهم عليه السّلام خاصة كما في تتمة الصحيح المتقدم قال زرارة و لم يقل الواجب عليكم ان لا تتقوا فيهن أحدا، و تحمل الأخبار الباقية على ذلك، أو أن نفى التقية فيها ليس لعدم جوازها بل لعدم تحققها غالبا لإمكان ارتفاعها بالغسل الذي هو أقرب الى المأمور به بدل المسح.

قوله قده: (و اليقين بوصول الرطوبة)

و ذلك لقاعدة الشغل و لا دليل على اعتبار الظن لأنه لا يغني من الحق شيئا.

قوله قده:

(و من قطع. إلخ)

لقاعدة الميسور.

قوله قده: (و يسقط مع قطع تمامه)

لانتفاء الموضوع الذي هو شرط في تعلق الحكم و لتقدمه عليه طبعا.

قوله قده مسألة 25: (لا إشكال في أنه يعتبر أن يكون المسح بنداوة الوضوء. إلخ)

على المشهور للإجماع المنقول كما في المدارك و الذكرى و عن صريح الخلاف و الغنية و ظاهر الروض و التنقيح، و ان خالف الإسكافي في ذلك محتجا انه ليس في النصوص إلا انهم فعلوه في مقام البيان، و من الجائز كون ذلك لأنه أحد أفراد الأمر الكلي لا لتعينه في نفسه، و فيه ما تقدم من انه لا يقدح خروج مثله، ففي الصحيح الصادقي عليه السّلام المروي في الكافي:

ثم امسح رأسك بفضل ما بقي في يدك من الماء و رجليك الى كعبيك، و في

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 154

فلا يجوز المسح بماء جديد و الأحوط أن يكون بالنداوة الباقية (1) في الكف فلا يضع يده بعد تمامية الغسل على سائر أعضاء الوضوء لئلا يمتزج ما في الكف بما فيها لكن الأقوى جواز ذلك و كفاية كونه برطوبة الوضوء و إن كانت من سائر الأعضاء فلا يضر الامتزاج المزبور، هذا إذا كانت البلة باقية في اليد، و أما لو جفت فيجوز (2) الأخذ من سائر الأعضاء بلا اشكال،

______________________________

الخبر الصادقي عليه السّلام المروي في الفقيه: إن نسيت مسح رأسك فامسح عليه و على رجليك من بلة وضوئك، فان لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شي ء فخذ ما بقي منه في لحيتك و امسح به رأسك و رجليك، و ان لم يبق من بلة وضوئك شي ء أعدت الوضوء، و في خبر ابن يقطين المتقدم: و امسح بمقدم رأسك

و ظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك، و في الفقه الرضوي:

روى ان جبرئيل هبط على رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم بغسلتين و مسحتين غسل الوجه و الذراعين بكف كف و مسح الرأس و الرجلين بفضل النداوة التي بقيت.

قوله قده: (و الأحوط أن يكون بالنداوة الباقية. إلخ)

ظاهر جماعة انه مع وجود البلة في اليد لا يجوز الأخذ من المظان كما عن ظاهر المفيد في المقنعة، و الشيخ في النهاية و ابن زهرة في الغنية، و الديلمي في المراسم، و الفاضلين في المعتبر و القواعد و الإرشاد و المنتهى، و الشهيدين في الدروس و الذكرى لأصالة بقاء الحدث، و ظاهر النصوص المتقدمة و الوضوءات البيانية خلافا لجماعة فيجوز مطلقا لإطلاق بعض الأخبار المجوزة لأخذ البلة و إطلاق الآية، و فيه إنهما مقيدان بما تقدم.

قوله قده: (هذا إذا كانت البلة باقية في اليد و اما لو جفت فيجوز)

للمرسل المتقدم المروي عن الفقيه.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 155

من غير ترتيب بينها على الأقوى (1) و إن كان الأحوط (2) تقديم اللحية و الحواجب على غيرهما من سائر الأعضاء، نعم الأحوط عدم أخذها مما خرج من اللحية عن حد الوجه (3) كالمسترسل منها، و لو كان في الكف ما يكفي الرأس فقط مسح به (4) الرأس ثم يأخذ للرجلين من سائرها على الأحوط، و إلا فقد عرفت أن الأقوى جواز الأخذ مطلقا.

______________________________

قوله قده: (من غير ترتيب بينها على الأقوى)

لإطلاقات المسح ببلة الوضوء و دعوى فهم عدم خصوصية ما تضمنه المرسل من الترتيب.

قوله قده: (و ان كان الأحوط. إلخ)

للمرسل المتقدم و مرسل خلف بن حماد قال قلت له: الرجل ينسى مسح رأسه و هو

في الصلاة قال:

ان كان في لحيته بلل فليمسح به، قلت فان لم يكن له لحية؟ قال يمسح من حاجبيه و من أشفار عينيه، و لما رواه في الفقيه عن ابى بصير عنه عليه السّلام: في رجل ينسى مسح رأسه قال: فليمسح، قال لم يذكر حتى دخل في الصلاة قال:

فليمسح رأسه من بلل لحيته، فان ظاهرها الترتيب بين المذكورات في الأخذ منها و سائر أعضاء الوضوء.

قوله قده: (نعم الأحوط عدم أخذها مما خرج من اللحية عن حد الوجه. إلخ)

لا يخفى انه ذهب بعضهم الى جواز الأخذ من اللحية و لو كان مما استرسل منها طولا أو عرضا لصدق كونها من نداوة الوضوء و بلله عرفا و إطلاق الأخبار الآمرة بالأخذ منها، و ذهب آخرون الى عدم جواز الأخذ مما خرج عن حد الوجه طولا أو عرضا بدعوى ظهور الأدلة في بقاء نداوة الوضوء على محال الوضوء لا غير فهي قرينة على تقييد إطلاق اللحية بغير مسترسلها و هو منشأ احتياط المصنف (قده).

قوله قده: (و لو كان في الكف ما يكفي الرأس فقط مسح به)

و ذلك

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 156

[ (مسألة 26) يشترط في المسح أن يتأثر الممسوح برطوبة الماسح]

(مسألة 26) يشترط في المسح أن يتأثر الممسوح (1) برطوبة الماسح،

______________________________

لقاعدة الميسور و ما لا يدرك كله لا يترك كله و قوله صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم إذا أمرتكم بشي ء فأتوا به ما استطعتم.

قوله قده مسألة 26: (يشترط في المسح أن يتأثر الممسوح. إلخ)

كما هو خيرة النهاية و التذكرة و المستند و المدارك و الحدائق و الجواهر، بل هو المشهور إذا مع رطوبة المحل يكون المسح بماء جديد، قال في مصباح الفقيه في هذا المقام: و لا يخفى عليك ان المتفاهم

عرفا من الأمر بمسح الرأس ببلل الوضوء وجوب إيصال البلة إلى الرأس و تأثره منها نظير الأمر بمسح رأسه بالدهن أو بماء جديد، فيعتبر في اليد الماسحة اشتمالها على رطوبة مسرية و لا يكفى تلبسها بالبلة ما لم يتأثر بمسحها الممسوح، و قد عرفت انه يعتبر أن تكون الرطوبة المسرية من بقية بلل الوضوء، فلو امتزجت برطوبة خارجية غالبة بحيث انتفى عرفا صدق بلة الوضوء على ما في اليد، فلا ينبغي التأمل في عدم كفاية المسح بها، لانتفاء الصدق عرفا، بل صدق كون المسح بماء جديد. انتهى موضع الحاجة من عبارته (قده)، و قال آخرون: بعدم اشتراط جفاف المحل كما هو المحكى عن الإسكافي و الحلي و المحقق في المعتبر و المحقق الثاني و الشهيد و المحقق الخوانسارى لإطلاق الأمر بالمسح كتابا و سنة و صدق الامتثال، و منع الدليل على المنع إذ المرجع في معنى الاستئناف إلى العرف و هو غير صادق على هذا الفرد عرفا، بل ربما يفهم من الصحيح الزراري: لو أنك توضأت و جعلت موضع مسح الرجلين غسلا ثم أضمرت ان ذلك هو المفترض لم يكن ذلك بوضوء، جواز الغسل مع عدم قصده، و ان البلة في موضع المسح غير مضرة و يعضده ان الاشتراط ربما آل الى المنع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 157

و أن يكون ذلك بواسطة الماسح (1) لا بأمر آخر، و إن كان على الممسوح رطوبة خارجة، فان كانت قليلة غير مانعة من تأثير رطوبة الماسح فلا بأس، و إلا لا بد من تجفيفها، و الشك في التأثير كالظن لا يكفى بل لا بد من اليقين. (2)

[ (مسألة 27) إذا كان على الماسح حاجب]

(مسألة 27) إذا كان على الماسح حاجب (3)

و لو وصلة رقيقة لا بد من رفعه و لو لم يكن مانعا من تأثير رطوبته في الممسوح.

[ (مسألة 28) إذا لم يمكن المسح بباطن الكف يجزى المسح بظاهرها]

(مسألة 28) إذا لم يمكن المسح بباطن الكف (4) يجزى المسح بظاهرها

______________________________

من الوضوء في الحمام لعدم الانفكاك من العرق غالبا، و الى عدم جواز المسح ببلل الأعضاء المغسولة إذا كانت مبتلة قبل الغسل للقطع ببقاء شي ء من ذلك في الوضوء (و فيه) ان الصحيح المزبور لا يدل على أزيد من أن الغسل لا يقوم مقام المسح إلا على القول بمفهوم اللقب و لا نقول به، و ما عداه فوجوه استحسانية لا تفيد علما و لا عملا، فالقول الأول هي المتعين و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و ان يكون ذلك بواسطة الماسح. إلخ)

لظهور الأدلة و الوضوءات البيانية في اعتبار كون الواسطة في إيصال الرطوبة إلى الرأس بواسطة اليد لا بواسطة أخرى، فلو نقل الرطوبة إليه بواسطة أخرى غير اليد لم يجز.

قوله قده: (بل لا بد من اليقين)

و ذلك لقاعدة الاشتغال المقتضية لليقين بالفراغ.

قوله قده مسألة 27: (إذا كان على الماسح حاجب. إلخ)

و ذلك بدعوى ان الظاهر من الأدلة اعتبار المماسة و المباشرة لا إيصال رطوبة الماسح الى الممسوح كيف اتفق.

قوله قده مسألة 28: (إذا لم يمكن المسح بباطن الكف. إلخ)

حاصل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 158

و إن لم يكن عليه رطوبة نقلها من سائر المواضع اليه ثم يمسح به، و إن تعذر بالظاهر أيضا مسح بذراعه و مع عدم رطوبته يأخذ من سائر المواضع و إن كان عدم التمكن من المسح بالباطن من جهة عدم الرطوبة و عدم إمكان الأخذ من سائر المواضع أعاد الوضوء، و كذا بالنسبة إلى ظاهر الكف فإنه إذا كان عدم التمكن من

المسح به عدم الرطوبة، و عدم إمكان أخذها من سائر المواضع لا ينتقل الى الذراع بل عليه أن يعيد.

______________________________

ما ذكره في هذه المسألة هو أنه لو تعذر المسح بباطن الكف لمرض و شبهه وجب المسح بظاهرها، و ان تعذر المسح بظاهرها وجب المسح بالذراع، و ثبت لكل مرتبة متأخرة حكم ما تقدمها من انه إذا لم يكن عليه رطوبة نقلها من سائر المواضع اليه و مسح به على الترتيب المتقدم من تقديم اللحية و الحاجبين و أشفار العينين ثم إلى سائر أعضاء الوضوء، و يظهر من دعوى غير واحد القطع بذلك أنه من المسلمات عندهم، قال بعض المحققين: بل يمكن التمسك لوجوبه بالاستصحاب و قاعدة الميسور فان ميسور باطن اليد ظاهرها و ميسور الظاهر الذراع منها كما ذكروه في مسألة الأقطع، و اما بقاء المسح على وجوبه فلا ينبغي التأمل فيه بعد إثبات وجوب الوضوء، بل لا يشك أحد من العوام في ذلك لما شاع في الألسن و ارتكز في العقول من أن الميسور لا يسقط بالمعسور، مضافا الى إطلاقات أوامر المسح كتابا و سنة، و تنزيلها على المتعارف كما تقدم لا ينافي ذلك فان المتعارف في حق العاجز المسح بظاهر الكف و الذراع كما ان المتعارف لفاقد الكف المسح بالذراع فهذا الترتيب عرفي ينطبق عليه الإطلاقات من دون ان يكون اللفظ مستعملا في معان متعددة كما هو ظاهر، هذا مع ان مقتضى الاستصحاب أيضا وجوب المسح عليه، و اما تعيين آلة المسح فلا حاجة إليه حتى يورد بكون الأصل مثبتا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 159

[ (مسألة 29) إذا كانت رطوبة على الماسح زائدة]

(مسألة 29) إذا كانت رطوبة على الماسح زائدة (1) بحيث توجب جريان الماء على الممسوح لا

يجب تقليلها، بل يقصد المسح بإمرار اليد و إن حصل به الغسل، و الاولى تقليلها.

______________________________

لأن إلزام العقل بوجوب تفريغ الذمة عما علم وجوبه يغنينا عن ذلك كإلزامه بإيجاد المقدمات العلمية للواجبات المستصحبة. انتهى موضع الحاجة من عبارته (قده) و اما لو تعذر المسح بباطن الكف لا لمرض و شبهه بل من جهة عدم بقاء الرطوبة فيها و عدم إمكان الأخذ من سائر المواضع أعاد الوضوء إذ لا موجب لسقوط المسح بباطن الكف مع إمكانه بالإعادة، و كذا الحال فيما بعده لو رجع الأمر اليه و كان العذر فيه عدم بقاء البلة فيه فيجب اعادة الوضوء ليحصل المسح بظاهر الكف الذي وجب المسح به لمرض في باطنها و كذا الحال في الذراع و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 29: (إذا كانت رطوبة على الماسح زائدة. إلخ)

لا يخفى انه لو كانت البلة الباقية مشتملة على ما يتحقق به الجريان لو مسح فهل يمسح بها و الحال كذلك أو يجب التجفيف حذرا من صدق الغسل المنهي عنه عليه قولان مبنيان على ان النسبة بين الغسل و المسح هل هو التباين أو العموم من وجه فيجتمعان في إمرار اليد مع الجريان و ينفرد الأول بالثاني خاصة و الثاني بالأول و لعل الأول أقوى وفاقا للذكرى و المدارك و شرح الإرشاد للمقدس و الذخيرة و شرح الدروس و غيرهم للإطلاقات و العمومات و الوضوءات البيانية إذ لم يعهد منهم (ع) انهم أمروا بتجفيف الرطوبة خصوصا في مواضع التعليم و لزوم الحرج إذ الغالب عدم انفكاك الماسح عن رطوبة كثيرة سيما مع الإسباغ، و أما الأولوية في التقليل فللاحتياط و خروجا عن الخلاف كما حكى ذلك عن الشهيد الثاني في المقاصد العلية.

العمل

الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 160

[ (مسألة 30) يشترط في المسح إمرار الماسح على الممسوح]

(مسألة 30) يشترط في المسح إمرار الماسح على الممسوح (1) فلو عكس بطل، نعم الحركة اليسيرة في الممسوح لا تضر بصدق المسح.

[ (مسألة 31) لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح]

(مسألة 31) لو لم يمكن حفظ الرطوبة (2) في الماسح من جهة الحر في الهواء أو حرارة البدن أو نحو ذلك و لو باستعمال ماء كثير بحيث كلما أعاد

______________________________

قوله قده مسألة 30: (يشترط في المسح إمرار الماسح على الممسوح.

إلخ)

و ذلك بدعوى ان المأمور به إيقاع المسح على الرأس كما هو مقتضى قوله تعالى (وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ) و في عدم الصدق بمسح الرأس باليد أو تماسحهما نظر، و ان ما ذكره أحوط.

قوله قده مسألة 31: (لو لم يمكن حفظ الرطوبة. إلخ)

حاصله انه إذا لم يتمكن من المسح ببلل الوضوء و ان استأنف لحرارة جسم أو هواء و حصول الجفاف كلما توضأ و لو بعلاج كالجلوس في مكان رطب أو إكثار ماء على العضو الأخير فلا كلام في سقوط التكليف بالمسح بالبلة لانتفاء القدرة على الإتيان بالمكلف به، و إنما الكلام في انه هل يجب عليه المسح بماء جديد كما حكى ذلك عن المعتبر و المنتهى و القواعد و الذكرى و جامع المقاصد و المدارك و غيرها مستدلين على ذلك بان المسح المأمور به في الآية إنما هو المسح بالماء و قد قيد في دليل منفصل بكون البلل الممسوح به من ماء الوضوء فينتفى القيد لانتفاء القدرة عليه و يبقى مطلق المسح بالماء و ذلك مقتضى قاعدة الميسور، و أورد عليه بعدم جريان قاعدة الميسور في القيود و إنما تجري في المركبات أو إفراد العام إذ لا يصدق على المطلق الميسور العاري عن القيد المتعسر انه الميسور من ذلك المقيد، و أجيب عنه

بأنه لا فرق بين المقامين مع مساعدة العرف كما ذكروه في مراتب العجز عن القيام للصلاة مضافا الى رواية

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 161

الوضوء لم ينفع فالأقوى جواز المسح بالماء الجديد، و الأحوط المسح باليد اليابسة ثم بالماء الجديد ثم التيمم أيضا.

______________________________

عبد الأعلى في المسح على الحائل بتقريب ان الواجب المسح مع المباشرة و قد سقطت المباشرة للحرج و بقي أصل المسح. (ثانيها) المسح باليد الخالية من دون تجديد ماء و استظهره في الجواهر من التحرير ثم قال: و نحوه عن نهاية الأحكام و مستند هذا الوجه هو ان مقتضى ظاهر إطلاق المسح في الآية إنما هو إمرار اليد على الرأس و الرجلين، ثم انه ثبت تقييده بماء الوضوء من دليل خارج و هو منوط بالإمكان فمع عدمه يبقى الإطلاق المقتضي لمجرد إمرار اليد على الرأس و الرجلين على حاله، (و أورد) عليه بان هذا يندفع بما تقدم من أن المراد بالمسح في الآية ليس هو مطلق إمرار اليد بل المراد به إنما هو المسح بالبلة بدلالة مقابلة الغسل فالذي يبقى بعد انتفاء القيد إنما هو المسح بالبلة لا مطلق إمرار اليد، (ثالثها) العدول الى التيمم ذكره بعضهم احتمالا ففي كشف اللثام و يحتمل إيجاب التيمم إذا لم يمكن المسح ببقية البلل بوجه. انتهى. و وجّهه بعضهم بان مقتضى كون المسح مشروطا بكونه بالنداوة الباقية من ماء الوضوء هو أن انعدام المشروط بانعدام شرطه فينتفى المسح و ينتفي بانتفائه المجموع المركب الذي هو الوضوء، ورد بوجوه:

(أحدها) ما ذكره صاحب المستند (ره) بعد ما تقدم من استدلاله على استيناف ماء جديد و هو استصحاب وجوب الغسلتين و المسحتين فقال:

و منه يظهر ضعف تجويز

الانتقال الى التيمم لاستصحاب وجوب الغسل و المسح مع أصالة عدم مشروعية التيمم. انتهى. و حاصله انه مع استصحاب وجوب المسح لا يلزم انتفاؤه حتى يلزم منه انتفاء المركب.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 162

[ (مسألة 32) لا يجب في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع]

(مسألة 32) لا يجب في مسح الرجلين أن يضع يده (1) على الأصابع و يمسح الى الكعبين بالتدريج، فيجوز أن يضع تمام كفه على تمام ظهر القدم من طرف الطول الى المفصل و يجرها قليلا بمقدار صدق المسح.

______________________________

(ثانيها) ما ذكره صاحب الجواهر (ره) من أن قصور ما دل على شرطية المسح بالنداوة عن شمولها لمثل هذا المقام الذي هو صورة التعذر يمنع من العدول الى التيمم و ذلك لظهور ما دل على شرطية المسح بالنداوة في صورة الإمكان.

(ثالثها) ان عدم ذكرهم عدم التمكن من المسح بنداوة الوضوء في عداد مسوغات التيمم يقتضي عدم جواز العدول إليه حينئذ و الا كان من اللازم تعرضهم له هناك.

(رابعها) ان التتبع بالنسبة إلى تعذر كثير من اجزاء الوضوء كما في اقطع اليدين و اقطع الرجلين و نحو ذلك يقضى بعدم سقوط الوضوء عند تعذر المسح بنداوة الوضوء، فالحاصل ان الأقوى هو القول بالمسح بماء جديد وفاقا لمن حكيناه عنهم دون التيمم أو المسح باليد الخالية و ان كان الأحوط ما ما ذكره المصنف أخيرا من الجمع بينها و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 32: (لا يجب في مسح الرجلين أن يضع يده. إلخ)

حاصل ما يظهر من العبارة كفاية إيقاع المسح الدفعى على جميع الأجزاء الواقعة بين الحدين من الرجلين و لا يختص بالمسح التدريجي، و الظاهر ان مستنده في ذلك إطلاق دليل وجوب المسح المقتضى لعدم الفرق بين التدريجي منه و الدفعى (و

فيه) انه يشكل التمسك بمثل هذا الإطلاق و تناوله لهذا الفرد الخفي الذي لم يذكر في زبر المتقدمين من علمائنا المحققين و لم يتنبه له الا الأوحدي منهم و ذلك بعد مئين من السنين فكيف بسائر طبقات المكلفين فلا إشكال في انصراف

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 163

[ (مسألة 33) يجوز المسح على الحائل كالقناع]

(مسألة 33) يجوز المسح على الحائل (1) كالقناع و الخف و الجورب و نحوها في حال الضرورة من تقية أو برد يخاف منه على رجله أو لا يمكن منه نزع

______________________________

الإطلاق عن مثله و عدم تناوله لغير الفرد الظاهر منه و هو التدريجي كانصرافه عن ذي الرأسين من الإنسان في قوله ايتني بإنسان و ليس بحجة بين المولى و عبده مع مخالفته لظاهر أوامر المسح من رءوس الأصابع إلى الكعبين، فان ظاهر (من) و (الى) التدريجي منه و للوضوءات البيانية (نعم) يمكن أن يستدل على جوازه بما ورد من جواز النكس بناءا على اعتبارها و العمل بها ببيان ان المستكشف منها إن التحديد بالكعبين للممسوح و ان المطلوب مسح ما بين الحدين دون أن يكون التحديد للمسح حتى يجب الابتداء من أطراف الأصابع متدرجا الى الكعبين و قد تقدمت المسألة و ذكرنا ان الأحوط عدم النكس وفاقا للمرتضى و الصدوق و الحلي فالأحوط ههنا و الأولى ترك هذه الكيفية و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 33: (يجوز المسح على الحائل. إلخ)

الذي يدل على الحكم المذكور اعنى سقوط مباشرة الماسح للممسوح في مورد الضرر أعم من أن يكون لتقية أو لثلج يخاف فيه على رجليه أو سبع يخاف منه أو غير ذلك من موارد الضرر أدلة نفى الحرج مثل قوله تعالى (مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)

و أدلة نفى الضرر مثل قوله صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم لا ضرر و لا ضرار و منطوق رواية عبد الأعلى في المسح على المرارة مضافا الى الأخبار الخاصة كرواية أبي الورد قال قلت لأبي جعفر عليه السّلام ان أبا ظبيان حدثني انه رأى عليا عليه السّلام أراق الماء ثم مسح على الخفين فقال عليه السّلام كذب أبو ظبيان اما بلغك قول على عليه السّلام سبق الكتاب الخفين فقلت هل فيهما رخصة؟ فقال لا إلا من عدو تتقيه أو ثلج تخاف على رجليك فلا خلاف فيه ظاهرا كما عبر بذلك جمع بل ادعى الإجماع عليه كما عن المنتهى

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 164

الخف مثلا، و كذا لو خاف من سبع أو عدو أو نحو ذلك مما يصدق عليه

______________________________

و غيره، هذا مع عمومات أخبار التقية التي كادت تكون من ضروريات مذهب الشيعة المعتضدة بالقواعد العقلية و النقلية التي لا يمكن رفع اليد عنها إلا بمخصص قوى غير قابل للتأويل، نعم اختلفت الأخبار في التقية في المسح على الخفين ففي رواية أبي الورد ما عرفت من الجواز و في جملة من الأخبار الصحيحة عدمه، ففي صحيحة زرارة المنقولة عن الكافي في باب الأطعمة و الأشربة قلت لأبي جعفر عليه السّلام هل في المسح على الخفين تقية؟ قال لا تتق في ثلاث قلت و ما هن؟ قال: شرب المسكر و المسح على الخفين و متعة الحج، و روى هشام في الصحيح عن أبى عمرو قال قال أبو عبد اللّٰه عليه السّلام يا أبا عمرو تسعة أعشار الدين في التقية و لا دين لمن لا تقية له و التقية في كل شي ء إلا في

شرب النبيذ و المسح على الخفين و ترك الجهر ببسم اللّٰه الرحمن الرحيم، و في صحيحة زرارة قلت هل في مسح الخفين تقية؟ قال ثلاث لا أتقى فيهن أحدا شرب المسكر و مسح الخفين و متعة الحج قال زرارة و لم يقل الواجب عليكم أن لا تتقوا فيهن أحدا الخبر، و قد تخرج الأصحاب عنها بوجوه يطول شرحها و هي مذكورة في مظانها من الكتب المطولة أقربها ان هذه الثلاثة لا يقع فيها الإنكار من العامة غالبا لأنهم لا ينكرون متعة الحج و انها كانت على عهد رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم و عهد أبى بكر و ان الذي حرمها عمر و حرمة المسكر و نزع الخف مع غسل الرجلين و الغسل أولى منه عند انحصار الحال فيهما على ما نص عليه بعضهم، و على كل حال فما ذكر من الوجوه لا يصلح لصرف الأخبار إليها مع وضوح عدم مساعدة ألفاظها عليها فالأقوى في النظر ترجيح رواية أبي الورد و ما في معناها على الطائفة الأخرى لشهرة العمل بالأولى و الاعراض عن الطائفة الأخرى و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 165

الاضطرار من غير فرق بين (1) مسح الرأس و الرجلين، و لو كان الحائل متعددا لا يجب (2) نزع ما يمكن و إن كان أحوط، و في المسح على الحائل أيضا لا بد من الرطوبة (3) المؤثرة في الماسح و كذا سائر ما يعتبر في مسح البشرة.

______________________________

قوله قده: (من غير فرق بين. إلخ)

لاتفاق الأصحاب على عدم الفارق بين المقامين مع ان ما ذكر من تعارض الاخبار في المسح على الخفين مخصوص في الرجل فلا مزاحم في شمول

أدلة التقية الرأس.

قوله قده: (و لو كان الحائل متعددا لا يجب. إلخ)

و ذلك لإطلاق معاقد الإجماع و ما يسبق الى الوهم من كون ذي الحائل الخفيف أقرب الى المأمور به فمعلوم ان هذا لا يصلح مستندا إلى الإيجاب لكونه أمرا اعتباريا لا يعتد به العقلاء، أو من كون المتيقن من أدلة البدلية هي البدلية في غير المتعدد، و أنت خبير بأن الأخذ بالقدر المتيقن إنما يصلح فيما كان مهملا من الأدلة و لا إشكال في إطلاق معقد الإجماعات المتقدمة، بل لنا أن نقول ان العقل لا يحكم بكون ذي الحائل الخفيف هو القدر المتيقن بل يحكم بتساويهما في مرتبة الامتثال بعد امتناع المسح على البشرة، و الظاهر ان مدرك احتياط المصنف هو ما ذكرناه من الوجهين اللذين عرفت حالهما.

قوله قده: (و في المسح على الحائل أيضا لا بد من الرطوبة. إلخ)

بدعوى ان ظاهر أدلة المسح على الخف تنزيله منزلة البشرة فيعتبر في المسح عليه ما يعتبر في المسح عليها، قال في الجواهر: ان الظاهر انه حيث يجوز المسح على الخف للتقية يجب أن يراعى في المسح عليه ما كان يراعى في المسح على البشرة من المسح على الظاهر دون الباطن و بالنداوة و الاستيعاب الطولي فيقام الخف مقام بشرة الرجل، ثم قال: و قد يشعر ببعض ما ذكرناه ما في المنتهى من انه لو مسح أسفل الخف دون أعلاه لم يجز عندنا في ضرورة الجواز، و هذا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 166

[ (مسألة 34) ضيق الوقت عن رفع الحائل أيضا مسوغ للمسح عليه]

(مسألة 34) ضيق الوقت عن رفع الحائل (1) أيضا مسوغ للمسح عليه لكن لا يترك الاحتياط بضم التيمم أيضا.

______________________________

مذهب عامة أهل العلم الا ما نقل عن بعض أصحاب الشافعي و

بعض أصحاب مالك. انتهى. و يمكن أن نمنع من دلالة الأدلة على تنزيل الخف منزلة البشرة و تنزيل المسح عليه منزلة المسح عليها حتى يجرى عليه جميع أحكامها بدلالة عموم المنزلة إذ ليس المأمور به سوى التقية و ليس المنهي عنه إلا تركها فيدور الأمر مدار حصولها و اندفاع الخوف بأي شي ء حصل و لا يختص الحكم بوظيفة المسح على بشرة الرجل و على هذا لا يلزم تبدل التكليف بالمسح على البشرة بالمسح على الخف حتى يلزم أن يراعى في الثاني جميع ما كان واجبا في الأول.

قوله قده مسألة 34: (ضيق الوقت عن رفع الحائل. إلخ)

لا أرى وجها للحكم بالمسح على الحائل عند ضيق الوقت عن رفعه إلا دعوى انه من إفراد الضرورة المستثناة في كلمات الأصحاب من عدم جواز المسح على الحاجب و كذا، خبر أبى الورد بعد البناء على التعدي عن مورده و هو الثلج الى كل ما يخاف منه و لو كان ذلك فوات الوقت و فيهما معا نظر بل منع. إذ الظاهر من الضرورة و الخوف غير ما نحن فيه كما ان التعدي عن مورد الخبر الى ما نحن فيه غير واضح بل بعيد في الغاية، هذا مع إطلاق كلمات الفقهاء في أن الوظيفة عند ضيق الوقت عن الطهارة المائية هو التيمم لما ورد عنهم (ع) من أن التراب بمنزلة الماء، و ان رب الماء رب الصعيد، و ان اللّٰه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا و ان كان غير بعيد إن إطلاقاتهم لا تتناول العجز عن المسح فقط كما فيما نحن فيه، بل غرضهم من تلك الإطلاقات فيما لو ضاق الوقت عن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص:

167

[ (مسألة 35) إنما يجوز المسح على الحائل في الضرورات]

(مسألة 35) إنما يجوز المسح على الحائل في الضرورات (1) ما عدا التقية إذا لم يمكن رفعها و لم يكن بد من المسح على الحائل و لو بالتأخير إلى آخر

______________________________

الغسلات أو عن بعضها فحينئذ ينتقل الى التيمم فلا يكون ما نحن فيه من ضيق الوقت عن المسح فقط مشمولا لإطلاقاتهم، و قد استدل له بعضهم بقاعدة الميسور بدعوى أن ميسور المسح على البشرة المسح على الحاجب، و فيه ان لسان قاعدة الميسور نفى المعسور من أجزاء الطبيعة المأمور بها أو شرائطها لا إثبات بدله، و بعبارة أوضح ان القاعدة المذكورة تنفى وجوب المسح على البشرة و لا تثبت المسح على الحاجب، نعم قد يستأنس له ما ورد من المسح على المرارة في رواية عبد الأعلى و على كل حال فالأحوط فيما نحن فيه ضم التيمم الى المسح على الحاجب إن أمكن و إلا فالقضاء و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 35: (إنما يجوز المسح على الحائل في الضرورات.

إلخ)

إنما قيد جواز المسح على الحائل بصورة عدم البدء منه و عدم إمكان و دفعه ليتحقق موضوع الضرورة، و أما التأخير إلى آخر الوقت فلا دليل عليه بل الأصل عدمه مع إطلاق ما دل على أفضلية أول الوقت و إطلاق قوله عليه السّلام إذا دخل الوقت وجب الطهور و الصلاة و لا دليل على تخصيصه بالمختار بل هو و المضطر سواء في جواز إيقاع الصلاة في تمام اجزاء الوقت الطولية فإذا زالت الشمس لحق كل موضوع حكمه مختارا كان أو مضطرا حاضرا كان أو مسافرا ما لم يدل دليل على وجوب التأخير، فلو اختار المضطر للوضوء الناقص الصلاة أول وقتها أجزأه وضوؤه ذلك لكونه مأمورا به بمقتضى الإطلاق

و هو يقتضي الإجزاء، نعم لا نمنع ان التأخير إلى آخر الوقت أحوط خروجا عن خلاف من أوجبه بدعوى أنه القدر المتيقن من معقد الإجماع و لا إطلاق في خبر أبى الورد من هذه الجهة، بل هو لبيان الرخصة في حال الاضطرار في

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 168

الوقت، و أما في التقية فالأمر أوسع (1) فلا يجب الذهاب الى مكان لا تقية فيه و إن

______________________________

الجملة في مقابل سقوط التكليف رأسا و كذا أمثاله من أدلة الأبدال الاضطرارية و في الكل نظر.

قوله قده (و أما في التقية فالأمر أوسع. إلخ)

كما حكى ذلك عن البيان و جامع المقاصد و الروض و غيرها، بل قيل ان المشهور عدم دورانها مدار عدم المندوحة بدعوى ان ظواهر أكثر أخبار التقية ذلك، قال في مصباح الفقيه ان ظواهر أكثر أخبار التقية ان مجرد وقوع العبادة بمحضر العامة مقتض لوجوب التقية مطلقا من دون اشتراطه بشي ء آخر مثل ما رواه العياشي بسنده عن صفوان عن أبى الحسن عليه السّلام في غسل اليدين قلت له يرد الشعر؟ قال:

عليه السّلام: إذا كان عنده آخر فعل يعنى بالآخر من يتقيه إذ لا يمكن تقييده بما إذا كان ذلك الآخر ملازما له في تمام الوقت و لم يتمكن من طرده أو التستر عنه، و كذا غيره من الأخبار الآمرة بالصلاة معهم و الحضور في مجامعهم الدالة على الحث العظيم على الصلاة مع المخالفين و وعد الثواب عليها، حتى ورد أن الصلاة معهم كالصلاة مع رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم الى غير ذلك من الاخبار التي لا يمكن ارتكاب التقييد فيها بما إذا لم يتمكن من إيجاد صلاته في جميع

وقتها إلا في مكان يجب فيه التقية، بل لا يبعد دعوى صراحة غير واحد من الاخبار أن الأمر في التقية أوسع من ذلك، انتهى موضع الحاجة من عبارته (قده) و في ذلك نظر و اشكال بل ليست التقية عن المخالف الا على حد سائر الضرورات المبيحة للمحظورات بقدرها وفاقا لما عن صريح المدارك و بعض المتأخرين، بل ظاهر كل من تمسك على مشروعية التقية بأدلة نفى الحرج و الضرر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 169

أمكن بلا مشقة، نعم لو أمكنه و هو في ذلك المكان ترك التقية و إراءتهم

______________________________

و معلوم انتفاء الحرج و الضرر مع وجود المندوحة و لعدم الدليل الوافي على ما ذكر من التوسعة، إذ لا إطلاق لخبر أبى الورد من هذه الجهة و ظهور رواية العياشي في اعتبار عدم المندوحة مع ان في العمل به لضعفه اشكالا، و أما مكاتبة ابن يقطين فان ظاهرها بل صريحها عدم المندوحة مطلقا حتى من حيث الوقت بشهادة اشتمالها على الأمر بالتقية في الأزمنة و الأمكنة، و أما أخبار الحث على الصلاة معهم التي عقد لها في الوسائل بابا في صلاة الجماعة فموردها صورة الخوف في ترك الحضور أو ترك العمل على تقدير الحضور، و الاخبار العامة الدالة على مشروعية التقية مثل التقية ديني و دين آبائي و ان من لا تقية له لا دين له أو لا ايمان له و ما شاكلها فلا تدل على الاجزاء فضلا عن شمولها لصورة المندوحة، هذا كله فضلا عما يظهر من غير واحد من الاخبار إناطة الاذن في التقية بالضرورة و عدم المندوحة كرواية البزنطي عن إبراهيم بن هاشم قال كتبت إلى أبى جعفر الثاني عليه السّلام

أسأله عن الصلاة خلف من تولى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو يمسح على الخفين فكتب: لا تصل خلف من يمسح على الخفين فان جامعك و إياهم موضع لا تجد بدا من الصلاة معهم فأذن لنفسك و أقم. إلخ، و رواية معمر بن يحيى، كلما خاف المؤمن على نفسه فيه ضرورة فله فيه التقية، و في المرسل المحكى في الفقه الرضوي عليه السّلام عن العالم:

لا تصل خلف أحد إلا خلف رجلين أحدهما من تثق به و بدينه و ورعه و الآخر من تتق سيفه و سوطه و شره و بواثقه و شنعته فصل خلفه على سبيل التقية و المداراة، و عن دعائم الإسلام بسنده عن أبى جعفر عليه السّلام لا تصلوا خلف ناصب و لا كرامة، إلا أن تخافوا على أنفسكم أن تشهروا و يشار إليكم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 170

المسح على الخف مثلا فالأحوط الأقوى ذلك، و لا يجب بذل المال لرفع التقية (1) بخلاف سائر الضرورات و الأحوط في التقية أيضا الحيلة في رفعها مطلقا.

[ (مسألة 36) لو ترك التقية في مقام وجوبها و مسح على البشرة]

(مسألة 36) لو ترك التقية في مقام وجوبها (2) و مسح على البشرة ففي صحة الوضوء إشكال.

[ (مسألة 37) إذا علم بعد دخول الوقت أنه لو أخر الوضوء و الصلاة]

(مسألة 37) إذا علم بعد دخول الوقت أنه لو أخر الوضوء (3) و الصلاة يضطر الى المسح على الحائل فالظاهر وجوب المبادرة إليه في غير ضرورة

______________________________

فصلوا في بيوتكم ثم صلوا معهم و اجعلوا صلاتكم معهم تطوعا، هذا كله مع ما تقتضيه القواعد من وجوب الاقتصار على المتيقن فيبقى ما دل على التكليف الأول سالما و لا يخرج عن العهدة إلا به.

قوله قده: (و لا يجب بذل المال لرفع التقية. إلخ)

الظاهر ان مستنده في ذلك ما تقدم منه من ان أمرها الشرعي أوسع من سائر الضرورات التي هي أعذار عقلية فمع القدرة على رفعها بالمال ترتفع الضرورة موضوعا فإطلاق دليل وجوب الوضوء التام يقتضي وجوب بذل المال لرفعها و ليست التقية كذلك لوسعة أمرها، و أما على ما اخترناه من أن حال التقية حال سائر الضرورات المبيحة للمحظورات فلا يتفاوت الحال بينها و بين سائر الضرورات في وجوب بذل المال لرفعها إن أمكن و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 26: (لو ترك التقية في مقام وجوبها. إلخ)

وجهه ما ذكره في الجواهر من أن الشارع في مقام التقية لما أقام المسح على الخف مثلا مقام المسح على البشرة ظهر انه لو خالف مقتضى التقية فجاء بالتكليف الأصلي لم يكن مجزيا لكونه ليس مأمورا به في ذلك الحال بل منهي عنه فكيف يقع به امتثال. انتهى موضع الحاجة من عبارته.

قوله قده مسألة 37: (إذا علم بعد دخول الوقت انه لو أخر الوضوء. إلخ)

لأن في ترك الطهارة تفويتا للواجب باختياره فيحرم، و مثله

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 171

التقية، و إن

كان متوضئا و علم أنه لو أبطله يضطر الى المسح على الحائل لا يجوز له الابطال، و إن كان ذلك قبل دخول الوقت فوجوب المبادرة أو حرمة الإبطال غير معلوم (1)، و أما إذا كان الاضطرار بسبب التقية فالظاهر عدم وجوب (2) المبادرة و كذا يجوز الإبطال و إن كان بعد دخول الوقت لما مر من الوسعة في أمر التقية لكن الأولى و الأحوط فيها أيضا المبادرة أو عدم الابطال.

______________________________

في العلة ما لو كان متوضئا و علم انه لو أبطله يضطر الى المسح على الحائل فإنه لا يجوز له الابطال.

قوله قده: (و ان كان ذلك قبل دخول الوقت فوجوب المبادرة أو حرمة الإبطال غير معلوم اه)

وجهه ان الوجوب مشروط بدخول الوقت فقبله لا وجوب لتجب مقدمته و لا يجب عليه أن يؤهل نفسه لتوجه التكليف اليه فهو من قبيل عدم وجوب تحصيل المال و لا حفظه قبل تنجز التكليف بالحج أى قبل مجي ء أشهر الحج أو قبل سير الرفقة، نعم قد يشكل الأمر في بعض المقدمات المفوتة لأصل الواجب فإنه يقبح عقلا تفويت الواجب في وقته و لو قبل مجي ء وقته المشروط وجوبه به، كعدم التعلم قبل الوقت لمن علم عدم قدرته على التعلم و أداء الواجب بعد دخول الوقت، و من هذا القبيل سلب القدرة كلية بشرب المرقد و لهذا ذهبوا الى وجوب الاغتسال لمريد الصوم قبل الوقت و ما شاكل ذلك.

قوله قده: (و أما إذا كان الاضطرار بسبب التقية فالظاهر عدم وجوب. إلخ)

لا فرق على ما اخترناه فيما تقدم من أن حال التقية حال سائر الضرورات فيجب فيها بعد الوقت المبادرة و الحفظ إذا علم أنه لو أخر الوضوء أو الصلاة يضطر إليها

كسائر الضرورات.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 172

[ (مسألة 38) لا فرق في جواز المسح على الحائل في حال الضرورة]

(مسألة 38) لا فرق في جواز المسح على الحائل (1) في حال الضرورة بين الوضوء الواجب و المندوب.

[ (مسألة 39) إذا اعتقد التقية أو تحقق أحدى الضرورات الأخر]

(مسألة 39) إذا اعتقد التقية أو تحقق أحدى الضرورات (2) الأخر فمسح على الحائل ثم بان أنه لم يكن موضع تقية أو ضرورة ففي صحة وضوئه إشكال.

[ (مسألة 40) إذا أمكنت التقية بغسل الرجل]

(مسألة 40) إذا أمكنت التقية بغسل الرجل (3) فالأحوط تعينه

______________________________

قوله قده مسألة 38: (لا فرق في جواز المسح على الحائل. إلخ)

لإطلاق أدلة الجواز كرواية أبي الورد و أخبار التقية و ما شاكلهما من رواية عبد الأعلى و غيرها.

قوله قده مسألة 39: (إذا اعتقد التقية أو تحقق احدى الضرورات.

إلخ)

منشأ الإشكال في الصحة و عدمها هو ان الخوف المأخوذ في لسان أدلة الضرر و التقية ملحوظ على جهة الموضوعية أو طريقا صرفا؟ فعلى الأول يلزم القول بالصحة لتحقق الموضوع و هو الخوف، و على الثاني البطلان لخطإ الطريق و لا دليل على الإجزاء.

قوله قده مسألة 40: (إذا أمكنت التقية بغسل الرجل. إلخ)

وجه الاحتياط في تعين الغسل هو أن الأصحاب بين قائل بالتخيير بينه و بين المسح على الخف إذا تأدت الضرورة بكل منهما لو رود الاذن بكل منهما في أخبار التقية، و بين قائل بتعينه، و نسبه في الذخيرة إلى الأصحاب و في الحدائق حكاه عن جملة منهم، و نسب في غيرهما الى البيان و الروض بل نسب الى المشهور منهم تقديم غسل الرجلين على مسح الخفين عند الدوران في مقام التقية، معللين ذلك بان الغسل أقرب الى مطلوب الشارع بخلاف المسح على الخف، إذ الخف

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 173

و إن كان الأقوى جواز المسح على الحائل أيضا. (1)

[ (مسألة 41) إذا زال السبب المسوغ للمسح على الحائل]

(مسألة 41) إذا زال السبب المسوغ للمسح على الحائل من تقية أو ضرورة (2)

______________________________

موضوع أجنبي عن البشرة كما أشير إليه في بعض النصوص المتقدمة، و استدل له أيضا بإطلاق أمر الإمام عليه السّلام في خبر على بن يقطين بغسل رجليه تقية و بإطلاق الأمر بغسل الرجلين في رواية أبي بصير عن أبى عبد اللّٰه

عليه السّلام المحمولة على التقية و عدم دلالة رواية أبي الورد إلا على الإيجاب الجزئي فيجب الاقتصار في رفع اليد عن الإطلاقات على القدر المتيقن الذي انعقد الإجماع عليه و هو ما إذا لم تتأد التقية إلا بالمسح، بل يفهم من الصحيح الزراري لو أنك توضأت و جعلت موضع مسح الرجلين غسلا ثم أضمرت ان ذلك هو المفترض لم يكن ذلك بوضوء جواز الغسل مع عدم قصده في الاختيار فيتعين بدليته في مقام الاضطرار، إذ يدل ذلك على أقربيته إلى المسح فالقول بتقديم الغسل على المسح عند الدوران أقوى، هذا مع ان الاحتياط في مثل المقام مما لا ينبغي تركه بل لا يبعد القول بوجوبه إما للقول بكونه هو المرجع عند دوران الأمر بين التعيين و التخيير أو للالتزام بكون الشك فيه في المكلف به اعنى مصداق الطهور الذي هو شرط للصلاة لا في التكليف.

قوله قده: (و ان كان الأقوى جواز المسح على الحائل أيضا. اه)

وجه الأقوائية ورود الاذن بكل منهما و عدم تسليم أقربية الغسل بعد كون كل منهما مخالفا للمأمور به الواقعي و إطلاق أدلة التقية، و لذلك جعل بعضهم الغسل أولى كما حكى عن التذكرة و الذكرى و من تقدم ذكرهم و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 41: (إذا زال السبب المسوغ للمسح على الحائل من تقية أو ضرورة. إلخ)

ليعلم أولا ان النزاع في هذه المسألة لا يختص بالغاية

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 174

فإن كان بعد الوضوء فالأقوى عدم وجوب إعادته و إن كان قبل الصلاة

______________________________

التي توضأ لأجلها، بل يجري في الغايات المتأخرة التي لم يكن مأمورا بها، و لا بهذا الوضوء الناقص لأجلها كما لو توضأ لصلاة الظهر آخر

الوقت بهذا الوضوء الناقص و زال السبب المسوغ للمسح على الحائل قبل صلاة المغرب و لم يحدث فالنزاع يعمه، و حاله حال ما لو توضأ لصلاة الظهر و زال السبب المسوغ قبل صلاته، و ليس كما توهمه بعض الشراح من المعاصرين فيما يظهر من حاشيته من اختصاص النزاع في الغاية التي تطهر لها، فقال بعد ذكره عبارة المتن ما نصه: هذا لا مجال له بناءا على اعتبار عدم المندوحة في صحة الناقص و لو بالتأخير فإنه إذا زال السبب انكشف فساد الوضوء من أول الأمر لانكشاف وجود المندوحة، نعم له مجال بناءا على انه لا يعتبر في صحة الناقص عدم وجود المندوحة بالتأخير. انتهى موضع الحاجة من عبارته و ما ادعيناه من أعمية النزاع صريح؟؟ عبائر الفقهاء، و لذا استدل القائل بعدم الإعادة بقوله عليه السّلام لا ينقض الوضوء إلا حدث، و زوال السبب ليس بحدث و غير ذلك من أدلتهم التي تعم المقامين، هذا و لترجع إلى أصل المسألة فنقول:

المسألة ذات قولين، قول: بإعادة الطهارة بعد زوال السبب المسوغ أعم من أن تكون للغاية التي تطهر لها أو لغيرها من الغايات، حكى اختياره عن المعتبر و المنتهى و عن المبسوط و التذكرة و الإيضاح و بعض متأخري المتأخرين، كما هو المحكى عن ظاهر كشف اللثام، و قول: بعدم الإعادة و انه لا تجب الإعادة إلا لحدث جديد حكى اختياره عن المختلف و الذكرى و الدروس و جامع المقاصد و المدارك و منظومة السيد (قده) بل قيل: انه المشهور، و في التحرير: في الإعادة نظر، و في القواعد: إشكال، و ليعلم أيضا: أن هذا كله في غير الغايات الواقعة حال وجود السبب المسوغ، و اما

هي فقد

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 175

إلا إذا كانت بلة اليد باقية فيجب اعادة المسح، و إن كان في أثناء الوضوء فالأقوى

______________________________

أجزأت و سقط أمرها بحصول امتثالها في ضمن الفرد الاضطراري، لأن الفرد الاضطراري كالفرد الاختياري مقتض للاجزاء عقلا للأمر به في ذلك الحال، فلا اشكال بل لا خلاف في عدم وجوب إعادته في الوقت فضلا عن قضائه في خارجه، فلا وجه لوجوب إعادة الطهارة لها و إعادتها حتى يقع الخلاف فيها، فالخلاف انما هو في إعادتها للغايات المتأخرة، فنقول:

ان منشأ الخلاف و مثار النزاع في اختلاف القولين كما ذكره في مصباح الفقيه هو ان ما يستظهر من الأدلة ان الوضوء الناقص الذي يأتي به لتقية أو ضرورة بعينه هو الماهية التي أمر اللّٰه بها لازالة الحدث، فعليه يكون المأتي به من مصاديق الوضوءات الواقعية التي يرتفع بها الحدث حين الضرورة، أو أنه يستفاد منها بدليته عن الوضوء التام في جميع آثاره و لوازمه، فالأقوى بل المتعين هو القول الثاني و هو القول بعدم الإعادة، بل لا وجه للقول الأول أصلا ضرورة ان زوال سبب التقية ليس من نواقض الوضوء و ان قلنا: بأنه لا يستفاد من الأدلة إلا الاذن في امتثال الأمر بالوضوء حال الضرورة بهذا الوضوء الناقص، و أما كونه مؤثرا في رفع الحدث فلا، بل غاية مفاد الأدلة كونه مبيحا للصلاة و مسقطا للأمر المقدمي المتعلق بالتطهير، كالتيمم بناءا على عدم إفادته للطهارة، فالأقوى هو القول الأول و هو القول بإعادة الطهارة لما ثبت بالكتاب و السنة و الإجماع من أنه لا صلاة لمن تمكن من التطهير الا بطهور، فالطهارة شرط للصلاة مطلقا، الا في حق من تعذر في

حقه التطهير، كدائم الحدث و المضطر الذي يجب عليه التيمم أو الوضوء الناقص لو قلنا بعدم ارتفاع الحدث بهما، فيجب على القادر إحرازها

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 176

الإعادة إذا لم تبق البلة.

______________________________

حال الصلاة كغيرها من الشرائط، و لا يكفى فيه مجرد احتمال حصولها بالوضوء الناقص كما هو واضح. انتهى.

هذا و الذي يظهر من الأدلة كسؤال السائلين و أجوبة الأئمة الميامين كرواية عبد الأعلى و سؤال السائل حين سأل الإمام عليه السّلام في غسل اليدين أ يرد الشعر؟ فأجابه الإمام عليه السّلام ان كان عنده آخر فعل، و حين سئل عليه السّلام عن أنه هل في مسح الخفين رخصة؟ فقال: لا إلا لتقية أو ثلج تخاف على رجليك، بل و أدلة الميسور هو أن الفعل المأتي به حال الضرورة مصداق حقيقي و فرد واقعي لماهية الوضوء، و لذا استدل في الجواهر (قده) على المطلوب بأنه ينوي بوضوئه رفع الحدث، فيجب حصوله اعتمادا على أن صغراه من البديهيات التي لا يحتاج إثباتها إلى إقامة البرهان، ألا ترى انه لا يشك أحد في أن الأقطع الرجل وضوؤه الواقعي الذي يرتفع به حدثه هو ما يؤديه على وفق تكليفه، فلو تجدد له رجل بقدرة اللّٰه تعالى لا يقتضي ذلك إلا تغيير كيفية وضوئه لا رفع أثر وضوئه السابق، لأن تجدد الرجل ليس من نواقض الوضوء كما هو ظاهر، و على كل فليس مفاد الأدلة إلا وجوب إيجاد الماهية الواقعية التي أثرها رفع الحدث بهذه الكيفية امتثالا لأمره الواقعي، فإن الوضوء العذري محصل للطهارة التي هي شرط للصلاة و غيرها من الغايات فيجب حصولها بفعله و لا يرفعها إلا الحدث، فالأقوى عدم وجوب الإعادة بعد زوال السبب

و ان كان القول الأول أحوط، و الاحتياط سبيل النجاة فلا ينبغي تركه، هذا كله ان كان مفاد الأدلة ما ذكرناه، و أما لو لم يستفد من الأدلة أحد الأمرين المبني عليهما القولان

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 177

[ (مسألة 42) إذا عمل في مقام التقية بخلاف مذهب من يتقيه]

(مسألة 42) إذا عمل في مقام التقية بخلاف مذهب من يتقيه ففي صحة وضوئه إشكال (1) و إن كانت التقية ترتفع به، كما إذا كان مذهبه وجوب المسح على الحائل دون غسل الرجلين فغسلهما، أو بالعكس، كما أنه لو ترك المسح و الغسل بالمرة يبطل وضوؤه و إن ارتفعت التقية به أيضا.

______________________________

المذكوران و بقينا في الشك انها على أى النحوين أخذت في لسان الأدلة فليس لنا حينئذ أصل يحرز أحدهما بل كل منهما مشكوك و الأصل ينفيه، فحينئذ يكون المرجع استصحاب الحدث الثابت قبل فعل الوضوء الناقص فيجب الإعادة بعد زوال السبب المسوغ للشك في رتفاعه بفعل الناقص، و لا يفرق في ذلك بين أن تكون الضرورة التقية أو غيرها من الضرورات و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 42: (إذا عمل في مقام التقية بخلاف مذهب من يتقيه ففي صحة وضوئه إشكال. إلخ)

الظاهر أن منشأ الإشكال في صحة وضوئه هو دعوى أن أدلة التقية إنما شرعت العمل على طبق مذهب من يتقيه لا غيره، و فيه ان الظاهر من أدلة التقية تشريع الوضوء الناقص بدل التام دفعا للضرر و لا خصوصية للناقص عند من يتقيه، بل يكفى كل ما ترتفع به الضرورة و ان لم يكن على وفق مذهب من يتقيه، فالصحة أقرب ما لم يفهم من الأدلة الخصوصية في بعض الموارد، كما لو ترك الغسل و المسح على الخف و كانت التقية تتأدّى بكل

منهما و بتركهما، فإنه لا يجوز تركهما معا بناءا على ان الغسل يقوم مقام المسح على البشرة مع نيته اختيارا كما تقدمت الإشارة اليه، و أما بناءا على عدم ذلك و ان الوضوء ناقص مع الإتيان بأي واحد منهما و ان الشارع جعله بدلا عن الوضوء التام دفعا للضرورة فالأقرب جواز تركهما معا و عدم بطلان وضوئه إن تأدت التقية بذلك و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 178

[ (مسألة 43) يجوز في كل من الغسلات أن يصب على العضو عشر غرفات بقصد غسلة واحدة]

(مسألة 43) يجوز في كل من الغسلات أن يصب على العضو عشر غرفات (1) بقصد غسلة واحدة فالمناط في تعدد الغسل المستحب ثانيه، الحرام ثالثة ليس تعدد الصب بل تعدد الغسل مع القصد.

[ (مسألة 44) يجب الابتداء في الغسل بالأعلى لكن لا يجب الصب على الأعلى]

(مسألة 44) يجب الابتداء في الغسل بالأعلى لكن لا يجب الصب على الأعلى، (2) فلو صب على الأسفل و غسل من الأعلى بإعانة اليد صح.

______________________________

قوله قده مسألة 43: (يجوز في كل من الغسلات أن يصب على العضو عشر غرفات. إلخ)

و بعبارة أوضح هو أن تعدد الغسلات و وحدتها تتبع قصده لا تعدد الصب، فيجوز أن ينوي بعشر منها غسلة واحدة و يجوز أن ينوي الغسلة الوضوئية بأي صبة منها شاء، هذا إن تابع في الصب بحيث يطلق عرفا على العشر صبات غسلة واحدة عرفا، و أما من نقب و تعمق في كل صبة أو في بعضها فيشكل صحة ما ذكره لعده عرفا غسلات متعددة، و على كل فالأحوط لمن تعدد منه الصب أن لا ينوي الغسل الوضوئي إلا بالصبة الأخيرة في غسل اليسرى و بأي صبة شاء في غسل الوجه و اليمنى إن استعملها في غسل اليسرى، و ان أشكل الأخذ من بللهما عند الجفاف أن لم ينو الغسل بالأخيرة منها فيهما و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 44: (يجب الابتداء في الغسل بالأعلى لكن لا يجب الصب على الأعلى. إلخ)

بناءا على وجوب الابتداء في الغسل بالأعلى كما هو المختار، يشكل ما ذكره (قده) من عدم وجوب الصب على الأعلى إذ ليس معنى وجوب البدأة بالأعلى إلا بمعنى صب الماء على أعلى الوجه، و هذا هو المستفاد من الأخبار و كلام الأصحاب و صريح المدارك كما تقدم نقله عنه في غسل الوجه فراجع.

العمل

الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 179

[ (مسألة 45) الإسراف في ماء الوضوء مكروه]

(مسألة 45) الإسراف في ماء الوضوء مكروه (1) لكن الإسباغ مستحب (2) و قد مر أنه يستحب أن يكون ماء الوضوء بمقدار مد (3)، و الظاهر أن ذلك لتمام ما يصرف فيه من أفعاله و مقدماته من المضمضة و الاستنشاق و غسل اليدين.

[ (مسألة 46) يجوز الوضوء برمس الأعضاء]

(مسألة 46) يجوز الوضوء برمس الأعضاء كمامر (4)، و يجوز برمس أحدها و إتيان البقية على المتعارف، بل يجوز التبعيض في غسل عضو واحد

______________________________

قوله قده مسألة 45: (الإسراف في ماء الوضوء مكروه. إلخ)

لما روى من أن للّٰه جل ذكره ملكا يكتب سرف الوضوء كما يكتب عدوانه، و ما روى في الفقيه مرسلا عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم انه قال: الوضوء بمد و الغسل بصاع، و سيأتي أقوام من بعدي يستقلون ذلك فأولئك على خلاف سنتي، و الثابت على سنتي معي في حضيرة القدس.

قوله قده: (و لكن الإسباغ مستحب)

قال في المجمع و إسباغ الوضوء إتمامه و إكماله، و ذلك في وجهين إتمامه على ما فرض اللّٰه تعالى و إكماله على سنة رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم، و منه أسبغوا الوضوء- بفتح الهمزة- أى أبلغوه مواضعه و أوفوا كل عضو حقه. انتهى، و في صحيح على بن جعفر عن أخيه عن أبيه (ع) قال قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم من أسبغ وضوءه و أحسن صلاته و أدى زكاة ماله و كف غضبه و سجن لسانه و استغفر لذنبه و أدى النصيحة لأهل بيت نبيه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم فقد استكمل حقيقة الايمان، و أبواب الجنان مفتحة له

قوله قده: (و قد مر أنه يستحب أن يكون ماء الوضوء بمقدار

مد.

إلخ)

قد مر دليله مفصلا في أول مستحبات الوضوء.

قوله قده مسألة 46: (يجوز الوضوء برمس الأعضاء كما مر. إلخ)

مر دليله في مسألة 21 من مسائل غسل اليدين.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 180

مع مراعاة الشروط المتقدمة من البدأة بالأعلى و عدم كون المسح بماء جديد و غيرهما.

[ (مسألة 47) يشكل صحة وضوء الوسواسى إذا زاد في غسل اليسرى من اليدين في الماء]

(مسألة 47) يشكل صحة وضوء الوسواسى إذا زاد في غسل اليسرى (1) من اليدين في الماء من جهة لزوم المسح بالماء الجديد في بعض الأوقات بل إن قلنا بلزوم كون المسح ببلة الكف دون رطوبة سائر الأعضاء يجي ء الإشكال في مبالغته في إمرار اليد، لأنه يوجب مزج رطوبة الكف برطوبة الذراع.

[ (مسألة 48) في غير الوسواسى إذا بالغ في إمرار يده على اليد اليسرى]

(مسألة 48) في غير الوسواسى إذا بالغ في إمرار يده على اليد اليسرى لزيادة اليقين لا بأس به ما دام يصدق عليه أنه غسل واحد، نعم بعد اليقين إذا صب عليها ماءا خارجيا يشكل و ان كان الغرض منه زيادة اليقين لعده في العرف غسلة اخرى (1)

______________________________

قوله قده مسألة 47: (يشكل صحة وضوء الوسواسى إذا زاد في غسل اليسرى)

الظاهر انه لا وقع لما ذكره من الإشكال في صحة وضوء الوسواسى من الجهتين المذكورتين مع ان الاشكال من الجهة الثانية و هو مزج الرطوبتين فهو لازم في كل متوضى ء و ان لم يكن وسواسيا، إذ لا نجد فارقا بين الوسواسى و بين غيره العامل عمله الذي حكم بصحة وضوئه في المسألة التالية لهذه المسألة و لا نص فيه بالخصوص، فالأقرب صحة وضوئه ما لم يخل بشرط من شرائط الوضوء فحاله حال غيره.

قوله قده مسألة 48: (في غير الوسواسى إذا بالغ) الى قوله (لعده في العرف غسلة أخرى. إلخ)

هذا هو منشأ الاشكال في الاحتياط الذي تقدم منا في المسألة 43 المتقدمة قريبا بعد قوله (قده): يجوز في كل من الغسلات أن يصب على العضو عشر غرفات، و ذكرنا ان الأحوط لمن تعدد منه الصب أن لا ينوي الغسل الوضوئي إلا بالصبة الأخيرة و ذلك لعد كل صبة في العرف غسلة، خصوصا لمن لم يتابع في الصب،

بل تعمق في كل صبة و نقب و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 181

و إذا كان غسله لليسرى بإجراء الماء من الإبريق مثلا و زاد على مقدار الحاجة مع الاتصال لا يضر ما دام يعد غسلة واحدة.

[يكفي في مسح الرجلين المسح بواحدة من الأصابع الخمس الى الكعبين]

(مسألة 49) يكفي في مسح الرجلين المسح بواحدة من الأصابع الخمس (1) الى الكعبين أيها كانت حتى الخنصر منها.

[فصل في شرائط الوضوء]

اشارة

فصل في شرائط الوضوء

[ «الأول» إطلاق الماء]

«الأول» إطلاق الماء فلا يصح بالمضاف (2)، و لو حصلت الإضافة بعد الصب على المحل من جهة كثرة الغبار أو الوسخ عليه، فاللازم كونه باقيا على الإطلاق إلى تمام الغسل (3).

[ «الثاني» طهارته]
اشارة

«الثاني» طهارته (4)

______________________________

قوله قده مسألة 49: (يكفي في مسح الرجلين المسح بواحدة من الأصابع الخمس. إلخ)

قد مر دليله مفصلا في مسح الرجلين و انه يكفى مسماه من جهة العرض فراجع.

قوله قده (فصل: في شرائط الوضوء (الأول) إطلاق الماء فلا يصح بالمضاف. إلخ)

قد مر دليله مفصلا في الماء المضاف.

قوله قده: (الى تمام الغسل)

أى حصول مسماه.

قوله قده: (الثاني: طهارته. إلخ)

إجماعا كما عن المنتهى و المدارك للنهى عن الوضوء بالماء النجس، ففي الصحيح الكاظمي عن رجل رعف و هو يتوضأ فقطرت قطرة في إنائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال: لا، و نحوه غيره من النصوص المتواترة المذكورة في الوسائل في أبواب أحكام المياه.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 182

و كذا طهارة مواضع الوضوء (1) و يكفي طهارة كل عضو قبل غسله، و لا يلزم أن يكون قبل الشروع تمام محالة طاهرا (2)، فلو كانت نجسة و يغسل كل عضو بعد تطهيره كفى، و لا يكفى غسل واحد بقصد الإزالة و الوضوء و إن كان برمسة في الكر أو الجاري (3)، نعم لو قصد الإزالة بالغمس و الوضوء بإخراجه كفى، و لا يضر تنجس عضو بعد غسله و ان لم يتم الوضوء. (4)

[ (مسألة 1) لا بأس بالوضوء بماء القليان]

(مسألة 1) لا بأس بالوضوء بماء القليان (5) ما لم يصر مضافا.

[ (مسألة 2) لا يضر في صحة الوضوء نجاسة سائر مواضع البدن]

(مسألة 2) لا يضر في صحة الوضوء نجاسة سائر مواضع البدن (6) بعد

______________________________

قوله قده: (و كذا طهارة مواضع الوضوء. إلخ)

و إلا لا نفعل الماء بملاقاة النجاسة فيمتنع الوضوء به لما سبق.

قوله قده: (و لا يلزم أن يكون قبل الشروع تمام محالة طاهرا)

لأصالة عدم الاشتراط.

قوله قده: (و ان كان برمسة في الكر أو الجاري. إلخ)

أشار بذلك الى ما ذهب اليه بعضهم من التفصيل بين ما لو كان الغسل بالماء القليل فيجب تطهير الأعضاء قبل غسلها و بين ما لو كان في الكر أو الجاري فلا يجب، و كفاية غسل واحد بقصد الإزالة و الوضوء مع ان الإزالة لا تحتاج الى قصد.

قوله قده: (و لا يضر تنجس عضو بعد غسله و ان لم يتم الوضوء اه)

و ذلك لما تقدم من عدم اشتراط طهارة أعضاء الوضوء قبلا و لا بعدا في صحة الوضوء، نعم يشترط طهارة كل عضو حين غسله لئلا ينفعل ماء الوضوء بملاقاة النجاسة فيمتنع الوضوء به و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 1: (لا بأس بالوضوء بماء القليان. إلخ)

فإن إضافته لفظية كماء البئر و ماء النهر.

قوله قده مسألة 2: (لا يضر في صحة الوضوء نجاسة سائر مواضع البدن. إلخ)

و يدل عليه الصحاح. (منها) الصحيح الكاظمي المروي في

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 183

كون محالة طاهرة، نعم الأحوط عدم ترك الاستنجاء قبله (1).

[ (مسألة 3) إذا كان في بعض مواضع وضوئه جرح لا يضره الماء]

(مسألة 3) إذا كان في بعض مواضع وضوئه جرح (2) لا يضره الماء و لا ينقطع دمه فليغمسه بالماء و ليعصره قليلا حتى ينقطع الدم آنا ما، ثم ليحركه بقصد الوضوء مع ملاحظة الشرائط الأخر، و المحافظة على عدم لزوم المسح بالماء الجديد إذا كان في اليد اليسرى، بان يقصد الوضوء بالإخراج

من الماء.

[ (الثالث) أن لا يكون على المحل حائل يمنع وصول الماء إلى البشرة]

(الثالث) أن لا يكون على المحل حائل (3) يمنع وصول الماء إلى البشرة

______________________________

الكافي و التهذيب: في الرجل يبول فينسى غسل ذكره ثم يتوضأ وضوء الصلاة قال: يغسل ذكره و لا يعيد الوضوء (و في) الموثق الصادقي: في الرجل يبول و ينسى غسل ذكره حتى يتوضأ و يصلى قال: يغسل ذكره و يعيد الصلاة و لا يعيد الوضوء (و في) الصحيح الصادقي: أبول و أتوضأ و أنسى استنجائي ثم أذكر بعد ما صليت قال: اغسل ذكرك و أعد صلواتك و لا تعد وضوءك، و أوجبه الصدوق إذا كان من البول خاصة أخذا بظاهر الموثق الصادقي المروي في التهذيب: إن أهرقت الماء و نسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء و غسل ذكرك، و الصحيح الباقرى المروي في التهذيب في الرجل يتوضأ فينسى غسل ذكره قال: يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء.

قوله قده: (نعم الأحوط عدم ترك الاستنجاء قبله. اه)

لما تقدم من الخبرين الموثق الصادقي و الصحيح الباقرى (ع).

قوله قده مسألة 3: (إذا كان في بعض مواضع وضوئه جرح. إلخ)

لا أجد مانعا فيما ذكره من العملية المزبورة مع المحافظة على الشرائط المرعية في الوضوء.

قوله قده: (الثالث: أن لا يكون على المحل حائل. إلخ)

لا ينبغي

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 184

و لو شك في وجوده، يجب الفحص حتى (1) يحصل اليقين أو الظن بعدمه، و مع العلم بوجوده يجب تحصيل اليقين بزواله (2).

[ «الرابع» أن يكون الماء و ظرفه و مكان الوضوء و مصب مائه مباحا]
اشارة

«الرابع» أن يكون الماء و ظرفه و مكان الوضوء و مصب مائه مباحا، (3) فلا يصح لو كان واحد منها غصبا من غير فرق بين صورة الانحصار و عدمه، إذ مع فرض عدم الانحصار و ان لم يكن مأمورا بالتيمم إلا أن

وضوءه حرام، من جهة كونه تصرفا أو مستلزما للتصرف في مال الغير فيكون باطلا، نعم لو صب الماء المباح من الظرف الغصبي في الظرف

______________________________

الإشكال في هذا، و إلا لم يتحقق الغسل و المسح على البشرة، الذي دل على وجوبه ظاهر الكتاب العزيز و الأخبار الكثيرة المتواترة غسلا و مسحا، التي قد بالغ في كثرتها في محكي الانتصار الدالة على المباشرة مسحا و قال: انها أكثر من عدد الرمل و الحصى.

قوله قده: (و لو شك في وجوده وجب الفحص حتى. إلخ)

مقدمة علمية لإحراز الإتيان بالمكلف به و هو غسل البشرة في المغسول، و مباشرة الماسح في المسح في الممسوح.

قوله قده: (و مع العلم بوجوده يجب تحصيل اليقين بزواله. اه)

لقاعدة الشغل و استصحاب الحدث المقتضيين للعلم بالطهارة، و أصالة عدم الحاجب أو الحجب لا تنفع في إثبات غسل البشرة، و وصول الماء إليها، إلا بناءا على الأصل المثبت، و قد تقدم الكلام في المسألة التاسعة في مسائل غسل الوجه مفصلا فراجع.

قوله قده: (الرابع: أن يكون الماء و ظرفه و مكان الوضوء و مصب مائه مباحا. إلخ)

فيبطل بالماء المغصوب و ما الحق به من الظرف و المكان

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 185

المباح ثم توضأ لا مانع منه، و ان كان تصرفه السابق على الوضوء حراما، و لا فرق في هذه الصورة بين صورة الانحصار و عدمه إذ مع الانحصار و ان كان قبل التفريغ في الظرف المباح مأمورا بالتيمم الا أنه بعد هذا يصير واجدا للماء في الظرف المباح، و قد لا يكون التفريغ أيضا حراما كما لو كان الماء مملوكا له و كان إبقاؤه في ظرف الغير تصرفا فيه، فيجب تفريغه حينئذ فيكون من

الأول مأمورا بالوضوء و لو مع الانحصار.

[ (مسألة 4) لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف أو النجس أو مع الحائل بين صورة العلم و العمد]

(مسألة 4) لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف (1) أو النجس أو مع الحائل بين صورة العلم و العمد و الجهل أو النسيان، و أما في الغصب فالبطلان مختص بصورة العلم و العمد (2) سواء كان في الماء أو المكان أو المصب فمع الجهل بكونها مغصوبة أو النسيان لا بطلان، بل و كذا مع الجهل بالحكم أيضا إذا كان قاصراً، بل و مقصرا أيضا إذا حصل منه قصد القربة، و ان كان الأحوط مع الجهل بالحكم خصوصا في المقصر الإعادة.

______________________________

و المصب مع العلم و العمد بلا خلاف أجده فيه للنهى عن التصرف في مال الغير المتحد مع الوضوء، و النهى مفسد للعبادة، و عن الغنية الإجماع عليه، و يمكن الاستناد فيه الى عموم الأخبار الناهية عن الغصب.

قوله قده مسألة 4: (لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف.

إلخ)

لإطلاق الأدلة المستكشف منها كونها شروطا واقعية.

قوله قده: (و اما في الغصب فالبطلان مختص بصورة العلم و العمد.

إلخ)

إذ هو المتيقن من معقد الإجماع على البطلان، و قد تقدم تفصيل هذه المسألة في مبحث المياه في المسألة الرابعة و هي قوله قده: (إذا علم إجمالا ان هذا الماء إما نجس أو مضاف. إلخ)

فمن أراد فليراجع.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 186

[ (مسألة 5) إذا التفت الى الغصبية في أثناء الوضوء صح ما مضى من اجزائه]

(مسألة 5) إذا التفت الى الغصبية في أثناء الوضوء (1) صح ما مضى من اجزائه و يجب تحصيل المباح للباقي، و إذا التفت بعد الغسلات قبل المسح هل يجوز المسح بما بقي من الرطوبة في يده و يصح الوضوء أو لا؟ قولان: أقواهما الأول لأن هذه النداوة لا تعد مالا و ليس مما يكن رده الى مالكه، و لكن الأحوط الثاني، و كذا إذا

توضأ بالماء المغصوب عمدا ثم أراد الإعادة هل يجب عليه تجفيف ما على محال الوضوء من رطوبة الماء المغصوب أو الصبر حتى تجف أو لا؟ قولان: أقواهما الثاني و أحوطهما الأول، و إذا قال المالك أنا لا أرضى أن تمسح بهذه الرطوبة أو تتصرف فيها لا يسمع منه بناءا على ما ذكرنا، نعم لو فرض إمكان انتفاعه بها فله ذلك و لا يجوز المسح بها حينئذ.

[ (مسألة 6) مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف]

(مسألة 6) مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف (2) و يجرى عليه حكم الغصب فلا بد فيما إذا كان ملكا للغير من الاذن في التصرف فيه صريحا أو فحوى أو شاهد حال قطعي.

[ (مسألة 7) يجوز الوضوء و الشرب من الأنهار الكبار]

(مسألة 7) يجوز الوضوء و الشرب من الأنهار الكبار (3) سواء كانت قنوات أو منشقة من شط و ان لم يعلم رضي المالكين، بل و ان كان فيهم الصغار

______________________________

قوله قده مسألة 5: (إذا التفت الى الغصبية في أثناء الوضوء. إلخ)

أما صحة ما مضى فلمطابقة المأتي به للمأمور به، و يجب تحصيل الشرائط للباقي من الأجزاء بعد الالتفات.

قوله قده مسألة 6: (مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف. إلخ)

لقاعدة الشغل اليقيني المقتضية للفراغ اليقيني مع أصالة عدم الرضا.

قوله قده مسألة 7: (يجوز الوضوء و الشرب من الأنهار الكبار. إلخ)

لشاهد الحال بالرضا، و لذا يشكل مع نهيهم بل يحرم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 187

و المجانين، نعم مع نهيهم يشكل الجواز، و إذا غصبها غاصب أيضا يبقى جواز التصرف لغيره ما دامت جارية في مجراها الأول، بل يمكن بقاؤه مطلقا، و أما للغاصب فلا يجوز و كذا لاتباعه من زوجته و أولاده و ضيوفه و كل من يتصرف فيها بتبعيته، و كذلك الأراضي الوسيعة يجوز الوضوء فيها كغيره من بعض التصرفات كالجلوس و النوم و نحوهما ما لم ينه المالك و لم يعلم كراهته، بل مع الظن أيضا الأحوط الترك، و لكن في بعض أقسامها يمكن أن يقال ليس للمالك النهي أيضا. (1)

[ (مسألة 8) الحياض الواقعة في المساجد و المدارس إذا لم يعلم كيفية وقفها]

(مسألة 8) الحياض الواقعة في المساجد و المدارس (2) إذا لم يعلم كيفية وقفها من اختصاصها بمن يصلى فيها أو الطلاب الساكنين فيها أو عدم اختصاصها لا يجوز لغيرهم الوضوء منها، الا مع جريان العادة بوضوء كل من يريد مع عدم منع من أحد، فإن ذلك يكشف عن عموم الاذن، و كذا الحال في غير المساجد و المدارس كالخانات و نحوها.

[ (مسألة 9) إذا شق نهر أو قناة من غير اذن مالكه]

(مسألة 9) إذا شق نهر أو قناة من غير اذن مالكه (3) لا يجوز الوضوء بالماء

______________________________

قوله قده: في آخر المسألة: (و لكن في بعض أقسامها يمكن أن يقال ليس للمالك النهي أيضا. اه)

و ذلك في الأراضي الواسعة جدا الذي يلزم مع النهى العسر و الحرج الشديدان، و لكن ذلك لا يستلزم عدم الضمان لأجرة المثل و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 8: (الحياض الواقعة في المساجد و المدارس. إلخ)

عدم جواز الوضوء و سائر التصرفات لغير الساكنين و المصلين هو مقتضى الأصل، و الجواز يحتاج الى دليل، و يكفى فيه خصوص ما رواه في الكافي و الفقيه عنهم (ع): الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها.

قوله قده مسألة 9: (إذا شق نهر أو قناة من غير إذن مالكه. إلخ)

حاصل المسألة هو انه لو شق شاق نهرا أو قناة من نهر أو قناة مملوكين لغير

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 188

الذي في الشق و ان كان المكان مباحا أو مملوكا له، بل يشكل إذا أخذ الماء من ذلك الشق و توضأ في مكان آخر، و ان كان له أن يأخذ من أصل النهر أو القناة

[ (مسألة 10) إذا غير مجرى نهر من غير اذن مالكه]

(مسألة 10) إذا غير مجرى نهر من غير اذن مالكه (1) و ان لم يغصب الماء ففي بقاء حق الاستعمال الذي كان سابقا من الوضوء و الشرب من ذلك الماء لغير الغاصب، اشكال و ان كان لا يبعد بقاء هذا بالنسبة إلى مكان التغيير، و أما ما قبله و ما بعده فلا اشكال.

______________________________

الشاق بغير إذن المالك لا يجوز الوضوء بالماء الذي في الشق و ان كان الشق ملكا للشاق لأن الماء الذي فيه أخذ من نهر المالك أو قناته بغير إذنه فهو

غصب يجرى عليه جميع أحكام الغصب، و ان كان له أن يأخذ من أصل نهر المالك و قناته للوضوء و الشرب، و ذلك للسيرة و شاهد الحال في جواز مثل هذا التصرف دون التصرف الأول و هو الشق.

قوله قده مسألة 10: (إذا غير مجرى نهر من غير اذن مالكه. إلخ)

لا يظهر من فرض المسألة اشتمالها على موضوع الغصب الذي هو الاستيلاء على مال الغير بغير إذن و لا حق، نعم هو تصرف في مال الغير بغير اذن، فلا يستبع سوى حكما تكليفيا و هو الحرمة على فرض عدم رضاه بمثل هذا التصرف، و مثله لا يخرجه عن مورد السيرة على الجواز لغير المتصرف الذي عبر عنه المصنف (قده) بالغاصب مسامحة، فإن استكشف من المالك عدم رضاه بتصرفه من تغيير المجرى فقد يستكشف منه عدم رضاه بتصرفه في مائه بوضوء أو غيره، و ان لم يستكشف منه الكراهة لذلك العمل بان علم رضاه أو شك فيه فيجوز له الاستعمال أيضا كغيره، استصحابا للجواز الذي كان ثابتا له أولا بالسيرة قبل التصرف و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 189

[ (مسألة 11) إذا علم ان حوض المسجد وقف على المصلين فيه]

(مسألة 11) إذا علم ان حوض المسجد وقف على المصلين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر (1)، و لو توضأ بقصد الصلاة فيه ثم بدا له أن يصلى في مكان آخر أو لم يتمكن من ذلك فالظاهر عدم بطلان وضوئه بل هو معلوم في الصورة الثانية، كما انه يصح لو توضأ غفلة أو باعتقاد عدم الاشتراط، و لا يجب عليه أن يصلى فيه و ان كان أحوط، بل لا يترك في صورة التوضؤ بقصد الصلاة فيه و التمكن منها.

______________________________

قوله قده

مسألة 11: (إذا علم ان حوض المسجد وقف على المصلين فيه فلا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر. إلخ)

اما عدم جواز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر، إذ بالقصد المزبور يخرج عن كونه مصداقا للموقوف عليه و يكون غاصبا بوضوئه، فيمتنع منه التقرب بفعله، و اما ما عدا هذه الصورة فالظاهر الصحة في جميع صور المسألة و فروضها، لعدم كونه معصية حين وقوعه و لا مخالفة للجهة الموقوف عليها، بل على مجرى الوقف الذي أوقف عليه، فاذا لم يصل في المسجد و صلى في غيره دخلت المسألة في مسألة الضد فهي جزئية من جزئيات تلك المسألة، و قد تقدم في المسألة الرابعة من فصل اشتراط طهارة اللباس في الصلاة تحرير المسألة مفصلا و اختيار بطلان الصلاة في سعة وقتها، هذا كله من حيث الوضوء، و أما الصلاة ففي صورة ما لو توضأ بقصد الصلاة فيه و لم يتمكن من ذلك، أو توضأ غفلة أو باعتقاد عدم الاشتراط فالظاهر عدم وجوب إيقاعها فيه، لفرض عدم التمكن في الصورة الأولى و عدم إقدامه في الصورتين الأخيرتين على الصلاة فيه، لفرض الغفلة حين الوضوء أو اعتقاد عدم الاشتراط، و لا نتصور ملزما له في إيقاعها فيه، نعم يبقى الإشكال في صورة ما لو توضأ

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 190

[ (مسألة 12) إذا كان الماء في الحوض و أرضه و أطرافه مباحا]

(مسألة 12) إذا كان الماء في الحوض و أرضه و أطرافه مباحا لكن في بعض أطرافه نصب آجر أو حجر غصبي يشكل الوضوء منه (1) مثل الآنية إذا كان طرف منها غصبا.

[ (مسألة 13) الوضوء في المكان المباح مع كون فضائه غصبيا]

(مسألة 13) الوضوء في المكان المباح مع كون فضائه غصبيا مشكل (2) بل لا يصح لان حركات يده تصرف في مال الغير.

[ (مسألة 14) إذا كان الوضوء مستلزما لتحريك شي ء مغصوب فهو باطل]

(مسألة 14) إذا كان الوضوء مستلزما لتحريك شي ء مغصوب فهو باطل. (3)

[ (مسألة 15) الوضوء تحت الخيمة المغصوبة إن عد تصرفا فيها]

(مسألة 15) الوضوء تحت الخيمة المغصوبة (4) إن عد تصرفا فيها كما في حال

______________________________

بقصد الصلاة فيه ثم بدا له أن يصلى في مكان آخر فان الظاهر في هذه الصورة وجوب إيقاعها فيه، جريا على منوال الوقف، إذ الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها، و لا نرى مبررا في إيقاعها في مكان آخر و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 12: (إذا كان الماء في الحوض و أرضه و أطرافه مباحا لكن في بعض أطرافه نصب آجر أو حجر غصبي يشكل الوضوء منه. إلخ)

الأقرب الصحة لعدم عد الوضوء عرفا تصرفا في الآجر أو الحجر، و مثله الآنية و ان كان الاحتياط سبيل النجاة.

قوله قده مسألة 13: (الوضوء في المكان المباح مع كون فضائه غصبيا مشكل)

لا إشكال في الحرمة و بطلان الوضوء في المسألة المفروضة، إذ لا نعني من إباحة المكان المتوقف عليه صحة الوضوء إلا الفضاء الذي يقع فيه الغسل أو المسح.

قوله قده مسألة 14: (إذا كان الوضوء مستلزما لتحويل شي ء مغصوب فهو باطل. اه)

إذ مستلزم المحرم محرم ما لم تحرز الأهمية من دليله.

قوله قده مسألة 15: (الوضوء تحت الخيمة المغصوبة. إلخ)

الظاهر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 191

الحر و البرد المحتاج إليها باطل.

[ (مسألة 16) إذا تعدى الماء المباح عن المكان المغصوب الى المكان المباح]

(مسألة 16) إذا تعدى الماء المباح عن المكان المغصوب (1) الى المكان المباح لا إشكال في جواز الوضوء منه.

[ (مسألة 17) إذا اجتمع ماء مباح كالجاري من المطر في ملك الغير]

(مسألة 17) إذا اجتمع ماء مباح كالجاري من المطر في ملك الغير إن قصد المالك تملكه (2) كان له و إلا كان باقيا على إباحته (3)، فلو أخذه غيره و تملكه ملك إلا أنه عصى من حيث التصرف في ملك الغير، و كذا الحال في غير الماء من المباحات مثل الصيد (4) و ما أطارته الريح من النباتات.

______________________________

أن الوضوء تحت الخيمة المغصوبة تصرف فيها فهو باطل، و لا يختص ذلك بحال الحر و البرد، بل يشمل جميع الأحوال.

قوله قده مسألة 16: (إذا تعدى الماء المباح عن المكان المغصوب.

إلخ)

الأمر كما ذكره من عدم الإشكال، إذ ليس المانع الا كونه في المكان المغصوب المستلزم للتصرف فيه التصرف في المغصوب، و اما إذا خلص من هذا المانع انتفى الاشكال.

قوله قده مسألة 17: (إذا اجتمع ماء مباح كالجاري من المطر في ملك الغير، إن قصد المالك تملكه. إلخ)

مجرد القصد غير كاف في التملك للمباحات و لا يصدق به الحيازة، بل لا بد فيها من فعل اختياري مع القصد ليصدق الاستيلاء على المحاز، إلا أن يكون بناء الملك لقصد الحيازة كنصب الشبكة للاصطياد، أو كان الماء نابعا في ملكه أو نبت عشب أو شجر في ملكه فيملكه تبعا لأنه نماء ملكه.

قوله قده: (و إلا كان باقيا على إباحته. إلخ)

للاستصحاب.

قوله قده: (مثل الصيد. إلخ)

حكى عن الجواهر نفى وجدان الخلاف

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 192

[ (مسألة 18) إذا دخل المكان الغصبي غفلة و في حال الخروج توضأ]

(مسألة 18) إذا دخل المكان الغصبي غفلة و في حال الخروج توضأ (1) بحيث لا ينافي فوريته، فالظاهر صحته لعدم حرمته حينئذ، و كذا إذا دخل عصيانا ثم تاب و خرج بقصد التخلص من الغصب، و إن لم يتب و لم يكن بقصد التخلص

ففي صحة وضوئه حال الخروج إشكال.

[ (مسألة 19) إذا وقع قليل من الماء المغصوب في حوض مباح]

(مسألة 19) إذا وقع قليل من الماء المغصوب في حوض مباح (2) فإن أمكن رده الى مالكه و كان قابلًا لذلك لم يجز التصرف في ذلك الحوض، و إن

______________________________

في عدم تملكه للصيد إذا توحّل في أرضه إذا لم يقصد اصطياده، و كذا لو و ثبت السمكة في سفينته. انتهى، و ليس مراده كفاية القصد في التملك كما هو ظاهر العبارة بل المراد أنه أحد الأسباب المعدة و ان احتاج الى وضع يد و أمثاله من الأفعال الاختيارية إلا أن تكون الموحلة و السفينة أعدا آلة للاصطياد.

قوله قده مسألة 18: (إذا دخل المكان الغصبي غفلة و في حال الخروج توضأ. إلخ)

الأمر كما ذكره في جميع شقوق المسألة صحة و فسادا، ما لم يستلزم الوضوء تصرفا زائدا على أصل الخروج.

قوله قده مسألة 19: (إذا وقع قليل من الماء المغصوب في حوض مباح. إلخ)

لا أرى وجها لقيد كونه قابلًا بعد فرض إمكان رده الى مالكه و لا لعده تالفا مع فرض عدم إمكان الرد، بل الوجه الحكم بشركة المالك القهرية بنسبة حصته الى مجموع ماء الحوض بعد كون من المتماثلات التي حكموا فيها بالشركة بعد الخلط، نعم إنما يمكن فرض التلف في غير المتماثلات كخلط الزيت بالعسل، ما ذكرنا من ثبوت الشركة للمالك في فرض المسألة لا يجوز التصرف فيه إلا بإذن مالكه و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 193

لم يمكن رده يمكن أن يقال بجواز التصرف فيه، لأن المغصوب محسوب تالفا لكنه مشكل من دون رضا مالكه.

[ «الشرط الخامس» أن لا يكون ظرف ماء الوضوء من أواني الذهب أو الفضة]
اشارة

«الشرط الخامس» أن لا يكون ظرف ماء الوضوء من أواني الذهب أو الفضة (1) و إلا بطل سواء اغترف منه أم اداره على أعضائه و سواء

انحصر فيه أم لا، و مع الانحصار يجب أن يفرغ ماء في ظرف آخر و يتوضأ به، و إن لم يمكن التفريغ إلا بالتوضؤ يجوز ذلك حيث أن التفريغ واجب (2)، و لو توضأ منه جهلا أو نسيانا أو غفلة صح كما في الآنية المغصوبة، و المشكوك كونه منهما يجوز الوضوء منه كما يجوز سائر استعمالاته.

______________________________

قوله قده: (الشرط الخامس: ان لا يكون ظرف ماء الوضوء من أواني الذهب أو الفضة. إلخ)

لا إشكال في بطلان الوضوء من آنية الذهب أو الفضة مع الالتفات، بناءا على حرمة مطلق استعمالهما و عدم اختصاص الحرمة بالأكل و الشرب منهما، و ذلك للنهى عن استعمالهما المنافي لقصد القربة بأي نحو كان من الأنحاء المذكورة، سواء كان بالاغتراف منهما أو إدارة على أعضائه أو رمس الأعضاء فيهما و سواء انحصر فيه أم لا لعد ذلك كله استعمالا للآنية المزبورة، نعم في صورة عدم النحصار بأن كان عنده ماء آخر أو مع إمكان التفريغ لو توضأ بهما بالانتزاع منهما دفعة لما يكفيه لوضوئه فالظاهر عدم بطلان وضوئه للأمر به، إذ حرمة المقدمة لا تستلزم حرمة ذيها فهو عاص مع صحة وضوئه، نعم يشكل ما ذكره من أنه

(ان لم يمكن التفريغ إلا بالتوضؤ يجوز ذلك، حيث ان التفريغ واجب. إلخ)

إذ لا دليل على وجوب التفريغ، بل انما الدليل على حرمة الاستعمال ليس الا، بل الظاهر بطلان الوضوء في الصورة المفروضة لصدق الاستعمال المنهي عنه فيها، و اما الصحة في صورة ما لو توضأ منها جهلا يعذر فيه، كما لو كان قصورا أو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 194

[ (مسألة 20) إذا توضأ من آنية باعتقاد غصبيتها أو كونها من الذهب أو الفضة]

(مسألة 20) إذا توضأ من آنية باعتقاد غصبيتها أو كونها من الذهب أو

الفضة، ثم تبين عدم كونها كذلك (1) ففي صحة الوضوء اشكال، و لا يبعد الصحة إذا حصل منه قصد القربة.

[ (الشرط السادس) أن لا يكون ماء الوضوء مستعملا في رفع الخبث]

(الشرط السادس) أن لا يكون ماء الوضوء مستعملا في رفع الخبث (2) و لو كان طاهرا مثل ماء الاستنجاء مع الشرائط المتقدمة، و لا فرق بين الوضوء الواجب و المستحب على الأقوى، حتى مثل وضوء الحائض، و اما المستعمل في رفع الحدث الأصغر فلا إشكال في جواز التوضؤ منه، و الأقوى جوازه من المستعمل في رفع الحدث الأكبر، و إن كان الأحوط تركه مع وجود ماء آخر و اما المستعمل في الأغسال المندوبة فلا اشكال فيه أيضا، و المراد من المستعمل في رفع الأكبر هو الماء الجاري على البدن للاغتسال إذا اجتمع في مكان، و أما ما ينصب من اليد أو الظرف حين الاغتراف أو حين إرادة الاجراء

______________________________

نسيانا أو غفلة فلعدم النهي الفعلي و ليس المانع الا هو، إذ لم يؤخذ من شرائط الوضوء عدم كون الآنية منهما حتى يقال: بفقدان الوضوء لشرطه، فحالهما حال الغصب، و كذا المشكوك كونه منهما لعدم إحراز النهى، و لقاعدة الحل في كل ما لم يعلم حرمته و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 20: (إذا توضأ من آنية باعتقاد غصبها أو كونها من الذهب و الفضة ثم تبين عدم كونها كذلك. إلخ)

نعم الصحة و البطلان يدوران مدار إمكان قصد القربة، فالصحة مع قصده و الفساد مع عدمه.

قوله قده: (الشرط السادس: ان لا يكون ماء الوضوء مستعملا في رفع الخبث. إلخ)

تقدم منا في أحكام المياه المستعملة في رفع الأخباث ان المحقق في المعتبر و العلامة في المنتهى: قد ادعيا الإجماع على عدم جواز رفع الحدث فيما يزال به النجاسة.

العمل الأبقى في

شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 195

على البدن من دون أن يصل الى البدن فليس من المستعمل، و كذا ما يبقى في الإناء و كذا القطرات الواقعة في الإناء و لو من البدن، و لو توضأ من المستعمل في الخبث جهلا أو نسيانا بطل، و لو توضأ من المستعمل في رفع الأكبر احتاط بالإعادة.

[ (السابع) أن لا يكون مانع من استعمال الماء من مرض أو خوف عطش]

(السابع) أن لا يكون مانع من استعمال الماء من مرض أو خوف عطش (1) أو نحو ذلك و الا فهو مأمور بالتيمم، و لو توضأ و الحال هذه بطل، و لو كان جاهلا بالضرر صح و ان كان متحققا في الواقع، و الأحوط الإعادة أو التيمم

______________________________

قوله قده: (السابع: أن لا يكون مانع من استعمال الماء من مرض أو خوف عطش. إلخ)

لا إشكال بل لا خلاف في ذلك لقوله تعالى:

(يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لٰا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) و قوله تعالى (مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) و قوله تعالى (وَ لٰا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) و قوله عليه السّلام:

(لا ضرر و لا ضرار) مع دلالة بعض الأخبار على ذلك مثل صحيحة داود ابن سرحان عن الصادق عليه السّلام: في الرجل تصيبه الجنابة و به جرح أو قرح أو يخاف على نفسه من البرد فقال: لا يغتسل و يتيمم، و نحوها غيرها مما روى في بابه في الوسائل، و لا فرق في المرض بين أن يكون شديدا أو غير شديد عاما لجميع البدن أو مختصا ببعضه، و حكى عن الفاضلين تقييده بالشديد لانتفاء الضرر مع اليسير كوجع الرأس و الضرس، و استشكله في الذكرى بالعسر و الحرج، و ربما كان الخلاف في المعنى مرتفعا فإنه مع الضرر و المشقة الشديدة يجوز التيمم

عند الجميع، لأن المرض و الحال هذه لا يكون يسيرا، و مع انتفاء المشقة و سهولة المرض لا يسوغ له التيمم عند الجميع، و كذا لا فرق في خوف العطش بين أن يكون على نفسه أو أحد من عياله أو إخوانه في الدين أو دابته التي هي حمولته أو دابة أحد من عياله أو إخوانه،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 196

[ (الثامن) ان يكون الوقت واسعا للوضوء و الصلاة]
اشارة

(الثامن) ان يكون الوقت واسعا للوضوء و الصلاة (1) بحيث لم يلزم من التوضؤ وقوع صلاته و لو ركعة منها خارج الوقت و الا وجب التيمم الا أن يكون التيمم أيضا كذلك، بأن يكون زمانه بقدر زمان الوضوء أو أكثر إذ

______________________________

و هل يلحق بذلك الدواب المحترمة؟ فيكون الخوف على عطشها موجبا للرخصة كما عن الفاضلين، لأن الخوف على الدواب خوف على المال، و معه يجوز التيمم أم لا؟ لأن مطلق ذهاب المال غير مسوغ للتيمم، و لذا وجب صرف المال الكثير الذي لا يضر فوته في شراء الماء كما يأتي، قولان و عن الغنية و المعتبر و المنتهى الإجماع على وجوبه خوف العطش الحاصل أو المتوقع و يضاف الى ما ذكر من عمومات الكتاب و الإجماعات السنة المتواترة منها:

(صحيحة) ابن سنان عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام انه قال: في رجل أصابته جنابة في السفر و ليس معه إلا ماء قليل و يخاف إن هو اغتسل أن يعطش قال: ان خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة و ليتيمم فان الصعيد أحب الىّ (و صحيحة) الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السّلام الجنب يكون معه الماء القليل فان هو اغتسل به خاف العطش أ يغتسل به أو يتيمم؟ فقال: بل يتيمم، و

كذلك إذا أراد الوضوء (و موثقة) سماعة قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلته، قال: يتيمم بالصعيد و يستبقي الماء فان اللّٰه عز و جل جعلهما طهورا الماء و الصعيد (و خبر) ابن أبى يعفور قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل يجنب و معه ماء قدر ما يكفيه لشربه أ يتيمم؟ أو يتوضأ به؟ فقال: يتيمم أفضل، ألا ترى أنه جعل عليه نصف الطهور.

قوله قده: (الثامن: أن يكون الوقت واسعا للوضوء و الصلاة. إلخ)

و إلا لو ضاق الوقت عن ذلك وجب التيمم و إن قدر على الماء بعد الوقت على المشهور بين المتأخرين، خلافا لما حكى عن المحقق حيث قال: من كان الماء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 197

حينئذ يتعين الوضوء، و لو توضأ في الصورة الأولى بطل (1) إن كان قصده امتثال الأمر المتعلق به من حيث هذه الصلاة على نحو التقييد، نعم لو توضأ لغاية أخرى أو بقصد القربة صح، و كذا لو قصد ذلك الأمر بنحو الداعي لا التقييد

[ (مسألة 21) في صورة كون استعمال الماء مضرا لو صب الماء على ذلك المحل]

(مسألة 21) في صورة كون استعمال الماء مضرا لو صب الماء على ذلك المحل (2)

______________________________

قريبا منه و تحصيله ممكن لكن مع فوات الوقت، أو كان عنده و باستعماله يفوت لم يجز له التيمم و سعى إليه لأنه واجد. انتهى، و الأقرب الأول لوجوب الصلاة عليه و عدم جواز تأخيرها عن الوقت بالعمومات الدالة على ذلك، و حيث تعذرت الطهارة المائية لها تعين التراب لأنه أحد الطهورين و هو بمنزلة الماء بمقتضى الأخبار الصحيحة، و لا نسلم وجود أمر دال على وجوب السعي إلى الوضوء مثلا حينئذ، و لا يقدح

وجدان الماء إذا لم يمكنه الطهارة به لأجل الصلاة، ثم ان المعتبر في الضيق المسوغ للتيمم هل هو عدم التمكن من استعمال الماء من إدراك الصلاة و لو بإدراك ركعة من الوقت؟ أو يكفي فيه عدم خروج بعض الصلاة عن الوقت حتى التسليم بناءا على وجوبه فيها؟ و جهان، و ربما يجرى مثله في سائر الشرائط غير الطهارة أقواهما الثاني كما هو اختيار المصنف (قده) و يدل عليه ظاهر حسن زرارة أو صحيحه عن أحدهما (ع): فاذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم و ليصل في آخر الوقت

قوله قده: (و لو توضأ في الصورة الأولى بطل)

و ذلك لعدم الأمر به، و الظاهر البطلان في جميع الصور التي قرب فيها الصحة حتى لو قلنا بأن الأمر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده، إذ يكفي في البطلان عدم الأمر بضده و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 21: (في صورة كون استعمال الماء مضرا لو صب الماء على ذلك المحل. إلخ)

فرض المسألة فيما لو صب الماء غير قاصد الوضوء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 198

الذي يتضرر به، و وقع في الضرر ثم توضأ صح إذا لم يكن الوضوء موجبا لزيادته، لكنه عصى بفعله الأول.

[ (التاسع المباشرة في أفعال الوضوء (1) في حال الاختيار]
اشارة

(التاسع المباشرة في أفعال الوضوء (1) في حال الاختيار، فلو باشرها الغير أو أعانه في الغسل أو المسح بطل، و أما المقدمات للافعال فهي أقسام:

(أحدها) المقدمات البعيدة كإتيان الماء أو تسخينه أو نحو ذلك، و هذه لا مانع من تصدى الغير لها (الثاني) المقدمات القريبة مثل صب الماء في كفه و في هذه يكره مباشرة الغير (الثالث) مثل صب الماء على أعضائه مع كونه هو المباشر لإجرائه و غسل أعضائه، و في هذه الصورة

و ان كان لا يخلو تصدى الغير عن إشكال الا أن الظاهر صحته فينحصر البطلان فيما لو باشر الغير غسله أو أعانه على المباشرة بأن يكون الاجراء و الغسل منهما معا.

[ (مسألة 22) إذا كان الماء جاريا من ميزاب أو نحوه فجعل وجهه أو يده تحته]

(مسألة 22) إذا كان الماء جاريا من ميزاب أو نحوه (2) فجعل وجهه أو يده تحته بحيث جرى الماء عليه بقصد الوضوء صح، و لا ينافي وجوب المباشرة بل يمكن أن يقال إذا كان شخص يصب الماء من مكان عال لا بقصد أن يتوضأ به أحد و جعل هو يده أو وجهه تحته صح أيضا و لا يعد هذا من اعانة الغير أيضا.

______________________________

به ثم نوى الوضوء بالغسل بعد وقوعه في الضرر بالصب الأول فلا إشكال في صحة الوضوء إذ لم يعص فيه، و إنما العصيان في أمر خارج عن الوضوء، نعم لو استلزم الغسل الوضوئي زيادة المرض بطل للنهى عنه.

قوله قده: (التاسع: المباشرة في أفعال الوضوء. إلخ)

تقدم بيان المسألة في فصل مكروهات الوضوء مفصلة فراجع.

قوله قده مسألة 22: (إذا كان الماء جاريا من ميزاب أو نحوه. إلخ)

وجه الصحة في الصورة المفروضة هو صحة نسبة المباشرة الواجبة اليه مستقلا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 199

[ (مسألة 23) إذا لم يتمكن من المباشرة جاز أن يستنيب]

(مسألة 23) إذا لم يتمكن من المباشرة جاز أن يستنيب (1)، بل وجب

______________________________

و لا ينافي ذلك صب الماء في الفرض المزبور، بل الوجه الصحة حتى في صورة ما لو كان الصاب للماء قاصدا لتوضى الغير به، فهو من قبيل ما لو صب الغير الماء على أعضائه مع كونه هو المباشر للإجراء و غسل أعضائه، و قد تقدم انه قرب الصحة فيها، فان جعل وجهه أو يده فيما نحن فيه تحت الميزاب بمنزلة مباشرة الغسل لصحة نسبة الفعل اليه.

قوله قده مسألة 23: (إذا لم يتمكن من المباشرة جاز أن يستنيب.

إلخ)

إجماعا كما عن غير واحد نقله، و المحكى عن المعتبر: انه متفق عليه بين الفقهاء، و عن العلامة في المنتهى: و

يجوز مع الضرورة إجماعا، و نسبه في الرياض الى كلام الأصحاب، و نفى عنه الخلاف في الجواهر، بل حكى تصريح الحدائق بالاتفاق على الجواز لمرض أو تقية أو نحوهما، فهذه الكلمات تفيد الوثوق بحصول الإجماع على الجواز، و فيه الكفاية، و ربما استدل على الجواز بما دل على جواز التولية في الغسل مثل صحيحة سليمان ابن خالد عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام في حديث انه كان عليه السّلام وجعا شديد الوجع فأصابته جنابة و هو في مكان بارد قال عليه السّلام فدعوت الغلمان فقلت لهم احملوني فاغسلوني فحملوني و وضعوني على خشبات ثم صبوا علىّ الماء فغسلوني، الحديث و الظاهر أن مرادهم بالجواز هو الوجوب كما يدل عليه عبارة المصنف بقوله بل وجب إذ مقتضى إطلاق أوامر الوضوء وجوب إيجاده على العاجز بالتسبيب، بمعنى ان المتبادر من الأمر بغسل الوجه مثلا ليس إلا وجوب إيجاد مطلق هذه الطبيعة على كل مكلف على وجه يستند صدوره اليه عرفا، و هذا يختلف في العرف باختلاف الأشخاص من حيث العجز و القدرة،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 200

و ان توقف على الأجرة فيغسل الغير أعضاءه و ينوي هو الوضوء (1) و لو أمكن اجراء الغير الماء بيد المنوب عنه بأن يأخذ يده و يصب الماء فيها و يجريه بها هل يجب أم لا؟ الأحوط ذلك و ان كان الأقوى عدم وجوبه، لأن مناط المباشرة في الاجراء، و اليد آلة، و المفروض أن فعل الاجراء من النائب، نعم في المسح لا بد من كونه بيد المنوب عنه لا النائب فيأخذ يده فيمسح بها رأسه و رجليه، و ان لم يمكن ذلك أخذ الرطوبة التي في يده

و يمسح بها، و لو كان يقدر على المباشرة في بعض دون بعض بعض.

______________________________

و يجب ذلك و ان توقف على الأجرة لإطلاق معقد الإجماعات، و ما ذكرنا من إطلاق أوامر الوضوء.

قوله قده: (و ينوي هو الوضوء. إلخ)

كما حكى التصريح بذلك عن جماعة منهم العلامة في التذكرة، و منهم الشهيد (ره) في الذكرى، و منهم صاحب الجواهر (ره) لأنه المأمور بالوضوء و هو المتقرب فحينئذ يتولى النية هو، إذ لا يتصور العجز عنها مع بقاه التكليف و الغير آلة و معلوم ان الآلة ليست من قبيل الفاعل المستقل، فيكون الفعل فعلا لمن اتخذه آلة، و لازمه أن يكون الفاعل هو الذي ينوي الإتيان بالفعل و التقرب به، و من هنا يظهر الإشكال في تعبير المصنف (قده) بالنيابة و ليست هي إلا استعانة من العاجز و اتخاذ الغير آلة، و قد أجاد صاحب الجواهر (ره) حيث قال: و اعلم أنه لا فرق في المتولي بين أن يكون مكلفا أو غيره لكون المنوب فيه إنما هو مقدمات الوضوء و إلا فالوضوء وضوء المضطر و العبادة عبادته و النية نيته و هو المتقرب الى اللّٰه بهذا الوضوء السائغ في حقه. انتهى.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 201

[ (العاشر) الترتيب بتقديم الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليد اليسرى]

(العاشر) الترتيب بتقديم الوجه (1) ثم اليد اليمنى ثم اليد اليسرى ثم مسح الرأس ثم الرجلين، و لا يجب الترتيب بين أجزاء كل عضو، نعم يجب مراعاة الأعلى فالأعلى كما مر، و لو أخل بالترتيب و لو جهلا أو نسيانا بطل إذا تذكر بعد الفراغ و فوات الموالاة. و كذا ان تذكر في الأثناء لكن كانت نيته فاسدة حيث نوى الوضوء على هذا الوجه، و إن لم تكن نيته فاسدة

فيعود على ما يحصل به الترتيب، و لا فرق في وجوب الترتيب بين وضوء الترتيبي و الارتماسي.

______________________________

قوله قده (العاشر: الترتيب بتقديم الوجه)

لا إشكال في وجوب الترتيب في الوضوء كما في الآية الشريفة من تقديم غسل الوجه ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم الرجلين، لاقتضاء الفاء الجزائية التعقيب بلا مهلة كما عليه جماعة، أو يقال بان الواو تفيد الترتيب كما حكى عن الكسائي و ابن درستويه و الزيبعي و ثعلب و الفراء و الدينوري و هشام و الشافعي و أصحابه و أبى عبيدة و الكوفيين، و يشهد له بعض الأخبار ففي المرتضوي: فيمن بدأ بالمروة قبل الصفا يعيد، ألا ترى انه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء، يعيد الوضوء و في الخبر: ابدءوا بما بدأ اللّٰه به، بلا خلاف في ذلك، و عن الغنية و السرائر و الخلاف و المعتبر و المنتهى و نهج الحق و الروض و الذكرى الإجماع عليه و لأصالة بقاء الحدث، و للوضوءات البيانية و قوله عليه السّلام: هذا وضوء لا يقبل اللّٰه الصلاة إلا به، و للصحاح منها الصحيح الزراري الباقرى عليه السّلام المروي في الكافي: تابع بين الوضوء كما قال اللّٰه ابدأ بالوجه ثم باليدين ثم امسح الرأس و الرجلين، و لا تقدمن شيئا بين يدي شي ء تخالف ما أمرت به فان غسلت الذراع قبل الوجه فابدأ بالوجه و أعد على الذراع، و إن مسحت الرجل قبل الرأس فامسح على الرأس قبل الرجل ثم أعد على الرجل ابدأ بما بدأ اللّٰه عز و جل به، و منها الصحيح الصادقي عليه السّلام المروي في التهذيب:

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 202

[ «الحادي عشر» الموالاة]
اشارة

«الحادي عشر» الموالاة (1) بمعنى عدم جفاف

الأعضاء السابقة قبل الشروع في اللاحقة، فلو جف تمام ما سبق بطل، بل لو جف العضو السابق الذي يريد أن يشرع فيه الأحوط الاستئناف و إن بقيت الرطوبة في العضو

______________________________

في الرجل يتوضأ فيبدأ بالشمال قبل اليمين قال: يغسل اليمين و يعيد اليسار، و بهذا المضمون أخبار كثيرة و الناسي يعيد على ما يحصل معه الترتيب، مع عدم الإخلال بالموالاة و بقاء النية على الأشهر، و قيل: ان العامد كذلك، و قيل بالإعادة مع العمد من رأس و ان لم يجف، و الذي يدل عليه الصحيح الزراري الباقرى عليه السّلام المتقدم.

قوله قده: (الحادي عشر: الموالاة. إلخ)

لا إشكال في انه تجب الموالاة بين أعضاء الوضوء في الجملة بلا خلاف، للإجماع كما في المدارك و الروض و عن الناصرية و الغنية و الخلاف و التنقيح و المعتبر و المختلف و الذكرى، و الصحيح المروي في التهذيب عن معاوية بن عمار قال: للصادق عليه السّلام ربما توضأت فنفد الماء فدعوت الجارية فأبطأت على بالماء فيجف وضوئي فقال:

أعد، و الموثق المروي في التهذيب أيضا عن أبى بصير عن الصادق عليه السّلام:

إذا توضأت بعض وضوئك فعرضت لك حاجة حتى يبس وضوؤك فأعد وضوءك، فان الوضوء لا يبعض، و اختلف في تفسيرها بالمتابعة العرفية بأن يؤتى باللاحق بعد كمال السابق من غير تراخ عرفا كما عن الشيخين و الفاضلين و غيرهم، و هل الإخلال بالمتابعة المذكورة هنا موجب للإثم خاصة، أو البطلان أيضا؟ قولان أشهر هما الأول، أو عدم جفاف الكل؟ كما هو الأشهر فإذا لم يتابع مع بقاء شي ء من الرطوبة في إحدى الأعضاء لا يأثم و لا يبطل وضوؤه، أو عدم جفاف البعض؟ إلا لضرورة مطلقا و ان كان من

الجزء الأبعد، فلا بد من بقاء جميع البلل في جميع الأجزاء كما حكى عن الإسكافي

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 203

السابق على السابق، و اعتبار عدم الجفاف إنما هو إذا كان الجفاف من جهة الفصل بين الأعضاء أو طول الزمان و أما إذا تابع في الأفعال و حصل الجفاف من جهة حرارة بدنه أو حرارة الهواء أو غير ذلك فلا بطلان (1)، فالشرط في الحقيقة أحد الأمرين من التتابع العرفي و عدم الجفاف و ذهب بعض العلماء الى وجوب الموالاة بمعنى التتابع و ان كان لا يبطل الوضوء بتركه إذا حصلت الموالاة بمعنى عدم الجفاف، ثم انه لا يلزم بقاء الرطوبة في تمام العضو السابق بل يكفي بقاؤها في الجملة و لو في بعض اجزاء ذلك العضو.

[ (مسألة 24) إذا توضأ و شرع في الصلاة ثم تذكر أنه ترك بعض المسحات]

(مسألة 24) إذا توضأ و شرع في الصلاة ثم تذكر أنه ترك بعض المسحات أو تمامها بطلت (2) صلاته

______________________________

لأن ذلك أقرب الى الموالاة الحقيقية و لان جفاف الوضوء و يبسه الوارد في الخبرين المتقدمين يصدق بجفاف البعض و لا يخفى ضعفهما، أو عدم جفاف الأقرب الى العضو الذي يريد الشروع فيه؟ كما حكى عن المراسم و الناصريات و السرائر و الإشارة و المهذب و الأكثر على الثاني و هو عدم جفاف الكل و هو المحكى عن الشيخ و الكيدري و بنى زهرة و حمزة و سعيد و المحققين و الشهيدين و المولى المقدس و صاحب المدارك و شارح الدروس، لأصالة عدم اعتبار ما زاد عليه و استصحاب الصحة و إطلاق الأوامر الواردة في الكتاب و السنة و عدم دلالة الأخبار على أكثر من ذلك، و ما دل على جواز المسح بأخذ الرطوبة من المظان المذكورة.

قوله قده:

(و لو حصل الجفاف من جهة حرارة بدنه) الى قوله:

(فلا بطلان)

وجهه ما ذكره من أن الشرط في الحقيقة أحد الأمرين و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 24: (إذا توضأ و شرع في الصلاة ثم تذكر أنه ترك بعض المسحات أو تمامها بطلت. إلخ)

أما بطلان الصلاة فلعدم شرطها،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 204

و وضوؤه أيضا إذا لم تبق الرطوبة في أعضائه و إلا أخذها و مسح بها و استأنف الصلاة.

[ (مسألة 25) إذا مشى بعد الغسلات خطوات]

(مسألة 25) إذا مشى بعد الغسلات (1) خطوات ثم أتى بالمسحات لا بأس و كذا قبل تمام الغسلات إذا أتى بما بقي، و يجوز التوضؤ ماشيا.

[ (مسألة 26) إذا ترك الموالاة نسيانا بطل وضوؤه]

(مسألة 26) إذا ترك الموالاة نسيانا بطل وضوؤه (2) مع فرض عدم التتابع العرفي أيضا، و كذا لو اعتقد عدم الجفاف ثم تبين الخلاف.

[ (مسألة 27) إذا جف الوجه حين الشروع في اليد]

(مسألة 27) إذا جف الوجه حين الشروع في اليد لكن بقيت الرطوبة في مسترسل اللحية (3) و الأطراف الخارجة عن الحد ففي كفايتها اشكال.

______________________________

و اما بطلان الطهارة فلفوات شرطها و هي الموالاة إلا أن تكون الرطوبة باقية في محالها أو أمكن أخذها من محال الوضوء فيمسح بها و يعيد الصلاة فقط.

قوله قده مسألة 25: (إذا مشى بعد الغسلات. إلخ)

لا يضر المشي قبل المسحات أو في أثناء الغسلات ما لم تفت الموالاة المعتبرة شرعا.

قوله قده مسألة 26: (إذا ترك الموالاة نسيانا بطل وضوؤه. إلخ)

لفوات شرطه و كذا في صورة اعتقاد عدم الجفاف و تبين الخلاف.

قوله قده مسألة 27: (إذا جف الوجه حين الشروع في اليد لكن بقيت الرطوبة في مسترسل اللحية. إلخ)

تقدم ما يناسب المسألة في مسألة (25) في اعتبار أن يكون المسح بنداوة الوضوء، و انه لو جف ما على أعضاء الوضوء من البلل فهل يجوز أخذ الرطوبة مما استرسل من اللحية طولا أو عرضا، و أن المسألة ذات قولين، فالكلام فيما نحن فيه كما تقدم في المسألة السابقة المشار إليها و الاختيار الاختيار، و الأحوط في مسألتنا الإعادة، كما أن الأحوط فيما تقدم ذلك و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 205

[ (الثاني عشر) النية]
اشارة

(الثاني عشر) النية (1) و هي القصد الى الفعل مع كون الداعي أمر اللّٰه تعالى إما لأنه تعالى أهل للطاعة و هو أعلى الوجوه، أو لدخول الجنة و الفرار من النار

______________________________

قوله قده (الثاني عشر: النية. إلخ)

________________________________________

شبر، سيد على حسينى، العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، 2 جلد، مطبعة النجف، نجف اشرف - عراق، اول، 1383 ه ق

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى؛ ج 2، ص: 205

اشتراط النية في الوضوء

و في سائر العبادات إجماعي كما في الغنية و التنقيح و الإيضاح و المنتهى و المختلف و الناصرية و غيرها، و في النبوي المروي في الكافي و التهذيب: لا قول إلا بعمل، و لا قول و عمل إلا بنية، و في الحديث السجادي عليه السّلام المروي في الكافي: لا عمل إلا بنية، و فيه أيضا: لا عمل إلا بنية، و لا عبادة إلا بتفقه، و في النبوي: الأعمال بالنيات، و إنما لكل امرئ ما نوى، و فيه يا أبا ذر ليكن لك في كل شي ء نية حتى في النوم و الأكل، و فيه: إنما الأعمال بالنيات، و لكل امرئ ما نوى، فمن غدا ابتغاء ما عند اللّٰه فقد وقع أجره على اللّٰه عز و جل، و من غدا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلا ما نوى، و يعتبر فيها مقارنتها لأول فعل منه واجب كغسل اليدين و المضمضة و الاستنشاق، و المراد بالمقارنة إيصال آخرها بأول أحد المذكورات كما عن الغنية و السرائر، و لا يجوز تأخيرها عن شي ء من الأفعال الواجبة و لا اقترانها بغير ما ذكر على المشهور، خلافا للمحكي عن الجعفي حيث قال: لا عمل إلا بنية، و لا بأس ان تقدمت النية أو كانت معه، و الإسكافي فقال: لو عزبت النية عنه قبل ابتداء الطهارة ثم اعتقد ذلك و هو في عملها أجزأ ذلك، للقياس على الصوم، قال في الذكرى و هذان القولان مع غرابتهما مشكلان لأن المتقدم عزم لا نية، و الواقعة في الأثناء أشكل لخلو بعضه عن النية، و حمله على الصوم قياس محض، مع الفرق بأن مهية الصوم واحدة بخلاف الوضوء المتعدد الأفعال، و

اختلف في معنى المقارنة فالفاضل في التذكرة: أن يأتي بكمال النية قبل التكبير ثم يكبر بلا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 206

و هو أدناها، و ما بينهما متوسطات، و لا يلزم التلفظ بالنية بل و لا إخطارها بالبال، بل يكفى وجود الداعي في القلب بحيث لو سئل عن شغله يقول أتوضأ

______________________________

فصل، قال: و بهذا تصح صلاته إجماعا، و لو ابتدأ النية بالقلب حال ابتداء التكبير باللسان ثم فرغ منهما دفعة واحدة فالوجه الصحة، و نقل الشهيد عن بعض الأصحاب إنه أوجب إبقاع النية بأسرها بين الألف و الراء، و هو مع العسر يقتضي حصول أول التكبير بلا نية، و حكى في المدارك عن العلامة و الشهيد أنهما أوجبا استحضار النية إلى انتهاء التكبير، لان الدخول في الصلاة إنما يتحقق بتمام التكبير، ورد بلزوم العسر و الدخول يتحقق بالشروع في التكبير لأنه جزء من الصلاة إجماعا، فإذا قارنت النية أوله فقد قارنت أول الصلاة في تعريف النية لأن جزء الجزء جزء، و لا ينافي ذلك ذلك توقف التحريم على انتهائه، و المراد بالنية إخطار الفعل- و قيل مع مميزاته من الوجوب و الندب و نحوهما- بالبال تقربا الى اللّٰه تعالى، و لم يصل إلينا من قدمائنا في ذلك نص لا في الوضوء و لا في سائر العبادات الا ما يحكى عن ظاهر الإسكافي من استحبابها في الطهارات، و ليس في الكتاب و السنة إلا ما يدل على اعتبار القصد الباعث و ألهمه اللازمة الاقتران من المختار، دون المخطر بالبال المنطبق عليها تارة و المتخلف عنها أخرى، كقوله سبحانه:

(مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)* و قوله عز و جل (إِلَّا ابْتِغٰاءَ وَجْهِ رَبِّهِ) و حديث: انما الأعمال بالنيات،

و ان لكل امرئ ما نوى و غير ذلك، و ليست هي قولنا أتوضأ أو أصلي أو أصوم قربة الى اللّٰه، ملاحظين معاني هذه الألفاظ بخاطرنا و متصورين لها بقلوبنا، بل ذلك تحريك لسان و حديث نفس، و ان هو إلا كقول الشبعان اشتهى الطعام و أميل اليه قاصدا حصول الميل و الاشتهاء،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 207

مثلا، و أما لو كان غافلا بحيث لو سئل بقي متحيرا فلا يكفى و إن كان مسبوقا بالعزم و القصد حين المقدمات، و يجب استمرار النية إلى آخر العمل، فلو نوى

______________________________

و قول المدرس الذي غلب عليه حب الجاه أدرس قربة الى اللّٰه، ألا ترى أنه لو كان الباعث على الصلاة هو الرياء و السمعة و أخطر بباله في ابتدائها أصلي قربة الى اللّٰه لم ينفعه ذلك، بل كان من الوساوس الشيطانية و الأوهام الخيالية و لم تكن صلاته صحيحة قطعا، لعدم قصد التقرب فالنية- التي هي روح العبادة و لا يصح العمل بدونها- ليست هذا الاستحضار المقارن و لا ذلك الإخطار، بل هي عبارة عن المعنى الراسخ في النفس الباعث الداعي على الفعل و ذلك أمر لا يكاد ينفك منه عاقل غير ذاهل، و لذا قيل- و نعم ما قيل- لو كلفنا بإيقاع الفعل من غير نية لكان تكليفا بما لا يطاق، فالمكلف به إنما هو الخصوصية و هي الإخلاص دون أصل النية، لعدم القدرة على تركها و لذا لم يذكر جل القدماء من الأصحاب النية في كتبهم الفقهية، بل قالوا: أول واجبات الوضوء مثلا غسل الوجه، و أول واجبات الصلاة تكبيرة الإحرام و نحو ذلك، قال في الذكرى: و كأن وجهه أن القدر المعتبر

من النية أمر لا يكاد يمكن الانفكاك منه و ما زاد عنه فليس بواجب، و أيده في المدارك بعدم ورود النية في شي ء من العبادات على الخصوص، بل الأخبار الواردة في صفة وضوء رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم و غسله و تيممه خالية عن ذلك، و كذا الرواية المتضمنة لتعليم الصادق عليه السّلام لحماد الصلاة حيث قال فيها: انه قام و استقبل القبلة و قال بخشوع: اللّٰه أكبر، و لم يقل انه فكر في النية و لا تلفظ بها و لا غير ذلك من هذه الخرافات المحدثة، و حكى عن الفيض المحسن في المعتصم ما حاصله: و يزيد ذلك بيانا عدم تحقق الفرق بين ما تجب فيه النية من الطهارة و نحوها و ما لا تجب فيه إجماعا من إزالة النجاسة و ما شابههما، و خلو الأخبار

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 208

الخلاف أو تردد و أتى ببعض الأفعال بطل إلا أن يعود إلى النية الأولى قبل

______________________________

من هذا البيان و التفصيل (و ما قيل) من أن النية تجب في الأفعال دون التروك (منقوض) بالصوم و الإحرام (و الجواب) بان الترك فيهما كالفعل تحكم بحت، بل لو نوى إزالة النجاسة و نحوها أشبه بالفعل من الصوم و نحوه، و ما ذكره المتأخرون من وجوب استحضار حقيقة المنوي مقارنا لابتداء فعله على الهيئة المخصوصة يحتاج الى دليل، مع أنهم قائلون بتركبه من أجزاء شتى فإن أرادوا به استحضار جميع اجزائه مفصلا دفعة واحدة، و القصد إلى إيقاعه فهو محال و تكليف بما لا يطاق، أو تدريجا ثم القصد اليه فليس المنوي بتمامه حاضرا عند القصد فلا فائدة في استحضاره قبله، أو

إجمالا فهو حاصل مع قصد غايته التي تترتب عليه، و العجب من الشهيد (ره) مع اعترافه بأن القدر المعتبر من النية لا يكاد يمكن الانفكاك عنه، كيف ضيق أمرها؟

فأوجب استحضار الصلاة المنوية حالة التكبير، و معلوم ان ليس مراده استدامة حكمها لأنها واجبة إلى آخر الصلاة إجماعا، و إنما مراده القصد إلى إيقاعها على ما كانت عليه من الصفات، و كيف يمكن لأحد أن يجمع بين هذا و ما هو من المهمات حالة التكبير عقلا و نقلا اعنى استصغار ما سوى اللّٰه و الانقطاع الكلي الى اللّٰه، مع ان الإنسان يشغله شأن عن شأن، و كيف ينقطع الى مولاه و يستصغر ما سواه و هو في قيد عمله و نسبته الى نفسه و الفكر في صفاته المتعددة و وجوهه المتبددة، و هل هذا من مثله إلا عجيب؟ أم نحن منه في شك مريب؟ ثم ما أعجب ما شاع و ذاع بين الناس من استحداثهم ألفاظا يتلفظون بها في النية و يزعم أكثرهم عدم إمكان الإتيان بها بدونها،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 209

فوات الموالاة، و لا يجب نية الوجوب و الندب لا وصفا و لا غاية، و لا نية وجه الوجوب و الندب بان يقول أتوضأ الوضوء الواجب أو المندوب أو لوجوبه أو

______________________________

مع انه لو تم ما ذكره المتأخرون لدل على اعتبار الاستحضار و القصد، و أين ذلك من اللفظ و توقفه عليه، بل لا شك ان التلفظ بها على وجه العبادة بدعة و إدخال في الدين ما ليس منه، و أعجب من ذلك تمكينهم الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدورهم من أنفسهم حتى شق عليهم الأمر فيها و ضاقت صدورهم بها، فربما

ترى بعضهم يصرف قدرا معتدا به من زمانه فيها و يكرر اللفظ بها و التفكر فيها، و هو يحسب انه يحسن صنعا، و ما أبعد الشريعة المطهرة السمحة السهلة من مثل هذه الخرافات الباردة و الأوهام الفاسدة فاعتبروا يا أولي الأبصار. انتهى. و قريب منه كلام شيخنا البهائي (ره) في الحبل المتين، و على كل فقد اختلفوا في كيفيتها في كل واحد واحد من العبادات على أقوال شتى، بعد الاتفاق على اشتراط القربة، فقيل: بالاكتفاء به، و قيل: بضم الوجوب أو الندب، و قيل بضم رفع الحدث أو استباحة العبادة المشروطة بها، و قيل: بضم الأمرين، و أقربها الاكتفاء في الكل بقصد الفعل المعين للّٰه، لأن قصد القربة يصرف العمل الى الواقع، و لذا يحكم باستحقاق الثواب و صدق الامتثال حينئذ، فإن كان متعينا في الواقع فذاك، و ان لم يكن معلوما له و كان له طريق الى العلم كما إذا لم يعلم وجوب غسل الجمعة أو استحبابه لاختلاف الأدلة أو المفتين مع علمه برجحانه سقط عنه تعيين الوجوب أو الاستحباب لاستحالة التكليف بما لا يطاق، و كذا إن أمكنه الاستعلام للأصل و عدم الدليل على وجوبه، و كما أن من علم بصلاحية عبادته للتقرب و نوى بها ذلك لم يكلف بالعلم بمقدار

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 210

ندبه أو أتوضأ لما فيه من المصلحة، بل يكفى قصد القربة و إتيانه لداعي اللّٰه، بل لو نوى أحدهما في موضع الآخر كفى ان لم يكن على وجه التشريع أو التقييد

______________________________

ثوابها كذا لا يكلف بأنه هل يعاقب على الترك أم لا، و إذا كان عالما بالوجوب أو الاستحباب فلا فائدة في إخطاره حينئذ إذا كان

متميزا عن غيره و إلا يكن متعينا في الواقع فلا بد من التعيين حتى يتميز و ينصرف العمل إليه، فان لم يكن عليه فائت فليس عليه تعيين الأداء و القضاء مثلا فيما ينقسم إليهما لتعينه في الواقع، بخلاف ما لو كان عليه فائت و قلنا بالتوسعة في القضاء فان عليه التعيين حينئذ، و كذا القول في الوجوب و الندب و سائر القيود و في سائر العبادات، هذا ما ينبغي أن يقال و السكوت عما سواه، كما في المرتضوي المروي في الفقيه: ان اللّٰه حدد حدودا فلا تتعدوها، و فرض فرائض فلا تنقصوها و سكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تتكلفوها رحمة من اللّٰه لكم فاقبلوها و استدل من اعتبر نية الوجوب و الندب في الطهارات بوجوب إيقاع الفعل على وجهه، و لا يتم إلا بذلك، و بأن الطهارة لما جاز وقوعها على جهة الوجوب تارة و على جهة الندب اخرى اشترط تخصيصها بأحدهما حيث يكون ذلك هو المطلوب.

ورد الأول: بأنه إن أريد بوجوب إيقاع الفعل على وجهه على الوجه المأمور به شرعا فمسلم و لا يستلزم المدعى، و ان أريد به مع قصد وجهه الذي هو الوجوب و الندب كان مصادرة محضة.

ورد الثاني: بأن الطهارة الواجبة و المندوبة لا يمكن اجتماعهما في وقت واحد ليعتبر تمييز إحديهما عن الأخرى لأن المكلف إذا كان مخاطبا بمشروط بالطهارة فليس له إلا نية الوجوب و ان لم يقصد فعل ما عليه من الواجب،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 211

فلو اعتقد دخول الوقت فنوى الوجوب وصفا أو غاية ثم تبين عدم دخوله صح إذا لم يكن على وجه التقييد، و الا بطل كأن يقول أتوضأ

لوجوبه، و الا فلا أتوضأ.

______________________________

و إلا فليس له إلا نية الندب، سلمنا الاجتماع لكن امتثال الأوامر الواردة بالطهارة من الكتاب و السنة يحصل بمجرد إيجاد الفعل طاعة للّه تعالى فيجب حصول البراءة به، و معنى قولنا للّه إما لكونه أهلا لذلك أو للحياء منه و المهابة، أو للشكر له و التعظيم، أو لامتثال امره و موافقة إرادته، أو للقرب منه و الهرب من البعد عنه، أو لنيل الثواب عنده، أو الخلوص من عقابه، على خلاف في صحة الأخيرين، أعني نيل الثواب و الخلاص من العقاب لمنافاتهما الإخلاص المأمور به و هو المحكى عن ابن طاوس، و الفاضل المقداد و ابن جمهور الأحسائي، و ظاهر الشهيد في القواعد و الدروس و تبطله النصوص الكثيرة من الآيات و الروايات المشتملة على المرهبات من الحدود و التعزيرات و الذم و الإيعاد بالعقوبات، و على المرغبات من المدح و الثناء في العاجل و الجنة و نعيمها في الآجل، و إنما ذلك لأجل انبعاث المكلف على الفعل و ليست النية في الحقيقة إلا ذلك كما عرفت و قوله تعالى (لِمِثْلِ هٰذٰا فَلْيَعْمَلِ الْعٰامِلُونَ)- (وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً) (وَ يَدْعُونَنٰا رَغَباً وَ رَهَباً)- (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أى راجين الفلاح و هو الفوز بالثواب (رِجٰالٌ لٰا تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لٰا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ وَ إِقٰامِ الصَّلٰاةِ وَ إِيتٰاءِ الزَّكٰاةِ يَخٰافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصٰارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللّٰهُ أَحْسَنَ مٰا عَمِلُوا) و في الأخبار المتظافرة عنهم (ع) من بلغه شي ء من الثواب على شي ء من الخير فعمله كان له أجر ذلك و ان لم يكن على ما بلغه،

و في الصحيح الكاظمي ان أمير المؤمنين عليه السّلام قال

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 212

[ (مسألة 28) لا يجب في الوضوء قصد رفع الحدث أو الاستباحة]

(مسألة 28) لا يجب في الوضوء قصد رفع الحدث (1) أو الاستباحة على الأقوى و لا قصد الغاية التي أمر لأجلها بالوضوء، و كذا لا يجب قصد الموجب من بول أو نوم كما مر، نعم قصد الغاية معتبر في تحقق الامتثال بمعنى أنه لو قصدها يكون ممتثلا للأمر الآني من جهتها و ان لم يقصدها يكون أداء للمأمور به لا امتثالا، فالمقصود من عدم اعتبار قصد الغاية عدم اعتباره في الصحة و ان كان معتبرا في تحقق الامتثال، نعم قد يكون الأداء موقوفا على الامتثال فحينئذ لا يحصل الأداء أيضا كما لو نذر ان يتوضأ لغاية معينة فتوضأ و لم يقصدها فإنه لا يكون ممتثلا للأمر النذري و لا يكون أداء للمأمور به بالأمر النذري أيضا

______________________________

في وصيته (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به و قضى في ماله عبد اللّٰه على ابتغاء وجه اللّٰه ليولجني به الجنة و يصرفني به عن النار و يصرف النار عنى) و ان جل الناس بل كلهم ليس درجتهم أعلى منه و ليس في وسعهم القصود الأخر لتوقف ذلك على مجاهدات و رياضات كما ينبه عليه الحسن القاسم للعباد إلى ثلاثة المروي في الكافي عن هارون بن خارجة عن الصادق عليه السّلام قال:

العباد ثلاثة، قوم عبدوا اللّٰه عز و جل خوفا فتلك عبادة العبيد، و قوم عبدوا اللّٰه تعالى طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء، و قوم عبدوا اللّٰه عز و جل حبا له فتلك عبادة الأحرار، و هي أفضل العبادات، فإن الأفضلية تستلزم وجود الفضيلة و الكل من المراتب المتقدمة التي

أولها كونه أهلا لذلك و آخرها الخلاص من عقابه مرتبة في الفضل كترتبها في الذكر متنزلة، فما ذكر أولا أعلاها و أخيرا أدناها و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 28: (لا يجب في الوضوء قصد رفع الحدث. إلخ)

استدل من اشترط نية الرفع و الاستباحة بقوله تعالى (إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ. إلخ) فإن المفهوم منه كون ذلك لأجل الصلاة، ورد

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 213

و ان كان وضوؤه صحيحا لأن أداءه فرع قصده، نعم هو أداء للمأمور به بالأمر الوضوئي.

[ (الثالث عشر) الخلوص]
اشارة

(الثالث عشر) الخلوص (1) فلو ضم اليه الرياء بطل (2) سواء كانت القربة

______________________________

بكون هذه الأفعال لأجل الصلاة لا يقتضي وجوب إحضار النية عند فعلها كما في قوله أعط الحاجب درهما ليأذن لك، فالأصح عدم الوجوب في المقامين وفاقا للشيخين في المقنعة و النهاية و المحقق في بعض تحقيقاته و غيرهم لعدم الدليل معتضدا بقاعدة البراءة شرعية و عقلية.

قوله قده: (الثالث عشر: الخلوص. إلخ)

و المراد بالخلوص إيقاع الطاعة خالصة للّه وحده كما في المجمع و في الصحاح: الإخلاص بالطاعة ترك الرياء، و في القاموس: أخلص فيه ترك الرياء، و في المصباح المنير:

أخلص للّه العمل لم يراء فيه.

قوله قده: (فلو ضم اليه الرياء بطل. إلخ)

لا إشكال في حرمة الرياء و إبطاله للعبادة في الجملة كتابا و سنة و فتوى و نصا عدا علم الهدى (ره) كما صرح بالبطلان جماعة و ان اختلفت تعبيراتهم، فمنهم من عبر بالإجماع و منهم من عبر بالاتفاق، و انفرد هو (ره) فيما حكى عنه بان العمل المأتي به بعنوان الرياء مجز فيسقط به التكليف بالإعادة و القضاء لكنه لا ثواب له، فأثر الرياء في العمل إنما هو إسقاط ثوابه،

و الى ذلك أشار في جامع المقاصد حيث قال: انه لو ضم الرياء بطل قولا واحدا، و يحكى عن المرتضى (ره) خلاف ذلك و ليس بشي ء، انتهى، فمن الكتاب العزيز قوله تعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلٰاتِهِمْ سٰاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرٰاؤُنَ. إلخ) و النصوص (منها) رواية السكوني عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام قال قال النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم: ان الملك ليصعد

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 214

مستقلة، و الرياء تبعا أو بالعكس، أو كان كلاهما مستقلا، و سواء كان الرياء في

______________________________

بعمل العبد مبتهجا به فاذا صعد بحسناته يقول اللّٰه عز و جل اجعلوها في سجين فإنه ليس إياي أراد بها، فان تعليل جعل حسناته في النار بعدم انحصار مراد العامل في اللّٰه تعالى يدل على بطلان العمل و هو المطلوب، (و منها) رواية أبي بصير عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام يجاء بالعبد يوم القيامة قد صلى فقال يا رب قد صليت ابتغاء وجهك فيقال له بل صليت ليقال ما أحسن صلاة فلان اذهبوا به الى النار، ثم ذكر مثل ذلك في القتال و قراءة القرآن و الصدقة، و منها صحيحة زرارة و حمران عن ابى جعفر عليه السّلام لو أن عبدا عمل عملا يطلب به وجه اللّٰه و الدار الآخرة و أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا، (و منها) رواية على بن سالم عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال يقول اللّٰه عز و جل: من أشرك معي غيري في عملي لم أقبله إلا ما كان لي خالصا، (و منها) رواية مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليه السّلام ان رسول

اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم سئل فيما النجاة غدا؟ فقال: إنما النجاة في ان لا تخادعوا اللّٰه فيخدعكم، فإنه من يخادع اللّٰه يخدعه و يخلع منه الايمان و نفسه يخدع لو يشعر، قيل له فكيف يخادع اللّٰه؟

قال: يعمل بما أمر اللّٰه به ثم يريد به غيره فاتقوا اللّٰه في الرياء فإنه الشرك باللّه، ان المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء يا فاجر يا كافر يا غادر يا خاسر حبط عملك و بطل أجرك فلا خلاص لك اليوم فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له، و هذه الرواية قد رويت بطرق متعددة فهي مما يوثق بصدورها و في انجبار الضعيف منها بالشهرة، مع اعتضادها بالصحيح المذكور في جملتها، و الإجماعات المنقولة، بل المحصل منه عدا انفراد السيد (ره) بالمخالفة كاف في الحكم بالمسألة.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 215

أصل العمل أو في كيفياته أو في أجزائه، بل و لو كان جزءا مستحبا على الأقوى

______________________________

فعلى ما عرفت لا إشكال في إبطال الرياء إذا كان علة مستقلة أو جزء علة بأن يكون الداعي مركبا منه و من قصد الأمر، و كذا إذا كان كل منهما علة لو لا الآخر.

و أما لو لم يقصد شيئا من ذلك و لكن سره إذا رآه أحد أو سمعه، فالظاهر أنه لا يكون باطلا كما صرح به صاحب المستند استنادا إلى انه قد وقع التصريح به في مصححة زرارة عن أبى جعفر عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشي ء من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك قال: لا بأس ما من أحد إلا و هو يجب أن يظهر له في الناس الخير إذا لم يكن صنع ذلك لذلك، و

اما إذا كان قصد الرياء تبعا و مؤكدا إلى الداعي إلى العمل فالأقرب البطلان كما ذكره المصنف، و إن خالف فيه بعض، و ذلك لإطلاق قول أبى جعفر عليه السّلام في صحيحة زرارة و حمران لو أن عبدا عمل عملا يطلب به وجه اللّٰه و الدار الآخرة و ادخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا، فإنه يصدق على ما نحن فيه لأن الفعل المستند إلى الداعي المؤكد، فللمؤكد دخل في هذا الداعي الشخصي و يؤيده قوله عليه السّلام: للمرائي ثلاث علامات ينشط إذا رأى الناس، و يكسل إذا كان وحده، و يحب ان يحمد في جميع أموره، كما أن الأقرب البطلان في جميع ما ذكره المصنف (قده) من كون الرياء في أصل العمل أو في كيفياته أو في أجزائه واجبة أو مستحبة، كل ذلك لصحيحة زرارة و حمران المتقدمة من قوله عليه السّلام و أدخل فيه رضا أحد من الناس، فإنه في جميع الصور المذكورة يصدق إدخال رضا الناس فيه.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 216

و سواء نوى الرياء من أول العمل أو نوى في الأثناء، و سواء تاب منه أم لا (1) لا، فالرياء في العمل بأي وجه كان مبطل له لقوله تعالى- على ما في الأخبار- (أنا خير شريك من عمل لي و لغيري تركته لغيري) هذا و لكن إبطاله انما هو إذا كان جزءا من الداعي على العمل و لو على وجه التبعية، و أما إذا لم يكن كذلك بل كان مجرد خطور في القلب من دون أن يكون جزءا من الداعي فلا يكون مبطلا، و إذا شك حين العمل في أن داعيه محض القربة أو مركب منها و

من الرياء فالعمل باطل، لعدم إحراز الخلوص الذي هو الشرط في الصحة و أما العجب فالمتأخر منه لا يبطل العمل و كذا المقارن، و إن كان الأحوط

______________________________

قوله قده: (و سواء تاب منه أم لا. إلخ)

و ذلك ان دليل التوبة إنما دل على محو الذنب لا رفع الأحكام الوضعية، و أما ضم قصد الراجح إلى القربة فغير مضر كالحمية لحفظ البدن في الصوم و الإعلام بالتكبير أو اجهاره للإمام و قصد إخراج الزكاة اقتداء غيره به، و نحو ذلك وفاقا للمدارك و الذخيرة و المعتصم على ما حكى عنه و المشارق لتمحض الفعل حينئذ للّه و إن كان من جهتين، و صدق العبادة و الإطاعة و أصالة عدم وجوب الزائد، و كذا الطاري بعد الدخول في الفعل و ان كان غير راجح إذا كان الباعث الأصلي هو التقرب للخبر المروي في الكافي عن يونس بن ظبيان عن الصادق عليه السّلام قال قيل له و أنا حاضر الرجل يكون في صلاته خاليا فيدخله العجب فقال: إذا كان أول صلاته بنية يريد بها ربه فلا يضر ما دخله بعد ذلك فليمض في صلاته و ليخسأ الشيطان، و اما ما سوى ذلك كما لو ضم الغير الراجح اللازم للفعل الذي يباح أن يوقع الفعل لأجله كالتبرد و التسخن و نحوهما، و كالطاري إذا كان هو الباعث أو هما معا مبطل، و في الصادقي المروي في الكافي يقول اللّه تعالى

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 217

فيه الإعادة، و أما السمعة فإن كانت داعية على العمل أو كانت جزءا من الداعي بطل و إلا فلا كما في الرياء، فاذا كان الداعي له على العمل هو القربة إلا أنه يفرح

إذا أطلع عليه الناس من غير أن يكون داخلا في قصده لا يكون باطلا، لكن ينبغي للإنسان أن يكون ملتفتا فان الشيطان غرور و عدو مبين، و أما سائر الضمائم فإن كانت راجحة كما إذا كان قصده في الوضوء القربة و تعليم الغير فان كان داعي القربة مستقلا و الضميمة تبعا أو كانا مستقلين صح، و إن كانت القربة تبعا أو كان الداعي هو المجموع منهما بطل، و إن كانت مباحة فالأقوى أنها أيضا كذلك كضم التبرد إلى القربة، لكن الأحوط في صورة استقلالهما أيضا الإعادة، و إن كانت محرمة غير الرياء و السمعة فهي في الإبطال مثل الرياء، لأن الفعل يصير محرما فيكون باطلا، نعم الفرق بينها و بين الرياء أنه لو لم يكن داعيه في ابتداء العمل إلا القربة لكن حصل له في الأثناء في جزء من الأجزاء يختص البطلان بذلك الجزء، فلو عدل عن قصده و أعاده من دون فوات الموالاة صح، و كذا لو كان ذلك الجزء مستحبا و إن لم يتداركه بخلاف الرياء على ما عرفت فان حاله حال الحدث في الإبطال.

______________________________

أنا أغنى الأغنياء عن الشريك فمن أشرك غيري في عمل لم أقبله إلا ما كان لي خالصا، خلافا للمحكي عن المبسوط و الجامع و المعتبر و الشرائع و الإرشاد و التحرير و المنتهى و المشارق لأنه فعل الواجب و زيادة غير منافية، و لان اللازم واجب الحصول نواه أو لم ينوه فتكون نيته كالعدم، و لأنه مع تذكره لا يخلو عن قصده غالبا و يعسر اخلاء القصد عنه، و لان جواز ترجيح الماء البارد على الحار في الصيف و الحار على البارد في الشتاء من غير ضرورة مما لا

ريب فيه، و هو يلزم القصد الى التبريد و التسخين، و في الجميع نظر و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 218

[ (مسألة 29) الرياء بعد العمل ليس بمبطل]

(مسألة 29) الرياء بعد العمل ليس بمبطل. (1)

[ (مسألة 30) إذ توضأت المرأة في مكان يراها الأجنبي]

(مسألة 30) إذ توضأت المرأة في مكان يراها الأجنبي لا يبطل (2) وضوؤها و إن كان من قصدها ذلك.

[ (مسألة 31) لا إشكال في إمكان اجتماع الغايات المتعددة للوضوء]

(مسألة 31) لا إشكال في إمكان اجتماع الغايات المتعددة للوضوء (3)، كما إذا كان بعد الوقت و عليه القضاء أيضا و كان ناذرا لمس المصحف و أراد قراءة القرآن و زيارة المشاهد، كما لا إشكال في أنه إذا نوى الجميع و توضأ وضوءا واحدا لها كفى و حصل امتثال الأمر بالنسبة إلى الجميع، و أنه إذا نوى واحدا

______________________________

قوله قده مسألة 29: (الرياء بعد العمل ليس بمبطل اه)

لعدم الدليل على إبطاله، و ما ذكر من الأدلة فمخصوص بما قارن وقوعه أو في أثنائه، و أما ما ورد من إبطاله بعد العمل فمهجور أو محمول على ضرب من التأويل.

قوله قده مسألة 30: (إذا توضأت المرأة في مكان يراها الأجنبي لا يبطل. إلخ)

إذا استلزم الوضوء تكشف أعضائها يشكل الصحة، بل الظاهر البطلان للنهى عن التكشف المنافي لقصد التقرب سواء انحصر المكان فيما يراها فيه الأجنبي أم لم ينحصر، فحال ما نحن فيه حال التوضؤ من الإناء الغصبي و قد تقدم منه (قده) عدم الفرق في البطلان بين الانحصار و عدمه.

قوله قده مسألة 31: (لا إشكال في إمكان اجتماع الغايات المتعددة للوضوء. إلخ)

لا يخفى انه إذا اجتمع على الإنسان أسباب مختلفة تقتضي الوضوء كفى وضوء واحد بنية القربة عن الجميع، سواء كانت كلها واجبة أو مستحبة أو مختلفة، و سواء لاحظ التداخل في النية أو لا، عيّن شيئا منها أولا بلا خلاف في ذلك و إجماعا كما في مصباح الفقيه، بل ضرورة عند العلماء كما في طهارة شيخ مشايخنا المرتضى، لما تقدم منا من ان الحدث الأصغر

العمل الأبقى في شرح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 219

منها أيضا كفى عن الجميع و كان أداء بالنسبة إليها، و ان لم يكن امتثالا إلا بالنسبة الى ما نواه، و لا ينبغي الإشكال في أن الأمر متعدد حينئذ و ان قيل انه لا يتعدد و إنما المتعدد جهاته، و انما الإشكال في أنه هل يكون المأمور به متعددا أيضا و أن كفاية الوضوء الواحد من باب التداخل أو لا؟ بل يتعدد ذهب بعض العلماء إلى الأول و قال إنه حينئذ يجب عليه أن يعين أحدهما و إلا بطل لأن التعيين شرط عند تعدد المأمور به، و ذهب بعضهم الى الثاني و أن التعدد إنما هو في الأمر أو في جهاته، و بعضهم إلى أنه يتعدد بالنذر و لا يتعدد بغيره و في النذر أيضا لا مطلقا بل في بعض الصور، مثلا إذا نذر أن يتوضأ لقراءة القرآن و نذر أيضا أن يتوضأ لدخول المسجد فحينئذ يتعدد و لا يغني أحدهما عن الآخر، فاذا لم ينو شيئا منهما لم يقع امتثال لأحدهما و لا أداؤه و إن نوى أحدهما المعين حصل امتثاله و أداؤه، و لا يكفى عن الآخر، و على أى حال وضوؤه صحيح بمعنى أنه موجب لرفع الحدث، و إذا نذر أن يقرأ القرآن متوضئا و نذر أيضا أن يدخل المسجد متوضئا فلا يتعدد حينئذ و يجزي وضوء واحد عنهما و ان لم ينو شيئا منهما و لم يمتثل أحدهما، و لو نوى الوضوء لأحدهما كان امتثالا بالنسبة اليه و أداء بالنسبة إلى الآخر و هذا القول قريب.

______________________________

على ما يستفاد من الشرع من اتحاد لوازمه و أحكامه ماهية واحدة مسببة عن أسباب متعددة غير قابلة للتكرار كالقتل و الكسر

و نحوهما مما لا يتكرر بتكرر أسبابه، لعدم قابلية المحل للتأثر، فلا مجال لتوهم بقاء أثر شي ء من الأسباب المختلفة بعد تحقق ما هو سبب تام لرفع طبيعة الحدث و هو الوضوء الصحيح، كما لا وجه لتخصيص الرفع بالمنوي دون غيره لو نوى رفع حدث البول فقط مثلا إذا كان مجتمعا مع غيره، إذ ليس الحدث الحاصل من البول

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 220

[ (مسألة 32) إذا شرع في الوضوء قبل دخول الوقت]

(مسألة 32) إذا شرع في الوضوء قبل دخول الوقت (1) و في أثنائه دخل لا إشكال في صحته و أنه متصف بالوجوب باعتبار ما كان بعد الوقت من أجزائه، و بالاستحباب بالنسبة الى ما كان قبل الوقت، فلو أراد نية الوجوب و الندب نوى الأول بعد الوقت و الثاني قبله.

[ (مسألة 23) إذا كان عليه صلاة واجبة أداء أو قضاء]

(مسألة 23) إذا كان عليه صلاة واجبة أداء أو قضاء و لم يكن عازما (2) على إتيانها فعلا فتوضأ لقراءة القرآن فهذا الوضوء متصف بالوجوب و إن

______________________________

مغايرا للحدث الحاصل من غيره لا ماهية و لا وجودا، فلا يعقل التفكيك، فعلى ما ذكرنا قد اتضح ان الأمر واحد و إنما المتعدد جهاته، و كذا المأمور به واحد فلا تعدد فيه و لا تداخل بل المطلوب واحد و هو رفع الحدث ليس إلا.

قوله قده مسألة 32: (إذا شرع في الوضوء قبل دخول الوقت.

إلخ)

أما عدم الإشكال في صحته فلما عرفت ان الوضوء طبيعة واحدة، فعروض صفة الوجوب لأجل غاية إنما يزاحم استحبابه بحده بلحاظ غايته الأخرى، لا رجحانه الواقعي الذي هو منشأ الطلب الاستحبابي، و مناط حسن الفعل و حصول الانقياد، و أما اتصافه بالوجوب بعد دخول الوقت فهو مبني على ما ذهب اليه المشهور من وجوب مطلق المقدمة، أما بناءا على وجوب ما قصد التوصل بها فلا يجب بدخول الوقت بقول مطلق، بل يتبع قصده، فان قصد التوصل به بعد دخول الوقت إلى الصلاة الواجبة وجب و إلا فلا، و كذا لو اعتبر فيها نفس الإيصال إلى ذيها كما ذهب اليه آخرون فيعتبر في وجوبه فعل الغاية الواجبة و لا يجب بدخول الوقت مطلقا و اللّٰه العالم

قوله قده مسألة 33: (إذا كان عليه صلاة واجبة أداء و

قضاءا و لم يكن عازما. إلخ)

تقدم وجه اتصاف الوضوء بالوجوب و إن لم يكن عازما

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 221

لم يكن الداعي عليه الأمر الوجوبي، فلو أراد قصد الوجوب و الندب لا بد أن يقصد الوجوب الوصفي و الندب الغائي بأن يقول أ توضأ الوضوء الواجب امتثالا للأمر به لقراءة القرآن، هذا و لكن الأقوى أن هذا الوضوء متصف بالوجوب و الاستحباب معا و لا مانع من اجتماعهما.

[ (مسألة 34) إذا كان استعمال الماء بأقل ما يجزي من الغسل غير مضر و استعمال الأزيد مضرا]

(مسألة 34) إذا كان استعمال الماء بأقل ما يجزي من الغسل غير مضر (1) و استعمال الأزيد مضرا يجب عليه الوضوء كذلك، و لو زاد عليه بطل إلا أن يكون استعمال الزيادة بعد تحقق الغسل بأقل المجزى، و إذا زاد عليه جهلا أو نسيانا لم يبطل بخلاف ما لو كان أصل الاستعمال مضرا و توضأ جهلا أو نسيانا فإنه يمكن الحكم ببطلانه، لأنه مأمور واقعا بالتيمم هناك بخلاف ما نحن فيه.

______________________________

على أداء ما وجب عليه من الصلاة الواجبة أداء أو قضاءا، و ذلك بناءا على وجوب مطلق المقدمة عند وجوب ذيها لا بالقيدين المتقدمين من قصد الإيصال أو نفس الإيصال إلى ذيها كما ان كلا منهما مذهب جماعة، و اما بناءا عليه فلا يتصف بالوجوب إذا كان إتيانه لغاية غير واجبة كقراءة القرآن مثلا، و أما ما اختاره من اتصافه بالوجوب و الاستحباب معا فهو محل نظر و تأمل ان أراد الاتصاف بهما معا بحديهما و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 34: (إذا كان استعمال الماء بأقل ما يجزى من الغسل غير مضر. إلخ)

لا إشكال فيما ذكره من الحكم في الفرض المزبور إذ لا مانع منه من ضرر أو غيره، و أما لو زاد عليه

فان كان مع العلم و العمد بطل لحرمة الاستعمال المزبور من جهة الإضرار فيمتنع التقرب به، إلا في صورة ما لو كان استعمال الزائد بعد تحقق الغسل بأقل المجزى، و اما لو كان استعمال الزائد جهلا أو نسيانا فقد قرّب عدم البطلان في صورة ما لو كان أقل المجزى

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 222

[ (مسألة 35) إذ توضأ ثم ارتد لا يبطل وضوؤه]

(مسألة 35) إذ توضأ ثم ارتد لا يبطل وضوؤه (1)، فإذا عاد إلى الإسلام لا يجب عليه الإعادة، و إن ارتد في أثنائه ثم تاب قبل فوات الموالاة لا يجب عليه الاستئناف، نعم الأحوط أن يغسل بدنه من جهة الرطوبة التي كانت عليه حين الكفر و على هذا إذا كان ارتداده بعد غسل اليسرى و قبل المسح ثم تاب يشكل المسح لنجاسة الرطوبة التي على يديه.

______________________________

غير مضر، و البطلان في صورة ما لو كان أصل الاستعمال مضرا بجعل الفارق بينهما هو أنه مأمور بالوضوء في الصورة الأولى و ليس مأمورا به بل مأمور بالتيمم في الصورة الثانية.

و توضيحه ببيان أوفى: هو أنه لما كان مأمورا بالوضوء بأقل ما يجزى من الغسل في الصورة الأولى علم وجود ملاك الوضوء فيها، فلو استعمل الزائد جهلا أو نسيانا فيها لا يبطل لوجود ملاكه، بخلافه في الصورة الثانية أعني:

ما لو كان أصل الاستعمال مضرا فإنه لا ملاك للوضوء و لا أمر به بل هو مأمور بالتيمم فلا يصح حتى جهلا و نسيانا.

و فيه: انا لا نجد فارقا بين الصورتين و ذلك ان مشروعية الوضوء في الصورة الأولى لا تعم الوضوء المأتي به لحرمته فرضا فلا يكون صحيحا، بل الحكم تجديد الوضوء بالماء القليل الذي لا يضر استعماله، فمجرد المشروعية في فرض لا

توجب الصحة و المشروعية للوضوء المأتي به، هذا مع انه قد تقدم منه (قده) في الشرط السابع من شرائط الوضوء الحكم بالصحة في الصورة الثانية فلاحظ.

قوله قده مسألة 35: (إذا توضأ ثم ارتد لا يبطل وضوؤه. إلخ)

اما عدم بطلان الوضوء بالارتداد بعده سواء كان عن ملة أو عن فطرة فالظاهر انه من المسلمات عند الفقهاء، كما هو المحكى عن قواعد الشهيد و الخلاف

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 223

[ (مسألة 36) إذا نهى المولى عبده عن الوضوء في سعة الوقت]

(مسألة 36) إذا نهى المولى عبده عن الوضوء في سعة الوقت (1) إذا كان مفوتا لحقه فتوضأ يشكل الحكم بصحته، و كذا الزوجة إذا كان وضوؤها مفوتا لحق الزوج و الأجير مع منع المستأجر و أمثال ذلك.

[ (مسألة 37) إذا شك في الحدث بعد الوضوء]

(مسألة 37) إذا شك في الحدث بعد الوضوء بنى على بقاء الوضوء (2) إلا إذا كان سبب شكه خروج رطوبة مشتبهة بالبول و لم يكن مستبرئا فإنه

______________________________

و الذكرى و الجواهر للقاضي ابن البراج و غيرهم للأصل من غير معارض و استصحاب بقاء الطهارة، و حصر نواقض الوضوء بغيره، و كذا الغسل و التيمم نعم حكى عن المنتهى بطلان التيمم لأنه نوى به الاستباحة و انتفت بالارتداد و قال في الذكرى: قلنا ما دام الكفر، و اما لو ارتد في الأثناء فقال في القواعد بطل فان عاد أعاد، و قال في جامع المقاصد: و الحق انه إنما يعيد إذا جف البلل و بدونه يستأنف النية لما بقي و يتم طهارته، و بذلك قطع في الدروس و الذكرى و هو الذي تقتضيه القواعد إذ لا يمنع الارتداد من بقاء قابلية الاجزاء لإلحاق الباقي بها ما لم تفت الموالاة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 36: (إذا نهى المولى عبده عن الوضوء في سعة الوقت.

إلخ)

الظاهر بطلان الوضوء في الفروض المذكورة لعموم ما دل على وجوب اطاعة المولى و الزوج فيما يزاحم حقهما و توفية المستأجر حقه فإنه يقتضي حرمة الوضوء فيمتنع التعبد به و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 27: (إذا شك في الحدث بعد الوضوء بنى على بقاء الوضوء. إلخ)

بلا خلاف فيه نصا و فتوى و يدل عليه مضافا الى استصحاب الأخبار المستفيضة (منها) المروي عن الخصال مسندا الى الصادق عليه السّلام

قال قال أمير المؤمنين عليه السّلام من كان على يقين فشك فليمض على يقينه فان الشك لا ينقض اليقين، و هو بعمومه يشمل ما نحن فيه (و منها) قوله عليه السّلام في ذيل موثقة عبد اللّٰه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 224

حينئذ يبنى على أنها بول و أنه محدث، و إذا شك في الوضوء بعد الحدث يبنى على بقاء الحدث (1) و الظن غير المعتبر كالشك في المقامين (2)

______________________________

ابن بكير و إياك ان تحدث وضوءا ابدا حتى تستيقن أنك أحدثت (و منها) صحيحة زرارة عن أبى جعفر عليه السّلام قال قلت له الرجل ينام و هو على وضوء توجب الخفقة و الخفقتان عليه الوضوء؟ فقال يا زرارة قد تنام العين و لا ينام القلب و الاذن، و إذا نامت العين و الاذن و القلب وجب الوضوء، قلت فان حرّك الى جنبه شي ء فلم يعلم به؟ قال: لا حتى يستيقن انه قد نام حتى يجي ء من ذلك أمر بيّن و إلا فإنه على يقين من وضوئه، و لا ينقض اليقين أبدا بالشك و إنما ينقضه بيقين آخر، هذا ما لم يكن سبب شكه خروج رطوبة مشتبهة بالبول و لم يكن استبرأ فإنه يبنى على انها بول و انه محدث، و ذلك لما تقدم من الأخبار الخاصة التي تقدمت في بحث الاستبراء.

قوله قده: (و إذا شك في الوضوء بعد الحدث يبنى على بقاء الحدث.

إلخ)

إجماعا كما اعترف به كثير منهم و ظاهرهم انه بين المسلمين كما صرح به بعضهم و هو الحجة، مضافا الى الأصول و العمومات مثل ما تقدم نقله عن الخصال مسندا الى الصادق عليه السّلام قال قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من كان

على يقين فشك فليمض على يقينه فان الشك لا ينقض اليقين، و خصوصا ما عن الرضوي فإن شككت في الوضوء و كنت على يقين من الحدث فتوضأ.

قوله قده: (و الظن الغير المعتبر كالشك في المقامين)

لما تقدم منا مرارا من أن كل ظن لم يقم على اعتباره بخصوصه دليل فهو ملحق بالشك، و يكفي في عدم اعتباره الآيات و الروايات الناهية عن العمل به (نعم) يحكى عن الشيخ البهائي (قده) في الحبل المتين خلافه في المسألة الأولى و أن البناء على

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 225

و إن علم الأمرين و شك في المتأخر منهما (1) بنى على أنه محدث إذا جهل تاريخهما أو جهل تاريخ الوضوء و أما إذا جهل تاريخ الحدث و علم تاريخ الوضوء بنى على

______________________________

الوضوء مشروط ببقاء الظن به و دائر مداره فما دام باقيا فالعمل عليه و إلا فيجب الوضوء (و يدفعه) مضافا إلى عدم القول بإناطة اعتبار الاستصحاب بالظن الشخصي و لو من القائلين باعتباره من باب الظن كما تقرر في الأصول الأخبار المستفيضة المتلوة عليك قريبا الصريحة في خلافه و خصوص رواية عبد الرحمن بن أبى عبد اللّٰه انه قال للصادق عليه السّلام أجد الريح في بطني حتى أظن انها قد خرجت فقال: ليس عليك وضوء حتى تسمع الصوت أو تجد الريح ثم قال: ان إبليس يجلس بين أليتى الرجل فيحدث ليشككه.

قوله قده: (و ان علم الأمرين و شك في المتأخر منهما. إلخ)

لا يخفى ان في هذه المسألة أقوالا (منها) و هو المشهور وجوب الطهارة سواء جهل التأريخان أو علم تاريخ أحدهما جهلت الحالة السابقة أو علمت لحكم العقل بوجوب القطع بتفريغ الذمة من التكاليف المشروطة بالطهور

بعد العلم باشتغالها به فان الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني عقلا و يؤيد ما ذكرناه من وجوب الطهارة مطلقا على من تيقنهما و شك في المتأخر منهما ما في الفقه الرضوي: و ان كنت على يقين من الوضوء و الحدث و لا تدري أيهما أسبق فتوضأ (و منها) ما عن بعض متأخر المتأخرين من التفصيل بين ما لو جهل تاريخهما فكالمشهور أو علم تاريخ أحدهما فيؤخذ بمجهول التأريخ فان علم تاريخ الحدث دون الطهارة فإنه متطهر، عكس ما لو علم تاريخ الطهارة دون الحدث فإنه محدث لأصالة تأخر الحادث (و فيه) ان وصف التأخر كالتقدم أمر حادث مسبوق بالعدم فلا يمكن إثباته بالأصل نعم ما هو المطابق للأصل عدم وجود

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 226

بقائه و لا يجرى استصحاب الحدث حينئذ حتى يعارضه لعدم اتصال الشك باليقين به حتى يحكم ببقائه و الأمر في صورة جهلهما أو جهل تاريخ الوضوء

______________________________

ما جهل تاريخه إلا في زمان علمنا بوجوده فيه و مفاده اجراء آثار الوجود عليه من ان الثبوت لا قبله و هذا المعنى لا يستلزم حصول التأخر بالمعنى الإضافي الذي يقابله التقدم حتى يثبت من تأخره تقدم معلوم التأريخ عليه، بل معناه ان معلوم التأريخ الحادث يوم الخميس مثلا و مجهوله تجري أحكامه من يوم الجمعة المعلوم وجوده فيه و لا يلزم من ذلك وصف التأخر و التقدم الذي هو المدار فيما ينفعنا من الأحكام و توضيحه: ان لفظ التأخر موجب للاشتباه في هذا المقام و له معنيان أحدهما:

المعنى الإضافي النسبي المحتاج إلى شي ء مقدم حتى يتأخر هذا عنه و ثانيهما:

التأخر بمعنى عدم وجود هذا الحادث إلا في زمان علمنا بوجوده و مفاده

إجراء آثار الوجود عليه من ان الثبوت لا قبله و هذا المعنى لا يستلزم حصول التأخر بالمعنى الإضافي الذي يقابله التقدم حتى يثبت من تأخره تقدم معلوم التأريخ عليه فأصالة تأخر الحادث ليس معناه التأخر الذي في قبال التقدم لأنه إثبات لإحدى الصفتين بالأصل، بل المراد بهذا التأخر وجوده في الآن المتيقن لا في الآن المشكوك و ليس في ذلك تقدم و تأخر بذلك المعنى مطلقا.

(و منها) ما يظهر من المحقق في المعتبر و تبعه جماعة ممن تأخر عنه بل عن شارح الجعفرية نسبته الى المشهور بين المتأخرين من التفصيل بين صورة الجهل بالحالة السابقة على الحالتين فكالمشهور و بين صورة العلم بها فيؤخذ بضدها لأن تلك الحالة ارتفعت يقينا و ارتفاع ذلك الرافع مشكوك فليستصحب الحالة الطارية التي لم يعلم زوالها فان كان حدثا فيبني على الطهارة لأنه تيقن انتقاله من تلك الحالة إلى الطهارة و لم يعلم تجدد الانتقاض فصار متيقنا للطهارة و شاكا في الحدث فيبني على الطهارة و إن كان قبل تصادم الاحتمالين متطهرا بنى على الحدث لعين

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 227

و إن كان كذلك إلا أن مقتضى شرطية الوضوء وجوب إحرازه و لكن الأحوط الوضوء في هذه الصورة أيضا.

______________________________

ما ذكرنا من التنزيل (و فيه) أنه يتوجه على ما ذكروه من استصحاب الحالة الطارئة انها معارضة بالمثل مثلا إذا تيقنهما و علم انه كان في الزمان السابق على الزمانين محدثا كما يصح أن يقال زوال هذا الحادث بالطهارة المتيقنة معلوم و انتقاض الطهارة بالحدث المتيقن غير معلوم لاحتمال عروضه عقيب الحدث السابق قبل الطهارة المتيقنة كذلك يصح أن يقال أن كونه محدثا حال خروج الحدث المتيقن معلوم

و زوال هذا الحدث المتيقن غير معلوم لجواز وقوع الطهارة قبله (و منها) ما يحكى عن العلامة (قده) في بعض كتبه و هو الأخذ بالحالة السابقة على الحالتين فان كان في تلك الحال متطهرا بنى على طهارته لأنه تيقن انه نقض تلك الطهارة ثم توضأ و لا يمكن ان يتوضأ عن حدث مع بقاء تلك الطهارة و نقض الطهارة الثانية مشكوك فيه فلا يزال اليقين بالشك و ان كان في الحالة السابقة على الحالتين محدثا فهو الآن محدث لأنه تيقن انه انتقل عنه إلى طهارة ثم نقضها و الطهارة بعد تيقنها مشكوك فيها. انتهى.

و فيه انه كما يعلم بانتقاض الحالة السابقة أيا كانت طهارة أو حدثا يعلم بصدور حادثين و كل منهما معلوم الحدوث مشكوك الزوال للشك في التقدم و التأخر فالأقوى ما ذهب اليه المشهور من انه لو تيقنهما و شك في المتأخر كمن تيقن الحدث و شك في الطهارة يتطهر مطلقا سواء علم تاريخ أحدهما أم لم يعلم أصلا، و سواء علم بحالته قبل الحالتين أو جهلها.

و أما ما اختاره المصنف (قده) من انه إذا جهل تاريخ الحدث و علم تاريخ الوضوء بنى على بقائه و لا يجرى استصحاب الحدث حينئذ حتى يعارضه لعدم اتصال الشك باليقين به. إلخ. لا نعرف معنى لعدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين إلا ما يحكى من تقريبه باحتمال انفصاله عنه باليقين بوجود الضد فيكون من نقض

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 228

[ (مسألة 38) من كان مأمورا بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث]

(مسألة 38) من كان مأمورا بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث (1) إذا نسي و صلى فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر فيجب عليه الإعادة

______________________________

اليقين باليقين، و فيه: ان احتمال انفصاله

عنه باليقين بوجود الضد لا يخرجه عن كونه زمان شك مع ان هذا الإشكال بعينه جار في معلوم التأريخ فلا يصح استصحابه لاحتمال انفصاله عنه بمجهول التأريخ فالوجه ما تقدم من لزوم الطهارة في المسألة المفروضة و لا يفرق بين جهاتها و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 38: (من كان مأمورا بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث. إلخ)

لا يخفى أن من كان متيقنا للحدث و صلى ثم شك في صحة صلاته و فسادها للشك في بقائه و ارتفاعه حالها فيه صور (الأولى) ما لو كان متيقنا للحدث و غفل و ذهل عن يقينه هذا و صلى و بعد الفراغ التفت اليه و احتمل انه قد تطهر بعده قبلها، و لا ريب و لا شبهة هنا في الحكم بصحة صلاته و انه محدث بالنسبة إلى غيرها، أما الأول فيدل عليه أو لا قاعدة الفراغ في الصلاة لكون الشك فيها بعده، و ثانيا أصالة الصحة، و ثالثا قاعدة التجاوز بالنسبة إلى الطهارة من جهة شرطيتها لهذه الصلاة فإنه شاك فيما بعد تجاوز محلها من هذه الجهة، و رابعا استصحاب عدم فعلية الأمر بها الثابت قبل عروض هذا الشك، و خامسا قاعدة التجاوز في الصلاة إذا دخل فيما هو مرتب عليها و لو كان تعقيبا، و أما الثاني: فلاستصحاب الحدث فإنه غير محكوم لشي ء من هذه الجهة أولا، و قاعدة الشغل ثانيا، و قاعدة الشك في المحل في الوضوء بالنسبة إلى صلاة أخرى ثالثا (الثانية) ما لو كان متيقنا له ثم شك في بقائه و ارتفاعه بالطهارة بعده و جرى استصحابه في حقه ثم ذهل و غفل عن ذلك كله و صلى و بعد الفراغ تنبه لحالته السابقة

و يحتمل بأنه قد تطهر لصلاته بعد ذلك الاستصحاب فالظاهر ان حكمه كالسابق لجريان جميع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 229

إن تذكر في الوقت و القضاء إن تذكر بعد الوقت، و أما إذا كان مأمورا به من

______________________________

ما تقدم له فيه حتى قاعدة الفراغ في الصلاة لأن الشك في صحة صلاته و فسادها للشك في بقاء ذلك الحدث الاستصحابى و عدمه و ارتفاعه إنما هو شك حادث بعد الفراغ جزما ضرورة انه لم يكن سابقا فهو موضوع القاعدة كما لا يخفى (الثالثة) هي الثانية أيضا لكنه يعلم بأنه لم يتطهر بعد ذلك الاستصحاب يقينا و لا ريب و لا شبهة في كونه محدثا حكما بالنسبة الى ما يأتي من الصلوات و غيرها لما تقدم و في صحة صلاته و فسادها و جهان لا يخلو الثاني من قوة لعدم جريان قاعدة الفراغ و التجاوز هنا فمقتضى قاعدة الشغل أو استصحابه وجوب الاستيناف و يمكن أن يستدل لذلك بوجوه: الأول إمكان أن يقال ان الشك في صحة الصلاة و فسادها فعلا ليس شكا حادثا بعد الفراغ أو التجاوز بل كان موجودا محققا قبلها لأن الشك السابق في بقاء حدثه و ارتفاعه مستلزم للشك في صحة الصلاة و فسادها إذا أتى بها في هذه الحالة ملازمة قطعية عملية وجدانية، و هو شك فعلى تنجيزي غير معلق و مشروط بشي ء و ان كان ظرف المشكوك متأخرا كما لا يخفى و ان لم يلتفت المكلف اليه فعلا ضرورة أنه لا يعتبر في حقيقته و لا في حكمه و سببيته الالتفات اليه بهذا المعنى كما لا يخفى كما أن مجرد غفلته و ذهوله عن ملزومه و هو الشك في الحدث

غير ضائر و بالجملة الشك السابق على الصلاة فرضا في كونه محدثا أو متطهرا فعلا مستلزم للشك الحقيقي الفعلي التنجيزي في صحة الصلاة التي يأتي بها في هذه الحالة عقلا و وجدانا غاية الأمر يكون ظرف المشكوك فيه استقباليا فالشك في الصحة و البطلان يكون فعليا حاليا تنجيزيا من قبيل الواجب التعليقي لا مشروطا و معلقا من قبيل الواجب المشروط و حيث كان كذلك فلا يبقى معه مورد لقاعدتي الفراغ و التجاوز، ضرورة أن موردهما حدوث الشك بعده أو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 230

جهة الجهل بالحال السابقة فنسيه و صلى يمكن أن يقال بصحة صلاته من باب

______________________________

وجوده بعده مع سبقه عليه، و في المحل المفروض فيما نحن فيه وجود الشك قبل الصلاة و حالها و بعدها فتأمل جيدا تعرف ان شاء اللّٰه تعالى.

(الثاني) ان قاعدة الفراغ إنما تقدم على الاستصحاب إذا جريا في عرض واحد و مرتبة واحدة، بأن يكون مجرى كل منهما بعد الفراغ، و ما نحن فيه ليس كذلك، لأن المفروض جريان استصحاب الحدث في حقه قبل الصلاة منذ شك فيه، و من آثاره و أحكامه الشرعية فساد هذه الصلاة المأتي بها في حال كونه محدثا شرعا تعبدا.

(لا يقال) إنها كيف تكون كذلك و المفروض انه أتى بها في حال غفلته و ذهوله عن حدثه اليقيني و الاستصحابى و الغفلة مسقطة للاستصحاب جزما، لأنه يعتبر فيه الشك الفعلي، و من المعلوم أن فعلية الشك تزول و ترتفع بالغفلة.

(لأنا نقول) انا نمنع زواله و ارتفاعه بها حقيقة، ضرورة أن الشك أمر نفساني قائم بالشاك و هو الجهل و الترديد و حجب الواقع و ستره مقابل الكشف و هو موجود و محقق

ثابت بالفعل حقيقة و ان ذهل و غفل عنه الشاك بوجه ما لم يطرأ عليه ضده من علم أو ظن كالإرادة و العلم و نحوهما، بديهة انه لا دليل على اعتبار علمه بشكه و التفاته اليه بالفعل في حقيقته أو في جريان آثاره و أحكامه الشرعية عليه، بل مقتضى أصالة الإطلاق في الأدلة عدمه، و الحاصل إن أريد من اعتبار فعلية الشك في القاعدة التحرز عن الشك التقديري حقيقة فمسلم، لكن ما نحن فيه ليس كذلك لما عرفت، و ان أريد منه العلم به فعلا و الالتفات اليه حالا فهو ممنوع جدا، و يدل عليه (أولا) أصالة الإطلاق بعد فرض كونه شكا فعليا تنجيزيا حاليا مطلقا عرفا و لغة و وجدانا.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 231

قاعدة الفراغ لكنه مشكل فالأحوط الإعادة أو القضاء في هذه الصورة أيضا و كذا الحال إذا كان من جهة تعاقب الحالتين و الشك في المتقدم منهما.

______________________________

(و ثانيا) ان الشاك غالبا ان لم يكن دائما يذهل و يغفل عن شكه فعلا فيما بعد زمان حدوثه بيسير جزما، فيلزم ان لا يجري في حقه منذ شك في بقاء حدثه قبل الصلاة و حالها و بعدها، و ان فرض غفلته عنه و عن شكه فعلا قبلها و حالها و من آثار كونه محدثا شرعا فساد صلاته ظاهرا شرعا، فالاستصحاب جار في حقه قبل جريان قاعدتي الفراغ و التجاوز و متقدما عليهما، فلا يبقى لهما مورد معه و الوجه فيه (أولا) ان قاعدة الفراغ أصل عملي وظيفة للشاك المتحير في عمله فعلا المتردد في صحته و فساده حالا، و من المعلوم انه مع استصحاب الحدث و الحكم بكونه محدثا شرعا تزول

حيرته و يرتفع تردده حكما، بخلاف ما لو جريا في عرض واحد و في مرتبة واحدة، ضرورة أن الحيرة و التردد باقيان لم يرتفعا و لم يزولا موضوعا و حكما. (و ثانيا) أن ما ذكر لتقديم القاعدة عليه من الحكومة أو الأخصية غير جار فيما نحن فيه.

(الثالث) لو سلم سقوط استصحاب الحدث بمجرد الغفلة عن شكه فعلا و ان كان موجودا في الخزاءة حالا، و لكن يمكن أن يقال ان الشك في أدلة الفراغ و التجاوز و البناء على الأكثر و نحوهما منصرف الى الشك الذي لا يحكم على متعلقة بحكم ظاهري شرعي مولوي سابقا على تحققه و حدوثه، و لو كان في زمان ما و ان فرض سقوطه لزوال موضوعه أو تبدله و تغيره، و ما نحن فيه ليس كذلك، إذا المفروض كون هذا الشخص محكوما عليه بأنه محدث و ان صلاته فاسدة باطلة ظاهرا سابقا حين ما كان شاكا فيه ملتفتا اليه.

(الرابع) دعوى اختصاص قاعدة الفراغ و التجاوز بما إذا كان منشا الشك غير معلوم و غير ملتفت اليه، و أما لو كان معلوما له و ملتفتا اليه بعد

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 232

[ (مسألة 39) إذا كان متوضئا و توضأ للتجديد]

(مسألة 39) إذا كان متوضئا و توضأ للتجديد و صلى ثم تيقن بطلان أحد الوضوءين (1)، و لم يعلم أيهما لا إشكال في صحة صلاته، و لا يجب عليه

______________________________

الفراغ و التجاوز و كان بحيث لو التفت اليه و تنبه له حيث ما كان غافلا لما كان أيضا فيه فلا تجري فيه القاعدتان لقوله عليه السّلام حين ما يتوضأ أذكر منه حين يشك، و لأنهما من باب ظهور حال الفاعل المختار في انه لا يتجاوز محل الشي ء

حتى يفعله على الوجه الصحيح التام.

(ثانيا) و مما ذكرنا يعلم الحكم في الصورتين الأخيرتين، و هما ما إذا كان مأمورا به من جهة الجهل بالحالة السابقة فنسيه، و من جهة تعاقب الحالتين فان الحكم فيهما من وجوب الإعادة في الوقت و القضاء في خارجه كما سبق في الصورة المتقدمة لعدم جريان قاعدة الفراغ فيهما لما عرفت من انصراف الشك فيها الى الشك الذي لا يحكم على متعلقة بحكم ظاهري شرعي مولوي سابقا على تحققه و حدوثه، و لاختصاصها أيضا بما إذا كان منشأ الشك غير معلوم و غير ملتفت اليه لقوله عليه السّلام حين ما يتوضأ أذكر منه حين يشك، و لأنها من باب ظهور حال الفاعل المختار في أنه لا يتجاوز محل الشي ء حتى يفعله على الوجه الصحيح التام و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 39: (إذا كان متوضئا و توضأ للتجديد و صلى ثم تيقن بطلان أحد الوضوءين. إلخ)

تقدم منا في فصل الوضوءات المستحبة كفاية الوضوء التجديدي عن السابق لو ظهر فساده بترك غسل عضو منه و نحوه مطلقا و ان اعتبرت نية الرفع و الاستباحة، لأن الظاهر انها انما تكون معتبرة إذا كان المكلف ذاكرا للحدث لا مع اعتقاده حصول الإباحة بدونه و لان الظاهر من فحاوي الأخبار أن شرعية المجدد انما هو لاستدراك ما وقع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 233

الوضوء للصلوات الآتية أيضا بناءا على ما هو الحق من أن التجديدي إذا صادف الحدث صح، و اما إذا صلى بعد كل من الوضوءين ثم تيقن بطلان أحدهما فالصلاة الثانية صحيحة و أما الأولى فالأحوط إعادتها، و إن كان لا يبعد جريان قاعدة الفراغ فيها.

______________________________

في الأول من الخلل، فعلى ما

عرفت لا إشكال في صحة الصلاة الواقعة بعدهما لليقين بصحة أحد الوضوءين، و كذلك صحة سائر الغايات و سائر الصلوات الآتية أيضا.

نعم يعتبر أن لا يكون قصد الأمر التجديدي على نحو التقييد المنحل إلى الإيجاب و السلب، و أما لو صلى بعد كل منهما صلاة، فالصلاة الثانية صحيحة للقطع بارتفاع حدثه بإحدى الطهارتين فيقطع بصحة الصلاة الواقعة عقيبهما، و أما الأولى فكذلك صحيحة ظاهرا فلا يعيدها، لعدم العلم ببطلان الطهارة الأولى، و احتمال وقوع الخلل فيها شك في الشي ء بعد التجاوز عنه فلا يلتفت اليه، و العلم الإجمالي بوقوع الخلل في إحدى الطهارتين إنما يمنع من جريان أصالة الصحة إذا كان مؤثرا في تنجيز خطاب على المكلف، بحيث يكون إجراء الأصل في أطراف الشبهة موجبا لمخالفة الحكم المعلوم بالإجمال، و بعبارة أخرى العلم الإجمالي إنما يمنع من إجراء الأصل فيما إذا كان كل واحد من أطراف الشبهة على وجه لو تبين تفصيلا انه مورد لعلمه الإجمالي لتنجز في حقه بسببه تكليف شرعي، كما لو علم إجمالا بوقوع خلل في وضوئه الذي صلى به صلاة الصبح أو وضوئه الذي صلى به صلاة العصر، فإن إجراء أصالة الصحة في كلا الوضوءين يستلزم جواز مخالفة التكليف الذي علم تنجزه عليه إجمالا، و هو وجوب إعادة إحدى الصلاتين، و اما إذا لم يكن كذلك كما لو علم إجمالا بوقوع خلل إما في وضوئه أو وضوء شخص آخر أو في وضوئه الذي صلى به

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 234

[ (مسألة 40) إذا توضأ وضوئين و صلى بعدهما ثم علم بحدوث حدث بعد أحدهما]

(مسألة 40) إذا توضأ وضوئين و صلى بعدهما ثم علم بحدوث حدث (1) بعد أحدهما يجب الوضوء للصلاة الآتية لأنه يرجع الى العلم بوضوء و حدث و الشك

في المتأخر منهما و أما صلاته فيمكن الحكم بصحتها من باب قاعدة الفراغ بل هو الأظهر.

______________________________

صلاة الظهر أو وضوئه الذي أحدث عقيبه و لم يصل معه أصلا، أو علم بوقوع خلل اما في وضوئه أو في شي ء من سائر أعماله التي لا مدخلية لها في الأحكام الشرعية، أو في شي ء من أعماله الشرعية التي تعدى وقتها بحيث لا أثر لصحتها و فسادها بعد التذكر، فإنه لا مانع من إجراء أصالة الصحة و غيرها من الأصول في شي ء من مثل هذه الموارد كما تقرر في الأصول، و ما نحن فيه من هذا القبيل إذ لا أثر لعلمه الإجمالي بالنسبة إلى وضوئه التجديدي، حيث لا يترتب بعد التذكر على صحته و فساده أثر شرعي، فلا معنى لإجراء أصالة الصحة بالنسبة إليه، لأن معنى أصالة الصحة إنما هو الالتزام بصحة الفعل في مقام العمل، و المفروض انه لا أثر له من حيث العمل، فأصالة الصحة بالنسبة إلى وضوئه الذي نوى به رفع الحدث سليم عن المعارض و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 40: (إذا توضأ وضوءين و صلى بعدهما ثم علم بحدوث حدث. إلخ)

المسألة كما ذكر (قده) من رجوعها الى العلم بوضوء و حدث و الشك في المتأخر منهما للعلم بانتقاض وضوئه الأول على كل تقدير، و حيث كان الشك حادثا بعد الصلاة فلا مانع و لا معارض لإجراء قاعدة الفراغ في الصلاة، و يجب عليه الوضوء للصلوات الآتية لما تقدم فيمن علم الطهارة و الحدث و شك في المتأخر منهما فراجع.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 235

[ (مسألة 41) إذا توضأ وضوءين و صلى بعد كل واحد صلاة ثم علم حدوث حدث بعد أحدهما]

(مسألة 41) إذا توضأ وضوءين و صلى بعد كل واحد صلاة ثم علم (1) حدوث حدث بعد أحدهما يجب

الوضوء للصلوات الآتية و اعادة الصلاتين السابقتين إن كانا مختلفتين في العدد، و إلا يكفي صلاة واحدة بقصد ما في الذمة جهرا إذا كانتا جهريتين و إخفاتا إذا كانتا اخفاتيتين، و مخيرا بين الجهر و الإخفات إذا كانتا مختلفتين و الأحوط في هذه الصورة اعادة كلتيهما.

______________________________

قوله قده مسألة 41: (إذا توضأ وضوءين و صلى بعد كل واحد صلاة ثم علم. إلخ)

أما وجوب الوضوء للصلاة الآتية فلما ذكره (قده) من ان المقام جزئي من جزئيات من تيقن الطهارة و الحدث و شك في المتأخر منهما، و قد تقدم وجه وجوب الطهارة عليه للصلوات الآتية، و أما وجوب اعادة الصلاتين ان اختلفتا عددا فهو لتحصيل فراغ الذمة عما اشتغلت به يقينا، و لا يحصل إلا باعادتهما معا، و اما كفاية الواحدة لو اتفقا عددا فلما يستفاد من مرفوعة الحسين بن سعيد من كفاية الواحدة المطابقة لعدد الفائتة و ان اختلفتا في الجهر و الإخفات قال سئل أبو عبد اللّٰه عليه السّلام عن رجل نسي صلاة من الصلوات لا يدرى أيتها هي؟ قال: يصلى ثلاثة و أربعة و ركعتين، فان كانت الظهر أو العصر أو العشاء كان قد صلى أربعا و ان كانت المغرب أو الغداة فقد صلى، و مرسلة على بن أسباط عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال من نسي من صلاة يومه واحدة لم يدر أي صلاة هي صلى ركعتين و ثلاثا و أربعا، و قد استدل بهذه المرسلة كالمرفوعة لعموم كفاية الواحدة المطابقة بتنقيح المناط، سواء كان المحتمل فواته واحدة من اثنين أو واحدة من خمس، و لا احتمال لخصوصية النسيان الذي هو مورد الرواية خصوصا بعد التعليل المذكور في المرفوعة، كما لا فرق

فيما لو اتفقتا في الجهر و الإخفات أو اختلفتا لإطلاق الروايتين، خلافا لما حكى عن الشيخ و القاضي و ابن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 236

[ (مسألة 42) إذا صلى بعد كل من الوضوءين نافلة ثم علم حدوث حدث بعد أحدهما]

(مسألة 42) إذا صلى بعد كل من الوضوءين نافلة ثم علم حدوث حدث (1) بعد أحدهما فالحال على منوال الواجبين لكن هنا يستحب الإعادة إذ الفرض كونهما نافلة، و أما إذا كان في الصورة المفروضة إحدى الصلاتين واجبة و الأخرى نافلة فيمكن أن يقال بجريان قاعدة الفراغ في الواجبة و عدم معارضتها بجريانها في النافلة أيضا لأنه لا يلزم من اجرائهما فيهما طرح تكليف منجز، إلا أن الأقوى عدم جريانها للعلم الإجمالي فيجب إعادة الواجبة و يستحب إعادة النافلة.

______________________________

حمزة و ابن سعيد و الحلي من عدم التخطي عن موردها أصلا، و هو منشأ احتياط المصنف في إعادتهما معا ان كانا مختلفين في الجهر و الإخفات، و لا يخفى انه خلاف ما يساعد عليه فهم العرف، و كذلك الظاهر عدم الفرق بين أن يكون الصلاتان ادائيتين أو قضائيتين أو مختلفتين، فإنه و إن أمكن الفرق كما ذهب اليه بعضهم فيعيدهما على تقدير الاتفاق لما عرفت، و اما على تقدير الاختلاف فلا يعيد إلا ما كان في الوقت دون ما كان في خارجه، لأن القضاء و ان كان بأمر جديد فتنجزه عليه غير معلوم، و الأصل براءة ذمته منه و أما ما كان في الوقت فسقوط أمره غير معلوم و الأصل بقاؤه، فإن فيه ان القضاء و ان كان بأمر جديد إلا أنه ليس تكليفا جديدا أجنبيا عن التكليف الأول بل هو من آثار الأمر الأول و شراشره، غاية الأمر أنه استكشف بأمر جديد، فالأمر الجديد كاشف عن كون

الأمر الأول من قبيل تعدد المطلوب فاستصحاب بقاء هذا الأثر يعارض استصحاب براءة الذمة منه.

قوله قده مسألة 42: (إذا صلى بعد كل من الوضوءين نافلة ثم علم حدوث حدث. إلخ)

لا يخفى ان الأمر كما ذكره في الفرض الأول من وجوب إعادة الوضوء للصلوات الآتية لقاعدة الاشتغال بعد تعارض الأصول

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 237

[ (مسألة 43) إذا كان متوضئا و حدث منه بعده صلاة]

(مسألة 43) إذا كان متوضئا و حدث منه بعده صلاة و حدث (1) و لا يعلم أيهما المقدم و ان المقدم هي الصلاة حتى تكون صحيحة أو الحدث حتى تكون باطلة؟ الأقوى صحة الصلاة لقاعدة الفراغ خصوصا إذا كان تاريخ الصلاة معلوما لجريان استصحاب بقاء الطهارة أيضا الى ما بعد الصلاة.

[ (مسألة 44) إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء انه ترك جزءا منه]

(مسألة 44) إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء انه ترك جزءا منه و لا يدرى أنه الجزء الوجوبي أو الجزء الاستحبابي (2) فالظاهر الحكم بصحة وضوئه

______________________________

في الوضوءين و تساقطها و استحباب اعادة الصلاتين لفرض كونهما نافلة، و اما في الفرض الثاني و هو ما لو كان أحدى الصلاتين واجبة و الأخرى نافلة، فالأقوى جريان قاعدة الفراغ في الواجبة و لا يعارضها جريانها في النافلة، إذ العلم الإجمالي إنما تجب موافقته إذا كان منجزا لتكليف على كل حال، على وجه لو لم يوافقه قطعا يلزم منه ترخيص في المعصية، و لا يكفي في منجزيته أن يكون له أثر على كل حال و ان كان غير إلزامي، إذ ما ذكرناه من الوجه هو المانع من جريان الأصول و القواعد فيه، و اما إذا كان على أحد التقادير فلا مانع من جريان قاعدة الفراغ فيه، هذا و الأحوط إعادة الفريضة بعد اعادة الوضوء و اللّه العالم.

قوله قده مسألة 43: (إذا كان متوضئا و حدث منه بعده صلاة و حدث. إلخ)

لا مانع من جريان قاعدة الفراغ في الصلاة فيثبت بها صحة الصلاة، و اما الاستصحاب المذكور فالظاهر معارضته باستصحاب عدم الصلاة الى آخر أزمنة الطهارة.

قوله قده مسألة 44: (إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء انه ترك جزءا منه و لا يدرى انه الجزء الوجوبي أو الجزء الاستحبابي. إلخ)

الأمر

كما ذكره (قده) من جريان قاعدة الفراغ في الوضوء و لا يعارضها جريانها

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 238

لقاعدة الفراغ و لا تعارض بجريانها في الجزء الاستحبابي لأنه لا أثر لها بالنسبة اليه، و نظير ذلك ما إذا توضأ وضوءا لقراءة القرآن و توضأ في وقت آخر وضوءا للصلاة الواجبة ثم علم ببطلان أحد الوضوءين فان مقتضى قاعدة الفراغ صحة الصلاة و لا تعارض بجريانها في القراءة أيضا لعدم أثر لها بالنسبة إليها.

[ (مسألة 45) إذا تيقن ترك جزء أو شرط من أجزاء أو شرائط الوضوء]

(مسألة 45) إذا تيقن ترك جزء أو شرط من أجزاء أو شرائط الوضوء (1) فان لم تفت الموالاة رجع و تدارك و أتى بما بعده و أما ان شك في

______________________________

في الجزء الاستحبابي، إذ لا يستتبع ذلك تكليفا منجزا يلزم من جريانها طرحه، و الفارق بين هذه المسألة و المسألة الثانية و الأربعين عند المصنف (قده) حيث قوى عدم جريان قاعدة الفراغ فيها دونه هنا هو عدم الأثر العملي هنا، إذ لو كان المتروك الجزء الاستحبابي لا يستتبع إعادته منفردا بخلافه في المسألة السابقة، فإنه لو كان الخلل في النافلة بسبب الخلل في وضوئها فالأمر الاستحبابي بإعادتها باق، فإجراء قاعدة الفراغ فيها يعارض إجراءها في الفريضة، و يعلم تكاذبهما، و قد تقدم منا ان المناط في منجزية العلم الإجمالي هو العلم بتوجه تكليف اليه منجز على أى تقدير، لا كونه ذا أثر و ان لم يكن الأثر منجزا، و لذا لم يلتزم بوجوب الموافقة فيما ذكره هنا من المثال من انه لو توضأ لقراءة القرآن و آخر لفريضة و علم بفساد أحدهما، و منشؤه ما ذكرناه من الوجه، و إلا فهو عين ما تقدم من كون كل منهما ذا أثر و

اللّه العالم.

قوله قده مسألة 45: (إذا تيقن ترك جزء أو شرط من أجزاء أو شرائط الوضوء. إلخ)

لا يخفى تضمن هذه المسألة لمسألتين:

(الأولى) ما لو تيقن المتوضئ ترك جزء أو شرط من أجزاء أو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 239

ذلك فاما أن يكون بعد الفراغ أو في الأثناء، فإن كان في الأثناء رجع و أتى به و بما بعده و إن كان الشك قبل مسح الرجل اليسرى في غسل الوجه مثلا أو في جزء منه و إن كان بعد الفراغ في غير الجزء الأخير بنى على الصحة لقاعدة

______________________________

شرائط وضوئه وجب الرجوع و التدارك لما فات، سواء كان في أثناء الوضوء أو بعده بلا إشكال و لا خلاف، كما ان ذلك مقتضى أوامر الوضوء، و لأن فوات الجزء يقتضي فوات الكل، و لما في ذيل صحيح زرارة الآتي ذكره:

و ان تيقنت انك لم تتم وضوءك فأعد على ما تركت يقينا حتى تأتى على الوضوء، هذا ان لم تفت الموالاة التي تقدم شرطيتها بما ذكر لها من المعنى، و إلا وجب الاستيناف.

(الثانية) ما لو شك في شي ء من أفعال الوضوء و هذا على نحوين (الأول) ما لو كان قبل انصرافه منه أتى به و بما بعده، حتى يحصل الترتيب المطلوب شرعا، و ذلك للأصل و الإجماع و لما سيأتي (الثاني) ما لو كان بعده مع الانتقال عن محله أو المكث الطويل لم يلتفت بلا خلاف فيهما للصحاح، ففي الصحيح الزراري الباقرى المروي في الكافي و التهذيب: إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أ غسلت ذراعيك أم لا فأعد عليهما و على جميع ما شككت فيه انك لم تغسله أو لم تمسحه مما سمى اللّه ما

دمت في حال الوضوء فاذا قمت عن الوضوء و فرغت منه و قد صرت في حال أخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمى اللّه مما أوجب اللّه عليك فيه وضوءه لا شي ء عليك فيه، فان شككت في مسح رأسك فأصبت في لحيتك بللا فامسح به عليه و على ظهر قدميك فان لم تصب بللا فلا تنقض الوضوء بالشك و امض في وضوئك، و ان تيقنت إنك لم تتم وضوءك فأعد على ما تركت يقينا حتى تأتى على الوضوء، الحديث و في آخر: رجل شك في الوضوء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 240

الفراغ و كذا إن كان الشك في الجزء الأخير ان كان بعد الدخول في عمل آخر أو كان بعد ما جلس طويلا أو كان بعد القيام عن محل الوضوء و إن كان بعد ذلك أتى به إن لم تفت الموالاة و إلا استأنف.

______________________________

بعد ما فرغ من الصلاة قال: يمضى على صلاته و لا يعيد، و في ثالث: الرجل يشك بعد ما يتوضأ قال: هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك، و لا يخفى انه يخص بما سمعت في هذه الصحيحة من الاعتناء بالمشكوك فيه و الالتفات اليه فيما لو كان قبل انصرافه من الوضوء، عموم ما دل على عدم الاعتناء و عدم الالتفات إلى الشي ء المشكوك فيه مع الدخول في الغير، كصحيحة زرارة الأخرى عن الصادق عليه السّلام قال: يا زرارة إذا خرجت من شي ء ثم دخلت في غيره فشككت، فشك ليس بشي ء، و ما شاكلها و ماثلها في الحكم، نعم قد يتوهم المعارضة بين الصحيحة السابقة و موثقة ابن أبى يعفور عن الصادق عليه السّلام قال: إذا

شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشي ء، إنما الشك في شي ء لم تجزه، بناءا على رجوع الضمير في (غيره) إلى الشي ء لأنه متبوع، لا الى الوضوء لأنه تابع، وجهة التابعية و المتبوعية أولى عرفا بالملاحظة من جهة القرب و البعد، و هو بعيد عن التحقيق، بل الظاهر انها من أدلة قاعدة الفراغ و لا وجه لجعل أخبار قاعدة الفراغ معارضة لأخبار قاعدة التجاوز، بناءا على أنهما قاعدتان متغايرتان مفادا و موردا و مدركا، بل الظاهر إرجاع الضمير في (غيره) الى الوضوء لكونه أقرب كما أفاده شيخ مشايخنا في جواهره (قده) فيكون مفهومها موافقا للصحيحة الأولى غير مخالف، و مما يدل على ان ضمير في (غيره) يرجع الى الوضوء لا إلى الشي ء الذي شك فيه، كما دل عليه النص المتقدم و الإجماع: ان أخبارهم يدل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 241

..........

______________________________

بعضها على بعض و انها كالكلام الواحد المتصل، كذلك تدل على ان المراد من الشي ء في ذيل الموثقة هو العمل الذي وقع الشك فيه من أجل احتمال الإخلال بشي ء مما يعتبر فيه شرطا أو شطرا، لا الشي ء الذي شك في أصل وجوده و تحققه و ثبوته، كما هو مفاد قاعدة التجاوز، (و ثانيا) ان هذه الفقرة بنفسها و في حد ذاتها ظاهرة، عند التأمل، و ذلك لأن ظاهر قوله عليه السّلام إذا كنت في شي ء أنك إذا كنت اثناءه متشاغلا به غير متجاوز عنه فيجب أن يكون ذلك العمل مركبا ذا اجزاء و شرائط حتى يعقل تعلق الشك به ما دام الإنسان فيه، و من المعلوم ان ارتكاب الإضمار بحمل الشي ء على إرادة محله كما صنعه شيخ مشايخنا

في رسائله (قده) لا دليل عليه، فظاهرها ان المراد من الشي ء هو العمل المركب الذي يتعلق به الشك، و من الواضح ان ظهورها في ذلك رافع لإجمال مرجع الضمير في صدرها، ضرورة ان القاعدة المزبورة في الذيل بمنزلة البرهان و الدليل لإثبات الحكم المذكور في الصدر، فيجب حينئذ أن يكون الحكم المذكور في الصدر جزئيا من جزئيات ما هو الموضوع في تلك القاعدة حتى يتم البرهان و يستقيم الدليل، فيستفاد من هذه الموثقة أمران: (أحدهما) انه لو تعلق الشك بصحة عمل مركب أو بتماميته بعد الفراغ منه لا يعتد بالشك بل يبنى على صحته و تماميته. (ثانيهما) ان عدم الاعتداد بالشك بعد الفراغ منه أى من الوضوء إنما هو لكونه جزئيا من جزئيات هذه القاعدة.

و هل يلحق الشك في الاستدامة بمعنى عدم نية الخلاف بالشك في الأفعال أم لا؟ و جهان: و للثاني الأصل، و إنما يجب الرجوع الى المشكوك فيه دون الاستيناف مع عدم فوت الموالاة لما تقدم و اللّه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 242

[ (مسألة 46) لا اعتبار بشك كثير الشك]

(مسألة 46) لا اعتبار بشك كثير الشك (1) سواء كان في الاجزاء أو في الشرائط أو الموانع.

[ (مسألة 47) التيمم الذي هو بدل عن الوضوء]

(مسألة 47) التيمم الذي هو بدل عن الوضوء لا يلحق حكمه في الاعتناء بالشك (2) إذا كان في الأثناء و كذا الغسل في التيمم بدله، بل المناط فيها التجاوز

______________________________

قوله قده مسألة 46: (لا اعتبار بشك كثير الشك. إلخ)

كما صرح بذلك جملة من الأصحاب، منهم ابن إدريس في السرائر، و الشهيد في الذكرى، و المحقق الثاني في شرح القواعد، و السيد في المدارك، و الفاضل الهندي في كشف اللثام، و الخوانسارى في شرح الدروس، و غيرهم من متأخري المتأخرين كما حكى ذلك عنهم في الجواهر (قده) ثم قال (قده): بل لا أجد فيه خلافا كما في الصلاة. انتهى. و ذلك للعسر و الحرج المنفيين آية و رواية، و يؤيده بل يدل عليه التعليل الوارد في أخبار الصلاة، كما في صحيحة زرارة و أبى بصير فيمن كثر شكه في الصلاة بعد أن أمر عليه السّلام بالمضي في شكه:

لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه، فان الشيطان خبيث يعتاد لما عوّد، فليمض أحدكم في الوهم و لا يكثرن نقض الصلاة، فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد اليه الشك، ثم قال: إنما يريد الخبيث ان يطاع فاذا عصى لم يعد إلى أحدكم، و قوله عليه السّلام: إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك فإنه يوشك أن يدعك فإنما ذلك من الشيطان، و صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال قلت له رجل مبتلى بالوضوء و الصلاة و قلت هو رجل عاقل فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام و أى عقل له؟! و هو يطيع الشيطان، فقلت له:

و

كيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله هذا الذي يأتيه من أي شي ء هو؟ فإنه يقول لك من عمل الشيطان.

قوله قده مسألة 47: (التيمم الذي هو بدل عن الوضوء لا يلحق حكمه في الاعتناء بالشك. إلخ)

لا يخفى انه بناءا على عموم هذه القاعدة أعني

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 243

عن محل المشكوك فيه و عدمه فمع التجاوز تجري قاعدة التجاوز و إن كان في الأثناء، مثلا إذا شك بعد الشروع في مسح الجبهة في أنه ضرب بيديه على الأرض أم لا يبنى على أنه ضرب بهما، و كذا إذا شك بعد الشروع في الطرف الأيمن في الغسل أنه غسل رأسه أم لا، لا يعتنى به لكن الأحوط إلحاق المذكورات أيضا بالوضوء.

______________________________

قاعدة التجاوز و جريانها في جميع أبواب الفقه من العبادات و المعاملات خرج منها الوضوء باتفاق النص و الفتوى، فلا تجري فيه قاعدة التجاوز، فهل يلحق به الغسل و التيمم، أو الغسل فيما إذا والى فيه أم لا مطلقا؟ وجوه بل أقوال: (للأول) الإجماع و وحدة المناط، و دلالة ذيل موثقة ابن أبى يعفور على أن الشك في أثناء العمل معتبر مطلقا، و الكل ممنوع.

أما الأولان: فواضح، و اما الثالثة: فلعدم كونها في مقام بيان حكم المنطوق حتى يجوز التمسك بالإطلاق فيه ضرورة كونها في مقام بيان المفهوم (و اما الثاني) فالإلحاق مع التوالي لما تقدم، و فيه ما تقدم، و أما عدم الإلحاق مع الفصل بالمعتد به بين الأجزاء عرفا، فلدعوى أن التفكيك بين الأجزاء، يجعل كل جزء بنظر العرف عملا مستقلا بنفسه، و منفردا على حياله، و ملحوظا بذاته، و هو كما ترى صغرا و كبرا. (و اما الثالث) فهو مقتضى القاعدة و

هو الأقوى، (نعم) لا يترك الاحتياط في الرجوع و التدارك خروجا عن مخالفة الشهرة المحكية عن طهارة شيخنا المرتضى (قده) بإلحاق التيمم و الغسل بالوضوء، و عن خلاف جماعة من الأساطين كما حكى ذلك عن العلامة و الشهيدين و المحقق الثاني و السيد الطباطبائي (قده) من التصريح باتحاد حكمهما، بل يظهر من بعضهم كونه من المسلمات.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 244

[ (مسألة 48) إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنه مسح على الحائل]

(مسألة 48) إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنه مسح على الحائل (1) أو مسح في موضع الغسل أو غسل في موضع المسح و لكن شك في أنه هل كان هناك مسوغ لذلك من جبيرة أو ضرورة أو تقية أو لا بل فعل ذلك على غير

______________________________

هذا كله ان لم نقل ان قاعدة التجاوز مخصوصة بالصلاة، و إلا فلا إشكال في مساواة الطهارات للوضوء و اللّه العالم.

قوله قده مسألة 48: (إذا علم بعد الفراغ من الوضوء انه مسح على الحائل. إلخ)

لا يخفى أن ما ذكره (قده) من الصحة في الأمثلة المذكورة مبني على عموم قاعدة الفراغ و جريانها فيما لو شك في الصحة للشك في كون المأتي به موظفا أم لا كما في الأمثلة المذكورة، و لا تختص بالشك في صحة الموظف و فساده فارغا عن كونه موظفا، و الأقوى ما اختاره (قده) من جريانها في الجميع، بل حتى في صورة احتمال الترك عمدا اختيارا و اقتراحا.

و يدل عليه (أولا) إطلاق الأخبار. (و ثانيا) إطلاق الفتوى حيث أن الأصحاب (قده) أطلقوا القول بعدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ من العمل و لم يستثنوا من مجراها في باب الصلاة و الوضوء و غيرهما شيئا من الصور السابقة، ضرورة ان احتمال غفلتهم عنها أو ترك

التعرض لها مع عموم الابتلاء بها في غاية البعد (و ثالثا) السيرة المستمرة القطعية ضرورة انه ما من أحد إذا التفت الى إعماله الصادرة منه في الأعصار السابقة من عباداته و معاملاته إلا و يشك في كثير منها، لأجل الجهل بأحكامها أو اقترانها بأمور لو كان ملتفتا إليها لكان شاكا، ألا ترى ان جل العوام بل و العلماء غافلون عن كثير من الأمور المعتبرة في الصلاة و غيرها من العبادات و المعاملات في بدء أمرهم. ثم يتجدد لهم العلم بها شيئا فشيئا فلا يمكنهم الجزم باشتمال ما صدر منهم في السابق على هذه الشرائط، بل و كثير من الأجزاء أيضا التي

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 245

الوجه الشرعي، الظاهر الصحة حملا للفعل على الصحة لقاعدة الفراغ أو غيرها و كذا لو علم أنه مسح بالماء الجديد و لم يعلم أنه من جهة وجود المسوغ أو لا و الأحوط الإعادة في الجميع.

______________________________

كانوا جاهلين بها مع أنا نراهم يبنون على الصحة (و رابعا) ان غالب موارد الاحتياج الى هذه القاعدة إنما هو تلك الصور جزما، و لا تختص بصورة الشك في صحة الموظف و فساده فارغا عن كونه موظفا. (و خامسا) لزوم العسر و الحرج لو لم نقل بذلك، و هما منفيان في الشريعة كتابا و سنة و إجماعا كما قرر في محله، هذا و ليس في قبال هذه الوجوه سوى التعليل المستفاد من قوله عليه السّلام: هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك، حيث ان الظاهر منه ان وجه الحمل على الصحة و التمامية تقديم الظاهر على الأصل، و لذا علله غير واحد من الأعلام أيضا بظهور الحال حيث ان العاقل الكامل لا ينصرف

عن العمل إلا بعد إكماله و إتمامه.

(و فيه) أولا: أنه يؤيد ما ذكرناه و يشيد ما بنيناه من جريانها في الأمثلة المذكورة، فإن العاقل الكامل المريد لصحة عمله و إفراغ ذمته لا ينصرف عن الموظف الشرعي إلى غيره بدون عذر مسوغ. (و ثانيا) لو سلم دلالته لكن جعله قرينة على التصرف في سائر الأخبار فرع كونه علة تامة منحصرة، و لا طريق لاستفادة ذلك منه سوى الإطلاق، و من المعلوم انه غير مسوق لمقام البيان من هذه الجهة جزما (و ثالثا) لو سلم ذلك أيضا لكن المفروض انا علمنا من الخارج بسبب ما تقدم عدم انحصار العلة بذلك (و رابعا) لو سلم عدم العلم بعدمه من الخارج، فلا ريب و لا شبهة في انه لا يقاوم ما تقدم من الأدلة دلالة و سندا و معتضدا، كيف لا و من

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 246

[ (مسألة 49) إذا تيقن أنه دخل في الوضوء و أتى ببعض أفعاله]

(مسألة 49) إذا تيقن أنه دخل في الوضوء و أتى ببعض أفعاله و لكن (1) شك في أنه أتمه على الوجه الصحيح أو لا، بل عدل عنه اختيارا أو اضطرارا، الظاهر عدم جريان قاعدة الفراغ فيجب الإتيان به لان مورد القاعدة ما إذا علم كونه بانيا على إتمام العمل و عازما عليه إلا انه شاك في إتيان الجزء الفلاني أم لا، و في المفروض لا يعلم ذلك، و بعبارة أخرى مورد القاعدة صورة احتمال عروض النسيان لا احتمال العدول عن القصد.

______________________________

جملتها قاعدة العسر و نفى الحرج و هي حاكمة على جميع الأحكام الثابتة لموضوعاتها بعناوينها الأولية، و ما نحن فيه من هذا الباب، و اما احتياطه (قدس سره) في الإعادة في الجميع فهو لإحراز النجاة فان سبيلها الاحتياط

و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 49: (إذا تيقن انه دخل في الوضوء و اتى ببعض أفعاله و لكن. إلخ)

لا يخفى أن الشك بالإتمام إن حدث قبل تحقق ما هو امارة للفراغ، فالأمر كما ذكره (قده) من عدم جريان قاعدة الفراغ، فيجب الإتيان لعدم تحقق موضوعه و خروجه عن مورد أدلته، و اما لو حدث بعد الدخول في الغير أو الفصل الطويل فالظاهر جريان القاعدة لشمول أدلتها له و عدم خروجها عنه، خصوصا مثل الصحيح:

فإن دخله الشك- يعني في شي ء من وضوئه كما في صدره- و دخل في صلاته فليمض في صلاته و لا شي ء عليه، و صحيح ابن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قال: كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو، و قوله عليه السّلام في الخبر: كلما مضى من صلاتك أو طهورك فذكرته تذكرا فامضه، و موثقة ابن أبى يعفور عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال: إذا شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشي ء، إنما الشك إذا كنت في شي ء لم تجزه.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 247

[ (مسألة 50) إذا شك في وجود الحاجب و عدمه]

(مسألة 50) إذا شك في وجود الحاجب و عدمه قبل الوضوء أو في الأثناء وجب الفحص (1) حتى يحصل اليقين أو الظن بعدمه ان لم يكن مسبوقا بالوجود، و إلا وجب تحصيل اليقين و لا يكفى الظن، و ان شك بعد الفراغ في أنه كان موجودا أم لا، بنى على عدمه و يصح وضوؤه، و كذا إذا تيقن انه كان موجودا، و شك في أنه أزاله أو أوصل الماء تحته أم لا، نعم في في الحاجب الذي قد يصل الماء تحته، و قد لا

يصل إذا علم انه لم يكن ملتفتا اليه حين الغسل، و لكن شك في أنه وصل الماء تحته من باب الاتفاق أم لا، يشكل جريان قاعدة الفراغ فيه فلا يترك الاحتياط بالإعادة و كذا إذا علم بوجود الحاجب المعلوم أو المشكوك حجبه و شك في كونه موجودا حال الوضوء أو طرأ بعده فإنه يبنى على الصحة إلا إذا علم انه في حال الوضوء لم يكن ملتفتا إليه فإن الأحوط الإعادة حينئذ.

______________________________

قوله قده مسألة 50: (إذا شك في وجود الحاجب و عدمه قبل الوضوء اوفى الأثناء وجب الفحص. إلخ)

لأن شغل الذمة اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، و اما أصالة عدم وجود الحاجب أو عدم حاجبية الموجود فلا ينفعان و لا يجديان في إثبات وصول الماء إلى البشرة، لأنهما من المثبت الذي لا نقول به، و عليه يشكل الحكم بعدمه اتكاء على الظن الغير المعتبر بل لا بد من تحصيل اليقين بعدمه أو الظن المعتبر كما ذكره (قده) فيما لو كان مسبوقا بالوجود، هذا كله فيما لو كان الشك المزبور قبل الوضوء أو في الأثناء، و أما لو كان شكه بعد الفراغ بنى على عدمه لقاعدة الفراغ و صح وضوؤه، و كذا لو تيقن انه كان موجودا و شك في انه أزاله و أوصل الماء تحته أم لا للقاعدة المذكورة (نعم) إذا علم انه لم يكن ملتفتا اليه حين الغسل و شك في انغساله و وصول الماء تحته يشكل جريان

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 248

[ (مسألة 51) إذا علم بوجود مانع و علم زمان حدوثه]

(مسألة 51) إذا علم بوجود مانع و علم زمان حدوثه و شك في أن الوضوء كان قبل حدوثه (1) أو بعده يبنى على الصحة لقاعدة الفراغ إلا إذا علم عدم

الالتفات اليه حين الوضوء فالأحوط الإعادة حينئذ.

[ (مسألة 52) إذا كان محل وضوئه من بدنه نجسا فتوضأ]

(مسألة 52) إذا كان محل وضوئه من بدنه نجسا (2) فتوضأ و شك بعده في أنه طهره ثم توضأ أم لا، بنى على بقاء النجاسة فيجب غسله لما يأتي من الأعمال، و أما وضوؤه فمحكوم بالصحة عملا بقاعدة الفراغ الا مع علمه بعدم التفاته حين الوضوء إلى الطهارة و النجاسة، و كذا لو كان عالما بنجاسة الماء الذي توضأ منه سابقا على الوضوء و يشك في أنه طهره بالاتصال بالكر أو بالمطر أم لا، فان وضوءه محكوم بالصحة و الماء محكوم بالنجاسة و يجب عليه غسل كل ما لاقاه، و كذا في الفرض الأول يجب غسل جميع ما وصل اليه الماء حين الوضوء أو لاقى محل التوضؤ مع الرطوبة.

______________________________

القاعدة فيه، لعدم جريان التعليل المذكور في القاعدة فيه من كونه حين يتوضأ أذكر منه حين يشك و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 51: (لو علم وجود مانع و علم زمان حدوثه و شك في أن الوضوء كان قبل حدوثه. إلخ)

الأمر كما ذكره (قده) في الفرضين المزبورين.

قوله قده مسألة 52: (إذا كان محل وضوئه من بدنه نجسا. إلخ)

الحكم كما ذكره (قده) من صحة وضوئه لقاعدة الفراغ و نجاسة المحل للاستصحاب، و العلم بكذب أحدهما لا يمنع من جريانهما لعدم لزوم مخالفة عملية من جريانهما و على ما ذكر تبتنى الفروع المذكورة في المسألة.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 249

[ (مسألة 53) إذا شك بعد الصلاة في الوضوء لها و عدمه]

(مسألة 53) إذا شك بعد الصلاة في الوضوء لها و عدمه (1) بنى على صحتها لكنه محكوم ببقاء حدثه فيجب عليه الوضوء للصلوات الآتية، و لو كان الشك في أثناء الصلاة وجب الاستئناف بعد الوضوء و الأحوط الإتمام مع تلك الحالة ثم الإعادة بعد الوضوء.

______________________________

قوله قده مسألة

53: (إذا شك بعد الصلاة في الوضوء لها و عدمه.

إلخ)

لا يخفى ان في المسألة المذكورة صورا:

(الأولى) ما لو كان متيقنا للحدث و غفل و ذهل عن يقينه هذا و صلى و بعد الفراغ التفت اليه و احتمل أنه قد تطهر بعده قبلها، و لا ريب و لا شبهة هنا في الحكم بصحة صلاته، و المشهور بينهم انه محدث بالنسبة إلى غيرها، أما الأول: فيدل عليه (أولا) قاعدة الفراغ في الصلاة لكون الشك فيها بعده (و ثانيا) أصالة الصحة (و ثالثا) قاعدة التجاوز بالنسبة إلى الطهارة من جهة شرطيتها لهذه الصلاة، فإنه شاك فيما بعد تجاوز محلها من هذه الجهة.

(و رابعا) استصحاب عدم فعلية الأمر بها الثابت قبل عروض هذا الشك.

(و خامسا) قاعدة التجاوز في الصلاة إذا دخل فيما هو مترتب عليها و لو كان تعقيبا.

و أما انه محدث بالنسبة إلى غيرها فقد استدل له باستصحاب الحدث أولا، و قاعدة الشغل ثانيا، و قاعدة الشك في المحل في الوضوء بالنسبة إلى صلاة أخرى ثالثا، و لا يخفى ان الاستصحاب محكوم بقاعدة التجاوز، و اما قاعدة الشغل فغير جارية مع وجود المؤمّن القطعي و هي قاعدة التجاوز.

و اما الثالث و هو أنه شك في المحل بالنسبة إلى صلاة أخرى لم يشرع بها و شك بعد المحل بالنسبة الى ما شرع بها فلا يتم، بعد أن كان مفاد هذه القاعدة وجود ما يشك في وجوده تنزيلا و تعبدا و قد فرض انه خرج عن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 250

[ (مسألة 54) إذا تيقن بعد الوضوء أنه ترك منه جزءا أو شرطا]

(مسألة 54) إذا تيقن بعد الوضوء أنه ترك منه جزءا (1) أو شرطا أو أوجد مانعا ثم تبدل يقينه بالشك يبنى على الصحة عملا بقاعدة الفراغ

و لا يضرها اليقين بالبطلان بعد تبدله بالشك و لو تيقن بالصحة ثم شك فيها فأولى بجريان القاعدة.

[ (مسألة 55) إذا علم قبل تمام المسحات أنه ترك غسل اليد اليسرى]

(مسألة 55) إذا علم قبل تمام المسحات أنه ترك غسل اليد اليسرى (2) أو

______________________________

محله و تجاوزه فتم التنزيل و التعبد المذكورين، و اما ملاحظة النسبة المذكورة لشي ء دون شي ء فليس في أخبار الباب دلالة عليها و لا أثر منها فإثباتها يحتاج الى دليل، فإطلاق التنزيل المذكور بعد أن دخل في مشروط به و تجاوز محله حجة بالنسبة اليه و الى مشروط آخر بعد لم يدخل فيه، فعليه لا يحتاج الى تجديد الطهارة سواء كانت من الحدث أو الخبث، و قد نبهنا على ما ذكرناهنا في المسألة الخامسة من فصل الاستنجاء فراجع، و ان كان الاحتياط سبيل النجاة و اللّٰه العالم، و قد نبهنا هناك في ص 26 ان هذا الإشكال إنما يتم بناءا على ان مفاد القاعدة وجود ما يشك في وجوده تنزيلا تعبدا، و اما بناءا على عدم إفادتها ذلك بل غاية ما تفيده أنه وظيفة للشاك بعد تجاوز محله فالأمر كما ذكروه أعلى اللّٰه مقامهم من الاقتصار على صحة ما صلاه قبل عروض الشك، لأنه القدر المتيقن دون غيره الذي لم يجزه، فعليه يحتاج الى تجديد الطهارة حدثية و خبثية و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 54: (إذا تيقن بعد الوضوء انه ترك منه جزءا.

إلخ)

الظاهر ان الأمر كما ذكره (قده) من جريان القاعدة المزبورة لتحقق موضوعها و زوال اليقين بالبطلان و تبدله بالشك و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 55: (إذا علم قبل تمام المسحات انه ترك غسل اليد اليسرى) الى قوله (لأن الغسلة الثانية مستحبة. إلخ)

تقدم منا في فصل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص:

251

شك في ذلك فاتى به و تمم الوضوء ثم علم أنه كان غسله يحتمل الحكم ببطلان الوضوء من جهة كون المسحات أو بعضها بالماء الجديد لكن الأقوى صحته لأن الغسلة الثانية مستحبة على الأقوى حتى في اليد اليسرى فهذه الغسلة كانت مأمورا بها في الواقع فهي محسوبة من الغسلة المستحبة و لا يضرها نية الوجوب لكن الأحوط إعادة الوضوء لاحتمال اعتبار قصد كونها ثانية في استحبابها هذا و لو كان آتيا بالغسلة الثانية المستحبة و صارت هذه ثالثة تعين البطلان لما ذكر من لزوم المسح بالماء الجديد.

[فصل في أحكام الجبائر]

اشارة

فصل في أحكام الجبائر (1) و هي الألواح الموضوعة على الكسر و الخرق و الأدوية الموضوعة، على الجروح و القروح و الدماميل، فالجرح و نحوه إما مكشوف أو مجبور و على التقديرين إما في موضع الغسل أو في موضع المسح، ثم إما على بعض العضو أو تمامه أو تمام الأعضاء، ثم إما يمكن غسل المحل أو مسحه أو لا يمكن، فان

______________________________

مستحبات الوضوء التأمل في استحباب الغسلة الثانية فالأحوط في المسألة استيناف الوضوء لوقوع المسح بماء جديد، و اللّٰه العالم.

قوله قده: (فصل: في أحكام الجبائر. إلخ)

لا يخفى ان من كان في موضع غسله جبيرة و هي ما يشد على العظام المنكسرة، أو على القروح و الجروح، أو يطلى على المذكورات أو يلصق بها فإن أمكن نزعها و غسل ما تحتها وجب غسله قطعا بلا خلاف إنما الإشكال في أنه هل يتعين النزع حينئذ أم لا؟ كما عليه الأكثر و جهان، و على الثاني فهل يتخير بين النزع و التكرير و الغمس؟ أو بينهما و بين الغمس؟ قولان، و ان لم يمكنه إجراء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص:

252

أمكن ذلك بلا مشقة و لو بتكرار الماء عليه حتى يصل اليه لو كان عليه جبيرة أو وضعه في الماء حتى يصل اليه بشرط أن يكون المحل و الجبيرة طاهرين أو أمكن تطهيرهما وجب ذلك، و إن لم يمكن إما لضرر الماء أو للنجاسة و عدم إمكان التطهير أو لعدم إمكان إيصال الماء تحت الجبيرة و لا رفعها فان كان مكشوفا يجب غسل أطرافه و وضع خرقة طاهرة عليه و المسح عليها مع

______________________________

الماء تحتها بنزع أو تكرير أو غمس مسح عليها وجوبا على المشهور، بل عن محكي الخلاف و المعتبر و المنتهى و التذكرة و الحبل المتين الإجماع عليه للحسان و غيرها (ففي) الحسن الصادقي عليه السّلام المروي في التهذيب عن الرجل إذا كان كسيرا كيف يصنع بالصلاة؟ قال: إذا كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائره و ليصل (و في) آخر المروي في الكافي: عن الرجل تكون به القرحة في ذراعه أو نحو ذلك من موضع الوضوء فيعصبها بالخرقة و يتوضأ و يمسح عليها إذا توضأ؟ فقال: إن كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة، و ان كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثم ليغسلها (و في) ثالث: عن الدواء إذا كان على يدي الرجل له أن يمسح على طلي الدواء؟ فقال: نعم يجزيه أن يمسح عليه (و في) رابع: عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟ قال: يعرف هذا و أشباهه من كتاب اللّٰه تعالى:

(مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) امسح عليه (و في) الصحيح الرضوي المروي في التهذيب عن ابن الحجاج عن الكسير تكون عليه الجبائر كيف يصنع بالوضوء، و عند غسل الجنابة، و غسل الجمعة؟ قال: يغسل ما

وصل اليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر و يدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله، و لا ينزع الجبائر، و لا يعبث بجراحته، و غيره المروي في الكافي

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 253

الرطوبة، و إن أمكن المسح عليه بلا وضع خرقة تعين ذلك إن لم يمكن غسله كما هو المفروض، و إن لم يمكن وضع الخرقة أيضا اقتصر على غسل أطرافه لكن الأحوط ضم التيمم اليه و إن كان في موضع المسح و لم يمكن المسح عليه كذلك يجب وضع خرقة طاهرة و المسح عليها بنداوة و إن لم يمكن سقط و ضم اليه التيمم و إن كان مجبورا وجب غسل أطرافه مع مراعاة الشرائط

______________________________

و التهذيب عن الصادق عليه السّلام عن الجرح كيف يصنع صاحبه؟ قال:

يغسل ما حوله.

و لا ينافي ما في صحيح ابن الحجاج من عدم تعرضه للمسح على الجبيرة لإمكان حمله على كون المتكلم عليه السّلام في مقام نفى توهم وجوب غسل البشرة المستورة بالجبيرة كما هو ظاهر سياقه من قوله و لا ينزع الجبائر و لا يعبث بجراحته، و اما عدم وجوب المسح على الجبيرة و الخرقة الملصقة بالجراحة على تقدير كونها معصبة بها فلا يستفاد منها إلا من حيث السكوت في مقام البيان، و هو لا يقاوم ظهور الأخبار المتقدمة في وجوب المسح عليها فيجب تقييدها بتلك الأخبار، و اما الخبر الأخير المروي في الكافي و التهذيب المقتصر فيه على غسل ما حول الجرح فظاهره الجرح المكشوف، و ان أبيت عن ظهوره في ذلك فهو طريق الجمع بينه و بين أخبار المسح على الجبيرة، لا بحملها على الاستحباب للجمع بينها كما اليه يميل المقدس الأردبيلي

و صاحب المدارك و الذخيرة كما حكى عنهم.

و أما الكسر و أخواه المكشوفة الغير المجبورة فيكفي غسل ما حولها إن تعذر المسح على نفس العضو، و إلا مسح عليه على الأحوط، خلافا لظاهر بعضهم من كفاية غسل ما حولها مطلقا، سواء تعذر مسح نفس العضو أم لا؟ و أما وضع طاهر و المسح عليه فلم يدل عليه من الأخبار،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 254

و المسح على الجبيرة إن كانت طاهرة أو أمكن تطهيرها و إن كان في موضع الغسل و الظاهر عدم تعين المسح حينئذ فيجوز الغسل أيضا، و الأحوط إجراء الماء عليها مع الإمكان بإمرار اليدين من دون قصد الغسل أو المسح، و لا يلزم أن يكون المسح بنداوة الوضوء إذا كان في موضع الغسل، و يلزم أن تصل الرطوبة إلى تمام الجبيرة و لا يكفى مجرد النداوة، نعم لا يلزم المداقة بإيصال الماء الى الخلل و الفرج بل يكفى صدق الاستيعاب عرفا هذا كله إذا لم يمكن رفع الجبيرة

______________________________

دليل، و لا وجه لقياسه على الشي ء الموضوع على العضو الذي له نحو تعلق و ارتباط بالعضو بحيث لا يعد غسله أجنبيا عن غسله، و لعله من مراتبه الميسورة كما يساعد عليه العرف، بل لعله يمكن استفادته من بعض الأخبار، و ربما يستشم ذلك من بعض اسئلة السائلين، فإلحاق الخرقة الأجنبية به يحتاج الى دليل كما لا يخفى.

و لو كان ظاهرها نجسا فيهما- أى محل الغسل و المسح- فالأولى بل قيل الواجب وضع طاهر عليها ثم مسحه كما قالوه، للإجماع المحكى في ظاهر المدارك و محكي معتصم الفيض، و لأصالة بقاء الحدث، و لدخول هذا الموضوع في الجبائر فتشمله النصوص الآمرة بمسحها،

و عموم قاعدة الميسور (و فيه) منع الإجماع و ارتفاع الأصل بإطلاق الروايات المتقدمة التي لا اشعار فيها بذلك، و لأن الجبيرة إنما رخص في المسح عليها عند تعذر إيصال الماء الى ما تحتها، لصيرورتها بسبب ضرورة التداوي بها و لصوقها بالجسد كأنها منه، بخلاف وضع الخرقة.

و يستفاد من بعض الصحاح جواز التيمم في أمثال هذا، ففي الصحيح الباقرى عليه السّلام المروي في التهذيب: عن الجنب يكون به القروح قال:

لا بأس يتيمم، و في الصحيح الصادقي عليه السّلام: في الرجل تصيبه الجنابة و به

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 255

و المسح على البشرة و إلا فالأحوط تعينه بل لا يخلو عن قوة إذا لم يمكن غسله كما هو المفروض، و الأحوط الجمع بين المسح على الجبيرة و على المحل أيضا بعد رفعها، و إن لم يمكن المسح على الجبيرة لنجاستها أو لمانع آخر فإن أمكن وضع خرقة طاهرة عليها و مسحها يجب ذلك و إن لم يمكن ذلك أيضا فالأحوط الجمع بين الإتمام بالاقتصار على غسل الأطراف و التيمم.

[ (مسألة 1) إذا كانت الجبيرة في موضع المسح و لم يمكن رفعها]

(مسألة 1) إذا كانت الجبيرة في موضع المسح (1) و لم يمكن رفعها و المسح على البشرة، لكن أمكن تكرار الماء الى أن يصل الى المحل، هل يتعين ذلك؟

أو يتعين المسح على الجبيرة؟ و جهان و لا يترك الاحتياط بالجمع.

______________________________

جروح و قروح أو يخاف على نفسه من البرد فقال: لا يغتسل و يتيمم، و في الموثق في الرجل تكون به القروح في جسده فتصيبه الجنابة قال: يتيمم و نحوها غيرها.

و ربما يجمع بينها و بين ما تقدم بالتخيير بين الأمرين، و يشهد له نفى البأس في الصحيح المتقدم، و في آخر: عن الرجل تكون

به القروح و الجراحات فيجنب فقال: لا بأس بأن يتيمم و لا يغتسل، أو يحمل ذلك على ما إذا تضرر بغسل ما حولها، و ربما أشعر بذلك الصادقي: قيل له ان فلانا أصابته جنابة و هو مجدور فغسلوه فمات فقال: قتلوه ألا سألوا؟ ألا يموه؟

إن شفاء العيّ السؤال، و روى ذلك في الكسير و المبطون، و نحوه غيره، و الثاني أقرب، و أحوط منه الجمع بينهما و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 1: (إذا كانت الجبيرة في موضع المسح. إلخ)

لا يخفى انه إذا كانت الجبيرة في محل المسح يتعين الصادق الماسح بالعضو الواجب مسحه مع الإمكان، و لا يجزى عنه التكرار حينئذ بلا خلاف، لعدم حصول الامتثال إلا به، لدخول الإلصاق في مفهوم المسح، و إلا يمكن ذلك مسح

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 256

[ (مسألة 2) إذا كانت الجبيرة مستوعبة لعضو واحد من الأعضاء]

(مسألة 2) إذا كانت الجبيرة مستوعبة لعضو واحد (1) من الأعضاء فالظاهر جريان الأحكام المذكورة و إن كانت مستوعبة لتمام الأعضاء فالإجزاء مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الجبيرة و التيمم.

[ (مسألة 3) إذا كانت الجبيرة في الماسح فمسح عليها بدلا عن غسل المحل]

(مسألة 3) إذا كانت الجبيرة في الماسح (2) فمسح عليها بدلا عن غسل المحل، يجب أن يكون المسح به بتلك الرطوبة، أى الحاصلة من المسح على جبيرته.

______________________________

عليها قطعا للأخبار السابقة، هذا إذا لم يمكن إيصال الماء إلى البشرة بتكرار و تخليل، و اما إذا أمكن ذلك فظاهر كلام الأكثر و إطلاق الأدلة مثل رواية عبد الأعلى ذلك أيضا، و ان اللازم المسح عليها و لا يكفى التكرار، خلافا لمن شذ فيجب التكرار و لا يجزى المسح.

قوله قده مسألة 2: (إذا كانت الجبيرة مستوعبة لعضو واحد. إلخ)

الظاهر شمول إطلاقات الأخبار و الفتوى لصورة استيعاب الجبيرة لعضو واحد من أعضاء الوضوء، فتجري الأحكام المذكورة، و اما لو كانت مستوعبة لتمام الأعضاء فالظاهر وجوب التيمم دون الطهارة الناقصة، لانصراف أخبار الجبيرة عن مثله و عدم مساعدة العرف على كون المأتي به هو المرتبة الناقصة من الماهية المأمور بها حتى يعمها قاعدة الميسور و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 3: (إذا كانت الجبيرة في الماسح. إلخ)

إنما وجب المسح بتلك الرطوبة الحاصلة من المسح على جبيرته لما هو المستفاد من الأدلة و الفتاوى من انتقال حكم المحل الى الحال، و لما كان الحكم مع عدم الجبيرة في المحل المسح ببلته، فكذا إذا كان مجبورا و مسح عليه وجب المسح ببلة جبيرته على ما يجب مسحه من أعضاء الوضوء.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 257

[ (مسألة 4) إنما ينتقل الى المسح على الجبيرة إذا كانت في موضع المسح بتمامه]

(مسألة 4) إنما ينتقل الى المسح على الجبيرة (1) إذا كانت في موضع المسح بتمامه، و إلا فلو كان بمقدار المسح بلا جبيرة يجب المسح على البشرة مثلا لو كانت مستوعبة تمام ظهر القدم مسح عليها و لو كان من أحد الأصابع و لو الخنصر

الى المفصل مكشوفا وجب المسح على ذلك و إذا كانت مستوعبة عرض القدم مسح على البشرة في الخط الطولي من الطرفين و عليها في محلها.

[ (مسألة 5) إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة]

(مسألة 5) إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة (2) يجب الغسل أو المسح في فواصلها.

[ (مسألة 6) إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة]

(مسألة 6) إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة (3) فإن كان بالمقدار المتعارف مسح عليها و ان كان أزيد من المقدار المتعارف فإن أمكن

______________________________

قوله قده مسألة 4: (إنما ينتقل الى المسح على الجبيرة. إلخ)

حاصله انه إذا كانت الجبيرة مستوعبة لموضع المسح مسح عليها، و إلا مسح على البشرة، إذ لا ضرورة تدعو للمسح عليها، فالمرجع إطلاق أدلة وجوب المسح على البشرة.

قوله قده مسألة 5: (إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة. إلخ)

إنما وجب غسل أو مسح ما ظهر من العضو و مسح المجبور لقاعدة الميسور، و ان الضرورات تقدر بقدرها، و لا يبعد تضمن صحيح ابن الحجاج المتقدم الذكر لذلك.

قوله قده مسألة 6: (إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة.

إلخ)

لا يخفى ان ما كان من الأطراف من لوازم دخوله تحت الجبيرة فحكمه حكمها، و اما إذا زاد على ذلك فإن أمكن رفعها و غسله ثم وضعها و المسح عليها وجب، و إلا يمكن رفعها فتارة مع ذلك يتضرر بغسل ذلك المقدار

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 258

رفعها رفعها و غسل المقدار الصحيح ثم وضعها و مسح عليها و ان لم يمكن ذلك مسح عليها لكن الأحوط ضم التيمم أيضا خصوصا إذا كان عدم إمكان الغسل من جهة تضرر القدر الصحيح أيضا بالماء.

[ (مسألة 7) في الجرح المكشوف إذا أراد وضع طاهر عليه]

(مسألة 7) في الجرح المكشوف إذا أراد وضع طاهر عليه و مسحه يجب أولا أن يغسل (1) ما يمكن من أطرافه ثم وضعه.

______________________________

الزائد على المتعارف، و اخرى لا يتضرر بغسله سوى انه يتضرر برفع الجبيرة، و في الصورتين الأحوط ضم التيمم إلى الطهارة الناقصة لخروج الفرض عن موضوع الجبيرة فلا يلحقه حكمها، بل هو من موضوع الضرر و التضرر باستعمال

الماء الذي تقدم حكمه في الشرط السابع من فصل شرائط الوضوء، و ان حكمه التيمم لما تقدم من الأدلة، و منها صحيحة داود بن سرحان عن الصادق عليه السّلام: في الرجل تصيبه الجنابة و به جرح أو قرح أو يخاف على نفسه من البرد فقال: لا يغتسل و يتيمم، و هذا هو منشأ احتياط المصنف (قده) في ضم التيمم إلى الطهارة الناقصة، خصوصا إذا كان عدم إمكان الغسل من جهة تضرر القدر الصحيح و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 7: (في الجرح المكشوف إذا أراد وضع طاهر عليه و مسحه يجب أولا أن يغسل. إلخ)

إنما وجب غسل الأطراف أولا لئلا يلزم ستره بوضع الطاهر على الجرح، مع أنه من الصحيح الذي يجب غسله، هذا مع انه لا دليل على جواز الإكتفاء بالعملية المذكورة، إذ دليل الجبيرة إنما دل على جواز الإكتفاء بالمسح على الجبيرة المشدودة التي هي من لوازم الكسر و الجرح لا في مثل ما نحن فيه، بل اللازم فيما نحن فيه على ما تقتضيه القواعد الشرعية هو وجوب غسل ما حول الجرح المكشوف و الإكتفاء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 259

[ (مسألة 8) إذا أضر الماء بأطراف الجرح أزيد من المقدار المتعارف]

(مسألة 8) إذا أضر الماء بأطراف الجرح (1) أزيد من المقدار المتعارف يشكل كفاية المسح على الجبيرة التي عليها أو يريد أن يضعها عليها فالأحوط غسل القدر الممكن و المسح على الجبيرة ثم التيمم، و أما المقدار المتعارف بحسب العادة فمغتفر.

[ (مسألة 9) إذا لم يكن جرح و لا قرح و لا كسر]

(مسألة 9) إذا لم يكن جرح و لا قرح و لا كسر، (2) بل كان يضره استعمال الماء لمرض آخر فالحكم هو التيمم لكن الأحوط ضم الوضوء مع وضع خرقة و المسح عليها أيضا مع الإمكان أو مع الاقتصار على ما يمكن غسله

______________________________

بذلك كما هو صريح بعض الأخبار، و الأحوط ضم التيمم لغسل الأطراف لأنه مشمول لأخباره بإطلاقها.

قوله قده مسألة 8: (إذا أضر الماء بأطراف الجرح. إلخ)

منشأ الإشكال في ضم التيمم و عدم كفاية المسح على الجبيرة في الصورة المفروضة هو ما تقدم قريبا في المسألة السادسة من هذا الفصل من خروج الفرض من موضوع الجبيرة ليلحقه حكمها، بل هو من موضوع التضرر باستعمال الماء و ان ذلك حكمه التيمم.

قوله قده مسألة 9: (إذا لم يكن جرح و لا قرح و لا كسر. إلخ)

اما الحكم بوجوب التيمم فهو لاختصاص أخبار الجبيرة بخصوص الكسير و الجريح و القريح كما هو صريح لسانها، و لا تتناول مطلق من يضره الماء مع عدم إطلاق تلك العناوين عليه، و لو عمت لما بقي لأخبار التيمم مورد، و اما الاحتياط في ضم الوضوء اليه بوضع خرقة أو غسل ما حوله فلعله لاحتمال اختصاص أخبار التيمم بما لا يمكن مسحه أو مسح خرقة تشد عليه، و اما ما أمكن فيه ذلك فيجب فيه ذلك لقاعدة الميسور كما هو أحد المحامل في الجمع بين أخبار الطرفين، و الظاهر ان أقرب المحامل

للجمع بين أخبار

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 260

[ (مسألة 10) إذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء]

(مسألة 10) إذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء (1) لكن بحيث يضر استعمال الماء في مواضعه أيضا فالمتعين التيمم.

[ (مسألة 11) في الرمد يتعين التيمم]

(مسألة 11) في الرمد يتعين التيمم إذا كان استعمال الماء مضرا مطلقا (2) اما إذا أمكن غسل أطراف العين من غير ضرر و انما كان يضر العين فقط فالأحوط الجمع بين الوضوء- بغسل أطرافها و وضع خرقة عليها و مسحها- و بين التيمم.

______________________________

الطرفين، هو ان المراد بأخبار الجبيرة خصوص ما كان عليه الجبيرة مع عده عرفا ميسور تلك الطهارة من وضوء أو غسل بأن لا تستوعب الأعضاء كلها، بل لا تستوعب تمام العضو الواحد، فلا تتناول المكشوف الذي ليس بذي جبيرة و ان كان كسرا أو جرحا، بل حكمه أن يغسل ما حوله و يكتفى به، كما هو صريح بعض الأخبار أو التيمم لشمول أخباره بإطلاقها له، و عموم بدلية التيمم للوضوء عند عدم التمكن من الوضوء التام غير ما استثنى من ذي الجبيرة، و الأحوط ضم التيمم لغسل ما حوله و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 10: (إذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير موضع الوضوء. إلخ)

وجوب التيمم في هذه الصورة متعين لشمول اخباره له و خروجه عن أبار الجبائر لاختصاصها بما إذا كانت في موضع الغسل أو المسح.

قوله قده مسألة 11: (في الرمد يتعين التيمم إذا كان استعمال الماء مضرا مطلقا. إلخ)

الأمر كما ذكره لشمول أخباره له و خروجه عن أخبار الجبائر و اما إذا كان يضر بالعين فقط، ففي غسل أطرافها لاحتمال التعدي من مورد النصوص المتقدمة في الجروح المكشوفة إلى الفرض المذكور. و الإكتفاء بذلك بتنقيح المناط، أو التيمم لأنه مشمول لأخباره إذ هو ممن يضره

العمل

الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 261

[ (مسألة 12) محل الفصد داخل في الجروح]

(مسألة 12) محل الفصد داخل في الجروح (1) فلو لم يمكن تطهيره أو كان مضرا يكفى المسح على الوصلة التي عليه ان لم يكن أزيد من المتعارف و إلا حلها و غسل المقدار الزائد ثم شدها، كما أنه إن كان مكشوفا يضع عليه خرقة و يمسح عليها بعد غسل ما حوله، و ان كانت أطرافه نجسة طهرها، و ان لم يمكن تطهيرها و كانت زائدة على القدر المتعارف جمع بين الجبيرة و التيمم.

______________________________

استعمال الماء، و هذا هو الأقرب و الأحوط إعمالهما معا، و أما وضع خرقة و المسح عليها فلا وجه له و لا دليل يدل عليه و لا إشعار به في تلك الروايات بوجه، و اما ما علل به الحكم لذلك كما وقع من صاحب الرياض (قده) بقوله: تحصيلا للأقرب إلى الحقيقة و خروجا عن الشبهة و طلبا للبراءة اليقينية، فأنت خبير بما فيه فان تحصيل الأقرب الى الحقيقة مما لم يقم عليه دليل شرعي و لا عقلي بل مقتضى القاعدة سقوط المأمور به عند تعذره كسقوط جزئه المتعذر، و اما الخروج عن الشبهة فلا يكون سببا للوجوب هنا، لأن الخروج عنها إنما يجب عند الشك في الإتيان بالمكلف به بعد إحراز أصل التكليف و لم يتحقق هنا، لأن الأمر إنما تعلق بغسل الوجوه و الأيدي و مسح الجبائر عند تعذر إيصال الماء الى ما تحتها بصيرورتها بسبب ضرورة التداوي بها و لصوقها بالجسد كأنها منه، و هذا بخلاف وضع الخرقة على هذا الوجه الذي ذكروه، و ليس ما نحن فيه من ذلك فلا تكون الشبهة حينئذ إلا من قبيل الشك في ثبوت التكليف، فينفيه أصل

البراءة، و من هنا يعلم ان طلب البراءة اليقينية في مثل ما نحن فيه ليس واجبا، فعدم وجوب الوضع أقرب و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 12: (محل الفصد داخل في الجروح. إلخ)

نعم لا إشكال في دخوله في الجروح فيجب المسح على الخرقة لو كان مشدودا و غسل ما حوله لو كان مكشوفا، و الأحوط ضم التيمم اليه، و اما وضع خرقة و المسح عليها فقد تقدم انه لا عين له في الأخبار و لا أثر.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 262

[ (مسألة 13) لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح أو نحوه حدث باختياره]

(مسألة 13) لا فرق في حكم الجبيرة بين (1) أن يكون الجرح أو نحوه حدث باختياره على وجه العصيان أم بغير اختياره.

[ (مسألة 14) إذا كان شي ء لاصقا ببعض مواضع الوضوء]

(مسألة 14) إذا كان شي ء لاصقا ببعض مواضع الوضوء (2) مع عدم جرح أو نحوه و لم يمكن إزالته أو كان فيها حرج و مشقة لا تتحمل مثل القير و نحوه يجرى عليه حكم الجبيرة و الأحوط ضم التيمم أيضا.

______________________________

قوله قده مسألة 13: (لا فرق في حكم الجبيرة بين. إلخ)

و ذلك لإطلاق الأدلة.

قوله قده مسألة 14: (إذا كان شي ء لاصقا ببعض مواضع الوضوء.

إلخ)

اما إذا كان لاصقا لعذر فالظاهر عدم الخلاف بينهم في إجراء حكم الجبيرة عليه من نفى التيمم، و ان اختلفوا في كفاية مسحه أو وجوب غسله، فإنه و ان كان خارجا عن مورد نصوص الجبيرة، و لكن يمكن التعدي منه اليه بتنقيح المناط كما اعترف به شيخ مشايخنا الأنصاري في طهارته على ما حكى عنه.

و اما إذا ألصق الحائل بالبشرة عبثا من دون داع اليه أو التصق بها اتفاقا و تعذر نزعه، فالظاهر أنه كالصورة السابقة من اجراء حكم الجبيرة عليه بالمعنى المتقدم من نفى التيمم، و ان اختلفوا فيه عين الخلاف المتقدم من كفاية مسحه أو وجوب غسله، قال في الجواهر: لعل الأقوى في النظر قيام مطلق الحاجب مقام محجوبة مع تعذر الإزالة لخبر المرارة. و فحوى حكم الجبائر بعد إلغاء خصوصية المرض، و للقطع بفساد القول بوجوب التيمم بدل الغسل و الوضوء لمن كان في بدنه قطعة من قير مثلا مدى عمره و غير ذلك مما يظهر بالتأمل. انتهى. و يدل عليه حسنة الوشاء قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الدواء إذا كان على يدي الرجل أ يجزيه

أن يمسح على طلاء الدواء؟

فقال: نعم يجزيه أن يمسح عليه، و ما دل على المسح على الحناء في صحيحة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 263

[ (مسألة 15) إذا كان ظاهر الجبيرة طاهرا]

(مسألة 15) إذا كان ظاهر الجبيرة طاهرا لا يضره نجاسة باطنه (1).

[ (مسألة 16) إذا كان ما على الجرح من الجبيرة مغصوبا]

(مسألة 16) إذا كان ما على الجرح من الجبيرة مغصوبا لا يجوز المسح عليه (2)، بل يجب رفعه و تبديله و ان كان ظاهرها مباحا و باطنها مغصوبا فان لم يعد مسح الظاهر تصرفا فيه فلا يضر و الا بطل، و ان لم يمكن نزعه أو كان مضرا فان عد تالفا يجوز المسح عليه، و عليه العوض لمالكه و الأحوط استرضاء المالك أيضا أولا، و ان لم يعد تالفا وجب استرضاء المالك و لو بمثل شراء أو إجارة، و ان لم يمكن فالأحوط الجمع بين الوضوء- بالاقتصار على غسل أطرافه- و بين التيمم.

______________________________

محمد بن مسلم عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام في الرجل يحلق رأسه ثم يطليه بالحناء ثم يتوضأ للصلاة فقال: لا بأس أن يمسح رأسه و الحناء عليه، و رواية عمر ابن يزيد قال: يمسح فوق الحناء على الضرورة، نعم ظاهر حسنة الوشاء فيما كان الطلاء لعذر بقرينة كونه دواء.

قوله قده مسألة 15: (إذا كان ظاهر الجبيرة طاهرا لا يضر نجاسة باطنه. آه)

و المستند إطلاق الأدلة من الروايات و الإجماعات.

قوله قده مسألة 16: (إذا كان ما على الجرح من الجبيرة مغصوبا لا يجوز المسح عليه. إلخ)

بلا إشكال في ذلك لمكان النهى عن التصرف في ملك الغير فلا يصح عبادة، للحرمة الموجبة للفساد، و اما إذا كان ظاهرها مباحا و باطنها مغصوبا فالظاهر عدم البأس في المسح على الظاهر المباح، إذ لا يعد التصرف بالظاهر و المسح عليه تصرفا بالباطن المغصوب، و اما ما ذكره في بقية الفروض من الجمع بين الوضوء بالاقتصار على غسل أطرافه و بين التيمم، فالظاهر الذي تقتضيه

القواعد هو كفاية الوضوء، لأن المورد

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 264

[ (مسألة 17) لا يشترط في الجبيرة أن تكون مما يصح الصلاة فيه]

(مسألة 17) لا يشترط في الجبيرة أن تكون مما يصح الصلاة فيه (1) فلو كانت حريرا أو ذهبا أو جزء حيوان غير مأكول لم يضر بوضوئه فالذي يضر هو نجاسة ظاهرها أو غصبيته.

______________________________

مورد الجبيرة و قد تعذر المسح عليها للمانع الشرعي فيسقط، و يبقى ما عداه من غسل ما حولها و غسل سائر أجزاء العضو و غسل باقي الأعضاء، و ليست أخبار التيمم ناظرة إلى صورة الجبيرة، و الحاصل انه لما كان المسح على الجبيرة متعذرا شرعا يبقى الإكتفاء بغسل ما حولها بحكم الأدلة الدالة على عدم سقوط الميسور بالمعسور.

(فان قلت) انهم اتفقوا على ان من تعذر عليه الماء لبعض الأعضاء رجع الى التيمم، و لا يشرع في حقه الوضوء الناقص، و ما نحن فيه يصير من قبيل ما يكتفى فيه بالناقص.

(قلت) معقد ذلك الاتفاق إنما هو فيما لو كان الماء غير واف بغسل جميع الأعضاء و إلا فالمعروف بينهم في الجرح المكشوف هو الاكتفاء بغسل ما حوله، لحسنة الحلبي و رواية عبد اللّٰه بن سنان فلا يشمل معقد ذلك الاتفاق أمثال ما نحن فيه و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 17: (لا يشترط في الجبيرة أن تكون مما يصح الصلاة فيه. إلخ)

كما لو كانت من الحرير أو الذهب فلا بأس بالمسح عليها لعدم النهي، إذ ليس نفس التصرف فيما ذكر محرما، و المحرم إنما هو لبسه في الصلاة بل مطلقا، و أين ذلك من حرمة المسح عليه؟ خصوصا إذا كانت الضرورة سوغت استصحابه في الصلاة، و على كل فاطلاقات أدلة الجبيرة تقتضيه.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 265

[ (مسألة 18) ما دام خوف الضرر باقيا يجرى حكم الجبيرة]

(مسألة 18) ما دام خوف الضرر باقيا يجرى حكم الجبيرة (1) و إن احتمل البرء

و لا تجب الإعادة إذا تبين برؤه سابقا نعم لو ظن البرء و زال الخوف وجب رفعها.

[ (مسألة 19) إذا أمكن رفع الجبيرة و غسل المحل]

(مسألة 19) إذا أمكن رفع الجبيرة و غسل المحل لكن كان موجبا لفوات الوقت (2) هل يجوز عمل الجبيرة؟ فيه اشكال، بل الأظهر عدمه و العدول الى التيمم.

______________________________

قوله قده مسألة 18: (ما دام خوف الضرر باقيا يجرى حكم الجبيرة.

إلخ)

لا إشكال في جريان حكم الجبيرة مع بقاء خوف الضرر و عدم انكشاف الخلاف، إذ لا طريق إلى إحراز الضرر سواه، و اما إذا تبين الخلاف و عدم الضرر و البرء سابقا فيشكل الإكتفاء بذلك الوضوء، بل حكمه اعادة الوضوء، لأنه في الواقع وظيفته الوضوء التام الحقيقي، و مجرد خوفه لا يجعله مكلفا بما هو خلاف الواقع، غاية ما في الباب انه كان معذورا ما دام جاهلا، فاذا انكشف الواقع لزمه العمل على مقتضاه، نعم يتم ما ذكره (قده) من عدم الإعادة في هذه الصورة على أحد وجهين:

(الأول) دعوى ان الخوف موضوع لأحكام الجبائر واقعا، لا طريق الى الضرر الواقعي الذي هو الموضوع كما هو ظاهر الأدلة.

(الثاني) ابتناؤه على اقتضاء الأمر الظاهري الأجزاء الذي هو خلاف التحقيق، و اما احتمال ركونه إلى إطلاق رواية كليب الأسدي قال سألت الصادق عليه السّلام عن الرجل إذا كان كسيرا كيف يصنع بالصلاة؟ قال: ان كان يتخوف على نفسه فليمسح جبائره و ليصل، ففي إطلاقها إشكال إذ ليس لها نظر من هذه الجهة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 19: (إذا أمكن رفع الجبيرة و غسل المحل لكن كان موجبا لفوات الوقت. إلخ)

لا إشكال في وجوب التيمم في الفرض

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 266

[ (مسألة 20) الدواء الموضوع على الجرح و نحوه إذا اختلط مع الدم]

(مسألة 20) الدواء الموضوع على الجرح و نحوه إذا اختلط مع الدم و صار كالشي ء الواحد (1) و لم يمكن رفعه بعد البرء بأن كان

مستلزما لجرح المحل و خروج الدم، فان كان مستحيلا بحيث لا يصدق عليه الدم، بل صار كالجلد فما دام كذلك يجرى عليه حكم الجبيرة و ان لم يستحل كان كالجبيرة النجسة يضع عليه خرقة و يمسح عليه.

[ (مسألة 21 قد عرفت أنه يكفى في الغسل أقله]

(مسألة 21 قد عرفت أنه يكفى في الغسل أقله (2) بان يجرى الماء من جزء الى جزء آخر و لو بإعانة اليد فلو وضع يده في الماء و أخرجها و مسح بما يبقى فيها من الرطوبة محل الغسل يكفى و في كثير من الموارد هذا المقدار لا يضر خصوصا إذا كان بالماء الحار و إذا أجرى الماء كثيرا يضر فيتعين هذا

______________________________

المذكور لأهمية الوقت، فحاله حال ما لو ضاق الوقت عن الوضوء التام في جواز التيمم كما دلت عليه الآية و الرواية و اقتضته كلمات الأصحاب و فتاويهم.

قوله قده مسألة 20: (الدواء الموضوع على الجرح و نحوه إذا اختلط مع الدم و صار كالشي ء الواحد. إلخ)

إنما يجب اجراء حكم الجبيرة في المسألة المفروضة من وجوب المسح عليه إذا عد أجنبيا عن البشرة، اما إذا عد جزءا منها بان لا يصدق عليه الدم بل صار كالجلد كما فرضه (قده) فيشكل اجراء حكم الجبيرة عليه، بل الواجب غسله كغسل سائر أجزاء العضو، نعم يجب غسل ما حوله ان لم يصر كذلك لنجاسته و لا دليل على وضع الخرقة كما تقدم منا.

قوله قده مسألة 21: (قد عرفت انه يكفى في الغسل أقله. إلخ)

الميزان هو صدق الغسل في الغسول و ان كان بأقل مراتبه، و لا ينتقل الى حكم الجبيرة إلا بعد تعذر هذا النحو من العمل.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 267

النحو من الغسل و لا يجوز الانتقال الى حكم

الجبيرة فاللازم أن يكون الإنسان ملتفتا لهذه الدقة.

[ (مسألة 22) إذا كان على الجبيرة دسومة لا يضر بالمسح عليها]

(مسألة 22) إذا كان على الجبيرة دسومة لا يضر بالمسح عليها (1) ان كانت طاهرة.

[ (مسألة 23) إذا كان العضو صحيحا لكن كان نجسا]

(مسألة 23) إذا كان العضو صحيحا لكن كان نجسا (2) و لم يمكن تطهيره لا يجرى عليه حكم الجرح بل يتعين التيمم، نعم لو كان عين النجاسة لاصقة به و لم يمكن إزالتها جرى حكم الجبيرة و الأحوط ضم التيمم.

[ (مسألة 24) لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة]

(مسألة 24) لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة (3) ان كانت على

______________________________

قوله قده مسألة 22: (إذا كان على الجبيرة دسومة لا يضر بالمسح عليها. إلخ)

و ذلك لصدق المسح على الجبيرة عرفا، و ان كان منشأ الإشكال أي احتمال كان.

قوله قده مسألة 23: (إذا كان العضو صحيحا لكن كان نجسا. إلخ)

إنما تعين عليه التيمم لما تقدم من الوجه في المسألة التاسعة، و حاصله قصور نصوص الجبيرة عن شموله و دخوله تحت عمومات بدلية التيمم عند عدم التمكن من استعمال الماء، هذا إذا لم يكن للنجاسة عين، و اما لو كان عين النجاسة لاصقة به و لم يمكن إزالتها جرى عليه حكم الجرح المكشوف من وجوب غسل ما حوله فإنه و ان كان خارجا عن مورد النصوص المزبورة لكن يمكن التعدي عنه بتقيح المناط و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 24: (لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة.

إلخ)

التخفيف بالخاء المعجمة لا بالحاء المهملة من الخفة، و هو تقليل طياتها، و الوجه في عدم اللزوم إطلاق الأدلة، هذا فيما لو صدق على ما هو فوق

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 268

المتعارف كما أنه لا يجوز وضع شي ء آخر عليها مع عدم الحاجة الا أن يحسب جزءا منها بعد الوضع.

[ (مسألة 25) الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث]

(مسألة 25) الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث لا مبيح. (1)

[ (مسألة 26) الفرق بين الجبيرة التي على محل الغسل و التي على محل المسح من وجوه]

(مسألة 26) الفرق بين الجبيرة التي على محل الغسل و التي على محل المسح من وجوه (2) كما يستفاد مما تقدم: (أحدها) إن الأولى بدل الغسل و الثانية بدل عن المسح (الثاني) إن في الثانية يتعين المسح و في الأولى يجوز الغسل أيضا على الأقوى (الثالث) إنه يتعين في الثانية كون المسح بالرطوبة الباقية في الكف و بالكف و في الأولى يجوز المسح بأي شي ء كان و بأي ماء و لو بالماء الخارجي (الرابع) إنه يتعين في الأولى استيعاب المحل إلا ما بين الخيوط و الفرج و في الثانية يكفي المسمى (الخامس) إن في الأولى الأحسن أن يصير شبيها بالغسل في جريان الماء بخلاف الثانية فالأحسن فيها أن لا يصير شبيها بالغسل (السادس) إن في الأولى لا يكفى مجرد إيصال النداوة بخلاف الثانية حيث أن

______________________________

الجبيرة اسم الجبيرة، اما لو كان ضمه الى ما تحته لغرض آخر كدفع البرد أو الحر أو للتجمل مثلا لا لمدخليته في الجبر لزم رفعه، لعدم صدق الاسم الذي أنيط به الحكم، و لا أقل من الشك فلا يترتب عليه الحكم و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 25: (الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث لا مبيح. اه)

و ذلك لإطلاق الوضوء عليه في لسان الأخبار، و ظاهر الإطلاق الحقيقة فيثبت له غايات الوضوء التام على اختلافها، و منها الرافعية إلا ما أخرجه الدليل.

قوله قده مسألة 26: (الفرق بين الجبيرة التي على محل الغسل و التي على محل المسح من وجوه. إلخ)

حاصل الوجوه التسعة الفارقة هو أن كل بدل يتبع حكم مبدله و ذلك هو ما يقتضيه دليل البدلية و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 269

المسح فيها يدل عن المسح الذي يكفي فيه هذا المقدار (السابع) إنه لو كان على الجبيرة رطوبة زائدة لا يجب تجفيفها في الأولى بخلاف الثانية (الثامن) إنه يجب مراعاة الأعلى فالأعلى في الأولى دون الثانية (التاسع) إنه يتعين في الثانية إمرار الماسح على الممسوح، بخلاف الأولى فيكفي فيها بأي وجه كان.

[ (مسألة 27) لا فرق في أحكام الجبيرة بين الوضوءات الواجبة و المستحبة]

(مسألة 27) لا فرق في أحكام الجبيرة بين الوضوءات الواجبة و المستحبة (1).

[ (مسألة 28) حكم الجبائر في الغسل كحكمها في الوضوء]

(مسألة 28) حكم الجبائر في الغسل كحكمها في الوضوء (2) واجبة و مندوبة و إنما الكلام في أنه هل يتعين حينئذ الغسل ترتيبا (3) أو يجوز الارتماسي أيضا؟

______________________________

قوله قده مسألة 27: (لا فرق في أحكام الجبيرة بين الوضوءات الواجبة و المستحبة. اه)

و ذلك لإطلاق دليلها و الفارق يحتاج الى دليل.

قوله قده مسألة 28: (حكم الجبائر في الغسل كحكمها في الوضوء.

إلخ)

و ذلك لإطلاق جملة من أخبار الجبائر و خصوص ما عن تفسير العياشي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال سألت رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم عن الجبائر تكون على الكسير كيف يتوضأ صاحبها؟ و كيف يغتسل إذا أجنب؟ قال: يجزيه المسح عليها في الجنابة و الوضوء، الخبر، و صحيحة ابن الحجاج عن ابى الحسن عليه السّلام قال سألته عن الكسير يكون به الجبائر أو يكون به الجراحة كيف يصنع بالوضوء؟ و عند غسل الجنابة و غسل الجمعة؟ قال عليه السّلام: يغسل ما وصل اليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر و يدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله، و لا ينزع الجبائر، و لا يعبث بجراحته. فان مفادها عدم وجوب غسل ما لا يستطيع غسله من البشرة، و أما سكوتها عن وجوب المسح على الجبيرة و الخرقة الملصقة بالجراحة على تقدير كونها معصبة بها فيستفاد من اخبار أخر

قوله قده: (و إنما الكلام في انه هل يتعين حينئذ الغسل ترتيبا. إلخ)

لا أجد وجها لتعينه و لا للمسح على الجبيرة تحت الماء في الارتماسي وفقا لما

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 270

و على الثاني هل يجب أن

يمسح على الجبيرة تحت الماء أو لا يجب؟ الأقوى جوازه و عدم وجوب المسح و ان كان الأحوط اختيار الترتيب و على فرض اختيار الارتماس فالأحوط المسح تحت الماء لكن جواز الارتماسي مشروط (1) بعدم وجود مانع آخر من نجاسة العضو و سرايتها إلى بقية الأعضاء أو كونه مضرا من جهة وصول الماء الى المحل.

[ (مسألة 29) إذا كان على مواضع التيمم جرح أو قرح]

(مسألة 29) إذا كان على مواضع التيمم جرح أو قرح (2) أو نحوهما فالحال فيه حال الوضوء في الماسح كان أو في الممسوح.

[ (مسألة 30) في جواز استيجار صاحب الجبيرة إشكال]

(مسألة 30) في جواز استيجار صاحب الجبيرة إشكال، (3)

______________________________

اختاره (قده) و أما ما في الأخبار من وجوب المسح على الجبيرة الذي هو منشأ احتمال الماتن (قده) له فليس الغرض منه إلا إيصال الماء إلى الجبيرة لقيامها مقام البشرة لا لموضوعية في المسح عليها.

قوله قده: (لكن جواز الارتماسي مشروط. إلخ)

لعل الوجه فيه هو الفرار عن إحداث نجاسة زائدة على نجاسة العضو المجبور مع وجود المندوحة عنها بالغسل الترتيبي، و قد تقدم منه (قده) في فصل الصلاة بالمتنجس في المسألة (9) وجوب تخفيف النجاسة ان لم يمكن إزالتها فبذلك المناط لا يجوز التسبب الى احداثها.

قوله قده مسألة 29: (إذا كان على مواضع التيمم جرح أو قرح. إلخ)

و ذلك لما عللوه من ان المتفاهم من عموم الأخبار بدلية الجبيرة عن البشرة من غير فرق بين الطهارات الثلاث.

قوله قده مسألة 30: (في جواز استيجار صاحب الجبيرة إشكال إلخ)

لا وجه للاستشكال في الاستيجار بناءا على ما تقدم منه (قده) في

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 271

بل لا يبعد انفساخ الإجارة (1) إذا طرأ العذر في أثناء المدة مع ضيق الوقت عن الإتمام و اشتراط المباشرة، بل إتيان قضاء الصلوات عن نفسه لا يخلو عن إشكال مع كون العذر مرجو الزوال و كذا يشكل كفاية تبرعه عن الغير.

[ (مسألة 31) إذا ارتفع عذر صاحب الجبيرة]

(مسألة 31) إذا ارتفع عذر صاحب الجبيرة لا يجب إعادة الصلاة (2) التي صلاها مع وضوء الجبيرة، و إن كان في الوقت بلا إشكال، بل الأقوى

______________________________

المسألة (25) من ان الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث لا مبيح، و على ما يأتي منه (قده) في المسألة (31) من اقوائية عدم الاحتياج الى التجديد بالنسبة إلى الصلوات اللاحقة بعد البرء، و ما ذاك إلا

حال الوضوء مع الجبيرة حال غيره من الوضوءات الخالية عنها، نعم يتم ما ذكره في هذه المسألة بناءا على أن منصرف الإجارة غير هذا الوضوء الجبيرى، فعليه لا يجوز للأجير الإكتفاء به في إفراغ ذمته في صورة عدم إقدام المستأجر عليه، أو يقال إن رافعيته مختصة في أحكام ذي الجبيرة نفسه و لا تتعدى إلى أحكام غيره ان قام بها ذو الجبيرة، و يبقى الإشكال عليه في عدم كفايته في قضاء الصلوات عن نفسه، مع ما يأتي منه في المسألة الآتية من اقوائية جواز الصلوات الآنية بهذا الوضوء.

قوله قده: (بل لا يبعد انفساخ الإجارة. إلخ)

و ذلك قضاءا لحق الشرطية إذ كما أن القدرة على العمل شرط ابتدائي فهو شرط استمراري و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 31: (إذا ارتفع عذر صاحب الجبيرة لا يجب إعادة الصلاة. إلخ)

اما عدم قضاء الصلاة فلا ريب فيه إذ هو المتيقن من نصوص الباب، و اما إعادتها ففي المنتهى إجماعنا على عدم إعادتها كما عن بعض العامة خلافا للشافعي. انتهى. و حكى عن البحار الإجماع على عدمها، كما هو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 272

جواز الصلوات الآتية بهذا الوضوء في الموارد التي علم كونه مكلفا بالجبيرة، و اما في الموارد المشكوكة التي جمع فيها بين الجبيرة و التيمم فلا بد من الوضوء للأعمال الآتية لعدم معلومية صحة، وضوئه و إذا ارتفع العذر في أثناء الوضوء وجب الاستئناف (1) أو العود الى غسل البشرة التي مسح على جبيرتها إن لم تفت الموالاة.

[ (مسألة 32) يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة أول الوقت]

(مسألة 32) يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة أول الوقت (2) مع اليأس عن زوال العذر في آخره، و مع عدم اليأس الأحوط التأخير.

______________________________

المحكى عن شرح المفاتيح لا يجب إعادتها

إجماعا، و يشكل ذلك بناءا على عدم جواز البدار لذوي الأعذار خصوصا مع رجاء الزوال فالأقرب حمل الإجماعات المنقولة على عدم الإعادة على صورة ما إذا تضيق الوقت بنظره، أو على صورة عدم الرجاء و انكشف الخلاف فيهما، و لو لا الإجماع لكان القول بالإعادة حتى في الصورتين المذكورتين أقرب لتوقف يقين البراءة عليه، و لانكشاف عدم الأمر الواقعي بها و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و إذا ارتفع العذر في أثناء الوضوء وجب الاستيناف.

إلخ)

و ذلك لأنه لم يتم له الطهارة بعد فيصح أن يخاطب بها على الوجه الذي يقتضيه حال الاختيار، بل يدعى انصراف النصوص عن الفرض و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 32: (يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة أول الوقت.

إلخ)

و ذلك لإطلاق السنة المستفيضة القاضية بشرعية الوضوء الجبيرى بمجرد دخول الوقت و ارادة الصلاة كالوضوء الاختياري، مع ان ما في التضييق من العسر و الحرج و منافاة اليسر الذي هو حكمة شرع المسح على الجبيرة، بل و التعذر على كثير من الناس في كثير من الأوقات، سيما بالنسبة إلى العشائين

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 273

[ (مسألة 33) إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة]

(مسألة 33) إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة (1) فعمل بالجبيرة، ثم تبين عدم الضرر في الواقع، أو اعتقد عدم الضرر فغسل العضو ثم تبين أنه كان مضرا و كان وظيفته الجبيرة، أو اعتقد الضرر و مع ذلك ترك الجبيرة ثم تبين عدم الضرر و أن وظيفته غسل البشرة، أو اعتقد عدم الضرر و مع ذلك عمل بالجبيرة ثم تبين الضرر، صح وضوؤه في الجميع بشرط حصول قصد القربة منه في الأخيرتين و الأحوط الإعادة في الجميع.

______________________________

و المرضى و العاجزين و النساء و غيرهم، و بما فيه من التغرير

بترك الواجب و فوات فضيلة أول الوقت الذي هو رضوان اللّٰه تعالى، و فوات النوافل المرتبة سيما نافلة العصر التي هي بعد الظهر و نافلة المغرب التي هي بعدها، و بأنه لو كان لاشتهر لتوفر الدواعي إليه، بل كان ينبغي وصوله الى حد الضرورة و نحوها الى غير ذلك من الوجوه، و الأحوط التأخير مع عدم اليأس المدلول عليه بقوله قده (و مع عدم اليأس الأحوط التأخير. اه) خروجا عن خلاف بعض من أوجب التأخير مع عدم اليأس أو مطلقا و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 33: (إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة. إلخ)

يشكل الصحة في الصورة الأولى بناءا على عدم اقتضاء الأوامر الظاهرية عقلية كانت أو شرعية، للأجزاء كما هو التحقيق، و اما الصحة في الصورة الثانية فالظاهر ابتناؤها على أن الأوامر الاضطرارية إرفاقية تخفيفا عن المكلفين، و ان ملاك المأمور به التام ثابت، فعليه يكون تكليفه بالإعادة في الصورة المفروضة خلاف الإرفاق، و اما الصحة في الثالثة فابتناؤها على ان الاعتقاد طريق محض لا موضوعية له سوى انه عذر ما دام لم ينكشف الواقع، و اما الصحة في الصورة الرابعة فلإتيانه بما هو وظيفته و تكليفه بالإعادة بعد الإرفاق به خلاف الإرفاق، هذا بناءا على ما ذكره من إمكان قصد القربة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 274

[مسألة 34) في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيرى أو التيمم]

(مسألة 34) في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيرى أو التيمم الأحوط الجمع بينهما. (1)

[فصل في حكم دائم الحدث]

اشارة

فصل في حكم دائم الحدث (2) المسلوس و المبطون إما أن يكون لهما فترة تسع الصلاة و الطهارة و لو بالاقتصار على خصوص الواجبات و ترك جميع المستحبات أم لا، و على الثاني إما أن يكون خروج الحدث في مقدار الصلاة مرتين أو ثلاث مثلا، أو هو متصل، ففي الصورة الأولى يجب إتيان الصلاة في تلك الفترة سواء كانت في أول الوقت أو وسطه أو آخره و إن لم تسع إلا لإتيان الواجبات اقتصر عليها و ترك جميع المستحبات فلو أتى بها في غير تلك الفترة بطلت، نعم لو اتفق

______________________________

في الصورتين الأخيرتين و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 34: (في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيرى أو التيمم الأحوط الجمع بينهما. اه)

احتياطا لازما قضاءا لحق العلم الإجمالي و لا وجه للتوقف فيه.

قوله قده: (فصل: في حكم دائم الحدث. إلخ)

لا يخفى أن المصنف تعرض في هذا الفصل لصور ثلاث، و ذكر لكل حكمها.

(الاولى) ما لو كان للمسلوس و المبطون فترة تسع الطهارة و الصلاة فحكم في هذه الصورة بوجوب إتيان الصلاة في تلك الفترة، سواء كانت أول الوقت أو وسطه أو آخره، كما حكى التصريح بذلك عن المحقق الثاني و الشهيد الثاني و سبطه و كثير من المتأخرين تبعا للتذكرة، بل ربما نسب ذلك الى الأصحاب، بل ربما ادعى إجماعهم عليه كما قيل، و دليلهم زوال الضرورة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 275

عدم الخروج و السلامة إلى آخر الصلاة صحت إذا حصل منه قصد القربة، و إذا وجب المبادرة لكون الفترة في أول الوقت فأخر الى

الآخر عصى لكن صلاته صحيحة.

و أما الصورة الثانية و هي ما إذا لم تكن فترة واسعة إلا أنه لا يزيد على مرتين أو ثلاث أو أزيد بما لا مشقة في التوضؤ في الأثناء و البناء يتوضأ

______________________________

المقتضية لتخفيف في نحو ذلك، سوى ما يحكى عن المقدس الأردبيلي (قده) من عدم وجوب الانتظار و جواز الصلاة له في أول وقتها، لعموم أدلة الأوقات و الصلاة و كون العذر موجبا للتأخير غير متيقن، و للحرج و الضيق في التأخير المنفيان شرعا، و الأقرب ما اختاره المقدس من ثبوت الخطاب بالصلاة على هذا الحال، لما ذكره من الأدلة، و لخصوص الأخبار الواردة في الباب من عدم التعرض فيها لانتظار الفترة في مقام البيان، كما سيتلى عليك قريبا حتى حديث: ما غلب اللّٰه على عباده فهو أولى بالعذر، و قوله عليه السّلام:

إذا لم يقدر على حبسه فاللّه أولى بالعذر فإنه في هذه الحال مغلوب عليه و غير قادر على حبسه، فيشكل ما ذكره المصنف (قده) من قوله: فلو اتى بها في غير تلك الفترة بطلت، و اما الصحة لو صلى في غير تلك الفترة و اتفق عدم الخروج المشار اليه بقوله (نعم) الى قوله: (صحت إذا حصل منه قصد القربة) فلان كشاف انها من إفراد المأمور به، و اما ما ذكره من العصيان لو أخر عن تلك الفترة فلتفويته المأمور به التام، و اما الصحة فلدخوله في موضوع من لا فترة له فتشمله أدلته، هذا و لا يخفى حسن الاحتياط و انتظار الفترة خروجا عن خلاف من ذكر و اللّٰه العالم.

و اما (الصورة الثانية) التي ذكرها المصنف «قده» و هي: ما إذا لم تكن فترة واسعة تسع الطهارة و الصلاة،

و ليس الحدث متصلا بلا فترة،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 276

و يشتغل بالصلاة بعد أن يضع الماء الى جنبه فاذا خرج منه شي ء توضأ بلا مهلة و بنى على صلاته من غير فرق بين المسلوس و المبطون، لكن الأحوط أن يصلى صلاة أخرى بوضوء واحد خصوصا في المسلوس، بل مهما أمكن لا يترك هذا الاحتياط فيه.

______________________________

بل كان بفترات متعددة كالمرتين و الثلاث و الأربع فحكم «قده» في هذه الصورة إذا خرج منه شي ء توضأ بلا مهلة و بنى على صلاته، من غير فرق بين المسلوس و المبطون، و في كلا الحكمين من الوضوء و البناء و عدم الفرق بين المسلوس و المبطون نظر، لقصور نصوص كل من البابين عن شموله للآخر مع انه ليس في نصوص المسلوس ما فيه إشعار بالطهارة و النباء على صلاته، نعم ذلك في نصوص المبطون، و لا وجه لحمل أحدهما على الآخر، أما نصوص المسلوس فهي حسنة منصور بن حازم. قال: قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السّلام الرجل يقطر منه البول و لا يقدر على حبسه، قال فقال لي: إذا لم يقدر على حبسه فاللّه أولى بالعذر، يجعل خريطة، و رواية الحلبي عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال سئل عن تقطير البول قال: يجعل خريطة إذا صلى، و صحيحة حريز عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام انه قال: إذا كان الرجل يقطر منه البول و الدم إذا كان حين الصلاة أخذ كيسا و جعل فيه قطنا ثم علقه عليه و أدخل ذكره فيه ثم صلى يجمع بين صلاتي الظهر و العصر، يؤخر الظهر و يجعل العصر بأذان و إقامتين، و يؤخر المغرب و يعجل العشاء بأذان

و إقامتين، و يفعل ذلك في الصبح، و موثقة سماعة قال سألته عن رجل أخذه تقطير من فرجه إما دم أو غيره قال: فيضع خريطة و ليتوضأ و ليصل فإنما ذلك بلاء ابتلى به فلا يعيدن إلا من الحدث الذي يتوضأ منه، و مكاتبة عبد الرحمن قال: كتبت الى أبى الحسن عليه السّلام في الخصي يبول فيلقى من ذلك شدة و يرى البلل بعد البلل قال:

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 277

و أما الصورة الثالثة و هي أن يكون الحدث متصلا بلا فترة (1) أو فترات يسيرة بحيث لو توضأ بعد كل حدث و بنى لزم الحرج يكفى أن يتوضأ لكل صلاة و لا يجوز أن يصلى صلاتين بوضوء واحد نافلة كانتا أو فريضة أو مختلفة هذا إن أمكن إتيان بعض كل صلاة بذلك الوضوء، و أما إن لم يكن كذلك بل كان الحدث مستمرا بلا فترة يمكن إتيان شي ء من الصلاة مع الطهارة فيجوز أن يصلى بوضوء واحد صلوات عديدة و هو بحكم المتطهر الى أن يجيئه حدث آخر من نوم أو نحوه أو خرج منه البول أو الغائط على المتعارف لكن الأحوط في هذه الصورة أيضا الوضوء لكل صلاة و الظاهر أن صاحب سلس الريح أيضا كذلك.

______________________________

يتوضأ و ينتضح في النهار مرة واحدة، و لا يخفى عليك من عدم تعرض الأخبار المتلوة عليك للتوضؤ في أثناء الصلاة و النباء، فضلا أن يكون بلا مهلة كما أنه لا تعرض فيها للمبطون فلا وجه لحمل أحدهما على الآخر، كما انه لا تعرض فيها لانتظار الفترة مع انها في مقام البيان.

(الصورة الثالثة) التي ذكرها المصنف (قده) و هي أن يكون الحدث متصلا بلا فترة.

إلخ)

و قد حكم في هذه الصورة بالوضوء لكل صلاة مع ان إطلاق الأخبار السابقة يدفعه، بل صريح بعضها الاكتفاء بوضوء واحد للصلاتين كما في صحيحة حريز و اللّٰه العالم، و أما من به داء البطن- و هو بالتحريك- فعلى تقدير عدم كون الوضوء فعلا كثيرا ماحيا للصورة هو الوضوء في أثناء الصلاة عند تجدد الحدث و البناء على ما مضى من صلاته، و يدل عليه موثقة ابن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال: صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع في صلاته فيتم ما بقي، و في صحيحة عنه أيضا قال: صاحب البطن الغالب يتوضأ و يبنى على صلاته، و عليهما تحمل صحيحته الأخرى قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المبطون فقال: يبنى على صلاته، فإن أخبارهم يفسر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 278

[ (مسألة 1) يجب عليه المبادرة إلى الصلاة بعد الوضوء]

(مسألة 1) يجب عليه المبادرة (1) إلى الصلاة بعد الوضوء بلا مهلة.

[ (مسألة 2) لا يجب على المسلوس و المبطون أن يتوضأ لقضاء التشهد و السجدة المنسيين]

(مسألة 2) لا يجب على المسلوس و المبطون (2) أن يتوضأ لقضاء التشهد و السجدة المنسيين بل يكفيهما وضوء الصلاة التي نسيا فيها بل و كذا صلاة الاحتياط يكفيها وضوء الصلاة التي شك فيها و ان كان الأحوط الوضوء لها

______________________________

بعضها بعضا، و ان احتمل فيها البناء بلا وضوء، فعليه تحمل الموثقة و الصحيحة الناصتان على الوضوء على الاستحباب، فيوافق أخبار المسلوس في انه لا يجب إلا وضوء واحد، و لا يخفى انه مورد الأخبار فيما إذا كان للمبطون فترة تسع الطهارة و بعض أفعال الصلاة، على وجه لا يكون تجديد الطهارة عند كل حدث مؤديا إلى الحرج، و إلا فلا يجب عليه إلا وضوء واحد عند كل صلاة، و أما ما تقتضيه القواعد في حكم سلس النوم أو الريح فهو تجديد الوضوء عند كل صلاة، و كذا في أثنائها عند تجدد الحدث، و ذلك لقاعدة الشغل اليقيني حتى يعلم الفراغ، و لا يعلم إلا به، ما لم يستلزم فعلا كثيرا ماحيا للصورة، أو يؤدى الى الحرج فيكتفى بالوضوء الواحد لكل صلاة لقوله عليه السّلام: ما غلب اللّٰه على عباده فهو أولى بالعذر، هذا و الاحتياط طريق النجاة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 1: (يجب عليه المبادرة. إلخ)

و ذلك في غير متصل الحدث، و معه فلا وجه للمبادرة، و اما وجه المبادرة في غير متصلة فهو للدخول فيها على طهارة و ان لم يكن للمبادرة في أخبار الباب ذكر و لا أثر.

قوله قده مسألة 2: (لا يجب على المسلوس و المبطون. إلخ)

أما الاكتفاء بوضوء الصلاة لقضاء التشهد و السجدة المنسيين فلكونهما من اجزاء الصالة

فحكمهما حكمها، و اما صلاة الاحتياط فلأنها و ان كانت برزخا بين الجزئية

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 279

مع مراعاة عدم الفصل الطويل و عدم الاستدبار و أما النوافل فلا يكفيها وضوء فريضتها بل يشترط الوضوء لكل ركعتين منها.

[ (مسألة 3) يجب على المسلوس التحفظ من تعدى بوله]

(مسألة 3) يجب على المسلوس التحفظ من (1) تعدى بوله بكيس فيه قطن أو نحوه و الأحوط غسل الحشفة قبل كل صلاة و أما الكيس فلا يلزم تطهيره و ان كان أحوط و المبطون أيضا إن أمكن تحفظه بما يناسب يجب كما ان الأحوط تطهير المحل أيضا إن أمكن من غير حرج.

[ (مسألة 4) في لزوم معالجة السلس و البطن اشكال]

(مسألة 4) في لزوم معالجة السلس و البطن اشكال (2) و الأحوط المعالجة مع الإمكان بسهولة، نعم لو أمكن التحفظ بكيفية خاصة مقدار أداء الصلاة وجب، و إن كان محتاجا الى بذل مال.

______________________________

و الصلاة المستقلة، و لكنها لما كانت مكملة للصلاة لحقها حكم سائر اجزائها، و أما النوافل فلما كانت صلوات مستقلة لزم فيها تجديد الوضوء بناءا على وجوب التجديد لكل صلاة و ان لم يكن الخارج على نحو الحدث الطبيعي.

قوله قده مسألة 3: (يجب على المسلوس التحفظ من. إلخ)

و ذلك لما دل على شرطية الطهارة من الخبث مع ما دل عليه من الأخبار الخاصة المتقدمة كحسنة منصور بن حازم و رواية الحلبي و صحيحة حريز و موثقة سماعة، و اما غسل الحشفة قبل كل صلاة فالذي يظهر من أخبار الخريطة و الكيس عدم اعتباره، إذ لم يتعرض عليه السّلام لذلك مع انه في مقام البيان، و اما عدم اعتبار غسل الكيس قبل كل صلاة، فلانة من المحمول و مما لا تتم الصلاة به

قوله قده مسألة 4: (في لزوم معالجة السلس و البطن إشكال. إلخ)

وجهه من أن الطهارة من شرائط الواجب المقتضى ذلك لوجوب تحصيله مع القدرة على العلاج، و من قيام السيرة على خلافه مع عدم التعرض له في

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 280

[ (مسألة 5) في جواز مس كتابة القرآن للمسلوس و المبطون]

(مسألة 5) في جواز مس كتابة القرآن (1) للمسلوس و المبطون بعد الوضوء للصلاة مع فرض دوام الحدث و خروجه بعده اشكال حتى حال الصلاة إلا أن يكون المس واجبا.

[ (مسألة 6) مع احتمال الفترة الواسعة الأحوط الصبر]

(مسألة 6) مع احتمال الفترة الواسعة الأحوط الصبر (2) بل الأحوط الصبر إلى الفترة التي هي أخف مع العلم بها، بل مع احتمالها لكن الأقوى عدم وجوبه.

[ (مسألة 7) إذا اشتغل بالصلاة مع الحدث]

(مسألة 7) إذا اشتغل بالصلاة مع الحدث (3) باعتقاد عدم الفترة الواسعة و في الأثناء تبين وجودها قطع الصلاة و لو تبين بعد الصلاة أعادها.

______________________________

النصوص المقتضى لعدم وجوبه و هو الأقرب، و اما التحفظ مقدار أداء الصلاة فالأقرب وجوبه مع عدم المشقة لصدق عدم الاضطرار مع إمكان التحفظ في وقت إرادة الصلاة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 5: (في جواز مس كتابة القرآن. إلخ)

لا يخفى أن استباحة غير الصلاة التي توضأ لها من مس كتابة القرآن و نحوه وجوه:

ثالثها الجواز حال الصلاة خاصة، و لعل الأقرب بناءا على حدثية الخارج منه بغير الاختيار عدم جواز استباحة غيرها، اقتصارا على المتيقن، نعم لو وجب المس بنذر و شبهه وقع التزاحم بين الحكمين، و لا يبعد ان الأقرب الحرمة أيضا و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 6: (مع احتمال الفترة الواسعة الأحوط الصبر.

إلخ)

تقدم منا في أول المبحث ان ظاهر الأدلة عدم وجوب انتظار الفترة مع العلم بها، فعدم الوجوب مع احتمالها أولى و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 7: (إذا اشتغل بالصلاة مع الحدث. إلخ)

قد علم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 281

[ (مسألة 8) ذكر بعضهم أنه لو أمكنهما إتيان الصلاة الاضطرارية]

(مسألة 8) ذكر بعضهم أنه لو أمكنهما إتيان الصلاة الاضطرارية (1) و لو بان يقتصرا في كل ركعة على تسبيحة و يوميا للركوع و السجود مثل صلاة الغريق فالأحوط الجمع بينها و بين الكيفية السابقة، و هذا و ان كان حسنا لكن وجوبه محل منع، بل تكفي الكيفية السابقة.

[ (مسألة 9) من إفراد دائم الحدث المستحاضة]

(مسألة 9) من إفراد دائم الحدث المستحاضة و سيجي ء حكمها (2).

[ (مسألة 10) لا يجب على المسلوس و المبطون بعد برئهما قضاء ما مضى من الصلوات]

(مسألة 10) لا يجب على المسلوس و المبطون بعد برئهما قضاء (3) ما مضى من الصلوات، نعم إذا كان في الوقت وجبت الإعادة.

______________________________

من المسألة السابقة و مما تقدم جواز الاشتغال بالصلاة مع العلم بالفترة، و مع احتمالها فلا يجب القطع و لا الإعادة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 8: (ذكر بعضهم انه لو أمكنهما إتيان الصلاة الاضطرارية. إلخ)

البعض المنقول عنه هو ابن إدريس (قده) و من شاء فليراجع السرائر، و لكن الأقوى ما ذكره المصنف من أن وجوبه محل منع بل الظاهر من الأدلة كفاية أن يصلى الصلاة المتعارفة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 9: (من إفراد دائم الحدث المستحاضة و سيجي ء حكمها. اه)

لم نجد في لسان الأخبار من العناوين عنوان دائم الحدث حتى نبحث عن افراده سعة و ضيقا، و إنما الموجود عناوين خاصة مثل المسلوس و المبطون و المستحاضة و لكل منها أحكام خاصة مذكورة في بابه.

قوله قده مسألة 10: (لا يجب على المسلوس و المبطون بعد برئهما قضاء. إلخ)

________________________________________

شبر، سيد على حسينى، العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، 2 جلد، مطبعة النجف، نجف اشرف - عراق، اول، 1383 ه ق

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى؛ ج 2، ص: 281

و ذلك لظهور نصوصهما في كفاية ما أتيا به و صحته و اجزائه، و عدم تعرض نصوصهما لقضائه، مع احتياج القضاء إلى أمر جديد و ذلك حتى لو برء و الوقت باق لما تقدم منا من كفاية ما أتى به لإطلاق أدلة الصلاة و الأوقات و غير ذلك فراجع، نعم الاحتياط طريق النجاة و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص:

282

[ (مسألة 11) من نذر أن يكون على الوضوء دائما]

(مسألة 11) من نذر أن يكون على الوضوء دائما (1) إذا صار مسلوسا أو مبطونا الأحوط تكرار الوضوء بمقدار لا يستلزم الحرج و يمكن القول بانحلال النذر و هو الأظهر.

[فصل في الأغسال]

اشارة

فصل في الأغسال و الواجب منها سبعة (2): غسل الجنابة، و الحيض، و النفاس، و الاستحاضة، و مس الميت، و غسل الأموات، و الغسل الذي وجب بنذر و نحوه كان نذر غسل الجمعة أو غسل الزيارة أو الزيارة مع الغسل، و الفرق بينهما أن في الأول إذا أراد الزيارة يجب أن يكون مع الغسل و لكن يجوز أن لا يزور أصلا و في الثاني يجب الزيارة فلا يجوز تركها و كذا إذا نذر الغسل لسائر الأعمال، التي يستحب الغسل لها.

______________________________

قوله قده مسألة 11: (من نذر أن يكون على الوضوء دائما. إلخ)

الأقرب انحلال النذر في المسألة المفروضة للعجز عن الوفاء به الموجب لانحلاله إذ القدرة من الشرائط العامة و خصوص قوله عليه السّلام: ما غلب اللّٰه على عباده فهو أولى بالعذر، هذا مع احتمال وجوبه عليه بملاك وجوبه للصلاة، مع ما عرفت من عدم الدليل على نفى ناقضية البول و الغائط فيهما لعموم ما دل على ناقضيتهما، فيكتفى به في برّ نذره حتى يحدث الحدث الطبيعي ثم يجدده و هكذا و اللّٰه العالم.

قوله قده: (فصل في الأغسال: و الواجب منها سبعة. إلخ)

سيأتي كل في بابه مفصلا بعون اللّٰه تعالى.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 283

[ (مسألة 1) النذر المتعلق بغسل الزيارة و نحوها يتصور على وجوه]

اشارة

(مسألة 1) النذر المتعلق بغسل الزيارة (1) و نحوها يتصور على وجوه:

[ (الأول) أن ينذر الزيارة مع الغسل]

(الأول) أن ينذر الزيارة مع الغسل (2) فيجب عليه الغسل و الزيارة و إذا ترك أحدهما وجبت الكفارة.

[ (الثاني) أن ينذر الغسل للزيارة]

(الثاني) أن ينذر الغسل للزيارة (3) بمعنى أنه إذا أراد أن يزور لا يزور إلا مع الغسل فاذا ترك الزيارة لا كفارة عليه و إذا زار بلا غسل وجبت عليه.

[ (الثالث) أن ينذر غسل الزيارة منجزا]

(الثالث) أن ينذر غسل الزيارة منجزا (4) و حينئذ يجب عليه الزيارة أيضا و إن لم يكن منذورا مستقلا بل وجوبها من باب المقدمة فلو تركهما وجبت كفارة واحدة و كذا لو ترك أحدهما و لا يكفي في سقوطها الغسل فقط و إن كان من عزمه حينه أن يزور فلو تركها وجبت لأنه إذا لم تقع الزيارة بعده لم يكن غسل الزيارة

______________________________

قوله قده مسألة 1: (النذر المتعلق بغسل الزيارة. إلخ)

قال قده:

(الأول: أن ينذر الزيارة مع الغسل. إلخ)

بمعنى ان منذورة شي ء واحد مقيد و هو الزيارة مقيدة بالغسل فلهذا لو تركهما أو ترك أحدهما لم يجب عليه إلا كفارة واحدة، إذ لو ترك الزيارة فقد ترك ذات المنذور، و لو ترك الغسل فقد ترك قيد المنذور الذي يلزم من تركه ترك المنذور، إذ المنذور هو المقيد.

قوله قده (الثاني: أن ينذر الغسل للزيارة. إلخ)

نعم بالمعنى الذي ذكره و هو ان المنذور الزيارة مع الغسل ان اتفقت، فلا تجب الزيارة لأنها غير منذورة، فلا تجب عليه الكفارة لو ترك الزيارة، نعم لو زار و لم يغتسل وجبت عليه الكفارة لترك المنذور و هو ما لو اتفقت الزيارة يغتسل لها و قد اتفقت.

قوله قده (الثالث: ان ينذر غسل الزيارة منجزا. إلخ)

فتجب الزيارة مقدمة لتحصيل الواجب المنجز، فلو تركهما أو ترك أحدهما وجبت

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 284

[ (الرابع) أن ينذر الغسل و الزيارة]

(الرابع) أن ينذر الغسل و الزيارة (1) فلو تركهما وجبت عليه كفارتان و لو ترك أحدهما فعليه كفارة واحدة.

[ (الخامس) أن ينذر الغسل الذي بعده الزيارة]

(الخامس) أن ينذر الغسل الذي بعده الزيارة (2) و الزيارة مع الغسل و عليه لو تركهما وجبت كفارتان و لو ترك أحدهما فكذلك لأن المفروض تقييد كل بالآخر و كذا الحال في نذر الغسل لسائر الأعمال.

[فصل في غسل الجنابة]

اشارة

فصل في غسل الجنابة و هي تحصل بأمرين (3): (الأول) خروج المنى و لو في حال النوم أو

______________________________

كفارة واحدة، إذ بتركهما ترك الواجب المنذور و هو الغسل، و بترك الزيارة ترك لمقدمة الواجب الذي يلزم من تركه ترك الواجب.

قوله قده (الرابع: إن ينذر الغسل و الزيارة. إلخ)

فلو تركهما وجبت عليه كفارتان إذ كل منهما منذور مستقل بنفسه، نعم يشكل ما ذكره من قوله: و لو ترك أحدهما وجبت عليه كفارة واحدة فيما لو كان المتروك الزيارة، إذ لا يتعنون الغسل بغسل الزيارة ما لم تقع بعده، نعم يتم وجوب الكفارة الواحدة فيما لو كان المتروك هو الغسل، و أما لو كان المتروك هو الزيارة فيجب عليه كفارتان كما لو تركا معا، إذ الغسل المأتي به لم يتعنون بعنوان غسل الزيارة فبترك الزيارة تركهما معا.

قوله قده (الخامس: أن ينذر الغسل الذي بعده الزيارة. إلخ

لا أجد فارقا بينه و بين الوجه الأول فعليه لو تركهما أو ترك أحدهما لم تجب إلا كفارة واحدة و اللّٰه العالم.

قوله قده: (فصل في غسل الجنابة: و هي تحصل بأمرين. إلخ)

ان تحقق الجنابة بأحد أمرين (الأول) بالإنزال للمني إلى خارج الجسد، فلو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 285

الاضطرار و إن كان بمقدار رأس الإبرة سواء كان بالوطء أو بغيره مع الشهوة أو بدونها جامعا للصفات أو فاقدا لها مع العلم بكونه منيا و في حكمه الرطوبة المشتبهة الخارجة بعد الغسل مع عدم الاستبراء بالبول

______________________________

تحرك

من الخصية و لم يخرج لم يجنب، سواء كان هذا الإنزال من ذكر أو أنثى، بجماع أو غيره، في يقظة أو نوم، إجماعا فتوى و نصا في الرجل، و اشتهارا تاما في المرأة كاد أن يكون إجماعا، بل حكى الإجماع عليه، و في الصحيح الصادقي عليه السّلام المروي في التهذيب كان على عليه السّلام لا يرى في شي ء الغسل إلا في الماء الأكبر، و في الحسن عن المفخذ عليه غسل؟ قال: نعم إذا أنزل، و في الموثق عن الرجل يرى في ثوبه المنى بعد ما يصبح و لم يكن رأى في المنام أنه احتلم، قال: فليغتسل و ليغسل ثوبه و يعيد صلاته، و في الصحيح المروي في التهذيب عن المرأة ترى أن الرجل يجامعها في المنام في فرجها حتى تنزل قال: تغتسل، و في آخر عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل عليها غسل؟ قال: نعم و لا تحدثوهن فيتخذنه علة، و في ثالث عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل قال: إن أنزلت فعليها الغسل، و ان لم تنزل فليس عليها الغسل، و نحوها كثير و لكن بإزائها ما يدل على نفى الغسل عنها إذا أمنت من غير جماع، كما عن ظاهر المقنع للصحيح الصادقي: الرجل يضع ذكره على فرج المرأة فيمني عليها غسل؟ فقال: ان أصابها من الماء شي ء فلتغسله، و ليس عليها شي ء، إلا أن يدخله، قلت فإن أمنت هي و لم يدخله؟

قال: ليس عليها الغسل، و في آخر المرأة تحتلم في المنام فتهريق الماء الأعظم؟

قال: ليس عليها غسل، و في الخبر قلت له هل على المرأة غسل من جنابتها إذا لم يأتها الرجل؟ قال: لا و أيكم يرضى أو

يصبر على ذلك أن يرى ابنته

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 286

و لا فرق بين خروجه من المخرج المعتاد أو غيره (1)، و المعتبر خروجه الى خارج البدن (2) فلو تحرك من محله و لم يخرج لم يوجب الجنابة، و أن يكون منه فلو خرج من المرأة مني الرجل (3) لا يوجب جنابتها إلا مع العلم باختلاطه بمنيّها،

______________________________

أو أخته أو امه أو زوجته أو أحدا من قرابته قائمة تغتسل، فيقول مالك؟

فتقول: احتلمت و ليس لها بعل، ثم قال: لا ليس عليهن ذلك، و قد وضع اللّٰه ذلك عليكم، قال تعالى (وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) و لم يقل ذلك لهن و نحوها غيرها، و حينئذ فتحمل الأخبار الأولة على الاستحباب و هو قوى لو لا عمل الأصحاب، مع ان هذه الأخبار بمرأى منهم و مسمع و هم الواسطة في إيصالها إلينا، جزاهم اللّٰه خير جزاء المحسنين، فالعمل بالاحتياط في المورد متعين لازم و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و لا فرق بين خروجه من المخرج المعتاد أو غيره. إلخ)

و مستنده (قده) في ذلك إطلاق الأدلة بخروج الماء الأعظم من حيث ذاته من غير اعتبار وصف فيه، و فيه نظر بل منع، لانصراف المطلقات الى المتعارف المعتاد مع أصالة براءة الذمة فيما عداه من وجوب الغسل، نعم لو انسد الموضع المعتاد و صار غيره معتادا جرى عليه الحكم و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و المعتبر خروجه الى خارج البدن. إلخ)

لظاهر النصوص و الفتاوى، بل صريح بعضها.

قوله قده: (و ان يكون منه فلو خرج من المرأة مني الرجل. إلخ)

و ذلك كما تدل عليه صحيحة سليمان بن خالد المتضمنة للسؤال عن المرأة يخرج منها شي ء من بعد الغسل فقال:

لا تعيد، و علله بأن ما يخرج من المرأة إنما هو ماء الرجل، و صحيحة منصور مثلها، و رواية عبد الرحمن البصري قال

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 287

و إذا شك في خارج أنه منىّ أم لا اختبر (1) بالصفات من الدفق و الفتور و الشهوة فمع اجتماع هذه الصفات يحكم بكونه منيا و إن لم يعلم بذلك و مع عدم اجتماعها و لو بفقد واحد منها لا يحكم به إلا إذا حصل العلم، و في المرأة و المريض يكفى اجتماع صفتين (2) و هما الشهوة و الفتور.

______________________________

سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن المرأة تغتسل من الجنابة ثم ترى نطفة الرجل بعد ذلك هل عليها غسل؟ فقال: لا.

قوله قده: (إذا شك في خارج انه منى أم لا اختبر. إلخ)

كما يفصح عن ذلك صحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال سألته عن الرجل يلعب مع المرأة و يقبلها فيخرج منه المنى فما عليه؟ قال: إذا جاءت الشهوة و دفع و فتر لخروجه فعليه الغسل، و ان كان إنما هو شي ء لم يجد له فترة و لا شهوة فلا بأس.

قوله قده: (و في المرأة و المريض يكفى اجتماع صفتين. إلخ)

أما المريض فلصحيحة ابن أبى يعفور عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال قلت له الرجل يرى في المنام و يجد الشهوة فيستيقظ فينظر فلا يجد شيئا ثم يمكث الهوينى بعد فيخرج قال: ان كان مريضا فليغتسل، و ان لم يكن مريضا فلا شي ء عليه، قلت فما فرق بينهما؟ قال: لان الرجل إذا كان صحيحا جاء الماء بدفقة قوية، و ان كان مريضا لم يجي ء إلا بعد و صحيحة معاوية بن عمار

قال: سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل احتلم فلما انتبه وجد بللا قليلا قال: ليس بشي ء إلا أن يكون مريضا فإنه يضعف فعليه الغسل، و صحيحة زرارة قال: إذا كنت مريضا فأصابتك شهوة فإنه ربما كان هو الدافق لكنه يجي ء مجيئا ضعيفا ليس له قوة لمكان مرضك ساعة بعد ساعة قليلا قليلا فاغتسل منه، هذا في المريض.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 288

(الثاني) الجماع و إن لم ينزل (1) و لو بإدخال الحشفة، أو مقدارها من مقطوعها في القبل أو الدبر من غير فرق بين الواطى و الموطوء و الرجل و المرأة و الصغير و الكبير و الحي و الميت و الاختيار و الاضطرار، في النوم أو اليقظة

______________________________

و أما المرأة فلم تتعرض لها نصوص الباب فالظاهر عدم الفرق بين الرجل و المرأة في الأحكام المذكورة، ففي حال صحتها لا يجب عليها الغسل مع الاشتباه إلا إذا اجتمعت الأوصاف الثلاثة المذكورة التي هي طريق علمي لمعرفة المنى بشهادة الشرع و العرف، و في حال مرضها كفت الشهوة للأخبار المتقدمة، و اختصاص موردها بالرجل لا يوجب قصر الحكم عليه، خصوصا مع عموم العلة المنصوصة المقتضية لعموم الحكم، نعم ربما يقال بكفاية الشهوة في حقها مطلقا تعبدا و لو في حال صحتها لاستفاضة الأخبار بأنه إذا أنزلت المرأة من شهوة فعليها الغسل، و لكن الإنصاف ان هذه الأخبار مسوقة لبيان أن عليها الغسل بالإنزال، و ان تقييد الموضوع بما أنزلته عن شهوة إنما هو لكونها طريقا عاديا للعلم بتحقق الموضوع، و كونها كذلك مانعا من ظهورها في إرادة التعبد بطريقية الشهوة في الأفراد النادرة التي لا يحصل بسببها العلم بكونه هو الماء الأعظم، و

لكن الاحتياط في حقها مما لا ينبغي تركه و اللّٰه العالم.

قوله قده (الثاني: الجماع و ان لم ينزل. إلخ)

لا يخفى أن إيلاج الحشفة أو قدرها من مقطوعها فاعلا أو مفعولا في قبل حيّ أو ميت، أنزل أو لم ينزل موجب للغسل إجماعا كما في المدارك و شرح الدروس، للصحيح الرضوي عليه السّلام في الرجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلا ينزلان، متى يجب الغسل؟

فقال: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فقلت التقاء الختانين هو غيبوبة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 289

حتى لو أدخلت حشفة طفل رضيع فإنهما يجنبان و كذا لو أدخلت ذكر ميت

______________________________

الحشفة؟ قال: نعم، و في آخر: إذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل البكر و غير البكر، و نحوهما كثير.

و اما الدبر فإيجابه الغسل على الفاعل و المفعول و ان لم ينزل فهو المشهور بل ادعى المرتضى عليه إجماع المسلمين، بل كونه ضروري الدين خلافا للشيخ في الاستبصار و ظاهر النهاية في دبر المرأة، كما عن ظاهر الصدوق و سلار فلم يوجبوه به لأصالة براءة الذمة و أصالة عدم انتقاض الطهارة، و لظاهر الصحيح المروي في التهذيب عن الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّٰه عليه السّلام عن الجرل يصيب المرأة فيما دون الفرج أ عليها غسل ان هو أنزل و لم تنزل هي؟ قال: ليس عليها غسل، و إن هو لم ينزل فليس عليه غسل، و صريح المرفوع المروي في التهذيب عن الصادق عليه السّلام قال: إذا أتى الرجل المرأة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما، فإن أنزل فعليه الغسل و لا غسل عليها، و عورض بادعاء السيد الإجماع، بل الضرورة على الوجوب، و دلالة بعض العمومات عليه

كالصحيح الزراري الباقرى المروي في التهذيب قال: جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم: فقال ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها و لا ينزل؟ فقالت الأنصار: الماء من الماء، و قال المهاجرون: إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل، فقال عمر لعلى عليه السّلام ما تقول يا أبا الحسن؟

فقال على عليه السّلام: أ توجبون عليه الحد و الرجم و لا توجبون عليه صاعا من ماء الحديث، حيث ا ننكر عليهم وجوب الحد دون الغسل، و فيه دلالة على متابعته له في الوجوب و الحد واجب هنا إجماعا نصا و فتوى فيجب الغسل، و بالمرسل المروي في الاستبصار عن حفص بن سوقة عمن أخبره عن الصادق عليه السّلام عن الرجل يأتي أهله من خلفها قال: هو أحد المأتيين فيه الغسل،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 290

أو أدخل في ميت و الأحوط في وطء البهائم من غير إنزال الجمع بين الغسل و الوضوء ان كان سابقا محدثا بالأصغر.

______________________________

و هو نص في وجوبه على الرجل خاصة، و الروايات الأخر في نفى وجوبه على المرأة بلا معارض، فلربما يدعى الجمع بين الأدلة بذلك، و هو مع كونه خرقا للإجماع المركب لا تلتئم عليه جميع الأدلة، فالأحوط الإتيان بالغسل كما اختاره المصنف (قده).

و كذا الخلاف في دبر الغلام، فالسيد و جماعة على الوجوب للإجماع المركب قال السيد: كل من أوجب الغسل بالغيبوبة في دبر المرأة أوجبه في دبر الذكر و لقوله عليه السّلام أ توجبون عليه الجلد و الرجم و لا توجبون عليه صاعا من ماء، و قوله عليه السّلام إذا أدخله وجب الغسل، و المحقق في المعتبر على العدم للأصل

و عدم النص، و مفهوم قوله: إذا التقى الختانان، و لا نص فيه و لذا تردد فيه جماعة كما عن المبسوط و مختصر النافع.

و اما في فرج البهيمة بدون إنزال ففيه قولان الوجوب كما عن السيد و صوم المبسوط و المختلف و الذكرى للإنكار و الإدخال المتقدمين، و العدم كما عن الخلاف و الجامع و المعتبر للأصل و عدم النص، و حمل الإطلاق على المتعارف.

و ظاهر كلام جملة من الأصحاب في وطء الميت لما تقدم من الإطلاقات و العمومات، و ما دل على ان حرمة الميت كحرمة الحي.

و هل يتعلق الحكم بإيلاج الصبي و الصبية؟ لعموم قوله إذا التقى الختانان و إذا أدخله، أم لا؟ لأصالة البراءة و ظهور الأدلة في المكلفين، قولان استقرب أولهما في الدروس، و تظهر الثمرة في منعهم من المساجد و مس

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 291

و الوطء في دبر الخنثى (1) موجب للجنابة دون قبلها إلا مع الانزال فيجب الغسل عليه دونها إلا ان تنزل هي أيضا، و لو أدخلت الخنثى (2) في الرجل أو الأنثى مع عدم الانزال لا يجب الغسل على الواطئ و لا على الموطوء، و إذا أدخل الرجل بالخنثى، و الخنثى بالأنثى (3) وجب الغسل على الخنثى دون الرجل و الأنثى.

______________________________

المصحف و قراءة العزائم، و وجوب الغسل عليهم بعد البلوغ، و لو كان أحد الطرفين بالغا وجب عليه قطعا.

قوله قده: (و الوطء في دبر الخنثى. إلخ)

للعلم بأنه وطء في الفرج دون قبلها، لجواز كونها ثقبة كسائر ثقوب البدن إلا مع الإنزال، فيجب على الواطئ من حيث الإنزال، و لا يجب على الموطوئة لعدم العلم بأنها وطئت بفرجها، بل لجواز كونها ثقبة زائدة.

قوله قده:

(و لو أدخلت الخنثى. إلخ)

لعدم العلم بان ما أدخلته في الرجل أو الأنثى آلة رجولية، لجواز أن يكون سلعة زائدة، فحالها كحال ما لو أدخلت إصبعها، و كما لا يجب عليها الغسل من حيث انها واطئة لا يجب على الموطوء ذكرا كان أو أنثى لعدم العلم بأن الآلة المدخلة فيهما آلة رجولية، بل لجواز أن تكون سلعة زائدة.

قوله قده: (و لو دخل الرجل بالخنثى و الخنثى بالأنثى. إلخ)

إنما وجب الغسل على الخنثى للعلم بجنابتها، اما من حيث انها واطئة أو من حيث انها موطوئة، إذ على فرض رجوليتها فقد وطأت، و على فرض أنوثيتها فقد وطئت، و اما عدم وجوب الغسل على الرجل فلعدم العلم بان ما وطئه فرجا لجواز كونها ثقبة، و كذلك عدم وجوب الغسل على الأنثى لعدم العلم بأن آلة الوطء آلة رجولية لجواز كونها سلعة زائدة و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 292

[مسائل]
[ (مسألة 1) إذا رأى في ثوبه منيا و علم انه منه و لم يغتسل بعده]

(مسألة 1) إذا رأى في ثوبه منيا و علم انه منه (1) و لم يغتسل بعده وجب عليه الغسل و قضاء ما تيقن من الصلوات التي صلاها بعد خروجه، و اما الصلوات التي يحتمل سبق الخروج عليها فلا يجب قضاؤها، و إذا شك في أن هذا المنى منه أو من غيره لا يجب عليه الغسل و ان كان أحوط خصوصا إذا كان الثوب مختصا به، و إذا علم أنه منه و لكن لم يعلم أنه من جنابة سابقة اغتسل منها أو جنابة أخرى لم يغتسل لها لا يجب عليه الغسل أيضا لكنه أحوط.

______________________________

قوله قده مسألة 1: (إذا رأى في ثوبه منيا و علم انه منه. إلخ)

حاصل ما في هذه المسألة هو أن المكلف إذا

علم ان الجنابة منه وجب عليه الغسل، و قضاء ما علم وقوعه من الصلوات حال الجنابة، و اما إذا شك في أن هذا المنى منه، أو من غيره، أو علم انه منه و لكن لم يعلم انه من جنابة سابقة اغتسل منها أو جنابة أخرى لم يغتسل لها فليس عليه شي ء، لاستصحاب الطهارة المتيقنة في كلا شقي المسألة، و استدل أيضا للشق الثاني من شقي منشأ الشك و هو ما لو علم انه منه و لكن لم يعلم انه من جنابة سابقة اغتسل منها أو جنابة أخرى لم يغتسل لها، برواية أبي بصير عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل يصيب بثوبه منيا و لم يعلم انه احتلم قال: ليغسل ما وجد بثوبه و ليتوضأ، بدعوى ان قوله عليه السّلام و ليتوضأ بحسب الظاهر مسوق لبيان عدم وجوب الغسل و كفاية الوضوء لأجل صلاته، لا أنه يجب عليه الوضوء بسبب رؤية المني بثوبه، و ادعى معارضتها بموثقة سماعة قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل ينام و لم ير في نومه انه قد احتلم فوجد في ثوبه أو على فخذه الماء هل عليه غسل؟ قال:

نعم، و موثقته الأخرى عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يرى في ثوبه المنى بعد ما يصبح و لم يكن رأى في منامه أنه قد احتلم قال: فليغتسل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 293

[ (مسألة 2) إذا علم بجنابة و غسل و لم يعلم السابق منهما]

(مسألة 2) إذا علم بجنابة و غسل و لم يعلم السابق (1) منهما وجب عليه الغسل إلا إذا علم زمان الغسل دون الجنابة فيمكن استصحاب الطهارة حينئذ.

[ (مسألة 3) في الجنابة الدائرة بين شخصين لا يجب الغسل]

(مسألة 3) في الجنابة الدائرة بين شخصين لا يجب (2) الغسل على واحد منهما و الظن كالشك و ان كان الأحوط فيه مراعاة الاحتياط فلو ظن أحدهما أنه الجنب دون الأخر اغتسل و توضأ إن كان مسبوقا بالأصغر.

______________________________

و ليغسل ثوبه و يعيد صلاته، و قد ذهب علماؤنا الأعلام (أعلى اللّٰه مقامهم) في توجيه الطائفتين إلى وجوه و محامل، منها ما ذهب اليه الشيخ، و كثير ممن تأخر من حمل الموثقتين على الثوب المختص، و رواية أبي بصير على المشترك جمعا بينهما، و منهم من جمع بينهما بحمل الموثقتين على التقية، فعن أبي حنيفة و محمد و مالك و الثوري و غيرهم وجوب الغسل على من وجد على فراشه و نحوه منيا، و منهم من جمع بينها بوجوه آخر، و الذي يقتضيه الإنصاف ان لسان الموثقتين و رواية أبي بصير لسان واحد سؤالا فالأقرب الأخذ برواية أبي بصير على ظاهرها و هو ما تقتضيه القاعدة من استصحاب الطهارة المتيقنة و عدم وجوب الغسل، و حمل الموثقتين على استحباب الغسل و ذلك هو ما يقتضيه الجمع العرفي بين افعل و لا تفعل و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 2: (إذا علم بجنابة و غسل و لم يعلم السابق. إلخ)

تقدم الكلام في هذه المسألة مفصلا في المسألة السابعة و الثلاثين من مسائل فصل شرائط الوضوء صحيفة 170، و اخترنا هناك وجوب الوضوء و نختار هنا وجوب الغسل، جهل التأريخان أو علم تاريخ أحدهما على حد سواء، و من أراد التفصيل فليراجع ما

تقدم و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 3: (في الجنابة الدائرة بين شخصين لا يجب. إلخ)

إنما لم يجب الغسل على واحد منهما لاستصحاب الطهارة المتيقنة في كل منهما،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 294

[ (مسألة 4) إذا دارت الجنابة بين شخصين]

(مسألة 4) إذا دارت الجنابة بين شخصين لا يجوز لأحدهما الاقتداء بالآخر (1) للعلم الإجمالي بجنابته أو جنابة امامه، و لو دارت بين ثلاثة يجوز لواحد

______________________________

و لا يعارضه استصحاب عدم كونه من الغير الذي يشاركه في الثوب، لما عرفته من ان العلم الإجمالي إنما يمنع من إجراء الأصول في أطراف الشبهة إذا كان، مؤثرا في تنجيز التكليف على كل تقدير، فحيث لا يجب عليه الغسل على تقدير كون الجنب غيره لا يمنع علمه الإجمالي بالجنابة المرددة بينه و بين الغير من استصحاب الطهارة و البناء على عدم وجوب الغسل عليه و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 4: (إذا دارت الجنابة بين شخصين لا يجوز لأحدهما الاقتداء بالآخر. إلخ)

و ذلك للعلم التفصيلي بفساد صلاته الناشئ من العلم الإجمالي بجنابته أو جنابة إمامه وفاقا للمصنف (قده) و الشهيدين في البيان و المسالك، و المحققين في المعتبر و جامع المقاصد و غيرهم، كما حكى عنهم لمعلومية ان الطهارة من الشرائط الواقعية، و لذا يجب القضاء بعد الانكشاف و الاستصحاب و نحوه طريق لجواز الإقدام ما لم يعلم مخالفته للواقع و إلا فلا عبرة به، و لا ريب في علم المأموم مثلا ببطلان صلاته على كل حال، و دعوى عدم حصول الحدث إلا مع تحقق الانزال من شخص بعينه كما ذهب إليه جماعة آخرون واضحة البطلان، و إلا لم يجب الغسل و غيره بعد الانكشاف و هو باطل إجماعا، و لا يلزم من انتفاء الحكم

التكليفي بالإجماع انتفاء الحكم الوضعي كما هو واضح، فما عن الفاضل و كثير منهم من إلغائه ما دام الاشتباه فيجوز ذلك كله بصحة صلاتهما شرعا، و أصالة عدم اشتراط ما زاد على ذلك و لأن ذلك كدخول المساجد و قراءة العزائم و نحوهما دفعة، واضح الضعف

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 295

أو الاثنين منهم الاقتداء بالثالث لعدم العلم حينئذ و لا يجوز لثالث علم إجمالا بجنابة أحد الاثنين أو أحد الثلاثة (1) الاقتداء بواحد منهما أو منهم إذا كانا أو كانوا محل الابتلاء له و كانوا عدولا عنده و الا فلا مانع و المناط علم المقتدى بجنابة أحدهما لا علمهما فلو اعتقد كل منهما عدم جنابته و كون الجنب هو الآخر أو لا جنابة لواحد منهما و كان المقتدى عالما كفى في عدم الجواز، كما أنه لو لم يعلم المقتدى إجمالا بجنابة أحدهما و كانا عالمين بذلك لا يضر باقتدائه.

[ (مسألة 5) إذا خرج المني بصورة الدم وجب الغسل أيضا]

(مسألة 5) إذا خرج المني بصورة الدم وجب (2) الغسل أيضا بعد العلم بكونه منيا.

______________________________

لمنع الصحة الواقعية فيهما، و لذا لم يسقط القضاء و لما دل على اعتبار العدد في الجمعة مثلا، فإنه ظاهر بل صريح في اعتبار إمكان صحة صلاة الجميع واقعا و مثله الايتمام، نعم ما لم ينته الى العلم بالبطلان كما لو دارت بين ثلاثة يجوز لواحد أو الاثنين منهم الاقتداء بالثالث كما ذكره (قده) لعدم العلم حينئذ بالبطلان، لجواز أن يكون الجنب أحد المأمومين دون المأموم الآخر و أمامه، فيكون من العلم الإجمالي الغير المؤثر في تنجز التكليف و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و لا يجوز لثالث علم بجنابة أحد الاثنين أو أحد الثلاثة.

إلخ)

إذ لو كان الثالث خارجا من أطراف

الشبهة و أراد الائتمام بأحد طرفي الشبهة أو بأحد أطرافها فيما لو كان أكثر من اثنين، يكون الطرفان أو الأطراف بالنسبة إليه من الشبهة المحصورة التي ينتجز عليه اجتنابها إذا كانا أو كانوا محل ابتلائه.

قوله قده مسألة 5: (إذا خرج المني بصورة الدم وجب. إلخ)

في وجوب الغسل إذا لم يستحل إلى صورة المنى اشكال و الأقرب عدم الوجوب و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 296

[ (مسألة 6) المرأة تحتلم كالرجل]

(مسألة 6) المرأة تحتلم كالرجل (1)، و لو خرج منها المني حينئذ وجب عليها الغسل، و القول بعدم احتلامهن ضعيف.

[ (مسألة 7) إذا تحرك المني في النوم عن محله بالاحتلام]

(مسألة 7) إذا تحرك المني في النوم عن محله بالاحتلام و لم يخرج الى خارج (2) لا يجب الغسل كما مر فاذا كان بعد دخول الوقت و لم يكن عنده ماء

______________________________

قوله قده مسألة 6: (المرأة تحتلم كالرجل. إلخ)

تقدمت الأخبار المسؤول فيها عن حكم احتلام المرأة و أجوبة الأئمة الطاهرين عن حكمها، و هي صريحة في تقريرهم (ع) على احتلامها فالقول بعدم احتلامها ضعيف كما ذكره (قده).

قوله قده مسألة 7: (إذا تحرك المني في النوم عن محله بالاحتلام و لم يخرج الى خارج. إلخ)

اما عدم إيجابه الغسل إذا لم يخرج الى خارج فإجماعا فتوى و نصا، و اما وجوب حبسه بعد دخول الوقت و لم يكن عنده ماء للغسل أو عدم وجوبه قولان، و ليعلم أولا أن الذي يظهر من عبارة المصنف انه لا اشكال عنده في عدم وجوب حبسه إذا كان قبل الوقت مع ان المسألة فيه أيضا ذات قولين، و قد استدل فيه على عدم الوجوب بالأصل و انه من المشروط الذي لا تجب مقدمته كما هو ظاهر المشهور، بل في المختلف على ما حكى عنه الإجماع على انه قبل الوقت غير مأمور بالصلاة و لا بشي ء من شرائطها، و استدل على الوجوب فيه بدعوى انه لا فرق في قبح الفرار من عهدة امتثال التكليف باحداث العجز بالإخلال بشي ء من مقدماته الوجودية بين كونه قبل حضور زمان الفعل أو بعده مع تفصيل ذكروه في بابه يطول ذكره و شرحه و من أراده فليراجع، هذا كله قبل دخول الوقت.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2،

ص: 297

للغسل هل يجب عليه حبسه عن الخروج أو لا؟ الأقوى عدم الوجوب و إن لم يتضرر به بل مع التضرر يحرم ذلك فبعد خروجه يتيمم للصلاة، نعم لو توقف إتيان الصلاة في الوقت على حبسه بان لم يتمكن من الغسل و لم يكن عنده ما يتيمم به و كان على وضوء بأن كان تحرك المني في حال اليقظة و لم يكن في حبسه ضرر عليه لا يبعد وجوبه فإنه على التقادير المفروضة لو لم يحبسه لم يتمكن من الصلاة في الوقت و لو حبسه يكون متمكنا.

______________________________

و اما بعد دخول الوقت فقد فصل المصنف (قده) بين ما لو كان عنده ما يتيمم به و كان على وضوء بان كان تحرك المني في حال اليقظة و بين ما لم يكن عنده ما يتيمم به، فجوّز عدم الحبس في الأول و أوجب الحبس في الثاني.

و وجه عدم الوجوب في الأول هو تمكنه من التيمم و صحة الصلاة معه، فتعذر الغسل لا يؤثر إلا في فوت الواجب الغيري من دون أن يترتب عليه فوت الغير الذي وجب لأجله، فلا مقتضى للعقاب حتى من باب التجري و لو على القول بكون ترك المقدمة من حيث هو منشأ لاستحقاق العقاب إذ لا تجري بعد عزمه على الخروج من عهدة الواجب النفسي في آخر وقته بحسب ما يقتضيه تكليفه، و اما استحقاق العقاب بترك المقدمة من حيث هو و ان قلنا به فهو فيما إذا كانت منحصرة لا في مثل الفرض الذي يتمكن المكلف من إيجاد ذي المقدمة بشرائطه المعتبرة شرعا في زمان لا يتوقف على هذه المقدمة، و يؤيده ما يأتي في المسألة الآتية إن لم نقل أنه من جزئياتها

من جواز إجناب المرء نفسه و ان لم يقدر على الغسل و كان بعد دخول الوقت، هذا بخلاف من كان على وضوء فلا يجوز نقضه في الفرض المذكور، و الفارق النص كما سيأتي ان شاء اللّٰه.

و اما وجوب الحبس في الثاني و هو فيما لم يكن عنده ما يتيمم به لأنه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 298

[ (مسألة 8) يجوز للشخص إجناب نفسه و لو لم يقدر على الغسل]

(مسألة 8) يجوز للشخص إجناب نفسه و لو لم يقدر على الغسل (1) و كان بعد دخول الوقت، نعم إذا لم يتمكن من التيمم أيضا لا يجوز ذلك، و اما في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضئا و لم يتمكن من الوضوء لو أحدث أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت ففرق في ذلك بين الجنابة و الحدث الأصغر و الفارق النص.

______________________________

لو لم يحبسه لزم فوات الصلاة في الوقت مع تمكنه من إتيانها بحبسه، هذا كله في ما لم يكن في حبسه ضرر عليه لما دل على حرمة الضرر من حديث الرفع و عدم الحرج و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 8: (يجوز للشخص إجناب نفسه و لو لم يقدر على الغسل. إلخ)

المراد بالنص الفارق بين جواز إجناب الشخص نفسه و بين عدم جواز نقض الوضوء لمن كان متوضئا المشار اليه بقوله (قده) و الفارق النص هو خبر إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الرجل يكون مع أهله في السفر فلا يجد الماء يأتي أهله؟ فقال: ما أحب أن يفعل ذلك إلا أن يكون شبقا أو يخاف على نفسه، قال يطلب بذلك اللذة؟ قال: هو حلال، فإنه بإطلاقه يتناول ما لو كان بعد دخول الوقت، و قد ادعى في المعتبر الإجماع على

الجواز على ما حكى عنه كما يشهد له خبر السكوني ان أبا ذر أتى النبي صلّى اللّٰه عليه و آله فقال: يا رسول اللّٰه هلكت جامعت على غير ماء قال: فأمر النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم بمحمل فاستترنا به و بماء فاغتسلت أنا و هي، ثم قال: يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين، و هو أيضا بإطلاقه يتناول ما بعد دخول الوقت هذا إذا تمكن من التيمم.

و اما إذا لم يتمكن فلا يجوز نقض الطهارة لاستلزامه ترك الواجب بعد تنجزه، و اما عدم جواز نقض الوضوء لمن كان متوضئا و لم يتمكن من

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 299

[ (مسألة 9) إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا]

(مسألة 9) إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا (1) لم يجب عليه الغسل و كذا لو شك في أن المدخول فيه فرج أو دبر أو غيرهما فإنه لا يجب عليه الغسل.

[ (مسألة 10) لا فرق في كون إدخال تمام الذكر أو الحشفة موجبا للجنابة]

(مسألة 10) لا فرق في كون إدخال تمام الذكر أو الحشفة موجبا للجنابة بين (2) أن يكون مجردا أو ملفوفا بوصلة أو غيرها إلا أن يكون بمقدار لا يصدق عليه الجماع.

______________________________

الوضوء فقد أشار إليه بقوله و الفارق النص يعنى النص المسوغ في الجنابة لا غير و اما عدم الجواز في الوضوء فليس مستندا الى نص خاص مانع فيه بل لما يدعى من قبح الفرار من عهدة امتثال التكليف باحداث العجز بالإخلال بشي ء من مقدماته الوجودية، و هذا أول الكلام لتمكنه من التيمم و صحة الصلاة معه، فتعذر الوضوء لا يؤثر إلا في فوت الواجب الغيري من دون أن يترتب عليه فوت الغير الذي وجب لأجله، فلا مقتضى للعقاب حتى من باب التجري و لو على القول بكون ترك المقدمة من حيث هو منشأ لاستحقاق العقاب إذ لا تجري بعد عزمه على الخروج عن عهدة الواجب النفسي في آخر وقته بحسب ما يقتضيه تكليفه، و اما استحقاق العقاب بترك المقدمة من حيث هو إن قلنا به فهو فيما إذا كانت منحصرة، لا في مثل الفرض الذي يتمكن المكلف من إيجاد ذي المقدمة بشرائطه المعتبرة شرعا في زمان لا يتوقف على هذه المقدمة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 9: (إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا. إلخ)

وجه ما ذكره من الحكم أصالة عدم الدخول و عدم الوجوب فيه و فيما بعده.

قوله قده مسألة 10: (لا فرق في كون إدخال تمام الذكر

أو الحشفة موجبا للجنابة بين. إلخ)

وجهه صدق الجماع و الإدخال و الإيلاج و التقاء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 300

[ (مسألة 11) في الموارد التي يكون الاحتياط في الجمع بين الغسل و الوضوء]

(مسألة 11) في الموارد التي يكون الاحتياط في الجمع بين الغسل و الوضوء (1) الأولى ان ينقض الغسل بناقض من مثل البول و نحوه ثم يتوضأ لأن الوضوء مع غسل الجنابة غير جائز و المفروض احتمال كون غسله غسل الجنابة

[فصل فيما يتوقف على الغسل من الجنابة]
اشارة

فصل فيما يتوقف على الغسل من الجنابة و هي أمور:

[ (الأول) الصلاة]

(الأول) الصلاة (2) واجبة أو مستحبة أداء و قضاءا لها و لأجزائها المنسية و صلاة الاحتياط بل و كذا سجدتا السهو على الأحوط

______________________________

الختانين و غيبوبة الحشفة مما هو مذكور في الأخبار معه، نعم لو كان كما ذكره (قدس سره) بمقدار لا يصدق عليه أحد العناوين المذكورة لا يوجب الجنابة

قوله قده مسألة 11: (في الموارد التي يكون الاحتياط في الجمع بين الغسل و الوضوء. إلخ)

كما في المسألة السابقة فيما لو ادخل الذكر ملفوفا بوصلة و لم ينزل فشك في أن هذا الإدخال هل يوجب غسلا أم لا، فإذا أراد الصلاة أو ما يتوقف على الطهارة فإن اغتسل و توضأ معا وقع في مخالفة الاحتياط من وجه آخر، لأن الوضوء مع غسل الجنابة غير جائز ففرارا عن هذه المخالفة ينقض غسله بالبول و نحوه من النواقض، ثم يتوضأ لما يريده من فعل مشروط بالطهارة، فيكون قد خلص من مخالفة الواقع من الجهتين،

فدله قده: (فصل: فيما يتوقف على الغسل من الجنابة و هي أمور:

(الأول) الصلاة. إلخ)

توقف الصلاة واجبة و مندوبة أداء و قضاءا على غسل الجنابة مما قام عليه الإجماع، بل الضرورة من الدين مضافا الى القرآن الكريم و الأخبار عن الهداة المعصومين، قال سبحانه و تعالى (إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) الى قوله تعالى (وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) و قال عليه السّلام: إذا دخل الوقت فقد وجب الطهور و الصلاة، و قوله عليه السّلام:

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 301

نعم لا يجب في صلاة الأموات و لا في سجدة الشكر و التلاوة.

______________________________

لا صلاة إلا بطهور، و حديث لا تعاد الى غير ذلك من

الأخبار التي لا تحصى كثرة و تفرقها في أبواب الفقه.

و اما اعتباره في اجزائها المنسية فالظاهر انه يكفى فيه نفس دليل اعتباره في الكل، إذ ليس هو إلا ذلك الجزء بشروطه المعتبرة قام الدليل على كفاية تداركه خارج الصلاة لمن نسيه فيها.

و اما اعتباره في صلاة الاحتياط فهو دليل اعتباره في سائر الصلوات، و منها صلاة الاحتياط.

و اما اعتباره في سجدتي السهو فقد قال في الجواهر في مبحث سجدتي السهو بعد كلام طويل: بل في الذكرى و الدروس و البيان و اللمعة و الألفية و حاشيتها للكركي و الروضة و عن غيرها انه يجب فيهما ما يجب في سجود الصلاة عدى الذكر، فتندرج حينئذ الطهارة و غيرها كما نص عليه بعضهم، و ليس في شي ء من الأدلة تعرض لشي ء من ذلك، و دعوى اعتبار جميع هذه الأمور في مسمى السجود واضحة الفساد، خصوصا بالنسبة إلى البعض، نعم قد يقال: ان الذمة لما اشتغلت به بيقين توقف العلم ببرائتها على الفرد المتيقن، بل قد يدعى انه المنساق من أمر المصلي بالسجود الصلاتي، لكن الإنصاف أن للتوقف أو المنع فيما زاد على ما يتحقق به مسمى السجود عرفا أو شرعا لعدم ظهور أو انصراف معتد به في شي ء من الأدلة فيبقى الإطلاق سليما مجالا الى آخر ما ذكره (قده).

و اما عدم اعتباره في صلاة الأموات فلما سيأتي ان شاء اللّٰه في بابه من النصوص الكثيرة الدالة على عدم اعتبار الطهور فيها، و إنما هو تكبير و تسبيح و تحميد و تهليل كما تكبر و تسبح في بيتك على غير وضوء، و منها

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 302

[ (الثاني) الطواف الواجب دون المندوب]

(الثاني) الطواف الواجب (1) دون المندوب لكن

يحرم على الجنب دخول مسجد الحرام.

______________________________

مرسلة عبد اللّٰه بن المغيرة عن رجل عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام قال سألته عن الحائض تصلي على الجنازة؟ قال: نعم و لا تقف معهم، و الجنب يصلى على الجنازة.

و اما عدم اعتباره في سجدة الشكرة و التلاوة فلإطلاق دليليهما من غير مقيد.

قوله قده: (الثاني: الطواف الواجب)

نعم يشترط في الطواف الطهارة بالإجماع، قال في المدارك أجمع علماؤنا كافة على اشتراط الطهارة في الطواف الواجب، حكاه في المنتهى. اه. و الصحاح المستفيضة، أما المندوب فلا، وفاقا للأكثر للصحاح الصراح منها ما رواه في الكافي عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أحدهما (ع) عن رجل طاف طواف الفريضة و هو على غير طهور قال: يتوضأ و يعيد طوافه، و ان كان تطوعا توضأ و صلى ركعتين و عن على بن جعفر في الصحيح عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام قال سألته عن رجل طاف بالبيت و هو جنب فذكر و هو في الطواف قال: يقطع الطواف و لا يعتد بشي ء ما طاف، و سألته عن رجل طاف ثم ذكر انه على غير وضوء قال:

يقطع طوافه و لا يعتد به، و عن زرارة عن أبى جعفر عليه السّلام قال سألته عن رجل يطوف على غير وضوء أ يعتد بذلك الطواف؟ قال: لا، و عن أبي حمزة عن ابى جعفر عليه السّلام انه سئل أ ينسك الناسك و هو على غير وضوء؟

قال: نعم إلا الطواف بالبيت فان فيه صلاة، و ما رواه الشيخ عن حريز في الصحيح عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام في رجل طاف تطوعا و صلى ركعتين و هو على غير وضوء فقال: يعيد الركعتين و لا يعيد

الطواف، و عن عبيد بن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 303

فتظهر الثمرة فيما لو دخله سهوا (1) و طاف فان طوافه محكوم بالصحة، نعم يشترط في صلاة الطواف الغسل و لو كان الطواف مندوبا.

[ (الثالث) صوم شهر رمضان و قضائه بمعنى أنه لا يصح]

(الثالث) صوم شهر رمضان (2) و قضائه بمعنى أنه لا يصح إذا أصبح

______________________________

زرارة عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام قال قلت له رجل طاف على غير وضوء فقال:

ان كان تطوعا فليتوضأ و ليصل، و عن عبيد بن زرارة عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال قلت له انى أطوف طواف النافلة و أنا على غير وضوء قال: توضأ و صل و إن كنت متعمدا، و ليعلم ان المراد بالطواف الندبي ما لم يكن جزءا من عمرة أو حج و ان كانا ندبيين، فإنه واجب فيهما بل يجب المضي في فاسدهما، بل المراد بالطواف الندبي ما وقع منفردا و اللّٰه العالم.

قوله قده: (فتظهر الثمرة فيما دخله سهوا)

هذا جواب عن سؤال مقدر حاصله: انه بعد ما علم ان دخول المسجد الحرام للجنب محرم فما الثمرة في الحكم بعدم اشتراط الطهارة من الحدث الأكبر في الطواف المندوب مع أنه لا بد من دخول المسجد لأجله؟ أجاب عنه: بأنه لو دخله سهوا و طاف فان طوافه محكوم بالصحة، نعم يشترط في صلاة الطواف الغسل.

قوله قده: (الثالث: صوم شهر رمضان)

عن المنتهى و التذكرة انه مذهب علمائنا، و عن الانتصار انه من متفردات الإمامية للصحاح المستفيضة منها الصحيح البزنطي الرضوي المروي في التهذيب: عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان أو أصابته جنابة ثم ينام حتى يصبح متعمدا قال: يتم ذلك اليوم و عليه قضاؤه، و الصادقي: الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ

ثم ينام حتى يصبح قال: يتم يومه و يقضى يوما آخر و ان لم يستيقظ حتى يصبح أتم يومه و جاز له، و في ثالث يقضى ذلك اليوم عقوبة، و في رابع يتم صومه و يقضى ذلك اليوم، و نحوه كثير، خلافا للصدوق في المقنع لظاهر قوله تعالى:

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 304

جنبا متعمدا،

______________________________

(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيٰامِ الرَّفَثُ إِلىٰ نِسٰائِكُمْ) إلى قوله تعالى (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ) الى قوله تعالى (حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) و للصحاح منها الصادقي المروي في التهذيب: عن رجل أجنب في شهر رمضان في أول الليل فأخر الغسل حتى طلع الفجر قال: يتم صومه و لا قضاء عليه، و في آخر المروي في التهذيب: كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم يصلى صلاة الليل في شهر رمضان ثم يجنب ثم يؤخر الغسل متعمدا حتى يطلع الفجر، و عن الرضا عليه السّلام في رجل أصابته جنابة في شهر رمضان فنام عمدا حتى يصبح أي شي ء عليه؟

قال: لا يضر هذا و لا يفطر و لا يبالي، فان أبى عليه السّلام قال قالت عائشة ان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم أصبح جنبا من جماع غير احتلام، و حملت على التقية لموافقتها العامة و يشعر بذلك الأخير، و ربما تحمل الأولى على الاستحباب و هذه على الجواز، و ليس بشي ء لعدم مقاومتها لما تقدم، سيما مع عمل الأصحاب و إجماعهم.

و الحق برمضان قضاؤه قطعا فلا يجوز تعمد البقاء فيه على الجنابة مع التضييق، بل لا يقع من الجنب للصحيحين المروي أحدهما: في التهذيب و الفقيه عن ابن سنان انه سئل الصادق

عليه السّلام عن الرجل يقضى شهر رمضان فيجنب من أول الليل و لا يغتسل حتى يجي ء آخر الليل و هو يرى أن الفجر قد طلع قال: لا يصوم ذلك اليوم و يصوم غيره، و ثانيهما: في الكافي عنه: انه كتب إليه ابى و كان يقضى شهر رمضان و قال انى أصبح بالغسل و أصابتني جنابة فلم اغتسل حتى طلع الفجر فأجابه: لا تصم هذا اليوم و صم غدا، و غيرهما

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 305

أو ناسيا للجنابة، (1) و أما سائر الصيام ما عدا رمضان و قضاؤه فلا يبطل (2) بالإصباح

______________________________

القوى المروي في الفقيه عن سماعة قال سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام و قد علم بها و لم يستيقظ حتى أدركه الفجر قال: عليه أن يتم صومه و يقضى يوما آخر، قلت إذا كان ذلك من الرجل و هو يقضى رمضان قال: فليأكل يومه ذلك و ليقض فإنه لا يشبه رمضان شي ء من الشهور.

قوله قده: (أو ناسيا للجنابة)

كما يدل عليه ما رواه في الوسائل في باب حكم من نسي غسل الجنابة في شهر رمضان عن إبراهيم بن ميمون قال:

سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان ثم ينسى أن يغتسل حتى يمضى لذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان قال عليه السّلام: عليه قضاء الصلاة و الصوم، قال الصدوق: و روى في خبر آخر ان من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل و يقضى صلاته و صومه، إلا أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنه يقضى صلاته و صومه الى ذلك اليوم، و

لا يقضى ما بعد ذلك، و عن الحلبي قال سئل أبو عبد اللّٰه عليه السّلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان قال عليه السّلام: عليه ان يقضى الصلاة و الصيام.

قوله قده: (و اما سائر الصيام ما عدا رمضان فلا يبطل. إلخ)

وفاقا للمعتبر و صاحب المدارك و جملة ممن تأخر على ما حكى عنهم، و خلافا لظاهر الأكثر فعدوا ذلك من شرائط الصوم مطلقا، و تردد في المنتهى من تخصيص الأحاديث بشهر رمضان، و من تعميم الأصحاب و إدراجه في المفطرات، و كيف كان فالأول أقوى لأصالة البراءة و اختصاص النصوص بشهر رمضان و عدم تحقق إجماع أو حكايته في المقام، و للصحيح الصريح

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 306

جنبا و ان كانت واجبة، نعم الأحوط في الواجبة منها (1) ترك تعمد الإصباح جنبا نعم الجنابة العمدية في أثناء النهار (2) تبطل جميع الصيام حتى المندوبة منها

______________________________

في الثلاثة الأيام المسنونة في الشهر، المروي في الفقيه عن الخثعمي قال للصادق عليه السّلام أخبرني عن التطوع؟ و عن هذه الثلاثة الأيام إذا أجنبت من أول الليل فاعلم انى أجنبت فأنام متعمدا حتى ينفجر الفجر أصوم أو لا أصوم؟ قال:

صم، و الموثق الصادقي في الرجل يجنب ثم ينام حتى يصبح، أ يصوم ذلك اليوم تطوعا؟ فقال: أ ليس بالخيار ما بينه و بين نصف النهار و اللّٰه العالم.

قوله قده: (نعم الأحوط في الواجبة منها. إلخ)

و ذلك خروجا عن خلاف من ذكرناه من ظهور خلاف الأكثر و اللّٰه العالم.

قوله قده: (نعم الجنابة العمدية في أثناء النهار. إلخ)

إفسادها للصوم بلا خلاف على الظاهر في الجملة، بل في المدارك و غيره دعوى الإجماع

صريحا على ان الاستمناء مفسد للصوم، و عن المحقق في المعتبر انه قال:

و يفطر بإنزال الماء بالاستمناء و الملامسة و القبلة اتفاقا، و عن التذكرة و المنتهى نحوه، و يدل عليه مضافا الى الإجماع صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال:

سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمنى قال:

عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع، و مرسلة حفص بن سوقة عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته و هو في قضاء شهر رمضان فيسبقه الماء، فينزل قال: عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع في شهر رمضان، و عن عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام قال سألته عن رجل يعبث بأمر أته حتى يمنى و هو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان فقال عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع، و عن سماعة قال سألته:

عن رجل لزق بأهله فأنزل، قال عليه السّلام: عليه إطعام ستين مسكينا مد لكل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 307

و أما الاحتلام فلا يضر (1) بشي ء منها حتى صوم رمضان

[فصل فيما يحرم على الجنب]
اشارة

فصل فيما يحرم على الجنب و هي أيضا أمور:

[ (الأول) مس خط المصحف]

(الأول) مس خط المصحف (2) على التفصيل الذي

______________________________

مسكين، و عن أبى بصير قال سألت: أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن رجل وضع يده على شي ء من جسد امرأته فأدفق فقال: كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة، و غير ذلك من الأخبار عن المعصومين الأطهار التي يجدها المتتبع في مظانها.

قوله قده: (و اما الاحتلام فلا يضر. إلخ)

بلا خلاف فيه بل الإجماع بقسميه عليه كما في الجواهر، بل في المدارك نقلا عن المنتهى انه قال:

لو احتلم نهارا في رمضان نائما أو من غير قصد لم يفسد صومه و يجوز له تأخير الغسل و لا نعلم فيه خلافا. انتهى ما في المدارك، و الذي يدل عليه من الأخبار ما رواه في الوسائل عن عبد اللّٰه بن ميمون عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال:

ثلاثة لا يفطرن الصائم القي ء و الاحتلام و الحجامة، و عن ابن بكير في حديث قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل يحتلم بالنهار في شهر رمضان يتم يومه كما هو؟ فقال: لا بأس، و عن العيص بن القاسم انه سأل أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ثم يستيقظ ثم ينام قبل أن يغتسل قال:

لا بأس، و عن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السّلام لأي علة لا يفطر الاحتلام الصائم و النكاح يفطر؟ قال: لأن النكاح فعله و الاحتلام مفعول به، و عن إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال سألته عن احتلام الصائم قال فقال: إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينام حتى يغتسل.

قوله قده:

(فصل: فيما يحرم على الجنب و هي أيضا أمور (الأول) مس خط المصحف. إلخ)

أما وجوبه لمس كتابة القرآن فعليه الإجماع من

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 308

مر في الوضوء و كذا مس اسم اللّٰه تعالى (1) و سائر أسمائه و صفاته المختصة و كذا مس أسماء الأنبياء و الأئمة عليهم السلام على الأحوط.

______________________________

العلماء، بل في المعتبر: و هو إجماع فقهاء الإسلام، كما في المنتهى: انه مذهب علماء الإسلام، بل في النهاية انه لا خلاف هنا و ان وقع الخلاف في الحدث الأصغر. انتهى. و يدل عليه مضافا الى الإجماع ظاهر الكتاب و السنة المستفيضة التي تقدم بعضها في حرمة المس مع الحدث الأصغر، كما تقدم جملة من الأبحاث المتعلقة بالمقام فراجع صحيفة 58 من هذا الجزء.

قوله قده: (و كذا مس اسم اللّٰه تعالى. إلخ)

المعروف من كلام الأصحاب التحريم، بل عن الغنية دعوى الإجماع عليه، و عن نهاية الأحكام نفى الخلاف فيه، و عن المنتهى و غيره نسبته إلى الأصحاب، و استدل عليه في المعتبر بموثقة عمار عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال: لا يمس الجنب درهما و لا دينارا عليه اسم اللّٰه، و بظاهر حسنة داود بن فرقد عنه عليه السّلام قال سألته عن التعويذ يعلق على الحائض؟ قال: نعم لا بأس، قال و قال تقرأه و تكتبه و لا تصيبه يدها، و هذه و ان كانت في الحائض إلا ان اشتراك الحائض و الجنب في كثير من الأحكام مما لا يخفى، و عن منصور بن حازم عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال سألته عن التعويذ يعلق على الحائض؟ فقال: نعم إذا كان في جلد أو قصبة حديد، و ذلك لئلا

يستلزم مس الكتابة، هذا و قد استفاد الأصحاب رضوان اللّٰه عليهم من إطلاق الرواية و غيرها من الأدلة عدم اختصاص الحكم بلفظة (اللّٰه) بل يعم كل اسم من أسمائه سبحانه و تعالى المختصة به من أي لغة كانت، و قد الحق جملة من الأصحاب تبعا للشيخين (قده) باسمه سبحانه أسماء الأنبياء و الأئمة (ع) بل عن الغنية إدخالهما في معقد إجماعه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 309

[ (الثاني) دخول مسجد الحرام و مسجد النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم]

(الثاني) دخول مسجد الحرام (1) و مسجد النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم و إن كان بنحو المرور

______________________________

و عن جامع المقاصد نسبته الى كبراء الأصحاب، و عن الطالبية إلى الأصحاب، و عن بعض الى المشهور و لم نقف له على مستند، و لعله مجرد التعظيم و هذا سر تعقيبه المسألة بالاحتياط و اللّٰه العالم.

قوله قده (الثاني: دخول مسجد الحرام. إلخ)

أما وجوبه لدخول المساجد فهو المشهور خلافا لسلار فاختار الكراهية، و المعتمد المشهور للإجماع عليه كما في الغنية و مجمع البرهان، بل في المنتهى: و لا نعرف فيه مخالفا إلا من سلار فإنه كرهه انتهى، و لقوله تعالى (وَ لٰا جُنُباً إِلّٰا عٰابِرِي سَبِيلٍ) المفسرة بالخبر المروي في العلل و بصائر الدرجات عن الباقر عليه السّلام قال: الجنب و الحائض لا يدخلان المسجد إلا مجتازين، إن اللّٰه سبحانه يقول (وَ لٰا جُنُباً إِلّٰا عٰابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا) و قال في مجمع البيان: انه المروي عن الصادق عليه السّلام كما في تفسير على بن إبراهيم، و في كنز العرفان و قيل: المراد و لا تقربوا مواضع الصلاة و هي المساجد، و هو المروي عن الصادق عليه السّلام و هو الحق، كما عن تفسير العياشي انه المروي

عن الباقر عليه السّلام و لما رواه الشيخ في الحسن عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الجنب يجلس في المسجد؟ قال: لا و لكن يمر فيها كلها إلا المسجد الحرام و مسجد الرسول صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم، و ما رواه في الحسن عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر عليه السّلام الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثياب و يقرءان القرآن ما شاءا إلا السجدة و يدخلان المسجد مجتازين و لا يقعدان فيه و لا يقربان المسجدين الحرمين، و ما رواه في الصحيح عن أبي حمزة قال قال جعفر عليه السّلام: إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام و مسجد الرسول صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم فاحتلم فأصابته جنابة فيتيمم و لا يمر في المسجد إلا متيمما، و لا بأس ان يمر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 310

[ (الثالث) المكث في سائر المساجد]

(الثالث) المكث في سائر المساجد بل مطلق الدخول فيها على غير وجه

______________________________

في سائر المساجد، و لا يجلس في شي ء من المساجد، فإنها كما ترى صريحة الدلالة على المطلوب فلا يلتفت الى ما قيل من أن الآية فسّرت بغير هذا المعنى و هو محتمل أيضا لما ذكرنا من تفسير أهل البيت (ع) و هم أحق بالاتباع، إذ هم أدرى بباطنه و خافية، و ما استدل به سلار من الأصل فمعارض بما سمعت من الأخبار، و لا ينافيها ما رواه محمد بن القاسم قال سألت الرضا (ع) عن الرجل الجنب ينام في المسجد؟ قال: يتوضأ و لا بأس أن ينام في المسجد و يمر فيه، لموافقتها مذهب أحمد بن حنبل من العامة فتحمل على

التقية، لأنها متروكة العمل عند الأصحاب غير معمول عليها كما قال غير واحد منا.

و على المختار فلا ريب في جواز الاجتياز في المساجد عدا المسجدين الحرمين و هو مذهب علمائنا أجمع كما في المنتهى، خلافا لما عن الصدوقين و المفيد فالمنع من دخول المساجد إلا اجتيازا و هو يشعر بجواز الاجتياز في المسجدين الحرمين، و يدفعه الآية و الروايات التي سمعت فضلا عن الإجماع، ثم ان المفهوم من قوله تعالى (إِلّٰا عٰابِرِي سَبِيلٍ) و قوله في الأخبار و لكن يمر كما في بعض، و لا بأس أن يمر في المساجد، و لا يجلس في شي ء من المساجد كما في أخرى و يدخلان المسجد مجتازين و لا يقعدان فيه تارة أخرى، نفس المرور و العبور الخالي من اللبث كما هو الصريح منها. و هو يصدق بما يسمى سلوكا و عبورا بحيث لا يكون مترددا غاديا و جائيا، فلا يقيد بالدخول من باب و الخروج من اخرى كما قطع به المحقق الثاني في جامع المقاصد و المقدس الأردبيلي في مجمع البرهان، و ان كان الدخول و الخروج منهما لو وجدا هو الأوفق بالاحتياط، لكن المراد نفس العبور و عدم اللبث، و لا شك ان التردد لا يخلو من لبث و هو محرم فيقتصر على مجرد الاجتياز و ان ظهر من

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 311

المرور، و أما المرور فيها بان يدخل من باب و يخرج من آخر فلا بأس به و كذا

______________________________

فحواها جواز التردد، كما صرح به ما رواه الشيخ في الحسن عن جميل بن دراج عن أبى عبد اللّٰه (ع) قال: للجنب أن يمشى في المساجد كلها و لا يجلس فيها إلا المسجد

الحرام و مسجد النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم، إلا أن الظاهر من لفظ المشي العبور و هو لا يقضى بالتردد و اللّٰه العالم.

و يفهم من الأخبار كما هو صريحها حرمة الاجتياز في المسجدين الحرمين للنهى المراد به التحريم كما هو الحق فيه، و الإجماع المحكى في الغنية و المعتبر و التذكرة و غيرها، و لذا لو احتلم في أحدهما تيمم للخروج وجوبا لما سمعت من الأخبار و الإجماع، و لما رواه في الصحيح عن أبي حمزة عن الصادق عليه السّلام قال: إذا كان الجرل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمم و لا يمر في المسجد إلا متيمما، ثم على المختار من جواز الاجتياز في المساجد إلا ما حرمناه من الاجتياز في المسجدين الحرمين لا يجوز وضع شي ء في شي ء من المساجد للجنب، نعم يجوز له الأخذ منها للإجماع عليه في الغنية و المنتهى و الذخيرة، و لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّٰه بن سنان قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الجنب و الحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟ قال: نعم و لكن لا يضعان في المسجد شيئا، و ما رواه الصدوق في العلل في الصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قال: قلنا له الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال: الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين إن اللّٰه تبارك و تعالى يقول (وَ لٰا جُنُباً إِلّٰا عٰابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا) و يأخذان من المسجد و لا يضعان فيه شيئا، قال زرارة قلت له فما بالهما يأخذان

منه و لا يضعان فيه؟ قال: لأنهما لا يقدران على أخذ ما فيه إلا منه و يقدران على وضع ما بيدهما في غيره، و هما كما ترى فان الظاهر منهما

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 312

الدخول بقصد أخذ شي ء منها فإنه لا بأس به، و المشاهد كالمساجد في حرمة المكث فيها. (1)

[ (الرابع) الدخول في المساجد بقصد وضع شي ء فيها]

(الرابع) الدخول في المساجد بقصد وضع شي ء فيها بل مطلق الوضع فيها و ان كان من الخارج أو في حال العبور.

[ (الخامس) قراءة سور العزائم]

(الخامس) قراءة سور العزائم (2) و هي سورة اقرأ، و النجم، و ألم تنزيل و حم السجدة، و ان كان بعض واحدة منها، بل البسملة أو بعضها بقصد

______________________________

جواز ذلك مطلقا و لو استلزم اللبث كما صرح به الشهيد في المسالك، كما ان الوضع و لو كان من خارج محرما لإطلاق اللفظ القاضي بالعموم و إن اقتصر جماعة من الأصحاب على تحريم الوضع فيما لو دخل إلا أن الأول أحوط و أولى و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و المشاهد كالمساجد في حرمة المكث فيها. إلخ)

تقدم حكم هذه المسألة مفصلا في مبحث حرمة تنجيس المساجد في المجلد الأول من كتابنا هذا صحيفة 473 فمن أرادها فليراجعها، و الذي نختاره في المسألة هو عدم الإلحاق بالمساجد إذ ما ذكر وجها للإلحاق بالمساجد وجه استحساني لا ينهض دليلا على المطلوب و اللّٰه العالم.

قوله قده: (الخامس: قراءة سور العزائم. إلخ)

و ذلك للإجماع عليه من الأصحاب، قال المحقق في المعتبر: و هو مذهب فقهائنا أجمع، و قال العلامة في التذكرة: و اما تحريم العزائم فإجماع أهل البيت (ع) و في المنتهى هو مذهب علمائنا أجمع، و قال الشهيد في الذكرى: و يزيد عليه حرمة قراءة العزائم الأربع إجماعا، و في روض الجنان: و هو إجماع، كما في المدارك: انه المعروف من مذهب الأصحاب، بل في الكفاية: و يحرم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 313

إحداها على الأحوط، لكن الأقوى اختصاص الحرمة بقراءة آيات السجدة منها.

______________________________

عليه قراءة العزائم بلا خلاف. انتهى. و لما رواه الشيخ في الحسن كالصحيح عن محمد بن

مسلم قال قال أبو جعفر عليه السّلام: الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقرءان من القرآن ما شاء إلا السجدة، و رواه الصدوق في علل الشرائع في الصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم، و ما رواه الشيخ في الموثق عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قال: الحائض و الجنب يقرءان شيئا من القرآن؟ قال: نعم ما شاءا إلا السجدة و يذكر ان اللّٰه على كل حال، و روى المحقق في المعتبر عن البزنطي في جامعه عن المثنى عن الحسن الصيقل عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام: انه يجوز للحائض و الجنب ان يقرءا ما شاءا من القرآن إلا سور العزائم الأربع، و هي (اقرأ باسم ربك) و النجم، و تنزيل السجدة، و حم السجدة و هي كما ترى، فان الظاهر منها نفس السجدة، و ان ما عداها من السور يحل كما يعرب عنه قولهم (ع) يقرءان من القرآن ما شاءا، إلا ان الظاهر من الأصحاب تحريم السور الأربع بأسرها، و في السرائر ادعى عليه الإجماع كما في الروض و يحرم عليه قراءة أبعاضها حتى البسملة إذا قصدها منها بل لفظ (بسم) و هو إجماع، و في المنتهى و المختلف و القواعد ان بعضها منها حتى البسملة لو نواها منها، كما في الروضة: و أبعاضها حتى البسملة و بعضها إذا قصدها لأحدها، و نحوه في البيان، و اختاره العلامة العلى الطباطبائي في الرياض، و لعلهم فهموا من الأخبار حذف المضاف فيكون المراد إلا سورة السجدة لأنه كما هو الظاهر المتبادر، و ليس الحجة في الحكم إلا الإجماع فتأمل و عليه فيحرم قراءة اجزائها المختصة بها مطلقا و المشتركة بينها

و بين غيرها لو نواها لها و اللّٰه العالم بحقائق أحكامه.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 314

[ (مسألة 1) من نام في أحد المسجدين و احتلم أو أجنب فيهما]

(مسألة 1) من نام في أحد المسجدين و احتلم أو أجنب فيهما (1) أو في الخارج و دخل فيهما عمدا أو سهوا أو جهلا وجب عليه التيمم للخروج، إلا أن يكون زمان الخروج أقصر من المكث للتيمم فيخرج من غير تيمم، أو كان زمان الغسل فيهما مساويا أو أقل من زمان التيمم فيغتسل حينئذ و كذا حال الحائض و النفساء.

[ (مسألة 2) لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد]

(مسألة 2) لا فرق في حرمة دخول الجنب (2) في المساجد بين المعمور

______________________________

قوله قده مسألة 1: (من نام في أحد المسجدين و احتلم أو أجنب فيهما. إلخ)

لا يخفى أنه بعد ما ثبت بالأخبار المستفيضة المتلوة عليك ان هذين المسجدين أعظم حرمة عند اللّٰه و ان الجواز فيهما كاللبث محرم بحكم العقل بأنه يجب عليه إذا اضطر الى الجواز أو المكث فيهما أن يزيل جنابته حقيقة أو حكما، و الذي تقتضيه القاعدة مع قطع النظر عن صحيح أبي حمزة المروي عن أبى جعفر عليه السّلام و غيره انه يجب عليه الغسل إن تمكن من أن يغتسل في المسجد في زمان يقصر عن زمان الخروج، و لا يزيد عن زمان التيمم، و لم يترتب على غسله تصرف غير سائغ كتنجيس المسجد أو تخريبه، و لو ساوي زمان الغسل زمان الخروج فهو مخير بينهما إذ لم يثبت أهونية أحد الأمرين من الآخر حتى يترجح، و إنما عليه أن يتيمم لأنه أحد الطهورين بشرط أن يقصر زمانه عن زمان الخروج، و إلا يجب عليه الخروج فورا و لا يشرع له التيمم لأنه بالنسبة إلى زمان التيمم معذور في بقائه جنبا، و لا يعقل أن يكون مكلفا بالطهارة في هذا الحين، و المفروض انه متمكن من الخروج من المسجد في

زمان معذوريته، فلا ضرورة له في التطهير حتى يشرع في حقه التيمم، و كذا حال الحائض و النفساء.

قوله قده مسألة 2: (لا فرق في حرمة دخول الجنب. إلخ)

و ذلك

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 315

منها و الخراب و ان لم يصل فيه أحد و لم تبق آثار مسجديته، نعم في مساجد الأراضي المفتوحة عنوة إذا ذهبت آثار المسجدية بالمرة يمكن القول بخروجها عنها لأنها تابعة لآثارها و بنائها.

[ (مسألة 3) إذا عين الشخص في بيته مكانا للصلاة]

(مسألة 3) إذا عين الشخص في بيته (1) مكانا للصلاة و جعله مصلى له لا يجرى عليه حكم المسجد.

[ (مسألة 4) كل ما شك في كونه جزء من المسجد]

(مسألة 4) كل ما شك في كونه جزء من المسجد (2) من صحنه و الحجرات التي فيه و منارته و حيطانه و نحو ذلك لا يجرى عليه الحكم و ان كان الأحوط الاجراء إلا إذا علم خروجه منه.

[ (مسألة 5) الجنب إذا قرأ دعاء كميل الاولى]

(مسألة 5) الجنب إذا قرأ دعاء كميل الاولى و الأحوط أن لا يقرأ منها (أ فمن كان مؤمنا (3) كمن كان فاسقا لا يستون) لأنه جزء من سورة حم السجدة

______________________________

لاستصحاب الأحكام الثابتة له قبل خرابه لما بعده مع إطلاق الأدلة، نعم ما كان محدثا منها في الأرض المفتوحة عنوة المعمورة وقت الفتح فهي باقية لمصالح المسلمين تابعة لآثارها و بنائها فاذا أزيلت الآثار رجعت كما هي أولا قبل المسجدية، فيجري عليها آثار عدم المسجدية بعد خرابها و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 3: (إذا عين الشخص في بيته. إلخ)

و ذلك ان المسجدية موضوع خاص من آثاره الصلاة فيه لا كل مكان صلى فيه و اتخذ للصلاة فيه لجهة من الجهات صار مسجدا كما يظهر ذلك من الأدلة.

قوله قده مسألة 4: (كل ما شك في كونه جزءا من المسجد. إلخ)

إذ المسجدية أمر حادث يحتاج ثبوته الى دليل ما لم يكن هناك ظهور في لحوقه و هذا هو وجه الاحتياط الذي أشار إليه بقوله: و ان كان الأحوط الاجراء.

قوله قده مسألة 5: (الجنب إذا قرأ دعاء كميل الأولى و الأحوط أن لا يقرأ منها أ فمن كان مؤمنا. إلخ)

بناءا على ان المحرم السورة بأجمعها

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 316

و كذا الحائض، و الأقوى جوازه لما مر من أن المحرّم قراءة آيات السجدة لا بقية السورة.

[ (مسألة 6) الأحوط عدم إدخال الجنب في المسجد]

(مسألة 6) الأحوط عدم إدخال الجنب في المسجد (1) و إن كان صبيا أو مجنونا أو جاهلا بجنابة نفسه.

[ (مسألة 7) لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد]

(مسألة 7) لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد (2) في حال جنابته بل الإجارة فاسدة و لا يستحق اجرة، نعم لو استأجره مطلقا و لكنه كنس في حال جنابته و كان جاهلا بأنه جنب أو ناسيا استحق الأجرة بخلاف ما إذا كنس عالما فإنه لا يستحق لكونه حراما و لا يجوز أخذ الأجرة على العمل المحرم و كذا الكلام في الحائض و النفساء، و لو كان الأجير جاهلا أو كلاهما جاهلين في الصورة الأولى أيضا يستحق الأجرة لأن متعلق الإجارة و هو

______________________________

و أبعاضها لا خصوص آية السجدة، و قد مر الكلام فيها فيما يحرم على الجنب فراجع.

قوله قده مسألة 6: (الأحوط عدم إدخال الجنب في المسجد. إلخ)

الظاهر أن وجهه هو كونه تسببا الى فعل الحرام، و قد تقدم الكلام فيه في أحكام النجاسات من الجزء الأول صحيفة 454 فراجع.

قوله قده مسألة 7: (لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد.

إلخ)

الذي تقتضيه الأدلة في المسألة هو استحقاقه للأجرة فيما لو وقعت الإجارة على الكنس، سواء كانت في حال جنابته أو مطلقا، عالمين بالجنابة أو جاهلين بها أو مختلفين، كنس في حال جنابته أم في غير تلك الحال، و لا منافاة بين العلم بالحرمة في بعض صور المسألة و استحقاقه للأجرة، و كذا الكلام في الحائض و النفساء، نعم لو كانت الإجارة على الدخول أو المكث للجنب و أخويه كانت الإجارة فاسدة و لا يستحق الأجرة إذ لا صحيح لهذا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 317

الكنس لا يكون حراما و إنما الحرام الدخول و المكث فلا

يكون من باب أخذ الأجرة على المحرم، نعم لو استأجره على الدخول أو المكث كانت الإجارة فاسدة و لا يستحق الأجرة و لو كانا جاهلين لأنهما محرمان و لا يستحق الأجرة على الحرام، و من ذلك ظهر أنه لو استأجر الجنب أو الحائض أو النفساء للطواف المستحب كانت الإجارة فاسدة و لو مع الجهل، و كذا لو استأجره لقراءة العزائم فإن المتعلق فيهما هو نفس الفعل المحرم بخلاف الإجارة للكنس فإنه ليس حراما و إنما المحرم شي ء آخر و هو الدخول و المكث فليس نفس المتعلق حراما.

[ (مسألة 8) إذا كان جنبا و كان الماء في المسجد]

(مسألة 8) إذا كان جنبا و كان الماء في المسجد يجب عليه ان يتيمم (1) و يدخل المسجد لأخذ الماء أو الاغتسال فيه و لا يبطل تيممه لوجدان هذا الماء إلا بعد الخروج أو بعد الاغتسال و لكن لا يباح بهذا التيمم إلا دخول

______________________________

الصنف و هو الإجارة على الحرام يستحق فيه الأجرة ليستحقها في الفاسد منه بقاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و مثله ما لو استأجر الجنب و أخويه للطواف المستحب كانت الإجارة فاسدة و لو مع الجهل بجنابته و لا يستحق أجرة، إذ ليس الطواف المستحب إلا الكون في المسجد على هيئة خاصة، و مثله لو استأجره لقراءة العزائم لما ذكره (قده) من العلة بأن نفس المتعلق فيهما محرم فلا مدخل للعلم و الجهل بذلك و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 8: (إذا كان جنبا و كان الماء في المسجد يجب عليه أن يتيمم. إلخ)

لم أقف على من حرر هذا الفرع قبله (قده) ليعلم رأي الأصحاب فيه، و الذي يقتضيه عاجل النظر فيه هو أن يقال: ان كان أخذ الماء مما عدا المسجدين الحرمين فهو لا يحتاج

الى التيمم بعد ما علم عن قريب من جواز الأخذ للجنب منها بدون قيد التيمم، بل لم يعلم مشروعية التيمم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 318

المسجد و اللبث فيه بمقدار الحاجة فلا يجوز له مس كتابة القرآن و لا قراءة العزائم إلا إذا كانا واجبين فورا.

[ (مسألة 9) إذا علم إجمالا جنابة أحد الشخصين]

(مسألة 9) إذا علم إجمالا جنابة أحد الشخصين لا يجوز له (1) استئجارهما و لا استئجار أحدهما لقراءة العزائم أو دخول المساجد أو نحو ذلك ما يحرم على على الجنب.

[ (مسألة 10) مع الشك في الجنابة لا يحرم شي ء من المحرمات المذكورة]

(مسألة 10) مع الشك في الجنابة لا يحرم شي ء (2) من المحرمات المذكورة إلا إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة.

______________________________

لذلك، بل هو تشريع محرم إلا أن نقول بمشروعية التيمم لكل ما يشرع له الوضوء، و ليس القول به بكل البعيد، و ان كان الأخذ من أحد المسجدين الحرمين فقد تقدم انه لا يجوز دخولهما للجنب مطلقا، فعليه لو انحصر الماء فيهما كان كما لو انحصر الماء في المكان المغصوب يكون فاقدا للماء حكما، إذ صيرورة الحرام مقدمة للواجب لا يصيره مباحا أو واجبا، فعليه يسقط الكلام في هذا الفرع و لوازمه من قوله (قده) و لا يبطل تيممه لوجدان هذا الماء. إلخ.

قوله قده مسألة 9: (إذا علم إجمالا جنابة أحد الشخصين لا يجوز له.

إلخ)

و ذلك لمنجزية العلم الإجمالي كالتفصيلي، و اما الاجيران فيتسحقان الأجرة إلا من علم بجنابة نفسه، و اما مع جهلهما فلا دليل على حرمة الإجارة عليهما لا تكليفا و لا وضعا و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 10: (مع الشك في الجنابة لا يحرم شي ء. إلخ)

لأصالة البراءة مع استصحاب الطهارة، نعم و لو كانت حالته السابقة هي الجنابة و شك في ارتفاعها و بقائها تستصحب الحالة السابقة فيحرم عليه ما يحرم على الجنب و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 319

[فصل فيما يكره على الجنب]
اشارة

فصل فيما يكره على الجنب و هي أمور:

[ (الأول) الأكل و الشرب]

(الأول) الأكل و الشرب (1) و يرتفع كراهتهما بالوضوء أو غسل اليدين و المضمضة و الاستنشاق أو غسل اليدين فقط.

[ (الثاني) قراءة ما زاد على سبع آيات من القرآن]

(الثاني) قراءة ما زاد على سبع آيات من القرآن (2) ما عدا العزائم و قراءة ما زاد على السبعين أشد كراهة.

______________________________

قوله قده (فصل: فيما يكره على الجنب و هو أمور: (الأول) الأكل و الشرب. إلخ)

على المشهور بل عن الغنية دعوى الإجماع عليه، و عن التذكرة انه مذهب علمائنا، و يدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبى عبد اللّٰه قال قلت للصادق عليه السّلام أ يأكل الجنب قبل أن يتوضأ؟

قال: إنا لنكسل و لكن ليغسل يده و الوضوء أفضل، و ما رواه السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: لا يذوق الجنب شيئا حتى يغسل يديه و يتمضمض فإنه يخاف منه الوضح، و في الفقه الرضوي قال: إذا أردت أن تأكل على جنابتك فاغسل يديك و تمضمض و استنشق ثم كل و اشرب- الى ان قال- إذا أكلت أو شربت قبل ذلك أخاف عليك البرص، و في رواية الحسن بن زياد عن الصادق عليه السّلام عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث المناهي قال:

نهى رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم عن الأكل على الجنابة، و قال: انه يورث الفقر و غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتبع.

قوله قده (الثاني: قراءة ما زاد على سبع آيات من القرآن. إلخ)

اما العزائم فيحرم قراءتها مطلقا كما تقدم الكلام فيها مفصلا، و أما كراهة ما زاد على السبع فالظاهر انه هو القول المشهور كما في الحدائق، و عن ابن البراج انه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 320

[ (الثالث) مس ما عدا خط المصحف]

(الثالث) مس ما عدا خط المصحف من الجلد و الأوراق (1) و الحواشي و ما بين السطور.

______________________________

لم يجز الزيادة على ذلك،

و عن سلار تحريم القراءة مطلقا، نقل ذلك عنهما في الدروس و الذكرى، و نقل في المنتهى و السرائر عن بعض الأصحاب تحريم ما زاد على سبعين، و الأقوى ما عليه المشهور أعنى جواز القراءة مطلقا، بل عن المرتضى و الشيخ و المحقق في المعتبر دعوى الإجماع عليه، للأخبار المعتبرة المستفيضة، منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن الفضيل ابن يسار عن الباقر عليه السّلام قال: لا بأس أن تتلو الحائض و الجنب القرآن، و منها صحيحة زرارة عن الباقر عليه السّلام قال قلت له الحائض و الجنب هل يقرءان من القرآن؟ قال: نعم ما شاءا إلا السجدة و يذكران اللّٰه على كل حال، و منها موثقة ابن بكير قال سألت الصادق عليه السّلام عن الجنب يأكل و يشرب و يقرأ القرآن؟ قال: نعم يأكل و يشرب و يذكر اللّٰه عز و جل ما شاء إلا السجدة، و منها صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام: الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقرءان من القرآن ما شاءا إلا السجدة الحديث، و منها صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام عن قراءة القرآن للحائض و الجنب و الرجل يتغوط فقال عليه السّلام يقرؤون ما شاءوا، و منها حسنة إبراهيم عن زيد الشحام عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال: تقرأ الحائض القرآن و النفساء و الجنب أيضا، و من هذا و نحوه تعرف وجه المشهور من القول بالكراهة، و لا يقاومه ما استدل به للأقوال الأخر المتلوة عليك لإمكان حملها على محامل لا يأباه القول المشهور و اللّٰه العالم.

قوله قده (الثالث: مس ما عدا خط المصحف من الجلد و الأوراق. إلخ)

و هو

مذهب الشيخين و أتباعهما، و هو الذي يقتضيه الجمع بين ظاهر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 321

[ (الرابع) النوم إلا أن يتوضأ أو يتيمم]

(الرابع) النوم إلا أن يتوضأ (1) أو يتيمم إن لم يكن له الماء بدلا عن الغسل

______________________________

رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن ابى الحسن عليه السّلام قال: المصحف لا تمسه على غير طهور و لا جنبا و لا تمس خطه و لا تعلقه، التي استدل بها المرتضى على المنع و بين صريح الخبر الصادقي عليه السّلام قال: لابنه إسماعيل يا بني اقرأ المصحف فقال: انى لست على وضوء فقال: لا تمس الكتابة و مس الورق، و الموثق المروي في الكافي و التهذيب عن الصادق عليه السّلام عمن قرأ المصحف و هو على غير وضوء قال: لا بأس و لا يمس الكتاب، و الرضوي عليه السّلام: و لا تمس القرآن إذ كنت جنبا أو على غير وضوء و مس الأوراق، التي هي مؤذنة بالجواز فتكون قرينة على حمل النهي في رواية إبراهيم على الكراهة لمناسبة التعظيم إلا ما قام الدليل عليه بالحرمة و هو الخط، و تتم الكراهة في غير ما تضمنتها هذه الأخبار و هو الورق من الهامش و ما بين السطور و الجلد بعدم القول بالفصل و اللّٰه العالم.

قوله قده (الرابع: النوم إلا أن يتوضأ. إلخ)

على المشهور بل نقل غير واحد الإجماع عليه، و يدل عليه مضافا الى ذلك صحيحة عبد الرحمن بن ابى عبد اللّٰه قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل يواقع أهله أ ينام على ذلك؟

قال: إن اللّٰه يتوفى الأنفس في منامها، و لا يدرى ما يطرقه من البلية، إذا فرغ فليغتسل، و يدل عليه أيضا ما عن الصدوق في العلل:

بسنده عن أبى بصير عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن آبائه (ع) عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: لا ينام المسلم و هو جنب، و لا ينام إلا على طهور، فان لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد، و هذه الرواية ظاهرها الحرمة، و لكنه يتعين حملها على الكراهة جمعا بينها و بين الأخبار المصرحة بالكراهة و الرخصة، و يدل على

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 322

[ (الخامس) الخضاب رجلا كان أو امرأة]

(الخامس) الخضاب رجلا كان أو امرأة و كذا يكره (1) للمختضب قبل أن يأخذ اللون إجناب نفسه.

______________________________

كراهة النوم و ارتفاعها بالوضوء صحيحة عبد اللّٰه بن على الحلبي قال سئل أبو عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل، أ ينبغي له أن ينام و هو جنب؟ فقال: يكره ذلك حتى يتوضأ، و مقتضى ظاهرها ارتفاع الكراهة بالمرة و لا ينافيه أفضلية الغسل كما يدل عليها موثقة سماعة قال سألته عن الجنب يجنب ثم يريد النوم قال: ان أحب أن يتوضأ فليفعل و الغسل أحب الىّ و أفضل من ذلك، و ان هو نام و لم يتوضأ و لم يغتسل فليس عليه شي ء، و يدل على جواز النوم و عدم حرمته مضافا الى أغلب الأخبار المتقدمة، صحيحة سعيد الأعرج عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال: ينام الرجل و هو جنب و تنام المرأة و هي جنب.

قوله قده (الخامس: الخضاب رجلا كان أو امرأة و كذا يكره. إلخ)

للأخبار المستفيضة. منها: رواية عامر بن جذاعة عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال سمعته يقول: لا يختضب الحائض و لا الجنب، و لا تجنب و عليها خضاب، و لا يجنب هو و عليه خضاب، و لا يختضب و هو جنب، و عن

كردين المسمعي قال سمعت أبا عبد اللّٰه (ع) يقول: لا يختضب الرجل و هو جنب، و لا يجنب و هو مختضب، و عن كتاب العياشي عن على بن موسى قال: يكره أن يختضب الرجل و هو جنب، و قال: من اختضب و هو جنب أو أجنب في خضابه لم يؤمن أن يصيبه الشيطان بسوء، و عن جعفر بن محمد (ع) قال:

لا تختضب و أنت جنب، و لا تجنب و أنت مختضب، و لا الطامث فان الشيطان يحضر هما عند ذلك، و لا بأس به للنفساء، و عن جعفر بن محمد بن يونس ان أباه كتب الى ابى الحسن الأول (ع) يسأله عن الجنب يختضب أو يجنب و هو مختضب؟ فكتب (ع): لا أحب.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 323

[ (السادس) التدهين]

(السادس) التدهين. (1)

[ (السابع) الجماع]

(السابع) الجماع إذا كان جنابته بالاحتلام (2).

[ (الثامن) حمل المصحف]

(الثامن) حمل المصحف.

[ (التاسع) تعليق المصحف]

(التاسع) تعليق المصحف. (3)

______________________________

و يظهر من بعض الروايات انه ترتفع الكراهة بما إذا صبر حتى إذا أخذ الحناء مأخذه فله أن يجنب حينئذ، كما في خبر أبى سعيد قال قلت لأبي إبراهيم (ع) أ يختضب الرجل و هو جنب؟ قال: لا، قلت فيجنب و هو مختضب؟ قال: لا، ثم مكث قليلا قال: يا أبا سعيد ألا أدلك على شي ء تفعله؟ قلت: بلى، قال: إذا اختضبت بالحناء و أخذ الحناء مأخذه و بلغ فحينئذ فجامع، ثم ان مقتضى ظاهر النهي في أغلب هذه الأخبار الحرمة و لكنه يتعين حملها على الكراهة للأخبار الكثيرة المستفيضة المصرحة بالجواز. منها: موثقة سماعة قال سألت العبد الصالح (ع) عن الجنب و الحائض يختضبان؟ قال: لا بأس، و رواية أبي جميل عن ابى الحسن الأول (ع) قال: لا بأس بأن يختضب الجنب أو يجنب المختضب و يطلي بالنورة، و عن السكوني عن ابى عبد اللّٰه (ع) قال: لا بأس أن يختضب الرجل و يجنب و هو مختضب، و عن الحلبي عن الصادق (ع) قال: لا بأس أن يختضب الرجل و هو جنب على بعض النسخ، و بعضها يحتجم بدل يختضب، و اللّٰه العالم.

قوله قده (السادس: التدهين. اه)

لخبر حريز المروي في الوسائل عن الكافي قال حريز قلت لأبي عبد اللّٰه (ع) الجنب يدّهن ثم يغتسل؟

قال: لا.

قوله قده (السابع: الجماع إذا كانت جنابته بالاحتلام. اه)

رواه في البحار في باب وجوب غسل الجنابة عن الفقه الرضوي.

قوله قده (الثامن: حمل المصحف، و التاسع: تعليقه. اه)

الظاهر أن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 324

[فصل غسل الجنابة مستحب نفسي و واجب غيري]
اشارة

فصل غسل الجنابة مستحب نفسي (1) و واجب غيري للغايات الواجبة و مستحب غيري

______________________________

مستند الحكمين هو ما يستفاد من النهى عن

تعليقه في خبر إبراهيم الذي تقدم ذكره في الأمر الثالث مما يكره للجنب.

قوله قده (فصل: غسل الجنابة مستحب نفسي. إلخ)

أما استحبابه النفسي فيدل عليه بعد الآية الشريفة (ان اللّٰه يحب التوابين و يحب المتطهرين) الأخبار الآمرة بالطهور و ان لم يرد فعل أى موجب من موجباته، واجبة كانت أو مستحبة مثل ما رواه في الوسائل من حديث الزنديق مع أبى عبد اللّٰه الصادق (ع) إذ قال للصادق أخبرني عن المجوس كانوا أقرب الى الصواب في دينهم أم العرب؟ قال عليه السلام العرب في الجاهلية كانت أقرب الى الدين الحنيفي من المجوس، و ذلك ان المجوس كفرت بكل الأنبياء- الى أن قال- و كانت المجوس لا تغتسل من الجنابة، و العرب كانت تغتسل و الاغتسال من خالص شرائع الحنفية الحديث، و مثل ما رواه فيها أيضا عن الحسن بن محبوب عن عبد الرحمن ابن أبى عبد اللّٰه قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن الرجل يواقع أهله أ ينام على ذلك؟ قال: ان اللّٰه يتوفى الأنفس في منامها و لا يدرى ما يطرقه من البلية، إذا فرغ فليغتسل الحديث، و لا يجب لنفسه مطلقا جنابة كان أو غيرها على الأصح لأصالة براءة الذمة و عدم التكليف، و استصحاب الحالة السابقة أعني عدم الوجوب، و عدم التداخل و للنص الزراري الباقرى (ع) المروي في التهذيب و الفقيه قال: إذا دخل الوقت وجب الطهور و الصلاة و لا صلاة إلا بطهور، و الصادقي المروي في الكافي و التهذيب في المرأة يجامعها الرجل فتحيض و هي في المغتسل فتغتسل أم لا؟ قال: قد جاءها ما يفسد الصلاة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 325

للغايات المستحبة و القول بوجوبه

النفسي ضعيف

______________________________

فلا تغتسل، مضافا الى النصوص الدالة على اجزاء الغسل الواحد عن الأسباب المتعددة و الدالة على جواز نوم الجنب و نحوها.

و ذهب جماعة إلى وجوب غسل الجنابة خاصة لنفسه، نظرا إلى إطلاق النصوص الدالة على وجوبه بالجماع و الإنزال كقوله عليه السّلام: إذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم، و قوله عليه السّلام: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، و قوله (ع): إذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل، و هو ضعيف لأنها مقيدة بدلائل أخر. منها مفهوم الشرط في الآية و هي قوله:

(إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا) الى أن قال (وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) و حمل الواو على الاستيناف ضعيف، لأن الأصل فيها العطف كما بيّن في محله، و ظاهر قوله عز من قائل (وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) وسط حكم الجنب بين حكم الوضوء و التيمم المشروطين بالعبادة إجماعا كما نص عليه في الروض فيلزمه إعطاءه حكمهما، لأن المعطوف في حكم المعطوف عليه، و لو لم يكن كذلك لزم تهافت كلامه تعالى اللّٰه عن ذلك، لان المراد من الآية و اللّٰه أعلم (إذا قمتم إلى الصلاة) و كنتم محدثين بالحدث الأصغر فتوضؤا، و لم يذكر الشرط لكونه مفهوما من المقابلة، و انه الغالب من أحوال القائمين إلى الصلاة، و روى في الموثق بل الصحيح على الظاهر عن أبى بكر قال قلت لأبي عبد اللّٰه (ع) قوله تعالى:

(إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ) ما يعنى بذلك إذا قمتم إلى الصلاة؟ قال: إذا قمتم من النوم و عن التبيان كما في مجمع البيان: أجمع المفسرون على ان المراد من الآية إذا قمتم من النوم فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ، و عليه فيكون المراد

من قوله تعالى:

(وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) كما هو الظاهر و اللّٰه العالم: و ان كنتم محدثين بالحدث الأكبر يجب عليكم الطهارة و الصلاة، و ان لم تجدوا في هاتين الحالتين الماء في حال

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 326

و لا يجب فيه قصد الوجوب و الندب، (1) بل لو قصد الخلاف لا يبطل إذا كان مع الجهل بل مع العلم إذا لم يكن بقصد التشريع، و تحقق منه قصد القربة، فلو كان قبل الوقت و اعتقد دخوله فقصد الوجوب لا يكون باطلا و كذا العكس، و مع الشك في دخوله يكفي الإتيان به بقصد القربة لاستحبابه النفسي، أو بقصد أحدى غاياته المندوبة أو بقصد ما في الواقع من الأمر الوجوبي،

______________________________

القيام إلى الصلاة فيتمموا صعيدا طيبا، فان المنساق الى الذهن و المتبادر اليه إنما هو ذلك، لان الآية كما لا يخفى إنما وردت لبيان الطهارات الثلاث، فالوجوب فيها للغير قطعا، مع انه لا وجه لتخصيص ذلك الوجوب النفسي بالجنابة، بل ينبغي عمومه لجميع الأغسال بل لجميع الطهارات، إذ الأحاديث الواردة في نواقض الوضوء و بقية الأغسال و وجوب الاستنجاء و ازالة النجاسات مطلقة أيضا كهذه، مع انهم لا يقولون بوجوبها لنفسها، و لذا قال المحقق: و إخراج غسل الجنابة من دون ذلك تحكم بارد لا وجه له، إذ المستند واحد، و قال في المعتبر: الطهارة تجب عند ما لا يتم إلا بها كالصلاة و الطواف، و لكن لما كان الحدث سبب الوجوب أطلق الوجوب عند حصوله و إن كان وجود المسبب موقوفا على الشرط.

قوله قده: (و لا يجب فيه قصد الوجوب و الندب. إلخ)

لما تقدم في مبحث الوضوء من كفاية قصد القربة، بل لو

قصد الخلاف كما لو قصد الوجوب في المندوب أو الندب في الواجب مع الجهل لم يبطل كما ذكره (قده) لتضمنه قصد القربة و اتيان الفعل للّه عز و جل، و لا يضر الاشتباه في المصداق نعم يشكل ما ذكره (قده) من الإكتفاء بهما مع العلم، إذ لا ينفك ذلك من قصد التشريع، نعم لو أمكن مع ذلك قصد القربة و لم يكن بقصد التشريع تم ما ذكره و لكنه مشكل.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 327

أو الندبي و الواجب فيه بعد النية (1) غسل ظاهر تمام البدن

______________________________

قوله قده: (و الواجب فيه بعد النية. إلخ)

اما اعتبار النية فيه فلأنه عبادة فحاله حال سائر العبادات، فلا بد من وقوعه على وجه القربة إجماعا، و اما غسل تمام ظاهر البدن فإجماعا، قال في المنتهى: و يجب عليه إيصال الماء الى جميع الظاهر من بدنه دون الباطن منه بلا خلاف. انتهى.

و يدل عليه الصحيح الزراري الباقرى عليه السّلام المروي في الكافي: الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله و كثيره فقد أجزأه، و خبر إسحاق بن عمار عن ابى جعفر عليه السّلام عن أبيه ان عليا (ع) قال: الغسل من الجنابة و الوضوء يجزى فيه ما أجزأه من الدهن الذي يبل الجسد، و موثقة زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن غسل الجنابة قال: أفض على رأسك ثلاث أكف و عن يمينك و عن يسارك، إنما يكفيك مثل الدهن، و لا يجزى غسل ما أحاط على البشرة من الشعر و نحوه عن غسلها، بل يجب غسل جميع أجزاء البشرة بنفسها، مع أن جملة من الأخبار كادت تكون صريحة في وجوب إيصال الماء الى جميع أجزاء

البشرة و عدم كفاية غسل ما عليها من الشعر، مثل صحيحة زرارة قال سألت أبا عبد اللّٰه عن غسل الجنابة فقال: تبدأ فتغسل كفيك ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك و مرافقك ثم تمضمض و استنشق، ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الى قدميك، ليس قبله و لا بعده وضوء، و كل شي ء أمسسته الماء فقد أنقيته الحديث، و في موثقة سماعة ثم يفيض الماء على جسده كله، و في مرسلة الفقيه: لأن الجنابة خارجة من كل جسده فلذلك وجب تطهير جسده كله، و صحيحة زرارة: إذا مس جلدك الماء فحسبك، و يدل عليه أيضا الأخبار المستفيضة الآمرة بمبالغة النساء في غسل رءوسهن فان المتبادر منها ليس إلا إرادة الاهتمام في إيصال الماء إلى أصول الشعر التي يجدها المتتبع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 328

دون البواطن منه (1)، فلا يجب غسل باطن العين و الأنف و الاذن و الفم و نحوها،

______________________________

ففي حسنة جميل قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عما تصنع النساء في الشعر و القرون فقال: لم تكن هذه المشطة إنما كن يجمعنه، ثم وصف أربعة أمكنة، ثم قال: يبالغن في الغسل، و صحيحة محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السّلام قال:

حدثتني سلمى خادمة رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم قالت: كان أشعار نساء النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم قرون رءوسهن مقدم رءوسهن، فكان يكفيهن من الماء شي ء قليل، فاما النساء الآن فقد ينبغي لهن أن يبالغن في الماء، و ما روى عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم انه قال:

تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر و انقوا البشرة، و عن

الفقه الرضوي ميز الشعر بأنا ملك عند غسل الجنابة فإنه يروى عن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم تحت كل شعرة جنابة فبلغ الماء تحتها في أصول الشعر كلها، و انظر الى أن لا يبقى شعرة من رأسك و لحيتك إلا و تدخل تحتها الماء، و في الصحيح عن حجر بن زائدة عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام انه قال: من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار.

قوله قده: (دون البواطن منه)

كما هو ظاهر الأخبار، و عن المنتهى و الحدائق نفى الخلاف فيه، و يدل عليه مع أصالة البراءة من الوجوب، مرسلة أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابه قال قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السّلام الجنب، يتمضمض و يستنشق؟ قال: لا إنما يجب الظاهر، و عن الصدوق انه روى عن أبي يحيى عمن حدثه قال قلت لأبي الحسن عليه السّلام الجنب يتمضمض؟ قال:

إنما يجنب الظاهر و لا يجنب الباطن و الفم من الباطن، قال و روى في حديث آخر ان الصادق عليه السّلام قال: في غسل الجنابة ان شئت تتمضمض و تستنشق فافعل، و ليس بواجب لأن الغسل على ما ظهر لا على ما بطن، هذا و ان كان التعليل في بعض الأخبار المذكورة النافية من قوله: إنما يجنب الظاهر مما

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 329

و لا يجب غسل الشعر (1) مثل اللحية بل يجب غسل ما تحته من البشرة و لا يجزى غسله عن غسلها، نعم يجب غسل الشعور الدقاق الصغار المحسوبة جزءا من

______________________________

ينبغي رد علمه إلى قائله سلام اللّٰه عليهم، و مما يدل عليه أيضا ان جميع البواطن مما لا يدخل غسلها تحت قدرة المكلف و

بعض ما يدخل تحت قدرته مثل باطن العين و الأنف يحتاج الى دليل خاص و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و لا يجب غسل الشعر. إلخ)

قال في الحدائق: السادس المفهوم من كلام الأصحاب (رضوان اللّٰه عليهم) تصريحا في مواضع و تلويحا في اخرى: انه لا يجب غسل شعر الجسد كائنا ما كان خفيفا كان أو كثيفا، نعم يجب تخليله لإيصال الماء الى ما تحته، و ظاهر المعتبر و الذكرى الإجماع على الحكم المذكور و ربما ظهر من عبارة المقنعة الخلاف في ذلك حيث قال:

و إذا كان الشعر مشدودا حلته، إلا ان الشيخ (رحمه اللّٰه) في التهذيب حملها على ما إذا لم يصل الماء إلى أصول الشعر إلا بعد حله، و اما مع الوصول فلا يجب ذلك، و استدل بعض الأصحاب على ذلك بأصالة العدم مما لم يرد الأمر بالتكليف به، إذ قصارى ما تدل عليه الأخبار الأمر بغسل الجسد و الشعر لا يسمى جسدا، و صحيحة الحلبي عن رجل عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام عن أبيه عن على قال: لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة.

و للنظر في ذلك مجال أما (أولا) فلمنع خروجه من الجسد و لو مجازا، كيف و هم قد حكموا بوجوب غسله في يدي الوضوء كما تقدم، معللين ذلك تارة بدخوله في محل الفرض، و اخرى بأنه من توابع اليد، و حينئذ فإذا كان داخلا في اليد بأحد الوجهين المذكورين و اليد داخلة في الجسد كان داخلا في الجسد البتة، و لو سلم خروجه عن الجسد فلا يخرج عن الدخول في الرأس و الجانب الأيمن و الأيسر المعبر بها في جملة من الأخبار.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 330

البدن

مع البشرة، و الثقبة التي في الاذن أو الأنف للحلقة، ان كانت ضيقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها، و ان كانت واسعة بحيث تعد من الظاهر وجب غسلها

______________________________

و اما (ثانيا) فلأنه لا يلزم من عدم النقض في صحيحة الحلبي عدم وجوب الغسل لإمكان الزيادة في الماء حتى يروى كما في حسنة الكاهلي عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام في المرأة التي في رأسها مشطة حيث قال عليه السّلام: فإذا أصابها الغسل بقذر، مرها ان تروى رأسها من الماء و تعصره حتى يروى فإذا روى فلا بأس عليها. الحديث.

و اما (ثالثا) فلما روى في صحيحة حجر بن زائدة عن الصادق عليه السّلام انه قال: من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار، و التأويل بالحمل على ان المراد بالشعرة ما هو قدرها من الجسد، لكونه مجازا شائعا كما ذكروا و ان احتمل، إلا انه خلاف الأصل فلا يصار اليه إلا بدليل، إذ وجوب غسل الجسد كملا في الغسل و عدم صحته إلا بذلك مما تكفلت به الاخبار المستفيضة، و يزيد ذلك بيانا و تأكيدا، ما روى عنه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم مرسلا من قوله تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر و انقوا البشرة، و ما ورد في حسنة جميل قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عما تصنع النساء في الشعر و القرون؟ فقال:

لم تكن هذه المشطة إنما كن يجمعنه، ثم وصف أربعة أمكنة، ثم قال: يبالغن في الغسل، و صحيحة محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السّلام قال: حدثتني سلمى خادمة رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم قالت: كان أشعار نساء النبي صلّى اللّٰه عليه و

آله و سلم قرون رءوسهن مقدم رءوسهن فكان يكفيهن من الماء شي ء قليل، فاما النساء الآن فقد ينبغي لهن أن يبالغن في الماء، و من ثم قوى بعض مشايخنا المحققين من متأخر المتأخرين وجوب غسله قائلًا بعد الطعن في أدلة المشهور: انه ان ثبت إجماع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 331

[و له كيفيتان]
اشارة

و له كيفيتان

[ (الأولى) الترتيب]

(الأولى) الترتيب و هو أن يغسل الرأس (1) و الرقبة أو لا ثم الطرف

______________________________

فعليه المعتمد في الفتوى، و إلا فوجوب غسل الشعر كما هو الموافق للاحتياط و التقوى هو الأقوى، و الى ذلك أيضا يميل كلام شيخنا البهائي (عطر اللّٰه مرقده) في الحبل المتين، و العجب من شيخنا الشهيد الثاني (رحمه اللّٰه) في شرح الألفية حيث قال- بعد أن صرح بعدم وجوب غسل الشعر إلا أن يتوقف عليه غسل البشرة- ما لفظه: و الفرق بينه و بين شعر الوضوء النص. انتهى، فانا لم نقف على نص في هذا الباب و لا نقله ناقل من الأصحاب سوى ما ذكرنا هنا من الأخبار، و هي ان لم تدل على غسل الشعر فلا أقل ان لا تدل على عدمه، و اما في الوضوء فغاية ما تمسكوا به بالنسبة إلى شعر الوجه دخوله فيما يواجه به، و بالنسبة إلى اليد فبدعوى التبعية و التغليب لاسم اليد على جميع ما عليها كما عرفت، و بالجملة انه لا دليل لهم في الفرق إلا الإجماع ان تم. انتهى كلام صاحب الحدائق (طاب ثراه و جعل الجنة مقره و مثواه) و ما ذكره هو الحق و الحق أحق أن يتبع، إذ ليس في هذه الأخبار على استفاضتها ما يدل صراحة على نفى غسل الشعر مع عموم الابتلاء به، بل فيها ظهور ان لم نقل صراحة في وجوب غسله و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و له كيفيتان (الأولى) الترتيب و هو أن يغسل الرأس.

إلخ)

لا يخفى انه يجب في الغسل الترتيبي تقديم غسل الرأس على البدن إجماعا كما عن الخلاف و الانتصار و التذكرة و الغنية و غيرها، للصحاح المستفيضة منها: الصادقي المروي

في الكافي من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثم بدا له أن يغسل رأسه لم يجد بدا من اعادة الغسل، و نحوه آخر، و في ثالث المروي في الكافي و التهذيب: سألته عن غسل الجنابة فقال: تبدأ بكفيك فتغسلهما، ثم تغسل فرجك، ثم تصب على رأسك ثلاثا، ثم تصب على

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 332

الأيمن من البدن ثم الطرف الأيسر

______________________________

سائر جسدك مرتين، فما جرى عليه الماء فقد طهر، و الأحوط بل الأقوى تقديم الجانب الأيمن من أصل العنق الى تمام البدن و على الأيسر أيضا كما هو المشهور، و لنقل الشيخ و السيد و ابن زهرة و الحلي و الفاضلين في الخلاف و الانتصار و الغنية و السرائر و التذكرة و المعتبر و المنتهى على وجوبه الإجماع، و عن نهاية الأحكام و الذكرى و الروض الإجماع المركب عليه، و ان كل من أوجب تقديم الرأس أوجب الترتيب بينهما و ان لم يوجبه الصدوقان و الإسكافي لعدم دليل عليه، و فيه مع عدم معلومية النسبة الى من ذكر ان الدليل على ذلك مضافا الى الإجماعات المتقدمة و أصالة بقاء الجنابة و وجوب حصول البراءة اليقينية، الأخبار الدالة على وجوب هذا الترتيب في غسل الميت، منضما إلى المروي في التهذيب عن محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السّلام قال:

غسل الميت مثل غسل الجنب، و المروي في الكافي عن الصادق عليه السّلام ان رجلا سأل الباقر عليه السّلام عن الميت لم يغسّل غسل الجنابة؟ قال: إذا خرجت الروح من البدن خرجت النطفة التي خلق منها بعينها منه كائنا ما كان، صغيرا أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، فلذلك يغسل غسل الجنابة و نحوه

اخبار آخر، و في الحسن الزراري المروي في الكافي و التهذيب، قلت له كيف يغتسل الجنب؟

فقال: ان لم يكن أصاب كفه شي ء غمسها في الماء ثم بدأ بفرجه فأنقاه بثلاث غرف، ثم صب على رأسه ثلاث أكف، ثم صب على منكبه الأيمن مرتين و على منكبه الأيسر مرتين، فما جرى عليه الماء فقد أجزأه، و في الموثق الزراري الباقرى المروي في التهذيب: عن غسل الجنابة قال: أفض على رأسك ثلاث أكف و عن يمينك و عن يسارك، إنما يكفيك مثل الدهن،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 333

و الأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة (1) ثانيا مع الأيمن، و النصف الأيسر مع الأيسر، و السرة و العورة يغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن و نصفهما الأيسر مع الأيسر، و الاولى أن يغسل تمامهما مع كل من الطرفين و الترتيب المذكور شرط واقعي (2) فلو عكس

______________________________

و في الفقه الرضوي: إذا أردت الغسل من الجنابة نصب على رأسك ثلاث أكف و على جانبك الأيمن مثل ذلك و على جانبك الأيسر مثل ذلك، فان المفهوم من الواو في المحاورات في أمثال هذه المقامات الترتيب، و ان لم نقل انها حقيقة فيه لغة.

قوله قده: (و الأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة. إلخ)

وجهه توقف جماعة من الفقهاء في دخولها في الرأس و ان كان دخولها فيه هو مشهور العلماء، و هو الذي يقتضيه ظاهر الحسن الزراري المتقدم الذكر:

ثم صب على رأسه ثلاث أكف ثم على منكبه الأيمن مرتين و على منكبه الأيسر مرتين الحديث.

قوله قده: (و الترتيب المذكور شرط واقعي. إلخ)

اما بين الرأس و الجانبين فهو الذي يقتضيه ما تقدم من نقل الإجماع عليه عن الخلاف و الانتصار

و التذكرة و الغنية و غيرها، و الصحيح المتقدم الصادقي: من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثم بدا له أن يغسل رأسه لم يجد بدا من اعادة الغسل و نحوه آخر، و في ثالث سألته عن غسل الجنابة فقال تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك ثم تصب على رأسك ثلاثا ثم تصب على سائر جسدك مرتين فما جرى عليه الماء فقد طهر.

و أما بين الجانبين فهو الذي تقتضيه الإجماعات المتقدمة الذكر لنقل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 334

و لو جهلا أو سهوا بطل و لا يجب البدأة بالأعلى في كل عضو و لا الأعلى فالأعلى (1)

______________________________

الشيخ و السيد و ابن زهرة و الحلي و الفاضلين على وجوبه الإجماع، و عن نهاية الأحكام و الذكرى و الروض الإجماع المركب عليه، و ان كل من أوجب تقديم الرأس أوجب الترتيب بينهما، و ما تقدم من أصالة بقاء الجنابة و وجوب حصول البراءة اليقينية: الأخبار الدالة على وجوب هذا الترتيب في غسل الميت، منضما إلى المروي في التهذيب عن محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السّلام قال: غسل الميت مثل غسل الجنب الى غيره من نحوه، و يدل عليه أيضا الحسن الزراري المتقدم الذكر المروي في الكافي و التهذيب قلت له كيف يغتسل الجنب، فقال: ان لم يكن أصاب كفه شي ء غمسها في الماء ثم بدأ بفرجه فأنقاه بثلاث غرف، ثم صب على رأسه ثلاث أكف، ثم صب على منكبه الأيمن مرتين و على منكبه الأيسر مرتين، فما جرى عليه الماء فقد أجزأه و كذلك ما تقدم من الموثق الزراري الباقرى المروي في التهذيب:

عن غسل الجنابة، و ما تقدم من الفقه الرضوي فراجع.

و

اما ان ذلك شرط واقعي فلو عكس و لو جهلا أو نسيانا بطل فهو الذي يقتضيه إطلاق الأدلة، و كونه شرط ذكري يحتاج الى دليل و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و لا يجب البدأة بالأعلى في كل عضو و لا الأعلى فالأعلى.

إلخ)

كما هو ظاهر إطلاق جملة من عبارات فقهائنا (رضوان اللّٰه عليهم) و ادعى عليه الشهرة، بل ادعى عليه الإجماع، و قد تمسك له جملة من المتأخرين بالإطلاقات مثل قول الرضا عليه السّلام في رواية أحمد بن محمد بن ابى نصر: ثم أفض على رأسك و سائر جسدك، و ما رواه في التهذيب عن زرارة قال سألت

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 335

و لا الموالاة (1) العرفية بمعنى التتابع و لا بمعنى عدم الجفاف فلو غسل رأسه و رقبته في أول النهار و الأيمن في وسطه، و الأيسر في آخره صح.

______________________________

أبا جعفر عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال: أفض على رأسك ثلاث أكف و عن يمينك و يسارك، إنما يكفيك مثل الدهن، و استدل آخرون بالأصل، و معلوم انه لا وجه له مع الإطلاقات المذكورة، فعلى هذا يجوز أن يبتدئ بغسل الرأس من أصل العنق فينتهي إلى قمة الرأس، و ان يبتدئ من طرفه الأيمن أو الأيسر أو غير ذلك من الجهات، و يجوز أن يغسل متفرقا و ان يبتدئ بغسل الأيمن من رجله الى المنكب، و من المنكب إلى الأسفل، و من شي ء مما بين العضوين فينتهي الى أحد الطرفين المذكورين، و كذلك في الطرف الأيسر.

نعم يشكل الأخذ بالإطلاقات المذكورة مع ما تضمنه حسنة زرارة:

ثم صب على رأسه ثلاث أكف ثم صب على منكبه الأيمن مرتين و على منكبه الأيسر مرتين، و قوله

في صحيحة زرارة: ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الى قدميك، حيث اعتبر المنكبين في الأولى و هما أعلى الجانبين و جعل القرن في الثانية مدخول (من) التي هي لابتداء الغاية و القدمين مدخول (إلى) التي هي لانتهاء الغاية فالأحوط البدأة بالأعلى في كل عضو و الأعلى فالأعلى حتى ينتهى الغسل.

قوله قده: (و لا الموالاة. إلخ)

للأصل و الإجماع و النصوص، قال في الحدائق: الظاهر انه لا خلاف في عدم وجوب الموالاة بشي ء من التفسيرين المتقدمين في الوضوء، و يدل عليه ما تقدم عليه في صحيحة محمد ابن مسلم الواردة في قضية أم إسماعيل، و حسنة إبراهيم اليماني عن الصادق عليه السّلام قال: ان عليا عليه السّلام لم ير بأسا بأن يغسل الرجل رأسه غدوة و يغسل سائر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 336

و كذا لا يجب الموالاة في أجزاء عضو واحد (1) و لو تذكر بعد الغسل ترك جزء من أحد الأعضاء رجع و غسل ذلك الجزء فان كان في الأيسر كفاه ذلك و ان كان في الرأس أو في الأيمن وجب غسل الباقي على الترتيب، و لو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات (2) مع مراعاة الترتيب.

[ (الثانية) الارتماس]

(الثانية) الارتماس (3) و هو غمس تمام البدن في الماء دفعة واحدة عرفية

______________________________

جسده عند الصلاة، و في صحيحة حريز المتقدمة في مسألة الموالاة في الوضوء:

و ابدأ بالرأس ثم أفض على سائر جسدك، قلت و ان كان بعض يوم؟ قال:

نعم، و ما ورد في الفقه الرضوي حيث قال عليه السّلام و لا بأس بتبعيض الغسل تغسل يديك و فرجك و رأسك و تؤخر غسل جسدك الى وقت الصلاة، ثم تغسل إن أردت ذلك، إلا أن

الأصحاب صرحوا باستحبابها هنا و لم يفسروها بشي ء من المعنيين المتقدمين، و لم يرد على ذلك نص في المقام، انتهى كلامه رفع مقامه.

قوله قده: (و كذا لا يجب الموالاة في اجزاء عضو واحد. إلخ)

و ذلك للإطلاقات المتقدمة الذكر.

قوله قده: (و لو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات. إلخ)

و ذلك قضاءا لحق العلم الإجمالي.

قوله قده: (الثانية: الارتماس. إلخ)

يسقط الترتيب مطلقا حتى بين الرأس و البدن بارتماسة واحدة عرفية، بحيث يشمل جميع البدن بالانغماس فيه إجماعا، بل قيل نفى الخلاف فيه، و للصحيحين المرويين في التهذيب عن زرارة عن الصادق عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال: تبدأ- الى أن قال- و لو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 337

و اللازم أن يكون تمام البدن تحت الماء في آن واحد و ان كان غمسه على التدريج فلو خرج بعض بدنه قبل أن ينغمس البعض الآخر لم يكف كما إذا خرجت رجله أو دخلت في الطين قبل أن يدخل رأسه في الماء أو بالعكس بان خرج رأسه من الماء قبل أن تدخل رجله، و لا يلزم أن يكون تمام بدنه أو معظمه خارج الماء (1)، بل لو كان بعضه خارجا فارتمس كفى، بل لو كان تمام بدنه تحت الماء فتوى الغسل و حرك بدنه كفى على الأقوى، و لو تيقن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه وجبت الإعادة و لا يكفى غسل ذلك الجزء فقط، و يجب تحليل

______________________________

أن رجلا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك و ان لم يدلك جسده، و عن الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله، و نحوه الصادقي المروي في الكافي:

الرجل يجنب فيرتمس في الماء ارتماسة واحدة و يخرج يجزيه ذلك من غسله؟ قال: نعم، و الخبر: إذا اغتمس الجنب في الماء اغتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله، و المرجع في المذكورة إلى العرف، لأنه هو المحكّم فيما لم يرد من الشارع بيانه فلا ينافيها توقف إيصال الماء على تحليل ما يعتبر تخليله من الشعر و نحوه من تحريك الخاتم، لأن كثيرا من الناس لا يخلون من كثافة الشعر و العكنة في البطن و أمثالهما مما يتوقف إيصال الماء الى ظاهر جميع البدن على تخليل، لعدم منافاة ذلك التخليل صدق الارتماس عرفا، و لأن الأخبار يجب حملها على الأفراد الغالبة الشائعة دون النادرة.

قوله قده: (و لا يلزم أن يكون تمام بدنه أو معظمه خارج الماء. إلخ)

لا يخفى ان القدر المتيقن إرادته من الأخبار بحيث لا يعتريه شبهة إنما هو كفاية احداث الارتماس بان كان خارج الماء فأحدث هذا الفعل التدريجي

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 338

الشعر إذا شك في وصول الماء إلى البشرة التي تحته، و لا فرق في كيفية الغسل بأحد النحوين بين غسل الجنابة و غيره (1) من سائر الأغسال الواجبة و المندوبة، نعم في غسل الجنابة لا يجب الوضوء، بل لا يشرع بخلاف سائر الأغسال كما سيأتي ان شاء اللّه (2).

______________________________

الحصول، و كذا خص بعضهم كفايته بمثل الفرض، لا إذا نوى الغسل و هو في الماء و لو في الجملة.

قوله قده: (بين غسل الجنابة و غيره. إلخ)

لا يخفى ان إجزاء الارتماس عن الترتيب إنما ورد في الجنابة فقط، و الأصحاب لم يفرقوا بينها و بين غيرها و حكوا الإجماع على ذلك، و يعضده الباقرى: غسل الميت مثل غسل الجنابة، و

الصادقي: غسل الجنابة و الحيض واحد.

قوله قده: (نعم في غسل الجنابة لا يجب الوضوء بل لا يشرع بخلاف سائر الأغسال كما سيأتي ان شاء اللّه. اه)

اما عدم جواز الوضوء مع غسل الجنابة لا قبله و لا بعده فللإجماع فتوى و نصا، و اما كفاية بقية الأغسال واجبة أو مستحبة عن الوضوء أو عدم كفايتها فقولان معروفان، و الأكثرون و منهم الصدوقان و الشيخان و ابنا زهرة و إدريس و الفاضلان و الشهيدان و غيرهم على عدم كفايتها لعموم قوله تعالى (إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ) الشامل للمغتسل و غيره، و للمرسل الصحيح بناءا على كون مراسيل ابن ابى عمير من قسم الصحيح المروي في الكافي عن ابن أبى عمير عن رجل عن الصادق عليه السّلام قال: كل غسل قبله وضوء الا غسل الجنابة، و فيه ان الآية بعد تسليم عمومها مخصوصة بما يأتي، و الرواية بقصور سندها لعدم ثبوت كون مراسيله في قوة المسانيد كما صرح به المحقق و الشهيد الثاني، مع انه غير صريح في المطلوب كما اعترف به المحقق و العلامة في بحث وضوء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 339

..........

______________________________

الميت قائلين: لا يلزم من كون الوضوء في الغسل أن يكون واجبا، بل من الجائز أن يكون غسل الجنابة لا يجوز فعل الوضوء فيه و غيره يجوز، و لا يلزم من الجواز الوجوب، و تدفعه الصحاح و غيرها من المستفيضة، منها: الصحيح المروي في التهذيب عن محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال: الغسل يجزى عن الوضوء، و أى وضوء أطهر من الغسل!؟ و منها: الموثق المروي في التهذيب عن عمار عن الصادق عليه السّلام عن الرجل إذا

اغتسل عن جنابته أو يوم الجمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟ فقال: لا ليس عليه قبل و لا بعد فقد أجزأه الغسل، و المرأة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل و لا بعد قد أجزأها الغسل، و في آخر: أى وضوء أطهر من الغسل!؟ و في آخر: أى وضوء أنقى من الغسل و أبلغ!؟ و عن أبى الحسن الثالث: لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة و لا غيره، و في المرسل: ان الوضوء قبل الغسل و بعده بدعة، و في آخر: الوضوء بعد الغسل بدعة، و في الباقرى: الوضوء بعد الغسل بدعة، و ما اخترناه مذهب السيد و الإسكافي و جملة ممن تأخر و قوّاه المقدس الأردبيلي و صاحب المدارك، و العمل على المشهور لكونه أحوط، مع ان المرسل المتقدم أوفق بالشهرة مع اعتباره في نفسه، لدعوى جماعة الإجماع على العمل بمراسيله، و ادعاء الكشي إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه، و يعضده ما في الفقه الرضوي: ليس في غسل الجنابة وضوء، و الوضوء في كل غسل ما خلا الجنابة، لأن غسل الجنابة فريضة، و لا تجزى سائر الأغسال عن الوضوء، لأن الغسل سنة و الوضوء فريضة، و لا تجزى سنة عن فرض، و غسل الجنابة و الوضوء فريضتان فاذا اجتمعا فأكبرهما يجزى عن أصغرهما، و إذا اغتسلت لغير

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 340

[ (مسألة 1) الغسل الترتيبي أفضل]

(مسألة 1) الغسل الترتيبي أفضل من الارتماسي. (1)

[ (مسألة 2) قد يتعين الارتماسي]

(مسألة 2) قد يتعين الارتماسي (2) كما إذا ضاق الوقت عن الترتيبي و قد يتعين الترتيبي (3) كما في يوم الصوم الواجب و حال الإحرام و كذا إذا كان الماء لغيره و لم يرض بالارتماس فيه.

______________________________

جنابة فابدأ بالوضوء ثم اغتسل، و لا يجزيك الغسل عن الوضوء، فان اغتسلت و نسيت الوضوء فتوضأ و أعد الصلاة، و في غوالي اللئالي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: كل الأغسال لا بد فيها من الوضوء إلا الجنابة مع الاعتضاد بعموم الآية و الإجماعات و عموم ما دل على وجوب الوضوء بحدوث أحد أسبابه، و أصالة بقاء الحدث، و يمكن حمل الأخبار الأخيرة بتكلف على غسل الجنابة ثم بناءا على المشهور تقديم الوضوء على الغسل أحوط، و هل التقديم مستحب؟

كما عن النهاية و الوسيلة و السرائر و الجامع و المعتبر و موضع من المبسوط و الشرائع و القواعد، و عن الحلي الإجماع عليه، أم واجب؟ كما عن ظاهر الصدوق و المفيد و الحلبيين و جهان، و الأخبار المتقدمة في المقام بين مطلق و مقيد بكونه قبله، و كيف كان فالمحكي عدم الخلاف على انه لا تعلق للوضوء بصحة الغسل، فلو أثم بالتأخير عمدا على القول بالوجوب صح غسله و لزمه الإتيان به لمشروط به من العبادة.

قوله قده مسألة 1: (الغسل الترتيبي أفضل من الارتماسي. اه)

لم أقف على مستند لذلك يطمأن اليه لهذه الأفضلية المدعاة.

قوله قده مسألة 2: (قد يتعين الارتماسي. إلخ)

لما كان أحد فردي الواجب المخير مفوتا للمأمور به تعين عقلا الفرد الآخر للمقدمية لا غير.

قوله قده: (و قد يتعين الترتيبي. إلخ)

و ذلك للمنع الشرعي

العمل الأبقى في شرح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 341

[ (مسألة 3) يجوز في الترتيبي أن يغسل كل عضو من أعضائه الثلاثة بنحو الارتماس]

(مسألة 3) يجوز في الترتيبي أن يغسل كل عضو (1) من أعضائه الثلاثة بنحو الارتماس، بل لو ارتمس في الماء ثلاث مرات مرة بقصد غسل الرأس و مرة بقصد غسل الأيمن و مرة بقصد الأيسر كفى، و كذا لو حرك بدنه تحت الماء ثلاث مرات أو قصد بالارتماس غسل الرأس و حرك بدنه تحت الماء بقصد الأيمن و خرج بقصد الأيسر، و يجوز غسل واحد من الأعضاء بالارتماس و البقية بالترتيب بل يجوز غسل بعض كل عضو بالارتماس و بعضه الآخر بإمرار اليد.

[ (مسألة 4) الغسل الارتماسي يتصور على وجهين]

(مسألة 4) الغسل الارتماسي يتصور على وجهين (2) (أحدهما) أن يقصد الغسل بأول جزء دخل في الماء و هكذا الى الآخر فيكون حاصلا على وجه التدريج (و الثاني) أن يقصد الغسل حين استيعاب الماء تمام بدنه و حينئذ يكون آنيا و كلاهما صحيح و يختلف باعتبار القصد، و لو لم يقصد أحد الوجهين صح أيضا و انصرف الى التدريجي.

[ (مسألة 5) يشترط في كل عضو أن يكون طاهرا حين غسله]

(مسألة 5) يشترط في كل عضو أن يكون طاهرا حين غسله (3) فلو كان

______________________________

من الارتماس للصائم و تغطية الرأس للمحرم فيتعين الفرد الآخر من الواجبين التخييريين.

قوله قده مسألة 3: (يجوز في الترتيبي أن يغسل كل عضو. إلخ)

إذ لم يعتبر في الغسل الترتيبي إلا غسل الأعضاء الثلاثة مرتبا بناءا عليه، و لم يعتبر كيفية خاصة في الغسل.

قوله قده مسألة 4: (الغسل الارتماسي يتصور على وجهين. إلخ)

لا يبعد أن يكون منحصرا في الوجه الأول من الوجهين لصدق انه أخذ في الغسل حين الشروع بأول جزء دخل في الماء و اللّه العالم.

قوله قده مسألة 5: (يشترط في كل عضو أن يكون طاهرا حين غسله. إلخ)

لا يخفى انه اختلفت كلمات علمائنا الأعلام في هذه المسألة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 342

نجسا طهره أولا، و لا يكفى غسل واحد لرفع الخبث و الحدث كما مر في الوضوء و لا يلزم طهارة جميع الأعضاء قبل الشروع في الغسل و إن كان أحوط. (1)

______________________________

موضوعا و حكما كما تجدها مفصلة في كتبهم المطولة، و الذي يحضرني عاجلا ان الحق الحقيق هو ما اختاره المصنف (قده) من اشتراط طهارة كل عضو قبل غسله ان كان الغسل بالماء القليل سواء كانت النجاسة عينية أو حكمية لما هو المعلوم بلا شبهة تعتريه، بل قيام الإجماع بقسميه

عليه هو اشتراط طهارة الماء المغسول به، و إذا كان قليلا كما هو المفروض نجس بمجرد ملاقاته للعضو النجس بالنجاسة الخبثية فلا يقوى على رفع النجاسة الحدثية و اللّه العالم.

قوله قده: (و ان كان أحوط. اه)

خروجا عن خلاف من أوجبه كما هو ظاهر القواعد و جملة من الأصحاب على ما حكاه عنهم في الحدائق، و ذلك لظواهر الأخبار الواردة في كيفية الغسل مثل ما رواه في الوسائل في أبواب الجنابة باب (33) عن يعقوب بن يقطين عن أبى الحسن عليه السّلام قال سألته عن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا فيما نزل به جبرئيل؟ قال: الجنب يغتسل يبدأ فيغسل يديه الى المرفقين قبل أن يغمسهما في الماء ثم يغسل ما أصابه من أذى ثم يصب على رأسه و على وجهه و على جسده كله، ثم قد قضى الغسل و لا وضوء عليه، و في الكتاب المذكور عن ابن أبى نصر قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال: تغسل يدك اليمنى من المرفقين إلى أصابعك و تبول ان قدرت على البول، ثم تدخل يدك في الإناء، ثم اغسل ما أصابك منه، ثم أفض على رأسك و جسدك، و لا وضوء فيه، و في الكتاب المذكور عن أبى بكر الحضرمي عن ابى جعفر عليه السّلام قال: سألته كيف أصنع إذا أجنبت؟ قال: اغسل كفك و فرجك و توضأ وضوء الصلاة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 343

[ (مسألة 6) يجب اليقين بوصول الماء الى جميع الأعضاء]

(مسألة 6) يجب اليقين بوصول الماء الى جميع الأعضاء (1) فلو كان حائل وجب رفعه و يجب اليقين بزواله مع سبق وجوده و مع عدم سبق وجوده يكفي الاطمئنان بعدمه بعد الفحص.

[ (مسألة 7) إذا شك في شي ء أنه من الظاهر أو الباطن]

(مسألة 7) إذا شك في شي ء أنه من الظاهر أو الباطن (2) يجب غسله على خلاف ما مر في غسل النجاسات حيث قلنا بعدم وجوب غسله، و الفرق أن هناك يرجع الى الشك في تنجسه بخلافه هنا حيث ان التكليف بالغسل معلوم فيجب تحصيل اليقين بالفراغ، نعم لو كان ذلك الشي ء باطنا سابقا و شك في أنه صار ظاهرا أم لا؟ فلسبقه بعدم الوجوب لا يجب غسله عملا بالاستصحاب.

______________________________

ثم اغتسل، و ما شابه هذه و قد عدها الأصحاب من أخبار الآداب و السنن، قال صاحب الحدائق: إذ لا يعقل لوجوب التقديم على أصل الغسل وجه لأن الغرض إنما هو اجراء الغسل على محل طاهر و هو يحصل بالتدريج الى آخر ما ذكره (قده).

قوله قده مسألة 6: (يجب اليقين بوصول الماء الى جميع الأعضاء.

إلخ)

و ذلك لقاعدة الشغل المقتضية لليقين بالفراغ فيه و فيما بعده من فروع هذه المسألة.

قوله قده مسألة 7: (إذا شك في شي ء انه من الظاهر أو الباطن.

إلخ)

تقدم في مسألة 23 من مسائل الوضوء حكم هذه المسألة، و حاصله عدم وجوب غسله لأصالة البراءة، و قيل يجب لقاعدة الشغل، و فيه انه لم يثبت اشتغال الذمة بأزيد مما علم انه من الظاهر، و قد تقرر في محله ان المرجع عند دوران التكليف بين الأقل و الأكثر البراءة من الأكثر لا الاحتياط، نعم لو قلنا ان المكلف به مفهوم مبين و هو التطهير أو إزالة الحدث و الأمر بالغسل مما يتحقق به هذا

المفهوم المبين لاتجه القول بوجوب الاحتياط، لكن فيه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 344

[ (مسألة 8) ما مر من أنه لا يعتبر الموالاة في الغسل الترتيبي]

(مسألة 8) ما مر من أنه لا يعتبر الموالاة في الغسل الترتيبي إنما هو فيما عدا غسل المستحاضة (1) و المسلوس و المبطون فإنه يجب فيه المبادرة اليه و الى الصلاة بعده من جهة خوف خروج الحدث.

[ (مسألة 9) يجوز الغسل تحت المطر و تحت الميزاب ترتيبا لا ارتماسا]

(مسألة 9) يجوز الغسل تحت المطر (2) و تحت الميزاب ترتيبا لا ارتماسا، نعم إذا كان نهر كبير جاريا من فوق على نحو الميزاب لا يبعد جواز الارتماس تحته أيضا إذا استوعب الماء جميع بدنه على نحو كونه تحت الماء.

______________________________

كلام مذكور في محله، و مع ذلك فالاحتياط لا ينبغي تركه خصوصا لو توقف القطع بغسل الظاهر على غسله، فإنه يجب حينئذ جزما من باب المقدمة العلمية كما انه يجب على القول بوجوب غسل المواضع المشكوكة غسل مقدار من البواطن التي يتوقف العلم بحصول الغسل الواجب على غسلها.

قوله قده مسألة 8: (ما مر من انه لا يعتبر الموالاة في الغسل الترتيبي إنما هو فيما عدا غسل المستحاضة. إلخ)

لم أعرف الخصوصية لما ذكره من غسل المستحاضة و المسلوس و المبطون، بل كل غسل ضاق وقت مشروط به لا يجوز التماهل فيه على وجه يفوت مشروطه، بل يمكن أن يقال بلزوم اختيار التراخي في بعض أقسام المستحاضة و المسلوس و المبطون، و ذلك فيما لم تكن لهم فترة بعد دخول الوقت إلا بمقدار الصلاة و غسل آخر جزء من البدن، فإنه لا يبعد أن يقال بوجوب غسل الجزئين و هما الرأس و الشق الأيمن مثلا قبل الوقت، ليكون على أهبه من مجي ء الفترة التي هي أول الوقت مثلا فيغسل بها الجزء الأخير و يصلى، و هذا مما لا غبار فيه و لا شبهة تعتريه و اللّه العالم.

قوله قده مسألة 9: (يجوز

الغسل تحت المطر. إلخ)

لا يخفى انه

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 345

[ (مسألة 10) يجوز العدول عن الترتيب الى الارتماس في الأثناء و بالعكس]

(مسألة 10) يجوز العدول عن الترتيب الى الارتماس في الأثناء و بالعكس (1) لكن بمعنى رفع اليد عنه و الاستئناف على النحو الآخر.

[ (مسألة 11) إذا كان حوض أقل من الكر]

(مسألة 11) إذا كان حوض أقل من الكر يجوز الاغتسال فيه (2) بالارتماس مع طهارة البدن لكن بعده يكون من المستعمل في رفع الحدث

______________________________

وردت أخبار عن أهل بيت العصمة (ع) في كفاية الغسل تحت المطر ففهم منها بعض الأصحاب إلحاق ذلك بالارتماس موضوعا أو حكما في سقوط الترتيب، كما حكى ذلك عن الشيخ في المبسوط، منها صحيحة على بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال سألته عن الرجل يجنب هل يجزيه من غسل الجنابة ان يقوم في المطر حتى يغسل رأسه و جسده و هو يقدر على ما سوى ذلك؟ فقال: ان كان يغسله اغتساله بالماء أجزأ ذلك، و مرسلة محمد بن أبي حمزة عن الصادق عليه السّلام في رجل أصابته جنابة فقام في المطر حتى سال على جسده أ يجزيه ذلك من الغسل؟ قال: نعم، و الإنصاف انه لا يفهم منهما و لا مما شاكلهما تأسيس حكم للمطر و خصوصية فيه، بل لما توهم السائل احتمال خصوصية لسائر المياه غير ماء المطر أو خصوصية لمزاولة اليد في الغسل نفى (سلام اللّٰه عليه) ذلك الاحتمال و التوهم، و أجابه بأنه كاف في الاغتسال به و انه كسائر المياه و لا خصوصية لمزاولة اليد و غيرها، أو عدم مزاولة أي شي ء، بل يكفى انغسال الأعضاء الثلاثة بأي نوع يكون و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 10: (يجوز العدول من الترتيب الى الارتماس في الأثناء و بالعكس. إلخ)

لإطلاق دليليهما و ان التخيير ابتدائي و استمراري.

قوله قده مسألة 11: (إذا كان حوض أقل من كر يجوز

الاغتسال فيه. إلخ)

نعم لا مانع من الاغتسال بكلا نوعيه من الحياض قلّت عن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 346

الأكبر، فبناء على الاشكال فيه يشكل الوضوء و الغسل منه بعد ذلك، و كذا إذا قام فيه و اغتسل بنحو الترتيب بحيث رجع ماء الغسل فيه و أما إذا كان كرا أو أزيد فليس كذلك، نعم لا يبعد صدق المستعمل عليه إذا كان بقدر الكر لا أزيد و اغتسل فيه مرارا عديدة لكن الأقوى كما مر جواز الاغتسال و الوضوء من المستعمل.

______________________________

الكر أو كثرت لإطلاق دليليهما، كما لا إشكال في صيرورة الماء من المستعمل في صورة ما لو كان أقل من الكر فيكون جزئيا من جزئيات مسألة جواز رفع الحدث به ثانيا و عدمه، و فيه قولان معروفان منشأ و هما اختلاف الأخبار و تصادم الأدلة، و قد تقدم في باب الوضوء ان الأقوى كما هو المشهور جوازه.

و اما عدم صيرورته من المستعمل فيما لو كان كرا أو أكثر من الكر، فقد ادعى في (مصباح الفقيه): عليه السيرة المستمرة عند المتشرعة المعلوم تحققها من صدر الشريعة، بل حكى عن غير واحد نقل الإجماع عليه، قال و يدل عليه أيضا غير واحد من الأخبار، منها صحيحة صفوان قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الحياض التي ما بين مكة إلى المدينة تردها السباع و تلغ فيها الكلاب و تشرب منها الحمير و يغتسل فيها الجنب و يتوضأ منها قال: و كم قدر الماء؟ قال: الى نصف الساق و الى الركبة فقال: توضأ منه. انتهى. و في دلالة الرواية على المدعى إشكال فإن غاية ما تدل عليه هو جواز استعمال الماء المستعمل لرفع الحدث فتكون من

أدلة المجوزين، و اما دلالتها على ان الماء لو كان كرا أو أكثر من كر فلا يكون من المستعمل فلا دلالة فيها على ذلك، فعليه لقائل أن يمنع ان الماء إذا بلغ كرا لا يكون من المستعمل، نعم يتم ذلك في مثل الأنهر و السواقي الواسعة، بل المحقون إذا بلغ أكرارا كثيرة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 347

[ (مسألة 12) يشترط في صحة الغسل ما مر من الشرائط]

(مسألة 12) يشترط في صحة الغسل ما مر من الشرائط (1) في الوضوء من النية و استدامتها الى الفراغ، و إطلاق الماء و طهارته، و عدم كونه ماء الغسالة، و عدم الضرر في استعماله، و إباحته و اباحة ظرفه، و عدم كونه من الذهب و الفضة، و اباحة مكان الغسل و مصب مائه و طهارة البدن، و عدم ضيق الوقت و الترتيب في الترتيبي، و عدم حرمة الارتماس في الارتماسي منه كيوم الصوم، و في حال الإحرام، و المباشرة في حال الاختيار و ما عدا الإباحة، و عدم كون الظرف من الذهب و الفضة، و عدم حرمة الارتماس من الشرائط واقعي لا فرق فيها بين العمد و العلم و الجهل و النسيان بخلاف المذكورات فان شرطيتها مقصورة على حال العمد و العلم.

[ (مسألة 13) إذا خرج من بيته بقصد الحمام و الغسل فيه]

(مسألة 13) إذا خرج من بيته بقصد الحمام و الغسل فيه (2) فاغتسل بالداعي الأول، لكن كان بحيث لو قيل له حين الغمس في الماء ما تفعل؟ يقول: اغتسل

______________________________

كعشرين و ثلاثين، و اما في مثل الكر و الكرين فحاله حال ما لو نقص عن الكر عرفا، خصوصا فيما لو تكرر الارتماس فيه (فان قلت) فعلى أى وجه يحمل سؤال الإمام عليه السّلام عن مقداره ان لم يحمل على ما ادعاه المستدل من معرفة ان لا يكون من قسم المستعمل؟ (قلنا) يحمل سؤاله عليه السّلام لمعرفة كريته فلا تؤثر فيه النجاسة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 12: (يشترط في صحة الغسل ما مر من الشرائط في الوضوء. إلخ)

راجع شرائط الوضوء ص 181 فإنها معتبرة في الغسل حرفا بحرف.

قوله قده مسألة 13: (إذا خرج من بيته بقصد الحمام و الغسل فيه.

إلخ)

ما ذكره من الميزان للصحة

و الفساد مبني على ما هو التحقيق من كفاية

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 348

فغسله صحيح، و أما إذا كان غافلا بالمرة بحيث لو قيل له ما تفعل؟ يبقى متحيرا فغسله ليس بصحيح.

[ (مسألة 14) إذا ذهب الى الحمام ليغتسل و بعد ما خرج شك]

(مسألة 14) إذا ذهب الى الحمام ليغتسل و بعد ما خرج شك (1) في أنه اغتسل أم لا، يبنى على العدم، و لو علم أنه اغتسل لكن شك في أنه على الوجه الصحيح أم لا، يبنى على الصحة.

[ (مسألة 15) إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبين ضيقه]

(مسألة 15) إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبين ضيقه و ان وظيفته كانت هو التيمم، (2) فان كان على وجه الداعي يكون صحيحا، و ان كان على وجه التقييد يكون باطلا، و لو تيمم باعتقاد الضيق فتبين سعته ففي صحته و صحة صلاته إشكال.

______________________________

الداعي عن الأخطار، و اما صحته فيما لو سئل فأجاب بأني اغتسل و عدم صحته فيما لو بقي مترددا متحيرا، فلاستكشاف بقاء الداعي في خزانة الفاكرة، و صدور الفعل عن ذلك الداعي في الصورة الأولى، و عدم بقائه فيها فيما لو بقي متحيرا كما في الصورة الثانية.

قوله قده مسألة 14: (إذا ذهب الى الحمام ليغتسل و بعد ما خرج شك. إلخ)

________________________________________

شبر، سيد على حسينى، العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، 2 جلد، مطبعة النجف، نجف اشرف - عراق، اول، 1383 ه ق

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى؛ ج 2، ص: 348

أما البناء على العدم فيما لو شك انه اغتسل أم لا فلاستصحاب عدم الغسل، و اما البناء على الصحة فيما لو علم انه اغتسل و لكن شك في أنه على الوجه الصحيح أم لا فلقاعدة الفراغ.

قوله قده مسألة 15: (إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبين ضيقه و ان وظيفته كانت هو التيمم. إلخ)

الذي يظهر لي هو البطلان مطلقا، إذ الأمر بالصلاة التي ضاق وقتها لم يدع إلا الى التيمم و لم يدع الى الغسل، و إلا بناءا على ما ذكره من الداعي و التقييد

ما الفرق بين الفرع المذكور و بين ما لو تيمم باعتقاد الضيق فتبين سعته؟ فإنهما يستقيان من ضرع واحد و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 349

[ (مسألة 16) إذا كان من قصده عدم إعطاء الأجرة للحمامي]

(مسألة 16) إذا كان من قصده عدم إعطاء الأجرة للحمامي فغسله باطل (1) و كذا إذا كان بناؤه على النسيئة من غير إحراز رضي الحمامي بذلك و ان استرضاه (2) بعد الغسل، و لو كان بناؤهما على النسيئة و لكن كان بانيا على عدم إعطاء الأجرة أو على عطاء الفلوس الحرام ففي صحته إشكال. (3)

[ (مسألة 17) إذا كان ماء الحمام مباحا]

(مسألة 17) إذا كان ماء الحمام مباحا لكن سخن بالحطب (4) المغصوب لا مانع من الغسل فيه، لان صاحب الحطب يستحق عوض حطبه و لا يصير شريكا في الماء و لا صاحب حق فيه.

[ (مسألة 18) الغسل في حوض المدرسة لغير أهله مشكل]

(مسألة 18) الغسل في حوض المدرسة لغير أهله (5) مشكل، بل غير صحيح

______________________________

قوله قده مسألة 16: (إذا كان من قصده عدم إعطاء الأجرة للحمامي فغسله باطل. إلخ)

لانحلاله إلى انه تصرف بمال الغير بغير اذنه فيتنافى مع قصد القربة المعتبرة فيه، و كذا الوجه في البطلان في صورة ما إذا كان بناؤه على النسيئة من غير إحراز رضا الحمامي بذلك.

قوله قده: (و ان استرضاه)

فان ما وقع لا يتغير عما وقع عليه من الوجه.

قوله قده: (و لو كان بناؤهما على النسيئة) إلى قوله: (ففي صحته إشكال. إلخ)

الظاهر ان حال هذا الفرع كالفرعين السابقين في البطلان و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 17: (إذا كان ماء الحمام مباحا لكن سخن بالحطب.

إلخ)

نعم الأمر كما ذكره (قده) من صحة الغسل و استحقاق صاحب الحطب قيمته.

قوله قده مسألة 18: (الغسل في حوض المدرسة لغير أهله. إلخ)

لأن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 350

بل و كذا لأهله إلا إذا علم عموم الوقفية أو الإباحة.

[ (مسألة 19) الماء الذي يسبلونه يشكل الوضوء و الغسل منه]

(مسألة 19) الماء الذي يسبلونه (1) يشكل الوضوء و الغسل منه إلا مع العلم بعموم الإذن.

[ (مسألة 20) الغسل بالمئزر الغصبي]

(مسألة 20) الغسل بالمئزر الغصبي باطل (2).

[ (مسألة 21) ماء غسل المرأة من الجنابة]

(مسألة 21) ماء غسل المرأة من الجنابة (3) و الحيض و النفاس و كذا اجرة تسخينه إذا احتاج اليه على زوجها على الأظهر لأنه يعد جزءا من نفقتها.

[ (مسألة 22) إذا اغتسل المجنب في شهر رمضان أو صوم غيره]

(مسألة 22) إذا اغتسل المجنب في شهر رمضان أو صوم غيره (4) أو في

______________________________

الوقوف على حسب ما وقفت عليه فلا بد من إحراز وجه الوقف ليصح التصرف فيه على وجهه و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 19: (الماء الذي يسبلونه. إلخ)

و ذلك للوجه الذي تقدم في سابقتها من لزوم إحراز وجهه.

قوله قده مسألة 20: (الغسل بالمئزر الغصبي باطل. اه)

هذا إذا استلزم الغسل التصرف بالمئزر أو اتحد معه و إلا فالصحة متعينة.

قوله قده مسألة 21: (ماء غسل المرأة من الجنابة. إلخ)

قد يستدل على ما ذكره من ان ذلك على الزوج بأنه من المعاشرة بالمعروف التي أمر الأزواج بها، و إلا فلا دليل على الحكم بذلك إذ لا نص في البين و اللّٰه العالم

قوله قده مسألة 22: (إذا اغتسل المجنب في شهر رمضان أو صوم غير. إلخ)

اما عدم بطلان صومه فلاختصاص أدلة مفطريته بحال العمد، نعم يشكل الحكم بعدم بطلان غسله إذ لا أمر بهذا القسم و ما هو إلا توهم الأمر، و ذلك ليس بكاف في صحة غسله، و اما وجه بطلانهما معا مع العمد فواضح للنهى الموجب للبطلان، هذا كله بناءا على ان الارتماس من المبطلات

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 351

حال الإحرام ارتماسا نسيانا لا يبطل صومه و لا غسله، و ان كان متعمدا بطلا معا و لكن لا يبطل إحرامه و ان كان آثما، و ربما يقال: لو نوى الغسل حال الخروج من الماء صح غسله، و هو في صوم رمضان مشكل لحرمة إتيان

المفطر فيه بعد البطلان أيضا فخروجه من الماء أيضا حرام كمكثه تحت الماء، بل يمكن أن يقال إن الارتماس فعل واحد مركب من الغمس و الخروج فكله حرام و عليه يشكل في غير شهر رمضان أيضا، نعم لو تاب (1) ثم خرج بقصد الغسل صح

[فصل في مستحبات غسل الجنابة]
اشارة

فصل في مستحبات غسل الجنابة و هي أمور:

[ (أحدها) الاستبراء من المنى]

(أحدها) الاستبراء من المنى بالبول قبل الغسل (2).

______________________________

و إلا فلا إشكال في صحة الغسل و الصوم عمدا كان أو سهوا، و اما عدم بطلان الإحرام بذلك فلان سائر تروك الإحرام و منها تغطية الرأس وجوبها نفسي، نعم يبطل غسله معه لاتحاد الغسل و التغطية المنهي عنها.

قوله قده: (نعم لو تاب. إلخ)

يشكل ما ذكره من الصحة إذ ليس الخروج من الماء ارتماسا ليصح الغسل مع التوبة و اللّٰه العالم.

قوله قده: (فصل: في مستحبات غسل الجنابة و هي أمور أحدها

الاستبراء من المنى بالبول قبل الغسل اه)

يستحب البول قبل الغسل للمنزل دون الاكسل كما هو المشهور للأصل، و ظهور ذلك من الاخبار حيث وردت معللة بعدم انتقاض الغسل، و عدم رد المني إلى البدن فيورثه الداء الذي لا دواء له هذا مع تيقن عدم الانزال، و لو جوزه أمكن الاستحباب أخذا بالاحتياط، و ربما يقال ان عموم الروايات يشمل المقامين من غير تفصيل، و انتفاء الفائدة ممنوع إذ عسى أن ينزل و لم يطلع عليه أو احتبس في المجاري

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 352

[ (الثاني) غسل اليدين ثلاثا الى المرفقين]

(الثاني) غسل اليدين ثلاثا الى المرفقين أو الى نصف الذراع أو الى الزندين من غير فرق بين الارتماس و الترتيب.

______________________________

لان الجماع مظنة نزول الماء، و إنما استحب لئلا ينتقض بخروج شي ء بعده كما يأتي، و للنصوص. منها: الصحيح الصادقي المروي في التهذيب: عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يبول فخرج منه شي ء قال: يعيد الغسل، قلت فالمرأة يخرج منها شي ء بعد الغسل قال: لا تعيد، قلت فما الفرق فيما بينهما؟ قال:

لان ما يخرج من المرأة إنما هو من ماء الرجل، و في آخر المروي في التهذيب أيضا عن الرجل يخرج من

إحليله بعد ما اغتسل شي ء قال: يغتسل و يعيد الصلاة إلا ان يكون بال قبل أن يغتسل فإنه لا يعيد غسله، و الباقرى: من اغتسل و هو جنب قبل أن يبول ثم وجد بللا فقد انتقض غسله، و ان كان بال ثم اغتسل ثم وجد بللا فليس ينقض غسله و لكن عليه الوضوء لان البول لم يدع شيئا.

قال قده (و الاستبراء) و هو الاجتهاد في إزالة بقايا المني المتخلفة في المحل كما في الوضوء، و استحباب الاستبراء بالبول أو المسحات التسع المنزل هو المشهور، و أوجبهما جماعة كما عن المبسوط و الجمل و العقود و المصباح و مختصره و المراسم و الكامل و الوسيلة و الغنية و الإصباح و غيرها لوجوب الإعادة بدون الاستبراء في الأخبار و بالأمر في بعضها، و أجيب: بأن الأول لا يدل على الوجوب، و الثاني ظاهره الاستحباب، و الأصل و إطلاق (و ان كنتم جنبا فاطهروا) و خلو أكثر أو أمر الغسل الواردة في مقام البيان عنه تقتضي الاستحباب، و الظاهر ان أحدهما مغن عن الآخر كما عن الشيخ و ابني حمزة و زهرة، و عن الاقتصاد و المصباح و مختصره و المهذب و الإشارة الاقتصار

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 353

..........

______________________________

على البول، و عن ظاهر الجعفي وجوب البول و الاجتهاد معا، و اقتصر في النافع على عصر الذكر من أصل المقعدة إلى طرفه ثلاثا و نتره، و في القواعد و الشرائع استحباب الاستبراء للمنزل بالبول، فان تعذر مسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثا، و منه الى رأسه ثلاثا و نتره ثلاثا كما عن المقنعة و السرائر و المعتبر و المراسم و الجامع و الوسيلة و الكامل،

و لم نظفر في شي ء من الأخبار بما يدل على الاستبراء من المنى بغير البول، و لعلهم أخذوا ذلك من أخبار الاستبراء من البول. و مما دل على عدم اعادة الغسل إذا لم يبل و اللّٰه العالم بالحال و في رواية مرسلة في الفقيه: ان كان قد رأى بللا و لم يكن بال فليتوضأ و لا يغتسل انما ذلك من الحبائل، و في أخرى مرسلة في التهذيب: ان كان ناسيا فلا يعيد منه الغسل، و في الصادقي: عن رجل أجنب ثم اغتسل قبل أن يبول ثم رأى شيئا قال: لا يعيد الغسل ليس الذي رآه شيئا، و نحوه آخر إلا انها شاذة لا تقاوم ما تقدم، و هذا الحكم مختص بالرجال كما في القواعد و الشرائع و عن المبسوط و الجمل و العقود و المصباح و مختصره و الوسيلة و الإصباح و غيرها، بل هو المشهور كما؟؟؟ في شرح الدروس، بل عن الغنية الإجماع عليه.

أما النساء فلا استبراء و لا اعادة عليهن، لأن ما يخرج منهن إنما هو من ماء الرجل كما في النص المتقدم، مضافا الى الأصل و اختلاف المخرجين في المرأة فالفائدة المطلوبة منتفية، و عن نهاية الشيخ التسوية بين الرجل و المرأة في الاستبراء بالبول و الاجتهاد و هو ضعيف.

و من المستحبات أن يغسل فرجه بيساره تنزيها لليمين عن مثله، و للصحيح الزراري الصادقي عن غسل الجنابة قال: تبدأ فتغسل كفيك ثم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 354

[ (الثالث) المضمضة و الاستنشاق]

(الثالث) المضمضة و الاستنشاق بعد غسل اليدين ثلاث مرات و يكفي مرة أيضا.

[ (الرابع) أن يكون ماؤه في الترتيبي بمقدار صاع]

(الرابع) أن يكون ماؤه في الترتيبي بمقدار صاع و هو ستمائة و أربعة عشر مثقالا و ربع مثقال.

[ (الخامس) إمرار اليد على الأعضاء]

(الخامس) إمرار اليد على الأعضاء لزيادة الاستظهار.

______________________________

تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك الحديث.

و التسمية كما عن المفيد و الجعفي و القاضي و الشهيد للزرارى الباقرى:

إذا وضعت يدك في الماء فقل (بسم اللّٰه و باللّه اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين) و الصادقي المروي في المحاسن: كل شي ء صنعه ينبغي أن يسمى عليه، فان لم يفعل كان للشيطان فيه شرك، و ترك ذكرها الأكثر.

و غسل الكفين إجماعا ثلاثا للحسن المروي في الكافي و التهذيب المتقدم في الوضوء: واحدة من حدث البول و اثنتان من حدث الغائط و ثلاثا من الجنابة، و في الباقرى عليه السّلام: يغسل الرجل يده من النوم مرة و من الغائط و البول مرتين و من الجنابة ثلاثا.

و غسلها الى المرفقين أفضل للصحيح تغسل يدك اليمنى من المرفقين إلى أصابعك، و في آخر: فتغسل فرجك و مرافقك، و في ثالث: فيغسل يديه الى المرفقين.

و المضمضة و الاستنشاق كما هو المعروف بين الأصحاب و ظاهر شرح الدروس كما حكى عنه الإجماع عليه، للصادقى: ثم تمضمض و تستنشق و تصب الماء على رأسك ثلاث مرات، و عن الفقه الرضوي قال: قد روى أن يتمضمض و يستنشق ثلاثا و روى مرة مرة تجزيه و الأفضل الثلاثة و ان لم يفعل فغسله تام و إمرار اليد على الأعضاء إجماعا كما عن الفاضلين، و في شرح الدروس:

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 355

[ (السادس) تخليل الحاجب غير المانع]

(السادس) تخليل الحاجب غير المانع لزيادة الاستظهار.

[ (السابع) غسل كل من الأعضاء]

(السابع) غسل كل من الأعضاء الثلاثة ثلاثا.

[ (الثامن) التسمية]

(الثامن) التسمية بأن يقول بسم اللّٰه و الاولى أن يقول بسم اللّٰه الرحمن الرحيم.

[ (التاسع) الدعاء المأثور في حال الاشتغال]

(التاسع) الدعاء المأثور في حال الاشتغال و هو: اللهم طهر قلبي و تقبل سعى و اجعل ما عندك خيرا لي، اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين أو يقول: اللهم طهر قلبي و اشرح صدري و أجر على لساني مدحتك و الثناء عليك، اللهم اجعله لي طهورا و شفاءا و نورا انك على كل شي ء قدير، و لو قرأ هذا الدعاء بعد الفراغ أيضا كان أولى.

______________________________

أنه اختيار فقهاء أهل البيت، و في الموثق الوارد في غسل الميت: ثم يغسل رأسه و لحيته ثم شقه الأيمن ثم شقه الأيسر و تمر يدك على جسده كله، مع ما تقدم من مساواته للجنابة، و لمفهوم قوله عليه السّلام لو ان رجلا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك، و ان لم يدلك جسده.

و تخليل غير المانع من وصول الماء، و معه يجب لما تقدم في الوضوء و للاستظهار.

و غسل الشعر لما مر.

و الدعاء في الأثناء و بعد الفراغ بالمأثور، و في الموثق الصادقي: إذا اغتسلت من الجنابة نقل: (اللهم طهر قلبي و تقبل سعي و اجعل ما عندك خيرا لي، اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين) و إذا اغتسلت للجمعة فقل: (اللهم طهر قلبي من كل آفة تمحق ديني و تبطل عملي، اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين).

و الإسباغ للغسل بصاع و هو أربعة أمداد للإجماع و الصحاح المستفيضة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 356

[ (العاشر) الموالاة و الابتداء بالأعلى في كل من الأعضاء]
اشارة

(العاشر) الموالاة و الابتداء بالأعلى في كل من الأعضاء في الترتيبي.

______________________________

و قد مر مشروحا في الوضوء.

و ترك الاستعانة، و المشمّس و الآجن و المستعمل كما مر في الوضوء.

و الغسل في الماء الراكد كما قاله المفيد معللا

ذلك بأنه ان كان قليلا أفسده و ان كان كثيرا خالف السنة في الاغتسال فيه، و لم نعرف وجهه و هو أعرف بما قال كل ذلك للنص سوى ما أشير إليه كما عرفت و للّه الحمد.

و زاد جماعة استحباب الموالاة لما فيها من المسارعة و الاستباق الى الخير و حصول الطهارة المطلوبة للشارع كما يظهر من الأخبار الواردة في كراهة نوم الجنب و أكله و شربه مع الجنابة، و للتحفظ من طريان المفسد، و لأن المعلوم من صاحب الشرع و ذريته فعل ذلك كما قال في الذكرى.

و تكرار الغسل ثلاثا في كل عضو لورود ذلك في غسل الميت مع ما ورد انه كغسل الجنابة، و خصة الإسكافي بالرأس و اجتزأ بالدهن في البدن و ظاهره الوجوب في الأول: و له الصحيحان المروي أحدهما في الكافي عن ربعي عن الصادق عليه السّلام قال: يفيض الجنب على رأسه ثلاثا لا يجزيه أقل من ذلك، و ثانيهما في التهذيب عن على بن جعفر عن أخيه عليه السّلام و فيه: فان خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده بيده فان ذلك يجزيه و هو أحوط و ان أوّلا بالحمل على الاستحباب، جمعا بينهما و بين ما دل على الاكتفاء بالجريان و الدهن، أو الحمل على الصب بثلاث أكف من غير تثليث في الغسلات لبعده في أحدهما، و هو الأول لقوله فيه: لا يجزيه أقل من ذلك، و زاد الإسكافي للمرتمس استحباب تثليث الغوصات يخلل شعره و يمسح سائر جسده بيده عقيب كل غوصة، قال في الذكرى: و لا بأس به

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 357

(مسألة 1) يكره الاستعانة بالغير في المقدمات القريبة

(1) على ما مر في الوضوء.

(مسألة 2) الاستبراء بالبول قبل الغسل ليس شرطا في صحته (2) و إنما فائدته عدم وجوب الغسل إذا خرج منه رطوبة مشتبهة بالمني فلو لم يستبرئ و اغتسل و صلى ثم خرج منه المني أو الرطوبة المشتبهة لا تبطل صلاته و يجب عليه الغسل لما سيأتي.

(مسألة 3) إذا اغتسل بعد الجنابة بالإنزال، ثم خرج منه رطوبة (3) مشتبهة بين البول و المنى فمع عدم الاستبراء قبل الغسل بالبول يحكم عليها بأنها

______________________________

لما فيه من صورة التكرار ثلاثا حقيقة و ان كان الارتماس يأتي على ذلك انتهى و لا يخفى ضعفه.

قوله قده مسألة 1: (يكره الاستعانة بالغير في المقدمات القريبة.

إلخ)

لم أقف على دليل الكراهة في الغسل بخصوصه نعم حمل فقهاؤنا (أعلى اللّٰه مقامهم) ذلك على الوضوء لاتحاد العلة فراجع و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 2: (الاستبراء بالبول قبل الغسل ليس شرطا في صحته.

إلخ)

كما هو صريح أخباره.

قوله قده مسألة 3: (إذا اغتسل بعد الجنابة بالإنزال ثم خرج منه رطوبة. إلخ)

لو دار أمر الرطوبة الخارجة بعد الإنزال و الغسل بين البول و المنى ليس إلا، كما هو موضوع المسألة فان لم يكن قد استبرأ قبل الغسل بالبول و لم يكن قد بال بعد الغسل قبل أن يخرج منه البلل فيحكم على البلل الخارج بأنه مني، للأخبار المستفيضة، منها: الصحيح الصادقي المتقدم الذكر المروي في التهذيب: عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يبول فخرج منه شي ء قال: يعيد الغسل، قلت فالمرأة يخرج منها شي ء بعد الغسل قال: لا تعيد،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 358

منى فيجب الغسل و مع الاستبراء بالبول و عدم الاستبراء بالخرطات بعده يحكم بأنه بول فيوجب الوضوء، و مع

عدم الأمرين فيجب الاحتياط (1) بالجمع بين الغسل و الوضوء إن لم يحتمل غيرهما و إن احتمل كونها مذيا مثلا بان يدور الأمر بين البول و المنى و المذي فلا يجب عليه شي ء و كذا حال الرطوبة الخارجة بدوا من غير سبق جنابة فإنها مع دورانها بين المنى و البول يجب الاحتياط بالوضوء و الغسل و مع دورانها بين الثلاثة أو بين كونها منيا أو مذيا أو بولا أو مديا لا شي ء عليه.

______________________________

قلت فما الفرق فيما بينهما؟ قال: لأن ما يخرج من المرأة إنما هو من ماء الرجل و في آخر مروي في التهذيب أيضا عن الرجل يخرج من إحليله بعد ما اغتسل شي ء قال: يغتسل و يعيد الصلاة إلا أن يكون بال قبل أن يغتسل فإنه لا يعيد غسله، و الباقرى: من اغتسل و هو جنب قبل أن يبول ثم وجد بللا فقد انتقض غسله، و ان كان بال ثم اغتسل ثم وجد بللا فليس ينقض غسله و لكن عليه الوضوء لأن البول لم يدع شيئا، و غير ذلك من الأخبار التي يطول ذكرها، و اما ان كان قد استبرأ بالبول فيحكم بان الخارج بول ان لم يكن استبرأ من البول بالخرطات كما دلت عليه النصوص المتقدمة الآمرة بالوضوء و ما تقدم من النصوص في فصل الاستبراء من البول.

قوله قده: (و مع عدم الأمرين يجب الاحتياط. إلخ)

أي بأن يكون بال بعد الإنزال و استبرأ بعد البول و خرج بعد ذلك بلل مشتبه مردد بين البول و المنى ليس إلا فيجب الاحتياط بالغسل و الوضوء قضاءا لحق العلم الإجمالي، إذ ترجيح أحدهما بلا مرجح، فيكون حاله حال ما لو خرج ما هو مردد بينهما ابتداء

بلا مسبوقية ببول و لا إنزال، هذا إذا لم يحتمل غيرهما، و اما إذا احتمل ان البلل الخارج إما بول أو منى أو مذي مثلا فلا يجب عليه شي ء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 359

(مسألة 4) إذا خرجت منه رطوبة مشتبهة بعد الغسل و شك في أنه استبرأ (1) بالبول أم لا بنى على عدمه فيجب عليه الغسل و الأحوط ضم الوضوء أيضا.

(مسألة 5) لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين (2) أن يكون الاشتباه بعد الفحص و الاختبار أو لأجل عدم إمكان الاختبار من جهة العمى أو الظلمة أو نحو ذلك.

(مسألة 6) الرطوبة المشتبهة الخارجة من المرأة لا حكم لها (3) و إن كانت قبل استبرائها فيحكم عليها بعدم الناقضية و عدم النجاسة إلا إذا علم أنها إما بول أو منى.

______________________________

إذ لم يحرز توجه تكليف عليه و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 4: (إذا خرجت منه رطوبة مشتبهة بعد الغسل و شك في انه استبرأ. إلخ)

و ذلك لأصالة عدم الاستبراء، و اما وجه الاحتياط في ضم الوضوء اليه لاحتمال أنه استبرأ بالبول، فما خرج من البلل محكوم بأنه بول كما نطقت به الأخبار المتقدمة الذكر و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 5: (لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين. إلخ)

و ذلك لإطلاق الأدلة في حكم الرطوبة و عدم تقييدها بحال دون حال من الفحص و عدمه، و إمكان الاختبار و عدمه، و غير ذلك من المقيدات المحتملة.

قوله قده مسألة 6: (الرطوبة المشتبهة الخارجة من المرأة لا حكم لها اه)

الظاهر لها حكم الرطوبة الخارجة من الرجل حذو النعل بالنعل ما عدا ما يخرج منها بعد مجامعة الرجل و إنزاله، فإن خروج هذا الماء

لا أثر له بحكم صحيح سليمان عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام: عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يبول قال

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 360

(مسألة 7) لا فرق في ناقضية الرطوبة المشتبهة (1) الخارجة قبل البول بين أن يكون مستبرئا بالخرطات أم لا و ربما يقال إذا لم يمكنه البول تقوم الخرطات مقامه و هو ضعيف.

(مسألة 8) إذا أحدث بالأصغر في أثناء غسل الجنابة الأقوى عدم بطلانه (2)، نعم يجب عليه الوضوء بعده لكن الأحوط إعادة الغسل بعد إتمامه و الوضوء بعده أو الاستئناف و الوضوء بعده، و كذا إذا أحدث في سائر الأغسال، و لا فرق بين أن يكون الغسل ترتيبيا أو ارتماسيا إذا كان على وجه التدريج و أما إذا كان على وجه الآنية فلا يتصور فيه حدوث الحدث في أثنائه.

______________________________

عليه السّلام: يعيد الغسل، قلت فالمرأة يخرج منها شي ء بعد الغسل قال: لا تعيد، قلت فما الفرق بينهما؟ قال عليه السّلام: لان ما يخرج من المرأة إنما هو من ماء الرجل، و نحوه غيره.

قوله قده مسألة 7: (لا فرق في ناقضية الرطوبة المشتبهة. إلخ)

و ذلك لإطلاق دليلها مثل الصحيح الصادقي و الباقرى و غيرهما المتقدمة الذكر في المسألة الثالثة من هذا العدد و استضعافا لما يعارضها الذي تقدم من مرسلة الفقيه ان كان قد رأى بللا و لم يكن بال فليتوضأ و لا يغتسل، إنما ذلك من الحبائل، و في أخرى مرسلة في التهذيب، ان كان ناسيا فلا يعيد منه الغسل، و الصادقي: عن رجل أجنب ثم اغتسل قبل أن يبول ثم رأى شيئا قال:

لا يعيد الغسل، ليس الذي رآه شيئا، و نحوه آخر و قد تقدم أنها شاذة لا

تقاوم ما تقدم و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 8: (إذا أحدث بالأصغر في أثناء غسل الجنابة الأقوى عدم بطلانه. إلخ)

اما عدم البطلان و الإتمام و الوضوء بعده فذلك

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 361

..........

______________________________

وفاقا للسيد المرتضى و جماعة منهم المحقق في المعبتر و المولى المقدس الأردبيلي و صاحب المدارك لأصالة البراءة و استصحاب الصحة، و لأن الحدث ليس موجبا للغسل و لا لبعضه قطعا فيسقط وجوب الإعادة و يجب الوضوء لأن الحدث المتخلل لا بد له من رافع و هو إما الغسل بتمامه أو الوضوء، و الأول منتف لعدم نقضه فتعين الثاني، و لأن الحدث الأصغر لو حصل بعد إكمال الطهارة أوجب الوضوء، فكذا في أثنائها، و قد يقال: ان الأصلين معارضان باستصحاب بقاء الجنابة، و استدعاء شغل الذمة اليقيني البراءة اليقينية، و ان وجوب الإعادة لا لكون الحدث الأصغر موجبا للغسل بل لكونه ناقضا لما تقدم منه، و قيل كما عن الصدوقين في الفقيه و الهداية و الشيخ في النهاية و المبسوط و صاحبي الإصباح و الجامع و العلامة في القواعد و الشهيد بل عزى الى المشهور: بل يعيده من رأس، و للخبر المروي عن كتاب عرض المجالس للصدوق عن الصادق عليه السّلام قال: لا بأس بتبعيض الغسل تغسل يدك و فرجك و رأسك و تؤخر غسل جسدك الى وقت الصلاة ثم تغسل جسدك إذا أردت ذلك، فإن أحدثت حدثا من بول أو غائط أو ريح أو منى بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أوله، و هو ضعيف لجهالة السند و ان كان أحوط، بل ضعفه منجبر بما تقدم من الأصول و عمل الأصحاب، و يعضده

ان الحدث الأصغر ناقض للطهارة بعد الكمال فقبله أولى، و أحوط منه إحداث حدث بعد الغسل ثم الوضوء من ذلك الحدث خروجا عن القول الأول، و قيل كما عن الحلي و القاضي و المحقق الثاني بل يقتصر على إتمامه و لا يحتاج الى الوضوء لأن الحدث الأصغر لا يوجب الغسل إجماعا و لا الوضوء هنا، لأن الوضوء منفي مع الغسل سيما الجنابة و هو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 362

[ (مسألة 9) إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل]

(مسألة 9) إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل (1) فان كان مماثلا للحدث السابق كالجنابة في أثناء غسلها أو المس في أثناء غسله فلا إشكال في وجوب الاستئناف و إن كان مخالفا له فالأقوى عدم بطلانه فيتمه و يأتي بالآخر و يجوز الاستئناف بغسل واحد لهما و يجب الوضوء بعده إن كانا غير الجنابة أو كان السابق هو الجنابة حتى لو استأنف و جمعهما بنية واحدة على الأحوط و إن كان اللاحق جنابة فلا حاجة الى الوضوء سواء أتمه و أتى للجنابة بعده أو استأنف و جمعها بنية واحدة.

[ (مسألة 10) الحدث الأصغر في أثناء الأغسال المستحبة]

(مسألة 10) الحدث الأصغر في أثناء الأغسال المستحبة (2) أيضا لا يكون

______________________________

أضعف، لما تقدم في الأول، و لأن عدم اجتماع الوضوء و غسل الجنابة ان كان مستنده الإجماع فهو ممنوع في صورة النزاع، و ان كان العمومات فنمنع شمولها لما نحن فيه و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 9: (إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل. إلخ)

لا يخفى انه ان وقع في الأثناء حدث أكبر فإن كان هو الجنابة فلا إشكال في وجوب الإعادة و نقض ما فعل، و ان كان غيرها فلا شك في إيجابه غسلا كاملا، و هو ينقض ما تقدم أم لا ينقضه؟ بل ترتفع الجنابة بالإتمام لإطلاق الأوامر إشكال، و تظهر الفائدة في أنه لو لم ينقض لكفى الإتمام في رفع حدث الجنابة و ارتفاع أحكامها و لكن يكون الحدث الآخر باقيا يحتاج رفعه الى غسل آخر و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 10: (الحدث الأصغر في أثناء الأغسال المستحبة.

إلخ)

إذا تخلل الحدث الأصغر غير غسل الجنابة فإن قيل: بإجزائه عن الوضوء أطرد الخلاف المتقدم فيه، و ان قيل: بالعدم جرى فيه القولان

العمل الأبقى في شرح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 363

مبطلا لها، نعم في الأغسال المستحبة لإتيان فعل كغسل الزيارة و الإحرام لا يبعد البطلان (1) كما أن حدوثه بعده و قبل الإتيان بذلك الفعل كذلك كما سيأتي

[ (مسألة 11) إذا شك في غسل عضو من الأعضاء الثلاثة]

(مسألة 11) إذا شك في غسل عضو من الأعضاء الثلاثة (2) أو في شرطه قبل الدخول في العضو الآخر رجع و أتى به، و إن كان بعد الدخول فيه لم يعتن به و يبنى على الإتيان على الأقوى و إن كان الأحوط الاعتناء ما دام في الأثناء و لم يفرغ من الغسل كما في الوضوء، نعم لو شك في غسل الأيسر أتى به و إن

______________________________

الأولان دون الثالث من الأقوال المتقدمة في المسألة الثامنة من المسائل الجارية و قال في الذكرى: لو كان الحدث من المرتمس، فان قلنا بسقوط الترتيب فيه حكما فان وقع بعد ملاقاة الماء جميع البدن أوجب الوضوء لا غير، و إلا فليس له أثر، و ان قلنا بوجوب الترتيب الحكمي القصدي فهو كالمرتب، و ان قلنا بحصوله في نفسه و فسرناه بتفسير الإستبصار أمكن انسحاب البحث فيه.

انتهى و فيه نظر.

قوله قده: (نعم في الأغسال المستحبة لإتيان فعل كغسل الزيارة و الإحرام لا يبعد البطلان. إلخ)

و ذلك لما يظهر من دليله ان المطلوب كونه على حالة الغسل في حال الفعل و لانتقاضه بالمتأخر فبالمتخلل بطريق أولى و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 11: (إذا شك في غسل عضو من الأعضاء الثلاثة.

إلخ)

لا إشكال في أنه لو شك في غسل عضو من الأعضاء الثلاثة الوجه و الطرف الأيمن و الطرف الأيسر أو في شرطه و هو في محله أى قبل الدخول في العضو الآخر أتى به لقاعدة الشك في المحل الدال عليها جملة من

الأخبار الآتي ذكرها. و اما لو شك فيه أو شرطه و قد تجاوز محله بان دخل فيما هو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 364

طال الزمان لعدم تحقق الفراغ حينئذ لعدم اعتبار الموالاة فيه، و إن كان يحتمل عدم الاعتناء إذا كان معتاد الموالاة.

[ (مسألة 12) إذا ارتمس في الماء بعنوان الغسل ثم شك في أنه كان ناويا]

(مسألة 12) إذا ارتمس في الماء بعنوان الغسل ثم شك (1) في أنه كان ناويا

______________________________

مرتب عليه فقد اختار (قده) عدم الاعتناء بالشك و يبنى على الإتيان على الأقوى عنده لقاعدة التجاوز الجارية في سائر الأعمال المركبة عبادية كانت أو غيرها، المدلول عليها بعموم بعض الأخبار الواردة في الصلاة الدالة على ان الشك في الشي ء بعد تجاوز محله ملغى، كخبر إسماعيل بن جابر عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام في حديث قال: ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض، و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض، كل شي ء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه، و صحيحة زرارة قال قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السّلام رجل شك في الأذان و قد دخل في الإقامة قال: يمضى، قلت رجل شك في الأذان و الإقامة و قد كبر قال: يمضى، قلت رجل شك في التكبير و قد قرأ قال: يمضى، قلت شك في القراءة و قد ركع قال: يمضى، قلت شك في الركوع و قد سجد قال: يمضى على صلاته، ثم قال: يا زرارة إذا خرجت من شي ء و دخلت في غيره فشككت فليس بشي ء، فعلى هذا لم يخرج من هذه القاعدة إلا الوضوء، فإنه يعتنى بالمشكوك و ان تجاوزه ما دام لم يفرغ من الوضوء، و ذلك لما تقدم مفصلا في المسألة 45 من فصل

شرائط الوضوء صحيفة 238 أو يعتني بالمشكوك و ان تجاوز محله، فحال الغسل و الوضوء و التيمم واحد، المدلول عليه بقوله (قده): و ان كان الأحوط الاعتناء ما دام في الأثناء و لم يفرغ من الغسل كما في الوضوء. إلخ، و قد تقدم الوجه فيه في صحيفة 243 فراجع و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 12: (إذا ارتمس في الماء بعنوان الغسل ثم شك. إلخ)

نعم كما ذكره من وجوب الاستئناف في الفرض المذكور، و ذلك لقاعدة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 365

للغسل الارتماسي حتى يكون فارغا، أو لغسل الرأس و الرقبة في الترتيبي حتى يكون في الأثناء و يجب عليه الإتيان بالطرفين يجب عليه الاستئناف، نعم يكفيه غسل الطرفين بقصد الترتيبي لأنه إن كان بارتماسه قاصدا للغسل الارتماسي فقد فرغ و إن كان قاصدا للرأس و الرقبة فإتيان غسل الطرفين يتم الغسل الترتيبي.

[ (مسألة 13) إذا انغمس في الماء بقصد الغسل الارتماسي]

(مسألة 13) إذا انغمس في الماء بقصد الغسل الارتماسي ثم تبين له بقاء جزء (1) من بدنه غير منغسل يجب عليه الإعادة ترتيبا أو ارتماسا، و لا يكفيه جعل ذلك الارتماس للرأس و الرقبة إن كان الجزء غير المنغسل في الطرفين فيأتي بالطرفين الآخرين لأنه قصد به تمام الغسل ارتماسا لا خصوص الرأس و الرقبة و لا تكفى نيتهما في ضمن المجموع.

[ (مسألة 14) إذا صلى ثم شك في أنه اغتسل للجنابة أم لا]

(مسألة 14) إذا صلى ثم شك في أنه اغتسل للجنابة أم لا يبنى على صحة صلاته (2)،

______________________________

الاشتغال، نعم يكفيه غسل الجانبين فقط لمعلومية غسل الرأس على كلا الاحتمالين بل لم يعلم اشتغال ذمته على فرضه إلا بغسل الطرفين و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 13: (إذا انغمس في الماء بقصد الغسل الارتماسي ثم تبين له بقاء جزء. إلخ)

إنما وجب عليه اعادة الغسل ترتيبا أو ارتماسا و عدم كفاية غسلهما و جعل ذلك الارتماس للرأس و الرقبة ان كان الجزء الغير المنغسل في الطرفين لإناطة الحكم في النصوص و الفتاوى بغسل جميع بدنه بارتماسة واحدة و هو غير متحقق في الفرضين و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 14: (إذا صلى ثم شك في أنه اغتسل للجنابة أم لا يبنى على صحة صلاته. إلخ)

لقاعدة الفراغ و يدل على حجيتها جملة من الأخبار:

(الأول) المضمر: قلت الرجل يشك بعد ما يتوضأ قال: هو حين ما يتوضأ

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 366

..........

______________________________

أذكر منه حين يشك (الثاني) الصحيح ففي آخره: فان دخله الشك- يعني في شي ء من وضوئه كما في صدره- و دخل في صلاته فليمض في صلاته و لا شي ء عليه (الثالث) الصحيح: إذا قمت من الوضوء و فرغت منه و صرت في حالة أخرى في الصلاة

أو غيرها فشككت في بعض ما سمى اللّٰه تعالى مما أوجب اللّٰه تعالى عليك فيه وضوءه فلا شي ء عليك (الرابع) صحيح ابن مسلم عن أبى جعفر عليه السّلام قال: كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو (الخامس) الخبر: كلما مضى من صلاتك أو طهورك فذكرته تذكرا فامضه (السادس) موثقة ابن أبى يعفور عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال: إذا شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشي ء، إنما الشك إذا كنت في شي ء لم تجزه و تقريب الاستدلال بها لهذه القاعدة من وجهين: (أحدهما) ان الضمير في (غيره) يرجع الى الوضوء لا إلى الشي ء الذي شك فيه، كما يدل عليه النص و الإجماع، ففي صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أ غسلت ذراعيك أم لا، فأعد عليهما و على جميع ما شككت فيه انك لم تغسله أو تمسحه مما سمى اللّٰه ما دمت في حال الوضوء، فاذا قمت من الوضوء و فرغت منه و صرت في حالة أخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمى اللّٰه تعالى مما أوجب اللّٰه عليك وضوءه فلا شي ء عليك فيه، و كما ان هذه الصحيحة تدل على ان الضمير في (غيره) يرجع إلى الوضوء لا إلى الشي ء الذي تعلق به الشك، لأن أخبارهم عليه السّلام يدل بعضها على بعض و انها كالكلام الواحد المتصل، كذلك تدل على ان المراد من الشي ء في ذيل الموثقة هو العمل الذي وقع الشك فيه لأجل احتمال الإخلال بشي ء مما يعتبر فيه شرطا أو شطرا لا الشي ء الذي شك في أصل وجوده و تحققه و

ثبوته كما هو مفاد قاعدة التجاوز

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 367

..........

______________________________

(ثانيهما) ان هذه الفقرة بنفسها و في حد ذاتها ظاهرة في ذلك عند التأمل، و ذلك لأن ظاهر قوله عليه السّلام إذا كنت في شي ء انك إذا كنت في أثنائه متشاغلا به غير متجاوز، فيجب أن يكون ذلك العمل مركبا ذا اجزاء و شرائط حتى يعقل تعلق الشك به ما دام الإنسان فيه، و من المعلوم ان ارتكاب الإضمار بحمل الشي ء على ارادة محله كما صنعه شيخ مشايخنا المرتضى في رسائله (قده) لا دليل عليه فظاهرها ان المراد من الشي ء هو العمل المركب الذي يتعلق به الشك، و من الواضح ان ظهورها في ذلك رافع لإجمال مرجع الضمير في صدرها، ضرورة ان القاعدة المزبورة في الذيل بمنزلة البرهان و الدليل لإثبات الحكم المذكور في الصدر، فيجب حينئذ أن يكون الحكم المذكور في الصدر جزئيا من جزئيات ما هو الموضوع في تلك القاعدة حتى يتم البرهان و يستقيم الدليل، فيستفاد من هذه الموثقة أمران: (أحدهما) انه لو تعلق الشك بصحة عمل مركب أو بتماميته بعد الفراغ منه لا يعتد بالشك بل يبنى على صحته و تماميته (ثانيهما) ان عدم الاعتداد بالشك بعد الفراغ منه أى من الوضوء إنما هو لكونه جزئيا من جزئيات هذه القاعدة.

إذا عرفت هذا فههنا أمور ينبغي التنبيه عليها:

(الأول) ان مفاد هذه القاعدة البناء على تمامية العمل المركب إذا شك بعد الفراغ منه في الإخلال ببعض ما يعتبر فيه شرعا، فمفادها لزوم البناء على تمامية العمل المركب إذا شك فيه بعد الفراغ منه و عدم الاعتناء بالشك فيه و التعبد بتماميته على ما هو عليه من الأجزاء و الشرائط واقعا،

فمفاد هذه القاعدة تنزيل العمل المركب المشكوك تماميته منزلة التام الواقعي النفس الأمري، نعم الشك في تماميته ينحل إلى أمور أربعة، لأنه تارة يكون من جهة الشك في

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 368

..........

______________________________

شرطه، و اخرى من جهة الشك في جزئه، و على التقديرين تارة يكون الشك في الوجود، و اخرى في صحة الموجود، و الوجه في كون مفادها ذلك ظاهر جدا، لأنه الظاهر من مضى الشي ء كما هو، و من عدم الاعتناء بالشك فيه، و من المضي فيما هو مرتب عليه مشروط به، و من نفى حكم الشك به بنفي نفسه و ماهيته و من الحصر و التعليل كما لا يخفى، و مما ذكرناه ظهر لك ان المراد من الشك فيه الشك في تماميته دون الشك في وجوده، و لا الشك في صحته، و لا الشك في الجامع بين الأمرين لما عرفت، و لا دليل على إرجاعه إلى الأول كما قيل، و مما ذكرناه ظهر لك أيضا ان هذه القاعدة أعم مطلقا من أصالة الصحة المطلقة و من قاعدة التجاوز، و ان كانت أخص مطلقا من كل منهما من جهة أخرى.

(الثاني) انه يعتبر في جريان هذه القاعدة أمور: (أحدها) أن يكون العمل المشكوك في تماميته و عدم تماميته مركبا ذا أجزاء خارجية و ذهنية، و يدل عليه ما مر.

(ثانيها) أن يكون ذلك العمل المركب عملا مستقلا في نفسه و ملحوظا على حياله في نظر العرف، و ان كان بنظر الشرع جزءا من عمل آخر أو شرطا له كالسعي و الطواف و نحوهما من أفعال الحج بالنسبة اليه و كالوضوء و الغسل و التيمم بالنسبة إلى الصلاة، و اما الأعمال التي ليس لها

استقلال في نفسها و ملحوظية في حد ذاتها كغسل الوجه و اليد و نحو ذلك و ان كانت مركبات حقيقية فلا تجري هذه القاعدة فيها، ضرورة أن مدركها منحصر في الأخبار لأنها مستند الإجماع و السيرة جزما و هي قاصرة لانصرافها عن ذلك.

أولا، و لظهور جعل مثل الصلاة و الطهور بيانا للمراد من الموصول الذي (العمل الابقى- 46)

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 369

..........

______________________________

هو المشكوك فيه في ذلك ثانيا. و لدوران الأمر بين التخصص و التخصيص بعد فرض عدم جريانها في الوضوء اتفاقا نصا و فتوى و الأول مقدم ثالثا. و لأنه يلزم من حملها على العموم عدم اطراد القاعدة المزبورة التي سيقت لبيان حكم الوضوء بالنسبة الى بعض مصاديق الوضوء و هو كما ترى رابعا. و لأن صدر الرواية يمنع من حمل لفظ الشي ء المذكور في ذيلها على هذا النحو من العموم، ضرورة انه كما ان ذيل الموثقة يرفع إجمال الصدر و يعين المراد من الضمير كذلك يرفع الإجمال عن الذيل، حيث انه يفهم من سياق الرواية ان مفهوم الصدر من مصاديق منطوق الذيل، فتكون الرواية بمنزلة قوله:

إذا شككت في شي ء من الوضوء و لم تدخل في غير الوضوء فشكك معتبر، و إنما يلغى الشك إذا كان بعد الفراغ من الشي ء لا قبله، فيعلم من ذلك ان الشك في الوضوء مطلقا ما دام الاشتغال به شك في الشي ء قبل الفراغ منه خامسا.

(ثالثها) ان يكون الشك بعد الفراغ من العمل المركب الاستقلالي، و وجهه واضح لصراحة الأخبار في ذلك كما لا يخفى، و هل يعتبر فيه الدخول في الغير أم لا؟ و جهان بل قولان، مقتضى إناطة عدم الاعتناء بالشك في الوضوء في

صحيحة زرارة بالقيام من الوضوء منه و صيرورته في حالة اخرى من الصلاة و غيره، و كذا في موثقة ابن ابى يعفور بالدخول في غير الوضوء: الأول، و مقتضى تعليق الاعتناء بالشك في ذيل الموثقة المسوق لبيان ضابط الحكم بكونه في الشي ء الذي يشك فيه و عدم تجاوزه عنه من دون تقييده بالدخول في الغير: الثاني، فيحتمل قويا جري التقييد في الصحيحة و صدر الموثقة مجرى الغالب، حيث ان الغالب ان من فرغ من عمل يشتغل في عمل آخر مباين له،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 370

..........

______________________________

لكن الأقوى عدم الاعتبار هنا لأن ظهور الذيل في إناطة الحكم وجودا و عدما بكونه مشغولا بالعمل و عدمه أقوى أولا، لأنه الظاهر من التعليل الوارد في خبر بكير بن أعين: في الرجل يشك بعد ما يتوضأ قال: هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك ثانيا، و لأن ظهور إطلاق غير واحد من الأخبار السابقة في الإطلاق و في عدم الاعتبار أقوى من ظهور التقييد في المقيد لكونها في مقام البيان و الحاجة ثالثا، فالأقوى كفاية مجرد الفراغ و عدم اعتبار الدخول، نعم ربما يتوقف إحراز عنوان الفراغ من العمل، سيما إذا كان الشك في تماميته ناشئا من احتمال الإخلال بجزئه الأخير على انتقاله الى حالة اخرى، نعم هو معتبر في قاعدة التجاوز لكنها قاعدة أخرى مستقلة فلا وجه للاستدلال بأخبارها على الاعتبار في هذه القاعدة، و لا لإرجاع ما نحن فيه الى تلك كما فعله شيخ مشايخنا في رسائله (قده) لكنه منه مبني على اتحادهما.

(الثالث) هل تختص قاعدة الفراغ بالوضوء و الصلاة لاختصاص أكثر الأخبار بهما؟ أو تجري في جميع أبواب الفقه من العبادات و المعاملات؟

وجهان

أقواهما الثاني، و يدل عليه (أولا) عموم التعليل هو حين ما يتوضأ أذكر منه حين يشك، فإنها توسع دائرة المعلول، مثل لا تأكل الرمان لأنه حامض (و ثانيا) إطلاق الشي ء في ذيل الموثقة ضرورة كون المدار عليه دون الصدر لما تقدم من كونه دليلا و برهانا عليه فهو المناط (و ثالثا) عموم الموصول في صحيحة محمد بن مسلم: كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو (و رابعا) الإجماع محصلا و منقولا مستفيضا ان لم يكن متواترا (و خامسا)

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 371

..........

______________________________

السيرة المستمرة القطعية فتأمل.

(الرابع) هل المراد بالشك في موضوع هذا الأصل خصوص الشك الطارئ بسبب الغفلة عن صورة العمل مع العلم بجزئية ما شك فيه أو شرطيته؟

فلو علم كيفية غسل اليد و انه كان بالارتماس في الماء لكنه شك في أن ما تحت خاتمه ينغسل بالارتماس أم لا، و لا يعلم كيفيته لكنه كان جاهلا بجزئيته أو شرطيته لم تجر، أو تعم الأول و الأخير دون الوسط؟ أو تجري في الجميع بل حتى في صورة احتمال الترك عمدا اختيارا اقتراحا؟ وجوه أقواها الأخير و يدل عليه أولا: إطلاق الأخبار، و ثانيا إطلاق الفتوى حيث ان الأصحاب (قده) أطلقوا القول بعدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ من العمل و لم يستثنوا من مجراها في باب الصلاة و الوضوء و غيرها شيئا من صوره السابقة و غيرها، ضرورة ان احتمال غفلتهم عنها أو ترك التعرض لها مع عموم الابتلاء بها في غاية البعد، و ثالثا: السيرة المستمرة القطعية، ضرورة انه ما من أحد إذا التفت الى إعماله السالفة الصادرة منه في الأعصار السابقة من عباداته و معاملاته إلا و يشك في

كثير منها لأجل الجهل بأحكامها أو اقترانها بأمور لو كان ملتفتا إليها لكان شاكا، ألا ترى ان جل العوام بل و العلماء غافلون عن كثير من الأمور المعتبرة في الصلاة و غيرها من العبادات و المعاملات في بدو أمرهم ثم يتجدد لهم العلم بها شيئا فشيئا فلا يمكنهم الجزم باشتمال ما صدر منهم في السابق على هذه الشرائط، بل و كثير من الاجزاء أيضا التي كانوا جاهلين بها مع انا كنا نراهم يبنون على الصحة، و رابعا: ان غالب موارد الاحتياج الى هذه القاعدة إنما هو تلك الصورة جزما لما عرفت فتأمل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 372

و لكن يجب عليه الغسل للأعمال الآتية (1)

______________________________

(و سادسا) لزوم العسر و الحرج لو لم نقل بذلك و هما منفيان في الشريعة كتابا و سنة و إجماعا كما قرر في محله، هذا و ليس في قبال هذه الوجوه سوى التعليل المستفاد من قوله عليه السّلام هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك، حيث أن الظاهر منه ان وجه الحمل على الصحة و النمامية تقديم الظاهر على الأصل، و لذا علله غير واحد من الأعلام أيضا بظهور الحال، حيث ان العاقل الكامل لا ينصرف عن العمل إلا بعد إكماله و إتمامه.

و فيه (أولا) منع دلالته على ذلك ضرورة انه لو كان المراد منه ذلك لكان اللازم ان يقال إذا كان حين يتوضأ اذكر منه حين يشك و حيث لم يعبر بذلك فالمراد منه انه هو حين الاشتغال به غالبا يكون أذكر منه حين يشك فالعلة لعدم الالتفات بالشك دائما و مطلقا هو الا ذكرية الغالبة، لا انه حينه يكون أذكر فعلا (و ثانيا) لو سلم دلالته لكن

جعله قرينة على التصرف في سائر الأخبار فرع كونه علة تامة منحصرة، و لا طريق لاستفادة ذلك منه سوى الإطلاق، و من المعلوم انه غير مسوق لمقام البيان من هذه الجهة جزما (و ثالثا) لو سلم ذلك أيضا لكن المفروض انا علمنا من الخارج بسبب ما تقدم عدم انحصار العلة بذلك (و رابعا) لو سلم عدم العلم بعدمه من الخارج فلا ريب و لا شبهة في أنه لا يقاوم ما تقدم من الأدلة دلالة و سندا و معتضدا، كيف لا و من جملتها قاعدة العسر و نفى الحرج و هي حاكمة على جميع الأحكام الثابتة لموضوعاتها بعناوينها الأولية و ما نحن فيه من هذا الباب و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و لكن يجب عليه الغسل للأعمال الآتية)

و ذلك لاستصحاب الحدث فإنه غير محكوم لشي ء من هذه الجهة (أولا) و قاعدة الشغل (ثانيا) و قاعدة الشك في المحل في الغسل بالنسبة إلى صلاة أخرى (ثالثا).

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 373

و لو كان الشك في أثناء الصلاة بطلت (1) لكن الأحوط إتمامها ثم الإعادة.

______________________________

قوله قده: (و لو كان الشك في أثناء الصلاة بطلت.)

لا ريب و لا شبهة في إلغاء الشك في الشرط إذا كان بعد الفراغ من المشروط لأنه يوجب الشك فيه، و مقتضى عموم أدلتها جريانها فيه، و اما لو شك في وجود الشرط أو في صحته بعد الدخول في المشروط قبل الفراغ منه، فان كان محل إحراز الشرط شرعا قبل الدخول في المشروط كالوضوء و الغسل و التيمم و الظهر بالنسبة إلى العصر و المغرب بالنسبة إلى العشاء من جهة الترتيب و نحو ذلك، فالأظهر إلغاء الشك فيه و البناء على وجوده لقاعدة

التجاوز في نفس الشرط، لكنه لا يجدي بالنسبة إلى مشروط آخر لم يدخل فيه بعد، ضرورة ان الشرط المذكور بالنسبة إلى مشروط آخر لم يدخل فيه بعد لم يتجاوز عن محله و لم يخرج عنه، بل الشك فيه شك في المحل، فقاعدة التجاوز و ان كان مفادها وجود ما يشك في وجوده تنزيلا و تعبدا، لكن بعد فرض صدق الخروج منه و التجاوز عنه و ان كان محل إحرازه و إيجاده حال الصلاة كالستر و الساتر و الاستقبال و النية و الوقت و الاستقرار و نحو ذلك، فلا بد من الاعتناء بالشك و لزوم الإتيان بالشرط، لان نسبته الى جميع أجزاء المشروط نسبة واحدة، و تجاوز محله باعتبار كونه شرطا للاجزاء الماضية لا يجدي بالنسبة إلى الأجزاء المستقبلة مع عدمه و اللّٰه العالم.

هذا ما أراده (قده) و بنى عليه من الفرق بين صلاة فرغ منها و بين صلاة بعد لم يفرغ منها، أو بعد لم يشرع بها في عدم جريان قاعدة الفراغ فيهما و عدم صحتهما دون ما فرغ منها.

نعم الأمر كما ذكره من عدم جريان قاعدة الفراغ فيهما، إذ لا معنى لإجرائها فيما لم يشرع فيه بعد و لا فيما شرع فيه و لم يتمه بالنسبة الى الأجزاء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 374

[ (مسألة 15) إذا اجتمع عليه أغسال متعددة]

(مسألة 15) إذا اجتمع عليه أغسال متعددة (1) فاما أن يكون جميعها واجبا أو يكون جميعها مستحبا أو يكون بعضها واجبا و بعضها مستحبا، ثم إما أن ينوي الجميع أو البعض فان نوى الجميع بغسل واحد صح في الجميع و حصل امتثال أمر الجميع، و كذا إن نوى رفع الحدث أو الاستباحة إذا كان جميعها

______________________________

الباقية التي لم يفرغ

منها بعد، و لكن لا أرى قصورا في شمول قاعدة التجاوز لهما بعد أن جرت فيما فرغ منه من الصلاة و بعد ما تعبدنا الشارع المقدس بالبناء على وجود الشرط أو صحته بعد الدخول في المشروط به فلا يحتاج إحرازه ثانيا بالنسبة إلى مشروط آخر لم يدخل به كلا أو بعضا، فملخص ما نريد بيانه. هو أنه لو شك في الغسل بعد الصلاة صحت صلاته التي فرغ منها و يصح أيضا الدخول في صلاة أخرى، غاية الأمر ان صحة ما فرغ منها من جهتين من جهة جريان قاعدة الفراغ فيها، و من جهة جريان قاعدة التجاوز في شرطها و هو الغسل، و اما صحة دخوله في صلاة أخرى أو إتمام ما بيده لو شك في الأثناء فلقاعدة التجاوز فقط بعد ما جرت فيما فرغ منها فهو بحكم الشارع متطهر تعبدا، و ليس لأخذ النسبة في الأخبار المروية عن الأئمة الأطهار عين و لا أثر، بل هي على خلافها أدل، خصوصا فيما لو كان الشك في الأثناء لقوله عليه السّلام في ذيل صحيحة زرارة يا زرارة: إذا خرجت من شي ء و دخلت في غيره فشككت فشكك ليس بشي ء، و في ذيل صحيح إسماعيل بن جابر: كل شي ء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه، و لعل الوجه في احتياطه (قده) فيما لو شك في الأثناء بالإتمام و الإعادة هو ما ذكرناه و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 15: (إذا اجتمع عليه أغسال متعددة. إلخ)

إذا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 375

أو بعضها لرفع الحدث و الاستباحة، و كذا لو نوى القربة و حينئذ فإن كان فيها غسل الجنابة لا حاجة الى الوضوء

بعده، أو قبله و إلا وجب الوضوء، و إن نوى واحدا منها و كان واجبا كفى عن الجميع أيضا على الأقوى و إن كان ذلك الواجب غير غسل الجنابة و كان من جملتها، لكن على هذا يكون امتثالا بالنسبة

______________________________

اجتمعت على الإنسان أسباب مختلفة تقتضي الغسل كفى غسل واحد بنية القربة عن الجميع، سواء كانت كلها واجبة أو مستحبة أو مختلفة، و سواء لاحظ التداخل في النية أولا، عين شيئا منها أو لا، كما في الوضوء بعينه، و لا خلاف ثمة أي في الاكتفاء بوضوء واحد للجميع، و اما ههنا فقد حكى اتفاقهم على صورتين، الاجزاء فيما إذا كانت الأغسال واجبة و فيها الجنابة و نوى الجميع، و ما إذا كانت واجبة و نوى الجنابة، و ربما استشكل في الأخير سيما إذا كان المقصود عدم رفع غيره إذ لا عمل إلا بنية، و عدم معلومية شمول الأدلة له، اما في غير هاتين فقيل باجزاء غسل الجنابة إذا نواه عن غيره دون العكس، كما عن العلامة (قده) لأن حدث الجنابة أقوى من غيره من أسباب الغسل و رفع الأدنى لا يستلزم رفع الأقوى، و إذا لم ترتفع الجنابة لم يرتفع غيرها أيضا، و وجه قوة الجنابة ان مع ارتفاعها ترتفع باقي الأحداث بخلاف ما عداها بدليل وجوب الوضوء بعد غسله دون غسلها، و لا يخفى ضعفه، و قيل باجزاء الواجب جنابة كان أو غيرها إذا نواه عن المندوب دون العكس كما عن الشيخ (قده) لوجوب نية الواجب بخصوصه و لأن المقصود من الغسل الندبي التنظيف، و من هو محدث بالحدث الأكبر لا يصح منه التنظيف، و لا يخفى ضعفه لمنع اشتراط نية الواجب بخصوصه لصدق الامتثال بدونه

و لا يتوقف التنظيف على رفع الحدث الأكبر، و قيل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 376

الى ما نوى و أداء بالنسبة إلى البقية و لا حاجة الى الوضوء إذا كان فيها الجنابة و إن كان الأحوط مع كون أحدها الجنابة أن ينوي غسل الجنابة، و إن نوى بعض المستحبات كفى أيضا عن غيره من المستحبات، و أما كفايته عن الواجب ففيه اشكال و إن كان غير بعيد لكن لا يترك الاحتياط.

______________________________

بعدم التداخل مطلقا كما في القواعد، لأصالة عدم التداخل و أصالة تعدد المسببات بتعدد الأسباب، و الأصح ما قلناه سابقا من التداخل مطلقا، لا لما قيل من صدق الامتثال و أصالة البراءة للذمة من الزائد على الإتيان بغسل واحد، و من تعين الكل، و من ملاحظة التداخل و ظهور ان الغرض من الأوامر الغسل إنما هو الأطهار كما يظهر من فحاوي الأخبار، و يشهد له الاعتبار، إذ فيه ان مطلوب الشارع أغسال متعددة كما هو مقتضى الأوامر، و إذا كان المطلوب متعددا كيف يحصل الامتثال بواحد، مع قوله عليه السّلام: إنما الأعمال بالنيات، و إنما لكل امرئ ما نوى، و الأوامر صريحة في التكليف بالأغسال و طلبها، فلا معنى لجريان أصل البراءة فيها، بل إنما العمدة المستفيضة: منها الصحيح المروي في الكافي عن زرارة، و في التهذيب عن أحدهما (ع) و في السرائر عن الباقر عليه السّلام قال: إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الجمعة و عرفة و النحر و الحلق و الذبح و الزيارة، و إذا اجتمعت للّه عليك حقوق أجزأك عنها غسل واحد، و كذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها و إحرامها و جمعتها و غسلها من

حيضها و عيدها، و في الرواية في الكتب المذكورة تفاوت ما، و منها الصحيح المروي في التهذيب و الكافي في باب الميت الجنب الذي يموت و هو جنب عن زرارة قال قلت

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 377

..........

______________________________

لأبي جعفر عليه السّلام ميت مات و هو جنب كيف يغسل؟ و ما يجزيه من الماء؟

قال: يغسل غسلا واحدا يجزى ذلك للجنابة و لغسل الميت لأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة، و وجه الاستدلال فيها من حيث التعليل فإنه عام، و في الموثق الباقرى: إذا حاضت المرأة و هي جنب أجزأها غسل واحد، و في المرسل: إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأ عنه ذلك الغسل من كل غسل يلزمه ذلك اليوم، و الموثق: عن المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل أن تغتسل قال ان شاءت ان تغتسل فعلت و ان لم تفعل ليس عليها شي ء فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض و الجنابة، و الخبر الصادقي: عن رجل وقع على امرأته فطمثت بعد ما فرغ أ تجعله غسلا واحدا إذا طهرت؟

أو تغتسل مرتين؟ قال: تجعله غسلا واحدا عند طهرها، و فيه عن المرأة تحيض و هي جنب هل عليها غسل الجنابة؟ قال: غسل الجنابة و الحيض واحد الى غير ذلك من الأخبار، قال في المعتصم (قده) بعد أن ذكر الأخبار المذكورة: و لا غبار على ذلك لو لم يعين السبب أو لاحظ التداخل في النية، اما لو عين واحدا من الأسباب ففي إجزائه عن البواقي و جهان، و يشهد للإجزاء مضافا الى صدق الامتثال ما رواه الصدوق في الفقيه- مع اعتقاده صحة ما يورده فيه و ضمانه بفتواه- ان من جامع في أول شهر رمضان

ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان فعليه أن يغتسل و يقضى صلواته و صومه، إلا أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنه يقضى صلواته و صومه الى ذلك اليوم، و لا يقضى ما بعد ذلك. و فيه إشكال ينشأ من قوله عليه السّلام إنما لكل امرئ ما نوى، و يقوى الإشكال مع قصد النفي عن غير المنوي و يتوجه البطلان هنا للتناقض.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 378

[ (مسألة 16) الأقوى صحة غسل الجمعة من الجنب و الحائض]

(مسألة 16) الأقوى صحة غسل الجمعة من الجنب و الحائض بل لا يبعد اجزاؤه عن غسل الجنابة بل عن غسل الحيض إذا كان بعد انقطاع الدم (1).

[ (مسألة 17) إذا كان يعلم إجمالا أن عليه أغسالا]

(مسألة 17) إذا كان يعلم إجمالا أن عليه أغسالا لكن لا يعلم بعضها بعينه يكفيه أن يقصد جميع ما عليه (2) كما يكفيه أن يقصد البعض المعين و يكفى

______________________________

و ربما يقال: بالصحة أيضا و إن وقع الخطاء في النية لصدق الامتثال بذلك، و قد قطع أكثر الأصحاب بأنه لو نوى رفع حدث معين في الوضوء ارتفع الجميع لوجوب حصول المنوي و هو لا يحصل إلا برفع الجميع و هو جار في الغسل، إلا أن فيه اشكالا من حيث اتحاد معنى الحدث و عدم القصد الى رفعه فليتأمل. انتهى كلامه رفع مقامه، و الأحوط ملاحظة التداخل و النية و التعيين في جميع الأقسام، و أحوط منه الإتيان بكل غسل غسل و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 16: (الأقوى صحة غسل الجمعة من الجنب و الحائض بل لا يبعد اجزاؤه عن غسل الحيض إذا كان بعد انقطاع الدم. انتهى)

هذه المسألة من جزئيات المسألة المتقدمة، و قد ذكرنا الحكم فيها و ان الأقوى إجزاؤه عن غيره، و مما يدل عليه صريحا ما نقلناه عن الصدوق في الفقيه قريبا صحيفة 377 ما رواه: من ان من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان فعليه أن يغتسل و يقضى صلواته و صومه، إلا أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنه يقضى صلواته و صومه الى ذلك اليوم، و لا يقضى ما بعد ذلك و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 17: (إذا كان يعلم إجمالا ان عليه أغسالا لكن لا يعلم بعضها

بعينه يكفيه أن يقصد جميع ما عليه. إلخ)

لا يخفى ان هذه المسألة أيضا من فروع المسألة السابقة أعني مسألة (15) فإنا ذكرنا فيها كفاية قصد

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 379

عن غير المعين، بل إذا نوى غسلا معينا و لا يعلم و لو إجمالا غيره و كان عليه في الواقع كفى عنه أيضا و إن لم يحصل امتثال أمره، نعم إذا نوى بعض الأغسال و نوى عدم تحقق الآخر ففي كفايته عنه اشكال بل صحته أيضا لا يخلو عن اشكال بعد كون حقيقة الأغسال واحدة، و من هذا يشكل البناء على عدم التداخل بان يأتي باغسال متعددة كل واحد بنية واحد منها لكن لا إشكال إذا أتى فيما عدا الأول برجاء الصحة و المطلوبية.

______________________________

جميع ما عليه من الأغسال بغسل واحد، و كذلك كفاية قصد البعض عن الكل كما دلت عليه الأخبار السابقة، و لا فارق بين المسألتين سوى العلم التفصيلي بالأغسال هناك و العلم الإجمالي هنا، و هو لا يصلح فارقا بين المسألتين و كذلك كفاية ما إذا نوى غسلا معينا و لا يعلم و لو إجمالا غيره كما هو صريح رواية الفقيه: من جامع في أول شهر رمضان. إلخ. صحيفة 377 نعم يبقى الكلام فيما ذكر (قده) فيما إذا نوى بعض الأغسال و نوى عدم تحقق الآخر ففي كفاية ما نواه عن الآخر و ان نوى عدم تحققه اشكال، بل الإشكال في صحة ما نواه، و وجه الإشكال في الأول إمكان دعوى قصور شمول النصوص المذكورة للفرض المذكور، و الإشكال في الثاني و هو عدم ارتفاع ما نواه هو دعوى ان الحدث الذي هو نجاسة حكمية واحد و ان تعددت أسبابه المشار

اليه بقوله بعد كون حقيقة الأغسال واحدة، فنية عدم ارتفاع الآخر يرجع الى عدم ارتفاع ما نواه و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 380

[فصل في الحيض]

اشارة

فصل في الحيض

[مسائل]
اشارة

و هو دم خلقه اللّٰه تعالى في الرحم (1) لمصالح و في الغالب أسود أو أحمر غليظ طرى حار يخرج بقوة و حرقة، كما أن دم الاستحاضة بعكس ذلك، و يشترط أن يكون بعد البلوغ (2) و قبل اليأس، فما كان قبل البلوغ أو بعد اليأس ليس بحيض و إن كان بصفاته و البلوغ يحصل بإكمال تسع سنين و اليأس ببلوغ ستين سنة في

______________________________

قوله قده (فصل: في الحيض، و هو دم خلقه اللّٰه في الرحم. إلخ)

الحيض في اللغة السيل: و شرعا دم أسود حار يخرج بحرقة- بضم الحاء- أى لذع و حرارة يعتاد المرأة البالغة تسعا كل شهر مرة غالبا ففي الصحيح الصادقي المروي في الكافي: ان دم الاستحاضة و الحيض ليس يخرجان من مكان واحد، ان دم الاستحاضة بارد و ان دم الحيض حار، و في آخر المروي في الكافي أيضا: ان دم الحيض حار عبيط أسود له دفع و حرارة و دم الاستحاضة أصفر بارد، فاذا كان للدم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصلاة، و في الموثق المروي في الكافي أيضا: دم الحيض ليس به خفاء هو دم حار تجد له حرقة، و دم الاستحاضة دم فاسد بارد، و في الحسن في قوله تعالى:

(إِنِ ارْتَبْتُمْ) قال: ما جاز الشهر فهو ريبة، و عن الصادق عليه السّلام ان اللّٰه حد للنساء في كل شهر مرة.

قوله قده: (و يشترط أن يكون بعد البلوغ. إلخ)

اما اعتبار بلوغ التسع فيه فيدل عليه بعد الإجماع بقسميه كما حكاه في الجواهر و غيره، بل نسب الى الفقهاء كافة، بل و جميع المسلمين: الأخبار منها صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج عن ابى عبد اللّٰه (ع) قال

ثلاث يتزوجن على كل حال التي لم تحض

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 381

القرشية و خمسين في غيرها، و القرشية من انتسب الى نضر بن كنانة

______________________________

و مثلها لا تحيض، قلت ما حدها؟ قال: إذا أتى لها أقل من تسع سنين، و التي لم يدخل بها، و التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض، قلت ما حدها؟ قال: إذا كان لها خمسون سنة، و موثقته عنه (ع) قال سمعت أبا عبد اللّٰه (ع) يقول: ثلاثة يتزوجن على كل حال، التي يئست من المحيض و مثلها لا تحيض، قلت متى يكون كذلك؟ قال: إذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض، و التي لم تحض و مثلها لا تحيض، قلت و متى يكون كذلك؟ قال: ما لم تبلغ تسع سنين فإنها لا تحيض و مثلها لا تحيض، و التي لم يدخل بها، و في رواية عنه كما في الروض و غيره: إذا كمل لها تسع سنين أمكن حيضها الى غير ذلك.

و اما اعتبار عدم يأسها فلا خلاف فيه نصا و فتوى، بل الإجماع بقسميه عليه كما دلت عليه صحيحة عبد الرحمن و موثقته المتقدمتان، و إنما الخلاف في حده و قد اضطربت فيه كلماتهم (قده) فقيل: بأنه ستون مطلقا، و قيل:

بأنه خمسون مطلقا، و قيل: بالأول في القرشية و النبطية و بالثاني في غيرهما.

و قد يستدل على الأول بالاستصحاب و قاعدة الإمكان و نصوص العادة، و موثق عبد الرحمن بن الحجاج، و ما أرسله الكليني بقوله: و روى ستون سنة أيضا.

و للثاني على ما في الجواهر (قده) للأصل بل للأصول و العمومات التي تقدمت الإشارة إليها في مسألة التوالي،

و قول الصادق (ع) في الصحيح:

حد التي يئست من المحيض خمسون سنة، و نحوه صحيحه الآخر على كلام في سهل، و مرسل أحمد بن محمد بن ابى نصر المروي في الكافي و التهذيب بطريق فيه سهل أيضا. إلخ ما ذكره.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 382

و من شك في كونها قرشية يلحقها حكم غيرها (1) و المشكوك البلوغ محكوم بعدمه و المشكوك يأسها كذلك. (2)

[ (مسألة 1) إذا خرج ممن شك في بلوغها دم]

(مسألة 1) إذا خرج ممن شك في بلوغها دم و كان بصفات الحيض (3)

______________________________

و للثالث بأنه وجه جمع بين النصوص السابقة و شاهده مرسل ابن ابى عمير عن الصادق (ع) قال: إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة، إلا أن تكون امرأة من قريش، و نحوه مرسل الغنية عنه قال في مصباح الفقيه:

و الظاهر ان هذا القول مختار معظم الأصحاب، بل عن جملة من كتبهم نسبته الى المشهور، بل عن التبيان و مجمع البيان نسبته إلى الأصحاب، و قد الحق جملة من أصحاب هذا القول بالقرشية النبطية. إلخ ما ذكره (قده).

قوله قده: (و من شك في كونها قرشية يلحقها حكم غيرها. إلخ)

قال في مصباح الفقيه: و لو اشتبه المصداق فالمرجع أصالة عدم الانتساب المعول عليها لدى العلماء في جميع الموارد التي يشك في تحقق النسبة، بل الاعتماد عليها في مثل ما نحن فيه من الأمور المغروسة في أذهان المتشرعة، بل المركوز في أذهان العقلاء قاطبة، و لذا لا يعتنى أحد باحتمال كونه قرشيا مع أن هذا الاحتمال بالنسبة إلى أغلب الأشخاص محقق، بل ربما يكون مظنونا و مع ذلك لا يلتفتون اليه و يرتبون آثار خلافه و هذا مما لا شبهة فيه، و إنما الإشكال في تعيين

وجه عمل العقلاء و العلماء بهذا الأصل و بنائهم على عدم تحقق النسبة المشكوكة، و ترتيب آثار خلافها، و لا يبعد أن يكون منشأ الغلبة و حكمة اعتبارها لديهم انسداد باب العلم غالبا. إلخ ما ذكره (قده).

قوله قده: (و المشكوك البلوغ محكوم بعدمه و المشكوك يأسها كذلك. اه)

للاستصحاب في الموضوعين و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 1: (إذا خرج ممن شك في بلوغها دم و كان بصفات الحيض. إلخ)

الظاهر ان منشأ الحكم بحيضية مثل هذا الدم الخارج ممن شك

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 383

يحكم بكونه حيضا و يجعل علامة على البلوغ، بخلاف ما إذا كان بصفات الحيض و خرج ممن علم عدم بلوغها (1) فإنه لا يحكم بحيضيته و هذا هو المراد من شرطية البلوغ.

______________________________

في بلوغها و كان بصفات الحيض هو قاعدة الإمكان، مستدلين عليه كما حكى عن الفاضلين في المعتبر و المنتهى بعد الإجماع بأنه دم في زمان يمكن أن يكون حيضا فيكون حيضا، بدعوى ان هذه القاعدة و هي ان كلما أمكن أن يكون حيضا فهو حيض من القواعد المسلمة عندهم. و منشأ اعتبار هذه القاعدة و مسلميتها عندهم هو الحمل على أصل السلامة في المزاج فان كل احتمال ينافيه أصالة السلامة لا يلتفت إليه. لأن أصل السلامة أصل معتبر معتمد عليه عند العقلاء كافة في جميع أمورهم معاشا و معادا و معلوم ان الحيض دم يقذفه الرحم بمقتضى طبعه لا لعلة، حتى ان عدمه عيب في النساء فلا مجال لنفيه بأصالة عدمه، بخلاف غيره من الدماء كالاستحاضة و القرح و الجرح أو بحصول الافتضاض فان الجميع موقوف على عوارض و أمراض خارجة عن مقتضى الطبيعة و الخلقة، فما لم يكن

العلة محققة يحكم بكون الدم بمقتضى الطبيعة و هو الحيض، نعم إذا أحرز وجود العلة كما إذا كان الجوف مقروحا أو مجروحا أو بحصول الافتضاض المقتضى لخروج الدم و شك في كون الدم منه أو من الحيض فلا يتمشى الأصل، إذا لا شك في عدم السلامة، فلا بد حينئذ من الرجوع الى ما جعله الشارع طريقا لتشخيص كل من الدمين أو الدماء كخروج القطنة مطوقة أو منغمسة أو من الجانب الأيسر و نحوه.

قوله قده: (بخلاف ما إذا كان بصفات الحيض و خرج ممن علم عدم بلوغها. إلخ)

فإنه لا يحكم عليه بالحيضية لما تقدم من اشتراط كونه بعد البلوغ

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 384

[ (مسألة 2) لا فرق في كون اليأس بالستين أو الخمسين بين الحرة و الأمة، و حار المزاج و باردة، و أهل مكان و مكان]

(مسألة 2) لا فرق في كون اليأس بالستين (1) أو الخمسين بين الحرة و الأمة، و حار المزاج و باردة، و أهل مكان و مكان.

[ (مسألة 3) لا إشكال في أن الحيض يجتمع مع الإرضاع]

(مسألة 3) لا إشكال في أن الحيض يجتمع مع الإرضاع و في اجتماعه مع الحمل قولان (2)، الأقوى أنه يجتمع معه سواء كان قبل الاستبانة أم بعدها

______________________________

قوله قده مسألة 2: (لا فرق بين كون اليأس بالستين. إلخ)

و ذلك لإطلاق الأدلة المتقدمة.

قوله قده مسألة 3: (لا إشكال في ان الحيض يجتمع مع الإرضاع و في اجتماعه مع الحمل قولان. إلخ)

اما عدم الإشكال في اجتماعه مع الإرضاع فلوقوعه و عدم الخلاف فيه، و لا مانع منه من عقل و لا نقل، و اما اجتماعه مع الحمل فقولان النفي و الإثبات و ان كان بعض أقوال النفي و الإثبات في الجملة لا مطلقا، و منشأ ذلك اختلاف الأخبار، و مما يدل على الاجتماع معه و هو المشهور كما حكاه بعضهم صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام انه سئل عن الحبلى ترى الدم أ تترك الصلاة؟ فقال: نعم ان الحبلى ربما قذفت بالدم، و صحيح صفوان قال سألت أبا الحسن (ع) عن الحبلى ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام تصلى؟ قال: تمسك عن الصلاة، و صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال: سألته عن الحبلى ترى الدم كما كانت ترى أيام حيضها مستقيما في كل شهر قال: تمسك عن الصلاة كما كانت تصنع في حيضها، فاذا طهرت صلت، و عن حريز عمن أخبره عن الباقر و الصادق عليهما السلام في الحبلى ترى الدم؟

قال: لا تدع الصلاة فإنه ربما بقي في الرحم الدم و لم يخرج و تلك الهراقة، و عن أبى

بصير في الموثق عن الصادق عليه السّلام قال سألته عن الحبلى ترى الدم؟

قال: نعم انه ربما قذفت المرأة الدم و هي حبلى، و عن سماعة قال سألته عن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 385

و سواء كان في العادة أو قبلها أو بعدها، نعم فيما كان بعد العادة بعشرين يوما الأحوط الجمع بين تروك الحائض و اعمال المستحاضة.

______________________________

امرأة رأت الدم في الحبل قال: تقعد أيامها التي كانت تحيض، فاذا زاد الدم على الأيام التي كانت تقعد استظهرت بثلاثة أيام ثم هي مستحاضة، و ما رواه الكليني في الحسن عن سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد اللّٰه (ع) جعلت فداك الحبلى ربما طمثت فقال: نعم و ذلك ان الولد في بطن امه غذاؤه الدم فربما كثر ففضل عنه، فاذا فضل دفقته، فاذا دفقته حرمت عليها الصلاة، قال:

و في رواية أخرى إذا كانت كذلك تأخر الولادة و عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا الحسن (ع) عن الحبلى ترى الدم و هي حامل كما كانت ترى قبل ذلك في كل شهر هل تترك الصلاة؟ قال: تترك الصلاة إذا دام، هذه الأخبار هي مستند المشهور و هي ظاهرة في المدعى أعلى إفراد الظهور.

و اما حجة النافين ما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه (ع) قال قال النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم ما كان اللّٰه تعالى ليجعل حيضا مع حبل، يعني إذا رأت المرأة الدم و هي حامل لا تدع الصلاة إلا أن ترى على رأس الولد إذا ضربها الطلق و رأت الدم تركت الصلاة، و ما عن حميد بن المثنى في الصحيح قال سألت أبا الحسن الأول (ع)

عن الحبلى ترى الدفقة و الدفقتين من الدم في الأيام و في الشهر و الشهرين فقال: تلك الهراقة، ليس تمسك هذه عن الصلاة و ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن نعيم الصحاف قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السلام ان أم ولدي ترى الدم و هي حامل كيف تصنع بالصلاة؟ قال:

فقال لي إذا رأت الحامل الدم بعد ما يمضى عشرون يوما من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم من الشهر الذي كانت تقعد فيه فان ذلك ليس من الرحم و لا من الطمث، فلتتوضأ و لتحش بكرسف و تصل، و أما إذا رأت الحامل الدم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 386

[ (مسألة 4) إذا انصب الدم من الرحم الى فضاء الفرج]

(مسألة 4) إذا انصب الدم من الرحم الى فضاء الفرج و خرج منه شي ء (1) في الخارج و لو بمقدار رأس ابرة لا إشكال في جريان أحكام الحيض و أما إذا انصب و لم يخرج بعد و إن كان يمكن إخراجه بإدخال قطنة أو إصبع

______________________________

قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها، فان انقطع الدم عنها قبل ذلك فلتغتسل و لتصل الحديث، و الذي يظهر من الأخبار المثبتة و النافية بعد التأمل فيها و حمل مطلقها على مقيدها هو حمل الأخبار النافية على الغالب عادة، فإن الغالب عدم مجامعة الحيض مع الحمل، هذا مع عدم مقاومتها للأخبار المثبتة لكثرتها و صحتها و ذهاب المشهور الى العمل بها، و موافقة تلك للعامة على ما حكى، مع عدم صراحة جملة منها في الدلالة على المطلوب، فالقول بالاجتماع هو الأظهر، هذا مع إبقاء الطائفتين من

الأخبار على الإطلاق، و اما بان تقيد كلا الطائفتين بحمل المثبتة على ما جمع صفات الحيض و النافية على ما جمع صفات الاستحاضة، و يدل على هذا الطريق من الجمع رواية محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن المرأة الحبلى قد استبان حبلها ترى ما ترى الحائض من الدم قال: تلك الهراقة من الدم ان كان دما أحمر كثيرا فلا تصل، و ان كان قليلا أصفر فليس عليها إلا الوضوء، و الظاهر ان هذا الجمع مذهب الصدوق كما نقله عنه في الحدائق فراجع، و الاحتياط طريق النجاة فيها، سواء كانت في زمن العادة أو تقدم عليها أو تأخر عنها بعشرين يوما أو أقل أو أكثر و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 4: (إذا انصب الدم من الرحم الى فضاء الفرج و خرج منه شي ء. إلخ)

اما عدم الإشكال في إجراء الأحكام مع الخروج منه الى

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 387

ففي جريان أحكام الحيض اشكال فلا يترك الاحتياط بالجمع بين أحكام الطاهر و الحائض و لا فرق بين أن يخرج من المخرج الأصلي (1) أو العارضي.

[ (مسألة 5) إذا شكت في أن الخارج دم أو غير دم]

(مسألة 5) إذا شكت في أن الخارج دم أو غير دم (2) أو رأت دما في ثوبها و شكت في أنه من الرحم أو من غيره لا تجري أحكام الحيض و إن علمت بكونه دما و اشتبه عليها فاما أن يشتبه بدم الاستحاضة أو بدم البكارة أو بدم القرحة فإن اشتبه بدم الاستحاضة يرجع الى الصفات (3) فان كان بصفة

______________________________

الخارج لأنه القدر المتيقن لتحقق الموضوع فيه فتشمله الأدلة، و اما الإشكال فيما إذا نصب من الرحم الى فضاء الفرج و لم يخرج بعد فينشأ من أن الحيض

لغة السيل، أو بقوة، أو سيلان الدم، و عليه لم يتحقق الموضوع على سائر المعاني ليترتب عليه أحكامه، و من الاكتفاء به ببقائه في فضاء الفرج كما دلت عليه أخبار الاستبراء بدعوى عدم الفرق بين الحدوث و البقاء، و الأقرب اختصاص ذلك بالبقاء، لاختصاص الأخبار بل الإجماع كما ادعى به، و يرجع في الحدوث إلى أصالة عدم التحيض حتى يخرج الدم الى الخارج، و الاحتياط بالجمع بين أحكام الطاهر و الحائض سبيل النجاة.

قوله قده: (و لا فرق بين أن يخرج من المخرج الأصلي. إلخ)

لإطلاق الأدلة و الأحوط فيما لم يصر العارضي معتادا الاحتياط بالجمع بين أحكام الطاهر و الحائض فإنه سبيل النجاة.

قوله قده مسألة 5: (إذا شكت في أن الخارج دم أو غير دم. إلخ)

عدم تحيضها في الفرضين المذكورين لاستصحاب الأحكام الثابتة لها و الشك في تبدلها.

قوله قده: (فان اشتبه بدم الاستحاضة يرجع الى الصفات. إلخ)

للنصوص الدالة على ذلك في الجملة ففي صحيحة حفص بن البختري أو حسنته

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 388

الحيض بحكم بأنه حيض و إلا فإن كان في أيام العادة (1) فكذلك و إلا فيحكم بأنه

______________________________

قال دخلت على أبى عبد اللّٰه عليه السّلام امرأة سألته عن المرأة يستمر بها الدم فلا يدرى حيض هو أم غيره قال فقال: لها ان دم الحيض حار عبيط أسود له دفع و حرارة، و دم الاستحاضة أصفر بارد، فاذا كان للدم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصلاة، قال: فخرجت و هي تقول و اللّٰه لو كان امرأة ما زاد على هذا، و في صحيحة معاوية بن عمار قال: ان دم الاستحاضة بارد، و دم الحيض حار، و موثقة إسحاق بن جرير قال

سألت امرأة منا أن أدخلها على أبى عبد اللّٰه عليه السّلام فاستأذنت لها فدخلت و معها مولاة لها- الى أن قال- فقالت له ما تقول في المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها؟ قال: ان كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة، قالت فان الدم يستمر بها الشهر و الشهرين و الثلاثة كيف تصنع بالصلاة؟ قال: تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلاتين، قالت له إن أيام حيضها تختلف عليها و كان يتقدم الحيض اليوم و اليومين و الثلاثة، و يتأخر مثل ذلك فما علمها به؟ قال: دم الحيض ليس به خفاء هو دم حار تجد له حرقة، و دم الاستحاضة دم فاسد بارد، قال فالتفتت الى مولاتها فقالت أ ترينه كان امرأة مرة.

قوله قده: (و إلا فإن كان في أيام العادة. إلخ)

أي يسقط اعتبار الصفة المتقدمة في الدم مع العادة إجماعا فتوى و نصا الثابتة بتكررها مرتين متساويتين كما سيأتي بيانه في المسألة الثامنة، فلا مجال لان يعارض بأخبار الصفات، بل لا مجال لأن يعارض بها مطلقاتها، و ان كانت النسبة بينهما عموما من وجه، لأظهرية المطلقات في شمول مورد التعارض منها سيما بملاحظة خصوص الصحيح الصادقي الآتي ذكره في المسألة التاسعة.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 389

استحاضة، و إن اشتبه بدم البكارة (1) يختبر بإدخال قطنة في الفرج و الصبر قليلا ثم إخراجها فإن كانت مطوقة بالدم فهو بكارة و إن كانت منغمسة به فهو حيض

______________________________

قوله قده: (و ان اشتبه بدم البكارة. إلخ)

فيعتبر بالقطنة كما ذكره و نحوها، و لا يلتفت حينئذ إلى أوصاف الدم الى الرجوع الى الأوصاف إنما هو لتمييز الحيض عن الاستحاضة لا عن سائر

الدماء، فان خرجت مطوقة فهو دم العذرة، و إن خرجت منغمسة فهو الحيض، لصحيحة خلف بن حماد قال دخلت على أبى الحسن موسى بن جعفر (ع) بمنى فقلت له إن رجلا من مواليك تزوج جارية معصرا لم تطمث فلما افتضها سال الدم فمكث سائلا لا ينقطع نحوا من عشرة أيام، و ان القوابل اختلفن في ذلك، فقال بعضهن:

دم الحيض، و قال بعضهن: دم العذرة فما ينبغي لها أن تصنع؟ قال (ع):

فلتتق اللّٰه فان كان من دم الحيض فلتمسك عن الصلاة حتى ترى الطهر و ليمسك عنها بعلها، و ان كان من العذرة فلتتق اللّٰه و لتتوضأ و لتصل و يأتيها بعلها ان أحب ذلك، فقلت له و كيف لهم أن يعلموا ما هو حتى يفعلوا ما ينبغي؟

قال: فالتفت يمينا و شمالا في الفسطاط مخافة أن يسمع كلامه أحد ثم نهد الى فقال يا خلف سر اللّٰه فلا تذيعوه و لا تعلموا هذا الخلق أصول دين اللّٰه، بل ارضوا لهم ما رضي اللّٰه لهم من ضلال، قال ثم عقد بيده اليسرى تسعين، ثم قال: تستدخل القطنة ثم تدعها مليا ثم تخرجها إخراجا رفيقا فان كان الدم مطوقا في القطنة فهو من العذرة، و ان كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض، قال خلف: فاستخفني الفرح فبكيت، فلما سكن بكائي قال ما أبكاك؟ قلت جعلت فداك من كان يحسن هذا غيرك؟! قال: فرفع يده الى السماء و قال: انى و اللّٰه ما أخبرك إلا عن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم عن جبرئيل عن اللّٰه عز و جل و صحيحة زياد بن سوقة قال سئل أبو جعفر عليه السّلام عن رجل افتض- امرأته أو

العمل

الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 390

و الاختبار المذكور واجب فلو صلت بدونه بطلت (1) و إن تبين بعد ذلك عدم كونه حيضا إلا إذا حصل منها قصد القربة بأن كانت جاهلة أو عالمة أيضا إذا فرض حصول قصد القربة مع العلم أيضا، و إذا تعذر الاختبار ترجع إلى الحالة السابقة (2) من طهر أو حيض و إلا فتبني على الطهارة لكن مراعاة الاحتياط أولى، و لا يلحق بالبكارة في الحكم المذكور غيرها (3) كالقرحة المحيطة بأطراف

______________________________

أمته فرأت دما كثيرا لا ينقطع عنها يوما كيف تصنع بالصلاة؟ قال: تمسك الكرسف فان خرجت القطنة مطوقة بالدم، فإنه من العذرة تغتسل و تمسك معها قطنة و تصلى، فإن خرج الكرسف منغمسا بالدم فهو من الطمث تقعد عن الصلاة أيام الحيض، و لا يخفى ان هذا فيما لو تردد الدم بين الاحتمالين من الحيض أو العذرة فقط فيحكم بالحيضية في صورة انغماس القطنة و عدم تطوقها لا فيما إذا احتمل كونه من القرحة أو الاستحاضة أو الحيض أو العذرة مثلا فإنه لا يحكم بالحيضية عند عدم التطوق كما هو ظاهر السؤال و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و الاختبار المذكور واجب فلو صلت بدونه بطلت. إلخ)

بل الظاهر الصحة لو صلت قبل الاختبار برجاء المطلوبية على تقدير الموافقة للواقع و انه دم العذرة و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و إذا تعذر الاختبار ترجع إلى الحالة السابقة. إلخ)

أما وجه رجوعها إلى الحالة السابقة من طهر أو حيض فهو ما يقتضيه الاستصحاب نعم يشكل ما ذكره من البناء على الطهارة في صورة عدم علمها بالحالة السابقة إذ هو تمسك بالعام في الشبهة المصداقية و هو خلاف التحقيق، فالأولى ما ذكره من مراعاة الاحتياط

و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و لا يلحق بالبكارة في الحكم المذكور غيرها. إلخ)

و ذلك اقتصارا على مورد النص و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 391

الفرج، و ان اشتبه بدم القرحة (1) فالمشهور ان الدم إن كان يخرج من الطرف الأيسر فحيض و إلا فمن القرحة إلا أن يعلم ان القرحة في الطرف الأيسر لكن الحكم المذكور مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع بين أعمال الطاهرة و الحائض، و لو اشتبه بدم آخر حكم عليه بعدم الحيضية (2) إلا أن تكون الحالة السابقة هي الحيضية.

______________________________

قوله قده: (و ان اشتبه بدم القرحة. إلخ)

إنما نسب الحكم إلى الشهرة لتوقفه فيه كما يدل عليه آخر عبارته، و مستند المشهور ما رواه الشيخ في التهذيب مرفوعا عن ابان قلت لأبي عبد اللّٰه (ع) فتاة منا بها قرحة في جوفها و الدم سائل لا تدري من دم الحيض أو من دم القرحة فقال (ع): مرها فلتستلق على ظهرها ثم ترفع رجليها ثم تدخل إصبعها الوسطى، فان خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض و ان خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة، و على رواية محمد بن يعقوب في الكافي و ساق الحديث الى أن قال: فان خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض، و ان خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة، فالأجود إطراح هذه الرواية كما حكى عن المعتبر لضعفها و إرسالها و اضطرابها و مخالفتها للاعتبار لأن القرحة يحتمل كونها في كل من الجانبين و الأولى الرجوع الى حكم الأصل و اعتبار الأوصاف. انتهى ما حكى عن المعتبر، و الأولى من ذلك ما ذكره المصنف (قده) من الأخذ بالاحتياط بالجمع بين أعمال الطاهرة

و تروك الحائض و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و لو اشتبه بدم آخر حكم عليه بعدم الحيضية. إلخ)

استصحابا للطهارة و ذلك فيما لو كانت هي الحالة الأولى المعلومة، و اما لو كانت الحالة الأولى مجهولة فيشكل ما ذكره من الحكم بالطهارة، إذ لا وجه له الا الأخذ بعمومات أدلة أحكام الطاهرة، و ذلك تمسك بالعام في الشبهة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 392

[ (مسألة 6) أقل الحيض ثلاثة أيام و أكثره عشرة]

(مسألة 6) أقل الحيض ثلاثة أيام و أكثره عشرة (1) فاذا رأت يوما

______________________________

المصداقية كما تقدم عن قريب، نعم إلا أن تكون الحالة السابقة هي الحيضية فيحكم عليها بها و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 6: (أقل الحيض ثلاثة أيام و أكثره عشرة. إلخ)

إجماعا محصلا و منقولا على ما حكاه في الجواهر و في التنقيح الرائع: اتفق الأصحاب على ان أقله ثلاثة، و يدل عليه مضافا الى ذلك الأخبار المعتبرة، ففي الصحيح الصادقي المروي في الكافي و التهذيب قال: أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام و أكثره عشرة أيام، و في آخر على ما في الكافي: أدناه ثلاثة و أبعده عشرة، و في آخر على ما في التهذيب: أدنى الحيض ثلاثة و أقصاه عشرة، و في آخر على ما في الفقيه: أقل الحيض ثلاثة أيام و أكثره عشرة و أوسطه خمسة، و في آخر: أدنى ما يكون الحيض ثلاثة أيام و أكثره عشرة، و في الصحيح الصادقي المروي في التهذيب: أكثر ما يكون الحيض ثمان و أدنى ما يكون منه ثلاثة محمول على إرادة الأكثرية بحسب العادة و الغالب أو يرد علمه إلى قائله.

و هنا أمر أحببت أن أذكره إذ لم أر من تعرض له، ذكره أستاذ اساتيذنا آية اللّٰه الخراساني صاحب كفاية

الأصول في شرحه على التبصرة، قال قدس اللّٰه روحه و نور ضريحه: الأمر الثالث أن لا يكون بأقل من ثلاثة أيام بلا خلاف و قد نقل عليه الإجماع مستفيضا و دلت عليه أخبار كثيرة، فلا إشكال في اعتباره في الجملة إنما الإشكال في انه يعتبر في الحكم على الدم شرعا بأحكام الحيض مطلقا، أو إذا اشتبه انه حيض بعد القطع بأنه ربما

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 393

أو يومين أو ثلاثة إلا ساعة مثلا لا يكون حيضا كما إن أقل الطهر عشرة أيام و ليس لأكثره حد (1) و يكفي الثلاثة الملفقة، فإذا رأت في وسط اليوم الأول و استمر الى وسط اليوم الرابع يكفي في الحكم بكونه حيضا

______________________________

يكون دم الحيض في الخارج أقل منها، و دعوى انه لا يكون فيه كذلك مجازفة كما ان عدم ترتب أحكام الحيض على الأقل شرعا و لو مع القطع بكونه حيضا بعيد جدا و مخالف لإطلاق أدلة أحكامه، و لخصوص ما تقدم من مضمرة سماعة، و رواية الحبلى و ان كان موافقا لما يتراءى من ظاهر كلمات الأصحاب في الباب فلو لا مخافة مخالفتهم لتعين حمل أدلة اعتباره على صورة الاشتباه كما مرت الإشارة إليه، إلى آخر كلامه أعلى اللّٰه مقامه، و ما أشار إليه من مضمرة سماعة هو ما ذكره في أوائل مبحث الحيض و أحكامه، قال سماعة سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض تقعد في الشهر يومين و في الشهر ثلاثة يختلف عليها لا يكون طمثها عدة أيام سواء قال: فلها أن تجلس و تدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة، و رواية إسحاق بن عمار الواردة في الحبلى ترى

الدم اليوم و اليومين فقال: ان كان دما عبيطا فلا تصلى و اللّٰه العالم.

قوله قده: (كما ان أقل الطهر عشرة أيام و ليس لأكثره حد. إلخ)

إجماعا حكاه في الجواهر عن الانتصار و الخلاف و المنتهى و التذكرة و الذكرى و الروض و غيرها، و يدل عليه مضافا الى ذلك الأخبار المعتبرة ففي الصحيح الباقرى: لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد، أقل ما يكون عشرة من حين تطهر الى أن ترى الدم، و في الخبر الصادقي: أدنى الطهر عشرة أيام و لا يكون الطهر أقل من عشرة أيام.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 394

و المشهور اعتبروا التوالي في الأيام الثلاثة (1)، نعم بعد توالى الثلاثة في الأول لا يلزم التوالي في البقية، فلو رأت ثلاثة متفرقة في ضمن العشرة لا يكفى و هو محل اشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض فيها و كذا اعتبروا استمرار الدم في الثلاثة و لو في فضاء الفرج، و الأقوى كفاية الاستمرار العرفي و عدم مضرية الفترات اليسيرة في البين بشرط أن لا ينقص من ثلاثة بأن كان بين أول الدم و آخره ثلاثة أيام و لو ملفقة، فلو لم تر في الأول مقدار نصف ساعة من أول النهار و مقدار نصف ساعة في آخر اليوم الثالث

______________________________

قوله قده: (و المشهور اعتبروا التوالي في الأيام الثلاثة. إلخ)

فلا يكفى كونها في جملة العشرة كما حكى عن الصدوقين في الرسالة و الهداية و الإسكافي و الشيخ في الجمل و المبسوط و المرتضى و أبناء حمزة و زهرة و إدريس للرضوى:

و ان رأت يوما أو يومين فليس من الحيض ما لم تر ثلاثة أيام

متواليات و عليها أن تقضى الصلاة التي تركتها في اليوم و اليومين، و لثبوت الصلاة في الذمة بيقين فلا يسقط التكليف بها إلا مع تيقن السبب، و لا يقين بثبوته مع انتفاء التوالي، و لأنه المتبادر من قولهم (عليهم السلام) أدنى الحيض ثلاثة أو لأجل دعوى ظهوره في انه لبيان مقدار أول الاستمرار لا لبيان مقداره بحسب الأيام، و قيل بالعدم كما عن الاستبصار و النهاية و القاضي لقول الصادق عليه السّلام في مرسلة يونس: فإن رأت في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتى يتم لها ثلاثة أيام فذلك الدم الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة فهو من الحيض، و في الصحيح الباقرى: إذا رأت المرأة الدم قبل عشرة فهو من الحيضة الأولى، و ان كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة، و في الموثق: إذا رأت الدم قبل العشرة فهو من الحيضة الأولى و إذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى مستقلة فإنهما

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 395

لا يحكم بحيضيته لأنه يصير ثلاثة إلا ساعة مثلا، و الليالي المتوسطة داخلة فيعتبر الاستمرار العرفي فيها أيضا بخلاف ليلة اليوم الأول و ليلة اليوم الرابع، فلو رأت من أول نهار اليوم الأول إلى آخر نهار اليوم الثالث كفى.

[ (مسألة 7) قد عرفت أن أقل الطهر عشرة]

(مسألة 7) قد عرفت أن أقل الطهر عشرة (1) فلو رأت الدم يوم التاسع و العاشر بعد الحيض السابق لا يحكم عليها بالحيضية، و أما إذا رأت يوم الحادي عشر بعد الحيض السابق فيحكم بحيضيته إذا لم يكن مانع آخر و المشهور على اعتبار هذا الشرط أى مضى عشرة من الحيض

السابق في حيضية الدم

______________________________

شاملان لما إذا كان الأول يوما أو أزيد، و لأصالة عدم اشتراط التوالي و إطلاق النصوص و أصالة البراءة من العبادة، و منه يعلم الجواب عن الأول و على هذا القول فهل النقاء المتخلل طهر؟ كما يظهر من صدر المرسل، أم حيض؟ و جهان أقواهما الثاني لإطلاق الإجماع بعدم قصور الطهر عن عشرة و المراد بالأيام الثلاثة ما يدخل فيها الليالي لدخول الليل في مسمى اليوم عرفا أو للتغليب، و هل المراد بالتوالي على القول به استمرار الدم في الثلاثة بلياليها، بحيث متى وضعت الكرسف تلوث كما عن الأشهر؟ أم يكفي وجوده في كل يوم من الثلاثة و ان لم يستوعبه؟ كما عن الروض و غيره، لصدق رؤيته ثلاثة أيام لأنها ظرف له، و يجب المطابقة بين الظرف و المظروف، أم يعتبر وجوده في أول الأول و آخر الآخر و في أي جزء كان من الوسط؟

أقوال و ظاهر إطلاق النص مع الثاني و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 7: (قد عرفت ان أقل الطهر عشرة. إلخ)

قد تقدم الاستدلال على ذلك بالصحيح الباقرى عليه السّلام المروي في الكافي قال: لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد، أقل ما يكون عشرة من حين تطهر الى أن ترى الدم، و الخبر الصادقي عليه السّلام المتقدمي الذكر في المسألة السابقة.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 396

اللاحق مطلقا، و لذا قالوا لو رأت ثلاثة مثلا ثم انقطع يوما أو أزيد، ثم رأت و انقطع على العشرة إن الطهر المتوسط أيضا حيض، و إلا لزم كون الطهر أقل من عشرة و ما ذكروه محل اشكال، بل المسلم انه لا يكون بين الحيضين أقل من

عشرة و اما بين أيام الحيض الواحد فلا، فالأحوط مراعاة الاحتياط بالجمع في الطهر بين أيام الحيض الواحد كما في الفرض المذكور.

[ (مسألة 8) الحائض إما ذات العادة أو غيرها]

(مسألة 8) الحائض إما ذات العادة أو غيرها، (1) و الأولى اما وقتية و عددية أو وقتية فقط أو عددية فقط و الثانية إما مبتدئة و هي التي لم تر الدم سابقا و هذا الدم أول ما رأت، و اما مضطربة و هي التي رأت الدم مكررا لكن لم تستقر لها عادة، و اما ناسية و هي التي نسيت عادتها و يطلق عليها المتحيرة أيضا و قد يطلق عليها المضطربة، و يطلق المبتدأة على الأعم ممن لم تر الدم سابقا و من لم تستقر لها عادة أى المضطربة بالمعنى الأول.

[ (مسألة 9) تتحقق العادة برؤية الدم مرتين متماثلين]

(مسألة 9) تتحقق العادة برؤية الدم مرتين متماثلين (2) فان كانا متماثلين في الوقت و العدد فهي ذات العادة الوقتية و العددية كأن رأت في أول شهر خمسة أيام و في أول الشهر الآخر أيضا خمسة أيام، و إن كانا متماثلين في الوقت دون العدد فهي ذات العادة الوقتية كما إذا رأت في أول شهر خمسة و في أول الشهر الآخر ستة أو سبعة مثلا، و ان كانا متماثلين في العدد فقط فهي ذات

______________________________

قوله قده مسألة 8: (الحائض اما ذات عادة أو غيرها. إلخ)

سيأتي تفصيل الأقسام المذكورة في المسألة الآتية و هي.

قوله قده مسألة 9: (تتحقق العادة برؤية الدم مرتين متماثلين. إلخ)

لا يخفى ان العادة تستقر برؤية الدم مرتين سواء عددا و وقتا، فتكون عددية و وقتية، أو عددا فقط فتكون عددية، أو وقتا فتكون وقتية كما في

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 397

العادة العددية كما إذا رأت في أول شهر خمسة و بعد عشرة أيام أو أزيد رأت خمسة أخرى.

______________________________

الخبرين ففي مرسلة يونس: فان انقطع الدم لوقته في الشهر الأول سواء حتى

توالى عليها حيضتان أو ثلاث فقد علم الآن ان ذلك قد صار لها وقتا و خلقا معروفا تعمل عليه و تدع ما سواه و يكون سنتها فيما يستقبل ان استحاضت قد صارت سنة الى أن تجلس أقراءها ثم قال: و أدناه حيضتان فصاعدا، و في موثق سماعة: إذا اتفق شهران عدة أيام سواء فتلك عادتها، و في اشتراط استقرار الطهر بتكرره مرتين متساويتين في استقرار العادة عددا و وقتا قولان أقواهما العدم، للأصل و ظاهر الخبرين خلافا للذكرى فاشترط، و تظهر الفائدة في الجلوس لرؤية الدم في الثالث لو تغاير الوقت فيه فتجلس على المختار بمجردها، و على غيره بمضي الثلاثة أو حضور الوقت، و كيف كان فلا خلاف في تحيض ذات العادة بمجرد رؤية الدم للصحيح الصادقي عن المرأة ترى الصفرة في أيامها فقال: لا تصل حتى تنقضي أيامها، فإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت، و في الخبر المروي في الكافي كلما رأت المرأة في أيام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض، و كلما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض، و في آخر إذا رأت المرأة الصفرة قبل انقضاء أيام عادتها لم تصل و ان كانت صفرة بعد انقضاء أيام قرئها صلت، و في الرضوي: إذا رأت الصفرة في أيام حيضها فهو حيض و إذا رأت بعدها فليس من الحيض، و لإطلاق ما دل على اعتبار العادة مما تقدم خلافا للنهاية و المبسوط فترجع الى التمييز للأخبار المتقدمة الدالة على الصفات، و للمحكي عن ابن حمزة فهي مخيرة، و ضعفهما ظاهر من الأدلة المتقدمة و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 398

[ (مسألة 10) صاحبة العادة إذا رأت الدم مرتين متماثلتين]

(مسألة 10) صاحبة العادة

إذا رأت الدم مرتين متماثلتين على خلاف العادة (1) الأولى تنقلب عادتها إلى الثانية، و ان رأت مرتين على خلاف الأولى لكن غير متماثلتين يبقى حكم الأولى، نعم لو رأت على خلاف العادة الأولى مرات عديدة مختلفة تبطل عادتها و تلحق بالمضطربة.

[ (مسألة 11) لا يبعد تحقق العادة المركبة]

(مسألة 11) لا يبعد تحقق العادة المركبة (2) كما إذا رأت في الشهر الأول ثلاثة و في الثاني أربعة و في الثالث ثلاثة و في الرابع أربعة، أو رأت شهرين متواليين ثلاثة و شهرين متواليين أربعة، ثم شهرين متواليين ثلاثة و شهرين متواليين

______________________________

قوله قده مسألة 10: (صاحبة العادة إذا رأت الدم مرتين متماثلتين على خلاف العادة. إلخ)

بعد ما تقدم منا ان العادة تثبت شرعا بمرتين متماثلتين، و الظاهر من بعض أخبارها ان المراد بها الفعلية، فعليه لا اشكال فيما ذكره من انقلاب العادة إلى الثانية و زوال حكم الأولى بتكررها مرتين متماثلتين على خلاف الأولى، و يساعده أدلة أحكام العادة لأنها هي الفعلية دون الأولى، نعم يبقى الاشكال فيما ذكره من بقاء حكم الأولى فيما لو رأت مرتين على خلاف الأولى لكنهما غير متمائلتين، إذ الظاهر عدم شمول إطلاقات العادة لمثل المقام، و لا دليل غيرها من استصحاب و ما شاكله، فالمرجع في مثل الفرض التمييز أو الاحتياط و هو أقرب إذ هو سبيل النجاة، أو تلحق بالمضطربة كما لو رأت على خلاف العادة الأولى مرات عديدة مختلفة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 11: (لا يبعد تحقق العادة المركبة. إلخ)

لا يخفى ان الأخذ بالعادة بعد ثبوتها من الأمور المسلمة عند العقلاء لإفادتها الظن المتاخم للعلم و ليس للشارع تصرف فيه، و ما ورد من الأمر به فإنما هو إرشادي لما عليه العقلاء، نعم

إنما تصرف الشارع في ثبوتها بالمرتين و القدر المتيقن منه ما هو بالمعنى الأول أعني رؤية الدم مرتين متماثلتين و في غيرها، فالمرجع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 399

أربعة فتكون ذات عادة على النحو المزبور، لكن لا يخلو عن اشكال خصوصا في مثل الفرض الثاني حيث يمكن أن يقال إن الشهرين المتواليين على خلاف السابقين يكونان ناسخين للعادة الأولى فالعمل بالاحتياط اولى، نعم إذا تكررت الكيفية المذكورة مرارا عديدة بحيث يصدق في العرف ان هذه الكيفية عادتها و أيامها لا إشكال في اعتبارها، فالإشكال انما هو في ثبوت العادة الشرعية بذلك و هي الرؤية كذلك مرتين.

[ (مسألة 12) قد تحصل العادة بالتمييز]

(مسألة 12) قد تحصل العادة بالتمييز (1) كما في المرأة المستمرة الدم إذا رأت خمسة أيام مثلا بصفات الحيض في أول الشهر الأول ثم رأت بصفات الاستحاضة و كذلك رأت في أول الشهر الثاني خمسة أيام بصفات الحيض ثم رأت بصفات الاستحاضة، فحينئذ تصير ذات عادة عددية وقتية، و إذا رأت في أول الشهر الأول خمسة بصفات الحيض، و في أول الشهر الثاني ستة أو سبعة مثلا فتصير حينئذ ذات عادة وقتية، و إذا رأت في أول الشهر الأول خمسة مثلا و في العاشر من الشهر الثاني مثلا خمسة بصفات الحيض فتصير ذات عادة عددية.

______________________________

التمييز ان كان و إلا فالاحتياط الذي هو سبيل الجاة، كل ذلك ما لم ينته الى العلم بالحيضية، و إلا أخذ به و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 12: (قد تحصل العادة بالتمييز. إلخ)

لا يخفى ان منصرف الخبرين المثبتين للعادة و هما مرسلة يونس و موثقة سماعة غير هذه الصورة من مستمرة الدم مع التمييز، فالظاهر ان المرجع في الفرض التمييز مستمرا أن كان،

و إلا فالمرجع قواعد أخر لا العادة الحاصلة من التمييز وفاقا لصاحب الجواهر (قده) و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 400

[ (مسألة 13) إذا رأت حيضين متواليين متماثلين]

(مسألة 13) إذا رأت حيضين متواليين متماثلين مشتملين على النقاء في البين فهل العادة (1) أيام الدم فقط أو مع أيام النقاء أو خصوص ما قبل النقاء؟

الأظهر الأول، مثلا إذا رأت أربعة أيام ثم طهرت في اليوم الخامس ثم رأت في السادس كذلك في الشهر الأول و الثاني فعادتها خمسة أيام لا ستة و لا أربعة فإذا تجاوز دمها رجعت الى خمسة متوالية و تجعلها حيضا لا ستة و لا بان تجعل اليوم الخامس يوم النقاء و السادس أيضا حيضا و لا إلى الأربعة.

[ (مسألة 14) يعتبر في تحقق العادة العددية تساوى الحيضين]

(مسألة 14) يعتبر في تحقق العادة العددية تساوى الحيضين (2) و عدم زيادة إحديهما على الأخرى و لو بنصف يوم أو أقل فلو رأت خمسة في الشهر الأول و خمسة و ثلث أو ربع يوم في الشهر الثاني لا تتحقق العادة من حيث العدد، نعم لو كانت الزيادة يسيرة لا تضر و كذا في العادة الوقتية تفاوت الوقت و لو بثلث أو ربع يوم يضر، و اما التفاوت اليسير فلا يضر لكن المسألة لا تخلو عن إشكال فالأولى مراعاة الاحتياط.

______________________________

قوله قده مسألة 13: (إذا رأت حيضين متواليين متماثلين مشتملين على النقاء في البين فهل العادة. إلخ)

الأظهر ما استظهره (قده) من ان عادتها في الفرض المذكور خمسة أيام لا ستة و لا أربعة، إذ لا اعتبار بالنقاء المتخلل و ان حكم بحيضيته إذ الأقوى عدم احتسابه في أيام العادة لظهور نصوص العادة في الدم الحيضى، لا في التحيض الشرعي و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 14: (يعتبر في تحقق العادة العددية تساوى الحيضتين.

إلخ)

الأقرب أن يراد بالمساواة المأخوذة في لسان الأخبار هي المساواة العرفية التي لا يضر فيها زيادة بعض اليوم أو نقصانه، و

لا سيما و كون

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 401

[ (مسألة 15) صاحبة العادة الوقتية سواء كانت عددية أيضا أم لا، تترك العبادة]

(مسألة 15) صاحبة العادة الوقتية سواء كانت عددية أيضا أم لا، تترك العبادة (1) بمجرد رؤية الدم في العادة أو مع تقدمه أو تأخره (2) يوما أو

______________________________

الاختلاف غالبيا و الاتفاق نادرا أو معدوما، فعليه لا يضر الاختلاف بالساعات بل بريع يوم أو ثلثه، بل لا يبعد عدم الضرر في صدق المساواة العرفية، و لو كان الاختلاف بنصف يوم فعليه يشكل ما ذكره (قده) من عدم تحقق العادة بزيادة ربع يوم أو ثلث يوم في الشهر الثاني، و الظاهر انه هو المشار اليه بقوله لكن المسألة لا تخلو من اشكال و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 15: (صاحبة العادة الوقتية سواء كانت عديدة أيضا أم لا تترك العبادة. إلخ)

لا يخفى ان ذات العادة الوقتية المحضة، أو مع العددية تتحيض بمجرد رؤية الدم في أيام العادة مطلقا و لو لم يكن بصفات الحيض إجماعا كما حكاه في الجواهر (قده) عن المعتبر و المنتهى و التذكرة و غيرها للصحيح الصادقي عن المرأة ترى الصفرة في أيامها فقال: لا تصل حتى تقضى أيامها، فإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت و صلت، و في الخبر على ما في الكافي: كلما رأت المرأة في أيام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض و كلما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض، و في آخر: إذا رأت المرأة الصفرة قبل انقضاء أيام عادتها لم تصل و ان كانت صفرة بعد انقضاء أيام قرئها صلت، و في الرضوي: إذا رأت الصفرة في أيام حيضها فهو حيض، و إذا رأت بعدها فليس من الحيض.

قوله قده: (أو مع تقدمه أو تأخره. إلخ)

أي

كما تتحيض المعتادة بمجرد الرؤية كذا تتحيض إذا رأت قبل العادة و لو كان صفرة، لموثقة سماعة عن المرأة ترى الدم قبل وقتها قال: إذا رأت الدم فلتدع الصلاة، فإنه ربما تعجل بها الوقت، و خبر على بن حمزة قال سئل أبو عبد اللّٰه عليه السّلام و انا حاضر عن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 402

يومين أو أزيد على وجه يصدق عليه تقدم العادة أو تأخرها و لو لم يكن الدم بالصفات و ترتب عليه جميع أحكام الحيض، فان علمت بعد ذلك عدم كونه حيضا لانقطاعه قبل تمام ثلاثة أيام تقضى ما تركته من العبادات (1)، و أما غير ذات العادة المذكورة كذات العادة العددية (2) فقط و المبتدئة و المضطربة و الناسية

______________________________

المرأة ترى الصفرة فقال: ما كان قبل الحيض فهو من الحيض، و رواية أبي بصير عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام في المرأة ترى الصفرة فقال: ان كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض، و ان كان بعد الحيض بيومين فليس من الحيض، و لا يخفى انه لا بد من تقييد إطلاق القبل في بعضها بما إذا كان بقليل أو بمثل يومين بحيث يصدق التعجيل و تقدم العادة كما ذكره (قده) بقوله: على وجه يصدق عليه تقدم العادة أو تأخرها.

قوله قده: (تقضى ما تركته من العبادة. إلخ)

وجوب القضاء في الصورة المفروضة لظهور طهر ما نقص عن العادة، و جواز تركها رفقا من الشارع بحالها لاحتمال الحيض لا يمنع من وجوب القضاء إذا تبين فساد الاحتمال لانقطاعه قبل الثلاثة أيام و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و اما غير ذات العادة المذكورة كذات العادة العددية.

إلخ)

لا يخفى ان التي لا عادة لها مستقرة إما لابتدائها

أو لنسيانها العادة أو لما هو أعم من ذلك إن أمكنها الرجوع الى الصفات المتقدمة بأن يكون ما بالصفة لا ينقص عن ثلاثة أيام و لا يزيد على عشرة، و ما ليس بالصفة وحده أو مع النقاء عشرة، فما زاد ترجع إليها إجماعا كما عن التذكرة فتتحيض بما بين الثلاثة و العشرة مما بالصفة و تصلى و تصوم فيما عداه، لإطلاق الصحاح المتقدمة الدالة على اعتبارها كقوله عليه السّلام: إذا كان للدم حرارة و دفع و سواد فلتدع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 403

فإنها تترك العبادة و ترتب أحكام الحيض بمجرد رؤيته إذا كان بالصفات، و أما مع عدمها فتحتاط بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة إلى ثلاثة أيام

______________________________

الصلاة و مقتضاها لزوم ترك العبادة عليها بمجرد الرؤية للدم بالصفة، و يؤيده الموثق عن سماعة قال سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض تقعد في الشهر يومين و في الشهر ثلاثة يختلط عليها لا يكون ظنها في الشهر عدة أيام سواء قال: فلها أن تجلس و تدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة، و قيل كما عن الإسكافي و المرتضى و الحلبي و الحلي و الفاضلين و غيرهم: بل تحتاط حتى تمضى لها ثلاثة أيام و هو محجوج بما تقدم، و ان لم يمكنها الرجوع الى الصفة المعتبرة في دم الحيض بان تكون بخلاف ذلك الوصف، فالمشهور انها ان كانت مبتدئة- بكسر الدال و فتحها- اى ابتدأت الحيض أو ابتدأها ترجع إلى عادة نسائها أى أقاربها من الأبوين أو أحدهما» و لا تعتبر العصبة لأن المعتبر الطبيعة و هي جاذبة من الطرفين، ان أمكن ذلك وفاقا للأشهر، بل المعروف من

المذهب كما في المدارك، لرواية سماعة المنجبرة بالعمل قال سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر و هي لا تعرف أيام أقرائها قال: أقراؤها مثل أقراء نسائها، فإن كان نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام و أقله ثلاثة أيام، و موثقة زرارة و محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال:

المستحاضة تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها ثم تستظهر على ذلك بيوم، و الخبر في النفساء: إذا كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتلت جلست مثل أيام أمها و أختها أو خالتها و استظهرت بثلثي ذلك، و هي مع ضعف سندها شاملة للمضطربة، هذا إن أمكنها الرجوع الى نسائها، و إلا يمكنها لاختلافهن أو فقدهن تحيضت هي كالمضطربة: و هي التي نسيت العادة وقتا أو عددا أو معا في كل شهر سبعة أيام، أو عشرة من شهر و ثلاثة من آخر مخيرة فيهما كما عن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 404

فإن رأت ثلاثة أو أزيد تجعلها حيضا، نعم لو علمت انه يستمر إلى ثلاثة أيام تركت العبادة بمجرد لرؤية و إن تبين الخلاف تقضى ما تركته.

______________________________

الجمل و موضع من المبسوط، و استدل على الأول بقول الصادق عليه السّلام في مرسلة يونس: و تحيض في كل شهر في علم اللّٰه بسبعة أيام أو ستة أيام، و فيه ان مقتضاها التخيير بين الستة و السبعة فلا وجه للاقتصار على السبعة لكنه أحوط للاتفاق على جوازه، و على الثاني بموثقة ابن بكير عن الصادق عليه السّلام قال: المرأة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر الدم تركت الصلاة عشرة أيام ثم تصلى عشرين يوما، فان استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام و

صلت سبعة و عشرين يوما، و نحوه آخر، و فيه ان مقتضاهما التحيض بالثلاثة دائما في غير الدور الأول مع اختصاصهما بالمبتدئة و تضمنهما تقديم العشرة و هم لا يقولون به، و التخيير بين ما ذكر جمعا لا شاهد له فالأولى تعيين السبعة.

و قيل: فيه أقوال آخر فعن الصدوقين و المرتضى انها تتحيض في كل شهر بثلاثة أيام إلى عشرة، لموثقة سماعة قال سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر و هي لا تعرف أيام أقرائها، فقال: أقراؤها مثل أقراء نسائها، فإن كانت نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام و أقله ثلاثة أيام، و قيل: انها مع استمرار الدم تتحيض عشرة ثم تجعل طهرا عشرة أيام ثم حيضها عشرة أيام و هكذا كما عن موضع من المبسوط، و قيل:

بالتخيير بين التحيض في كل شهر بسبعة أيام و بين التحيض في الشهر الأول عشرة و في الثاني ثلاثة كما عن ظاهر الشيخ في النهاية، و قيل بالتخيير بين الثلاثة من شهر و عشرة من آخر، و بين الستة و بين السبعة كما عن العلامة و غيره، و قيل انها تتحيض في الشهر الأول بثلاثة و في الثاني بعشرة كما عن القاضي، و قيل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 405

[ (مسألة 16) صاحبة العادة المستقرة في الوقت و العدد]

(مسألة 16) صاحبة العادة المستقرة في الوقت و العدد إذا رأت العدد في غير وقتها و لم تره في الوقت تجعله حيضا (1) سواء كان قبل الوقت أو بعده.

______________________________

بالعكس، و قيل: تتحيض في كل شهر عشرة أيام، و قيل: انها تترك الصلاة في كل شهر ثلاثة أيام و تصلى سبعة و عشرين يوما كما عن الإسكافي و مستند الكل ضعيف و بعضه

لم نقف على مستنده، و قال المحقق في المعتبر بعد أن حكم بضعف الأخبار الواردة في الباب: و الوجه عندي أن تتحيض كل واحدة منهما ثلاثة أيام لأنه المتيقن في الحيض و تصلى و تصوم بقية الشهر، استظهارا و عملا بالأصل في لزوم العبادة، و هو حسن إلا في الدور الأول للمبتدئة فعشر، للموثق المتقدم عن ابن بكير، و قال في المدارك بعد نقله: و لا يخلو من قوة و يؤيده الروايتان- يعنى موثقتي ابن بكير- و الإجماع، فإن الخلاف إنما وقع في الزائد عن الثلاثة، ثم قال: و اعلم ان مقتضى مرسلة يونس المتقدمة تخييرها بين الستة و السبعة و به قطع في المعتبر، و قوى العلامة في النهاية وجوب العمل بما أدى اجتهادها اليه لئلا يلزم التخيير في السابع بين وجوب الصلاة و عدمه و هو منقوض بأيام الاستظهار، و قال في المعتبر: انه لا مانع من ذلك إذ قد يقع التخيير في الواجب كما يتخير المسافر بين الإتمام و التقصير في بعض المواضع، و متى اختارت عددا كان لها وضعه حيث شاءت من الشهر، و لا يتعين أوله و ان كان أولى، و مقتضى خبري ابني بكير أخذ الثلاثة بعد العشرة ثم أخذها بعد السبعة و العشرين دائما، و لا ريب انه أولى و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 16: (صاحبة العادة المستقرة في الوقت و العدد إذا رأت العدد في غير وقتها و لم تره في الوقت تجعله حيضا. إلخ)

اما في صورة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 406

[ (مسألة 17) إذا رأت قبل العادة و فيها و لم يتجاوز المجموع عن العشرة]

(مسألة 17) إذا رأت قبل العادة و فيها و لم يتجاوز المجموع عن العشرة جعلت المجموع حيضا (1)، و كذا إذا رأت

في العادة و بعدها و لم يتجاوز عن العشرة، أو رأت قبلها و فيها و بعدها و إن تجاوز العشرة في الصور المذكورة فالحيض أيام العادة فقط و البقية استحاضة.

______________________________

العلم بتقدم العادة أو تأخرها فلا اشكال و الأمر كما ذكره، و اما في غير هذه الصورة فهو مبني على عموم قاعدة الإمكان لمثل هذه الموارد، و اما لو لم نقل بعموم القاعدة لمثل هذه الموارد فيجب عليها في جميع الصور بمقتضى أصالة عدم الحيض ان تحتاط للعبادة بأن تأتي بها اعتمادا على الأصل، فيشكل الحكم بالتحيض بمجرد رؤية الدم ما لم يمض ثلاثة أيام ليدخل تحت قاعدة الإمكان و تكون دليلا عليه و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 17: (إذا رأت قبل العادة و فيها و لم يتجاوز المجموع العشرة جعلت المجموع حيضا. إلخ)

بلا خلاف فيه كما في مصباح الفقيه للآقا الهمداني، بل عن الفاضلين في المعبتر و المنتهى دعوى الإجماع عليه مستدلين عليه بعد الإجماع: بأنه دم في زمان يمكن أن يكون حيضا فيكون حيضا، و قضية هذا الدليل كون هذه القاعدة و هي كلما أمكن أن يكون حيضا فهو حيض في حد ذاتها من المسلمات، بحيث يستدل بها لا عليها، و عن ظاهر بعض: دعوى الإجماع عليها، بل في الجواهر: انها عند المعاصرين و من قاربهم من القطعيات التي لا تقبل الشك و التشكيك الى آخر ما ذكره قدس سره و لا ينافيه الأخذ بالعادة في مثل الفرض كما لا ينافيها الأخذ بها مع ما بعدها كما أشار إليه بقوله (قده). و كذا إذا رأت في العادة و بعدها و لم يتجاوز عن العشرة، و مثلها لو رأت فيها و قبلها و بعدها و

لم يتجاوز

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 407

[ (مسألة 18) إذا رأت ثلاثة أيام متواليات و انقطع]

(مسألة 18) إذا رأت ثلاثة أيام متواليات و انقطع، ثم رأت ثلاثة أيام أو أزيد (1)، فإن كان مجموع الدمين و النقاء المتخلل لا يزيد عن عشرة كان

______________________________

الجميع العشرة، هذا إذا لم يتجاوز العشرة في الصور الثلاث المذكورة، و اما إذا تجاوز العشرة فالحيض أيام العادة فقط أخذا بأدلتها المتقدمة الذكر و البقية استحاضة لعدم جريان قاعدة الإمكان و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 18: (إذا رأت ثلاثة أيام متواليات و انقطع ثم رأت ثلاثة أيام أو أزيد. إلخ)

قال في الجواهر: لو رأت بعد ذلك قبل العاشر أو العاشر نفسه من أول يوم ما رأت الدم ثم انقطع كان الكل من الدمين و النقاء حيضا بلا خلاف أجده بين الأصحاب، بل يظهر من بعضهم دعوى الإجماع عليه كما هو صريح آخر، من غير فرق بين الجامع و غيره و لا بين ذات العادة و غيرها، ففي التذكرة إذا رأت ثلاثة أيام متواليات فهو حيض قطعا، فاذا انقطع و عاد قبل العاشر و انقطع فالدمان و ما بينهما حيض، و في الخلاف الإجماع على حيضية الجميع من الدم و النقاء فيما لو رأت دما ثلاثة أيام و بعد ذلك يوما و ليلة نقاء و يوما دما الى تمام العشرة، و ربما استدل عليه مضافا الى ذلك بالكلية المدعاة سابقا القاضية بكون الدمين حيضا، فيتعين حينئذ حمل ما بينهما من النقاء عليه لما دل على أن الطهر لا يكون أقل من عشرة، و هو لا يخلو من تأمل، و الأولى الاستدلال عليه بما في الصحيح أو الحسن عن الباقر عليه السّلام قال: إذا رأت المرأة الدم قبل عشرة

فهو من الحيضة الاولى و ان كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة، و نحوه غيره في افادة ذلك الى آخر ما ذكره في الجواهر (قده) و للموثق المروي في التهذيب عن يونس عن الصادق عليه السّلام في امرأة رأت الدم في حيضها حتى تجاوز وقتها متى ينبغي لها أن تصلى؟ قال: تنتظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام، فإذا رأت الدم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 408

الطرفان حيضا، و في النقاء المتخلل تحتاط بالجمع (1) بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة، و إن تجاوز المجموع من العشرة فإن كان أحدهما في أيام العادة دون الآخر جعلت ما في العادة حيضا (2)، و إن لم يكن واحد منهما في العادة فتجعل

______________________________

دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة، و غيره الصادقي في المرأة التي ترى الدم قال: ان كان قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة، و ان كانت أيامها عشرة لم تستظهر، و مما يدل عليه قاعدة الإمكان.

قوله قده: (و في النقاء المتخلل تحتاط بالجمع. إلخ)

وجهه هو القول بان النقاء المتخلل طهر و حمل ما ورد من ان أقل الطهر عشرة على ما كان بين الحيضيتين، لا ما كان بين الحيض الواحد كما نحن فيه، و ليعلم ان الذي تقتضيه القاعدة في الاحتياط في الصورة المفروضة هو الجمع بين تروك الحائض و اعمال الطاهرة لا المستحاضة كما ذكره (قده) لعدم رؤية الدم في مفروض المسألة.

قوله قده: (و ان تجاوز المجموع عن العشرة فإن كان أحدهما في أيام العادة دون الآخر جعلت ما في العادة حيضا. إلخ)

ذلك أخذا بعمومات العبادة، بل عن المعتبر دعوى إجماع العلماء عدا مالك عليه، و ذلك و ان كان

التمييز على خلافها كما هو المحكى عن المشهور بين الأصحاب قديما و حديثا للصحيح الصادقي عن المرأة ترى الصفرة في أيامها فقال: لا تصل حتى تنقضي أيامها، فإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت و صلت، و في الخبر المروي في الكافي: كلما رأت المرأة في أيام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض، و كلما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض، و في آخر: إذا رأت المرأة الصفرة قبل انقضاء أيام عادتها لم تصل، و ان كانت صفرة بعد انقضاء أيام قرئها صلت، و في الرضوي: إذا رأت الصفرة في أيام حيضها فهو حيض، و إذا رأت بعدها فليس من الحيض.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 409

الحيض ما كان منهما واجدا للصفات (1) و إن كان متساويين في الصفات فالأحوط جعل أولهما حيضا، و إن كان الأقوى التخيير (2)، و إن كان بعض أحدهما في العادة دون الآخر جعلت ما بعضه في العادة حيضا، (3)

______________________________

قوله قده: (و ان لم يكن واحد منهما في العادة فتجعل الحيض ما كان منهما واجدا للصفات. إلخ)

و ذلك لاخبار التمييز التي تقدم ذكرها، و عدم معارض لها و لا مزاحم من عادة أو غيرها، و تجعل ما سواه من الفاقد للصفات استحاضة و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و ان كانا متساويين في الصفات فالأحوط جعل أولهما حيضا و ان كان الأقوى التخيير. إلخ)

لا دليل على جعل أحدهما حيضا في مفروض المسألة و هو تجاوز المجموع العشرة حتى يقال: ان الأحوط جعل أولهما حيضا، و الأقوى التخيير كما ذهب اليه المصنف (قده) بل القاعدة العلمية تقضى أن يكون كلا الدمين استحاضة، أما في صورة فقدانهما للصفات فظاهر،

و اما في صورة وجدانهما للصفات فللمعارضة، إذ لا مقتضى في كل منهما للحيضية إلا قاعدة الإمكان المتعارضة فيهما، فاذا سقطت للمعارضة حكم بأنه استحاضة إذ كل منهما مشكوك الحيضية، نعم لو علم إجمالا ان أحدهما حيض فالقاعدة تقتضي الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض و أفعال المستحاضة و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و ان كان بعض أحدهما في العادة دون الآخر جعلت ما بعضه في العادة حيضا. إلخ)

لعل الوجه فيه هو ما تقدم في المسألة الخامسة عشر من مسائل هذا الفصل من الحكم بالحيضية لو تقدمت العادة أو تأخرت بما يصدق عليه تقدم العادة أو تأخرها، و ما دل عليه من مصحح الحسين بن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 410

و إن كان بعض كل واحد منهما في العادة فإن كان ما في الطرف الأول من العادة ثلاثة أيام أو أزيد (1) جعلت الطرفين من العادة حيضا و تحتاط في النقاء المتخلل و ما قبل الطرف الأول و ما بعد الطرف الثاني استحاضة، و إن كان ما في العادة في الطرف الأول أقل من ثلاثة تحتاط في جميع أيام الدمين و النقاء بالجمع بين الوظيفتين.

______________________________

نعيم الصحاف عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام في حديث: و إذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة، و موثق سماعة عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها قال عليه السّلام:

فلتدع الصلاة فإنه ربما تعجل بها الوقت، و مصحح إسحاق عن أبى بصير عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام في المرأة ترى الصفرة فقال (ع): إذا كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض، و ان كان بعد

الحيض بيومين فليس من الحيض، و نحوه رواية معاوية بن حكيم، و خبر معاوية بن أبي حمزة عن المرأة ترى الصفرة فقال عليه السلام: ما كان قبل الحيض فهو من الحيض، و ما كان بعد الحيض فليس منه فاذا كان بعض أحدهما في العادة فهو مشمول لهذه الأخبار، بل هو أولى في الحكم عليه بالحيضية مما تقدم كله على العادة أو تأخر عنها، هذا مع عدم معارض لذلك و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و ان كان بعض كل واحد منهما في العادة فإن كان ما في الطرف الأول من العادة ثلاثة أيام أو أزيد. إلخ)

ما ذكره من جعل الطرفين من العادة حيضا فهو لأدلة العادة التي تقدمت مفصلا، و اما تقييد ذلك بكون ما في الطرف الأول من العادة ثلاثة أيام فهو لما تقدم من ان المشهور في الثلاثة التي هي أقل الحيض التوالي و لا يكفى تفرقها، نعم

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 411

[ (مسألة 19) إذا تعارض الوقت و العدد في ذات العادة الوقتية العددية تقدم الوقت]

(مسألة 19) إذا تعارض الوقت و العدد في ذات العادة الوقتية العددية تقدم الوقت (1) كما إذا رأت في أيام العادة أقل أو أكثر من عدد العادة و دما آخر في غير أيام العادة بعددها فتجعل ما في أيام العادة حيضا و إن كان متأخرا و ربما يرجح الأسبق فالأولى فيما إذا كان الأسبق العدد في غير أيام العادة الاحتياط في الدمين بالجمع بين الوظيفتين.

______________________________

بعد توالى الثلاثة لا يعتبر توالى الدم في احتسابه حيضا إذا كان في العادة أو في جملة عشرة، و اما الاحتياط في النقاء المتخلل فلاختلاف الآراء في ذلك فمنهم بل مشهورهم من التحيض به، و ذهب آخرون إلى أنه طهر، و ان ما دل على

ان أقل الطهر عشرة فيما إذا كان بين الحيضتين لا فيما كان بين الحيضة الواحدة، فالاحتياط فيه من العمل بتروك الحائض و أفعال المستحاضة طريق النجاة، و اما جعل ما بعد الطرف الثاني استحاضة فلما عرفت من ان ذات العادة تأخذ عادتها فقط و ان قلت عن العشرة و الباقي استحاضة، و ذلك لأدلة العادة المتقدمة الذكر، و اما الحكم في صورة ما لم يكن في الطرف الأول من العادة ثلاثة من الاحتياط في جميع أيام الدمين و النقاء المتخلل فهو لما ذهب اليه بعضهم من عدم اعتبار توالى الثلاثة الواقعة في العادة أو في جملة العشرة، و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 19: (و إذا تعارض الوقت و العدد في ذات العادة الوقتية العددية يقدم الوقت. إلخ)

لا أظهرية لتقديم الوقت على العدد، بل الأظهر ان المرجع في الصورة المفروضة الاحتياط في الدمين بين الوظيفتين و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 412

[ (مسألة 20) ذات العادة العددية إذا رأت أزيد من العدد]

(مسألة 20) ذات العادة العددية إذا رأت أزيد من العدد و لم يتجاوز العشرة فالمجموع حيض و كذا ذات الوقت (1) إذا رأت أزيد من الوقت.

[ (مسألة 21) إذا كانت عادتها في كل شهر مرة]

(مسألة 21) إذا كانت عادتها في كل شهر مرة فرأت في شهر مرتين مع نصل أقل الطهر و كانا بصفة الحيض فكلاهما حيض (2) سواء كانت ذات عادة وقتا أو عددا أو لا و سواء كانا موافقين للعدد و الوقت أو يكون أحدهما مخالفا.

[ (مسألة 22) إذا كانت عادتها في كل شهر مرة فرأت في شهر مرتين]

(مسألة 22) إذا كانت عادتها في كل شهر مرة فرأت في شهر مرتين (3)

______________________________

قوله قده مسألة 20: (ذات العادة العددية إذا رأت أزيد من العدد و لم يتجاوز العشرة فالمجموع حيض و كذا ذات الوقت. إلخ)

و ذلك لقاعدة الإمكان، و قول للسيد و الإسكافي و ظاهر المقنعة و الجمل، للموثق المروي في التهذيب عن يونس عن الصادق (ع) في امرأة رأت الدم في حيضها حتى تجاوز وقتها متى ينبغي لها أن تصلى؟ قال: تنتظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام، فإن رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة، و غيره الصادقي في المرأة التي ترى الدم قال: ان كان قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة، و ان كانت أيامها عشرة لم تستظهر.

قوله قده مسألة 21: (إذا كانت عادتها في كل شهر مرة فرأت في شهر مرتين مع فصل أقل الطهر و كانا بصفة الحيض فكلاهما حيض. إلخ)

و ذلك لقاعدة الإمكان و للصحيح الباقرى: إذا رأت المرأة الدم قبل عشرة فهو من الحيضة الأولى، و ان كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة، و في الموثق: إذا رأت الدم قبل العشرة فهو من الحيضة الأولى، و إذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى مستقلة.

قوله قده مسألة 22: (إذا كانت عادتها في كل شهر مرة فرأت في شهر مرتين. إلخ)

تضمنت هذه المسألة مسائل ثلاث مع اشتراك الكل بفصل

العمل

الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 413

مع فصل أقل الطهر فان كانت إحداهما في العادة و الأخرى في غير وقت العادة و لم تكن الثانية بصفة الحيض، تجعل ما في الوقت و إن لم يكن بصفة الحيض حيضا و تحتاط في الأخرى، و إن كانتا معا في غير الوقت فمع كونهما واجدتين كلتاهما حيض، و مع كون إحديهما واجدة تجعلها حيضا و تحتاط في الأخرى و مع كونهما فاقدتين تجعل إحديهما حيضا و الأحوط كونها الأولى و تحتاط في الأخرى.

[ (مسألة 23) إذا انقطع الدم قبل العشرة]

(مسألة 23) إذا انقطع الدم قبل العشرة فإن علمت بالنقاء (1) و عدم

______________________________

أقل الطهر بين الدمين:

(الأولى) ما لو كانت إحداهما في العادة و الأخرى في غير وقت العادة و لم تكن الثانية بصفة الحيض فحكم (قده) بجعل ما في وقت العادة حيضا و ان لم يكن بصفة الحيض و تحتاط في الأخرى، و وجهه ان ما في العادة يكفي في الحكم بحيضيته أدلة العادة التي تقدمت، و أما الاحتياط في الأخرى فلقاعدة الإمكان التي لا مانع من جريانها فيه.

(الثانية) ما إذا كانا معا في غير وقت العادة فمع كونهما واجدتين لصفات الحيض فحكم (قده) بكونهما معا حيضا، و ذلك لقاعدة الإمكان فيهما معا مع عدم تمانع و لا تزاحم بينهما و لا مرجح لأحدهما.

(الثالثة) أن تكونا فاقدتين للصفات فحكم بجعل إحديهما حيضا و الأحوط كونها الأولى و تحتاط في الأخرى، أما جعل إحديهما حيضا أخذا بعادتها في كل شهر و الاحتياط في الأخرى لقاعدة الإمكان و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 23: (إذا انقطع الدم قبل العشرة فإن علمت بالنقاء.

إلخ)

اما مع علمها بالنقاء فلا وجه للاستبراء إذ هو تحصيل للحاصل، و اما ان

العمل الأبقى في

شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 414

وجود الدم في الباطن اغتسلت وصلت و لا حاجة الى الاستبراء و ان احتملت بقاءه في الباطن وجب عليها الاستبراء و استعلام الحال بإدخال قطنة و إخراجها بعد الصبر هنيئة، فإن خرجت نقية اغتسلت وصلت، و إن خرجت ملطخة و لو بصفرة صبرت حتى تنقى أو تنقضي عشرة أيام إن لم تكن ذات عادة أو كانت عادتها عشرة

______________________________

احتملت بقاءه في الباطن وجب عليها الاستبراء بإدخال قطنة أو نحوها و إخراجها بعد الصبر هنيئة، فإن خرجت نقية اغتسلت وصلت، و ان خرجت ملطخة و لو بصفرة صبرت حتى تنقى أو تمضى لها عشرة أيام، هذا ما ذكره قدس سره للأخبار الخاصة الواردة في المورد، و إلا فمقتضى الأصل عدم وجوب الفحص عليها و جواز اعتمادها على استصحاب الحيض ما لم تستيقن بانقطاعه من أصله كما في غيره من الشبهات الموضوعية، اما الأخبار فهي صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال: إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة فان خرج فيها شي ء من الدم فلا تغتسل، و ان لم تر شيئا فلتغتسل، و ان رأت بعد ذلك صفرة فلتوضأ و لتصل، و مرسلة يونس عن الصادق (ع) قال: سئل عن امرأة انقطع عنها الدم فلا تدري طهرت أم لا؟

قال: تقوم قائمة و تلزق بطنها بحائط و تستدخل قطنة بيضاء و ترفع رجلها اليمنى فان خرج على رأس القطنة مثل رأس الذباب دم عبيط لم تطهر، و ان لم يخرج فقد طهرت تغتسل و تصلى، و رواية شرحبيل الكندي عن ابى عبد اللّٰه (ع) قال قلت كيف تعرف الطامث طهرها، قال: تعمد برجلها اليسرى على الحائط و تستدخل الكرسف بيدها اليمنى فان

كان ثمة مثل رأس الذباب خرج على الكرسف و موثقة سماعة عن أبى عبد اللّٰه (ع) قال قلت له المرأة ترى الطهر و ترى الصفرة أو الشي ء فلا تدري طهرت أم لا؟ قال: فاذا كان كذلك فلتقم فلتلصق بطنها إلى حائط و ترفع رجلها على الحائط كما رأيت الكلب

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 415

و ان كانت ذات عادة أقل من عشرة فكذلك مع علمها بعدم التجاوز عن العشرة (1)

______________________________

يصنع إذا أراد أن يبول، ثم تستدخل الكرسف، فاذا كان ثمة من الدم مثل رأس الذباب خرج، فان خرج دم فلم تطهر، و ان لم يخرج فقد طهرت، و عن الفقه الرضوي: و إذا رأت الصفرة أو شيئا من الدم فعليها أن تلصق بطنها بالحائط و ترفع رجلها اليسرى كما ترى الكلب إذا بال و تدخل قطنة فان خرج فيها دم فهي حائض، و ان لم يخرج فليست بحائض.

هذه اخبار الباب و ان نوقش في بعضها دلالة و في أخرى سندا و ان الوجوب فيها شرطي، بمعنى ان من شرط الاغتسال الاستبراء، أو تعبدي بمعنى يجب عليها الفحص طلب الوثوق ببراءة الرحم إذا انقطع الدم، لكن في الحدائق نفى الخلاف عنه ظاهرا، و عن الذخيرة نسبته الى ظاهر الأصحاب و في الجواهر: بلا خلاف أجده سوى ما عساه يظهر من المنقول عن الاقتصار للتعبير بلفظ ينبغي، المشعر بالاستحباب.

قوله قده: (مع علمها بعد التجاوز عن العشرة. إلخ)

أي إنما يحكم على الدم الخارج بالحيضية بعد الاستبراء و إجراء أحكام الحيض عليه حتى ينقطع أو تمضى عشرة أيام، ذلك فيما إذا لم تكن ذات عادة، أو كانت عادتها عشرة أو كانت ذات عادة أقل من عشرة، كل

ذلك لقاعدة الإمكان مع علمها بعدم التجاوز عن العشرة، و أما إذا احتملت التجاوز عنها فعليها الاستظهار، و لهم كلام غير هذا في أيام الاستظهار لو تجاوز الدم العشرة سنذكره ان شاء اللّٰه.

و ليعلم ان الاستظهار و هو طلب ظهور الحال في كون الدم حيضا أو طهرا و ذلك بترك العبادة إجماعا يوما أو يومين أو ثلاثة على الأشهر، للصحاح المستفيضة، ففي الصحيح عن الحائض كم تستظهر؟ فقال: تستظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة، و في الموثق نحوه و بمضمونها أفتى جملة من الأصحاب كما عن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 416

و أما إذا احتملت التجاوز فعليها الاستظهار بترك العادة استحبابا بيوم أو يومين

______________________________

السرائر و المعتبر و المنتهى و التذكرة، و اقتصر بعض على الثلاثة للصحيح عن الطامث و حد جلوسها فقال: تنتظر عدة ما كانت تحيض ثم تستظهر بثلاثة أيام، ثم هي مستحاضة، و للموثق: استظهرت بثلاثة أيام، ثم هي مستحاضة، و في الخبر: تتربص بثلاثة أيام بعد ما تمضى أيامها، فإذا تربصت ثلاثة أيام و لم ينقطع الدم عنها فلتصنع كما تصنع المستحاضة، و قيل تستظهر بيوم أو يومين كما في النهاية و الوسيلة و الصدوق و المفيد، و اختاره المحقق في النافع للصحيح الباقرى: في الحائض إذا رأت دما بعد أيامها التي كانت ترى الدم فيها فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين، ثم تمسك قطنة، فان صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كل صلاتين بغسل، و في الخبر: عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع؟ قال: تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة، و الى تمام العشرة على قول للسيد و الإسكافي و ظاهر المقنعة و الجمل، للموثق المروي

في التهذيب عن يونس عن الصادق عليه السّلام في امرأة رأت الدم في حيضها حتى تجاوز وقتها متى ينبغي لها أن تصلى؟ قال: تنتظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام فإن رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة، و غيره الصادقي في المرأة التي ترى الدم قال: إن كان قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة، و ان كانت أيامها عشرة لم تستظهر، و لا يبعد و رودها مورد الغالب من كون العادة سبعة أو ثمانية.

ثم الاختلاف بين الأولين و الثالث إنما يكون مع قصورها عنها بها، و إلا فلا خلاف، كما لا خلاف في عدم الاستظهار مع استتمامها إياها

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 417

أو الى العشرة مخيّرة بينها فان انقطع الدم على العشرة أو أقل فالمجموع حيض في الجميع، فان تجاوز فسيجي ء حكمه.

______________________________

و مطابقتها معها، و هل هذا الاستظهار واجب، كما عن النهاية و الجمل و المصباح، أم مستحب؟ كما عليه أكثر المتأخرين، قولان منشأهما ظاهر الأمر في جملة من الأخبار المتقدمة، و إشعار بعضها بالاستحباب مضافا الى الأصل، ثم بعد ذلك إن استمر الدم فهي مستحاضة للصحاح المتقدمة، بل عن التذكرة الإجماع عليه حيث قيل إن لم يتجاوز الدم العشرة فالجميع من أيام العادة و الاستظهار حيض، و إن تجاوزها فالزيادة على العادة من مدة الاستظهار و ما بعدها كلها طهر، و يجب عليها قضاء عبادة الاستظهار، لظهور طهر ما زاد على العادة و جواز تركها رفقا من الشارع بحالها لاحتمال الحيض لا يمنع من وجوب القضاء إذا تبين فساد الاحتمال بعبور العشرة، و يجزيها ما أتت به بعدها من صلاة و صيام، قال في المفاتيح: و لم

نجد دليله من النص، و ذلك كما اعترف به في المدارك و ان كان القضاء أحوط، و اما ما ادعاه بعض تبعا لصاحب المدارك من ظهور الأخبار الآمرة بالاستظهار في عدم وجوب قضاء ما فاتها في مدة الاستظهار و انها كالحيض، ففيه ان هذه الأخبار ليست مسوقة إلا لبيان تكليفها الفعلي عند مجاوزة الدم و جهلها بكونه حيضا أو استحاضة، و اما أنه بعد انكشاف أمرها فهل يجب عليها قضاء ما فاتها من الواجبات المشروطة بالطهور أم لا يجب؟ فليست هذه الأخبار ناظرة إليه قطعا، و إنما يستفاد ذلك من الأدلة الخارجية الدالة على أنه يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم مطلقا و من الصلاة ما لم تكن حائضا، و حيث انكشف انها لم تكن حائضا فيما عدا أيامها وجب عليها قضاء ما فاتها من الصلاة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 418

[ (مسألة 24) إذا تجاوز الدم عن مقدار العادة]

(مسألة 24) إذا تجاوز الدم عن مقدار العادة و علمت أنه يتجاوز عن العشرة (1) تعمل عمل الاستحاضة فيما زاد و لا حاجة الى الاستظهار.

[ (مسألة 25) إذا انقطع الدم بالمرة وجب الغسل و الصلاة]

(مسألة 25) إذا انقطع الدم بالمرة وجب الغسل و الصلاة (2) و إن احتملت العود قبل العشرة، بل و ان ظنت، بل و ان كانت معتادة بذلك على اشكال، نعم لو علمت العود فالأحوط مراعاة الاحتياط في أيام النقاء لما مر من أن في النقاء المتخلل يجب الاحتياط.

______________________________

في تلك الأيام، إذ لم يخصص عموم ما دل على وجوب القضاء إلا بالنسبة إلى الحائض، و قد انكشف انها لم تكن حائضا.

قوله قده مسألة 24: (إذا تجاوز الدم عن مقدار العادة و علمت انه يتجاوز عن العشرة. إلخ)

إنما استغنى عن الاستظهار في صورة ما لو كانت ذات عادة و تجاوز الدم عن مقدار العادة و علمت انه يتجاوز عن العشرة هو اختصاص اخباره بصورة احتمال الانقطاع لدون العشرة أو للعشرة، و أما مع العلم بالتجاوز فهو أقوى مراتب الظهور بأنه ليس بحيض، و ان المورد مما يرجع فيه الى أخبار الأخذ بالعادة، و ما زاد عليها فهو استحاضة بل هو مناف لمادة الاستظهار، إذ هو طلب ظهور حال الدم و العلم أقوى مراتب الظهور.

قوله قده مسألة 25: (إذا انقطع الدم بالمرة وجب الغسل و الصلاة.

إلخ)

و ذلك لما يقتضيه إطلاق النصوص الآمرة بالغسل و الصلاة عند الانقطاع و منها نصوص الاستبراء و هي مطلقة حتى لو احتملت العود قبل العشرة، بل و ان ظنت لعدم اعتبار ذلك الظن، نعم يبقى الإشكال فيما لو كان منشأ الظن العادة كما ذكره (قده) و فيما لو علمت العود، و الإشكال في كلا الصورتين مبني على أن

النقاء في أثناء العادة أو في خلال العشرة طهر أو حيض

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 419

[ (مسألة 26) إذا تركت الاستبراء و صلت بطلت]

(مسألة 26) إذا تركت الاستبراء و صلت بطلت (1) و ان تبين بعد ذلك كونها طاهرة إلا إذا حصلت منها نية القربة.

[ (مسألة 17) إذا لم يمكن الاستبراء لظلمة أو عمى]

(مسألة 17) إذا لم يمكن الاستبراء لظلمة أو عمى (2) فالأحوط الغسل و الصلاة الى زمان حصول العلم بالنقاء فتعيد الغسل حينئذ، و عليها قضاء ما صامت، و الاولى تجديد الغسل في كل وقت تحتمل النقاء.

[فصل في حكم تجاوز الدم عن العشرة]
اشارة

فصل في حكم تجاوز الدم عن العشرة

[ (مسألة 1) من تجاوز دمها عن العشرة]

(مسألة 1) من تجاوز دمها عن العشرة سواء استمر الى شهر أو أقل أو أزيد أما أن تكون ذات عادة (3)

______________________________

فعلى الأول يجب الغسل إذا انقطع الدم بالمرة مع اعتبار العود قبل العشرة لتعمل عمل الطاهرة في أيام النقاء المتخلل، و كذا مع العلم بالعود و ان لم يكن لها عادة، و اما بناءا على ما رجحناه فيما تقدم صحيفة 392 في مسألة 6 من مسائل الحيض من أن النقاء المتخلل أيام العادة أو في جملة العشرة حيض فلا يتم ما ذكره في الصورتين من وجوب الغسل و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 26: (إذا تركت الاستبراء و صلت بطلت. إلخ)

و ذلك لعدم إحرازها الأمر الذي هو شرط في العبادة، فلا يحصل منها قصد العبادة، نعم لو فرض حصول قصد القربة لها غفلة أو غير ذلك صحت صلاتها بلا اشكال لفرض أنها طاهرة واقعا.

قوله قده مسألة 27: (إذا لم يمكن الاستبراء لظلمة أو عمى. إلخ)

المسألة مبنية على استصحاب حكم العام أو المخصص بعد تعذر الطريق الشرعي إلى المعرفة، نعم الاحتياط طريق النجاة و اللّٰه العالم.

قوله قده: (فصل: في حكم تجاوز الدم عن العشرة) إلى قوله (قده) ذات عادة

لو تجاوز

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 420

أو مبتدئة أو مضطربة أو ناسية، أما ذات العاد فتجعل عادتها حيضا و ان لم تكن بصفات الحيض و البقية استحاضة و ان كانت بصفاته إذا لم تكن العادة حاصلة من التمييز (1) بان يكون من العادة المتعارفة و الا فلا يبعد ترجيح الصفات على العادة يجعل ما بالصفات حيضا دون ما في

______________________________

دمها العشرة، (اما ذات العادة فتجعل عادتها حيضا. إلخ)

للصحاح المتقدمة، بل

عن التذكرة الإجماع عليه، و عن المعتبر: دعوى إجماع العلماء عدا مالك عليه، للأخبار المستفيضة الدالة على ذلك من المرسلة الطويلة و غيرها و صريح بعضها كإطلاق الآخر ذلك، و لو كان التمييز على خلافه كما هو المحكى عن المشهور بين الأصحاب قديما و حديثا، حيث قيل ان لم يتجاوز الدم العشرة فالجميع من أيام العادة و الاستظهار حيض و ان تجاوزها فالزيادة على العادة من مدة الاستظهار و ما بعدها كله طهر، و يجب عليها قضاء عبادة الاستظهار لظهور طهر ما زاد على العادة، و جواز تركها رفقا من الشارع بحالها لاحتمال الحيض لا يمنع من وجوب القضاء إذا تبين فساد الاحتمال بعبور العشرة، و يجزيها ما أتت به بعدها من صلاة و صيام.

قوله قده: (إذا لم تكن العادة حاصلة من التمييز. إلخ)

أي انما يرجع الى العادة في ذات العادة و ان لم تكن بصفات الحيض و لا يرجع الى التمييز و ان كان بصفات الحيض، ذلك في العادة المتعارفة لا فيما ثبتت العادة بالتمييز فإنه يشكل الأخذ بها في صورة لم تجتمع الصفات و كان التمييز على خلافها، و ذلك أخذا بالقدر المتيقن من الرجوع الى العادة في صورة معارضة التمييز لها و إلا ففي هذه الصورة يؤخذ بالتمييز و ترك العادة المخالفة له الثابتة بالتمييز و الأخذ بالاحتياط في المورد أسلم و اللّٰه أعلم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 421

العادة الفاقدة، و أما المبتدئة و المضطربة (1) بمعنى من لم تستقر لها عادة فترجع الى التمييز فتجعل ما كان بصفة الحيض حيضا و ما كان بصفة الاستحاضة استحاضة بشرط أن لا يكون أقل من ثلاثة و لا أزيد من العشرة،

و أن لا يعارضه دم

______________________________

قوله قده: (و اما المبتدئة و المضطربة. إلخ)

لا يخفى ان التي لا عادة لها مستقرة إما لابتدائها أو لنسيانها العادة أو لما هو أعم من ذلك، إن أمكنها الرجوع الى الصفة المتقدمة بأن يكون ما بالصفة لا ينقص عن ثلاثة أيام و لا يزيد على عشرة و ما ليس بالصفة وحده أو مع النقاء عشرة فما زاد ترجع إليها إجماعا كما عن التذكرة، فتتحيض بما بين الثلاثة و العشرة مما بالصفة و تصلى و تصوم فيما عداه، لإطلاق الصحاح المتقدمة الدالة على اعتبارها كقوله عليه السّلام إذا كان للدم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصلاة، و مقتضاها لزوم ترك العبادة عليها بمجرد الرؤية للدم بالصفة، و يؤيده الموثق عن سماعة قال سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض تقعد في الشهر يومين و في الشهر ثلاثة يختلط عليها لا يكون ظنها في الشهر عدة أيام سواء قال: فلها أن تجلس و تدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم تجز العشرة، و قيل كما عن الإسكافي و المرتضى و الحلبي و الحلي و الفاضلين و غيرهم، بل تحتاط حتى تمضى لها ثلاثة أيام، و هو محجوج بما تقدم، و ان لم يمكنها الرجوع الى الصفة المعتبرة في دم الحيض بان تكون بخلاف ذلك الوصف، فالمشهور أنها إن كانت مبتدئة- بكسر الدال و فتحها- أى ابتدأت الحيض أو ابتدأها ترجع إلى عادة نسائها، أى أقاربها من الأبوين أو أحدهما، لأن المعتبر الطبيعة و هي جاذبة من الطرفين إن أمكن ذلك وفاقا للأشهر بل المعروف من المذهب كما في المدارك لرواية سماعة المنجبرة بالعمل قال: سألته عن جارية حاضت أول حيضها

العمل الأبقى

في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 422

آخر واجد للصفات كما إذا رأت خمسة أيام مثلا دما اسودا و خمسة أيام أصفرا ثم خمسة أيام اسودا و مع فقد الشرطين أو كون الدم لونا واحدا ترجع إلى أقاربها في عدد الأيام بشرط اتفاقها، أو كون النادر كالمعدوم، و لا يعتبر اتحاد

______________________________

فدام دمها ثلاثة أشهر و هي لا تعرف أيام أقرائها قال: أقراؤها مثل افراء نسائها، فإن كان نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام و أقله ثلاثة أيام، و موثقة زرارة و محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال: المستحاضة تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها ثم تستظهر على ذلك بيوم، و في الخبر في النفساء، إذا كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتلت جلست مثل أيام أمها و أختها أو خالتها و استظهرت بثلثي ذلك، و هي مع ضعف سندها شاملة للمضطربة، و من جوز رجوعها إلى النسوة خصه بالرجوع الى الجميع و لم يجوّز الاقتصار على الواحدة، و ظاهر الروايات ذلك، مع انه لا تعرض فيها لذكر المبتدئة أصلا، و ظاهر مرسلة يونس رجوع المبتدئة إلى العدد خاصة مطلقا، و إلا يمكنها الرجوع الى نسائها لاختلافهن أو فقدهن تحيضت هي كالمضطربة: و هي التي نسيت العادة وقتا أو عددا أو معا في كل شهر سبعة أيام أو عشرة من شهر و ثلاثة من آخر مخيرة فيهما، كما عن الجمل و موضع من المبسوط، و استدل على الأول بقول الصادق (ع) في مرسلة يونس:

و تحيض في كل شهر في علم اللّٰه بسبعة أيام أو ستة أيام، و فيه ان مقتضاها التخيير بين الستة و السبعة، فلا وجه للاقتصار على السبعة و لكنه أحوط للاتفاق على جوازه، و على

الثاني بموثقة ابن بكير عن الصادق (ع) قال:

المرأة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر الدم تركت الصلاة عشرة أيام ثم تصلى عشرين يوما فان استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام و صلت سبعة و عشرين يوما، و نحوه آخر، و فيه أن مقتضاهما التحيض

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 423

البلد، و مع عدم الأقارب أو اختلافها ترجع الى الروايات مخيرة بين اختيار الثلاثة في كل شهر أو ستة أو سبعة، و اما الناسية فترجع الى التمييز و مع عدمه الى الروايات و لا ترجع إلى أقاربها، و الأحوط أن تختار السبع.

______________________________

بالثلاثة دائما في غير الدور الأول مع اختصاصهما بالمبتدئة و تضمنهما تقديم العشرة و هم لا يقولون به، و التخيير بين ما ذكر جمعا لا شاهد له، فالأولى تعيين السبعة.

و قيل فيه أقوال أخر، فعن الصدوقين و المرتضى انها تتحيض في كل شهر بثلاثة أيام إلى عشرة لموثقة سماعة المروية في الكافي قال سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر و هي لا تعرف أيام أقرائها فقال:

أقراؤها مثل أقراء نسائها، فإن كانت نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام و أقله ثلاثة أيام، و قيل: انها مع استمرار الدم تتحيض عشرة أيام ثم تجعل طهرا عشرة أيام ثم حيضا عشرة أيام و هكذا، كما عن موضع من المبسوط، و قيل: بالتخيير بين التحيض في كل شهر بسبعة أيام، و بين التحيض في الشهر الأول عشرة و في الثاني ثلاثة، كما عن ظاهر الشيخ في النهاية، و قيل: بالتخيير بين الثلاثة من شهر و عشرة من آخر، و بين الستة و بين السبعة كما عن العلامة و غيره،

و قيل: إنها تتحيض في الشهر الأول بثلاثة و في الثاني بعشرة، كما عن القاضي، و قيل: بالعكس، و قيل:

تتحيض في كل شهر عشرة أيام، و قيل: انها تترك الصلاة في كل شهر ثلاثة أيام و تصلى سبعة و عشرين يوما كما عن الإسكافي، و مستند الكل ضعيف، و بعضه لم نقف على مستنده، و قال المحقق في المعتبر، بعد أن حكم بضعف الأخبار الواردة في الباب: و الوجه عندي أن تتحيض كل واحدة منهما ثلاثة أيام لأنه المتيقن في الحيض و تصلى و تصوم بقية الشهر استظهارا و عملا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 424

[ (مسألة 2) المراد من الشهر ابتداء رؤية الدم الى ثلاثين يوما]

(مسألة 2) المراد من الشهر ابتداء رؤية الدم (1) الى ثلاثين يوما و ان كان في أواسط الشهر الهلالي أو أواخره.

______________________________

بالأصل في لزوم العبادة، و هو حسن إلا في الدور الأول للمبتدئة فعشر، للموثق المتقدم عن ابن بكير، و قال في المدارك بعد نقله: و لا يخلو من قوة، و يؤيده الروايتان- يعنى موثقتي ابن بكير- و الإجماع، فإن الخلاف إنما وقع في الزائد عن الثلاثة، ثم قال: و اعلم ان مقتضى مرسلة يونس المتقدمة تخييرها بين الستة و السبعة، و به قطع في المعتبر، و قوى العلامة في النهاية وجوب العمل بما أدى اجتهادها اليه، لئلا يلزم التخيير في السابع بين وجوب الصلاة و عدمه، و هو منقوض بأيام الاستظهار، و قال في المعتبر: انه لا مانع من ذلك إذ قد يقع التخيير في الواجب كما يتخير المسافر بين الإتمام و التقصير في بعض المواضع، و متى اختارت عددا كان لها وضعه حيث شاءت من الشهر و لا يتعين أوله و ان كان أولى، و مقتضى

خبري ابن بكير أخذ الثلاثة بعد العشرة ثم أخذها بعد السبعة و العشرين دائما، و لا ريب انه أولى و اللّٰه العالم.

________________________________________

شبر، سيد على حسينى، العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، 2 جلد، مطبعة النجف، نجف اشرف - عراق، اول، 1383 ه ق

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى؛ ج 2، ص: 424

قوله قده مسألة 2: (المراد من الشهر ابتداء رؤية الدم. إلخ)

مما لا خلاف فيه ان المراد بالشهر الشهر الدمى الذي مبدؤه رؤية الدم، و يدل عليه موثقة ابن بكير عن الصادق عليه السّلام قال: المرأة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر الدم تركت الصلاة عشرة أيام ثم تصلى عشرين يوما، فان استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام و صلت سبعة و عشرين يوما و نحوه غيره و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 425

[ (مسألة 3) الأحوط أن تختار العدد في أول رؤية الدم]

(مسألة 3) الأحوط أن تختار العدد في أول رؤية الدم (1) إلا إذا كان مرجح لغير الأول.

[ (مسألة 4) يجب الموافقة بين الشهور]

(مسألة 4) يجب الموافقة بين الشهور (2) فلو اختارت في الشهر الأول أوله ففي الشهر الثاني أيضا كذلك و هكذا.

[ (مسألة 5) إذا تبين بعد ذلك أن زمان الحيض غير ما اختارته]

(مسألة 5) إذا تبين بعد ذلك أن زمان الحيض غير ما اختارته وجب عليها قضاء (3) ما فات منها من الصلوات و كذا إذا تبينت الزيادة و النقيصة.

______________________________

قوله قده مسألة 3: (الأحوط أن تختار العدد في أول رؤية الدم.

إلخ)

في ذلك خلاف، فذهب جماعة منهم المحقق و العلامة في غير التذكرة، و المحقق و الشهيد الثانيان، بل عن الحدائق نسبته إلى الأصحاب: الى ان لها وضع العدد حيث تشاء، و قال آخرون: إن عليها وضعه في الأول كما عن العلامة في التذكرة و عن كاشف اللثام، و الأول أظهر لإطلاق رواياته و عدم ما يوجب التعيين عليها عدا دعوى ظهورها في تقديم التحيض و هي ممنوعة، و حيث لا قائل بتعين الآخر و لا بالتخيير بين خصوص الأول و الآخر كان تعيين الأول الأحوط، و هو منشأ احتياط المصنف (قده).

قوله قده مسألة 4: (يجب الموافقة بين الشهور. إلخ)

إذ النصوص كما تضمنت مدة التحيض كذلك تضمنت مدة التطهر، و مع اختلاف أزمنة الوضع يلزم اختلاف مدة الطهر.

قوله قده مسألة 5: (إذا تبين بعد ذلك ان زمان الحيض غير ما اختارته وجب عليها.)

و ذلك لصدق الفوت، و الحكم الظاهري ليس بمانع إذا انكشف خلافه، لما حقق في محله من عدم الإجزاء بعد التبين، و مما يدل عليه مرسلة يونس القصيرة و فيها: فان انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 426

[ (مسألة 6) صاحبة العادة الوقتية إذا تجاوز دمها العشرة]

(مسألة 6) صاحبة العادة الوقتية إذا تجاوز دمها العشرة (1) في العدد حالها حال المبتدئة في الرجوع الى الأقارب و الرجوع الى التخيير المذكور مع فقدهم أو اختلافهم، و إذا علمت كونه أزيد من الثلاثة ليس لها أن تختارها،

كما أنها لو علمت أنه أقل من السبعة ليس لها اختيارها.

______________________________

اغتسلت وصلت و انتظرت من يوم رأت الدم إلى عشرة أيام- الى أن قال- و ان مر بها من يوم رأت الدم عشرة أيام و لم تر الدم فذلك اليوم و اليومان الذي رأته لم يكن من الحيض، إنما كان من علة إما من قرحة في جوفها و إما من الجوف فعليها أن تعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها لأنها لم تكن حائضا. إلخ)

قوله قده مسألة 6: (صاحبة العادة الوقتية إذا تجاوز دمها العشرة. إلخ)

ذكر صاحب الجواهر (قده) في هذه المسألة و هي ما لو ذكرت أول حيضها و نسيت العدد الذي يشمله عموم المتن احتمالات بل أقوالا أربعة:

(الأول) إكماله ثلاثة المتيقن كونه حيضا و اقتصارها عليها فقط، لعلمها باشتغال ذمتها به بلا اشكال و يبقى الزائد إلى تمام العشرة مشكوكا فيه، فتعمل عمل المستحاضة لأصالة شغل ذمتها بالعبادة و اختاره في البيان، و عن المعتبر و استحسنه في المدارك، كما انه احتمله في الذكرى، و لعله الظاهر من موضع من المبسوط و ابن حمزة في الوسيلة.

(الاحتمال الثاني) رجوعها الى الروايات و هو اختيار المصنف إما بأخذ السبعة تعيينا كما هو ظاهر الشيخ في الخلاف مدعيا عليه الإجماع، أو التخيير بين السبعة و الستة، أو ثلاثة من شهر و عشرة من آخر، و اختاره الشهيد الثاني و غيره من بعض متأخرين، لصدق النسيان الموجب للحكم في حديث السنن.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 427

[ (مسألة 7) صاحبة العادة العددية ترجع في العدد الى عادتها]

(مسألة 7) صاحبة العادة العددية ترجع في العدد الى عادتها (1)، و أما في الزمان فتأخذ بما فيه الصفة و مع فقد التمييز تجعل العدد في الأول على الأحوط

و إن كان الأقوى التخيير، و إن كان هناك تمييز لكن لم يكن موافقا للعدد فتأخذه و تزيد مع النقصان و تنقص مع الزيادة.

______________________________

(الاحتمال الثالث) القول بالاحتياط بان تجمع بين عمل الاستحاضة و انقطاع الحيض، فقد يجتمع حينئذ عليها مع كثرة الدم و عدم التداخل ثمانية أغسال، و هو ظاهر ابن سعيد في الجامع و العلامة في التذكرة، بل نقل عنه في جملة من كتبه، كما أنه نقل عن الشيخ في المبسوط، و في الذكرى ان الاحتياط في هذه و نظائرها مشهور، قلت لكن ينبغي لها حينئذ تقديم غسل الحيض لوجوب المبادرة إلى الصلاة بعد غسل الاستحاضة.

(الاحتمال الرابع) تحيضها بالعشرة في كل شهر ما لم تعلم انتفاء بعضها و إلا فيما يمكن منها لاستصحاب الحيض و قاعدة الإمكان و غيرها، مع عدم اطراد العمل بالروايات لها في كل وقت كما ستسمع، و هو لا يخلو من قوة انتهى كلامه من هذه المسألة وقع مقامه، و لا يخفى ان الاحتياط سبيل النجاة.

قوله قده مسألة 7. (صاحبة العادة العددية ترجع في العدد الى عادتها.

إلخ)

و ذلك لما تقدم من أدلة رجوع ذات العادة إلى عادتها، و بهذا المقدار من الرجوع الى العادة ممكن لها، و يبقى الوقت مجهولا لها، فان كان لها تمييز أخذت بما فيه الصفة لأدلة الصفات المتقدمة. هذا إذا وافق التمييز العدد، و اما في غير صورة الموافقة قلة أو كثرة فتزيد الناقص بما حفظته من العدد و تنقص الزائد عما زاد على العدد، و لا يجوز لها الرجوع الى أقربائها أو أقرانها إذ اقراؤهن طريق الى العدد، و المفروض ان لها عددا معتادا فلا تكون اقراؤهن طريقا إليه، إذ الرجوع و الأخذ بالعادة مقدم

رتبة على

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 428

[ (مسألة 8) لا فرق في الوصف بين الأسود و الأحمر]

(مسألة 8) لا فرق في الوصف بين الأسود و الأحمر (1) فلو رأت ثلاثة أيام أسودا و ثلاثة أحمرا ثم بصفة الاستحاضة تتحيض بستة.

[ (مسألة 9) لو رأت بصفة الحيض ثلاثة أيام ثم ثلاثة أيام بصفة الاستحاضة]

(مسألة 9) لو رأت بصفة الحيض ثلاثة أيام (2) ثم ثلاثة أيام بصفة الاستحاضة ثم بصفة الحيض خمسة أيام أو أزيد تجعل الحيض الثلاثة الأولى و أما لو رأت بعد الستة الأولى ثلاثة أيام أو أربعة بصفة الحيض تجعل الحيض الدمين الأول و الأخير و تحتاط في البين مما هو بصفة الاستحاضة لأنه كالنقاء المتخلل بين الدمين.

______________________________

الرجوع الى الأقارب، هذا إذا كان لها تمييز، و إلا فالرجوع الى العدد فقط، نعم يبقى الخلاف في انه هل يلزم جعله أول الدم؟ أو مخيرة فيه حيث جعلته و قد تقدم مدرك كل من القولين و ذكرنا أن الاحتياط جعله أول الدم فإنه سبيل النجاة و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 8: (لا فرق في الوصف بين الأسود و الأحمر. إلخ)

يشكل ما ذكره (قده) من التعدي عن الصفات المنصوصة من الحرارة و السواد و الدفع و الحرقة إلى غيرها من صفات الأشدية كالحمرة بالنسبة إلى الصفرة، بل المتعين الاقتصار على المنصوص منها و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 9: (لو رأت بصفة الحيض ثلاثة أيام. إلخ)

إنما حكم (قده) في الصورة الأولى بجعل الثلاثة الأولى حيضا فقط دون الثلاثة الوسطى التي هي بصفة الاستحاضة و دون الخمسة الأخيرة التي هي بصفة الحيض، لئلا يلزم زيادة أيام الحيض عن العشرة بخلاف الصورة الثانية، و هي ما لو رأت بعد الستة الأولى ثلاثة أيام أو أربعة لإمكان جعل الجميع حيضا حتى أيام النقاء المتخلل بين الدمين، لإطلاق الإجماع بعدم قصور

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 429

[ (مسألة 10) إذا تخلل بين المتصفين بصفة الحيض عشرة أيام بصفة الاستحاضة]

(مسألة 10) إذا تخلل بين المتصفين بصفة الحيض (1) عشرة أيام بصفة الاستحاضة جعلتهما حيضين إذا لم يكن كل واحد منهما أقل من ثلاثة.

[ (مسألة 11) إذا كان ما بصفة الحيض ثلاثة متفرقة]

(مسألة 11) إذا كان ما بصفة الحيض ثلاثة متفرقة (2) في ضمن عشرة تحتاط في جميع العشرة.

[ (مسألة 12) لا بد في التمييز أن يكون بعضها بصفة الاستحاضة]

(مسألة 12) لا بد في التمييز أن يكون بعضها بصفة الاستحاضة (3) و بعضها بصفة الحيض فاذا كانت مختلفة في صفات الحيض (4) فلا تمييز بالشدة و الضعف أو

______________________________

الطهر عن عشرة، أو قلنا بأنه طهر، و حمل ما ورد بعدم قصور الطهر عن عشرة فيما لو كان بين الحيضتين، لا فيما كان بين حيضة واحدة، نعم يبقى الإشكال فيما حكم به في الصورة الأولى من أن الثلاثة الأولى حيض، مع أنها معارضة بالدم المتأخر، و قد تقدم منه (قده) ان من شرائط الرجوع الى التمييز أن لا يعارض الدم دم آخر، فالقاعدة في المقام التساقط لعدم الترجيح إذ أنه بلا مرجح، بل الرجوع الى قواعد أخر.

قوله قده مسألة 10: (إذا تخلل بين المتصفين بصفة الحيض. إلخ)

إذ لا مانع من الحكم على الدمين بالحيض مع فصل أقل الطهر بينهما بالشرط الذي ذكره من ان لا يكون واحد منهما أقل من ثلاثة.

قوله قده مسألة 11: (إذا كان ما بصفة الحيض ثلاثة متفرقة. إلخ)

إنما احتاط (قده) في جميع العشرة لما تقدم في صحيفة 394 من الإشكال في اعتبار التوالي في الثلاثة و عدمه، و اختلاف الآراء في ذلك، و قد ذكرنا حجج الطرفين هنالك فراجع.

قوله قده مسألة 12: (لا بد في التمييز أن يكون بعضها بصفة الاستحاضة. إلخ)

كما هو صريح أخبار التمييز.

قوله قده: (فاذا كانت مختلفة في صفات الحيض. إلخ)

كما إذا كان

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 430

غيرهما كما إذا كان في أحدهما و صفان و في الآخر وصف واحد، بل مثل هذا فاقد التمييز و لا يعتبر اجتماع

صفات الحيض (1) بل يكفي واحدة منها.

[ (مسألة 13) ذكر بعض العلماء الرجوع الى الأقران مع فقد الأقارب]

(مسألة 13) ذكر بعض العلماء الرجوع الى الأقران مع فقد الأقارب (2)، ثم الرجوع الى التخيير بين الأعداد و لا دليل عليه فترجع الى التخيير بعد فقد الأقارب.

[ (مسألة 14) المراد من الأقارب أعم من الأبوينى و الأبى أو الأمي فقط]

(مسألة 14) المراد من الأقارب أعم من الأبوينى (3) و الأبى أو الأمي فقط و لا يلزم في الرجوع إليهم حياتهم.

[ (مسألة 15) في الموارد التي تتخير بين جعل الحيض أول الشهر أو غيره]

(مسألة 15) في الموارد التي تتخير بين جعل الحيض (4) أول الشهر أو غيره

______________________________

بعضه أسود فقط و الآخر اسود و كريه الرائحة فإنه لا تمييز إذ الكل من صفات الحيض و لا دليل على التمييز بذلك، نعم أحدهما أشد من الآخر فمثل هذه تعد من أقسام فاقدة التمييز.

قوله قده: (و لا يعتبر اجتماع صفات الحيض. إلخ)

و ذلك لإطلاق الأدلة و ظهورها فيما هو الأعم مما جمع الصفات أو انفرد بصفة واحدة منها.

قوله قده مسألة 13: (ذكر بعض العلماء الرجوع الى الأقران مع فقد الأقارب. إلخ)

و ذكروا لذلك وجوها مثل غلبة اللحوق في الطبع بالأقران، و مثل دعوى عموم النساء في المضمرة للاقران، و مثل قراءة أقرانها- بالنون بدل أقرائها بالهمزة- في رواية زرارة و محمد بن مسلم، و كل ذلك لم ينهض عليه دليل في قبال إطلاقات الرجوع الى العدد بعد فقد الأقارب و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 14: (المراد من الأقارب أعم من الأبوينى. إلخ)

و ذلك لصدق نسائها على الجميع.

قوله قده 15: (في الموارد التي تتخير بين جعل الحيض. إلخ)

يشكل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 431

إذا عارضها زوجها و كان مختارها منافيا لحقه وجب عليها مراعاة حقه، و كذا في الأمة مع السيد، و إذا أرادت الاحتياط الاستحبابي فمنعها زوجها أو سيدها يجب تقديم حقهما، نعم ليس لهما منعها عن الاحتياط الوجوبي.

[ (مسألة 16) في كل مورد تحيضت من أخذ عادة أو تمييز أو رجوع إلى الأقارب أو الى التخيير]

(مسألة 16) في كل مورد تحيضت (1) من أخذ عادة أو تمييز أو رجوع إلى الأقارب أو الى التخيير بين الأعداد المذكورة فتبين بعد ذلك كونه خلاف الواقع يلزم عليها التدارك بالقضاء أو الإعادة.

______________________________

ما ذكره (قده) من وجوب مراعاة حق الزوج في صورة المعارضة و كان مختارها منافيا لمختاره، إذ

لا يعلم ان له حقا في مفروض المسألة، إذ مختارها من الوقت حيض تنزيلي شرعي تعبدي فهو خارج من عموم وجوب الطاعة، كخروج أيام الحيض المعلوم الذي ليس للزوج اختيار فيه، فأدلة التخيير على ما ذكرنا حاكمة على أدلة وجوب الطاعة، هذا و الأحوط المصالحة معها و لو بإعطائها ما لا لتختار ما اختاره، نعم في الأمة يتم ما ذكره لأن العبودية مانعة من الاختيار في قبال اختيار المولى، لقوله تعالى (عَبْداً مَمْلُوكاً لٰا يَقْدِرُ عَلىٰ شَيْ ءٍ) كما انه ليس للزوجة الاحتياط الاستحبابي في صورة منع الزوج منه لعدم مقاومة الاستحباب للوجوب، لعموم وجوب الطاعة إلا ما علم خروجه، نعم يتم ذلك في الاحتياط الوجوبي فحاله كحال أصل المسألة الذي قوّينا فيه عدم حق للزوج في قبال اختيارها و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 16: (في كل مورد تحيضت. إلخ)

و ذلك لصدق الفوت، و ان الحكم الظاهري حجة ما لم ينكشف الواقع، إلا ان يقوم دليل على خلافه و ليس فليس و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 432

[ (أحدها) يحرم عليها العبادات المشروطة بالطهارة]

(أحدها) يحرم عليها العبادات المشروطة بالطهارة (1) كالصلاة و الصوم و الطواف و الاعتكاف

______________________________

قوله قده (فصل: في أحكام الحائض، و هي أمور: (أحدها) يحرم عليها العبادات المشروطة بالطهارة. إلخ)

اعتبر بهذه العبارة أو ما هو بمعناها جملة من فقهائنا العظام، بل جلهم كالمحقق في الشرائع و المختصر النافع، و العلامة في الإرشاد، و قال في المنتهى: يحرم من الحائض الصلاة و الصوم و هو مذهب عامة أهل الإسلام. اه، و أرسل ذلك الشهيدان إرسال المسلمات، و عليه الإجماع من الأعيان، و يدل عليه النصوص الكثيرة المتفرقة في أبواب الحيض و العبادات المذكورة، فهو مما لا

اشكال فيه، و قد أطال الكلام جملة من علمائنا الأعلام و أكثروا النقض و الإبرام في أن الحرمة هل هي ذاتية؟

أو تشريعية؟ و الظاهر أن المراد بها الحرمة الذاتية كما هو ظاهر الأصحاب تبعا لأخبار الباب الدالة على الأمر بالترك، أو على نفى الجواز، أو نفى الحلية، أو على الحرمة الظاهرة في حرمة نفس العمل.

و اما الحرمة التشريعية التي هي في الحقيقة كما ذكره بعض الأساطين:

أمر جناني و هو البناء على أنه مأمور به، لا نفس الأفعال الخارجية، بل هي على ما كانت عليه من الحكم و لا يعاقب عليها، بل على ذلك الأمر الجناني، مع ان ظاهر الأخبار كون الحرمة أو نفى الجواز أو نفى الحلية متعلقة بنفس الأفعال كما أشرنا اليه، و انها بنفسها تكون مبغوضة للشارع في الحال كما

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 433

..........

______________________________

كانت محبوبة كذلك في غير هذا الحال، و فوق ذلك كيف يهتدى العوام و النساء إلى الحرمة التشريعية و هم المخاطبون بهذه الخطابات التي لا يهتدى إليها العلماء الا بعد الدقة و إمعان النظر، و بالجملة الإتيان بالصلاة عبادة بدون التشريع بحيث لو لم تكن منهيا عنها لوقعت صحيحة كان ممكنا، و يؤيد ذلك تعليل حرمة الصلاة في علل الفضل بن شاذان بأنها على حد نجاسة، فأحب اللّٰه ان لا يعبد الا طاهرا، حيث دل على انها تقدر على أن تعبد بالصلاة في حال الحيض، لكنه لما كانت عبادتها بها في هذه الحال غير محبوبة نهى عنها فافهم.

قيل و إنما تظهر الثمرة في حسن الاحتياط عند الشك في الحيض مع عدم أصل أو عموم يرجع إليه (فإن قلنا) بالحرمة الذاتية لم يحسن بها الاحتياط سيما بفعل

المندوبة (قلت) احتمال الحرمة الذاتية لها إذا كانت قضية الأصل عقلا و نقلا الأمن من تبعة مخالفتها لا يكاد يضر بحسن الاحتياط بإتيانها باحتمال الوجوب، بل باحتمال الاستحباب أيضا فتستحق بذلك ثواب الإطاعة أو الانقياد، غاية الأمر كان مع هذا الاحتمال عدم الإتيان باحتمال الحرمة أيضا من الاحتياط، و يدل على صحة ما ذكرناه من كون حرمة الصلاة و الصوم عليها ذاتية، و إمكان الاحتياط مع ذلك في موارد الاشتباه دلالة غير واحد من الأخبار على ترك العبادة في أيام الاستظهار احتياطا، ضرورة انه لو لا إمكان الاحتياط في صورة دوران الأمر بين الوجوب و الحرمة لما كان ترك العبادة في تلك الأيام احتياطا، كما انه لو لا كون حرمة العبادة في حال الحيض ذاتية لما كان وجه لجعل تركها احتياطا مع التمكن من الاحتياط المطلق

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 434

[ (الثاني) يحرم عليها مس اسم اللّٰه و صفاته الخاصة]

(الثاني) يحرم عليها مس اسم اللّٰه و صفاته (1) الخاصة بل غيرها أيضا إذا كان المراد بها هو اللّٰه، و كذا مس أسماء الأنبياء و الأئمة على الأحوط، و كذا مس كتابة القرآن على التفصيل الذي مرء في الوضوء.

______________________________

بفعلها برجاء و جربها، لعدم احتمال المخالفة معه أصلا كما لا يخفى، و قد انقدح مما حققناه ان ما ذكره جماعة بل ادعى عليه الاتفاق من حسن الاحتياط للمضطربة لا دلالة له على كون حرمة العبادة عليها تشريعية، و لا حجة فيه على تقدير الدلالة، و جعل الاحتياط بترك العبادة في أيام الاستظهار مع إمكان الاحتياط بفعلها أيضا، لعله كان لغلبة استمرار الحيض الى ما بعد العادة بمقدار أيام الاستظهار في صورة استمرار الدم الى ما بعدها أو كون ترك العادة في حال

الحيض أهم عند الشارع من فعلها في غير هذا الحال أو لجهة أخرى لا نعرفها. انتهى كلامه رفع مقامه.

قوله قده: (الثاني يحرم عليها مس اسم اللّٰه و صفاته. إلخ)

كما حكى عن جماعة منهم الشيخان و بنى حمزة و زهرة و سعيد و الفاضل و الشهيدان و الكركي بل ظاهر الغنية الإجماع على التحريم فان تم فذاك و إلا فقد نوقش في الأخبار الخاصة المدعاة دلالة أو سندا مثل خبر سعيد بن يسار الوارد في المرأة ترى الدم و هي جنب من قوله عليه السّلام: قد جاءها ما هو أعظم من ذلك و مثل صحيح بن فرقد في التعويذ تقرؤه و تكتبه و لا تصيبه يدها من ضعف السند في الأول و الدلالة في الثاني و لذا لم يتعرض له كثير و مثله الكلام في مس أسماء الأنبياء و الأئمة، و اما مس كتابة القرآن فقد حكى عليه الإجماع صريحا و ظاهرا حكاه جملة كثيرة و لم يخالف فيه على ما حكى إلا الإسكافي أبا على محمد ابن أحمد بن الجنيد الكاتب و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 435

[ «الثالث» قراءة آيات السجدة]

«الثالث» قراءة آيات السجدة بل سورها على الأحوط. (1)

[ «الرابع» اللبث في المساجد]

«الرابع» اللبث في المساجد. (2)

[ «الخامس» 2 وضع شي ء فيها]

«الخامس» 2 وضع شي ء فيها إذا استلزم الدخول.

[ «السادس» الاجتياز من المسجدين]
اشارة

«السادس» الاجتياز من المسجدين (3)

______________________________

قوله قده: (الثالث: قراءة آيات السجدة بل سورها على الأحوط. اه)

و ذلك لما هو المعروف من مذهب الأصحاب حتى البسملة إذا نوى بها إحداها كما حكى ذلك عن المدارك، و عن المعتبر أنه عند علمائنا أجمع، و عن المنتهى و هو مذهب علمائنا اجمع الى أن قال: لنا على تحريم العزائم ما قدمناه في باب الجنب، و لأن الحائض آكد في الحدث من الجنب، و يدل على ذلك موثقة زرارة و محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السّلام قال: قلت الحائض و الجنب يقرءان شيئا؟ قال: نعم ما شاءا إلا السجدة، و رواية محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السّلام الجنب و الحائض يفتتحان المصحف و يقرءان من القرآن ما شاءا إلا السجدة، و لا دلالة للروايتين على حرمة ما عدا نفس السجدة، إلا ان الأصحاب فهموا كون السجدة كناية عن سورتها و اللّٰه العالم.

قوله قده: (الرابع: اللبث في المساجد الى قوله: الخامس إلخ)

لما روى من طريق الجمهور عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم انه قال: لا أحل المسجد لحائض و لا جنب، و من طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السّلام: و يدخلان المسجد مجتازين و لا يقعدان فيه، و لأن الحائض مشاركة للجنب في الحدث و ممتازة عنه بزيادة حمل النجاسة، فحكم حدثها أغلظ فالمنع من الاستيطان في المسجد في حقها أقرب، و قد تقدم منا في الجنابة ما يغني عن البيان، لاتحاد الدليل في البائن فراجع و كذا الحال في وضع شي ء فيها.

قوله قده (السادس:

الاجتياز من المسجدين)

و ذلك لما رواه الشيخ

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 436

و المشاهد المشرفة كسائر المساجد (1) دون الرواق منها و إن كان الأحوط إلحاقه بها، هذا مع عدم لزوم الهتك و إلا حرم، و إذا حاضت في المسجدين تتيمم و تخرج (2)، إلا إذا كان زمان الخروج أقل من زمان التيمم أو مساويا.

[ (السابع) وطؤها في القبل حتى بإدخال الحشفة]
اشارة

(السابع) وطؤها في القبل (1) حتى بإدخال الحشفة من غير إنزال بل بعضها

______________________________

مع التلويث فيكفي فيه ما تقدم منا من حرمة تنجيس المساجد و اللّٰه العالم.

قوله قده: (السابع: وطؤها في القبل. إلخ)

اما عدم جواز وطئها في القبل حتى تنقى فمجمع عليه بين المسلمين، بل كأنه من ضروريات الدين كما اعترف به كثير منهم، و قد نطق به الكتاب و سنة سيد المرسلين (ص) و آله الطاهرين عليهم السلام، بل عنه عليه السّلام: من أتى حائضا فقد كفر بما أنزل على محمد صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم، و عليه يحمل لفظ الكراهة في بعض النصوص كالمروي في الفقيه و الخصال و المحاسن مسندا الى الصادق (ع) عن آبائه عن على عليهم السلام عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم قال: ان اللّٰه تبارك و تعالى كره لكم أيتها الأمة أربعة و عشرين خصلة و نهاكم عنها، و عد منها: انه كره للرجل أن يأتي امرأته و هي حائض فإن غشيها فخرج الولد مجذوما أو أبرصا فلا يلومنّ إلا نفسه، و عن أبى عبد اللّٰه (ع) ترى هؤلاء المشوّهين في خلقهم؟ قال: قلت نعم، قال هؤلاء الذين آباؤهم يأتون نساءهم في الطمث، و عن الصادق (ع) لا يبغضنا إلا من خبثت ولادته أو حملت به أمه

في حيضها، و عن أم سلمة قالت سمعت رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم يقول لعلى (ع): لا يبغضكم إلا ثلاثة ولد الزنا و منافق و من حملت به أمه و هي حائض، و عن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم: انه قال لعلى (ع) لا يحبك إلا مؤمن، و لا يبغضك إلا منافق، أو ولد الزنية، أو من حملته أمه و هي طامث، الى غير ذلك من الأخبار بهذه المضامين، و اما ما عدا ذلك فالمشهور كما اعترف به كثير منهم، بل عن ظاهر المجمع و التبيان و الكنز و صريح الخلاف الإجماع عليه هو جواز الاستمتاع بغيره حتى الوطء في الدبر، لما عنه (ع) انه سئل عن كيفية الاعتزال فقال: اصنعوا كل شي ء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 442

على الأحوط و يحرم عليها أيضا (1)، و يجوز الاستمتاع بغير الوطء من التقبيل و التفخيذ و الضم، نعم يكره الاستمتاع بما بين السرة و الركبة منها بالمباشرة

______________________________

غير النكاح أى غير المجامعة، و لمرسل ابن بكير عن الصادق (ع) انه قال:

إذا حاضت المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم، و موثقة عبد الكريم عنه (ع) عما لصاحب المرأة الحائض منها؟ قال: كل شي ء ما عدا القبل بعينه، و نحوه خبر عبد الملك عنه كما في التهذيب و الكافي و موثق هشام عنه (ع) عن الرجل يأتي المرأة فيما دون الفرج و هي حائض؟ قال: لا بأس إذا اجتنب ذلك الموضع، و عنه عما للرجل من الحائض؟ قال: ما بين الفخذين، و عنه (ع) عما للرجل من الحائض؟ قال: ما بين ألييها و لا يوقب، و

خبر معاوية عنه عن الحائض ما يحل لزوجها منها؟ قال: ما دون الفرج، و خبر عبد اللّٰه عنه ما يحل للرجل من امرأته و هي حائض؟ قال:

ما دون الفرج، و خبر عبد الملك عنه (ع) ما يحل للرجل من المرأة و هي حائض؟ قال: كل شي ء غير الفرج، ثم قال: إنما المرأة لعبة الرجل، الى غير ذلك من النصوص، و اما ما عن السيد المرتضى من أنه لا يحل الاستمتاع منها إلا بما فوق المئزر سيما الوطء فيه، بل في السرائر: ان خلافه فيه خاصة فلم ينقل الخلاف فيه إلا عنه (قده) و ربما نقل عن المقدس الأردبيلي الميل إلى موافقة السيد، لا ريب في ضعفه للأصول و العمومات كتابا و سنة المقتصر في تخصيصها بالمتيقن منها، و قد مرت عليك مفصلة من جواز الاستمتاع بها ما عدا الفرج، و في بعضها موضع الدم الصريحة في المطلوب، و اما أخبار المئزر و ما بين السرة و الركبة فمحمولة على الكراهة لصراحة الأخبار المجوزة و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و يحرم عليها أيضا. إلخ)

أي كما يحرم على الزوج الوطء

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 443

و اما فوق اللباس فلا بأس، و اما الوطء في دبرها فجوازه محل اشكال، (1) و إذا خرج دمها من غير الفرج فوجوب الاجتناب عنه غير معلوم (2) بل الأقوى

______________________________

يحرم عليها تمكينه كما ذهب إليه في الغنية و نقل عليه الإجماع في الجواهر و مصباح الفقيه، و كاشف الغطاء جعل مستحله كافرا، و استدلوا لحرمته عليها بالمعاونة على الإثم، و يدل عليه خبر محمد بن مسلم المروي في الوسائل في باب العدد، عن أبى جعفر (ع) قال: سألته عن الرجل يطلق

امرأته متى تبين منه؟ قال: حين يطلع الدم من الحيضة الثالثة تملك نفسها، قلت فلها أن تتزوج في تلك الحال؟ قال: نعم، و لكن لا تمكن من نفسها حتى تطهر من الدم، هذا مع أن مرتكزات المتشرعة على ذلك.

قوله قده: (و اما الوطء في دبرها فجوازه محل إشكال. إلخ)

لعل وجهه احتمال دخول الدبر في الفرج المستثنى في النصوص المتقدمة، بل لعل المنع عنه ظاهرا، و صريح حسن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد اللّٰه (ع) ما للرجل من الحائض؟ قال: ما بين أليتيها و لا يوقب، و كلاهما لا ينهضان قبال ما تقدم من الأخبار الصريحة في الجواز، مثل قوله (ع): إذا حاضت المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم، و ما رواه عبد الملك بن عمرو قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عما لصاحب المرأة الحائض منها؟ قال:

كل شي ء ما عدا القبل بعينه، و ما رواه عن هشام بن سالم عن أبى عبد اللّٰه عليه السلام في الرجل يأتي المرأة فيما دون الفرج و هي حائض قال: لا بأس إذا اجتنب من ذلك الموضع، و أمثال ذلك فالجمع بينها و بين حسن عمر بن يزيد بحمله على الكراهة أقرب الوجوه و اللّٰه العالم.

قوله قده: (و إذا خرج دمها من غير الفرج فوجوب الاجتناب عنه غير معلوم. إلخ)

أي اجتناب موضع خروج الدم، و ذلك لانصراف

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 444

عدمه إذا كان من غير الدبر، نعم لا يجوز الوطء في فرجها (1) الخالي عن الدم حينئذ.

[ (مسألة 5) لا فرق في حرمة وطء الحائض بين لزوجة الدائمة و المتعة]

(مسألة 5) لا فرق في حرمة وطء الحائض بين (1) لزوجة الدائمة و المتعة و الحرة و الأمة و الأجنبية و المملوكة كما

لا فرق بين أن يكون الحيض قطعيا (2) وجدانيا أو كان بالرجوع الى التمييز أو نحوه، بل يحرم أيضا في زمان الاستظهار إذا تحيضت و إذا حاضت في حال المقاربة يجب المبادرة بالإخراج.

[ (الثامن) وجوب الكفارة بوطئها]
اشارة

(الثامن) وجوب الكفارة بوطئها (3) و هي دينار في أول الحيض و نصفه

______________________________

قوله قده مسألة 5: (لا فرق في حرمة وطء الحائض بين. إلخ)

بلا خلاف في ذلك، و الذي يدل عليه إطلاق لفظ الزوجة و الحليلة.

قوله قده: (كما لا فرق بين أن يكون الحيض قطعيا. إلخ)

إذ ما ثبت بطريق شرعي حكمه حكم القطعي.

قوله قده: (الثامن: وجوب الكفارة بوطئها. إلخ)

لا يخفى ان وجوب الكفارة أو استحبابها عليه قولان، و القول الأول بالوجوب للقدماء، و قد ادعى عليه الإجماع جماعة على ما حكى عنهم، و للأخبار المستفيضة منها ما عن الكليني و الشيخ عن محمد بن مسلم قال سألت الباقر عليه السلام عن الرجل أتى المرأة و هي حائض قال: يجب عليه في استقبال الحيض دينار، و في وسطه نصف دينار. إلخ، و منها رواية داود بن فرقد عن أبى عبد اللّٰه عليه السلام في كفارة الطمث: انه يتصدق إذا كان في أوله دينارا، و في وسطه نصف دينار، و في آخره ربع دينار، قلت فان لم يكن عنده ما يكفّر قال:

فليتصدق على مسكين واحد، و إلا استغفر اللّٰه و لا يعود، فان الاستغفار توبة و كفارة لمن لا يجد السبيل إلى شي ء من الكفارة، و منها رواية ابن مسلم عمن أتى أهله و هي طامث قال عليه السلام: يتصدق بدينار و يستغفر اللّٰه، و منها رواية أبي بصير عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام: من أتى حائضا فعليه نصف دينار يتصدق به، و

منها مرسلة المقنع قال: روى انه إن جامعها في أول

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 446

..........

______________________________

الحيض فعليه ان يتصدق بدينار، و ان كان في نصفه فنصف دينار، و ان كان في آخره فربع دينار، و منها رواية الحلبي في الرجل يقع على امرأته و هي حائض ما عليه؟ قال: يتصدق على مسكين بقدر شبعه.

و القول الثاني- أي الاستحباب- للشيخ في محكي نهايته، و المحقق في محكي معتبرة، و العلامة في مختلفة، و الشهيد في ذكراه و بيانه، و غيرهم و جماعة من متأخري المتأخرين، لما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن رجل واقع امرأته و هي طامث قال: لا يلتمس فعل ذلك قد نهى اللّٰه أن يقربها، قلت فان فعل أ عليه كفارة؟ قال: لا أعلم فيه شيئا يستغفر اللّٰه، و ما رواه عن ليث المرادي قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن وقوع الرجل على امرأته و هي طامث خطأ قال: ليس عليه شي ء و قد عصى ربه.

(لا يقال) هذا لا يدل على المطلوب إذ النهي مصروف الى الخاطى ء لا الى العامد، (لأنا نقول) لو لم يكن الواطئ ههنا عامدا لما حكم عليه بالعصيان، و إنما المراد بالخطإ الخطيئة بقرينة قوله و قد عصى، و ما رواه عن زرارة عن أحدهما قال سألته عن الحائض يأتيها زوجها؟ قال: ليس عليه شي ء يستغفر اللّٰه و لا يعود، هذا مع مساعدة الأصل على ذلك، فالأولى حمل المثبتة على الاستحباب جمعا بين الروايات.

ثم مما يؤيد الاستحباب و يدل عليه اختلاف مقادير الكفارات، و ذلك بحسب ما يراه الأئمة من العقوبات بالنظر الى زيادة قبح

الفعل و نقصانه بصدوره عن العارف و الجاهل، هذا مع خلو بعض الأخبار عنه، مع

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 447

في وسطه و ربعه في آخره إذا كانت زوجة (1) من غير فرق بين الحرة و الأمة و الدائمة و المنقطعة، و إذا كانت مملوكة المواطئ فكفارته ثلاثة أمداد (2) من الطعام

______________________________

تضمنه للاستغفار و التعزير، فعن الكليني و الشيخ بسنديهما الى الفضل الهاشمي قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل أتى أهله و هي حائض قال، يستغفر اللّٰه و لا يعود، قلت فعليه أدب؟ قال: نعم خمسة و عشرون سوطا، ربع حد الزاني و هو صاغر، لأنه أتى سفاحا، إذ من البعيد جدا التعرض للاستغفار و التعزير و غيرهما و عدم التعرض للكفارة لو كانت واجبة أيضا، فلا محيص عن القول بالاستحباب و اللّٰه العالم.

قوله قده: (إذا كانت زوجة. إلخ)

إذ هو المتيقن من النصوص، كما ان لسانها مخصوص بالزوجة و المرأة فلا يتعداها الى غيرها، كما ان إطلاقها يقتضي عدم الفرق بين أقسامها المذكورة في المتن.

قوله قده: (و إذا كانت مملوكة للواطى ء فكفارته ثلاثة أمداد. إلخ)

و هو المحكى عن المقنعة و الانتصار و النهاية و السرائر و المهذب و الجامع، انه لو وطئ أمته حائضا تصدق بثلاثة أمداد من طعام على ثلاثة مساكين، بل عن محكي السرائر نفى الخلاف فيه، و عن محكي الانتصار الإجماع عليه، و لولاهما كان قضية إطلاق بعض الأخبار أن الوطء بذلك كالوطء بالزوجة، لولا تقييده بما رواه الشيخ عن عبد الملك بن عمرو قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن رجل أتى جاريته و هي طامث قال: يستغفر اللّٰه ربه، قال عبد الملك: فان الناس يقولون

عليه نصف دينار أو دينار، فقال أبو عبد اللّٰه عليه السلام: فليتصدق على عشرة مساكين، و الرواية لعدم العمل بها غير قابلة لذلك، قال العلامة في المنتهى: و الأقرب الاستحباب عملا بالأصل، و رواية عبد الملك تدل على إطعام عشرة مساكين، و قد بينا ضعفها. انتهى.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 448

يتصدق بها على ثلاثة مساكين لكل مسكين مد من غير فرق بين كونها (1) قنة أو مدبّرة أو مكاتبة أو أم ولد، نعم في المبعضة و المشتركة و المزوجة و المحللة إذا وطئها مالكها اشكال، و لا يبعد إلحاقها بالزوجة في لزوم الدينار أو نصفه أو ربعه و الأحوط الجمع بين الدينار و الأمداد، و لا كفارة على المرأة و ان كانت مطاوعة، (2) و يشترط في وجوبها العلم (3) و العمد و البلوغ و العقل فلا كفارة

______________________________

قوله قده: (من غير فرق بين كونها. إلخ)

لما عرفت من إطلاق كلماتهم (قده) و إطلاق ما يصلح ان يكون دليلا لهم.

قوله قده: (و لا كفارة على المرأة و ان كانت مطاوعة. إلخ)

و ذلك لأصالة العدم فيها، قال العلامة في المنتهى: لا يجب على المرأة الكفارة، و لو غرّت زوجها لعدم الدليل، و لأن الأصل براءة الذمة و عصمة المال و لأنا قلنا إن الزوج لا يجب عليه الكفارة فالمرأة أولى. انتهى.

قوله قده: (و يشترط في وجوبها العلم. إلخ)

أما عدم وجوبها على الصبي و المجنون لحديث رفع القلم عنهما، و أما الناسي و الجاهل فلأن النسيان و الجهل بالموضوع عذران لدى المولى فيمنعان من العذاب عقلا مع اختصاص الأدلة السمعية بصورة المعصية المنتفية بالنسبة إليهما، نعم يبقى الإشكال في الجاهل بالحكم أعني الحرمة، فقد قرب جماعة

عدم الكفارة فيه على ما حكى عنهم، منهم الشيخ في الخلاف، و المحقق في الشرائع، و العلامة في جملة من كتبه، و الشهيد في الذكرى حيث اشترطوا في وجوب الكفارة العمد و العلم، و الجاهل بالحكم فاقد لهما، نعم قرّب المصنف الاحتياط فيه و جزم بثبوتها في العلم بالحرمة مع الجهل بالثبوت لإطلاق الأدلة و اللّه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 449

على الصبي و لا المجنون و لا الناسي و لا الجاهل بكونها في الحيض، بل إذا كان جاهلا بالحكم أيضا و هو الحرمة و إن كان أحوط، نعم مع الجهل بوجوب الكفارة بعد العلم بالحرمة لا إشكال في الثبوت.

[ (مسألة 6) المراد بأول الحيض ثلثه الأول]

(مسألة 6) المراد بأول الحيض (1) ثلثه الأول و بوسطه ثلثه الثاني و بآخره الثلث الأخير فإن كان أيام حيضها ستة فكل ثلث يومان و إن كانت سبعة فكل ثلث يومان و ثلث يوم و هكذا.

[ (مسألة 7) وجوب الكفارة في الوطء في دبر الحائض غير معلوم]

(مسألة 7) وجوب الكفارة في الوطء في دبر الحائض غير معلوم لكنه أحوط. (2)

______________________________

قوله قده مسألة 6: (المراد بأول الحيض. إلخ)

قال العلامة في المنتهى الأوسط و الآخر مختلف باختلاف النساء في عادتهن، فلو كانت عادتها ستة فالأول اليومان الأولان و الأوسط الثانيان و الآخر الأخيران، و لو كانت أربعة فاليوم الأول و ثلث الثاني أول، و ثلثا الثاني و ثلثا الثالث أوسط، و ثلث الثالث و الرابع بأسره آخر، و هكذا كل عدد تفرضه نقسمه أثلاثا. انتهى، و هذا ما اختاره المصنف (قده).

قوله قده مسألة 7: (وجوب الكفارة في الوطء في دبر الحائض غير معلوم لكنه أحوط. اه)

وجه الاحتياط ما تقدم من احتمال دخول الدبر في الفرج المستثنى في النصوص المتقدمة، أو للمنع عنه في ظاهر حسن عمر بن يزيد عن أبى عبد اللّه (ع) ما للرجل من الحائض؟ قال: ما بين ألييها و لا يوقب، و خروجا عن خلاف السيد (قده) من تحريم الاستمتاع بما بين السرة و الركبة، و ميل الأردبيلي اليه، لصحيح الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحائض و ما يحل لزوجها منها؟ قال تتزر بإزار إلى الركبتين

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 450

[ (مسألة 8) إذا زنى بحائض أو وطئها شبهة]

(مسألة 8) إذا زنى بحائض أو وطئها شبهة فالأحوط (1) التكفير بل لا يخلو عن قوة.

[ (مسألة 9) إذا خرج حيضها من غير الفرج فوطئها في الفرج الخالي من الدم]

(مسألة 9) إذا خرج حيضها من غير الفرج فوطئها في الفرج الخالي من الدم فالظاهر وجوب الكفارة (2) بخلاف وطئها في محل الخروج.

[ (مسألة 10) لا فرق في وجوب الكفارة بين كون المرأة حية أو ميتة]

(مسألة 10) لا فرق في وجوب الكفارة بين كون المرأة حية أو ميتة (3)

______________________________

و تخرج سرتها ثم له ما فوق الإزار، و نحوه خبر أبى بصير، و قد تقدم منا أن حمل ذلك كله على الكراهة ممكن، فيتعين جمعا بين الأخبار الصريحة في المنع عن محل الدم و جواز ما سواه و اللّه العالم.

قوله قده مسألة 8: (إذا زنى بحائض أو وطئها شبهة فالأحوط التكفير. إلخ)

و ذلك لإطلاق النصوص المتناولة لما ذكر، قال العلامة في المنتهى: حكم الأجنبية حكم الزوجة، لقول أبى عبد اللّه (ع) في رواية أبي بصير من أتى حائضا، علق الحكم على المطلق من غير تقييد فكان كالعام.

قوله قده مسألة 9: (إذا خرج حيضها من غير الفرج فوطئها في الفرج الخالي من الدم فالظاهر وجوب الكفارة. إلخ)

وجوب الكفارة لو وطئها في الفرج الخالي من الدم لعمومات حرمة وطء الحائض، و الكفارة تابعة للحرمة، و اما عدم وجوب الكفارة لو وطئها في مخرج الدم لعدم حرمة الوطء فيه، لما تقدم من جواز الاستمتاع بالحائض ما اتقى الفرج، أو ما اتقى الموضع المعهود و الكفارة تابعة له.

قوله قده مسألة 10: (لا فرق في وجوب الكفارة بين كون المرأة حية أو ميتة. انتهى)

و ذلك لإطلاق دليل الحرمة لصدق الحائض عليها ميتة عرفا فيحرم وطؤها، و الكفارة تابعة للحرمة.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 451

[ (مسألة 11) إدخال بعض الحشفة كاف في ثبوت الكفارة]

(مسألة 11) إدخال بعض الحشفة كاف في ثبوت الكفارة (1) على الأحوط.

[ (مسألة 12) إذا وطئها بتخيل أنها أمته فبانت زوجته]

(مسألة 12) إذا وطئها بتخيل أنها أمته فبانت زوجته عليه كفارة دينار، و بالعكس كفارة الأمداد، كما أنه إذا اعتقد كونها في أول الحيض فبان الوسط أو الآخر أو العكس فالمناط الواقع. (2)

[ (مسألة 13) إذا وطئها بتخيل أنها في الحيض فبان الخلاف]

(مسألة 13) إذا وطئها بتخيل أنها في الحيض فبان الخلاف لا شي ء عليه (3)

[ (مسألة 14) لا تسقط الكفارة بالعجز عنها]

(مسألة 14) لا تسقط الكفارة بالعجز عنها (4) فمتى تيسرت وجبت و الأحوط الاستغفار (5) مع العجز بدلا عنها ما دام العجز.

______________________________

قوله قده مسألة 11: (إدخال بعض الحشفة كاف في ثبوت الكفارة.

إلخ)

لما تقدم في بعض النصوص من النهى عن الإيقاب، و الأمر باتقاء موضع الدم و نحو ذلك مما يقتضي إطلاقه المنع من إدخال بعض الحشفة أيضا، و اعتبار التقاء الختانين في وجوب الغسل للجنابة لا يوجب تقييد ما ذكر، إذ هما موضوعان مختلفان لكل حكمه و اللّه العالم.

قوله قده مسألة 12: (إذا وطئها بتخيل أنها أمته فبانت زوجته) الى قوله: (فالمناط الواقع انتهى)

ذلك لكونه ظاهر الدليل كسائر موضوعات الأحكام، و لا مدخلية لما تخيله ما لم يقم عليه دليل خاص.

قوله قده مسألة 13: (إذا وطئها بتخيل أنها في الحيض) الى قوله:

(لا شي ء عليه انتهى)

و ذلك لانتفاء موضوع الكفارة واقعا، و لا مدخلية لما تخيله ما لم يقم عليه دليل بخصوصه.

قوله قده مسألة 14: (لا تسقط الكفارة بالعجز عنها. إلخ)

كسائر الحقوق للّه كانت أو لآدمي فمتى تيسرت وجبت ما لم يقم دليل على السقوط.

قوله قده: (و الأحوط الاستغفار. إلخ)

و ذلك لما تضمنته رواية

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 452

[ (مسألة 15) إذا اتفق حيضها حال المقاربة]

(مسألة 15) إذا اتفق حيضها حال المقاربة و تعمد في عدم الإخراج (1) وجبت الكفارة.

[ (مسألة 16) إذا أخبرت بالحيض أو عدمه يسمع قولها]

(مسألة 16) إذا أخبرت بالحيض أو عدمه يسمع قولها (2) فاذا وطئها بعد اخبارها بالحيض وجبت الكفارة إلا إذا علم كذبها، بل لا يبعد سماع قولها في كونه أوله أو وسطه أو آخره.

[ (مسألة 17) يجوز إعطاء قيمة الدينار]

(مسألة 17) يجوز إعطاء قيمة الدينار، (3) و المناط قيمة وقت الأداء.

[ (مسألة 18) الأحوط إعطاء كفارة الأمداد لثلاثة مساكين]

(مسألة 18) الأحوط إعطاء كفارة الأمداد لثلاثة مساكين، (4)

______________________________

داود بن فرقد المتقدمة الذكر من كفاية الاستغفار و سقوط الكفارة مع العجز عنها، و لكن لما كانت ضعيفة و لا جابر لها لم يكتف بالسقوط كلية، حتى لو تمكن فيما بعد.

قوله قده مسألة 15: (إذا اتفق حيضها حال المقاربة و تعمد في عدم الإخراج. إلخ)

وجوب الكفارة لإطلاق دليلها مع صدق الوطء عمدا.

قوله قده مسألة 16: (إذا أخبرت بالحيض و عدمه يسمع قولها)

لما تقدم من وجوب سماع قولها فيما لا يعلم إلا من قبلها، لما تقدم من صحيح زرارة:

العدة و الحيض الى النساء، و في رواية الكليني زيادة: إذا ادعت صدقت.

قوله قده مسألة 17: (يجوز إعطاء قيمة الدينار. إلخ)

وجهه هو استظهار ان ذكر الدينار إنما هو لبيان مقدار ما يجب عليه من المال لا الخصوصية و الأخذ بظهور لفظ الدينار، و يؤيد هذا الاستظهار عدم السقوط بالتعذر، بل الانتقال إلى القيمة مع عدم الدليل عليه إلا دليل الدينار، و الأمر بنصف الدينار و ربعه مع عدم وجودهما مضروبين مما يؤيد القيمة أيضا و اللّه العالم.

قوله قده مسألة 18: (الأحوط إعطاء كفارة الأمداد لثلاثة مساكين. إلخ)

و هو المحكى عن المقنعة و الانتصار و النهاية و السرائر و المهذب

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 453

و اما كفارة الدينار فيجوز إعطاؤها لمسكين واحد (1) و الأحوط صرفها (2) على ستة أو سبعة مساكين.

[ (مسألة 19) إذا وطئها في الثلث الأول و الثاني و الثالث]

(مسألة 19) إذا وطئها في الثلث الأول (3) و الثاني و الثالث فعليه الدينار و نصفه و ربعه، و إذا كرر الوطء في كل ثلث فان كان بعد التكفير وجب التكرار و إلا فكذلك أيضا على الأحوط.

______________________________

و الجامع، بل عن محكي السرائر نفى الخلاف فيه،

و عن محكي الانتصار الإجماع عليه.

قوله قده: (و اما كفارة الدينار فيجوز إعطاؤها لمسكين واحد. إلخ)

كما صرح به جماعة تبعا للروض لإطلاق النص.

قوله قده: (و الأحوط صرفها. إلخ)

وجه الاحتياط في السبعة حسن الحلبي المتقدم سأل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل واقع امرأته و هي حائض فقال عليه السلام: إن كان واقعها في استقبال الدم فليستغفر اللّه و يتصدق على سبعة نفر من المؤمنين بقدر قوت كل نفر منهم ليومه و لا يعد، الحديث، و كان ينبغي له حينئذ أن يكون مقدار ما يكفى لكل منهم قوت يومه كما قيل به فيه.

قوله قده مسألة 19: (إذا وطئها في الثلث الأول. إلخ)

لا إشكال في الفرض المذكور بوجوب الدينار و نصفه و ربعه، لتغاير الأسباب و المسببات بحسب الأوقات التي عيّنها الشارع، و اما تكرار الوطء في كل ثلث فظاهر إطلاق الأخبار ان كل وطء سبب مستقل تخلل تكفير في الأثناء أم لا، فمتى وجد وجد السبب فيؤثر وجوبا أو استحبابا على القولين، قال العلامة في المنتهى:

التاسع، لو كرر الوطء قال الشيخ: لا يتكرر عملا بالأصل، و اختاره ابن إدريس،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 454

[ (مسألة 20) الحق بعضهم النفساء بالحائض في وجوب الكفارة]

(مسألة 20) الحق بعضهم النفساء بالحائض في وجوب (1) الكفارة و لا دليل عليه، نعم لا إشكال في حرمة وطئها،

[ (التاسع) بطلان طلاقها]
اشارة

(التاسع) بطلان طلاقها و ظهارها إذا كانت مدخولا بها (2)،

______________________________

و التفصيل في هذا الباب أولى، و هو أن يقال: إن كان الوطء قد تكرر في حال واحد كالأول و لم يكفر أولا فلا تكرر و إلا تكررت انتهى.

قوله قده مسألة 20: (الحق بعضهم النفساء بالحائض في وجوب. إلخ)

قال العلامة في المنتهى: الرابع عشر، حكم النفساء في ذلك حكم الحيض لتساوى أحكامها على ما يأتي. انتهى. و الحق أن الإلحاق في بعض الأحكام مثل حرمة الوطء مما لا اشكال فيه، و اما إلحاقها بالحائض في جميع أحكامها حتى في الكفارة وجوبا أو استحبابا على الخلاف فمحل إشكال، إذ هو تقوّل على الشارع بغير دليل، نعم الاحتياط طريق النجاة و اللّه العالم.

قوله قده: (التاسع: بطلان طلاقها و ظهارها إذا كانت مدخولا بها.

إلخ)

قال في الحدائق: لا خلاف بين الأصحاب في أنه لا يصح طلاقها بعد الدخول و حضور الزوج أو ما في حكمه. إلخ. و قال في الجواهر: يحرم بل لا يصح طلاقها إجماعا من المسلمين في الأول كما حكاه في المعتبر و المنتهى و غيرهما، و من الفرقة المحققة في الثاني إذا كانت مدخولا بها و زوجها حاضر معها أو في حكمه لا غائبا أو في حكمه و كانت حائلا و لا حاملا إجماعا محصلا و منقولا صريحا في الذكرى و جامع المقاصد و كشف اللثام و غيرها الى آخر ما ذكره، و للنصوص الكثيرة منها على ما في الوسائل عن زرارة عن اليسع قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا طلاق إلا على السنة، و

لا طلاق إلا على طهر من غير جماع، الحديث، و منها ما عن بكير بن أعين عن أبى جعفر عليه السلام قال: الطلاق أن يطلق الرجل المرأة على طهر من

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 455

و لو دبرا و كان زوجها حاضرا أو في حكم الحاضر و لم تكن حاملا فلو لم تكن مدخولا بها أو كان زوجها غائبا أو في حكم الغائب

______________________________

غير جماع، الحديث و نحوهما غيرهما.

قوله قده: (و ظهارها. إلخ)

موضع وفاق بين علمائنا ففي صحيح زرارة عن أبى جعفر عليه السلام في حديث انه سأله كيف الظهار؟ فقال: يقول الرجل لامرأته و هي طاهر من غير جماع، الحديث، و عن ابن فضال عمن أخبره عن أبى عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون الظهار إلا على مثل موضع الطلاق، و عن أبى ولاد عن حمران عن أبى جعفر عليه السلام في حديث قال: لا يكون ظهار إلا على طهر بغير جماع، الحديث و نحوها غيرها.

قوله قده: (إذا كانت مدخولا بها و لو. إلخ)

إجماعا لأن غير المدخول بها معدودة من الخمس اللاتي يطلقن على كل حال، حسبما استفاضت به النصوص، ففي صحيح إسماعيل بن جابر الجعفي عن أبى جعفر عليه السلام قال: خمس يطلقن على كل حال الحامل المستبين حملها، و التي لم يدخل بها زوجها، و الغائب عنها زوجها، و التي لم تحض، و التي قد جلست عن المحيض، و عن الحلبي عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بطلاق خمس على كل حال الغائب عنها زوجها، و التي لم تحض، و التي لم يدخل بها زوجها، و الحبلى، و التي قد يئست من المحيض، و عن محمد بن

مسلم و زرارة و غيرهما عن أبى جعفر و أبى عبد اللّه (ع) قال: خمس يطلقهن أزواجهن متى شاءوا الحامل المستبين حملها، و الجارية التي لم تحض، و المرأة التي قد قعدت من المحيض، و الغائب عنها زوجها، و التي لم يدخل بها.

قوله قده: (و لو دبرا. إلخ)

على اشكال في الاكتفاء به إلا أن

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 456

بان لم يكن متمكنا من استعلام حالها أو كانت حاملا يصح طلاقها، و المراد بكونه في حكم الحاضر أن يكون مع غيبته متمكنا من استعلام حالها.

[ (مسألة 21) إذا كان الزوج غائبا و وكل حاضرا متمكنا من استعلام حالها]

(مسألة 21) إذا كان الزوج غائبا و وكل حاضرا متمكنا من استعلام حالها لا يجوز له طلاقها في حال الحيض. (1)

[ (مسألة 22) لو طلقها باعتقاد أنها طاهرة فبانت حائضا]

(مسألة 22) لو طلقها باعتقاد أنها طاهرة (2) فبانت حائضا بطل و بالعكس صح.

______________________________

يكون إجماع على ذلك قال في الجواهر: لا خلاف في تحقق الدخول بالوطء دبرا في كل ما جعل عنوانا له في الأحكام و لم نعرف مخالفا في ذلك إلا من المحدّث البحراني فادعى انسباق الدخول في القبل من الأدلة المزبورة إلى آخر ما ذكره، و ما ادعاه المحدث البحراني من الانسباق الى القبل و انصراف الأدلة عما سواه، إذ هو محل لتكون الولد منه لئلا تختلط الأنساب، و ان كان ذلك حكمة لا علة تامة و اللّه العالم.

قوله قده مسألة 21: (إذا كان الزوج غائبا و وكل) الى قوله: (لا يجوز له طلاقها في حال الحيض «اه)

لان حكم الوكيل فيما وكل فيه حكم الموكل إلا ما خرج بالدليل، و ما نحن فيه لا يجوز للموكل مع حضوره و تمكنه من استعلام حالها طلاقها في حال الحيض، فكذا الوكيل بالقيود المذكورة.

قوله قده مسألة 22: (لو طلقها باعتقاد أنها طاهرة. إلخ)

و ذلك لدوران الأحكام مدار الواقع، إلا ما قام الدليل على خلافه، مع ظهور الأدلة فيما نحن فيه في كون الطهر شرطا واقعيا تدور الصحة مداره وجودا و عدما، و لم يقم دليل على كفاية الاعتقاد في المخطئ و اللّه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 457

[ (مسألة 23) لا فرق في بطلان طلاق الحائض بين أن يكون حيضها وجدانيا أو بالرجوع الى التمييز]

(مسألة 23) لا فرق في بطلان طلاق الحائض بين أن يكون حيضها وجدانيا أو بالرجوع الى التمييز (1) أو التخيير بين الأعداد المذكورة سابقا، و لو طلقها في صورة تخييرها قبل اختيارها فاختارت التحيض بطل، و لو اختارت عدمه صح، و لو ماتت قبل الاختيار بطل أيضا. (2)

[ (مسألة 24) بطلان الطلاق و الظهار و حرمة الوطء و وجوب الكفارة مختصة بحال الحيض]

(مسألة 24) بطلان الطلاق و الظهار و حرمة الوطء و وجوب الكفارة مختصة بحال الحيض (3) فلو طهرت و لم تغتسل لا تترتب هذه الأحكام فيصح

______________________________

قوله قده مسألة 23: (لا فرق في بطلان طلاق الحائض بين أن يكون حيضها وجدانيا أو بالرجوع الى التمييز. إلخ)

و ذلك بعد تنزيل الشارع غير الوجداني منزلة الوجداني تعبدا، فيجري عليه أحكامه، نعم يبقى الاشكال فيما ذكره في المخيرة بالاعداد لو طلقها في صورة تخييرها قبل اختيارها فاختارت التحيض ذلك الزمن الذي أوقع فيه الطلاق، من أنه يبطل الطلاق لوقوعه في زمن اختارته للتحيض، بل الأقرب أو هو المتعين وقوع الطلاق و صحته، إذ لما كان الطلاق بيد الزوج بإطلاق دليله فالاختيار له في إيقاعه أي زمان أراده. ما لم يكن مانع شرعي، و ما أوقعه فيه من الزمان كان فارغا غير مشغول لاختيار الزوجة، فيتعين عليها اختيار غيره و ليس لها اختياره، إذ لها أن تختار لحيضها الزمن الفارغ لا المشغول بطلاق الزوج، و وقوع ما اختارته بعد على ما اختاره الزوج قبل و بطلان الطلاق يحتاج الى دليل قوى و ليس فليس.

قوله قده: (و لو ماتت قبل الاختيار بطل أيضا. اه)

بل صح إذ لا مانع منه كما تقدم.

قوله قده مسألة 24: (بطلان الطلاق و الظهار) الى قوله: (مختصة بحال الحيض. إلخ)

أما اختصاص حرمة الوطء بحال الحيض فلما رواه

العمل الأبقى في

شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 458

طلاقها و ظهارها و يجوز وطؤها و لا كفارة فيه، و اما الأحكام الأخرى المذكورة فهي ثابتة ما لم تغتسل.

______________________________

العلامة في المنتهى عن الشيخ (قده) عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السّلام قال: المرأة ينقطع عنها دم الحيض في آخر أيامها فقال: ان أصاب زوجها شبق فلتغسل فرجها ثم يمسها زوجها إن شاء قبل أن تغتسل، و روى عن على بن يقطين عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال إذا انقطع الدم و لم تغتسل فليأتها زوجها ان شاء، و عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السّلام في المرأة ينقطع عنها الحيض في آخر أيامها قال: إن أصاب زوجها شبق فلتغسل فرجها ثم يمسها ان شاء قبل أن تغتسل، و روى عن عبد اللّٰه بن المغيرة عمن سمع عن العبد الصالح عليه السّلام في المرأة إذا طهرت من الحيض و لم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها حتى تغتسل فان فعل ذلك فلا بأس، و قال: تمس الماء أحب الىّ، و عن على بن يقطين عن ابى الحسن عليه السّلام في الحائض ترى الطهر يقع بها زوجها قبل أن تغتسل قال: لا بأس و بعد الغسل أحب الىّ، و اما اختصاص وجوب الكفارة بحال الحيض فإنها تابعة للحرمة، فإذا انتفت الحرمة بعد الطهر قبل الغسل كما دلت عليه الأخبار المذكورة انتفى وجوب الكفارة، و اما اختصاص بطلان الطلاق بحال الحيض فهو لإطلاق الأدلة خرج منه ذات الدم الفعلي، و يبقى سائر الأحوال داخلا في الإطلاق مشمولا للحكم، قال صاحب الجواهر (قده): المنساق من النص و الفتوى ذات الدمين فعلا أو حكما بخلاف من نقت و لما

تغتسل من الحدث فلا بأس بطلاقها لإطلاق الأدلة. إلخ، و اما اختصاص بطلان الظهار بحال الحيض فلتنزيله في جملة من الأخبار منزلة الطلاق كما في قول أبى عبد اللّٰه عليه السّلام في المرسل لا يكون

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 459

[ (العاشر) وجوب الغسل بعد انقطاع الحيض للأعمال الواجبة]
اشارة

(العاشر) وجوب الغسل بعد انقطاع الحيض (1) للأعمال الواجبة المشروطة بالطهارة كالصلاة و الطواف و الصوم، و استحبابه للأعمال التي يستحب لها الطهارة، و شرطيته للأعمال الغير الواجبة التي يشترط فيها الطهارة.

[ (مسألة 25) غسل الحيض كغسل الجنابة مستحب نفسي]

(مسألة 25) غسل الحيض كغسل الجنابة مستحب نفسي (2)،

______________________________

الظهار إلا على مثل موضع الطلاق، و اما الأحكام الأخر المذكورة للحائض الثابتة لها ما لم تغتسل، فيدل على ثبوتها أنها أحكام للحدث الخاص و لو مع انقطاع الدم، و يشهد لذلك جمعها و الجنب في كل منها، فيدل على ان المراد من الحائض ذات الحدث لا ذات الدم فقط و اللّٰه العالم.

قوله قده: (العاشر: وجوب الغسل بعد انقطاع الحيض. إلخ)

و ذلك عند وجوب المشروط به إجماعا محصلا و منقولا على ما حكى عن جملة من الأعلام، و في المنتهى و هو مذهب علماء الأمة كافة، و للسنة المتواترة منها ما رواه الشيخ عن يونس عن بعض رجاله عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام فاذا حاضت المرأة و كان حيضها خمسة أيام ثم انقطع الدم اغتسلت وصلت، و ما رواه عن سماعة عن أبى عبد اللّٰه عليه السلام قال: و غسل الحائض إذا طهرت واجب، و ما رواه عن أبى بصير عن أبى عبد اللّٰه عليه السلام قال: الطامث تغتسل بستة أرطال من ماء، و ما رواه عن يونس عن رجاله عن أبى عبد اللّٰه عليه السلام عن أبيه قال: إذا رأيت الدم البحراني فدعي الصلاة، و إذا رأيت الطهر و لو ساعة من نهار فاغتسلي و صلى، و بهذا الاسناد عنه (ع) عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم انه قال: لحمنة بنت جحش تحيضي في كل شهر في علم اللّٰه ستة

أيام أو سبعة أيام، ثم اغتسلي غسلا و صومي ثلاثا و عشرين أو أربعا و عشرين و غير ذلك من الأخبار.

قوله قده مسألة 25: (غسل الحيض كغسل الجنابة مستحب نفسي. إلخ)

و الذي يدل على استحبابه النفسي هو انه طهارة، فيدل عليه كل ما دل

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 460

و كيفيته مثل غسل الجنابة (1) في الترتيب و الارتماس و غيرهما مما مر، و الفرق أن غسل الجنابة لا يحتاج الى الوضوء بخلافه فإنه يجب معه الوضوء (2) قبله أو بعده

______________________________

على استحباب الطهارة من الكتاب و السنة، مثل قوله عز من قائل (رِجٰالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللّٰهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) و قوله (إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).

قوله قده: (و كيفيته مثل غسل الجنابة. إلخ)

بلا خلاف أجده كما في الجواهر، و مذهب العلماء كافة كما حكى عن المدارك، و قول الصادق عليه السلام في الموثق و المرسل عن الفقيه و المقنع و المجالس: غسل الجنابة و الحيض واحد، و خبر أبى بصير عنه (ع) قال سألته أ عليها غسل مثل غسل الجنابة؟ قال: نعم يعني الحائض.

قوله قده: (و الفرق ان غسل الجنابة لا يحتاج الى الوضوء بخلافه فإنه يجب فيه الوضوء. إلخ)

على الأشهر بل المشهور، بل عن المحكى عن الصدوق في الأمالي: الإقرار بان في كل غسل وضوء من دين الإمامية، و قد استدلوا على ذلك مضافا الى العمومات الدالة على سببية البول و الغائط و النوم و غيرها من النواقض التي يمتنع تخلفها عن الحائض عادة لوجوب الوضوء، بمرسلة ابن أبى عمير التي هي كالصحيحة عن رجل عن الصادق (ع) قال:

كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة، و رواه الشيخ بطريق

صحيح إليه أيضا عن حماد بن عثمان أو غيره عن الصادق عليه السّلام قال: في كل غسل وضوء إلا الجنابة، و عن ظاهر المختلف أنهما روايتان، و استدل لهم أيضا بخبر على ابن يقطين عن أبى الحسن الأول عليه السّلام قال: إذا أردت أن تغتسل للجمعة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 461

أو بينه إذا كان ترتيبيا،

______________________________

فتوضأ و اغتسل، مع تتميمه بعدم القول بالفصل، و يؤيده المروي عن غوالي اللئالي عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم: كل غسل لا بد فيه من وضوء إلا الجنابة، و عن الفقه الرضوي: و الوضوء في كل غسل ما خلا غسل الجنابة، لأن غسل الجنابة فريضة يجزيه عن الفرض الثاني و لا يجزيه سائر الأغسال عن الوضوء لأن الغسل سنة و الوضوء فريضة و لا يجزى سنة عن فرض، و غسل الجنابة و الوضوء فريضتان فاذا اجتمعا فأكبر هما يجزى عن أصغرهما، فإذا اغتسلت لغير الجنابة فابدأ بالوضوء ثم اغتسل، و لا يجزيك الغسل عن الوضوء، فان اغتسلت و نسيت الوضوء فتوضأ و أعد الصلاة، و حكى عن ابن الجنيد و السيد و جماعة من متأخري المتأخرين كالأردبيلي و أصحاب المدارك و الذخيرة و المفاتيح و الحدائق كفاية كل غسل عن الوضوء، و استدل لهم بأخبار مستفيضة (منها) صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال: الغسل يجزى عن الوضوء، و أى وضوء أطهر من الغسل، و في الصحيح عن حكم بن حكيم قال سألت الصادق عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال: أفض على كفك اليمنى- الى أن قال- قلت إن الناس يقولون: يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل فضحك، فقال أى وضوء أنقى من

الغسل و أبلغ! و عن سليمان بن خالد في الصحيح عن الباقر (ع) قال: الوضوء بعد الغسل بدعة، و عن عبد اللّٰه بن سليمان قال سمعت الصادق (ع) يقول: الوضوء بعد الغسل بدعة، و عن محمد بن أحمد ابن يحيى مرسلا: ان الوضوء بعد الغسل بدعة، و بهذا الإسناد قال:

الوضوء قبل الغسل و بعده بدعة، و مكاتبة عبد الرحمن الهمداني الى ابى الحسن الثالث سألته عن الوضوء للصلاة في غسل الجمعة فكتب: لا وضوء للصلاة

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 462

و الأفضل في جميع الأغسال جعل الوضوء قبلها. (1)

[ (مسألة 26) إذا اغتسلت جاز لها كل ما حرم عليها بسبب الحيض]

(مسألة 26) إذا اغتسلت جاز لها كل ما حرم عليها بسبب الحيض و إن لم تتوضأ، فالوضوء ليس شرطا في صحة الغسل بل يجب لما يشترط به كالصلاة و نحوها (2).

______________________________

في غسل الجمعة و غيره، و موثقة الساباطي عن الصادق (ع) في الرجل إذا اغتسل من جنابة أو يوم جمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟ فقال: لا ليس عليه قبل و لا بعد فقد أجزأ عنه الغسل، و المرأة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل و لا بعد فقد أجزأها الغسل، و مرسلة حماد بن عثمان عن الصادق (ع) في الرجل يغتسل الجمعة أو غير ذلك أ يجزيه عن الوضوء فقال (ع): و أى وضوء أطهر من الغسل! و يعضدها إطلاق الأخبار الآمرة بالغسل الواردة في باب الاستحاضة و الحيض و النفاس، مع ورودها في مقام الحاجة و الأمر بالصلاة عقيب الغسل في جملة منها، فلو كان الوضوء واجبا لوجب الأمر به في مثل هذه الموارد الى آخر ما ذكروه في

هذا المقام، و الذي أراه أن الأخبار متعارضة و بعيدة عن الجمع العرفي، و المرجع فيها المرجحات السندية، و عندي في المسألة توقف و الاحتياط طريق النجاة و اللّٰه العالم بحقيقة أحكامه.

قوله قده: (و الأفضل في جميع الأغسال جعل الوضوء قبلها. اه)

و ذلك لما عرفت من الأخبار المتلوة عليك من أن أمر الوضوء دائر بين وجوب التقديم و التخيير بينه و بين التأخير، فالأخذ بالتعيين مبرء للذمة قطعا و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 26: (إذا اغتسلت جاز لها كل ما حرم عليها) الى قوله: (بل يجب لما يشترط به كالصلاة و نحوها. اه)

فيه اشكال بل ظاهر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 463

[ (مسألة 17) إذا تعذر الغسل تتيمم بدلا عنه]

(مسألة 17) إذا تعذر الغسل تتيمم بدلا عنه (1) و إن تعذر الوضوء أيضا تتيمم، و إن كان الماء بقدر أحدهما تقدم الغسل (2).

[ (مسألة 28) جواز وطئها لا يتوقف على الغسل]

(مسألة 28) جواز وطئها لا يتوقف على الغسل (3) لكن يكره (4) قبله، و لا يجب غسل فرجها (5) أيضا قبل الوطء و ان كان أحوط، بل الأحوط ترك الوطء قبل الغسل.

[ (مسألة 29) ماء غسل الزوجة و الأمة على الزوج و السيد]

(مسألة 29) ماء غسل الزوجة و الأمة على الزوج (6) و السيد على الأقوى.

[ (مسألة 30) إذا تيممت بدل الغسل ثم أحدثت بالأصغر]

(مسألة 30) إذا تيممت بدل الغسل ثم أحدثت بالأصغر لا يبطل تيممها (7)،

______________________________

بعض نصوص وجوب الوضوء شرطيته للغسل بنحو لا يترتب عليه أثر بدونه و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 27: (إذا تعذر الغسل تيمم بدلا عنه)

و ذلك لأدلة البدلية من الكتاب و السنة.

قوله قده: (و ان كان الماء بقدر أحدهما تقدم الغسل. اه)

لأهميته.

قوله قده مسألة 28: (جواز وطئها لا يتوقف على الغسل. إلخ)

لما تقدم من الأخبار الصريحة في جواز ذلك.

قوله قده: (لكن يكره. إلخ)

جمعا بين الأخبار المجوزة للوطء قبل الغسل و بين الأخبار المانعة حتى تغتسل بحملها على الكراهة.

قوله قده: (و لا يجب غسل فرجها. إلخ)

لإطلاق أدلة جواز وطئها إذا طهرت، نعم لما ورد ذلك في بعض الأخبار حملت على الكراهة قبله، و هو وجه احتياط المصنف.

قوله قده مسألة 29: (ماء غسل الزوجة و الأمة على الزوج. إلخ)

لدخوله عرفا في النفقة الواجبة على الزوج على اشكال في ذلك.

قوله قده مسألة 30: (إذا تيممت بدل الغسل ثم أحدثت بالأصغر لا يبطل تيممها. إلخ)

المسألة مبنية على ان الحدث الأصغر ناقض للتيمم أم لا

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 464

بل هو باق الى أن تتمكن من الغسل.

[ (الحادي عشر) وجوب قضاء ما فات في حال الحيض]
اشارة

(الحادي عشر) وجوب قضاء ما فات في حال الحيض من صوم (1) شهر رمضان و غيره من الصيام الواجب، و أما الصلوات اليومية فليس عليها قضاؤها بخلاف غير اليومية مثل الطواف و النذر المعين و صلاة الآيات فإنه يجب قضاؤها على الأحوط بل الأقوى.

______________________________

ينتقض حتى يتمكن من الغسل؟ و لما كان مختار المصنف هو الثاني بنى ما ذكره هنا عليه و اللّٰه العالم.

قوله قده: (الحادي عشر: وجوب قضاء ما فات في حال الحيض من صوم. إلخ)

قال في الجواهر: إجماعا

محصلا و منقولا مستفيضا من الفرقة المحقة، و قال في المنتهى: و هو مذهب علماء الإسلام، و الذي يدل عليه ما رواه الشيخ عن على بن عقبة عن أبيه عن أبى عبد اللّٰه (ع): في الحائض في رمضان تأكل و تشرب ثم تقضيه، و ما رواه عن يونس عن بعض رجاله عن ابى عبد اللّٰه (ع): فإن رأت الدم ثلاثة أيام فهو من الحيض، و لم يجب عليها قضاء الصلاة، و ما رواه عن ابان عمن أخبره عن ابى جعفر و أبى عبد اللّٰه عليهما السلام قال: الحائض تقضى الصيام و لا تقضى الصلاة، و ما رواه عن الحسين بن راشد قال قلت لأبي عبد اللّٰه (ع) الحائض تقضى الصلاة؟ قال:

لا، قلت تقضى الصوم؟ قال: نعم، قلت من أين جاء هذا؟ قال: أول من قاس إبليس، و ما رواه في الحسن عن زرارة قال سألت أبا جعفر (ع) عن قضاء الحائض الصلاة ثم تقضى الصيام فقال: ليس عليها أن تقضى الصلاة،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 465

[ (مسألة 31) إذا حاضت بعد دخول الوقت]

(مسألة 31) إذا حاضت بعد دخول الوقت فان كان مضى منه (1) مقدار أداء أقل الواجب من صلاتها بحسب حالها من السرعة و البطوء و الصحة و المرض و السفر و الحضر و تحصيل الشرائط بحسب تكليفها الفعلي من الوضوء أو الغسل أو التيمم و غيرها من سائر الشرائط الغير الحاصلة و لم تصل وجب عليها قضاء تلك الصلاة كما أنها لو علمت بمفاجأة الحيض وجب عليها المبادرة (2)

______________________________

و عليها أن تقضى صوم شهر رمضان، ثم أقبل علىّ فقال: ان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم كان يأمر بذلك فاطمة، و كان يأمر

بذلك المؤمنات، و الظاهر شمول الحكم لكل صلاة موقتة و عدم اختصاص الحكم بالفرائض اليومية أخذا بإطلاق قوله (ع) و لم يجب عليها قضاء الصلاة، و قوله: الحائض تقضى الصيام و لا تقضى الصلاة، و المحكى عن جامع المقاصد ان عدم وجوب قضاء الصلاة الموقتة موضع وفاق، و اما الصوم الفائت زمن الحيض فقضاء شهر رمضان القدر المتيقن مما يجب قضاؤه، و اما غيره ففي وجوب قضائه و عدمه قولان، و الأحوط وجوب قضائه.

قوله قده مسألة 31: (إذا حاضت بعد دخول الوقت فان كان مضى منه. إلخ)

وجوب القضاء عليها فيما ذكره من الفرض إذا طهرت بلا خلاف فيه في الجملة، و يدل عليه مضافا الى الإجماع موثقة يونس بن يعقوب في امرأة دخل عليها وقت صلاة و هي طاهر فأخرت الصلاة حتى حاضت قال (ع):

تقضى إذا طهرت، و خبر عبد الرحمن بن الحجاج قال سألته عن المرأة تطمث بعد ما تزول الشمس و لم تصل الظهر هل عليها قضاء تلك الصلاة؟

قال: نعم.

قوله قده: (وجبت عليها المبادرة. إلخ)

لصدق التفويت عرفا مع التواني و التثاقل.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 466

إلى الصلاة و في مواطن التخيير يكفى سعة مقدار القصر (1)، و لو أدركت من الوقت أقل مما ذكرنا لا يجب عليها القضاء و إن كان الأحوط القضاء إذا أدركت الصلاة مع الطهارة (2) و إن لم تدرك سائر الشرائط، بل و لو أدركت أكثر الصلاة بل الأحوط قضاء الصلاة إذا حاضت بعد الوقت مطلقا و إن لم تدرك شيئا من الصلاة (3).

[ (مسألة 32) إذا طهرت من الحيض قبل خروج الوقت]

(مسألة 32) إذا طهرت من الحيض قبل خروج الوقت فإن أدركت من الوقت ركعة (4) مع إحراز الشرائط وجب عليها الأداء و

إن تركت وجب

______________________________

قوله قده: (و في مواطن التخيير يكفى سعة مقدار القصر. إلخ)

لتمكنها من إتيان الواجب بإتيان أحد فرديه.

قوله قده: (و ان كان الأحوط القضاء إذا أدركت الصلاة مع الطهارة.

إلخ)

لما ذكره جماعة و حكى عن ظاهر الشرائع و القواعد انه إذا دخل وقت الصلاة فحاضت و قد مضى من الوقت مقدار أدائها و الطهارة وجب عليها القضاء، و لم يتعرضوا لغير الطهارة من الشرائط، بل حكى عن كشف اللثام نسبته إلى الأكثر و كأن وجهه ان ما عدا الطهارة من الشرائط يختص اعتباره بصورة التمكن منها، فاذا فرض عدم التمكن منها كانت الصلاة مع الطهارة بدونها واجبة، فاذا تركتها فقد فاتت و وجب قضاؤها، قال في الجواهر: و هذا غير مجد مع توقف التكليف هنا على الجميع لمعلومية امتناع قصور الوقت عما كلف به فيه، الى آخر ما ذكره (قده) فليراجع.

قوله قده: (بل الأحوط قضاء الصلاة إذا حاضت بعد الوقت مطلقا و ان لم تدرك شيئا من الصلاة اه)

لم يتضح لنا مأخذه مع أنه مخالف لصريح الأخبار القائلة بسقوط الصلاة عن الحائض و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 32: (إذا طهرت من الحيض قبل خروج الوقت فإن أدركت من الوقت ركعة. إلخ)

لا يخفى أن وجوب الأداء على من أدركت

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 467

قضاؤها و إلا فلا و إن كان الأحوط القضاء إذا أدركت ركعة مع الطهارة (1) و إن لم تدرك سائر الشرائط بل الأحوط القضاء إذا طهرت قبل خروج الوقت مطلقا (2)،

______________________________

من آخر الوقت بمقدار الطهارة التي لا صلاة إلا بها دون غيرها من الشرائط الاختيارية على الأظهر و ركعة فضلا عن الأكثر وجب عليها الأداء، و مع الإخلال القضاء لما

ذكر في باب المواقيت: من أن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة، فذلك بمنزلة إدراك الكل في لزوم الأداء الذي يلزمه وجوب القضاء على تقدير الإخلال، و يدل عليه مصححة عبيد بن زرارة: أيما امرأة رأت الطهر و هي قادرة على أن تغتسل في وقت صلاة معينة ففرطت فيها حتى يدخل وقت صلاة اخرى، كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها، و ان رأت الطهر في وقت صلاة فقامت في تهيئة ذلك فجاز وقت الصلاة و دخل وقت صلاة أخرى فليس عليها قضاء، و تصلى الصلاة التي دخل وقتها، و لغيرها من الأخبار.

قوله قده: (و ان كان الأحوط القضاء إذا أدركت ركعة مع الطهارة.

إلخ)

لما ذكرناه من الوجه قريبا فيما لو أدركت الطهارة و الصلاة فقط دون باقي الشرائط في أول الوقت و ذهب إليه في الشرائع و النافع و القواعد و غيرها، فاذا فرض وجوبه وجب القضاء لما عرفت من عموم قضاء ما فات.

قوله قده: (بل الأحوط القضاء إذا طهرت قبل خروج الوقت مطلقا. إلخ)

و استدل على ذلك بجملة من النصوص منها خبر منصور بن حازم عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام قال: إذا طهرت الحائض قبل العصر صلت الظهر

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 468

و إذا أدركت ركعة مع التيمم لا يكفي في الوجوب (1) إلا إذا كان وظيفتها التيمم مع قطع النظر عن ضيق الوقت و إن كان الأحوط الإتيان مع التيمم، و تمامية الركعة بتمامية الذكر (2) من السجدة الثانية لا برفع الرأس منها.

[ (مسألة 33) إذا كانت جميع الشرائط حاصلة قبل دخول الوقت]

(مسألة 33) إذا كانت جميع الشرائط حاصلة قبل دخول الوقت يكفى (3)

______________________________

و العصر، فان طهرت في آخر وقت العصر صلت العصر، و منها

خبر الكناني عن أبى عبد اللّٰه عليه السّلام قال: إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب و العشاء، و إن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلت الظهر و العصر، و نحوهما غيرهما، و لكن لا يخفى ان مدلولهما أعم من ذلك، فيشكل الاستدلال بهما على هذا الحكم المخالف للقواعد المتلقاة منهم عليهم السلام.

قوله قده: (و إذا أدركت ركعة مع التيمم لا يكفي في الوجوب. إلخ)

بدعوى ان الذي يظهر من أخبار الباب هو تمكنها من أداء ركعة بشرائطها الاختيارية بحسب حالها من الغسل و الوضوء و البطء و الخفة و هو محل اشكال و تأمل بل يمكن أن يقال ان حالها حال غيرها من المكلفين لو تضيق الوقت عن الطهارة المائية وجب إتيانها مع الطهارة الترابية، إلا أن يكون إجماع على خلافه فيما نحن فيه، و قد ادعى الإجماع في الجواهر على عدم الوجوب بإدراك الصلاة مع التيمم فراجع.

قوله قده: (و تمامية الركعة بتمامية الذكر. إلخ)

حقيقة شرعية أو متشرعية.

قوله قده مسألة 33: (إذا كانت جميع الشرائط حاصلة قبل دخول الوقت يكفي. إلخ)

إذ الذي يفهم من الأدلة هو مضي وقت يمكنها فيه أداء الصلاة، و إذا كانت جميع الشرائط حاصلة قبل الوقت لا تحتاج لأكثر من مضى وقت يسع الصلاة ليس إلا.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 469

في وجوب المبادرة و وجوب القضاء مضى مقدار أداء الصلاة قبل حدوث الحيض فاعتبار مضى مقدار تحصيل الشرائط إنما هو على تقدير عدم حصولها.

[ (مسألة 34) إذا ظنت ضيق الوقت عن إدراك ركعة فتركت ثم بانت لها السعة]

(مسألة 34) إذا ظنت ضيق الوقت عن إدراك ركعة فتركت (1) ثم بانت لها السعة وجب عليها القضاء.

[ (مسألة 35) إذا شكت في سعة الوقت و عدمها]

(مسألة 35) إذا شكت في سعة الوقت و عدمها وجبت المبادرة (2).

[ (مسألة 26) إذا علمت أول الوقت بمفاجأة الحيض]

(مسألة 26) إذا علمت أول الوقت بمفاجأة الحيض وجبت المبادرة، بل و إن شكت على الأحوط و إن لم تبادر وجب عليها القضاء (3) إلا إذا تبين عدم السعة.

______________________________

قوله قده مسألة 34: (إذا ظنت ضيق الوقت عن إدراك ركعة فتركت. إلخ)

وجوب القضاء في الفرض المذكور لصدق الفوت واقعا فيشملها أدلة من فاتته فريضة فليقضها و ليس الظن بمانع.

قوله قده مسألة 35: (إذا شكت في سعة الوقت و عدمها وجبت المبادرة. اه)

لم يظهر وجه وجوب المبادرة لها مع أن الشك في أصل التكليف فالقاعدة تقتضي عدم وجوب شي ء عليها، و المورد مورد براءة، و لا فرق في ذلك بين ما إذا دخل الوقت و هي طاهر و علمت بطروء الحيض في الأثناء و شكت في تقدمه و تأخره، و بين ما لو طهرت قبل خروج الوقت و شكت في سعة المقدار الباقي و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 36: (إذا علمت أول الوقت بمفاجأة الحيض) الى قوله: (و ان لم تبادر وجب عليها القضاء. إلخ)

إذ مع علمها و عدم المبادرة تعد عرفا مفوتة للواجب فيجب عليها القضاء، و أما مع الشك فلا دليل على وجوب المبادرة، بل الدليل على عدم الوجوب للاستصحاب، نعم إذا تبين السعة وجب القضاء و اللّٰه العالم.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 470

[ (مسألة 37) إذا طهرت و لها وقت لإحدى الصلاتين]

(مسألة 37) إذا طهرت و لها وقت لإحدى الصلاتين (1) صلت الثانية و إذا كان بقدر خمس ركعات صلتهما.

[ (مسألة 38) في العشائين إذا أدركت أربع ركعات]

(مسألة 38) في العشائين إذا أدركت أربع ركعات صلت العشاء فقط (2) إلا إذا كانت مسافرة (3) و لو في مواطن التخيير فليس لها أن تختار التمام و تترك المغرب. (4)

______________________________

قوله قده مسألة 37: (إذا طهرت و لها وقت لإحدى الصلاتين. إلخ)

اما وجوب صلاة إحدى الصلاتين و هي الثانية لو لم يسع الوقت الا لها فلأنها صاحبة الوقت، و قال في الجواهر: بلا خلاف أجده فيه، بل في الخلاف و المدارك الإجماع عليه، و في المنتهى نفى الخلاف فيه بين أهل العلم، و اما وجوب الصلاتين المرتبتين بإدراك خمس ركعات فلما نقله في الجواهر من انه المشهور نقلا و تحصيلا، قال: و في الخلاف نفى الخلاف عنه، و حكى عن الفاضلين و الشهيدين و غيرهم، و لما تقدم من الإكتفاء في وجوب الأداء بإدراك ركعة و هو حاصل بالنسبة الى كل من الظهر و العصر.

قوله قده مسألة 38: (في العشائين إذا أدركت أربع ركعات صلت العشاء فقط. إلخ)

و ذلك لانحصار الوقت بها و خروج وقت المغرب.

قوله قده: (الا أن تكون مسافرة. إلخ)

فإن حالها حال من أدركت خمس ركعات من وقت الظهرين كما تقدم بيانه، فإنها تصلى المغرب ثلاثا و تدرك من وقت العشاء ركعة، فهي كما لو أدركت الوقت كله.

قوله قده: (و لو في مواطن التخيير فليس لها أن تختار التمام و تترك المغرب. اه)

إذ مع بقاء قدر أربع ركعات للمسافرة في مواطن التخيير لو اختارت التمام فقد فوتت المغرب مع تمكنها من أدائها فيجب عليها قضاؤها،

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 471

[ (مسألة 39) إذا اعتقدت السعة للصلاتين فتبين عدمها]

(مسألة 39) إذا اعتقدت السعة للصلاتين فتبين عدمها و ان وظيفتها إتيان الثانية وجب عليها قضاؤها (1) و إذا قدمت

الثانية باعتقاد الضيق فبانت السعة صحت (2) و وجب عليها إتيان الأولى بعدها، و ان كان التبين بعد خروج الوقت وجب قضاؤها.

[ (مسألة 40) إذا طهرت و لها من الوقت مقدار أداء صلاة واحدة]

(مسألة 40) إذا طهرت و لها من الوقت مقدار أداء صلاة واحدة (3) و المفروض ان القبلة مشتبهة تأتي بها مخيرة بين الجهات و إذا كان مقدار صلاتين تأتى بهما كذلك.

[ (مسألة 41) يستحب للحائض أن تتنظف و تبدل القطنة]

(مسألة 41) يستحب للحائض أن تتنظف و تبدل القطنة و الخرقة و تتوضأ 4 في أوقات الصلوات اليومية،

______________________________

بل يجب عليها قضاؤهما معا، اما المغرب فلعدم إتيانها و اما العشاء فلفوات شرط الترتيب بعد فرض اتساع الوقت للفرضين معا.

قوله قده مسألة 39: (إذا اعتقدت السعة للصلاتين- الى قوله- وجب عليها قضاؤها. إلخ)

لإيقاع الظهر في الوقت المختص بالعصر فيجب قضاؤها.

قوله قده: (و إذا قدمت الثانية باعتقاد الضيق- الى قوله- صحت. إلخ)

لوقوعها في الوقت المشترك و الترتيب شرط ذكري و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 40: (إذا طهرت و لها من الوقت مقدار أداء صلاة واحدة. إلخ)

و ذلك لدوران أمرها بين الترك لساتر الجهات و بين إتيانها لجهة واحدة أو جهتين ممكنة لها، و الموافقة الاحتمالية مقدمة على المخالفة القطعية، و ما لا يدرك كله لا يترك كله، و عدم سقوط الميسور بالمعسور، و قوله صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم إذا أمرتكم بشي ء فأتوا منه ما استطعتم، و لا يجب عليها القضاء لامتثالها المأمور به لعدم جواز التكليف بما لا يتسع له الوقت.

قوله قده مسألة 41: (يستحب للحائض أن تتنظف و تبدل القطنة و الخرقة و تتوضأ. إلخ)

أما استحباب الوضوء في وقت كل صلاة فهو

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 472

بل كل صلاة موقتة (1) و تقعد في مصلاها مستقبلة مشغولة بالتسبيح و التهليل و التحميد و الصلاة على النبي و آله صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم و قراءة القرآن و إن

كانت مكروهة في غير هذا الوقت، (2) و الأولى اختيار

______________________________

المشهور، بل عن محكي الخلاف إجماع الفرقة عليه لروايات منها رواية زرارة عن أبى جعفر عليه السّلام قال: إذا كانت المرأة طامثا فلا يحل لها الصلاة، و عليها أن تتوضأ وضوء الصلاة عند وقت كل صلاة، تقعد في موضع طاهر فتذكر اللّٰه و تسبحه و تهلله و تحمده كمقدار صلاتها، و منها رواية الحلبي عن ابى عبد اللّٰه عليه السّلام قال: كن نساء النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم لا يقضين الصلاة إذا حضن و لكن يحتشين حين يدخل وقت الصلاة و يتوضأن ثم يجلسن قريبا من المسجد فيذكرن اللّٰه عز و جل، و منها رواية زيد الشحام عن أبى عبد اللّٰه (ع) ينبغي للحائض أن تتوضأ عند وقت كل صلاة ثم تستقبل القبلة و تذكر اللّٰه، و منها رواية معاوية ابن عمار عن ابى عبد اللّٰه (ع) قال: تتوضأ المرأة الحائض إذا أرادت أن تأكل، و إذا كان وقت الصلاة توضأت و استقبلت القبلة و هللت و كبرت و تلت القرآن و ذكرت اللّٰه عز و جل، هذا ما دلت عليه الأخبار من أمر الوضوء و لم أقف صريحا على ما يدل على استحباب التنظيف و تبديل القطنة و الخرقة، نعم قد يستفاد ذلك من لفظة الاحتشاء المذكورة في رواية الحلبي المتقدمة و اللّٰه العالم.

قوله قده: (بل كل صلاة موقتة. إلخ)

فإنه يقتضيه العموم في مصحح زرارة ما لم يدع انصرافه الى الصلوات الخمس اليومية.

قوله قده: (و ان كانت مكروهة في غير هذا الوقت. إلخ)

أى ان

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 473

التسبيحات الأربع و إن لم تتمكن من الوضوء تتيمم بدلا عنه

(1)، و الأولى عدم الفصل (2) بين الوضوء أو التيمم و بين الاشتغال بالمذكورات و لا يبعد بدلية القيام إن كانت تتمكن من الجلوس و الظاهر انتقاض هذا الوضوء بالنواقض المعهودة (3)

[ (مسألة 42) يكره للحائض الخضاب بالحناء أو غيرها]

(مسألة 42) يكره للحائض الخضاب بالحناء (4) أو غيرها و قراءة القرآن و لو أقل من سبع آيات و حمله و لمس هامشه و ما بين سطوره إن لم تمس الخط و إلا حرم.

______________________________

إطلاق كراهة قراءة القرآن للحائض مقيد بغير هذا المقام و هو أوقات الصلاة

قوله قده: (تتيمم بدلا عنه. إلخ)

بدعوى عموم بدليته عنه.

قوله قده: (و الأولى عدم الفصل)

لاحتمال اعتبار عدم الفصل.

قوله قده: (و الظاهر انتقاض هذا الوضوء بالنواقض المعهودة. اه)

بدعوى انه هو من إفراد تلك الماهية التي تكون نورا و ليس له حقيقة أخرى فإنه حقيقة واحدة على ما يظهر من اخبار تشريعه، و المحكى عن التذكرة انه استشكله لاحتمال انصراف أدلة النقض الى الوضوء الرافع و اللّٰه العالم.

قوله قده مسألة 42: (يكره للحائض الخضاب بالحناء. إلخ)

لرواية الحضرمي المحكية عن علل الشرائع للصدوق عن الحائض هل تخضب؟ قال: لا لأنه يخاف عليها من الشيطان، و في رواية أبي جميل و رواية عامر بن جذاعة النهي عن الخضاب، و الجمع بينها و بين غيرها من النصوص كرواية سماعة سألت العبد الصالح عن الجنب و الحائض يختضبان؟ قال (ع): لا بأس، و نحوها روايتا اليسع و على بن أبي حمزة يقتضي حمل ما ظاهره الحرمة على الكراهة، ثم الظاهر عدم الاختصاص بالحناء بل يعم غيره مما يتعارف الخضاب به، و لا بخضاب اليدين و الرجلين بل يعم الرأس و الحاجبين، و دعوى

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 474

[ (مسألة 43) يستحب لها الأغسال المندوبة كغسل الجمعة و الإحرام و التوبة]

(مسألة 43) يستحب لها الأغسال المندوبة (1) كغسل الجمعة و الإحرام و التوبة و نحوها و أما الأغسال الواجبة فذكروا عدم صحتها منها (2) و عدم ارتفاع الحدث مع الحيض و كذا الوضوءات المندوبة و بعضهم

قال بصحة غسل الجنابة دون غيرها (3)،

______________________________

الانصراف الى الحناء مع تعارف الخضاب بغيره لا يخلو من مجازفة.

قوله قده مسألة 43: (يستحب لها الأغسال المندوبة. إلخ)

كما عن جماعة التصريح بذلك، و قال في المعتبر على ما حكى عنه يجوز لها أن تتوضأ لتذكر اللّٰه سبحانه و تعالى و ان تغتسل لا لرفع الحدث كغسل الإحرام و دخول مكة، و في الجواهر: لا ينبغي الإشكال فيه لإطلاق أدلة مشروعيتها، و في المنتهى و يستحب لها الغسل للإحرام و الجمعة و دخول الحرم و غيرها من الأغسال المستحبة، عملا بالعموم و ليس شي ء منها رافعا للحدث فلا يصلح الحيض للمانعية. اه.

قوله قده: (و اما الأغسال الواجبة فذكروا عدم صحتها منها. إلخ)

قال في المعتبر على ما حكى عنه: و لا يرتفع لها حدث و عليه الإجماع و لأن الطهارة ضد الحيض فلا تتحقق مع وجوده. اه، و كذا ظاهر المنتهى بالنسبة إلى غسل الجنابة، و في الجواهر: انه ظاهر المبسوط و السرائر و الجامع و المنتهى و القواعد و غيرها ظهورا كاد أن يكون كالصريح في أكثرها.

قوله قده: (و بعضهم قال بصحة غسل الجنابة دون غيرها. إلخ)

و كأنه لموثق الساباطي عن أبى عبد اللّٰه عليه السلام عن المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل أن تغتسل قال (ع): ان شاءت ان تغتسل فعلت، و ان لم تفعل فليس عليها شي ء، فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض و الجنابة.

العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص: 475

و الأقوى صحة الجميع (1) و ارتفاع حدثها و ان كان حدث الحيض باقيا بل صحة الوضوءات المندوبة لا لرفع الحدث.

______________________________

قوله قده: (و الأقوى صحة الجميع. إلخ)

و ذلك لإطلاق أدلتها المؤيدة بالموثق المتقدم و اللّٰه

العالم.

تم الجزء الثاني من كتاب العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى بتمام أحكام الحائض على يد مؤلفه الأحقر على بن محمد الحسيني شبر خامس عشر شهر صفر سنة 1385 هجرية

________________________________________

شبر، سيد على حسينى، العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، 2 جلد، مطبعة النجف، نجف اشرف - عراق، اول، 1383 ه ق

[فصل في أحكام الحائض]

فصل في أحكام الحائض و هي أمور:

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.